خامنئي و توازن القوى 1557

Page 1

TM1557_OBC_Ad.indd 64

18/10/10 16:39:01


TM1557_IBC_Ad.indd 63

18/10/10 16:38:44


‫● الكلمة األخيرة‬

‫نصر اهلل العربي في لبنان الفارسي‬ ‫في واحدة من خطبه التي ألقاها من منفاه في باريس‪ ،‬قال آية اهلل اخلميني‪« :‬احلكم األموي كان مبنيا على تفضيل العرب‬ ‫على من سواهم‪ ،‬وعلى معارضة اإلسالم الذي يلغي القومية ويوحد بني اإلنسان في مجتمع واحد‪ ،‬في دولة تزول فيها فوارق‬ ‫العرق واللون»‪ .‬خالل السبعينيات كان اخلميني يعيش منفيا في العراق‪ ،‬حينما كانت العالقات بني الشاه والنظام العراقي‬ ‫متردية‪ ،‬بل إن الرئيس عبد السالم عارف كان قد سمح للمعارضني اإليرانيني ببث خطبهم ومنشوراتهم عبر اإلذاعة‪ ،‬وقد شارك‬ ‫اخلميني ‪ -‬حسب بعض املصادر ‪ -‬في إلقاء اخلطب التحريضية ضد نظام الشاه‪ .‬ولكن‪ ،‬وبعد توقيع البعثيني اتفاقية احلدود مع‬ ‫الشاه في ‪ ،1975‬مت وضع اخلميني حتت اإلقامة اجلبرية كورقة ضغط مستقبلية‪ ،‬ورغم محاولته الفرار‪ ،‬فإنه بقي في العراق‬ ‫حتى ضغط الشاه على العراق لتسليمه‪ ،‬فتم السماح له باخلروج حتى استقر في باريس‪.‬‬ ‫عادل الطريفي‬ ‫رأي اخلميني في احلكم األموي يتبع نفس املوقف املدرسي للشيعة االثني‬ ‫عشرية‪ ،‬ولهذا ال ميكن اعتباره انتقاصا من العرب أو العروبة‪ ،‬ولكنه يعني‬ ‫بالضرورة أن اإلمام لم يكن يفتخر بأصوله العربية ‪ -‬التي تدعيها عائلته‬ ‫ بقدر ما كان يؤمن باآليديولوجيا الدينية التي متكن من تثبيتها في إيران‬‫اليوم‪ .‬هذا التوضيح ضروري في ظل النقاش الدائر اليوم حول اخلالف السني‬ ‫ الشيعي من جهة‪ ،‬واخلالف العربي ‪ -‬الفارسي من جهة أخرى‪.‬‬‫في يونيو (حزيران) ‪ ،2009‬حاول السيد حسن نصر اهلل ‪ -‬زعيم حزب اهلل‬ ‫ خالل خطاب تلفزيوني‪ ،‬تبرير عالقات تنظيمه بإيران للجمهور اللبناني‪،‬‬‫والعربي‪ ،‬حيث قال متسائال‪« :‬هل نحن عرب في املعارضة أم غير عرب؟‬ ‫إذا كان املقصود سورية فسورية عربية‪ ،‬وإذا كان لبنان سواء كان يقيم‬ ‫عالقة مميزة مع دولة عربية أم يرتبط مبحور عربي آخر‪ ،‬ولن أدخل في األسماء‬ ‫وتأثيرها واضح على الساحة اللبنانية وباالستحقاقات املقبلة‪ ،‬فهل هذا‬ ‫وجه عربي وذاك وجه غير عربي؟ ميكن أن يكون املقصود إيران‪ ،‬مع أنه اليوم‬ ‫في إيران ال يوجد شيء اسمه تفريس وال حضارة فارسية‪ ،‬املوجود في إيران‬ ‫احلضارة اإلسالمية‪ ،‬املوجود في إيران هو دين محمد العربي الهاشمي املكي‬ ‫القرشي التهامي املضري‪ ،‬ومؤسس اجلمهورية اإلسالمية هو عربي ابن عربي‪،‬‬ ‫ابن رسول اهلل محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ،‬واملرشد األعلى في‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اليوم سماحة اإلمام السيد خامنئي‪ ،‬قرشي هاشمي‬ ‫ابن رسول اهلل‪ ،‬ابن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء وهؤالء عرب»‪.‬‬ ‫تصريح نصر اهلل لم يثر في حينه أي رد فعل في إيران‪ ،‬رمبا النشغال الداخل‬ ‫اإليراني باالنتخابات‪ ،‬ولكن في الشهور األخيرة من هذا العام مت تداول‬ ‫التسجيل التلفزيوني ‪ -‬بترجمة فارسية ‪ -‬على نطاق واسع داخل وخارج إيران‪،‬‬ ‫مما تسبب في حرج بالنسبة للسيد نصر اهلل‪ ،‬حيث رأى فيه كثير من ذوي‬ ‫األصول الفارسية انتقاصا من فارسيتهم‪ ،‬وتفضيال للعرب على الفرس‪ .‬إذا‬ ‫كان اخلميني قد أغضب العرب حينها ألجل تفضيل اآليديولوجيا الدينية على‬ ‫القومية العربية‪ ،‬فإن نصر اهلل قد فعل الشيء ذاته‪ ،‬فيما يتعلق بالفرس‪.‬‬ ‫نصر اهلل محق فيما ذهب إليه ومخطئ‪ ،‬فهو على حق في أن عائلة اإلمام‬ ‫اخلميني تدعي االنتساب إلى البيت الهاشمي‪ ،‬ولكن ما لم يقله نصر اهلل‬ ‫جلمهوره هو أن اإلمام اخلميني وعائلته يتحدرون من أسرة هندية من قرية‬ ‫كنتور بالقرب من مدينة لكهنو الهندية الشهيرة‪ ،‬بل إن جذوره الهندية ‪-‬‬ ‫التي لم ينكرها اخلميني ‪ -‬كانت السبب وراء احلملة اإلعالمية ضده وقت‬ ‫الشاه بوصفه «هنديا» يريد إثارة الفتنة في بلد فارسي‪ ،‬وينقل املعارض‬ ‫منوشهر غاجني عن الشاه قوله‪« :‬إذا ما رفعت عن اخلميني حليته ستجد‬ ‫حتت ذقنه (صنع في إجنلترا)» في ترويج للشائعة التي نشرتها جريدة‬ ‫«إطالعات» تنفي عن اخلميني انتسابه آلل البيت‪ ،‬بل واعتباره ابنا لرحالة‬ ‫بريطاني استوطن إيران والعراق خالل القرن التاسع عشر («إطالعات» ‪7‬‬ ‫يناير‪ /‬كانون الثاني ‪.)1978‬‬ ‫حقيقة‪ ،‬دعوى إجنليزية اخلميني واهية‪ ،‬وأما اجلدل حول حقيقة أصله‬ ‫‪62‬‬

‫العربي‪ ،‬أو الهندي‪ ،‬أو الفارسي فهو من شأن املؤرخني والنسابة وليس من‬ ‫أمور السياسة‪ .‬بيد أن ما هو أهم من نسب اخلميني هو حقيقة موقفه‬ ‫من اخلالف السني ‪ -‬الشيعي‪ ،‬والعربي ‪ -‬الفارسي‪ .‬تاريخيا‪ ،‬ميكن القول‬ ‫إن اخلميني لم يكن رجال قوميا‪ ،‬أو عنصريا ضد األقوام األخرى‪ ،‬بل كان رجال‬ ‫مؤدجلا من الناحية الدينية‪ ،‬حيث دائما ما تسبق فيه اآليديولوجيا النزعة‬ ‫القومية‪ .‬كان اخلميني زعيما روحيا‪ ،‬قبل أن يكون فارسيا‪ ،‬وهذا كان أحد أهم‬ ‫األسباب في انتشار رؤيته لوالية الفقيه خارج إيران‪ ،‬ولإلعجاب الذي حظي‬ ‫به بني بعض العلمانيني العرب واملثقفني الغربيني‪ ،‬وعلى الرغم من بعض‬ ‫تعبيراته التي هجا بها بعض احلكام العرب والغربيني‪ ،‬فإن اخلميني كان يؤمن‬ ‫بضرورة التبشير بالثورة اإلسالمية في احمليطني العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫حني قامت الثورة اإلسالمية في إيران‪ ،‬التقى اخلميني بجميع املهنئني من‬ ‫يساريني عرب وغربيني‪ ،‬حتى استقبل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات‪ ،‬بل‬ ‫إنه التقى قبل الثورة املفكر الفرنسي ميشال فوكو حيث لم متنع «مثلية»‬ ‫فوكو اجلنسية اخلميني من االلتقاء به للتبشير بالثورة‪ ،‬وال يزال البعض‬ ‫يتذكر كيف استطاع النظام اإليراني حتت اخلميني من إقامة التحالفات‬ ‫العلنية والعقود السرية حتى مع أعدائه ‪ -‬إيران كونترا‪ .‬ولهذا‪ ،‬فإن اخلميني‬ ‫لم ميانع أن تتم استثارة النزعة القومية الفارسية في إيران بعد قيام‬ ‫احلرب اإليرانية ‪ -‬العراقية‪ ،‬بل إن اخلميني لم يثرب على املاللي الذين كانوا‬ ‫يسترجعون اجملد الفارسي لشحذ همم املقاتلني‪ .‬خالل الشهر املاضي علق‬ ‫الرئيس محمود أحمدي جناد وشاحا فلسطيني الطراز يرتديه رجال ميليشيا‬ ‫الباسيج على كتفي ممثل منحن ارتدى ثياب قورش‪ ،‬مؤسس اإلمبراطورية‬ ‫الفارسية‪ ،‬وقد حتدث جناد عن قورش بتبجيل واعتبره «ملك العالم»‪ ،‬وهي‬ ‫عبارة الفتة للنظر في دولة حث فيها الشاه على الفخر مباضي إيران قبل‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫السيد حسن نصر اهلل مخطئ حني يعتقد أن إيران إسالمية فقط‪ ،‬ألنه‬ ‫بذلك يخالف واقع إيران اليوم‪ .‬اإليرانيون فخورون بفارسيتهم‪ ،‬ويرفضون‬ ‫في غالبيتهم ‪ -‬حتى بني املعارضني للماللي ‪ -‬التدخل األجنبي في بلدهم‪،‬‬ ‫وهو أمر يجدر بالسيد حسن نصر اهلل االنتباه إليه‪ .‬اآليديولوجيا الدينية‬ ‫لم تستطع متاما استبدال الهوية القومية‪ ،‬وهو أمر أدركه اخلميني ووظفه‬ ‫لصالح النظام‪ .‬يقول املفكر اإليراني داريوش شايغان («أوهام الهوية»‪،‬‬ ‫‪ ،1993‬ترجمة محمد مقلد) عن كل من الشاه واخلميني‪« :‬إن هذين الرجلني‪،‬‬ ‫رغم االختالفات البارزة هذه‪ ،‬ارتكبا األخطاء القاتلة إياها‪ ،‬وجسدا‪ ،‬كل على‬ ‫طريقته‪ ،‬السنتني اإليرانيتني بامتياز‪ :‬الشيزوفرينيا الثقافية وحلم العظمة‪،‬‬ ‫سواء فيما يتعلق بإعادة بناء اإلمبراطورية الساسانية على يد شاهنشاه‬ ‫إيران‪ ،‬أو ما يرتبط بنشر اإلسالم كونيا على يد إمام الطائفة املقدسة شيعيا‪.‬‬ ‫جنة ونقيضها؛ جنة احلضارة الكبرى على األرض‪ ،‬وجنة البعث والقيامة‬ ‫في السماء‪ .‬خطابان مختلفان‪ ،‬نظرتان متثالن‪ ،‬إذا شئنا القول‪ ،‬إيرانني‬ ‫متجاورتني‪ :‬إيران اإلمبريالية في كتاب امللوك‪ ،‬وإيران األليمة من دم الشهادة‪،‬‬ ‫لكن جتاورهما يختزل مبغاالة واحدة‪ :‬مغاالة شعب لم يكف عن أن يحلم‬ ‫فوق طاقته»‪.‬‬


‫تشيني استلهم حكمته‬ ‫ووصفه إدوارد سعيد باجلاهل‬

‫برنارد لويس يرى املسيحية‬ ‫واإلسالم في تصادم أبدي‬

‫تؤكد مجموعة لويس اجلديدة من احملاضرات واملقاالت على‬ ‫الصورة املثيرة للجدل التي أحاطت مبؤلفاته‪ .‬ولكن معرفته‬ ‫الواسعة باملنطقة وحتليله الواضح يعززان من مكانته كأحد‬ ‫أكثر األكادمييني تأثيرا في مجاله‪ .‬و في كتاب «اإلميان والقوة»‪،‬‬ ‫يحلل لويس العالقة األبدية الوثيقة بني الدين والسياسة في‬ ‫الشرق األوسط‪.‬‬ ‫اإلميان والقوة‪ :‬الدين والسياسة في الشرق األوسط‬ ‫برنارد لويس‬ ‫جامعة أكسفورد ‪2010‬‬ ‫‪ 10.49‬جنيه إسترليني‬ ‫يشتهر برنارد لويس‪ ،‬أستاذ دراسات الشرق األدنى‬ ‫في جامعة برنستاون‪ ،‬كأحد أهم الدارسني لشؤون‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬بيد أن دراساته غالبا ما حتيط بها‬ ‫حالة من اجلدل‪ ،‬حيث شكلت نظرياته عن "اخلطأ‬ ‫الذي حدث" (‪ )2001‬في الشرق األوسط‪ ‬تبريرا‬ ‫فكريا للحرب على العراق‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬قال ديك‬ ‫تشيني‪ ،‬الذي كان في مقدمة الضيوف املدعوين‬ ‫حلضور حفل عيد ميالد لويس لدى بلوغه ‪ 90‬عاما‪:‬‬ ‫"يسعى يوميا إلى حكمة (لويس) كل من واضعي‬ ‫السياسات والدبلوماسيني وزمالئه من األكادمييني‬ ‫ووسائل اإلعالم اإلخبارية"‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬اتهمه‬ ‫الكاتب األميركي إدوارد سعيد بـ"اجلهل احملض"‪.‬‬

‫األرض التي و ُ ِعد بها وأقام دولته اخلاصة‪ .‬مبعنى آخر‪ ،‬كان الفصل بني‬ ‫الكنيسة والدولة حال مسيحيا ألزمة مسيحية‪ ،‬وليس له أهمية‬ ‫في السياق اإلسالمي التقليدي‪ .‬ويرى لويس أن املسيحية واإلسالم‬ ‫كحضارتني في تصادم أبدي منذ ظهور اإلسالم في القرن السابع‬ ‫امليالدي‪ .‬ومييل ذلك إلى إضفاء أسلوب قطعي يوحي بأن هناك مصادمات‬ ‫حتمية في املستقبل‪.‬‬ ‫ويدفع لويس بأن الشرق األوسط حاليا يعاني من التأخر‪ ،‬وأن انحداره‬ ‫يرجع إلى حد كبير إلى حالة ذاتية ناجتة عن الثقافة والدين‪ ،‬في‬ ‫مقابل رؤية ما بعد االستعمار‪ .‬وهكذا مييل الغرب والواليات املتحدة‬ ‫ستقبل السلبي لعداء‬ ‫ِ‬ ‫على وجه اخلصوص إلى الظهور في صورة امل ُ‬ ‫املسلمني‪ .‬ويقول لويس إن املسلمني شعروا بالغضب لصعود الغرب‪،‬‬ ‫ومن "الطبيعي" أن يتحول الغضب األكبر ضد القوة التي يرونها زعيمة‬ ‫للغرب‪ ،‬أي الواليات املتحدة‪ .‬وتظهر التدخالت األخيرة في الشرق األوسط‬ ‫أيضا في هذا الضوء‪ ،‬حيث يؤكد لويس على رد الفعل السلمي على‬ ‫الهجمات العديدة التي تعرضت لها منشآت حكومية أميركية في‬ ‫فترتي الثمانينات والتسعينات‪ .‬ويصر لويس قائال‪" :‬لم تشعر واشنطن‬ ‫قبل أحداث ‪ 9 /11‬أن عليها الرد من خالل القوة‪ ،‬أوال في أفغانستان‬ ‫وبعد ذلك في العراق‪ ،‬اللتني تعتبران مصدرين لتلك الهجمات"‪ ،‬في حني‬ ‫يغفل لويس أهمية السياسات التي تدعو إلى املواجهة التي اتبعتها‬ ‫إدارة بوش‪.‬‬ ‫ولكن في بعض األحيان يثبت لويس أيضا أن منتقديه على خطأ‬ ‫بتقدمي رؤية دقيقة شاملة لتاريخ الشرق األوسط‪،‬‬ ‫موضحا أن التفاهم هو السبيل الوحيد‪ ،‬ومشيرا‬ ‫إلى أن "النص الرئيسي في اإلسالم ال يأمر باإلرهاب‬ ‫والقتل"‪ .‬ويذهب لويس أيضا إلى التأكيد بأن‬ ‫"احلديث عن الدكتاتورية كأسلوب قدمي إلجناز‬ ‫األشياء في هذا املكان من العالم غير صحيح‪.‬‬ ‫إنه يظهر جهال باملاضي العربي‪ ،‬وازدراء للحاضر‬ ‫العربي‪ ،‬وعدم اهتمام باملستقبل العربي"‪ .‬مبعنى‬ ‫آخر‪ ،‬يعتمد النظام التقليدي في احلكم اإلسالمي‬ ‫على كل من اإلجماع واالتفاق‪ ،‬وتعد األنظمة‬ ‫القمعية في الشرق األوسط حديثة وغريبة متاما‬ ‫عن أسس احلضارة اإلسالمية‪.‬‬

‫لكن في حني يقول لويس إن "األحوال لم تكن أفضل‬ ‫من ذلك مطلقا من أجل ترسيخ الدميقراطية"‪ ،‬لم‬ ‫يستطع أن يوضح على وجه التحديد‪ ،‬كيفية حتقيق‬ ‫االستفادة القصوى من هذه اللحظة التاريخية‬ ‫الثمينة‪ .‬وبعد أن أكد على أن "األفكار الدميقراطية‬ ‫لها جذور راسخة في هذه الدول‪ ،‬وأنها ستسود إذا‬ ‫تؤكد مجموعة لويس اجلديدة من احملاضرات‬ ‫واملقاالت على هذا اجلدل‪ ،‬وتعزز أيضا من مكانته كأحد أكثر األكادمييني سنحت لها الفرصة"‪ ،‬ذكر في الفصل التالي أنه "ال أحد يستطيع أن‬ ‫تأثيرا في مجاله‪ .‬اعتمادا على معرفته التاريخية الكبيرة باملنطقة‪ ،‬مينح احلرية‪ ،‬وبالتأكيد ال يستطيع أحد أن يفرضها"‪ .‬ولكنه ناقض ذلك‬ ‫يحلل لويس العالقة بني الدين والسياسة في الشرق األوسط‪ ،‬واحتماالت في فصل آخر بقوله املثير للجدل‪" :‬إما أن جنلب لهم احلرية أو أنهم‬ ‫وجود حكم دميقراطي في املنطقة‪ ،‬وكيف يتعلق ذلك بالعالم الغربي‪ .‬سيدمروننا"‪.‬‬ ‫تدور فكرة أساسية عبر الكتاب حول الفصل بني الدين والسياسة من‬ ‫عدمه‪ .‬ووفقا للويس‪ ،‬تختلف القصة الدينية التكوينية في اإلسالم‬ ‫كثيرا عن قصص الديانة اليهودية وكذلك املسيحية‪ .‬ففي حني لم‬ ‫وصلب املسيح‪ ،‬فقد فتح محمد‬ ‫يُسمح ملوسى بدخول أرض امليعاد ُ‬

‫وهكذا يخرج كتاب "اإلميان والقوة" كمزيج ُمربك من التأكيدات التي‬ ‫توضح وجوب فعل شيء‪ ،‬يتوازن معه عدم رغبة في حتديد كيفية حتقيق‬ ‫ذلك‪ .‬ويوضح لويس باستمرار أنه بصفته مؤرخا ميكنه أن يقول القليل‬ ‫عن املستقبل‪ ،‬غير أنه يكتب عبارات قوية للغاية عنه‪.‬‬

‫تؤكد مجموعة لويس اجلديدة من‬ ‫احملاضرات واملقاالت على الصورة املثيرة‬ ‫للجدل و كذلك تعزز من مكانته كأحد‬ ‫أكثر األكادمييني تأثيرا في مجاله‬

‫لعل أهم رسالة يبعث بها برنارد لويس هي ضرورة التعاون والتفاهم‬ ‫فيما يسميه صدام احلضارات‪ ،‬حيث يقول‪" :‬وفي هذا الصدام‪ ،‬في ظل‬ ‫جو عام من االستياء‪ ،‬تتم املبالغة في كل اختالف‪ ،‬وتتفاقم جميع‬ ‫النزاعات"‪ .‬في مثل هذا العصر الذي تتزايد فيه التوترات‪ ،‬من املؤكد‬ ‫أن عمل لويس يشكل إسهاما مهما في نقاش مهم عن العالقة بني‬ ‫اإلميان والقوة‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫*نشر هذا املقال في اجمللة نتاريخ ‪ 29‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫‪61‬‬


‫● نقاد‬

‫يربط بني االفتقار لكل‬ ‫من احلكم الرشيد و التنمية‬

‫بول سالم‪ :‬الدولة العربية‬ ‫ما زالت سلطوية إلى حد بعيد‬

‫الرغم من أن معظم الدول العربية قد أقرت دساتير جديدة‪ ،‬فما زال القطاع‬ ‫التنفيذي‪ ،‬على املستوى العملي‪ ،‬مهيمنا على القطاعات األخرى‪ .‬وما زاد‬ ‫األزمة تفاقما هو االستمرار في تطبيق حالة الطوارئ في كثير من الدول‬ ‫التي مت إعالنها قبل عدة عقود‪ ..‬يقول سالم‪« :‬متنح الدولة احلقوق واحلريات‬ ‫وتستطيع سحبهما»‪.‬‬ ‫وفي ظل تلك اخللفية‪ ،‬يربط سالم بني االفتقار للحوكمة الرشيدة واالفتقار‬ ‫للتنمية في العالم العربي‪ .‬ويقول إن العقد السياسي واالجتماعي الذي‬ ‫تقدمه الدولة العربية أصبح جامدا ومن طرف واحد‪ ،‬وهو ما مينع املواطنني‬ ‫من التعريف بأنفسهم كمواطنني بالدولة‪ ،‬ناهيك عن األعضاء بجماعة‬ ‫دينية أو عرقية‪ .‬ويشير تقرير «استطالع القيم العاملية ‪ »2003‬إلى أن ‪70‬‬ ‫‪ %‬من الذين شملتهم الدراسة في الدول العربية قالوا إنهم يؤمنون بأن‬ ‫«دولتهم تدار لصالح القلة املهيمنة»‪.‬‬

‫يركز تقرير بول سالم «الدولة العربية‪ :‬هل تساعد أم‬ ‫تعرقل التنمية؟» على احلوكمة في العالم العربي راصدا‬ ‫كل األسباب التي تقبع وراء الوضع الراهن وطارحا بعض‬ ‫وقد سعى اجملتمع املدني العربي ملعاجلة تلك املشكلة من خالل حث قيم‬ ‫املقترحات لتجازوه‪.‬‬ ‫املساواة والتضامن‪ .‬وعزز ذلك تزايد القدرة على الوصول لوسائل اإلعالم غير‬ ‫الدولة العربية‪ :‬هل تساعد التنمية أم تعرقلها ؟‬ ‫بول سالم‬ ‫معهد كارنيغي للسالم‬ ‫يوليو (متوز) ‪2010‬‬

‫التابعة للدولة؛ حيث أصبح املواطنون بصفة عامة قادرين على الوصول‬ ‫إلى مئات القنوات التلفزيونية وعشرات القنوات العربية‪ .‬باإلضافة إلى أن‬ ‫اإلنترنت قد وفر منتدى للمشاركة غير املباشرة‪ .‬وفي ظل تلك التطورات‪،‬‬ ‫تعمل الدولة العربية في مجتمع يتزايد تعقيدا وتنوعا رغم أنها ما زالت‬ ‫سلطوية إلى حد كبير‪.‬‬

‫تعد احلوكمة الرشيدة عامال محوريا في حتسني حيوات الناس‪ ،‬ولكن وما زالت اإلصالحات السياسية ال تتم إال قسرا؛ حيث تتم في جانب منها‬ ‫العالم العربي يحتل املرتبة األسوأ أو التالية في السوء بعد أفريقيا جنوب نظرا للضغوط الغربية‪ ،‬ومن جانب آخر كوسيلة لتهدئة األجواء داخليا‪.‬‬ ‫الصحراء‪ ،‬في معظم مؤشرات احلوكمة‪ .‬وما‬ ‫وهي احلوافز التي ضعفت نظرا لظهور متبرعني‬ ‫زالت معظم األنظمة العربية سلطوية إلى حد‬ ‫جدد مبا في ذلك الصني ودول اخلليج الغنية‬ ‫كبير‪ ،‬رغم أن هناك حركة نشطة في اجملتمع‬ ‫بالبترول‪ ،‬حيث تركز تلك الدول على الصفقات‬ ‫املدني وبني أحزاب املعارضة؛ سواء العلمانية‬ ‫بني احلكومات وليست لديها حساسية جتاه‬ ‫أو اإلسالمية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تعاني الدول‬ ‫قضايا الدميقراطية أو حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫غير السلطوية (لبنان‪ ،‬العراق‪ ،‬فلسطني) من‬ ‫عدم االستقرار‪ ،‬نظرا لالنقسامات الداخلية أو‬ ‫غير اهتماماته من الترويج‬ ‫وحتى الغرب‬ ‫ّ‬ ‫الهيمنة األجنبية‪.‬‬ ‫للدميقراطية ‪ -‬بعد رئاسة جورج بوش االبن ‪-‬‬ ‫إلى قضايا أخرى مثل التغير املناخي واألزمات‬ ‫وكما هو معروف‪ ،‬يواجه العالم العربي كثيرا‬ ‫االقتصادية العاملية‪ .‬وركزت إدارة باراك أوباما‬ ‫من التحديات‪ ،‬سواء على مستوى التنمية أو‬ ‫بوضوح على االحترام املشترك والتعاون األمني‬ ‫األمن؛ حيث يزداد عدد السكان الذي يبلغ نحو‬ ‫بدال من تعزيز الدميقراطية‪.‬‬ ‫‪ 320‬مليون نسمة‪ ،‬مبعدالت كبيرة‪ .‬كما أن نحو‬ ‫‪ % 60‬من السكان حتت سن ‪ 25‬سنة‪ ،‬وهو ما‬ ‫ومبعنى آخر‪ ،‬فإن الدميقراطية الكاملة في العالم‬ ‫يتطلب توفير أكثر من ‪ 50‬مليون فرصة عمل‬ ‫العربي أصحبت هدفا صعب املنال‪ .‬ومع ذلك‬ ‫جديدة خالل العشر سنوات املقبلة‪ .‬كما يرزح‬ ‫يؤكد سالم أن هناك تقدما معقوال قد حدث‬ ‫نحو ‪ % 40‬من السكان حتت وطأة الفقر‪ ،‬فيما‬ ‫ويجب تشجيعه؛ فخالل العقدين املاضيني‪،‬‬ ‫يبلغ معدل األمية نحو ‪ ،% 30‬وتعد املرأة هي‬ ‫أصبحت مفاهيم الدميقراطية واحلوكمة‬ ‫األكثر تضررا من كل تلك العوامل السيئة‪.‬‬ ‫الرشيدة وحقوق اإلنسان‪ ،‬هي اخلطاب املهيمن‬ ‫في العالم العربي‪ .‬وتقدمت األنظمة تقدما‬ ‫وفيما يتعلق باألمن‪ ،‬ما زال الصراع العربي ‪-‬‬ ‫طفيفا من خالل السماح ببعض االنفتاح‬ ‫اإلسرائيلي ‪ ،‬بعد ‪ 60‬عاما‪ ،‬بعيدا عن احلل‪ .‬كما أضاف االحتالل الذي تقوده السياسي احملدود‪ ،‬ويؤكد سالم أنه لم يعد باستطاعتهم العودة إلى اخللف‪،‬‬ ‫الواليات املتحدة للعراق من املعاناة وعدم االستقرار في املنطقة‪ .‬وتهدد مما يجعل املشهد احلالي أرضية أكثر مالءمة لبزوغ «حلظات دميقراطية»‪.‬‬ ‫التوترات الدولية مع إيران بتوليد أشكال جديدة من الصراع‪ ،‬فيما أدت‬ ‫االنقسامات الداخلية إلى حروب أهلية في املنطقة‪ .‬وعلى الرغم من أن ومن املستحيل أن نتنبأ بتوقيت ومكان حتقق ذلك‪ ،‬إذا ما حدث‪ .‬ومن ثم يؤكد‬ ‫العالقات العربية ‪ -‬التركية قد حتسنت على نحو كبير‪ ،‬فما زالت العالقات سالم أن االستثمار يجب أن يكون في نطاق واسع من املبادرات التي تعلم‬ ‫العربية ‪ -‬اإليرانية متوترة‪ ،‬وهو ما يضيف توترات أكثر إلى العالقات العربية‪ .‬ومتكن وتشمل وتفعل‪ .‬ويؤكد على دور اجملتمع الدولي في ذلك اإلطار‪ ،‬قائال‬ ‫إنه يجب أن يحافظ على التزامه األخالقي واملادي نحو تلك العملية من خالل‬ ‫وباإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬يأتي دور أنظمة احلوكمة املعيبة‪ .‬فعلى الرغم من أن دعم اجملتمع املدني والبرملانات واجلماعات املهمشة وغيرها‪ ،‬وفي نفس الوقت‬ ‫كل الدول العربية‪ ،‬عدا اململكة العربية السعودية وبعض إمارات اخلليج‪ ،‬قد ميارس الضغوط ويفرض الشروط على األنظمة العربية‪.‬‬ ‫انتخبت برملاناتها‪ ،‬فإن هذه االنتخابات كانت مقيدة إلى حد كبير‪ ،‬كما أنها‬ ‫كانت جزءا من محاوالت إضفاء الشرعية السياسية على األنظمة احلالية‪ .‬وال يسعنا إال أن نأمل أن يكون سالم محقا في تأكيداته بأنه ميكن حتقيق‬ ‫فسلطة امللك أو الرئيس تتجاوز احملاسبة البرملانية‪ ،‬كما حتظى أجهزة قدر أكبر من املشاركة في العملية السياسية‪ ،‬وأن ذلك الهدف مشروط‬ ‫االستخبارات بهيمنة كاملة‪ .‬وبالنسبة للمجتمع املدني‪ ،‬فإن اجلماعات‪ ،‬إلى مبا يسمح بأال يسقط ضحية كثير من التحديات األمنية والتنموية التي‬ ‫حد كبير‪ ،‬ليست قادرة على حشد اجلماهير أو إحداث تغييرات سياسية تلوح في األفق‪.‬‬ ‫كبرى‪ .‬وكما يؤكد سالم‪ ،‬ما زالت الدولة هي الطرف املهيمن وعالقتها‬ ‫باجملتمع املدني هي عالقة مواءمة أكثر من كونها عالقة شراكة‪ .‬وعلى *نشر هذا املقال في اجمللة نتاريخ ‪ 12‬سبتمبر ‪.2010‬‬ ‫‪60‬‬


‫ترسم خرائط ما بعد االستعمار‬

‫منى حاطوم حتاول قراءة‬ ‫خريطة العالم بعني فنان‬

‫مت حفر خارطة بيروت الشرقية «املسيحية» فيما مت نقل بيروت الغربية‬ ‫«املسلمة» إلى املقعد اآلخر‪ .‬ومت تعليق األرجوحة بطريقة جتعل حركة‬ ‫إحداهما تؤدي إلى االصطدام باألخرى مما يوحي بأن قسمي املدينة ثابتني‬ ‫على االنقسام واجلمود‪.‬‬ ‫وتتجلى موتيفة اخلارطة في بعض أعمال املعرض األقدم‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬تتكون «ثري دي سيتيز» (‪ )2008‬من اخلرائط املطبوعة لكابل‬ ‫وبغداد وبيروت واملثبتة على قاعدة خشبية‪.‬‬

‫على الرغم من االعتماد على اخلرائط في تقدمي منحى للعالم‬ ‫الواقعي بطريقة موضوعية‪ ،‬فإنها تعكس في الوقت نفسه‬ ‫وجهة نظر واضعها أيضا‪ .‬وفي معرض منى حاطوم األخير‬ ‫مبركز بيروت للفن‪ ،‬استكشفت الفنانة مفهوم اخلارطة‬ ‫بوسائل مختلفة ومحفزة‪.‬‬

‫وباستخدام أداة تقطيع (تستخدم العديد من أعمال حتوم تقنية دمية‬ ‫األطفال الورقية لتشكيل الصور عبر وسائط متعددة) رفعت الفنانة من‬ ‫جهة بعض األحياء في شكل قباب محدبة وخفضت مناطق أخرى على‬ ‫شكل حفر منخفضة‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن ذلك البعد اإلضافي يهدف إلى توضيح كيف أن بعض‬ ‫األحياء حظيت بالتنمية فيما حرم منها البعض اآلخر نظرا ألعمال العنف‪.‬‬ ‫فإذا كانت تلك هي نية الفنانة‪ ،‬فإن تلك اخلرائط (على غرار بالنسوار) متثل‬ ‫لقطات من زمنها‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬فإنه بعد عامني من رسم خارطة‬ ‫بيروت‪ ،‬بدأ على األقل واحد من األحياء «املنخفضة» يشهد ازدهارا عقاريا‪.‬‬

‫فكر في اخلارطة‪ :‬إنه عنصر مت ابتكاره إلعادة تقدمي بعض مناحي العالم‬ ‫احلقيقي‪ ،‬التي يتم الزعم بأنها موضوعية ولكنها تعكس على نحو تلقائي‬ ‫توجهات صانع اخلريطة‪ .‬فإذا أقررنا بأن الفن هو في األساس انطباعات حول‬ ‫الوسائط فإن اخلارطة من بني كل األنواع هي األكثر دكتاتورية في ادعاءاتها‪.‬‬

‫ورمبا يكون من أكثر أعمال منى حاطوم إبهارا فيما يتعلق باخلرائط هو‬ ‫«املشهد الداخلي‪ /‬اخلارجي ‪ »2010‬وهو التكوين الذي يستخدم وسائط‬ ‫حتاكي غرفة نوم‪ ،‬ويعد ترتيب الغرفة إسقاطا للمشهد العقلي لساكنها‪.‬‬

‫وبالتالي يبدو من املناسب أن تصبح «اخلارطة» واحدة من بني عدد من‬ ‫املوتفيات القوية في «ويتنس»‪ ،‬وهو معرض لألعمال اجلديدة واحلديثة‬ ‫للفنانة منى حاطوم‪ ،‬الفنانة الفلسطينية التي تعيش في اململكة‬ ‫املتحدة‪ ،‬وهو املعرض الذي يقام حاليا مبركز بيروت للفن‪.‬‬ ‫ويعج ذلك املعرض باحملتوى السياسي‪ ،‬وإن كان غير منحاز لفلسطني‬ ‫باملعنى الضيق ولكن أكثر األشياء إبهارا في تلك األعمال الفنية‪ ،‬التي‬ ‫أجنز العديد منها أثناء إقامة الفنانة احلديثة في مركز بيروت للفن‪ ،‬والتي‬ ‫استمرت لثالثة أشهر‪ ،‬هو وفرة الوسائط التي تستخدمها‪.‬‬ ‫يحتوي معرض «ويتنس» على العديد من األعمال املعدنية‪ ،‬مثل احلديد‪،‬‬ ‫والبرونز‪ ،‬والنحاس‪ ،‬والصلب‪ .‬وكذلك األعمال الزجاجية والورقية بل وشعر‬ ‫الفنانة نفسها‪.‬‬ ‫يعد من أكثر أعمال اخلارطة زخما في معرض ويتنس هو «تيكتونيك»‬ ‫(‪ .)2010‬وهي خارطة من الزجاج تشتمل على مصفوفة من ‪ 16‬مربعا‬ ‫ولوحات انعكاسية يبلغ قياسها ‪ X 510 X 510 3.5‬سنتيمترا‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن قارات تلك اخلارطة ال تشبه بالضرورة تلك القارات املوجودة‬ ‫في األطلس التقليدي الذي يتم شراؤه من املكتبات‪ ،‬فإن «تكتونيك»‬ ‫تستدعي نقد ما بعد االستعمار ملمارسة رسم اخلرائط‪ .‬وتعكس االنحياز‬ ‫اجليوسياسي لتلك األزمنة‪ .‬متيل خرائط عالم القرن العشرين إلى تصوير‬ ‫أوروبا وأميركا الشمالية على نحو أكبر من القارات اجلنوبية‪.‬‬ ‫وقد سطحت منى حاطوم قاراتها للقضاء على مفهوم املركزية‬ ‫اجليوسياسية والتوازن‪ .‬فأميركا اجلنوبية هي أكبر بكثير من أميركا‬ ‫الشمالية‪ ،‬كما تضاهي أفريقيا أوراسيا في احلجم (ناهيك عن أوروبا)‪.‬‬ ‫ويتطلب الوسيط انتباها بقدر الصورة املقدمة‪ .‬وتتكون اللوحة من كتل‬ ‫ضخمة من الزجاج ومن ثم فإن القوة والهشاشة الواضحتني في العمل‬ ‫هما جزء متكامل معه‪.‬‬ ‫وعلى طريقة اخلرائط‪ ،‬تقسم األلواح اجلغرافية بالتساوي وبانتظام‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإنها تتناقض مع مساحات األرض نفسها‪ .‬وعاكسا اإلضاءة الصناعية‬ ‫للمعرض‪ ،‬يسمح للزجاج بأن يذكر املشاهد بأنه على خالف اخلرائط األخرى‪،‬‬ ‫فإن تلك اخلارطة ال تدعي متثيل العالم احلقيقي‪.‬‬ ‫تتكرر اخلارطة الزجاجية بطريقة أكثر حميمية (وإن كانت مفارقة) في‬ ‫«بالنسوار (‪ .)2010‬وهذه القطعة تعود إلى واحدة من موتيفات حتوم‬ ‫املتكررة‪ :‬زوج من أرجوحات األطفال املعلقة غير الواقعية‪.‬‬ ‫ومت تعليق املقاعد الزجاجية (‪ X 65 X 355 40‬سنتميترا لكل منها)‬ ‫بسالسل من الصلب التي مرة أخرى‪ ‬توحي بقوة وهمية‪ .‬وعلى أحد املقاعد‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫وبعد دخول الغرفة‪ ،‬يجد املشاهد صفا من شماعات املعاطف؛ التي تتدلى‬ ‫من أحدها حقيبة تسوق مت‪ ‬تكوينها ببراعة من خارطة للعالم مت قصها‬ ‫باستخدام املقص‪.‬‬ ‫وعلى الشماعتني األخيرتني‪ ،‬تتدلى اثنتان من الشماعات املستديرة‬ ‫املتجاورة‪ ،‬تبدو وكأنها دوائر متداخلة‪ .‬وعلى ذلك اجلزء من احلائط الذي تتدلى‬ ‫عليه الشماعات‪ ،‬رسمت حتوم بالقلم الرصاص اإلطار العام لنصفي الكرة‬ ‫الشرقي والغربي‪ ،‬حيث أعادت إنتاج منط آخر خلارطة العالم‪.‬‬ ‫مت تكرار موتيفة اخلارطة عدة مرات في عناصر التكوين األخرى أيضا‪ .‬فعلى‬ ‫األرضية اجملاورة تتحول الشماعات إلى سلم معدني‪ .‬لونه متغير‪ ،‬متهرئ‪،‬‬ ‫وملطخ بقطرات الطالء‪ ،‬مما يجعله مياثل متاما اخلارطة؛ حيث تتكون القارات‬ ‫من وصف لطبقات األرض عبر الطالء املسكوب‪ ،‬واأللوان األساسية واملعدن‬ ‫الصدئ‪.‬‬ ‫وعلى احلائط التالي‪ ،‬مكتب عتيق متهرئ يظهر منه مسند مقعد يرتفع‬ ‫مثل اجلبل من منتصف سطح املكتب‪ .‬ومتثل التصدعات وعيوب اخلشب‬ ‫الهيئة العامة للمكتب‪ ،‬مثل بواقي الطالء وبقع أكواب القهوة‪ .‬ويصطف‬ ‫الدرج املفتوح جزئيا بالورق امللوث واملزين بصور كارتونية ملونة من أوراق‬ ‫الشجر والزهور والفطر‪.‬‬ ‫وفي قفص الكناري املتدلي من اجلدار التالي‪ ،‬تقبع كرة من الشعر صغيرة مت‬ ‫تشكيلها بعناية‪ .‬وعلى نفس اجلدار هناك سرير عتيق الطراز‪ ،‬عليه وسائد‬ ‫مزينة برسوم محاكة متثل سواحل القارات‪.‬‬ ‫وقد مت التخلي عن إمتام املهمة بعد ذلك‪ ،‬وتدلت اخليوط غير احملاكة من‬ ‫الوسادة فيما يشبه شعر اإلنسان‪ .‬وتتدلى نفس املادة من زنبرك السرير‬ ‫كما لو أنها سحبت عبر السنوات من هيكل أصبح غائبا اآلن أو كما لو أن‬ ‫املعدن والشعر هما‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬نفس املادة‪.‬‬ ‫وحتمل اخلارطة‪ ،‬قطعة من الورق حتدد املسار من مكان آلخر‪ ،‬دالالت تفوق‬ ‫وظيفتها؛ حيث إنها متثل في احلقيقة كيف كانت األمكنة تبدو‪ ،‬أو إذا‬ ‫ما سارت األمور كما هو مخطط لها‪ ،‬كيف ستبدو تلك األمكنة في‬ ‫املستقبل‪ .‬ويضيف صخب املواد التي استخدمتها منى حاطوم في أعمال‬ ‫اخلارطة في معرض «ويتنس» بعدا آخر إلى ذلك اجلدل مذكرا املشاهدين‬ ‫بأن الوسائط ووسائل تقدميها ال يتجزآن‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫*‪ ‬جيم كويلتي‪ – ‬صحافي كندي يعيش في بيروت ومحرر فنون وثقافة‬ ‫بالـ»دايلي ستار»؛ الصحيفة اليومية التي تصدر في بيروت باللغة‬ ‫اإلجنليزية‪ .‬وخالل العقد املاضي كان يكتب حول السياسة والفنون واإلنتاج‬ ‫الثقافي للشرق األوسط وشمال أفريقيا‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 22‬سبتمبر ‪.2010‬‬ ‫‪59‬‬


