ويكيليكس الشرق الأوسط.. تعرية الدبلوماسية الأمريكية

Page 1

TM1559_OBC_Ad.indd 64

15/12/10 15:50:41


TM1559_09_Ad.indd 9

15/12/10 15:45:26


‫● الكلمة األخيرة‬

‫جمهوريات اخلوف‬ ‫نهاية الثمانينات أصدر كاتب عراقي ‪ -‬باسم مستعار ‪ -‬كتاب «جمهورية اخلوف»‪ ،‬الذي يتناول حكم نظام البعث في العراق‪.‬‬ ‫الكاتب أخفى اسمه احلقيقي‪ ،‬خوفا من مخابرات نظام صدام حسني‪ ،‬الذي كان للتو خارجا من حرب الثماني سنوات مع إيران‬ ‫معتزا بانتصار متوهم‪ .‬وبعد شهور من صدور الكتاب‪ ،‬غزا صدام حسني الكويت‪ ،‬وتعرض نظامه الراديكالي لضربة على يد‬ ‫القوات الدولية‪ ،‬ولكن عوضا عن إقصاء الزعيم الديكتاتوري بالقوة توقفت اجلهود الدولية عند قبول االنسحاب وفرض عقوبات‬ ‫دولية‪.‬‬ ‫عادل الطريفي‬ ‫أعاد كنعان مكية إصدار كتابه املهم‪ ،‬ولكن هذه املرة باسمه احلقيقي‬ ‫في ‪ ،1998‬حينما كانت اإلدارتان األميركية والبريطانية تدرسان فكرة‬ ‫الرد العسكري على جتاوزات نظام صدام حسني‪ .‬لم حتدث احلرب‪،‬‬ ‫ولكن بعد خمسة أعوام قررت إدارة الرئيس بوش االبن إكمال املهمة‪،‬‬ ‫وغزو العراق إلسقاط صدام حسني‪ .‬بيد أن الغزو حتول مع الوقت‬ ‫إلى واحدة من أكثر املراحل دموية في تاريخ العراق‪ ،‬إذ اندلعت حرب‬ ‫طائفية‪ ،‬عرقية‪ ،‬واستخباراتية غير مسبوقة في بلد كان يحكم‬ ‫بقبضة حديدية طوال أربعة عقود ونيف‪ .‬خالل السنوات املاضية‬ ‫انطلقت مجموعات القتل‪ ،‬واالغتيال‪ ،‬والتفجير في كل مكان‪ ،‬بحيث‬ ‫أصبح العراق جمهورية خوف‪ ،‬رمبا فاقت نظام صدام حسني‪ .‬في‬ ‫الثمانينات‪ ،‬كان النظام يحكم باختفاء أي فرد معارض‪ ،‬وتختفي معه‬ ‫وحيه في حال فر من قبضة األمن‪ .‬اليوم‪ ،‬يختفي املدنيون‬ ‫عائلته‬ ‫ّ‬ ‫األبرياء بال مبررات‪ ،‬أو ميوتون في تفجيرات جماعية ليس لها نظير‬ ‫في التاريخ‪ .‬صحيح‪ ،‬أن العمليات االنتحارية حتدث في بلدان غربية‬ ‫وعربية وإسالمية‪ ،‬ولكن ما يحدث في العراق شيء جنوني ال يتوقف‪.‬‬ ‫في ‪ 31‬أكتوبر (تشرين األول) املاضي أقدمت مجموعة إرهابية على‬ ‫مذبحة بحق املسيحيني العراقيني‪ ،‬وقبل أن جتف دماء أولئك األبرياء‬ ‫انفجرت القنابل بني مدنيني في أحياء من الغالبية الشيعية‪ .‬األخبار‬ ‫محزنة ومرهقة‪ ،‬وإذا ما نظرت إلى عدد من دول املنطقة لوجدت أن‬ ‫حجم متدد اجلماعات اإلرهابية في كل بلد عربي وإسالمي يتجاوز اخليال‬ ‫إلى احلد الذي تستغرب معه تصريحات أي مسؤول عربي يشكك في‬ ‫دور التطرف الديني اإلسالمي‪ ،‬أو ينسب ما يحدث حملاوالت خارجية‪،‬‬ ‫كما حدث في اليمن أخيرا‪.‬‬ ‫في الستينات وحتى نهاية الثمانينات‪ ،‬كان املثقفون والكتاب‬ ‫العرب والغربيون يعتقدون أن مشكلة املنطقة مع اإلرهاب والعنف‬ ‫هي بسبب قياداتها وبعض أنظمتها احلاكمة‪ ،‬وأنها ‪ -‬أي األنظمة‬ ‫العربية ‪ -‬لو كانت عادلة‪ ،‬وسلمية‪ ،‬وحتكم عبر القنوات الدميقراطية‬ ‫ملا حتولت إلى جمهوريات خوف وقمع‪ .‬هذه القراءة صحيحة – نسبيا‬ ‫ ولكنها ناقصة‪ ،‬ألن النموذج العراقي أثبت أن املشكلة لم تكن‬‫غياب الدميقراطية بقدر ما هو مرض حقيقي داخل تلك اجملتمعات‬ ‫يسمح بتحولها إلى العنف املدمر‪ .‬هناك أزمة هوية‪ ،‬ودين‪ ،‬وقيم‬ ‫متأصلة في تلك اجملتمعات‪ ،‬وبغير مواجهة تلك األزمات ال ميكن‬ ‫اخلروج من هذه الدائرة املغلقة من العنف اجلنوني‪ .‬الساسة في‬ ‫منطقتنا ال يريدون مواجهة هذه احلقيقة‪ ،‬إما ألنهم ال يريدون دفع‬ ‫التكلفة اخلطرة لإلقرار بها وتصحيحها‪ ،‬أو ألنهم أيضا غير قادرين‬ ‫على استيعابها‪ ،‬ألن وعيهم بالعالم نتاج وعي مجتمعاتهم‪ .‬من‬ ‫يستطيع أن يواجه مجتمعه ليقول لهم إن الهوية التي يحملونها‬ ‫غير متسقة مع العالم احلديث‪ ،‬أو أن يعترف لهم بأن مفهومهم‬ ‫للدين وطريقة ممارستهم له تفضي بالضرورة إلى التطرف والعنف‪،‬‬ ‫أو أن قيمهم التي يفتخرون بها هي في حقيقتها تقف حاجزا ضد‬ ‫تقبلهم لقيم معاصرة أساسية‪ ،‬مثل املبادئ العاملية حلقوق اإلنسان؟‬ ‫لطاملا جادل مثقفو اليسار بأن نظاما مثل اجلمهورية اإلسالمية يفوق‬ ‫األنظمة العربية اجملاورة بسبب قيام االنتخابات الدورية فيه‪ ،‬ووجود‬ ‫‪62‬‬

‫مؤسسات شعبية متثيلية‪ ،‬ولكن الواقع يكشف أن إيران ال تختلف‬ ‫عن غيرها من األنظمة‪ ،‬حتى النظام العراقي السابق‪.‬‬ ‫في مقالة له بعنوان «إيران‪ :‬جمهورية اخلوف»‪ ،‬يقول الباحث اإليراني‬ ‫مهدي خالجي ‪« -‬الغارديان»‪ 21 ،‬يناير (كانون الثاني) ‪- 2010‬‬ ‫«يحكم نظام املاللي في إيران باالستعانة بصيغة بسيطة‪ :‬الفوز‬ ‫لألقدر على إثارة أعظم قدر من اخلوف‪ .‬إن (حتقيق النصر ببث اخلوف)‬ ‫عبارة مجازية كثيرا ما نسمعها في الكثير من خطب املرشد األعلى‬ ‫آية اهلل علي خامنئي‪ .‬والواقع أن هذه العبارة تشكل دليال موثوقا به‬ ‫للتعرف على فلسفته السياسية»‪ .‬خالجي محق‪ ،‬فبعض أنظمة‬ ‫املنطقة حتكم وفق معادلة اخلوف‪ ،‬ولعلنا نضيف أن التنظيمات‬ ‫واجلماعات املتطرفة باتت تتبع سياسة مقاربة‪ ،‬ولكن أكثر إجراما‪،‬‬ ‫وهو إثارة اخلوف كهدف أساسي‪ .‬األنظمة القمعية تستخدم اخلوف‬ ‫كسالح لضبط أمن النظام‪ ،‬ولكن اجلماعات املتطرفة إسالميا‬ ‫تستخدم اإلرهاب لتثبت وجودها وكطريقة خالص ألرواح أتباعها‬ ‫املرضى‪.‬‬ ‫بيد أن ما هو مهم اإلقرار به‪ ،‬هو أن األزمة ليست أزمة أنظمة حكم‬ ‫فقط‪ ،‬بل هي أزمة مجتمعات في األساس‪ .‬في حتليله املميز للثورة‬ ‫اإليرانية‪ ،‬يشير سعيد آرجومند إلى أن الثورة اإليرانية لم تكن ثورة‬ ‫أفكار ‪ -‬على الطريقة الفرنسية أو األميركية ‪ -‬بل كانت احتجاجا‬ ‫شعبيا ألسباب مختلفة ومتناقضة‪ ،‬وأنه كان باإلمكان إخمادها لوال‬ ‫مرض وضعف الشاه‪ ،‬بل ورفضه مواجهتها بالقوة‪ .‬آرجومند يؤكد أن‬ ‫سقوط الشاه قاد إلى وصول القوى الثورية للحكم‪ ،‬وحل مؤسسات‬ ‫اجليش ومؤسسات الدولة‪ ،‬وبعد صراع بني تلك الفئات التي قادت‬ ‫املظاهرات والعنف انتصر املاللي بالقوة وعبر سياسة التخويف‬ ‫الديني والدنيوي‪ .‬الشعب ‪ -‬كما يقول آرجومند ‪ -‬كان في حالة ارتباك‬ ‫وتشتت‪ ،‬لم يكن يعرف ماذا يريد (العمامة مقابل التاج ‪.)1988 -‬‬ ‫حالة التشتت والضياع هذه رصدها كنعان مكية في تعليقه على‬ ‫الوضع العراقي الراهن‪ ،‬خالل لقائه مع «الشرق األوسط» ‪18 -‬‬ ‫مارس (آذار) ‪« -‬نحن لم نحل هذه املشكلة‪ ،‬وأنا ال أحتدث عن جيلنا‬ ‫أو جيلكم أو جيل والدي‪ ،‬بل عن اجليل احلالي الذي يتحرك على‬ ‫الساحة العراقية وعن الشريحة السياسية بكاملها التي ظهرت‬ ‫بعد ‪ ،2003‬وتعتبر طبقة جديدة في أرض السياسة العراقية‪ ،‬حيث‬ ‫أزيحت طبقة وجاءت طبقة جديدة‪ ،‬وجوه وأسماء شخصيات جديدة‪،‬‬ ‫هناك استثناءات‪ ،‬القاسم املشترك بينها هو أنهم ال يعرفون ماذا‬ ‫يريدون‪ ،‬غير واثقني من أنفسهم»‪.‬‬ ‫مجتمعات املنطقة تعيش احلالة ذاتها‪ ،‬فهي ال تدري ماذا تريد‪..‬‬ ‫وتغشاها حالة من التشتت والضياع‪ ،‬ومن الطبيعي أن صراع الهوية‪،‬‬ ‫والدين‪ ،‬والقيم يقود في النهاية إلى االصطدام احلاد‪ .‬هناك أنظمة‬ ‫خوف‪ ،‬ومجتمعات خوف‪ ،‬وأفراد خائفون ومخيفون‪ .‬حتى التاريخ‬ ‫والتراث الذي يتم االلتجاء إليه قائم على اخلوف والتخويف‪ .‬وبعد كل‬ ‫هذا يتساءل البعض‪ :‬من أين يأتي هؤالء بكل هذا القدر من اخلوف‬ ‫املدمر؟!‬ ‫ّ‬


‫باكستان‪ ..‬طريق‬ ‫التعافي طويل وشاق‬ ‫يحلل أكبر زيدي اخلبير االقتصادي السياسي املتخصص في‬ ‫شؤون جنوب آسيا‪ ،‬في مقال من سؤال وجواب ملعهد كارنيغي‬ ‫للسالم الدولي‪ ،‬وضع باكستان في أعقاب الفيضانات املدمرة‬ ‫التي تعرضت لها‪ .‬كما يحلل زيدي مستقبل الدولة التي‬ ‫كانت قد بدأت تتعافي‪ ،‬وكذلك عالقتها بالغرب‪ .‬ويقول زيدي‬ ‫إن احلل احلقيقي ملشكالت البالد يكمن في يد حكومة تعتمد‬ ‫إلى حد كبير على املساعدات الغربية إلجراء التغييرات‬ ‫السياسية الضرورية‪.‬‬ ‫باكستان في أعقاب الفيضانات‬ ‫أكبر زيدي‬ ‫معهد كارنيغي للسالم الدولي‬ ‫‪29‬سبتمبر (أيلول) ‪2010‬‬ ‫‪ ‬في تقرير ملعهد كارنيغي للسالم الدولي‪ ،‬يناقش أكبر زيدي تأثير‬ ‫الفيضانات األخيرة على باكستان‪ ،‬في إطار أكبر األزمات التي‬ ‫تعرضت لها البالد منذ أن حصلت على االستقالل عام ‪ .1947‬ويركز‬ ‫زيدي على التداعيات االقتصادية واألمنية والسياسية التي جنمت عن‬ ‫األزمة وتأثيرها على مستقبل البالد‪ ،‬دون التطرق بعمق للتداعيات‬ ‫العاطفية والفسيولوجية التي رزح حتت وطأتها الشعب الباكستاني‪.‬‬ ‫ويعد املنحى املفاجئ في تلك األزمة‪ :‬هو ظهور اجليش الباكستاني‬ ‫كبطل محلي خالل الكارثة‪ ،‬حيث كان املواطنون يشاهدون أفراد‬ ‫اجليش وهم يقدمون املساعدات واإلمدادات‪ ،‬بينما اختفت قياداتهم‬ ‫السياسية‪ .‬ويصف زيدي استجابة احلكومة للفيضانات بـ«البطيئة‪،‬‬ ‫واحملدودة‪ ،‬واملنقوصة»‪ ،‬حيث كان رئيس البالد في نفس تلك الفترة‬ ‫يقوم بزيارات رسمية إلى أوروبا‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لم يسترسل حتليل زيدي في احلديث حول عدم فعالية‬ ‫احلكومة‪ ،‬حيث إنه أوضح عدم فعالية احلكومة من خالل بطء‬ ‫استجابتها في إعادة اخلدمات مثل توفير املياه النظيفة والظروف‬ ‫الصحية‪ ،‬باإلضافة إلى عدم اهتمامها بالصحة العامة‪ ،‬فقد عانى‬ ‫اآلالف من الباكستانيني من اإلصابة بعدوى باجللد واملعدة نظرا‬ ‫لالفتقار للرعاية الصحية املالئمة‪.‬‬

‫ومنظمة‪ ،‬رغم أنه ال يقدم كثيرا من األدلة على ذلك الزعم‪ .‬كما أنه‬ ‫يفحص بدقة التناقض املهم بني التداعيات االقتصادية املعلن عنها‬ ‫واألضرار االقتصادية احلقيقية الناجمة عن الفيضانات‪.‬‬ ‫فقد عمل املسؤولون باحلكومة على تزيني احلقائق قائلني إن الدولة‬ ‫سوف تتحمل خسارة تصل إلى ربع الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬ولكن زيدي‬ ‫يقول إن القطاع الزراعي الذي كان األكثر تأثرا خالل الفيضانات ال‬ ‫ميثل سوى ‪ 20‬في املائة فقط من الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬كما لم تؤثر‬ ‫الكارثة إلى حد كبير على مركز باكستان االقتصادي‪ ،‬وميناء ومدينة‬ ‫كراتشي‪ ،‬ولم تتأثر القطاعات االقتصادية األخرى‪ .‬وتوصل زيدي إلى أن‬ ‫مبالغات احلكومة ما هي إال التماسات عاطفية للحصول على املزيد‬ ‫من التمويل الدولي‪.‬‬ ‫وقد أعرب الغرب‪ ،‬خاصة الواليات املتحدة عن مخاوفه بشأن قدرة‬ ‫احلكومة الباكستانية على االستمرار في عمليات مواجهة املسلحني‬ ‫والتعافي في نفس الوقت من آثار الفيضانات‪ .‬ولكن اخلوف األكبر هو‬ ‫أن تقفز جماعات املساعدات اإلسالمية إلى األماكن التي أخفقت‬ ‫فيها احلكومة‪ ،‬حاصدة التأييد الشعبي‪ ،‬ولكن زيدي سرعان ما يقول‬ ‫إن ذلك ال يعني الدعم املباشر للجماعات املتطرفة‪ .‬فقد جنحت‬ ‫املساعي األخيرة خللع طالبان من وادي سوات ومالكند‪.‬‬

‫اخلوف األكبر هو أن تقفز جماعات‬ ‫املساعدات اإلسالمية إلى األماكن التي‬ ‫أخفقت فيها احلكومة الباكستانية‬ ‫في معاجلة آثار الفيضانات حاصدة‬ ‫التأييد الشعبي‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى أنه يعتقد أن الفيضان نفسه قد قضى في طريقه على‬ ‫بعض معسكرات تدريب املسلحني في وزيرستان كما ذكرت «أوراسيا‬ ‫ريفيو» رغم أن تغير املشهد العام واالنتقال القسري للناس قد وضعا‬ ‫أبعادا جديدة يجب على اخملططني األمنيني أن يأخذوها في اعتبارهم‪.‬‬ ‫ويقول زيدي إن األكثر ضررا بالنسبة للغرب هو أنه على الرغم من‬ ‫سرعة استجابة الواليات املتحدة امليدانية في الفترة األولى للفيضان‬ ‫فإن استمرار هجمات الدرون (طائرات من دون طيار) في الشمال‬ ‫الغربي قد تسببت في موجة أخرى من العداء ألميركا في باكستان‪.‬‬ ‫ولكنه أغفل نتيجة أخرى حلماقة احلكومة الباكستانية‪ ،‬حيث إنه‬ ‫في ظل عدم ثقة الشعب الباكستاني في اإلدارة الباكستانية وعدم‬ ‫تأييدهم الفعلي ألي حزب سياسي آخر فرمبا تواجه الدميقراطية أزمة‬ ‫في املستقبل‪.‬‬

‫وأضاف زيدي أن الطريقة العنيفة التي عاجلت بها وسائل اإلعالم‬ ‫اإلخفاق احلكومي خالل األزمة عززت من املعارضة الشعبية لإلدارة ويقول زيدي إن الطريق احلقيقي للتعافي يكمن في التغيرات‬ ‫احلالية‪ .‬وهو ما زاد من اإلحساس الشعبي العام بانعدام الثقة السياسية واسعة النطاق التي تتجاوز مجال الفيضان‪ .‬ويقول إنه‬ ‫الذي بدأ عام ‪ 2005‬عندما وجهت اتهامات للمسؤولني احلكوميني يجب على القادة الباكستانيني تعديل إجراءات احملاسبة ورفع الضرائب‬ ‫باالختالس من أموال املساعدات املرسلة لضحايا الزلزال‪.‬‬ ‫واحلد من املصالح النخبوية حتى تتمكن الدولة من بناء مواردها‬ ‫وقوتها السياسية الداخلية‪.‬‬ ‫ويقول زيدي إن مزاعم الفساد تلك قد أدت إلى تباطؤ االستجابة في‬ ‫تقدمي املساعدات الدولية في أزمة الفيضانات األخيرة حيث توخى ولكن ذلك مستبعد إلى حد بعيد نظرا لالعتماد الكبير على دعم‬ ‫املتبرعون احلذر سواء على املستوى الداخلي أو اخلارجي‪ .‬وهو ما وأموال املساعدات التي تأتي من الغرب وهو ما يعرقل الزعماء احلاليني‬ ‫يختلف متاما عن التدفق الفوري للمساعدات الدولية لباكستان في عن مواجهة التحدي‪ .‬وعلى الرغم من أن زيدي يقدم تلك اإلرشادات‬ ‫أعقاب زلزال ‪ .2005‬باإلضافة إلى أن تداعيات أزمة الفيضانات قد للنجاح الباكستاني في املستقبل‪ ،‬فإن موقفه «املتشدد» ال يساعد‬ ‫وقعت في فترة زمنية طويلة‪ ،‬وبالتالي فإنها لم تستحوذ على انتباه املاليني من ضحايا الفيضان في الوقت الراهن‪ ،‬كما أنه ال يجيب على‬ ‫السؤال املتعلق بكيفية حتقيق النجاح في املستقبل في ظل عدم‬ ‫وسائل اإلعالم كما حدث في أزمة ‪.2005‬‬ ‫معاجلة املناخ السياسي احلالي‪.‬‬ ‫ويذكر زيدي نقطة مهمة حني يقول إن احلكومة الباكستانية احلالية‬ ‫قد أخفقت في إجراء انتخابات محلية ويستنتج أن ذلك رمبا يكون‬ ‫هو السبب في أن االستجابة للفيضانات قد افتقرت جلبهة محلية نشر هذا في "اجمللة" بتاريخ ‪ 3‬نوفمبر ‪2010‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪61‬‬


‫● نقاد‬

‫التعددية تشكو عدم توازن القوى‬

‫الدميقراطية‪..‬العالم‬ ‫العربي استثناء!‬

‫في احلديث عن عدم وجود دميقراطية في العالم العربي‪ ،‬يشير‬ ‫العديد من احملللني إلى نوع من االستثناء تتميز به املنطقة‪،‬‬ ‫سواء كان ذلك عند التركيز على الثقافة أو االقتصاد أو‬ ‫الصراع العربي ‪ -‬اإلسرائيلي‪ .‬يفند هذا الكتاب الصادر عن‬ ‫مؤسسة كارنيغي االفتراضات القائمة‪ ،‬ويدعو بذلك إلى‬ ‫إعادة تقييم جذري للمساعدة األجنبية الراهنة من أجل‬ ‫حتقيق الدميقراطية واالستراتيجيات التي تتبعها أطراف‬ ‫املعارضة العربية‪.‬‬ ‫الوصول إلى التع ّددية‪ :‬األطراف السياسية في العالم العربي‬ ‫مارينا أوتاواي وعمرو حمزاوي‬ ‫مؤسسة كارنيغي للسالم الدولي‪.2009 ،‬‬ ‫حقق العديد من األنظمة‬ ‫في العالم العربي عددا من‬ ‫اإلصالحات في األعوام األخيرة‪،‬‬ ‫ولكنها كانت موجهة نحو‬ ‫حتديث االقتصاد ومعاجلة‬ ‫قضايا اجتماعية بدال من أن‬ ‫تتناول مشكالت هيكلية‬ ‫تتعلق بتوزيع السلطة‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من وجود عدد كبير‬ ‫من األحزاب‪ ،‬وإجراء انتخابات‪،‬‬ ‫اجليد نسبيا إلى‬ ‫والوصول‬ ‫ّ‬ ‫املعلومات‪ ،‬فإن السلطة‬ ‫ال تزال في قبضة القادة‬ ‫الراسخني‪ .‬وفي العديد من‬ ‫احلاالت‪ ،‬كان اإلصالح وسيلة‬ ‫لتجنب االنتقاد من دون‬ ‫التخلي عن السلطة‪ .‬على‬ ‫سبيل املثال في املغرب‪ ،‬التي‬ ‫غالبا ما تفخر بأنها دولة‬ ‫إصالحية ناجحة‪ ،‬يسيطر‬ ‫امللك محمد السادس على البرملان‪ ،‬ويعني رئيس الوزراء‪ ،‬وال يلتزم بنتائج‬ ‫االنتخابات ‪ -‬والدليل على ذلك االنتخابات التشريعية التي أجريت عام‬ ‫‪ ،2007‬عندما أدلى ما يزيد على ‪ 37‬في املائة من الشعب بأصواتهم‪.‬‬

‫وينطوي هذا التشخيص على مضامني كبرى بالنسبة لصناعة السياسات‪،‬‬ ‫ال سيما أنه يضع قضية اجملتمع املدني في اخللفية‪ ،‬مما يناقض احلكمة‬ ‫التقليدية املتعلقة بدوره في تنمية دميقراطية قابلة للتطبيق‪ .‬ولكن يقدم‬ ‫املؤلفان حجة قوية لدى قولهما بأن منظمات اجملتمع املدني التي تواجه‬ ‫قمعا قويا من احلكومة ميكنها فقط أن تكون مؤثرة كحركة جماهيرية‪.‬‬ ‫ويتبقى بعد ذلك املنظمات غير احلكومية الصغيرة التي يفضلها أنصار‬ ‫الدميقراطية‪ .‬وفي حني تضاعف عدد املنظمات غير احلكومية في بعض‬ ‫سهلت حدوث‬ ‫الدول‪ ،‬مثل املغرب واألردن‪ ،‬أخيرا مبساعدة من الغرب‪ ،‬إال أنها ّ‬ ‫قدر ضئيل من التغيير امللموس على أرض الواقع‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬ ‫«تنتهي احلركات الشعبية إلى تشكيل انظمة نادرا ما تكون معتدلة»‪.‬‬ ‫وبهذا‪ ،‬يشجع حمزاوي وأوتاواي على إعادة تقييم املساعدة األجنبية من‬ ‫فعالة‪.‬‬ ‫أجل الدميقراطية‪ ،‬التي يقوالن إنه من غير املرجح أن تكون ّ‬ ‫وتزداد قلة احلوافز إلدخال إصالحات قابلة للتطبيق بسبب «مأزق امللك»‪ ،‬أي‬ ‫أن اإلصالح من أعلى يتطلب زيادة الطلب من أسفل لتغيير جذري‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫من املمكن أن يؤدي أي تغيير حذر إلى إبعاد النخبة احلاكمة‪ ،‬وأفضل مثال‬ ‫على ذلك ما حدث مع شاه إيران‪ .‬وفي حني من املمكن أن يفضل بعض‬ ‫اإلصالحيني بيئة سياسية أكثر انفتاحا في مقابل التخلص من الريبة‪ ،‬يظل‬ ‫الوضع مشكوكا فيه‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته‪ ،‬نادرا ما تضغط األحزاب العلمانية على احلكومة بأي‬ ‫وسيلة ميكنها أن تشكل حتديا لألنظمة احلالية‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬في حني من‬ ‫الغالب ما تكون هذه األحزاب سريعة في حتديد ما ال تتصف به‪ ،‬فإنها عادة‬ ‫ما تكون غامضة في ما يتعلق مباهيتها‪ .‬وبهذا «ال ميكنها أن جتتذب املزيد‬ ‫من الناخبني املهتمني باآلخرين أو املهتمني بأنفسهم ويسعون إلى حزب‬ ‫ميثل مصاحلهم‪ ،‬وال ميكنها أيضا أن تتبنى شعارا واحدا يستطيع الناس‬ ‫أن يستجيبوا معه عاطفيا»‪ .‬وهذه مشكلة يجب أن يأتي حلها من داخل‬ ‫األحزاب ذاتها‪ ،‬من خالل دراسة واعية لرؤيتها للمجتمع‪ ،‬وكيفية وصول‬ ‫رسالتها السياسية إليه‪ ،‬وكيفية تنظيم ذاتها‪.‬‬ ‫وفي العموم تتميز احلركات اإلسالمية بأنها أقوى‪ ،‬في ما يتعلق باجلانب‬ ‫التنظيمي‪ ،‬حيث إنها خصصت الكثير من اجلهد التنظيمي من أجل بناء‬ ‫هيكلها السياسي وشبكات رعاية اجتماعية‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬تثير مسألة‬ ‫التسوية بني املعتقدات اإلسالمية وااللتزام بالدميقراطية كثيرا من اجلدل‪ ،‬مما‬ ‫يتسبب في وقوع انقسامات بني قيادة هذه احلركات‪ ،‬باإلضافة إلى اخلوف من‬ ‫فقدان املؤيدين لصالح فصائل دينية أكثر محافظة‪ .‬ولكن ال يجب املبالغة‬ ‫في هذه النقطة أو تبسيطها‪ .‬وكما أشار حمزاوي وأوتاواي‪ ،‬يحظى االلتزام‬ ‫الكبير بالدولة القومية من جانب اإلسالميني املشاركني بتجاهل عام‪ ،‬على‬ ‫النقيض من االنزعاج الذي تتسبب فيه تصريحات راديكالية عن إحياء‬ ‫اخلالفة اإلسالمية‪« ،‬على الرغم من أن فرص حدوث ذلك مساوية لفرص‬ ‫إحياء اإلمبراطورية الرومانية»‪.‬‬

‫وفي حني يعترف املؤلفان بأن الفصائل اإلسالمية تشكل حتديا‪ ،‬فإنهما‬ ‫يصالن إلى نتيجة مقنعة بأن التحول الدميقراطي احلقيقي ال ميكنه أن يأتي‬ ‫مطلقا من خالل إدارة العملية من أعلى إلى أسفل‪ ،‬التي تعمل في اجململ‬ ‫من أجل بقاء احلكم الشمولي‪ .‬وتؤكد جتربتا حماس وحزب اهلل أن اإلبعاد‬ ‫ليس خيارا واقعيا‪ ،‬نظرا للتأييد الشعبي الهائل الذي حتظيان به‪ .‬وبذلك‪،‬‬ ‫يجب على الدول أن تضع أُطرا مؤسسية قوية ميكنها أن متنع املمثلني‬ ‫السياسيني من االستحواذ املفرط على السلطة‪ .‬وبينما من غير املتوقع أن‬ ‫توجد المركزية شاملة‪ ،‬رمبا يكون ذلك هو احلل األنسب للتطبيق من أجل‬ ‫وفي توضيح لهذا التناقض‪ ،‬أشارت العديد من املناقشات إلى استثنائية حتقيق تغيير على املدى البعيد‪.‬‬ ‫العرب بصورة أو بأخرى‪ ،‬سواء كان ذلك مع التركيز على الثقافة أو اجملتمع‬ ‫املدني أو االقتصاد أو الصراعات اإلقليمية‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬يشير كل من يصور كتاب «الوصول إلى التعددية» اإلصالح كعملية سياسية‪ .‬وهي‬ ‫مارينا أوتاواي وعمرو حمزاوي إلى نطاق حتليلي مختلف‪ ،‬يتعلق بتوزيع نتيجة مهمة للغاية في ما يتعلق بتفنيد الروايات القاطعة‪ ،‬التي تؤكد أن‬ ‫السلطة داخل الدول ذاتها‪ .‬وتأتي احلجة الرئيسة في كتاب «الوصول إلى العالم العربي لن يستطيع حتقيق اإلصالح السياسي من دون التخلي عن‬ ‫التع ّددية» بأن أهم األطراف في السياسة العربية هي املؤسسات احلاكمة‪ ،‬ثقافته أو عقيدته‪ .‬ولكن اخلبر السيئ هو استمرار قوة املؤسسات احلاكمة‪،‬‬ ‫واألحزاب السياسية الليبرالية أو العلمانية اليسارية‪ ،‬واجلماعات اإلسالمية وبذلك‪ ،‬مع وجود قوى معارضة ضعيفة‪ ،‬سيكون من الصعب حتدي الوضع‬ ‫التي نبذت العنف من أجل املشاركة السياسية‪ .‬وتتمتع األنظمة احلاكمة الراهن‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬ال يقدم املؤلفان الكثير من اإلجابات‪ ،‬ولكنهما‬ ‫بسلطة أكبر غير متكافئة مع األطراف األخرى‪ ،‬بينما تتسم املعارضة يشجعان القارئ على طرح األسئلة املناسبة كبداية‪.‬‬ ‫بالضعف واالنقسام‪ .‬وبذلك‪ ،‬فإن السبب الرئيس في الركود السياسي هو‬ ‫عدم توازن القوى‪ ،‬وهو ما ال يتمتع أي من األطراف بالقوة أو الدافع الكافي‬ ‫للقضاء عليه‪.‬‬ ‫نشر هذا في "اجمللة" بتاريخ ‪ 25‬نوفمبر ‪2010‬‬ ‫‪60‬‬


‫«اجمللة»‪ :‬كيف تقيم توازنا بني تشجيع اإلبداع والتعبير من دون‬ ‫اإلساءة إلى السلطات سواء كانت املؤسسة الدينية أو األطراف غير‬ ‫احلكومية أو احلكومة؟‬ ‫ هناك قانون قطري مينع أي أحد من عرض أي شيء ميكنه إيذاء‬‫املهمة‪.‬‬ ‫يسهل علينا‬ ‫مشاعر اآلخرين أو وعيهم‪ ،‬وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما املشترك بني الفنانني العرب وميكن استخدامه كقوة‬ ‫موحدة؟‬ ‫ إن الفن في املنطقة مختلف‪ .‬وتلك االختالفات هي ما جتعله ثريا‪.‬‬‫فاخلليج مختلف عن مصر‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬ولكل منهما جتاربه‬ ‫اخلاصة داخل حركة الفن‪ .‬ففي العراق‪ ،‬مثال‪ ،‬لديهم تاريخ فني وطني‬ ‫وكبرياء‪ ،‬فيما يعتبر اللبنانيون أنفسهم أقرب إلى كونهم أوروبيني‪.‬‬ ‫وذلك املزيج أمر جيد‪ .‬فقد كانوا يبحثون عن هويتهم ولكنهم لم‬ ‫يعودوا يفكرون في األمر‪ .‬فيمكنك الشعور بتلك التغيرات‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬إلى أي مدى تخطط للمشاركة في املتحف في املستقبل؟‬ ‫ لقد بدأت بلوحة واحدة‪ ،‬واآلن لدي نحو ‪ 6000‬لوحة‪ .‬لقد منا‬‫املشروع واآلن أشعر وكأنني جزء من الناس مرة أخرى‪ .‬وحتى يتم‬ ‫االنتهاء من املتحف سوف أشارك في تطويره ولكن ليس من خالل‬ ‫مشاركتي باألعمال املوجودة‪ .‬فمن أجل ذلك الغرض‪ ،‬لدينا مستشارون‬ ‫وأناس يقدمون النصح حول تلك األشياء‪ .‬وسوف أحرص على أن يلبي‬ ‫املتحف الغرض األساسي منه‪ ،‬وهو ما أريد أن أركز عليه فعليا‪ .‬وتلك‬ ‫هي مساهمتي احلقيقية للمتحف‪.‬‬ ‫* أجرى احلوار جاكلني شوين‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 26‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪59‬‬


‫● الفن‬

‫لقد كان لدي دائما اهتمام وحب للفن وقد اكتشفت ذلك عندما كنت‬ ‫أبحث عن مواد لتثقيف نفسي‪ .‬فوجدت أنه لم تكن هناك مواد كافية‬ ‫متاحة‪ .‬ويعد ذلك من املهمات األساسية للمتحف‪ :‬توفير تلك املواد‬ ‫حتى يتمكن اآلخرون من البحث واكتشاف املزيد حوله‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬كيف كانت االستجابة حتى اآلن؟‬ ‫ منذ ‪ ،1994‬وعندما علم الناس باجملموعة‪ ،‬كانوا يرغبون في معرفة‬‫متى سوف نفعل شيئا حيالها‪ .‬ونظرا للضغوط التي كنا نتعرض‬ ‫لها من اجملتمعات الفنية ومن محبي الفنون‪ ،‬قررنا اإلسراع في‬ ‫العملية‪ .‬وذلك هو السبب في أن االفتتاح سيكون في مكان موقت‪،‬‬ ‫فاملوقع الدائم‪ ،‬لن يكون جاهزا قبل أربعة أو خمسة أعوام‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬يعد االحتفاء بالهوية القطرية من األهداف الرئيسة‬ ‫للمتحف‪ .‬هل ميكنك االستفاضة في هذا الصدد؟‬ ‫ إن حركة الفن القطري هي جزء من حركة الفنون العربية التي تعد‬‫جزءا من حركة الفن اإلقليمي األوسع‪ .‬واملتحف جزء من‪ ،‬ومهتم بـ‪،‬‬ ‫ومتفاعل مع‪ ،‬فنون أنحاء املنطقة كافة‪ ،‬وبالتالي فإن األمر ال يقتصر‬ ‫على العالم العربي وحده‪ ،‬فهو ميتد إلى إيران وتركيا والهند وأفريقيا‬ ‫أيضا‪ .‬وعلى الرغم من أن أوروبا جزء من تلك املنطقة األوسع فإننا‬ ‫لسنا فاعلني في أوروبا نظرا ألن هناك منظمات ومؤسسات تهتم‬ ‫بالفنون األوروبية بالفعل‪.‬‬ ‫وقد مت تضمني الفن القطري مثله مثل أي فن عربي آخر في املتحف‪،‬‬ ‫فلم يتم منحه أي امتيازات وذلك ألن هناك بالفعل متحف وطني‬ ‫قطري مخصص للفن القطري‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ملاذا يتم التركيز على الفن احلديث باعتباره نقيضا للفن‬ ‫املعاصر؟‬ ‫ ما زال الفن احلديث في العالم العربي يشهد تطورا‪ ،‬نظرا ألن‬‫له تاريخا طويال وما زلنا نكتشف املزيد واملزيد حوله‪ .‬وهو يشهد‬ ‫حركة نهضة حتى قبل افتتاح املتحف‪ .‬فنحن نعيد القراءة ونعيد‬ ‫استكشاف التاريخ الذي ميتد بعيدا في ما يتعلق بالفن العربي‬ ‫واإلقليمي‪.‬‬ ‫كما مت أيضا افتتاح مركز أبحاث داخل املتحف‪ .‬وهناك جانب تعليمي‬ ‫باملتحف‪ ،‬وهو جزء مهم للغاية حيث يسمح باستكشاف ذلك الفن‬ ‫نظرا ألنهم ليس لديهم بالفعل فكرة عن ماهية الفن العربي‪ ،‬ومن‬ ‫أين يأتي وكيف يبدو‪ .‬وذلك واحد من املهام الرئيسة للمتحف‪ ،‬أن‬ ‫جنعل فننا متاحا للعالم بأسره سواء كنا نتحدث عن أوروبا أو شمال‬ ‫أميركا أو آسيا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬من األقسام األخرى ملركز األبحاث قسم البرامج على‬ ‫اإلنترنت‪ .‬هل ميكنك االستفاضة في احلديث حول أنواع البرامج على‬ ‫اإلنترنت التي تخطط لتقدميها؟‬ ‫ سوف تكون هناك قاعدة بيانات ميكنك عبرها العثور على‬‫املعلومات التي تتعلق بالفنانني في املنطقة‪ .‬كما ميكنك إضافة‬ ‫املزيد من املعلومات حول فنان معينّ ‪ ،‬فسوف تكون قابلة للتفاعل‬ ‫في أنحاء العالم كافة‪ .‬وسوف تصبح جزءا من ذلك املتحف وجزءا من‬ ‫تلك املوسوعة‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬إلى أي مدى يخطط املتحف للتعاون مع مؤسسات الفن‬ ‫الغربي؟‬ ‫ في الوقت الراهن‪ ،‬نعمل مع متاحف الفن احلديث في العالم كافة‪،‬‬‫كما أن عالقتنا بتلك املؤسسات قوية للغاية‪ .‬ونأمل أن تتطور تلك‬ ‫العالقات ولكننا ال نستطيع أن نفعل املزيد في الوقت الراهن نظرا‬ ‫ألننا لم نبدأ بعد‪.‬‬ ‫‪58‬‬


‫متحف للفن العربي احلديث يش ّع من الدوحة‬

‫الشيخ حسن آل ثاني‪:‬‬ ‫بدأنا بلوحة ولدينا اآلن ‪ 6000‬لوحة‬ ‫عاشق للفن‪ ..‬ومهتم بجمع األعمال الفنية‪،‬‬ ‫هكذا ميكن ببساطة وصف الشيخ حسن‬ ‫بن محمد بن علي آل ثاني‪ ،‬نائب رئيس‬ ‫مجلس أمناء هيئة متاحف قطر ومؤسس‬ ‫املتحف العربي للفن احلديث‪ ،‬الذي وجه‬ ‫كل جهوده في ذلك اجملال إلنشاء املتحف‪،‬‬ ‫الذي يوفر مساحة للناس من أنحاء‬ ‫العالم كافة الستكشاف ثراء العالم‬ ‫العربي وتاريخه الفريد‪ ،‬والتعرف على‬ ‫شعبه وثقافته من خالل أعماله الفنية‪.‬‬ ‫جاكلني شوين‬

‫حسن أيضا برنامجا إلقامة الفنانني في نفس الفيال‪ .‬ونظرا لرغبتهم‬ ‫احملمومة في العثور على ملجأ‪ ،‬كان الفنانون العراقيون أكثر من أفاد‬ ‫من هذا البرنامج‪.‬‬ ‫وعلى مدار الفترة التي متتد منذ ‪ 1940‬وحتى وقتنا الراهن‪ ،‬وجدت‬ ‫اجملموعة املتزايدة من الفن العربي مكانا جديدا لها في الدوحة‬ ‫باملتحف‪ :‬متحف الفن العربي احلديث الذي يعد أعظم إجنازات الشيخ‬ ‫حسن حتى وقتنا الراهن‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن يجذب املتحف ذو اجملموعة الكبيرة من‬ ‫األعمال الفنية العربية‪ ،‬الزائرين من كل مكان‪.‬‬ ‫وعلى أي حال‪ ،‬فإن االختالف األساسي بني القيم‬ ‫السياسية والدينية ملعظم الدول العربية‬ ‫وقيم العديد من الفنانني العرب املعاصرين‬ ‫رمبا مينع املتحف من أن يصبح املكان الذي‬ ‫يسعى جميع الفنانني العرب من مشرق‬ ‫الوطن الى مغربه لزيارته‪.‬‬ ‫والزمن وحده كفيل بأن يخبرنا إذا ما كان‬ ‫هؤالء الفنانون اجلدد الذين يتحلّون باجلرأة‬ ‫سوف يجدون طريقة لتجاوز تلك احلدود واإلفادة‬ ‫من مساعي قطر احلثيثة لكي تصبح مركزا‬ ‫إقليميا للثقافة والتجارة والدوحة في قلبها‪.‬‬

‫وفي حوار مع «اجمللة»‪ ،‬يتحدث الشيخ حسن حول كيف بدأت فكرة‬ ‫بعد شرائه ألول لوحة‪ ،‬تعلّق الشيخ حسن بالفكرة‪ ،‬وبدأ تدريجيا إنشاء املتحف‪ ،‬واالستجابات األولية التي جنمت عنها ودوره املستمر‬ ‫يشتري عمال فنيا إثر اآلخر حتى أصبحت مجموعته تزيد عن ‪ 6000‬في تطوير املتحف اجلديد الذي من املقرر أن يتم افتتاحه في ديسمبر‬ ‫(كانون األول) ‪ 2010‬احلالي‪.‬‬ ‫عمل فني‪.‬‬ ‫بدأ الشيخ حسن تكوين مجموعته في الثمانينات من القرن املاضي‪« ،‬اجمللة»‪ :‬من أين أتيت بفكرة املتحف‪ ،‬ومنذ متى كنت تفكر فيها؟‬ ‫من خالل شراء أعمال الفنانني القطريني‪ .‬ثم بدأ يحصل على أعمال‬ ‫من كل أنحاء الشرق األوسط وشمال أفريقيا ومن العرب املهاجرين‪ - .‬عندما نتحدث عن إنشاء املتحف حتديدا‪ ،‬فإنه لم يبدأ كفكرة‬ ‫وإمنا كمجموعة من األعمال الفنية‪ .‬ولم تأتني الفكرة حتى أدركت‬ ‫وفي عام ‪ ،1994‬مت ضم تلك األعمال للمجموعة املوجودة في الفيال أنه ال يوجد مكان بالعالم لديه تلك اجملموعة الكبيرة من األعمال‬ ‫التي كانت مبثابة متحف خاص‪ .‬ونظرا لرغبته في تشجيع اإلبداع الفنية العربية‪ ،‬وعندها قررت افتتاح املتحف‪ .‬فكنت أتساءل‪« :‬أين‬ ‫والتعبير بخاصة بني من يعانون من الظروف السيئة‪ ،‬أسس الشيخ الفن العربي؟»‪ ،‬وكانت اإلجابة‪« :‬ما هو الفن العربي؟»‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪57‬‬


‫● الفن‬

‫الفيلم الوثائقي في سورية‪ ..‬واقعية التجربة‬

‫مجال رحب لإلبداع‬

‫الصناعي والعمال‪ ،‬يرجع الفيلم القصير إلى السينما املبكرة‬ ‫من الواقعية االجتماعية كما مت تقدميها في األفالم الوثائقية‬ ‫األولى لعمر أميراالي «أبو األفالم الوثائقية السورية»‪ .‬وفي‬ ‫عمل آخر «كالبر» (‪ )2003‬يستكشف البيك التنوع الديني‬ ‫للبالد واحتماالت تأثيره على احلوار بني األديان‪ .‬وقد تتبع البيك‬ ‫العمل اليومي جملتمع الرهبان املنعزل في دير مار موسى الذين‬ ‫حتت قيادة اإليطالي باولو قد وهبوا حياتهم لتعزيز احلوار بني‬ ‫املسيحيني واملسلمني‪ .‬وقد مت تصوير الفيلم من خالل مسافة‬ ‫قصيرة من التأييد‪ ،‬وهو يتساءل حول الشخصية اخملادعة‬ ‫للمجتمع السلطوي في ما يوازن بني مثالية الرهبان وواقع‬ ‫احلياة املعاصرة‪.‬‬

