الربيع العربي

Page 1

‫العدد ‪ ،1566‬سبتمبر ‪2011‬‬

‫‪57‬‬


TM1561_IBC_Ad.indd 63

21/02/2011 10:58


‫● الكلمة األخيرة‬

‫موت الصحافة ونهاية الصحافيني!‬

‫في عام ‪ 1946‬كتب جورج أورويل مقالة بعنوان «انحدار القتل اإلجنليزي» يصف فيها التغييرات التي طرأت على اجملتمع‬ ‫اإلجنليزي بعد احلرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫عادل الطريفي‬

‫املقالة تبدأ بوصف أمسيات اآلحاد في البيت اإلجنليزي؛ حيث جتتمع العائلة في‬ ‫الصالون أمام املوقد لتتناول وجبة األحد من اللحم املشوي‪ ،‬يليها طبق من حلوى‬ ‫البودينغ والشاي‪ .‬بعد ذلك تغفو األم على املقعد اخلشبي‪ ،‬بينما يخرج األبناء‬ ‫للتنزه سيرا على األقدام‪ .‬أما األب فيدخن الغليون بهدوء متصفحا جريدة «أخبار‬ ‫العالم» ‪ - News of the World -‬املليئة بالتحقيقات الساخنة وأخبار العالم‪،‬‬ ‫إلى جوار الشائعات والفضائح االجتماعية‪ .‬جو الدفء وعبق الدخان يدفعان األب‬ ‫إلى البحث عن قصص «القتل» بوصفها األكثر إثارة‪ .‬وميضي أورويل ليشير إلى أن‬ ‫قصص القتل في الصحافة اإلجنليزية قبل احلرب كانت مليئة باملشاعر والتفاصيل‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وعميقة من حيث اخملزون العاطفي‪ ،‬فوراء كل جرمية قتل كانت هناك‬ ‫قصة من املشاعر املتضادة‪ ،‬ولم تكن فقط جرمية قتل باردة كما ترويها الصحافة‬ ‫بعد احلرب‪ .‬بعض النقاد علقوا على مقالة أورويل في سنوات الحقة‪ ،‬مشيرين إلى أن‬ ‫أورويل كان ينعى الصحافة أكثر من كونه ينعى اندثار حكايات القتل ذات القصص‬ ‫العاطفية‪ ،‬فبالنسبة إلى أورويل فقدت الصحافة أخالقها فلم تعد تنقل املشاعر‬ ‫واألحاسيس وراء األخبار‪.‬‬ ‫يوم األحد املاضي‪ ،‬أغلقت صحيفة «أخبار العالم» بعد ‪ 168‬عاما‪ ،‬نتيجة لفضيحة‬ ‫أخالقية هزت اجملتمع البريطاني واألوساط اإلعالمية باألخص‪ ،‬فقد قامت الصحيفة‬ ‫األكثر قراءة وانتشارا في بريطانيا بالتجسس على عشرات املشاهير‪ ،‬بل وعلى‬ ‫املواطنني العاديني‪ ،‬بحيث بلغ عدد القضايا ما يربو على ‪ 4000‬قضية‪ .‬أمام هذه‬ ‫الفضيحة املدوية‪ ،‬قرر ناشر اجلريدة روبيرت ميردوخ ‪ -‬في خطوة غير مسبوقة‬ ‫ إغالقها‪ ،‬مفاجئا الكثيرين‪ ،‬ال سيما في الوسط الصحافي‪ .‬فعلى الرغم من‬‫االمتعاض واالستهجان اللذين تلقتهما اجلريدة من الصحافة البريطانية‪ ،‬فإن‬ ‫إلغاءها خلق توترا بني عالم األعمال والصحافيني الذين يشعرون بانحسار صنعتهم‬ ‫جتاريا وأخالقيا‪ .‬لقد كانت الفضيحة أكبر من قدرة الصحيفة؛ لذا جاء قرار إغالقها‬ ‫كخيار صعب وأخير‪ .‬ولكن على الرغم من ذلك كله فإن قرار اإلغالق لم يكن بسبب‬ ‫الفضيحة األخالقية فقط بل ألن اجلريدة «لم تعد بقرة حلوب» كما قالت آن ليزلي‬ ‫ الصحافية اإلجنليزية اخملضرمة‪.‬‬‫ألكثر من عقد عانت الصحافة الورقية تراجع التوزيع واإلعالنات‪ .‬في البدء كانت‬ ‫اجملالت األكثر تضررا؛ حيث أخذ البث الفضائي املباشر واإلنترنت منها القدرة على‬ ‫مناقشة األخبار‪ ،‬ثم حتولت الصحف إلى تقدمي التحقيقات الصحافية لتزاحم‬ ‫اجملالت األسبوعية والشهرية‪ ،‬ومع الوقت تراجعت ‪ -‬أو أغلقت ‪ -‬كبريات اجملالت‬ ‫العاملية‪ ،‬باستثناء املتخصصة منها كالـ«إيكونومست»‪ ،‬ومع انتشار الهواتف‬ ‫اجلوالة القادرة على التصوير ظهر للسطح إعالم موازٍ بطله األفراد العاديون‪ ،‬ووجدت‬ ‫كبريات املؤسسات الصحافية نفسها مضطرة لتقدمي منتجاتها مجانا في الغالب‬ ‫للجمهور الذي بات يقضي وقتا أطول على مواقع التواصل االجتماعي على اإلنترنت‬ ‫بعيدا عن وسائل اإلعالم التقليدية‪.‬‬ ‫هي أيام صعبة حقا‪ ،‬ليس لإلعالم املطبوع فقط‪ ،‬بل حتى للمواقع الصحافية‬ ‫اإلنترنتية التي جتد مقاالتها ومواضيعها منقولة إلى مئات املواقع األخرى دون اعتبار‬ ‫حلقوق النشر‪ ،‬وتكلفة الصناعة الباهظة‪ .‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إن البعض ‪ -‬ال‬ ‫سيما املدونني ‪ -‬باتوا يجادلون بأن عصر اإلعالم التقليدي في طريقه لالندثار‪ ،‬فالقارئ‬ ‫لم يعد يقبل بالرقابة واالختيار اللذين يفرضهما قادة املؤسسات الصحافية‬ ‫ومحرروهم‪ ،‬بل يريدون صحافة غير خاضعة لذوق وآراء الناشر‪ ،‬أو رئيس التحرير‪.‬‬ ‫مجلة الـ«إيكونومست» خصصت عددها األخير (‪ 9‬يوليو‪ /‬متوز) ملناقشة مستقبل‬ ‫صناعة النشر التي تشهد تراجعا كبيرا في حجمها وعوائدها حول العالم في‬ ‫غياب منوذج جتاري بديل لثالثية «االشتراكات‪ ،‬التوزيع‪ ،‬اإلعالنات»‪ .‬حاليا‪ ،‬الصناعة‬ ‫منقسمة بني اجتاهني‪ ،‬أحدهما يدعو إلى حجب املواد الصحافية‪ ،‬وأن تكون مقصورة‬ ‫فقط على املشتركني‪ ،‬واآلخر يراهن على زيادة عدد القراء عبر وسائل االتصال احلديثة‬ ‫(كاملواقع‪ ،‬والهواتف اجلوالة‪ ،‬واألجهزة الكفية)‪ ،‬اعتقادا منهم أن اإلعالن الرقمي‬ ‫سيستبدل تدريجيا اإلعالن املطبوع‪.‬‬ ‫اخلالصة احملزنة التي توصلت إليها اجمللة‪ ،‬عبر مراجعة أرقام صناعة النشر‪ ،‬هي أن‬ ‫‪62‬‬

‫العائدات من اإلعالم املطبوع تتراجع بشكل دراماتيكي‪ ،‬متسببة في عزوف االستثمار‬ ‫عن الصناعة‪ ،‬بينما ال تزال العوائد من اإلعالم الرقمي متواضعة كما ونوعا‪.‬‬ ‫يقول الري كيلمان‪ ،‬من االحتاد العاملي للصحف (وان إيفرا)‪ :‬إن أزمة الصحف حول‬ ‫العالم «ليست مشكلة جمهور‪ ،‬ولكن مشكلة دخل»‪ .‬هناك ‪ -‬بالطبع ‪ -‬من‬ ‫يختلف مع ذلك أيضا‪ ،‬باعتبار أن الصحافة ليست مهددة جتاريا فقط بل يتم‬ ‫حتديها في صناعة اخلبر ذاته من قبل املاليني على اإلنترنت الذين يصنعون األخبار‬ ‫بأنفسهم‪ .‬خذ على سبيل املثال االنتفاضات العربية التي خرجت واشتعلت في‬ ‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬بينما بقي اإلعالم التقليدي متأخرا‪ ،‬أو مسايرا‪ ،‬في أفضل‬ ‫احلاالت‪.‬‬ ‫هنا يصبح التحدي بني اإلعالم التقليدي واجلديد واضحا‪ ،‬فحتى القنوات اإلخبارية‬ ‫الفضائية تفقد ماليني املشاهدين ألسباب متعددة‪ ،‬أبرزها‪ :‬االنفجار الكمي في‬ ‫عدد القنوات التي تنشأ كل يوم‪ ،‬أو من قبل اإلنترنت الذي بات يستقطب مشاهدي‬ ‫القنوات اإلخبارية‪ ،‬حتى وصل األمر إلى أن تقلصت غرفة األخبار في اإلعالم التقليدي‬ ‫(مطبوعات وتلفزة) بنسبة ‪ 30%‬عما كانت عليه في عام ‪( 2000‬إحصائية‬ ‫مؤسسة «بيو» لألبحاث‪ 14 ،‬مارس ‪ -‬آذار)‪ .‬قبل سنوات‪ ،‬قال عثمان العمير‬ ‫الصحافي والناشر السعودي‪« :‬إن الصحافة الورقية حتتضر»‪ ،‬لكن يبدو أن الصناعة‬ ‫اإلخبارية ككل بدأت تتراجع‪ ،‬سواء على الورق‪ ،‬أو اإلنترنت‪ ،‬أو الشاشة‪ .‬هناك مثال‬ ‫بسيط يشرح األزمة‪ ،‬فبعض املدونني العرب على «تويتر» أو «فيس بوك» ميتلكون‬ ‫من املتابعني أضعاف ما متتلكه صحف وقنوات إخبارية مرموقة‪ ،‬بل إن بعض القضايا‬ ‫التي طرحت خالل العام املاضي طرحت من قبل ناشطني على اإلنترنت ال عن طريق‬ ‫الصحافة التقليدية‪.‬‬ ‫لكن مهال‪ ،‬يجادل الصحافيون املمارسون أن اإلعالم بنموذجه التقليدي ميلك قواعد‬ ‫مهنية ومسؤولية ال تتوافر في اإلعالم البديل الذي ينشط فيه كثيرا أفراد يحملون‬ ‫أسماء وهمية‪ ،‬وغير ملزمني بأي مسؤولية أخالقية أو قانونية جتاه الرأي العام‪ ،‬ثم‬ ‫إن أغلب ما يتم تداوله في اإلنترنت ومواقع التواصل االجتماعية ليس إال اجترارا‬ ‫وإعادة بث ملا ينشره أو يذيعه اإلعالم التقليدي‪ .‬تأمل فقط في حكاية الرجل الذي‬ ‫قدم نفسه كسورية ‪ -‬مثلية ‪ -‬اعتقلت في أحداث القمع األخيرة التي تعرضت لها‬ ‫االنتفاضة الشعبية في سوريا‪.‬‬ ‫في كتابهما املهم «حياة وموت الصحافة األميركية» (‪ ،)2010‬يجادل‬ ‫كل من روبرت ميكنزي وجون نيكوالس بأن حكاية «موت الصحافة» ليست‬ ‫جديدة‪ ،‬فمنذ ظهور التلفاز قيل إن املشاهدة ستستبدل القراءة‪ ،‬وأشارا إلى‬ ‫ذلك بانحسار اجملالت املصورة ‪ -‬مثل مجلة «اليف» ‪ -‬لكن احلقيقة أن الكلمة‬ ‫املقروءة احملررة ال تزال ذات قيمة تفوق الكالم العادي‪ ،‬وأن املشكلة حقيقة هي‬ ‫في تغير أمناط القراء وذوقهم بشكل غير مسبوق في املاضي‪ .‬حتى التلفاز‬ ‫واإلنترنت باتا يعانيان املشكلة ذاتها‪ ،‬فمثال‪ ،‬املسلسالت التلفزيونية املكلفة‬ ‫بات ينافسها تلفزيون الواقع األقل تكلفة‪ ،‬الذي ال ميلك ممثلني محترفني أو كتابا‪،‬‬ ‫ومواقع تواصل اجتماعية مثل «ماي سبيس» بيعت بنصف مليار دوالر‪ ،‬لكن‬ ‫هجرها مستخدموها فأصبحت ال تساوي إال ‪ 35‬مليون دوالر‪ ،‬وقد يحدث الشيء‬ ‫ذاته ملواقع مثل «فيس بوك» و«توتير» في حال جاء منافس جديد بفكرة جديدة‪.‬‬ ‫احلقيقة أنه لم تلغ أي وسيلة إعالمية وسيلة أخرى خالل العقود املاضية‪ ،‬فما‬ ‫زال الراديو والكتاب املطبوع بيننا‪ .‬وهذا يعني أن التبشير بانتهاء بعض الوسائل‬ ‫اإلعالمية ليس قطعيا أو ضروريا‪ ،‬بل رمبا استمرت ولكن بصور غير التي عهدناها‪.‬‬ ‫ستظل الصحافة الرصينة هي املرجع املوثوق لعموم القراء حتى وإن عزفوا عنها‬ ‫لبعض الوقت‪.‬‬ ‫لقد حذر أورويل من انحدار الذوق العام بعد احلرب‪ ،‬ولكن ما عساه يكتب لو رأى‬ ‫السرعة والكيفية اللتني تتغير بهما وسائل االتصال احلديثة؟! لقد قُتلت الصحافة‬ ‫مرتني‪ ،‬األولى عبر عزوف القراء عن القراءة اجلادة‪ ،‬والثانية حني تخلت الصحافة عن‬ ‫رصانتها ومصداقيتها وانساقت خلف املزاج املتقلب للقارئ غير اجلاد‪.‬‬


‫تقرير‬ ‫على الرغم من تعاقب اإلدارات‪..‬‬ ‫يستمر نقل محتجزي غوانتنامو إلى اليمن‬

‫ثبات على السياسة‬

‫في ورقة بحثية مت إعدادها للجنة الفرعية لـ«جلنة اخلدمات املسلحة»‬ ‫مبجلس الشيوخ حول املراقبة والتحقيقات‪ ،‬رصد كل من بنيامني ويتس‬ ‫وماثيو واكسمان وروبرت شسني مشكلة نقل احملتجزين اليمنيني من‬ ‫معتقل غوانتنامو‪ ،‬وقالوا إن الظروف اخلاصة التي متر بها اليمن ال يجب أن‬ ‫تعرقل نقل احملتجزين إلى مكان آخر‪ .‬لقد كان معتقل غوانتنامو سجنا‬ ‫مركزيا للمشتبه بهم الذين يعدون من األعداء املقاتلني في إطار «احلرب‬ ‫على اإلرهاب»‪ ،‬وهي احلملة التي شنها الرئيس بوش في أعقاب هجمات‬ ‫احلادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪ .‬وما بدأ كتجربة في أعقاب هجمات‬ ‫‪ 2001‬على مركز التجارة العاملي والبنتاغون أصبح منشأة أميركية‬ ‫دائمة‪ ،‬وهي املنشأة التي تثير باستمرار اإلدانة واالنتقادات‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أن أوباما أمر بإغالق املعتقل فور دخوله البيت األبيض‪ ،‬ما زالت املنشأة‬ ‫مفتوحة رغم أن واليته األولى أوشكت على االنتهاء‪.‬‬

‫نقل محتجزي غوانتنامو إلى اليمن‪:‬‬ ‫استمرار السياسة بني اإلدارات‬ ‫معهد بروكينغز‬ ‫بنيامني ويتز وماثيو واكسمان وروبرت شسني‬ ‫‪ 15‬يونيو (حزيران) ‪2011‬‬

‫مع احملتجزين املنقولني‪ .‬باإلضافة إلى عمليات اقتحام السجون املتكررة التي يشنها‬ ‫مسلحون وإطالق احلكومة في بعض األحيان سراح سجناء مهمني بتنظيم القاعدة‬ ‫وهو ما أثر على ثقة الواليات املتحدة في قدرة اليمن وإرادتها للتعامل مع احملتجزين‪.‬‬ ‫وقد ازداد املوقف سوءا باألزمة احلالية التي تراجعت معها إلى حد كبير مؤهالت اليمن‬ ‫كطرف متفاوض‪ .‬وتعاني أفغانستان والتي لديها أيضا عدد كبير من احملتجزين باملعتقل‬ ‫من موقف مشابه إن لم يكن أقل استقرارا‪ ،‬ولكن الواليات املتحدة التي لديها وجود‬ ‫أمني كثيف هناك تعمل على حتسني قدراتها على التعامل مع احملتجزين العائدين‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن إعادة توطني هؤالء احملتجزين في دولة ثالثة ميثل خيارا منطقيا‪ ،‬فمن‬ ‫احملتمل أن يعود معظم احملتجزين اليمنيني إلى بالدهم في ظل غياب القضاء في اليمن‪،‬‬ ‫لقد أصبحت اليمن على نحو خاص مشكلة معقدة بخاصة في أعقاب محاولة باإلضافة إلى أن تلك الدول األخرى لن متنعهم من العودة‪.‬‬ ‫تفجير الطائرة املتجهة إلى ديترويت في ديسمبر (كانون األول) ‪ .2009‬وهي املؤامرة‬ ‫التي يعتقد أن من أعدها هو تنظيم تابع لـ«القاعدة» في اليمن‪ .‬بعدها أوقفت اإلدارة وعلى الرغم من أن كال من إدارة بوش وأوباما قد تبنت مواقف مختلفة متاما جتاه وجود‬ ‫نقل السجناء إلى اليمن والتي تعد من أكثر الدول التي لديها محتجزون في معسكر املعتقل‪ ،‬فإن مقاربتيهما للتعامل مع احملتجزين اليمنيني كانت متشابهة إلى حد‬ ‫غوانتانامو‪ .‬وقد عرقلت األزمة التي متر بها اليمن حاليا كافة جهود نقل احملتجزين ورغبة مذهل‪ .‬ويعود ذلك املوقف املتشابه إلى التردد في إطالق سراح ذلك العدد الكبير من‬ ‫اإلدارة في تقليل عدد املقيمني باملعتقل وهو ما يجعل معتقل غوانتانامو على نحو ما احملتجزين في دولة ليس لديها سيطرة على شؤونها الداخلية‪.‬‬ ‫مشكلة مينية‪.‬‬ ‫ووفقا للتقرير‪ ،‬فإن عدد احملتجزين اليمنيني الذين نقلوا إلى اليمن أقل بكثير من الذين‬ ‫جدير بالذكر‪ ،‬أن اثنني من معدي التقرير كانا من املشاركني في صناعة السياسة خالل نقلوا إلى أفغانستان واململكة العربية السعودية‪ ،‬فقد نقلت إدارة بوش ‪ 14‬محتجزا‬ ‫إدارتي بوش وأوباما‪ .‬حيث عمل واكسمان كمساعد لوزير الدفاع لشؤون احملتجزين فقط إلى اليمن في الفترة ما بني مارس (آذار) ‪ 2004‬ونوفمبر (تشرين الثاني) ‪.2008‬‬ ‫وكمسؤول بارز بوزارة اخلارجية مختصا بشؤون احملتجزين‪ ،‬كما عمل شسني مع فريق وفي الوقت نفسه‪ ،‬نقلت إدارة أوباما ثمانية معتقلني فقط إلى اليمن مت نقل اثنني‬ ‫مهام سياسة احملتجزين‪ .‬وميكننا استشعار ارتباط هذين املؤلفني بصناعة السياسة منهم مبقتضى حكم محكمة‪ .‬وعلى الرغم من أن جهود نقل احملتجزين اليمنيني‬ ‫طوال التقرير نظرا ألنه يركز إلى حد كبير حول كيفية تعامل احلكومة األميركية مع كانت مكثفة عندما تولى أوباما املنصب‪ ،‬فقد توقفت تلك اجلهود متاما مع محاولة‬ ‫نقل احملتجزين بدال من مناقشة القضايا األخالقية التي حتيط بوجود املعتقل نفسه‪ ،‬تفجير ‪.2009‬‬ ‫وهو ما يعد من نقاط القوة بالتقرير نظرا ألن كافة النقاشات السابقة كانت تتمحور‬ ‫واآلن‪ ،‬وفي ظل تراجع األوضاع في اليمن‪ ،‬فمن املرجح أال يتم نقل محتجزين إلى اليمن‬ ‫حول اجلانب األخالقي دون تقدمي اقتراحات سياسية متماسكة‪.‬‬ ‫في املستقبل القريب إال بأمر محكمة أو إذا ما كان هؤالء احملتجزون قد أطلق سراحهم‪.‬‬ ‫وليس لذلك عالقة بالقيود القانونية املفروضة على عملية نقلهم ولكن ألن القطاع‬ ‫ولكن ما الذي ميكن عمله بذلك العدد الكبير من احملتجزين اليمنيني الذين يقبعون التنفيذي يدرك متاما أن البيئة احلالية ال تسمح بترحيل ذلك العدد الكبير من احملتجزين‪.‬‬ ‫مبعتقل غوانتانامو‪ ،‬وهو ما ميثل مشكلة استثنائية إلدارة بوش وأوباما على حد سواء ومع ذلك يقول املعدون إن هناك خطرا محدقا وهو أن القيود القانونية املفروضة على‬ ‫حيث تعامل كالهما مع القضية بحذر بالغ‪ ،‬وفقا ملا يقوله معدو التقرير‪.‬‬ ‫عملية الترحيل التي تهدف إلى عدم السماح بإطالق سراح اليمنيني تعرقل جهود‬ ‫ترحيل احملتجزين من الدول التي ال متثل مخاطر مشابهة لتلك اخملاطر في اليمن‪.‬‬ ‫وذلك حيث إن نقل احملتجزين إلى اليمن ميثل مشكلة‪ ،‬ألن البالد كانت منذ فترة طويلة‬ ‫على حافة االنهيار‪ .‬فبالنسبة للمملكة العربية السعودية‪ ،‬التي يأتي منها العديد من وكما ذكرنا سابقا فإن القطاع التنفيذي يدرك متاما اخملاطر التي حتيط باملعتقلني اليمنيني‬ ‫احملتجزين أيضا‪ ،‬فإن لديها حكومة مركزية متكنت معها الواليات املتحدة من التعامل وبالتالي ال يجب أن تؤثر تلك املشكلة على فرص إعادة توزيع معتقلي غوانتانامو‪ .‬وكما‬ ‫مع اخملاطر املصاحبة لنقل احملتجزين ببساطة‪.‬‬ ‫يقول املعدون فإن املوقف الذي يواجهه املعتقلون اليمنيون‪ ،‬والذين رمبا ال ميثل العديد‬ ‫منهم خطرا فرديا حقيقيا بالنسبة للواليات املتحدة‪ ،‬هو وضع «محزن»‪ ،‬ولكنه ال يجب‬ ‫ولكن اليمن تفتقر إلى األدوات السياسية للسعودية واملوارد املؤسسية الالزمة للتعامل أن يؤثر على باقي سجناء املعتقل ألنه إذا ما حدث فإنه سيكون خطأ جسيما‪.‬‬

‫‪2011‬‬ ‫سبتمبر‪2011‬‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر‬

‫‪61‬‬


‫● نقاد‬

‫جوزيف ناي يبحث تغير املوازين في القرن احلادي والعشرين‬

‫مستقبل القوة‬

‫يعد كتاب جوزيف ناي اجلديد “مستقبل القوة” إضافة مهمة ألعماله‬ ‫األكادميية املهمة حول القيادة‪ ،‬وسياسات القوة والدور األميركي في‬ ‫العالم‪ .‬ويعد الكتاب ملخصا ألعماله حتى اآلن كما أنه يقدم مقدمة‬ ‫رائعة وإن كانت مختصرة حول الشؤون الدولية وسياسات القوة في‬ ‫القرن احلادي والعشرين‪ .‬هذا وقد صنف مسح حديث لعلماء السياسة‬ ‫األميركيني جوزيف ناي كأبرز األكادمييني اخملتصني في الشؤون اخلارجية‬ ‫األميركية وأكثرهم نفوذا أيضا‪ ،‬وأحد األكادمييني البارزين في مجال‬ ‫العالقات الدولية‪ .‬وكخبير‪ ،‬فإن كتاباته احلادة لها تأثير ونفوذ بني أجيال‬ ‫من صناع السياسة وعلمائها‪.‬‬ ‫مستقبل القوة‬ ‫جوزيف ناي االبن‬ ‫‪16‬دوالر أميركي‬

‫مرة اآلن‪ .‬حيث لم تعد القوى العظمى حتتكر القوة ويقدم تشظي السلطة أطرافا‬ ‫جديدة لها نفوذ متنام‪ .‬فقد انخفضت إلى حد كبير كلفة دخول لعبة سياسة‬ ‫القوة وهو ما مكن أطرافا جديدة من الدخول ببساطة للشؤون الدولية والتأثير فيها‪.‬‬ ‫مصطلحا ناي “القوة الناعمة” و”القوة الذكية” أصبحا شائعي االستخدام في ويقدم أيضا ناي مصطلح “القوة اإللكترونية” لفهم الدور الذي يلعبه اإلنترنت في‬ ‫النقاشات العامة‪ ،‬وأسرعت القوى الناشئة مثل الصني في االحتفاء بتلك املصطلحات تشكيل قدرة األطراف املؤثرة‪ ،‬والتي يعد من أبرزها األطراف الدولية والدول الناشئة‪،‬‬ ‫لتحقيق أهدافها‪ .‬فقد قلل العصر اإللكتروني صعوبات الدخول وأعطى تلك األطراف‬ ‫واستخدامها في تعريف نفسها في القرن اجلديد‪.‬‬ ‫القدرة والقوة ولكن القوة اإللكترونية في الوقت نفسه فرضت حتديات كبرى على‬ ‫هؤالء األطراف‪ ،‬وبالنسبة أيضا ألطراف ذات تاريخ مثل الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ويعكس بناء ناي لكتابه “مستقبل القوة” استيعابه بأن جماهير مختلفة سوف تقرأ‬ ‫كتابه خاصة اجلمهور األميركي من األكادمييني واخملتصني إلى القراء‪ ،‬والطالب‪ .‬فبعدما‬ ‫بالنسبة للواليات املتحدة‪ ،‬التي كان لديها ما يشبه االحتكار ملصادر القوة منذ نهاية‬ ‫يطرح فرضيته املفهومية الشاملة في املقدمة‪ ،‬ينتقل لتعريف القوة بأسلوب سهل‬ ‫احلرب الباردة‪ ،‬يقدم ذلك التغير في موازين قوى النظام الدولي فرصا وحتديات‪ .‬وفي‬ ‫وإن كان أكادمييا‪ .‬ثم يعقب مركز كتابه‪ ،‬الذي يفحص فيه تغيرات القوة وانتقالها (اجلزء معاجلته لقصة التراجع األميركي‪ ،‬ينأى ناي بنفسه عن الكتاب الذين يركزون في‬ ‫األكثر أهمية في الكتاب) وصفات سياسية تتعلق بأنه على الواليات املتحدة تبني احلديث حول التراجع األميركي‪.‬‬ ‫استراتيجية القوة الذكية في هذا العالم املتغير‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنه يختلف مع األكادمييني الذين يقولون إن الواليات املتحدة تواجه‬ ‫ويذكر ناي أنه لكي نقدم حتليال أكثر عمقا للمناحي اخملتلفة لتلك الفرضية‪ ،‬تعد تراجعا مؤكدا‪ ،‬يقر ناي بأن الواليات املتحدة تواجه عاملا ستكون فيه دولة رائدة خالل‬ ‫هوامش كتابه مصدرا مهما‪ ،‬وبفحص تلك الهوامش‪ ،‬يتضح عمق ناي األكادميي ومدى العقود القليلة املقبلة ولكن دوال أخرى سوف تبزغ ولن يصبح نفوذها االقتصادي‬ ‫اطالعه‪.‬‬ ‫والثقافي بنفس القوة التي كان عليها من قبل‪.‬‬ ‫إن إنتاج أعمال حول الطبيعة املتغيرة للقوة في النظام الدولي كنتيجة للحروب‬ ‫املستمرة في أفغانستان والعراق وبزوغ الصني واألزمة املالية ‪( 2008‬خاصة أعمال نيال‬ ‫فيرغسون‪ ،‬ستيفان وولت‪ ،‬روبرت كاغان‪ ،‬وفريد زكريا) تنطلق من الفرضية الشائعة بأن‬ ‫هيمنة أميركا على السلطة في النظام الدولي تتراجع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإما أنها تؤيد تلك‬ ‫الفرضية أو تختلف معها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬متيل تلك األعمال ألن حتمل منظورا أميركيا في‬ ‫فحص التغيرات التي طرأت على النظام الدولي‪.‬‬

‫وفي إطار إبرازه للطبيعة متعددة األبعاد للقوة‪ ،‬يقول ناي إن الصراع على القوة في‬ ‫النظام الدولي موجود على ثالثة مستويات حيث تقع القوة العسكرية في القمة‪،‬‬ ‫والقوة االقتصادية في الوسط والعالقات الدولية في القاع‪ .‬وما زال للواليات املتحدة‬ ‫قصب السبق في املستوى األعلى حيث إنها القطب األوحد فيما يتعلق بالتفوق‬ ‫العسكري‪ .‬وفي املستوى األوسط‪ ،‬أصبح هناك أكثر من دولة لديها القوة االقتصادية‬ ‫وبالتالي أصبح املستوى األوسط متعدد األقطاب رغم أن الواليات املتحدة ما زال لها‬ ‫حضور معقول به ولكن بالنسبة للمستوى األدنى حيث ال توجد دولة أو طرف لديه‬ ‫احتكار للقوة‪ ،‬جتد الواليات املتحدة نفسها في موقف ضعف‪ .‬إذن‪ ،‬حتظى الواليات‬ ‫املتحدة بالتفوق في بعض املناحي ولكن قوتها محدودة في مجاالت أخرى‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن ناي ليس استثناء من ذلك فإنه ليس لديه غضاضة في أن يفحص‬ ‫تلك الفرضية في إطار خبرته في التجربة األميركية في السلطة‪ .‬ولكن قصور كتابه‬ ‫الرئيسي يكمن في أنه حوار أميركي حول مستقبل السلطة يركز أساسا على كيفية‬ ‫تطور الدور األميركي في النظام الدولي املتغير وما يجب على الواليات املتحدة عمله ويختم ناي كتابه بالقول إن الواليات املتحدة يجب أن تتبنى استراتيجيات ذكية للقوة‬ ‫لكي تتكيف مع تلك التغيرات‪ .‬وكانت تلك األسئلة تثير اهتمامه طوال تاريخه املهني جتمع بني موارد القوة والقوة الناعمة للفوز في لعبة الشطرجن املعقدة‪.‬‬ ‫املميز‪.‬‬ ‫وأكثر من أي وقت آخر منذ نهاية احلرب العاملية الثانية‪ ،‬يجب على الواليات املتحدة أن‬ ‫ويعد أكثر األشياء أهمية في “مستقبل السلطة” هو طرحه ملفهومي “تشظي تعمل مع اآلخرين على مواجهة التحديات خاصة على املستوى الدولي‪ .‬ويرى ناي أن‬ ‫القوة” و”انتقال القوة” في فهم مستقبل الوضع األميركي في القرن احلادي الواليات املتحدة تواجه خمسة حتديات رئيسية في العقود املقبلة‪ :‬اإلرهاب املرتبط‬ ‫والعشرين‪ .‬ويتكامل كتابه ويؤطر على نحو جتريبي أعمال مثل “عالم ما بعد أميركا” بالقوة النووية‪ ،‬واإلسالم السياسي‪ ،‬واحتمال بزوغ الصني العدائية‪ ،‬واألزمات االقتصادية‪،‬‬ ‫لفريد زكريا وكتاب روبرت كابالن “الرياح املوسمية‪ :‬احمليط الهندي ومستقبل القوة والتحديات البيئية مثل التغير املناخي‪.‬‬ ‫األميركية”‪.‬‬ ‫تزود وصفات ناي الستراتيجيات القوة الذكية صناع السياسة مبقاربة نافعة لتأطير‬ ‫ويقدم ناي احلجة املقنعة بأن مفاهيمه تعكس التغيرات األفقية والرأسية التي حتدث مفاهيمي الستجاباتهم لتلك التحديات‪ .‬وعما إذا كان ذلك سوف يستخدم كدليل‬ ‫في العالم اليوم‪ .‬ففي انتقال القوة‪ ،‬تنتقل القوة إلى الشرق من الغرب نظرا لظهور إرشادي أثناء التطبيق فما زال األمر في حاجة إلى نظر‪ ،‬إال أن ناي يطرح نقطة مبدئية‬ ‫الصني‪ .‬وفي تشظي القوة‪ ،‬تنتشر القوة رأسيا من خالل العوملة والتكنولوجيا ألطراف مهمة بشأن كيف يجب أن ترى الواليات املتحدة استجابتها لتحديات القرن احلادي‬ ‫مختلفة سواء كانت تلك األطراف دوال أم أطرافا أخرى أصبح لها نفوذ محسوس ألول والعشرين‪.‬‬ ‫‪60‬‬


‫آنذاك قضية املرجعية‪ ،‬لتكون املرجعية توأما ً للنظام‪ ،‬إدراكًا‬ ‫لكونها مؤثرًا اجتماعيا وسياسيا بالغ األهمية‪.‬‬

‫املرشد األعلى‪ ،‬فتضاءلت حظوظ اإلصالح في نهاية فترته‬ ‫الثانية‪ ،‬وتالشى برحيل خامتي‪ ،‬لكنه عاد مرة أخرى في املظاهرات‬ ‫الشعبية بعد االنتخابات الرئاسية سنة ‪ 2009‬اعتراضا على‬ ‫التزوير الواسع لنتائج االنتخابات‪ ،‬واستقطب كثيرا ً من التكتالت‬ ‫السياسية املعارضة في الداخل واخلارج بخطاب جديد جتميعي‬ ‫مختلف‪ ،‬وليس من املستبعد عودته إلى احلياة السياسية مجددا ً‪.‬‬ ‫ملاذا ال يستبعد عودته مجددًا؟ هذا ما أجاب عنه بشكل غير‬ ‫مباشر اخلبير واألكادميي العاملي الدكتور أديب أرشني‪ ،‬حينما رسم‬ ‫اجلغرافيا السياسية للمعارضة في إيران‪ .‬قدم أستاذ السياسة‬ ‫والعالقات الدولية في جامعة لندن دراسة تناولت املعتقدات‬ ‫د احلركة‬ ‫األيديولوجية املتعلقة بالثقافة السياسية في إيران‪ ،‬وع ّ‬ ‫اخلضراء صورة إلرادة جماعية تؤيد اإلصالح في إيران‪ .‬تناول املقال‬ ‫الفاعلية السياسية في إيران املعاصرة‪ ،‬و إرهاصات الثورة واملشهد‬ ‫السياسي القائم‪ .‬أشار الكاتب إلى أن متايز اجلغرافيا السياسية‪،‬‬ ‫إلى مجموعات مختلفة متنافسة‪ ،‬قلل من قدرة أي مركز للقوى‬ ‫في البالد على تنفيذ سياسات حتظى مبا هو مطلق من اإلجماع‪.‬‬ ‫فتشير االنقسامات املتواصلة‪ ،‬من جهة‪ ،‬بني البرملان اإليراني‪ ،‬الذي‬ ‫يهيمن عليه احملافظون "القدامى"”‪ ،‬ومكتب الرئيس أحمدي جناد‬ ‫إلى الكثير من الرفض لسياسات اإلدارة احلالية ومؤيديها‪ ،‬ال من‬ ‫قبل اإلصالحيني فحسب‪ ،‬بل من قبل شخصيات محافظة أيضا‬ ‫مثل علي الريجاني مثال‪.‬‬

‫جه السياستني الداخلية‬ ‫ح ّ‬ ‫دد العتوم املصادر التي حترك وتو ِّ‬ ‫واخلارجية‪ ،‬وهما كتاب‪ :‬احلكومة اإلسالمية للخميني‪ ،‬والدستور‬ ‫السياسي اإليراني‪ .‬أما السياسة اخلارجية فتقوم على‪ ،‬إما على‬ ‫مرجعا للروح اإلسالمية‪.‬‬ ‫البراغماتية‪ ،‬أو نظرية السعي جلعل إيران‬ ‫ً‬ ‫يشير الكاتب إلى أن إيران توظف املذهب حسب مصلحتها‪ ،‬مبا‬ ‫يوافق مصلحتها القومية‪ .‬وفي دراسة للباحثة اللبنانية ريتا‬ ‫فرح عن النفوذ اإلقليمي إليران أشارت الباحثة اللبنانية‪ ،‬إلى‬ ‫رغبة اخلميني في تشكيل نفوذ قوي‪ ،‬وتصدير الثورة إلى جيرانه‪،‬‬ ‫وتأسيس الدولة اإلسالمية الكبرى‪ ،‬وإن كانت هذه النبرة خفتت‬ ‫في السنوات التي تلت موت اخلميني‪ ،‬إال أنها عادت مع الرئيس‬ ‫مهما‬ ‫جناد‪ ،‬الذي استغل ثغرات في السياسة العربية ليلعب دورًا‬ ‫ً‬ ‫في ملفات الشرق األوسط‪ ،‬ال يضاهيه في نفوذه إال تركيا‪ ،‬ولكن‬ ‫أيضا إلى أن إيران ‪ -‬بالرغم من التحصني‪ -‬إال أنها‬ ‫الباحثة تشير‬ ‫ً‬ ‫تبدو عاجزة إلى اآلن عن مواجهة أسئلة الداخل‪ ،‬حول احلداثة‪،‬‬ ‫والهوية وغيره‪ ،‬مشيرة إلى خالف بني أبناء الثورة‪.‬‬

‫وحتى مكتب املرشد األعلى‪ ،‬يتعرض للضغوط بعد تأييده الصريح‬ ‫للرئيس و القمع العنيف لالحتجاجات في صيف ‪ .2009‬فاحلركة‬ ‫جتسد النتاج األخير للمطالب السياسية واالقتصادية‬ ‫اخلضراء‬ ‫ِّ‬ ‫ االجتماعية العائدة لطبقات مؤثرة في اجملتمع اإليراني‪ .‬ومتثل‬‫احلركة اخلضراء انبعاثا ً حلركة "الثاني من خرداد"‪ ،‬التي اتخذت‬ ‫اسمها من تاريخ انتخاب الرئيس السابق خامتي في العام ‪.1997‬‬ ‫ويبدو في حراكها مالمح الثورات اإليرانية كلها ابتدا ًء من ثورة‬ ‫التبغ ‪ ،1891‬واحلركة الدستورية (‪ )1906‬و غيرها من الثورات‬ ‫التي رفعت شعارات اجتماعية ضد االستبداد‪.‬‬

‫لم تكن إشكالية التعارض مطروحة بشكل كبير أثناء حياة اإلمام‬ ‫اخلميني‪ ،‬فمرجعيته معروفة في املراحل األخيرة من الثورة‪ ،‬وإبّان‬ ‫قيادته للنظام اإلسالمي‪ ،‬ولكن اإلشكالية بدت بعد وفاة اخلميني‪.‬‬ ‫وكانت متثل خطورة من الناحية النظرية‪ :‬ففصل املرجعية عن‬ ‫الوالية‪ ،‬أو جتريد الولي الفقيه من صفة املرجعية‪ ،‬سوف يؤديان‬ ‫إلى إضعاف الثقل القيادي املوجود لدى الولي الفقيه حلساب‬ ‫املرجعية التقليدية‪ ،‬وما يعنيه ذلك من إمكانية لبروز تعارض‬ ‫بني والية الفقيه واملرجعية‪ ،‬تداركًا لذلك حاول و يحاول النظام‬ ‫مفتوحا‬ ‫اإليراني تثبيت مرجعية خامنئي‪ ،‬ولكن السؤال يبقى‬ ‫ً‬ ‫وماذا بعد خامنئي!‬ ‫ماذا عن التيارات السياسية في إيران‪ ،‬والتطور السياسي في إيران‪،‬‬ ‫هذا ما أماط اللثام عنه‪ ،‬املستشار السابق للخارجية واألكادميي‬ ‫األردني نبيل العتوم‪ ،‬فرصد التطور السياسي في إيران ما بني‬ ‫‪ .1980-1993‬فبعد انطالق إيران بعد الثورة بقيادة اخلميني‪ ،‬وفي‬ ‫بداياتها التأسيسية أطاح اخلميني بالرئيس اجلديد للوزراء مهدي‬ ‫بازرقان عند إعداد الدستور اإليراني‪ ،‬إلصراره على مواد مدنية في‬ ‫الدستور‪ ،‬وكان اخلميني يريد تركيز سلطة الولي الفقيه‪.‬‬

‫وتناول الكتاب بالتفصيل احلرس الثوري اإليراني‪ ،‬تشكيالته‬ ‫وتكويناته‪ .‬كما تناول هادي نعيمة حزب كوادر البناء وتاريخ‬ ‫تأسيسه وعالقته بهاشمي رفسنجاني‪.‬‬ ‫أبرز احملطات كانت تتناول مكونات التيار اإلصالحي اإليراني‪،‬‬ ‫تناولها الباحث اإليراني مجيد مرادي‪ ،‬وهي أحزاب وجماعات دعمت‬ ‫السيد خامتي في انتخابات ‪ ،1997‬مثل منظمة مجاهدي الثورة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬و جمعية علماء الدين املناضلني‪ ،‬و جبهة املشاركة‬ ‫إليران اإلسالمية‪ ،‬حزب الثقة الشعبية (حزب اعتماد ملي)‪،‬‬ ‫وغيرها‪ .‬تناولت الدراسة اإلصالح كخطاب سياسي بناه أهله على‬ ‫مفاهيم اجلمهورية والشعب‪ ،‬و يركز علی املشاركة السياسية‪،‬‬ ‫وكان يبحث عن الشرعية عبر املشاركة الشعبية‪ ،‬و اإلرادة احلرة‪،‬‬ ‫كان هذا اخلطاب السياسي يستعني باخلطاب الفكري الديني الذي‬ ‫انطلق منذ سنة ‪ 1991‬من مجلة "كيان"‪ ،‬والذي كان مدرسة‬ ‫لإلصالح الفكري‪ ،‬وكان يتركز علی التعددية الدينية والدميقراطية‬ ‫السياسية وإخراج قضية الفهم من حكر علماء الدين‪ .‬بعد تولي‬ ‫ضيق عليه اليمني منافذ التغيير عبر سلطات‬ ‫خامتي السلطة‬ ‫ّ‬

