أوباما يحطم توقعات العرب والمسلمين

Page 1



‫● الكلمة األخيرة‬

‫وداعا أتاتورك!‬ ‫كانت حلظة فاصلة وتاريخية بالنسبة لتركيا هذا الشهر‪ ،‬حيث صوت الشعب التركي على حزمة التعديالت التي تقدم بها‬ ‫حزب العدالة والتنمية على الدستور بنسبة جتاوزت ‪ 85‬في املائة‪.‬‬ ‫عادل الطريفي‬ ‫قبل ثالثني عاما أطاح اجليش باحلكومة ليقضي على صراع اليمني‬ ‫واليسار داخل احلياة السياسية التركية‪ ،‬التي جعلت البلد حتت تأثير‬ ‫احلرب الباردة بني املعسكرين الغربي والشرقي‪ .‬ووسط ترحيب شعبي‪،‬‬ ‫أخذ اجليش بزمام احلياة السياسية‪ ،‬وجاء بدستور ‪ 1982‬الذي نص على‬ ‫أن تركيا بلد «علماني» و«دميقراطي» في استعادة لروح مصطفى‬ ‫كمال أتاتورك‪ .‬ومنذ ذلك التاريخ‪ ،‬أصبح اجليش واملؤسسة القضائية‬ ‫العلمانية التي أفرزها الوصيني على احلياة السياسية التركية حتى‬ ‫تعديالت األحد املاضي‪ .‬وعلى الرغم من أن هذا التعديل اجلديد هو‬ ‫احلادي عشر في سلسلة من التعديالت الدستورية‪ ،‬فإنه األهم ‪ -‬ورمبا‬ ‫األكثر تأثيرا ‪ -‬في تاريخ تركيا‪ ،‬ألنه يفتح الباب مشرعا أمام حزب‬ ‫العدالة والتنمية ‪ -‬ذي اجلذور اإلسالمية ‪ -‬القتراح دستور جديد في‬ ‫املستقبل‪ .‬ولعل السؤال املهم هنا‪ :‬هل ستتغير تركيا العلمانية كما‬ ‫نعرفها؟‬ ‫في كتابه املهم «ما الذي ذهب خطأ؟» (‪ ،)2003‬يشير برنارد لويس‬ ‫إلى أن الشرق األوسط يعاني من سؤال الهوية منذ انهيار اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية‪ ،‬وألكثر من ‪ 100‬عام ظلت شعوب املنطقة تتساءل عن‬ ‫أسباب تراجعها في اجملاالت السياسية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬وهي‬ ‫التي متتلك تاريخا مهما من اإلجنازات احلضارية‪ .‬كانت هناك إجابتان‪:‬‬ ‫األولى تقول إننا تخلفنا ألننا فرطنا في احلرية (مبعناها الواسع؛ حرية‬ ‫احلكم واالستقالل والتفكير)‪ .‬واإلجابة األخرى تقول إننا تخلفنا ألننا‬ ‫فرطنا في تراثنا (باملعنى الواسع؛ الدين والتقاليد)‪ .‬كانت تركيا ‪ -‬في‬ ‫شخص كمال أتاتورك ‪ -‬متثل األولى‪ ،‬وكانت إيران ‪ -‬في شخص اخلميني‬ ‫ متثل الثانية‪ .‬يقول لويس إن عالم الشرق األوسط كان منقسما بني‬‫هذين اخليارين‪ ،‬وإن كل دول املنطقة ال بد أن تختار بني احلكم العلماني‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬أو حكم رجال الدين‪.‬‬ ‫لويس الذي كان مختصا في تركيا مييل لإلجابة التركية‪ ،‬ويقول إنه رمبا‬ ‫ال بد من أن متر جتربة بلدان املنطقة ‪ -‬وبينها إيران ‪ -‬باحلكم الديني أوال‬ ‫لكي تصل إلى املرحلة الثانية وهي احلكم الدميقراطي العلماني‪ .‬بيد أن‬ ‫الذين تابعوا تطورات الوضع على الساحتني التركية واإليرانية يكادون‬ ‫يرون تبادال للمواقف أو التاريخ‪ ،‬ففي تركيا ساهم صعود حزب العدالة‬ ‫والتنمية في توجه تركيا نحو الداخل اإلسالمي‪ ،‬بينما باتت احلكومة‬ ‫اإلسالمية في إيران حتت تهديد التيار اإلصالحي الذي يحاول أن يقلص‬ ‫من سلطة الولي الفقيه‪ ،‬وبالتالي تقليص سلطة الدين على احلياة‬ ‫السياسية في إيران‪.‬‬ ‫حتت عنوان «ما الذي تعنيه التعديالت الدستورية لتركيا؟»‪ ،‬قالت جريدة‬ ‫«حريت» التركية‪ ،‬إن فوز حزب العدالة والتنمية في نتيجة التصويت‬ ‫يشير إلى أن تركيا تغيرت بالفعل‪ ،‬فلم تعد البلد العلماني الغربي كما‬ ‫كان أتاتورك يأمل‪ ،‬ولكنها في الوقت ذاته ليست بصدد تطبيق الشريعة‬ ‫اإلسالمية كما يحذر «الكماليون»‪ ،‬ولكنها تسلك طريقا ثالثا بني‬ ‫الصوتني العلماني واإلسالمي‪ ،‬وإن أمام هذا الطريق عقبات وتسويات‬ ‫مستقبلية بني الطرفني لم تنته بعد‪ ،‬ولكنها في بدايتها‪.‬‬ ‫لطاملا كانت مسألة السلطة إشكالية في تركيا‪ ،‬فالبلد الشرق‬ ‫األوسطي األول الذي تبنى فكرة «االستقالل» كان وال يزال في حالة من‬ ‫‪62‬‬

‫التجاذب بني مبدئي «احلرية» و«النظام»‪ ،‬أو بعبارة أخرى بني الشعب‬ ‫والسلطة التي حتكمه‪ ،‬وكما يشير ستيفن كنزر «الهالل والنجمة‪:‬‬ ‫تركيا بني عاملني» (‪ ،)2008‬فإن اجلمهورية التركية ظلت منذ االستقالل‬ ‫عالقة في دوامة من الثنائيات‪ :‬الغرب والشرق‪ ،‬اإلسالم والعلمانية‪،‬‬ ‫اجليش والدميقراطية‪ ،‬احلرية والنظام‪ ،‬الشعب واحلكومة‪ .‬قد يبدو أن‬ ‫حزب العدالة والتنمية قد أخذ تركيا ناحية الشرق‪ ،‬واستطاع من تبيئة‬ ‫املظاهر اإلسالمية في مواجهة األخالق املدنية الغربية‪ ،‬ولكن تركيا ال‬ ‫تزال حتتفظ بوجهها العلماني الدميقراطي الغربي على الرغم من كل‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫لقد جنح حزب العدالة والتنمية بصبر وأناة في اخلروج من وصاية‬ ‫العسكر عبر هذه التعديالت‪ ،‬التي منحت الرئيس والبرملان حق تعيني‬ ‫القضاة‪ ،‬وكذلك أعطت احملاكم املدنية احلق في محاكمة العسكريني‪،‬‬ ‫بل إن التعديالت األخيرة أقرت أن من حق النواب املنتخبني االحتفاظ‬ ‫مبقاعدهم حتى وإن مت حظر األحزاب التي ميثلونها‪ .‬أي إن التعديالت‬ ‫قطعت الطريق على املؤسسة العسكرية في حل األحزاب اإلسالمية‬ ‫أو حرمان النواب اإلسالميني من حقوقهم السياسية‪ .‬انتصار أكيد وال‬ ‫شك‪ .‬بيد أن التعديالت ليست كلها تعزيز لسلطة احلزب اإلسالمي‬ ‫احلاكم‪ ،‬ولكنها أيضا أعطت حقوقا إضافية لألقليات واملرأة وحماية‬ ‫الطفل‪ ،‬ومنحت األفراد حريات كبيرة لم تكن ممنوحة في السابق‪.‬‬ ‫قد يكون حزب العدالة والتنمية قد جنح في تعزيز سلطته‪ ،‬ولكن ال بد‬ ‫من التذكير بأن الدستور ال يزال ينص على أن تركيا دولة «علمانية»‪،‬‬ ‫وهي العبارة االفتتاحية الواردة في دستور ‪ ،1937‬حتى مدارس «إمام‬ ‫ خطيب» التي تخرج فيها رجب طيب أردوغان والزعيم اإلسالمي‬‫املتصوف فتح اهلل غولن ال تزال تضع صورة أتاتورك على صدر صفوفها‬ ‫الدراسية‪ ،‬وتدرس خطبه وتعاليمه إلى جانب مناهجها الدينية‪.‬‬ ‫صحيح‪ ،‬أن أردوغان وحزبه قد متكنوا من هزمية املعسكر «الكمالي»‬ ‫في هذه املرحلة‪ ،‬ولكن تركيا وصلت إلى مرحلة من االنقسام السياسي‬ ‫واالجتماعي بشكل غير مسبوق‪ ،‬حيث إن أكثر من ‪ 40‬في املائة من‬ ‫األتراك يعارضون حزب العدالة والتنمية‪.‬‬ ‫من اخلطأ اعتبار انتصار حزب العدالة والتنمية انتصار تيار إسالمي ضد‬ ‫التيار العلماني فقط‪ ،‬بل إن اجلانب السوسيو ‪ -‬اجتماعي هو األكثر‬ ‫أهمية؛ إذ إن النخبة الكمالية املستغربة التي تربت في املؤسستني‬ ‫العسكرية والقضائية‪ ،‬وحكمت البلد زهاء أربعني عاما‪ ،‬تواجه انقالبا‬ ‫من الطبقة الوسطى القادمة من وسط األناضول‪ .‬ولهذا ميكن فهم‬ ‫شراسة املواجهة الراهنة‪ ،‬التي لم ميض فيها يوم واحد من دون‬ ‫مظاهرات أو اشتباكات بني الطرفني‪.‬‬ ‫في فيلم «وداعا لينني» للمخرج وولفغانغ بيكر‪ ،‬يحاول فتى أن يقنع‬ ‫أمه االشتراكية التي أصيبت بغيبوبة استمرت أشهرا قبل سقوط‬ ‫جدار برلني وأفاقت بعد ذلك بشهور‪ ،‬بأن أملانيا الشرقية االشتراكية ال‬ ‫تزال في أحسن حال لكي ال تتأثر أمه املؤمنة بقيم الدولة االشتراكية‪،‬‬ ‫وبعد شهور من محاولة إخفاء احلقيقة تكتشف األم ما حدث‪ .‬في‬ ‫اعتقادي‪ ،‬أن حزب العدالة والتنمية قد استطاع أن يقنع األتراك بأن‬ ‫أتاتورك ما زال موجودا على الرغم من أن حلمه قد تبدد منذ زمن بعيد‪.‬‬


‫وهنا يبدأ التعقيد‪ :‬فروسيا ترغب‬ ‫في إقامة عالقة طيبة بني الهند‬ ‫والصني وباكستان ولكن الهند‬ ‫وباكستان يكرهان بعضهما‬ ‫البعض‪ ،‬كما ال تتوافق كل من‬ ‫الصني والهند أيضا‪ .‬وإذا ما أضفت‬ ‫أفغانستان إلى تلك املعادلة‬ ‫يصبح األمر وكأن أقاربك يتصرفون‬ ‫بتهور في إحدى املناسبات‬ ‫العائلية‪ .‬ولكن بعيدا عن التحذير‬ ‫والسباب‪ ،‬هناك هدف واحد‬ ‫مشترك لهذه الدول وهو األمل‬ ‫في استقرار أفغانستان‪ .‬حيث‬ ‫إنه إذا ما انتصرت حركة طالبان‪،‬‬ ‫وغادرت قوات التحالف‪ ،‬ستصبح‬ ‫آسيا الوسطى أرضا خصبة‬ ‫للمسلحني اإلسالميني‪ ،‬وهو ما‬ ‫سوف يؤثر على األمن الداخلي‬ ‫جلميع الدول اجملاورة ألفغانستان‬ ‫والشرق األوسط أيضا‪ .‬وتعد آسيا‬ ‫الوسطى بالفعل مصدرا للتطرف‬ ‫اإلسالمي؛ حيث إن االضطرابات‬ ‫األخيرة في قرغيزستان سوف‬ ‫متثل عامل حفز للصراعات في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫ويعد الهدف الثاني لروسيا‪ ،‬الذي‬ ‫يعادل السبب األول في األهمية‬ ‫بالنسبة للشعب الروسي‪ ،‬هو‬ ‫اخملدرات؛ وذلك حيث يذكر التقرير‬ ‫أنه «من بني العدد الذي يقدر‬ ‫بنحو ‪ 100000‬مدمن مخدرات ميوتون سنويا في كافة أنحاء العالم‪،‬‬ ‫يوجد ما بني ‪ 30‬ألفا و‪ 40‬ألفا من الروس»‪ .‬وبالطبع ليس من الصعب‬ ‫التكهن باملصدر الذي تأتي منه تلك اخملدرات‪ .‬حيث إن اخملدرات التي يتم‬ ‫تهريبها من أفغانستان عبر آسيا الوسطى إلى روسيا تؤثر على حياة‬ ‫األفراد في البالد‪ .‬ومنذ وصول قوات التحالف إلى أفغانستان تضاعفت‬ ‫جتارة اخملدرات ‪ 44‬ضعفا‪.‬‬

‫اخملدرات التي يتم‬ ‫تهريبها من أفغانستان‬ ‫عبر آسيا الوسطى إلى روسيا‬ ‫تؤثر على حياة األفراد‬ ‫ولكن روسيا تستطيع معاجلة هذه القضية داخليا‪ ،‬حيث يشير التقرير‬ ‫إلى أن األمم املتحدة تعتبر الفساد وعدم كفاءة مكافحة اخملدرات الروسية‬ ‫من األسباب الرئيسية للمشكلة وليس إنتاج أفغانستان للمخدرات في‬ ‫حد ذاته‪.‬‬ ‫إذن كيف سيحدد الكرملني مصير أفغانستان؟ يشير التقرير إلى أن اآلراء‬ ‫منقسمة بشأن ذلك؛ فالبعض يرغب في مشاهدة الواليات املتحدة وهي‬ ‫غارقة في الصراع هناك‪ ،‬مع احلرص على أن يظل خصمهم السياسي‬ ‫األساسي غارقا في حرب خالل السنوات التالية‪ ،‬ويتمنى ذلك الفريق‬ ‫أن يتمكنوا من االنحياز للجهة املنتصرة في النهاية‪ ،‬فيما يرغب آخرون‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫في إقامة عالقة وثيقة مع الواليات‬ ‫املتحدة وحلف شمال األطلسي‬ ‫لكي يحققوا مكاسب دبلوماسية‬ ‫ولزيادة رقعة الكتلة السوفياتية‬ ‫السابقة‪ .‬وكان معدو التقرير‬ ‫حريصني على تأكيد أنه على الرغم‬ ‫من أن «بعض القادة الروس يرغبون‬ ‫من داخلهم في مشاهدة فشل‬ ‫الواليات املتحدة في أفغانستان‬ ‫وانضمامها إلى جانب االحتاد‬ ‫السوفياتي وبريطانيا إلى قائمة‬ ‫(األمم املنهارة)‪ ،‬يرغب أغلبية الزعماء‬ ‫الروس في أن ينتصر التحالف»‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى رغبة روسيا في‬ ‫الهيمنة السياسية على وسط‬ ‫آسيا‪ ،‬يذكر التقرير عدة خطوات‬ ‫اتخذتها احلكومة لكي تضع‬ ‫لها قدما في املنطقة؛ ومنها‬ ‫تأسيس قاعدتني عسكريتني في‬ ‫طاجيكستان‪ ،‬وقرغيزستان في‬ ‫نفس الوقت الذي كانت تسعى‬ ‫فيه روسيا بهدوء إلى إزالة القواعد‬ ‫العسكرية األميركية من دول آسيا‬ ‫الوسطى‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬تعد مصالح روسيا‬ ‫متناقضة إلى حد كبير؛ فالواليات‬ ‫املتحدة ستقوم بالعمل القذر‬ ‫نيابة عنهم من خالل القضاء على‬ ‫حركة طالبان‪ ،‬وفي نفس الوقت‬ ‫تتمكن روسيا من تعزيز نفوذها في آسيا الوسطى‪ .‬وهما هدفان غير‬ ‫متوافقني معا؛ حيث إن وجود الواليات املتحدة هناك‪ ،‬ناهيك عن تزعمها‬ ‫للتحالف بأكمله في أفغانستان‪ ،‬يجعلها قوة مهيمنة في املنطقة‪.‬‬ ‫وليس لروسيا أي هيمنة على منطقة آسيا الوسطى‪ ،‬بل إنه من دون‬ ‫وجود الواليات املتحدة‪ ،‬سيكون على روسيا خوض معركة أفغانستان‬ ‫بنفسها نظرا ألنها متثل أكبر التهديدات ألمنها‪ .‬وعلى الرغم من أن‬ ‫الصني تعد في الواقع أكبر منافسيها في املنطقة‪ ،‬تنظر روسيا إلى‬ ‫قوة اجليش األميركي باعتبارها أكبر التهديدات التي تواجهها‪ ،‬حتى أن‬ ‫روسيا قد أقامت شراكة بالفعل مع الصني ملواجهة النفوذ األميركي‬ ‫من خالل إنشاء «منظمة شنغهاي للتعاون» التي تنظم اللقاءات بني‬ ‫القوى اآلسيوية وقوى آسيا الوسطى‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن التقرير يوصي بأن تصبح روسيا جزءا من جهود‬ ‫التنسيق الدولية بني حلف شمال األطلسي والصني والهند وآسيا‬ ‫الوسطى ودول اخلليج‪ ،‬في تأمني مستقبل مستقر ألفغانستان‪ ،‬جاءت‬ ‫معظم التوصيات للواليات املتحدة وأفغانستان‪ ،‬فيما مت ذكر تدخل‬ ‫روسيا في نهاية التقرير وكأنه فكرة ثانوية‪ ،‬وهو أمر ملحوظ طوال‬ ‫التقرير‪ .‬فعلى الرغم من عنوان التقرير‪ ،‬فإن التقرير تركز على مهمة‬ ‫الواليات املتحدة في أفغانستان‪.‬‬ ‫ورمبا يسمح املستقبل لروسيا بأن تضطلع بدور أكبر في أفغانستان‪.‬‬ ‫فقد كانت هناك الكثير من العروض املطروحة التي تتحدث حول رغبة‬ ‫روسيا في املشاركة في منحى «نقل احلضارة» إلى أفغانستان‪ .‬غير‬ ‫أنه حتى اآلن يبدو أن روسيا مكتفية بالدعم املالي واالستخباري جلهود‬ ‫التحالف‪ ،‬دون التورط املباشر‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬فإن روسيا حريصة على أال‬ ‫يكرر التاريخ نفسه مرة أخرى‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 19‬يوليو ‪.2010‬‬ ‫‪61‬‬


‫● نقاد‬

‫لقد كانت أمي متارس الرسم أيضا‪ ،‬وكانت تعيش في اجلزائر خالل‬ ‫االستعمار‪ .‬وفي ذلك الوقت كانت هناك جائزة فرنسية للرسم‪ ،‬وقد‬ ‫فازت بها أمي‪ ،‬ولكنها حطمت تلك اجلائزة بعد ذلك بدافع الوطنية‬ ‫بعد مغادرة الفرنسيني للجزائر‪ .‬وكانت مهتمة بالفنون‪ ،‬وكان الفن‬ ‫موجودا دائما في البيت بشكل أو بآخر‪ .‬ويظهر تأثيرها في أعمالي‬ ‫من خالل استخدام املنسوجات على سبيل املثال‪ .‬ولكنني أيضا تأثرت‬ ‫إلى حد كبير بالثقافة الصوفية‪ ،‬وهو ما جتلى في أعمالي من خالل‬ ‫استخدام النصوص‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬باإلضافة إلى الثقافة الصوفية‪ ،‬وإلى الثقافة اجلزائرية‪ ،‬هل‬ ‫أثرت الثقافة الفرنسية ‪ -‬في شكلها االستعماري ‪ -‬على أعمالك‬ ‫أيضا؟‬ ‫ من الضروري أن ننظر إلى االستعمار باعتباره قوة سلبية وإيجابية‬‫في الوقت نفسه‪ .‬وأعتقد أنه من الضروري أن نفهم ملاذا كان من‬ ‫الضروري أن حتصل اجلزائر على استقاللها في ذلك الوقت‪ .‬ولكن من‬ ‫الضروري أن نفهم أيضا أن االستعمار في اجلزائر أصبح جزءا من إرث‬ ‫البالد وال يقتصر ذلك النفوذ على فرنسا؛ فعلى سبيل املثال‪ ،‬تركت‬ ‫اإلمبراطورية الرومانية أثرها على اجلزائر ولعبت دورا في تاريخ البالد‪،‬‬ ‫وساهمت في جعل اجلزائر تصل إلى ما هي عليه اآلن وال ميكنك جتاهلها‪.‬‬ ‫بالنسبة لي‪ ،‬ال توجد عالقة بني الوطن واجلغرافيا‪ ،‬فاملسألة تتعلق‬ ‫باملكان الذي ينتمي إليه القلب‪ .‬فاليوم أنا في لندن ولندن هي وطني‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى قضية تأثير االستعمار على البالد‪ ،‬فرمبا يقدر اجلزائريون‬ ‫بالدهم أكثر من الطبيعي نظرا لتعرض بالدهم لالستعمار‪.‬‬

‫من الضروري أن تكون واثقا في‬ ‫عملك ومستعدا ألن تسمع‬ ‫اآلخرين وهم يقولون إنك جيد‬ ‫أو سيئ‪ ،‬وأال تتأثر بكليهما‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬أخذا في االعتبار أن أعماك متأثرة إلى حد بعيد بالثقافة‬ ‫العربية واإلسالم‪ ،‬هل تعتقد أن أعمالك يتم فهمها على املستوى‬ ‫العاملي من قبل هؤالء األقل ألفة ألهمية الرموز في الصوفية؟‬ ‫ على املستوى الشخصي‪ ،‬ال أعتقد أن الفنانني يبدعون لكي يعرضوا‬‫أعمالهم على اآلخرين‪ .‬بل إن ممارسة الفن أشبه بالعالج الذاتي‪ ،‬الذي‬ ‫يحتم الصدق التام مع ذاتك‪ .‬فادعاء أننا نبدع من أجل اآلخرين هو ادعاء‬ ‫نرجسي‪ .‬فعلى الرغم من أن إعجاب اآلخرين بعملك أمر محبب‪ ،‬فمن‬ ‫الضروري أن تكون واثقا في عملك ومستعدا ألن تسمع اآلخرين وهم‬ ‫يقولون إنك جيد أو سيئ‪ ،‬وأال تتأثر بكليهما‪.‬‬ ‫لكل فنان لغته وفلسفته اخلاصتني به‪ ،‬سواء كان بيكاسو أو جاكسون‬ ‫بوالك؛ فتدريجيا ميكنك أن تؤسس قاموسا من األنواع لقراءة أعمال فنان‬ ‫ما وفهم مغزاها‪ .‬ورمبا يكون من األفضل وجود نوع من املعادالت لفهم‬ ‫أعمال فنان ما على نحو كامل‪ ،‬ولكن ال توجد وصفة جاهزة‪ ،‬فالفن‬ ‫هو نوع من التعبير‪ ،‬أنا أعبر عن نفسي من خالل الرسم‪ ،‬على نحو‬ ‫ال أستطيع القيام به في األشكال األخرى وذلك هو األكثر أهمية في‬ ‫أعمالي‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬هل حتمل أعمالك إذن مغزى سياسيا أو اجتماعيا؟‬ ‫ أعتقد أن السياسة كذبة مستمرة تتعلق بالبقاء في السلطة‪،‬‬‫ومع ذلك فإنها جزء من تاريخ اإلنسانية‪ .‬حيث يقال إن الفن يتتبع‬ ‫السياسة بنفس الطريقة التي تقوم بها الذاكرة بذلك‪ .‬فال يوجد كثير‬ ‫من اآلثار املتبقية من حروب املاضي سوى األعمال الفنية التي سجلت‬ ‫تلك األحداث التاريخية‪.‬‬

‫* باوال ميجيا‬ ‫‪60‬‬

‫أفغانستان‪:‬‬ ‫نظرة من موسكو‬

‫مؤسسة كارنيغي للسالم الدولي‬ ‫دميتري ترنني‪ ،‬الكسي ماالشنكو‪ ،‬أبريل (نيسان) ‪26-07-2010‬‬

‫ما زال اإلرث الذي خلفه غزو االحتاد السوفياتي‬ ‫ألفغانستان واستمر لعشرة أعوام‪ ،‬والهزمية املنكرة‬ ‫التي مني بها هناك على يد اجملاهدين‪ ،‬راسخ في‬ ‫ذاكرة كثير من الروس حتى وقتنا الراهن‪ .‬وهو ما‬ ‫جتلى بوضوح في تردد موسكو بشأن التورط في‬ ‫أفغانستان مرة أخرى‪ .‬فحتى في أعقاب هجمات‬ ‫احلادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪ ،‬رفضت روسيا‬ ‫وما زالت ترفض أن تضع قدما في أفغانستان مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬مما ترك اجملال مفتوحا أمام قوات التحالف‬ ‫التي تقودها الواليات املتحدة هناك‪ .‬فبعد انسحاب‬ ‫االحتاد السوفياتي من أفغانستان عام ‪،1989‬‬ ‫بذلت روسيا قصارى جهدها لكي تبتعد عن آسيا‬ ‫الوسطى وبالتبعية عن العالم اإلسالمي‪ ،‬حتى‬ ‫أصبح من املستحيل جتاهل أفغانستان‪.‬‬ ‫ويناقش معدا تقرير مؤسسة كارنيغي للسالم الدولي «أفغانستان‪ :‬نظرة‬ ‫من موسكو» موقف روسيا جتاه التدخل في أفغانستان والتأثير املستمر‬ ‫ملا أطلقوا عليه «متالزمة أفغانستان»‪ .‬فحتى اآلن‪ ،‬مت إقصاء روسيا‪ ،‬وهي‬ ‫إحد القوى العاملية العظمى‪ ،‬من مشهد احلرب على أفغانستان‪ .‬ويقدم‬ ‫ذلك التقرير أفغانستان من منظور كان مفقودا من قبل‪ ،‬وهو املنظور‬ ‫الروسي‪ ،‬الذي يعد منظورا حيويا في حتديد مستقبل املنطقة‪ .‬بل إن‬ ‫التقرير يؤكد أن روسيا لديها الكثير على احملك في أفغانستان كما أنها‬ ‫جزء من شبكة معقدة من العالقات مع جيرانها غير املستقرين في آسيا‬ ‫الوسطى‪ ،‬والواليات املتحدة وخصومها من الدول في النطاق األوسع‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنها ليس لديها قوات على األرض‪ ،‬تعد روسيا من‬ ‫الالعبني املهمني في حتديد مصير أفغانستان‪ .‬ورغم كل شيء‪ ،‬فإن‬ ‫روسيا‪ ،‬جغرافيا‪ ،‬أقرب إلى أفغانستان من الواليات املتحدة أو بريطانيا‬ ‫العظمى‪ .‬فكل ما يفصلها عن احلدود األفغانية هي الدول العازلة‬ ‫اخلمس اجلديدة قرغيزستان‪ ،‬أوزبكستان‪ ،‬تركمنستان‪ ،‬طاجيكستان‪،‬‬ ‫كازاخستان‪ .‬وقد عانت روسيا خالل تاريخها احلديث من االضطرابات‬ ‫الناجمة عن عدم االستقرار في آسيا الوسطى‪ ،‬باإلضافة إلى إراقة‬ ‫الدماء على حدودها خالل املعركة العرقية في الشيشان وطاجيكستان‬ ‫وغيرها من الدول اجملاورة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن القيادة الروسية حريصة على أن‬ ‫حتتوى أزمة أفغانستان قبل أن متتد شماال‪ .‬وفي البداية‪ ،‬كانت «عملية‬ ‫احلرية الدائمة» تبدو مكللة بالنجاح‪ ،‬ولكن سرعان ما اتخذت األمور‬ ‫منحى مغايرا؛ وتزايدت اخملاوف الروسية بعدما متكنت حركة طالبان من‬ ‫محاصرة قوات التحالف في فنائها اخللفي‪.‬‬ ‫ووفقا للتقرير‪ ،‬فإن روسيا لديها هدفان فيما يتعلق بأفغانستان؛ األول‬ ‫هدف أناني للغاية؛ وهو حرص زعماء البالد على إعادة بناء النفوذ الروسي‬ ‫في املنطقة‪ .‬فهم ليسوا مهتمني إلى حد بعيد مبحاربة التطرف‬ ‫اإلسالمي وبناء الدولة أو باالستثمارات االقتصادية‪ ،‬بل يرتكز اهتمامهم‬ ‫على تعزيز نفوذهم‪ .‬وهذا الهدف البسيط أصبح معقدا نظرا للتوازن‬ ‫الدقيق الذي تقوم به روسيا في إبقاء الدول اجملاورة وحلفائها رهن‬ ‫إشارتها‪ .‬حيث ال تنفصل العالقة بني روسيا وكل من باكستان والصني‬ ‫والهند عن األسلوب الذي تتعامل به مع أفغانستان‪.‬‬


‫كما تأثر الفن في الشرق األوسط وتطوره إلى حد كبير بأهمية‬ ‫السياحة‪ .‬فقد كانت الفكرة هنا هي الدمج بني الفن والسياحة‪ ،‬وهو‬ ‫ما سمح للمدارس التي تعلم فيها هؤالء الفنانون إلى أن حتدد أهدافها‬ ‫بوضوح؛ فالثقافة عملية ربحية باألساس‪ .‬ولكن ما غفلوا عنه هو‬ ‫أن الفن يحتاج إلى الوقت‪ ،‬وإلى االستعداد والتواصل‪ ،‬والتنسيق مع‬ ‫املعارض‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫باعتناق ديانة وااللتزام بتعاليمها؛ مبعنى أنه يصبح كل شيء بالنسبة لك‪.‬‬ ‫فإذا لم يصل األمر إلى حد الشغف فإنه ال يستحق العناء‪ .‬ولكن على غرار‬ ‫أي نوع من الشغف‪ ،‬يجب عليك أن تدفع الثمن‪ ،‬وفي حال الفنان يكون‬ ‫الثمن هو عدم االستقرار املالي‪ .‬فعلى الرغم من وجود كثير من الفنانني‪ ،‬ال‬ ‫ينجح منهم سوى عدد قليل‪ .‬وبالنسبة للفنان العربي على نحو خاص‪ ،‬فإنه‬ ‫من الصعب املنافسة مع الفنانني الغربيني نظرا لعدد من األسباب‪.‬‬

‫اجمللة‪ :‬على املستوى الشخصي ما الذي ألهمك وحثك على أن تصبح‬ ‫فنانا؟‬ ‫ بالنسبة لي كان هناك عدد من العوامل التي دفعتني لكي أصبح فنانا‪.‬‬‫فعند حلظة محددة‪ ،‬يصبح على كل فرد أن يحدد ما الذي يرغب في عمله‪.‬‬ ‫ولكن أن تكون فنانا ليس كاختيارك ملهنة متتهنها‪ ،‬بل إنه أقرب إلى القرار‬

‫ولكن في الوقت نفسه‪ ،‬هناك عدد من امليزات التي يتمتع بها الفنان أهمها‬ ‫احلرية؛ ففي املهن األخرى تكون مقيدا مبواعيد عمل‪ ،‬ولكنني كفنان أصبح‬ ‫سيد نفسي؛ فأنا أعمل في الليل وخالل العطالت األسبوعية وأعمل في أي‬ ‫مكان أرغب فيه‪ .‬كما أن ذلك يعني املشاركة في خلق الثقافة مع الفنانني‬ ‫والكتاب واملوسيقيني اآلخرين‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪59‬‬


‫● نقاد‬

‫استضافت لندن لوحاته حتت عنوان "فيض بهيج"‬

‫الفنان رشيد القريشي‪:‬‬ ‫ممارسة الفن أشبه‬ ‫بالعالج الذاتي‬

‫استضاف «معرض أكتوبر» في لندن مؤخرا أحدث مجموعة‬ ‫للفنان رشيد القريشي‪ ،‬حتت عنوان «فيض بهيج‪ :‬أقطاب‬ ‫الصوفية الالمرئيون»‪ .‬وفي حوار جمللة «اجمللة» حتدث قريشي‬ ‫حول أعماله ووضع الفن املعاصر في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫باوال ميجيا‬ ‫ولد رشيد القريشي في عني البيضاء باجلزائر عام ‪ ،1947‬وهو يعيش ويعمل‬ ‫حاليا في فرنسا وتونس‪ .‬وتعكس قدرته على العمل من خالل االستعانة‬ ‫بنطاق واسع من الوسائط (اخلزف واملنسوجات واملعادن باإلضافة إلى الرسم‬ ‫على احلرير) التدريب املكثف الذي حصل عليه في «معهد الفنون اجلميلة»‪،‬‬ ‫و«املدرسة العليا للفنون» باجلزائر‪ ،‬باإلضافة إلى «كلية فنون الديكور»‬ ‫و«كلية الدراسات املدنية» بباريس‪.‬‬ ‫وقد تأثرت أعماله بشغفه بكافة أنواع العالمات‪ .‬وتتضمن أعماله باإلضافة‬ ‫إلى فنون اخلط العربي رسم احلروف واألرقام املأخوذة من اللغات والثقافات‬ ‫األخرى‪ .‬وبصفة عامة‪ ،‬يتضمن عمل قريشي دمج أنظمة متوازية من‬ ‫العالمات داخل وصف منظم للعالم‪.‬‬ ‫ومؤخرا‪ ،‬استضاف «معرض أكتوبر» بلندن أحد أعمال قريشي حتت عنوان‬ ‫«فيض بهيج‪ :‬أقطاب الصوفية الالمرئيون» وخالل املعرض حتدث قريشي إلى‬ ‫«اجمللة» حول عمله ووضع الفن املعاصر في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬هل تستطيع أن تشرح لنا وضع الفن املعاصر في الشرق األوسط؟‬ ‫ أعتقد أن فن الشرق األوسط كان في مقدمة الفن املعاصر منذ مدة؛ فبلد‬‫مثل مصر لديها عدد من الفنانني املرموقني عامليا‪ .‬ولكن الدولة التي كانت‬ ‫لها أهمية خاصة بالنسبة لفن الشرق األوسط كانت هي العراق‪ .‬كما أن‬ ‫العراق لديه أكادميية خاصة للفنون التشكيلية وبالتالي أصبح مرجعا للفن‬ ‫املعاصر‪.‬‬ ‫ونظرا ألنه من عادة القوى السياسية أن تستغل هؤالء الفنانني لتحسني‬ ‫صورتها الدكتاتورية‪ ،‬فقد خصص صدام حسني دعما ماليا ضخما إلنشاء‬ ‫متحف للفن احلديث‪ ،‬كما أنشأ مسابقات لتشجيع الفنانني الدوليني على‬ ‫املشاركة في املشهد الفني العراقي‪.‬‬ ‫واملدرسة الثانية التي تعادلها في األهمية هي املدرسة املغربية‪ ،‬رغم العقبة‬ ‫األساسية التي تواجهها هناك؛ حيث تهيمن روابط الفنانني على املشهد‬ ‫الفني هناك وهي روابط جتمع الفنانني ملناقشة اجلوانب الفنية‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى السياسة‪ ،‬وقد تسببت تلك الروابط في تشابه هؤالء الفنانني ووجود‬ ‫قدر عال من التقليد بينهم‪.‬‬ ‫وفي اجلزائر‪ ،‬وبعد االستقالل كان هناك عدد من الفنانني‪ ،‬وكانت القضية‬ ‫هناك تتعلق بأن احلكومة مقيدة بالشيوعية على األسلوب السوفياتي‪،‬‬ ‫وبالثقافة احملافظة‪ ،‬وهو ما خلق عددا من العداءات داخل اجملتمع الفني‪.‬‬ ‫فمبدئيا كان هؤالء املؤيدون لآليديولوجيا السائدة يحصلون على التمويل‬ ‫الكافي‪ ،‬فيما يعاني الفنانون املستقلون من احلرمان من تلك املزايا‪.‬‬ ‫‪58‬‬


‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪57‬‬


‫● موجز عن دولة‬

‫ولم تكن سياسة صدام اخلارجية فقط مضللة‪ ،‬بل كانت مكلفة‬ ‫أيضا‪ ،‬سواء على املستوى اإلنساني أو االقتصادي‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫العقاب على غزو الكويت‪ ،‬تعرض العراق إلى عقوبات مالية وجتارية‬ ‫قاسية‪ .‬ومت تصميم تلك العقوبات لكبح مطامع العراق في الدول‬ ‫اجملاورة وإجبار صدام على التركيز على إعادة بناء اقتصاده‪ .‬وعلى‬ ‫خالف التوقعات‪ ،‬استأنف صدام برامجه العسكرية املكلفة مبا في‬ ‫ذلك امتالك أسلحة نووية‪ .‬وقد أدى عداؤه إلى استمرار العقوبات‬ ‫ملدة ‪ 12‬عاما‪ ،‬وهو ما دفع الشعب العراقي إلى حافة اجملاعة‪.‬‬

‫وقد أعرب العراقيون العاديون عن تزايد‬ ‫إحباطهم من الثقافة السياسية واتهموا‬ ‫األفراد بالسعي وراء السلطة على حساب‬ ‫املصالح الوطنية‬

