ربيع العرب: الفائزون والخاسرون والمراوحون مكانهم مستقبل الحكم

Page 1



‫الكلمة األخيرة‬

‫املشير عبد الرحمن سوار الذهب شوق ملستقبل مشرق‬ ‫هو االستثناء بني الرؤساء العرب‪ ..‬تسلّم كرسي الرئاسة في السودان لسنة واحدة ثم قام بتسليم السلطة للحكومة املنتخبة في العام‬ ‫التالي‪ .‬املشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب‪ ،‬عسكري ورجل دولة وداعية وأهم من كل ذلك‪ ،‬رجل يحترم نفسه ويحب شعبه ولم‬ ‫تستهوه السلطة فصار مضربا لألمثال في بالد العرب التي ال يسلّم فيها الرئيس احلكم إال فارا أو قتيال أو سجينا‪« .‬اجمللة» التقت املشير سوار‬ ‫الذهب فكان هذا احلوار‪:‬‬ ‫كيف قرأمت الربيع العربي من وجهة نظركم‬ ‫كعسكري ورئيس سابق خاض جتربة الرئاسة؟‬ ‫اعتبره ربيعا حقيقيا سينقل األمة العربية من‬ ‫زمن احلكم البغيض الذي كان يصر عليه شخص‬ ‫واحد يفرض قوته باحلديد والنار إلى حكم الشورى‬ ‫والدميقراطية وهذا بالتأكيد سيجعل االنسان‬ ‫العربي يتطلع بشوق ملستقبل مشرق لهذه األمة‬ ‫التي عاشت عصورا تتمنى ان جتده‪ ،‬واآلن سيتحقق‬ ‫لنخرج باألمة العربية من االوضاع املتردية إلى‬ ‫دميقراطية حقيقية‪.‬‬ ‫التغيير يجب ان يتم بطريقة سلمية‪ ،‬واآلن هناك‬ ‫دعوة واصرار على احلكم الدميقراطي السليم في‬ ‫العالم كله‪ ،‬وشعوبنا ليست اقل من شعوب‬ ‫العالم ويجب ان تنعم بالدميقراطية‪ .‬نحن نعيش‬ ‫ربيع األمة الذي يتحقق في بلدانها كافة‪ ،‬الشعوب‬ ‫ليست بحاجة الى نصيحة ألنها ادركت احلقيقة‪.‬‬ ‫االفصاح عن الرأي ال ميكن ان يكون باإلكراه وبهذه‬ ‫الثورات العربية أثبت املواطن العربي قدراته على‬ ‫التعبير عن رأيه بصورة حضارية‪ ،‬لذا ارجو ان تنتهي‬ ‫هذه الثورات ويتحقق ما نصبو إليه من حكم‬ ‫دميقراطي لكل البلدان العربية‪.‬‬ ‫الكل يعلم وضعية مصر في العالم العربي‬ ‫وهي مبثابة القاطرة ذات التاريخ العريق‪،‬‮ ‬أتصور أن‬ ‫التغيير الذي حدث في مصر بالتأكيد سوف تكون‬ ‫له انعكاسات ايجابية علي مسيرة األمة العربية‬ ‫واألمة اإلسالمية‮‪‬ ..‬وأتصور أن مصر سوف تكون‬ ‫رائدة في مجال الدميقراطية وفي مجال التضامن‬ ‫العربي وفي مجال التكامل مع السودان وفي مجال‮‬ ‫يسر»‬الوحدة العربية التي نتطلع إليها‪،‬‮‬ ‫«إذا ربّنا ّ‬ ‫‬والسبيل ملستقبل املشرق‮‪‬.‬‬ ‫أعتقد أنه حينما تتاح الفرصة سوف تتجه مصر‬ ‫نحو االستقرار وستمارس دورها القيادي في العاملني‬ ‫العربي واالسالمي‪.‬‬ ‫هل هنالك دميقراطية حقيقية في الوطن العربي‬ ‫أم النماذج املوجودة شكلية؟ وهل هنالك أمل في‬ ‫التغيير؟‬ ‫التغيير قادم ولكن لن يكون بذات العنف الذي حدث‬ ‫في ليبيا وما يحدث في سوريا اآلن وما حدث في‬ ‫دول الربيع العربي اصبح درسا لكل من يحكمون‬ ‫شعوبهم بالقهر والظلم‪ ،‬وأتصور أن نظام األسد‬ ‫في سوريا لو جلس مع شعبه واستجاب ملطالب‬ ‫هذا الشعب الذي عانى من القهر طويال افضل‬ ‫له حتى يجنب بالده وشعبه ويالت احلرب والدمار‪،‬‬ ‫‪66‬‬

‫واتصور أن الرئيس بشار األسد والذين من حوله‬ ‫يحاولون احلفاظ على مصاحلهم فهم يخافون‬ ‫احملاسبة ملا اقترفوه من جرائم لذلك سيستميتون‬ ‫في الدفاع عن النظام‪ ،‬وقطعا هذا خارج سياق‬ ‫التاريخ‪ ،‬عليهم أن يستخلصوا العبر من التاريخ‬ ‫ألن الشعوب ال تقهر‪.‬‬ ‫‪ ‬أنصح قادة وحكام الدول بالرجوع إلى احلكمة‪،‬‬ ‫واالنحياز إلى مطالب شعوبهم‪ ،‬ألن رغبة الشعوب‬ ‫الثائرة ستتحقق ال محالة‪ ،‬وبخاصة في مثل هذه‬ ‫الظروف‪ ،‬وقد نصحت املنظمات اإلسالمية واألممية‬ ‫احلكام املتشبثني بكراسي السلطة باالستجابة‬ ‫ملطالب شعوبهم‪ ،‬ألن ذلك يجنب بلدانهم شر ّ‬ ‫الفنت واحلروب‪.‬‬ ‫كيف تقيم حتى اآلن جتربة اإلسالميني في كل‬ ‫من مصر وتونس؟‬ ‫رفض اإلخوان في مصر ترشيح اي منهم النتخابات‬ ‫رئاسة اجلمهورية رغم فوز حزب احلرية والعدالة‬ ‫الذي ميثل اإلخوان املسلمني بغالبية كاسحة‪،‬‬ ‫وحصول حزب النور السلفي على املرتبة الثانية‬ ‫من االنتخابات البرملانية عن طريق انتخابات نزيهة‪،‬‬ ‫ميثل قمة العقالنية واحلكمة التي متيز اجلماعة‪،‬‬ ‫ألن العقالء منهم يدركون عظم املسؤولية وجتنب‬ ‫الوقوع في شراك السلطة وارتكاب االخطاء‪.‬‬ ‫في تونس تعتبر االنتخابات جناحا رائعا وخطوة‬ ‫مهمة نحو الدميقراطية في البلد الذي اسقطت‬ ‫ثورته نظام حكم الرئيس السابق زين العابدين بن‬ ‫علي‪ ،‬وألهمت باقي االنتفاضات والثورات في العالم‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫وفوز حزب حركة النهضة دليل على على نزاهة‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وأثق في عقالنية راشد الغنوشي رئيس‬ ‫احلزب وتأكيده على أهمية تفاعل الواقع اإلسالمي‬ ‫والثقافة العربية مع القيم الكونية واملزاوجة‬ ‫بني اإلسالم واحلداثة بخاصة وانه ال ينوي تغيير‬ ‫القوانيني السائدة‪ ،‬واجلميع يعلم أن اقتصاد تونس‬ ‫يعتمد باألساس على السياحية وهو ما يستوجب‬ ‫قوانيني مرنة‪.‬‬ ‫هل اإلسالم السياسي قادر على خوض جتربة‬ ‫احلكم؟‬ ‫ال أتصور أن مجتمعاتنا اليوم ميكن أن تتقبل حكم‬ ‫اإلسالم السياسي‪ ،‬لكن بالتدرج ميكن أن يصل‬ ‫اإلسالميون إلى السلطة‪ ،‬فاإلسالم نزل بالتدرج‬ ‫وفي ذلك حكمة وهذا ال يعني أننا نحيد أو نخالف‬

‫الشريعة‪ ،‬ولنا في حكمة اخلليفة الثاني عمر بن‬ ‫اخلطاب أسوة عندما أوقف حد السرقة في عام‬ ‫الرمادة حتى تستقيم االوضاع‪.‬‬ ‫ما قصة العسكر مع الدكتاتوريات وملاذا كنتم‬ ‫االستثناء؟‬ ‫عندما يصل عسكري إلى السلطة يجد خلفة‬ ‫عددا من طالب السلطة واجلاه فيزينون له طريق‬ ‫الدكتاتورية فيصبح القائد امللهم منقذ األمة‪.‬‬ ‫ولكنني أستطيع القول إنني تغلبت على بريق‬ ‫السلطة لقناعتي التامة بأنني أديت دوري‪ ،‬وعلي أن‬ ‫افسح اجملال لآلخرين‪ ،‬وهذا البريق الزائف هو الذي‬ ‫يجذب احلكام ويجعلهم جالدين لشعوبهم من‬ ‫أجل احلفاظ على الكراسي >‬


‫وقد جلبت حركة اإلخوان املسلمني إلى الصراع املزيج‬ ‫التقليدي من اخلداع السياسي وااللتزام الرئيسي بفرض‬ ‫نظام سياسي يتمحور حول اإلسالم‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أن حسن البنا‪ ،‬مؤسس احلركة قد اغتيل في عام‬ ‫‪ ،1949‬فإنه ما زال يؤثر على سياسة العالم اإلسالمي‬ ‫حتى اليوم‪ .‬وعلى الرغم من أن الرجل الذي كان بارعا‬ ‫في حياكة املؤامرات كان يتحدث حول حكم اهلل‪ ،‬فإنه‬ ‫في اخلفاء كان يعقد صفقات مع القصر ضد احلزب‬ ‫السياسي املهيمن في وقته (الوفد)‪ ،‬فقد كان ميارس‬ ‫اللعبة السياسية في الوقت الذي كان يبني فيه قوة‬ ‫برملانية ثابتة ساعيا الختراق سالح الضباط‪ ،‬وهو الشيء‬ ‫الذي كان يتوق إليه خلفاؤه منذ ذلك الوقت‪ .‬مما ال شك‬ ‫فيه أنه كان سينظر بإعجاب للمهارات التكتيكية‬ ‫خللفه‪ ،‬وهم يناورون الليبراليني واجمللس األعلى للقوات‬ ‫املسلحة ويشاركون في احتجاجات ميدان التحرير ثم‬ ‫يتراجعون مؤكدين التزامهم باجلدية والنظام العام‪.‬‬ ‫واحلقيقة‪ ،‬إن مصر تفتقر إلى األساليب االقتصادية‬ ‫لبناء نظام إسالمي حديث ناجح‪ ،‬بغض النظر عما‬ ‫ميكن أن يعنيه ذلك‪ .‬فجمهورية إيران اإلسالمية تعتمد‬ ‫على البترول‪ ،‬فيما يعتمد حزب العدالة والتنمية في‬ ‫تركيا في هيمنته النسبية على االزدهار الذي دفعت‬ ‫به «الطبقة الوسطى اخمللصة» في مدن التالل‬ ‫األناضولية‪ .‬وتقع مصر على مفترق طرق العالم‪ ،‬وتعتمد‬ ‫على السياحة‪ ،‬وقناة السويس‪ ،‬وتدفق املساعدات‬ ‫األجنبية وحتويالت املصريني باخلارج‪ .‬ويجب أن تتراجع‬ ‫األخالق أمام الضرورة‪ :‬ففي العام املاضي‪ ،‬انخفض‬ ‫احتياطي النقد األجنبي مما قيمته ‪ 36‬مليار دوالر إلى‬ ‫‪ 20‬مليار دوالر‪ .‬ويدق التضخم على األبواب‪ ،‬حيث إن‬ ‫سعر القمح املستورد مرتفع‪ ،‬ويجب سداد الفواتير‪.‬‬ ‫وقد جاء وذهب أربعة وزراء للمالية منذ سقوط مبارك‪.‬‬ ‫وتوازن حاليا الرغبة في االستقرار حالة الرضاء التي‬ ‫جنمت عن اإلطاحة بالطاغية‪.‬‬ ‫وهناك مشكالت عديدة تواجه زعماء مصر‪ ،‬ويبدو تردد كل‬ ‫من اإلخوان املسلمني والقوات املسلحة في االستحواذ‬ ‫على السلطة خير دليل على ذلك‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فرمبا يسود‬ ‫املنطق القوي والبراغماتية في النهاية‪ .‬فرمبا مينح توزيع‬ ‫معقول للغنائم واملسؤوليات اإلخوان املسلمني مجاالت‬ ‫احلوكمة احملببة إليهم ‪ -‬التعليم‪ ،‬الرعاية االجتماعية‪،‬‬ ‫والقضاء ‪ -‬فيما أخذ اجليش الدفاع واالستخبارات‬ ‫والسالم مع إسرائيل‪ ،‬والعالقات مع الواليات املتحدة‪،‬‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫باإلضافة إلى احلفاظ على االمتيازات االقتصادية لسالح‬ ‫الضباط‪ .‬ورمبا يصبح هناك عدد كبير من الليبراليني‬ ‫العلمانيني‪ ،‬ورمبا يكون لهم رأي في إيقاع احلياة اليومية‬ ‫في بلد يصعب تنظيمه وإدارته والفرصة لتقدمي الزعيم‬ ‫احملتمل في االنتخابات الرئاسية املستقبلية‪.‬‬ ‫فلمدة قرنني اآلن‪ ،‬كانت مصر غارقة في نزاع سيزيفي على‬ ‫احلداثة وإيجاد مكان بني األمم التي ترنو إليها‪ .‬ولم يكن‬ ‫أداؤها طيبا‪ ،‬إال أنها استمرت في احملاولة‪ .‬وفي أغسطس‬ ‫(آب) املاضي‪ ،‬كان هناك مشهد ميكن أن يعطي املصريني‬ ‫قدرا من الراحة‪ .‬فقد وصل آخر فراعنة مصر ‪ -‬نأمل أن‬ ‫يكون كذلك ‪ -‬إلى احملكمة على نقالة‪« ..‬أفندم‪ ،‬أنا‬ ‫موجود» ذلك ما قاله الرئيس السابق لقاضي اجللسة‪.‬‬ ‫فلم يتم سحب مبارك من أنبوبة صرف صحي وذبحه‪ ،‬كما‬ ‫حدث مع القذافي‪ ،‬كما لم يخف عائلته ويقتل شعبه‬ ‫كما فعل األسد‪ .‬فقد كان املصريون دائما‪ ،‬بحسب كلمات‬ ‫إي إم فورستر‪ ،‬لديهم القدرة على اجلمع بني التوجهات‬ ‫املتناقضة‪ ،‬ورمبا يستطيعون القيام بذلك مرة أخرى‪.‬‬ ‫الصحوة الكبرى الثالثة‬ ‫تلك االضطرابات‪ ،‬تلك الصحوة هي الثالثة من نوعها‬ ‫في التاريخ العربي احلديث‪ .‬األولى‪ ،‬كانت النهضة‬ ‫السياسية ‪ -‬الثقافية التي ولدت من الرغبة في‬ ‫االنضمام للعالم احلديث والتي جاءت في أواخر القرن‬ ‫التاسع عشر‪ .‬وكانت تسعى تلك الصحوة التي‬ ‫قادها الكتاب‪ ،‬واحملامون‪ ،‬والبرملانيون احملتملون‪ ،‬والنخبة‬ ‫املسيحية إلى إصالح احلياة السياسية‪ ،‬وفصل الدين‬ ‫عن السياسة‪ ،‬وحترير املرأة‪ ،‬وجتاوز مرحلة اإلمبراطورية‬ ‫العثمانية‪ .‬وحلسن احلظ فإن تلك احلركة الكبرى‪ ،‬والتي‬ ‫تصدرتها كل من بيروت والقاهرة‪ ،‬وجدت من يرويها لنا‬ ‫وهو جورج أنطونيوس‪ ،‬الكاتب املسيحي لبناني املولد‬ ‫الذي نشأ في اإلسكندرية وتعلم في كامبريدج وعمل‬ ‫في اإلدارة البريطانية في فلسطني‪ .‬لقد كان كتابه‬ ‫الصادر عام ‪« 1938‬الصحوة العربية» ما زال البيان‬ ‫الرئيسي للقومية العربية‪.‬‬

‫الفترة‪ .‬وقد جاءوا من الطبقة الوسطى أو الدنيا‪،‬‬ ‫وكانت لديهم أحالم بالوصول للسلطة‪ ،‬وإقامة بلد‬ ‫صناعي‪ ،‬وتخليص شعوبهم من اإلحساس بالدونية‬ ‫الذي خلفته في نفوسهم اإلمبراطورية العثمانية ثم‬ ‫احلكم االستعماري‪ .‬وال ميكن محاسبة هؤالء القادة‬ ‫ببساطة‪ :‬فقد حققوا إجنازات تاريخية ولكن تنامي‬ ‫العوامل الدميوغرافية وميولهم السلطوية ومواطن‬ ‫ضعفهم أساءت إلى تلك اإلجنازات‪ .‬وعندما سقطوا‪،‬‬ ‫مألت الدول البوليسية واإلسالم السياسي الفراغ‪.‬‬ ‫لقد جاءت تلك الصحوة الثالثة في اللحظة األخيرة‪،‬‬ ‫فقد أصبح العالم العربي بائسا ومخيفا‪ .‬فقد كانت‬ ‫الشعوب تكره حكامها ورعاتهم األجانب‪ .‬وكانت فرق‬ ‫اجلهاديني‪ ،‬التي دخلت السجون القاسية لتلك األنظمة‬ ‫البشعة‪ ،‬منتشرة تقريبا في كل مكان تسعى ألن‬ ‫تقتل وأن تُقتل‪ .‬فقد دعا محمد بوعزيزي أتباعه إلى‬ ‫تاريخ جديد‪ ،‬وقد لبى النداء الناس في جميع أنحاء‬ ‫املنطقة‪ .‬ففي يونيو (حزيران) املاضي‪ ،‬كتب املؤلف‬ ‫اجلزائري بوعالم صنصال رسالة مفتوحة لبوعزيزي‪.‬‬ ‫«عزيزي األخ‪،‬‬ ‫أكتب إليك تلك السطور القليلة لكي أعلمك بأننا إجماال‬ ‫نسير قدما‪ ،‬وإن كان األمر يختلف من يوم آلخر‪ :‬فأحيانا‬ ‫تغير الرياح اجتاهها‪ ..‬ولكن دعنا نلقي نظرة عامة على‬ ‫اللحظة‪ .‬هل يستطيع من كان ال يعرف إلى أين يذهب أن‬ ‫يجد الطريق؟ هل إبعاد الطاغية هو النهاية؟ من مكانك‪،‬‬ ‫محمد‪ ،‬على مقربة من اهلل‪ ،‬ميكنك أن تؤكد لنا أن كل‬ ‫الطرق ال تؤدي بالضرورة إلى روما‪ ،‬وأن خلع الطاغية ال يقود‬ ‫إلى احلرية‪ .‬فالسجناء يحبون مبادلة السجن بآخر‪ ،‬لتغيير‬ ‫املشهد وعلى أمل احلصول على شيء صغير في الطريق»‪.‬‬ ‫لقد قال املؤرخ الروماني تاكيتوس ذات مرة «إن أفضل يوم‬ ‫بعد رحيل اإلمبراطور السيئ هو اليوم األول»‪ .‬وقد دخلت‬ ‫تلك الصحوة العربية الثالثة التاريخ‪ .‬ففيها كل من اخلطر‬ ‫والوعد وإمكانية السجن ولكن أيضا إمكانية احلرية >‬

‫وجاءت الصحوة العربية الثانية في اخلمسينيات ‬ ‫واكتسبت قوة في العقد التالي‪ .‬فذلك كان عصر‬ ‫جمال عبد الناصر في مصر‪ ،‬واحلبيب بورقيبة في تونس‪،‬‬ ‫والزعماء األوائل حلزب البعث في العراق وسوريا‪ .‬ولم‬ ‫يكن هؤالء الزعماء دميقراطيني‪ ،‬حيث إنهم كانوا رجاال‬ ‫مسيسني منخرطني إلى حد بعيد في قضايا تلك‬

‫• فؤاد عجمي – كاتب وباحث في معهد‬ ‫هوفر في جامعة ستانفورد ورئيس مجموعة عمل‬ ‫هربرت وجني دوايت عن اإلسالم السياسي والنظام‬ ‫العاملي في معهد هوفر‬ ‫• فورن أفيرز‪ ،‬مارس‪/‬أبريل ‪2012‬‬ ‫•خاص بـ«اجمللة»‬

‫‪65‬‬


‫صحافة عاملية‬

‫إدريس‪ ،‬ولكن في أواخر الستينيات وصلت إليها احلمى‬ ‫الثورية‪ ،‬حتى أصبح القول املأثور في ذلك الوقت «إبليس‬ ‫وال إدريس» ثم حصلت البالد على ما أرادته‪ .‬فقد أدى‬ ‫البترول إلى استمرار اجلنون‪ ،‬فقد بدأ الزعماء األوروبيون‬ ‫والنخب األميركية على حد سواء في التقرب منها‪ .‬وفي‬ ‫الوقت الراهن‪ ،‬في عام ‪ ،2011‬نهضت بنغازي البعيدة‬ ‫عن العاصمة‪ ،‬ومنح التاريخ الشعب الليبي الفرصة‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬قال احلكام املصريون إن مصر ليست‬ ‫تونس‪ .‬وقال القذافي إن بالده ليست تونس أو مصر‪ .‬وأخيرا‪،‬‬ ‫قال األسد إن سوريا ليست تونس‪ ،‬أو مصر‪ ،‬أو ليبيا‪.‬‬ ‫األسد شاب وليس عجوزا‪ ،‬ولنظامه قدر أعلى من‬ ‫الشرعية ألنه كان يواجه إسرائيل بدال من التعاون‬ ‫معها‪ .‬ثم إنه سرعان ما حتدث إلى الناس‪ :‬في أواسط‬ ‫مارس (آذار)‪ ،‬ولكنه كان دور سوريا‪.‬‬ ‫لقد كانت سوريا هي املكان الذي استقر فيه اإلسالم‬ ‫بعدما جتاوز شبه اجلزيرة العربية وقبل أن يتسلل من‬ ‫أيدي العرب إلى أيدي الفرس واألتراك‪ .‬ولكن قبل عدة‬ ‫عقود‪ ،‬منح والد بشار‪ ،‬الرئيس حافظ األسد ‪ -‬رجل ذو‬ ‫دهاء وبراعة سياسية ‪ -‬اجليش‪ ،‬وحزب البعث سلطة‬ ‫مطلقة خالقا نظاما تقتصر فيه السلطة على‬ ‫األقلية العلوية بالبالد‪ .‬وقد أسفر التزاوج بني الطغيان‬ ‫والطائفية عن أكثر الدول رعبا في املشرق العربي‪.‬‬

‫وعندما اندلع التمرد هناك في ‪ ،2011‬كانت امتداداته‬ ‫اجلغرافية مختلفة متاما‪ ،‬فكما يقول العالم السياسي‬ ‫الفرنسي‪ ،‬فابريس باالنش‪ ،‬متركزت االضطرابات في‬ ‫املناطق واألحياء املدنية التي يعيش بها العرب السنة‪.‬‬ ‫فقد اندلعت في درعا‪ ،‬مدينة منعزلة في اجلنوب‪ ،‬ثم‬ ‫انتشرت إلى حماه‪ ،‬وحمص‪ ،‬وجسر الشغور‪ ،‬والرسنت‪،‬‬ ‫وإدلب‪ ،‬ودير الزور‪ ،‬متجاوزة مناطق األكراد والدروز‬ ‫والقرى اجلبلية واملدن الساحلية التي تعد معاقل‬ ‫للعلويني‪ .‬وكان العنف في االنتفاضة السورية أكثر‬ ‫وضوحا في حمص‪ ،‬ثالث كبرى املدن السورية‪ ،‬نظرا‬ ‫لسخونة العامل الدميوغرافي بها‪ ،‬حيث إن ثلثي عدد‬ ‫سكانها من السنة‪ ،‬وربعها من العلويني‪ ،‬وعشرها من‬ ‫املسيحيني‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن الطائفية ليست كل شيء‪ .‬فقد‬ ‫كان لدى سوريا أحد أكبر معدالت امليالد في املنطقة‪،‬‬ ‫فقد تضاعف عدد سكان سوريا أربع مرات منذ استولى‬ ‫حافظ على السلطة في ‪ .1970‬وكانت شرايني النظام‬ ‫قد تصلبت‪ ،‬بوجود اجملمع التجاري العسكري الذي‬ ‫يهيمن على احلياة السياسية واالقتصادية‪ .‬ولم يكن‬ ‫هناك الكثير من املوارد املتبقية للدولة لكي تستغلها‪،‬‬ ‫حيث إنه حتت شعار اخلصخصة في السنوات املاضية‪،‬‬ ‫اختفت تقريبا الدولة‪ .‬وأثارت الثورة اإلحساس باحلرمان‬ ‫االقتصادي‪ ،‬باإلضافة إلى أنها أثارت غضب األغلبية‬ ‫السنية العازمة على أن تخلص نفسها من حكم‬ ‫اجلماعة امللحدة‪.‬‬ ‫أين تقف األمور‬ ‫مما ال شك فيه أنه لم يكن هناك سيناريو واحد جاهزا‬ ‫لألنظمة العربية‪ .‬فقد حسمت تونس‪ ،‬دولة قدمية‬ ‫لديها هوية وطنية واضحة‪ ،‬أمورها بسهولة نسبية‪.‬‬ ‫فقد انتخبت اجمللس التأسيسي الذي حصل فيه حزب‬ ‫النهضة‪ ،‬احلزب اإلسالمي‪ ،‬على األغلبية‪ .‬وكان زعيم‬ ‫حزب النهضة‪ ،‬راشد الغنوشي‪ ،‬رجال ذكيا حيث علمته‬ ‫سنوات املنفى أن يتوخى احلذر‪ ،‬كما شكل حزبه حكومة‬ ‫ائتالفية تشتمل على شريكني علمانيني‪.‬‬ ‫وفي ليبيا‪ ،‬ساعد التدخل األجنبي املتمردين على خلع‬ ‫النظام‪ .‬حيث عثر‪ ،‬في النهاية‪ ،‬على القذافي في أنبوبة‬ ‫صرف صحي ومت ضربه وقتله‪ ،‬كذلك أحد أبنائه‪ .‬لقد‬ ‫كانت تلك هي الضغينة والكراهية اللتان غرسهما‬ ‫احلاكم نفسه‪ ،‬فقد حصد ما زرعت يداه‪ .‬ولكن الثروة‪،‬‬ ‫العدد القليل من السكان‪ ،‬واالنتباه الدولي كل ذلك‬ ‫ميكنه مساعدة ليبيا‪ .‬فال ميكن أن تعاني ليبيا مما هو‬ ‫أسوأ من سنوات حكم القذافي‪.‬‬ ‫وكما هو احلال بالنسبة لليمن‪ ،‬فإنها منوذج للدولة‬ ‫املنهارة‪ .‬حيث إن تأثير احلكومة ضعيف‪ ،‬وال يقدم‬ ‫احلكام أي حلول ولكن ال يوجد إرهاب وحشي‪.‬‬ ‫وقد بدأت الدولة تعاني من نقص املياه‬ ‫الصاحلة للشرب‪ ،‬كما وجد اجلهاديون‬ ‫الهاربون من هندوكوش موطنا لهم‪ ،‬فقد‬ ‫أصبحت أفغانستان ولكن بشاطئ‪ .‬فقد‬ ‫سعى الرجال والنساء الذين خرجوا إلى‬ ‫شوارع صنعاء في ‪ 2011‬إلصالح بلدهم‪،‬‬ ‫حيث سعوا إلى سياسات أكثر جناحا‬ ‫من تلك التي كانوا يحصلون عليها‬ ‫من املمارسات األكروباتية للقيادة‬ ‫السياسية التي استمرت ألكثر‬

‫فؤاد عجمي‬ ‫‪64‬‬

‫من ثالثة عقود‪ .‬ولكن هل سيتمكنون من حتقيق ما‬ ‫أرادوا؟ ما زال األمر غير واضح‪.‬‬ ‫وما زالت سورية في حالة من الفوضى‪ .‬فقد غادرت‬ ‫حماس دمشق في ديسمبر (كانون األول) نظرا ألنها‬ ‫خشيت أن تظل على اجلانب اخلاطئ من اإلجماع العربي‬ ‫املتزايد ضد النظام السوري‪« .‬ال إيران‪ ،‬وال حزب اهلل‪ ،‬بدنا‬ ‫حاكم يخاف اهلل»‪ ،‬ذلك هو أكثر الهتافات ذات املغزى‬ ‫التي كان يرددها املتظاهرون‪ .‬فقد كان احلكم العلوي‬ ‫أمرا شاذا‪ ،‬كما أن النظام‪ ،‬عبر ردة فعله الوحشية جتاه‬ ‫االنتفاضة‪ ،‬من خالل انتهاك قوات األمن للمسجد‪،‬‬ ‫وإطالق النيران على املصلني‪ ،‬وأمر األسرى بأن يرددوا‪« :‬ال‬ ‫إله إال بشار» قد اختار عزلته اإلقليمية‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أن حافظ كان نفسه قد ارتكب أفعاال وحشية‪،‬‬ ‫متكن دائما من البقاء داخل اإلطار العربي‪ .‬ولكن وضع‬ ‫بشار مختلف ‪ -‬يتسم بشار بالالمباالة ‪ -‬حيث إنه دفع‬ ‫حتى اجلامعة العربية التي لديها تاريخ من احتمال‬ ‫حماقات أعضائها‪ ،‬لتعليق عضوية دمشق‪.‬‬ ‫ما زال القتال مستمرا‪ ،‬ولكن حلب ودمشق لم تخرجا‬ ‫إلى الشوارع‪ ،‬وما زال احلاكم احملاصر مقتنعا أنه يستطيع‬ ‫مقاومة قوانني اجلاذبية‪ .‬وبخالف ليبيا‪ ،‬ال توجد خطة إنقاذ‬ ‫أجنبية في األفق‪ .‬ولكن مع كل ذلك القدر من الغموض‪،‬‬ ‫ميكننا قول الكثير عن الوضع هناك‪ :‬فقد انتهت دولة‬ ‫اخلوف األمنية التي أسسها حافظ‪ ،‬وحزب البعث‪ ،‬واجلنود‬ ‫العلويون وأباطرة االستخبارات‪ .‬فعندما تراجع الرضا‬ ‫واحلماس الشعبيان‪ ،‬اعتمدت الدولة على اخلوف وقد هزم‬ ‫اخلوف‪ .‬ففي سوريا‪ ،‬حتطمت الصلة بني املمسكني بزمام‬ ‫السلطة والشعب بشكل يتعذر إصالحه‪.‬‬ ‫من يأتي بعد فرعون‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬رمبا تكون مصر قد فقدت البريق‬ ‫القدمي‪ ،‬ولكننا في تلك اللحظة العربية يجب أن نحكم‬ ‫وفقا ملا ستنتهي إليه األمور‪ .‬ففي السيناريو الكارثي‪،‬‬ ‫سوف تنتهي الثورة بنشأة جمهورية إسالمية‪ :‬يهرب‬ ‫األقباط‪ ،‬وتنهار عائدات السياحة‪ ،‬وسوف يحن املصريون‬ ‫للقبضة احلديدية للفرعون‪ .‬ويبدو أن األداء القوي حلركة‬ ‫اإلخوان املسلمني وحزب النور السلفي األكثر تطرفا‬ ‫في االنتخابات البرملانية املاضية‪ ،‬باإلضافة إلى تراجع‬ ‫التصويت العلماني الليبرالي‪ ،‬يبرران اخملاوف حول توجهات‬ ‫البالد‪ .‬وعلى الرغم من أن املصريني يفتخرون بذكرياتهم‬ ‫حول الفترات الليبرالية من تاريخهم‪ ،‬فإن ستة عقود من‬ ‫احلكم العسكري حرمتهم من جتربة السياسة املفتوحة‬ ‫ومن املستبعد أن يتخلوا عنها دون صراع‪.‬‬ ‫لقد كانت االنتخابات شفافة وواضحة‪ ،‬فلم تكن القوى‬ ‫الليبرالية والعلمانية مستعدة للمنافسة‪ ،‬فيما كان‬ ‫اإلخوان املسلمون ينتظرون مثل تلك اللحظة التاريخية‬ ‫لعقود وقد استغلوا الفرصة‪ .‬ومبجرد ظهور السلفيني‬ ‫على الساحة‪ ،‬أثاروا مخاوف شعبية واسعة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫انسحبوا‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬من مواقعهم املتطرفة‪ .‬وقد‬ ‫أذهلت األحداث في ميدان التحرير العالم ولكن كما‬ ‫قال املثقف املصري الشاب صامويل تادرس‪« :‬مصر‬ ‫ليست القاهرة والقاهرة ليست ميدان التحرير»‪.‬‬ ‫وعندما يستقر الغبار‪ ،‬سوف تتنافس ثالثة قوى على‬ ‫مستقبل مصر‪ :‬اجليش‪ ،‬اإلخوان‪ ،‬وحتالف واسع من‬ ‫الليبراليني والعلمانيني من الذين يرغبون في تأسيس‬ ‫حكومة مدنية‪ ،‬وفصل الدين عن السياسة‪ ،‬وتوفير حياة‬ ‫سياسية طبيعية‪.‬‬


‫كانت مفاجأة‪ .‬طوال فترة جيلني تقريبا‪ ،‬اجتاحت أمواج‬ ‫الدميقراطية مناطق أخرى في العالم‪ ،‬من جنوب أوروبا‬ ‫وشرقها إلى أميركا الالتينية‪ ،‬ومن شرق آسيا إلى‬ ‫أفريقيا‪ .‬ولكنها لم تصل إلى الشرق األوسط‪ ،‬الذي‬ ‫أحكم طغاته غلق عامله السياسي وأصبحوا مالكني‬ ‫لبلدانهم‪ .‬كانت منطقة منعزلة‪ ،‬حكام مستبدون‬ ‫وشعوب متجهمة ومجموعة مهمشة من اإلرهابيني‬ ‫الذين اندفعوا في إحباط نحو نظام يفتقد إلى‬ ‫الشرعية‪ .‬بدأ العرب يشعرون وكأن اللعنة أصابتهم‬ ‫وأنه قدر لهم العيش في ظل االستبداد‪ .‬ولم تتوقف‬ ‫حالة املنطقة عند كونها كارثة إنسانية بل حتولت إلى‬ ‫خزي أخالقي‪.‬‬ ‫غضت القوى اخلارجية الطرف عن هذا الواقع‪ ،‬معتقدة‬ ‫في صمت أن هذا هو أفضل ما في وسع العرب‪ .‬ولكن‬ ‫في دفعة مفاجأة ملبدأ ويلسون بتأييد الدميقراطية في‬ ‫العراق‪ ،‬وضعت الواليات املتحدة قوتها خلف دعم احلرية‪.‬‬ ‫طرد صدام حسني من بني العنكبوت‪ ،‬وأخرجت الكتائب‬ ‫السورية التي كانت متارس اإلرهاب واالبتزاز من لبنان‪،‬‬ ‫وبدا أن نظام حسني مبارك االستبدادي‪ ،‬الذي طاملا ظل‬ ‫عمادا ملا يسمى بـ«السالم األميركي»‪ ،‬يخسر بعضا‬ ‫من نفوذه‪ .‬ولكن حمل العراق في مرحلة ما بعد صدام‬ ‫رسائل مختلطة‪ :‬كانت هناك دميقراطية‪ ،‬ولكن تسيل‬ ‫الدماء في الشوارع وتشتعل الفتنة الطائفية‪ .‬مكثت‬ ‫األنظمة املستبدة في مواقعها وبذلت أقصى ما في‬ ‫وسعها إلجهاض املشروع العراقي اجلديد‪ .‬واشتعل‬ ‫الوضع في العراق‪ ،‬وأخذ احلكام العرب في اإلشارة إليه‬ ‫كتحذير من مغبة اإلطاحة بأسوأ احلكام الطغاة‪ .‬عالوة‬ ‫على ذلك‪ ،‬حتمل العراق عبئا مزدوجا من اإلهانة ألهل‬ ‫السنة من العرب‪ :‬حيث إن حامل شعلة التحرير هي‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬كما أن احلرب منحت سلطات واسعة‬ ‫للشيعة‪ .‬وكانت النتيجة هي حدوث مواجهة‪ :‬ال ميكن‬ ‫أن يتجاهل العرب احلرية‪ ،‬وكذلك لم يحقق النموذج‬ ‫العراقي األمل الذي توقعه مؤيدوه‪.‬‬ ‫يقول العرب أنفسهم إن جورج بوش االبن أطلق العنان‬ ‫لتسونامي اجتاح املنطقة‪ ،‬وهذا حقيقي‪ ،‬ولكن العرب‬ ‫بارعون في حتمل العواصف‪ ،‬وكان األميركيون قبل‬ ‫فترة طويلة فقدوا حماسهم وتخلوا عن سعيهم‪.‬‬ ‫أسفرت االنتخابات التي أجريت عام ‪ 2006‬في األراضي‬ ‫الفلسطينية عن فوز حماس‪ ،‬وفوجئت إدارة بوش بخيبة‬ ‫أمل جديدة في تطبيق الدميقراطية‪ .‬من جانب آخر‪،‬‬ ‫أنقذ قرار «تعزيز القوات األميركية» في العراق احلرب‬ ‫األميركية في الوقت املناسب‪ ،‬بيد أن الواليات املتحدة‬ ‫تخلت عن الرؤية الطموحة بإصالح العالم العربي‪.‬‬ ‫وجنت األنظمة العربية املستبدة من اللحظة القصيرة‬ ‫التي شهدت اإلصرار األميركي‪ .‬وسريعا ما جاء حامل‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫جديد ملعايير القوة األميركية‪ ،‬باراك أوباما‪ ،‬برسالة‬ ‫طمأنة‪ :‬تخلت الواليات املتحدة عن فكرة التغيير‪،‬‬ ‫وستتصالح مع الوضع الراهن‪ ،‬وجتدد شراكاتها مع‬ ‫األنظمة املستبدة الصديقة‪ ،‬بل وستتحاور مع األنظمة‬ ‫العدائية في دمشق وطهران‪ .‬وكانت الواليات املتحدة‬ ‫ستركز لفترة أطول على ورطتها في كابل‪ ،‬وستتخلى‬ ‫عن مشروع الشرق األوسط الكبير‪.‬‬ ‫املفاجأة‬ ‫عندما اندلعت املظاهرات في إيران ضد احلكام الدينيني‬ ‫في أول صيف من فترته الرئاسية‪ ،‬فوجئ أوباما‬ ‫باالضطرابات‪ .‬فبعد أن اعتزم التصالح مع احلكام‪ ،‬لم‬ ‫يجد لغة يخاطب بها املعارضني‪ .‬في الوقت ذاته‪ ،‬حرص‬ ‫النظام السوري‪ ،‬الذي كان قد تخلى عن نفوذه في‬ ‫لبنان حتت الضغوط‪ ،‬على استعادة سلطته‪ .‬وأنهت‬ ‫حملة سرية من العمليات اإلرهابية واالغتياالت‪ ،‬ونفوذ‬ ‫حزب اهلل على األرض‪ ،‬ودعم إيران «ثورة األرز» التي كانت‬ ‫مساعي إدارة بوش الدبلوماسية تفخر بها‪.‬‬ ‫كان من ذكاء املراقبني املتابعني مليزان القوى في املنطقة‬ ‫في نهاية عام ‪ 2010‬أن توقعوا استمرار األنظمة‬ ‫املستبدة في احلكم‪ .‬ومع استمرار بشار األسد في‬ ‫دمشق‪ ،‬سلموا بأن مصيرا مشابها ينتظر ليبيا وتونس‬ ‫واليمن ومصر‪ ،‬تلك الدولة الكبيرة التي كانت دائما‬ ‫رائدة في احلياة السياسية والثقافية العربية‪ .‬ولكن‬ ‫حتت االستقرار الظاهر على السطح كانت هناك معاناة‬ ‫وعقم سياسي‪ .‬لم يكن العرب في حاجة إلى «تقرير‬ ‫تنمية بشرية» ليحدثهم عن مأساتهم‪ .‬اختفت‬ ‫مالمح القبول من احلياة العامة‪ ،‬وأصبح الرباط الوحيد‬ ‫بني احلاكم واحملكوم هو الريبة واخلوف‪ .‬لم يكن هناك‬ ‫مشروع شعبي يتم توريثه إلى جيل قادم‪ ،‬علما بأن‬ ‫الشعوب احلالية هي األكبر عددا واألصغر أعمارا حتى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫وبعد كل ذلك‪ ،‬حدث ما حدث‪ .‬ففي ديسمبر (كانون‬ ‫األول)‪ ،‬جلأ محمد البوعزيزي بائع فاكهة تونسي يائس‬ ‫إلى وسيلة يحتج بها على الظلم القائم‪ ،‬فأشعل‬ ‫النار في جسده‪ .‬وسريعا ما اتبع ماليني ممن يشبهونه‬ ‫طريقة أخرى حيث خرجوا إلى الشوارع في احتجاجات‪.‬‬ ‫وفجأة اتخذ الطغاة‪ ،‬الذين بدوا آمنني في سلطانهم‬ ‫وكانوا يعتبرون أنفسهم كاآللهة‪ ،‬طريق الهروب‪ .‬ومن‬ ‫جانبها هرعت الواليات املتحدة لتلحق باألحداث‪ .‬حيث‬ ‫خرجت وزيرة اخلارجية األميركية هيالري كلينتون في‬ ‫قطر في منتصف يناير (كانون الثاني) عام ‪ ،2011‬في‬ ‫الوقت الذي اندلعت فيه األحداث‪ ،‬قائلة‪« :‬في كثير‬ ‫من األماكن‪ ،‬وبطرق مختلفة‪ ،‬تغرق قوائم املنطقة‬ ‫في الرمال»‪ .‬وأكدت الساحة العربية صحة تعليقها‪،‬‬

‫ولكنها أغفلت اإلشارة إلى أن أجياال من الدبلوماسية‬ ‫األميركية ستدفن مع تلك القوائم أيضا‪.‬‬ ‫كانت الثورة تسوية حلسابات بني القوى القائمة‬ ‫والسكان الذي قرروا وضع حد للحكام الطغاة‪ .‬اندلعت‬ ‫النار في دولة صغيرة على هامش اخلبرة السياسية‬ ‫العربية‪ ،‬تتميز بأنها أرقى تعليما وأكثر رخاء واتصاال‬ ‫بأوروبا من بقية الدول‪ .‬واجتهت الثورة شرقا‪ ،‬ولكنها‬ ‫تخطت ليبيا ووصلت إلى القاهرة في مصر «أم الدنيا»‪.‬‬ ‫وهناك وجدت ساحة تليق بطموحات الثورة‪.‬‬ ‫على الرغم من أنها أحيانا ما تعتبر منوذجا مثاليا‬ ‫للخضوع السياسي‪ ،‬شهدت مصر بالفعل ثورات‬ ‫عنيفة‪ .‬وكان من حسن حظ مبارك أن هذه األرض حتملته‬ ‫طوال ثالثة عقود‪ .‬متيز مبارك الذي مت تعيينه خلفا‬ ‫للسادات بتوخي احلذر‪ ،‬ولكن فترته الرئاسية حملت‬ ‫مطامع التوريث‪ .‬على مدار فترة مذهلة استمرت ‪18‬‬ ‫يوما في شهري يناير وفبراير (شباط)‪ ،‬جتمع املصريون‬ ‫من جميع مناحي احلياة في ميدان التحرير للمطالبة‬ ‫برحيله‪ .‬وبعد أن أطاح به كبار قادة القوات املسلحة‪،‬‬ ‫انضم إلى رفيقه الديكتاتور التونسي زين العابدين بن‬ ‫علي‪ ،‬الذي سقط قبله بشهر‪.‬‬ ‫ومن مصر‪ ،‬أصبحت الصحوة شأنا عربيا‪ ،‬انتقلت‬ ‫شرارتها إلى اليمن والبحرين‪ .‬وكانت األخيرة استثناء‬ ‫نادرا نظرا لكونها مملكة‪ ،‬وكانت ثورات املوسم احلالي‬ ‫تصيب في األساس اجلمهوريات التي يحكمها رجال‬ ‫أقوياء‪ .‬ولكن في حني تتميز األنظمة امللكية بالتوافق‬ ‫بني احلاكم واحملكوم‪ ،‬شهدت البحرين حالة من التمزق‬ ‫بسبب اخلالف السني الشيعي‪ .‬لذلك كانت معرضة‬ ‫الستقبال الشرارة‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬كانت اليمن من‬ ‫أكثر الدول فقرا‪ ،‬تهز احلركات االنفصالية أرجاء شمالها‬ ‫وجنوبها‪ ،‬وقد متكن زعيمها‪ ،‬علي عبد اهلل صالح‪ ،‬الذي‬ ‫ال يتحلى بأي مهارات عدا فن البقاء السياسي‪ .‬وكان من‬ ‫الصعب استيعاب النزاع اليمني‪ ،‬والصراع بني القبائل‬ ‫واجلنراالت‪ .‬وقد منحت تلك الثورة العربية اليمنيني‬ ‫احلماس للتخلص من حاكمهم والقوة لتحديه‪.‬‬ ‫ثم‪ ،‬امتدت الثورة إلى ليبيا التي كانت مملكة الصمت‪،‬‬ ‫عالم اخملتل معمر القذافي الذي يزعم أنه «عميد احلكام‬ ‫العرب»‪ .‬فعلى مدار أربعة عقود بشعة‪ ،‬كان الليبيون‬ ‫حتت رحمة ذلك السجان‪ ،‬نصف طاغية ونصف مهرج‪.‬‬ ‫لقد سلب القذافي دولته‪ ،‬أغنى دولة في أفريقيا‬ ‫والتي لديها مع ذلك أكثر السكان فقرا‪ .‬في الفترة‬ ‫ما بني احلربني العامليتني‪ ،‬رزحت ليبيا حتت وطأة حكم‬ ‫استعماري وحشي في ظل احلكم اإليطالي‪ .‬ثم حصلت‬ ‫على فترة من الهدوء في ظل احلاكم الناسك‪ ،‬امللك‬ ‫‪63‬‬


‫صحافة عاملية‬

‫الربيع العربي‪ ..‬عام من احلياة اخلطرة‬

‫الشعب يريد إسقاط النظام‬

‫طوال عام ‪ ،2011‬ترددت أصداء‬ ‫هتاف الشعوب عبر األراضي‬ ‫العربية‪« :‬الشعب يريد إسقاط‬ ‫النظام»‪ .‬مر ّ الهتاف عبر احلدود‬ ‫بسهولة‪ ،‬وحملته الصحف‬ ‫واجملالت وانتشر عبر «تويتر»‬ ‫و«فيس بوك»‪ ،‬وبثته قنوات مثل‬ ‫«اجلزيرة» و«العربية»‪ .‬انتهت‬ ‫القومية العربية من قبل‪ ،‬ولكن‬ ‫هنا بدت وكأنها صحوة عربية‬ ‫أكيدة بكامل قوتها‪ .‬فقد نهض‬ ‫الشباب الباحثون عن احلرية‬ ‫السياسية والفرص االقتصادية‪،‬‬ ‫بعد أن أضناهم ملل احلياة‬ ‫اليومية‪ ،‬ليثوروا ضد حكامهم‬ ‫متصلبي الرأي‪.‬‬