‫بعد انتصار الثورة قال اخلميني في اليوم األول‬ ‫للثورة‪" :‬يجب أن تقوم ثورة رئيسة في اجلامعات‬ ‫كافة عبر البالد للتخلص من األساتذة املرتبطني‬ ‫بالشرق والغرب"‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫غطاه الكتاب‪ ،‬وهو املشهد الثقافي‪ ،‬الذي أفرزته‬ ‫مشهد آخر‬ ‫ّ‬ ‫الثورة اإلسالمية‪ ،‬فقد قامت فيه ثورتان ثقافيتان (‪1982 1980-‬‬ ‫و‪ )2010 2005-‬لدعم عمليات األسلمة‪ ،‬تناولهما الباحث اإليراني‬ ‫مجيد محمدي‪ ،‬فبعد انتصار الثورة قال اخلميني في اليوم األول‬ ‫للثورة‪" :‬يجب أن تقوم ثورة رئيسة في اجلامعات كافة عبر البالد‬ ‫للتخلص من األساتذة املرتبطني بالشرق والغرب"‪ .‬مبشرًا بهذا‬ ‫التطهير‪ ،‬وكانت الثانية في عهد جناد‪ ،‬فقارن الباحث بني الثورة‬ ‫األولى والثورة الثانية‪ ،‬فالثورة األولى من الناحية األيديولوجية‬ ‫مثلت سطوة رجال الدين‪ ،‬وكانت رد فعل على التسيس املركز‬ ‫للجامعات حينها‪ ،‬وهدفت تطهيرها من التأثيرات األجنبية‪،‬‬ ‫محليا‪،‬‬ ‫طابعا‬ ‫وتعزيز سطوة رجال الدين عليها‪ ،‬فأكسبت العلوم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وكان أبرز املتضررين منها أهل اليسار والليبراليني‪ ،‬كُونِت لها‬ ‫مكاتب مثل التعاون مع احلوزات‪ ،‬واجلهاد اجلامعي‪ ،‬وممثلي القائد‪.‬‬ ‫أما الثورة الثانية في عهد الرئيس جناد كانت عسكرية‪ ،‬وجاءت رد‬ ‫فعل على طغيان الثقافة العلمانية بني الشباب‪ ،‬فكنست بعنف‬ ‫اخلصوم من اجلامعات‪ ،‬وعززت احلكم العسكري على منط الطالبان‪،‬‬ ‫وفصلت بني اجلنسني‪ ،‬تضرر منها اإلصالحيون‪ ،‬أفرزت هيئات مثل‬ ‫الطالب الباسيجيني‪.‬‬ ‫أيضا على عرض لكتاب الفكر السياسي اإليراني‬ ‫و احتوى الكتاب‬ ‫ً‬ ‫(جذوره‪ ،‬روافده‪ ،‬أثره) و هو صادر عن مركز اإلمارات للدراسات‬ ‫والبحوث االستراتيجية‪ .‬عرض الكتاب تطور الفكر السياسي‬ ‫اإليراني والشيعي منذ القدمي إلى العام ‪ .2000‬وصل إلى نتيجة‬ ‫مهمة أن الفكر السياسي اإليراني يصنعه "البازار"‪ ،‬بصفته أحد‬ ‫األشياء التي تصنع اليمني واليسار‪ ،‬والتقليد والتجديد‪ ،‬أي أن لغة‬ ‫املصالح ال تغيب‪ ،‬وبحسب املؤلف فإن التوجه نحو التغيير دون‬ ‫االلتفات إلى مصالح القوى املؤثرة والفاعلة في أهم مؤسستني‬ ‫في إيران (املؤسسة الدينية ‪ -‬البازار)‪ ،‬وغياب التفاهم‪ ،‬وفقدان‬ ‫الثقة بني مختلف القوى الفاعلة في إيران‪ ،‬والتفرد بقراءة خاصة‬ ‫وأحادية للسلطة دون األخذ في االعتبار قراءات القوى األخرى‬ ‫ورؤاها الفكرية‪ ،‬كلها تعتبر من أهم املعضالت التي تقف حائال ً‬ ‫دون ظهور مشاركة سياسية فاعلة وحقيقية في إيران‪.‬‬ ‫‪59‬‬


‫● نقاد‬

‫إيران‪ :‬التيارات‪ ..‬والية الفقيه‪..‬‬ ‫اإلصالح‪ ..‬النفوذ اإلقليمي‬

‫فقه البازار‬

‫في مايو (أيار) املاضي‪َ ،‬شك َّل قرار امل ُ ِّ‬ ‫رشد األعلى للجمهورية اإلسالمية‬ ‫السيد علي خامنئي‪ ،‬وقف تنفيذ موافقة الرئيس أحمدي‬ ‫اإليرانية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫جناد على استقالة وزير اخملابرات حيدر مصلحي‪ ،‬منعطفًا مثيرًا أعاد‬ ‫لألذهان احلديث عن االزدواجية في النظام اإليراني‪ ،‬وتداخل الصالحيات‬ ‫و التساؤالت حول والية الفقيه‪ ،‬ونظام اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪.‬‬ ‫املؤلف‪ :‬مجموعة باحثني‪.‬‬ ‫الناشر‪ :‬مركز املسبار للدراسات والبحوث‪.‬‬ ‫السنة‪ :‬أبريل‪ /‬نيسان ‪.2011‬‬

‫يذكر الباحثون أ ّن املرشد خامنئي مر ّ إبّان توليه لرئاسة اجلمهورية لقاعدة الشرعية (اإللهية‪ -‬الشعبية)‪ ،‬و الفقهاء الذين ساندوا‬ ‫( ‪ )1989‬مبواقف مشابهة‪ ،‬حينما انتقد وزير العمل الذي جلأ فكرة الدولة واحلكومة املشروطة‪ ،‬كان لهم دور كبير في إجناح‬ ‫إلى اخلميني ‪ -‬املرشد األعلى حينها‪ -‬لتمرير قوانني خاصة دون أن الثورة الدستورية ‪ 1906‬في إيران‪.‬‬ ‫جتيزها الهيئة التشريعية‪ ،‬فأجازها اخلميني‪ ،‬و استغل الوزير إجازة‬ ‫اخلميني‪ ،‬وحينما انتقد خامنئي ذلك في خطبة اجلمعة‪ ،‬هاجمه يذكر تفاصيل ذلك هيثم مزاحم في دراسته التي تناولت "تطور‬ ‫اخلميني (املرشد) بخطاب شديد اللهجة‪ ،‬أكّد فيه أن واليته الفكر الشيعي من نظرية احلكومة املشروطة إلى نظرية والية‬ ‫الفقيه"‪ ،‬يشير مزاحم إلى أن نظرية والية الفقيه جاءت في‬ ‫مطلقة‪ ،‬وهو ما استقر ّ عليه الدستور اإليراني‪.‬‬ ‫أعقاب انحسار التيار األخباري في الفقه الشيعي‪ ،‬فطرح النراقي‬ ‫نقرأ هذا في كتاب مركز املسبار للدراسات والبحوث في دبي‪ ،‬الذي (ت ‪ )1244‬نظرية النيابة العامة بعنوان “والية الفقيه”‪ ،‬فأثارت‬ ‫أصدره في شهر نيسان (إبريل) ‪ ،2011‬بعنوان إيران (التيارات‪ -‬نقاشات حامية‪ .‬أما الدور األبرز في تاريخ النظرية فكان للخميني‬ ‫أصل للوالية بأن "للفقيه العادل جميع ما للرسول واألئمة‪،‬‬ ‫والية الفقيه‪ -‬اإلصالح‪ -‬والنفوذ اإلقليمي)‪ ،‬و شارك فيه أكادمييون الذي ّ‬ ‫من إيران والعالم العربي والغرب‪ ،‬واحتوى على عشر دراسات مما يرجع إلى احلكومة والسياسة"‪ ،‬فمنح الولي الفقيه أعلى‬ ‫طورها لتكون والية مطلقة‪.‬‬ ‫سلطة دستورية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تناولت جوانب مهمة في الفكر السياسي اإليراني‪.‬‬ ‫املقيدة"‪،‬‬ ‫االنتخابية‬ ‫الفقيه‬ ‫"والية‬ ‫نظرية‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫تناول الكتاب‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يشير الكتاب إلى أن الفكر السياسي اإليراني يرتكز على الفكر و"الوالية احملددة"‪ ،‬اللتني تقدران أن الناس هم الذين ينتخبون‬ ‫ّ‬ ‫الشيعي‪ ،‬فيمضي في رصد تطور النظريات فيه‪ ،‬وفي التاريخ الفقيه وأ ّن وظيفة الفقيه كمفكّر هي اإلشراف على تنفيذ‬ ‫السياسي الشيعي تشكل غيبة اإلمام املهدي الكبرى احملرض السياسات املتبناة‪ ،‬واإلشراف على رئيس احلكومة الذي ينفذ‬ ‫ّ‬ ‫بعض السياسة اإلسالمية‪.‬‬ ‫األساسي للنظريات السياسية‪ ،‬فعلى الرغم من أن‬ ‫الفقهاء الشعية حصر والية الفقيه على األمور احلسبية فقط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشيعي تكون ملراجع التقليد‪،‬‬ ‫السطوة االجتماعية في االجتماع‬ ‫تغول ليشمل اجلوانب السياسية العرفية‪.‬‬ ‫إال أ ّن نفوذ بعضهم‬ ‫ّ‬ ‫لذلك مُتثل العالقة بني املراجع و الولي الفقيه‪ ،‬منطقة بالغة‬ ‫األهمية والتعقيد‪ ،‬وهو ما كشفه الباحث محمد شقيره‪ ،‬فرصد‬ ‫النيابة عن املهدِّي في‬ ‫الفقهاء الذين يرون ألنفسهم احلق ّ في‬ ‫ّ‬ ‫اجلدل حول املفهوم والتجربة التاريخية‪ ،‬التي أكّدت قوة تأثير‬ ‫عصر الغيبة في إقامة النظام العام‪ ،‬و منهم النائيني الذي أسس‬ ‫املرجعية عبر جتارب مثل فتوى التنباك التي رضخت لها حكومة‬ ‫نظاما انطالقًا من مرجعيته‪.‬‬ ‫غير‬ ‫ً‬ ‫الشاه‪ ،‬و ثورة اخلميني الذي ّ‬

‫اخلميني قبل الثورة كان يقود تيارًا لإلطاحة بالنظام‪،‬‬ ‫ويبدي امتعاضه من مواقف بعض املرجعيات الدينية‬ ‫وعلماء الدين‪ .‬وبعد الثورة كان رأى الوالية املطلقة‬ ‫للفقيه‪ ،‬في حني ال يرى بعض أولئك املراجع تلك‬ ‫الوالية للفقيه‬ ‫‪58‬‬

‫حاول شقير كشف العالقة بني املرجعية‪ ،‬مبعناها التقليدي‪ ،‬ووالية‬ ‫الفقيه املطورة‪ ،‬فاخلميني قبل الثورة كان يقود تيارًا لإلطاحة‬ ‫بالنظام‪ ،‬ويبدي امتعاضه من مواقف بعض املرجعيات الدينية‬ ‫وعلماء الدين‪ .‬وبعد الثورة كان رأى الوالية املطلقة للفقيه‪ ،‬في‬ ‫حني ال يرى بعض أولئك املراجع تلك الوالية للفقيه‪ ،‬ولكنه بوصفه‬ ‫فقهيا‪ ،‬كان يستغل اجلمع بني الوالية واملرجعية‬ ‫وليا‬ ‫مرجعا و‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إلذابة اخلالفات‪ ،‬و حرص على تضمني دستور النظام اإلسالمي‬



‫● اختيار احملرر‬

‫السودان‪ ،‬دولة احلكم الفردي املطلق التي تطفو فوق ثروة من النفط‪ ،‬وجنوب‬ ‫السودان‪ ،‬الدولة اجلديدة التي ولدت عاجزة ولكنها ذات قيادة سياسية‬ ‫شرعية (على الرغم من أن هناك خطرا حقيقيا بأن تدخل الدولتان في دوامة‬ ‫من العنف بسبب استحواذ السودان املفاجئ على منطقة أبيي احلدودية)‪.‬‬ ‫جتدر رؤية مشكلة الدول الفاشلة وفقا ملنظور تكنوقراطي‪ .‬في كتاب «إصالح‬ ‫الدول الفاشلة»‪ ،‬دفع أشرف غاني وكلير لوكهارت بأن الدول الفاشلة حتتاج‬ ‫إلى االتصال باألسواق العاملية وأن حترر طاقاتها اإلبداعية‪ .‬وهي تفعل ذلك‪.‬‬ ‫ولكن يرى احلكام الدكتاتوريون أن احلرية االقتصادية والسياسية تشكل‬ ‫تهديدا حلكمهم‪ .‬سيعمل اللواءات الذين يحكمون بورما‪ ،‬على سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬على التأكد من أنه لن يستفيد أحد سواهم وأصدقاؤهم من األسواق‬ ‫‪56‬‬

‫العاملية‪ .‬فال توجد هنا سياسة هروب أو رغبة سياسية‪ .‬حتتاج الدول البائسة‪،‬‬ ‫مثل ليبيريا‪ ،‬إلى املساعدة‪ ،‬وفي بعض األحيان من املمكن مساعدتها‪ .‬من‬ ‫جانب آخر‪ ،‬تستغل الدول املتعمدة مثل بورما أو السودان املساعدة اخلارجية‬ ‫في أغراضها اخلاصة‪ .‬ومن املؤسف أن الدول املتعمدة هي التي تشكل‬ ‫أكبر تهديد للواليات املتحدة والغرب‪ .‬لذلك هناك اقتراح‪ :‬رمبا ميكننا صياغة‬ ‫سياسة جديدة نحو الدول الفاشلة‪ ،‬ملساعدة الدول التي تستحق‪ ،‬التي‬ ‫ميكن مساعدتها‪ ،‬ولتحجيم الضرر الناجت عن الدول األخرى‪.‬‬ ‫*خاص بـ«اجمللة»‬ ‫جيمس تراوب – فورن بولسي يوليو‪ /‬أغسطس ‪2011‬‬



‫● اختيار احملرر‬

‫بعض الدول مقدر لها أن تفشل‬ ‫من املؤسف أن هذا صحيح‪ .‬على الرغم من أن بعض الدول الفاشلة ليس لها‬ ‫إال أن تلوم ذاتها‪ ،‬أو نخبها السياسية الفاسدة أو الوحشية‪ ،‬فإن هناك دوال لم‬ ‫تسنح لها فرصة البداية‪ .‬نحن نواجه هنا مشكلة تسمية‪ .‬يوحي مصطلح‬ ‫«فاشلة» على نحو خاطئ بحالة تسبق النجاح‪ .‬في الواقع‪ ،‬الكثير من‬ ‫الدول التي حتتل املراكز األولى في قائمة الدول الفاشلة لم ترق مطلقا إلى‬ ‫مرحلة إقامة دولة كاملة‪ .‬من بني أعلى ‪ 20‬دولة يوجد ‪ 14‬دولة أفريقية‪،‬‬ ‫كثير منها‪ ،‬مبا فيها نيجيريا وغينيا وبالطبع الكونغو‪ ،‬يضم قبائل أو جماعات‬ ‫عرقية ذات شعور ضئيل بالهوية املشتركة وخبرة منعدمة عن احلكومة‬ ‫احلديثة‪( .‬رمبا يتحمل االستعمار اللوم في هذا النموذج حتديدا‪ ،‬حيث إن القوى‬ ‫األوروبية هي التي رسمت احلدود املشكوك بها) وفقا لتعبير الروائي في‬ ‫سي نايبول‪ ،‬إنها «مجتمعات غير مكتملة الصنع»‪ ،‬حبيسة ماض لم يعد‬ ‫من املمكن العيش فيه ومستقبل ال ميكن الوصول إليه بعد‪ .‬لقد «فشلت»‬ ‫هذه الدول عندما أيقظت احلداثة آماال ورغبات (وخصومات) جديدة اجتاحت‬ ‫مؤسسات الدولة الضعيفة أو سعى القادة إلى استغاللها‪.‬‬ ‫ماذا يفعل العالم حيال تلك الدول غير الشرعية؟ اإلجابة أن يسعى إلى‬ ‫تقليل حجم الضرر الناجت عنها أو إليها بوقف تدفق اخملدرات من وإلى غينيا‪،‬‬ ‫أو االستعانة بقوات حفظ السالم من أجل منع امتداد العنف من دارفور‬ ‫وتشاد إلى جمهورية أفريقيا الوسطى‪ .‬وأن يساند املنظمات اإلقليمية أو‬ ‫شبه اإلقليمية التي تشمل مناطق تلك الدول (مثل االحتاد األفريقي أو اجملتمع‬ ‫االقتصادي لدول غرب أفريقيا)‪ .‬وأن يعترف العالم بأنه حتى في املناطق التي‬ ‫ال تشكل تهديدا مهما للغرب‪ ،‬يتطلب الواجب األخالقي على من يستطيع‬ ‫املساعدة أن يساعد على تخفيف املعاناة‪.‬‬ ‫حتتاج الواليات املتحدة إلى سياسة جتاه الدول الفاشلة‬ ‫رمبا ال‪ .‬من أبرز االنتقادات التي تواجه سياسة إدارة أوباما اخلارجية‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أن الرئيس حتدث مرارا عن اخلطر الذي تشكله الدول الفاشلة‪،‬‬ ‫أنه لم يصغ سياسة متماسكة ملنع أو معاجلة فشل الدول‪ .‬تعاني اإلدارة‬ ‫من حساسية جتاه هذه القضية‪ ،‬في أثناء عمل آن ماري سلوتر كرئيسة‬ ‫تخطيط السياسات في وزارة اخلارجية األميركية مؤخرا‪ ،‬أشارت إلى أن‬ ‫استراتيجية مكافحة اإلرهاب العسكرية ‪ -‬املدنية في أفغانستان قد تعتبر‬ ‫«علبة بتري» لتلك السياسة‪ ،‬وأن جهود بناء الدولة بعد الزلزال في هاييتي‪،‬‬ ‫بالتعاون على مستوى رفيع مع شركاء دوليني‪ ،‬قد تكون منوذجا بديال‪ .‬ولكن‬ ‫اليوم‪ ،‬يعترف حتى املدافعون عن جهود اإلدارة واسعة النطاق في أفغانستان‬ ‫على أن محاولة نشر احلكم الرشيد هناك فشلت إلى حد كبير‪ ،‬بينما بعد‬ ‫عام من زلزال هاييتي بدأت بالكاد جهود إعمار الدولة هناك‪.‬‬ ‫رمبا تكمن املشكلة في أسلوب تفكيرنا في الدول الفاشلة ككتلة واحدة‪.‬‬

‫ما معنى أن يكون لدينا سياسة واحدة تغطي كال من هاييتي وأفغانستان؟‬ ‫وما القالب الذي ميكنه أن يقدم مجموعة مفيدة من اخليارات للمسؤولني‬ ‫األميركيني في اليمن‪ ،‬حيث يشكل فشل الدولة تهديدا مباشرا للمصالح‬ ‫األميركية‪ ،‬وجمهورية أفريقيا الوسطى‪ ،‬حيث ال توجد أهمية استراتيجية؟‬ ‫وما هي السياسة التي توفر أي خيارات مفيدة بالنسبة للصومال‪ ،‬أرض اخلراب‬ ‫التي تبدو منيعة أمام جميع صور التدخل اخلارجي‪ ،‬اجليد أو الشرير؟ في هذه‬ ‫احلالة‪ ،‬قد يكون ترابط السياسة مبالغا فيه‪.‬‬ ‫تسعى إدارة أوباما بالتأكيد إلى مثل هذا الترابط‪ .‬كرر تقرير التنمية‬ ‫والدبلوماسية الذي يصدر كل اربع سنوات عن وزارة اخلارجية األميركية‪ ،‬في‬ ‫محاولة جديدة لترتيب أدوات «القوة الناعمة»‪ ،‬االنتقادات املوجهة إلى غياب‬ ‫سياسة شاملة‪ ،‬ولكنه أيضا أكد مرحبا على احلاجة إلى تطوير قدرة مدنية‬ ‫لتنفيذ ما يقرر صناع السياسات احلاجة إلى فعله‪ .‬في الوقت الراهن‪ ،‬تعرقل‬ ‫خيارات السياسة األميركية عدم وجود قوات مسلحة خارجية على األقل‪،‬‬ ‫ذات قدرات عملية أو «بعثية»‪ ،‬مثل مدربي الشرطة وخبراء صحة ومسؤولني‬ ‫في الصحة العامة ومحاسبي طب شرعي ومحامني (نعم محامني) ميكن‬ ‫نشرهم في الدول الهشة أو مناطق ما بعد الصراع‪ .‬توجد حاجة إلى أشخاص‬ ‫يقومون بهذه املهام‪ .‬ولكن من املؤسف أن أعضاء الكونغرس اجلمهوريني‬ ‫يبدون مصممني على التخلص من أي زيادة في القدرات غير العسكرية‪ .‬يبدو‬ ‫احملافظون أكثر ارتياحا مع التهديدات قدمية الطراز التي تشكلها دول قوية‬ ‫مثل الصني وإيران وروسيا‪ .‬رمبا ال يزعجهم غياب استراتيجية للتعامل مع دول‬ ‫فاشلة ألنهم ال يقلقون بشأن الدول الفاشلة‪.‬‬ ‫ال يفلح التدخل العسكري مطلقا‬ ‫خطأ‪ .‬يذكرنا ثبات تصنيف الدول الفاشلة من عام إلى آخر بأن األمراض‬ ‫املتعددة التي ابتليت بها تلك املناطق تقاوم العالج بشدة‪ ،‬سواء على يد‬ ‫أطراف محلية أو خارجية‪ .‬ومن املؤكد أن منوذجي أفغانستان وهاييتي‪ ،‬علبتا‬ ‫بتري لعام ‪ ،2010‬ليسا مشجعني‪ .‬ولكن هناك بصيص ضوء‪ ،‬من الغريب أنه‬ ‫يتضمن التدخل العسكري‪ .‬تراجعت كل من ليبيريا وسيراليون عن الوقوع‬ ‫في الفوضى الشاملة في األعوام األخيرة‪ ،‬وهما اآلن في سالم‪ .‬رمبا ينطبق‬ ‫الشيء ذاته على ساحل العاج في املستقبل‪ ،‬رغم أنه ما زال من املبكر للغاية‬ ‫حتديد ذلك بعد احلرب األهلية الدموية القصيرة التي وقعت هذا العام بعد‬ ‫حسن العراق‪ ،‬الذي بدا أن سقوطه بال نهاية منذ‬ ‫االنتخابات‪ .‬من جانب آخر ّ‬ ‫خمسة أعوام‪ ،‬مركزه في القائمة بعد أن انحسر العنف الطائفي على مدار‬ ‫العام املاضي‪ ،‬حيث أصبح في املركز التاسع بدال من السابع‪.‬‬ ‫التدخل املقصود ليس أن حل الدول الفاشلة هو إرسال قوات مارينز‪ ،‬ولكن‬ ‫في بعض حلظات األزمة القصوى‪ ،‬من املمكن أن حتول أطراف خارجية مسار‬ ‫الدول الفاشلة باستخدام القوة لإلطاحة باحلكام الوحشيني أو منعهم من‬ ‫االستحواذ على السلطة‪ .‬ولكن التدخل في حد ذاته عالمة على الفشل‪،‬‬ ‫الفشل في ترقب حلظة األزمة‪ .‬حتتاج أي سياسة جديدة نحو الدول الفاشلة‬ ‫إلى التركيز على الوقاية بدال من رد الفعل‪ ،‬ليس لتجنب احلاجة إلى استخدام‬ ‫القوة العسكرية فقط‪ ،‬بل ألنه في العديد من املناطق لن يكون التدخل ممكنا‬ ‫ببساطة‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬هناك حاجة إلى معرفة أن تايلند تتعرض خلطر‬ ‫الوقوع في أزمة سياسية‪ ،‬ألنه في حني متلك الدول اجملاورة والقوى الغربية‬ ‫األدوات الدبلوماسية لتجنب األزمة‪ ،‬ال ميكنها فعل شيء إذا اندلعت أحداث‬ ‫عنف‪ .‬أبرز األمثلة على التداعيات املؤسفة لتجاهل اإلنذار املبكر هي رواندا‪،‬‬ ‫حيث جتاهل مسؤولو األمم املتحدة ومجلس األمن التحذيرات املتكررة بأن هناك‬ ‫تطهيرا عرقيا على وشك الوقوع‪ ،‬وحتركوا فقط بعد أن أصبح الوقت متأخرا‬ ‫للغاية لوقف أعمال القتل‪.‬‬ ‫ال ميكن مساعدة الدول الفاشلة‬ ‫من املمكن مساعدة بعضها‪ .‬ماذا ميكن أن تفعل األطراف اخلارجية عندما‬ ‫متر حلظة القدرة على فعل الشيء؟ ماذا ميكنها أن تفعل لتعزيز التصالح بني‬ ‫القبائل في كينيا‪ ،‬وتقوية احلكم املدني في باكستان‪ ،‬واملساعدة على إنشاء‬ ‫قاعدة اقتصادية حتل محل املوارد املتضائلة للنفط في اليمن؟ من املؤكد أن‬ ‫هذه األسئلة مختلفة متاما‪ ،‬ولكن اإلجابة عليها مشتركة‪ :‬يعتمد األمر على‬ ‫رغبة الدولة في احلصول على املساعدة‪ .‬ال ميكن أن تقدم األطراف اخلارجية‬ ‫شيئا في زميبابوي طاملا استمر روبرت موغابي في احلكم‪ ،‬حيث إنه مستعد‬ ‫لتدمير بالده من أجل احلفاظ على حكمه لها‪ .‬أفضل ما تستطيع األطراف‬ ‫اخلارجية فعله هو الضغط عليه أو رشوته هو ومقربيه من أجل الرحيل‪ .‬من‬ ‫جانب آخر‪ ،‬رمبا تستطيع القوى اخلارجية أن تصل إلى صفقة كبيرة في ليبيريا‪،‬‬ ‫حيث دعا الرئيس إيلني جونسون سيرليف مسؤولي األمم املتحدة إلى العمل‬ ‫داخل وزارات دولته لتقدمي اخلبرة ومنع الفساد‪ .‬رمبا ينطبق التناقض ذاته على‬

‫‪54‬‬ ‫‪54‬‬


‫للمراقبة وقوات األمن الفاسدة قليلة األعداد‪ ،‬مكانا مناسبا كنقاط إلعادة‬ ‫شحن منتجاتهم‪ .‬تلقى اخملدرات من الطائرات أو تفرغ من سفن خارج سواحل‬ ‫غينيا أو غينيا بيساو أو سيراليون‪ ،‬ثم تقسم إلى طرود أصغر حجما ليتم‬ ‫شحنها إلى الشمال‪ .‬ولكن ال تعمل العصابات اإلجرامية بعيدا عن املناطق‪،‬‬ ‫بل من غانا والسنغال‪ ،‬حيث األنظمة املصرفية املوثوق بها‪ ،‬واخلطوط اجلوية‬ ‫اجليدة‪ ،‬والفنادق املريحة وفرص ال حتصى لغسل األموال‪ .‬تتشابه تلك العالقة‬ ‫مع الصلة بني أفغانستان‪ ،‬حيث املساحات البرية التي تعد مسرحا لعمليات‬ ‫«القاعدة»‪ ،‬وباكستان‪ ،‬حيث تقدم املراكز احلضرية احلرة قاعدة للجهاديني‪.‬‬ ‫الدول الفاشلة مساحات غير خاضعة حلكومات‬ ‫ليس بالضرورة‪ .‬تأتي الصومال‪ ،‬وهي أرض حرب دائمة بني اجلميع واجلميع‪،‬‬ ‫كأفضل مثال على دولة فاشلة ما زالت حتتل املركز األول للعام الرابع على‬ ‫التوالي في قائمة الدول الفاشلة‪ .‬ال ميكن أن يصف أحد الصومال بالفوضى‪،‬‬ ‫ولكن في مناطق أخرى أيضا في العالم بدال من أن يكون سبب فشل الدولة‬ ‫غياب احلكومة‪ ،‬تتحمل احلكومة املسؤولية الرئيسية لفشل الدولة‪ .‬أما في‬ ‫السودان‪ ،‬فتشعل الدولة‪ ،‬التي تنشر جيشها الوطني باإلضافة إلى قواتها‬ ‫شبه العسكرية‪ ،‬العنف الذي يسود احلياة السودانية منذ عقود ووضعها في‬ ‫صدارة القائمة‪ .‬العنف في الصومال أحد أعراض فشل الدولة‪ ،‬ولكن العنف‬ ‫في السودان نتيجة لسياسة الدولة‪.‬‬

‫منذ هجمات سبتمبر واميركا حتارب االرهاب‪ ..‬لكن اخلطر قد يأتي من حيث‬ ‫ال حتسب‬

‫أفغانستان‪ ،‬ولكن متويلها وتنسيقها من أوروبا ومناطق أكثر استقرار‬ ‫في العالم اإلسالمي‪ ،‬وأغلب منفذيها مواطنون سعوديون‪ .‬كما أن‬ ‫تنظيم القاعدة إلى حد كبير ينتمي إلى الطبقة املتوسطة‪.‬‬ ‫ينطبق النمط ذاته على عالم اجلرائم الدولية‪ .‬مثال على ذلك سوق‬ ‫اخملدرات ثالثي األركان الذي يربط بني مزارعي الكوكايني في أميركا‬ ‫الالتينية والتجار في غرب أفريقيا واملتعاطني في أوروبا‪ .‬وجد جتار‬ ‫اخملدرات أن الدول الفاشلة في غرب افريقيا‪ ،‬حيث املوانئ غير اخلاضعة‬

‫كتب الدارس البارز لشؤون أفريقيا غيرارد برونير‪ ،‬أن الرئيس السوداني عمر‬ ‫البشير منذ توليه احلكم عام ‪ ،1989‬تبنى سياسة نحو اجلماعات العرقية‬ ‫«توشك أن تكون تطهيرا عرقيا»‪ .‬كذلك األمر كان في بوروندي في التسعينيات‪،‬‬ ‫عندما ذبحت حكومات الهوتو التوتسي‪ ،‬والتي استدار فيها التوتسي بعدها‬ ‫وفعلوا الشيء ذاته مع الهوتو‪ .‬في هذه الدول الفاشلة وغيرها‪ ،‬أصبحت اجملازر‬ ‫اجلماعية تقريبا إحدى صور السياسة املقبولة‪.‬‬ ‫يوجد تصنيف يقسم الدول الفاشلة إلى قسمني‪ ،‬وإن كان غير واضح متاما في‬ ‫بعض األحيان‪ .‬تعجز دولة مثل الصومال عن وضع سياسة الدولة وتنفيذها؛‬ ‫فهي دولة بائسة‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬دول أخرى مثل السودان متزعزعة بطبيعتها‪ .‬أو‬ ‫باكستان‪ ،‬التي تتبع سياسات واضحة وثابتة‪ ،‬وضعها اجليش منذ تأسيسها عام‬ ‫‪ .1947‬على خالف الصومال‪ ،‬وجارتها أفغانستان‪ ،‬باكستان دولة «متعمدة»‪.‬‬ ‫ولكن كما أثارت السياسة السودانية عقودا من الظلم بالوقيعة بني الدولة‬ ‫واألطراف‪ ،‬حتولت باكستان بسبب رعاية اجليش واالستخبارات الباكستانيني‬ ‫للجماعات اجلهادية – من أجل حتقيق توازن ضد الهند ولتكون مصدرا «للعمق‬ ‫االستراتيجي» في أفغانستان – إلى ميدان للعنف اإلرهابي‪ .‬بالطبع توجد‬ ‫مساحات غير خاضعة للحكومة في باكستان‪ ،‬في املناطق التي يسودها‬ ‫البشتون على طول احلدود مع أفغانستان‪ .‬ولكن اتخذ القادة العسكريون‬ ‫في البالد خيارا استراتيجيا بالسماح للبشتون بأن يحكموا أنفسهم هناك‪،‬‬ ‫ليتمكنوا من استغاللهم ضد أعدائهم املزعومني‪ .‬باختصار‪ ،‬تشكل الدول‬ ‫املتعمدة تهديدا أكبر بكثير للعالم من الدول البائسة‪.‬‬ ‫الدول الفاشلة نتاج ألخطاء الغرب‬ ‫لو‪ .‬تركت القوى االستعمارية‪ ،‬ال سيما األكثر غفلة منها‪ ،‬مستعمراتها‬ ‫السابقة دون شك على أعتاب االستقالل في مرتبة أدنى من االستعداد إلقامة‬ ‫دولة‪ .‬على سبيل املثال في الكونغو‪ ،‬التي حكمها ملك بلجيكا ليوبولد‬ ‫الثاني كرئيس تنفيذي لشركة خاصة متخصصة في استخراج املواد اخلام‬ ‫في ظل شروط من االستعباد‪ ،‬لم يكن هناك من بني سكانها وقت حصولها‬ ‫على االستقالل في عام ‪ 1960‬شخص واحد يحمل درجة دراسية في أي‬ ‫تخصص‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬متزقت دول أخرى‪ ،‬لم تكن مستعمرة على اإلطالق‪،‬‬ ‫مثل أفغانستان‪ ،‬نتيجة لتبادل إطالق النار في احلرب الباردة‪.‬‬ ‫ولكن كيف ميكن حتميل الغرب مسؤولية دول مثل العراق (على األقل قبل‬ ‫عام ‪ ،)2003‬وساحل العاج وكينيا وزميبابوي‪ ،‬وجميعها كانت تتمتع برخاء‬ ‫واستقرار نسبي في العقود األولى بعد اخلروج عن حكم القوى الغربية؟ وماذا‬ ‫عن هاييتي‪ ،‬التي تخلصت من االستعمار الفرنسي في عهد نابليون‪ ،‬ولكنها‬ ‫لم حتقق أكثر من مظاهر سطحية للدولة في القرنني التاليني؟‬ ‫من املمكن إلقاء اللوم في فشل أقل من نصف دستة من الدول الفاشلة على‬ ‫مستعمريهم الغربيني‪ .‬ولكن ملاذا تأتي باكستان في املرتبة رقم ‪ 12‬والهند‬ ‫في املرتبة رقم ‪ 76‬على الرغم من أنهما مشتركتان في تاريخ االستعمار‬ ‫البريطاني ذاته؟ وملاذا جاء ساحل العاج في املركز ‪ 10‬والسنغال في املركز ‪،85‬‬ ‫في حني كانت كلتاهما حتت االستعمار الفرنسي؟ رغم النشأة االستعمارية‬ ‫ذاتها فإن النتائج مختلفة متاما‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪53‬‬


‫● اختيار احملرر‬

‫في ‪ 11‬سبتمبر استيقظ الغرب على تهديد جديد‪ ..‬ولكن هل استوعبناه بالفعل؟‬

‫الدول الفاشلة‬

‫كانت احلقيقة البديهية في السياسة اخلارجية األميركية منذ أحداث ‪ 9 / 11‬اإلرهابية‪ ،‬وفقا لتعبير استراتيجية األمن القومي التي وضعها الرئيس‬ ‫جورج بوش االبن‪ ،‬هو أن الواليات املتحدة "تتعرض لتهديد من الدول املنتصرة بصورة أقل من الدول الفاشلة"‪.‬‬ ‫جيمس تراوب‬ ‫الدول الفاشلة متثل تهديدا لألمن القومي األميركي بعضها فقط‪ .‬صرح‬ ‫وزير الدفاع روبرت غيتس بأن على مدار السنوات العشرين املقبلة ستأتي‬ ‫أخطر التهديدات للواليات املتحدة من الدول الفاشلة «التي ال ميكنها حتقيق‬ ‫االحتياجات األساسية لشعوبها‪ ،‬ناهيك عن تطلعاتها»‪ .‬وكرر باراك أوباما‪،‬‬ ‫عندما كان مرشحا للرئاسة وبعد ما أصبح رئيسا‪ ،‬االدعاء ذاته وسعى إلى‬ ‫إعادة توجيه السياسة نحو منع فشل الدول‪.‬‬ ‫ولكن في احلقيقة‪ ،‬متثل بعض حاالت فشل الدول تهديدا فعليا للواليات‬ ‫املتحدة والغرب‪ ،‬بينما ال يشكله بعض آخر‪ .‬مثال على ذلك جمهورية الكونغو‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬حيث قتل ما يزيد على ‪ 5‬ماليني نسمة في حروب دمرت البالد‬ ‫منذ منتصف التسعينيات‪ ،‬في أبشع صورة لتداعيات فشل دولة في العصر‬ ‫احلديث‪ .‬ماذا كان تأثير ذلك على األميركيني؟ أصبح سعر الكولتان‪ ،‬وهي مادة‬ ‫تستخرج من الكونغو تستخدم في صناعة الهواتف اجلوالة‪ ،‬متقلبا للغاية‪.‬‬ ‫من الصعب تذكر أي تأثير آخر‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫كما مت تضخيم دور الدول الفاشلة في اإلرهاب العاملي‪ .‬بداية‪ ،‬مشكلة اإلرهاب‬ ‫تظهر فقط في الدول الفاشلة ذات العدد الكبير من السكان املسلمني‪،‬‬ ‫وحتديدا ‪ 13‬من بني أول ‪ 20‬دولة في قائمة الدول الفاشلة للعام احلالي‪.‬‬ ‫ولكن العالقة بني الفشل والتهديد العاملي أضعف مما نتخيل‪ .‬املسلحون‬ ‫املسلمون في الدول الفاشلة علنا مثل الصومال أو الضعيفة للغاية مثل‬ ‫تشاد ميثلون تهديدا أكبر على مجتمعاتهم‪ .‬وهم بالتأكيد أقل خطرا على‬ ‫الغرب من باكستان أو اليمن‪ ،‬وهما على األقل دولتان فاعلتان حترض فيهما‬ ‫آيديولوجيا الدولة ومؤسساتها اإلرهابيني‪.‬‬ ‫في كتابه اجلديد «صالت ضعيفة»‪ ،‬توصل العالم ستيوارت باتريك إلى أن‬ ‫«مجموعة متوسطة الرتبة من الدول الضعيفة‪ ،‬ولكنها ليست فاشلة حتى‬ ‫اآلن‪( ،‬مثل باكستان وكينيا) رمبا تقدم مميزات لإلرهابيني أطول مدى من املناطق‬ ‫التي تسود فيها الفوضى أو الدول القوية»‪( .‬انظر «احلقيقة القاسية»)‬ ‫يحتاج اإلرهابيون إلى بنية حتتية أيضا‪ .‬كانت أحداث ‪ 9/11‬موجهة من‬


‫ترانيم من اعمال هادية شافي‬

‫شال من اعمال عائشة خالد‬

‫افروز اميغي الفائزة بجائزة جميل ‪2009‬‬

‫معرض الشرق األوسط االسالمي‬

‫التي يتم استلهامها دائما من العالمات‪ ،‬سواء احلقيقية أو املتخيلة‪ .‬ويعد قريشي‬ ‫فنانا عامليا بحق له رؤية عاملية كما أنه يستخدم فن اخلط من عدد من اللغات‬ ‫والثقافات اخملتلفة‪.‬‬ ‫وتعد عائشة خالد من اجليل األصغر من الفنانني الباكستانيني املرموقني حيث تتمتع‬ ‫بسمعة طيبة سواء في وطنها أو على املستوى الدولي‪ .‬وهي تعيش وتعمل في الهور‬ ‫بباكستان‪ ،‬وتركز أعمالها على التقاليد البارعة لفن املنمنمات املنغولي‪ .‬ومع ذلك‬ ‫فإنها تضم إلى تلك التقاليد الفنية قضية معاصرة وتستخدم وسائل متنوعة تتراوح‬ ‫من املنمنمات التي تعتمد على قصاصات الورق إلى األفالم‪ .‬وكما تؤكد هي‪ ،‬هناك‬ ‫حضور قوي في أعمالها‪ ،‬لتجربتها الشخصية‪ ،‬باإلضافة إلى الرؤية االجتماعية ‪-‬‬ ‫السياسية‪ ،‬التي تشمل وضع املرأة سواء في الشرق األوسط أو في العالم الغربي‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫وتتضمن قائمة «جائزة جميل» أعمال فنانني مثل بيتا غيزلياغ وباباك غولكار‪ ،‬وحازم‬ ‫املستكاوي وهيف كهرمان وسودي شريفي ونور علي شاغاني وهادي شافعي وسوف‬ ‫يتم اإلعالن عن الفائز في سبتمبر (أيلول) ‪ .2011‬على أية حال‪ ،‬من الواضح أن‬ ‫املستقبل املشرق والبراق للفن اإلسالمي املعاصر سوف يدوم‪ .‬ويبدو أن موجة جديدة‬ ‫من التعبير تضم في إطارها التقاليد القدمية للعالم العربي باإلضافة إلى فهم وتقدير‬ ‫الثقافة الغربية هي ما ألهمت وجمعت فناني الشرق األوسط سواء من اجليل السابق‬ ‫أو احلالي حتت مظلة الوعي الثقافي اجلديد وتطور الفن املستمر واملبدع واملتجاوز‬ ‫للحدود‪.‬‬ ‫آميي أسعد ‪ -‬كاتبة تعيش في لندن متخصصة في الفن الشرق أوسطي والثقافة‪.‬‬ ‫‪51‬‬