‫دمار أكثر مما تسبب فيه املغول؟‬ ‫تركت قصة أحدث احتالل للعراق انطباعا كئيبا‪ .‬ففي عام وفي مثل ذلك املناخ‪ ،‬فإن إرادة املصاحلة السياسية كانت غير متوفرة‬ ‫‪ ،2003‬قامت الواليات املتحدة بغزو العراق‪ ،‬وسرعان ما خلعت باإلضافة إلى جتاهل القضايا احملورية مثل عائدات البترول والغاز‬ ‫صدام حسني‪ .‬وانتشر مقطع الفيديو الـذي يصور العراقيني وهم وحدود القوى اإلقليمية‪.‬‬ ‫يسقطون متثال صدام حسني في كافة املنازل حول العالم‪ ،‬وأصبح‬ ‫املقطع رمزا لتحرر العراق‪ .‬ولكن مشاهد احلماس تلك سرعان ما جمع األجزاء‬ ‫خبت‪ .‬وفي الشهور التي تلت سقوط نظام صدام حسني‪ ،‬انتشر في عام ‪ ،2010‬ما زال العراق احملاصر ينتظر املصاحلة السياسية‪.‬‬ ‫العنف والسرقة‪ .‬وقد ساهمت السياسات األميركية من التخلص وفي أحدث انتخابات برملانية التي مت إجراؤها في مارس (آذار) خالل‬ ‫من البعثيني وحل اجليش‪ ،‬في ازدياد اإلحساس بالفوضى السياسية‪ .‬العام احلالي‪ ،‬ظهرت الطائفية في الوقت الذي كان العراقيون‬ ‫ووسط االضطرابات التي تلت ذلك‪ ،‬ظهرت امليليشيات العرقية يقترعون فيه وفقا لوالءاتهم القبلية والطائفية‪ .‬ويضاهي ذلك‬ ‫والطائفية‪ .‬ومنذ عام ‪ 2004‬وحتى صحوة األنبار في ‪ 2006‬كان الوضع في إشكاليته‪ ،‬عدم حتقيق انتصار حقيقي‪ .‬وهو ما أدى إلى‬ ‫التمرد يشتمل على هذه امليليشيات الثائرة في جميع أنحاء مأزق سياسي امتد لنحو ‪ 100‬يوم‪ ،‬وال تظهر حتى اآلن أي دالالت على‬ ‫العراق‪ .‬وقد دفع العنف الطائفي نحو ثالثة ماليني عراقي إلى الدول حل ذلك املأزق‪ .‬وقد أعرب العراقيون العاديون عن تزايد إحباطهم‬ ‫اجملاورة‪ .‬ففي جميع أنحاء العراق‪ ،‬نزح نحو ‪ 2.8‬مليون عراقي في من الثقافة السياسية واتهموا األفراد بالسعي وراء السلطة على‬ ‫ظل سيطرة امليليشيات العرقية والطائفية على مناطق محددة‪.‬‬ ‫حساب املصالح الوطنية‪.‬‬ ‫وكانت املصاحلة السياسية في عراق ما بعد الغزو مراوغة بنفس‬ ‫القدر‪ .‬حيث امتازت السياسة العراقية مبناخ من انعدام الثقة‪.‬‬ ‫وفي أعقاب انتخابات ‪ ،2005‬كان البرملان العراقي الذي تهيمن‬ ‫عليه األغلبية الشيعية يصارع جلمع التحالف املكون من فصائل‬ ‫مختلفة‪.‬‬

‫وأضاف إلى ذلك املأزق السياسي تصاعد العنف الطائفي من خالل‬ ‫الهجمات على احلجاج الشيعة واغتيال السياسيني السنة‪ .‬وبعد‬ ‫سبع سنوات من الغزو األميركي‪ ،‬أصبحت العراق دولة منقسمة‬ ‫إلى حد كبير وما زالت إمكانية أن يسيطر العراقيون على بالدهم‬ ‫أمال بعيد املنال‪.‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫‪56‬‬


‫ومن املذهل أن العراق ما زال ميثل دليال على تاريخه اجمليد‪ .‬في ‪1258‬‬ ‫دخلت املنطقة عصرا مظلما‪ .‬فقد انهارت اإلمبراطورية العثمانية‪،‬‬ ‫وتنافس الغزاة من املغول واألتراك على تدمير املدن العراقية‬ ‫القدمية‪ .‬وفي عام ‪ 1534‬غزا العثمانيون العراق‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫أن عصرهم امتد لنحو أربعة قرون فإنهم أخفقوا في حتقيق الرخاء‬ ‫واالستقرار في املنطقة‪ .‬وبتراجع قوتهم في القرن الثامن عشر‪،‬‬ ‫سيطر زعماء القبائل على العثمانيني‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬فإن توالي‬ ‫احلروب العثمانية الفارسية أحيا العداء بني السنة والشيعة‪ .‬وفي‬ ‫عشية احلرب العظمى‪ ،‬عانى العراق من سبعة قرون من الركود‪.‬‬ ‫وفي غياب احلكومة املركزية‪ ،‬لم تتطور املنطقة وافتقرت إلى كل‬ ‫من البنية التحتية الصلبة واللينة الضروريتني للمنافسة مع أوروبا‬ ‫الصناعية‪.‬‬ ‫وإضافة إلى مآسيها‪ ،‬كان أكثر قادة العراق براعة من األقلية‬ ‫السنية‪ ،‬وقد نأى الشيعة بأنفسهم عن املدارس العثمانية التي‬ ‫يهيمن عليها السنة‪.‬‬ ‫العراق البريطاني‬ ‫في ظل تلك الظروف‪ ،‬نشأت دولة العراق حتت االنتداب البريطاني‪.‬‬ ‫استطاعت بريطانيا بعدما احتلت العراق خالل احلرب العاملية األولى‬ ‫احلصول على االنتداب على البالد في مؤمتر سان روميو‪ .‬وكان من‬ ‫املقرر أن تكون الهيمنة البريطانية فترة مؤقتة إلعداد الدولة‬ ‫اجلديدة لالستقالل‪ .‬وكانت بريطانيا هي من رسم احلدود احلالية‬ ‫للعراق حيث جمعت أصنافا مختلفة من البشر ينحدرون من‬ ‫التاريخ املتنوع للعراق‪ .‬وخالل االثني عشر عاما‪ ،‬عملت احلكومة‬ ‫البريطانية على تشكيل إطار سياسي جديد للعراق يعتمد على‬ ‫النظام غير الدميقراطي‪.‬‬ ‫ويتكون ذلك النظام من الدستور والبرملان واالنتخابات ومجلس‬ ‫الوزراء الذي ميثله أعضاء من كافة اجلماعات العرقية والدينية‬ ‫العراقية‪ .‬إال أن القوة احلقيقية كانت في يد امللك فيصل ابن احلاكم‬ ‫الهاشمي ملكة واملدينة واحلليف الدائم لبريطانيا‪ .‬وفي عام ‪،1932‬‬ ‫منحت بريطانيا العراق االستقالل الكامل في ظل تزايد مظاهر‬ ‫العداء جتاه احلكم البريطاني الذي جتلى في اإلضراب العام في ‪1931‬‬ ‫واملظاهرات املنظمة في الشوارع‪.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•العاصمة‪ :‬بغداد‬ ‫•الرئيس‪ :‬جالل طالباني‬ ‫•اجلغرافيا‪:‬‬ ‫•املساحة‪438317 :‬‬ ‫كيلومترا مربعا‬ ‫•تشترك مع إيران بحدود تصل إلى نحو ‪1458‬‬ ‫كيلومترا‪ ،‬واألردن ‪ 181‬كيلومترا‪ ،‬والكويت ‪240‬‬ ‫كيلومترا‪ ،‬واململكة العربية السعودية ‪814‬‬ ‫كيلومترا‪ ،‬وسورية ‪ 605‬كيلومترات‪ ،‬وتركيا ‪352‬‬ ‫كيلومترا‪.‬‬ ‫•السكان‪:‬‬ ‫•عدد السكان‪( 29671605 :‬وفقا لتقديرات يوليو‪/‬‬ ‫متوز ‪)2010‬‬ ‫•اجلماعات العرقية‪ :‬العرب ‪ .% 80 - % 75‬األكراد‬ ‫‪ .% 20 - % 15‬التركمان واآلشوريون وغيرهم ‪.% 5‬‬ ‫•اللغات‪:‬‬ ‫•العربية‪ ،‬الكردية (اللغة الرسمية في املناطق‬ ‫الكردية) التركمانية (إحدى اللهجات التركية)‬ ‫اآلشورية (اآلرامية اجلديدة)‪ ،‬واألرمينية‪.‬‬ ‫•احلالة االقتصادية‪:‬‬ ‫•الناجت احمللي اإلجمالي‪ 112 :‬مليار دوالر أميركي‪.‬‬ ‫•الناجت احمللي‪ ،‬وفقا للقطاعات االقتصادية‪ :‬الزراعة‪:‬‬ ‫‪ ،% 9.6‬الصناعة ‪ ،% 62.8‬اخلدمات‪% 27.6 :‬‬ ‫•معدل التضخم (سعر املستهلك)‪ % 6.8 :‬وفقا‬ ‫لتقديرات (‪)2008‬‬ ‫•عدد السكان حتت خط الفقر‪ :‬تختلف التقديرات‬ ‫على نحو كبير‪ .‬وتشير تقديرات االستخبارات‬ ‫األميركية في ‪ 2008‬إلى أنها تصل إلى ‪.% 25‬‬

‫عدم االستقرار السياسي‪ .‬وبني عامي ‪ 1958‬و‪ 1968‬شهد العراق‬ ‫أربعة انقالبات ناجحة و‪ 12‬انقالبا فاشال‪ .‬ثم انتهت تلك الفترة من‬ ‫االضطرابات عام ‪ 1968‬في انقالب سلمي قاده اجلنرال أحمد حسن‬ ‫البكر وجماعته من املؤيدين البعثيني‪.‬‬ ‫ونصب البكر نفسه رئيسا وسرعان ما قام البعثيون بتأييد حكمهم‬ ‫من خالل تطهير مؤسسات الدولة من األعضاء غير البعثيني‪.‬‬ ‫واستمر حزب البعث في حكم العراق حتى الغزو األميركي عام‬ ‫‪.2003‬‬

‫وكانت السنوات اإلحدى عشرة األولى من حكم البعثيني تتسم‬ ‫باالستقرار الداخلي والتطور االقتصادي واالجتماعي‪ .‬وعلى نحو‬ ‫خاص‪ ،‬حتسن وضع املرأة‪ .‬وفي أواسط الثمانينات كان النساء ميثلون‬ ‫‪ 30%‬من الطالب اجلامعيني واقتحموا تقريبا كافة املهن‪ .‬وكانت‬ ‫املعارضة الوحيدة للنظام تأتي من قبل األكراد الذين كانوا يسعون‬ ‫للحصول على قدر أكبر من االستقالل واحلصول على قدر أكبر من‬ ‫عائدات البترول‪ .‬وقد جتلت احتجاجاتهم في شكل صدامات عنيفة‬ ‫واستمرت املؤسسات التي مت تأسيسها خالل االنتداب البريطاني مع النظام‪.‬‬ ‫ألكثر من ‪ 26‬عاما استمر خاللها احلكام الهاشميون في االلتزام‬ ‫بالرغبات البريطانية‪ .‬على أية حال‪ ،‬فإن تلك الفترة شهدت صعود سنوات صدام‬ ‫هوية عراقية واضحة‪ .‬وكان امللوك الهاشميون يشعرون بأنهم عام ‪ 1979‬نصب صدام حسني نفسه رئيسا للبالد‪ ،‬معلنا أن صحة‬ ‫مدينون للمؤيدين العراقيني للثورة العربية الكبرى في احلجاز وكان البكر السيئة منعته من احلكم‪ .‬ومع وصول صدام للحكم‪ ،‬ساء‬ ‫معظمهم من العرب السنة‪ .‬وكداللة على امتنانهم كافأ امللوك حظ العراقيني‪ .‬فالرئيس اجلديد‪ ،‬الذي ميلك قناعة قوية بالقضاء‬ ‫مؤيديهم مبنحهم مناصب في احلكومة واجليش‪ ،‬وقد ساندت تلك والقدر‪ ،‬قام بشن غزوتني أساء حسابهما‪ :‬األولى كانت باجتاه إيران‬ ‫النخب هوية عراقية تعتمد على القومية العربية العلمانية‪.‬‬ ‫عام ‪ 1980‬والثانية كانت في الكويت عام ‪ .1990‬وخالل تلك‬ ‫الصراعات‪ ،‬جلأ صدام إلى بعض أكثر تكتيكاته بشاعة مبا في ذلك‬ ‫جمهورية العراق‬ ‫إطالق الغاز على القرى الكردية في شمال العراق في مارس (آذار)‬ ‫من‬ ‫عقد‬ ‫تاله‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫الهاشمية‪،‬‬ ‫بالدولة‬ ‫اإلطاحة‬ ‫متت‬ ‫في عام ‪1958‬‬ ‫‪.1988‬‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪55‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫مهد احلضارة‬ ‫ماض متنوع‬ ‫إن األرض التي يقوم اآلن عليها العراق احلديث حتمل آثار ٍ‬ ‫ومثير‪ .‬وتعد اآلثار السومرية والبابلية شاهدة على أن حضارات‬ ‫العالم األولى قد نشأت على ضفاف نهري دجلة والفرات‪ .‬وفي‬ ‫مدينة كربالء العراقية‪ ،‬يستدعي ضريح اإلمام احلسني بن علي‬ ‫مركزية املنطقة خالل احلروب املتتالية التي أدت إلى االنقسام‬ ‫الشيعي ‪ -‬السني‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإن مدينة سمراء التي تقع‬ ‫على بعد ‪ 125‬كيلومترا من شمال بغداد هي مقر مئذنة امللوية‬ ‫املذهلة‪ .‬ومتثل البنية غير التقليدية وغير املنتظمة التي بناها بها‬ ‫اخلليفة املعتصم نقطة الذروة في التاريخ اإلسالمي والعراقي‬ ‫عندما كانت بغداد قلب اإلمبراطورية اإلسالمية الفسيحة املمتدة‬ ‫من أوروبا الغربية إلى حدود الصني‪.‬‬

‫حقائق أساسية‬


‫● موجز عن دولة‬

‫العراق‬ ‫عرض تاريخي‬

‫ ‬

‫•‪ 1932‬انتهاء االنتداب البريطاني‪ ،‬وحصول العراق على‬ ‫االستقالل‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1958‬اإلطاحة بامللكية الهاشمية وإعالن العراق‬ ‫جمهورية‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1968‬حزب البعث يستولي على السلطة في أعقاب‬ ‫انقالب سلمي قاده أحمد حسن البكر‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1979‬صدام حسني يخلف البكر كرئيس للعراق‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1980‬شنت القوات العراقية عددا من الهجمات‬ ‫بالغاز السام على قرية حلبجة الكردية شمال العراق‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1991‬التحالف الذي تقوده الواليات املتحدة يجبر‬ ‫العراق على اخلروج من الكويت‪.‬‬

‫ ‬

‫أعلنت األمم املتحدة عن ملجأ آمن في شمال‬ ‫•‬ ‫العراق حلماية السكان األكراد‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1995‬سمح برنامج «النفط مقابل الغذاء» الذي‬ ‫قدمته األمم املتحدة باستئناف صادرات العراق البترولية‬ ‫مقابل توفير الغذاء والدواء للسكان‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 2003‬قادت الواليات املتحدة غزوا للقضاء على نظام‬ ‫صدام حسني‪ .‬وقد خلق خلع صدام حسني فراغا‬ ‫سياسيا وأمنيا أسفر عن سنوات من الصراعات‬ ‫الدموية بني الفصائل اخملتلفة املتصارعة على السلطة‪.‬‬

‫ ‬

‫•دعم مجلس األمن التابع لألمم املتحدة اإلدارة التي تقودها‬ ‫الواليات املتحدة في العراق ورفع العقوبات االقتصادية‪.‬‬ ‫حل بول برميير رئيس اإلدارة املدنية حزب البعث وأجبر‬ ‫أعضاءه على ترك مناصبهم‪.‬‬

‫ ‬

‫•بعد ثمانية أشهر من االختباء‪ ،‬مت إلقاء القبض على‬ ‫صدام حسني في تكريت‪.‬‬ ‫•‬ ‫•‪ 2004‬الواليات املتحدة تسلم السلطة للحكومة‬ ‫املؤقتة التي يترأسها رئيس الوزراء إياد عالوي‪.‬‬ ‫•‬ ‫•‪ 2005‬صوت ‪ 8‬ماليني عراقي في انتخابات اجمللس‬ ‫الوطني االنتقالي‪ .‬فاز التحالف العراقي املتحد‬ ‫الشيعي باألغلبية‪ .‬وجاءت األحزاب الكردية في الترتيب‬ ‫الثاني‪ .‬عني البرملان القائد الكردي جالل طالباني كرئيس‬ ‫للجمهورية‪ ،‬وإبراهيم جعفري الشيعي كرئيس للوزراء‪.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫•‪ 2007‬أعلن الرئيس بوش نشر ‪ 30‬ألف جندي إضافي‬ ‫في العراق في محاولة إلنهاء التمرد‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 2009‬أعلن الرئيس األميركي باراك أوباما انسحاب‬ ‫معظم القوات األميركية بنهاية أغسطس (آب)‬ ‫‪ .2010‬وسوف يبقى نحو ‪ 50‬ألف جندي من إجمالي‬ ‫‪ 142‬ألفا حتى عام ‪ 2011‬لتقدمي االستشارات للقوات‬ ‫العراقية وحماية املصالح األميركية‪ ،‬وسوف يغادرون‬ ‫بنهاية ‪.2011‬‬

‫ ‬

‫•‪ 2010‬جذبت االنتخابات البرملانية في مارس (آذار) أكثر‬ ‫من ‪ % 60‬من العراقيني‪ ،‬ولكن لم يتمكن أي حتالف‬ ‫من الفوز احملقق‪ .‬بعد ‪ 100‬يوم من االقتراع‪ ،‬ما زال‬ ‫العراق من دون حكومة جديدة‪.‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫‪54‬‬

‫ ‬

‫•‪ 2006‬تصاعد العنف الطائفي في أعقاب هجوم‬ ‫بالقنابل على أحد األضرحة الشيعية املهمة في‬ ‫سمراء‪ .‬وإعدام صدام حسني الرتكابه جرائم ضد‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1920‬أنشأت بريطانيا دولة العراق واعترفت بها‬ ‫عصبة األمم املتحدة‪.‬‬



‫● حوارات‬

‫ الوقائع أظهرت مؤخرًا صحة موقفنا املعارض لقانون االنتخابات‪،‬‬‫فنحن في حركة التغيير انتقدنا وبشدة التعديل األخير على قانون‬ ‫االنتخابات وقلنا إنه قانون معقد وغير منصف وسيؤدي إلى فتح باب‬ ‫املشكالت والصراعات‪ ،‬وقلناها صراحة بأن هذا القانون فيه ظلم كبير‬ ‫لألكراد و كنا نتوقع أن تنخفض نسبة مقاعد املكون‪ ‬الكردي في مجلس‬ ‫النواب‪ ،‬وهو ما حدث فعال‪ ،‬حتى إن الرئيس العراقي الذي بارك القانون‬ ‫وأصر على متريره عاد وانتقده قبل أيام وبشدة‪ .‬‬

‫املسألة ليست مسألة تنازالت‪ ،‬بقدر‬ ‫ما هي التعامل بإيجابية مع كل‬ ‫مكونات املناطق املشمولة باملادة‬ ‫‪ 140‬من الدستور‪ ،‬فالتوصل إلى‬ ‫حلول عادلة سوف يكون ضمانا‬ ‫للسالم والتعايش بني هذه املكونات‬

‫«اجمللة»‪ :‬في اعتقادكم‪ ،‬ما أبرز أهداف حركة التغيير الكردية (غوران) باعتبارها‬ ‫اجلماعة الرائدة في املعارضة؟ وماذا يعني التغيير بالنسبة لكم؟‪ ‬‬ ‫ أهداف حركة التغيير واضحة ومعلنة‪ ،‬حتى أننا رفضنا املشاركة في‬‫حكومة إقليم كردستان ألننا وعدنا شعبنا بالوفاء لبرنامجنا وأهدافنا‪،‬‬ ‫هذه األهداف تشمل وضع حد للتدخل احلزبی فی احلیاة اليومية‌‪ ،‬وإنهاء‬ ‫احتكار هذه األحزاب للسلطة بالصورة الشمولية التي متارسها اآلن‪،‬‬ ‫وندعو الى فصل السلطات وحترير احلكومة‪ ‬من هيمنة األحزاب‪ ،‬التي‬ ‫باتت تسيطر بشكل كامل على اجلامعات واالقتصاد والقضاء وكل‬ ‫مفاصل الدولة واجملتمع‪ ،‬نحن ندعو إلى نظام دميقراطي حقيقي تكون‬ ‫فيه كل السلطات مستقلة عن سيطرة األحزاب احلاكمة ويكون‬ ‫القانون فوق اجلميع ودون أي استثناء‪ ،‬كما ندعو ونكافح من اجل أن تعلن‬ ‫احلكومة عن امليزانية‪ ‬العامة وأن تكون هذه امليزانية شفافة وتصب في‬ ‫مصلحة الشعب واجملتمع‪ ،‬ال أن تكون حكرًا على األحزاب احلاكمة‪ .‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬دعت املادة رقم ‪ 140‬من الدستور العراقي إلى إجراء استفتاء رسمي‬ ‫عرقيا‪ .‬فهل ترون أن هذا‬ ‫في كركوك‪ ،‬لكن تأجل هذا األمر خشية أن يشعل عنفًا‬ ‫ً‬ ‫التقييم دقيق للموقف؟‪ ‬‬ ‫ قبل تنفيذ املادة ‪ 140‬من الدستور العراقي کان من املفروض أن تبدأ‬‫األحزاب الکردی ‌ه بإجراءات بناء الثق ‌ة بین املکونات القومي ‌ة أوال وتقدیم‬ ‫ثانیا وطمأنة الدول اإلقليمي ‌ة ثالثًا ومن ثم التفکیر‬ ‫منوذج إداري جذاب ً‬ ‫بتنفیذها‪.‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬هناك مزاعم بأن خوضكم االنتخابات بشكل مستقل عن االحتاد الوطني‬ ‫الكردستاني أدى إلى تقويض الوجود الكردي في احلكومة‪ .‬فما ردكم على االدعاءات؟‪ ‬‬ ‫ هذه ادعاءات غير صحيحة‪ ،‬نحن نرى أن خوض االنتخابات بقوائم‬‫متعددة في كردستان يزيد املكون الكردي قوة‪ ،‬وأهم مكسب حتقق في‬ ‫االنتخابات األخيرة هو أن التمثيل الكردي طرأ عليه تغيير جوهري كبير‪،‬‬ ‫ففي حني كان هذا التمثيل محتكرًا من قبل حزبني‪ ،‬أصبح اآلن تعدديًا مما‬ ‫يشكل بداية لتوسيع قاعدة القرار الكردي‪ ‬وكسر حالة االحتكار‪ .‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬ما الذي أخفق فيه حتالف كردستان واالحتاد الوطني الكردستاني وتسعون‬ ‫أنتم لتحقيقه؟ وما جوانب االختالف التي متيزكم عن جماعات املعارضة الرئيسية‬ ‫األخرى‪ ،‬وحتديدا االحتاد اإلسالمي الكردستاني واجلماعة اإلسالمية؟‪ ‬‬ ‫ هم أخفقوا في كل شيء ندعو إليه نحن في برنامجنا السياسي‪،‬‬‫أخفقوا في تثبيت دعائم الدميقراطية والشفافية واحلكم الرشيد‬ ‫والصالح في كردستان‪ ،‬قاموا ببناء نظام شمولي أدى إلى خلق حالة‬ ‫استياء كبيرة في الشارع الكردستاني‪ ،‬في هذه البيئة واألرضية‬ ‫ولدت حركة التغيير وكانت والدتها ضرورة تاريخية‪ .‬نحن نتميز عن‬ ‫كل اجلماعات األخرى وفي كثير من النواحي‪ ،‬منها اآليديولوجية التي‬ ‫أيضا تركيبة النظام احلزبي‬ ‫يحملها اآلخرون التي هي اإلسالمية‪ ،‬ومنها ً‬ ‫الهرمي العمودي الذي هو متشابه بني كل األحزاب الكردية إلى حد كبير‬ ‫بينما حركة التغيير تسعى إلى بناء هياكل أفقية أكثر دميقراطية وأكثر‬ ‫متثيال للناس وتكون‪ ‬فيها قاعدة القرار واسعة وشفافة‪ .‬في النهاية‬ ‫يكفي أن والدة حركة التغيير شكلت البداية لوالدة معارضة حقيقية‬ ‫في كردستان‪ .‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬التقى حزبكم مؤخرا مع جماعات املعارضة األخرى ملناقشة أدواركم في‬ ‫البرملان العراقي‪ ،‬واختيار من يتولى منصب رئيس الوزراء العراقي‪ .‬فما الذي توصلتم‬ ‫إليه من خالل محادثاتكم‪ ،‬وما أهم العوامل التي لعبت دورًا في مناقشاتكم؟‪ ‬‬ ‫ لقد التقينا مع كل القوائم‪ ،‬وكانت بداية اللقاءات مع أحزاب‬‫املعارضة األخرى في كردستان‪ ،‬ثم تطورت هذه االجتماعات وضمت‬ ‫كل الكتل الكردستانية الفائزة في االنتخابات‪ ،‬ومت تشكيل جلنة تعمل‬ ‫على صياغة الورقة التفاوضية التي من املقرر أن يتفاوض عليها الوفد‬ ‫الكردي املوحد مع القوائم العراقية األخرى‪ ،‬وهي تعمل‪ ‬اآلن على صياغة‬ ‫النظام الداخلي الئتالف يضم الكتل الكردستانية بغية توحيد املواقف‬ ‫حول القضايا املصيرية‪ .‬أما بخصوص العوامل التي لعبت دورًا في‬ ‫املناقشات‪ ،‬بالنسبة لنا في حركة التغيير كانت املعايير هي شراكة‬ ‫حقيقية بني الكتل الكردية في اتخاذ القرارات‪ ،‬والدفاع عن النظام‬ ‫االحتادي الدميقراطي في العراق‪ ‬والدفاع عن احلقوق املشروعة لشعب‬ ‫كردستان‪ .‬‬ ‫‪52‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬ما نوعية التنازالت التي تعد حركة «غوران» على استعداد للقيام بها‬ ‫من أجل اإلسراع في تطبيق املادة ‪ 140‬من الدستور؟‪ ‬‬ ‫ املسألة ليست مسألة تنازالت‪ ،‬بقدر ما هي التعامل بإيجابية مع‬‫كل مكونات املناطق املشمولة باملادة ‪ 140‬من الدستور‪ ،‬فالتوصل إلى‬ ‫حلول عادلة سوف يكون ضمانا للسالم والتعايش بني هذه املكونات‪.‬‬ ‫املسألة مرهونة حتديدا باإلرادة الوطنية العراقية‪ ،‬فلو كانت اإلرادة‬ ‫الوطنية قوية جتاه هذه املادة عندها ميكن التحاور حول كيفية‪ ‬تطبيقها‪،‬‬ ‫تطبيقً ا يسهم في تعزيز السالم ويقوي االنتماء الوطني‪ .‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬إذا لم يتم التوصل إلى حل مناسب من خالل املناقشات حول كركوك‬ ‫واملناطق املتنازع عليها‪ ،‬فكيف ميكن أن يؤثر االنسحاب األميركي على العالقات بني‬ ‫كردستان العراق وبغداد؟‪ ‬‬ ‫ حل مشكلة كركوك واملناطق املتنازع عليها يجب أن يتم على أسس‬‫وطنية عادلة‪ ،‬وآمل أن نتوصل إلى حلول عادلة على مستوى الداخل‬ ‫ودون اللجوء إلى العامل اخلارجي‪ .‬أما تأثير االنسحاب األميركي فهو‬ ‫مرهون بإرادة النخب السياسية العراقية‪ ،‬فلو توصلنا إلى رؤى وحلول‬ ‫مشتركة فما حاجتنا عندها للوجود األميركي؟ أما إذا لم تتوفر اإلرادة‬ ‫اخليرة لدى هذه النخب فإن األوضاع سوف تسوء‪ ،‬سواء بوجود أميركا‪ ،‬أو‬ ‫بانسحابها‪ .‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل جتدون أن العالقات اجليدة بني األكراد والشيعة في العراق متثل عامال‬ ‫ايجابيا بالنسبة لكم في التعامل مع األكراد اإليرانيني‪ .‬وكيف تؤثر الهوية الطائفية‬ ‫ً‬ ‫لألكراد الذين يعيشون في إيران على عالقاتكم بإيران؟‪ ‬‬ ‫ وما دخل العالقات الشيعية ‪ -‬الكردية في العراق بالتعامل مع أكراد‬‫إيران؟‪ ‬‬ ‫زعيما لألكراد‪ ،‬ما آمالك من أجل حماية مصالح إخوانكم‬ ‫«اجمللة»‪ :‬باعتبارك‬ ‫ً‬ ‫األكراد في اخلارج؟‪ ‬‬ ‫ القضية الكردية قضية عادلة وال ميكن أن حتل عن طريق العنف‬‫والقمع‪ ،‬آمل أن تلجأ الدول التي تتقاسم كردستان إلى حل القضية‬ ‫الكردية بالطرق السلمية والدميقراطية‪ .‬وعن طريق احلوار وبعيدا عن‬ ‫استخدام السالح‪.‬‬ ‫* مت إجراء هذا احلوار بواسطة ‪ :‬بوال ميجا‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪.2010‬‬


‫أكد عدالة القضية الكردية‪ ..‬و احتياج العراق إلرادة وطنية‬

‫نوشروان مصطفى‪ :‬نريد حلوال عادلة تضمن التعايش اآلمن‬

‫في حواره لـ«اجمللة»‪ ،‬حتدث نوشروان مصطفى‪ ،‬السياسي الكردي البارز والزعيم احلالي حلزب املعارضة «غوران»‪ ،‬عن نتائج االنتخابات‬ ‫أيضا على أهداف «غوران» شار ًحا كبف يسعى إلى متييز نفسه عن أحزاب املعارضة األخرى‪.‬‬ ‫العراقية األخيرة‪ ،‬وسلط الضوء ً‬ ‫بوال ميجا‬ ‫شارك نوشروان مصطفى في تأسيس االحتاد الوطني الكردستاني‬ ‫(بزعامة جالل طالباني)‪ ،‬باإلضافة إلى تقلده منصب كبير االستراتيجيني‬ ‫باالحتاد‪ .‬لقد كان نوشروان مصطفى في طليعة السياسة الكردية منذ‬ ‫عقود وشارك في االنتفاضة الكردية عام ‪ 1991‬التي ساهمت في إقامة‬ ‫حكم ذاتي لكردستان‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى عمله في السياسة‪ ،‬يعرف عن نوشروان مصطفى‬ ‫دوره البارز في وسائل اإلعالم‪ .‬ففي عام ‪ 2007‬أسس شركة «ووشا»‬ ‫اإلعالمية ‪ ‬في السليمانية التي تتألف من صحيفة وقناة إذاعية وموقع‬ ‫إلكتروني‪« .‬لقد حاولت تغيير السياسة الكردية من الداخل‪ ،‬وحان وقت‬ ‫محاولة تغيير السياسية من اخلارج»‪ ،‬هكذا يؤكد مصطفى مشيرًا إلى‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫«لقد حاولت تغيير السياسة‬ ‫الكردية من الداخل‪ ،‬وحان وقت‬ ‫محاولة تغيير السياسية من اخلارج»‬ ‫العالقة بني نواياه السياسية‪ ،‬وإنشاء شركة إعالمية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬في رأيكم‪ ،‬كيف أثرت االنتخابات العراقية على النفوذ السياسي لألكراد‬ ‫في بغداد؟‪ ‬‬

‫‪51‬‬


‫● حوارات‬

‫«اجمللة»‪ :‬هل من املمكن أن تعطي أمثلة أخرى؟‬ ‫ إن أبزر املفاهيم اجلمهورية هو السيادة الوطنية‪ .‬وقد متت استعارة مفهوم السيادة‬‫الوطنية من جديد من الفكر السياسي الغربي العلماني‪ .‬لكن كلمة ‪ millet‬باللغة‬ ‫التركية لها معنيان‪ :‬فهي تعني الوطن وأيضا اجملتمع الديني‪ .‬فمثال عندما يتحدث‬ ‫تركي من دعاة احلداثة عن السيادة الوطنية‪ ،‬فإن اجلملة حتتوي على هذين املعنيني‪.‬‬ ‫فقد مت وضع مفهوم التحول إلى احلداثة في العالم اإلسالمي في قالب ديني‪ .‬ورمبا‬ ‫يكون هذا هو السبب الرئيسي في تزايد ظهور اإلسالم مع تزايد ظهور «حداثة» الدول‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬قد يكون من اخلطأ رؤية ظهور اإلسالم املتزايد في تركيا على أنه مجرد رد‬ ‫فعل متأخر على إصالحات مصطفى كمال أتاتورك العلمانية الراديكالية‪ ..‬فما رأيك؟‬ ‫ نعم‪ ،‬إنها السمة األساسية جململ عملية التحول إلى احلداثة في العالم اإلسالمي‬‫بأكمله‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬أشكك في وصف اجلمهورية بكونها علمانية راديكالية‪ .‬من‬ ‫الصحيح أنها متثل انفصاال جادا عن احلركات اإلصالحية األولى‪ ،‬ال سيما بعد عام ‪1924‬‬ ‫(عندما ألغيت اخلالفة وأغلقت املدارس الدينية التقليدية ومت غلق بيوت الدراويش)‪.‬‬ ‫لكنها أيضا تتشابه في بعض األمور مع الفكر اإلسالمي السياسي‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما طبيعة هذه األمور املتشابهة؟‬ ‫ يحاول االجتاه اإلسالمي السياسي أن يجذب املسلمني إلى تفسير لإلسالم مبا يتفق‬‫مع العالم احلديث‪ ،‬وبانفتاح على األفكار العصرية‪ .‬وذلك من خالل الرجوع إلى املصادر‪،‬‬ ‫في محاولة للبحث عن التفسير «اخلالص» لإلسالم‪ .‬وقد حاول الفكر اجلمهوري‪،‬‬ ‫إلى حد ما‪ ،‬أن يفعل شيئا مشابها‪ .‬فقد عارض اإلسالم الشعبي‪ ،‬الذي اعتبره رجعيا‬ ‫ومليئا باخلرافات‪ .‬ومنذ إقامتها بعد إلغاء اخلالفة مباشرة‪ ،‬تقدم هيئة الديانة التركية‬ ‫دائما تفسيرا لإلسالم يؤكد على تعاليم القرآن وأحاديث الرسول عليه الصالة والسالم‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تتحدث عن تأكيد السلطات اجلمهورية على أن اإلسالم «دين عقل‬ ‫وعلم»؟‬ ‫ هذا جزء من األمر‪ ،‬ولكن القضية احلقيقية هنا أن اجملددين اإلسالميني يرون أن األحوال‬‫السلبية في العالم اإلسالمي ليست ناشئة عن اإلسالم ذاته‪ ،‬بل عن حقيقة أن‬ ‫املسلمني املعاصرين أساءوا فهم تعاليم اإلسالم‪ .‬ويلقي هؤالء اجملددون باللوم في هذا‬ ‫التراجع على التقاليد املتراكمة وتاريخ العالم اإلسالمي‪ .‬مبعنى أن دعوته إلى الرجوع إلى‬ ‫األصول تعني انتزاع اإلسالم من تاريخه كلية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬أنت معارض صريح حلركة اإلسالميني‪ ،‬فهل هذا هو السبب في انتقادك لها؟‬ ‫ الفرق بيني وبني اإلسالميني األتراك هو أنني مهتم بالديناميكيات الداخلية للتغيير‪،‬‬‫بينما ال يهتمون هم بها‪ .‬ومن اجلانب اآليديولوجي‪ ،‬فإنهم يؤيدون النزعة الدولية‪ ،‬بتعبير‬ ‫ماركسي‪ .‬ويدافعون عن رؤية لإلسالم نشأت جذورها خارج تركيا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬أعتقد أنك تتحدث اآلن عن اإلسالميني السياسيني الراديكاليني املتأثرين‬ ‫بجماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫ بلى‪ ،‬أحتدث عنهم‪ ،‬ولكني أيضا أحتدث عن اجتاه يشترك فيه كثير من خريجي‬‫مؤسسات التعليم الديني التي تسيطر عليها احلكومة التركية‪ ،‬وكثير من املتعلمني‬ ‫من أصحاب املراتب الدينية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬متى وصلت هذه الرؤية إلى تركيا؟‬ ‫ في مصر‪ ،‬بدأ اإلخوان املسلمون في اجتاههم الراديكالي بعد انتهاء احلرب العاملية‬‫الثانية مباشرة‪ .‬وكانت مصر أقرب إلى االحتاد السوفياتي من الغرب في ذلك احلني‪،‬‬ ‫وكما تعرف‪ ،‬استعار اإلخوان املسلمون بعض املفاهيم من املاركسية‪ ،‬وأصبحوا أكثر‬ ‫متردا‪ ،‬بل وثورة‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬كانت تركيا حليفة للواليات املتحدة‪ .‬وفي األربعينات‬ ‫من القرن املاضي‪ ،‬لم يكن هناك ما يشبه خطاب اإلخوان املسلمني املصريني في تركيا‪.‬‬ ‫وقد بدأ ينمو هذا اخلطاب في تركيا فقط بعد انقالب عام ‪.1960‬‬