‫فؤاد عجمي‬

‫‪62‬‬


‫دمقرطة التنمية‬ ‫ال ميتلك البنك الدولي كافة اإلجابات‪ .‬فعندما يتخذ قرارات‬ ‫ميكن أن يكون لها تأثير هائل على حيوات الناس‪ ،‬فإنه‬ ‫يجب أن يستمع لذوي الصلة واالطالع على القضية‪ .‬فمن‬ ‫ضمن الرسائل العديدة للجماهير التي هزت أرجاء الشرق‬ ‫األوسط في عام ‪ 2011‬كان هو أن احلرية االقتصادية‬ ‫العاملية يجب أن تقترن باحلوكمة الرشيدة‪ ،‬وصوت املواطن‪،‬‬ ‫واملساءلة االجتماعية‪.‬‬ ‫وتعتمد التنمية الشاملة واملستدامة على التغير من‬ ‫مقاربة النخبة أو املقاربة من األعلى لألدنى إلى مقاربة‬ ‫تعمل على دمقرطة التنمية‪ .‬وهو ما يعني منح الناس‬ ‫األدوات جلمع البيانات والفهم األفضل لقضايا التنمية‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى فرص مشاركة الرؤى‪ .‬ولكن املؤسسات تقاوم‬ ‫االنفتاح‪ .‬حيث إن املعلومات متنح القوة‪ ،‬وهو ما يعني‬ ‫الكشف عن األخطاء ومعاجلة أوجه النقد‪ ،‬وهو أمر صعب‪،‬‬ ‫ولكنه رغم ذلك يجعل املؤسسات أكثر فعالية‪ .‬وفي حالة‬ ‫البنك الدولي‪ ،‬فإن جعل املنظمة منفتحة يعمل على‬ ‫حتسني األداء ويظهر للناس ما يفعله البنك وكيف يعمل‪.‬‬ ‫فالشفافية هي أفضل عالج لنظريات املؤامرة‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،2010‬أقر البنك الدولي سياسة جديدة للحصول‬ ‫على املعلومات‪ ،‬بهدف إطالق سراح عدد هائل من الوثائق‬ ‫وتوفير قدر أكبر من أي وقت سابق للجماهير حول مشروعات‬ ‫البنك‪ ،‬وحتليالته وأنشطته االستشارية وإجراءات مجلسه‬ ‫التنفيذي‪ .‬ومتثل السياسة التي مت وضعها على غرار برامج‬ ‫حرية املعلومات في الهند والواليات املتحدة تغيرا مفاجئا‬ ‫في كيف يتعامل البنك مع املعلومات وعن مدى شمولية‬ ‫مثل تلك السياسة في املنظمة املتعددة األطراف‪.‬‬ ‫ورمبا تصبح مبادرة إتاحة البيانات أكثر أهمية‪ .‬فوفقا لذلك‬ ‫البرنامج‪ ،‬أطلق البنك سراح آالف البيانات وجعلها متاحة‬ ‫ألي شخص لديه قدرة على االتصال بشبكة اإلنترنت‪.‬‬ ‫حيث يستطيع أي شخص اآلن بدءا من طالب الدكتوراه‬ ‫في أستراليا إلى أي فالح في كينيا حتليل بيانات البنك‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ ،2010‬شجعت مسابقة «تطبيقات التنمية»‬ ‫مطوري البرمجيات في جميع أنحاء العالم على اإلتيان‬ ‫باستخدامات جديدة لتلك الثروة الواسعة من البيانات‬ ‫كما يعمل الباحثون بالبنك الدولي على إنشاء تطبيقات‬ ‫برامج لتيسير القدرة على الوصول إلى قدر أكبر من‬ ‫البيانات‪ .‬كما يطور البنك «تطبيقا من أجل النزاهة»‬ ‫لكي مينح املواطنني قدرة على الوصول إلى املعلومات‬ ‫حول مشروعات البنك ووسائل لإلبالغ املباشر عن الفساد‬ ‫املتعلق به‪ .‬ويخطط البنك للعمل مع اجملتمعات احمللية‬ ‫لوضع خطة لبنيتها االجتماعية اخلاصة ‪ -‬مثل العيادات‬ ‫الصحية‪ ،‬واملدارس‪ ،‬ومصادر املياه ‪ -‬حتى يستطيع‬ ‫الفالحون أن يحاسبوا املسؤولني‪ .‬واخلطوة التالية هي‬ ‫السماح لألشخاص باستخدام األجهزة احملمولة إلعالم‬ ‫البنك من أي موقع مبا يحدث فعليا في مشروعاته‪.‬‬ ‫ومتثل جميع هذه البرامج منوذجا مختلفا متاما عن مفهوم‬ ‫«البنك يعرف أفضل» كما كان في املاضي‪ .‬وتقديرا‬ ‫واعترافا بجهوده‪ ،‬صنفت منظمة «انشر ما متول» العام‬ ‫املاضي املؤسسة الدولية للتنمية في املرتبة األولى في‬ ‫مجال الشفافية ضمن ‪ 58‬من وكاالت التنمية الثنائية‬ ‫ومتعددة األطراف‪.‬‬ ‫بنك أكثر متثيال‬ ‫أخيرا‪ ،‬ونظرا ألن الدول النامية تطالب وهي محقة بقدر‬ ‫أكبر من إبداء الرأي في كيفية إدارة العالم‪ ،‬يجب على البنك‬ ‫الدولي أن يتكيف مع تلك التغيرات‪ .‬ففي عام ‪ ،2010‬زاد‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫البنك متثيل البلدان النامية في مجلسه من املديرين‬ ‫التنفيذيني مما نسبته ‪ 44‬في املائة إلى أقل قليال من ‪50‬‬ ‫في املائة‪ .‬ولكن نظرا ألن ذلك اجمللس نادرا ما يقترع‪ ،‬كانت‬ ‫إضافة مقعد جديد بالهيئة ألفريقيا جنوب الصحراء‬ ‫أكثر أهمية‪ ،‬حيث إنه أضاف صوتا آخر إلى الطاولة‪.‬‬ ‫وتقترح بعض البلدان تقسيم اإلدارة بالنصف بني الدول‬ ‫النامية واملتقدمة‪ .‬ولكن ذلك يطرح العديد من األسئلة‬ ‫الشائكة‪ :‬ما هي البلدان التي تنتمي للعالم النامي؟ وهل‬ ‫يجب احلفاظ على نسبة ‪ 50‬في املائة من التصويت للدول‬ ‫النامية في ظل تزايد انتقال الدول من العالم النامي إلى‬ ‫الدول املتطورة؟ هل يجب أن يعكس أيضا قوة التصويت‬ ‫مساهمات الدول إلى رابطة التنمية الدولية أو غيرها من‬ ‫صناديق التمويل؟ هل يعزز ذلك التقسيم منطق الشمال‬ ‫ اجلنوب والذي يعكس منوذجا قدميا؟‬‫لقد كانت إدارة البنك تستهدف حتديد التصويت والتمثيل‬ ‫وفقا لكيفية قيام البنك بعمله‪ ،‬بدءا من معاملة عمالئه‬ ‫من البلدان بكرامة واحترام وحتى كيفية متثيل عضوية‬ ‫الدول في جهازه اإلداري‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن العمل احمللي‬ ‫مفيد‪ :‬حيث هناك مكاتب في أكثر من ‪ 100‬بلد تعني‬ ‫موظفني من الدول املتعاملة مع البنك واملساهمني اآلخرين‪.‬‬ ‫ويأتي العاملون في البنك من أكثر من ‪ 167‬بلدا ويأتي نحو‬ ‫ثلثي هؤالء العاملني من البلدان النامية والدول التي متر‬ ‫بفترات انتقالية‪ .‬كما أن رئيس اخلبراء االقتصاديني بالبنك‪،‬‬ ‫األكادميي الصيني جاسنت لني‪ ،‬هو أول شخص من دولة‬ ‫نامية يحتل ذلك املنصب‪ .‬وهناك نحو ‪ 50‬في املائة حاليا‬ ‫من كبار املسؤولني التنفيذيني بالبنك من النساء ونحو ‪45‬‬ ‫في املائة من كبار املوظفني به يأتون من الدول النامية‪.‬‬ ‫كما يعمل البنك تدريجيا على توسيع األثر العاملي ملساعيه‬ ‫ملشاركة املعلومات‪ .‬فقد أنشأ مركزا في نيروبي يساعد‬ ‫الدول ما بعد النزاع ومركزا في سنغافورة يركز على تنمية‬ ‫البنية التحتية املدنية بالشراكة مع القطاعني العام‬ ‫واخلاص‪ .‬وكما يعكس ذلك التغير املؤسسي‪ ،‬أصبحت‬ ‫التنمية اليوم تتعلق باملعرفة بقدر ما تتعلق باإلقراض‪،‬‬

‫إﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﻘﺮ ﰲ اﻟﻌﺎمل‬

‫ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ‪ ،‬ﻋﺪد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻓﻘﺮ ﻣﺪﻗﻊ‬ ‫ دﺧﻠﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻳﺼﻞ إﱃ أﻗﻞ ﻣﻦ ‪ 1.25‬دوﻻر ﰲ اﻟﻴﻮم ‪-‬‬‫إﻧﺨﻔﺾ ﰲ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻦ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎمل ﰲ اﻟﻔﱰة ‪08 - 2005‬‬

‫ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻋﲆ أﻗﻞ‬ ‫ﻣﻦ ‪ 1.25‬دوﻻر ﰲ اﻟﻴﻮم‬

‫‪%60‬‬

‫ﺗﻌﺎدل اﻟﻘﻮة اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎم ‪2005‬‬

‫‪50‬‬

‫اﻟﻌﺎمل‬

‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬

‫ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﺼني‬ ‫‪1981‬‬

‫‪1990‬‬

‫‪1999‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪2008‬‬

‫ﻋﺪد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻋﲆ أﻗﻞ ﻣﻦ ‪ 1.25‬دوﻻر‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫ﰲ اﻟﻴﻮم )ﻣﻠﻴﺎر( ‪0‬‬

‫ﴍق آﺳﻴﺎ‪/‬‬ ‫ﻣﻨﻄﺔ اﳌﺤﻴﻂ اﻟﻬﺎدئ‬ ‫اﻟﺼني‬

‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬

‫آﺳﻴﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ‬ ‫ﺟﻨﻮب اﻟﺼﺤﺮاء‬ ‫اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ‬ ‫اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ‪/‬‬ ‫ﺷامل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬ ‫أوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ‪/‬‬ ‫آﺳﻴﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ‬

‫اﳌﺼﺪر‪World Bank, Economist :‬‬ ‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫اﻟﻔﻘﺮاء ﰲ‬ ‫اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ‬ ‫‪ 1.94 :1981‬ﻣﻠﻴﺎر‬ ‫‪ 1.29 :2008‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫وحتتاج املعرفة إلى التدفق من اجلنوب إلى اجلنوب‪ ،‬ومن‬ ‫الشرق إلى الغرب‪ ،‬ومن الطبقات الدنيا إلى أروقة السلطة‬ ‫وأال تظل حبيسة األنظمة التقليدية‪.‬‬ ‫ما بعد املعونة‬ ‫لقد دفعتني جتربتي قبل اجمليء إلى البنك الدولي إلى وضع‬ ‫أهمية قصوى على النتائج‪ .‬رمبا يبدو التركيز على النتائج‬ ‫أمرا بديهيا‪ ،‬ولكن تقييم السياسة العامة يدفعه دائما‬ ‫اجلدل الفكري‪ ،‬والوضع السياسي‪ ،‬والتوجهات اآليديولوجية‬ ‫احلالية‪ .‬وتستطيع املنظمات الدولية على وجه اخلصوص‬ ‫أن تصبح منغمسة في العملية واملناقشات إلى حد‬ ‫يجعلها تبتعد عن الدور احملوري للفعالية‪ .‬كما أن التركيز‬ ‫على النتائج العملية مهم على نحو خاص في املنظمات‬ ‫العامة مثل البنك الدولي‪ ،‬حيث تستطيع التوازنات‬ ‫واإلجراءات واللجان أن تعرقل روح املبادرة‪ .‬فاإلجنازات تبني‬ ‫الروح املعنوية‪ ،‬والدعم‪ ،‬واملساءلة‪ ،‬والشرعية‪.‬‬ ‫لقد بذل البنك جهودا مكثفة لكي يصبح أسرع وأكثر‬ ‫مرونة‪ .‬إال أن هناك املزيد من العمل الذي يجب عمله‪.‬‬ ‫فيحتاج التنفيذيون إلى مساعدة فرق عملهم لكي‬ ‫يتمكنوا من الصلة بني مخاوف املساهمني املتعددين (حول‬ ‫الضمانات‪ ،‬وإجراءات املشتريات املالئمة‪ ،‬وتعاون احلكومات‪،‬‬ ‫وغيرها من القضايا)‪ ،‬ونظراء البلد الذين يحاولون حل‬ ‫املشكالت‪ .‬فهم يحتاجون أن يتعلموا باستمرار ويعملوا‬ ‫على حتسني العملية دون أن يتركوها تصاب بالشلل‪.‬‬ ‫خالل األعوام اخلمسة املاضية‪ ،‬كانت جهود البنك الدولي‬ ‫للتحديث جزءا من املسعى األكبر لتحديث التعددية‪.‬‬ ‫ويعكس ذلك التوجه تغير االقتصاد العاملي واجتاهه صوب‬ ‫األقطاب املتعددة للنمو‪ ،‬وهو تطور سوف يعزز الفرص‪،‬‬ ‫وسبل احلياة واالبتكار‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬سوف يحتاج‬ ‫العالم إلى نظام صحي متعدد لتشجيع املزيد من البلدان‬ ‫على التعامل مع اخملاوف املشتركة مع تقاسم املسؤوليات‪.‬‬ ‫وعلى مدار الوقت‪ ،‬يجب أن يصبح هدف البنك هو مساعدة‬ ‫البلدان على جتاوز مرحلة تلقي املعونات‪ .‬فسوف تكون‬ ‫هناك حاجة دائمة للمساعدات اإلنسانية ولبعض الوقت‪،‬‬ ‫سوف حتتاج البلدان الفقيرة والتي ميزقها النزاع إلى‬ ‫املساعدات التنموية‪ .‬ولكن الهدف األساسي يجب أن يظل‬ ‫هو التخلص من االتكالية‪ .‬ويجب أن يساعد البنك الدولي‬ ‫البلدان النامية على خلق الظروف ‪ -‬من خالل الصحة‬ ‫العامة‪ ،‬التعليم‪ ،‬التغذية باإلضافة إلى االستثمارات املالية‬ ‫ التي حتفز األعمال‪ ،‬والوظائف واإلنتاجية وتعمل على‬‫الربط مع سالسل اإلمداد واخلدمات اللوجستية العاملية‪.‬‬ ‫ويستطيع البنك املساعدة عبر احلوكمة األفضل‪ ،‬وسيادة‬ ‫القانون‪ ،‬واحلرية االقتصادية‪ ،‬واالستدامة البيئية‪ ،‬واملساءلة‬ ‫االجتماعية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬يتوجب على كافة البلدان أن‬ ‫تفتح أسواقها أمام الدول النامية‪.‬ويجب على كافة البلدان‬ ‫االستفادة من طاقات وقدرات شعوبها خاصة الفتيات واملرأة‬ ‫الالئي ميثلن مصدرا ناشئا للنمو في كل مكان‪.‬لقد كان‬ ‫قدر كبير من تاريخ البنك الدولي مرتبطا بالعالم الثالث‪.‬‬ ‫ويعد مفهوم العالم الثالث مفهوما عفا عليه الزمن‪ .‬ولكن‬ ‫التنمية ليست كذلك‪ .‬بل إن دروس التنمية ‪ -‬مثل مبادئ‬ ‫االقتصاد السليم ‪ -‬يتم تطبيقها على كافة البلدان‪ .‬واليوم‪،‬‬ ‫فإن العالم في حاجة ماسة إلى جتاوز األزمة االقتصادية وأن‬ ‫يضع األسس لعالم ما بعد املعونة‪ .‬ولكي يفعل ذلك‪ ،‬ما زال‬ ‫العالم يحتاج البنك الدولي >‬

‫• روبرت زوليك ‪ -‬رئيس البنك الدولي‬ ‫• فورن أفيرز‪ ،‬مارس‪/‬أبريل ‪2012‬‬ ‫•خاص بـ«اجمللة»‬ ‫‪61‬‬


‫صحافة عاملية‬

‫ويعمل البنك أيضا مع عمالئه من البلدان على االستثمارات‬ ‫بعيدة املدى لكي يضع أسس التعافي مع التركيز على ثالثة‬ ‫مناحي‪ .‬أوال‪ ،‬أن يستثمر في البنية التحتية للمساعدة‬ ‫على توفير فرص عمل‪ ،‬وزيادة اإلنتاجية للغد‪ ،‬وتعزيز الطلب‬ ‫على اآلالت واخلدمات مبا فيها تلك من الدول املتطورة‪ .‬ثانيا‪،‬‬ ‫أن يعزز شبكات األمان حلماية الفئات األكثر استضعافا‪.‬‬ ‫وبوعي الدروس املستفادة من البرازيل‪ ،‬واملكسيك‪ ،‬ساعد‬ ‫البنك ما يزيد على ‪ 40‬بلدا على البدء في برامج التحويالت‬ ‫النقدية املشروطة التي تدفع التكاليف لألسر الفقيرة‬ ‫التي حتافظ على وجود أطفالها في املدارس وللحصول‬ ‫على الرعاية الصحية الوقائية‪ .‬وثالثا‪ ،‬ومن خالل مؤسسة‬ ‫التمويل الدولية‪ ،‬وفر البنك الدولي التمويل للقطاع اخلاص‬ ‫خاصة في املشروعات الصغيرة واملتوسطة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫مؤسسات التمويل متناهي الصغر‪ .‬وتعد تلك املقاربة‬ ‫بعيدة متاما عن املقاربات السابقة لإلقراض‪ .‬ففي بعض‬ ‫األوقات‪ ،‬يجب على البنك أن يقول ال للعمالء الذين يرفضون‬ ‫الوفاء باملعايير واتخاذ تدابير وقائية فيما يتعلق بالفساد‪،‬‬ ‫والبيئة‪ ،‬واحلوكمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ترغب األغلبية العظمى في‬ ‫تعزيز النمو كما وكيفا‪.‬‬ ‫تعزيز االبتكار املالي‬ ‫حلشد األموال وحتقيق استثمارات فعالة‪ ،‬يجب على البنك‬ ‫الدولي حتقيق النتائج‪ ،‬وتوسيع قاعدته للدعم املالي‪ ،‬وتزويد‬ ‫عمالئه باألدوات املالية املبتكرة‪ .‬فكل ثالث سنوات‪ ،‬يجدد‬ ‫البنك موارد املؤسسة الدولية للتنمية وهي صندوقه‬ ‫ملساعدة الدول األشد فقرا‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬في وقت قلة املوارد‬ ‫املالية‪ ،‬قررت الدول املساهمة في البنك الدولي ‪ -‬أعضاؤه‬ ‫الذين يبلغ عددهم ‪ 187‬من الدول األعضاء ‪ -‬أن أولويات‬ ‫املؤسسة وأداءها يتطلبان توفير دعم مالي رفيع املستوى‪.‬‬ ‫وفي عامي ‪ ،2007‬و‪ 2010‬متكنت مساعي جتديد موارد‬ ‫املؤسسة الدولية للتنمية من حشد مستوى غير مسبوق‬ ‫من املوارد املالية فاق ‪ 90‬مليار دوالر‪ .‬وفي عام ‪،2010‬‬ ‫دعم املساهمون أيضا أول زيادة لرأسمال البنك الدولي‬ ‫لإلنشاء والتعمير منذ أكثر من عشرين عاما‪ ،‬ومن ثم‬ ‫متكن من الوفاء باحتياجات عمالئها في وقت األزمة عبر‬ ‫إصدار سندات حصلت على تصنيف ائتماني مت تقييمها‬ ‫بـ«املمتازة» ‪.AAA‬‬ ‫وقد اعتمدت باقات التمويل تلك على تطبيق شروط مالية‬ ‫صارمة تعتمد على مفهوم «املساهمني املسؤولني»‬ ‫لالقتصادات الناشئة؛ فكرة أنهم يجب أن يتحملوا قدرا‬ ‫أعلى من املسؤولية توازي قوتهم املتزايدة‪ .‬لقد كانت‬ ‫البلدان النامية تقوم بدور مهم‪ :‬فقد ساهموا على نحو‬ ‫أكثر في جهود جتديد موارد املؤسسة الدولية للتنمية من‬ ‫أي وقت سابق وقدموا أكثر من نصف زيادة رأسمال البنك‬ ‫الدولي لإلنشاء والتعمير‪ .‬وحقق البنك الدولي لإلنشاء‬ ‫والتعمير واملؤسسة الدولية للتنمية العائدات كل عام‪،‬‬ ‫واستغلوا ذلك في مراكمة رأس املال لتغطية تكلفة‬ ‫موازنتهم اإلدارية (والتي حافظ البنك على ثباتها)‪ ،‬وحتى‬ ‫من أجل احلفاظ على تقدمي املساهمات التي تصل إلى عدة‬ ‫مليارات من الدوالرات للمؤسسة الدولية للتنمية‪ .‬وقد‬ ‫أيدت الدول التي تلقت استثمارات املؤسسة حشد األموال‬ ‫من خالل مشاركة البنك الدولي التركيز على النتائج‬ ‫واملساءلة‪ ،‬مبا في ذلك استخدام أدوات اإلقراض اجلديدة التي‬ ‫تربط بني املدفوعات وإجنازات محددة‪.‬‬ ‫وهناك مساحة للمزيد من االبتكار؛ فمع تعديل الشروط‬ ‫املقدمة للمتلقني ومن خالل تدفق مدفوعات السداد‬ ‫منهم‪ ،‬يجب أن تتحرك املؤسسة الدولية للتنمية صوب‬ ‫حتقيق استدامة ذاتية أعلى‪ .‬وعلى نفس القدر من األهمية‪،‬‬ ‫هناك فرص هائلة أمام البنك الدولي لكي يعزز االستثمارات‬ ‫‪60‬‬

‫ﻣﺆﴍ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ‬

‫ﺗﺼﺪرت ﻫﻮﻧﻎ ﻛﻮﻧﻎ ﻗﺎمئﺔ اﻷﺳﻮاق اﳌﺎﻟﻴﺔ اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ‬ ‫ﰲ اﻟﻌﺎمل‪ ،‬وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻤﻨﺘﺪى اﻹﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎﳌﻲ‪ ،‬وﺗﻔﻮﻗﺖ‬ ‫ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة واﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ‬

‫ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺗﺮﺗﻴﺐ‬ ‫‪2010 2011‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪2011‬‬ ‫اﻟﻨﻘﺎط‬ ‫)‪(7-1‬‬ ‫‪5.16‬‬ ‫‪5.15‬‬ ‫‪5.00‬‬ ‫‪4.97‬‬ ‫‪4.93‬‬ ‫‪4.86‬‬ ‫‪4.71‬‬ ‫‪4.71‬‬ ‫‪4.63‬‬ ‫‪4.52‬‬

‫ﻫﻮﻧﻎ ﻛﻮﻧﻎ‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‬ ‫اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة‬ ‫ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة‬ ‫أﺳﱰاﻟﻴﺎ‬ ‫ﻛﻨﺪا‬ ‫ﻫﻮﻟﻨﺪا‬ ‫اﻟﻴﺎﺑﺎن‬ ‫ﺳﻮﻳﴪا‬ ‫اﻟرنوﻳﺞ‬ ‫اﳌﺆﴍ ﻳﻈﻬﺮ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ ﻟـ ‪ 60‬دوﻟﺔ وﻓﻘﺎً‬ ‫ﻟﻠﻜﻔﺎءة وﺣﺠﻢ اﳌﻌﺎﻣﻼت اﳌﴫﻓﻴﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﳌﺎﻟﻴﺔ‬ ‫اﻷﺧﺮى وﺑﻴﺌﺔ اﻷﻋامل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ‪ ،‬واﻹﺳﺘﻘﺮار اﳌﺎﱄ‬ ‫وﺗﺤﺮﻳﺮ اﻷﺳﻮاق‬ ‫اﳌﺼﺪر‪WEF :‬‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫اخلاصة‪ .‬فقد متتعت العديد من الدول في أفريقيا مبعدالت‬ ‫منو مرتفعة لعدة عقود‪ .‬وهب أنه تتخذ اخلطوات لتعزيز‬ ‫التكامل اإلقليمي والبنية التحتية ويعمل البنك معها‬ ‫على حتسني مناخ األعمال واالستثمارات لديها‪ .‬حيث يقوم‬ ‫البنك بإعداد تقرير عن األعمال‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬ميكن‬ ‫البلدان من تقييم مدى تقبلها للمشروعات الصغيرة‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،2009‬أنشأت مؤسسة التمويل الدولية شركة‬ ‫إلدارة األصول أضافت إلى النموذج التقليدي جلمع األموال‬ ‫في أسواق السندات ثم االستثمار بها‪ .‬وتفيد شركة إدارة‬ ‫األصول من املوارد املالية الهائلة املوجودة لدى صناديق‬ ‫الثروات السيادية‪ ،‬وصناديق املعاشات أو غيرها من‬ ‫املؤسسات االستثمارية وتوجهها للفرص االستثمارية‬ ‫املربحة التي حددتها مؤسسة التمويل الدولية‪ .‬ويقدر‬ ‫إجمالي رأسمال شركة إدارة األصول حاليا مبا يزيد على‬ ‫‪ 4‬مليارات دوالر‪ ،‬يأتي نحو ثالثة مليارات دوالر منها من‬ ‫مستثمرين خارجيني ليست لديهم صلة قوية بأفريقيا‬ ‫وغيرها من األسواق الناشئة‪ .‬حتى اآلن‪ ،‬يعتمد هؤالء‬ ‫املستثمرون على السجل القوي ملؤسسة التمويل الدولية‬ ‫من اجلمع بني التنمية وحتقيق العائدات‪ .‬ومع الوقت‪ ،‬سوف‬ ‫تنمو قدراتهم مع زيادة خبرتهم بهذه األسواق‪.‬‬ ‫وقد كان للبنك الدولي دور ريادي في اتخاذ سبل مبتكرة‬ ‫الستخدام التمويل ملعاجلة املشكالت الدولية‪ .‬وبتشجيع‬ ‫من وزير اخلزانة األميركي السابق هنري بولسون‪ ،‬جمع‬ ‫البنك ما يزيد على ستة مليارات من احلكومات من أجل‬ ‫«صناديق االستثمار املناخي» اجلديدة ملساعدة الدول على‬ ‫حتسني فعالية استخدام الطاقة والتكنولوجيا‪ ،‬وتقليل‬ ‫االنبعاثات‪ ،‬وحماية أنفسها من التغير املناخي‪ .‬وقد جذب‬ ‫ذلك التمويل ما يقدر بنحو ‪ 50‬مليار دوالر من املشروعات‬ ‫في ‪ 45‬دولة نامية‪ .‬وفي الوقت الذي كان املفاوضون فيه‬ ‫يتجادلون حول ماهية «الصندوق األخضر» التابع لألمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬كان لدى البنك الدولي واحد بالفعل ويعمل‪.‬‬ ‫كما وضع البنك أيضا أدوات متويل مبتكرة لكي يتمكن‬ ‫من تقدمي خطط فعالة لتطوير العقاقير‪ ،‬وحماية احلياة‬ ‫البرية‪ ،‬وتقليل نفقات الغذاء واإلمدادات اإلنسانية‪ ،‬وتوفير‬ ‫التأمني ضد الكوارث الطبيعية‪.‬‬ ‫إن مقاربة البنك هي «حشد» اآلخرين‪ .‬وقد ضاعف البنك‬

‫دعم املشروعات وأفاد من املزايا اخلاصة بكل من الشركاء‪.‬‬ ‫كما عمق من عالقاته مع بنوك التنمية اإلقليمية (مبا في‬ ‫ذلك عدد من الصناديق والبنوك العربية)‪ ،‬واملستثمرين‬ ‫في القطاع اخلاص‪ ،‬واحلكومات‪ ،‬واملؤسسات‪ .‬ومن جانبها‪،‬‬ ‫تستطيع مؤسسة التمويل الدولية العمل مع البنوك‬ ‫التجارية وغيرها ملشاركة اخملاطر‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬من‬ ‫خالل احلفاظ على تدفق التمويل التجاري عبر الشراكات‬ ‫العملياتية مع البنوك‪ .‬كما خصصت مؤسسة التمويل‬ ‫الدولية نحو ‪ 3‬مليارات دوالر عبر نحو ‪ 180‬صندوقا‬ ‫استثماريا خاصة في الدول النامية لبناء األسواق التي‬ ‫يستطيع عبرها املستثمرون أن يوفروا رأسمال اخملاطر‬ ‫على املدى األبعد ألصحاب الشركات احمللية‪ .‬ومع الوقت‪،‬‬ ‫يستهدف البنك الدولي بناء البنية التحتية وتعزيز اخلبرات‬ ‫ذات الصلة‪ ،‬سواء ألسواق سندات العمالت احمللية‪ ،‬أو‬ ‫األسهم‪ ،‬أو أسهم رأس املال أو متويل الشركات الصغيرة‬ ‫واملتوسطة‪.‬‬ ‫تعزيز احلوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد‬ ‫يعد احلث على احلوكمة الرشيدة والقضاء على الفساد‬ ‫جزءا ال يتجزأ من التنمية‪ .‬عندما وصلت إلى البنك‪ ،‬كان‬ ‫مجال مكافحة الفساد غارقا في اإلحباط والشكوك‬ ‫والنزاعات‪ .‬وقد قدمت هيئة مراقبة مستقلة ترأسها‬ ‫رئيس االحتياطي الفيدرالي األميركي السابق بول فولكر‬ ‫«رسما تخطيطيا» ليمكن موظفي مكتب نائب الرئيس‬ ‫لشؤون النزاهة بالبنك الدولي من العمل بفعالية أكبر‬ ‫مع املوظفني امليدانيني‪ ،‬والبلدان املتعاملة معه‪ ،‬واملانحني‪،‬‬ ‫وهيئة البنك ذاتها من املديرين التنفيذيني‪.‬‬ ‫إال أن البنك يحتاج إلى أن يقوم مبا هو أكثر من مجرد‬ ‫التحقيق‪ ،‬التنفيذ ومعاقبة هؤالء املتورطني في التزوير‬ ‫والسرقة‪ .‬وفي العديد من الدول الغنية باملوارد‪ ،‬يعد‬ ‫التحدي الرئيسي أمام احلكومة هو استخدام الدخل‬ ‫بحكمة‪ ،‬ومواجهة الفساد‪ ،‬وتوسيع قاعدة املستفيدين من‬ ‫النمو‪ .‬ولتطبيق خبرته‪ ،‬يحتاج البنك تنفيذ إجراءات منع‬ ‫الفساد‪ ،‬وتعزيز الشفافية وإشراك اجملتمع املدني في تعزيز‬ ‫احلوكمة الرشيدة‪ .‬كما يجب أيضا أن تساعد احلكومات ‪-‬‬ ‫على املستوى الوطني ‪ -‬على تعزيز اإلدارة املالية‪ ،‬وأنظمة‬ ‫املشتريات‪ ،‬واملراجعة‪ ،‬وغيرها من األنظمة‪.‬‬ ‫وسوف يحتاج البنك الدولي إلى أدوات جديدة لتحطيم‬ ‫العقبات األصعب‪ .‬ففي عام ‪ ،2010‬وقع البنك الدولي‬ ‫اتفاقية مع بنوك التنمية اإلقليمية تضمن أن األفراد‬ ‫والشركات الذين يثبت تورطهم في السرقة من أحد تلك‬ ‫البنوك يتم عقابهم من قبل اجلميع‪ .‬كما يقدم مكتب‬ ‫نائب الرئيس لشؤون النزاهة بالبنك الدولي تسويات‬ ‫للمدانني تشتمل على العقوبات مع مدفوعات للتعويض‬ ‫وتقدمي تبرعات جلماعات مكافحة الفساد‪ .‬وتساعد‬ ‫«مبادرة استعادة األصول املسروقة» احلكومات على‬ ‫استعادة التمويل املسروق من قبل الزعماء الذين سرقوا‬ ‫كنوز بلدانهم‪.‬‬ ‫كما يحيل البنك القضايا إلى السلطات اجلنائية احمللية‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من أن احلكومات متارس سلطاتها القضائية‬ ‫اخلاصة باالدعاء العام‪ ،‬فإن احلكومات التي تخفق في‬ ‫تطبيق القانون تعرض عالقتها مع البنك للخطر‪ .‬وملساندة‬ ‫احملققني‪ ،‬املدعني‪ ،‬القضاة وغيرهم ممن يتولون إدارة ذلك‬ ‫العمل اخلطر‪ ،‬كون البنك في عام ‪ 2010‬التحالف العاملي‬ ‫ملالحقة الفساد‪ ،‬وهو شبكة من أكثر من ‪ 200‬مسؤول‬ ‫عن مكافحة الفساد من ‪ 134‬دولة‪ .‬ويعمل البنك حاليا‬ ‫على تطوير صندوق ملساعدة املواطنني احملليني وجماعات‬ ‫اجملتمع املدني التي تؤيد املساءلة‪.‬‬


‫يقوم مبشاركة املعلومات‪ ،‬ويعمل على تنمية األسواق‬ ‫واملؤسسات والقدرات القابلة لالستمرار؛ ويقدم متويال‬ ‫متنوعا (سواء أخذ شكل اكتتاب في رأس املال‪ ،‬الضمانات‪،‬‬ ‫القروض‪ ،‬املنح‪ ،‬أو إدارة اخملاطر)‪ .‬ويستطيع البنك عبر تلك‬ ‫العناصر الثالثة أن يعمل على حتسني حياة األشخاص‬ ‫والبلدان‪.‬‬ ‫لقد كانت تلك هي التحديات التي تواجهنا في عام ‪.2007‬‬ ‫فبمعنى أوسع‪ ،‬كان البنك الدولي مجرد جزء من سؤال‬ ‫استراتيجي أكبر‪ :‬كيف يجب على الواليات املتحدة وغيرها‬ ‫من دول العالم حتديث تعددية األطراف؟ لقد ورث العالم‬ ‫أنظمته ومؤسساته من «الرجال احلكماء» الذين أقاموها‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬وبعد احلرب الباردة‪ ،‬وقد توسعت‬ ‫التعددية ولكنها لم يعد تعديلها إال على نحو محدود‪.‬‬ ‫منذ عام ‪ ،2007‬شهد االقتصاد الدولي تغيرات جذرية‬ ‫وإعادة تنظيم لعالقات القوى في الوقت الذي كانت‬ ‫جتاهد فيه للتعافي من كبرى الضربات التي تعرضت لها‬ ‫منذ الثالثينيات‪ .‬وقد قدمت الدول النامية ثلثي النمو‬ ‫االقتصادي خالل األعوام اخلمسة املاضية‪ ،‬وساعدت‬ ‫على تعويض تعثر العالم الصناعي‪ .‬كما أصبحت‬ ‫الدول النامية أيضا مصدرا لألفكار االقتصادية‪ ،‬والنماذج‬ ‫التنموية‪ ،‬واالستثمارات بل وحتى املعونات األجنبية‪.‬‬ ‫وبدأت املؤسسات‪ ،‬الوطنية والدولية‪ ،‬املصممة للعالم‬ ‫القدمي‪ ،‬تبذل جهودا مضنية في محاولة استيعاب تلك‬ ‫الديناميكية اجلديدة‪.‬‬ ‫وفي الوقت الراهن‪ ،‬يدعو بعض من ال يرون سوى نقاط ضعف‬ ‫وإخفاق املنظمات متعددة األطراف إلى التخلي عنها متاما‪.‬‬ ‫ولكن الهيئات الدولية متعددة األطراف تقدم نسيجا رقيقا‬ ‫ولكنه حيوي يصل بني الدول ذات السيادة التي تسعى وراء‬ ‫املصالح املشتركة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن املقاربة العملية هي أن‬ ‫جنعل تلك املؤسسات‪ ،‬مبا تنضوي عليه من أوجه نقص‪،‬‬ ‫تعمل على نحو أفضل‪ .‬وخالل السنوات اخلمس املاضية‪،‬‬ ‫خصص البنك الدولي خدماته حلل مشكالت العديد من‬ ‫عمالئه من الدول النامية سواء في القطاع العام أو اخلاص‬ ‫كما وسع قاعدة رأس املال وأدوات التمويل املبتكرة‪ ،‬وركز‬ ‫على أهمية احلوكمة الرشيدة وجهود مكافحة الفساد؛‬ ‫ودمقرطة التنمية من خالل االنفتاح والشفافية‪ ،‬كما حدث‬ ‫متثيله وعملياته لزيادة التعبير عن صوت ومسؤوليات الدول‬ ‫النامية‪ .‬وعلى الرغم من أن البنك أحرز تقدما على كافة‬ ‫تلك اجلبهات‪ ،‬فإنه يستطيع ‪ -‬ويجب عليه ‪ -‬أن يقوم باملزيد‪.‬‬ ‫العمل من أجل البلدان التي تتعامل مع البنك الدولي‬ ‫إن الدول النامية هي الدول التي تتعامل مع البنك الدولي‪،‬‬ ‫وليست عناصر سياسات «التكيف الهيكلي» القدمية‪.‬‬ ‫رمبا تبدو هذه الفكرة واضحة ولكنها متثل حتوال مهما في‬ ‫أمناط التفكير‪ .‬فيجب على البنك الدولي أن يبحث عن‬ ‫احللول وال يكتفي بتقدمي إرشادات احللول‪ .‬فإذا لم يكن احلل‬ ‫النظري يتواءم مع األوضاع االقتصادية والسياسية‪ ،‬ال يكون‬ ‫البنك قد ساهم في املساعدة على حل املشكلة‪ .‬وفي‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬يحتاج خبراء البنك أن يتمكنوا من مشاركة‬ ‫املعلومات حول كيفية قيام الدول األخرى بحل املشكالت‬ ‫املشابهة‪ .‬ووفقا ملا أخبرني به مسؤول هندي بارز‪« :‬ال‬ ‫أحتاج إلى خبير آخر حول الهند‪ .‬فلدي ما يزيد على املليار‬ ‫منهم‪ .‬أحتاج إلى خبراء على مستوى دولي في أنظمة‬ ‫املعاشات‪ ،‬واملشروعات املشتركة بني القطاعني العام‬ ‫واخلاص في مجال البنية التحتية‪ ،‬والتقدم التعليمي»‪.‬‬ ‫فنادرا ما يكون التمويل وحده هو احلل‪.‬‬ ‫وللدول التي تتعامل مع البنك الدولي احتياجات مختلفة‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫حيث حتتاج الدول التي ترغب في حتطيم دائرة العنف‪،‬‬ ‫واحلوكمة السيئة‪ ،‬واالضطرابات‪ ،‬والفقر‪ ،‬إلى أكثر من‬ ‫مجرد نظريات التنمية‪ .‬فخالل الوقت الذي قضيته في‬ ‫احلكومة األميركية‪ ،‬رأيت كيف تعمل مجاالت األمن‪،‬‬ ‫واالقتصاد‪ ،‬والدبلوماسية‪ ،‬في العديد من احلاالت بشكل‬ ‫منفصل في البلدان التي تعاني من النزاعات‪ .‬ويستطيع‬ ‫البنك الدولي املساعدة على إيجاد الصلة بني تلك اجملاالت‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ ،1944‬كانت كلمة اإلنشاء في اسم «البنك‬ ‫الدولي لإلنشاء والتعمير» تشير إلى إعادة إعمار أوروبا‬ ‫واليابان‪ ،‬ولكنها اآلن متثل عمل البنك الدولي في تلك‬ ‫األماكن املضطربة مثل أفغانستان‪ ،‬وهاييتي وليبيريا‪.‬‬ ‫وتواجه الدول متوسطة الدخل (البرازيل‪ ،‬الصني‪ ،‬الهند‪،‬‬ ‫إندونيسيا‪ ،‬املكسيك‪ ،‬تركيا‪ ،‬وغيرها) مشكالت مختلفة‬ ‫متاما‪ .‬فهذه البلدان التي ما زالت موطنا لثلثي سكان‬ ‫العالم تعيش على أقل من دوالرين في اليوم‪ ،‬ومن ثم لديها‬ ‫حتديات تنموية فجة‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإنها تلعب دورا‬ ‫حيويا في االقتصاد العاملي وفي تنمية البلدان األخرى‪ .‬كما‬ ‫أن ما تقوم به تلك البلدان من أفعال يعد أمرا حيويا في‬ ‫تقدمي حلول مستدامة للمشكالت الدولية‪ ،‬سواء كانت‬ ‫تتعلق بالصحة‪ ،‬أو التجارة‪ ،‬أو البيئة‪ ،‬أو التكامل املالي‪ .‬وال‬ ‫يحتاج البنك فقط أن يساعد الدول ذات الدخل املتوسط بل‬ ‫أن يشاركهم أيضا جتاربهم مع اآلخرين ويشجعهم على أن‬ ‫يتحملوا قدرا أعلى من املسؤوليات الدولية‪.‬‬

‫ومتتد استثماراته في سلسلة القيمة الزراعية مبا يشتمل‬ ‫على األبحاث‪ ،‬وحقوق امللكية (مبا في ذلك حقوق املزارعات)‪،‬‬ ‫البذور‪ ،‬الري‪ ،‬األسمدة‪ ،‬التخزين‪ ،‬والتسويق‪ ،‬التي تشجع‬ ‫دائما تنمية القطاع اخلاص‪ .‬ويستطيع البنك من خالل‬ ‫خبرته املالية‪ ،‬مساعدة الفالحني ومشتري الغذاء على‬ ‫إدارة اخملاطر عبر مشتقات الطقس‪ ،‬التأمني على احملاصيل‪،‬‬ ‫وأسواق العقود اآلجلة‪.‬‬ ‫وعندما طغت األزمة املالية العاملية على أزمتي الغذاء‬ ‫والوقود‪ ،‬حشد البنك الدولي أكثر من ‪ 200‬مليار دوالر من‬ ‫االلتزامات املالية لدعم الدول النامية‪ ،‬وأسرع في إنفاق‬ ‫الكثير منها‪ .‬وعلى نفس القدر من األهمية‪ ،‬عالج البنك‬ ‫انهيارات السوق من خالل زيادة التمويل التجاري‪ ،‬وإعادة‬ ‫رسملة البنوك في الدول النامية‪ ،‬وشراء األصول املتعثرة‪.‬‬ ‫وقد تعاون مع أستراليا‪ ،‬واليابان‪ ،‬والبنك اآلسيوي للتنمية‬ ‫لتقدمي ‪ 5.5‬مليار دوالر إلى إندونيسيا لكي تستعني‬ ‫بها إذا ما ساءت الظروف‪ ،‬وقد سمح وجود تلك احلماية‬ ‫ذاتها للحكومة اإلندونيسية زيادة اإلنفاق ملواجهة األزمة‬ ‫وطمأنة املستثمرين بشأن قدرتها على متويل املوازنة‬ ‫التوسعية‪ .‬وبالعمل مع البنك األوروبي لإلنشاء والتعمير‪،‬‬ ‫والبنك األوروبي لالستثمار‪ ،‬واملفوضية األوروبية‪ ،‬وصندوق‬ ‫النقد الدولي‪ ،‬أعلن البنك الدولي أنه سوف يقدم نحو ‪25‬‬ ‫مليار دوالر لتشجيع البنوك في االحتاد األوروبي للحفاظ‬ ‫على تدفق االئتمانات إلى أوروبا الشرقية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬كشف أحد التحديات املبكرة عن‬ ‫مقاربة البنك اجلديدة حلل املشكالت‪ .‬ففي نهاية‬ ‫عام ‪ ،2007‬ارتفعت أسعار املواد الغذائية‪ .‬كما‬ ‫فاقم ارتفاع أسعار البترول من وطأة التوتر‪.‬‬ ‫وقد قال بعض اخلبراء االقتصاديني في البنك‬ ‫الدولي‪ ،‬إن عائدات أسعار البضائع املرتفعة‬ ‫سوف تسمح ملعظم الدول بتفادي‬ ‫اخملاطر‪ .‬فيما أشار آخرون إلى أن‬ ‫املشكلة سوف يتم التعامل معها‬ ‫على نحو أفضل عبر الوكاالت‬ ‫اإلنسانية وليس من خالل‬ ‫مؤسسات التنمية طويلة‬ ‫املدى‪ .‬ولكن عشرات املاليني‬ ‫من الفقراء لم يكن لديهم ما‬ ‫يخفف تلك الصدمة‪ .‬فهناك‬ ‫عائالت لم تتمكن من احلصول‬ ‫على وجبات غذائية‪ ،‬كما لم‬ ‫يتمكن الفالحون من احلصول‬ ‫على مستلزماتهم‪ .‬كما اندلعت‬ ‫االضطرابات املرتبطة باحلاجة إلى‬ ‫الغذاء‪ .‬ولم يكن هناك معنى للحديث‬ ‫حول املدى البعيد ما لم تستطع الشعوب‬ ‫واحلكومات معاجلة األزمات على املدى‬ ‫القصير‪.‬‬ ‫في ذلك الوقت‪ ،‬حترك البنك الدولي بسرعة‬ ‫حيث عمل مع وكاالت األمم املتحدة إلعداد‬ ‫برنامج التعامل مع أزمة الغذاء العاملية ولتوفير‬ ‫صندوق متويل سريع ملساعدة الفالحني‪ .‬وفي الوقت‬ ‫نفسه‪ ،‬وفر ارتفاع األسعار وتزايد الطلب على املنتجات‬ ‫الزراعية من جانب األعداد املتزايدة من السكان الفرصة‬ ‫لتعزيز النمو إذا ما استطاع البنك املساعدة على تعزيز‬ ‫اإلنتاج واإلنتاجية‪.‬‬ ‫حتى اليوم‪ ،‬متكن برنامج البنك الدولي ملواجهة األزمات‬ ‫من مساعدة ‪ 40‬مليون أسرة مستضعفة في ‪ 47‬دولة‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫روبرت زوليك‬


‫صحافة عاملية‬

‫ملاذا ما زلنا في حاجة إلى البنك الدولي؟‬

‫ما بعد املعونة‬

‫في عام ‪ ،2007‬شهد البنك الدولي أزمة‪ ،‬فكان البعض يرى أن قيادته محل خالف‪ ،‬فيما ألقى‬ ‫آخرون باللوم على املؤسسة نفسها‪ .‬عندما مت تأسيس البنك الدولي لإلنشاء والتعمير في‬ ‫عام ‪ ،1944‬وهو حجر األساس ملا أصبح الحقا مجموعة البنك الدولي‪ ،‬لم يكن بإمكان الدول‬ ‫الفقيرة والدول التي مزقتها احلروب الوصول إلى رأس املال اخلاص‪ .‬وبعد ذلك بستني عاما‪ ،‬فاق‬ ‫حجم التدفق املالي من القطاع اخلاص املساعدات التنموية العامة‪ .‬وفي هذا الصدد قالت‬ ‫جيسيكا انهورن‪ ،‬املديرة السابقة للبنك الدولي لفورن بولسي في ‪« :2006‬لقد أصبح الزمن‬ ‫الذي اعتمدت فيه البلدان متوسطة الدخل على املساعدة الرسمية جزءا من املاضي»‪.‬‬ ‫وأضافت‪« :‬وأصبح البنك الدولي لإلنشاء والتعمير مؤسسة محتضرة»‪ .‬وفي مناقشات‬ ‫املوائد املستديرة واملقاالت االفتتاحية‪ ،‬كان السؤال ال يزال‪ :‬هل نحن بحاجة إلى البنك الدولي؟‬ ‫روبرت زوليك‬

‫اﻹﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ﺑﺎﺗﺖ ﻋﺎﳌﻴﺔ ‪” ...‬إﺣﺘﻠﻮا وول ﺳﱰﻳﺖ“‬

‫اﻹﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﰲ ﻣﺪرﻳﺪ ﰲ أﻳﺎر )ﻣﺎﻳﻮ( ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻠﺖ إﱃ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻋﲆ ﺷﻜﻞ ﺗﻈﺎﻫﺮات ﺗﺤﻤﻞ ﺷﻌﺎر‬ ‫”إﺣﺘﻠﻮا وول ﺳﱰﻳﺖ“ اﻧﺘﴩت اﻵن ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎمل ﺣﻴﺚ ﺑﺎت اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﺗﻔﺎوﺗﺎً اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً ﻣﺘﻨﺎﻣﻴﺎً‬ ‫ﻳﺸﻌﺮون أﻧﻬﻢ ﻣﺠﱪون ﻋﲆ دﻓﻊ اﻟﺜﻤﻦ ﻹﻧﻘﺎذ اﳌﺼﺎرف اﳌﺘﻌرثة وﺗﻠﺒﻴﺔ ﺟﺸﻊ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﱪى‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫ﻫﻮﻧﻎ ﻛﻮﻧﻎ‬ ‫ﺳﻮل‬ ‫ﺗﺎﻳﺒﻲ‬ ‫ﻃﻮﻛﻴﻮ‬ ‫ﺳﻴﺪين‬ ‫أوﻛﻼﻧﺪ‬

‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪14 13‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫‪16 15‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪2 4‬‬ ‫‪1 3‬‬ ‫‪ 12‬ﺑﺎرﻳﺲ ‪19‬‬

‫‪ 7‬ﺳﺘﻮﻛﻬﻮمل‬ ‫‪ 13‬ﻟﻨﺪن‬ ‫‪ 8‬ﺑﺮﻟني‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪ 14‬دﺑﻠﻦ‬ ‫‪ 9‬زورﻳﺦ‬ ‫‪ 15‬ﻣﺪرﻳﺪ‬ ‫‪ 10‬روﻣﺎ‬ ‫‪ 16‬ﻟﺸﺒﻮﻧﺔ‬ ‫‪ 11‬أﺛﻴﻨﺎ‬ ‫اﻟﺘﻔﺎوت ﰱ اﻷوﺿﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻋﺪم اﳌﺴﺎواة )اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ‪(2010‬‬

‫اﻟرثوة اﻟﺘﻲ ميﻠﻜﻬﺎ‬ ‫‪ %1‬ﻣﻦ اﻷﴎ‬ ‫اﻷﻣريﻛﻴﺔ*‬

‫اﳌﺘﺒﻘﻮن ‪%99‬‬

‫‪%43‬‬

‫ﻣﻨﺬ وﺻﻮل‬ ‫ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻹﺳﻜﺎن‬ ‫إﱃ ذروﺗﻬﺎ ﰲ‬ ‫اﻟﻌﺎم ‪،2007‬‬ ‫ﺛﺮوة اﻟـ ‪ %1‬ﻣﻦ‬ ‫اﻷﻣريﻛﻴني ﺗﻘﻠﺼﺖ‬ ‫ﺑﻨﺴﺒﺔ ‪ %11.1‬ﻓﻘﻂ‬ ‫ﻣﻘﺎرﻧﺔ مبﺘﻮﺳﻂ اﻧﺨﻔﺎض‬ ‫‪%36.1‬‬

‫اﳌﺼﺪر‪Economic Policy Institute :‬‬

‫‪58‬‬

‫‪%40‬‬ ‫‪%10 %7‬‬ ‫اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴﻔﲆ‬

‫أﻋﲆ ﻃﺒﻘﺔ‬

‫‪%9‬‬

‫ﻗﻨﺎع ﻏﺎي‬ ‫ﻓﻮﻛﺲ ‪ -‬ﻛام‬ ‫اﺳﺘﺨﺪم ﰲ اﻟﻔﻴﻠﻢ‪،‬‬ ‫ث ﻟﻠﺜﺄر )‪(V for Vendetta‬‬ ‫ أﺻﺒﺢ اﻟﺮﻣﺰ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‬‫‪ 17‬ﺗﻮروﻧﺘﻮ‬ ‫‪ 18‬ﻧﻴﻮﻳﻮرك‬ ‫‪ 19‬رﻳﻮ دي ﺟﺎﻧريو‬ ‫‪ 20‬ﺑﻮﻳﻨﺲ آﻳﺮس‬