‫● الفن‬

‫الفن اإلسالمي املعاصر‪ ..‬شيء قدمي وشيء جديد‬

‫مستقبل مشرق‬

‫استضاف متحف «فيكتوريا وألبرت» باململكة املتحدة في شهر يوليو (متوز) املاضي‪ ،‬معرض «جائزة جميل»‪ ،‬الذي يستهدف دعم الفنانني‬ ‫العرب واملسلمني الذين يستلهمون فنهم من التقاليد اإلسالمية‪ ،‬حيث يسعى فنانون مثل الفنانة اإليرانية منير فارمانفارميان والفنان‬ ‫جزائري املولد راشد قريشي إلى عرض فلسفتهم واحلياة اليومية احلديثة فيما يقدمون شيئا من التقاليد الفنية ألصولهم الشرق أوسطية‪.‬‬ ‫آميي أسعد‬ ‫إن قوة الفن على الوصول إلى العوالم اخلفية والكشف عنها ال نهائية‪ .‬وإذا أردت‬ ‫دليال حيا على ذلك في األزمنة احلديثة‪ ،‬ليس عليك سوى النظر إلى أعمال «الفنانني‬ ‫املسلمني املعاصرين» املذهلة التي تبتعد عن األمناط التقليدية والتي فرضت حضورا‬ ‫«حيا» في بينالي فينيسيا لهذا العام‪ .‬العديد من هؤالء الفنانني من الشباب اجلدد‬ ‫الذين ينتمون جليل أكثر انفتاحا‪ ،‬يتجاوز‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬احلدود اآليديولوجية التي قيدت‬ ‫آباءهم وأجدادهم‪.‬‬ ‫واآلن‪ ،‬بدأ الفن املعاصر التقدمي في الشرق األوسط يشق طريقه إلى الشارع العربي‪،‬‬ ‫متحوال إلى صور سياسية حية ‪-‬وفي بعض األحياء جريئة ‪ -‬متأل شوارعه‪ .‬كما تزايدت‬ ‫شعبية فن الغرافيتي وهو فن غربي املولد‪ ،‬وتزايد االهتمام به‪ ،‬وهو التطور الذي عززه‬ ‫احلماس والتغير االجتماعي ‪ -‬الثقافي الذي تزامن مع الربيع العربي‪.‬‬ ‫وبدءا من ‪ 22‬يوليو (متوز)‪ ،‬سوف يستضيف متحف «فيكتوريا وألبرت» معرض‬ ‫«جائزة جميل» وهو املعرض الذي يروج للفنانني العرب املعاصرين الذين تأثروا بالتقاليد‬ ‫اإلسالمية العريقة للممارسة الفنية ‪ -‬وهو املعرض الذي مت إنشاؤه أساسا بعد إعادة‬ ‫تصميم وافتتاح معرض جميل للفن اإلسالمي مبتحف «فيكتوريا وألبرت» في يوليو‬ ‫‪ .2006‬وقد كان الفن اإلسالمي دائما ‪ -‬وسوف يظل أبدا ‪ -‬مرتبطا باملعلمني األوائل‬ ‫لفن اخلط اإلسالمي وفنون الرسم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يسعى الفنانون العرب لنشر فلسفتهم‬ ‫وطرائق احلياة اليومية للحياة املعاصرة فيما يدمجون ذلك بجانب من التقاليد الفنية‬ ‫ألصولهم الشرق أوسطية‪.‬‬ ‫وفي عالم الفن اإلسالمي املعاصر‪ ،‬ما زال هناك اهتمام بنصوص اخلط العربي باإلضافة‬ ‫إلى العديد من الطرق واملواد التقليدية األخرى التي يتم استخدامها بطريقة تسمح‬ ‫بخلق قطع فنية تعكس اآليديولوجيا املعاصرة‪ .‬وفي مثل تلك األعمال الفنية‪ ،‬ال يعمل‬ ‫النص العربي فقط كنص للقراءة والفهم ولكن أيضا كأداة بصرية لالستحواذ على‬ ‫االستجابات العاطفية وإثارتها وحتويلها إلى قضايا غير مرتبطة بزمن محدد وتقدميها‬ ‫للعالم من حولنا‪.‬‬ ‫وقد استوحى الفنانون املشاركون في معرض «جائزة جميل» أعمالهم من التنوع‬ ‫الثري لتقاليد الفن اإلسالمي‪ ،‬فهم ينتمون جليل واسع والعديد منهم لديه خبرات‬ ‫شرق أوسطية وغربية في الوقت نفسه‪ .‬وال مينح انصهار الهوية الثقافية والوعي‬ ‫معا ألعمالهم ازدواجية شرقية ‪ -‬غربية مثيرة لالهتمام فقط ولكنه يساعد أيضا‬ ‫على نفي فكرة أن العمليات الفنية اخلاصة بالشرق األوسط والغرب ال تتوافقان‬ ‫معا‪ .‬ويتمتع فن هؤالء الفنانني اإلسالميني املعاصرين بالتنوع‪ .‬فبعضهم يستخدم‬ ‫النصوص العربية فيما ال يستخدمها البعض اآلخر‪ .‬وبعضهم لديه نبرة دينية أو‬ ‫سياسية فيما هناك آخرون يعملون لكي يذكرونا بأن عالم السياسة ليس لديه‬ ‫سوى تأثير محدود على احلياة اليومية لإلنسان‪ .‬وكما يقول مارك جونز‪ ،‬مدير متحف‬ ‫«فيكتوريا وألبرت»‪« :‬تظهر تلك األعمال كيف أصبحت تلك األعمال والتصميمات‬ ‫املستوحاة من تلك التقاليد معقدة ومقنعة في الوقت ذاته»‪.‬‬ ‫وقد قدم الفنانون العشرة في «جائزة جميل» أعمالهم على املستوى الدولي وأصبحت‬ ‫سيرتهم املهنية متنوعة بقدر تنوع أعمالهم‪ .‬ويجب اختيار تلك القائمة التي تتضمن‬ ‫اجلزائري راشد قريشي وعائشة خالد من باكستان واإليرانية منير فارمانفارمايان من بني‬ ‫‪ 200‬مرشح من جميع أنحاء العالم‪ .‬وباعتبارها العضو األكثر خبرة في تلك اجملموعة‬ ‫وفي ظل تاريخ مهني يتجاوز اخلمسة عقود‪ ،‬ال يبدو أن فارمانفارميان اإليرانية املولد‬ ‫‪50‬‬

‫التي تبلغ من العمر ‪ 84‬عاما قد قلت إنتاجيتها في إطار سعيها الدائم وراء اجلديد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن‪ ‬فارمانفارميان قد قضت العديد من السنوات في نيويورك حيث‬ ‫حصلت على التدريب هناك‪ ،‬تعج أعمالها بروح الثقافة اإليرانية وتقاليدها سواء‬ ‫على مستوى النمط أو الغرض‪ .‬وقد تعرضت أعمالها ذات مرة ‪ -‬والتي تأثرت بالفن‬ ‫املعماري اإليراني وفن االنعكاس احلداثي ‪ -‬ألزمة مؤسفة عندما صودرت أعمالها خالل‬ ‫الثورة اإليرانية ‪.1979‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ينحدر الفنان اجلزائري راشد قريشي من أسرة صوفية تقليدية‪ ،‬وهو‬ ‫يعيش ويعمل ما بني تونس وفرنسا‪ .‬وتعد أعمال قريشي الوفي للعناصر الروحانية‬ ‫للممارسة الصوفية والتي يستخدم فيها نطاقا متنوعا من الوسائط منها‬ ‫السيراميك واملعدن واحلرير املطبوع‪ ،‬نتاجا إلرثه متعدد الثقافات‪ ،‬والعناصر اجلمالية‬


‫اقتصاد واعد‬ ‫يعتبر اليمن من أفقر الدول العربية لذلك انتهجت اجلمهورية اليمنية‬ ‫سياسية اقتصادية تقوم على أساس آليات السوق‪ ،‬ورفع مستوى‬ ‫إسهام القطاع اخلاص في االقتصاد‪ ،‬وإعادة حتديد دور الدولة في النشاط‬ ‫االقتصادي بحيث يصبح دور الدولة دورا ً تصحيحيا ً وإشرافياً‪ ،‬والعمل‬ ‫على إرساء قواعد القانون والبناء املؤسسي‪ ،‬وإزالة املعوقات التي‬ ‫تواجه القطاع اخلاص‪ ،‬وتأمني االستقرار االقتصادي وتشجيع القطاع‬ ‫اخلاص للقيام بدور ريادي في عملية التنمية وحتقيق النمو االقتصادي‪،‬‬ ‫وذلك من خالل مجموعة من السياسات واإلجراءات املالية والنقدية‬ ‫واإلدارية لتدعيم آلية السوق وتشجيع حرية التجارة‪ ،‬كما عملت الدولة‬ ‫على إعادة النظر في التشريعات الضريبية واجلمركية واالستثمارية‬ ‫والقضائية بهدف حتسني املناخ العام لالستثمار‪ ،‬إضاف ًة إلى تنفيذ‬ ‫برنامج اخلصخصة مبا يهدف إلى توسيع مجاالت األنشطة االقتصادية‬ ‫واستقطاب رؤوس األموال الوطنية واألجنبية‪.‬‬ ‫وقد بلغ متوسط معدل النمو السنوي لالقتصاد اليمني عام ‪2007‬‬ ‫ما بني (‪ 18-10‬في املائة) باألسعار اجلارية‪ ،‬فيما يصل هذه املعدل‬ ‫باحتساب األسعار الثابتة ما بني (‪ 4-2‬في املائة) سنويا ً‪ .‬وفي نفس‬ ‫العام بلغ الناجت احمللي اإلجمالي لليمن (‪ )24.7‬مليار دوالر في عام‬ ‫‪ ،2007‬كما وصل متوسط نصيب الفرد من الناجت القومي إلى ما يقارب‬ ‫من ‪ 1114‬دوالرا‪.‬‬ ‫ليقفز الناجت احمللي اإلجمالي الى ‪ 63.4‬مليار دوالر أميركي والدخل الفردي‬ ‫الى ‪ 2700‬دوالر أميركي (‪)2010‬‬ ‫ويعتبر اليمن من الدول املهمة إقتصاديا ملا فيها من موارد إقتصادية‬ ‫طبيعية هامة لم تستغل بعد خاصة في مجال الثروة املعدنية اخملتلفة‬ ‫من نفط وغاز ومعادن إضافة إلي الثروة السمكية ‪ .‬كما أن الصناعة من‬ ‫اجملاالت الواعدة التى يعول عليها كثيرا رغم أنها ال تشارك إال بـ ‪ 10‬في‬ ‫املائة – ‪ 15‬في املائة فقط من إجمالى الناجت احمللي‪ .‬إضافة إلى السياحة‬ ‫والتي تتوجه الدولة إليها بشكل قوى في الفترة األخيرة لإلستفادة مما‬ ‫تتمتع به اليمن من آثار حلضارات عريقة ومتنوعة‪.‬‬ ‫تطور‪ ..‬ولكن‬ ‫وتعكس املؤشرات املالية والنقدية حجم التطور الذي شهده القطاع‬ ‫املالى في اليمن خالل الفترة ماقبل األحداث األخيرة حيث زادت اإليرادات‬ ‫العامة للدولة من ‪ 599‬مليار ريال في العام ‪ 2000‬إلى ‪ 1525‬مليار ريال‬ ‫في العام ‪ 2007‬مبعدل منو قدره ‪ 154‬في املائة‪.‬‬ ‫وفي ذات الوقت تبنت احلكومة اليمنية سياسات مالية ونقدية لكبح‬ ‫التضخم وتقليص النفقات العامة للدولة ورفع الدعم عن السلع‬ ‫األساسية لتوفير هذا الدعم لصالح املوازنة العامة ومتويل املشاريع‬ ‫االستثمارية كما اتخذ البنك املركزي العديد من اإلجراءات والتي من‬ ‫أهمها حترير التعامل بالنقد األجنبي وإصدار أذون اخلزانة والتي تعتبر‬ ‫أحد األدوات الرئيسية المتصاص السيولة النقدية وخفض معدل‬ ‫منو العرض النقدي والتضخم هذا باإلضافة إلى توحيد سعر الصرف‬ ‫وتعوميه بهدف حتقيق االستقرار النسبي للريال مقابل العمالت األخرى‬ ‫علما بأن العملة الرسمية في اليمن هي الريال ويعادل حوالي ‪0.0046‬‬ ‫ﺩﻭﻻﺭ أمريكيا قبل أن يخسر الريال اليمني ‪ 14‬في املائة من قيمته بعد‬ ‫ما شهدته البالد من إضطرابات سياسية تسببت على حد وصف رئيس‬ ‫البنك املركزي اليمني إلى إصابة اإلقتصاد اليمني بالشلل وارتفاع‬ ‫نسبة التضخم وانخفضت احتياطيات البالد من العملة الصعبة‬ ‫كما تسببت إضطرابات اليمن في نقص في إمدادات الكهرباء وإغالق‬ ‫كثير من املصانع وتسريح عشرات اآلالف من العمال وسجلت إيرادات‬ ‫السياحة واالستثمار األجنبي املباشر انخفاضا حادا‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫حقائق أساسية‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫•االسم الرسمي‪ :‬اجلمهورية‬ ‫ا ليمنية‬ ‫•العاصمة‪ :‬صنعاء‬ ‫•اللغة الرسمية‪ :‬العربية‬ ‫•نظام احلكم‪ :‬جمهورية‬ ‫•رئيس اجلمهورية‪ :‬علي عبداهلل‬ ‫صالح ‬ ‫•املساحة‪ 555,000 :‬كم‪2‬‬ ‫•املوقع‪ :‬تقع في جنوب شبه اجلزيرة العربية‪ .‬يحدها من الشمال اململكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬ومن اجلنوب البحر العربي وخليج عدن‪ ،‬ومن الشرق‬ ‫سلطنة عمان‪ ،‬ومن الغرب البحر األحمر‪.‬‬ ‫•السكان‪( 24,133,492 :‬حسب تقديرات يوليو ‪(2011‬‬ ‫•األديان‪ 99 :‬في املائة مسلمون (‪ 70‬في املائة‪ :‬سنّة شافعية) (‪ 29‬في‬ ‫املائة‪ :‬شيعة زيدية) ( ‪ 1‬في املائة‪ :‬يهود ومسيحيون وهندوس)‬ ‫•الناجت احمللي اإلجمالي‪ 63.4 :‬مليار دوالر أميركي ‪ -‬تقدير ‪2010‬‬ ‫•الدخل الفردي‪ 2700 :‬دوالر أميركي‬ ‫•العملة‪ :‬ريال ميني‬ ‫•الدخل حسب القطاعات‪:‬‬ ‫‪ 53‬في املائة خدمات‬ ‫‪ 38.8‬في املائة اقتصاد‬ ‫‪ 8.2‬في املائة زراعة‬ ‫•الصناعات‪ :‬الغذائية في املرتبة األولي ثم الصناعات اإلنشائية وأهمها‪:‬‬ ‫اإلسمنت‪ ،‬ثم منتجات التبغ واملعادن (باستثناء الصناعات النفطية)‬ ‫•النفط‪ :‬أحد القطاعات اإلنتاجية األساسية ويساهم بنسبة تتراوح بني‬ ‫(‪ 30‬في املائة إلى ‪ 40‬في املائة) من قيمة الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬كما‬ ‫يسهم بأكثر من ‪ 70‬في املائة من إيرادات املوازنة العامة للدولة وميثل أكثر‬ ‫من ‪ 90‬في املائة من قيمة الصادرات اليمنية‪.‬‬ ‫•القطاع الزراعي‪ :‬يساهم بنسبة تتراوح بني (‪ 10‬في املائة الى ‪ 15‬في‬ ‫املائة) من قيمة الناجت احمللي اإلجمالي‪ .‬وهو أكثر القطاعات االقتصادية‬ ‫استيعابا للعمالة حيث يستوعب حوالي ‪ 54‬في املائة من إجمالي القوى‬ ‫العاملة ومصدر دخل ألكثر من ‪ 70‬في املائة من السكان‬

‫ا ملنعطف‬ ‫وعلى الرغم مما ينص عليه الدستور اليمني من أن نظام احلكم جمهوري‬ ‫ودميقراطي‪ ،‬يقوم على التعددية السياسية وأن الشعب مالك السلطة‬ ‫ومصدرها‪ ،‬إال أن اخلبرة العملية أثبتت أن هذا الكالم كان حبرا على ورق‬ ‫وأن اإلستقرار احلادث كان ظاهريا فقط على مدار العقود الطويلة التى‬ ‫حكم فيها الرئيس عليعبداهلل صالح شهدت اليمن خاللها إضطرابات‬ ‫بني احلني واآلخر بسبب النزعات اإلنفصالية للجنوبيني‪.‬‬ ‫كما دخل النظام اليمني في معارك طاحنة مع احلوثيني حتى إشتعلت‬ ‫األحوال الداخلية في اليمن عقب ثورتي تونس ومصر ودخل نظام علي‬ ‫صالح في منعطف خطير مع تصاعد حدة اإلحتجاجات ومطالبتها‬ ‫بإسقاط النظام املتهم بالفساد والسعى لتوريث احلكم البن الرئيس‬ ‫صالح‪.‬‬ ‫وفشلت كافة محاوالت التهدئة سواء بالترغيب أو الترهيب من جانب‬ ‫األجهزة األمنية وانت هي األمر بقصف قصر الرئيس علي عبداهلل صالح‬ ‫فأصيب بجروح خطيرة كادت تنال من حياته لينتهي به املآل إلى اململكة‬ ‫العربية السعودية ليعالج فيها وسط حالة من التخبط وعدم اإلستقرار‬ ‫الداخلي‪ .‬وفي الوقت الذي يؤكد صالح عودته لليمن يعلن الثوار رفضهم‬ ‫التام لهذه العودة وسط حالة من الضبابية تكتنف املستقبل السياسي‬ ‫لليمن في املرحلة املقبلة‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫● موجز عن دولة‬

‫اجلمهورية اليمنية‬ ‫وتعتبر اليمن مهد احلضارات العريقة والقدمية التى قامت على أرضها‬ ‫مثل حضارة سبأ ومعني وحضرموت وأوسان وحميرويقال أن اليمن هي‬ ‫أرض سام بن نوح‪ .‬ويعتقد أن اليمن أصل العرب بسبب الهجرات التى‬ ‫قام بها اليمنيون للدول العربية عقب إنهيار سد مأرب‪ .‬دخل اإلسالم‬ ‫اليمن في القرن الثامن الهجري وحكمها ممالك عديدة أهمها الزيديون‬ ‫الذين حكموا ‪ 1200‬سنة متداخلة مع احلكم العثماني حتى كان اليمن‬ ‫أول دولة عربية آنذاك تعلن إستقاللها لتظل موحدة قرنا من الزمان حتى‬ ‫دخلت في مواجهة مع احلمالت العثمانية لينت هي األمر بنهاية الدولة‬ ‫العثمانية في اليمن وتسليمها احلكم إلى اإلمام يحيي حميد الدين‪.‬‬ ‫ومع قيام ثورة ‪ 1962‬انتهى حكم اإلمامة في اليمن متهيدا لقيام نظام‬ ‫جمهورى في اليمن الشمالي بعد حرب دارت في شمال اليمن بني املوالني‬ ‫للمملكة ‏املتوكلية اليمنية والفصائل املوالية للجمهوريّة العربية‬ ‫اليمنية مبساعدة مصر الناصرية وقتها من سنة ‪ 1962‬الى سنة ‪1970‬‬ ‫وقد سيطرت الفصائل اجلمهورية على احلكم في نهاية احلرب واعترفت‬ ‫اململكة العربية السعودية بالنظام اجلمهوري في اليمن الشمالية‪ .‬وفي‬ ‫عام ‪ 1990‬توحد اليمن الشمالي مع اليمن اجلنوبي لتكوين اجلمهورية‬ ‫اليمنية برئاسة علي عبداهلل صالح وتعيني على سالم البيض الرئيس‬ ‫السابق لدولة اجلنوب نائبا له‪.‬‬ ‫وبعد فترة قصيرة من الوحدة طفت اخلالفات بني شطرى اليمن وقياداتيهما‬ ‫على السطح أرجعها احملللون للفساد ولتسلط النظام احلاكم وهو‬ ‫ما أدى في عام ‪ 1994‬إلى إعالن جهات في جنوب اليمن بقيادة علي‬ ‫سالم البيض انفصالها عن تلك الوحدة فحارب صالح ما أسماهم‬ ‫اإلنفصاليني وانتهت احلرب بعد شهور بهزمية هؤالء االنفصاليني وهروب‬ ‫علي سالم إلى خارج البالد وسط حالة من عدم الرضا والتبرم في اليمن‬ ‫اجلنوبي كانت تنعكس في صورة قالقل ودعوات إنفصالية تطفو على‬ ‫السطح من وقت آلخر‪.‬‬

‫مجتمع شاب‬ ‫في عام ‪ 2004‬بلغ تعداد اليمن ‪ 19‬مليون و‪ 685‬ألف نسمة تقريبا إال‬ ‫أنه نظرا الرتفاع معدل اخلصوبة واعتباره من أعلى املعدالت في العالم‬ ‫فقد قفز التعداد خالل السنوات الست التالية ليصل إلى ‪ 23.6‬مليون‬ ‫نسمة عام ‪ 24,133,492( 2010‬حسب تقديرات يوليو ‪ )2011‬ومبعدل‬ ‫منو سنوي يزيد على ‪ 3‬في املائة و من املتوقع أن يرتفع عدد السكان‬ ‫بحلول عام ‪ 2025‬إلى ‪ 38‬مليون نسمة وهو ما ينعكس بصورة سلبية‬ ‫على أوضاع اليمنيني املعيشية واإلقتصادية ويعيش ‪ 47.6‬في املائة‬ ‫منهم حتت خط الفقر على الرغم من أن اليمن مجتمع شاب يفترض‬ ‫أن يكون منتجا ألن ‪ 50‬في املائة من السكان في اليمن هم حتت سن‬ ‫‪ 15‬سنة‪ ،‬و‪ 75‬في املائة هم حتت سن ‪ 25‬سنة‪ .‬وما يزيد من صعوبة‬ ‫حياة اليمنيني أن نسبة السكان في املناطق الريفية تبلغ حوالى ‪ 73‬في‬ ‫املائة من اجمالي السكان وهم يعيشون غالبا ً في مناطق ذات تضاريس‬ ‫جبلية وعرة أو في مناطق صحراوية متباعدة مما يجعل توفير البنية‬ ‫التحتية واخلدمات عبئا كبيرا على اإلقتصاد اليمني هذا باالضافة الى‬ ‫عوامل سياسية واجتماعية أخرى مثل الفساد وعدم وجود إدارات جتيد‬ ‫التخطيط للتنمية‪.‬‬ ‫هذا وعلى الرغم من سلبيات احلياة داخل اليمن إال أن املرأة اليمنية تعد‬ ‫منوذجا مشرفا لشقيقاتها في البالد العربية إذ أنها تشارك إيجابيا في‬ ‫صنع مستقبل بالدها في كل نواحي احلياة وتتقلد مناصب قيادية في‬ ‫اجلهاز اإلداري للدولة‪ ،‬إلى جانب عملها في القضاء والسلك الدبلوماسي‪،‬‬ ‫كما أنها شريك فاعل في صنع القرار السياسي عبر اجلهاز احلكومي‪.‬‬ ‫ويحسب لليمن منحها املرأة حق اإلقتراع ووصلت نسبة مشاركتها ‪42‬‬ ‫في املائة من إجمالي املسجلني في اجلداول اإلنتخابية وليس ذلك غريبا‬ ‫على املرأة اليمنية حفيدة امللكة بلقيس‪.‬‬ ‫احلوثيون‬ ‫يدين اليمنيون بالدين اإلسالمي ويتحدثون اللغة العربية كلغة رسمية‬ ‫للبالد‪ .‬غالبية اليمنيني (حوالي ‪ 70‬في املائة من السنّة)‪ .‬ميثل الشيعة‬ ‫أقلية في اليمن‪ ،‬ويغلب عليهم املذهب الزيدي‪ ،‬وبحسب تقرير «احلرية‬ ‫الدينية في العالم» لعام ‪ ،2006‬الذي تصدره وزارة اخلارجية األمريكية‪ ،‬ال‬ ‫تزيد نسبتهم عن ‪ 30‬في املائة من إجمالي سكان اليمن‪ .‬كما يوجد في‬ ‫اليمن شيعة إسماعيلية‪ ،‬يبلغ عددهم نحو بضعة آالف‪ ،‬وفقا ً للتقرير‬ ‫نفسه‪ ،‬وتقدر مصادر أخرى نسبتهم بنحو ‪ 2‬في املائة من إجمالي السكان‪.‬‬ ‫وبحسب «املوسوعة البريطانية لعام ‪ »2004‬يتركز الزيود أو الزيديون في‬ ‫وحجة وذمار‪ .‬أما اإلسماعليون‪،‬‬ ‫مناطق شمال البالد‪ ،‬مثل صنعاء وصعدة‬ ‫ّ‬ ‫والذين يعرفون بـ «املكارمة»‪ ،‬فيسكنون مناطق في شمال اليمن مثل‬ ‫حراز‪ ،‬وفي غرب صنعاء مثل مناخة‪ .‬وللزيدية مساجدهم ومراكزهم‬ ‫العلمية في العاصمة صنعاء‪ ،‬وفي محافظة صعدة (شمال غربي البالد)‪.‬‬ ‫ويغلب على اجملتمع اليمني التسامح الديني واملذهبي‪ ،‬حيث لم متارس‬ ‫الدولة اليمنية‪ ،‬منذ إطاحة دولة األئمة‪ ،‬أي متييز ضد الشيعة الزيديني‪.‬‬ ‫إال أن تقرير اخلارجية األمريكية يذكر أن السلطات اليمنية أخذت تفرض‬ ‫قيودا ً على ممارسة بعض الشعار الدينية الشيعية‪ ،‬في سبيل احلد من‬ ‫متدد «احلركة احلوثية»‪.‬‬ ‫ففي السنوات األخيرة انتشرت األفكار اإلمامية (اجلعفرية) في اجملتمع‬ ‫الزيدي‪ ،‬وعرف معتنقوها بـ»الشباب املؤمن» (أو احلوثيني)‪ ،‬الذين دخلوا‬ ‫في مواجهات مسلحة مع احلكومة بداية من عام ‪ .2002‬ويتهم‬ ‫مسؤولون في احلكومة اليمنية إيران بتوفير الدعم املادي للحركة احلوثية‬ ‫في سبيل إثارة فتنة مذهبية في البالد حتقق أهدافها وطموحاتها في‬ ‫املنطقة‪ .‬كما يشيرون بأصابع االتهام أيضا ً إلى املرجعيات الشيعة في‬ ‫النجف‪ ،‬وبعض شيعة دول اخلليج‪.‬‬

‫‪48‬‬


6


‫● حوارات‬

‫سقوط النظام و نهاية اخلوف خلق عالقة جديدة و هو ما حدث فعال و‬ ‫ليس صحيحا ان هناك عالقة كراهية بني الشرطي و املواطن و إمنا بني‬ ‫الشرطي و بعض السياسيني الذين يريدون االستيالء على دولة (احلكم)‬ ‫من دون انتخابات و بالعنف املادي و االفتراضي و إال ما معنى أن تعتصم‬ ‫مجموعة تطالب بسقوط احلكومة و تولية أفرادها؟‪.‬‬ ‫الشرطي يواجه هكذا حاالت‪ ،‬أما مع املواطن فالعالقة بصدد التصحيح‬ ‫الن بعض الفراغات التي حصلت جعلت الناس يفهمون ضرورة األمن و‬ ‫حاجتهم له مع ان هناك توجهات إلصالح األمن ليصبح امن جوار و ليس‬ ‫امن نظام و الدليل ان هناك عددا من األعوان الذين نقلوا إلى املستشفيات‬ ‫في حالة غيبوبة و لم يطلقوا النار على الناس‪ .‬يبقى تفريق املظاهرات‪ ،‬أمر‬ ‫طبيعي و حتمي أن تفرق املظاهرات بالقنابل املسيلة للدموع و ليعطونا‬ ‫جتربة وحيدة في العالم لتفريق املظاهرات باحللويات و الشوكوالتة و نحن‬ ‫على استعداد لتطبيقها‪.‬‬

‫ترشيد احلركات اإلسالمية‬ ‫اجمللة‪ :‬كيف ترون وجود أحزاب ذات خلفية دينية في تونس و هي التي كانت‬ ‫«محرمة» منذ سنني؟‬ ‫تكون‬ ‫ـ عالقة تونس باإلسالميني عالقة تاريخية تعود إلى عام ‪ 1975‬بداية ّ‬ ‫حركة االجتاه اإلسالمي و قد أراد بن علي أن ينكر وجود الظاهرة اإلسالمية‬ ‫و واجهها بالقمع و أراد أن يقول للعالم أن احلل األمني هو األجنع‪ .‬أنا من‬ ‫موقعي كتبت في صحف املعارضة و قلت حينها انه ال بد من التكيف مع‬ ‫وجود حركات سياسية إسالمية و البد من متكينها من حقها في النشاط‬ ‫العلني القانوني و كنت أرى أن ترشيد احلركات السياسية التي اتهمت‬ ‫بالعنف أهم من وضعها في السجون و ال بد من إعطائها الفرصة لتتطور‬ ‫كما تطور اليسار و القوميون و غيرهم و علينا أن نفهم أنهم شركاء في‬ ‫الوطن الن مفهومي التخوين من جهة و التكفير من جهة أخرى ال يبنيان‬ ‫دميقراطية و أنا ال اعتقد انه من السليم اعتماد مقياس الوطنية و عدمها‬ ‫أو من يحب تونس و من ال يحبها بل هناك من يفكر تفكيرا سليما و آخر‬ ‫يفكر تفكيرا خاطئا و اخلطر احلقيقي هو التفكير أن هناك من يحب تونس‬ ‫و من يكرهها من التونسيني‪.‬‬ ‫كما انه ال بد من التفريق بني املسلم و اإلسالمي‪ ،‬أنا مسلم أمارس‬ ‫السياسة و أفضل فصلها عن الدين و اإلسالمي مسلم ميارس السياسة‬ ‫باستعمال الدين كمنظومة للوصول للسلطة‪ ،‬إذا ما دمنا شركاء في‬ ‫الوطن علينا ان نتفق على نظام ال تكفير و ال تخوين و ال جترمي في مناخ‬ ‫يسمح للجميع بالتحرك السياسي ضمن قواسم مشتركة متفق عليها‬ ‫و لذلك كنا قد اقترحنا سابقا في الهيئة العليا حلماية أهداف الثورة و‬ ‫اإلصالح السياسي و االنتقال الدميقراطي ميثاقا جمهوريا يؤطر العالقة‬ ‫بني اجلميع و ال يجعل تونس ورشة للتجريب اإليديولوجي‪ .‬لنتحرك ضمن‬ ‫ما يوحدنا‪ ،‬أما االيدولوجيا فهي خاصة وأما السياسة فتحتمل اخلطأ و‬ ‫الصواب و على املستوى الكمي حتتمل الكثرة و النقصان و داخل إطار‬ ‫مفروض علينا جميعا و هو حدود تونس اجلغرافية‪.‬‬ ‫اجمللة ‪ :‬معالي الوزير أو احملامي و احلقوقي املعروف‪ ،‬كيف قدرمت على التأقلم‬ ‫مع مقتضيات منصب في وزارة الداخلية ال ميت بأي صلة إلى نشاطكم‬ ‫السابق والى قطاع احملاماة ؟‬ ‫ـ أنا أتيت إلى هنا الن وظيفة وزارة الداخلية يجب أن تتغير باإلصالح و أنا‬ ‫كنت اطالقيا عندما كنت في العشرين‪ .‬كانت وزارة الداخلية لعنة قائمة‬ ‫بذاتها أما اآلن وزارة الداخلية هي حيوية داخل اجلسم التونسي متاما‬ ‫كاألمعاء داخل جسم اإلنسان تقوم بوظيفة حيوية و ضرورية‪ ،‬العداء‬ ‫لوزارة الداخلية اآلن مضحك و صورة الشرطي الذي كنت ارفض أن أراه‬ ‫في الشارع أصبحت مبثابة صورة االبن الن الشرطة أصبحت شرطتنا و‬ ‫لم تعد شرطة علينا تقدم خدمة شانها شان املمرضني و املدرسني و‬ ‫ندفع أجورهم من أموال الضرائب و يقومون بدور من أنبل ما يكون حتى‬ ‫نتمكن من التنقل و من النوم و من التسوق‪ ..‬و مينعون االنحراف و اجلرمية‬ ‫و ميكنونك أنت من التصرف كامرأة تونسية كما تشائني أنت و ليس كما‬ ‫يريدون أن يفرضوا عليك‪.‬‬ ‫أجرى احلوار‪ :‬شهرزاد عكاشة‬

‫‪46‬‬

‫‪ 3,7‬ماليني ناخب سجلوا أسماءهم في القوائم االنتخابية وهي نسبة تعادل‬ ‫‪ 52‬في املائة من التونسيني ممن يحق لهم التصويت‬

‫مدونة �سلوك النتخابات املجل�س الت�أ�سي�سي‬ ‫وجهت الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات في تونس إلى كافة األحزاب‬ ‫السياسية وثيقة بعنوان «مدونة سلوك األحزاب السياسية واملترشحون‬ ‫النتخابات اجمللس التاسيسي» إلبداء الرأي فيها‪.‬‬ ‫وجاء في هذه الوثيقة التي حتتوي على ‪ 11‬نقطة ان مدونة السلوك‬ ‫تهدف «الى دعم الثقة بني الفاعلني السياسيني وتامني مناخ سليم‬ ‫خالل مختلف مراحل املسار االنتخابي»‪.‬‬ ‫وأبرزت الهيئة أن مدونة السلوك التى عرضت على األحزاب السياسية‬ ‫بهدف االمضاء عليها «تعتبر من بني اآلليات التى سيتم اعتمادها بهدف‬ ‫ضمان حسن سير املسار االنتخابي» باعتبارها تؤكد على مبدأ الثقة‬ ‫واالحترام املتبادل بني مختلف الفاعلني فى العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫وجاء في مقدمة مدونة السلوك «ان التزام األحزاب السياسية‬ ‫واملترشحني النتخابات اجمللس الوطني التأسيسي باحترام احكام املدونة‬ ‫من شانه ان يسهم في خلق الظروف املالئمة النتخابات عادلة ونزيهة‬ ‫وشفافة وفي تيسير القبول بنتائج االنتخابات من قبل اجلميع وحتقيق‬ ‫االمن والسلم االجتماعيني»‪.‬‬ ‫وتنص مسودة املدونة باخلصوص على دعوة جميع املترشحني إلى «احلفاظ‬ ‫على قدر من االحترام والتسامح والثقة فيما بينهم وفي عالقتهم مع‬ ‫الهيئة ومع جميع املتدخلني في العملية االنتخابية»‪.‬‬ ‫وحتث الهيئة االحزاب وكافة املترشحني على احترام الرأي اخملالف وااللتزام‬ ‫بهذا املبدأ فيما يصدر عن احلزب ومناصريه من تصريحات أو تصرفات‪.‬‬ ‫كما تشدد مدونة السلوك على نبذ العنف بجميع اشكاله وعلى‬ ‫احترام احلرمة اجلسدية للمترشحني والناخبني وعدم املساس بشرفهم‬ ‫أو كرامتهم أو أعراضهم‪.‬‬ ‫وتضمن نص املدونة جملة من التوصيات تهم اجلوانب املادية والتنظيمية‬ ‫للحمالت االنتخابية‪ .‬وفي هذا الصدد تدعو املدونة املترشحني في إلى‬ ‫اإلمتاع عن «القيام بكل مناورة من شانها منع الناخبني من االختيار احلر‬ ‫واملستقل واستغالل اماكن العبادة واملؤسسات التربوية واجلامعية في‬ ‫الدعاية االنتخابية والتزوير أو الغش بكل إشكاله»‪.‬‬ ‫وتؤكد املدونة على احلق في النفاذ العادل الى وسائل االعالم وعلى‬ ‫االمتناع عن ازالة او متزيق املعلقات االنتخابية أو منع توزيع املنشورات او‬ ‫تعليق امللصقات أوتعطيل عقد االجتماعات او اللقاءات‪.‬‬ ‫وبخصوص يوم االقتراع نصت املدونة على حسن اختيار ممثلى املترشحني‬ ‫في مكاتب االقتراع واالمتناع عن التدخل في عمل اعضاء هذه املكاتب‬ ‫إلى جانب احلرص على احترام عمل املالحظني احملليني والدوليني وكذلك‬ ‫االعالميني وممثلي االحزاب الذين سيتم اعتمادهم من قبل الهيئة العليا‬ ‫املستقلة لالنتخابات ملتابعة العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫وتعتبر مدونة السلوك التى سيتم اعتمادها خالل انتخابات اجمللس‬ ‫الوطنى التأسيسى من اآلليات التى ستساهم فى حتقيق مبدأ التوافق‬ ‫بني مختلف الفاعلني فى العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫وينتظر أن يتم يوم اجلمعة القادم مناقشة مدونة السلوك اخلاصة‬ ‫باعتماد الصحافيني و»التى ستخول لهم القيام بواجبهم فى أفضل‬ ‫الظروف» وفق ما أفادت به الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات‪.‬‬


‫بالتعاون مع وحدات اجليش الوطني لتحقيق استتباب األمن و احلد من‬ ‫الظواهر اإلجرامية و القضاء على عدد من املظاهر السلبية و السلوكيات‬ ‫الفوضوية‪ ،‬ففي يوم ‪ 22‬أغسطس ‪ 2011‬القي القبض على ‪ 74‬منحرفا‬ ‫من بينهم ‪ 37‬مفتش عنه و ‪ 13‬من اجل السرقة و ‪ 4‬أشخاص من اجل‬ ‫قضايا مخدرات‪ .‬كما مت في األيام السابقة على مستوى احملافظات تسجيل‬ ‫حتركات احتجاجية للمطالبة بالتشغيل وأخرى من أجل مطالب مهنية‬ ‫و اجتماعية مصاحبا لقرارات إعفاء بعض املسؤولني من مهماتهم‪.‬‬ ‫كما سجلنا تواصل غلق بعض الطرقات الرئيسة و تعطيل حركة املرور‬ ‫ببعض اجلهات من طرف بعض املواطنني‪ .‬أما على الشريط احلدودي فقد‬ ‫تواصل قدوم املواطنني العالقني بالقطر الليبي من جنسيات مختلفة‬ ‫عبر مراكز مختلفة و قد سجل بداية من يوم ‪ 20‬فبراير ‪ 2011‬إلى غاية‬ ‫فجر ‪ 23‬أغسطس ‪ 2011‬دخول ‪ 96891‬تونسي و‪ 876873‬أجنبيا غادر‬ ‫منهم ‪ 809662‬من جنسيات مختلفة و بقي منهم ‪ 67201‬من بينهم‬ ‫‪ 54106‬ليبيا و ‪ 1544‬صوماليا و ‪ 1113‬نيجيريا ‪ 904‬سوريا و ‪858‬‬ ‫اريتريا‪.‬هذا إذا كشف للوضع األمني في البالد و هو في عمومه ال يزال حتت‬ ‫السيطرة و في حدود املنسوب العادي ملا ينتج من مشاكل ناجمة عن أي‬ ‫ثورة غيرت نظام احلكم‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬ألم يخلف تواصل االحتجاجات املطلبية أضرارا في املمتلكات مثال‬ ‫الى جانب غلق الطرق الذي حتدثنا عنه منذ قليل‪.‬‬ ‫ـ تواصل االحتجاجات ميكن تفسيره و ليس تبريره‪ ،‬فسقوط النظام و‬ ‫االنفالت األمني و عدم الفهم أحيانا دفعت باملطلبية الى الواجهة من دون‬ ‫اعتبار للوضع االقتصادي و اإلمكانيات الفعلية املوجودة في البالد و أصبح‬ ‫هناك سباق لتحقيق مكاسب في هذه اللحظة التاريخية من تاريخ البالد‬ ‫بني عديد القطاعات‪ ،‬إلى جانب غياب التوعية السياسية الن األحزاب‬ ‫لم تلتفت إلى هذا اجلانب و لم تقم بتعبئة املواطنني و لم تعبر في‬ ‫مواقفها على أن الوقت ليس وقت مطلبية بل صيانة احلرية و املكاسب‬ ‫التي حققتها الثورة و انه هناك عديد الصيغ و اآلليات التي متكننا من‬ ‫املرور إلى حتقيق املطالب‪.‬‬ ‫اجملتمع املدني أيضا لم يعمل على احلد من هذه الظاهرة أي لم نشهد‬ ‫حمالت تعبئة و حمالت توعية للحد من ظاهرة املطلبية التي تصل إلى حد‬ ‫قطع الطريق عن جهة أو قطع املاء و الكهرباء عن جهة أخرى أو االعتصام‬ ‫أمام مقر عمل و تعطيل املصالح العامة و اخلاصة و كان يقال دائما أنها‬ ‫مطالب محقة و لم يكن باإلمكان التدخل بالعنف حللها‪ ،‬إذ أن السلطة‬ ‫االنتقالية جلأت إلى إيجاد تسويات مع املعتصمني و املضربني و من يقطعون‬ ‫الطرقات في مزج بني التهديد بالقوة دون استعمالها و حل املشاكل على‬ ‫األقل في حدودها الدنيا عبر اإلعانات و املساعدات و التشغيل اجلزئي أو‬ ‫الوعد بالتشغيل أما األضرار فال ميكن ألحد نفي وجودها‪.‬‬ ‫هناك عشرات املؤسسات التي أغلقت و بعض االستثمارات اخلارجية‬ ‫التي فضلت االجتاه إلى وجهات أخرى و هناك خسائر على‬ ‫مستوى املنتجات املنجمية التي تعطل فيها اإلنتاج‬ ‫بفعل فاعل أي االعتصامات‪ ،‬لكن كانت هناك أيضا‬ ‫مفاجآت من الطبيعة إذ أن محاصيل القمح‬ ‫تضاعفت ثالث مرات و محاصيل زيت الزيتون‬ ‫تضاعف مرتني و ال ننسى أيضا أن هناك العديد‬ ‫من املصانع و املؤسسات اشتغلت لتموين‬ ‫الشقيقة ليبيا مما أدار عجلة اإلنتاج و حمى‬ ‫نسبة النمو من السقوط في اجتاه الهاوية‬ ‫و نحن نعرف انه في اندونيسيا ملا سقط‬ ‫النظام أصبحت نسبة النمو ناقص ثمانية‬ ‫في املائة و في تونس ليس هناك منو و ليس‬ ‫هناك أيضا خسائر تهدد املستقبل و األهم أن‬ ‫هناك أفقا لنمو اقتصادي هام قد يحدث في‬ ‫ظرف ثالثة اشهر بفعل انفتاح السوق الليبية‬ ‫على تونس و بفعل امتصاصها كما كبيرا جدا‬ ‫من اليد العاملة الرخيصة أو اخلبرات و‬ ‫الكفاءات لبناء ليبيا‪ ،‬و الوضع‬ ‫االقتصادي عموما مستقر‬ ‫و ال ينذر بكارثة أو مبا‬ ‫يخيف‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫كفاءة عالية جدا‬ ‫اجمللة ‪ :‬و أمنيا هل للثورة الليبية تأثير على تونس؟‬ ‫ـ تداعيات الثورة الليبية واالنفالت الذي حصل في ليبيا ميكن القول بأننا‬ ‫جتاوزناه الن اجليش الوطني اظهر كفاءة عالية جدا في حراسة احلدود و‬ ‫هناك قوى احلرس الوطني التي عاينت شخصيا لديها جاهزية كبيرة‪ ،‬إذ‬ ‫أن هناك شبابا يعملون ليال نهارا ملراقبة االختراقات احلدودية أو مقاومة‬ ‫التهريب او احليطة و احلذر من إمكانية تهريب اخملدرات أو األسلحة و وفقت‬ ‫القوى األمنية و اجليش في مصادرة الكثير من املهربات و السيطرة على‬ ‫احلالة طيلة الستة اشهر التي كانت فيها احلالة غير مستقرة داخل البالد‬ ‫و أتت املراقبة بنتائج كبيرة جدا و العتقد أننا تأثرنا حتى في ما يخص ملف‬ ‫الالجئني‪ ،‬فاخمليمات مجهزة جيدا من عواميد الكهرباء إلى خزانات املاء و‬ ‫أجهزة التلفزيون و الوحدات االستشفائية‪ ،‬ما أغرى عديد الالجئني بالبقاء‬ ‫خاصة من بعض اجلاليات اإلفريقية الذين رفضوا املغادرة كالصوماليني‬ ‫إضافة إلى االريتريني حتى أنه سجلنا عقد عقود زواج وبشكل مهول بني‬ ‫الالجئني في ما بينهم‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬إلى أي مدى كان العمل تكامليا بني قوات األمن و اجليش التونسيني‬ ‫ال سيما و أن هناك إشاعات مفادها وجود خالف بينهما؟‬ ‫ـ على حد علمي و ما أراه و من خالل القيادات‪ ،‬ال اعتقد أن العالقة بني‬ ‫قوى األمن الداخلي و اجليش ستكون أو كانت يوما من األيام أفضل مما هي‬ ‫عليه اآلن و ال اعتقد أن هناك مستوى ارقى من هذه العالقة بني االثنني‬ ‫و أرى أن جهاز املناعة الذي حظيت به تونس منذ ‪ 14‬يناير و الذي يظهر‬ ‫باملقارنة مع بعض الدول العربية التي قامت فيها ثورات يعود بدرجة أولى‬ ‫إلى عالقة اتلكامل و التنسيق بني قيادات اجليش و األمن الداخلي‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬لنتحدث عن االنتخابات‪ ،‬في أي مناخ ستجري؟‬ ‫ـ هناك إعداد كثيف و متواصل لتأمني بيئة انتخابية إلجراء االنتخابات في‬ ‫أحسن الظروف حتى تتطابق مع املعايير الدولية كالنزاهة و الشفافية‬ ‫و احلرية و ستكون التغطية األمنية ذات جاهزية عالية جدا و ملتزمة‬ ‫باملعايير الدولية اي بعيدا عن مقرات االقتراع لتأمني الناخبني و العملية‬ ‫برمتها‪ .‬وزارة الداخلية خرجت من لعبة االنتخابات نهائيا في ما عدا ما‬ ‫تطلبه الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات (و التي تعادل املفوضية في‬ ‫املشرق العربي) من دعم لوجستي كتوفير اإلمكانيات املادية من نوع‬ ‫تخصيص املقرات و تعليق القوائم و توفير و سائل النقل أما عدا ذلك فال‬ ‫عالقة لوزارة الداخلية ال من بعيد و ال من قريب باالنتخابات‪.‬‬ ‫و في ما يخص عملية الشراكة التي جتري اآلن مع الهيئة املستقلة‬ ‫لالنتخابات فهي لتوفير املستلزمات ليس إال و نحن نعرف أهمية مناخ‬ ‫انتخابي آمن و هذه وظيفة األمن بالتحديد و هناك دفعة أمنية ستتخرج‬ ‫من املدارس من ثالثة آالف عنصر ستعزز قوات األمن الداخلي في حماية‬ ‫االنتخابات‪ ،‬اذ يجب ان يكون االمن متوفرا ملن يقوم بحملته و هناك أيضا‬ ‫خروقات ميكن أن حتدث و يعاجلها القضاء الذي يحتاج أيضا إلى‬ ‫الضابطة العدلية بكل مهماتها ثم السهر بشكل عام‬ ‫على األمن في البالد‪ .‬و باملناسبة هنا اقول أن منسوب‬ ‫اجلرمية في شهر يونيو الفارط كان يعادل نفس الفترة‬ ‫في ‪ 2009‬و هناك بعض األنواع من اجلرائم تراجعت‬ ‫و بالتالي يرى الكثيرون أن معدل اجلرمية قد كبر في‬ ‫تونس وهذا ليس صحيحا بل اجلديد أن اإلعالم أصبح‬ ‫حرا وبالتالي يتحدث عن كل ما كان مستورا من‬ ‫قبل‪ .‬من شاهد عودة الشرطيات غير املسلحات‬ ‫في العاصمة إلدارة حركة املرور يعرف مدى األمن‬ ‫السائد في البالد‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬العالقة بني الشرطة و املواطن كانت شهدت‬ ‫تدهورا في مرحلة سابقة ثم عادت طبيعية‪ ،‬ما‬ ‫السبب؟‬ ‫ـ العالقة بني الشرطي و املواطن كانت عدائية الن‬ ‫املواطن كان يعاني من االستبداد و الضغط من‬ ‫نظام امني‪ ،‬و الشرطي كان عصا و أداة‬ ‫قمع في يد النظام و كان يعتقد انه‬ ‫يؤدي واجبا يتسلم مبوجبه‬ ‫راتبا‪ ،‬و يفترض مبجرد‬ ‫‪45‬‬