‫ نعم‪ ،‬فيما يتعلق ببنيتهم وطقوسهم‪ .‬وهذا مفهوم متاما‪ .‬إنها حركات تقدم ذاتها‬‫إلى اجلماهير‪ .‬وهي ليست منفتحة على األفكار االستثنائية‪ ،‬بل تبحث عن منط متماثل‬ ‫من األشخاص ومن رؤية العالم‪ .‬وذلك يجعلها أقرب إلى آراء املسلم التركي العادي‪.‬‬

‫ظهر اإلسالم السياسي نتيجة لفترة‬ ‫كانت فيها اآليديولوجيات هي كل‬ ‫شيء‪ .‬وقد منا بعد انقالب عام ‪،1960‬‬ ‫ومعه أيضا حركات آيديولوجية أخرى‬ ‫ترجع إلى الفترة ذاتها‬ ‫«اجمللة»‪:‬إن أقوى جماعة إسالمية في تركيا اليوم هي «فتح اهلل كولن» احملافظة‪،‬‬ ‫التي تعارض اإلسالم السياسي‪ .‬فهل تعد شعبيتها مؤشرا على أن اإلسالم السياسي‬ ‫الراديكالي مجرد حركة عابرة‪ ،‬وأن تركيا تعود من جديد إلى طرقها التقليدية احملافظة؟‬ ‫ ظهر اإلسالم السياسي نتيجة لفترة كانت فيها اآليديولوجيات هي كل شيء‪.‬‬‫وقد منا بعد انقالب عام ‪ ،1960‬ومعه أيضا حركات آيديولوجية أخرى ترجع إلى الفترة‬ ‫ذاتها‪ ،‬مثل االشتراكية والنزعة القومية اليمينية‪ .‬وبعد ‪ 12‬سبتمبر (أيلول) عام ‪1980‬‬ ‫(التدخل العسكري الثالث في تركيا)‪ ،‬سقطت تلك اآليديولوجيات معا‪ .‬ولكن احملافظني‬ ‫اليوم ليسوا كما كانوا قبل عام ‪ .1960‬في الواقع‪ ،‬يوجد شك في كونهم محافظني‬ ‫من األساس‪ .‬انظر إلى حكومة حزب العدالة والتنمية‪ ،‬حيث تطلق على نفسها حكومة‬ ‫حزب «دميقراطي محافظ»‪ .‬إنه شعار جيد‪ ،‬ولكن يتصرف احلزب وكأنه ليس محافظا‬ ‫على اإلطالق‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ينتقد عدد كبير من اإلسالميني الراديكاليني حزب العدالة والتنمية ألنه «خلع‬ ‫قميص (اإلسالم السياسي)» وارتدى ما يشبه عباءة الليبرالية‪ ..‬فهل هذا ما تعيبه‬ ‫عليه؟‬ ‫ أتناول هنا قضية أكبر‪ .‬منذ عام ‪ ،1980‬يتم تفريغ القالب الفكري جلميع احلركات‬‫السياسية الكبرى في تركيا‪ ،‬اليسار واإلسالم السياسي والكماليني‪ .‬إن الصدام احلالي‬ ‫بني حكومة حزب العدالة والتنمية من جهة‪ ،‬والعلمانيني من جهة أخرى‪ ،‬هي معركة‬ ‫تكسير عظام‪ .‬وما يثير قلقي هو أنه يبدو لي أن البالد في حاجة إلى فكرة‪ ،‬وهوية‪ ،‬إذا كان‬ ‫لها أن تتقدم‪ .‬ويتطلب ذلك تفكيرا ونقدا ذاتيا‪ ،‬ولكني ال أرى أيا منهما‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬إذن ما الذي يجب فعله من وجهة نظرك؟‬ ‫ كان عنوان مقال كتبته مؤخرا «ذكر ما نسيناه»‪ .‬إن تركيا دولة تغيرت لغتها بسرعة‬‫لدرجة أن األجيال الشابة جتد صعوبة في فهم لغة حديث الرجل الذي أسسها‪.‬‬ ‫وأصبحت تركيا العثمانية‪ ،‬بسبب إدخال حروف الهجاء الالتينية‪ ،‬دولة أجنبية‪ .‬ما نحتاج‬ ‫إليه هو جهد واع الستعادة املاضي‪ .‬ميكنك أن تعرف إلى أين تذهب‪ ،‬فقط إذا كنت تعرف‬ ‫من أين أتيت‪ .‬بخالف ذلك‪ ،‬كل ما ميكنك فعله هو التحرك في االجتاه الذي تسير فيه الرياح‬ ‫الدولية أو القومية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬كل طريقة دينية لها «سلسلة نسب»‪ ،‬أي شجرة عائلة تنسب في النهاية‬ ‫إلى عصر الرسول‪ .‬فهل هذا نوع من السلسلة غير املكتملة التي تشير إليها في‬ ‫حديثك عن استعادة املاضي؟‬ ‫ إن الصوفية جانب مهم في هذه االستعادة‪ ،‬نعم‪ ،‬ولكنها ليست كافية‪ .‬و«سلسلة‬‫النسب» مفهوم جتده في املدارس الدينية أيضا منذ القرن الثاني عشر وحتى اآلن‪.‬‬ ‫ويوجد مفهوم «اإلجازة» الذي يبدأ بالشخص وينتهي بالوصول إلى الرسول عليه‬ ‫الصالة والسالم‪ .‬ما أقصده هو أن انتقادات اإلسالميني للصوفية وثقافة املدارس الدينية‬ ‫لها منطق واحد‪ .‬ففي كليهما انتقاد للتاريخ اإلسالمي‪ ،‬وأرى أنه من اخلطأ ما اعتقده‬ ‫اإلسالميون األوائل بأن العالم اإلسالمي التقليدي الذي نشأوا فيه لم يكن قادرا على بناء‬ ‫عالم جديد‪ ،‬وبذلك اتخذوا قرارا متعمدا بفصل أنفسهم عن هذه الصالت والفروض‪.‬‬ ‫وعندما تفعل ذلك‪ ،‬كل ما يتبقى لك هو أنت واملصادر‪ .‬وميكنك فيها التأويل كما تشاء‪.‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬احتوى اإلسالم الراديكالي على انتقاد ضمني للفكرة التقليدية بأن الدولة‬ ‫مدافعة عن الدين‪ ،‬مفهوم «الدين والدولة»‪ ،‬فهل هذا هو السبب في استغراقه وقتا‬ ‫طويال لكي يرسخ في تركيا؟‬ ‫ نعم‪ ،‬إلى حد ما‪ .‬ولكن كما أشرت ضمنا‪ ،‬يرجع السبب إلى أن نظرة اإلسالميني‬‫لإلسالم تتصادم مع اإلسالم الذي ميارسه كثير من املسلمني األتراك‪ .‬وقد أصبحت‬ ‫الطرق الصوفية ذات نفوذ في تركيا‪ .‬ويراهم الراديكاليون أسوأ صورة الزدراء الدين‪ .‬ففي‬ ‫تلك الطرق‪ ،‬يتعلق أتباع الطريقة بشيخهم كما في الوثنية‪.‬‬

‫*أجرى احلوار نيكوال بيرش ‪ -‬مراسل حر في تركيا منذ ‪ 8‬سنوات‪ .‬وتنشر كتاباته في‬ ‫مجموعة كبيرة من اإلصدارات من بينها مجلة «تامي» و«وول ستريت جورنال» و«التاميز»‪.‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬هل تقصد أن الطرق الصوفية تشبه اإلسالم الشعبي أكثر من اإلسالم‬ ‫السياسي؟‬

‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 19‬يوليو ‪.2010‬‬

‫‪50‬‬


‫‪Image © Getty Images‬‬

‫ دولة من دون دين ‪ -‬غير مفهومة للمسلمني التقليديني‪ .‬فالدولة عند األتراك بشكل‬‫خاص‪ ،‬منصهرة مع ما ميكن أن نطلق عليه املعنى الروحاني أو الديني‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬كيف ميكن التعبير عن املعنى الروحاني؟‬ ‫ أحد املصطلحات التي ميكن أن جتدها بشكل متكرر في تعامالت البيروقراطيني‬‫العثمانيني هو «الدين والدولة»‪ .‬فاالثنان ال ميكن الفصل بينهما‪ .‬وفي الوقت ذاته‪،‬‬ ‫كان أحد املصطلحات األكثر استخداما بني املثقفني العثمانيني «الدين هو األصل‪،‬‬ ‫والدولة أحد أجزائه»‪ .‬وكانت تلك هي األفكار السائدة بني الناس العاديني وال تزال قائمة‬ ‫حتى اآلن‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬إذن افتقد اإلسالم السياسي لعب دور في تقريب الفجوة آنذاك؟‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫ نعم‪ ،‬بدرجة ما‪ .‬لقد بدأ اإلسالم السياسي ألن حركات احلداثة الواردة من الغرب‬‫أثبتت عجزها عن تقدمي شرعية دينية للتغيير‪ .‬وهذا ما جعل من املمكن حتول العالم‬ ‫اإلسالمي إلى احلداثة‪ ،‬ألن مفاهيم اإلسالم الشائعة لم تكن مالئمة للحداثة‪ ،‬كما كان‬ ‫لها أيضا طابع علماني‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬كيف كان ذلك؟‬ ‫ دعني أضرب لك مثاال ملموسا‪ .‬في السبعينات‪ ،‬كان أحد أشهر الشعارات التي رفعها‬‫اإلسالميون الراديكاليون األتراك‪« :‬القرآن دستورنا»‪ .‬وهو شعار هجني‪ .‬هناك بعض‬ ‫الكلمات أكثر أهمية للمسلمني‪ .‬فكلمة الدستور هي مفهوم رئيسي لفكر سياسي‬ ‫علماني حديث‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫● حوارات‬

‫يرى اإلسالم السياسي نقيضا لإلسالم الشعبي‬

‫إسماعيل كارا‪:‬‬

‫لدى اإلخوان املسلمني نزعة دولية كاملاركسيني‬ ‫نيكوال بيرش‬

‫حتدث البروفسور إسماعيل كارا‪ ،‬أستاذ التاريخ الثقافي التركي في حوار أجرته معه‬ ‫««اجمللة»»‪ ،‬عن عالقة اإلسالم باحلداثة والدولة‪ .‬وتناول كارا اإلسالم السياسي وأصوله‬ ‫وتزايد ظهور اإلسالم في تركيا‪ ،‬وموضوعات أخرى‪.‬‬ ‫ولد إسماعيل كارا‪ ،‬أستاذ التاريخ الثقافي التركي في كلية الدراسات الدينية بجامعة‬ ‫مرمرة في اسطنبول‪ ،‬في ‪ 1955‬في محافظة ريزة التركية ألب يعمل مدرسا دينيا‪ .‬ويعمل‬ ‫كارا محررا فى «ديرغه يانيالري»‪ ،‬وهي إحدى دور النشر التي حتظى باحترام كبير في البالد‪.‬‬ ‫وقد ألف كارا ‪ 14‬كتابا‪ ،‬منها «الفكر اإلسالمي في تركيا»‪ ،‬و«عن اللغة الفلسفية»‪،‬‬ ‫وحديثا «قضية اإلسالم في تركيا اجلمهورية»‪ .‬وقد أدلى كارا بحديث إلى ««اجمللة»» من‬ ‫مكتبه في جامعة مرمرة في اسطنبول‪.‬‬ ‫اسطنبول ‪ 15 -‬يونيو (حزيران) ‪2010‬‬ ‫‪48‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬في الغرب‪ ،‬مييل الناس إلى فهم اإلسالم على أنه اجتاه سياسي‪ ..‬كيف توضح‬ ‫ذلك؟‬ ‫ ميكن رؤية اإلسالم السياسي على أنه نقيض اإلسالم التقليدي‪ ،‬أو اإلسالم الشعبي‪،‬‬‫إلى حد ما‪ .‬في بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬جند أنه كانت هناك حركة املثقفني‪ ،‬وهي نتاج‬ ‫يرجع إلى حد كبير إلى األشخاص الذين تلقوا تعليمهم على النمط الغربي‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬ ‫بدأ هذا االجتاه بالبحث عن السؤال التالي‪« :‬ما نوع العالقة التي يجب أن تكون بني اإلسالم‬ ‫واحلداثة؟»‪ ،‬وكانت هذه هي نقطة البداية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما هي التناقضات األساسية التي كان يراها اإلسالميون األوائل بني اإلسالم‬ ‫واحلداثة؟‬ ‫‪ -‬أعتقد أن ثمة قضية قد ال يفهمها العلماء األوروبيون على نحو كاف‪ .‬ففكرة العلمانية‬


Image © Getty Images

47

2010 ‫ سبتمبر‬،1555 ‫العدد‬


‫● ألف كلمة‬

‫لندن‪7 ،‬يوليو‪:2005 ،‬‬

‫مؤخرة احلافلة التي دُمرت نتيجة النفجار في ميدان تافيستوك أثناء سلسلة‬ ‫من التفجيرات التي استهدفت مترو األنفاق وشبكة احلافالت في لندن‪.‬‬

‫عاهل السعودية امللك عبد اهلل لدى وصوله إلى لبنان مع الرئيس السوري بشار األسد في محاولة‬ ‫لتهدئة العالقات بني البلدين‬ ‫منذ عام ‪ ،2005‬والعالقات السورية – اللبنانية تعاني اضطرابات واضحة‪ ،‬وذلك بسبب الشكوك‬ ‫اللبنانية حول تورط مباشر لعمالء سوريني في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني آنذاك رفيق احلريري‪.‬‬ ‫تنكر القيادة السورية باستمرار مثل هذا التورط‪ ،‬لكن حججها لم تلق آذانا صاغية‪ .‬واآلن بعد‬ ‫مرور خمسة أعوام‪ ،‬وثورة أرز وكثير من املناوشات الدموية‪ ،‬يبدو أن تلك اآلذان بدأت تصغي؛ حيث زار‬ ‫الرئيس السوري بشار األسد بيروت في األسبوع املاضي‪ .‬وجدير بالذكر أن فضال كبيرا في ذلك يعود‬ ‫إلى امللك عبد اهلل‪ ،‬الذي خطط لهذه الزيارة األخيرة‪ .‬التي تساهم – دون شك – في تقوية الوحدة‬ ‫العربية مبا يرسخ شعورا باألمان لدى شعوب املنطقة‪ ،‬مع تعزيز مكانة السعودية في الوقت ذاته‪ .‬‬

‫‪46‬‬



‫● الوضع البشري‬

‫ومرة أخرى‪ ،‬فإن التاريخ يعلمنا أنه عندما تبدأ سحب االستياء في‬ ‫الظهور في سماء دولة مستقلة‪ ،‬ال تصبح االضطرابات السياسية أمرا‬ ‫مستبعدا‪ .‬فاملعاناة االقتصادية تولد العداء االجتماعي‪ ،‬الذي يتحول‬ ‫في أغلب األحوال إلى اضطرابات سياسية‪.‬‬ ‫وقد بدأ بالفعل بعض املواطنني احملبطني في التعبير عن غضبهم‬ ‫من نقص الطاقة في باكستان من خالل تدمير السيارات وغيرها من‬ ‫املمتلكات الشخصية؛ كشكل من أشكال االحتجاج‪ .‬والزمن وحده‬ ‫ميكنه أن يخبرنا إذا ما كان قادة احلكومة سيتمكنون من إخماد نيران‬ ‫الغضب املشتعلة‪ .‬ولكن على أية حال فإن خروج املواطنني للتعبير عن‬ ‫غضبهم عبر تلك الوسائل العنيفة يعد مؤشرا خطرا وفقا ملعايير‬ ‫أي دولة‪ ،‬خاصة إذا كانت هذه الدولة هي باكستان؛ حيث جتد الدولة‬ ‫التي كانت تطاردها طوال الوقت لعنة االختالفات العرقية واالجتماعية‬ ‫نفسها في مواجهة مشهد سياسي مانوي بالتأكيد‪ .‬فبإلقاء نظرة‬ ‫سريعة على املشهد السياسي في باكستان‪ ،‬سوف جند أن السياسة‬ ‫الباكستانية أصبحت مزدوجة على نحو مفاجئ؛ فمن جانب‪ ،‬هناك‬ ‫املواطنون الغاضبون‪ ،‬وعلى اجلانب اآلخر هناك املسؤولون املنتخبون‬ ‫الذين يلقون بالوعود‪ .‬ولكن إذا ما فشل قادة باكستان في تقدمي احللول‪،‬‬ ‫وعلى وجه السرعة‪ ،‬فإن ذلك الغضب الشعبي سرعان ما سيتحول إلى‬ ‫كارثة سياسية‪.‬‬ ‫وسيكون من السهل إسقاط املشكالت التي تواجهها باكستان‬ ‫باعتبارها جزءا من عملية التنمية الشاقة التي ال ميكن جتنبها‪ .‬وليست‬ ‫الدولة بحاجة إال للنظر إلى جارتها الهند‪ ،‬التي رغم أنها حققت‬ ‫معدالت منو قوية خالل العقدين املاضيني فإنها ما زالت تواجه صعوبة‬ ‫في تطوير بنية حتتية تواكب الزيادة في معدالت منوها االقتصادي‬ ‫وزيادة عدد سكانها‪ .‬ومثلها مثل الصني التي وصلت إلى قمة التقدم‬ ‫االقتصادي‪ ،‬إال أنها ما زالت تعاني من تفاقم أزمات البنية التحتية‪.‬‬ ‫ووجه االختالف بني باكستان والهند والصني أو أي دولة من الدول النامية‬ ‫املتوسطة هو أن قوة باكستان ذات األغلبية املسلمة مستهلكة على‬ ‫جبهة دولية‪ .‬فليس خفيا على أحد أن باكستان تعد جبهة حيوية‬ ‫بالنسبة للجيش األميركي وعمليات االستخبارات في أفغانستان‪،‬‬ ‫ووفقا لكثير من التقارير فإن إدارة أوباما قد أحرزت تقدما هائال في‬ ‫استقرار الدولة اإلسالمية التي كانت ترزح حتت وطأة اضطرابات رهيبة‪.‬‬ ‫وميكن ألي غضب محلي يقوم به الباكستانيون احملرومون من الطاقة أن‬ ‫يعرقل ذلك التقدم ويعرقل احلرب التي يقودها التحالف ضد تنظيم‬ ‫القاعدة وحركة طالبان‪ .‬وقد وعدت الواليات املتحدة‪ ،‬التي يبدو أنها‬ ‫تدرك العواقب الوخيمة لألزمة‪ ،‬بتقدمي أكثر من مليار دوالر كمعونة في‬ ‫مجال الطاقة حلليفتها ذات األهمية اخلاصة عبر أنظمة توزيع حديثة‬ ‫باإلضافة إلى مصانع طاقة حرارية ومصانع طاقة هيدروكهربائية‪.‬‬

‫الكوارث الطبيعية‪ ،‬تطال آثار مشكلة‬ ‫نقص الطاقة جميع من يقع في‬ ‫نطاقها اجلغرافي‪ .‬وعلى خالف أي قرارات‬ ‫حكومية مثيرة للجدل‪ ،‬أو تشريع جديد‬ ‫يتم متريره‪ ،‬ستمتد أزمة نقص الطاقة‬ ‫في باكستان إلى اجلميع دون تفرقة‬ ‫وحتى اآلن‪ ،‬ال توجد نهاية واضحة لألزمة‪ ،‬فكلما ازدادت حدة األزمة‪،‬‬ ‫ال يستطيع أحد التكهن بأي من األحزاب أو الفصائل سيهيمن على‬ ‫القضية ويستغلها ملصاحله السياسية‪ .‬ومع ارتفاع درجات احلرارة‬ ‫في الصيف التي تزيد من توتر املواطنني‪ ،‬فإنه من املستحيل التكهن‬ ‫برد فعل املقترعني الغاضبني‪ .‬وأخذا في االعتبار الرياح السياسية‬ ‫واالجتماعية املتغيرة التي كانت تهب على كافة أنحاء البالد في‬ ‫‪44‬‬

‫ا�ستهالك الطاقة يف جنوب �آ�سيا‬ ‫باكستان‬

‫السكان‪177.276.594 :‬‬ ‫الكهرباء‬ ‫اإلجمالي‬ ‫لكل نسمة‬ ‫اإلنتاج‬ ‫‪ 90.8‬مليار كيلووات ساعة (تقديرات ‪ )2007‬مقارنة بدول‬ ‫العالم األخرى‬ ‫‪ 512‬كيلووات ساعة‬ ‫االستهالك‬ ‫‪ 72.2‬مليار كيلووات ساعة (تقديرات ‪ )2007‬مقارنة بدول‬ ‫العالم األخرى‪.‬‬ ‫‪ 407‬كيلووات ساعة‬ ‫صادرات الكهرباء‪ 0 :‬كيلووات ساعة (تقديرات ‪)2008‬‬ ‫واردات الكهرباء‪ 0 :‬كيلووات ساعة (تقديرات ‪)2008‬‬

‫الهند‬

‫عدد السكان‪1.173.108.018 :‬‬ ‫الكهرباء‬ ‫اإلجمالي‬ ‫لكل نسمة‬ ‫اإلنتاج‬ ‫‪ 723.8‬مليار كيلووات ساعة (تقديرات ‪ )2009‬مقارنة بدول‬ ‫العالم األخرى‬ ‫‪ 617‬كيلووات ساعة‬ ‫االستهالك‬ ‫‪ 568‬مليار كيلووات ساعة (تقديرات ‪ )2007‬مقارنة بدول‬ ‫العالم األخرى‬ ‫‪ 484‬كيلووات ساعة‬ ‫صادرات الكهرباء‪ 810 :‬ماليني كيلووات ساعة (تقديرات ‪)2009‬‬ ‫واردات الكهرباء‪ 5.27 :‬مليار كيلووات ساعة (تقديرات ‪)2009‬‬

‫السنوات األخيرة‪ ،‬فإن إثارة أي قدر حتى وإن كان ضئيال من الشكوك‬ ‫حول ذلك الكيان السياسي الهش سيكون كافيا إلثارة مخاوف القادة‬ ‫السياسيني من إسالم آباد إلى واشنطن‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الكهرباء في حد ذاتها ال تعد من السلع االستهالكية‬ ‫األساسية مثل مياه الشرب النظيفة أو الطعام‪ ،‬فإنها أصبحت‬ ‫ضرورية في األنظمة االجتماعية واالقتصادية الصناعية احلديثة‪ .‬وإذا‬ ‫لم تتخذ احلكومة الباكستانية إجراءات سريعة لتوفيرها مبعايير‬ ‫تتوافق مع املعايير املعاصرة‪ ،‬فإن انعكاسات األزمة ستطال كثيرا من‬ ‫قادة الدولة احلاليني‪.‬‬ ‫* أمار تور ‪ -‬صحافي حر ومستشار سابق لوزارة التجارة والزراعة‬ ‫التابعة ملنظمة التنمية والتعاون االقتصادي‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 7‬يوليو ‪.2010‬‬


‫أزمة نقص الطاقة‬ ‫في باكستان‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫تشكل عائقا أمام تأسيس‬ ‫بنية حتتية جديدة وقوية‬

‫على غرار كافة الكوارث الطبيعية‪ ،‬تطال آثار مشكلة‬ ‫نقص الطاقة جميع من يقع في نطاقها اجلغرافي‪.‬‬ ‫وعلى خالف أي قرارات حكومية مثيرة للجدل‪ ،‬أو‬ ‫تشريع جديد يتم متريره‪ ،‬ستمتد أزمة نقص الطاقة‬ ‫في باكستان إلى اجلميع دون تفرقة‪ .‬فعندما يتم‬ ‫حرمان السكان على نطاق واسع من شيء تضطلع‬ ‫احلكومة بتوفيره‪ ،‬ميكن أن يتزايد العداء للحكومة‬ ‫متجاوزا احلدود االجتماعية‪ ،‬أو الثقافية أو العرقية‪.‬‬ ‫أمار تور‬ ‫نقص الطاقة ليس باجلديد على باكستان؛ فطوال معظم العقد املاضي‪،‬‬ ‫كانت الدولة جتابه عجزا هائال في الطاقة‪ ،‬وذلك نظرا لتزايد شراء‬ ‫املستهلك للطاقة بالتزامن مع زيادة الطلب على السلع الكهربائية‪.‬‬ ‫كما أن البنية التحتية غير املالئمة قد ساهمت في استمرار األزمة‬ ‫على مر السنوات‪ ،‬مثلها مثل مساعي الدولة لتقليل اعتمادها على‬ ‫البترول من خالل السعي إلنتاج طاقة هيدروكهربائية‪ .‬ومع اقتراب‬ ‫فصل الصيف جتد الدولة نفسها في مواجهة نقص حقيقي للكهرباء‬ ‫رمبا ميتد تأثيره ليس فقط إلى النواحي االقتصادية واالجتماعية بل إلى‬ ‫البنية السياسية لباكستان كذلك‪.‬‬ ‫ويقدر اخلبراء أن باكستان ما زال ينقصها نحو ‪ 4000‬ميغاوات من‬ ‫احتياجات الطاقة؛ ربع طاقتها اإلنتاجية القصوى‪ .‬وعلى الرغم من أن‬ ‫مشاهدة اإلعالنات أو الرسائل النصية التي تروج للمولدات الكهربائية‬ ‫شائعة في باكستان‪ ،‬فإن مثل تلك األجهزة يتجاوز سعرها في معظم‬ ‫األحيان ميزانية معظم الباكستانيني‪.‬‬ ‫ففي كافة أنحاء البالد‪ ،‬تغلق األسواق واحملال مبكرا‪ ،‬ويسود الظالم‬ ‫املنازل وينفصل قطاع واسع من الباكستانيني عن العالم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن‬ ‫االنعكاسات السلبية لتلك األزمة ليست في حاجة إلى برهان‪ .‬وتشير‬ ‫تقديرات التقرير الذي أصدره املعهد الباكستاني للتنمية االقتصادية‬ ‫الذي صدر عام ‪ 2008‬إلى أن نقص الطاقة ساعد على انخفاض إنتاج‬ ‫مصانع النسيج بنسبة ‪ % 25‬في مقاطعة البنغاب التي يتركز فيها‬ ‫معظم إنتاج املنسوجات‪.‬‬ ‫وفي نفس الوقت‪ ،‬كان اخلطاب الرسمي فيما يتعلق بنقص الطاقة‬ ‫دائما أقوى من اإلجراءات التي تتخذها احلكومة ملعاجلة األزمة فعليا‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ ،2009‬أعلن وزير املياه والطاقة راجا برويز أشرف عن توقعاته‬ ‫بأن حتظى الدولة مبستويات ثابتة من الطاقة بنهاية الصيف‪ ،‬نظرا ألن‬ ‫عددا كبيرا من املنشآت اجلديدة قيد اإلنشاء‪.‬‬ ‫وقال أشرف في ديسمبر (كانون األول) ‪ 2009‬بأنه لن يكون هناك نقص‬ ‫في الكهرباء بحلول صيف ‪ ،2010‬وذلك حيث ستبدأ مصانع الطاقة‬ ‫املستأجرة ومنتجو الطاقة املستقلون في العمل بحلول شهر يونيو‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫(حزيران)‪ .‬وأوضح راجا أن الطلب على الطاقة يتزايد بنسبة ‪ 8‬إلى‬ ‫‪ % 10‬سنويا ومن املتوقع أن يتضاعف خالل عشرة أعوام‪ .‬ويقول‬ ‫أشرف إن حكومة باكستان السابقة لم تضف ميغاوات واحدا إلى‬ ‫النظام وأن النقص في الطاقة تزايد حتى وصل إلى ‪ 3500‬ميغاوات‬ ‫في ‪.2009‬‬ ‫وفي أبريل (نيسان) املاضي‪ ،‬أعلن رئيس الوزراء يوسف رضا جيالني عن‬ ‫سياسة جديدة للطاقة تستهدف احلد من استهالك الفرد للطاقة‪،‬‬ ‫وتتضمن نطاقا واسعا من البدائل مبا في ذلك إضاءة احملال وقاعات‬ ‫الزفاف بالنيون‪.‬‬ ‫ووفقا لتقارير هيئة اإلذاعة البريطانية (بي بي سي)‪ ،‬فإن قادة‬ ‫البالد يبحثون عن مصادر بديلة للطاقة باإلضافة إلى الطاقة‬ ‫الهيدروكهربائية التي تعتمد عليها معظم أنحاء البالد‪ .‬وتشير‬ ‫بعض التقارير إلى أن احلكومة رمبا تتجه إلى الطاقة النووية كأحد‬ ‫البدائل‪.‬‬ ‫كما وعد رئيس الوزراء بأن تبذل احلكومة قصارى جهدها للتغلب‬ ‫على األزمة‪ ،‬مؤكدا أن اإلدارة سوف تتخذ كل اإلجراءات التي متكنها‬ ‫من حتجيم استهالك الطاقة‪ .‬وبناء على تلك اخلطة وحدها‪ ،‬يتمنى‬ ‫املسؤولون أن يوفروا ما يقدر بنحو ‪ 1500‬ميغاوات يوميا‪.‬‬ ‫وكما أكد جيالني بوضوح‪« :‬لقد اتخذنا تلك القرارات من أجل‬ ‫املصلحة القومية»‪ .‬وبالنسبة للمستهلك الباكستاني العادي فإن‬ ‫النتائج لن تكون واضحة حتى تعود الكهرباء‪ ،‬وينتهي انقطاعها‪.‬‬ ‫واألهم من ذلك‪ ،‬أنه باتخاذ جيالني وحكومته ملثل ذلك التوجه‬ ‫العملي واملركزي في التعامل مع مشكلة نقص الطاقة‪ ،‬فإنهما‬ ‫يقران بوضوح مبسؤوليتهما عن األزمة‪ .‬حيث تقع املسؤولية اآلن‬ ‫على عاتق زعماء البالد السياسيني‪ ،‬ليس فقط في توفير الطاقة‪،‬‬ ‫ولكن في بدء العمل على تأسيس بنية حتتية جديدة وقوية في قطاع‬ ‫الطاقة‪ ،‬لكي يوفروا للباكستانيني استقاللية أكبر فيما يتعلق‬ ‫بنمط استهالكهم‪.‬‬ ‫‪43‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫النزاعات السياسية الكبرى‪ ،‬وهو ما يتطلب حتديدا أكثر دقة ملهمة احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية وسلطاتها‪.‬‬ ‫ويستطيع الزمن وحده أن يخبرنا بعواقب القرار املتعلق بجرائم العدوان‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى التسويات التي مت التوصل للقرار عبرها‪ .‬وذلك حيث إن استثناء‬ ‫اجلرائم التي يقترفها مواطنو الدول غير األعضاء باحملكمة اجلنائية الدولية‬ ‫ الواليات املتحدة‪ ،‬والصني‪ ،‬وروسيا على سبيل املثال ‪ -‬سوف يثير االنتقادات‬‫للمحكمة الدولية باستخدام معايير مزدوجة في تطبيق العدالة الدولية‪.‬‬ ‫كما تقلل احلكومات التي حتصل على حصانة سواء في الصراع اإلسرائيلي‬ ‫الفلسطيني على سبيل املثال أو في سريالنكا‪ ،‬من مطالب املساءلة في‬ ‫األماكن األخرى‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تقاوم الصفقة محاوالت األعضاء‬ ‫الدائمني جمللس األمن التابع لألمم املتحدة حتديد نوع قضايا العدوان التي‬ ‫يجب على احملكمة قبولها‪.‬‬ ‫وبالتالي فإنه ليس من الصواب تقييم مؤمتر كمباال على أساس ما حققه‬ ‫بشأن جرائم العدوان فقط‪ ،‬فعلى نفس القدر من األهمية‪ ،‬كان هناك كثير‬ ‫على احملك فيما يتعلق بتعزيز دور احملكمة احلالي‪.‬‬ ‫فخالل النقاشات‪ ،‬كان أعضاء احملكمة اجلنائية الدولية يعملون على تقييم‬ ‫التحديات التي تواجه تطور العدالة الدولية‪ ،‬ومت طرح أفكار جديدة لتقوية‬ ‫احملاكم القومية حتى تتمكن من النظر في القضايا اجلنائية الدولية‬ ‫باإلضافة إلى األسئلة الصعبة املتعلقة بالعالقة بني مالحقة العدالة‬ ‫وجهود حفظ السالم‪ .‬كما ناقشت الدول األعضاء كذلك سبل تعزيز‬ ‫تعاونهم مع احملكمة وللتأكد من أن العدالة ال يتم حتقيقها فقط بل ويتم‬ ‫حتقيقها في األماكن التي ميثل حتقيقها فيها أهمية قصوى وهي اجملتمعات‬ ‫التي اقترفت فيها تلك اجلرائم‪.‬‬ ‫رمبا يكون الكالم سهال وبحاجة إلى تعزيزه باألفعال‪ ،‬ولكن احملكمة تعتمد‬ ‫على الدول كي تعتقل املشتبهني النافذين وتتمكن من تطبيق قراراتها‪،‬‬ ‫ولكن في الوقت الذي ما زالت ترتكب فيه اجلرائم التي تصدم وعي العالم في‬ ‫كثير من األماكن‪ ،‬تعد املناقشات في مؤمتر كمباال بداية طيبة‪ .‬فقد جاء إلى‬ ‫كمباال نحو أربعني دولة حتمل أكثر من ‪ 100‬وعد بتقدمي املزيد من املساعدات‬ ‫للمحكمة‪ .‬وقد رفعت احملكمة اجلنائية الدولية عدد الدول املرحبة بتطبيق‬ ‫عقوبات السجن‪ ،‬باإلضافة إلى املزيد من العروض للمساعدة في حماية‬ ‫الشهود‪ .‬وبالطبع فإن االختبار احلقيقي لتلك الوعود سيكون في مدى‬ ‫التزام تلك الدول بها‪ .‬ولكننا نرى أن ذلك يعني جتديد تلك الدول اللتزامها‬ ‫من خالل دراستها العميقة لعملية تطبيق العدالة الدولية والوعود التي‬ ‫أطلقوها عندما ارتأوا حاجة إلى ذلك‪.‬‬ ‫كما جنح أعضاء احملكمة اجلنائية الدولية ‪ -‬الذين يطلق عليهم «اجلمعية‬ ‫العامة للدول األطراف» ‪ -‬في كمباال كمجتمع من الدول املتحدة في مواجهة‬ ‫احلصانة‪ .‬وقد غرس ذلك اجلدال البذرة إلحياء املناقشات املتعلقة بالتعاون‬ ‫وتشتمل على مساعدة احملكمة في االعتقاالت‪ .‬باإلضافة إلى وضع األساس‬ ‫للتنسيق بني الدول فيما يتعلق بإصالح سيادة القانون الذي يسعى إلى‬ ‫جتهيز احملاكم القومية للنظر في اجلرائم الدولية؛ أي تعزيز القدرة القومية‬ ‫على إقامة احملاكم الدولية للتكامل مع جهود احملكمة اجلنائية الدولية‪.‬‬ ‫ويعتمد الكثير على ما سوف يحدث الحقا؛ حيث إن تلك النوايا الطيبة‬ ‫ميكن أن تترك في كمباال‪ .‬فهناك كثير من التحديات القائمة؛ مثل احلاجة‬ ‫امللحة لوضع استراتيجية إلنهاء احلكم اإلرهابي جليش الرب‪ ،‬واعتقال‬ ‫زعمائه‪ ،‬وهو ما تسعى إليه اجلنائية الدولية منذ ‪ .2005‬وهناك حتديات‬ ‫أخرى في األفق؛ مثل اإلغراء بتجاهل أمر احملكمة باعتقال البشير في ظل‬ ‫اقتراب استفتاء السودان حول االنفصال‪ .‬وتتطلب هذه التحديات وغيرها‬ ‫أن تعزز الدول الزخم الذي جنم عن املؤمتر لتعزيز التزامهم صوب احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية‪.‬‬ ‫ولكي تتأكد احملكمة من حدوث ذلك‪ ،‬فإنها حددت بعض املهام التي يجب‬ ‫إجنازها خالل السنوات السبع التي تفصلها عن تطبيق عملياتها‪ .‬وقد‬ ‫أدى التأخير في احملاكمة األولى ألن تظل حتى اآلن دون حكم‪ .‬كما يجب‬ ‫‪42‬‬

‫حتدي القانون الدويل‬ ‫متت إدانة عمر البشير رئيس السودان الذي حصل على‬ ‫التصنيف الرابع جمللة «فورين بوليسي» في قائمة‬ ‫«أسوأ األسوأ» التي تتضمن ‪ 23‬من أسوأ الطغاة في‬ ‫العالم‪ ،‬من قبل احملكمة اجلنائية الدولية بزعم ارتكابه‬ ‫لثالث مذابح جماعية‪ .‬ويأتي ذلك بعد عام واحد من اتهام‬ ‫احملكمة للزعيم السوداني بتهمة ارتكاب جرائم حرب‬ ‫وجرائم ضد اإلنسانية في دارفور‪.‬‬ ‫وفي خطوة جريئة‪ ،‬زار الرئيس نظيره في دولة تشاد‬ ‫اجملاورة‪ ،‬وهي عضو في احملكمة اجلنائية الدولية‪ ،‬في ‪22‬‬ ‫يوليو (متوز) املاضي‪ ،‬حلضور اجتماع كتلة إقليمية‪ .‬وهي‬ ‫املرة األولى التي يغادر فيها البشير السودان منذ حكم‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية في ‪.2009‬‬ ‫رافضا املشاركة في اعتقال البشير‪ ،‬رحب الرئيس إدريس‬ ‫ديبي بالرئيس السوداني‪ ،‬وذلك بعد تطمينات سابقة‪ ،‬بال‬ ‫شك‪ ،‬بأنه لن يتم املساس به‪ ،‬وفقا للتحليل الذي قدمه‬ ‫مراسل الـ«بي بي سي» جيمس كوبنال‪.‬‬ ‫وفي أعقاب وصول البشير‪ ،‬قال أحمد محمد بشير‪ ،‬وزير‬ ‫األمن والداخلية بتشاد لـ«إيه إف بي»‪ :‬هل هناك دولة‬ ‫سبق وأن قامت باعتقال الرئيس احلاكم لدولة أخرى؟ لن‬ ‫يتم اعتقال البشير في تشاد»‪.‬‬ ‫وقد حدث ذلك التطور املهم في العالقات بني البلدين‬ ‫مباشرة بعد موافقة رئيس تشاد على طرد متمردي حركة‬ ‫العدل واملساواة التي كانت تدعمها لسنوات طويلة‪.‬‬ ‫ونظرا ملقتل ما يقدر بنحو ‪ 300‬ألف سوداني ونزوح ‪2.7‬‬ ‫مليون آخرين‪ ،‬أصبحت احلاجة ملحة حلل ذلك النزاع الذي‬ ‫استمر لسبع سنوات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬حشدت كثير من الدول‬ ‫األفريقية والعربية الغاضبة من احملكمة اجلنائية الدولية‬ ‫التأييد حلكومة البشير‪ ،‬التي كانت في السلطة منذ ‪21‬‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫لقراءة املزيد حول إدانة البشير واجلدال الدائر في احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية‪ ،‬ميكنك الرجوع إلى مدونة باوال ميجيا‬ ‫في ‪ 10.07.20‬بعنوان «عمر البشير والطريق إلى‬ ‫السالم في السودان» على املوقع اإللكتروني‬ ‫‪.www.majalla.com/en‬‬