‫اتخذت أفالم الفيديو الوثائقية التجريبية خطوات عمالقة‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬في أعقاب ظهور الثقافة البصرية اجلديدة‬ ‫التي برزت مع تزايد استخدام اإلنترنت وغيرها من أشكال‬ ‫الوسائط العابرة للقوميات‪ .‬وينطبق ذلك على نحو خاص‬ ‫على الفنانني السوريني الذين وضعتهم اإلجنازات األخيرة ومنذ تلك السنوات األولى‪ ،‬تطورت حركة الفيديو السورية‬ ‫على قدم املساواة مع سينما الهواة السورية واجتاهها القوي بقوة‪ ،‬وكانت تشهد في كل عام أعماال جديدة من خالل‬ ‫العدد املتزايد من الفنانني وصناع السينما‪ .‬وكان التحقيق‬ ‫للنقد االجتماعي‪.‬‬ ‫شارلوت بانك‬ ‫تقف أفالم الفيديو الوثائقية التجريبية من بني التطورات‬ ‫الفنية الكبرى في العالم العربي خالل العقد املاضي كواحدة‬ ‫من أكثر الفنون أهمية وكأحد الفنون التي تلقت قدرا كبيرا‬ ‫من االنتباه الدولي‪ .‬ويرجع ذلك في جانب منه إلى تطور الوصول‬ ‫للتكنولوجيا الرقمية باإلضافة إلى التنقل بني الوسائط‬ ‫العابرة للقوميات مثل محطات التلفزيون الفضائية وشبكة‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬اللذين يوليان أهمية خاصة لصحافة التحقيقات‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬تطورت ثقافة بصرية جديدة‪.‬‬ ‫وشهدت السنوات املبكرة من األلفية اجلديدة نشأة الفنانني‬ ‫وصناع الفيديو الذين‪ ،‬من خالل أعمالهم‪ ،‬يحققون في القضايا‬ ‫التاريخية والقضايا االجتماعية الثقافية‪ ،‬مثل عواقب االحتالل‬ ‫وجتارب احلرب واالحتالل باإلضافة إلى القضايا املتعلقة باجلنس‪،‬‬ ‫والهوية والذاكرة‪ .‬ومن خصائص تلك املمارسة الفنية البحث‬ ‫املستمر عن أشكال جديدة للتعبير والتقدمي‪ ،‬وهيمنة صانع‬ ‫الفيديو على العمل‪ ،‬وهي خصائص تشبه إلى حد كبير سينما‬ ‫«الهواة» وحتمل درجة عالية من الروح اإلبداعية‪ .‬وهي تتضمن‬ ‫نطاقا واسعا من األشكال اجلمالية التي عادة ما تدمج بني‬ ‫النصوص التاريخية وتعليقات الراوي ومقاطع الفيديو والصور‬ ‫الفوتوغرافية‪.‬‬ ‫في سورية‪ ،‬كان من رواد ذلك الفن‪ ،‬عمار البيك وميار الرومي‪.‬‬ ‫وكان من اخلصائص القوية ألعمالهما األولى االهتمام البالغ‬ ‫بالعالقة بني اجملتمع والفرد‪ .‬ففي السيرة الذاتية التي مت‬ ‫تقدميها من خالل فيلم ميار الرومي الذي حمل عنوان «أون‬ ‫سينما ميوت» (‪ ،)2001‬تناول ميار صعوبات إنتاج فيلم‬ ‫واإلنتاج الثقافي في سورية‪ .‬فبعدما عاد إلى سورية لكي ينفذ‬ ‫مشروع تخرجه ألكادميية الفيلم بباريس‪ ،‬لم يتم منح الرومي‬ ‫التصاريح الالزمة للتصوير‪ .‬ونظرا إلحباطه من تلك التجربة‪،‬‬ ‫قرر التخلي عن مشروعه الرئيس وإنتاج فيلم حول صناعة‬ ‫الفيلم في سورية والعقبات التي تواجه صناع الفيلم‪.‬‬ ‫وحتدث إلى عدد من اخملرجني البارزين مثل أسامة محمد وعمر‬ ‫أميراالي باإلضافة إلى املثقفني حول إحباطهم من العمل في‬ ‫بلد «يقضي فيه صانع الفيلم وقته في عمل أي شيء بخالف‬ ‫عمله كمخرج»‪ .‬وذلك كما قال أحد الذين مت إجراء حوارات‬ ‫معهم‪.‬‬

‫الشائك حول دور اجلنس هو املوضوع املهيمن على أعمال ديانا‬ ‫اجليرودي‪ .‬فكان فيلمها القصير «القارورة» (‪ )2005‬يتساءل‬ ‫حول مفهوم األمومة باعتبارها اإلجناز الرئيس لوجود املرأة‪.‬‬ ‫وجتعل اجليرودي النساء الشابات من خلفيات ثقافية مختلفة‬ ‫يتحدثن حول رؤيتهن للدور التقليدي للمرأة كأمهات‪ ،‬وكيف‬ ‫أثر احلمل على رؤية اجملتمع لهن كبشر‪ .‬ومت تصويره بطريقة‬ ‫بدائية حتاكي طريقة تصوير األفالم املنزلية وهو الطراز الذي‬ ‫ينأى عن استخدام املؤثرات القوية الذي يتم استخدامها عادة‬ ‫إلزالة احلواجز بني الفيلم واجلمهور‪ ،‬ويفاجئ الفيلم جمهوره‬ ‫بصراحة التعليقات‪ ،‬وبإظهاره لصورة أكثر تنوعا للمرأة‬ ‫السورية والعربية أكثر مما يتم تقدميها عادة في وسائل اإلعالم‬ ‫الرسمية‪ ،‬سواء على مستوى الغرب أو العالم العربي‪.‬‬

‫ويروي فيلم «طيور حجرية»(‪ )2006‬حلازم احلموي‪ ،‬قصة رجل‬ ‫فقد عقله نظرا للصراعات العاطفية واألخالقية غير القابلة‬ ‫للحل‪ .‬فبعدما اكتشف وجود عالقة بني زوجته وأبيه‪ ،‬بدا‬ ‫وكأن أبا هاجر قد اختار اجلنون أكثر من كونه رد فعل طبيعيا‬ ‫لعدم قدرته على التكيف مع الوضع‪ .‬وينجح ذلك العمل الذي‬ ‫أجريت حوله بحوث قوية في معاجلة عدد من القضايا اخلطيرة‬ ‫في اجملتمع السوري التقليدي بأسلوب ذاتي ومعتدل‪ .‬وال يسع‬ ‫املشاهد إال أن يشعر بأن أبا هاجر أكثر إنسانية من تلك القوانني‬ ‫القاسية التي دفعته إلى اجلنون‪ ،‬وهو احلال الذي يبدو أقرب‬ ‫إلى كونه اختيارا حرا وسبيال للهروب من االلتزام غير احملتمل‬ ‫بردود الفعل العنيفة‪ .‬إن انسحاب الفرد من اجملتمع يعد محور‬ ‫عمل رمي غازي «كراك» (‪ ) 2007‬أيضا‪ .‬ففي أربع دقائق فقط‪،‬‬ ‫يروي الفيلم القصة املأساوية لرجل دفعته مشاعره السلبية‬ ‫إلغالق الباب أمام اجملتمع‪ .‬وقد مت تصوير ذلك الفيلم بعناية‬ ‫فائقة واختيار للزوايا بدقة بالغة‪،‬‬ ‫وبالتالي يعد عمل غازي مثاال قويا لرؤى الهواة في صناعة‬ ‫الفيلم التسجيلي كما ميارسه صناع األفالم السوريون من‬ ‫األجيال األقدم‪.‬وتشهد األعمال املذكورة كافة على إمكانات‬ ‫صناع األفالم الوثائقية السوريني الشباب الذين يجمعون بني‬ ‫االلتزام االجتماعي واألسس النظرية الراسخة‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫اتباعهم لالجتاهات املعاصرة في األفالم الوثائقية التجريبية‪،‬‬ ‫يصنف هؤالء الشباب والفنانون أنفسهم أيضا داخل تقاليد‬ ‫سينما الهواة السورية واالجتاه القوي للنقد االجتماعي‪.‬‬

‫*شارلوت بانك ‪ -‬مراقبة فنية مستقلة‪ ،‬وباحثة وكاتبة تعيش‬ ‫وتعمل بني برلني ودمشق‪ .‬وتركز أعمالها على املمارسات‬ ‫ويعد فيلم عمار البيك «كانوا هنا» (‪ )2000‬حملة تقدير مؤثرة الثقافية والفنية املعاصرة في العالم العربي ومجتمعات‬ ‫ملصنع محركات البخار العتيق في دمشق والعاملني سابقا به الشتات‪ .‬وتنشر بانك دائما في وسائل اإلعالم الدولية سواء‬ ‫وقد مت تقدميها في صور مؤثرة بصريا‪ .‬وفي تتابع من لقطات على اإلنترنت أو في املطبوعات‪.‬‬ ‫األبيض واألسود‪ ،‬يوثق الفيلم ذلك الفضاء من التفاؤل الصناعي‬ ‫السابق‪ ،‬فيما يتحدث الناس الذين كانوا يعملون به حول‬ ‫اهتماماتهم اليومية البسيطة‪ .‬وفي إطار اهتمامه بالتراث نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 16‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪56‬‬


TM1559_55_Ad.indd 55

17/12/10 17:38:25


‫● موجز عن دولة‬

‫من حفرها في ‪ ،1869‬أرباحا تبلغ قيمتها نحو ‪ 757‬مليون دوالر عام‬ ‫‪ ،2010‬ليتذكر املصريون األهمية االستراتيجية للقناة‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أنها املسار الرئيس للسفن املتجهة شرقا‪ ،‬فإن هجمات القراصنة على‬ ‫السفن قبالة السواحل الصومالية أدت إلى تفضيل الكثير من رجال‬ ‫األعمال للطريق األطول الذي مير حول جنوب أفريقيا‪ ،‬مما أضر بالعائدات‬ ‫املصرية‪.‬‬ ‫وقد أشعل هذا املمر املالحي املدر للربح صراعات خطيرة في املاضي‪ .‬أدى‬ ‫قرار الرئيس عبد الناصر بتأميم القناة إلى وقوع العدوان الثالثي عام‬ ‫‪ ،1956‬عندما قامت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بالهجوم على‬ ‫مصر حلماية مصاحلهم التجارية‪ ،‬مما تسبب في اضطراب دولي‪ .‬ونشرت‬ ‫األمم املتحدة أول قواتها حلفظ السالم في األزمة للمساعدة على إعادة‬ ‫فتح القناة‪ ،‬والتي كانت تعرقل حركة النقل العاملي‪ .‬وبعد فرض عقوبات‬ ‫اقتصادية‪ ،‬انسحبت بريطانيا وفرنسا‪ .‬وانسحبت القوات اإلسرائيلية في‬ ‫النهاية‪ ،‬ولكن استمرت التوترات بني مصر وإسرائيل وازدادت حدة‪ ،‬مما أسفر‬ ‫عن احلروب التالية حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد في ‪ .1978‬وقد أدانت‬ ‫دول عربية أخرى مصر بسبب إضفائها شرعية على وجود إسرائيل‪ ،‬ولكن‬ ‫احتفظت مصر بالتحالف السلمي‪.‬‬ ‫ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد‪ ،‬لم تشترك مصر في أي حروب كبرى‬ ‫بصورة مباشرة‪ .‬ولكن في شتاء ‪ ،2009 - 2008‬وقعت احلرب بني إسرائيل‬ ‫وحركة حماس في قطاع غزة على احلدود املتاخمة ملصر‪ .‬وتسبب موقف‬ ‫مصر العلني من احلرب في أزمة دبلوماسية للمسؤوليني‪ :‬فعلى الرغم‬ ‫من محافظتها على موقع الوسيط بني الطرفني‪ ،‬فإن مصر لم تتمكن‬ ‫من التوسط كثيرا لصالح إسرائيل واخملاطرة بخسارة حلفائها العرب‪،‬‬ ‫ولم تتمكن أيضا من تقدمي الدعم حلركة حماس‪ ،‬خوفا من أن تدعم‬ ‫اجلماعات املتطرفة املصرية‪.‬‬ ‫وحتى اآلن بعد انتهاء حرب غزة‪ ،‬ما زال هناك هجوم متكرر على احلدود‬ ‫مع غزة‪ ،‬ومشكالت تتعلق بتهريب السالح‪ ،‬مما يساهم في ارتفاع نسبة‬ ‫العنف داخل مصر‪ .‬وتعمل مصر وإسرائيل من أجل القبض على املسلحني‬ ‫واملتطرفني‪ ،‬ولكن ال يعد ذلك سوى حل لوجه واحد من أوجه العنف متعدد‬ ‫الطبقات والطوائف في مصر‪.‬‬

‫ويعد حادث اغتيال الرئيس أنور السادات عام ‪ ،1981‬الذي نفذته جماعة‬ ‫تنظيم اجلهاد‪ ،‬نقطة انطالق لتوسع اجلماعات العنيفة وزيادة هجماتها‬ ‫أثناء العقدين املاضيني‪ .‬لقد ازدادت قوة الفصائل املتطرفة األخرى في‬ ‫األعوام التالية‪ ،‬ومنها اجلماعة اإلسالمية‪ ،‬التي فرضت سيطرتها على‬ ‫حي مصري عام ‪ 1992‬لتطبيق الشريعة اإلسالمية‪ .‬وبدأ أعضاء اجلهاد‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬الذين اندمجوا مع «القاعدة» قبل هجمات ‪ ،9 /11‬في‬ ‫استهداف السياح في أواخر التسعينيات‪ ،‬كجزء من تركيز احلركة على‬ ‫«العدو البعيد»‪ ،‬أو الغربيني‪ .‬وكان األقباط واملسيحيون من الطوائف‬ ‫األخرى أهدافا للهجمات الوحشية‪.‬‬ ‫األفق السياسي‬ ‫يحظر قانون الدولة تأسيس أي حزب سياسي ذي أجندة دينية معلنة‪،‬‬ ‫مما تسبب إلى حد ما في الشكاوى التي تثيرها اجلماعات اإلسالمية‬ ‫املتطرفة‪ .‬فال ميكن للجماعات اجلهادية واجلماعات الدينية األخرى مثل‬ ‫اإلخوان املسلمني احلصول على الشرعية السياسية في مصر‪ ،‬لذلك‬ ‫يترشحون في االنتخابات حتت اسم املستقلني‪.‬‬ ‫ويتعرض الرئيس حسني مبارك‪ ،‬وهو صاحب أطول فترة رئاسة في مصر‬ ‫منذ حصولها على االستقالل‪ ،‬النتقادات عنيفة بسبب عدم اتخاذ إجراء‬ ‫أقوى لتهدئة العنف‪ .‬وبعد فوز مبارك بفترة رئاسية خامسة في أول‬ ‫انتخابات متعددة األحزاب جتري في البالد عام ‪ ،2005‬استخدم اسلوب‬ ‫شديد مع بعض أحزاب املعارضة‪ ،‬مما تسبب في إدانة منظمات حقوق‬ ‫اإلنسان مثل منظمة العفو الدولية‪.‬‬ ‫وفي فترة اإلعداد لالنتخابات التشريعية التي أجريت في نوفمبر‬ ‫(تشرين الثاني)‪ ،‬تقدم خمسة آالف مرشح للتسجيل من أجل الترشح‬ ‫للمقاعد النيابية‪ .‬وفي أثناء احلمالت االنتخابية‪ ،‬أوردت منظمات‬ ‫دولية أن املسؤولني املصريني اعتقلوا وضربوا عشرات من املثقفني‬ ‫والصحافيني من دون وجه حق‪ ،‬على الرغم من أن دستور عام ‪1971‬‬ ‫يكفل صراح ًة حرية التعبير عن الرأي‪ .‬بل وأدت اخملاوف املتزايدة إلى دعوة‬ ‫الواليات املتحدة للسماح ملراقبني دوليني باإلشراف على سير العملية‬ ‫االنتخابية بصورة دميقراطية ومن دون‬ ‫فساد‪ .‬واسفرت االنتخابات التي جرت‬ ‫من دون إشراف دولي عن فوز احلزب‬ ‫احلاكم بغالبية كبيرة في البرملان‪،‬‬ ‫بينما لم حتصل جماعة اإلخوان‬ ‫علي أي مقعد باستثناء مقعد ألحد‬ ‫أعضائها املنشقني الذي أصر علي‬ ‫خوض االنتخابات على رغم مقاطعة‬ ‫اجلماعة و حزب الوفد جولة اإلعادة‪،‬‬ ‫و كان اإلخوان قد حصلوا على ‪88‬‬ ‫مقعدا في انتخابات ‪.2005‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫ال يبشر املناخ السياسي باخلير في‬ ‫االنتخابات الرئاسية املقبلة عام‬ ‫‪ .2011‬ومن جانب آخر‪ ،‬يثني صندوق‬ ‫النقد الدولي على اإلصالحات‬ ‫االقتصادية التي نفذت حتت قيادة‬ ‫مبارك‪ ،‬ويضع مصر في مصاف‬ ‫أسرع الدول إصالحا في العالم‪.‬‬ ‫ولكن ما زال على الدولة أن حتل‬ ‫بفعالية قضايا الفقر والبطالة‪.‬‬ ‫ويغذي ذلك من السخط املتزايد‬ ‫لدى املواطنني الذين يريدون قيادة‬ ‫جديدة‪ .‬وما زال من غير الواضح‬ ‫ما إذا كان مبارك سيسعى إلى‬ ‫إعادة الترشح‪ .‬ولكن إذا لم‬ ‫يظهر مرشح رئاسي محبوب‬ ‫أثناء احلملة‪ ،‬فقد تتفاقم‬ ‫التوترات السياسية‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫كانت األراضي الصحراوية في مصر مقرا حلضارة من أقدم احلضارات‬ ‫املعروفة في العالم القدمي‪ ،‬حيث الثراء الثقافي والتقدم العلمي‪ .‬في‬ ‫احلقيقة‪ ،‬دفعت الفترة الفرعونية في التاريخ املصري البالد إلى مركز‬ ‫القيادة العاملية ملدة مئات األعوام‪ .‬ويشهد البناء املعماري املبدع للهرم‬ ‫األكبر وأبو هول على روعة هذا العصر‪ ،‬ولكن متنع الضغوط السياسية‬ ‫واالقتصادية البالد من احلفاظ على عظمتها التاريخية‪.‬‬ ‫أقيمت دولة موحدة في مصر منذ ما ال يقل عن خمسة آالف سنة‪ .‬وقد‬ ‫أدت نهاية األسرة القدمية في الدولة القدمية (نحو عام ‪ 2150‬قبل امليالد)‬ ‫إلى فترة من االضطراب االجتماعي‪ ،‬تالها صعود مصر القدمية إلى مكانة‬ ‫عاملية رفيعة‪ .‬ويقول بعض الدارسني إن أسس الدميقراطية وضعت في‬ ‫الدولة الفرعونية احلديثة عندما وجد املواطنون اخلير والرحمة واحلكمة‬ ‫في حكامهم‪ .‬وكانت ثقافة الدولة احلديثة مصدر إلهام ألساطير مثل‬ ‫«الفالح الفصيح»‪ ،‬التي تشير إلى حقوق اإلنسان األساسية واملعاملة‬ ‫الالئقة للطبقات الدنيا‪ .‬وقد انتهى هذا العصر األسطوري باحلادثة‬ ‫الشهيرة التي شهدت انتحار امللكة كليوباترا في عام ‪ 30‬قبل امليالد‪،‬‬ ‫حيث استولى الرومان على البالد‪.‬‬ ‫وانطالقا من هذه املرحلة‪ ،‬سيطرت على مصر العديد من القوى اخلارجية‬ ‫منها الفرس‪ .‬وفي عام ‪ 639‬ميالديا‪ ،‬انضمت مصر إلى اإلمبراطورية‬ ‫اإلسالمية‪ .‬وقد استولى األتراك العثمانيون على البالد في القرن السادس‬ ‫عشر‪ ،‬وفي نهاية القرن الثامن عشر‪ ،‬أراد نابليون بونابارت ممارسة النفوذ‬ ‫الفرنسي لإلضرار باملصالح التجارية البريطانية في الشرق‪ .‬ودافع‬ ‫نابليون عن حملته بصفتها محاولة لتحرير املسلمني املضطهدين من‬ ‫اإلمبراطورية العثمانية‪ .‬وفي عام ‪ ،1802‬عادت مصر من جديد إلى‬ ‫العثمانيني‪ .‬ويقول الباحث واملؤلف روبرت بيتمان إن مصر ظلت متجانسة‬ ‫على نحو بارز على الرغم من التأثيرات اخملتلفة التي مرت على ثقافتها‪.‬‬ ‫مشكلتان متزايدتان‪ :‬السكان والفقر‬ ‫تشير األدلة اجليولوجية إلى أن الصحراء الكبرى تتسع عبر الزمان‪ ،‬وأنه‬ ‫كان في مصر مساحة أكبر من التربة الصاحلة للزراعة‪ .‬وفي حوالي عام‬ ‫‪ 2150‬قبل امليالد‪ ،‬أصبح املناخ أكثر برودة وجفافا في املنطقة‪ ،‬مما نتج‬ ‫عنه فيضان غير منتظم للنهر وأضر ذلك باحلضارة القائمة‪ .‬وتسببت‬ ‫فترات من الفيضانات الكبرى في غرق مئات اآلالف في وقت واحد‪ .‬ونتج‬ ‫عن اجلفاف التالي لهذه الفترات قحط ومجاعات‪ .‬وقد حدثت إحدى تلك‬ ‫اجملاعات عام ‪ 1202‬ميالدية‪ ،‬وسجل أحوالها املروعة الدارس عبد اللطيف‬ ‫البغدادي‪ .‬ومن بني املشاهد التي وصفها أكل األسر حلوم بعض أفرادها‬ ‫للنجاة‪ ،‬وعرض سيدات من طبقة النبالء أنفسهن للبيع كجوار أمال في‬ ‫الهرب‪.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫تاريخ‬ ‫العديد من احلكام وشعب واحد‬

‫حقائق أساسية‬ ‫•العاصمة‪ :‬القاهرة‪.‬‬ ‫•احلكم‪ :‬جمهوري‪.‬‬ ‫•الرئيس‪ :‬محمد حسني‬ ‫مبارك‪.‬‬ ‫•رئيس الوزراء‪ :‬أحمد نظيف‪.‬‬ ‫•اللغة‪ :‬العربية‪.‬‬

‫جغرافيا‬ ‫ •املساحة‪ 1.001.450 :‬كيلومترا مربعا‪.‬‬ ‫ •الدول اجملاورة‪ :‬ليبيا والسودان و"إسرائيل" وقطاع‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫ •املياه‪ :‬نهر النيل والبحر األبيض املتوسط والبحر‬ ‫األحمر‪.‬‬ ‫ •املناخ‪ :‬حار وجاف‪.‬‬ ‫ •األراضي‪ :‬هضبة صحراوية ووادي النهر‪.‬‬ ‫السكان‬ ‫ •عدد السكان‪ 80.471.869 :‬نسمة (إحصائيات‬ ‫السي آي إيه عام ‪.)2010‬‬ ‫ •العرقيات‪ :‬الغالبية من املصريني‪ ،‬والبدو والنوبيني‪.‬‬ ‫ •الديانات‪ 90 :‬في املائة مسلمون (سنة)‪ ،‬و‪ 9‬في املائة‬ ‫مسيحيون أقباط‪ 1 ،‬في املائة ديانات أخرى‪.‬‬ ‫االقتصاد‬ ‫ •إجمالي الناجت احمللي‪ 188 :‬مليار دوالر أميركي (وزارة‬ ‫اخلارجية األميركية عام ‪.)2009‬‬ ‫ •الصادرات‪ 155.200 :‬برميل بترول يوميا ومعادن‬ ‫وقطن ومنسوجات ومواد كيماوية‪.‬‬ ‫ •نسبة البطالة‪ 9.4 :‬في املائة‪.‬‬ ‫العالم‪ .‬ويشير مركز البحوث وسياسات التنمية إلى أن معدالت الفقر‬ ‫في املناطق الريفية تزيد مرتني على نسبة الفقراء في املناطق احلضرية‪.‬‬ ‫وتذكر األمم املتحدة أن ‪ 30‬في املائة من املصريني يعيشون حتت مستوى‬ ‫الفقر العاملي‪ ،‬وهناك ما يزيد على ‪ 28‬مليون طفل يعانون من عدم وجود‬ ‫سكن أو مياه أو صرف صحي أو غذاء مالئمني‪ .‬وسيضر هذا الوضع‬ ‫بالقوى العاملة املصرية في املستقبل‪ ،‬حيث تقل احتماالت التحاق‬ ‫الطالب الفقراء بالدراسة أو إمتامهم لها‪ ،‬وبذلك يصبحون عماال غير‬ ‫ماهرين عندما يصلون إلى سن البلوغ‪.‬‬ ‫ويشكل وجود ‪ 23‬مليون لغم أرضي في مصر إنذارا آخر للنمو االقتصادي‬ ‫في البالد‪ .‬لقد زرعت قوات احملور واحللفاء معظم تلك األلغام أثناء احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪ .‬وتسعى مصر إلى حشد تعاون دولي في جهودها لنزع‬ ‫األلغام‪ ،‬وهي املهمة التي ال تستطيع احلكومة أن تتحمل تكاليفها‬ ‫مبفردها‪ .‬وتتطلب إزالة ‪ 17.5‬مليون لغم أرضي في حقول العلمني حوالي‬ ‫‪ 20‬مليون دوالر‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬تقتل األلغام وتضر مبئات األشخاص‬ ‫سنويا‪ ،‬مما يضيف إلى تكاليف الرعاية الصحية في البالد‪ ،‬ويبعد عنها‬ ‫املستثمرين الذين ينحصرون في األماكن التي ميكنهم فيها إقامة‬ ‫مشاريع آمنة‪.‬‬

‫وحتى اآلن‪ ،‬تتركز الكثافة السكانية في مصر حول القاهرة واإلسكندرية‬ ‫ونهر النيل‪ ،‬حيث يقتصر وجود األراضي الصاحلة للزراعة اليوم‪ .‬ويجعل‬ ‫تعداد السكان املتزايد في مصر‪ ،‬متجاوزا ‪ 80‬مليون نسمة‪ ،‬من مصر‬ ‫أكبر دول العالم العربي من حيث عدد السكان‪ .‬وقد تسبب عجز مصر‬ ‫عن زراعة املواد الغذائية األساسية في صراعاتها االقتصادية املاضية‬ ‫وزيادة اعتمادها على الواردات‪ ،‬مما أسفر عن عجز جتاري كبير‪ .‬ولكن‪ ،‬منذ‬ ‫الثمانينيات‪ ،‬تتخذ احلكومة خطوات مدروسة لتحرير وتنويع اقتصادها‪.‬‬ ‫وقد حتسن قطاعات السياحة واإلعالم واخلدمات‪ ،‬على الرغم من أنها ما‬ ‫زالت تعتمد على صادرات البترول‪.‬‬

‫الغزو والتدخالت والصراع الداخلي‬

‫وحتى في ظل اإلصالحات األخيرة‪ ،‬فشلت مصر في حتفيز اقتصادها‬ ‫بالصورة التي ترفع من مستوى معيشة املواطنني‪ .‬ومن املعتقد أن مصر‬ ‫واحدة من الدول التي تضم أكبر عدد من الفقراء الذين يسكنون املدن في‬

‫تدعي السلطات احلكومية أن قناة السويس‪ ،‬وهي ممر مالحي يربط بني‬ ‫البحر األبيض املتوسط والبحر األحمر‪ ،‬مصدر عائدات مهم يقدم خدماته‬ ‫لـ‪ 7.5‬في املائة من التجارة العاملية‪ .‬وقد حققت القناة‪ ،‬التي مت االنتهاء‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪53‬‬


‫● موجز عن دولة‬

‫مصر‬ ‫عرض تاريخي‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•‪ 1914‬أصبحت مصر حتت احلماية البريطانية‪.‬‬ ‫•‬ ‫•‪ 1922‬مصر حتصل على االستقالل عن بريطانيا‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1928‬حسن البنا يؤسس جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬التي‬ ‫أصبحت حاليا أكبر وأقدم جماعة إسالمية سياسية‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1952‬إعالن مصر جمهورية أثناء ثورة ‪ 23‬يوليو (متوز)‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1956‬الرئيس جمال عبد الناصر يؤمم قناة السويس‪ ،‬مما‬ ‫تسبب في وقوع العدوان الثالثي‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1967‬الهجوم اإلسرائيلي املفاجئ على مصر‪ ،‬وحرب األيام‬ ‫الستة‪ .‬هزمية مصر وسيطرة إسرائيل على قطاع غزة‬ ‫وشبه جزيرة سيناء‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1973‬مصر وسورية تهاجمان إسرائيل الستعادة األراضي‬ ‫التي احتلتها في حرب األيام الستة‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1978‬توقيع اتفاقية كامب ديفيد‪ ،‬حلفظ السالم بني مصر‬ ‫وإسرائيل‪ .‬وإبعاد مصر من جامعة الدول العربية‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1981‬اغتيال الرئيس محمد أنور السادات مع ستة‬ ‫دبلوماسيني آخرين‪ .‬ونسب احلادث إلى جماعة جهادية‪.‬‬

‫ ‬

‫• ‪ 1989‬السماح ملصر باالنضمام مجددا للجامعة العربية‪.‬‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1859‬العمل في مشروع قناة السويس‪ ،‬وهي عبارة عن ممر‬ ‫مالحي يربط بني البحر املتوسط والبحر األحمر‪ ،‬وافتتحت‬ ‫بعد عشرة أعوام‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 1999‬مصر تطلب من دول احللفاء واحملور السابقة تقدمي‬ ‫دعم مالي وتكنولوجي إلزالة األلغام البالغ عددها ‪23‬‬ ‫مليون لغم أرضي في مصر‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 2005‬إجراء استفتاء في شهر مايو (أيار) ليمهد الطريق‬ ‫أمام أول انتخابات رئاسية مباشرة متعددة األحزاب في‬ ‫البالد‪ .‬وفوز الرئيس حسني مبارك بالفترة اخلامسة على‬ ‫التوالي ملدة ستة أعوام‪ .‬وتشهد االنتخابات منافسة قوية‪.‬‬

‫ ‬

‫•‪ 2010‬االنتخابات البرملانية في أواخر شهر نوفمبر (تشرين‬ ‫الثاني)‪ .‬وسط مزاعم بفساد احلكومة وتزوير االنتخابات‪،‬‬ ‫تدعو الواليات املتحدة مصر للسماح بوجود مراقبني أجانب‬ ‫لالنتخابات‪ .‬ولكن يرفض املسؤولون املصريون االقتراح‪.‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫‪52‬‬


‫في الداخل‪ ،‬توجد قوانني مطبقة بالفعل في الدول‪ ،‬مثل الصني التي‬ ‫حتاكم الهاكرز‪ ،‬وكذلك روسيا‪ ،‬وأيضا الواليات املتحدة وبريطانيا‪ .‬ويطبق‬ ‫عدد من الدول بالفعل قوانني تعاقب الهاكرز‪ .‬وأعتقد أن هذا اجلهد‬ ‫سيكون مفيدا عندما تتعاون الدول في ظل هذه القوانني‪ .‬وقد شهدنا‬ ‫ذلك أيضا‪ ،‬مثلما حدث في إسبانيا‪ ،‬عندما تورطت مجموعة من األفراد‬ ‫في نشاط إجرامي دولي‪ ،‬ومت إلقاء القبض عليهم بفضل جهد مشترك‬ ‫لتطبيق القانون ضم ثالث دول مختلفة‪ ،‬على ما أظن‪ .‬وفي اعتقادي‪ ،‬هذه‬ ‫استراتيجية ناجحة ضد ذلك النوع من الهجمات اإللكترونية‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫ال تريد بعض الدول التوقيع على االستراتيجية‪ ،‬مثل روسيا‪ .‬وال تريد أن‬ ‫تسمح للدول األخرى أو جلهد دولي مشترك بأن يتم عبر احلدود سعيا وراء‬ ‫مجرمي اإلنترنت‪ .‬وأظن أن الطريقة التي تفضلها روسيا هي أن تذهب‬ ‫إليهم وتظهر لهم ما لديك وهم سيفعلون أقصى ما في وسعهم‬ ‫إللقاء القبض على اجملرمني‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هذا ينقلنا إلى نقطة أخرى‪ ،‬فكرة محاكمة الهاكرز عبر‬ ‫احلدود‪..‬‬ ‫أنا شخصيا أؤيد هذه الفكرة‪ .‬وأعتقد أنها سياسة جيدة وأود أن أرى‬ ‫املزيد في تطبيقها‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما هو مدى تأثير فريق االستعداد لطوارئ الكومبيوتر في‬ ‫الواليات املتحدة؟‬ ‫أعتقد أن فرق االستجابة لطوارئ الكومبيوتر في جميع الدول تبذل‬ ‫جهودا كبيرة ملواكبة األحداث‪ .‬هناك كثير من املشكالت في هذا اجملال‪،‬‬ ‫من قلة القوى العاملة‪ ،‬وقلة امليزانية‪ ،‬وقلة التدريب في بعض احلاالت‪،‬‬ ‫والوعي بآخر التهديدات‪ ،‬واستمرار التحديث أو ما يعرف بتهديدات يوم‬ ‫الصفر‪ ،‬هناك الكثير‪ .‬وأعتقد أن اخلالصة هنا هي أنه من الصعب على أي‬ ‫شخص أن يؤدي دوره بامتياز في هذا اجملال في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬وما هو املطلوب؟ هل هي مشكلة موارد في األساس؟‬ ‫أرى أن هناك حاجة إلى تغيير االستراتيجية‪ ،‬وتغيير كامل في أسلوب‬ ‫التفكير‪ .‬وحتى اآلن يبدو األمر محاولة للدفاع عن كل شي‪ ،‬وكأنها‬ ‫محاولة لصد جميع الهجمات‪ ،‬وهذا موقف ال ميكن الفوز فيه‪ .‬ال ميكننا أن‬ ‫ننجح في هذا مطلقا‪ ،‬ستفشل احملاوالت دائما‪ .‬يجب أن تركز استراتيجية‬ ‫مختلفة على أهم البيانات وأثمن املعلومات فقط‪ ،‬تلك التي ال ميكنك‬ ‫أن تفقد السيطرة عليها‪ .‬وتلك هي األسئلة التي يجب أن تُطرح داخل‬ ‫جميع الشركات واحلكومات‪ ،‬ومن ثم يتم عزل كل هذه املعلومات‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك تطبق مراقبة حقيقية‪ .‬وميكن االستعانة بأشخاص من أجل مراقبة‬ ‫سلوك الطرود وتدفقها‪ ،‬ومرات الدخول على البيانات ومن يُسمح له‬ ‫باالطالع عليها ومن أين‪ .‬كما ميكن وضع إشارات حتذير ليتم الرد عليها‬ ‫فوريا‪ .‬وهذه هي الوسيلة الوحيدة الناجحة بالفعل في الوقت احلالي‬ ‫في مواجهة هذا التهديد‪ .‬وعلينا أن نضحي في ما يتعلق مبا ال ميكننا‬ ‫حمايته‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تُعرّض الشركات األميركية العاملية الواليات املتحدة‬ ‫لتهديدات أمنية؟‬ ‫نعم‪ ،‬وأحد اخملاطر التي أحتدث عنها غالبا هي عندما تكون هناك‪ ،‬مثال‬ ‫في الصني‪ ،‬شركة متعددة اجلنسيات متلك شبكة داخل الصني‪ .‬بالتأكيد‬ ‫هناك تهديدات تتعلق باالستحواذ على بياناتها‪ .‬وسواء كان ذلك من خالل‬ ‫نقل تكنولوجي‪ ،‬وهي وظيفة طبيعية حتدث عندما تستعني بأشخاص‪ ،‬أو‬ ‫بسبب التجسس أو التنصت على االتصاالت‪ .‬لذا توجد جميع االحتماالت‪.‬‬ ‫بل واألكثر صعوبة من ذلك هو إقناع تلك الشركة بوجود مشكلة‪ ،‬ألنه‬ ‫من املنظور املالي‪ ،‬بسبب العوملة‪ ،‬تعتقد هذه الشركات أن وجودها في‬ ‫دول أخرى يحقق لها االستمرار‪ .‬لذلك من الصعب للغاية عليها أن تتخذ‬ ‫مثل ذلك القرار‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تستطيع احلكومة األميركية أن تقوم بشيء ما للحد من‬ ‫هذه التهديدات؟‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫إذا لم يُنتهك القانون األميركي‪ ،‬يعود األمر إلى الشركة في اتخاذ‬ ‫القرار‪ .‬ولكن ما يجب أن تفعله احلكومة‪ ،‬وما أعتقد أنها تفعله في‬ ‫بعض األحيان‪ ،‬هو اتخاذ قرارات بالشراء بسبب ذلك‪ .‬إنها مخاوف أمنية‬ ‫بالنسبة لدول أخرى‪ ،‬مثل الواليات املتحدة وبريطانيا‪ ،‬لذا من املمكن أن‬ ‫تقرر هذه الدول ما إذا كانت تريد بالفعل أن تسمح ببيع معداتها داخل‬ ‫حدودها‪ .‬وعلى نحو مشابه‪ ،‬إذا كانت برامج الشركة األميركية «أ»‬ ‫مثال مصممة في دولة أجنبية أيا كانت‪ ،‬وتعتقد احلكومة األميركية أن‬ ‫الشركة «أ» ال تتمتع باألمان الكافي‪ ،‬ميكن أيضا أن تختار احلكومة أن ال‬ ‫تكون من عمالئها لهذا السبب‪ .‬وبذلك ميلك املسؤول االختيار بإرادته‪ ،‬مما‬ ‫يحقق الضبط والتوازن‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ماذا تعني احلرب اإللكترونية وقضية التهديدات اإللكترونية‬ ‫ملستقبل العالقات الدولية؟‬ ‫هذا سؤال جيد‪ .‬أعتقد أن هذه نقطة تفاوض أخرى ميكن أن تستخدمها‬ ‫الدول في ما يتعلق بعالقاتها الدولية‪ ،‬ومدى قدرتها على حتديد مصدر‬ ‫التهديدات‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬إذا كانت روسيا مهتمة بتوقيع الواليات‬ ‫املتحدة على اتفاقية تعاون في مجال األسلحة اإللكترونية مشابهة‬ ‫لتلك املطبقة في مجال السالح النووي‪ ،‬ورفضت الواليات املتحدة‪ ،‬من‬ ‫املمكن أن مينح ذلك روسيا نوعا من التأثير في البيئة السياسية العاملية‪،‬‬ ‫حيث ميكنها التفاوض بأن تفعل هذا أو ذاك‪ .‬في رأيي‪ ،‬من املرجح أن‬ ‫نشهد املزيد من احملاوالت للسيطرة أو وضع قواعد مقبولة عامليا‪ .‬وأرى‬ ‫أن ذلك كله صعب التطبيق‪ ،‬ألنه حتى لو كانت دولة ما موقعة على‬ ‫االتفاقية التي تنص على تلك القواعد‪ ،‬كيف ميكنك أن تطبقها إذا لم‬ ‫يكن في استطاعتك نسب الفعل إليها من األصل؟‬ ‫«اجمللة»‪ :‬يبدو األمر فوضويا‪.‬‬ ‫إنه كذلك بالفعل‪ .‬وأعتقد أنه سيكون إما أكثر فوضى أو ستشهد شبكة‬ ‫اإلنترنت تغييرا جذريا بصورة ما‪ ،‬ولست متأكدا من أن ذلك سيحدث‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬سؤال أخير‪ ،‬أعلم أنك نشرت لتوك كتابا‪ ،‬ما هي مشاريعك‬ ‫احلالية؟‬ ‫لقد أنشأت شركة جديدة تركز على حماية ما أخبرتك به سلفا‪ ،‬فهي‬ ‫تساعد شركات أميركية وأجنبية على حتديد وحماية «جوهرة التاج»‪،‬‬ ‫أو أهم ما لديها من بيانات‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬تساعد الشركة رؤساء‬ ‫الشركات في تأمينهم عند سفرهم‪ .‬فهي إذن شركة حماية أمنية‬ ‫إلكترونية تنفيذية‪ .‬وأعمل حاليا في ورشة عمل عن طريق الفيديو‬ ‫مع رؤساء شركات ومديري تكنولوجيا املعلومات ورؤساء تنفيذيني‪ ،‬عن‬ ‫االستراتيجيات التي ميكنهم استخدامها حلماية أنفسهم حني يديرون‬ ‫أنشطتهم حول العالم‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ومتى بدأت الشركة في العمل؟‬ ‫منذ شهرين تقريبا‪ ،‬إنها ما زالت ناشئة وتستغرق قدرا كبيرا من وقتي‪،‬‬ ‫لذلك أبحث فعليا عن شخص آخر يساعدني في إدارتها‪ ،‬فلست من‬ ‫الشخصيات اإلدارية‪ ،‬وأحتاج إلى شخص يتمتع مبهارات إدارية ومن‬ ‫املدهش أنه من الصعب العثور على الشخص املناسب‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬أعتقد أنه مثل العثور على شريك احلياة‪..‬‬ ‫نعم‪ ،‬بالضبط‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬وما هو اسم الشركة؟‬ ‫تايا غلوبال (‪.)taiaglobal.com‬‬ ‫*أجرت احلوار جاكلني شون‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 26‬نوفمبر ‪2010‬‬ ‫‪51‬‬


‫● حوارات‬

‫سياسي أو استراتيجي من خالل عمليات متر عبر إحدى الشبكات‪ ،‬أو‬ ‫عملية إلكترونية أو تعتمد على اإلنترنت‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تضع الدول تعريفا رسميا للحرب اإللكترونية؟‬ ‫أعتقد أن اجلميع يحاول تعريفها‪ ،‬ولكنه أمر صعب بعض الشيء‪،‬‬ ‫فعليك أن تُعرّف اجملال اإللكتروني‪ ،‬ولم يصل أحد إلى اتفاق كامل‬ ‫على هذا الشأن‪ .‬ونعتقد أننا جميعا نعلمه بصورة بديهية‪ ،‬ولكن من‬ ‫الصعب التعبير عنه في كلمات‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬كيف تختلف التحديات األمنية التي نواجهها حاليا عن تلك‬ ‫التي كنا نواجهها في حروب ما قبل اإلنترنت؟‬ ‫أعتقد أنها أكبر بكثير في النطاق‪ .‬كما أن عددا أكبر من األفراد‬ ‫يستطيعون اآلن املشاركة في هذه اللعبة‪ .‬في السابق‪ ،‬كنا نقتصر‬ ‫على إشارات السلكية‪ ،‬وخطوط الهاتف‪ ،‬وذلك يختلف كثيرا في ما‬ ‫يتعلق بأساليب اعتراضها وعدد األشخاص الذين قد ميلكون هذه‬ ‫اإلمكانيات‪ .‬أما حاليا‪ ،‬بفضل اإلنترنت واألسلوب الذي أصبح العالم من‬ ‫خالله متصال بشبكة واحدة‪ ،‬رمبا يكون قدر األطراف املشتركة في األمر‪،‬‬ ‫سواء كانوا مجرمني أو موظفني من قبل دولة أو ميليشيا‪ ،‬أكبر بكثير‬ ‫لدرجة أنه من الصعب حتى حتديد أعدادهم‪ ،‬ولكن هذا يجعل اجلميع‬ ‫أكثر عرضة للخطر‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل ترى أن هناك صالت بني احلرب اإللكترونية واحلرب الواقعية؟‬ ‫أعتقد أنهما متداخلتان بصورة معقدة‪ .‬وال أعتقد أننا شهدنا من‬ ‫قبل حربا إلكترونية خالصة‪ .‬وفي تعريفي لها أعتبر احلرب اإللكترونية‬ ‫من مكونات احلرب التقليدية‪ .‬وأقل من ذلك نشاهد أشياء أخرى‪ ،‬مثل‬ ‫التجسس اإللكتروني أو قمع زيارة مجموعات‪ .‬إنها ليست ممارسات‬ ‫حربية كما نعتبرها عادة‪ .‬بل وميكنني أن أقول إن مصطلح «ممارسات‬ ‫حربية» ليس دقيقا بالفعل‪ .‬إنها ليست أشياء تسمح بالدفاع عنها‬ ‫من جانب دولة أخرى مما ينتج عنه قيام حرب مادية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل من املمكن أن ينتج عن هجوم إلكتروني خطير تهديد‬ ‫باحلرب؟ فلنقل مثال إن الواليات املتحدة تواجه هجوما إلكترونيا من‬ ‫روسيا‪ ،‬فهل من املمكن أن يتطور ذلك إلى هجمات على أرض الواقع؟‬ ‫حسنا‪ ،‬يختلف األمر‪ .‬أوال‪ ،‬لن نعرف أن الهجوم من روسيا‪ ،‬فكما هو‬ ‫الوضع اليوم‪ ،‬ال توجد وسيلة ملعرفة مصدر الهجوم‪ .‬ولن يكون هناك‬ ‫دليل قوي كاف لتبرير غزو دولة أخرى أو تصعيد األمر إلى املستوى‬ ‫املادي‪ .‬ومن دون القدرة على معرفة من شن الهجوم‪ ،‬ومن دون القدرة‬ ‫على التأكد من أنه هجوم قد يسبب ضررا‪ ،‬وليس خلال في التحويل أو‬ ‫خلال في البرمجة أو أيا كان‪ ،‬أعتقد أنه سيكون من الصعب متاما تخيل‬ ‫تصعيد األمر إلى صراع حقيقي‪ .‬ومن جانب آخر‪ ،‬إذا كان من قام باألمر‬ ‫جماعة إرهابية‪ ،‬لن تكون مهتمة بالضرورة باندالع حرب‪ ،‬بل التسبب‬ ‫في اضطراب‪ ،‬ورمبا تعلن أيضا مسؤوليتها عن الهجوم‪ .‬وفي هذه‬ ‫احلالة‪ ،‬رمبا يحدث تكرار ألحداث ما بعد ‪ ،9/11‬من مالحقة دولة مثل‬ ‫الواليات املتحدة جلماعة إرهابية مسؤولة عن الهجوم حتى لو كانت‬ ‫جغرافيا داخل حدود دولة أخرى‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬من املثير لالهتمام أن اجلميع حاليا يتعامل مع هذه القضية‬ ‫بسبب التقدم التكنولوجي‪ .‬فهل من املهم أيضا التفكير في تطوير‬ ‫قوانني وطنية ودولية مخصصة حلماية الدول من الهجمات اإللكترونية‪.‬‬ ‫وما مصدر التهديدات اإللكترونية وما هي أهدافها؟‬ ‫جميع الدول النامية واملتقدمة لديها إمكانيات إلكترونية‪ .‬وقد أعلن‬ ‫العديد منها عن إنشاء هذا اجلزء في اجليش‪ ،‬ويستخدمه آخرون‬ ‫ببساطة‪ .‬بل حتى دول صغيرة‪ ،‬مثل بورما‪ ،‬استخدمت حكومتها في‬ ‫املاضي إمكانيات تكنولوجية ضد املتمردين‪ ،‬وكذلك زميبابوي‪ ،‬حيث‬ ‫تستفيد الدول األفريقية الصغيرة من ذلك أو تسيطر على التكنولوجيا‬ ‫من أجل االستحواذ على النفوذ السياسي‪ .‬وتفعل روسيا الشيء ذاته‪،‬‬ ‫وتستخدمه الصني ضد املنشقني الصينيني‪ ،‬وروسيا ضد األحزاب‬ ‫‪50‬‬