‫● حوارات‬

‫األزهر العكرمي الوزير املعتمد لدى وزير الداخلية التونسي املكلف باالصالح‬ ‫ي ّتهم بعض السياسيني مبحاولة االستيالء على حكم تونس من دون انتخابات‬

‫ال تكفير و ال تخوين و ال جترمي‬

‫قال الوزير املعتمد لدى وزير الداخلية التونسي املكلف باإلصالح األستاذ األزهر العكرمي إن «الوضع األمني في تونس مستقر‬ ‫مقارنة مبا شهدته دول شهدت ثورات مشابهة» و ان وزارته لن تتدخل في االنتخابات املزمع عقدها في الثالث و العشرين من‬ ‫أكتوبر املقبل ال من قريب و ال من بعيد في ما عدا الدعم اللوجستي و توفير احلماية للناخبني و املرشحني و ذلك حتى تتالءم‬ ‫و املعايير الدولية متهما في اآلن نفسه بعض السياسيني مبحاولة االستيالء على حكم تونس من دون انتخابات‪.‬‬ ‫شهرزاد عكاشة‬

‫أي عالقة بني الشرطة واملواطن في تونس ما بعد الثورة‬

‫وخالفا عما يروج في تونس عن صراع بني قوات األمن و اجليش التونسيني‪ ،‬قال‬ ‫الوزير إن تضافر جهود الطرفني و تنسيقهما هو الذي حمى البالد من انهيار‬ ‫كان محتما بخاصة في ظل الوضع الدقيق الذي تشهده اجلارة ليبيا التي‬ ‫نفى أن يكون ملا يحصل فيها أي تداعيات سيئة على تونس‪.‬‬ ‫أما بشان اإلسالميني فقد أكد الوزير التونسي انه ال بد من التكيف مع‬ ‫وجود حركات سياسية إسالمية و البد من متكينها من حقها في النشاط‬ ‫العلني القانوني و أن ترشيد احلركات السياسية التي اتهمت بالعنف اهم‬ ‫من وضعها في السجون‪.‬‬ ‫جتدر اإلشارة إلى أن األستاذ األزهر العكرمي هو محام و حقوقي كان دافع‬ ‫في عديد قضايا الرأي في فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي‬ ‫‪44‬‬

‫بعد أن أمضى سنوات في اجملال الصحفي و قبل التحاقه بقطاع احملاماة‪.‬‬ ‫وتعتبر اخلطة التي يشغلها العكرمي خطة حساسة في ظرف حساس‪.‬‬ ‫وهي املرة األولى التي يعني فيها مسؤول حكومي برتبة وزير بوزارة داخلية‬ ‫مهمته األساسية اجراء اصالحات ضمن وزارة تشرف على األمن ومتسك‬ ‫بعديد امللفات احلساسة و»أوراق اللعبة» وطالتها كثير من االتهامات‬ ‫سواء قبل الثورة أو أثناءها أو بعدها‪ .‬وفي ما يلي نص احلوار‪:‬‬ ‫اجمللة‪ :‬في ظل حالة التوتر التي تعيشها اجلارة ليبيا كيف تقيمون الوضع‬ ‫األمني في تونس و هل توجد تداعيات ملا يحدث على حدودكم الشرقية‬ ‫على األمن في بالدكم؟‬ ‫ـ آخر التقارير األمنية التي وردت تفيد أن الوضع األمني ي ّتسم عموما‬ ‫باالستقرار و الهدوء بعد تكثيف اجملهودات األمنية لقوات األمن الداخلي‬


‫العدد ‪ ،1567‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪43‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫وبني احلكومات الغربية»‪ ،‬ذلك ما قاله سافافي‪ .‬وبالربط بني ذلك وقسوة‬ ‫احلكومة اإليرانية في التعامل مع مجاهدين خلق ‪ -‬وفقا جملاهدين خلق‪،‬‬ ‫قتلت احلكومة اإليرانية حتى اليوم ما يزيد عن ‪ 100‬ألف متعاطف مع‬ ‫اجلماعة ‪ -‬ميكننا أن ندرك أن احلكومة اإلسالمية في إيران تنظر إلى اجلماعة‬ ‫كتهديد خطير لقبضتها على السلطة‪ .‬ويعد التقرير الذي أصدره البرملان‬ ‫اإليراني والذي يحذر من تزايد دور حركة مجاهدين خلق في االحتجاجات‬ ‫الشعبية في ‪ 14‬فبراير (شباط) ‪ ،2011‬باإلضافة إلى املزاعم باملشاركة‬ ‫اإليرانية في الهجوم على معسكر أشرف دليال أيضا على ذلك‪.‬‬ ‫وسوف يرسل حذف حركة مجاهدين خلق من القائمة اإلرهابية للواليات‬ ‫املتحدة «رسالة سياسية قوية للغاية إلى طهران وهي أنه ألول مرة خالل‬ ‫الثالثني عاما املاضية‪ ،‬تتحرك واشنطن بشكل عملي»‪ ،‬ذلك ما قاله‬ ‫سافافي‪« .‬كما أنه سوف يرسل رسالة تشجيع قوية للشعب اإليراني»‪.‬‬ ‫في مؤمتر باريس في ‪ 19‬أبريل (نيسان) ‪ ،2011‬قدمت حركة مجاهدين‬ ‫خلق مذكرة سرية خاصة باجليش العراقي مكتوبة باللغة العربية مت‬ ‫تسريبها للمقاومة اإليرانية من داخل النظام اإليراني‪ ،‬توضح ثالث نقاط‪:‬‬ ‫أوال أن الهجوم «كان مخططا له سلفا على أعلى مستوى كعملية‬ ‫عسكرية شاملة لها أهداف محددة» وهي قتل سكان معسكر أشرف‪،‬‬ ‫وثانيا أن «احلكومة العراقية كانت تعمل على إعداد اخلطة حتت اإلشراف‬ ‫املباشر وبالتعاون مع النظام اإليراني منذ ثالثة أشهر» وحتتوي الوثائق‬ ‫على «ملخص حول آخر مستجدات الوضع في معسكر أشرف باإلضافة‬ ‫إلى معلومات من داخل النظام الديني حول اخلطط واملاللي ونصيرهم‬ ‫في العراق‪ ،‬نوري املالكي‪ ،‬حول خططهم القادمة فيما يتعلق مبعسكر‬ ‫أشرف»‪.‬‬ ‫وتشير الوثيقة التي وقعها القائد العسكري كاظم دنبوس‪ ،‬قائد فرقة‬ ‫املشاة العراقية اخلامسة‪ ،‬إلى أن اجليش أمر بقتل سكان املعسكر بناء‬ ‫على قرار من رئيس الوزراء نوري املالكي نفسه‪ .‬وهناك وثائق أخرى تدعم‬ ‫ذلك الدليل في حوزة حركة مجاهدين خلق بباريس والتي سوف تقدمها‬ ‫للمحكمة في مدريد‪ ،‬بإسبانيا كدليل على االتهامات بجرائم احلرب‬ ‫واجلرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬

‫اجلنسية ومنظمة األمم املتحدة بان سكان أشرف اشخاص مدنيون‪ ‬‬ ‫محميون مبوجب اتفاقية جنيف الرابعة وعلى هذا االساس ومبوجب اتفاق‬ ‫ثنائي مع سكان أشرف تعهدت القوات االمريكية بحماية سكان أشرف‪.‬‬ ‫وكشفت رجوي في نفس احلوار‪« :‬لكن لالسف قامت القوات االميركية‬ ‫اعتبارا من مطلع العام ‪ 2009‬في اجراء غير قانوني على االطالق سلمت‬ ‫مبوجبه مسؤولية حماية أشرف إلى القوات العراقية التي تخضع خضوعا‬ ‫تاما للنفوذ اإليراني‪ .‬ومنذ ذك الوقت وحتى االن يتعرض سكان أشرف‬ ‫للضغوط واحلصار واعمال القمع من جانب احلكومة والقوات العراقية‬ ‫بطلب من النظام اإليراني ‪ ،‬وما تزال هذه املمارسات مستمرة وفي تصاعد‬ ‫حتى اليوم»‪.‬‬ ‫وشددت على أن الواليات املتحدة ومنظمة األمم املتحدة لديهما مسؤولية‬ ‫محددة سواء من الناحية الدوليه او من الناحية االخالقية والسياسية‬ ‫حلماية سكان أشرف‪ .‬وأضافت رجوي‪« :‬نحن نريد تواجد فريق مراقبة‬ ‫دائم تابع لألمم املتحدة في أشرف وحتميه القوات االمريكية‪ ،‬وهذه‬ ‫املسألة ابلغناها مرات عديدة إلى املسؤولني في األمم املتحدة واملسؤولني‬ ‫االميركيني ‪ ‬واطلعناهم على مثل هذا االقتراح‪ .‬وعالوة على ذلك نحن‬ ‫نطالب الواليات املتحدة واألمم املتحدة واالخرين القيام بواجبهم‪ ،‬وان‬ ‫يطالبوا احلكومة العراقية بان تزيل مكبرات الصوت في اقرب وقت ممكن‬ ‫وعلى الفور‪ ،‬وان تضع حدا للتعذيب النفسي للسكان وتامني حصول‬ ‫السكان على اخلدمات الطبيه بحري»‪.‬‬ ‫مما ال شك فيه‪ ،‬أن عبء حل ذلك املوقف امللح يقع على عاتق الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬وهو وقت مالئم للغاية بالنسبة ألوباما لكي يفعل ما لم يفعله‬ ‫سلفه‪ :‬الوقوف في وجه النظام اإليراني وحذف حركة مجاهدين خلق من‬ ‫القائمة إذا لم يكن بغرض حتقيق نصر فيما يتعلق بالسياسة اخلارجية‬ ‫فعلى األقل إلنقاذ ما تبقى من حياة سكان املعسكر‪.‬‬ ‫جاكلني شوين‪ -‬محررة‪.‬‬

‫كما زعمت أيضا حركة مجاهدين خلق أن مصادرها التي تعمل مع النظام‬ ‫الديني أكدت أن اجلنرال قاسم سليماني‪ ،‬قائد احلرس الثوري اإليراني‪:‬‬ ‫«أشرف شخصيا على التخطيط لذلك الهجوم على املعسكر»‪ .‬ووفقا‬ ‫لتلك املعلومات‪ ،‬فإن بعض الضباط الناطقني بالعربية باحلرس الثوري قد‬ ‫شاركوا بالفعل في الهجوم الذي وقع في ‪ 8‬أبريل (نيسان)‪.‬‬ ‫احلقائق واملستقبل‬ ‫إن أكثر احلقائق إزعاجا في ذلك السياق أن اجملتمع الدولي‪ ،‬خاصة واشنطن‪،‬‬ ‫كان على دراية بالهجوم املتوقع على معسكر أشرف ولم يفعل شيئا‬ ‫ملنعه‪ .‬وباإلضافة إلى أن الواليات املتحدة ملتزمة بحماية معسكر أشرف‬ ‫مبقتضى القانون الدولي‪ ،‬فإن حركة مجاهدين خلق لم تعد مصنفة‬ ‫ككيان إرهابي في اململكة املتحدة واالحتاد األوروبي‪ .‬وفي يوليو (متوز)‬ ‫‪ ،2010‬قدمت احملكمة الفيدرالية التماسا إلى واشنطن يقضي بأن‬ ‫تصنيف اجلماعة كمنظمة إرهابية في ‪ 1997‬كان مرفوضا وطالبت وزارة‬ ‫اخلارجية بإعادة النظر في ذلك التصنيف وهو ما تفعله في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫وفي إطار إلقاء املزيد من الضوء على الوضع املتدهور في معسكر أشرف‪،‬‬ ‫انتقل عشرات اآلالف من مؤيدي مجاهدين خلق من جميع أنحاء العالم إلى‬ ‫باريس في ‪ 18‬يونيو (حزيران) ‪ .2011‬وطالبت السيدة مرمي رجوي الرئيس‬ ‫املنتخب لـ«اجمللس الوطني للمقاومة اإليرانية» أن يتم اتخاذ اخلطوات‬ ‫القادمة مباشرة‪ :‬تعيني ممثل خاص مبجلس األمن باألمم املتحدة لفتح حتقيق‬ ‫في جرمية الثامن من أبريل (نيسان)‪ ،‬كما يجب أن تقوم األمم املتحدة‬ ‫بحماية املعسكر وإرسال فريق مراقبة دائم من األمم املتحدة إلى املعسكر‬ ‫بتعزيز شامل تقدمه الواليات املتحدة واألمم املتحدة‪ ،‬ويجب على جميع‬ ‫القوات العراقية مغادرة أراضي املعسكر على الفور‪ ،‬وإنهاء احلصار املفروض‬ ‫على املعسكر منذ ‪ 28‬شهرا‪.‬‬ ‫يذكر أن السيدة رجوي كانت قالت في حوار مطول خصت به «اجمللة» في‬ ‫شهر مارس املاضي إنه بعد احتالل العراق اقرت امريكا والقوات متعددة‬ ‫‪42‬‬

‫الرئيسة‬ ‫مرمي رجوي‬


‫مسلحة ضد احلكومة اإليرانية استمرت حتى عام ‪ 2001‬عندما أعلنت‬ ‫اجلماعة رسميا عن تخليها عن القيام بأي أعمال عسكرية ثم تخلت عن‬ ‫السالح متاما في أعقاب الغزو الذي قادته الواليات املتحدة ضد العراق في‬ ‫‪.2003‬‬ ‫وفي املقابل‪ ،‬قدمت احلكومة األميركية لها احلماية‪ ،‬في شكل التزام‬ ‫رسمي مت نقله الحقا إلى احلكومة العراقية في يناير (كانون الثاني)‬ ‫‪ .2009‬وبالتالي‪ ،‬انتهكت الواليات املتحدة املادة ‪ 45‬من معاهدة جنيف‬ ‫الرابعة نظرا ألنها كانت تعرف بالفعل النوايا العراقية بالتفكيك اجلبري‬ ‫للمعسكر‪ .‬وذلك على الرغم من أن احلكومة العراقية كانت قدمت‬ ‫ضمانات مكتوبة تصرح فيها بأنها سوف تراعي حقوق مواطني معسكر‬ ‫أشرف وفقا ملقتضيات معاهدة جنيف الرابعة والتي وقعت عليها العراق‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإنه فور تولي القوات العراقية مسؤولية املعسكر‪ ،‬أقاموا‬ ‫حوله حصارا‪ .‬وبعد ذلك بسبعة أشهر‪ ،‬في يوليو (متوز) ‪« :2009‬مت‬ ‫تنفيذ أول هجوم والذي أسفر عن مقتل ‪ 11‬شخصا وجرح ‪ ،»500‬ذلك‬ ‫ما قاله سعيد عبادي‪ ،‬العضو بلجنة الشؤون اخلارجية بـ«اجمللس الوطني‬ ‫للمقاومة اإليرانية» في رسالة إلكترونية لـ«اجمللة»‪ .‬باإلضافة إلى أن‬ ‫حركة مجاهدين خلق تزعم أن إزالة املعسكر من العراق كان‪« :‬الشرط‬ ‫املسبق الذي وضعه النظام العراقي لدعم تولي املالكي منصب رئيس‬ ‫الوزراء للوالية الثانية»‪.‬‬ ‫جدير بالذكر‪ ،‬أن معسكر أشرف مت تأسيسه عام ‪ 1986‬خالل احلرب اإليرانية‬ ‫ العراقية‪ ،‬وذلك حني وفر صدام حسني ملجأ ألعضاء مجاهدين خلق الذين‬‫كانوا يهربون من رجال آية اهلل اخلميني‪ .‬وفي ظل التغير الذي حدث مؤخرا‬ ‫ملوقف العراق من إيران من كونها عدوا إلى كونها بديال‪ ،‬لم يعد مرحبا‬ ‫بسكان معسكر أشرف في العراق‪ ،‬كذلك لم يعد هناك استعداد لقبول‬ ‫قدر االهتمام العاملي الذي أثارته األزمة‪ .‬فمن األعضاء السابقني بالكونغرس‬ ‫األميركي مثل باتريك كيندي وبارني فرانك واحملافظني مثل توم ريدج وهوارد‬ ‫دين إلى البرملان األوروبي‪ ،‬ومنظمة العفو الدولية واألمم املتحدة واجلامعة‬ ‫العربية‪ ،‬جميعهم أدان الغارات القاتلة وطالب بتقدمي حل فوري‪ ،‬حتديدا‬ ‫إعادة توطني الالجئني في أجزاء من أوروبا والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫قمع قوى التغيير‬ ‫في عام ‪ ،1997‬صنفت الواليات املتحدة جماعة مجاهدين خلق كجماعة‬ ‫إرهابية‪ .‬وهو ما كان‪ ،‬وفقا ملساعد وزير اخلارجية لشؤون الشرق األدنى‪،‬‬ ‫مارتني إنديك‪ ،‬ميثل بادرة حسن نوايا للرئيس املنتخب حديثا‪ ،‬محمد‬ ‫خامتي‪ .‬ولألسف بالنسبة حلركة مجاهدين خلق‪ ،‬أصبح ذلك هو واقع‬ ‫الرؤية األميركية جتاه اجلماعة حيث أدركت أن إيران سوف تبدي استعدادا‬ ‫للمساومة طاملا أن اجلماعة ظلت كيانا إرهابيا في عيون الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وكان آخر مثال على ذلك هو جهود إدارة بوش للتواصل مع إيران بشأن‬ ‫برنامجها النووي‪ .‬ففي عام ‪ ،2009‬قدمت حركة مجاهدين خلق التماسا‬ ‫إلزالة اسمها من القائمة ‪ -‬حصاد عقد كامل من احلمالت الدولية ‪ -‬ولكن‬ ‫وزيرة اخلارجية في ذلك الوقت‪ ،‬كونداليزا رايس‪ ،‬رفضته دون تقدمي أي تبرير‪.‬‬ ‫مخيم أشرف‪ ..‬وضع مزري ومستقبل مجهول‬

‫إغالق معسكر أشرف بنهاية عام ‪ 2011‬وتشكيل «جلنة ثالثية من العراق‪،‬‬ ‫وجمهورية إيران‪ ،‬واللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ..‬لوضع خارطة الطريق‬ ‫املالئمة لتلك القضية»‪.‬‬ ‫في ظل تلك األزمة اإلنسانية‪ ،‬ميكننا رصد النفوذ املتزايد إليران ‪ -‬والتضاؤل‬ ‫امللحوظ لنفوذ الواليات املتحدة ‪ -‬في العراق‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬أصبح إخفاق‬ ‫سياسة الواليات املتحدة جتاه إيران واضحا متاما‪.‬‬ ‫من العدو اإليراني إلى البديل اإليراني‬ ‫في األصل ينحدر مواطنو معسكر أشرف من جماعة ذات أصول إيرانية‬ ‫تكونت عام ‪ 1963‬ملقاومة شاه إيران عسكريا‪ .‬وقد شاركت حركة‬ ‫مجاهدين خلق في عام ‪ 1979‬في الثورة اإليرانية ولكن نظرا أليديولوجيتها‬ ‫ التفسير املتسامح والدميقراطي لإلسالم ‪ -‬لم تتفق مع آيديولوجيا‬‫اجلمهورية اإلسالمية حديثة التكوين‪ ،‬وبالتالي تعرضت لقمع دموي أسفر‬ ‫في النهاية عن إعدام قائدها األصلي‪ .‬وقد شن من تبقى منهم حملة‬ ‫‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬ ‫العدد ‪،1567‬‬

‫ومن الواضح‪ ،‬وعلى حساب حياة األبرياء‪ ،‬أن وضع اجلماعة يعتمد متاما على‬ ‫تقدم الواليات املتحدة في حتقيق أهداف سياستها اخلارجية في إيران‪ .‬وفي‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬تتدخل احلكومة اإليرانية حاليا في الشؤون العراقية لكي‬ ‫تتمكن من الوصول إلى حركة مجاهدين خلق على الرغم من أنهم أعلنوا‬ ‫اإلسالمي‪ .‬وبالنظر إلى املاضي‪،‬‬ ‫تخليهم عن ممارسة العنف ضد النظام ٍ‬ ‫سوف جند أن إيران لم تفعل شيئا أو تقدم تسويات للمجتمع الدولي‬ ‫خاصة الواليات املتحدة وهو ما يشير إلى أن السياسة بعيدة املدى للواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬ببساطة‪ ،‬قد أخفقت‪.‬‬ ‫وقد ذكر علي سفافي‪ ،‬العضو ببرملان إيران في املنفى ورئيس مركز أبحاث‬ ‫سياسات الشرق األدنى في حوار مع «اجمللة» أن «خبرة ‪ 20 - 15‬عاما مع‬ ‫النظام في طهران تؤكد أنه ال يوجد أي قدر من االمتيازات‪ ،‬أو االسترضاءات‬ ‫أو املكافآت التي تستطيع إقناع النظام في طهران بالتفاوض حول أي من‬ ‫سياساتها السيئة خاصة «التخلي عن برنامجها النووي»‪.‬‬ ‫وكانت مساعي النظام اإليراني املستمرة لتصنيف «حركة مجاهدين‬ ‫خلق كجماعة إرهابية هي املطلب األول في مقابل أي تبادل سياسي بينها‬ ‫‪41‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫معسكر أشرف في العراق‪ ..‬قرار باإلفناء قبل اإلخالء‬

‫حتت احلصار‬

‫أصبح وضع معسكر أشرف في العراق على حافة االنهيار على أيدي القوات احلكومة العراقية التي تدعمها إيران‪ .‬وفيما‬ ‫يبحث اجملتمع الدولي عن حل‪ ،‬يجلس نحو ‪ 3500‬مواطن غالبيتهم من النساء واألطفال في حالة رعب خوفا على حياتهم‬ ‫في الوقت الذي يتم ضرب حصار محكم حولهم‪.‬‬ ‫جاكلني شوين‬ ‫في منتصف ليل ‪ 2‬أبريل (نيسان) ‪ ،2011‬اقتحمت على األقل ثالثون‬ ‫عربة مصفحة تابعة للقوات املسلحة العراقية معسكر أشرف‪ ،‬املعسكر‬ ‫اإليراني الذي يقع ‪ 60‬كيلومترا شمال بغداد واتخذت مواقع استراتيجية‬ ‫لتأمني املنطقة‪ .‬وفي الساعات األولى من الصباح بعد ذلك بستة أيام‪،‬‬ ‫هاجمت القوات العراقية املواطنني غير املسلحني‪ ،‬الذين يبلغ عددهم‬ ‫‪ 3500‬ألف نسمة‪ ،‬مما أسفر عن مقتل ‪ 34‬وجرح نحو ‪ .350‬وحتى اآلن‬ ‫كانت القوات العراقية تشغل أكثر من ثلث املعسكر احملاط ببوابات من‬ ‫‪40‬‬

‫األسالك الشائكة‪ ،‬وكالب احلراسة والعوائق الهائلة‪.‬‬ ‫حصار شامل‪ :‬حيث ال يتم السماح سوى لعدد قليل من األشخاص‬ ‫بالدخول أو اخلروج‪ ،‬كما أن هناك قيودا بالغة على إمكانية الوصول إلى‬ ‫طبيب أو دخول املساعدات الطبية‪ .‬بل ويستعد سكان املعسكر لهجوم‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫وفي أعقاب الغارة‪ ،‬أعلن الرئيس العراقي‪ ،‬جالل طالباني أن حكومته قررت‬


‫النمو السريع حتى تستطيع غزة الوصول إلى مستوى معقول‬ ‫من التصنيع‪.‬‬ ‫ولكن ما زالت هناك قيود على صادرات غزة إلى إسرائيل‬ ‫والضفة الغربية التي متثل عادة ما قيمته ‪ 90‬في املائة من‬ ‫سوق الصادرات بغزة‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬أن ‪ 22‬مصنعا تعمل‬ ‫في صناعة املنسوجات واألثاث في غزة‪ ،‬التي ميكنها اإلنتاج‬ ‫والتصدير‪ ،‬ليست مستعدة للمنافسة في السوق الدولية‬ ‫نظرا ألن قاعدتها االستهالكية التقليدية كانت دائما في‬ ‫إسرائيل والضفة الغربية‪.‬‬ ‫فعن ذلك تقول حنان طه‪ ،‬القائم بأعمال املدير العام لـ«مركز‬ ‫التجارة الفلسطيني»‪ ،‬املنظمة الوطنية اخملتصة بترويج‬ ‫الصادرات والتي يقع مقرها في رام اهلل‪« :‬لقد قضوا على‬ ‫السوقني املهمتني بالنسبة لغزة‪ .‬نحن نحتاج إلى السوق‬ ‫اإلسرائيلية لتعزيز مجتمع الصادرات بغزة»‪.‬‬ ‫ومن جهته‪ ،‬يقول إبراهيم كليمان‪ ،‬اخلبير االقتصادي واخملتص في‬ ‫االقتصاد الفلسطيني وعالقته بإسرائيل‪ ،‬إن إسرائيل فرضت‬ ‫احلظر على الصادرات لألراضي اإلسرائيلية نظرا للمخاطر األمنية‪.‬‬ ‫مضيفا‪« :‬إلسرائيل جتربة مع غزة‪ .‬فقد كانت هناك هجمات عدة‬ ‫قبل عدة أعوام واآلن إسرائيل لن تسمح لغزة بالتصدير»‪.‬‬ ‫في بداية عام ‪ ،2011‬سمحت إسرائيل بتصدير املنتجات‬ ‫الزراعية الغزاوية إلى أوروبا – بعد انقطاع أربع سنوات – ولكن‬ ‫اآلن مضى أكثر من شهرين على آخر منتج خرج من غزة‪.‬‬

‫ووفقا لتقرير أعده «منسق األنشطة احلكومية في األراضي‬ ‫الفلسطينية»‪ ،‬وهي الوحدة التابعة لوزارة الدفاع اإلسرائيلية‬ ‫واخملتصة بتنسيق القضايا املدنية بني إسرائيل والسلطة‬ ‫الفلسطينية والدبلوماسيني الدوليني‪ ،‬فإن مشروع التصدير‬ ‫الذي تدعمه هولندا لتصدير الفراولة والقرنفل والفلفل قد‬ ‫توقف في بداية العام نظرا النخفاض جودة املنتجات التي ال‬ ‫تقابل املعايير األوروبية‪.‬‬ ‫وتقول حنان طه إن ذلك كان نتيجة لعدم إعطاء الصادرات‬ ‫الفلسطينية فرصة لفهم حقيقة املستهلكني الدوليني‪..‬‬ ‫«ولم نفقد فقط جانبا كبيرا من أسواقنا التقليدية ولكننا‬ ‫نقول اآلن ألهل غزة أن يبيعوا لألسواق الدولية»‪« ..‬نحن لم‬ ‫نصدر من قبل األثاث أو املنسوجات إلى اجملتمع الدولي‪ ،‬فنحن‬ ‫بحاجة إلى الوقت‪ ،‬عاما أو عامني‪ ،‬لكي ندرس جيدا السوق‬ ‫الدولية ونخلق سوقا متماسكة للمنتجات الفلسطينية»‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى االفتقار إلى اخلبرة الدولية هناك أيضا العديد‬ ‫من العقبات أمام التصدير عبر القنوات التي تهيمن عليها‬ ‫إسرائيل – مثل جسر اللنبي إلى األردن أو ميناء أشدود البحري‬ ‫عبر معبر كرم شالوم – ألن ذلك مضيعة للوقت‪ ،‬كما أنه‬ ‫مكلف ويعج بالقيود باسم األمن‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن السوسي واثق في أن منتجاته ميكن‬ ‫ترويجها في األسواق الدولية‪ ،‬فإنه متردد في تصدير أثاثه عبر‬ ‫إسرائيل نظرا للمعابر األمنية املكثفة والعديدة‪ .‬فيقول‪:‬‬ ‫«سوف يفتحون كل الصناديق لكي يتأكدوا أنها حتوي ما قلنا‬ ‫إننا سوف نصدره وسوف يتسبب ذلك بضرر كبير ملنتجاتنا‪ .‬ال‬ ‫أستطيع حتمل ذلك»‪.‬‬ ‫ورمبا ينتظر أهل غزة قنوات تصدير أخرى‪ .‬فمن خالل الفتح اجلزئي‬ ‫ملعبر رفح في مايو (أيار)‪ ،‬املعبر الرسمي الوحيد بني قطاع غزة‬ ‫ومصر‪ ،‬فمن املرجح أن يتوقف املصدرون الفلسطينيون في غزة‬ ‫عن استخدام بوابات التصدير اإلسرائيلية الرسمية وينتظرون‬ ‫أن يصبح معبر رفح متاحا للتجارة‪ ،‬وفقا حلنان طه «عندما‬ ‫تصبح رفح متاحة‪ ،‬سوف يستخدم أهل غزة رفح‪ .‬ولن يهتموا‬ ‫بأمر إسرائيل»‪.‬‬ ‫ولكن على الرغم من أن فتح معبر رفح يهدد سياسة إسرائيل‬ ‫ويعزز قرار مصر بوقف التعاون مع احلصار‪ ،‬فمن املستبعد أن‬ ‫تصبح رفح موقعا مالئما لصادرات غزة نظرا لبعدها عن املوانئ‪،‬‬ ‫وفقا لشير هيفر‪ ،‬الباحث االقتصادي مبركز املعلومات البديلة‬ ‫بالقدس احملتلة‪« .‬ما زالت إسرائيل مصدرا أرخص لصادرات غزة‬ ‫ومصدرا ميكن االعتماد عليه»‪.‬‬ ‫ويقول هيفر إنه باالنفتاح على األسواق األجنبية‪ ،‬ميكن أن‬ ‫تتزايد صادرات غزة ثمانية أضعاف املستوى احلالي‪« ..‬إن سوق‬ ‫غزة صغيرة للغاية وال ميكن أن تعتمد متاما على السوق احمللية‬ ‫أو اإلسرائيلية‪ .‬فهي حتتاج إلى التجارة الدولية أكثر من‬ ‫احتياجها إلى املساعدات الدولية»‪« ..‬غزة حتتاج إلى دول تنظر‬ ‫إلى غزة كسوق محتملة وكشريك جتاري مساو وليس كدولة‬ ‫حتتاج إلى املعونة»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنه ال توجد أية نقاشات رسمية حول فتح‬ ‫طرق لصادرات غزة عبر رفح‪ ،‬فإن احلدود املصرية الفلسطينية‬ ‫احملتملة قد تساعد املصدرين مثل السوسي الذي لم يغادر‬ ‫غزة منذ خمسة أعوام‪ .‬وسوف مينحه ذلك القدرة على السفر‬ ‫للخارج ودراسة أسواق جديدة وبناء عالقات عمل جديدة من‬ ‫دون عقبات السياسات األمنية اإلسرائيلية‪ .‬وبالطبع في عالم‬ ‫مثالي‪ ،‬رمبا يستطيع السوسي أن يصدر لعمالئه في الضفة‬ ‫الغربية وإسرائيل أيضا‪.‬‬ ‫حتقيق لينا سامي‬

‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪39‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫بعد اغالق السوق اإلسرائيلية‪ ..‬غزة «تستنجد» باألسواق الدولية‬

‫اقتصاد احلصار‬

‫منذ ‪ ،2007‬منعت سلطات االحتالل الصادرات كافة من غزة إلى أسواقها التقليدية في إسرائيل والضفة الغربية‪ .‬وأخيرا مت‬ ‫تخفيف القيود املفروضة على الصادرات‪ ،‬مما يسمح لصادرات القطاع من املنسوجات واألثاث بالوصول إلى األسواق األجنبية‪.‬‬ ‫ولكن تلك األسواق اجلديدة أثبتت أنها صعبة على الصناعات الغزاوية التي تفتقر إلى اخلبرة في التعامل مع املستهلكني‬ ‫خارج مناطق التجارة التقليدية التي ما زالت مغلقة أمامها‪.‬‬ ‫لينا سامي‬

‫قطاع غزة‪ ..‬حصار وخراب بيوت‬

‫درس حاليا مجاهد السوسي كيف ميكنه تسويق أثاثه لألسواق نحو ‪ 12‬ألف شخص قبل ‪ 2007‬واآلن ال يعمل به سوى ‪2500‬‬ ‫الدولية من مصنعه بغزة بعدما سمحت إسرائيل لصناعات نسمة‪.‬‬ ‫املنسوجات واألثاث الغزاوية بالتصدير الدولي‪ .‬وسوف يقوم‬ ‫السوسي بالتصدير إلى قاعدة استهالكية جديدة متاما نظرا ويتفق اخلبراء االقتصاديون على أن السماح بوصول صادرات غزة‬ ‫ألنه خالل الـ‪ 25‬عاما املاضية كان ينتج منتجات يتم تصديرها إلى األسواق الدولية يعد خطوة في االجتاه الصحيح بالنسبة‬ ‫القتصاد غزة‪ .‬وفي ظل معدالت البطالة التي تزيد عن ‪ 45‬في‬ ‫فقط إلى إسرائيل‪.‬‬ ‫املائة – وفقا آلخر تقارير األونروا الذي صدر في يونيو (حزيران)‬ ‫ويعد رفع احلظر على صادرات األثاث واملنسوجات – الذي مت – وقطاع عام ضعيف يعتمد على املساعدات األجنبية‪ ،‬أشار‬ ‫اإلعالن عنه في فبراير (شباط) ولم يتم تفعيله إال في يوليو االقتصاديون إلى تخفيف القيود على صادرات غزة باعتباره‬ ‫(متوز) – تعزيزا لصناعات املنسوجات واألثاث املنهارة في غزة‪ .‬عامال محوريا في تعزيز القطاع اخلاص املنهار‪ ،‬والتعافي‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬كانت صناعة املنسوجات حتقق ما يقدر احلقيقي لالقتصاد الغزاوي‪.‬‬ ‫بنحو ‪ 39‬مليون دوالر سنويا‪ ،‬وكان يعمل بها نحو ‪ 37‬ألف‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن غزة لديها إمكانات تصدير قوية نظرا ألنها‬ ‫عامل قبل فرض احلصار في ‪.2007‬‬ ‫تقع في موقع متميز بالقرب من قناة السويس‪ ،‬كما أنها تقع‬ ‫وكنتيجة مباشرة للحظر اإلسرائيلي الذي استمر أربع سنوات بني ثالث قارات‪ ،‬ولديها سكان متعلمون‪ ،‬والعديد من األفراد‬ ‫على صادرات غزة‪ ،‬ال يوجد حاليا سوى ‪ 1500‬شخص يعملون الذين يتمتعون مبهارات عالية في الهندسة والطب‪ ،‬كما أن‬ ‫في صناعة املنسوجات‪ .‬وباملثل‪ ،‬كان يعمل في قطاع األثاث لديها قطاعا صناعيا غير متطور يحتاج إلى سنوات عديدة من‬

‫‪38‬‬


‫اإلسالمي‪ ،‬ميثل الرافد التونسي داخل حركة النهضة عكس أستاذ‬ ‫الفلسفة العائد من دمشق الذي أسسها معه سنة ‪ 1972‬حتت‬ ‫اسم اجلماعة اإلسالمية و التي اقتصر نشاطها على اجلانب الثقاقي‬ ‫قبل تغيير اسمها في شهر يونيو ‪ 1981‬الى “االجتاه اإلسالمي” في‬ ‫مؤمترها العلني األول و الذي منع من النشاط القانوني واعتقلت اغلب‬ ‫قياداته ومنها الشيخ عبد الفتاح مورو و راشد الغنوشي و عبد الفتاح‬ ‫كركر و حكم عليهم بعشر سنوات سجنا خلصتهم منها وساطة‬ ‫محمد مزالي رئيس حكومة بورقيبة في الثمانينات والذي رأى‬ ‫في اإلسالميني املتأثر غالبهم بالثورة اإليرانية قوة مضادة‬ ‫لليسار املتغول في تلك الفترة‪.‬‬ ‫توجت وساطة مزالي برسالة أرسلها عبد الفتاح‬ ‫مورو إلى احلبيب بورقيبة يؤكد فيها التوجه‬ ‫السلمي للحركة وعدم تعارضها مع احلداثة‬ ‫ورفضها للعنف وللوالء األجنبي بخاصة‬ ‫اإليراني منه ليكون مورو السبب في السماح‬ ‫للحركة بالنشاط حتى من دون حصولها على‬ ‫ترخيص بعد دعوة مزالي ملورو و الغنوشي الى‬ ‫منزله لتعلن ابتداء شهر عسل بني احلركة و‬ ‫السلطة لم يدم طويال الن احلركة سرعان ما‬ ‫اختارت منهج املواجهة الذي لم يكن الشيخ‬ ‫مورو من مناصريه عند إقالة حكومة محمد‬ ‫مزالي‪.‬‬ ‫هكذا كان الشيخ مورو “رجل الوسطية” الالعب‬ ‫األساسي لدور الوسيط واملصلح داخل احلركة مما‬ ‫جعله موضع نقد داخل النهضة بخاصة من طرف‬ ‫شبابها وكوادرها الوسطى املتشبعة بالفكر‬ ‫اجلهادي والتي أصبحت اليوم هي القيادات العليا‬ ‫للحركة و تأمتر بأوامر راشد الغنوشي الذي طاملا‬ ‫كان يرى في الشيخ خصما عنيدا ال بد من إزاحته‪.‬‬ ‫صحة شريبتكم‬ ‫ّ‬ ‫ابتدأ األستاذ عبد الفتاح مورو مشواره املهني كقاض‪،‬‬ ‫فرض عليه احلزب االستقالة التي رفضها في البداية‬ ‫متمسكا مبهنته إال إن معاداة احلركة للقوانني التونسية‬ ‫“الوضعية و غير اإلسالمية” فرضت عليه االنتقال إلى قطاع‬ ‫احملاماة الذي استثمر فيه كل جهوده أثناء فترة محاصرته وعزلته‬ ‫اإلجبارية مبنعه حتى من احلصول على جواز سفره في حني كانت‬ ‫غيره من القيادات تتجول في العواصم األوروبية فلم يغادر الرجل‬ ‫تونس منذ عودته إليها من اململكة العربية السعودية في‬ ‫‪ 1988‬فأثث حياته بالعمل وجمع الطوابع البريدية التي ميتلك‬ ‫منها مجموعة جد نادرة بعد خروجه من السجن الذي دخله‬ ‫سنة ‪ 1981‬و الذي قاد من داخله مفاوضات‬ ‫مع ممثل الرئيس بورقيبة أسفرت عن‬ ‫إطالق سراح ‪ 800‬ناشط‬ ‫في حركة االجتاه‬ ‫اإلسالمي من‬ ‫بينها‬