‫مالقاة التوقعات العالية بشأن العدالة في أعقاب أحداث العنف التي‬ ‫عصفت بكينيا بعد االنتخابات التي أجريت في بداية عام ‪ ،2008‬وهو‬ ‫أحدث التحقيقات التي تعمل عليها احملكمة‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬ال تستطيع‬ ‫احملكمة حتقيق النجاح دون مساعدة الدول األعضاء‪ .‬فإذا مت تفعيل الوعد‬ ‫الذي أطلق في كمباال بتقدمي املشتبه بهم واملسؤولني عن أسوأ اجلرائم‬ ‫التي شهدها العالم إلى العدالة فإنها ستكون قد حققت جناحا يستحق‬ ‫السعي من أجله‪.‬‬ ‫*إليزابيث إيفنسون ‪ -‬املستشار ببرنامج العدالة الدولية مبنظمة‬ ‫«هيومان رايتس ووتش» التي حضرت املؤمتر االستعراضي للمحكمة‬ ‫اجلنائية الدولية الذي عقد في كمباال بأوغندا‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 27‬يوليو ‪.2010‬‬


‫تاريخ القانون‬ ‫‪ :1919‬في أعقاب احلرب العاملية األولى‪،‬‬ ‫تضمنت معاهدة فرساي فقرات‬ ‫صغيرة حول محاكمة مجرمي احلرب‬ ‫مبا في ذلك فيلهلم الثاني ولم‬ ‫تسفر عن شيء في النهاية‪.‬‬ ‫محاكمات‬ ‫ساعدت‬ ‫‪:1945‬‬ ‫نورمبرغ وطوكيو في أعقاب احلرب‬ ‫العاملية الثانية على وضع وتطوير‬ ‫نظام العدالة اجلنائية الدولية‬ ‫رغم أنها كانت غير مخطط لها‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى االتهامات التي وجهت‬ ‫لها بأنها «عدالة املنتصرين»‪.‬‬ ‫‪ :1948‬وضع ميثاق األمم املتحدة‪،‬‬ ‫واإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان في‬ ‫‪ ،1948‬واتفاقية جنيف ‪ 1949‬األساس‬ ‫لوضع تعريفات معترف بها عامليا جلرائم‬ ‫محددة (خاصة املذابح وجرائم احلرب)‪،‬‬ ‫واإلجماع العام على عدم قبول اللجوء‬ ‫إليها‪.‬‬ ‫‪ :1992‬بعد نهاية احلرب الباردة‪ ،‬أنشأ‬ ‫مجلس األمن التابع لألمم املتحدة احملاكمات‬ ‫اجلنائية الدولية ليوغسالفيا سابقا‪ ،‬ورواندا وهما‬ ‫سابقتان بالنسبة للجنائية الدولية‪.‬‬ ‫‪ :1998‬بعد خمسة أسابيع من املفاوضات‪ ،‬أقرت ‪120‬‬ ‫دولة نظام روما‪ ،‬األساس القانوني لتأسيس محكمة‬ ‫دائمة للجرائم الدولية‪ .‬ومبقتضى ذلك النظام‪ ،‬أصبحت‬ ‫احملكمة مخولة بالتحقيق في «اجلرائم األساسية» من‬ ‫املذابح‪ ،‬واجلرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬وجرائم احلرب‪ ،‬وجرائم‬ ‫العدوان (على أن يتم تعريف العدوان الحقا)‪.‬‬ ‫‪ :2002‬بدأ العمل بنظام روما بعد موافقة ‪60‬‬ ‫دولة‪ .‬واآلن أصبحت احملكمة تضم ‪ 111‬عضوا‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن الدول املهمة مثل الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬والصني‪ ،‬وروسيا والهند لم تنضم‬ ‫حتى اآلن‪ .‬وحتى اآلن فتحت احملكمة حتقيقات‬ ‫في أربع قضايا‪ :‬شمال أوغندا‪ ،‬جمهورية‬ ‫الكونغو الدميقراطية‪ ،‬جمهورية أفريقيا‬ ‫الوسطى‪ ،‬ودارفور‪.‬‬ ‫‪ :2009‬بدأت احملكمة األولى للمحكمة‬ ‫اجلنائية الدولية لزعيم امليليشيا بالكونغو‬ ‫توماس لوبانغا‪ .‬وقد وجهت احملكمة‬ ‫اتهامات ألربعة عشر شخصا‪ ،‬ما زال‬ ‫سبعة منهم أحرارا‪ ،‬وتوفي اثنان‪ ،‬فيما مت‬ ‫احتجاز أربعة‪.‬‬ ‫يونيو (حزيران) ‪ :2010‬مت عقد أول مؤمتر‬ ‫استعراضي لنظام روما في كمباال‬ ‫بأوغندا‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪41‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫ال يجب تقييمه على أساس ما حققه بشأن جرائم العدوان‬

‫مؤمتر كمباال يتحدى الطغاة‬ ‫ويعزز دور احملكمة اجلنائية‬

‫ال يجب تقييم جناح مؤمتر احملكمة اجلنائية الدولية الذي عقد في يونيو (حزيران) املاضي بناء على النقاشات املتعلقة بإحالة‬ ‫جرمية العدوان إلى احملكمة وحدها‪ .‬فقد جنح أعضاء احملكمة اجلنائية الدولية في كمباال في‬ ‫الوقوف كمجتمع من الدول املتحدة في مواجهة احلصانة‪ ،‬كما حث ذلك اجلدل على‬ ‫إثارة املناقشات املتعلقة بالتعاون‪ ،‬مبا في ذلك مساعدة احملكمة في االعتقاالت‪.‬‬ ‫فإذا ما مت االلتزام بالتعهدات التي أعلن عنها في كمباال بوضع أولوية لتقدمي‬ ‫املسؤولني عن أسوأ اجلرائم في العالم للمحكمة‪ ،‬فإنه سيكون جناحا‬ ‫يستحق العمل من أجله‪.‬‬ ‫إليزابيث إيفنسون‬ ‫في املؤمتر االستعراضي للمحكمة اجلنائية الدولية الذي عقد خالل الشهر‬ ‫املاضي في كمباال‪ ،‬تصدرت املفاوضات بشأن إضافة جرمية العدوان إلى‬ ‫أجندة احملكمة جدول األعمال‪ .‬فعلى الرغم من وجود قانون جلرائم شن‬ ‫حرب هجومية منذ احلرب العاملية الثانية‪ ،‬فقد أجل نظام روما الذي أنشأ‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية عام ‪ 1998‬كأول محكمة دائمة حملاكمة اجلرائم‬ ‫التي ترتكب ضد اإلنسانية‪ ،‬وجرائم احلرب‪ ،‬واملذابح‪ ،‬القرار بشأن العدوان‬ ‫إلى وقت آخر‪.‬‬ ‫وبعد ذلك باثني عشر عاما‪ ،‬وفي ظل استعداد احملكمة اجلنائية الدولية‬ ‫ألولى محاكماتها‪ ،‬أولى أعضاء احملكمة الذين يبلغ عددهم ‪ 111‬عضوا‬ ‫انتباههم إلى تعزيز احملكمة والصراع العاملي ضد احلصانة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫جرمية العدوان‪ .‬فقد توصلت الدول األعضاء في اللحظة األخيرة التفاق ميهد‬ ‫الطريق إلحالة تلك اجلرمية إلى احملكمة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فلن تنظر احملكمة في وقت قريب في جرائم العدوان؛ حيث‬ ‫حتتاج الصفقة التي مت التوصل إليها إلى موافقة املزيد من الدول‬ ‫األعضاء في احملكمة اجلنائية الدولية الذين لن يعلنوا عن قرارهم‬ ‫قبل عام ‪.2017‬‬ ‫وعلى الرغم من أن ذلك رمبا يبدو تباطؤا فإنه رمبا مينح‬ ‫احملكمة الوقت الذي حتتاج إليه كي تستعد ملواجهة‬ ‫التحديات التي ستفرضها تلك اجلرمية‪ .‬وذلك حيث‬ ‫إن تعريف متى وملاذا وأين ميكن للمحكمة أن تقوم‬ ‫بذلك يعد مهمة صعبة بالفعل‪ ،‬ويتجلى ذلك‬ ‫في االتهامات التي مت توجيهها للمدعي العام‬ ‫للمحكمة الدولية «باستهداف» أفريقيا‪،‬‬ ‫بعدما أصدرت احملكمة اجلنائية الدولية مذكرة‬ ‫اعتقال لعمر البشير رئيس السودان‪ .‬وذلك‬ ‫بغض النظر عن أن ثالثة من بني أربعة قضايا‬ ‫تدرسها احملكمة في ذلك الوقت هي قضايا‬ ‫أحالتها حكومات أفريقية‪.‬‬ ‫كما أن نظر احملكمة في قضايا العدوان‬ ‫سوف يجعل احملكمة تتدخل في كثير من‬

‫‪40‬‬



‫● ثروة األمم‬

‫أسواق‬ ‫االقتصاد احمللي في أفغانستان‬ ‫على الرغم من أن أفغانستان دولة غنية باملوارد الطبيعية‪ ،‬إال أنها‬ ‫تفتقد إلى البنية التحتية الالزمة لالستفادة من تلك املوارد‪ .‬ميكن‬ ‫أن يرجع جزء كبير في ذلك التناقض إلى الظروف الطبيعية‪ ،‬حيث‬ ‫جتعل أرض البالد اجلبلية الوعرة من الصعب تنفيذ شبكات نقل والتي‬ ‫تلزم من أجل اكتشاف مصادرها الهائلة من الغاز الطبيعي والنفط‬ ‫والفحم والنحاس والكثير من املعادن األخرى‪ .‬وبالطبع أحد العناصر‬ ‫الرئيسية الكبرى األخرى التي تعوق تنمية الصادرات في البالد هو عدم‬ ‫االستقرار السياسي والذي أصبح مضطربا بصورة خاصة في األعوام‬ ‫األخيرة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أصبح اقتصاد البالد مقتصرا بصورة كبيرة‬ ‫على الصادرات الزراعية‪ ،‬مما يحرمها من تطوير عمود فقري صناعي قوي‬ ‫ميكنها أن تزدهر اعتمادا عليه‪ .‬ولكن في شهر يونيو (حزيران)‪ ،‬اكتشف‬ ‫فريق من اجليولوجيني ومسؤولني في البنتاغون مخزون هائل من املعادن‪،‬‬ ‫منها احلديد والنحاس والليثيوم‪ ،‬تبلغ قيمتها تريليون دوالر‪ .‬وسريعا‬ ‫ما أشاد املسؤولون باالكتشاف لكونه من املمكن أن يحول الساحة‬ ‫االقتصادية في أفغانستان بصورة كبيرة بتوفير املواد من أجل التوسع‬ ‫محليا والتصدير إلى الدول التي حتتاج املوارد الطبيعية‪ .‬ولكن قبل‬ ‫النظر إلى ما قد يكون عليه اقتصاد البالد‪ ،‬يجدر إلقاء نظرة على‬ ‫موقعه اليوم‪.‬‬

‫الواردات والصادرات وامليزان التجاري‪:‬‬ ‫كما يظهر في الرسم البياني األول‪ ،‬مرت أفغانستان مبرحلة انحفاض‬ ‫غير مفاجئ على اإلطالق في ميزانها التجاري طوال العقد املاضي‪،‬‬ ‫والسبب في ذلك يرجع إلى حد كبير إلى احلرب التي دمرت االقتصاد‬ ‫احمللي‪ ،‬باإلضافة إلى اقتصاد صادرات يعتمد على املنتجات الزراعية وهو‬ ‫ما يعوق النمو‪ .‬ووفقا لألمم املتحدة‪ ،‬انخفضت صادرات أفغانستان‪ ،‬في‬ ‫املتوسط‪ ،‬بنسبة ‪ 16.3‬في املائة سنويا من عام ‪ 2004‬إلى ‪،2008‬‬ ‫بينما ارتفعت الواردات بنسبة ‪ 12.3‬في املائة في غضون الفترة ذاتها‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬تضخم العجز التجاري للبالد بالفعل إلى ‪ 2.5‬مليار‬ ‫دوالر أميركي‪ .‬ووفقا لكتاب احلقائق في السي آي ايه‪ ،‬كان أهم شركاء‬ ‫التصدير بالنسبة ألفغانستان في عام ‪ :2008‬الهند (‪)% 23.5‬‬ ‫وباكستان (‪ )% 17.7‬والواليات املتحدة (‪ )% 16.5‬وطاجيكستان‬ ‫(‪ .)% 12.8‬أما عن الواردات‪ ،‬فقد استقبلت أفغانستان ‪ % 36.8‬من‬ ‫وارداتها من باكستان في عام ‪ ،2008‬و‪ % 9.3‬من الواليات املتحدة‪7.5 ،،‬‬ ‫‪ %‬من أملانيا‪ ،‬و‪ % 6.9‬من الهند‪ .‬وفي احلقيقة هذه الفجوة املتسعة‬ ‫حتديدا هي التي يأمل كثيرون في تقليلها بظهور صناعة تعدين قوية‪.‬‬

‫استثمار رأس املال الثابت‬

‫كما ذكرنا في السابق‪ ،‬يعتمد االقتصاد احلديث في أفغانستان بكثرة‬ ‫على اإلنتاج الزراعي‪ .‬ومن عام ‪ 2002‬إلى عام ‪ ،2006‬ازدادت نسبة‬ ‫االستثمار في إجمالي الناجت احمللي بصورة منتظمة‪ ،‬حتى وصلت إلى‬ ‫ذروتها لتتجاوز ‪ 30‬في املائة في عام ‪ .2007-2006‬ومنذ ذلك احلني‪،‬‬ ‫بدأ تكوين رؤوس األموال الثابتة في تناقص مطرد‪ .‬وبحلول عام ‪-2008‬‬ ‫‪ ،2009‬انخفض االستثمار في رؤوس األموال الثابتة ليصل إلى ‪ 28‬في‬ ‫املائة من إجمالي الناجت احمللي‪ .‬ولعل ما يبعث على األمل هي حقيقة‬ ‫أن غالبية االستثمارات (العامة واخلاصة على حد سواء) مستمرة في‬ ‫االجتاه نحو مشروعات إنشائية ضرورية للغاية‪ .‬وأيضا بدأت نسبة‬ ‫السلع املعمرة مقارنة باإلنشاءات في التساوي تدريجيا في في األعوام‬ ‫األخيرة‪ .‬وعلى الرغم من أن إجمالي االستثمارات ما زال أكبر كثيرا من‬ ‫إحصائيات االستثمار في بداية العقد‪ ،‬إال أن هذا االجتاه نحو الهبوط‬ ‫ما زال يثير القلق ومن املرجح أن يتغير إذا كانت البالد تأمل في تنفيذ‬ ‫مشروعات بنية حتتية طموحة وطويلة املدى مطلوبة للبدء في قطاع‬ ‫التعدين الناشئ‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫القطاع املصرفي احمللي‬ ‫منذ عام ‪ ،2004‬شهدت قيمة الودائع والقروض من وإلى القطاع‬ ‫املصرفي األفغاني ارتفاعا‪ .‬ولكن منذ بداية عام ‪ ،2007‬بدأت القيمة‬ ‫اإلجمالية للودائع في جتاوز القروض التي تقدمها املصارف بدرجة‬ ‫كبيرة‪ .‬وكما يشير البنك الدولي‪ ،‬كانت نسبة ‪ 71‬في املائة من الوادئع‬ ‫في يوليو (متوز) عام ‪ 2009‬بالعمالت األجنبية‪ ،‬على الرغم من أن‬ ‫العمالء بدأوا تدريجيا في وضع املزيد من الودائع بالعملة األفغانية‬ ‫في األعوام األخيرة‪ .‬ولكن ما زالت سوق اإلقراض املقيد نسبيا تشكل‬ ‫عقبة كبيرة أمام التحفيز على تطوير القطاع اخلاص‪ .‬ومن إجل حتفيز‬ ‫ذلك القطاع‪ ،‬أصدرت احلكومة قانون الرهن العقاري وقانون املعامالت‬ ‫املؤمنة في مايو (أيار) ‪ ،2009‬في حني أطلق العديد من املؤسسات‬ ‫غير احلكومية واملنظمات الدولية مبادرات لوضع إطار تنظيمي أكثر‬ ‫استقرارا للمؤسسات املالية‪ .‬ولكن نظرا لبيئة اإلقراض احملدودة نسبيا‪،‬‬ ‫من الواضح أنه يجب متويل صناعة تعدين واسعة النطاق من أعلى إلى‬ ‫أسفل وليس من أسفل إلى أعلى‪.‬‬ ‫إجمالي الواردات والصادرات وامليزان التجاري‬ ‫(مليار دوالر أميركي في العام)‬

‫املصدر‪ :‬كومتريد األمم املتحدة‪.‬‬ ‫نسبة االستثمار في إجمالي الناجت احمللي (إجمالي رأس املال الثابت‪،‬‬ ‫نسبة إجمالي الناجت احمللي)‬

‫املصدر‪ :‬مكتب االحصائيات املركزية‪.‬‬


‫املشترك بني االحتاد األوروبي ومجلس التعاون اخلليجي الصادر‬ ‫في ‪ 14‬يونيو (حزيران) ‪ 2010‬على أن التاريخ يعيد نفسه‪ .‬وكان‬ ‫االجتماع الذي عقد في لوكسمبورغ بني الشيخ محمد صباح‬ ‫السالم الصباح‪ ،‬نائب رئيس وزراء دولة الكويت‪ ،‬والسيد عبد‬ ‫الرحمن بن حمد العطية األمني العام جمللس التعاون اخلليجي‪،‬‬ ‫واملفوضة السامية كاثرين أشتون من االحتاد األوروبي‪ ،‬مليئا‬ ‫بأفضل التصريحات وخاليا من أي إجراءات ملموسة‪ .‬وأعاد البيان‬ ‫اخلتامي املشترك التأكيد على التأييد وإدانة جميع اجملاالت التي‬ ‫تعارضت فيها املصالح تاريخيا ‪ -‬مثل الوضع في العراق والصراع‬ ‫اإلسرائيلي الفلسطيني ‪ -‬و«اجلهود املستمرة» في جميع القضايا‬ ‫التي تتفق فيها مواقفهما‪ ،‬مثل التعاون والتنسيق االقتصاديني‪.‬‬ ‫وإذا كان هذا النقص في التعاون يعكس اختالفا في املواقف‪ ،‬فهو‬ ‫ال يعني بالتأكيد تعارض املصالح‪ .‬ويعد االحتاد األوروبي ومجلس‬ ‫التعاون اخلليجي شريكني اقتصاديني مهمني‪ .‬وفي نهاية عام‬ ‫‪ ،2007‬وصلت أسهم االستثمارات الثنائية املباشرة بني االحتاد‬ ‫األوروبي ومجلس التعاون اخلليجي إلى ما يزيد على ‪ 22‬مليارا و‪27‬‬ ‫مليار يورو بالترتيب‪ .‬وفي عام ‪ ،2008‬جتاوز حجم التبادل التجاري‬ ‫بني املنطقتني ‪ 105‬مليارات يورو‪ .‬وإذا اعتبر مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي دولة‪ ،‬فسيصبح سابع أكبر شريك جتاري لالحتاد األوروبي‬ ‫بعد اليابان مباشرة‪ .‬ويعد االحتاد األوروبي ثاني أكبر شريك جتاري‬ ‫جمللس التعاون اخلليجي‪ ،‬مباشرة بعد اليابان‪ ،‬ولكن بزيادة قدرها‬ ‫‪ 40‬مليار يورو عن الواليات املتحدة في املركز الثالث‪ .‬ونظرا‬ ‫للعقبات التجارية بني املنطقتني‪ ،‬ميكن أن يتوقع املرء زيادة تلك‬ ‫األرقام‪ ،‬واملنفعة االقتصادية احلقيقية التي تتضمنها‪ ،‬فقط من‬ ‫خالل املزيد من التعاون االقتصادي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ندرة األبحاث التي أجريت حول التأثير االقتصادي‬ ‫التفاقية جتارة حرة بني االحتاد األوروبي ومجلس التعاون اخلليجي‪،‬‬

‫العالقات التجارية بني االحتاد‬ ‫الأوروبي وجمل�س التعاون اخلليجي‬ ‫‪ - 1981‬إنشاء مجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬وهو يضم اململكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬واإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬وقطر‪ ،‬وعمان‪،‬‬ ‫والبحرين‪ ،‬والكويت‪.‬‬ ‫‪ - 1989‬عقد اتفاقية التعاون بني مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫واالحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫‪ - 1990‬مفاوضات من أجل اتفاقية التجارة احلرة (لم تنجح)‬ ‫‪ - 1999‬استكمال مفاوضات التجارة احلرة بعد وعد مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي بإقامة احتاد جمركي (مت حتقيق ذلك في ‪.)2003‬‬ ‫‪ - 2002‬إدخال تفويض جتاري أكبر بناء على تقييم أثر االستدامة‪.‬‬ ‫‪ - 2007 - 2002‬اإلسراع بعملية املفاوضات التجارية والتجارة‬ ‫الثنائية الفعلية‪.‬‬ ‫‪ - 2008‬إقامة السوق اخلليجية املشتركة‪.‬‬ ‫‪ - 2009‬اإلعالن عن إقامة اجمللس النقدي‪.‬‬ ‫* جميع البيانات التجارية بإذن من املفوضية األوروبية للتجارة‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫فإن الدراسات احلالية‪ ،‬مثل الدراسة التي أجراها مركز الدراسات‬ ‫السياسية األوروبية في يوليو (متوز) ‪ ،2004‬تثبت أن الوصول إلى‬ ‫مثل ذلك االتفاق بني املنطقتني سيعود بالنفع املتبادل عليهما‪.‬‬ ‫ووفقا لدراسة مركز الدراسات السياسية األوروبية‪ ،‬فإن عقد‬ ‫اتفاقية جتارة حرة بني الكتلتني اإلقليميتني سيعزز من إجمالي‬ ‫الناجت احمللي جمللس التعاون اخلليجي بنسبة ‪ 2.3‬في املائة ولالحتاد‬ ‫األوروبي بنسبة ‪ 0.3‬في املائة‪ .‬ويعني صغر حجم أسواق مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي بالنسبة لالقتصاد األوروبي أن اجمللس سيستفيد‬ ‫بصورة أكبر نسبيا من االحتاد األوروبي من تعزيز العالقات التجارية‪.‬‬ ‫وسيساعد عقد اتفاقية التجارة احلرة أيضا على تقليل عدم‬ ‫التوازن املالي في املنطقتني‪ ،‬بخفض فائض احلساب اجلاري في دول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬مما يؤدي إلى رفع قيمة أسعار عمالت‬ ‫تلك الدول (وهو مجال آخر كان التعاون الثنائي فيه راكدا)‪.‬‬ ‫وفي حني يستفيد مجلس التعاون اخلليجي من عقد اتفاقية جتارة‬ ‫حرة بصورة تزيد نسبيا عن االحتاد األوروبي‪ ،‬من الغريب دون شك‬ ‫أن يعرف املرء أن مجلس التعاون هو الذي يعيق في احلقيقة إمتام‬ ‫تلك املفاوضات‪ .‬في الواقع‪ ،‬تسبب الرفض السعودي في الوقف‬ ‫التدريجي لدعم صادرات النفط‪ ،‬وممانعة املنطقة في السماح‬ ‫بتملك األجانب لشركات محلية في تعطيل عملية املفاوضات‬ ‫املستمرة منذ ‪ 20‬عاما مرة أخرى في ‪ 12‬مايو (أيار) من العام‬ ‫احلالي‪ .‬ولعل ما يثير مزيدا من الدهشة هو أن هذا االجتاه يسير ضد‬ ‫مصلحة مجلس التعاون اخلليجي بشكل مضاعف‪ :‬أوال‪ ،‬بتقييد‬ ‫التجارة؛ وثانيا‪ ،‬بتقوية العيوب الداخلية التي جتعل من الصعب‬ ‫تنفيذ عملية التنويع االقتصادي‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر‪ ،‬سيزيد التخفيف من القيود على امللكية األجنبية‬ ‫من جاذبية املنطقة للمستثمرين األجانب‪ ،‬مما يجلب املزيد من‬ ‫االستثمارات واخلبرة في اقتصاد املنطقة‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬سيرتفع‬ ‫مستوى رفاهية املستهلك بدرجة كبيرة نتيجة لزيادة الواردات (من‬ ‫خالل خفض األسعار وزيادة اخليارات)‪ ،‬بل وستؤدي تلك الزيادة أيضا‬ ‫إلى رفع قيمة سعر الصرف‪ .‬وذلك بدوره سيؤدي إلى إعادة توزيع‬ ‫املوارد الوطنية والتوسع في القطاع غير النفطي‪ .‬مبعنى آخر‪ ،‬ال‬ ‫تقتصر نتيجة حترير التجارة بني االحتاد األوروبي ومجلس التعاون‬ ‫اخلليجي على ارتفاع مستوى الرخاء في دول اجمللس‪ ،‬بل ستسهل‬ ‫أيضا من عملية تطوير استراتيجيات ما بعد النفط وجدواها‪.‬‬ ‫وقد جلبت األعوام العشرون املاضية تغيرات لم تكن واردة حتى‬ ‫بالنسبة لعقول مفكرين عظام أمثال بول كيندي‪ .‬فلم يعد هناك‬ ‫احتاد سوفياتي؛ وأصبح األبطال أشرارا؛ وتفوقت دولة فقيرة ومتخلفة‬ ‫على اليابان كـ«منافس» سياسي واقتصادي رئيسي أمام الغرب‪.‬‬ ‫وعندما يفكر املرء في التغيرات التي حدثت في غضون ‪ 20‬عاما‪،‬‬ ‫يتعجب من حقيقة عدم إجناز شيء في مجاالت تتقابل فيها املصالح‪.‬‬ ‫وفي حني تصعد إمبراطوريات وتسقط أخرى‪ ،‬ال يزال السياسيون‬ ‫غير قادرين على االتفاق على وقف اإلضرار مبصاحلهم‪ .‬وإذا كانت قوة‬ ‫اإلمبراطوريات ال تستمر إلى األبد‪ ،‬فرمبا يظل العناد السياسي‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن منطقة مجلس التعاون اخلليجي هي خامس أكبر‬ ‫سوق تصدير بالنسبة لالحتاد األوروبي‪ ،‬بقيمة ‪ 61.5‬مليار يورو‪،‬‬ ‫تتكون في األساس من صادرات اآلليات الصناعية ووسائل النقل‪.‬‬ ‫أما منطقة االحتاد األوروبي فهي أكبر شريك جتاري بالنسبة جمللس‬ ‫التعاون اخلليجي‪ ،‬بصادرات قيمتها ‪ 30.7‬مليار يورو‪ ،‬أغلبها من‬ ‫الوقود ومشتقاته‪ .‬ويرجع هذا إلى حد ما إلى املزايا التفضيلية‬ ‫في الوصول إلى األسواق مبوجب النظام العام للتفضيالت‪ .‬كما‬ ‫تبلغ قيمة االستثمار املباشر لالحتاد األوروبي في منطقة مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي ‪ 2.5‬مليار يورو‪.‬‬ ‫* دانيال كاباريلي‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 5‬يوليو ‪.2010‬‬ ‫‪37‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫بعد ‪ 22‬عاما على توقيعها بني االحتاد األوروبي ودول مجلس التعاون اخلليجي‬

‫اتفاقية التعاون اإلقتصادي ما تزال متواضعة‬

‫على مدى عشرين عاما واصل مجلس التعاون اخلليجي واالحتاد األوروبي محادثات التعاون االقتصادي بينهما‪ .‬ومع انهيار‬ ‫املفاوضات من جديد في ‪ 12‬مايو (أيار) ‪ ،2010‬تعجب كثيرون من إصرار السياسيني على اإلضرار مبصاحلهم‪ .‬وبعد جناحهما‬ ‫في تعزيز اخلالفات على مدار ‪ 20‬عاما‪ ،‬يبدو أن املنطقتني تواصالن تعنتهما في رفض النمو االقتصادي الكبير والديناميكية‬ ‫التي يجلبها مزيد من التعاون الثنائي‪.‬‬ ‫دانيال كاباريلي‬

‫في عام ‪ ،1988‬كان االحتاد السوفياتي ما زال موجودا‪ ،‬ولم يكن‬ ‫سور برلني قد سقط بعد‪ .‬قبل ذلك بعامني‪ ،‬نشر املؤرخ الكبير‬ ‫بول كيندي كتابا حتت عنوان‪« :‬صعود وسقوط القوى العظمى»‬ ‫متنبئا فيه باستمرار اخلالف بني الواليات املتحدة واالحتاد السوفياتي‬ ‫على مدار قرون مقبلة‪ .‬وفي عام ‪ ،1988‬كان أسامة بن الدن‬ ‫بطال مجاهدا بالنسبة للغرب‪ ،‬حيث كان مسؤوال عن تسديد‬ ‫ضربات قاصمة لإلمبراطورية السوفياتية في أفغانستان‪ .‬ولم‬ ‫تكن الصني في ذلك الوقت ذات أهمية اقتصادية‪ ،‬عندما أشارت‬ ‫أحداث الشغب الشهيرة التي وقعت في ميدان تيانامنني إلى عودة‬ ‫املتشددين املناهضني لإلصالح إلى املكتب السياسي بقوة‪ .‬وفي‬ ‫النهاية‪ ،‬كانت اليابان عام ‪ 1988‬مثل الصني اليوم تهدد السيادة‬ ‫االقتصادية للعالم الغربي‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫على الرغم من أنه يبدو حدثا ضئيال أمام تلك األحداث التاريخية‬ ‫الكبرى‪ ،‬فإن عام ‪ 1988‬شهد أيضا توقيع اتفاقية تعاون بني االحتاد‬ ‫األوروبي ومجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬التي تقضي بتعزيز التعاون‬ ‫االقتصادي والسياسي والتفاوض حول اتفاقية جتارة حرة‪ .‬وبعد‬ ‫مرور ‪ 22‬عاما وانعقاد ‪ 20‬اجتماعا سنويا مشتركا بعد ذلك؛ ال‬ ‫يعرف سوى قلة من اخلبراء االقتصاديني الدوليني ومن مسؤولي‬ ‫االحتاد األوروبي وكبار املسؤولني عن األعمال‪ ،‬ما الذي حققته‬ ‫بالفعل اتفاقية التعاون‪ .‬ويسود شعور عام بأن اتفاقية التعاون‬ ‫بني مجلس التعاون اخلليجي واالحتاد األوروبي تعد منتديا ضخما من‬ ‫أجل إعادة ترديد تفاهات عامة ال معنى لها‪ ،‬ال أكثر وال أقل‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬يؤكد البيان اخلتامي جمللس الوزراء العشرين‬


‫‪ 2008‬على اللجوء إلى خطط حتفيز مالي وإنقاذ مصرفي ضخمة‬ ‫بخمسة أعوام‪ .‬ومنذ عام ‪ ،2007‬وفقا لصندوق النقد الدولي‪ ،‬ارتفع‬ ‫متوسط عجز امليزانية السنوية في اقتصاد الدول املتقدمة بنسبة‬ ‫تزيد على ثمانية أضعاف‪ ،‬ليصل إلى نسبة ‪ 8.4‬في املائة في العام‬ ‫احلالي‪ ،‬بينما من املتوقع أن يرتفع إجمالي الدين العام من نسبة ‪73‬‬ ‫في املائة إلى ‪ 110‬في املائة بحلول عام ‪ .2015‬لقد أثارت نهضة كينز‬ ‫التي يبدو أنها حققت استقرار االقتصاد العاملي ردا عكسيا عنيفا‬ ‫على إجنازاتها‪ ،‬متمثال في عجز مزمن‪ ،‬وتهديد بالتضخم‪ ،‬ومخاوف‬ ‫مستمرة من العجز عن تسديد الديون السيادية‪ .‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫يأمل ديفيد كاميرون‪ ،‬رئيس الوزراء البريطاني احملافظ اجلديد‪ ،‬في أن‬ ‫يخفض العجز في ميزانية بالده من ‪ 8‬في املائة من إجمالي الناجت‬ ‫احمللي إلى ‪ 6‬في املائة عام ‪ ،2015‬من خالل بعض من أكثر السياسات‬ ‫املالية والنقدية صرامة في تاريخ بالده‪.‬‬ ‫ولكن ال حتمل جميع الدول املكبلة بعجز ميزانياتها الطموح ذاته‪.‬‬

‫فقد حاولت إسبانيا على سبيل املثال‪ ،‬وهي تعاني من عجز في‬ ‫امليزانية يبلغ ‪ 11‬في املائة من الدخل القومي‪ ،‬أن تهدئ املستثمرين‬ ‫بتخفيض أجور املوظفني‪ .‬وال يوجد اتفاق على أن االقتصاد العاملي‬ ‫في حالة جيدة تسمح بتحمل مثل هذا العناء املالي‪ .‬من الناحية‬ ‫النظرية‪ ،‬يبث تخفيض العجز ‪ -‬ال سيما إذا مت من خالل تخفيض‬ ‫اإلنفاق بدال من زيادة الضرائب ‪ -‬الثقة في مستقبل االقتصاد على‬ ‫املدى البعيد‪ ،‬وهو ما يشجع املستهلكني وأصحاب األعمال على‬ ‫املزيد من اإلنفاق واالستثمار‪ .‬والنتيجة هي معدالت فائدة منخفضة‬ ‫وزيادة فرص العمل وتوسع االقتصاد‪.‬‬ ‫واملشكلة هي أنه ال يوجد دليل على أن هذا التخفيض في اإلنفاق‬ ‫املالي سيقنع املستثمرين واملستهلكني بإنفاق أموالهم في اقتصاد‬ ‫ما زال يعاني من الضعف في جميع أنحاء العالم‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫حمالت التقشف الصارمة التي تقودها اليونان وأيرلندا‪ ،‬على سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬فإن املستثمرين يستمرون في طلب عالوات مخاطر عالية‬ ‫مقابل ديونها السيادية‪ .‬ومن جانب آخر‪ ،‬يخشى كثير من اخلبراء‬ ‫االقتصاديني أن اإلجراءات العنيفة لتخفيض العجز‪ ،‬مثل تلك التي‬ ‫تؤيدها دول مثل أملانيا‪ ،‬رمبا حتول دون التعافي العاملي الهش بحرمان‬ ‫األسواق من السيولة املطلوبة بشدة‪.‬‬ ‫وفي تورونتو‪ ،‬يبدو أن الرئيس أوباما جنح في إبعاد حملة التقشف‬ ‫التي تتناسب مع اجلميع‪ .‬لقد كان هذا طلبا يتميز بالتحدي‪ ،‬نظرا‬ ‫للوضع املالي حلكومته الذي يُرثى له‪ .‬وينبغي على أوباما أن يثبت‬ ‫اآلن أنه على استعداد لتصحيح العجز املالي املتزايد في أميركا‬ ‫باتخاذ اخلطوات املؤملة التي حددها أورزاغ املغادر ملنصبه‪ ،‬مبجرد أن‬ ‫يستقر وضع االقتصاد األميركي‪ .‬ويعني ذلك تخفيض االستحقاقات‬ ‫املقدسة سياسيا ونفقات الدفاع‪ ،‬التي تبلغ قيمتها‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫فوائد الديون‪ 80 ،‬في املائة من إجمالي اإلنفاق احلكومي‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق باالنضباط املالي‪ ،‬تستطيع واشنطن جتاوزه في سالم؛‬ ‫فعلى الرغم من أن العجز في ميزانية الواليات املتحدة أكبر من عجز‬ ‫منطقة اليورو‪ ،‬فإن دور الدوالر كعملة احتياطي عاملي يبعدها عن‬ ‫احتمالية اإلفالس‪ .‬وفي الوقت الذي تتعرض فيه دول أوروبية كثيرة‬ ‫للخطر الذي وقعت فيه اليونان‪ ،‬يلجأ املستثمرون إلى األوراق املالية‬ ‫األميركية كمالذ آمن‪ .‬وطاملا استمرت رؤية االقتصاد األوروبي ضعيفا‪،‬‬ ‫لن جتد واشنطن مشكلة كبيرة في تسديد عبء ديونها التي حققت‬ ‫رقما قياسيا‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬بفضل املستثمرين األجانب‪ ،‬لم يحدث األمر الذي كان االقتصاديون‬ ‫أمثال أورزاغ يحذرون منه منذ أعوام‪ .‬بل وحتى األدميرال مايك مولني‪،‬‬ ‫رئيس هيئة رؤساء أركان القوات األميركية‪ ،‬وجد جتاهال كبيرا عندما‬ ‫أعلن أن أكبر تهديد لألمن القومي يواجه البالد هو حجم الدين‬ ‫الوطني‪ .‬رمبا تكون أميركا كبيرة على أن تفشل‪ ،‬خاصة أن أوروبا في‬ ‫حالة مؤسفة‪ .‬ورمبا يكون أيضا من املبكر التخلص التدريجي من‬ ‫احملفزات االقتصادية واالنتقال إلى خطة تخفيض العجز املالي‪ .‬ولكن‬ ‫ستتعافى أوروبا في النهاية‪ ،‬وفي حني حترر الصني سياساتها في‬ ‫التبادل التجاري األجنبي ويستمر اقتصادها في التوسع‪ ،‬ستتضاءل‬ ‫سيادة الدوالر‪ .‬وإذا لم تتعامل واشنطن بجدية مع تخفيض العجز‬ ‫في وقت قريب‪ ،‬رمبا جتد نفسها في املوقف ذاته الذي تعاني منه‬ ‫دول مثل اليونان وأيرلندا‪ ،‬حيث لن يواسيها سوى فكرة االستثناء‬ ‫األميركي البالية‪.‬‬