‫● الفن‬

‫لديه زائرون منتظمون‬ ‫رغم تعقد املشهد التشكيلي‬

‫مركز بيروت للفن‬ ‫يقوم على التبرعات الفردية‬

‫وسط التاريخ املعاصر املضطرب للبنان‪ ،‬كان مركز بيروت‬ ‫للفن يهدف إلى توفير مساحة للمبادرات املستقلة‪ ،‬حيث‬ ‫متكن عدد قليل من الفنانني وأمناء املتاحف واملثقفني من‬ ‫اإلفادة منها‪ .‬وفي إطار استمرارها في التطور‪ ،‬فإن مساحة‬ ‫الفن املستقل سوف حتقق املزيد من التقدم‪ ،‬وتثير في الوقت‬ ‫نفسه غضب البعض‪ ،‬وذلك حتديدا هو ما حتتاج إليه الساحة‬ ‫الفنية في لبنان‪.‬‬ ‫على الرغم من سمعته كساحة عاملية للثقافة‪ ،‬يتعرض‬ ‫املشهد الفني في بيروت لعدة عقبات اجتماعية سياسية منذ‬ ‫أواسط السبعينات؛ حيث شكلت بداية احلرب األهلية اللبنانية‬ ‫في ‪ 1975‬نهاية عصر املدينة كمركز ثقافي‪ .‬ولم يقتصر‬ ‫تأثير عقدين من احلرب فقط على البنية التحتية للبالد‪ ،‬التي‬ ‫كانت قبل ذلك واحة إقليمية للمفكرين والنشطاء والفنانني‪،‬‬ ‫بل امتد التأثير إلى الروح الوطنية‪ .‬وخالل ذلك الوقت‪ ،‬كان‬ ‫الفنانون يعملون‪ ،‬كل على حدة‪ ،‬على خلفية اجلمود الذي كانت‬ ‫تشهده الساحة الفنية اللبنانية‪ .‬وعلى الرغم من أن الصراع‬ ‫قد انتهى عام ‪ ،1990‬فإن لبنان استمر في املعاناة من النزاعات‬ ‫املستمرة بني الفصائل اخملتلفة‪ ،‬ناهيك عن البيروقراطية‬ ‫املفرطة املتزامنة مع الفساد السياسي‪.‬‬ ‫وقد عززت عدة أحداث منفصلة‪ ،‬مثل اغتيال رئيس الوزراء رفيق‬ ‫احلريري عام ‪ ،2005‬وحرب إسرائيل – حزب اهلل بعد ذلك بعام‪،‬‬ ‫من عدم استقرار البالد‪ .‬ونظرا ألن البقاء وإعادة اإلعمار كانا‬ ‫الهدف األساسي للبنان خالل العشرين عاما املاضية‪ ،‬فقد‬ ‫عانى القطاع الثقافي من االفتقار للرعاية الرسمية وضعف‬ ‫االهتمام اجلماهيري‪ .‬وهو ما أسفر عن حاجة ماسة للمبادرات‬ ‫املستقلة التي عمل عدد قليل من الفنانني وأمناء املتاحف‬ ‫واملثقفون من كثب على تقدميها‪.‬‬ ‫وفي وسط ذلك املشهد الكئيب‪ ،‬فتح مركز بيروت للفن أبوابه‬ ‫بداية عام ‪ .2009‬وهو املركز الذي أسسته املدير السابقة‬ ‫ألحد املعارض التجارية ساندرا داغر‪ ،‬والفنانة مليا جريج‪ ،‬بدعم‬ ‫من متبرعني أفراد‪ ،‬وسرعان ما أصبحت الرابطة غير الربحية‬ ‫اجلديدة ذات أهمية خاصة للمشهد الفني اللبناني‪ .‬ويقدم‬ ‫املركز من خالل مساحة العرض الكبيرة وغرفة العرض واألداء‬ ‫واملكتبة‪ ،‬عددا كبيرا من األنشطة املتاحة للجماهير طوال‬ ‫العام‪ ،‬مبا في ذلك املعارض احمللية والدولية واحملاضرات وورش‬ ‫العمل واحلفالت‪ .‬واستطاع املركز الذي يقع في منطقة‬ ‫صناعية متطورة في ضواحي املدينة على مقربة من نهر بيروت‪،‬‬ ‫تغيير دائرة اإلبداع واخلطاب باملعنيني املادي والثقافي‪( .‬وسوف‬ ‫تفتح أيضا املؤسسة املرموقة «أشكال ألوان» وهي الرابطة‬ ‫اللبنانية للفن التشكيلي «أكادميية األعمال املنزلية» التي‬ ‫طال انتظارها‪ ،‬قريبا‪ .‬والتي حتشد الفنانني والطالب والباحثني‬ ‫في مستودع خال على مقربة منها)‪.‬‬

‫وتعزيز موقف بيروت‪ .‬وقد متكن املركز من حتقيق ذلك عبر‬ ‫الفهم العميق للمشهد الفني اللبناني الذي ميتلكه كل من‬ ‫مؤسسيه والعاملني به‪.‬‬ ‫ومن املراقبني الفنيني‪ ،‬مثل تاجر األعمال الفنية صالح بركات‪،‬‬ ‫وصوال إلى الفنان ربيع مروة‪ ،‬الذي يعمل في مجلس إدارة مركز‬ ‫بيروت للفن‪ ،‬تعامل املركز مع الشبكة املعقدة للمشهد‬ ‫احمللي‪ .‬وبالتالي كان رد الفعل العام إلى برامجه إيجابيا للغاية‬ ‫ومشجعا‪.‬‬ ‫تقول كل من ساندرا ومليا‪« :‬منذ أن بدأنا كنا سعداء برد الفعل‬ ‫اإليجابي للجمهور احمللي‪ .‬فلدينا زائرون منتظمون وجمهور‬ ‫متنوع خاصة أننا نقدم أنشطة أسبوعية متنوعة‪ .‬كما أننا‬ ‫حظينا بردود فعل إيجابية للغاية من الزائرين الدوليني»‪.‬‬ ‫وعندما سئلوا عن التحديات اإلقليمية والدولية التي رمبا‬ ‫تواجههم‪ ،‬أكد املديرون أن‪« :‬التحديات التي تواجهنا ليست‬ ‫بالضرورة إقليمية أو دولية؛ فمركز بيروت للفن هو بشكل‬ ‫أساسي مساحة للجمهور احمللي‪ .‬والتحديات التي يواجهها‬ ‫املركز على غرار ما تواجهه معظم املنظمات غير الربحية‪،‬‬ ‫تتعلق بضمان االستمرارية وجذب املزيد من اجلمهور»‪.‬‬ ‫ورمبا تألف ساندرا‪ ،‬املالكة السابقة ملعرض الفن التجاري‬ ‫الناجح «إسبيس إس دي» واملشاركة في إدارة أول مشاركة‬ ‫لبنانية في بينالي البندقية الثاني واخلمسني عام ‪،2007‬‬ ‫املفاوضات الصعبة التي تعد إلى حد كبير جزءا من عملية‬ ‫تأمني متويل البرامج الثقافية‪.‬‬ ‫وحتى اآلن‪ ،‬كان املركز قادرا على احلصول عل الدعم من عدد من‬ ‫الشركات والرعاة‪ ،‬باإلضافة إلى الدعم في بعض األحيان من‬ ‫املؤسسات اخليرية األجنبية‪ .‬وتكمن قوة املركز فيما يشير إليه‬ ‫مديروه بأن له بنية «حذرة وواقعية» مكنت املركز من تنفيذ‬ ‫رؤيته اخلاصة املتعلقة بـ«توفير الوسائل لتنفيذ مشاريع‬ ‫الفن املعاصر وللتفاعل بني املثقفني احملليني والدوليني»‪.‬‬ ‫وقد اتهم املعارضون املركز بالتركيز على قطاع ثانوي من‬ ‫املشهد الفني لبيروت‪ ،‬وهو القطاع الذي تهيمن عليه‬ ‫وسائل اإلعالم احلديثة واألعمال احلداثية التي قدمها جيل ما‬ ‫بعد احلرب‪ ،‬الذي ظهر في التسعينات ويهيمن إلى حد كبير‬ ‫حاليا على املشهد الفني العاملي‪ .‬وعلى الرغم من أن عددا‬ ‫من الفنانني التشكيليني السابقني ينتمون لذلك التيار الفني‬ ‫اللبناني‪ ،‬فإن ذلك طبيعي جدا حيث إن مليا ومروة من رواد ذلك‬ ‫التيار‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يبدو أن املركز قد وجد التوازن املثالي بني تقدمي‬ ‫اجملموعة املرموقة عامليا إلى جانب الفنانني املعروفني إقليميا‪،‬‬ ‫والفنانني الذين يتعرضون للتجاهل‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬وخالل العام األول من عمله‪ ،‬قدم عددا من‬ ‫املعارض بدأت مبعرض «كلوسر» الذي عرض أعمال الفنانة‬ ‫العربية الشهيرة في األوساط العاملية منى حاطوم وكذلك‬ ‫أعمال جنان العاني وإميلي جاسر‪ ،‬ثم تاله معرض «إكسبوشر»‬ ‫الذي قدم املواهب الناشئة‪ ،‬ثم «الطريق للسالم‪ :‬لوحات من‬ ‫زمن احلرب ‪ »1991 - 1975‬الذي ألقى الضوء على األعمال‬ ‫التي نفذها احلداثيون اللبنانيون والفنانون املعاصرون خالل‬ ‫احلرب األهلية اللبنانية‪ .‬ومن خالل ذلك التاريخ املتنوع للفن‬ ‫والتغير السريع للمشهد الفني فإنه من املدهش أن يتمكن‬ ‫مركز بيروت للفن من تنفيذ ذلك القدر من األنشطة في تلك‬ ‫الفترة القصيرة‪ .‬وكلما تطور‪ ،‬سوف تزداد‪ ،‬بال شك‪ ،‬املساحة‬ ‫املتاحة للفن املستقل‪ ،‬وسوف يثير في الوقت نفسه غضب‬ ‫البعض وذلك حتديدا هو ما يحتاج إليه املشهد اللبناني الفني‪.‬‬

‫ومن خالل عدد من األنشطة واملشاريع احملتفى بها‪ ،‬مثل العروض * ميمنة فرحات‪ :‬مؤرخة فنية متخصصة في الفن العربي‬ ‫املنفردة للفنانني املعاصرين أكرم زعتري ووليد صادق‪ ،‬واملعارض احلديث واملعاصر‪ .‬قيم حاليا في نيويورك‪.‬‬ ‫اجلماعية مثل «أميركا ‪ ،»2009‬الذي جلب أعمال الفنانني‬ ‫املرموقني مثل كارا ووكر وجيني هولزير إلى الشرق األوسط‪،‬‬ ‫استطاع مركز بيروت للفن جذب انتباه املشهد الفني العاملي نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 7‬سبتمبر ‪.2010‬‬ ‫‪58‬‬


TM1557_57_Ad.indd 57

18/10/10 16:37:31


‫● موجز عن دولة‬

‫إنشاء األحزاب السياسية ممنوع رسميا وبالتالي‪ ،‬مييل املرشحون‬ ‫للعمل من منطلق الوالءات القبلية والطائفية‪.‬‬

‫وبالرغم من أن تلك كانت بال شك حلظة تاريخية فقد كان‬ ‫حدثا يعكس اإلحباط الشعبي العام من اجلمود السياسي في‬ ‫البالد والذي جنم عن االنقسامات البرملانية والتوترات بني البرملان‬ ‫واألسرة احلاكمة‪ .‬ومما ال شك فيه أن قضية حقوق اإلنسان ما‬ ‫زالت نقطة خالف أساسية حيث ما زالت النساء في الكويت‬ ‫تعانني من متييز قانوني واقتصادي واجتماعي‪ .‬وفي أكتوبر‬ ‫(تشرين الثاني) ‪ ،2009‬قضت محكمة الكويت الدستورية‬ ‫بالسماح للمرأة باحلصول على جواز سفر دون موافقة الزوج‪.‬‬ ‫وجاء احلكم كنتيجة لشكوى إحدى السيدات من منع زوجها‬ ‫لها من مغادرة البالد‪ .‬ويعمل ذلك على تذكيرنا بأنه بالرغم من‬ ‫أن الكويت قد اتخذت خطوات كبرى نحو حماية حقوق املرأة‪،‬‬ ‫فإن النشطاء في مجال املساواة ما زالت أمامهم قضية كبرى‪،‬‬ ‫حيث يطالبون باملساواة في اإلسكان احلكومي ونقل اجلنسية‬ ‫إلى أوالدهم‪.‬‬

‫حقوق املرأة‬ ‫أصدر الشيخ جابر األحمد الصباح مرسوما مينح املرأة كامل‬ ‫احلقوق السياسية في ‪ 1999‬ولكنه لم تتم املوافقة عليه من‬ ‫قبل البرملان الذي يهيمن عليه اإلسالميني حتى ‪ .2005‬وعندما‬ ‫حصلت املرأة على حق التصويت وحق الترشح في االنتخابات‬ ‫احمللية والبرملانية مت النظر إليه باعتباره نصر عظيم حلقوق املرأة‪.‬‬ ‫فتقول الناشطة روال دشتي في حوار مع البي بي سي‪« :‬لقد‬ ‫جنحنا‪ ،‬فذلك نصر تاريخي‪ .‬وهدفنا هو االنتخابات في ‪.2007‬‬ ‫ولقد بدأت حملتي منذ اليوم»‪ .‬ولكن العديد من احملافظني قاوموا‬ ‫الفكرة وحث اإلسالميون املقترعني على عدم انتخاب النساء في‬ ‫اجمللس الذي يتكون من ‪ 50‬مقعد‪ .‬وسوف يستغرق األمر أربع‬ ‫سنوات أخرى حتى يتم انتخاب املرأة فعليا‪ ،‬عندما فازت أربعة‬ ‫نساء في مايو (أيار) ‪ 2009‬مبقاعد؛ وهن روال دشتي وخبيرة‬ ‫االقتصاد التي حصلت على تعليمها في الواليات املتحدة سلوى‬ ‫اجلاسر واألستاذة اجلامعية أسيل العوضي ومعصومة املبارك‬ ‫التي أصبحت في انتخابات ‪ 2005‬أول وزيرة مبجلس الوزراء‪.‬‬

‫تغيرات تطورية‬ ‫وبالتالي‪ ،‬وكما كتب بول سالم في تقرير معهد كارنيغي‬ ‫لعام ‪ 2007‬فإنه بالرغم من أن اجلمهوريات العربية قد حتولت‬ ‫إلى ديكتاتوريات أو تراجعت عن العملية الدميقراطية مثلما‬ ‫حدث في األردن‪« ،‬تعد الكويت منوذجا مهما وإن كان منقوصا»‪.‬‬ ‫ورمبا يكون العامل األكثر أهمية في ذلك التطور هو الدستور‬ ‫الكويتي‪ ،‬والذي لم يتم استيراده من اخلارج‪ ،‬أو فرضه من قبل‬ ‫القوى االستعمارية‪ .‬فالدستور الذي يحميه ويعدله البرملان يتم‬ ‫النظر إليه باعتباره العمود الفقري للنظام الكويتي بأسره وال‬ ‫ميكن التالعب به أو عدم توقيره‪ .‬وقد تسببت قوة الدستور في‬ ‫أن يتردد اإلصالحيني في املطالبة بالتغيرات التي تتطلب تعديال‬ ‫في الدستور‪ .‬وهو ما يعني أن ذلك التغير تطوريا أكثر من كونه‬ ‫ثوريا ورمبا يكون ذلك هو سر قوة تلك العملية‪ .‬ومما ال شك فيه‬ ‫أن عدم االستقرار اإلقليمي ميثل التهديد األعظم للتطور في‬ ‫الكويت ولألسف فإن التطور الذي غير الكويت أخفق في إلهام‬ ‫جيرانها حتى اآلن‪.‬‬

‫وكان إجراء انتخابات ‪ 2009‬اضطراريا‪ ،‬وذلك بعدما قام حاكم‬ ‫الكويت‪ ،‬الشيخ صباح األحمد الصباح بحل البرملان إلنهاء‬ ‫صراعه األخير مع مجلس الوزراء والذي اتهم خالله املشرعون‬ ‫أعضاء مجلس الوزراء بسوء التصرف أو بالفساد‪.‬‬ ‫ولم يساهم قرار الشيخ الصباح باإلصرار على تعيني ابن أخيه‪،‬‬ ‫الشيخ ناصر احملمد الصباح‪ ،‬كرئيس للوزراء في حل االضطرابات‬ ‫بني البرملان واألسرة احلاكمة‪ ،‬باإلضافة إلى منح عدد من املناصب‬ ‫الوزارية األخرى ألعضاء األسرة‪ .‬وكان ذلك مبثابة الصراع الثالث‬ ‫في ثالث سنوات وقد ساهمت تلك التوترات في إبطاء اإلصالحات‬ ‫االقتصادية‪.‬‬

‫ ‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫‪56‬‬


‫البداية‬ ‫أسس املستوطنون األوائل دولة الكويت وانتخبوا صباح األول بن‬ ‫جابر كأول أمير في ‪ 1756‬والذي تنحدر األسرة احلاكمة احلالية‬ ‫للكويت‪ ،‬الصباح‪ ،‬من ساللته‪ .‬وفي ذلك الوقت‪ ،‬كانت الدولة‬ ‫تعمل كمركز جتاري بني الهند والقرن األفريقي وجند وبالد الرافدين‬ ‫وبالد الشام وكان لديها واحد من أكبر األساطيل البحرية‬ ‫في منطقة اخلليج العربي‪ .‬وفي أواخر القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫كان معظم شبه اجلزيرة العربية يخضع لنفوذ اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية مما دفع الكويت إلى االنضمام إلى معاهدة مع اململكة‬ ‫املتحدة أعطت لبريطانيا هيمنة قصوى على السياسة اخلارجية‬ ‫للبالد في مقابل احلماية واملعونات السنوية‪.‬‬ ‫وحصلت الكويت على االستقالل من بريطانيا في عهد الشيخ‬ ‫عبداهلل السالم الصباح في ‪ 19‬يونيو (حزيران) ‪ .1961‬وفي‬ ‫العقود التالية‪ ،‬أو في عهد األمير صباح السالم الصباح الذي‬ ‫توفي في عام ‪ 1977‬بعد حكم استمر ‪ 12‬عام متتعت الكويت‬ ‫بفترة غير مسبوقة من الرخاء‪ .‬وكانت البالد قد حتولت متاما إلى‬ ‫دولة غنية واقتصاد السوق املفتوح‪.‬‬ ‫عملية عاصفة الصحراء‬ ‫في ‪ 2‬أغسطس (آب) أصبحت الكويت مركز االهتمام العاملي‬ ‫عندما أرسل صدام حسني جيشه إلى البالد بعد أسابيع من‬ ‫اتهام اإلمارة بضخ املزيد من البترول وبعد سنوات من الزعم‬ ‫بأن الكويت كانت جزءا من العراق‪ .‬وقد استجاب اجملتمع الدولي‬ ‫بزعامة رئيس الواليات املتحدة جورج بوش على الفور من خالل‬ ‫إنذار نهائي في نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ 1990‬يطالب القوات‬ ‫العراقية باالنسحاب بحلول ‪ 15‬يناير (كانون الثاني) ‪.1991‬‬ ‫وعندما لم يتم االستجابة لذلك الطلب‪ ،‬شنت قوات التحالف‬ ‫حملة جوية على العراق في ‪ 17‬أغسطس (آب) والتي تعد أكبر‬ ‫هجوم بزعامة الواليات املتحدة منذ احلرب العاملية الثانية‪ .‬وقد‬ ‫استمرت عملية عاصفة الصحراء‪ ،‬وهو االسم الذي أطلق على‬ ‫تلك احلملة‪ ،‬حتى ‪ 28‬فبراير (شباط) ‪.1991‬‬ ‫وفي أعقاب حترير الكويت‪ ،‬رسمت األمم املتحدة مبوجب قرار مجلس‬ ‫األمن ‪ 687‬احلدود العراقية الكويتية على أساس اتفاقيات ‪،1932‬‬ ‫‪ 1963‬بني الدولتني‪ .‬وفي نوفمبر (تشرين الثاني)‪ ،‬قبل العراق‬ ‫رسميا احلدود التي وضعتها األمم املتحدة بينه وبني الكويت‪.‬‬ ‫ومت النظر إلى جناح تلك احلملة باعتباره بداية عهد جديد لألمم‬ ‫املتحدة وللمجتمع الدولي ككل في أعقاب احلرب الباردة‪.‬‬ ‫قامت الكويت مرة أخرى بدور املضيف عندما بدا ذلك اجملتمع‬ ‫الدولي متهاويا بعد ذلك بـ ‪ 12‬عاما‪ ،‬وذلك عندما كان اجلنود‬ ‫يعبرون احلدود إلى العراق لبدء عملية حترير العراق في مارس‬ ‫(أذار) ‪ .2003‬وما زالت البالد تعد مسارا مهما لنقل القوات‬ ‫واملدنيني من العراق وإليها‪.‬‬ ‫دولة قوية‬ ‫نظرا ألن نشأة الكويت نفسها ميكن إرجاعها إلى أصلها كمركز‬ ‫جتاري إقليمي‪ ،‬فإن العديد من الكويتيني اآلن غير راضني عن‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•العاصمة‪ :‬الكويت‬ ‫•األمير‪ :‬الشيخ صباح‬ ‫األحمد اجلابر الصباح‬ ‫(منذ ‪ 29‬يناير ‪ -‬كانون‬ ‫الثاني) ‪2006‬‬ ‫•ولي العهد‪ :‬نواف األحمد اجلابر الصباح‬ ‫•رئيس احلكومة‪ :‬رئيس الوزراء ناصر احملمد األحمد‬ ‫الصباح (منذ ‪ 7‬فبراير‪ -‬شباط ‪)2007‬‬ ‫•اجلغرافيا‬ ‫•املساحة‪ 17818 :‬كيلومتر‬ ‫•السكان‬ ‫•عدد السكان ‪ 2.7‬مليون‬ ‫•اجلماعات العرقية‪ :‬الكويت ‪ ،% 45‬عرب آخرون ‪35‬‬ ‫‪ %‬جنوب آسيا ‪ ،% 9‬إيرانيون ‪ ،% 4‬غيرهم ‪.% 7‬‬ ‫•الديانات‪ :‬مسلمون ‪( % 85‬السنة ‪ ،70%‬الشيعة‬ ‫‪ ،)% 30‬وغيرهم من (املسيحيون والهندوس‬ ‫وبارسيون) ‪.% 15‬‬ ‫•اللغات‪ :‬العربية‪( ،‬ومن الشائع احلديث باللغة‬ ‫اإلجنليزية(‪.‬‬ ‫•االقتصاد‬ ‫•الناجت احمللي اإلجمالي‪ 111.3 :‬مليار دوالر أميركي‬ ‫(تقديرات ‪)2009‬‬ ‫•نصيب الفرد من الناجت احمللي اإلجمالي‪ 52800 :‬دوالر‬ ‫•الصادرات الرئيسية‪ :‬البترول (‪)% 95‬‬ ‫•معدل التضخم (أسعار املستهلك)‪( % 4 :‬تقديرات‬ ‫‪)2009‬‬ ‫•معدل البطالة‪( % 2.2 :‬تقديرات ‪)2004‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫بلد صغيرة تقع في قلب منطقة تعج باالضطرابات‪ ،‬وللكويت‬ ‫تاريخ مثير يحوي العديد من العبر جليرانها‪ .‬فمن خالل الدستور‬ ‫القوي الذي ميثل العمود الفقري لنظامها‪ ،‬اتخذت الدولة خطوات‬ ‫قوية صوب حكم أكثر دميقراطية ومتكينا في السنوات األخيرة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن ذلك التطور هشا ومهددا باالنقسامات الداخلية‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى موقع الكويت في منطقة غير مستقرة ومعرضة‬ ‫لالنفجار في معظم األحيان‪.‬‬

‫حقائق أساسية‬

‫غياب الفرص االستثمارية في بالدهم‪ .‬وبالرغم من أن لديها‬ ‫خامس أكبر احتياطي بترول في العالم‪ ،‬فإن الكويت ال جتذب قدر‬ ‫كبير من االستثمارات األجنبية املباشرة نظرا لوجود إشكاالت‬ ‫بيروقراطية وقيود على إقامة املشروعات في الكويت‪ .‬وبعد‬ ‫انتخابات ‪ ،2006‬كان العديد من الكويتيني يأملون حدوث تغيرات‬ ‫في القوانني احلكومية تسمح بتخصيص األراضي للمشروعات‬ ‫االقتصادية ولكن مساعيهم عرقلها البرملان‪ .‬وما زال البترول‬ ‫هو القوة احملركة القتصاد الكويت وتعني هيمنة الدولة على‬ ‫ذلك القطاع أن معظم السكان يعملون لدى الدولة‪ .‬وبخالف‬ ‫غيرها من الدول الغنية بالبترول‪ ،‬فإن عائدات البترول تتراكم‬ ‫لدى الدولة الكويتية‪ ،‬وليس لدى األسرة احلاكمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫الدولة قوية إلى حد بعيد‪ ،‬إلى حد املساهمة في حالة الالمباالة‬ ‫وإبقاء األوضاع كما هي عليه في اجملتمع‪ .‬وتتشكك العديد من‬ ‫اجلماعات في اخلصخصة نظرا للمخاوف املتعلقة بالفساد‬ ‫واإلخفاق العام في إصالح االقتصاد الذي تديره الدولة وهو ما‬ ‫يتسبب في حالة إحباط بني السكان‪.‬‬ ‫االضطرابات السياسية‬ ‫لقد كانت الكويت هي أول دولة عربية في اخلليج لديها برملان‬ ‫منتخب‪ .‬ويحدد البرملان راتب األمير كما أنه املصدر الرئيسي‬ ‫للتشريع في البالد‪ .‬ومع ذلك وبالرغم من أنه يتمتع بسلطة‬ ‫معقولة‪ ،‬فإنه يفتقر إلى املؤسسات السياسية التي تعمل على‬ ‫تقييم السياسات احمللية والتوصية بسياسات محلية مالئمة‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى أن تزايد الصراع داخل البرملان أخرج السياسات‬ ‫عن مسارها دون أن يقدم بدائل‪ .‬وهناك العديد من اخلالفات بني‬ ‫الفصائل في املعارضة خاصة بني اإلسالميني وغير اإلسالميني‬ ‫الذين يختلفون حول دور اإلسالم في الدولة واجملتمع‪ .‬كما أن‬ ‫‪55‬‬


‫● موجز عن دولة‬

‫الكويت‬ ‫عرض تاريخي‬

‫ ‬

‫•‪ :1951‬بدء العمل في مشروعات عامة كبرى‪ ،‬وتأسيس‬ ‫البنية التحتية‪ ،‬وارتفاع املستوى املعيشي إلى حد كبير‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ :1961‬حصلت الكويت على استقاللها بنهاية‬ ‫االستعمار البريطاني وانضمت للجامعة العربية‪ .‬وجدد‬ ‫العراق مزاعمه بأن الكويت جزء من أراضيه ولكنه تراجع‬ ‫بعد تدخل اجليش البريطاني‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ :1980‬حرب إيران‪ -‬العراق والتي كانت الكويت تدعم‬ ‫العراق استراتيجيا وماليا خاللها‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ :1981‬تشكيل مجلس األمة الكويتي الذي مت حله مرة‬ ‫أخرى في ‪.1986‬‬

‫ ‬

‫•‪ :1990‬غزت العراق الكويت وضمتها لها‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ :1991‬لم يستجب العراق لقرار األمم املتحدة باالنسحاب؛‬ ‫مما أسفر عن شن الواليات املتحدة حلملة جوية بدعم من‬ ‫األمم املتحدة على الكويت والعراق‪ .‬وبنهاية فبراير وصلت‬ ‫قوات التحالف إلى مدينة الكويت‪ .‬وأشعلت القوات‬ ‫العراقية آبار البترول أثناء انسحابها‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ :2003‬عبرت القوات األميركية احلدود الكويتية خللع‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫ ‬

‫•‪ :1937‬اكتشفت شركة بترول الكويت األميركية‬ ‫البريطانية مخزون هائل من البترول في الكويت‪ .‬وقد‬ ‫تأخر استخراج البترول نظرا للحرب العاملية الثانية‬ ‫ولكنه ساهم بعد ذلك في حتول الدولة إلى مركز جتاري‬ ‫حديث‪.‬‬

‫نظام صدام حسني‪.‬‬ ‫ ‬

‫•‪ :2005‬وافق البرملان على قانون يسمح للنساء‬ ‫بالتصويت وبالترشح للبرملان‪ .‬وفي يونيو (حزيران) مت‬ ‫تعيني أول وزيرة وهي معصومة املبارك‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ :2006‬أدلت النساء بأصواتهن للمرة األولى ممثلني ‪60%‬‬ ‫من األصوات‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ :2009‬فازت ثالثة نساء مبقاعد في االنتخابات البرملانية‬ ‫وقضت احملكمة الدستورية بإمكانية حصول السيدات على‬ ‫جوازات سفر بدون احلصول على إذن أزواجهن‪ .‬وفي حكم‬ ‫آخر‪ ،‬قضت احملكمة بأن عضوات البرملان لسن مضطرات‬ ‫الرتداء احلجاب‪ .‬والحقا‪ ،‬في نفس العام‪ ،‬جنا رئيس الوزراء‬ ‫من محاولة املعارضة خللعه مبزاعم تتعلق بالفساد‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬بي بي سي‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫‪54‬‬


‫االستطالعات أن أقل من ‪ 4%‬يؤيدون وصول طالبان للسلطة‪.‬‬ ‫وال تدافع طالبان عن أفغانستان‪ .‬فبعض الناس قد أصبحوا‬ ‫محبطني نظرا لألوضاع االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪.‬‬ ‫ويشعر البعض باليأس وفي هذا املوقف فرمبا يكون البعض‬ ‫فخورا بأن يقول إن ما يطلقون عليهم مسلمون سوف يفعلون‬ ‫ما تفعله طالبان‪ .‬ورمبا يجعلهم ذلك يشعرون بأنهم أكثر‬ ‫قوة ولكن ذلك سوء فهم‪ .‬فقد قتلت حركة طالبان الناس‬ ‫أثناء صالة اجلمعة وال يوجد مسلم يستطيع أن يفعل ذلك‪.‬‬ ‫فاآليديولوجيا التي يعتنقونها هي خطر حقيقي على اإلسالم‬ ‫وأنا أقول ذلك كمسلم‪ .‬فيجب علينا النظر في وسائل أخرى‪.‬‬ ‫فيجب علينا إظهار قوتنا من خالل التطور اإلنساني‪ ،‬واحلياة‬ ‫األفضل والتعليم األفضل وسهولة حتصيل املعرفة وليس من‬ ‫خالل القتل‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل قوات التحالف تسعى لتشجيع احلوار مع طالبان‬ ‫أم لقتالها؟‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫ إن ذلك هو قرار األفغان أنفسهم وليس قرار قوات التحالف‪.‬‬‫وقد قرر رئيسنا أننا يجب أن نبدأ باملفاوضات‪ .‬ولتلك العملية‬ ‫عنصران مختلفان‪ ،‬أحدهما هو إعادة الدمج واآلخر هو املصاحلة‪.‬‬ ‫وقد بدأنا بالفعل عملية إعادة الدمج وقد حققنا بعض النجاح‬ ‫في وقف العنف في كثير من املدن‪ .‬وقد اتخذ القرار ببدء عملية‬ ‫املصاحلة في مؤمتر كابل في يونيو (حزيران) املاضي‪ .‬ولكن‬ ‫لألسف‪ ،‬كانت استجابة حركة طالبان سلبية متاما‪ .‬فقد ردوا‬ ‫على مبادرة السالم تلك بقتل األبرياء‪ .‬ولكننا نرغب في التحلي‬ ‫بالصبر‪ .‬فالهدف من سياستنا هدف رائع وإن كنت شخصيا‬ ‫خائف بعض الشيء من أن سالم الشعب األفغاني ليس هو‬ ‫الهدف الذي تسعى وراءه حركة طالبان‪ .‬وفي حوار حديث‪،‬‬ ‫رمبا كان على الـ»بي بي سي»‪ ،‬قال املتحدث الرسمي باسم‬ ‫طالبان‪« :‬بالنسبة لنا اإلسالم هو األولوية األولى وأفغانستان‬ ‫في املرتبة التالية» (ما يطلقون عليه اإلسالم طبعا)‪ .‬فهناك‬ ‫كثير من الرسائل في ذلك التصريح‪ .‬وسوف أكون سعيدا إذا ما‬ ‫كنت مخطئا بشأن تلك االستنتاجات‪ .‬فهؤالء الناس يعتقدون‬ ‫أنهم سوف يذهبون للجنة من خالل قتل الناس سواء كانوا‬ ‫من األفغان أم ال‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تعتقد أن املصاحلة ممكنة؟‬

‫املنظومة وليس في املنظومة نفسها‪ .‬وأنا لست متأكدا من‬ ‫ذلك ولكنهم يقولون‪ ،‬وأمتنى ذلك‪ ،‬إنهم ما زالوا يستخدمون‬ ‫نفوذهم ليس فقط لتقليل نفوذ تلك اجملموعة داخل‬ ‫االستخبارات الباكستانية ولكن للقضاء عليها متاما‪ .‬فيجب‬ ‫علينا محاربة االستخبارات الباكستانية نظرا ملا تفعله في‬ ‫كل من أفغانستان وباكستان‪ .‬فيجب أن نقف وراء احلكومة‬ ‫املنتخبة لباكستان ومساندة العملية الدميقراطية‪.‬‬

‫إنها ضرورية‪ .‬وواجبة علينا جميعا‪ .‬ولكن عندما أفكر في‬ ‫ذلك السؤال بعمق فإن «التفاوض» يعني «احلوار» وأنا لست‬ ‫متأكدا من أن الناس أحرار لكي يقيموا حوارا في أفغانستان‪.‬‬ ‫ومن خالل تاريخنا‪ ،‬كشعب وكأمة وكأفراد وكثقافة‪ ،‬فإننا‬ ‫أصبحنا سجناء لوضعنا‪ .‬فقطاع كبير من األفغان وذلك ال‬ ‫ينطبق فقط على األفغان‪ ،‬يعانون ألننا ال نستطيع التعبير عما‬ ‫نشعر به‪ .‬وبالنسبة لي‪ ،‬حيثما كانت احلرب‪ ،‬فإن القدرة على‬ ‫احلديث سجينة داخل اإلنسان ويجب علينا تقومي ذلك‪ .‬فيجب‬ ‫أن نتحدث عن مشكالتنا وعن أنفسنا وعن ثقافتنا وعن تاريخنا‬ ‫وعن مستقبلنا‪.‬‬

‫ أنا لست باحثا ولست أكادمييا لكي أمتكن من التمييز الدقيق‬‫بني املفهومني‪ .‬بالنسبة لي‪ ،‬متثل طالبان آيديولوجيا تتسبب‬ ‫في قتل األفغان وتدمير أفغانستان‪ .‬فاملهم هو أن طالبان حتدد‬ ‫مستقبلي وإجنازاتي‪ .‬وكمواطن وكأب وكصديق يجب علي‬ ‫الدفاع عن تلك اإلجنازات‪ .‬فأنا أرغب في أن أقول لطالبان‪« :‬من‬ ‫فضلكم انضموا إلي في عمل ذلك فأنتم أفغان أيضا‪ .‬فأنتم‬ ‫لديكم أفكاركم ولكن من فضلكم ال تفرضوها علي أو على‬ ‫بالدي من خالل قتل الناس‪ .‬يجب عليكم قبول شروط اللعبة‪.‬‬ ‫قدموا احللول التي لديكم للشعب األفغاني‪ ،‬إن كان لديكم‪،‬‬ ‫واتركوا الناس يقررون»‪ .‬إن احلركات املتطرفة موجودة في كل‬ ‫مكان ولكنها يجب أن تقبل قواعد اللعبة وهي الدميقراطية‪.‬‬ ‫ولألسف‪ ،‬فإن ذلك هو حتديدا ما ال يرغبون في عمله‪ ..‬متثل‬ ‫طالبان أقلية محدودة للغاية في أفغانستان‪ .‬وقد أظهرت‬

‫«اجمللة»‪ :‬إذن فعملية التفاوض نفسها هي خطوة مهمة على‬ ‫الطريق الصحيح؟‬

‫«اجمللة»‪ :‬بعد عقود من تأسيس حركة طالبان‪ ،‬ما زالت على‬ ‫نحو ما متثل لغزا‪ .‬ففي رأيك هل هي حركة أم منظمة؟‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫ أجل‪ ،‬ويجب علينا أن نظهر للشعب األفغاني أن احلكومة‬‫صادقة‪ .‬لقد مررنا بالكثير من األنظمة السياسية من امللكية‬ ‫للدكتاتورية للشيوعية‪ ،‬للسلطوية‪ .‬ولم تفلح أي منها‬ ‫فيجب علينا على األقل أن جنرب الدميقراطية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل أفغانستان متر مبرحلة حتول؟‬ ‫ ال أدري‪ ،‬حقا ال أدري‪.‬‬‫* حوار أجرته إيفا براغ‪.‬‬ ‫‪53‬‬


‫● حوارات‬

‫واآلن يجب علينا أن نكن صادقني بشأن ما نفعله‪ .‬فعلى‬ ‫املستوى الرسمي‪ ،‬القوات األجنبية في أفغانستان موجودة‬ ‫اآلن ألن هناك مجموعة من األفراد قتلت األبرياء في نيويورك‬ ‫في سبتمبر (أيلول) ‪ .2001‬فالقوات الدولية ليست هناك‬ ‫أساسا من أجل األفغان‪ .‬فيجب أن نكون صادقني مع الناس‬ ‫حول ذلك‪ .‬وفيما يتعلق بالتطور‪ ،‬فإذا ما انسحبت القوات‬ ‫قبل حدوث تقدم في الوضع السياسي‪ ،‬فإننا سوف نواجه‬ ‫أزمة اقتصادية كبرى واملزيد من االضطرابات في املنطقة‬ ‫ككل‪ .‬وال أحد ميكنه التكهن مبدى تأثير ذلك‪ .‬فمن املمكن أن‬ ‫حتدث مشكالت في باكستان وفي آسيا الوسطى وبالتأكيد‬ ‫في اليمن وما بعدها‪ .‬فال أستطيع جتاهل ما حدث بعد‬ ‫هزمية السوفيات في أفغانستان وهو ما كان على نطاق‬ ‫محدود للغاية‪ .‬واآلن فإذا لم يتم التوصل حلل سياسي فإن‬ ‫املتطرفني واملتعصبني سوف يبذلون قصارى جهدهم لنشر‬ ‫آيديولوجيتهم وأساليبهم‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تعتقد أن الشعب األفغاني يشعر بأن وجود‬ ‫القوات األجنبية يتسبب في صعوبات أكثر من املساهمة في‬ ‫احلل؟ وهل بدأ صبره ينفد؟‬ ‫ بعض الناس في الدول الغربية والذين لديهم القدرة على‬‫الوصول لوسائل اإلعالم الدولية يقولون إننا نحاول فرض‬ ‫القيم الغربية على أفغانستان‪ .‬وهو ما يعتبرونه أمرا سيئا‬ ‫نظرا ألن أفغانستان دولة قبلية‪ ...‬إلخ‪ .‬ولكنني أرى أننا منر‬ ‫مبرحلة في التاريخ البشري يتم فيها خلق قيم عاملية واألفغان‬ ‫جزء من اإلنسانية‪ .‬وهذه القيم هي الدميقراطية وحقوق‬ ‫اإلنسان والدولة احلديثة‪ ،‬واملستوى األفضل من املعيشة‪.‬‬ ‫وفي املاضي‪ ،‬كان العالم اإلسالمي هو املرجعية اإلنسانية‬ ‫وكنا ننقل القيم اإلنسانية لباقي أنحاء العالم‪ .‬أما اليوم‪،‬‬ ‫وكجزء من العملية التاريخية على مدار القرون‪ ،‬فإن األشياء‬ ‫قد تغيرت‪ ،‬ولكن ذلك ال يجعل من القيم أقل عاملية‪ .‬فيجب‬ ‫علينا أن نقبل ذلك‪.‬‬ ‫وقد ارتكبت األخطاء‪ .‬فقد حدث الغزو لكي تتحقق العدالة‬ ‫لألبرياء الذين قتلوا في احلادي عشر من سبتمبر‪ ،‬ولكن قوات‬ ‫التحالف فعلت نفس الشيء بالقرى األفغانية‪ .‬فإذا كانت قوات‬ ‫التحالف أكثر حذرا في تعاملها مع الناس‪ ،‬فأنا على يقني من‬ ‫أن حركة طالبان كانت قد تعرضت للهزمية‪ .‬وبالتأكيد فإننا إذا‬ ‫لم نشهد نتائج سريعة فسيتعرض املزيد من األبرياء للقتل‪،‬‬ ‫وسوف ينفد الصبر‪ .‬باإلضافة إلى أن مهمتنا كانت معقدة‬ ‫نظرا للحرب األميركية على العراق‪ .‬فقد كان القرار بغزو‬ ‫العراق وصمة عار بالنسبة للدميقراطية‪ .‬واتخذ ذلك القرار‬ ‫باسم الدميقراطية وأنا ال أستطيع قبول ذلك‪ .‬فبخالف تأثيره‬ ‫على أفغانستان‪ ،‬كان له تأثير عميق على عقولنا وقلوبنا‪ ،‬كما‬ ‫أصبحت مسؤولية الدميقراطيني أكثر تعقيدا في منطقتنا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬في رأيك‪ ،‬ما هي أكبر العقبات التي تواجه حتقيق‬ ‫السالم؛ االضطرابات الداخلية أم اخلارجية التي تتعرض لها‬ ‫أفغانستان؟‬ ‫ بصدق‪ ،‬أنا ال أرى أي أسباب حقيقية أو جوهرية في‬‫أفغانستان للحرب‪ .‬وأعرف أنه في األوساط النخبوية تشيع‬ ‫فكرة أن العرقية هي السبب الرئيسي للصراع في كافة‬ ‫الدول الفقيرة‪ .‬ولكنني كمواطن من إحدى الدول الفقيرة‬ ‫تلك‪ ،‬فإنني على يقني من أن ذلك خاطئ متاما‪ .‬فالتنوع ال‬ ‫ميكن أن يصبح سببا للحرب‪ .‬فهناك أسباب أكثر عمقا مثل‬ ‫العوامل االقتصادية واجليوسياسية والتاريخية‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى التدخالت األجنبية‪ .‬ويجب أن أعترف بأنه في أفغانستان‬ ‫وبعض الدول األخرى لدينا ضعف في البنية السياسية ولكن‬ ‫ليس في مثل ذلك اجملتمع‪ .‬فالسياسيون يستغلون االختالفات‬ ‫املوجودة ملصلحتهم اخلاصة نظرا الفتقارهم للرؤية الوطنية‪.‬‬ ‫فأنا أعتقد حقا أنه ال يوجد فارق بني املزارع البشتوني في‬ ‫‪52‬‬