‫قيادات حالية تنكرت له اليوم وهو الذي كان السبب الرئيس في خروج‬ ‫الفكر اإلسالمي سنة ‪ 1970‬من مسجد سيدي يوسف إلى اجلامعات‬ ‫وتأسيس مجلة املعرفة الصادرة عن اجلماعة اإلسالمية غداة تكونها‪.‬‬ ‫خالل شهر رمضان اثار عبد الفتاح مورو جدال كبيرا في ساحة جديدة‬ ‫من ساحات التنافس السياسي بعد الثورة‪ .‬مع أول أيام شهر الصيام‬ ‫بثت قناة «حنبعل» الفضائية اخلاصة برنامجا دينيا رمضانيا حتت‬ ‫اسم «صحة شريبتكم»‪ ،‬ولم يكن مقدم البرنامج سوى مورو نفسه‪.‬‬ ‫البرنامج أثار ردود فعل عنيفة وانتقادات من قبل أطراف سياسية‬ ‫واعالمية رأت ان مثل هذا البرنامج يفتح اجملال أمام الدعاية السياسية‬ ‫املتسترة بالدين و يخدم احد االحزاب السياسية «النهضة» قبل اقل‬ ‫من ‪ 3‬اشهر على انتخابات اجمللس الوطني التأسيسي املقررة في ‪23‬‬ ‫من اكتوبر املقبل ‪.‬‬ ‫وقالت الهيئة الوطنية املستقلة الصالح االعالم واالتصال في حينها‬ ‫إنها تلقت من أعضاء من الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة وأحزاب‬ ‫سياسية وممثلني عن اجملتمع املدني وصحفيني مراسالت ناقدة بخصوص‬ ‫البرنامج التلفزي املذكور‪.‬‬ ‫و اعتبرت أن في ذلك خرقا لقاعدة احلياد التي ميليها الوضع احلساس‬ ‫في البالد عشية انتخابات حاسمة‪ ،‬محذرة من أن مثل هذه البرامج‬ ‫قد تختلط فيها الدعاية السياسية بالدعوة الدينية وداعية إلى اختيار‬ ‫رجال دين مستقلني عن اللعبة السياسية لتقدمي مثل هذه البرامج‬ ‫احملمودة‪.‬‬ ‫وأشارت الى مشاركات مقدم البرنامج عبد الفتاح مورو كناشط‬ ‫سياسي في االجتماعات العامة واحلوارات التلفزية حلركة النهضة الى‬ ‫درجة شيوع خبر انه سيقود حملة هذا احلزب االنتخابية‪.‬‬ ‫كما صدرت االنتقادات عن أحزاب وأطراف يسارية منها احلزب الدميقراطي‬ ‫التقدمي بزعامة احمد جنيب الشابي الذي اشار في بيان له أن منح أحد‬ ‫مؤسسي النهضة ودعاتها اجملال للدعاية السياسية املتسترة بالدين‬ ‫فيه اخالل مببدا التنافس السياسي العادل‪.‬‬ ‫و قد اعطت احلملة املضادة للبرنامج تعاطفا مع الشيخ مورو و رفعت‬ ‫من نسبة مشاهديه خالل شهر رمضان وكان برنامجه من أكثر البرامج‬ ‫متابعة من التونسيني الذين اكتشفوا فيه اخلطيب املفوه والعالم‬ ‫املتمكن‪ .‬ورأى املتعاطفون معه انه ضحية حملة عدائية تقودها اطراف‬ ‫علمانية تقود مشروع فرنسا الثقافي داخل تونس‪.‬‬ ‫أفضال الشيخ مورو على حركة النهضة كبيرة و يرى كثير من املتابعني‬ ‫للشأن اإلسالمي التونسي أن استبعاده او رفض نهجه املعتدل‬ ‫وخطابه اجلامع في هذا الوقت بالذات يعد مسمارا آخر يدق في نعش‬ ‫حركة النهضة التي ومنذ حصولها على الترخيص القانوني ارتكبت‬ ‫أخطاء قاتلة كبيرة بعد الثورة وأبرزها عجزها عن كبت عقدة الزعامة‬ ‫التي سكنت زعيمها وجعلته ال ميتثل للمؤسسات‪ ،‬فقد صرح في‬ ‫تركيا “أن اجليش التونسي ميكن أن يأخذ أمور البالد”‪ ،‬األمر الذي أربك‬ ‫احلركة فخرجت تصرح بخالف ذلك مسايرة موقف األستاذ عبد الفتاح‬ ‫مورو الذي لم تغفر له اختالفه معها في الرأي وتنديده بالعنف وهي‬ ‫التي طاملا نادت بالعفو التشريعي العام في حني انها ال تزال تعاقب‬ ‫أفضل رجاالتها دون ذنب‪.‬‬ ‫ازدواجية اخلطاب هذه واإلقصاء والتخوين كلها عوامل جعلت من‬ ‫احلركة ال جتد قبوال و ال رواجا في الساحة السياسية التونسية‬ ‫بعد مغادرة مورو لها مما دفعها إلى دعوته الجتماعاتها‬ ‫الشعبية علها تستقطب بحضوره مناصرين و مبواقفه‬ ‫املعتدلة حتالفات جديدة و اصواتا تنفعها في االنتخابات‬ ‫املقبلة والقادم من املعارك السياسية التي حتتاج رجال‬ ‫تونسيا “قلبا وقالبا”‪.‬‬ ‫الشيخ عبدالفتاح مورو‬

‫‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬ ‫العدد ‪،1567‬‬

‫‪37‬‬ ‫‪37‬‬


‫بروفايل‬ ‫بروفايل‬ ‫● ●‬

‫الشيخ عبد الفتاح مورو‪ ..‬بني مطرقة اإلخوة وسندان األعداء‬

‫رجل الوسطية‬

‫هو االسالمي الوحيد في تونس الذي ال يعيش «الدور» ويعرف للوسطية معناها احلقيقي‪ ..‬الشيخ عبد الفتاح مورو‪،‬‬ ‫شخصية معروفة جدا في تونس وخارجها‪ .‬هذا احملامي الذي ال يتخلى عن «اجلبة» التونسية التقليدية كزي ميزه‬ ‫منذ شبابه وال يزال‪ ،‬أصبح لـ«ج ّبته» أكثر من معنى في تونس ما بعد الثورة‬ ‫لطاملا أثارت تصريحات الشيخ عبد الفتاح مورو‪ ،‬الوجه‬ ‫اإلسالمي املعتدل‪ ،‬اجلدل في الساحة السياسية التونسية‬ ‫و آخرها تلك التي كان مفادها حتية اإلكبار التي وجهها إلى‬ ‫الزعيم الراحل احلبيب بورقيبة الذي ترى حركة النهضة‬ ‫اإلسالمية في سياساته معاداة لإلسالم و سببا في “تغريب”‬ ‫الشعب التونسي و “إبعاده عن دينه” ‪ ،‬هذا التصريح و غيره‬ ‫جعل من الشيخ مورو هدفا لإلقصاء من طرف القيادات‬ ‫الشابة املوالية لرئيس احلركة الشيخ راشد الغنوشي ليجد‬ ‫مورو نفسه محل هجوم من إخوة األمس في حركة النهضة‬ ‫و من العلمانيني و احلداثيني الذين ال يزالون يرون فيه رمزا من‬ ‫رموز حركة إسالمية نكل جناحها العسكري “الطالبي” بكل‬ ‫اخملالفني في الرأي في الثمانينات و التسعينات‪.‬‬

‫عالم السياسة‬ ‫خالفات الشيخ عبد الفتاح مورو مع حزبه بدأت منذ التسعينات‬ ‫حني ندد بالعنف الذي اتخذته احلركة منهجا في التعامل مع‬ ‫السلطة و اخلصوم السياسيني‪ ،‬فندد بعمليات باب سويقة‬ ‫التي قتل قيها اجلناح العسكري للحركة حارس مقر محلي‬ ‫للحزب احلاكم و استعماله للمياه احلارقة في بعض عملياته و‬ ‫ندد أيضا بعملية “ستينغر” التي كانت تهدف إلى إسقاط‬ ‫الطائرة الرئاسية في التسعينات بصاروخ ستينغر و‬ ‫هي مواقف صرحت بها احلركة بعد ثورة ‪ 14‬يناير وقبل‬ ‫حصولها على الترخيص القانوني وهي التي استبعدت‬ ‫مبوجبها الشيخ مورو في زمن مضى‪ ،‬معتبرة انه حاد‬ ‫عن مبادئ احلركة التي لم يكن الشيخ على علم أصال‬ ‫بوجود جناحها العسكري رغم انه كان أمينها العام و‬ ‫هوما زاد من استيائه منها إذ صرح جلريدة الشرق األوسط‬ ‫“أنا ال أخفي أنني مستاء من احلركة‪ ،‬فقد نددت منذ‬ ‫سنة ‪ 1991‬بالعنف وهو حدث سياسي بالفعل‪ ،‬وطلبت‬ ‫من حركة النهضة وقتها أن حتسم أمورها وتتخذ موقفا‬ ‫حازما ضد العنف‪ .‬إال أنها عوض اإلجابة عن املوضوع‪ ،‬وبيان‬ ‫أسباب ذاك العنف للرأي العام التونسي‪ ،‬سارعت إلى جتميد‬ ‫عضويتي‪ .‬أنا ناديت مند ‪ 30‬عاما‪ ،‬إلى تخليص حركة النهضة‬ ‫من صبغتها الدعوية واخلروج بها إلى عالم السياسة كحركة‬ ‫سياسية تتعايش مع بقية مكونات اجملتمع وتساهم في بناء‬ ‫اجملتمع‪ .‬وأنا اليوم في انتظار تفسير من حركة النهضة ملا جرى‬ ‫خالل بداية التسعينات”‪.‬‬

‫استياء الشيخ مورو‪ ،‬رمبا كان هو السبب الرئيس في تش ّبثه‬ ‫إلى اآلن باإلعالن عن كونه “مستقال سياسيا” على الرغم من‬ ‫حضوره الدائم في كل اجتماعات و تظاهرات حركة النهضة‬ ‫و خطبه في املساجد باسمها إال أن مواقفه اخملتلفة تارة‬ ‫واملناقضة ملواقف احلركة تارة أخرى‪ ،‬كموقفه من العسكر‬ ‫الذي رأى أن ال مطامع لهم في السلطة عكس احلركة التي‬ ‫شنت على اجليش حملة شرسة بدعوى رغبته في االنقضاض‬ ‫على احلكم في تونس ‪.‬‬

‫ولد الشيخ مورو املتأثر بالطريقة الصوفية املدانية العلوية‬ ‫سنة ‪ 1948‬ودرس في املعهد الصادقي بتونس وبكلية‬ ‫احلقوق التي عرفته باجلبة التونسية‪ ،‬ابان‬ ‫سطوة اليسار املاركسي عليها والتي‬ ‫جعلته إلى جانب دراسته في‬ ‫جامع الزيتونة األعظم‬ ‫للتاريخ‬

‫و يرى املتابعون للشأن التونسي أن الشيخ عبد الفتاح مورو قد‬ ‫تعرض الى ظلم كبير من حركة النهضة اإلسالمية التي كان‬ ‫من أول الداعني إلى تأسيسها لكن األضواء أحاطت بالشيخ‬ ‫راشد الغنوشي الذي ذاع صيته في تونس و خارجها في حني‬ ‫كتب على الشيخ مورو البقاء في عزلة داخل بالده بسبب‬ ‫منعه من احلصول على جواز سفره و تعرضه لسنوات طويلة‬ ‫إلى التنكيل و السجن و احملاصرة قبل ثورة ‪ 14‬يناير ‪.. 2011‬‬ ‫و إلى اإلقصاء بعدها‪ ،‬ذلك انه مت استبعاده إبان حصول احلركة‬ ‫على الترخيص القانوني و سد الطريق أمامه اثر إعالنه عن‬ ‫نيته تكوين حزب جديد‪ ..‬ووصل األمر الى “االستيالء” على‬ ‫نضاالته و نسبها إلى غيره‪.‬‬

‫هذه املواقف و غيرها ميزته و جعلت منه الشخصية‬ ‫األكثر مصداقية بني كل القيادات اإلسالمية في‬ ‫تونس و جعلت العلمانيني على اختالفهم مع‬ ‫اإلسالميني ينقسمون في تقييمهم للشيخ‬ ‫بني محترم له و عاتب عليه دفاعه عن‬ ‫الهادي اجليالني صهر الرئيس السابق‬ ‫زين العابدين بن علي وكان وراء‬ ‫تبرئته من تهم الفساد و استغالل‬ ‫النفوذ و الذي برره الشيخ‬ ‫بوجوب توفير احملاكمة العادلة‬ ‫ألي متهم بعد الثورة‪.‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪36‬‬


‫في ظل اعالم تائه فاجأته الثورة‪ ،‬اجليش يدخل على اخلط‪ ..‬وفي الصورة اللواء ممدوح شاهني واللواء اسماعيل عثمان من اجمللس العسكري احلاكم في مصر خالل مؤمتر صحفي في القاهرة‬

‫«ربيع العرب»‪ ..‬وارتباك االعالم‬

‫املفاجأة‬

‫يستيقظ من النوم على صياح واصوات معركة فيفرك عينيه‪ ‬محاوال استيعاب‬ ‫املشهد‪ ،‬واخذ منه ذلك وقتا امتد السابيع‪.‬‬ ‫وعندما بدأ االعالم يدرك حقيقة ما يحدث في تونس فوجئ باحتجاجات مصر التي‬ ‫ميكن ان يقال انها حظت بأوسع تغطية سواء من االعالم العربي او الغربي الذي بعث‬ ‫بنجومه وخصص ساعات طويلة لتغطية االحتجاجات‪ ،‬وساعد على ذلك ان مصر‬ ‫كانت ساحة مفتوحة اعالميا لوسائل االعالم العربية والغربية منذ وقت طويل‪.‬‬

‫من مفارقات الثورات العربية التي شهدها العام احلالي ان‪ ،‬تقريبا‪ ،‬كل‬ ‫احملللني واملتابيعن كانوا يرون ان هناك انظمة عربية دخلت طريقا مسدودا‪،‬‬ ‫وان اجملتمعات يخرج منها الكثير من البخار الذي يدل على ان هناك‬ ‫انفجارا قادما‪ ،‬لكن ال أحد مبا في ذلك دول واجهزة االستخبارات الغربية‬ ‫توقع ما حدث‪ ‬تباعا في تونس ثم مصر وليبيا‪ ‬واليمن وسوريا‪.‬‬

‫مع ذلك كان هناك التحدي املتمثل في وسائل االعالم التي وجدت نفسها في‬ ‫مواجهة العبني جدد ال تعرفهم ولم تتعامل معهم من قبل وهم الثوار او املعتصمني‬ ‫الذين حيروها‪ .‬وكلنا نتذكر مشاهد املذيعني التفزيونيني احلائرين واملستفزين وهم‬ ‫يستضيفون شبانا من قلب ميدان التحرير على اعتبار انهم ميثلون كيانا سياسيا‬ ‫هناك ثم يصر الضيف على انه ال ميثل كل من في امليدان واليتكلم باسمهم‪،‬‬ ‫فيشعر املذيع باالنزعاج‪ .‬وتشبه احلالة اليمنية مصر من حيث قدرة وسائل االعالم‬ ‫على التحرك هناك‪.‬‬

‫ماحدث كان مفاجاة للجميع مبا في ذلك وسائل االعالم املكتوبة واملرئية في املنطقة‬ ‫والعالم فلم يتوقع احد ان ينهار نظام بن علي حتت وطأة‪ ‬انتفاضة‪ ‬شعبية‪ ،‬وعندما‬ ‫انتقلت الشرارة الى مصر لم يتصور في البداية احد ان مظاهرات شعبية ميكن ان‬ ‫تسقط نظاما‪ ،‬كان يبدو في منتهى القوة‪ ،‬في ‪ 18‬يوما‪ .‬وحتى االنظمة نفسها لم‬ ‫تدرك ما يحدث بدليل ان العقيد القذافي اصدر تصريحا يدل على ثقة واحساسه‬ ‫بقوة قبضته على السلطة مستهجنا ما يفعله التونسيون الذين اليريدون ان‬ ‫يتركوا بن علي يكمل مدته ليفاجأ القذافي نفسه بعد ذلك بان شعبه‪ ‬انتفض‬ ‫عليه‪.‬‬

‫ليبيا حالة مختلفة فقد دخل الصحافيون الى املناطق احملررة التي اصبحت في‬ ‫قبضة الثوار‪ ،‬وكانت وسائل االعالم قد تكيفت مع الربيع العربي الذي امتدت‬ ‫عدواه في اجلمهوريات العربية‪ .‬سوريا كانت حالة اكثر اختالفا عن اجلميع‪ ،‬فال احد‬ ‫مسموح له بالتحرك على االرض او الدخول‪ ،‬من وسائل االعالم‪ .‬وكان البديل والذي‬ ‫لعب الدور االكبر في نقل اخبار االنتفاضة هو اعالم الثورة‪ ‬عبر االنترنت واليوتيوب‪.‬‬

‫نفس الشيء حدث في احلالة السورية فقد ايد الرئيس السوري بشار األسد ماحدث‬ ‫في مصر‪ ،‬لكنه اعتبر سوريا مختلفة وبعيدة عن ذلك ليفاجأ بان شعبه‬ ‫انتفض عليه وباصرار شديد على مدار شهور رغم حملة القمع الدامية‪.‬‬ ‫وكما‪ ‬كان "الربيع العربي" مفاجئا لالنظمة‪ ‬وحتى مسؤولني غربيني‬ ‫فان ما حدث داهم وسائل االعالم خاصة في املنطقة‪ ،‬فهي لم‬ ‫تكن مستعدة لذلك او جاهزة وبالتالي فان ارتباكها في تغطيته‬ ‫كان واضحا‪ ،‬وان كان االعالم املرئي الفضائي لعب دورا هاما في نقل‬ ‫وتغذية االحداث في ظل قصور وكذب واضح من تلفزيونات الدول‬ ‫خالل االحتجاجات‪ .‬وهذا وضح في احلالتني التونسية واملصرية‪.‬‬ ‫في احتجاجات تونس التي كانت بعيدة عن دائرة‬ ‫اهتمامات الفضائيات العربية‪ ،‬كان املشهد‬ ‫الفضائي التلفزيوني‪ ‬وحتى بني‬ ‫الصحف‪ ،‬عربية وغربية‪ ،‬اشبه مبن‬

‫املثير في احلالة االعالمية بعد "الربيع العربي" هو االعالم احمللي في الدولتني التي‬ ‫جنح فيهما "الثوار" وبخاصة مصر‪ ،‬فمن حالة جمود تام الى اغراق بالسياسة تعرض‬ ‫له اجملتمع واصبح هناك عشرات من برامج "توك شو" سياسية ومحطات تلفزيونية‬ ‫جديدة‪ .‬وحتى االعالم الرسمي السابق الذي وجد نفسه فجاة مدانا ومغضوبا عليه‬ ‫من الناس‪ ،‬اراد التصحيح فاصبح اكثر جرأة ومزايدة من االعالم غير الرسمي‪.‬‬ ‫االثنان الرسمي وغير الرسمي فيهما الكثير من الكالم والكثير من‬ ‫االرباك للجمهور املتلقي‪.‬‬ ‫ربيع العرب مرتبك لسبب رئيسي هو ان الثورات في غالبيتها اخذت‬ ‫شكال شعبيا من دون قيادات واضحة واحزاب لها هياكل سياسية‬ ‫وبرامج وكوادر قادرة على ملء الفراغ فور سقوط النظام‪ .‬وطبيعي‬ ‫ان يكون اداء االعالم بخاصة احمللي مرتبكا هو االخر‪ .‬هو اآلن اكثر حرية‬ ‫وجرأة لكنه اليزال يفقتد الدقة‪ .‬واخلالصة ان اجلميع يتعلمون من‬ ‫املمارسة في ظرف استثنائي مبا في ذلك االعالم‪.‬‬ ‫علي ابراهيم‪ -‬كاتب صحفي سبق وأن عمل بوكالة أنباء الشرق األوسط‬ ‫املصرية و في صحيفة «البيان» اإلماراتية ويشغل حاليا ً منصب نائب‬ ‫رئيس حترير "الشرق األوسط" وهو أحد كتاب الرأي في الصحيفة‪.‬‬ ‫علي ابراهيم‬

‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪35‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫مرة جديدة‪ ،‬إنها ليست ثورة فايسوك‬

‫تويتر‬

‫ال شك ان ثورة االتصاالت التي نحن في متنها هي ثورة يفاخر األميركيون‬ ‫بنسبتها إلى أنفسهم‪ .‬اليوم وبعد الثورات العربية كيل الكثير من املديح‬ ‫لوسائل التواصل االجتماعي التي تعتبر نتاجا َ أميركيا ً خالصا‪ ،‬فقد جنحت‬ ‫الوسائط في تصدرها املشهد في كل بالد العالم‪ .‬لكن‪ ،‬هذه الوسائط لم متد‬ ‫املتظاهرين بأفكارهم ومراراتهم التي يعايشونها منذ عقود مع أنظمتهم‪.‬‬ ‫الثورات العربية قامت بأسلحة ال يسهل نزعها وهي مواقع التواصل االجتماعي‪..‬‬ ‫لكن ورغم أن الوسائط التقنية أتت في املطلق من الواليات املتحدة األميركية‪،‬‬ ‫فإن املتظاهرين الذين خرجوا في تونس ومصر ويخرجون في اليمن وسوريا‬ ‫وليبيا وغيرها لم يكونوا على األجندة الدبلوماسية اخلاصة بالواليات املتحدة‬ ‫التي أقامت عالقات مهمة مع قيادات الدول التي يثور شعوبها وتغاضت كثيرا ً‬ ‫عن ديكتاتورية وفساد تلك األنظمة‪.‬‬

‫تداول أصدقائي عبر موقع فايسبوك مقطعا ً غنائيا ً لفرقة راب سورية‬ ‫تنتقد قمع النظام للمتظاهرين على نحو ساخر وذكي‪ .‬األغنية انتشرت‬ ‫على نحو واسع كما هو حال الكثير من الصور واملواد التي توثق حلركات‬ ‫االحتجاج العربية وكل احلراك املرافق لها والتي يتم تداولها الكترونيا ً‬ ‫وحتديدا ً في مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬يبدو من االستسهال واالستخفاف تعميم مقولة أن هذه الثورات هي‬ ‫ال شك أن املرء في هذا العالم حني يصمت ميوت‪ ،‬لذلك نحن نعبر عما‬ ‫يجول في خواطرنا أو في ‪ status‬كما يقول فايسبوك ألننا ببساطة‬ ‫نحتاج ألن نكون موجودين وليس صامتني‪ ..‬هذا متاما ً ما يفعله‬ ‫احملتجون العرب الذين ثمة إجماع اليوم على أن معظمهم من‬ ‫الشباب املمتلكني ملعارف تقنية فاعلة كما يتشاركون في هموم‬ ‫التغيير‪ .‬إنه التغيير الذي ينشده شباب فرقة الراب السورية مثال ً‬ ‫الذين زاوجوا ما بني كلمات أغانيهم وما مت ّ تداوله من صور تظهر‬ ‫القمع الذي يتعرض له احملتجون وركاكة روايات النظام‪.‬‬ ‫متكن الثوار العرب بدءا ً من تونس ومصر وصوال ً إلى ليبيا‬ ‫واليمن وسوريا من حتويل مفهومنا للصورة ولإلعالم عن‬ ‫مساراته املعروفة‪ .‬إنهم يخرجون بوعي تام أن نزولهم‬ ‫في الطرقات يعني ببساطة احتماال ً قويا ً لوقوعهم‬ ‫في مصيدة املوت‪ ،‬وهم يعبرون ليس فقط عن موتهم‬ ‫وأملهم بل نحن نعيش مع نقاشاتهم ونكاتهم‬ ‫وسخريتهم من أنفسهم ومن الواقع الذي يعيشون‪،‬‬ ‫كل ذلك عبر "فايسبوك" و"يوتيوب" و"تويتر"‪.‬‬

‫الفيسبوك وتويتر كانا صوت الثوار وساهما‬ ‫في سقوط أنظمة وزعزعة أخرى‬ ‫‪34‬‬

‫ثورات وسائل التواصل االجتماعي‪ .‬فهذا الربيع العربي صنع بأسلحة‬ ‫ليس من السهل نزعها ونسبتها ألحد حتى ولو كان‬ ‫مخترعها األصلي‪.‬‬ ‫أن يمُ َ ّد املتظاهرون بوسائط تساعدهم على التواصل‬ ‫وعلى نقل موتهم إلى العالم ليس كافيا لتنسب‬ ‫ثوراتهم إلى أحد غيرهم‪ .‬لقد قدمت الثقافة الغربية‬ ‫لهؤالء وسائط لكنها لم تقدم لهم أفكارهم عن‬ ‫األنظمة وال إحباطاتهم من استبدادها وفسادها‪.‬‬ ‫هذا الزعم لن ميكنه في أي حال أن يبدد رغبة الثوار في‬ ‫القبض على معاني ثورتهم وحتديد طبيعتها وأهميتها‪.‬‬ ‫هؤالء فرضوا على العالم صوتهم ولهم وحدهم حق‬ ‫تقرير مستقبلهم‪.‬‬

‫ديانا مقلد‬

‫ديانا مقلد ‪ -‬كاتبة صحفية وإعالمية ومنتجة ومقدمة‬ ‫برنامج لبنانية‪ .‬تكتب في الشأن اللبناني والعربي ولها‬ ‫اسهامات في عدد من الصحف اللبنانية والعربية من بينها‬ ‫جريدة "الشرق األوسط"‪.‬‬


‫اللحظة األميركية في الشرق األوسط‬

‫ا حلقيقة‬

‫في حني اجتاح الربيع العربي الشرق األوسط ليطيح بحلفاء قدامى‬ ‫للواليات املتحدة واحدا تلو اآلخر‪ ،‬فوجئ باراك أوباما مبا حدث ووقف مترددا‬ ‫أمام انهيار البنيان األمني في املنطقة‪ ،‬والذي حمى املصالح األميركية‬ ‫ومكانتها في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫ممزقا ما بني ميل الواليات املتحدة إلى االستقرار وقيمها‪ ،‬تذبذب أوباما‬ ‫ما بني تأييد النظام السياسي القائم واحتضان التغيير الذي يطالب‬ ‫به الشارع‪ .‬عجز الرئيس‪ ،‬املعروف بخطبه امللهمة أكثر من سياساته‬ ‫الثابتة‪ ،‬عن توضيح الطريق الذي يجب أن تتقدم فيه الواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫في تصرف متهور‪ ،‬ضغط أوباما علنا على حسني مبارك من أجل‬ ‫التنحي بعد عقود من حمايته للمصالح األميركية في الشرق‬ ‫األوسط‪ .‬أكد هذا االنفصال احملوري على قلة استيعاب الرئيس‬ ‫خلطورة التغييرات التي جتتاح املنطقة‪ ،‬وأكد لشركاء الواليات‬ ‫املتحدة القدامى في املنطقة على أن واشنطن لن تظل دائما صديقا‬ ‫وفيا‪.‬‬ ‫وبدال من رؤية هذه التغيرات على أنها حلظة محورية‪ ،‬افتنت أوباما‬ ‫بالصور احلية التي تبثها قناة «اجلزيرة» للمتظاهرين‬ ‫في الشوارع من تونس إلى املنامة مطالبني‬

‫بالتغيير‪ .‬وأصبح مستقبل الواليات املتحدة في الشرق األوسط مرة أخرى متعلقا‬ ‫بتعزيز الدميقراطية وتأييدها في العالم العربي‪.‬‬ ‫عجز أوباما عن معرفة حقيقة أن أصدقاء الواليات املتحدة ليسوا بني اآلالف املوجودة‬ ‫في الشوارع مطالبني بالتغيير‪ ،‬ال سيما العناصر الدينية والطائفية املنظمة جيدا‪،‬‬ ‫ولكنهم في صفوف األنظمة التي مزقتها االنتفاضات الشعبية‪ .‬لم ينتبه الرئيس‬ ‫مطلقا للحقيقة القامتة بأن األنظمة املستبدة غير املستقرة املعادية للمصالح‬ ‫الوطنية األميركية هي الناجت األكثر احتماال للربيع العربي‪.‬‬ ‫ومع مرور الشهور‪ ،‬خفف أوباما متأخرا من تأييده العلني لهذا الربيع‪ ،‬حيث تراجع‬ ‫على نحو ملحوظ عن انتقاد الوضع الطائفي في البحرين‪ .‬ولكنه تأخر كثيرا وتأكد‬ ‫من أن هذه اللحظة في الشرق األوسط ليست في صالح الواليات املتحدة‪ ،‬بل هي‬ ‫فرصة ملفسدي مكانة الواليات املتحدة في املنطقة‪.‬‬ ‫تواجه الواليات املتحدة‪ ،‬مثل بريطانيا بعد تأميم قناة السويس‪،‬‬ ‫منطقة تبتعد عنها‪ .‬وكما حذر هنري كيسنجر مؤخرا‪ ،‬حيث‬ ‫قال‪« :‬ليس لدي كوابيس محددة‪ ،‬ولكني أستطيع تخيل‬ ‫تزايد ابتعاد الواليات املتحدة عن املنطقة»‪.‬‬ ‫من دون استراتيجية تضع في اعتبارها هذه البيئة املتغيرة‪،‬‬ ‫ستكون اللحظة األميركية حتما في طريقها للمغيب‬ ‫وليس الصعود مرة أخرى كما توقع الرئيس في ثقة‪ .‬يجب أن‬ ‫يتحرك أوباما لتقوية حلفاء الواليات املتحدة في املنطقة‪،‬‬ ‫قبل أن يكون الوقت قد فات‪ ،‬وأن يساعد على إرشاد تلك‬ ‫الدول التي متر مبراحل انتقالية إلى طريق يشجع على اإلصالح‬ ‫املدروس وليس االبتعاد عن حتالفها مع الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫أندرو باون ـ طالب دكتوراه في قسم العالقات الدولية في كلية لندن‬ ‫لالقتصاد ويساهم بكتاباته في «اجمللة» عن السياسة اإلقليمية‬ ‫والدولية لدول املشرق واخلليج العربية وسياسة األمن القومي‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫أندرو باون‬

‫الثورات العربية فاجأت أميركا وتهدد سياساتها في الشرق األوسط‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪33‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫دوافع دميقراطية أم طائفية؟‬

‫املواطنة‬

‫ليس غريبا على احملللني األجانب أن يعجزوا عن فهم التطورات الراهنة في‬ ‫العالم العربي‪ .‬رغم كل شيء‪ ،‬أحيانا ما يكون املنظور الذي يرى من خالله‬ ‫املرء الطرف اآلخر ملونا باالختالفات الثقافية ومنظومة قيم متنوعة‪ .‬وفي‬ ‫حني يشكل التعطش إلى الدميقراطية مكونا أساسيا في االنتفاضات‬ ‫التي جتتاح الدول العربية حاليا‪ ،‬إال أنه ليس احملرك الوحيد‪ .‬تتضمن‬ ‫العوامل األساسية األخرى هويات دينية وعرقية راسخة بقوة وأحيانا‬ ‫ما تكون عدائية‪ .‬من الضروري عدم إغفال املكون الطائفي‪ ،‬وهو‬ ‫احملرك الرئيسي للسياسة في الشرق األوسط منذ قرون‪ ،‬وإال‬ ‫فقد نصحو على مفاجأة قاسية‪.‬‬ ‫مثال على ذلك سوريا‪ ،‬حيث لم يعد في اإلمكان جتاهل رغبة‬ ‫الشعب في احلرية وتصميمه الشجاع على حتقيقها‪ .‬ولكن‬ ‫من اخلطأ أيضا جتاهل الديناميكيات الطائفية املتحكمة في‬ ‫املعادلة السياسية‪ ،‬حيث يسود النظام االستبدادي أقلية‬ ‫دينية ظلت حتكم األغلبية السنية على مدار أربعة عقود‪ .‬وفي‬ ‫حني يريد بعض العلويني واملسيحيني والدروز أيضا مزيدا من‬ ‫احلريات‪ ،‬إال أن كثيرا منهم آثر الصمت خوفا من االنتقام إذا انهار‬ ‫النظام‪.‬‬

‫القوي للثورة‪ ،‬فإن األقباط تعرضوا لهجوم متكرر منذ ذلك احلني‪ .‬جدير‬ ‫بالذكر أن عناصر متطرفة في أي طائفة ستحاول االستفادة من فراغ‬ ‫السلطة واالضطرابات التالية لالنتفاضات من أجل تنفيذ أجندتها‪.‬‬ ‫لذا يجب علينا كمراقبني أن نظل مدركني للتكاليف الباهظة املرتبطة‬ ‫بالتغيير املفاجئ واالضطرابات‪.‬‬ ‫لعل البحرين أوضح مثال على احتجاجات يلعب فيها العنصر الطائفي دور‬ ‫احملرك الرئيسي‪ .‬ولكن ال يعني ذلك أن البحرين ليست في حاجة ماسة إلى‬ ‫اإلصالح‪ ،‬أو أنها ال حتتاج إلى مشاركة سياسية أوسع لقطاعات عريضة‬ ‫من اجملتمع البحريني‪ .‬يستحق كل البحرينيني مزيدا من املشاركة في تقرير‬ ‫مستقبل البالد‪ .‬من شأن مشروع اصالحي شامل أن يكون أفضل ضمان‬ ‫لعدم تدخل إيران في شؤون الدولة‪ .‬وبعد كل ما قيل‪ ،‬يجب تسمية األشياء‬ ‫بأسمائها‪ .‬يتعلق األمر بسياسة الهوية أوال‪ ،‬ثم الكفاح من أجل املثل‬ ‫الليبرالية في املرتبة الثانية‪.‬‬ ‫سواء كانت األحداث في سوريا ومصر والبحرين أو‬ ‫أي مكان آخر تتطور تدريجيا‪ ،‬بدال من أن تكون‬ ‫ثورية‪ ،‬فالتغيير هو أفضل ضمان ضد العنف‬ ‫الطائفي الذي بدأ يطل بوجهه القبيح‪ .‬مع‬ ‫ذلك ال تقع املسؤولية على عاتق هؤالء الذين‬ ‫تعرضوا للقمع وثاروا أخيرا‪ ،‬ولكن على األنظمة‬ ‫السياسية البالية التي لم تسمح بتنفيذ‬ ‫إصالحات سياسية تدريجية‪ ،‬تلك التي كانت‬ ‫ستعزز من املواطنة بدال من سياسة الهوية‬ ‫املستمرة منذ قرون‪.‬‬ ‫فراس مقصد ـ مستشار ومحلل سياسي‬ ‫في شؤون الشرق األوسط ومدير "مؤسسة‬ ‫نهضة لبنان" في واشنطن ويكتب في‬ ‫كبريات الصحف األميريكة والعربية‬

‫تقدم مصر منوذجا آخر على ذلك‪ .‬على الرغم من تأييدهم‬ ‫فراس مقصد‬

‫جنحت الثورة في مصر لكن سرعان ما حتول التالحم‬ ‫االسالمي املسيحي الى صدامات بني أبناء الشعب الواحد‬ ‫‪32‬‬


‫هزمية «القاعدة» وفكر اإلرهاب‬

‫العجز‬

‫إن فكرة هزمية الربيع العربي لتنظيم القاعدة بطريقة ما‪ ،‬وتقويضه‬ ‫لفكرها ليست فقط مفرطة في البساطة ومريبة‪ ،‬بل ومضللة أيضا‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬يأتي القول إن الربيع العربي يعترض تهديدات «القاعدة» العاملية‬ ‫بتقدميه فرصة غير مسبوقة لشعوب الشرق األوسط من أجل التعبير‬ ‫السياسي املشروع ردا على حجة بال أساس جتريبي بأن العجز الدميقراطي‬ ‫هو ما يولد اإلرهاب‪ .‬ولكن إذا ألقينا نظرة عن قرب على األدلة سنجد‬ ‫أن العكس متاما قد يكون صحيحا‪ .‬إن الدول الدميقراطية غير‬ ‫املستقرة والدول املستبدة الضعيفة هي التي متر بأوضاع أكثر‬ ‫تسببا في زيادة النشاط اإلرهابي‪.‬‬ ‫ملاذا؟ أوال‪ ،‬من املمكن أن تشجع عملية الدميقراطية في حد‬ ‫ذاتها اإلرهابيني بدال من دفعهم نحو املشاركة في العمليات‬ ‫الدميقراطية وبذلك تصبح مثل تلك الدول أكثر عرضة للنشاط‬ ‫اإلرهابي‪ .‬ثانيا‪ ،‬تبلغ القدرة على قمع املعارضة أهمية قصوى في‬ ‫الدول الشمولية‪ ،‬وهي القدرة التي تفتقدها األنظمة املستبدة‬ ‫الضعيفة‪ .‬وبناء على هذه الرؤية املنطقية‪ ،‬كان يجب على‬ ‫الربيع العربي في الواقع أن يمُ كن «القاعدة» ويشجعها‪،‬‬ ‫وتشير حقيقة عدم حتقق ذلك إلى احلاجة إلى مزيد من‬ ‫البحث‪ .‬وهنا أصل إلى نقطتي الثانية‪ :‬حيث تعتمد‬

‫فكرة إضعاف الربيع العربي للتأثير الفكري لـ«القاعدة» في الشرق‬ ‫األوسط على التسليم بأن التنظيم كان ميلك هذا النفوذ من األصل‪.‬‬ ‫أوال‪ ،‬تخطئ هذه الفكرة في إبراز التهديد الذي يشكله تنظيم‬ ‫القاعدة وفلسفته بتصويره على أنه شامل‪ ،‬بدال من رؤيته كما كان‬ ‫ـ وما زال ـ آيديولوجيا متطرفة وعنيفة تؤديها قلة من األشخاص‬ ‫في منطقة واسعة وشديدة التنوع‪ .‬إنها فكرة معضلة للغاية ألنها‬ ‫تختزل بالضرورة شعوب الشرق األوسط في وحدة متجانسة تعاني من‬ ‫«حرمان دميقراطي» وبذلك تصورهم على أنهم مؤيدون أو متعاطفون‪،‬‬ ‫سواء أكانوا نشطني أو سلبيني‪ ،‬مع تنظيم القاعدة وفكره املتطرف‪.‬‬ ‫وأخيرا وليس أقل أهمية‪ ،‬مينح وصف الربيع العربي باحلركة الدميقراطية‬ ‫الناشئة‪ ،‬التي اقتلعت فكر «القاعدة» وقوضته‪ ،‬دون خجل وعلى نحو‬ ‫خاطئ امتيازا للدميقراطية الليبرالية بصفتها نظام احلكم الوحيد الذي‬ ‫ميكنه أن يحقق األمن والسالم والتنمية لشعوب الشرق األوسط‪ ،‬بل‬ ‫ويتجاهل في الوقت ذاته عقودا من سياسات غربية تدخلية‬ ‫في املنطقة تسببت في نشر االستياء الذي ساهم في‬ ‫صعود تنظيم مثل «القاعدة» في املقام األول‪ .‬وإذا‬ ‫لم ندرك هذه املشكلة الرئيسية ونعاجلها‪ ،‬فلن متحو‬ ‫جميع أحداث الربيع العربي في العالم القبول الذي‬ ‫قد يلقاه فكر «القاعدة» لدى قطاعات من سكان‬ ‫الشرق األوسط‪.‬‬

‫راشمي سينغ ـ محاضرة في مركز دراسات اإلرهاب والعنف‬ ‫السياسي‪ .‬حاصلة على الدكتوراه في العالقات الدولية من كلية‬ ‫لندن لالقتصاد‪ .‬وتعمل حاليا رئيسة باحثني في مشروع تطوير‬ ‫مقاييس اإلرهاب ومكافحته في احلرب العاملية على اإلرهاب‬ ‫بتمويل من ستارت‬ ‫راشمي سينغ‬

‫مبارك والقذافي وصالح وبن علي‪ ..‬كل يواجه مصيره‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪31‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫انقالب عسكري أم ثورة؟‬

‫املداهنة‬

‫مبارك كان قدر السلطة التي ميلكها اجليش في الدولتني بعد إسقاط‬ ‫النظام‪ .‬وعلى الرغم من أن كال من اجليش التونسي واملصري أطلقا على‬ ‫نفسيهما «حراس الثورة»‪ ،‬فإن النشطاء يشتكون من أن اجليش اختطف‬ ‫الثورة الشعبية لضمان مواقعه املميزة‪ .‬في مصر‪ ،‬منذ اإلطاحة مببارك في‬ ‫‪ 11‬فبراير (شباط)‪ ،‬فض اجليش املزيد من املظاهرات واعتقل املئات‪ ،‬متاما‬ ‫كما فعل نظام مبارك في أيامه األخيرة‪ .‬في ظل حكومة مؤقتة‪ ،‬يقودها‬ ‫اجمللس األعلى للقوات املسلحة‪ ،‬تدفع إلى تغييرات دستورية وانتخابات ال‬ ‫تتسم بالعمق أو التحول الذي يرغب فيه الدميقراطيون‪ ،‬يبدو الوضع في‬ ‫مصر في بعض األحيان شبيها باالنقالب أكثر من كونه ثورة‪.‬‬

