خطّة البنّا

Page 1



‫الكلمة األخيرة‬

‫أنتوني شديد‪« ..‬مسافة ألف ومائة كلمة»‬ ‫«ها هنا كان بلد من حيوات‪ ..‬لكنها توقفت‪ .‬مثلها مثل العراق كانت كرمية ‪ -‬أرملة وأم لثمانية ‪ -‬عانت لعشرين عاما من احلروب والعقوبات‪،‬‬ ‫والديكتاتورية‪ .‬حني دنا الليل في بغداد‪ ،‬وبدأت القنابل تسقط مجددا‪ ،‬اصطحبت كرمية ابنها املراهق إلى احملطة ليركب حافلة متهالكة تقله‬ ‫إلى املوصل كي ينضم‪ ،‬على مضض‪ ،‬إلى جيش صدام‪ ،‬وودعته قائلة له‪( :‬اهلل يحميك)‪ ،‬وبيد مرتعشة وضعت في جيبه أجرة احلافلة التي‬ ‫بالكاد متلك ثمنها» (اقترب الليل‪ :‬شعب العراق في ظل احلرب األميركية‪ ،‬أنتوني شديد‪.)2005 ،‬‬

‫عادل الطريفي‬

‫قليل هم أولئك الصحافيون الذين ينالون إجماعا بني‬ ‫زمالئهم‪ ،‬وأكثر ندرة هم أولئك الذين يبلغون تلك املنزلة‬ ‫مبزيج من املهنية املتناهية‪ ،‬والتواضع اجلم‪ .‬الصحافي‬ ‫األميركي أنتوني شديد كان منوذجا فريدا بني أبناء جيله‬ ‫من الصحافيني الذين احترفوا التغطيات اخلارجية‪،‬‬ ‫واملراسلة من ساحات املعارك واحلروب‪ ،‬ورمبا كان من‬ ‫بني القلة الذين متكنوا من الفوز بجائزة «البوليتزر»‬ ‫مرتني‪ 2004 ،‬و‪ ،2010‬نظير قصصه الصحافية من‬ ‫العراق‪ ،‬التي قالت عنها جلنة التحكيم إنها سلسلة من‬ ‫القصص اإلنسانية املنسية كتبت بأسلوب مهني عال‪،‬‬ ‫وبلغة أدبية راقية‪.‬‬ ‫نشأ شديد ذو الـ‪ 43‬عاما في مدينة أكالهوما لعائلة‬ ‫لبنانية مهاجرة‪ ،‬واهتم منذ وقت مبكر بالشرق األوسط‬ ‫حيث قرر دراسة اللغة العربية‪ ،‬إلى جوار دراسته‬ ‫للصحافة في جامعة ويسكونسن‪ ،‬وذهب إلى مصر‬ ‫منتصف التسعينات كمراسل لـ«أسوشييتد برس»‪،‬‬ ‫قبل أن ينتقل إلى «بوسطن غلوب» في ‪ ،2000‬وإلى‬ ‫الـ«واشنطن بوست» في ‪ ،2003‬حتى استقر مراسال‬ ‫لـ«نيويورك تاميز» بلبنان‪ ،‬الذي شهد زواجه الثاني‪،‬‬ ‫وإعادة ترميم منزل العائلة القدمي‪ ،‬وكتابة سيرته التي‬ ‫ستصدر قريبا حتت عنوان «بيت من احلجر‪ :‬ذكريات‬ ‫الوطن واألهل والشرق األوسط املفقود‪.)2012 ،‬‬ ‫التقيت أنتوني مرات عدة خالل زياراته للسعودية‪ ،‬وظللت‬ ‫أقرأ له باستمتاع شديد في الـ«واشنطن بوست»‪،‬‬ ‫والـ«نيويورك تاميز» لسنوات الحقة‪ ،‬بحيث باتت قراءة‬ ‫قصصه الصحافية على صفحات الـ«هيرالد تريبيون»‬ ‫خالل السفر بالطائرة طقسا مبجال الحترافيته الرفيعة‪،‬‬ ‫وجمال لغته‪ ،‬ولألسلوب اخلاص الذي مييز طريقته في‬ ‫الكتابة‪ .‬دعوته للعشاء في منزل أهلي في الرياض في‬ ‫ربيع ‪ ،2006‬وكان عائدا للتو من العراق‪ .‬جتاذبنا أطراف‬ ‫احلديث عن صعود األصوليات السنية ‪ -‬الشيعية‬ ‫وحرب الطوائف‪ ،‬استأذن في الكتابة ثم واصلنا احلديث‬ ‫لساعات عدة يكتب خاللها ويسأل شابا يصغره بعقد‬ ‫من العمر واخلبرة‪ ،‬واملكانة الصحافية‪ .‬تلك كانت ميزة‬ ‫أنتوني شديد االهتمام بالتفاصيل‪ ،‬كأنه متبتل لكتابة‬ ‫القصص من أفواه الرواة أيا كانوا‪ ،‬وأينما كانوا‪ .‬من جلسة‬ ‫في مقهى شعبي عتيق في القاهرة‪ ،‬أو من زقاق متواضع‬ ‫بني بيوت مدينة النجف‪ ،‬يقابل الزعماء والسياسيني إلى‬ ‫جوار سائقي األجرة‪ ،‬واملشتغلني باملهن املتواضعة‪ ،‬يطيل‬ ‫االستماع إلى األرامل‪ ،‬واملعدمني كأنه قسيس كاثوليكي‬ ‫مكلف بسماع اعترافات املعذبني في األرض‪.‬‬ ‫سألته مرة عما مييز قصصه الصحافية‪ ،‬وعن مواصفات‬ ‫الكاتب الناجح‪ .‬أجاب بتواضع كبير‪« :‬املسألة ليست‬ ‫أن تكون كاتبا ناجحا‪ ،‬بل أن تكون القصة بحد ذاتها‬ ‫ملهمة‪ ،‬وأن تكتب بأسلوب قادر على طرح التساؤالت‬ ‫ونقل الواقع للقارئ‪ ..‬عندما يسألني طلبة الصحافة‬ ‫عن نصيحة‪ ،‬أقول لهم‪ :‬اهتموا باللغة‪ ،‬وأقرأوا التاريخ‬

‫‪62‬‬

‫حتى تقتربوا من أهله»‪ ،‬ثم أضاف‪« :‬دائما ما أشعر بأن‬ ‫هناك قصة يجب أن تروى‪» .‬رمبا كان هذا الدافع الذي‬ ‫جعل الصحافي الالمع يحجم عن العمل في املكاتب‪،‬‬ ‫والوظائف التي بدأ بتلقي عروضها بعد ذيوع شهرته‪،‬‬ ‫لقد ظل كما كان يكتب عن قصص الناس العاديني في‬ ‫الشوارع املنسية‪.‬‬ ‫كتابه «اقترب الليل» عبارة عن عمل أدبي درامي عن‬ ‫أرامل العراق‪ ،‬استطاع من خالله أن يرسم صورة تراجيدية‬ ‫للحالة البائسة التي كان يعيشها أغلب العراقيني بعد‬ ‫عقود من احلرمان واحلرب والتعسف‪ .‬حني تنتهي من‬ ‫قراءة الكتاب تشعر وكأنك انتهيت من تالوة ملحمة‬ ‫إغريقية غنية بالتاريخ والشخوص واألفكار ال من كتاب‬ ‫صحافي لقضية معاصرة‪ .‬بعض الصور التعبيرية في‬ ‫الكتاب ‪ -‬كقصة مرمي ‪ -‬تبدو وكأنها مشاهد سينمائية‬ ‫تستدر الدمع‪ ،‬وتبقى خالدة في الذاكرة‪.‬‬ ‫يقول عنه الصحافي األميركي اخملضرم ستيف كول‪:‬‬ ‫«الصحافيون يعرفون تواقيع وحيل بعضهم بعضا‪.‬‬ ‫إحدى تواقيع أنتوني كانت في تأطير القصة حول‬ ‫مالك مقهى‪ ،‬أو بائع كتب‪ ،‬أو أكادميي بجامعة‪ .‬ليس‬ ‫من السهل الكتابة عن مواضيع ذات طابع سلبي‪،‬‬ ‫وأوضاع من هذا النوع في احلياة‪ ،‬ولكن أنتوني ينجح في‬ ‫ذلك مرارا وتكرارا‪ .‬القراءة في أعماله هي مبثابة قراءة‬ ‫سلسلة مترابطة من القصص التي تدور حول عالم من‬ ‫الرجال العاديني الغارقني في دخان السجائر‪ ،‬واملدمنني‬ ‫على فناجني القهوة‪ ،‬والذين هم على استعداد ليشرحوا‬ ‫لك‪ :‬ملاذا يبدو العالم على النحو الذي هو عليه‪ .‬مثل‬ ‫كاتب قصة قصيرة رائع‪ ،‬كان استخدام أنتوني لهذه‬ ‫الشخصيات متزنا بحيث ال تبدو ثقيلة جدا وال خفيفة‬ ‫جدا‪ ،‬فهو مينحها فرصة التنفس والكالم كما يعطي‬ ‫للقارئ فرصة االنضمام إليه‪ ،‬وأن يلج معه بني عوالم‬ ‫وطرق للتفكير جديدة»‪«( .‬أنتوني شديد ‪ 1968‬ـ‬ ‫‪ ،2012‬مجلة الـ«نيويوركر» ‪ 17‬فبراير‪ /‬شباط ‪.)2012‬‬ ‫عندما تقرأ أنتوني شديد ال تشعر بتحيز من قبل‬ ‫الكاتب‪ ،‬فهو ال يريد أن يفرض عليك أجندة‪ ،‬وال تستطيع‬ ‫أن تستشف من سطور كتابته ميال فكريا‪ ،‬أو حتى حتيزا‬ ‫أخالقيا ضد السلطة‪ .‬هو يروي قصص الناس العاديني‪،‬‬ ‫وميزج فيها ما بني املشهد الكبير واحلاالت اخلاصة‪ ،‬ولعل‬ ‫هذا ما جعل قصصه أكثر جاذبية من غيره‪.‬‬ ‫توفي أنتوني شديد على احلدود السورية ‪ -‬التركية ليس‬ ‫بطلقة رصاص‪ ،‬بل بالربو‪ .‬لقد تعرض إلطالق الرصاص‬ ‫أثناء تغطيته لالنتفاضة الثانية في ‪ ،2002‬وجنا من‬ ‫املوت بأعجوبة مع ثالثة من زمالئه بعد أن قبضت‬ ‫عليهم ميليشيات القذافي في ليبيا مارس (آذار)‬ ‫‪ ،2011‬ولكن توفي صحافي التحقيقات الشهير من‬ ‫مرض الزمه منذ الصغر‪ ،‬على الرغم من عقد أمضاه‬ ‫على اخلطوط األمامية للحروب‪ .‬حينما كتب شديد‬

‫عن تلك التجربة استعاد أبياتا للشاعر اآليرلندي ويليام‬ ‫بتلر ييتس (‪ ،)1939 - 1865‬التي يقول فيها‪« :‬أولئك‬ ‫الذين أقاتلهم ال أحمل جتاههم أي ضغينة‪ ،‬وأولئك الذي‬ ‫أحرسهم ال أملك جتاههم أي حب»‪.‬‬ ‫مع األسف‪ ،‬جتاهلت الصحف العربية رحيل هذا‬ ‫الصحافي الذي أثرى بتغطياته مواضيع املنطقة‪ ،‬فقط‬ ‫كانت جريدة «الشرق األوسط» من أفرد له وألعماله‬ ‫التأبني الذي يستحقه‪.‬‬ ‫إن وفاة أنتوني شديد ليست خسارة لصحيفة‪ ،‬بل‬ ‫ملهنة تعاني من التراجع والضمور‪ .‬تتوقف في أميركا‬ ‫سنويا منذ ‪ 2008‬قرابة ‪ 40‬صحيفة‪ ،‬وقد خسر قطاع‬ ‫اإلعالنات في املطبوعات قرابة ‪ 48‬في املائة من عائداته‬ ‫منذ ‪ .2006‬قد تكون اخلسائر املادية جسيمة‪ ،‬ولكن‬ ‫ما هو أكثر حزنا أن الصحافة اجلادة‪ ،‬أي تلك التي ترى‬ ‫نفسها طرفا محايدا وآلية نقل للواقع‪ ،‬لم تعد جتد من‬ ‫ميولها أو يستثمر فيها‪ ،‬ألنها في عصر اإلعالم اجلديد‬ ‫لم تعد متتلك منوذجا ربحيا يكفل لها البقاء‪ .‬هذا‬ ‫الوضع كان يؤرق شديد‪ ،‬حيث يقول في مقابلة متلفزة‬ ‫مع برنامج «مصادر رئيسية» بجامعة نيويورك (‪8‬‬ ‫ديسمبر‪ /‬كانون األول ‪ ،)2011‬إن أكثر ما يحبطه هو‬ ‫تراجع اجلدية‪ ،‬ومقاييس املهنية بني الصحافيني‪ ،‬الذين‬ ‫باتوا يفضلون أن يكونوا جنوما على الفضائيات‪ ،‬أو على‬ ‫صفحات مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬يتحدثون فيها عن‬ ‫شعارات نضالية من «غرف حتكم» من مكاتبهم‪ ،‬بينما‬ ‫ال أحد يريد النزول إلى امليدان‪ ،‬ومشاهدة الواقع‪ ،‬وتدوين‬ ‫روايات الشهود على جزء من التاريخ إن لم يوثق ضاعت‬ ‫فيه احلقيقة إلى األبد‪.‬‬ ‫في دراسة أجرتها كلية آننبرغ بجامعة جنوب كاليفورنيا‬ ‫(‪ 14‬ديسمبر ‪ ،)2011‬فإن قرابة ‪ 1400‬صحيفة يومية‬ ‫في أميركا ستتوقف عن الطباعة خالل خمسة أعوام‪،‬‬ ‫بحيث لن يبقى في الساحة الوطنية إال أربع مطبوعات‪:‬‬ ‫«يو إس آي توداي»‪ ،‬والـ«نيويورك تاميز»‪ ،‬والـ«واشنطن‬ ‫بوست»‪ ،‬والـ«وول ستريت جورنال»‪ .‬إذا صدق هذا‬ ‫التنبؤ‪ ،‬فإن مقاييس الصحافة الرصينة على وشك‬ ‫أن تتغير‪ ،‬فعلى الرغم من مرور عقدين من الزمن على‬ ‫بداية الصحافة اإللكترونية حني قامت الـ«شيكاغو‬ ‫تريبيون» بتقدمي مواد يومية باالشتراك مع «آي أو إل»‬ ‫في ‪ ،1992‬فإن الشروط واملقاييس املهنية لصحافة‬ ‫اإلنترنت قد تراجعت بشكل كبير‪.‬‬ ‫في عصر الشبكات االجتماعية واألجهزة الذكية بات‬ ‫مبقدور القارئ احلصول على معلومات ال حصر لها‪ ،‬ولكن‬ ‫ليس لديه وسيط «صحافي» رصني مثل أنتوني شديد‬ ‫يحلل املعلومة‪ ،‬ويعاين الواقع بنفسه‪ ،‬ويسأل الشهود‬ ‫األسئلة الضرورية للفهم‪ .‬يقول شديد‪« :‬عندما أكتب‬ ‫ال يكون بيني وبني القارئ من مسافة‪ ،‬إال ألف ومائة‬ ‫كلمة»‪.‬‬



‫تقرير‬

‫مشروع ديكتاتور جديد في العراق اجلديد‬

‫مأزق املالكي‬

‫على الرغم من أن هناك مظاهر تشير لتراجع حدة‬ ‫العاصفة السياسية في العراق‪ ،‬فإن األرجح أن‬ ‫تقع املزيد من االضطرابات في القريب العاجل‪ .‬مييل‬ ‫التحليل األخير لكينيث بوالك حول تطورات األحداث‪،‬‬ ‫في عراق يحكمه رجل هو مشروع ديكتاتور جديد‪ ،‬إلى‬ ‫احلذر‪ ..‬وكثير من التشاؤم‪.‬‬ ‫مأزق املالكي ‪ -‬املصلحة الوطنية‬ ‫األول من فبراير (شباط) ‪2012‬‬ ‫كينيث إم بوالك‬ ‫قد يكون هناك أمل جديد لتحقيق االستقرار في املستقبل‬ ‫السياسي للعراق مع التغيرات التي حدثت مؤخرًا في البالد‪.‬‬ ‫كافيا على اإلطالق لضمان هذا‬ ‫ولكن ذلك قد ال يكون‬ ‫ً‬ ‫االستقرار‪ .‬فمن وجهة نظر كينيث بوالك‪ ،‬فإنه حتى وإن‬ ‫كانت تلك التغيرات إيجابية‪ ،‬فإنها قد تكون ببساطة مجرد‬ ‫«تهدئة»‪.‬‬ ‫وباحلديث عن القرار األخير الئتالف «العراقية» ذي األغلبية‬ ‫السنية إلنهاء مقاطعته للبرملان‪ ،‬ذكر احملرر مبجلة «ذا‬ ‫ناشيونال إنترست» أن قرار «العراقية» يخلق فرصة جديدة‬ ‫للبدء في التعامل مع املشاكل الهيكلية للبالد‪ .‬كما أضاف‬ ‫أنه‪« :‬إذا متكن جميع األطراف من اغتنام هذه الفرصة‪،‬‬ ‫فسيكون هناك أمل حقيقي بالنسبة للعراق‪ .‬وإذا لم‬ ‫يغتنموها‪ ،‬وهو ما يبدو مرجحا‪ ،‬فإن العراق سيترنح من أزمة‬ ‫إلى أخرى وقد ينتهي به املطاف إلى حرب أهلية أو ديكتاتورية‬ ‫غير مستقرة أو إلى دولة منهارة»‪.‬‬ ‫وعالوة على ذلك‪ ،‬كما يذكر بوالك‪ ،‬فإن ائتالف «العراقية»‬ ‫لم ينه مقاطعته حلضور اجتماعات مجلس الوزراء‪ ،‬نظرا ألن‬ ‫وزراءها ما زالوا موقوفني بقرار من رئيس الوزراء نوري املالكي‪.‬‬ ‫ووفقً ا لبوالك‪ ،‬فإن رئيس الوزراء هو من أحدث األزمة احلالية‬ ‫بإهانته لـ«العراقية»‪ ،‬لذلك فإنه الوحيد القادر على إنهاء‬ ‫األزمة‪ .‬وأضاف بوالك قائال إنه‪« :‬إذا كان (املالكي) على‬ ‫استعداد لتقدمي بعض التنازالت لـ(العراقية)‪ ،‬فرمبا ال يعمل‬ ‫ذلك على مجرد نزع فتيل األزمة احلالية‪ ،‬بل إنه سيساعد‬ ‫‪60‬‬

‫أيضا على البدء في أكبر عملية تسوية ومصاحلة وطنية‬ ‫ميكنها البدء في عالج مشكالت السياسة العراقية التي‬ ‫أدت إلى ظهور هذه األزمة»‪.‬‬ ‫وبعد ذلك القدر احملدود من األمل ينتقل بوالك إلى قدر أقل‬ ‫منه عندما يعرب عن شكوكه‪« :‬إن اخلبر السار الوحيد‬ ‫في هذه القصة‪ ،‬إن كان صحيحا‪ ،‬هو أنها لن تنجح على‬ ‫األرجح»‪ .‬وقد تكون األسباب عديدة‪ ،‬ولكن املؤلف يؤكد‬ ‫كيف أن «انسحاب القوات األميركية السابق ألوانه من‬ ‫العراق أزال الشيء الوحيد الذي كان يخشاه األشرار في‬ ‫العراق ‪ -‬العديد من القيادات السياسية فيها ما زالوا من‬ ‫األشرار ‪ -‬كما أنه كان أيضا الشيء الوحيد الذي يحترمه‬ ‫الطيبون»‪.‬‬ ‫وهناك عامل أساسي في معاجلة هذه القضية أال وهو دور‬ ‫اجملتمع السني‪ .‬فوفقا لبوالك‪ ،‬ال يزال اجملتمع السني مصمما‬ ‫على «مقاومة جهود املالكي في القضاء على (العراقية) »‪.‬‬ ‫بالنسبة لبوالك‪« ،‬ما لم يستطع املالكي أن يعد بشيء يغير‬ ‫من خالله وجهة نظر هذه اجملتمعات ويجعلها على استعداد‬ ‫للتخلي عن اإلخوة في اجملتمع السني‪ ،‬فإنه من غير احملتمل أن‬ ‫أيا من رئيس الوزراء أو األميركيني سوف يكون لديهما القدرة‬ ‫على شق صف القيادة الرئيسية لـ(العراقية) »‪.‬‬ ‫كما يشير املؤلف أيضا إلى أنه نظرا للتجربة األخيرة للتمرد‬ ‫السني وللحرب األهلية العراقية‪« ،‬فإن ديكتاتورية املالكي‬

‫احملتملة ستكون قصيرة األجل وغير مستقرة‪ ،‬ورمبا تسفر‬ ‫عن حرب أهلية جديدة»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن أي نظام سياسي جديد يستغرق وقتا‬ ‫طويال‪ ،‬فإن بوالك يزعم أن العراق كان وال يزال في حاجة‬ ‫للمساعدة الستعادة قوته‪« ..‬يحتاج العراق إلى املزيد من‬ ‫الوقت واملساعدة من قبل الواليات املتحدة واألمم املتحدة‬ ‫والقوى البناءة األخرى لبناء نظام سياسي جديد ومستقر‬ ‫وفعال‪ .‬إال أن هذه املهمة ال تزال غير مكتملة‪ ،‬كما أن‬ ‫االنسحاب السابق ألوانه لقوات حفظ السالم األميركية‬ ‫وضع ضغوطا هائلة على النظام الناشئ والهش الذي‬ ‫خلفوه وراءهم»‪.‬‬ ‫وعلى ما يبدو فإن احلل اآلن في مكان ما بني األمل واخلوف‪.‬‬ ‫فوفقا لبوالك‪ ،‬ينبغي على املرء أن يأمل في األفضل ولكن‬ ‫عليه أن يتوقع األسوأ‪« ..‬فإذا لم يتمكن العراق من تأسيس‬ ‫عملية جديدة ملعاجلة مشكالته السياسية الهيكلية‪،‬‬ ‫فإن البالد ستواجه بال شك أزمات مماثلة‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عما سيحدث في األزمة احلالية‪ .‬وفي نهاية األمر‪ ،‬سيدفع‬ ‫أحدهما البالد إما إلى ديكتاتورية أو إلى حرب أهلية أو إلى‬ ‫انهيار الدولة‪ .‬فال تستطيع الواليات املتحدة ببساطة أن‬ ‫تساعد العراقيني على إخفاء أخطائهم وإنهاء أزمتهم‬ ‫بأسرع وقت ممكن‪ .‬بدال من ذلك‪ ،‬يجب علينا تأسيس عملية‬ ‫أكثر فعالية من التسوية واملصاحلة الوطنية لكي نتجنب ما‬ ‫ميكن أن يصبح األزمات املستقبلية القادمة»‪.‬‬


‫نبيل العربي‬ ‫موقف مصر باملقاطعة‪ ،‬مشيرا إلى أ ّن املوقف العربي‬ ‫العربية اجملاورة إلسرائيل قبلت‬ ‫منطقيا‪ ،‬فال ّدول‬ ‫لم يكن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مبدأ التفاوض منذ الهدنة في ‪!1949‬‬ ‫ياسية‬ ‫تقرر انقسام التفاوض على جلنتني‪ :‬األولى سِ‬ ‫ّ‬ ‫والثانية عسكريّة‪ ،‬رفض املصريون أن جتتمع اللّجنة‬ ‫العسكريّة في تل أبيب‪ ،‬وروى كيف انهمرت دموع د‪.‬‬ ‫ياسية املصرية)‬ ‫الس‬ ‫محمد البرادعي (عضو اللجنة ِّ‬ ‫ّ‬ ‫الطائرة في إسرائيل‪ ،‬وهي حتمل‬ ‫بالدموع حينما حطت ّ‬ ‫تس ِفر عن شيء غير‬ ‫الوفد لينخرط في مفاوضا ٍت لم ْ‬ ‫التعنت‪ ،‬أما اللّجنة العسكريّة فلم تكن أقل تشنجا من‬ ‫ياسية‪ ،‬شهد إلسرائيل فيها بالترتيب في طرحها‬ ‫الس‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫لعروضها‪ ،‬ولم يرق العرض املصري ــ حسب العربي ــ‬ ‫مهنية العرض اإلسرائيلي‪ ،‬الطريف أنه وث ّق‬ ‫ملستوى‬ ‫ّ‬ ‫محاوالت تنصت قامت بها ال ّدولتان على اللجنتني!‬ ‫كامب ديفيد‪ ..‬واشنطن‬ ‫عطيات املوقف‪ ،‬ورَبطه مبؤمتر جينيف عام ‪،1973‬‬ ‫ح ّدد ُم َ‬ ‫السادات للقدس‪ ،‬وما‬ ‫وانتخاب كارتر عام ‪ ،1977‬وزيارة ّ‬ ‫جرّته من مهاجمة‪ ،‬ولكنّه قبل اخلوض في التفاصيل فرّق‬ ‫بني معاهدة كامب ديفيد التي وُق ِّ َعت في سبتمبر(أيلول)‬ ‫عام ‪ ،1978‬وبني معاهدة السالم التي وُق ِّ َعت في‬ ‫واشنطن في مارس(آذار) عام ‪ ،1979‬ذكر أن الوثِيقة‬ ‫عاهدة فقد رتبت التزامات‬ ‫تضمنت االنسحاب‪ ،‬أما امل ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫بالتعاون االقتصادي ووقعت في مارس ‪ ،1979‬وقال إنه‬ ‫لم يكن طرفًا فيها‪.‬‬ ‫تناول اإلعداد للمؤمتر في واشنطن وتوزيع الوفود على‬ ‫أكواخ بعد الوصول‪ ،‬وأجواء طغى فيها تفاؤل السادات‬ ‫وابتهاج كارتر‪ ،‬كما تناول أسلوب العمل في املؤمتر‪ ،‬الذي‬ ‫تهرّب من َجمع الوفد املصري واالسرائيلي‪ ،‬وتولّى الوفد‬ ‫األميركي االجتماع بكل وفد على ِح َدة‪ ،‬حاول املصريون‬ ‫تفاصيل‬ ‫السالح النووي اإلسرائيلي‪ ،‬ونَقل‬ ‫ِ‬ ‫إثارة مشروع ّ‬ ‫روي العربي أن ّه‬ ‫ّ‬ ‫احلياة إلى أن وَصل إلى اليوم األخير‪ ،‬يَ ِ‬ ‫كتب ورقة بتعديالت ُم ِه ّمة على االتفاق النهائي‪ ،‬وذهب‬ ‫بقية الوفد ــ‬ ‫بها إلى ّ‬ ‫السادات وحي ًدا ــ بعد أن ّ‬ ‫تنصل ّ‬ ‫يصف أن ّه يَشعر بالتوتر واالضطراب كلما تذكر املُقابَلة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫تناول في تعليقاته (حق تقرير املصير لفلسطني‪ ،‬توقيع‬ ‫مصر باألحرف األولى إلى أن يجيز الكنيست االتفاقية‪،‬‬ ‫جميعا‪ ،‬وقال له‬ ‫السادات رفضها‬ ‫ً‬ ‫ومقترحات أخرى) إال أ ّن ّ‬ ‫إنه ميلك تعهدا من رئيس أكبر دولة في العالم‪ ،‬وفي يوم‬ ‫التوقيع قاطع الوفد املصري احلفل‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫أنور السادات‬ ‫قيم العربي النتائج‪ ،‬فقرر اإليجابيات مثل إقرار مبدأ‬ ‫ّ‬ ‫لبيات التي‬ ‫انتشار قوات تابعة جمللس األمن‪ ،‬وشرح ّ‬ ‫الس ِ‬ ‫كان أبرزها ّ‬ ‫الشرخ العربي‪ ،‬وعدم تضمني االعتراف ب ِ َحق‬ ‫فلسطني في تقرير املصير‪.‬‬ ‫إلى محطات أخر‪..‬‬ ‫حتدث عن عمله في الهند وإعجابه بالنظام اإلداري بها‪،‬‬ ‫ثم مر على فترة مكوثه في جنيف (‪1987‬‬ ‫وذكر اجنازاته‪ّ ،‬‬ ‫ــ ‪ )1991‬التي عايش فيها النزاع العربي ــ اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫معية العامة إلى جنيف لرفض‬ ‫وذكر نقل جلسات اجل ّ ّ‬ ‫أميركا منح ياسِ ر عرفات ال ّتأشيرة للدخول‪ ،‬واعتبر أ ّن قرار‬ ‫نقل اجلّلسات من واشنطن في املرتني إجناز دبلوماسي‪،‬‬ ‫السياسة‬ ‫ولكن ال ّتخبط واالرجتَالِ ّية التي تتسم بها إدارة ِّ‬ ‫والعربية أفسدت النجاح‪ ،‬ولم تستثمره‪.‬‬ ‫الفلسطينية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقام في جنيف ببعض املهمات‪ ،‬مثل ُم َحاولة إعادة‬ ‫بيعية مع إيران‪.‬‬ ‫العالقات َ‬ ‫الط ّ‬ ‫قضية العصر‪ ..‬طابا (‪ 1986‬ــ ‪)1989‬‬ ‫اع َت َبر العربي جناحه في مسؤولية ملف طابا أهم اجناز في‬ ‫والتاريخية‬ ‫اجلغرافية‬ ‫اخللفيات‬ ‫هنية‪ .‬مهد ب ِ َسرد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حياتَه امل ِ ّ‬ ‫للنِّزَاع حول طابا‪ ،‬وانسحاب إسرائيل من أجزاء‪ ،‬واخلالف‬ ‫حول عالمات محددة‪ ،‬وقام برسم اإلطار العام للنزاع‪،‬‬ ‫واخلدعة األساسية التي قامت بها إسرائيل‪ ،‬وهي‬ ‫التالعب بالعالمة ‪ ،91‬فحددت لها موقعني يجعالن طابا‬ ‫إسرائيلية‪ ،‬وطمست الصفر من العالمة ‪ 90‬ل ُتو ِهم‬ ‫املَصريني بأنها العالمة ‪ 91‬فيكونوا أخطأوا‪ ،‬وبذلك تَه ّتز‬ ‫املحَكمة‪ ،‬فكانت إسرائيل تعتمد على‬ ‫اقية أمام‬ ‫َ‬ ‫املِص َد ّ‬ ‫وقوع مصر في خطأ ما‪.‬‬ ‫بعد تفصيله نشأة النزاع منذ ‪ 1982‬في تفسير النقاط‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬وتفسير كلمة‬ ‫التي تنسحب إليها القوات‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية لتل طابا‪ ،‬شرح أسباب تهرّب إسرائيل‬ ‫الهضبة‬ ‫ّ‬ ‫وثمن إصرار مصر أن النزاع ال بد من عرضه‬ ‫التحكيم‪،‬‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫على القضاء‪ ،‬وذكر الضغوط التي مارستها مصر خاصة‬ ‫بعد أن أكد الرئيس (السابق) مبارك أن مصر لن تعيد‬ ‫سفيرها (الذي سحبته بعد العدوان على لبنان) إال بعد‬ ‫عودة آخر شبر من سيناء‪ ،‬فقبلت إسرائيل التحكيم‬ ‫وجلأت إليه في ‪ ،1986‬أعد الوفد املصري خطة سعت‬ ‫لتقييد سلطات احملكمة لتنحصر في الكشف عن‬ ‫مكان العالمات السابقة‪ ،‬والنأي عن إعادة رسم احلدود‪،‬‬ ‫وجنح في ذلك‪.‬‬ ‫مت التوافق على احملكمني ال ّدوليني وهم “بير بيلليه‪،‬‬

‫هنري كيسنجر‬ ‫وديترك شندلر‪ ،‬وجونار الجرجرين السويدي"‪ ،‬وتفاجأ‬ ‫املصريون وفريقهم بأن العالمة التي يطرحونها على‬ ‫أنها ‪ 91‬هي ‪ ،90‬لكن الفريق املصري أقنع احملكمة بأن‬ ‫غير احلقائق وزودها بالصور والوثائق‪ ،‬وأكد أ ّن‬ ‫ذلك ال يُ ّ‬ ‫إزالة إسرائيل للعالمة ‪ 91‬كان مقصودًا‪َ .‬سرد العربي‬ ‫املُرافعات ّ‬ ‫الشفوية وطريقة إعدادها‪ ،‬وخل ّص ما ذكره في‬ ‫ال َبيان اخلتامي‪ ،‬والشهود الذين كان لهم دور كبير في‬ ‫تعضيد الطرح املصري‪ ،‬وصدور احلكم ملصلحة مصر‬ ‫في ‪ 29‬سبتمبر ‪ 1988‬لصالح مصر‪ ،‬باعتبار أن العالمة‬ ‫املصرية هي آخر عالمة تطل على خليج العقبة‪.‬‬ ‫تهرّبت إسرائيل من تنفيذ احلكم‪ ،‬وبعد مفاوضات و ّجه‬ ‫مبارك تصريحا شديد اللهجة أن طابا مصريّة‪ ،‬وإذا‬ ‫لم يتم االنسحاب فسيقوم بتدمير كل شيء عليها‪،‬‬ ‫وأسهم ذلك في عودة املفاوضات التي انتهت برفع العلم‬ ‫املصري في طابا في ‪.1989‬‬ ‫نيويورك واحملكمة ال ّدولية‬ ‫ن ُ ِقل العربي إلى نيويورك في ‪َ 1991‬من ُدوبًا ملصر‪ ،‬وكانت‬ ‫أهم امللفات التي توالها هي املُساهمة في فوز بُطرس‬ ‫بالسكرتارية‬ ‫غالي‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫العامة‪ ،‬ولكنّه أخفق في الفوزِ‬ ‫بالتجديد لدورة ثانية في ‪ 1996‬بسبب استخدام‬ ‫ولية‬ ‫الواليات املُتحدة للفيتو‪ ،‬ثم حت ّدث عن احملكمة ال ّد ّ‬ ‫(‪ 2001‬ــ ‪ )2006‬وجتربته كقاض في محكمة العدل‬ ‫املهنية‪ ،‬بعد أن‬ ‫ال ّدولية‪ ،‬ووصفها بأنها أجمل سنواته‬ ‫ّ‬ ‫تخلّص من تبعة التعليمات الذي ظلّ يتالقها طوال‬ ‫جية املصرية‪ ،‬تناول قضية اجلدار العازل‪.‬‬ ‫عمله في اخلارِ ّ‬ ‫اخلالصة‪..‬‬ ‫في اخلاتمِ ة حت ّدث عن القصور في النظام ال ّدولي املعاصر‪،‬‬ ‫دبلوماسية‪ ،‬ودعا ملعاجلة عصريّة إلدارة‬ ‫وق ّدم نصائح‬ ‫ّ‬ ‫اخلارجية املصرية‪ ،‬وإنشاء مجلس أمن قومي‪.‬‬ ‫بلوماسية النا ِجحة‪،‬‬ ‫الكتاب هو خالصة نصف قرن من ال ّد‬ ‫ّ‬ ‫لدبلوماسية مصر التي جعلته رئيسا‬ ‫حية‬ ‫ّ‬ ‫وهو شهادة ّ‬ ‫جمللس األمن ال ّدولي‪ ،‬وك ُتب بضمير قاض في محكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬ووعي مثقف من طراز فريد‪.‬‬ ‫العدل‬ ‫ّ‬ ‫ويتأهب احلكّام‬ ‫بني هذا وذاك‪ ،‬تدخل مصر عصرها اجلديد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلدد‪ ،‬لتولي امللفات العويصة التي كانت تضطلع‬ ‫بها مصر‪ ،‬فهل ينجحوا في فَهم لغة القانون ال ّدولي‪،‬‬ ‫واحلفاظ على طابا وسينا‪ ،‬أم تغرق مصر بني التحرير‬ ‫وبورسعيد واملاسبيرو وأذان البرملان!‬ ‫‪59‬‬


‫كتب‬

‫نبيل العربي‪..‬‬ ‫الصراع والسالم والدروس امل ُستفادة‬

‫مصر التي‪...‬‬

‫نظر لهذا الكتاب على أنه وجهة نظر عن الدروس املُستفادة من مشاركتي في‬ ‫"أرجو‬ ‫أرجو أن يُ َ‬ ‫العربية كتابه اجل َ ِديد‬ ‫للجامعة‬ ‫العام‬ ‫األمني‬ ‫العربي‬ ‫نبيل‬ ‫الدكتور‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫هكذا‬ ‫األحداث"‬ ‫بعض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولية"‬ ‫"طابا كامب ديفيد اجلِدار العازِل ــ صراع ال ّد‬ ‫طابا‬ ‫بلوماسية من مجلس األمن إلى احملكمة ال ّد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصادر عن دار الشروق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الكتاب‪ :‬طابا‪ ..‬كامب ديفيد‪ ..‬اجلدار العازل ـ صراع‬ ‫بلوماسية من مجلس األمن إلى احملكمة ال ّدولية‬ ‫ال ّد‬ ‫ّ‬ ‫املؤلف‪ :‬نبيل العربي‬ ‫دار الشروق ‪2011‬‬ ‫مراجعة عمر البشير الترابي‬

‫لألمم املُتحدة “أوثانث" برسالة للرئيس جمال عبدالناصر‬ ‫“إ ّما أن تُسحب القوات كلها أو تبقى كلها"‪ .‬يُقر ّ العربي‬ ‫أن الطلب املصري لم يتم دراسته بشكل كاف‪ ،‬وهو ما‬ ‫استغلته إسرائيل‪ ،‬وكانت نُذر املواجهة العسكريّة تلوح‬ ‫في األفق‪ ،‬وبدا إلسرائيل أ ّن ال ّدولة التي تُبادِر بالضربة‬ ‫اجلويّة األولى هي التي ستنتصر‪.‬‬

‫كتاب من جراب ذكريات دبلوماسي قدير‪ ،‬وثائق تطايرت‪،‬‬ ‫ولية تزيّا بها‬ ‫وأسماء تناثرت‪ ،‬بطوالت في احملافل ال ّد ّ‬ ‫العرض‪ ،‬أراد نبيل العربي في كتِابه أن يوث ِّق القضايا‬ ‫القانونية‪ ،‬وأحلق‬ ‫القانونية‪ ،‬فكتبه كما يكتب مذكراته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوثائق ّ‬ ‫كتاب َمكتوب بلغ ٍة‬ ‫الالزمة‪ ،‬ولكنّه انتهى إلى‬ ‫ٍ‬ ‫أنيقة وذكريات ّ‬ ‫خالبة‪ ،‬وال أُغالِي إن قُلت‪ ،‬هذا الكتاب ــ‬ ‫بكل ما فيه من نقد ــ هو ذكريات ملصر العظيمة‪ ،‬حني‬ ‫بلوماسية‪.‬‬ ‫برعت في القانون وال ّد‬ ‫ّ‬

‫يقول العربي “لم يَصدر من األمم املُتحدة أي ُمحاولة‬ ‫حقيقية في الوقت املُناسِ ب لتهدئة األوضاع املتأزّمة التي‬ ‫تُن ِذر باالنفجار"‪ ،‬إال أنه عاد وقال “استجابة السكرتير‬ ‫العام الفوريّة لطلب مصر‪ ،‬كان يتفق مع صحيح القانون‪،‬‬ ‫سياسيا"‪.‬‬ ‫ولكنه كان يُجانب احلكمة والصواب‬ ‫ً‬

‫ملاذا هذا الكتاب؟‬ ‫ق ّدم في املُقدمة َمالمح عن نَشأته‪َ ،‬مزجها بنشأة ِجيل‬ ‫الوطنية وااللتزام‪ ،‬بعي ًدا عن التطرّف وقري ًبا‬ ‫كامل تشرّب‬ ‫ّ‬ ‫بني سبب تأليفه الكتاب‪،‬‬ ‫من االعتدال وحب العدالة‪ّ ،‬‬ ‫وتاريخ نشره الذي تأ ّخر لعام تقّ دم فيه باستقالته من‬ ‫جية املصريّة‪ ،‬وتريّث حتى تنقضي األعوام العشرين‬ ‫اخلارِ ّ‬ ‫من تاريخ احلكم في التحكيم لصالح مصر في قضية‬ ‫طابا‪ ،‬وقال‪ :‬الهدف من إعداد الكتاب ينبع من اهتمامي‬ ‫بتسجيل حقيقة أبعاد وخفايا بعض جوانب تتعلق‬ ‫بقضايا متس السياسة املصرية واألمن القومي‪ ،‬وعلى‬ ‫وجه اخلصوص قضية طابا وموضوعات أخرى…"‪.‬‬ ‫احلرب التي قلبت املوازين‪..‬‬ ‫الفصل األول كان عن حرب يونيو(حزيران) ‪ ،1967‬التي‬ ‫تزامنت مع وجوده في األمم املُتحدة في نيويورك مع البعثة‬ ‫املصريّة ال ّدائمة في مجلس األمن‪.‬‬ ‫بدأ بتأريخ مناسب للنزاع العربي اإلسرائيلي‪ ،‬وأسباب‬ ‫احلرب‪ُ ،‬منتق ًدا استعجال مصر بتقدمي طلب انسحاب‬ ‫انفعاليا‪ ،‬جاء‬ ‫القوات ال ّدولية من احلدود‪ ،‬واع َتبره طل ًبا‬ ‫ً‬ ‫اتفاقية رودس عام ‪،1956‬‬ ‫بعد تَنصل إسرائيل من‬ ‫ّ‬ ‫األردنية في ‪ ،1966‬واعتدائها‬ ‫وهجومها على السموع‬ ‫ّ‬ ‫على سوريا‪ ،‬فكان استجابة للضغط العربي على‬ ‫ليقدِّم فعال ً يُوازِي ما تَفعله إسرائيل‪،‬‬ ‫جمال عبدالناصر‪ُ ،‬‬ ‫ب جزئي‬ ‫فق ّدمت مصر ــ ِوفق الوثَائق ــ طَ ل ًبا بسح ٍ‬ ‫ولية‪ ،‬ولك ّن ردة فعل األمم املُتحدة كانت‬ ‫لقوات الطوارئ ال ّد ّ‬ ‫استفزازية ــ بحسب العربي ــ إذ ردّ السكرتير العام‬ ‫‪58‬‬

‫استغلت إسرائيل قرار مصر منع مالحة السفن‬ ‫اإلسرائيلية في خليج العقبة ‪ 22‬مايو(أيار) ‪،1967‬‬ ‫فضربتها وشلّت اجليش املصري الذي أصيب بسكتة‬ ‫قلبية ــ بحسب ــ محمود رياض وزير خارجية مصر ــ‬ ‫حينها ــ في حديثه لبعثة مصر في نيويورك يطالبها‬ ‫باإلسراع في طلب وقف إطالق النار واالنسحاب خلط ‪5‬‬ ‫يونيو‪ ،1967‬فصدر قرار وقف إطالق النار‪ ،‬ولم يصدر قرار‬ ‫املطالبة باالنسحاب‪ ،‬وهنا بدأت املشكلة‪.‬‬ ‫تفوت الفرص‪..‬‬ ‫دبلوماسية العرب‬ ‫“اخليالية" ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية تتحرك في عالم غير عالم‬ ‫كانت ال ّدول‬ ‫ّ‬ ‫العربية أن‬ ‫الواقعية‪ ،‬وتَ َخ ّيلَت ال ّدول‬ ‫بلوماسية‬ ‫ال ّد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫انسحاب إسرائيل سيكون مثل انسحاب عام ‪،1956‬‬ ‫القانونية الستعادة األراضي‬ ‫ففوتوا العديد من الفُ رَص‬ ‫ّ‬ ‫املصرية‪ ،‬وكانوا يستغربون على د‪ .‬العربي ظنّه بأن‬ ‫اسرائيل ستبقى!‬ ‫نصر اكتوبر‪ ..‬تنسيق محكم‬ ‫اضي‬ ‫َامضة للقرار القَ ِ‬ ‫الصياغة الغ َ‬ ‫إسرائيل استغلّت ِّ‬ ‫اجلمعية‬ ‫واالنسحاب‪ ،‬وظلّت ُمتَاطِل في‬ ‫بوقف إطالق النّار‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫لي ُنص على‬ ‫العامة‪ ،‬وق ّدمت مصر طلبا لتفسير القَ رار‪َ ،‬‬ ‫االنسحاب بوضوح‪ ،‬وكانت َ‬ ‫الطلب أن‬ ‫ترجتِي من تقدمي َ‬ ‫حقها املشروع‬ ‫يَرفُض اجمل َلس ال ّتوضيح‪ ،‬فتتأهل ملمارسة ِ‬ ‫رعن احلرب‪.‬‬ ‫طبقا للمادة ‪ 51‬دفاعا عن النّفس‪ ،‬ل ُت َش ِ‬ ‫نظمة‬ ‫في ‪ 6‬أكتوبر(تشرين األول) ‪ 1973‬كانت مصر ُم ّ‬ ‫ونظمت كل أدواتها‪ ،‬وحتى‬ ‫ج ًدا‪ ،‬وامتلكت زمام امل ُ َبادرة‪ّ ،‬‬ ‫مندوبها في نيويورك عَ ِلم بالهجوم قبل فترة كافية‬ ‫فعمل على تهيئة األجواء‪ ،‬وبعد الضربة واالنتصارات‬ ‫املصريّة‪َ ،‬صدر القَ رار ‪ 338‬لوقف إطالق النّار‪ ،‬بعدما َجنح‬