‫ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي‬ ‫ﺣﺴﺐ ﻣﺆﴍ ‪S&P 500‬‬

‫‪ 11.4‬ﻣﻠﻴﻮن‬ ‫دوﻻر‬

‫اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‬

‫‪%10‬‬

‫‪ :%80‬أدىن ‪ %40‬ميﻠﻜﻮن‬ ‫‪ %0.3‬ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟرثوة‬

‫ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺪﺧﻞ ﰲ‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‬

‫* ﻣﺠﻤﻮع اﻟرثوة ﻧﺎﻗﺺ ﻗﻴﻤﺔ اﳌﻨﺰل‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫لقد توليت رئاسة البنك الدولي في عام ‪ ،2007‬جالبا‬ ‫معي وجهة نظر مختلفة‪ ،‬تنبع من املنظور التاريخي‪،‬‬ ‫والتجربة الشخصية وإحساسي باملشهد الدولي‪ :‬وهي أن‬ ‫للمؤسسات أهمية‪ .‬فقد صمم مؤسسو نظام بريتون وودز‬ ‫متعدد األطراف بنية اقتصادية دولية للتعامل مع أسباب‬ ‫االنهيار املالي العاملي في الثالثينيات من القرن املاضي‬ ‫واملشكالت االقتصادية واألمنية التي كانوا يعتقدون أنها‬ ‫سوف تأتي في أعقاب احلرب العاملية الثانية‪ .‬وكان البنك‬ ‫الدولي جزءا من ذلك اإلطار الذي غطى القضايا النقدية‬ ‫وقضايا العملة‪ ،‬والتجارة‪ ،‬واالستثمار‪ ،‬والتنمية وإعادة‬ ‫إعمار الدول املنهارة‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،2007‬كانت هذه التحديات ما زالت قائمة‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أن الظروف كانت مختلفة إلى حد بعيد‪ .‬حيث‬ ‫وفرت زيادة وتدفق رأس املال اخلاص واالقتصاد احلر حول‬ ‫العالم فرصة هائلة للدول النامية‪ .‬إال أن ذلك لم ينف‬ ‫احلاجة إلى البنك الدولي ألن دوره ببساطة لم يكن يقتصر‬ ‫على القروض واملنح؛ فقد كان دوره اإلسهام في تنمية‬ ‫اقتصادات السوق في النظام الدولي املفتوح ‪ -‬عبر تعزيز‬ ‫النمو‪ ،‬والفرص‪ ،‬واألمل والتغلب على الفقر من خالل نظام‬ ‫سياسي وأمني أفضل‪.‬‬ ‫ولم يقتصر التغيير على العالم وحده‪ ،‬ولكنه امتد‬ ‫إلى البنك الدولي كذلك‪ .‬حيث أصبح البنك يشتمل‬ ‫على أربعة أذرع مالية وسياسية‪ :‬البنك الدولي لإلنشاء‬ ‫والتعمير؛ واملؤسسة الدولية للتنمية (ذراع البنك اخلاصة‬ ‫بتمويل البلدان التسعة والسبعني األكثر فقرا)؛ ومؤسسة‬ ‫التمويل الدولية‪( ،‬ذراع البنك اخملتصة بالتعامل مع القطاع‬ ‫اخلاص)؛ والوكالة الدولية لضمان االستثمارات املتنوعة‬ ‫(التي توفر ضمانات للمستثمرين ضد اخملاطر السياسية)‪.‬‬ ‫وتنفيذا لرسالته‪ ،‬احتاج البنك الدولي توجهات جديدة‪،‬‬ ‫وإرشادا أكثر انضباطا‪ ،‬وتنفيذا أفضل‪ .‬فكان عليه التكيف‬ ‫مع التغيرات التي طرأت على النفوذ االقتصادي‪ ،‬حيث‬ ‫أصبحت األسواق الناشئة محركات اقتصادية جديدة ولم‬ ‫تعد التنمية تتعلق بالهيمنة الشمالية ‪ -‬اجلنوبية‪ .‬ففي‬ ‫الدول النامية‪ ،‬احتاج البنك مساعدة القطاع اخلاص ‪-‬‬ ‫سواء املستثمرين من اخلارج أو الشركات من الداخل ‪ -‬إلزالة‬ ‫العراقيل أمام القطاع اخلاص‪ .‬واحتاج تعزيز النمو الشامل‬ ‫واملستدام ومشاركة املسؤوليات داخل نظام دولي مختلف‪.‬‬ ‫وكانت مهمة الفريق القيادي بالبنك هي حتديد التوجهات‬ ‫اجلديدة‪ ،‬وحشد الدعم وتأسيس الشراكات وترجمة الرؤية‬ ‫املتشعبة إلى أفعال محددة‪ ،‬وأن يظل منتبها القتناص‬ ‫فرص اإلبداع والتنفيذ‪.‬‬ ‫قبل مرور وقت طويل‪ ،‬انتقل البنك من اجلدل بشأن القضايا‬ ‫الوجودية إلى طرح أسئلة جديدة وعملية‪ .‬ما الذي ميكنه‬ ‫أن يفعل لتعزيز األمن الغذائي وتعزيز التغذية السليمة‬ ‫في مواجهة ارتفاع أسعار الغذاء والوقود؟ كيف ميكنه‬ ‫مساعدة الصني على إنهاء انتقالها إلى اقتصاد السوق‬ ‫ومنوذج منو أقل اعتمادا على الصادرات واالستثمارات؟ وكيف‬ ‫ميكنه مساعدة الدول في الشرق األوسط على الوفاء‬ ‫بالطلب على فرص العمل في الوقت احلالي وبناء اقتصادات‬ ‫سياسية مستدامة في املستقبل؟ وما الذي ميكن أن‬ ‫يعمله للمدن فيم يتعلق بالتغير املناخي؟‬ ‫وما زال الترويج لرسالة البنك اجلديدة ميثل حتديا‪ .‬فإحدى‬ ‫مشكالت البنك الدولي هي أنه يحمل اسم «بنك»‪ .‬حيث‬ ‫يربط العديد من الناس بني البنوك وإقراض املال (على األقل‬ ‫كانوا كذلك حتى وقت قريب)‪ ،‬ولكن التمويل ليس إال جزءا‬ ‫واحدا من عمل البنك حاليا‪ .‬فعندما يكون البنك فاعال‪،‬‬


Distinguish yourself

King’s is ranked in the top 30 universities worldwide* and based in the heart of London. With nine Schools and six Medical Research Council centres, King’s offers world-class teaching and research. Our extensive range of subjects includes humanities, law, medicine, psychiatry, dentistry, nursing, mathematics; natural, biomedical, social and management sciences. For further information, please contact Ghazi Lashab at ghazi.lashab@kcl.ac.uk *QS World University Rankings, 2011

www.kcl.ac.uk


‫صحافة عاملية‬

‫الوقت نفسه‪ ،‬لم يكن على احتاد العاملني بالسيارات‬ ‫األميركية أبدا القلق بشأن أن تعرض باقات املعاشات‬ ‫السخية الشركات الكبرى الثالث ملشكالت جدية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الظروف قد تغيرت‪ ،‬لم يتغير‬ ‫التفكير‪ ،‬حيث كان االحتاد دائما ما يتصرف وكأنه‬ ‫طفيليات ال تنشغل مبقتل عائلها؛ حيث كانت تدعو‬ ‫لإلضرابات فيما كانت الشركة حتاول إنتاج سيارات‬ ‫صغيرة‪ ،‬وتطالب «جنرال موتورز» باالستمرار في‬ ‫تقدمي رواتب كاملة للعمال الزائدين عن حاجتها على‬ ‫الرغم من انخفاض حصتها في السوق‪ .‬وبدال من‬ ‫أن حتاول تغيير عواملها الديناميكية‪ ،‬توخت اإلدارة‬ ‫احلذر‪ ،‬مرارا وتكرارا‪ ،‬فوفقا ملا يقوله إنغراسيا فإن‬ ‫ذلك رمبا يرجع إلى أن أي زيادة في األجور سوف «تفتح‬ ‫الباب» أمام الزيادات األخرى‪ ،‬في الوقت الذي تتوق‬ ‫فيه «جنرال موتورز» للحفاظ على فوارق في الرواتب‬ ‫بني اإلدارة والعاملني بالساعة‪.‬‬ ‫وقد أصبحت أيضا استراتيجية «جنرال موتورز»‪،‬‬ ‫التي ارتكزت أوال وأساسا حول التوازن املطلق غير‬

‫فاعلة مع الوقت‪ ،‬ومع ذلك لم تتحرك الشركة أبدا‬ ‫جديا بعيدا عنها‪ .‬فقد أنشأ املنافسون ماركات‬ ‫واضحة تعتمد على املصداقية الكاملة أو النمط‬ ‫واألداء وأصبحوا يجتذبون املزيد من العمالء على مدار‬ ‫الوقت‪ .‬ولكن «جنرال موتورز» لم تستقر أبدا على‬ ‫احلال الذي ترغب في أن تصبح عليه بخالف أن تصبح‬ ‫عمالقة‪.‬‬ ‫وحتى الثقافة غير الفعالة‪ ،‬التي كانت راسخة في‬ ‫وقت ما‪ ،‬تتسم بالبراعة الكاملة في إعادة إنتاج‬ ‫نفسها‪ .‬يقول غابرييل روزمان‪ ،‬خبير علم االجتماع‬ ‫بجامعة كاليفورنيا بلوس أجنليس‪« :‬إذا ما أذعن‬ ‫القادمون اجلدد إلى األغلبية أيا ما كان نوعها في وقت‬ ‫ظهورهم‪ ،‬وإذا ما دخل اجلدد ببطء‪ ،‬تستطيع الثقافة‬ ‫السائدة الهيمنة مع الوقت‪ ،‬حتى وإن أصبحت على‬ ‫املدى البعيد متثل أقلية محدودة‪ ..‬ذلك هو السبب‬ ‫في أن األميركيني يتحدثون اإلجنليزية على الرغم من‬ ‫أن معظمنا يتحدر من أملانيا أو أوروبا‪ .‬ويعرف ذلك في‬ ‫علم اللغة وعلم االجتماع باسم (تأثير املؤسس)‪.‬‬

‫ﺟرنال ﻣﻮﺗﻮرز ﺗﻌﻮد إﱃ اﻟﺴﻮق ﺑﻄﺮح أﻛﱪ اﻛﺘﺘﺎب ﻋﺎم أوﱄ‬

‫ﰲ ﺗﺤﻮل ﳌﻌﻨﻮﻳﺎت اﳌﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎرات‪ ،‬ﻋﺎدت ﺟرنال ﻣﻮﺗﻮرز إﱃ اﻟﺘﺪاول ﰲ ﺳﻮق وول ﺳﱰﻳﺖ ﰲ اﻛﺘﺘﺎب‬ ‫ﻋﺎم أوﱄ ﺗﺼﻞ ﻗﻴﻤﺘﻪ إﱃ ‪ 23‬ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ‪ -‬ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ اﻷﻛﱪ أﻛرث ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﴣ ‪ -‬ﺣﻴﺚ ﺑﺪأت ﺑﺴﺪاد ﺑﻌﺾ أﻣﻮال‬ ‫داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﺎم اﳌﺎﴈ ﺿﻤﻦ ﺧﻄﺔ اﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ‪ 50‬ﻣﻠﻴﺎر ﻳﻮرو‬

‫أﻛﱪ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺴﻴﺎرات‬ ‫إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻴﺎرات‬

‫‪131.28‬‬

‫ﺗﻮﻳﻮﺗﺎ‬

‫‪7.234.439‬‬

‫اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ‬

‫ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر‬

‫ﺟرنال ﻣﻮﺗﻮرز‬

‫‪6.459.053‬‬ ‫‪ 66.56‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫ﻓﻴﺎت‬

‫‪2.460.222‬‬ ‫‪ 21.5‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫‪ 43.11‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫ﺳﻮزويك‬

‫‪2.387.537‬‬

‫ﻫﻮﻧﺪا‬

‫‪3.012.637‬‬ ‫‪ 43.11‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫‪ 13.69‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫‪6.067.208‬‬ ‫‪ 67.88‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫ﻓﻮرد‬

‫‪4.685.394‬‬ ‫‪ 57.92‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫اﳌﺼﺪر‪ :‬وﻛﺎﻻت اﻷﻧﺒﺎء‬ ‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪4.645.776‬‬ ‫‪ 40.19‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫احلفاظ على االستمرارية‬ ‫ويتفق ديفيد كول‪ ،‬من مركز أبحاث السيارات مع‬ ‫ذلك‪ .‬لسبب واحد‪ ،‬وهو أنه من الواضح أن احتاد‬ ‫العاملني األميركيني بالسيارات أصبح يعي أن األمر‬ ‫يحتاج إلى العمل النشط للحفاظ على استمرارية‬ ‫صناعة السيارات‪ .‬وفي ظل انخفاض عضويته‬ ‫إلى ربع ما كان عليه‪ ،‬أصبح االحتاد اآلن أسوأ من‬ ‫الشركات الكبرى الثالث‪ .‬ومن ثم فإنه يركز على‬ ‫تقدمي قوة عمل أكثر مرونة وبراعة‪ .‬كما أنه سمح‬ ‫بأن يتم الربط بني دفع أجور العاملني ومصير‬ ‫«جنرال موتورز»‪.‬‬ ‫فيقول كول‪« :‬أحد األشياء التي لم يرغب فيها أبدا‬ ‫االحتاد هي أن يصبح له موقع مساهم في الشركة ألنهم‬ ‫لم يرغبوا أبدا في التفكير مثل املستثمرين‪ .‬ولكن مع‬ ‫برنامج العالوات‪ ،‬أصبحوا في مركز املساهمني»‪.‬‬

‫وما نستطيع قوله هو أن هذه املرة‪ ،‬سوف نكتشف‬ ‫بالفعل‪ .‬فقد أصلحت «جنرال موتورز» كل مشكلة‬ ‫ميكن اإلشارة إليها‪ :‬فبدال من تكلفة السيارة التي‬ ‫تصل إلى ‪ 2000‬دوالر نظرا‪ ،‬إلى حد كبير إلى‬ ‫التكلفة األساسية مثل األجور ومزايا التقاعد‪،‬‬ ‫أصبحت الشركة تتحكم في التكلفة‪.‬‬ ‫كما أن املنتجات الثمانية التي فاقمت امليزانية‬ ‫وأساءت إلى العروض القيمة ملاركتها‪ ،‬مت تقليصها‬ ‫إلى أربعة‪ .‬ومت إغالق مراكز توزيع الباقية‪.‬‬

‫ﻓﻮﻟﻜﺲ ﻓﺎﻏﻦ‬

‫ﻫﻴﻮﻧﺪاي‬

‫مما ال شك فيه أن ثقافة الشركات‪ ،‬على غرار غيرها‬ ‫من الثقافات األخرى‪ ،‬ميكن أن تتغير‪ .‬ويعتقد إدوارد‬ ‫ندرماير من «‪»TheTruthAboutCars.com‬‬ ‫الذي كان أحد املنتقدين بشراسة لـ«جنرال موتورز»‬ ‫أن هذه املرة رمبا تكون مختلفة حقا‪ .‬فيقول‪« :‬أخيرا‪،‬‬ ‫يبدو أن الناس هناك واعون (بالعادات القدمية‬ ‫السيئة) ويحاولون بشراسة أن يتجنبوها»‪( .‬رغم‬ ‫أنه سرعان ما يشير إلى أن العادات السيئة القدمية‬ ‫سرعان ما تعود)‪.‬‬

‫ولكن مع ذلك تبقى بعض األسئلة‪ ..‬الشكاوى‬ ‫املتناثرة حول أن الشركة «ترفع من مبيعاتها‬ ‫املعلنة عبر االتفاق مع بائعي التجزئة على شراء‬ ‫سيارات ال يرغبون فيها»‪ ،‬باإلضافة إلى استمرار‬ ‫االعتماد على حوافز مثل القروض منعدمة الفوائد‪،‬‬ ‫وبالطبع تلك البطاريات املتفجرة‪ .‬ولألسف‪ ،‬فإن‬ ‫ثقافة الشركات هي مثل الصندوق األسود؛ الذي‬ ‫ال ميكنك التكهن مبا داخله‪ ،‬فيجب أن تنتظر حتى‬ ‫ترى ما يحدث‪.‬‬

‫ﻧﻴﺴﺎن‬

‫‪2.744.562‬‬

‫وفي الشركات يعرف باسم (كيف كنا نقوم طوال‬ ‫الوقت باألمور)»‪.‬‬

‫‪PSA‬‬ ‫ﺑﻴﺠﻮ‬ ‫ﺳﻴﱰوﻳﻦ‬

‫‪3.042.311‬‬ ‫‪ 9.18‬ﻣﻠﻴﺎر‬

‫ما تبقى هو الثقافة‪ .‬فمع كل شيء‪ ،‬إذا ما بدأت‬ ‫«جنرال موتورز» في فقدان حصتها في السوق مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬سوف نعرف أن األمر يتجاوز االدخار‪ .‬فلكي نعيد‬ ‫صياغة النكتة القدمية‪« :‬ما عدد اخلبراء الضروري‬ ‫الجناح شركة كبرى؟ واحد فقط ـ ولكن يجب أن‬ ‫تكون الشركة راغبة بالفعل في التغيير»>‬

‫*ميغان ماكاردل من كبار احملررين في «أتالنتيك»‬ ‫* خاص بـ«اجمللة»‬


‫متبق وكان يستهلك النقد بسرعة‬ ‫يعد لديه شيء‬ ‫ٍ‬ ‫فائقة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬استمر املدير التنفيذي للشركة في‬ ‫احلديث حول «مستقبلنا» وكأن للشركة مستقبال‬ ‫بخالف التصفية‪ .‬ومن الواضح أن محلل األسهم‬ ‫الذي كان يهاتفني لم يكن منزعجا على اإلطالق؛‬ ‫فتلك هي الطريقة التي تتصرف بها عادة الشركات‬ ‫في مثل تلك املواقف‪ .‬فيبدو أن اإلدارة والعاملني في‬ ‫الشركة ال يدركون إخفاقهم‪ .‬فهم ينتظرون طويال‬ ‫قبل أن يتخذوا إجرا ًء‪ ،‬وحتى عندما يتخذون إجرا ًء فإنه‬ ‫كاف‪.‬‬ ‫يكون في الغالب غير ٍ‬ ‫ذلك العامل هو ما دفع العديد من اخلبراء في‬ ‫«صناعة التحول» إلى القمة‪ .‬ويتفاوت هؤالء اخلبراء‬ ‫من تنفيذيني مثل ستيبل الذي يأتي ومعه فريق‬ ‫عمل إداري كامل‪ ،‬إلى خبراء إدارة أكثر تقليدية‪ .‬وهذه‬ ‫الصناعة كبيرة مبا يكفي لدعم مجاالت واسعة ـ عبر‬ ‫حجم الشركة‪ ،‬عبر الصناعة‪ ،‬أو حتى عبر التقنية‬ ‫(تخفيض النفقات‪ ،‬وبناء اسم الشركة)‪ .‬ويبدو أن‬ ‫اجلميع يتفقون على شيء واحد‪ :‬معظم الشركات‬ ‫تستغرق وقتا طويال حتى تقتنع أن لديها مشكلة‪.‬‬ ‫حافة الكارثة‬ ‫يقول توماس كيم‪ ،‬خبير حتول الشركات بدنفر‬ ‫وموظف في رابطة إدارة حتول الشركات‪« :‬عادة ال‬ ‫تقوم الشركة باستدعاء أحد‪ ،‬حتى تصبح على حافة‬ ‫الكارثة‪ .‬عندما يعجزون عن دفع الرواتب‪ ،‬أو تسديد‬ ‫القروض»‪ .‬ومن الواضح أنه إذا ما انتظر اجلميع‬ ‫حتى يصبح من الصعب السيطرة على املوقف‪،‬‬ ‫تتضاءل فرص جتنب الكوارث الكبرى‪ .‬من جهة أخرى‪،‬‬ ‫يقول مايكل بوينزو‪ ،‬املدير التنفيذي بالقطاع املالي‬ ‫بالشركة ووحدة إعادة الهيكلة بشركة «في‪.‬تي‪.‬آي»‬ ‫لالستشارات إن اجلانب اآلخر من املشكلة‪ ،‬هو أنه ما‬ ‫لم تكن األزمة حادة؛ من الصعب أن جتعل أي شيء‬ ‫يحدث‪ .‬فيقول‪« :‬إذا ما استعانوا بنا قبل ظهور نذر‬ ‫الكارثة‪ ،‬ال يشعر املوظفون في املنظمة بوجود إحلاح‬ ‫لذلك العمل»‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال يبدو أن فكرة اجتاه الناس نحو النهايات‬ ‫احملتومة فقط‪ ،‬ألنهم يكرهون التغيير‪ ،‬كافية‪ .‬فهؤالء‬ ‫الناس يخسرون في النهاية وظائفهم وأموالهم‪.‬‬ ‫وكما يحب االقتصاديون أن يقولوا‪ ،‬فإن معظم‬ ‫الناس يكرهون اخملاطرة ـ ولذلك توافق النقابات على‬ ‫تخفيض األجور من أجل احلفاظ على املعاشات ومزايا‬ ‫الرعاية الصحية ‪ -‬وذلك هو السبب في أن الضمانات‬ ‫طويلة املدى تلقى رواجا دائما‪ .‬وتعج الشركات بهؤالء‬ ‫األشخاص الراغبني في جتنب اخملاطر‪ .‬فلماذا إذن‬ ‫يرفضون دائما تغيير اجتاههم؟‬

‫بعض املستهلكني‪ .‬كما أن الشركات التي تعمد‬ ‫إلى التغيرات الكبرى تزيد فرص تعرضها لالنهيار‬ ‫عبر اخليارات السيئة أكثر من الشركات التي تنأى‬ ‫بنفسها عن التغيرات الكبرى‪.‬‬ ‫واألهم من ذلك‪ ،‬فإن احلاجة إلى املساءلة واملصداقية‬ ‫في االقتصاد احلديث تتناقض مع التجارب الراديكالية‬ ‫املستمرة؛ حيث يحب الناس أن يتأكدوا من أن‬ ‫بنوكهم لديها إجراءات راسخة وغير متغيرة لكي‬ ‫يتمكنوا من متابعة مدخراتهم على سبيل املثال‪.‬‬ ‫فلنأخذ «ماكدونالدز» على سبيل املثال‪ ،‬الذي جتد‬ ‫منه فرعا كبيرا في أي مكان تذهب إليه‪ ،‬فإن الطعام‬ ‫والديكورات سيكونان نفس الشيء في كل مكان‪.‬‬ ‫أو فكر مثال‪ ،‬إذا ما قررت شركة «كوكاكوال» تغيير‬ ‫مكونات مشروبها التاريخي حتى إذا أظهرت اختبارات‬ ‫تذوق املشروب اجلديد أن الناس يفضلون املشروب‬ ‫اجلديد‪ ،‬فكلما كانت الشركات أكبر وأقدم‪ ،‬كانت أكثر‬ ‫ميال لالستقرار‪.‬‬ ‫وهو منوذج مهم لتوضيح السبب في أن التجديد‬ ‫دائما ما يصاحب الشركات اجلديدة وليس الشركات‬ ‫الكبرى الرابحة التي لديها موازنات للبحث والتطوير‪.‬‬ ‫كما أنه يساعد على تفسير السبب في أن العديد‬ ‫من الشركات في املواقف التحولية تتأثر بخصائصها‬ ‫اجلينية‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬وعدت «بلوكباستر» ـ وقدمت‬ ‫ملدة طويلة ‪ -‬املصداقية واالستمرارية‪ .‬فدائما ما‬ ‫كان املستهلكون يجدون أنفسهم على بعد دقائق‬ ‫من املتجر البراق‪ ،‬النظيف‪ ،‬الفسيح مع وفرة من‬ ‫االختيارات ألحدث الفيديوهات‪ .‬ولكن في النهاية‪،‬‬ ‫قضى ذلك التعهد بالثبات واالستمرارية على‬ ‫الشركة‪ .‬فقد بحثت «بلوكباستر» إمكانات السير‬ ‫مع التيار‪ ،‬وبحثت عن بعض الشراكات لكي تستفيد‬ ‫منها‪ ،‬ولكنها كانت بطيئة في إجراء تغييرات على‬ ‫عملها األساسي (في أواخر أغسطس‪ /‬آب) ‪،1999‬‬ ‫كان هناك نحو ‪ 1000‬متجر «بلوكباستر» فقط‬ ‫لديهم (دي في دي)‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬أسفر االلتزام‬

‫باالستمرارية عن أن تصبح الشركة مدانة بدين هائل‬ ‫لكي تتمكن من استئجار كل تلك األفرع الفاخرة‪.‬‬ ‫وعند مرحلة ما‪ ،‬احتاجت الشركة إلى سبر أغوار‬ ‫اجملهول‪ .‬ولكن في الوقت الذي عزم فيه مديروها‬ ‫أمرهم على املغامرة‪ ،‬كان الوقت قد نفد‪ .‬فقد كانت‬ ‫خدمات استئجار الـ(دي في دي) على شبكة اإلنترنت‬ ‫التي قدمتها «بلوكباستر» في عام ‪ 2004‬محدودة‬ ‫للغاية ومتأخرة للغاية‪.‬‬ ‫وقد خلص توماس كيم مشكلة عدم مرونة الشركات‬ ‫بشكل أكثر وضوحا‪« ..‬هناك شركات يكون أداؤها‬ ‫جيدا للغاية‪ ،‬ولكنها لديها خلل وظيفي‪ .‬ثم يتغير‬ ‫السوق‪ .‬في الشركات التي نراها تصطدم باحلائط‪،‬‬ ‫مثلت ثقافة الشركات غير الفعالة تلك مشكلة‬ ‫حقيقية»‪.‬‬ ‫عالقة سيئة‬ ‫فقد كانت عالقات العمال بديترويت متثل كارثة منذ‬ ‫بداية االحتاد والذي كانت سيئة في حاالت واتسمت‬ ‫بالعنف في حاالت أخرى (في «معركة املعبر‬ ‫الفوقي» الشهيرة في ‪ ،1937‬حني هجم احلرس‬ ‫األمني لشركة «فورد» على املتظاهرين أمام أعني‬ ‫الصحافيني)‪ .‬وكانت النتيجة هي عالقة سيئة من‬ ‫العديد من النواحي‪ ،‬فقد كان العاملون بشركة‬ ‫«جنرال موتورز» ينتمون الحتاد العاملني بالسيارات‬ ‫أكثر من انتمائهم لشركة «جنرال موتورز»‪ .‬وفي‬ ‫النهاية‪ ،‬أصبح االحتاد على نحو ما نوعا من اإلدارة‬ ‫اخلفية التي يجب أن توافق على كل قرار إنتاجي‬ ‫تتخذه الشركة إذا ما كان له أي تأثير على حقوق‬ ‫العاملني‪.‬‬ ‫وقد جنح ذلك النظام بالفعل خالل سنوات االزدهار‪.‬‬ ‫نظرا ألن منافسي شركة «جنرال موتورز» كانوا‬ ‫ينتمون لالحتادات العمالية أيضا‪ ،‬وقد حافظت قوة‬ ‫«العاملون بالسيارات األميركية» على األجور أكثر‬ ‫أو أقل قليال من الشركات الكبرى الثالث‪ ،‬وساعدت‬ ‫على احتواء منافسات التكلفة التي رمبا تكون قد أدت‬ ‫إلى حروب األسعار‪ ،‬وتخفيض الهوامش الربحية‪ .‬وفي‬

‫أحد االحتماالت هو أن هذه الشركات ال تتغير‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫منغرس في حمضها النووي ـ وهو نفس اجلني الذي‬ ‫أسفر من قبل عن جناح العديد منهم‪.‬‬ ‫في كتابهما الصادر في ‪« ،1989‬علم البيئة‬ ‫التنظيمي» قال مايكل هنان وجون فرميان إن البيئة‬ ‫تفرض فعليا على املنظمات ذلك النمط من احلركة‬ ‫«ونادرا ما تغير خصائصها الهيكلية األساسية»‪.‬‬ ‫فالتغيير يحمل مخاطرة‪ ،‬نظرا ألنه وفقا للتعريف‬ ‫يتضمن أن تفعل شيئا ليس قائما بالفعل ـ فحتى‬ ‫خطوط اإلنتاج التي أصبحت فاشلة‪ ،‬ما زالت جتذب‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫‪55‬‬


‫صحافة عاملية‬

‫حتى الدعاء لم يكن كافيا النقاذ «جنرال موتورز»‬

‫ملاذا تخفق الشركات؟‬ ‫في حواره مع الصحافيني واملسؤولني في ‪ 18‬نوفمبر (تشرين الثاني) من عام ‪ ،2010‬قال الرئيس األميركي باراك أوباما‪ ،‬إن صناعة السيارات‬ ‫األميركية تشهد حاليا نهضة جديدة‪ ،‬وهي الصناعة التي كانت متثل رمزا لفخر الصناعة األميركية لقرون عدة‪ ،‬كما أنها الصناعة التي‬ ‫ساعدت على بناء الطبقة الوسطى‪.‬‬ ‫ميغان ماكردل‬ ‫وهكذا دواليك‪ ،‬حيث كانت ديترويت دائما ما يغويها‬ ‫تراكم فوائض الشركات وجتاوز االحتاد‪.‬‬

‫حديث أوباما جاء في اليوم التالي لطرح شركة‬ ‫«جنرال موتورز» لالكتتاب العام‪ ،‬الذي حصلت فيه‬ ‫على أعلى اكتتاب في التاريخ األميركي‪.‬‬ ‫فقد باعت «جنرال موتروز» ‪ 478‬مليون من األسهم‬ ‫العادية بسعر ‪ 33‬دوالرا للسهم‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫قدر كبير من األسهم املميزة بإجمالي ‪ 20.1‬مليار‬ ‫دوالر‪ .‬وفيما لم يغط االكتتاب العام نفسه مجمل‬ ‫االستثمار احلكومي في «جنرال موتورز» في أعقاب‬ ‫االنهيار (نحو ‪ 50‬مليار دوالر)‪ ،‬أصبح السداد الكامل‬ ‫للمبلغ يبدو ممكنا‪ ،‬إذا ما ارتفع سعر األسهم بالقدر‬ ‫الكافي‪ ،‬وهو ما سيسمح للحكومة ببيع حصتها‬ ‫املتبقية بسعر أفضل‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬وفقا ألحد‬ ‫احملللني املعتدلني‪ ،‬فإن البنية األساسية للتكلفة‪،‬‬ ‫وتقدمي عقود أكثر مرونة ألعضاء النقابات‪ ،‬والتغيير‬ ‫اإلداري الذي سبق االكتتاب العام األولي سمح‬ ‫لشركة «جنرال موتورز» بأن تتخلص أخيرا من إرثها‬ ‫الذي امتد لعقود من املعارك املزعجة مع العمال‬ ‫والسيارات األقل من املتوسطة املستهلكة للوقود‪.‬‬ ‫في نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ ،2011‬أي بعد عام‬ ‫تقريبا‪ ،‬راجعت وزارة اخلزانة تقديراتها خلسارة‬ ‫احلكومة احملتملة والتي من املرجح أن ترتفع من ‪14.3‬‬ ‫مليار إلى ‪ 23.6‬مليار دوالر أميركي‪ .‬وحتى حلظة‬ ‫كتابة ذلك املقال‪ ،‬كان سعر سهم «جنرال موتورز»‬ ‫يتراوح حول ‪ 20‬دوالرا للسهم‪ .‬فقد تأثرت الشركة‬ ‫بالتقارير التي أفادت بأن بطاريات سيارتها الكهربائية‬ ‫الهجينة اجلديدة املثيرة لالهتمام كانت‪ ،‬لسوء احلظ‪،‬‬ ‫عرضة لالشتعال‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإن مبيعات‬ ‫«شيفي كروز»‪ ،‬التي كان من املفترض أن تقضي‬ ‫على سيارة «الكوروال»‪ ،‬تتراجع بعد ظهورها األولي‬ ‫القوي‪.‬‬ ‫كل ذلك على الرغم من أن أكبر املنافسني اليابانيني‬ ‫كانوا متأثرين بتسونامي والكارثة النووية‪ .‬وكان‬ ‫صحافيو املال واألعمال دائما ما ميزحون قائلني إن‬ ‫شركة متعثرة ال ميكن أن ينقذها إال الدعاء‪ ،‬ولكن‬ ‫في حالة سعر سهم «جنرال موتورز» لم يكن حتى‬ ‫ذلك كافيا‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫حلظة حتول‬ ‫بيد أن هذه األمور تثير األسئلة التالية‪ :‬هل مت بالفعل‬ ‫إنقاذ الشركة؟ هل وصلت الشركة بالفعل إلى‬ ‫مرحلة التحول؟ أم هل كان ذلك مجرد حلظة حتول‬ ‫مؤقتة في مسيرة الشركة نحو نهايتها؟‬ ‫تقدم السوابق التاريخية أسبابا قوية للقلق حيال‬ ‫استمرار «جنرال موتورز» في التراجع‪ .‬فعلى الرغم‬ ‫من أن املعلقني التقليديني عادة ما ينظرون إلى تاريخ‬ ‫الشركة باعتباره تراجعا مستمرا عن النجاح املدوي‬ ‫في الستينيات‪ ،‬وصوال إلى كارثة ‪ ،2008‬كانت‬ ‫هناك حلظات عدة بدا فيها وكأن «جنرال موتورز»‬ ‫ـ وديترويت بشكل عام قد أصلحت مسارها‪ .‬ففي‬ ‫عام ‪ ،1994‬وفي واحدة من تلك اللحظات‪ ،‬نشر‬ ‫الصحافي بول إنغراسيا كتابا بعنوان «العودة‪ :‬انهيار‬ ‫صناعة السيارات األميركية وصحوتها»‪ .‬وفي كتابه‬ ‫الذي نشر عام ‪« 2010‬االجتاه صوب االنهيار» كان‬ ‫الكاتب يبدو أكبر سنا وأكثر حكمة‪ :‬خالل الثمانينات‬ ‫والتسعينات‪ ،‬في كل مرة كانت الشركات الكبرى‬ ‫الثالث (فورد‪ ،‬وجنرال موتورز‪ ،‬وكرايسلر)‪ ،‬و«احتاد‬ ‫العمال األميركيني» يعودان فيها إلى التعافي‪ ،‬كانا‬ ‫يستسلمان للغرور‪ ،‬وينزلقان إلى عاداتهما السيئة‬ ‫القدمية‪ .‬فكان األمر يبدو وكأنه دائرة مقدسة من‬ ‫الندم‪ ،‬واإلصالح‪ ،‬ثم االنحراف عن ضالة الصواب‬

‫وبلغت تلك الدائرة ذروتها في بداية األلفية اجلديدة‪،‬‬ ‫عندما تراجعت الشركات الكبرى الثالث بعد األرباح‬ ‫القياسية إلى اخلسائراخمليفة في خمسة أعوام‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫خالل العقود القليلة املاضية‪ ،‬اتضح أن قدرة «جنرال‬ ‫موتورز» على مقاومة التغيير فائقة للغاية‪ .‬فلماذا‬ ‫تنتظر الشركة وقتا طويال وال تفعل سوى القليل ـ‬ ‫ليس مرة واحدة‪ ،‬ولكن مرارا وتكرارا‪ -‬حتى تسقط‬ ‫في النهاية في فخ اإلفالس؟ وما الذي يعنيه ذلك‬ ‫بالنسبة ملستقبلها؟ تتجاوز تلك األسئلة احلديث‬ ‫فقط حول شركة «جنرال موتورز»‪ ،‬التي ليست‬ ‫وحدها في ذلك اإلطار‪ .‬فلماذا تقبع الشركات الكبرى‬ ‫الثالث وهي تشاهد «نتفليكس» تدمر أعمالها؟ ملاذا‬ ‫تركت «كوداك» الكاميرات الرقمية تدفع الشركة‬ ‫التي كانت من قبل عمالقا صناعيا إلى شركة‬ ‫مفلسة؟‬ ‫اسأل جيف ستيبل‪ ،‬وهو سيقدم لك اإلجابة التالية‪:‬‬ ‫ألن ذلك ما تفعله الشركات املتعثرة‪ .‬ستيبل الذي‬ ‫كان من قبل من خبراء اإلدراك العقلي ببرنامج‬ ‫اخلريجني ببراون‪ ،‬هو اآلن من رجال األعمال الكبار‬ ‫الذين أحدثوا حتوالت كبرى في «‪،»Web.com‬‬ ‫وشركة «دون أند برادستريت للمصداقية»‪ .‬فقد‬ ‫أخبرني‪« :‬عندما يعتاد العقل البشري على فعل‬ ‫شيء ما‪ ،‬يصبح تغييره أمرا صعبا للغاية»‪ .‬وإذا ما‬ ‫أضفت إلى ذلك العوامل الديناميكية للمجموعة‪،‬‬ ‫يصبح األمر أكثر صعوبة‪ .‬فيجب أال تكون عاملا‬ ‫نفسيا لكي تدرك أن الناس تقاوم التغيير‪ ..‬ومع‬ ‫ذلك فحتى إذا علمت ذلك‪ ،‬سوف تندهش من عدد‬ ‫الشركات التي تندفع نحو الكوارث احملتملة بسرعة‬ ‫فائقة‪ .‬ويعد تاريخ «جنرال موتورز» هو القاعدة إلى‬ ‫حد كبير وليس االستثناء‪.‬‬ ‫قبل سنوات‪ ،‬استمعت إلى مؤمتر هاتفي لرئيس إحدى‬ ‫شركات التكنولوجيا احليوية الذي أجرى تصفية‬ ‫للتدفقات النقدية من كافة براءات االختراع ولم‬


‫‪19‬‬

‫‪17‬‬

‫الطرق إلى املعبد‪ :‬احلقيقة والذاكرة‬ ‫واألفكار واملثل العليا في صناعة‬ ‫الثورة الروسية ‪،1991 – 1987‬‬ ‫تأليف ليون أرون (‪ 26‬يونيو‪ /‬حزيران)‬ ‫كما كتب ليون أرون في «فورين‬ ‫بوليسي» في يوليو (متوز)‪ ،‬معظم‬ ‫ما نظن أننا نعرفه عن سقوط‬ ‫االحتاد السوفياتي خطأ‪ .‬في كتابه‬ ‫القادم‪ ،‬يشرح باحث معهد أميركان‬ ‫إنتربرايز السقوط من جديد‪ ،‬موضحا‬ ‫حتول القيم األخالقية والثقافية‬ ‫التي ظهرت في عصر غالسنوست‪،‬‬ ‫ومفسرا كيفية انتشار هذه القيم‪.‬‬

‫حتت طائرات بال ربان‪ :‬احلياة العصرية في‬ ‫األراضي احلدودية بني أفغانستان وباكستان‪،‬‬ ‫حترير شاهزاد بشير وروبرت كرو (‪ 14‬مايو)‬ ‫يهدف هذا الكتاب إلى تبديد األفكار الغربية‬ ‫عن أن مجتمعات مثل أفغانستان وباكستان‬ ‫متخلفة وحتتاج إلى تدخل‪ .‬جمع أستاذا‬ ‫جامعة ستانفورد مقاالت لصحافيني‬ ‫واقتصاديني وأكادمييني – قائمة على مالحظات‬ ‫واقعية ومعرفة وثيقة – تقدم وجهة نظر‬ ‫معارضة للتقارير اإلعالمية املبسطة‪.‬‬

‫أعداء مفيدون‪ :‬عندما يكون‬ ‫شن احلروب أهم من النصر فيها‪،‬‬ ‫تأليف ديفيد كني (‪ 31‬يوليو)‬ ‫ملاذا تستمر احلروب في االندالع‪،‬‬ ‫ثم االنسحاب‪ ،‬على الرغم من‬ ‫التكاليف الباهظة التي تتسبب‬ ‫فيها؟ يرى أستاذ كلية االقتصاد‬ ‫في جامعة لندن ديفيد كني أن‬ ‫اإلجابة تكمن في معرفة من‬ ‫املستفيد عندما ينشأ الصراع‪،‬‬ ‫اقتصاديا أو سياسيا أو بخالف‬ ‫ذلك‪ .‬ويتوصل إلى أن دراسة‬ ‫احلروب بهذه الطريقة ستساعدنا‬ ‫في النهاية على التوصل إلى من‬ ‫ينهيها‪.‬‬

‫‪20‬‬ ‫الثورة العربية‪ :‬موجة االحتجاجات التي‬ ‫أطاحت بالوضع القائم والصراع على‬ ‫شرق أوسط جديد‪ ،‬تأليف مارك لينش‬ ‫(‪ 27‬مارس)‬ ‫بعد قيادته ملعظم التحليالت على مدونة‬ ‫«فورين بوليسي» التي تناولت الربيع‬ ‫العربي‪ ،‬استعد مارك لينش الطالق كتابه‬ ‫اجلديد الذي يستكشف فيه التأثير بعيد‬ ‫املدى للحركة التي أطاحت باحلكومات في‬ ‫كل من تونس ومصر وليبيا‪ .‬يجد لينش‪،‬‬ ‫وهو مدير معهد دراسات الشرق األوسط‬ ‫في جامعة جورج واشنطن أنه في حني‬ ‫ما زال الوضع السياسي في معظم أنحاء‬ ‫العالم العربي متقلبا‪ ،‬فإن الدول التي‬ ‫تأثرت بالربيع العربي – والغرب – بدأت‬ ‫للتو في استيعاب مدى قوة الرأي العام في‬ ‫املنطقة اآلن وفي املستقبل‪.‬‬

‫‪21 18‬‬ ‫نهاية احللم الصيني‪ :‬ملاذا يخشى‬ ‫الشعب الصيني من املستقبل‪ ،‬تأليف‬ ‫غيرارد ليموس (‪ 20‬مارس)‬ ‫رمبا يكون االقتصاد الصيني في صعود‪ ،‬ولكن‬ ‫صورة الدولة التي تعيش في انسجام ورخاء‬ ‫ال تزيد عن كونها خرافة من صنع احلكومة‪،‬‬ ‫وفقا ملا كتبه غيرارد ليموس‪ .‬من أجل‬ ‫إعداد هذا الكتاب‪ ،‬أجرى خبير السياسة‬ ‫االجتماعية واملستشار احلكومي املقيم في‬ ‫لندن مئات اللقاءات مع سكان صينيني في‬ ‫مدينة تشونغ تشينغ الكبرى‪ ،‬حيث قابل‬ ‫أشخاصا محبطني ومفلسني‪ ،‬يحملون‬ ‫أعباء التوترات االجتماعية واملالية‪.‬‬

‫خاص بـ«اجمللة» ‪-‬مارغي سالتري – فورن بولسي‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫‪53‬‬


‫كتب‬ ‫بيت من حجارة‪ :‬ذكرى منزل‬ ‫وعائلة وشرق أوسط مفقود‪،‬‬ ‫تأليف أنطوني شديد‬ ‫(‪ 27‬مارس)‬ ‫يروي الكاتب أنطوني شديد‪،‬‬ ‫احلائز على جائزة بوليتزر‬ ‫ورئيس مكتب «نيويورك‬ ‫تاميز» في بيروت‪ ،‬عن محاولته‬ ‫التي استمرت عامني من‬ ‫أجل ترميم مبنى متهالك‬ ‫بناه جده األكبر في جنوب‬ ‫لبنان‪ .‬على مدار الفترة التي‬ ‫استغرقها العمل‪ ،‬يتأمل‬ ‫املؤلف في تاريخ عائلته في‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬حيث ميارس‬ ‫شديد عمله الصحافي منذ‬ ‫‪ 15‬عاما‪ ،‬ويتابع االضطرابات‬ ‫الراهنة في املنطقة‪.‬‬

‫ملاذا تفشل الدول‪ :‬أصول القوة‬ ‫والرخاء والفقر‪ ،‬تأليف دارون‬ ‫عاصم أوغلو وجيمس روبنسون‬ ‫(‪ 20‬مارس)‬ ‫ملاذا تنعم بعض الدول بثروات أكبر‬ ‫من غيرها؟ بناء على مناذج تاريخية‬ ‫وحديثة‪ ،‬يقول دارون عاصم أوغلو‪،‬‬ ‫العالم االقتصادي في معهد‬ ‫ماساتشوستس للتكنولوجيا‪،‬‬ ‫وجيمس روبنسون‪ ،‬عالم السياسة‬ ‫في جامعة هارفارد‪ ،‬إن الدول‬ ‫املتعثرة لن تخرج من الفقر مبجرد‬ ‫تنفيذ توصيات املنظمات الدولية أو‬ ‫احلصول على املساعدات األجنبية‪.‬‬ ‫يقول املؤلفان إن النجاح االقتصادي‬ ‫في األساس نتاج ملنح السلطة‬ ‫السياسية للمواطنني‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪14‬‬ ‫التمويل واجملتمع الصالح‪،‬‬ ‫تأليف روبرت شيلر (‪21‬‬ ‫مارس)‬ ‫صرح العالم االقتصادي‬ ‫في جامعة يال روبرت شيلر‬ ‫لصحيفة «نيويورك تاميز» بأن‬ ‫تدريس مادة األسواق املالية في‬ ‫أعقاب أزمة عام ‪ 2008‬وحركة‬ ‫“احتلوا وول ستريت” «يبدو‬ ‫مثل تدريب ضباط االحتياط‬ ‫أثناء حرب فيتنام»‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن كتابه ال يقدم‬ ‫اعتذارا عن أخطاء وول ستريت‪،‬‬ ‫فإنه يدافع عن مميزات التمويل‬ ‫كوسيلة إلدارة أصول اجملتمع‪،‬‬ ‫في النهاية من أجل حتقيق‬ ‫اخلير‪.‬‬

‫دول منطلقة‪ :‬بحثا عن‬ ‫املعجزات االقتصادية التالية‪،‬‬ ‫تأليف روتشير شارما‬ ‫(‪ 9‬أبريل‪ /‬نيسان)‬ ‫ما كل هذه الضجة حول‬ ‫االقتصادات الصاعدة مثل‬ ‫الصني وروسيا والبرازيل؟ يقول‬ ‫الكتاب إنها مبالغ فيها‪.‬‬ ‫وفقا لروتشير شارما‪ ،‬مدير‬ ‫األسواق الناشئة في «مورغان‬ ‫ستانلي»‪ ،‬تعاني األنظمة‬ ‫االقتصادية العاملية الناشئة‬ ‫من نقاط ضعف ستؤدي‬ ‫بها إلى البطء‪ ،‬في حني يتم‬ ‫التعتيم على النجوم الصاعدة‬ ‫احلقيقية‪ ،‬مثل إندونيسيا‬ ‫ونيجيريا وبولندا‪.‬‬

‫‪15 12‬‬ ‫الهروب من املعسكر‬ ‫‪ :14‬رحلة رجل من كوريا‬ ‫الشمالية إلى احلرية في‬ ‫الغرب‪ ،‬تأليف بلني هاردين‬ ‫(‪ 29‬مارس)‬ ‫على الرغم من كل االهتمام‬ ‫الذي حظيت به كوريا‬ ‫الشمالية بعد وفاة كيم يونغ‬ ‫إل‪ ،‬فإنها ما زالت غامضة إلى‬ ‫حد كبير بالنسبة للعالم‬ ‫اخلارجي‪ .‬يستعد هاردين‪،‬‬ ‫مراسل «واشنطن بوست»‬ ‫السابق في شمال شرقي آسيا‬ ‫والكاتب في «فورين بوليسي»‪،‬‬ ‫للكشف عن قسوة نظام كيم‬ ‫الشمولي عن طريق قصة هارب‬ ‫من أحد معسكرات االعتقال‬ ‫السياسية لـ«القائد العزيز‪».‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪52‬‬

‫كل دولة مبفردها‪ :‬الفائزون‬ ‫واخلاسرون في عالم بال دول‬ ‫كبرى‪ ،‬تأليف إيان برمير‬ ‫(‪ 1‬مايو‪ /‬أيار)‬ ‫في الوقت الذي تخفت فيه قوة‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬ال يرى مدون‬ ‫«فورين بوليسي» إيان برمير أي‬ ‫مرشحني أقوياء من أجل تولي‬ ‫دور أميركا القيادي على الساحة‬ ‫العاملية‪ :‬تفتقد الصني الرغبة‬ ‫وتفتقد الدول األوروبية املال‪ ،‬وما‬ ‫زالت االقتصادات الصاعدة مثل‬ ‫البرازيل والصني والهند وروسيا‬ ‫تواجه عقبات داخلية‪ .‬وبهذا‬ ‫أصبح العالم بال دولة كبرى‪.‬‬ ‫يبحث برمير فيما سيعنيه هذا‬ ‫التغيير الكبير‪ ،‬متوقعا تفاقم‬ ‫الصراع حول قضايا التنظيم‬ ‫املالي والتجارة واملناخ‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫‪7‬‬