‫بعد أيام من اإلطاحة بحسني مبارك في مصر‪ ،‬كانت تذكارات من‬ ‫في‬ ‫املظاهرات الشعبية املناهضة للنظام التي سبقت سقوطه تباع‬ ‫ولكن ما زال من املبكر للغاية حذف القدرة الثورية في الربيع العربي في‬ ‫ميدان التحرير الذي شهد خروج أكبر حشود في املظاهرات‪.‬‬ ‫أي من مصر أو تونس أو أي مكان آخر‪ .‬ال تنزع حقيقة اإلطاحة باحلاكمني‬ ‫كانت الشارات والقمصان التي حتمل العلم املصري تزهو بـ«الثورة املصرية‬ ‫‪ ،»2011‬معززة للرواية التي تبنتها بالفعل وسائل اإلعالم العاملية بأن ثورة‬ ‫شعبية أطاحت بالرئيس املصري‪ ،‬كما فعلت بنظيره التونسي‬ ‫قبل شهر‪ .‬ولكن يختفي مثل هذا التحليل خلف سياسة‬ ‫الغرف اخللفية والتحالفات املتحولة بني النخبة ومؤيديهم‬ ‫الدوليني والتي حولت الثورة الشعبية بالفعل إلى تغيير‬ ‫للنظام‪ .‬كما شهدنا في سوريا‪ ،‬وإلى حد ما في اليمن‪،‬‬ ‫في الشهور التالية ألحداث التحرير‪ ،‬أثبتت املظاهرات‬ ‫الشعبية املعارضة للنظام واسعة النطاق أنها قد ال‬ ‫تكون قادرة مبفردها على إسقاط احلكام املستبدين إذا‬ ‫افتقدت إلى قطاعات رئيسية من النخبة‪ ،‬وبخاصة اجليش‪.‬‬ ‫يثير تدخل اجليش في اإلطاحة باحلاكمني الوحيدين اللذين مت‬ ‫إسقاطهما حتى اآلن تساؤالت حول مدى «ثورية» الربيع العربي‬ ‫فعليا‪ .‬من بني اإلحباطات التي أعرب عنها النشطاء الذين‬ ‫خرجوا إلى الشوارع ضد زين العابدين بن علي وحسني‬

‫ورود لعسكر تونس في ثورة شعبية ساندها اجليش‬ ‫‪30‬‬

‫اخمللوعني على يد انقالب عسكري‪ ،‬وإن حتت ضغوط شعبية‪ ،‬الشرعية‬ ‫عن االدعاءات بقيام ثورة‪ .‬كثير من الثورات الشهيرة في التاريخ كانت‬ ‫نتيجة النقالبات بدال من كونها انتفاضات شعبية واسعة‪ ،‬مثل ثورة‬ ‫مصر ذاتها في ‪ ،1952‬والعراق في ‪ ،1958‬وأبعد منهما الثورة البلشفية‬ ‫في أكتوبر (تشرين األول) عام ‪ .1917‬ما يجعلها ثورات هو نطاق‬ ‫التغيير السياسي واالجتماعي واالقتصادي الذي يتلوها‪ ،‬وليس‬ ‫أسلوب تغيير النظام‪ .‬بالنسبة للربيع العربي‪ ،‬ما زال من‬ ‫املبكر للغاية أن نحدد ذلك‪ .‬رمبا تظل نخب النظامني‬ ‫السابقني مكانها‪ ،‬حتت حماية اجليش الذي يسعى فقط‬ ‫إلى املداهنة حول التغييرات الدميقراطية التي يطالب‬ ‫بها الشارع‪ .‬أو بعد الفترة االنتقالية‪ ،‬رمبا تنخفض‬ ‫أعمدة النظامني السابقني تدريجيا مع تنفيذ التحوالت‬ ‫السياسية واالقتصادية واسعة النطاق‪.‬‬ ‫كريستوفر فيليبس ـ حاصل على الدكتوراه في العالقات‬ ‫الدولية من كلية لندن لالقتصاد ومساعد في برنامج الشؤون‬ ‫الدولية في الشرق األوسط في مركز (آيدياز) في كلية لندن‬ ‫لالقتصاد‬ ‫كريستوفر فيليبس‬


‫انتفاضة علمانية أم إسالمية‬

‫الهوية‬

‫السبب الثاني هو أن الكثيرين أثنوا على «تويتر» ووسائل اإلعالم احلديثة كشعار‬ ‫لتأثير احلداثة العلمانية على االنتفاضات‪ .‬ولكن كانت أيام اجلمعة‪ ،‬مثل جمعة‬ ‫الغضب في مصر التي حشدت الناس حقيقة‪ ،‬احملفز خلروج أكبر املظاهرات في‬ ‫جميع أنحاء املنطقة‪ .‬وفيما بني املسجد واإلنترنت‪ ،‬يقدم الدين أدوات اجتماعية‬ ‫أكثر بكثير من وسائل التكنولوجيا للتواصل بني الناس وحشدهم‪.‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬تتسرب العوامل الدينية إلى النزعة الطائفية املتزايدة والتي تسير بالتوازي‬ ‫مع الثورات الراهنة‪ .‬مثال على ذلك استهداف األقباط في مصر أو املضامني‬ ‫القومية واإلقليمية لالنقسامات الشيعية السنية في البحرين وسوريا‪ .‬ال يجب‬ ‫التقليل من شأن اآلثار املزعزعة لالستقرار لسياسة الهوية عبر اخلطوط الدينية‪.‬‬

‫في الوقت الذي تستمر فيه أحداث الربيع العربي دون دعوات عالية وواضحة‬ ‫إلى إقامة دول إسالمية أو خالفة حديثة في املنطقة‪ ،‬يبدو املعلقون وصناع‬ ‫السياسات على حد سواء‪ ،‬مرتاحني للطبيعة العلمانية البادية على‬ ‫املظاهرات‪ .‬ولكن هذا اإلجماع الناشئ على وجود «انتفاضة علمانية» تعد تنهيدة االرتياح التي يزفرها البعض أمام فرضية الطبيعة العلمانية‬ ‫لالنتفاضات‪ ،‬رد فعل خطيرا‪ .‬تنتج هذه الرؤية عن عقلية أوروبية تصور الدين على‬ ‫خاطئ وخطير‪.‬‬ ‫أنه قوة غير عقالنية ال تتفق مع الدميقراطية‪ ،‬على خلفية احلداثة العلمانية‬ ‫إنه رأي خاطئ لثالثة أسباب‪ .‬أوال‪ ،‬ترسخت األنظمة التي متت اإلطاحة بها على‬ ‫يد رياح التغيير احلالية (من مصر إلى تونس إلى اليمن وسوريا وليبيا) في‬ ‫نوع من الفكر القومي العلماني أو االشتراكي‪ .‬في أعقاب سقوط هذه‬ ‫األنظمة‪ ،‬من املرجح أن يلعب اإلسالم دورا أكثر محورية في احلياة‬ ‫السياسية واالجتماعية في هذه الدول‪ .‬تبدو احلركات اإلسالمية‪،‬‬ ‫مثل جماعة اإلخوان املسلمني وغيرها‪ ،‬األكثر تنظيما للمنافسة‬ ‫في االنتخابات املقبلة في مصر وتونس على سبيل املثال‪.‬‬ ‫في ليبيا‪ ،‬يجمع اجمللس الوطني االنتقالي‪ ،‬وهو نوع من احلكومة‬ ‫املرتقبة‪ ،‬بني ليبراليني علمانيني وإسالميني‪ .‬في إيران‪ ،‬التي‬ ‫يغلفها املصطلح اخلاطئ إلى حد ما "الربيع العربي"‪ ،‬ما زالت‬ ‫مطالب احلركة اخلضراء مبزيد من املساءلة والدميقراطية داخل إطار‬ ‫املفهوم اإلسالمي للدولة‪ .‬وفي حني ال تعد الديكتاتورية على الطريقة‬ ‫اإليرانية منوذجا يتطلع إليه املتظاهرون في املنطقة‪ ،‬فإنهم ال ينظرون‬ ‫أيضا إلى فرنسا الدميقراطية املتشددة في العلمانية‪ .‬في احلقيقة‪،‬‬ ‫تبدو اجلمهورية التركية ذات الطابع اإلسالمي األكثر جذبا في‬ ‫الشوارع العربية والفارسية‪.‬‬

‫العقالنية املتسامحة‪ .‬عادة ما يشوش هذا األسلوب النمطي على رؤية‬ ‫املعلقني وصناع السياسات ملا هو أهم لرخاء املنطقة واستقرارها‪ .‬يتعلق النمط‬ ‫باألنظمة‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬هناك دول شديدة التدين مثل الواليات املتحدة أو تركيا‪،‬‬ ‫وبها أنظمة دميقراطية ناجحة‪ .‬وهناك أنظمة علمانية مثل‬ ‫تونس حتت حكم بن علي أو كوريا الشمالية‪ ،‬وهي قمعية‬ ‫للغاية‪ .‬يجب أن يركز صناع السياسة الغربيون‪ ،‬ليس على ما‬ ‫إذا كانت العلمانية أو الدين هو ما سيؤدي إلى االستقرار‪ ،‬بل‬ ‫على ما إذا كانت أنظمة دميقراطية أو استبدادية هي التي‬ ‫ستحققه‪.‬‬

‫غريغوريو بتيزا ـ طالب دكتوراه في العالقات الدولية ومدرس مساعد في‬ ‫كلية لندن لالقتصاد والعلوم السياسية‪ .‬وهو باحث مساعد في مركز‬ ‫(آيدياز) التابع لكلية لندن لالقتصاد‪.‬‬ ‫غريغوريو بتيزا‬

‫مظاهرة في تونس ما بعد الثورة تتطالب‬ ‫بالتسامح بني األديان وتدعو لتونس علمانية‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪29‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫إنه الغباء االقتصادي‪ ..‬والفقر‬

‫كفى‬

‫من أكثر الصور املميزة للمظاهرات في تونس التي أعلنت بداية الربيع‬ ‫العربي صورة رجل يواجه شرطة مكافحة الشغب جاثيا على ركبتيه‬ ‫وسط تصاعد الدخان والغاز املسيل للدموع مصوبا نحوهم رغيف خبز‬ ‫وكأنه بندقية‪.‬‬ ‫بعد أن أضرم محمد البوعزيزي النار في نفسه بعد مصادرة‬ ‫عربة اخلضراوات التي ميلكها‪ ،‬أشارت صور املتظاهرين وهم‬ ‫يحملون أرغفة اخلبز وكأنها أسلحة‪ ،‬إلى أهمية الصعوبات‬ ‫االقتصادية التي لعبت دورا في حشد الشعب ضد بن‬ ‫علي‪ .‬بعد ذلك أصبح املصريون والليبيون محور تركيز‬ ‫التغطية اإلعالمية للربيع العربي‪.‬‬ ‫من املؤكد أن االنتفاضات الثورية التي أدهشت العالم‬ ‫لديها بعد اقتصادي مهم‪ .‬رغم كل شيء‪ ،‬كان ارتفاع‬ ‫أسعار الغذاء واالرتفاع املزمن في معدالت البطالة‪،‬‬ ‫محل إشارة مستمر من املتظاهرين‪ .‬كانت وما زالت‬ ‫بطالة الشباب وبطالة اخلريجني مشكلة خطيرة‬ ‫للغاية في املنطقة‪ .‬على سبيل املثال في عام‬ ‫‪ ،2008‬تراوح معدل البطالة في شمال أفريقيا‬ ‫من ‪ 18‬في املائة في املغرب إلى ‪ 30‬في املائة في‬ ‫تونس‪ ،‬مقارنة مبتوسط عاملي يبلغ ‪ 12‬في املائة‪.‬‬ ‫ويظل هذا مجرد قمة جبل اجلليد‪.‬‬

‫يتسبب الفقر والتفاوت اإلقليمي أيضا في مخاوف في املنطقة‪ ،‬وقد‬ ‫ساهم دون شك في حشد اجلماهير من أجل املطالبة بالتغيير‪ .‬في‬ ‫مصر على سبيل املثال‪ ،‬وهي دولة ذات ‪ 80‬مليون نسمة‪ ،‬يعيش ‪32‬‬ ‫مليون نسمة منهم على دخل يقل عن دوالرين في اليوم للفرد الواحد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الدور املهم الذي لعبته األحوال االقتصادية املتعثرة‬ ‫في تلك الدول‪ ،‬فإن االقتصاد في حد ذاته ليس مسؤوال عن الربيع‬ ‫العربي‪ .‬ولكن أظهر االقتصاد الطبيعة التي ال ميكن حتملها في ظل‬ ‫الدولة الراعية‪ ،‬ليس فقط ألن تلك الدول فشلت في الوفاء بعهودها‬ ‫االقتصادية من خالل توفير فرص العمل وأسعار غذاء معقولة‪ ،‬ولكن‬ ‫أيضا أشعل فسادها والتوزيع غير العادل للثروة‪ ،‬اإلحساس بالظلم‬ ‫بني السكان مما أدى إلى شقوق عميقة في العقود االجتماعية التي‬ ‫وضعت هذه األنظمة في مكانها في السابق‪.‬‬ ‫كانت معاناة غالبية السكان من عدم وجود من ميثلها سياسيا مع‬ ‫حرمانها االقتصادي حافزين مهمني إلشعال الثورات‪ .‬لم يكن الفقر‬ ‫وحده هو ما أسقط حكاما استمر عهدهم لعقود أمثال مبارك‬ ‫وبن علي‪ ،‬ولكن سوء اإلدارة الصارخ في تلك الدول (مبا فيها‬ ‫االقتصاد) هو ما أدى بالشعوب ألن تقول كفى‪.‬‬ ‫في يناير (كانون الثاني) عام ‪ ،2011‬في الوقت الذي‬ ‫انتظر فيه التونسيون تزوير انتخابات رئاسية أخرى‪،‬‬ ‫واجتر املصريون مرارة ذكرى سرقة االنتخابات البرملانية‪،‬‬ ‫تزايدت رغبة هذين الشعبني املتجاورين في تولي إدارة‬ ‫شؤون بلديهما‪.‬‬

‫بوال ميجيا ـ محررة تساهم مبقاالتها في «اجمللة»‬ ‫وهي مقيمة في تونس‪ .‬يركز عملها كصحافية‬ ‫حرة ومستشارة في بنك التنمية األفريقي على‬ ‫التحديات االقتصادية واالجتماعية في أفريقيا‪،‬‬ ‫وبخاصة مصر وتونس وليبيا‪.‬‬ ‫بوال ميجيا‬

‫تونسي يواجه رجال الشرطة مصوبا‬ ‫نحوهم رغيف خبز وكأنه بندقية‬ ‫‪28‬‬


‫‪ 1989‬في العالم العربي‬

‫الوقيعة‬

‫للوهلة األولى تبدو الثورات التي جتتاح معظم الدول العربية فصال جديدا‬ ‫في موجة التحول الدميقراطي التي ظهرت في أوروبا الشرقية عام ‪.1989‬‬ ‫لم تنتفض الشعوب احملرومة في السابق واخلاضعة لقمع سياسي ضد‬ ‫حكامها فقط‪ ،‬بل وأيضا ضد النخب واملؤسسات التي كانت تسودها‬ ‫وتفرض وصايتها عليها‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1989‬ثارت شعوب أوروبا الشرقية ضد نظم أحكمت‬ ‫سيطرتها عليها وتركتها في ركود سياسي واقتصادي‪ .‬ولم تعد القوى‬ ‫اخلارجية الشريرة التي بررت حكم النظام السوفياتي تعتبر عدوا‪،‬‬ ‫وبذلك أخرجت االنتفاضات األغلبية التي طال صمتها إلى الشوارع‪.‬‬ ‫كان الشعور باإلحباط والركود‪ ،‬مع الفساد واحملسوبية‪ ،‬وضعا لم يعد‬ ‫من املمكن حتمله‪ ،‬تشكل في جتمعات خاصة صغيرة ملدة طويلة‪ ،‬في‬ ‫الفترة السابقة على عامي ‪ 1989‬و‪ .2011‬عندما وصلت الضغوط إلى‬ ‫ذروتها‪ ،‬قررت النخب احلاكمة في أوروبا الشرقية إما القفز من السفينة‬ ‫الغارقة أو محاولة تعزيز قوتها بإخراج جيشها من ثكناته‪ .‬في عام‬ ‫‪ ،1989‬استطاعت الشعوب في عدد من الدول احداث الوقيعة بني‬ ‫احلكام وتابعيهم اخمللصني‪ ،‬كما حدث في عام ‪.2011‬‬ ‫ولكن على الرغم من أوجه التشابه‪ ،‬فإن هناك اختالفات‬

‫كبيرة‪ :‬بالنسبة لشعوب أوروبا الشرقية عام ‪ ،1989‬كان هناك منوذج عظيم‬ ‫قائم وموح يرونه أمامهم ـ األنظمة الدميقراطية الرأسمالية الليبرالية في‬ ‫غرب أوروباـ بدءا من السراويل اجلينز والروك أند رول وعالم هوليوود مع ثراء‬ ‫الطبقة املتوسطة التي ميلك الفرد فيها مسكنه وسيارته ويستطيع السفر‬ ‫إلى اخلارج‪ ..‬كان هناك أسلوب حياة يعيشه آخرون اتخذته هذه الشعوب‬ ‫منوذجا‪.‬‬ ‫ولكن في عام ‪ ،2011‬ال يوجد مثل هذا النموذج‪ .‬ال يوجد مثال عظيم أمام‬ ‫شعب تونس أو مصر أو ليبيا أو سوريا أو العديد من الدول‬ ‫األخرى في العالم العربي‪ .‬تظهر األنظمة الدميقراطية‬ ‫الليبرالية في أوروبا على أنها منحلة تفتقد إلى‬ ‫الوحدة الثقافية والدينية‪ .‬وتعتبر أنظمتها‬ ‫السياسية فاسدة وتركز على املصالح‬ ‫املالية ذاتها التي تعاملت معها األنظمة‬ ‫العربية في سبيل «االستقرار»‪.‬‬ ‫العدالة االجتماعية واالقتصادية‬ ‫والسياسية‪ ،‬هي املطلب الغالب‬ ‫سماعه في الثورات احلالية‪ ،‬ولكن‬ ‫ال يوجد مجتمع ميكنه أن يرشد‬ ‫إلى كيفية حتقيق تلك األهداف‬ ‫العظيمة‪ .‬للمرة الثانية‪ ،‬تظهر املثل‬ ‫العليا في عام ‪ 2011‬مختلفة كثيرا‬ ‫عن تلك في عام ‪ ،1989‬حتى إنه ليس‬ ‫من املعقول أن نعتبر االنتفاضات احلالية‬ ‫وتبعاتها وكأنها عام ‪ 1989‬في العالم‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫كريستيان كرامرـ طالب دكتوراه في قسم العالقات‬ ‫الدولية في كلية لندن لالقتصاد وهو مساعد‬ ‫في برنامج الشؤون الدولية ألفريقيا في مركز‬ ‫(آيدياز) التابع لكلية لندن لالقتصاد‪.‬‬ ‫كريستيان كرامر‬

‫‪ 1989‬كانت ثورة شعوب أوروبا الشرقية‪..‬‬ ‫‪ 2011‬جاءت ثورة الشعب العربي‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪27‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫دوافع داخلية أم تدخل قوى إقليمية؟‬

‫ا لتغيير‬

‫يوافق على التغيير في ليبيا ويعارضه في سوريا‪ .‬من جهة أخرى إن أنت سألت مواطنا ً‬ ‫عربيا ً عاديا ً متوسط التعليم لتقدمي تفسير ملا يحدث‪ ،‬سوف يشير لك في نهاية املطاف‬ ‫إلى «مؤامرة امريكية» خلف كل هذا‪ .‬هذه املؤامرة تظهر في أحاديث السياسيني‬ ‫املعارضني للتغيير‪ ،‬بخاصة في البلدان التي طالها التغيير أو املرشحة ألن يطولها‪.‬‬ ‫تفسيري لذلك أن الغرب‪ ،‬وإن فوجئ مبا حدث في البداية‪ ،‬سرعان ما وضع ثقله اإلعالمي‬ ‫ايضا ثقله العسكري «كما يحدث قي ليبيا»‬ ‫ثم السياسي في كفة التغيير‪ ،‬ثم وضع ً‬ ‫من أجل الدفع بعجلة التغيير‪ ،‬إما ارضا ًء جلمهور داخلي أو حتقيقا ملصالح اقتصادية في‬ ‫املستقبل‪ ،‬أو حتقيقا ملُثل عليا ينادي بها‪ ،‬وهي في النهاية‪ ،‬أي «عملية التغيير» أقل‬ ‫كلفة للغرب من ميزانيات احلروب التي خاضها مضطرا ضد اإلرهاب!‬

‫ماهي األسباب التي جعلت العرب في كثير من بلدانهم «يثورون» على‬ ‫األنظمة ويغيرونها أو يطالبون بتغييرها؟ ستظل االجابة النهائية‪ ،‬حتى‬ ‫وقت غير قصير غير حاسمة‪ ،‬كما سوف تتعدد اإلجابات كل حسب ما‬ ‫يلمسه من معطيات‪.‬‬ ‫استفادت قوى أخرى ايضا ً مما يحدث في بعض اجليوب‪ ،‬مثل ما حدث أن حاولت طهران عن‬ ‫إمنا السؤال الذي يليه‪ ،‬وهو هل دوافع التغيير أو املطالبة بالتغيير داخلية أم خارجية‪،‬‬ ‫يبدو أن اإلجابة على هذا السؤال قد ُحسمت‪ ،‬وهي في نظري دوافع محلية وداخلية في‬ ‫األساس‪ ،‬استفادت منها بعض القوى اإلقليمية وحاولت توظيفها أو وظفتها بالفعل‬ ‫في مكان ما بنجاح‪ ،‬وفي أخرى بنجاح ضئيل‪.‬‬

‫اختصر األسباب التي جعلت الشارع العربي ينتفض‪ ،‬في ما‬ ‫أسميه «احلقرة»‪ ،‬وهو يعني الفرق في التوقعات واألمل‪ ،‬جليل‬ ‫عربي جديد راغب في مسايرة العالم‪ ،‬وبني النظم السياسية‬ ‫الراكدة‪ ،‬التي تفتقد آلليات سياسية توائم بني األمل والتوقع‬ ‫وبني الواقع املعيش‪ .‬أي فشل ذريع في إدارة اجملتمعات إدارة‬ ‫حديثة وغياب الوعي السياسي الذي يوائم بني متطلبات‬ ‫األجيال اجلديدة وبني ما يحدث في العالم من تطور‪ ،‬أخذا‬ ‫في احلساب الثورة التقنية التي اجتاحت العالم‪.‬‬ ‫القضية التي تواجه من يتصدى للحديث عن عوامل‬ ‫الداخل واخلارج أن الرأي العام العربي منقسم على‬ ‫نفسه في ما يحدث‪ ،‬فنرى أن بعضه يساند التغيير في‬ ‫مكان‪ ،‬ويعتبره حراكا داخليا‪ ،‬و يعارضه في مكان آخر‬ ‫ويعتبره موجها من اخلارج‪ .‬كثير من العرب مثال‬

‫وائل غنيم وأمثاله من شباب‬ ‫االنتفاضات‪ ..‬وطنيون أم مدسوسون‬ ‫ينفذون مخططا أجنبيا‬ ‫‪26‬‬

‫طريق حلفائها العرب في اإلستفادة من احلراك الشعبي في البحرين‪ ،‬تسدي ًدا لصراع تراه‬ ‫مستحقا بني نظريتها الثورية وتوسع مصاحلها في اإلقليم‪ ،‬فدخلت على خط املطالب‬ ‫باالصالح في البحرين من خالل تشجيع بعض تابعيها لرفع املطالب عالية السقف الى‬ ‫درجة املطالبة بتغيير النظام إلى جمهورية والية الفقيه!‬ ‫تسويق فكرة التدخل الغربي النشط وراء ما حدث ويحدث سهلة‬ ‫لدى اجلمهور العريض اخذا بالتاريخ املتراكم‪ ،‬فتسمع أقواال ً مثل‬ ‫أن الواليات املتحدة قد دربت عددا من الشبان املصريني على طرق‬ ‫االعتصام واحلشد اجلماهيري‪ ،‬ويدخل في هذا الترويج شخصية وائل‬ ‫غنيم مسؤول التسويق في شركة غوغل وعالقته التي يروج لها‬ ‫بدوائر امريكية‪ .‬مثل هذه األقاويل جتد بعض االذان الصاغية‪.‬‬ ‫كما جند ان قوى اقليمة ارادات التقليل من النتائج السلبية‪،‬‬ ‫كما تراها‪ ،‬فتدخل مجلس التعاون في اليمن واالتراك في‬ ‫سوريا‪ ،‬بل وحتى اليمنيون توجهوا الى تركيا للمساعدة في‬ ‫حل سياسي‪.‬‬ ‫د‪ .‬محمد الرميحي ‪ -‬استاذ علم االجتماع في جامعة‬ ‫الكويت وله مؤلفات كثيرة ودراسات أكادميية‬ ‫منشورة في مجالت متخصصة ويكتب مقاالت‬ ‫دورية في كبريات الصحف الكويتية والعربية‪.‬‬ ‫د‪ .‬محمد الرميحي‬


‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪25‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫الربيع العربي‬ ‫‪10‬أوهام‬

‫غيّرت وجه التاريخ‬

‫ذات مرة الحظ الراحل فريد هاليداي األكادميي املتخصص في العالقات الدولية وشؤون‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬أن افتتاحية رواية تشارلز ديكنز «قصة مدينتني» تصور املناخ والشكوك‬ ‫احمليطني بالثورات‪ .‬فقد كتب ديكنز‪« :‬لقد كان أفضل العصور‪ ،‬وكان أسوأها‪ ،‬كان عصر‬ ‫احلكمة وعصر احلمق‪ ،‬عهد اإلميان وعهد الكفر‪ ،‬وكان فصل الضوء وفصل الظالم‪ ،‬لقد كان‬ ‫ربيع األمل وشتاء اليأس‪ ،‬لقد كان كل شيء متاحا أمامنا‪ ،‬ولم يكن أمامنا أي شيء‪ ،‬لقد كنا‬ ‫جميعا ذاهبني إلى النعيم‪ ،‬وكنا جميعا ذاهبني في االجتاه اآلخر»‪.‬‬ ‫تصف كلمات ديكنز‪ ،‬من العديد من النواحي‪ ،‬الربيع العربي‪ .‬فعلى الرغم من أن العديد من‬ ‫املقاالت التحليلية حاولت رصد تلك األحداث في إطار السحر املشع للثورات املاضية‪ ،‬فإن‬ ‫الطبيعة املزدوجة ‪ -‬النور والظالم أيضا ‪ -‬للربيع العربي كان يتم إغفالها دائما رغم ضرورة‬ ‫أخذها في االعتبار‪.‬‬ ‫على الرغم من كثير من اآلمال‪ ،‬لم يحقق الربيع العربي حتى اآلن تلك التوقعات الكبرى‪.‬‬ ‫حيث متثل تونس ومصر قصص النجاح اإلعالمية للربيع العربي‪ ،‬فيما متثل كل من اليمن‬ ‫وسوريا واجلزائر والبحرين وليبيا حتول الربيع إلى خريف من النزاعات طويلة األمد‪ ،‬من دون‬ ‫وجود ضمانة حلدوث التغيير أو حتى احلفاظ على األوضاع الراهنة‪.‬‬ ‫وحتى في مصر وتونس‪ ،‬انتقلت النخب التقليدية‪ ،‬وجماعات املعارضة العريقة‪ ،‬إلى قمع‬ ‫الشباب النشطاء في ميدان التحرير وساحة القصبة‪ .‬وسوف يكتب اجليش‪ ،‬أكثر من أي‬ ‫قوة أخرى في مصر وتونس‪ ،‬تاريخ البلدين في ما بعد الثورة‪.‬‬ ‫بعد «الثورة»‪ ،‬وجدت اجلماهير‪ ،‬التي أظهرت جرأتها‪ ،‬أن عاملها لم يتغير إلى حد بعيد‪ ،‬في‬ ‫تناقض حاد مع العالم اجلديد الذي يظهر على قناة «اجلزيرة» الفضائية‪ .‬فما زال اإلخفاق‬ ‫االقتصادي‪ ،‬والسلطوية‪ ،‬والطائفية‪ ،‬ونخب النظام القدمي كما هي في احلياة اليومية‪،‬‬ ‫يضاف إليها حالة من عدم االستقرار والغموض‪.‬‬ ‫لقد فرض الربيع العربي تأثيرا منهجيا على العديد من احلسابات االستراتيجية للغرب‬ ‫إزاء املنطقة‪ ،‬ولكنه لم يسفر حتى اآلن عن التغيرات التي تنبأ بها العديد من املتحمسني‪.‬‬ ‫فهناك وجه مظلم للربيع العربي‪ :‬عنف من دمشق إلى طرابلس‪ ،‬تصاعد الصدامات‬ ‫الطائفية‪ ،‬ومحاولة القوى الدينية إقصاء األسس العلمانية والليبرالية لتلك الدول‪ ،‬نافية‬ ‫افتراض أن الدميقراطية الليبرالية في طريقها للتحقق في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى األشهر العشرة املاضية‪ ،‬أي منذ أن أقدم الشاب التونسي محمد البوعزيزي‬ ‫في ديسمبر املاضي على االنتحار حرقا وما تال ذلك من أحداث جسام حتى شهر سبتمبر‬ ‫احلالي‪ ،‬طرحت «اجمللة» عشرة أسئلة تلف الربيع العربي غموضا على عشرة من الكتاب‬ ‫(من العرب واألجانب) في محاولة لفهم «األوهام» التي حتيط بالثورات أو ما أصبح يعرف‬ ‫بالربيع العربي الذي استحوذ على انتباه العالم‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬نأمل أن نقدم لكم صورة‬ ‫أكثر دقة حول تلك األحداث‪ .‬وباعتبارها من أهم مجالت الشؤون السياسية العربية‪ ،‬ترى‬ ‫أنه من الضروري أن يتم طرح تلك اإلشكاليات اآلن في العالم العربي‪ .‬وعلى الرغم من أنه ال‬ ‫يزال من املبكر جدا أن نكتب حول نتائج الربيع العربي‪ ،‬فإننا‪ ،‬نأمل‪ ،‬أن تلقي هذه املساهمة‬ ‫غيرت وجه التاريخ‪.‬‬ ‫بقدر من الضوء على أحداث ّ‬

‫‪24‬‬


‫برنامج حزب الإخوان «احلرية والعدالة»‬

‫التنمية املتكاملة‬

‫بعد أن خرج االخوان الى العلن بانشاء حزب ناطق باسمهم حتت مسمى «احلرية والعدالة»‪ ،‬اعلن االخوان املسلمون برنامجهم الذي سيعرضونه على الشعب‬ ‫املصري في أي انتخابات قادمة بعد جناح الثورة التي أنهت حكم الرئيس محمد حسني مبارك وأعطتهم شرعية قانونية قد جتعلهم أكبر حزب سياسي في البالد‪.‬‬ ‫وقد مت اختيار الدكتور سعد الكتاتنى أمينا عاما والدكتور محمد مرسي رئيسا للحزب والدكتور عصام العريان نائبا للرئيس وهؤالء على عاتقهم في الفترة املقبلة‬ ‫اثبات وجود اجلماعة كحزب سياسي بعد أن كان االخوان يعملون في السر لعقود‪.‬‬ ‫على الصعيد االقتصادي‪ ،‬وبحسب البرنامج املعلن‪ ،‬يرفض االخوان سياسات املعونة املشروطة في ظل توجه لالعتماد على الذات واملشاركة االقتصادية كبديل‬ ‫للمعونة املشروطة‪ .‬ويدعو إلى حتقيق االستقالل التام للجهاز املركزى للمحاسبات‪ ،‬ويركز على قضايا إصالح هيكل األجور والبطالة‪ ،‬وضبط األسواق‪ ،‬والعدالة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وتشجيع الشباب والفتيات على الزواج‪ ،‬واستيعاب الشباب في األحزاب السياسية واجلمعيات‪ ،‬وتطوير اخلطاب الديني‪.‬‬ ‫يؤكد البرنامج على تطوير خطة قومية للتنمية املتكاملة‪ ،‬بشريا ً وعمرانيا ً وإنتاجياً‪ ،‬والعمل على إعداد وتنفيذ السياسات الالزمة لتفعيل هذه اخلطة‪ ،‬وتفعيل‬ ‫وتطوير املؤسسات العليا في الدولة مثل اجملالس القومية املتخصصة ومجلس الشورى في صياغة وتفعيل اخلطة القومية للتنمية املتكاملة‪ ،‬وجذب اخلبرات‬ ‫والكفاءات الوطنية داخليا ً وخارجياً‪ ،‬وإعادة التوزيع اجلغرافي للتنمية والسكان واخلروج من الوادي الضيق مبا يخدم أهداف التنمية ويحقق األمن القومي‪ ،‬وإقامة‬ ‫املشروعات القومية كمشروع تنمية سيناء والوادي اجلديد والساحل الشمالي الغربي والصحراء الشرقية وجنوب أسوان‪ ،‬ومراجعة ملف ثروة مصر العقارية من‬ ‫أراضي البناء واألرض الزراعية‪ ،‬ووضع التشريعات التي متنع بيع األراضى والعقارات ذات الطبيعة اخلاصة باألمن القومي لغير املصريني‪ ،‬وإنشاء بنك ألراضي الدولة‬ ‫يختص وحده ببيع ممتلكات الدولة‪.‬‬ ‫وفي مجال البيئة‪ ،‬يؤكد االخوان على تفعيل سلطات وحدة الشرطة البيئية وربطها مبنظومة املراقبة البيئية‪ ،‬وزيادة املساحات اخلضراء املفتوحة داخل وحول املدن‪،‬‬ ‫ومواجهة التصحر باستصالح األراضي‪ ،‬وتقنني سياسة املدافن العمومية متهيدا ً لإلغالق الصحي والتدريجى لها‪.‬‬ ‫وفي مجال اإلسكان‪ ،‬زيادة مستوى الدخول من خالل التنمية املتكاملة‪ ،‬وإعادة توزيع التنمية والسكان على معظم املسطح القومي‪ ،‬باالرتباط مع املوارد الطبيعية‬ ‫املتاحة‪ ،‬وتطوير مناذج إبداعية لتصميم وإنشاء املساكن واملنشآت واملرافق قليلة التكلفة واملتوافقة مع البيئة تعتمد على مواد البناء احمللية والتقنيات اجلديدة‪.‬‬ ‫وفي مجال النقل واملواصالت‪ ،‬إنشاء وزارة للنقل البحري والنهرى‪ ،‬والعمل على إنشاء شبكة طرق جديدة‪ ،‬وإنشاء خط حديدي شرق النيل‪ .‬وفي مجال االتصاالت‬ ‫واملعلومات‪ ،‬إطالق حرية املنافسة بني شركات االتصاالت بصفة عامة‪ ،‬ووضع برنامج قومي متكامل لتوطني صناعة وتقنيات االتصاالت‪ ،‬والتوسع في إنشاء وتطوير‬ ‫البنية األساسية املعلوماتية‪ ،‬خاصة في مجال الشبكة الدولية للمعلومات‪.‬‬ ‫وفي مجال السياحة‪ ،‬حماية املناطق السياحية في املدن املصرية القدمية‪ ،‬وتشجيع القطاع اخلاص واستقطاب االستثمارات األجنبية‪ ،‬وتسويق املنتج السياحي‬ ‫على املستويني العربي والدولي من خالل العمل على تنشيط السياحة املصرية في األسواق الرئيسية املصدرة لها‪ ،‬وتشجيع سياحة املؤمترات والسياحة‬ ‫العلمية والثقافية والدينية‪ ،‬وسرعة إنشاء اجلسر البري فوق خليج العقبة ليربط بني مصر والسعودية تسهيال ً حلركة السياحة العربية بني دول املشرق واملغرب‬ ‫مرورا ً مبصر‪ ،‬إضافة إلى ما يحققه من منو اقتصادى في العديد من اجملاالت‪ .‬وفي مجال الصناعة والطاقة والتعدين‪ ،‬إنشاء مجلس أعلى للصناعة واالهتمام‬ ‫بالصناعات العسكرية حلماية األمن القومي‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪23‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫نكرر للجيش بأن األمن هو مفتاح عودة االقتصاد‪ .‬ولكن يتحدث اجلميع عن‬ ‫إصالح الضريبة التصاعدية والعدالة االجتماعية‪ .‬ملاذا؟ ألن املصريني لم‬ ‫يجدوا عدالة اجتماعية منذ آالف السنني‪ ،‬وال يدفعون ضرائب في املقام‬ ‫األول»‪ .‬رمبا أخفق كوادر الليبرالية اجلديدة في مصر في توفير فرص العمل‪،‬‬ ‫ولكنهم بالتأكيد حققوا منوا‪.‬‬ ‫ومن عام ‪ 2004‬إلى ‪ ،2008‬ارتفع معدل منو االقتصاد من ‪ 4.5‬في املائة‬ ‫إلى ‪ 7.2‬في املائة قبل أن ينخفض إلى نسبة معتدلة تقدر بـ‪ 5.2‬في‬ ‫املائة في عام ‪ .2010‬بعد تولي أحد نظيف رئاسة احلكومة بفترة وجيزة‪،‬‬ ‫تقدمت احلكومة بقوانني مصرفية جديدة تخصخص معظم القطاع املالي‬ ‫احلكومي املتعثر‪.‬‬ ‫وساعد إصالح العملة على تخفيض معدالت الفائدة وتنشيط أسعار‬ ‫الصرف وأسواق السلع‪ .‬كما رفعت الرسوم على الواردات‪ ،‬وهو ما رحب به‬ ‫أصحاب املصانع الذين يعتمدون على مكونات أجنبية الصنع في تصنيع‬ ‫منتجاتهم‪ .‬وارتفع حجم االستثمار األجنبي بقوة من أكثر من مليار دوالر‬ ‫بقليل في عام ‪ 2004‬إلى ‪ 12‬مليار دوالر بعد ذلك بثالث سنوات‪ ،‬في حني‬ ‫زاد حجم االحتياطي األجنبي من مبلغ يكفي لشراء واردات ملدة عدة أشهر‬ ‫إلى ‪ 36‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫يرجع ذلك إلى حد كبير إلى اإلصالح الذي شهده عهد نظيف‪ ،‬حيث جنا‬ ‫االقتصاد املصري من األزمة املالية العاملية‪ .‬وفي نهاية عام ‪ ،2010‬وضع‬ ‫البنك الدولي مصر على قمة التصنيف في تقرير أداء األعمال العاملي‪.‬‬ ‫في رد فعل كبير على النموذج املصري‪ ،‬تبنت دول أخرى في الشرق األوسط‬ ‫من تونس إلى السعودية اإلصالحات التي أطلقت في القاهرة‪ .‬ولفترة ما‬ ‫انتشر التفكير في أن األنظمة الشمولية في املنطقة جنحت في استنساخ‬ ‫النموذج الصيني للنمو‪ :‬حيث االنفتاح االقتصادي مع قمع حرية التعبير‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫ولكن كما أظهرت أحداث األشهر الثمانية األخيرة لم يتحول النموذج‬ ‫الصيني إلى العربية‪ .‬لقد خرج ماليني املتظاهرين ضد مبارك ودائرة مقربيه‬ ‫احلاكمة في ‪ 25‬يناير (كانون الثاني) نتيجة للشعور باإلحباط من البطالة‬ ‫املزمنة والفساد املتفشي‪.‬‬ ‫كشفت دراسة صدرت أخيرا عن املعهد اجلمهوري الدولي في واشنطن أن‬ ‫ثلثي املواطنني الذين شاركوا في الثورة املصرية فعلوا ذلك معارضة للظلم‬ ‫االقتصادي في دولة يعيش ‪ 45‬في املائة من سكانها حتت خط الفقر وتشكل‬ ‫نسبة ‪ 20‬في املائة من أصحاب الدخل ‪ 60‬في املائة من الدخل القومي‪.‬‬ ‫فائض فساد‬ ‫يعترف حتى املدافعون عن املبادئ الليبرالية اجلديدة بأنه رمبا استغل أفراد‬ ‫النظام هذه اإلصالحات‪ .‬يقول عمرو األلفي أحد مديري سي آي كابيتال في‬ ‫القاهرة‪« :‬حتتاج اإلصالحات إلى بعض الوقت لينتشر أثرها ولكني أعتقد أن‬ ‫عائداتها كانت متركزة في مستويات محددة في اجملتمع»‪ .‬بالنسبة لنجيب‬ ‫ساويرس‪ ،‬أحد أقوى رجال األعمال الذين أيدوا الثورة بقوة‪ ،‬لم يكن التحرر‬ ‫االقتصادي هو ما أنهى حكم مبارك ولكن الرأسمالية املصاحبة له‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫«كانت املشكلة في نقص الدميقراطية وفائض الديكتاتورية والفساد‪ .‬حتى‬ ‫تنجح الرأسمالية يجب أن تنساب الفرص ولكن ذلك لم يحدث»‪.‬‬ ‫من املهم استيعاب فشل حترر السوق في مصر‪ .‬وعلى الرغم من أن ساويرس‬ ‫يعتقد أن اخلصخصة ستستمر‪ ،‬فإنه يبدو ضمن أقلية بني شعب ينظر في‬ ‫حذر جتاه القطاع اخلاص منذ مدة طويلة قبل أن يبدأ النظام في بيع أصول‬ ‫الدولة إلى الشركات األجنبية ويسمح بتعومي اجلنيه أمام الدوالر‪.‬‬ ‫ويعترف ساويرس نفسه أنه إذا كتب للرأسمالية االستمرار في مصر سيكون‬ ‫عليها أن تُقدم بصورة أخرى‪ .‬ويقول‪« :‬علينا أن نستخدم مصطلحات جديدة‬ ‫بدال من علماني وليبرالي ورأسمالي‪ ،‬التي أصبحت كلمات سيئة اآلن‪ .‬رمبا‬ ‫تكون مصطلحات "السوق االجتماعية" أو "الرخاء االجتماعي" هي احلل»‪.‬‬ ‫رمبا يتعلم املصريون أيضا من احلكمة الشهيرة املنسوبة إلى رجل الدولة‬