‫هجمات �إلكرتونية حول العامل‬ ‫يخضع مواطن ماليزي للمحاكمة بسبب اختراقه شبكة‬ ‫كومبيوتر خاصة مبصرف االحتياطي الفيدرالي وسرقة‬ ‫معلومات مالية مهمة‪ .‬وأنكر لني مون بو البالغ من العمر‬ ‫‪ 32‬عاما أنه مذنب أمام محكمة في نيويورك في نوفمبر‬ ‫(تشرين الثاني) ‪ ،2010‬على الرغم من اعترافه لوكالء‬ ‫فيدراليني بأنه استطاع من قبل الدخول إلى شبكات‬ ‫خاصة مبؤسسات دولية‪.‬‬ ‫في يناير (كانون الثاني) عام ‪ ،2010‬اعترف رجل من‬ ‫نبراسكا بأنه مذنب في قضية استخدام برنامج كومبيوتر‬ ‫ملهاجمة موقع كنيسة بكاليفورنيا ومنع نشر رسائله‬ ‫دعون إن ذلك كان جزءا‬ ‫السياسية إلى العامة‪ .‬وقال امل ّ‬ ‫من هجوم إلكتروني منظم حول البالد يستهدف كنيسة‬ ‫الساينتولوجيا‪.‬‬ ‫في يوليو (متوز) عام ‪ ،2009‬كان ما يزيد على ‪ 25‬موقعا‬ ‫إلكترونيا أميركيا وكوريا جنوبيا حكوميا وخاصا أهدافا‬ ‫لهجمات احلرمان من اخلدمة‪ ،‬التي أبطأت من سرعة‬ ‫أنشطة املواقع أو أوقفتها متاما أليام عدة‪ .‬ومن املعتقد أن‬ ‫مصدر الهجمات يوجد في كوريا الشمالية‪ ،‬على الرغم‬ ‫من أنه لم حتدث أي سرقة للبيانات‪.‬‬ ‫حملت وزارة الدفاع األميركية وكالة جتسس أجنبية‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولية هجوم إلكتروني وقع عام ‪ .2008‬وقد وقع‬ ‫الهجوم بعد إدخال جهاز تخزين بيانات مصاب بفيروس في‬ ‫جهاز كومبيوتر تابع للجيش في الشرق األوسط‪ ،‬مما نشر‬ ‫سريعا وثائق سرية وغير سرية إلى جهة أجنبية‪ .‬وما زالت‬ ‫التحقيقات جارية ملعرفة اجلهة األخيرة التي وصلت إليها‬ ‫البيانات املسروقة‪.‬‬ ‫وقعت شركات دفاعية أميركية كبرى‪ ،‬منها «لوكهيد‬ ‫مارتن» و«بوينغ ورايثيون»‪ ،‬ضحايا لهجمات إلكترونية‬ ‫في عام ‪ ،2007‬يشتبه في أنها قادمة من الصني‪ .‬وفي‬ ‫مارس (آذار) عام ‪ ،2010‬طلب من عاملني في الناتو واالحتاد‬ ‫األوروبي زيادة تأمني أجهزة الكومبيوتر اخلاصة بهم‪ ،‬نظرا‬ ‫لزيادة محاوالت التجسس الصينية‪.‬‬ ‫السياسية األخرى املعارضة للرئيس‪ .‬وحتى هنا في الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫لدينا جماعات داخلية تستخدم الفضاء اإللكتروني في محاوالت للهجوم‬ ‫على احلكومة أو سياسيني أو قادة آخرين عبر شبكة اإلنترنت‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تعتقد أن هناك فئة معينة هي التي تشن الهجمات‬ ‫اإللكترونية بالفعل؟‬ ‫ال‪ ،‬ولكن هناك كثير من األشخاص الذين حصلوا على تعليم عال جدا‬ ‫مشتركني في تلك الهجمات‪ .‬وقد اكتشفنا في بعض احلوادث التي‬ ‫أجرينا حتقيقا فيها في باكستان‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬أن بعض الهاكرز‬ ‫الباكستانيني الذين كانوا يهاجمون مواقع إلكترونية هندية مهندسو‬ ‫برمجيات‪ .‬وفي بعض العمليات التي ال تقتصر على الفضاء اإللكتروني‪،‬‬ ‫ولكن من املؤكد أن لها صلة بجماعات إرهابية‪ ،‬كان من بني أعضائها‬ ‫أطباء‪ ،‬فهم ليسوا أطفاال أو أشخاصا غير متعلمني‪ ،‬بل يبدو على‬ ‫النقيض أنهم يستعينون بأشخاص ذوي مهارات عالية ودوافع أيضا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬وما هو نوع السياسات التي تضعها احلكومات من أجل احلد‬ ‫من التهديدات اإللكترونية‪ ،‬وكيف تتم معاقبة الهاكرز إذا مت التوصل‬ ‫إليهم؟‬


‫جيفري كار يحذّر من حرب كونية‪ ..‬إلكترونية‬

‫التهديد اخلفيّ‬

‫أصابت هجمات اإلنترنت دوال مثل أستونيا وجورجيا وقرغيزستان‪ ،‬وتنفق احلكومات حول العالم ما يزيد على تريليون دوالر‬ ‫سنويا على محاوالت الدفاع‪ .‬ولكن على الرغم من تكبد هذا املبلغ الهائل‪ ،‬لم يتحقق سوى تقدم ضئيل في معاجلة النشاط‬ ‫املدمر على اإلنترنت‪ .‬وفي حوار مع «اجمللة»‪ ،‬يوضح جيفري كار خبير استخبارات اإلنترنت خصائص احلرب اإللكترونية‪،‬‬ ‫ومضامينها بالنسبة للبنية التحتية املهمة‪ ،‬ويناقش ما يراه ضروريا ويجب التركيز عليه من خالل حتديد إجراءات أمنية‬ ‫مشددة على شبكة اإلنترنت‪.‬‬ ‫حوار‪ :‬جاكلني شون‬ ‫غير اختراع شبكة اإلنترنت عام ‪ 1989‬من الدعائم التي يقوم عليها‬ ‫ّ‬ ‫عاملنا‪ .‬كما أحدثت قدرات الشبكة الدولية في مجال االتصاالت ثورة في‬ ‫التنمية الثقافية‪ ،‬وحولت مسارها‪ .‬إنها حقيقة مقلقة‪ ،‬حيث إن ساحة‬ ‫اإلنترنت التي أصبحت اآلن راسخة للغاية في احلياة اليومية بدأت تظهر‬ ‫رسميا كميدان جديد تندلع فيه احلروب‪.‬‬ ‫و أصابت هجمات إلكترونية استونيا وجورجيا وقرغيزستان‪ ،‬وها هي‬ ‫تكلف حاليا حكومات حول العالم إنفاق ما يزيد على تريليون دوالر سنويا‬ ‫من أجل محاوالت الدفاع‪ .‬ولكن على الرغم من تكبد هذا املبلغ الضخم‪،‬‬ ‫فإنه لم يتحقق سوى تقدم ضئيل في محاولة ملعاجلة النشاط املدمر‬ ‫على اإلنترنت‪.‬‬

‫على يد هاكرز من مصادر مرخصة وسرية‪ .‬ويتشاور كار بانتظام مع‬ ‫استخبارات حكومية أميركية وأجنبية في ممارسات التجسس في مواقع‬ ‫مثل االستخبارات العسكرية األميركية ومؤمتر الصراع اإللكتروني الذي‬ ‫ينظمه مركز التميز لدفاع اإلنترنت التعاوني التابع حللف الناتو‪.‬‬ ‫ويكتب كار مقاالت ملدونة «فوربس فايروول»‪ .‬وهو أيضا مؤلف مدونة‬ ‫«إنتل فيوشن»‪ ،‬وأسس مشروع غراي غوس‪ ،‬وهو حتقيق مفتوح في‬ ‫الهجمات اإللكترونية الروسية التي شنت على جورجيا‪ .‬وقد اعتمد‬ ‫كتابه «داخل احلرب اإللكترونية» اجلنرال كيفني شيلتون‪ ،‬رئيس القيادة‬ ‫االستراتيجية األميركية‪.‬‬ ‫وفي حوار مع «اجمللة»‪ ،‬يوضح كار خصائص احلرب اإللكترونية‪،‬‬ ‫ومضامينها للبنية التحتية املهمة‪ ،‬ويناقش ما يعتقد أنها حاجة‬ ‫وضرورة يجب التركيز عليها من خالل حتديد إجراءات أمنية مشددة على‬ ‫شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫وفي حني يظل أمن شبكة اإلنترنت في الواليات املتحدة خاضعا إلشراف‬ ‫من القطاع اخلاص‪ ،‬في املقابل‪ ،‬تتحمس األنظمة غير الدميقراطية لتعزيز‬ ‫فكرة شبكة اإلنترنت اخلاضعة لسيطرة صارمة من احلكومة‪ .‬ويقع على‬ ‫عاتق الدول الليبرالية أن تضع إجراءات أمنية ميكنها أيضا أن حتفظ نزاهة‬ ‫بيئة اإلنترنت احلرة‪.‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬هل من املمكن أن تُعرّف لنا ما هي احلرب اإللكترونية؟‬

‫وجيفري كار هو خبير في مجال استخبارات اإلنترنت‪ ،‬وهو متخصص‬ ‫في التحقيق في الهجمات اإللكترونية على احلكومات والشبكات‬

‫ال ميلك أي شخص تعريفا جيدا للحرب اإللكترونية‪ ،‬ولكن في رأيي‪،‬‬ ‫تقع احلرب اإللكترونية في أي وقت يحاول فيه أحد األطراف حتقيق هدف‬

‫‪Image © iStockphoto‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪49‬‬


‫● حوارات‬

‫التي اقترحناها تقليل دور اجليش األميركي وهو ما يعد أحد‬ ‫األسباب التي أدت إلى عودة مترد حركة طالبان مرة أخرى‪.‬‬ ‫كما أنها حتاول أيضا تشجيع املصاحلة السياسية والالمركزية‬ ‫داخل أفغانستان كطريقة لفصل املعتدلني عن الزعماء‬ ‫الراديكاليني حلركة طالبان‪ .‬هوه‪ :‬هناك عناصر قيادية في حركة‬ ‫طالبان تدين لها العديد من اجلماعات احمللية بالوالء‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فلديك جماعات مثل طالبان أفغانستان التي يتزعمها املال‬ ‫عمر‪ ،‬ولكن هناك جماعات أخرى مثل شبكة حقاني‪.‬‬ ‫وبالتالي فلديك عناصر قيادية مختلفة يجب التفاوض معها‬ ‫على نحو مباشر ألن لديها قدرا هائال من النفوذ على العناصر‬ ‫األخرى حلركة طالبان‪ ،‬سواء كان ذلك على نحو فلسفي أو مالي‬ ‫أو عسكري أو غيره‪ .‬ولكن بالنسبة لتلك اجلماعات احمللية‪،‬‬ ‫يجب معاجلة تلك املظالم على نحو مباشر نظرا ألن العديد من‬ ‫األسباب التي تدفع الناس ملساندة حركة طالبان أو للمساندة‬ ‫من قبل حركة طالبان تعود إلى املظالم السياسية احمللية‪،‬‬ ‫وهي املظالم التي رمبا تتجاوز حدود اجملتمعات التي يعيشون‬ ‫بها‪ .‬وعلى نحو مشابه ملا قمنا به في محافظة األنبار في‬ ‫العراق عام ‪ 2007 - 2006‬فيجب أن نصل ملن يقومون بالتمرد‬ ‫حيث إن الغالبية العظمى منهم ميكن التوصل ملصاحلة معهم‬ ‫والتعامل مع املظالم السياسية املشروعة لهم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫االنتشار الواسع للقوات لم ينجح في‬ ‫حتقيق االستقرار في البالد سواء عسكريا‬ ‫أو أمنيا وال في توفير احلماية للحقوق‬ ‫املدنية األساسية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل هناك مخاوف تتعلق بأنه إذا ما تبنت اإلدارة تلك‬ ‫االستراتيجية ميكن تفسير األمر باعتباره «هزمية»؟‬ ‫ وولت‪ :‬نحن لسنا قلقني بذلك الشأن‪ ،‬على نحو خاص‪ ،‬فأوال‬‫نحن لسنا واثقني من إمكانية جناح االستراتيجية احلالية‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فمن وجهة نظرنا‪ ،‬فإننا ننظر إلى حملة غير ناجحة‪.‬‬ ‫ومقصدنا األساسي هو أنه إذا ما كنت تسعى وراء حتقيق‬ ‫نطاق من األهداف غير الواقعية التي من املستبعد حتقيقها‪،‬‬ ‫واملكلفة في نفس الوقت‪ ،‬فيجب علينا أن نطرح عددا من‬ ‫األسئلة األساسية حول ماهية مصاحلنا احلقيقية وماهية‬ ‫االستراتيجية املثالية لتحقيقها بتكلفة معقولة‪.‬‬ ‫ويدفع قصر ذلك كله على مصطلحات مثل «النصر» أو‬ ‫«الهزمية» أو غيرها الستدعاء استجابة عاطفية خاطئة‪ .‬فما‬ ‫يجب علينا فعله هو أن نكون واقعيني وأن نطرح أسئلة صريحة‬ ‫حول الفائدة من التكلفة‪« ،‬فماذا نحاول أن نحقق؟» و«ما هي‬ ‫أفضل طريقة لتحقيقه بتكلفة معقولة بالنسبة للواليات‬ ‫املتحدة؟» وسوف يؤدي ذلك‪ ،‬كما نعتقد‪ ،‬إلى طريق مختلف‬ ‫متاما‪.‬‬ ‫وأعتقد أنه أصبح سهال أن جنعل الناس تتحدث عن البدائل‪،‬‬ ‫في الوقت الذي يرون فيه تهاوي تلك املقاربة‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬وصل‬ ‫الرئيس أوباما للسلطة منذ عشرين شهرا ومعظم األخبار التي‬ ‫جاءت من أفغانستان لم تكن طيبة‪ .‬وكانت «مجموعة دراسة‬ ‫أفغانستان» ستسعد إذا ما كانت مقاربة اإلدارة قد جنحت وإذا‬ ‫ما متت هزمية حركة طالبان وإذا ما كان للحكومة املركزية في‬ ‫أفغانستان شعبية وشرعية ولم تكن فاسدة وإذا ما متكنت‬ ‫الواليات املتحدة من حتقيق جناح سريع والعودة لديارها‪ .‬وبالتالي‬ ‫فإننا لن ننزعج إذا ما ثبت أننا على خطأ‪ .‬ولكن نظرا ألننا ال‬ ‫نعتقد أننا قد أسأنا تشخيص املوقف‪ ،‬فمن الضروري أن نبدأ‬ ‫‪48‬‬

‫التفكير في البدائل لكي يكون لدينا وسيلة لالستمرار عندما‬ ‫تفشل االستراتيجية احلالية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هناك مزاعم بشأن تعرض حقوق املرأة للخطر إذا ما‬ ‫غادرت الواليات املتحدة أفغانستان‪ .‬كيف يتعامل التقرير مع‬ ‫تلك القضية؟‬ ‫ كليمونس‪ :‬أعتقد أننا نقدم األفضل‪ .‬إنها معضلة حقيقية‬‫ولكن تقريرنا ال ينأى بنفسه عن التعامل مع حقوق املرأة وحقوق‬ ‫اإلنسان في أفغانستان‪.‬‬ ‫فقد قضينا وقتا طويال في ذلك التقرير‪ ،‬ونحن ننظر إلى العناصر‬ ‫األخرى للضغوط السياسية‪ ،‬وأساسا وضع املعايير للوضع املزري‬ ‫حلقوق املرأة هناك‪ .‬كما أننا وجدنا أن نظام كرزاي ليس تقدميا‬ ‫على ذلك الصعيد‪ .‬وما حاولنا عمله هو التحرر من فكرة أن نشر‬ ‫اجليش واالستعانة بالقوة العسكرية سوف يؤديان إلى تعزيز‬ ‫حقوق املرأة وحقوق اإلنسان‪ .‬وال يدعو التقرير إلى اخلروج الكامل‬ ‫من أفغانستان‪ ،‬ولكنه يقول ببساطة إن االنتشار الواسع للقوات‬ ‫لم ينجح في حتقيق االستقرار في البالد سواء عسكريا أو أمنيا‬ ‫وال في توفير احلماية للحقوق املدنية األساسية وفي الوقت الذي‬ ‫نقول فيه إنه يجب أن نكون حريصني في ضمان تلك احلقوق فإنها‬ ‫ال تبتعد عن تلك املسؤولية‪.‬‬ ‫ وولت‪ :‬أعتقد أن وضع املرأة في أفغانستان مقلق على نحو‬‫واضح وليس لدي ما ميكن إضافته إلى النقاط الواردة في‬ ‫التقرير‪ .‬أعني أن محاولة إنهاء القتال هناك هي أفضل شيء‬ ‫ميكن عمله لتحسني أوضاع املرأة‪ .‬وأعتقد أنه يجب أن نقر‬ ‫أيضا بأن قدراتنا على حتقيق إصالح اجتماعي واسع النطاق‬ ‫في مجتمعات مختلفة متاما عن مجتمعنا هو أمر إلى حد ما‬ ‫محدود‪ .‬وأعتقد أن دور ووضع املرأة في أفغانستان سوف يتغيران‬ ‫مع الوقت وسوف يتحركان باجتاه ميكن اعتباره إيجابيا ولكن األمر‬ ‫ال ميكن أن يحدث على غرار تلويح األميركيني بالعصا السحرية‬ ‫وحتقيقه في غمضة عني بخاصة في ظل احلرب األهلية هناك‪.‬‬ ‫هوه‪ :‬هناك مكاسب حتققت للمرأة في أفغانستان بخاصة في‬ ‫شمال وغرب البالد واألجزاء املدنية منها‪ ،‬ويجب احلفاظ على‬ ‫تلك املكاسب‪ .‬ولذلك من الضروري أن نحظى بتسوية متفق‬ ‫عليها‪ .‬ولذلك فإن توصيتنا األولى هي القيام بعملية سياسية‬ ‫وتسوية متفق عليها لكي نضمن احلفاظ على تلك املكاسب‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن املرأة في تلك املناطق املدنية وفي الشمال‬ ‫والغرب قد حصلت على مكاسب نظرا لوجود الواليات املتحدة‬ ‫في أفغانستان فقد شهدت املرأة في الشرق واجلنوب حيث كان‬ ‫القتال اإلضرار بحياتها وهي تزداد سوءا‪.‬‬ ‫فاملرأة في جنوبي أو شرقي أفغانستان ستكون مهتمة بسقوط‬ ‫قنبلة على منزلها أو بأنها ال تستطيع السفر على الطرق نظرا‬ ‫لوجود القنابل املتفجرة أو باحتمالية تعرض أوالدها خلطر التورط‬ ‫في قتال مسلح أكثر من القلق بشأن عدم قدرتها على اخلروج‬ ‫من املنزل من دون البرقع‪ .‬وبالتالي فإن األولوية في جنوبي وشرقي‬ ‫أفغانستان يجب أن تكون إلنهاء العنف والصراع‪ .‬فاألولوية‬ ‫للوصول لتسوية متفق عليها واحلفاظ على املكاسب التي‬ ‫حققتها املرأة في الشمال الغربي واألجزاء املركزية من البالد‬ ‫وإنهاء العنف في األجزاء اجلنوبية والشرقية ألفغانستان ألن ذلك‬ ‫هو أكبر اخملاوف بالنسبة حلقوق املرأة اآلن‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تعزيز حقوق‬ ‫املرأة في مناطق البشتون عبر املعلومات التي تقدمها املنظمات‬ ‫الدولية ومنظمات اجملتمع املدني‪ .‬ولكن مرة أخرى‪ ،‬سوف تتغير‬ ‫ثقافة البشتون مع الوقت وال ميكن أن تتغير بإطالق الرصاص‪ .‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫* حوار أجرته‪ ‬بوال ميجيا‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 11‬نوفمبر ‪2010‬‬


‫كان من قبل عرفا سائدا‪ ،‬وهو أن أفغانستان سوف تكون دولة‬ ‫محايدة ولن تكون متحالفة مع أي قوة أخرى‪ ،‬وسيكون لديها‬ ‫دولة مركزية ضعيفة ومن ثم فال يجب أن تقلق البلدان األخرى‬ ‫في املنطقة من صدور التهديدات من تلك الدولة‪ .‬وبالتالي فإننا‬ ‫نوصي بأن تتزعم الواليات املتحدة بالتعاون مع األمم املتحدة املزيد‬ ‫من اجلهود الدبلوماسية النشطة في محاولة إلقناع األطراف‬ ‫املعنية األخرى بالتعاون على حتييد واستقرار أفغانستان‬ ‫وإزالتها كمصدر للتهديدات احملتملة ألي من جيرانها‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬يحدد تقريركم ثالثة شروط يجب أن تتحقق‬ ‫لكي تتمكن «القاعدة» من مهاجمة الواليات املتحدة من‬ ‫أفغانستان‪ )1 :‬يجب أن تستحوذ طالبان على السلطة في‬ ‫البالد‪ )2 .‬يجب أن ينتشر أعضاء تنظيم القاعدة هناك بأعداد‬ ‫كبيرة‪ )3 .‬يجب أن تبني منشآت تسمح لها بأن تخطط‬ ‫بفعالية أكبر‪ ..‬إلى أي مدى يعد ذلك السيناريو مرجحا؟‬

‫‪A New Way Forward co-author‬‬ ‫‪Steve Clemons‬‬

‫ كليمونس‪ :‬أشك في أن تعيد حركة طالبان تنظيم القاعدة‬‫مرة أخرى‪ .‬فحتى وقوع الهجمات في ‪ 2001‬لم تكن حركة‬ ‫طالبان أفغانستان تبدي اهتماما باالنتشار الواسع لإلرهاب‬ ‫الدولي‪ .‬ورمبا يكون ذلك قد اختلف أخذا في االعتبار الوضع‬ ‫الراهن‪ .‬ونحن ال نعرف إذا ما كانت حركة طالبان قد حتولت إلى‬ ‫شيء مختلف‪ .‬ولكن ما نعرفه‪ ،‬وهو ما أخشاه‪ ،‬هو أن الوضع‬ ‫الراهن خلق حتالفات جديدة‪ .‬فذلك ما حققناه‪ :‬توحيد هؤالء‬ ‫املتحاربني‪.‬‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫ملخ�ص ال�سيا�سات‬ ‫منذ بدأت اجلهود العسكرية األميركية في أفغانستان‬ ‫في أكتوبر (تشرين األول) ‪ ،2001‬تغيرت االستراتيجية‬ ‫املثيرة للجدل مرات عدة‪ .‬وخالل إدارة الرئيس جورج بوش‪،‬‬ ‫خلع التدخل العسكري السريع نظام طالبان في ‪2002‬‬ ‫وولى حكومة على النظام الغربي بقيادة حميد كرزاي‪.‬‬ ‫وفي السنوات التالية‪ ،‬ركزت السياسة األميركية على‬ ‫تكتيكات مواجهة اإلرهاب‪ ،‬وكما قال بوش فإن حكومته‬ ‫لن تفرق بني اإلرهابيني واحلكومات التي تساندهم‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2006‬بدأت حركة طالبان تستعيد قوتها‪ ،‬ومتت‬ ‫زيادة وجود قوات التحالف ملواجهة التمرد‪.‬‬ ‫وقد ساعد اجلنرال ستانلي ماكريستال الذي كان‬ ‫يقود القوات األفغانية في ‪ 2010 – 2009‬على نقل‬ ‫االستراتيجية من استراتيجية تتعلق باحلرب التقليدية إلى‬ ‫مقاربة أقل تناسقا‪ .‬وكانت أفكاره تتوافق مع السياسة‬ ‫التي تبناها الرئيس باراك أوباما الذي أرسل في ديسمبر‬ ‫(كانون األول) ‪ 30‬ألفا إضافية من القوات إلى أفغانستان‬ ‫على أمل زيادة القوات األفغانية قبل بداية انسحاب القوات‬ ‫األميركية في ‪ ،2011‬والذي سوف يعقبه انسحاب كامل‬ ‫في ‪ .2014‬ويقر اجلنرال القائد احلالي ديفيد بترايوس بأن‬ ‫االستراتيجية هي استراتيجية قصيرة املدى وأنها رمبا‬ ‫يتم تعديلها لتعزيز اجلهود املدنية في ظل اقتراب ميعاد‬ ‫انسحاب القوات‪ .‬ويقول أوباما إن االستراتيجية الشاملة‬ ‫ستتم مراجعتها خالل الشهر احلالي‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫وهو أمر سيئ إلى حد كبير ويجب أن نشعر جميعا باخلزي ملا‬ ‫أسفر عنه ذلك‪ .‬وفي رأيي‪ ،‬متثل حركة طالبان اآلن جزءا كبيرا‬ ‫من الدولة‪ ،‬ولكن ليس الدولة بكاملها‪ ،‬كما أنه ليس جميع‬ ‫البشتون ينتمون حلركة طالبان‪ .‬فحركة طالبان التي حتدثت‬ ‫عنها رمبا تكون عاجزة إلى حد كبير عن حكم البالد‪ ،‬فنحن‬ ‫نشك أن تتمكن حركة طالبان من السيطرة على كابل ولكن‬ ‫هناك مناحي أخرى للحوكمة التي يتم تنظيم البالد من خاللها‬ ‫كفيدرالية فضفاضة سوف تخضع أجزاء منها لسيطرة‬ ‫طالبان‪ ،‬فيما لن تخضع األجزاء الباقية‪.‬‬ ‫ووفق تلك املالبسات فإنه من املستبعد أن يعود تنظيم القاعدة‬ ‫ولكنه سيظل أيضا احتماال قائما‪ ،‬ولكن إذا ما حدث ذلك‬ ‫فأعتقد أن الواليات املتحدة وحلفاءها ستكون لديهم القدرة‬ ‫على إحلاق ضرر خطير على أي من املعسكرات التي أعيد‬ ‫تأسيسها‪ .‬ويجب أن نتذكر أن تلك املعسكرات كانت كبيرة‬ ‫للغاية‪ .‬كما أن مفهوم أننا تخلصنا من التهديد الذي ميثله‬ ‫تنظيم القاعدة على الواليات املتحدة نظرا لعدد القوات التي مت‬ ‫نشرها هو مفهوم خاطئ‪ .‬كما أننا نهدر املوارد هناك‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنني أعتقد أن السيناريوهات اخلاصة بهيمنة‬ ‫كاملة لطالبان هناك مستبعدة‪ ،‬أعتقد أن عودة «القاعدة»‬ ‫مشكوك بها وأنه شيء ميكن التعامل معه من دون ذلك االنتشار‬ ‫الواسع للقوات العسكرية الذي ساعد على استقطاب قوات‬ ‫حركة طالبان ضدنا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما هي احتماالت التوصل حلل متفق عليه لذلك‬ ‫الصراع؟ وما الذي ميكن عمله لتعزيز ذلك النوع من التواصل؟‬ ‫ وولت‪ :‬نحن ملتزمون بتشجيع املشاركة في السلطة داخل‬‫أفغانستان‪ .‬ولكن هناك مشكلة أساسية وهي أن خلق حكومة‬ ‫أكثر مركزية قد أقصى فئات محددة من اجملتمع األفغاني‬ ‫بخاصة البشتون‪ ،‬وحركة طالبان هي حركة مترد تتمركز أساسا‬ ‫في مناطق البشتون‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنه بتشجيع عدم مركزية‬ ‫السلطة‪ ،‬ومن خالل السماح بقدر أكبر من االستقالل للمناطق‬ ‫اخملتلفة‪ ،‬فإن بعض الناس الذين يحاربوننا في الوقت الراهن‪،‬‬ ‫ويحاربون احلكومة املركزية ميكن التغلب عليهم‪ ،‬نظرا ألن‬ ‫مظاملهم سوف تكون قد انتهت‪ .‬وحتاول االستراتيجية اجلديدة‬ ‫‪47‬‬


‫● حوارات‬

‫فإذا كان ذلك صحيحا فإن قرار تلك العملية خالل العام املاضي‬ ‫كان قرارا معيبا وغير مسؤول نظرا ألن الرئيس لم تطرح عليه‬ ‫اخليارات كافة التي كان يجب أن يحصل عليها‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬لعالقة الواليات املتحدة وباكستان أهمية خاصة في‬ ‫ما يتعلق بهزمية تنظيم «القاعدة»‪ .‬ما الذي ميكن عمله أيضا‬ ‫حتى تتوقف باكستان عن كونها عامال إشكاليا؟‬ ‫ وولت‪ :‬حسنا أعتقد أنه إذا كانت هناك أخبار طيبة‪ ،‬فهي‬‫أنه من الواضح أن احلكومة الباكستانية كانت تتعامل مع‬ ‫مشكالتها الداخلية مع جماعات اجلهاد‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬بجدية‬ ‫خالل العام أو العامني املاضيني‪ ،‬وبالتالي حتاول قمع بعض‬ ‫اجلماعات التي تعمل على األراضي الباكستانية‪ .‬ولكن ذلك‬ ‫لم يتضمن‪ ،‬ألسباب متعددة‪ ،‬طالبان أفغانستان املتمركزة في‬ ‫باكستان‪.‬‬ ‫بخاصة أن بعض أجزاء احلكومة الباكستانية كانت تنظر‬ ‫إليها دائما باعتبارها ميزة استراتيجية‪ .‬وأعتقد أن املقاربة‬ ‫األميركية هناك بحاجة إلى استمرار اإلجراءات الصارمة‪ .‬فقد‬ ‫كانت احلكومة تسمح لنا بتنفيذ عمليات مواجهة اإلرهاب‬ ‫في باكستان نظرا لوجود مصالح مشتركة هناك ويجب علينا‬ ‫االستمرار في حثهم على املساعدة في تلك اجلبهة‪ .‬كما يجب‬ ‫أن نشجعهم على اتخاذ اخلطوات املالئمة للحفاظ على شرعية‬ ‫وشعبية حكومتهم‪.‬‬ ‫هوه‪ :‬إنه أمر صعب للغاية‪ ،‬ومما ال شك فيه أن باكستان لديها‬ ‫مصاحلها اخلاصة‪ .‬فهي لديها مخاوفها اخلاصة من خالل التمرد‬ ‫املتعدد واجلماعات املتطرفة وعالقتها بالهند التي أدت للحرب‬ ‫مرات عدة خالل السنوات اخلمسني أو الستني املاضية‪ .‬وأعتقد‬ ‫أن الواليات املتحدة بحاجة إلى وضع أولوية للدبلوماسية‪.‬‬ ‫وعندما أنظر إلى حمالت البلقان في أواسط التسعينات‪ ،‬وكان‬ ‫هولبروك مسؤوال وقتها‪ .‬ال أعتقد أن هناك من لديه شك بأن‬ ‫الرئيس نظر إلى السفير هولبروك وكل من في الغرفة قائال‪:‬‬ ‫«إنه املسؤول ويجب على اجلميع تأييده مبا في ذلك اجليش»‪.‬‬ ‫ولكننا ليس لدينا ذلك احلق اآلن وال سفيرنا في أفغانستان‬ ‫أو السفير هولبروك الذي يعمل حاليا كمبعوث وزير اخلارجية‬ ‫ألفغانستان وباكستان‪ .‬وال أعتقد أن الرئيس قد خول لهما‬ ‫املسؤولية بوضوح وأن على اجلميع الرجوع إليهما‪ .‬وحتى يحدث‬ ‫ذلك فإن دبلوماسيتنا تفتقر إلى املوارد‪ .‬ولن يكون الباكستانيون‬ ‫متأكدين ملن يجب عليهم أن يتحدثوا أو من هو الشخص الذي‬ ‫يجب عليهم أن يتحدثوا إليه من جانب الواليات املتحدة أو من‬ ‫هي السلطة املسؤولة عن ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫عودة «القاعدة» مشكوك بها‪ ..‬وهو أمر‬ ‫ميكن التعامل معه من دون ذلك االنتشار‬ ‫الواسع للقوات العسكرية الذي ساعد‬ ‫على استقطاب قوات حركة طالبان ضدنا‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما نوع التعاون املتوقّع من أفغانستان لتنفيذ‬ ‫االستراتيجية املقترحة؟‬ ‫ كليمونس‪ :‬من الصعب حتديد ذلك‪ .‬فأنا لست ممن يعتقدون‬‫أنه ميكن حتقيق حكومة خالية من الفساد بسهولة‪ ،‬أو أننا‬ ‫سوف نحصل على حكومة تشبه إدارة من عصر النهضة‬ ‫حتمل قيما تنويرية‪ .‬ولكنني أعتقد أنه ميكن أن نلعب دورا مع‬ ‫األطراف األخرى‪ ،‬بخاصة الباكستانيني والسعوديني والصينيني‬ ‫‪46‬‬

‫وغيرهم من األطراف اإلقليمية‪ ،‬بخاصة إيران‪ ،‬لبدء عملية ميكن‬ ‫أن تتضمن البشتون على نحو أفضل من العملية السابقة‪.‬‬ ‫وهو شيء مياثل ما فعله األخضر اإلبراهيمي‪ ،‬مقاربة أكثر شموال‪،‬‬ ‫تعمل على توازن مختلف بني نقاط القوة احلالية‪ .‬وهو ما يتطلب‬ ‫االشتمال على قدر من عدم مركزية العملية املركزية التي بدأها‬ ‫كرزاي‪ ،‬وأنا ال أعتقد أن شركاءنا في تلك العملية سوف ميكن‬ ‫االعتماد عليهم متاما‪ ،‬وسوف يحتاج األمر إلى بعض املناورات‬ ‫اخليالية‪ .‬وكما أخبرني اإلبراهيمي‪ ،‬فإنه لن تكون هناك مجموعة‬ ‫واحدة من املفاوضات مع حركة طالبان أو بني طالبان وكرزاي ميكن‬ ‫أن تسفر عن اتفاقات بشأن املواضيع كافة‪.‬‬ ‫فمن املرجح أن يكون هناك سبع مجموعات من املفاوضات مع‬ ‫أطراف مختلفة وأنهم بحاجة للمرونة وللتطور وأن األمر سيكون‬ ‫معقدا‪ .‬وأن حتاول حتى في عملية املصاحلة والتفاوض أن متنح‬ ‫ما يسمى طالبان شكال من التوازن السياسي مع أي مما متثله‬ ‫احلكومة األفغانية احلالية‪ .‬ولكنني أعتقد أن االحتفاء بكرزاي‬ ‫واحلكومة األفغانية على نحو مبالغ فيه هو خطأ أيضا‪ .‬فعلينا‬ ‫أن ندرك أنه سيكون هناك نتائج مختلفة خالل الطريق وأنه‬ ‫سيحدث اندماج وانصهار لألطراف اخملتلفة‪.‬‬ ‫ولدى أحد املشاركني في ذلك التقرير مفهوم مهم للغاية حيث‬ ‫يقول‪« :‬تعاني أميركا من مشكلة أنها ال ترى سوى املشكالت‬ ‫التي تستطيع حلها ولكن هناك العديد من األطراف األخرى التي‬ ‫لديها مصالح في ذلك أيضا»‪ ،‬وبالتالي فإننا بحاجة إلى تبني‬ ‫مقاربة توم سوير على غرار رواية مارك توين القدمية حينما جعل‬ ‫توم سوير اآلخرين يدهنون له سياجه‪ .‬فسيكون من احلكمة‬ ‫أن تبدأ الواليات املتحدة في منح الدول واألطراف األخرى بعض‬ ‫االهتمام وقدرا من املساحة والوقت في تلك العملية‪ .‬فنحن ال‬ ‫نقوم باألمر على أحسن وجه‪.‬‬ ‫والت‪ :‬لقد أصبح لدينا اآلن العديد من األدلة التي تؤكد أنه لم‬ ‫يعد من املمكن أن نتوقع الكثير من أفغانستان‪ .‬فمن املبادئ‬ ‫األساسية حلرب ملكافحة اإلرهاب هو أنك بحاجة إلى شريك‬ ‫محلي ملساعدتك على النجاح‪ ،‬فيجب أن تكون قادرا على بناء‬ ‫مؤسسات فعالة في الدولة التي حتاول أن تتغلب على التمرد‬ ‫بها‪ .‬حكومة كرزاي في السلطة اآلن منذ سبعة أو ثمانية أعوام‪.‬‬ ‫وكان هناك عدد من االنتخابات املزيفة وكان هناك فساد متفش‬ ‫وال يبدو أن هناك وسيلة ملعاجلة ذلك‪ .‬وهو ما يجعل من املستبعد‬ ‫أن تنجح الواليات املتحدة في حتقيق هدفها املعلن اخلاص ببناء‬ ‫حكومة مستقرة ومركزية على غرار النمط الغربي هناك‪ .‬ولذلك‬ ‫تقترح مجموعة الدراسات أن نتحرك في اجتاه مختلف متاما‬ ‫بدءا من االعتراف بافتقارنا للقدرة على إعادة الطبيعة املركزية‬ ‫للمجتمع األفغاني‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ما هي العوامل الديناميكية التي تنتج عن مصالح‬ ‫الدول األخرى املشاركة في أفغانستان وكيف ميكن حل تلك‬ ‫املشكالت؟‬ ‫ وولت‪ :‬أعتقد أنه يجب أن نقر بأن هناك عددا من الدول األخرى‬‫التي تهتم مبا يحدث في أفغانستان أكثر من الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وهي الدول التي تقع في مجالها املباشر‪ ،‬مبا في ذلك باكستان‪،‬‬ ‫بالطبع باكستان‪ ،‬كذلك الهند وإيران ودول أخرى مثل أوزبكستان‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى بعض الدول مثل اململكة العربية السعودية التي‬ ‫كانت تشارك بقوة في السابق‪.‬‬ ‫ويجب أن ندرك أن أي حل بعيد املدى هنا سوف يتضمن التزام‬ ‫معظم الدول األخرى بتحقيق أهداف مشتركة في املنطقة مما‬ ‫يؤدي إلى وضع ال يتم التعامل فيه مع أفغانستان مثل أي منطقة‬ ‫أخرى تدخل في نطاق صراعاتهم أو يحاولون تنفيذ أجنداتهم‬ ‫اخلاصة فيها‪ .‬وأعتقد أن ما يعنيه ذلك هو إعادة تأسيس ما‬


‫أفغانستان وهزمنا «القاعدة» وطالبان ألنهما هاجمانا‪.‬‬

‫حقيقة مصالح األمن القومي اخلاصة بنا ونحدد وفقا لها‬ ‫السياسات واالستراتيجيات التي تبدأ من القمة‪ ،‬وهبوطا منها‪،‬‬ ‫بدال من التعامل مع التطورات العملية على األرض‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬ماذا كان رد فعل اجليش إزاء ذلك التقرير؟‬

‫ويفيد ذلك اخلطاب بأنه يجب علينا أن نظل في أفغانستان لكي‬ ‫نصبح آمنني‪ ،‬وأننا إذا ما غادرنا أفغانستان أو لم ننه املهمة‬ ‫فسوف يعود تنظيم القاعدة إلى أفغانستان مرة أخرى وتتكرر‬ ‫هجمات احلادي عشر من سبتمبر‪.‬‬

‫ وولت‪ :‬لقد القى التقرير بعض االنتقادات من املؤيدين ملقاربة‬‫مواجهة التمرد‪ ،‬وهو أمر متوقع‪ ،‬ألننا نقدم بديال استراتيجيا‪.‬‬ ‫ولكن أحد األهداف الرئيسة للتقرير هو أن يفتح حوارا ويحافظ‬ ‫على استمراره وأن يحث الناس على التفكير في البدائل‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإذا لم تفلح مقاربتنا احلالية فستكون لدينا بدائل أخرى بالفعل‪.‬‬

‫ولكن تنظيم القاعدة ليس موجودا في أفغانستان‪ ،‬وليس موجودا‬ ‫في أي مكان آخر ميكن لالحتالل العسكري التقليدي أن يؤثر عليه‪.‬‬ ‫فقيادتها في باكستان‪ ،‬ولكن القيادة أقرب إلى كونها إرشادية‪،‬‬ ‫فهي ليست هيكال تقليديا من اإلدارة والسيطرة‪ .‬فتنظيم‬ ‫القاعدة يتكون من شبكة من اخلاليا الصغيرة غير محكمة‬ ‫التنظيم حول العالم‪ .‬وبالتالي فإذا كان تنظيم القاعدة ميثل‬ ‫قضية أمن قومي رئيسة للواليات املتحدة فإن احتالل أفغانستان‬ ‫ليس له أي تأثير عليه‪.‬‬

‫كليمونس‪ :‬لقد شعرنا بالذهول نظرا لقدر االنفتاح ‪ -‬فقد‬ ‫تلقينا اهتماما وأسئلة من العديد من الناس داخل البيت األبيض‬ ‫ومن داخل إدارة البنتاغون بخاصة هيئة األركان‪ ،‬واألشخاص الذين‬ ‫يعدون حاليا ملا سيكون عملية املراجعة االستراتيجية لديسمبر‬ ‫(كانون األول)‪.‬‬

‫وذلك هو ما انطلقنا منه‪ ،‬والسبب الذي يكمن وراء مطالبتنا‬ ‫مبراجعة وجودنا في أفغانستان‪ .‬وبالتالي فنحن نقول دعونا نرجع‬ ‫خطوة للخلف ونفكر في مصالح األمن القومي للواليات املتحدة‬ ‫ونخرج باستراتيجيات وسياسات منها‪ .‬فألننا ال نستطيع‬ ‫السيطرة على قندهار‪ ،‬قمنا بإرسال ‪ 30‬ألف جندي إضافي إلى‬ ‫تلك املنطقة‪ .‬حسنا‪ ،‬هل من الضروري بالنسبة للواليات املتحدة‬ ‫أن تسيطر فعليا على قندهار؟‬

‫ونحن نعلم بالفعل أن اجلنرال بيترايوس قد بدأ مناقشات مع‬ ‫أعضاء هيئة األركان قبل أن يعدوا تقاريرهم ونقاشاتهم مع‬ ‫البيت األبيض‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فقد أخبرنا ذلك الفرع من البنتاغون‬ ‫على نحو غير رسمي بأن تقريرنا جزء من خطتهم‪ .‬كما أن‬ ‫لدينا أيضا تبادال بناء من األفكار مع وزارة اخلارجية‪ ،‬مع عدد‬ ‫من األعضاء بفريق ريتشارد هولبروك ومع بعض الناس داخل‬ ‫سفارة أفغانستان‪ .‬وال نستطيع أن نقول إن أيا من تلك األطراف‬ ‫قد احتفى رسميا بتقريرنا‪ ،‬ولكن الباب كان مفتوحا على نحو‬ ‫مذهل ملناقشة النتائج‪ .‬وقد أخبرنا البعض على املستوى غير‬ ‫الرسمي أن ذلك التقرير تتم قراءته على أعلى املستويات وأن له‬ ‫أهمية خاصة‪ .‬وال يعني ذلك أنه سوف يحدد السياسة ولكنه‬ ‫يعني أن أحد أهدافنا واملتعلق بفتح مناقشات عالية املستوى‬ ‫قد حتقق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫لقد قمنا بالعملية الكبرى في مرجة خالل فبراير (شباط)‬ ‫املاضي بنحو ‪ 20‬ألفا من جنود البحرية واجلنود األفغان‪.‬‬ ‫ولكن بالنسبة ملصالح الواليات املتحدة‪ ،‬كيف حتقق السيطرة‬ ‫على مرجة األمن للواليات املتحدة‪ ،‬وما تأثير ذلك على «القاعدة»؟‬ ‫وكيف يحقق ذلك االستقرار لباكستان التي متتلك األسلحة‬ ‫النووية؟ ومن ثم فإننا نريد أن نرجع خطوة للخلف وننظر في‬