‫هلمند واملزارع األوزبكي في جوزجان‪ ،‬فهما في الوضع نفسه‪.‬‬ ‫ونستطيع أن جند املعضلة احلقيقية أمام السالم في منطقتنا‪.‬‬ ‫فقبل عدة عقود‪ ،‬كان هناك عدد من األفكار اجملنونة حول أن‬ ‫نكون كبارا وذوي نفوذ بني اجملموعة الصغيرة من االستخبارات‬ ‫الباكستانية التي تزايدت قوتها خالل الثمانينات‪ .‬وزعمت‬ ‫االستخبارات الباكستانية أنهم من هزموا السوفيات بينما‬ ‫من قام بذلك كان األفغان‪ .‬فقد وضعوا شعبهم في السلطة‬ ‫لكي يحققوا أهدافهم وآيديولوجيتهم واستراتيجيتهم‪.‬‬ ‫فقد قسمت االستخبارات واجليش الباكستاني التطلعات‬ ‫الدميقراطية للشعب الباكستاني قسمني‪ .‬فقد كان االنقالب‬ ‫العسكري هو بداية تنفيذ تلك االستراتيجية‪ .‬وقد حطم‬ ‫حتالف القوات واملؤسسات العسكرية واحلركة األصولية في‬ ‫باكستان الطريق أمام أي شكل من أشكال التعبير السياسي‬ ‫التي ساهمت في تعزيز التطرف‪ .‬ثم أصبحت مؤسسات‬ ‫الدولة أدوات سياسية واستراتيجية للجيش لكي ميد تلك‬ ‫االستراتيجية على أفغانستان‪ .‬وقد شهدنا ذلك في تأسيس‬ ‫حركة طالبان‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬إذن هل ما زالت أفغانستان أداة في يد االستخبارات‬ ‫الباكستانية؟‬ ‫ يقول األذكياء في الغرب إن االستخبارات الباكستانية قد‬‫تغيرت‪ ،‬ولكن املشكلة تكمن في مجموعة صغيرة داخل‬


‫ال يدري إن كانت بالده متر مبرحلة حتوّل أم ال‬

‫السفير األفغاني في لندن ‪:‬‬ ‫أرفض املقارنة بني االحتالل السوفياتي والوضع الراهن‬ ‫بعد ما يقرب من عقد على هجمات احلادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪ ،‬وفي ظل مرور أفغانستان بنقطة حتول؛ نظرا لبدء‬ ‫الواليات املتحدة في سحب قواتها خالل الصيف املقبل‪ ،‬حتدثت مجلة «اجمللة» إلى هومايون تاندار السفير األفغاني لدى‬ ‫اململكة املتحدة حول آفاق االستقرار في دولته واملنطقة بأسرها‪.‬‬ ‫حوار أجرته إيفا براغ‬ ‫ألكثر من ‪ 150‬عاماً‪ ،‬خضعت أفغانستان لنفوذ القوات‬ ‫األجنبية ‪ ،‬و على نحو خاص شهدت األعوام ثالثني األخيرة‬ ‫مستويات مرتفعة من االضطرابات‪ .‬واليوم‪ ،‬وبعد نحو عقد من‬ ‫الغزو األميركي‪ ،‬يبدو أن حركة طالبان قد عززت من قوتها في‬ ‫أفغانستان باإلضافة إلى باكستان اجملاورة‪ ،‬وأصبح مستقبل‬ ‫املنطقة غير واضح على نحو غير مسبوق‪ .‬وقد حتدثت «اجمللة»‬ ‫لسيادة السفير هومايون تاندار السفير األفغاني لدى اململكة‬ ‫املتحدة حول الصعوبات اإلقليمية التي تواجهها بالده وحول‬ ‫احتماالت املصاحلة القومية‪.‬‬ ‫وقد تلقى السفير هومايون تاندار الذي ولد ونشأ في كابل‬ ‫منحة دراسية لدراسة علم اآلثار في السوربون بباريس‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،1981‬تخلى عن دراسة الدكتوراة للمشاركة في‬ ‫مواجهة االحتالل السوفياتي ألفغانستان من باكستان‪ ،‬والحقا‬ ‫انضم ملواجهة حركة طالبان عبر الدبلوماسية النشطة في‬ ‫التسعينات‪ .‬وفي عام ‪ ،2001‬كان السفير تاندار عضوا في وفد‬ ‫اجلبهة املتحدة ملفاوضات روما وأحد املوقعني على اتفاق «بون»‬ ‫حول أفغانستان‪ .‬ومنذ ذلك‪ ،‬عمل كسفير لدى بلجيكا وحلف‬ ‫شمال األطلسي كما أنه احتل مناصب أخرى مثل رئيس البعثة‬ ‫األفغانية للمجتمعات األوروبية ونائب مستشار األمن القومي‬ ‫في كابل‪ .‬وباختصار‪ ،‬لدى تاندار خبرة بالصراع في أفغانستان‬ ‫والصعوبات التي تواجهها بالده من كافة الزوايا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬في نوفمبر (تشرين الثاني) املاضي‪ ،‬أمر الرئيس أوباما‬ ‫بزيادة في القوات بلغت ‪ 30‬ألف جندي‪ ،‬وهو ما جعل الرقم‬ ‫الكلي للقوات األجنبية في أفغانستان يصل إلى ‪ 100‬ألف‬ ‫جندي‪ .‬وخالل الغزو السوفياتي كان عدد القوات نحو ‪ 116‬ألفا‪.‬‬ ‫هل لهذه األرقام أهمية‪ ،‬وإلى أي حد ميكن حتقيق االستقرار عبر‬ ‫الوسائل العسكرية؟‬ ‫ أرفض املقارنة بني االحتالل السوفياتي والوضع الراهن‪.‬‬‫فأفغانستان ليست محتلة وال ميكن أن يقبل األفغان أي نوع من‬ ‫االحتالل الوطني‪ .‬وقد كنت جزءا من اجملاهدين وحاربت حركة‬ ‫طالبان في التسعينات وأنا اآلن من كبار العاملني في اخلدمة‬ ‫املدنية‪ .‬فإذا شعرت للحظة بأن القوات األجنبية املوجودة‬ ‫اآلن حتتل بالدي فسوف جتدني في اجلبال األفغانية وليس على‬ ‫مكتبي هنا في لندن‪ .‬فاحلرب‪ ،‬والقنابل‪ ،‬واألسلحة لم تكن أبدا‬ ‫جزءا من احلل ملشكالت البشر‪ ،‬بل إنها مشكلة إنسانية‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فإنه من خالل خبرتي الشخصية فإن تلك األسلحة تكون‬ ‫في بعض األحيان‪ ،‬مع األسف ضرورية لكي يصبح الناس أحرارا‪.‬‬ ‫وكما قلت فإن زيادة عدد القوات ال متثل وحدها احلل‪ .‬فإذا ما‬ ‫استخدمناها بذكاء‪ ،‬مع غيرها من األدوات األخرى املتاحة‬ ‫مثل األدوات االقتصادية واالجتماعية والسياسية فرمبا تصبح‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫نافعة‪ .‬ولكنها وحدها لن جتدي نفعا‪ .‬ال في أفغانستان وال في‬ ‫أي مكان آخر‪ .‬ولكنني فقط أمتنى أال يكون قرار زيادة القوات قد‬ ‫جاء متأخرا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬بعد عقد من احلرب‪ ،‬ومع حتديد ميعاد لبدء انسحاب‬ ‫القوات األميركية‪ ،‬هل تعتقد أن احلرب قد حجبت عملية بناء‬ ‫الدولة؟‬ ‫ إن بناء الدولة هو مسؤولية األفغان‪ ،‬وأنا أريد أن أكون‬‫شخصا مسؤوال‪ .‬فما يحدث في أفغانستان والدول األخرى‬ ‫الشبيهة بأفغانستان ليس واجب اآلخرين‪ .‬فنحن كأفغان‬ ‫بحاجة إلى رؤية‪ ،‬ميكن عبرها أن نعرف ماهيتنا ونقرر إذا ما‬ ‫كنا نؤمن بوجودنا‪ .‬فإذا ما استطاع اجملتمع الدولي مساعدتنا‪،‬‬ ‫فيجب علينا شكره ولكنه إذا لم يتمكن من املساعدة أو كان‬ ‫غير مرحب بها فال يعني ذلك انتهاء مسؤولياتنا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تعتقد أن اجملتمع الدولي ما زال يساعد؟‬ ‫ أجل‪ ،‬فلحسن احلظ لدينا فرصة تاريخية؛ فرصة لبناء بالدنا‪،‬‬‫وألن نتقدم في ظل وجود اجملتمع الدولي في أفغانستان‪ .‬وقد‬ ‫حققنا كثيرا من اإلجنازات الثابتة خالل العشر سنوات املاضية؛‬ ‫فلدينا أكثر من ستة آالف ميل من الطرق في أفغانستان مقارنة‬ ‫مبا كان يبلغ فقط ‪ 1250‬ميال قبل احلرب‪ .‬وألول مرة في التاريخ‪،‬‬ ‫لدينا ثالثة مليارات دوالر أميركي من االحتياطي النقدي وثالثة‬ ‫مليارات دوالر أميركي في البنوك اخلاصة‪ .‬وهناك عدد من املناطق‬ ‫التي لديها حاليا الكهرباء بعدما كانت كابل دون كهرباء قبل‬ ‫عقد مضى‪ .‬ولدينا أكثر من ‪ 6.5‬مليون طفل أفغاني يذهبون‬ ‫للمدرسة‪ .‬وقد قللنا وفيات األطفال واألمهات‪ ،‬وتزايدت معدالت‬ ‫األعمار كما متكنا من احلد من شلل األطفال خالل تلك الفترة‬ ‫غير املستقرة‪ .‬باإلضافة إلى اإلجنازات املؤسسية والسياسية‪.‬‬ ‫وكل ذلك جزء من العملية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬كيف نعرف أن استراتيجية قوات التحالف تساعد‬ ‫فعليا على حتسني الوضع على املدى البعيد؟‬ ‫ لدي حساسية‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬جتاه كلمة «استراتيجية»؛‬‫فعلى األقل هناك نسختان منها سنويا‪ .‬وال أعرف ما تعنيه‬ ‫تلك الكلمة حقا‪ .‬فهناك خطر تعرضنا للفشل ولكننا ال‬ ‫نستطيع أن نعرف ذلك حتى يحدث‪ .‬فإذا كانت االستراتيجية‬ ‫هي استراتيجية عسكرية فقط فإنها سوف تفشل بال شك‪،‬‬ ‫حيث إن هناك أيضا مناحي أخرى لها؛ حكومية واقتصادية‬ ‫وإقليمية‪ .‬وهناك التطورات املباشرة والتطورات التي لن تظهر‬ ‫إال عبر الزمن‪ .‬فنحن بحاجة إلى الوقت ولكن الوقت محدود‪.‬‬ ‫‪51‬‬


‫● حوارات‬

‫تكون العوملة عادلة‪ ،‬مبعنى أنه ينبغي احلفاظ على جذور وهوية‬ ‫الشعوب‪.‬‬

‫تسببت في مشكلة باستمرار إنفاقها مبا يزيد على دخلها‪ .‬ومن‬ ‫املؤسف أن اليونان لم تقدم أرقاما دقيقة عندما انضمت إلى‬ ‫االحتاد النقدي األوروبي‪ .‬ولم تكن قد بلغت مرحلة النضج الكافي‬ ‫لتنضم إلى االحتاد النقدي من أجل استخدام اليورو‪ .‬باإلضافة‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬يوجد اتفاق مرتبط مبعاهدة ماسترخت (‪ ،)1992‬كان‬ ‫الغرض منه ردع الدول عن انتهاك املعايير املوضوعة لالحتاد من‬ ‫خالل التحذيرات والغرامات‪.‬‬

‫توجد مقولة شهيرة تقول‪ :‬يجب أن نفكر على املستوى العاملي‪،‬‬ ‫ولكن عندما نعمل‪ ،‬نعمل على املستوى احمللي‪ .‬وأعتقد أنها طريقة‬ ‫صحيحة ميكن أن نواجه بها حتديات القرن املقبل‪.‬‬ ‫* عبير سعدي ‪ -‬صحافية وكاتبة مصرية‪.‬‬

‫وقد استفادت اليونان‪ ،‬مثل دول أخرى‪ ،‬كثيرا من إدخال عملة‬ ‫اليورو‪ ،‬وكان ينبغي أن تستخدمها من أجل تخفيض ديونها‪.‬‬ ‫وحاليا‪ ،‬تنخفض لديها معدالت الفائدة‪ ،‬ولكن مع ديون أكبر من‬ ‫ذي قبل‪ .‬يجب أن تطبق اليونان برامج اإلصالح من أجل اخلروج من‬ ‫هذه األزمة‪ .‬وتقوم أوروبا بتقدمي املساعدة ومنح الضمانات‪ ،‬ولكن‬ ‫يجب أن حتل اليونان مشكالتها اخلاصة‪ ،‬وأوال وقبل أي شيء الديون‬ ‫الهائلة‪.‬‬

‫تتطلب معايير االحتاد النقدي األوروبي‬ ‫أال يتجاوز العجز في ميزانية أية دولة ‪3‬‬ ‫في املائة وأال يتجاوز الدين ‪ 60‬في املائة‪،‬‬ ‫ولكن حاليا لم تعد هناك أية دولة تقريبا‬ ‫تلتزم بهذا املعيار‪ .‬لذلك‪ ،‬حتتاج الدول إلى‬ ‫العمل على حتقيق تلك املعايير مرة أخرى‪.‬‬

‫ويثير ذلك سؤاال متعلقا باألزمة املالية العاملية‪ .‬كيف ميكن لدولة‬ ‫أن تتعامل مع مثل هذه الزيادة الكبيرة في الديون‪ ،‬التي تسببت‬ ‫فيها األزمة؟ لن تتعافى الدول التي تعاني من أكبر قدر من الضرر‬ ‫في عام أو اثنني‪ ،‬ولكن يتطلب األمر فترة تتراوح بني ‪ 10‬و‪15‬‬ ‫عاما‪ .‬وبصراحة‪ ،‬لن تتسبب اليونان في مشكالت لليورو‪ ،‬ولكن إذا‬ ‫حلت دول أخرى في منطقة اليورو مشكالتها‪ ،‬مثل أملانيا وفرنسا‬ ‫وإيطاليا‪ ،‬سيؤدي هذا إلى حالة من الهدوء في األسواق املالية‪.‬‬ ‫وتتطلب معايير االحتاد النقدي األوروبي أن ال يتجاوز العجز في‬ ‫ميزانية أية دولة ‪ 3‬في املائة وأال يتجاوز الدين ‪ 60‬في املائة‪ ،‬ولكن‬ ‫حاليا لم تعد هناك أية دولة تقريبا تلتزم بهذا املعيار‪ .‬لذلك‪ ،‬حتتاج‬ ‫الدول إلى العمل على حتقيق تلك املعايير مرة أخرى‪ .‬وسيستغرق‬ ‫هذا أيضا بعض الوقت؛ ورمبا متر ‪ 10‬أعوام قبل أن نتمكن من إقامة‬ ‫عالقات مالية متوازنة‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬في رأيك‪ ،‬ما هي الدول األكثر تأثيرا في مواجهة األزمة‬ ‫املالية؟ وهل نحن مستعدون ملواجهة أزمة أخرى؟‬

‫* عبير سعدي ‪ -‬صحافية وكاتبة مصرية‪.‬‬

‫ تعاملت الدول النامية بصورة أفضل مع األزمة املالية لعدة‬‫أسباب‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬تتوقع مصر أن يصل معدل النمو إلى‬ ‫ما بني ‪ 7‬و‪ 8‬في املائة‪ .‬وال ميكن أن يحلم األوروبيون بنسبة أكبر‬ ‫من هذه‪ ،‬على الرغم من أننا نعلم بالطبع أن أعلى نسبة تضخم‬ ‫موجودة في مصر‪ .‬وتعمل دول مثل مصر والهند والصني وغيرها‬ ‫بالفعل على حتقيق التوازن داخل النظام املالي العاملي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أننا اآلن نستوعب بعضا من أسباب املشكالت‬ ‫التي نواجهها‪ ،‬فإننا ما زلنا نفتقد إلى احللول‪ .‬وتعد قمة مجموعة‬ ‫الدول العشرين منبرا مثاليا ميكن من خالله مناقشة النظام‬ ‫العاملي‪ .‬وهذا أمر مهم للغاية من أجل جتنب حدوث أزمة نتيجة‬ ‫األسباب ذاتها‪ .‬ونظرا ألن كل أزمة جديدة مختلفة في طبيعتها‪،‬‬ ‫ليست لدينا آلية ثابتة ملواجهة كل أزمة‪ .‬ولم يعد من املمكن حل‬ ‫تلك املشكالت على املستوى القومي فقط‪ ،‬بل يجب تناولها على‬ ‫مستوى عاملي‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬وكيف ميكن تطبيق ذلك على اليورو؟‬

‫«اجمللة»‪ :‬ما هي توقعاتك بالنسبة لالقتصاد العاملي؟‬ ‫ ال يوجد بديل للعوملة‪ .‬ومن حني إلى آخر‪ ،‬ستكون هناك ضربات‬‫موجهة ضد العوملة‪ ،‬ولكنها ستستمر في طريقها‪ .‬يجب أن‬ ‫‪50‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫ يضم اليورو ما بني ‪ 27‬إلى ‪ 30‬عملة أوروبية‪ .‬وأقول إنه اآلن‬‫ليس على املستوى ذاته مع الدوالر األميركي والني الياباني وعمالت‬ ‫أخرى‪ .‬ولكن‪ ،‬على الرغم من تعرض اليورو حاليا لبعض الضغوط‪،‬‬ ‫فإنه يظل عملة مهمة‪ ،‬وكان قرار استخدامه مهما لألوروبيني‪.‬‬ ‫فقد كان رد فعل ضروريا للتغلب على أزمة العمالت العاملية‪.‬‬


‫دول مختلفة‪ .‬وقد زرت النمسا وروسيا والبرازيل والصني والسعودية‬ ‫والواليات املتحدة‪ ،‬وحاليا أزور مصر‪ .‬وأجرينا ‪ 500‬لقاء وفحصنا‬ ‫‪ 10.000‬وثيقة‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما رأيك في اإلصالحات التي قامت بها شركة «سيمنز»‬ ‫عامة وفي مصر على وجه التحديد؟‬ ‫ لقد اتخذت شركة «سيمنز» قرارات هيكلية مهمة للغاية‪ .‬وقد‬‫حدث ذلك في ظل قيادة جديدة برئاسة بيتر لوشر املدير التنفيذي‬ ‫للشركة‪ ،‬وهو قائد ناجح يتمتع بخبرة دولية‪ .‬وأعتقد أن سبب‬ ‫النجاح وامليزة الكبيرة التي تتسم بها «سيمنز» قدرتها على‬ ‫اجلمع بني خبرتها الدولية والروح احمللية للمكان‪ ..‬كما أن عدد ممثلي‬ ‫«سيمنز» يفوق عدد األعضاء في األمم املتحدة‪ .‬وبصفتي سياسيا‬ ‫أملانيا‪ ،‬لم أشهد مثل هذا العدد الكبير من املمثلني في أية دولة‬ ‫أخرى‪ ،‬وأشعر باإلعجاب حيال العمل الذي يقوم به هؤالء املمثلون‬ ‫في مصر‪.‬‬ ‫وبصفتي محلال مستقال‪ ،‬أرى أن هناك حاجة إلى عمل جماعي يروج‬ ‫إلى املنافسة العادلة (ليس فقط بالنسبة ألسعار السلع)‪ ،‬حيث إن‬ ‫مثل هذا العمل اجلماعي ميكنه أن يصل إلى أعلى مستويات جودة‬ ‫املنتج والسعر واخلدمات‪ ،‬مما يعترض طريق الفساد في جميع أنحاء‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬بصفتك وزير مالية سابقا في أملانيا‪ ..‬في رأيك‪ ،‬كيف‬ ‫أثرت األزمة العاملية على الدول النامية؟‬ ‫ نعرف جميعا أن األزمة املالية العاملية بدأت في الواليات املتحدة‪.‬‬‫فقد كانوا هناك مينحون قروضا دون أدنى انتباه ألهمية التأكد من‬ ‫إمكانية املقترضني على السداد‪ .‬ولم ترتفع القيمة كما توقعوا‪،‬‬ ‫وبذلك وقعت األزمة‪.‬‬ ‫وكانت الواليات املتحدة وأوروبا أكثر من تضرر جراء األزمة املالية‪.‬‬ ‫وحلسن احلظ‪ ،‬لم تتضرر الدول النامية كثيرا‪ ،‬حيث إنها ال متلك‬ ‫مثل تلك العناصر في حقائب أوراقها‪ .‬وبذلك‪ ،‬كانت سعيدة احلظ‬ ‫في اخلروج من األزمة بسرعة أكبر من غيرها‪ .‬ولم يكن األمر في‬ ‫صاحلها فقط‪ ،‬بل وأيضا في صالح االقتصاد العاملي‪ ..‬وأعتقد أن‬ ‫حل املشكلة الذي مت تنفيذه على نطاق عاملي كان ناجحا‪ .‬وعلى‬ ‫النقيض من األزمة املالية التي حلت عام ‪ ،1929‬تعاون اجلميع في‬ ‫مواجهة األزمة‪ .‬وعملوا على توفير التدفق النقدي الالزم من خالل‬ ‫تنفيذ إصالحات اقتصادية وبرامج مالية محفزة‪ ،‬تبلغ قيمتها ‪ 3‬في‬ ‫املائة من إجمالي الناجت احمللي في أملانيا‪ ،‬على سبيل املثال‪.‬‬ ‫وتستغرق العودة إلى الوضع قبل األزمة ما بني ‪ 10‬إلى ‪ 15‬عاما‪ .‬وقد‬ ‫كشفت األزمة التي أصابت بشدة كال من أوروبا وأميركا واليابان عن‬ ‫احلاجة إلى تطوير استراتيجية موثوق بها لتغطية العجز الهائل‬ ‫في املوازنة‪ .‬وعندما ننجح في ذلك‪ ،‬سيتم حل املشكلة نهائيا‪ ،‬وإال‬ ‫فستستمر املشكالت في الظهور بني حني وآخر‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬وهل ترى مخرجا من األزمة؟‬ ‫ توجد حاجة مطلقة إلى وضع نظام مالي عاملي تنظمه رقابة‬‫صارمة‪ .‬وذلك ليس فقط ملراجعة حسابات األسواق التي تتضح‬ ‫فيها عناصر الرقابة‪ ،‬ولكن أيضا لتحديد األسواق التي ال تخضع‬ ‫للرقابة ملعرفتها ومعرفة استراتيجيتها‪ .‬وبفضل العوملة‪ ،‬أصبح‬ ‫العالم قرية صغيرة‪ ،‬ولكن ليس لديه نظام عاملي‪ .‬وهذا مهم للغاية‬ ‫ويجب أن تكون له األولوية في األعوام املقبلة‪.‬‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬كيف حتلل األزمة املالية في اليونان وتأثيرها على دول‬ ‫االحتاد األوروبي وأسواق الصرف؟‬ ‫ اليونان في حد ذاتها ال متثل مشكلة‪ ،‬حيث إن حصتها في إجمالي‬‫الناجت احمللي الكلي في االحتاد األوروبي تبلغ ‪ 2.6‬في املائة‪ ،‬ولكنها‬ ‫‪49‬‬


‫● حوارات‬

‫أكد أن التعافي الكامل من األزمة‬ ‫االقتصادية لن يحدث قبل ‪ 10‬أعوام‬

‫تيودور فايغل‪ :‬العمل اجلماعي‬ ‫أهم وسيلة ملواجهة األزمات العاملية‬

‫ما زال رجل السياسة ووزير املالية األملاني األسبق الدكتور‬ ‫تيودور فايغل واثقا في قدرة األسواق العاملية على استعادة‬ ‫أوضاعها ما قبل األزمة‪ .‬ولكنه يحذر من أنه من دون وضع نظام‬ ‫مالي عاملي قياسي يخضع لرقابة محكمة‪ ،‬لن تكون أنظمتنا‬ ‫املالية‪ ،‬التي تعاني من مضاعفات حادة بفعل العوملة‪ ،‬محمية‬ ‫من الوقوع في أزمة مشابهة في املستقبل‪.‬‬ ‫حوار‪ :‬عبير سعدي‬ ‫نعم إنه أبو اليورو‪ ،‬العملة األوروبية‪ .‬فقد اقترح الدكتور تيودور‬ ‫فايغل اسم العملة عام ‪ ،1995‬عندما كان وزير مالية أملانيا (‪1989‬‬ ‫ ‪ ،)1998‬بل وأيضا لعب دورا محوريا في تقدميه‪.‬‬‫وفي لقائه مع «اجمللة»‪ ،‬أكد وزير املالية األملاني األسبق الذي يشتهر‬ ‫بـ«أبو اليورو»‪ ،‬ثقته املستمرة في العملة األوروبية‪ ،‬على الرغم‬ ‫من الضرر الذي حلق بها جراء األزمة االقتصادية العاملية‪ .‬ميكن أن‬ ‫يستخدم اليورو‪ ،‬الذي وُجد حلل مشكلة العمالت العاملية‪ ،‬كنموذج‬ ‫يقوم عليه نظام مالي عاملي ذو قيود رقابية أكثر صرامة‪ ،‬وهو ما‬ ‫يعتبره فايغل خطوة ملحة ملنع وقوع أزمة اقتصادية عاملية أخرى‪.‬‬ ‫ويتوقع فايغل أن يستغرق التعافي االقتصادي الكامل من ‪ 10‬إلى‬ ‫‪ 15‬عاما‪ ،‬محذرا بوجوب االستعداد من اآلن‪.‬‬ ‫بدأ فايغل‪ ،‬الذي درس القانون والعلوم السياسية‪ ،‬حياته العملية‬ ‫محاميا‪ .‬ثم انتقل إلى العمل في وزارة االقتصاد في حكومة والية‬ ‫بافاريا‪ ،‬حيث أصبح عضوا في البرملان األملاني عام ‪ ،1972‬وقد‬ ‫احتفظ مبقعده فيه حتى عام ‪.2002‬‬ ‫ومتتد حياته العملية في مجال االقتصاد على مدار أكثر من ‪40‬‬ ‫عاما‪ ،‬حيث شغل فايغل عددا من املناصب املهمة األخرى‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫املتحدث باسم االحتاد االشتراكي املسيحي في بافاريا للشؤون‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وعضو جلنة الشؤون اخلارجية‪ .‬وبعد وفاة فرانز جوزيف‬ ‫شتراوس‪ ،‬انتخب بأغلبية كبيرة رئيسا لالحتاد االشتراكي املسيحي‬ ‫في بافاريا‪.‬‬ ‫والتقت «اجمللة» مع الدكتور فايغل في القاهرة أثناء ترؤسه وفدا‬ ‫من جلنة األوراق املالية والصرف في وزارة العدل األميركية ملراجعة‬ ‫حسابات شركة «سيمنز»‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما الغرض من زيارتكم ملصر؟‬ ‫ لست هنا بصفتي وزير املالية األسبق‪ ،‬بل كمدقق حسابات‬‫مستقل لشركة «سيمنز»‪ ،‬استعانت بي جلنة األوراق املالية‬ ‫والصرف في وزارة العدل األميركية‪ .‬ومت تعييني مراقبا بناء‬ ‫على طلب من السلطات األميركية واألملانية‪ .‬وأنا أول مسؤول‬ ‫غير أميركي يتولى هذا املنصب‪ ،‬وحتى اآلن املراقب الوحيد غير‬ ‫األميركي‪ .‬والهدف من عملي هو ضمان جودة الرقابة الداخلية في‬ ‫«سيمنز» وخلو الشركة من الفساد‪ .‬وأترأس حاليا وفدا مكونا من‬ ‫عدد من احملامني‪ ،‬وهذا هو العام الثاني ألعمال املراجعة التي جتري في‬ ‫‪48‬‬


Images © Getty Images

47

2010 ‫ نوفمبر‬،1557 ‫العدد‬


‫● ألف كلمة‬

‫�آخر رجل يخرج من باطن الأر�ض‬ ‫يحتفل إلى جانب الرئيس التشيلي سبستيان بينيرا‪ ،‬لويس أورزوا‪ ،‬رئيس الوردية وآخر شخص يتم إنقاذه من العمال احملتجزين في منجم سان‬ ‫جوزيه بالقرب من كوبيابو في تشيلي في ‪ 13‬أكتوبر (تشرين األول) عام ‪ .2010‬وقد مت إنقاذ جميع العمال البالغ عددهم ‪ 33‬عامال بعد أن‬ ‫حبسوا لفترة تزيد على شهرين عن طريق كبسولة أخرجتهم بسالم من عمق ‪ 700‬متر في باطن األرض إلى سطح األرض في صحراء أتاكاما‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫احلامض النووي‬ ‫يتم استخدام احلامض النووي للتعرف على اجملرمني واقتفاء‬ ‫آثارهم‪ .‬وقد مت إنشاء أكبر قاعدة بيانات للحمض النووي‬ ‫في عام ‪ 1995‬في إجنلترا وويلز‪ .‬يليها النمسا ثم الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬وفي اململكة املتحدة‪ ،‬إذا لم يتم إدانة أحد األشخاص‬ ‫في جرمية ما يتم التخلص من احلامض النووي اخلاص به‪ .‬ولكن‬ ‫األشخاص الذين يتم إلقاء القبض عليهم في جرائم كبرى‬ ‫سواء كانت جنسية أو جرائم عنف رمبا يتم االحتفاظ بخرائط‬ ‫احلامض النووي اخلاصة بهم حتى بعد مرور ثالثة أعوام‪.‬‬ ‫علم املقاييس احليوية‬ ‫يستخدم علم املقاييس احليوية اخلصائص الفسيولوجية‬ ‫(بصمة األصابع‪ ،‬الوجه أو قزحية العني أو احلامض النووي)‪،‬‬ ‫أو السلوكية (طريقة املشي‪ ،‬أو الصوت) للتعرف على هوية‬ ‫األشخاص حتت املراقبة أو للسماح بدخول األماكن ذات‬ ‫اإلجراءات األمنية املشددة مثل احلواسب أو املباني أو اخلدمات‪.‬‬ ‫ونظرا إلمكانية حدوث أخطاء باملدخالت فإن نتائج علم‬ ‫املقاييس احليوية ليست دقيقة بنسبة ‪.100%‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬تخص تلك املعلومات إلى حد كبير بريطانيا‬ ‫ا لعظمى‬ ‫املصدر‪ :‬بي بي سي‬ ‫بعودتها جلذورها اإلسالمية العثمانية األولى‪ ،‬مت النظر إلى ذلك‬ ‫باعتباره تقدما واقترابا من املعاصرة‪.‬‬ ‫وعلى نحو متزايد‪ ،‬تنتشر شبكات الكاميرات املدنية في آسيا‬ ‫وأميركا الالتينية والشرق األوسط‪ .‬وسواء كان ذلك في العواصم‬ ‫التاريخية مثل دمشق والقاهرة أو في ناطحات السحاب عالية‬ ‫التقنية مثل دبي والرياض‪ ،‬فإن الشبكات التي تصور بالصوت‬ ‫والصورة تتم إدارتها من غرف مراقبة سرية ال تخضع لرقابة‬ ‫وتخترق املناطق العامة‪ .‬وفي أوملبياد ‪ ،2008‬كانت هناك أعداد‬ ‫كبيرة من كاميرات املراقبة تنتشر في املالعب‪ ،‬وأكشاك اإلعالنات‬ ‫والسقف املعلق ملطار بكني‪.‬‬ ‫وقد سمح االحتالل العسكري لبغداد وكابل للجيش األميركي‬ ‫بتطوير جتاربه فيما يتعلق بالرقابة؛ فمنطاد زبلن األبيض الذي‬ ‫يحلق على هذه املدن وميتلك القدرة على التسجيل في مثل‬ ‫تلك املساحات الشاسعة‪ ،‬مكن السلطات من متابعة حتركات‬ ‫انتحاري عبر جميع أنحاء املدينة حتى بعد أن ميوت في العملية‬ ‫االنتحارية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن أوان منع احلادث يكون قد فات‪ ،‬فإن هذه‬ ‫التقنية اجلديدة متكنهم من العودة عبر الزمن وكشف شبكته‬ ‫واملنازل احملصنة ألعضائها‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى برامج مثل «ديب ليرنينغ» هناك برامج ذكية‬ ‫أخرى ميكنها أن تقوم باملهام التي يقوم بها البشر وانتقاء أفراد‬ ‫محددين أوتوماتيكيا قبل أن ينتبه لهم احملللون بوقت طويل‪ .‬وقد‬ ‫اشتركت شركة «غوغل» التي جتمع قدرا كبيرا من البيانات حول‬ ‫كل فرد من مستخدميها مع «إن كيو تل»‪ ،‬الذراع االستثمارية‬ ‫لالستخبارات األميركية في شركة «ريكورديد فيوتشر»‪ ،‬وهي‬ ‫الشركة التي طورت برنامجا يرصد عشرات اآلالف من املواقع‬ ‫واملدونات وحسابات التويتر ليكتشف العالقة بني الناس‪،‬‬ ‫واملنظمات واألفعال واحلوادث كوسيلة للتنبؤ باملستقبل‪.‬‬ ‫وسوف تؤدي كافة تلك األدوات إلى خلق حكومات أكثر قوة من‬ ‫املتوقع في املستقبل القريب‪ .‬كيف سيستخدمون تلك األدوات‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫اجلديدة مبسؤولية؟ كيف سيستطيع النشطاء الدفاع عن‬ ‫الدميقراطية وهم يتعرضون لقمع دولتهم الدائم‪ ،‬من جتنب املوت‬ ‫كمجهولني؟ ففي الوقت الذي خرج فيه املتظاهرون املدافعون‬ ‫عن الدميقراطية إلى الشوارع في طهران‪ ،‬استغلت االستخبارات‬ ‫الصور الثابتة ومقاطع الفيديو على «اليوتيوب» للتعرف على‬ ‫منظمي املظاهرات‪.‬‬ ‫كما قاموا بتحميل صور من لم يتمكنوا من التعرف عليهم‬ ‫على املواقع اإللكترونية وطلبوا من الناس املساعدة في التعرف‬ ‫عليهم‪ .‬وكانت طهران ‪ 2009‬واحدة من أحدث املواجهات املدنية‬ ‫املعاصرة التي لم تصورها عني شبكات «سي سي تي في»‬ ‫التي ال تغفل‪ .‬ولكن في الوقت الذي تباطأت فيه الدولة‪ ،‬قفز‬ ‫إلى املقدمة املستهلكون العامليون؛ فالثورة لم يتم بثها على‬ ‫شاشات التلفزيون وعلى شاشات «سي سي تي في» ولكن‬ ‫العالم بأسره شاهدها عبر لقطات الفيديو السرية التي مت بثها‬ ‫سرا من طهران على موقع «اليوتيوب» رغم سرعات التحميل‬ ‫البطيئة حلد كبير‪.‬‬ ‫وعلى غرار فيلم «الرجل املدمر»‪ ،‬الذي يسكن فيه البشر‪ ،‬في‬ ‫أعقاب العنف‪ ،‬مجتمعا متقدما تكنولوجيا في املستقبل‪ ،‬فيما‬ ‫يقوم املدافعون عن احلرية بتمردهم من البالوعات‪ ،‬فمن احملتمل أن‬ ‫يتم تقسيم العالم إلى من يعيشون في الشبكة والقلة التي‬ ‫ترفض مجتمع الرقابة الدائمة وتختار عدم املشاركة‪ .‬ولكن ذلك‬ ‫ما زال في املستقبل‪.‬‬ ‫وفي الوقت الراهن‪ ،‬املهم هو انعدام املعلومات العامة املتاحة‬ ‫حول اجملتمع الذي نندفع نحوه‪ .‬إذن فعلينا أن نستمتع باملاضي‬ ‫ما دام موجودا‪ ،‬فرمبا يسفر قريبا عن بعض املفاجآت غير السارة‪.‬‬ ‫* إياسون أثاناسياديس ‪ -‬صحافي عاش في بعض مدن العالم‬ ‫التي تخضع ألكثر درجات املراقبة من لندن إلى طهران ومن‬ ‫بوسطن إلى دمشق‪ .‬وهو يعيش حاليا خارج اسطنبول‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 7‬سبتمبر ‪.2010‬‬ ‫‪45‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫�أدوات التجارة‬ ‫رقابة الدرون‬ ‫استخدمتها الشرطة البريطانية للمرة األولى في عام ‪،2008‬‬ ‫والدرون هي طائرات بدون طيار‪ ،‬خفيفة الوزن تعمل بالبطاريات‬ ‫ويتم التحكم بها عن بعد‪ .‬وهي قادرة على الطيران أو الطواف‬ ‫والتقاط صور حية في الوقت نفسه سواء نهارا أو ليال‬ ‫وإرسالها للعاملني على األرض‪.‬‬ ‫التعرف األوتوماتيكي على أرقام اللوحات‬ ‫يقرأ التعرف األوتوماتيكي على أرقام اللوحات األرقام اخلاصة‬ ‫بتسجيل املركبات ويرسلها لقواعد البيانات اخلاصة بالشرطة‪.‬‬ ‫وحتتفظ احلكومة بتلك املعلومات ملدة عامني أو أكثر إذا ما كان‬ ‫املوقف يستدعي ذلك‪ .‬وقد مت ابتكار تلك التقنية في أواسط‬ ‫السبعينيات وإدخالها إلى أنظمة الشرطة البريطانية في‬ ‫أواسط التسعينيات‪ ،‬وهي تقرأ بني ثمانية إلى عشرة مليون‬ ‫لوحة في اليوم‪ ،‬ميثل ‪ % 2‬منها أهمية بالنسبة للسلطات‪.‬‬ ‫الدوائر التليفزيونية املغلقة‬ ‫يثير استخدام احلكومة للدوائر التليفزيونية املغلقة جداال‬ ‫واسعا بني البريطانيني نظرا ملا ميثله من انتهاك للخصوصية‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى إمكانية إساءة استخدامه من قبل املسؤولني‪.‬‬ ‫وكانت تلك التقنية تهدف في األساس إلى منع اجلرمية‪،‬‬ ‫ولكنها أصبحت أكثر فعالية في التعرف على مقترفي اجلرمية‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن عدد الدوائر املغلقة املستخدمة غير معروف‪،‬‬ ‫فمما ال شك فيه أن هناك ما يزيد على املليون دائرة تعمل‬ ‫داخل اململكة املتحدة ورمبا يصل العدد إلى أربعة ماليني‪.‬‬ ‫أجهزة التنصت‬ ‫مصممة إلصغاء سراء إلى االتصاالت باستخدام دوائر إرسال‬ ‫الراديو والتي ميكن تفعيلها عند ذلك والتسجيل عن بعد‪.‬‬ ‫وقانونا‪ ،‬يجب أن يكون قرار استخدام أجهزة التنصت صادر‬ ‫مبوافقة وزير‪ ،‬من خالل توقيعه على إذن بذلك‪ .‬وتلعب شركات‬ ‫التليفونات واإلنترنت دورا مهما في جمع وتخزين املعلومات‪.‬‬ ‫وطاملا كان استخدام تلك املعلومات ضروريا ومالئما‪ ،‬فبإمكان‬ ‫األجهزة األمنية والشرطة وغيرها من الهيئات العامة‬ ‫استغاللها‪.‬‬ ‫أجهزة التتبع‬ ‫إن تتبع حركة األفراد ليس باجلديد ولكنه أصبح أكثر سهولة‬ ‫ويسرا‪ .‬فمن خالل تزايد امتالك اجلماهير للهواتف احملمولة‬ ‫التي تستخدم نظام تصفح ساتاليت لتحديد املواقع‪ ،‬أصبح‬ ‫من املمكن اقتفاء أثر أي أحد اليوم‪.‬‬ ‫قواعد البيانات‬ ‫كلما تقدمت تكنولوجيا احلاسوب‪ ،‬تطورت قدرات احلكومة‬ ‫على تسجيل كل منحى من حياتنا بدءا من الصحة إلى فرض‬ ‫القانون باستخدام تقنيات مختلفة‪ .‬ولكن األزمة األساسية‬ ‫فيما يتعلق بقواعد البيانات هي االفتقار للخصوصية وعدم‬ ‫الفعالية الشاملة‪.‬‬ ‫متتبع املفاتيح‬ ‫هو جهاز صغير بحجم جهاز الذاكرة يستخدم لتتبع كل‬ ‫حركة تقوم بها على لوحة املفاتيح أو على فأرة احلاسوب‪.‬‬ ‫ويتم بعد ذلك حتويل تلك البيانات التي مت جمعها السلكيا أو‬ ‫يتم حتميلها عبر اإلنترنت‪ .‬ويستخدمها املسؤولون األمنيني‬ ‫لتجنب اإلجراءات األمنية التقليدية أو يستخدمها أصحاب‬ ‫األعمال لرصد إنتاجية موظفيهم‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫حتديد مكان القاتل‪ ،‬ثم تقوم بعمل مطابقة للصورة في املرة‬ ‫التالية التي يعبر فيها أمام الكاميرا مما يسمح بالوصول إليه في‬ ‫النهاية‪ .‬وال يصبح أمام القاتل أمل في اإلفالت من الرقابة إال بأن‬ ‫يظل بعيدا عن شبكة الكاميرات املدنية بقية حياته أو يتخفى‬ ‫بطريقة استثنائية‪.‬‬ ‫ومثل هذه التقنيات متوافرة بالفعل أو ميكن أن تتوافر في‬ ‫املستقبل القريب؛ فسوف تصدر تقنية «ديب ليرنينغ» بحلول‬ ‫عام ‪ .2013‬ووفقا للمكان الذي تعيش فيه‪ ،‬فإن متييز الوجوه‬ ‫رمبا يكون مطبقا بالفعل على ناصية الشارع الذي حتيا به‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من كونها منتشرة‪ ،‬فإننا ال نعرف إال قدرا ضئيال‬ ‫من املعلومات حول قدراتها‪ .‬فخالل العام املاضي‪ ،‬أخبرني أحد‬ ‫املصورين البريطانيني عن دهشته أثناء التصوير داخل إحدى‬ ‫غرف املراقبة بقسم للشرطة البريطانية‪ ،‬عندما قام أحد رجال‬ ‫الشرطة بالضغط على زر عارضا بثا حيا ألحد الشوارع املزدحمة‬ ‫بأرقام جوازات السفر ملئات من املارة‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬فإن ذلك برنامج‬ ‫للتعرف على الوجوه يقوم بعمل املقاربات املمكنة‪.‬‬ ‫انتشار الرقابة‬ ‫إن تلك الطيور املعدنية القبيحة التي ليس لها عيون والتي ال‬ ‫يظهر منها سوى رؤوس زرقاء تتدلى من أعمدة من الصلب أو من‬ ‫جوانب املباني ليست مقتصرة على مراكز املدن الغربية‪ .‬ففي‬ ‫اسطنبول‪ ،‬انتشرت تلك الكاميرات في السنوات األخيرة كجزء‬ ‫من برنامج أمني اسمه «موبيسي»‪ .‬وفي بداية الصيف احلالي‪،‬‬ ‫مت اعتقال املشاركني في أحداث شغب عرقي بإحدى املدن التركية‬ ‫الوسطى بعدما غادروا املوقع على يد رجال الشرطة الذين متكنوا‬ ‫من حتديد هويتهم عبر برنامج «موبيسي»‪.‬‬ ‫وتنتشر نحو ‪ 64‬كاميرا في شارع «استقالل» التجاري مبدينة‬ ‫اسطنبول قادرة على مسح ‪ 15‬ألف وجه في الثانية في ظل‬ ‫حشد متحرك‪ .‬وجاء ذلك بعدما أصبح املرور على اجلسرين اللذين‬ ‫ميران فوق مضيق البوسفور يقتضي املرور عبر جهاز مسح‬ ‫إلكتروني وبطاقة إلكترونية يحملها كافة املواطنني األتراك‪.‬‬ ‫وفي تركيا التي تتصدر عناوين األخبار نظرا للمزاعم املتعلقة‬