‫* ستيفن غلني ‪ -‬مراسل سابق لـ«نيوزويك»‪ .‬وكان يغطي أخبار‬ ‫آسيا والشرق األوسط لـ«وول ستريت جورنال» على مدار عشر‬ ‫سنوات‪ .‬وهو يقيم حاليا في واشنطن ويعمل صحافيا حرا ومؤلفا‪.‬‬ ‫ويعكف حاليا على تأليف كتابه اجلديد عن عسكرة السياسة‬ ‫اخلارجية األميركية‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 27‬يوليو ‪.2010‬‬

‫‪2010‬‬ ‫أغسطس‪2010‬‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر‬

‫‪35‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫توتر أميركي رغم التأمني النسبي للدوالر‬

‫انقسام «األطلسي» بسبب صراع عجز املوازنات‬ ‫تشير استقالة مدير ميزانية البيت األبيض بيتر أورزاغ إلى التوترات املالية التي تسيطر‬ ‫على واشنطن اليوم‪ .‬وفي حني تضع معظم دول أوروبا جداول عمل مقتصدة في‬ ‫امليزانية‪ ،‬تقاوم الواليات املتحدة حتى اآلن اتخاذ خطوات كبيرة للحد من العجز الهائل‬ ‫في ميزانيتها‪ ،‬والفضل يرجع إلى حد كبير إلى التأمني النسبي لعملتها وأوراقها‬ ‫املالية‪ .‬ولكن في الوقت الذي تتعافى فيه أوروبا وتتحرر فيه الصني اقتصاديا بالتدريج‪،‬‬ ‫رمبا يسفر تردد واشنطن في احلد من ديونها عن نتائج خطيرة على املدى البعيد‪.‬‬ ‫ستيفن غلني‬ ‫تشير استقالة مدير ميزانية البيت األبيض بيتر أورزاغ إلى التوترات‬ ‫املالية التي تسيطر على واشنطن اليوم‪ .‬وفي حني تضع معظم‬ ‫دول أوروبا جداول عمل مقتصدة في امليزانية‪ ،‬تقاوم الواليات املتحدة‬ ‫حتى اآلن اتخاذ خطوات كبيرة للحد من العجز الهائل في ميزانيتها‪،‬‬ ‫والفضل يرجع‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬إلى التأمني النسبي لعملتها وأوراقها‬ ‫املالية‪ .‬ولكن في الوقت الذي تتعافى فيه أوروبا وتتحرر فيه الصني‬ ‫اقتصاديا بالتدريج‪ ،‬رمبا يسفر تردد واشنطن في احلد من ديونها عن‬ ‫نتائج خطيرة على املدى البعيد‪.‬‬ ‫على الرغم من حجم املفاجأة التي تسببت فيها إقالة اجلنرال‬ ‫ستانلي ماكريستال من منصبه كقائد للقوات األميركية في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬فإنه يتضاءل مقارنة بخبر مغادرة مدير ميزانية البيت‬ ‫األبيض بيتر أورزاغ ملنصبه‪ .‬رمبا يكون أورزاغ شخصية مغمورة خارج‬ ‫حدود واشنطن العاصمة‪ ،‬ال سيما لدى مقارنته مباكريستال املتباهي‪،‬‬ ‫ولكن يعطي خروجه من البيت األبيض مؤشرات على نتائج مهمة‬ ‫في اقتصاد عاملي منقسم بني أتباع كينز (نسبة إلى رجل االقتصاد‬ ‫اإلجنليزي جون مينارد كينز صاحب النظرية العامة في التشغيل‬ ‫والفائدة والنقود) من جانب‪ ،‬وخبراء النقد أصحاب القبضة الشديدة‬ ‫من جانب آخر‪.‬‬ ‫ووفقا لتقارير صحافية‪ ،‬قدم أورزاغ استقالته بسبب شعوره باإلحباط‬ ‫من عدم رغبة زمالئه في حل مشكلة العجز املالي الهائل في أميركا‪،‬‬ ‫الذي يقدر بنسبة تزيد على ‪ 11‬في املائة من إجمالي الناجت احمللي‪.‬‬ ‫وعلى وجه التحديد‪ ،‬قدم أورزاغ التماسا بزيادة الضرائب باإلضافة‬ ‫إلى تخفيض اإلنفاق من أجل تصحيح وضع احلسابات العامة املثقلة‬ ‫بالديون‪ ،‬وهو االقتراح الذي عارضه مساعدو أوباما السياسيون حيث‬ ‫جتري انتخابات التجديد النصفي بعد أربعة أشهر فقط‪ .‬ولم يعتقد‬ ‫أورزاغ‪ ،‬اخلبير االقتصادي الذي تلقى تعليمه في جامعة برنستاون وهو‬ ‫تلميذ روبرت روبني‪ ،‬وزير املالية القوي في عهد كلينتون‪ ،‬أن اللجنة‬ ‫املكونة من احلزبني التي كلفها أوباما بوضع خطة لتقليل عجز‬ ‫امليزانية ستثمر شيئا مفيدا؛ حيث إن قادة احلزب اجلمهوري أوضحوا‬ ‫أنهم سيعارضون أية خطة تتضمن زيادة الضرائب‪.‬‬ ‫ورمبا تتجاوز اآلثار املترتبة على خسارة أورزاغ للمعركة ما وراء الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬حيث تعهد زعماء العالم بتقليل عجز ميزانياتهم الذي وصل‬ ‫إلى أرقام قياسية من خالل سياسات شد احلزام‪ .‬وفي اجتماع قمة‬ ‫الدول العشرين الذي عقد مؤخرا في تورونتو‪ ،‬اتفقت الدول األعضاء‬ ‫على التوصل إلى حل ميكنه أن يقلل من عجز امليزانيات إلى النصف‬ ‫بحلول عام ‪ ،2013‬أي بعد أن أجبرتهم األزمة املالية العاملية عام‬ ‫‪34‬‬


‫و«آسيان» في فقدان املُصدرين التايوانيني القدرة التنافسية‬ ‫أمام دول «آسيان»‪ .‬وبذلك توجد منافع اقتصادية واضحة‬ ‫لتايوان فيما يتعلق باتفاقيتها اخلاصة‪.‬‬ ‫ولكن تظل االتفاقية مثيرة للجدل في الغالب ألسباب سياسية‪.‬‬ ‫ويقول حزب املعارضة األساسي الدميقراطي التقدمي أن‬ ‫االتفاقية اإلطارية للتعاون االقتصادي ستسرع من زيادة اعتماد‬ ‫اجلزيرة االقتصادي على الصني‪ ،‬وبذلك يثير مخاوف من مخاطر‬ ‫خسارة تايوان الستقاللها الفعلي‪ .‬وتعد تلك الرؤية الرسمية‬ ‫سياسية إلى حد ما؛ حيث يريد احلزب تصوير إقامة السيد‬ ‫ما يينغ جيو عالقات ودية عبر املضيق على أنها متثل خطورة‬ ‫لسيادة اجلزيرة من أجل تقوية قاعدة مؤيدي احلزب األساسية‪،‬‬ ‫ولكن ازدادت الروابط االقتصادية بوضوح أثناء فترة حكم احلزب‬ ‫الدميقراطي التقدمي (ما بني عامي ‪ 2000‬و‪ .)2008‬وبالتأكيد‬ ‫توجد أسباب وراء مثل تلك اخملاوف‪ .‬من املرجح أن يكون البر‬ ‫الصيني كرميا‪ ،‬ألنه يعتقد أن تزايد اعتماد تايوان على السوق‬ ‫الصينية سيمنح البر الصيني تدريجيا نفوذا أكبر على األحزاب‬ ‫السياسية والناخبني في تايوان في املستقبل‪ .‬وبالفعل‪ ،‬تشير‬ ‫استطالعات الرأي إلى أن أغلبية الناخبني التايوانيني يعتقدون‬ ‫أن التكامل االقتصادي عبر املضيق ضروريا إذا لم ترغب تايوان‬ ‫في أن تكون مهمشة دوليا‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬لن يتمكن احلزب‬ ‫الدميقراطي التقدمي بالفعل من استخدام بطاقة السيادة ضد‬ ‫حزب كومينتاغ احلاكم‪ ،‬بسبب حقيقة وجود ضغوط حالية داخل‬ ‫احلزب الدميقراطي التقدمي على قيادته من أجل تبني اجتاه أكثر‬ ‫نفعية في العالقات عبر املضيق‪ ،‬على الرغم من أن الكثيرين في‬ ‫احلزب املعارض الرئيسي ال يعتقدون أن االتفاقية ستقدم عالجا‬ ‫شامال ملشاكل تايوان االقتصادية كما أشار احلزب احلاكم‪.‬‬ ‫ومن املرجح أن يستمر التقارب عبر املضيق في خالل األعوام‬ ‫الثالثة املقبلة‪ .‬وعلى الرغم من أداء احلزب الدميقراطي التقدمي‬ ‫اجليد في سلسلة من االنتخابات الفرعية واحمللية في الشهور‬ ‫األخيرة‪ ،‬فإن احلزب احلاكم سيظل محتفظا بسلطته في كل‬ ‫من البرملان والرئاسة حتى عام ‪ .2012‬وقد أخفقت املظاهرات‬ ‫األخيرة التي نظمها احلزب الدميقراطي التقدمي إلظهار‬ ‫معارضته لالتفاقية في العثور على تأييد قاعدة احلزب األساسية‪،‬‬ ‫وبذلك ستجعل مثل تلك التحركات قضية االتفاقية في محور‬ ‫اهتمام وسائل اإلعالم احمللية‪ .‬وتهتم احلكومة التايوانية بصورة‬ ‫خاصة مبخاوف املزارعني‪ ،‬الذين سيواجهون خسائر أمام القطاع‬ ‫الزراعي الصيني األكثر قدرة على املنافسة‪ .‬وبذلك أكد احلزب‬ ‫احلاكم بالفعل على أنه لن يقبل بزيادة أعداد الصادرات الزراعية‬ ‫الصينية املسموح بدخولها تايوان‪ .‬وأشار أيضا إلى أنه لن يكون‬ ‫هناك تغيير في احلظر على السماح بدخول عمال صينيني إلى‬ ‫اجلزيرة (وهو مصدر قلق آخر لدى الناخبني بأن العمالة الصينية‬ ‫زهيدة األجر ستغمر السوق)‪.‬‬ ‫وتظل الدوافع السياسية للصني مصدر قلق في تايوان‪ ،‬ولكن من‬ ‫املرجح أن يستمر اجتاه الدول التي تسعى إلى عقد اتفاقيات جتارة‬ ‫حرة ثنائية أو إقليمية‪ ،‬نظرا لفشل منظمة التجارة العاملية في‬ ‫حتقيق جولة أخرى من التحرير التجاري‪ .‬وتسمح تلك االتفاقيات‬ ‫التجارية الثنائية واإلقليمية أيضا للدول املوقعة بزيادة تركيز‬ ‫جهودها على االستثمار واخلدمات بصورة أكبر مما كانت عليه في‬ ‫ظل منظمة التجارة العاملية‪ .‬ومن املرجح أن يستمر هذا االجتاه‬ ‫أيضا‪ ،‬خاصة حيث تسعى الدول منفردة أو التكتالت التجارية‬ ‫لتعزيز وجودها كمراكز مالية و‪/‬أو خدمية (كما في حالة تايوان‬ ‫وكوريا اجلنوبية وكثير من دول مجلس التعاون اخلليجي)‪.‬‬ ‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫* كيل دوسانيه ‪ -‬كبير اخلبراء االقتصاديني ومدير احملللني في‬ ‫إدارة خدمات مخاطر الدول لشؤون آسيا وأستراليا في وحدة‬ ‫معلومات الـ«إيكونومست»‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 20‬يوليو ‪.2010‬‬ ‫‪33‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫يبشر توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي بني الصني وتايوان‬ ‫في ‪ 29‬يونيو (حزيران) ‪ 2010‬ببداية مرحلة جديدة من‬ ‫العالقات عبر املضيق والتكامل االقتصادي اآلسيوي‪ .‬ولكن‬ ‫ال متر تلك االتفاقية دون شكوك سياسية‪ ،‬على األقل من‬ ‫جانب تايوان‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬على الرغم من أن االتفاقية حتقق‬ ‫مميزات واضحة (وكبيرة) لتايوان‪ ،‬فإن مسألة االستقالل ما‬ ‫زالت حتوم حول مستقبل اجلزيرة‪.‬‬ ‫كيل دوسانيه‬

‫يبشر توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي بني الصني وتايوان في ‪29‬‬ ‫يونيو (حزيران) ‪ 2010‬ببداية مرحلة جديدة من العالقات عبر‬ ‫املضيق والتكامل االقتصادي اآلسيوي‪ .‬ولكن ال متر تلك االتفاقية‬ ‫دون شكوك سياسية‪ ،‬على األقل من جانب تايوان‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬ ‫على الرغم من أن االتفاقية حتقق مميزات واضحة (وكبيرة)‬ ‫لتايوان‪ ،‬فإن مسألة االستقالل ما زالت حتوم حول مستقبل‬ ‫اجلزيرة‪.‬‬ ‫في ‪ 29‬يونيو ‪ ،2010‬وقعت تايوان والصني اتفاقية ثنائية‬ ‫تاريخية متهد الطريق إلقامة عالقات اقتصادية وثيقة عبر‬ ‫املضيق‪ .‬وتضع االتفاقية اإلطارية للتعاون االقتصادي مجموعة‬ ‫عامة من اإلرشادات من أجل الترتيبات املستقبلية املتعلقة‬ ‫بتجارة السلع وروابط جتارية أكثر شموال‪ .‬ولكنها ليست‬ ‫اتفاقية جتارة حرة حقيقية‪ .‬منذ أن تولى ما يينغ جيو رئاسة‬ ‫تايوان عام ‪ ،2008‬مت بالفعل تنفيذ مجموعة من اإلجراءات‬ ‫التحررية‪ ،‬منها تخفيف القواعد املطبقة على اخلطوط اجلوية‪،‬‬ ‫دون احلاجة إلى اتفاقية إطارية للتعاون االقتصادي‪ ،‬وبهذا‬ ‫يشكك بعض الناخبني احملليني املعارضني لالتفاقية في احلاجة‬ ‫إليها‪ .‬ولكن تساعد االتفاقية على إضفاء صفة رسمية على‬ ‫الصالت التجارية املزدهرة بالفعل‪ .‬وقد قال السيد ما يينغ إنها‬ ‫سترسل بإشارة دبلوماسية إيجابية إلى دول أخرى ما زالت حتى‬ ‫اآلن متانع توقيع اتفاقيات جتارية مع تايوان‪ ،‬متعللة مبخاوف من‬ ‫أنها قد تزعج الصني‪ .‬ومع حدوث تقدم في مفاوضات االتفاقية‬ ‫اإلطارية للتعاون االقتصادي‪ ،‬سيتوسع الطرفان في نطاق السلع‬ ‫التي تتمتع بتخفيض أو إلغاء التعريفات اجلمركية‪ ،‬وستضيفان‬ ‫مجاالت تتعلق باخلدمات واالستثمار وفض املنازعات‪.‬‬ ‫ومت االنتهاء من قائمة «احلصاد املبكر» ‪ -‬وهي القائمة األولية‬ ‫من السلع التي ستتمتع بالتخفيض اجلمركي ‪ -‬في شهر يونيو‬ ‫لصالح تايوان‪ .‬وسوف تتمتع اجلزيرة بتخفيضات وإعفاءات‬ ‫جمركية على ‪ 539‬سلعة تصدرها إلى الصني‪ ،‬كانت تبلغ‬ ‫قيمتها عام ‪ 2009‬نحو ‪ 13.8‬مليار دوالر أميركي (فيما متثل‬ ‫هذه القيمة ‪ 16.1‬في املائة من قيمة صادرات اجلزيرة عبر‬ ‫املضيق)‪ .‬بينما تشهد الصني تخفيضات جمركية على ‪267‬‬ ‫سلعة تصدرها إلى اجلزيرة‪ ،‬وصلت قيمتها إلى ‪ 2.9‬مليار‬ ‫دوالر أميركي في العام املاضي (وهي متثل ‪ 10.5‬في املائة من‬ ‫صادرات البر الصيني الرئيسي عبر املضيق)‪ .‬ويعكس االنحياز‬ ‫لصالح تايوان عنصرين أساسيني‪ :‬أوال‪ ،‬تعتمد تايوان بصورة‬ ‫أكبر على البر الصيني كسوق تصديرية بدال من العكس‪ .‬ثانيا‪،‬‬ ‫يتضح أنه من املأمول أن تساعد االتفاقية التي تعمل لصالح‬ ‫تايوان حكومة اجلزيرة على جتنب االنتقادات احمللية لالتفاقية‪.‬‬ ‫وقد أعلنت حكومة تايوان أيضا زيادة احلاجة إلى مثل تلك‬ ‫االتفاقية منذ أن بدأ تنفيذ اتفاقية جتارة حرة بني الصني واحتاد‬ ‫دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في يناير (كانون الثاني) ‪.2010‬‬ ‫وقد تسببت التخفيضات أو اإلعفاءات اجلمركية التي طبقت‬ ‫على مجموعة من السلع في اتفاقية التجارة احلرة بني الصني‬ ‫‪32‬‬

‫تبشر بتكامل اقتصادي‬ ‫على مستوى آسيا‬

‫اتفاقية الصني وتايوان‬ ‫تتأثر بقضية االستقالل‬


‫أجبرت دول مثل الكويت على وضع أولوية للطاقة قبل اإلنتاج الصناعي‪.‬‬ ‫وكانت النتيجة هي أن دول مجلس التعاون اخلليجي أصبحت تعاني من‬ ‫ضغوط شديدة للبحث عن مورد جديد للطاقة سريعا؛ ألن إيران وقطر لن‬ ‫يكون لديهما فائض من الغاز لتصديره على املدى القصير‪.‬‬ ‫في بداية العام احلالي‪ ،‬خصصت قطر إمدادات أحد أحدث مشروعي غاز‬ ‫غير مخصصني لديها لتلبية الطلب احمللي‪ .‬ويساوي ذلك نحو ‪ 17‬في املائة‬ ‫من إنتاجها السنوي وأكثر من إنتاج الكويت أو البحرين من الغاز في عام‬ ‫‪ .2009‬ولن يدخل املشروع املتبقي في خط اإلنتاج قبل عام ‪ ،2015‬بينما‬ ‫من املتوقع أن يظل قرار توقيف االستكشافات اجلديدة في حيز التنفيذ على‬ ‫األقل حتى يحل هذا املوعد‪.‬‬ ‫وتتصل قطر‪ ،‬التي تعالج ثالثة أرباع إنتاجها من الغاز من أجل تصديره كغاز‬ ‫طبيعي ُمسال مبوجب عقود طويلة املدى‪ ،‬عبر خط أنابيب‪ ،‬باإلمارات وعمان‬ ‫من خالل «مشروع دولفني» في صفقة سياسية إجبارية‪ .‬وقد مت االنتهاء‬ ‫منه عام ‪ .2007‬وفي الواقع‪ ،‬تدعم قطر النمو الصناعي جليرانها بقبول ربع‬ ‫القيمة السوقية مقابل الغاز‪.‬‬

‫ن�صيب الأ�سد‬ ‫تتركز نسبة ‪ % 23‬من االحتياطي العاملي للغاز في منطقة مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي‬ ‫تقسيم احتياطي الغاز في منطقة مجلس التعاون اخلليجي (األرقام‬ ‫مبليار متر مكعب)‬ ‫قطر ‪25.260 -‬‬ ‫الكويت ‪17.948 -‬‬ ‫السعودية ‪7.319 -‬‬ ‫اإلمارات ‪6.071 -‬‬ ‫عمان ‪850 -‬‬ ‫البحرين ‪92 -‬‬ ‫اإلجمالي ‪ 41.39 -‬تريليون متر مكعب‬

‫وقد أحبط مشروع مماثل كان سيصل قطر بالبحرين والكويت عبر أنابيب‬ ‫عام ‪ ،2006‬عندما منعت السعودية استخدام مياهها اإلقليمية‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك احلني‪ ،‬أصيبت قطر باإلحباط ملعارضة جيرانها تسديد ثمن الغاز‬ ‫الصادر منها‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إليران‪ ،‬فقد وقّعت في الشهر املاضي عقد تصدير غاز مدته‬ ‫‪ 25‬عاما مع باكستان‪ ،‬لتصدير ما يقرب من ‪ 60‬في املائة من إنتاج الكويت‬ ‫أو البحرين‪ .‬ويجعل الطلب احمللي لديها والعقوبات من غير املرجح عقد‬ ‫صفقات تصدير إضافية كبرى على مدار األعوام املقبلة‪.‬‬ ‫ولم تتوقف اجلمهورية اإلسالمية‪ ،‬التي تصدر غازا إلى تركيا أقل مما تستورده‬ ‫من دول آسيا الوسطى‪ ،‬على اإلطالق‪ ،‬عن املفاوضات مع جميع دول مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي‪ ،‬فيما عدا السعودية‪ .‬ولكن عرقلت اخلالفات السياسية‬ ‫اجلغرافية والسعر جميع املفاوضات من جديد‪ .‬وفي الوقت احلالي‪ ،‬تقترب‬ ‫اإلمارات والكويت من توقيع اتفاق مع طهران‪ ،‬ولكن كان يتم اإلعالن عن‬ ‫تصريحات مماثلة في املاضي‪.‬‬ ‫وفي احلقيقة‪ ،‬يعمل مجلس التعاون اخلليجي على رسم خطط‬ ‫للطوارئ للتعامل مع أي نقص في الطاقة في املستقبل‪ .‬وتريد‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة واململكة العربية السعودية بناء أسطول‬ ‫نووي‪ .‬وتتحول عمان إلى استخدام الفحم‪ .‬بينما تريد كل من‬ ‫البحرين والكويت حصة من الطاقة النووية من جيرانهما‪ ،‬كما‬ ‫ستلجآن إلى واردات الغاز الطبيعي املُسال‪ ،‬إضافة إلى أن جميع‬ ‫تلك الدول تستثمر في مجال الطاقة املتجددة إلى حد ما‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن ذلك‪ ،‬فإن بدائل الغاز القطري واإليراني أعلى‬ ‫تكلفة وتستغرق مزيدا من الوقت لتطويرها‪ .‬وسيكون على‬ ‫املنطقة أن تخطط ملدة عقد على األقل الرتفاع تكاليف الطاقة‪،‬‬ ‫سواء كان السبب هو استهالك مزيد من النفط بدال من تصديره‬ ‫(ألن إنتاج النفط ينخفض مع انخفاض كمية الغاز املستخدم‬ ‫في زيادة معدالت استخالص النفط)‪ ،‬أو كان السبب ارتفاع تكلفة‬ ‫إمدادات الطاقة األخرى عن الغاز الطبيعي‪.‬‬ ‫والسؤال املطروح‪ :‬كيف سيكون رد فعل احلكومات؟ يهدد تقدمي املزيد من‬ ‫الدعم للسعر باستنزاف ال ميكن تبريره في ميزانية اإلنفاق العام املفرط‬ ‫السخاء‪ ،‬مع إلغاء جميع احلوافز املقدمة إلنتاج املزيد من الغاز الطبيعي‪.‬‬ ‫واألهم من ذلك هو أنه سيؤدي بالتأكيد إلى زيادة في طلب الغاز‪ ،‬كما هو‬ ‫احلال حتى اآلن‪ ،‬مما يفاقم أزمة الطاقة‪ .‬ولكن تعد اخملاطر السياسية لتقليل‬ ‫التكاليف هائلة‪ ،‬وقد تفقد الصناعات احمللية ميزتها التنافسية األساسية‬ ‫على املستوى الدولي‪ .‬ولكن في النهاية يصبح األمر مسألة وقت‪ ،‬قبل أن‬ ‫تصبح تكاليف الطاقة قضية سياسية واقتصادية تتطلب توازنا حذرا‪.‬‬ ‫ماذا ستفعل حكومات دول مجلس التعاون اخلليجي بشأن العجز املتزايد‬ ‫الذي سيكون عليها تسديده للحفاظ على منوها االقتصادي القائم على‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫تشير املناطق ذات اللون األحمر إلى حقول الغاز الكبرى في منطقة‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي‪.‬‬ ‫* املصدر‪ :‬سي إس‪.‬‬ ‫الطاقة زهيدة الثمن؟ أليس استيراد الغاز من قطر وإيران أقل سعرا‪ ،‬حتى‬ ‫بأعلى سعر لهما‪ ،‬من أية خيارات أخرى متاحة؟ ما زال على دول مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي املتعطشة للغاز أن تلبي الطلب املستقبلي من الطاقة‪،‬‬ ‫وسيكون عليها اللجوء إلى بدائل أعلى تكلفة‪ ،‬مثل الطاقة املتجددة أو‬ ‫استيراد الغاز الطبيعي املُسال بأسعار أعلى من تلك التي ترغب إيران وقطر‬ ‫في التفاوض حولها‪.‬‬ ‫وحتى في حالة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬التي ما زالت متلك احتياطيا غير‬ ‫مستغل من الغاز احلامضي‪ ،‬من املرجح أن تكون تكاليف تطوير مشاريع‬ ‫جديدة باهظة الثمن مثل استيراده من الدول اجملاورة‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬في‬ ‫بداية العام احلالي‪ ،‬انسحبت شركة «كونكوفيليبس» من عقد غاز‬ ‫حامضي قيمته ‪ 12‬مليار دوالر بسبب مخاوف من أن األسعار االستهالكية‬ ‫والصناعية املدعمة في اإلمارات ستقلل من األرباح‪.‬‬ ‫وهكذا ال ميكن جتنب التكاليف اإلضافية‪ ،‬على األقل على املدى القريب‪.‬‬ ‫وأقل دول املنطقة املعرضة لهذا اخلطر هي اململكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫وذلك بفضل سعة إنتاجها الهائلة لفائض النفط مما مينحها بعض املرونة‬ ‫في خياراتها‪ .‬ولكن على الرياض أيضا أن توضح أسباب جلوئها إلى حرق‬ ‫إنتاجها املربح من النفط لتوليد طاقة مدعمة مع تكبد خسارة فادحة‪.‬‬

‫* أندريا كاال ‪ -‬صحفي مستقل مقيم مبدريد‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 14‬يوليو ‪.2010‬‬ ‫‪31‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫يهدد منو دول مجلس التعاون اخلليجي‬

‫نفاد الطاقة زهيدة الثمن‬

‫توشك معظم دول مجلس التعاون اخلليجي على فقدان خياراتها من أجل االستمرار في إمداد اقتصادها املتنامي باملزيد من‬ ‫الغاز زهيد الثمن‪ .‬أوضح اخليارات املتاحة هي قطر وإيران‪ ،‬ولكن يقوض السعر والسياسة أية فرصة في التفاوض حول كميات‬ ‫كبيرة من اإلمدادات على املدى القصير‪ .‬ويشير هذا حتما إلى ارتفاع تكاليف الطاقة ويستدعي تخطيطا حذرا في املستقبل‪.‬‬ ‫أندريا كاال‬ ‫توشك معظم دول مجلس التعاون اخلليجي على فقدان خياراتها من أجل‬ ‫االستمرار في إمداد اقتصادها املتنامي باملزيد من الغاز زهيد الثمن‪ .‬أوضح‬ ‫اخليارات املتاحة هي قطر وإيران‪ .‬ولكن يقوض السعر والسياسة أية فرصة‬ ‫في التفاوض حول كميات كبيرة من اإلمدادات على املدى القصير‪ .‬ويشير‬ ‫هذا حتما إلى ارتفاع تكاليف الطاقة ويستدعي تخطيطا حذرا في‬ ‫املستقبل‪.‬‬ ‫يواجه بعض أكبر منتجي النفط في العالم و يجمعهم‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي ارتفاع تكاليف الطاقة في‬ ‫املستقبل‪ ،‬حيث بدأت ندرة الغاز الطبيعي زهيد الثمن‪،‬‬ ‫وسوف يتعني استخدام البدائل األغلى سعرا لتوفير‬ ‫الوقود للنمو االقتصادي الشره في املنطقة‪.‬‬ ‫ال يتوقف األمر على صعوبة احلصول على‬ ‫الغاز‪ ،‬بل في احلقيقة‪ ،‬متلك املنطقة نسبة‬ ‫كبيرة من اإلنتاج واخملزون العاملي‪ .‬ولكن لم‬ ‫تلب زيادة اإلنتاج اإلقليمي‪ ،‬التي وصلت‬ ‫إلى سبعة أضعاف على مدار ‪ 25‬عاما‪،‬‬ ‫النمو املتزايد أيضا في الطلب لتنفيذ‬ ‫عقود تصدير الغاز طويلة املدى‪ ،‬وتعزيز‬ ‫سبل احلصول على النفط‪ ،‬ودعم‬ ‫توليد الطاقة‪ ،‬وبناء سعة صناعية‬ ‫بتروكيماوية ضخمة‪.‬‬ ‫ومن املؤكد في الوقت احلالي أن مجموعة‬ ‫من القرارات االقتصادية واجلغرافية‬ ‫السياسية قد اتخذت لتحرم في النهاية‬ ‫كال من اململكة العربية السعودية‬ ‫والكويت وعمان والبحرين واإلمارات‬ ‫العربية املتحدة من احلصول على إمدادات‬ ‫ضخمة من الغاز من الدولتني اجلارتني (إيران‬ ‫وقطر)‪ ،‬وهما أرخص اخليارات وأكثرها أمانا‪.‬‬ ‫كان هذا اخملطط قيد اإلعداد منذ فترة طويلة‪.‬‬ ‫وقد حاولت دول مجلس التعاون اخلليجي بال جدوى‬ ‫التفاوض على مدار عقدين تقريبا مع إيران وقطر‪،‬‬ ‫وهما معا ميلكان نحو ‪ 30‬في املائة من مخزون الغاز في‬ ‫العالم‪ .‬ولكن عرقلت اخلالفات حول السعر‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫املنافسات اإلقليمية والنزاعات حول احلدود‪ ،‬معظم اجلهود‬ ‫املبذولة حتى اآلن‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته‪ ،‬من املتوقع أن يستمر الطلب اإلقليمي على الكهرباء في‬ ‫االزدياد بنسبة ‪ 6‬في املائة سنويا‪ ،‬وال يصل الغاز بالسرعة الكافية ليغذي‬ ‫مصانع البتروكيماويات والطاقة وتنقية املياه املدعمة في املنطقة‪ ،‬حيث‬ ‫‪30‬‬


‫في قالب واحد مع تنظيم القاعدة اإلرهابي أمرا غير مقبول وله‬ ‫دوافع سياسية‪.‬‬ ‫رمبا يكون على املسلمني أن يطرحوا على أنفسهم بعض األسئلة‬ ‫الصعبة‪ :‬ما هو التأثير الذي ميكن أن تبذله الدول املسلمة وقادتها‬ ‫في واشنطن‪ ،‬وما الذي يريدون ويقدرون على فعله من أجل دعم‬ ‫حتول العالقات املنشود؟ هل هم راغبون في استغالل أرصدتهم‬ ‫الثرية والوقوف في موقف حقيقي موحد؟ إذا استرشدنا بالتاريخ‪،‬‬ ‫ستكون اإلجابة‪ :‬ال‪ .‬إذا كان املسلمون يريدون فعال رؤية تغيير‬ ‫جاد‪ ،‬يجب عليهم أن ميدوا يد العون لتوجيه سفينة السياسة‬ ‫اخلارجية األميركية في االجتاه الصحيح‪.‬‬ ‫وبعد ذلك على أية حال‪ ،‬ال ميلك أوباما عصا سحرية وال ميكن‬ ‫أن نلقي عليه كل اللوم بسبب عدم حدوث تقدم سياسي في‬ ‫املنطقة‪ .‬ومن املؤسف أن العرب واملسلمني علقوا آماال كبيرة‬ ‫غير معقولة على رئيس جديد دون أن يضعوا في اعتبارهم تعقيد‬ ‫عملية صناعة القرار في السياسة اخلارجية األميركية أو واقع‬ ‫السياسة احمللية األميركية‪ .‬إن الرئاسة اإلمبريالية قوية‪ ،‬ولكن‬ ‫أحيانا ما تتقيد أيدي الرؤساء بالكونغرس ومؤسسة السياسة‬ ‫اخلارجية والسياسة احمللية ووسائل اإلعالم والرأي العام وجماعات‬ ‫الدفاع عن احلقوق‪ .‬وتزدحم أجندة أوباما للسياسة الداخلية‬ ‫واخلارجية‪ ،‬وهو من جانبه ال يستطيع حتقيق تسوية سلمية‬ ‫عربية ‪ -‬إسرائيلية‪.‬‬ ‫وبدال من وضع بيضهم في سلة الواليات املتحدة‪ ،‬يجب أن يكون‬ ‫املسلمون أسياد مصائرهم؛ يجب أن يدركوا أن قدرة أوباما على‬ ‫تغيير السياسة اخلارجية األميركية هيكليا مقيدة‪ ،‬وأنه ال يجب‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫أن يكون مسؤوال عن جميع األزمات املزمنة في املنطقة‪.‬‬

‫* فواز جرجس ‪ -‬أستاذ السياسة الشرق أوسطية والعالقات‬ ‫الدولية في كلية لندن لالقتصاد بجامعة لندن‪ .‬وقد كتب‬ ‫بتوسع عن عالقات أميركا بالعالم العربي‪ .‬ومن بني كتبه‪:‬‬ ‫«أميركا واإلسالم السياسي‪ :‬صدام ثقافات أم صدام مصالح؟»‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 26‬يوليو ‪.2010‬‬ ‫‪29‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫ومن املرجح أن يكون أوباما قد أساء احلكم على تعقيد املنطقة‬ ‫والتكاليف السياسية الباهظة املرتبطة باستراتيجية التحول‪.‬‬ ‫ولم تعد وعوده بالتعاون الصادق وإقامة عالقة جديدة مع‬ ‫املسلمني البالغ عددهم ‪ 1.3‬مليار نسمة تؤخذ على محمل اجلد‪،‬‬ ‫وهي احلقيقة التي تعوق مصداقية سياسته اخلارجية في الشرق‬ ‫األوسط الكبير وفاعليتها‪ ،‬مبا فيها من حروبه ضد «القاعدة»‪،‬‬ ‫وطالبان في أفغانستان‪ ،‬وطالبان الباكستانية‪ ،‬واملتمردين عامة‪.‬‬ ‫لقد اعترف أوباما ضمنيا بأن خطابه في القاهرة كان مفرطا‪.‬‬ ‫وفي حوار مع مجلة «التامي»‪ ،‬فاجأ أوباما محاوره عندما أكد‬ ‫على القضية اإلسرائيلية ‪ -‬الفلسطينية قائال‪« :‬إنه أمر صعب‬ ‫للغاية‪ ..‬ولو كنا توقعنا بعضا من تلك املشاكل السياسية‬ ‫على اجلانبني في وقت مبكر‪ ،‬ملا كنا وضعنا آماال كبيرة بهذا‬ ‫الشكل»‪.‬‬

‫في حل الصراعات اإلقليمية املتزايدة‪ .‬ويجب أن يكون أول شيء‬ ‫هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وإقامة‬ ‫استثمارات هيكلية في بناء املؤسسات واجملتمع املدني‪.‬‬ ‫ونظرا لقوة التحديات احمللية التي تواجه الواليات املتحدة‪ ،‬ومنها‬ ‫أسوأ كارثة بيئية في التاريخ واقتصاد منهار‪ ،‬يتساءل كثير من‬ ‫األميركيني عن أهمية ما يعتقده العالم بشأن بالدهم‪.‬‬ ‫تقول وزيرة اخلارجية األميركية السابقة مادلني أولبرايت‪« :‬إنه أمر‬ ‫مهم‪ ،‬ولكن ليس املهم هو قدر قوتنا‪ ،‬فالواليات املتحدة ال تستطيع‬ ‫القيام بكل شيء مبفردها»‪ .‬وأضافت أن التحديات الكبرى التي‬ ‫تواجه الواليات املتحدة‪ ،‬ومنها االقتصاد والسياحة والطاقة‪،‬‬ ‫تتطلب حلوال متعددة اجلنسيات وعبر احلدود‪ ،‬وقالت‪« :‬جميع تلك‬ ‫القضايا‪ ..‬تؤثر على حياتنا اليومية‪ ،‬وإذا كان أداء الواليات املتحدة‬ ‫جيدا وكانت لها شعبية‪ ،‬سيمكنها أن تفعل شيئا»‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن الوقت ما زال سانحا ألوباما ليقرب من الفجوة‬ ‫التي تفصل بني حديثه وفعله‪ ،‬فإنه من املؤسف أنه حتى اآلن لم‬ ‫يتخذ خطوات جريئة من أجل إحراز تقدم في عالقات أميركا مع‬ ‫العالم اإلسالمي‪ .‬وسياسته اخلارجية متيل إلى الوضع الراهن‬ ‫وتقليل اخلسائر أكثر من ميلها إلى التغيير‪ .‬وكما هو احلال مع‬ ‫الشعب األميركي‪ ،‬يحتاج املسلمون بشدة إلى تغيير حقيقي‬ ‫ميكنهم الوثوق به‪.‬‬