‫املباراة النهائية‪ :‬التاريخ اخلفي لصراع أميركا من أجل‬ ‫إقامة دميقراطية في العراق‪ ،‬تأليف مايكل آر غوردن‬ ‫واجلنرال برنارد إيه تراينور (‪ 7‬فبراير)‬ ‫يقدم كل من غوردن‪ ،‬كبير املراسلني العسكريني في‬ ‫«نيويورك تاميز»‪ ،‬وتراينور‪ ،‬اجلنرال املتقاعد في قوات املارينز‪،‬‬ ‫عن طريق قدرتيهما على الوصول إلى كبار املسؤولني‬ ‫العسكريني األميركيني والعراقيني‪ ،‬تأريخا محددا للصراعات‬ ‫العسكرية والسياسية والدبلوماسية التي واجهت حرب‬ ‫العراق‪ .‬وكان كتابهما السابق «كوبرا ‪ :2‬القصة الداخلية‬ ‫لغزو واحتالل العراق» قد حقق أفضل املبيعات في الداخل‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫رؤية استراتيجية‪ :‬أميركا وأزمة القوى‬ ‫العاملية‪ ،‬تأليف زبيغنيو بريجنسكي (‪24‬‬ ‫يناير)‬ ‫بعد ثالثة عقود من العمل مستشارا لألمن‬ ‫القومي في إدارة الرئيس كارتر‪ ،‬ما زال زبيغنيو‬ ‫بريجنسكي يؤدي دورا فاعال في السياسة‬ ‫اخلارجية وهو في عمر ‪ 83‬عاما‪ .‬يذكر كتابه‬ ‫اجلديد أن االستقرار العاملي معرض خلطورة بالغة‬ ‫في عصر التراجع األميركي وأنه يجب على‬ ‫الواليات املتحدة أن تتعاون استراتيجيا مع الشرق‬ ‫الصاعد إذا كانت ترغب في عكس هذا املسار‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫السلطة والشركات‪ :‬املنافسة امللحمية‬ ‫بني الشركات الكبرى واحلكومة‪ ..‬والتوقعات‬ ‫املستقبلية‪ ،‬تأليف ديفيد روثوكوبف (‪ 28‬فبراير)‬ ‫حتقق الكثير من الشركات اليوم أرباحا تفوق إجمالي‬ ‫الناجت احمللي للدول الصغيرة‪ .‬ويفوق عدد العاملني‬ ‫في فروع وول مارت حول العالم عدد سكان نحو‬ ‫‪ 100‬دولة‪ .‬فكيف وصلنا إلى هذه الدرجة؟ في‬ ‫كتابه األخير‪ ،‬يتناول مدون «فورين بوليسي» ديفيد‬ ‫روثكوبف صعود السلطة اخلاصة وتأثيراتها على‬ ‫احلكومات واألنظمة االقتصادية في األعوام املقبلة‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫سيف الروح ودرع اإلميان‪ :‬الدين في احلرب والدبلوماسية‬ ‫األميركية‪ ،‬تأليف أندرو بريتسون (‪ 29‬فبراير)‬ ‫عندما قامت الواليات املتحدة بغزو العراق عام ‪ ،2003‬وصف‬ ‫الرئيس جورج دبليو بوش احلرب بصورة ما عبر منظار الدين‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫«احلرية التي نقدمها ليست هدية من أميركا إلى العالم‪ ،‬بل هدية‬ ‫من الرب إلى اإلنسانية»‪ .‬وعلى الرغم من تعرض بوش النتقادات‬ ‫بسبب خلطه الدين والدبلوماسية فإن أندرو بريتسون‪ ،‬املؤرخ في‬ ‫كمبريدج‪ ،‬يقول إن الدين في احلقيقة كان دائما عامال دافعا في‬ ‫السياسة اخلارجية األميركية‪ ،‬وهو ما يؤيده بتقدميه عرضا تاريخيا‬ ‫ممتدا منذ العصر االستعماري إلى يومنا هذا‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬

‫وراء األبديات اجلميلة‪ :‬احلياة واملوت واألمل‬ ‫في أحد أحياء مومباي الفقيرة‪ ،‬تأليف‬ ‫كاثرين بو (‪ 7‬فبراير‪ /‬شباط)‬ ‫حازت كاثرين بو الفائزة بجائزى بوليتزر‬ ‫على املديح لكتابها مقدما من شخصيات‬ ‫مثل أماراتيا سني وباربرا إيرنرايك وتراسي‬ ‫كيدر وديفيد سيداريس‪ .‬فبعد ثالثة أعوام‬ ‫أمضتها من العمل مراسلة من الهند‪،‬‬ ‫تصور بو حي أناوادي الفقير في مومباي‪،‬‬ ‫حيث يواجه سكانه الفقر والفساد والتمييز‬ ‫في ظل صعود االقتصاد الهندي‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫قرن أميركي قصير‪ :‬تشريح ما بعد‬ ‫الوفاة‪ ..‬حترير أندرو باسيفيتش‬ ‫(‪ 19‬مارس‪ /‬آذار)‬ ‫في عدد «اليف» الصادر في‬ ‫فبراير ‪ ،1941‬أعلن هنري لوس‬ ‫بداية «القرن األميركي»‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫بعد أعوام من التراجع االقتصادي‬ ‫واألخطاء العسكرية‪ ،‬انتهى هذا‬ ‫«القرن»‪ ،‬على األقل وفقا ملا يراه‬ ‫أندرو باسيفيتش‪ ،‬كولونيل اجليش‬ ‫املتقاعد وأستاذ العالقات الدولية‬ ‫في جامعة بوسطن‪ .‬في كتابه الذي‬ ‫أطلق عليه عنوان «تشريح ما بعد‬ ‫الوفاة»‪ ،‬يعرض باسيفيتش مقاالت‬ ‫ملؤرخني يحاولون تفسير صعود‬ ‫أميركا وتراجعها التالي ثم األثر الذي‬ ‫خلفته في الوقت احلالي‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪51‬‬


‫كتب‬

‫أفضل ‪ 21‬كتابا في عام ‪2012‬‬

‫إذا كان عام ‪ ،2011‬عام مذكرات إدارة بوش‪ ،‬نأمل أن يكون العام اجلديد أكثر إثارة في عالم الكتب‪ .‬فهو يبدو من جميع اجلوانب عاما واعدا‪،‬‬ ‫فهناك من الكتب املذهلة التي تروي أحداث الربيع العربي الدموية إلى تقارير عن جائزة بوليتزر من الهند ولبنان إلى نظرة عميقة على‬ ‫اجلنرال ديفيد بترايوس ‪ -‬وكتاب آخر مميز ملايكل هاستينغ – هي قطعا حصيلة مميزة من الكتب في هذا العام اجلديد‪ .‬وفي ما يلي ‪ 21‬كتابا‬ ‫من أفضل كتب ‪ 2012‬وفقا ً جمللة "فورن بولسي" ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ميدان التحرير‪ :‬داخل‬ ‫الثورة املصرية وميالد جديد‬ ‫لألمة‪ ،‬تأليف أشرف خليل‬ ‫(‪ 3‬يناير‪ /‬كانون الثاني)‬ ‫كان الصحافي أشرف خليل‬ ‫املقيم في القاهرة والذي‬ ‫يساهم مبوضوعاته في‬ ‫«فورين بوليسي» مشاركا‬ ‫في خضم أحداث الثورة‬ ‫املصرية عندما اندلعت‬ ‫في يناير‪ .‬وبعد عام تقريبا‪،‬‬ ‫يتطلع خليل إلى تلك الفترة‬ ‫التي أمضاها بني اجلماهير‬ ‫في ميدان التحرير‪ ،‬حيث‬ ‫شاهد احلشود الغاضبة‬ ‫وهجمات الغاز املسيل‬ ‫للدموع‪ ،‬في روايته كشاهد‬ ‫عيان على احلركة التي‬ ‫أسقطت حسني مبارك‪.‬‬

‫ثورة ‪ :2.0‬سلطة الشعب‬ ‫أقوى من أصحاب السلطة‬ ‫(مذكرات)‪ ،‬تأليف وائل‬ ‫غنيم (‪ 17‬يناير)‬ ‫يقدم وائل غنيم‪ ،‬مسؤول‬ ‫التسويق الشاب في شركة‬ ‫«غوغل»‪ ،‬الذي ساعدت‬ ‫رسائله على موقعي‬ ‫«فيس بوك» و«تويتر»‬ ‫في إشعال الثورة املصرية‪،‬‬ ‫فقد أثار اإلفراج عنه بعد‬ ‫اعتقاله مزيدا من املقاومة‬ ‫لنظام مبارك – روايته عن‬ ‫املظاهرات التي أطلقت‬ ‫شرارتها مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي في ميدان‬ ‫التحرير‪ ،‬والتي اشتهر وصفه‬ ‫لها بـ«ثورة ‪2.0.‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪50‬‬

‫املراوغون‪ :‬القصة الوحشية‬ ‫واملرعبة حلرب أميركا في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬تأليف مايكل‬ ‫هاستينغز (‪ 5‬يناير)‬ ‫يبدأ مايكل هاستينغ‪ ،‬الذي‬ ‫يشتهر حاليا مبقاله املدوي‬ ‫الذي نشر في «رولينغ ستون»‬ ‫عام ‪ 2010‬وأدى إلى إقالة‬ ‫اجلنرال ستانلي ماكريستال‪،‬‬ ‫حيث انتهى بإلقاء نظرة من‬ ‫خلف الستار على احلرب في‬ ‫أفغانستان‪ .‬تترك تقارير املؤلف‬ ‫عن جلسات التخطيط رفيعة‬ ‫املستوى وحوارات البارات‬ ‫في أوقات متأخرة من الليل‬ ‫تشككا لديه في االستراتيجية‬ ‫والتوقعات طويلة املدى للقوات‬ ‫األميركية في أفغانستان‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫كل شيء‪ :‬تعليم اجلنرال ديفيد‬ ‫بترايوس‪ ،‬تأليف بوال برودويل‬ ‫وفيرنون لوب (‪ 24‬يناير)‬ ‫ميكن القول إن اجلنرال ديفيد‬ ‫بترايوس‪ ،‬مهندس خطة‬ ‫تعزيز القوات في حرب العراق‬ ‫واستراتيجية مكافحة اإلرهاب‪،‬‬ ‫من بني أكثر اجلنراالت األميركيني‬ ‫نفوذا في التاريخ‪ .‬بعد السفر من‬ ‫أجل تغطية العمليات العسكرية‬ ‫معه في أفغانستان‪ ،‬تتعقب‬ ‫اخلبيرة العسكرية بوال برودويل‪،‬‬ ‫مع محرر «واشنطن بوست»‬ ‫فيرنون لوب‪ ،‬قصة حياة بترايوس‬ ‫منذ تدريبه إلى تقاعده‪ ،‬وتصدر‬ ‫في النهاية تقييما لتأثيره على‬ ‫املدى البعيد على االسترايجية‬ ‫العسكرية األميركية‪.‬‬


‫ا�شرتك االن‬

‫و�إح�صل على ن�سختك الورقية‬ ‫العدد رقم ‪ - 1562‬ابريل ‪2011‬‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫العدد ‪ ،1566‬سبتمبر ‪2011‬‬ ‫مجلة العرب الدولية‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫‪‬‬

‫‪03‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬ ‫‪Issue 1562‬‬

‫‪‬‬

‫قم بتنزيل رمز‬ ‫االستجابة‬ ‫السريعة واستعمل‬ ‫هاتفك الذكي‬ ‫لتفحص الرمز‬

‫املأزق العربي‬ ‫اضطرابات الشرق األوسط‬ ‫ومستقبل اجلمهورية العربية‬

‫‪The Majalla‬‬

‫شؤون سياسية‬

‫حب حتى املوت‬ ‫معمر القذافي‪ ..‬األخ قائد الثورة قاهر اجلماهير‬

‫ثروة األمم‬

‫الصني متنع الياسمني‬ ‫بكني تبحث أزماتها االقتصادية وعينها على تونس ومصر‬

‫العقد املفقود‬

‫‪10‬‬

‫‪‬‬

‫سنوات‬ ‫من احلرب‬

‫‪‬‬

‫قم بتنزيل رمز‬ ‫االستجابة‬ ‫السريعة واستعمل‬ ‫هاتفك الذكي‬ ‫لتفحص الرمز‬

‫حوارات‬

‫‪09‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫ثروة األمم‪:‬‬ ‫احلرب والسالم‪:‬‬ ‫استثمار في املستقبل‬ ‫خصخصة احلرب‬ ‫شركات األمن اخلاص‪ ..‬ال رقيب أو حسيب األمن الغذائي‪ ..‬قنبلة زمنية بدول مجلس التعاون اخلليجي‬

‫جمال خاشقجي‪:‬‬ ‫القناة اجلديدة على ميني "اجلزيرة" ويسار "العربية"‬ ‫‪‬‬

‫حوارات‪:‬‬ ‫محمد بسيوني‪:‬‬ ‫مبارك ال يستحق منّا هذه "البهدلة"‬

‫‪‬‬

‫العدد رقم ‪ - 1563‬مايو ‪2011‬‬

‫العدد رقم ‪ - 1558‬ديسمبر ‪2010‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫مجلة العرب الدولية‬

‫ما بعد أسامة‬ ‫الربيع العربي‬ ‫ومقتل زعيم‬ ‫«القاعدة»‪..‬‬ ‫هل هي نهاية‬ ‫فورة اجلهاد‬ ‫‪05‬‬

‫‪Issue 1563‬‬

‫‪The Majalla‬‬

‫احلرب والسالم‪:‬‬ ‫االنتفاضات الشعبية‪..‬‬ ‫حالل في بالد العرب حرام في ايران‬

‫بعد نورييغا وصدام‪..‬‬ ‫أي مصير ينتظر القذافي‬

‫نبوءة سوء‬

‫رجع الصدى‬

‫نصف قرن من العداء و‪ ..‬التحالف‬

‫الربيع العربي‬ ‫‪ 10‬أوهام‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫شؤون سياسية‪:‬‬

‫حوارات‬

‫نيال فرغسون ينتقد االدارة األميركية‬ ‫ويحذ ّر من سيطرة "االخوان" على مصر‬

‫اإلسالم السياسي وأميركا‬

‫غيوم الربيع‬

‫‪Issue 1558‬‬

‫غيّرت وجه التاريخ‬

‫العدد رقم ‪ - 1565‬يوليو ‪2011‬‬

‫‪The Majalla‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫أفغانستان‪ ..‬عود على بدء‬

‫حوار‬

‫شؤون سياسية‬

‫باراج خانا‪ :‬هذا عصر «املدينة الدّولة»‬

‫األفغان ينتخبون الدوالر‬

‫‪08‬‬ ‫العدد رقم ‪ - 1560‬فبراير ‪2011‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫احلرب والسالم‬

‫نهاية دميقراطية‬ ‫لبنان‪ ..‬نظام جامد جملتمع متغير‬

‫الوضع البشري‬

‫الفصل املفقود‬ ‫الدولة العثمانية واألقليات الدينية‪ ..‬تاريخ من املذابح املسكوت عنها‬

‫حوارات‬

‫بوعزيزي تونس‬ ‫يحمل أكثر من جنسية‬

‫‪Issue 1564‬‬

‫‪07‬‬

‫جيل يحترق‬

‫‪The Majalla‬‬

‫أزمة خالفة‬

‫إيران تبحث عن مرشد لهذا الزمان‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫طارق احلميد‪:‬‬ ‫"اجلزيرة" انتقائية و "العربية" متناقضة‬

‫شؤون سياسية‬ ‫مصر اجلديدة تبحث عن‬ ‫«عدالة اجتماعية» في احلكم‬ ‫و «منوذج سويدي» في النمو‬

‫الوضع البشري‬ ‫معسكر أشرف‬ ‫في العراق‪ ..‬قرار‬ ‫باإلفناء قبل اإلخالء‬

‫بروفايل‬ ‫الشيخ عبدالفتاح مورو‪..‬‬ ‫بني مطرقة اإلخوة‬ ‫وسندان األعداء‬

‫‪01‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬ ‫‪Issue 1559‬‬

‫‪The Majalla‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫الفصول األخيرة؟‬ ‫الصراع التركي – الكردي‪ ..‬بداية النهاية‬

‫شؤون سياسية‬

‫اغتيال احللم األميركي‬ ‫سياسة اإلرهاب تغذ ّي اإلسالموفوبيا في الغرب‬

‫ثروة األمم‬

‫طريق سريع مملوء باملطبات!‬ ‫الشركات الصينية العاملة في اجلزائر في قفص االتهام‬

‫لالشتركات بالبريد‬ ‫االسم‪.................................................................................................. :‬‬

‫الهاتف‪........................................................................................... :‬‬

‫العنوان‪................................................................................................................................................................................................................. :‬‬ ‫الصندوق البريدي‪ ................................................................................. :‬الرمز البريدي‪................................................................................. :‬‬ ‫الدولة‪ ..................................................................................................... :‬البريد االلكتروني‪............................................................................. :‬‬

‫نوع االشتراك‪:‬‬

‫اشتراك ملدة عام (‪12‬عددا ً ‪120 -‬رياال سعوديا)‬ ‫اشتراك ملدة عامني (‪ 24‬عددا ً ‪ 240 -‬رياال سعوديا)‬

‫‪The Majalla Magazine‬‬ ‫‪Arab Press House, 182-184 High Holborn‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP‬‬ ‫‪DDI: +44 (0)20 7539 2337‬‬ ‫‪Tel: +44 (0)20 7831 8181‬‬ ‫‪UK mobile+44 (0)7979 212 633‬‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫افراد‬ ‫مؤسسات‬

‫‪49‬‬


‫‪Waltz with Bashir‬‬ ‫عديدة هي األفالم التي تناولت الصراع‬ ‫الفلسطيني‪ /‬االسرائيلي ومن زوايا‬ ‫عدة وبأكثر من طريقة اال ان الفيلم‬ ‫االسرائيلي الرقص مع بشير ميكن ان‬ ‫يكون اكثرها شهرة بسبب قيمته‬ ‫الفنية العالية واسلوبيته اخلاصة‬ ‫وموضوعه املؤلم حيث يقدم مخرجه‬ ‫جتربة سينمائية فريدة حينما ميزج‬ ‫االسلوب الوثائقي بالصورة الرسومية‬ ‫بطريقة أخاذة وممتعة‪.‬‬ ‫في قصة مؤثرة حول جندي سابق يتتبع‬ ‫رفقائه القدامى للكشف عما حدث‬ ‫عام ‪ 1982‬في صبرا وشاتيال كإسقاط‬ ‫سياسي احتجاجي يعبر فيه مخرج‬ ‫الفيلم عن موقفه‪ ..‬الفيلم حقق‬ ‫جوائز عديدة في أنحاء العالم وشتى‬ ‫املهرجانات السينمائية منها افضل‬ ‫فيلم اجنبي في الغولدن غلوب وترشيح‬ ‫اوسكاري في هذا اجملال ايضا‪.‬‬

‫‪Fair Game‬‬ ‫من أبرز املوضوعات السياسية التي‬ ‫تناولتها السينما خالل السنوات‬ ‫االخيرة هي االسباب احلقيقية وراء‬ ‫الغزو االمريكي للعراق واملزاعم‬ ‫الكاذبة بوجود أسلحة الدمار‬ ‫الشامل‪.‬‬ ‫لكن مخرج أفالم االثارة دوغ ليمان‬ ‫يلتقط هنا مذكرات وكيلة اخملابرات‬ ‫االمريكية املتخفية فاليري بالم‬ ‫(لعبة عادلة‪ :‬حياتي كجاسوس‬ ‫وخيانتي البيت االبيض) والتي يتم‬ ‫التعسف في معاملتها وتسريب‬ ‫هويتها احلقيقية بعدما قام زوجها‬ ‫بكتابة مقالة في انتقاد ادارة بوش‬ ‫وكذب مزاعم االدارة االمريكية‬ ‫بوجود اسلحة دمار شامل‬ ‫تستدعي احلرب‪.‬‬

‫‪Good Night, and Good Luck‬‬ ‫النجم جورج كلوني يكتب ويخرج هذا الفيلم الذي يعود به‬ ‫للخمسينات‪ ،‬احدى احلك الفترات السياسية في التاريخ‬ ‫االمركي يوم ان تشكلت قمة الصراع ضد الشيوعية‬ ‫مبرحلة ما تسمى باملكارثية التي تزعمها السيناتور جوزيف‬ ‫مكارثي عبر مالحقة املتهمني بالشيوعية في كل مجال‬ ‫في امريكا وتقدميهم للمحاكمة اال ان الرعب الذي نشره‬ ‫مكارثي وقتها كان قد جوبه بأناس صادقني ومعارضني لهذه‬ ‫العملية االستئصالية ومنهم مذيع ومراسل الـ«سي بي‬ ‫اس» ادوار مورو‪ .‬كان الفيلم قد حقق اعجابا جماهيريا‬ ‫ونقديا عاليا وترشح وقتها لست جوائز اوسكار منها‬ ‫افضل فيلم واخراج ونص‪.‬‬

‫‪Hotel Rwanda‬‬ ‫يشترك اجلانب السياسي في هذا الفيلم مع اجلانب االنساني املؤثر حيث يحكي الفيلم‬ ‫معتمدا على قصة حقيقية ما فعله مدير احد الفنادق في رواندا حينما قام بحماية ألف‬ ‫الجئ من قبائل التوتسي حتى ال يتعرضوا لسكاكني وسواطير منافسيهم من قبائل‬ ‫الهوتو الثائرين ايام احلرب االهلية في التسعينات والتي خلفت مئات االف القتلى امام‬ ‫سكوت العالم في منظر غاية في االلم والتأثير قدمه الفيلم بشكل رائع‪.‬‬ ‫رشح الفيلم الوسكار افضل نص وافضل متثيل لدون شيدل الذي قام بأداء دور مدير الفندق‪.‬‬

‫فهد االسطاء ‪ -‬ناقد سينمائي ومحرر الصفحة السينمائية في جريدة الشرق االوسط من ‪2004‬‬ ‫الى ‪ .. 2009‬رئيس مجموعة تالشي السينمائية ومدير موقع سينمانا وعضو مؤسس ملوقع سينماك‬ ‫‪48‬‬


‫‪Hunger‬‬ ‫في عام ‪ 2002‬كان اخملرج باول غرينغراس‬ ‫قد قدم فيلما جيدا ومؤثرا حول الصراع‬ ‫االيرلندي‪ /‬البريطاني بالعودة لعام ‪1972‬‬ ‫حينما ارتكبت القوات البريطانية مذبحة‬ ‫مؤملة بحق مسيرة احتجاج ايرلندية سميت‬ ‫وقتها باالحد الدامي‪ .‬بعد ست سنوات‬ ‫ياتي مخرج بريطاني مبدع ايضا هو ستيف‬ ‫ماكوين ليقدم فيلما مؤملا ايضا حول اشهر‬ ‫شخصيات ذلك الصراع وهو االيرلندي‬ ‫اجلمهوري بوب ساندز الذي قاد حملة صارمة‬ ‫من داخل السجون البريطانية لالضراب عن‬ ‫الطعام فقد فيها حياته ليجعل من نفسه‬ ‫رمزا للحركة االيرلندية الشعبية‪ .‬باالضافة‬ ‫حلضور الفيلم البارز في عدد من املهرجانات‬ ‫وقتها فقد حاز ايضا اخملرج ماكوين على‬ ‫الكاميرا الذهبية في مهرجان كان في‬ ‫فيلمه هذا الذي يعتبر جتربته الروائية‬ ‫الطويلة االولى‪.‬‬ ‫‪The Ides of March‬‬ ‫اللعبة السياسية اخملادعة وفضائح االنتخابات احدى‬ ‫موضوعات الفيلم السياسي في السنوات املاضية‬ ‫ففي عام ‪ 2000‬في فيلم ‪ The Contender‬ترشحت‬ ‫النجمة جون الني والتي الوسكار أفضل ممثلة عن‬ ‫أدائها ملرشحة منصب نائب الرئيس بفضيحة جنسية‬ ‫سابقة يعمل خصومها على نشرها الفشال مخططها‬ ‫بالوصول للمنصب‪ ..‬بينما في عام ‪ 2010‬يقدم اخملرج‬ ‫الكبير رومان بوالنسكي مبالمسة املوضوع السياسي‬ ‫عبر قصة مثيرة من خالل حكاية رئيس وزراء سابق‬ ‫يستأجر كاتب مذكرات للكشف عن اسرار هامة تتعلق‬ ‫بانعزاله السياسي والتي وضعت حياته اخلاصة في خطر‬ ‫عبر الفيلم الرائع ‪ The Ghost Writer‬بينما كان‬ ‫احد النصوص املرشحة هذا العام الوسكار افضل نص‬ ‫مقتبس من مسرحية «شمال فارغوت» لبيو ويليمون هو‬ ‫فيلم جورج كلوني ‪ The Ides of March‬الذي اخرجه‬ ‫ومثل فيه دور مرشح رئاسي جديد يعتمد على موظف‬ ‫مثالي الجناح حملته االنتخابية قبل ان تنكشف قذارة‬ ‫اللعبة السياسية امام هذا املوظف وعليه أن يقرر اذا ما‬ ‫اراد أن يجاري هذه اللعبة‪.‬‬

‫‪The Road to Guantanamo‬‬ ‫فيلم من بريطانيا‪ ..‬ديكودراما من‬ ‫افرازات أحداث احلادي عشر من سبتمبر‬ ‫والغزو االمريكي للعراق وافغانستان‬ ‫لعملية مطاردة االرهابيني كما تعلن‬ ‫السياسة االمريكية حيث يعرض الفيلم‬ ‫بصورة دراماتيكية مؤملة قصة اربعة من‬ ‫الشباب البريطانيني املسلمني من اصول‬ ‫باكستانية يقررون الذهاب الى باكستان‬ ‫حلضور مناسبة زواج ثم يأخذهم الفضول‬ ‫ملعرفة اوضاع افغانستان بعد احلرب لكن‬ ‫القدر املؤلم لهم حينما يتم اعتقالهم‬ ‫وترحيلهم الى غوانتنامو‪ ،‬السجن األسوأ‬ ‫سمعة في مجال حقوق االنسان‪ ،‬وملدة‬ ‫ثالث سنوات في وضع مؤلم من التعذيب‬ ‫النتزاع االعترافات قبل أن يطلق سراحهم‬ ‫لثبات عدم تورطهم في اي قضية‬ ‫ارهابية‪ .‬حضي الفيلم وقت خروجه‬ ‫بشهرة جيدة وسجل حضورا الفتا في‬ ‫عدد من املهرجانات السينمائية‪.‬‬

‫‪Persepolis‬‬ ‫لطاملا كانت السياسة االيرانية وموقفها‬ ‫من احداث املنطقة محل جدل كبير‬ ‫وجتاذب للقوى السياسية في العالم‪..‬‬ ‫هنا تأتي ايران عبر تاريخها القريب من‬ ‫خالل هذا الفيلم الفرنسي برؤية ايرانية‬ ‫والذي اثار الكثير من اجلدل وحقق‬ ‫الكثير من النجاح الفني والتجاري‬ ‫حيث حصل الفيلم على جائزة جلنة‬ ‫التحكيم بكان كما رشح كأفضل‬ ‫فيلم اجنبي في الغولدن غلوب‪ .‬رسومه‬ ‫الغريبة والظريفة في نفس الوقت أهلته‬ ‫للترشيح كأفضل فيلم رسومي في‬ ‫االوسكار‪ ..‬الفيلم من اخراج وكتابة‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫الفرنسية فينسنت بارانود وااليرانية‬ ‫مرجان سترابي التي تروي في هذا الفيلم‬ ‫جزءا مهما من تاريخ ايران بداية من‬ ‫سقوط الشاه وصعود الثورة االسالمية‬ ‫أواخر السبعينات والتغيرات التي حدثت‬ ‫في البالد على املستوى االجتماعي مع‬ ‫مسيرة مؤملة من القمع واحلروب وهو ما‬ ‫ميثل سيرة شخصية ملرجان نفسها منذ‬ ‫والدتها وحتى سفرها الى خارج بالدها‪.‬‬ ‫أسلوب فريد في السرد والصورة وهوية‬ ‫خاصة في الرسومات لفيلم مشبع‬ ‫بالكوميديا السوداء بطريقة غير فجة‬ ‫على الرغم من تناوله موضوعا جدليا‬ ‫ومربكا على املستوى الفكري‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫أفالم سياسية من األلفية‬ ‫لطاملا كانت السياسة مبختلف قضاياها موضوعا حاضرا في االفالم السينمائية متنوعا في طريقة العرض والتحليل ورمبا اتخاذ موقف ما يعبر به‬ ‫اخملرج غالبا عن رؤيته اخلاصة جتاه االحداث السياسية سواء كانت تاريخية تلقي بآثارها حتى هذا اليوم او أحداثا معاصرة ترمي بظاللها على طبيعة‬ ‫االفالم‪.‬واذا ما حاولنا استقصاء االفالم السياسية التي انتجت منذ عام ‪ 2000‬وحتى هذا العام فسنجد انفسنا أمام مجموعة كبيرة حيث املالحظ‬ ‫انه ال يكاد مير ّ حدث سياسي ذو اهمية عاملية خالل هذه السنوات لم تلتقطه السينما وتتحدث حوله اضافة لتلك القضايا السياسية واالحداث‬ ‫التاريخية الشهيرة التي ما زالت السينما ايضا وفية في احلديث عنها‪ ،‬وإن كانت هذه االفالم أغلبها يكرر بعضه فيما يتميز البعض اآلخر بقيمة فنية‬ ‫اكبر او فكرة اكثر إثارة وجدية في التناول‪ ..‬وهو ما سنحاول ذكره عبر هذا العرض‪.‬لكن لنقل أوال انه وبحسب استقصائنا ألفالم السينما االمريكية‬ ‫حتديدا فإننا سنجد ان هذه االفالم ستتناول تلك املوضوعات التي تشكل جدال داخل الثقافة السياسية االمريكة ذاتها ما بني احلروب التي شاركت‬ ‫بها امريكا وخبايا االنتخابات واللعبة السياسية وصراع القوى وفضائحها‪.‬‬ ‫‪Frost/Nixon‬‬ ‫اذا كان الرئيس االمريكي السابق ريتشارد نيكسون‬ ‫هو االشهر وقتها فإنه يتزامن ذلك مع وجود مقدم‬ ‫احلوارات البريطاني الشهير ديفيد فروست الوحيد‬ ‫الذي متكن وقتها من اقناع نيكسون بإجراء لقاء معه‪،‬‬ ‫بعد فضيحة ووترغيت وخروجه من الرئاسة االمريكية‪،‬‬ ‫تشعب فيه احلوار السياسي‪ .‬وهنا اخملرج رون هوارد‬ ‫يقدم فيما جميال ترشح من خالله الوسكار افضل‬ ‫فيلم واخراج وممثل رئيس لفرانك النغيال الذي ابدع في‬ ‫تأدية شخصية نيكسون‪.‬‬

‫‪W‬‬ ‫اخملرج الكبير اوليفر ستون احد اشهر مخرجي‬ ‫االفالم السياسية والتي كثيرا ما تستهويه قضاياها‬ ‫ويقدم رؤيته الالذعة بنفسه اليساري املعروف فهو‬ ‫صاحب افالم «جي اف كاي» عن اغتيال كيندي ثم‬ ‫نيكسون عن فضيحة ووترغيت وهناك افالم احلروب‬ ‫املتعلقة بفيتنام مثل بالتون و فيلم مولود في الرابع‬ ‫من يوليو لكنه خالل السنوات العشر املاضية كان‬ ‫قد اختار الشخصية الرئاسية االشهر واالكثر جدال‬ ‫‪46‬‬

‫‪Charlie Wilson's War‬‬ ‫في موضوع السياسة‬ ‫االمريكية في‬ ‫الثمانينات ايام‬ ‫احلرب الباردة ودعمها‬ ‫للمقاتلني االفغان ضد‬ ‫الغزو السوفيتي يأتي‬ ‫هذا الفيلم من اخملرج‬ ‫الكبير مايك نيكولز‬ ‫والذي يستعني بالنجم‬ ‫توم هانكس ليؤدي‬ ‫دور عضو الكونغرس‬ ‫من تكساس شارلي‬ ‫ويلسون وجهوده‬ ‫الكبيرة ملساعدة‬ ‫املقاتلني االفغان ضد‬ ‫السوفيت بفضل‬ ‫شبكة عالقاته وتنوع‬ ‫اساليبه السرية‪.‬‬

‫«جورج دبليو بوش االبن» الذي حكم امريكا لواليتني‬ ‫واستقبل في وقته اهم االحداث االخيرة التي مرت‬ ‫بها امريكا منذ ‪ 11‬سيبتمبر وغزو العراق وباكستان‬ ‫ومالحقة القاعدة‪ .‬وهنا يقدم ستون سيرة ذاتية‬ ‫لهذا الرئيس منذ كان شابا وقبل انخراطه في‬ ‫العمل السياسي مركزا على وقاع حياته اخلاصة‬ ‫وعالقته بأبيه جور بوش الرئيس االسبق في فيلم لم‬ ‫يكن على مستوى تطلعات معجبي اوليفر ستون‪.‬‬


‫أراد مجازاتها على نضالها وما تعرضت له طوال‬ ‫عشرات السنوات من قمع وتعذيب وإقصاء من‬ ‫النظامني السابقني»‪.‬‬ ‫وعل هذه «اجملازاة» هي ذاتها التي أوصلت‬ ‫االسالميني‪ ،‬إخوانا وسلفيني‪ ،‬الى مجلس الشعب‬ ‫املصري وحزب العدالة والتنمية املغربي الى رئاسة‬ ‫احلكومة‪ ،‬والبقية تأتي‪..‬‬ ‫يعترف حمادي اجلبالي بوجود خالفات بني القوى‬ ‫املؤتلفة في احلكومة‪ ،‬النهضة االسالمي والتكتل‬ ‫واملؤمتر اليساريان‪ ،‬اذ يقول‪« :‬اعتقد ان اخلالفات‬ ‫العقائدية والفكرية ميزات ايجابية‪ ،‬خصوصا وان‬ ‫الشعب التونسي يسعى للسلم والوحدة ولم يعد‬ ‫مهتما بهذه اخلالفات»‪.‬‬ ‫لكن حمادي اجلبالي «املبتسم أبدا» واملعروف‬ ‫بهدوئه واتزانه واختياره ألفاظه بدقة‪ ،‬أثار انتقادات‬ ‫العلمانيني وأحزاب تونسية أخرى عندما حتدث في‬ ‫خطاب جماهيري «ألنصار النهضة» في سوسة‬ ‫عن «خالفة راشدة سادسة»‪..‬‬ ‫«يا إخواني أنتم اآلن أمام حلظة تاريخية‪ ،‬أمام حلظة‬ ‫ربانية في دورة حضارية جديدة إن شاء اهلل في‬ ‫اخلالفة الراشدة السادسة إن شاء اهلل‪ ،‬مسؤولية‬ ‫كبيرة أمامنا والشعب قدم لنا ثقته‪ ،‬ليس لنحكم‬ ‫لكن لنخدمه»‪..‬‬ ‫كلمات أقامت الدنيا ولم تقعدها ووجد «أعداء»‬ ‫النهضة‪ ،‬الكثيرون‪ ،‬الفرصة ملهاجمة احلركة‬ ‫والتشكيك نياتها واتهامها بازدواجية اخلطاب‪.‬‬ ‫اجلبالي أوضح الحقا أنه يقصد البعد احلضاري‬ ‫للخالفة وليس اخلالفة بكل أبعادها وقال‪:‬‬ ‫«استعارة كلمة اخلالفة الراشدة املقصود منه‬ ‫االستلهام القيمي لتراثنا السياسي وحضارة‬ ‫اجملتمع التونسي الذي ننتمي إليه ونعتز به واملشبع‬ ‫مببادئ العدل والصدق واحلرية واألمانة»‪.‬‬ ‫اخملاوف التي أحدثتها «زلّة اللسان» من ان حزب‬ ‫النهضة سيفرض حكما اسالميا متشددا‪ ،‬إذا‬ ‫استطاع إليه سبيال‪ ،‬أجبرت اجلبالي على التأكيد‬ ‫مجددا حللفائه في «الترويكا» احلكومية والى‬ ‫الشعب التونسي أن حزبه ال ينوي التدخل في حريات‬ ‫الناس الشخصية وال في وضع املرأة في اجملتمع وأن‬ ‫النهضة حزب مدني ذو مرجعية اسالمية يؤمن‬ ‫بالدميقراطية واحلريات الفردية‪.‬‬

‫ونحسنه اذا كان ذلك ضروريا‪ .‬لن نخون الشعب‬ ‫وسنلتزم بوعودنا االنتخابية‪ .‬فبعد اهلل‪ ،‬نحن‬ ‫مسؤولون من الشعب الذي سيحاسبنا غدا وبعد‬ ‫غد‪ .‬هدفنا االساسي حتقيق احلرية للشعب نساء‬ ‫ورجاال‪ .‬ان اسس حكمنا مبنية على احلوار واحلرية‬ ‫والدميقراطية»‪.‬‬ ‫وحول مكاسب املرأة في تونس أوضح امني عام‬ ‫حركة النهضة انه «ال مساس أبدا مبجلة األحوال‬ ‫الشخصية ولن يتم اقتراح تعدد الزوجات وال فرض‬ ‫احلجاب على املرأة بل ستترك لها حرية ممارسة دينها‬ ‫ومعتقدها»‪ ،‬مضيفا انه «ال سبيل إلعادة املرأة إلى‬ ‫البيت كما يسعى مناهضو احلركة الى إشاعته»‪،‬‬ ‫معتبرا خروج املرأة إلى العمل «هام ويحقق اإلضافة‬ ‫للمجتمع»‪.‬‬ ‫وفي اجملالني االجتماعي واالقتصادي اوضح اجلبالي‬ ‫ان» احلركة لن تعمل على املساس بأي قطاع بل‬ ‫ستدعم املكتسبات وتوجد حلوال آنية للمشاكل‬ ‫التي تعوق حتقيق التنمية العادلة بني اجلهات واحلد‬ ‫من مشكلة البطالة» موضحا ان القطاع السياحي‬ ‫يعد من «املكتسبات التي ال مجال للمساس بها»‪.‬‬ ‫وقال اجلبالي في هذا الصدد «هل من املعقول ان‬ ‫نصيب قطاعا حيويا مثل السياحة بالشلل مبنع‬ ‫اخلمور وارتداء لباس البحر وغيرها من املمارسات؟‪..‬‬ ‫هي حريات شخصية مكفولة لالجانب وللتونسيني‬ ‫أنفسهم»‪.‬‬ ‫وحول تخوفات بعض رجال االعمال وتأثيرات توجهات‬ ‫احلركة على القطاع املالي أكد انه «لن يتم تعميم‬ ‫املصارف اإلسالمية وإلغاء النظام املصرفي الذي‬

‫تعمل به تونس وال حتديد نشاط رجال االعمال بل‬ ‫دعمهم بجلب االستثمارات العربية واألجنبية»‬ ‫مبينا انها «تخوفات ال مبرر لها»‪.‬‬ ‫وحتمله مسؤولية‬ ‫واقعية اجلبالي و»براغماتيته»‬ ‫ّ‬ ‫انقاذ االقتصاد التونسي في مرحلة حرجة متر بها‬ ‫بالده بعد ثورة أطاحت بنظام «أفسد البالد وأذلّ‬ ‫العباد» جتلت في زيارة أخيرة الى اململكة العربية‬ ‫السعودية حيث أكد على متانة العالقة التي تربط‬ ‫تونس مع اململكة‪ ،‬وقال إن لدى حكومته حجر‬ ‫زاوية وهدف استراتيجي في سياساتها اخلارجية‬ ‫لدعم العالقات التونسية السعودية واململكة ركن‬ ‫استراتيجي في هذه السياسة‪ ،‬وقال‪« :‬لن نساوم‬ ‫على عالقتنا باململكة من أجل بن علي»‪ ..‬وأضاف‪:‬‬ ‫«لسنا مستعدين للتضحية بهذا الهدف من أجل‬ ‫ملف بن علي»‪ .‬وأشار اجلبالي إلى أن حكومته تريد‬ ‫استرجاع العالقات ودعمها مع اململكة وفتح آفاق‬ ‫رحبة وواسعة في بناء استراتيجي بني البلدين‪.‬‬ ‫عام ونيف على فرار بن علي وقرابة الثالثة أشهر‬ ‫على توليه رئاسة الوزراء‪ ،‬واالقتصاد التونسي يترن ّح‪.‬‬ ‫العاطلون عن العمل ارتفع عددهم ليصل الى قرابة‬ ‫املليون عاطل واالضطرابات االجتماعية من اضرابات‬ ‫واعتصامات وقطع للطرقات عقّ دت عمل احلكومة‬ ‫وعطلته‪ ..‬اجملتمع منقسم على نفسه حول خيارات‬ ‫ّ‬ ‫«سيد املوقف»‪ ..‬تطرّف‬ ‫املستقبل وأصبح التطرف‬ ‫ّ‬ ‫من اليمني ومن اليسار على حد السواء‪ .‬سلفيون‬ ‫وعلمانيون وانتهازيون وفلول‪ ..‬والسؤال‪ :‬هل ينجح‬ ‫اجلبالي في «االختبار» والتوفيق بني قناعاته‬ ‫االسالمية وضرورات العمل الدميقراطي فيثبت‬ ‫للداخل واخلارج أن اإلسالميني قادرون على احلكم‬ ‫وقيادة الدول وليس فقط إلقاء املواعظ واخلطب؟ >‬

‫«يا إخواني أنتم اآلن أمام حلظة تاريخية‪ ،‬أمام حلظة ربانية في‬ ‫دورة حضارية جديدة إن شاء اهلل في اخلالفة الراشدة السادسة إن‬ ‫شاء اهلل‪ ،‬مسؤولية كبيرة أمامنا والشعب قدم لنا ثقته‪ ،‬ليس لنحكم‬ ‫لكن لنخدمه»‪..‬‬ ‫مخاوف من تصاعد التطرف في تونس‬

‫وقد نفى اجلبالي ما تروج له بعض األحزاب‬ ‫«املهزومة» في االنتخابات وجمعيات كثيرة في‬ ‫اجملتمع املدني من ان احلركة «ستعمل على فرض‬ ‫دستور كما تراه يلغي حريات عدة من بينها حرية‬ ‫ممارسة املعتقد واحلريات الفردية والوضع التشريعي‬ ‫للمرأة ومكانتها في اجملتمع» مؤكدا ان الدستور‬ ‫سيكتب بتوافق مع جميع األحزاب واألطراف املمثلة‬ ‫في اجمللس التأسيسي و»لن يلغي أية حريات بل‬ ‫سيكفلها جميعا»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬نعد الشعب بأننا سنطور اجملتمع‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫‪45‬‬


‫اجلديد للحركة الذي كان مكونا من ثالثة أسماء‬ ‫إضافة إلى األمني العام‪.‬‬ ‫وقد اشترك اجلبالي مع علي العريض (وزير الداخلية‬ ‫احلالي) في تلك الفترة في إدارة شؤون احلركة في‬ ‫فترة دقيقة جدا تلت أول اعتقاالت واسعة في‬ ‫صفوفها في أواخر عهد بورقيبة‪.‬‬ ‫ابتداء من سنة ‪ 1984‬وبعد اطالق سراح القيادة‬ ‫وعودتها إلى رأس احلركة تولى املهندس حمادي‬ ‫اجلبالي عضوية املكتب التنفيذي واملكتب السياسي‬ ‫ومجلس الشورى‪.‬‬ ‫وفي مواجهة سنة ‪ 1987‬التي عزم فيها بورقيبة‬ ‫على استئصال احلركة حكم عليه غيابيا باإلعدام‬ ‫شنقا من محكمة أمن الدولة‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫احلكم والتتبع فقد لعب حمادي اجلبالي دورا بارزا في‬ ‫تلك األيام العصيبة وجنح بني «التخفي والنفي»‬ ‫في احلفاظ على حريته وبقاء حركته ومواصلة إدارة‬ ‫املواجهة في وضع حرج‪.‬‬

‫حمادي اجلبالي‪ ..‬تونس تختبر حكم اإلسالميني‬

‫املبتسم أبدا‬

‫بعد انقالب بن علي األبيض في ‪ 7‬نوفمبر ‪1987‬‬ ‫الذي أطاح بحكم بورقيبة اعترض اجلبالي لدى‬ ‫القضاء على احلكم الصادر ضده وعرفت احلركة فترة‬ ‫«هدنة» مع رئيس جديد اتضح في ما بعد أنه يضمر‬ ‫عكس ما يظهر‪.‬‬ ‫تولى اجلبالي رئاسة حترير جريدة الفجر التي كانت‬ ‫لسان حركة النهضة منذ صدورها حتى اعتقل‬ ‫وأوقفت اجلريدة عن الصدور بعد قرابة سنة‪.‬‬ ‫حوكم أمام احملكمة العسكرية في سنة ‪1992‬‬ ‫وصدر ضده حكم بالسجن ‪ 15‬سنة سجنا منها‬ ‫‪ 10‬قضاها في «حبس انفرادي» رأى فيها الذل‬ ‫واملهانة وكل صنوف التعذيب اجلسدي والنفسي‪.‬‬ ‫خاض خالل عام ‪ 2002‬إضرابا عن الطعام احتجاجا‬ ‫على ظروف سجنه‪ ،‬ثم أطلق سراحه في فبراير‪/‬‬ ‫شباط ‪.2006‬‬

‫ليس مبالغة اذا اعتبرنا أن جناحه وحكومته يعني جناح كل احلركات اإلسالمية‬ ‫التي تتصدر املشهد في بلدان الربيع العربي‪ ،‬وفشله وخيارات حكومته يعني‬ ‫فشل بل وأد جتربة االسالميني في احلكم‪ ،‬رمبا إلى األبد‪ .‬حمادي اجلبالي‪ ،‬أول رئيس‬ ‫حكومة منتخب من حزب ذي مرجعية إسالمية في أول بلد شهد ثورة ومنه بدأ‬ ‫كل شيء‪ .‬شهران ونيف من حكم حزب حركة النهضة حلكومة ائتالف في تونس بعد جناح الثورة‪ ،‬وبعد أول انتخابات دميقراطية‬ ‫تغير!‬ ‫وتعددية حقيقية‪ ،‬وجد حمادي اجلبالي نفسه املرشح‬ ‫تغير وال شيء ّ‬ ‫ما بعد زين العابدين ين علي‪ ،‬كل شيء ّ‬ ‫اجلبالي‪ ،‬الوزير األول املؤقت كما يحلو لإلعالم املناهض‬ ‫يتحمل مسؤولية ثقيلة‬ ‫حلركة النهضة أن‬ ‫يسميه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫في تونس التي لم تعرف منذ استقاللها في العام‬ ‫‪ 1956‬غير رئيسني‪ .‬فقد حكم الزعيم الراحل‬ ‫احلبيب بورقيبة تونس منذ االستقالل والى غاية‬ ‫«تنحيته» في انقالب أبيض على يد زين العابدين‬ ‫بن علي في ‪ ،1987‬وهذا األخير بقي في السلطة‬ ‫حتى هروبه في ‪ 14‬يناير ‪.2011‬‬ ‫‪ 55‬عاما من حكم الرجل الواحد واحلزب الواحد‪.‬‬ ‫‪ 55‬عاما من تكميم األفواه وسلب احلريات وغياب‬ ‫للدميقراطية‪ ،‬لذلك فإن جناح حمادي اجلبالي‪ ،‬إذا‬ ‫ما جنح‪ ،‬سيكون قد خلق منوذجا ميكن للمنطقة‬ ‫بأسرها أن حتذو حذوه‪ .‬ولكنه إذا ما أخفق‪ ،‬فسوف‬ ‫يجد اخملتلفون مع اإلسالم السياسي احلجة التي‬ ‫‪44‬‬

‫تؤكد أن اإلسالم السياسي ال يدعم الدميقراطية‪ ،‬بل‬ ‫وال يصلح لها‪.‬‬ ‫مهندس «الطاقة الشمسية» حمادي اجلبالي هو‬ ‫من مواليد مدينة سوسة التونسية الساحلية‪.‬‬ ‫التحق بحركة النهضة اإلسالمية منذ بداية‬ ‫الثمانينات‪ .‬عُ رف في احلياة السياسية التونسية‬ ‫بعد اعتقال القيادة التاريخية حلركة االجتاه اإلسالمي‬ ‫ومحاكمتها سنة ‪ . 1981‬وقد انتخبه مجلس‬ ‫الشورى في سنة ‪ 1982‬رئيسا للحركة‪.‬‬ ‫برز اسمه كأحد قادة احلركة االسالمية في تونس‬ ‫ألول مرة يوم ‪ 19‬يناير ‪ 1983‬في بيان حلركة االجتاه‬ ‫اإلسالمي (النهضة حاليا) ممضى باسمه بصفته‬ ‫أمينا عاما معلنا عن تشكيل املكتب التنفيذي‬

‫لرئاسة الوزراء بصفته أمني عام حزب حركة النهضة‬ ‫الفائز في االنتخابات‪ .‬تشكل في تونس «ائتالف»‬ ‫حكومي بني حركة النهضة االسالمية التي يرأسها‬ ‫راشد الغنوشي والتكتل الدميقراطي من أجل العمل‬ ‫واحلريات برئاسة مصطفى بن جعفر (رئيس اجمللس‬ ‫التأسيسي) وحزب املؤمتر من أجل اجلمهورية بزعامة‬ ‫املنصف املرزوقي (رئيس اجلمهورية)‪.‬‬ ‫فقد فاز حزب حركة النهضة في االنتخابات مبا يزيد‬ ‫على ‪ 40‬في املائة من مقاعد اجمللس التأسيسي الذي‬ ‫مهمته الرئيسة وضع دستور جديد لتونس‪.‬‬

‫وعن الفوز الكبير حلزب اسالمي في بلد عربي شهد‬ ‫ثورة قال اجلبالي ان اختيار جزء هام من الشعب‬ ‫التونسي للحركة «ينم عن ثقة كبرى في برنامجها‬ ‫وسعيها اجلاد إلى خدمته والنهوض بالقطاعات‬ ‫التي تعاني مشاكل كبيرة» مؤيدا في الوقت نفسه‬ ‫بعض التفسيرات التي تقول ان من «اختار احلركة‬