‫بعد الكشف عن قتلة املبحوح و منظمي احتجاجات طهران‬

‫البشرية تعلن انتهاء عصر العمليات السرية‬

‫أصبح العالم املشاهد دائما والعالم الذي ال يسقط في طي النسيان على وشك التحقق‪ ،‬بفضل تكنولوجيا املراقبة‪ .‬فعلى غرار فيلم‬ ‫ستيفن سبيلبرغ «تقرير األقلية» فإن التقنيات احلديثة هي خطوة أخرى جتاه عالم فرض القانون الوقائي وهو ما يترك في الوقت نفسه‬ ‫كثيرا من األسئلة من دون إجابة‪ .‬بقي أن نقول أن تلك الطيور املعدنية التي ال يظهر منها سوى رؤوس زرقاء تتدلى من أعمدة من الصلب‬ ‫ليست مقتصرة على مراكز املدن الغربية ‪ ،‬و الدليل هو الكشف عن قتلة قيادي حركة حماس الفلسطينية محمود املبحوح في دبي و‬ ‫منظمي إحتجاجات طهران‪.‬‬ ‫إياسون أثاناسياديس‬ ‫كتب املؤلف اليوناني دميتريس نوالس رواية «زمن أي أحد» التي‬ ‫ترصد زمن وحياة خلية سرية في أثينا في التسعينات‪ .‬وفي وصف‬ ‫ال ينسى‪ ،‬يروي الكاتب قصة أحد املتمردين الشيوعيني‪ ،‬وهو يخترق‬ ‫املدينة ويقضي على خصومه السياسيني ثم يعود إلى حصنه‬ ‫في اجلبال لكي يستعد ليوم آخر‪ .‬أصبح ذلك جزءا من املاضي‪.‬‬ ‫لقد اعتدنا أن نعيش في احلاضر الذي يأتي‪ ،‬ومير ثم يتحول إلى‬ ‫ماض دائم‪ .‬ولكن في ظل تزايد إحاطة تكنولوجيا املراقبة العامة‬ ‫ٍ‬ ‫مبا كان جزءا من عاملنا اخلاص‪ ،‬أصبحنا على نحو متزايد نعيش في‬ ‫حلظات من الدميومة حيث يظل ما كان ماضيا حاضرا إلى األبد‪.‬‬ ‫ليس فقط من خالل التسجيالت اإللكترونية ولكن من خالل‬ ‫مليارات ومليارات الساعات من مقاطع الفيديو امللونة احلية‬ ‫حلياتنا اليومية التي تسجل أكثر تفاصيل حياتنا حميمية‪.‬‬ ‫فاليوم ميكن التعرف على هوية اجملرمني بأثر رجعي‪ .‬وقد شهدنا‬ ‫منوذجا على ذلك خالل العام احلالي في دبي‪ ،‬عندما قتل محمود‬ ‫املبحوح القيادي بحركة حماس الفلسطينية على يد محترفني‬ ‫من املوساد؛ حيث أجرت شرطة دبي حتقيقا‪ ،‬فحصت خالله مئات‬ ‫اآلالف من ساعات الفيديو لقطة لقطة‪ ،‬لكي تعيد بناء حركة‬ ‫الفريق الذي اغتاله في كافة أنحاء اإلمارات من مراكز التسوق‬ ‫إلى الفنادق الفاخرة‪ .‬وبعدما عرضوا الصور الفوتوغرافية‬ ‫ومقاطع الفيديو التي تصور القتلة على وسائل اإلعالم الدولية‪،‬‬ ‫أعلن اخلبراء في االستخبارات عن نهاية العمليات السرية‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬تقدم التقنيات اجلديدة مثل «ديب ليرنينغ» خطوة أخرى‬ ‫إلى عالم فرض القانون الوقائي‪ .‬تقنية «ديب ليرنينغ» هي‬ ‫برنامج حاسوبي يتم تطويره حاليا يعمل بسرية؛ فهو يرصد‬ ‫اخملاطر املستقبلية احملتملة من خالل التركيز على أشياء محددة‬ ‫والتكهن بالتوجهات احملتملة ورصد األمناط املتكررة لألفعال‪.‬‬ ‫ونأمل أال يفشل على غرار اختبارات القيادة املميتة للشرطي‬ ‫اآللي في فيلم «روبوكوب»‪.‬‬ ‫إننا فقط في بداية عملية نقل تعزيز القانون من األيدي البشرية‬ ‫إلى احلواسيب الذكية‪ .‬فقد منح «داربا»‪ ،‬معمل «العلوم‬ ‫اجملنونة» التابع لوزارة الدفاع األمريكية (البنتاغون) منحة قدرها‬ ‫‪ 4‬ماليني دوالر الثنني من العلماء يعمالن حاليا على تطوير نظام‬ ‫ميكنه رصد األنشطة اإلنسانية غير املألوفة اجتماعيا‪ .‬كما ميكنه‬ ‫رصد أي شيء بدءا من العرق والتهيج في بيئة متت السيطرة على‬ ‫احلرارة فيها إلى أداء أفعال متكررة أو اجلري داخل أروقة مزدحمة‪.‬‬ ‫«وسوف تعمل النسخة النهائية من البرنامج دون إشراف؛ حيث‬ ‫إنه مصمم لرصد أخطائه وتصحيحها في كل طبقة حسابية»‪،‬‬ ‫ذلك ما ذكرته كاتي دراموند الكاتبة في مجلة «وايرد»‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫وذلك هو نوع التكنولوجيا‪ ،‬عندما تقترن بشبكات الرقابة‬ ‫املنتشرة‪ ،‬حيث سيتم القضاء على الصورة التقليدية للشرطي‬ ‫املتراخي الذي يتناول حلوى الدوناتس‪ ،‬سواء كان تابعا إلى دولة‬ ‫تخضع ملساءلة شعبها أو كان يعمل لصالح دكتاتورية متارس‬ ‫القوة القسرية‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ميكن أن يسفر استغالل البلدان‬ ‫الدكتاتورية ملثل تلك التكنولوجيا عن نتائج مخيفة‪.‬‬ ‫فإذا افترضنا أن الدولة أعلنت عن مطاردتها لبعض املتهمني‪،‬‬ ‫فإن تكنولوجيا اليوم ميكنها أن تساعد هيئات فرض القانون على‬ ‫‪43‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫بني التنمية والطاقة النظيفة‪...‬‬

‫�صلة مفقودة‬

‫تعهد البنك الدولي بدعم الدول النامية‪ ،‬و اتخذت املنظمة‬ ‫خطوات مهمة في حتديد مدى تأثير التغير املناخي على تلك‬ ‫الدول في املستقبل‪ .‬و يحذر البنك من أن ارتفاع درجات احلرارة‬ ‫والتغير في معدل األمطار‪ ،‬وارتفاع مستوى البحر وتكرر‬ ‫الكوارث الطبيعية املرتبطة بالطقس ميثل خطرا على الزراعة‬ ‫والغذاء وموارد املياه‪ .‬وتعد املكاسب األخيرة في املعركة ضد‬ ‫الفقر على احملك‪ ،‬باإلضافة إلى اجلوع واألمراض مما ميس حياة‬ ‫مليارات من البشر في الدول النامية‪.‬‬ ‫ولتقليل اآلثار السيئة للتغير املناخي على التنمية‪ ،‬أصدر‬ ‫البنك الدولي إستراتيجية ملساعدة الدول النامية على‬ ‫مكافحة التغير املناخي‪ .‬في عام ‪ ،2005‬طالبت مجموعة‬ ‫الثمانية البنك الدولي بوضع خطة لتعزيز االستثمارات في‬ ‫الطاقة النظيفة في الدول النامية بالتعاون مع املؤسسات‬ ‫املالية الدولية األخرى‪ .‬وهو ما أسفر عن وضع «اإلطار‬ ‫االستثماري للطاقة النظيفة» الذي يحدد نطاق االستثمارات‬ ‫الضرورية لكي تتمكن تلك البالد من احلصول على الطاقة‪،‬‬ ‫خاصة في أفريقيا‪ ،‬ومساعدتها على التقليل من انبعاثات‬ ‫الكربون والتكيف مع التغيرات املناخية‪.‬‬ ‫وبناء على طلب «جلنة التنمية» التابعة له في ‪ ،2007‬وضعت‬ ‫مجموعة البنك الدولي إستراتيجية شاملة للمساعدة على‬ ‫مواجهة التحديات املناخية وبدء املشاورات العاملية املكثفة‪.‬‬ ‫وقد انتهت تلك املشاورات في سبتمبر (أيلول) ‪،2008‬‬ ‫وأسفرت عن إطار إستراتيجي للتنمية والتغير املناخي والذي‬ ‫يتبنى مقاربة تعتمد على الطلب في حتديد وتقدمي فرص‬ ‫استثمارية جديدة للدول النامية ومساعدتها على التكيف‬ ‫مع اخملاطر اجلديدة‪.‬‬ ‫وتلقي تلك اإلستراتيجية الضوء أيضا على حاجة الدول‬ ‫للتفاعل من أجل الصالح العالم بأسره‪ .‬وفي الدول النامية‬ ‫يستهدف البنك الدولي اآلتي‪:‬‬

‫االستشارية في تقنية املعلومات‪ ،‬فإن نحو ‪ % 90‬يرغبون في تخفيض‬ ‫االعتماد احمللي على البترول والطاقة التي تعتمد على الغاز‪ ،‬ولكن‬ ‫معظمهم يرى أن ذلك أمر يرجع إلى احلكومة وليس املواطنني‪.‬‬

‫ •دعم اإلجراءات املناخية في العمليات التنموية التي‬ ‫تديرها الدولة‪.‬‬

‫وتدرك حكومات اخلليج أنه يجب عليها أن جتد سبال لتنظيم الطلب‬ ‫على الطاقة‪ ،‬الذي رمبا يشتمل على رفع سعر الوقود والطاقة وتعزيز‬ ‫معايير االستخدام الفعال للطاقة‪ .‬ولكي يصبح ذلك عمليا‪ ،‬فإنه‬ ‫يجب أن يتضمن تبادال حذرا للمصالح؛ لكي ال يتم اإلضرار بالفقراء أو‬ ‫االستقرار السياسي‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬يبدو أن املدن الفاضلة عالية‬ ‫التقنية قادرة على التغلب على احللول األرخص واألكثر عملية مثل‬ ‫حمالت التوعية العامة والنقل اجليد وتوافق البناء مع املناخ احمللي‪.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•حشد املزيد من التمويل االمتيازي واملبتكر‪.‬‬ ‫•‬ ‫•تسهيل تطوير آليات التمويل التي تعتمد على السوق‪.‬‬ ‫•‬ ‫•تعزيز موارد القطاع اخلاص‪.‬‬ ‫•‬ ‫•دعم التطور التنموي ونشر التقنيات اجلديدة‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬البنك الدولي‬

‫حكومات اخلليج تدرك أنه يجب‬ ‫عليها أن جتد سبال لتنظيم الطلب‬ ‫على الطاقة‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫إن حتديات الطاقة التي تواجهها دول اخلليج ليست مختلفة عن‬ ‫التحديات املتعلقة بالكربون التي نواجهها في الغرب‪ .‬ولكن ضرورة‬ ‫اتخاذ إجراءات فعالة ملواجهة تلك التحديات تراجعت أمام اخلوف من‬ ‫اإلضرار باملصالح اخلاصة أو عرقلة التقدم‪ .‬وعلى الرغم من اخلطاب‬ ‫الرسمي للدولة‪ ،‬تكشف احلقائق عن تخبط ومقاربات متناقضة من‬ ‫تلك القضية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه من املرجح أن حتصد مشاريع الطاقة‬ ‫النظيفة التي تساوي مليارات الدوالرات على الدعم الدولي‪.‬‬ ‫* غالدا الن ‪ -‬باحثة في برنامج الطاقة والبيئة والتنمية في «تشامت‬ ‫هاوس»(املعهد امللكي للشؤون الدولية) في لندن‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 1‬سبتمبر ‪.2010‬‬


‫وهو ما أدى إلى بعض اخليارات غير املنطقية؛ فقد استدعت إمارة‬ ‫عجمان شركة ماليزية لبناء محطة طاقة تعمل بالفحم في ‪.2008‬‬ ‫وعلى الرغم من اعتمادها على واردات الفحم وزيادة انبعاثات ثاني‬ ‫أكسيد الكربون‪ ،‬فإن رأس اخليمة وعمان يستعدان ألن يحذوا حذوها‪.‬‬ ‫ووفقا لهيئة تنظيم الكهرباء السعودية‪ ،‬فإن الدولة قد استهلكت‬ ‫‪ % 10‬من إنتاجها من البترول إلنتاج الكهرباء محليا بأسعار عالية‬ ‫مدعومة في عام ‪ .2009‬وفي العام املاضي‪ ،‬كانت الكويت تستورد‬ ‫الغاز الطبيعي املسال من روسيا‪ .‬وكان اجملتمع الدولي يحث على‬ ‫الطاقة النووية في املنطقة‪ ،‬وهو املسار الذي يتعارض مع احلس‬ ‫االقتصادي واملصلحة الطبيعية‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬يتنافس زعماء اخلليج للحصول على حصص‬ ‫الطاقة املستدامة‪ ،‬فقد كان احلاكم السابق لدولة اإلمارات‪ ،‬الشيخ‬ ‫زايد‪ ،‬أول من تبنى االستدامة البيئية‪ .‬وبعد وفاته‪ ،‬أسس صندوق الثروة‬ ‫السيادية شركة الطاقة املستقبلية في أبوظبي (مصدر) عام ‪2006‬‬ ‫لدعم الوقود احلفري النظيف والطاقة املتجددة‪ ،‬التي أنشأت مدينة‬ ‫املصدر املستقبلية متعادلة الكربون واخلالية من النفايات‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ ،2008‬أصدر الشيخ محمد‪ ،‬حاكم اإلمارات‪ ،‬جائزة الشيخ زايد للطاقة‬ ‫املستقبلية التي تشجع االبتكارات في مجال الطاقة املستدامة من‬ ‫خالل جوائز نقدية‪ .‬وفي العام التالي‪ ،‬اختارت الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫املستدامة مدينة املصدر لكي تصبح مقرها الرئيسي‪ ،‬وهي خطوة‬ ‫مهمة في ظل إسهامات املدينة احملدودة‪ ،‬حتى اآلن‪ ،‬سواء في احلد من‬ ‫انبعاثات الكربون أو في االبتكارات في التكنولوجيا املستدامة‪.‬‬

‫‪Images © Getty Images‬‬

‫رغم احتالل السعودية و االمارات املركزين‬ ‫الرابع والسابع في امتالكهما الحتياطي الغاز‬ ‫الطبيعي‪ ،‬في ظل تزايد الطلب على الكهرباء‪،‬‬ ‫عانت كلتا الدولتني من نقص الغاز‪ ،‬كما‬ ‫اضطرتا الستبدال البترول بالغاز حتى تتمكنا‬ ‫من الوفاء باحتياجات الصناعة‪.‬‬ ‫الرابع والسابع في امتالكهما الحتياطي الغاز الطبيعي‪ ،‬في ظل تزايد‬ ‫الطلب على الكهرباء‪ ،‬عانت كلتا الدولتني من نقص الغاز‪ ،‬كما اضطرتا‬ ‫الستبدال البترول بالغاز حتى تتمكنا من الوفاء باحتياجات الصناعة‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫ولكن جارتها األكبر حجما واألكثر قوة ال تفتقر كذلك للموارد املالية‬ ‫أو للخطاب املتعلق بالرؤى‪ .‬فبعد ذلك بقليل‪ ،‬صرح وزير البترول‬ ‫السعودي علي النعيمي في حوار لـ«رويترز»‪« :‬تسعى اململكة‬ ‫العربية السعودية لتصدير قدر من الطاقة الشمسية في املستقبل‬ ‫يضاهي ما تصدره اآلن من البترول»‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬كانت اململكة‬ ‫العربية السعودية رائدة في إنشاء قرية تعمل بالطاقة الشمسية في‬ ‫الثمانينات‪ ،‬ولكنها تعرضت لإلهمال بعدما خفت احلماس‪ ،‬ولم يحدث‬ ‫أي تطور لها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬وفي بداية عام ‪ ،2010‬بدأ العمل إلنشاء مصنع‬ ‫لتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية خارج جدة‪ .‬وقد أعلن امللك‬ ‫عبد اهلل أنه سيتم بناء مدينة للطاقة الذرية واملتجددة في الرياض‪،‬‬ ‫وفي أغسطس (آب)‪ ،‬أسست إحدى شركات القطاع اخلاص أول شركة‬ ‫باململكة إلنتاج اخلاليا الشمسية‪ .‬بل ورمبا تكون اململكة متقدمة في‬ ‫ما يتعلق باملعامل‪ .‬وتعد جامعة امللك عبد اهلل للعلوم والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫التي أسستها شركة الغاز الطبيعي «سعودي أرامكو»‪ ،‬منوذجا حيا‬ ‫للبناء املستدام بينما ما زالت مدينة الصدر في طور البناء‪.‬‬ ‫«من الذي سوف يختار أن يعيش في املصدر؟» ذلك ما قاله أحد‬ ‫رجال األعمال غير املتحمسني للمشروع‪« .‬حيث تتجاهل مباني‬ ‫تلك املدينة الثقافة الشعبية‪ ،‬كما أن إنشاء مدينة للمشاة أمر‬ ‫غير عملي في ظل درجة حرارة تصل إلى ‪ 50‬درجة مئوية! ويتساءل‬ ‫الناس‪ :‬ملاذا اختاروا نورمان فوستر لتصميمها ولم يستعينوا مبهندس‬ ‫معماري عربي مثل أحمد عابدين؟»‪ .‬وعلى أية حال‪ ،‬فإن ذلك يطرح‬ ‫تساؤالت مهمة‪ :‬فكيف إذن ستمتد تلك الرؤى الكبرى لكي تشمل‬ ‫بقية اجملتمع؟ وما الذي سيمنعهم من أن يصبحوا مجرد «جزر موفرة‬ ‫للطاقة» أو مجمعات نخبوية في بحر من اإلسراف؟ هناك ثالثة حتديات‬ ‫متشابكة‪ :‬السعر والتنظيم واالستثمارات احمللية‪.‬‬ ‫تشكل الطاقة غير احملدودة جزءا من العقد االجتماعي في دول اخلليج‬ ‫البترولية‪ .‬فالطاقة الرخيصة وسيلة لتوزيع موارد الدولة‪ ،‬كما‬ ‫أنها تعد من حقوق املواطنة‪ .‬وهو ما يقف حائال أمام احلفاظ على‬ ‫البيئة أو االستثمار في االستخدام الفعال للطاقة أو بدائلها‪ .‬وقبل‬ ‫أن تصبح اخليارات النووية واملستدامة جاهزة ألن حتل محل الوقود‬ ‫احلفري‪ ،‬يجب أن يتم احلد من االستهالك‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن األغلبية‬ ‫العظمى من مواطني اخلليج ‪ -‬خاصة األثرياء ‪ -‬غير مهتمني بقضايا‬ ‫الطاقة املستدامة‪ .‬ووفقا لدراسة حديثة أجرتها شركة «أكسنتيور»‬ ‫‪41‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫لديها أعلى نصيب للفرد من الكربون في العالم‬

‫دول اخلليج ‪..‬‬ ‫هل تعلن انتهاء‬ ‫عصر النفط؟‬

‫تقام بعض أكثر مشاريع الطاقة النظيفة طموحا في العالم‬ ‫في منطقة اخلليج‪ .‬حيث يتم حتويل العواصم التي يحلم‬ ‫األوروبيون بامتالك مثيالتها‪ ،‬إلى مدن خضراء ومراكز للمشاريع‬ ‫منخفضة الكربون‪ .‬حيث تقول احلكومات اخلليجية أنها‬ ‫«تتزعم العالم في مجال الطاقة املستدامة»‪ .‬فهل يعني‬ ‫ذلك انتهاء عصر الدولة النفطية أم أن األمر ال يعدو كونه مجرد‬ ‫تضليل ومشاريع دعائية؟‬ ‫كما تعد الصعوبات املتعلقة باالستخدام املفرط والتسعير األقل لتلك‬ ‫ولكن اخملاوف احمللية تزامنت مع أجندة املناخ؛ مما أثار ثالث قضايا ملحة‪:‬‬ ‫كيف نتأكد من أن تلك البضائع الثمينة مثل البترول والغاز ال يتم‬ ‫إهدارها بالداخل؟ وكيف ميكن استخدام عائدات البترول لتعزيز النمو‬ ‫االقتصادي على املدى البعيد وتوفير فرص العمل؟ وكيف ميكن استغالل‬ ‫الفرص اجلديدة التي تنشأ عن العالم اخلالي من الكربون؟ ففي ظل تفوق‬ ‫االستثمارات العاملية في املوارد املتجددة للطاقة على الوقود احلفري‬ ‫حاليا‪ ،‬يحرص القطاع اخلاص باخلليج على عدم التخلف عن املواكبة‪.‬‬

‫غالدا الن‬ ‫ظاهريا‪ ،‬متثل حركة تخفيض االنبعاثات الكربونية مصدرا للقلق بالنسبة‬ ‫للدول املصدرة للبترول مثل اململكة العربية السعودية واإلمارات وقطر‪.‬‬ ‫وهي الدول التي لديها أعلى نصيب للفرد من الكربون واملياه واخمللفات في‬ ‫العالم‪ ،‬كما تعتمد اقتصاداتها على أسواق التصدير املتعطشة للوقود‬ ‫احلفري‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫املوارد صعوبات جسيمة‪ .‬فقد بدأت كل من اململكة العربية السعودية‬ ‫واإلمارات في استبدال الغاز بدال من الطاقة الكهربائية التي تعتمد‬ ‫على حرق البترول في التسعينات‪ .‬كما كانوا يدعون أيضا للتنوع في‬ ‫البتروكيماويات حيث االعتماد على الغاز اخلام‪ .‬ولكن املعروض من‬ ‫الطاقة ليس من املمكن أن يتواكب مع الزيادة السكانية واملشاريع‬ ‫املدنية الضخمة في ظل ارتفاع أسعار البترول في الفترة ما بني ‪2005‬‬ ‫ ‪ .2008‬كما عززت مشاريع حتلية مياه البحر‪ ،‬التي متثل اآلن ‪98 - 70‬‬‫‪ %‬من العرض‪ ،‬من أزمة الوقود‪ .‬وعلى الرغم من أنهما يحتالن املركزين‬


TM1557_39_Ad.indd 39

18/10/10 16:34:33


‫● ثروة األمم‬

‫أسواق‬ ‫في شهر سبتمبر (أيلول) املاضي‪ ،‬أعلن املركز الوطني‬ ‫لإلحصاء في اإلمارات عن بيانات جديدة تتعلق باألسعار‬ ‫داخل اإلمارات العربية املتحدة‪ .‬ووفقا لبيانات املركز‪ ،‬ظل‬ ‫معدل التضخم السنوي في البالد ثابتا على ارتفاع بلغ‬ ‫‪ 0.9‬في املائة في شهر أغسطس (آب)‪ .‬ولكن في الوقت‬

‫يوضح الرسم البياني األول التطور السنوي لدليل سعر‬ ‫املستهلك في اإلمارات‪ ،‬وهو مقياس مشترك لقياس تغير‬ ‫أسعار املستهلك مقارنة مبؤشر سنوي كحد أدني محدد‬ ‫سلفا‪ .‬وفي هذه احلالة‪ ،‬اختار مكتب اإلحصاء عام ‪2007‬‬ ‫ليكون احلد األدنى‪ ،‬وبذلك يقف احلد األدنى عند قيمة ‪.100‬‬ ‫وتقاس جميع األرقام مقارنة بأسعار املستهلك في اإلمارات‬ ‫في عام ‪.2007‬‬ ‫وكما يوضح الرسم‪ ،‬ظل دليل سعر املستهلك ثابتا نسبيا‬ ‫على مدار العام املاضي (من أغسطس ]آب[ ‪ 2009‬إلى‬ ‫أغسطس ]آب[ ‪ .)2010‬وبعد أن وصل إلى ذروته (‪)115.8‬‬ ‫في أكتوبر (تشرين األول) عام ‪ ،2009‬ظل دليل سعر‬ ‫املستهلك مقاربا لـ‪ .114‬ولكن في شهر أغسطس (آب)‪،‬‬ ‫ارتفع الدليل بحدة ليصل إلى أعلى معدل له منذ شهر‬ ‫نوفمبر (تشرين الثاني)‪.‬‬

‫ذاته‪ ،‬ارتفعت األسعار بأسرع معدل لها في ‪ 11‬شهر‪،‬‬ ‫حيث ارتفعت أسعار املواد الغذائية حتديدا بنسبة ‪ 2‬في‬ ‫املائة في شهر واحد فقط‪ .‬ونلقي هنا نظرة على بيانات‬ ‫األسعار في تقرير مركز اإلحصاء‪ ،‬باإلضافة إلى نظرة‬ ‫طويلة املدى على معدالت التضخم األخيرة في البالد‪.‬‬

‫رسم بياني ‪1‬‬

‫امل�صدر‪ :‬املركز الوطني للإح�صاء يف الإمارات العربية املتحدة‪2010 ،‬‬

‫الرسم البياني ‪2‬‬

‫عندما مت تقسيم التغييرات السنوية في دليل سعر‬ ‫املستهلك في البالد إلى كل إمارة على حدا‪ ،‬أصبحت‬ ‫التفاوتات أكثر وضوحا‪ .‬يوضح الرسم الثاني الذي يقيس‬ ‫نسبة التغيير في دليل سعر املستهلك من أغسطس‬ ‫(آب) عام ‪ 2009‬إلى أغسطس (آب) عام ‪ ،2010‬أن أسعار‬ ‫املستهلك ارتفعت في رأس اخليمة بأكبر نسبة (أعلى من‬ ‫‪ 1.2‬في املائة)‪ ،‬بينما ظلت األسعار في الشارقة‪ ،‬على‬ ‫النقيض من ذلك‪ ،‬أكثر ثباتا نسبيا‪.‬‬ ‫امل�صدر‪ :‬املركز الوطني للإح�صاء يف الإمارات العربية املتحدة‪2010 ،‬‬

‫تقدم لنا هذه البيانات من صندوق النقد الدولي نظرة أبعد‬ ‫مدى عن معدل التضخم وإجمالي الناجت احمللي‪ .‬فيما بني‬ ‫عامي ‪ 2002‬و‪ ،2008‬ارتفع إجمالي الناجت احمللي في البالد‬ ‫بفضل عائدات النفط والغاز‪ ،‬باإلضافة إلى تدفق كميات‬ ‫كبيرة من االستثمارات األجنبية‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬انخفض‬ ‫معدل التضخم تراكميا بعد أن استقر النمو االقتصادي في‬ ‫اإلمارات‪.‬‬ ‫ولكن بعد أزمة ديون دبي‪ ،‬بدأت تظهر إشارات على ضعف‬ ‫االقتصاد‪ ،‬حيث نتج عن أعوام من النمو السريع تالل من‬ ‫الديون‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬انكمش االقتصاد الوطني فعليا‬ ‫بنسبة ‪ 1.9‬في املائة في عام ‪ ،2009‬حيث تعرض قطاعي‬ ‫املصارف واإلنشاءات لصدمات قاسية‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬بدأ‬ ‫معدل التضخم في االرتفاع تدريجيا‪ ،‬وكما يتوقع صندوق‬ ‫النقد الدولي‪ ،‬سيستمر التصخم في الصعود على مدى‬ ‫املستقبل القريب‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫نسبة التغير السنوي في إجمالي الناجت احمللي الفعلي ومعدل‬ ‫التضخم في اإلمارات العربية املتحدة‬

‫امل�صدر‪� :‬صندوق النقد الدويل‬


TM1557_37_Ad.indd 37

18/10/10 16:42:49


‫● ثروة األمم‬

‫كممر عبور إلى األسواق األوروبية‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬تدرس إيران استخدام‬ ‫البالد من أجل نقل إمدادات الغاز إلى املستهلكني السويسريني‬ ‫مبوجب تعاقد مقبل‪ .‬ولكن يجب أن يكون من الواضح أن منتجات‬ ‫الطاقة التي تعبر احلدود نادرا ما تكون منقولة إلى مكان آخر‪.‬‬ ‫تؤدي العقوبات األخيرة التي فرضها االحتاد األوروبي والضغط األميركي‬ ‫على قطاع الطاقة اإليراني إلى استمرار هذا االجتاه؛ حيث تزيد من غلق‬ ‫األسواق الغربية أمام املنتجات اإليرانية‪ .‬ويبدو أن اجلوالت األخيرة من‬ ‫العقوبات قد تركت أثرا في سوق الطاقة اإليراني‪ ،‬حيث ألغى كبار‬ ‫املوردين األوروبيني‪ ،‬مثل «توتال»‪ ،‬الذين يوردون كميات كبيرة من‬ ‫البنزين‪ ،‬اتفاقيات قائمة منذ مدة طويلة‪ .‬ولكن حشد الضغوط ضد‬ ‫املصالح االقتصادية اإليرانية من خالل تهديد الشركات األوروبية التي‬ ‫لها نشاط اقتصادي في البالد‪ ،‬لم يعد له الثقل ذاته الذي كان عليه‬ ‫في املاضي‪ ،‬ألن شركات التكرير الغربية لم تعد الوحيدة في اجملال هنا‪.‬‬ ‫لقد تقدمت شركات صينية‪ ،‬خاصة «تشاينا بتروليم»‪ ،‬لتولي كثير‬ ‫من عمليات شحن البنزين إلى إيران‪ ،‬كما أن هناك محاور تكرير إقليمية‬ ‫أخرى في الطريق‪ ،‬مثل الهند‪ ،‬وهي أقل عرضة للضغوط األميركية‪.‬‬ ‫وغالبا ما يكون مصدر تلك املنتجات املكررة في األصل النفط اخلام‬ ‫من اخلليج العربي‪ ،‬حيث أصبحت آسيا اآلن سوق التصدير الرئيسية‪.‬‬ ‫ويتوقع تقرير النفط والغاز نصف السنوي الصادر عن الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة أنه بحلول عام ‪ 2015‬سيعني منو الطلب اآلسيوي الكبير من‬ ‫غير أعضاء منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬أن الدول األعضاء‬ ‫الغنية ستشكل ما يقل عن نصف الطلب العاملي على النفط‪.‬‬ ‫بذلك يجب النظر إلى محاوالت التقارب السياسي التركية عام‬ ‫‪ 2010‬التي تثير تلك احلالة من اخلوف في سياق التحوالت االقتصادية‪،‬‬ ‫التي تؤدي إلى حقائق سياسية جديدة‪ .‬في بعض األحيان تكشف‬ ‫عن هذه احلقائق «أخطاء سهلة» من الغرب (باستخدام العبارة‬ ‫املفضلة إلدارة أوباما)‪ .‬وقد جنح الرفض التام لطموحات تركيا في‬ ‫االنضمام إلى االحتاد األوروبي من باريس وبرلني وفيينا‪ ،‬طوال األعوام‬ ‫الثالثة املاضية‪ ،‬في توجيه الشعور السياسي التركي نحو االجتاهات‬ ‫االقتصادية السائدة‪ ،‬أي بعيدا عن مستقبل راسخ في أوروبا‪ .‬ويبدو أن‬ ‫التعامل األميركي مع الصفقة النووية التركية ‪ -‬البرازيلية يكشف‬ ‫عن تناقضات داخل احلكومة األميركية‪ ،‬في حني أنه يبعد شريكا‬ ‫يتعاون باسم مصالح تركية ‪ -‬أميركية مشتركة في سورية ولبنان‬ ‫والقوقاز وإيران‪.‬‬ ‫تتعدد البدائل االقتصادية لألسواق األميركية واألوروبية في أعقاب‬ ‫األزمة االقتصادية‪ ،‬التي تركت االقتصادات املتقدمة تترنح واألسواق‬ ‫الناشئة تنمو‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬تتبنى الدول حقائق سياسية‬ ‫واستراتيجية جديدة أيضا‪ .‬وال يعني ذلك أن معظم الدول لن‬ ‫تستمر في التزامها القوي بأهم المُثل الليبرالية األساسية‪ ،‬وأنها‬ ‫لن تتطلع إلى الواليات املتحدة من أجل حتقيق األمن العاملي‪ .‬في حالة‬ ‫تركيا‪ ،‬أوضح أردوغان أن أنقرة ليست حليفا استراتيجيا إليران‪ ،‬وأن‬ ‫الناتو ال يواجه خطرا من أحد أهم أعضائه‪ .‬ولكن املزيد من املوقف‬ ‫االستراتيجي األميركي احلذر‪ ،‬باإلضافة إلى موقف اقتصادي وسياسي‬ ‫أوروبي أقل جذبا‪ ،‬سيؤدي إلى تطور بعض العالقات «اجلنوبية ‪-‬‬ ‫اجلنوبية» أو «الشرقية ‪ -‬الشرقية»‪ ،‬التي رمبا تبدو من منظور غربي‬ ‫متشدد‪ ،‬غريبة األطراف‪ .‬وإذا كانت هناك أهمية لتطور العالقات‬ ‫اإليرانية ‪ -‬التركية في العقد املاضي‪ ،‬فيمكنها أن تقدم فرصا مهمة‬ ‫يجب على الغرب االستفادة منها‪.‬‬ ‫* فيليب كورنيل ‪ -‬مسؤول عن محاكاة اضطرابات الطاقة الكبرى‬ ‫في الوكالة الدولية للطاقة في باريس‪ .‬وهو أيضا عضو هيئة تدريس‬ ‫مساعد في الناتو‪ .‬وباحث متخرج في كلية الدراسات العليا البحرية‬ ‫في مونتيري‪.‬‬ ‫اآلراء الواردة في املقال ال متثل آراء املؤسسة التي يعمل بها‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 6‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫‪36‬‬

‫العالقات التجارية الإيرانية الرتكية‬ ‫كما يوضح اجلدول األول‪ ،‬شهد حجم التبادل التجاري بني إيران وتركيا زيادة‬ ‫ثابتة طوال العقد املاضي‪ ،‬وعلى مدار األعوام اخلمسة األخيرة حتديدا‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ 2008‬خصيصا‪ ،‬ارتفعت قيمة جتارة السلع بدرجة ملحوظة‪ ،‬لتتخطى ‪10‬‬ ‫مليار دوالر‪ .‬وبينما يدعي صندوق النقد الدولي أن األزمة املالية العاملية أدت‬ ‫إلى انخفاض حاد في التجارة بني أنقرة في طهران في عام ‪ ،2009‬إال أن كل‬ ‫من مسؤولي تركيا وإيران يؤكدون على أن التجارة بني البلدين ظلت مقاربة‬ ‫ملبلغ ‪ 10‬مليار دوالر وأعادوا تأكدي التزامهم مبضاعفة هذا الرقم اإلجمالي‬ ‫ثالث مرات بحلول عام ‪.2015‬‬

‫ن�سبة الواردات الرتكية القادمة من �إيران‬

‫امل�صدر‪ :‬دليل �صندوق النقد الدويل لإح�صائيات التجارة‬

‫وفي حني ارتفع حجم التبادل التجاري بني تركيا وإيران إلى مستويات كبيرة‬ ‫في األعوام األخيرة‪ ،‬إال أن الدولتني أيضا أرسلتا نسبة أكبر من صادراتهما عبر‬ ‫حدودهما‪ .‬وتشير مثل تلك الروابط القوية أيضا إلى جهود عامة منسقة‬ ‫لتعزيز التعاون االقتصادي بني أنقرة وطهران‪ .‬وقد بدأ هذا االجتاه مؤخرا في‬ ‫عام ‪ 1985‬مع إطالق منظمة التعاون االقتصادي بني احلكومات‪ ،‬في حتالف‬ ‫يضم كل من تركيا وإيران وباكستان كأعضاء أصليني‪ ،‬ومت توسعتها في عام‬ ‫‪ 1992‬ليضم سبع حكومات إقليمية أخرى‪.‬‬ ‫وكما يتبني من الرسمني البيانيني األول والثاني‪ ،‬ازدادت العالقات التجارية‬ ‫اإليرانية التركية قوة في السنوات األخيرة‪ .‬وقد صرح وزير اخلارجية اإليراني‬ ‫منوشهر متكي لطهران تاميز في عام ‪ 2007‬قائال‪« :‬إن املستوى الراهن من‬ ‫التعاون بني طهران وأنقرة غير مسبوق في تاريخ العالقات بني البلدين‪».‬‬ ‫وأضاف أن املزيد من التعاون في مجال الطاقة «ميكنه أن يكون منوذجا المتداد‬ ‫العالقات في مجاالت أخرى‪».‬‬

‫نب�سة �صادرات تركيا �إىل �إيران‬

‫امل�صدر‪ :‬دليل �صندوق النقد الدويل لإح�صائيات التجارة‬

‫فيما بني عامي ‪ 2000‬و ‪ ، 2008‬زاد حجم‬ ‫التبادل التجاري بني تركيا وإيران من‬ ‫مليار دوالر إلى ‪ 10‬مليارات دوالر في‬ ‫العام‪ ،‬وفقا ألرقام صندوق النقد الدولي‪.‬‬


‫العراق‬ ‫التبادل التجاري بني �إيران وتركيا (‪)2009-2000‬‬ ‫كما يوضح اجلدول األول‪ ،‬شهد حجم التبادل التجاري بني إيران‬ ‫وتركيا زيادة ثابتة طوال العقد املاضي‪ ،‬وعلى مدار األعوام‬ ‫اخلمسة األخيرة حتديدا‪ .‬وفي عام ‪ 2008‬خصيصا‪ ،‬ارتفعت‬ ‫قيمة جتارة السلع بدرجة ملحوظة‪ ،‬لتتخطى ‪ 10‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫وبينما يدعي صندوق النقد الدولي أن األزمة املالية العاملية‬ ‫أدت إلى انخفاض حاد في التجارة بني أنقرة في طهران في‬ ‫عام ‪ ،2009‬إال أن كل من مسؤولي تركيا وإيران يؤكدون على‬ ‫أن التجارة بني البلدين ظلت مقاربة ملبلغ ‪ 10‬مليار دوالر‬ ‫وأعادوا تأكدي التزامهم مبضاعفة هذا الرقم اإلجمالي ثالث‬ ‫مرات بحلول عام ‪.2015‬‬ ‫‪Trade volume‬‬

‫‪Year‬‬

‫‪$1.05 billion‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪$4.33 billion‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪$6.43 billion‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪$7.76 billion‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪$10.43 billion‬‬