‫تعاني أميركا من مشكلة أنها ال‬ ‫ترى سوى املشكالت التي تستطيع‬ ‫حلها ولكن هناك العديد من‬ ‫األطراف األخرى التي لديها مصالح‬ ‫في ذلك أيضا‪.‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬يقول بوب وودورد في مقال بـ«واشنطن بوست» إن‬ ‫تعمد تصوير احلرب في أفغانستان على نحو مغاير‬ ‫اجليش قد‬ ‫ّ‬ ‫ملاهيتها بالنسبة للرئيس أوباما أثناء اتخاذه القرار بزيادة القوات‬ ‫على األرض‪ .‬هل تتفق مع ذلك الطرح؟‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫ هوه‪ :‬لقد قرأت املقال وإذا كان ذلك صحيحا فإنه يعد إساءة‬‫بالغة للواليات املتحدة ومصاحلها‪ .‬فيبدو كما لو أن البنتاغون‬ ‫قد ذهب إلى هناك ولديه خطة ولم يعط الرئيس إال نتفا من‬ ‫تلك اخلطة‪« .‬هذه هي اخلطة سيادة الرئيس وميكنك أن حتصل‬ ‫عليها باحلجم الصغير أو املتوسط أو الكبير وليست هناك‬ ‫خيارات أخرى»‪ ،‬ومن الواضح أن الرئيس شعر باإلحباط حيالها‬ ‫ويبدو أن األعضاء اآلخرين في فريقه قد شعروا باإلحباط أيضا‪.‬‬ ‫وما أكد ذلك فعليا بالنسبة لي هو اإلشارة إلى أن اجلنرال لوت‬ ‫كان يخضع ملساءلة األدميرال مولن حلديثه بحرية وتقدمي نصائح‬ ‫صادقة إلى الرئيس‪.‬‬ ‫وأعتقد أنه من اخلطورة أن نصل لوضع يتم قهر مستشاري‬ ‫الرئيس فيه من قبل املسؤولني األعلى مرتبة ويضطرون لاللتزام‬ ‫بقوانني البنتاغون أو احلزب‪ .‬وأعتقد أن ذلك موقف خطر للغاية‪.‬‬ ‫‪45‬‬


‫● حوارات‬

‫ورطة أميركا في أفغانستان حتتاج الى أكثر من إطالق الرصاص‬

‫استراتيجية خاطئة ضد عد ّو افتراضي‬

‫على رغم الزيادة األخيرة في عدد القوات امليدانية‪ ،‬لم تشهد احلرب األميركية في أفغانستان تقدما‪ .‬وقد قدمت «مجموعة‬ ‫دراسة أفغانستان» في تقرير حديث لها بعنوان «طريق جديد للتقدم» مقاربة جديدة‪ ،‬تقول فيها إن املصالح الوطنية‬ ‫للواليات املتحدة قد أسيء تفسيرها‪ .‬وفي حوار مع «اجمللة» يناقش كل من ستيفن وولت وستيف كليمونس ومات هوه‬ ‫مزاعم ذلك التقرير‪.‬‬ ‫حوار‪ :‬بوال ميجيا‬ ‫في ظل تدهور احلرب في أفغانستان‪ ،‬تزايدت الشكوك داخل‬ ‫الواليات املتحدة وخارجها حول ما إذا كانت استراتيجية اجليش‬ ‫األميركي هناك على الطريق الصحيح أم ال‪ ،‬وقدمت «مجموعة‬ ‫دراسة أفغانستان» استراتيجية بديلة في تقريرها األخير‬ ‫«طريق جديد للتقدم»‪.‬‬ ‫تقول الدراسة إن املصالح الوطنية األميركية قد أسيء‬ ‫تفسيرها‪ ،‬وبالتالي فإن اجلهود احلالية تضر أكثر مما تفيد‪ ،‬وينطلق‬ ‫البديل الذي يقدمونه من اخملاوف العملية واإلنسانية‪ ،‬فمن خالل‬ ‫التركيز على املصاحلة واملشاركة في السلطة‪ ،‬وتقليل وجود‬ ‫اجليش األميركي‪ ،‬واالستمرار في التركيز على تنظيم القاعدة‬ ‫واألمن الداخلي‪ ،‬وتعزيز التنمية االقتصادية ومشاركة األطراف‬ ‫الدولية‪ ،‬يطرح التقرير نقاشا مهما حول ما يجب عمله في‬ ‫أفغانستان‪.‬‬ ‫وقد حتدث إلى‪« ‬اجمللة»‪ ‬كل من‪ ‬ستيفن وولت‪ ،‬أستاذ الشؤون‬ ‫الدولية بكلية هارفارد كنيدي للحكومة‪ ،‬باإلضافة إلى‪ ‬ستيف‬ ‫كليمونس‪ ‬مدير برنامج االستراتيجية األميركية مبؤسسة «نيو‬ ‫أميركا»‪ ،‬ومات هوه القبطان السابق في البحرية األميركية‬ ‫ومبعوث وزير اخلارجية في أفغانستان حول القضايا املثارة في‬ ‫التقرير‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬يظهر تقريركم على نحو مقنع أن املصالح األمنية‬ ‫األميركية ترتبط باخملاطر التي ميثلها تنظيم القاعدة‪ ..‬ملاذا‬ ‫تعتقدون أن االستراتيجية احلالية في أفغانستان قد ابتعدت‬ ‫عن تلك األولوية؟‬ ‫ كليمونس‪ :‬هناك عوامل عدة تسهم في ذلك‪ .‬فخالل احلملة‬‫السياسية‪ ،‬كان على أوباما التعامل مع مسألة املشاركة‬ ‫العسكرية األميركية وقد وصف حرب أفغانستان باعتبارها‬ ‫احلرب الشرعية‪ ،‬فيما كانت العراق دائما هي احلرب السيئة‪ .‬وهو‬ ‫ما أثقل حسابات املصالح الوطنية التي نحاول تقدميها في ذلك‬ ‫التقرير‪ .‬فهناك توتر دائم بني حسابات املصالح الوطنية األكثر‬ ‫اعتداال وبني املنطق القائل بأنه على أميركا أن تقلق بشأن ظروف‬ ‫حقوق اإلنسان اخلاصة باآلخرين‪ .‬وعندما وجدنا أنفسنا متورطني‬ ‫في ما هو أقرب لكونه حروبا أهلية تتغير املهمة التي نحاول‬ ‫حتقيقها من هزمية األشرار إلى إصالح وإعادة تشكيل اجملتمعات‬ ‫التي جند أنفسنا داخلها‪ .‬إن اخملاوف املتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫عادة ما تشكل العوامل احملركة للسياسات‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬لدينا البنتاغون الذي يجد صعوبة في التراجع‪،‬‬ ‫كما أنه أصبح أكثر نفوذا وإصرارا على االنتصار‪ ،‬وبالتالي وإلى‬ ‫حد ما‪ ،‬استغلت بعض األطراف داخل البنتاغون تلك املهمة وذلك‬ ‫الغموض للحفاظ على املنطق وراء تلك احلروب التي تورطنا فيها‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫ـ هوه‪ :‬أعتقد أن ذلك ألن السياسة تهيمن دائما‪ ،‬وتعلمنا‬ ‫املبادئ األساسية للعلوم السياسية‪ .‬إن السياسة اخلارجية ما‬ ‫هي إال انعكاس للسياسة احمللية‪ .‬وبالتالي فأعتقد أن ما حدث‬ ‫هو أننا كان لدينا خطاب سائد في الواليات املتحدة يتعلق بأن‬ ‫أفغانستان هي املكان الذي نشأت منه هجمات احلادي عشر من‬ ‫سبتمبر (أيلول) وأن تنظيم القاعدة هاجمنا من أفغانستان‬ ‫وهو أمر مشكوك فيه‪ .‬أجل‪« ،‬القاعدة» كانت متمركزة هناك‪،‬‬ ‫وكانت هناك صالت بينها وبني حركة طالبان‪.‬‬ ‫ولسنا متأكدين متاما من حقيقة األمر‪ ،‬فإذا سألت عشرة خبراء‬ ‫مختلفني فسوف حتصل على عشر إجابات مختلفة‪ .‬ولكن‬ ‫معظم املهاجمني كانوا من جنسية واحدة‪ ،‬كما أن الهجمات مت‬ ‫التخطيط لها في أملانيا وباكستان‪ ،‬وحصل املنفذون على التدريب‬ ‫في الواليات املتحدة‪ ،‬ولكن اخلطاب السائد كان هو أننا ذهبنا إلى‬


‫تخفي�ضات امليزانية ت�ؤثر على م�ستقبل بريطانيا‬ ‫احتشد اآلالف من الطالب في جميع أنحاء مدينة لندن‪ ،‬أثناء املظاهرات األخيرة‪ ،‬احتجاجا على‬ ‫تخفيضات امليزانية احلكومية والزيادة املقترحة للمصروفات الدراسية‪ .‬بحلول عام ‪ ،2012‬سترتفع‬ ‫املصروفات الدراسية من ‪ 3.290‬جنيه إسترليني إلى حد أقصى يقدر بـ‪ 9.000‬جنيه إسترليني‪ .‬وبعد‬ ‫تاريخ طويل بتوفير التعليم العالي للطالب غير القادرين‪ ،‬تتعرض احلكومة البريطانية للهجوم بسبب‬ ‫القرار الذي أثار خالفا في البالد بشأن ارتفاع تكلفة التعليم العالي في بريطانيا‪ .‬ومن املرجح أن يورط‬ ‫القرار الطالب في مزيد من الديون‪ ،‬ويحرم كثيرين من فرصة احلصول على درجة جامعية‪ ،‬لذلك يشعر‬ ‫الطالب وأولياء األمور على حد سواء باخلداع والغضب نحو مؤيدي القرار‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪43‬‬


‫● ألف كلمة‬

‫‪42‬‬


‫ما يجعل العودة ليست فقط غير آمنة ولكنها غير مرغوب فيها‬ ‫أيضا بالنسبة للنازحني‪.‬‬ ‫وبعيدا عن املشكالت الكامنة في االستراتيجية‪ ،‬هناك أيضا‬ ‫إحساس بأنه رغم استخدام اللغة اخلاصة بحقوق اإلنسان‬ ‫واإلنسانية‪ ،‬فإن نوايا حزب املؤمتر الوطني رمبا تكون تنفيذ خطة‬ ‫بعيدة كل البعد عن تلك املعلنة‪ .‬وتشير املصادر في امليدان إلى‬ ‫أن االستراتيجية في احلقيقة ما هي إال وسيلة تستطيع عبرها‬ ‫احلكومة إقناع اجملتمع الدولي بأنها صادقة في محاولتها حلل أزمة‬ ‫دارفور سلميا‪ ،‬فيما تنفذ «حلها» اخلاص لألزمة الذي أطلق عليه‬ ‫بعض األكادمييني «إبادة جماعية باإلضعاف»‪.‬‬ ‫ويزعم كثيرون أن االستراتيجية ستحتوي على األرجح على مزيج‬ ‫من إغالق املعسكرات‪ ،‬وإعادة توزيع قسري للسكان ومصادرة‬ ‫لألراضي والعمالة القسرية للنازحني‪ .‬كما أن التأكيد على احللول‬ ‫الوطنية والتنمية في االستراتيجية ما هي إال مبادئ يخفي‬ ‫داخلها حزب املؤمتر الوطني الرغبة احلقيقية سوا بالسيطرة‬ ‫على املنظمات اإلنسانية التي يرى أنها مصدر للتهديد أو طردها‪.‬‬ ‫وهل هناك وقت أفضل لتنفيذ تلك اخلطة أكثر من الوقت الذي‬ ‫ينشغل فيه اجملتمع الدولي باجلنوب؟‬ ‫وعلى الرغم من أن قدرا من ذلك رمبا يبدو متشككا فإن هناك‬ ‫كثيرا من السوابق لذلك في السودان‪ ،‬كما تدعم التطورات على‬ ‫األرض ذلك على نحو ما‪ .‬فخالل الشهور األخيرة‪ ،‬على سبيل‬

‫املثال‪ ،‬طردت احلكومة عددا من العاملني باملساعدات اإلنسانية‬ ‫الذين كان كثير منهم مسؤوال عن مراقبة والتأكد من العودة‬ ‫الطوعية للنازحني‪ ،‬رغم أنها كانت تعلن عن نواياها بإغالق‬ ‫أكبر املعسكرات في دارفور‪ .‬ومؤخرا‪ ،‬قوبلت التقارير حول‬ ‫العنف في عدد من املناطق مبا في ذلك قرية «تبارات» في‬ ‫شمال دارفور و«جبل مرة» في الغرب برفض السماح بدخول‬ ‫العاملني باملساعدات لتقدمي املساعدة‪ .‬وهي واحدة من الوقائع‬ ‫الكثيرة التي تأتي مخالفة للهدف املفترض للحكومة وهو‬ ‫إعادة احلياة والسلم للمنطقة‪.‬‬ ‫وأخذا في االعتبار تاريخ دارفور‪ ،‬واحتمالية استمرار االنتهاكات‪،‬‬ ‫يجب على اجملتمع الدولي أن يتعامل مع تلك االستراتيجية‬ ‫اجلديدة بقدر صحي من التشكك‪ .‬باإلضافة إلى أنه يجب أن‬ ‫يتأكد من أنه أوضح حلزب املؤمتر الوطني نيته بالتركيز على‬ ‫املنطقة رغم التركيز على مفاوضات الشمال ‪ -‬اجلنوب‪ .‬وإذا‬ ‫فشل اجملتمع الدولي في إظهار التزامه باستعادة احترام حقوق‬ ‫اإلنسان في دارفور فسيكون هناك املزيد من املعاناة في األفق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫* لورا جونز ‪ -‬محللة سياسية بـ«إناف بروجيكت»‪ ،‬وهي‬ ‫متخصصة في الشأن السوداني‪ .‬كما أنها عملت في كثير‬ ‫من املشروعات املتعلقة بحقوق اإلنسان والتنمية وكمسؤول‬ ‫ميداني في مفوضية األمم املتحدة لشؤون الالجئني في دارفور‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 3‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫من العن�صرية �إىل املذابح اجلماعية‪:‬‬ ‫نزاع دارفور بال�سودان‬ ‫لقد واجهت دارفور صراعا طويال حول ملكية األراضي‬ ‫بني العرب البدو واجملتمعات الريفية في املنطقة‪ .‬وقد بدأ‬ ‫الصراع في بداية ‪ ،2003‬عندما رفع جيش حترير السودان‬ ‫وحركة العدل واملساواة السالح‪ ،‬مما تسبب في أن تقمع‬ ‫حكومة السودان األفارقة السود لصالح العرب‪ .‬ووفقا‬ ‫لألمم املتحدة‪ ،‬فإن أكثر من ‪ 2.7‬مليون شخص نزحوا وتوفي‬ ‫‪ 300‬ألف نظرا للحرب واجلوع واألمراض‪.‬‬ ‫وقد أنكر الرئيس عمر البشير تأييده مليليشيا اجلنجويد‪،‬‬ ‫ولكن الالجئني أكدوا أن حكومته قد ساعدت اجلنجويد‬ ‫ماليا وبالسالح باإلضافة إلى الهجمات املشتركة املنظمة‬ ‫على األفارقة السود‪ .‬وعلى تلك اخللفية‪ ،‬أصدرت احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية أمر اعتقال في ‪ 2008‬ضد الرئيس‬ ‫بزعم ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية واملذابح‬ ‫اجلماعية‪.‬‬ ‫وقد وقعت حكومة البشير وجيش حترير السودان اتفاقية‬ ‫سالم في مايو (أيار) ‪ 2006‬ولكن جماعات متمردة أخرى‬ ‫رفضت الصفقة‪ .‬ولم يكن هناك دليل على أن احلكومة‬ ‫قد فككت سالح اجلنجويد كما هو متفق‪ ،‬وأعقب االتفاق‬ ‫مستوى غير مسبوق من العنف‪.‬‬

‫‪Images © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫وفي فبراير (شباط) ‪ ،2010‬وقعت حركة العدل واملساواة‬ ‫اتفاقية إطار تتضمن وقفا إلطالق النيران مع احلكومة‪.‬‬ ‫ونظرا ألن االتفاق ال يعالج التفاصيل‪ ،‬وألن جيش حترير‬ ‫السودان يرفض التفاوض‪ ،‬تالشت الصفقة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫تقليل اخلطر من دارفور سوف يفيد إلى حد كبير البشير‬ ‫في انتخابات أبريل (نيسان) املقبلة‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫استراتيجية جديدة داخل اإلطار الوطني!‬

‫دارفور‪ ..‬نيات مكشوفة‬

‫تعمل احلكومة في السودان على تنفيذ استراتيجية جديدة بشأن دارفور‪ ،‬تعطي األولوية ملعاجلة القضية «داخل اإلطار‬ ‫الوطني»‪ ،‬والعودة‪ ،‬والتنمية‪ ،‬واحلد من التدخل الدولي‪ .‬وبينما متلك هذه االستراتيجية عناصر جديرة باملالحظة‪ ،‬ثمة فرصة‬ ‫محدودة ألن حتمل السالم واالستقرار لدارفور‪ ،‬وذلك لسببني‪ :‬األول‪ ،‬ألنها لم يتم تأسيسها على رؤية واقعية للوضع الراهن‬ ‫في دارفور‪ ،‬وثانيا ألن وظيفتها اجلوهرية هي التغطية على النيات احلكومية احلقيقية في املنطقة‪.‬‬ ‫لورا جونز‬ ‫فيما يلتفت العالم إلى استفتاء يناير (كانون الثاني) املقبل‬ ‫الذي سيقسم السودان على األرجح لدولتني منفصلتني‪ ،‬لم‬ ‫ينتبه أحد للتطورات األخيرة في دارفور‪ .‬التي رمبا أكثرها إثارة‬ ‫للقلق االستراتيجية اجلديدة باملنطقة‪ ،‬التي وإن كانت تبدو في‬ ‫ظاهرها حميدة‪ ،‬فإنها حتمل في جوهرها مخططات شائنة تتعلق‬ ‫باستمرار االنتهاكات الهائلة حلقوق اإلنسان باملنطقة‪ .‬وسيكون‬ ‫من احلكمة أن يقدم الدبلوماسيون العاملون بالسودان في الوقت‬ ‫الراهن رؤية نقدية لتلك اخلطة‪ ،‬حتى يتأكدوا من أنهم لم يتخلوا‬ ‫عن شعب دارفور في سبيل حتقيق رغبتهم في أن يروا استفتاء‬ ‫سلميا ‪.‬‬ ‫صادقت احلكومة السودانية في ‪ 16‬سبتمبر (أيلول) من العام‬ ‫احلالي رسميا على االستراتيجية اجلديدة بشأن دارفور‪ ،‬ويفترض أن‬ ‫تهدف إلى حتقيق تسوية شاملة وسلمية‪ ،‬تعيد احلياة إلى دارفور‪،‬‬ ‫وتفتح الطريق أمام جهود التنمية في املنطقة‪.‬‬ ‫وتركز االستراتيجية على أربعة عناصر مفصلية‪ .‬أوال‪ ،‬التقليل من‬ ‫أهمية عملية السالم في الدوحة التي تتم برعاية دولية‪ ،‬والدعوة‬ ‫بدال من ذلك لعملية سالم «وطنية» برعاية حزب املؤمتر الوطني‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬تضع قدرا كبيرا من تركيزها على عودة «آمنة وطوعية‬ ‫وقابلة لالستمرار» للنازحني إلى موطنهم األصلي‪ ،‬وتدعو اجملتمع‬ ‫الدولي للمساعدة في هذه العملية‪ .‬ثالثا‪ ،‬تدعو االستراتيجية‬ ‫إلى التركيز على التنمية بدال من اإلغاثة‪ ،‬وتربط التنمية بالعودة‪،‬‬ ‫في إشارة إلى تقدمي للخدمات سوف يتمركز في القرى األصلية‬ ‫للنازحني‪.‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬تعني االستراتيجية دورا محدودا للمجتمع الدولي‬ ‫يقتصر على أولوية األمن في مناطق التدخل‪ ،‬ودفع التعويضات‪،‬‬ ‫واملساهمة في التنمية وعودة النازحني‪ .‬األكثر أهمية‪ ،‬أنها تدعو‬ ‫اجملتمع الدولي للتعهد بلعب دور أكثر إفادة في دارفور عبر منع‬ ‫انتشار «املعلومات الزائفة» والتخلي عن مالحقة الرئيس عمر‬ ‫البشير أمام احملكمة اجلنائية الدولية‪.‬‬ ‫وعلى رغم وجود عناصر في االستراتيجية تبدو مشجعة مثل‬ ‫االعتراف احلكومي باحلاجة إلى التنمية في املنطقة‪ ،‬تنطوي‬ ‫االستراتيجية على خلل كامن نتيجة عجزها عن عكس حقيقة‬ ‫الوضع على األرض‪ .‬فكثير من الناس في دارفور وقعوا أو ال يزالون‬ ‫ضحايا جلرائم اقترفتها احلكومة نفسها‪ .‬ومع أخذ تاريخهم‬ ‫في االعتبار‪ ،‬يكون من الصعب أن نتخيل أن حزب املؤمتر الوطني‪،‬‬ ‫بوصفه أحد مرتكبي اجلرائم الرئيسيني‪ ،‬سيعمل على تقدمي‬ ‫اتفاق ميثل على نحو جدي مصالح كل أطراف الصراع‪ .‬وبفرض أن‬ ‫احلكومة خططت ملفاوضات جادة‪ ،‬وهو أمر مستبعد‪ ،‬فإن فقدان‬ ‫الثقة بني األطراف سيعيق عقد أي اتفاق‪.‬‬ ‫واألكثر إثارة للقلق هو فكرة إمكانية العودة في ظل املناخ احلالي‬ ‫‪40‬‬

‫وأنه يجب تشجيعها‪ .‬فليست هناك أرض يستطيع الالجئون‬ ‫العودة إليها نظرا ألن مساحة كبيرة منها اآلن يحتلها القرويون‬ ‫الذين كانوا مشاركني في مواجهة التمرد‪ .‬وتشير استحالة‬ ‫العودة اآلمنة إلى أن األزمة اإلنسانية بعيدة كل البعد عن‬ ‫احلل‪ ،‬وأن تنفيذ املبادرات التنموية في تلك املرحلة سوف يكون‬ ‫غير عملي إلى حد كبير‪ .‬باإلضافة إلى أن كثيرا من املناطق‬ ‫في دارفور ما زالت تفتقر إلى األمن‪ ،‬لعدة أسباب من بينها‬ ‫العنف بني القبائل والصدامات بني احلكومة واملتمردين‪ ،‬وهو‬


‫ومما ال شك فيه أن التعافي من األزمة املالية سوف يستغرق وقتا أطول‬ ‫بالنسبة للشباب أكثر من البالغني نظرا ألن الشباب يتعرضون خالل‬ ‫االنتقال من حياة الدراسة للعمل‪ ،‬بخاصة في الدول النامية‪ ،‬للعديد من‬ ‫ظروف العمل السيئة والعقود غير اآلمنة واألجور الضعيفة‪ .‬وعندما يكون‬ ‫هناك افتقار للفرص‪ ،‬يتزامن العدد املتزايد من الشباب الساخط مع تزايد‬ ‫معدالت اجلرمية واندالع أعمال العنف وعدم االستقرار السياسي‪ .‬وفي‬ ‫الوقت الذي يتزايد فيه عدد الشبان في الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪،‬‬ ‫فإنه من الضروري أن نتأكد من أن الوافدين على سوق العمل لديهم فرص‬ ‫مالئمة للعمل اجليد‪.‬‬ ‫كما أن التمييز ضد املرأة‪ ،‬الذي يكون عادة نتاجا لعادات ثقافية واجتماعية‬ ‫واقتصادية‪ ،‬يع ّد من العوامل األساسية ملعدالت البطالة املرتفعة بني‬ ‫الشباب في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫املكاسب املهمة في ما يتعلق بتعليم املرأة‪ ،‬فما زالت الفجوة بني الشابات‬ ‫والشباب في دخول سوق العمل كبيرة‪ .‬حيث يدخل عدد أقل من الشابات‬ ‫سوق العمل مقارنة بعدد الشباب‪.‬‬ ‫ويجب التعامل مع تلك التحديات على املستويني اإلقليمي‬ ‫والوطني‪ .‬فاملنظمات اإلقليمية مثل جامعة الدول العربية يجب‬ ‫أن تتعامل مع مشكلة بطالة الشباب من خالل توفير االستثمارات‬ ‫الضرورية لتلك األولوية الدميوغرافية‪ .‬فهناك حاجة جلمع املزيد من‬ ‫البيانات املتعلقة بسوق العمل واملصنفة وفقا للجنس لكي نضع‬ ‫سياسات أفضل‪.‬‬

‫وعلى مستوى الدولة‪ ،‬يجب على الدول أن تصمم خططا محددة لكي‬ ‫توفر فرص عمل للشباب ولتسهيل انتقالهم من الدراسة للعمل‪ .‬وهو ما‬ ‫يتضمن وضع برامج تركز على التعليم والتدريب املهني والتدريب املتعلق‬ ‫بتنمية املهارات مع التركيز اخلاص على تضمني الشباب من اجلنسني من‬ ‫البيئات الفقيرة‪ .‬كما ميكن أن تصبح التكنولوجيا أيضا مصدرا مهما‬ ‫في تلك اجلهود‪ .‬فمن خالل قدر قليل من اإلبداع واحلماس‪ ،‬ميكن استخدام‬ ‫الهواتف اجلوالة كأداة لتوفير التواصل بني الشباب العاطلني عن العمل‬ ‫وفرص العمل املتاحة‪ .‬كما ميكن أن تساعد التكنولوجيا في جمع البيانات‬ ‫واملساعدة في توسيع قاعدة املعلومات حول الشباب في الشرق األوسط‬ ‫وشمال أفريقيا‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن دوال مثل الواليات املتحدة وأملانيا والصني واليابان تعاني‬ ‫من وجود سكان مسنني‪ ،‬فإن لدى الشرق األوسط وشمال أفريقيا ميزة‬ ‫دميوغرافية وفرصة لتعزيز إمكانات سكانهما املتزايدين من الشباب‪.‬‬ ‫ميثل الشباب أمال واعدا في دفع االقتصاد لألمام أو حتدي فقدان تلك‬ ‫اإلمكانات‪ .‬ولكن املفتاح لتحويل حتدي بطالة الشباب إلى أمل واعد يأتي‬ ‫من خالل وضع سياسات ووضع االستثمارات الضرورية في هؤالء الشباب‪.‬‬ ‫* سابينا ديوان ‪ -‬املدير املشارك لقسم السياسات االقتصادية الدولية في‬ ‫«أميركان بروغرس»‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 16‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫بطالة ال�شباب يف بع�ض البلدان املختارة (ترتاوح �أعمارهم بني ‪)29 – 15‬‬ ‫ال�شباب‬

‫ال�شامل‬

‫ ‬ ‫اجلزائر‬

‫ ‬ ‫‪22.3‬‬

‫ ‬ ‫‪21.70‬‬

‫‪1.03‬‬

‫ ‬ ‫البحرين‬

‫ ‬ ‫‪20.1‬‬

‫ ‬ ‫‪5.50‬‬

‫‪3.65‬‬

‫ ‬ ‫مصر‬

‫ ‬ ‫‪24.8‬‬

‫ ‬ ‫‪10.16‬‬

‫‪2.04‬‬

‫ ‬ ‫إيران‬

‫ ‬ ‫‪23.0‬‬

‫ ‬ ‫‪11.27‬‬

‫‪2.04‬‬

‫ ‬ ‫العراق‬

‫ ‬ ‫‪--‬‬

‫ ‬ ‫‪10.53‬‬

‫‪--‬‬

‫ ‬ ‫األردن‬

‫ ‬ ‫‪22.2‬‬

‫ ‬ ‫‪14.95‬‬

‫‪1.48‬‬

‫ ‬ ‫الكويت‬

‫ ‬ ‫‪5.3‬‬

‫ ‬ ‫‪1.12‬‬

‫‪4.73‬‬

‫ ‬ ‫لبنان‬

‫ ‬ ‫‪17.4‬‬

‫ ‬ ‫‪8.08‬‬

‫‪2.15‬‬

‫ ‬ ‫املغرب‬

‫ ‬ ‫‪18.3‬‬

‫ ‬ ‫‪11.07‬‬

‫‪1.65‬‬

‫ ‬ ‫فلسطني‬

‫ ‬ ‫‪35.7‬‬

‫ ‬ ‫‪23.61‬‬

‫‪1.51‬‬

‫ ‬ ‫قطر‬

‫ ‬ ‫‪5.4‬‬

‫ ‬ ‫‪3.90‬‬

‫‪1.38‬‬

‫السعودية ‬

‫ ‬ ‫‪16.3‬‬

‫ ‬ ‫‪5.25‬‬

‫‪3.10‬‬

‫ ‬ ‫سورية‬

‫ ‬ ‫‪16.5‬‬

‫ ‬ ‫‪8.96‬‬

‫‪1.84‬‬

‫ ‬ ‫تونس‬

‫ ‬ ‫‪27.3‬‬

‫ ‬ ‫‪14.84‬‬

‫‪1.84‬‬

‫ ‬ ‫تركيا‬

‫ ‬ ‫‪6.19‬‬

‫ ‬ ‫‪9.51‬‬

‫‪2.06‬‬

‫ ‬ ‫اإلمارات‬

‫ ‬ ‫‪7.6‬‬

‫ ‬ ‫‪2.71‬‬

‫‪2.80‬‬

‫ ‬ ‫الشرق األوسط‬

‫ ‬ ‫‪25.9‬‬

‫ ‬ ‫‪11.14‬‬

‫‪2.32‬‬

‫ ‬ ‫الدخل املنخفض‬

‫ ‬ ‫‪9.9‬‬

‫ ‬ ‫‪4.88‬‬

‫‪2.03‬‬

‫ ‬ ‫الدخل املتوسط‬

‫ ‬ ‫‪19.6‬‬

‫ ‬ ‫‪6.58‬‬

‫‪2.98‬‬

‫ ‬ ‫الدخل املرتفع‬

‫ ‬ ‫‪13.6‬‬

‫ ‬ ‫‪6.68‬‬

‫‪2.04‬‬

‫ال�شباب‪ -‬ال�شامل‬

‫مالحظة‪ :‬جاء تصنيف البلدان وفقا إلجمالي الناجت احمللي للفرد في ‪ 2005‬وما يعادل القوة الشرائية للدوالر األميركي‪:‬‬ ‫الدخل املنخفض‪ :‬أقل من ‪ 3000‬دوالر‪ ،‬الدخل املتوسط‪ :‬من ‪ 3000‬دوالر إلى ‪ 15000‬دوالر‪ ،‬الدخل املرتفع‪ :‬أكثر من ‪ 15000‬دوالر‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬مجموعات الدول من مؤشرات التنمية العاملي (األعمار من ‪ 15‬إلى ‪ )24‬متوسط ‪ ،07 - 2000‬ودول الشرق األوسط من بروكينغز‪ ،‬واملوقع اإللكتروني للمبادرة األميركية‬ ‫للشراكة في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪39‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫ميلك الشرق األوسط وشمال أفريقيا أعلى نسبة منهم‬

‫الشباب بني حتدي البطالة وآمال التقدم‬

‫متيز دميوغرافي وفرصة لتعزيز إمكانات العدد املتزايد من السكان الشباب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ولكي‬ ‫لدى الشرق األوسط وشمال أفريقيا ّ‬ ‫نستطيع اإلفادة من ذلك املورد من حيث اإلنتاجية واالستهالك‪ ،‬يجب على صناع السياسة في املنطقة أن يتعاملوا مع حتدي‬ ‫البطالة وأن يعملوا على تعزيز اإلمكانات العظيمة لشبابهم‪.‬‬ ‫سابينا ديوان‬ ‫يتوق الناس في أنحاء العالم كافة للحفاظ على الشباب‪ ،‬وهو فترة من‬ ‫العمر ترتبط باإلمكانات والنشاط واحليوية‪ .‬وتعرّف األمم املتحدة الشباب‬ ‫بأنهم سكان الدولة الذين تتراوح أعمارهم بني ‪ 24 - 15‬عاما‪ ،‬ويعدون من‬ ‫أهم أصولها‪ ،‬حيث أنهم ميثلون األمل في اإلنتاجية واالستهالك ودعم خطط‬ ‫املعاشات واحلركة اإلبداعية واالجتماعية‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬يجب أن ميثل العدد الكبير من الشباب ميزة مهمة بالنسبة‬ ‫للمنطقة التي لديها عدد كبير من السكان الشباب مثل الشرق األوسط‬ ‫وشمال أفريقيا‪ ،‬حيث ميثلون نحو خمس السكان بها‪.‬‬ ‫ولكن عدد الشباب الضخم يصاحبه في الوقت ذاته كثير من التحديات‬ ‫بالنسبة لصناع السياسة‪ .‬فهناك حاجة إلى االستثمار في التعليم‪،‬‬ ‫والتدريب املهني وتنمية املهارات‪ ،‬باإلضافة إلى فرص إقامة املشاريع اخلاصة‬ ‫وتوفير فرص العمل وتوفير سبل البحث عن فرص العمل بالنسبة للشباب‪.‬‬ ‫كما يعني ذلك أيضا العمل على تضمني القادمني من بيئات فقيرة وتعزيز‬ ‫اإلمكانات البناءة للشابات باإلضافة للشباب‪ .‬وتعد تلك العوامل أساسية‬ ‫للتأكد من أن الشباب لديهم ما يحتاجونه لكي يصبحوا ناشطني وأعضاء‬

‫فاعلني بالنسبة ألسرهم ومجتمعاتهم ولالقتصاد بصفة عامة‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن ذلك التحدي يواجه الدول كافة التي لديها معدالت بطالة‬ ‫مرتفعة بني الشباب‪ ،‬فإنه ميثل حتديا خطيرا بالنسبة للشرق األوسط‬ ‫وشمال أفريقيا حيث أن لدى كل منهما معدالت منو متسارعة لعدد‬ ‫السكان‪ .‬كما أنه ميثل حتديا يجب على احلكومات في املنطقة أن تتعامل‬ ‫معه ببعض األهمية‪.‬‬ ‫ووفقا ملنظمة العمل الدولية‪ ،‬فإن األزمة االقتصادية قد فاقمت من حتدي‬ ‫عمالة الشباب‪ .‬حيث كان هناك ‪ 81‬مليون شاب عاطل عن العمل بنهاية‬ ‫‪ ،2009‬وهو أعلى بنحو ‪ 7.8‬ماليني عن العدد في عام ‪ .2007‬ويعد معدل‬ ‫البطالة في كل من الشرق األوسط وشمال أفريقيا من أعلى معدالت‬ ‫البطالة بني الشباب في العالم‪ .‬فقد كان هناك واحد من بني كل خمسة‬ ‫من الشباب في سوق العمل باملنطقة غير قادر على احلصول على فرصة‬ ‫عمل في ‪ .2008‬وعلى الرغم من أن معدل البطالة بني الشباب سوف‬ ‫يبدأ في االنخفاض في بقية املناطق األخرى في العالم بدءا من ‪،2011‬‬ ‫فإنه من املتوقع أن يستمر في االرتفاع في الشرق األوسط وشمال‬ ‫أفريقيا‪.‬‬

‫‪Images © Getty Images‬‬

‫‪38‬‬


‫أسواق‬ ‫ر�سم بياين ‪ :1‬قرو�ض املنازل‪ ،‬منطقة اليورو‬

‫ر�سم بياين ‪� :2‬أ�سعار العمالت الثنائية‬

‫امل�صدر‪ :‬البنك املركزي الأوروبي‪ ،‬نوفمرب (ت�شرين الثاين) ‪2010‬‬ ‫(معدالت النمو ال�سنوية‪ ،‬من دون تعديل مو�سمي)‬

‫في الفترة بني ‪ 1999‬و ‪ ،2003‬كان معدل النمو في ائتمان‬ ‫املستهلك في منطقة اليورو ينخفض تدريجيا‪ ،‬قبل أن يعود‬ ‫مرة أخرى لالرتفاع حتى عام ‪ .2006‬ومنذ ذلك‪ ،‬انخفض‬ ‫النمو في معدل ائتمان املستهلك بشكل ملحوظ‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫االنخفاض أكثر وضوحا في عام ‪ ،2009‬عندما انخفض املعدل‬ ‫إلى نحو ‪ 2‬في املائة في ظل األزمة املالية العاملية‪.‬‬ ‫وفي الفترة بني ‪ ،2009‬و‪ ،2010‬ارتفع منو ائتمان املستهلك‬ ‫ارتفاعا طفيفا وإن ظل حتت نسبة ‪ 0‬في املائة‪ .‬ومن جهة أخرى‪،‬‬ ‫ارتفعت القروض العقارية فعليا مبعدالت مرتفعة حيث بلغت‬ ‫‪ 4‬في املائة في ‪ .2010‬وفي نفس الوقت فإن القروض األخرى قد‬ ‫ارتفعت مبعدل يزيد عن الصفر وبصفة عامة كان معدل منوها‬ ‫أكثر استقرارا من قروض اإلسكان أو ائتمان املستهلك‪.‬‬ ‫حتى عشية األزمة املالية‪ ،‬متتع اليورو بفترة طويلة من القوة‬ ‫أمام الدوالر األميركي‪ ،‬حتى أنه كان‪ ،‬في مرحلة ما‪ ،‬يزيد من حيث‬ ‫القيمة النسبية مبعدل ‪ ،405‬مقارنة بقيمته عام ‪ .1999‬وفي‬ ‫القترة بني ‪ 2008‬و ‪ 2010‬كانت العملة املوحدة متر بفترة‬ ‫عصيبة أمام اجلنية اإلسترليني والدوالر والني الياباني‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي ضخ فيه االحتياطي الفيدرالي األميركي‬ ‫املزيد من املال في االقتصاد وخفض من معدالت الفائدة‪ ،‬رفع‬ ‫اليورو استعداده للنصف األول من عام ‪ .2009‬وعندما بدأت‬ ‫أزمة دين اليونان‪ ،‬تأثرت ثقة املستثمر في العملة وبالتالي‬ ‫تهاوت أمام الدوالر‪ .‬وفي النهاية صعد اليورو مرة أخرى‪ ،‬إلى‬ ‫حد كبير‪ ،‬نظرا لتراجع الدوالر (واملدفوع عمدا من خالل ضخ‬ ‫مجلس االحتياطي الفيدرالي لرأس املال)‪ .‬ومع ذلك فإنه في‬ ‫ظل الشكوك احمليطة مبنطقة اليورو التي أشعلتها أزمة دين‬ ‫أيرلندا التي الحت في األفق‪ ،‬فرمبا جتد العملة نفسها مرة أخرى‬ ‫حتت ميكروسكوب االقتصاديني ورجال السياسة‪.‬‬ ‫مالحظة‪ :‬تتضمن معدالت العمالة في الصناعة والبناء‬ ‫واخلدمات (باستثناء املنازل واملنظمات والهيئات غير اخلاضعة‬ ‫للقانون احمللي)‪ ،‬والتي لم يتم تعديلها وفقا للموسم‪.‬‬ ‫رمبا يكون املؤشر االقتصادي األكثر واقعية بالنسبة للمراقبني‬ ‫واملستهلكني هو وضع سوق العمالة في اقتصاد ما‪ .‬وفي‬ ‫منطقة اليورو‪ ،‬كان معدل البطالة ينخفض مبعدالت طيبة‬ ‫حتى بداية عام ‪ 2008‬عندما ارتفع وصوال إلى ‪ 7‬في املائة‪.‬‬ ‫وعندما بدأت األزمة املالية‪ ،‬انخفض االئتمان وجلأ أصحاب‬ ‫األعمال إلى تخفيض الوظائف وبالتالي ارتفع معدل البطالة‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫امل�صدر‪ :‬البنك املركزي الأوروبي‬ ‫مالحظة‪ 1999 :‬الربع الأول = ‪100‬‬ ‫ر�سم بياين ‪ :3‬ن�سب البطالة وفر�ص العمل يف منطقة اليورو‬

‫امل�صدر‪ :‬البنك املركزي الأوروبي‪ -‬يورو�ستات‬

‫ومنطقيا‪ ،‬انخفض معدل الوظائف الشاغرة وإن كان انخفاضه‪،‬‬ ‫كما هو موضح في الرسم البياني ‪ ،3‬لم يكن حادا مثل‬ ‫االرتفاع املفاجئ ملعدل البطالة‪ .‬ومع نهاية عام ‪ ،2010‬ال تبدو‬ ‫التوقعات اخلاصة بالعمالة متفائلة للغاية ولكن املتفائلني‬ ‫سوف يرون أن معدل البطالة قد بلغ معدال مستقرا‪ .‬وفي‬ ‫نفس الوقت‪ ،‬فإن فرص العمل الشاغرة ترتفع فعليا في‬ ‫منطقة اليورو والتي تبشر بخير بالنسبة للمستقبل القريب‪.‬‬ ‫‪37‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫(املدفوع إلى حد كبير مبعدالت وزارة اخلزانة طويلة املدى)‪ ،‬والتي تسمح‬ ‫للناس بزيادة القيمة العقارية ملنازلهم من خالل إعادة التمويل‪ .‬وفي‬ ‫حني تنخفض أرباح السندات طويلة املدى‪ ،‬سيبدأ املستثمرون أيضا في‬ ‫جمع األسهم ذات العائدات األكبر‪ ،‬مما يرفع بصورة غير مباشرة من دخل‬ ‫األسر‪ ،‬وبالتالي يحقق ثقة املستهلك ويزيد من إنفاقه‪ .‬أما التأثير الثاني‬ ‫فيعتمد على الشركات األميركية‪ ،‬التي ستستجيب نظريا النخفاض‬ ‫تكاليف االقتراض بزيادة االستثمارات وفرص العمل‪.‬‬ ‫ولكن تفترض هذه احلجة أن السبب الرئيس الرتفاع نسبة البطالة في‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وهو ما حتاول خطة االحتياطي الفيدرالي استهدافه‪،‬‬ ‫هيكلي‪ ،‬وليس دوريا‪ .‬ويعني ذلك أن الشركات احمللية ال توفر فرص عمل‬ ‫إلى حد كبير بسبب انخفاض الطلب على منتجاتها وخدماتها‪ .‬في‬ ‫خطاب ألقاه في ‪ 15‬أكتوبر (تشرين األول)‪ ،‬قال رئيس مصرف االحتياطي‬ ‫الفيدرالي بينجامني برنانك إن املصرف يرى «دليال ضعيفا على أن إعادة‬ ‫تخصيص العمال عبر الصناعات واملناطق يتعلق خصيصا بفترات‬ ‫أخرى من الركود‪ ،‬مشيرا إلى أن سرعة التغير الهيكلي ليست أكبر من‬ ‫الطبيعي»‪.‬‬ ‫وقد أشار علماء االقتصاد املؤيدون لهذا الرأي إلى دراسة عن الشركات‬ ‫الصغيرة أجراها أخيرا االحتاد الوطني للشركات املستقلة‪ ،‬والتي كشفت‬ ‫عن أن عددا أكبر من الشركات ذكرت أن أكثر مشكالتها إحلاحا هو‬ ‫انخفاض املبيعات‪ ،‬وليس جودة العمالة‪ .‬غير أن رئيس مصرف االحتياطي‬ ‫الفيدرالي في مينابوليس‪ ،‬نارايانا كوتشيرالكوتا‪ ،‬يقول العكس متاما‪ .‬إنه‬ ‫يقول إن مشكلة البطالة ترتبط بعناصر أخرى مثل العمال منخفضي‬ ‫املهارات الذين ال يتناسبون مع فرص العمل في الشركات التي تتطلب‬ ‫مهارات عالية‪.‬‬

‫‪Financial data‬‬ ‫الفائ�ض التجاري يف ال�صني‬

‫املصدر‪Trading Economics :‬‬ ‫�سعر الدوالر الأمريكي‪ /‬اليوان ال�صيني‬

‫وتؤيد التغيرات األخيرة في منحنى بيفيريدج‪ ،‬الذي يستخدم لقياس‬ ‫التغيرات الهيكلية في فرص العمل‪ ،‬هذه النظرية‪ .‬في املعتاد‪ ،‬يوضح‬ ‫املنحنى زيادة الوظائف الشاغرة في حني تنخفض معدالت البطالة‪.‬‬ ‫ولكن أشارت البيانات من يونيو (حزيران) عام ‪ 2009‬إلى أغسطس‬ ‫(آب) عام ‪ 2010‬إلى حتول املنحنى‪ ،‬حيث ترتفع معدالت البطالة حتى‬ ‫مع زيادة فرص العمل‪ .‬ورمبا يكون معدل البطالة أسوأ مما تشير إليه‬ ‫األرقام احلكومية‪ ،‬حيث إن الوظائف املوقتة في قطاعات مثل اإلنشاء‬ ‫ستنخفض عندما تتضاءل خطة التحفيز املالي األميركية‪.‬‬ ‫وليس من الواضح كذلك أن خفض تكاليف االقتراض سيزيد من حجم‬ ‫استثمارات الشركات‪ ،‬حيث إن معدل الفائدة يقترب بالفعل من الصفر‪،‬‬ ‫وميكن للشركات الكبرى فعليا االقتراض بسهولة من األسواق اخلاصة‪.‬‬