‫ املرأة نصف اجملتمع ومن دون مشاركتها ال ميكن‬‫أن يحدث تغيير اجتماعي‪ ،‬فقد تبنت املرأة دور‬ ‫الناشطة وال ميكن ألي حدث هام أن يقع دون‬ ‫مشاركتها وموافقتها ولكني أجد من املؤلم أن‬ ‫ال حتصل املرأة على حقوقها رغم دورها الكبير‬ ‫في تقدم الدول اإلسالمية‪ .‬وهنا أشير إلى الثورة‬ ‫اإليرانية؛ عندما وقفت املرأة جنبا إلى جنب مع‬ ‫الرجل حيث اعتقلت وقتلت وسجنت ولكن‬ ‫بعد الثورة وضعت قوانني متييز ضد املرأة تنتهك‬ ‫حقوقها اإلنسانية‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تخشني انتهاك حقوق املرأة في‬ ‫ظل احلكومات احملافظة اجلديدة‪ ،‬أم ترين أن‬ ‫النظام اإلسالمي أفضل مقارنة «بالبلطجة»‬ ‫التي وقعت عند ضرب املتظاهرات ضد اجمللس‬ ‫األعلى للقوات املسلحة في مصر؟‬ ‫ لقد حاولنا تقدمي تفسيرات متعددة لإلسالم‬‫قبل وضع القوانني في إيران‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫رفض احلكومة اإليرانية سماع أصواتنا‪ ،‬ميكننا‬ ‫القول إن دول شمال أفريقيا تهتم بزوايا عديدة‬ ‫ملوضوع واحد‪ ،‬فعلى سبيل املثال يختلف تفسير‬ ‫آية اهلل حسني علي منتظري لإلسالم متاما‬ ‫عن املمارسات الرسمية للحكومة‪ .‬وقد وقعت‬ ‫صراعات كبيرة حول حقوق البهائيني وميكن أن‬ ‫نأخذ قضيتهم كمثال جيد‪ ،‬ففي الوقت الذي‬ ‫رفضت فيه احلكومة منح حقوق تعليمية‬ ‫للبهائيني أصدر منتظري حكما وأعلن أن احلقوق‬ ‫املدنية واإلسالمية تشمل البهائيني في إيران‪.‬‬ ‫والنقطة املهمة هنا هي أنه بعيدا عن فصل‬ ‫الدين عن احلكومة يجب أن نقدم تفسيرات‬ ‫مختلفة لإلسالم ويجب أن يكون الشعب قادرا‬ ‫على االختيار بني التفسيرات املتاحة وفقا للوقت‬ ‫واملوقف‪ .‬وميكن أن تساعد تلك املناهج الثقافية‬ ‫املسلمني على معرفة حقوقهم وإدراك حقيقة أن‬ ‫ليس كل ما تقوم به احلكومة حتت اسم اإلسالم‬ ‫هو إسالمي وأنهم ال ميلكون مفاتيح اجلنة‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬تزداد أزمة العنف في سوريا كل يوم‬ ‫وال بد من أنك تشعرين بالقلق إزاء ما يحدث‬ ‫هناك‪ ،‬فالعنف ضد مبادئك‪ ،‬كيف برأيك سيؤثر‬ ‫إسقاط نظام األسد على إيران؟‬ ‫ يصبح للشعب تأثير على الدول األخرى‬‫عندما يتخلص من الديكتاتورية وتصبح بالده‬ ‫دميقراطية فكل األشياء ترتبط ببعضها البعض‬ ‫في هذا العالم الذي أصبح قرية عاملية وسوف‬ ‫يؤثر إرساء الدميقراطية في املنطقة بال شك‬ ‫على العملية الدميقراطية في إيران‪ ،‬خاصة أن‬ ‫سوريا‪ ،‬من بني كل دول املنطقة‪ ،‬تتمتع مبنزلة‬ ‫خاصة بالنسبة لإليرانيني‪ ،‬سوريا ليست مجرد‬ ‫صديقة جلمهورية إيران اإلسالمية ولكنها‬ ‫أيضا دمية حتركها احلكومة اإليرانية ودائما ما‬ ‫نسمع املسؤولني اإليرانيني يصفون احلكومة‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫بعد جناح الثورة‪ ..‬كل شيء تغير في ايران‬

‫السورية وحزب اهلل اللبناني كخطني أحمرين‬ ‫في السياسة اخلارجية للبالد‪ ،‬وتدعم إيران إدارة‬ ‫بشار األسد ماليا وهي األموال التي تستخدم‬ ‫في قمع احتجاجات الشعب‪ ،‬وتنتشر على موقع‬ ‫«اليوتيوب» مقاطع فيديو للشعب السوري وهو‬ ‫يحرق العلم اإليراني ويرفع شعارات مناهضة‬ ‫إليران التي تدعم سوريا في الوقت الذي أدارت‬ ‫فيه اجلامعة العربية ظهرها للبالد‪ ،‬ولم تفعل‬ ‫شيئا سوى أنها طلبت من األسد وقف اجملزرة‬ ‫املستمرة‪ .‬إذا سقط األسد وإذا ما تسلمت‬ ‫حكومة دميقراطية منتخبة مقاليد السلطة‬ ‫في البالد‪ ،‬لن تكون تلك احلكومة الدميقراطية‬ ‫مستعدة لتصبح دمية في يد أية دولة أخرى‪.‬‬ ‫بالطبع ستفقد إيران أحد أقرب حلفائها في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬هل تغيرين موقفك جتاه مالحقة‬ ‫الطاقة النووية في إيران؟ أليس ذلك حقا وطنيا‬

‫أمتنى أن تكون شعوب الشرق‬ ‫األوسط قد تعلمت الدرس من‬ ‫مصير إيران‪ .‬فالثورة ليست‬ ‫مجرد إسقاط ديكتاتور‪ ،‬إن‬ ‫األسباب الرئيسية للثورة هي‬ ‫حتقيق مكتسباتها الدميقراطية‬ ‫وإضفاء الطابع املؤسسي‪.‬‬

‫وفقا ملفاهيم االعتزاز الوطني؟‬ ‫ تصر إيران على أن برنامجها النووي هو برنامج‬‫مدني يهدف إلى توليد الكهرباء لألغراض املدنية‬ ‫وال أستطيع التعليق على مدى صحة هذا الزعم‪،‬‬ ‫طاملا أن سياسات احلكومة اإليرانية تتم حياكتها‬ ‫خلف األبواب املغلقة وبعيدا عن رقابة املواطنني‪،‬‬ ‫ومع ذلك أعتقد أن البرنامج إن كان سلميا فهو ال‬ ‫يزال غير ضروري فإيران تتمتع بإمكانيات كبيرة من‬ ‫طاقة الرياح والطاقة الشمسية وكالهما أرخص‬ ‫من الطاقة النووية‪ .‬وميكن إليران إنشاء مصانع‬ ‫بطاقة نظيفة وبتكلفة قليلة‪ .‬ويبدو أن إنشاء‬ ‫مصنع بيشاور النووي كان آخر اإلجنازات النووية‬ ‫إليران‪ ،‬وهو ما أجده خطرا‪ ،‬ألن إيران تقع في حزام‬ ‫جبال األلب‪ ،‬ثاني أكثر مناطق النشاط الزلزالي‬ ‫في العالم‪ .‬وإذا ما وقع زلزال قوي في جنوب‬ ‫إيران سنواجه ما هو أسوأ من كارثة فوكوشيما‬ ‫النووية‪ .‬وهنا علي أن أطرح سؤاال‪ :‬كيف نقرر‬ ‫البدء في إنشاء مصنعنا النووي حتت تلك الظروف‬ ‫بينما تقرر دول مثل أملانيا غلق مصانعها النووية‬ ‫ألسباب بيئية؟‬ ‫«اجمللة»‪ :‬أقر املرشحون اإلصالحيون بعدم‬ ‫شرعية االنتخابات التشريعية لهذا العام‬ ‫فهل من احلكمة قيام املعارضني مبخاطرة‬ ‫محسوبة ومقاطعة االنتخابات وبالتالي‬ ‫االنسحاب من النظام؟‬ ‫ أنا شخصيا لم أصوت في أي انتخابات منذ‬‫االنتخابات البرملانية التي أجريت عام ‪ 2000‬ولن‬ ‫أصوت في هذه االنتخابات أيضا‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫دائما مستقبال وعلى الشعب أن يحث احلكومات‬ ‫بطريقة سلمية على االلتفات ملطالبه >‬

‫‪43‬‬


‫شيرين عبادي‪ :‬الثورة ليست مجرد إسقاط ديكتاتور‬

‫صناعة األمل‬

‫تتحدث شيرين عبادي احملامية املدافعة عن حقوق اإلنسان‪ ،‬واإليرانية احلائزة على جائزة نوبل للسالم لـ«اجمللة» عن العالقة‬ ‫بني الدين والسياسة ودور املرأة في ثورات الربيع العربي‪ ،‬وبرنامج إيران النووي املثير للجدل‪ ،‬واألزمة السورية املتواصلة‪ ،‬ولم‬ ‫تفصح الناشطة املنفية عن الكثير بشأن االنتخابات التشريعية القادمة في إيران‪ ،‬وفي هذا احلوار الذي حتدثت فيه عن‬ ‫الشأن اإليراني‪ ،‬تؤكد عبادي أنه يجب أن يتمتع الشعب بحرية التعبير عن إميانه بطريقة ال تنتهك حقوقه املدنية بقدر ما‬ ‫يجب التفريق الواضح بني الدين والسياسة‪.‬‬ ‫تقول شيرين عبادي «خالل األعوام‬ ‫الثالثة والعشرين املاضية‪ ،‬ومنذ‬ ‫اليوم الذي ُجردت فيه من‬ ‫وظيفتي القضائية وحتى‬ ‫سنوات النزاع في احملاكم‬ ‫الثورية في طهران‪،‬‬ ‫كنت أكرر عبارة واحدة‪:‬‬ ‫إن تفسير اإلسالم‬ ‫املتسق مع املساواة‬ ‫والدميقراطية هو التعبير‬ ‫احلقيقي عن اإلميان‪ .‬ليس‬ ‫الدين هو ما يقيد املرأة‬ ‫ولكنها تعاليم بعينها‬ ‫ينتقيها هؤالء الذين‬ ‫يرغبون في أن حتيا املرأة‬ ‫بطريقة معينة‪ .‬وقد‬ ‫عزز هذا االعتقاد عملي‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى قناعتي بأن‬ ‫التغيير في إيران يجب أن‬ ‫يحدث بشكل سلمي ومن‬ ‫الداخل»‪.‬‬

‫«اجمللة»‪ :‬في سياق هذه العبارة من كتابك‬ ‫«الصحوة اإليرانية» كيف ترين السيادة الوليدة‬ ‫لإلسالم السياسي في شمال أفريقيا؟‬ ‫ أمتنى أن تكون شعوب الشرق األوسط قد‬‫تعلمت الدرس من مصير إيران‪ .‬فالثورة ليست‬ ‫مجرد إسقاط ديكتاتور‪ ،‬إن األسباب الرئيسية‬ ‫للثورة هي حتقيق مكتسباتها الدميقراطية‬ ‫وإضفاء الطابع املؤسسي‪ .‬وقد يكون الوقت ما زال‬ ‫مبكرا للغاية ملعرفة النتيجة‪ ،‬وفي هذه املرحلة‬ ‫نرى األحزاب اإلسالمية تفوز باالنتخابات في شمال‬ ‫أفريقيا وأعتقد أنه يجب أال تختلط اآليديولوجيات‬ ‫الدينية أو الطائفية بالسياسة‪ .‬وعلى هؤالء الذين‬ ‫يحصلون على السلطة أن يعرفوا أنه يجب أن‬ ‫يستمعوا للشعب ومتطلباته التي قد تتغير في‬ ‫املستقبل‪ ،‬ومع ذلك ال يستطيع الناس التعبير عن‬ ‫مطالبهم اخملتلفة في ظل إدارة تقوم على الدين‪.‬‬ ‫وفي إطار هذا النظام‪ ،‬يتحول الدين ‪ -‬مبا في ذلك‬ ‫اإلسالم ‪ -‬إلى أداة خلدمة مصالح شخصية وميكن‬ ‫لألفراد في السلطة أن يبرروا استخدام العنف‬ ‫باسم الدين فهم يلتزمون بتفسير معني للدين‬ ‫يضمن سلطتهم وأعتقد أن أول شرط لتحقيق‬ ‫نظام دميقراطي هو وضع مبادئ حلكومة خالية‬ ‫من التفسيرات الدينية‪ .‬وقد فاز اإلسالميون‬ ‫باالنتخابات في مصر وتونس ومع ذلك ال ميكن‬ ‫أن يسمح االنتصار االنتخابي لألغلبية بفرض‬ ‫معتقداتهم على األقليات‪ ،‬فالدميقراطية ال تعني‬ ‫حكومة األغلبية ولكنها تعني اهتمام احلكومة‬ ‫بحقوق األقليات‪.‬‬ ‫«اجمللة»‪ :‬وماذا عن دور املرأة الناشطة في‬ ‫ثورات الربيع العربي؟‬

‫‪42‬‬


AN AMERICAN EDUCATION A BRITISH SETTING A GLOBAL FUTUR E A Since the 1970’s Richmond has been educating leading Middle Eastern families. Richmond’s unique style of personalised higher education ensures that students leave us with a dually accredited degree, that is recognised in the UK, the USA and worldwide.

+44 20 8133 2877 • enroll@richmond.ac.uk Visit www.richmond.ac.uk/al-majalla today to download our catalog and viewbook.


‫مبارك لسعد الدين ابراهيم‪« :‬سوزان كانت بتحكيلي مشاغباتك معها وأنا كنت مبسوط»‬

‫أحداث وزارة الداخلية ومجلس الوزراء‪ ،‬أو إمبابة‬ ‫أو ماسبيرو‪ ،‬بينما وجدناهم في املقابل «شدوا‬ ‫حيلهم قوي» على منظمات اجملتمع املدني «طيب‬ ‫إشمعنا بقى!!» وهذا يسمونه في علم النفس‬ ‫«البحث عن كباش فداء» فأثار اجمللس هذا املوضوع‬ ‫لشغل الناس به‪ ،‬وإثارة أحقاد املصريني ضدهم‪.‬‬ ‫اختطاف الثورة‬ ‫>هل تقبل وجود حكومة من اإلخوان بحكم‬ ‫أغلبيتهم في البرملان؟‬ ‫ـ اإلخوان لم يشتركوا في الثورة‪ ،‬إال بعد خمسة‬ ‫أيام‪ .‬أما السلفيون فلم يشاركوا نهائيا‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فاإلسالميون هم الذين اختطفوا الثورة‪ ،‬وهذه‬ ‫ليست أول مرة‪ ،‬ألن اختطاف الثورات له سوابق في‬ ‫التاريخ‪ ،‬كما حدث في الثورة البلشفية في روسيا‬ ‫عام ‪ ،1917‬وكذلك الثورة اإليرانية ضد الشاه‬ ‫عام ‪ .1979‬وفي الثورة املصرية أخطأ الثوار بعدم‬ ‫مسارعتهم بتشكيل أحزاب‪ ،‬وألنهم كانوا أطهارا‬ ‫لم يفكروا في السلطة‪ ،‬بل كانوا يرفضونها‪،‬‬ ‫وبالتالي فهم تركوا امليدان قبل أن تكتمل الثورة‬ ‫وهذا كان خطأ كبيرا‪.‬‬ ‫>هل توافق على منح اإلخوان الفرصة؟‬ ‫ـ نعم فأنا مع إعطاء كل فرد فرصة‪ ،‬ألني أفترض‬ ‫في اجلميع حسن النية والوطنية واإلخالص‪ ،‬إلى أن‬ ‫يثبت العكس‪ ،‬والعكس يثبت بحكم قضائي بات‬ ‫ونهائي‪ .‬وأرجو أن تختفي لهجة التشكيك في‬ ‫اآلخر من دون دليل‪ ،‬ومن حق اإلسالميني أن يأخذوا‬ ‫فرصتهم‪ ،‬ولكن عليهم أن يحترموا قواعد اللعبة‪.‬‬ ‫> هل أنت متفائل مبستقبل مصر في ظل‬ ‫سيطرة اإلخوان؟‬ ‫ـ نعم‪ ،‬ألني أعتقد أنهم سيستمدون القدوة‬ ‫الصاحلة من تركيا‪ ،‬وحزب العدالة والتنمية التركي‬ ‫أجنز إجنازات عظيمة‪ ،‬ووضع تركيا في مقدمة الدول‬ ‫االقتصادية الكبرى في العالم‪.‬‬ ‫لقاء سري‬ ‫> هل تعتقد بوجود تواصل بني أميركا وبني‬

‫‪40‬‬

‫اإلسالميني؟‬ ‫ـ طبعا‪ .‬بدليل زيارتهم ملقر اإلسالميني‪ .‬وأذكر‬ ‫أثناء سجني كان الدبلوماسيون األجانب يزورونني‬ ‫ويسألونني عما أراه في السجن‪ ،‬فحاول بعضهم‬ ‫االلتقاء مبساجني من اإلسالميني‪ ،‬لكن إدارة‬ ‫السجن رفضت بناء على أوامر الداخلية‪ .‬وعند‬ ‫خروجي من السجن قال لي اإلخوان املساجني‬ ‫«نحن لنا إخوان خارج السجن‪ ،‬فساعدهم أن‬ ‫يتحاوروا مع الدبلوماسيني األجانب»‪ ،‬وفعال عقدت‬ ‫‪ 3‬حوارات لإلسالميني مع الدبلوماسيني األجانب‬ ‫في النادي السويسري بامبابة ـ حي شعبي قرب‬ ‫القاهرة ـ وكان ذلك بحضور كل من الدكتور عبد‬ ‫املنعم أبو الفتوح‪ ،‬والدكتور عصام العريان‪ ،‬واملفكر‬ ‫جمال البنا‪ ،‬الشقيق األصغر حلسن البنا‪.‬‬ ‫> وماذا دار في هذه اللقاءات؟‬ ‫ـ نفس ما يثار اآلن عن مواقف اإلسالميني من‬ ‫األقباط واملرأة‪ ،‬وموقفهم من اإلبداع والفنون‪،‬‬ ‫وموقفهم من الغرب وإسرائيل‪ ،‬وكانت ردود اإلخوان‬ ‫مطمئنة للغرب في كل شيء‪ .‬وكذلك ما يحدث‬ ‫اآلن من اإلخوان يطمئن الغرب‪ ،‬بأنه لن حتدث هزات‬ ‫في مصر‪.‬‬ ‫خماسني الربيع العربي‬ ‫> كيف تقيم الثورات العربية في ظل سيطرة‬ ‫عسكرية في بعضها‪ ،‬وسيطرة إسالمية في دول‬ ‫أخرى‪ ،‬وحاالت فوضى في مناطق عربية ثالثة؟‬ ‫ـ هذا األمر يسمونه في أدبيات السياسة الغربية‬ ‫بالربيع العربي‪ ،‬فهو بالفعل ربيع عربي‪ ،‬ففي‬ ‫الربيع نعتاد على هبوب رياح اخلماسني‪ ،‬وما يحدث‬ ‫اآلن على الساحة العربية من كبوات‪ ،‬هو أشبه‬ ‫باخلماسني داخل الربيع العربي‪ .‬لكن عندما‬ ‫نقيم املشهد العربي ككل‪ ،‬جند أن املوضوع يسير‬ ‫بسالسة جدا في تونس‪ ،‬ونصف سلس في كل‬ ‫من مصر وليبيا‪ ،‬وثلثي سلس في اليمن‪ ،‬وربع‬ ‫سلس في سوريا‪ ،‬ولكن بشكل عام جند أن الثورات‬ ‫العربية كلها متثل الربيع العربي‪ ،‬وقد نقلت‬ ‫العالم العربي‪ ،‬نقلة غير مسبوقة‪ ،‬ألن الثورات‬

‫تأخرت ‪ 12‬سنة‪.‬‬ ‫> ملاذا؟‬ ‫ـ ألنه في نهايات الثمانينات وبداية التسعينات‪،‬‬ ‫شهد العالم حتوالت كبيرة جدا في شرق أوروبا‬ ‫ووسطها وأميركا الالتينية وشرق آسيا ماعدا‬ ‫العالم العربي‪ ،‬وهو ما جعل املستشرقني‬ ‫يستخدمون تعبيرا جديدا ظل سائدا ملدة ‪12‬‬ ‫سنة وهو «االستثنائية العربية» أي ما حدث‬ ‫وصل للعالم كله‪ ،‬إال املنطقة العربية‪ ،‬وكأن‬ ‫العرب مخلوقات أقل عقال ودينا وإحساسا‪ ،‬وكنت‬ ‫أحاول مقاومة هذه النزعة االستشراقية في حتليل‬ ‫تلكؤ الدميقراطية في العالم العربي‪ ،‬ودافعت‬ ‫باستماتة حلساسية املوضوع بالنسبة لنا كعرب‪،‬‬ ‫حتى حتركت األمور تدريجيا‪.‬‬ ‫>هل تعتقد بوجود عالقة بني ما يحدث في‬ ‫العالم العربي اآلن‪ ،‬والفوضى اخلالقة التي دعت‬ ‫إليها رايس وزيرة اخلارجية األميركية السابقة؟‬ ‫ـ ال‪ ،‬ال‪ .‬فوضى خالقة في أي شيء؟! أميركا بعيدة‬ ‫عن ذلك كله‪ .‬لكن ما حدث هو وليد إحساس‬ ‫الشعوب العربية بالقهر من مدة طويلة‪ ،‬لكن‬ ‫احلكام كانوا يستخدمون أسلوبني ملواجهة ذلك‬ ‫األول‪ :‬تشويه سمعة الثوار‪ .‬والثانية‪ :‬اختالق أعداء‬ ‫خارجيني وفزاعات خارجية كإسرائيل مثال‪ ،‬وذلك‬ ‫كله لتأخير التغيير‪ ،‬كما كانت املؤسسة األمنية‬ ‫عنيفة جدا في التعامل مع الناس‪ ،‬مما أدى إلى خلق‬ ‫حاجز خوف ضخم جدا‪ ،‬فكانت املعارضة الفردية‬ ‫أشبه مبن يلقي طوبة صغيرة ال ميكنها تدميره‪.‬‬ ‫ولكن ما فعلته الثورات أنها حطمت حاجز اخلوف‬ ‫بالكامل‪ ،‬وعندما تتحطم هذه احلواجز‪ ،‬يبقى‬ ‫الركام واألتربة وبواقي التكسير‪ ،‬وهذا هو ما‬ ‫نعيشه اآلن‪ ،‬وبسببه لم نستشعربقيمة الثورة‪.‬‬ ‫ما بعد اجلملوكية‬ ‫> بعد مقالك الشهير من ‪ 15‬سنة عن‬ ‫اجلملوكية والتنبؤ بتحول اجلمهوريات إلى‬ ‫ملكيات مباذا تتنبأ عن املستقبل؟ وهل ما يحدث‬ ‫اآلن هو بداية لسقوط اجلمهوريات في العالم؟‬ ‫ـ أوال عدد اجلمهوريات يتزايد في العالم‪ .‬أما‬ ‫اجلملوكيات فحتى اآلن مازال عندنا ثالث منها‬ ‫إحداها في كوريا الشمالية‪ ،‬وثانيها في أحد بلدان‬ ‫الكاريبي والثالثة هي سوريا‪.‬‬ ‫>هل تسقط اجلملوكية السورية قريبا؟‬ ‫ـ أتوقع أنها ستقع قريبا من الداخل‪ ،‬ومن دون‬ ‫تدخل عسكري خارجي‪ ،‬ألن املعارضني أنفسهم‬ ‫يرفضون التدخل األجنبي‪ ،‬وكل ما يطلبونه هو‬ ‫احلظر على الطيران‪ ،‬ووقف السالح والتمويل‬ ‫للحكومة السورية احلالية‪.‬‬ ‫> كيف ترى املستقبل العربي بعد قيام‬ ‫الثورات فيها؟‬ ‫ـ املوجة الرابعة للثورات في العالم‪ ،‬واخلاصة‬ ‫باملنطقة العربية‪ ،‬أتوقع أن تكتمل الدائرة لنقضي‬ ‫على مسمى االستثنائية العربية‪ ،‬بل ان ثوراتهم‬ ‫ستقتدي بها شعوب البلدان األخرى التي لم متر‬ ‫بها هذه املوجة >‬

‫أجرى احلوار‪ :‬صفاء عزب‬


‫ورفضي االستسالم‪ ،‬وكان من املمكن أن أستسلم‬ ‫بسهولة‪ ،‬خاصة أن هناك ثالثة من األسرة التي‬ ‫كانت حاكمة في مصر‪ ،‬كانوا تالمذتي‪ ،‬والرئيس‬ ‫نفسه كان يعرفني‪ .‬فأنا كنت أستاذا لعالء وجمال‬ ‫مبارك وأمهما سوزان مبارك‪ ،‬التي عملت معي‬ ‫املاجستير‪.‬‬ ‫> كيف حدث االنقالب في عالقتك بأسرة‬ ‫مبارك حتى انتهت بسجنك؟‬ ‫ـ هم كانوا مهذبني معي وأوفياء‪ ،‬إلى أن كتبت‬ ‫موضوع اجلملوكية‪ ،‬والذي قلب الدنيا رأسا على‬ ‫عقب ألني حتدثت فيه عن التوريث‪ ،‬وطبعا أغضب‬ ‫ذلك مبارك بشدة‪ ،‬وطلب من سوزان أن تختار بني‬ ‫زوجها وأستاذها‪ ،‬فاختارت مبارك طبعا‪ ،‬وقالت له‬ ‫افعل ما تشاء‪ ،‬مما يدل أنهم كانوا عامال ملطفا‪ ،‬وإال‬ ‫كان العقاب أشد بكثير مما تعرضت له في السجن‪.‬‬ ‫> إذا كان األمر كذلك‪ ،‬فلماذا قبلت دخول عش‬ ‫الدبابير‪ ،‬وتعاملت مع أسرة مبارك؟‬ ‫ـ أوال هي التي قررت أن تكون تلميذة عندي باجلامعة‬ ‫األميركية‪ ،‬وبالطبع كان من املمكن أن أرفض‪ ،‬لكني‬ ‫لم أعرف حقيقة سوزان مبارك إال بعد سنة من‬ ‫تتلمذها على يدي‪ ،‬فقد كانت وقتها زوجة نائب‬ ‫الرئيس السادات‪ ،‬وكانت تتعامل معنا باسم‬ ‫سوزان صالح ثابت‪ ،‬حتى شاءت الصدفة في إحدى‬ ‫املناقشات أن أكتشف األمر من زمالئها الطالب‪.‬‬ ‫وأعترف أنني أكبرت فيها أنها لم تستغل منصب‬ ‫زوجها أبدا‪.‬‬ ‫> هل تذكر أول مرة التقيت فيها الرئيس‬ ‫مبارك؟‬ ‫ـ التقيت به وهو نائب رئيس‪ ،‬وكان في حفل تخرج‬ ‫أجرته سوزان مبارك بعد تخرجها‪ ،‬ودعتني ضمن‬ ‫أساتذتها املدعوين في بيتها‪ ،‬وكانت أول مرة ألتقي‬ ‫فيها حسني مبارك شخصيا‪ ،‬وجتاذب معي أطراف‬ ‫احلديث عن مناقشاتي ومشاغباتي مع سوزان في‬ ‫اجلامعة‪ ،‬قبل أن أعرف من هي‪ ،‬وقال لي‪« :‬سوزان‬ ‫كانت بتحكيلي مشاغباتك معها وأنا كنت‬ ‫مبسوط»‪ .‬ومن هنا بدأت العالقة بأسرة مبارك‪،‬‬ ‫وكلما كانت هناك أشياء يحتاجها هو‪ ،‬كانت‬ ‫سوزان تقول لي‪« :‬سيادة النائب يطلب كذا»‪.‬‬ ‫> هل كانت شخصية مبارك ضعيفة كما‬ ‫يقال؟‬ ‫ـ ال‪ .‬هو فقط كان محدود القدرات الفكرية‬ ‫والعقلية‪ ،‬ولم يكن مبدعا‪ ،‬وال يريد أن يكون‬ ‫كذلك‪ .‬وكان فقط يريد أن يدير البلد بالطريقة‬ ‫التي «حتركها بالكاد» كأي واحد بيروقراطي ملتزم‬ ‫بأصول الوظيفة‪ ،‬بحيث يؤدي وظيفته على أكمل‬ ‫وجه‪ .‬وأحيانا كان يداعبني ويهددني بأن يعينني‬ ‫وزيرا فأرفض على الفور بطريق املداعبة أيضا‪،‬‬ ‫فيرد قائال‪ :‬أعرف أن مرتب الوزير هنا أقل بكثير من‬ ‫مرتبك في اجلامعة يا دكتور!‬ ‫محاولة اغتيال‬ ‫> هل شعرت بالندم بعد كتابة مقال‬ ‫«اجلملوكية» ودفعت ثمنها غاليا؟‬ ‫ـ ال‪ .‬لم أندم‪ ،‬إلمياني العميق بأن من يتعرض للعمل‬ ‫العام البد أن يتحمل مشاكله‪ ،‬وإال يخرج من هذه‬ ‫الدائرة‪ ،‬كما يتعرض لهجوم‪ ،‬وأحيانا لتشويه‬ ‫السمعة‪ ،‬ورمبا يتعرض الغتيال أيضا‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫> هل تعرضت فعال حملاولة اغتيال؟‬ ‫ـ بالفعل تعرضت لالغتيال في عام ‪ ،1999‬وكان‬ ‫في السبت األخير من ديسمبر (كانون األول)‪ .‬في‬ ‫هذا اليوم قرأت مقاال مطوال في جريدة «أخبار‬ ‫اليوم» املصرية بعنوان‪« :‬رجل لكل العصور»‪،‬‬ ‫وإذا بي أجده كله هجوما على شخصي‪ ،‬واتهاما‬ ‫لي بأنني متلون‪ ،‬وحتولت من الناصرية للساداتية‬ ‫وزرت إسرائيل‪ ،‬وانني اشتغلت مع ملوك وأميرات‪.‬‬ ‫وفي نهاية ذلك اليوم وأثناء عودتي لبيتي من املركز‪،‬‬ ‫وأنا أجلس خلف سائق سيارتي فوجئت بانقالب‬ ‫السيارة‪ ،‬ولم أشعر بنفسي إال وأنا في املستشفى‪،‬‬ ‫ضيقت عليه‪،‬‬ ‫واتضح من كالم السائق أن شاحنة ّ‬ ‫حتى اضطر للدخول في عمود كهرباء‪ ،‬وهرب سائق‬ ‫الشاحنة‪ ،‬وبدت احلادثة كأنها قضاء وقدر‪.‬‬ ‫> كيف عرفت أنها مدبرة؟‬ ‫ـ كانت هناك واقعة طريفة جدا في أعقاب ذلك‬ ‫احلادث‪ ،‬فبعد أن كتبت الصحف عن احلادث‪ ،‬زارني‬ ‫شخصان أحدهما صديق مغربي هو الكاتب‬ ‫الكبير (الراحل) محمد عابد اجلابري‪ ،‬ومعه عادل‬ ‫حسني من حزب العمل عم مجدي حسني مرشح‬ ‫الرئاسة احملتمل حاليا‪ ،‬والذي أكد لي وقتها إن‬ ‫احلادث مدبر‪ ،‬ألنه نفسه تعرض حلادث مشابه‪،‬‬ ‫كما تعرض له أيضا رئيس حترير جريدة «الوفد»‬ ‫املعارضة القوية أنذاك مصطفى شردي‪ .‬وأثناء‬ ‫حديث عادل حسني قال لي إن هناك ما يسمى بفرق‬ ‫املوت‪ ،‬وهي فرق خاصة داخل رئاسة اجلمهورية‪،‬‬ ‫أشبه باحلرس احلديدي‪ ،‬ملالحقة أي معارض ألسرة‬ ‫مبارك شخصيا‪ ،‬في تلك اللحظة وصلتني باقة‬ ‫ورد جميل من رئيس مباحث أمن الدولة‪ ،‬وأعقب‬ ‫ذلك مكاملة تليفونية منه قال فيها «حمد اهلل‬ ‫على السالمة يا دكتور‪ ،‬نحن نؤكد لك أن جهازنا‬ ‫ليس له عالقة باحلادث»! فسألته بتلقائية‪« :‬مني‬ ‫يا سيادة اللواء اللي له عالقة باحلادث؟»‪ ،‬فكان رده‬ ‫إنهاء سريع ومفاجئ للمكاملة‪ .‬وملا حكيت ما حدث‬ ‫لضيفي‪ ،‬تأكدنا نحن الثالثة أن احلادث كان مدبرا‬ ‫ّ‬ ‫فعال‪ ،‬وأن فرق املوت هي حقيقية‪ ،‬من مهمتها‬ ‫إهانة وإذالل من يتعرض ألسرة مبارك‪.‬‬

‫التمويل األجنبي‬ ‫> بحكم ما تعرض له مركز ابن خلدون‬ ‫لالتهامات والهجوم عليه‪ ،‬ما رأيك في قضية‬ ‫التمويل األجنبي املثارة على الساحة املصرية‪،‬‬ ‫ومت فيها القبض على بعض الشخصيات؟‬ ‫ـ أوال مركز ابن خلدون تعرض لتشويه السمعة‬ ‫والهجوم الشرس واتهام بالعمالة‪ ،‬ولكنه حصل‬ ‫على براءة من القضاء املصري‪ ،‬ولدي حيثيات احلكم‬ ‫كاملة‪ ،‬وال أحد ميكنه التشكيك في هذه البراءة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لقضية التمويل األجنبي فيمكن الرد‬ ‫عليها بثالثة عناصر أولها ان أكبر متلق لألموال من‬ ‫اخلارج‪ ،‬هما احلكومة املصرية واجليش املصري‪.‬‬ ‫>هل تقصد املعونة؟‬ ‫ـ نعم أليست متويال أجنبيا أم سماويا!؟‬ ‫> لكن ما يثير اجلدل هو التمويل األجنبي‬ ‫السري؟‬ ‫ـ إذا كانت هناك متويالت سرية‪ ،‬فليخبرونا مبا هو‬ ‫سري فيها‪ ،‬وإال كيف عرفوها لو كانت سرية! أما‬ ‫األمر الثاني فهو أن منظمات اجملتمع املدني‪ ،‬التي‬ ‫تتلقى متويال من الداخل أو اخلارج‪ ،‬فتخضع ألربع‬ ‫جهات رقابية أولها اجلهاز املركزي للمحاسبات‪،‬‬ ‫واجلهة الثانية هي مصلحة الضرائب‪ ،‬والثالثة‬ ‫هي مجلس إدارة اجلمعية‪ ،‬ثم اجلهة الرابعة‪ ،‬وهي‬ ‫اجلهة املانحة نفسها‪ ،‬وهنا يثار التساؤل املهم‪:‬‬ ‫ماذا يفعلون بهذا التمويل‪ ،‬وهل يخضع للرقابة أم‬ ‫ال؟ وفي املقابل يجب أن نعرف من الذي يحاسب‬ ‫املؤسسة العسكرية‪ ،‬على ما تتلقاه من أموال‪،‬‬ ‫وهي أحد املشاكل الرئيسية في كتابة الدستور‪،‬‬ ‫ألنهم اعتادوا أال يحاسبهم أحد‪.‬‬ ‫> إذا كان األمر كذلك‪ ،‬ففي رأيك ما سبب إثارة‬ ‫هذه القضية اآلن؟‬ ‫ـ دائما حجة البليد «مسح التختة» على رأي املثل‬ ‫الشهير‪ .‬فإذا كان اجمللس العسكري يحكم مصر‬ ‫منذ فبراير (شباط) عام ‪ ،2011‬فلماذا استغرق‬ ‫‪ 11‬شهرا ليكتشف هذه القضية؟! هذا سؤال‬ ‫إجابته أن تلك املنظمات‪ ،‬هي أكبر ناقد للمجلس‬ ‫العسكري وألدائه‪ ،‬وأكثر من يسلطون الضوء على‬ ‫سلبياته وتعثره‪ ،‬لذلك قرروا أن يؤدبوهم بتشويه‬ ‫سمعتهم‪.‬‬ ‫اجمللس العسكري‬ ‫>هل يعني ذلك عدم رضائك عن أداء اجمللس‬ ‫العسكري؟‬ ‫ـ ال شك أن هناك إيجابيات قاموا بها‪ ،‬ولكن كانت‬ ‫هناك سلبيات أكثر‪ ،‬فأذهبت سيئاتهم حسناتهم‪،‬‬ ‫والدليل على ذلك‪ ،‬املظاهرات املليونية التي طالبت‬ ‫بسقوط حكم العسكر‪ ،‬بعد أن ظلت املؤسسة‬ ‫العسكرية مبصر حتتفظ مبكانة عالية جدا‪ .‬ولذلك‬ ‫كتبت مقاال قلت فيه «ملاذا يصر اجمللس على‬ ‫القضاء على البقية الباقية من هيبته؟»‬ ‫> في رأيك ما أكبر خطأ للمجلس العسكري‪،‬‬ ‫أدى إلى تراجع شعبيته بهذا الشكل؟‬ ‫ـ أول شيء هو عدم قدرته على ضبط األمن في‬ ‫البالد‪ ،‬وادعاؤه في كل مصيبة حتدث‪ ،‬أن هناك طرفا‬ ‫خفيا وراءها‪ ،‬وهو الطرف الثالث الذي أصبح مثار‬ ‫تندر املصريني عليه‪ ،‬والى اآلن لم يسارعوا بالتحقيق‬ ‫في كل األحداث الساخنة السابقة‪ ،‬سواء في‬

‫‪39‬‬


‫سعد الدين إبراهيم‪« :‬فرق موت» رئاسة اجلمهورية حاولت اغتيالي بعد «اجلملوكية»‬

‫خماسني الربيع!‬

‫كشف الناشط السياسي د‪ .‬سعد الدين إبراهيم رئيس مركز بن خلدون‪ ،‬عن «فرق موت» كانت تابعة لرئاسة اجلمهورية‬ ‫ملعاقبة كل من يتعرض ألسرة الرئيس املصري السابق محمد حسني مبارك بأي نقد‪ ،‬وأكد في حوار خاص مع «اجمللة»‬ ‫بالقاهرة‪ ،‬أن هذه الفرق حاولت اغتياله عام ‪ ،1999‬بعد كتابته ملقاله الشهير «اجلملوكية» على صفحات «اجمللة» والذي‬ ‫تناول فيه موضوع التوريث‪ ،‬وتسبب في انقالب مبارك عليه‪ ،‬على الرغم من تتلمذ زوجة الرئيس سوزان وولديه عالء وجمال‬ ‫على يديه‪ .‬وقال إبراهيم إن مبارك كان محدود القدرات الفكرية والعقلية‪ ،‬وأدار مصر بطريقة البيروقراطي غير املبدع‪.‬‬ ‫كما شن سعد الدين إبراهيم‬ ‫هجوما عنيفا على اجمللس‬ ‫العسكري احلاكم بعد الثورة‬ ‫بسبب قضية التمويل األجنبي‪،‬‬ ‫مؤكدا أن اجليش املصري هو أكبر‬ ‫جهة تتلقى متويال أجنبيا وطالب‬ ‫مبحاسبته‪ .‬ووصف البرملان‬ ‫املصري بأنه أكثر شرعية من كل‬ ‫البرملانات السابقة‪ ،‬على الرغم من‬ ‫حتفظه على ضعف أدائه‪ ،‬وأثنى على‬ ‫اإلخوان‪ ،‬وطالب بإعطائهم الفرصة‬ ‫كاملة‪ ،‬ورأى أنهم سيقتدون‬ ‫بالنموذج التركي‪ ،‬كما أعلن تأييده‬ ‫للدكتور عبد املنعم أبو الفتوح‬ ‫رئيسا ملصر‪.‬‬

‫وكشف إبراهيم عن وساطته السرية بني اإلخوان‬ ‫املساجني‪ ،‬ودبلوماسيني أجانب وأسرار اللقاء املثير‬ ‫الذي رتبه بني الفريقني في املعهد السويسري‪.‬‬ ‫وعن الثورات العربية أشار إلى أنها أخرجت العرب‬ ‫من دائرة االستثناء بعد أن تأخرت ‪ 12‬سنة كاملة‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن الدكتور سعد الدين إبراهيم كتب‬ ‫منذ ‪ 15‬سنة مقاال ساخنا عن «اجلملوكية» أو‬ ‫اجلمهوريات امللكية في «اجمللة» تعرض بسببه‬ ‫للسجن والتعذيب‪ ،‬ألنه استقرأ فيه حتول‬ ‫اجلمهوريات الى ملكيات‪ ،‬في ظل سعي رؤساء‬ ‫اجلمهوريات إلى توريث أبنائهم السلطة‪ ،‬وهو ما‬ ‫حدث في سوريا وكان يرتّب له في مصر وليبيا‬ ‫واليمن وأيضا في تونس وإن كان لصالح الزوجة‬ ‫أو أحد األقارب وانتهى بثورات شعبية عارمة في‬ ‫أنحاء العالم العربي‪ ،‬األمر الذي يثير تساؤال جديدا‬ ‫حول املستقبل‪ ،‬في ظل معطيات الواقع احلالي‪.‬‬ ‫وهو ما كان أحد احملاور املهمة في هذا احلوار‪:‬‬ ‫> أراك تعاني صحيا‪ ،‬فهل االهتمام بالسياسة‬ ‫وهمومها يجعالن اإلنسان أكثرعرضة للمرض؟‬ ‫ـ «ضاحكا»‪ ..‬احلقيقة أن صحتي تدهورت خالل‬ ‫سنوات السجن الثالث‪ ،‬وتعرضي لتعذيب شديد‪،‬‬ ‫خاصة في السنة األولى‪ ،‬فقد خرجت منه‬ ‫مشلوال‪ ،‬وأجريت أربع عمليات جراحية كبرى في‬ ‫اجلهاز العصبي والعمود الفقري ألستطيع الوقوف‬ ‫واإلمساك بالقلم‪.‬‬ ‫عائلة الرئيس‬ ‫> كيف كانت مشاعرك حلظة خروجك من‬ ‫السجن بهذه احلالة‪ ،‬وأنت أستاذ جامعي‬ ‫وناشط سياسي شهير؟‬ ‫ـ إحساس املنتصر الذي يدرك أهمية تضحياته‬ ‫في سبيل القضية التي يدافع عنها‪ ،‬وأنا دائما‬ ‫أقول لتالمذتي إن الثورات والنضال السياسي‬ ‫ليسا نزهة‪ ،‬وإمنا البد أن يكون هناك ثمن يدفع‪.‬‬ ‫وأنا دفعت الثمن الشخصي في سبيل مبادئي‬

‫‪38‬‬


‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫ال شك أن األحداث التي عاشتها‬ ‫مملكة البحرين في الفترة‬ ‫السابقة قد تركت لدى كثيرين‬ ‫تساؤال حول حقيقة ما جرى‪.‬‬ ‫جاءت األحداث في فترة تشهد‬ ‫فيها بعض الدول العربية‬ ‫"انتفاضات" و"ثورات" ما جعل‬

‫جملة العرب الدولية‪� ...‬أفكار خلف الأخبار‬


‫احلرب والسالم‬

‫إن السعودية لن تتخلف في سباق التسلح‬ ‫املفترض‪« :‬ما أقترحه بالنسبة للمملكة وغيرها‬ ‫من دول اخلليج‪ ..‬هو أن ندرس بعناية كافة اخليارات‬ ‫مبا في ذلك خيار احلصول على أسلحة دمار شامل‪.‬‬ ‫فال ميكننا ببساطة أن نترك األمور ألي شخص آخر‬ ‫ليقرر نيابة عنا»‪.‬‬

‫لتقدمي مثل تلك اخلدمات للدول املسلمة‪ .‬فرمبا‬ ‫يكون االحتواء قد جنح حتى اآلن مع دول مثل كوريا‬ ‫الشمالية وباكستان ولكنه لم يخلق أي عقبات‬ ‫أمام تسريب التكنولوجيا النووية واملعرفة لدول‬ ‫مثل إيران‪.‬‬

‫وفي ظل مثل تلك الظروف‪ ،‬فإن األمل الوحيد‬ ‫خال من السالح النووي‬ ‫للحصول على شرق أوسط ٍ‬ ‫هو منع إيران من احلصول على تلك اإلمكانية‪ .‬حيث‬ ‫إن فكرة االحتواء املتوقف على العقوبات رمبا تفلح‬ ‫في ما يتعلق بإيران ولكنها لن تثبط عزمية غيرها‬ ‫من الدول في املنطقة من الذهاب للنووي‪ .‬وال ميكن‬ ‫أن متنع مثل تلك االستراتيجية إيران من توفير‬ ‫التكنولوجيا النووية وطرائق العمل للدول األخرى‪.‬‬ ‫فقد أكد املسؤولون اإليرانيون مبا فيهم الرئيس‬ ‫محمود أحمدي جناد‪ ،‬مرات عدة أن إيران مستعدة‬

‫ﻣﻨﺸﺂت اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﻨﻮوي اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ‬

‫اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﺳﺘﻨﴩه اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺬرﻳﺔ ﻋﻦ ﻗﺪرات اﻳﺮان اﻟﻨﻮوﻳﺔ ﺳﻴﻜﻮن اﻷﻛرث ﺗﻔﺼﻴﻼً ﺣﺘﻰ اﻵن‪،‬‬ ‫ﺣﻴﺚ ﺳﻴﺒني أن اﻳﺮان اﺗﻘﻨﺖ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺒﻨﺎء ﺳﻼح ﻧﻮوي‬

‫ﻃﻬﺮان‬

‫‪ 250‬ﻛﻠﻢ‬

‫أذرﺑﻴﺠﺎن‬

‫ﻣﺮاﻛﺰ أﺑﺤﺎث‪،‬‬ ‫ﻣﻔﺎﻋﻼت أﺑﺤﺎث‪،‬‬ ‫ﻣﺨﺘﱪات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪،‬‬ ‫أﺑﺤﺎث وﺗﻄﻮﻳﺮ‬ ‫ﻛﺮج‬ ‫اﻟﻄﺮد اﳌﺮﻛﺰي‬ ‫ﻧﻔﺎﻳﺎت ﻧﻮوﻳﺔ‬

‫ﺗﺮﻛامﻧﺴﺘﺎن‬ ‫ﺑﺎرﺷني‬

‫ﻟﺸﻜﺮ أﺑﺎد‬

‫أﺑﺤﺎث ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ )ﺗﺸﺘﺒﻪ ﺑﻪ أﻣريﻛﺎ(‬

‫ﻓﻮردو‬

‫ﺗﺨﺼﻴﺐ اﻟﻮﻗﻮد‬

‫أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن‬

‫ﺳﺎﻏﺎﻧﺪ‬

‫ﺗﺨﺼﻴﺐ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‬

‫ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‪،‬‬ ‫ﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﻮﻗﻮد‪،‬‬ ‫ﻣﺤﻄﺔ اﻟﺰرﻛﻮﻧﻴﻮم‪،‬‬ ‫أرﺑﻌﺔ ﻣﻔﺎﻋﻼت أﺑﺤﺎث‬

‫ﺟﺎﺗﺸني‬

‫ﻣﻨﺠﻢ ﻳﻮراﻧﻴﻮم‬

‫ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن‬ ‫ﺧﻠﻴ‬

‫ﻋامن‬ ‫ﺞ‬

‫ﻣﻔﺎﻋﻞ ﻣﻴﺎة‬ ‫ﺛﻘﻴﻠﺔ‬

‫ﺗﺨﺼﻴﺐ اﻟﻮﻗﻮد‬

‫دراﺧﻮﻓني‬

‫ﻣﺤﻄﺔ ﻧﻮوﻳﺔ‬ ‫)ﻣﺨﻄﻂ ﻟﻬﺎ(‬

‫أردﻛﺎن‬

‫ﻣﺼﻨﻊ ﳌﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‬

‫ﺑﻮﺷﻬﺮ‬

‫ﻣﻔﺎﻋﻞ ﻣﻴﺎه ﺧﻔﻴﻔﺔ‬

‫اﻟﺨﻠﻴ‬

‫ﺷﻂ‬ ‫اﻟﻌﺮب‬

‫ﻌﺮيب‬ ‫ﺞ اﻟ‬

‫اﻟﻌﺮاق‬

‫اﻟﻜﻮﻳﺖ‬ ‫اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‬

‫ﻗﻄﺮ‬

‫ﻋامن‬

‫اﻹﻣﺎرات‬

‫اﳌﺼﺪر‪The International Institute for Strategic Studies; wire agencies :‬‬

‫‪36‬‬

‫أراك‬

‫ﻧﺎﺗﺎﻧﺰ‬

‫ﻣﻨﺠﻢ ﻳﻮراﻧﻴﻮم‬

‫أﺻﻔﻬﺎن‬

‫ﺗﺮﻛﻴﺎ‬

‫اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫طاولة املفاوضات‬ ‫كما أن املزيج من العقوبات والعمليات السرية‬ ‫مثل اختراق أنظمة احلاسوب واغتيال علماء النووي‬ ‫هي السياسة الغربية احلالية‪ .‬وهي تستهدف‬ ‫إبطاء البرنامج النووي اإليراني وإجبار إيران‬ ‫على العودة إلى طاولة املفاوضات‪ .‬ولكن هناك‬ ‫بعض الصعوبات في ذلك‪ :‬حيث يعتقد زعماء‬ ‫إيران أن العقوبات واملساعي العقابية ما هي إال‬ ‫استراتيجية الغرب خللع النظام عبر التأثير على‬ ‫اقتصاده وعزل الدولة‪.‬‬