‫‪2008‬‬

‫)‪$5.63 billion ($10 billion according to Iran and Turkey‬‬

‫‪2009‬‬

‫امل�صدر‪� :‬صندوق النقد الدويل‬

‫والرسائل امللطفة إلى بروكسل‪ ،‬استفادت تركيا من حصتها‬ ‫في السالم وتقاربت مع جيرانها شرقا‪ .‬ووضعت سياسات وزير‬ ‫اخلارجية إسماعيل جيم‪ ،‬ومن بعده رئيس الوزراء رجب أردوغان‬ ‫التي تنتهج «عدم إحداث مشكالت مع اجليران»‪ ،‬خلفية لعالقات‬ ‫جتارية متنامية منذ عام ‪ .2000‬وفي الغالب كانت الطاقة هي‬ ‫التي تقود هذا النمو‪.‬‬ ‫وفيما بني عامي ‪ 2000‬و‪ ،2008‬زاد حجم التبادل التجاري بني‬ ‫تركيا وإيران من مليار دوالر إلى ‪ 10‬مليارات دوالر في العام‪ ،‬وفقا‬ ‫ألرقام صندوق النقد الدولي‪ .‬ومن هذا الرقم األخير‪ ،‬توجد ‪2.7‬‬ ‫مليار دوالر فقط للتبادل التجاري في غير مجال الطاقة‪( .‬وهو‬ ‫في الغالب من املنتجات الصناعية اإليرانية واملنسوجات واملواد‬ ‫الكيماوية واملاكينات التركية) أما بقية القصة فتتعلق باقتصاد‬ ‫تركيا الذي يحتاج إلى الطاقة‪ .‬ويتوقع صندوق النقد الدولي له‬ ‫بالفعل أن ينمو مبا يزيد على نسبة ‪ 6.25‬في املائة في عام ‪2010‬‬ ‫(وفي الوقت ذاته‪ ،‬تتوقع الدول ذات االقتصاد املتقدم في تفاؤل أن‬ ‫يزيد قليال على ‪ 2‬في املائة)‪.‬‬ ‫لقد أصبح االحتياج املتزايد للطاقة على مدار األعوام اخلمسة‬ ‫عشر املاضية هو العمود الفقري إلقامة عالقات تركية قوية مع‬ ‫إيران‪ ،‬بل ومع اخلصوم التقليديني مثل روسيا‪ .‬وفيما بني عامي‬ ‫‪ 1995‬و‪ ،2008‬ارتفع حجم الواردات التركية من النفط مبقدار‬ ‫‪ 100.000‬برميل يوميا‪ ،‬وتعرض هذا لضغط من الضرائب الكبيرة‬ ‫على البترول‪ .‬ولكن القصة احلقيقية تتعلق بالغاز‪.‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫في غضون الفترة ذاتها من ‪ 1995‬إلى ‪ ،2008‬ارتفع االستهالك‬ ‫التركي للغاز من نحو ‪ 7‬مليارات متر مكعب في العام إلى ما‬ ‫يزيد على ‪ 36.6‬مليار متر مكعب‪ ،‬وفقا للوكالة الدولية للطاقة‪.‬‬ ‫ونظرا لقلة اإلنتاج احمللي‪ ،‬كان يتم استيراد كل هذه الكمية تقريبا‪.‬‬ ‫وتظل روسيا هي أهم مورد‪ ،‬وتستثمر شركة «غازبروم» في خط‬ ‫أنابيب مير حتت البحر األسود جتنبا للمرور بوسطاء‪ .‬ولكن على‬ ‫الرغم من ذلك‪ ،‬في ما بني عامي ‪ 2002‬و‪ ،2007‬ارتفعت توريدات‬ ‫إيران من الغاز إلى تركيا إلى عشرة أضعاف في مواجهة ارتفاع‬ ‫األسعار الروسية‪ ،‬من ‪ 0.65‬مليار متر مكعب إلى ‪ 6.05‬مليار‬ ‫متر مكعب‪ .‬وفوق كل ذلك‪ ،‬تستمر تركيا بالطبع في العمل‬ ‫‪35‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫قطارها إلى االحتاد األوروبي‬ ‫يعمل بالطاقة اإليرانية‬

‫تركيا‪ ..‬عني على بروكسل‬ ‫وأخرى على طهران‬ ‫يعكس حتسن العالقات التركية ‪ -‬اإليرانية في مجال الطاقة‬ ‫والتبادل التجاري‪ ،‬اجتاهات جغرافية ‪ -‬استراتيجية خفية‪،‬‬ ‫في عالم متلك فيه أوروبا قليال من التأثير‪ ،‬وتتوخى فيه أميركا‬ ‫مزيدا من احليطة‪ ،‬ويظل االقتصاد العاملي محميا بفضل ازدياد‬ ‫الطلب اآلسيوي على االقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫فيليب كورنيل‬ ‫في الوقت الذي حتتل فيه تركيا موقعا محوريا في مجال الطاقة‬ ‫على املستوى اإلقليمي‪ ،‬بدال من مجرد كونها قناة لنقل الغاز‬ ‫والنفط إلى أوروبا (كما تخيل البعض في بروكسل قبل ذلك)‪ ،‬ال‬ ‫يجب أن يندهش حلفاؤها لرؤية أنقرة تعزز من عالقاتها مع طهران‪.‬‬ ‫ويعكس هذا املثال صورة أكبر حجما تتزايد فيها احتمالية ابتعاد‬ ‫هؤالء املوجودين على أطراف الغرب الليبرالي عن الفكر االقتصادي‬ ‫والسياسي وليد ازدواجية احلرب الباردة‪ .‬فقد أصبحوا أكثر ثقة في‬ ‫معرفتهم احمللية واإلقليمية فيما يتعلق بإقامة عالقات جتارية جيدة‪.‬‬ ‫ومن املمكن أن يكون من الصعب أن يستوعب األميركيون الواقعيون‬ ‫املتشددون فكرة تقارب أحد حلفاء الناتو األقوياء من دولة «منبوذة»‬ ‫جملرد نقل الطاقة إلى أوروبا‪ .‬ولكن تفسر الظالل الرمادية للجغرافيا‬ ‫السياسية واالقتصاد في العالم‪ ،‬ما بعد إجماع واشنطن‪ ،‬الوضع‬ ‫على طول احلدود الشمالية حتت سلسلة جبال زاغروس‪.‬‬ ‫لقد تصدرت تساؤالت حول سياسة تركيا جتاه إيران‪ ،‬اهتمام‬ ‫وسائل اإلعالم عندما عقدت أنقرة‪ ،‬ومعها البرازيل‪ ،‬صفقة مع‬ ‫احلكومة اإليرانية‪ ،‬ميكن إليران مبوجبها أن تتبادل ‪ 1.200‬كيلوغرام‬ ‫مساو من اليورانيوم‬ ‫من اليورانيوم قليل التخصيب في مقابل وزن‬ ‫ٍ‬ ‫اخملصب من أجل االستخدام املدني‪ .‬وكانت تركيا ستصبح املستودع‬ ‫الوسيط‪ .‬ولكن مت رفض الصفقة في واشنطن‪ ،‬على الرغم من وجود‬ ‫دليل على أن إدارة أوباما كانت تشجع مثل هذا التبادل‪ .‬وقد تال ذلك‬ ‫سريعا رفض تركي لقرار مجلس األمن رقم ‪ ،1929‬الذي يفرض‬ ‫عقوبات أكثر صرامة على إيران بسبب عدم تعاونها مع الوكالة‬ ‫الدولية للطاقة الذرية‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك احلني‪ ،‬قيل الكثير عن خالف تركيا الظاهري مع الغرب‪،‬‬ ‫بل انحرافها بعيدا عنه‪ ،‬مما يثير القلق‪ .‬في الواقع‪ ،‬يسير كثير من‬ ‫تلك التيارات اخلفية منذ فترة‪ ،‬وكان بعضها موجود منذ قرون‪ .‬كان‬ ‫األتراك والفرس في سالم وسط منطقة مضطربة منذ بداية القرن‬ ‫التاسع عشر‪ ،.‬كما أن مشكالت مشتركة لإلمبراطورية جمعتهما‬ ‫(مثل قمع النزعة القومية الكردية)‪ .‬ولكن في الفترة األخيرة‪ ،‬متيزت‬ ‫تركيا بالنمو االقتصادي السريع وسياسة خارجية أكثر نشاطا في‬ ‫اجتاه الشرق منذ نهاية احلرب الباردة‪ .‬وفي حني تظل تركيا حليفا قويا‬ ‫في الناتو‪ ،‬كانت طموحاتها في احلصول على عضوية االحتاد األوروبي‬ ‫هي التي شجعت على مظهر التضامن األوروبي أثناء التسعينات‪.‬‬ ‫حتت الغطاء السياسي من حترير السياسة احمللية وشعارات العلمانية‬ ‫‪34‬‬


‫أن تؤديها احلكومة األملانية أيضا‪ .‬وفي نظام يفتقد إلى سعر‬ ‫صرف قابل للتعديل‪ ،‬توافق الدول األعضاء على هدف تضخمي‪،‬‬ ‫يتضمن مستويات أجور ترتفع نسبيا مع املكاسب اإلنتاجية‪.‬‬ ‫ولدى إحكام قبضتها على تكاليف العمالة‪( ،‬حيث انخفضت‬ ‫تكاليف العمالة األملانية على مدار العقد املاضي نسبيا مع‬ ‫زيادات دول أوروبية أخرى)‪ ،‬أغفلت أملانيا هذا االلتزام‪ ،‬وزاد النمو‬ ‫لديها‪ ،‬في حني متارس قمعا على قدرات األملان على‬ ‫االستهالك‪ .‬وقد ارتفع االستهالك اخلاص‬ ‫في أملانيا بنسبة ‪ 21‬في املائة‬ ‫منذ إعادة توحيد أملانيا‪،‬‬ ‫مقارنة بنسبة ‪ 71‬في‬ ‫املائة في الواليات‬ ‫في‬ ‫املتحدة‬ ‫غضون‬ ‫الفترة‬ ‫ذاتها‪.‬‬

‫�إجمايل الدين القومي‬ ‫يف �أملانيا‬ ‫ارتفع إجمالي الدين القومي في أملانيا‪ ،‬بالنسبة إلجمالي‬ ‫الناجت احمللي‪ ،‬بثبات طوال فترة الثمانينات قبل ارتفاعه‬ ‫احلاد في بداية العقد التالي‪ .‬ولكن فيما بني عامي ‪2007‬‬ ‫و‪ ،2009‬ارتفع الدين األملاني بصورة ملحوظة‪ ،‬ويرجع‬ ‫ذلك إلى حد كبير إلى األزمة املالية العاملية وأزمة الديون‬ ‫األوروبية التي يجب أن تتناولها املستشارة أجنيال ميركل‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي تدفع فيه ميركل أجندتها للتقشف املالي‪،‬‬ ‫تقف فصائل معارضة وقطاعات محلية ضد إجراءاتها في‬ ‫خفض التكاليف‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬أثارت ميزانية دفاع‬ ‫مقتصدة غضب العديد من العاملني في اجليش األملاني‪،‬‬ ‫بينما تستمر االحتادات التجارية في مطالبة احلكومة‬ ‫بتنفيذ حد أدنى عاملي لألجور من أجل احلفاظ على وظائف‬ ‫العاملني غير املاهرين‪ .‬وحتى مع متتع أملانيا بنمو اقتصادي‬ ‫يحفزه التصدير‪ ،‬يبدو أن املعوقات السياسية التي تقف‬ ‫أمام ميركل كبيرة‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬صندوق النقد الدولي‪. World Economic Outlook ،2009 ،‬‬ ‫وكما يقول اخلبير االقتصادي األملاني هاينر فالسبيك‪،‬‬ ‫أدت استراتيجية «إغراق األجور» إلى استيعاب خاطئ‬ ‫جدا في أملانيا ملعنى االحتاد النقدي‪ ،‬ودوافع النمو‬ ‫االقتصادي األملاني‪ ،‬وأعباء عضوية االحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫وليس غريبا إذن أن األملان اجملتهدين ‪ -‬الذين يعانون‬ ‫من انعدام األمن بسبب انخفاض األجور‪ ،‬واملنافع االجتماعية‬ ‫الزهيدة‪ ،‬وانعدام األمن الوظيفي ‪ -‬أكثر تشاؤما من جيرانهم‬ ‫املثقلني بالديون في منطقة اليورو‪.‬‬ ‫لو كانت ميركل شرحت تلك الديناميكيات عندما حلت األزمة‬ ‫اليونانية‪ ،‬لرمبا وجدت بالدها مساحة ملناقشة إعادة التوازن‬ ‫األملاني املطلوبة‪ .‬ولكن بالغت احلكومة بدال من ذلك في إظهار‬ ‫تداعيات اإلسراف اليوناني‪ ،‬لتقع في مصيدة جدل سياسي‬ ‫يتناول اعتماد أملانيا على التصدير ويضعف من فرص منطقة‬ ‫اليورو في النجاة‪.‬‬ ‫* رويا ويلفرسون – كاتبة في االقتصاد في مجلس العالقات‬ ‫اخلارجية في نيويورك‪ .‬عملت في السابق كمراسلة مالية جمللة‬ ‫«سمارت ماني» التابعة لـ«وول ستريت جورنال»‪.‬‬ ‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 1‬اكتوبر ‪.2010‬‬ ‫‪33‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫بعد انتقادات بسبب سوء إدارتها لالنقسامات الداخلية‬

‫هل تقع ميركل في مصيدة التقشف؟‬

‫أدى الدين العام املتزايد في أملانيا باملستشارة أجنيال ميركل إلى وضع أجندة تقشف مالي تسببت في انقسام‬ ‫اآلراء في بالدها‪ ،‬وتركت كثيرا من األملان يتساءلون عن دورهم في االحتاد االقتصادي والنقدي األوروبي‪ .‬ولكن‬ ‫في دفعها إلجراءات التقشف‪ ،‬أوقعت احلكومة ذاتها في جدل سياسي يتناول بشكل مضلل اعتماد‬ ‫أملانيا على التصدير‪ ،‬ويهدد فرص االحتاد األوروبي في النجاة‪.‬‬ ‫رويا ويلفرسون‬ ‫تواجه أملانيا اليوم معضلة صعبة‪ ،‬فعلي الرغم من إثبات‬ ‫أرقام النمو املرتفعة في البالد صحة إستراتيجيتها للنمو‪،‬‬ ‫التي تعتمد على التصدير‪ ،‬وصحة االدعاءات بأنها تساعد‬ ‫على تعافي منطقة اليورو‪ ،‬إال أن النجاح االقتصادي األخير‬ ‫الذي حققته أملانيا أثار غضب املواطنني األملان الذين شعروا بأن‬ ‫إجمالي املكاسب التي حتققها البالد ال يصل إليهم‪ .‬في الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬ترى بعض الدول األوروبية‪ ،‬مثل فرنسا‪ ،‬أن تفوق أملانيا دليل‬ ‫على أن وفرة الصادرات تزيد من عدم التوازن االقتصادي داخل‬ ‫منطقة اليورو‪ ،‬بينما حترص الواليات املتحدة على أن تبتعد‬ ‫أملانيا عن خطط التقشف املالي لصالح خطة إنفاق حتفيزية‬ ‫للتشجيع على زيادة الطلب العاملي‪.‬‬ ‫إذا كانت املستشارة األملانية جتد سببا لتغيير مسار سياساتها‪،‬‬ ‫فسيكون لديها أمل ضئيل لتنفيذ ذلك التعديل‪ .‬في انقيادها‬ ‫للغضب الشعبي بشأن أزمة اليونان ومطالبتها باتخاذ‬ ‫إجراءات تقشفية صارمة في اليونان ودول أخرى في منطقة‬ ‫اليورو‪ ،‬أجبرت ميركل حكومتها على اتخاذ موقف مضلل ال‬ ‫ميكن التراجع عنه فيما يتعلق باحتياجات أملانيا املالية ودورها‬ ‫في إنعاش منطقة اليورو‪.‬‬ ‫وترجع إرادة ميركل احلديدية في تنفيذ التقشف املالي إلى‬ ‫حد ما بسبب السياسات قصيرة النظر‪ .‬فبعد مواجهة‬ ‫انتقادات حادة بسبب سوء إدارتها لالنقسامات الداخلية في‬ ‫ائتالفها وكثرة احلديث عن أزمة اليونان والديون في منطقة‬ ‫اليورو‪ ،‬ستبدو ميركل في موقف أضعف إذا تراجعت عن‬ ‫دعواتها إلى انضباط مالي في أملانيا في الوقت احلالي‪ .‬ويعاني‬ ‫ائتالفها الذي ينتمي إلى ميني الوسط من فقدان شعبيته في‬ ‫مرحلة االستعداد لالنتخابات التي جتري العام املقبل‪ .‬ويبدو أن‬ ‫الدميقراطيني املسيحيني على وجه التحديد معرضون خلطر‬ ‫فقدان النفوذ في والية بادن فورمتبيرغ اجلنوبية‪ ،‬بعد أن تعرضوا‬ ‫بالفعل لهزمية معطلة في شمال الراين ‪ -‬وستفاليا‪ .‬وقد‬ ‫صرح املتحدث باسم ميركل لشؤون امليزانية مؤخرا‪« :‬يعلم‬ ‫الناس أنه عندما تصبح البالد مثقلة بكثير من الديون‪ ،‬يصبح‬ ‫استقرار العملة مهددا»‪.‬‬ ‫رمبا يخاطب التركيز على الديون واخملاطر احمليطة بالعملة اخملاوف‬ ‫التي تؤدي إلى االنتصارات االنتخابية‪ .‬ولكن لن تصلح خطة‬ ‫التقشف املالي قصيرة املدى املشكالت االقتصادية املتأصلة‪.‬‬ ‫ومع جذب منطقة اليورو‪ ،‬رمبا يصبح موقف أملانيا أسوأ‪.‬‬ ‫لقد جعلت إعادة توحيد أملانيا في التسعينات البالد تسرع‬ ‫بالدخول في احتادات نقدية غير مدروسة ذات ديون عامة‬ ‫كبيرة‪ ،‬وتقلب في العملة‪ ،‬وزيادة في الضرائب‪ .‬وأدى تبني‬ ‫أملانيا الشرقية للمارك األملاني كوحدة صرف مبالغ في قيمتها‬ ‫إلى تقدير حاد للعملة وجعل االقتصاد في حالة من الركود‬ ‫الظاهري‪ .‬وقد وضعت ديون القطاعني العام واخلاص الثقيلة‬ ‫‪32‬‬

‫في أملانيا الشرقية‪ ،‬التي أصبحت جزءا من‬ ‫امليزانية الفيدرالية‪ ،‬ضغطا كبيرا على‬ ‫األموال العامة في البالد‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬ ‫ارتفع الدين احلكومي من نحو ‪ 50‬في املائة‬ ‫من إجمالي الناجت احمللي عام ‪ 1989‬إلى ‪60‬‬ ‫في املائة عام ‪ .1994‬ومن أجل تقوية االحتاد‬ ‫وإنعاش االقتصاد‪ ،‬ضخت احلكومة كميات هائلة من الدعم‬ ‫في املشاريع املدينة في أملانيا الشرقية ومنحت تخفيضات‬ ‫ضريبية على إنشاء املساكن لتتماشى مستويات املعيشة‬ ‫في أملانيا الشرقية مع أملانيا الغربية‪ .‬وحتمل دافعو الضرائب‬ ‫أعباء تلك التكاليف‪ ،‬وكان هناك القليل من التحسن‬ ‫االجتماعي‪ .‬وحلل مشكلة الديون املتزايدة في‬ ‫البالد‪ ،‬أطلق البنك االحتادي األملاني حملة تقشف‬ ‫مالي اعتبرها كثيرون العمود الفقري لتعافي‬ ‫أملانيا‪.‬‬ ‫ولكن توجد اختالفات مهمة بني موقف أملانيا اليوم‬ ‫في مقابل موقفها منذ عشرين عاما‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬في حني يقول كثير من الناس أن االحتاد النقدي في‬ ‫حمل االقتصاد األملاني عبئا‪ ،‬يستفيد االقتصاد‬ ‫التسعينات‬ ‫ّ‬ ‫األملاني اليوم من عالقاته مبنطقة اليورو‪ ،‬وال يعاني منها‪.‬‬ ‫فقد زاد ضعف اليورو من قوة النمو االقتصادي األملاني‬ ‫املعتمد على التصدير‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬ال تتعرض احلكومة األملانية خلطر االرتفاع الذي‬ ‫تسببه الديون في تكاليف االقتراض في أي وقت قريب‪.‬‬ ‫بل على النقيض‪ ،‬أدى اقتصادها القوي إلى انتشار سندات‬ ‫احلكومة األملانية لتصل إلى انخفاض قياسي‪ ،‬في حني‬ ‫وصلت تكاليف االقتراض في منطقة اليورو ‪ -‬في إيطاليا‬ ‫والبرتغال وإسبانيا ‪ -‬إلى أعلى مستوياتها‪ .‬وتثير‬ ‫تلك االختالفات انعدام التوازن في منطقة اليورو‪،‬‬ ‫حيث يعني ارتفاع تكاليف االقتراض في‬ ‫الدول ذات معدل النمو املنخفض ارتفاع‬ ‫درين الذين‬ ‫تكاليف املشاريع‬ ‫للمص ّ‬ ‫ُ‬ ‫يحاولون التنافس مع أملانيا‪ .‬ولكونها‬ ‫حتمل عضوية االحتاد النقدي األوروبي‪،‬‬ ‫ال ميكن لتلك الدول أيضا اللجوء إلى‬ ‫تخفيض قيمة عملة الصرف لديها‪ .‬وبدال‬ ‫من ذلك تقف تلك الدول حبيسة قيمة‬ ‫عملة تقوي من موقف أملانيا االقتصادي‬ ‫على حسابها‪.‬‬ ‫ولكن هذه هي التضحية التي قدمتها دول‬ ‫اليورو للدخول في االحتاد النقدي‪ .‬ومن أجل‬ ‫استكمال التضحية‪ ،‬توجد التزامات يجب‬


‫انه يدرك جيدا أن كال الفصيلني‬ ‫سوف يحتاج إليه أكثر عندما يكون‬ ‫هناك توازن للقوى‪ ،‬وأن نفوذه كقائد‬ ‫أعلى يكون أقوى عندما ال يستطيع‬ ‫أي فصيل ببساطة قهر اآلخر‬ ‫واحتكار السلطة‪.‬‬ ‫ذلك رافسنجاني‪ .‬باإلضافة إلى أنه‪ ،‬وفقا ملوقع رافسنجاني‬ ‫الشخصي‪ ،‬يلتقي على نحو دائم بخامنئي وأنهما يتناوالن الغذاء‬ ‫معا مرتني شهريا ويناقشان الشؤون املهمة للدولة‪.‬‬ ‫فبعد عام من مهاجمة رافسنجاني وعائلته‪ ،‬كانت الصفحة‬ ‫الرئيسية لـ«كيهان» وغيرها من املطبوعات القريبة من آية اهلل‬ ‫العظمى‪ ،‬قد نقلت انتباهها إلى املقربني من الرئيس أحمدي جناد‪.‬‬ ‫وقد أصبحت «كيهان» القوة احملركة النتقاد اسفنديار رحيم‬ ‫مشائي رئيس األركان في إدارة أحمدي جناد وصديقه املقرب وأبو‬ ‫زوجة ابنه‪ .‬وكان رحيم مشائي سريع الغضب محال النتقادات‬ ‫كثير من احملافظني املعتدلني بل وحتى بعض املتشددين‪ .‬وخالل‬ ‫العام املاضي‪ ،‬قرر الرئيس أحمدي جناد تعيني رحيم مشائي كنائب‬ ‫للرئيس‪.‬‬ ‫وبعد عدة أيام من الصراعات بني الفصائل‪ ،‬تدخل آية اهلل‬ ‫العظمى خامنئي وطلب من أحمدي جناد إقالة رحيم مشائي‪.‬‬ ‫وعندما رفض الرئيس إقالته‪ ،‬قدم مشائي استقالته خوفا من‬ ‫صدام أكبر مع قاعدة احملافظني‪ .‬وخالل األسبوع املاضي وبعدما‬ ‫أطلق مشائي تلك التصريحات املثيرة للجدل في ذلك التجمع‬ ‫بطهران‪ ،‬وصف امليجور جنرال حسن فيروز آبادي‪ ،‬رئيس األركان‬ ‫واملساعد العسكري املقرب من خامنئي‪ ،‬تلك التعليقات بأنها‬ ‫«خيانة» وهدد رحيم مشائي باحملاكمة‪.‬‬ ‫كذلك في أغسطس (آب)‪ ،‬انتقد مرتضى نبوي‪ ،‬احملافظ املرموق‪،‬‬ ‫أحمدي جناد لتغيبه ملدة عام عن اجتماعات مجلس تشخيص‬ ‫مصلحة النظام الذي يترأسه رافسنجاني‪ .‬وقال نبوي إن الشعب‬ ‫اإليراني والعديد من الشخصيات السياسية وآية اهلل العظمى‬ ‫يرغبون في عودة أحمدي جناد إلى تلك االجتماعات‪.‬‬ ‫ويعكس توجهه األخير نحو احملافظني املعتدلني أن آية اهلل‬ ‫العظمى خامنئي يحاول خلق توازن للقوى بني الفصيلني احملافظني‬ ‫املتصارعني‪ .‬فهو يدرك جيدا أن كال الفصيلني سوف يحتاج إليه‬ ‫أكثر عندما يكون هناك توازن للقوى‪ ،‬وأن نفوذه كقائد أعلى‬ ‫يكون أقوى عندما ال يستطيع أي فصيل ببساطة قهر اآلخر‬ ‫واحتكار السلطة‪ .‬ومما ال شك فيه أن خامنئي سياسي ذكي؛ فقد‬ ‫استطاع املرور من العديد من العواصف مبا في ذلك سنوات خامتي‬ ‫العاصفة والنتائج الفوضوية النتخابات ‪ 12‬يونيو (حزيران)‪ .‬وهو‬ ‫يواجه حاليا النمو املتزايد لقوة الرئيس أحمدي جناد وحلفائه في‬ ‫احلرس الثوري‪ ،‬وفي ظل السلطة الدينية والسياسية العليا إليران‬ ‫فإنه يحاول بفعالية احلد من انتشارهم الفوضوي‪.‬‬ ‫* أراش أراميش ‪ -‬باحث إيراني مبؤسسة القرن و‪InsideIRAN.‬‬ ‫‪ .org‬وكان ينشر مقاالت في «إنترناشيونال هيرالد تريبيون»‬ ‫و«نيويورك تاميز أونالين» و«الدبلوماتيك كوريير»‪ ،‬وغيرها من‬ ‫املطبوعات‪.‬‬

‫أية اهلل علي جنتي هو رئيس مجلس صيانة الدستور‬ ‫والعضو مبجلس اخلبراء‪ .‬كما أنه أحد األعضاء‬ ‫املؤسسني ملدرسة احلقاني والتي تعد من أكثر‬ ‫املدارس الدينية تأثيرا في إيران‪ .‬وتربطه روابط قوية‬ ‫مبحمود أحمدي جناد ومحمد يازدي‪.‬‬ ‫أية اهلل صادق الريجاني هو أحد رجال الدين‬ ‫والسياسيني املتشددين اإليرانيني وهو عراقي املولد‪،‬‬ ‫ومنذ ‪ 2009‬كان رئيسا لنظام إيران القضائي‪ ،‬كما‬ ‫كان يعمل كعضو مبجلس صيانة الدستور ملدة‬ ‫ثماني سنوات قبلها‪ .‬وفي أعقاب انتخابات ‪،2009‬‬ ‫حتدث الريجاني ضد احملتجني وأطلق على شكوكهم‬ ‫بأنه «بال أساس» وعلى احتجاجاتهم بأنها «غير‬ ‫قانونية»‪.‬‬ ‫غالم حسني إيجائي كان رئيسا لوزارة االستخبارات‬ ‫في إيران في الفترة من ‪ 2005‬وحتى يوليو (متوز)‬ ‫‪ 2009‬عندما أقيل فجأة في أعقاب معارضاه لتعيني‬ ‫اسفنديار رحيم مشائي كأول نائب للرئيس‪ .‬وفي ‪24‬‬ ‫أغسطس (آب) ‪ 2009‬مت تعيينه املدعى العام للبالد‬ ‫من قبل رئيس القضاء اجلديد صادق الريجاني‪ .‬ثم‬ ‫احتل عددا من املناصب احلكومية منذ ‪.1984‬‬ ‫سعيد مرتضوى‪ :‬واملعروف‬ ‫في بعض األوساط‬ ‫مبعذب طهران هو‬ ‫قاضي إيراني‬ ‫مثير للجدل‬ ‫واملدعي العام‬ ‫السابق‬ ‫حملكمة‬ ‫احلرس الثوري‬ ‫واملدعي‬ ‫العام‬ ‫لطهران وهو‬ ‫املركز الذي‬ ‫كان يحتله في‬ ‫الفترة من ‪2003‬‬ ‫حتى ‪ 2009‬عندما‬ ‫أقيل‪ .‬وقد لعب مرتضوى‬ ‫دورا حيويا خالل الثورة اخلضراء في ‪ 2009‬في قمع‬ ‫احملتجني ويعتقد أنه كان ضالع في االعتقاالت التي‬ ‫أعقبت التظاهرات‪ .‬كما اتهمته احلكومة الكندية‬ ‫بتعذيب وقتل املصورة اإليرانية احملتجزة زهرة‬ ‫كاظمي‪.‬‬ ‫اسفنديار رحيم مشائي هو رئيس األركان في‬ ‫حكومة أحمدي جناد‪ ،‬كما أنه صديقه املقرب‪.‬‬ ‫وبالرغم من أنه محافظ فإن طبيعته الصريحة‬ ‫حول قضايا مثل إسرائيل واإلسالم أثارت حفيظة‬ ‫املؤسسة احملافظة‪ .‬وفي عام ‪ ،2009‬مت تعيني مشائي‬ ‫كنائب أول للرئيس ولكن نظرا الفتقاره للشعبية‪،‬‬ ‫فإنه أجبر على االستقالة بعد ذلك مباشرة‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فإنه كان يتمتع دائما بتأييد أحمدي جناد‪.‬‬ ‫امليجور جنرال حسن فيروز آبادي هو رئيس األركان‬ ‫املسلحة‪.‬‬

‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 20‬اكتوبر ‪.2010‬‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪31‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫جبهة �إيران املحافظة‬ ‫أية اهلل العظمى علي خامنئي‪ :‬كان رئيسا‬ ‫للجمهورية اإلسالمية في الفترة من ‪1989 1981-‬‬ ‫قبل أن يخلف أية اهلل اخلميني كأية اهلل العظمى‬ ‫في ‪ .1989‬وقد جنا من محاولة اغتيال في ‪.1981‬‬ ‫علي اكبر ناطق نوري والذي‬ ‫ترشح للرئاسة في االنتخابات‬ ‫الرئاسية لعام ‪ 1997‬ولكنه‬ ‫خسر االنتخابات أمام املرشح‬ ‫اإلصالحي محمد خامتي‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2009‬أثار جدال‬ ‫عندما وصف البحرين بأنها‬ ‫املقاطعة رقم ‪ 14‬إليران‪.‬‬ ‫أية اهلل يازدي هو عضو مبجلس‬ ‫صيانة الدستور‪ .‬كما أنه عضو‬ ‫بهيئة القضاة التابعة للبرملان وجلنة املراجعة والتي‬ ‫اتهمته في عام ‪ 2009‬بالفساد وغسيل األموال‪.‬‬ ‫أية اهلل هاشمي شهرودي هو عضو حاليا مبجلس‬ ‫صيانة الدستور وقبل ذلك كان رئيس القضاء في‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية في إيران بني ‪ 1999‬و‪.2009‬‬ ‫الرئيس أكبر هاشمي رافسنجاني‪ :‬كان رئيسا إليران‬ ‫في الفترة من ‪ .1997-1989‬وفي عام ‪،2005‬‬ ‫ترشح للمرة الثالثة ولكنه هزم أمام محمود أحمدي‬ ‫جناد‪ .‬وهو حاليا رئيس مجلس اخلبراء ومجلس‬ ‫تشخيص النظام وبالتالي فهو يعد من الشخصيات‬ ‫احملورية في السياسة اإليرانية‪ .‬وفي أعقاب النزاع‬ ‫على انتخابات ‪ 2009‬ألقى مبا مت اعتباره أكثر خطب‬ ‫اجلمعة أهمية خالل الثالثني عاما املاضية‪ .‬وقد انتقد‬ ‫رافسنجاني القيود املفروضة على وسائل اإلعالم‬ ‫وقمع النشطاء وأكد على أهمية اقتراع الشعب وهو‬ ‫احلق الذي يحميه الدستور اإليراني‪.‬‬ ‫علي الريجاني والذي يعمل حاليا كرئيس للبرملان‬ ‫اإليراني والذي فاز باحلق في ترأس البرملان من خالل‬ ‫اقتراع ‪ 232‬مقابل ‪ ،31‬وهو ما دفع العديد من‬ ‫الناس العتباره خصما قويا ألحمدي جناد‪ .‬وفيما‬ ‫يتعلق باالنتشار النووي‪ ،‬فإن الريجاني يعد من‬ ‫الشخصيات التي يفضلها الغرب أكثر من نظرائه‬ ‫احملافظني نظرا ألرائه األكثر اعتداال‪.‬‬ ‫باغر غاليباف‪ :‬والذي خلف أحمدي جناد كعمدة لطهران‬ ‫في ‪ .2005‬كما أنه عمل كقائد للقوات اجلوية التابعة‬ ‫لقوات احلرس الثوري اإليرانية باإلضافة إلى أنه كان‬ ‫رئيسا لقوى الشرطة باجلمهورية اإلسالمية‪.‬‬ ‫محمود أحمدي جناد الرئيس احلالي‬ ‫للجمهورية اإلسالمية‪ ،‬والذي كان‬ ‫يعمل كعمدة لطهران في الفترة‬ ‫ما بني ‪ 2005-2003‬وقبلها‬ ‫كان يعمل كعمدة ألردبيل في‬ ‫الفترة من ‪.1997-1993‬‬

‫‪30‬‬

‫ولم يتوقف الرئيس أحمدي جناد عن رفض تنفيذ القوانني التي ال‬ ‫يرغب بها‪ ،‬بل ذهبت جهود اإلدارة للتغلب على دور البرملان وقيادته‬ ‫احملافظة املعتدلة إلى حد جتاهل القطاع التشريعي ككل‪ .‬ووفقا‬ ‫للقوانني اإليرانية‪ ،‬فإنه يجب على القطاع التنفيذي أن يرسل إلى‬ ‫البرملان ما مت متريره في اجتماعات مجلس الوزراء‪ ،‬ثم يحدد البرملان‬ ‫إذا كان ما مرره اجمللس يتوافق مع القانون اإليراني (مبا ال يتعارض‬ ‫مع دور مجلس صيانة الدستور) أم ال‪ .‬وقد اشتكى الريجاني‬ ‫مؤخرا من أن اإلدارة قد توقفت ببساطة عن إرسال قراراتها إلى‬ ‫البرملان وهو املوقف الذي اعتبره غير قانوني‪.‬‬ ‫وقد جتاوزت مشكالت أحمدي جناد مع احملافظني حدود البرملان؛ فقد‬ ‫بدأت السلطة القضائية التي يترأسها أخو الريجاني‪ ،‬آية اهلل‬ ‫صادق الريجاني في حتدي السلطة التنفيذية‪ ،‬بل وشخص الرئيس‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫وفي أولى اخلطوات التي اتخذها كرئيس للقضاء‪ ،‬قام الريجاني‬ ‫بتعيني غالم حسني إيجائي كمدعي عام الذي كان قد استقال من‬ ‫منصبه كوزير لالستخبارات عقب خالفات مع أحمدي جناد‪.‬‬ ‫ثم وبعدما أطلق الرئيس أحمدي جناد بعض التصريحات القاسية‬ ‫في أغسطس (آب) واستخدم لغة ال تليق برئيس دولة‪ ،‬حذر رئيس‬ ‫القضاة صادق الريجاني الرئيس في خطاب حتذيري من أن أسلوبه‬ ‫في احلوار يجب أن يليق برئيس وبأنه يجب على أحمدي جناد التخلي‬ ‫عن استخدام تلك اللغة‪.‬‬ ‫كما اتهم رئيس القضاة أيضا إدارة أحمدي جناد بالسعي إلقامة‬ ‫حوار مباشر مع الواليات املتحدة وامليل نحو الشيطان األعظم‪.‬‬ ‫حتى أن آية اهلل الريجاني‪ ،‬املعني من قبل خامنئي‪ ،‬قال‪« :‬يجب‬ ‫على اجلميع أن يعلم أن سياسة احلوار مع الواليات املتحدة هي أمر‬ ‫يقرره فقط آية اهلل العظمى»‪.‬‬ ‫أية اهلل خامنئي ضد احتكار السلطة‪.‬‬ ‫على الرغم من أن التحديات البرملانية والتحذيرات التي يطلقها‬ ‫من وقت آلخر رئيس القضاة يجب أن تسبب اإلزعاج للرئيس‬ ‫أحمدي جناد فإن أكبر مخاوفه يجب أن تكون فقدان تأييد آية‬ ‫اهلل العظمى واحلرس الثوري‪ .‬وعلى الرغم من أنه ال يوجد دليل‬ ‫على أن احلرس الثوري يبتعد عن الرئيس‪ ،‬فمن الواضح أن آية اهلل‬ ‫العظمى خامنئي بدأ في منح مزيد من السلطات للمعتدلني‬ ‫وتقليل تأييده للمتشددين‪.‬‬ ‫ففي أواسط أغسطس (آب)‪ ،‬مت جتريد آية اهلل العظمى القاضي‬ ‫سعيد مرتضوي من صالحياته القضائية خالل حتقيق حول حاالت‬ ‫القتل في سجن كاريزاك‪ ،‬السجن الشهير الذي يقع في ضواحي‬ ‫طهران والذي مات كثير من احملتجزين به نظرا للمعاملة القاسية‬ ‫واإلصابة باألمراض في أعقاب انتخابات ‪ 12‬يونيو (حزيران) خالل‬ ‫العام املاضي‪ .‬وذلك رغم أن القاضي مرتضوي الذي كان يترأس‬ ‫قبل ذلك محكمة الصحافة الشهيرة واملسؤولة عن إغالق املئات‬ ‫من الصحف واملطبوعات‪ ،‬يعد من األنصار اخمللصني خلامنئي‪ .‬ولكن‬ ‫صالته بأحمدي جناد وفصيله من املتشددين كان لها أثرها أيضا‪.‬‬ ‫ويظهر جتريد مرتضوي من منصبه واحتمالية تعرضه للمحاكمة‬ ‫استعداد خامنئي للتضحية بعدد من املتشددين املقربني من‬ ‫أحمدي جناد لتقليص سلطاته حتى في أكثر املواقع حساسية‬ ‫في الدولة‪.‬‬ ‫وهناك مزيد من الدالالت على أن آية اهلل العظمى يسعى جللب‬ ‫مزيد من املعتدلني‪ .‬فأوال‪ ،‬قلت الهجمات الشخصية املباشرة‬ ‫ضد رافسنجاني وعائلته في الصحف الكبرى املوالية له‪ .‬فقد‬ ‫توقفت صحيفة «كيهان» اململوكة للدولة التي لديها صالت‬ ‫قوية مبكتب آية اهلل العظمى‪ ،‬عن شن حمالت ضد رافسنجاني‬ ‫منذ بعض الوقت‪ .‬وفي حفل سحور مبناسبة شهر رمضان‪ ،‬دعا‬ ‫آية اهلل العظمى الشخصيات الرئيسية حملل إقامته مبا في‬


‫صدع احملافظني‬ ‫لم يتمكن أي مرشح من الفوز بأكثر من نصف األصوات في‬ ‫اقتراع ‪ 17‬يونيو (حزيران) ‪ .2005‬وألول مرة في التاريخ اإليراني‪،‬‬ ‫كان يجب إجراء دورة حاسمة من االنتخابات بني املرشحني ‪-‬‬ ‫رافسنجاني وأحمدي جناد ‪ -‬لتحديد مصير الرئاسة‪ .‬وقد أصبحت‬ ‫اجلولة احلاسمة بني احملافظني ميدان املعركة األول بني احلرس‬ ‫القدمي من احملافظني املرموقني الذين ميثلهم رافسنجاني‪ ،‬واملؤيدين‬ ‫الراديكاليني ألحمدي جناد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الشائعات التي تفيد بأن آية اهلل العظمى‬ ‫خامنئي كان يؤيد ترشح أحمدي جناد‪ ،‬كان كثير من الناس ما زالوا‬ ‫ينظرون له باعتباره دخيال ومرتدا يحارب اآللة السياسية التي ال‬ ‫تقهر لرافسنجاني‪.‬‬ ‫وكان رافسنجاني وأحمدي جناد قطبني متناقضني من نواح كثيرة‪،‬‬ ‫كما أنهما ميثالن إلى حد بعيد قيما مختلفة‪ .‬ففي نظر كثير من‬ ‫اإليرانيني‪ ،‬كان رافسنجاني ميثل الثروة والقوة والفساد‪ ،‬فيما كان‬ ‫أحمدي جناد ميثل الرجل العادي بني املضطهدين‪.‬‬ ‫وكانت استراتيجية أحمدي جناد للحملة االنتخابية تعتمد على‬ ‫تصوير عائلة رافسنجاني‪ ،‬خاصة أوالده الثالثة‪ ،‬باعتبارهم مثاال‬ ‫لفساد ومحاباة األقارب الذين كانوا يسرقون البالد لسنوات‬ ‫طويلة حتت حماية اسم رافسنجاني‪ .‬وكان مستوى الهجمات‬