‫‪22‬‬

‫الصيني دينغ شياو بينغ الذي كان يعرف كيفية حتفيز األسواق النامية‪:‬‬ ‫«ليس مهما ما إذا كان القط داكن اللون أو أبيض طاملا يلتقط الفئران»‪.‬‬ ‫ال يوجد نقص في الفئران‪ ،‬ال سيما منذ تدمير الثورة لالقتصاد حتى مع‬ ‫استحواذها على انتباه العالم‪ .‬وفقا لسي آي كابيتال‪ ،‬من املقدر أن ينكمش‬ ‫إجمالي الناجت احمللي املصري في األشهر الستة األولى من العام بنسبة أكبر‬ ‫من ‪ 6‬في املائة‪ ،‬ومن املتوقع أن يصل معدل النمو إلى ‪ 1.2‬في املائة فقط‪.‬‬ ‫كما خسر قطاع السياحة‪ ،‬الذي يعد باإلضافة إلى عائدات قناة السويس‬ ‫العمود الرئيسي لالقتصاد‪ ،‬نحو ‪ 1.8‬مليار دوالر بسبب إلغاء احلجوزات‬ ‫والقيود املفروضة على سفر الزوار املتوقعني‪.‬‬ ‫ويتراجع االستثمار األجنبي والتحويالت من املصريني املغتربني بسبب الريبة‬ ‫السياسية في اخلليج العربي‪ ،‬كما أجبر البنك املركزي املصري على حرق‬ ‫نحو ربع احتياطيه من النقد األجنبي لدعم اجلنيه‪ .‬وقياسا ملقدار ضعف‬ ‫الدوالر‪ ،‬استعادت العملة املصرية ‪ 6‬في املائة فقط من قيمتها بعد قيام‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫تهدئة اخملاوف‬ ‫هناك أيضا االرتياب السياسي‪ .‬من املقرر أن جترى االنتخابات البرملانية في‬ ‫سبتمبر (أيلول)‪ ،‬ومن املتوقع أن تفوز جماعة اإلخوان املسلمني بغالبية‬ ‫مقاعد البرملان نظرا لشبكاتها االجتماعية الواسعة‪ .‬وفي حني يحاول قادة‬ ‫اإلخوان طمأنة مجتمع األعمال في مصر والشعب ككل بأنهم ال يرغبون في‬ ‫فرض تطبيق الشريعة على االقتصاد‪ ،‬فإن حتالفهم مع اجلماعات السلفية‬ ‫لم يساعد على بث الثقة‪ .‬في يونيو (حزيران)‪ ،‬أشار مدير أحد الفنادق‬ ‫الكبرى اململوكة ألجانب في القاهرة إلى زجاجة بيرة مفتوحة في غذاء‬ ‫جماعي وأعلن أنها حرام‪ ،‬في إشارة اقشعرت لها أبدان مسؤولي الفندق‬ ‫اخلائفني من تبعات أسلمة مصر‪.‬‬ ‫يقول الشيخ محمد فرحات أحد دعاة السلفية البارزين إنه ال داعي للقلق‪،‬‬ ‫فبموجب الشريعة يعاقب السائحون بثمانية جلدات فقط إذا تناولوا‬ ‫الكحوليات في العلن‪ .‬وال توجد عقوبة ضدهم إذا تناولوها سرا في غرفهم‬ ‫داخل الفنادق‪.‬‬ ‫كذلك لم يفعل اجمللس األعلى للقوات املسلحة‪ ،‬الذي يحكم البالد بصورة‬ ‫مؤقتة‪ ،‬الكثير لتهدئة اخملاوف الشعبية من املستقبل‪ .‬في يوليو (متوز)‪،‬‬ ‫أوردت «نيويورك تاميز» أن اجمللس األعلى للقوات املسلحة يصوغ دستورا‬ ‫جديدا يحافظ على استحقاقاته ليس فقط كدرع واق للشعب‪ ،‬بل كمالك‬ ‫ومدير ملشروعات جتارية مثل الفنادق الفاخرة ومصانع النسيج‪ .‬بذلك أراد‬ ‫اجمللس األعلى اإلساءة إلى كل من العلمانيني واإلسالميني الذين فهموا‬ ‫هذه اخلطوة على أنها اجتاه نحو الثقافة السياسية في تركيا‪ ،‬حيث يحكم‬ ‫املدنيون برضا من ضباط اجليش الذين ميلكون صالحيات واسعة‪.‬‬ ‫في حني رمبا يقول البعض إن حكم السيادة املشتركة خدم تركيا جيدا‬ ‫نظرا ألدائها االقتصادي املذهل على مدار العقدين املاضيني‪ ،‬إال أنه في مصر‬ ‫خدمت األعمال التي متلكها القوات املسلحة اجليش ذاته بصورة أكبر من‬ ‫خدمتها للشعب الذي أقسم لواءات اجليش على خدمته‪ .‬في هذه احلالة‪،‬‬ ‫ال يعد النموذج التركي مالئما ملصر كما أن النموذج السويدي غبر قابل‬ ‫للتطبيق‪ ،‬على األقل حاليا‪.‬‬ ‫يجب على مصر‪ ،‬التي ظلت طوال قرون نهرا جاريا من التيارات السياسية‬ ‫واالقتصادية والثقافية اإلقليمية وأصابته عقود من احلكم الديكتاتوري‬ ‫بالركود‪ ،‬أن جتد صيغة خاصة بها من أجل التجديد‪ .‬ويبدو أن إيجاد حل‬ ‫هجني أمر حتمي‪ ،‬نظرا لتعدد جمهور الناخبني وخبرتهم القامتة مع احلكم‬ ‫املطلق‪ .‬ولكن يجب أن تصل مصر إلى شيء ما سريعا‪ ،‬وإال قد تصبح‬ ‫ثورتها قصيرة العمر بصورة مذهلة كما هي مذهلة في حدوثها‪.‬‬ ‫ستيفن غلني – مراسل سابق لـ«نيوزويك»‪ ،‬يغطي أخبار آسيا والشرق‬ ‫األوسط لـ«وول ستريت جورنال» منذ عشرة أعوام‪ .‬يقيم حاليا في‬ ‫واشنطن ويعمل صحافيا حرا ومؤلفا‪ .‬يؤلف حاليا كتابه املقبل عن‬ ‫عسكرة السياسة اخلارجية األميركية‪.‬‬


‫النمو‬ ‫مصر اجلديدة تبحث عن «عدالة اجتماعية» في احلكم و «منوذج سويدي» في‬ ‫ّ‬

‫اقتصاد الثورة‬

‫يشتعل اخلالف في مصر‪ ،‬وما وراءها‪ ،‬حول اخلطوة االقتصادية التالية لدولة في حالة تغيير مستمر‪ .‬ولكن يضع انعدام الثقة في املبادئ الليبرالية‬ ‫اجلديدة املتشدق بها سابقا واملناخ السياسي الذي يتطلب إصالحات طموحة للغاية‪ ،‬احلكومة االنتقالية في موقف صعب للغاية‪.‬‬ ‫ستيفن غلني‬ ‫أخيرا في القاهرة وفي مساء أحد األيام‪ ،‬احتشد أكثر من ‪ 200‬شخص‬ ‫في قاعة املؤمترات في نقابة احملامني املصريني لالستماع إلى سياسيني‬ ‫متنافسني – ليبراليني ويساريني وإسالميني – وهم يتحدثون عن رؤاهم‬ ‫لدولة تتغير إحداثياتها السياسية يوميا‪ .‬تعد مثل هذه االجتماعات‬ ‫تاريخية‪ .‬كانت حرية التجمع ضمن احلقوق العديدة التي حرم منها‬ ‫املصريون حتى شهر فبراير (شباط) املاضي‪ ،‬عندما متت اإلطاحة بحسني‬ ‫مبارك في ثورة شعبية‪ .‬في اللقاء انغمس احلضور في نقاش مفتوح تزداد‬ ‫حدته ال سيما عندما يتعلق األمر باالقتصاد‪ ،‬وكأنهم ينفضون صدأ احلكم‬ ‫االستبدادي من خالل التنفيس الذي متنحه لهم حرية التعبير عن الرأي‪.‬‬ ‫في أثناء جلسة األسئلة واألجوبة‪ ،‬اتهمت سيدة الضيف الليبرالي على‬ ‫املنصة بأنه رأسمالي متخف نظرا لتأييده لبرنامج اخلصخصة في عهد‬ ‫مبارك وهو البرنامج املكروه بشدة بسبب الفساد الذي نتج عنه باإلضافة‬ ‫إلى تسببه في ارتفاع نسبة البطالة‪ .‬وطالب زعيم عمالي مبعرفة سبب‬ ‫عدم مطالبة املتحدثني للحكومة املؤقتة التي عينها اجمللس العسكري‬ ‫املصري بفرض حد أدنى لرواتب العاملني‪ .‬ومن بني احلضور أيد عضو جماعة‬ ‫اإلخوان املسلمني‪ ،‬املعروفة باعتناقها القدمي القتصاد السوق‪ ،‬تقدمي دعم‬ ‫حكومي للخبز وزيت الطهي‪.‬‬ ‫كان مغزى اللقاء واضحا‪ :‬تغلق مصر الباب في وجه خطة اإلصالح الليبرالية‬ ‫اجلديدة التي وضعها خبراء مبارك‪ .‬ليس من الصعب معرفة السبب‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن الفضل في ارتفاع معدالت النمو يرجع إلى ستة أعوام من‬ ‫التحرر االقتصادي حتت حكومة أحمد نظيف‪ ،‬فإنها لم حتقق شيئا من أجل‬ ‫تغيير تدني مستويات املعيشة‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬صاحب التحرر االقتصادي‬ ‫فجوة متنامية في الدخول بني طبقة ضئيلة من النخبة املقربة من احلكم‬ ‫وعدد متزايد من السكان احملتاجني‪ ،‬باإلضافة إلى تفاقم أزمة العشوائيات‬ ‫ونهب األصول الوطنية على يد مستثمرين أجانب‪ ،‬والعجز عن توفير فرص‬ ‫عمل كافية تالئم ‪ 800.000‬طالب وظيفة يدخلون سوق العمل سنويا‪.‬‬ ‫يقول خبراء اقتصاد إن الهجوم على اللبيرالية اجلديدة وواضعي خططها‬ ‫شديد‪ ،‬لدرجة أن مصر تتعرض خلطر فقدان كبار رجال الصناعة واملمولني‬ ‫واخملططني االقتصاديني‪ .‬قالت غادة اجلوهري‪ ،‬مستشارة رشيد محمد رشيد‬ ‫وزير التجارة األسبق الذي أجبر على الهرب من البالد بعد سقوط نظام مبارك‪:‬‬ ‫«غادر الكثير من املستثمرين لهذا السبب‪ .‬هذا أسوأ شيء ميكن أن يحدث»‪.‬‬

‫فعال‪ .‬بعد تأميم االقتصاد في أثناء‬ ‫عجزت عن االستقرار على منوذج منو ّ‬ ‫اخلمسينيات والستينيات حتت رئاسة الرجل القوي جمال عبد الناصر‪،‬‬ ‫ثم خصخصته مع انحسار حكم احلزب الواحد‪ ،‬اختبرت القاهرة نقيضي‬ ‫العالج االقتصادي في دولة لم تستعد رخاء الفترة االستعمارية‪.‬‬

‫في حني ال تشكل الفوضى االقتصادية في حد ذاتها تهديدا وجوديا ملصر ‪-‬‬ ‫حيث توفر قناة السويس مصدرا ثابتا للعائدات‪ ،‬وتقدم مياه النيل مصادر‬ ‫معيشة دائمة – فإن معدل البطالة املتزايد والنمو البطيء قد يقيد في‬ ‫النهاية الدميقراطية الناشئة في البالد في مهدها‪ .‬توجد بالفعل توترات‬ ‫بني الثوار من جانب‪ ،‬في صراع مع اجليش حول من يحدد شروط احلكم‪،‬‬ ‫والتجار من جانب آخر حيث يريدون ببساطة إعالن الفوز والعودة إلى العمل‪.‬‬ ‫في حني يدعي أصحاب الفريق األول أن روح الثورة ذاتها معرضة للخطر‪ ،‬إال‬ ‫أن الفريق الثاني يقول إن ثورة دون اقتصاد حيوي يتم البناء عليه لن تكون‬ ‫قابلة لالستمرار وستكون غير مهمة‪.‬‬

‫عودة األمن‬ ‫يتحدث االقتصاديون واحملللون‪ ،‬مبا فيهم املدونون الشباب الذين قادوا الثورة‬ ‫التي استمرت ‪ 18‬يوما لتنتصر على النظام القدمي‪ ،‬عن احلاجة إلى «عدالة‬ ‫اجتماعية»‪ .‬ويؤيدون «منوذجا سويديا» في النمو‪ ،‬مبعنى الرأسمالية اخلاضعة‬ ‫للوائح صارمة وتوازن من خالل خدمات اجتماعية تقدمها الدولة‪ ،‬من رعاية‬ ‫صحية إلى إجازات رعاية الطفل لآلباء إلى تأمني البطالة‪ .‬ولكن حتى تتمكن‬ ‫مصر من توفير الدخل الالزم لسداد تلك االلتزامات‪ ،‬يظل النموذج السويدي‬ ‫أكثر طموحا من كونه وقائيا ضد ثورة قادمة أو انقالب عسكري‪.‬‬

‫ويزداد النقاش تعقيدا نظرا حلقيقة أن مصر‪ ،‬على نقيض دول شرق آسيا‪،‬‬

‫يقول جالل أمني‪ ،‬أستاذ االقتصاد في اجلامعة األميركية بالقاهرة‪« :‬ما زلنا‬

‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪21‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫خ�صومة مع ال�سادات ومبارك وانقالب‬ ‫على مر�شد الإخوان‬ ‫يعتبر الدكتور عبد املنعم أبو الفتوح من الشخصيات اإلخوانية الشهيرة واملهمة على الساحة‬ ‫السياسية في مصر‪ ،‬وقد برز اسمه بقوة في الفترة األخيرة بعد أن أعلن ـ متحديا جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني ـ ترشيح نفسه للرئاسة في الوقت الذي أعلنت فيه اجلماعة عن رفضها لترشيح أي من‬ ‫أعضائها في انتخابات الرئاسة القادمة‪ ،‬بل والتصريح بالتحقيق مع شباب اجلماعة الذين يثبت تعاونهم‬ ‫مع أبو الفتوح في حملته االنتخابية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم مما يبدو من حالة خصام أو توتر في العالقات بني أبو الفتوح وأقطاب جماعة اإلخوان في‬ ‫مصر‪ ،‬إال أن البعض يرى أن هذا التوتر هو ظاهري فقط وأن ما يبدو للعامة هو مجرد مناورة سياسية‬ ‫جلماعة اإلخوان لكسب تعاطف املصريني لصالح املرشح اإلخواني‪ .‬وجدير بالذكر أن الدكتور عبد املنعم‬ ‫أبو الفتوح بدأ نشاطه مبكرا مع جماعة اإلخوان املسلمني منذ كان طالبا في كلية الطب ورئيسا الحتاد‬ ‫طالب جامعة القاهره وأمينا ً للجنة اإلعالمية في احتاد طالب جامعات مصر في السبعينيات من القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬وكان كذلك من القيادات الشبابية اإلخوانية الالمعة آنذاك‪ ،‬والزال كثير من املصريني يذكرون‬ ‫له مناظرته التاريخية الشهيرة للرئيس املصري الراحل أنور السادات والتي صورها فيلم السادات للفنان‬ ‫أحمد زكي والتي بدا فيها غاضبا من طالب يحاسبه على الفساد وسوء التعامل مع بعض الرموز الدينية‬ ‫وهو ما أغضب السادات وجعله يصرخ في وجهه محتدا عليه وهو يقول له جملته الشهيرة «قف مكانك‬ ‫أنت تتحدث مع كبير العيلة»‪.‬‬ ‫ولم يكن هذا الطالب سوى أبو الفتوح الذي دفع ثمن هذا املوقف غاليا بحرمانه من التعيني كأستاذ بكلية‬ ‫الطب رغم تفوقه وجناحه في مواصلة حياته العملية كطبيب‪ ،‬وارتقائه في الدرجات العلمية حتى أصبح‬ ‫األمني العام الحتاد األطباء العرب‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى فقد واصل أبو الفتوح نشاطه السياسي داخل عباءة اإلخوان حتى أصبح أحد قياداتها‬ ‫البارزين وأصبح عضو مكتب اإلرشاد حيث كان يعتبر مبثابة املتحدث باسم اجلماعة ولم يخل األمر خالل‬ ‫تلك األثناء من مضايقات أمنية في عهدي السادات ومبارك وصلت إلى السجن واالعتقال أكثر من مرة‬ ‫حتى كانت نقطة التحول التي يراها البعض انقالبا في مواقفه على جماعة اإلخوان املسلمني والدخول‬ ‫في خالفات وصراعات مع املرشد محمد بديع والتي بدأت من أول يوم حينما تخلف أبو الفتوح عن حضور‬ ‫اجتماع مبايعته‪.‬‬ ‫وعلى الرغم مما شاب ترشيح أبو الفتوح للرئاسة مبصر من غموض بدأ بإنكارالترشح ثم إعالنه صراحة‬

‫بعد أسابيع من بدء حملته االنتخابية وما تبعه من تخبط في ردود فعل اجلماعة من هذا الترشيح‪ ،‬إال أنه‬ ‫يتمتع باحترام جميع اخلصوم السياسيني ألرائه املوضوعية وعقليته املتفتحة خاصة في القضايا املثيرة‬ ‫للجدل واخلوف من أفكار اإلخوان‪ ،‬مثل قضايا التعامل مع األقباط واملرأة‪ ،‬حيث يبدو أكثر مرونة وقبوال‬ ‫لآلخر‪ .‬لكن تبقى احتماالت جناحه في انتخابات الرئاسة محل شك كبير من أغلب املصريني خاصة في‬ ‫ظل صعود جنم كثير من املرشحني املنافسني في الشارع املصري‪.‬‬

‫عبد املنعم �أبو الفتوح لـ «املجلة»‪:‬‬ ‫ل�ست مر�شحا للإخوان‪ ..‬والدولة الدينية مرفو�ضة‬ ‫بعد أسابيع من إعالنه الترشح رسميا‪ ،‬دخل الدكتور عبد املنعم أبو الفتوح سباق الرئاسة مبصر بكل قوة‬ ‫في ظل اللقاءات واجلوالت املكوكية التي يقوم بها في مصر وخارجها وفي لقاء سريع معه على هامش‬ ‫تلك اجلوالت كشف عن آراء مهمة بدأها بحديثه عن اإلخوان املسلمني وعن عالقته بهم فقال إنه ال‬ ‫ميكن أن أنفصل عن اإلخوان فأنا إخواني وخادم للدعوة اإلخوانية‪.‬‬ ‫*إذن ملاذا تركت مكتب اإلرشاد أو استبعدت منه؟‬ ‫ـ لم أستبعد من مكتب اإلرشاد بل اعتذرت ألترك الفرصة للشباب‬ ‫*هل يعنى ذلك أنك مرشح لإلخوان في االنتخابات الرئاسية القادمة؟‬ ‫ـ ال‪ ،‬لست مرشحا باسم اإلخوان‪.‬‬ ‫*هل حقا طالبت اإلخوان بالكف عن العمل السري؟‬ ‫ـ نعم‪ ،‬ففي املاضي كان املبرر هو املضايقات األمنية‪ ،‬أما اليوم فال داعي للعمل السري كما أننا نريد أن‬ ‫تكون دعوتنا مفتوحة للناس‪.‬‬ ‫*ملاذا انتقدت وجود حزب سياسي لإلخوان املسلمني؟‬ ‫ـ أنا أرفض اخللط بني العمل احلزبي السياسي و الدعوي الديني وهو ما سيحدث في حزب اإلخوان ومن ثم‬ ‫سيكون خطرا على اجملتمع‪.‬‬ ‫*ما موقفك من وجود أحزاب علمانية على الساحة مبصر؟‬ ‫ـ كل حزب له فكره وال مانع من وجود حزب علماني والبد أن تتاح الفرصة لكل األحزاب حتى تكون هناك‬ ‫حريات حقيقية‪.‬‬ ‫*ما رأيك في تخوف البعض من املادة الثانية اخلاصة بالشريعة اإلسالمية في الدستوراملصري؟‬ ‫ـ الشريعة اإلسالمية مصدر رئيسي للتشريع وهي مرجعية دستورية للشعب املصري وعلينا أن نترك‬ ‫الشعب يختار ما يشاء‪.‬‬ ‫* بحكم انتمائك اإلخواني هل تريد مصر دولة مدنية أم دينية؟‬ ‫ـ الدولة الدينية كانت في العصور الوسطى فقط‪ ،‬واإلسالم اليوافق على أي دولة دينية يحكم فيها‬ ‫احلاكم بحق اإلله فهذه مسألة مرفوضة‪.‬‬ ‫*هل ميكن أن تنسحب من االنتخابات الرئاسية ؟‬ ‫ـ عندما أجد من هو أصلح منى ملنصب رئيس اجلمهورية في مصر ‪.‬‬ ‫*أال ترى أن وجود مرشح إخوانى يقلق أقباط مصر ؟‬ ‫ـ ال بل بالعكس فمن شروط املرشح املصاحلة مع الدين ألن املصريني بطبيعتهم مسيحيني ومسلمني‬ ‫شعب متدين ‪.‬‬ ‫*ماأهم بنود برنامجك االنتخابى؟‬ ‫ـ أوال اإلعالء من قيمتى العدالة واحلرية باإلضافة إلى التركيز على قضية التعليم والبحث العلمى وفتح‬ ‫آفاق االستثمار أمام العرب واألجانب ‪.‬‬ ‫*وماذا عن السياسة اخلارجية والعالقات الدولية في حال فوزك رئيسا ملصر؟‬ ‫ـ أعتمد على سياسة خارجية متوازنة مع إيران و تركيا باإلضافة إلى دول اخلليج ‪ .‬مع االهتمام بقضايا‬ ‫العرب الكبرى ‪.‬‬ ‫حاورته ‪ :‬صفاء عزب‬

‫إذا لم تسفر هذه االنقسامات عن تقسيم أصوات الناخبني‪ ،‬فعلى األرجح‬ ‫أن هذه األحزاب املنفصلة ستكون شريكة في ائتالف طبيعي يستطيع‬ ‫جذب أكثر من ‪ 50‬من مقاعد البرملان التي حتدث عنها اإلخوان‪ ،‬مما يضاعف‬ ‫حجم الضغوط التي يتعرض لها األعضاء احلذرون داخل اجلماعة‪.‬‬ ‫نظرا لتحديد موعد إجراء االنتخابات في شهر سبتمبر (أيلول) املقبل‪،‬‬ ‫من املمكن أن يعني ذلك مكاسب كبرى لالئتالف الذي يقوده اإلخوان في‬ ‫مواجهة ساحة سياسية تنقسم فيها األحزاب العلمانية التي حتاول‬ ‫إثبات ذاتها في أقل من اشهر ثالثة متبقية‪ .‬يبقى أنه خارج العاصمة‬ ‫القاهرة‪ ،‬حيث يسكن أغلبية السكان في مصر‪ ،‬تواجه األحزاب اجلديدة‬ ‫حتديا كبيرا‪.‬‬ ‫هناك مخاوف أخرى منتشرة بأن االنتخابات ستجرى قبل وضع دستور جديد‪،‬‬ ‫مما يسمح للفائزين بالقيام بدور حاسم في وضعه‪ .‬في نظام دميقراطي‬ ‫لم يصل إلى النضج التمثيلي سريعا بعد انفتاح العملية السياسية‪،‬‬ ‫من املمكن أن تكون هذه القضية خطيرة في سبيل التقدم إلى األمام‪ ،‬ال‬ ‫‪20‬‬

‫سيما وأن الصراع الطائفي بني األقباط والسلفيني في مصر مستمر في‬ ‫االشتعال‪.‬‬ ‫ما معنى ذلك في دولة ما زال مستقبلها غامضا وجماعة تكافح من أجل‬ ‫تعريف ذاتها أمام قدرة غير مسبوقة على تقرير مستقبلها في احلياة‬ ‫السياسية املصرية؟ في حني تقترب مصر من موعد إجراء االنتخابات‪ ،‬حتاول‬ ‫قيادة اإلخوان حتقيق توازن صعب قد يصبح أقرب للخلل منه الى التوازن‪.‬‬ ‫رمبا يكمن مستقبل مصر وثورتها بدرجة كبيرة في نتيجة التسييس‬ ‫الداخلي لتلك اجلماعة وأي فريق سينجح في فرض فكره وتوجهاته داخل‬ ‫اجلماعة ويحضى خارجها بدعم شعب ما زال على وقع الثورة‪.‬‬ ‫عمر رحمن – صحافي حر ومعلق متخصص في الشؤون السياسية‬ ‫االجتماعية في الشرق األوسط‪ .‬تنشر أعماله في «فورين بوليسي»‬ ‫و«الغارديان» و«اجلزيرة»‪ ،‬باإلضافة إلى العديد من اإلصدارات الدولية‬ ‫األخرى‪.‬‬


‫ميدان التحرير حتول الى ميدان للدعوة االسالمية‬

‫الدكتور محمد بديع‬ ‫املرشد العام‬ ‫لإلخوان املسلمني‬

‫املر�شد العام‬ ‫* املرشد العام هو مرشد اجلماعة وممثلها‪ ،‬وباإلضافة إلى مسئولياته واختصاصاته طبقً ا لالئحة‬ ‫العامة هو الرئيس العام للجماعة في مصر ورئيس كل من مكتب اإلرشاد ومجلس الشورى‪ ،‬وله‬ ‫حق حضور جميع أقسام وتشكيالت اجلماعة وتنظيماتها ورئاستها‪ ،‬واملرجع في كل ما يتعلق به إلى‬ ‫الالئحة العامة‪.‬‬ ‫* للمرشد العام أن يخول نائبه األول بعض اختصاصاته حسبما تقتضيه املصلحة‪ ،‬وله أن ينيب‬ ‫غيره من النواب في رئاسة مكتب اإلرشاد أو مجلس الشورى أو في غير ذلك من أقسام وتشكيالت‬ ‫اجلماعة وتنظيماتها‪.‬‬ ‫* في حالة غياب املرشد العام خارج اجلمهورية أو تعذر قيامه مبهامه ملرض أو لعذر طارئ يقوم نائبه‬ ‫األول مقامه في جميع اختصاصاته‪.‬‬ ‫* في حالة حدوث موانع قهرية حتول دون مباشرة املرشد ملهامه يحل محله نائبه األول ثم األقدم‬ ‫فاألقدم من النواب ثم األكبر فاألكبر من أعضاء مكتب اإلرشاد‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪19‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫اإلخوان املسلمون في مصر‪..‬‬ ‫من احلظر الى الرئاسة‬

‫وأعدّوا‪...‬‬

‫في مصر بعد مبارك‪ ،‬وجدت جماعة اإلخوان املسلمني ذاتها في ساحة‬ ‫ليست معتادة عليها‪ ،‬من حزب محظور الى محور للحياة السياسية في‬ ‫البالد‪ .‬كانت اجلماعة ولعقود طويلة وحدة مترابطة بعكس كل األطراف‬ ‫الفاعلة في احلياة السياسية املصرية‪ .‬ألول مرة‪ ،‬بدأت االنقسامات‬ ‫والشقاقات في الظهور بدرجة كبيرة‪ .‬يبدو أن التغيير الذي طال مصر‬ ‫سيطول ايضا أكبر وأهم األحزاب السياسية في البالد‪.‬‬ ‫خاص بـ «اجمللة»‬ ‫من بعيد‪ ،‬تشبه عالمة الصالة الصلبان رمادية اللون التي تزين جباه رواد‬ ‫الكنيسة في أول أيام الصوم الكبير‪ .‬ولكن من قريب‪ ،‬يتضح أن هذه‬ ‫العالمات دائمة ناجتة عن احتكاك البشرة على مدار سنوات بسجاجيد‬ ‫الصالة أثناء السجود‪ .‬لقد أصبحت العالمة شارة تكرمي بني املؤمنني‪ ،‬شهادة‬ ‫على إخالصهم وتدينهم‪ .‬في بعض احلاالت‪ ،‬تتحول العالمة إلى نتوء بسبب‬ ‫تراكم أنسجة الندبة لتصبح ما يعرف بزبيبة الصالة‪.‬‬ ‫أي متجول في شوارع القاهرة وحواريها الضيقة سيرى هذه العالمات في‬ ‫كل مكان‪ .‬إنها إحدى اإلشارات على عمق دور اإلسالم في الثقافة املصرية‬ ‫وسبب قبول فكر اإلخوان املسلمني‪ ،‬أبرز جماعة إسالمية‪ ،‬بني اجلماهير‪.‬‬ ‫ولكن في مصر بعد مبارك‪ ،‬وجدت جماعة اإلخوان ذاتها في ساحة ليست‬ ‫معتادة عليها‪ ،‬حيث حتولت الى محور احلياة السياسية في البالد‪ .‬كانت‬ ‫اجلماعة ولعقود طويلة وحدة مترابطة بعكس كل األطراف الفاعلة في‬ ‫احلياة السياسية املصرية‪ .‬ألول مرة‪ ،‬بدأت االنقسامات والشقاقات في‬ ‫الظهور بدرجة كبيرة‪.‬‬ ‫برز االنقسام الرئيسي داخل قيادة اجلماعة‪ ،‬حيث نشبت معركة بني من‬ ‫يرغبون في االحتفاظ مبوقع اجلماعة املريح كتنظيم اجتماعي‪ ،‬ال يتحمل‬ ‫مسؤولية القيادة املباشرة‪ ،‬ومن يأملون في االستفادة من الساحة‬ ‫السياسية اجلديدة حيث رمبا ميكنهم حتويل التأييد الشعبي الذي حتظى به‬ ‫اجلماعة إلى إدارة مناصب عليا في البالد‪.‬‬

‫الوطنية للبالد‪.‬‬ ‫ولكن ظهر آخرون يرغبون في مواجهة النتائج احملتملة حتى تتخذ اجلماعة‬ ‫خطوة كبيرة إلى األمام في سبيل السيطرة على أكثر دولة مؤثرة في‬ ‫العالم العربي‪ .‬في الواقع‪ ،‬بعد فترة وجيزة من اإلعالن عن التنافس على‬ ‫ثلث مقاعد البرملان املصري‪ ،‬ارتفعت النسبة إلى خمسني في املائة‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬على الرغم من أن اإلخوان صرحوا بأنهم لن يطرحوا‬ ‫مرشحا للرئاسة فإن هذا لم مينع أعضاء بارزين داخل القيادة من الترشح‬ ‫للمنصب بعيدا عن السياسة الرسمية للحزب‪.‬‬ ‫فصل الدكتور عبد املنعم أبو الفتوح‪ ،‬العضو البارز في جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني‪ ،‬بالفعل من اجلماعة بسبب إعالن نيته الترشح للرئاسة‬ ‫كمستقل‪ .‬واتهم بيان رسمي صادر عن اجلماعة أبو الفتوح بتحدي تعهد‬ ‫اجلماعة بعدم املشاركة في االنتخابات الرئاسية‪.‬‬

‫كان باديا في أعقاب الثورة أن احلذرين داخل اإلخوان فرضوا كلمتهم‪ .‬مت‬ ‫تأسيس حزب سياسي (احلرية والعدالة) الذي أصروا على أن ال تكون له‬ ‫عالقة مباشرة باإلخوان املسلمني‪ .‬أعلن حزب احلرية والعدالة أنه سينافس‬ ‫على ثلث مقاعد البرملان في االنتخابات املقبلة‪ .‬األهم من ذلك‪ ،‬صرح‬ ‫قياديون في احلزب بأنهم لن يطرحوا مرشحا على منصب الرئيس‪ ،‬مبددين‬ ‫مخاوف من استيالء اإلخوان املسلمني على السلطة‪ .‬وبالنسبة ملن توقعوا‬ ‫تكرار منوذج إيران ‪ ،1979‬جاءت هذه التصريحات لتهدئة مخاوف كثيرة‪.‬‬

‫ولكن ليس من املرجح أن مينع هذا القرار أعضاء اإلخوان املسلمني من‬ ‫تأييد واحد منهم في السباق الرئاسي‪ ،‬ال سيما شباب احلزب‪ .‬من الناحية‬ ‫اآليديولوجية‪ ،‬ما زال أبو الفتوح يعتنق كثيرا من آراء اإلخوان املسلمني‪،‬‬ ‫في حني أنه يتقرب أيضا من املركز السياسي‪ .‬إنه ميثل منوذجا ميكن قبوله‬ ‫بسهولة لفكر اإلخوان القادر على حشد التأييد من قطاع عريض من‬ ‫الناخبني املصريني‪.‬‬

‫ذكر قادة هذا املعسكر مخاوف صحيحة بأن اإلخوان املسلمني سيثيرون‬ ‫مخاوف داخلية ودولية ذات تداعيات خطيرة إذا سعت اجلماعة بتسرع إلى‬ ‫دور أكبر في احلكومة‪ .‬وظهرت قضايا مثل االقتصاد املصري‪ ،‬الذي يعاني‬ ‫من ضعف شديد بالفعل نتيجة للثورة‪ ،‬والعالقات اخلارجية املصرية في‬ ‫مقدمة األسباب التي جعلت اإلخوان املسلمني حذرين بشأن املصلحة‬

‫يوجد حاليا حزبان منشقان عن اإلخوان ميكنهما أن يشكال جبهتني‬ ‫منافستني‪ ،‬وهما حزب الوسط وحزب النهضة‪ ،‬وكالهما ميثل صوتا تقدميا‬ ‫داخل حركة اإلخوان‪ .‬من املرجح أن يحظى هذان احلزبان بتأييد شباب‬ ‫اإلخوان الذين تتردد أنباء عن استيائهم من العديد من القرارات التي‬ ‫تتخذها العناصر التقليدية في اجلماعة‪ ،‬مبا فيها قرار فصل أبو الفتوح‪.‬‬

‫‪18‬‬



‫● احلرب والسالم‬

‫من جهة فان هذا األمر يجعل من املستحيل على اجليش السوري‬ ‫البقاء في الشوراع ألمد طويل‪ ،‬ما سيدفع به إلى التفكك‬ ‫التدريجي و فقدان الكثير من قوته‪ ،‬بحيث بات واضحا إمكانية‬ ‫حدوث مترد بني صفوف قيادات اجليش و ذلك عبر ترك الكثير من‬ ‫اجلنود و الكوادر التابعة له و انضمامهم للمعارضة‪.‬‬ ‫فاجليش السوري صورة مصغرة للتركيبة السكانية للشعب‬ ‫السوري‪ ،‬فغالبية املنتمني للجيش هم من السنة في الوقت الذي‬ ‫ينتمي بشار األسد إلى الطائفة العلوية و التي تشكل األقلية‬ ‫في التركيبة السكانية للمجتمع السوري‪.‬‬ ‫و يظهر هذا األمر مدى صحة األنباء التي حتدثت عن انشقاقات‬ ‫و مترد في صفوف اجليش السوري األمر الذي يبطل مفعول أي‬ ‫محاولة للسلطة احلاكمة في سوريا إلخماد االحتجاجات‪ ،‬و في‬ ‫حال سقوط نظام األسد في سوريا ستتغير معادالت القوة في‬ ‫املنطقة بشكل كبير‪.‬‬ ‫تغيير سياسات‬ ‫إن احلكومة اإلسرائيلية التي كانت ترى في الربيع العربي و ثوراته‬ ‫خطرا كبيرا على أمنها و مصاحلها القومية‪ ،‬ال تزال تلتزم الصمت‬ ‫حيال ما يحدث في سوريا و كأنها بهذا األمر تدعم فكرة بقاء‬ ‫نظام األسد في سوريا بشكل يظهر مدى التغيير الذي طرأ على‬ ‫السياسة اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫فاحلكومات الغربية لم تبد بشكل علني رغبتها في تنحي بشار‬ ‫األسد عن السلطة‪ ،‬و كل ما فعلته هذه احلكومات هو إنتقاد بشار‬ ‫األسد بسبب جلوئه للعنف و القتل في تعامله مع اإلحتجاجات‪،‬‬ ‫األمر الذي لم نشاهده في تصرف الغرب مع القذافي في ليبيا‪.‬‬

‫فتصريحات الرئيس الروسي و حتذيره لألسد من املصير احملزن‬ ‫الذي قد ينتظر النظام السوري‪ ،‬أثارت جدال واسعا في وسائل‬ ‫اإلعالم اإلسرائيلية‪ ،‬على عكس وسائل اإلعالم اإليرانية التي‬ ‫جتاهلتها متاما‪ .‬كذلك فإن تصريحات السفير الروسي لدى حلف‬ ‫شمال األطلسي الذي حذر من مغبة أن تكون فكرة شن هجمات‬ ‫عسكرية ضد سوريا مقدمة لشن ضربة عسكرية ضد إيران‬ ‫أخذت حيزا أكبر في وسائل اإلعالم االسرائيلية‪.‬‬ ‫ويبدو أن تغييرا طرأ في السياسة اإلسرائيلية حيال النظام‬ ‫السوري‪ ،‬وبات من الواضح أن إسرائيل تعتقد أن أي حملة عسكرية‬ ‫ضد سوريا في املدى القصير ستمهد الطريق إلى حملة عسكرية‬ ‫أكبر ضد إيران في املدى املتوسط و هذا من أجل حتقيق هدف أكبر‪.‬‬ ‫كذلك يبدو أن الناتو قد أيقن أن شن ضربات عسكرية على‬ ‫القدرات الدفاعية الضعيفة لدول مثل ليبيا و اليمن و أكبر‬ ‫بقليل سوريا‪ ،‬قد ميهد الطريق إلى ضرب القدرات العسكرية‬ ‫اإليرانية التي تعتبر متوسطة إذا ما قارناها بالقدرات العسكرية‬ ‫ألعضاء الناتو ‪.‬‬ ‫و روسيا تعتقد أن الــ «ناتو» قادر على شن ضربات عسكرية ضد‬ ‫إيران التي متتلك قدرات عسكرية متوسطة و إن شن أي ضربة‬ ‫عسكرية ضد سوريا التي متلك قدرات عسكرية ضعيفة سيمهد‬ ‫الطريق لنيل الهدف األكبر أال و هو شن ضربة عسكرية ضد إيران‪.‬‬ ‫و من دون شك فإن سقوط نظام األسد في سوريا إما بعوامل داخلية‬ ‫(جناح الثورة) أو بعوامل خارجية (ضربة عسكرية) سيتسبب في‬ ‫فقدان إيران ألهم حليف لها في املنطقة‪ ،‬وسيشجع اإلصالحيني‬ ‫على العودة مجددا الى الشارع‪ ،‬متحدين القمع‪ ،‬ومستفيدين من‬ ‫الظرف الدولي اجلديد والدعم الغربي لهم بعكس ما كان في‬ ‫االحتجاجات السابقة الي لم حتظ بغطاء غربي‪.‬‬ ‫و بالتالي سيكون هذا مبثابة اجلائزة التي تنتظر إسرائيل احلصول‬ ‫عليها و التي تخطط لنجاحها في املدى املتوسط‪ ،‬و لهذا السبب‬ ‫فقدت األمل من نظام األسد و تخلت عنه‪ .‬فهل وصلت الرسالة‬ ‫بالفعل الى ايران وهي توشك أن تفقد أهم حليف لها في املنطقة‪،‬‬ ‫وتغير املعادلة في‬ ‫أم أن الفوضى ستعم بعد سقوط نظام األسد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لبنان نحو الضبط أو االنفالت إذا حترك حزب اهلل بأجندة والية‬ ‫الفقيه‪ ،‬وتعرض ايران لضربة او ضربات عسكرية تترافق مع‬ ‫احتكاكات إقليمية واحتجاجات شعبية‪ ،‬فيما يكون العراق غير‬ ‫بعيد قبيل االنسحاب األمريكي تستعد ايران لتعويضه وسط‬ ‫تقارير تتحدث عن رغبة البعض في الغاء العملية السياسية‬ ‫واملطالبة بالفيدرالية او التقسيم على اساس طائفي‪.‬‬ ‫«من دَق ‪ ،‬دُق» عبارة قالها أردوغان بالعربي ولم تترجمها وسائل‬ ‫االعالم االيرانية القريبة من احلكومة والتي نقلت خطابه عن‬ ‫التطورات السورية‪ ،‬أو رمبا فهمها املرشد االيراني علي خامنئي‬ ‫الضليع بالعربية‪ ،‬اذا كان تابع هذه التطورات شخصيا ومن دون‬ ‫االستعانة بجهاز مخابرات»البيت»‪ ،‬فعمد الى اقالة الرئيس‬ ‫محمود أحمدي جناد عن طريق إسقاط البرملان كفاءته السياسية‪،‬‬ ‫وسمح بإجراء انتخابات مبكرة إلعادة اإلصالحيني‪ ،‬والعمل‬ ‫مبقترحات رئيس مجلس تشخيص النظام هاشمي رفسنجاني‬ ‫إلعادة ثقة الشعب بالنظام‪ ،‬وحل األزمة املستمرة النتخابات‬ ‫حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2009‬لترميم البيت االيراني ‪..‬قبل الطوفان!‬ ‫رمبا يكون خامنئي تأخر كثيرا ً‪.‬‬ ‫جناح محمد علي ‪ -‬صحافي وكاتب عراقي عمل في العديد من‬ ‫الصحف واجملالت والقنوات الفضائية وهو يعمل اآلن محررا‬ ‫للشؤون اإليرانية في قناة العربية‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫بشكل ملفت‪ ،‬و مع أن هذه التصريحات أثارت ضجة بني وسائل‬ ‫اإلعالم اإليرانية إال أنها تناولتها بشكل مختلف متاما‪ ،‬بحيث‬ ‫حذفت الشق األخير من تصريحات السفير الروسي و الذي يتعلق‬ ‫بشن ضربة عسكرية على إيران و سعت إلظهار األمر و كأن إيران‬ ‫ليست املعنية باألمر بشكل مباشر‪.‬‬ ‫لقد أخذ موضوع استهداف املنشآت النووية اإليرانية في كل‬ ‫مرة يتم فيها طرح فكرة شن ضربة عسكرية حيزا ً مهما في‬ ‫األخبار املتعلقة بإيران خالل السنوات الست املاضية‪ ،‬أي منذ‬ ‫تولي الرئيس احلالي «محمود أحمدي جناد» رئاسة اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية بسبب تصريحاته املثيرة للجدل‪ ،‬حتى باتت‬ ‫تلك األنباء املتعلقة ببرنامج إيران النووي و فكرة شن هجوم على‬ ‫منشاتها النووية أخبارا مستهلكة و قدمية‪.‬‬ ‫إال أنه ميكن اعتبار تصريحات «دميتري روجوزين» األخيرة‪ ،‬حركة‬ ‫دعائية سياسية روسية الهدف منها حتذير الغرب من مغبة‬ ‫التفكير في شن ضربة عسكرية ضد إيران‪.‬‬ ‫و كان السفير الروسي في الناتو قد حذر من قبل أيضا ً و بالتحديد‬ ‫في يناير املاضي من عواقب إرسال فيروس «إستاكس نت» الذي‬ ‫استهدف أجهزة احلاسوب في املنشآت النووية اإليرانية و باالخص‬ ‫في مفاعل بوشهر النووي‪ ،‬و الذي قال حينها بأنه قد تكون نتائجه‬