‫وعلى سبيل املثال‪ ،‬وفقا لدراسة مركز بيو‪ ،‬انخفض تأييد‬ ‫الشعوب اإلسالمية لألحداث اإلرهابية مثل التفجيرات‬ ‫االنتحارية‪ ،‬وألسامة بن الدن و«القاعدة» بصورة كبيرة‪ .‬ولكن‬ ‫ما يعرقل اجلهود األميركية في مكافحة اإلرهاب هو الشك الذي‬ ‫يسري بني الشعوب املسلمة حيال منطق القادة األميركيني‬ ‫وأجندتهم السياسية‪.‬‬

‫وإذا كان أوباما يأمل بالفعل في أن يصلح الضرر الذي تسبب‬ ‫فيه سلفه‪ ،‬وإقامة عالقات جديدة تعتمد على املصالح واالحترام‬ ‫املتبادلني‪ ،‬يجب أن تكون لديه اإلرادة والرؤية لرسم مسار جديد‬ ‫يتحرك فيه وأن يستثمر بعضا من رأسماله السياسي الثمني‬

‫ومع وضع كل ذلك في االعتبار‪ ،‬ال يقتنع املسلمون بالرواية‬ ‫األميركية عن قوة التهديد اإلرهابي أو تعريف اإلرهاب‪ .‬وبالنسبة‬ ‫لكثير من املسلمني‪ ،‬يعد جمع أميركا جلماعات «املقاومة»‬ ‫الشرعية‪ ،‬مثل حركة حماس الفلسطينية وحزب اهلل اللبناني‪،‬‬

‫‪28‬‬


‫يجري االستطالع السنوي‪« :‬يتزامن نقص التأييد في العالم‬ ‫اإلسالمي مع حربي العراق وأفغانستان»‪ .‬وأضاف كوهوت أن‬ ‫هناك أيضا شعورا بـ«اإلحباط» لدى املسلمني حيال الواليات‬ ‫املتحدة حتت رئاسة أوباما‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬يتصور كثير من‬ ‫املسلمني أن الواليات املتحدة ما زالت «ال تتعامل بصورة عادلة»‬ ‫في الصراع اإلسرائيلي ‪ -‬الفلسطيني‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬يشعر العرب واملسلمون بخيبة أمل كبيرة ويتفقون‬ ‫على وجود فجوة كبيرة في املصداقية بني وعود أوباما الوردية‬ ‫وأفعاله‪ .‬وبعد عام تقريبا من إلقاء أوباما خطابه إلى العالم‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬ما زالت حقيقة سياسته جتاه الشرق األوسط‬ ‫تتناقض بحدة مع خطابه الواعد واآلمال العريضة التي بثها‬ ‫لدى املسلمني‪ .‬لقد أثار خطاب أوباما‪ ،‬مقرونا باستراتيجية‬ ‫تقارب منظمة‪ ،‬إعجابا شديدا لدى العرب واملسلمني‪ .‬وكان‬ ‫كثيرون يأملون في أن يواجه الرئيس األميركي الشاب ذو األصول‬ ‫األفريقية بجدية التحديات التي تواجه املنطقة وأن يقيم عالقات‬ ‫جديدة مع العالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫لقد بث أوباما توقعات كبيرة بأنه سيقدم أفعاال بعد خطابه‪.‬‬ ‫بل واعترفت القوى املعارضة‪ ،‬مثل حزب اهلل وحماس واإلخوان‬ ‫املسلمون‪ ،‬بأن ما قاله أوباما ميثل نسمة هواء منعش في‬ ‫السياسة اخلارجية األميركية‪ .‬ولكن أكدت جميع األطياف‬ ‫السياسية أنهم سيقيمون سياساته وأفعاله‪ ،‬وليس كلماته‬ ‫فحسب ‪.‬‬ ‫وبعد مرور عام‪ ،‬كما يظهر استطالع الرأي العاملي اجلديد الذي‬ ‫أجراه مركز بيو‪ ،‬يوجد اعتقاد متنام لدى العرب واملسلمني بأن‬ ‫أوباما أخفق في الوفاء بكالمه املعسول‪ .‬لم تعد مصطلحات‬ ‫«احلرب ضد اإلرهاب» تستخدم‪ ،‬إال أن معتقل غوانتانامو ما زال‬ ‫مفتوحا‪ ،‬ويزيد الرئيس أوباما من تصاعد احلرب في أفغانستان‪،‬‬ ‫وباكستان والصومال واليمن وغيرها‪ .‬ووصلت مسيرة السالم‬ ‫العربي ‪ -‬اإلسرائيلي التي يرعاها إلى طريق مسدود‪ ،‬وخسر‬ ‫أوباما اجلولة األولى أمام رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامني‬ ‫نتنياهو‪ .‬وليس من املرجح أن يتحقق وعده بتحرير الفلسطينيني‬ ‫من االحتالل العسكري اإلسرائيلي‪ ،‬واملساعدة على إقامة دولة‬ ‫فلسطينية مستقلة في فترته الرئاسية األولى‪.‬‬ ‫وتعترف وزيرة اخلارجية السابقة مادلني أولبرايت‪ ،‬التي تشارك‬ ‫في رئاسة مشروع املواقف العاملية‪ ،‬بوجود فجوة بني حديث‬ ‫أوباما الوردي والواقع الصارخ للسياسات اخلارجية األميركية‬ ‫في املنطقة‪ .‬وقالت أولبرايت‪« :‬كانت زيارة القاهرة بداية كبيرة‪،‬‬ ‫حيث ألقى رئيس أميركي خطابا في دولة مسلمة‪ ..‬وكانت هناك‬ ‫آمال كبيرة في أن يحدث املزيد من التدخل» األميركي في قضايا‬ ‫ذات أهمية بالنسبة للشعوب اإلسالمية‪ ،‬مثل عملية السالم‬ ‫في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وأكدت أولبرايت‪« :‬يوجد إدراك لهذا (الشعور بعدم حتقيق‬ ‫التوقعات) في اإلدارة األميركية»‪ .‬وأضافت أن مبادرات مثل قمة‬ ‫أوباما «الرئاسية لرواد األعمال» التي عقدت مؤخرا مع عدد من‬ ‫رجال األعمال واملؤسسات اإلسالمية في واشنطن العاصمة‬ ‫تشير إلى «أنهم يحاولون العثور على طرق ميكن أن يكون هناك‬ ‫املزيد من التفاعالت من خاللها»‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر‪ ،‬يقول عدد متزايد من العرب واملسلمني إن الرئيس‬ ‫الشاب يتحدث فقط‪ ،‬وال يحول أقواله إلى أفعال‪ ،‬وإن سياسته‬ ‫تعد امتدادا لسلفه من احملافظني اجلدد‪ ،‬وكأنه يضع السم في‬ ‫العسل‪ .‬وبالنسبة لهم‪ ،‬يبدو حديث أوباما فارغا‪.‬‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫وال تعكس استطالعات وأبحاث الرأي العام‪ ،‬مثل البحث الذي‬ ‫أجراه مركز بيو‪ ،‬بصورة كاملة عمق وشدة خيبة األمل التي أصيب‬ ‫بها العرب واملسلمون في أوباما‪ .‬لقد ترسخ تصور بني املسلمني‬ ‫بأن الواليات املتحدة ليست صادقة حيال التعاون معهم وأنها‬ ‫غير صادقة فيما يتعلق بآمالهم ومخاوفهم وطموحاتهم‪.‬‬ ‫‪27‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫صدقوا كالمه وتعجبوا من أفعاله‬

‫أوباما‬ ‫يحطم توقعات‬ ‫العرب واملسلمني‬

‫بعد مرور عام على إلقاء الرئيس األميركي باراك أوباما خلطابه‬ ‫في القاهرة‪ ،‬تظهر دراسة عاملية انخفاضا حادا في شعبية‬ ‫الواليات املتحدة في الدول اإلسالمية‪ .‬ويقول عدد متزايد من‬ ‫العرب واملسلمني إن الرئيس األميركي الشاب يصدر أقواال وال‬ ‫يحولها إلى أفعال‪ ،‬وإن سياساته تعد امتدادا لسلفه احملافظ؛‬ ‫حيث يضع السم في العسل‪.‬‬ ‫فواز جرجس‬

‫أظهر بحث عاملي جديد أجراه مركز بيو لألبحاث التابع جلامعة‬ ‫هارفارد أن الرئيس أوباما ما زال محبوبا‪ ،‬وأنه يحسن من مكانة‬ ‫أميركا في مناطق كثيرة حول العالم‪ .‬لكن االستثناء البارز‬ ‫هو الدول اإلسالمية‪ ،‬حيث أ ًصبح أقل شعبية عما كان منذ‬ ‫عام‪.‬‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬في مصر‪ ،‬املكان الذي ألقى منه خطابه الذي‬ ‫نال كثيرا من الترحيب‪ ،‬قال ‪ 17‬في املائة فقط إن لديهم رأيا‬ ‫إيجابيا عن الواليات املتحدة‪ ،‬وهي أقل نسبة منذ خمسة أعوام‪،‬‬ ‫مثل نسبة شعبية «ما قبل أوباما»‪ .‬وفي العام املاضي‪ ،‬أوضح‬ ‫‪ 27‬في املائة من املصريني املشاركني في االستطالع أن لهم‬ ‫رأيا إيجابيا في الواليات املتحدة‪ .‬وفي األردن‪ ،‬انخفضت شعبية‬ ‫الواليات املتحدة إلى ‪ 20‬في املائة‪.‬‬ ‫وكان أكثر اكتشاف مفاجئ للبحث في تركيا‪ ،‬حيث انخفضت‬ ‫نسبة تأييد أوباما مبقدار الثلث‪ ،‬من ‪ 33‬في املائة إلى ‪ 23‬في‬ ‫املائة‪ .‬وقال كثير من الذين شملهم استطالع الرأي في تركيا‪،‬‬ ‫وهي دولة ذات مكانة في حلف الناتو‪ ،‬إنهم أصيبوا بخيبة أمل‬ ‫في السياسة اخلارجية احلالية للواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ويقول غالبية املسلمني إن الواليات املتحدة متثل تهديدا عسكريا‬ ‫لهم‪ ،‬خاصة في لبنان وباكستان ومصر وإندونيسيا وتركيا‪ .‬ويعد‬ ‫ذلك التطور مثيرا لالنزعاج‪ ،‬نظرا للجهود احلثيثة التي يبذلها‬ ‫أوباما من أجل حتسني عالقات أميركا املتضررة مع الشعوب‬ ‫اإلسالمية منذ تنصيبه‪.‬‬ ‫وبعد مرور عام على إلقاء خطابه التاريخي املوجه إلى العالم‬ ‫اإلسالمي من القاهرة‪ ،‬تنخفض معدالت شعبية أوباما كما كانت‬ ‫في عهد سلفه جورج دبليو بوش‪ ،‬في ضربة قاسية مفاجئة‪.‬‬ ‫يقول أندرو كوهوت‪ ،‬رئيس مركز بيو لألبحاث في واشنطن‪ ،‬الذي‬

‫‪26‬‬


‫جلمهورية شمال قبرص التركية‪ .‬ومع ذلك قبل إيروغلو بنصيحة‬ ‫تركيا باستئناف مساعي التوصل إلى تسوية من الواضح أن كثيرا‬ ‫من الزخم كان ينجم عنها‪.‬‬

‫‪ 36‬عاما من االنف�صال‬

‫إذا ما فشلت اجلولة الرابعة الكبرى للمباحثات التي تدعمها‬ ‫األمم املتحدة حول إقامة فيدرالية مزدوجة الطائفة واملنطقة‪،‬‬ ‫فإن املسؤولني باألمم املتحدة واضحون في أنهم ال يتوقعون جولة‬ ‫خامسة من املباحثات في وقت قريب‪ .‬وإذا لم حتدث معجزة‪ ،‬سوف‬ ‫تتوقف املباحثات القبرصية‪ ،‬وستظل تركيا عالقة خارج االحتاد‬ ‫األوروبي‪.‬‬

‫‪ - 1974‬تقسيم قبرص إلى شمال وجنوب‪ ،‬وفرض تركيا‬ ‫االنفصال مما أجبر القبارصة على مغادرة منازلهم‪.‬‬ ‫‪ - 1975‬إدارة مستقلة في الشمال‪ .‬وموافقة اجلانبني على‬ ‫تبادل السكان‪.‬‬

‫ويؤدي اهتمام تركيا احلديث بأن تصبح قوة إقليمية والصعوبات‬ ‫الداخلية التي يواجهها االحتاد األوروبي نفسه‪ ،‬إلى اعتقاد البعض‬ ‫أنها لن تندم على فشل مساعيها لدخول االحتاد األوروبي‪ .‬ولكن‬ ‫بعيدا عن األهمية املعنوية آللية اإلصالح في االحتاد األوروبي‪ ،‬فإن‬ ‫ذلك يتجاهل حقيقة أن دول االحتاد األوروبي تأخذ أكثر من نصف‬ ‫الصادرات التركية‪ ،‬وأنها تقدم ‪ % 90‬من االستثمارات األجنبية‬ ‫في تركيا وأن لديها أربعة ماليني تركي‪ .‬وال يحصل الشرق األوسط‬ ‫حاليا‪ ،‬رغم أنه من األسواق النامية‪ ،‬سوى على ربع صادرات تركيا‪،‬‬ ‫كما أنه ال يستضيف سوى مائة وعشرة آالف تركي من العمال‬ ‫الزائرين‪ ،‬وال يقدم سوى ‪ % 10‬من السائحني إلى تركيا الذين‬ ‫يصل عددهم ‪ 27‬مليون سائح‪.‬‬

‫‪ - 1980‬استئناف مباحثات السالم التي ترعاها األمم املتحدة‪.‬‬ ‫‪ - 1983‬مت تعليق املباحثات ولم يتم االعتراف باجلمهورية‬ ‫التركية لشمال قبرص إال من قبل تركيا‪.‬‬ ‫‪ - 1996‬تزايد التوتر ووقوع أحداث عنف في املنطقة منزوعة‬ ‫السالح‪.‬‬ ‫‪ - 1998‬قبل االحتاد األوروبي قبرص كعضو محتمل‪.‬‬

‫إذن وعلى الرغم من أن كل األنظار تتجه إلى املناورات الدراماتيكية‬ ‫بشأن غزة وإسرائيل وبرنامج إيران النووي‪ ،‬يجب على تركيا أن‬ ‫تراعي احلفاظ على التعاطف الدولي الذي بدأت حتصل عليه منذ‬ ‫‪ 2003‬بعدما انتهجت سياسة «املبادرة» في حل مشكلة قبرص‪.‬‬ ‫وإذا تركت تركيا قضية قبرص تفلت من بني يديها بطريقة يكون‬ ‫من الواضح فيها أن ذلك هو خطؤها‪ ،‬فإنها ستكون قد خلقت‬ ‫صدعا ال ميكن رأبه بني تركيا واالحتاد األوروبي‪ ،‬وقضت على األرضية‬ ‫التي كانت بفضلها قادرة على حتقيق الكثير في املنطقة خالل‬ ‫السنوات املاضية‪.‬‬

‫يونيو (حزيران) ‪ - 2001‬جدد مجلس األمن التابع لألمم املتحدة‬ ‫مهمته التي بدأت منذ ‪.1964‬‬ ‫يناير (كانون الثاني) ‪ - 2002‬بدأ اجلانبان املفاوضات حتت رعاية‬ ‫األمم املتحدة وأنظارهما مسلطة على عضوية االحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ - 2002‬قدم األمني العام لألمم املتحدة‬ ‫كوفي عنان خطة سالم شاملة لقبرص‪.‬‬

‫*هاف بوب ‪ -‬مدير مشروع تركيا ‪ -‬قبرص مبجموعة إدارة األزمات‬ ‫الدولية ومؤلف كتاب «عشاء مع القاعدة‪ :‬ثالثة عقود من‬ ‫استكشاف العوالم الكثيرة للشرق األوسط»‪.‬‬

‫أبريل (نيسان) ‪ - 2004‬مت إجراء استفتاءين حول ما إذا كان‬ ‫سيتم قبول خطة الوحدة التي قدمتها األمم املتحدة لدخول‬ ‫االحتاد األوروبي كدولة واحدة‪ .‬وقد احتفى القبارصة األتراك‬ ‫باخلطة‪ ،‬فيما رفضها القبارصة اليونانيون‪.‬‬

‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 7‬يوليو ‪.2010‬‬

‫مايو (أيار) ‪ - 2004‬انضمت قبرص لالحتاد األوروبي كجزيرة‬ ‫منقسمة ‪.‬‬ ‫يوليو (متوز) ‪ - 2006‬في املباحثات التي ترعاها األمم املتحدة‪،‬‬ ‫وافق اجلانبان على سلسلة من اإلجراءات لبناء الثقة‪.‬‬ ‫نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ - 2006‬انهارت املباحثات بني االحتاد‬ ‫األوروبي وتركيا نظرا الستمرار الرفض التركي لفتح موانيها‬ ‫للمرور من جمهورية قبرص‪.‬‬ ‫يناير (كانون الثاني) ‪ -‬مارس (آذار) ‪ - 2007‬هدم القبارصة‬ ‫األتراك واليونانيون احلدود التي تقسم مدينة نيقوسيا القدمية‪.‬‬ ‫سبتمبر (أيلول) ‪ - 2008‬بدأ قادة القبارصة اليونانيني واألتراك‬ ‫مفاوضات مكثفة‪ ،‬ولم يحدث أي تقدم‪.‬‬ ‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫أبريل (نيسان) ‪ - 2010‬مت التصويت لصالح درفيس إرغولو‬ ‫مرشح الشمال املؤيد لالستقالل ملنصب الرئاسة‪.‬‬ ‫* املصدر‪« :‬بي بي سي»‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫مواد‬ ‫(برو‬


‫● في السياسة‬

‫رغم جهود «تصفير املشكالت» مع اجليران‬

‫املشكلة القبرصية كعب أخيل التركي‬ ‫يجب على تركيا أن تراعي احلفاظ على التعاطف الدولي الذي بدأت حتصل عليه منذ ‪ ،2003‬بعدما انتهجت سياسة «املبادرة»‬ ‫في حل مشكلة قبرص؛ حيث أدى تركيزها مؤخرا على قضية غزة وإسرائيل وبرنامج إيران النووي إلى أن تغفل قضية قبرص ذات‬ ‫األهمية الكبرى لالحتاد األوروبي‪ ،‬وكانت األرضية التي سمحت لها بتحقيق الكثير في املنطقة في السنوات األخيرة‪.‬‬ ‫هاف بوب‬ ‫كما أثار التقارب بني تركيا واألنظمة الدكتاتورية في إيران والسودان‬ ‫وسورية الشكوك في واشنطن‪ ،‬باإلضافة إلى أن العالقات مع‬ ‫إسرائيل قد أصابها التوتر بشأن غزة مبا في ذلك حادثة مهاجمة‬ ‫األسطول التي وقعت في ‪ 31‬مايو (أيار)‪ ،‬وعلى الرغم من أن أيا من‬ ‫احلكومتني لم تكن تتوقع تلك احلادثة فإنها ما زالت تعكر صفو‬ ‫تركيا نظرا لصورتها املقدسة كالعب محايد في املنطقة‪.‬‬ ‫على أية حال‪ ،‬فإن السؤال األكثر أهمية الذي يتم إغفاله معظم‬ ‫الوقت‪ :‬ما هو مصير املفاوضات التركية لالنضمام لالحتاد األوروبي؟‬ ‫وبالتبعية‪ ،‬كيف ميكن تسوية الصراع الذي يقسم قبرص عضو‬ ‫االحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫إن التحالف مع االحتاد األوروبي هو األداة االستراتيجية التي ساعدت‬ ‫تركيا على الفوز باملميزات التي عززت كاريزميتها اإلقليمية‪:‬‬ ‫دميقراطية مسلمة حقيقية‪ ،‬علمانية إلى حد كبير‪ ،‬ومجتمع‬ ‫متنوع واقتصاد ينمو مبعدالت متسارعة‪ ،‬حتى أن حجمه أصبح‬ ‫اآلن يعادل نصف حجم اقتصاد دول الشرق األوسط مجتمعة‪.‬‬ ‫وكان تبني معايير االحتاد األوروبي هو محرك مشروع اإلصالح الذي‬ ‫دفعها للنأي بنفسها عن التوتر بني األتراك واألكراد‪ ،‬وبني املدنيني‬ ‫واجليش‪ ،‬وبني العلمانيني واإلسالميني‪ ،‬وبني الدميقراطيني واملروجني‬ ‫للدكتاتورية‪.‬‬ ‫ومنذ بدأت املفاوضات للحصول على العضوية الكاملة لالحتاد‬ ‫األوروبي عام ‪ ،2005‬وجدت تركيا نفسها في مواجهة مشكلة‬ ‫كبرى؛ حيث بذل سياسيون بارزون في فرنسا وأملانيا والنمسا‬ ‫وبعض دول االحتاد األوروبي األخرى مساعي محمومة لعرقلة‬ ‫مباحثات تركيا‪ .‬ويظهر التأييد القوي في االنتخابات الهولندية‬ ‫األخيرة للحزب املناهض للهجرة واملعارض النضمام تركيا لالحتاد‬ ‫األوروبي أن ذلك االجتاه ما زال موجودا‪ ،‬وهو ما يزيد من توتر قادة‬ ‫تركيا‪ .‬ولكن في الوقت نفسه‪ ،‬يجب عليهم احلفاظ على هدوئهم‬ ‫فزعماء االحتاد األوروبي يتغيرون وتاريخ العالقة يظهر أنه بالوقت‬ ‫والعمل الشاق‪ ،‬كانت تركيا قادرة على التعايش بل والتغلب على‬ ‫الشكوك األوروبية في النهاية‪.‬‬ ‫ولكن قدرة تركيا على استئناف املفاوضات مع االحتاد األوروبي‬ ‫وكل الطاقة اإلصالحية العظيمة التي تتدفق من تلك العملية‪،‬‬ ‫ال ميكنها أن تستمر دون التوصل لتسوية أو على األقل تسوية‬ ‫مبدئية بشأن قبرص‪.‬‬ ‫وتلك هي املشكلة الكبرى التي تواجهها تركيا على املدى القصير؛‬ ‫حيث تقف جمهورية قبرص‪ ،‬التي يديرها القبارصة اليونانيون‬ ‫حاليا‪ ،‬حجر عثرة أمام نصف الفصول الـ‪ 35‬من املفاوضات التركية‬ ‫مع االحتاد األوروبي‪ .‬وبعد الفتح املتوقع ألحد الفصول حول األمن‬ ‫الغذائي خالل الصيف لن يتبقى سوى ثالثة فصول ميكن فتحها‪.‬‬ ‫وإذا لم يحدث تقدم في مشكلة قبرص في وقت قريب‪ ،‬سوف يتعثر‬ ‫‪24‬‬

‫مشروع انضمامها‪ .‬وهو ما يعد‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬غير عادل بالنسبة‬ ‫لتركيا‪ .‬حيث لعبت جميع األطراف دورا سلبيا في تفرقة اجملتمعات‬ ‫ذات األغلبية اليونانية – القبرصية‪ ،‬واألقلية القبرصية ‪ -‬التركية‪،‬‬ ‫التي انفصلت سياسيا منذ عام ‪ 1963‬وعسكريا منذ عام ‪.1974‬‬ ‫وقد حاولت تركيا منذ عام ‪ 2003‬أن تقنع القبرصيني اليونانيني‬ ‫والعالم بأسره بأنها تسعى من خالل طرق بناءة لسحب قواتها‬ ‫من الثلث الشمالي من اجلزيرة‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬تساند أنقرة نحو ‪ % 65‬من القبارصة األتراك الذين‬ ‫اقترعوا لصالح توحيد اجلزيرة عام ‪ 2004‬في إطار خطة األمم‬ ‫املتحدة إلقامة فيدرالية ذات منطقتني وذات طائفتني‪ .‬وكان‬ ‫القبارصة اليونانيون هم الذين اقترعوا بنسبة ‪ % 76‬ضد‬ ‫الصفقة التي يدعمها االحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫وقد وصلت قيادة قبرصية يونانية جديدة إلى السلطة منذ أن‬ ‫تولى دميتري كريستوفياس السلطة عام ‪ 2008‬وسرعان ما‬ ‫أعاد فتح مباحثات إعادة توحيد اجلزيرة‪ .‬على أية حال‪ ،‬فإن رفض‬ ‫كريستوفياس لبدء املفاوضات ‪ -‬من خالل النص الذي قدمته األمم‬ ‫املتحدة احلالي‪ ،‬وتأجيله املستمر لالجتماعات واختياره لألحزاب‬ ‫املناهضة للتسوية كشركاء في ائتالفه‪ ،‬وهجومه على تركيا‬ ‫ أقنع في النهاية القبارصة األتراك بأن املباحثات لن تصل إلى‬‫شيء‪ .‬وفي أبريل (نيسان) خلع القبارصة األتراك قائدهم املؤيد‬ ‫للتسوية وصوتوا لصالح املتشدد اخملضرم درويش إيروغلو رئيسا‬


‫جتاه الشرق األوسط ثقتها من تلك البدايات التجارية املتواضعة‪.‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬عندما يوبخ رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إسرائيل علنا‪،‬‬ ‫فهو يضع عينه على الشارع العربي‪ ،‬بالقدر ذاته الذي يضعه على‬ ‫األسواق العربية‪ .‬ويشيع في جميع أنحاء تركيا أن حزب العدالة‬ ‫والتنمية متكن من رفض قروض صندوق النقد الدولي في العام‬ ‫املاضي نظرا ملليارات الدوالرات من االستثمارات العربية املباشرة في‬ ‫تركيا‪.‬‬

‫أتاتورك في الغرب‪ .‬فعلى الرغم من احتفائه بالثقافة الغربية‪،‬‬ ‫فإنه لم يستطع أن ينسى تشجيع احللفاء لليونان على الغزو عام‬ ‫‪ ،1919‬على أمل أن يساهم ذلك في التعجيل بانهيار اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية اآليلة للسقوط‪ .‬كما أنه كان واعيا بأنه عند نهاية احلرب‬ ‫العاملية األولى‪ ،‬حتركت البحرية البريطانية والفرنسية باجتاه مضيق‬ ‫البوسفور‪ .‬ونظرا لوعيه بذلك‪ ،‬أنشأ أتاتورك عاصمة جديدة في‬ ‫مأمن من الغزو البحري حيث أقامها في قلب شبه جزيرة األناضول‪.‬‬

‫وتأتي لهجة اخلطاب القوية حلزب العدالة والتنمية أثناء حادثة‬ ‫األسطول املتجه إلى غزة في شهر يونيو (حزيران) املاضي جزءا من‬ ‫اجتاه يوصف منذ عام ‪ 2007‬بالعثمانية اجلديدة‪ .‬كما كان توسع آل‬ ‫عثمان مدفوعا بالربح‪ ،‬كذلك أيضا الطبقة السياسية التجارية‬ ‫التركية اجلديدة يدفعها االجتاه اإلسالمي التقليدي والتعطش‬ ‫ألسواق جديدة‪.‬‬

‫واآلن‪ ،‬اكتسبت تركيا الثقة في الذات‪ ،‬ويركز أردوغان السياسة‬ ‫اخلارجية لتركيا باجتاه الشرق األوسط والبلقان‪ ،‬كما أنه يعقد‬ ‫اجتماعات بالغة األهمية في املدينة العثمانية القدمية اسطنبول‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬ما زال مستمرا في حتديث البالد من خالل ريادته‬ ‫ملشروع كبير لإلسكان متوله احلكومة بتكلفة منخفضة‪ .‬كما‬ ‫أصبحت ناطحات السحاب متأل سماء األناضول مغيرة أسلوب‬ ‫املعيشة التقليدي في البالد‪.‬‬

‫تعج الرحالت املباشرة إلى كابل برجال األعمال‪ ،‬كما تنبعث اللغة‬ ‫التركية من بارات كابل التي حتيط بها أكياس الرمل‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫الهيمنة على املناخ الصوفي أيضا‪ .‬كما تغذي املطاعم التركية‬ ‫ازدهار ليبيا املعتمد على البترول‪ ،‬ووقع أقطاب البناء األتراك عقودا‬ ‫لتشكيل سماء طرابلس بالصلب والزجاج‪ .‬كما أبهرت املسلسالت‬ ‫التي حتاكي الطراز البرازيلي وتصور مغامرات رومانسية تتم في أمناط‬ ‫حياة مذهلة‪ ،‬اجلماهير السورية واملصرية واإلماراتية‪ ،‬نظرا لقدرتها‬ ‫على طرح رؤية بديلة حول ممارسة املسلم حلياته‪ .‬ومن جهة أخرى‪،‬‬ ‫تزايد عدد السائحني العرب الذين يزورون اسطنبول‪ ،‬والذين سافروا‬ ‫إلى هناك ليس سعيا وراء املطبخ واملعمار العثماني ولكن للتجول‬ ‫في املناطق التي شاهدوها في مسلسالتهم املفضلة‪ .‬وسياسيا‪،‬‬ ‫متكن أردوغان من أن يتغلب على الرئيس اإليراني محمود أحمدي جناد‬ ‫على الساحة العاملية كزعيم إسالمي يستطيع احلديث بجرأة‪.‬‬ ‫وخالل العامني املاضيني‪ ،‬أقصى أردوغان تركيا‪ ،‬عضو حلف شمال‬ ‫األطلسي‪ ،‬عن سياستها اخلارجية املوالية تقليديا للغرب‪ .‬خاصة‬ ‫بعد انسحابه الشهير من قمة دافوس عام ‪ ،2009‬بعد كلمة‬ ‫شيمعون بيريس‪ ،‬التي اتهم فيها إسرائيل باخلداع نظرا الستمرارها‬ ‫في التفاوض مع سورية رغم أنها كانت تخطط لغزو غزة في ‪.2008‬‬ ‫وخالل يونيو املاضي‪ ،‬تخلى حتى وزير اخلارجية املثقف أحمد داود أوغلو‬ ‫عن هدوئه خالل املؤمتر األمني املغلق في اسطنبول‪ ،‬وأخبر السفير‬ ‫اإلسرائيلي بغضب أن على دولته أن تتوقف عن التصرف بفردية‪،‬‬ ‫وذلك وفقا ملا ذكره أحد الدبلوماسيني‪.‬‬ ‫يقول دوغان تيليك الكاتب اليساري ومؤلف كتاب «أخجل من‬ ‫االعتراف بأنني صحافي»‪« :‬يقفون في مواجهة إسرائيل من جهة‪،‬‬ ‫فيما يحاولون التقرب للعالم العربي واإلسالمي من جهة أخرى‪،‬‬ ‫كما لو أن تلك اخلطوة هي نتاج طبيعي لألخرى»‪ .‬مضيفا‪« :‬ليس‬ ‫إلسرائيل أهمية اقتصادية بالنسبة لتركيا‪ ،‬بينما ميثل الشرق‬ ‫األوسط سوقا كبيرة بالنسبة لها‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ليست تلك املواقف‬ ‫فقط نتاج خللفية أردوغان اآليديولوجية ولكن هناك أيضا أسبابا‬ ‫جتارية وسياسية»‪.‬‬

‫ويقول كرستوس تيازيز‪ ،‬اخلبير التركي‪ ،‬الذي أعد دراسة تدور حول حزب‬ ‫العدالة والتنمية التركي‪« :‬إنه يشجع الفردية‪ .‬عندما بدأ االجتاه‬ ‫إلى احلضر في اخلمسينات‪ ،‬التحقت قرى بأكملها باملدينة كأحياء‪.‬‬ ‫وقد قوضت تلك املساكن هذه الظاهرة من خالل حتطيم ثقافة احلياة‬ ‫مع العائلة واألقارب وتشجيع احلياة في وحدات مستقلة»‪.‬‬ ‫كما أن اجملتمع التركي يتغير أيضا‪ ،‬حيث مت إنهاء صراع الشعب مع‬ ‫مسألة ارتداء احلجاب في األماكن احلكومية لصالح ميل احلكومة‬ ‫لرفع احلظر‪ .‬وفي أحد البرامج التلفزيونية الصباحية‪ ،‬مت استبدال‬ ‫أساتذة اجلامعة كخبراء بالباحثني الدينيني الذين يعطون آراءهم‬ ‫وفقا للقرآن‪.‬‬ ‫ويقول غراهام فولر‪ ،‬احمللل السابق باالستخبارات املركزية األميركية‬ ‫ومؤلف كتابي «جمهورية تركيا اجلديدة»‪ ،‬و«العالم من دون‬ ‫اإلسالم» الذي يعتقد أن العثمانية ما زالت قائمة‪« :‬لقد بدأت تركيا‬ ‫في العودة إلى حالتها السابقة بعد ‪ 150‬عاما‪ ،‬كما أنها أصبحت‬ ‫تتطلع حتى إلى ما بعد التخوم القدمية للدولة العثمانية‪ .‬وما زال‬ ‫هناك التاريخ التركي الطوراني ‪ -‬أحد أكثر اجملموعات اللغوية انتشارا‬ ‫في العالم ‪ -‬والروابط البعيدة بالثقافات العاملية مثل اإلمبراطورية‬ ‫املغولية‪ ،‬والنفوذ التركي في القوقاز ووسط آسيا‪ ،‬واجلذور التركية‬ ‫في الصني»‪.‬‬ ‫وعندما تخلى فتح اهلل غوالن‪ ،‬الرمز الديني بالنسبة للماليني من‬ ‫األتراك عن صمته في منفاه بالواليات املتحدة األميركية‪ ،‬النتقاد‬ ‫الهجوم على أسطول غزة‪ ،‬فإنه ألقى الضوء على أن ازدياد النفوذ‬ ‫اإلسالمي في السياسة التركية يشق اجلبهة اإلسالمية ويبرز‬ ‫صراعاتها إلى العيان‪ .‬لقد كان أردوغان قبل ذلك أحد مريدي غوالن‬ ‫ولكن‪ ،‬من الواضح أنه نظرا خملاوفه املتعلقة برغبة واشنطن في‬ ‫التخلص منه‪ ،‬قد ابتعد عن معلمه‪ .‬كما أعلن مؤخرا‪« :‬تعرف األمة‬ ‫التركية جيدا من الذي تعمل املنظمة اإلرهابية نيابة عنه»‪.‬‬ ‫ويقول فولر‪« :‬لم تعد الشمس تشرق وتغرب على الهوى الغربي‪.‬‬ ‫حيث إن رؤية داود أوغلو للسياسة اخلارجية هي السائدة‪ ،‬ومن املرجح‬ ‫أن تستمر بشكل أو بآخر بعد خروج حزب العدالة والتنمية من‬ ‫السلطة»‪.‬‬

‫وكدولة تقع في غرب آسيا‪ ،‬بدأت تركيا في التواصل مع الغرب‬ ‫مباشرة بعد تأسيسها على أنقاض اإلمبراطورية العثمانية التي‬ ‫كانت أراضيها متتد حتى تخوم فيينا‪ .‬فقد قام مصطفى كمال القائد‬ ‫امليال للغرب‪ ،‬الذي ينحدر من مدينة سالونيك‪ ،‬باستبدال األبجدية‬ ‫العربية باألبجدية الالتينية وبفرض املوسيقى الكالسيكية على‬ ‫األغاني الشعبية ومنع األخويات الصوفية‪ ،‬وحظر ارتداء العمامة‬ ‫وكل الرموز األخرى التي اعتبرها رمزا للخرافات الشعبية الدينية‪.‬‬

‫في أحد املراكز التجارية الفاخرة بأنقرة‪ ،‬كان تيزيس يتجول‪ ،‬مشاهدا‬ ‫الناس وهي متر‪« :‬إنها إحدى عالمات الزمن‪ ،‬أن تقوم احملجبات بالشراء‪،‬‬ ‫فيما تكتفي العلمانيات غير احملجبات مبشاهدة احملالت»‪.‬‬

‫وخالل احلرب الباردة‪ ،‬أصبحت تركيا حائط صد غربي‪ .‬وحاليا‪ ،‬لديها‬ ‫عاشر أكبر عدد للقوات في أفغانستان‪ .‬وعلى الرغم من األزمة‬ ‫االقتصادية التي يعاني منها االحتاد األوروبي‪ ،‬ما زالت تسعى أنقرة‬ ‫لالنضمام للنادي الغربي‪.‬‬

‫*إياسون أثاناسياديس‪ :‬صحافي يعيش في اسطنبول ويغطي‬ ‫أخبار تركيا والشرق األوسط وآسيا الوسطى‪ .‬وعاش منذ ‪ 1999‬في‬ ‫القاهرة ودمشق والدوحة وصنعاء وطهران‪.‬‬

‫ومع ذلك كانت السياسة التركية وما زالت حتمل صبغة عدم ثقة‬

‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪.2010‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪23‬‬