‫السوفيات بأن يَتوليا رِعايَة ال ّتفاوض‬ ‫كيسنجر في إقناع ّ‬ ‫برئاسة السكرتير العام‪ ،‬بعي ًدا عن أجهزة األمم املُتحدة‪،‬‬ ‫البداية جلوالت السالم‪.‬‬ ‫فكانت ِ‬ ‫حرب التفاوض‪ ..‬النفس الطويل‬ ‫وللحديث عنها ال بد من املرور مبؤمتر السالم في جنيف‬ ‫عام ‪ ،1973‬الذي جاء بناء على القرار ‪ ،338‬وغاب فيه‬ ‫قانونيا‬ ‫التنسيق العربي متاما‪ ،‬وقد عَ ِمل العربي مستشارًا‬ ‫ً‬ ‫لفض االشتباك األول في عام ‪،1974‬‬ ‫للوفد العسكري‬ ‫ّ‬ ‫وبعد مفاوضات ُمتعثرة َجنح كسينجر في احلصول على‬ ‫توقيع السادات في أسوان‪ ،‬يروي العربي أن كسينجر كان‬ ‫العربية تدور في فلك‬ ‫منحازًا إلسرائيل العتقاده أن ال ّدول‬ ‫ّ‬ ‫االحتاد السوفياتي‪.‬‬ ‫أما مفاوضات فض االشتباك الثاني عام ‪ ،1975‬فقد‬ ‫احتوت على انسحاب إسرائيل من جزء من آبار البترول‬ ‫املصريّة في سينا‪ ،‬وكان هناك اتِّفاق عام بني “رابني"‬ ‫و"السادات‪ ،‬لذلك ُم ِن َحت الوفود املفاوضة مهلة‬ ‫ّ‬ ‫اسبوعني للتوقيع‪.‬‬ ‫كانت املهلة ضيقة‪ ،‬واالتصال بالقيادة املصرية صع ًبا‪،‬‬ ‫أقنع كيسنحر السادات بالتوقيع على اتفاق ــ مسبق ــ‬ ‫يستند إلى بروتوكول لم يتم االتفاق على أحكامه بعد‪،‬‬ ‫كان االتّفاق حول أمور شائكة‪ ،‬لكنّه لم يَحل كل شيء‪،‬‬ ‫وجنحت إسرائيل في ابتداع مفاهيم غريبة للصياغات‪.‬‬ ‫اإلدارة القانونية‪ ..‬كامب ديفيد‬ ‫القانونية ورعاية‬ ‫اإلدارة‬ ‫ّم‬ ‫بعد عودته من جنيف تسل‬ ‫ّ‬ ‫جية املصريّة‪ ،‬لعامني ونصف العام‪،‬‬ ‫املُعاهدات بوزارة اخلارِ ّ‬ ‫قضية تطلب من‬ ‫وجهز كل املستندات القانونية لرفع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعويضا عن استغاللها للبترول في سينيا‪ ،‬مبا‬ ‫إسرائيل‬ ‫ً‬ ‫يزيد عن إدارة اإلقليم‪ ،‬ولكن ذلك لم يتم إلى اآلن!‬ ‫بعد زيارة الرئيس السادات “املفاجئة للقدس"‪ ،‬استدعاه‬ ‫الوزير اجلديد بطرس غالي ليكون عضوا في فريق تفاوض‬ ‫ترأسه عصمت عبداجمليد في مفاوضات “مينا هاوس"‬ ‫وصف‬ ‫مبصر‪ ،‬ودُعي له العرب ً‬ ‫أيضا‪ ،‬إال أنهم قاطعوه‪َ ،‬‬ ‫وخص ياسِ ر‬ ‫العربية لالجتماع باخلاطئة‪،‬‬ ‫املُقاطعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فوت فُرصة ُمهمة ألن ُمجرّد رَفع علم‬ ‫عرفات‪ ،‬الذي ّ‬ ‫فلسطني وحضور وفد فلسطيني في وجود إسرائيل‪،‬‬ ‫سيكون مبثابَة اعتراف إسرائيلي بعرفات وفلسطني‪ ،‬لم‬ ‫حريصا على ُم َشاوَرة‬ ‫السادات لم يكن‬ ‫يَنف العربي أن َّ‬ ‫ً‬ ‫القادة العرَب‪ ،‬ولكنه (العربي) كرّر أن العرَب أضعفوا‬


‫والنفيسي الثائر الذي قبضت عليه‬ ‫السلطات السعودية قبيل حادثة اقتحام‬ ‫احلرم املكي سنة ‪1979‬م في محاولة‬ ‫تسلله عبر احلدود مع مجموعة من‬ ‫جماعة جهيمان العتيبي تروج ملنشوراته‪،‬‬ ‫يطالب في سنة ‪ 2010‬الدول الصغرى في‬ ‫اخلليج (الكويت والبحرين وقطر واإلمارات)‬ ‫باالنضمام إلى السعودية‪ ،‬محذرا ً من‬ ‫مستقبل يهدد كيانها واستقرارها وأمنها‪،‬‬ ‫إن لم تتحد معا ً في كيان واحد هو اململكة‬ ‫العربية السعودية‪ .‬فالسعودية كما يقول‬ ‫النفيسي في إحدى الندوات بعيد الثورة‬ ‫التونسية‪" :‬شقيقتنا الكبرى‪ ،‬ومالذنا بعد‬ ‫اهلل"‪.‬‬

‫هذا متعصب ومنغلق وتبسيطي وعامي‬ ‫وسوقي‪ ،‬ومتملق سياسي صـغير"‪.‬‬ ‫أما الناشر رياض جنيب الريس فقد ملزه‬ ‫العميم بضربة موجعة في اخلاصرة‪ ،‬حني‬ ‫كتب عنه معلقا ً على حوار تلفزيوني معه‪:‬‬ ‫"من مزايا هذا احلوار أنه قدم رياض الريس‬ ‫كما هو‪ ،‬بعباءة قومية مخرومة‪ ،‬وقبعة‬ ‫دميقراطية ال تتسع لرأس طفل يحبو على‬ ‫األرض"‪.‬‬ ‫رمبا هذه اللغة احلادة هي التي أغضبت‬ ‫الكثيرين من دراسته حول النفيسي‪ ،‬فهي‬ ‫لم تنل رضا سوى قلة قليلة من املثقفني‪،‬‬ ‫وقد غضب واستاء منها كثرة كاثرة من‬ ‫تيارات مختلفة‪ ،‬سواء كانت دينية أم‬ ‫علمانية‪ ،‬حكومية أم معارضة‪ ،‬وهو األمر‬ ‫الذي أكده العميم بنفسه في مقدمة‬ ‫كتابه (شيء من النقد‪ ..‬شيء من التاريخ)‪.‬‬ ‫العميم في دراسته ركز على حتليل التقلبات‬ ‫السياسية والثقافية التي طغت على حياة‬ ‫النفيسي‪ ،‬رمبا لكثرتها وتداخلها وتعقدها‪،‬‬ ‫وكأنه يتجاوز النفيسي ليقدم صورة مصغرة‬ ‫عن احلالة اإلسالمية السياسية في الكويت‬ ‫التي جتلت في شخص النفيسي‪ ،‬الذي تقلب‬ ‫من اإلخوانية إلى اجلاهلية التي وصف بها‬ ‫نفسه إلى الثورية اجلهيمانية‪ ،‬متأرجحا ً ما‬ ‫بني اإلسالم احملزب واإلسالم احملجب‪ ،‬ورمبا ما‬ ‫يُفسر تقلبه بني اليسار القومي والناصريني‬ ‫وانخراطه مع جماعة جهيمان العتيبي بأنه‬ ‫بحث عن الزعامة في أي موقع وأي تيار بأي‬ ‫ثمن‪.‬‬ ‫يقول العميم‪" :‬إنه ملن املفارقات العجيبة‬ ‫التي تستوقف النظر مليا لكاريكاتوريتها‬ ‫الفاقعة‪ ،‬أن يجتمع على شخص النفيسي‬ ‫فئات وجماعات مختلفة ومتنابذة‪ ،‬يصل‬ ‫مدى العالقة بينها في بعض األحيان‪،‬‬ ‫إلى حد الرغبة احملمومة في االستئصال‬ ‫الوجودي للكيان االجتماعي للفئة أو‬ ‫اجلماعة األخرى‪ ،‬فقد اجتمع على النفيسي‬ ‫اجلماعة السلفية احملتسبة (جماعة‬ ‫جهيمان العتيبي وبقاياها) والسلفية‬ ‫اجلهادية التكفيرية‪ ،‬والسلفية املهادنة‬ ‫للسلطات العربية‪ ،‬واإلخوان املسلمون من‬ ‫خط احلمائم إلى خط الصقور‪ ،‬والتحريريون‬ ‫املنشقون‪،‬‬ ‫والتحريريون‬ ‫التقليديون‪،‬‬ ‫والشيعة التقليديون والشيعة الدينيون‬ ‫النضاليون‪ ،‬واليسار في منطقة اخلليج‬ ‫العربي مبختلف تفرعاته وتفريعاته"‪.‬‬ ‫منهج أركيولوجي‬ ‫فماذا كان النفيسي؟ وأين يقف من كل هذا؟‬ ‫وما هي هويته السياسية والعقائدية؟ وما‬ ‫هي األطوار الفكرية التي مر بها؟ وما هي‬ ‫محاور فكره السياسي والعقائدي طيلة ما‬ ‫يزيد على الثالثني سنة؟ ‪ ..‬كل هذه األسئلة‬ ‫حاول العميم اإلجابة عنها مستعيرا ً أدوات‬ ‫املنهج األركيولوجي احلفري‪ ،‬التي تعتمد‬ ‫املعمق‪ ،‬في متون الوقائع‪ ,‬أو‬ ‫على البحث‬ ‫ّ‬ ‫الوثائق التاريخية‪ ,‬وقراءتها مجدداً‪ ،‬قراءة‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫علي العميم‬ ‫مختلفة‪ ،‬بشكل عمودي‪ ،‬باستخدام أدوات‬ ‫البحث املعاصرة واملستحدثة‪.‬‬ ‫فهل جنح العميم في إجابته عن هذه‬ ‫التساؤالت أم ال؟ وما هو سر الغضب‬ ‫واالستياء الثقافي من هذه الدراسة؟‬ ‫احلقيقة أن اإلجابة عن سؤال كهذا ال ميكن‬ ‫اجلزم بها‪ ،‬ألن الذين رفضوا هذه الدراسة‬ ‫آثروا الصمت‪ ،‬ولم يواجهوها بالنقد حتى‬ ‫النفيسي ذاته لم يعلق عليها‪ ،‬لكن املؤكد‬ ‫أن الدراسة القت انتشارا ً وصدى واسعاً‪ ،‬رمبا‬ ‫جزء مهم منه يعود سببه إلى الكاريزما‬ ‫التي يتمتع بها النفيسي في منطقة‬ ‫اخلليج العربي‪ ،‬ولقاءاته الثورية الرنانة‬ ‫في قناة اجلزيرة التي ضاعفت من جمهوره‬ ‫وشعبيته‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن العميم ركز جهده‬ ‫البحثي في حتليل تقلبات النفيسي‪ ،‬إال أنه‬ ‫جرى في مياهه انقالب جديد مر مبرحلتني‬ ‫كما يقول العميم‪ ،‬ولم تسجل هذه‬ ‫االنقالبات في الدراسة التي رصدت تقلباته‬ ‫العديدة لسبب بسيط‪ ،‬هو أن االنقالب‬ ‫اجلديد مت بعد مضي زمن قليل على نشر‬ ‫الدراسة‪.‬‬ ‫تقلبات مثيرة‬ ‫فالنفيسي الذي دعا في السبعينات إلى‬ ‫تسمية اخلليج العربي باخلليج الفارسي‬ ‫وسوغ االحتالل اإليراني للجزر اإلماراتية‪،‬‬ ‫وبارك بكل حماس الثورة اإليرانية فور‬ ‫حدوثها‪ ،‬خرج سنة ‪ 2011‬في حلقة‬ ‫كاملة بعنوان (إيران وأمن واخلليج) تعقيبا ً‬ ‫على أحداث البحرين ضمن برنامج واجه‬ ‫الصحافة مع داوود الشريان في قناة‬ ‫العربية مؤكدا ً‪" :‬لدينا مشاكل كبرى مع‬ ‫إيران جغرافية وتاريخية‪ ،‬نحن ال نضخم‬ ‫اخلطر اإليراني بل هو حقيقة‪ ،‬وما يدور في‬ ‫البحرين هو مؤامرة إيرانية‪ ،‬رسم خارطة‬ ‫طريقها الريجاني"‪ .‬مستذكرا ً ومستشهدا ً‬ ‫بتاريخ حكم إسماعيل الصفوي إليران سنة‬ ‫‪1501‬م ومحاوالته لالنقضاض على مكة‬ ‫واملدينة‪.‬‬

‫رمبا تكون هذه حالة حنني إلى اجلذور‪،‬‬ ‫فالنفيسي كما يقول العميم في كتابه‬ ‫"ينتمي إلى أسرة جندية عريضة ومشهورة‪،‬‬ ‫هذه األسرة هي أسرة النفيسة‪ ،‬وقد هاجر‬ ‫فرع منها مبعية اإلمام عبد الرحمن آل‬ ‫سعود وابنه عبد العزيز إلى الكويت سنة‬ ‫‪ .1891‬وجده الثاني عبد اهلل حمد عبد‬ ‫الرحمن النفيسي املولود بالرياض عام‬ ‫‪ 1861‬سبق أن واله امللك عبد العزيز إمارة‬ ‫اجلبيل عام ‪ ،1920‬ثم بعد فترة عينه‬ ‫معتمدا ً ماليا ً له في الكويت‪ .‬وقد توارث‬ ‫هذا املنصب جده املباشر عبد العزيز وأبوه‬ ‫فهد‪ ،‬إلى أن تنازل هذا األخير عن املنصب‬ ‫باختياره وإرادته‪."..‬‬ ‫العميم تشعب في دراسته لشخصية‬ ‫النفيسي في مسارات وجزئيات مختلفة‬ ‫يعيبها التشتت وعدم نظمها في تسلسل‬ ‫زمني واضح‪ ،‬تنوعت ما بني دراساته‬ ‫اجلامعية في القاهرة‪ ،‬وبريطانيا واإلمارات‪،‬‬ ‫ومواقفه وتقاطعاته مع الطائفة الشيعية‬ ‫بحكم أن دراسته للدكتوراه كانت بعنوان‬ ‫(دور الشيعة في تطور العراق السياسي‬ ‫احلديث)‪ ،‬باإلضافة إلى جتربته احلركية‬ ‫اإلسالمية مع اإلخوان املسلمني‪ ،‬وجتربته‬ ‫النيابية في مجلس األمة الكويتي‪ ،‬ثم‬ ‫انفصاله عن جماعة اإلخوان‪ ،‬وكتابته‬ ‫ملؤلفات متخصصة في نقد فكر احلركة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬كان من أبرزها بحثه (اإلخوان‬ ‫املسلمون‪ ،‬التجربة واخلطأ) الذي نشر عام‬ ‫‪ 1989‬ضمن كتاب جماعي بعنوان (احلركة‬ ‫اإلسالمية رؤية مستقبلية) قام هو بتحريره‬ ‫وتقدميه‪.‬‬ ‫وتبقى شخصية النفيسي بتقلباتها املثيرة‪،‬‬ ‫وأجوائها الصاخبة‪ ،‬وجتربتها الثرية جذابة‬ ‫ومغرية للباحث من أجل فك شفراتها‪،‬‬ ‫وحتليل عقدها‪ ،‬وقد يكون هذا ما أغرى‬ ‫العميم ليقتحم أسوار هذه الشخصية‬ ‫ويسبر أغوارها ويقدم لنا سيرة مضادة‬ ‫غير تبجيلية‪ ..‬بل رمبا يكون النفيسي ممُ تنًا‬ ‫للعميم ـ كما يقول عبد اهلل احمليميد ـ على‬ ‫التقصي التاريخي الدقيق‪ ،‬فبتحوير‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫بسيط وحذف للجوانب السلبية‪ ،‬يستطيع‬ ‫النفيسي أن يصنع من هذه الدراسة سيرة‬ ‫ذاتية تبجيلية‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫كتب‬

‫"غير املبجل"‪..‬‬ ‫حكاية النفيسي غير‬ ‫وقلم العميم املدجج‬

‫نار هادئة‬

‫كان سؤاال ً عابرا ً وجهه له األستاذ محمد رضا نصر اهلل‪ ،‬حول موقع‬ ‫الدكتور عبد اهلل النفيسي في فكر احلركة اإلسالمية‪ ،‬يقول العميم‪:‬‬ ‫"أجبته‬ ‫أجبته مبا يحضر في ذهني‪ ،‬وكانت اإلجابة نيئة‪ ،‬فأشار علي بأن أنضج‬ ‫ما قلته على نار هادئة‪ ،‬فوعدته خيرا ً"‪.‬‬

‫هذا الوعد يتم نشره مجددا ً ضمن كتاب‬ ‫مستقل بعنوان (عبد اهلل النفيسي‪ :‬الرجل‬ ‫ الفكرة ‪ -‬التقلبات‪ ..‬سيرة غير تبجيلية)‬‫صدر حديثا ً عن دار جداول للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫بعد أن نشرت الدراسة للمرة األولى بنفس‬ ‫العنوان في مجلة (اجمللة) بنسختها‬ ‫الورقية عدد ‪ 1256‬في شهر أكتوبر (تشرين‬ ‫األول) ‪ ،2004‬ثم أعيد نشرها الحقا ً ضمن‬ ‫كتاب ضخم جمع نتاج العميم الصحافي‬ ‫والعلمي‪ ،‬بعنوان (شيء من النقد‪ ..‬شيء‬ ‫من التاريخ)‪ ،‬ويبدو أن دراسة النفيسي لها‬ ‫وقع خاص في قلب العميم‪ ،‬وفي قلب قرائه‪،‬‬ ‫وهو ما سمح لها بأن تطبع ثالث مرات‬ ‫بطرق مختلفة‪.‬‬ ‫املزاجي الكسول‬ ‫األستاذ علي العميم على الرغم من أنه‬ ‫اعترف لصحيفة (احلياة) بأنه "مزاجي‬ ‫كسول" إال أنه في دراسته النقدية‬ ‫والتحليلية لشخصية الدكتور الكويتي‬ ‫عبد اهلل النفيسي لم يكن كذلك‪ ،‬فقد بدا‬ ‫وكأنه "اخطبوط كتابة بأكثر من ذراع وقلم‪،‬‬ ‫وأوسع من جهة ولون" كما يصفه بذلك‬ ‫الكاتب نشمي مهنا‪ ،‬فقد وضع العميم‬ ‫تقلبات النفيسي حتت اجملهر‪ ،‬محاوال ً أن‬ ‫يرجعها إلى جذورها وينظمها في منظومة‬

‫‪56‬‬

‫واحدة‪ ،‬ينجح في بعضها‪ ،‬ويقف حائرا ً أمام‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫األستاذ علي العميم واحد من الصحافيني‬ ‫السعوديني اخملضرمني‪ ،‬الذين تقف حائرا ً أمام‬ ‫إنتاجهم اإلعالمي‪ ،‬فهل أنت أمام صحافي‪،‬‬ ‫أم باحث‪ ،‬أم ناقد‪ ،‬أم مؤرخ‪ ..‬إال أن املؤكد أنك‬ ‫أمام شخص ميتلك "قدرات بحثية القطة‬ ‫ودؤوبة وفاحصة‪ ،‬خصوصا ً إذا أضفنا إلى‬ ‫ذلك إطالعه املوسوعي ونهمه العميق في‬ ‫القراءة واالستزادة وحسه الفكري الناقد‪،‬‬ ‫فإننا بذلك نكون أمام مثقف يُنتظر منه‬ ‫الكثير في الكتابة الفكرية الرصينة"‪،‬‬ ‫بحسب وصف الباحث االجتماعي عبد اهلل‬ ‫احمليميد‪ ،‬الذي أكد أن دراسة العميم النقدية‬ ‫تتعدى شخص النفيسي‪ ،‬إلى كونها سبق‬ ‫في حياتنا الثقافية والصحافية‪ ،‬وميكن‬ ‫عنونتها حتت مفهوم (الطرح السيري)‬ ‫املتعارف عليه في علم االجتماع بإعادة‬ ‫تشكيل تواريخ األفراد بناء على مصادر‬ ‫متنوعة‪ ،‬وتفسير خطوط هذه التواريخ‬ ‫ضمن سياق عالقات متعددة‪.‬‬ ‫القلم املدجج‬ ‫لكن استلهام العميم للطرح السيري ليس‬ ‫جديدا ً عليه‪ ،‬فنشاطه املتناثر في املطبوعات‬

‫السعودية‪ ،‬والتي من أبرزها مجلة (اجمللة)‪،‬‬ ‫وصحيفة (الشرق األوسط) حوى العديد‬ ‫من املقاالت القصيرة والطويلة‪ ،‬التي‬ ‫تناولت شخصيات ثقافية ملتبسة بلغة‬ ‫حانية أحياناً‪ ،‬وفي أحيان أكثر بلغة الذعة‬ ‫موجعة حادة‪ ،‬يتمرد فيها قلمه املدجج على‬ ‫خطام قائده فيقذف بالشرر مخلفا ً حرائق‬ ‫مؤملة‪ ،‬مغلفة بوثوقية طاغية‪ ،‬مدعومة‬ ‫بغطاء جوي من احلقائق واملعلومات املوثقة‪..‬‬ ‫والنتيجة‪ :‬نص مرعب إلى حد الطرب يتمم‬ ‫معه القارئ جزعا ً (اللهم حوالينا وال علينا)‪.‬‬ ‫ومن آخر ما طالعنا قلم العميم املدجج‪،‬‬ ‫دراسته النقدية حول املفكر السعودي‬ ‫إبراهيم البليهي الذي وصفه بأنه‪" :‬مثقف‬ ‫ال يسأم التكرار‪ ،‬ممل إلى حد الضجر‪،‬‬ ‫يلوك ماقاله مثقفون مصريون كثر‪ ،‬خالل‬ ‫املنتصف األول من القرن املاضي"‪.‬‬ ‫وتصل الشراسة إلى منتهاها حني يصف‬ ‫العميم القمني بقوله‪" :‬سيد القمني‬ ‫ليس بإسالمي‪ ،‬وال بإسالمي مستنير‪ ،‬وال هو‬ ‫بالليبرالي التنويري وباملاركسي التقدمي‪،‬‬ ‫إمنا هو قومي مصري فج‪ ،‬وشوفيني عنصري‪،‬‬ ‫تهيمن عليه العقيدة الفرعونية في جميع‬ ‫ما كتبه على نحو هوسي ومرضي‪ ،‬وهو على‬


Mohammad Ehsai Mohabbat ESTIMATE £80,000–120,000

Hurouf: The Art of the Word AUCTION IN DOHA 16 DECEMBER 2010

I

ENQUIRIES +44 ( 0 ) 20 7293 5154

EXHIBITION BAHRAIN 10 NOVEMBER / ABU DHABI I4 NOVEMBER / DOHA 13–15 DECEMBER SOTHEBYS.COM


‫اخليمة‪ /‬بغداد‪ /‬الشعبي‪ /‬الـ‪ 60‬كرسي‪ /‬الفرقة‬ ‫القومية‪ /‬الفرق النقابية‪ /‬فرق نقابات فنون احملافظات‪/‬‬ ‫وغيرها – ومن أبرز سمات تلك املرحلة ـ الذهبية –‬ ‫هيمنت الطابع التجريبي على كافة عروض املؤسسة‬ ‫االكادميية املسرحية من جهة وهيمنة القراءات‬ ‫االخراجية املتحررة من ضوابط ولزوميات الطرائق‬ ‫واملناهج املسرحية التي جاء بها الدارسون من أوروبا‬ ‫وأميركا ‪ ،‬فتمكن بذلك تقنيو مؤسسات الفضاء‬ ‫املسرحي املادية من انتاج عواملهم داخل خطاب‬ ‫العرض على وفق متعدد الرؤى من الواقعي الى‬ ‫الفنتازي ‪ .‬وكانت تلك املرحلة قد سجلت حضورا بارزا‬ ‫للمسرح العراقي وطنيا وعربيا نخبويا وجماهيريا‪.‬‬ ‫ويتناول األعرجي حالة املسرح العراقي في عهد‬ ‫الدكتاتورية بقوله‪ :‬سعى نظام صدام الى تهميش‬ ‫املسرح العراقي وافراغه من كوادره وحتطيم بناه‬ ‫التحتية وإنتاج املسرح النقيض للمسرح اجلاد‬ ‫وامللتزم‪ .‬وكانت تلك اإلجراءات قد متت بضرب القوى‬ ‫الوطنية والتقدمية الذي أدى الى هجرة الكثير من‬ ‫الكوادر املسرحية الفنية والتقنية‪.‬‬ ‫كما سهل ذلك على النظام من احلد من حريات‬ ‫وأنشطة البقية املتبقية من مبدعني‪ .‬وكذلك عدم‬ ‫قبول الطلبة في املعاهد والكليات الفنية في حال‬ ‫عدم تزكيتهم أو انتمائهم الى حزب البعث‪ ،‬مما أدى الى‬ ‫افراغ تلك املؤسسات من قدراتها احليوية وتسطيحها‪.‬‬ ‫فضال عن ابتداع ما يسمى جلنة الرقابة الفكرية واجازة‬ ‫النصوص وهي جلنة واسعة الصالحيات‪ ،‬اسهمت‬ ‫في الغاء الكثير من العروض املهمة (دائرة الفحم‬ ‫البغدادية ‪/‬ابراهيم جالل‪ ..‬االخوة كرامازوف‪ /‬حميد‬ ‫محمد جواد) وغيرها من العروض وايقاف البرنامج‬ ‫املسرحي السنوي الوطني منه واألكادميي وحتويل‬ ‫الفعالية املسرحية اجلماهيرية الى فعالية مهرجانية‬ ‫سنوية‪ ،‬حيث تعمل الفرق املسرحية – املتبقية –‬ ‫جاهدة من اجل املشاركة في مهرجان املسرح العربي‬ ‫ببغداد او مهرجان املسرح العراقي‪.‬‬ ‫عودة للمسرح العراقي من لندن‬

‫‪54‬‬

‫وفي الوقت ذاته نشأت حركة املسرح النقيض‪ ،‬الذي‬ ‫شكل الضربة احلقيقية للمسرح العراقي اجلاد‬ ‫وامللتزم‪ ،‬حيث افرغته من جماهيره العريضة وابعدته‬ ‫عن تطلعاته الفنية والتقنية والتي جعلته في يوم‬ ‫منافسا‪ ،‬بل ندا قويا للعديد من املستويات املسرحية‬ ‫العربية والعاملية‪ ،‬مبسرحها التهريجي القائم على‬ ‫السفاهة والضحك الغريزي والنكتة السوقية‬ ‫والكلمة املبتذلة‪ ،‬وكان لفرقة املسرح العسكري‬ ‫الريادة في هذا االنحطاط وأعقبتها مجاميع تدعي‬ ‫الفن فأوغلت في اإلساءة الى املسرح العراقي وصار‬ ‫الرقص املبتذل – راقصات املالهي الليلية – واالغاني‬ ‫السريعة والنكتة اخلادشة للحياء والضحك على‬ ‫املمثل "االركوز" من ابرز سمات تلك املسارح‪ ،‬ان‬ ‫املؤلم في ذلك التحاق بعض االسماء املسرحية بهذه‬ ‫اجملاميع‪.‬‬ ‫أما املسرح اليوم فيشكل حقبه مختلفة متاما عن‬ ‫املاضي‪ ،‬لكن الدكتور االعرجي ال يفصلها أو يحررها‬ ‫من تبعات املرحلة السابقة إذ يقول "نعتقد ان املسرح‬ ‫كما باقي املؤسسات الفنية والثقافية‪ ،‬ال ميكنها‬ ‫ان تستعيد دورها‪ ،‬وتنهض مبهامها‪ ،‬حتى تستعيد‬ ‫بناها التحتية وتتوفر لها احلرية التامة في التعبير‬ ‫عن ذاتها االبداعية‪ .‬تلك احلرية املشفوعة باحلماية‬ ‫القانونية والرعاية املؤسساتية‪ .‬وال اجد ذلك متوفرا‬ ‫لها في الوقت احلاضر ورمبا لسنوات قادمة من وجهة‬ ‫نظر متفائلة جد!!‬ ‫ملاذا؟ ان أساليب القمع هي ذاتها لم تختلف‪ ،‬وسلطة‬ ‫الرقيب العاملة املؤدجلة بدمياغوجية قاتلة عادت‬ ‫لتعمل بالضوابط الدينية! ان مفهوم احلالل واحلرام‬ ‫سيلعب دورا مهما في انتقاء النص وآليات املعاجلة‬ ‫وآليات التلقي‪ ،‬بل ان مفهوما جديدا يروج له في‬ ‫االوساط االكادميية حتى مفاده ( املسرح الديني) وهو‬ ‫املفهوم البديل ملفهوم املسرح التجاري الذي اطلقته‬ ‫املؤسسة النقدية الصدامية على مسرح التهريج‬ ‫واالرتزاق‪.‬‬

‫ان هيمنة السلطة الدينية اجلديدة لم تتوقف عند‬ ‫هذا احلد‪ ،‬حتى ان العديد من مؤسساتها غير املنتجة‬ ‫راحت تستولي على املباني العائدة جلهات فنية‬ ‫وثقافية ومباني مسرحية وحتيلها الى (حسينيات)‬ ‫فإذا كانت حركة (مدرسي) قد احتلت نقابة الفنانني‬ ‫في النجف‪ ،‬فقد احتل اجمللس األعلى بناية اإلدارة‬ ‫احمللية التي تتوفر على أكبر بناية مسرحية في‬ ‫احملافظة توفرت على صاالت عرض مسرحي وسينمائي‬ ‫مبنية على وفق مواصفات فنية وهندسية عاملية‪،‬‬ ‫وأصبح اسم املبنى احلسينية الفاطمية وراح خطيب‬ ‫احلسينية يفاخر انهم جعلوا من هذا "املكان املدنس‬ ‫بقعة طاهرة"‪.‬‬ ‫ان املسرح من الفعاليات التي حتتاج الى الدربة واملران‬ ‫ألسابيع او شهور عديدة‪ ،‬وفي حال عدم توفر املكان‬ ‫وعدم توفر األمن ال ميكن ان يتم ذلك بل هو استحالة‪،‬‬ ‫فاالنفالت األمني واحد من أهم األسباب التي عوقت‬ ‫عودة املسرح العراقي الى جماهيره‪ ،‬كما ان االجتهادات‬ ‫الفقهية ستبقى معوقا أبديا للمسرح العراقي‪.‬‬ ‫الفنان املسرحي املقيم في السويد باسم حجار‬ ‫يلخص حال املسرح العراقي بقوله‪" :‬املسرح في زمن‬ ‫الدكتاتورية كان اكثر نشاطا‪ ،‬لالسف‪ ،‬ليس بسبب ان‬ ‫النظام كان يشجعه‪ ،‬ولكن ألنه كان مشغوال جدا‬ ‫بآلة احلرب املتواصلة‪ .‬اضافة إلى هذا النظام كان‬ ‫غير مثقف متاما‪ ،‬والعاملني في املسرح كانوا نشطني‬ ‫جدا‪ ،‬وفي بعض األحيان يتحايلون عليه باستخدام‬ ‫الرمزية العالية واالشارات التي لم يفهمها النظام‬ ‫الدكتاتوري وال العاملون كأذرع له‪ .‬بينما جنده اليوم‬ ‫شحيح االنتاج بسبب ظروف احلياة في بغداد‪ ،‬وخالل‬ ‫مراقبتي للمشهد العراقي‪ ،‬أؤكد أن املسرح ال ينمو‬ ‫في هكذا أوضاع‪ ،‬فأبسط مقومات قيام مسرح‬ ‫حقيقي غير موجودة‪ ،‬وكأن هذا الفن اجلميل قد عاد‬ ‫إلى نقطة الصفر"‪.‬‬

‫دالل جويد ‪ -‬شاعرة وكاتبة صحافية عراقية تقيم في لندن‬


‫كاظم النصار‬ ‫على نفسه‪ ،‬فهو يعيش حالة يأس كبيرة من الوضع‬ ‫الداخلي‪ ،‬فضال عن أن كل األحداث السياسية التي‬ ‫مرت بالعراق خلقت فردية عالية وأنانية جتعل من‬ ‫الصعب أن جتد من يعمل من أجل اآلخر‪.‬‬ ‫بني مطرقة الدكتاتورية وسندان الفساد احلكومي‬ ‫وتقييم حالة املسرح العراقي بني زمنني مختلفني‬ ‫حتتاج إلى شروحات كما يؤكد كاظم النصار‪ ،‬مخرج‬ ‫مسرحي عراقي‪ ،‬فيقول "ال يقاس األمر باألسود هناك‬ ‫واألبيض هنا‪ ،‬نعم كانت هناك رقابة مشددة فى الزمن‬ ‫السابق رقابة مركزية لصالح النظام‪ ،‬ولكن توجد‬ ‫كذلك مؤسسة مسرحية فاعلة لديها برنامجها‪،‬‬ ‫على الرغم من شحة املال املرصود للمسرح‪ ،‬حيث‬ ‫قدمت عروض منتظمة ومشاركات خارجية ومسارح‬ ‫مضيئة حتى بسيادة املسرح االستهالكي‪ ..‬وكانت‬

‫باسم حجار‬ ‫هناك جلنة لتطوير املسرح‪ ،‬وبرزت عروض مهمة بدافع‬ ‫املعارضة الرمزية للسلطة‪ ،‬ولم تكن هناك فضائيات‬ ‫تنافس املسرح على الكادر البشري النوعي‪ ،‬وامنا كانت‬ ‫احلرية غائبة‪ ،‬لكن املسرح حاضر عبر الرمز واالشارة‬ ‫واالمياءة والتعارض الرمزى للعروض املسرحية"‪.‬‬ ‫وبعد عام ‪ 2003‬تراجعت قوة السلطة املركزية لصالح‬ ‫قوى مجتمعية أخرى‪ ،‬لذا ظهرت حرية مشروطة فى‬ ‫العروض املسرحية‪ ،‬ونشط االنفتاح على املهرجانات‬ ‫العربية والدولية التي بقيت محصورة كذلك على‬ ‫االسماء التى أسست لنفسها مكانا إبان النظام السابق‪.‬‬ ‫ويشير النصار إلى أن املسرحيني كانوا يحاولون احملافظة‬ ‫على املسرح "بالذهاب الى املؤسسات املستقلة‬ ‫للثقافة‪ ،‬لكن هذه املنظمات مازالت وليدة او شبحية‪،‬‬

‫روناك شوقي في مسرحية عندما تهوي املالئكة‬

‫سالم االعرجي‬ ‫فبقيت احلاجة الى التمويل املركزى للحكومة‬ ‫مستمرة‪ .‬فى حني تراجع دور املؤسسات احلكومية‬ ‫بسبب الفساد املالى واالداري‪ ،‬وتراجع املسرح وغاب‬ ‫املوسم املسرحي‪ ،‬وغابت السياسة الثقافية احلرة‪،‬‬ ‫وظلت البنى التحتية للمسارح مخربة‪ ،‬مثل مسرح‬ ‫الرشيد ومسارح االحتفاالت التي مازالت حتت سيطرة‬ ‫العسكر‪ .‬كما غابت املهرجانات النوعية احملترفة‪.‬‬ ‫ففي الوقت الذى تتجه البالد تدريجيا الى االقتصاد‬ ‫احلر مازالت احلاجة الى التمويل املركزى للمسرح لكي‬ ‫يقف على قدميه دون تدخل سياسي"‪.‬‬ ‫نشأة املسرح العراقي‬ ‫املسرح العراقي ولد بعيدا عن عوالم احلرفة واالرتزاق‪،‬‬ ‫قريبا جدا من عوالم االدب واجلمال مشتغال على‬ ‫مفاهيم حساسة في احلياة اليومية العراقية‪ ،‬الوطن‬ ‫والوطنية واالستقالل‪ .‬هذا ما قاله الدكتور سالم‬ ‫االعرجي‪ ،‬أستاذ فلسفة الفن واإلخراج املسرحي في‬ ‫كلية الفنون اجلميلة ـ جامعة بابل وسكرتير رابطة‬ ‫بابل للفنانني والكتاب في هولندا‪ ،‬متحدثا عن تاريخ‬ ‫نشأة املسرح العراقي وأسبابها مؤكدا أن "املسرح ما‬ ‫ان توفر على سمة السياسي والوطني‪ ،‬حتى اخترق‬ ‫عوالم االقتصاد واالجتماع والعادات والتقاليد والقيم‬ ‫املوروثة‪ ،‬مؤسسا نقيضها احلداثوي واملعاصر منطلقا‬ ‫من قواعد مهمة ميزته عن سواه من املسارح العربية‬ ‫فهو أكادميي النشأة ذلك ما جعله ينفتح على‬ ‫العديد من األساليب والطرائق واملناهج االخراجية‬ ‫والتقنية‪ ،‬اشتغل على النص العاملي ليتوفر على‬ ‫فضاءات ابداعية اكبر بكثير من التي ميكن ان يوفرها‬ ‫له النص احمللي ـ فبلغت نسبة العروض املسرحية‬ ‫لنصوص أجنبية في سبعينيات القرن املاضي ‪ 80‬في‬ ‫املائة وتنوعت اساليب االخراج تنوع اخملرجني‪ ،‬جاسم‬ ‫العبودي‪ ،‬ابراهيم جالل‪ ،‬سامي عبد احلميد‪ ،‬بدري‬ ‫حسون فريد‪ ،‬محسن العزاوي‪ ،‬عوني كرومي‪ ،‬صالح‬ ‫القصب‪ ،‬فاضل خليل‪ ،‬عادل عبد الكرمي‪ .‬وقد بلغ‬ ‫ذروته االبداعية وعصره الذهبي الذي امتد من أواخر‬ ‫الستينيات حتى منتصف الثمانينيات‪ ،‬حيث شهدت‬ ‫تلك الفترة من عمر املسرح والدة العديد من املعاهد‬ ‫والكليات الفنية التي رفدت املسرح بقدرات وطاقات‬ ‫شبابية متعلمة مثقفة أكادميية وحرفية ‪.‬‬ ‫كما شهدت تلك الفترة والدة العديد من الفرق‬ ‫املسرحية في بغداد وعموم الوطن – الفني احلديث‪/‬‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫‪53‬‬


‫"مريض تتناهبه السياط"‪ ..‬املسرح العراقي بني زمنني‬

‫عندما تهوي املالئكة‬

‫نقطة الصفر‬

‫سبع نساء اعتلني خشبة مسرح كوكبت في لندن‪ ،‬ليجسدن فكرة أن يكون املسرح وطنا صغيرا يحتضن كلمة احلق حني تقال‪ ..‬ففي مسرحية‬ ‫"عندما تهوي املالئكة" للمخرجة روناك شوقي تتجسد اجلهود الفردية في احلفاظ على مسرح عراقي جاد ال يستسلم للسواد الذي يهدده داخل‬ ‫الوطن‪ ،‬اذ يواصل "ستوديو املمثل" عمله منذ عشرين عاما خارج العراق‪ ،‬ليعمل على استمرار حضور املسرح احلر الذي ال يحيد عن مبادئه‪.‬‬ ‫دالل جويد‬ ‫تعد مسرحية "عندما تهوي املالئكة" تعبيرا صارخا‬ ‫عن الظلم الذي يقع على املرأة وكيف صارت األحداث‬ ‫السياسية واالجتماعية تتطور ضدها وليس معها‪،‬‬ ‫وهذا العمل هو الثامن عشر ضمن األعمال التي‬ ‫يقدمها "ستوديو املمثل" الذي أسسته روناك شوقي‬ ‫بجهد شخصي‪ ،‬وتعاون مجموعة من املبدعني ومحبي‬ ‫املسرح‪ ،‬حيث تقول" أسست جتمع استوديو املمثل‬ ‫الذي يقدم عروضا مسرحية عربية جادة‪ ،‬وكنت دائما‬ ‫احدث نفسي قائلة ملن أعمل في املهجر؟ فأجد أني‬ ‫أعمل ملبدأ املسرح الذي أؤمن به‪ ،‬وقد قدمت املسرحية‬ ‫األخيرة "عندما تهوي املالئكة" بعد عشرين عاما من‬ ‫تأسيس التجمع‪ ،‬الذي بقيت جهوده فردية لم نتلق‬ ‫فيها أي دعم مؤسساتي ألعمالنا‪ ،‬واملسرحية معدة‬ ‫عن قصة للكاتب الروسي انطوان تيشخوف بعنوان‬ ‫"العنبر رقم ‪ ،"6‬لكني حولت شخصياتها إلى نساء‪،‬‬ ‫ألني أشعر أن في البيوت العراقية القدمية الكثير من‬ ‫النساء املظلومات‪ ،‬فاحلياة هناك تتجه الى القمع‬ ‫االنساني وليس الفكري فقط‪ ،‬لذا البد من اظهار صوت‬

‫‪52‬‬

‫املرأة للتعبير عن نفسها‪ ،‬فضال عن أن التعبير اجلسدي‬ ‫للمرأة على املسرح أكثر حتررا وقدرة على ايصال الرسالة‬ ‫التي يقدمها العمل الفني"‪.‬‬ ‫املسرح العراقي بني زمنني‬ ‫ثمة تساؤل يدور حول ماهية وضع املسرح العراقي‬ ‫اليوم‪ ،‬وكيف ميكن مقارنته باملسرح في ظل نظام‬ ‫صدام‪ ،‬وهل حقق احلرية التي يطمح اليها الفن بعد‬ ‫سقوط الدكتاتور؟‬ ‫تشير روناك شوقي إلى أن "هناك جتارب مسرحية جادة‬ ‫كانت تعمل في العراق‪ ،‬ففرقة املسرح الفني احلديث‬ ‫كانت تواصل تقدمي عروضها املسرحية اجلادة اضافة‬ ‫إلى الفرقة القومية‪ ،‬ومع قدوم احلرب ظهرت أعمال‬ ‫مسرحية شعبية تهدف الى اضحاك اجلمهور وإلهائه‪،‬‬ ‫وكانت حركة موجهة لتنشيط املسرح التجاري‬ ‫استقطبت أسماء معروفة‪ .‬وصار االسفاف والتهريج‬ ‫سمة عامة ألعمالهم‪.‬‬

‫وقد كان املسرح التجاري سبة على املسرح العراقي‪،‬‬ ‫ألني أؤمن بأن املسرح هو مبدأ فكري وأخالقي‪ ،‬والتنازل‬ ‫عنه يعني أن تتنازل عن كل شيء يخص اإلبداع‪ ،‬لذا‬ ‫اشعر باحلنق والغيظ ملا حصل في املسرح التجاري‪ ،‬مع‬ ‫ذلك ال بد أن أؤكد أنه على اجلانب اآلخر كان األكادمييون‬ ‫واملسرحيون اجلادون يقدمون أعمالهم برمزية عالية‬ ‫مثل اي منتج ابداعي آخر لتجنب عني الرقيب وقمع‬ ‫الدكتاتورية‪ .‬وبالتأكيد ال ميكن جتاهل األعمال املسرحية‬ ‫املؤدجلة التي كانت تتكلم باسم السلطة للترويج‬ ‫لالنتصارات الكاذبة"‪.‬‬ ‫وحني تنتقل روناك إلى املسرح في يومنا هذا تقول‬ ‫إنه "ليس كما نطمح أو نتمنى‪ ،‬اذا ال تتوفر للمبدع‬ ‫فرصة العمل املؤسساتي‪ .‬وأغلب األعمال التي تقدم‬ ‫هي بجهود ودعم مادي فردي‪ ،‬ميكن أن يرهق املسرحي‬ ‫ويعيق عمله إذ أنه ال يركز على العملية االبداعية‬ ‫فقط‪ ،‬وامنا ينبغي أن يوفر كل متعلقات عمله املادية‪..‬‬ ‫بينما بدأ اجلمهور العراقي وخاصة في املهجر باالنغالق‬


‫ثروة تاريخية‬ ‫وما يزيد من قيمة املعرض أنه أقيم مبشاركة مكتبة‬ ‫امللك عبد العزيز العامة بالرياض التي تضم ثروة من‬ ‫القطع التاريخية والفنون املعاصرة احلديثة مت جمعها‬ ‫من مجموعات هامة مختلفة من املتحف البريطاني‬ ‫واملكتبة البريطانية ومجموعة اخلليلي ومصادر أخرى في‬ ‫السعودية‪.‬‬

‫تناغم الكون‬ ‫يوجد في قاعة احملكمة الكبرى باملتحف البريطاني‬ ‫مجسم نحتي مثير للفنان البريطاني إدريس خان يسمى‬ ‫«سبع مرات» وهو عبارة عن ‪ 144‬مكعبا من الفوالذ‬ ‫ويشغل سطح كل مكعب مجموعة من األذكار باخلط‬ ‫العربي مت كشطها بواسطة الرمل سبع مرات وهو ما‬ ‫يشير إلى مدى إلهام مشعر الطواف بالكعبة لهذا‬ ‫العمل‪ .‬ويقول‪« :‬إن رؤية طواف الناس حول الكعبة سبع‬ ‫مرات ثم توقفهم لشيء جميل حقا»‪.‬‬

‫ويشير نيل ماك غريغور مدير املتحف البريطاني إلى‬ ‫أهمية تلك األشياء التي تثري الصور واألفالم واألصوات‬ ‫تأثيرها‪« ..‬إنها تساعد على رواية قصة تلك الرحلة‬ ‫الروحانية ونقل قوة هذا الفعل اإلمياني اجلماعي واخلاص‬ ‫جدا في الوقت نفسه»‪.‬‬

‫ذهب مالكوم إكس‪ ،‬أحد رواد حركة «املسلمون السود»‬ ‫في أميركا إلى احلج عام ‪ ،1964‬وعندما ُسئل عن أكثر ما‬ ‫أثر فيه خالل تلك التجربة أجاب «األخوة‪ ،‬يجتمع الناس‬ ‫من جميع األعراق واأللوان من جميع بقاع األرض كأنهم‬ ‫واحد‪ .‬لقد أثبتت لي التجربة قدرة اهلل الواحد»‪.‬‬