‫وعندما تتزامن تلك االستراتيجية مع التصريحات‬ ‫الغربية حول حقوق اإلنسان واحلركة الدميقراطية‬ ‫في إيران‪ ،‬فإن ذلك ال يترك مساحة من الشك في‬ ‫عقول الشخصيات احلكومية البارزة بأن الهدف‬ ‫اخلفي هو تغيير النظام‪ .‬بل ويعتقد آية اهلل‬ ‫خامنئي أن الغزو الثقافي الغربي إليران يستهدف‬ ‫القضاء الكامل على اآليديولوجيا اإلسالمية‬ ‫ومتكني القوى العلمانية الليبرالية في اجملتمع‬ ‫اإليراني‪ .‬ويعتقد أيضا الزعماء اإليرانيون املصابون‬ ‫بالبارانويا أن طالب الدراسات اإلنسانية واألكادمييني‬ ‫والصحافيني والفنانني والكتاب‪ ،‬والنساء‪ ،‬ونشطاء‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ومصممي املوضة هم إما عمالء‬ ‫خفيون للغرب أو «جنود متطوعون في حرب الغرب‬ ‫الناعمة ضد إيران»‪.‬‬ ‫فهل الغرب قادر على إقناع إيران بأن سياسته ال‬ ‫تستهدف تغيير النظام ولكن إنهاء الطموحات‬ ‫النووية اإليرانية؟ طاملا كان آية اهلل خامنئي‬ ‫مسؤوال عن البالد‪ ،‬من املستحيل أن يستطيع‬ ‫الغرب حتقيق ذلك‪ .‬ورمبا يغير خامنئي مفهومه‬ ‫حول هدف الغرب إذا ما مت رفع عقوبات الواليات‬ ‫املتحدة واالحتاد األوروبي واألمم املتحدة قبل إجراء‬ ‫أي مفاوضات جدية ولكن ذلك يبدو غير واقعي‪.‬‬ ‫بل ورمبا ينظر إليه زعيم إيران باعتباره خطوة‬ ‫مخادعة‪.‬‬ ‫ولن تتمكن إيران من النجاة من العقوبات احلالية‬ ‫غير املسبوقة في استهداف النظام املصرفي‬ ‫وصناعة النفط‪ .‬كما أن تلك العقوبات محاولة‬ ‫ضعيفة إلقناع قادة إيران بأن تغيير النظام ليس‬ ‫جزءا من سياسة الغرب‪ .‬وبغض النظر عن رؤية‬ ‫قادة إيران للعقوبات‪ ،‬يجب على العالم أن يبذل‬ ‫جهودا مضنية لتفعيل العقوبات احلالية‪ ،‬حيث‬ ‫ترزح إيران حاليا حتت وطأة أزمة اقتصادية طاحنة‪،‬‬ ‫ستؤدي‪ ،‬بال شك‪ ،‬إلى تقسيم دائرة صناع القرار‬ ‫خاصة احلرس الثوري اإليراني النافذ‪ .‬وهو ما ميكن‬ ‫أن يؤدي إلى إحداث تغيرات جوهرية في السياسة‬ ‫النووية إليران>‬ ‫مهدي خلجي‬


‫موجودة منذ بداية اجلمهورية اإلسالمية ولكن‬ ‫القضية النووية أمر حديث‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن مشكلة‬ ‫الغرب الرئيسة هي وجود أمة عازمة على أن تصبح‬ ‫مستقلة‪ ،‬أمة ليست مستعدة للخضوع أمام‬ ‫القمع‪ ،‬أمة عازمة على كشف املعتدين‪ ،‬أمة ترغب‬ ‫في أن تخبر األمم األخرى أنها حققت ذلك الهدف‬ ‫وأنها سوف حتقق املزيد من اإلجنازات»‪.‬‬

‫وخالل الـ‪ 23‬عاما املاضية‪ ،‬جنح خامنئي في عرقلة‬ ‫كافة املساعي للتواصل اجلاد مع الواليات املتحدة‬ ‫باإلضافة إلى أي محاوالت تستهدف بناء الثقة‬ ‫على املستوى الدبلوماسي‪ .‬وقد مت تهميش كل من‬ ‫الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد‬ ‫خامتي اللذين أعربا عن استعدادهما حلل األزمة‬ ‫النووية عبر السبل الدبلوماسية‪ ،‬ومت النظر إليهما‬ ‫باعتبارهما خطرا يهدد سلطة املرشد األعلى‪.‬‬ ‫كما جعل خامنئي من كلمة «املقاومة» كلمة‬ ‫مقدسة كما أنه يرغب في أن ينظر إليه العالم‬ ‫اإلسالمي باعتباره املمثل الوحيد للفكرة‪.‬‬ ‫وتقدم كل من باكستان وليبيا دروسا مهمة‬ ‫بالنسبة إليران‪ ،‬حيث تخلت ليبيا عن برنامجها‬ ‫النووي‪ ،‬ومت خلع النظام مبساعدة حلف شمال‬ ‫األطلسي‪ .‬وقد حصلت باكستان على البرنامج‬ ‫النووي إال أن الغرب يعترف باحلكومة رغم كل‬ ‫املشكالت التي تتسبب بها‪.‬‬ ‫في الثمانينيات‪ ،‬مرت إيران بثماني سنوات من احلرب‬ ‫مع العراق مما أسفر عن مئات اآلالف من الضحايا‪.‬‬ ‫وتعتقد العديد من اجلماعات في اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية أنه إذا ما كانت إيران قد حصلت‬ ‫على القدرات النووية قبل ثالثني عاما‪ ،‬ما كانت‬ ‫لتتعرض ملثل تلك احلرب املدمرة‪ .‬واآلن تنظر إيران‬ ‫إلى نفسها وهي محاطة باألعداء وقد أخفقت في‬ ‫تأسيس عالقات طيبة مع معظم الدول العربية‬ ‫(عدا سوريا)‪ .‬حيث تتهم الدول السنية العربية‬ ‫إيران مبحاولة نشر التشيع في العالم العربي ونشر‬ ‫آيديولوجيتها الثورية واحلشد ضد حكوماتها‪.‬‬ ‫وترفض إيران تلك التهم وتؤكد أن آيديولوجيتها‬ ‫ليست طائفية ولكنها تسعى إلى الوحدة‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫أﻧﺘﻬﺖ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺬرﻳﺔ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ اﻷﺧرية ﰲ اﻳﺮان ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻣﻨﻊ ﻓﺮﻳﻖ اﳌﻔﺘﺸني ﰲ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل‬ ‫إﱃ ﺑﺎرﺷني ﻋﲆ ﺑﻌﺪ ‪ 30‬ﻛﻴﻠﻮﻣﱰاً ﺟﻨﻮب ﴍق ﻃﻬﺮان ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻳﺘﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮ أﺳﻠﺤﺔ ﻧﻮوﻳﺔ ﻫﻨﺎك‬

‫ﻣﻮاﻗﻊ ﻧﻮوﻳﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ‬

‫ﻣﺠﻤﻊ ﺑﺎرﺷني اﻟﻌﺴﻜﺮي‬

‫ﺑﺤﺮ‬ ‫ﻗﺰوﻳﻦ‬

‫‪ 150‬ﻣﱰ‬

‫ﻣﺪﺧﻞ اﳌﻮﻗﻊ‬

‫ﻃﻬﺮان‬ ‫ﺑﺎرﺷني‬

‫أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن‬

‫إن التسوية كلمة مخيفة بالنسبة آلية اهلل‬ ‫خامنئي‪ .‬فهو يكره مثل تلك اخلطوات التكتيكية‬ ‫سواء في التعامل مع األعداء احملليني أو في إدارة‬ ‫السياسة اخلارجية‪ ،‬ففي لقاء مع إسماعيل هنية‪،‬‬ ‫زعيم حركة حماس في غزة‪ ،‬قال خامنئي ناصحا‬ ‫هنية بأن أي خطوة تضعف املقاومة تتعارض‬ ‫مع مستقبل األمم املسلمة‪ .‬وأكد فكرة أنه «من‬ ‫الضروري أن نقف باستمرار ضد اختراق عناصر‬ ‫التسوية جلماعات املقاومة»‪ .‬وهو ما يعكس‬ ‫بوضوح ما يعتقده حول العديد من القضايا‬ ‫بخالف النزاع العربي اإلسرائيلي‪.‬‬

‫اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺬرﻳﺔ ﺗﻌﻠﻦ ﻓﺸﻞ اﳌﺤﺎدﺛﺎت ﻣﻊ اﻳﺮان‬

‫‪ 400‬ﻛﻠﻢ‬

‫اﻟﻌﺮاق‬

‫اﻳﺮان‬ ‫اﻟﺨﻠﻴﺞ‬

‫اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‬

‫ﻣﺒﻨﻰ ﻣﻨﺎﺳﺐ‬ ‫ﳌﺮاﻗﺒﺔ اﻻﺧﺘﺒﺎرات‬ ‫ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺘﻔﺠري‬

‫ﻧﺎﺗﺎﻧﺰ‪ :‬ﻣﺤﻄﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﺘﺨﺼﻴﺐ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‪.‬‬ ‫إﻳﺮان ﻛﺸﻔﺖ اﻟﻨﻘﺎب ﻣﺆﺧﺮا ً ﻋﻦ ﺟﻬﺎز ﻃﺮد ﻣﺮﻛﺰي‬ ‫ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺘﴪﻳﻊ ﺗﺨﺼﻴﺐ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‬ ‫ﻓﻮردو‪ :‬ﻣﻨﺸﺄة ﺗﺤﺖ اﻷرض ﻟﺘﺨﺼﻴﺐ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‬ ‫ﻗﺮب ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﻢ‪ ،‬ﻛﺸﻔﺘﻬﺎ وﻛﺎﻻت اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬ ‫ﰲ اﻟﻌﺎم ‪2009‬‬ ‫ﻣﻨﺸﺂت ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ‬ ‫ﳌﺮاﻗﺒﺔ اﻻﺧﺘﺒﺎرات‬ ‫أراك‪ :‬ﻣﻔﺎﻋﻞ ﻣﻴﺎه ﺛﻘﻴﻠﺔ ﻃﻮر اﻹﻧﺸﺎء‪ ،‬ﻣﻦ اﳌﺘﻮﻗﻊ‬ ‫ﺑﺪء اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻌﺎم ‪2013‬‬ ‫ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺘﻔﺠري‬ ‫إﺻﻔﻬﺎن‪ :‬ﻣﺤﻄﺔ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم وﻟﺘﺠﻬﻴﺰ اﻟﻮﻗﻮد وﻟﻠﺘﺨﺰﻳﻦ‬ ‫ﰲ ﻣﺮاﺣﻠﻪ اﻻﺧرية ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام ﰲ اﳌﻔﺎﻋﻼت‬ ‫ﺑﻮﺷﻬﺮ‪ :‬أول ﻣﺤﻄﺔ اﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ‬ ‫اﻟﻨﻮوﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻢ اﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﰲ أﻳﻠﻮل )ﺳﺒﺘﻤﱪ(‬ ‫‪2011‬‬ ‫دارﺧﻮﻓني‪ :‬ﻣﻔﺎﻋﻞ ﻧﻮوي ﻃﻮر‬ ‫اﻹﻧﺸﺎء‪ ،‬ﻣﻦ اﳌﻘﺮر أن ﻳﺘﻢ اﻓﺘﺘﺎﺣﻪ ﰲ‬ ‫اﻟﻌﺎم ‪2016‬‬ ‫أردﻛﺎن‪ :‬ﻣﺼﻨﻊ ﳌﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‬ ‫اﻟﺨﺎم وﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﱃ ﻛﻌﻜﺔ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم‬ ‫أﻛﻮام ﻣﻦ اﻟﺮﻣﺎل‬ ‫اﻟﺼﻔﺮاء‪.‬‬ ‫واﻟﺮﻛﺎم‬ ‫ﻣﻦ اﳌﺤﺘﻤﻞ أﻧﻪ مل ﻳﺘﻢ ﺗﺸﻐﻴﻠﻪ ﺑﻌﺪ‬

‫اﳌﺼﺪر‪IAEA, ISIS, wire agencies :‬‬

‫اﻟﺼﻮر‪ :‬ﻏﻮﻏﻞ‬

‫اإلسالمية‪ .‬كما تدور حرب باردة بني إيران والسعودية‬ ‫داخل وخارج البلدين‪ .‬حيث تزعم إيران أن اململكة‬ ‫تقوم بدعم اجلماعات املسلحة في املقاطعتني‬ ‫الكردية والبلوشية في إيران‪ ،‬ردا على متويل إيران‬ ‫للشيعة في املنطقة الشرقية باململكة وصعدة‬ ‫في شمال اليمن وكذلك في البحرين‪ .‬وتستفيد‬ ‫اجلماعات املتمردة في أفغانستان وباكستان وآسيا‬ ‫الوسطى ولبنان والعراق واألراضي الفلسطينية‬ ‫بدرجات مختلفة من دعم الدولتني‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يعزز تقدم إيران في البرنامج‬ ‫النووي إمكانية نشوب سباق تسلح في املنطقة‪.‬‬ ‫ففي حوار حديث مع «األسوشييتد برس»‪ ،‬قال‬

‫ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ‬ ‫ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺘﺠﺎرب‬ ‫ﻋﲆ ﻣﺤﺮﻛﺎت‬ ‫اﻟﺼﻮارﻳﺦ‬ ‫ﻣﻠﺠﺄ ﻣﺤﺘﻤﻞ‬ ‫ﺗﺤﺖ اﻷرض ﻟﻼﺧﺘﺒﺎرات‬ ‫ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺘﻔﺠري‬ ‫ﻣﻮﻗﻊ ﺣﻔﺮﻳﺎت وﺑﻨﺎء‬ ‫ﻣﺸﺘﺒﻪ ﺑﻪ‬ ‫ﺧﻂ اﻟﻘﻤﺔ‬ ‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫وزير اخلارجية السعودي األمير تركي الفيصل ‪-‬‬ ‫الذي يدافع عن فكرة وجود الدول األعضاء الدائمني‬ ‫مبجلس األمن التابع لألمم املتحدة لتوفير غطاء‬ ‫أمني نووي للدول الشرق أوسطية لالنضمام‬ ‫للمنطقة اخلالية من األسلحة النووية ‪ -‬إن‬ ‫دول اخلليج ملتزمة بعدم احلصول على أسلحة‬ ‫الدمار الشامل «ولكننا لسنا الالعبني الوحيدين‬ ‫في املنطقة‪ .‬فلديك تركيا‪ ،‬والعراق التي لديها‬ ‫سجل سابق من الرغبة في احلصول على السالح‬ ‫النووي‪ .‬ولديك مصر‪ ،‬التي لديها برنامج للطاقة‬ ‫النووية منذ الستينيات‪ .‬ولديك سوريا‪ ،‬وغيرها‬ ‫من الدول في املنطقة التي بإمكانها أن تفتح‬ ‫صندوق باندورا»‪ .‬ويقول األمير إنه من الواضح‬

‫‪35‬‬


‫احلرب والسالم‬

‫برنامج إيران النووي يعزز سباق‬ ‫التس ّلح في الشرق األوسط‬

‫طهران والقنبلة‬

‫خال‬ ‫ويظل األمل الوحيد لتحقيق شرق أوسط‬ ‫ٍ‬ ‫من السالح النووي متوقفا على منع إيران من‬ ‫احلصول على اإلمكانات النووية‪ .‬وفيما تبرر إسرائيل‬ ‫امتالكها السالح النووي أساسا بزعم أنها ضرورة‬ ‫حلماية دولة محاطة بأعدائها‪ ،‬فإن مساعي إيران‬ ‫للحصول على تلك اإلمكانات تظل غير مبررة في‬ ‫عيون الغرب وجيرانها الذين جعلوا التخلص من‬ ‫طموحات إيران النووية أولوية قصوى لهم‪ .‬ومن‬ ‫دون اجلهود احلثيثة للسعودية ودول اخلليج في‬ ‫تعزيز العقوبات على إيران‪ ،‬لن تصبح اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية منعزلة اقتصاديا وسياسيا كما هي‬ ‫اليوم‪ .‬وفي ظل تصاعد العقوبات خالل العام‬ ‫احلالي‪ ،‬أعلنت السعودية وغيرها من دول اخلليج‬ ‫أنها مستعدة لتعويض خسائر األسواق األوروبية‬ ‫من النفط اإليراني عبر تغطية العجز ومن ثم متهيد‬ ‫الطريق لعزلة إيرانية طويلة‪.‬‬

‫يخيم شبح القنبلة النووية على الشرق األوسط‪ .‬حيث تثير احتمالية حصول‬ ‫ّ‬ ‫إيران على السالح النووي قلق دول الشرق األوسط ‪ -‬مبا فيها جيرانها املباشرون‪.‬‬ ‫فليست إسرائيل وحدها من تنظر إلى إيران النووية باعتبارها تهديدا وجوديا‪ ،‬بل‬ ‫الدول العربية كذلك ‪ -‬خاصة أعضاء دول مجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬حيث ينظرون‬ ‫إلى القنبلة النووية اإليرانية باعتبارها عامال رئيسا رمبا يغير توازن القوة في‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن اجلمهورية اإلسالمية لديها‬ ‫املنطقة لغير صاحلهم‪.‬‬ ‫العديد من األسباب لكي تسعى للحصول على‬ ‫مهدي خلجي‬

‫في الوقت الذي أصبحت فيه احلرب الكالمية بني‬ ‫إيران والواليات املتحدة ‪ -‬وبالضرورة إسرائيل ‪ -‬أكثر‬ ‫سخونة‪ ،‬يوشك مؤمتر دولي يستهدف إقامة مناطق‬ ‫خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق‬ ‫األوسط على االنعقاد‪ .‬والبد من اإلشارة إلى أن هذا‬ ‫الهدف يعد طموحا للغاية‪ ،‬أخذا في االعتبار تردد‬ ‫آية اهلل خامنئي في الدخول في املفاوضات‪.‬‬ ‫من املقرر عقد مؤمتر دولي خالل العام احلالي في‬

‫فنلندا حول إخالء منطقة الشرق األوسط من‬ ‫القنبلة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬ ‫خال من أسلحة‬ ‫ولكن حلم وجود شرق أوسط‬ ‫ٍ‬ ‫الدمار الشامل يتراجع سريعا‪ ،‬حيث لم حتاول كل‬ ‫من السعودية واإلمارات احلصول على املزيد من‬ ‫األسلحة وجتهيز نفسيهما بتكنولوجيا عسكرية‬ ‫معاصرة فقط‪ ،‬ولكنهما تبرران كذلك فكرة إنشاء‬ ‫برنامج نووي‪ .‬فيما تسير بعض دول املنطقة ‪ -‬مبا‬ ‫فيها تركيا ‪ -‬على املسار نفسه‪.‬‬

‫السالح النووي‪ .‬حيث يؤمن املرشد األعلى‪ ،‬آية‬ ‫اهلل علي خامنئي‪ ،‬بأن الهدف الرئيس للغرب من‬ ‫الضغط على إيران للتخلص من برنامجها النووي‬ ‫ليس هو إنهاء البرنامج في حد ذاته ولكن إسقاط‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫وبالنسبة له‪ ،‬فإن اجلمهورية اإلسالمية والغرب‬ ‫يقعان متاما على طرفي نقيض‪ .‬حيث يعتقد‬ ‫خامنئي أن إيران أصبحت‪ ،‬بعد انهيار الشيوعية في‬ ‫العالم‪ ،‬متثل القطب اجلديد ‪ -‬اإلسالم السياسي ‪-‬‬ ‫الذي ميكنه معادلة القطب اآلخر‪ ،‬أي الغرب‪ .‬وفي‬ ‫رؤيته املانوية‪ ،‬سوف تستمر املعركة بني اخلير والشر‬ ‫حتى ينتصر اخلير‪ .‬وبالتالي فإن أي تسوية مع الغرب‬ ‫أو تطبيع للعالقات يتناقض مع طبيعة اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬

‫فرض ارادات‬ ‫وبالنسبة للمرشد األعلى في إيران‪ ،‬فإن السيادة‬ ‫اإلقليمية على احملك‪ .‬فإذا ما متكنت الواليات املتحدة‬ ‫وحلفاؤها من الهيمنة على الشرق األوسط‪،‬‬ ‫سيصبح بإمكانهم قهر إيران عندما يرغبون في‬ ‫ذلك وعبر القضية التي يرغبون فيها‪ .‬ولكن احلصول‬ ‫على اإلمكانات النووية سوف يغير ذلك ويجعل من‬ ‫الصعب على الغرب فرض إرادته على إيران‪.‬‬

‫ففي خطاب له في ‪ 22‬فبراير (شباط) قال آية اهلل‬ ‫خامنئي‪:‬‬ ‫«يعتمد مستقبل إيران واملصالح الوطنية على‬ ‫التقدم العلمي والتقني للتكنولوجيا النووية‪..‬‬ ‫فإذا استطاعت الدول أن حتقق وحدها التقدم في‬ ‫اجملال النووي‪ ،‬والفلكي‪ ،‬والتكنولوجي‪ ،‬والعلمي‪،‬‬ ‫والصناعي‪ ،‬فإنها لن تترك أي مساحة لهيمنة‬ ‫القوى العظمى الغاشمة‪ ..‬لقد كانت العقوبات‬

‫‪34‬‬


‫‪Syria‬‬ ‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫‪CORRECT PROPORTIONS‬‬

‫سوريا‬

‫في انتظار التغيير‪..‬‬ ‫نظام يقتل شعبه‬

‫الصمود‬

‫في حوار مع صحيفة «وول ستريت جورنال» في‬ ‫‪ 31‬يناير (كانون الثاني) عام ‪ ،2011‬قال الرئيس‬ ‫السوري بشار األسد بثقة‪« :‬إننا نعاني من ظروف‬ ‫أصعب من تلك التي تعاني منها الدول العربية‪،‬‬ ‫ومع ذلك فإن سوريا مستقرة‪ .‬ملاذا؟ ألنه عليك أن‬ ‫تكون وثيق الصلة مبتطلبات الشعب‪ ،‬تلك هي‬ ‫القضية األساسية»‪.‬‬ ‫فقد قلل األسد بعناد من احتمالية تأثر سوريا مبا‬ ‫يحدث في املنطقة‪ ،‬وعلى الرغم من تأكيده املستمر‬ ‫على مركزية سوريا في العالم العربي‪ ،‬فإن فكرة أن‬ ‫تصبح األحداث في كل من القاهرة وتونس ملهمة‬ ‫لصحوة عربية مشابهة في سوريا لم تثر قلق الرئيس‬ ‫األسد‪ .‬وعندما اندلعت االضطرابات في درعا في مارس‬ ‫(آذار) ثم انتشرت بعدها‪ ،‬افترض األسد أن بإمكانه‬ ‫السيطرة على االضطرابات عبر بعض اإلصالحات‬ ‫الشكلية‪ ،‬وكان األسد يشدد دائما في حواراته مع‬ ‫الصحافة على استعداده لإلصالح‪ ،‬طاملا هو قادر على‬ ‫إدارته وفقا لشروطه‪.‬‬ ‫لقد بدت سوريا محصنة في بادئ األمر ضد ثورات‬ ‫الربيع العربي‪ ،‬على عكس كل من مصر وتونس اللتني‬ ‫شهدتا تغييرا شامال في بداية عام‪ ،2011‬حيث لم‬ ‫تكن األحوال في سوريا قابلة للمقارنة مع األحوال في‬ ‫مصر وتونس‪ .‬إال أن االنتفاضة السورية اندلعت في‬ ‫مارس (آذار) عام ‪ ،2011‬ولم تنته بعد وما زال النظام‬ ‫شرسا في مقاومتها وسفك مزيد من الدماء‪.‬‬ ‫لم يتردد النظام السوري في استخدام أجهزة الدولة‬ ‫األمنية واجليش للجم أي صوت معارض‪ ،‬بينما حاول‬ ‫بعض احملللني تفسير هذا التعارض بني اإلصالح‬ ‫واإلرهاب‪ ،‬كإشارة على افتقار األسد للسلطة‪ .‬فقد‬ ‫حدد منذ البداية املدى الذي ميكنه الذهاب إليه فيما‬ ‫يتعلق باإلصالحات‪ ،‬حتى وإن لم حتصل على رضا‬ ‫الناس‪ ،‬وأنه غير مستعد لتغيير ذلك‪.‬‬ ‫وقد جتاهل األسد بشكل دائم نداءات جيرانه العرب‬ ‫واالحتاد األوروبي والواليات املتحدة من أجل إصالحات‬ ‫أكثر موضوعية‪ ،‬كما رفض عروضا من اجلامعة‬ ‫العربية التي باءت جهود بعثة مراقبيها في البالد‬ ‫بالفشل‪ .‬وقد وصفت وزيرة اخلارجية األميركية هيالري‬ ‫كلينتون استخدام حق النقض (الفيتو) من ِقبل كل‬ ‫من روسيا والصني على مشروع قرار من مجلس األمن‬ ‫يحث األسد على التنحي بـ«املهزلة» وتقترح اآلن‬ ‫تشكيل ائتالف دولي لدعم املعارضة في سوريا‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫في حوار مع باربرا والترز اإلعالمية األميركية في‬ ‫منتصف ديسمبر (كانون األول) ‪ 2011‬صرح األسد‬ ‫بأنه يستطيع حتمل العزلة مرة أخرى‪ ،‬مهما كلفه‬ ‫األمر‪ ،‬كما حتملها من قبل خالل السنوات األولى من‬ ‫حرب العراق واالنسحاب من لبنان عام ‪ .2005‬ولم‬ ‫يظهر األسد ميله إلى وضع مصالح عائلته وطائفته‬ ‫فوق مصلحة سوريا القومية فقط‪ ،‬بل وأيضا تقديره‬ ‫الشخصي للوضع‪ .‬فما زال متمسكا‬ ‫مبوقفه األصلي على الرغم من‬ ‫مقتل أكثر من ‪ 8000‬شخص‬ ‫وازدياد أعداد املنشقني عن اجليش‬ ‫والصراع الطائفي‪.‬‬ ‫وقد يبدو هذا العناد املستمر‬ ‫غير منطقي أو غير عقالني‬ ‫للمراقب لألحداث في سوريا‪،‬‬ ‫ولكن األسد يراهن على الوقت‪،‬‬ ‫ويأمل أن يكون عام ‪ 2012‬عام‬ ‫صموده‪ ،‬لكن اتساع رقعة التمرد‬ ‫على نظامه واتساع حجم قمه‬ ‫قواته للمعارضني من قتل واعتقال‬ ‫وتنكيل قد يقرب من نهاية نظام فقد‬ ‫ثقة العالم بعد أن فقد ثقة غالبية شعبه الذي‬ ‫أظهر صبرا وجلدا وصمودا أبهر العالم‪.‬‬

‫دخول جيش سوريا احلر املشهد وتوالي االنشقاقات‬ ‫داخل اجليش‪ ،‬خلق أجواء جديدة في سوريا حيث صارت‬ ‫لغة الرصاص هي اللغة السائدة‪ ،‬النظام يقصف املدن‬ ‫واألحياء ويقتل املئات من املدنيني‪ ،‬واملعارضني ينفذون‬ ‫عمليات نوعية ضد قوات النظام ويكسبون يوميا‬ ‫مزيدا من األراضي واملواقع‪.‬‬ ‫اليوم وقد فقدت دمشق أي مصداقية‬ ‫وانضم جل العرب الى جبهة دولية‬ ‫تطالب برحيل النظام احلاكم في سوريا‬ ‫فإنه لم يبق لبشار األسد إال األمل في‬ ‫أن تفقد الثورة ضد حكمه زخمها‬ ‫في النهاية‪ ،‬معتمدا على االعتقاد‬ ‫بأن اجلمع بني اخلوف واإلصالحات‬ ‫احملدودة سوف يبقي الغالبية من‬ ‫الشعب بعيدا عن الشوارع‪ .‬فهل‬ ‫سيكون الوضع كذلك؟‬ ‫يبدو أن مطلب «الشعب يريد تغيير‬ ‫النظام» ال تراجع عنه بعد أن‬ ‫أثبت النظام السوري أنه أكثر‬ ‫األنظمة دموية وأصبح‬ ‫لزاما تغييره إن سلما‬ ‫أو حربا >‬

‫احلالة‬

‫حرب أهلية‬

‫اإلجنازات‬

‫إنهاء قانون الطوارئ‬ ‫إصالحات دستورية‬

‫الفشل‬

‫رفض فتح حوار مع املعارضة واعتماد احلل األمني خيارا‪ ،‬استمرار النظام في رفض االعتراف‬ ‫بوجود ثورة ومطالب مشروعة للشعب‪ ،‬حتول املظاهرات السلمية الى ثورة مسلحة وسقوط‬ ‫آالف الضحايا‬

‫الرابحون‬

‫اإلخوان املسلمون و اجليش السوري احلر‬

‫اخلاسرون‬

‫حزب البعث وإيران وحزب اهلل‬ ‫وحدة الشعب السوري‬

‫توصيات‬

‫إعالن حكومة في املنفى ووضع جدول زمني لالنتقال الدميقراطي تشارك به مكونات اجملتمع‬ ‫السوري كافة‪ ،‬توحد جميع فصائل املعارضة وعدم اقصاء أي من ممثلي الطوائف لطمأنة‬ ‫األقليات الدينية والعرقية متهيدا ملصاحلة وطنية في املستقبل‬

‫‪33‬‬


‫احلرب والسالم‬ ‫‪Yemen‬‬

‫‪STANDARDIZ‬‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫‪CORRECT PROPORTIONS‬‬

‫اليمن‬

‫بعد رحيل الرئيس‪..‬‬ ‫اليوم األطول‬

‫اجملهول‬

‫هل ستجد اليمن حال فريدا ألزمتها؟ لقد ساعد‬ ‫انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة وحدة وطنية‬ ‫تقودها املعارضة‪ ،‬على إبطاء انزالق اليمن نحو‬ ‫الفوضى ودخول اجملهول‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يثير الصراع‬ ‫السياسي الداخلي‪ ،‬شكوكا كبيرة حول قدرة االئتالف‬ ‫على القيادة ومدى قوة العملية االنتقالية‪.‬‬ ‫اتفقت األحزاب الرئيسة في البرملان اليمني في نوفمبر‬ ‫(تشرين الثاني) املاضي على تقسيم العملية االنتقالية‬ ‫إلى مرحلتني‪ ،‬وذلك بعد مرور نحو عام على االحتجاجات‬ ‫واالشتباكات العنيفة واملناوشات العسكرية بني القوات‬ ‫املوالية للنظام واملنشقني عن اجليش‪ .‬انتهت املرحلة‬ ‫االنتقالية األولى بإجراء انتخابات رئاسية فاز بها عبد ربه‬ ‫منصور هادي املرشح الوحيد ونائب علي عبداهلل صالح‬ ‫املتنحي‪ ،‬أما املرحلة الثانية فستتضمن «حوارا وطنيا»‬ ‫يهدف إلى إجراء إصالحات دستورية وانتخابية‪.‬‬ ‫وحتمل اخلطة االنتقالية وعدا بوقف الفوضى التي‬ ‫شهدها العام املاضي‪ ،‬كما يبشر أداء اليمني من قبل‬ ‫حكومة الوحدة الوطنية بقيادة املعارضة باخلير‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من ذلك‪ ،‬يهدد الصراع السياسي الداخلي‬ ‫بتقويض تلك الوحدة ويثير التساؤالت حول مدى صالبة‬ ‫االئتالف‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته‪ ،‬يتساءل منتقدو احلكومة‪ ،‬خاصة‬ ‫احلوثيني في الشمال واالنفصاليني اجلنوبيني وحركة‬ ‫الشباب الناشئة‪ ،‬عما إذا كانت تلك اخلطة االنتقالية‬ ‫كافية‪ ،‬حيث ينظرون إلى تلك اخلطة باعتبارها مجرد‬ ‫معاهدة مت إبرامها بني النخب‪.‬‬ ‫وسوف تعتمد كثير من األمور على «احلوار الوطني»‬ ‫خالل املرحلة الثانية من العملية االنتقالية على الرغم‬ ‫من عدم وضوح ما سيتضمنه ذلك احلوار‪.‬‬ ‫ميكن القول إن املرحلة األولى وفرت بعض الوقت‪ ،‬الذي‬ ‫سمح بتوجيه العملية السياسية صوب املصلحة‬ ‫املشتركة‪ ،‬وبالتالي نحو مرجعية ذات إطار أكثر‬ ‫توافقية‪.‬‬ ‫إال أن توفير الوقت لم يبطئ بالضرورة من وتيرة التطورات‬ ‫على اجلبهات األخرى‪ .‬وميكن القول إن تلك التطورات‬ ‫ستكون أكثر أهمية في تشكيل السياق السياسي‪،‬‬ ‫الذي ستتم املرحلة الثانية في إطاره‪.‬‬ ‫اليمن الذي يعتبر من أفقر دول العالم زادته «الثورة»‬ ‫وعناد حكامه فقرا فقد تفاقمت التحديات اإلنسانية‬ ‫‪32‬‬

‫التي تواجه اليمن‪ ،‬حيث أطلقت اليونيسيف أخيرا‬ ‫حتذيرات شديدة بشأن سوء تغذية األطفال‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى وجود عجز في توفير مياه الشرب‪ .‬من جهة أخرى‬ ‫تتراجع احلالة االقتصادية لليمن‪ .‬فقد أشارت التقارير في‬ ‫شهر يناير (كانون الثاني) إلى أن السعودية سوف تعوض‬ ‫نقص النفط لدى اليمن‪ ،‬وذلك للمرة الثانية خالل ستة‬ ‫أشهر‪ ،‬حيث تكفي إمدادات هذه املرة لسد احتياجات‬ ‫شهرين فقط‪.‬‬ ‫ثورة اليمنيني على صالح وحكمه تسببت‬ ‫في مقتل أكثر من ‪ 2000‬شخص وجرح‬ ‫‪ 22‬ألفا‪ ،‬فقد كشفت حورية مشهور‬ ‫وزيرة حقوق اإلنسان في اليمن في التقرير‬ ‫الوطني السادس عن حالة حقوق اإلنسان‬ ‫في اليمن الذي قدمته إلى اللجنة املعنية‬ ‫بحقوق اإلنسان التابعة لألمم املتحدة في‬ ‫دورتها في نيويورك‪ ،‬إن من بني القتلى‬ ‫‪ 143‬طفال و‪ 20‬امرأة‪.‬‬ ‫وجاء في التقرير كذلك‪ :‬إن أعمال‬ ‫العنف التي رافقت الثورة السلمية‬ ‫خلفت تدميرا للبنى التحتية‬ ‫كاملباني السكنية واملنشآت‬ ‫اخلدمية العامة وأضعفت توفير‬ ‫اخلدمات األساسية لشرائح واسعة من‬

‫املواطنني كالكهرباء واملياه واملواد النفطية ومشتقاتها‬ ‫الضرورية‪ .‬واوضح التقرير ان التدهور االقتصادي غير‬ ‫املسبوق أدى إلى إغالق أكثر من ‪ 800‬منشأة اقتصادية‬ ‫وتسريح نحو مليون عامل واتساع رقعة الفقر بني شرائح‬ ‫واسعة من املواطنني‪.‬‬ ‫اليوم وقد انسحب صالح وبدأ عهد جديد بقيادة هادي‪،‬‬ ‫ال شيء تقدم حقيقة‪ .‬احلراك اجلنوبي ونزعة االنفصال‬ ‫أقوى من أي وقت مضى وبدأت مدن اجلنوب‬ ‫برفع علم اليمن اجلنوبي سابقا على الرغم‬ ‫من أن الرئيس اجلديد هو ابن اجلنوب‪ .‬في‬ ‫الشمال‪ ،‬القتال بني اجليش وعناصر‬ ‫القاعدة على أشده وال يبدو أن احللول‬ ‫السياسية وال الوساطات سوف تفلح‬ ‫في وقف االقتتال‪ .‬طرف آخر دخل على‬ ‫اخلط‪ ،‬وهو إيران‪ ،‬عبر تسليحها املتمردين‬ ‫احلوثيني الذين ما زالوا يشكلون خطرا‬ ‫على وحدة اليمن واستقراره وسيادته‪.‬‬ ‫القبائل الشمالية بدورها بدأت في‬ ‫االستعداد حلرب مع احلوثيني قد يعجز‬ ‫اجليش على الفصل بينهما ما‬ ‫سوف يقحمه في النزاع الذي‬ ‫قد يتجاوز احلدود كما كان‬ ‫احلال في السابق وتدخل البالد‬ ‫في اجملهول >‬

‫احلالة‬

‫أزمة متفاقمة‬

‫اإلجنازات‬

‫انتخاب رئيس جديد للبالد‬ ‫تشكيل حكومة جديدة تقود املرحلة‬

‫الفشل‬

‫استمرار سوء احلالة األمنية ‪ ،‬تصاعد دعوات انفصال اجلنوب‬ ‫عودة تنظيم القاعدة ومشكل احلوثيني‬

‫الرابحون‬

‫حزب املؤمتر الشعبي العام و أحزاب اللقاء املشترك‬

‫اخلاسرون‬

‫وحدة الشعب اليمني‬ ‫االقتصاد وسلطة الدولة‬

‫توصيات‬

‫التوصل الى توافق بني األحزاب والقبائل واجليش لبدء مرحلة انتقالية لبناء الثقة واعطاء فرصة‬ ‫للرئيس اجلديد لهيكلة القوات املسلحة ودمج أبناء القبائل في املنظومة األمنية ومؤسسات الدولة‬ ‫فتح حوار مع انفصاليي اجلنوب واحلوثيني والقاعدة قبل اللجوء للخيار األمني‬


‫ليبيا‬

‫بعد القذافي‪..‬‬ ‫الطريق ما زال طويال‬

‫ا لتقسيم‬

‫على الرغم من إسقاط نظام القذافي الذي كان‬ ‫يحكم البالد بقبضة حديدية‪ ،‬إال أن ليبيا ما زالت‬ ‫لم تتجاوز أزماتها بعد‪ ،‬فبعد أشهر عدة من اخلطة‬ ‫االنتقالية التي من املفترض أن تستغرق ‪ 18‬شهرا‪،‬‬ ‫من املستبعد أن تتحمل ليبيا فراغ السلطة‪ ،‬على‬ ‫الرغم من التوصل إلى تشكيل حكومة انتقالية في‬ ‫الثاني والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) املاضي‪،‬‬ ‫وجناحها في االفراج عن بعض األموال اجملمدة‪ .‬فليبيا‬ ‫اآلن تفتقر للقدرات السياسية واإلدارية‪ ،‬التي توارت‬ ‫مع سقوط النظام السابق‪ .‬بيد أن املسألة اجلوهرية‬ ‫في هذا البلد تتعلق بالسالح غير املنضبط واملتاح‬ ‫في سائر البالد‪ .‬فاحلكومة املؤقتة تبدو اآلن عاجزة‬ ‫متاما عن انهاء املظاهر املسلحة‪ ،‬وجمع األسلحة‬ ‫من امليليشيات‪ ،‬على الرغم من ضربها مواعيد لذلك‪،‬‬ ‫وحتذيرها للميليشيات بصورة متكررة‪ .‬فمازالت اليد‬ ‫الطولى للميليشيات‪ ،‬فهي تسيطر على املؤسسات‬ ‫العامة‪ ،‬واألماكن احليوية من مطارات ومعسكرات‪،‬‬ ‫ويبدو واضحا أن احلكومة غير قادرة على إعادة هذه‬ ‫املؤسسات لهيبة الدولة وسيادتها‪.‬‬ ‫وقد عبرت شخصيات ليبية عن مخاوفها بشأن الصراع‬ ‫بني الفصائل املتحاربة منذ االطاحة بالنظام السابق‪،‬‬ ‫وقد ثبت أن هذه اخملاوف في محلها‪ ،‬فقد حدث قتال‬ ‫عنيف بني امليليشيات في طرابلس التي توجد فيها‬ ‫ميليشيات من مدن عدة أخرى‪ ،‬وهذا ما جعل التصادم‬ ‫أمرا حتميا‪ .‬كما حتصن العديدون في معاقلهم خارج‬ ‫العاصمة أيضا‪ .‬وهذه امليليشيات لها قواعد قوية‬ ‫في قبائلها‪ ،‬خاصة ميليشيات الزنتان‪ ،‬التي تدعمها‬ ‫قبائل أخرى قوية‪ ،‬والتي ما زال سيف اإلسالم القذافي‬ ‫محتميا بها‪ .‬وكمثال على ذلك ما حدث من تصادم بني‬ ‫قوات العقيد الركن حفتر وبعض امليليشيات‪.‬‬ ‫إال أن عملية ملء فراغ السلطة ليست عملية سهلة‪.‬‬ ‫فبعد ‪ 42‬عاما من احلكم الشمولي‪ ،‬فإن األمر يحتاح‬ ‫إلى وقت لتأسيس بنية حتتية سياسية تتفق مع‬ ‫املعايير األساسية للشرعية الشعبية واحلوكمة‬ ‫الرشيدة‪ ،‬وهما املعياران األساسيان اللذان ترغب‬ ‫حكومة عبدالرحيم الكيب أن متيز عبرهما نفسها عن‬ ‫نظام القذافي‪.‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬فإن التحدي ال يتعلق فقط بالنمو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وهي املهمة السهلة نسبيا‪ ،‬أخذا في‬ ‫االعتبار أن ليبيا غير غارقة في الديون اخلارجية‪ ،‬وأن‬ ‫احتياطيها الهائل من البترول والغاز على مرمى حجر‬ ‫من األسواق األوروبية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يجب على اقتصاد‬ ‫ليبيا أن يوفر فرص عمل ميكنها من حتفيز الطلب‬ ‫احمللي‪ ،‬وضخ األموال في االقتصاد احمللي‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫كما أن حكومة عبد الرحيم الكيب التي تولت مهامها‬ ‫في ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،2011‬تدرك متاما أزمة النقص احلاد‬ ‫لإلسكان‪ ،‬والذي كان من العوامل األساسية لقيام‬ ‫ثورة ‪ 17‬فبراير (شباط)‪ ،‬وقد تفاقمت بعد الدمار الذي‬ ‫أحدثته احلرب‪ .‬وهي تعد من العوامل األساسية التي‬ ‫ميكنها إشعال االحتجاجات مرة أخرى‪.‬‬ ‫عالوة على أن احلكومة تعاني من عدد من‬ ‫املعضالت‪ .‬فعلى الرغم من أنه يجب‬ ‫إقناع امليليشيات بنزع سالحها وتأييد‬ ‫احلكومة‪ ،‬إال أن املشكلة تظل كامنة‬ ‫في وجود بديل‪ ،‬فلم يؤسس اجليش‬ ‫بعد ليستلم األمر‪ .‬كما يجب ملء فراغ‬ ‫السلطة بأسرع وقت ممكن‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫يحتاج إلى وقت لتأسيس مؤسسات‬ ‫سياسية شرعية والتفاوض على‬ ‫الدستور اجلديد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن االقتصاد يحتاج‬ ‫إلى دفعة قوية‪ ،‬يجب توخي احلذر‬ ‫لضمان أن يصبح النمو االقتصادي‬ ‫شامال‪ ،‬وأن يتم توزيع الثروات التي‬

‫تنجم عنه بشكل عادل‪ .‬كما أن منو معدالت البطالة‬ ‫ميكنه أن يسفر عن كارثة‪.‬‬ ‫وأخيرا فإن ما آلت إليه األمور مؤخرا من دعوات إلى‬ ‫النظام الفيدرالي‪ ،‬بإعالن برقة في السادس من‬ ‫الشهر اجلاري (مارس‪ /‬آذار) يعد خطرا داهما يهدد‬ ‫وحدة البالد وأمنها وسيادتها‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫وقوف أغلبية الليبيني ضد هذا اإلعالن‪،‬‬ ‫واالحتجاجات اجلماهيرية التي‬ ‫شهدتها البالد‪ ،‬إال أن ذلك‬ ‫يظهر مبا ال يدع مجاال‬ ‫للشك‪ ،‬أن النظام السابق‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من مركزية‬ ‫حكمه ودكتاتوريته‪ ،‬كان‬ ‫صارما وعنيدا في مسألة‬ ‫الوحدة الوطنية‪ .‬وما لم‬ ‫تتدارك احلكومة املؤقتة‬ ‫هذا األمر‪ ،‬وتعاجله سريعا‪،‬‬ ‫فإن ليبيا ستكون من الدول‬ ‫الفاشلة العاجزة عن‬ ‫ضبط شؤونها وحدودها‬ ‫وحلمتها الوطنية >‬

‫احلالة‬

‫األزمة املستمرة‬

‫اإلجنازات‬

‫تعيني رئيس للوزراء‬ ‫استئناف إنتاج البترول‬

‫الفشل‬

‫تأمني السالح وعودة سلطة الدولة‪ ،‬اجلدول الزمني للخطة االنتقالية‬ ‫التعذيب واالحتجاز دون محاكمات‬

‫الرابحون‬

‫اجمللس الوطني االنتقالي‪ ..‬والقبائل‬

‫اخلاسرون‬

‫الشعب الليبي بجميع مكوناته‬ ‫االقتصاد والوحدة الوطنية‬

‫توصيات‬

‫نزع السالح من الثوار واتفاق القبائل على تغليب مصلحة البالد على ما سواها والتأكيد‬ ‫على الوحدة الوطنية بعيدا عن االنتقام والتشفي‪ ،‬تعزيز الشفافية في قطاع النفط مبا‬ ‫يسمح بإعادة البناء واإلعمار والتوزيع العادل للثورة‬

‫‪31‬‬


‫احلرب والسالم‬ ‫‪Egypt‬‬

‫‪STANDARDIZED‬‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫‪CORRECT PROPORTIONS‬‬

‫مصر‬

‫اجليش مع الدولة‪..‬‬ ‫الشعب ضد اجليش‬

‫الفوضى‬

‫لقد تبني مبا ال يدع مجاال للشك أن اجليش املصري هو‬ ‫العمود الفقري للدولة املصرية‪ .‬فعلى الرغم من متكن‬ ‫اجلماهير من إنهاء حكم الرئيس السابق حسني‬ ‫مبارك إال أن الطريق ما زال شاقا أمام التخلص من‬ ‫حكم العسكر في مصر‪ .‬وما زالت املواجهات حتدث‬ ‫بني اجمللس العسكري املصري واملتظاهرين‪ .‬كما‬ ‫يعاني االقتصاد املصري من حالة جمود‪.‬‬ ‫بدا لفترة وجيزة أن مصر ستنهض بسرعة من كبوتها‬ ‫بعد الثورة التي أطاحت الرئيس السابق مبارك بعد ‪30‬‬ ‫عاما من احلكم‪ .‬وبعد ‪ 18‬يوما من املعارك املستعرة‬ ‫التي حولت أكبر ميادين القاهرة‪ ،‬ميدان التحرير‪ ،‬إلى‬ ‫كومة من األنقاض‪ ،‬خرج املصريون بكامل قوتهم في‬ ‫الصباح التالي لتنحي مبارك من أجل تنظيف الشوارع‬ ‫ومسح الرسوم والكتابات عن اجلدران‪ ،‬حيث بزغ فجر يوم‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫ولكن بعد مرور أكثر من عام وتغيير ثالثة رؤساء‬ ‫حكومة‪ ،‬لم تنعكس السرعة التي ظهرت في عملية‬ ‫تنظيف املدينة على جتديد نظام احلكم‪.‬‬ ‫وفي أكتوبر (تشرين األول) املاضي‪ ،‬اشتبك مسيحيون‬ ‫أقباط مع اجليش املصري‪ ،‬مما أسفر عن مقتل عشرات‬ ‫من املتظاهرين‪ .‬وفي نوفمبر (تشرين الثاني)‪ ،‬وصلت‬ ‫التوترات إلى أقصى مداها عندما استعاد املتظاهرين‬ ‫ميدان التحرير‪ ،‬وخاضوا معارك دموية ضد اجليش‬ ‫املصري الذي كان في املاضي حاميا لثورة الشعب‪.‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬حاز فوز األحزاب اإلسالمية في االنتخابات‬ ‫التي أجريت في ديسمبر (كانون األول) على استحسان‬ ‫من أثنوا على العملية الدميقراطية‪ ،‬ولكنه واجه شعورا‬ ‫باحلذر لدى من يخشون وقوف األفكار احملافظة عقبة‬ ‫أمام التقدم في دولة ما زالت أوضاعها غير مستقرة‪.‬‬ ‫وأدت حمالت االعتقال واحملاكمات والسجن لنشطاء‬ ‫ذوي شعبية على يد اجليش‪ ،‬إلى ارتفاع املطالب باإلنهاء‬ ‫الفوري حلكم العسكر‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬وفي فبراير‬ ‫(شباط)‪ ،‬دفعت املشاهد املفجعة التي ظهرت في‬ ‫مباراة كرة القدم بني فريقي األهلي واملصري التي أجريت‬ ‫في بورسعيد‪ ،‬وقتل فيها نحو ‪ 74‬شخصا‪ ،‬املتظاهرين‬ ‫إلى اخلروج في جميع أنحاء البالد‪ ،‬وكانت مشاعر‬ ‫الغضب املنتشرة منصبة على اجليش‪.‬‬ ‫وبإلقاء نظرة سريعة على االقتصاد املصري جند أنه في‬ ‫‪ 25‬يناير عام ‪ ،2011‬عندما اتضح حجم املظاهرات التي‬ ‫تطالب بإنهاء حكم مبارك‪ ،‬انخفضت أرباح البورصة‬ ‫‪30‬‬

‫املصرية مبقدار ‪ 6.25‬في املائة‪ .‬وعند نهاية التعامالت‬ ‫في ‪ 27‬يناير‪ ،‬انخفض املؤشر الرئيسي للبورصة (إيجي‬ ‫إكس ‪ )30‬بنسبة ‪ 16‬في املائة‪ .‬وفي ذلك اليوم‬ ‫أغلقت البورصة واستمر إغالقها طوال فترة‬ ‫قياسية استمرت ‪ 54‬يوما‪ .‬وأعيد فتح‬ ‫البورصة في ‪ 23‬مارس (آذار) لتقابل‬ ‫يوما آخر من اخلسائر (‪ 8.9‬في املائة‬ ‫لدى إعادة االفتتاح)‪ .‬ووصل إجمالي‬ ‫اخلسائر التي كلفتها الثورة املصرية‬ ‫للبورصة ‪ 45‬في املائة من‬ ‫حجمها‪ .‬رمبا تعوض الطمأنة‬ ‫البطيئة واملستمرة بتضاؤل‬ ‫التغييرات معظم تلك‬ ‫اخلسائر‪ ،‬ولكن لن يحدث‬ ‫ذلك إال إذا ابتعد شبح‬ ‫التهديد بغلق البورصة‪.‬‬ ‫اليوم وقد فاز «اإلخوان‬ ‫املسلمون» ومعهم‬ ‫«السلفيون» بغالبية‬ ‫مقاعد مجلس الشعب‪،‬‬ ‫وبعد حتديد مايو موعدا‬ ‫النتخاب رئيس جديد‬