‫● في السياسة‬

‫يحاول إغالق صفحة أتاتورك وفتح كتاب آل عثمان‬

‫أردوغان يتجه بتركيا حيث تشرق الشمس‬

‫ال تقتصر األسباب التي تقف وراء سياسة تركيا لزيادة املواجهة مع الغرب‪ ،‬على اجلذور اآليديولوجية‪ ،‬بل لها أيضا جذور جتارية؛‬ ‫وذلك حيث سمح تنوع عالقات تركيا الدبلوماسية والروابط االقتصادية التي كانت تعمل على تكوينها مع عدد من دول‬ ‫الشرق األوسط باالبتعاد عن سياستها اخلارجية التي كانت موالية للغرب‪.‬‬ ‫إياسون أثاناسياديس‬ ‫اإلسالمي حتديا اقتصاديا مباشرا للوضع التجاري الراهن الذي تهيمن‬ ‫فيه النخبة من أنصار كمال أتاتورك على أغلبية العاصمة‪.‬‬

‫ال تقتصر األسباب التي تقف وراء سياسة تركيا لزيادة املواجهة مع‬ ‫الغرب على اجلذور اآليديولوجية‪ ،‬بل لها أيضا جذور جتارية؛ وذلك حيث‬ ‫سمح تنوع عالقات تركيا الدبلوماسية والروابط االقتصادية التي‬ ‫كانت تعمل على تكوينها مع عدد من دول الشرق األوسط باالبتعاد‬ ‫عن سياستها اخلارجية التي كانت موالية للغرب‪.‬‬

‫وحتى ذلك احلني‪ ،‬كانت املراكز التجارية موجودة فقط في األحياء‬ ‫اجلمهورية املقتصرة على الطبقة العليا‪ .‬واآلن جمعت األغلبية‬ ‫الدينية في تركيا بني املسجد واملركز التجاري وبدأت مؤخرا مواجهة‬ ‫الطبقة السائدة‪ .‬وفي العقد التالي‪ ،‬في التسعينات‪ ،‬كان رجال‬ ‫الصناعة احملافظون في تركيا يأتون من مناطق نائية متدينة مطلقني‬ ‫على أنفسهم لقب «منور األناضول»‪ .‬وحتولت املناطق املنعزلة‬ ‫الراكدة مثل كايسيري وغازي عنتاب إلى مدن مزدهرة‪.‬‬

‫مثل افتتاح مسجد كوكاتيب في أنقرة عام ‪ 1987‬صدمة للنظام‬ ‫السياسي التركي‪ .‬فعلى السطح‪ ،‬كانت البناية العثمانية‬ ‫األسمنتية اجلديدة ترتفع بقبابها ومآذنها على التل‪ ،‬مواجهة‬ ‫بتحدي الضريح الذي دفن فيه مؤسس تركيا العلمانية كمال‬ ‫أتاتورك‪ .‬وحتت السطح‪ ،‬كان هناك مركز جتاري يتكون من طابقني‪.‬‬ ‫وميثل ذلك املسجد الذي يعد أحد أكبر اجملمعات الدينية في العالم‬

‫تستمد السياسة احلازمة اجلديدة حلزب العدالة والتنمية احلاكم‬

‫حيث تغرب ال�شم�س‬ ‫بعد عام واحد من سقوط اإلمبراطورية العثمانية في ‪،1922‬‬ ‫أعلن الضابط العسكري الشاب‪ ،‬الذي يدعى مصطفى كمال‪،‬‬ ‫تركيا جمهورية علمانية‪ .‬ومنذ تلك اللحظة‪ ،‬تغير كل شيء‪.‬‬ ‫وقد قضى أتاتورك‪ ،‬أبو األتراك‪ ،‬الذي مت اعتباره على الفور‬ ‫زعيم التحديث واالجتاه إلى الغرب‪ ،‬أول خمس سنوات له في‬ ‫تنفيذ إصالحات راديكالية تستهدف محو الهوية العثمانية‬ ‫اإلسالمية للبالد‪.‬‬ ‫وخالل تأسيسه للجمهورية‪ ،‬طور أتاتورك واحلركة القومية‬ ‫التركية آيديولوجيا «أتاتوركية» ساهمت عبرها الفلسفات‬ ‫الوضعية والعقالنية والتنويرية في إحداث تطور تعليمي‬ ‫وعلمي‪ .‬وقد أصبحت املبادئ األتاتوركية من اجلمهورية‬ ‫والشعبوية والعلمانية والدوالنية والقومية والثورية من‬ ‫أسس إصالحاته‪.‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫‪22‬‬

‫ووفقا ملبادئ أتاتورك‪ ،‬فقد مت استبدال األبجدية العربية‬ ‫باألبجدية الالتينية‪ ،‬واألغاني الشعبية باملوسيقى‬ ‫الكالسيكية‪ ،‬كما مت اعتماد التقومي والقانون واملالبس الغربية‪،‬‬ ‫وحترير املرأة وإلغاء املؤسسات اإلسالمية‪ .‬وقد انعكست هذه‬ ‫اآليديولوجيا على سياسة تركيا اخلارجية من خالل املوقف‬ ‫التركي املوالي للغرب‪ .‬وقد استمرت حتى وقت قريب كما‬ ‫تفيد تلك املقالة‪.‬‬ ‫املصدر‪« :‬بي بي سي»‬



‫● في السياسة‬

‫‪ 2011‬أكثر سخونة‪ .‬وقد أضافت عودة حائز نوبل والرئيس السابق‬ ‫لهيئة الطاقة الذرية محمد البرادعي إلى مصر ودخوله الدرامي‬ ‫في احلياة السياسية املصرية‪ ،‬زخما جديدا‪ .‬أسس البرادعي اجلبهة‬ ‫الوطنية للتغيير‪ ،‬ولكن املفارقة أن هناك مؤشرات على أنه خضع‬ ‫لنمط قائم من جهة السعي إلى الدين‪.‬‬

‫املصري‪ .‬ولكن‪ ،‬ال تدعم هذه اإلستراتيجية حملة البرادعي لإلصالح‪.‬‬ ‫حيث تكمن اخملاطرة في أن يزيد ذلك من روح التطرف‪ ،‬التي تعمل‬ ‫بالفعل على إثارة التوترات الطائفية في مصر‪ .‬وليس ببعيد اعتماد‬ ‫السادات على الدين من أجل الشرعية‪ ،‬حيث شهدت مصر وقتها أسوأ‬ ‫فترات العنف الطائفي‪.‬‬

‫في البداية عر ّف البرادعي ذاته على أنه مرشح مستقل‪ .‬وقد أثار ذلك‬ ‫مشكلة‪ ،‬ألن املادة ‪ 76‬من الدستور املصري متنع املرشحني املستقلني‬ ‫من التنافس في االنتخابات الرئاسية‪ .‬يجب أن يكون املرشح عضوا‬ ‫في حزب معترف به‪ ،‬ويجب أن يكون جزءا من قيادته العليا على األقل‬ ‫ملدة عام واحد‪ .‬وبالتالي‪ ،‬توصل إلى أنه يحتاج إلى تأييد شعبي واسع‬ ‫وسريع حتى يستطيع أن يطالب بتعديل الدستور‪.‬‬

‫وجتنبا ملزيد من االنقسام بني املصريني إلى مسلمني ومسيحيني‪،‬‬ ‫يحتاج البرادعي إلى تأسيس قاعدة جديدة حلملته‪ .‬وقد جتنب حتى‬ ‫اآلن االنضمام إلى أي حزب أو تأسيس حزب جديد ميكنه أن يطور‬ ‫ويروج ألجندته دون احلاجة إلى الوصول لتسوية مع اجتاهات سياسية‬ ‫راديكالية‪ .‬قد يساعد أيضا وجود حزب سياسي البرادعي في التغلب‬ ‫على عقبة املادة ‪ 76‬من الدستور‪ .‬ورمبا يساعده حزب جديد قادر على‬ ‫جمع احلركات السياسية األخرى معا في حتالف أو ائتالف من أجل‬ ‫تغيير مستقبل الساحة السياسية في مصر دون اللجوء إلى الدين‪.‬‬

‫وكما أشرنا‪ ،‬من املعتاد الوصول إلى عامة الشعب من خالل لغة‬ ‫الدين‪ .‬ويفسر ذلك سبب بدء البرادعي حملته بزيارة مسجد احلسني‬ ‫في قلب القاهرة القدمية‪ .‬وعلى الرغم من خطابه الليبرالي العلماني‪،‬‬ ‫في أول حوار له بعد وصوله إلى مصر في شهر فبراير (شباط)‪ ،‬فإن‬ ‫البرادعي لم يستبعد إقامة عالقات مع اإلخوان املسلمني وتزايد ميله‬ ‫إلى «اجلماعة»‪.‬‬ ‫وفي يوم اجلمعة الرابع من يونيو (حزيران) املاضي‪ ،‬سافر البرادعي إلى‬ ‫مدينة الفيوم (‪ 80‬كم غرب القاهرة) حيث بدأ حملته بأداء صالة‬ ‫اجلمعة في مسجد مبارك ومعه آالف من املؤيدين‪ ،‬كثير منهم من‬ ‫أعضاء اإلخوان املسلمني‪ .‬ووقف مصطفى عوض اهلل اإلخواني وعضو‬ ‫البرملان إلى جانبه في الصالة وقدمه للجماهير بعدها‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته الذي يتقرب فيه من اإلخوان املسلمني‪ ،‬يحاول البرادعي‬ ‫الوصول إلى األقباط من نفس الباب‪ :‬الدين‪ .‬ميكن أن يكون مثل‬ ‫ذلك التأييد مهما بالنسبة للبرادعي‪ ،‬ال سيما أن بطريرك األقباط‬ ‫ليس مجرد أب روحي لألقباط‪ ،‬ولكنه أيضا الزعيم السياسي وممثل‬ ‫األقلية القبطية أمام الدولة‪ .‬وفي العقود األربعة األخيرة‪ ،‬وصل دور‬ ‫البطريركية في احلياة االجتماعية والسياسية لألقباط إلى ذروته نظرا‬ ‫للكاريزما التي يتمتع بها البابا شنودة الثالث‪.‬‬ ‫ولكونها املؤسسة الدينية املسيحية الرسمية في مصر‪ ،‬فإن‬ ‫الكنيسة تعقد حتالفا كامال وتاما مع احلكومة‪ ،‬بالنظر إلى تأييدها‬ ‫احلزب الوطني الدميقراطي في انتخابات مجلس الشورى األخيرة‪ .‬وقد‬ ‫أدت هذه العالقة الوطيدة باحلزب احلاكم إلى جتاهل البرادعي في قداس‬ ‫عيد القيامة الذي ترأسه البابا شنودة‪ ،‬الذي حضره كبار الشخصيات‬ ‫السياسية في مصر‪ .‬وصرح البرادعي أن البابا شنودة قام بدعوته‪،‬‬ ‫ولكن لدى وصوله مت جتاهله عن عمد و نُقل املقعد احملجوز باسمه إلى‬ ‫مكان يبعده عن الكاميرات‪.‬‬ ‫إذا يبدو أن هذا الباب قد أغلق أمام البرادعي‪ ،‬على األقل في الوقت‬ ‫احلالي‪ .‬وقد دفعه هذا اإلدراك ‪ -‬باإلضافة إلى معرفته بأن التيار‬ ‫السياسي الليبرالي العلماني لن يقدم له التأييد الذي يحتاج إليه‬ ‫من أجل الدعوة إلى تعديل املادة ‪ - 76‬إلى أحضان اإلخوان املسلمني‪.‬‬ ‫ويعتمد البرادعي على ذلك ليجذب «األغلبية الصامتة»‪ ،‬حيث إن‬ ‫املؤسسة اإلسالمية الرسمية (األزهر) لم تعد متلك املصداقية التي‬ ‫جتعلها وسيلة بديلة للوصول إلى الناخبني املسلمني‪ .‬لذلك‪ ،‬على‬ ‫الرغم من اعترافه بوجود «بعض االختالفات»‪ ،‬أكد البرادعي على‬ ‫أنه يرحب بانضمام اإلخوان املسلمني إلى جبهته‪ .‬ولكن بالتأكيد‬ ‫سيطالب اإلخوان بوعود تعتمد على التطلعات الدينية التي ظهرت‬ ‫مؤخرا في حملتهم في انتخابات مجلس الشورى التي أجريت في األول‬ ‫من يونيو املاضي‪.‬‬ ‫يشير استخدام املسجد كقاعدة انطالق لقفزته على الساحة‬ ‫السياسية املصرية‪ ،‬واإلخوان املسلمني للحفاظ على قوة الدفع في‬ ‫«جبهة التغيير» إلى أن البرادعي يعي أهمية الدين بالنسبة للشعب‬ ‫‪20‬‬

‫إن استخدام الدين في الوصول إلى العامة أمر سهل ألنه متوقع‪ ،‬بل‬ ‫ومقبول‪ .‬ولكنه أيضا يعوق قدرة الثقافة الدميقراطية على النضج‬ ‫والترسخ‪ .‬وعلى الرغم من أن التأثير لن يكون فوريا‪ ،‬فإن تغيير هذا‬ ‫سيس للدين قد يؤدي في النهاية إلى التغيير‬ ‫االعتماد على اخلطاب امل ُ ّ‬ ‫احلقيقي الذي يدعو إليه الشارع املصري‪.‬‬ ‫*إليزابيث إسكندر ‪ -‬مديرة برامج األبحاث في مؤسسة القرن اجلديد‪.‬‬ ‫وهي محللة وكاتبة في شؤون الشرق األوسط مقيمة في لندن‪ ،‬وتنشر‬ ‫مقاالتها في وسائل اإلعالم الناطقة باإلجنليزية والعربية‪ ،‬وتكرس‬ ‫اهتماما خاصا بالشؤون السياسية والقانونية واالجتماعية في مصر‬ ‫وإيران‪ .‬كما أنها حاليا مرشحة للحصول على درجة الدكتوراه في‬ ‫السياسة والدراسات الدولية من جامعة كمبريدج‪.‬‬ ‫*ميناس منير ‪ -‬صحافي ومترجم وكاتب مقيم بالقاهرة‪ .‬يعمل في‬ ‫مجال الشؤون السياسية والثقافية والدينية في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وقد ألف عددا من الكتب‪ ،‬أغلبها متخصص في الشؤون املصرية‬ ‫والدين السياسي‪.‬‬

‫حتذير للواليات املتحدة‬ ‫«‪..‬ستثمر دفعة إسالمية ناجحة للسلطة في مصر عن حتول أساسي‬ ‫في النظام اإلقليمي ميكنه أن يشكل تهديدا للمصالح األميركية‬ ‫أكبر بكثير ‪ -‬في احلجم والدرجة ‪ -‬من الثورة اإليرانية»‪.‬‬ ‫كتبت هذه العبارة بقلم ستيفن كوك من مجلس العالقات اخلارجية؛‬ ‫ففي تقرير صدر في أغسطس (آب) ‪ 2009‬حتت عنوان «عدم االستقرار‬ ‫السياسي في مصر»‪ ،‬حذر كوك من موجة من عدم االستقرار‬ ‫السياسي في مصر تبدأ مبجرد تنحي الرئيس حسني مبارك عن احلكم‪.‬‬ ‫وفي ضوء االنتخابات املقبلة وصحة مبارك العليلة‪ ،‬ستدخل مصر دون‬ ‫شك في مرحلة انتقالية سياسيا‪ .‬ولكن من املمكن أن تتخذ هذه‬ ‫املرحلة االنتقالية صورا متعددة‪ ،‬بعضها أقل أهمية من بعض‪.‬‬ ‫ومن أجل اإلعداد إلمكانية حدوث أزمة في اخلالفة ميكنها أن تعوق‬ ‫قدرة أميركا على حتقيق أهداف سياساتها اخلارجية التي كانت‬ ‫احلكومة املصرية تسهلها تاريخيا‪ ،‬يوصي كوك بأن تتخذ الواليات‬ ‫املتحدة نهجا من أربعة محاور‪ .‬ومن بني توصياته زيادة تطوير املصادر‬ ‫االستخباراتية داخل الواليات املتحدة وداخل مصر‪ ،‬واالستمرار في دعم‬ ‫التغيير السياسي اإليجابي‪ ،‬واستخدام معونات التنمية لرفع مستوى‬ ‫معيشة املصريني‪ ،‬والتخطيط والعمل على إدراك أن سيناريوهات‬ ‫األزمة اخملتلفة تتطلب أساليب مختلفة نوعيا‪ .‬وأخيرا‪ ،‬يحذر كوك‬ ‫من أن النظرة السائدة بني احملللني واملسؤولني احلكوميني هي أن مصر‬ ‫ستظل مستقرة األوضاع في املستقبل البعيد‪.‬‬


‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪19‬‬


‫● في السياسة‬

‫ستكون مرحلة االستعداد لالنتخابات الرئاسية املصرية‬ ‫التي جتري عام ‪ 2011‬حاسمة في مستقبل مصر السياسي‪.‬‬ ‫حيث توجد إمكانية حلدوث تغيير حقيقي‪ ،‬ولكن توجد أيضا‬ ‫مؤشرات بأن الرموز الرئيسية ستعود إلى استغالل املشاعر‬ ‫الدينية من جديد للفوز بالشرعية‪ .‬وإذا كان محمد البرادعي‬ ‫(الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية) جادا‬ ‫بشأن إصالح الثقافة السياسية في مصر‪ ،‬فعليه جتنب تلك‬ ‫اإلستراتيجية‪.‬‬ ‫إليزابيث إسكندر وميناس منير‬

‫ستكون مرحلة االستعداد لالنتخابات الرئاسية املصرية التي جتري عام‬ ‫‪ 2011‬حاسمة في مستقبل مصر السياسي‪ .‬حيث توجد إمكانية‬ ‫حلدوث تغيير حقيقي‪ ،‬ولكن توجد أيضا مؤشرات بأن الرموز الرئيسية‬ ‫ستعود إلى استغالل املشاعر الدينية من جديد للفوز بالشرعية‪.‬‬ ‫وإذا كان محمد البرادعي (الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية) جادا بشأن إصالح الثقافة السياسية في مصر‪ ،‬فعليه جتنب‬ ‫تلك اإلستراتيجية‪.‬‬ ‫في أواخر عام ‪ ،1798‬على ساحل اإلسكندرية‪ ،‬وجه نابليون رسالة‬ ‫إلى شعب مصر مبررا فيه غزوه لهم‪ .‬وحتدث عن احترامه لإلسالم‬ ‫ورغبته في التعاون مع رجال الدين املسلمني‪ .‬وكانت هذه هي اخلطوة‬ ‫ذاتها التي اتخذها اإلسكندر األكبر عندما جاء إلى مصر قبل ذلك‬ ‫بآالف األعوام‪ .‬وقد زار اإلسكندر معبد آمون حيث لقب بابن اإلله آمون‪،‬‬ ‫قبله املصريون‪ .‬لقد دخل كال القائدين مصر من خالل بوابة‬ ‫وبالتالي ِ‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫وحتى في عصر االشتراكية العربية‪ ،‬الذي جاء بعد ثورة الضباط‬ ‫األحرار في يوليو (متوز) ‪ ،1952‬كان كاتب اخلطب التي يلقيها جمال‬ ‫عبد الناصر‪ ،‬محمد حسنني هيكل‪ ،‬يستهل كلمات ناصر باسم اهلل‪.‬‬ ‫وكان يطلق على أنور السادات‪ ،‬الذي جاء بعد عبد الناصر في الرئاسة‬ ‫مطبقا الرأسمالية‪« :‬الرئيس املؤمن»‪ .‬وقد وصف نفسه بأنه رئيس‬ ‫مسلم ألمة مسلمة‪.‬‬ ‫ولم يتغير الوضع في مصر احلديثة؛ حيث يسعى احلزب الوطني‬ ‫الدميقراطي احلاكم إلى احلفاظ على والء املؤسسات الدينية الكبرى‬ ‫في مصر؛ وحتديدا األزهر والكنيسة القبطية‪ .‬وقد ساعد تأييد هاتني‬ ‫املؤسستني الدينيتني الوطنيتني على منح احلزب الوطني قشرة‬ ‫ظاهرية من الشرعية أمام الشعب املصري‪ .‬ولكن نتيجة لوضوح‬ ‫تدخل الرموز الدينية كالعبني سياسيني‪ ،‬خضعت الساحة السياسية‬ ‫املصرية الستقطاب من احلزب الوطني الدميقراطي واملعسكر اإلسالمي‬ ‫املتطرف‪.‬‬ ‫وقد اتضحت تلك العالقة املعقدة بني الدولة واملؤسسات الدينية أثناء‬ ‫االنتخابات الرئاسية التي أجريت عام ‪ .2005‬وقد استعانت احلكومة‬ ‫باألزهر بتشجيع دارسي املؤسسة على حرمان اإلخوان املسلمني من‬ ‫أوراق اعتمادهم الدينية‪ .‬وكان الهدف هو ضمان عدم استطاعة اإلخوان‬ ‫املسلمني التأثير على نتيجة االنتخابات‪ .‬ومن جانبها أيدت الكنيسة‬ ‫القبطية الرئيس مبارك بصورة مطلقة‪ .‬ونشر البابا شنودة واجملمع‬ ‫املقدس القبطي تصريحات في مجلة الكنيسة الرسمية معلنني‬ ‫تأييدهم التام ملبارك‪ ،‬بل واصطحبوا األقباط في حافالت إلى مراكز‬ ‫االقتراع‪.‬‬ ‫سوف تكون املنافسة في االنتخابات الرئاسية املقبلة التي جتري عام‬ ‫‪18‬‬

‫بعد أن رأى تأييد‬ ‫األزهر والكنيسة‬ ‫املطلق ملبارك‬

‫هل يدخل البرادعي‬ ‫السياسة املصرية‬ ‫من باب اإلخوان؟‬


‫حفظ السالم‪ ،‬عدا أنها مهمة حفظ سالم تطلق عليها الواليات املتحدة‬ ‫حربا‪ .‬فلم يتم تدريب اجلنود األميركيني على حفظ السالم‪ ،‬بل مت تدريبهم‬ ‫على القتال في حروب تقليدية (رغم اخلبرة األميركية املطولة مع حركات‬ ‫التمرد)‪ .‬فقد مت تدريبهم على القتل‪.‬‬ ‫فتلك العملية برمتها التي جلبت األفراد من قراهم الصغيرة بالواليات املتحدة‬ ‫إلى األودية األفغانية‪ ،‬تعتمد على دمج هؤالء الرجال والنساء في مؤسسة‬ ‫تدرك أن منظومة قيمها تعتمد على قدرتها على تنفيذ العنف‪ .‬إال أن هؤالء‬ ‫اجلنود في أفغانستان تصدر لهم أوامر بتفادي استخدام «القوة القاتلة»‪.‬‬ ‫ولكي نفهم الشكوك التي يشعر بها هؤالء اجلنود بشأن احلرب في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬يجب أن نفهم تفاصيل استراتيجية مكافحة التمرد ومدى‬ ‫التناقض بني تدريبهم واألهداف املرجوة من تلك التكتيكات‪ .‬فمن أهم عناصر‬ ‫مكافحة التمرد‪ ،‬كما يقول أحد أعضاء «كلية احلرب»‪ ،‬أنه ال يجب النظر‬ ‫إليها باعتبارها نشاطا عسكريا ولكن باعتبارها «حملة تواصل استراتيجي‬ ‫تساندها عناصر اجليش»‪.‬‬ ‫ومبعنى آخر‪ ،‬فإن احلرب للفوز بقلوب وعقول األفغان يجب أن تتضمن تأييد‬ ‫املدنيني على األرض‪ ،‬أي أنها ليست حربا باملعنى التقليدي‪ ،‬فاحلرب بهذا املعنى‬ ‫تعني خلق خطاب يجعل من حركة طالبان أشرارا ومن األميركيني أخيارا‪.‬‬ ‫وال يعني ذلك أن يقتلوا‪ ،‬رغم أن ذلك هو ما مت تدريبهم على عمله‪ ،‬بل يعني‪،‬‬ ‫على نحو خاص‪ ،‬جتنب قتل األبرياء‪ .‬وذلك ألنه عندما ميوت األبرياء‪ ،‬فإننا نخسر‬ ‫املفهوم الذي يقف خلف حملة التواصل برمتها‪ ،‬كما أن املتمردين سوف‬ ‫يصورون تلك احلوادث باعتبارها منوذجا آخر على محاولة القوة األجنبية فرض‬ ‫سلطتها غير املشروعة على أفغانستان‪ .‬وبالنسبة لبلد يعج تاريخه بالغزو‬ ‫واحلكام األجانب‪ ،‬فإن حملة التواصل التي حتاول الواليات املتحدة الترويج‬ ‫لها من خالل وضع ‪ 140‬ألف جندي (من الواليات املتحدة وحلف شمال‬ ‫األطلسي) على األرض مزودين باألسلحة الثقيلة‪ ،‬ليست خطة يسهل‬ ‫الترويج لها حتى وإن لم يقتلوا األبرياء‪ .‬ومع ذلك فإنه وكما يذكر «الدليل‬ ‫امليداني لقوات مكافحة التمرد» األميركية في فلسفته املشكوك فيها‪ ،‬فإن‬ ‫استخدام املزيد من القوة يكون أقل فعالية‪ ،‬كما أن حتقيق جناح حقيقي لن‬ ‫يتم إال بحماية الشعب وليس قوات مكافحة التمرد‪.‬‬ ‫ولكن هذه الفلسفة ال تتوافق مع الثقافة العسكرية‪ .‬فقد شهدت مؤسسة‬ ‫اجليش احلديثة تغيرات كبيرة في القرن السابع عشر‪ .‬وكان حتديث نابليون‬ ‫للجيش يعني أن هدفه كقوة لتعزيز السلطة من خالل العنف‪ ،‬يجب أن‬ ‫يتزامن مع قدرته على دمج األفراد كعناصر داخل آلة احلرب‪ .‬كما أن قدرة‬ ‫اجليش كمؤسسة على قمع الفردية كانت تعتمد على التدريب املستمر‪،‬‬ ‫وتعزيز مفهوم احترام السلطة‪ ،‬باإلضافة على االستخدام املنضبط للعنف‪.‬‬ ‫وكما قال امليجور «آر دبليو جيه وينيك» عام ‪ :1984‬فإن «الدور األساسي‬ ‫ألي قوة عسكرية هو إدارة العنف بالعنف‪ ،‬وبالتالي فإن العنف الفردي يجب‬ ‫أن يكون إحدى اخلواص األساسية للتدريبات املهنية في الوحدات القتالية»‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى تلك الشروط‪ ،‬فليس مفاجئا أن يتشكك جنود ماكريستال في‬ ‫استراتيجيته ملكافحة التمرد من اللحظة األولى‪ .‬فأن تطلب من اجلندي «أال‬ ‫يسير سوى في املناطق التي يكون على يقني فيها بأنه لن يكون مضطرا‬ ‫الستخدام القوة القاتلة»‪ ،‬بعدما يكون قد خضع لتدريب يحدد قيمته من‬ ‫خالل استعداده لوضع نفسه على طريق اخلطر وقدرته على الدفاع عن‬ ‫نفسه‪ ،‬هو أمر غير عقالني وهم يدركون ذلك‪.‬‬ ‫بل إن قدرة اجليش األميركي على اتباع تلك األوامر أمر مثير للدهشة وذلك‬ ‫مقارنة باملوقف املشابه الذي تعرضت له الدولة اجملاورة للواليات املتحدة ذات‬ ‫الشعبية العاملية الواسعة في التسعينات من القرن املاضي‪ .‬فعلى خالف‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬تعتمد سياسة كندا اخلارجية على نحو أقل على الغزو‪،‬‬ ‫ومتيل إلى حفظ السالم‪ .‬ولكن حتى هوية السياسة اخلارجية تلك لم تتمكن‬ ‫من تقييد الثقافة العسكرية جلنودها‪ .‬فقد تعرضت مهمة حفظ السالم في‬ ‫الصومال ‪ -‬التي كانت تتكون بأكملها من اجلنود ‪ -‬النتقادات واسعة بعدما مت‬ ‫اإلعالن عن تعرض اثنني من املدنيني الصوماليني للقتل وتعذيب أحدهما حتى‬ ‫املوت على يد أعضاء من القوات اجلوية بالبالد‪ .‬بل وقام اجلنود بالتقاط صور‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫تشبه صور أبو غريب لتسجيل عنف أفعالهم‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن هذه املقارنة ال تهدف إلى القول بأن الثقافة العسكرية‬ ‫تؤدي بالضرورة إلى التعذيب فإنها ترغب في أن توضح أن اجلنود مت تدريبهم‬ ‫على العنف‪ .‬وبالتالي فإن وضعهم في موقف خطر ومنعهم من استخدام‬ ‫مناف متاما للتدريب الذي حصلوا عليه‪ ،‬وبالتالي فال يجب أن‬ ‫القوة هو أمر‬ ‫ٍ‬ ‫يندهش أحد من عدم تأييد اجلنود الستراتيجية مكافحة التمرد احلالية؛ فهم‬ ‫كجنود مهرة‪ ،‬لم يتم تدريبهم على التفكير على ذلك النحو؛ بل مت تدريبهم‬ ‫على أن ينظروا ألنفسهم باعتبارهم جزءا من وحدة أكبر‪ .‬فإذا ما طلبت من‬ ‫أي جندي أن يصف فرقته فسوف جتد أن اللغة التي يستخدمها تعكس نوع‬ ‫الرابطة التي تربطه بها وال جتدها إال بني أفراد األسرة الواحدة؛ فهم يطلقون‬ ‫على بعضهم البعض إخوة وأخوات كما أن السبب الذي يجعلهم دائما‬ ‫على استعداد للموت في احلرب ليس له عالقة في أغلب األحوال بالتعريف‬ ‫السياسي للنصر بل له عالقة بالتعريف العسكري للجندي‪ ،‬مبا في ذلك‬ ‫قدرته على حماية «إخوته»‪.‬‬ ‫واآلن‪ ،‬مبا أن استراتيجية مكافحة التمرد تتلقى كل ذلك القدر من االهتمام‪،‬‬ ‫فإنها ليست فقط اللحظة املالئمة لتقييم ما ميكن أن نعتبره نصرا في حرب‬ ‫غير تقليدية‪ ،‬بل إنها اللحظة املالئمة لتقييم ما إذا كانت ثقافة اجليش‬ ‫احلالية تالئم املهام املكلف بها اجلنود أم ال‪ .‬فإذا لم تكن مالئمة‪ ،‬فكيف‬ ‫نتوقع أن ينفذ اجلنود هذه االستراتيجية بأي قدر من النجاح؟‬ ‫* بوال ميجيا محررة بـ«اجمللة»‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪.2010‬‬

‫جندي الألفية‬ ‫في شهر يوليو املاضي مت استبدال التدريبات األساسية‪ ،‬وفقا جلني‬ ‫دمياسكيو الكاتبة مبجلة «بوليتيكو»‪ ،‬فأخيرا سوف يقوم اجليش‬ ‫األميركي بإجراء تعديالت تتالءم مع خصائص «جيل األلفية» التي‬ ‫تختلف عن اخلصائص التي ارتبطت تقليديا بدور اجلندي‪.‬‬ ‫ووفقا للوتنيت جنرال (الفريق) مارك هرتلينغ املسؤول عن التجديد‪،‬‬ ‫فإن مستوى اجليل اجلديد من اجلنود ال يقابل مستوى اجليش في الوقت‬ ‫الذي توجد فيه حاجة ماسة خلبراتهم في العراق وأفغانستان‪ .‬ونظرا‬ ‫النخفاض مهاراتهم‪ ،‬واملهارات التقنية والوعي بالهدف‪ ،‬كان اجليش‬ ‫يستخدم مناهج قدمية لتدريبهم داخل ميدان املعركة‪.‬‬ ‫وتتضمن املبادرة اجلديدة استخدام الهواتف الذكية‪ ،‬والسماح‬ ‫للمتدربني بالوصول إلى أدبيات التدريب على نحو أسهل والتخلص‬ ‫من بعض أجزاء املنهج التي لم تعد مالئمة للحرب في وقتنا الراهن‪،‬‬ ‫مثل التدريب باحلراب‪.‬‬ ‫وسوف متهد تلك التدريبات الطريق أمام التدريب الثقافي املوجه‬ ‫للفوز بالعقول والقلوب في جبهات مكافحة التمرد اليوم‪ .‬وهو‬ ‫يتضمن برنامجا يطلق عليه «اللياقة الشاملة للجندي» الذي‬ ‫يساعد اجلنود على رفع ذكائهم العاطفي‪ ،‬وفي الوقت نفسه تعزيز‬ ‫قيم مثل التضامن والوالء‪.‬‬ ‫ويؤمن هرتلينغ بفعالية ذلك التوجه اجلديد مؤكدا‪« :‬إذا ما مت‬ ‫تدريبهم على نحو الئق‪ ،‬فسيصبح هؤالء اجلنود أفضل جنود على‬ ‫اإلطالق»‪.‬‬ ‫ويعد وضع مفهوم أكثر شموال لدور اجلندي أمرا ضروريا؛ حيث إن‬ ‫اخلط الذي يفصل بني حفظ السالم واحلرب أصبح غائما‪ .‬فيقول‬ ‫هرتلينغ‪« :‬ال يتفق ذلك والعسكرية ولكنني أفضل أن أضع منهجا‬ ‫حول كيفية التكيف بدال من وضع ثالث ساعات من التدريب حول‬ ‫الهجوم باحلراب»‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫● فن احلرب‬

‫درب جنوده سنوات على القتل ويأمرهم اآلن مبنعه‬

‫البنتاغون بني حفظ السالم‬ ‫وصناعة احلرب في أفغانستان‬ ‫على الرغم من أن اجلنود يتم تدريبهم على القتال في احلروب التقليدية‪ ،‬تعد قوات مواجهة التمرد األميركية في أفغانستان‬ ‫أقرب إلى كونها قوات حلفظ السالم أكثر من أي شيء آخر‪ .‬إن منظومة القيم التي ينطلق منها جنود مكافحة التمرد‬ ‫ليست هي القيم التي مت تدريب اجلنود على اإلميان بها‪ .‬وبأخذ ذلك التناقض في االعتبار‪ ،‬وبالنظر إلى جناحات الواليات املتحدة‬ ‫املشكوك فيها في أفغانستان‪ ،‬فإن الوقت قد حان ملراجعة ما نتوقعه من جيش يقوم مبهمة مت تدريبه على أال يقوم بها‪.‬‬ ‫بوال ميجيا‬ ‫ألقى املقال األخير الذي أنهى عمل اجلنرال األميركي ستانلي ماكريستال؛‬ ‫كقائد للقوات األميركية في أفغانستان‪ ،‬على نحو مفاجئ‪ ،‬بالضوء على‬ ‫كثير من اإلشكاالت؛ فبعيدا عن القضايا املتعلقة بالعصيان العسكري‪،‬‬ ‫أشار املقال إلى أن سياسة مكافحة التمرد احلالية رمبا تفتقر إلى‬ ‫الفعالية‪.‬‬ ‫وذلك حيث أظهرت شهادات كثيرة أن اجلنود على اجلبهة ال يؤمنون‬ ‫باالستراتيجية التي تعرض حياة أفراد اجليش للخطر‪ ،‬رغم ما يكنونه من‬ ‫احترام للجنرال؛ فهم يشعرون بأنهم يخسرون عسكريا أمام حركة طالبان‪،‬‬ ‫وأن التضحيات التي بذلوها إلنقاذ حياة األفغان لم تسهم في حتسني‬ ‫صورتهم في نظر السكان احملليني‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫ومنذ شهر ديسمبر (كانون األول) املاضي‪ ،‬كان أوباما يتحدث حول وضع نهاية‬ ‫حلالة النشاط الذي حتظى به حركة طالبان في البالد‪ .‬وما زال ذلك هو الهدف‬ ‫الذي تقيس به الواليات املتحدة مدى جناحها في أفغانستان‪ .‬وكلما تزايدت‬ ‫تكلفة احلرب ‪ -‬سواء على صعيد اخلسارة البشرية أو الوقت واملوارد ‪ -‬ازدادت‬ ‫الشكوك التي حتيط بقدرة استراتيجية مكافحة التمرد على أن حتقق أي‬ ‫شيء فيما يتعلق بنشاط حركة طالبان بخالف تعزيزه‪.‬‬ ‫وأخذا في االعتبار الشكوك الهائلة التي تثقل كاهل جهود مكافحة‬ ‫التمرد األميركية‪ ،‬فإن األمر يستحق أن نتساءل حول السبب الذي جعل‬ ‫جنود ماكريستال يتشككون في قائدهم احملبوب‪ .‬واإلجابة واضحة للغاية؛‬ ‫فاستراتيجية مكافحة التمرد األميركية هي أقرب على نحو غريب إلى مهمة‬