‫الشخصية التي مت شنها في انتخابات ‪ 2005‬غير مسبوق في‬ ‫تاريخ السباقات الرئاسية في اجلمهورية اإلسالمية‪.‬‬ ‫ولم ينته الصراع الشخصي بني الرئيس املنتصر أحمدي جناد‬ ‫ورافسنجاني بنهاية االنتخابات‪ ،‬فقد كان رافسنجاني باعتباره‬ ‫رئيسا لكل من مجلس اخلبراء ومجلس تشخيص مصلحة‬ ‫النظام‪ ،‬يعمل على إضعاف أحمدي جناد رغم حقيقة أن الرئيس‬ ‫اجلديد كان يبدوا متمتعا بدعم آية اهلل العظمى وقوات احلرس‬ ‫الثوري‪ .‬وقد أصبح أحمدي جناد أول رئيس يقبل يد آية اهلل‬ ‫العظمى خامنئي خالل مراسم التنصيب إلظهار امتنانه‪ ،‬وهي‬ ‫ومنتم‪ .‬وفي أول‬ ‫اخلطوة التي ساعدت في تعزيز صورته كمتواضع‬ ‫ٍ‬ ‫مجلس وزراء له‪ ،‬عني أحمدي جناد عددا أكبر من اجلنراالت بقوات‬ ‫احلرس الثوري والقادة السابقني أكثر من أي رئيس سابق في‬ ‫مقابل رجال الدين والتكنوقراط‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من متتعه بتأييد اجلماهير باعتباره ممثال عن املقهورين‪،‬‬ ‫كان ألحمدي جناد عدد معقول من اخلصوم‪ ،‬باإلضافة إلى عائلة‬ ‫رافسنجاني‪ ،‬الذي كان يسعى وراء فرصة إلضعاف الرئيس اجلديد‪.‬‬ ‫وقد انضم كثير من احملافظني الذين يخشون التهميش على يد‬ ‫اجليل اجلديد من الراديكاليني إلى املعركة‪ .‬وفي ‪ ،2007‬أصبح‬ ‫علي الريجاني‪ ،‬احملافظ املعتدل الشهير‪ ،‬رئيسا للبرملان‪ .‬وفي ظل‬ ‫قيادته‪ ،‬أصبح البرملان الذي كان محافظا طوال الوقت ميدانا‬ ‫للمعركة بني القطاعني التنفيذي والتشريعي؛ حيث اصطدم‬ ‫قطاعا احلكومة التنفيذي والتشريعي في كثير من املرات بشأن‬ ‫مشاريع القوانني مثل تلك املتعلقة باإلصالحات اخلاصة بالدعم‪.‬‬ ‫وفيما بدا وكأنه ميدان لصراع عنيف‪ ،‬اشترك القطاعان في معركة‬ ‫خطابية وآيديولوجية وبيروقراطية بدت بال نهاية‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬فإن مشروع قانون يؤيده البرملان وتعارضه احلكومة‬ ‫يتم عرضه على مجلس صيانة الدستور املسؤول عن‬ ‫التصديق على القوانني التي ميررها البرملان من حيث‬ ‫كونها دستورية أو متعارضة مع اإلسالم‪ .‬ولكن‬ ‫مجلس صيانة الدستور الذي يتزعمه آية اهلل‬ ‫علي جنتي‪ ،‬املؤيد املتحمس ألحمدي جناد‬ ‫سوف ميرر القانون سواء كان غير دستوري أو‬ ‫متعارضا مع الشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ثم ووفقا للقانون اإليراني سوف يذهب‬ ‫القانون إلى مجلس تشخيص مصلحة‬ ‫النظام الذي يترأسه رافسنجاني‬ ‫واملسؤول عن الفصل في النزاعات‬ ‫بني قطاعات احلكومة‪ .‬وفي معظم‬ ‫احلاالت‪ ،‬يقف مجلس تشخيص‬ ‫النظام إلى جانب احملافظني في‬ ‫البرملان ويخيب أمل حكومة الرئيس‬ ‫أحمدي جناد‪ .‬فاملدهش في األمر هو‬ ‫أن تصبح هيئتان حكوميتان مهمتان‬ ‫يهيمن عليهما احملافظون عقبات‬ ‫أمام الرئيس احملافظ‪.‬‬ ‫وكان لدى أحمدي جناد عالج ذكي‬ ‫وبسيط لتلك العقبات‪ .‬فقد قرر أن‬ ‫يبتعد ببساطة وبهدوء عن تطبيق‬ ‫القوانني التي ال يرغب بها‪ .‬ولكن ذلك أثار‬ ‫املشكالت أيضا‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬وبعدما‬ ‫رفض اثنان من الوزراء في مجلسه تطبيق‬ ‫القوانني التي مررها البرملان‪ .‬استدعى رئيس‬ ‫البرملان الريجاني وزير التعليم ووزير التعليم العالي‬ ‫إلى البرملان في أغسطس (آب) املاضي لسؤالهما‬ ‫حول إخفاقهما في تطبيق القوانني‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪29‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫خامنئي و توازن القوي‬

‫ظل املرشد األعلى اإليراني لعقود يدير التوترات بني الفصائل احملافظة واإلصالحية‪،‬‬

‫ولكنه اليوم يقف بوضوح إلى جانب احلرس الثوري‬ ‫أظهر انتصار محمود أحمدي جناد في انتخابات الرئاسة اإليرانية عام ‪ 2005‬على منافسه علي أكبر هاشمي رافسنجاني‬ ‫صدعا كبيرا في معسكر احملافظني في إيران‪ ،‬وهو الصدع الذي استمر في االتساع‪ .‬ويحاول املرشد األعلي اإليراني آية‬ ‫اهلل علي خامنئي‪ ،‬السياسي الذكي الذي استطاع التغلب على كثير من العواصف قبل ذلك‪ ،‬خلق توازن للقوى بني‬ ‫الفصيلني احملافظني الرئيسيني‪ ،‬لكي يتجنب تزايد سيطرة أحمدي جناد وأنصاره على السلطة‪.‬‬ ‫أراش أراميش‬

‫كان ذلك قبل خمس سنوات فقط‪ ،‬وذلك عندما ق ّبل عمدة‬ ‫طهران‪ ،‬الذي لم يكن معروفا وقتها‪ ،‬يد آية اهلل العظمى إليران‬ ‫علي خامنئي خالل مراسم تنصيبه رئيسا للجمهورية‪ .‬وفي ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬اعتلى العمدة غير املعروف موجة الغضب الشعبي ضد‬ ‫املؤسسة ثم أصبح مبباركة خامنئي والقوات املسلحة الوفية‬ ‫له خامس رئيس إليران‪ .‬ولم مير وقت طويل حتى أصبح العمدة‬ ‫غير املعروف رئيسا شهيرا يحاول مبعاونة أصدقائه النافذين‬ ‫االستحواذ على حصة أكبر من السلطة في إيران‪.‬‬

‫أصبح أحمدي جناد أول رئيس يقبل‬ ‫يد آية اهلل العظمى خامنئي خالل‬ ‫مراسم التنصيب إلظهار امتنانه‪ ،‬وهي‬ ‫اخلطوة التي ساعدت في تعزيز صورته‬ ‫ومنتم لنظام والية الفقيه‪.‬‬ ‫كمتواضع‬ ‫ٍ‬ ‫وقد أظهرت هزمية أكبر هاشمي رافسنجاني في ‪ 2005‬على يد‬ ‫عمدة طهران في ذلك الوقت محمود أحمدي جناد‪ ،‬الصدع الكبير‬ ‫في صف احملافظني في إيران‪ .‬وكان ذلك الصدع يزداد اتساعا منذ‬ ‫ذلك الوقت؛ فاملعتدلون داخل صف احملافظني يشعرون بأنهم‬ ‫تعرضوا للتهميش على يد املتشددين‪ ،‬فيما لم يكن املتشددون‬ ‫بزعامة الرئيس أحمدي جناد وحلفائه في احلرس الثوري اإلسالمي‬ ‫على استعداد لترك أي مساحة خلصومهم السياسيني‪ .‬وقد‬ ‫شعر آية اهلل العظمى علي خامنئي‪ ،‬الذي كان من أكثر املؤيدين‬ ‫ألحمدي جناد‪ ،‬بتزايد التهديد الذي يواجهه نظامه على يد أحمدي‬ ‫جناد وقوات احلرس الثوري‪ ،‬وبالتالي شعر بوجوب مراجعة سلطاته‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬اتخذ عدة خطوات لتقليص نفوذهم وترك مساحة‬ ‫للمعتدلني احملافظني لكي يعودوا إلى طاولة املفاوضات‪.‬‬ ‫قضية موحدة‬ ‫وخالل سنوات حكم اإلصالحي محمد خامتي في الفترة من ‪1997‬‬ ‫إلى ‪ ،2005‬كان احملافظون اإليرانيون يواجهون عدوا سياسيا‬ ‫مشتركا‪ .‬وبعدما خسر مرشحهم‪ ،‬رئيس البرملان‪ ،‬علي أكبر‬ ‫نوري‪ ،‬في هزمية ساحقة‪ ،‬انسحب احملافظون إلى حالة من التراجع‬ ‫السياسي‪ .‬واستغرق األمر عدة أشهر إلعادة تنظيم أنفسهم‪،‬‬ ‫ولوضع إستراتيجية مواجهة حلركة اإلصالحية وإلدارة اإلصالحيني‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫وجنح احملافظون املهيمنون على البرملان اإليراني في اتهام علي عبد‬ ‫اهلل نوري وزير الداخلية في إدارة خامتي ثم قاموا بعمل محاولة‬ ‫خطيرة وإن كانت فاشلة خللع آية اهلل مهاجراني وزير الثقافة‬ ‫واإلرشاد اإلسالمي‪ .‬وقد توقفت تلك الهجمات االستراتيجية‬ ‫التي كان يشنها البرملان ضد إدارة خامتي عام ‪ 1999‬عندما حقق‬ ‫اإلصالحيون أغلبية قوية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من االختالفات األيديولوجية واختالفات األجيال بينهم‪،‬‬ ‫كان احملافظون موحدين في محاولة إضعاف حكومة هاشمي‬ ‫في البرملان وإفساد جهوده لتطبيق اإلصالحات السياسية‪ .‬وقد‬ ‫تزعمت السلطة القضائية‪ ،‬في البداية على يد آية اهلل محمد‬ ‫يازدي‪ ،‬ثم على يد آية اهلل علي هاشمي شاهرودي (كالهما معني‬ ‫من قبل آية اهلل العظمى خامنئي) تلك الهجمات ضد اخلصوم‬ ‫السياسيني اإلصالحيني في البالد‪.‬‬ ‫وعبر اخلطوات التكتيكية جيدة التنظيم والتنفيذ‪ ،‬مثل إغالق‬ ‫مئات الصحف والقبض على عدد كبير من اإلصالحيني ونشطاء‬ ‫املعارضة‪ ،‬بدأ احملافظون استعادة السيطرة ببطء وإن كان بثبات‬ ‫على أقل قدر من السلطة تركوه دون قصد لإلصالحيني‪ .‬وقامت‬ ‫احملكمة الثورية سيئة السمعة‪ ،‬واحملكمة اخلاصة لرجال الدين‬ ‫ومحكمة الصحافة املتشددة واملوالية للمحافظني بإلقاء‬ ‫القبض على كثير من اإلصالحيني‪ ،‬واعتقال رجال الدين الصرحاء‪،‬‬ ‫وحبس الصحافيني املعارضني في حملة تطهير واسعة للمعسكر‬ ‫اإلصالحي‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2003‬منع مجلس صيانة الدستور‪ ،‬املؤسسة النافذة‬ ‫املكونة من ستة من رجال الدين وستة من غير رجال الدين‬ ‫املسؤولني عن مراقبة االنتخابات واإلشراف عليها‪ ،‬عددا كبيرا‬ ‫من املرشحني اإلصالحيني من الترشح في االنتخابات البرملانية‪،‬‬ ‫وقد كان كثير منهم من األعضاء الدائمني في البرملان‪ .‬وأدت تلك‬ ‫القيود إلى انتصار أنصارهم احملافظني انتصارا ساحقا‪ .‬وبعدما‬ ‫أحكموا قبضتهم على القطاعني القضائي والقانوني‪ ،‬كان‬ ‫على احملافظني االنتظار ما تبقى من الوالية الثانية خلامتي ثم‬ ‫هزمية املعسكر اإلصالحي املنقسم وغير املنظم في االنتخابات‬ ‫الرئاسية ‪.2005‬‬ ‫وعلى نحو مفاجئ‪ ،‬أخفقت قيادة احملافظني في تقدمي مرشح‬ ‫رئاسي واحد‪ ،‬وفي ربيع ‪ ،2005‬وقبل أشهر قليلة من يوم االقتراع‬ ‫في ‪ 17‬يونيو (حزيران)‪ ،‬كان هناك نحو ستة من احملافظني‬ ‫يجاهدون لالنتصار في ذلك السباق‪ .‬وفي أواخر الربيع‪ ،‬تقلص‬ ‫العدد إلى أربعة متنافسني‪ :‬الرئيس السابق أكبر هاشمي‬ ‫رافسنجاني‪ ،‬واألمني العام للمجلس األعلى لألمن القومي علي‬ ‫الريجاني‪ ،‬والقائد السابق للقوات اجلوية بقوات احلرس الثوري باغر‬ ‫غاليباف‪ ،‬وعمدة طهران محمود أحمدي جناد‪.‬‬


‫من العصيان كافيا لكي ميثل حتديا لدور احلكومة قبل انتهاء‬ ‫واليتها في ‪.2013‬‬ ‫وبالطبع‪ ،‬فإن كل ذلك له تداعيات خطيرة فيما يتعلق بتصاعد‬ ‫نشاط املسلحني في مقاطعة البنغاب الوسطى املزدحمة‬ ‫بالسكان‪ .‬وعلى الرغم من أن كثيرين كتبوا حول مكافحة‬ ‫اإلرهاب في املناطق القبلية بباكستان فإن تصاعد نشاط‬ ‫املسلحني ومنو تنظيم القاعدة ونفوذ حركة طالبان في‬ ‫البنغاب قد مت جتاهله إلى حد كبير‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يرجع الفضل‬ ‫في ذلك إلى هجمات الواليات املتحدة بطائرات الدرون (طائرات‬ ‫من دون طيار) والهجوم الشرس الذي شنه اجليش الباكستاني‬ ‫على املناطق القبلية اخلاضعة لإلدارة الفيدرالية‪ ،‬فإن كال من‬ ‫تنظيم القاعدة وحركة طالبان أفغانستان يبحثان عن ملجأ‬ ‫آمن في قلب باكستان‪ .‬وبالتالي‪ ،‬مت عقد حتالفات جديدة بني‬ ‫اجلماعات املتطرفة البنغابية مثل جيش محمد وحركة طالبان‬ ‫وتنظيم القاعدة‪.‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫وتعرض النتقادات حادة عندما غادر باكستان في الثاني من‬ ‫أغسطس (آب) املاضي للقيام بجولة مخطط لها سلفا إلى‬ ‫فرنسا واململكة املتحدة رغم حقيقة أن بلده كانت وسط أزمة‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬وفيما تعاني احلكومة لكي تلبي احتياجات‬ ‫املاليني من املشردين‪ ،‬ضعفت مصداقيتها إلى حد كبير مقارنة‬ ‫بالعديد من املنظمات مثل املنظمة اخليرية احملظورة‪ ،‬جماعة‬ ‫الدعوة التي أقامت مخيمات اإلغاثة اخلاصة بها والتي تقدم‬ ‫الطعام والدواء ومقدارا من املال لضحايا الفيضان‪ .‬ومن املعروف‬ ‫أن جماعة الدعوة تربطها صالت بحركة «عسكر طيبة» وهي‬ ‫اجلماعة العسكرية املسؤولة عن هجمات ‪ 2008‬على مومباي‪.‬‬ ‫كما أن املعسكرات املؤقتة التي تديرها جماعات مثل «فالح‬ ‫إنسانيات» أحدث الكيانات التابعة جلماعة الدعوة‪ ،‬تعمل‬ ‫بفعالية في كافة أنحاء باكستان ومتأل الفراغ الذي خلفته‬ ‫احلكومة املنتخبة دميقراطيا‪.‬‬ ‫وباملثل فإن حركة طالبان باكستان كانت تعمل بهدوء في‬ ‫الشمال الغربي وتوفر املساعدات لضحايا الفيضان في تلك‬ ‫املنطقة‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬استجابت احلكومة بإغالق عدد من مثل‬ ‫تلك اخمليمات باسم مقاومة انتشار التطرف‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أنه لم تعلن أي جماعة عن مسئوليتها‪ ،‬فإنه يعتقد أن‬ ‫نحو ستة أعمال إرهابية في الشمال الغربي وشرق مقاطعة‬ ‫البنغاب في باكستان التي وقعت في أواخر أغسطس‪ ،‬كانت‬ ‫رد فعل لعملية القمع تلك‪ .‬على أية حال‪ ،‬فإنه ما لم توفر‬ ‫احلكومة الباكستانية املساعدات الكافية والسريعة ملئات‬ ‫اآلالف من الضحايا الذين ما زالوا في انتظار املساعدات‪ ،‬فإن‬ ‫عمليات القمع التي تقوم بها لن تؤدي إلى شيء بخالف إثارة‬ ‫القالقل االجتماعية والشغب الغذائي بل ورمبا تشعل قدرا‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫كما تزايد استخدام املناطق الريفية في جنوب البنغاب كمالجئ‬ ‫ومناطق تدريب ليس فقط للجماعات البنغابية احملظورة ولكن‬ ‫ملقاتلي البشتون وتنظيم القاعدة الهاربني من املناطق القبلية‬ ‫اخلاضعة لإلدارة الفيدرالية‪ .‬وبال شك فإن مسلحي البنغاب‬ ‫ميثلون تهديدا جديا الستقرار باكستان واألمن العاملي‪ .‬أوال‬ ‫ألنهم أكثر تطرفا وأكثر ارتباطا بأجندة اإلرهاب العاملية‪ .‬وثانيا‬ ‫فإنهم يوفرون الفرصة حلركة طالبان وتنظيم القاعدة للوصول‬ ‫إلى قلب باكستان التي ميكن أن يؤدي تزايد النشاط اإلرهابي‬ ‫بها إلى إضعاف باكستان بطريقة ال ميكن أن يصل إليها عبر‬ ‫النشاطات اإلرهابية في املناطق احلدودية‪.‬‬ ‫كما أن ذلك له تداعيات خطيرة على األمن اإلقليمي والدولي‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬يُعتقد بأن جيش محمد قد جند مفجر‬ ‫ميدان التاميز‪ ،‬فيصل شاه زاد‪ .‬وباختصار‪ ،‬فإن اجلماعات‬ ‫البنغابية املسلحة التي كانت حتظى بحماية اجليش‬ ‫الباكستاني واالستخبارات ملدة طويلة تعمل اآلن على مد‬ ‫نطاق عملياتها إلى ما بعد جنوب آسيا ومتثل تهديدا مباشرا‬ ‫لألمن األوروبي واألميركي‪ .‬باإلضافة إلى األخذ في االعتبار أن‬ ‫أسطول الطائرات املروحية الباكستاني والقوات الباكستانية‬ ‫التي تبلغ ‪ 60‬ألفا واملشتركني في قتال حركة طالبان في خیبر‬ ‫يختونخوا قد انتقل إلى أنشطة اإلغاثة املتعلقة بالفيضان‪،‬‬ ‫فإنه من غير املرجح أن يتمكن اجليش من احلفاظ على املناطق‬ ‫التي كان قد استعادها من املسلحني في املستقبل القريب‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي حتاول فيه الواليات املتحدة وحلف شمال األطلسي‬ ‫تأمني جنوب أفغانستان ونشر املزيد من القوات األميركية في شرق‬ ‫أفغانستان‪ ،‬فإن حقيقة أن القوات الباكستانية قد انسحبت من‬ ‫املناطق احلدودية تعني أن مسافة ‪ 1500‬ميل على خط دوراند‬ ‫قد أصبحت معرضة مرة أخرى لكي تصبح امللجأ اآلمن ومعقل‬ ‫مقاتلي حركة طالبان الفارين‪ .‬وبالتالي فإن تلك الفيضانات متثل‬ ‫بالنسبة حلركة طالبان فرصة عظيمة لعبور احلدود إلى باكستان‬ ‫لكي يدربوا ويجندوا مقاتلني جددا‪ .‬وبالنسبة لباكستان‪ ،‬فإن‬ ‫الفيضانات أوضحت أن املستقبل السياسي يعتمد على استعادة‬ ‫سيطرتها على املسلحني الذين كانت تستخدمهم ملدة طويلة‬ ‫كوكالء عنها‪ .‬وبالطبع فإن السؤال احلقيقي هو هل أطلقت‬ ‫بذلك اجلني من الزجاجة؟‬ ‫* راشمي سينغ ‪ -‬احملاضر في الدراسات اإلرهابية مبركز دراسات‬ ‫اإلرهاب والعنف السياسي بجامعة سانت أندروز‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 21‬سبتمبر ‪.2010‬‬ ‫‪27‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫فر�صة للبع�ض‪...‬‬

‫املنظمات امل�سلحة‬ ‫يف باك�ستان‬ ‫الكويتا شورى‪ :‬منظمة مسلحة تتكون من زعماء‬ ‫حركة طالبان أفغانستان‪ .‬مت تشكيل الشورى بعدما‬ ‫غزت الواليات املتحدة أفغانستان في ‪ ،2001‬واضطر‬ ‫زعماء حركة طالبان للهروب إلى باكستان‪ .‬تتمركز‬ ‫املنظمة في كويتا‪ ،‬في مقاطعة بلوجستان والتي‬ ‫يستطيع عبرها زعماء حركة طالبان من إدارة التمرد‬ ‫في أفغانستان‪ .‬وتعتقد االستخبارات األميركية‪،‬‬ ‫كما جاء مؤخرا في تقرير للويكيليكس‪ ،‬بأن وكالة‬ ‫االستخبارات الباكستانية تؤيد الكويتا شورى‪.‬‬ ‫حركة طالبان باكستان‪ :‬وهي احلركة األم ملسلحي‬ ‫طالبان في باكستان‪ .‬وبخالف الكويتا شورى‪ ،‬والتي تدير‬ ‫التمرد في أفغانستان‪ ،‬فإن حركة طالبان باكستان في‬ ‫صراع مع احلكومة املركزية الباكستانية‪ .‬كما تتضمن‬ ‫أهدافهم املعلنة تطبيق الشريعة ومهاجمة القوات‬ ‫األميركية في أفغانستان‪ .‬كما أن ترتبط اجلماعة‬ ‫بتنظيم القاعدة على املستويني التنظيمي واملالي‪.‬‬ ‫جيش محمد‪ :‬منظمة مسلحة أخرى تتمركز في‬ ‫باكستان ولكنها تركز على فصل كشمير عن الهند‪.‬‬ ‫وبالرغم من أنها محظورة في باكستان‪ ،‬فما زالت‬ ‫اجلماعة تعمل من هناك مع وجود صالت بينها وبني‬ ‫حركة طالبان وتنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫جماعة الدعوة‪ :‬والتي يطلق عليها اآلن «فالح‬ ‫إنسانيات»‪ :‬تعتبر األمم املتحدة هذه املنظمة اإلسالمية‬ ‫هي أحد أسماء املستعارة جلماعة عسكر طيبة‪ .‬وقد‬ ‫تأسست في الهور في ‪.1985‬‬ ‫عسكر طيبة‪ :‬هي جماعة إرهابية في جنوب آسيا تعمل‬ ‫من «مورديك» على مقربة من الهور في باكستان‪.‬‬ ‫وقد أسسها حافظ محمد سعيد في مقاطعة كونار‬ ‫بأفغانستان ولديها العديد من املسكرات في كشمير‬ ‫اخلاضعة إلدارة باكستان‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن املنظمة تركز على مواجهة هيمنة‬ ‫الهند على جامو وكشمير‪ ،‬فإنها تسعى أيضا إلحياء‬ ‫احلكم اإلسالمي في كافة أنحاء الهند»‪ .‬وهي نشطة‬ ‫في كشمير‪ ،‬والشيشان وغيرها من مناطق آسيا‬ ‫الوسطى‪ .‬كما توجد صالت بني املنظمة واالستخبارات‬ ‫الباكستانية وحركة طالبان وتنظيم القاعدة‪.‬‬

‫يكمن اآلن خطر حقيقي بأن تتمكن‬ ‫طالبان من السيطرة على املناطق النائية‪،‬‬ ‫خاصة تلك املناطق التي تقع على مقربة‬ ‫من احلدود األفغانية‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫للمنظمات املتطرفة كما أن هؤالء املسلحني يعملون اآلن‬ ‫على تصوير هذه الفيضانات باعتبارها داللة على غضب اهلل‬ ‫من احلكومة‪ .‬ومن دون شك‪ ،‬فإن تلك الفيضانات تساهم‬ ‫في تفاقم أزمة البطالة والفقر في هذه املنطقة ورمبا تعمل‬ ‫أيضا على دفع املزيد من الشباب إلى االنضمام إلى اجلماعات‬ ‫املتطرفة‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تعد بلوشستان الغنية باملوارد من أفقر‬ ‫املناطق في باكستان‪ .‬وتنشط حركة طالبان أفغانستان التي‬ ‫تعاني أيضا من مترد االنفصاليني الذي يعود في األساس إلى‬ ‫التهميش السياسي واالقتصادي لقبائل البلوش‪ .‬وبالفعل‬ ‫يعتقد العديد من احملللني أن أسامة بن الدن واملال محمد عمر‪،‬‬ ‫زعماء «القاعدة» وطالبان أفغانستان على التوالي يختبئان‬ ‫على األرجح في مدينة كويتا التابعة لقبائل البلوش‪ .‬ودمرت‬ ‫الفيضانات البنية التحتية احملدودة التي كانت موجودة في‬ ‫املقاطعة واقتصادها املنهار بالفعل‪ .‬وليس من املتوقع أن‬ ‫يعزز انهيار االتصاالت والبنية التحتية من «الكويتا شورى»‬ ‫أال وهو القيادة العليا حلركة طالبان أفغانستان فقط ولكن‬ ‫انفصاليي البلوش أيضا الذين بدأوا بالفعل في انتقاد‬ ‫احلكومة الباكستانية نظرا لضعف جهود اإلغاثة‪ ،‬كما بدأوا‬ ‫يدعون لتصعيد صراعهم من أجل االستقالل‪.‬‬ ‫وباختصار‪ ،‬فإن الفيضانات فاقمت املوقف األمني الداخلي‬ ‫املتفاقم بالفعل‪ .‬كما أن حقيقة كون احلكومة الباكستانية‬ ‫غير قادرة على توفير اإلغاثة الفعالة والفورية قد فاقم من‬ ‫السخط املوجود‪ .‬وبالفعل‪ ،‬كشفت الفيضانات عن عجز‬ ‫احلكومة وفسادها‪ .‬كما أن ضحايا الفيضان غاضبون مما‬ ‫يرون أنه استجابة احلكومة البطيئة وغير املالئمة‪ .‬كما فقد‬ ‫الرئيس عاصف على زرداري قدرا كبيرا من التأييد الشعبي‬


‫مصائب قوم عند قوم فوائد‬

‫الفيضانات تساعد طالبان في السيطرة على شمال باكستان‬ ‫بالطبع كان لفيضانات يوليو (متوز) املاضي بباكستان تأثير كبير على أفقر املناطق الباكستانية التي يزدهر فيها املتطرفون‬ ‫واملسلحون واالنفصاليون‪ .‬وهو ما يعني أن هذه الفيضانات‪ ،‬باإلضافة لكونها أزمة إنسانية فإنها متثل حتديا منقطع النظير‬ ‫ليس فقط بالنسبة لألمن القومي الباكستاني ولكن بالنسبة لألمن اإلقليمي والدولي كذلك‪.‬‬ ‫راشمي سينغ‬ ‫وعلى الرغم من مرور شهر على تدمير الفيضانات للمنطقة‬ ‫الشمالية الغربية من باكستان‪ ،‬وهي واحدة من أكثر املناطق‬ ‫فقرا وأقلها تعليما‪ ،‬فما زال العاملون باملساعدات لم يصلوا‬ ‫ملا يقرب من نصف السكان املتضررين‪ .‬وهؤالء السكان الذين‬ ‫يبلغ عددهم ‪ 17‬مليونا معرضون‪ ،‬نظرا للظروف غير الصحية‬ ‫ونقص املياه النظيفة‪ ،‬لإلصابة بأمراض مثل اإلسهال واملالريا‬ ‫والكوليرا وأمراض اجللد‪ .‬وما زال هناك صعوبة في الوصول‬ ‫للمدن الصغيرة نظرا ألن الفيضانات دمرت الطرق واجلسور‪.‬‬

‫فخيبر يختونخوا هي املنطقة التي تتمركز فيها كل من‬ ‫حركة طالبان األفغانية والباكستانية‪ ،‬كما‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫وباملثل دمرت األمطار مناطق جنوب البنغاب وشمال السند‪.‬‬ ‫وقضت الفيضانات على املاليني من فدادين احملاصيل ومئات‬ ‫القرى‪ .‬كما غرقت محطات الطاقة في تلك القرى‪،‬‬ ‫وخلعت أعمدة الكهرباء وخطوط الغاز‪ ،‬وقضي‬ ‫على نصف الثروة احليوانية‪ .‬وهذه املقاطعات‬ ‫الفقيرة هي بالفعل مراكز‬ ‫رئيسية للتجنيد بالنسبة‬

‫‪25‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫وأثرت الفيضانات التي بدأت في يوليو ‪ 2010‬على األجزاء‬ ‫الفقيرة من باكستان التي تنتشر فيها احلركات املتطرفة‬ ‫واالنفصالية‪ :‬خيبر يختونخوا (مقاطعة اجلبهة الغربية‬ ‫سابقا)‪ ،‬والسهول الفقيرة جلنوب البنغاب وشمال السند‬ ‫وأخيرا بلوشستان‪ .‬والغريب أن البنغاب الوسطى التي تتمتع‬ ‫مبستوى تعليم ودخول تبلغ على األقل ضعف هؤالء املوجودين‬ ‫في املناطق األخرى قد جنت من الكارثة‪ .‬وما يعنيه ذلك هو أن‬ ‫تلك الفيضانات‪ ،‬باإلضافة لكونها أزمة إنسانية‪ ،‬فإنها متثل‬ ‫أيضا حتديا صعبا ليس فقط بالنسبة لألمن القومي لباكستان‬ ‫ولكن بالنسبة لألمن اإلقليمي والدولي أيضا‪.‬‬

‫أنها املكان الذي يقع فيه وادي سوات‪ .‬وهو الوادي الذي أصبح‬ ‫حتت سيطرة حركة طالبان بعدما كان في وقت من األوقات‬ ‫وجهة سياحية شهيرة‪ .‬وعلى الرغم من أن الهجوم العسكري‬ ‫املنهجي الذي شنه اجليش الباكستاني في ‪ 2009‬استعاد بنجاح‬ ‫السيطرة على املنطقة‪ ،‬فإن نحو ‪ % 64‬من سكان سوات‬ ‫العليا اضطروا لالنضمام لطبقة النازحني داخليا الضخمة‬ ‫كنتيجة للقتال‪ .‬وبحلول مارس (آذار) من العام احلالي هرع نحو‬ ‫‪ % 90‬من هؤالء الذين كانوا قد غادروها إلى املنطقة ولكنهم‬ ‫اضطروا للخروج مرة أخرى حتت وطأة الفيضانات املدمرة‪ .‬فقد‬ ‫دمرت الفيضانات الطرق واجلسور وغيرها من البنية التحتية‬ ‫في كافة أنحاء اإلقليم‪ ،‬وهو ما أثر على االتصاالت وأضعف‬ ‫سيطرة الدولة على املنطقة‪ .‬وهناك يكمن اآلن خطر حقيقي‬ ‫بأن تتمكن طالبان من السيطرة على املناطق النائية‪ ،‬خاصة‬ ‫تلك املناطق التي تقع على مقربة من احلدود األفغانية‪.‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫أبرز األداء السيئ الذي ظهر على القوات‬ ‫املسلحة اللبنانية في حرب عام ‪2006‬‬ ‫ضد إسرائيل وجود حزب اهلل كقوة وحيدة‬ ‫قادرة على الدفاع عن البالد‪.‬‬ ‫ضوء ادعاءات حزب اهلل بأن إسرائيل تقف خلف اغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬لبنان من السقوط على األقل على املدى القصير‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن املعلومات التي قدمها حسن نصر اهلل‬ ‫غير مقنعة‪ ،‬سيعطي هذا التأجيل مزيدا من الوقت لسورية‬ ‫وحزب اهلل لإلعداد ملا من املرجح أن يكون صراعا قانونيا‬ ‫شرسا وطويال لكليهما‪ .‬وبذلك أيضا تتم حماية املصالح‬ ‫االقتصادية والسياسية السعودية في لبنان وسيصبح‬ ‫للمملكة نفوذ كاف للضغط على النظام السوري من أجل‬ ‫القبول بدور الوساطة في املباحثات مع قيادة حزب اهلل فيما‬ ‫يتعلق بجناحه العسكري‪ .‬ورمبا يكون ذلك هو الثمن الذي‬ ‫سيكون على سورية تسديده إلعادة ترسيخ نفوذها في لبنان‪،‬‬ ‫وإعادة انطالق مفاوضات السالم اإلسرائيلية بعد أن تركتها‬ ‫سورية عندما شنت إسرائيل عملية الرصاص املصبوب على‬ ‫قطاع غزة في ديسمبر (كانون األول) عام ‪.2008‬‬ ‫وال تزال هناك حاجة إلى مزيد من الوقت من أجل عقد اتفاق‬ ‫يتعلق بإدانة أعضاء في حزب اهلل؛ وقد فتحت القمة الباب‬ ‫أمام مفاوضات جديدة بني احلكومة واملعارضة‪ .‬ووفقا جلريدة‬ ‫«السفير» اللبنانية‪ ،‬تستمر املفاوضات بني رئيس الوزراء‬ ‫احلريري وقيادة حزب اهلل من أجل الوصول إلى اتفاق حول‬ ‫التصرف الذي يجب انتهاجه إذا متت إدانة أعضاء من حزب اهلل‪.‬‬ ‫أيا كانت نتائج احملكمة‪ ،‬لن يتم املساس بقيادة حزب اهلل من‬ ‫أجل احلفاظ على الهدوء واالستقرار الداخلي‪ .‬ويعي الزعيمان‬ ‫جيدا أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي قوي‪ ،‬ستندلع‬ ‫أحداث عنف‪ .‬ومن املمكن أن يحدث العنف ليس فقط بني‬ ‫اخلصوم السياسيني‪ ،‬ولكن بني الطوائف اخملتلفة‪ ،‬كما حدث‬ ‫من قبل في وسط مدينة بيروت عندما اندلعت االشتباكات‬ ‫في الشوارع بني مؤيدي حزب اهلل الشيعي ومجموعة سنية‬ ‫محافظة في املناطق السكنية اخملتلطة في برج أبو حيدر‪.‬‬ ‫األمن القومي‬ ‫تأثر الوضع األمني املضطرب بالوضع السياسي املهزوز‪ .‬وقد‬ ‫مر لبنان بكثير من التدخالت واحلروب مع جيرانه لدرجة تكفي‬ ‫ألن يستوعب أن التاريخ يعيد ذاته‪ .‬لقد أبرز األداء السيئ الذي‬ ‫ظهر على القوات املسلحة اللبنانية في حرب عام ‪2006‬‬ ‫ضد إسرائيل وجود حزب اهلل كقوة وحيدة قادرة على الدفاع‬ ‫عن البالد‪ .‬ال تستطيع القوات املسلحة اللبنانية القيام‬ ‫مبهامها دون دعم ومتويل الواليات املتحدة؛ وسينتهي ‪-‬‬ ‫على األرجح ‪ -‬الدعم الغربي الذي يتمتع به مجلس وزراء‬ ‫احلريري‪ ،‬إذا كانت القوات املسلحة اللبنانية ستواجه قوات‬ ‫الدفاع اإلسرائيلية مرة أخرى‪ .‬وأحدث مثال على ذلك هو قرار‬ ‫الكونغرس مبنع ‪ 100‬مليون دوالر أميركي عن اجليش اللبناني‬ ‫بعد يومني فقط من وقوع حادث إطالق النيران على احلدود‪.‬‬ ‫والسؤال املألوف الذي يواجه الدولة ذات الـ‪ 4.2‬مليون نسمة‬ ‫هو‪ :‬كيف ستحمي حدودها اجلنوبية من دون خسارة الدعم‬ ‫الغربي‪ ،‬الذي يتعلق بوضوح بعالقتها بإسرائيل؟‬ ‫‪24‬‬

‫لقد مت تناول املطلب امللح املتجدد بوجود استراتيجية دفاع‬ ‫شاملة‪ ،‬في اجتماع عقد في قصر بيت الدين الرئاسي في‬ ‫‪ 19‬أغسطس (آب) املاضي‪ ،‬بني الرئيس اللبناني ميشال‬ ‫سليمان وأعضاء احلكومة وأعضاء من املعارضة‪ ،‬حيث ناقشوا‬ ‫استراتيجية الدفاع غير الفعالة في لبنان ودور حزب اهلل‬ ‫فيها‪ .‬وقدم سمير جعجع‪ ،‬زعيم احلزب املسيحي اليميني‪،‬‬ ‫حزب القوات اللبنانية‪ ،‬مسودة ملا سماه استراتيجية الدفاع‬ ‫الوطني ‪ -‬وهي خطة يتم فيها إدخال جزء من قدرات حزب‬ ‫اهلل العسكرية في اجليش اللبناني‪ .‬ووفقا لهذه اخلطة‪،‬‬ ‫ينضم نحو ‪ 4000‬من قوات العمليات اخلاصة في حزب اهلل‬ ‫إلى اجليش اللبناني املنتشر في جنوب لبنان من أجل تقوية‬ ‫القوات املسلحة اللبنانية‪.‬‬ ‫ووفقا جلعجع‪« :‬هذه خطة مؤقتة وستقدم للبنان أفضل‬ ‫فرصة ممكنة للدفاع عن حدودها في الوقت احلالي‪ ،‬مع الوضع‬ ‫في االعتبار القدرات اخلاصة في اجليش ووضع حزب اهلل‬ ‫وجميع العناصر التي حتيط باملوقف الراهن‪ .‬وفي الوقت ذاته‪،‬‬ ‫ستستمر املفاوضات اجلارية حول منضدة احلوار للوصول إلى‬ ‫حل حاسم بشأن سالح حزب اهلل»‪.‬‬ ‫عارض حزب اهلل وأعضاء آخرون في املعارضة اخلطة بسبب‬ ‫ما سماه عضو مجلس النواب عن حزب اهلل محمد رعد‬ ‫خطة جعجع لتقويض مقاومة حزب اهلل‪ ،‬بدال من وضع‬ ‫أساس الستراتيجة وطنية لبنانية‪ ،‬حيث قال‪« :‬املقصود‬ ‫من االقتراح هو تقييد قوات حزب اهلل وفي النهاية مصادرة‬ ‫ترسانة أسلحته الضخمة»‪.‬‬ ‫وال تثير تلك التصريحات الدهشة‪ ،‬إذا وضعنا في االعتبار‬ ‫أن اخلطة قدمها واحد من أكثر اخلصوم إظهارا ملعارضته‬ ‫للمقاومة‪ ،‬كما أنها تضمنت شرطا مسبقا بأن يقبل حزب‬ ‫اهلل بنفوذ القوات املسلحة اللبنانية على الدفاع الوطني‪.‬‬ ‫األمر األكثر أهمية هو أنه سيكون مطلوبا من حزب اهلل أن‬ ‫«يضع جميع مجموعاته وأسلحته حتت تصرف اجليش‪ ،‬حتى‬ ‫وإن كان ال يُطلع اجليش على موقعه أو وجوده»‪.‬‬ ‫وكان االجتماع مثاال آخر على الهوة التي تفصل بني كتلة‬ ‫احلريري واملعارضة بقيادة حزب اهلل بشأن دور األخير في لبنان‪.‬‬ ‫وأغلقت املناقشة كلية قضايا ذات أهمية بالغة مثل رد فعل‬ ‫القوات املسلحة اللبنانية على انتهاكات سيادتها والشروط‬ ‫املطلوبة من املقاومة للتخلي عن صراعها املسلح‪ .‬ومن غير‬ ‫املرجح القيام بأية خطوة في اجتاه نزع سالح حزب اهلل طاملا‬ ‫استمر الصراع السياسي الداخلي في احلكومة‪ ،‬وطاملا لم‬ ‫يتم التوصل إلى تسوية مستمرة مع سورية وإسرائيل‪.‬‬ ‫في الوقت احلالي‪ ،‬تشرق شمس الصيف على لبنان من جديد‪.‬‬ ‫ولكن يبدو أن ما نراه هو الهدوء الذي يسبق العاصفة‪.‬‬ ‫وتؤجل املبادرة األميركية ‪ -‬العربية ‪ -‬اإلسرائيلية التي أعلنت‬ ‫وزيرة اخلارجية هيالري كلينتون أنها ستبدأ قريبا‪ ،‬والعقوبات‬ ‫األميركية التي أقرها مجلس األمن بخصوص برنامج إيران‬ ‫النووي‪ ،‬وقوع أي هجوم إسرائيلي محتمل على أي من إيران‬ ‫أو حزب اهلل‪ .‬وسينفد صبر إسرائيل سريعا إذا لم يحدث‬ ‫تقدم في عملية السالم ومسألة إيران النووية وقوة حزب اهلل‬ ‫العسكرية‪.‬‬ ‫* دانيال ريفيرا غوميز ‪ -‬عالم متخصص في العالقات‬ ‫الدولية في العالم العربي‪ .‬وهو مرشح للحصول على درجة‬ ‫الدكتوراه في جامعة مدريد املستقلة‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 16‬أغسطس ‪.2010‬‬


‫على مدار ‪ 18‬شهرا في نهاية عام ‪ ،2008‬ولكن بعد خمسة‬ ‫أشهر عصيبة من املفاوضات من أجل االئتالف تلك املفاوضات‬ ‫التي بدأت في الدوحة في شهر مايو (أيار) واشترك فيها‬ ‫دبلوماسيون من سورية وإيران والسعودية‪ .‬وأشار اتفاق‬ ‫املشاركة في السلطة الذي يسمى اتفاق الدوحة‪ ،‬إلى بداية‬ ‫عودة العالقات بني سورية ولبنان بعد انقطاعها منذ اغتيال‬ ‫احلريري‪.‬‬

‫امللك عبد اهلل‪ ،‬والرئيس السوري بشار األسد‪ .‬وكانت القمة‬ ‫التي عقدت في لبنان في ‪ 31‬يوليو (متوز) املاضي‪ ،‬إشارة‬ ‫واضحة من أجل دعم احلكومة احلالية‪ ،‬ومنع تصاعد متوقع‬ ‫في الصراع السياسي بني أعضاء االئتالف‪ ،‬بسبب تدخل‬ ‫محتمل من حزب اهلل‪ .‬وانتهى االجتماع القصير بعد نحو‬ ‫أربع ساعات وانتهى ببيان عادي يؤكد على احلاجة إلى تعزيز‬ ‫«الوفاق الوطني واالستقرار الداخلي واحلاجة إلى جتنب‬ ‫العنف»‪ .‬ومت اعتبار ذلك البيان محاولة لتهدئة التوتر الناجم‬ ‫عن حتقيق احملكمة الدولية‪.‬‬

‫وكان الدرس القاسي الذي تعلمه احلريري بعد زيارته الرسمية‬ ‫إلى دمشق في ديسمبر (كانون األول) عام ‪ 2009‬أنه من أجل‬ ‫تقوية مركزه والبقاء في مثل تلك البيئة السياسية غير‬ ‫املستقرة‪ ،‬يحتاج إلى أن يكون على عالقة جيدة مع سورية‪.‬‬ ‫ويتضمن ذلك‪ ،‬باإلضافة إلى أشياء أخرى‪ ،‬بذل اجلهود من أجل‬ ‫حل اخلالفات حول مجموعة كبيرة من القضايا التي تتراوح‬ ‫من تعيينات مجلس الوزراء إلى وجود اجلناح العسكري حلزب‬ ‫اهلل من األساس‪ .‬ومن املؤكد أن النبرة الدبلوماسية اجلديدة‬ ‫التي تظهر عليها العالقات األميركية ‪ -‬السورية بعد تولي‬ ‫أوباما الرئاسة‪ ،‬والتقارير السابقة التي نشرتها اجمللة األملانية‬ ‫«دير شبيغل» تعلن فيها عن تقدم مهم في حتقيقات‬ ‫احملكمة الدولية اخلاصة بلبنان يتعلق بإدانة ممكنة ألعضاء في‬ ‫حزب اهلل‪ ،‬قد مهدت الطريق أمام التقارب بني بيروت ودمشق‪.‬‬