‫إذن فما أهمية هذا املعرض لبقية العالم؟ يقول ماك‬ ‫غريغور‪« :‬احلج هو الركن اخلامس من أركان اإلسالم‪،‬‬ ‫ولكنه الوحيد الذي ال يستطيع غير املسلمني مشاهدته‬ ‫أو املشاركة فيه»‪ .‬ويضيف‪« :‬لذا من املهم إيجاد طرق‬ ‫أخرى الكتشاف تلك التجربة وفهم معناها بالنسبة‬ ‫للمسلمني اآلن وماذا كانت تعني عبر القرون املاضية»‪.‬‬ ‫وتعلق بورتر على أهمية ضم أعمال التصوير والرسم‬ ‫والنحت للفنانني املعاصرين‪ ،‬والتي حسب وصفها‪،‬‬ ‫«تشخص التاريخ وتسمح لنا باستشراف حملة من تلك‬ ‫التجربة عبر األشخاص وتعمق فهمنا لها وتسمح لنا‬ ‫بإدراك كيف مت استخدام الفن خلدمة اإلسالم»‪.‬‬ ‫وتقول‪« :‬لألسف نحن في وقت يحظى فيه اإلسالم‬ ‫بإعالم سيئ‪ .‬كل ما يعرفه الناس هو ما يستمعون له‬ ‫في األخبار‪ .‬وبالطبع هناك عناصر متشددة‪ ،‬ولكنهم‬ ‫أقلية‪ ،‬ومع ذلك فهذا األمر يلقي بظالله السيئة على‬ ‫أفكار الناس بشأن اإلسالم‪ .‬ويجب أن يعزز هذا املعرض‬ ‫فهم اإلسالم واحترامه‪ ،‬فاحلج أمر مهم للغاية بالنسبة‬ ‫للمسلمني وإذا بدأت في فهمه سيتعمق فهمك‬ ‫لإلسالم‪ .‬أمتنى أن يستطيع املعرض حتقيق ذلك الغرض»‪.‬‬ ‫ويحتوي املعرض على أحد األعمال الفنية املعاصرة‬ ‫وهو الفتة تشير إلى الطريق إلى مكة والذي ينقسم‬ ‫إلى معبرين أحدهما «للمسلمني فقط» واآلخر «لغير‬ ‫املسلمني» الذين لم يسمح لهم بدخول مكة أو املدينة‬ ‫منذ بدء احلقبة اإلسالمية‪.‬‬ ‫وتعليقا على إمكانية فهم غير املسلمني ملا يحدث في‬ ‫احلج أو خوض التجربة‪ ،‬تقول بورتر‪« :‬حسنا‪ ،‬ال ميكننا‬ ‫الذهاب‪ ،‬وعلينا أن نحترم ذلك‪ ،‬إذا كان هذا ما يشعرهم‬ ‫بالراحة‪ ،‬أن يحاطوا بإخوانهم املسلمني فقط‪ ،‬أظن أن‬ ‫ذلك منصف مبا يكفي‪ ،‬وإال سوف يصبح موقعا سياحيا‬ ‫ومشتتا بشكل كبير»‪.‬‬ ‫قضت بورتر عامني ونصف العام من أجل اإلعداد لهذا‬ ‫املعرض‪ .‬وتقول بورتر‪« :‬لقد استغرقت وقتا طويال في‬ ‫دراسة وفهم الشعائر شديدة التعقيد ولكل منها معنى‬ ‫وأهمية خاصة‪ .‬لذا فقد أنتجنا فيلما لعرض مجموعة‬ ‫الشعائر على املشاهدين‪ ،‬ويدعو الفيلم اجلميع لرؤية‬ ‫خطوات عملية احلج في املدينة ثم مكة وما هو أكثر من‬ ‫ذلك خالل أيام احلج»‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى األصوات التي تعبر عن األجواء‪ ،‬نسلط‬ ‫الضوء على التجربة عن طريق األفالم القدمية وامللصقات‪،‬‬ ‫والعبارات التي يكتبها احلجاج على احلوائط والقصص‬ ‫املؤثرة حول رحالتهم الطويلة والشاقة‪ .‬وأخيرا‪،‬‬ ‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫كما يحتفل أمين يسري بروح الوحدة بني املسلمني من‬ ‫خالل صورة فوتوغرافية مؤثرة تظهر صفا من احلجاج‬ ‫الذين يرتدون األبيض ويعبرون الصحراء وهو مشهد‬ ‫مأخوذ من فيلم عن مالكوم إكس وقد سماها يسري‬ ‫«كنا جميعا إخوة»‪.‬‬ ‫يستطيعون رؤية الكعبة املكسوة بكساء بديع‪ ،‬وهي‬ ‫أمثلة رائعة أيضا تثير إعجاب احلجاج اجلدد‪ .‬ويسهم‬ ‫احتواء األصوات واألفالم التي تدور حول مسلمي بريطانيا‬ ‫الذين أدوا فريضة احلج في املاضي واحلاضر في إثراء تلك‬ ‫التجربة التي تعكس أجواء احلج‪.‬‬ ‫وتضيف بورتر‪« :‬يذهب نحو ‪ 15‬ألف مسلم بريطاني في‬ ‫املتوسط إلى احلج كل عام‪ ،‬ونحن نحتاج إلى أن نسمع‬ ‫قصصهم‪ ،‬تسمعهم يقولون إنهم على الرغم من‬ ‫توجههم طوال حياتهم إلى مكة خالل الصالة‪ ،‬فإنهم‬ ‫لم يتم إعدادهم بالفعل للذهاب إلى هناك ‪ -‬التجربة‬ ‫التي يصبحون فيها معا محاطني مبسلمني آخرين‪،‬‬ ‫اجلميع سواء‪ ،‬الغني أو الفقير من الصني أو أفريقيا‪.‬‬ ‫وال يعبر هذا املعرض عن املاضي؛ حيث إن عرض التجربة‬ ‫املعاصرة يجعل املعرض آنيا للغاية‪ .‬وتقول بورتر‪« :‬عندما‬ ‫تقارن كتابات احلجاج األوائل بتلك احلالية يتضح أنه على‬ ‫الرغم من أن كال من وسيلة السفر ومكة تغيرتا مع مرور‬ ‫الوقت فإن فعل احلج ‪ -‬تلك احلاجة إلى ملس املكان املقدس‬ ‫ ال يزال ذاته‪ ،‬إن رد الفعل على رؤية الكعبة للمرة األولى‬‫لم يتغير على اإلطالق‪ ،‬إنها جتربة يرغب في خوضها املزيد‬ ‫واملزيد من األشخاص كل عام»‪.‬‬ ‫وبالطبع‪ ،‬فإن إضافة فن حديث معاصر هو أمر ضروري‬ ‫إلضفاء «عامل احلاضر» على املعرض‪ .‬وتضيف بورتر‪:‬‬ ‫«نحن نعرض أعماال عن الكعبة واحلجر األسود ألنني‬ ‫أردت التركيز بقوة على األمور من خالل تلك األعمال‬ ‫باللونني األبيض واألسود‪ ،‬وهو ما أتى صدفة‪ ،‬أردت وضع‬ ‫القليل فقط من األعمال الرئيسية وعددها ستة إلبراز‬ ‫النقاط املهمة»‪.‬‬ ‫ومن بني تلك القطع املعاصرة‪ ،‬العمل املؤثر واملفعم‬ ‫باحلياة «املكعب األسود ‪ »11‬للفنان اجلزائري املولد قادر‬ ‫عطية‪ .‬وهناك فنانة أخرى ولدت في مكة هي شادية‬ ‫عالم التي عملت أسرتها في رعاية احلجيج ألجيال‪ ،‬وقد‬ ‫ابتكرت نحتا المعا ومشعا تسميه «حجر من اجلنة»‬ ‫وهو ما تصفه بأنه حجر يلمسه ويقبله املاليني عبر‬ ‫العصور والذي يعتقد أنه يعمل على تقوية الذاكرة‬ ‫والقدرة على التعلم‪.‬‬

‫ومن أجمل األشياء في معرض احلج هو احململ املصري‬ ‫املطرز الذي يعد وصوله كل عام في موكب رائع إلى مكة‬ ‫حدثا كبيرا‪ ..‬حيث تسافر النساء داخل احململ ليتمتعن‬ ‫بالراحة واخلصوصية‪.‬‬ ‫وقد تغير الواقع املادي ألداء احلج عبر القرون‪ ،‬ففي املاضي‬ ‫كانت الرحلة شاقة للغاية حتى أن بعض احلجاج لم‬ ‫يكونوا يتوقعون عودتهم مرة أخرى إلى بالدهم وكانوا‬ ‫يرحلون حاملني معهم أكفانهم معتبرين زوجاتهم‬ ‫مطلقات ويواجهون الطاعون والفيضانات املفاجئة‬ ‫وقيظ الصيف احلارق‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬يسافر جميع احلجاج إلى السعودية وينتقلون إلى‬ ‫املدينة في حافالت مكيفة‪ ،‬وهو ما يستبدل بالتأكيد‬ ‫جتربة احلجاج في املاضي‪ .‬ولكن‪ ،‬كما تعلق بورتر‪« :‬في‬ ‫الوقت احلالي يقول الناس إن الشيء املرهق هو جتمع‬ ‫ماليني الناس في مكان واحد وهو ما يكون صعبا‬ ‫بخاصىة اذا جاء موعد احلج في شهري يوليو (متوز)‪،‬‬ ‫وأغسطس (آب)»‪ .‬وعلى الرغم من أن احلج أسهل هذه‬ ‫األيام فإن التجربة الروحانية ال تبدو مختلفة‪ .‬فتقول‪:‬‬ ‫«كل شيء في املعرض سواء كانت تذكرة السفر‬ ‫بالسفينة من توماس كوك أو قطع الفن املعاصر‪،‬‬ ‫جتذبك جميعها نحو جوهر احلج‪ ،‬كما أن بعض األعمال‬ ‫احلديثة جتعلك تفكر فيما ستأخذه معك من التجربة‪.‬‬ ‫وهناك عمل فني ألحمد مطر يشبه الدوامة ويسمى‬ ‫«ماجنتزم» ويكتب عليه من الداخل «ماذا أفعل اآلن؟»‬ ‫باإلضافة إلى صورة فوتوغرافية للفنانة رمي الفيصل والتي‬ ‫تصور مخيما ليليا تقول إنها «تكتشف ببطء تناغم‬ ‫الكون»‪ ..‬عندما تؤدي شعائر احلج ويسجل العمل‪ ،‬من‬ ‫خالل البساطة التامة لألبيض واألسود‪ ،‬جلوس احلجاج‬ ‫مع ذواتهم في سكينة أو في مجموعات صغيرة وتبعث‬ ‫الصورة على الشعور بالهدوء والتأمل‪ ،‬حيث تعلو احلجاج‬ ‫جنوم متأللئة متأل السماء في الليل‪ ،‬فتقول‪« :‬على الرغم‬ ‫من أن احلج حدث جماعي فإنه أمر شخصي للغاية‪ ،‬فكل‬ ‫منا يجد احلج الذي جاء باحثا عنه»‪.‬‬

‫جولييت هايت‬ ‫‪51‬‬


‫«احلج‪ :‬رحلة إلى قلب اإلسالم» في املتحف البريطاني بلندن‬

‫رحلة روحانية‬

‫أعوام من التحضير والعمل‪ ،‬استغرقها معرض «احلج‪ ..‬رحلة إلى قلب اإلسالم»‪ .‬كان ال بد أن يكون املعرض في قيمة ما يعرض ‪ ،‬بخاصة وأنه‬ ‫يتحدث عن االسالم ويروي قصة أقدس مكان عن املسلمني بل على وجه األرض‪ ،‬مكة املكرمة‪ .‬أخيرا فتح املتحف البريطاني أبوابه ليطلع االجنليز‬ ‫وغيرهم من جنسيات العالم التي تعيش في بريطانيا أو قدمت للسياحة على محتويات أضخم املعارض التي أعدت عن احلج ومن أكثرها ثراء‬ ‫باملواد التاريخية والفنية‪.‬‬ ‫جولييت هايت‬ ‫عند الوصول وإمنا أيضا عند رؤية الكعبة للمرة األولى‪،‬‬ ‫وقولهم «أنا هنا‪ ..‬أنا هنا‪ ،‬يا اهلل»‪.‬‬

‫السفير السعودي في لندن األمير محمد بن نواف بن عبد‬ ‫العزيز الذي افتتح املعرض قال‪« :‬هذا املعرض يقوم عبر‬ ‫الصور والقصص الشخصية والقطع األثرية مبنح احلضور‬ ‫حملة خاطفة لهذه الرحلة التي يقوم بها املسلمون من‬ ‫جميع أنحاء العالم‪ .‬احلج في جوهره رحلة روحانية‪ ،‬إنها‬ ‫أهم رحلة يقوم بها املسلم في حياته»‪.‬‬

‫وقد مت افتتاح أول معرض على اإلطالق عن احلج إلى‬ ‫مكة‪ ،‬وهو أحد األركان الرئيسية في العقيدة اإلسالمية‪،‬‬ ‫في املتحف البريطاني والذي سيستمر حتى اخلامس‬ ‫عشر من أبريل (نيسان) ‪ .2012‬وما ال شك فيه أن‬ ‫الزائرين سوف يأتون من كل مكان في العالم ملشاهدة‬ ‫هذا احلدث متاما كما ينوي احلجاج املسلمون الرحيل‬ ‫إلى مكة لتأدية شعائر احلج على األقل مرة واحدة في‬ ‫احلياة‪.‬‬

‫عند زيارة املعرض للمرة األولى‪ ،‬يستشعر الزائر متاما‬ ‫األجواء الداخلية والتأملية التي تثيرها فريضة احلج‬ ‫كما يشعر باإلجالل العظيم الذي يشعر به املشاهدون‬ ‫اآلخرون‪.‬‬ ‫ويقع املعرض في املكتبة البريطانية القدمية ذات القبة‬ ‫الرائعة‪ ،‬وميكن الوصول للجزء الرئيس به عن طريق‬ ‫الطواف عبر طرقة طويلة ذات إضاءة خافتة وصدى‬ ‫خفيف ملوسيقى ملهمة وصور كبيرة حلجاج يجتمعون‬ ‫حول هدفهم في جانب واحد‪.‬‬ ‫«اجمللة» زارت املعرض‪ ،‬فكان لها حوار حصري مع فنيتيا‬ ‫بورتر أمينة كل من «معرض احلج‪ :‬رحلة إلى قلب‬ ‫اإلسالم»‪ ،‬وقسم الفن اإلسالمي والشرق أوسطي‬ ‫احلديث في املتحف البريطاني‪.‬‬ ‫تقول بورتر‪« :‬كان من الضروري نقل أجواء تلك الرحلة‬ ‫الروحانية العميقة‪ ،‬الركن اخلامس من أركان اإلسالم‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫ويتناول املعرض ثالثة مواضيع رئيسية‪ :‬املوضع األول‬ ‫هو الرحلة في الطرق الرئيسية عبر األزمنة اخملتلفة‬ ‫من الشرق األوسط وأفريقيا وآسيا وأوروبا‪ .‬والثاني هو‬ ‫محاكاة جتربة احلج في احلاضر وأداء املناسك واملغزى‬ ‫منها لدى احلاج‪ .‬واملوضوع األخير هو مكة ذاتها‪ ،‬أصولها‬ ‫وأهميتها كقبلة للحج‪.‬‬

‫وكان من الصعب فعل ذلك من خالل مجرد مجموعة‬ ‫من األشياء‪ ،‬لذا أضفنا أصوات احلجاج عند وصولهم‬ ‫إلى مكة‪ :‬التلبية والكلمات التي يقولونها‪ ،‬ليس فقط‬

‫وأخيرا‪ ،‬كتبت رمي الفيصل‪ ،‬وهي مصورة فوتوغرافية‬ ‫تقوم بعرض صورها في املعرض‪« :‬من الصعب اإلشارة‬ ‫للحج في كلمات أو صور ألنه أكبر من أي وصف ممكن‪.‬‬ ‫ال يوجد كتاب أو صورة تعطي للحج حقه‪ ،‬حتى هؤالء‬ ‫الذين يقومون بالشعائر ال يستطيعون فهم احلج بشكل‬ ‫مطلق»‪.‬‬


‫مايكل نايتس‪ ..‬دولة أمنية بامتياز‬ ‫حذر تقرير نشر حديثا من جتدد العنف في العراق‪،‬‬ ‫وخطورة ذلك على االستقرار واللحمة الوطنية في بلد‬ ‫تتنازعه أهواء الطائفية واملذهبية‪.‬‬

‫ويضيف‪" :‬لقد ولدت األزمة السياسية الطائفية في‬ ‫العراق اخلوف والفرصة بني املسلحني"‪ .‬على الرغم من‬ ‫حدوث هجمات كبيرة عدة في اآلونة األخيرة‪ ،‬فإن منط‬ ‫العنف لم يتغير على مدى العامني املاضيني‪.‬‬

‫ويربط التقرير األميركي بني تصاعد أعمال العنف وعدم‬ ‫االستقرار السياسي في أنحاء العراق منذ انسحاب‬ ‫القوات األميركية‪ ،‬الفتا إلى أن "الفصائل السياسية‬ ‫والطائفية تتقاتل من أجل السلطة والنفوذ في صراع‬ ‫يهدد بعض االستقرار الذي تعللت به واشنطن لسحب‬ ‫قواتها العسكرية"‪.‬‬

‫وحول احلديث عن األمن في العراق ومحاولة فهم‬ ‫طبيعة العنف ونوعية اجلماعات املرتبطة بالعمليات‬ ‫املسلحة التي تقع في مختلف احملافظات يقول نايتس‬ ‫"الشيطان يكمن في التفاصيل" والتفاصيل هنا هي‬ ‫مكان العنف واجلهات املسؤولة عنه‪.‬‬

‫كما يتوقف التقرير الذي نشرته مجلة "ناشيونال‬ ‫انترست" وكتبه مايكل نايتس مسؤول برنامج ملف‬ ‫العراق في معهد واشنطن لسياسة الشرق األدنى‬ ‫على مخاوف جتدد العنف في العراق بداية هذا العام وما‬ ‫ميكن أن يحدث في حال انزلقت البلد مجددا نحو احلرب‬ ‫األهلية‪ ،‬ولفت إلى أن "االميركيني تركوا وراءهم دولة‬ ‫امنية بامتياز وليس دولة دميقراطية"‪.‬‬ ‫وفي حتليل مفصل لعودة العنف مجددا في العراق‬ ‫يقول‪" :‬غالبا ما تستند التطورات األمنية إلى عدد‬ ‫اخلسائر التي سببتها الهجمات بالسيارات املفخخة‬ ‫والعمليات االنتحارية والتي تقع في االماكن املزدحمة‬ ‫وتوقع عددا كبيرا من الضحايا‪ ،‬وتعتمد تلك التقارير‬ ‫على بيانات احلكومة العراقية واجهزتها األمنية‪ ،‬وفيها‬ ‫أن العراق قد شهد في يناير (كانون الثاني) ‪ 2012‬نحو‬ ‫‪ 36‬عملية مسلحة أوقعت ‪ 340‬قتيال مقارنة بـ‪23‬‬ ‫من العمليات املتفرقة في االسبوع األول من ديسمبر‬ ‫(كانون األول) املاضي أودت بحياة ‪ 155‬شخصا"‪.‬‬ ‫ويقول نايتس‪" :‬العراق شهد تدهورا سريعا على‬ ‫نطاق واسع لألمن منذ نهاية منتصف ديسمبر عقب‬ ‫االنسحاب األميركي اال انها أقل أهمية من سياسة‬ ‫الواليات املتحدة اعطاء رئيس الوزراء نوري املالكي‬ ‫(شيك على بياض) في حملته االنتخابية لتعزيز‬ ‫سلطاته السياسية"‪.‬‬

‫وحتدث عن احملافظات الساخنة ومنها املوصل التي قال‬ ‫عنها‪ :‬هي من املناطق الساخنة أمنيا‪ ،‬حيث تشهد‬ ‫عمليات مسلحة ضد القوات األمنية واملدنيني نظرا‬ ‫لوجود عدد كبير من ضباط سابقني في نظام صدام‬ ‫حسني وقربها من احلدود السورية‪ .‬املوصل دائما مركز‬ ‫رئيسي للجماعات السنية املسلحة مثل دولة العراق‬ ‫االسالمية والقاعدة وهي تسعى الضعاف احلكومة‬ ‫واذكاء الصراع العرقي والطائفي‪.‬‬

‫مايكل نايتس‬

‫وفي إشارة إلى تنظيم القاعدة في العراق قال املسؤول‬ ‫عن برنامج ملف العراق في معهد واشنطن لسياسة‬ ‫الشرق األدنى‪" :‬أعتقد أن تنظيم القاعدة وجد في رحيل‬ ‫القوات األميركية فرصة خللق نوع من الفراغ األمني‪،‬‬ ‫إنهم يشنون هجمات منتظمة في نقاط مختلف"‪.‬‬ ‫وأضاف" أنه يتعني على القادة العراقيني العمل على‬ ‫حل االضطرابات السياسية حتى ال يجد املسلحون‬ ‫فرصة ميكن استخدامها لتعزيز الفتنة الطائفية"‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬ينظر تنظيم القاعدة للحكومة العراقية‬ ‫احلالية على أنها «دكتاتورية شيعية» مدعومة من‬ ‫إيران مستندة في ذلك إلى مشاعر العرب السنة في‬ ‫أعقاب احلملة األمنية في منتصف شهر ديسمبر‬ ‫املاضي من قبل حكومة املالكي على الزعماء السنة‬ ‫في احملافظات السنية‬ ‫عودة التفجيرات الى بغداد في غياب الدولة‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫‪49‬‬


‫العراق جرح نازف و كارثة تنتظر إيران‬

‫نقطةساخنة‬

‫الربيع العربي الذي تطغى أخباره عما سواه من األخبار‪ ،‬لم يلغ األخبار القادمة أو املتعلقة‬ ‫ببلدين يتصدران املشهد منذ عقود‪ .‬مجلة "نيو ستيتسمان" البريطانية لم جتد أفضل من‬ ‫هانس بليكس الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية ليتحدث عن إيران وطموحاتها النووية‬ ‫في حني اختارت مجلة "ناشيونال انترست" األمريكية مايكل نايتس مسؤول برنامج ملف‬ ‫العراق في معهد واشنطن لسياسة الشرق األدنى ليقدم قراءة لعراق ما بعد انسحاب القوات‬ ‫املهمني عن بلدين يتأثران مبا يحصل‬ ‫األمريكية‪" .‬اجمللة" تقدم لقرائها أهم ما جاء في التقريرين‬ ‫ّ‬ ‫في منطقة الشرق األوسط وتتأثر املنطقة بكل ما يحصل داخلهما‪.‬‬ ‫إلى أين يقود أحمدي جناد إيران؟‬

‫هانس بليكس‪ ..‬ال دليل واضحا!‬ ‫حذ ّر كبير املفتشني السابق عن األسلحة النووية في‬ ‫العراق‪ ،‬والرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية هانس‬ ‫بليكس‪ ،‬من أن أي هجوم عسكري على املنشآت النووية‬ ‫اإليرانية سيعزز ارادة طهران لتطوير أسلحة نووية‪،‬‬ ‫مشيرا إلى مخالفة ذلك مليثاق األمم املتحدة وانه طريق‬ ‫إلى "الكارثة وليس إلى احلل"‪.‬‬

‫وأكد بليكس الذي قاد عمليات البحث عن أسلحة‬ ‫الدمار الشامل في العراق قبل حرب عام ‪ 2003‬في‬ ‫مقال تصدر غالف مجلة "نيو ستيتسمان" البريطانية‬ ‫عدم وجود دليل واضح على سعي طهران إلى احلصول‬ ‫على قدرات نووية عسكرية‪.‬‬ ‫وحذر من عدم وجود أي تهديد وشيك من إيران للقيام‬ ‫باإلجراءات االحترازية وقصف منشآتها النووية وهو ما‬ ‫يعتبر مخالفة مليثاق األمم املتحدة‪ ،‬وتؤدي إلى كارثة في‬ ‫منطقة الشرق االوسط‪.‬‬ ‫وذكر أنه لم يتم التأكد من صحة اتهامات الدول‬ ‫الغربية بسعي الرئيس اإليراني محمود احمدي جناد‬ ‫إلى احلصول على قدرات عسكرية نووية‪ .‬وأكد أن‪" :‬أي‬ ‫مغامرة ضد ايران تؤدي الى انعدام االستقرار في منطقة‬ ‫الشرق االوسط"‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫وقال‪" :‬ال اعتقد أن النظام اإليراني يحاول بناء أو شراء‬ ‫األسلحة النووية" وأوضح أنه "ال ميلك اي أدلة أو براهني‬ ‫لذلك‪ ،‬عدا اصرار طهران على استخدام برنامجها‬ ‫النووي للطاقة املدنية فقط‪ .‬وأشار إلى حتذير رئيس‬ ‫الوكالة الدولية احلالي يوكيا امانو بعدم "القفز إلى‬ ‫االستنتاجات بناء على ادعاءات غير مؤكدة"‪.‬‬ ‫وأعرب بليكس عن رأيه أن الوكالة يجب أن ال تتوصل إلى‬ ‫استنتاجات وفقا ملعلومات من مصدر ال يريد إظهار أي‬ ‫دليل‪ .‬وقال‪" :‬انا ورئيس الوكالة الدولية السابق محمد‬ ‫البرادعي كنا حريصني على ذلك‪ ،‬وعلى الوكالة الدولية‬ ‫عدم اخملاطرة مبصداقيتها"‪.‬‬ ‫وأوضح أن "تفجير املنشآت النووية اإليرانية قد يؤدي‬ ‫إلى كارثة أكثر منه إلى حل"‪ُ ،‬مدينا في الوقت نفسه‬ ‫اغتيال العديد من العلماء اإليرانيني في الشهور القليلة‬ ‫املاضية‪.‬‬ ‫وقال إن "إيران لم تعتد على أي أحد‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫تصريحات الرئيس اإليراني أحمدي جناد حول إسرائيل‬ ‫ومحوها من اخلريطة فال يوجد تهديد إيراني قريب ميكن‬ ‫التذرع به لتبرير اإلجراءات الوقائية"‪.‬‬ ‫وبرر بليكس حديثه بان ال أحد يعرف مواقع املنشآت‬ ‫النووية‪ ،‬وانه سيكون من املذهل أن ال حتتفظ إيران‬

‫هانس بليكس‬

‫بنماذج أصلية وخطط للبناء تلجأ إليها الحقا في حال‬ ‫تعرضت لهجوم عسكري على تلك املواقع‪.‬‬ ‫ويتابع‪" :‬إذا لم تكن إيران قد اتخذت قرارا ببناء قنبلة‬ ‫نووية‪ ،‬فإن توجيه ضربة عسكرية لها سيجعلها تتخذ‬ ‫القرار أسرع من أي وقت مضى في تسريع ذلك"‪.‬‬ ‫وقال‪" :‬العمل العسكري ضد إيران من دون تفويض‬ ‫من األمم املتحدة‪ ،‬سيكسب طهران تعاطفا واسعا من‬ ‫الشعوب األخرى"‪.‬‬ ‫ودعا بليكس إلى إنشاء منطقة خالية من السالح‬ ‫النووي في الشرق األوسط تضم إسرائيل وإيران‪ ،‬مشددا‬ ‫على ضرورة تخلي جميع الدول في املنطقة عن تطوير‬ ‫أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬وعدم امتالك أو تطوير قدراتها‬ ‫في تخصيب اليورانيوم أو إنتاج البلوتونيوم‪.‬‬ ‫وقال‪" :‬قد تبدو هذه الفكرة مستحيلة التطبيق‪،‬‬ ‫ولكنها حتتاج إلى ترتيبات صعبة جدا وضمانات تشمل‬ ‫منع صنع الوقود النووي" ‪.‬‬ ‫ودعا بليكس اسرائيل إلى التخلص من مخزون‬ ‫اسلحتها النووية واالنشطارية والبلوتونيوم‪ ،‬مشيرا‬ ‫أن على إيران ايضا أن تتخلص من محطات تخصيب‬ ‫اليورانيوم‪.‬‬


‫واقتصر املعارضون للكتاتني على أقلية بالبرملان‬ ‫املصري منهم البرملاني «املشاغب» البدري فرغلي‬ ‫نائب حزب التجمع اليساري الذي يبني رفضه‬ ‫للكتاتني على انعدام خبرته في الفقه التشريعي‬ ‫والقانون على حد قوله‪ .‬كما يرى «فريق املعارضني»‬ ‫أن الطريقة التي يتعامل بها حزب احلرية والعدالة‬ ‫مع مجلس الشعب تشبه طريقة احلزب الوطني‬

‫في النظام السابق‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من بعض االعتراضات‪ ،‬بخاصة من خارج‬ ‫قبة البرملان‪ ،‬فإن اختيار الكتاتني يحظى باحترام‬ ‫املصريني وارتياحهم آملني حتقيق اإلصالح والتنمية‬ ‫و تعمير مصر في الفترة املقبلة‪ ،‬بعد خراب العقود‬ ‫السابقة وفراغ «سنة أولى ثورة»‪.‬‬

‫ويدعم هذا االرتياح في الشارع املصري تصريحات‬ ‫اإلخوان املتوازنة واملتزنة على لسان املتحدث‬ ‫الرسمي باسمهم الدكتور الكتاتنى قبل ترأسه‬ ‫للبرملان والتي أكد فيها أن حزب احلرية والعدالة‬ ‫إذا ما وصل حلكم مصر فلن مينع اخلمور باملنازل أو‬ ‫الفنادق‪ ،‬ولن يطبق احلدود‪ ،‬ولن يتدخل في تصرفات‬ ‫السائحني على الشواطئ ولن يحجب املواقع‬ ‫اإلباحية‪ ..‬وها هي اللحظة التاريخية القتراب‬ ‫اإلخوان من عرش مصر قد أتت وعليهم إثبات حسن‬ ‫النيات والوفاء بوعودهم التي وردت في تصريحاتهم‪.‬‬ ‫في حوار خاص أجرته «اجمللة» أخيرا مع د‪ .‬محمد‬ ‫البلتاجي األمني العام حلزب احلرية والعدالة‬ ‫بالقاهرة‪ ،‬وعضو املكتب التنفيذي باحلزب وعضو‬ ‫البرملان املصري أكد البلتاجي عدم طموح االخوان‬ ‫في رئاسة وزراء مصر أو نيتهم ترشيح أحدهم‬ ‫ملنصب رئيس للجمهورية وقال إن دور رئيس مجلس‬ ‫الشعب املصري هو األهم اآلن للدكتور الكتاتني‬ ‫ولالخوان فالبرملان أهم من الوزارة‪ ،‬ألنه هو الذي‬ ‫يراقب احلكومة مبا فيها رئيس الوزراء‪.‬‬ ‫تتغير‬ ‫فهل يفي رئيس البرملان اجلديد بوعده أم‬ ‫ّ‬ ‫أجندة اجلماعة ويكبر الطموح؟ هذا ما ستكشفه‬ ‫الفترة القادمة‪.‬‬

‫د‪ .‬حممد �سعد الكتاتني‬ ‫االسم‪ :‬محمد سعد توفيق مصطفي الكتاتني‬ ‫الشهرة‪ :‬د‪ .‬محمد الكتاتني‬ ‫من مواليد محافظة سوهاج‪.‬‬ ‫يقيم في محافظة املنيا‪.‬‬ ‫تاريخ امليالد‪.1952/3/4 :‬‬ ‫الوظيفة‪ :‬أستاذ النبات بكلية العلوم – جامعة املنيا‪.‬‬ ‫التحق بجماعة اإلخوان املسلمني في اعقاب‬ ‫خروجهم من محنة عام ‪1981‬م حيث التحق بهم‬ ‫عام ‪.1980‬‬ ‫انتخب مسئوال للمكتب اإلداري لإلخوان في‬ ‫محافظة املنيا قبل ان يدخل البرملان عام ‪.2005‬‬ ‫عضو مكتب اإلرشاد السابق بجماعة االخوان‬ ‫املسلمني من ‪ 2008 /5‬حتى عام ‪.2011‬‬ ‫اختير الكتاتني وعصام العريان ومحمد مرسي‬ ‫متحدثني اعالميني جلماعة اإلخوان املسلمني‪.‬‬ ‫اعتقل الدكتور الكتاتني يوم ‪ 27‬يناير ‪ 2011‬قبل‬ ‫جمعة الغضب هو ود‪ .‬محمد مرسي ود‪ .‬عصام‬ ‫العريان ود‪ .‬محي حامد ود‪ .‬مصطفى الغنيمي‬ ‫ود‪ .‬محمود أبو زيد وم‪.‬سعد احلسيني واألستاذ‬ ‫سيد نزيلي وصبحي صالح والدكتور أحمد دياب‬ ‫والدكتور حمدي حسن وغيرهم بلغوا ‪ 34‬قيادي‬ ‫من ‪ 12‬محافظة مبصر‪.‬‬ ‫وكيل مؤسسي حزب احلرية والعدالة‪.‬‬ ‫األمني العام حلزب احلرية والعدالة الذراع السياسية‬ ‫جلماعة اإلخوان املسلمني‪.‬‬ ‫الشهادات الدراسية‬ ‫بكالوريوس العلوم ‪1974‬‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫املاجستير في العلوم ‪1979‬‬ ‫دكتوراه في العلوم ‪1984‬‬ ‫ليسانس آداب – قسم الدراسات اإلسالمية‬ ‫‪.2000‬‬ ‫النشاط االجتماعي واخلدمي‬ ‫أمني عام نقابة العلميني منذ عام ‪ 1984‬وحتى‬ ‫‪1993‬‬ ‫نقيب العلميني مبحافظة املنيا منذ ‪ 1993‬وحتى‬ ‫اآلن‬ ‫السكرتير العام لنادي أعضاء هيئة التدريس‬ ‫بجامعة املنيا منذ ‪ 1990‬وحتى اآلن‬ ‫رئيس قسم النبات بكلية العلوم جامعة املنيا منذ‬ ‫عام ‪ ،1994‬وحتى عام ‪.1998‬‬ ‫البحث العلمي‬ ‫اإلشراف على عدد ‪ 15‬رسالة ماجستير ودكتوراه‬ ‫في مجال التخصص‪.‬‬ ‫‪ 30‬بحثًا منشورةً في مجال أمراض النبات‬ ‫وامليكروبيولوجي‪.‬‬ ‫عضو جمعية أمرض النبات املصرية‪.‬‬ ‫عضو جمعية امليكروبيولوجيا التطبيقية‪.‬‬ ‫عضو جمعية السموم املصرية في مجال احلريات‬ ‫وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫عضو منظمة العفو الدولية‪.‬‬ ‫من مؤسسي جلنة التنسيق بني األحزاب والقوى‬ ‫الوطنية والنقابات املهنية‪.‬‬ ‫أحد مؤسسي مستشفى عمر بن اخلطاب اخليري‬

‫بحي أبو هالل باملنيا‪.‬‬ ‫النشاط البرملاني‬ ‫نائب برملاني عن اإلخوان املسلمني عن دائرة املنيا من‬ ‫عام ‪2005‬م حتى عام ‪.2010‬‬ ‫رئيس الكتلة البرملانية لنواب اإلخوان املسلمني من‬ ‫عام ‪ 2005‬حتى عام ‪.2010‬‬ ‫رئيس مجلس الشعب بعد الثورة عام ‪2012‬‬ ‫بعد التوافق عليه من جميع القوى املشكلة‬ ‫للبرملان‪.‬‬ ‫مثل الكتاتني البرملان املصري في عدة محافل‬ ‫دولية من أبرزها احتاد البرملان الدولي بنيروبي كينيا‬ ‫‪ ،2006‬ومؤمتر برملانات الدول األعضاء في منظمة‬ ‫املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬واالحتاد البرملاني العربي‪.‬‬ ‫وهو عضو في املنتدى العاملي للبرملانيني‬ ‫اإلسالميني‪.‬‬ ‫وعضو مؤسس للمنظمة العربية لبرملانيني عرب‬ ‫ضد الفساد‪.‬‬ ‫وعضو باجملموعة التوجيهية (‪)Steering group‬‬ ‫لبرنامج اإلصالح البرملاني الذي تشرف عليه‬ ‫مؤسسة ويستمنستر الدميقراطية ببريطانيا‪.‬‬ ‫احلريات وحقوق اإلنسان‬ ‫عضو منظمة العفو الدولية‪.‬‬ ‫من مؤسسي جلنة التنسيق بني األحزاب والقوى‬ ‫الوطنية والنقابات املهنية‪.‬‬ ‫أحد مؤسسي مستشفى عمر بن اخلطاب اخليري‬ ‫بحي أبو هالل باملنيا‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫سعد الكتاتني‪« ..‬إخواني»‬ ‫على رأس مجلس الشعب املصري‬

‫من الليمان إلى البرملان‬ ‫لم يكن مشهدا مألوفا أن يرى املصريون مسؤوال كبيرا وبارزا يبكي على املنصة وحتت األضواء عندما‬ ‫نقلت تليفزيونات العالم تلك اللحظة املؤثرة التي انفعل فيها الدكتور محمد سعد الكتاتني‬ ‫بكلمة البرملاني أكرم الشاعر حينما كان يتكلم عن ابنه املصاب في الثورة وعن حقه في القصاص‬ ‫له ولكل املصابني والشهداء‪ ..‬بكى الشاعر فأبكى معه الكتاتني وجمعا من البرملانيني حتت القبة‬ ‫في أول جلسة ينعقد فيها برملان الثورة‪ .‬بكى الكتاتني في مشهد نادر وهو يعتلي منصة تتويجه‬ ‫رئيسا للبرملان في حلظة تاريخية غير مسبوقة جلماعة اإلخوان املسلمني ورمبا كان ذلك هو أحد‬ ‫دوافع بكائه الذي استدعته تلك اللحظة املنتظرة بعد زمن طويل من املطاردات األمنية وسنوات‬ ‫احلبس واإلعتقال وتشويه الصورة في أعني الكثيرين‪.‬‬

‫في السابع والعشرين من يناير عام ‪ 2011‬أي بعد‬ ‫يومني من اشتعال الثورة املصرية وقبل جمعة الغضب‬ ‫التاريخية‪ ،‬ألقت سلطات األمن املصرية القبض على‬ ‫‪ 34‬شخصا من قيادات جماعة اإلخوان املسلمني‬ ‫وألقت بهم في غياهب سجن وادي النطرون الذي يقع‬ ‫جنوب القاهرة ويعد من أشهر املعتقالت املصرية‪..‬‬

‫الذي شهد ثورة ‪ 23‬يوليو بزعامة جمال عبد الناصر‬ ‫وقبيل شهور قليلة من وقوعها ولد الدكتور سعد‬ ‫الكتاتني ليصبح بعد ذلك قطبا إخوانيا بارزا في عالم‬ ‫السياسة ويتولى رئاسة برملان الثورة بغالبية ساحقة‬ ‫عندما حصل على ‪ 399‬من جملة ‪ 508‬عضوا مبجلس‬ ‫الشعب املصري‪.‬‬

‫كان من بني هؤالء املعتقلني محمد سعد الكتاتني‬ ‫الذي شاءت األقدار أن يخرج من السجن عقب أحداث‬ ‫االنفالت األمني‪ ،‬واقتحام السجون املصرية أثناء الثورة‪،‬‬ ‫لتتوالى بعد ذلك املفاجآت واملفارقات ويصبح سعد‬ ‫الكتاتني أشهر املعتقلني في الثورة املصرية رئيسا‬ ‫ألول برملان مصري بعد الثورة وزوال نظام محمد حسني‬ ‫مبارك‪.‬‬

‫حلظة حلف اليمني‪ ،‬كانت حلظة تاريخية ال تخلو من‬ ‫مشاعر الهيبة والرهبة التي حامت حول برملان الثورة‬ ‫في أول أيام انعقاده‪ .‬في اخلارج كانت جموع من اإلخوان‬ ‫قد زحفت من أنحاء مصر كافة باآلالف متجهة نحو‬ ‫مقر البرملان حلمايته من أي هجوم محتمل من بعض‬ ‫القوى املعارضة هددت باقتحامه‪ ،‬في حني كانت‬ ‫العيون تراقب والعقول تتوق وترصد تفاصيل التفاصيل‬ ‫املرتبطة بهذا احلدث الكبير‪ .‬وشوهد الشارع املصري‬ ‫بطوائفه اإلجتماعية وأطيافه السياسية كافة‪ ،‬وألول‬

‫لم تكن تلك هى املفارقة الوحيدة‪ ،‬ففي عام ‪1952‬‬

‫‪46‬‬

‫مرة منذ سنوات طويلة‪ ،‬في حالة إستنفار شديد‬ ‫يتابع عن كثب ومن دون ملل أطول جلسة برملانية‬ ‫في تاريخ مجلس الشعب املصري والتي امتدت من‬ ‫الصباح وحتى ساعات متأخرة من الليل مت خاللها‬ ‫انتخاب الكتاتني رئيسا للبرملان‪ ..‬لتبدأ معها مرحلة‬ ‫جديدة من تاريخ مصر‪.‬‬ ‫كانت اإلجراءات تسير بشكل حضاري واملناقشات‬ ‫هادئة رغم سخونتها وهو ما جعل املصريني يأملون‬ ‫في اختالف أسلوب الكتاتني في التعامل مع أعضاء‬ ‫البرملان عن أداء سلفه فتحي سرور الذي ظل رئيسا‬ ‫للبرملان لعقدين من الزمان ثم انتهى به احلال في‬ ‫سجن مزرعة طرة مع بقايا النظام وهي مفارقة ثالثة‬ ‫تبادل خاللها سرور والكتاتني األماكن واملقاعد‪.‬‬ ‫يع ّد د‪ .‬محمد سعد الكتاتني الرئيس رقم ‪ 33‬في‬ ‫تاريخ احلياة البرملانية املصرية‪ .‬وهو أستاذ جامعي‬ ‫بكلية العلوم بجامعة املنيا في صعيد مصر وحصل‬ ‫على الدكتوراه في العلوم عام ‪ 1984‬ثم عاد وحصل‬ ‫على ليسانس الدراسات اإلسالمية بكلية األداب عام‬ ‫‪ .2000‬وما ال يعرفه الكثيرون أنه عالم نبات أشرف‬ ‫على ‪ 21‬رسالة ماجستير ودكتوراه وله ‪ 36‬بحثا‬ ‫منشورا في مجال أمراض النبات وامليكروبيولوجي‪،‬‬ ‫وهو عضو جمعية أمراض النبات املصرية‪ ،‬وعضو‬ ‫اجلمعية النباتية املصرية‪ ،‬وعضو جمعية السموم‬ ‫املصرية‪ ،‬وعضو جمعية امليكروبيولوجيا التطبيقية‬ ‫قبل أن يتم انتخابه أمينا عاما لنقابة العلميني في‬ ‫مصر منذ عام‪ 1984‬وحتى ‪.1993‬‬ ‫بدأت عالقة الكتاتني بالسياسة حينما التحق‬ ‫بجماعة اإلخوان املسلمني عندما كنت جماعة‬ ‫محظورة عام ‪ ،1981‬وانتخب مسؤوال للمكتب اإلداري‬ ‫لإلخوان في محافظة املنيا قبل أن يدخل البرملان في‬ ‫انتخابات عام ‪ 2005‬ويصبح رئيس الكتلة البرملانية‬ ‫لنواب اإلخوان املسلمني في مصرخالل الدورة البرملانية‬ ‫‪ 2010 – 2005‬وهو مؤسس جلنة التنسيق بني‬ ‫األحزاب والقوى الوطنية والنقابات املهنية وعضو‬ ‫سابق مبكتب إرشاد اإلخوان من ‪ 26‬مايو ‪2008‬‬ ‫وحتى ‪ 6‬يونيو ‪ .2011‬وهو أيضا عضو منظمة العفو‬ ‫الدولية‪ ،‬وعضو اجملموعة التوجيهية (‪Steering‬‬ ‫‪ )group‬لبرنامج اإلصالح البرملاني والذي تشرف عليه‬ ‫مؤسسة ويستمنستر الدميقراطية ببريطانيا‪.‬‬ ‫واقع األمر أن انتخاب الكتاتني لم يكن مفاجئا للشارع‬ ‫املصرى فقد سبقته اجتماعات كثيرة ومطولة عقدها‬ ‫قياديو حزب احلرية والعدالة الختيار رئيس الكتلة‬ ‫البرملانية حيث كان الدكتور عصام العريان منافسا‬ ‫للكتاتني حتى أختير األخير متهيدا لرئاسته للبرملان‬ ‫وبدا أن هناك شبه اتفاق مع باقي القوى السياسية‬ ‫األخرى على هذا األمر بعد إعالن كل من أحزاب‬ ‫«النور» و «الكرامة» و»اإلصالح والتنمية» و»املصري‬ ‫الدميقراطي» و»البناء والتنمية»‪ ،‬توافقهم على‬ ‫مرشح «احلرية والعدالة» بوصفه صاحب الغالبية‬ ‫رئيسا ً جمللس الشعب‪ ،‬على أن يكون منصب الوكيلني‬ ‫حلزبي «النور»السلفي و «الوفد» الليبرالي اللذين‬ ‫حصال على املركزين الثاني والثالث على التوالي في‬ ‫االنتخابات البرملانية‪.‬‬


AN AMERICAN EDUCATION A BRITISH SETTING A GLOBAL FUTUR E A Since the 1970’s Richmond has been educating leading Middle Eastern families. Richmond’s unique style of personalised higher education ensures that students leave us with a dually accredited degree, that is recognised in the UK, the USA and worldwide.

+44 20 8133 2877 • enroll@richmond.ac.uk Visit www.richmond.ac.uk/al-majalla today to download our catalog and viewbook.