‫للجمهورية‪ ،‬كان من املفروض أن تعود عجلة االقتصاد‬ ‫الى الدوران‪ ،‬لكن الوضع االقتصادي‬ ‫عينه العسكر‪،‬‬ ‫الذي‬ ‫وعجز حكومة اجلنزوري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫على تقدمي مخططات إصالح شامل‬ ‫القتصاد منهار‪ ،‬وانقسام اجملتمع بني‬ ‫مساند لالسالميني ونهجهم وبني‬ ‫«كاره» خلياراتهم اجملتمعية وملا‬ ‫ميثلونه في بلد متعدد األديان‪ ،‬كل‬ ‫هذا‪ ،‬مع انقالب «شباب الثورة»‬ ‫على العسكر‪ ،‬ينذر بفوضى قادمة‪.‬‬ ‫فوضى قد ال يستطيع أحد أن‬ ‫يسيطر عليها في قادم األيام إذا‬ ‫ما متسك اجليش باحلكم وانخدع‬ ‫االسالميون بنتائج االنتخابات‬ ‫واستمر تشرذم اجملتمع املدني‬ ‫واألحزاب اللبرالية والعلمانية‬ ‫وعجزها على التحالف‬ ‫وتكوين جبهة ميكن لها‬ ‫معادلة «االسالميني» في‬ ‫الشارع وطمأنة «مسيحيني»‬ ‫للتو رئيس كنيستهم‬ ‫فقدوا‬ ‫ّ‬ ‫و«ممتص» غضبهم >‬ ‫ّ‬

‫احلالة‬

‫تقدم ضعيف‬

‫اإلجنازات‬

‫إجراء انتخابات برملانية‬ ‫حتديد تاريخ الجراء انتخابات رئاسية‬

‫الفشل‬

‫عدم نقل السلطة من اجمللس األعلى للقوات املسلحة إلى حكومة مدنية ‪ ،‬بطء في محاكمة رموز‬ ‫النظام السابق ‪ ،‬خسائر اقتصادية فادحة‪.‬‬

‫الرابحون‬

‫األحزاب اإلسالمية‪ ،‬وعلى رأسها حزب احلرية والعدالة التابع جلماعة اإلخوان املسلمني وحزب النور‬ ‫السلفي‬

‫اخلاسرون‬

‫األحزاب اللبرالية التقليدية واألقباط‬ ‫االقتصاد املصري‬

‫توصيات‬

‫وضع جدول زمني لتسريع العملية االنتقالية تنتهي بعودة العسكر الى ثكناتهم و تشكيل جلنة‬ ‫حتقيق محايدة من أجل احملاسبة ومن ثم املصاحلة‪.‬‬ ‫انقاذ االقتصاد عبر استعادة االنضباط واألمن وعودة االستثمار اخلارجي وإقامة مشروعات تنموية حقيقية‬


‫‪Tunisia‬‬ ‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫‪CORRECT PROPORTIONS‬‬

‫تونس‬

‫أوّل الثائرين‪..‬‬ ‫أوّل الناجني!‬

‫الربيع‬

‫على الرغم من التقدم الذي حتقق في تونس منذ‬ ‫اإلطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي‪ ،‬إال‬ ‫أن البالد ما زالت تواجه صعوبات وحتديات هائلة‪،‬‬ ‫على رأسها الوضع االقتصادي املتردي‪ ،‬الذي زاد من‬ ‫تفاقم االحباط بخاصة وقد ارتفع عدد العاطلني‬ ‫عن العمل الى قرابة املليون عاطل وما تسببه ذلك‬ ‫من احتجاجات واعتصامات وقالقل أمنية بني احلني‬ ‫واآلخر‪.‬‬ ‫في احلقيقة‪ ،‬كانت تونس‪ ،‬على الرغم مما تشهده من‬ ‫اضطرابات هنا وهناك‪ ،‬أول دول الربيع العربي‪ ،‬ورمبا‬ ‫الوحيدة‪ ،‬التي استطاعت أن يكون فيها التحول‬ ‫سلسا وغير مكلف كثيرا‪ .‬ساهم التنظيم الفعال‬ ‫نسبيا لالنتخابات الوطنية في أكتوير ‪ 2011‬في‬ ‫انتخاب مجلس تأسيسي مكلف كتابة دستور‪،‬‬ ‫وفي الوقت املناسب يجب أن يساعد وضع دستور‬ ‫جديد على حتقيق االزدهار في البالد‪ .‬كما أن تعيني‬ ‫منصف املرزوقي رئيسا للجمهورية وحمادي اجلبالي‬ ‫رئيسا للوزراء أعطى نوعا من االستقرار وساهم في‬ ‫التهدئة‪.‬‬ ‫تعيني اجلبالي أمني عام حزب حركة النهضة اإلسالمي‬ ‫رئيسا للوزراء خلفا للباجي قائد السبسي الذي قاد‬ ‫البالد حتى االنتخابات التشريعية التي أفرزت اجمللس‬ ‫التأسيسي‪ ،‬دفع بعض األحزاب العلمانية ومنظمات‬ ‫اجملتمع املدني الى مهاجمة احلكومة وكل خياراتها‪،‬‬ ‫فقط من أجل افشال جتربة االسالميني في احلكم‪.‬‬ ‫لذلك جتد حكومة النهضة‪ ،‬الى جانب أزمة اقتصادية‬ ‫حادة واعتصامات واضرابات عشوائية ومخاطر أمنية‬ ‫بخاصة تلك القادمة من اجلارة ليبيا‪ ،‬معارضة داخلية‬ ‫قد تفشل كل مساعيها لقيادة السفينة في الفترة‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬وقياسا بدول الربيع العربي األخرى‪ ،‬جنحت‬ ‫تونس في كثير من مساعيها للخروج من أزمتها‬ ‫وميكن أن تكون أول الناجني من دول الربيع العربي‪.‬‬ ‫لكن على الرغم من هذه النجاحات‪ ،‬لم تتم معاجلة‬ ‫مشاكل االقتصاد الوطني املتعثر وحالة االستياء‬ ‫البالغ من ارتفاع معدل البطالة‪ ،‬وهو السبب‬ ‫األصلي للثورة‪.‬‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬يجب على تونس في الوقت احلالي‬ ‫حتقيق املصاحلة الوطنية وتغليب جميع األطراف‬ ‫املصلحة العامة من أجل اخلروج من حالة األزمة التي‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫قد تفشل جتربة فريدة من نوعها في العالم العربي‪.‬‬ ‫إن التغيير لن يكون بني يوم وليلة‪ ،‬ولكنه يحتاج إلى‬ ‫وقت‪ ،‬فينبغي أوال أن تصل البالد كلها إلى مرحلة‬ ‫القبول بصعود حزب النهضة اإلسالمي‪ ،‬وهي اجلماعة‬ ‫التي حققت أفضل مكاسب بعد جناح الثورة‪ ،‬وتصدرت‬ ‫نتائج االنتخابات‪ ،‬إثر خيبة األمل التي رمبا‬ ‫شعرت بها األحزاب اللبرالية واليسارية‪ ،‬ما‬ ‫دفعها الى رفض كل ما تقوم به احلكومة‬ ‫بل ومحاولة عرقلة عملها بكل الطرق‬ ‫والوسائل‪ ،‬الدميقراطية منها وغير‬ ‫الدميقراطية‪.‬‬ ‫رمبا تتمثل أفضل سياسة تتبعها‬ ‫البالد في املستقبل في إصدار‬ ‫الرئيس اجلديد عفوا رسميا‬ ‫عمن كانت لهم صلة‬ ‫بالنظام القدمي‪ ،‬وذلك‬ ‫من أجل تعزيز عملية‬ ‫املصاحلة ومساعدة البالد‬ ‫على التغلب على أزمتها‬ ‫االقتصادية‪ ،‬عن طريق‬

‫االستفادة من خبرة األعضاء السابقني في احلزب‬ ‫احلاكم القدمي الذين لم يثبت تورطهم في فساد‬ ‫مالي أو تعذيب‪ .‬ومن احلكمة أيضا إجراء استفتاء‬ ‫من أجل احلفاظ على اإلجنازات العلمانية التي‬ ‫حتققت في املاضي ما قد يطمئن املتشككني في‬ ‫نيات النهضة بخاصة مع ظهور تيار سلفي متطرف‬ ‫ّ‬ ‫بدأ «يفسد» على النهضة خطابها‬ ‫التطميني‪ .‬على الرغم من كل‬ ‫ما يحدث فإنه يحق لتونس أن‬ ‫تفخر بأنها أول من أطلق شرارة‬ ‫الثورات وأن بداخلها مجتمع‬ ‫حي ناضل من أجل اسقاط نظام‬ ‫بن علي وهو اآلن يناضل من‬ ‫أجل احملافظة على مكتسبات‬ ‫اجلمهورية بخاصة حقوق املرأة‬ ‫وقانون األسرة‪ .‬لكن املهم أن‬ ‫يحافظ التونسيون جميعهم على‬ ‫الثورة ومكتسباتها ويبتعد‬ ‫والغلو‪،‬‬ ‫اجلميع على التطرف‬ ‫ّ‬ ‫ويهب العالم ملساعدة جتربة‬ ‫ّ‬ ‫إن جنحت تكون مثاال يحتذى‬ ‫عربيا وإسالميا>‬

‫احلالة‬

‫تقدم معتدل‬

‫اإلجنازات‬

‫إجراء انتخابات مجلس تأسيس‬ ‫تعيني رئيس جديد ورئيس وزراء‬

‫الفشل‬

‫عدم توافق األطراف السياسية‪ ,‬ضعف االقتصاد‪,‬‬ ‫استياء شعبي بسبب البطالة‬

‫الرابحون‬

‫حزب حركة النهضة‬

‫اخلاسرون‬

‫سكان املناطق احملرومة‬ ‫األحزاب اليسارية واللبرالية‬

‫توصيات‬

‫مصاحلة وطنية حقيقية عبر إصدار عفو عن أعضاء احلزب احلاكم السابق غير املرطني في‬ ‫جرائم‪ ،‬ألن معظمهم تكنوقراط مؤهلون والبالد في حاجة إلى خبراتهم‬ ‫إجراء استفتاء شعبي للتأكيد على اإلجنازات التي حتققت في املاضي في شؤون املرأة واألسرة‬

‫‪29‬‬


‫احلرب والسالم‬

‫في ‪ 14‬يناير (كانون‬ ‫الثاني) عام ‪،2011‬‬ ‫اضطر أول رئيس عربي‬ ‫للفرار وترك السلطة‪،‬‬ ‫حتت وطأة االحتجاجات‬ ‫الشعبية العارمة‪،‬‬ ‫لتشهد األشهر االثنا‬ ‫عشر التالية فترة‬ ‫تاريخية ما زالت‬ ‫املنطقة بأسرها متأثرة‬ ‫بها وبنتائجها‪ ،‬بيد أن‬ ‫معالم هذه املرحلة‬ ‫لم ترتسم بشكلها‬ ‫النهائي إلى حد اآلن‬ ‫وقد دخلنا عاما جديدا‬ ‫ما زالت الدماء تسيل‬ ‫فيه بغزارة والغموض‬ ‫سيد املوقف‪.‬‬ ‫ّ‬

‫دول الربيع العربي‪ ..‬نار البوعزيزي لم تخمد بعد‬

‫سنة أولى ثورة‬ ‫كانت البداية في ‪ 17‬ديسمبر (كانون األول) عام ‪ ،2010‬عندما أشعل التونسي‬ ‫محمد البوعزيزي النار ليس في جسده فقط‪ ،‬بل في املنطقة بأسرها‪ .‬لقد سكب‬ ‫البوعزيزي على جسده الوقود‪ ،‬وأمت العملية بعود ثقاب‪ ،‬احتجاجا على حياة الذل‬ ‫واملهانة التي اججتها الصفعة التي تلقاها من شرطية‪ .‬وبوفاة البوعزيزي بعد‬ ‫أسبوعني من احلادث‪ ،‬خرجت حشود التونسيني إلى الشوارع لتعلن «ثورة احلرية‬ ‫والكرامة» التي قامت من أجله ومن أجل بقية الكادحني‪ ،‬الذين كوتهم البطالة‬ ‫وارتفاع األسعار‪ ،‬والفساد واحلرمان‪ ،‬فيما بدت احلكومة املستبدة غير مبالية‬ ‫مبعاناتهم‪.‬‬ ‫كانت جنائز القتلى الذين سقطوا في االشتباكات مع قوات األمن نقاط اشتعال‬ ‫ملزيد من املعارك‪ .‬ووقع مزيد من االشتباكات في بلدات صغيرة مماثلة ملسقط رأس‬ ‫البوعزيزي في سيدي بوزيد‪ .‬ووقعت حوادث أخرى في جميع أنحاء املنطقة على‬ ‫مدار األسابيع التالية‪ ..‬حتى انتصر الشعب على جالديه وكان الهروب الكبير‪.‬‬ ‫وجاءت مصر لتحول «ثورة احلرية والكرامة» إلى «ثورة فيس بوك» أو هكذا أرادها‬ ‫اإلعالم‪ ،‬عندما اتخذ املتظاهرون‪ ،‬الذين نظموا أنفسهم عبر مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬من ميدان التحرير نقطة جتمع لثورتهم‪ .‬وإزاء الزخم الشعبي‬ ‫املتصاعد واملتواصل‪ ،‬اضطر رئيس عربي آخر للتنحي عن السلطة في ‪ 11‬فبراير‬ ‫(شباط)‪ .‬وانتشرت االحتفاالت في كل مكان‪ ،‬وانسحب كل الى بيته على شعار‬ ‫«الشعب واجليش يد واحدة»‪ ..‬بعدها بعام واحد امتأل امليدان مجددا وحتول الشعار‬ ‫الى «يسقط حكم العسكر»‪.‬‬ ‫لم ميض شهر على تلك األحداث‪ ،‬حتى أثارت الطائرات املقاتلة فوق بنغازي ومصراتة‬ ‫والبريقة في ليبيا‪ ،‬شعورا ثقيال بالفزع لدى الناس في هذه املدن‪ .‬وحتول املتظاهرون‬ ‫‪28‬‬

‫إلى ثوار مسلحني‪ ،‬وكان لكثرة السالح الذي غنموه من معسكرات اجليش األثر‬ ‫الكبير في قلب موازين القوى‪ ،‬واحلد من خطورة كتائب القذافي‪ .‬وكان ملقتل‬ ‫اآلالف في ليبيا دور في ظهور القوى الغربية وتدخل الناتو بدعم عربي من اجلامعة‬ ‫العربية‪ ،‬وحسم الصراع لصالح الثوار‪ .‬بيد أن هذه األحداث كشفت النقاب عن‬ ‫الوجه العنيف للربيع العربي‪ :‬حيث أصبح املتظاهرون السلميون الذي يحملون‬ ‫الالفتات االحتجاجية ثوارا يحملون قذائف آر بي جي‪ ،‬ويقودون الدبابات‪ .‬جنح الثوار‬ ‫لتغيره‪.‬‬ ‫ومتكنوا من «قائد الثورة» واغتالوه في مشهد أساء لكل ما جاءت الثورة‬ ‫ّ‬ ‫انتهى القذافي وانتهت دولته وبدأ عصر جديد من الفوضى والسالح والعصبية‬ ‫القبلية‪ ..‬والتقسيم‪.‬‬ ‫في اليمن‪ ،‬وبعد أكثر من عام‪ ،‬من القتل والدموع وكثير من العناد والتعنت‪،‬‬ ‫انسحب الرئيس علي عبداهلل صالح ليخلفه نائبه عبدربه منصور هادي‪ ‬على‬ ‫رأس دولة زاد فقرها وفقر سكانها‪ ،‬دولة يريد جنوبها أن ينفصل متنصال من وحدة‬ ‫تبدو اليوم وهمية ويستعد شمالها حلرب أهلية يختلط فيها السني بالشيعي‬ ‫بالقبلي بالعربي بالفارسي ومبا ال نعرف‪ .‬أما في سوريا فتستمر حملة التقتيل‬ ‫ويواصل النظام حصد أرواح شعبه‪ ،‬وال أحد يبالي‪ ،‬اللهم كثير من الشجب واإلدانة‬ ‫واملؤمترات‪ ..‬وسحب السفراء‪.‬‬ ‫لقد كان طريقا طويال وشاقا ذلك الذي مر ّ به الشرق األوسط في عام ‪.2011‬‬ ‫وبدخول ‪ ،2012‬ال توجد إجابة حاسمة عن سؤال أساسي‪ :‬ما هو التالي وما مصير‬ ‫هذا الربيع؟ في هذا امللف‪ ،‬تسأل «اجمللة»‪ :‬من الفائز؟ ومن اخلاسر؟ وماذا ينبغي‬ ‫أن يحدث اآلن؟‬




‫كما أنه لم يكن أبدا جيشا عقائديا تابعا حلزب أو‬ ‫تيار‪ ،‬وال يشتغل ضباطه بالسياسة‪ ،‬ولم يسمح‬ ‫بتغلغل تيارات دينية داخله‪ .‬ويذكر البعض أن‬ ‫قياداته لم تتحفظ أبدا عندما قام الرئيس مبارك‬ ‫بتعديل املادة ‪ 76‬من الدستور عام ‪ ،2005‬لينهي‬ ‫تقريبا فكرة تولي العسكريني الرئاسة‪ ،‬بل على‬ ‫العكس رمبا شعر بعضهم بأن الرئيس املدني‬ ‫سيكون أفضل‪ ،‬ألنه قد يكون أكثر قابلية للضغط‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫أحد أهم محددات املستقبل كذلك‪ ،‬هو عدم امليل‬ ‫إلى التدخالت العنيفة في املشكالت السياسية‬ ‫إال عندما تتحول إلى «أزمات عنيفة»‪ ،‬فرغم كل‬ ‫النقاش املثار حاليا حول اجليش والسلطة‪ ،‬فإن‬ ‫اجليش املصري لم يتدخل بعنف‪ ،‬قبل ثورة يناير‬ ‫‪ 2011‬سوى في حاالت محدودة للغاية‪ ،‬أهمها‬ ‫انتفاضة اخلبز في يناير ‪ ،1977‬ومترد قوات األمن‬ ‫املركزي عام ‪ ،1986‬وفي احلالتني تدخل وفق شروط‬ ‫أو ضوابط محددة‪ ،‬وعادت القوات بعدها إلى الثكنات‬ ‫دون تردد‪ ،‬رغم أنها كانت قد سيطرت على الشوارع‪،‬‬ ‫ويقال أن املشير أبو غزالة قد سئل مرارا من جانب‬ ‫املقربني منه‪ ،‬عن سبب عودته إلى الثكنات‪.‬‬ ‫ويقرر بعض قدامى العسكريني في مصر أن ما‬ ‫قام به اجليش في يناير ‪ ،2011‬كان خياره «بحكم‬ ‫تصميمه»‪ ،‬فهو أقرب إلى «املدرسة اإلجنليزية»‪ ،‬ال‬ ‫تتضمن عقيدته أو تدريبه مواجهة الشعب‪.‬‬ ‫إن كل ذلك يدفع في اجتاه واحد‪ ،‬وهو أن اجليش‬ ‫املصري لن يواجه صعوبة في العودة إلى الثكناث‪،‬‬ ‫والعمل كجيش محترف‪ ،‬ضمن نظام مدني‪ ،‬ألنه‬ ‫كان – كجيش – دائما في الثكنات‪ ،‬ولم يتبرم‬ ‫منها‪ ،‬ولديه مهمة داخلها‪ ،‬إال أن مسيرته ارتبطت‬ ‫مبجموعة من التعقيدات‪ ،‬التي سيكون على اجلميع‬ ‫أن يجدوا لها حلوال عملية‪ ،‬فوفقا لكثير من عقالء‬ ‫القوم القالئل في مصر‪ ،‬فإنه إذا عاد اجليش من‬ ‫دون ترتيبات متفق عليها‪ ،‬بشكل جاد‪ ،‬ستواجه‬ ‫اجلمهورية املصرية الثانية مشكلة‪ ،‬ستظل‬ ‫مكتومة‪ ،‬أهم تلك التعقيدات ما يلي‪:‬‬ ‫‪ – 1‬أن اجليش ميثل‪ ،‬مثل كل جيوش العالم‪،‬‬ ‫جماعة مصلحة‪ ،‬باملعنى املعتاد لها‪ ،‬إال أنها‬ ‫نافذة ومسلحة‪ ،‬فال يزال طلبة العلوم السياسية‬ ‫يدرسون تعبير أيزنهاور الشهير حول «اجملمع‬ ‫الصناعي – العسكري»‪ ،‬إذ أن لديه أوضاعا خاصة‬ ‫و«فئوية» بشأن ميزانياته وتسليحه وأفراده‬ ‫العاملني واملتقاعدين‪ ،‬وأسراره‪ ،‬ثم مستشفياته‬ ‫وشركاته‪ ،‬والعاملني في مؤسسات الدولة من‬ ‫الضباط السابقني‪.‬‬ ‫وتتمثل املشكلة هنا في أن كل جماعات املصالح‬ ‫في العالم ترغب في أن تستمر في إدارة شؤونها‬ ‫كما اعتادت عليه‪ ،‬كما أن بعض تلك «املصالح»‬ ‫قد اتسعت لدرجة أثارت جدال‪ ،‬حول ما إذا كانت قد‬ ‫جتاوزت احلد املطلوب الحتياجات الدفاع الوطني في‬ ‫حاالت الطوارئ احلربية القصوى‪ ،‬لكنه ليس مثل‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴني‬ ‫ﻃﻨﻄﺎوي ﺳﻠﻴامن‬

‫«اجليش الباكستاني» الذي ميثل دولة داخل دولة‪،‬‬ ‫فالقضية أنه يحتاج إلى «توفيق أوضاع» في ظل‬ ‫جمهورية مختلفة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أن لديه مهمة تقليدية‪ ،‬كان متخصصون‬ ‫حقيقيون يختلفون حولها‪ ،‬تتمثل في حماية‬ ‫الشرعية الدستورية‪ ،‬سواء على أسس النص‬ ‫الدستوري أو العرف السياسي أو كونها القوة‬ ‫املنظمة األكبر تسليحا واألكثر حيادا في الدولة‪،‬‬ ‫أو بحكم طبائع األمور‪ ،‬وتشير املواجهات اجلادة‬ ‫التي جرت بني قيادة اجليش ورئاسة الدولة في األيام‬ ‫األخيرة لثورة ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬إلى أن فكرة حماية‬ ‫الشرعية أو تعريفها كان محل جدل‪ ،‬كما جتدد‬ ‫اجلدل بشدة حول نفس النقطة عندما طرحت‬ ‫املبادئ فوق الدستورية التى عرفت بإسم «وثيقة‬ ‫السلمي»‪ ،‬حول وضع اجليش‪.‬‬ ‫وأيا كان ما سيتم التوصل إليه بهذا الشأن‪ ،‬فإن‬ ‫تلك املسألة ستظل هامة في دولة لن تسير فيها‬ ‫األمور بشكل سلس‪ ،‬في ظل االختبارات احلادة‬ ‫التي تتم من جانب اإلخوان املسلمني‪ ،‬وفي ظل أنه‬ ‫كانت للجيش مفاهيم واسعة تتعلق مبا يعتبرها‬ ‫«املصالح العليا»‪ ،‬والتي متس شكل الدولة‬ ‫وسياساتها العامة‪ ،‬وعالقاتها اخلارجية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬أن اجليش قد دخل إلى اجلمهورية الثانية من‬ ‫باب الثورة‪ ،‬وتولى احلكم فعليا ألول مرة بشكل‬ ‫مباشر‪ ،‬وبقدر ما كان من املمكن أن يؤدي إليه‬ ‫ذلك من متتعه بأوضاع مواتية له‪ ،‬كجيش قومي‬ ‫وجماعة مصلحة وقيادة انتقالية‪ ،‬فإن األمور سارت‬ ‫في اجتاهات سيئة في كثير من األحوال‪ ،‬بفعل‬ ‫الطريقة املرتبكة التي أديرت بها املرحلة االنتقالية‪،‬‬ ‫والصدامات التي جرت خاللها‪ ،‬ورعونة بعض القوى‬ ‫السياسية‪ ،‬وحسابات بعض القوى الدينية‪ ،‬بحيث‬ ‫مت تداول عبارات سيئة‪ ،‬وأفكار سيئة‪ ،‬وبدا أحيانا أن‬ ‫هناك من يحاول وضع اجليش في زاوية‪ ،‬حتت اسم‬ ‫«اخلروج اآلمن»‪ ،‬دون تفكير عقالني في ما ميكن أن‬ ‫يترتب على السير في اإلجتاه املعاكس‪ ،‬فهناك مناخ‬ ‫مسمم‪ ،‬يحذر بعض احملللني احلقيقيني في مصر‪،‬‬ ‫من أن يخرج اجليش في إطاره دون تعامل حكيم‪،‬‬ ‫حتى لو كانت هناك ممارسات سيئة‪ ،‬وإال فما هو‬ ‫معنى السياسة بعيدا عن التسييس؟‬ ‫هنا‪ ،‬تتعقد األمور قليال‪ ،‬وال توجد أفكار بسيطة‪ ،‬وإمنا‬ ‫مؤشرات عامة‪ ،‬فلن يجد اجليش املصري مشكلة –‬ ‫كما متت اإلشارة ‪ -‬في أن يعود إلى الثكنات‪ ،‬تاركا‬ ‫وضع «اجليش احلاكم» ليعمل كجيش محترف في‬ ‫إطار مدني‪ ،‬بعيدا عن السياسة‪ ،‬فثقافته هكذا‪،‬‬ ‫لكن املشكلة املقلقة هي وجود شعور داخلي لدى‬ ‫اجمللس العسكري بأنه «إذا لم يهتم بالسياسة‪،‬‬ ‫فإن السياسة قد تهتم به»‪.‬‬ ‫وتوحي مالبسات وثيقة السلمي إلى أن قياداته رمبا‬ ‫كانت تفكر بجدية في منط «اجليش احلارس» ملدنية‬ ‫واستقرار الدولة‪ ،‬على غرار اجليش التركي قبل عام‬ ‫‪ ،2008‬لكن تشير التصريحات التالية املعدلة‬

‫رﺋﻴﺲ اﳌﺠﻠﺲ اﻷﻋﲆ‬ ‫ﻟﻠﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ‪،‬‬ ‫وزﻳﺮ اﻟﺪﻓﺎع واﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﺮيب‬ ‫ﰲ ﻣﴫ‬

‫‪ 31‬ﺗﴩﻳﻦ اﻷول‬ ‫)أﻛﺘﻮﺑﺮ( ‪:1935‬‬ ‫وﻟﺪ ﻷب ﻣﴫي ﻧﻮيب‬ ‫‪ :1956‬ﻳﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ وﻳﺤﻮز ﻋﲆ ﺷﻬﺎدة‬ ‫اﳌﺎﺟﺴﺘري ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪ .‬ﻣﻦ اﳌﺤﺎرﺑني اﻟﻘﺪاﻣﻰ‪،‬‬ ‫ﻗﺎد ﻛﺘﻴﺒﺔ ﻣﺸﺎة ﺧﻼل أزﻣﺔ اﻟﺴﻮﻳﺲ‬ ‫‪ :1973 ،1967‬ﻳﺸﺎرك ﰲ ﺣﺮب ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺮب اﻷﻳﺎم‬ ‫اﻟﺴﺘﺔ(‪ ،‬وﺣﺮب أﻛﺘﻮﺑﺮ )“ﺣﺮب ﻳﻮم اﻟﻐﻔﺮان“(‬ ‫‪ :1975‬ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻠﺤﻘﺎً ﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﳌﴫ ﰲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ﺛﻢ‬ ‫ﻻﺣﻘﺎً ﰲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن‬ ‫‪ :1991‬ﻳﻠﻌﺐ دورا ً رﺋﻴﺴﺎً ﰲ ﺣﺮب اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻷوﱃ‪،‬‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﻘﻮات اﳌﴫﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﺬي‬ ‫ﻳﺤﺮر اﻟﻜﻮﻳﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺰو اﻟﻌﺮاﻗﻲ‪ .‬ﻳﻌني وزﻳﺮا ً ﻟﻠﺪﻓﺎع‬ ‫‪ :1995‬ﻳﺼﺒﺢ ﻗﺎﺋﺪا ً ﻋﺎﻣﺎً ﻟﻠﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ اﳌﴫﻳﺔ‬ ‫‪ :2008‬ﺑﺮﻗﻴﺔ إﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ أﻣريﻛﻴﺔ ﻣﴪﺑﺔ ﺗﺼﻒ‬ ‫اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﳌﴫﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪميﺔ واﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺚ‬ ‫ﺷﺒﺎط )ﻓﱪاﻳﺮ( ‪ :2011‬ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎء ﻟﻌﺪم ﻗﻤﻊ‬ ‫اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﱪت اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﴫي‬ ‫ﺣﺴﻨﻲ ﻣﺒﺎرك ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺤﻲ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ‬ ‫اﻟﺼﻮر‪ :‬ﺟﺘﻲ‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫لقيادته أيضا إلى أن احلد االدنى بالنسبة لها هو‬ ‫اإلستمرار بنفس الوضع الدستورى السابق‪ ،‬الذي‬ ‫يتضمن كثيرا من األعراف السياسية‪ ،‬املتعلقة به‬ ‫كمؤسسة سيادية وجماعة مصلحة‪ ،‬مع مرونة‬ ‫مقيدة في ما يتعلق بشؤونه العسكرية‪.‬‬ ‫إن لدى اجليوش – كما يقال أحيانا – ستة أشكال‬ ‫للدفاع‪ ،‬الذي ميثل أكثر صور استخدام القوة‬ ‫شرعية‪ ،‬وعلى األرجح سوف تكون هناك «صيغة‬ ‫مصرية» يقوم من خاللها اجليش بدور «املراقب»‬ ‫من قرب‪ ،‬على مدى ‪ 24‬ساعة ملدة ‪ 7‬أيام فى‬ ‫األسبوع‪ ،‬ملا يدور حوله‪ ،‬إلى أن تتشكل األعراف‬ ‫اجلديدة‪ ،‬ومايبدو حتى اآلن هو أن قياداته التالية ملن‬ ‫سيتقاعدون مع انتخاب الرئيس اجلديد‪ ،‬سيكونون‬ ‫على استعداد للمرونة‪ ،‬في ما يتعلق مبستوى‬ ‫من الشفافية لعملهم‪ ،‬ومستوى من الهيكلة‬ ‫ملصاحلهم‪ ،‬بالتدريج والتجريب‪ ،‬وقد يتيح لهم‬ ‫البعد عن اللغط السياسي إمكانية حتقيق تقدم‬ ‫أمني حقيقي على احلدود وفي الداخل‪ ،‬مبا يخفف‬ ‫من تأثيرات صورة املرحلة االتنتقالية‪ ،‬إذا لم يتم‬ ‫استفزازهم كما يحدث مع وزارات ومؤسسات‬ ‫سيادية أخرى‪ ،‬ففي الثكنات العسكرية ميكن أن‬ ‫يكونوا أقوى‪ ،‬إذا لم يقترب أحد إلى مدى ال يحتمل‬ ‫من تلك الثكنات>‬ ‫د‪ .‬محمد عبد السالم ‪ -‬خبير متخصص فى دراسات‬ ‫األمن اإلقليمى‪ ،‬ورئيس حترير مجلة السياسة الدولية‪،‬‬ ‫مؤسسة األهرام‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫ما هو املوقع القادم للجيش في السياسة املصرية؟‬

‫قوة الثكنات‬

‫لم حتكم مصر أبدا "حكما عسكريا" مباشرا‪ ،‬على غرار ماحدث داخل قائمة طويلة من دول ميثل كثير منها قوى صاعدة في‬ ‫الوقت احلالي‪ ،‬كالبرازيل وإسبانيا وكوريا اجلنوبية وتركيا واألرجنتني وتشيلي واليونان‪ ،‬وغيرها‪ ،‬فليس لديها ميراث تاريخي من‬ ‫دساتير أو خبرات تتعلق بحكم عسكريني يستندون إلى القوات املسلحة في إدارة البالد‪ ،‬باستثناء فترة قصيرة حاول فيها‬ ‫الضباط األحرار عقب ثورة يوليو ‪ ،1952‬السيطرة على الدولة‪ ،‬على نحو أنتج الدستور املؤقت في فبراير ‪ ،1953‬الذي كان‬ ‫"جتريبيا"‪ ،‬واليتذكره أحد‪ .‬وألن املؤسسات حتكم بالسوابق أحيانا‪ ،‬فإن أحد تقييمات أداء املؤسسة العسكرية في أعقاب‬ ‫ثورة يناير ‪ ،2011‬يركز على تلك النقطة‪ ،‬وهي أنه ال توجد لديها سابقة حكم عسكري‪.‬‬ ‫د‪ .‬محمد عبد السالم‬ ‫لكن تلك «السابقة التجريبية» القصيرة تظل‬ ‫ذات أهمية‪ ،‬إذ أنها رتبت الشكل الذي اعتادت‬ ‫املؤسسة العسكرية على أن تتواجد في إطاره‬ ‫ضمن هيكل النظام السياسي لفترة طويلة تالية‪،‬‬ ‫فرغم أن التاريخ اليعيد نفسه ببساطة‪ ،‬إال أنه في‬ ‫تلك اآلونة أيضا‪ ،‬عانت الثورة من صراعات حادة‬

‫اجلي�ش امل�صري‬ ‫تنقسم القوات املسلحة املصرية إلى أربع أفرع‬ ‫رئيسة‪ ،‬هي قيادة الدفاع اجلوي املصري‪ ،‬القوات‬ ‫اجلوية املصرية‪ ،‬القوات البحرية املصرية‪ ،‬والقوات‬ ‫البرية املصرية وهي عاشر أكبر قوة عسكرية في‬ ‫يضم اجليش املصري حاليا ً حوالى‬ ‫العالم حيث‬ ‫ّ‬ ‫‪ 468500‬عنصر‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 479‬ألفا ً من‬ ‫االحتياط في حني بلغت ميزانيته العام ‪2009‬‬ ‫حوالى ‪ 6.5‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫كما توجد في مصر قوة شبه عسكرية حتت‬ ‫سيطرة وزارة الدخلية املصرية وهي قوات األمن‬ ‫املركزي وتبلغ ‪ 300000‬قوة كما يوجد قوات‬ ‫احلرس اجلمهوري وحرس احلدود ولكنها حتت‬ ‫سيطرة وزارة الدفاع‪.‬‬ ‫وزارة الدفاع هي القيادة العليا للقوات املسلحة‬ ‫وتندرج حتتها األفرع الرئيسية للقوات املسلحة‬ ‫مثل القوات اجلوية والقوات البحرية وقوات‬ ‫الدفاع اجلوى‪ ،‬وكذلك أيضا األسلحة املتنوعة‬ ‫للقوات البرية مثل املشاة واملدرعات واملهندسني‬ ‫العسكريني واملدفعية‪.‬‬ ‫القائد األعلى للقوات املسلحة والقائد العام‬ ‫للقوات املسلحة هو املشير محمد حسني طنطاوي‬ ‫ورئيس األركان هو الفريق سامي حافظ عنان‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫ممتدة بني العسكريني واملدنيني‪ ،‬ثم بني الدينيني‬ ‫والعسكريني‪ ،‬ثم بني العسكريني والعسكريني‪ ،‬عبر‬ ‫حركات عنيفة بني اجليش وكل من الوفد واإلخوان‪،‬‬ ‫ومتردات شهيرة داخل اجليش في املدفعية والفرسان‪،‬‬ ‫قبل أن يتمكن عبد الناصر من إعادة اجليش‪ ،‬الذي‬ ‫أتى هو منه‪ ،‬إلى الثكنات‪ ،‬في ظل صيغة حكمت‬ ‫القوات البريّة‪:‬‬ ‫ـ دبابات القتال الرئيسية‪ 3723 :‬مبا في ذلك‬ ‫‪ 973‬دبابة من طراز «أبرامز»‬ ‫ـ مركبات االستطالع ‪410:‬‬ ‫ـ عربات حربية مدرعة للمشاة‪610 :‬‬ ‫ـ ناقالت جند مصفحة‪4160 :‬‬ ‫ـ قطع املدفعية‪ 4480 :‬مبا في ذلك ‪ 492‬قطعة‬ ‫ذاتية الدفع و‪ 962‬قطعة يتم جرّها‬ ‫ـ قذائف مورتر‪2528 :‬‬ ‫ـ صواريخ الدفاع اجلوي أرض ‪-‬‬ ‫جو‪ 2100 :‬على األقل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ صواريخ تكتيكية أرض ‪ -‬أرض‪ :‬أكثر من ‪42‬‬ ‫القوات البحريّة‪:‬‬ ‫عدد األفراد‪ 18500 :‬مبن في ذلك اجملندون‬ ‫الغواصات‪ 4 :‬غواصات تكتيكية‬ ‫سفن حربية‪10 :‬‬ ‫سفن للدوريات الساحلية‪41 :‬‬ ‫القوات اجلوية‪:‬‬ ‫عدد األفراد‪ 30 :‬الفا ً بينهم عشرة آالف مجند‬ ‫عدد الطائرات القادرة على القتال‪ .461 :‬من بينها‪:‬‬ ‫‪ 165‬طائرة مقاتلة تضم ‪ 26‬طائرة «أف ‪ 16‬ايه»‬ ‫و‪ 12‬طائرة «اف ‪ 16‬بي» و‪ 74‬طائرة «ميغ ‪»21‬‬ ‫و‪ 53‬طائرة «ميراج»‪.‬‬ ‫مروحيات‪ 4 :‬طائرات مخابرات الكترونية كوماندو‬ ‫و‪ 125‬مروحية هجومية الكترونية‪.‬‬

‫العالقات املدنية ‪ -‬العسكرية في مصر‪ ،‬تسمى‬ ‫أحيانا «األوليجاركية العسكرية»‪ ،‬فقد ظل اجليش‬ ‫يعمل ويؤثر ويتوغل في هيكل الدولة‪ ،‬لكن ليس‬ ‫استنادا على قوة الثكنات العسكرية‪ ،‬وهو مارتب‬ ‫التعقيدات التي تخضع للنقاش في الوقت احلالي‪.‬‬ ‫وقد استمرت تلك «الصيغة املصرية» عبر ‪60‬‬ ‫سنة‪ ،‬فلقد كان رؤساء مصر املتعاقبون يتعاملون‬ ‫مع أنفسهم على أنهم مدنيون يحكمون‬ ‫بشرعيات مختلفة‪ ،‬رغم أنهم أتوا جميعا من‬ ‫القوات املسلحة‪ ،‬وكانت لذلك أسس حتتاج إلى‬ ‫حتليل‪ ،‬فقد جرى صراع شهير بني الرئيس واملشير‬ ‫(عامر) في فترة عبد الناصر‪ ،‬بعد أن خرج اجليش عن‬ ‫سيطرة الرئيس تقريبا‪ ،‬وكان الرئيس السادات يتندر‬ ‫على تعبير «املؤسسة العسكرية»‪ ،‬مقررا أن هناك‬ ‫فقط جيشا‪ ،‬بعد أن حتولت الصيغة بشكل حاد إلى‬ ‫منط «اجليش احملترف» الذي خاض حربا حقيقية في‬ ‫‪ ،1973‬ولم يستجب الرئيس مبارك أبدا ملطلب‬ ‫التخلي عن رئاسة احلزب الوطني الدميوقراطى‪،‬‬ ‫ألنه كان يعتقد أن صورته ستتحول فورا إلى رجل‬ ‫تستند شرعيته فقط على املؤسسة العسكرية‪،‬‬ ‫فقد كانت هناك ميول مدنية لدى رؤساء ذوي‬ ‫خلفية عسكرية‪.‬‬ ‫ثقافة اجليش املصري ذاتها تغيرت مع الوقت‪،‬‬ ‫وحتديدا منذ نهاية حرب ‪ ،1967‬فقد سيطر اجتاه‬ ‫واضح نحو «االحتراف العسكري» لتحرير أرض‬ ‫مت احتاللها‪ ،‬واالبتعاد عن السياسة التي تسببت‬ ‫في كارثة عسكرية‪ ،‬خاصة وأنه أصال أحد اجليوش‬ ‫القليلة في املنطقة‪ ،‬التي خاضت ‪ 4‬حروب نظامية‪،‬‬ ‫ويعمل في دولة توجد لديها عقيدة عسكرية‬ ‫جازمة بأنها مستهدفة‪ ،‬ولم تكن هناك مهام‬ ‫داخلية موكلة إليه‪ ،‬تتعلق بتمردات أو أقليات أو‬ ‫انفصاالت‪ ،‬كجيوش أخرى‪.‬‬


‫يتعلق األمر مبقعد سلطة طال انتظاره‪.‬‬ ‫التغيرات التي ستحدث حتما لإلسالميني في‬ ‫مقاعد السلطة هي عامل مهم يجب أخذه بعني‬ ‫االعتبار‪ .‬الكتلة اإلسالمية التي تبدو من اخلارج‬ ‫موحدة ليست كذلك في حقيقة األمر‪ .‬صعود‬ ‫السلفيني املتشددين يضع اإلخوانيني حتت ضغط‬ ‫وإن أعطاهم برهانا كانوا يبحثون عنه للتدليل‬ ‫على اعتدالهم‪ .‬مازالت عملية االنتقال في بدايتها‪،‬‬ ‫ومع هذا فعالمات التشقق والصدوع أخذت في‬ ‫الظهور على اجلسد اإلخواني الكبير‪ .‬هناك إخوان‬ ‫متسلفون‪ ،‬وآخرون قريبون من مواقع الليبرالية‬ ‫الوطنية ذات التقاليد اإلسالمية‪ ،‬وبني الفريقني‬ ‫فئات كثيرة أخرى‪ .‬هناك من اإلخوان من يلتزم حذرا‬ ‫يراه زمالء له انتهازية ال جتوز في زمن الثورة‪ ،‬وهناك‬ ‫من يريد مواصلة الثورة والبقاء في صفوف االئتالف‬ ‫السياسي واالجتماعي العريض الذي أجنزها‪.‬‬ ‫ازدواجية احلزب واجلماعة معضلة تواجه اإلخوان‬ ‫املسلمني في مصر وبالد أخرى‪ .‬مازال احلزب يأمتر بأمر‬ ‫اجلماعة وسوف يظل كذلك لبعض الوقت‪ .‬لكن‬ ‫عندما يستقر أهل احلزب على مقاعد السلطة‪،‬‬ ‫وعندما تكون لهم قواعد تأييدهم اخلاصة‬

‫بهم بعيدا عن اجلماعة فإن اجتاه إصدار األوامر‬ ‫والتعليمات قد يتغير‪ ،‬كما قد تتصادم األوامر‬ ‫والتعليمات التي تتحرك في اجتاهني متعارضني‪.‬‬ ‫حدث هذا في السودان عندما جلس بعض‬ ‫اإلسالميني في مواقع السلطة بينما بقي البعض‬ ‫اآلخر في صفوف الدعاة‪ ،‬وميكن له أن يتكرر في بالد‬ ‫أخرى‪ .‬صراع إخوان السلطة مع إخوان اجلماعة‬ ‫يفتح بابا جديدا للعسكريني‪ ،‬ورمبا سعى األخيرون‬ ‫لفتح هذا الباب بشكل قصدي‪.‬‬ ‫فرصة اجليوش العربية في البقاء في السلطة أو‬ ‫املشاركة فيها أو في احلفاظ على وضع خاص طاملا‬ ‫متتعوا به مرهونة إلى حد كبير بالطلب االجتماعي‬ ‫على االستقرار والنظام‪.‬‬ ‫الربيع العربي أطلق الرغبة في التغيير لدى‬ ‫الكثيرين‪ ،‬لكن األغلبية من الناس مازالت تطلب‬ ‫النظام واالستقرار‪ .‬مشكلة العسكريني هي أن‬ ‫األغلبية من الناس غير قابلني للتعبئة التي تنطوي‬ ‫على مخاطرة‪ .‬حاول اجمللس العسكري احلاكم في‬ ‫مصر املراهنة على األغلبية الصامتة لكن محاولته‬ ‫باءت بالفشل‪ .‬أقصى ما ميكن لألغلبية الصامتة أن‬ ‫تفعله هو أن تهمس بصوتها في صندوق االنتخابات‬

‫وراء ستار‪ ،‬وعندما فعلت فإنها أعطت صوتها‬ ‫لإلسالميني‪ ،‬فاجليش لم يكن له مرشح‪.‬‬ ‫األغلبية الصامتة املعتدلة ال ترى في اإلسالميني ما‬ ‫يراه فيهم خصومهم من راديكالية وشمولية دينية‪.‬‬ ‫األغلبية الصامتة تفترض حسن النية وليس لديها‬ ‫الكثير مما يدعو للشك ال في اجليش وال في اإلسالميني‪.‬‬ ‫مشكلة اإلسالميني واجليش هي أنهم يتنافسون‬ ‫على نفس قاعدة التأييد االجتماعي‪ ،‬وصراعهم‬ ‫غير احملسوب يهدد بتمزيق هذه القاعدة‪ ،‬وحتالفهم‬ ‫أو مسايرة بعضهما البعض له مؤيدوه الكثيرون‬ ‫بني عموم الناس‪ .‬التعايش بني اإلسالميني واجليش‬ ‫ليس بدعة في بالد املسلمني فبينهما من املشتركات‬ ‫الكثير‪ .‬القيم احملافظة‪ ،‬وتقديس االنضباط والنظام‪،‬‬ ‫والشك في احلرية‪ ،‬والتشكك في الغرباء‪ ،‬كلها قيم‬ ‫مشتركة تعزز فرص التعايش أو حتى التحالف بني‬ ‫العسكريني واإلسالميني أو بعضهم‪.‬‬ ‫دول جديدة‪ ..‬وأشكال جديدة للسلطة أيضا‬ ‫العسكريون أو اإلسالميون أو درجات مختلفة من‬ ‫التحالف بينهما كلها احتماالت ممكنة لطبيعة‬ ‫السلطة التي ستظهر في بالد ربيع العرب في‬ ‫مقبل األيام‪ ،‬لكن األمر أوال وأخيرا يتوقف على‬ ‫شكل الدولة التي ستظهر في املنطقة في نهاية‬ ‫هذا التسونامي الثوري العظيم‪ .‬فاجلنرال والشيخ‬ ‫في النهاية سيحكمون دوال‪ ،‬لكن بعض دول‬ ‫املنطقة قد ال تنجح في اجتياز العاصفة بسالم‪.‬‬ ‫فقد يتفكك بعض هذه الدول بشكل نهائي‪ ،‬وحتل‬ ‫محله دول عدة تكتسب الشرعية واالعتراف بعد‬ ‫فترة من الزمن‪ ،‬وقد تصمد بعض الدول ولكن‬ ‫ليس في شكل الدولة املركزية التي تقوم بتطبيق‬ ‫قوانينها املوحدة على كل أرجاء الوطن‪ ،‬إعماال‬ ‫لنموذج الدولة ‪ -‬األمة التي أخذت عندنا اسم‬ ‫الدولة الوطنية‪ .‬العالم العربي ال يعرف أمما تعيش‬ ‫داخل دول وتتحدد بحدودها‪ ،‬ولكن لدينا جماعات‬ ‫بشرية بينها عالمات هوية مشتركة‪ ،‬ال هي تشمل‬ ‫عموم املواطنني‪ ،‬وال هي تقف عند حدود الوطن‪.‬‬

‫فأشكال احلكم الفيدرالي‪ ،‬أو الفيدرالية الواقعية‬ ‫التي تظهر عندما تضعف سلطات الدولة وتصبح‬ ‫عاجزة عن إعمال القانون على كامل اإلقليم الذي‬ ‫حتكمه‪ ،‬فتظهر مناطق شاسعة بعيدة عن املركز‬ ‫وبالقرب من األطراف‪ /‬احلدود‪ ،‬أو جيوب صغيرة‬ ‫تضعف فيها سلطة الدولة‪ ،‬ويحل محلها أشكال‬ ‫متنوعة من الزعماء احملليني من بني شيوخ القبائل‪،‬‬ ‫أو الزعماء الدينني احملليني‪ ،‬أو من لوردات احلرب الذين‬ ‫سيظهرون في الدول التي يسقط النظام احلاكم‬ ‫فيها بعد فترة من العنف األهلي‪ ،‬كما قد تقع‬ ‫السلطة احمللية في النهاية في يد جماعات دينية‬ ‫متطرفة لها أجندات عاملية صريحة‪.‬‬ ‫املهم في كل هذا هو أن سلطة الدولة الوطنية‬ ‫املركزية لن تكون هي الشكل الوحيد للسلطة‬ ‫في زمن يأتي‪ ،‬فالسلطة قد تكون تعددية أو‬ ‫تشاركية حتى مع عودة اجليوش ومع حكم أصحاب‬ ‫ايديولوجيات شمولية‪ ،‬فيا لها من مفارقة >‬ ‫د‪ .‬جمال عبد اجلواد‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫‪23‬‬