‫ويتبع فريق التحقيق في حادث اغتيال رفيق احلريري عددا‬ ‫من األدلة التي تشير إلى تورط حزب اهلل‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن حزب اهلل يتعاون مع التحقيقات حتى اآلن‪ ،‬فإن بعض‬ ‫اخملاوف من إمكانية إدانة بعض من أعضائه ومحاكمتهم‬ ‫في النهاية أدت إلى رفض قيادة حزب اهلل تقدمي املزيد من‬ ‫التعاون‪ ،‬نظرا ملا سماه حسن نصر اهلل في تصريح علني‬ ‫بـ«املشروع اإلسرائيلي» الذي يهدف إلى زعزعة استقرار‬ ‫الدولة وتقسيمها‪ .‬ومن جانب آخر‪ ،‬أشار مدعي عام احملكمة‬ ‫الدولية اخلاصة بلبنان مؤخرا إلى أنه لم تتم كتابة مسودة‬ ‫إدانه حتى اآلن‪ ،‬مضيفا أنه سيرسل تقرير اإلدانة عندما يكون‬ ‫راضيا متاما عن قوة الدليل‪ .‬ويشير هذا التصريح األخير إلى‬ ‫نيته نفي كثير من الشائعات التي تتناقلها وسائل اإلعالم‬ ‫بأن تقرير التحقيق سيتم اإلعالن عنه في بداية خريف العام‬ ‫احلالي‪.‬‬

‫وأدى القلق احمليط بتحقيقات احملكمة الدولية إلى عقد قمة‬ ‫ثالثية بني الرئيس اللبناني ميشال سليمان‪ ،‬وملك السعودية‬

‫تواجه حكومة االئتالف الهشة برئاسة‬ ‫سعد احلريري مشكلة خطيرة‪ ،‬ميكنها‬ ‫أن تسهم بصورة كبيرة في زعزعة‬ ‫استقرار البالد ‪.‬‬ ‫أما عن قمة عام ‪ ،2010‬فيجب اعتبارها تطبيعا للعالقات‬ ‫الدبلوماسية بني لبنان وسورية‪ ،‬أو كما قال عنها ستيفن‬ ‫هايدمان من املعهد األميركي للسالم في مقال نشر مؤخرا‪:‬‬ ‫«ما نشاهده اآلن‪ ..‬ليس تسارعا نحو كارثة‪ ،‬ولكنه املراحل‬ ‫األخيرة من تسوية مت التوسط فيها بهدف احلفاظ على‬ ‫النظام السياسي احلالي»‪ .‬من الواضح أن احلكومة اللبنانية‬ ‫تسعى من خالل تلك القمة إلى إعادة تكوين عالقاتها‬ ‫السابقة مع سورية‪ ،‬ويظهر قرار سعد احلريري احلالي بسحب‬ ‫اتهاماته ضد دمشق عزمه على إقامة عالقة جديدة قوية بني‬ ‫البلدين‪.‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫ويسود اعتقاد على مستوى عام أن امللك عبد اهلل توصل‬ ‫إلى اتفاق مع بشار األسد من أجل سد الفجوة بني سورية‬ ‫والواليات املتحدة ومصر‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬يلتزم امللك بالعثور‬ ‫على وسيلة لتأجيل الكشف عن تقرير اإلدانة في احملكمة‬ ‫الدولية‪ .‬وسيكون السيناريو املفضل لسورية هو إلغاء‬ ‫احملكمة‪ ،‬حيث إنه ما زالت هناك احتمالية في تورط بعض‬ ‫من رجالها في االغتيال‪ ،‬على الرغم من أنه غير مرجح على‬ ‫اإلطالق أن حتدث مثل تلك املناورة في اخلفاء‪ ،‬في حني من‬ ‫املمكن أن متارس اإلدانة احملتملة ألعضاء في حزب اهلل ضغوطا‬ ‫كبيرة على حزب اهلل لصالح الواليات املتحدة وحلفائها‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬سيمنع تأجيل الكشف عن اإلدانة‪ ،‬ال سيما في‬

‫‪23‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫هل يستطيع حماية حدوده اجلنوبية دون خسارة الدعم الغربي؟‬

‫لبنان بني مطرقة إيران وسندان الواليات املتحدة‬ ‫يعطي النشاط الدبلوماسي املكثف‪ ،‬على مستويات مختلفة‪ ،‬في واشنطن وباريس والرياض وبيروت ودمشق‪ ،‬إشارة واضحة‬ ‫على أن هناك شيئا ما يجري على قدم وساق في الشرق األوسط‪ .‬ميكن أن تكون أية دولة من دول املنطقة هي السبب في مثل‬ ‫هذا النشاط‪ ،‬ولكن لبنان‪ ،‬في هذه احلالة حتديدا‪ ،‬هو حديث املدينة‪ .‬احلياة السياسية ذات التصدعات العميقة وعالقات اجلوار‬ ‫السيئة هي املتهم املعتاد في اضطراب هذا البلد‪ ،‬وفي هذه املرة ال يختلف األمر‪.‬‬ ‫دانيال ف‪ .‬ريفيرا‬ ‫يتعرض األمن السياسي والعسكري في لبنان للخطر؛ حيث‬ ‫يهددهما معا اجلدل احمليط مبحاكمة قتلة احلريري التي قد‬ ‫تؤدي إلى إدانة أعضاء من حزب اهلل‪ ،‬ووقعت أحداث عنف على‬ ‫حدود البالد مع إسرائيل في الشهر املاضي‪ ،‬عندما فتحت‬ ‫القوات املسلحة اللبنانية النيران على أفراد من قوات الدفاع‬ ‫اإلسرائيلية؛ حيث ظنوا أنهم عبروا إلى احلدود اللبنانية وهم‬ ‫يقلمون أحد أشجار الزيتون‪ .‬وتثير القضيتان من جديد مسألة‬ ‫كيف يدافع لبنان عن حدوده‪ ،‬وكيف تنسجم طموحات حزب‬ ‫اهلل العسكرية مع استراتيجية وطنية حقيقية‪ .‬إن إمكانية‬ ‫وقوع صراع آخر واردة‪ ،‬ولكن من الصعب التنبؤ مبتى يكون ذلك‬ ‫وما هو السبب حتديدا‪ .‬ولكن تتفق أطراف داخلية وإقليمية‬ ‫على أن هناك إجراءات ملحة يجب اتخاذها ملنع حدوث تصاعد‬ ‫غير مرغوب فيه ميكنه أن يسفر عن احتالل جديد للبنان‪ ،‬أو‬ ‫حرب إقليمية تدخل فيها إسرائيل ولبنان وسورية‪.‬‬ ‫وتواجه حكومة االئتالف الهشة برئاسة رئيس الوزراء سعد‬ ‫احلريري مشكلة خطيرة‪ ،‬ميكنها أن تسهم بصورة كبيرة‬ ‫في زعزعة استقرار البالد وإضعاف مركزها في املنطقة‪.‬‬ ‫واملشكلة بالتحديد هي التقارير غير املؤكدة التي نشرتها‬ ‫وسائل إعالم أملانية وإسرائيلية حول إدانة ممكنة من احملكمة‬ ‫الدولية اخلاصة بلبنان لبعض من أعضاء حزب اهلل في‬ ‫اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق احلريري في تفجير سيارة‬ ‫عام ‪ .2005‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬اتهم سعد احلريري وأعضاء من‬ ‫حتالفه‪ ،‬دمشق بدعم قتلة احلريري‪ .‬وبعد مقتله بفترة وجيزة‪،‬‬ ‫أُجبرت القوات السورية على االنسحاب من لبنان في ربيع عام‬ ‫‪ .2005‬واعتبر ذلك نهاية للنفوذ السياسي السوري الذي‬ ‫استمر ‪ 29‬عاما في لبنان‪ ،‬وفُتح الباب أمام الدعم الغربي‬ ‫والسعودي‪ ،‬وُمنح سعد احلريري فرصة للدفع من أجل إجراء‬ ‫حتقيق دولي في مقتل والده‪.‬‬ ‫ستكون هناك مضامني كبرى تتعلق مبستقبل لبنان إذا ثبت‬ ‫تورط حزب اهلل في اغتيال احلريري‪ ،‬ال سيما في ظل العالقات‬ ‫املضطربة‪ ،‬وفي بعض األحيان العنيفة‪ ،‬بني احلزب واحلكومة‬ ‫اللبنانية‪ .‬ويشكل النجاح املتزايد حلزب اهلل كصاحب‬ ‫دور سياسي في لبنان تهديدا خطيرا لسلطة احلكومة‬ ‫اللبنانية‪ .‬لقد أضعفت حرب لبنان عام ‪ 2006‬قوة الدفع‬ ‫التي كانت حكومة احلريري تتمتع بها أثناء ما يسمى بثورة‬ ‫األرز في لبنان‪ ،‬مما سمح بصعود قوة حزب اهلل كطرف غير‬ ‫حكومي‪ .‬وساهمت قدرة حزب اهلل على النجاة من الهجوم‬ ‫اإلسرائيلي في إحكام سيطرته على جنوب لبنان‪ ،‬مما مينع‬ ‫حكومة احلريري من اتخاذ أي إجراء جاد يتعلق بأسلحة حزب‬ ‫اهلل‪ ،‬وهو مطلب قدمي للواليات املتحدة وإسرائيل في مقابل‬

‫‪22‬‬

‫التفاوض على سالم شامل وتطبيع العالقات مع كل من‬ ‫لبنان وسورية‪.‬‬ ‫لقد وصلت األزمة السياسية املتزايدة بني ائتالف احلريري‬ ‫واملقاومة إلى ذروتها أثناء االشتباكات الدموية التي اندلعت‬ ‫عام ‪ 2008‬في بيروت عندما مت العثور على شبكة اتصاالت‬ ‫وكاميرات مراقبة غير قانونية تابعة حلزب اهلل في مطار‬ ‫بيروت الدولي‪ .‬وقد انتهت األزمة السياسية التي استمرت‬


TM1557_21_Ad.indd 21

18/10/10 16:32:37


‫● شؤون سياسية‬

‫دعوا أنهم علماء دين مؤهلون إلصدار‬ ‫أو مستهترين ألن ي ّ‬ ‫الفتاوى»‪ .‬يطرح االنتشار احلديث للفتاوى سؤاال مهما‪ :‬متى‬ ‫تكون الفتوى فتوى‪ ،‬ومتى تكون مجرد رأي شخصي للشخص‬ ‫الذي يطلق على نفسه لقب شيخ؟‬ ‫في السابق كانت الفتاوى تتناول قضايا كبرى في احلياة‪،‬‬ ‫ويقدمها العالم بعد دراسة دقيقة للنصوص اإلسالمية‬ ‫واألحكام السابقة املتعلقة بها واألحوال السائدة التي‬ ‫يعيشها املسلمون‪ .‬ولكن اليوم‪ ،‬تصدر «أحكام» كثيرة تكون‬ ‫وليدة اللحظة من العلماء ردا على أسئلة يطرحها مشاهدو‬ ‫التلفزيون عبر الهاتف‪ .‬وبالنسبة للحكومات اإلسالمية‪،‬‬ ‫أصبح هذا التوسع في إصدار الفتاوى مصدر قلق متزايد حيث‬

‫وتستخدم الفتوى غالبا عندما ال يكون‬ ‫هناك إجابة مالئمة على املسألة في نصوص‬ ‫الشريعة اإلسالمية‪ .‬ويسمح للمسلم أن‬ ‫يسعى إلى احلصول على أكثر من رأي‪ ،‬ولكن‬ ‫عندما يستقر على رأي‪ ،‬عليه أن يلتزم به‪.‬‬ ‫يتحدى سلطة الدولة ورقابتها‪ .‬كما أن الفتاوى املتعارضة‬ ‫و«املتضاربة» تسبب ارتباكا لدى مواطنيها‪.‬‬ ‫اململكة العربية السعودية‪ ،‬التي كانت معقال إلصدار الفتاوى‬ ‫املدروسة واحملكمة‪ ،‬تسعى منذ ما يزيد على العام وحتى اآلن‬ ‫إلى حل هذه األزمة‪ .‬وقد جاءت أكثر اإلجراءات تأثيرا في األسبوع‬ ‫األول من شهر رمضان‪ ،‬عندما أصدر امللك عبد اهلل أمرا ملكيا‬ ‫بأن علماء الدين أعضاء هيئة كبار العلماء (هيئة مكونة من‬ ‫علماء دين يعينهم امللك)‪ ،‬هم فقط املسموح لهم بإصدار‬ ‫فتاوى تتعلق بالشؤون العامة‪ .‬وال ينطبق املرسوم امللكي على‬ ‫الفتاوى الشخصية التي تتناول قضايا محددة لألفراد‪ .‬وحذر‬ ‫املرسوم جميع من ينتهك «هذا الترتيب باحملاسبة واملعاقبة‬ ‫الشرعية‪ ،‬كائنا من كان‪ ،‬ألن مصالح الدين والدولة تفوق كل‬ ‫شيء آخر»‪.‬‬ ‫وقبل عدة أسابيع من األمر امللكي‪ ،‬أعلنت هيئة كبار العلماء‬ ‫أنها تقيم جلانا دينية إلصدار الفتاوى في كل مناطق اململكة‬ ‫البالغ عددها ‪ 14‬منطقة‪ .‬والفكرة هي أن سكان تلك املناطق‬ ‫يجب أن يذهبوا إلى تلك اللجان الرسمية من أجل التوجيه‬ ‫الديني‪ .‬ويأتي هذا اإلجراء بعد عدة أشهر من حظر وزارة‬ ‫الشؤون اإلسالمية إلصدار الفتاوى‪ ،‬إال من هيئة كبار العلماء‪،‬‬ ‫وهو احلظر الذي مت جتاهله إلى حد كبير‪.‬‬ ‫وفي وقت سابق من شهر يناير (كانون الثاني) ‪ ،2009‬عقدت‬ ‫رابطة العالم اإلسالمي‪ ،‬التي ترأسها السعودية‪ ،‬مؤمترا‬ ‫دوليا للعلماء في مكة لوضع إرشادات إلصدار الفتاوى‪ .‬وورد‬ ‫في البيان اخلتامي للمؤمتر أنه «ال يجوز اعتبار مهمة إصدار‬ ‫الفتاوى مجرد منصب إلبداء آراء شخصية»‪ .‬وحذر أيضا البيان‬ ‫اخلتامي املسلمني‪ ،‬متطرقا إلى فتاوى التكفير‪« ،‬بتوخي جميع‬ ‫وسائل احلذر باجتناب وصف أي مسلم بالكافر حيث إنه غير‬ ‫مسموح بذلك على اإلطالق‪ ..‬إال إذا ارتكب فعال فيه انتهاك‬ ‫صريح لإلسالم»‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫وتثمر جهود كبيرة أخرى تبذلها احلكومة السعودية عن حدث‬ ‫آخر في سبتمبر (أيلول) حيث تقيم جامعة اإلمام محمد بن‬ ‫سعود مؤمترا دوليا عن التكفير يهدف إلى قصر الفتاوى التي‬ ‫تصدر في هذا املوضوع على العلماء التابعني للحكومات‬ ‫اإلسالمية‪ .‬وقال سعود سرحان‪ ،‬طالب الدكتوراه املتخصص‬ ‫في شؤون اجملتمع اإلسالمي في اململكة‪ ،‬إنه يشك في جناح‬ ‫هذه اجلهود في احلد من إصدار الفتاوى‪ ،‬وذلك ألنه «عمل جتاري‬ ‫كبير» إلى حد ما‪ ،‬حيث تقدم «كل قناة تلفزيونية» برامج‬ ‫لإلفتاء يقدمها علماؤها‪.‬‬ ‫كانت فتوى إرضاع الكبير‪ ،‬التي أطلقها الشيخ عبد احملسن‬ ‫العبيكان مستشار الديوان امللكي‪ ،‬تأويال حديثا متاما لرواية‬ ‫قدمية في التاريخ اإلسالمي وللعادة القدمية التي ترضع فيها‬ ‫املرأة املسلمة طفال‪ ،‬فيصبح ابنا لها من الرضاعة‪ .‬وواجهت‬ ‫الفتوى رد فعل غاضبا من جميع األوساط في اململكة وأثارت‬ ‫االستهزاء باإلسالم لدى املعلقني غير املسلمني‪ .‬ولكن مثل تلك‬ ‫الفتاوى الشاذة ليست الوحيدة التي تثير اجلدل في اململكة‪،‬‬ ‫حيث أحيانا ما تلقى األحكام التي تسعد املسلمني التقدميني‬ ‫هجوما من احملافظني‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬حدث ذلك عندما‬ ‫أصدر الشيخ أحمد الغامدي في ديسمبر (كانون األول) فتوى‬ ‫بأن اإلسالم يبيح للرجال والنساء االختالط في األماكن العامة‬ ‫مثل اجلامعات‪ .‬ومؤخرا‪ ،‬استاء احملافظون من إفتاء العالم عادل‬ ‫الكلباني من الرياض بإباحة الغناء طاملا كانت كلمات األغنية‬ ‫الئقة‪ .‬وبعد ذلك تراجع الكلباني‪ ،‬مصرحا جلريدة «احلياة» بأنه‬ ‫كان مخطئا‪.‬‬ ‫استنكر العلماء الرسميون تلك الفتاوى وصرح املفتي الشيخ‬ ‫عبد العزيز آل الشيخ لقناة تلفزيونية دينية بأن «هؤالء الذين‬ ‫يصدرون فتاوى شاذة ليس لها إسناد من القرآن يجب أن يتم‬ ‫منعهم»‪ .‬وجلأ شيوخ محافظون آخرون إلى الهجوم الشخصي‪،‬‬ ‫حيث وصفوا مطلقي تلك الفتاوى بالعلماء «اجلاهلني» الذين‬ ‫يخاطرون بالذهاب إلى النار‪.‬‬ ‫واقترح عبد اهلل بجاد العتيبي‪ ،‬مدركا خطورة هذه الفوضى في‬ ‫إصدار الفتاوى على عوام املسلمني‪ ،‬أن يؤدوا دورهم في وقفها‪.‬‬ ‫وكتب العتيبي‪ ،‬الكاتب في الشؤون اإلسالمية‪ ،‬في مقال نشر‬ ‫في صحيفة «سعودي جازيت»‪« :‬كثيرا ما يكون املباح وغير‬ ‫املباح واضحا وميكن الوصول إلى ذلك من خالل تطبيق الفطرة‬ ‫السليمة»‪ .‬وأضاف‪« :‬ال يحتاج الناس إلى طلب الفتوى‬ ‫في كل شيء وأي شيء يفعلونه‪ .‬إنه أمر غريب ومؤسف أن‬ ‫الناس أصبحوا يعتمدون على الفتوى لدرجة أنهم ال يحاولون‬ ‫التفكير»‪.‬‬ ‫*كاريل ميرفي ‪ -‬صحافية مستقلة تقيم في الرياض وحائزة‬ ‫جائزة بوليتزر في الصحافة عام ‪ .1991‬وهي مؤلفة كتاب‬ ‫«الشغف باإلسالم»‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 20‬اغسطس ‪.2010‬‬

‫يطرح االنتشار احلديث للفتاوى سؤاال مهما‪ :‬متى‬ ‫تكون الفتوى فتوى‪ ،‬ومتى تكون مجرد رأي شخصي‬ ‫للشخص الذي يطلق على نفسه لقب شيخ؟‬


‫‪Image © Getty Images‬‬

‫يصدرها علماء مسلمون غير مدربني جيدا‪ ،‬مما يسيء إلى صورة‬ ‫اإلسالم‪ .‬وتنشأ تلك «الفوضى» في الفتاوى‪ ،‬كما يطلق عليها‬ ‫بعض املسلمني‪ ،‬عن عدم وجود مرجعية مركزية في اإلسالم‪،‬‬ ‫مقارنة بالفاتيكان في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية على‬ ‫سبيل املثال‪ .‬وعلى مدار قرون‪ ،‬لم يكن ذلك ميثل مشكلة؛‬ ‫حيث لم تكن غالبية الناس جتيد القراءة والكتابة‪ .‬وكانوا‬ ‫قانعني باتباع الفتوى الدينية التي يصدرها العلماء األجالء في‬ ‫مجتمعا تهم ‪.‬‬ ‫ولكن نشأت عن انتشار الكتابة ووسائل االتصال العاملية‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫أحوال أصبح فيها مزيد من املسلمني يطمحون في أن يكونوا‬ ‫علماء إفتاء‪ ،‬وأن ينقلوا فتاواهم إلى جمهور عريض‪ ،‬وأحيانا‬ ‫ما يحملون أجندات سياسية‪ .‬وفي تعليق أمام مؤمتر دولي‬ ‫للعلماء املسلمني في مكة أقيم في يناير (كانون الثاني)‬ ‫‪ ،2009‬قال امللك عبد اهلل بن عيد العزيز معبرا عن حزنه‪« :‬إن‬ ‫العالم اإلسالمي يعاني من ظاهرة سلبية للغاية‪ ،‬وهي امليل‬ ‫إلى إصدار الفتاوى من أشخاص غير مؤهلني‪ ،‬ال سيما على‬ ‫القنوات التلفزيونية الفضائية‪ ،‬واإلنترنت ووسائل االتصاالت‬ ‫احلديثة األخرى‪ ..‬إن إصدار الفتاوى غير املدروسة ودون أية‬ ‫معايير‪ ،‬يقدم فرصة ألفراد متحيزين أو جاهلني أو متطرفني‬ ‫‪19‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫أقلها خطرا يثير السخرية وأكثرها‬ ‫يهدد نسيج اجملتمعات اإلسالمية‬

‫فوضى الفتاوى‪:‬‬ ‫بيزنس يسيء‬ ‫لصورة اإلسالم‬

‫ينتشر إصدار الفتاوى من علماء مسلمني‪ ،‬ليسوا مدربني‬ ‫جيدا‪ ،‬في جميع أنحاء العالم اإلسالمي‪ .‬وتثير أغراض بعض‬ ‫من هذه الفتاوى االرتباك وتسيء إلى صورة اإلسالم‪ .‬وبالنسبة‬ ‫للحكومات اإلسالمية‪ ،‬أصبح هذا التوسع في إصدار الفتاوى‬ ‫مصدر قلق متزايد‪.‬‬ ‫كاريل ميرفي‬

‫الرياض‪ :‬أفتى عالم دين سعودي شهير بأنه يجوز للمرأة أن‬ ‫تصبح محرمة على الرجل بأن ترضعه خمس رضعات من‬ ‫لبنها‪ ،‬وبذلك ميكن أن تكون معه في خلوة دون مخالفة‬ ‫احلظر اإلسالمي على االختالط بني اجلنسني‪ .‬وقد جاءت هذه‬ ‫الفتوى بعد صدور فتوى أخرى في الصومال حترم على املسلمني‬ ‫مشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم؛ وأخرى في ماليزيا‬ ‫ال جتيز للمسلمني ممارسة اليوغا؛ وفتويني في مصر‪ ،‬تقضي‬ ‫إحداهما بعدم جواز خلع الزوجني مالبسهما أثناء املعاشرة‪،‬‬ ‫والثانية تصف مستخدمي موقع «فيس بوك» باملذنبني؛‬ ‫وفتوى أخرى في باكستان حترم احلصول على مصل ضد شلل‬ ‫األطفال ألنه مخطط غربي إليذاء املسلمني‪.‬‬

‫و تنشأ “فوضي الفتاوي”‪ ،‬كما يطلق عليها‬ ‫بعض املسلمني‪ ،‬عن عدم وجود مرجعية مركزية‬ ‫في اإلسالم‪ ،‬مقارنة بالفاتيكان في الكنيسة‬ ‫الكاثوليكية الرومانية على سبيل املثال‪ .‬وعلى‬ ‫مدار قرون‪ ،‬لم يكن ذلك ميثل مشكلة؛ حيث‬ ‫لم تكن غالبية الناس جتيد القراءة والكتابة‪.‬‬

‫التي تسبب ارتباكا في الوقت احلالي‪ .‬مما يثير مزيدا من القلق‬ ‫هو إصدار أحكام بالتكفير تعلن ارتداد شخص ما عن اإلسالم‪،‬‬ ‫وذلك غالبا ما يكون مبررا لقتله‪ .‬وقد ظهرت فتاوى التكفير‪،‬‬ ‫التي تفضلها اجلماعات اإلرهابية مثل «القاعدة»‪ ،‬ألول مرة‬ ‫في الغرب عام ‪ ،1989‬عندما أصدر آية اهلل اإليراني روح اهلل‬ ‫اخلميني فتوى تبيح قتل املؤلف البريطاني سلمان رشدي‬ ‫بسبب روايته املثيرة للجدل «آيات شيطانية»‪ .‬وقد أمضى‬ ‫الكاتب أعواما كثيرة في الهرب نتيجة لتلك الفتوى‪.‬‬

‫ولكن تلك الفتاوى التي تتعلق بأمور تافهة ليست الوحيدة وتنتشر الفتاوى الدينية املثيرة للشكوك‪ ،‬التي أحيانا ما‬ ‫‪18‬‬


‫ضغط ما بعد الصدمة بني البالغني في العراق‪ ،‬ونظرا ألن أعراضه‬ ‫منهكة للغاية‪ ،‬من الصعب توقع كيف ميكن لدولة تعاني كثيرا‬ ‫من املشكالت السياسية حتقيق االستقرار إذا ظلت قضايا الرعاية‬ ‫الصحية اجلوهرية دون حل‪.‬‬ ‫وفي تقرير خاص نشرته «واشنطن بوست» عن العيش مع اضطراب‬ ‫ضغط ما بعد الصدمة‪ ،‬يوضح الدكتور آرثر بالنك أن اضطراب‬ ‫ضغط ما بعد الصدمة من املمكن استيعابه على أنه تعلق أو جتمد‬ ‫أو توقف عن التعافي بعد حادث صادم‪ .‬فبعد أن يعاني األفراد من‬ ‫أية أعراض صدمة‪ ،‬منها كوابيس‪ ،‬يبدأ استدعاء ال إرادي لألحداث‬ ‫واسترجاعها‪ ،‬وبعضها يتداخل مع الذاكرة‪ .‬وفي بعض احلاالت‪ ،‬بعد‬ ‫عام أو أكثر‪ ،‬تتالشى تلك األعراض‪ .‬ولكن هؤالء الذين يظلون في‬ ‫معاناة من تلك األعراض دون راحة على املدى البعيد فهم األفراد‬ ‫الذين يعانون من اضطراب ضغط ما بعد الصدمة‪ .‬ومن املمكن‬ ‫أن يتسبب أي شيء يذكر باملشهد الصادم ‪ -‬من ضوضاء مرتفعة‬ ‫أو لغة أو محفزات أخرى ‪ -‬في ظهور هذه األعراض‪ ،‬ونتيجة لذلك‬ ‫يعاني املصابون بهذا االضطراب من صعوبات في حياتهم العادية‪.‬‬

‫ال�صحة العقلية‬ ‫يف العراق وطريق امل�ستقبل‬ ‫نظرا ملعاناة ما يقرب من ‪ 29‬في املائة من السكان من اضطراب ضغط‬ ‫ما بعد الصدمة‪ ،‬وإصابة ‪ 63‬في املائة باالكتئاب‪ ،‬جتري وزارتي الصحة‬ ‫والتخطيط العراقيتني تقييما واسع النطاق للصحة العقلية‪،‬‬ ‫بالتعاون الوثيق مع منظمة الصحة العاملية‪ .‬وفي مارس (آذار) عام‬ ‫‪ ،2006‬فحصت املؤسسات ‪ 18‬محافظة في العراق‪ .‬نتيجة لذلك‬ ‫التقييم‪ ،‬أصلحت وزارة الصحة العراقية ثماني وحدات رعاية عقلية‬ ‫في كل من الرصافة والكرخ (بغداد)‪ ،‬واملوصل‪ ،‬وبعقوبة‪ ،‬وكربالء‪،‬‬ ‫وبابل‪ ،‬البصرة‪ ،‬الناصرية‪ .‬ومت إنشاء ست وحدات للصحة العقلية‬ ‫في اربيل والنجف والسليمانية‪ ،‬وواسط‪ ،‬وكركوك‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى إصالح وحدات رعاية الصحة العقلية‪ ،‬تستهدف كل‬ ‫من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العاملية اخلوف من الوصمة‬ ‫التي تلحق باالكتئاب والقلق واألعراض العقلية األخرى‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى التأخر العقلي‪ .‬ومت نشر ملصقات ونشرات عن االكتئاب والقلق‬ ‫واضطراب ضغط ما بعد الصدمة املتعلق باحلرب والتأخر العقلي‬ ‫على جميع املرافق الصحية للمساعدة على التعرف على األعراض‬ ‫وتقدمي نصائح توجيهية‪ .‬وتؤكد مواد احلملة على أهمية الدعم‬ ‫البدني والنفسي‪ ،‬باإلضافة إلى دور الدين واملمارسات الثقافية‬ ‫كوسيلة للتأقلم على احلياة بعد احلرب‪.‬‬

‫ويظهر في التقرير ذاته الذي نشرته الـ«بوست» لقاء مع اجملند‬ ‫السابق إميل تراسي‪ ،‬الذي يعاني من اضطراب بعد إعادة نشر‬ ‫القوات في العراق‪ .‬وأوضح كيفية احلياة بالنسبة ملصاب باضطراب‬ ‫ضغط ما بعد الصدمة‪ ،‬قائال‪« :‬أعتقد أن ما سبب لي اضطراب‬ ‫ضغط ما بعد الصدمة هو انتشاري مع القوات في احلرب‪ ،‬لم‬ ‫يكن هناك متسع من الوقت ملعاجلة كل ما رأيت من أفعال وكل‬ ‫ما كان علي كبته‪ ،‬كان الناس يُقتلون‪ ،‬وكنا ننظف العربات من‬ ‫أجساد زمالئي‪ .‬لم يكن هناك وقت للحزن والتعامل مع األمر‪ .‬وكان‬ ‫استرجاع الذكريات والكوابيس في بيئة القتال جزءا من األمر أيضا‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬منظمة الصحة العاملية‪.‬‬ ‫كنت أسمع صراخ النساء واألطفال عندما كنا نقوم بغارة‪ .‬ميكنك‬ ‫أن تقوم مبهمتك وأنت مصاب باضطراب ضغط ما بعد الصدمة‪،‬‬ ‫ولكن كيف هي املشكلة‪ ..‬رد فعلي على ملس شخص ما لي أصبح األمر‪ ،‬عندما قال إنه «في حني تخوض القوات القتالية في اجليش‬ ‫مختلفا متاما‪ ..‬فقط أصبحت أتعامل باستمرار وكأني أحاول حربني‪ ،‬يشن متخصصون في الصحة العقلية حربا إلنقاذ الصحة‬ ‫النجاة‪ ،‬وأعتبر كل شيء ميثل تهديدا»‪.‬‬ ‫العقلية للجنود عندما يعودون‪ .‬وهي احلرب التي ستتكلف مليارات‬ ‫الدوالرات بعد أن ينتهي القتال في بغداد وكابل»‪.‬‬ ‫وال يتطلب األمر مزيدا من االستقراء ملعرفة أن اضطراب ما بعد‬ ‫الصدمة قد يكون مشكلة نفسية‪ ،‬ولكنه بالتأكيد له مضامني وفي حني تزداد برامج الوقاية من االنتحار وعالج اضطراب ضغط‬ ‫اجتماعية واقتصادية‪ .‬من املمكن أن يقوض االضطراب على نحو ما بعد الصدمة‪ ،‬يتسرب كثير من املعرضني للخطر من بني ثغرات‬ ‫فعال‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬حتمل مشكالت الصحة العقلية‬ ‫خطير معيشة األشخاص الذين يعانون منه‪ ،‬ولكن على نطاق نظام غير ّ‬ ‫واسع‪ ،‬كما هو احلال في العراق ومع القوات العائدة من احلرب‪ ،‬ميكن وصمة عار كبيرة‪ ،‬ومينع ذلك الكثير من الناس من طلب املساعدة‬ ‫أن يكون عقبة أمام حياة مجتمعات كاملة‪.‬‬ ‫التي يحتاجون إليها‪ .‬أما بالنسبة ألفراد اجليش الذين يُعرفون‬ ‫بشجاعتهم في مواجهة اخملاطر التي تهدد احلياة‪ ،‬فمن الصعب‬ ‫وكما يشير ما ذكره إميل تراسي‪ ،‬من أن أعداد اجلنود العائدين من االعتراف بهذه املشكلة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬في احلياة العسكرية‪،‬‬ ‫احلرب املصابني باضطراب ما بعد الصدمة يسبب الذهول أيضا‪ .‬وقد من املمكن أن تضر سجالت االضطرابات العقلية السجل الوظيفي‬ ‫أصدر الكونغرس األميركي تكليفا بإجراء دراسة تستمر ملدة عام للمصاب‪ .‬وال تقتصر مشكلة الوصمة املرتبطة باضطراب ما بعد‬ ‫يقوم بها خبراء عسكريون ومدنيون كرد فعل على حاالت االنتحار الصدمة على اجلنود األميركيني‪ .‬ويؤكد أيضا مدنيون عراقيون أن‬ ‫املتزايدة بني اجلنود العائدين‪ .‬وأوردت جريدة «نيويورك تاميز» أنه «ما العار الذي يلحق باملصابني باضطرابات عقلية مينعهم من السعي‬ ‫بني عامي ‪ 2005‬و‪ ،2009‬انتحر ما يزيد على ‪ 1100‬فرد في اجليش‪ ،‬إلى احلصول على مساعدة نفسية في البالد‪ ،‬وهي أيضا محدودة‪.‬‬ ‫وكانت أعلى نسبة بني اجلنود واملارينز الذين يحملون عبء الوجود‬ ‫في جبهات القتال»‪ .‬وأشار املقال إلى أن واحدا من بني كل خمسة من الواضح أن ما تخلفه احلرب في العراق يحتاج إلى التعامل معه‬ ‫جنود عائدين من احلرب أظهر إشارات على إصابته باضطراب ما بعد من منظور الصحة العقلية في الداخل وفي اخلارج أيضا‪ .‬وتطور‬ ‫الصدمة واكتئاب‪ .‬ولكن أقل من نصفهم يسعى للعالج‪ .‬ولعل الواليات املتحدة من جهودها ملنع حاالت االنتحار داخل اجليش‬ ‫األمر األكثر إزعاجا هو اكتشاف بحث في عام ‪ 2007‬بأن نسبة وتقدمي املشورة للجنود الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة‪.‬‬ ‫‪ 17‬في املائة من اجلنود الذين ما زالوا في اخلدمة و‪ 25‬في املائة من وكذلك في العراق‪ ،‬حتاول احلكومة إعادة بناء نظام رعاية الصحة‬ ‫جنود االحتياط كانت نتيجتهم إيجابية في اختبار ألعراض اضطراب العقلية من خالل التعاون مع الواليات املتحدة ومنظمات أهلية‬ ‫ما بعد الصدمة‪ .‬مبعنى آخر‪ ،‬قليل من هؤالء املصابني يتلقون عالج مثل أطباء بال حدود إلنشاء شبكة من العيادات التي تصل إلى‬ ‫اضطراب احلرب‪ ،‬بل وكثير منهم يعودون للحرب مع احتمال تأثير املدنيني املعرضني للخطر‪ .‬بيد أن املشكلة مثيرة لإلحباط وتوجد‬ ‫ذلك على قدرتهم على التعافي‪.‬‬ ‫حاجة إلى فعل املزيد لضمان أن الناس الذين يجدون أكبر قدر من‬ ‫املعاناة أثناء احلرب لن يطويهم النسيان بعد إعالن انتهائها رسميا‪.‬‬ ‫وفي تقرير استقصائي عن مشكالت الصحة العقلية التي‬ ‫يواجهها اجليش األميركي‪ ،‬أوضح مراسل الـ«تامي» مارك تومبسون نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 22‬سبتمبر ‪.2010‬‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪17‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫يعاني منه العراقيون واجلنود األميركان العائدون أيضا‬

‫اضطراب ما بعد الصدمة‬

‫داء الغالب واملغلوب في احلروب املعاصرة‬ ‫على الرغم من املرور بتجربة احلرب من وجهتي نظر مختلفتني‪ ،‬يعاني كل من العراقيني واجلنود األميركيني العائدين‪ ،‬من تأثير‬ ‫متشابه من الناحية النفسية‪ .‬غالبا ما تكون اجلراح اجلسدية هي أول ما تتم معاجلته في احلروب‪ ،‬ولكن من املمكن أن تكون‬ ‫اجلراح النفسية‪ ،‬التي يصاب بها املدنيون والعسكريون‪ ،‬ذات خطورة متساوية‪.‬‬ ‫بوال ميجيا‬ ‫في حني تقترب احلرب في العراق من النهاية‪ ،‬يبدو أن هناك صراعا‬ ‫آخر ال يوشك على االنتهاء‪ .‬فعلى الرغم من خوض جتربة احلرب‬ ‫من وجهتني مختلفتني‪ ،‬فإن العراقيني واجلنود األميركيني تعرضوا‬ ‫لتأثير مشابه على اجلانب النفسي‪ .‬يعاني جنود اجليش األميركي‬ ‫العائدون بعد إعادة نشر القوات في املرتني الثانية والثالثة من‬ ‫أزمة صحية عقلية‪ .‬لقد أصبحت نسبة االنتحار بني صفوف اجليش‬ ‫أعلى بكثير منها بني املدنيني على نحو غير متناسب‪ .‬وبدأ احملاربون‬ ‫القدامى وعائالتهم في اإلعراب عن مخاوفهم من قدر العالج املتاح‬ ‫لهم‪ .‬تدين احلكومة األميركية بالكثير لهؤالء احملاربني‪ ،‬ويجب أن‬ ‫يكون عالجهم من صدمة ما بعد احلرب من بني أولوياتها ألن مجرد‬ ‫عجزهم عن إعادة التأقلم إلى حياتهم املدنية يشكل خطورة‬ ‫عليهم وعلى مجتمعاتهم‪ .‬ولكن احلكومة األميركية مدينة أيضا‬ ‫للعراقيني‪ ،‬الذين يشتركون مع اجلنود األميركيني في الضغط الذي‬ ‫يعانون منه‪.‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫عندما يتحدث الساسة عن املصاحلة وبناء الدولة في العراق‪ ،‬أحيانا‬ ‫ما يتجاهلون أهمية الصحة العقلية في بناء مجتمعات مستقرة‪.‬‬ ‫بالنسبة لدولة دمرتها احلرب على مدى أعوام‪ ،‬وما زالت حتاول‬ ‫التعامل مع ما خلفته انتهاكات صدام حسني حلقوق اإلنسان على‬ ‫صحتهم العقلية‪ ،‬يجب أيضا وضع األولوية للنقص املزعج في‬ ‫املوارد املتاحة لعالج مثل هذه الصدمات‪ .‬في احلروب‪ ،‬غالبا ما تتم‬ ‫معاجلة جراح اجلسد أوال‪ ،‬ولكن من املمكن أن تكون اجلراح النفسية‬ ‫التي يصاب بها كل من املدنيني والعسكريني ذات خطورة متساوية‪.‬‬ ‫يبلغ تعداد سكان العراق نحو ‪ 31‬مليون نسمة‪ ،‬ولكن ال يوجد‬ ‫في البالد سوى ‪ 200‬عالم نفسي‪ ،‬قليل منهم تدرب على عالج‬ ‫االضطرابات العقلية املتعلقة باحلروب‪ .‬ووفقا ملقال نشرته جريدة‬ ‫«نيويورك تاميز»‪ ،‬على الرغم من أنه ال توجد وثائق تسجل عدد‬ ‫العراقيني املصابني باضطراب ضغط ما بعد الصدمة‪ ،‬فإن منظمة‬ ‫الصحة العاملية ووزارة الصحة العراقية تعتقدان أن نصف عدد‬ ‫السكان يعانون من أحد أنواع االضطراب النفسي نتيجة للصراع‪.‬‬ ‫وعلى وجه التحديد‪ ،‬أصبح األطفال في العراق ضحايا الضطراب‬ ‫ضغط ما بعد الصدمة‪ .‬وفي لقاء مع «إن بي سي»‪ ،‬أشار الدكتور‬ ‫حيدر املالكي‪ ،‬عالم النفس العراقي الذي يعمل في مستشفى‬ ‫األطفال التعليمي املركزي في بغداد‪ ،‬إلى أن «‪ 28‬في املائة من‬ ‫األطفال العراقيني يعانون من اضطراب ضغط ما بعد الصدمة‬ ‫بدرجة ما‪ ،‬وأن أعدادهم في تزايد مستمر»‪.‬‬ ‫بعد التعرض للعنف بصفة يومية طوال األعوام السبعة املاضية‪،‬‬ ‫أصبح األطفال العراقيون على نحو خاص معرضني لإلصابة بهذا‬ ‫االضطراب‪ .‬ووفقا لليونيسيف‪ ،‬تشرد نحو مليوني طفل منذ‬ ‫بداية احلرب‪ ،‬يعيش كثير منهم في مالجئ مؤقتة؛ حيث‬ ‫من الصعب تلقي التعليم‪ ،‬مما يزيد من اضطراب نشأتهم‬ ‫الطبيعية‪.‬‬ ‫وأوضح الدكتور مالكي أن اضطراب ما بعد الصدمة في‬ ‫األطفال من املمكن أن يؤثر على منو املخ على املدى البعيد‪.‬‬ ‫وكما أشار باحثون من كلية الطب في جامعة ستانفورد‪ ،‬من‬ ‫املرجح أن يعاني هؤالء األطفال من «نقص حجم مساحة‬ ‫صي‪ ،‬وهي املسؤولة عن الذاكرة‬ ‫في املخ تسمى احل ُ نْ‬ ‫والعاطفة»‪.‬‬ ‫كذلك‬