‫وهذه الثورات‪ .‬كما أننا نالحظ املشاكل والتحديات‬ ‫الكبيرة‪ .‬ونأمل من النخب التي تتولى القيادات‬ ‫السياسية واإلعالمية والعسكرية‪ ،‬أن تكون في‬ ‫مستوى ما تريده الشعوب وتعمل على بناء دول‬ ‫دستورية ودميقراطية ومنظمة وفيها الشفافية‪،‬‬ ‫وأنت ال تستطيع أن تبني هذا من دون النخب‪ ،‬أعني‬ ‫من دون قدرات متميزة مع أخالقية في التفاني في‬ ‫العمل‪ ،‬وفي حتقيق هذه األهداف الكبيرة‪.‬‬ ‫إعجاب بالتجربة التونسية‬ ‫* قلت مرة إن أفضل الدساتير الوضعية‪ ،‬هو‬ ‫الذي يوضع من قبل جلنة منتخبة من الشعب‪ .‬أوَ‬ ‫ليس من األفضل أن يتولى هذا حقوقيون؟‬ ‫ـ هذا يعتمد على مرحلة الوعي لدى الشعب‪.‬‬ ‫فالشعب إذا اختار ممثلني جيدين‪ ،‬فإن هؤالء املمثلني‬

‫االنتخابات وكيف أن املراقبني الدوليني اشادوا بها‪،‬‬ ‫ثم عن طريق اجمللس‪ ،‬ثم عن طريق تشكيل احلكومة‪.‬‬ ‫كل هذا مت بشكل جيد‪ ،‬على الرغم من الصعوبات‬ ‫واملشاكل االقتصادية‪ ،‬وتعتبر جتربة جيدة‪ .‬وقد‬ ‫كتبت مقاال في هذا املوضوع أردت منه أن يستفيد‬ ‫الشباب في ليبيا من هذه التجربة‪ .‬فكما كانت‬ ‫هي الرائدة في الربيع‪ ،‬كانت هي الرائدة ايضا في‬ ‫اسلوب االنتخابات‪ ،‬وفي اخليارات التي وقعت على‬ ‫الشخصيات اجليدة املثقفة واملسؤولة على حد‬ ‫كبير في هذا اجمللس التأسيسي في تونس‪.‬‬ ‫* حتدثت عن (بذور الدميقراطية في ليبيا) فعما‬ ‫تتحدث‪ ،‬تتكلم عن الدميقراطية في مجتمع‬ ‫قبلي‪ ..‬الدميقراطية ال تناسب هذه اجملتمعات؟‬ ‫ـ بالتأكيد أن اجملتمعات العربية تطورت‪ .‬هناك‬

‫«ما كان حلضارة أن تقوم إال على‬ ‫أساس من التعادل بني الكم والكيف‪،‬‬ ‫بني الروح واملادة‪ ،‬بني الغاية والسبب‪،‬‬ ‫فأينما اختل هذا التعادل في جانب أو‬ ‫آخر كانت السقطة رهيبة قاصمة»‬ ‫مالك بن نبي‬

‫صحافيا‪ ،‬وعدد الصحف واجملالت وصل إلى ‪.20‬‬ ‫وكانت لديها هامش كبير من احلرية‪ ،‬على الرغم‬ ‫من عدم وجود أحزاب معلنة‪ ،‬وكانت هناك تيارات‬ ‫عروبية وإسالمية ويسارية‪ ،‬ولكن كانت هناك جتربة‬ ‫لو أنها تطورت‪ ،‬ولم يقم االنقالب لكنا اآلن في‬ ‫وضع أفضل‪ ،‬ولكن االنقالبات العسكرية أفسدت‬ ‫العالم العربي‪ ،‬ودهست أي منو للدميقراطية والعمل‬ ‫السياسي‪ .‬فال ينبغي أن تلقي اللوم على القبيلة‪.‬‬ ‫إن القدوات وأهل الصفوة في اجملتمع يستطيعون‬ ‫أن يفرضوا الشفافية‪ ،‬وكلما كانت هذه القدوات‬ ‫جيدة‪ ،‬ستنجح هذه اجملتمعات في بناء الدميقراطية‪،‬‬ ‫وإعمال القانون وحقوق اإلنسان والشفافية‪.‬‬ ‫وإذا قلت هذه الزعامات أو الصفوات‪ ،‬تكون هناك‬ ‫مشكلة ويكون هناك تخبط‪ ،‬فيجب أال نلقي اللوم‬ ‫على القبيلة‪.‬‬ ‫ليبيا املستقبل‬ ‫* أنا أسألك سؤاال مباشرا‪ ..‬هل والؤك للقبيلة‬ ‫أم للبلد؟‬ ‫ـ أبدا‪ .‬أنا والئي أوال للفكرة اجليدة‪ ،‬بغض النظر عن‬ ‫مصدر هذه الفكرة غربية كانت أم شرقية‪ .‬هذا هو‬ ‫والئي‪ .‬وهذا الذي أنقله في محاضراتي وآرائي عندما‬ ‫أكون في مسجد صغير مثال في مدينة الزنتان‬ ‫مسقط رأسي‪ ،‬أو في طرابلس أو في أي مكان‪ .‬وهذه‬ ‫تعلمتها من مالك بن نبي‪.‬‬ ‫* هل قابلته؟‬ ‫ـ نعم‪ .‬مرات عدة‪ ،‬وكان قد زارنا في طرابلس مرتني‬ ‫أو ثالثا‪ .‬فالفكر إذا هو األساس في احلياة‪ ،‬ألن الفكر‬ ‫سيقودك إلى الفعل‪ .‬فإذا كان فكرك جيدا ستفعل‬ ‫فعال جيدا‪ .‬وإذا كان سيئا أو ضعيفا أو منحرفا‪،‬‬ ‫سيكون نتيجته فعال سيئا ومنحرفا‪ ،‬فأنا أتعامل‬ ‫في حياتي مع أسرتي وأصدقائي وفي السفارة ومع‬ ‫الناس مبا نقدمه من أفكار‪ ،‬وكيف نضع أسسا‬ ‫للعمل الصحيح‪ .‬كيف تنتهي ثقافة الوساطة‬ ‫التي كانت سائدة‪ ..‬ثقافة الفساد املالي واإلداري‪..‬‬ ‫الطمع الفوضى وما شابه ذلك‪ .‬هذه األشياء التي‬ ‫كانت سائدة طيلة أربعني سنة في ليبيا‪ ،‬أفسدت‬ ‫احلياة في ليبيا‪ .‬كيف نستطيع أن نغيرها‪ .‬وهذا أمر‬ ‫صعب‪ .‬فحتى بعد انتهاء القذافي لم تنته الثقافة‬ ‫التي أوجدها‪ .‬يتحدث الناس عن (التصعيد) وأنهم‬ ‫يستطيعون أن يزيلوا فالنا وينصبوا عالنا‪ ،‬وكأنهم‬ ‫ال يزالون في عصر القذافي‪ .‬فما لم يكن هناك‬ ‫قدوات ال ترضى بالوساطة والغش‪ ،‬وال أي ممارسة‬ ‫من ممارسات العهد املاضي‪ ،‬لن يحدث التحول نحو‬ ‫دولة القانون‪ ،‬والدميقراطية والقضاء املستقل‬ ‫والصحافة احلرة‪ ،‬وهو أمر يحتاج إلى وقت‪.‬‬

‫سيختارون جلنة إلعداد الدستور فسيكون األمر‬ ‫جيدا‪ ،‬وأنا شعرت بكثير من الراحة عندما تابعت‬ ‫اجمللس التأسيسي في تونس وكيف يتناقشون‬ ‫في الدستور املؤقت أو الوثيقة املؤقتة‪ ،‬فاحلوارات‬ ‫والنقاشات في ذلك اجمللس أوضحت وكشفت لنا‬ ‫عن قدرات جيدة جدا في تونس ثقافيا وقانونيا‬ ‫وسياسيا وتنظيميا‪ ،‬حتى اجلدل يرتفع ولكنه ال‬ ‫يطول‪ ،‬وكانت هناك استجابة لسيطرة رئيس‬ ‫اجمللس‪ ،‬ولم تكن هناك فوضى‪ .‬فأنا معجب جدا‬ ‫بالتجربة التونسية وكيف متت‪ ،‬سواء عن طريق‬ ‫‪44‬‬

‫تطور في التعليم‪ ،‬وفي وسائل اإلعالم والتقنية‬ ‫احلديثة‪ .‬وأنا أصبحت أميل جملتمع املدينة‪ .‬فعندما‬ ‫نذكر مدينة مثال جند أنها تسكنها قبائل متنوعة‬ ‫وليست قبيلة واحدة‪ .‬فلم يعد األمر مثل املاضي‬ ‫كانت هناك خيام وتنقل‪ .‬اآلن أغلب الناس في‬ ‫مدن‪ .‬ثم إني أذكر التجربة التي مرت علينا‪ ،‬ولو‬ ‫أنهما كانت متواضعة‪ ،‬في ليبيا عام ‪ 1951‬وضعنا‬ ‫الدستور وجاء البرملان‪ ،‬وكانت هناك ممارسة إلى حد‬ ‫ما جيدة‪ ،‬وإن كان قد شابها بعض األخطاء‪ ،‬وكانت‬ ‫لدينا صحافة‪ ،‬وأذكر أنني في الستينات كنت‬

‫* كيف ترى ليبيا املستقبل؟‬ ‫ـ أنا دائما أقول إن هناك حتديات كبيرة تواجهنا‪،‬‬ ‫ولكني متفائل بأن املستقبل سيكون جيدا‪ .‬وكل‬ ‫هذه املظاهر التي نراها على أنها فوضى ستنتهي‬ ‫في وجود الدولة خاصة في ما يتعلق بوزارتي‬ ‫الداخلية والدفاع‪ ،‬وتنتخب حكومة بطريقة‬ ‫شرعية جيدة منظمة‪ .‬وسيكون االمتحان القادم‬ ‫بعد ستة شهور هو أكبر امتحان لليبيني‪ ،‬نأمل أن‬ ‫يخرجوا منه بسالم‪ ،‬وبطريقة مشرفة إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫أجرى احلوار‪ :‬عبد اجلليل الساعدي‬


‫من ناحيتني‪ :‬الكاتب املتميز نفسه الذواق للقراءة‪،‬‬ ‫وتأتي أيضا من النقاد‪ ،‬فهم الذين ينبهوننا إلى‬ ‫أفضل الكتب‪ ،‬وبالتالي يساعدوننا على البحث عن‬ ‫هذه الكتب التي خرجت للسوق‪ ،‬بعد أن يشيروا إلى‬ ‫عنوانها ومواضيعها وأهميتها‪ ،‬فالناقد له دور مهم‬ ‫جدا‪.‬‬ ‫رحلة طويلة‬ ‫* في كتابك (رحلتي مع الناس واألفكار) ما الذي‬ ‫شد بالك خالل هذه الرحلة الطويلة؟‬ ‫ـ رحلتي مع الناس‪ ..‬كأنك تقول سيرتي الذاتية‪.‬‬ ‫من هؤالء الناس الذين عشت بينهم‪ ،‬سواء أكان‬ ‫ذلك في البيت أم املدرسة‪ ،‬أم مجاالت احلياة األخرى‪.‬‬ ‫ومن الذين تأثرت بهم‪ ،‬وبأفكارهم‪ ،‬ومن الذين أشاروا‬ ‫لي بالكتب املهمة التي يجب أن نقرأها خاصة في‬ ‫املرحلة الثانوية أو اجلامعة‪ ،‬فال شك أن الكتاب‬ ‫يعكس جتربتي الشخصية في احلياة‪ ،‬ومن هي‬ ‫الرموز التي تعلمت منها واستفدت منها في هذه‬ ‫الرحلة‪ .‬ومن يقرأ هذا الكتاب سيقرأ أيضا كفاحي‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫* حتدث في موضوع كبير‪ ..‬في كتاب سميته‪:‬‬ ‫اجلمال واحلب في اإلسالم‪ .‬هذا موضوع ضخم‪ ،‬بل‬ ‫موضوعان ضخمان‪ ..‬هل تتبعت كل اخليوط في‬ ‫هذين املوضوعني؟‬ ‫ـ أوال أريد أن أشير إلى أن من شد ذهني إلى اجلانب‬ ‫اجلمالي في هذا اخلصوص هو املرحوم مالك بن نبي‬ ‫في كتابه (مشكلة الثقافة) وفي بعض كتبه‬ ‫األخرى يتكلم عن اجلانب اجلمالي في احلياة في‬ ‫الثقافة‪ .‬ويتحدث عن أن جمال النفس‪ ..‬جمال‬ ‫األفكار ينعكس على املالبس‪ ،‬وعلى البيت والسلوك‪،‬‬ ‫وبالتالي على حياة الشخص‪ .‬وفي احلديث‪ :‬إن اهلل‬ ‫جميل يحب اجلمال‪ .‬واملالحظ أننا غير مهتمني‬ ‫باجلانب اجلمالي في حياتنا العامة‪ ،‬على الرغم من‬ ‫أن اآليات القرآنية حتض على اجلمال‪ .‬وكيف تبدأ‬ ‫الصالة بالطهارة وبالوضوء وهي جوانب جمالية‪ .‬إال‬ ‫أن حياتنا العامة ينقصها هذا اجلمال‪ .‬وهناك نقطة‬ ‫على تقدمي هذا الكتاب‪ ،‬وهي أني الحظت بعد أحداث‬ ‫‪ 11‬سبتمبر في نيويورك أن هناك كالما قيل عن‬

‫االسالم والتطرف واإلرهاب والفضاعة‪ ،‬أحببت أن‬ ‫أعطي صورة أخرى‪ ،‬وأظهر جمال اإلسالم‪ .‬وترجم‬ ‫الكتاب إلى ثالث لغات‪ :‬االجنليزية والفرنسية‬ ‫واإلسبانية‪.‬‬ ‫أزمة النخبة‬ ‫* نشرت كتابا عن أزمة النخبة في الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬هل تعتقد أن هناك نخبة في املنطقة‪،‬‬ ‫أم أن هذا مجرد أوهام؟‬ ‫ـ ال‪ .‬هناك نخبة أو نخب‪ .‬الناس املصنفون بأنهم‬ ‫إسالميون‪ ،‬وآخرون ليبراليون وعلمانيون‪ .‬أعني هذه‬ ‫التيارات املثقفة‪.‬‬ ‫* أنا أقصد بالنخبة‪ ،‬األفراد الذين ليس لهم‬ ‫عالقة بالعامة‪ ..‬ويرون أنفسهم فوق اجلميع‪ .‬وال‬ ‫أعني النخب السياسية؟‬ ‫ـ النخبة تفرض نفسها بنفسها‪ .‬فالنخب هم‬ ‫الناس املتميزون الذين يحس بهم اجملتمع‪ ،‬فهم‬ ‫متميزون بعطائهم الفكري‪ .‬فاإلداري اجليد أعده من‬ ‫النخبة‪ ،‬واألستاذ اجليد كذلك‪ ،‬ضابط في الشرطة‬ ‫متميز‪.‬‬ ‫* أنا أختلف معك في هذا التفسير‪ ،‬ولكن ما‬ ‫هي األزمة إذا؟‬ ‫ـ ما الحظته خاصة من خالل نشاطي السياسي‬ ‫بني سنوات (‪ 1980‬ـ ‪ )1988‬عندما كنت داخل‬ ‫التنظيم الذي أسسناه وهو (اجلبهة الوطنية‬ ‫إلنقاذ ليبيا) وأتيحت لي الفرصة للتنقل من الغرب‬ ‫فعشت في املغرب وفي مصر والعراق وزرت السودان‬ ‫شهورا عدة واجلزائر وكذلك تونس‪ ،‬واختلطت بأنواع‬ ‫من رجال األمن من السياسيني ومن رجال األعمال‪،‬‬ ‫فأحسست بأن هناك أزمة أخالقية‪ ،‬ليست هناك‬ ‫مصداقية كما يتمناها اإلنسان اجلاد‪ .‬وهذه األزمة‬ ‫األخالقية ال جتعل الناس تلتقي على أسس سليمة‬ ‫وصحيحة‪ ،‬وتتضافر جهودها وتصب في اجتاه واحد‪.‬‬ ‫وجتد هذا ممثال في مشاكل شخصية‪ ،‬وتنافس غير‬ ‫شريف‪ ،‬ومصالح ذاتية‪ .‬وهذه كلها تضيع املصلحة‬ ‫العامة‪ ،‬واملشاركة احلقيقية في بناء أي تنظيم في‬ ‫أي دولة‪ .‬ولذلك نحن اآلن فرحون بالربيع العربي‬ ‫بداية تذ ّمر من رجاالت العهد اجلديد‬

‫حممود الناكوع يف �سطور‪:‬‬

‫ولد محمود محمد الناكوع في‬ ‫مدينة الزنتان جنوب غرب ليبيا عام‬ ‫‪ ،1939‬ودرس فيها املرحلة االبتدائية‪،‬‬ ‫وتابع دراسته اإلعدادية والثانوية‬ ‫مبدرسة غريان الثانوية خالل فترة‬ ‫اخلمسينات من القرن املاضي‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه املرحلة من أهم املراحل في‬ ‫حياته الثقافية والفكرية‪ ،‬لكونها‬ ‫كما يقول‪ :‬كانت غنية بالتطورات‬ ‫السياسية والفكرية في املنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬الحتوائها أحداثا كبيرة‬ ‫كالثورة املصرية والثورة اجلزائرية‪،‬‬ ‫كما شهدت بدايات االستقالل‬ ‫في ليبيا‪ .‬أكمل دراسته باجلامعة‬ ‫الليبية في بنغازي في كلية اآلداب‬ ‫والتربية‪ ،‬وتخرج فيها عام ‪.1963‬‬ ‫التحق بالعمل اإلعالمي وعمل‬ ‫محررا في قسم األخبار العاملية‬ ‫باإلذاعة الليبية‪ ،‬وانتقل للصحافة‬ ‫عام ‪ ،1967‬حيث بدأ الكتابة في‬ ‫الصحافة الليبية‪ ،‬التي كانت وقتها‬ ‫تتمتع مبساحة جيدة للتعبير عن‬ ‫اآلراء‪ ،‬وتعد مرحلة الستينات من أهم‬ ‫املراحل الثقافية والسياسية في‬ ‫ليبيا‪ ،‬وكانت هناك أيضا تنظيمات‬ ‫سياسية قومية ويسارية وإسالمية‬ ‫كثيرة في ليبيا خالل هذه الفترة‪.‬‬ ‫انتمى حينها جلماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني‪ ،‬وإثر قيام االنقالب‬ ‫العسكري أوقف عن العمل‬ ‫الصحافي‪ ،‬وفي عام ‪ 1973‬اعتقل‬ ‫وسجن عامني بتهمة االنتماء‬ ‫لهذه اجلماعة‪ ،‬ثم أفرج عنه بعد‬ ‫أن جمدت اجلماعة عملها‪ ،‬بعد أن‬ ‫عصف النظام السابق بكل احلركات‬ ‫السياسية والفكرية في ليبيا‪ .‬ومع‬ ‫بداية تطبيق الكتاب األخضر عام‬ ‫‪1978‬على اجملتمع الليبي‪ ،‬هاجر من‬ ‫البالد‪ ،‬وظل معارضا لنظام القذافي‬ ‫حتى زواله العام املاضي‪.‬‬ ‫وكان عضوا في اجلبهة الوطنية إلنقاذ‬ ‫ليبيا‪ ،‬حتى تركها عام ‪ .1990‬وإثر‬ ‫هذه املرحلة تفرغ للكتابة والتأليف‬ ‫والعمل الفكري‪ .‬له مؤلفات عدة‬ ‫منها‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ مالمح الصراع السياسي‬ ‫والثقافي في ليبيا احلديثة‬ ‫‪ – 2‬رحلتي مع الناس واألفكار‬ ‫‪ – 3‬اسماء في النفس وفي الذاكرة‬ ‫‪ 4‬ـ احلب واجلمال في اإلسالم‬ ‫‪ 5‬ـ أزمة النخبة في الوطن العربي‬ ‫‪ 6‬ـ بذور الدميقراطية في ليبيا‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫‪43‬‬


‫الليبيون يطالبون بعهد جديد ال مكان فيه للنهب والسرقة‬

‫عن االستبداد في الوطن العربي‪ ،‬وعن مشكالت‬ ‫النخبة واالنحطاط والنهوض في الواقع العربي‪،‬‬ ‫وكتبت عن مالمح الصراع السياسي والثقافي‬ ‫في ليبيا احلديثة‪ .‬وكل هذه الكتابات محورها‬ ‫الفكر االجتماعي والسياسي‪ .‬وكثير من كتاباتي‬ ‫مقاالت ثم جمعتها في كتب‪ ،‬وبعض كتاباتي كتب‬ ‫ممنهجة‪ .‬وآخر كتاب نشرته جاء حتت عنوان‪ :‬اسماء‬ ‫في النفس وفي الذاكرة‪ .‬أكثرها شخصيات ليبية‪،‬‬ ‫بعضهم من أسرتي وبعضهم أساتذتي وزمالئي‬ ‫في الدراسة‪ .‬كما تناولت في الكتاب نفسه‬ ‫بعض الشخصيات العربية واإلسالمية التي تأثرت‬ ‫بكتاباتها‪ ،‬أو كونت عالقة معها في الداخل وفي‬ ‫املهجر‪.‬‬ ‫* ملاذا وصفت الكتابة اليومية بأنها مرض‪..‬؟‬ ‫ـ الحظت أن بعض الكتاب يكتبون يوميا على‬ ‫االنترنت‪ .‬وباعتباري كاتبا أحاول دائما أن أقدم‬ ‫مادة مفيدة للقراء‪ .‬فأبدأ الكتابة يوم اجلمعة‬ ‫مثال‪ .‬ولكني ال أكمل هذا املقال‪ ،‬وأتركه ليوم أو‬ ‫يومني‪ ،‬ثم أعيد قراءة ما كتبت‪ ،‬وأصحح بعض‬ ‫األشياء وأضيف أخرى‪ .‬أعني أن املقال يأخذ مني‬ ‫يومني‪ ،‬أو ثالثة أو أربعة أيام‪ ،‬حسب نضج األفكار‬ ‫في ذهني‪ ،‬فأجد أن اتباع هذه الطريقة ميكّن من‬ ‫تقدمي شيء مفيد‪ .‬أما الذي يكتب كل يوم أنا ال‬ ‫أعتقد أنه يقدم مادة مفيدة‪ .‬ولكن هناك بعض‬ ‫املوهوبني‪ ،‬فهناك من يأخذ فكرة ويثريها بثقافته‬ ‫وقلمه بهذه املوهبة‪ .‬ولكن ليس بإمكان كل واحد‬ ‫أن يفعل هذا‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫* من خالل اطالعي على أعمالك‪ ،‬الحظت أنك‬ ‫أشرت إلى املفكر الراحل أحمد صدقي الدجاني‬ ‫في هذا اخلصوص؟‬ ‫ـ نعم‪ .‬انظر كيف أن اإلنسان يقرأ عشرين ساعة‪،‬‬ ‫ليكتب مقاال أسبوعيا واحدا‪ ،‬وقد قال لي هذا‬ ‫منذ ردح من الزمن في جلسة بيني وبينه في بيته‬ ‫بالقاهرة يرحمه اهلل‪ .‬كان يبذل جهدا كبيرا إلجناز‬ ‫املقال‪ .‬وهو إنسان كان قادرا على الكتابة بكل‬ ‫امتياز‪ .‬وقد فعل هذا ليأكد لنا منهجا في الكتابة‬ ‫الرصينة اجليدة املفيدة‪ .‬وقد أخذت هذه الفكرة‬ ‫ونقلتها للقراء ليستفيدوا منها‪.‬‬ ‫عزمي بشارة كان هو اآلخر حذر من الذين يكتبون‬ ‫أكثر مما يقرؤون‪ .‬وذهب في ذلك بعيدا حيث اقترح‬ ‫وضعهم في السجن‪.‬‬ ‫وزاد من هذه الكتابات غير الناضجة‪ ،‬التطور‬ ‫التكنولوجي‪ ،‬ومدى سهولة النشر على االنترنت‪.‬‬ ‫فيستطيع أي شخص أن يكتب ما يشاء‪ ،‬ومن دون‬ ‫مسؤولية‪ .‬وكتابات غير أخالقية‪ ،‬ومن دون أي رادع‪،‬‬ ‫حتت أسماء وهمية‪ ،‬يتهم فيها الناس بعضهم‬ ‫بعضا‪.‬‬ ‫* ماذا تقول للكتاب الشباب‪ ،‬وماذا تريد منهم‬ ‫أن يفعلوا؟‬ ‫ـ أول شيء يجب التركيز على القراءة‪ .‬ال ميكن‬ ‫أن تكون الكتابة جيدة‪ ،‬إال إذا كان صاحبها كثير‬ ‫القراءة‪ .‬وينبغي أن تكون هذه القراءة متنوعة‪ .‬في‬

‫األدب والشعر‪ ،‬حتى تصبح اللغة جميلة‪ ،‬وتشد‬ ‫القارئ‪ ،‬وكذلك علماء االجتماع‪ ،‬التاريخ والفلسفة‬ ‫حتى يثري اإلنسان عقليته بثقافة عميقة‪.‬‬ ‫* ولكن كيف يقرأ الناس في هذه احلياة‬ ‫املتسارعة‪ .‬مبعنى أن اإلنسان دائما منشغل‬ ‫بأمور احلياة وروتينها املعهود؟‬ ‫ـ هناك فرق بني اإلنسان العادي‪ ،‬الذي بريد أن يطلع‪،‬‬ ‫وميارس حياة عادية‪ .‬لكن هناك األمر املهم‪ ،‬وهو في‬ ‫ما يتعلق مبن يتصدى للكتابة والتعليم واحملاضرات‪،‬‬ ‫وأن من يفعل هذا البد أن يخصص لنفسه يوميا‬ ‫قراءة جادة في الكتب والبحوث‪ .‬أنا دائما أميل‬ ‫لقراءة الكتاب على الورق‪ ،‬هناك أيضا متعة في‬ ‫االنترنت‪ ،‬ولكنني أحس مبتعة أكثر في قراءته على‬ ‫الورق‪ .‬املهم أن ما أقصده مبن يقرأ القراءة اجلادة‬ ‫هم أؤلئك املقحمون في الفكر والتوجيه والتوعية‬ ‫والقيادة‪ .‬وهؤالء ال مفر لهم من أن يكونوا قارئني‬ ‫ليؤثروا في احلياة‪ .‬أما بقية الناس فال يهتمون‬ ‫بالقراءة‪.‬‬ ‫* هل صحيح ما يقال بأنه حتى الكتاب اجليدون‬ ‫ضاعوا أمام ثورة االنترنت وما وفرته من وسائل‬ ‫زاحمت دورهم‪ ،‬وأقحمت شبابا جددا في هذا‬ ‫اجملال؟‬ ‫ـ مهما كان األمر‪ ،‬فإننا ال نعدم كتابا متميزين‪،‬‬ ‫سواء كان ذلك في الصحافة‪ ،‬واالنتاج الفكري‪.‬‬ ‫كما أن هناك كتبا مهمة في معارض الكتب جديرة‬ ‫بالقراءة‪ .‬ولكن القدرة على متييز الكتاب اجليد تأتي‬


‫وليس هناك في العالم العربي ما يفيدنا‪ .‬ويرى‬ ‫آخرون بأن هذا ليس ممكنا‪ ،‬فالغرب كان مستعمرا‬ ‫وال ميكن االستفادة منه‪ ،‬وهنا يحدث نوع من‬ ‫الصراع‪ .‬ويسري هذا على األطر السياسية التي‬ ‫تضع القرارات‪ .‬ثم جاءت فكرة القومية العربية‪،‬‬ ‫واالنقالبات العسكرية‪ ،‬وبعض الدول املتصلة‬ ‫بروسيا واألخرى املتصلة بأميركا والغرب‪ ،‬فتكونت‬ ‫بعض األجيال التي تأثرت بهذا اجلانب أو ذاك اجلانب‪،‬‬ ‫وأصبحنا ونحن في اجلامعات منارس نوعا من الصراع‬ ‫بني اسالميني وبعثيني وقوميني ويساريني‪ .‬هذا ما‬ ‫عنيته بالصراع في ليبيا احلديثة‪.‬‬ ‫* في ليبيا لم يكن هناك تبديد فقط لثروة‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ولكن كان هناك تعمد في حرمان الناس‬ ‫منها أيضا؟‬ ‫ـ في عصر القذافي نستطيع أن تقول إنه كانت‬ ‫هناك عصابات أو مجموعات تستحوذ على عقود‬ ‫املقاوالت‪ ،‬وتبرم صفقات مع شركات في اخلارج‬ ‫ومؤسسات متنوعة‪ ،‬سواء ما كان منها تعليميا‬ ‫أو أمنيا أو نفطيا‪ .‬وهذه اجملموعات هي التي أثرت‪،‬‬ ‫مبعنى كونت ثروة كان تأثيرها بائنا‪ .‬ومن هؤالء من‬ ‫هم موظفون عاديون أو ضباط صغار في اجليش‪،‬‬ ‫ولكن ألنهم كانوا موالني للنظام ويثق بهم‪ ،‬فهؤالء‬ ‫أصبحوا هم أصحاب الثروة‪ ،‬وحرم اآلخرون‪ .‬كما أن‬ ‫مؤسسات البالد من مستشفيات ومدارس مهملة‬ ‫بشكل كبير‪ ،‬وما يسمى بالبنية التحية محطمة‬ ‫في بلد نفطي‪ .‬لذا فإن الشباب اآلن يتطلع إلى‬ ‫جتربة أخرى‪ ،‬وعدالة توزيع الثروة‪ .‬ولكن هل ستنجح‬ ‫هذه الدولة اجلديدة في ضبط األمور‪ .‬ذلك ما يأمله‬ ‫الشعب ويطالب به املتظاهرون من إبعاد كل‬ ‫العناصر القدمية التي شاركت في الفساد بطريقة‬ ‫ما‪ ،‬وأن يتولى جيل جديد نظيف إدارة البالد‪ .‬إنها‬ ‫تطلعات وحتديات كبيرة‪.‬‬ ‫* هل نستطيع بهذا الكالم أن نقضي على‬ ‫الفساد؟‬ ‫ـ أنا أقول إن هذا يرجع إلى الوعي‪ ،‬وهذا ينبغي أن‬ ‫يوطد لدى الشباب في املدارس واجلامعات واملساجد‪.‬‬ ‫وعي حقيقي يشمل العدل بني جميع الناس‪ .‬كيف‬ ‫نستطيع اختيار الشخص املناسب في هذه اجملالس‬ ‫التي ستنتخب‪.‬‬ ‫قد توضع قوانني صارمة في هذا اجملال‪ .‬ولكن وضع‬ ‫هذه القوانني شيء‪ ،‬وتنفيذها شيء آخر‪ .‬لذا ال مفر‬ ‫لنا من «القدوات» في هذه اجملالس والوزارات‪ ،‬متثل‬ ‫القيم االخالقية‪ .‬قيم العدل واملساواة واالنضباط‬ ‫والنظام‪ ،‬وسنصل إلى النجاح إذا اعتمدنا هذا‬ ‫األمر‪ .‬ولكن إذا ضعفت هذه القيادات ضعف األثر‪.‬‬

‫شهورا‪ ،‬ولكن مؤسسات الدولة ستستوعب هؤالء‬ ‫الشباب وتوفر لهم العيش الكرمي‪ .‬وعندما تتوفر‬ ‫السيولة سيحسم األمر بسرعة‪.‬‬ ‫* أنت ترى أن الشباب سيسلمون أسلحتهم؟‬ ‫ـ بالتأكيد‪.‬‬ ‫* هل تخشون في ظل هذه الفوضى من مطالبات‬ ‫باالنفصال‪ ،‬وخلق كيانات داخل البلد؟‬ ‫ـ التركيبات العرقية في ليبيا نسبتها صغيرة‪،‬‬ ‫وكلها أبدت الوالء للوطن‪ ،‬ولكنها تريد أن تتمتع‬ ‫بنوع من احلرية‪ .‬وان تتمكن من استخدام لغتها‪،‬‬ ‫وتسمي أبناءها مبا تشاء‪ .‬لقد دخل القذافي‬ ‫معهم في صراع ومنعهم من استخدام‬ ‫لغتهم والتصرف في اسماء أوالدهم‪ .‬وطمس‬ ‫ثقافتهم‪ .‬واستفزهم‪ .‬وهم اآلن يتطلعون إلى‬ ‫إظهار هذا اجلانب من ثقافتهم‪ ،‬وهذا حقهم‪،‬‬ ‫وليست هناك أية مشكلة بخصوصه‪ .‬وال‬ ‫نخشى أي خطر من هذا اجلانب‪ .‬فليبيا جتاوزت‬ ‫مرحلة اخلطر‪.‬‬ ‫دول اجلوار‬ ‫* عالقاتكم مع دول اجلوار كيف ستكون‪ ،‬وهل‬ ‫ستهملون ما كان يقوم به النظام السابق‬ ‫من مساعدات لدول أفريقيا من بناء املدارس‬ ‫واملستشفيات‪..‬؟‬ ‫ـ شيء طبيعي كما يقال‪ ،‬إنك ال تستطيع أن تغير‬ ‫اجلغرافيا‪ ،‬فالعالقة ال بد أن تكون جيدة مع اجليران‪.‬‬ ‫والعالقة مع اجليران أو أغلبهم كانت جيدة خالل‬ ‫الثورة‪ .‬رمبا كانت هناك صعوبات مع بعض الدول‪،‬‬ ‫ولكنها ستزول‪ ،‬ألن نظاما زال وآثاره زالت‪ ،‬وهدفنا‬ ‫أن نبني عالقات جيدة مع اجلميع‪ .‬وأن لنا مصلحة‬ ‫كدولة وهي أن نحمي حدودنا‪ .‬كما أن هناك‬ ‫مصلحة لآلخرين من حولنا من أنهم محتاجون‬ ‫لليبيا وثروة ليبيا‪ ،‬والعمل في ليبيا‪ ،‬وهي مصالح‬ ‫ستكون متبادلة‪ .‬بالنسبة ألفريقيا كذلك سيكون‬ ‫التعاون موجودا ومنفتحا‪ ،‬ولكن بسياسة رصينة‬ ‫وبخطط واستراتيجية‪ ،‬وليس بشنط من الدوالرات‬ ‫لكي تعطى لهذا الوزير‪ ،‬أو لهذا الرئيس جللب‬ ‫الوالءات للقذافي‪ .‬فاملساعدات ينبغي أن تكون‬

‫مدروسة‪ .‬وهذه اخلطة العامة للدولة‪ .‬فنحن نسير‬ ‫ببطء ولكن هناك دقة في كل شيء‪.‬‬ ‫* وماذا عن جمعية الدعوة اإلسالمية وبرامجها‪.‬‬ ‫ـ ال أدري‪ .‬جمعية الدعوة اإلسالمية يدرس‬ ‫موضوعها وال أعلم كيف سينتهي‪ .‬وفي املاضي‬ ‫كانت هذه اجلمعية عبارة عن غطاء لكثير من‬ ‫النشاط اخملابراتي‪ ،‬ولكثير من الفساد واألموال‪ ،‬هذا‬ ‫سيتوقف‪ .‬لكن كيف ستدار‪ ،‬فال أدري؟! أما املدارس‬ ‫واملستشفيات واملؤسسات األخرى‪ ،‬فإن موضوعها‬ ‫حتت الدراسة‪.‬‬ ‫* يقال بأن هناك أكثر من نصف مليون ليبي في‬ ‫تونس‪ ،‬وفنادق تونس ومستشفياتها ومصحاتها‬ ‫تطالب احلكومة الليبية باإلسراع في إجراءات‬ ‫صرف مستحقاتها‪ ،‬ولكن ما زال الكثير منها لم‬ ‫يسدد بعد؟‬ ‫ـ هذا الرقم مبالغ فيه‪ .‬وحتى أثناء األزمة لم يصل‬ ‫الرقم إلى هذا احلد‪ .‬بعض التقديرات تقول إن‬ ‫هناك ‪ 300‬ألف وبعضها تقول بأنهم بلغوا نصف‬ ‫املليون‪ ،‬ولكن هذا كان أثناء األزمة‪ .‬كان سكان‬ ‫اجلبل الغربي كلهم في تونس‪ ،‬واآلن كلهم رجعوا‪.‬‬ ‫كما رجع الذين غادروا طرابلس واملدن األخرى‪ .‬ولكن‬ ‫مازالوا هناك أعداد من اجلرحى‪ ،‬ورمبا هناك أناس من‬ ‫الذين كانوا موالني للقذافي ولديهم املال ويعيشون‬ ‫هناك‪ .‬ولكن إذا كانت هناك حقوق مثبتة وموثقة ال‬ ‫بد أن تدفع لتونس‪ .‬وال أظن أن هذا سيكون موضع‬ ‫خالف‪ .‬واآلن السيولة متوفرة في هذا القطاع‪،‬‬ ‫إال أن مسألة التدقيق فيها سيكون أمرا صعبا‪،‬‬ ‫ذلك أن البلدين ميران مبرحلة انتقالية‪ .‬إال أن أكثر‬ ‫املشاكل يختلقها الناس بسوء تصرف‪.‬‬ ‫أزمة كتابة‬ ‫* في أي أنواع الكتابة جتد نفسك؟‬ ‫ـ تستطيع أن تقول أن اإلطار األساسي لكتاباتي‬ ‫أسميه اإلطار االجتماعي السياسي‪ ،‬وأتطرق إلى‬ ‫األبعاد التاريخية والفكرية بصورة عامة‪ ،‬ولكن أرى‬ ‫بأن الفكر االجتماعي السياسي‪ ،‬هو احملور األساسي‬ ‫الذي له عالقة باجملتمع‪ ،‬وعالقة اجملتمع بالدولة‪،‬‬ ‫وعالقة املنظمات واملؤسسات بها‪ ،‬ولذلك كتبت‬ ‫السالح في كل مكان‬

‫أزمة السالح‬ ‫* كيف ستعاجلون أزمة السالح املنتشر في‬ ‫ليبيا قبل فوات األوان؟‬ ‫ـ أوال العالج سيكون على مراحل‪ .‬وسينضم عدد‬ ‫كبير من الشباب إلى وزارتي الداخلية والدفاع‪.‬‬ ‫وأن يختار عدد منهم البتعاثه للدراسة باخلارج‪،‬‬ ‫أو للتدريب في الداخل واخلارج‪ .‬وإعطاء مرتبات‬ ‫للشباب‪ .‬كما أن هناك فكرة أخرى تتمثل في إغراء‬ ‫من لديه سالح بأن يبيعه بثمن مغر‪ ،‬كما حصل في‬ ‫جتارب سابقة مثل لبنان‪ .‬ستستغرق هذه العملية‬ ‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫‪41‬‬


‫قال السفير الليبي في لندن محمود الناكوع «إن جمعية الدعوة اإلسالمية التي أنشأها القذافي في أواخر السبعينات من‬ ‫القرن املاضي كانت وكرا للمخابرات‪ ،‬وغطاء لكثير من النشاط اخملابراتي‪ ،‬ولكثير من الفساد واألموال»‪ .‬وأوضح في حوار مع‬ ‫«اجمللة» «أنه في عصر القذافي كانت هناك عصابات أو مجموعات تستحوذ على عقود املقاوالت‪ ،‬وتبرم صفقات مع شركات‬ ‫في اخلارج ومؤسسات متنوعة‪ ،‬سواء ما كان منها تعليميا أو أمنيا أو نفطيا‪ ،‬في وقت كانت فيه مؤسسات البالد من‬ ‫مستشفيات ومدارس مهملة بشكل كبير‪ ،‬وما يسمى بالبنية التحية محطمة ومتداعية»‪ .‬وأكد «أن الشباب اآلن يتطلع‬ ‫إلى جتربة أخرى مختلفة‪ ،‬وعدالة توزيع الثروة في البالد وإعمارها»‪.‬‬

‫السفير الليبي في لندن محمود الناكوع‪ :‬جتاوزنا مرحلة اخلطر‬

‫دميقراطية البارود‬

‫وأبدى الناكوع مجددا تفاؤله من األوضاع األمنية‬ ‫في ليبيا‪ ،‬وأكد «أن كل هذه املظاهر التي نراها على‬ ‫أنها فوضى ستنتهي في وجود الدولة‪ ،‬وستنتخب‬ ‫حكومة بطريقة شرعية جيدة ومنظمة‪.‬‬ ‫وسيكون االمتحان القادم بعد ستة شهور هو‬ ‫أكبر امتحان لليبيني»‪ .‬وعما إذا كانت هناك حلول‬ ‫عملية للحد من املظاهر املسلحة في البلد‪ ،‬قال‬ ‫«إن العالج سيكون على مراحل‪ .‬وسينضم عدد‬ ‫كبير من الشباب إلى وزارتي الداخلية والدفاع‪ .‬وأن‬ ‫يختار عدد منهم البتعاثه للدراسة‪ ،‬أو للتدريب‬ ‫في الداخل واخلارج‪ .‬وصرف مرتبات لهم‪ .‬كما أن‬ ‫هناك فكرة أخرى تتمثل في إغراء من لديه سالح‬ ‫بأن يبيعه بثمن مغر‪ ،‬كما حصل في جتارب سابقة‬ ‫مثل لبنان»‪.‬‬ ‫وحول القالقل التي قد حتدثها بعض التركيبات‬ ‫العرقية في ليبيا في ظل غياب سيطرة الدولة‪،‬‬ ‫أوضح «أن هذه التركيبات نسبتها صغيرة جدا‪،‬‬ ‫وكلها أبدت الوالء للوطن‪ ،‬ولكنها تريد أن تتمتع‬ ‫بنوع من احلرية‪ .‬وان تتمكن من استخدام لغتها‪،‬‬ ‫وتسمي أبناءها مبا تشاء‪ .‬لقد دخل القذافي‬ ‫معهم في صراع ومنعهم من استخدام لغتهم‬ ‫والتصرف في تسمية أوالدهم‪ .‬وطمس ثقافتهم‪،‬‬ ‫واستفزهم‪ .‬وال نخشى أي خطر من هذا اجلانب‪،‬‬ ‫فليبيا جتاوزت مرحلة اخلطر»‪.‬‬

‫وتناول الناكوع بداية الصراع السياسي والثقافي‬ ‫في ليبيا فأشار إلى «أنه كانت هناك بعض هذه‬ ‫التيارات التي ترى ضرورة االستفادة من الغرب‪،‬‬ ‫وليس هناك في العالم العربي ما يفيدنا‪ .‬بينما رأت‬ ‫أخرى أن هذا ليس ممكنا‪ ،‬فالغرب كان مستعمرا وال‬ ‫ميكن االستفادة منه‪ ،‬فكان هناك نوع من الصراع»‪.‬‬ ‫كما حتدث الناكوع عن الكتابة وضوابطها والكتاب‬ ‫وهمومهم في ظل الهزة التي أحدثتها ثورة‬ ‫املعلومات في هذا اجملال‪ ،‬وأدخلت إلى هذا العالم‬ ‫كل من هب ودب من أناس يكتبون أكثر مما يقرؤون‪.‬‬ ‫وشدد على صقل الكتابة قبل نشرها‪ ،‬وتقدميها‬ ‫للقارئ‪ ،‬وأنه ينبغي على الكتاب أن يقدموا مادة‬ ‫‪40‬‬

‫مفيدة وجيدة‪.‬‬ ‫وتطرق إلى النخب في الوطن العربي وقال «إننا‬ ‫نأمل من النخب أن تكون في مستوى ما تريده‬ ‫الشعوب وتعمل على بناء دول دستورية تسودها‬ ‫الشفافية‪ ،‬وأننا ال نستطيع أن نبني هذا من دون‬ ‫النخب»‪.‬‬ ‫وفي ما يلي نص احلوار‪:‬‬ ‫صراع سياسي وثقافي‬ ‫* حتدثت عن مالمح الصراع السياسي والثقافي‬ ‫في ليبيا احلديثة‪ ..‬هل تقصد صدام الثقافات أو‬ ‫صدام السياسيني واملثقفني مع بعضهم بعضا؟‬

‫ـ نعم‪ .‬الثقافي والسياسي‪ .‬أوال نبدأ باجلانب‬ ‫الثقافي‪ ،‬فليبيا عندما مرت مبرحلة االستعمار‬ ‫اإليطالي‪ ،‬وحاولت إيطاليا أن تنشر الثقافة‬ ‫اإليطالية أو اللغة اإليطالية‪ ،‬أصبح هناك نوع‬ ‫من الصراع بني هذا الغازي وما يريده من تغيير‬ ‫في اجملتمع‪ ،‬وبني الناس الذين يدينون باإلسالم‬ ‫ويتمسكون بلغتهم العربية‪ .‬هنا يقع الصراع‪،‬‬ ‫فاحملتل اإليطالي أراد أن يعلم الشباب اللغة‬ ‫اإليطالية على حساب العربية‪ ،‬لكن هذا لم يحدث‬ ‫نظرا لرفض الناس هذا األمر‪ .‬ثم جاءت مرحلة‬ ‫االستقالل‪ ،‬حيث شهدت بداية لبعض التيارات‬ ‫السياسية بعضها وطنية وبعضها عروبية‪ .‬وكانت‬ ‫بعض هذه التيارات ترى ضرورة االستفادة من الغرب‪،‬‬


‫على رأس املال السوقي اجملمع في املنطقة عند ‪879‬‬ ‫مليار دوالر‪.‬‬ ‫من غير املرجح أن وضع االقتصاد العاملي سيتحسن‬ ‫في املستقبل القريب‪ ،‬ناهيك عن استقرار احلكومات‬ ‫االنتقالية في الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ .‬وإذا‬ ‫لم تستطع أسواق املال في العالم العربي التغلب‬ ‫على هذه الضغوط اآلن‪ ،‬يبدو أن السوق املالية‬ ‫السعودية ستمثل لها األمل املتبقي‪.‬‬ ‫تعمل السعودية في الوقت احلالي على تنفيذ‬ ‫حزمة من اإلصالحات املهمة لسوق املال‪ ،‬من‬ ‫أجل إضافة قوة إلى الزخم احلالي‪ .‬وعلى وجه‬ ‫التحديد‪ ،‬أعلنت اململكة عن خطط تسمح‬ ‫للشركات األجنبية بإدراج أوراقها املالية في‬ ‫سوق املال السعودية‪ ،‬في خطوة جتعل السوق‬ ‫املالية السعودية تقترب من االنفتاح الكامل أمام‬ ‫االستثمار األجنبي املباشر ألول مرة‪ .‬وكما أوضح‬ ‫تقرير نشرته «فايننشال تاميز»‪« :‬سيسمح‬ ‫للشركات األجنبية التي أدرجت أوراقها املالية‬ ‫في أسواق املال األخرى املنظمة‪ ،‬بالتقدم بطلبات‬