‫املصدر‪ExchangeRate.com :‬‬ ‫�أ�سعار الفائدة الأمريكية‬

‫ورمبا ال تساعد معدالت الفائدة املنخفضة الشركات األصغر حجما‪ ،‬التي‬ ‫تقدم القدر األكبر من فرص العمل في الواليات املتحدة وتعتمد بصورة‬ ‫أكبر على اإلقراض املصرفي‪ ،‬حيث إنها حتصل على معظم قروضها‬ ‫من مصارف متوسطة احلجم‪ ،‬والتي ال يزال اإلقراض فيها مقيدا بديون‬ ‫تتعلق بالرهون العقارية السيئة التي تثقل ميزانياتها‪.‬‬ ‫لقد رد الرئيس أوباما على مخاوف األسواق الناشئة في ما يتعلق بخطة‬ ‫االحتياطي الفيدرالي بقوله إن التوسع النقدي األميركي سيفيد هذه‬ ‫الدول من خالل الطلب األميركي املتزايد على املدى البعيد لصادرات‬ ‫األسواق الناشئة‪ .‬ولكنه لم يعترف بالصعوبات التي ستواجهها هذه‬ ‫الدول على املدى القريب بسبب انخفاض سعر الدوالر‪ .‬وبذلك‪ ،‬تبالغ‬ ‫الواليات املتحدة في تقدير القدرة االقتصادية للتيسير الكمي‪ ،‬بينما‬ ‫تقلل من قيمة التداعيات السياسية لسياستها االنعزالية املتزايدة‪،‬‬ ‫حتى مع محاولتها حلشد التأييد الدولي ضد عملة الصني املقدرة بأقل‬ ‫من قيمتها‪.‬‬ ‫* رويا ويلفرسون ‪ -‬كاتبة في شؤون االقتصاد في مجلس العالقات‬ ‫اخلارجية في نيويورك‪ .‬وقد عملت سابقا صحافية في الشؤون املالية‬ ‫في مجلة «سمارت موني» التابعة لـ«وول ستريت جورنال»‪.‬‬ ‫نشر هذا في "اجمللة" بتاريخ ‪ 24‬نوفمبر ‪2010‬‬ ‫‪36‬‬

‫املصدر‪Trading Economics :‬‬

‫أعلن االحتياطي الفيدرالي أن خطته ال‬ ‫تستهدف تخفيض قيمة الدوالر‪ ،‬وهو ما‬ ‫تخشى االقتصادات الناشئة من أنه سيؤدي‬ ‫إلى ارتفاع في أسعار العمالت وظهور فقاعات‬ ‫أرصدة في اخلارج‪.‬‬


Image © Getty Images

35

2011 ‫ يناير‬،1559 ‫العدد‬


‫● ثروة األمم‬

‫شكوك حول‬ ‫خطة االحتياطي األميركي‬

‫مخاطر كبيرة‬ ‫وفوائد قليلة‬

‫تواجه خطة التيسير الكمي التي أعلن عنها مصرف‬ ‫االحتياطي الفيدرالي األميركي أخيرا شكوكا من االقتصادات‬ ‫الناشئة‪ ،‬التي تظن أن الواليات املتحدة بهذا قد حتاول تخفيض‬ ‫قيمة الدوالر‪ .‬وعلى الرغم من أن بعض صناع السياسات‬ ‫أكدوا أن هذه اخلطوة موجهة خصيصا من أجل احلد من‬ ‫البطالة وتعزيز االستثمار‪ ،‬فإن حتقيق مثل تلك النتيجة ما‬ ‫زال بعيد املنال‪.‬‬ ‫رويا ويلفرسون‬ ‫إذا كان هناك شيء واضح في نتائج قمة الدول العشرين التي اجتمعت‬ ‫في سول في كوريا اجلنوبية‪ ،‬فهو أن الواليات املتحدة تركت القمة في‬ ‫وضع أسوأ مما بدأت عليه‪ .‬عكس رفض الصني وأملانيا القوي لالقتراح‬ ‫األميركي باستهداف موازنات احلساب اجلاري‪ ،‬رغبة هاتني الدولتني‬ ‫النسبية في حتمل "لعبة" تخفيض قيمة العملة التنافسية‪ .‬في‬ ‫الوقت ذاته‪ ،‬توضح احتجاجات االقتصادات الناشئة على خطط التيسير‬ ‫الكمي التي أعلنها االحتياطي الفيدرالي‪ ،‬الثقة اجلديدة التي تتمتع بها‬ ‫هذه الدول في تأكيد مصاحلها االقتصادية في مواجهة الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ولكن أعلن االحتياطي الفيدرالي أن خطته ال تستهدف تخفيض قيمة‬ ‫الدوالر‪ ،‬وهو ما تخشى االقتصادات الناشئة من أنه سيؤدي إلى ارتفاع‬ ‫في أسعار العمالت وظهور فقاعات أرصدة في اخلارج‪.‬‬ ‫ولكن سدد قرار االحتياطي الفيدرالي ضربة قوية الستراتيجية إعادة‬ ‫التوازن االقتصادي األميركية‪ .‬ولم تتضاءل شكوى الصني من خطط‬ ‫املصرف الفيدرالي باإلعالن عشية اجتماع القمة أن فائضها التجاري‬ ‫في أكتوبر (تشرين األول) قفز إلى ‪ 27.1‬مليار دوالر‪ ،‬بعد أن كان ‪16.9‬‬ ‫مليار دوالر في الشهر السابق‪ ،‬على الرغم من احتجاجات املسؤولني‬ ‫األميركيني وتهديدات الكونغرس بفرض تعريفات جمركية انتقامية‬ ‫ملواجهة تثبيت الصني لسعر العملة‪.‬‬ ‫ولم يذكر البيان اخلتامي للقمة حتى سياسة العملة في الصني‪ ،‬على‬ ‫الرغم من انزعاج اقتصادات آسيوية أخرى من حتدي الصني ألسعار‬ ‫الصادرات اإلقليمية عن طريق انخفاض قيمة اليوان‪ .‬وفي الوقت ذاته‪،‬‬ ‫بدد الرئيس األميركي باراك أوباما الكثير من رأسماله السياسي بعدم‬ ‫عقده اتفاقية جتارة حرة مع نظيره الكوري اجلنوبي لي ميونغ باك‪ ،‬عشية‬ ‫انعقاد القمة‪ .‬وكل ذلك من أجل خطة تيسير كمي تتفوق مخاطرها‬ ‫على فائدتها غير املؤكدة‪ .‬وال يتفق اقتصاديون أميركيون‪ ،‬من بينهم‬ ‫أعضاء مجلس االحتياطي الفيدرالي ذاته‪ ،‬على ما إذا كانت اخلطة‬ ‫ستنجح أم ال‪.‬‬ ‫ويدعم العديد من االقتصاديني األميركيني قول املصرف الفيدرالي‬ ‫بأنه‪ ،‬على الرغم من شكوك السوق الناشئة‪ ،‬فإن التيسير الكمي‬ ‫ليس تخفيضا عمديا لقيمة الدوالر‪ .‬وفي حني من املمكن أن يكون ذلك‬ ‫صحيحا‪ ،‬تبدو فكرة أن هذه السياسة سترفع إجمالي الطلب من خالل‬ ‫تأثير ثنائي مريبة‪ .‬كما تشير احلجة وراء هذه السياسة‪ ،‬سيزيد التأثير‬ ‫األول من طلب املستهلك من خالل انخفاض معدالت الرهن العقاري‬ ‫‪34‬‬


‫في حني غادر كثير من الناس بالدهم األصلية للبحث عن عمل‬ ‫في اخلارج أثناء األزمة االقتصادية‪ ،‬ظل العمال املهاجرون في‬ ‫الدول املضيفة لهم على الرغم من ضعف أسواق العمل‪ .‬وحاول‬ ‫بعضهم االستمرار في إرسال األموال إلى بالدهم بتخفيض‬ ‫نفقات معيشتهم‪ .‬ومن غير املفاجئ أن أداء الدول األصلية‬ ‫للمهاجرين لم يكن جيدا بسبب نقص احلواالت النقدية‪ ،‬مما‬ ‫فاقم من التراجع االقتصادي الذي كان موجودا بالفعل‪ .‬وقد‬ ‫انخفض حجم احلواالت النقدية بدرجة ملحوظة‪ ،‬على سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬في أميركا الالتينية‪ ،‬ودول الكاريبي‪ ،‬وشمال أفريقيا‪.‬‬ ‫وانخفضت التحويالت إلى املكسيك بنسبة ‪ 13.4‬في املائة‬ ‫في األشهر التسعة األولى من عام ‪ ،2009‬وبنسبة ‪ 20‬في‬ ‫املائة في مصر‪ .‬وشهد املغرب نسبة مماثلة في االنخفاض‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من حقيقة أن إجمالي التحويالت النقدية في‬ ‫العالم استمر في االنخفاض أثناء األزمة‪ ،‬فإن التحويالت‬ ‫بني دول مجلس التعاون اخلليجي وجنوب شرقي آٍسيا متيزت‬ ‫باملرونة‪ .‬واستمرت التحويالت في النمو‪ ،‬وإن كانت أبطأ من‬ ‫األعوام السابقة‪ ،‬على الرغم من انخفاض املهاجرين املغادرين‪.‬‬ ‫وقد زادت التحويالت إلى باكستان بنسبة ‪ 24‬في املائة في‬ ‫األشهر الثمانية األولى من عام ‪ .2009‬في حني أن التحويالت‬ ‫إلى بنغالديش ونيبال ارتفعت بنسبة ‪ 16‬في املائة و‪ 13‬في‬ ‫املائة‪ ،‬بالترتيب‪ .‬وسجلت الفلبني أيضا أرقاما قياسية في‬ ‫أعداد املهاجرين املغادرين وتدفق التحويالت في عام ‪.2009‬‬ ‫وتوضح أرقام البنك الدولي األخيرة في يوليو (متوز) عام ‪2010‬‬ ‫أن معدل زيادة التحويالت منذ بداية العام وحتى تاريخه ظل‬ ‫مرتفعا في دول جنوب شرقي آسيا أكثر من أميركا الالتينية‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬حققت نيبال (‪ 19.9‬في املائة) وبنغالديش‬ ‫(‪ 7‬في املائة) والفلبني (‪ 6.6‬في املائة) وباكستان (‪ 4.9‬في‬ ‫املائة) ارتفاعا أكبر من كولومبيا(‪ 12.8 -‬في املائة) واملكسيك‬ ‫(‪ - 4.6‬في املائة) وهندوراس (‪ 1.9‬في املائة) والسلفادور (‪2.5‬‬ ‫في املائة)‪ .‬ونظرا ألن الهجرة محددة مبمراتها‪ ،‬دعمت من هذه‬ ‫االجتاهات حقيقة أن الشرق األوسط قادر على التغلب على‬ ‫بعض من اآلثار السلبية للركود‪ .‬ويرجع السبب في تدفق‬ ‫التحويالت النقدية في تلك املنطقة إلى حد ما إلى استمرار‬ ‫منو األنظمة االقتصادية في الشرق األوسط واالعتماد على‬ ‫العمالة من جنوب شرقي آسيا‪.‬‬ ‫ولم يفوت صانعو السياسات في هذه البالد انتهاز هذه‬ ‫الفرصة‪ ،‬حيث أعلنت بنغالديش في بداية العام احلالي تأسيس‬ ‫بنك رعاية املغتربني لتسهيل عمليات التحويالت النقدية‪،‬‬ ‫وتعهدت بتحسني تدريب املهاجرين من أجل العمل في اخلارج‪.‬‬ ‫وفي نيبال‪ ،‬أعلنت وزارة املالية عن خططها إلصدار سندات‬ ‫تنمية بنية حتتية‪ ،‬تتوفر فقط للمهاجرين العاملني في اخلارج‪،‬‬ ‫وهو ما سيتم توجيهه نحو االستثمار احمللي‪ .‬وفي الهند‪ ،‬مت‬ ‫اإلعالن عن اإلصالح من خالل مشروع قانون إدارة الهجرة‪ ،‬الذي‬ ‫يتضمن إقامة صندوق رعاية اجملتمع الهندي‪ ،‬والذي يسهل من‬ ‫التعاون املالي للمغتربني في أوقات الشدة‪ .‬وليس غريبا أنه‬ ‫ميكن الوصول إلى هذا الصندوق في جميع دول اخلليج‪.‬‬ ‫ويعد ممر الهجرة من جنوب شرق آسيا إلى الشرق األوسط‬ ‫منوذجا مثاليا لظاهرة التنمية االقتصادية الناشئة في دول‬ ‫جنوب آٍسيا وال تعد الهجرة بني دول اجلنوب أمرا جديدا‪ ،‬ولكنها‬ ‫كانت نادرا ما تعتبر مكانا للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫وجدير بالذكر أن هذا املمر بالفعل يتسم بوجود بعض من أقل‬ ‫تكاليف إرسال احلواالت في العالم‪ .‬ويضمن صعود االقتصادات‬ ‫القوية واملؤثرة في البرازيل والصني والهند وجنوب أفريقيا‬ ‫أن هذا االجتاه سيشكل العمود الفقري لنموذج التنمية‬ ‫ا ملستقبلية ‪.‬‬ ‫وسريعا ما يشير النقاد لنقاط الضعف في هذا الرأي‪ .‬فقد‬ ‫أعلن املدافعون عن حقوق اإلنسان منذ أعوام أن احلكم العاملي‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫ن�سبة املهاجرين من ال�سكان يف عام ‪2010‬‬

‫املصدر‪ :‬األمم املتحدة (‪)/http://esa.un.org/migration‬‬ ‫الراهن للهجرة يتجاهل التكاليف البشرية للهجرة‪ .‬ولم‬ ‫توقع دولة واحدة من بني الدول ذات الدخل املرتفع معاهدة األمم‬ ‫املتحدة حلماية حقوق العمالة املهاجرة وعائالتهم (‪،)1990‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الوضع يتغير على بعض اجلبهات‪ ،‬فإن هناك‬ ‫انتهاكات حلقوق اإلنسان في دول مجلس التعاون اخلليجي‪.‬‬ ‫وعادة ما تظهر تقارير عن رؤساء عمل ميارسون إساءات‪ .‬ويزداد‬ ‫الشعور باالستياء نظرا لإلحساس بأنه يتم تفضيل األجانب‬ ‫على مواطني هذه الدول في شغل الوظائف احمللية‪ .‬وال يسمح‬ ‫نظام الكفالة‪ ،‬الذي تعتمد عليه سياسات الهجرة في دول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬مبناقشة مفاهيم املواطنة واالندماج‬ ‫واملشاركة‪.‬‬ ‫ولكن هناك سبب لالعتقاد في وجود تغيير‪ .‬لقد وقعت البحرين‬ ‫مذكرة تفاهم مع الهند تتمحور حول حماية املهاجرين‬ ‫الهنود‪ .‬كما أنها غيرت مؤخرا نظام الكفيل لتكون الدولة هي‬ ‫املسؤولة عن املهاجرين بدال من أصحاب العمل‪ .‬وفي أبوظبي‪،‬‬ ‫تبذل جهود من أجل حتسني اإلسكان املتوفر للمهاجرين وتنفيذ‬ ‫زيادات منتظمة في املرتبات‪.‬‬ ‫ويعد هذا التغيير متبادال‪ ،‬حيث تتحرك العديد من الدول في‬ ‫جنوب شرقي آسيا للتفاوض حول مذكرات تفاهم مع دول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي واتخاذ خطوات لضمان استفادة‬ ‫اجلانبني من الهجرة‪ .‬بل وحتدثت كل من الهند والسعودية حول‬ ‫توسعة نطاق مذكرة التفاهم بينهما عندما تنتهي مدتها‬ ‫في وقت الحق من العام احلالي‪ .‬وسيتم اتخاذ عدد من هذه‬ ‫القرارات أثناء اجتماعات عملية كولومبو‪ ،‬التي تأجل موعد‬ ‫انعقادها إلى الربيع املقبل في داكا‪.‬‬ ‫ورمبا تكون البحرين واإلمارات العربية املتحدة من أكثر الدول‬ ‫تقدما في املنطقة‪ ،‬ولكن كانت الدول اجملاورة أحيانا ما حتذو‬ ‫حذوها في املاضي‪ .‬وفي تلك احلالة‪ ،‬رمبا يجري إعداد مركز قوي‬ ‫جديد للتنمية بني دول جنوب آسيا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫* جاسون غانون ‪ -‬محلل سياسات الهجرة والتنمية في‬ ‫مركز التنمية التابع ملنظمة التعاون والتنمية االقتصادية في‬ ‫باريس‪ .‬وينتسب أيضا لكلية االقتصاد في باريس‪.‬‬ ‫*تعبر اآلراء املذكورة في هذا املوضوع عن كاتبها‪ ،‬وال تعكس‬ ‫بالضرورة آراء املؤسسات التي يعمل بها‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 4‬نوفمبر ‪2010‬‬ ‫‪33‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫اليد العاملة اآلسيوية وهجرة مليارات الدوالرات‬

‫التعاون جنوب – جنوب‪ ..‬الطريق الصحيح‬

‫في حني يشهد االقتصاد العاملي تراجعا اقتصاديا‪ ،‬يظل تدفق التحويالت النقدية بني دول مجلس التعاون اخلليجي والدول‬ ‫التي تقدم لها العمالة املهاجرة من جنوب شرقي آسيا قويا وسلسا‪ ،‬وفي بعض األحيان يستمر في النمو‪ .‬ويرجع السبب‬ ‫إلى حد ما إلى طفرة أسعار النفط‪ ،‬مما حافظ على النمو االقتصادي‪ ،‬وعلى فرص العمل في منطقة مجلس التعاون اخلليجي‪.‬‬ ‫ولكن يرجع األمر أيضا إلى السياسات النشيطة في كلتا املنطقتني الستخدام إمكانية الهجرة من أجل حتفيز التنمية‪،‬‬ ‫ويبدو أن اجلهود الراهنة للتوسع في ذلك تتخذ الطريق الصحيح‪.‬‬ ‫جاسون غانون‬ ‫ال يخفى على أحد أن عددا من الدول حتولت تدريجيا إلى‬ ‫االستفادة من التحويالت النقدية كواحدة من صور متويل‬ ‫التنمية‪ .‬وتشكل احلواالت التي يرسلها املهاجرون مكونا‬ ‫مهما في متويل التنمية‪ ،‬أحيانا ما يتجاوز حجم االستثمارات‬ ‫األجنبية املباشرة واملساعدة الرسمية على التنمية‪ ،‬حيث‬ ‫وصل حجمها من ‪ 167‬مليار دوالر في عام ‪ 2005‬إلى ‪36‬‬ ‫مليار دوالر عام ‪ ،2008‬بخالف األموال النقدية واملواد الغذائية وقد حولت األزمة املالية من هذا االجتاه‪ ،‬على األقل بصفة موقتة‪.‬‬ ‫والهواتف احملمولة وأجهزة الكمبيوتر التي يجلبها املهاجرون‬ ‫معهم لدى عودتهم‪.‬‬

‫وقبل وقوع األزمة املالية‪ ،‬اشترك كثير من الدول حول العالم‪،‬‬ ‫أبرزها ذات مستويات الدخل املرتفعة‪ ،‬في جهود توازن سياسية‬ ‫بني تلبية احتياجاتها من املوارد البشرية وفي الوقت ذاته‬ ‫مكافحة اخلوف من األجانب في بالدهم‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬حتول‬ ‫كثيرون إلى برامج «هجرة موقتة» و«املساعدة على العودة»‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬من خالل دورهم في حتويل األموال إلى‬ ‫عائالتهم‪ ،‬أصبح هذا املصدر أكثر مرونة في مواجهة الصدمات‬ ‫االقتصادية السلبية أكثر من أي مصدر آخر‪ .‬وتساعد تلك‬ ‫التحويالت األسر في الدول الفقيرة على حتمل نفقات ضرورية‬ ‫للغاية من أجل الغذاء والدواء والتعليم ‪ -‬وهو املزيج الذي‬ ‫يحدد الفارق بني الفقر املدقع واحلياة الكرمية‪.‬‬ ‫وال يجب أن تكون مفاجأة أن دول مجلس التعاون اخلليجي أيضا‬ ‫أصبحت تؤدي دورا مهما بالتدريج في احلرب العاملية ضد الفقر‪.‬‬ ‫وقد ازدادت أعداد العمالة املهاجرة في املنطقة بدرجة كبيرة‬ ‫في العقد املاضي‪ .‬بعد أن كان عددهم ‪ 8.5‬مليون شخص عام‬ ‫‪ ،1995‬يوجد نحو ‪ 15‬مليون مهاجر‪ ،‬من ‪ 39‬مليون مقيم في‬ ‫الدول الست األعضاء في مجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬السعودية‬ ‫والكويت واإلمارات وقطر وعمان والبحرين‪.‬‬ ‫وصل عدد املهاجرين في كل من اإلمارات والكويت إلى نسبة‬ ‫كبيرة من تعدادهما السكاني تقدر بـ‪ 70‬في املائة أو أكبر‪.‬‬ ‫ونظرا ألن معظم هؤالء املهاجرين يأتون إلى املنطقة من أجل‬ ‫العمل‪ ،‬ترتفع هذه النسبة عندما تتم مقارنة أعداد املهاجرين‬ ‫بالقوى العاملة في تلك الدول‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬يأتي ‪ 77‬في‬ ‫املائة من العمال في البحرين والبالغ عددهم ‪ 594.000‬عامل‪،‬‬ ‫من دول أخرى‪ .‬ومن دون شك‪ ،‬تعد شبه اجلزيرة العربية من أهم‬ ‫وجهات الهجرة في العالم‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫وتتزامن هذه التطورات مع صعود ثقافة الهجرة في جنوب‬ ‫شرقي آسيا‪ .‬في الفترة ذاتها من عام ‪ 1995‬إلى ‪ ،2010‬زاد‬ ‫حجم التحويالت النقدية بدرجة كبيرة إلى دول في شرق آسيا‪.‬‬ ‫على سبيل املثال ارتفع حجم التحويالت إلى بنغالديش إلى‬ ‫‪ 10.5‬مليار دوالر عام ‪ ،2009‬مبا يعادل ‪ 12‬في املائة من إجمالي‬ ‫الدخل القومي‪ .‬وتصل هذه النسبة إلى ‪ 20‬في املائة في نيبال‪.‬‬ ‫وتشهد سريالنكا والفلبني ارتفاعات مماثلة‪ ،‬جميعها بفضل‬ ‫زيادة الطلب على العمالة في دول مجلس التعاون اخلليجي‪.‬‬ ‫ولكن صاحبة الدور األكبر هي الهند‪ ،‬حيث تصل حتويالت نقدية‬ ‫بقيمة ‪ 50‬مليار دوالر في العام‪ .‬وفي البحرين‪ ،‬يقدر عدد الهنود‬ ‫بـ‪ 300.000‬شخص‪ ،‬وفي السعودية ‪ 1.5‬مليون شخص‪.‬‬


TM1559_31_Ad.indd 31

17/12/10 17:35:45


‫● قصة الغالف‬

‫بع�ض املرا�سالت الدبلوما�سية امل�سربة‬ ‫‪ 2‬يونيو (حزيران) ‪ ،2009‬السفارة األميركية في تل‬ ‫أبيب‪ :‬وزير الدفاع اإلسرائيلي إيهود باراك‪ ،‬ووفد الكونغرس‬ ‫األميركي الزائر‬ ‫«تساءل باراك عن كيف ميكن أن تفسر القيادة اإليرانية‬ ‫عدم وجود رد فعل صارم على كوريا الشمالية‪ ،‬متكهنا بأن‬ ‫حكومة الواليات املتحدة قد تعتبر (منرا من ورق)»‪.‬‬ ‫في كال االجتماعني‪ ،‬قال باراك «ال يجب سحب أي من اخليارات‬ ‫املتاحة» في مواجهة إيران وكوريا الشمالية‪ ،‬وقال‪« :‬إن‬ ‫التفاوض سيتم فقط بالتوازي مع وجود خيار عسكري موثوق‬ ‫به»‪.‬‬ ‫‪ 3‬أكتوبر (تشرين األول) ‪ ،2009‬السفارة األميركية في‬ ‫كابل‪ :‬مقابلة مع أحمد والي كرزاي‪ ،‬رئيس اجمللس احمللي في‬ ‫قندهار‪ ،‬وشقيق حميد كرزاي‬ ‫«في إجابة على سؤال من ممثل كندا في قندهار وكبير‬ ‫املمثلني املدنيني‪ ،‬عن مصداقية االنتخابات‪ ،‬قال أحمد والي‬ ‫كرزاي (األخ غير الشقيق حلميد كرزاي) إن الدميقراطية شأن‬ ‫جديد بالنسبة ألفغانستان‪ ،‬وال يستوعب الناس في املنطقة‬ ‫فكرة وجود انتخابات واحدة‪ ،‬ناهيك عن اثنتني‪ .‬وقال‪“ :‬ال‬ ‫يحب الناس التغيير‪ .‬يعتقدون أنه طاملا كان الرئيس حيا‪،‬‬ ‫فكل شيء على ما يرام‪ .‬ملاذا نحتاج إلى االنتخابات إذن؟”‬ ‫(‪ )...‬وتؤكد مقابلة أحمد والي كرزاي على أحد أهم التحديات‬ ‫التي تواجهنا في أفغانستان‪ :‬كيف نحارب الفساد ونحقق‬ ‫تواصل الشعب مع احلكومة‪ ،‬عندما يكون مسؤولو احلكومة‬ ‫الرئيسيون أنفسهم فاسدين»‪.‬‬ ‫‪ 4‬نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ ،2009‬السفارة األميركية في‬ ‫املنامة‪ :‬اجلنرال ديفيد بترايوس وملك البحرين‬ ‫«أشار امللك حمد (ملك البحرين) إلى إيران كمصدر لكثير‬ ‫من املشكالت في كل من العراق وأفغانستان‪ .‬وحث بشدة‬ ‫على اتخاذ إجراء من أجل وقف برنامجها النووي‪ ،‬أيا كانت‬ ‫الوسيلة الالزمة‪ .‬وقال‪“ :‬يجب وقف ذلك البرنامج‪ ،‬إن خطر‬ ‫السماح باستمراره أكبر من خطر إيقافه”»‪.‬‬

‫اهتمام �إعالمي‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪30‬‬

‫•وثيقة سرية تصف «ويكيليكس» بـ«التهديد» للجيش‬ ‫األميركي‪ .‬مجلة «وايرد»‪ 15 ،‬مارس (آذار)‪.‬‬ ‫•هل هذا هو مستقبل الصحافة؟ سبب أهمية «ويكيليكس»‪.‬‬ ‫«فورن بوليسي»‪ 7 ،‬أبريل (نيسان)‪.‬‬ ‫•موقع «ويكي» يسرب دليال ذا حساسية من خليج غونتانامو‪.‬‬ ‫«إيه بي سي نيوز»‪ 14 ،‬نوفمبر (تشرين الثاني)‪.‬‬ ‫•مسؤولون بريطانيون يخشون من تعطيل «ويكيليكس»‬ ‫للسياسة نحو إيران‪« .‬تليغراف»‪ 28 ،‬نوفمبر (تشرين الثاني)‪.‬‬ ‫•سارة بالني‪ :‬تعقبوا مؤسس «ويكيليكس» مثل قادة «القاعدة»‬ ‫وطالبان‪« .‬تليغراف»‪ 28 ،‬نوفمبر (تشرين الثاني)‪.‬‬ ‫•هل «ويكيليكس» منظمة إرهابية؟ «أتالنتك واير»‪ 30 .‬نوفمبر‬ ‫(تشرين الثاني)‪.‬‬ ‫•«ويكيليكس»‪ :‬بنك سويسري يغلق حساب جوليان أساجن‪.‬‬ ‫«بي بي سي»‪ 6 ،‬ديسمبر (كانون األول)‪.‬‬ ‫•فيزا وماستركارد تتخذان إجراءات خلنق «ويكيليكس»‪.‬‬ ‫«فوربس»‪ 7 ،‬ديسمبر (كانون األول)‪.‬‬

‫وكان املشككون في فائدة التقارب مع سورية دائما ما يذكرون‬ ‫تصريحات األسد العلنية‪ .‬وأثبتت وثائق «ويكيليكس»‪ ،‬بدال‬ ‫من أن تفضح‪ ،‬املوقف السوري املعلوم حول عالقاتها بإيران‪ :‬لن‬ ‫تقطع دمشق صلتها بطهران‪ ،‬إن وجدت حوافز أميركية وعربية‬ ‫أو لم توجد‪ ،‬على األقل طاملا تؤمن سورية بأن إيران قوة إقليمية‬ ‫صاعدة‪.‬‬ ‫وفي إشارة أخرى إلى أن وثائق «ويكيليكس» ذكرت ببساطة ما هو‬ ‫واضح‪ ،‬وإن كان ذلك بلغة صريحة غير مسبوقة‪ ،‬ما نقلته رسالة‬ ‫دبلوماسية من اإلمارات نقال عن ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن‬ ‫زايد آل نهيان أنه وصف إيران بـ«التهديد الوجودي»‪ ،‬وأنه كان قلقا‬ ‫من «الوقوع في مرمى النيران» إذا استفزت إسرائيل أو الواليات‬ ‫املتحدة طهران‪ .‬وحذر الشيخ محمد من مخاطر «استرضاء إيران»‬ ‫ألن «أحمدي جناد مثل هتلر»‪ .‬ونقل عن محمد بن زايد حثه للواليات‬ ‫املتحدة على دراسة إرسال قوات برية إلى إيران إذا لم تتمكن‬ ‫الضربات اجلوية من «تدمير» أهداف نووية إيرانية‪.‬‬ ‫هل كانت الوثيقة املسربة في نوفمبر عن موقف اإلمارات من إيران‬ ‫مفاجئة؟ ال‪ .‬في يونيو‪ ،‬قال سفير اإلمارات في واشنطن يوسف‬ ‫العتيبة‪« :‬أعتقد أنه على الرغم من حجم التبادل التجاري الكبير‬ ‫بيننا وبني إيران‪ ،‬الذي يقرب من ‪ 12‬مليار دوالر‪ ..‬ستكون هناك تبعات‬ ‫(لضرب إيران)‪ ،‬وسيكون هناك هجوم ومشكالت مع متظاهرين‬ ‫ومسببي أعمال الشغب الغاضبني من هجوم قوة خارجية على‬ ‫دولة مسلمة‪ ،‬ولكن هذا سيحدث بصرف النظر عن أي شيء»‪.‬‬ ‫وأضاف العتيبة في تصريحاته التي تراجعت عنها السفارة‪ ،‬قائال‪:‬‬ ‫«إذا سألتني‪ ،‬سأرغب في العيش مع ذلك في مقابل العيش مع‬ ‫إيران نووية‪ ..‬أرغب في امتصاص ما سيحدث على حساب أمن‬ ‫اإلمارات»‪ .‬ومنذ أعوام قليلة وحتى اآلن‪ ،‬موقف اإلمارات من إيران‪،‬‬ ‫مثل معظم دول اخلليج األخرى‪ ،‬يؤيد ضمنيا اتخاذ إجراء عسكري‬ ‫ضد طهران‪.‬‬ ‫وكشفت نسخة من رسالة يرجع تاريخها إلى ‪ 20‬أبريل (نيسان)‬ ‫عام ‪ 2008‬عن أن جل الدول العربية تخشى زيادة نفوذ إيران في‬ ‫املنطقة‪ ،‬ال سيما في العراق‪ .‬ما هو اجلديد إذن في تشجيع العرب‬ ‫للعالم على مواجهة التهديد اإليراني؟ هل خوف العرب من النفوذ‬ ‫اإليراني داخل العراق سر؟ اإلجابة على هذين السؤالني هي‪ :‬ال‪ .‬لقد‬ ‫كانت أخبار تلك التقارير الواردة من جل العواصم العربية تنشر‬ ‫لفترة من الوقت‪.‬‬ ‫وفي حني يدعي أساجن أن رسائله املسربة تساهم في تطبيق مبدأ‬ ‫الشفافية وتقوية الدميقراطية األميركية‪ ،‬يجب أن يضع الناس في‬ ‫اعتبارهم أنه قبل نشر موقع «ويكيليكس» للرسائل األميركية‬ ‫السرية‪ ،‬كانت الواليات املتحدة تتمتع مبجتمع مدني هائل ووسائل‬ ‫إعالم تراقب اإلدارة األميركية‪ .‬وسواء كانت املسرب وثائق البنتاغون‬ ‫لعام ‪ ،1971‬أو أخبار التعذيب في سجن أبو غريب في العراق عام‬ ‫‪ ،2004‬أو التقارير الالحقة عن الغمر باملاء في غوانتانامو‪ ،‬كانت‬ ‫احلكومة األميركية أحيانا ما جتد أنه من الصعب أن تبقي صفقاتها‬ ‫اخللفية سرا‪ .‬وبذلك أصبحت واشنطن مجبرة على التصرف مع‬ ‫كوارث في العالقات العامة وفضائح تنال من صورتها‪ ،‬أو تخاطر‬ ‫بذلك‪.‬‬ ‫وإسهام أساجن في حتقيق شفافية أميركا ال يعدو أكثر من كونه‬ ‫تدخال في اخلصوصية‪ ،‬حتى لو كانت هذه اخلصوصية ملوظفني‬ ‫فيدراليني في وزارة اخلارجية األميركية ينشرون القيل والقال عبر‬ ‫احمليطات‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬املعلومات التي كشف عنها «ويكيليكس»‬ ‫أقل بكثير من تلك التي كانت معروفة‪ ،‬وإن كانت بلهجة أقل‬ ‫دبلوماسية‪.‬‬ ‫*حسني عبد احلسني‬


‫منذ ‪ 29‬نوفمبر (تشرين الثاني)‪ ،‬يكشف املوقع عن‬ ‫البرقيات مبعدل ‪ 60‬برقية يوميا‪ .‬وباملعدل احلالي‬ ‫فإن «ويكيليكس» سوف يحتاج إلى ‪ 15‬عاما لكي‬ ‫ينشرها جميعا‪.‬‬ ‫ويعني ذلك أنه بالنسبة لبعض احلكام العرب فإن ما تراه هو ما‬ ‫ستجده‪.‬‬ ‫وفي املاضي‪ ،‬تساءل عدد من احملللني البارزين حول ما إذا كان عراق‬ ‫صدام حسني وحشيا كما كانت أفعاله توحي‪ ،‬أم أنه كان محاطا‬ ‫مبستشارين أبعدوه عن احلقيقة؟ وقد أظهرت‪ ،‬احللقات األخيرة‬ ‫املتلفزة من محاكمات صدام باإلضافة إلى الشهادات املدونة الحقا‬ ‫ كالتي كتبها محقق املباحث الفيدرالية جورج بيرو الذي كان‬‫يحقق معه أو محاميه خليل الدليمي ‪ -‬أن زعيم العراق السابق كان‬ ‫يعيش في عالم من الوهم‪ .‬وكان صدام املولع بأمنه وصحته‪ ،‬يعيش‬ ‫في عالم من املؤامرات التي كان ينظر فيها للوحشية اجلماعية‬ ‫باعتبارها في مصلحة العراقيني والعرب‪ .‬وخالل فترة حكمه كقائد‬ ‫للعراق‪ ،‬تشكك اجلميع في أن صدام غير مستقر عقليا‪ .‬وجاءت‬ ‫املعلومات اخلاصة التي أدلى بها بيرو والدليمي لتؤكد عدم استقرار‬ ‫صدام‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬تكشف وثائق «ويكيليكس» على نحو غير مفاجئ عن‬ ‫أخطاء كبرى في أسلوب إدارة احلكومة السورية لشؤونها‪ ،‬وبخاصة‬ ‫سياستها اخلارجية‪ .‬في رسالة دبلوماسية من عمان‪ ،‬كتب‬ ‫دبلوماسي أميركي‪« :‬جهل سوري صارخ»‪ .‬وورد في الرسالة نقال‬ ‫عن وزير اخلارجية األردني السابق مروان املعشر‪« :‬يوضح سلوك‬ ‫(نائب الرئيس السوري فاروق) الشرع في الكويت جهل سورية‬ ‫الصارخ بالواليات املتحدة وبقية العالم اخلارجي»‪.‬‬

‫خالف حول امل�صلحة العامة‬ ‫أوضحت مناقشة أجريت في برنامج «الدميقراطية‬ ‫اآلن!» التوازن غير املستقر بني الغاية والوسيلة في حالة‬ ‫«ويكيليكس»‪ ،‬واألسباب الكامنة خلف هجوم املدافعني عن‬ ‫الشفافية على أساجن ومتابعيه‪.‬‬ ‫قال ستيفن أفترغود من مشروع سرية احلكومة واألخبار‬ ‫السرية إنه في حني كان غرض موقع «ويكيليكس» نبيال‪،‬‬ ‫فإنه اخترق اخلصوصية الشخصية‪ ،‬ونشر مواد حتتوي على‬ ‫السب والقذف‪ ،‬وانتهك حقوق امللكية الفكرية‪ .‬وفوق كل‬ ‫ذلك‪ ،‬شن هجوما على السرية في حد ذاتها‪ ،‬وهي جزء‬ ‫أساسي من أي عملية دبلوماسية‪ .‬ووفقا ألفترغود‪ ،‬يكمن‬ ‫اخلطر في رد الفعل على التسريبات من الواليات املتحدة‬ ‫واحلكومات األخرى‪ ،‬حيث قد يؤدي ذلك إلى تنظيم أكثر‬ ‫صرامة مما يحد من الشفافية‪.‬‬ ‫وقد عارض أفترغود في الرأي غلني غرينوالد‪ ،‬املتخصص في‬ ‫القانون الدستوري واملدون في موقع ‪ .salon.com‬وغرينوالد‬ ‫مدافع قوي عن «ويكيليكس»‪ ،‬حيث قال إن املنظمة‬ ‫كشفت مبفردها عن أخطاء نظامية‪« ،‬بتخريب نظام السرية‬ ‫الذي يستخدم لتوليد جميع أنواع الشرور»‪ .‬ومن وجهة نظر‬ ‫مؤيد ملوقع «ويكيليكس»‪ ،‬قال إن حجم الظلم يتطلب ردودا‬ ‫قوية‪ ،‬ومنظمة أساجن هي الوحيدة الراغبة في حتمل تلك‬ ‫املسؤولية‪.‬‬ ‫وفي حني سعت احلكومة األميركية إلى التقليل من أهمية‬ ‫أفعال «ويكيليكس»‪ ،‬فإن نشطاء مثل دانيال إلسبرغ‪،‬‬ ‫الشهير بكشفه عن وثائق البنتاغون‪ ،‬يقولون إن ما نشهده‬ ‫اآلن حتول كبير في سيطرة احلكومة على املعلومات‪ .‬ولعل‬ ‫التاريخ هو احلكم الوحيد في هذا األمر‪.‬‬

‫ووفقا للرسالة‪ ،‬قال املعشر‪« :‬أخبر الشرع األردنيني مبا يشبه‬ ‫أخبار صحف التابلويد مما أوضح مدى ابتعاده عن الواقع»‪ .‬وأضاف‬ ‫املعشر قائال‪« :‬قال الشرع (لألردنيني) إن األمير تشارلز سيتورط‬ ‫قريبا في حتقيق قضائي اسكتلندي يتعلق بوفاة األميرة ديانا‪ ،‬وأنه‬ ‫بالتالي يخطط جلولة إلى العراق وإيران سعيا إلى دعم من العالم وفي رسالة أخرى من دمشق‪ ،‬يرجع تاريخها إلى ديسمبر (كانون‬ ‫األول) ‪ ،2008‬بعنوان «مقابلة وفد الكونغرس برئاسة غريغ في ‪30‬‬ ‫اإلسالمي»‪.‬‬ ‫ديسمبر مع الرئيس بشار األسد»‪ .‬جاء في الوثيقة‪« :‬في مقابلة‬ ‫وأضاف املعشر للدبلوماسيني األميركيني‪« :‬إنهم ال يستوعبون صريحة استمرت ساعة مع (األسد)‪ ،‬وأعضاء الكونغرس (جود)‬ ‫األمر»‪ .‬وقد أثبتت املراسالت الدبلوماسية األميركية املسربة ما غريغ و(إيفان) بايه و(أرلني) سبيكتر و(مايكل) إنزي و(جون)‬ ‫يتم نسبه في الغالب إلى مصادر مجهولة االسم في وسائل اإلعالم كورنني و(إمي) كلوبوكار‪ ...‬أكد غريغ على اهتمام واشنطن‬ ‫العربية‪ .‬وتعرف جميع الشعوب العربية أن كثيرا من مسؤوليها بتحسني العالقات األميركية ‪ -‬السورية وشجع األسد على اتخاذ‬ ‫ببساطة جاهلون وسطحيون وال يقولون في السر ما يختلف كثيرا خطوات إيجابية أيضا»‪.‬‬ ‫عما يقولونه في العلن‪.‬‬ ‫وأضافت املذكرة السرية‪« :‬قال األٍسد إنه ال يجب ربط العالقات‬ ‫ولم تكشف مراسالت «ويكيليكس» عن سورية شيئا جديدا‪ .‬السورية مع إيران مبباحثات السالم اإلسرائيلية ‪ -‬السورية‪ .‬ومن‬ ‫منذ أن تولى باراك أوباما الرئاسة‪ ،‬قام العديد من الوفود بزيارات املمكن أن يتم حل عالقات سورية مع حماس وحزب اهلل واجلماعات‬ ‫إلى دمشق‪ ،‬أحدثها كانت زيارة ويليام برنز‪ ،‬املسؤول الثاني عن وزارة األخرى بصورة مرضية فقط بعد حتقيق سالم إقليمي شامل»‪.‬‬ ‫اخلارجية األميركية‪ ،‬إلى سورية ملقابلة الرئيس بشار األسد‪ ،‬وطلب ونقلت الوثيقة أيضا عن األسد قوله إن الواليات املتحدة «يجب‬ ‫أن تستغل األشهر القليلة املقبلة من أجل حتسني العالقات‪ ،‬حتى‬ ‫منه وقف شحن أسلحة «جديدة» إلى حزب اهلل‪.‬‬ ‫يستطيع الطرفان التغلب على انعدام الثقة املتبادل الذي يحول‬ ‫وفي شهر أبريل (نيسان)‪ ،‬ورد في تقارير إخبارية‪ ،‬على الرغم من دون مصداقية الواليات املتحدة كوسيط صادق»‪ .‬وفي اللقاء‪ ،‬وفقا‬ ‫الطلب األميركي‪ ،‬أن األسد ما زال رافضا‪ ،‬وكان على وشك إرسال للرسالة الواردة من دمشق‪ ،‬قال وزير اخلارجية وليد املعلم إن «عبء‬ ‫صواريخ سكود إلى حزب اهلل في لبنان‪ .‬وعندما تصدر أمر الصواريخ القيام باخلطوة اإليجابية التالية يقع على عاتق الواليات املتحدة»‪.‬‬ ‫عناوين األخبار‪ ،‬نفى األسد التقارير وتراجع عن إرسال الشحنة‪،‬‬ ‫معيدا إياها إلى اخملازن السورية‪ .‬والتزمت واشنطن الصمت أيضا‪ ،‬ومنذ عام ‪ ،2008‬حاولت كل من واشنطن والرياض التعامل بلطف‬ ‫ولكنها لم تخف لومها لألسد بسبب ما كان يعتزمه‪ .‬وما ورد مع األسد في محاولة جلذبه بعيدا عن حتالفه مع طهران ووكالئه‬ ‫في املراسالت التي نشرها موقع «ويكيليكس» في شهر نوفمبر حزب اهلل وحماس‪ .‬وفي جميع املناسبات العلنية تقريبا‪ ،‬كان األسد‬ ‫(تشرين الثاني) تؤكد فقط‪ ،‬ولم تكشف‪ ،‬التقارير اإلخبارية عن نية ومعاونوه يكررون بأنهم ال يرون صلة بني حتسني العالقات السورية‬ ‫مع الواليات املتحدة والسعودية‪ ،‬وابتعاد دمشق عن طهران‪.‬‬ ‫سورية في شحن صواريخ سكود إلى حزب اهلل في أبريل‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪29‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫رجل العام؟‬ ‫إنه عام جيد حقا بالنسبة جلوليان أساجن مؤسس موقع‬ ‫«ويكيليكس»‪ .‬لقد أثار بشخصيته املثيرة للجدل انقساما في‬ ‫اآلراء املرشحة لشخصية عام ‪ 2010‬التي تختارها «التامي»‪.‬‬ ‫لقد فاز األسترالي املولد مبعظم األصوات في االستفتاء الذي أجرته‬ ‫اجمللة على اإلنترنت‪ ،‬على الرغم من أن القرار النهائي في النهاية‬ ‫كان لصالح محرري «التامي»‪ ،‬وهي سياسة دكتاتورية رمبا تزعجها‬ ‫آيديولوجية الرجل ذاته‪ ،‬ومنحوا اللقب لبطل آخر في عالم نشر‬ ‫املعلومات‪ ،‬وهو مؤسس موقع «فيس بوك»‪ ،‬مارك زوكربرغ‪.‬‬ ‫تنقل أساجن‪ ،‬الذي ولد في كوينزالند عام ‪ ،1971‬حول البالد ‪ 37‬مرة‪،‬‬ ‫مع مسرح والديه املتنقل‪ ،‬قبل أن يبلغ من العمر ‪ 14‬عاما‪ .‬ولم‬ ‫يلتحق مطلقا مبدارس محلية‪ ،‬وهو ما قد ساهم في تنامي شكه‬ ‫في التسلسل الهرمي ورموز السلطة‪ .‬وقد درس أساجن الذي يعرف‬ ‫بذكائه وكاريزمته‪ ،‬الفيزياء والرياضيات في جامعة ملبورن‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2006‬عندما كان يستعد إلطالق موقع «ويكيليكس»‪،‬‬ ‫كتب عن هيكل احلكومة السيئة‪« :‬يجب أن نطور أسلوبا للتفكير‬ ‫عن هذا الهيكل يكون قويا مبا يكفي ليتجاوز بنا مستنقع األخالقيات‬ ‫السياسية املتضاربة إلى موضع من الوضوح»‪.‬‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫يوصف أساجن بأنه شخص ال يلتزم باألعراف‪ ،‬وهو ما يتناسب مع رد‬ ‫فعله على طلب كنيسة ساينتولوجيا بإزالة املواد املتعلقة بشؤونها‬ ‫الداخلية من على موقع «ويكيليكس»‪ ،‬حيث قال‪« :‬لن يلتزم موقع‬ ‫(ويكيليكس) بطلبات قانونية مسيئة من ساينتولوجيا‪ ،‬كما لم‬ ‫يلتزم املوقع بطلبات مشابهة من بنوك سويسرية أو مراكز خاليا‬ ‫جذعية روسية في اخلارج أو حكومات أفريقية فاسدة سابقة أو‬ ‫البنتاغون»‪.‬‬ ‫وقد مت اختيار أساجن أمام مجموعة من الشخصيات البارزة‪ ،‬حيث‬ ‫سعت «التامي» إلى اختيار «شخص أو أشخاص لهم أكبر تأثير في‬ ‫األخبار وحياة الناس‪ ،‬باخلير أو الشر‪ ،‬ويكونون جتسيدا ألهم أحداث‬ ‫العام»‪.‬‬ ‫وتضمنت قائمة املرشحني البارزين جنمة البوب ليدي غاغا‪،‬‬ ‫والشخصية السياسية سارة بالني‪ ،‬وجنم كرة السلة األميركي‬ ‫ليبرون جيمس‪ .‬وكان أكثر املرشحني متثيال وأقلهم ظهورا العاطلني‬ ‫األميركيني وعمال املنجم التشيليني‪ .‬وقد خسر أساجن فرصة‬ ‫االنضمام إلى صفوف المعة لعدد من رؤساء أميركا السابقني‬ ‫واثنني من باباوات الفاتيكان وامللك فيصل العاهل السعودي الراحل‪،‬‬ ‫وأدولف هتلر‪ .‬ولكن ال يزال هناك استفتاء في العام املقبل‪.‬‬ ‫ال ميلك أساجن منزال دائما‪ ،‬ونظرا ألن موقع «ويكيليكس» يعمل‬ ‫من دون فريق عمل يحصل على رواتب أو مكتب فعلي‪ ،‬يقع مكان‬ ‫«التمرد اإلعالمي»‪ ،‬كما أطلقت عليه «ذا نيويوركر»‪ ،‬حيثما ذهب‬ ‫أساجن‪.‬‬ ‫وأجاب أساجن على سؤال أحد قراء «الغارديان» عن أمنه في مواجهة‬ ‫القوى التي يقف أمامها‪ ،‬مؤكدا أنه مت توزيع الوثائق على ما يزيد على‬ ‫‪ 100,000‬شخص في صور مشفرة‪ ،‬وسيتم إصدارها أوتوماتيكيا‬ ‫إذا حدث له أي مكروه‪ ،‬وقال‪« :‬سينتصر التاريخ‪ .‬وسيصبح العالم‬ ‫مكانا أفضل‪ .‬هل سننجو؟ يعتمد ذلك عليكم»‪.‬‬ ‫في السابع من ديسمبر (كانون األول) عام ‪ ،2010‬اعتقلت الشرطة‬ ‫البريطانية أساجن في لندن إثر ادعاءات بارتكابه جرائم جنسية في‬ ‫السويد في وقت سابق من العام ذاته‪ .‬ووسط عاصفة من االهتمام‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬مت اإلفراج عنه بكفالة‪ ،‬انتظارا الستكمال التحقيقات‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫نأمل أن يكشف صحافي مغامر عن ذلك لنا جميعا»‪.‬‬ ‫ويقول غيلب‪ ،‬وهو أيضا الرئيس الفخري جمللس العالقات اخلارجية‬ ‫رفيع املستوى‪« :‬حقا‪ ،‬عندما تتخلص من كالمه الفارغ وتتوقف عن‬ ‫اإلصغاء للتحليالت الغريبة في األخبار على قنوات الكابل أو حتى‬ ‫على الصفحات األولى في الصحف الكبرى‪ ،‬وتقرأ تلك املراسالت‬ ‫بعناية‪ ،‬فإن ذلك ما سوف جتده‪ :‬يحاول القادة والدبلوماسيون‬ ‫األميركيون حل مشكالت العالم الكبرى»‪.‬‬ ‫وهناك أصوات أميركية أخرى قللت من أهمية مراسالت‬ ‫«ويكيليكس»‪ .‬في املقال االفتتاحي‪ ،‬وصفت «واشنطن بوست»‬ ‫الوثائق بأنها «غير مؤذية» وبأنها «مفيدة»‪ ،‬حتى وإن كان «الزعماء‬ ‫األجانب في كل مكان سيتوخون احلذر على األقل لفترة قبل أن‬ ‫يتحدثوا بصراحة أمام الدبلوماسيني األميركيني»‪ .‬وقد طالبت‬ ‫«أميركان دايلي» اإلدارة بوضع قيود جديدة على الوصول للملفات‬ ‫احلكومية السرية‪.‬‬ ‫ومن املنظور األميركي‪ ،‬تسببت وثائق «ويكيليكس» في ضرر‬ ‫طفيف‪ ،‬وعلمت واشنطن درسا‪ :‬إنهاء الوصول السهل للملفات‬ ‫احلكومية‪.‬‬ ‫ومن املنظور العربي‪ ،‬أكدت «ويكيليكس» شهادات سابقة ملصادر‬ ‫مجهولة‪ ،‬وأظهرت ‪ -‬في العواصم العربية ‪ -‬أن ما تتم مناقشته‬ ‫خلف األبواب املغلقة يختلف قليال عما يتم نشره في الصحف‪.‬‬