‫● فن احلرب‬

‫الرئيس ملكافحة اإلرهاب‪ ،‬مقتطفات من االستراتيجية اجلديدة‪ .‬وقد‬ ‫أبرز برينان‪ ،‬على نحو خاص‪ ،‬أن الواليات املتحدة في حالة حرب ضد‬ ‫تنظيم القاعدة وليس في «حرب ضد اإلرهاب»‪ .‬وفي استراتيجية‬ ‫األمن القومي التي صدرت عام ‪ ،2005‬كانت تعبيرات مثل «احلرب‬ ‫على اإلرهاب»‪« ،‬احلرب ضد اإلرهاب» و«العدو اإلرهابي» منتشرة‬ ‫في كافة أنحاء الوثيقة‪.‬‬ ‫وقد أثبت مصطلح «احلرب على اإلرهاب» الذي يعكس نظرة‬ ‫معينة للعالم وكيفية التعامل معه أنه مسيء للصورة األميركية‬ ‫ومصاحلها في النطاق الواسع للشرق األوسط‪.‬‬ ‫وكان برينان قد دافع عن التخلي عن ذلك املصطلح بداية ‪2009‬‬ ‫في خطابه األول بعدما انضم إلدارة أوباما‪ ،‬مؤكدا أن التوجه‬ ‫اجلديد سوف يركز على «األسباب األساسية لإلرهاب»‪ ،‬أي األسباب‬ ‫االقتصادية واالجتماعية التي أفرزت التطرف‪ ،‬وهو ما يتناقض إلى‬ ‫حد بعيد مع طرح إدارة بوش بأن اإلرهاب جاء نتاج األنظمة الطغوية‬ ‫في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫ولكننا ما زلنا في انتظار إذا ما كان التخلي عن مصطلح «احلرب‬ ‫على اإلرهاب» سوف يقترن بأفعال تتخذها إدارة أوباما تؤسس‬ ‫لتغيير حقيقي في ذلك اإلطار أم ال‪ .‬وتبذل االستراتيجية اجلديدة‬ ‫جهدا للتأكيد على أن اإلدارة اجلديدة ليست في حرب ضد اإلسالم ‪-‬‬ ‫«‪ ..‬إنها ليست حربا عاملية ضد اإلسالم ‪ -‬سواء اإلرهاب أو الديانة‪.‬‬ ‫فنحن في حالة حرب ضد تنظيم محدد وهو تنظيم القاعدة‬ ‫واملنظمات اإلرهابية التابعة له التي تدعم جهوده في مهاجمة‬ ‫الواليات املتحدة وحلفائنا وشركائنا»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التخلص من مصطلح «احلرب على اإلرهاب»‪ ،‬ما‬ ‫زالت هناك شكوك حول إذا ما كان جوهر املصطلح ما زال كامنا‬ ‫في االستراتيجية اجلديدة‪« ..‬ملا يقرب من العقد كانت بالدنا حتارب‬ ‫شبكة واسعة من العنف والكراهية»‪ .‬وما زال السؤال هو إذا كانت‬ ‫إدارة أوباما مدركة حقا أن التعامل اخلاطئ مع العنف لم يولد إال‬ ‫املزيد من التطرف أم ال‪.‬‬

‫أحد الشعارات األساسية حلملة أوباما‬ ‫االنتخابية هو إغالق معتقل غوانتانامو‬ ‫وهو أكثر الرموز السلبية حلملة بوش‬ ‫«احلرب على اإلرهاب» وهي املهمة التي‬ ‫ثبت أنها أصعب مما كان يعتقد في البداية‬ ‫فلكي تنهي «احلرب على اإلرهاب» يجب على إدارة أوباما أن تفعل‬ ‫أكثر من مجرد إزالة املصطلح من االستراتيجية‪.‬‬ ‫لقد كان أحد الشعارات األساسية حلملة أوباما االنتخابية هو إغالق‬ ‫معتقل غوانتانامو وهو أكثر الرموز السلبية حلملة بوش «احلرب‬ ‫على اإلرهاب» وهي املهمة التي ثبت أنها أصعب مما كان يعتقد‬ ‫في البداية‪ ،‬كما فشلت اإلدارة في الوفاء بامليعاد املبدئي إلغالقه‬ ‫في يناير (كانون الثاني) من العام احلالي‪ .‬حيث لم تكن مشكلة‬ ‫التصرف في السجناء املوجودين به سوى واحدة من األلغاز التي‬ ‫يجب على إدارة أوباما حلها‪ .‬كما أن إرسال السجناء اليمنيني‬ ‫املوجودين في غوانتانامو إلى اليمن ليس أحد اخليارات املطروحة‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫فعلى الرغم من أن حتويل ذلك السجن إلى معسكر تعذيب كان أحد‬ ‫ابتكارات إدارة بوش حملاربة «اإلرهاب» بـ«اإلرهاب»‪ ،‬فإن عدم قدرة‬ ‫إدارة أوباما على إغالق املعتقل كان له آثار سلبية على إدارته‪ .‬وهناك‬ ‫تطور آخر له على األقل نفس اآلثار السلبية لعدم قدرة اإلدارة على‬ ‫إغالق معتقل غوانتانامو بالنسبة للمصالح األميركية على املدى‬ ‫البعيد وهو الزيادة الهائلة للهجمات التي تشنها بطائرات الدرون‬ ‫في باكستان منذ أن تولت إدارة أوباما السلطة‪ .‬فكما ذكرت أحد‬ ‫املقاالت التي نشرت سابقا في «اجمللة» فإنه على الرغم من «أن‬ ‫بعض خبراء مكافحة اإلرهاب ينظرون إلى ذلك البرنامج باعتباره‬ ‫انتصارا حقيقيا‪ ،‬أكد بعض اخلبراء في مقاومة التمرد بوضوح أنه‬ ‫يرسل برسائل خاطئة للشعب الباكستاني»‪ .‬كما أصدر اخلبراء‬ ‫كثيرا من التحذيرات حول األثر العكسي احملتمل لتلك االستراتيجية‬ ‫مبا في ذلك ديفيد كيلكولن وأندرو أكسوم من مركز االستراتيجية‬ ‫األميركية اجلديدة‪ ،‬والبروفسور فواز جرجس من كلية لندن لالقتصاد‬ ‫في مقال حديث له مبجلة الـ«نيوزويك»‪.‬‬ ‫إن هذه االستراتيجية التي كانت مسؤولة عن مقتل كثير من املدنيني‬ ‫تتناقض مع كثير من األفكار املطروحة في استراتيجية األمن القومي‬ ‫اجلديدة‪ ،‬وحتديدا «تعزيز األعراف الدولية نيابة عن حقوق اإلنسان»‬ ‫أو «تعزيز اجلهود املبذولة لكي نطبق قيمنا ونحافظ على مبادئ‬ ‫الدميقراطية في مجتمعنا‪ ،‬وتأييدنا لتطلعات املقهورين باخلارج الذين‬ ‫يعلمون أنهم يستطيعون أن يلجأوا إلى أميركا من أجل العدالة‬ ‫واألمل»‪ .‬ومن الصعب أن نفهم كيف ميكن لتفجير القرى في املناطق‬ ‫القبلية في باكستان الذي تشنه طائرات الدرون األميركية أن يساهم‬ ‫في حتقيق األهداف الذي تضمنتها االستراتيجية اجلديدة من «بناء‬ ‫شراكة إيجابية مع اجملتمعات اإلسالمية حول العالم»‪.‬‬ ‫وحتى يتم على األقل التعامل مع هاتني القضيتني (إغالق غوانتانامو‬ ‫وتقييد هجمات الدرون) لن تنتهي فعليا «احلرب على اإلرهاب» بل‬ ‫ستغير وجهها فقط‪.‬‬ ‫* مانويل أمليدا‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 12‬يوليو ‪.2010‬‬

‫�أمريكا يف حالة حرب‬ ‫«إن الهجمات اخلطرة املتعمدة التي مت شنها باألمس ضد بالدنا‬ ‫كانت أكثر من كونها أحداثا إرهابية‪ ،‬لقد كانت إعالن حرب»‪..‬‬ ‫الرئيس األميركي جورج بوش في ‪ 12‬سبتمبر (أيلول) ‪.2001‬‬ ‫بعد يوم واحد من هجمات احلادي عشر من سبتمبر (أيلول)‬ ‫الفظيعة‪ ،‬أعلن الرئيس األميركي بوش أن أميركا في حالة‬ ‫حرب‪ .‬لقد مهدت إدارة بوش‪ ،‬من خالل ذلك اخلطاب املقتضب‬ ‫الذي ألقاه بوش بعد لقائه بفريق مستشاريه لألمن القومي‪،‬‬ ‫الطريق أمام احلرب على اإلرهاب املثيرة للجدل‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنه من الصعب رصد البداية احلقيقية‬ ‫الستخدام ذلك املصطلح‪ ،‬فمن املرجح أنه نشأ في ‪ 20‬سبتمبر‬ ‫(أيلول) ‪ 2001‬في خطاب ألقاه الرئيس األميركي جورج بوش‬ ‫في جلسة مشتركة للكونغرس األميركي‪.‬‬ ‫إن حربنا على اإلرهاب تبدأ مع «القاعدة» ولكنها ال تنتهي‬ ‫عندها ولن تنتهي حتى نتمكن من الوصول إلى كل اجلماعات‬ ‫اإلرهابية في العالم ووقفها وهزميتها‪.‬‬


‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫التي صدرت عام ‪ 2002‬أم ال‪ ،‬فما زالت استراتيجية األمن القومي‬ ‫لعام ‪ 2006‬تثير اجلدل‪.‬‬ ‫وفي خطابه‪ ،‬حاول أوباما أن يوضح مدى اختالف هذه االستراتيجية‬ ‫عندما قارنها باستراتيجية سلفه‪ .‬ومن الواضح‪ ،‬أن هناك بعض‬ ‫املناحي في تلك االستراتيجية اجلديدة متثل اختالفا‪ ،‬خاصة فيما‬ ‫يتعلق بالتعددية في مقابل القطب الواحد‪ ،‬الدبلوماسية في مقابل‬ ‫استخدام القوى العسكرية واالعتراف الصريح مبحدودية القوة‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى أوباما‪ ،‬قدمت هيالري كلينتون وزيرة اخلارجية األميركية‪،‬‬ ‫وجيمس جونز مستشار األمن القومي‪ ،‬وجون برينان كبير مستشاري‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫وما زال السؤال هو ما إذا‬ ‫كانت إدارة أوباما مدركة‬ ‫حقا أن التعامل اخلاطئ مع‬ ‫العنف لم يولد إال املزيد من‬ ‫التطرف أم ال‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫● فن احلرب‬

‫بعد إعالن فشل الدبلوماسية‬

‫أميركا تبحث عن «خروج آمن»‬ ‫من حربها على اإلرهاب‬ ‫ضمن املقتطفات الكثيرة التي عُرضت من استراتيجية األمن القومي‬ ‫األميركي اجلديدة التي صدرت مؤخراً‪ ،‬أكد جون برينان‪ ،‬كبير مستشاري‬ ‫الرئيس األميركي ملكافحة اإلرهاب مرة أخرى أن الوثيقة اجلديدة متثل‬ ‫«نهاية احلرب على اإلرهاب»‪ .‬ومما ال شك فيه أن التخلي عن املصطلح‬ ‫الذي أضر بصورة الواليات املتحدة ومصاحلها هو تطور موضع ترحيب‪،‬‬ ‫ولكن يجب عمل ما هو أكثر من ذلك للقضاء نهائيا على تلك الصورة‬ ‫السلبية التي ال جتلب إال املزيد من التطرف‪.‬‬ ‫مانويل أمليدا‬ ‫‪12‬‬

‫خالل مايو (أيار) املاضي‪ ،‬قدم الرئيس األميركي باراك أوباما في‬ ‫أكادميية ويست بوينت العسكرية الشهيرة خطة األمن القومي‬ ‫األميركية اجلديدة‪ ،‬التي أطلق عليها رسميا استراتيجية األمن‬ ‫القومي لعام ‪ 2010‬وأصدرها البيت األبيض في نهاية ذلك الشهر‪.‬‬ ‫وكما هو متعارف عليه بني محللي السياسة اخلارجية‪ ،‬والصحافيني‬ ‫واملراكز البحثية‪ ،‬مت نشر نطاق واسع من التحليالت حول هذه‬ ‫االستراتيجية اجلديدة‪ .‬ومن النقاط األساسية التي أوالها اجلميع‬ ‫اهتماما بالغا حتديد العناصر األساسية للتغيير وعناصر االستمرارية‬ ‫مقارنة باستراتيجية األمن القومي السابقة‪.‬‬ ‫وسواء كانت االستراتيجية اجلديدة التي صدرت مؤخرا تختلف على‬ ‫نحو حقيقي عن استراتيجية إدارة (الرئيس األميركي السابق) بوش‬


‫عدم مساندة إيران لنشاطات اجلماعات اإلرهابية اإلسالمية في القوقاز‪.‬‬ ‫وفي مجلس األمن‪ ،‬كان الدبلوماسيون الصينيون والروس يسعون لتخفيف‬ ‫اإلجراءات العقابية ضد إيران على أنشطتها النووية غير القانونية‪ ،‬خاصة‬ ‫تلك التي رمبا حتد من تعاونهما في مجال الطاقة مع إيران في املشاريع‬ ‫غير املتعلقة بالطاقة النووية‪ .‬كما كانوا يدافعون دائما عن حق طهران‬ ‫في احلصول على طاقة نووية لألغراض السلمية مثل إنتاج الطاقة النووية‬ ‫املدنية‪ .‬ونظرا للمفاوضات النشطة التي قامتا بها‪ ،‬فقد متكنتا من‬ ‫استثناء مصاحلهما االقتصادية األساسية من كل جولة عقوبات اقتصادية‬ ‫جديدة ضد إيران‪.‬‬ ‫وخالل إدارة الرئيس األميركي جورج بوش كانتا ال تقبالن سوى احلد األدنى‬ ‫من العقوبات مبا مينع من شن هجمة عسكرية محتملة على إيران كان من‬ ‫املمكن أن تؤدي إلى تغيرات غير مرغوب فيها في البيئة األمنية اإلقليمية‪.‬‬ ‫ومنذ أن مت انتخاب باراك أوباما رئيسا ألميركا‪ ،‬ساندت احلكومات الصينية‬ ‫والروسية جزئيا فرض العقوبات كاستجابة للضغوط الدبلوماسية‬ ‫األميركية التي عززتها ضغوط دول حلف شمال األطلسي (الناتو)‪ .‬ومن‬ ‫جانبها‪ ،‬قبلت إدارة أوباما اتخاذ إجراءات أضعف من العقوبات «املقيدة»‬ ‫التي كان مخططا لها سلفا‪ ،‬لتقدمي التغطية املالئمة حلكومات االحتاد‬ ‫األوروبي حتى تتبنى عقوبات أكثر شدة‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أعرب املسؤولون الصينيون والروس عن تزايد انزعاجهم‬ ‫من رفض احلكومة اإليرانية تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم كشرط‬ ‫مسبق لتسوية دبلوماسية ظلت بالتالي غامضة‪.‬‬ ‫ورغم أن املسؤولني الصينيني والروس في السابق يتهمون إدارة بوش‬ ‫والتهديدات التي تطلقها بعرقلة التقدم الدبلوماسي وتشجيع اإليرانيني‬ ‫على التفكير في خياراتهم النووية لضمان أمنهم‪ ،‬فقد أصبحوا اآلن‬ ‫يحملون نظام أحمدي جناد ‪ -‬عناده واإلعالن املستمر عن األنشطة النووية‬ ‫املثيرة للشكوك ‪ -‬مسؤولية استمرار األزمة‪.‬‬ ‫وأصبح التغير في موقف كل من الصني وروسيا واضحا في يونيو املاضي‪،‬‬ ‫عندما قررتا أن منظمة «شنغهاي للتعاون» التي يشاركان في قيادتها ال‬ ‫تستطيع االعتراف بإيران كعضو كامل العضوية ما دامت تخضع لعقوبات‬ ‫األمم املتحدة‪ .‬ويأتي موقف بكني باستخدام عالقاتها بإيران كرد فعل على‬ ‫قرار الواليات املتحدة باالستمرار في بيع األسلحة املتطورة إلى تايوان‪ .‬بل‬ ‫واألهم من ذلك‪ ،‬أعلنت احلكومة الروسية أن اجلولة األخيرة من العقوبات‬ ‫متنعها من تزويد إيران بأنظمة الدفاع اجلوي الروسي «إس ‪ »300‬التي كانت‬ ‫إيران تسعى للحصول عليها‪ .‬ولم تكن القرارات التي اتخذتها الدولتان‬ ‫سوى تفسيراتهما اخلاصة اللتزاماتهما صوب األمم املتحدة‪ ،‬أكثر من كونها‬ ‫التزما بقرارات مفروضة‪ .‬فعلى غرار القرارين السابقني عليه‪ ،‬يعتمد آخر‬ ‫قرار أصدره مجلس األمن على اإلجراءات التطوعية‪ .‬وفعليا‪ ،‬فرضت الصني‬ ‫وروسيا على إيران عقوبات تزيد عن احلد األدنى الضروري للوفاء بالتزامهما‬ ‫جتاه قرارات األمم املتحدة حيث كانتا تستطيعان استخدام حق الفيتو‬ ‫ضدها‪.‬‬ ‫قبل عشرة أعوام‪ ،‬كانت واشنطن تقف إلى حد كبير وحدها ضد األنشطة‬ ‫النووية اإليرانية‪ .‬وقد أدت األعوام التالية من املفاوضات احملبطة مع طهران‬ ‫بشأن برنامجها النووي إلى دفع احلكومات األوروبية لتبني موقف أكثر حدة‬ ‫صوب إيران‪ .‬واآلن تخلت كل من الصني وروسيا عن حماية طهران رغم‬ ‫دفاعهما عن مصاحلهما املتعلقة بالطاقة في إيران‪ .‬وأصبح حلفاء إيران‬ ‫األساسيون حاليا هما البرازيل وتركيا‪ .‬وعلى الرغم من أن هاتني الدولتني‬ ‫من أكبر القوى الناشئة‪ ،‬فإنهما‪ ،‬وكما يتضح من إخفاق جهود التوسط‬ ‫األخيرة‪ ،‬تفتقران بوضوح إلى الثقل الدبلوماسي‪ ،‬مبا في ذلك حق استخدام‬ ‫الفيتو على قرارات مجلس األمن للتوازن مع القائمة املتزايدة من حلفاء‬ ‫إيران الذين يتخلون عنها‪.‬‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫* ريتشارد ويتز مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد‬ ‫هدسون بواشنطن‪.‬‬ ‫ ‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 5‬يوليو ‪.2010‬‬ ‫‪11‬‬


‫● فن احلرب‬

‫تخلتا عن طهران‬ ‫رغم حرصهما على مصاحلهما‬

‫الصني وروسيا‬ ‫تلحقان بقطار‬ ‫العقوبات‬

‫أظهر موقف كل من الصني وروسيا بتأييد القرار الرابع جمللس‬ ‫األمن التابع لألمم املتحدة بفرض عقوبات على إيران‪ ،‬مدى‬ ‫إقصاء إيران حللفائها السابقني‪ .‬وقررت كلتا الدولتني فرض‬ ‫قيود على مجاالت تعاون أخرى مع إيران‪ ،‬كرد فعل على رفض‬ ‫نظام محمود أحمدي جناد معاجلة اخملاوف الدولية بشأن‬ ‫طموحاته النووية‪.‬‬ ‫ريتشارد ويتز‬ ‫في ‪ 9‬يونيو (حزيران) ‪ ،2010‬وافق ‪ 12‬عضوا مبجلس األمن التابع لألمم املتحدة‬ ‫على احلزمة الرابعة من العقوبات ضد إيران نظرا الستمرار طهران في تطوير‬ ‫نشاطاتها النووية احلساسة‪ ،‬فيما اقترع اثنان بالرفض‪ ،‬وامتنع عضو واحد‬ ‫عن التصويت‪ .‬وعلى نحو غير متوقع‪ ،‬كانت الدولتان اللتان اقترعتا ضد فرض‬ ‫جولة جديدة من العقوبات؛ هما البرازيل وتركيا‪ ،‬وليس الصني وروسيا‪.‬‬ ‫ولم يكن قرار هاتني الدولتني ‪ -‬وهما من الدول التي تتمتع بحق النقض‬ ‫(الفيتو) ‪ -‬بالتصويت لصالح العقوبات األخيرة متوقعا‪ ،‬حيث عبرت كل من‬ ‫بكني وموسكو على مدى أشهر عن عدم االرتياح لفرض املزيد من العقوبات‬ ‫على إيران‪ ،‬مستندتني في ذلك إلى أن العقوبات السابقة قد أخفقت في‬ ‫حثها على تعديل سياستها‪ .‬فعلى الرغم من تعرض إيران لسنوات من‬ ‫العقوبات الثنائية والدولية‪ ،‬باإلضافة إلى املفاوضات املطولة واملشاورات‬ ‫مع كثير من زعماء العالم‪ ،‬اتخذت احلكومة اإليرانية خطوات ثابتة لتطوير‬ ‫قدراتها على تخصيب اليورانيوم في إيران دون مساعدة أجنبية مباشرة‪.‬‬ ‫وقبل فرض العقوبات‪ ،‬أصدر مجلس األمن عدة قرارات يطالب فيها إيران‬ ‫بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم وتقدمي املزيد من املعلومات للوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية بشأن أنشطتها النووية السابقة التي ميكن أن نطلق عليها‬ ‫مساعي تطوير سالح نووي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن كال من بكني وموسكو ال ترغبان في أن حتصل طهران‬ ‫على سالح نووي‪ ،‬فإن لدى الدولتني مصالح اقتصادية مهمة في إيران في‬ ‫مجالي الطاقة والسالح‪ .‬فقبل التباطؤ املالي خالل العام املاضي‪ ،‬كان حجم‬ ‫التجارة بني الصني وإيران يتزايد بنسبة ‪ % 30‬سنويا حتى وصل إلى ‪27‬‬ ‫مليار دوالر عام ‪2008‬؛ حيث حتصل الصني من إيران على ما يتراوح بني ‪10‬‬ ‫و‪ 15‬في املائة من وارداتها من البترول‪ ،‬كما أصبحت الشركات الصينية من‬ ‫املستثمرين املهمني في صناعة الطاقة اإليرانية‪ .‬وتشمل الصادرات الصينية‬ ‫إلى إيران السيارات‪ ،‬واملنسوجات‪ ،‬والبضائع االستهالكية باإلضافة إلى اآلالت‬ ‫واملعدات‪ .‬كما تشتري إيران بعض األسلحة الصينية خاصة الصواريخ‪،‬‬ ‫ولديها اهتمام بشراء املزيد‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تعد روسيا من موردي السالح‬ ‫الرئيسيني إليران وتلعب الشركات الروسية دورا مهما في املساعدة على‬ ‫تطوير صناعة الطاقة املدنية مبا في ذلك قطاع الطاقة النووية‪ .‬كما يشتري‬ ‫املستهلك الروسي كثيرا من املنتجات اإليرانية‪ ،‬ويقدر الدبلوماسيون الروس‬ ‫‪10‬‬



‫●● أقوال‬ ‫احملتويات‬

‫أقوال‬ ‫«تابعنا هذا األمر‬ ‫بكل اهتمام ورصدنا‬ ‫جتاوزات ال ميكن أن‬ ‫نسمح بها ‪ ،‬ومن‬ ‫واجبنا الشرعي‬ ‫الوقوف إزاءها بقوة‬ ‫وحزم»‪.‬‬

‫عاهل السعودية امللك عبد اهلل بن عبد‬ ‫العزيز في مرسوم ملكي أُرسل إلى مفتي‬ ‫السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‪.‬‬

‫«لم يرسلني الرئيس إلى هنا‬ ‫للحصول على خروج مشرف‪..‬‬ ‫أوامري هي فعل‬ ‫كل ما هو‬ ‫ممكن إنسانيا‬ ‫لتحقيق‬ ‫أهدافنا»‪.‬‬ ‫اجلنرال بترايوس في مكتبه في‬ ‫مقر حلف شمال األطلنطي (الناتو) بأفغانستان‪.‬‬

‫«ال يتعلق األمر بتنظيم‬ ‫أنشطة شركات األمن اخلاصة‪،‬‬ ‫بل بوجودها‪ ،‬وبأسلوب عملها‬ ‫في أفغانستان‪ ..‬وجميع‬ ‫املشكالت التي تسببت فيها»‪.‬‬ ‫وحيد عمر املتحدث باسم الرئيس األفغاني حامد‬ ‫كرزاي‪ ،‬عن حظر عمل قوات الدفاع اخلاصة في‬ ‫أفغانستان‪.‬‬

‫‪Images © Getty Images‬‬

‫‪8‬‬

‫«إن استبعاد دولة يعني أنه‬ ‫مت استثناؤها وحدها من بني‬ ‫مجموعة دول تشاركها املوقف‬ ‫ذاته»‪.‬‬

‫جامعة الدول العربية فيما يتعلق بسعيها إلى‬ ‫تفتيش برنامج األسلحة النووية اإلسرائيلي‪.‬‬

‫«لقد اع ُتصر قلبي في هذا‬ ‫اليوم»‪.‬‬ ‫بان كي مون أمني عام األمم‬ ‫املتحدة بعد مروره بالطائرة‬ ‫فوق املناطق التي دمرها‬ ‫الفيضان في باكستان مع‬ ‫الرئيس آصف على زرداري‪.‬‬

‫«نخشى أن الوثائق اإلضافية‬ ‫التي ميلكونها قد تسبب‬ ‫مخاطر أكبر من الوثائق‬ ‫التي نشروها من قبل»‪.‬‬

‫املتحدث باسم البنتاغون جيف موريل‬ ‫عن سجالت حرب أفغانستان التي نشرها‬ ‫موقع «ويكيليكس»‪.‬‬


‫‪34‬‬

‫‪43‬‬

‫‪16‬‬

‫‪30‬‬

‫‪48‬‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪7‬‬


‫● احملتوى‬

‫احملتوى‬ ‫أقوال‬

‫فن احلرب‬

‫ •الصني وروسيا تلحقان بقطار العقوبات‬ ‫ •أميركا تبحث عن « خروج آمن » من حربها على اإلرهاب‬ ‫ •البنتاغون بني حفظ السالم وصناعة احلرب في أفغانستان‬

‫في السياسة‬

‫ •هل يدخل البرادعي السياسة املصرية من باب اإلخوان؟‬ ‫ •أردوغان يتجه بتركيا حيث تشرق الشمس‬ ‫ •املشكلة القبرصية كعب أخيل التركي‬

‫أوباما يحطم توقعات العرب واملسلمني‬

‫بعد مرور عام على إلقاء الرئيس األميركي باراك أوباما خلطابه في‬ ‫القاهرة‪ ،‬تظهر دراسة عاملية انخفاضا حادا في شعبية الواليات‬ ‫املتحدة في الدول اإلسالمية‪.‬‬

‫ثروة األمم‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪8‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪18‬‬

‫‪26‬‬

‫‪30‬‬

‫•نفاد الطاقة زهيدة الثمن‬ ‫•اتفاقية الصني وتايوان تتأثر بقضية االستقالل‬ ‫•انقسام«األطلسي» بسبب صراع عجز املوازنات‬ ‫•اتفاقية التعاون اإلقتصادي ما تزال متواضعة‬

‫الوضع البشري‬

‫ •مؤمتر كمباال يتحدى الطغاة ويعزز دور احملكمة اجلنائية‬ ‫ •أزمة نقص الطاقة في باكستان‬

‫‪40‬‬

‫ألف كلمة‬

‫‪46‬‬

‫حوارات‬

‫‪48‬‬

‫ •إسماعيل كارا‪ :‬لدى اإلخوان املسلمني نزعة دولية‬ ‫كاملاركسيني‬ ‫ •نوشروان مصطفى‪ :‬نحتاج حلوال عادلة تضمن‬ ‫التعايش اآلمن‬

‫العراق‬

‫‪54‬‬

‫النقاد‬

‫‪58‬‬

‫الكلمة األخيرة‬

‫‪62‬‬

‫‪6‬‬

‫‪26‬‬

‫‪40‬‬


‫الكتاب المساهمون في هذا العدد‬ ‫فواز جرجس‬ ‫أستاذ السياسة الشرق أوسطية والعالقات الدولية‬ ‫في كلية لندن لالقتصاد والعلوم السياسية‪ .‬وقد‬ ‫تلقى تعليمه في أكسفورد وهارفارد وكولومبيا‪ ،‬ثم‬ ‫حصل على درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد‪.‬‬ ‫وكان يعمل باحثا في برنستاون وأستاذ كرسي في‬ ‫كلية سارة لورنس في نيويورك‪.‬‬ ‫من أهم مؤلفاته‪« :‬رحلة اجملاهدين‪ :‬داخل القتال‬ ‫اإلسالمي» (دار نشر هاركورت‪ ،)2007 ،‬و«العدو‬ ‫البعيد‪ :‬ملاذا أصبح اجلهاد عامليا» (دار نشر جامعة‬ ‫كمبريدج)‪ ،‬ويعكف حاليا على تأليف كتاب حتت‬ ‫عنوان مؤقت‪« :‬صناعة العالم العربي‪ :‬من ناصر‬ ‫إلى نصر اهلل»‪ .‬ويكتب جرجس مقاالت وافتتاحيات‬ ‫في «نيويورك تاميز»‪ ،‬و«واشنطن بوست»‪ ،‬و«لوس‬ ‫أجنليس تاميز»‪ ،‬و«فورين آفيرز»‪ ،‬و«فورين بوليسي»‪،‬‬ ‫وغيرها‪.‬‬

‫نيكوال بيرش‬ ‫عاش في تركيا منذ عام ‪ 2002‬وحتى عام ‪،2009‬‬ ‫وكان يعمل صحافيا حرا‪ .‬ونشرت كتاباته عن‬ ‫تركيا والعراق وإيران والقوقاز في مجموعة كبيرة‬ ‫من اإلصدارات‪ ،‬منها‪« :‬واشنطن بوست»‪ ،‬ومجلة‬ ‫«تامي»‪ ،‬و«الغارديان»‪ ،‬وامللحق األدبي لـ«التامي»‪.‬‬ ‫كما عمل مراسال صحافيا محليا في «وول ستيرت‬ ‫جورنال»‪ ،‬و« لندن تاميز» حتى نهاية ‪ .2009‬ويقيم‬ ‫بيرش في لندن منذ بداية العام احلالي‪ ،‬وهو مستمر‬ ‫في عمله كصحافي حر‪ ،‬ويعمل حاليا في املراحل‬ ‫األولى من تأليف كتابه األول‪ ،‬وهو كتاب رحالت‬ ‫يتناول ما يصفه بـ«عالقة تركيا املضطربة مع‬ ‫ماضيها»‪.‬‬

‫هيو بوب‬ ‫عمل مراسال لـ«وول ستريت جورنال»؛ حيث كان‬ ‫مسؤوال عن تغطية أخبار الشرق األوسط ملدة‬ ‫عشر سنوات‪ .‬يقيم حاليا في اسطنبول ويعمل في‬ ‫مجموعة األزمات الدولية‪ .‬كما يلقي محاضرات عن‬ ‫العالم التركي في كثير من األماكن‪ ،‬منها معهد‬ ‫سميثسونيان في واشنطن العاصمة‪.‬‬ ‫صدر لبوب كتابان‪ ،‬هما‪« :‬أبناء الفاحتني»‪ ،‬وهو أحد‬ ‫أفضل كتب العام كما أوردت «إيكونومست»‪،‬‬ ‫و«الكشف عن تركيا»‪ ،‬وهو كتاب بارز نشرته‬ ‫«نيويورك تاميز»‪ .‬أما أحدث كتبه فهو «تناول‬ ‫العشاء مع القاعدة‪ :‬ثالثة عقود من استكشاف‬ ‫عوالم الشرق األوسط»‪.‬‬

‫كيل دوسانيه‬ ‫يرأس حاليا إدارة التحليل السياسي واالقتصادي‬ ‫لشؤون اليابان وكوريا اجلنوبية وتايوان في وحدة‬ ‫معلومات الـ«إيكونومست»‪ .‬وفي موقعه كمدير‬ ‫مخاطر الدول في الفريق اآلسيوي‪ ،‬أصبحت لديه‬ ‫خبرة إقليمية كبيرة في اخملاطر املرتبطة بالسياسة‬ ‫واملصارف والعمالت والقدرات السيادية على السداد‪،‬‬ ‫مع تركيز خاص على شمال شرقي وجنوب آسيا‪ .‬وقد‬ ‫عمل سابقا في جنوب شرق آسيا‪ ،‬حيث تخصص في‬ ‫تطوير البنية التحتية في املنطقة‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪5‬‬


‫● اإلفتتاحية‬

‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬ ‫أسسها هشام ومحمد علي حافظ‬ ‫رئيس التحرير‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬

‫املدير العام‬

‫طارق القني‬

‫مدير التحرير‬ ‫مانويل امليدا‬ ‫إدارة التحرير‬ ‫بوال ميجيا‬ ‫جاكلني شون‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫املسؤول الفني‬ ‫ماركس ميليجان‬ ‫للمشاركة‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني ‪editorial@majalla.com‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫اشتراكات‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪subscriptions@majalla.com :‬‬ ‫لالشتراك في االلكترونية(كندل) بـ‪kindle@majalla.com :‬‬

‫تنويه‬

‫اآلراء الواردة في اجمللة ال تعبر بالضرورة عن رأي إدارة التحرير‬

‫حقوق النشر محفوظة جمللة اجمللة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫اجمللة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة‬ ‫إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون احلصول على تصريح مسبق من‬ ‫الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر اجمللة شهريا ً‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬

‫‪London Office Address‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited‬‬ ‫‪Arab Press House 182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP DDI: +44 (0)20 7539‬‬ ‫‪2335/2337, Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫اإلعالن‬ ‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجي االتصال بـ‪:‬‬

‫‪Mr. Wael Al Fayez‬‬ ‫‪w.alfayez@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel.: 0096614411444,‬‬ ‫‪F.: 0096614400996‬‬ ‫‪P.O.BOX 22304, Riyadh 11495, Saudi Arabia‬‬

‫صورة الغالف من © ‪Getty Images‬‬

‫‪4‬‬

‫التحرير‬

‫عزيزي القارئ‪،‬‬

‫بحلول فبراير القادم يكون الرئيس األمريكي باراك أوباما قد أكمل عامني في البيت‬ ‫األبيض‪ ،‬فما الذي تغير بالنسبة ملوقع الواليات املتحدة في العالم‪ .‬حتت عنوان «توقعات‬ ‫محطمة» يقدم البروفيسور فواز جرجس‪ ،‬أستاذ الدراسات الشرق‪-‬أوسطية مبدرسة‬ ‫لندن لإلقتصاد والسياسة‪ ،‬مراجعة ألداء باراك أوباما اخلارجي‪ .‬في استطالع حديث‬ ‫أجراه مركز بيو لألبحاث التابع جلامعة هارفارد‪ ،‬فإن شعبية الرئيس باراك أوباما بازدياد‬ ‫حول العالم‪ ،‬وقد استطاع التأثير نسبيا ً على صورة أمريكا في اخلارج‪ .‬بيد أن اإلستثناء‬ ‫الوحيد هي الدول اإلسالمية‪ ،‬حيث أصبحت شعبيته أقل مما كانت عليه منذ عام‬ ‫مضى‪ .‬يبحث البروفيسور جرجس في أسباب انخفاض شعبية أوباما إلى نسبة‬ ‫تتساوى مع سلفه جورج دبليو بوش بعد مرور عام على خطابه التاريخي إلى العالم‬ ‫اإلسالمي من القاهرة‪.‬‬ ‫وحول اعتماد تركيا لسياسة املواجهة مع الغرب‪ ،‬يؤكد إياسون أثاناسياديس أن هذه‬ ‫السياسة ال تقف على أرض اآليديولوجيا بقدر حتليقها في سماء التجارة واالقتصاد؛‬ ‫وذلك حيث سمح تنوع عالقات تركيا الدبلوماسية والروابط االقتصادية التي كانت‬ ‫تعمل على تكوينها مع عدد من دول الشرق األوسط باالبتعاد عن سياستها اخلارجية‬ ‫التي كانت موالية – بشكل كامل – للغرب‪ .‬فهل ما زالت الشمس تشرق وتغرب في‬ ‫تركيا على الهوى الغربي؟ أم أن رؤية داود أوغلو للسياسة اخلارجية التركية هي التي‬ ‫ستسود ‪ -‬بشكل أو بآخر ‪ -‬حتى بعد خروج حزب العدالة والتنمية من السلطة؟‬ ‫وباإلضافة إلى هذه الطروحات‪ ،‬تسعد اجمللة بإضافة قسم للثقافة إلى صفحاتها‪ .‬وفي‬ ‫عدد الشهر احلالي‪ ،‬نقدم لكم حوارا مع الفنان اجلزائري رشيد قريشي الذي يتحدث عن‬ ‫دور الفنانني العرب في املشهد الفني املعاصر وعن إجنازاته في تلك احلركة‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املواضيع وغيرها الكثير على موقعنا اإللكتروني‬ ‫‪ .majalla.com/ar‬نرحب دائما بآرائك وندعوك للتعليق على املواضيع أو االتصال بنا إذا‬ ‫رغبت في التواصل معنا‪.‬‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬


TM1553_02-03_Ad.indd 2

7/6/10 07:19:36


TM1553_02-03_Ad.indd 3

7/6/10 07:19:42


‫العدد ‪ - 1555‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫توقعات‬ ‫محطمة‬

‫استطالععاملييظهر‬ ‫انخفاض حاد في شعبية‬ ‫الواليات املتحدة بالدول اإلسالمية‬

‫‪Issue 1555‬‬

‫فن احلرب‬

‫ ‪The Majalla‬‬

‫تأييد الصني و روسيا القرار الرابع‬ ‫جمللس األمن بفرض عقوبات على إيران‪،‬‬ ‫يظهر مدى إقصاء إيران حللفائها السابقني‪.‬‬

‫السياسة‬

‫اذا كان البرادعي جاد في إصالح‬ ‫الثقافة السياسية في مصر ‪ ،‬فعليه‬ ‫جتنب استغالل املشاعر الدينية للفوز بالشرعية‪.‬‬

‫حوارات صريحة‬

‫البروفسور إسماعيل كارا‪،‬‬ ‫أستاذ التاريخ الفكري التركي‪ ،‬يتحدث‬ ‫عن عالقة اإلسالم باحلداثة والدولة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.