‫انتعاش في السوق السعودية‬ ‫تسجيل في قوائم السوق السعودية‪ ،‬ما دامت‬ ‫قواعد التشريع األجنبي تعادل على األقل تلك‬ ‫السارية في اململكة»‪.‬‬ ‫فرص اقتصادية‬ ‫تبلغ القيمة السوقية لبورصة (تداول) السعودية‬ ‫‪ 341‬مليار دوالر‪ .‬وحتى تاريخه‪ ،‬تغلق عملية تداول‬ ‫األسهم أمام املستثمرين األجانب‪ ،‬على الرغم من‬ ‫قدرة الشركات األجنبية على شراء أسهم من خالل‬ ‫مقايضات معقدة‪ .‬وفي حني صرح الرئيس التنفيذي‬ ‫لسوق املال السعودية عبد اهلل السويلمي بعدم‬ ‫وجود جدول زمني محدد من أجل فتح السوق‪ ،‬إال‬ ‫أن التغييرات املقبلة قد توفر عددا من الفرص‬ ‫االقتصادية في البالد واملنطقة بأسرها‪.‬‬ ‫تعد البورصة السعودية أكبر سوق لألوراق املالية في‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬حيث تبلغ قيمة رأسمالها السوقي‬ ‫أكبر من ضعفي قيمة رأس املال السوقي للبورصة‬ ‫الكويتية التي حتتل املرتبة الثانية‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من النجاح احلالي الذي حققته السوق السعودية‪،‬‬ ‫فإنها منذ افتتاحها كان عليها أن تواجه عددا من‬ ‫التحديات التي ظهرت من خالل االنفتاح التدريجي‬ ‫للنظام‪.‬‬ ‫ترجع أصول سوق املال السعودية إلى تأسيس‬ ‫جلنة وزارية عام ‪ 1984‬من أجل تنظيم سوق‬ ‫األوراق املالية في اململكة‪ .‬ولكن في عام ‪،2003‬‬ ‫اتخذت أول خطوة كبرى نحو إنشاء بورصة‬ ‫رسمية‪ ،‬عندما أنشأت اململكة هيئة السوق‬ ‫املالية كجهة تنظيم لسوق املال‪ .‬وفيما بني‬ ‫عامي ‪ 2003‬و‪ ،2007‬شهدت السوق منوا‬ ‫سريعا‪ .‬وفي نهاية هذه الفترة‪ ،‬أصبحت السوق‬ ‫املالية واحدة من أكبر أسواق املال في االقتصادات‬ ‫الناشئة‪ .‬ولكن‪ ،‬مع بداية األزمة املالية العاملية‪،‬‬ ‫مرت «تداول» بهبوط حاد وما زالت تتعافى من‬ ‫اخلسائر التي حلقت بها‪.‬‬

‫تداوالت غطت على خسائر بقية األسوق اخلليجية‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫في أثناء تلك الفترة‪ ،‬حتولت السوق املالية من‬ ‫مؤسسة ذات ملكية متبادلة إلى شركة مساهمة‪.‬‬ ‫ومن أجل احلد من اخلسائر في االستثمارات املقامة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬نفذت هيئة السوق املالية إجراءات‬ ‫تشجع على إقامة مزيد من االستثمارات األجنبية‬ ‫في سوق األوراق املالية السعودية‪ .‬وفي هذا اإلطار‬ ‫أصدرت هيئة السوق املالية قواعد كانت جديدة في‬ ‫ذلك احلني تسمح للمستثمرين األجانب غير املقيمني‬ ‫بالدخول في صفقات مقايضة مع وسطاء سعوديني‪،‬‬ ‫مما يشكل صورة غير مباشرة مللكية أوراق مالية‬

‫سعودية‪.‬‬ ‫رمبا يضيف قرار السعودية األخير بالسماح للشركات‬ ‫األجنبية بإدراج أوراقها املالية على قوائم أكبر‬ ‫بورصة في العالم العربي إلى النجاحات األولى التي‬ ‫حققتها إصالحات هيئة السوق املالية‪ .‬من خالل‬ ‫السماح لألجانب باملشاركة بصورة مباشرة في‬ ‫سوق املال‪ ،‬توفر اململكة األوضاع املالئمة للمساعدة‬ ‫على جذب سوق األسهم في املنطقة للمستثمرين‬ ‫وزيادة حجم التبادل التجاري‪.‬‬ ‫سوق مالية إقليمية‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬ال تندرج سوق املال السعودية‬ ‫حاليا في مؤشرات مورغان ستانلي كابيتال‬ ‫إنترناشيونال التي تغطي األسواق الناشئة‪ ،‬وهي‬ ‫األداة التي يستخدمها مديرو الصناديق كمؤشر‬ ‫رئيسي على أدائهم‪ .‬ووفقا ملوضوع صدر مؤخرا‬ ‫عن شبكة «بلومبرغ»‪« :‬تتابع مؤشرات مورغان‬ ‫ستانلي كابيتال إنترناشيونال الصناديق التي تشرف‬ ‫على أرصدة تبلغ قيمتها ثالثة تريليونات دوالر‪ ،‬لذلك‬ ‫من املمكن أن يزيد الترويج للسوق الناشئة عبر‬ ‫هذه املؤشرات من حجم االستثمارات‪ .‬ورمبا ميهد‬ ‫االنضمام إلى هذه املؤشرات الطريق أمام الترقي‬ ‫بالنسبة للسوق الناشئة»‪ .‬إذا حدث ذلك‪ ،‬من‬ ‫املمكن أن يقيد محررو األوراق املالية في جميع أنحاء‬ ‫اخلليج في بورصة السعودية مما يجذب مزيدا من‬ ‫السيولة والتقديرات‪ ،‬وميهد الساحة للسعودية بأن‬ ‫تصبح مقرا لسوق مالية إقليمية‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ستسمح القواعد اجلديدة‬ ‫للشركات التي تقيم أعماال موسعة في السعودية‬ ‫بدخول أسواق رأس املال السعودية من خالل‬ ‫التسجيل املزدوج‪ .‬ووفقا لتصريحات علي خان‪،‬‬ ‫مدير مبيعات األسهم في الشرق األوسط وشمال‬ ‫أفريقيا في «رويال بانك أوف اسكتلند غروب» من‬ ‫مقره في لندن‪« ،‬سيقدم ذلك ديناميكية مهمة‬ ‫للمستثمرين وسيوفر للشركات مصدرا إضافيا‬ ‫للتمويل»‪ .‬وفي حديثه إلى شبكة «بلومبرغ»‪ ،‬ذهب‬ ‫خان إلى القول إن «هيئة السوق املالية السعودية‬ ‫ستستمر في تقدمي مجموعة من اإلجراءات لفتح‬ ‫األسواق تدريجيا‪ ،‬مما يعزز من أهمية (تداول) في‬ ‫املنطقة»‪ .‬وبالفعل إذا أدارت السعودية عملية‬ ‫إصالح سوقها املالية بحرص‪ ،‬قد حتقق فرصة‬ ‫مذهلة بالنمو في املستقبل‪ ،‬وتتبوأ مكانتها كقوة‬ ‫اقتصادية في املنطقة‪.‬‬

‫بوال ميجيا‬

‫‪39‬‬


‫سوق األوراق املالية السعودية‪..‬‬ ‫نحو االستثمار األجنبي املباشر!‬

‫قوة دافعة‬

‫حققت سوق األوراق املالية السعودية أرباحا بلغت نحو ‪ 12‬مليار دوالر‪ ،‬من رأس املال السوقي في األسابيع األولى من شهر يناير (كانون‬ ‫الثاني)‪ ،‬في تعويض للخسائر اجملمعة التي تكبدتها جميع أسواق املال العربية األخرى‪ ،‬لتحافظ على رأس املال السوقي للمنطقة عند ‪879‬‬ ‫مليار دوالر‪ .‬وبناء على هذه القوة الدافعة‪ ،‬ترغب السعودية في الوقت احلالي في فتح سوق املال لديها أمام االستثمار األجنبي املباشر ألول مرة‪.‬‬ ‫بوال ميجيا‬ ‫كان العام املالي صعبا على أسواق املال في الدول‬ ‫اخلليجية‪ .‬فقد كبدها ضغط الثورات التي اجتاحت‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬باإلضافة إلى أزمة الديون األوروبية‬ ‫املتفاقمة خسائر كبيرة‪ .‬وشهدت دبي على وجه‬ ‫التحديد أضعف أداء في سوق املال في املنطقة‪ ،‬حيث‬

‫‪38‬‬

‫انخفض مؤشرها الرئيسي إلى سادس انخفاض له‬ ‫عام ‪.2011‬‬ ‫ولكن على الرغم من هذه الضغوط والتوقعات بأن‬ ‫أسواق املال العربية‪ ،‬فيما عدا السعودية‪ ،‬في عام‬

‫‪ 2012‬ستستمر في اجتاه الهبوط‪ ،‬حققت البورصة‬ ‫السعودية (تداول) مكاسب بلغت نحو ‪ 12‬مليار‬ ‫دوالر في رأس املال السوقي أثناء األسابيع األولى من‬ ‫شهر يناير‪ .‬وكان هذا االرتفاع كبيرا لدرجة تعويضه‬ ‫خلسائر جميع أسواق املال العربية األخرى‪ ،‬وحفاظه‬


‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫‪37‬‬


‫عجز موازنة‬ ‫بالعودة الى "مهد الثورات"‪ ..‬يبلغ حجم االقتصاد‬ ‫التونسي ‪ 44.29‬مليار دوالر‪ ،‬وتبلغ نسبة البطالة‬ ‫‪ 13‬في املائة‪ ،‬وتشير البيانات األولية إلى أن االقتصاد‬ ‫التونسي منا في حدود ‪ 0.2‬في املائة في بداية العام‬ ‫‪ 2011‬مع اندالع الثورة‪ ،‬وبلغت احتياطات البنك‬ ‫املركزي التونسي ‪ 9‬مليارات دوالر‪ ،‬في حني بلغت‬ ‫نسبة الديون إلى الناجت احمللي االجمالي ‪ 39‬في املائة‬ ‫بنهاية ‪ 2010‬مقارنة مع ‪ 55.6‬في ‪.2003‬‬ ‫قبل سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي‪ ،‬كان‬ ‫متوقّعا ً أن يصل النمو االقتصادي في تونس لعام‬ ‫‪ 2011‬إلى ‪ 5.4‬في املائة‪ ،‬وأال يتجاوز العجز في‬ ‫املوازنة ‪ 2.5‬في املائة من الناجت احمللي االجمالي‪ ،‬وأن‬ ‫تظل نسبة الدين العام دون ‪ 40‬في املائة‪.‬‬ ‫تعد أكبر‬ ‫منذ اندالع الثورة تراجعت السياحة التي ّ‬ ‫مزوّد للنقد االجنبي في تونس بنسبة بلغت ‪ 50‬في‬ ‫املائة‪ ،‬وتقلصت االستثمارات األجنبية حوالى ‪ 20‬في‬ ‫املائة‪ ،‬وأغلقت العديد من املصانع أبوابها‪ ،‬مما ساهم‬ ‫في زيادة عجز املوازنة‪ ،‬وتخفيض التصنيف السيادي‬ ‫وارتفاع كلفة احلصول على قروض‪ ،‬إلى جانب االثار‬ ‫اجلانبية للثورة الليبية وتداعيات أزمة اليورو‪.‬‬ ‫وبعد االطاحة بالرئيس بن علي منذ أكثر من عام‪،‬‬ ‫فقد الدينار التونسي قيمته‪ ،‬وقال محافظ البنك‬ ‫املركزي مصطفى كمال النابلي في مقابلة على‬ ‫هامش املنتدى االقتصادي في دافوس بسويسرا‪ ،‬في‬ ‫‪ 27‬يناير املاضي أن عجز ميزان املدفوعات بلغ نحو ‪7‬‬ ‫في املائة‪ ،‬وتراجع الناجت االقتصادي نحو ‪ 3.9‬في املائة‪.‬‬ ‫تراجع االحتياطيات‬ ‫في ليبيا قال صندوق النقد الدولي انه منذ اكتوبر‬ ‫"تشرين األول" املاضي فقد الدينار ‪ 20‬في املائة من‬ ‫قيمته مقابل الدوالر بسبب عدم قدرة البنك املركزي‬ ‫احلصول على العمالت االجنبية بسبب توقف تصدير‬ ‫النفط‪.‬‬ ‫وكان املركزي الليبي يقدر االحتياطيات األجنبية في‬ ‫مارس "آذار" املاضي مبا يقرب من ‪ 130‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫بينما أشارت تقارير في ذلك الوقت إلى أن نظام‬ ‫القذافي لديه ما قد يصل إلى ‪ 110‬مليارات دوالر‪،‬‬ ‫متكنه من التواصل في القتال من دون االعتماد على‬ ‫تسويق النفط الليبي لعدة أشهر نظرا للعقوبات‬ ‫املفروضة عليه‪ ،‬لكن نظام القذافي جلأ إلى بيع ما‬ ‫يقرب من خمس احتياطي الدولة من الذهب ليتمكن‬ ‫من اإلنفاق على احلرب للبقاء في احلكم‪.‬‬ ‫وشكل سقوط نظام القذافي فرصة تاريخية لبناء‬ ‫االقتصاد الليبي على دعائم صلبة تتسق واالمكانيات‬ ‫الطبيعية وحتقيق تنمية حقيقية‪ ،‬بخاصة وأنه منذ‬ ‫عام ‪ 1969‬عانت ليبيا من املركزية املفرطة للسلطة‬ ‫ومن غياب الشفافية في إدارة عائدات النفط‪.‬‬ ‫ووضع الصندوق الدولي رجوع اإلنتاج النفطي شرطا‬ ‫أساسيا إلعادة بناء البالد وإنعاش اقتصادها بعد‬ ‫حرب أهلية استمرت ثمانية أشهر‪ ،‬لكنه حذر من‬ ‫أن األوضاع املالية مازالت متذبذبة‪ ،‬وتوقع الصندوق‬

‫‪36‬‬

‫تعافي النشاط االقتصادي الليبي بعد عودة االستقرار‬ ‫املفقود مع زيادة إنتاج النفط وانحسار أزمة السيولة‬ ‫التي تعاني منها احلكومة في الفترة الراهنة‪.‬‬

‫األميركية في عام ‪ 2008‬والتي أدت إلى تراجع‬ ‫الكثير من املؤسسات املالية عن تقدمي التسهيالت‬ ‫االئتمانية خوفا ً من حتقيق خسائر إضافية‪.‬‬

‫ورسم التقرير صورة قامتة عن االقتصاد الليبي وقال إن‬ ‫"الناجت احمللي االجمالي انكمش بنسبة كبيرة بلغت‬ ‫‪ 60‬في املائة في عام ‪ 2011‬مع تراجع انتاج النفط‬ ‫اخلام الى ‪ 22‬ألف برميل يوميا في يوليو "متوز" ‪2011‬‬ ‫من ‪ 1.77‬مليون برميل يوميا في ‪ ،"2010‬وهذا أثر‬ ‫بقوة على اإلقتصاد الليبي العتماده بصورة اساسية‬ ‫على ايراداته النفطية لسد التزاماته‪.‬‬

‫هذه السياسة اثرت على أداء االقتصاد األميركي‬ ‫بشكل مباشر‪ ،‬ومن ثم اضطر البنك الفيدرالي‬ ‫إلى خفض أسعار الفائدة على الدوالر ما تسبب‬ ‫في تهاوي قيمته‪ ،‬اضافة إلى أن الدوالر الضعيف‬ ‫في مقابل العمالت األخرى سيفتح مجاال ً أكبر‬ ‫للصادرات األميركية لتدخل األسواق العاملية بسبب‬ ‫انخفاض سعرها املقوم بالدوالر‪ ،‬وبالتالي ما حدث‬ ‫في دول الربيع العربي هو تراجع عمالتها احمللية أمام‬ ‫الدوالر وهذا ال يؤدي إلى ارتفاع العملة االميركية أمام‬ ‫العمالت االخرى‪.‬‬

‫وما يزيد من األزمة االقتصادية لدول الربيع العربي‬ ‫في السنوات املقبلة التوقعات بتعمق أزمة الديون‬ ‫االوروبية‪ ،‬وأزمة االقتصاد األميركي ما ينعكس سلبا ً‬ ‫على اقتصادياتها نظرا ً لتراجع االنتاج احمللي‪ ،‬وحركة‬ ‫السياحة وتعقيد آليات احلصول على مساعدات‬ ‫وقروض‪.‬‬ ‫وحول فرضية انقاذ الدوالر بسبب الربيع العربي يقول‬ ‫مختصون في مجال االقتصاد أن ذلك غير صحيح‬ ‫الن عمالت الدول التي تاثرت بالتغيرات السياسية‬ ‫تراجعت عمالتها احمللية أمام الدوالر‪ ،‬وال يعد ذلك في‬ ‫صالح الدوالر املتهاوي‪.‬‬ ‫خسائر اضافية‬ ‫يرى كثير من اخلبراء االقتصاديني أن الدوالر تأثر‬ ‫بالسياسة األميركية‪ ،‬حيث مت توجيه سياسة‬ ‫البنك الفيدرالي النقدية ليس حلماية الدوالر وامنا‬ ‫لتنشيط االقتصاد األميركي وحمايته من التعرض‬ ‫لركود محتم بخاصة بعد أزمة القروض في السوق‬

‫ويرى خبراء أن اقتصاديات دول الربيع العربي تتأثر‬ ‫باألزمة العاملية ومن ضمنها الدوالر الضعيف‪ ،‬ففي‬ ‫احلظة احلالية فإن الدوالر كقيمة لم يتأثر سلبا أو‬ ‫ايجابا مبا حدث‪ ،‬الن سعر صرف الدوالر في مصر عام‬ ‫‪ 2010‬وصل إلى ‪ 6.5‬في املائة‪ ،‬وحاليا وصل سعره‬ ‫نحو ‪ 6.1‬في املائة‪.‬‬ ‫عودة الدوالر إلى سابق مجده هي عملية صعبة نظرا‬ ‫الن ذلك يتطلب معاجلة العجز التجاري األميركي‬ ‫القياسي‪ ،‬وعجز املوازنة‪ ،‬اضافة إلى ضرورة رفع سعر‬ ‫الفائدة على الدوالر إلى مستوى ‪ 0.6‬تقريباً‪ ،‬وهذا‬ ‫مستحيل في الوقت الراهن لتداعياته على االقتصاد‬ ‫األميركي والعاملي‪.‬‬ ‫احملرّر االقتصادي‬


‫مؤشر األسعار عند االستهالك العائلي في تونس‬ ‫إلى مستوى ‪ 5.7‬في املائة منذ بداية العام احلالي‬ ‫وهو ما يعد أعلى مستوى الرتفاع األسعار منذ ‪6‬‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫ووفقا ً ملا أوردته وكالة األنباء السعودية "واس"‪ ،‬فقد‬ ‫ارتفعت أسعار املواد الغذائية بنسبة ‪ 9‬في املائة‬ ‫والطاقة بـ ‪ 8.1‬في املائة والنقل بنسبة ‪ 4.7‬في‬ ‫املائة فيما سجلت منتجات املالبس ‪ 3‬في املائة وهي‬ ‫أقل نسبة ارتفاع خالل يناير املاضى‪.‬‬ ‫وارتفع مؤشر كلفة أشغال صيانة و ترميم املنازل‬ ‫بنسبة ‪ 6.6‬في املائة (إلى ‪ 14.9‬في املائة) كما‬ ‫ارتفعت أسعار اإليجار في تونس إلى موفى شهر أوت‬ ‫الفارط بنسبة ‪ 4.6‬في املائة‪.‬‬ ‫ويرجع مراقبون هذا النسب الى ارتفاع أسعار مواد‬ ‫البناء وتزايد الطلب على البناء وتراجع العرض بفعل‬ ‫االعتصامات التي أثرت على نسق إنتاج اإلسمنت‬ ‫وازدهار السوق السوداء واملتاجرة مبواد البناء خاصة‬ ‫عالوة على تنامي ظاهرة البناء الفوضوي وانعدام‬ ‫رخص البناء (سعر اإلسمنت قفز من ‪ 5.8‬دنانير‬ ‫العام املاضي إلى حوالي ‪ 12‬دينارا للكيس الواحد‬ ‫حاليا ‪ 4.3 -‬دوالرات إلى ‪ 8.8‬دوالرات)‪.‬‬ ‫خسائر باجلملة‬ ‫بعد عام من االحتجاجات الشعبية التي انطلقت‬ ‫شرارتها من تونس لتشمل مصر وليبيا مرورا‬ ‫باليمن وسوريا وأطاحت بحكام اربعة منها‪ ،‬فشلت‬ ‫التحوالت السياسية في معاجلة الضائقة االقتصادية‬ ‫التي تعيشها تلك البلدان‪.‬‬ ‫البعض وأمام حتول الثورات الى "ثورات مفلسة" تنتظر‬ ‫املعونة اخلارجية وأمام األزمة االقتصادية العاملية التي‬ ‫تهدد اقتصادات كبيرة في أوروبا لم يصلها "حريق‬ ‫البوعزيزي"‪ ،‬طرح تساؤال حول دور األحداث السياسية‬ ‫في بلدان "الربيع العربي" في دعم الدوالر األميركي‪.‬‬ ‫هل فعال‪ ،‬ساهمت "الثورات العربية" في انقاذ‬ ‫العملة األميركية وعودة االستقرار لالسواق العاملية‬ ‫املضطربة اصال بفعل ازمة اليورو؟‪ ..‬تساؤل ليس وقته‬ ‫لكن بالتأكيد يستحق إجابة‪.‬‬

‫احتياطي البالد من العمالت االجنبية بنحو ‪ 50‬في‬ ‫املائة وفقا لبيانات البنك املركزي املصري‪ ،‬رغم انه قلل‬ ‫من مخاطر تراجع تلك االحتياطيات ويزعم انها ال‬ ‫تزال في احلدود اآلمنة‪ ،‬فيما يرى بعض اخلبراء غير‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫يرى "عبد القادر ورسمه غالب" املستشار القانوني‬ ‫ومدير دائرة الشؤون القانونية في بنك البحرين الكويت‬ ‫أن االقتصاد املصري على املدى الطويل يواجه مشكالت‬ ‫حقيقية‪ ،‬نظرا الن مصادر الدخل كلها تعتمد على‬ ‫عوامل خارجية أهمها املعونة األمريكية ومداخيل قناة‬ ‫السويس والغاز والسياحة ومعدالت االستثمار التي‬ ‫تعتمد على دول اخلليج وبعض الدول االوروبية‪.‬‬

‫اختلفت التقديرات في شأن الفاتورة االقتصادية‬ ‫لدول الربيع العربي‪ ،‬وتتراوح اخلسائر حسب دراسات‬ ‫وتصريحات مختلفة ما بني ‪ 75‬و‪ 100‬مليار دوالر حتى‬ ‫بداية العام احلالي‪ ،‬اضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة‬ ‫إلى مستويات قياسية‪.‬‬

‫واشار اخلبير االقتصادي في تصريح لـ"اجمللة" أن هذا‬ ‫التراجع هو نتيجة خلروج األجانب من االستثمار في‬ ‫أذون وسندات اخلزانة املصرية‪ ،‬فضال عن سحب االموال‬ ‫املستثمرة بالبورصة‪ ،‬وايداعها لدى البنوك االجنبية‬ ‫في اخلارج‪.‬‬

‫وأدى الربيع العربي إلى تعطل العديد من املشروعات‬ ‫وانسحاب معظم املستثمرين األجانب‪ ،‬وانخفاض‬ ‫حجم االستثمارات األجنبية في املنطقة العربية‪،‬‬ ‫حسب خبراء مصرفيني بنحو ‪ 83‬في املائة‪ ،‬إلى أقل‬ ‫من ‪ 5‬مليارات دوالر‪ ،‬وذلك لتعطل دورة اإلنتاج في عدد‬ ‫من تلك البلدان‪ ،‬ما أثر في حجم الصادرات‪ ،‬وتراجع‬ ‫السياحة إلى أدنى مستوياتها‪ ،‬وارتفاع البطالة‬ ‫والنقص احلاد في الوارد من العمالت األجنبية‪.‬‬

‫وتوقع ورسمه أن تستمر األزمة االقتصادية ملدة خمس‬ ‫سنوات‪ ،‬وقال‪" :‬الوضع االقتصادي اصبح في مرحلة‬ ‫ضبابية‪ ،‬بخاصة وأن اجلنيه املصري فقد نحو ‪3,8‬‬ ‫في املائة من قيمته منذ اندالع الثورة‪ ،‬ولم يشهد‬ ‫تعافيا وذلك لغياب استراتيجية قصيرة املدى ملعاجلة‬ ‫تداعيات االقتصاد"‪.‬‬

‫تداعيات اقتصادية‬ ‫مصر من أكثر الدول املتضررة‪ ،‬فاالزمة ادت لتراجع‬ ‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫وتقدر القيمة االجمالية لالقتصاد املصري بنحو ‪217‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬العتماده على ‪ 4‬مصادر فقط‪ ،‬لكنه يواجه‬ ‫حتديات ضخمة في مقدمها اتساع رقعة الفقر وزيادة‬ ‫التضخم وارتفاع البطالة التي نحو ‪ 15‬في املائة‪.‬‬

‫ووفقا ملسح اجراه معهد السالم الدولي ومقره‬ ‫نيويورك في سبتمبر "ايلول" املاضي‪ ،‬فان ما يقرب من‬ ‫ثلثي املصريني يرون أن معاجلة االزمة االقتصادية هو‬ ‫التحدي األكبر في البالد‪.‬‬ ‫ويشير التقرير إلى أن املساعدات التي تعهدت بها‬ ‫الدول الغربية لم تصل حتى االن‪ ،‬وقد منت املدخرات‬ ‫بالعمالت األجنبية وسط املواطنيني حتوطا من انهيار‬ ‫اجلنيه املصري‪ ،‬مما ادى الرتفاع تكاليف االقتراض‬ ‫احلكومي‪.‬‬ ‫يذكر أن االقتصاد املصري كان يعاني من تداعيات‬ ‫األزمة املالية العاملية قبل ثورة ‪ 25‬يناير حيث وصل‬ ‫انخفاض معدالت النمو في نهاية ‪ 2010‬نحو ‪4.7‬‬ ‫مقابل ‪ 7.2‬في عام ‪.2009‬‬ ‫وقال تقرير صادر من وزارة التنمية االقتصادية حول‬ ‫مؤشرات العام املالي ‪ 2010 – 2009‬أن القطاعات‬ ‫التي كانت أكثر تأثرا باألزمة هي قناة السويس التي‬ ‫حققت انخفاضا بلغ نحو ‪ 7.2‬مقابل نسبة منو‬ ‫‪ 16‬في املائة عام ‪ ،2008‬تاله قطاع السياحة حيث‬ ‫بلغ معدل نسبته ‪ 3.1‬مقابل ‪ 21‬في املائة‪ ،‬وقطاع‬ ‫الصناعات التحويلية حيث حقق منوا ال يتجاوز ‪،4.2‬‬ ‫في حني انخضفت حتويالت العاملني في اخلارج ما‬ ‫يقرب من مليار دوالر‪.‬‬ ‫واشار التقرير إلى زيادة معدل البطالة إلى ‪9.4‬‬ ‫عام ‪ 2010 – 2009‬مقابل ‪ 8.4‬عام ‪ ،2008‬إال أن‬ ‫التضخم انخفض إلى ‪ 9.4‬خالل نفس العام وبلغ‬ ‫اجمالي الناجت احمللي االجمالي ‪ 1.4‬تريليون جنيه‬ ‫مصري‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫هل أنقذ الربيع العربي الدوالر األمريكي؟‬

‫ثورات مفلسة‬

‫«العم بشير» يستأجر متجرا في حي شعبي بتونس العاصمة يبيع فيه الكتب ولوازم‬ ‫قبل فرار زين العابدين بن علي‪ ،‬كان‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة للتالميذ‪ ..‬وبعض احللوى‪ .‬فجأة وبعد أيام قليلة من رحيل الرئيس‪ ،‬أصبح التونسي «الس ّتيني» بال دخل وال متجر وال‬ ‫تعوضه عن خسائره ومالك العقار‬ ‫مستقبل بعد أن أحرق املتجر في الثورة ففقد كل شيء‪ .‬احلكومات االنتقالية املتعاقبة لم ّ‬ ‫رفض جتديد العقد فأصيب الرجل بأزمة صحية ألزمته الفراش بعد أن عجز عن إصالح ما «أحرقته الثورة» بفعل ارتفاع‬ ‫أسعار االيجار وتكلفة أشغال الصيانة ومواد البناء‪.‬‬

‫أزمة اقتصادية خانقة في تونس‪ ..‬تخفيضات في احملالت التجارية في محاولة النعاش السوق‬

‫"العم بشير"‪ ..‬هي مأساة مئات التونسيني‬ ‫مأساة‬ ‫ّ‬ ‫الذين فقدوا كل شيء بفعل احلرق والنهب والسرقة‬ ‫التي طالت البالد من أقصاها الى أقصاها‪ ،‬بخاصة‬ ‫في األيام القليلة التي أعقبت هروب زين العابدين‬ ‫بن علي من تونس في ‪ 14‬يناير ‪ 2011‬تاركا خلفه‬ ‫الفوضى وغياب األمن وقانون الغاب‪.‬‬ ‫بعد أكثر من سنة على "الثورة"‪ ،‬كثيرون هم الذين‬ ‫مازالوا ينتظرون التعويضات‪ ،‬البعض لم يخسر‬ ‫متجرا صغيرا في حي شعبي فقط بل فقد استثمارت‬ ‫‪34‬‬

‫مبئات آالف الدينارات كانت مصنعا أو معمال للمواد‬ ‫الكهربائية أو املالبس اجلاهزة يشغّل عشرات بل مئات‬ ‫العمال فقدوا جميعهم مصادر رزقهم وانضموا‬ ‫لقافلة العاطلني عن العمل في انتظار حلول وطنية‬ ‫لم تأت ومساعدات دولية لن تأتي‪.‬‬ ‫الى جانب البطالة التي ارتفعت نسبتها بفعل هروب‬ ‫االستثمارت اخلارجية وخوف املستثمر الوطني من‬ ‫"املقامرة" وتواصل االضرابات واالعتصامات فقد‬ ‫شهدت السلع االستهالكية في تونس غالء كبيرا‬

‫أثار سخطا واسعا لدى املواطنني‪.‬‬ ‫بعد سقوط النظام تعلقت آمال التونسيني على‬ ‫حتسن قدرتهم الشرائية‪ ،‬لكنهم فوجئوا بغالء‬ ‫ّ‬ ‫املعيشة فزادت أسعار اخلضر والغالل واملياه املعدنية‬ ‫واللحوم بأنواعها‪ ،‬فيما انتعشت السوق السوداء‬ ‫بسبب اختفاء بعض السلع الغذائية املدعمة من‬ ‫الدولة مثل السكر والزيوت النباتية‪.‬‬ ‫وقد أظهرت بيانات املعهد التونسي لالحصاء ارتفاع‬


‫ويقوم التعايش السلمي في أي بيئة اجتماعية‬ ‫على قاعدة االعتراف املتبادل بحق األفراد في‬ ‫الوجود‪ ،‬ثم حقهم في االختالف مبا يتضمنه ذلك‬ ‫من ملكيتهم لثقافتهم وحقهم في السعي‬ ‫لتطويرها‪ ،‬واحلفاظ عليها مع االحترام املتبادل‬ ‫للعقائد الدينية والسعي لنشرها من دون املساس‬ ‫بحقوق اآلخرين اخملتلفني في الثقافة والدين‬ ‫واللغة‪.‬‬ ‫ولكن التاسع من يوليو املاضي ايضا شكل حتديا ً‬ ‫جديدا ً للسودان‪ ،‬دولة وشعباً‪ ،‬بعدما قال استفتاء‬ ‫تقرير املصير كلمته فانقسم الوطن على نفسه‬ ‫ليصبح دولتني‪.‬‬ ‫“بري أبو حشيش”‪ ،‬أحد أعرق احياء العاصمة‬ ‫السودانية اخلرطوم الذي يحمل اسم مؤسس‬ ‫احلي مرسال أبو حشيش‪ ،‬يوجد آالف االشخاص‬ ‫الذين اصبحوا بال جنسية بعد القرار األخير‪،‬‬ ‫فهؤالء ليس هناك ما يربطهم باجلنوب‪ ،‬بعد أن‬ ‫انسجموا لعقود طويلة في اجملتمع السوداني‬ ‫الشمالي‪.‬‬ ‫فمن هذا احلي خرج عدد من ضباط حركة ثورة‬ ‫“اللواء األبيض” في عام ‪ 1924‬التي قاتلت‬ ‫املستعمر البريطاني في ملحمة بطولية نادرة‪،‬‬ ‫بقيادة البطل “علي عبد اللطيف”‪ ،‬وهو أحد ابناء‬ ‫جنوب السودان‪.‬‬ ‫يقول حفيد أبو حشيش إبراهيم أحمد مرسال‪:‬‬ ‫“إن تعدادهم في هذا احلي يبلغ ‪ 2600‬نسمة‪،‬‬ ‫وجذورهم جميعا من قبائل جنوبية‪ ،‬بل إن مؤسس‬ ‫احلي نفسه ينتمي إلى قبيلة الدينكا وكان‬ ‫موجودا ً منذ الثورة املهدية‪ ،‬وعقب استيالء املهدي‬ ‫على اخلرطوم عينه عمدة على عاصمة الدولة‬ ‫االستعمارية التي اسقطها عام ‪.1885‬‬ ‫ويضيف “نرفض أن تبنى احلقوق والواجبات على‬ ‫أساس عرقي‪ ،‬فالتعديل الذي حدث في القانون‬ ‫أسقط حقنا وصرنا بدون جنسية”‪.‬‬ ‫أما إبراهيم مرحوم فيقول‪“ :‬عميد األسرة عبد‬ ‫اهلل السوداني احد مؤسسي القوات املسلحة‬ ‫السودانية‪ ،‬ومنزله مسجل في سجالت الدولة‬ ‫الرسمية منذ عام ‪ ،1928‬صحيح أن جذوره تنتمي‬ ‫إلى قبيلة جنوبية‪ ،‬ولكن كيف تقول السلطات‬ ‫ألحفاده أنتم جنوبيون‪ ،‬يجب أن تغادروا إلى مجتمع‬ ‫تقطعت عالقتنا به منذ أكثر من مائة عام”‪.‬‬ ‫اختيار البديل‬ ‫وعلى عكس حكومة الشمال التي رفضت بقاء‬ ‫ابناء اجلنوب‪ ،‬منحت جوبا غير ابنائها حرية الوجود‬ ‫والتمتع بهويتها‪ ،‬وعائلة الزبير واحدة من األسر‬ ‫التي فضلت البقاء في االرض التي عاشت فيها‬ ‫ومتتعت بخيراتها وصحبة اهلها‪ .‬ولهذه العائلة‬ ‫الشمالية في عاصمة جنوب السودان شهرة‪،‬‬ ‫بعدما أقامت في مدينة جوبا منذ عشرات األعوام‪،‬‬ ‫وتخالطت باجلنوبيني من شتى القبائل عبر‬ ‫التصاهر والتراحم‪.‬‬

‫يعرفون وطنا ً آخر سواه‪ .‬وبرزوا في السوق االقتصادية للدولة الوليدة‪ ،‬مستفيدين من خبرة جدودهم وآبائهم‬ ‫وعملهم بالتجارة في اجلنوب لعقود طويلة خالل فترات احلرب‪.‬‬ ‫ضمانات ساسة الوطن اجلديد مبنحهم الهوية واألمان‪ ،‬كانت طوق جناة للعديد من األسر الشمالية التي فضلت‬ ‫البقاء وإدارة مصاحلها واعمالها‪.‬‬ ‫تدخل أممي‬ ‫املفوضية العليا لالجئني باألمم املتحدة أبدت تخوفها من ظهور (بدون) في السودان‪ ،‬وقالت إن قطاعات سودانية‬ ‫عريضة‪ ،‬ميكن أن تصبح من دون جنسية ومحرومة من احلقوق األساسية مثل احلصول على وظائف وتعليم‪ ،‬ما لم‬ ‫تضمن اخلرطوم وجوبا منح اجلنسية للمواطنني من البلدين‪.‬‬

‫ويرى خبراء قانونيون أن قرار إسقاط اجلنسية أمر غير دستوري‪ ،‬ويقول اخلبير القانوني السوداني كمال اجلزولي إنه‬ ‫ليس من حق أية جهة إسقاط اجلنسية من إنسان اكتسب اجلنسية بامليالد‪ ،‬إال في حال تنازل الثاني‪ ،‬عوضا ً عن أن‬ ‫قانون اجلنسية السودانية يعترف بازدواجية اجلنسية‪ .‬ويضيف‪“ :‬لكن بحسب الواقع‪ ،‬فالبرملان أسقط اجلنسية‬ ‫عن اجلنوبيني بال استثناء‪ ،‬وفصلوا مبوجب ذلك من دواوين اخلدمة املدنية”‪.‬‬ ‫صحيفة “اإلندبندنت” البريطانية قالت “إن ‪ 800‬ألف سوداني نزحوا من الشمال الى اجلنوب خوفا من العنف في‬ ‫أعقاب االستفتاء”‪ .‬وأشارت الى أن النازحني خاضوا رحلة استغرقت ‪ 17‬يوما ً على طول النيل األبيض من اخلرطوم‬ ‫إلى جوبا عاصمة دولة اجلنوب‪.‬‬ ‫ونقلت الصحيفة عن مصادر األمم املتحدة قولها إن ‪ 75‬ألفا ً من اجلنوبيني املوجودين في الشمال توجهوا إلى‬ ‫اجلنوب على منت قوافل من احلافالت والشاحنات والقوارب في رحلة استغرقت اسابيع‪.‬‬ ‫ثروات مهددة‬

‫وتستدعي فكرة القبول مببدأ التعدد‪ ،‬اإلقرار بحق اجلميع في التعايش السلمي بني جميع اخملتلفني‪ ،‬يضاف إلى ذلك‬ ‫اإلقرار بضرورة استفادة اجلميع من الثروات الطبيعية بعيدا ً عن العنف‪.‬‬

‫بهذا املعنى يعتبر السودان من أغنى الدول العربية واالفريقية بثروته احليوانية‪ ،‬والتي تقدر فيه أعداد احليوانات من‬ ‫(أبقار وأغنام وماعز وإبل) بحوالي ‪ 103‬ماليني رأس‪ ،‬وجند ‪ 90‬في املائة من الثروة احليوانية متلكها قبائل التماس‬ ‫في مناطق جنوب دارفور وجنوب كردفان‪.‬‬ ‫وتعتمد ثروة الشمال من املواشي على مراعي جنوب السودان في فترة الصيف‪ ،‬نظرا لتوفر املياه والنبات‪ ،‬ويقدر‬ ‫عدد الرعاة بنحو مائتي ألف نسمة من الشماليني‪.‬‬ ‫واحلدود التي أفرزها االنفصال متتد ألكثر من ‪ 2500‬كلم‪ ،‬من أقصى الشرق ألقصى الغرب‪ ،‬وهي األطول بني دول‬ ‫القارة االفريقية‪ ،‬وهي الشريط ذاته الذي تتمركز عليه قبائل “البقارة” أو ما يسمى اقليم السافنا الغنية‪ ،‬الذي‬ ‫يتميز بغنى املوارد الطبيعية ويقطن االقليم أكثر من ‪ 9‬ماليني مواطن ميتهنون الرعي والزراعة املوسمية‪.‬‬ ‫هذه الثروة مهددة في الشهور املقبلة‪ ،‬ألن مساراتها الطبيعية اصبحت حدودا لدولة وليدة ذات سيادة‪ ،‬فهل‬ ‫يحمل الرعاة جوازات سفر مع مواشيهم؟ سؤال له ما بعده عندما تبدأ املشاكل مع احلدود وحراس احلدود وتصبح‬ ‫البقرة أهم من سيادة دولة‪.‬‬ ‫انها مأساة وطن لم يحسن ابناؤه ادارة خالفاتهم‪ ،‬بعد أن خسروا ربع مساحته‪ ،‬وخمس سكانه‪ ،‬وسبعني في املائة‬ ‫من موارد موازنته‪ ،‬وخمس انتاجه احمللي االجمالي‪ ،‬وتكاد احلرب تشتعل في أركانه‪ ،‬ثم يقف متفرجا ً ال يرى في ذلك‬ ‫كله مدعاة لوقفة حاسمة وصادقة مع نفسه‪ ،‬ونقد ذاتي ومراجعة عميقة‪ ،‬ألن ال احد من اجلانبني اللذين انتجا‬ ‫هذا الواقع املرير مستعد لتحمل املسؤولية‪.‬‬ ‫كمال سر اخلتم‬ ‫تهجير قسري نحو اجلنوب‬

‫وحسم آل الزبير خيارهم حتى قبل إجراء‬ ‫االستفتاء‪ ،‬وأعلنوا البقاء في اجلنوب‪ ،‬ألنهم ال‬ ‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫‪33‬‬


‫ولدت في اخلرطوم ودرست فيها وتزوجت ابن اجليران‪ ،‬الذي لم تعرف غيره‪ ،‬أيضا في اخلرطوم‪ .‬بعد‬ ‫‪12‬سنة من زواج سعيد و‪ 3‬أطفال طلّقها في األسبوع الذي تال اعالن انفصال جنوب السودان عن‬ ‫شماله‪ .‬الزوج “الشمالي” لم يكتشف جذور زوجته “اجلنوبية” إال يوم أن أصبحت للحب حدود‪،‬‬ ‫وتأشيرة وجواز سفر‪.‬‬

‫كارثة إنسانية في السودان‪ ..‬انفصل اجلنوب فانتقم الشمال!‬

‫مأساة حليمة‬

‫بني أروقة وزارة الداخلية للبحث عن مخرج قانوني‬ ‫بعد أن طلقها زوجها ما قد يحرمها من رؤية‬ ‫أطفالها‪ .‬وحسب القانون اجلديد وبعد طالقها فال‬ ‫حقوق لها حتى في حضانة أوالدها فهي مطالبة‬ ‫مبغادرة أرض الشمال أو احلصول على اقامة لم‬ ‫يتم حتديد اطرها القانونية بعد‪ ..‬هي اآلن مواطنة‬ ‫دولة أجنبية وعليها الرحيل‪ ،‬إلى غير رجعة‪.‬‬ ‫وإذا كانت حليمة قد متسكت بالشمال على الرغم‬ ‫من جنوبيتها ومعاناتها‪ ،‬فإن اداو البينو اجلنوبي‬ ‫ترك الشمال الذي عاش فيه للبحث عن حياة أخرى‬ ‫في ارض لم يزرها سوى أليام معدودة في حياته‪.‬‬ ‫ولد البينو في الشمال مثل اآلالف من اطفال‬ ‫اجلنوب‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك يشعر اليوم بالضياع‪،‬‬ ‫ضياع مستقبله الدراسي‪ ..‬هو يحاول التعايش‬ ‫مع الواقع اجلديد وايجاد فرص دراسة إلكمال‬ ‫مسيرته اجلامعية في جنوب يفتقد كل املقومات‪،‬‬ ‫بعد أن ترك مقعده اجلامعي في الشمال‪.‬‬ ‫مثل البينو‪ ،‬يوجد جيل بكامله عاش في الشمال‬ ‫لكنه كان يحس بأنه يختلف عن محيطه‪،‬‬ ‫احساس تصاعد في فترة احلرب التي ادارها‬ ‫سياسيو الوطن بأجندات مختلفة حتى في‬ ‫جتسد على أرض الواقع بعد‬ ‫تفاصيل نهاياتها واآلن ّ‬ ‫أن أصبح السودان سودانني‪.‬‬

‫وضع انساني مؤلم بعد تقسيم السودان‬

‫رمبا يناسب توصيف ميلودراما على املشهد االجتماعي في السودان بدولتيه القدمية واجلديدة‪ .‬إذ يصعب حصر‬ ‫حاالت الزواج بني الشماليني واجلنوبيني‪ ،‬ومصير هذه املؤسسة وما أصابها من متزق في نسيجها االجتماعي‪.‬‬ ‫ويبدو أن خبث السياسيني قد اصابها في الصميم‪ ،‬ألنهم عند اللحظة احلاسمة لم يتفقوا على منح اجلنسية‬ ‫املزدوجة ملواطني الدولتني‪ ،‬فور شروق شمس التاسع من يوليو (متوز) فأصبحوا من “البدون”‪.‬‬ ‫حليمة ماجوك التي درست مهنة الطب في كبرى جامعات اخلرطوم‪ ،‬وتزوجت من زميلها وجارها الشمالي‪ ،‬جتسد‬ ‫اليوم منوذجا من مناذج كثيرة عن حالة التجاذب بني أرض اجلدود ووطن لم تعلم عنه شيئا غير حديث األهل‬ ‫واألصدقاء الذين هربوا منه منذ تاريخ اندالع احلرب العبثية‪.‬‬ ‫أسئلة بال إجابة‬ ‫تقول حليمة‪“ :‬أنا من هنا‪ ،‬ولدت في هذه البقعة التي أحببتها منذ وعيت على الدنيا‪ ،‬انها العاصمة اخلرطوم‪،‬‬ ‫ودرست فيها مراحل تعليمي اخملتلفة كافة‪ ،‬وتزوجت احد ابنائها ولكن‪ ..‬انه شمالي”‪ .‬وتضيف‪“ :‬كنت أنأى‬ ‫بنفسي عن املشاركة في عبث السياسيني‪ ،‬وكنت واعية ومؤمنة بأنه سيأتي يوم وجند هذا البلد على الرغم من‬ ‫تنوعه الثقافي والعرقي‪ ،‬تنصهر فيه انتماءاتنا املتعددة واختالفاتنا املتجذرة‪ ،‬لنحوله إلى ثراء حقيقي‪ ،‬إلى تعايش‬ ‫يطوي حقب املاضي”‪.‬‬

‫كانت حليمة ومعها زوجها حتلم بتربية أوالدهما كما خططا بأن يكونوا سودانيني ينتمون لإلنسانية وليس لألعراق‪،‬‬ ‫يتميزون بالعطاء وليس بالقبلية‪ ،‬لكن حرمانها من وثيقتها الشمالية حول حياتها إلى كابوس‪.‬‬ ‫أسرتها الكبيرة تنتمي إلى اجلنوب‪ ،‬غادرت مع أول فوج صوب اجلنوب قبل شروق شمس االستقالل‪ .‬ولكنها اآلن تدور‬ ‫‪32‬‬