‫الهدف وراء نشر تلك املراسالت هو إظهار «مدى جتسس الواليات‬ ‫املتحدة على حلفائها واألمم املتحدة‪ ،‬وغض الطرف عن الفساد‬ ‫وانتهاكات حقوق اإلنسان في الدول العميلة‪ ،‬والصفقات السرية‬ ‫مع الدول التي يفترض أنها دول محايدة‪ ،‬وممارسة الضغوط من‬ ‫أجل شركات أميركية‪ ،‬واإلجراءات التي يتخذها الدبلوماسيون‬ ‫األميركيون لتقدمي هؤالء الذين يستطيعون الوصول إليهم»‪.‬‬

‫وجدت كل فكرة غير دبلوماسية تلفظوا بها أمام الدبلوماسيني‬ ‫األميركيني طريقها إلى الصفحات األولى للصحف العاملية‪ ،‬فإن‬ ‫هؤالء القادة سوف يتوقفون عن احلديث بحرية أمام املسؤولني‬ ‫األميركيني‪ .‬ومن املنظور العاملي‪ ،‬من األفضل أن تعيد أميركا ترتيب‬ ‫شؤونها الداخلية وتوقف هذه التسريبات‪ ،‬أو سيبدأ املسؤولون في‬ ‫جميع أنحاء العالم احلديث في االجتماعات اخلاصة مع نظرائهم‬ ‫األميركيني مبا يقولونه عالنية لوسائل اإلعالم‪.‬‬

‫وميثل ذلك‪ ،‬وفقا لـ«ويكيليكس»‪« ،‬تناقضا بني صورة (الواليات‬ ‫املتحدة) املعلنة وبني ما تقوله (الواليات املتحدة) خلف اجلدران‪،‬‬ ‫كما أنه يظهر أنه إذا ما أراد املواطنون في دولة دميقراطية أن تلبي‬ ‫حكوماتهم رغباتهم‪ ،‬يجب عليهم أن يطلبوا االطالع على ما يدور‬ ‫خلف الكواليس»‪ .‬وال يتفق كل األميركيني مع هدف أساجن‪.‬‬

‫وقد تعهد موقع «ويكيليكس» بإطالق ما مجمله ‪251.287‬‬ ‫رسالة‪ ،‬تشتمل على ما يزيد على ‪ 261‬مليون كلمة‪ .‬وتغطي‬ ‫املراسالت ما يقارب من نصف قرن من تاريخ الدبلوماسية األميركية‬ ‫من ‪ 28‬ديسمبر (كانون األول) ‪ 1966‬إلى ‪ 28‬فبراير (شباط)‬ ‫‪ .2010‬وهي تأتي من ‪ 274‬سفارة أميركية وقنصلية وبعثات‬ ‫دبلوماسية‪.‬‬

‫قال ليزلي غيلب‪ ،‬أحد املشاركني في وثائق البنتاغون ‪ 1971‬في‬ ‫حوار لـ«اجمللة» إنه «على الرغم من إصرار أساجن على أنه قام‬ ‫اطلع على اخلفايا لم ير‬ ‫بذلك من أجل الشفافية‪ ..‬فإنه عندما ّ‬ ‫ما كان جليا للغاية‪ :‬وهو أن دبلوماسيينا كانوا يؤدون مهمتهم‬ ‫ببراعة»‪.‬‬

‫ومنذ ‪ 29‬نوفمبر (تشرين الثاني)‪ ،‬يكشف املوقع عن البرقيات مبعدل‬ ‫‪ 60‬برقية يوميا‪ .‬وباملعدل احلالي فإن «ويكيليكس» سوف يحتاج‬ ‫إلى ‪ 15‬عاما لكي ينشرها جميعا‪ .‬وبغض النظر عن الفضائح التي‬ ‫تثيرها تلك الوثائق‪ ،‬فإن حماس وسائل اإلعالم واالهتمام اجلماهيري‬ ‫مبحتوى تلك الوثائق سوف يتراجع خالل أسابيع عدة‪ .‬ولكن قبل‬ ‫أن يخفت االنتباه‪ ،‬انقسم العالم بني املؤيدين جلهود‬ ‫أساجن لتعزيز الشفافية احلكومية وهؤالء‬ ‫الذين يرون أن أفعاله متثل انتهاكا‬ ‫خلصوصية احلكومة‪.‬‬

‫ويقول غيلب‪ ،‬وهو كاتب العمود السابق في «نيويورك تاميز» ومؤلف‬ ‫«قوانني السلطة‪ :‬كيف يستطيع املنطق إنقاذ سياسة اخلارجية‬ ‫مشوش»‪.‬‬ ‫األميركية»‪« :‬إن مفهوم أساجن عن الشفافية احلكومية‬ ‫ّ‬ ‫ويقول‪« :‬إذا كانت اإلدارة األميركية تكذب أو تشوه احلقائق أو تخبر‬ ‫اجلمهور بجانب من القصة وحتتفظ باجلانب اآلخر لذاتها‪ ،‬فيجب‬ ‫أن نعلن كل شيء للجمهور وبالوسائل كافة‪ .‬وإذا كانت احلكومة‬ ‫األميركية تختلق املعلومات االستخبارية لكي تبرر احلروب‪ ،‬فدعونا‬

‫وفي رسالة على موقعه‬ ‫اإللكتروني‪ ،‬كتب أساجن أن‬

‫ت�سريبات هزت العامل‬ ‫سبتمبر (أيلول) ‪ :2008‬الكشف عن محتويات البريد‬ ‫اإللكتروني لسارة بالني على موقع «ياهو»‪ .‬مت اختراق البريد‬ ‫اإللكتروني اخلاص باملرشحة اجلمهورية السابقة ملنصب نائب‬ ‫الرئيس‪ ،‬ومت نشر محتوياته الحقا على موقع «ويكيليكس»‪.‬‬ ‫يونيو (حزيران) ‪ :2009‬نشر تقرير «كينيا‪ :‬صرخة الدم ‪-‬‬ ‫قتل بال محاكمات وحاالت اختفاء»‪ ،‬وهو صادر عن اللجنة‬ ‫الوطنية الكينية حلقوق اإلنسان عن عمليات قتل ارتكبتها‬ ‫الشرطة في كينيا‪ .‬وفاز موقع «ويكيليكس» وجوليان‬ ‫أساجن بجائزة اإلعالم البريطاني من منظمة العفو الدولية‬ ‫عن هذا اإلصدار في فئة اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ :2009‬الكشف عن وثائق‬ ‫ومراسالت عبر البريد اإللكتروني بني علماء املناخ من جامعة‬ ‫إيست أنغليا‪ .‬التي اشتهرت في ما بعد بـ«فضيحة املناخ»‬ ‫(كالميت غيت)‪.‬‬ ‫أبريل (نيسان) ‪ :2010‬اإلفراج عن فيديو قتل املدنيني‪ ،‬الذي‬ ‫يظهر فيه حادث وقع عام ‪ 2007‬قتل فيه ‪ 12‬شخصا‪ ،‬من‬ ‫بينهم موظفون في وكالة «رويترز»‪ ،‬بقصف أميركي في‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫أكتوبر (تشرين األول) ‪ :2010‬مدونات حرب العراق‪ .‬وقد‬ ‫وصف نشر ما يزيد على ‪ 400,000‬وثيقة تتعلق باحلرب في‬ ‫العراق‪« :‬أكبر تسريب لوثائق سرية في تاريخ البنتاغون»‬ ‫في ذلك الوقت‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫«الشفافية» تثير امتعاض األصدقاء‬

‫ويكيليكس الشرق األوسط‪..‬‬ ‫تعرية الدبلوماسية األمريكية‬ ‫على رغم أن «ويكيليكس» تزعم أن وثائقها غيرت من حدود احلكومة بشأن الشفافية‪ ،‬يختلف العديد من الدعاة في‬ ‫شفافية احلكومة حول ذلك‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬وفي العالم العربي‪ ،‬أظهرت املراسالت أن ما يدور خلف األبواب املغلقة ال‬ ‫يختلف إال قليال عما يقال عالنية‪ .‬وبالنسبة للعديد من القيادات العربية فإن ما تراه هو احلقيقة‪.‬‬ ‫حسني عبد احلسني‬

‫في ‪ 13‬يونيو (حزيران) ‪ ،1971‬اتصل ألكسندر هيغ الذي كان‬ ‫مساعدا ملستشار األمن القومي هنري كيسنجر‪ ،‬بالرئيس ريتشارد‬ ‫نيكسون لتقدمي التقرير اليومي‪ .‬وكانت األسئلة األولى لنيكسون‬ ‫تدور حول عدد اإلصابات في فيتنام خالل األسبوع‪ .‬وبعدما سأل‬ ‫الرئيس‪« :‬أال توجد أحداث مهمة أخرى في العالم اليوم؟» ذكر هيغ‬ ‫«فضيحة غودمان بـ(نيويورك تاميز)‪ ...‬واالختراق األمني املدمر‪...‬‬ ‫أهم األشياء التي رأيتها على اإلطالق»‪ .‬وفي ذلك اليوم كانت‬ ‫«نيويورك تاميز» قد بدأت نشر وثائق البنتاغون‪ ،‬وهي تاريخ موثق‬ ‫يرصد تدخل الواليات املتحدة احملكوم عليه بالفشل في احلرب‬ ‫الضروس في غابات ومزارع األرز في فيتنام‪.‬‬ ‫وكان رد فعل نيكسون األولي جتاه كلمات هيغ هادئا‪ ،‬بل إنه ذكر‬ ‫أنه لم يقرأ حتى القصة‪ .‬ولم يبدأ الرئيس يشعر بوطأة أزمة وثائق‬ ‫البنتاغون إال عندما اتصل كيسنجر به شخصيا من كاليفورنيا‪.‬‬ ‫وكان كيسنجر هو أول من يقترح‪« :‬إن ذلك موجب إلقامة دعوى‬ ‫قضائية‪ ..‬فأنا متأكد من أن ذلك يخترق أنواع القوانني األمنية‬ ‫كافة»‪ ،‬بل إنه تطوع باالتصال باملدعي العام ميتشل حول خيارات‬ ‫املقاضاة‪ .‬فأجاب نيكسون‪« :‬يجب أن يتحمل الناس مسؤولية مثل‬ ‫تلك األفعال‪.»...‬‬ ‫وقد اتخذت إدارة نيكسون مسارا مزدوجا‪ .‬فمن جهة‪ ،‬فرضت رقابة‬ ‫على «نيويورك تاميز» حتى ألغت احملكمة العليا قرار احلكومة في‬ ‫‪ 30‬يونيو‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬شكل نيكسون فريقه سيئ السمعة‬ ‫من «محققي التسريبات» الذي كان مضطلعا بالتحقيق في‬ ‫التسريبات‪ ،‬والذي قام فعليا بارتكاب عدد من عمليات االقتحام‬ ‫التي وقع أحدها في مبنى ووترغيت بواشنطن‪ .‬وفي النهاية‪،‬‬ ‫وصمت فضيحة ووترغيت نهاية تاريخ نيكسون املهني‪ .‬وكان أول‬ ‫رئيس يستقيل في ‪ 8‬أغسطس (آب) ‪ 1974‬وهو الوحيد حتى اآلن‪.‬‬ ‫وبالنسبة ألميركا والعالم‪ ،‬أعلنت وثائق البنتاغون ‪ 1971‬حلول‬ ‫عصر الشفافية احلكومية‪ .‬ولكن نيكسون الذي خالفه احلظ قد‬ ‫أساء قراءة املوقف‪ .‬فبدال من اإلقرار بالتسريبات حاول قمعها‬ ‫وخسر في النهاية‪.‬‬ ‫نصب جوليان أساجن‪ ،‬األسترالي املولد‪،‬‬ ‫وبعد ذلك بنحو أربعة عقود‪ّ ،‬‬ ‫نفسه وصيا جديدا على الشفافية األميركية‪ .‬وعلى موقعه‬ ‫اإللكتروني «ويكيليكس»‪ ،‬بدأ أكبر عملية تسريب في تاريخ‬ ‫احلكومات‪ ،‬عندما بدأ يكشف تدريجيا عن ربع مليون من املراسالت‬ ‫الدبلوماسية السرية اخلاصة بوزارة اخلارجية األميركية التي‬ ‫تتضمن أنواع التفاصيل املفيدة كافة ‪ -‬وغير املفيدة ‪ -‬بداية من‬ ‫وصف الرئيس الروسي فالدميير بوتني بأنه «الكلب ألفا» وصوال إلى‬ ‫املمرضة املرافقة للزعيم الليبي معمر القذافي‪ .‬وتغطي الوثائق‬ ‫‪26‬‬

‫كل شيء بداية من االجتماعات إلى حفالت الزواج واالنطباعات‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫وقد أعطت تلك النميمة الدبلوماسية للصحافة شيئا تتحدث‬ ‫حوله‪ ،‬ودفعت بحمرة اخلجل إلى وجه أميركا‪ .‬ومت نقل أحاديث‬ ‫على لسان زعماء العالم وهم يتحدثون بصراحة‪ .‬فكانوا قد‬ ‫تخلوا عن حذرهم ألنهم يتحدثون في بيئة خالية من التسجيل‪.‬‬ ‫وبالتالي جعلت تلك التسريبات قادة العالم متشككني‪ .‬فإذا ما‬


‫ومنهم البنا‪ ،‬العلمانية معناها اإلحلاد‪ ،‬أو الكفر‪ ،‬وهو ما يعتبره‬ ‫البعض تهديدا لإلسالم‪.‬‬ ‫ولعل النتيجة األخرى غير املقصودة هي الشعور باإلعجاب‬ ‫بشخصية البنا في دفاعه عن قضيته‪ .‬ففي مناخ من اخلمول‬ ‫السياسي‪ ،‬والركود االجتماعي وافتقاد اخليارات احلقيقية‪ ،‬من‬ ‫املمكن أن يكون هذا مثيرا لإلعجاب‪ ،‬بغض النظر عما إذا كنت‬ ‫تتفق مع القضية أو الوسائل‪ .‬وقد أبرز املسلسل بالفعل عدم‬ ‫وجود برنامج سياسي متماسك لدى اإلخوان املسلمني‪ .‬ولكن ال‬ ‫ميثل ذلك أمرا مهما جلمهور أثبتت جتربته أن وجود برنامج سياسي‬ ‫ألي حزب ال يحقق إال تغييرات طفيفة في احلياة اليومية‪ .‬ويعد‬ ‫التعبير عن التدين وتوفير اخلدمات األساسية ‪ -‬وهما اجملاالن اللذان‬ ‫يتناولهما اإلخوان املسلمون جلذب تأييد شعبي‪ ،‬أكثر تأثيرا من‬ ‫البرنامج احلزبي‬ ‫ال تأتي أهمية "مسلسل" اجلماعة" فقط من محتواه‪ ،‬والذي‬ ‫يلقي ضوءا سلبيا على جماعة اإلخوان املسلمني ومؤسسها‪ ،‬بل‬ ‫وأيضا في فكرة وجوده من األصل‪ .‬لقد خاطرت احلكومة بالسماح‬ ‫بعرض املسلسل‪ ،‬بل وأيضا باستثمار ‪ 22‬مليون جنيه مصري في‬ ‫إنتاجه‪ .‬وكانت العادة في استراتيجية احلكومة أن تهمش اجلماعة‬ ‫في وسائل اإلعالم‪ ،‬في محاولة جلعلها غير مرئية في الضمير‬ ‫الشعبي‪ .‬وفي وسائل اإلعالم الرسمية‪ ،‬غالبا ما يشار للجماعة‬ ‫بـ"احملظورة"‪.‬‬ ‫ولكن خلق املسلسل مساحة ملناقشة شأن اجلماعة علنا‪ .‬وأشار‬ ‫رؤوف عشم‪ ،‬مدير مكتبة مدبولي في القاهرة‪ ،‬إلى زيادة الطلب‬ ‫على الكتب التي تتناول جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬ال سيما‬

‫تلك التي تتعلق بحسن البنا‪ .‬وقال إنه بعد بداية املسلسل‪،‬‬ ‫ارتفعت مبيعات تلك الكتب بنسبة ‪ 45‬في املائة‪ .‬ولكن في حني‬ ‫حقق املسلسل تأثيرا في وقت عرضه‪ ،‬إذ كان مقصد احلكومة‬ ‫هو تقويض اجلماعة وحملتها من أجل انتخابات مجلس الشعب‪،‬‬ ‫فإنه من الواجب دراسة التأثير طويل املدى‪ .‬ومع بداية احلمالت‬ ‫االنتخابية‪ ،‬يبدو أن مسلسل "اجلماعة" واملناقشات التي أثارها قد‬ ‫طواها النسيان‪.‬‬

‫أبرز املسلسل بالفعل عدم وجود برنامج سياسي‬ ‫متماسك لدى اإلخوان املسلمني‪ .‬ولكن ال ميثل ذلك‬ ‫أمرا مهما جلمهور أثبتت جتربته أن وجود برنامج‬ ‫سياسي ألي حزب ال يحقق إال تغييرات طفيفة في‬ ‫احلياة اليومية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من زيادة حجم االهتمام بفهم اإلخوان املسلمني‪ ،‬فإنه‬ ‫من غير املرجح أن املسلسل قد حقق لهم أو كبدهم خسارة نسبة‬ ‫تأييد كبيرة‪ .‬ويسري شعور بأن احلكومة قد اتخذت خطوة خاطئة‬ ‫في احلرب اإلعالمية والدعائية‪ .‬ولكن ستظل وسائل اإلعالم ميدان‬ ‫معركة رئيس‪ ،‬حيث يدرك كل من احلزب الوطني الدميقراطي‬ ‫واإلخوان املسلمني قوة اإلعالم‪ .‬وقد أقدمت احلكومة على إجراءات‬ ‫قوية لتقييد وسائل اإلعالم املستقلة قبل االنتخابات‪ ،‬في حني‬ ‫ضاعف اإلخوان املسلمون من جهودهم لتحسني صورتهم من‬ ‫خالل استخدام وسائل إعالم جديدة‪ ،‬إلى درجة تأسيس موقع‬ ‫بديل للفيس بوك يسمى إخوان بوك ‪ikhwanbook.com‬‬ ‫ومن املتوقع أن ينتج جزء جديد من املسلسل في العام املقبل‪،‬‬ ‫حيث ينوي املؤلف وحيد حامد كتابة جزء ثان من مسلسل‬ ‫"اجلماعة" ليعرض في رمضان عام ‪ .2011‬وسيغطي اجلزء‬ ‫الثاني تاريخ اإلخوان املسلمني في ظل حكم جمال عبد الناصر‪،‬‬ ‫وهو ما سيثير اجلدل بالتأكيد مرة أخرى‪.‬‬

‫* إليزابيث إسكندر ‪ -‬باحثة في الشؤون الدولية في كلية‬ ‫االقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن‪ .‬وحتمل اسكندر‬ ‫درجة الدكتوراه في السياسة والدراسات الدولية من جامعة‬ ‫كمبريدج‪ ،‬وتكتب بانتظام في الشؤون السياسية في الشرق‬ ‫األوسط‪.‬‬ ‫نشر هذا في "اجمللة" بتاريخ ‪ 18‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪25‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫اإلخوان املسلمون بكاميرا احلكومة املصرية!‬

‫اجلماعة‪ ..‬بني الدراما واالنتخابات‬ ‫على غير عادتها في إبعاد جماعة اإلخوان املسلمني عن التغطية اإلعالمية‪ ،‬اتخذت احلكومة املصرية طريقة بديلة في‬ ‫إنتاجها مسلسل «اجلماعة»‪ ،‬الذي تدور أحداثه حول جماعة اإلخوان املسلمني ومؤسسها حسن البنا‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫التصوير السلبي املتعمد للجماعة احملظورة‪ ،‬فإن القيم التي ربطها املسلسل باإلخوان املسلمني في احللقات كانت متفقة‬ ‫متاما مع قيم اجملتمع املصري‪ .‬فهل من املمكن أن تسفر محاوالت احلكومة الدعائية ضد اإلخوان عن رد فعل عكسي؟‬ ‫إليزابيث إسكندر‬ ‫عرض مسلسل "اجلماعة" املثير للجدل‪ ،‬الذي أنتجه التليفزيون‬ ‫املصري‪ ،‬يوميا في وقت ذروة املشاهدة في شهر رمضان املاضي‪.‬‬ ‫ويتناول املسلسل تأسيس جماعة اإلخوان املسلمني ومراحل‬ ‫تطورها األولى في حياة مؤسسها حسن البنا‪ .‬ووصف أعضاء في‬ ‫جماعة اإلخوان املسلسل بأنه "دعاية صارخة" من أجل انتخابات‬ ‫مجلس الشعب التي جرت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)‬ ‫املاضي‪ ،‬وحاولوا احلصول على أمر قضائي ملنع عرض املسلسل‪ .‬وفي‬ ‫املقابل‪ ،‬التزمت احلكومة الصمت‪ ،‬سعيدة بأنها جعلت اإلخوان‬ ‫يظهرون أنفسهم كأعداء حلرية التعبير عن الرأي‪.‬‬ ‫ويظهر البنا في املسلسل على أنه شخص متعصب‪ ،‬كما تربط‬ ‫احللقات الدرامية بني اإلخوان املسلمني وسلسلة من االغتياالت‬ ‫والهجمات التي شنت على احلي اليهودي في القاهرة في‬ ‫األربعينيات ‪ -‬وهو االتهام الذي تنفيه اجلماعة‪ .‬ويشتهر مؤلف‬ ‫املسلسل‪ ،‬وحيد حامد‪ ،‬بأنه مهاجم لإلسالم السياسي‪ ،‬بل‬ ‫وأيضا احلكومة‪ .‬ولكن يبدو أن مسلسل "اجلماعة" الذي كتبه‬ ‫حامد قد حاز موافقة احلكومة؛ حيث أبرز ممثلي احلكومة‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أخطائهم‪ ،‬في صورة جيدة مقارنة بأعضاء اجلماعة‪.‬‬ ‫وفي حني كان ذلك هو التفسير الواضح للمسلسل‪ ،‬فإن‬ ‫تأثيره لم يكن بالوضوح ذاته‪ .‬لقد سعت احلكومة إلى تصوير‬ ‫املتطرفني دينيا من جميع األديان كأعداء ملصر‪ ،‬وشعبها‪ ،‬وقيم‬ ‫اإلسالم املعتدل‪ .‬وفي هذه احلالة‪ ،‬يبدو أن هذه االستراتيجية‬

‫‪24‬‬

‫حققت نتيجة عكسية‪ ،‬حيث صور املسلسل منظور "اإلسالم‬ ‫مقابل العلمانية"‪ ،‬حيث كان اإلخوان املسلمون‪ ،‬وليس الدولة‪ ،‬هم‬ ‫أقوى املدافعني عن اإلسالم واجملتمع املصري ضد التأثيرات الغربية‪.‬‬ ‫وفي إطار تصوير اإلخوان املسلمني كمعارضني بقوة لبريطانيا‬ ‫واليهود والعلمانية‪ ،‬كانت الشخصيات تتحدث بخطاب يلقى‬ ‫بالفعل شعبية كبيرة في اجملتمع املصري‪ .‬ويجب أن تعرف احلكومة‬ ‫ذلك‪ ،‬في حني أنها تتجنب استخدام مصطلح العلمانية‪ ،‬مفضلة‬ ‫بدال من ذلك وصف مصر بالدولة املدنية بدال من العلمانية‪ .‬وذلك‬ ‫لتجنب دالالت مصطلح العلمانية‪ .‬وبالنسبة لكثير من املصريني‪،‬‬


TM1559_23_Ad.indd 23

17/12/10 14:06:56


‫● شؤون سياسية‬

‫وقد قال وزير خارجية سورية‪ ،‬وليد املعلم في مؤمتر صحافي إن‪ :‬وكما كان احلال مع حزب اهلل‪ ،‬تسببت القرارات املتوقعة عن‬ ‫«استقرار لبنان هو جزء من أمن واستقرار سورية»‪ .‬مضيفا‪ :‬احملكمة اخلاصة للبنان في توترات عميقة في سورية‪ .‬فرمبا‬ ‫«يعطي الرئيس بشار األسد قدرا كبيرا من االهتمام الستقرار حتاكم احملكمة مسؤولني سوريني‪ .‬ورمبا تضر مثل تلك االتهامات‬ ‫بصورة نظام سورية‪ .‬وتدرك دمشق متاما أن حليفها‪ ،‬حزب‬ ‫لبنان‪ ..‬وأي أحد سيحاول تخريب تلك اجلهود لن يفلح»‪.‬‬ ‫اهلل‪ ،‬رمبا يرفع السالح في حال اتهام أعضائه‪.‬‬ ‫ويظهر اللقاء االستثنائي املشترك بني األسد والعاهل السعودي‬ ‫امللك عبداهلل في بيروت في يوليو (متوز) ‪ 2010‬مدى التباعد ومنذ بدء احملاكمة‪ ،‬حاولت سورية عرقلتها‪ ،‬وإضعافها‬ ‫الذي وصلت إليه سورية في عالقتها بلبنان منذ ‪ .2005‬وجاءت وزعزعتها‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬كانت دمشق ناجحة في وقفها‪ ،‬ولكنها‬ ‫الزيارة في أعقاب العالقات الدافئة بني بيروت ودمشق‪ .‬فقد زار عملت على التشكيك في شرعيتها‪.‬‬ ‫احلريري األسد ألول مرة في ديسمبر (كانون األول) ‪ .2009‬وفي‬ ‫مارس (آذار) من نفس العام‪ ،‬أعلنت سورية تعيني أول سفير لها في أكتوبر (تشرين األول)‪ ،‬أصدرت دمشق مذكرات توقيف‬ ‫ملساعدي احلريري بتهم وقوفهم خلف ما تزعم سورية وحزب‬ ‫في بيروت‪ ،‬علي عبد الكرمي علي‪.‬‬ ‫اهلل بأنهم شهود أدلوا بشهادات مزيفة لفريق التحقيق التابع‬ ‫وعلى الرغم من حتسن العالقات‪ ،‬ما زالت دمشق في موقف ال لألمم املتحدة‪.‬‬ ‫يسمح لها بتولي زمام األمور في بيروت‪ .‬ومنذ انسحابها في وفي ظل اقتراب إصدار قرارات احملكمة اخلاصة بلبنان‪ ،‬تأمل‬ ‫‪ ،2005‬أصبحت قوة سورية ضعيفة داخل جارتها الصغيرة‪ .‬سورية أن تستطيع التشكيك في احملكمة إلى حد أن يطعن‬ ‫وقد أظهرت انتخابات لبنان البرملانية في ‪ 2009‬أن ثالثة فقط حتى احلريري في شرعيتها‪ .‬ومثل ذلك الفعل رمبا يؤكد أنه حتى‬ ‫من بني عشرات املرشحني التابعني لسورية متكنوا من الفوز إذا ما مت اإلعالن عن األحكام فإن لبنان لن تلتزم بها أبدا‪.‬‬ ‫خارج املقاطعات التي يهيمن عليها حزب اهلل‪ .‬ويوضح ذلك‬ ‫أنه منذ ‪ ،2005‬كان نفوذ سورية في لبنان يعتمد إلى حد ومنذ يوليو (متوز)‪ ،‬كانت هناك مفاوضات مكثفة بني سورية‬ ‫بعيد على حزب اهلل‪ ،‬وهو احلزب الذي على رغم صالته القوية واململكة العربية السعودية إليجاد تسوية ميكن عبرها أن‬ ‫تتوقف اململكة العربية السعودية عن تأييد شرعية احملكمة‬ ‫بدمشق فإنه تابع في النهاية إليران‪.‬‬ ‫وإقناع احلريري بأن يحذو حذوها‪ .‬وفي املقابل تقف سورية متاما‬ ‫إلى جانب حكومة احلريري ورمبا تعارض أي محاولة من قبل حزب‬ ‫اهلل لزعزعة استقرار البالد‪ .‬ولكن ما زالت قدرة سورية على‬ ‫السيطرة على حزب اهلل أو حتى نيتها عمل ذلك محال للشك‪.‬‬

‫املحكمة اخلا�صة للبنان‬

‫في ‪ 14‬فبراير (شباط) ‪ ،2005‬قتل هجوم وقع في بيروت‬ ‫رئيس الوزراء السابق رفيق احلريري و‪ 22‬غيره‪ .‬وفي ‪13‬‬ ‫ديسمبر (كانون األول) طلبت حكومة لبنان من األمني‬ ‫العام لألمم املتحدة إنشاء محكمة دولية للتحقيق في تلك‬ ‫اجلرائم ومحاكمة الضالعني فيها‪.‬‬ ‫وفي ‪ 1‬مارس (أذار) ‪ ،2009‬مت تأسيس احملكمة اخلاصة‬ ‫للبنان رسميا كنظام قضائي دولي مختلط وهي املرة‬ ‫األولى التي تقوم فيها محكمة جنائية دولية تابعة لألمم‬ ‫املتحدة بتوجيه اتهامات باإلرهاب ضد أعضاء محددين‪.‬‬ ‫وللفعالية األمنية واإلدارية‪ ،‬سوف يتم عقد احملكمة في‬ ‫املنطقة املدنية بالهاي بهولندا‪ .‬ويستهدف تواجد القضاة‬ ‫اللبنانيني والدوليني باإلضافة إلى املدعي العام الدولي‬ ‫التأكيد على عدم انحياز احملاكمة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن املتهمني سوف يخضعون للقانون‬ ‫احمللي‪ ،‬فإنه مت استبعاد تطبيق عقوبة اإلعدام أو األشغال‬ ‫الشاقة عليهم‪ .‬ومع ذلك فإنه بإمكان احملكمة فرض‬ ‫عقوبة السجن مدى احلياة‪.‬‬ ‫وفي أعقاب تدخل منظمة "هيومان رايتس ووتش" ميكن‬ ‫أن متتد السلطة القضائية إلى ما بعد حادثة ‪ 14‬فبراير‬ ‫(شباط) إذا ما اتضح أن ‪ 14‬حادثة أخرى وقعت بني ‪1‬‬ ‫أكتوبر (تشرين األول)‪ ،‬و‪ 12‬ديسمبر (كانون األول) ‪2005‬‬ ‫وكانت مشابهة لذلك الهجوم‪ .‬وعلى الرغم من أن امليزانية‬ ‫كانت في البداية مخصصة ملدة ثالث سنوات‪ ،‬ميكن أن متتد‬ ‫احملاكمة خالل ‪ 2014‬وما بعدها‪ .‬ومن املقرر إصدار اجلولة‬ ‫األولى من االتهامات في مارس (أذار) ‪.2011‬‬

‫‪22‬‬

‫يقف لبنان في الوقت الراهن عند مفترق الطرق‪ ،‬ورمبا يشجع‬ ‫غياب العدالة على االنتقام ويسفر عن حرب أهلية في النهاية‪.‬‬ ‫وإذا ما ظل الضالعون في اغتيال احلريري طلقاء فإن عدم‬ ‫تعرضهم للعقاب سوف يعزز من االغتياالت السياسية في‬ ‫املستقبل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العدالة في قضية احلريري رمبا ال تخلو‬ ‫من اتهامات‪ .‬فهؤالء املتخوفون من االتهامات‪ ،‬حتديدا سورية‬ ‫وحزب اهلل‪ ،‬رمبا يقررون أن يقلبوا الطاولة من خالل شن عمليات‬ ‫عنف داخلية‪.‬‬ ‫يبدو من املؤكد‪ ،‬حتى وقت إعداد ذلك التقرير‪ ،‬أن كال من سورية‬ ‫وحزب اهلل يفكران في ما إذا كانت مصاحلهما سوف تتحقق‬ ‫أكثر عبر شن حرب أهلية في لبنان أو من خالل منعها‪ .‬وفي‬ ‫نفس الوقت‪ ،‬فإن اجملتمع الدولي يبدو أيضا عازما على تأييد‬ ‫العدالة في لبنان أيا كانت التكلفة‪ .‬وعلى األقل فإن الواليات‬ ‫املتحدة وحلفاءها لديهم مصلحة في إبقاء الضغوط عالية‬ ‫على حزب اهلل ودمشق لتشجيعهما على تغيير سلوكهما‪.‬‬ ‫فبالنسبة حلزب اهلل‪ ،‬من املتوقع نزع السالح والتخلي عن‬ ‫العنف‪ .‬وبالنسبة لسورية‪ ،‬يجب عليها أن تنأى بنفسها عن‬ ‫إيران وحزب اهلل وحماس‪.‬‬ ‫وفي لبنان والشرق األوسط بصفة عامة‪ ،‬تتزامن لعبة االنتظار‬ ‫مع رقصة القوة‪ .‬فمن سيكون له الكلمة األخيرة أمر لم‬ ‫يتحدد بعد‪ ،‬مع قرارات احملكمة اخلاصة أو من دونها في لبنان‪.‬‬ ‫*أندرو بوين – املرشح للدكتوراة بقسم العالقات الدولية‬ ‫بكلية لندن لالقتصاد‪ .‬وهو يعمل ويكتب في السياسات‬ ‫املتعلقة بالشرق األوسط والعالقات الدولية والسياسة‬ ‫اخلارجية األميركية‪.‬‬ ‫نشر هذا في "اجمللة" بتاريخ ‪ 25‬نوفمبر ‪2010‬‬


‫محكمة احلريري‪ ..‬بشير سالم أم نذير حرب!‬

‫لبنان على مفترق طرق‬

‫في ظل التقارير الصحافية التي تتوقع أن تصدر احملكمة اخلاصة بلبنان قرار إدانة في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني‬ ‫السابق رفيق احلريري‪ ،‬يهدد تصاعد التوتر السالم الهش للبالد ويقوض ويؤثر على التحالف الذي يقوده حزب اهلل وميليشياته‬ ‫ضد الدولة والتحالف املقابل‪.‬‬ ‫أندرو بوين‬ ‫انتهت احلرب األهلية التي بدأت عام ‪ 1975‬بالتصديق على ومع تصاعد التوتر‪ ،‬تقدم املتدخلون اإلقليميون في لبنان إلدارة‬ ‫اتفاق الطائف عام ‪ 1989‬الذي أسسه قطب البناء امللياردير األزمة املتصاعدة في الدولة‪ .‬وال ترغب أي من تلك األطراف في‬ ‫رفيق احلريري الذي أصبح رئيس وزراء لبنان طوال معظم رؤية لبنان منهارا ميكنه زعزعة منطقة شرق املتوسط برمتها‪.‬‬ ‫التسعينيات حتى استقال عام ‪.2004‬‬ ‫ومن بني شركاء لبنان‪ ،‬تستطيع سورية أن تلعب دورا إيجابيا‬ ‫وخالل تلك الفترة‪ ،‬متتع لبنان بالسالم املدني نظرا لتقارب في إنقاذ البالد من على حافة الصراع احملتمل‪ .‬وكراعية حلزب‬ ‫مصالح القوى اإلقليمية والدولية‪ ،‬حتديدا سورية واململكة اهلل‪ ،‬وأخذا في االعتبار حتسن عالقتها باململكة العربية‬ ‫العربية السعودية وإيران وفرنسا والواليات املتحدة‪ .‬السعودية‪ ،‬نصيرة احلريري‪ ،‬فإن سورية في موقع جيد يسمح‬ ‫واستطاعت سورية خالل تلك الفترة أيضا وضع وجود عسكري لها باملساعدة على حل األزمة‪.‬‬ ‫داخل جارتها الصغرى وبالتالي كانت تتحكم في الشؤون‬ ‫السياسية واالقتصادية للبنان من بني عناصر الدولة األخرى‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن سورية رمبا تكون األكثر استفادة من إنقاذ‬ ‫لبنان‪ .‬فعلى الفور‪ ،‬يعمل لبنان املضطرب على حدودها على‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬هزت حرب العراق في ‪ 2003‬االنحيازات اإلقليمية نحو مخالف لسياستها األمنية طويلة املدى التي حترص على‬ ‫السياسية‪ .‬فقد أصبح احلريري‪ ،‬زعيم اجملتمع السني اللبناني عدم انتقال االضطرابات إلى سورية‪ .‬وسوف يكون أمام دمشق‬ ‫كبير العدد‪ ،‬والذي يدير حتالفا يتضمن عددا من القادة البارزين أيضا الفرصة لتعزيز نفوذها في لبنان وبالتالي جعل حكومة‬ ‫املسيحيني والدروز‪ ،‬مع إخراج سورية من لبنان في ‪ .2004‬احلريري أكثر انفتاحا على مصاحلها‪ .‬وأخيرا‪ ،‬سوف تزداد عالقات‬ ‫وتزامن موقفه مع املوافقة على قرار مجلس األمن ‪ ،1559‬الذي سورية مع الواليات املتحدة واململكة العربية السعودية عمقا‬ ‫يقضي بانسحاب سورية من لبنان وتفكيك امليليشيات مثل كنتيجة لذلك‪.‬‬ ‫حزب اهلل‪.‬‬

‫كما دفع اغتيال احلريري أيضا إلى تشكيل جلنة التحقيق‬ ‫التابعة لألمم املتحدة‪ .‬وفي عام ‪ ،2007‬أنشأ مجلس األمن‬ ‫احملكمة اخلاصة للبنان حملاكمة املتهمني في قضية احلريري و‪11‬‬ ‫عملية اغتيال سياسي أخرى أعقبته‪.‬‬ ‫ومنذ بدايتها‪ ،‬مثلت احملكمة مشكلة متناقضة بالنسبة‬ ‫للبنان واملنطقة واجملتمع الدولي‪ .‬فمن جانب‪ ،‬متثل العدالة‬ ‫املتأخرة ضد القتل الوحشي للقائد اللبناني الوطني املرموق‬ ‫في فترة ما بعد الطائف‪ ،‬فرصة إلنهاء التوتر وشفاء اجلروح‬ ‫واملصاحلة‪ .‬ومن جهة ثانية‪ ،‬فإن تلك العدالة رمبا تأتي على‬ ‫حساب االستقرار املستقبلي في لبنان‪.‬‬ ‫فقد اتهم األمني العام حلزب اهلل‪ ،‬حسن نصراهلل‪ ،‬احملكمة‬ ‫اخلاصة للبنان بأنها أداة إسرائيلية أميركية مصممة لتقويض‬ ‫حزبه‪ ،‬واقترح أنه لكي تكون لتلك احملكمة مصداقية يجب‬ ‫عليها أن ال تستبعد احتمالية التورط اإلسرائيلي في قتل‬ ‫احلريري‪.‬‬ ‫وطالب نصراهلل رئيس الوزراء سعد احلريري‪ ،‬ابن رفيق احلريري‪،‬‬ ‫برفض احملكمة بزعم أنه أصبح من الواضح أن أعضاء من حزب‬ ‫اهلل سيتم اتهامهم‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪21‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫قتل احلريري في فبراير (شباط) ‪ 2005‬وأثار اغتياله غضبا‬ ‫محليا وضغوطا دولية على سورية التي أجبرت على سحب‬ ‫قواتها في أبريل (نيسان) ألول مرة منذ غزوها للبنان عام‬ ‫‪.1976‬‬