‫‪16‬‬

‫ينتشر‬

‫اضطراب‬


TM1557_15_Ad.indd 15

18/10/10 16:31:38


‫● احلرب والسالم‬

‫وبعد إخراجهم من السلطة‪ ،‬أظهرت حركة طالبان قدرة أكبر‬ ‫على التكيف‪ .‬وكما ذكر العديد من األكادمييني فإنه مع خلع‬ ‫حركة طالبان من السلطة في ‪ ،2001‬شهدت حركة طالبان‬ ‫تغيرا جوهريا في استراتيجيتها مبا في ذلك إدراكها ألهمية‬ ‫وسائل اإلعالم والبروباغندا‪ ،‬باإلضافة إلى اخلبرة الكبيرة في‬ ‫تكتيكات حرب العصابات التي استلهمتها من التمرد العراقي‬ ‫وغيره من التجارب األجنبية‪.‬‬

‫ثالث مراحل للسيطرة على إحدى املناطق‪ .‬أوال‪ ،‬يتم إرسال‬ ‫فريق بروباغندا الستقطاب اآلراء احمللية وخلق اتصاالت وإرهاب‬ ‫املسؤولني‪ .‬وثانيا‪ ،‬تتحرك اجلماعات املسلحة الصغيرة أو يتم‬ ‫حشدها من السكان القريبني والذين يثيرون حالة من الرعب‬ ‫والعنف ضد قوات األمن احمللية‪ .‬وأخيرا‪ ،‬إذا ما جنحت في املرحلتني‬ ‫السابقتني‪ ،‬تبدأ حركة طالبان في إعداد إدارة فعالة من احملاكم‬ ‫والضرائب واحملافظني‪.‬‬

‫والسؤال الذي ينشأ عن ذلك التوجه اجلديد إلى الشمال هو‪ :‬ما‬ ‫الذي ميكن استخالصه من حركة طالبان اجلديدة؟‬ ‫على املستوى التنظيمي‪ ،‬فإن البراغماتية واملرونة اللذين ميتاز‬ ‫بهما هيكل حركة طالبان ال يجب أن يكون مفاجئا‪ .‬حيث إن‬ ‫نظام إدارتها ميتاز بدرجة هائلة من االستقالل يتم منحها للقادة‬ ‫احملليني‪ .‬فشورى كويتا التي يترأسها املال عمر كان لها تأثير كبير‬ ‫في عمليات القتال اليومية من خالل متويل العمليات‪ ،‬ال من‬ ‫خالل قيادتها؛ مما يعني أن القادة احملليني كانوا يتمتعون باحلرية‬ ‫في شراء احللفاء والتفاوض معهم وقتالهم من خالل مبادراتهم‬ ‫اخلاصة‪ ،‬مما كان يخلق عددا مختلفا ومتنوعا من األطراف‪.‬‬

‫فإذا ما كانت تطبق ذلك النموذج في الشمال أيضا‪ ،‬فإن تزايد‬ ‫عدد الهجمات يشير إلى أن حركة طالبان قد بدأت بالفعل تتجه‬ ‫صوب اخلطوة التالية‪ .‬وكما ذكر غيلز دورونسورو فإن الشمال‬ ‫شهد مؤخرا دقة في الهجمات أيضا‪ ،‬مبا في ذلك الهجمات التي‬ ‫مت شنها ضد مراكز الشرطة‪ .‬وتشير تلك الدقة إلى أن حركة‬ ‫طالبان رمبا قد انتشرت بالفعل‪ ،‬وتسعى إلى مزيد من االمتداد‬ ‫صوب الشمال‪.‬‬

‫وقد أدت تلك الطريقة املرنة في اإلدارة إلى جعل اختراق احملافظات‬ ‫الشمالية أسهل مما يعتقد الكثيرون‪ .‬حيث إن مبادئ التحالف‬ ‫مع حركة طالبان لم تكن أبدا هي الرغبة في قومية للبشتون؛‬ ‫وهو املبدأ الذي ال يلقى قبوال سوى من القلة‪ .‬ولكن على نحو ما‬ ‫فإن التعاون مع حركة طالبان ميثل خليطا معقدا من السعي وراء‬ ‫النظام واألمن والتخلص من اجلور وجشع النخبة والصراع على‬ ‫السلطة وهي العوامل التي ال تقتصر على احملافظات اجلنوبية‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالعرقية‪ ،‬فإن الدالئل من الشمال تشير إلى أن‬ ‫حركة طالبان البعيدة متاما عن كونها حركة آيديولوجية‪ ،‬لديها‬ ‫خبرة في استغالل املظالم احمللية ملصاحلها اخلاصة‪ .‬وكان ذلك هو‬ ‫الوضع على نحو خاص منذ عام ‪ 2007‬وما بعده‪ ،‬كما قال أنتونيو‬ ‫غيوستوزي مؤخرا‪ ،‬حيث شنت حركة طالبان عددا من الغارات‬ ‫بداية من بادغيس إلى بدخشان‪.‬‬

‫في ظل سعي قوات التحالف‬ ‫لبدء االنسحاب في ‪ ، 2011‬يجب‬ ‫االنتباه إلى مستقبل أفغانستان‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فإنه ال يبدو أن أهمية القبائل لها عالقة بسماتها‬ ‫العرقية – بشتون أو غير بشتون‪ -‬بل لها عالقة بقدرتها على‬ ‫إمداد الشبكة املوجودة مسبقا بالعالقات الشخصية التي ميكن‬ ‫عبرها جتنيد األعضاء‪ .‬كما أن من تتحالف معه القبيلة أو القرية‬ ‫أو السلطة احمللية يرتبط على نحو أقل بهويتها‪ ،‬وعلى نحو‬ ‫أكثر بالتاريخ احمللي والسياق العام‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬فإن الشبكات‬ ‫الدينية املهمة تعمل كشبكات بني القبائل التي جتمع عددا من‬ ‫طالب «املدارس» من كافة األنحاء‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬فإن مسألة العرق‬ ‫ليست مهمة في ذلك السياق بقدر التوجهات الدينية لألفراد‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يحيط بكل ذلك النشاط املتزايد في الشمال‬ ‫هو ببساطة‪ :‬ما هي األسباب االستراتيجية وراء ذلك؟ لقد كان‬ ‫هناك عدد من التفسيرات حول ذلك االمتداد نحو الشمال مبا في‬ ‫ذلك الرغبة في نشر التمرد‪ ،‬وبالتبعية‪ ،‬قوات التحالف‪ ،‬وكرغبة‬ ‫في توفير اإلمدادات للجماعات اإلسالمية املشابهة في آسيا‬ ‫الوسطى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه في ظل متركز خطوط اإلمداد في‬ ‫املناطق الباكستانية فإن الصعوبة في توفير املوارد لصراعهم‪،‬‬ ‫ناهيك عن دول آسيا الوسطى‪ ،‬جتعل من األخيرة أمرا مستبعدا‪.‬‬ ‫وتبدو االستراتيجية السابقة كمحاولة لتوفير االنتشار الداخلي‬ ‫استعدادا النسحاب قوات التحالف أكثرا مالءمة مع الظواهر‪.‬‬ ‫ولتحقيق ذلك الهدف‪ ،‬تتبع حركة طالبان عادة خطة من‬ ‫‪14‬‬

‫ويثير االمتداد شماال تساؤالت مهمة حول مستقبل الصراع‪.‬‬ ‫ففي ظل حتول انتباه قوات املساعدة األمنية الدولية (إيساف)‬ ‫إلى اجلنوب‪ ،‬هناك خطر يتمثل في أن استراتيجية قوات التحالف‬ ‫احلالية تكرر األخطاء األولى للحرب‪ .‬ففي ذلك الوقت‪ ،‬كان التمرد‬ ‫محدودا وكان ميكن تأسيس هيكل حكومي مالئم على نحو أكثر‬ ‫سهولة‪ ،‬إال أن قوات التحالف نظرت إلى اجلانب اآلخر (غربا صوب‬ ‫العراق) وجتاهلت الفرصة‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن التركيز على جانب واحد‬ ‫وهو اجلنوب اآلن يترك الشمال مفتوحا أمام احلشد الذي سيجعل‬ ‫من الصعب حتقيق االستقرار في املستقبل‪.‬‬ ‫وميثل ذلك خطرا على نحو خاص نظرا لوجود عدد من اجملاهدين‬ ‫الساكنني والشبكات العاملية في الشمال‪ .‬فتحالفهم مع‬ ‫حركة طالبان رمبا يساعد في طرد قوات التحالف ولكن على املدى‬ ‫البعيد يوجد خطر تعزيز اجلماعات املسلحة وإفراز عدد من القادة‬ ‫غير املركزيني في بيئة تعج بالتوترات‪.‬‬ ‫وهو ما يجعلنا نصل إلى اخلطر األكبر الكامن في جتاهل الشمال‪.‬‬ ‫ففي ظل سعي قوات التحالف لبدء االنسحاب في ‪ ،2011‬يجب‬ ‫االنتباه إلى مستقبل أفغانستان؛ حيث يشير بالفعل ارتفاع‬ ‫مستويات العنف في الشمال إلى تزايد تنظيم اجلماعات‬ ‫املسلحة في تلك املناطق‪ .‬باإلضافة إلى أن سوء توزيع املوارد‬ ‫(سواء فيما يتعلق باملساعدات أو بالقوة السياسية) املمتد إلى‬ ‫اجلنوب والشرق ميكن أن يعزز املقاومة في تلك املناطق التي مت‬ ‫جتاهلها‪ .‬والتهديد الرئيسي هو أنه في الوقت الذي رمبا تكون‬ ‫طالبان قد جنحت في حشد اجلماعات اخملتلفة للقتال ضد قوات‬ ‫التحالف‪ ،‬فإن اعتمادهم الشديد على التنظيم غير املركزي‬ ‫سوف يجعل من املستحيل السيطرة على تلك الشبكة بعد‬ ‫ذلك‪ .‬وبالفعل بدأت الشبكة الهشة من أتباع حركة طالبان في‬ ‫االنحياز واالنقسام مما يوضح حدود احلوكمة املركزية في الوقت‬ ‫احلالي‪ .‬وكما يقول عبد القادر سينو فإن ذلك النوع من الهشاشة‬ ‫بني اجملاهدين كان أحد األسباب الرئيسية وراء قدرة نظام جنيب‬ ‫اهلل في البقاء (وهو ما أدهش اجلميع) بعد ثالث سنوات من‬ ‫انسحاب السوفيات‪ ،‬وهو أحد األسباب الرئيسية التي جعلت‬ ‫حركة طالبان قادرة على الوصول للسلطة في ‪ .1996‬إال أن‬ ‫فترة ما بعد الغزو السوفياتي قد شهدت‪ ،‬في الوقت نفسه‪،‬‬ ‫حربا أهلية‪ ،‬وهو ما يجب أن يتذكره صناع السياسة في املقام‬ ‫األول‪ .‬ففي ظل عدد من اجلماعات املسلحة التي ال متتلك أي منها‬ ‫القدرة الكافية ألن تصبح القوة املركزية‪ ،‬فإن الظرف رمبا يكون‬ ‫مالئما حلدوث كارثة‪.‬‬

‫*نيك سرنيك ‪ -‬باحث مستقل يعيش في لندن ويكتب لعدد‬ ‫من املطبوعات ورئيس التحرير املشارك في صحيفة «ذا‬ ‫سبيكوليتيف ترن»‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 30‬سبتمبر ‪.2010‬‬


‫هل آن أوان النظر إليها بعيدا عن األعراق؟‬

‫طالبان تستلهم‬ ‫حرب العصابات العراقية‬

‫على الرغم من احلكمة التقليدية‪ ،‬فإنه يجب أن تتوقف استراتيجية‬ ‫قوات التحالف في أفغانستان عن جتاهل اجلنوب‪ .‬حيث تشير‬ ‫التقارير احلديثة إلى انتشار التمرد‪ ،‬مما يعني أن حركة طالبان‬ ‫ليست مجرد حركة من البشتون‪ .‬فيجب أن تعكس االستراتيجية‬ ‫العسكرية وتواجه امتداد املنظمة إلى اجلنوب حتى ال تكرر األخطاء‬ ‫األولى للحرب‪.‬‬ ‫نيك سرنيك‬ ‫في الوقت الذي ينظر فيه معظم املراقبني األفغان إلى‬ ‫العمليات الكبرى في مرجة وقندهار بحثا عن دالالت تقدم‬ ‫استراتيجية أوباما اجلديدة ملكافحة اإلرهاب‪ ،‬رمبا يكون من‬ ‫األفضل أن ننظر إلى الشمال لكي نكتشف املنطق احلقيقي‬ ‫للحرب‪ .‬فهناك إشارات‪ ،‬كانت دائما تغفلها كل من وسائل‬ ‫اإلعالم وقوات التحالف على أن التمرد ميتد إلى تلك املناطق‬ ‫التي كانت قبل ذلك يسودها السالم‪.‬‬ ‫فقد شهدت األسابيع القليلة املاضية مقتل ‪ 10‬من العاملني‬ ‫باإلغاثة الطبية في الشمال الشرقي حملافظة بدخشان‪ ،‬وهي‬ ‫املنطقة التي كانت تتسم بالهدوء حتى وقت قريب‪ .‬كما‬ ‫أظهرت بيانات «ويكيليكس» النمو املتزايد لعدد الهجمات‬ ‫في احملافظات الشمالية‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬أظهر تقرير حديث‬ ‫لألمم املتحدة تزايد عدد اإلصابات بني املدنيني عبر البالد‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن ذلك في ذاته ليس مفاجئا‪ ،‬فإن التوزيع اإلقليمي‬ ‫للوفيات كان الفتا لالنتباه؛ ففي الوقت الذي شهد فيه اجلنوب‬ ‫ارتفاعا بنسبة ‪ 43%‬في نسبة الوفيات بني املدنيني‪ ،‬شهد‬ ‫اجلنوب الشرقي ارتفاعا نسبته ‪ ،24%‬وكانت هناك زيادة‬ ‫هائلة بلغت ‪ 136%‬في الشمال الشرقي‪ .‬وهذه البيانات‬ ‫أكدها األكادميي سيبي ازراباجاني موغادم الذي يزعم أن حركة‬ ‫طالبان وتنظيم القاعدة قد حوال تركيز استراتيجيتهم إلى‬ ‫الشمال بنهاية عام ‪.2006‬‬ ‫وميثل انتشار التمرد باجتاه الشمال معضلة نظرية‪ ،‬حيث‬ ‫إنه كان يتم النظر طوال الوقت إلى حركة طالبان باعتبارها‬ ‫حركة من البشتون‪ ،‬ولكن هذه اجلبهات اجلديدة للحرب‬ ‫ليست مناطق خاضعة لسيطرة البشتون في األساس‪.‬‬ ‫وبخالف فكرة الهيمنة‪ ،‬هناك دليل على أن حركة طالبان‬ ‫ليست ببساطة احلركة الوطنية للبشتون ولكنها شيء‬ ‫أكثر براغماتية ومرونة‪ .‬وعلى الرغم من ‪ -‬أو رمبا نظرا لـ –‬ ‫بساطتها‪ ،‬فإن فرضية أن العرقية أو القبلية حتدد توجهات‬ ‫الفرد في ذلك الصراع هو أمر خاطئ متاما‪.‬‬ ‫ففي بدايتها‪ ،‬كانت حركة طالبان هي حركة من البشتون‬ ‫التي خرجت من املناطق البشتونية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم متنعها‬ ‫أصولها العرقية من االنتشار في عدد متنوع من املناطق‪،‬‬ ‫والتحالف مع عدد من اجلماعات غير البشتونية‪ ،‬حتى الهزارة‬ ‫الشيعة في بعض احلاالت‪ .‬كما كانت قيادات احلركة في‬ ‫البداية‪ ،‬في بعض األحيان‪ ،‬من األوزبك والطاجيك‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪13‬‬


Image © iStockphoto

‫● احلرب والسالم‬

12


‫ورمبا يكون التحدي األكبر واألكثر أهمية بالنسبة ملستقبل العراق‬ ‫هو قدرة حكومتها على حتقيق التعافي االقتصادي للبالد‪ .‬فعلى‬ ‫الرغم من أنها قدمت مليارات الدوالرات في شكل مساعدات‬ ‫اقتصادية إلعادة البناء‪ ،‬فقد أثبتت الواليات املتحدة أنها غير قادرة‬ ‫على رفع إنتاجية البترول العراقي فوق مستويات ما قبل احلرب أو‬ ‫مد العراقيني بطاقة كهربائية منتظمة ومياه شرب نظيفة أو‬ ‫غيرها من اخلدمات العامة الضرورية‪.‬‬

‫ألفا في العراق حتى نهاية العام التالي لتدريب وتقدمي االستشارات‬ ‫وإعداد أفراد اجليش العراقي‪ .‬وذلك بهدف متكني اجليش العراقي من‬ ‫منع مترد تنظيم القاعدة في العراق‪ ،‬أو غيره من اجلماعات اإلرهابية‬ ‫من دون املساندة املباشرة للقوات األميركية‪ .‬باإلضافة إلى استمرار‬ ‫اجليش األميركي في املشاركة في الدوريات املشتركة وغيرها من‬ ‫اإلجراءات التي تتعلق ببناء الثقة األمنية بني اجليش العراقي الوطني‬ ‫والوحدات الكردية املسلحة‪ .‬وسوف تساعد القوات األميركية أيضا‬ ‫على إعادة بناء قدرات اجليش العراقي على مواجهة التهديدات‬ ‫اخلارجية‪ .‬فعلى الرغم من أن العراق ال يواجه أي تهديدات خارجية‬ ‫مباشرة‪ ،‬يعتقد معظم احملللني أن القوات العراقية لن تتمكن قبل‬ ‫نهاية العقد احلالي ‪ -‬قبل أن تستطيع القوات العراقية‪ ،‬التي‬ ‫تفتقر إلى القوات اجلوية املقاتلة التي ركزت على عمليات مكافحة‬ ‫اإلرهاب ‪ -‬من الدفاع عن حدودها ضد الهجمات األجنبية‪ .‬وحتى ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬يجب على الواليات املتحدة وغيرها من احلكومات الصديقة‬ ‫املساعدة في حماية الوحدة اإلقليمية للعراق‪.‬‬

‫وإذا لم تستطع احلكومة العراقية أن تفعل أي شيء حيال ذلك‪،‬‬ ‫فسوف تؤثر تلك الصعوبات االقتصادية على التأييد الشعبي‬ ‫للنظام السياسي الدميقراطي اجلديد في العراق قبل أن يستقر‪.‬‬ ‫فعلى الرغم من أن الناخبني العراقيني قد أظهروا شجاعة استثنائية‬ ‫في اخلروج لالقتراع بأعداد كبيرة رغم ما ميثله ذلك من مخاطر أمنية‬ ‫على حياتهم‪ ،‬فإن صبرهم ليس بال حدود‪ .‬كما يحتاج املسؤولون‬ ‫العراقيون أيضا إلى مواجهة التحديات غير العسكرية في البالد؛ مبا‬ ‫في ذلك إصالح اإلجراءات االنتخابية بالبالد وإيجاد التوازن الصحيح‬ ‫للسلطة بني الهيئات التنفيذية الرئيسية‪ ،‬وإعادة دمج احملتجزين‬ ‫الذين أطلق سراحهم‪ ،‬باإلضافة إلى إعادة الالجئني والنازحني‪.‬‬ ‫ولكن في البداية يجب على الفصائل السياسية املتناحرة أن‬ ‫تشكل حكومة جديدة‪ .‬وحتى يحدث ذلك‪ ،‬ال يستطيع البرملان‬ ‫العراقي توفير الطاقة التي توجد حاجة ماسة إليها‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫االستثمارات وقوانني الضرائب‪.‬‬ ‫وحلسن احلظ‪ ،‬فإن عملية صناعة حكومة ائتالفية عراقية جديدة‬ ‫حتدث عبر احلوار والنقاش وليس العنف‪ .‬كان نائب الرئيس األميركي‬ ‫جو بايدن وغيره من املسؤولني األميركيني يحثون العراقيني على‬ ‫تشكيل حتالف شامل ال يقصي أي مجموعة عراقية أساسية –‬ ‫خاصة السنة واألكراد – سياسيا‪ ،‬ولكن املسؤولني األميركيني نأوا‬ ‫بأنفسهم عن تأييد أي حزب عراقي أو زعيم محدد‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن ذلك االحترام لسيادة العراق أمر يستحق التقدير‪ ،‬فسوف يتزايد‬ ‫الضغط على إدارة أوباما لكي ترفع مشاركتها في عملية تشكيل‬ ‫االئتالف إذا لم ينته اجلمود السياسي في وقت قريب‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫*‪ ‬ريتشارد ويتز‪ - ‬زميل ومدير مركز التحليالت السياسية‬ ‫العسكرية مبعهد هدسون بواشنطن العاصمة‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 1‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫الأمن يف �أرقام‬ ‫القوات األميركية (في سبتمبر [أيلول] عام ‪)2010‬‬ ‫‪( 50.000‬ست فرق استشارية ومساعدة)‬ ‫قوات األمن العراقية‬ ‫‪ – 660.000‬من املقرر زيادتها إلى ‪ 700.000‬بحلول‬ ‫نهاية العام‬ ‫اجليش العراقي‬ ‫‪220.000‬‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫قوات الشرطة العراقية‬ ‫‪440.000‬‬ ‫املصدر‪ :‬رويترز ومركز الدراسات االستراتيجية والدولية‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫بعد تسليم البنتاغون ملف بلدهم لكلينتون‬

‫العراقيون ينتظرون «فجرا ً» أميركيا ً جديدا ً !‬

‫يعد حتول الدور األميركي في العراق‪ ،‬من مهمة عسكرية إلى مهمة سياسية دبلوماسية ‪ ،‬من التحوالت املركبة في التاريخ‪ .‬حيث يواجه املشاركون‬ ‫كثيرا من التحديات األمنية واالقتصادية والسياسية‪ .‬وإذا ما جنح ذلك التحول فإنه سوف يسفر عن حتسن هائل في حياة العراقيني‪ ،‬باإلضافة إلى وضع‬ ‫نهاية للعالقة املتوترة تاريخيا بني حكومتي بغداد و واشنطن‪.‬‬ ‫فجر العراق اجلديد‬ ‫تغير الدور األميركي في هذه البالد ‪،‬عقب مغادرة آخر القوات‬ ‫املقاتلة للعراق‪ ،‬من مهمة عسكرية يديرها البنتاغون‪ ،‬إلى بعثة‬ ‫مدنية تديرها وزارة اخلارجية األميركية‪ .‬ويعد ذلك التحول واحدا من‬ ‫أكثر عمليات التحول ‪ -‬من املهام العسكرية إلى املدنية ‪ -‬تعقيدا‬ ‫في تاريخ الواليات املتحدة‪ .‬وإذا جنح ذلك التحول‪ ،‬فإنه ميكن أن‬ ‫يسفر عن حتسن كبير في حياة العراقيني‪ ،‬باإلضافة إلى العالقة‬ ‫املضطربة تاريخيا بني العراق والواليات املتحدة‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن إدارة أوباما قد أطلقت على املرحلة اجلديدة في العالقات بني‬ ‫الواليات املتحدة والعراق اسم «الفجر اجلديد»‪ ،‬فإن هناك كثيرا من‬ ‫التحديات التي ما زالت تقف بني العراقيني واملستقبل املشرق الذي‬ ‫يستحقونه‪.‬‬ ‫فهناك إشكالية ما زالت حتيط مبستقبل الوضع األمني العراقي‪.‬‬ ‫فعلى الرغم من أن الوضع األمني الداخلي مقلق فإنه ليس منذرا‬ ‫باخلطر؛ حيث كان تصاعد الهجمات اإلرهابية في األسابيع املاضية‬ ‫متوقعا‪ .‬وباإلضافة إلى مساعيهم لتحفيز الكراهية الطائفية‬ ‫ودفع العراقيني لفقدان الثقة في قدرات قوى األمن الداخلي‪ ،‬الذي‬ ‫يصل عددهم اآلن لنحو ‪ 670‬ألف فرد‪ ،‬يتوق اإلسالميون لوضع‬ ‫خطابهم اخلاص للمنافسة مع اخلطاب الذي يطرحه العراقيون‬ ‫ومسؤولوهم احلكوميون‪ .‬ويرغب اإلرهابيون ‪ -‬على غرار املسلحني‬ ‫في أفغانستان في الثمانينات وفي الصومال في التسعينات ‪ -‬في‬ ‫الزعم بأن العمليات التي قاموا بها أجبرت قوة عظمى على إنهاء‬ ‫احتاللها غير املبرر لدولة إسالمية‪.‬‬ ‫وحلسن احلظ‪ ،‬فعلى خالف السنوات املظلمة ‪ ،2007 - 2006‬لم‬ ‫تقترن موجات العنف األخيرة مبوجات من العنف الطائفي‪ .‬باإلضافة‬ ‫إلى أن إعادة بناء اجليش العراقي كانت من النجاحات املذهلة لالحتالل‬ ‫األميركي خالل السنوات القليلة املاضية‪ .‬وكما هو معروف‪ ،‬كان‬ ‫أحد أول القرارات التي اتخذتها سلطات االحتالل هو تفتيت جيش‬ ‫صدام حسني الذي كان له أثر سيئ في دفع كثير من املقاتلني غير‬ ‫العاملني ألن يصبحوا من رجال العصابات‪ .‬ولعدة سنوات‪ ،‬كان على‬ ‫القوات األجنبية أن تتزعم حملة مقاومة التمرد في العراق‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فإنه خالل العامني املاضيني‪ ،‬أصبح اجليش العراقي فعاال في‬ ‫منع املتمردين من السيطرة على أي مناطق جغرافية مهمة‪ ،‬مما‬ ‫أجبر املقاتلني املتبقني على املشاركة في األعمال اإلرهابية ضد‬ ‫املدنيني وغيرها من األهداف الضعيفة‪.‬‬ ‫ولسوء احلظ‪ ،‬كانت نتائج جهود إعادة تأسيس الشرطة العراقية‬ ‫ضعيفة للغاية‪ ،‬مما فرض على اجليش العراقي حراسة نقاط التفتيش‬ ‫املدنية والقيام ببعض مهام مكافحة التمرد بدال من متشيط‬ ‫احلدود الدولية العراقية‪ .‬وبالتالي سيكون االستمرار في تدريب‬ ‫الشرطة الوطنية واحمللية العراقية على املهام احليوية املتعلقة‬ ‫بفرض القانون؛ مثل حراسة املناطق وجمع املعلومات االستخبارية‬ ‫وتقنيات مكافحة اإلرهاب‪ ،‬من املهام األساسية للدبلوماسيني‬ ‫األميركيني واملتعهدين‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬فسوف تبقى القوات األميركية البالغ عددها ‪50‬‬ ‫‪10‬‬


TM1557_09_Ad.indd 9

18/10/10 16:26:50


‫●● أقوال‬ ‫احملتويات‬

‫أقوال‬ ‫«طلبت منا الواليات‬ ‫املتحدة وإسرائيل عدم‬ ‫إمداد سوريا بصواريخ‬ ‫ياخونت‪ .‬ولكننا‬ ‫ال نرى هذه اخملاوف‬ ‫التي أعربوا عنها‬ ‫بوقوع تلك األسلحة‬ ‫في أيدي إرهابيني»‪.‬‬

‫وزير الدفاع الروسي أناتولي‬ ‫سيرديوكوف‪ ،‬متعهدا بتوريد صواريخ‬ ‫ياخونت إلى سوريا‪.‬‬

‫«سيظل هذا احلصار حتى يسلم هؤالء‬ ‫العناصر أنفسهم‪ ،‬ونحن نخطط القتالع‬ ‫اجلماعات اإلرهابية من املنطقة»‪.‬‬

‫على حسن األحمدي‪ ،‬محافظ شبوة ‪ ،‬متحدثا عن‬ ‫حملة جديدة تشنها احلكومة اليمنية‪ ،‬مما تسبب في‬ ‫هروب نحو ‪ 15.000‬من املدنيني من منازلهم‪.‬‬

‫«ماذا تعني ثالثة أو‬ ‫أربعة أشهر في‬ ‫سبيل استمرار‬ ‫مباحثات‬ ‫السالم؟»‪.‬‬ ‫الرئيس املصري‬ ‫حسني مبارك‬ ‫في لقاء مع‬ ‫التلفزيون‬ ‫اإلسرائيلي حول‬ ‫مد فترة جتميد‬ ‫االستيطان‪.‬‬

‫سعد احلريري رئيس وزراء لبنان مشيرا إلى اغتيال والده‬ ‫رفيق احلريري‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل‬ ‫اجتماعه مع وزيرة اخلارجية األميركية هيالري‬ ‫كلينتون في رام اهلل‪.‬‬

‫«على الرغم مما‬ ‫يحدث بسبب األمن‪،‬‬ ‫وتخويف الناخبني‪..‬‬ ‫تشير النتائج‬ ‫األولية حتى اآلن‬ ‫إلى فوز عدد‬ ‫جيد للغاية من‬ ‫مرشحينا في‬ ‫جميع األقاليم‬ ‫حول البالد»‪.‬‬

‫عبد اهلل عبد اهلل‪ ،‬زعيم حتالف‬ ‫املعارضة بعد االنتخابات التي أجريت في أفغانستان‪.‬‬

‫«في املرحلة احلالية من التعافي العاملي‪،‬‬ ‫بعد هذه الصدمة التي تلقيناها في‬ ‫األعوام السابقة‪ ،‬ما زال الشك هو العدو‪.‬‬ ‫وبهذا القرار‪ ..‬نتخلص من الشك على‬ ‫نطاق واسع‪ ،‬مما يعد إسهاما رئيسيا لتقوية‬ ‫االقتصاد العاملي‪ .‬وما زال العمل مستمرا»‪.‬‬ ‫جان كلود تريشيه‪ ،‬رئيس‬ ‫البنك املركزي األوروبي‪،‬‬ ‫حول اتفاقية‬ ‫«بازل ‪ »3‬التي‬ ‫تلزم املصارف‬ ‫بزيادة حجم‬ ‫رأسمالها عالي‬ ‫اجلودة لتحمل‬ ‫الصدمات في‬ ‫املستقبل‪.‬‬

‫‪Images © Getty Images‬‬

‫«في مرحلة ما‪ ،‬ارتكبنا خطأ باتهام سوريا‬ ‫باغتيال رئيس الوزراء الشهيد‪ .‬كان ذلك‬ ‫اتهاما سياسيا‪ ،‬وقد انتهى ذلك االتهام‬ ‫السياسي»‪.‬‬

‫«نعرف جميعا أنه ال يوجد بديل من‬ ‫أجل السالم سوى املفاوضات‪ ،‬لذا‬ ‫ليس لدينا بديل سوى االستمرار في‬ ‫مساعي السالم»‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫‪22‬‬

‫‪48‬‬

‫‪40‬‬

‫‪32‬‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪7‬‬


‫● احملتوى‬

‫احملتوى‬ ‫أقوال‬

‫‪8‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫‪10‬‬

‫ •العراقيون ينتظرون «فجرا ً» أميركيا ً جديدا ً !‬ ‫ •طالبان تستلهم حرب العصابات العراقية‬ ‫ •اضطراب ما بعد الصدمة داء الغالب واملغلوب في احلروب املعاصرة‬

‫شؤون سياسية‬

‫ •فوضى الفتاوى‪ :‬بيزنس يسيء لصورة اإلسالم‬ ‫ •لبنان بني مطرقة إيران وسندان الواليات املتحدة‬ ‫ •الفيضانات تساعد طالبان في السيطرة على شمال‬ ‫باكستان‬

‫خامنئي و توازن القوى‬

‫ظل املرشد األعلى اإليراني لعقود يدير التوترات بني الفصائل احملافظة‬ ‫واإلصالحية‪ ،‬ولكنه اليوم يقف بوضوح إلى جانب احلرس الثوري‬

‫ثروة األمم‬

‫ •هل تقع ميركل في مصيدة التقشف؟‬ ‫ •تركيا‪ ..‬عني على بروكسل وأخرى على طهران‬ ‫ •أسواق‬

‫الوضع البشري‬

‫‪18‬‬

‫‪28‬‬

‫‪32‬‬

‫‪40‬‬

‫ •دول اخلليج ‪ ..‬هل تعلن انتهاء عصر النفط؟‬ ‫ •البشرية تعلن انتهاء عصر العمليات السرية‬

‫ألف كلمة‬

‫‪46‬‬

‫حوارات‬

‫‪48‬‬

‫ •تيودور فايغل‪ :‬العمل اجلماعي أهم وسيلة ملواجهة‬ ‫األزمات العاملية‬ ‫ •السفير األفغاني في لندن ‪ :‬أرفض املقارنة بني االحتالل‬ ‫السوفياتي والوضع الراهن‬

‫الكويت‬

‫‪50‬‬

‫الفن‬

‫‪58‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪62‬‬

‫النقاد‬ ‫الكلمة األخيرة‬ ‫‪6‬‬

‫‪28‬‬


‫الكتاب المساهمون في هذا العدد‬ ‫آراش أراميش‬ ‫باحث إيراني في مؤسسة القرن وموقع ‪insideIRAN.‬‬ ‫‪ org‬في واشنطن العاصمة‪ .‬حاصل على البكالوريوس‬ ‫من جامعة كاليفورنيا في بيركلي في العلوم السياسية‬ ‫ودراسات الشرق األوسط‪ .‬وحاصل على درجة املاجستير‬ ‫من كلية االقتصاد والعلوم السياسية من جامعة لندن‬ ‫في دراسات الصراع والسياسة املقارنة‪.‬‬ ‫قبل انضمامه إلى مؤسسة القرن‪ ،‬كان يعمل في‬ ‫كلية االقتصاد بجامعة لندن حيث تخصص في النفوذ‬ ‫اإليراني على األحزاب الشيعية في العراق‪.‬‬ ‫ينشر آراميش دراساته في عدد من اإلصدارات املطبوعة واإللكترونية‪ ،‬من بينها‬ ‫«إنترناشيونال هيرالد تريبيون»‪ ،‬و«نيويورك تاميز»‪ ،‬و«ذا دبلوماتيك كوريير»‪ ،‬و«هافينغتون‬ ‫بوست»‪ .‬وقد ظهر بصفته محلال في عدد من القنوات التلفزيونية من بينها قناة «بي بي‬ ‫سي» الناطقة باللغة الفارسية‪ ،‬و«سكاي وورلد نيوز»‪ ،‬و«اجلزيرة» الناطقة باإلجنليزية‪.‬‬

‫غالدا الن‬ ‫درست في كلية الدراسات الشرقية واألفريقية‪ .‬وهي باحثة‬ ‫في برنامج الطاقة والبيئة والتنمية في "تشامت هاوس"‪.‬‬ ‫تركزت مجاالت خبرتها في االنتقال نحو استدامة الطاقة‬ ‫في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬والعالقات‬ ‫بني احلكومة والصناعة في الدول املصدرة للنفط‪ ،‬وتأثيرات‬ ‫التنمية الناجتة عن استثمارات النفط والغاز‪ ،‬وأمن الطاقة‬ ‫واجلغرافيا السياسية‪.‬‬ ‫تنشرت موضوعاتها في عدد من الصحف واجملالت‪ ،‬منها‬ ‫مجلة «فيرست»‪ ،‬ومجلة «هاوس»‪ ،‬وأوراق عمل "تشامت‬ ‫هاوس" ‪.‬‬

‫دانيال ريفيرا غوميز‬ ‫عالم متخصص في العالقات الدولية في العالم العربي‪.‬‬ ‫وهو مرشح للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة مدريد‬ ‫املستقلة‪ .‬وتركز رسالته على التاريخ الدستوري للعراق ودور‬ ‫القوى الغربية في تشكيل النظام الدستوري في العراق‪.‬‬

‫رويا وولفرسون‬ ‫حاصلة على البكالوريوس في السياسة الدولية واالقتصاد من‬ ‫جامعة إميوري‪ .‬وكذلك درجة املاجستير في السياسة العامة‬ ‫من كلية كنيدي بجامعة هارفارد‪ .‬كما حصلت على منحة‬ ‫فولبرايت في التنمية االقتصادية في مالي‪ ،‬حيث درست تأثير‬ ‫معونات القطن الدولية على اقتصاد مالي‪..‬‬ ‫وهي اآلن كاتبة اقتصادية في مجلس العالقات اخلارجية في‬ ‫نيويورك‪ .‬عملت في السابق كصحفية مسؤولة عن تغطية‬ ‫أخبار املال واالستثمار في مجلة «سمارت موني» التابعة‬ ‫لـ«وول ستريت جورنال»‪ ،‬هذا باإلضافة إلى عملها كمراسلة‬ ‫جمللة النيوزويك‪ ،‬هذا باإلضافة إلى عملها كمراسلة جمللة‬ ‫النيوزويك‪ .‬وتظهر أعمالها كصحافية حرة في «بوسطن‬ ‫غلوب»‪ ،‬و«وول ستريت جورنال»‪ ،‬و«سان لويس بوست ديسباتش»‪ ،‬وفي برنامج «أون بوينت» في‬ ‫إذاعة «ناشيونال بابليك»‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪5‬‬


‫● اإلفتتاحية‬

‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬ ‫أسسها هشام ومحمد علي حافظ‬ ‫الرئيس التنفيذي‬ ‫الدكتور عزام الدخيل‬ ‫رئيس التحرير‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬

‫إدارة التحرير‬ ‫بوال ميجيا‬ ‫جاكلني شون‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫املسؤول الفني‬ ‫ماركس ميليجان‬ ‫للمشاركة‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني ‪editorial@majalla.com‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫اشتراكات‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪subscriptions@majalla.com :‬‬ ‫لالشتراك في االلكترونية(كندل) بـ‪kindle@majalla.com :‬‬

‫تنويه‬

‫اآلراء الواردة في اجمللة ال تعبر بالضرورة عن رأي إدارة التحرير‬

‫حقوق النشر محفوظة جمللة اجمللة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫اجمللة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة‬ ‫إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون احلصول على تصريح مسبق من‬ ‫الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر اجمللة شهريا ً‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬

‫‪London Office Address‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited‬‬ ‫‪Arab Press House 182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP DDI: +44 (0)20 7539‬‬ ‫‪2335/2337, Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫اإلعالن‬ ‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجي االتصال بـ‪:‬‬

‫‪Mr. Wael Al Fayez‬‬ ‫‪w.alfayez@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel.: 0096614411444,‬‬ ‫‪F.: 0096614400996‬‬ ‫‪P.O.BOX 22304, Riyadh 11495, Saudi Arabia‬‬

‫صورة الغالف من © ‪Getty Images‬‬

‫‪4‬‬

‫التحرير‬ ‫عزيزي القارئ‪،‬‬ ‫بعد فوز محمود أحمدي جناد في انتخابات الرئاسة اإليرانية عام ‪ 2005‬أمام خصمه العنيد‬ ‫هاشمي رفسنجاني‪ ،‬بدأت تظهر بوادر انقسامات داخل معسكر احملافظني اإليرانيني‪ ،‬مما دفع آية‬ ‫اهلل العظمى خامنئي املرشد االعلي اإليراني للسعي إلي حتقيق التوازن بني فصيلني كالهما‬ ‫محافظ‪ ،‬حول هذه النقطة الفاصلة في السياسة اإليرانية يتركز حتليل آراش آراميش الباحث‬ ‫في الشؤون اإليرانية‪ ،‬في موضوع بعنوان‪ « :‬خامنئي و توازن القوي » مشيرا إلى جهود آية اهلل‬ ‫خامنئي من أجل جتنب إفراط أحمدي جناد ومؤيديه في االستحواذ على السلطة‪.‬‬ ‫وفي موضوع بعنوان «مصائب قوم عند قوم فوائد‪ ..‬الفيضانات تساعد طالبان في السيطرة على‬ ‫شمال باكستان »‪ ،‬توضح راشمي سينغ‪ ،‬احملاضرة في جامعة سانت أندروز‪ ،‬كيف ميكن أن تؤثر‬ ‫كارثة الفيضانات التي حلت بباكستان على استقرار البالد في املستقبل مبا يصب في صالح‬ ‫اجلماعات املتطرفة خاصة طالبان‪ .‬كما تشير إلى أن الكارثة التي حلت بباكستان في يوليو (متوز)‬ ‫املاضي‪ ،‬لديها تأثير طبيعي ضخم على أكثر مناطق باكستان فقرا‪ ،‬فقد دمرت الفيضانات الطرق‬ ‫واجلسور وغيرها من البنية التحتية في كافة أنحاء اإلقليم‪ ،‬وهو ما أثر على االتصاالت وأضعف‬ ‫سيطرة الدولة على املنطقة و عزز من قوة املتطرفني و املسلحني‪.‬‬ ‫كما تساهم غالدا الن من « تشامت هاوس » مبقال يتناول املهتمني مبستقبل الطاقة في العالم‪،‬‬ ‫حيث تلقي الضوء على حقيقة أن بعضا من أكثر مشاريع الطاقة النظيفة طموحا في العالم‬ ‫تقام في اخلليج‪ ،‬موضحة أن رأس املال الذي ال متلك الدول األوروبية املدافعة عن البيئة سوى أن‬ ‫حتلم به‪ ،‬ينفق على مدن ومراكز من أجل ابتكارات منخفضة الكربون‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املوضوعات وغيرها الكثير على موقعنا اإللكتروني في‬ ‫‪ .www.majalla.com/ar‬ونرحب دائما بآرائك وندعوك للتعليق أو االتصال بنا إذا رغبت في‬ ‫التواصل معنا‪.‬‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬


TM1557_02-03_Ad.indd 2

18/10/10 16:23:51


TM1557_02-03_Ad.indd 3

18/10/10 16:23:57


‫العدد رقم ‪ - 1557‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫خامنئي و توازن القوى‬ ‫ظل املرشد األعلى اإليراني لعقود يدير التوترات‬ ‫بني الفصائل احملافظة واإلصالحية‪ ،‬ولكنه اليوم‬ ‫يقف بوضوح إلى جانب احلرس الثوري‬

‫‪Issue 1557‬‬

‫ ‪The Majalla‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫العراقيون ينتظرون "فجرا" أميريكيا جديدا‬ ‫بعد أن تسلمت اخلارجية ملف بلدهم من البنتاغون‬

‫شؤون سياسية‬

‫فوضى الفتاوى تسيء لصورة اإلسالم‬ ‫وتهدد نسيج اجملتمعات اإلسالمية‬

‫حوار‬

‫السفير األفغاني في لندن يرفض املقارنة‬ ‫بني االحتالل السوفياتي والوضع الراهن في بالده‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.