‫عبداهلل يوسف من أبناء الدينكا املسلمني وأحد‬ ‫هؤالء الذين يعيشون مأساة االنفصال‪“ ،‬انفصال‬ ‫الوطن واالنفصال عن الزوجة واألبناء”‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫“لقد تزوجت من عائشة منذ خمسة عشر‬ ‫عاما ولدي (ابن وثالث بنات) في املراحل الدراسية‬ ‫اخملتلفة‪ ..‬بعد أن أصبح االنفصال حقيقة وبدأ‬ ‫ترحيل اجلنوبيني من اخلرطوم‪ ،‬كان البد من‬ ‫إيجاد حل حتى أحافظ على مستقبل أبنائي‪،‬‬ ‫ولم يكن أمامي من حل سوى ترك أسرتي في‬ ‫الشمال لصعوبة العيش في اجلنوب‪ ،‬والتأقلم‬ ‫على أوضاع دولة وليدة تقف أمامها الكثير من‬ ‫العقبات حتى يعيش أهلها بسالم‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫ذلك فإن العديد من اجلنوبيني في الوطن لديهم‬ ‫النزعة القبلية‪ ،‬وهذا ما أجبرني على ترك أبنائي‬ ‫في اخلرطوم‪ ،‬بخاصة وأنهم ال يشبهون اجلنوبيني‬ ‫في سحنتهم”‪.‬‬ ‫ويضيف‪“ :‬أشعر بأن قلبي يعتصر من األلم وليس‬ ‫بيدي حيلة‪ ،‬بخاصة وأنني لم اختر “الغربة”‬ ‫لعلمي ما يعنيه وأنا متزوج من شمالية‪ .‬لقد‬ ‫حدث ما كنت أخشاه وانفصلت عن أسرتي‬ ‫وسأذهب إلى اجلنوب مرغما‪ ،‬انه االختيار املر‪،‬‬ ‫والترحيل على الهوية‪ ،‬بعد انتهاء املدة احملددة في‬ ‫بداية مارس (آذار) ‪ ،2012‬وال أعلم ما الذي سوف‬ ‫يحلّ بي‪ ..‬تفارقنا كما خطط الساسة‪ ،‬لكن هل‬ ‫سيرجعون لي نظرة فرح في عيون أطفالي”؟‪.‬‬ ‫أزمة أبو حشيش‬ ‫يُعد السودان القدمي من أكثر البلدان التي تعاني‬ ‫التنوع اإلثني والثقافي والديني واللغوي‪ ،‬حيث‬ ‫ّ‬ ‫يضم نحو ‪ 572‬قبيلة‪ ،‬ويتحدث سكانه ‪115‬‬ ‫ُّ‬ ‫لغة‪ ،‬وعلى الرغم من هذه التعقيدات‪ ،‬شك َّل ذلك‬ ‫التنوع مصدرا للتعايش السلمي خملتلف اإلثنيَّات‬ ‫خاصة في العصر احلديث‪.‬‬


‫البرملان اليمني من دورة الى اخرى‪ ،‬وكذلك فعل‬ ‫(البعث) في سوريا‪ ،‬واحلزب الدستوري اجلديد في‬ ‫تونس‪ ،‬كلها حتولت إلى أسرة يقودها (شخص)‬ ‫واحد ال شريك له‪ .‬وكانت هذه القوى ممثلة‬ ‫بتحالف مصلحي مع بعض القوى (املركنتيلية)‬ ‫التجارية في الوقت ذاته أحكمت الرقابة‬ ‫البوليسية والرقابة على الرأى اخملالف إلى درجة‬ ‫إقصاء اخملالفني وتشتيتهم حتى خارج الوطن‪.‬‬ ‫على الصعيد االقتصادي امتصت الطبقة العليا‬ ‫املتحالفة مع السلطة ‪ -‬دون رحمة ‪ -‬عرق الفقراء‬ ‫واملهمشني‪ ،‬وساعدت القوة البوليسية على‬ ‫إسكات شكواهم‪ ،‬فأصبح هناك أزمات دورية‬ ‫اقتصادية متفاقمة‪ ،‬من أزمة اخلبز الى أزمة‬ ‫(البوتاجاز)!‬ ‫االنتقال إلى النظام اجلديد‬ ‫لم يكن االنتقال إلى النظام اجلديد (ان كنا حتى‬ ‫هذه الساعة نسميه نظاما جديدا) سهال بكل‬ ‫املعاني‪ ،‬فلقد دفع الثمن من دماء الناس‪ ،‬بعضه‬ ‫أخذ وقتا قصير نسبيا اي ما ميكن أن يسمى‬ ‫(االنتقال اآلمن) ‪ Soft landing‬واآلخر أخذ‬ ‫وقتا أطول وتضحيات أكثر (االنتقال اخلشن)‬ ‫‪ Hard landing.‬في األولى رمبا مصر وتونس‪،‬‬ ‫وفي األخيرة ليبيبا وسوريا واليمن‪ ،‬ورمبا أماكن‬ ‫أخرى قادمة‪ .‬استخدمت في (االنتقال اخلشن)‬ ‫كل القوى القمعية من طائرات ودبابات ومدافع‪،‬‬ ‫وقدمت تضحيات بشرية هائلة‪ .‬في كل األحوال‬ ‫كان تصميم الناس غير مسبوق‪ ،‬ولكن ال ميكن‬ ‫أيضا جتاهل (العامل اخلارجي) قوى هذا العامل او‬ ‫ضعف‪ ،‬كما ال ميكن جتاهل (دور العسكر) احملليني‪،‬‬ ‫الذين ضاق بهم أما (التسلط القمعي الفاقع)‬ ‫أو (تهديد التوريث) فوقفوا أوال على احلياد‪ ،‬ثم‬ ‫ثانيا مالوا الى كفة التغيير‪ .‬ولعبت القبيلة من‬ ‫دون شك دورا في بعض املناطق من التحشيد في‬ ‫ميادين اليمن‪ ،‬الى حمل السالح في مدن ليبيا‪.‬‬ ‫القوى اجلديدة‬ ‫حتى اآلن استفاد من ربيع العرب في كل من‬ ‫مصر وتونس وليبيا ورمبا اليمن وميكن سوريا في‬ ‫املستقبل‪ ،‬قوى االسالم السياسي املنظمة أو‬ ‫شبه املنظمة‪ ،‬لعدد من األسباب‪ ،‬اولها املظلومية‬ ‫التي حملوها لفترة طويلة من الزمن كـ(تيارات)‬ ‫سياسية‪ ،‬فذهب بعضهم للمنافي وآخرون‬ ‫للسجون‪ ،‬كما كانوا مطاردين في عيشهم‪،‬‬ ‫وثانيا أن هذه التيارات قريبة من (الشعور املتدين‬ ‫الشعبي) الذي يجد فيهم (صالحا وتقوى)‬ ‫من دون النظر الى برنامجهم االنتخابي‪ ،‬ولكن‬ ‫الفترة التي نحن بصددها‪ ،‬ميكن ان تسمى (فترة‬ ‫انتقالية) تنتظر فيها قطاعات اجملتمع صيرورة‬ ‫األحداث وتقلباتها‪ ،‬ويعتمد تطورها االجتماعي‬ ‫ السياسي على مرونتها في قبول التعددية‪،‬‬‫والتبادل السلمي للسلطة‪ ،‬وبعض املراقبني‬ ‫يشككون في ذلك‪ ،‬كون هذه القوى مركزية‬ ‫وطاردة للرأى اآلخر!‬ ‫ومع ذلك فإن هذه القوى اجلديدة امامها ثالث قضايا‪:‬‬ ‫كيفية التعامل فيما بينها‪.‬‬ ‫كيفية التعامل مع اآلخر اخملتلف (محليا‬ ‫وخارجيا)‪.‬‬ ‫كيفية التعامل مع اهل النظام السابق‪.‬‬ ‫التعامل فيما بينها هو القادم املباشر‪ ،‬فهناك‬ ‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫تياران على األقل في (االسالم السياسي) هناك السلف صاحب اخلبرة املتواضعة في السياسة‪ ،‬وهناك االخوان‬ ‫اصحاب قدرة كبيرة في التنظيم ومسار تاريخي‪ ،‬ولكن كال منهما له تفكير مخالف في كيفية ادارة الدولة‬ ‫احلديثة‪ ،‬وما املطلوب حتقيقه للمواطن‪ ،‬هناك ايضا بجانب االنشقاق الرأسي‪ ،‬انشقاق أفقي أي بني اجليل اجلديد‬ ‫واجليل القدمي في كال التجمعني‪ ،‬فهناك آمال واجتهادات مختلفة بينهم أفقيا‪ ،‬مما قد يقود الى تشقق في‬ ‫اجلبهتني معا‪ ،‬وال ميكن تأسيس عدل اجتماعي من دون معرفة علمية حقيقية‪ ،‬وهنا قد يؤخذ البعض بالشعارات‬ ‫العامة والعاطفية من دون االعتماد على العلم من اجل البحث عن احلقيقة اجملتمعية‪ ،‬وبالتالي تتعطل آلية‬ ‫حتقيق العدل‪.‬‬ ‫التعامل مع اآلخر اخملتلف في الداخل سواء كان سياسيا او دينيا او في اخلارج‪ ،‬فهذه اجملتمعات يوجد بها قوى‬ ‫اجتماعية حديثة يسارية او قومية او حتى ليبرالية من حيث االحتكاك باآلخر واحلصول على التعليم احلديث‪،‬‬ ‫وهي قوى ال ترغب ان تهيمن عليها سياسيا‪ ،‬مقوالت تراها قادمة من عصور خلت‪ ،‬ففي السنوات االولى من القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬لم يبق في مجتمعات العالم ما ميكن ان يسمى بـ (مجتمعات النمل) اخلضوع لقيادة مركزية واحدة‬ ‫لها الطاعة في (املنشط واملكره) ‪.‬‬ ‫صحيح ان مجتمعات النمل اكثر فعالية اقتصادية‪ ،‬ولكن ال احد في عصر العوملة يريد ان يصبح منلة‪ ،‬فقد وسعت‬ ‫العوملة ووسائل االتصال احلديثة من التعددية االجتماعية‪ ،‬واتسعت دائرة املشترك في القيم العاملية‪ ،‬حتى قيل‬ ‫إن بعض تأثيرات العوملة هي التي مهدت للتغيرات الكبيرة في دول الربيع العربي‪ ،‬فنقل توماس فريدمان الكاتب‬ ‫االميركي املعروف أن (العرب عندما وجدوا ان الشعب األميركي انتخب رجال اسود للرئاسة‪ ،‬وان رئيس جمهورية‬ ‫إسرائيل يدخل السجن بسبب حترشه بامرأة‪ ،‬قد اثر بهم ذلك على انه تغيير كبير في العالم‪ ،‬وهم لم يتغيروا)‬ ‫على الرغم من سذاجة التحليل السابق‪ ،‬اال انه يعني تأثر العرب مبا حولهم من أحداث‪ .‬اما التعامل مع اآلخر في‬ ‫اجلوار وفي العالم‪ ،‬فإنه يطرح مجموعة من القضايا الشائكة‪ ،‬مثل القول ما العالقة املستقبلية بإسرائيل‪ ،‬وعدد‬ ‫من الدول العربية الربيعية كان لها بشكل أو بآخر عالقة ما‪ ،‬اما تعاهدية او دبلوماسية‪ ،‬كما تطرح قضية العالقة‬ ‫بالفلسطينيني بجانب ذلك‪ ،‬هل هي باجتاه املقاومة او باجتاه املساملة؟ أما اإلشكالية الكبرى فهي العالقة مع‬ ‫الغرب خاصة أوروبا والواليات املتحدة األميركية‪ ،‬التي تربت كوادرها على حتميلها كل مصائب ومصاعب العرب!‬ ‫كيفية التعامل مع أهل النظام السابق‪ ،‬ولدينا نظريتان‪ ،‬واحدة من نلسون مانديال ورفاقه في جنوب افر يقيا‪ ،‬وهي‬ ‫التسامح واملصاحلة‪ ،‬والثانية في نظام العراق الذي آتي بعد البعث وهو االجتثاث‪ ،‬ويبدو ان بلدان الربيع العربي‬ ‫اجتهت مبدئيا إلى طريق النظرية الثانية‪ ،‬اي االجتثاث‪ ،‬وهذا يخلف ثقافة قمعية وصراعا اجتماعيا وإشاعة ثقافة‬ ‫الكراهية‪ ،‬التي سوف تظهر من جديد في شكل سلوكيات رمبا يسميها البعض «ثورة مضادة» اي صراعا أهليا‪،‬‬ ‫كما يحدث في العراق اليوم ورمبا في ليبيا ورمبا في اليمن وفي أماكن أخرى‪ ،‬فالتسامح وقبول اآلخر ليس مؤسسيا‬ ‫في ثقافتنا العربية حتى الساعة‪.‬‬ ‫اخلروج من التيه‪:‬‬ ‫كان االنتقال األفقي للقوة اجملتمعية في البالد العربية بعد احلرب العاملية الثانية من شريحة اجتماعية (شبة‬ ‫إقطاعية) إلى شريحة أخرى هي (العسكر وأهل األمن) في كل من مصر وليبيا واليمن وتونس الى حد كبير‪،‬‬ ‫واليوم تنتقل القوة بشكل رأسي الى قطاعات كانت محرومة‪ ،‬اال انها ذات خبرة قليلة في احلكم وذات افق‬ ‫اقتصادي اقل ما يقال عليه انه مشوش‪ ،‬تنتابه عاطفة وتنقصه العلمية‪ ،‬وما حتتاجه مجتمعات الربيع اكثر من‬ ‫غيرها هو بناء مؤسسات حديثة‪ ،‬وإقامة بناء قانوني حديث يتعامل مع كل شرائح اجملتمع بسواسية قصوى‪.‬‬ ‫هذا هو التحدي الذي مينع تفعيل قانون ابن خلدون في املستقبل!!‬ ‫محمد الرميحي‬

‫عام على الثورة‬ ‫ومصر تستغيث‬ ‫‪31‬‬


‫جاء ابن خلدون بنظرية اجتماعية سماها "العصبية"‪ ،‬وهي باختصار أن أهل "الوبر" البادية أو‬ ‫القبائل يغزون أهل "اخملزن" أي املدن‪ ،‬عندما تضعف عصبية األخيرين‪ ،‬ويبدأ حكم جديد في ساللة‬ ‫العصبية اجلديدة الغازية‪ ،‬حتى يهنأ لهم العيش ويتحولون من قساة إلى جباة‪ ،‬تضعف بينهم‬ ‫العصبية ويتفرق شملهم جراء السسعى احلميم لالستحواد على الثروة ومييلون إلى الدعة‪ ،‬فتأتي‬ ‫عصبية أخرى جديدة لتحل محلهم بعد ثالثة أجيال أو حولها‪.‬‬ ‫محمد الرميحي‬ ‫العدل أساس احلكم والقضاء ميزان العدالة‬

‫الربيع العربي والقوى اجلديدة‪ ..‬بني املصاحلة واالجتثاث‬

‫االنتقال اخلشن‬

‫ثورات الربيع العربي ميكن تفسيرها بتفسير مزدوج‪ ،‬بني النظرية اخللدونية والنظرية املاركسية‪ ،‬التي تعترف ان‬ ‫اساس الصراع في اجملتمع هو بني من ميلك ومن ال ميلك‪ ،‬فمن جهة «حرمان» اقتصادي جلزء من اجملتمع‪ ،‬ومن جهة‬ ‫آخرى عصبية احملرومني ضد احلارمني‪ ،‬لقد تغير الزمن‪ ،‬إال أن الفكرة األساسية في الصراع كما هي‪ ،‬بني احلُكام أهل‬ ‫الغني واحملكومني أهل الفقر بني اهل اليسر واملهمشني‪.‬‬

‫اليوم نرى أن النظرية‪ ،‬وهي كما قلت خلطة من نظرية ابن خلدون (العصبية) ونظرية كارل ماركس (الشعور‬ ‫باحلرمان االقتصادي)‪ ،‬ميكن ببعض مؤشراتها تفسير ما حدث ويحدث الى حد كبير في كل من تونس ومصر واليمن‬ ‫وليبيا‪ ،‬ورمبا في غيرها من البلدان التي ميكن أن مير عليها ربيع العرب‪.‬‬ ‫في تونس وفي ليبيا وفي مصر جند أن األطراف هي من قامت بإشعال شرارة الثورة‪ ،‬ففي تونس حرق محمد‬ ‫البوعزيزي نفسه في منطقة داخلية محرومة هي سيدي بوزيد في اجلنوب‪ ،‬التي ال تكاد تظهر على اخلريطة‪ ،‬ومن‬ ‫انتصر له الحقا هم الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى ‪ -‬السفلي من اجملتمع التونسي احملرومون من ثمار التنمية‬ ‫التي كانت تونس (الشمالية) تنعم ببعض منها‪ ،‬وفي ليبيا كانت األطراف أيضا‪ ،‬فقد بدأت شرارة الثورة الليبية‬ ‫على حكم معمر القذافي القمعي من بنغازي البعيدة أيضا عن ثمار التنمية في طرابلس العاصمة‪ ،‬والتي عاني‬ ‫أهلها من القمع والتهميش في آن واحد‪ ،‬تبعتها مناطق ال تقل عنها تهميشا كالزنتان واجلبل األخضر‪ ،‬وغيرها من‬ ‫املناطق املهمشة‪.‬‬ ‫في مصر لم يكن األمر مختلفا‪ ،‬فقد قاد التفجر ما حدث خلالد سعيد في اإلسكندرية ‪ -‬بعيدا عن العاصمة ‪ -‬إال‬ ‫ان جذور املشكلة املصرية هي مرة أخرى‪ ،‬طائفة واسعة من احملرومني من أبناء مدن املقابر واملهمشني في أطراف‬ ‫القاهرة‪ ،‬هؤالء هم الذين حموا أبناء الطبقة الوسطى ‪ -‬السفلى الذين أشعلوا الشرارة في وسط القاهرة ‪ -‬ميدان‬ ‫التحرير ‪ -‬فقد جتمع عددٌ كبير ٌ منهم ليكونوا طوقا حول احملتجني في ميدان التحرير‪ ،‬وقد عرفهم العالم حني‬ ‫وجد أن ‪ 19‬قتيال (الشهداء) في ميدان التحرير ال اسم ولهم أو عنوان‪ ،‬فدفنوا في مقابر الدولة‪ ،‬وتكرر األمر حني‬ ‫نشرت جريدة (األهرام) أنواع األعمال واملهن التي ميارسها من قبض عليهم في أحداث مجلس الوزراء‪ ،‬ووجد أن‬ ‫‪30‬‬

‫معظمهم يشتغلون في أعمال يدوية بسيطة‪.‬‬ ‫من جديد في سوريا جند أن األطراف هي التي‬ ‫فجرت الثورة‪ ،‬فأولى شرارة انطلقت في سوريا‬ ‫كانت من مدينة درعا احلدودية اجلنوبية والبعيدة‬ ‫عن العاصمة‪ ،‬كما انتشرت الثورة السورية في‬ ‫االطراف ومدينة حمص‪ ،‬التي قدمت احلجم االكبر‬ ‫من الشهداء‪ ،‬هي مدينة طرفية في شمال دمشق‪،‬‬ ‫كما حمل العبء االكبر في احلراك السوري ابناء‬ ‫املدن الصغيرة‪ ،‬ولم تشترك املدن (املليونية) أي‬ ‫التي بها مليون نسمة فأكثر إال بشكل ضئيل‬ ‫في احلراك السوري‪ .‬في اليمن نسبة العاطلني عن‬ ‫العمل تضعها بعض التقديرات بـ‪ 40‬في املائة‬ ‫من اليمنيني كثير منهم من املتعلمني‪ ،‬وهكذا‬ ‫زحفت ماليني البشر من خارج صنعاء العاصمة‬ ‫إلى وسطها‪ ،‬من اجل رفض بقاء النخبة املتخمة‬ ‫بالسلطة واملال‪ ،‬وعلى الرغم من أن اليمن بلد‬ ‫قبلي‪ ،‬إال أن فكرة التهميش جمعت كثيرا من أبناء‬ ‫القبائل فوقفت صفا واحدا ضد الظلم والقهر‪،‬‬ ‫ولعل كلمات مفتاحية تعطينا نظرة سريعة عن‬ ‫مشعلي الثورة‪ ،‬منها كلمات بن علي في خطابه‬ ‫(فهمتكم‪ ،‬فهمتكم) أو كلمات القذافي (من‬ ‫انتم‪ ،‬من انتم)؟‬ ‫وعلى الرغم من امتالك السلطة في الدول‬ ‫اخملتلفة لقوة اإلعالم الرسمي التي قبضت عليه‬ ‫بقوة وشراسة‪ ،‬استطاعت القوى املضادة من أبناء‬ ‫(الطبقة الوسطى ‪ -‬الدنيا) أن تقوم بالتشبيك‬ ‫بني بعضها من خالل وسائل االتصال اجلديدة‪،‬‬ ‫(الفيس بوك والتويتر ويوتيوب) التي لم تكن في‬ ‫حساب األنظمة القمعية التقليدية‪ ،‬كونها لم‬ ‫تطور وسائل ملواجهتها! ولم تزن قدرتها احلقيقية‬ ‫على احلشد وجلب االنصار‪.‬‬ ‫العصبية القدمية‪:‬‬ ‫لقد اعتمدت العصبيات احلاكمة في بلدان الربيع‬ ‫العربي على ثالثة مرتكزات‪:‬‬ ‫السلطة والثروة واالعالم ‪.‬‬ ‫طبقة من املستفيدين (سياسيني وجتار)‪.‬‬ ‫أجهزة رقابة صارمة (سواء أمنية أو رقابة على‬ ‫حرية التعبير)‪.‬‬ ‫هذا املثلث الذي أحكم القبض على السلطة‬ ‫لم يكن في اجلهاز التنفيذي‪ ،‬بل وحتى في اجلهاز‬ ‫الرقابي الشعبي (املنتخب من قبل الناس) فقد‬ ‫كان االنتخاب سمة ظاهرية إلعطاء الشرعية‬ ‫كغطاء لتلك األنظمة‪ ،‬اال ان االنتخاب كان مراقبا‬ ‫بدقة‪ ،‬وحتول من (غلبة مريحة) يحققها النظام‬ ‫على خصومه‪ ،‬أي أن يترك لهم بعض املقاعد‪،‬‬ ‫الى (غلبة كاسحة) ومن ثم (غلبة ماحقة) كما‬ ‫حدث في انتخابات اجمللس النيابي املصري عام‬ ‫‪( 2005‬غلبة كاسحة) فقط ترك ‪ 80‬مقعد‬ ‫لإلخوان املسلمني وبعض املقاعد حلزب الوفد‪ ،‬إلى‬ ‫غلبة ماحقة في عام ‪( 2010‬حيث لم ينجح احد‬ ‫من املعارضة)!‪ ،‬لم يكن هناك اي متثيل شعبي‬ ‫حقيقي في ليبيا‪ ،‬حتى ولو ظاهريا‪ ،‬فقد احتفظ‬ ‫العقيد وأسرته بالسلطة والثورة الليبية حتى‬ ‫كاد يتآله ورفع شعار (من حتزب خان)‪ .‬وفي اليمن‬ ‫استولى احلزب الذي حتول إلى شلة ثم أسرة (املؤمتر‬ ‫الشعبي) لصاحبه علي صالح فمحق املعارضة‪،‬‬ ‫وكان واضحا تسارع تقلص مقاعد املعارضة في‬


‫متوفرة الآن على‬

‫جملة العرب الدولية‬

‫املجلة‬ ‫تطبيقات املجلة‬ ‫تطبيقات‬


‫قصة الغالف‬

‫مصر‪ :‬اقتصاد متهاو‪ ..‬من ينقذ السفينة الغارقة؟‬

‫طوق النجاة‬

‫وافق اجمللس العسكري املصري على زيادة ميزانية الدولة بنسبة ‪ 14.7‬في املائة‬ ‫للسنة املالية احلالية‪ .‬وبرر اجمللس هذه الزيادة بأن البرامج االجتماعية في‬ ‫مسيس احلاجة إلى دعم ضروري وملح‪ ،‬وسيخصص اجلزء األكبر من تلك األموال‬ ‫لتوفير الدعم الضروري للطاقة والغذاء‪ .‬لكن اخلبراء االقتصاديني يرون أن هذا‬ ‫الدعم سوف تستفيد منه الطبقة الثرية في مصر‪ ،‬على حساب احملتاجني‬ ‫والفقراء‪ .‬وقد أدى التغيير املتواصل لوزراء االقتصاد في مصر‪ ،‬إلى تقليص فرصة‬ ‫وجود منهج متماسك ورصني‪ ،‬فقد كان لكل وزير رؤيته في طرح حلول مختلفة‬ ‫لالقتصاد املتداعي‪ ،‬كما أن هذه التغييرات لم تسمح بردع السياسات املالية‬ ‫اخلاطئة واملستمرة‪.‬‬

‫يعد تأثر االقتصاد اإلقليمي في املنطقة‪ ،‬من جراء‬ ‫االضرابات السياسية‪ ،‬أحد أخطر تداعيات الثورات‬ ‫التي اندلعت عام ‪ 2011‬في الشرق األوسط وشمال‬ ‫أفريقيا‪ .‬فمما ال شك فيه أن مصر تأثرت بشدة‪ ،‬وهي‬ ‫اآلن تطلب طوق النجاة من صندوق النقد الدولي‪ ،‬إال‬ ‫أن احلصول على القرض احملتمل يخضع لشرط إجماع‬ ‫القوى السياسية الداخلية‪.‬‬ ‫وأدت املظاهرات‪ ،‬التي نتج عنها خلع رئيس الدولة‬ ‫السابق حسني مبارك‪ ،‬إلى تراجع منو الناجت احمللي‬ ‫اإلجمالي بنسبة ‪ 3‬في املائة‪ .‬كما انخفض معدل‬ ‫االستثمارات األجنبية املباشرة‪ ،‬والتي كانت قد‬ ‫شهدت ارتفاعا ملحوظا في السابق وفقا للمعايير‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬بشكل كبير خالل‪ ،‬االثني عشر شهرا‬ ‫املاضية من ‪ 11‬مليار دوالر في عام ‪ ،2007‬إلى أقل من‬ ‫ملياري دوالر خالل العام الفائت‪ .‬كما تراجع احتياطي‬ ‫النقد األجنبي بشكل خطير‪ .‬وتواجه البالد خطر نفاده‬ ‫التام في حال عدم حصولها على معونات خارجية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن حكومة مصر االنتقالية تدرك‬ ‫متاما أن االقتصاد أصبح مبثابة سفينة غارقة‪ ،‬فإنها‬ ‫بدال من التالحم من أجل العثور على حلول مستدامة‬ ‫للضغوط االقتصادية الشديدة‪ ،‬تقف األجندات‬ ‫السياسية اخملتلفة املؤثرة خالل الفترة االنتقالية أمام‬ ‫صياغة سياسات مالية رزينة‪.‬‬

‫تقليص فرصة وجود منهج متماسك‪ ،‬كما أنها لم‬ ‫تسمح بردع السياسات املالية اخلاطئة واملستمرة‪.‬‬ ‫وما أدى إلى تفاقم األمر أن احلكومة املؤقتة رضخت‬ ‫في يونيو (حزيران) املاضي إلى الضغوط السياسية‪،‬‬ ‫ورفضت قرضا من صندوق النقد الدولي بقيمة ‪3‬‬ ‫مليارات دوالر‪ .‬وقد رُفض القرض‪ ،‬الذي يُعد منقذا‬ ‫حقيقيا لالقتصاد املتداعي‪ ،‬على أساس أن احلكومة‬ ‫املؤقتة لم يكن لديها السلطة القانونية إللزام‬ ‫الدولة بشروط القرض‪ .‬ويُعتقد بشكل كبير أن‬ ‫متويالت صندوق النقد الدولي السابقة حلكومة مبارك‬ ‫أسهمت في تنامي انعدام الثقة‪.‬‬ ‫وقد تراجعت احلكومة االنتقالية بسبب تزايد حجم‬ ‫األزمة التي تواجهها‪ ،‬فيما يتعلق بالسيولة وامليزانية‪،‬‬ ‫ودعت األسبوع املاضي صندوق النقد الدولي لعقد‬ ‫مباحثات حول قبول القرض الذي تبلغ قيمته ‪3.2‬‬ ‫مليار دوالر‪ .‬وعلى الرغم من أن هذا القرار خطوة‬ ‫ضرورية في االجتاه الصحيح‪ ،‬فإن دعم الصندوق‬ ‫وحده ليس كافيا حلل مشكالت مصر‪ ،‬ومع األخذ في‬ ‫االعتبار أن املشكالت االقتصادية في مصر هي‪ ،‬في‬ ‫النهاية‪ ،‬مشكالت سياسية‪ ،‬جند أن االقتصاد املصري‬ ‫ال يزال في مرحلة اخلطر‪.‬‬

‫فبدال من التقشف‪ ،‬وافق اجمللس العسكري على‬ ‫زيادة ميزانية الدولة بنسبة ‪ 14.7‬في املائة للسنة‬ ‫املالية احلالية‪ ،‬بهدف دعم البرامج االجتماعية‪ ،‬حيث‬ ‫يُخصص اجلزء األكبر من تلك األموال لتوفير دعم على‬ ‫الطاقة والغذاء‪ ،‬وهو الدعم الذي سوف تستفيد منه‬ ‫الطبقة الثرية في مصر على حساب احملتاجني بالفعل‪.‬‬

‫وما ال شك فيه أن قرض صندوق النقد الدولي سوف‬ ‫يوفر دعما ماليا مهما من عدة جوانب‪ ،‬فمن شأنه أن‬ ‫يضمن استمرار قدرة احلكومة على تلبية االحتياجات‬ ‫املالية ويخفض عجز املوازنة الذي ستواجهه البالد‬ ‫بعد ستة أشهر من اآلن والذي يقدر بنحو ‪ 23.7‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬كما يساعد على استعادة ثقة املستثمر من‬ ‫خالل زيادة احتياطي النقد األجنبي وإثبات أن احلكومة‬ ‫ملتزمة بتنفيذ سياسات اقتصادية مسؤولة‪.‬‬

‫ضغوط سياسية‬ ‫وقد أدى التغيير املتواصل لوزراء االقتصاد‪ ،‬حيث‬ ‫يطرح كل وزير حلوال مختلفة لالقتصاد املتداعي‪ ،‬إلى‬

‫وميكن تقدير القيمة احلقيقية للقرض على أفضل‬ ‫وجه من خالل األخذ في االعتبار تداعيات رفض مصر‬ ‫لهذا القرض للمرة الثانية‪ .‬فبدون مساندة صندوق‬

‫‪28‬‬

‫النقد الدولي سوف يحتضر االقتصاد املصري الراكد‪،‬‬ ‫وسوف تزداد معدالت البطالة في الوقت الذي تتعامل‬ ‫فيه القوة العاملة بحساسية بالغة جتاه املصاعب‬ ‫التي تواجهها‪ ،‬كما أن التنبؤ بتراجع االقتصاد‬ ‫سوف يزيد بالتأكيد من عدم االستقرار السياسي‬ ‫وهو بدوره سيزيد من ضعف االقتصاد‪ .‬ويعد قرض‬ ‫صندوق النقد الدولي أحد االختيارات القليلة جدا‬ ‫املتاحة أمام مصر والذي سيمكّن احلكومة املؤقتة‬ ‫من االستجابة ألحد املطالب الرئيسية للمحتجني‬ ‫وهو حتسني الظروف االقتصادية‪.‬‬ ‫وال يعد القرض في حد ذاته احلل اجلذري لكل مشكالت‬ ‫مصر االقتصادية‪ ،‬حيث يشير إليه احملللون على كونه‬ ‫غير كاف‪ .‬ووفقا لرضا أغا‪ ،‬رئيس بنك «رويال بانك‬ ‫أوف سكوتلند» فإن مصر ستحتاج إلى املزيد من‬ ‫التمويل من أجل حتسني ثقة املستثمرين‪ .‬وفي حوار‬ ‫مع صحيفة «فايننشال تاميز»‪ ،‬قدر أغا ما حتتاجه‬ ‫مصر بنحو ‪ 10‬إلى ‪ 12‬مليار دوالر إلعادة االقتصاد‬ ‫إلى حالته التي كان عليها في نهاية عام ‪ ،2010‬وهو‬ ‫الوقت الذي كانت فيه املشكالت االقتصادية سببا‬ ‫رئيسيا الندالع الثورة‪.‬‬ ‫ديون مصر‬ ‫وعلى الرغم من استفحال املشكالت االقتصادية‪،‬‬ ‫فليس من املؤكد أن يتم التوصل إلى اتفاق بني‬ ‫احلكومة وصندوق النقد الدولي‪ ،‬الذي ال يثق بأن تقبل‬ ‫احلكومات القادمة بشروطه‪ ،‬ولذلك يصر الصندوق‬ ‫على أن يحظى االتفاق بدعم سياسي واسع‪ ،‬وهو‬ ‫الشرط الذي واجه عددا من التحديات‪ ،‬حيث عبر حزب‬ ‫احلرية والعدالة الفائز بأغلبية مقاعد البرملان عن‬ ‫دعمه للقرض في حال غياب الشروط‪.‬‬

‫ويواصل القرض مواجهة املعارضة السياسية‪ ،‬بسبب‬ ‫تلك الشروط‪ ،‬حيث طالبت احلملة الشعبية إلسقاط‬ ‫ديون مصر في مؤمتر عُ قد السبت املاضي احلكومة‬ ‫املؤقتة بترك القرار بشأن القرض للبرملان القادم‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من كون هذا املطلب مقياسا معقوال لضمان‬ ‫شرعية القرض أمام احلكومات القادمة‪ ،‬فقد طالب‬ ‫املؤمتر بعدم توريط مصر في مزيد من الديون‪ .‬وتتعلق‬ ‫املشكلة الرئيسية التي نوقشت في املؤمتر بانعدام‬ ‫شفافية صنع القرار في اإلدارة االقتصادية مبصر‪.‬‬ ‫وقال أحد احلاضرين‪« :‬تتعمد السلطة االنتقالية‬ ‫استخدام البيانات املالية‪ ،‬التي نادرا ما يُعلن عنها من‬ ‫أجل خدمة مصاحلها من خالل بث اخلوف من الثورة بني‬ ‫العامة تارة وإعطاء صورة وردية عن االقتصاد تارة أخرى»‪.‬‬ ‫وتعد رسالة احلملة واضحة متاما؛ فهناك عالقة‬ ‫قوية بني االقتصاد املصري ومستقبلها السياسي‪،‬‬ ‫وسوف يستمر املصريون في املطالبة بزيادة دورهم‬ ‫في املشاركة في كل مجاالت احلوكمة في مصر‪ ،‬مبا‬ ‫في ذلك االقتصاد وهو ما ال يغير حاجة مصر العاجلة‬ ‫لقرض صندوق النقد الدولي‪ ،‬ولذلك سيضطر الزعماء‬ ‫السياسيون لالعتماد على الشفافية‪ ،‬وفتح حوار مع‬ ‫اجملتمع املدني املصري إلقناع املصريني بأن االقتصاد‬ ‫الوطني بحاجة إلى طوق النجاة‪ ،‬الذي يقدمه صندوق‬ ‫النقد الدولي‪ .‬وميكن إنقاذ االقتصاد املصري املتهاوي‬ ‫فقط من خالل التعاون بني الطوائف السياسية‪.‬‬ ‫احملرّر االقتصادي‬


Th la The largest st market k t in Eastern Europe

27

2012 ‫ فبراير‬،1570 ‫العدد‬


Three global markets, ONE CENTRE

26


‫مع توصيات القرآن بخير توفير السلع‬ ‫في األسواق وشر املمارسات االحتكارية‪،‬‬ ‫كما ستقوم بإصالح سياسة الدعم على‬ ‫الوقود‪ ،‬وهو ما سيوفر نحو ‪ 65‬مليار جنيه‬ ‫سنويا‪.‬‬

‫ويقول مسؤول في صندوق النقد الدولي‬ ‫لـ«اجمللة» إن الدول املانحة للقروض‬ ‫ستجد صعوبة في تسليم هذا القدر‬ ‫الهائل من املال لسد حاجة االقتصاد في‬ ‫حال عدم احتواء احلكومة املصرية أزمتها‬ ‫املالية الشديدة‪ .‬ويقول املسؤول في إشارة‬ ‫إلى معدل خسائر مصر الشهرية من‬ ‫احتياطي النقد األجنبي‪« :‬فقط ال ميكننا‬ ‫تدبير ملياري دوالر كل شهر‪ ،‬عليهم اخلروج‬ ‫بخطة»‪.‬‬ ‫وقد تسببت اإلشارة إلى حدوث تالعب‬ ‫باملؤشرات االقتصادية احليوية على مدى‬ ‫السنوات السابقة في زيادة مخاوف‬ ‫ويتشكك االقتصاديون‬ ‫املستثمرين‪.‬‬ ‫واحملللون في أن مستشاري مبارك كانوا‬ ‫يدركون حجم السكان في سن العمل‬ ‫ورمبا أيضا معدل منوه وهو األمر الذي يلمح‬ ‫إلى أن مستقبل البطالة سيكون أسوأ مما‬ ‫كان يعتقد في السابق‪.‬‬ ‫وتبلغ معدالت األمية‪ ،‬وفقا لبيانات‬ ‫العاملني باملعونات‪ ،‬أكبر كثيرا من معدل‬ ‫الـ‪ 30‬في املائة املعلن عنه رسميا‪،‬‬ ‫ويعتقد أيضا ازدياد تراجع منتجات املزارع‪،‬‬ ‫التي تناقصت بشكل ثابت خالل األعوام‬ ‫السابقة‪ ،‬وبلوغها مستويات تخالف‬ ‫التقديرات السابقة‪.‬‬ ‫هل من حلول؟‬ ‫وبأخذ التحديات االقتصادية في االعتبار‪،‬‬ ‫قد يكون عدم امتالك اإلسالميني للحلول‬ ‫هو أكثر ما يثير اخملاوف من مصر حتت‬ ‫إدارتهم وستتضح نتائج الفشل في‬ ‫الرسم البياني من خالل أعداد املصريني‬ ‫الفقراء الذين يصطفون كل يوم أمام اخملابز‬ ‫احلكومية من أجل شراء اخلبز املدعم‪ .‬ومن‬ ‫داخل اخملابز ذات اإلضاءة اخلافتة‪ ،‬ينتج‬ ‫اخلبازون على مدى نوبات عمل مضاعفة‬ ‫اآلالف من أرغفة اخلبز باستخدام الدقيق‬ ‫الذي توفره احلكومة بسعر منخفض‪ .‬ومع‬ ‫ذلك ال يتوفر القدر الكافي من اخلبز ألن‬ ‫اخلبازين يبيعون حصتهم من الدقيق في‬ ‫السوق السوداء‪ .‬ويقول مدير أحد اخملابز‬ ‫احلكومية في منطقة غمرة بالقاهرة‪ ،‬وهي‬ ‫سوق لبيع البضائع املستوردة الرخيصة‪،‬‬ ‫تكسوها القمامة وتكتظ بالزبائن‪« :‬كل‬ ‫شيء يعتمد على السوق السوداء‪ ،‬يأتي‬ ‫املزيد من الناس للشراء من هنا إذا شح‬ ‫اخلبز في اخملابز األخرى»‪.‬‬

‫وترتفع أسعار الطعام بنحو ‪ 40‬في املائة‬ ‫أسرع من معدل التضخم العام بسبب‬ ‫عدم كفاية املعروض واالعتماد الكبير‬ ‫على املنتجات الزراعية املستوردة‪ .‬وبينما‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫وكجزء من برنامج إعادة تطوير املناطق‬ ‫احلضرية‪ ،‬سوف يعيد اإلخوان توزيع‬ ‫السكان ونقلهم من املناطق املكتظة‬ ‫في الدلتا‪ ،‬لتوسيع الرقعة الزراعية وهي‬ ‫مبادرة من شأنها توفير ‪ 6.5‬مليون فرصة‬ ‫عمل في مجال الزراعة‪.‬‬

‫�شركات الإخوان‪:‬‬ ‫متلك جماعة االخوان املسلمني العديد من‬ ‫الشركات واملشروعات وعشرات احملالت التجارية‬ ‫والتي يصعب حصرها وعدها‪ ،‬والتي كانت ماتزال‬ ‫تدر على اإلخوان ثروة ضخمة جعلت من اجلماعة‬ ‫إمبراطورية اقتصادية كبرى تناطح كبرى املؤسسات‬ ‫االقتصادية‪ ..‬وفي ما يلي البعض من هذه الشركات‪:‬‬ ‫‪ -1‬شركة اإلخوان املسلمني للغزل والنسيج بشبرا‬ ‫اخليمة‪.‬‬ ‫‪ -2‬شركة اإلعالنات العربية‪.‬‬ ‫‪ -3‬الشركة العربية للمناجم واحملاجر وهي شركة‬ ‫متخصصة في إنتاج األسمنت والبالط‪.‬‬ ‫‪ -4‬شركة التجارة وأشغال الهندسة إلنتاج مواد‬ ‫حلرَف اليدوية كالسباكة‬ ‫البناء وتدريب‬ ‫العمال على ا ِ‬ ‫َّ‬ ‫والكهرباء والنجارة وباقي احلرف األخرى‪.‬‬ ‫‪ -5‬شركة املعامالت اإلسالمية‪ ،‬وقد قامت هذه‬ ‫الشركة بإنشاء مصنع للنحاس وآخر للبالط‬ ‫واإلسمنت‪.‬‬

‫ترتفع األسعار يزداد طلب السوق السوداء‬ ‫على السلع املنخفضة مثل وقود التدفئة‬ ‫والسكر‪ ،‬وهي مجموعة عوامل قد تؤدي‬ ‫إلى نقص السلع الرئيسية‪ .‬كما أن‬ ‫هناك نقصا في البترول وهو منتج آخر‬ ‫مدعم بشكل كبير في مصر حيث ترشد‬ ‫محطات الوقود بيع البنزين‪.‬‬

‫وسوف تقوم اجلماعة بتحديث قناة‬ ‫السويس لزيادة العائد منها كما ستقوم‬ ‫بتحسني املناطق السياحية‪ ،‬لكي تنافس‬ ‫أعظم مناطق اجلذب السياحي الطبيعية‬ ‫والبشرية في العالم‪.‬‬ ‫وتدعو اخلطة أيضا إلى تطوير طموح‬ ‫للبنية التحتية‪ ،‬مبا في ذلك بناء مطارات‬ ‫جوية وموانئ بحرية دولية جديدة وخط‬ ‫سكك حديدية فائقة‪ ،‬كما ستمتد‬ ‫احتياطيات الغاز الطبيعي الوفيرة من‬ ‫أجل تدفئة جميع املنازل وأماكن العمل‪.‬‬ ‫وسيتم االتفاق على تلك املشروعات‪ ،‬من‬ ‫خالل مجموعة مختلطة من االستثمارات‬ ‫اخلاصة واحلكومية‪ ،‬وستطرح اخلطة فكرة‬ ‫البنوك اإلسالمية التي تروج للحصص‬ ‫املساهمة كوسيلة أساسية للتمويل‬ ‫بدال من القروض‪ ،‬وذلك في حال التمكن‬ ‫من خفض الديون‪ .‬وباملثل‪ ،‬ستتم حل‬ ‫مشكلة املشروعات التابعة للدولة التي‬ ‫حتقق خسائر من خالل االكتتاب العام‪ ،‬بدال‬ ‫من بيعها بشكل مباشر للمستثمرين‬ ‫األجانب لتجنب ألم سحب االستثمارات‪.‬‬ ‫وكما تشير البيانات‪ ،‬تعد خطة اإلخوان‬ ‫إلنقاذ االقتصاد‪ ،‬خطة مدروسة مثل تلك‬ ‫التي يتبناها نظراؤهم العلمانيون في‬ ‫الدول املتقدمة‪( .‬عليك مبالحظة تفاهة‬ ‫اجلدل بني الطامعني للوصول للرئاسة من‬ ‫حزب اجلمهوريني في أميركا)‪.‬‬

‫خطة انقاذ‬ ‫وقد قضى اإلخوان أعواما عدة لبحث طرق‬ ‫إعادة هيكلة االقتصاد املصري ـ بينما‬ ‫كانوا ميضون الوقت في سجون مبارك ـ‬ ‫وكشفوا في يناير عن خطة إلنقاذ شامل‬ ‫تتضمن‪ ،‬باإلضافة إلى أشياء أخرى‪ ،‬صياغة‬ ‫دستور يرتكز على النموذج األميركي‪،‬‬ ‫الذي يضمن حقوق املستثمرين وشفافية‬ ‫املؤسسات العامة‪.‬‬

‫ومن خالل ترويج مميزات السوق احلرة‪ ،‬وفي‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬احلذر من مخاطرها‪ ،‬يبدو أن‬ ‫اإلخوان يرسمون الطريق الوحيد املتبقي‬ ‫بني االقتصادات احلكومية في اجلانب‬ ‫األيسر‪ ،‬والرأسمالية الصديقة في اجلانب‬ ‫األمين‪ ،‬حيث أثبتت كلتاها عدم القابلية‬ ‫للتطبيق‪.‬‬

‫وسوف تدعو اخلطة لقانون الضرائب‬ ‫التصاعدية وحتظر االحتكارات متاشيا‬

‫ستيفن غلني‬

‫‪25‬‬


‫‪1928: Movement‬‬ ‫‪1970s:‬‬ ‫ﺟﺪول‪Group‬‬ ‫‪renounces violence‬‬ ‫اﳌﺴﻠﻤني“‬ ‫”اﻹﺧﻮان‬ ‫ﻟﺠامﻋﺔ‬ ‫زﻣﻨﻲ‬ ‫‪Timeline‬‬ ‫‪of Egypt’s‬‬ ‫‪Muslim‬‬ ‫‪Brotherhood‬‬ ‫‪founded by Hassan‬‬ ‫‪1980s:‬‬ ‫‪Attempts‬‬ ‫‪to rejoin political‬‬

‫‪running‬اﻟﺒﻨﺎ ﻳﺆﺳﺲ‬ ‫‪ :1928‬ﺣﺴﻦ‬ ‫‪mainseam,‬‬ ‫‪independent‬‬ ‫”اﻹﺧﻮان‪in‬اﳌﺴﻠﻤني“ ﺑﻬﺪف‬ ‫‪despite‬ﺟامﻋﺔ‬ ‫‪candidates‬‬ ‫‪elections‬‬ ‫‪campaigns‬ﺟﺬور اﻹﺳﻼم‬ ‫اﻟﻌﻮدة ﺑﺎﳌﺠﺘﻤﻊ إﱃ‬ ‫‪repeated‬‬ ‫‪of repression‬‬ ‫اﻟﴩﻋﻴﺔ‬ ‫واﻷﺣﻜﺎم‬ ‫‪2005: Wins‬‬ ‫‪record‬‬ ‫‪20% of seats in‬‬ ‫‪parliamentary‬‬ ‫‪elections‬‬ ‫اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت‪ :‬اﻟﺠﻨﺎح ﺷﺒﻪ‬ ‫‪ – government‬أواﺧﺮ‬ ‫‪amends‬‬ ‫‪constitution‬‬ ‫‪to counter‬‬ ‫”اﻟﻨﻈﺎم‬ ‫اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻟﻠﺠامﻋﺔ ‪-‬‬ ‫‪group’s‬‬ ‫‪resurgence‬وﻳﻨﺨﺮط‬ ‫اﻟﺨﺎص“ ‪ -‬ﻳﻨﻀﻢ ﻟﻠﻘﺘﺎل ﺿﺪ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﱪﻳﻄﺎين‪،‬‬