‫تستطيع سورية أن تلعب دورا إيجابيا في إنقاذ‬ ‫البالد من على حافة الصراع احملتمل‪ .‬وكراعية حلزب‬ ‫اهلل‪ ،‬وأخذا في االعتبار حتسن عالقتها باململكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬نصيرة احلريري‪ ،‬فإن سورية في‬ ‫موقع جيد يسمح لها باملساعدة على حل األزمة‪.‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫مرتوكون للموت‬ ‫قال ديفيد مارك من التحالف املدني للروم في بوخارست‬ ‫لـ«بي بي سي»‪« :‬النقطة الوحيدة التي نتفق فيها مع‬ ‫السلطات الفرنسية هي أن السلطات هنا في رومانيا‬ ‫تتعامل بشكل سيئ وغير مسؤول على اإلطالق مع‬ ‫عملية اندماج الغجر في اجملتمع»‪.‬‬ ‫في احلقيقة‪ ،‬تعد كراهية الغجر والتمييز ضدهم مشكلة‬ ‫أوروبية راسخة‪ .‬قال نيكوالي جورجي‪ ،‬الناشط الروماني‬ ‫املنتمي للغجر‪ ،‬لصحيفة «الغارديان» إن التخلص من‬ ‫الغجر أصبح جزءا من العقلية الرومانية منذ ترحيالت‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪ ،‬وإن االنضمام إلى االحتاد األوروبي‬ ‫زاد هذا الفكر قوة‪ .‬وساهمت األزمة االقتصادية في حتول‬ ‫أفقر سكان الريف الروماني إلى غجر‪ .‬ووفقا ملنظمة‬ ‫حقوق اإلنسان «إيفري وان غروب» انخفض متوسط‬ ‫عمر السكان من الغجر إلى أقل من ‪ 40‬عاما‪ ،‬وال توجد‬ ‫محاوالت حلل هذه املشكلة‪.‬‬ ‫وقد وصلت الالمباالة املفزعة جتاه هذه املعاناة املتزايدة‬ ‫ذروتها عندما نزلت فتاتان من الغجر لالستحمام في أحد‬ ‫شواطئ إيطاليا في يوليو (متوز) ليتجاهلهما املصطافون‬ ‫القريبون ملدة ثالث ساعات قبل أن تلقي الشرطة القبض‬ ‫عليهما‪ .‬وقد متت إدانة هذه الواقعة على نطاق واسع في‬ ‫أوروبا‪ ،‬وقال كثيرون إنها نتيجة لسياسات االضطهاد التي‬ ‫تنتهجها احلكومة اإليطالية ضد الغجر‪ .‬ولكن من خالل‬ ‫الصورة اإلجمالية ألساليب تعامل الرومانيني والفرنسيني‬ ‫مع الغجر‪ ،‬من املمكن أن تعتبر تلك احلادثة عرضا ملشكلة‬ ‫أكبر بكثير‪ ،‬وتذكيرا قبل أي شيء بأن التعاطف اإلنساني‬ ‫ليس أمرا مفروغا منه‪ .‬إنها قيمة مجتمعية يجب‬ ‫تغذيتها واحلفاظ عليها‪ .‬ولكن يبدو أن أوروبا ‪ -‬األكثر‬ ‫تقدما في حقوق اإلنسان – قد أغفلتها‪.‬‬

‫إذن ما الذي ميكن فعله في املستقبل لتحسني أحوال السكان‬ ‫من الغجر الذين يعيشون في أوروبا حاليا ويبلغ تعدادهم‬ ‫من ‪ 10‬إلى ‪ 12‬مليون نسمة؟ توجد ضرورة ملحة لوضع‬ ‫استراتيجية أوروبية متماسكة طويلة املدى‪ .‬أوال‪ ،‬يجب أن‬ ‫يتخذ االحتاد األوروبي إجراء قانونيا ضد فرنسا لتكون سابقة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬يجب أن يشرف االحتاد األوروبي على متويل برامج للتأكد من‬ ‫أن بلغاريا ورومانيا تتخذان اإلجراءات الالزمة لتحسني اندماج‬ ‫الغجر في بالدهم‪ ،‬مما يقلل من خروجهم منها‪ .‬ثالثا‪ ،‬يجب أن‬ ‫يبذل الغجر أنفسهم جهدا حقيقيا لالندماج في اجملتمع باتباع‬ ‫القوانني واللوائح في اجملتمعات املضيفة‪ ،‬بدال من الدخول في‬ ‫دائرة من العزلة‪ ،‬وسيساعد ذلك على تغيير املفاهيم املنتشرة‬ ‫عنهم‪ .‬رابعا‪ ،‬من الضروري أن يعزز الناشطون في اجملتمع الدولي‬ ‫وعيا أكبر بقضية الغجر‪ .‬وأخيرا‪ ،‬يجب أن يتم اتخاذ إجراءات‬ ‫في فرنسا وجميع أنحاء غرب أوروبا‪ ،‬حتت رعاية االحتاد األوروبي‪،‬‬ ‫للمساعدة على إدماجهم في اجملتمع‪.‬‬ ‫وميكن االستفادة من النموذج اإلسباني في هذا الشأن‪ :‬يوجد‬ ‫في إسبانيا ثاني أكبر مجتمع من الغجر في أوروبا‪ ،‬حيث يبلغ‬ ‫تعدادهم نحو ‪ 970,000‬نسمة‪ .‬ويخصص مبلغ ‪ 36‬مليون‬ ‫يورو سنويا من أجل إدماجهم في اجملتمع‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يعيش‬ ‫‪ 5‬في املائة فقط منهم في مخيمات موقتة‪ ،‬وميتلك نصفهم‬ ‫منازل خاصة‪ ،‬ويحصل ‪ 75‬في املائة منهم على نوع من‬ ‫الدخل املنتظم‪ .‬ويعرف ‪ 85‬في املائة منهم القراءة والكتابة‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬مت إطالق برنامج تأهيل لتوفير التدريب‬ ‫الفني للعاطلني عن العمل وأيضا مساعدة العديد من الغجر‬ ‫على احلصول على ما يعادل شهادة التعليم الثانوي‪ .‬وبعد‬ ‫إمتام البرنامج‪ ،‬يعني البعض في وظائف من خالل اتفاقيات مع‬ ‫الشركات اخلاصة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الوضع في إسبانيا ليس مثاليا متاما‪ ،‬وأن‬ ‫التمييز موجود أمام جميع في جميع مناحي حياة الغجر‪ ،‬يتم‬ ‫بذل جهود حقيقية في جميع االجتاهات‪ ،‬ومت اتخاذ خطوات‬ ‫كبيرة في األعوام األخيرة‪ .‬يجب أن يكون االندماج وليس‬ ‫اإلبعاد هو طريق املستقبل‪ .‬وال يتجاوز خطاب ساركوزي الفارغ‬ ‫عن النظام والقانون واتخاذ كبش فداء‬ ‫من الغجر أكثر من كونه مجرد منوذج‬ ‫بائس للسياسة احلزبية‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أن مقامرته ربحت عام ‪،2007‬‬ ‫فإنه سيحتاج ألن يثبت أنه أكثر من‬ ‫مجرد «الناهي» إذا كان عليه أن يقنع‬ ‫الشعب الفرنسي بأنه الرجل املناسب‬ ‫للرئاسة عام ‪ .2012‬وإال سيكون قد‬ ‫حان الوقت لنقول وداعا ساركوزي‪ ،‬بدال‬ ‫من وداعا للغجر‪.‬‬ ‫* جايسون سيدياس – صحافي في‬ ‫الشؤون السياسية وكاتب مقاالت‬ ‫لصحف ومجالت عاملية شهيرة‪ .‬وهو‬ ‫مرشح حاليا للحصول على درجة‬ ‫الدكتوراه في دراسات الهجرة األوروبية‬ ‫في كلية كينج بجامعة لندن‪ ،‬حيث‬ ‫تركز أبحاثه على سياسات إبعاد‬ ‫املهاجرين بعد احلرب العاملية الثانية‬ ‫وفقا للعرق والدين في كل من بريطانيا‬ ‫وفرنسا وإسبانيا‪.‬‬ ‫نشر هذا في "اجمللة" بتاريخ ‪ 9‬نوفمبر ‪2010‬‬

‫‪20‬‬


‫باستهداف الغجر الرّوم في فرنسا‪ ،‬يسارع الرئيس الفرنسي‬ ‫نيكوال ساركوزي الى حفر قبره بيده‪ ،‬كما يقال‪ .‬كان من‬ ‫املفترض أن تساعد أحدث سياساته لتنفيذ النظام والقانون‬ ‫في قضيته‪ ،‬ولكن يبدو أن لها أثرا معاكسا‪ .‬يصفها بعض‬ ‫املهاجمني بأنها غير قانونية في ظل قوانني االحتاد األوروبي‪،‬‬ ‫بينما يعتبرها آخرون عودة إلى معاملة فرنسا لليهود في‬ ‫فترة احلرب العاملية الثانية‪ .‬فمن هم الغجر وملاذا ظهروا فجأة‬ ‫على الشاشة أمام احلكومة الفرنسية؟‬

‫توشك فرنسا فيه على تولي رئاسة مجموعة الدول العشرين‪.‬‬ ‫ولكن على الرغم من االنتقادات‪ ،‬يظل ساركوزي متحديا‪ .‬لقد‬ ‫برّر سياسته بوصفها «إجراءات صارمة ضد اجلرمية»‪ .‬ووفقا‬ ‫ألرقام حكومية أعلنت أخيرا‪ ،‬ازدادت أعداد الرومانيني (وغالبهم‬ ‫من الغجر) الذين ألقي القبض عليهم في باريس العام املاضي‬ ‫بنسبة ‪ 138‬في املائة‪.‬‬

‫وقد تصدرت أنباء احلملة احلالية ضد الغجر عناوين الصحف‬ ‫العاملية بعد األحداث التي وقعت في ‪ 17‬و‪ 18‬يوليو (متوز)‬ ‫في بلدة سانت آينا‪ ،‬حيث قاد غجري يبلغ من العمر ‪ 22‬عاما‬ ‫سيارته ليمر من خالل سور وضعه أحد أفراد األمن وأصاب أحد‬ ‫جايسون سيدياس أفراد الشرطة الوطنية الذي حاول الوقوف في طريقه‪ .‬ثم‬ ‫حاول السائق الهرب‪ ،‬فأطلق عليه أحد رجال الشرطة النار‪.‬‬ ‫يعلم معظم الناس أن الغجر موجودون‪ ،‬ولكن قليال منهم من وانتقاما مما حدث‪ ،‬هاجم نحو ‪ 50‬من الغجر ثكنات الشرطة‬ ‫يعرف الكثير عن هؤالء الغجر‪ .‬من الذي ينتمي إلى هذه الفئة في سانت آينا‪.‬‬ ‫الغامضة‪ ،‬التي كثيرا ما يربط الناس بينها وبني اجلرائم احلقيرة‬ ‫وأحوال معيشتهم املنعزلة على أطراف اجملتمعات األوروبية؟ وإذا كان ساركوزي‪ ،‬كما يدعي‪ ،‬يحافظ على األمن القومي‪،‬‬ ‫أحيانا ما يشار إلى تلك اجملتمعات باسم الرّوم أو الغجر‪ ،‬وأشهر فلماذا كان رد فعل االحتاد األوروبي معارضا؟ حتمل رومانيا‬ ‫ما قيل عن أصولهم إنهم جاءوا من شمال غربي الهند وبلغاريا عضوية االحتاد األوروبي منذ عام ‪ ،2007‬وعلى الرغم‬ ‫ووصلوا إلى أوروبا في فترة ما بني القرن العاشر والعصور من أن مواطنيهما يحتاجون إلى التقدم بطلب للحصول‬ ‫الوسطى‪ .‬ومنذ ذلك احلني‪ ،‬يواجه الغجر االضطهاد واالندماج على إذن بالعمل وإثبات قدرتهم املالية من أجل اإلقامة في‬ ‫القسري بل والطرد‪ .‬واليوم‪ ،‬يقدر تعداد الغجر من ‪ 10‬إلى ‪ 12‬البالد ملدة تزيد على ثالثة أشهر‪ ،‬فإنه في إمكانهم الدخول‬ ‫مليون نسمة‪ ،‬وهم متفرّقون في جميع أنحاء القارة‪ ،‬ويتركّز بحرية في سوق العمل الفرنسية‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يتهم االحتاد‬ ‫معظمهم في أوروبا الشرقية وإسبانيا‪.‬‬ ‫األوروبي فرنسا بالفشل في حتقيق أدنى قدر من الضمانات‬ ‫فوق القومية حلرية االنتقال‪ ،‬وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى‬ ‫ومن أجل استيعاب األزمة احلالية التي مير ّ بها الغجر في فرنسا‪ ،‬اتخاذ إجراءات مخالفة ضد الدولة‪.‬‬ ‫يجب أن نسأل أنفسنا سؤاال يستحق جائزة قدرها مليون دوالر‪:‬‬ ‫ملاذا حتصل جماعة عرقية تعاني من االضطهاد في أوروبا منذ وفي أكثر املناقشات املشتعلة بني االحتاد األوروبي واحلكومة‬ ‫قرون على كل هذا االهتمام اإلعالمي فجأة؟ على الرغم من أن الفرنسية‪ ،‬دعا رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون إلى‬ ‫اإلجابة السطحية تبدو معقدة‪ ،‬فإنها بسيطة جدا في الواقع‪ .‬برنامج إعادة الغجر إلى أوطانهم على مستوى القارة‪ ،‬مدعيا‬ ‫لقد بدأت احلملة غير الرسمية لالنتخابات الرئاسية في فرنسا أن «مخيمات األحياء الفقيرة» و«الشحاذين األطفال» من‬ ‫التي جتري في ‪ .2012‬وتهوي شعبية ساركوزي‪ ،‬الذي يعاني من مظاهر العودة إلى «طاعون القرن التاسع عشر»‪ .‬ومن جانب‬ ‫اقتصاد مثقل باألزمة‪ ،‬وتعديل سن املعاشات غير املرغوب فيه‪ ،‬آخر‪ ،‬شبهت مفوضة االحتاد األوروبي فيفيان ريدنغ إجراءات‬ ‫وفضيحة بتينكورت‪ ،‬إلى ‪ 33‬في املائة‪ ،‬لذلك من الواضح أنه الترحيل احلالية في فرنسا بتاريخها املظلم عندما كانت ترسل‬ ‫يحاول لفت انتباه الناخبني بالتلويح ببطاقة القانون والنظام‪ .‬الغجر إلى معسكرات النازية أثناء احلرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫وال تعد هذه هي املرة األولى التي يتبع فيها ساركوزي هذا‬ ‫األسلوب‪ .‬لقد بنى سمعته في مطلع القرن كوزير للداخلية‬ ‫عن طريق التضحية بالشباب املهاجرين ما بعد االستعمار كرد‬ ‫فعل على صعود اجلبهة الوطنية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬حقق االستفادة‬ ‫السياسية القصوى من أحداث الشغب التي وقعت في‬ ‫خريف ‪ 2005‬ليبدأ حملته من أجل انتخابات الرئاسة التي‬ ‫أجريت عام ‪ ،2007‬حيث أرجع حالة االضطراب إلى «ممارسي‬ ‫البلطجة واحلثالة» في أطراف املدن الفرنسية‪ ،‬وتعهد بتنقية‬ ‫هذه املناطق «بالقوة»‪ .‬وقد أدت هذه االستراتيجية إلى حتقيقه‬ ‫فوزا ساحقا في انتخابات ‪ ،2007‬حيث جنح في استعادة أصوات‬ ‫الناخبني التي خسرها في السابق أمام اليسار‪.‬‬ ‫وال تعد فرنسا الدولة األوروبية الغربية الوحيدة التي تشعر‬ ‫بالقلق حيال وجود الغجر فيها على رغم وجود املاليني من‬ ‫ويأمل ساركوزي في أن يكون حلملته املتشددة احلالية ضد املهاجرين من جنسيات وقوميات مختلفة‪ .‬وتنتشر إجراءات‬ ‫الغجر األثر االنتخابي ذاته عام ‪ .2012‬ولكن تبينّ املؤشرات ترحيل مشابهة للغجر في دول أخرى في املنطقة‪ .‬منذ عامني‬ ‫األولية أن العكس هو ما سيحدث‪ ،‬حيث تستمر نسبة فقط في إيطاليا‪ ،‬أعلن روبرتو ماروني‪ ،‬وزير الداخلية حاليا‪ ،‬أنه‬ ‫شعبيته في االنخفاض‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يواجه رد فعل يجب تفكيك جميع مخيمات الغجر وأنه يجب طرد أو سجن‬ ‫دمر عدد من السكان الذين كانوا‬ ‫عنيفا من مسؤولني في االحتاد األوروبي‪ ،‬والفاتيكان‪ ،‬وعدد كبير جميع سكانها‪ .‬وعندما ّ‬ ‫من املنظمات املدنية‪ .‬بل وفاقم الكشف األخير عن إجراء يحملون متفجرات ‪ 60‬مخيما للغجر‪ ،‬قال ماروني‪« :‬هذا ما‬ ‫احلرس الفرنسي (الشرطة الوطنية) جلمع بيانات سرية عن يحدث عندما يسرق الغجر األطفال‪ ،‬أو عندما يرتكبون جرائم‬ ‫الغجر (وهو أمر غير قانوني مبوجب القانون الفرنسي) من عنف جنسي»‪ .‬وتنتشر ظاهرة النمطية والتمييز ضد الغجر‬ ‫الضرر الذي حلق بسمعة ساركوزي الدولية‪ ،‬في وقت حاسم في جميع أنحاء القارة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الغجر أصبحوا مستهدفني كجماعة‬ ‫عرقية‪ ،‬فإن تشبيه ما يحدث مبا كان من نظام فيشي في احلرب‬ ‫العاملية الثانية يفتقد إلى العمق‪ :‬حيث يجب أن نتذكر أن‬ ‫فرنسا كانت خاضعة لالحتالل النازي في ذلك الوقت‪ .‬ومينح‬ ‫برنامج العودة اجلديد ‪ 300‬يورو للبالغني من الغجر و‪100‬‬ ‫يورو لألطفال‪ .‬ويتضمن أيضا أخذ بصمات أصابعهم لتجنب‬ ‫عودتهم إلى فرنسا في املستقبل‪ .‬ولكن يقول املعارضون إن‬ ‫أغلبية هؤالء األشخاص الذين يعانون من وصمة مزدوجة في‬ ‫فرنسا وفي بالدهم األصلية سيعودون سرا بال شك‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪19‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫في «ال ّدولة‬ ‫احلديثة»‬ ‫أصوات‬

‫‪Image © Graphic News‬‬

‫رغم أنهم أقلية بني‬ ‫ماليني املهاجرين في أوروبا‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫هل يطرد‬ ‫الفرنسيون الغجر‬ ‫أم‬ ‫يودّعون ساركوزي؟‬

‫‪18‬‬


‫جددت االستخبارات األميركية عقد الشركة حملطتها في‬ ‫كابل بقيمة ‪ 100‬مليون دوالر وذلك وفقا ملا ذكرته «نيويورك‬ ‫تاميز»‪.‬‬ ‫ويزعم املسؤولون بأن تلك العقود تعتمد على اتفاق‬ ‫«بالكووتر» على دفع ‪ 42‬مليون دوالر كغرامات لتبرير استمرار‬ ‫عمل احلكومة مع تلك الشركة احملتالة‪ .‬ومع ذلك فحتى‬ ‫في ظل تلك العقود اجلديدة‪ ،‬فإن مشكالت «بالكووتر»‬ ‫القانونية ما زالت بعيدة عن االنتهاء‪ .‬فأوال‪ ،‬مت اتهام خمسة‬ ‫من التنفيذيني السابقني بالشركة بتهم تتعلق باألسلحة‬ ‫وتضليل العدالة‪ ،‬كما أن هناك حتقيقات مستمرة تتعلق‬ ‫مبزاعم محاوالت أعضاء رشوة السلطات العراقية‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى تهمتني إضافيتني بالقتل في ما يتعلق مبقتل اثنني من‬ ‫األفغان‪ .‬وعلى الرغم من أهميتها‪ ،‬فإن تلك هي اخلطوات‬ ‫األولى فقط في احلرب ضد احلصانة التي اعتادت أن تعمل‬ ‫منظمات مثل «بالكووتر» من خاللها‪.‬‬

‫على الرغم من أن طبيعة اجليش األميركي‬ ‫وعملياته الطموحة جعلته مياال إلى االعتماد‬ ‫على املتعهدين اخلارجيني‪ ،‬فإن الفضائح‬ ‫العديدة التي ارتبطت بسلوكياتهم العدوانية‬ ‫لم تساعد الواليات املتحدة على تأسيس‬ ‫عالقة قائمة على الثقة مع اجملتمعات احمللية‬ ‫في كل من العراق وأفغانستان‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإنه كلما تزايد وجود املتعهدين األمنيني – تشير‬ ‫تقديرات الكونغرس إلى أن عدد املتعهدين في العراق من‬ ‫املرجح أن يتضاعف خالل السنوات القادمة – فإنه من‬ ‫الضروري أن نعمل على تقييم جانب آخر لدورهم في احلرب‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التأثير السيئ ملثل هذه الشركات‪ ،‬فإن‬ ‫املتعهدين أنفسهم يقدمون خدمات قيمة جلهود احلرب‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬تتعرض تلك املساهمات للظلم‪ .‬فعلى الرغم من‬ ‫أنهم يتحملون ويالت احلرب إلى جانب اجليش‪ ،‬فإن املتعهدين‬ ‫املدنيني ال يحصلون على نفس املزايا‪ ،‬كما أنهم ال يحصلون‬ ‫على نفس التقدير العام لعملهم‪ ،‬مما يجعلهم كما تقول‬ ‫«بروبابليكا» «محارب فيتنام لهذ اجليل»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أهمية مساءلة شركات مثل «بالكووتر»‬ ‫عن جرائم موظفيها‪ ،‬فمن الضروري أن نعي القيمة اإلضافية‬ ‫التي ميكن أن يوفرها العديد من موظفيهم‪ ،‬وأن نحرص على‬ ‫أن يتلقوا مكافآت توازي التضحيات التي يقومون بها‪ .‬وفي‬ ‫حتقيق مشترك بعنوان «جيش ميكن التخلص منه» الذي‬ ‫أجرته «بروبابليكا» و«لوس أجنليس تاميز»‪ ،‬تصف الشبكة‬ ‫اإلخبارية الطريقة التي سمح عبرها اعتماد الواليات املتحدة‬ ‫على املتعهدين للحكومة وأصحاب الشركات بإهمال صحة‬ ‫املتعهدين باإلضافة إلى إسهاماتهم في جهود احلرب‪.‬‬ ‫وتصور املقارنة السريعة بني عدد القتلى من املدنيني‬ ‫واإلصابات بني العسكريني وجهة نظرهم بوضوح‪ .‬فبني يناير‬ ‫(كانون الثاني)‪ ،‬ويونيو (حزيران) ‪ ،2010‬قتل أكثر من ‪250‬‬ ‫مدنيا يعملون حتت راية املتعهدين األميركيني في مناطق‬ ‫احلرب‪ ،‬فيما سجل البنتاغون في نفس الفترة وفاة ‪235‬‬ ‫جنديا‪.‬‬ ‫ويؤدي املتعهدون املدنيون الذين يعملون كمترجمني‪ ،‬أو‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫عن كل قتيل وثالثني ألف دوالر عن كل جريح‪ .‬وقد رفض‬ ‫القاضي كل التهم اجلنائية املوجهة ملوظفي «إكس إي»‪.‬‬ ‫كذلك في يناير (كانون الثاني)‪ ،‬مت اتهام اثنني من احلراس‬ ‫السابقني بقتل اثنني من املدنيني األفغان كنتيجة إلطالق‬ ‫النيران في تقاطع طرق‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬يتم التحقيق مع ثالثة من املسؤولني‬ ‫احلكوميني األميركيني السابقني بـ«إكس إي» حملاولة‬ ‫رشوة املسؤولني احلكوميني العراقيني في مساع حلماية‬ ‫مواقعهم في العراق بعد حادث القتل في ميدان نيسور‪.‬‬ ‫يونيو (حزيران) ‪ :2010‬منحت االستخبارات األميركية‬ ‫«إكس إي» عقدا في أفغانستان لتوفير األمن عند‬ ‫القنصليات األميركية في مدن «هارت»‪ ،‬و«مزار شريف»‪.‬‬ ‫فهم يقولون إن عطاء الشركة كان أقل بنحو ‪ 26‬مليون‬ ‫دوالر من أقرب منافسيها‪.‬‬ ‫أغسطس (آب)‪ :‬مت اتهام مسؤولي «إكس إي» بتهم‬ ‫تتعلق بالسالح‪ .‬فقد اتهموا بتزوير الوثائق إلخفاء هدايا‬ ‫من األسلحة للملك عبداهلل ملك األردن‪ .‬وتكشف وثائق‬ ‫احملكمة أن «إكس إي» انتهكت احلظر على الصادرات‬ ‫مئات املرات‪ .‬فقد مت انتهاك نحو ‪ 288‬قانونا في ما‬ ‫يتعلق بالصادرات مبا في ذلك انتهاك قوانني حظر السالح‬ ‫وقوانني التدريب العسكري واألمني لألجانب باإلضافة‬ ‫إلى اإلخفاق في التعامل الفعال مع خلفيات املتدربني‪.‬‬ ‫أكتوبر (تشرين األول)‪ :‬قالت قناة «اجلزيرة» إن إحدى‬ ‫جبهات الشركة (حلول التطوير الدولية) قد عينت‬ ‫مجموعة خلدمة احلماية العاملية‪.‬‬

‫يقومون باألعمال األساسية مثل التنظيف‪ ،‬مهمات حيوية‬ ‫في مناطق احلرب‪ ،‬ولكنهم على خالف اجليش‪ ،‬ال يحصلون‬ ‫على التعويضات أو التكرمي نظير جهودهم‪ .‬واألهم من ذلك‪،‬‬ ‫وكما تقول «بروبابليكا»‪« :‬فإن ارتفاع الوفيات لم يلفت‬ ‫االنتباه‪ ،‬مخفيا مجمل التكلفة البشرية للحرب»‪ .‬فهم‬ ‫يتعرضون لنفس اإلعاقات الدائمة من دون شبكات الدعم‬ ‫املوجودة للمساعدة على إعادة تأهيل اجلنود بعد عودتهم من‬ ‫اجلوالت املنهكة في بعض أخطر مناطق احلرب في العالم‪.‬‬ ‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬يعود معظمهم إلى موطنهم‬ ‫وينفقون مصروفات قانونية طائلة سعيا وراء املكافآت التي‬ ‫كانت شركات التأمني قد وعدتهم بها‪ ،‬وهي شركات التأمني‬ ‫التي تبدي دائما استعدادا للتضحية بجودة الرعاية في‬ ‫مقابل التكلفة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن دور وسلوك شركات األمن اخلاصة يثيران‬ ‫العديد من التساؤالت املهمة حول أخالقيات احلرب املعاصرة‬ ‫باإلضافة إلى احلاجة إلى العدالة والتعويض للضحايا‪ ،‬فإنه‬ ‫من الضروري أن نعي أن األشياء ليست فقط من بني أبيض‬ ‫وأسود‪.‬‬ ‫وليس كل املتعهدين أشرارا‪ ،‬كما أن معظمهم قدم إسهامات‬ ‫مهمة جلهود احلرب األميركية‪ ،‬وبالتالي يجب معاملتهم‬ ‫وفقا لذلك‪ .‬وفي الوقت الذي ما زالت الشركات األمنية تقدم‬ ‫الدعم للواليات املتحدة في انسحابها من العراق‪ ،‬يجب على‬ ‫احلكومة أن تعمل على تعزيز دمج تلك املؤسسات في النظام‬ ‫العسكري املوجود بالفعل خشية أن ينجم املزيد من املظالم‬ ‫عن ذلك اجلور‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 25‬أكتوبر ‪2010‬‬ ‫‪17‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫املدنيون يف مقابل بالكووتر‬ ‫يناير (كانون الثاني) ‪ :2005‬مت مقاضاة بالكووتر بـ«القتل‬ ‫غير املشروع» من قبل عائالت أربعة من املتعهدين‬ ‫املغتالني في الفلوجة في مارس (آذار) ‪.2004‬‬ ‫وفي واقعة مشابهة‪ ،‬متت مقاضاة بالكووتر من قبل‬ ‫عائالت ثالثة من اجلنود الذين قتلوا في حادثة سقوط‬ ‫طائرة «إيه دبليو إس» التابعة لبالكووتر والتي انتهكت‬ ‫كثيرا من القوانني احلكومية وشروط التعاقد»‪ .‬وتشكك‬ ‫«بريسيدينشيال إيروايز»‪ ،‬قسم الطيران التابع‬ ‫لبالكووتر‪ ،‬في صالحية تقرير اجليش‪.‬‬ ‫ديسمبر (كانون األول) ‪ :2006‬قاضت بالكووتر مدعي‬ ‫أسر الضحايا وطالبت بعشرة ماليني دوالر على أساس‬ ‫أن العقد مينع رفع قضية‪ .‬ومت منع جلسة االستماع من‬ ‫احملكمة‪.‬‬ ‫‪ :2007‬رفع مركز احلقوق الدستورية قضية على‬ ‫بالكووتر مبقتضى قانون «مطالبات األجانب التعويض‬ ‫عن األضرار» نيابة عن العراقي املصاب وثالثة من املدنيني‬ ‫الذين قتلوا على يد موظفي بالكووتر خالل إطالق النيران‬ ‫في سبتمبر (أيلول) ‪ 2007‬في ميدان نيسور‪.‬‬ ‫وسط التساؤالت حول تورطها في واقعتني مختلفتني‪،‬‬ ‫منح البنتاغون عقدا قيمته ‪ 92‬مليون دوالر لوحدة‬ ‫الطيران التابعة لبالكووتر «بريسيدينشيال إيروايز»‬ ‫لنقل مسافري وزارة الدفاع والبضائع بني املواقع حول‬ ‫آسيا الوسطى‪.‬‬ ‫‪ :2008‬حذر املفتش العام لوزارة اخلارجية األميركية من‬ ‫أنه من احملتمل أن ال يتم منح بالكووتر رخصة حكومية‬ ‫خالل العام املقبل‪.‬‬

‫وأفغانستان‪.‬‬ ‫بل إن متعهدين مثل «بالكووتر»‪ ،‬وهي واحدة من أشهر‬ ‫الشركات في ذلك اجملال‪ ،‬قد أصبحت مرتبطة بالضرر الذي‬ ‫أحدثته أكثر من الدعم الذي قدمته‪ .‬فمن االغتياالت‪ ،‬إلى‬ ‫الرشى والتزوير‪ ،‬حملت «بالكووتر» أخطاءها كوصمة عار‪،‬‬ ‫مما دفع مالكها السابق إلى تغيير اسمها من «بالكووتر»‬ ‫إلى «إكس إي سيرفيسيز»‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن عمليات إعادة‬ ‫بناء صورتها‪ ،‬لم متح اآلثار السلبية التي تسببت فيها‬ ‫املنظمة‪ .‬ولألسف‪ ،‬فإن عدم شعبية «إكس إي» لم‬ ‫مينعها من االستمرار في عالقتها الوثيقة باالستخبارات‬ ‫األميركية (حيث وصلت قيمة العقود إلى ‪ 600‬مليون‬ ‫دوالر منذ ‪ ،)2001‬كما لم تساعد على تنفيذ العديد من‬ ‫القضايا التي كانت تسعى إلى تقدمي الشركة للعدالة‬ ‫نظرا لالنتهاكات التي ال تعد وال حتصى‪.‬‬ ‫ويقال إن السبب في أن التحقيقات والقضايا املقامة ضد‬ ‫الشركة لم تسفر عن شيء‪ ،‬يرجع إلى املعضالت القانونية‬ ‫املرتبطة بالسلطة القضائية‪ ،‬وصعوبة احلصول على األدلة‬ ‫في مناطق القتال‪ ،‬باإلضافة إلى املشكالت املتعلقة‬ ‫بالتغلب على احلصانة‪ .‬وعلى الرغم من أنه من املفهوم أنه‬ ‫خالل تطور احلرب‪ ،‬ميكن أن تظهر مشكالت غير متوقعة‪ ،‬فإن‬ ‫اعتماد الواليات املتحدة املتزايد على تلك اخلدمات يتطلب أن‬ ‫يتم فرض املزيد من الرقابة على املتعهدين‪ ،‬وحصولهم على‬ ‫تدريب أفضل وتكامل أفضل مع اآللة العسكرية املوجودة‬ ‫بالفعل‪.‬‬ ‫في عمل ميكيافيللي املهم حول النظرية السياسية‪ ،‬يوضح‬ ‫دبلوماسي فلورنسا شيئا أساسيا حول االستراتيجية‬ ‫العسكرية‪ ،‬وهو أن‪« :‬املرتزقة محل شك‪ ،‬وغير مخلصني‬ ‫وخطرين»‪ .‬وعلى الرغم من أن موقفه من املرتزقة رمبا يكون‬ ‫مبالغا فيه أو على األقل غير عملي أخذا في االعتبار حجم‬ ‫القوة البشرية الضرورية لشن حرب معاصرة‪ ،‬فإن املشكالت‬ ‫التي طرحتها شركات مثل «بالكووتر» توازي تلك التي حذر‬ ‫ميكيافيللي قادته منها‪.‬‬

‫وعلى الرغم من احلظر العراقي‪ ،‬كلفت وزارة اخلارجية‬ ‫بالكووتر مبهمة توفير األمن للدبلوماسيني في احللة‬ ‫والنجف وكربالء‪ ،‬حتى أغسطس (آب) ‪.2009‬‬

‫و ألقت وثيقة حديثة سربها موقع «ويكيليكس» بالضوء‬ ‫على حادثة محددة تلخص توجه املتعهدين الغربيني‬ ‫الوحشي في توفير األمن وكيف حد ذلك التوجه ببساطة‬ ‫من مساعي الواليات املتحدة الستقرار العراق‪ .‬وفي ديسمبر‬ ‫(كانون األول) عام ‪ ،2004‬أطلق أحد املتعهدين األميركيني‬ ‫النيران على أتوبيس مزدحم‪ ،‬وعلى إطارات سيارة مدنية‬ ‫أخرى‪ .‬ولم يتوقف إطالق النيران إال بعد وصول الشرطة‬ ‫العراقية‪ ،‬وأمن امليناء‪ ،‬ووحدة عسكرية بريطانية‪.‬‬

‫وفي نفس العام‪ ،‬متت مقاضاة حارس سابق ببالكووتر من‬ ‫قبل عائلة رجل عراقي قتل بطلق ناري في رأسه‪ .‬ويزعم‬ ‫أن احلادثة وقعت عندما كان احلارس يتجول وهو مخمور‬ ‫في بغداد‪.‬‬

‫ورمبا يكون األكثر إثارة للدهشة هو رد فعل املتعهدين في‬ ‫أعقاب وصولهم‪ .‬فبعدما وجدوا أنه لم يصب أحد‪ ،‬وزعوا‬ ‫األموال النقدية على املدنيني العراقيني ثم غادروا‪.‬‬

‫فبراير (شباط) ‪ :2009‬غيرت بالكووتر اسمها إلى «إكس‬ ‫إي»‪ .‬وفي األول من أبريل (نيسان) أعلنت وزارة اخلارجية‬ ‫أن شركة «تريبل كانوبي» سوف حتل محل «إكس إي»‬ ‫كمتعهد األمن اخلاص بالوزارة في العراق‪.‬‬

‫مت رفع قضية في فيرجينيا تزعم أن موظفي بالكووتر قتلوا‬ ‫ثالثة أفراد من أسرة عراقية مبا فيهم صبي عمره تسع‬ ‫سنوات‪ .‬كما تزعم القضية أيضا أن بالكووتر اختطفت‬ ‫مواطنني عراقيني واتهمت الشركة باملشاركة في تهريب‬ ‫األسلحة وغسيل األموال والتهرب من الضرائب باإلضافة‬ ‫إلى دعارة األطفال‪ .‬والتهمة األخيرة تتضمن الزعم بأنه‬ ‫مت أخذ فتيات عراقيات من مجمع تابع لبالكووتر ببغداد‬ ‫ملمارسة اجلنس الشفوي مع املتعهدين في مقابل دوالر‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫يناير (كانون الثاني) ‪ :2010‬رحبت «إكس إي» بقرار‬ ‫احملكمة فيما يتعلق بالقضايا السبع املرفوعة بشأن‬ ‫قتلى ميدان نيسور التي تقضي بدفع ‪ 100‬ألف دوالر‬

‫‪16‬‬

‫ومت وصف املشهد باعتباره أحد األمثلة من بني العديد من‬ ‫احلوادث على اعتياد املتعهدين إطالق النيران على املدنيني‬ ‫من دون متييز‪ .‬وقد وقعت مثل تلك احلوادث في كل من‬ ‫العراق وأفغانستان‪ ،‬وكان رد فعل الدولتني هو تقليل عدد‬ ‫املتعهدين املوجودين كما حدث في أفغانستان أو من خالل‬ ‫زيادة محاسبتهم كما حدث في العراق‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫ذلك فإن تلك الشركات‪ ،‬بخاصة «بالكووتر»‪ ،‬ما زالت فوق‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫وحتى بعدما أدينت في مقتل عدد من املدنيني في العراق‪،‬‬ ‫أنشأت «بالكووتر» مركزا من نحو ‪ 30‬شركة تابعة‬ ‫لالستمرار في العمل مع احلكومة األميركية مما يجعلها‬ ‫منظمة شبه عسكرية هائلة‪ .‬وأخيرا‪ ،‬منحت وزارة اخلارجية‬ ‫األميركية شركة «بالكووتر» عقدا قيمته ‪ 120‬مليون‬ ‫دوالر لتوفير األمن للمكاتب اإلقليمية في أفغانستان‪ ،‬كما‬


‫مرتزقة أميركا في حروبها من دون رقيب أو حسيب‬

‫املتعهّ دون العسكريون‪ ..‬جيش داخل اجليش‬

‫للمتعهدين العسكريني في العمليات القتالية إلى صورة الواليات املتحدة في اخلارج‪ ،‬نظرا العتمادها املفرط على ما‬ ‫أساء استخدام الواليات املتحدة‬ ‫ّ‬ ‫وصفه كثيرون بأنه استبداد جشع وغير مسؤول‪ .‬وعلى الرغم من أن ظهور مشكالت جديدة خالل تطور احلرب أمر مفهوم‪ ،‬فإن اعتماد الواليات املتحدة‬ ‫املتعهدين والعمل على دمجهم داخل اآللة العسكرية املوجودة بالفعل‪.‬‬ ‫املتزايد على تلك اخلدمات يتطلب فرض رقابة أكبر على‬ ‫ّ‬ ‫بوال ميجيا‬ ‫منذ بداية احلروب في أفغانستان والعراق‪ ،‬كانت هناك العديد‬ ‫من النقاشات األخالقية التي تتعلق بطبيعة تدخل الواليات‬ ‫املتحدة في تلك البلدان‪ .‬وقد برزت القضايا املتعلقة بالعدالة‬ ‫والسيادة في إطار العديد من األخطاء التي ارتكبت في إطار‬ ‫االستعداد لتلك احلروب وتنفيذها‪ ،‬ولكن أحدها فقط استمر‬ ‫حتى عندما بدأت الواليات املتحدة في االنسحاب من العراق‪،‬‬ ‫رمبا ألن ذلك االنسحاب العسكري من املرجح أن يجعل األمور‬ ‫تزداد سوءا‪.‬‬

‫أساء استخدام الواليات املتحدة للمتعهدين األمنيني في‬ ‫العمليات القتالية إلى صورة الواليات املتحدة باخلارج نظرا‬ ‫العتمادها املفرط على ما وصفه كثيرون بأنه اعتداء طماع‬ ‫وغير مسؤول‪ .‬وعلى الرغم من أن طبيعة اجليش األميركي‬ ‫وعملياته الطموحة جعلته مياال إلى االعتماد على املتعهدين‬ ‫اخلارجيني‪ ،‬فإن الفضائح العديدة التي ارتبطت بسلوكياتهم‬ ‫العدوانية لم تساعد الواليات املتحدة على تأسيس عالقة‬ ‫قائمة على الثقة مع اجملتمعات احمللية في كل من العراق‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪15‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫املشددة من قبل األمن احلكومي األفغاني‪ ،‬ما زال يستطيع‬ ‫االتصال مع كبار قادة طالبان‪ .‬ويبقى سؤال آخر عما إذا كانت‬ ‫القيادة املركزية ما زالت موجودة في تلك احلركة اإلقليمية‬ ‫املنقسمة‪.‬‬ ‫صرح مسؤول في الناتو اشترط عدم ذكر اسمه‪ :‬بأنه «من‬ ‫املحُبط للغاية التفاوض مع كيان مثل طالبان ألنه ليس لديهم‬ ‫هيكل‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يخشى كثير منهم كسر الغطاء‬ ‫ألنه قد ينتهي بهم احلال في قائمة املستهدفني»‪.‬‬ ‫وصرح سهيل سنجار‪ ،‬ناشر صحيفة «هاشتي صبح»‬ ‫اليومية التي تتخذ مقرا لها في كابل‪« :‬يوجد خالف بني اجليل‬ ‫اجلديد من قوات طالبان واجليل السابق‪ .‬يرغب بعض من القادة‬ ‫السابقني مثل ضعيف ومتوكل في عقد اتفاق سالم‪ ،‬ولكن‬ ‫اجليل اجلديد أكثر رفضا»‪ .‬وأضاف قائال‪« :‬املشكلة هي أنه ال‬ ‫أحد يعرف حتديدا من هم هؤالء الناس»‪.‬‬ ‫يتصل اجليل اجلديد من طالبان جيدا بشبكة حقاني وهو على‬ ‫اتصال مباشر أيضا بجنود «القاعدة» في إقليم وزيرستان‬ ‫القبلي في باكستان‪ .‬وأحيانا ما يتصرفون على نحو مستقل‬ ‫عن مجلس شورى كويتا‪ .‬وفي حني أصبح حقيقيا وجود‬ ‫مستويات جديدة في القيادة‪ ،‬انحسر دور املال عمر إلى كونه‬ ‫قائدا تقليديا يحظى باالحترام وليس له سلطان على شؤون‬ ‫العمليات اليومية‪ .‬وعلى الرغم من أنه ما زال ميلك بعض‬ ‫النفوذ على القادة السابقني في قندهار وهلمند‪ ،‬فإن سلطته‬ ‫على اجلهة الشرقية قد ضعفت‪.‬‬

‫تكوين حركة املتمردين‬ ‫في الوقت الذي قتل أو احتجز أو هرب فيه العديد من أكثر‬ ‫قادة ومؤيدي طالبان تطرفا بعد الغزو األميركي عام ‪،2001‬‬ ‫ما زال هناك كثيرون يستمرون في العمل من أجل حتقيق‬ ‫أهداف طالبان‪ .‬لقد أسس قادة طالبان معقال في مدينة كويتا‬ ‫الباكستانية‪ ،‬حيث من املعتقد أنهم يشعلون منها أحداث‬ ‫العنف في جنوب أفغانستان‪ .‬وتعد كويتا أيضا مقرا جمللس‬ ‫قيادة طالبان‪ ،‬بقيادة املال عمر‪.‬‬ ‫كشف تقرير أعده اجلنرال ستانلي ماكريستال عن كيفية‬ ‫تعيني جماعة املال عمر املتمردة حكام ظل في معظم أقاليم‬ ‫أفغانستان‪ .‬وتدير حركة طالبان في أفغانستان شبكة مالية‬ ‫معقدة من أجل دفع مقابل عملياتها‪ ،‬وهي جتمع مئات املاليني‬ ‫من الدوالرات من االجتار في اخملدرات وعمليات االختطاف واالبتزاز‬ ‫والتبرعات األجنبية‪ ،‬وتشكل األخيرة مصدرا مهما على نحو‬ ‫خاص لدخل احلركة‪ .‬وصرح مسؤول أميركي ‪ -‬لم يذكر اسمه‬ ‫ لصحيفة «نيويورك تاميز» بوجود مزاعم بأن مواطنني في‬‫السعودية وباكستان وإيران وبعض دول اخلليج العربي من أكبر‬ ‫املساهمني األفراد‪.‬‬ ‫ظهر فرع لطالبان وانتشر في عامي ‪ 2008‬و‪ 2009‬على‬ ‫طول احلدود األفغانية في املناطق ذات الكثافة السكانية‬ ‫في باكستان‪ ،‬مثل إقليم سوات‪ ،‬القريب نسبيا من عاصمة‬ ‫باكستان‪ .‬وقد أوفد املال عمر فريقا مكونا من ستة أشخاص إلى‬ ‫وزيرستان في أواخر عام ‪ ،2008‬وفي فبراير (شباط) عام ‪،2009‬‬ ‫كونوا مجلسا موحدا يسمى مجلس اجملاهدين املتحدين‪.‬‬ ‫وفي أغسطس (آب) عام ‪ ،2009‬أصبح حكيم اهلل محسود‬ ‫قائدا لطالبان الباكستانية‪ ،‬حيث تعهد هو وقادة آخرون في‬ ‫طالبان في بيان مطبوع بأن ينحوا خالفاتهم جانبا ويركزوا على‬ ‫محاربة القوات األجنبية في أفغانستان‪ .‬ومن بني القادة اآلخرين‬ ‫ذوي النفوذ حافظ جول بهادور ومولوي نظير‪ ،‬ومقرهما شمال‬ ‫وجنوب وزيرستان‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫يقول شاه زاد احمللل الباكستاني‪« :‬ستصبح طالبان أقوى بعد‬ ‫عشرة أعوام من املنفى السياسي‪ ،‬ولكن النجاح العسكري‬ ‫قد جعل منهم جيشا لطالبان اجلديدة في مناطق باكستان‬ ‫القبلية‪ ،‬وهو ما سيساعدهم على قمع أي معارضة مسلحة‬ ‫في أفغانستان»‪.‬‬ ‫ومن املمكن أن يؤدي الفشل في الوصول إلى تسوية عبر‬ ‫املفاوضات مع طالبان إلى فتح الباب أمام تقسيم أفغانستان‬ ‫كما اقترح السفير األميركي السابق لدى الهند روبرت‬ ‫بالكويل‪ .‬ووفقا للخطة‪ ،‬سيقبل الناتو بأن هزمية املتمردين‬ ‫قضية خاسرة وسينسحب إلى ما وراء جدار فوالذي في والية‬ ‫باقية تسودها أغلبية من الطاجيك‪ .‬وجنوب احلدود اجلديدة‬ ‫ستظهر دولة بشتونستان املتمركزة حول قندهار‪.‬‬ ‫وعلق سنجار‪ ،‬الناشر‪ ،‬قائال‪« :‬إذا مت تقسيم أفغانستان‪،‬‬ ‫فسيفتح الباب أمام تقسيم إيران‪ ،‬وباكستان‪ ،‬وبعض الدول‬ ‫ُ‬ ‫األخرى في وسط آسيا‪ ،‬بل ورمبا الصني‪ ،‬حيث يطالب البلوش‬ ‫واألوزباكيون والطاجيكيون واألتراك العرقيون باستقاللهم‪.‬‬ ‫وسيثير ذلك شبح التطرف اإلسالمي املمتزج بالقومية‪،‬‬ ‫وسيهدد جميع دول ما بعد االحتاد السوفياتي الضعيفة‬ ‫باالنهيار»‪.‬‬ ‫وعودة إلى احلشائش الطويلة وأشجار الصنوبر العالية‪ ،‬يقف‬ ‫املال كرمي مودعا‪ .‬وقد قال إن مستقبله غامض‪ ،‬وإنه يشعر‬ ‫بأنه محاصر‪ :‬حيث يراقبه جواسيس احلكومة ويكرهه رفاقه‬ ‫السابقون‪ ،‬وهو غير قادر على العودة إلى صفوف طالبان‪،‬‬ ‫ويفتقد إلى املصداقية والصالت التي تتيح له احلصول على‬ ‫وظيفة حكومية في مجال تخصصه الوحيد‪ ،‬األمن‪ .‬وقد أدرك‬ ‫أيضا إلى أي مدى تخترق األموال األميركية بالده‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬تدور هذه احلرب حول األموال األجنبية‪ .‬لقد استسلمت‬ ‫ألنني سمعت أن هناك ميزانية أميركية‪ .‬وكنت عضوا في‬ ‫طالبان ألنني كنت أحصل على املال من القادة احملليني الذين‬ ‫كانوا يحصلون عليها من االستخبارات الباكستانية‪ ،‬لذا‬ ‫ميكنهم أيضا احلصول على أموال من األميركيني لالستمرار‬ ‫في محاربة التهديدات»‪.‬‬ ‫ويأمل مسؤولون أفغان في أن يتم الوصول إلى تسوية عبر‬ ‫التفاوض مع طالبان قريبا بعد بداية العام الفارسي اجلديد‬ ‫في ‪ 21‬مارس (آذار)‪ .‬ويقول مراديان‪ ،‬مسؤول وزارة اخلارجية‬ ‫األفغانية‪« :‬إذا بذلت املؤسسة الباكستانية جهودا مخلصة‬ ‫منسقة إلمتام املباحثات‪ ،‬من املمكن أن تتم العملية في‬ ‫غضون ثالثة إلى ستة أشهر»‪ .‬وأضاف قائال‪« :‬لن ينتهي‬ ‫الصراع األفغاني‪ ،‬ولكننا سنرى تقدما كبيرا في إدماج‬ ‫مقاتلي طالبان في احلكومة بقبولهم الدستور األفغاني‬ ‫وقطع عالقاتهم باإلرهاب الدولي»‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمال كرمي‪ ،‬فتظهر الصورة احمللية على أنه ضحية‬ ‫لعرقه‪ .‬لقد وصل إلى السلطة في ظل حكم طالبان بفضل‬ ‫تراثه البشتوني‪ ،‬وعاقبه الفاحتون اجلدد من الطاجيك مبجرد أن‬ ‫متت اإلطاحة بطالبان‪.‬‬ ‫ويقول مجددي‪ ،‬مدير جلنة املصاحلة بهرات عن طالبان‪« :‬إنهم‬ ‫ليسوا حيوانات‪ .‬وإذا توفرت لهم قدرة على أن يعيشوا‬ ‫ويحققوا دخال‪ ،‬فسيعودوا إلى املدينة ويندمجوا مع الناس»‪.‬‬