‫كارثية و قد تتكرر فاجعة مفاعل «تشرنوبل»‪.‬‬ ‫إال أن السفير الروسي اعتبر تلميح بعض أعضاء الناتو من‬ ‫احتمال تدخل الناتو عسكريا في كل من سوريا و اليمن مقدمة‬ ‫لشن ضربة عسكرية على إيران من اجل ثنيها عن االستمرار في‬ ‫برنامجها النووي أو إسقاط النظام احلاكم فيها‪.‬‬ ‫هذا في الوقت الذي نفى فيه األمني العام حللف الشمال‬ ‫األطلسي «اندرس فوج راسموسني»‪ ،‬وجود أي نية للحلف لشن‬ ‫هجمات عسكرية على سوريا‪ ،‬رغم أن بعض الدول األعضاء في‬ ‫احللف يجرون مشاورات لتقدمي مشروع قرار جديد جمللس األمن ضد‬ ‫سوريا‪ ،‬إال أن تركيا هي البلد الوحيد من بني أعضاء الناتو التي‬ ‫تتوفر فيها شروط مناسبة لشن أي هجوم عسكرية بري على‬ ‫سوريا – نظرا لوجود أكثر من ثمامنائة كلم حدود برية بني البلدين‬ ‫و امتالك تركيا جيشا قويا و مجهزا بأكثر أنواع األسلحة تطورا‬ ‫في املنطقة‪.‬‬ ‫ويبدو أن تصريحات رئسي الوزراء التركي رجب طيب أوردغان ميكن‬ ‫أن يكون مقدمة لهذا التدخل‪ ،‬وذلك يتوقف على موقف الرئيس‬ ‫السوري مما قاله أردوغان‪.‬‬ ‫و إذا نظرنا إلى اخلارطة السورية فسنجد إسرائيل في اجلوار‪ ،‬على‬ ‫الرغم من إنها ليست أحد أعضاء الناتو‪ ،‬إال أن إسرائيل تعتبر أحد‬ ‫أقوى حلفاء حلف شمال األطلسي في الشرق األوسط ‪ ،‬و التي‬ ‫متتلك قدرات عسكرية كبيرة وترسانة ضخمة من األسلحة‪.‬‬ ‫إعالم احلكومة‬ ‫إن تصريحات السفير الروسي في حلف شمال األطلسي التي‬ ‫احتوت على حتذيرات من قيام الناتو بأي تدخل عسكري في سوريا‪،‬‬ ‫تاله بساعات قليلة تصريحات الرئيس الروسي «ميدفيدف» التي‬ ‫نشرتها صحيفة «فسيتا» الروسية و الذي وجه فيها حتذيرا‬ ‫للرئيس السوري بشار األسد من التمادي في استخدام القوة ضد‬ ‫املتظاهرين و املعارضة السورية‪.‬فالرئيس الروسي‪ ،‬كان يخاطب‬ ‫األسد مباشرة محذرا ً حيث قال إن النظام السوري ينتظره‬ ‫مصير محزن إذا ما استمر في استخدام العنف ضد املتظاهرين‬ ‫و معارضيه‪.‬‬ ‫و في املقابل فإن وسائل اإلعالم اإليرانية املقربة من احلكومة التي‬ ‫دأبت و منذ اندالع األزمة في سوريا على عدم التطرق إلى ما يحدث‬ ‫في سوريا‪ ،‬نشرت تصريحات السفير الروسي في الناتو املتعلقة‬ ‫بتحذيره من أي هجوم عسكري ضد دمشق و تطرقت إليها‬ ‫بشكل واسع‪ ،‬فيما بدأت و ألول مرة بنشر بعض األنباء املتعلقة‬ ‫بتحركات اجليش السوري في املدن السورية و أعداد الضحايا في‬ ‫صدر تقاريرها اليومية‪.‬‬ ‫و رغم أن وسائل اإليرانية الرسمية ال تزال تظهر األزمة السورية‬ ‫و كأنه أمر عادي و ال تتطرق إليه بشكل موضوعي و تفصيلي إال‬ ‫أنه يالحظ حدوث تغيير طرأ على السياسة اإلعالمية لوسائل‬ ‫اإلعالم الرسمية اإليرانية‪ ،‬و الذي يظهر مدى تزايد قلق النظام‬ ‫احلاكم في إيران حيال ما يحدث في سوريا‪.‬النظام احلاكم في‬ ‫إيران يخشى كذلك من أي تغيير يطال نظام األسد في دمشق‪،‬‬ ‫وبالتالي فان نظام إيران يحضر نفسه ملواجهة النتائج املباشرة و‬ ‫غير املباشرة لسقوط النظام في سوريا‪.‬‬ ‫آخر أوراق األسد‬ ‫استخدم نظام األسد في سوريا كامل قوته العسكرية في قمع‬ ‫املتظاهرين‪ ،‬فحشد النظام عشرات الدبابات أثناء إقتحام اجليش‬ ‫السوري لدينة «حماه» يـظهر أن بشار األسد استخدم آخر‬ ‫أوراقه في مواجهة اإلحتجاجات الداخلية املتزايدة‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪15‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫أحمدي جناد وبشار األسد‪ ..‬أي مصير؟‬

‫مخاوف من ضربة عسكرية تستهدف ايران‪ ..‬بعد سقوط النظام في سوريا‬

‫قبل الطوفان‬

‫هناك مخاوف في ايران وفي روسيا من أن يكون التدخل العسكري الغربي عسكريا في سوريا‪(،‬إذا حصل) مقدمة لضربة‬ ‫عسكرية تستهدف ايران مستقبال‪ .‬لكن اإلصالحيني وهم خارج السلطة وميثلون غالبية الشعب االيراني‪ ،‬ورغم أنهم‬ ‫يعارضون التدخل العسكري الغربي في سوريا‪ ،‬سيكونون أول احملتفلني بسقوط النظام هناك‪ ،‬ليصبح النظام في ايران‬ ‫وحيدا من دون حليف في املنطقة‪ ،‬وسيسهل ذلك في سقوطه أو تغييره من الداخل‪ ،‬أو بدعم من اخلارج‪.‬‬ ‫جناح محمد علي‬ ‫فبعد خطاب العاهل السعودي امللك عبداهلل وحتذيره أن «مستقبل‬ ‫سوريا بني خيارين إما احلكمة أو الفوضى»‪ ،‬وماسبقه من كالم‬ ‫عبر فيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن غضبه حيال‬ ‫ما يجري في سوريا قائال «الميكننا أن نقف متفرجني حيال ما‬ ‫يجري هناك»‪ ،‬سارعت أوساط مقربة من احلكومة االيرانية الى‬ ‫القول ‪:‬هل حانت ساعة رحيل بشار األسد؟ وماذا بعد سوريا؟‪.‬‬

‫لفكرة شن ضربة عسكرية ضد سوريا وسط مخاوف في موسكو‬ ‫وطهران‪ ،‬أن تكون هذه اخلطوة مقدمة لضربة عسكرية طال‬ ‫انتظارها ضد إيران‪ .‬وقد تُرجمت هذه اخملاوف على لسان «دميتري‬ ‫روجوزين» سفير روسيا لدى حلف شمال األطلسي «الناتو» الذي‬ ‫قال بأنه يخشى من أن يكون أي حتضير لشن ضربة عسكرية على‬ ‫سوريا مقدمة لشن ضربة عسكرية ضد إيران‪.‬‬

‫في األيام اآلخيرة‪ ،‬بات واضحا أن الغرب زاد حماسه و تأييده‬

‫وتناولت وسائل اإلعالم العاملية تصريحات السفير الروسي‪،‬‬

‫‪14‬‬


TM1561_OBC_Ad.indd 64

21/02/2011 10:58


‫● احلرب والسالم‬

‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬ظهر حزب كردستاني معارض جديد يطلق عليه‬ ‫«غوران» وهو احلزب الذي ينتقد بشراسة احلزب الكردستاني الدميقراطي‬ ‫واالحتاد الوطني الكردستاني نظرا إلخفاقهما في حتقيق ما وصفه زعيمه‪،‬‬ ‫محمد توفيق رحيم‪ ،‬بـ«أهداف السياسة اخلارجية لكردستان» والقضاء‬ ‫على الفساد‪ .‬ومن املرجح أن يؤدي تزايد التنافس بني احلزب الكردستاني‬ ‫الدميقراطي واالحتاد الوطني الكردستاني وغوران إلى املزيد من اخملاطر‬ ‫بالنسبة ألي زعيم كردي يبدو «متساهال» بشأن املطالب الكردية حول‬ ‫األراضي املتنازع عليها أو غيرها من «احلقوق الكردية»‪ .‬وميثل ذلك مشكلة‬ ‫كبيرة بالنسبة للقيادة الكردية احلالية‪ .‬وبعدما صوروا أنفسهم كمحرري‬ ‫كركوك واملدافعني عن كردستان‪ ،‬أصبحوا يحتاجون اآلن إلى التفكير‬ ‫في كيف ميكنهم التعامل مع تزايد التوقعات الشعبية في الوقت الذي‬ ‫أصبحت فيه بغداد أكثر قوة‪.‬‬ ‫وهناك أيضا وضع القوات األمنية الكردية والتي تتسم بالغموض ببساطة‬ ‫نظرا ألنها جزء من مشكلة أكبر تتعلق بتوزيع السلطة واملوارد بني بغداد‬ ‫وأربيل‪ .‬ويعد القلق األساسي هو وجود القوات األمنية الكردية التي تتبع‬ ‫حكومة إقليم كردستان وليس السلطات الفيدرالية‪ .‬فهناك البيشمركة‪،‬‬ ‫والزيرفاني‪ ،‬وقوات مسلحة‪ ،‬وقوات األمن التي يسيطر عليها احلزب‬ ‫الدميقراطي الكردستاني واملعروفة باسم قوات األسايش‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫وكاالت االستخبارات املعروفة باسم باراسنت وزانياري‪.‬‬ ‫ومن اإلشكاليات األخرى‪ ،‬اإلشكالية التي تتعلق مبا ميكن عمله بقوات‬ ‫األمن الكردية املنتشرة في مناطق خارج منطقة كردستان والتي يعتبرها‬ ‫الدستور «متنازعا عليها»‪ .‬بالنسبة للقيادة الكردية‪ ،‬يجب أن تبقى تلك‬ ‫القوات حلماية السكان األكراد ولتعزيز احتماالت اندماج تلك املناطق في‬ ‫النهاية مع كردستان‪ .‬وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬ترغب احلكومة الفيدرالية‬ ‫والسلطات احمللية في مد نفوذها إلى تلك املناطق ملوازنة نفوذ األكراد‬ ‫هناك‪ .‬وقد اتضح ذلك في دعوة املالكي لتأسيس مجاالت إسناد عشائرية‬ ‫تتكون من العرب والتركمان واألكراد في مواجهة القيادة الكردية احلالية‬ ‫في ‪.2008‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬ال تزال العالقات مع الدول اجملاورة حتمل الفرص واخملاطر في الوقت‬ ‫ذاته‪ .‬فعلى الرغم من انفتاح تركيا وإيران وسوريا‪ ،‬على نحو أقل‪ ،‬على‬ ‫كردستان العراق‪ ،‬ما زالت تلك البلدان تعارض بقوة املزاعم الكردية في‬ ‫كركوك‪ ،‬حيث إنهم يعتقدون أن منح األكراد كركوك سوف ميكنهم من‬ ‫االنسحاب من العراق وإعالن االستقالل‪.‬‬ ‫وفي غياب القوات األميركية‪ ،‬فرمبا ينشب نزاع هائل ميكن أن يؤدي إلى تدخل‬ ‫تلك الدول في الشؤون الكردية‪ ،‬وهو ما سوف يجبر إسرائيل على منح‬ ‫دعمها لألكراد‪ .‬فقد كانت احلكومة اإلسرائيلية تنظر دائما إلى كردستان‬ ‫باعتبارها «فرصة تاريخية» ألنها غنية باملوارد وألن سكانها ليسوا عربا‪.‬‬ ‫بل لقد كانت إسرائيل مشاركة بفعالية في كردستان منذ عام ‪ ،2003‬من‬ ‫خالل تدريب وتسليح القوات األمنية الكردية‪ ،‬وهو عمل أساسي وإن لم‬ ‫يحظ باهتمام بالغ‪ ،‬خلف النشاطات احلالية لتركيا في فلسطني‪.‬‬ ‫وتتطلب كل من تلك القضايا تنازالت في بيئة غير مرحبة متاما بتقدمي‬ ‫تنازالت وتوافقات‪ .‬وعلى الرغم من أن بغداد وأربيل ال تبدوان مرحبتني‬ ‫بالدخول في مواجهات مسلحة‪ ،‬تكتسي األراضي املتنازع عليها أهمية‬ ‫بالغة بالنسبة لكال اجلانبني للحد الذي رمبا يجعل حادثة واحدة تؤدي إلى‬ ‫تصعيد خطير‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإذا ما أخفق العرب واألكراد في حتقيق شراكة‬ ‫بناءة قبل انتهاء العام‪ ،‬فرمبا يتدهور الوضع بشدة على اخلطوط األمامية‬ ‫وهو ما سوف يؤثر على وحدة األراضي ووجود العراق نفسه كدولة‪ .‬ويعد‬ ‫ذلك السيناريو مرجحا متاما حتى أنه ال توجد دولة أخرى‪ ،‬لديها الوسائل‬ ‫الدبلوماسية والعسكرية الكافية‪ ،‬ميكن أن نتوقع اضطالعها بدور‬ ‫الوساطة بعد رحيل الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫نيما خورامي أسل‪ :‬كاتب يعيش في بكني وباحث متخصص في السياسة‬ ‫وحتليل العوامل اجليو اقتصادية والتطورات األمنية في منطقة الشرق‬ ‫األوسط وآسيا الباسيفكية‪ .‬وقد أجرى أسل أيضا عددا من املشروعات‬ ‫للحكومة أو لبعض العمالء في الشرق األوسط ونشر أيضا مقاالت في‬ ‫«الغارديان» وفي «أوبني دميوقراسي»‪ ،‬و«ديفينس آي كيو»‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫ال م�ساومة‬ ‫يؤكد مسعود بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان ان «هوية كركوك الكردية‬ ‫ليست محل مساومة»‪ ،‬بخاصة وان اقليم كردستان الذي يتمتع بشبه حكم‬ ‫ذاتي له احلق بتقرير املصير‪.‬‬ ‫كالم بارزاني‪ ،‬الذي يعتبره البعض متطرفا‪ ،‬جدده قبل حوالي ‪ 9‬أشهر خالل املؤمتر‬ ‫الثالث عشر للحزب الدميوقراطي الكردستاني الذي يتزعمه وامام رئيس اجلمهورية‬ ‫جالل طالباني ورئيسي مجلس الوزراء والنواب نوري املالكي واسامة النجيفي‪.‬‬ ‫بارزاني قال ان «املؤمترات السابقة حلزبه كانت دائما تؤكد على حق الشعب‬ ‫الكردي بتقرير املصير‪ ،‬لكن احلزب يرى اليوم ان املطالبة بحق تقرير املصير والكفاح‬ ‫السلمي لبلوغ الهدف تنسجم مع املرحلة املقبلة»‪.‬‬ ‫كما اعلن ان «احلزب وضع اهدافه استنادا الى نهج واقعي ودراسة موازين القوى‬ ‫واملعادالت السياسية وقد حدد اهدافه على هذا االساس وتدريجيا في سياق‬ ‫مطالبته بالدميقراطية واحلكم الذاتي والفدرالية في كردستان»‪ .‬وذكر الزعيم‬ ‫الكردي باملادة رقم ‪ 140‬من الدستور العراقي قائال ان «بتطبيقها يزول الكثير من‬ ‫الظلم واالستبداد»‪.‬‬ ‫واعتبر رئيس حكومة اقليم كردستان ان «النجاح والتقدم في االقليم قد يجعل‬ ‫سكان باقي احملافظات يفكرون في اقامة اقاليم خاصة بهم‪ ،‬وفي حال حصل ذلك‪،‬‬ ‫فان االكراد سيساندون اي اقليم يتشكل حسب طموحات سكانه الن ترسيخ‬ ‫النظام الدميقراطي حق للجميع»‪.‬‬ ‫وفي ختام حديثه عن كركوك‪ ،‬املتنازع على هويتها بني االكراد والعرب والتركمان‬ ‫وبخاصة بسبب كونها غنية جدا بالنفط‪ ،‬تعهد بارزاني بأن «يجعل االكراد من‬ ‫هذه املدينة منوذجا للتعايش والتسامح واالدارة املشتركة»‪.‬‬ ‫يذكر ان اخلالف بني العرب واالكراد والتركمان على كركوك ناجت عن تغيير دميوغرافية‬ ‫املدينة خالل اعوام حكم النظام العراقي السابق الذي اتهم بالسعي الى»تعريب»‬ ‫بعض املناطق للسيطرة عليها‪.‬‬


‫في حوار حديث مع صحيفة «ذا ناشيونال»‪ ،‬حتدث مسرور بارزاني حول‬ ‫رغبته في أن يخلف أباه‪ ،‬الرئيس مسعود بارزاني‪ ،‬كزعيم منتخب لكردستان‬ ‫العراق‪ .‬يثق بارزاني االبن‪ ،‬العضو البارز في «احلزب الوطني الكردستاني»‪،‬‬ ‫ورئيس «وكالة حماية أمن إقليم كردستان»‪ ،‬في أن األكراد سوف يكون لهم‬ ‫في يوم من األيام دولة خاصة بهم‪ ،‬ألن االستقالل «حلم» كل كردي‪ .‬ونظرا‬ ‫إلدراكه أن اجملتمع الدولي ليس مستعدا بعد لتقبل وجود دولة مستقلة‬ ‫لألكراد‪ ،‬فإنه يعتقد أن اخلطوة األساسية صوب االستقالل هي تغيير‬ ‫منظور «األشخاص الذين نعيش معهم» لكي يتقبلوا األكراد كأنداد لهم‪.‬‬ ‫فيقول بارزاني‪« :‬نحن نقوم بواجبنا‪ ،‬وعلى اجملتمع الدولي اآلن أن يستجيب‬ ‫لضميره ويقول‪ :‬حسنا‪ ،‬رمبا كنا مخطئني‪ ،‬ورمبا يستحق األكراد املزيد»‪.‬‬ ‫وقد تزامن ذلك اليقني املتزايد في كردستان‪ ،‬على نحو خطر‪ ،‬مع تزايد في‬ ‫ثقة بغداد وقوتها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تتزايد احتماالت نشوب نزاعات مسلحة بني‬ ‫اجليش العراقي وبيشمركة كردستان (احلرس املسلح لكردستان) إلى حد‬ ‫بعيد في عراق ما بعد أميركا‪ .‬ونظرا ألن التاريخ يقول إن احلكومات العراقية‬ ‫لن تستجيب للمطالب الكردية إال عندما تتسم بالضعف فقط فقد عبر‬

‫العديد من السياسيني األكراد عن أملهم في تأخير االنسحاب األميركي‪،‬‬ ‫في الوقت الذي لم يعد فيه من املمكن من الناحية االقتصادية بالنسبة‬ ‫حلكومة الواليات املتحدة‪ ،‬بغض النظر عن الشخص املوجود في البيت‬ ‫األبيض‪ ،‬االلتزام أو التورط في حملة عسكرية طويلة املدى‪.‬‬ ‫فمنذ عام ‪ ،2003‬كانت القوات األميركية تلعب دور الوسيط وعامل‬ ‫االستقرار بني أكراد العراق والعرب‪ .‬وأخذا في االعتبار األزمات الداخلية التي‬ ‫تواجهها الواليات املتحدة‪ ،‬يصبح من املستبعد أن ترحب بالتدخل في نزاع‬ ‫فيما بعد ‪ .2012‬بل‪ ،‬رمبا تتعرض الواليات املتحدة إلغراء تأجيل أو جتنب‬ ‫القضايا األساسية املتعلقة بكردستان في ظل أن كال من بغداد وأربيل‬ ‫تبدوان سعيدتني بترك تلك القضايا جانبا وفقا «للتفاهم الراهن» وخليار‬ ‫«التعامل مع األزمات الطارئة»‪.‬‬ ‫قضايا عالقة‬ ‫ووفقا لناشط كردي‪ ،‬ساعد سقوط صدام كردستان على «اغتنام‬ ‫مصيرها»‪ .‬فإذا ما زرت أربيل‪ ،‬سوف تندهش من حجم النشاط االقتصادي‬ ‫املنتشر في أنحاء املدينة كافة‪ .‬وبقدر أهمية املناخ االستثماري املالئم‪ ،‬كان‬ ‫العامل األساسي في «النهضة الكردية» هو األمن العسكري‪ .‬فبمساعدة‬ ‫القوات األميركية‪ ،‬ظلت املنطقة الكردية بعيدة عن العنف الذي ساد عراق‬ ‫ما بعد صدام حسني‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فاقت التنمية االجتماعية االقتصادية في‬ ‫كردستان إلى حد كبير مستوى التقدم في باقي أنحاء البالد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ما‬ ‫زالت هناك العديد من القضايا التي لم يتم حلها بني بغداد وأربيل إلى حد‬ ‫أنه سيكون من الصعب حتديد مشكلة واحدة خالل السنوات املقبلة لم‬ ‫تتأثر على نحو ما بالعالقات العربية الكردية‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬يبدو أنه في الوقت الذي تستعيد فيه بغداد سيطرتها‪،‬‬ ‫فإنها تصبح أكثر استعدادا لـ«فرض حلول» ملطالب أربيل‪ ،‬حيث يصور‬ ‫رئيس الوزراء املالكي حاليا نفسه كـ«مدافع عن وحدة أراضي العراق»‪ .‬وهو‬ ‫ما ميكن أن يؤدي إلى رد فعل عنيف كما كان احلال في حادثتي «خانقني»‬ ‫و«نينوى» في ‪ ،2008‬و‪ 2009‬على التوالي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن وجود إدارة أقل‬ ‫حزما في واشنطن وانسحاب القوات األميركية ‪ -‬الذي من املقرر أن‬ ‫تنسحب كلها من العراق بحلول عام ‪ - 2012‬يعني أن زعماء األكراد‬ ‫سوف يجدون أنفسهم في مواجهة مجموعة من التحديات خالل السنوات‬ ‫املقبلة‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ما زالت كركوك وغيرها من األراضي املتنازع عليها‬ ‫خارج السيطرة الشرعية حلكومة إقليم كردستان‪ ،‬فيما ما زال قانون‬ ‫الهيدروكربون‪ ،‬الذي ميكنه حل النزاع على السلطة بني كردستان وبغداد‬ ‫بشأن موارد البترول‪ ،‬غائما‪ .‬وال حتمل كركوك التي تقع في منطقة يسكنها‬ ‫خليط من األكراد والعرب والتركمان واملسيحيني أهمية ثقافية فقط‬ ‫ولكنها غنية أيضا بالبترول والغاز الطبيعي‪ .‬ولكل من اجلاليات اإلثنية‬ ‫في كركوك مطالب متناقضة بشأن وضع املنطقة‪ .‬وقد شهد العامان‬ ‫املاضيان انفصاال متزايدا للجاليات حتى أنها حتولت إلى أحياء منفصلة‪.‬‬ ‫وتوجب املادة ‪ 140‬من الدستور العراقي إجناز «التطبيع واإلحصاء» وهو‬ ‫ما يجب أن ينتهي باستفتاء في كركوك وغيرها من املناطق املتنازع عليها‬ ‫بحلول ديسمبر (كانون األول) ‪ .2007‬وقد تغير ذلك التاريخ كثيرا وما زالت‬ ‫هناك العديد من التساؤالت التي حتيط باملادة ‪ .140‬وال ميكن لزعيم عربي‬ ‫في العراق أن يستمر سياسيا إذا ما بدا أنه سوف يسلم كركوك لألكراد‪،‬‬ ‫وسوف يفقد الزعماء األكراد مصداقيتهم إذا ما فشلوا في الوقوف ضد‬ ‫مساعي اجليش العراقي إلخراج األكراد من كركوك‪ .‬وهو ما يتضمن أنه‬ ‫إذا ما استمرت األزمة احلالية‪ ،‬فإن أي خطوة يتخذها أحد الطرفني سوف‬ ‫تتزامن‪ ،‬بال شك‪ ،‬مع نزاعات مسلحة فور انتفاء الغطاء األمني األميركي‪.‬‬

‫مازال العلمان العراقي والكردي يرفعان‬ ‫جنبا الى جنب في السليمانية‬ ‫واربيل وبقية مدن كردستان‪ ..‬لكن إلى حني‬

‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫حتديات مستمرة‬ ‫كما تواجه أيضا سياسات التعزيز الذاتي والسياسة الداخلية لألكراد‬ ‫حتديات مستمرة داخل كردستان العراق‪ .‬فمنذ ‪ ،2003‬كان احلزب‬ ‫الكردستاني الدميقراطي واالحتاد الوطني الكردستاني يشجعان عشرات‬ ‫اآلالف من النازحني األكراد على العودة إلى مواطنهم األصلية‪ .‬وكانوا‬ ‫يعدون هؤالء الناس باحلصول على تعويضات سخية وضم مناطقهم إلى‬ ‫كردستان‪ .‬وعلى الرغم من حصولهم على املساعدة والتعويضات في‬ ‫بعض احلاالت‪ ،‬فإن تلك املزايا نادرا ما كانت تالقي التوقعات نظرا للفساد‬ ‫ومحاباة بارزاني وطالباني ألقاربهما‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫نذر نزاع مسلح في شمال العراق في عصر ما بعد الوجود األميركي‬

‫غيوم في سماء كردستان‬

‫منذ اإلعالن عن استراتيجية الواليات املتحدة في أفغانستان‪ ،‬كانت هناك الكثير من التحليالت التي تناقش سلبيات‬ ‫وإيجابيات االنسحاب املبكر من أفغانستان‪ .‬ومع ذلك لم يلق الوضع في كردستان العراق اهتماما كبيرا رغم أن بزوغ النزعات‬ ‫الوطنية في بغداد وأربيل ينذر بتجدد العنف فور انسحاب األميركيني‪.‬‬ ‫نيما خورامي أسل‬

‫‪10‬‬


‫متوفرة الآن على‬

‫جملة العرب الدولية‬

‫املجلة‬ ‫تطبيقات املجلة‬ ‫تطبيقات‬


‫●● أقوال‬ ‫احملتويات‬

‫أقوال‬ ‫“الطريقة األفضل ملنع سيل‬ ‫الدماء في ليبيا بسيطة‬ ‫للغاية‪ :‬على معمر القذافي‬ ‫ونظامه إدراك فكرة وصول‬ ‫حكمه إلى نهايته»‬

‫الرئيس األمريكي باراك أوباما تعليقا‬ ‫على دخول الثوار العاصمة الليبية‬ ‫طرابلس‬

‫“وجود السفير هو الوسيلة‬ ‫لتوصيل الرسائل املصرية إلسرائيل وهذا‬ ‫ما انعكس فعليا ً وبشكل إيجابي باستجابة‬ ‫اجلانب اإلسرائيلي خالل ‪ 24‬ساعة لتقدمي أسف واضح‬ ‫للمصريني‪ ،‬واملوافقة على تشكيل جلنة مشتركة لبحث‬ ‫وتقصي احلقائق مبقتل العسكريني املصريني»‬ ‫وزير اخلارجية املصري محمد كامل عمرو معلنا موقف القاهرة من‬ ‫دعوات شعبية بقطع العالقات مع تل أبيب‬

‫“إن أطفال الصومال لهم احلق في احلصول‬ ‫على كل ما يتمتع به أطفالكم‪ ،‬من أكل‬ ‫نظيف وحدائق يلعبون فيها كالتي‬ ‫يتمتع بها أطفالكم»‬

‫رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خالل زيارة‬ ‫مفاجئة الى الصومال‬

‫“لبنان بلد الطوائف ومحكوم بتركيبة‬ ‫طوائف وبقدر ما تكون العالقات بني الطوائف‬ ‫متوترة ومتشنجة ويحكمها منطق العداء ال ميكن ان‬ ‫يسير شيء في لبنان»‬ ‫االمني العام حلزب اهلل اللبناني حسن نصراهلل محددا موقفه بعد‬ ‫صدور القرار االتهامي في قضية مقتل احلريري‬

‫“ال يشرفني ان أعمل في مجلس‬ ‫يشرف على ثوار بهذا الشكل وبهذه‬ ‫العقلية لدينا بعض املتطرفني‬ ‫اإلسالميني ترنو الى االقتصاص‬ ‫وإحداث القالقل داخل اجملتمع الليبي»‬

‫رئيس اجمللس الوطني االنتقالي الليبي‬ ‫مصطفى عبداجلليل تعليقا عن أنباء لعمليات‬ ‫قتل ليلة سقوط طرابلس‬

‫‪8‬‬

‫“من خالل االمتناع عن الرد نقول‬ ‫كالمكم ليس له أي قيمة‪..‬‬ ‫ولكننا لو أردنا أن نناقش هذا‬ ‫الكالم فإن هذا الكالم ال يقال‬ ‫لرئيس ال يعنيه املنصب وال يقال‬ ‫لرئيس لم تأت به الواليات املتحدة‬ ‫بل أتى به الشعب السوري»‬

‫الرئيس السوري بشار ردا على دعوات الدول‬ ‫الغربية إلى تنحيه‬

‫“لم تكن موفقا يا سيد حسن خصوصا جلهة‬ ‫الكالم غير البريء الذي حاول أن يضع الطائفة‬ ‫الشيعية في دائرة اخلط‪ ..‬الطائفة الشيعية‬ ‫أشرف من أن تتورط في دم الرئيس رفيق احلريري‬ ‫وليست محل اتهام من أحد»‬

‫رئيس الوزراء اللبناني السابق سعدالدين احلريري معلقا على‬ ‫خطاب الذي ألمني عام حزب اهلل حسن نصر اهلل‬

‫“إن إسرائيل تشهد‬ ‫اضطرابات حقيقية‬ ‫ومظاهرات شبه‬ ‫أسبوعية‬ ‫ملطالب‬ ‫اجتماعية‪،‬‬ ‫كان من‬ ‫املمكن أن‬ ‫تتطور هذه‬ ‫املطالب‬ ‫فجاء هذا‬ ‫التصعيد‬ ‫ليحول‬ ‫األنظار‬ ‫عما‬ ‫يجرى هناك‬ ‫وبالفعل توقفت‬ ‫املظاهرات»‬ ‫رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على اثر‬ ‫قصف اسرائيلي لقطاع غزة‬


‫‪14‬‬

‫‪44‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬ ‫العدد ‪،1567‬‬

‫‪7‬‬


‫● احملتوى‬

‫احملتوى‬ ‫أقوال‬

‫‪08‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫‪10‬‬

‫ •غيوم في سماء كردستان‬ ‫ •قبل الطوفان‬

‫شؤون سياسية‬

‫‪18‬‬

‫ •وأع ّدوا‬ ‫ •اقتصاد الثورة‬

‫الربيع العربي‬

‫‪24‬‬

‫‪36‬‬

‫‪ 10‬أوهام‬ ‫غيرت وجه التاريخ‬ ‫ّ‬

‫بروفايل‬

‫‪36‬‬

‫ثروة األمم‬

‫‪38‬‬

‫ •اقتصاد احلصار‬

‫الوضع البشري‬

‫‪40‬‬

‫حوارات‬

‫‪44‬‬

‫ •حتت احلصار‬

‫ •األزهر العكرمي الوزير املعتمد لدى وزير الداخلية التونسي املكلف‬ ‫باالصالح ي ّتهم بعض السياسيني مبحاولة االستيالء على حكم‬ ‫تونس من دون انتخابات‬

‫اليمن‬

‫‪48‬‬

‫الفن‬

‫‪50‬‬

‫اختيار احملرر‬

‫‪52‬‬

‫النقاد‬

‫‪58‬‬

‫الكلمة األخيرة‬

‫‪62‬‬

‫‪6‬‬

‫‪40‬‬

‫‪10‬‬


‫الكتاب المساهمون‬ ‫في هذا العدد‬ ‫محمد غامن الرميحي‬ ‫ّ‬

‫أستاذ علم اإلجتماع السياسي‪ ،‬في جامعة الكويت وقد‬ ‫ق ّدم كتابات عدة تتعلق مبواضيع علم اإلجتماع السياسي‪،‬‬ ‫وشغل مناصب كثيرة ومنها رئيس قسم ومساعد عميد‬ ‫كلية اآلداب والتربية في جامعة الكويت‪ .‬أشرف د‪ .‬الرميحي‬ ‫على رئاسة حترير صحف ومجالت عدة “أوان” اليومية‬ ‫ومجلة “حوار العرب” وجريدة الفنون ومجلة “العربي”‬ ‫الثقافية الشهرية املصورة‪ ،‬وكان أسس ورأس حترير مجلة‬ ‫دراسات اخلليج واجلزيرة العربية التي حتولت في ما بعد إلى‬ ‫مركز دراسات اخلليج العربي ‪.‬ومن نشاطه أيضا عضويته‬ ‫في مجالس وجلان عدة من بينها اللجنة االستشارية مبركز‬ ‫الدراسات اخلليجي باجلامعة األمريكية في الكويت واملعهد الدبلوماسي الكويتي ومؤسسة‬ ‫الفكر العربي ومنتدى الفكر العربي باألردن وغيرها‪ .‬الرميحي عضو في جمعية الصحفيني‬ ‫الكويتية منذ عام ‪ 1974‬وله مؤلفات كثيرة ودراسات أكادميية منشورة في مجالت متخصصة‬ ‫ويكتب مقاالت دورية في كبريات الصحف الكويتية والعربية‪.‬‬

‫ستيفن غلني‬ ‫صحافي ومؤلف مقيم في واشنطن العاصمة‪ .‬في عام‬ ‫‪ ،1991‬التحق بالعمل في «وول ستريت جورنال» حيث‬ ‫كلف بتغطية شؤون كوريا اجلنوبية‪ .‬واستمر في العمل‬ ‫مراسال أجنبيا لـ«وول ستريت» على مدار العقد التالي‪،‬‬ ‫متخصصا في تغطية آسيا والشرق األوسط من سيول‬ ‫وطوكيو وتل أبيب وعمان‪ .‬وعمل غلني أيضا مراسال ألخبار‬ ‫الشرق األوسط في «نيوزويك»‪ .‬وهو مؤلف كتاب «احللم‬ ‫بدمشق‪ :‬األصوات العربية في منطقة االضطراب» (جون‬ ‫موراي‪ ،‬اململكة املتحدة) وطبعته األميركية احملدثة املنشورة‬ ‫حتت عنوان «املاللي والتجار واملسلحون‪ :‬االنهيار االقتصادي‬ ‫في العالم العربي» (دار نشر سانت مارتني)‪ ،‬الذي اختير أفضل كتاب في عام ‪ 2004‬في مجلة‬ ‫«غلوباليست» اإللكترونية‪ .‬وتنشر مقاالته عن السياسة اخلارجية األميركية وشرق آسيا‬ ‫والعالم العربي في «نيو ريبابليك» و«أتالنتك مانثلي» و«ناشن» و«فايننشيال تاميز» ومجلة‬ ‫«غورميت» و«سميثونيان» و«إنترناشيونال إنفستور» و«غلوباليست» و«سرفايفال»‪.‬‬ ‫ويعمل غلني في الوقت احلالي على تأليف كتابه عن عسكرة السياسة اخلارجية األميركية‪.‬‬

‫نيما خورامي أسل‬ ‫باحث في منتدى الدفاع باململكة املتحدة وشبكة‬ ‫مستقبل الشرق األوسط‪ ،‬حيث يكتب تقارير ودراسات‬ ‫سياسية حول االقتصاديات اجلغرافية باإلضافة إلى‬ ‫التطورات األمنية في الشرق األوسط ومنطقة آسيا‬ ‫واحمليط الهادي‪ .‬يعمل أسل في عدد من املشروعات لصالح‬ ‫حكومات وجهات خاصة في الشرق األوسط‪ .‬تنشر مقاالته‬ ‫في «الغارديان» و«أوبن دميكراسي» و«ديفنس آي كيو»‪.‬‬ ‫يقيم أسل حاليا في الصني‪ ،‬وتتضمن مجاالت تخصصه‬ ‫الرئيسية اإلسالم السياسي والتحرر من الراديكالية‬ ‫وإيران وتركيا ودول مجلس التعاون اخلليجي ودول البريك‬ ‫ودبلوماسية الشرق األوسط وسياسته اجلغرافية‪.‬‬

‫عمر رحمن‬ ‫صحافي ومعلق يغطي قضايا الشرق األوسط السياسية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬تنشر أعمال رحمن في «فورين بوليسي»‬ ‫و«الغارديان» و«اجلزيرة» و«العربية» باإلضافة إلى العديد‬ ‫من اإلصدارات األخرى‪ .‬وقبل االنتقال إلى الشرق األوسط‪،‬‬ ‫كان رحمن مراسال تلفزيونيا متعاقدا مع «أسوشييتد‬ ‫برس» في واشنطن‪ ،‬حيث كان يغطي أخبار السياسة‬ ‫األميركية‪ .‬وعمل رحمن أيضا مستشارا لالتصاالت في‬ ‫فريق املفاوضات الفلسطيني في رام اهلل‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪5‬‬


‫● اإلفتتاحية‬

‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬

‫أسسها هشام ومحمد علي حافظ‬ ‫الرئيس التنفيذي‬ ‫الدكتور عزام الدخيل‬ ‫رئيس التحرير‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬

‫إدارة التحرير‬ ‫عزالدين سنيقرة‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬

‫للمشاركة‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني ‪editorial@majalla.com‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫اشتراكات‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪subscriptions@majalla.com :‬‬ ‫لالشتراك في االلكترونية(كندل) بـ‪kindle@majalla.com :‬‬

‫تنويه‬

‫اآلراء الواردة في اجمللة ال تعبر بالضرورة عن رأي إدارة التحرير‬

‫حقوق النشر محفوظة جمللة اجمللة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫اجمللة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة‬ ‫إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون احلصول على تصريح مسبق من‬ ‫الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر اجمللة شهريا ً‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬

‫‪London Office Address‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited‬‬ ‫‪Arab Press House 182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP DDI: +44 (0)20 7539‬‬ ‫‪2335/2337, Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫اإلعالن‬ ‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجي االتصال بـ‪:‬‬

‫‪Mr. Wael Al Fayez‬‬ ‫‪w.alfayez@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel.: 0096614411444,‬‬ ‫‪F.: 0096614400996‬‬ ‫‪P.O.BOX 22304, Riyadh 11495, Saudi Arabia‬‬

‫‪4‬‬

‫التحرير‬ ‫عزيزي القارئ‪،‬‬ ‫أطلقت "اجمللة" في األيام األخيرة موقعها االلكتروني اجلديد في حلة وتصميم جديدين‬ ‫وخدمات إعالمية أكثر تطورا وتغطية صحفية أكثر متيزا‪ .‬وميكنكم عبر املوقع اجلديد أن‬ ‫تقوموا بتحميل كل األعداد احلالية والسابقة من "اجمللة" في نسخها الشهرية املطبوعة‬ ‫بكل يسر وفي زمن قياسي‪ .‬ومبناسة هذا العدد اجلديد من مجلّتكم‪ ،‬مجلة كل العرب من‬ ‫احمليط الى اخلليج‪ ،‬يسعدنا أن نقدم اليكم عددا مميزا يزخر بآراء عدد من كتابنا املفضلني‬ ‫والتحليالت العميقة التي نأمل أن تنال رضاك‪.‬‬ ‫في البداية نتناول ‪ 10‬أوهام عن الربيع العربي‪ .‬سألنا ‪ 10‬أسئلة لـ‪ 10‬كتاب مرموقني عن‬ ‫الثورات العربية فكان أن جمعنا فريقا متميزا من أبرز املتخصصني في شؤون الشرق األوسط‪،‬‬ ‫من بينهم محمد الرميحي وراشمي سينغ وفيراس مقصد وعلي ابراهيم‪ ..‬رؤى مختلفة‬ ‫وتفسيرات متباينة حلدث واحد هو األبرز في تاريخ العرب على مدى قرون‪.‬‬ ‫وفي شأن متصل يلقي ستيفن غلني‪ ،‬اخلبير االقتصادي‪ ،‬نظرة عن قرب على التأثير االقتصادي‬ ‫متميز حتت عنوان «اقتصاد‬ ‫والسياسي للثورات املستمرة في املنطقة في مقال حتليلي‬ ‫ّ‬ ‫الثورة»‪.‬‬ ‫والشرق األوسط مير ّ بفترة انتقالية صعبة ومرحلة مفصلية من تاريخه‪ ،‬يحاول احملللون في‬ ‫كل مكان أن يالحقوا األحداث املتغيرة بوتيرة سريعة‪ ،‬لذلك يسعد «اجمللة» أن تطل على‬ ‫قرائها في حلة جديدة في الوقت الذي تشتد فيه احلاجة إلى حتليالت مثيرة وقوية وموثوق‬ ‫بها وبخاصة حتليالت موضوعية لشأن يحتاج املوضوعية في فترة اختلط فيها احلابل بالنابل‪.‬‬ ‫تتطلع «اجمللة» إلى تقدمي حتليالت عميقة أسبوعيا على موقعها اإللكتروني بقسميه العربي‬ ‫واالجنليزي وشهريا في «اجمللة»‪ .‬ونأمل في أن نحظى مبتابعتكم وتقديركم كما كان احلال‬ ‫حلوالى ‪ 3‬عقود‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املوضوعات وغيرها الكثير على موقعنا اإللكتروني ‪majalla.‬‬ ‫‪ .com‬ونرحب دائما بآرائك وندعوك للتعليق على املوضوعات أو االتصال بنا إذا رغبت في‬ ‫التواصل معنا‪.‬‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬


TM1561_02-03_Ad.indd 2

21/02/2011 10:56


TM1561_02-03_Ad.indd 3

21/02/2011 10:56


‫العدد ‪ ،1566‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫قم بتنزيل رمز‬ ‫االستجابة‬ ‫السريعة واستعمل‬ ‫هاتفك الذكي‬ ‫لتفحص الرمز‬

‫‪‬‬

‫الربيع العربي‬ ‫‪ 10‬أوهام‬

‫غيّرت وجه التاريخ‬ ‫‪10‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫شؤون سياسية‬ ‫مصر اجلديدة تبحث عن‬ ‫«عدالة اجتماعية» في احلكم‬ ‫و «منوذج سويدي» في النمو‬

‫الوضع البشري‬ ‫معسكر أشرف‬ ‫في العراق‪ ..‬قرار‬ ‫باإلفناء قبل اإلخالء‬

‫بروفايل‬ ‫الشيخ عبدالفتاح مورو‪..‬‬ ‫بني مطرقة اإلخوة‬ ‫وسندان األعداء‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.