‫ﰲ ﺣﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺠريات واﻻﻏﺘﻴﺎﻻت‬ ‫‪ :1948‬اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺤﻞ اﻟﺠامﻋﺔ ﺑﺴﺒﺐ‬ ‫اﻟﻬﺠامت اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ ﺿﺪ اﳌﺼﺎﻟﺢ‬ ‫اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪ .‬إﻏﺘﻴﺎل رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء‬ ‫ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻨﻘﺮاﳾ ﻋﲆ ﻳﺪ أﺣﺪ أﻋﻀﺎء اﻟﺠامﻋﺔ‬ ‫‪ :1952‬ﺗﺪﻋﻢ اﻟﺠامﻋﺔ اﻹﻧﻘﻼب اﻟﻌﺴﻜﺮي‪،‬‬ ‫اﻟﺬي ﻧﻔﺬﺗﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻀﺒﺎط اﻷﺣﺮار ﰲ اﻟﺠﻴﺶ‬ ‫اﻟﻨﺎﴏ‪ ،‬واﻟﺬي أﻧﻬﻰ اﻟﺤﻜﻢ‬ ‫‪Conservative‬ﻋﺒﺪ‬ ‫اﳌﴫي ﺑﻘﻴﺎدة ﺟامل‬ ‫‪2009:‬‬ ‫ﺗﺪﻫﻮرت اﻟﻌﻼﻗﺎت‬ ‫‪Badie‬وﻟﻜﻦ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ‬ ‫اﻹﺳﺘﻌامري‪،‬‬ ‫‪Mohammed‬‬ ‫اﻟﺠامﻋﺔ واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‬ ‫ﺑني‬ ‫اﻟﺠﺪﻳﺪة‪elected‬‬ ‫‪Brotherhood‬‬ ‫‪leader‬‬ ‫‪in‬‬ ‫‪blow‬‬ ‫‪to‬‬ ‫‪young‬‬ ‫‪reformists‬‬ ‫‪Jan‬‬ ‫‪30,‬‬ ‫‪2011:‬‬ ‫‪ :1954‬ﺗﺘﻬﻢ اﻟﺠامﻋﺔ ﺑﺎﳌﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ﻻﻏﺘﻴﺎل اﻟﺮﺋﻴﺲ‬ ‫‪Brotherhood‬‬ ‫‪2010:‬‬ ‫‪boycotts‬‬ ‫‪second‬‬ ‫‪round‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫‪Group‬اﻵﻻف‬ ‫‪leader‬ﻋﲆ زج‬ ‫اﻟﺴﻠﻄﺎت‬ ‫ﺗﻌﻤﻞ‬ ‫ﻋﺒﺪاﻟﻨﺎﴏ ‪-‬‬ ‫ﺟامل‬ ‫‪Saad‬‬ ‫‪el-Katatni polls‬‬ ‫‪says‬‬ ‫‪of parliamentary‬‬ ‫ﰲ ‪after‬‬ ‫‪vote‬‬ ‫‪rigging‬‬ ‫اﻟﺴﺠﻮن‬ ‫اﻟﺠامﻋﺔ‬ ‫أﻋﻀﺎء‬ ‫‪group‬‬ ‫‪seeking‬‬ ‫‪ensures‬‬ ‫‪they‬‬ ‫‪fail :1966‬‬ ‫‪toways‬‬ ‫‪win‬‬ ‫‪ is‬ﰲ ﻋﻬﺪ‬ ‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‬ ‫ﺗﻨﻔﺬ‬ ‫‪to round‬‬ ‫‪direct‬‬ ‫‪single‬‬ ‫‪seat‬‬ ‫‪in‬‬ ‫‪first‬‬ ‫‪protest‬ﺣﻜﻢ اﻹﻋﺪام ﰲ ﺳﻴﺪ‬ ‫‪movement‬ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﴏ‪،‬‬ ‫ﻣﺮﺟﻊ ﻟـ ”اﻹﺧﻮان“ وﺻﺎﺣﺐ‬ ‫‪ President‬ﻗﻄﺐ ‪-‬‬ ‫‪against‬‬ ‫ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺜري ﻟﻠﺠﺪل‪،‬‬ ‫ﻣﺆﻟﻔﺎت‬ ‫‪Hosni‬‬ ‫‪Mubarak‬‬ ‫ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺗﻜﻔري اﻟﺤﻜﺎم واﻟﻌﺎﻣﻠني‬ ‫واﳌﺸﺎرﻛني ﺑﺎﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ‪،‬‬ ‫و“ﺗﻜﻔري اﳌﺠﺘﻤﻊ“‬

‫اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت‪with:‬‬ ‫‪aim of‬‬ ‫‪al-Banna‬ﻧﺒﺬﻫﺎ ﻟﻠﻌﻨﻒ‬ ‫ﺗﻌﻠﻦ اﻟﺠامﻋﺔ ﻋﻦ‬ ‫‪promoting‬‬ ‫‪Islamic‬‬ ‫‪values‬‬ ‫اﻟﺜامﻧﻴﻨﺎت‪ :‬ﺗﺤﺎول اﻟﻌﻮدة اﱃ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ وﺗﺪﺧﻞ‬ ‫ﻣﺮﺷﺤني‪Late‬‬ ‫‪1940s:‬‬ ‫ﰲ‪Special‬‬ ‫ﻣﺴﺘﻘﻠني‪ ،‬رﻏﻢ ﻗﻴﺎم اﻟﺴﻠﻄﺎت‬ ‫اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﱪ‬ ‫ﺿﺪﻫﺎ‪Apparatus,‬‬ ‫‪group’s‬‬ ‫ﺑﺤﻤﻼت ﻗﻤﻊ‬ ‫‪paramilitary wing, joins fight against‬‬ ‫‬‫اﻟﱪﳌﺎن‬ ‫ﻣﻘﺎﻋﺪ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫‪20%‬‬ ‫ﺑـ‬ ‫”اﻻﺧﻮان“‬ ‫ﻳﻔﻮز‬ ‫‪:2005of‬‬ ‫‪British rule, engaging in campaign‬‬ ‫اﻟﺘﻮﺳﻊ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻟﺘﺤﺪ‬ ‫اﻟﺪﺳﺘﻮر‬ ‫ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ‬ ‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‬ ‫ﺗﻘﻮم‬ ‫‪bombings and assassinations‬‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻠﺠامﻋﺔ‬

‫‪1948: Egyptian government‬‬ ‫‪dissolves Brotherhood for‬‬ ‫‪attacking British and Jewish‬‬ ‫‪interests. Prime Minister‬‬ ‫‪Mahmoud al-Nuqrashi‬‬ ‫‪assassinated by‬‬ ‫‪member of group‬‬ ‫‪1952: Brotherhood‬‬ ‫‪supports military coup‬‬ ‫‪Abdul‬امً ﻟﻠﺠامﻋﺔ‬ ‫‪ :2009‬اﻧﺘﺨﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺪﻳﻊ زﻋﻴ‬ ‫ﺻﻔﻌﺔ‪led‬‬ ‫‪by Gamal‬‬ ‫ﻟﺠﻴﻞ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺪاﻋﻲ اﱃ اﻟﺘﻐﻴري‬ ‫‪Nasser, which ends‬‬ ‫‪colonial‬‬ ‫‪– but‬‬ ‫‪relations‬‬ ‫‪with:2010‬‬ ‫‪rule‬اﻻﻗﱰاع ﰲ‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺠﻮﻟﺔ‬ ‫ﺗﻘﺎﻃﻊ اﻟﺤﺮﻛﺔ‬ ‫ﻋﺪم‪new‬‬ ‫‪government‬‬ ‫‪soon‬‬ ‫‪deteriorate‬‬ ‫‪1966:‬‬ ‫‪Government‬‬ ‫ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﺰوﻳﺮ أدت إﱃ‬ ‫ﺑﻌﺪ‬ ‫اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﱪﳌﺎﻧﻴﺔ‬ ‫‪executes‬‬ ‫اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﱃ‬ ‫‪Sayyid‬ﰲ‬ ‫‪for‬ﻣﻘﻌﺪ‬ ‫ﻓﻮزﻫﻢ ﺑﺄي‬ ‫‪1954: Brotherhood‬‬ ‫‪blamed‬‬ ‫)ﻳﻨﺎﻳﺮ(‪Qutb:‬‬ ‫‪– prominent‬‬ ‫‪attempt to assassinate‬‬ ‫‪Nasser‬‬ ‫‪– 30‬‬ ‫ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎين‬ ‫‪Brotherhood‬‬ ‫‪member‬‬ ‫‪thousands of members‬‬ ‫‪imprisoned,‬‬ ‫اﻹرﺷﺎد‬ ‫اﻟﻜﺘﺎﺗﻨﻲ‪ ،‬ﻋﻀﻮ ﻣﻜﺘﺐ‬ ‫ﺳﻌﺪ‬ ‫‪who inspired‬‬ ‫‪jihadi‬‬ ‫‪tortured,‬‬ ‫أن ‪or‬‬ ‫‪executed‬‬ ‫ﺗﺒﺤﺚ‬ ‫اﻟﺤﺮﻛﺔ‬ ‫ﻳﻌﻠﻦ‬ ‫ﻟﻠﺠامﻋﺔ‬ ‫‪ideology across‬‬ ‫‪world‬ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ‬ ‫ﻋﻦ ﺳﺒﻞ‬ ‫‪Islamic‬‬

‫اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت‬ ‫اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺿﺪ‬ ‫اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺣﺴﻨﻲ‬ ‫ﻣﺒﺎرك‬

‫‪Brotherhood slogan: “Islam is the solution” – organisation insists democratic‬‬ ‫‪values are compatible with state governed according to Islamic Sharia law‬‬

‫‪Pictures: Getty Images, Associated Press‬‬

‫رﻏﻢ أن ﺷﻌﺎر اﻟﺤﺮﻛﺔ ”اﻹﺳﻼم ﻫﻮ اﻟﺤﻞ“ ﻓﺈن ﻋﻨﺎﴏ ﰲ اﻟﺠامﻋﺔ ﺗﴫ ﻋﲆ أﻧﻪ ”ميﻜﻦ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻲ‬ ‫ﻟﻺﺻﻼح‪ ،‬ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ إﺑﺪاء اﻟﺮأي‪ ،‬ﻓﻬﺬا اﳌﻨﺎخ ﺟﻴﺪ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﺪﻋﻮات“‬ ‫اﻟﺼﻮر‪ :‬أب‪ ،‬ﺟﺘﻲ‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫فبالنسبة لهم‪ ،‬الشيء الوحيد األسوأ من‬ ‫التدخل في هذا النوع من السياسة هو‬ ‫عدم التدخل متاما»‪.‬‬

‫في القرن الرابع عشر امليالدي ـ تنبأت‬ ‫بـ«منحنى الفر» قبل ستمائة سنة من‬ ‫نشأة االقتصاديات احلديثة‪.‬‬

‫ويغفل املتشككون الذين يعتقدون بأن‬ ‫تبني اإلخوان لسياسات علمانية‪ ،‬هو مجرد‬ ‫وسيلة لتحقيق الغرض االستراتيجي‬ ‫إلقامة دولة إسالمية متشددة‪ ،‬االتساق‬ ‫بني العادات االقتصادية لإلمبراطوريات‬ ‫اإلسالمية القدمية ـ املتمثلة في التجارة‬ ‫احلرة والضرائب املنخفضة‪ ،‬والسلطة‬ ‫التنظيمية القوية ـ والليبرالية اجلديدة‬ ‫احلديثة‪ .‬فقد كان الرسول تاجرا يتمتع‬ ‫باحلس التجاري‪ ،‬وكما يقول أعضاء جماعة‬ ‫اإلخوان‪ ،‬فقد أشار رونالد ريغان إلى أن‬ ‫فلسفة ابن خلدون ـ وهو عالم إسالمي‬

‫ويقول املعلق السياسي أسامة حرب عن‬ ‫زعماء اإلخوان‪« :‬إنهم يؤيدون السوق‬ ‫ويرغبون في جذب استثمارات من اخلليج‪،‬‬ ‫وهم يعرفون أن حظر الكحوليات لن ينقذ‬ ‫االقتصاد‪ ،‬سوف يكونون معتدلني مثل‬ ‫الشعب املصري»‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫وعلى نحو افتراضي‪ ،‬سيجد اإلخوان‬ ‫أنفسهم قريبا حاملني أعباء مصر في‬ ‫مرحلة ما بعد الثورة‪ ،‬بعد مضي عام‬ ‫أدار اجمللس العسكري خالله البالد منذ‬ ‫خلع مبارك‪ ،‬لتسهيل نقل السلطة إلى‬

‫احلكم املدني‪ .‬وقد يجد اجمللس العسكري‬ ‫نفسه مجبرا قريبا على الرحيل بسبب‬ ‫عدم قدرته على حل مشكلة االقتصاد‬ ‫املتعثر وتطبيق القانون خاصة بعد اندالع‬ ‫أعمال شغب ووقوع قتلى في أعقاب‬ ‫مباراة كرة قدم أقيمت في بداية هذا‬ ‫الشهر مبدينة بورسعيد‪ .‬وسيتحمل‬ ‫اإلخوان مشاكل البالد عند رحيل اجمللس‬ ‫العسكري‪ ،‬باعتبارهم املسيطرين على‬ ‫أغلبية البرملان‪ .‬وقد جنح اإلخوان بحكمة‬ ‫في إقامة حتالف مع اجملموعات الليبرالية‪،‬‬ ‫ملشاركتهم بال شك في حتمل اللوم بشأن‬ ‫تراجع االقتصاد‪ .‬كما فضل الليبراليون‬ ‫البقاء كمعارضني‪.‬‬ ‫ويواجه البالد انخفاض قيمة العملة‬ ‫بسبب قرار غير صائب من ِقبل العسكريني‬ ‫حلماية اجلنيه املصري وسط مخاوف من‬ ‫انهيار سياسي واقتصادي‪ .‬وعلى مدى‬ ‫االثني عشر شهرا املاضية انخفضت‬ ‫معدالت احتياطي النقد األجنبي إلى‬ ‫النصف‪ ،‬لتصل إلى أقل من ‪ 18‬مليار دوالر‬ ‫أو ما يعادل واردات أربعة شهور‪.‬‬ ‫اقتصاد متداع‬ ‫وعلى الرغم من التراجع من مستويات‬ ‫القمة‪ ،‬ال تزال البالد تعاني من خروج‬ ‫االستثمارات األجنبية بشكل كبير‪ ،‬ومن‬ ‫املتوقع أن يرتفع معدل التضخم كثيرا‬ ‫والذي يقترب حاليا من ‪ 10‬في املائة في‬ ‫حالة خفض قيمة اجلنيه‪ ،‬نظرا لركود سوق‬ ‫العقارات واستمرار تراجع أعداد السائحني‬ ‫وهم مصدر هام للعملة الصعبة‪.‬‬

‫وما يزيد األمور سوءا أن من شأن خفض‬ ‫قيمة اجلنيه التأثير على املصدرين وتتسم‬ ‫صورة التنبؤات بعيدة املدى حول قيمة‬ ‫كل من اليورو واجلنيه بالقتامة‪ ،‬وهو ما‬ ‫يعني تأثر املنتجات املصرية في أكبر سوق‬ ‫لصادراتها مع األخذ في االعتبار تزايد‬ ‫حجم القاعدة الصناعية مبعدل الضعف‬ ‫خالل السنوات العشر األخيرة‪ ،‬ويرجع‬ ‫ذلك جزئيا إلى برنامج اخلصخصة اجملحف‬ ‫بل والفاسد الذي تبناه النظام السابق‬ ‫الذي لم يبذل سوى جهد قليل لتشجيع‬ ‫املصنعني على إنتاج بضائع تتمتع بدرجة‬ ‫أعلى من القيمة املضافة‪.‬‬ ‫ويقول وائل زيادة‪ ،‬رئيس قسم األبحاث في‬ ‫بنك «إي إف جي هيرمس» االستثماري‪:‬‬ ‫«تشكل السياحة والبناء والزراعة جزءا‬ ‫رئيسيا من إجمالي حجم العمالة في‬ ‫البالد‪ ،‬ومع وجود عجز جتاري كبير سوف‬ ‫يتساوى خفض قيمة العملة مع معدل‬ ‫التضخم بال توزيع لألرباح وهو ما يؤدي رمبا‬ ‫إلى اندالع اضطراب سياسي»‪.‬‬


‫‪¿’G ∑ΰTG‬‬

‫�اإح�س‪�f ≈∏Y π‬س‪î‬ت∂ الورقية‬ ‫العدد رقم ‪ - 1562‬ابريل ‪2011‬‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫العدد ‪ ،1566‬سبتمبر ‪2011‬‬ ‫مجلة العرب الدولية‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫‪‬‬

‫‪03‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬ ‫‪Issue 1562‬‬

‫‪‬‬

‫‪The Majalla‬‬

‫شؤون سياسية‬

‫حب حتى املوت‬ ‫معمر القذافي‪ ..‬األخ قائد الثورة قاهر اجلماهير‬

‫ثروة األمم‬

‫سنوات‬

‫قم بتنزيل رمز‬ ‫االستجابة‬ ‫السريعة واستعمل‬ ‫هاتفك الذكي‬ ‫لتفحص الرمز‬

‫املأزق العربي‬ ‫اضطرابات الشرق األوسط‬ ‫ومستقبل اجلمهورية العربية‬ ‫الصني متنع الياسمني‬ ‫بكني تبحث أزماتها االقتصادية وعينها على تونس ومصر‬

‫العقد املفقود‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫قم بتنزيل رمز‬ ‫االستجابة‬ ‫السريعة واستعمل‬ ‫هاتفك الذكي‬ ‫لتفحص الرمز‬

‫حوارات‬

‫‪09‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫ثروة األمم‪:‬‬ ‫احلرب والسالم‪:‬‬ ‫استثمار في املستقبل‬ ‫خصخصة احلرب‬ ‫شركات األمن اخلاص‪ ..‬ال رقيب أو حسيب األمن الغذائي‪ ..‬قنبلة زمنية بدول مجلس التعاون اخلليجي‬

‫جمال خاشقجي‪:‬‬ ‫القناة اجلديدة على ميني "اجلزيرة" ويسار "العربية"‬ ‫‪‬‬

‫حوارات‪:‬‬ ‫محمد بسيوني‪:‬‬ ‫مبارك ال يستحق منّا هذه "البهدلة"‬

‫‪‬‬

‫العدد رقم ‪ - 1563‬مايو ‪2011‬‬

‫العدد رقم ‪ - 1558‬ديسمبر ‪2010‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫مجلة العرب الدولية‬

‫ما بعد أسامة‬ ‫الربيع العربي‬ ‫ومقتل زعيم‬ ‫«القاعدة»‪..‬‬ ‫هل هي نهاية‬ ‫فورة اجلهاد‬ ‫‪05‬‬

‫‪Issue 1563‬‬

‫‪The Majalla‬‬

‫احلرب والسالم‪:‬‬ ‫االنتفاضات الشعبية‪..‬‬ ‫حالل في بالد العرب حرام في ايران‬

‫بعد نورييغا وصدام‪..‬‬ ‫أي مصير ينتظر القذافي‬

‫نبوءة سوء‬

‫رجع الصدى‬

‫نصف قرن من العداء و‪ ..‬التحالف‬

‫الربيع العربي‬ ‫‪ 10‬أوهام‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫شؤون سياسية‪:‬‬

‫حوارات‬

‫نيال فرغسون ينتقد االدارة األميركية‬ ‫ويحذ ّر من سيطرة "االخوان" على مصر‬

‫اإلسالم السياسي وأميركا‬

‫غيوم الربيع‬

‫‪Issue 1558‬‬

‫غيّرت وجه التاريخ‬

‫العدد رقم ‪ - 1565‬يوليو ‪2011‬‬

‫‪The Majalla‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫أفغانستان‪ ..‬عود على بدء‬

‫حوار‬

‫شؤون سياسية‬

‫باراج خانا‪ :‬هذا عصر «املدينة الدّولة»‬

‫األفغان ينتخبون الدوالر‬

‫‪08‬‬ ‫العدد رقم ‪ - 1560‬فبراير ‪2011‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫احلرب والسالم‬

‫نهاية دميقراطية‬ ‫لبنان‪ ..‬نظام جامد جملتمع متغير‬

‫الوضع البشري‬

‫الفصل املفقود‬ ‫الدولة العثمانية واألقليات الدينية‪ ..‬تاريخ من املذابح املسكوت عنها‬

‫بوعزيزي تونس‬ ‫يحمل أكثر من جنسية‬

‫‪Issue 1564‬‬

‫‪07‬‬

‫حوارات‬

‫جيل يحترق‬

‫‪The Majalla‬‬

‫أزمة خالفة‬

‫إيران تبحث عن مرشد لهذا الزمان‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫طارق احلميد‪:‬‬ ‫"اجلزيرة" انتقائية و "العربية" متناقضة‬

‫شؤون سياسية‬ ‫مصر اجلديدة تبحث عن‬ ‫«عدالة اجتماعية» في احلكم‬ ‫و «منوذج سويدي» في النمو‬

‫الوضع البشري‬ ‫معسكر أشرف‬ ‫في العراق‪ ..‬قرار‬ ‫باإلفناء قبل اإلخالء‬

‫بروفايل‬ ‫الشيخ عبدالفتاح مورو‪..‬‬ ‫بني مطرقة اإلخوة‬ ‫وسندان األعداء‬

‫‪01‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬ ‫‪Issue 1559‬‬

‫‪The Majalla‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫الفصول األخيرة؟‬ ‫الصراع التركي – الكردي‪ ..‬بداية النهاية‬

‫شؤون سياسية‬

‫اغتيال احللم األميركي‬ ‫سياسة اإلرهاب تغذ ّي اإلسالموفوبيا في الغرب‬

‫ثروة األمم‬

‫طريق سريع مملوء باملطبات!‬ ‫الشركات الصينية العاملة في اجلزائر في قفص االتهام‬

‫لالشتركات بالبريد‬ ‫االسم‪.................................................................................................. :‬‬

‫الهاتف‪........................................................................................... :‬‬

‫العنوان‪................................................................................................................................................................................................................. :‬‬ ‫الصندوق البريدي‪ ................................................................................. :‬الرمز البريدي‪................................................................................. :‬‬ ‫الدولة‪ ..................................................................................................... :‬البريد االلكتروني‪............................................................................. :‬‬

‫نوع االشتراك‪:‬‬

‫اشتراك ملدة عام )‪ 6‬أعداد(‬ ‫اشتراك ملدة عامني )‪ 12‬عددا ً(‬

‫افراد‬ ‫مؤسسات‬

‫‪The Majalla Magazine‬‬ ‫‪Arab Press House, 182-184 High Holborn‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP‬‬ ‫‪DDI: +44 (0)20 7539 2337‬‬ ‫‪Tel: +44 (0)20 7831 8181‬‬ ‫‪UK mobile+44 (0)7979 212 633‬‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪23‬‬


‫رفض لدولة دينية وعسكرية بعد ثورة أطاحت بالديكتاتورية‬

‫الدولي بتقدمي قرض سريع بقيمة ‪3‬‬ ‫مليارات دوالر‪ ،‬عقد أعضاء اإلخوان لقاء مع‬ ‫وفد من الصندوق في يناير (كانون الثاني)‬ ‫لبحث خطة إنقاذ أكبر قليال‪.‬‬ ‫وبالسؤال حول مدى قبول اإلخوان للتفاوض‬ ‫بشأن مثل تلك القروض‪ ،‬رغم القيود‬ ‫اإلسالمية إزاء الربا‪ ،‬قال أحد االقتصاديني‬ ‫في اجلماعة‪ ،‬إنه لن يكون هناك صراع طاملا‬ ‫أن احلصول على األموال يتم كملجأ أخير‬ ‫وبشروط عادلة‪.‬‬ ‫ولسنا بحاجة للقول بأن التعامل مع‬ ‫صندوق النقد الدولي والصهاينة‪ ،‬وإلغاء‬ ‫الدعم والسماح بارتداء البيكيني وشرب‬ ‫اخلمر‪ ،‬أمور يستقبلها االقتصاديون‬ ‫الليبراليون اجلدد في واشنطن بشكل‬ ‫أسهل‪ ،‬مقارنة بالعامة من املصريني‪.‬‬ ‫ليبرالية بوجه اسالمي‬ ‫ويرى كثير من النشطاء الليبراليني‬

‫‪22‬‬

‫والساخطني املنشقني عن اإلخوان‪ ،‬فرقا‬ ‫طفيفا بني اإلخوان والنظام السابق‪.‬‬ ‫فيقول إبراهيم عيسى‪ ،‬وهو ناشط وناشر‬ ‫تو�صيات‪:‬‬ ‫* تطهير املعامالت االقتصادية من الرشوة ونفوذ‬ ‫احلّكام والبذخ والترف والربا واملكوس (الضرائب‬ ‫الظاملة) وكل صور أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬ ‫* ضبط النظام النقدي في إطار الغطاء الذهبي‬ ‫للمحافظة على قيمة النقد‪.‬‬ ‫* حترير االقتصاد القومي من التبعية املطلقة‬ ‫وتأمني من النفوذ األجنبي‪.‬‬ ‫* تشجيع امللكيات اخلاصة الصغيرة‪ ،‬وأن تأخذ‬ ‫دورها في التنمية الشاملة‪.‬‬ ‫* االلتزام باألولويات اإلسالمية‪ :‬الضروريات‬ ‫فاحلاجيات‪.‬‬ ‫* تطبيق نظام زكاة املال‪ ،‬وترشيد وإصالح النظام‬ ‫الضريبي ليحقق العدالة االجتماعية‪.‬‬ ‫* االستفادة باملوارد الطبيعية‪ ،‬والتحول إلى‬ ‫الصناعة‪ ،‬لتنويع مصادر الدخل القومي‪.‬‬

‫ليبرالي‪« :‬اإلخوان املسلمون يريدون سوقا‬ ‫حرة بفساد أقل‪ ،‬لذا ليس هناك تغير‬ ‫حقيقي»‪.‬‬ ‫ويرفض اإلخوان حتى اآلن التسليم بأسوأ‬ ‫مخاوف النقاد من السيطرة اإلسالمية‪،‬‬ ‫والتي متثل تطورا مشابها في تونس‪ ،‬حيث‬ ‫فاز حزب النهضة اإلسالمي املعتدل بـ‪40‬‬ ‫في املائة من مقاعد البرملان في االنتخابات‬ ‫األخيرة‪ .‬وهم يشبهون اإلخوان‪ ،‬حيث‬ ‫يعارض حزب النهضة رسميا‪ ،‬التفسيرات‬ ‫املتشددة للدين ويفضل األسواق‬ ‫احلرة وإرساء شبكة قوية من الضمان‬ ‫االجتماعي‪ .‬ويغازل كالهما القادة األثرياء‬ ‫في منطقة اخلليج العربني الذين يخشى‬ ‫العديد منهم العملية الدميقراطية التي‬ ‫أوصلت تلك اجلماعات إلى السلطة‪ ،‬إال‬ ‫أنهم مضطرون لقبول نتائجها‪.‬‬ ‫ويقول دبلوماسي غربي في القاهرة‪« :‬إن‬ ‫قادة اخلليج يراقبون كل ذلك عن كثب‪،‬‬


‫حذر مسؤل بارز في جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني مبصر‪ ،‬في أوائل فبراير (شباط)‬ ‫من إمكانية حتول الثورة السلمية التي‬ ‫أدت إلى خلع حسني مبارك إلى ثورة جياع‬ ‫مفجعة‪ ،‬في حال عدم بذل جهود دولية‬ ‫إلنقاذ اقتصاد مصر املضطرب‪.‬‬ ‫وفي حواره مع «واشنطن بوست»‪ ،‬يقول‬ ‫خيرت الشاطر‪ ،‬املتوقع توليه منصب رئيس‬ ‫الوزراء املقبل‪« :‬إن التحول الدميقراطي في‬ ‫مصر على احملك‪ ،‬ننصح بشدة األميركيني‬ ‫واألوروبيني مبساندة مصر خالل هذه الفترة‬ ‫احلرجة‪ ،‬تعويضا عن السنوات الطويلة التي‬ ‫ساندوا خاللها الديكتاتورية الوحشية»‪.‬‬ ‫عقود من العزلة‬ ‫وتأتي تصريحات الشاطر جريئة بشكل‬

‫ملحوظ‪ ،‬وذلك بالنظر إلى العزلة بني‬ ‫واشنطن واإلخوان على مدى عقود‪ ،‬فمنذ‬ ‫نصف قرن‪ ،‬اتفق اجلانبان على التواطؤ ضد‬ ‫عدوهما املشترك جمال عبد الناصر‪ ،‬وكان‬ ‫حتالفا تكتيكيا‪ ،‬انتهى مبوت عبد الناصر‬ ‫عام ‪ 1970‬ورفض اإلخوان ملعاهدة السالم‬ ‫بعد ذلك بتسع سنوات‪.‬‬ ‫وقد دأب أعضاء اإلخوان خالل عصر مبارك‬ ‫على إدانة الواليات املتحدة ملساندة نظام‬ ‫فاسد وخبيث‪ ،‬على حساب الشعب‬ ‫املصري‪ ،‬حيث كان االتصال بني اجلانبني‬ ‫محظورا بشكل كبير ـ إن لم يكن‬ ‫محظورا متاما ـ من ِقبل واشنطن‪.‬‬ ‫ويرى الشاطر أن خروج مبارك من السلطة‪،‬‬ ‫وتزامن ذلك مع صعود اإلسالميني‬ ‫وسيطرتهم على نصف مقاعد البرملان‬ ‫جراء انتخابات حرة‪ ،‬هو أمر يضع واشنطن‬ ‫في موقف سيئ إزاء التغيير الكبير‪ ،‬الذي‬ ‫وقع في قلب العالم العربي‪ .‬فيقول إن‬ ‫تواصل إدارة أوباما مبصر اجلديدة‪ ،‬ليس إال‬ ‫مجرد شعارات‪ ،‬فمن دون مساندة أميركية‬ ‫واضحة سيكون من املستحيل إعادة جذب‬ ‫االستثمارات األجنبية التي حتتاجها البالد‬ ‫بشدة‪« ،‬فمصر تواجه أزمة اقتصادية‪ ،‬وإذا‬ ‫حدث انهيار ستتأثر مصالح اجلميع في‬ ‫املنطقة»‪.‬‬ ‫ويحمل تلميح الشاطر شقني‪ :‬األول‬ ‫استعداد قادة اجلماعة للحفاظ على القيم‬ ‫العلمانية لسياسات مبارك االقتصادية‬ ‫واخلارجية على أساس االحترام املتبادل‪،‬‬ ‫والثاني يشير إلى أن االقتصاد املصري‪ ،‬رمبا‬ ‫يكون في حالة أسوأ مما يبدو‪ ،‬وذلك كنتاج‬ ‫حلجب البيانات االقتصادية من قبل النظام‬ ‫القدمي أو تزييفها‪.‬‬ ‫وكانت جماعة اإلخوان قد أعلنت‪ ،‬قبل‬ ‫أسابيع من حوار الشاطر‪ ،‬أنها ستعترف‬ ‫مبعاهدة السالم مع إسرائيل‪ ،‬واملناطق‬ ‫الصناعية املشتركة بني اجلانبني‪ ،‬كما‬ ‫طمأنت شركات السياحة بأن اجلماعة‬ ‫لن تدعم التشريع الذي يرحب به بعض‬ ‫احملافظني املتشددين من اإلسالميني‪ ،‬والذي‬ ‫يحرم بيع اخلمور ويجرم ارتداء السيدات‬ ‫للمايوه على الشواطئ‪.‬‬ ‫كما أعلن قادة اإلخوان أنهم ال يعارضون‬ ‫اخلصخصة‪ ،‬وأنهم اعترفوا باحلاجة‬ ‫إلصالح أنظمة الرعاية االجتماعية العامة‬ ‫وشبكة الدعم احلكومي الضخمة‪ ،‬والتي‬ ‫تؤدي إلى إهدار امليزانية‪.‬‬ ‫واألهم من ذلك أنه في أعقاب رفض‬ ‫احلكومة املصرية حتت إدارة القيادة‬ ‫العسكرية‪ ،‬عرضا من صندوق النقد‬

‫اقت�صاد الإخوان من خالل ر�ؤية ح�سن البنا‬ ‫‪ - 1‬اعتبار املال لصالح قوام احلياة‪ ،‬ووجوب احلرص‬ ‫عليه‪ ،‬وحسن تدبيره ومتيزه‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إيجاب العمل والكسب على كل قادر‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الكشف عن منابع الثروات الطبيعية‪ ،‬ووجوب‬ ‫االستفادة من كل ما في الوجود من قوى ومواد‪.‬‬ ‫‪ - 4‬حترمي موارد الكسب اخلبيث‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تقريب الشقة بني مختلف الطبقات‪ ،‬تقري ًبا يقضي‬ ‫على الثراء الفاحش والفقر املدقع‪.‬‬ ‫‪ - 6‬الضمان االجتماعي لكل مواطن‪ ،‬وتأمني حياته‪،‬‬ ‫والعمل على راحته وإسعاده‪.‬‬ ‫‪ - 7‬احلث على اإلنفاق في وجوه اخلير‪ ،‬وافتراض التكافل‬ ‫بني املواطنني‪ ،‬ووجوب التعاون على البر والتقوى‪.‬‬ ‫‪ - 8‬تقرير حرمة املال‪ ،‬واحترام امللكية اخلاصة‪ ،‬ما لم‬ ‫تتعارض مع املصلحة العامة‪.‬‬ ‫‪ - 9‬تنظيم املعامالت املالية بتشريع عادل رحيم‪،‬‬ ‫والتدقيق في شئون النقد‪.‬‬ ‫‪ - 10‬تقرير مسئولية الدولة في حماية هذا النظام‪.‬‬

‫توجيهات‪:‬‬ ‫‪ - 1‬حظر استخدام السلطة والنفوذ للحصول على‬ ‫مغامن مالية‪ ،‬أو نحوها دون وجه حق‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬ ‫الرشوة والهدايا للحكّام واألمراء واستغالل النفوذ‬ ‫والسلطان للكسب احلرام‪ ،‬واالنتفاع الشخصي من موارد‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬استغالل النقد‪ ،‬واعتماده على رصيد فعلي من‬ ‫الذهب‪ ،‬وكان في ذلك الوقت يقصد لذلك حترير النقد‬ ‫املصري من التبعية للخزانة البريطانية‪ ...‬وكأنه يحذ ِّر‬ ‫من أن يكون النقد الوطني معتم ًدا على النقد األجنبي‬ ‫من دوالر ونحوه مهما كان هذا األجنبي‪.‬‬ ‫‪ - 3‬متصير الشركات األجنبية وإحالل رؤوس األموال‬ ‫الوطنية محل رؤوس األموال األجنبية‪ ،‬وكأن املثال‬ ‫الواضح في ذلك الوقت‪ :‬قناة السويس والبنوك‬ ‫األجنبية‪.‬‬ ‫‪ - 4‬حسن استغالل الثروة الطبيعية‪ ،‬مبا يحقق للوطن‬ ‫اخلير مثل اخليرات املدفونة في األرض واملياه والهواء‪،‬‬ ‫واالهتمام باملشروعات الوطنية الكبرى التي تهتم‬ ‫بالبنية االقتصادية األساسية‪ ،‬وضرورة غزو الصحراء وعدم‬ ‫االعتداء على األرض الزراعية‪.‬‬ ‫‪ - 5‬التحول إلى الصناعة‪ ،‬لتسهم في التنمية الشاملة‬ ‫للمجتمع وعدم االعتماد فقط على الزراعة كمورد‬ ‫أساس رصيد دولة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬تشجيع امللكيات اخلاصة الصغيرة ودعمها‪ ،‬حتى‬ ‫يشعر الفقراء املعدومون بأنه قد‬ ‫أصيح لهم في هذا الوطن ما يعنيهم أمره‪ ،‬ويهمهم‬ ‫شأنه‪ ،‬وأن توزع أمالك احلكومة على هؤالء الصغار حتى‬ ‫يكبروا‪ ،‬واحلد من سلطان امللكيات الكبيرة التي تؤثر على‬ ‫احلكم والبيئة‪.‬‬ ‫‪ - 7‬تنظيم وترشيد الضرائب لتحقق التنمية‬ ‫االجتماعية وإعفاء الفقراء منها‪ ،‬وتطبيق نظام زكاة‬ ‫املال التي جتني من األغنياء‪ ،‬فترد على الفقراء وحتقق‬ ‫اخلير للجميع‪.‬‬ ‫‪ - 8‬محاربة الربا والقضاء على كل تعامل على أساسه‪،‬‬ ‫وال سيما بعد أن أخذت بعض النظم االقتصادية مبنعه‪،‬‬ ‫ولقد ثبت يقينًا بأن دوالب االقتصاد ميكن أن يسير بدونه‪.‬‬ ‫‪ - 9‬تشجيع الصناعات اليدوية املنزلية لتحقيق التنمية‬ ‫الذاتية للعائالت الفقيرة‪ ،‬ومن هذه الصناعات‪ :‬الغزل‬ ‫والنسيج‪ ،‬الصابون‪ ،‬العطور‪ ،‬املربات‪ ،‬وميكن تشغيل‬ ‫النساء والبنات واألوالد فيها بعض الوقت‪.‬‬ ‫‪ - 10‬االهتمام بالضروريات واحلاجيات والتقليل من‬ ‫الكماليات وحترمي اإلسراف والتبذير والترف الذي يؤدي إلى‬ ‫تبديد املوارد بدون عائد نافع ومشروع‪.‬‬ ‫* موقع إخوان أونالين‬


‫هل ينجح اإلخوان في إنقاذ اقتصاد مصر؟‬

‫ّ‬ ‫خطة الب ّنا‬

‫يرسم برنامج اإلخوان من أجل إنقاذ االقتصاد املصري املتعثر‪ ،‬مسارا واقعيا بني جانبني متناقضني‪ :‬االقتصاد اخلاضع إلدارة الدولة في‬ ‫اليسار‪ ،‬والرأسمالية الصديقة في اليمني‪ .‬ولكن بالنظر إلى حجم التحديات االقتصادية‪ ،‬ميكن القول إن أكثر ما يثير مخاوف العالم من‬ ‫مصر حتت إدارة اإلسالميني هو غياب احللول‪.‬‬ ‫ستيفن غلني‬

‫آيات قرآنية على اجلدران‪ ..‬هل حتتاج مصر ألكثر من «االسالم هو احلل»!‬

‫‪20‬‬



‫شؤون سياسية‬

‫بالسالسل‪ ،‬ودق الطبول والصنوج واملزامير‪،‬‬ ‫وما يجري عادة في عاشوراء باسم احلزن‬ ‫على أبي عبد اهلل احلسني»(اخلليلي‪ ،‬هكذا‬ ‫عرفتهم)‪.‬‬ ‫ثم أصدر أبو احلسن فتوى قضت بتحرمي‬ ‫سماع قراءة اخلطيب صالح احللي (ت ‪)1940‬‬ ‫من على املنبر احلسيني‪ ،‬وكان من ألد أعداء‬ ‫احلركة اإلصالحية‪ ،‬وأخذ يكثر الهجوم على‬ ‫املرجع السيد أبي احلسن‪ ،‬وهي فتوى‪ ،‬حسب‬ ‫التقاليد الفقهية «تفسيقية»‪ ،‬وسبب‬ ‫إصدارها «التصرف بعقول النَّاس تصرفا ً‬ ‫عجيبا ً»(نفسه)‪ .‬واحللي هو الذي جترأ على‬ ‫السيد األمني بالقول‪« :‬يا راكبا ً أما مررت‬ ‫بجلق‪ ..‬فأبصق بوجه أمينها املتزندق»‪ ،‬وقيل‬ ‫إنه ألحد الشعراء العامليني (نفسه)‪ .‬إال‬ ‫أن شاعرا ً جنفيا ً مثل الشاعر املطبوع مهدي‬ ‫احلجار(ت ‪ )1939‬وقف ذابا ً عن السيد األمني‪،‬‬ ‫«تأس يا ُمحسن في ما لقيت مبا‬ ‫ومما خاطبه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ..‬القاه جدك من بغي ومن حس ِد»‪.‬‬ ‫العوام‬ ‫حاول مثقفون إحياء تلك احلركة من منابرهم‬ ‫في املدارس والصحف فتقدم املدرسان‬ ‫واملثقفان حينها (األربعينيات) محمد شرارة‬ ‫وجاسم رَجب‪ ،‬التبشير بإصالح عاشوراء‬ ‫وسط مدينة احللة‪ ،‬إلبعاد طلبة الثانوية‬ ‫عن األوهام وما ينصاع له العوام من العويل‬ ‫والبكاء واللطم‪ ،‬لكن جتار املواكب أنزلوا‬ ‫مواكبهم يرددون الطمني الصدور مناشدين‬ ‫احلسني‪« :‬يَردون اسمك ينمحي جاسم رجب‬ ‫وشرارة»(بلقيس شرارة‪ ،‬شرارة من اإلميان إلى‬ ‫ِ‬ ‫الفكر)‪ ،‬واحلقيقة أنهم يخافون على جتارتهم‪.‬‬

‫بعد سوريا ولبنان والعراق وصلت املعركة‬ ‫إلى الهند وإيران‪ ،‬وحيث يوجد الشيعة‪ ،‬لكنه‬ ‫بعد وفاة صاحب «التَّنزيه»‪ ،‬تغلبت الرجعية‬ ‫الدينية على التقدم واإلصالح الدينيني أيضاً‪،‬‬ ‫وظل اجملتهدون بني مشجع للغوغاء ومحايد‪،‬‬ ‫ليس لقناعة‪ ،‬إمنا خشية على اجلاه واملركز‬ ‫الديني‪ ،‬وهو كما نعلم ال يأتي عبر تعيني‪،‬‬ ‫بقدر ما يأتي عبر سعة جمهور املُقلدين‪ ،‬لكن‬ ‫بادرة اإلصالح لم متت‪ ،‬إمنا أظهرت بالكاظمية‬ ‫بعد دمشق والنَّجف‪ ،‬هذا ما سنراه في املقال‬ ‫القادم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الشهرستاني على طريق‬ ‫سار هبة الدِّين‬ ‫املصلح اجملتهد السيد محسن األمني في‬ ‫محاولة تنقية مراسم عاشوراء من الفوضى‪،‬‬ ‫فإذا كان العلماء املصلحون تلمسوا احلاجة‬ ‫إلى إصالح العزاء احلسيني‪ ،‬قبل أكثر من مائة‬ ‫عام‪ ،‬وإخوان الصفا قبل أكثر من ألف عام‪،‬‬ ‫فكم ستكون احلاجة مضاعفة وضرورية وها‬ ‫هي البشرية تعيش األلفية الثالثة‪ ،‬وعصر‬ ‫تأهيل السياحة إلى الفضاء!‬ ‫فما فعله الشهرستاني‪ ،‬بعد االنتقال إلى‬ ‫‪18‬‬

‫جلد للذات‬

‫الكاظمية غربي بغداد‪ ،‬عني ما فعله األمني‬ ‫بدمشق‪ ،‬لقد «قلب سيرة الكاظمية في‬ ‫اليوم العاشر من احملرم من ضرب القامة إلى‬ ‫إقامة حفل عظيم تتلى فيه أسرار نهضة‬ ‫احلسني من ِقبل أعالم الكتاب والشعراء‪،‬‬ ‫وثابر على ذلك سبعة أعوام‪ ،‬كانت نتائجها‬ ‫متأل اجملالت والصحف‪ ،‬وتُوجد الكتب القيمة‬ ‫في املوضوع نفسه‪ .‬ومن نتائجها األعداد‬ ‫اخلاصة بذكرى احلسني جمللتي البيان‪ .‬كل ذلك‬ ‫كان يسعى إليه ليقلب صفحة التفكير‪،‬‬ ‫ويوقف النَّاس على فهم الدين الصحيح‪ ،‬وما‬ ‫يريده األئمة (ع) من سعادة للنَّاس»(شعراء‬ ‫الغري)‪.‬‬ ‫أعداء‬

‫النَّاس طائفة قد جعلت التشيع مكسبا ً لها‬ ‫مثل النَّاحة والقصاص (سرد قصة احلسني مبا‬ ‫يؤثر ويهيج العواطف) ال يعرفون من التشيع‬ ‫إال التبري والشتم والطعن والل َّعنة والبكاء‬ ‫مع النَّاحة»(الرسالة السابعة‪ ،‬كيفية‬ ‫الدعوة إلى اهلل)‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الشهرستاني اإلصالحية حترمي‬ ‫فمن دعوة‬ ‫الضرب بالقامة في عاشوراء «ونبذ العادات‬ ‫الوحشية من ضرب السالسل»(اخلاقاني‪،‬‬ ‫شعراء الغري)‪ ،‬ومن محاوالته للتغيير في‬ ‫طقوس عاشوراء إشغال العامة عن التطبير‬ ‫بالقامة والتسوط بالسالسل برعاية «حفل‬ ‫عظيم تتلى فيه أسرار نهضة احلسني من‬ ‫ِقبل أعالم الكُتاب والشعراء‪ ،‬وثابر على ذلك‬ ‫سبعة أعوام‪ .‬كانت نتائجها متأل اجملالت‬ ‫والصحف‪ ،‬وتوجد الكتب القيمة في املوضوع‬ ‫نفسه»‪ .‬كل ذلك سعيا ً منه لقلب صفحة‬ ‫التفكير السائدة‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬لكل نهضة وحركة إصالح أعداء‪،‬‬ ‫يذودون عن مصاحلهم اخلاصة وجتاراتهم‪،‬‬ ‫وإن كانت على حساب التقدم والتمدن‪،‬‬ ‫وااللتحاق بالركب العاملي‪ ،‬وهذا ما ال يروق‬ ‫للمغرضني‪ ،‬فتكاثروا وحشدوا حولهم اجلموع‬ ‫«إلرجاع العوام إلى حضيرة اجلهل والفناء‬ ‫وتغلبوا»(نفسه) أخيرا ً اضطر صاحب‬ ‫الدَّعوة إلى اللجوء إلى بيته بعد يأسه من‬ ‫وجود مرجع مثل السيد أبي احلسن‪ ،‬يدعم‬ ‫اإلصالح‪ .‬جلأ إلى بيته بعد أن قضى سنوات‬ ‫داعما ً إلصالح العزاء والنهي عن التطبير‬ ‫والتسوط بالسالسل واللطم‪ ،‬وكل املشاهد‬ ‫املؤذية‪ ،‬التي ال تترك سوى احلماسة للثأر‪،‬‬ ‫تلك التي كشف خطورتها إخوان الصفا‬ ‫وخالن الوفا من قبل ألف عام ويزيد (العاشر‬ ‫امليالدي)‪.‬‬