‫*اياسون اثاناسياديس ‪ -‬صحافي مقيم في إسطنبول‪.‬‬ ‫ويغطي أخبار تركيا والشرق األوسط وآسيا الوسطي‪ .‬وهو‬ ‫منذ عام ‪ ،1999‬يعيش ما بني القاهرة ودمشق والدوحة‬ ‫وصنعاء وطهران‪ .‬وقد عمل مراقبا انتخابيا على االنتخابات‬ ‫البرملانية األفغانية التي أجريت في سبتمبر (أيلول) املاضي‪.‬‬ ‫نشر هذا في «اجمللة» بتاريخ ‪ 29‬سبتمبر ‪2010‬‬


‫و صرح قائد القوات األميركية في أفغانستان اجلنرال بترايوس‬ ‫في أكتوبر (تشرين األول) املاضي بأنه مت توفير طريق آمن ملمثلني‬ ‫عن طالبان كانوا متجهني إلى كابل إلجراء مباحثات‪ ،‬وهو ما‬ ‫أكده مسؤولو احلكومة األفغانية الذين سهلوا عملية حتركات‬ ‫طالبان من إقليم هلمند الذي دمرته احلرب إلى كابل‪.‬‬

‫يتخذ مقرا له في بروكسل‪ ،‬وحكومة أبوظبي‪ .‬وكانت مباحثات‬ ‫مشابهة قد أجريت عام ‪ ،2009‬عندما استضافت اململكة‬ ‫العربية السعودية إفطارا يجمع بني ممثلي طالبان‪.‬‬ ‫طلعون على املباحثات إلى «اجمللة» عن‬ ‫و حتدث أشخاص ُم ّ‬ ‫شعورهم البالغ باإلحباط بسبب الدور املفسد الذي تؤديه‬ ‫باكستان‪ ،‬وكشفوا عن أن الصيغة احلالية للمفاوضات توصف‬ ‫بـ«الشد واجلذب» كوسيلة للتخلص من نفوذ إسالم آباد‪ .‬لقد‬ ‫مت تقدمي مزيج من احلوافز والعقوبات لطالبان من شأنها أن‬ ‫تقنعها بالتخلي عن دعم باكستان واخلروج من ميدان املعركة‪.‬‬ ‫ووفقا للخطة املوضوعة‪ ،‬يلحق الناتو هزائم عسكرية بطالبان‪،‬‬ ‫مما يدفع مقاتليها نحو احلوافز اجليدة التي تقدمها احلكومة‬ ‫لالنضمام إلى العملية السياسية‪ .‬وكان الهدف من وراء املزيد‬ ‫من مهمات العمليات اخلاصة داخل األراضي الباكستانية في‬ ‫الشهور األخيرة ممارسة ضغوط على باكستان وإقناعها برفض‬ ‫توفير مالذ ملقاتلي طالبان‪.‬‬

‫ولكن رفضت طالبان مرارا وتكرارا التفاوض مع أي أحد بخالف‬ ‫األميركيني الذين‪ ،‬على الرغم من مباركتهم لهذه املباحثات‪،‬‬ ‫ال يشاركون فيها‪ .‬ويرفض قادة طالبان حكومة كرزاي التي‬ ‫يعتبرونها غير شرعية‪ .‬ولكنهم أيضا لن يتحدثوا مع‬ ‫األميركيني إال إذا مت اإلعالن عن جدول زمني واضح لالنسحاب‪.‬‬ ‫ومن جانبها‪ ،‬تطالب حكومة كرزاي بأن يسلم مقاتلو طالبان‬ ‫أسلحتهم وأن يقبلوا بالدستور كشرط مسبق للمباحثات‪،‬‬ ‫وهو األمر غير املرجح؛ حيث تنتشر أنباء عن جتربة ما بعد‬ ‫تسليم األسلحة لقادة مثل املال كرمي‪.‬‬ ‫وبحثا عن إجابات عن كيف ميكن أن تكون احلكومة غافلة إلى هذه‬ ‫الدرجة عن وضع منوذج جيد ألعضاء طالبان املتطلعني إلى العودة‬ ‫إلى القطيع‪ ،‬توجهت إلى جلنة املصاحلة في هرات‪ ،‬في فيال مستقلة‬ ‫بيضاء حتيط بها جدران عالية وقضبان حديدية وحولها حراس‬ ‫مسلحون‪ .‬في الداخل‪ ،‬كان يجلس محمد شريف مجددي مدير‬ ‫اللجنة وأحد أقارب أول رئيس ألفغانستان بعد مغادرة السوفيات‪.‬‬ ‫قال مجددي‪« :‬نحن نؤيد التفاوض مع طالبان حتى نستطيع‬ ‫أن نحقق السالم‪ .‬وإذا كان هذا يعني منحهم بعض الوزارات أو‬ ‫املناصب في احلكومة فليكن األمر كذلك»‪ .‬ويبدو مجددي في‬ ‫بعض األحيان أكثر تعاطفا جتاه طالبان أكثر من احلكومة التي‬ ‫وطلب منه‬ ‫ميثلها‪ .‬ولكنه تلقى كثيرا من التهديدات بالقتل ُ‬ ‫التنحي عن منصبه‪ .‬وأحيانا ما يُظهر شعوره باإلحباط من‬ ‫حكومة كرزاي وميزانيته الشهرية الهزيلة التي تبلغ ‪50,000‬‬ ‫أفغاني (ما يعادل ‪ 1000‬دوالر أميركي)‪.‬‬ ‫ويقول مجددي موضحا سبب عدم استطاعته الوفاء بالوعود‬ ‫ألشخاص مثل املال كرمي‪« :‬ليس لدينا ما نقدمه لهم (طالبان)‪،‬‬ ‫مواردنا ضعيفة للغاية‪ .‬بخالف ما نوفره لهم من غذاء وملبس‬ ‫وانتقاالت إلى كابل‪ ،‬وتغطية نفقات إقامتهم في مكتبنا هناك‪،‬‬ ‫ال ميكننا أن نقدم املزيد مثل األراضي أو املرتبات»‪.‬‬ ‫ويضم جزء من إعادة االندماج تدريب منظمات مدنية ملقاتلي‬ ‫طالبان السابقني على ممارسة بعض املهن‪ .‬ولكن ال توجد إشارة‬ ‫على اهتمام أعضاء بارزين في طالبان بالتخلي عن حتديهم في‬ ‫مقابل الوضع الراهن‪ .‬ويقول سيد سليم شاه زاد‪ ،‬مؤلف كتاب‬ ‫«القاعدة‪ :‬آيديولوجية واستراتيجية وتكتيكات»‪« :‬إن طالبان‬ ‫مهووسون بإحياء إمارات أفغانستان اإلسالمية‪ .‬والقبول بإعادتها‬ ‫سيلغي عقوبات األمم املتحدة التي فرضت في نهاية التسعينات‬ ‫وإسقاط طالبان في ‪ ،2001‬مما يصل إلى درجة الهزمية الكاملة‬ ‫للغرب في أفغانستان»‪.‬‬ ‫وتعد شورى كويتا وشبكة حقّ اني من أكثر اجلماعات املتمردة‬ ‫املستقرة في باكستان رفضا‪ ،‬ولكن توجد إشارة بسيطة على‬ ‫أنهم مشتركون في املباحثات احلالية‪ .‬ومن بني مفاوضي طالبان‬ ‫الذين مت الكشف عن هويتهم املال عبد السالم ضعيف‪ ،‬وهو‬ ‫سفير سابق في حكومة طالبان الذي سجن في غوانتانامو ملدة‬ ‫أربع سنوات بعد سقوط طالبان‪ ،‬وأصبح املسؤول الوحيد في‬ ‫احلركة الذي كتب مذكراته‪.‬‬

‫‪Image © Getty Images‬‬

‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫يقول داود مراديان‪ ،‬رئيس الدراسات االستراتيجية في وزارة الشؤون‬ ‫اخلارجية األفغانية مشيرا إلى ممثلي طالبان‪« :‬إنهم ليسوا‬ ‫واقعيني‪ ،‬ولكن لديهم القدرة على توصيل الرسالة‪ .‬يحتاج‬ ‫مقاتلو طالبان إلى االقتناع بأنهم لن يسودوا ولن يفوزوا»‪.‬‬ ‫لغز طالبان‬ ‫من غير املرجح أن ضعيف‪ ،‬الذي يخضع للحبس املنزلي والرقابة‬ ‫‪13‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫أكبر املشكالت أنها تنظيم بال هيكل‬

‫طالبان بني ميادين احلرب وقاعات التفاوض‬ ‫في حني تزيد الواليات املتحدة من الضغوط على حركة طالبان في قندهار وفي باكستان‪ ،‬تتخذ املباحثات املتباعدة غير الرسمية مع احلركة خطوة‬ ‫أبعد‪ .‬كان الصحافي اياسون اثاناسياديس في أفغانستان يحاول استيعاب تلك املفاوضات‪ ،‬وهي عنصر مهم بالنسبة الستراتيجية املصاحلة التي‬ ‫تقودها الواليات املتحدة‪ .‬لكن تظل هناك عقبات كثيرة أمام جناح هذه العملية‪ ،‬من بينها عدم إمكانية حل لغز طالبان‪.‬‬ ‫اياسون اثاناسياديس‬ ‫هرات‪ :‬لم يكن من املرجح أن يصبح املال كرمي عضوا مناسبا‬ ‫في حركة طالبان‪ .‬لقد تخلى عضو احلركة غير املنتمي إليها‬ ‫آيديولوجيا عن سالح كالشينكوف الذي كان يحمله وترك‬ ‫اجلهاد ضد الكفار مبجرد أن سمع أن امليزانية األميركية احملددة‬ ‫جلهود املصاحلة في الطريق‪ .‬بعد تسليمه أسلحته وحصوله‬ ‫على العفو‪ ،‬أصبح واحدا من بني نحو ‪ 2000‬مقاتل من طالبان‬ ‫يتجهون إلى شوارع تكتنفها األشجار في أقل مدينة أفغانية‬ ‫مزقها الصراع منذ بداية مشروع املصاحلة عام ‪ .2005‬في‬ ‫منطقة زركوه اجلبلية‪ ،‬التي لم يطأها هو وفرقته املكونة من‬ ‫‪ 30‬رجال منذ أعوام طويلة‪ ،‬ترك خلفه زوجته األولى من أجل‬ ‫الزواج بأخرى أكثر رقيا في هرات‪ .‬لقد تراءت له حياة جديدة‪.‬‬ ‫حسنا‪ ،‬ليس متاما‪ ،‬فبعد ستة أشهر من عودته إلى احلياة‬ ‫املدنية‪ ،‬لم يتحقق للمال كرمي سوى القليل من الدعم الذي وعد‬ ‫به‪ .‬ولم يحصل على منزل في وسط هرات‪ ،‬املكان الوحيد الذي‬ ‫يشعر فيه باألمان الكافي للهرب من انتقام زمالئه القدامى‬ ‫الذين أثارتهم خيانته‪ .‬وكذلك لم يحصل على الوظيفة‬ ‫املدنية ذات الراتب الكبير الذي يدعي أنه تلقى وعدا باحلصول‬ ‫عليها‪ ،‬وال معاش شهري أيضا‪ .‬كل ما حصل عليه هو مبلغ‬ ‫‪ 2000‬دوالر دفعة واحدة لقطع عالقته مع حركة طالبان‪ .‬وبعد‬ ‫أن تخلى عن سالحه ونال كراهية رفاقه القدامى‪ ،‬أصبح املال‬ ‫كرمي في أمان‪ ،‬يتجول في وسط هرات في الصباح مع زمالء‬ ‫سابقني ويفكر مليا في خياراته القليلة‪ .‬فيشكو قائال‪« :‬ال‬ ‫ميكننا أن نفعل أي شيء اآلن‪ .‬لقد أقسموا لنا على املصحف‪،‬‬ ‫وكذبوا علينا»‪.‬‬ ‫استراتيجية املصاحلة‬ ‫إذن ماذا حدث لألموال األميركية؟ في يناير (كانون الثاني)‬ ‫عام ‪ ،2010‬كشفت إدارة الرئيس األميركي باراك أوباما عن‬ ‫جزء من استراتيجيتها للمصاحلة‪ ،‬التي تضمنت الفصل بني‬ ‫املقاتلني املتشددين أصحاب اآليديولوجية ومن سماهم وزير‬ ‫الدفاع األميركي روبرت غيتس في ذلك الوقت «اجلنود الذين‬ ‫يقاتلون لصالح طالبان من أجل املال‪ ،‬أو بسبب تخويف احلركة‬ ‫لعائالتهم»‪ .‬وتبنت استراتيجية البنتاغون مرحلة إعادة‬ ‫اندماج ميكن من خاللها نزع سالح املقاتلني وعودتهم إلى‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ومصاحلة حيث يسوي قادة طالبان واحلكومة األفغانية‬ ‫خالفاتهما ويبحثون عن وسيلة للتعايش‪.‬‬ ‫تسارعت وتيرة عملية املصاحلة أخيرا‪ .‬واعترف الرئيس حميد‬ ‫كرزاي في الشهر املاضي على الـ«سي إن إن» أنه كان يتباحث‬ ‫«في بعض األحيان» مع قادة طالبان‪ .‬وقد شكل مجلس سالم‬ ‫رسمي مكون من ‪ 60‬عضوا يجمع بني صفوفه سماسرة قوى‬ ‫سابقني‪ ،‬ولكن أنكر املتمردون ذلك على الفور‪ .‬وفي أكتوبر‬ ‫(تشرين األول) املاضي‪ ،‬أقيم عدد من املباحثات التمهيدية‬ ‫في فندق سيرينيا احملاط بإجراءات أمنية مشددة في وسط‬ ‫مدينة كابل‪ ،‬بتنظيم من معهد إيست وست لألبحاث الذي‬ ‫‪12‬‬


‫األسئلة املتعلقة بها‪ .‬إنها أسئلة حول ماهية ما يسمى‬ ‫بقيم العالم املتحضر‪ ،‬وإلى أي مدى ميكن أن تذهب أي دولة‬ ‫أو حتالف في سبيل الدفاع عن تلك القيم؟‬ ‫اشتعل هذا النقاش منذ عقد وحتى اآلن‪ ،‬وأحيانا ما‬ ‫يكشف عن حقائق مزعجة عن احلرب التي شنتها الواليات‬ ‫املتحدة وحلفاؤها‪ .‬ولكن‪ ،‬لعل أسوأ كشف ما أظهره تقرير‬ ‫«ويكيليكس»‪ ،‬الذي أعلن عن وثائق عسكرية أميركية كانت‬ ‫سرية في السابق عن احلرب في العراق وأفغانستان‪ .‬وتعد‬ ‫«مدوّنات احلرب» كما يطلق عليها‪ ،‬أكبر عملية تسريب‬ ‫وثائق في تاريخ االستخبارات‪ ،‬وتكشف عن صورة قامتة عن‬ ‫الوقائع الفعلية للحرب العاملية ضد اإلرهاب التي شنتها‬ ‫إدارة بوش‪.‬‬ ‫أما في ما يخص العراق‪ ،‬فقد ذكر ‪ 391.832‬تقريرا مقتل‬ ‫‪ 109.032‬شخصا بني يناير (كانون الثاني) عام ‪2004‬‬ ‫وديسمبر (كانون األول) عام ‪ ،2009‬من بينهم ‪23.984‬‬ ‫من مقاتلي األعداء (الذين يضمون متمردين أو إرهابيني)‪،‬‬ ‫و‪ 15.196‬من قوات احلكومة العراقية‪ ،‬و‪ 3.771‬من قوات‬ ‫التحالف‪ ،‬وعدد صاعق من املدنيني يقدر بـ‪ 66.081‬شخصا‪.‬‬ ‫وتعكس هذه األرقام وجود نسبة تزيد على ‪ 60‬في املائة من‬ ‫الضحايا من املدنيني‪ ،‬بل وأيضا لم تعلن قوات التحالف‬ ‫عمدا عن وقوع ‪ 15.000‬على األقل من هؤالء الضحايا‪.‬‬ ‫وتكشف هذه الوثائق أيضا عن انتهاك مزعج «للقيم‬ ‫املتحضرة» في كل من العراق وأفغانستان‪ ،‬منها روايات ال‬ ‫حصر لها عن استهداف قوات التحالف للمدنيني العزل‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ادعاءات بالتعذيب واالغتصاب بل والقتل‪ ،‬التي‬ ‫تتجاهلها حتى اآلن قوات التحالف وحكوماتها‪.‬‬ ‫أما في أفغانستان حتديدا‪ ،‬فتكشف الوثائق املسرّبة أيضا‬ ‫عن قصص تشير إلى أن الوضع أسوأ بكثير مما يتحدث عنه‬ ‫القادة السياسيون‪ .‬وتوجد تقارير حول اشتباكات بني قوات‬ ‫الشرطة األفغانية وقوات التحالف‪ ،‬مما يشير إلى أن أحداثا‬ ‫مثل تلك التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام ‪،2009‬‬ ‫عندما قتل خمسة جنود بريطانيني على يد رجال شرطة‬ ‫أفغان «فاسدين» أكثر انتشارا مما تعلن عنه حكومات‬ ‫التحالف عموما‪.‬‬ ‫كما تقدم الوثائق صورة عن الفساد املتفشي وجتارة اخملدرات‬ ‫داخل احلكومة األفغانية‪ .‬ولكن رمبا يكون األكثر إثارة للقلق‬ ‫هو تناول تلك التقارير لطالبان‪ ،‬التي تتسم بأنها أكثر هالكا‬ ‫مما تعلنه التقارير الرسمية‪ .‬إنها طالبان التي تستطيع‬ ‫د‬ ‫التنصت على الهواتف اجلوالة‪ ،‬ومتلك إمكانات قوية لص ّ‬ ‫الطائرات‪ ،‬بل وتدعمها إيران‪ ،‬وأيضا شريك حتالف رئيس في‬ ‫احلرب على «القاعدة» وأسامة بن الدن واإلرهاب العاملي‪ :‬إنها‬ ‫باكستان‪.‬‬ ‫رمبا ال يُصدم كثيرون بسبب االنتهاكات الفادحة حلقوق‬ ‫اإلنسان األساسية للشعبني العراقي واألفغاني التي كشفت‬ ‫عنها تلك الوثائق‪ .‬على أي حال‪ ،‬منذ بداية احلرب على اإلرهاب‪،‬‬ ‫كانت وسائل اإلعالم تذيع تقارير عن مثل تلك االنتهاكات‪.‬‬ ‫وكانت هناك تقارير شبه يومية عن حاالت اعتقال محتجزين‬ ‫إلى أجل غير مسمى واختطافهم وتسليمهم إلى بالدهم‪،‬‬ ‫وممارسات تعذيب وإساءات‪ ،‬باإلضافة إلى تدبير عمليات‬ ‫اغتيال‪ ،‬واستخدام غير متكافئ للقوة التي تتجاهل أمن‬ ‫املدنيني‪.‬‬ ‫ولكن تكشف هذه الوثائق واقعا أكثر صداما‪ .‬كما أشار‬ ‫البروفسور جاكوب شابيرو من جامعة برنس تاون‪ ،‬تصدر تلك‬ ‫التقارير الرسمية عن القوات متعددة اجلنسيات املتمركزة‬ ‫في أفغانستان والعراق‪ .‬ويشير ذلك بالضرورة إلى أن تلك‬ ‫الوثائق بصفتها سجال ّت «رسمية» ت ّتسم في جميع‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫تقدم الوثائق صورة عن الفساد املتفشي‬ ‫وجتارة اخملدرات داخل احلكومة األفغانية‪.‬‬ ‫ولكن رمبا يكون األكثر إثارة للقلق هو تناول‬ ‫تلك التقارير لطالبان‪ ،‬التي تتسم بأنها‬ ‫أكثر هالكا مما تعلنه التقارير الرسمية‪.‬‬ ‫االحتماالت بعدم اإلبالغ و‪ /‬أو مجرد إبعاد حلوادث القتل التي‬ ‫تتسبب فيها اإلجراءات احلركية‪ .‬بل واألكثر أهمية‪ ،‬وفقا‬ ‫لتقارير رسمية داخل اجليش‪ ،‬تكشف هذه الوثائق عن أنه‬ ‫يتم جتاهل أعمال التعذيب‪ ،‬والقتل من دون داع للمدنيني‬ ‫(الذين في الغالب ما كانوا عُ زال)‪ ،‬والفساد والعديد من‬ ‫اجلرائم األخرى‪ ،‬حتى وإن لم تكن قوات التحالف هي التي‬ ‫ارتكبتها‪.‬‬ ‫وبالطبع‪ ،‬من الضروري أن نضع في اعتبارنا كل تقرير والسياق‬ ‫املتعلق به بصورة منفصلة‪ ،‬ولكن يبدو أن التحليل األولي‬ ‫لهذه الوثائق يكشف عن أن احلرب على اإلرهاب أصبحت‬ ‫بالفعل متثل تهديدا للقيم اإلنسانية ذاتها التي ادعى بوش‬ ‫أنه يدافع عنها ويحميها أكبر من أي تهديد ميثله اإلرهاب‬ ‫الدولي‪ .‬ولعل هذا هو أقسى وجوه احلقيقة‪.‬‬ ‫ومن دون شك‪ ،‬ال ميكن تبرير اإلرهاب‪ ،‬سواء إرهاب الدولة أو‬ ‫غيره‪ ،‬في ظل أية ظروف‪ .‬ومن الواضح أيضا أن الوضع األمني‬ ‫اإلنساني في العراق وأفغانستان وصل إلى مرحلة قاصمة‬ ‫بسبب احلرب على اإلرهاب‪ .‬ولكن القضية الرئيسة اآلن هي‬ ‫كيف ستردّ اإلدارة األميركية على احلقائق التي كشفت‬ ‫عنها مدوّنات احلرب‪ .‬في مقال نشر أخيرا في «اجمللة»‪ ،‬كتب‬ ‫مانويل أمليدا أنه «من أجل إنهاء احلرب على اإلرهاب‪ ،‬يجب‬ ‫على إدارة (الرئيس األمريكي) أوباما أن تفعل ما هو أكثر من‬ ‫حذف كلمة من وثيقة»‪.‬‬ ‫ومن دون شك أيضا‪ ،‬جتد إدارة أوباما ذاتها مقيدة في الوقت‬ ‫الذي تدافع فيه عن األمن القومي األميركي من جانب‪،‬‬ ‫وتسعى إلى تعزيز الشفافية واحترام حقوق اإلنسان من‬ ‫جانب آخر‪ .‬والنتيجة هي سياسة غامضة جتاه اإلرهاب‪ ،‬وهي‬ ‫في الواقع امتداد لسياسة بوش في احلرب على اإلرهاب‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى جميع االنتهاكات التي صاحبتها ضد حقوق‬ ‫اإلنسان‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬في حني تظهر انتهاكات اإلدارة‬ ‫السابقة في هذه الوثائق املسرّبة‪ ،‬تسنح فرصة عظيمة‬ ‫للواليات املتحدة للتأكيد على القيم التي تتحدث عنها‬ ‫دائما وإظهار أنها تلتزم بها متاما‪.‬‬ ‫وحتى اآلن‪ ،‬لم تقم إدارة أوباما بأكثر من السعي حملاكمة‬ ‫صارمة للمسؤولني عن تسريب الوثائق‪ .‬وكان إجراء حتقيقات‬ ‫جادة في هذه احلقائق ومحاسبة األخطاء التي ارتكبت على‬ ‫مدار العقد املاضي لتدافع بالتأكيد عن القيم اإلنسانية‬ ‫أكثر مما يقدمه استمرار احلرب لهذه القيم‪ .‬وحتى يحدث‬ ‫ذلك‪ ،‬ال تستطيع الواليات املتحدة أن تدعي أن احلرب على‬ ‫اإلرهاب أيضا معركة من أجل الدفاع عن «قيم العالم‬ ‫املتحضر» وحمايتها‪.‬‬ ‫ّ‬

‫*جورج السمار ‪ -‬محامي دولي وكبير محاضرين في العالقات‬ ‫الدولية في اجلامعة الكاثوليكية في ميناس بالبرازيل‪ .‬وهو‬ ‫مؤلف الكتاب القادم بعنوان‪" :‬تأثير احلرب العاملية على‬ ‫اإلرهاب على مؤسسات اجملتمع الدولي"‪.‬‬ ‫نشر هذا في "اجمللة" بتاريخ ‪ 8‬نوفمبر ‪2010‬‬ ‫‪11‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫حقوق االنسان في عصر «احلرب على االرهاب»‬

‫العد ّو احلقيقي‬ ‫كشف موقع «ويكيليكس» أخيرا عن آالف الوثائق العسكرية األميركية التي كانت سرية في السابق‪ ،‬والتي تتناول حربي العراق وأفغانستان‪ .‬تزيل‬ ‫الوثائق النقاب عن صورة قبيحة لوقائع حدثت في كلتا الدولتني‪ .‬وتكشف الوثائق أيضا كيف أصبحت «احلرب على اإلرهاب» بالفعل تهديدا للقيم‬ ‫اإلنسانية ذاتها التي ادّعت إدارة الرئيس بوش أنها تدافع عنها وحتميها‪ ،‬أكبر مما ميثله تهديد اإلرهاب الدولي‪.‬‬ ‫جورج السمار‬ ‫في خطاب ألقاه في أتالنتا بعد أحداث‪ 2001/11/9‬مباشرة‪،‬‬ ‫أعلن جورج بوش الرئيس األميركي أنذاك أنه من خالل‬ ‫«احلرب على اإلرهاب» ال حتمي أميركا قيمها فقط‪ ،‬بل وأيضا‬ ‫قيم العالم «املتحضر»‪ .‬ومن عام ‪ 2001‬إلى عام ‪،2009‬‬ ‫حتدث الرئيس بوش مرارا عن كيفية دفاع الواليات املتحدة‬ ‫وحلفائها عن حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬وكيف أنهم‬ ‫يحاربون من أجل حرية التعبير عن الرأي واملساواة في حق‬ ‫التعليم‪ ،‬وحرية احلياة من دون خوف من األنظمة املستبدة‬

‫التي متارس التعذيب‪ .‬وكان يتحدث عن النزاهة والكرامة‬ ‫والشرف والدميقراطية‪.‬‬ ‫حتول كفاحه‬ ‫ولكن كان العالم يتابع في رهبة وذعر حينما‬ ‫ّ‬ ‫للدفاع عن تلك القيم ضد اإلرهاب العاملي إلى حرب‪ ،‬ثم إلى‬ ‫حرب تتسم بحقيقة مروعة‪ :‬تعذيب السجناء واإلساءة‬ ‫إليهم‪ ،‬وقتل غير مميز للمدنيني‪ ،‬وجتاهل تام لقيم وثقافات‬ ‫شعبي أفغانستان والعراق‪ .‬ومن غير املفاجئ‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي مت الكشف فيه عن أسرار «احلرب»‪ ،‬أن تُطرح بعض‬ ‫‪Image © Getty Images‬‬

‫‪10‬‬


‫متوفرة الآن على‬ ‫ةلجملا تاقيبطت‬ ‫ىلع ةرفوتم‬

‫جملة العرب الدولية‬

‫ةيلودلا برعلا ةلجم‬

‫املجلة‬ ‫تطبيقات املجلة‬ ‫تطبيقات‬


‫●● أقوال‬ ‫احملتويات‬

‫أقوال‬ ‫«إذا ما فشلت باكستان في‬ ‫السيطرة على هجمات‬ ‫اإلرهابيني على حدودها‬ ‫كما في السنوات األخيرة‬ ‫فسوف نقوم مبمارسة‬ ‫حقوقنا املشروعة»‪.‬‬

‫حسن فيروزابادي رئيس هيئة األركان‬ ‫املشتركة اإليرانية على اثر هجوم‬ ‫استهدف مسجدا شيعيا في منطقة‬ ‫تشاباهار في ‪ 15‬ديسمبر‬

‫«اتفاقات الوحدة الوطنية صعبة حتى في‬ ‫أفضل الظروف لكن هذه أبعد ما تكون عن‬ ‫كونها أفضل الظروف‪ ..‬في احلقيقة هو‬ ‫فعل م ّتزن وتصرف مدروس»‪.‬‬

‫شادي حامد مدير األبحاث مبركز بروكينغز الدوحة في‬ ‫قطر تعليقا على تأخر تشكيل حكومة عراقية جديدة‬

‫«من وجهة نظري‪ ،‬أنا أرى‬ ‫إيران مستمرة في‬ ‫نهجها بتطوير‬ ‫أسلحة نووية‪ ،‬وأنا‬ ‫أعتقد أن هذا‬ ‫التطوير وإجناز‬ ‫هذا الهدف سوف‬ ‫يزعزع األمن في‬ ‫املنطقة»‪.‬‬ ‫األدميرال مايك مولن رئيس‬ ‫هيئة األركان املشتركة‬ ‫األميركية خالل زيارة الى البحرين‬

‫«االنتخابات باطلة قبل أن تبدأ»‪.‬‬

‫حسني محمد إبراهيم‪ ،‬عضو مجلس شعب‬ ‫سابق من جماعة اإلخوان املسلمني‪ُ ،‬منع من‬ ‫الترشح في االنتخابات املصرية األخيرة‪.‬‬ ‫الصور من © ‪Getty Images‬‬

‫‪8‬‬

‫«نعمل حاليا من أجل تأمني ‪140‬‬ ‫كيلومترا (‪ 88‬ميال) من احلدود البالغ‬ ‫طولها ‪ 250‬كيلومترا‪ ،‬ويتضمن‬ ‫ذلك حاجزا ماديا وماسحات ضوئية‬ ‫إلكترونية لإلنذار املبكر»‪.‬‬

‫أودي شاني‪ ،‬مسؤول في وزارة الدفاع اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫عن إنشاء حاجز على احلدود املصرية‪.‬‬

‫«إذا اختار اجلنوب االنفصال‬ ‫سيكون اإلسالم‬ ‫والشريعة هما املصدر‬ ‫الرئيس للتشريع‬ ‫واللغة الرسمية‬ ‫للدولة ستكون‬ ‫العربية»‪.‬‬ ‫الرئيس السوداني عمر‬ ‫حسن البشير في كلمة نقلها‬ ‫التلفزيون الرسمي‬

‫«لن أستطيع أن أفعل ذلك وحدي‪ .‬ال‬ ‫يستطيع شخص مبفرده أن يفعل شيئا‬ ‫مهما‪ ،‬مثل حتقيق دميقراطية حقيقة في‬ ‫ً‬ ‫البالد»‪.‬‬ ‫أو سان سوتشي‪ ،‬الزعيمة املدافعة عن الدميقراطية‬ ‫في ميامنار بعد اإلفراج عنها من اإلقامة اجلبرية التي‬ ‫استمرت أكثر من سبعة أعوام‪.‬‬

‫«إذا خطرت ألعداء أفغانستان فكرة‬ ‫أنه في إمكانهم االنتظار حتى‬ ‫نغادر‪ ،‬ففكرتهم خاطئة»‪.‬‬

‫أمني عام حلف الناتو أندرس فوغ راسموسن‬ ‫عن اتفاق الناتو على تسليم السيطرة‬ ‫األمنية في أفغانستان للقوات األفغانية‬ ‫بحلول عام ‪.2014‬‬


‫‪32‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪18‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪7‬‬


‫● احملتوى‬

‫احملتوى‬ ‫أقوال‬

‫‪8‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫‪10‬‬

‫ •العدو ّ احلقيقي‬ ‫ •طالبان بني ميادين احلرب وقاعات التفاوض‬ ‫املتعهدون العسكريون‪ ..‬جيش داخل اجليش‬ ‫ •‬ ‫ّ‬

‫شؤون سياسية‬

‫ •هل يطرد الفرنسيون الغجر أم يودّعون ساركوزي؟‬ ‫ •لبنان على مفترق طرق‬ ‫ •اجلماعة‪ ..‬بني الدراما واالنتخابات‬

‫ويكيليكس الشرق األوسط‪..‬‬ ‫تعرية الدبلوماسية األمريكية‬

‫‪18‬‬

‫‪26‬‬

‫على رغم أن «ويكيليكس» تزعم أن وثائقها غيرت من حدود احلكومة بشأن‬ ‫الشفافية‪ ،‬يختلف العديد من الدعاة في شفافية احلكومة حول ذلك‪.‬‬

‫ثروة األمم‬

‫ •التعاون جنوب – جنوب‪ ..‬الطريق الصحيح‬ ‫ •مخاطر كبيرة وفوائد قليلة‬ ‫ •أسواق‬

‫الوضع البشري‬

‫‪32‬‬

‫‪26‬‬

‫‪38‬‬

‫ •الشباب بني حتدي البطالة وآمال التقدم‬ ‫ • دارفور‪ ..‬نيات مكشوفة‬

‫ألف كلمة‬

‫‪42‬‬

‫حوارات‬

‫‪44‬‬

‫ •ستيفن وولت وستيف كليمونس ومات هوه‪:‬‬ ‫استراتيجية خاطئة ضد عدو ّ افتراضي‬ ‫ •جيفري كار يحذ ّر من حرب كونية‪ ..‬إلكترونية‬

‫مصر‬

‫‪52‬‬

‫الفن‬

‫‪56‬‬

‫النقاد‬ ‫الكلمة األخيرة‬

‫‪60‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪6‬‬

‫‪49‬‬


‫الكتاب المساهمون في هذا العدد‬ ‫جورج السمار‬ ‫محام دولي‪ ،‬وكبير احملاضرين في العالقات الدولية في‬ ‫اجلامعة الكاثوليكية في ميناس بالبرازيل‪ .‬وهو مدير‬ ‫تنفيذي سابق ملركز القانون الدولي في البرازيل‪ ،‬وعضو‬ ‫سابق في جلنة العالقات الدولية في نقابة احملامني‬ ‫البرازيلية‪ .‬محلل دولي في اإلذاعة والتلفزيون في‬ ‫البرازيل‪ ،‬يتناول قضايا تتعلق باألمن والقانون الدولي‪ .‬له‬ ‫كتابات كثيرة عن اإلرهاب واألمن العاملي‪ ،‬ويصدر له قريبا‬ ‫كتاب‪« :‬تأثير احلرب العاملية ضد اإلرهاب على مؤسسات‬ ‫اجملتمع الدولي»‪.‬‬

‫سابينا ديوان‬ ‫املدير املشارك لقسم السياسات االقتصادية الدولية‬ ‫في مركز «أميركان بروغرس»‪ .‬حتمل درجة املاجستير في‬ ‫الدراسات الكمية من جامعة بروكسل‪ ،‬وماجستير في‬ ‫السياسة العامة من جامعة كاليفورنيا بلوس أجنليس‪ .‬وهي‬ ‫حاصلة على البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة‬ ‫كاليفورنيا‪ .‬تعمل في قضايا اقتصادية متنوعة مثل دور‬ ‫العوملة والتجارة واملساعدات والسياسات النقدية في رفع‬ ‫مستويات املعيشة حول العالم‪ .‬عملت فترة كمحللة أبحاث‬ ‫في منظمة العمل الدولية‪ ،‬لتعزيز أجندة العمل الالئق في‬ ‫إطار العوملة والتنمية الدولية‪ ..‬سافرت ديوان كثيرا‪ ،‬وأقامت‬ ‫في دول مثل أفغانستان والهند وسيراليون‪.‬‬

‫جاسون غانون‬ ‫عالم اقتصاد مقيم في باريس‪ .‬متخصص في العالقة بني‬ ‫الهجرة والتنمية في غرب أفريقيا وجنوب شرقي آسيا وأميركا‬ ‫الوسطى‪ .‬وقد تخرج غانون بعد أن درس األعمال واالقتصاد في‬ ‫جامعة أوتاوا وفي كلية االقتصاد في ستوكهولم‪ .‬وهو مرشح‬ ‫للحصول على درجة الدكتوراه في كلية االقتصاد في باريس‪.‬‬ ‫تتضمن مجاالت أخرى شملتها أبحاثه االقتصادات الريفية‬ ‫وأسواق العمل في الدول النامية‪ .‬يعمل في مركز التنمية‬ ‫التابع ملنظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬ويعمل حاليا في‬ ‫مشروع عن الهجرة في اجلنوب والتماسك االجتماعي‪.‬‬

‫رويا وولفرسون‬ ‫كاتبة في الشؤون االقتصادية في مجلس العالقات اخلارجية‬ ‫في نيويورك‪ .‬وحتمل درجة املاجستير في السياسة العامة من‬ ‫كلية كينيدي بجامعة هارفارد‪ .‬حصلت على البكالوريوس في‬ ‫السياسة الدولية واالقتصاد من جامعة إميوري‪ .‬كما حصلت‬ ‫على منحة فولبرايت لدراسة التنمية االقتصادية في مالي‪،‬‬ ‫حيث درست تأثير الدعم الدولي للقطن على اقتصاد مالي‪.‬‬ ‫كانت تغطي شؤون املال واالستثمار كصحافية في مجلة‬ ‫«سمارت موني» الصادرة عن «وول ستريت جورنال»‪ ،‬كما‬ ‫كتبت في السياسة اخلارجية والسياسة احمللية والثقافة‬ ‫في «نيوزويك»‪ .‬وتنشر كتاباتها كصحافية حرة في «بوسطن غلوب» و«وول ستريت جورنال»‬ ‫و«سانت لويس بوست ديسباتش» وتشارك أيضا في برنامج «أون بوينت» على إذاعة «ناشيونال‬ ‫بابليك راديو»‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1559‬يناير ‪2011‬‬

‫‪5‬‬


‫● اإلفتتاحية‬

‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬ ‫أسسها هشام ومحمد علي حافظ‬ ‫الرئيس التنفيذي‬ ‫الدكتور عزام الدخيل‬ ‫رئيس التحرير‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬

‫إدارة التحرير‬ ‫بوال ميجيا‬ ‫جاكلني شون‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫املسؤول الفني‬ ‫ماركس ميليجان‬ ‫للمشاركة‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني ‪editorial@majalla.com‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫اشتراكات‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪subscriptions@majalla.com :‬‬ ‫لالشتراك في االلكترونية(كندل) بـ‪kindle@majalla.com :‬‬

‫تنويه‬

‫اآلراء الواردة في اجمللة ال تعبر بالضرورة عن رأي إدارة التحرير‬

‫حقوق النشر محفوظة جمللة اجمللة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫اجمللة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة‬ ‫إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون احلصول على تصريح مسبق من‬ ‫الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر اجمللة شهريا ً‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬

‫‪London Office Address‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited‬‬ ‫‪Arab Press House 182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP DDI: +44 (0)20 7539‬‬ ‫‪2335/2337, Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫اإلعالن‬ ‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجي االتصال بـ‪:‬‬

‫‪Mr. Wael Al Fayez‬‬ ‫‪w.alfayez@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel.: 0096614411444,‬‬ ‫‪F.: 0096614400996‬‬ ‫‪P.O.BOX 22304, Riyadh 11495, Saudi Arabia‬‬

‫صورة الغالف من ‪Getty Images‬‬

‫‪4‬‬

‫التحرير‬ ‫عزيزي القارئ‪،‬‬ ‫هل يع ّد الكشف عن وثائق «ويكيليكس» املسربة إسهاما فعليا في حتقيق مبادئ الشفافية‬ ‫التي تطرحها الواليات املتحدة األميركية عن نفسها؟ أم أن هذه الوثائق املسربة ليست إال‬ ‫ما هو معروف أصال في عالم السياسة واإلعالم ولكن بلغة أقل دبلوماسية مما يستخدمها‬ ‫السياسيون؟ في هذا العدد من اجمللة نقترب أكثر من هذه التساؤالت ومن عالم هذه الوثائق التي‬ ‫نشرها املوقع أخيرا مبعرفة مؤسسه جوليان أساجن‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل‪ ،‬يتناول احملامي الدولي والكاتب جورج السمار في مقاله عن «مدونات احلرب»‬ ‫التي سربها موقع «ويكيليكس»‪ ،‬في أكبر عملية تسريب في تاريخ االستخبارات‪ ،‬بعض أحداث‬ ‫املوت واالغتصاب والفساد والقتل غير املميز للمدنيني في العراق وأفغانستان‪ .‬مؤكدا أن «احلرب‬ ‫على اإلرهاب» أصبحت متثل بالفعل تهديدا أكبر مما يشكله اإلرهاب الدولي على اإلطالق‪.‬‬ ‫أما جاسون غانون من مركز التنمية التابع ملنظمة التعاون والتنمية االقتصادية فيوضح – في‬ ‫حديث أكثر إيجابية – ذاك اجلسر املتنامي من التحويالت النقدية للمهاجرين الذي يربط بني دول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي وجنوب شرقي آسيا‪ .‬ولم يفوت صانعو السياسات من كال اجلانبني‬ ‫الفرص الناشئة عن زيادة التنمية االقتصادية في دول جنوب آسيا‪ ،‬حيث يعززون من إمكانيات‬ ‫التعاون على املدى البعيد لتعود الفائدة على اجلميع‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املوضوعات وغيرها الكثير على موقعنا اإللكتروني في ‪http://‬‬ ‫‪ /www.majalla.com/ar‬ونرحب دائما بآرائك وندعوك للتعليق على املوضوعات أو االتصال بنا إذا‬ ‫رغبت في التواصل معنا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬


TM1559_02-03_Ad.indd 2

15/12/10 15:44:59


TM1559_02-03_Ad.indd 3

15/12/10 15:45:05


‫العدد رقم ‪ - 1559‬يناير ‪2011‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫ويكيليكس الشرق األوسط‪..‬‬ ‫تعرية الدبلوماسية األمريكية‬ ‫«الشفافية» تثير امتعاض األصدقاء‬

‫‪12‬‬

‫‪9 770261 087102‬‬ ‫‪Issue 1559‬‬

‫ ‪The Majalla‬‬

‫شؤون سياسية‬

‫محكمة احلريري‪ ..‬لبنان على مفترق طرق‬

‫ثروة األمم‬

‫التعاون جنوب – جنوب‪ ..‬الطريق الصحيح‬

‫حوار‬

‫جيفري كار يحذ ّر من حرب كونية‪ ..‬إلكترونية‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.