‫مصلحون على حد عبارة محمد مهدي‬ ‫اجلواهري (ت ‪« :)1997‬جريئون في ما يدَّعون‬ ‫فاة»(من قصيدة الرجعيون ‪.)1929‬‬ ‫كُ‬ ‫ِ‬

‫لقد انتقد إخوان الصفا اجلماعات نفسها‬ ‫التي انتقدها وتصدى ضد جتهيلها الروحانيان‬ ‫والعاملان كانا‬ ‫األمني والشهرستاني‪ ،‬واالخوان‬ ‫ِ‬ ‫من الشيعة ال من خارجهم‪ ،‬قالوا‪« :‬ومن‬

‫اخليون ‪ -‬باحث عراقي متخصص في الفلسفة‬ ‫د‪ .‬رشيد ّ‬ ‫اإلسالمية‪ .‬من كتبه «‪ 100‬عام من اإلسالم السياسي‬ ‫بالعراق»‪.‬‬

‫إذا كانت األيام اخلوالي بحاجة إلى هزة‬ ‫عقلية تفتح أذهان النَّاس على اإلصالح‬ ‫وبناء دولة تواكب بقية دول العالم‪ ،‬ولتوفر‬ ‫حياة ملواطنيها تتناسب ثقافيا ً وحضاريا ً مع‬ ‫عظمة الث َّرة فيها‪ ،‬فإن هذه األيام بحاجة إلى‬ ‫مصلحني يأخذون على عواتقهم وقف هذا‬ ‫التجهيل الساري في عروق اجملتمع‪.‬‬


‫محسن األمني(‪ )-1952 1867‬بكثير‪،‬‬ ‫حلقبة الصفوية وما‬ ‫لشذيب ما دخلها في ا ِ‬ ‫بعدها‪ ،‬ما اجتاحها من ترهات وممارسات دامية‬ ‫وانفعالية‪ ،‬لم يسلم من أذاها حتى األطفال‪،‬‬ ‫يظهرون متسوطني ومنهم يتطبرون‪ ،‬لتغرس‬ ‫في ذاكرتهم روح الثأر حتت شعار «يا لثارات‬ ‫احلسني»‪ ،‬أو «ثأر اهلل وثأر ثأره»‪ ،‬التي‬ ‫تشير ملَنْ ال يشارك فيها هو املقصود بدم‬ ‫احلسني‪ .‬إال أن ما ظهر من محاوالت إصالح‬ ‫قبل األمني‪ ،‬لم يتقدم أصحابها لتحقيقها‬ ‫بالقول والفعل‪ ،‬إمنا ظل الغالب منها مجرد‬ ‫فتاو وآراء‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫الدولة الصفوية‪ ،‬كيف أن هذا الغلو بدأ ِمن‬ ‫السياسة‪.‬‬ ‫أجل ِّ‬ ‫قال محمد بن سليمان التنكابني(كان صنف‬ ‫كتابه عام ‪« :)1873‬التمثيل من مخترعات‬ ‫الصفوية‪ ،‬وملا ظهر مذهب التشيع في بالد‬ ‫َّ‬ ‫الصفويني أمروا الذاكرين بإنشاد‬ ‫إيران‪ ،‬وحكم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الشهداء(ع)‪ ،‬لكن الناس لم‬ ‫مصيبة سيد‬ ‫تكن تبكي‪ .‬ألن املذهب لم يترسخ بعد في‬ ‫نفوسهم فاخترعوا التمثيل لعلَّ النَّاس تتألم‬ ‫من مشاهدة مصائب سيد الشهداء (ع)‬ ‫وترق قلوبهم‪ ،‬وسمي هذا العمل بالتعبئة‪،‬‬ ‫وهي مبعنى االختراع أيضاً‪ ،‬وهذه التعبئة لم‬ ‫تكن موجودة في األزمنة السابقة باالتفاق‪.‬‬ ‫والعلماء مختلفون في جوازه‪ ،‬واألكثر على‬ ‫التحرمي‪ ،‬ومن جملة القائلني باحلرمة قطب‬ ‫الفقهاء واجلاللة والنباهة والفطانة والذكاوة‬ ‫الشيخ جعفر النجفي»(قصص العلماء)!‬ ‫واملقصود هو الشيخ جعفر الكبير كاشف‬ ‫الغطاء (ت ‪.)1812‬‬ ‫كان املال محمد تقي البرغاني القزويني‬ ‫(‪ 13‬الهجري)‪ ،‬املعروف بالشهيد الثالث‬ ‫«مينع متثيل حادثة كربالء في مصيبة سيد‬ ‫الشهداء(ع)‪ ،‬وكان مينع من الغناء في املراثي‪،‬‬ ‫وإنشاد مصائب األئمة»(نفسه)‪ .‬وأردف‬ ‫التنكابني‪« :‬التعبئة (ما يتعلق ما ميارس‬ ‫بعاشوراء) في ذلك الزمان لم تكن‪ ،‬ال موجودة‬ ‫وال مستعملة‪ ،‬بل لم تكن موجودة أصال ً‪ .‬والذي‬ ‫كان موجودا ً في ذلك الزمان النَّواح‪ .‬والنائحون‬ ‫طائفة من النّساء تنوح عند النّساء والرّجال‬ ‫تنوح عند الرّجال‪ ،‬يذكرون امليت ومناقبه‬ ‫ومفاخره ويبكون احلضور‪ ،‬ويأخذون األجرة‪.‬‬ ‫كما ذكر الفقهاء املسألة في كتاب املتاجر‪،‬‬ ‫حتت عنوان أجرة النائحة»(نفسه)‪.‬‬ ‫صحيح أن البويهيني قد جعلوا يوم عاشوراء‬ ‫يوما ً رسمياً‪ ،‬عند حكمهم لبغداد (‪334‬‬ ‫‪ -447‬هـ)‪ ،‬ففي السنَّة ‪352‬هـ «عاشر محرَّم‬ ‫أمر معز ُّ الدولة النَّاس أن يغلقوا دكاكينهم‪،‬‬ ‫ويبطلوا األسواق والبيع والشراء‪ ،‬وأن يظهروا‬ ‫النّياحة…»(ابن األثير‪ ،‬الكامل في التاريخ)‬ ‫– في مابعد صار يوم عاشوراء عطلة رسمية‬ ‫منذ تأسيس الدولة العراقية احلديثة(الدليل‬ ‫العراقي ‪ ،)1936‬وفي زمن اجلمهورية‬ ‫أخذت تُقرأ قصة مقتل احلسني من اإلذاعة‬ ‫العراقية‪ ،‬وبصوت اخلطيب عبد الزهراء‬ ‫الكعبي(ت ‪ -)1974‬لكن قبل تبنيها من‬ ‫قبل السلطة كانت مأثرة احلسني يستذكرها‬ ‫النَّاس طواعية بإظهار احلزن بالنّياحة شعرا ً‬ ‫وترتيالً‪ ،‬وهي مطابقة إلى ح ٍّد بعيد ملا أورده‬ ‫الطبري (ت ‪ 310‬هـ) في تاريخه‪.‬‬ ‫أما ما استجد في العهد الصفوي فهو بدل‬ ‫اليوم الواحد من عاشوراء‪ ،‬العاشر‪ ،‬أصبح‬ ‫عشرة أيام‪ ،‬بداية من أول يوم محرم‪ ،‬ثم تستمر‬ ‫اجملالس احلسينية حتى العشرين من صفر‪،‬‬ ‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫محمد مهدي اجلواهري‬

‫حيث عودة رؤوس القتلى إلى كربالء‪ ،‬ودخل‬ ‫في مراسم عاشوراء اللطم‪ ،‬وجلد األبدان‪،‬‬ ‫واختالق الكثير من الروايات‪ ،‬لزيادة احلزن‬ ‫وبعث البكاء‪ ،‬مثلما أشار صاحب “ّقصص‬ ‫العلماء» أعاله‪ .‬وإسماعيل الصفوي(ت‬ ‫‪ )1524‬كان أول َمنْ أدخل إلى احلزن احلسيني‪،‬‬ ‫الذي كان يجري مبراث ومدائح أدبية‪« ،‬مجلس‬ ‫التعزية»(الوردي‪ ،‬حملات اجتماعية)‪ ،‬و»تنظيم‬ ‫االحتفال بذكرى استشهاد احلسني على النحو‬ ‫املبالغ فيه‪ ،‬الذي بقي إلى اآلن»(الشيبي‪،‬‬ ‫الطريقة الصفوية)‪.‬‬ ‫الوهم‬ ‫أبرز ما فعله إسماعيل الصفوي‪ ،‬املتحدر من‬ ‫أصل ُسنَّي تركي وقيل كُردي‪ ،‬هو إدخال النوازع‬ ‫الصوفية على قضية احلسني‪ .‬فالصفوية‬ ‫باألصل طريقة صوفية أريد لها تشكيل‬ ‫دولة تواجه الدولة العثمانية عبر املواجهة‬ ‫بني املذهبني‪ ،‬والقارئ للحوادث بني الدولتني‬ ‫يتوهم كأن املواجهة جتري بني إمامي املذهب‪،‬‬ ‫وهي ليست كذلك‪ .‬على أية حال‪ ،‬هناك َمنْ‬ ‫برز من علماء املذهب قلقا ً على التشيع‪،‬‬ ‫حتى أن اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية منعت‬ ‫العام ‪ 1995‬تلك املمارسات‪ ،‬وحينها صرح‬ ‫مرشد الثورة آية اهلل علي خامنئي ضدها‬ ‫قائال ً‪« :‬التي تظهر الشيعة كأنهم يعيشون‬ ‫الوهم‪ ،‬وال يعبرون العقل أي أهمية»(النجفي‪،‬‬ ‫ثورة التنزيه)‪ .‬لقد تقبل اجملتمع اإليراني منع‬ ‫التسوط بالسالسل والتطبير بالقامات‪ ،‬وهو‬ ‫الذي ظل ميارسها لقرون عديدة‪ ،‬فمتى يصدر‬ ‫بالعراق‪ ،‬ولو ترغيب وتثقيف رسمي ضدها‪،‬‬ ‫لتطويق ما يؤثر منها على الذائقة العامة‪،‬‬ ‫وتقدمي الشيعة «كأنهم يعيشون الوهم»‬ ‫بعينه!‬

‫ظهرت حركات إصالحية عديدة لطقوس‬ ‫عاشوراء‪ ،‬تبناها مجتهدون قبل السيد‬

‫فما أن ترك النَّجف إلى الشام(‪،)1901‬‬ ‫ليكون مرجع الطَّ ائفة الشيعية بدمشق‪،‬‬ ‫بدأ بتنفيذ إصالحه وعلى مراحل‪ :‬مقاطعة‬ ‫اجملالس التي تُعقد عند مقام السيدة زينب‪،‬‬ ‫وإقامة حفل في املناسبة تقرأ فيه قصة‬ ‫استشهاد احلسني‪ ،‬وبعد عامني تقدم بقوة‬ ‫ملنع ما كان يحدث بعاشوراء‪ ،‬وكثر املنصاعون‬ ‫له فاكتفوا بقراءة سيرة احلسني وفضائل أهل‬ ‫البيت‪ ،‬من دون لطم وتطبير وتسويط‪ ،‬بل‬ ‫تقدم من شباب الشيعة هناك ملنعها «بقوة‬ ‫السواعد»(النجفي‪ ،‬ثورة التَّنزيه)‪ .‬وظلت‬ ‫مناسبات عاشوراء‪ ،‬من كل عام‪ ،‬متارس مبقام‬ ‫السيدة زينب‪ ،‬مبا رسم لها األمني‪ ،‬بعدها حتول‬ ‫من احمللية إلى الفضاء األرحب‪ ،‬فكتب كتاب‬ ‫السنية» قائال ً‪« :‬إن ما يفعله جملة‬ ‫«اجملالس َ‬ ‫بالسيوف أو‬ ‫من النَّاس من جرح أنفسهم‬ ‫ّ‬ ‫الل َّطم املؤدي إلى إيذاء البدن‪ ،‬هو من تسويالت‬ ‫الشيطان وتزيينه سوء األعمال»(نفسه‪ ،‬عن‬ ‫اجملالس)‪.‬‬ ‫الكذب‬

‫أصدر األمني‪ ،‬معارضا ً َمنْ اعتبر تلك املمارسات‬ ‫واجب شرعيا‪ ،‬رسالة «التَّنزيه» (‪،)1928‬‬ ‫وهي مبثابة دستور حركته اإلصالحية‪.‬‬ ‫بحثت عنها لسنوات‪ ،‬حتى ُخيل لي أنها‬ ‫أُحرقت شأنها شأن كتب املعتزلة وابن رشد‪،‬‬ ‫فال وجود لها إال ملحقة بكتابه «أعيان‬ ‫الشيعة»‪ ،‬وبكتاب «ثورة التَّنزيه» حملمد‬ ‫قاسم النجفي‪ ،‬حتى حصلت على نسختها‬ ‫األصل من مكتبة املربي يونس هادي‪ ،‬الذي‬ ‫راح ضحية حوادث العنف (‪ ،)1991‬ضمن‬ ‫ما جمع من كتب قيمة ملكتبته بالنَّجف‪.‬‬ ‫حدد األمني اإلساءة للحسني وعاشوراء‪ ،‬عبر‬ ‫النقاط اآلتية‪ :‬الكذب في املنابر واحملافل‪ ،‬إيذاء‬ ‫النَّفس‪ ،‬استعمال آالت اللهو‪ ،‬تَشبَّه الرِّجال‬ ‫بالنّساء في متثيل املعركة‪ ،‬إركاب النَّساء على‬ ‫الهوادج بعمل مسرحي‪ ،‬غير الئق‪ ،‬وهن َّ بنات‬ ‫بيت النَّبوة‪ ،‬صياح النَّساء والزعيق باألصوات‬ ‫املنكرة‪ ،‬وما فيها من هتك وشنيعة(التَّنزيه)‪.‬‬ ‫أما النَّجف فكانت ممثلة بالسيد أبو احلسن‬ ‫األصفهاني (ت ‪ ،)1946‬وكان من عظماء‬ ‫مراجع الشيعة‪ ،‬حرم «ضرب الرؤوس‬ ‫بالسيوف‪ ،‬ولطم الصدور‪ ،‬وضرب الظهور‬ ‫ّ‬ ‫‪17‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫عاشوراء مناسبة يحييها الكبار والصغار‬

‫جتار ِّ‬ ‫السياسة واملناسبة يختطفون «احلسني»‪ ..‬واحلاجة إلى مصلحني ُكفاة‬

‫َ‬ ‫عراق األحزان‬

‫العراق في هذين‬ ‫كلما متر ذكرى عاشوراء‪ ،‬والتي تصادف العاشر ِمن محرم‪ ،‬ثم تعقبها ذكرى ما عُ رف بزيارة األربعني‪ ،‬في العشرين ِمن صفر‪ ،‬يكون ِ‬ ‫الشهرين‪ ،‬ومناسبات أُخر ال تُعد ِمن وفيات ووالدات األئمة االثني عشر‪ ،‬عند ِّ‬ ‫َّ‬ ‫الشيعة‪ ،‬معطال ً ِمن كلِّ شيء‪ ،‬فال دوائر تعمل وال مدارس تُعلّم‪.‬‬ ‫اخليون‬ ‫د‪ .‬رشيد ّ‬ ‫القصة على ما يبدو ليست ديانة أو حرصا ً‬ ‫على تلك الطقوس‪ ،‬بقدر ما تهيأ لها ِمن‬ ‫املشجعات‪ ،‬منها إجراءات الدَّوائر الرَّسمية‬ ‫في احلث على ترك الدَّوام الرَّسمي وبراتب‬ ‫كامل‪ ،‬ودفع املدارس واملؤسسات إلى املشاركة‬ ‫بشكل فعال‪ ،‬وتسخير الوسائل واألموال‬ ‫إلجناحها‪.‬‬ ‫فإذا كان الطعام يُقدم لثالث وجبات‪ ،‬وخدمة‬ ‫أمنية وطبية‪ ،‬وصلت إلى إحضار مدلكني‬ ‫لتدليك األرجل‪ ،‬استنفار الوزارات خلدمة‬ ‫املواكب‪ ،‬فتغدو املدن فارغة للتوجه في‬ ‫مواكب املاشني إلى كربالء‪ ،‬مع وجود مواكب‬ ‫‪16‬‬

‫املسؤولني‪ ،‬وهي عادة تكون األضخم‪ِ ،‬من دون‬ ‫لفت االنتباه إلى اخملاطر التي حتيط مبواكب‬ ‫املاشني‪ ،‬يضاف إلى ذلك تضخيم األرقام حتى‬ ‫وصلت هذا العام إلى خمسة عشر مليوناً‪،‬‬ ‫وهو رقم تشجيعي أكثر منه واقعي‪ .‬هناك‬ ‫وهن كامل في الدَّولة ومؤسساتها اإلنتاجية‬ ‫واالستهالكية واخلدماتية فلكل ماشياً‪ ،‬إذا‬ ‫وجدت له راتبا ً يدفع مجانا ً وخدمة املأكل‬ ‫سارية مع توفر األسباب اجلاذبة اال ُخر‪ ،‬فما‬ ‫عالقة الظَّ اهرة بالتَّدين أو باحلسني نفسه؟!‬ ‫ألجل احلسني ومحبيه في الوقت نفسه‬ ‫ظهرت حركات إصالحية‪ ،‬حاولت مواجهة‬

‫َّ‬ ‫الشعوذة‬ ‫محاوالت تغييب العقل وهيمنة‬ ‫باستغالل املنبر احلسيني‪ ،‬وهي حركات‬ ‫َّ‬ ‫الشيعة بحاجتها‬ ‫سابقة لكن كم مجتمع‬ ‫ِّ‬ ‫الشيعة قبل غيرهم‪ ،‬فالبد‬ ‫اليوم‪ِ ،‬من أجل‬ ‫ِمن ظهور ما يحفظ العقل‪ ،‬ويحمي احلسني‬ ‫السياسة واملناسبة‪.‬‬ ‫ِمن جتار ِّ‬ ‫إن حركة إصالحية انطلقت من مكاتب علماء‬ ‫املذهب اإلمامي‪ ،‬لتخليص املأثرة احلسينية‬ ‫مما عَ لق بها ِمن ممارسات فرضتها غوائل‬ ‫السياسة‪ ،‬لم يُقتل اإلمام احلسني (‪ 61‬هـ)‬ ‫من أجلها‪ .‬وهنا نقتبس من أحد املؤرخني‬ ‫صنف كتابه «قصص‬ ‫اإليرانيني‪ ،‬وكان قد َ‬ ‫العلماء»(‪ ،)1873‬أي بعد قرن من سقوط‬


Distinguish yourself

King’s is ranked in the top 30 universities worldwide* and based in the heart of London. With nine Schools and six Medical Research Council centres, King’s offers world-class teaching and research. Our extensive range of subjects includes humanities, law, medicine, psychiatry, dentistry, nursing, mathematics; natural, biomedical, social and management sciences. For further information, please contact Ghazi Lashab at ghazi.lashab@kcl.ac.uk *QS World University Rankings, 2011

www.kcl.ac.uk 15

2012 ‫ فبراير‬،1570 ‫العدد‬


‫شؤون سياسية‬

‫صالح) عن اليمن من دون مالحقة قضائية‬ ‫الحقا‪ ،‬ليقدم االقتراح ذاته للنظام السوري‬ ‫كطريق آمن إلنقاذ الوريث األسدي القاصر‬ ‫اجملنون بهستيريا الدم الذي ال ميكن أن يكون‬ ‫الرئيس اليمني أكثر من «هاوي بلطجة»‬ ‫صغير في املدرسة األسدية‪ ،‬ولهذا فإن تعبير‬ ‫أحد الفالسفة عن هؤالء الطغاة بأنهم ال‬ ‫يشربون خمرتهم املقدسة إال في جماجم‬ ‫الضحايا‪ ،‬ليس تعبيرا مجازيا شعريا‪ ،‬بل هو‬ ‫تعبير فلسفي يستقصي العمق الداخلي‬ ‫للطاغية امللتاث بجنون التهيج االلتذاذي أمام‬ ‫فوران الدم القاني‪ ،‬حيث ال ميكن فهم التصرفات‬ ‫الشاذة املتهيجية ملثل هؤالء املنحرفني نحو‬ ‫قتل األطفال من دون استحضار هذا التعبير‬ ‫الشعري الفلسفي عن (شرب اخلمرة املقدسة‬ ‫في جماجم الضحايا)‪ ،‬وال ميكن فصلها عن‬ ‫أمراض التهيج نحو اجلثث‪ ،‬سيما جثث األطفال‬ ‫الذين تقطع أعضاؤهم التناسلية‪ ..‬بل تبلغ‬ ‫درجة االنحرافات الشاذة لدى الرعاع الذين‬ ‫(تسلطنوا) حتى تصل شهوة الدم وااللتذاذ‬ ‫الهيامي حد التمتع باجملازر اجلماعية لقتل‬ ‫احلمير… إنهم ال يقتلون اجلياد كالفرسان…‬ ‫بل هم يقتلون احلمير كالرعاع…‬ ‫تلك الرقاعات الثورية التي ال يحزنها قتل بني‬ ‫قومها وأهلها وشعبها على أيدي (وطنية‬ ‫وقومية) وفق يسارية املنصف املرزوقي ووزير‬ ‫خارجيته املريدين واملتعلمني على يد «صديق»‬ ‫للنظام السوري واإليراني يعلمهم سحر‬ ‫الصمود والتصدي ومقارعة االمبريالية بال‬ ‫هوادة‪ ،‬والذي ال يتردد عن استثمار دم أخيه في‬ ‫مشروعه املعادي لالمبريالية املغطى بشرعية‬ ‫(فاروق الشرع) وفق العصبية احلورانية التي‬ ‫تبرأت من كل هذه الشرعيات الرقيعة لترتقي‬ ‫بفعلها الثوري قاطفة جنوم السماء‪ ،‬سماء‬ ‫حوران املتأللئة بنجوم العفة والطهر حلرائرهم‬ ‫وعذاراهم املرمييات ونبل عرق اجلهد والكد‬ ‫اإلنساني املؤبد املصنوع من الطينة اإللهية‬ ‫األولى…‬ ‫هؤالء كانوا دائما مهجوسني بالدفاع عن‬ ‫(القتل الثوري والوطني ألبناء الوطن اخلونة)‬ ‫الذين ال يؤمن بحقهم (األسدي) املؤبد‬ ‫بالتسلط (الوطني املعادي لالمبريالية املتآمرة‬ ‫مع الشعب السوري بل – وفي احلالة التونسية‬ ‫– التونسي اخلائن العميل إلسرائيل والغرب‬ ‫اإلمبريالي من أجل إسقاط نظام املمانعة‬ ‫البعثي واملماتعة الواليتي) الذي كانت ثمرته‬ ‫مسخ حزب اهلل الذي يربي عناصره على أن‬ ‫يكون مسخا بنصفني‪ ،‬نصف استشهادي‬ ‫نصرة لـ(آل البيت)‪ ،‬ونصف للعيش في البيت‬ ‫اللبناني اجلميل الفيروزي…‬ ‫ما كان يخطر على بال قادة الثورة التونسية‬ ‫العظيمة أنه ال قيمة ألي مؤمتر عاملي أو‬ ‫لقاء دولي حول سوريا ال يكون شاغله إنقاذ‬ ‫الشعب السوري من املذبحة الهمجية‪ ،‬فراحوا‬

‫‪14‬‬

‫يتفيهقون شطارة سياسية تقليدا واتباعا من‬ ‫دون إبداع‪ ،‬إذ يقيسون على احلالة اليمنية التي‬ ‫ال يستطيع أن يكون فيها علي عبداهلل صالح‬ ‫أكثر من هاو للقتل إذا ما قورن ليس باالحتراف‬ ‫األسدي‪ ،‬بل واالنحراف املرضي الرعاعي العصابي‬ ‫الذي يعيش دوما حلظة رعب السقوط فال يجد‬ ‫سوى القتل سبيال لالنقاذ من السقوط… ألن‬ ‫الصعود مت على غفلة من التاريخ‪.‬‬ ‫لم يستطع الوفد السوري أن يلتقط اللحظة‬ ‫املشبوبة بالعنفوان العربي املصفى من كل‬ ‫شوائب الشعارات الزائفة‪ ،‬وذلك من خالل ما عبر‬ ‫عنه األمير السعودي (سعود الفيصل) عندما‬ ‫غادر اجللسة‪ ،‬احتجاجا ورفضا لـ (تسمني)‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬حتضيرا له للذبح… وفق‬ ‫الديبلوماسية (الثورية الدميوقراطية املرزوقية)‬

‫للرئيس التونسي القومي (املمانع بعثيا واملماتع‬ ‫واليتيا)… فكانت خيبة أمل لم يتوقعها‬ ‫الشعب السوري من ممثلني خائبني للثورة‬ ‫التونسية‪ ،‬لكن عوضها حقيقة أن العروبة‬ ‫ليست لفظية شعارية بعثية أو هوية قومجية‬ ‫متبجحة صوتيا ولفظيا‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫هذا النبل العربي البديهي واجلليل… بداهة‬ ‫الصحراء وجاللها‪ ،‬وذلك عندما حتدث األمير‬ ‫سعود الفيصل عن نظام االحتالل السوري الذي‬ ‫ينبغي طرده (طوعا أو كرها) لتحرير الشعب‬ ‫السوري من االحتالل األبشع في تاريخه‪.‬‬ ‫د‪.‬عبد الرزاق عيد ‪ -‬كاتب ومفكر وباحث سوري‪،‬‬ ‫وعضو مؤسس في جلان إحياء اجملتمع املدني‬ ‫وإعالن دمشق‪ .‬رئيس اجمللس الوطني العالن‬ ‫دمشق في املهجر‬


‫ذروة الذروة هي انتاج ظاهرة «تشبيحية‬ ‫الطبيب» الذي يفترض أن يشفي جرحاه‬ ‫ومواطنيه من املوت فيشفيهم من احلياة‬ ‫بقتلهم بوصفهم أعداء… بل بلغت اخمليلة‬ ‫الكابوسية ح ّدا أنهم راحوا يصطادون الناس‬ ‫على غفلة‪ ،‬في حلظة نادرة في تاريخ القيم‬ ‫يشيع القتيل)…‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وهي (قتل من‬ ‫ّ‬ ‫أي معادلة القتل ألهل املقتول مبهرجانية‬ ‫كابوسية لم ترصدها حتى عني السينما في‬ ‫أشد «فانتازات» الرعب… يوازيها في املشهد‬ ‫تعذيب األطفال والسحل والتشويه العضوي‬ ‫«قطعة قطعة» أمام عيون األمهات واآلباء‬ ‫لتعليمهم دروسا بكراهية اآلخر‪ ،‬كراهية احلرية‬ ‫التي جتلب لهم كل هذه املآسي‪.‬‬

‫الرئيس التونسي املنصف املرزوقي‬

‫األطفال والفتيان الشباب الصغار والنساء…‬ ‫إذ راح وزير اخلارجية التونسي الشاب ميارس‬ ‫علينا حكمته الدهقانية في إنقاذ شعبنا‬ ‫باحلسنى واملوعظة احلسنة والنصيحة لوجه‬ ‫اهلل‪ ،‬وذلك بعد حوالي سنة من القتل الهمجي‬

‫الذي ال يوازيه قتل في التاريخ البشري‪ ،‬إذ يبلغ‬ ‫ذروته في أن كل قوى وأدوات العنف والقهر‬ ‫التي يفترض أن تستحوذ عليها الدولة ككيان‬ ‫حقوقي وقانوني‪ ،‬يتحول إلى قوى ميليشية‬ ‫(تشبيحية)‪.‬‬

‫لقد كنا قد كتبنا رسالة صغيرة نشرناها على‬ ‫املواقع «الفيسبوكية واالنترنيتية» توجهنا‬ ‫فيها إلى األخ الدكتور املنصف املرزوقي رئيس‬ ‫تونس‪ ،‬حتت عنوان (األخ الرئيس املنصف نرجو‬ ‫أن تنصف الشعب السوري) نحذره فيها من‬ ‫االنصياع لضغوطات التيارات الشمولية والذين‬ ‫كانوا معه من أصدقاء الصبا اليساري الذين‬ ‫غدوا جميعا من عمالء (املمانعة األسدية‬ ‫واملماتعة اإليرانية)‪ ،‬وقد توافقوا حتت تيارات عدة‬ ‫(الشيوعية والقوموية واالسالموية) بقيادة‬ ‫نائب وكيل الفقيه اإليراني (السيد حسن نصر‬ ‫اهلل) الذي أقطع آل األسد سوريا حيازة شرعية‬ ‫لهم حتت اسم (سوريا األسد)‪ ،‬توافقوا جميعا‬ ‫ليس على نصرة النظام (الطاغوتي التشبيحي‬ ‫األسدي) بل والقتال حتت رايته الطائفية باسم‬ ‫العداء للشيطان األكبر شيعيا‪ ،‬واالمبريالية‬ ‫قوميا وشيوعيا (ستالينيا) ‪ ،‬مع قبول اجلميع‬ ‫برمزية العمامة السوداء للولي الفقيه اإليراني‬ ‫(خامنئي) وولي وكيل الفقيه (نصر اهلل)‬ ‫الذي يفترض أنه عربي – لبناني‪ ،‬وهو الذي‬ ‫أسس حزبه على مقولة أن (العروبة معادلة‬ ‫للصهيونية) من املنظور الفقهي الواليتي…‬ ‫حيث اجلميع يخوض حرب (يا لثارات احلسني)!!‬ ‫مع ذلك فإن هذه الرسالة لم تفد صاحبنا سيادة‬ ‫الرئيس (املنصف)‪ ،‬فضرب عنها صفحا وظل‬ ‫سادرا مشدودا وراء ثقافة الشغب الشعارية‬ ‫الشعبوية (املعادية لالمبريالية)‪ ،‬ومصفقا‬ ‫وهاتفا للنظام السوري نظام (املمانعة واملماتعة‬ ‫مع ايران) بالوكالة عن صديق عمره الذي تبرأ‬ ‫منه أهله وبنو قومه في حوران العظيمة بعد‬ ‫أن فضحت عالقة مجموعته بأنها ال تنسق إال‬ ‫مع اخملابرات السورية واإليرانية…‬

‫هيالري كلينتون تتحدث للصحافيني في مؤمتر أصدقاء الشعب السوري في تونس‬ ‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫بل بلغ إعجاب الرئيس (املنصف) بالكفاحية‬ ‫النضالية ملاللي إيران حد االفتتان بالثورية‬ ‫الواليتية التي تدفعه إللغاء (الكرافتة) على‬ ‫طريقة األناقة اإليرانية‪ ،‬بل ها هو يقوم مبقايسة‬ ‫ساذجة بني املبادرة اخلليجية (السعودية)‬ ‫عن احلل اليمني ومن ثم إبعاد (علي عبداهلل‬

‫‪13‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫مؤمتر أصدقاء الشعب السوري في تونس‪ ..‬خيبة األمل!‬

‫الدوران في املكان‬

‫كان من املؤمل نظريا على األقل أن يكون مؤمتر أصدقاء الشعب السوري الذي احتضنته تونس في ‪ 24‬فبراير املاضي مؤمترا احتفاليا كرنفاليا‪ ،‬تستطيع‬ ‫من خالله تونس أن حتتفل بذاتها الوطنية والثقافية بوصفها موطن أبي القاسم الشابي‪ :‬صاحب العبارة األكثر تردادا في الفضاء العربي خالل سنة‬ ‫وهي «إذا الشعب يوما أراد احلياة»‪ ،‬التي كانت شعار سنة ‪.2011‬‬ ‫د‪.‬عبد الرزاق عيد‬ ‫تونس هي موطن املنجزات احلداثية في منظومة‬ ‫قوانني األحوال الشخصية واحلريات الفردية‪،‬‬ ‫وذات امليراث املدني التنويري الذي متثل في‬ ‫الدور الطليعي االقتحامي للطاهر احلداد الذي‬ ‫وصفه طه حسني بأن «هذا الفتى سبق قومه‬ ‫بقرنني»‪ ..‬ولذلك فإن تونس هي أيضا موطن‬ ‫(البو العزيزي) الذي أشعل نفسه ليحرق‬ ‫عالم االستبداد واالستعباد القدمي‪ ،‬لتمتد نيران‬ ‫بركانه كما تنتشر في الهشيم‪..‬‬

‫كان من املؤمل أن يكون مؤمتر تضامن حقيقي‬ ‫من قبل الثورة التونسية وشعبها العظيم‬ ‫مع الثورة السورية وشعبها العظيم من جهة‬ ‫أخرى‪ ..‬لكن اخليبة كانت العنوان األبرز لهذا‬ ‫املؤمتر الذي كان دون الرمزية العظيمة للثورة‬ ‫التونسية‪.‬‬ ‫إن هذا املؤمتر حضر في باصرتنا بوصفه احتفاال‬ ‫عظيما باحلرية في عالم العروبة واإلسالم‬

‫لتتباهى تونس بأنها أم عروس احلرية العربية‪،‬‬ ‫لكنا سرعان ما أطفئت األنوار وحتولت دار األفراح‬ ‫إلى دار لألتراح‪ ،‬عندما وجدنا التراث الليبرالي‬ ‫التونسي الذي مهد متهيدا عظيما للطليعية‬ ‫الثورية التونسية‪ ،‬يلتهمه املوروث اإليديولوجي‬ ‫للشعاراتية الشعبوية (القوموية – املشرقية)‬ ‫الرث ّة إذ تتلي مزاميرها عن السؤدد والسيادة‬ ‫ورفض التدخل اخلارجي‪ ،‬وذلك فوق تالل اللحم‬ ‫السوري الطري املقتطع مبعظمه من حلم‬

‫رئيس اجمللس الوطني السوري برهان غليون يلقي كلمة في املؤمتر‬

‫‪12‬‬




‫‪20‬‬ ‫�صــــــ‬

‫الدوران في املكان‬

‫مؤمتر أصدقاء الشعب السوري في تونس‪ ..‬خيبة األمل!‬


‫احملتوى‬

‫"إن هذه األوضاع (أي أوضاع اجملتمع ككل)‪ ،‬وإن امتزجت بها املعاني السياسية إالّ أنها في‬ ‫أغلب صورها ودوافعها ونتائجها تعاليم وأوضاع اقتصادية‪ ،‬ولهذا كان ال بد لنا من أن نختار لونًا‬ ‫من هذه األلوان أو من غيرها‪ ،‬إن استطعنا‪ ،‬لنعيش في حدود وضع معلوم له خصائصه وﳑيزاته‪،‬‬ ‫يحدد أهدافنا الرئيسية‪ ،‬ويرسم لنا طريق العمل للوصول إلى هذه األهداف"‪.‬‬ ‫حسن البنّا‬ ‫شؤون سياسية‬

‫‪12‬‬ ‫‪16‬‬

‫الدوران في املكان‬ ‫مؤمتر أصدقاء الشعب السوري في تونس‪ ..‬خيبة األمل!‬ ‫عراق األَحزان‬ ‫السياسة واملناسبة يختطفون «احلسني»‪..‬‬ ‫جتار ِّ‬ ‫واحلاجة إلى مصلحني كُفاة‬

‫الوضع البشري‬

‫‪30‬‬

‫االنتقال اخلشن‬ ‫الربيع العربي والقوى اجلديدة‪ ..‬بني املصاحلة واالجتثاث‬

‫‪32‬‬

‫مأساة حليمة‬ ‫كارثة إنسانية في السودان‪ ..‬انفصل اجلنوب فانتقم‬ ‫الشمال!‬

‫‪8‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪36‬‬

‫ثورة األﱈ‬

‫ثورات مفلسة‬ ‫هل أنقذ الربيع العربي الدوالر األمريكي؟‬ ‫قوة دافعة‬ ‫سوق األوراق املالية السعودية‪ ..‬نحو االستثمار‬ ‫األجنبي املباشر!‬

‫حوارات‬

‫‪40‬‬

‫السفير الليبي في لندن محمود الناكوع‪:‬‬ ‫جتاوزنا مرحلة اخلطر‬

‫بروفايل‬ ‫‪46‬‬

‫من الليمان إلى البرملان‬ ‫سعد الكتاتني‪« ..‬إخواني»على رأس مجلس‬ ‫الشعب املصري‬


‫د‪ .‬محمد غامن الرميحي‬ ‫أستاذ علم اإلجتماع السياسي‪ ،‬في جامعة الكويت‪ .‬ق ّدم كتابات عدة‬ ‫تتعلق مبواضيع علم اإلجتماع السياسي‪ ،‬وشغل مناصب كثيرة منها‬ ‫رئيس قسم ومساعد عميد كلية اآلداب والتربية في جامعة الكويت‪.‬‬ ‫أشرف د‪ .‬الرميحي على رئاسة حترير صحف ومجالت عدة »أوان« اليومية‬ ‫ومجلة »حوار العرب« وجريدة الفنون ومجلة »العربي« الثقافية الشهرية‬ ‫املصورة‪ ،‬وكان أسس ورأس حترير مجلة دراسات اخلليج واجلزيرة العربية‬ ‫التي حتولت في ما بعد إلى مركز دراسات اخلليج العربي ‪.‬ومن نشاطه‬ ‫أيضا عضويته في مجالس وجلان عدة من بينها اللجنة االستشارية مبركز‬ ‫الدراسات اخلليجي باجلامعة األمريكية في الكويت واملعهد الدبلوماسي‬ ‫الكويتي ومؤسسة الفكر العربي ومنتدى الفكر العربي باألردن وغيرها‪.‬‬ ‫الرميحي عضو في جمعية الصحفيني الكويتية منذ عام ‪ 1974‬وله‬ ‫مؤلفات كثيرة ودراسات أكادميية منشورة في مجالت متخصصة ويكتب‬ ‫مقاالت دورية في كبريات الصحف الكويتية والعربية‪.‬‬

‫ستيفن غلني‬ ‫صحفي مستقل و كاتب مقيم في واشنطن‪ .‬انظم عام ‪1991‬‬ ‫لصحيفة وول ستريت جورنال التي عينته مراسال في كوريا اجلنوبية‬ ‫واستمر بالعمل لديها طيلة عقد كامل مغطيا اخبار آسيا و الشرق‬ ‫االوسط من سيئول و طوكيو و تل ابيب و عمان و عمل ايضا مراسال‬ ‫لنيوزويك‪ .‬من أحدث كتبه "الدولة مقابل الدفاع" الذي يشرح‬ ‫"تسليح" السياسة اخلارجية األمريكية‪.‬‬

‫جولييت هايت‬ ‫كاتبة ومصورة متخصصة في التراث والثقافة املعاصرة في الشرق‬ ‫األوسط‪ .‬عاشت في الهند وشرق أفريقيا وغربها وزارت أكثر من ‪50‬‬ ‫دولة حول العالم‪ .‬غطت‪ ،‬خالل إقامتها في نيجيريا عبر عدستها‪،‬‬ ‫احلرب األهلية واملعارض الفنية وبدأت في الكتابة كصحافية محترفة‪.‬‬ ‫لها اهتمام بثقافات شعوب اجلنوب وبخاصة ثقافات وفنون البلدان‬ ‫األفريقية واآلسيوية والعربية‪ .‬تعمل حاليا على تأليف كتابها الثاني‬ ‫«تصميم عمان»‪ ،‬بعد أن نشرت كتابها األول «اللبان‪ :‬هدية عمان إلى‬ ‫العالم» عام ‪.2006‬‬

‫بوال ميجيا‬ ‫تساهم مبقاالت في اجمللة وتقيم في تونس‪ .‬تعمل صحافية حرة‬ ‫ومستشارة في بنك التنمية اإلفريقي‪ ،‬حيث يركز عملها على‬ ‫التحديات االقتصادية واالجتماعية في افريقيا مع تركيز خاص على‬ ‫مصر وتونس وليبيا‪ .‬تخرجت في كلية االقتصاد بجامعة لندن ومعهد‬ ‫العلوم السياسية في باريس وجامعة شيكاغو‪.‬‬

‫محمد غاﱎ الرميحي‬ ‫ّ‬


‫بعد عام على تنحي الرئيس حسني مبارك‪ ،‬وجد اإلخوان املسلمون أنفسهم ليس فقط طرفا مهما في‬ ‫سياسة مصر ما بعد ثورة ‪ 25‬يناير ‪ 2011‬بل الطرف األهم الذي يتحمل تركة النظام السابق بكل سلبياته‪.‬‬ ‫عام كامل انهار فيه االقتصاد املصري وسط جدال حول خيارات املستقبل والتوجه الذي على مصر أن تأخذه‬ ‫سياسيا واجتماعيا واقتصاديا‪.‬‬ ‫اليوم واالخوان يتحكمون في أول‬ ‫برملان بعد الثورة ويستعدون الى‬ ‫تشكيل حكومة بعد تسليم‬ ‫العسكر مقاليد السلطة الى‬ ‫رئيس منتخب في مايو القادم‪،‬‬ ‫فإنهم يجدون أنفسهم أمام واقع‬ ‫يختلف عن عقود من العمل السري‪.‬‬ ‫استطاع االخوان في سنوات‬ ‫اجلمر تشكيل امبراطورية من‬ ‫الشركات وساهموا في اكتساب‬ ‫شعبية طاغية عبر العمل اخليري‬ ‫واجلمعيات األهلية لكن ومع "بزوغ‬ ‫فجرهم" وأخوانهم في أكثر من بلد‬ ‫طالته رياح "الربيع العربي" وجد‬ ‫االسالميون أنفسهم وألول مرة في‬ ‫احلكم وليس أمامهم سوى النجاح‬ ‫في قيادة السفينة قبل أن تغرق مبا‬ ‫حملت‪.‬‬ ‫ستيفن غلني‪ ،‬الكاتب الصحافي اخملتص في شؤون الشرق األوسط‪ ،‬يبحث في املوضوع الرئيس "خطة البنّا"‬ ‫برنامج اإلخوان من أجل إنقاذ االقتصاد املصري املتعثر ويشرح كيف أن أكثر ما يثير مخاوف العالم من مصر حتت‬ ‫إدارة اإلسالميني هو غياب احللول ‪ ..‬غياب للحلول قد يتحول سريعا في حال انسداد األفق الى كارثة حقيقية‬ ‫تتحول معها الثورة السلمية التي أدت إلى خلع حسني مبارك إلى ثورة جياع مفجعة قد تأتي على األخضر‬ ‫واليابس‪.‬‬ ‫في موضوع آخر ذي صلة بالربيع العربي والتحوالت التي تشهدها املنطقة العربية يرى د‪ .‬محمد غاﱎ الرميحي‬ ‫في "االنتقال اخلشن" أن الثورات ميكن تفسيرها بتفسير مزدوج‪ ،‬بني النظرية اخللدونية والنظرية املاركسية‪،‬‬ ‫فمن جهة "حرمان" اقتصادي جلزء من اجملتمع‪ ،‬ومن جهة آخرى عصبية احملرومني ضد احلارمني‪ .‬ويرى أستاذ علم‬ ‫االجتماع أنه على الرغم من تغير الزمن‪ ،‬إال أن الفكرة األساسية في الصراع كما هي‪ ،‬بني احلُكام أهل الغني‬ ‫واحملكومني أهل الفقر‪ ،‬بني اهل اليسر واملهمشني‪.‬‬ ‫ندعوك لقراءة هذه املوضوعات وغيرها الكثير على موقعنا اإللكتروني ‪ .majalla.com/ar‬ونرحب دائما بآرائك‬ ‫وندعوك للتعليق على املوضوعات أو االتصال بنا إذا رغبت في التواصل معنا‪.‬‬



‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬

‫أسسها هشام ومحمد علي حافظ‬

‫الرئيس التنفيذي‬ ‫الدكتور عزام الدخيل‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عادل بن زيد الطريفي‬ ‫مدير التحرير‬ ‫عزالدين سنيقرة‬ ‫التحرير‬ ‫عبد اجلليل الساعدي‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫للمشاركة‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني ‪editorial@majalla.com‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫اشتراكات‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪subscriptions@majalla.com :‬‬ ‫لالشتراك في االلكترونية‪www.issuu.com/majalla :‬‬

‫تنويه‬

‫اآلراء الواردة في اجمللة ال تعبر بالضرورة عن رأي إدارة التحرير‬ ‫حقوق النشر محفوظة جمللة اجمللة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫اجمللة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة‬ ‫إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون احلصول على تصريح مسبق من‬ ‫الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر اجمللة شهريا ً‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬

‫‪London Office Address‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited‬‬ ‫‪Arab Press House 182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP DDI: +44 (0)20 7539‬‬ ‫‪2335/2337, Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجي االتصال بـ‪:‬‬ ‫‪sana.nafia@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel: +44 20 7404 6950‬‬ ‫‪Fax: +44 20 7404 6963‬‬ ‫‪Mobile: +44 78 2588 8788‬‬




‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫حممد غامن الرميحي‪ :‬االنتقال اخل�شن‬ ‫جولييت هايت‪ :‬رحلة روحانية‬ ‫عبد الرزاق عيد‪ :‬الدوران يف املكان‬

‫العدد ‪ ،1570‬فبراير ‪2012‬‬

‫البنا‬ ‫خطة ّ‬ ‫ّ‬

‫هل ينجح الإخوان يف �إنقاذ اقت�صاد م�صر؟‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪02‬‬

‫ال�سفري الليبي يف لندن حممود الناكوع‪ :‬جتاوزنا مرحلة اخلطر‬ ‫‪9 770261 087126‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.