‫اجليش والسلطة‪ ..‬سيناريوهات عدة‬ ‫هذه النماذج الثالثة متثل مناذج مثالية لعالقة اجليش‬ ‫باحلكم في جمهوريات العرب حتى املاضي القريب‬ ‫جدا‪ ،‬أما بعد انتفاضات الشعوب وسقوط األنظمة‬ ‫فإن الباب بات مفتوحا لنماذج جديدة للعالقة بني‬ ‫العسكر والسلطة‪ ،‬وسوف يتوقف املآل النهائي‬ ‫لألمور في كل واحد من بلدان الربيع العربي على‬ ‫الطريقة التي يتم بها االنتقال السياسي وما‬ ‫تنتجه من دولة ما بعد الربيع العربي‪ .‬فاحلرب‬ ‫الدائرة اآلن في سوريا‪ ،‬وتلك التي دارت قبلها في‬ ‫ليبيا ستنتج دوال يتمتع فيها من قاتلوا وضحوا‬ ‫بالنصيب األكبر من السلطة‪ ،‬ورمبا أعادت دولة ما‬ ‫بعد الربيع في سوريا وليبيا إنتاج حالة استتباع‬ ‫السياسي للعسكري كما عرفناها في حقبة‬ ‫االنقالبات العسكرية في اخلمسينيات والستينيات‪.‬‬

‫ورمبا كان اجلديد في هذه احلاالت هو أن الدولة‬ ‫التي ستظهر نتيجة للثورة‪ /‬احلرب لن تكون هي‬ ‫نفسها الدولة التي دخلتها‪ .‬فاألقاليم الفيدرالية‬ ‫التي بدأت في الظهور في ليبيا‪ ،‬وأمراء احلرب الذين‬ ‫يسيطرون على املناطق واملدن اخملتلفة هناك في‬ ‫حتد صريح جمللس انتقالي يعاني نقصا في السالح‬ ‫والشرعية‪ ،‬كل هذا يهدد بانحالل ليبيا إلى‬ ‫مجموعة واليات تتمتع باستقالل ذاتي عميق‪ ،‬ورمبا‬ ‫ما هو أكثر من ذلك‪ ،‬على رأس كل منها لوردات‬ ‫احلرب املتحالفني مع زعامات قبلية‪ .‬شيء من هذا‬ ‫قد يحدث في سوريا إذا واصل نظام األسد تعنته‪،‬‬ ‫وإذا دخلت خطط تسليح املعارضة حيز التنفيذ‪.‬‬ ‫وسواء خرجت سوريا من هكذا حرب أهلية موحدة‬ ‫أم غير ذلك‪ ،‬وسواء انتصرت املعارضة أو سقط‬ ‫النظام‪ ،‬فإن العسكريني سوف يكون لهم يد عليا‬ ‫في نظام احلكم اجلديد الذي سيتكون هناك‪.‬‬ ‫التغيير السياسي في مصر حدث سلميا وبدعم‬ ‫قوي من اجليش‪ ،‬مبا كان يؤهل األخير الحتالل مكانة‬ ‫بارزة في النظام السياسي ما بعد االنتقالي لوال‬ ‫األخطاء الفادحة التي ارتكبها اجمللس العسكري‪،‬‬ ‫والتي افقدته رصيدا سياسيا كبيرا كان يتمتع به‪،‬‬ ‫حتى باتت املطالبة بإنهاء حكم العسكر مطلبا‬ ‫يحظى بقبول واسع‪ .‬فقد تصدر العسكريون في‬ ‫مصر مقدمة املسرح السياسي بعد أن أرغموا‬ ‫الرئيس مبارك «بلطف» على الرحيل‪ ،‬وكان لهم أن‬ ‫يعيدوا صياغة املشهد السياسي حسب ما يرونه‬ ‫مالئما لهم‪ ،‬لكنهم أهدروا الفرصة تلو األخرى‪.‬‬ ‫إال أن املؤسسة العسكرية «املهزوزة» سياسيا‬ ‫مازالت حتتفظ بقدراتها ووحدتها وانضباطها مبا‬ ‫ال يوحي بأنها في وارد القبول الكامل باخلضوع‬ ‫لسلطة مدنيني منتخبني‪.‬‬ ‫فجوة الثقة العميقة بني العسكريني والسياسيني‪،‬‬ ‫مبن فيهم «اإلخوان» األكثر استعدادا ملسايرة‬ ‫اجليش‪ ،‬واألقل رغبة في حدوث صدامات تهدد‬ ‫الفرصة التي انتظروها طويال الستالم السلطة‪،‬‬ ‫هذه الفجوة ال جتعل اخلضوع الكامل للجيش‬ ‫لسلطة مدنية منتخبة أمرا مرجحا‪ ،‬فالتدرج‬ ‫واملرحلية اإلخوانية ال تكفي لبناء الثقة مع‬ ‫مؤسسة عسكرية تقوم عقيدتها على الشك‬ ‫عندما يتعلق األمر باألمن‪ .‬أسباب الشك بني اجليش‬ ‫‪22‬‬

‫والسياسيني في مصر تتزايد بسبب ما يخرج عن‬ ‫اإلخوان بني احلني واآلخر ‪ -‬رغم انضباطهم ‪ -‬عن‬ ‫أهدافهم البعيدة‪ ،‬وأيضا بسبب املصير الذي آل‬ ‫إليه مبارك وعائلته رغم محاوالت اجليش جتنيبه‬ ‫هذا املصير‪ .‬هذه األجواء ال تنتج عالقة مستقرة‬ ‫بني الطرفني‪ ،‬ولكنها تنتج حالة من التربص‬ ‫املفتوحة على احتماالت عدة‪ .‬فقد تتطور العالقة‬ ‫بني الطرفني إلى حتالف وتقسيم عمل باكستاني‬ ‫الطراز‪ ،‬أو قد يحاول اجليش العودة مرة أخرى‬ ‫لواجهة املشهد السياسي مستفيدا من أخطاء‬ ‫سوف تقع‪ ،‬واضطرابات ستحدث‪ ،‬وإخفاقات غير‬ ‫مستبعدة‪.‬‬ ‫ربيع العرب‪ ..‬حصاد اإلسالميني‬ ‫اإلسالميون هم الطرف الثاني في املعادلة اجلديدة‬ ‫للسلطة في جمهوريات الربيع العربي‪ .‬صعود‬ ‫اإلسالميني هو الوجه اآلخر إلخفاقات العسكريني‬ ‫التاريخية في حتويل بالد حكموها إلى مناذج تلهم وتلهب‬ ‫حماس الناس للتمسك بها والدفاع عنها‪ .‬الرابطة‬ ‫الوطنية واإليديولوجيات القومية للعسكريني لم تتجاوز‬ ‫مرحلة املفاهيم االفتراضية واألفكار الرغبوية‪ ،‬فعززوا‬ ‫الطلب االجتماعي على ايديولوجية دينية لها في التربة‬ ‫والتاريخ جذور عميقة‪.‬‬

‫إسالميو الربيع العربي متنوعون بني سياسيني‬ ‫إخوانيني لهم مشروعهم ذو اخللفية الدينية‪،‬‬ ‫وسلفيني يخطون خطواتهم األولى في مجال‬ ‫السياسة‪ .‬ال يوجد في بالد الربيع العربي من القوى‬ ‫السياسية واإليديولوجية من ميكنه إيقاف زحف‬ ‫اإلسالميني نحو السلطة‪ ،‬ولكن في بعض بالد‬ ‫الربيع العربي هناك الواقع املعقد وبعض القوى‬ ‫التي قد تستطيع دفعهم إلبطاء اخلطى‪ ،‬وفي‬ ‫اإلبطاء اعتدال يفتح الباب ملمكنات جديدة‪.‬‬ ‫اإلسالميون ليسوا بالقادم اجلديد على ساحة‬ ‫السياسة العربية‪ ،‬لكنهم بالتأكيد محدثون على‬ ‫مقاعد السلطة‪ .‬لدينا في تاريخ اجليوش والسلطة‬ ‫ما يساعدنا على رسم سيناريوهات للمستقبل‪،‬‬ ‫لكن ليس لدينا الشيء نفسه عندما يدور احلديث‬ ‫حول اإلسالميني‪ .‬لإلسالميني خبرة متراكمة ودهاء‬ ‫تعلموه في سنوات القمع واالستبعاد الطويلة‪.‬‬ ‫لكن اإليديولوجيا اإلسالمية في جوهرها ايديولوجيا‬ ‫شمولية راديكالية تنشد التغيير اجلذري للمجتمع‬ ‫والدولة والداخل واخلارج والعالم أجمع‪ .‬وكما أن‬ ‫احلذر ال مينع القدر‪ ،‬فإن اخلبرة والدهاء قد ال مينعان‬ ‫االيديولوجيا من أن تفرض منطقها الشمولي‬ ‫الراديكالي على اختيارات السياسة‪ ،‬خاصة عندما‬


‫األزمة في اجلمهوريات العربية‬ ‫األنظمة العربية اخلمسة املتهاوية هي نظم‬ ‫جمهورية مبا قد يستنتج منه أن العقود الستة‬ ‫املنقضية منذ بدأت اجلمهوريات العربية في‬ ‫الظهور لم تكن كافية لتوطني النظام اجلمهوري‬ ‫في العالم العربي‪ .‬ففي العالم العربي لم يأخذ‬ ‫العرب من اجلمهورية سوى اسمها‪ ،‬بينما قلب‬ ‫اجلمهوريات العربية ومبناها كان أوتوقراطيا‬ ‫بامتياز‪ ،‬حتى انها حتولت في مراحلها األخيرة‬ ‫إلى جملوكيات‪ ،‬وفقا للتعبير البليغ الذي صكه‬ ‫الدكتور سعد الدين إبراهيم قبل سنوات‪ .‬توريث‬ ‫األبناء حكم البالد كان إعالنا بالوصول إلى‬ ‫مرحلة إفالس الشكل اجلمهوري للحكم بعد أن‬ ‫أفلس محتواه منذ زمن بعيد‪ .‬فحتى عندما لم‬ ‫يكن هناك أبناء من الذكور املؤهلني خلالفة األب‬ ‫الرئيس‪ ،‬كانت عائلة الرئيس حتكم وتتحكم‪ ،‬في‬ ‫مؤشر إضافي على أن رابطة املواطنني املتساوين‬ ‫التي تتكون منها اجلمهورية هي في بالد العرب‬ ‫أضعف بكثير من رابطة الدم ومن روابط‬ ‫الطائفة واملذهب والدين والعرق‪ ،‬ومع سقوط‬ ‫األنظمة انطرح السؤال عن الكيفية التي سيتم‬ ‫بها جمع هذا الشتات الوطني مرة أخرى‪ ،‬وعن‬ ‫نوع السلطة التي ميكنها القيام بذلك‪ ،‬وعن نوع‬ ‫السلطة التي ميكن لشعوب العرب إنتاجها في‬ ‫حالتها الراهنة‪.‬‬

‫أزمة اجلمهوريات في العالم العربي هي أزمة‬ ‫مجتمعات وصلت في حلظة تاريخية سابقة إلى‬ ‫مرحلة تآكلت فيها أسس الشرعية التقليدية بقدر‬ ‫لم يسمح لها بالصمود والتكيف‪ ،‬بينما لم تكن‬

‫أسس الشرعية احلديثة قد اكتمل تكوينها بعد‪،‬‬ ‫وال كان لديها من قوة التأييد اجملتمعي ما يسمح‬ ‫لها بتأسيس الشرعية اجلديدة منفردة‪ .‬لم تنتظر‬ ‫القوى احلديثة اكتمال الشروط وتصليب العود حتى‬ ‫تشرع في االنقضاض على نظم تقليدية متداعية‪،‬‬ ‫فانتظار الظرف التاريخي واالجتماعي املالئم ليس‬ ‫من منطق السياسة الثورية التي يحركها التعبير‬ ‫عن الغضب واستعجال التغيير والتقسيم الثنائي‬ ‫البسيط لواقع شديد التعقيد‪.‬‬ ‫أزمة اجلمهوريات‪..‬أزمة العسكر‬ ‫انقض اجلمهوريون على احلكم وهم غير مكتملي‬ ‫العدد والعدة‪ ،‬فكان عليهم تعويض النقص‬ ‫بقوة اجليش‪ ،‬فتاريخ السلطات العسكرية في‬ ‫العالم العربي يكاد يتطابق مع تاريخ اجلمهوريات‬ ‫العربية‪ ،‬فاجليش واجلمهورية في العالم العربي هما‬ ‫وجهان لعملة واحدة‪ ،‬ومأزق اجلمهوريات العربية‬ ‫هو في الوقت نفسه مأزق جيوشها‪ ،‬ومأزق حكم‬ ‫العسكريني فيها‪.‬‬

‫حني بدأت شعوب العرب في التمرد قبل عام‪ ،‬لم‬ ‫تكن اجليوش حتكم اجلمهوريات العربية بنفس‬ ‫الشكل الفج الذي كان عليه احلال عندما اقتحم‬ ‫العسكر أروقة احلكم ألول مرة‪ ،‬فجمهوريات العرب‪،‬‬ ‫ومنذ زمن طويل‪ ،‬لم يعد يحكمها حسني الزعيم‬ ‫أو أديب الشيشكلي أو جمال عبد الناصر أو حتى‬ ‫جعفر منيري من االنقالبيني األوائل‪ .‬انتهى زمن‬ ‫االنقالبيني املؤسسني‪ ،‬وإن بقي اجليش بعدهم في‬ ‫احلكم أو قريبا جدا منه‪ .‬فقد حل محل االنقالبيني‬ ‫املؤسسني فئة العسكر املتحولني الذين قضوا‬

‫سنوات طويلة على مقاعد السلطة‪ ،‬فتخلوا‬ ‫تدريجيا عن مظاهر احلكم العسكري األكثر‬ ‫فجاجة‪ ،‬إال أن مدنية العسكريني املتحولني لم‬ ‫تكن في أغلب األحوال أكثر من حيلة للتخفي وراء‬ ‫البزات املدنية لزوم استكمال مسوغات الشرعية‬ ‫والتظاهر بتطبيع األوضاع‪ .‬فاجليوش العربية ظلت‬ ‫حتكم أو تشارك في احلكم‪ ،‬لكن متخفية خلف‬ ‫واجهات جديدة‪ .‬لقد اختفت اجليوش من الواجهات‬ ‫لكنها تغلغلت في اجملتمع‪ ،‬وبات من الصعب‬ ‫انتزاعها منه دون جراحة قد يذهب املريض نفسه‬ ‫ضحية لها‪.‬‬ ‫غير أن خبرة اجليوش اجلمهورية مع احلكم لم تكن‬ ‫متشابهة متام التشابه‪ ،‬فبني هذه اخلبرات فروق‬ ‫مهمة‪ .‬فقد واصلت اجليوش‪ ،‬أو باألحرى وحدات‬ ‫مختارة منها‪ ،‬املشاركة في احلكم بشكل مباشر‪.‬‬ ‫كان هذا هو احلال في األنظمة األمنية التي مت بناء‬ ‫جهاز الدولة وآليات احلكم فيها حول الوظيفة‬ ‫األمنية وطبقا الحتياجاتها‪ .‬هذه هي احلالة السورية‬ ‫بامتياز ومن قبلها احلالة العراقية‪ .‬وفي احلالتني لم‬ ‫يكن اجليش كله شريكا‪ ،‬ولكن فقط أقسامه األكثر‬ ‫والء للنظام‪ ،‬في ترتيب كان ضروريا في بالد تعتمد‬ ‫نظام التجنيد اإلجباري الذي تصميمه للتطبيق‬ ‫في دولة املواطنني املتساوين وليس في بالد يسيطر‬ ‫فيها على احلكم أقليات طائفية تفصلها عن عموم‬ ‫املواطنني فجوة كبيرة من عدم الثقة‪ .‬ومتثل احلالة‬ ‫الليبية تنويعا ينتمي للنموذج نفسه‪ ،‬فكتائب أبناء‬ ‫القذافي كانت متثل اجليش الشريك‪ ،‬فيما تعمد‬ ‫النظام إهمال باقي وحدات اجليش بسبب غياب‬ ‫تهديدات خارجية حقيقية‪.‬‬ ‫في حاالت أخرى كان هناك اجليش الذي يحكم وال‬ ‫يدير‪ ،‬وهي حاالت كان فيها النظام السياسي أقل‬ ‫متحورا حول الوظيفة األمنية‪ ،‬فهناك مساحة‬ ‫من السياسة واإلدارة متروكة لشركاء آخرين في‬ ‫القبيلة واحلزب‪ ،‬فترتيبات حفظ األمن وبقاء النظام‬ ‫في هذه احلالة أكثر تعقيدا من مجرد االستخدام‬ ‫املباشر لألداة القمعية‪ ،‬وقد رأينا تطبيقا لذلك في‬ ‫احلالة اليمنية‪.‬‬ ‫وأخيرا كان هناك اجليش املشارك‪ ،‬وهي احلاالت التي‬ ‫اكتسب فيها اجليش درجة عالية من االحترافية‬ ‫واالستقالل الذاتي حتى في تدبير موارده اخلاصة‬ ‫بعيدا عن قيود املوازنة العامة للدولة‪ .‬ووفقا لهذه‬ ‫الصيغة متتع اجليش بحرية كبيرة في إدارة موارده‬ ‫وشؤونه الداخلية وفقا لتفاهم عريض مع نخبة‬ ‫حاكمة يقودها رئيس قادم من صفوف العسكريني‬ ‫حول نصيب اجليش من املصالح املضمونة التي‬ ‫ال يجوز املساس بها‪ ،‬وحول قضايا األمن القومي‬ ‫الكبرى‪ ،‬بخاصة قضايا احلرب والسالم والعالقة‬ ‫مع احللفاء الرئيسيني‪ .‬وجتسد اخلبرة املصرية هذا‬ ‫النموذج بامتياز‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫‪21‬‬


‫ربيع العرب‪..‬‬ ‫الفائزون واخلاسرون‬ ‫واملراوحون مكانهم‬

‫مستقبل‬ ‫احلكم‬ ‫انفتح ملف السلطة في بالد العرب‬ ‫مع تلك املوجة العاتية من الثورات‬ ‫التي اجتاحت بالدا عدة‪ ،‬فأسقطت‬ ‫النظم احلاكمة في ثالثة منها‪:‬‬ ‫تونس ومصر وليبيا‪ ،‬وأرغمت رئيس‬ ‫دولة رابعة‪ :‬اليمن‪ ،‬على التخلي عن‬ ‫السلطة في إطار صفقة سياسية‬ ‫تفاوض فيها الرئيس املغادر ليس‬ ‫فقط على شروط رحيله‪ ،‬وإمنا أيضا‬ ‫على شروط االنتقال من توازن محدد‬ ‫للقوى السياسية إلى توازن جديد‬ ‫بينها‪ .‬أما في الدولة اخلامسة‪:‬‬ ‫سوريا‪ ،‬فإن فصول الصراع الدامي‬ ‫بني النظام واملعارضة مازالت‬ ‫تتوالى‪ ،‬وهو صراع مفتوح على‬ ‫احتماالت غير محدودة‪.‬‬ ‫د‪ .‬جمال عبد اجلواد‬

‫‪20‬‬


‫إلى أن خططا عسكرية كانت قد وضعت إلسقاط‬ ‫احلكومة خالل عامي ‪ 2003‬و‪ 2004‬بينما حاول أحد‬ ‫ممثلي االدعاء العام البارزين إغالق احلزب عام ‪.2008‬‬ ‫ومع ذلك بدأت احلكومة بالتدريج‪ ،‬يعززها الفوز‬ ‫في االنتخابات‪ ،‬تغيير ميزان القوة لصاحلها‪ ،‬حيث‬ ‫تخلصت وكالة االستخبارات الوطنية من سيطرة‬ ‫اجليش‪ .‬كما مت إغالق محاكم أمن الدولة التي كانت‬ ‫تتعرض النتقادات حادة النتهاكها حلقوق اإلنسان‬ ‫خالل التسعينيات‪.‬‬ ‫وبعد مرور عام‪ ،‬أنشأت احلكومة محكمة ذات سلطات‬ ‫خاصة (محاكم السلطات اخلاصة) والتي تتشابه‬ ‫إلى حد كبير مع محكمة أمن الدولة القدمية فيما‬ ‫عدا أنها ال تشتمل على القضاء العسكري‪.‬‬ ‫وقد بدأ على الفور أحد ممثلي االدعاء البارزين اجلدد‬ ‫والتابع للمحكمة اخلاصة التحقيق مع اثنني من‬ ‫ضبطا متلبسني أثناء إلقاء‬ ‫ضباط اجليش اللذين ُ‬ ‫قنبلة يدوية على محل كردي لبيع الكتب‪ .‬ويقول‬ ‫أورهان غازي أرتيكني‪ ،‬القاضي واملعلق البارز‪ ،‬إن ذلك‬ ‫كان مبثابة الضربة األولى في احلرب على السلطة بني‬ ‫النخبة القدمية ونظيرتها اجلديدة‪.‬‬

‫يلعب الدور الذي كان اجليش يقوم به في السابق‬ ‫وهو صياغة العمل السياسي‪ .‬وقد خرج رؤساء حزب‬ ‫العدالة والتنمية بنفس الديباجة القدمية البائدة التي‬ ‫كررها الساسة األتراك لعشرات السنني‪« :‬القضاء‬ ‫مستقل وال ميكننا التدخل»‪ .‬ولكن لم مينع ذلك‬ ‫االستقالل من تنحية ممثل االدعاء الذي قام باستدعاء‬ ‫حقان فيدان عن القضية‪.‬‬ ‫ولكن ال يزال علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان حزب‬ ‫العدالة والتنمية سيتحرك لتصحيح عدم التوازن‬ ‫القانوني والهيكلي الذي سمح للمحكمة والشرطة‬ ‫باحلصول على هذه الدرجة من القوة‪ ،‬إذ يقول كاتب‬ ‫العمود الصحافي كورسات بومني إن الوقت قد‬ ‫حان إلعادة صياغة شاملة للقوانني اجلنائية التي‬ ‫حتدد سلطات احملكمة اخلاصة حيث يصف تأسيس‬ ‫محاكم السلطة اخلاصة بأنها مقطوعة مثالية من‬

‫املكر الشرقي الذي يحتاج إلى اإلبادة‪.‬‬ ‫ويقول املتحدث باسم احلكومة حسني سيليك في‬ ‫حواره مع صحيفة «راديكال» اليومية في عدد السابع‬ ‫عشر من فبراير (شباط) إن حزب العدالة والتنمية ال‬ ‫ميلك خططا فورية للتخلص من تلك احملاكم ويبدو أن‬ ‫االستفادة الكبيرة من الوضع القائم جتعل احلكومة‬ ‫سعيدة في الوقت احلالي بإجراء إصالح جزئي >‬

‫نيكوالس بيرش ‪ -‬كاتب صحفي عمل في‬ ‫اسطنبول و هو مختص في سياسات دول الشرق‬ ‫األدني والقوقاز‪ .‬نشرت له أعمال عدة في كثير من‬ ‫الصحف واجملالت العاملية من بينها واشنطن بوست‬ ‫و التاميز وامللحق األدبي في الغارديان ومجلة التامي‪.‬‬ ‫يعكف حاليا على تأليف كتاب عن املذهب الصوفي‬ ‫في تركيا‪.‬‬

‫وقد أيدت احلكومة بدء ممثلي االدعاء في احملكمة‬ ‫اخلاصة حتقيقات موسعة بشأن خطط االنقالب‬ ‫املزعومة عام ‪ 2007‬وذلك باستخدام قانون اإلرهاب‬ ‫املبهم اجلديد والذي انتقده مؤيدوه عندما قاموا‬ ‫بتشريعه عام ‪ .2006‬وبعد مرور خمس سنوات تقريبا‬ ‫قُدم أكثر من مائة شخص بينهم عدد من اجلنراالت‬ ‫السابقني للمحاكمة في إحدى محاكم أمن الدولة‬ ‫العليا خارج إسطنبول‪.‬‬ ‫وتواصل احلكومة ومؤيدوها وصف التحقيقات بأنها‬ ‫محاولة لتطهير تركيا من األشخاص الذين حولوا‬ ‫البالد إلى ما هو أسوأ قليال من دولة املافيا الرائجة‬ ‫إبان التسعينيات‪ .‬ولوهلة جند أن هناك سببا يجعلنا‬ ‫نصدقهم حيث إن الكثير من األشخاص الذين‬ ‫اعتقلوا كانوا مجرد أفراد عصابات ومناذج استخباراتية‬ ‫غامضة عرفت بدورها الوحشي في محاولة قمع‬ ‫التمرد الكردي الذي كان يحميه في ذلك الوقت‬ ‫النظام القدمي‪.‬‬ ‫ومنذ البداية‪ ،‬كانت هناك أسئلة حول طريقة إجراء‬ ‫التحقيقات‪ ،‬حيث يصف الصحافي روزين كاكير‬ ‫كال من اإلعالم املؤيد للحكومة والشرطة واحملاكم‬ ‫بأنها تعمل معا كقاض ومحلف وجالد حيث تسرب‬ ‫الشرطة دليال لإلدانة لوسائل اإلعالم ثم يقوم ممثلو‬ ‫االدعاء بالقبض على اجملرمني وتوجيه االتهامات لهم‬ ‫ومن ثم تبدأ األمور في اخلروج عن السيطرة‪ ،‬وميثل‬ ‫لالستجواب أشخاص ال عالقة لهم باجلرمية املنظمة‪،‬‬ ‫وقد أدى حتقيق ثان أجرته مجموعة أخرى من ممثلي‬ ‫االدعاء التابعني للمحكمة اخلاصة إلى القبض على‬ ‫ألف كردي على األقل بتهمة الصلة بحزب العمال‬ ‫الكردستاني‪ ،‬بينما يقول حزب كردي إن عدد املقبوض‬ ‫عليهم يفوق ستة آالف‪.‬‬ ‫ويقول أورهان غازي إن اتهامات االدعاء أصبحت مبثابة‬ ‫نص سياسي للنظام اجلديد‪ ،‬حيث أصبح القضاء‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫عبد اهلل أوجالن رئيس حزب العمال الكردستاني‪ ..‬قضية ما زالت تؤرق تركيا‬

‫‪19‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫رجب طيب أردوغان‬

‫تركيا‪ ..‬صراع أجيال أم صراع على السلطة؟‬

‫ثورة هادئة‬

‫تزايدت خالل الفترة األخيرة مؤشرات تفيد بأن ثورة تركيا الهادئة بدأت في التهام أبنائها‪ ،‬عندما أسرعت احلكومة بتعديل‬ ‫قانون يطالب مبنع احملاكم من استجواب العاملني في وكالة االستخبارات الوطنية‪ ،‬وهم حلفاء مقربون من رئيس الوزراء‬ ‫رجب طيب أردوغان‪.‬‬ ‫نيكوالس بيرش‬

‫صوت البرملان التركي على مترير التعديل في السادس‬ ‫عشر من فبراير (شباط) بعد أسبوع من إصدار ممثلي‬ ‫االدعاء أمرا باستدعاء رئيس وكالة االستخبارات‬ ‫الوطنية‪ ،‬حقان فيدان‪ ،‬كمشتبه به في إطار حتقيقات‬ ‫طويلة بشأن أعمال إرهابية‪.‬‬

‫وكالة االستخبارات وحزب العمال الكردستاني‬ ‫حول إمكانية وقف إطالق النار وهو األمر الذي‬ ‫أثار الشبهات بأن االستدعاء كان جزءا من خطة‬ ‫لتخريب عملية السالم التي يعتقد املتشددون أنها‬ ‫قدمت الكثير من التنازالت لصالح األكراد‪.‬‬

‫وقال ممثلو االدعاء إنهم أرادوا أن يتحدثوا مع فيدان‪،‬‬ ‫املعني من ِقبل رئيس الوزراء والصديق املقرب له‪ ،‬حول‬ ‫تهريب وكالة االستخبارات عدد من األشخاص على‬ ‫صلة بحزب العمال الكردستاني‪ ،‬احلزب الذي أشعل‬ ‫حربا ضد تركيا ملدة ‪ 30‬عاما‪.‬‬

‫ويصف سنغز قاندار‪ ،‬وهو محلل سياسي بارز‪،‬‬ ‫االستدعاء بكونه «انقالبا قضائيا» ضد احملادثات‬ ‫التي ترعاها احلكومة مع حزب العمال الكردستاني‬ ‫والتي استمرت ثالثة أعوام حتى ‪ ،2011‬ويقول‪:‬‬ ‫«إنه أمر مثير للضحك‪ ،‬فهل من املفترض أن‬ ‫تأخذ احلكومة إذنا من احملاكم قبل اتخاذ قراراتها‬ ‫السياسية؟ لقد بدأت الشرطة واحملاكم العمل في‬ ‫السياسة»‪.‬‬

‫تقرير الشرطة الذي اعتمد عليه االدعاء ارتكز على‬ ‫املباحثات املكثفة التي جرت بني مسؤولني في‬

‫‪18‬‬

‫وفي الواقع‪ ،‬مارست كل من الشرطة واحملاكم التركية‬ ‫العمل في السياسة ألعوام‪ .‬وتوضح قضية فيدان‬ ‫انهيار مساعي احلكومة لالتفاق مع أجهزة الدولة‬ ‫اخملتلفة في إطار مساعيها إلسقاط النظام القدمي‪.‬‬ ‫وعندما تولت حكومة حزب العدالة والتنمية‬ ‫السلطة عام ‪ 2002‬لم يكن لديها حليف محتمل‬ ‫غير الشرطة‪ ،‬التي تظهر تعاطفا تقليديا مع‬ ‫السياسات احملافظة للحزب اإلسالمي‪ ،‬إال أن باقي‬ ‫أجهزة الدولة‪ ،‬واجليش والقضاء ووكالة االستخبارات‪،‬‬ ‫كانت جميعها غير مطمئنة للحكومة‪.‬‬ ‫واألكثر من ذلك أن تلك األجهزة حاولت إسقاط‬ ‫احلكومة‪ ،‬كما تشير وثائق سرية تسربت عام ‪2006‬‬


‫ايران كدولة عرّفت نفسها منذ الثمانينات من‬ ‫القرن املاضي على انها الدولة الثورية الوحيدة‬ ‫في منطقة الشرق األوسط‪ ،‬الدولة الثورية التي‬ ‫تستند الى شرعية مذهبية‪ .‬هذه الشرعية مت‬ ‫ترجمتها عبر مراحل مختلفة ومن خالل السلوك‬ ‫السياسي للجمهورية االسالمية‪ ،‬بحيث جتاوزت‬ ‫حدود ايران السياسية بل ومنطقة الشرق‬ ‫االوسط‪ .‬ولعل فكرة تصدير الثورة التي رافقت‬ ‫عالقات ايران مع العالم العربي هي خالصة تلك‬ ‫الفكرة املترجمة‪ ،‬والتي اصبحت في ما بعد مركز‬ ‫النقاش في العالقات العربية االيرانية‪ ،‬خالل اكثر‬ ‫من ثالثة عقود‪.‬‬ ‫هذا التفوق املعنوي التي كانت ايران تستشعره‪،‬‬ ‫تعرض الى صدمة كبيرة منذ اللحظة االولى للربيع‬ ‫العربي‪ ،‬وكلما تواصلت امتدادات الربيع العربي‪،‬‬ ‫تراجع ذلك التفوق املعنوي‪ .‬واالهم رمبا ان حالة‬ ‫الربيع العربي طرحت مزيدا من التساؤل حول مدى‬ ‫القوى املعنوية التي ميكن أن تكون بقيت لدى ايران‬ ‫في ظل األحداث املتسارعة التي عصفت بست‬ ‫دول عربية بشكل مباشر‪ ،‬وأشاعت اجواء من نوع‬ ‫مختلف في بقاع اخرى‪ .‬ان حالة التفوق املعنوي‬ ‫تلك دفعت املؤسسة السياسية والدينية االيرانية‬ ‫للحديث عن الربيع العربي وكأنه امتداد للثورة‬ ‫االيرانية التي حدثت في العام ‪ ،1979‬مثل هذا‬ ‫االنطباع لم توافق عليه املعارضة االيرانية املتمثلة‬ ‫في احلركة اخلضراء‪ ،‬والتي ترى ان ايران فقدت بريقها‬ ‫السياسي في املنطقة بعد انتخابات الرئاسة‬ ‫التاسعة في العام ‪.2009‬‬ ‫ان حالة التطلع الى ايران بوصفها النموذج قد‬ ‫تراجعت بشكل كبير ورمبا تختفي تدريجيا‪ ،‬حالة‬ ‫االعجاب والنظر الى ايران بوصفها «النموذج»‬ ‫والتي سادت في العالم العربي منذ عقد الثمانينات‪،‬‬ ‫تراجعت ـ كما ذكرنا ـ بعد االنتخابات في العام‬ ‫‪ ،2009‬حيث بدا ألولئك املعجبني بنموذج ايران في‬ ‫االنتخابات وكثرتها‪ ،‬فاالتهامات الداخلية حول عدم‬ ‫نزاهة االنتخابات الرئاسية االيرانية‪ ،‬وما تال ذلك من‬ ‫رد حكومي أمني على احملتجني على النتائج‪ ،‬لعب‬ ‫دورا ال يستهان فيه لدى قوى سياسية دينية وغير‬ ‫دينية في العالم العربي‪ .‬هذا التراجع جاء الربيع‬ ‫العربي ليؤكده‪ ،‬وليضيف حالة من الثقة بالنفس‬ ‫في انحاء مختلفة من العالم العربي‪ ،‬ثقة بأن‬ ‫التغيير ميكن ان ينجز داخليا بطريقة سلمية من‬ ‫دون النظر الى «مخلصني» من خارج احلدود‪.‬‬ ‫املرّبع الطائفي‬ ‫التفاعالت وردود الفعل االيرانية نحو جتارب من‬ ‫الربيع العربي‪ ،‬ضاعفت تراجع حالة االعجاب ورمبا‬ ‫الثقة بالنموذج االيراني‪ ،‬فايران التي اعتبرت ما جرى‬ ‫في مصر وتونس وليبيا ردا على طبيعة احلكم‬ ‫االستبدادي‪ ،‬اصبح تقييمها مختلفا في حاالت‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫أحمدي جناد وبشار األسد ‪ ..‬حتالف في خطر‬

‫اليمن والبحرين وسوريا‪ ،‬اصبح منتقدا ملا تسميه‬ ‫ايران بالتدخل في اليمن والبحرين‪ ،‬ورافضا بشكل‬ ‫قاطع إلعطاء أي امتياز حلالة الثورة في سوريا‪ .‬ردود‬ ‫الفعل تلك وتقدمي املصالح والتي كانت ايران انها‬ ‫يجب اال تقدم على املبادئ‪ ،‬كل ذلك أعاد ايران الى‬ ‫مربع الطائفية الذي سعت طوال اكثر من ثالثني‬ ‫عاما الى مغادرته‪ ،‬حتى ولو اصر خصومها‪ .‬االهم‬ ‫في هذا السياق هو أن ما كان يطرح منذ احتالل‬ ‫العراق في العام ‪ ،2003‬بأن ايران في سياساتها‬ ‫اخلارجية تتبع مصاحلها املذهبية ويخالفه البعض‪،‬‬ ‫اصبح بالنسبة للكثيرين مثبتا‪ ،‬وهو امر بالتأكيد‬ ‫لن تنظر اليه ايران بارتياح‪.‬‬ ‫لم تنعكس آثار الربيع على عالقة ايران باحمليط‬ ‫العربي‪ ،‬بل تأثرت عالقاتها بجوارها التركي‪ ،‬فإيران‬ ‫ترى أن مشاركة تركيا في عمليات حلف الناتو‬ ‫في ليبيا‪ ،‬لم يكن اال خدمة للمصالح االميركية‪،‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬فإن هناك تصورا موجودا لدى بعض‬ ‫اطراف املؤسسة السياسية والدينية في ايران بأن‬ ‫تركيا في عميات دعمها املطلق للربيع الربيع‪ ،‬ال‬ ‫سيما في سوريا امنا «تنفذ اجندة اميركية لنشر‬ ‫النموذج التركي من االسالم السياسي»‪ .‬وجود‬ ‫مثل هذا التصور أدى الى فتور في عالقات البلدين‪.‬‬ ‫صحيح ان تركيا تصر على مبدأ املفاوضات حلل‬ ‫معضلة امللف النووي اإليراني ورفض العمل‬ ‫العسكري ضد ايران‪ ،‬لكن هذا ال يعني بالضرورة‬ ‫غياب اخلالفات حول ملف التغيير في العالم‬ ‫العربي‪.‬‬

‫لم يكن الربيع العربي محدودا في تأثيراته على‬ ‫شيدت عليها ايران‬ ‫ايران‪ ،‬فالتحالفات التي‬ ‫ّ‬ ‫سياستها اخلارجية‪ ،‬اصبحت مهددة في اكثر‬ ‫من جهة‪ ،‬فاملشهد السوري‪ ،‬ومهما كانت مآالته‬ ‫السياسية‪ ،‬ال يبدو مبشرا بالنسبة الى ايران‪ ،‬األمر‬ ‫الذي سيلقي بظالله على التحالف مع حزب اهلل‪،‬‬ ‫والذي هو بدوره سيجد نفسه في حاجة الى اعادة‬ ‫تعريف نفسه سياسيا‪ ،‬سواء في لبنان او املنطقة‪.‬‬ ‫الالفت لالنتباه في هذا السياق‪ ،‬هو التراجع في‬ ‫عالقة حماس مع ايران‪ ،‬وهو أمر سبق وأن حتدثت‬ ‫عنه في العام ‪ ،2006‬حيث ان العالقة بني ايران‬ ‫وحماس في اساسها األيديولوجي ولدت هشة‪،‬‬ ‫ومع اتخاذ حماس موقفا شبه واضح في عدم تأييد‬ ‫النظام السوري‪ ،‬بات واضحا ان العالقة مع ايران‬ ‫دخلت مرحلة الطالق رمبا «البائن بينونة كبرى»‪.‬‬ ‫ال شك في أن التغيرات الداخلية في العالم العربي‬ ‫ستلقي بظاللها على ايران‪ ،‬عبر مستويات مختلفة‬ ‫ذكرنا بعضها‪ ،‬واخرى في طريقها للتشكل‪ .‬ان‬ ‫مشهد الربيع العربي هو مشهد ثوري‪ ،‬وألن الثورات‬ ‫ليست احداثا‪ ،‬بل هي دائما في حالة حركة‪ ،‬فإن‬ ‫حالة التراكم في األحداث وتفاعالتها‪ ،‬وبالتأكيد‬ ‫نتائجها ستستمر‪ .‬من هنا فإنه بتغيير املشهد‬ ‫السياسي الداخلي في بعض البلدان‪ ،‬فإن عالقاتها‬ ‫واولويات سياساتها اخلارجية وحتالفاتها‪ ،‬ستشهد‬ ‫تغييرا بالضرورة‪ .‬وهو األمر الذي ستكشف عنه‬ ‫السنوات القليلة القادمة >‬ ‫د‪ .‬محجوب الزويري‬ ‫‪17‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫إيران والعالم العربي‪ ..‬مشهد متحرّك‬

‫ما بعد الرّبيع‪..‬‬

‫لعل من أهم احلقائق التي لم يثبت عكسها حتى اآلن‪ ،‬هو أن ما يسمى الربيع العربي شكّل مفاجأة كبيرة للعالم‪ ،‬لكن‬ ‫عنصر املفاجأة يبدو أكبر اذا ما نظرنا إلى منطقة الشرق األوسط‪ ،‬فاملثلث اإلقليمي املكون من تركيا وايران واسرائيل‪،‬‬ ‫كان األكثر تأثرا بتلك املفاجأة‪ ،‬وبدا وكأنه في ماراثون سياسي للمتابعة والتفاعل مع ما يجري‪ ،‬بحيث يقلل من اخلسارة‬ ‫السياسية‪ .‬وألن موضوع هذه املقالة هو‪ :‬ايران والربيع العربي‪ ،‬فسيكون التركيز حول تقييم الرد اإليراني على ما يجري في‬ ‫العالم العربي بعد اكثر من عام على الربيع العربي‪ ،‬وكذلك طبيعة التفاعل اإليراني مع التطور املتسارع لألحداث‪.‬‬ ‫د‪ .‬محجوب الزويري‬

‫‪16‬‬



‫شؤون سياسية‬

‫لكي تثبت نظريتها بشأن الدوافع القطرية‪ .‬ففي‬ ‫إحدى احلاالت‪ ،‬ذكرت الدبلوماسية اإليرانية في‬ ‫أواخر ‪ 2011‬أنه في بداية فبراير (شباط) ‪،2006‬‬ ‫كانت الواليات املتحدة وقطر تخططان إلعادة ترتيب‬ ‫الشرق األوسط سياسيا‪ .‬وقال مسؤول دبلوماسي‬ ‫إن علي جنتي‪ ،‬السفير اإليراني السابق لدى الكويت‪،‬‬ ‫في ذلك الوقت قد حضر مؤمتر «منتدى املستقبل»‬ ‫الذي مت عقده في الدوحة وكان من الواضح في ذلك‬ ‫الوقت أن الواليات املتحدة وقطر تخططان إلحداث‬ ‫االضطرابات في العالم العربي‪.‬‬ ‫وكان حملاولة توجيه الرأي العام اإلقليمي بشأن قطر‬ ‫نتيجة متوقعة‪ ،‬حيث إنها أصبحت متثل مأزقا‬ ‫بالنسبة حلكام إيران‪ .‬فخالل االضطرابات األخيرة‬ ‫في الدول العربية‪ ،‬قال زعماء إيران إن ثورة عام ‪1979‬‬ ‫اإليرانية هي النموذج الذي سعت اجلماهير العربية‬ ‫حملاكاته خالل التمرد ضد زعمائهم‪ .‬وتتعارض تلك‬ ‫احلجة حول الثورة الشعبية التي تستلهم من ثورة‬ ‫إيران على نحو مضحك مع فكرة أن قطر باعتبارها‬ ‫أحد احملرضني اإلقليميني الرئيسيني لالحتجاجات‬ ‫تتلقى توجيهاتها من واشنطن ولكن ذلك التناقض‬ ‫احلاد يظل جزءا من اخلطاب الذي تتبناه طهران‪.‬‬ ‫ومن أحدث التهم اإليرانية املوجهة للدوحة كان‬ ‫االتهام بأن قطر‪ ،‬وغيرها من دول املنطقة‪ ،‬قد‬ ‫منحت إسرائيل تصريحا باستخدام الفضاء اجلوي‬ ‫لتلك البلدان في حال شن هجمة ضد إيران‪ .‬وهو‬ ‫ما ميثل حتوال دراميا آخر في العالقات عن الفترة‬ ‫من فبراير ‪ 2010‬عندما وقعت إيران وقطر اتفاقية‬ ‫دفاع‪ ،‬أو ديسمبر ‪ 2010‬عندما رسا أسطول من‬ ‫بحرية حرس الثورة اإلسالمية في ميناء الدوحة في‬ ‫إطار جولة ودية‪.‬‬ ‫وفي تلك األيام‪ ،‬قيل إن قطر تبذل جهودا حثيثة‬ ‫لتعيني خبراء الطاقة اإليرانيني عبر عروض تشتمل‬ ‫على رواتب أعلى لكي حتصل قطر على قصب السبق‬ ‫في إطار السباق احملموم بني البلدين لالستفادة‬ ‫من احتياطي أكبر حقول الغاز في العالم والذي‬ ‫يتشاركان فيه‪ .‬وعلى الرغم من حقيقة أن إيران‬ ‫كانت دائما متأخرة عن قطر في مجال استكشاف‬ ‫حقل غاز الشمال‪ /‬أو حقل فارس اجلنوبي ‪ -‬نظرا‬ ‫ألنها ال تستطيع اإلفادة من التكنولوجيا والتمويل‬ ‫الغربيني ‪ -‬لم تبدأ طهران إال مؤخرا في التركيز على‬ ‫تلك القضية‪.‬‬ ‫فقد أمر مؤخرا وزير البترول اإليراني‪ ،‬رستم‬ ‫قاسمي‪ ،‬املتعهدين بالعمل على اجلانب اإليراني‬ ‫من احلقل على مدار الساعة لكي يالحقوا معدل‬ ‫عمل نظرائهم القطريني‪ .‬وفي بعض األوقات‪،‬‬ ‫وفي تصريحات تثير ذكريات تبرير العراق لغزو‬ ‫الكويت في التسعينيات‪ ،‬كان املسؤولون اإليرانيون‬ ‫يتحدثون حول اختالسات قطرية في اخلليج‪ .‬فقد‬ ‫أخبر البرملاني اإليراني أحمد مهدوي زمالءه بأن قطر‬ ‫تأخذ قدرا من الغاز أكبر ثالث مرات من طهران في‬ ‫احلقل املشترك بينهما‪ .‬وعلى الرغم من أنه ال يوجد‬ ‫من يدعو في طهران ألن تصبح قضية حقل الغاز‬ ‫املشترك سببا في نزاع عسكري مع قطر‪ ،‬تعد تلك‬ ‫القضية‪ ،‬بال شك‪ ،‬عنصرا تدرك إيران أنها تستطيع‬ ‫‪14‬‬

‫اللجوء إليه وهي تسعى لتشكيل حسابات قطر‬ ‫حول األهداف اإلقليمية‪.‬‬ ‫الوسيط؟‬ ‫لقد كانت العالقات اإليرانية ‪ -‬القطرية إلى حد كبير‬ ‫تتعلق بحماية احلد األدنى من املصالح املشتركة‬ ‫التي كانت جتمع بني البلدين في املقام األول‪ .‬وكان‬ ‫من العوامل الرئيسية على مدار السنوات في‬ ‫ذلك هو النزاع القطري ‪ -‬السعودي‪ ،‬واستراتيجية‬ ‫إيران املدروسة إلشعال ذلك النزاع داخل مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي لكي تضعف القوة اجلمعية لتلك‬ ‫الكتلة‪ .‬وعلى الرغم من أن إيران لم تخلق ذلك‬ ‫االنقسام القطري ‪ -‬السعودي‪ ،‬فإنها سعت لإلفادة‬ ‫منه قدر ما تستطيع‪ .‬وفي الوقت الراهن‪ ،‬يبدو أن‬ ‫ذلك النمط في التفكير ما زال يسود طهران رغم‬ ‫التذبذبات األخيرة في العالقات بني الدوحة وطهران‪.‬‬ ‫ويبدو أن مثل ذلك الهدف االستراتيجي ‪ -‬احلفاظ‬ ‫على عالقات قوية مع طهران واحلفاظ على النزاع‬ ‫احلاد بني الدوحة والرياض ‪ -‬مهيمن بالنسبة‬ ‫لطهران‪ ،‬إلى حد أنه دفعها إلى التقليل من شأن‬ ‫حقائق أخرى قوية بشأن قطر‪ :‬وهي أن الدولة هي‬ ‫من احللفاء املقربني للواليات املتحدة ومقر واحدة‬ ‫من أكبر القواعد العسكرية األميركية باخلارج‬ ‫وهي قاعدة العديد اجلوية‪.‬‬

‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬ذهب بعض املسؤولني اإليرانيني‬ ‫إلى ما هو أبعد من ذلك عندما حتدثوا عن تبني قطر‬ ‫دورا مختلفا متاما وهو دور الوسيط بني خصوم إيران‬ ‫مثل الواليات املتحدة واململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫فمن جهته‪ ،‬يقول أمير موسوي‪ ،‬من كبار مسؤولي‬ ‫الدفاع سابقا في إيران في حوار لـ«الدبلوماسية‬ ‫اإليرانية» إن «قطر لديها عالقات طيبة‬ ‫للغاية مع الواليات املتحدة وإسرائيل»‬ ‫حتى إنها «ميكنها أن تلعب دورا‬ ‫مهما في احلفاظ على األمن والهدوء‬ ‫في املنطقة» عبر قيامها بدور‬ ‫«الوسيط الذي ميكنه حمل رسائل‬ ‫الغرب إليران والعكس بالعكس»‪.‬‬ ‫وليست دعوة موسوي بالشيء الفريد‪.‬‬ ‫فقد ذكر العديد من املعلقني في‬ ‫طهران جهود قطر للوساطة بني إيران‬ ‫و السعودية باعتبارها جهودا مفيدة‪،‬‬ ‫خاصة في أوقات التوتر مثل الفترة‬ ‫التالية مباشرة للكشف عن املؤامرة‬ ‫اإليرانية حملاولة الغتيال السفير‬ ‫السعودي في واشنطن‪ .‬ولكن‬ ‫يبدو أن فكرة وجود قطر‬ ‫كوسيط محل ثقة في‬ ‫الفترة احلالية أصبح‬ ‫غير مؤكد ويجب أن‬ ‫نتساءل إذا ما كانت‬ ‫الثورات العربية‬ ‫املستمرة التي بدأت‬ ‫في ‪ 2011‬ميكنها‬ ‫السماح باستمرار‬ ‫العالقات اإليرانية‬ ‫القطرية املاضية‪.‬‬

‫وفي ما يتعلق بقضية الثورة السورية‪ ،‬وهي أكثر‬ ‫القضايا امللحة التي تواجه احلكومات في املنطقة‪،‬‬ ‫فإن طهران والدوحة هما أكثر احملتفني سواء بالقوى‬ ‫املوالية أو املناهضة لألسد‪ .‬وهناك قضايا خالفية‬ ‫أخرى مثل احملاوالت القطرية إلخراج حماس من اجملال‬ ‫اإليراني وجهود الدوحة للتوسط في أفغانستان‬ ‫والتي رمبا أدت إلى انضمام عدو طهران «طالبان»‬ ‫إلى العملية السياسية على حساب الفصائل‬ ‫التي تدعمها طهران‪.‬‬ ‫لقد أصبحت كل من إيران وقطر اآلن على طرفي‬ ‫نقيض‪ .‬فهما تقفان كالعبني إقليميني سواء نظرا‬ ‫للتشدد اآليديولوجي اإليراني أو قدرة قطر على‬ ‫اغتنام الفرص مثل تلك الفرص التي جنمت عن‬ ‫الفوضى الليبية‪ .‬كما أنها عالقة بني نظيرين غير‬ ‫متكافئني‪ .‬فهناك مقاطعات في مدينة طهران ذات‬ ‫التسعة ماليني نسمة يزيد عدد سكانها عن عدد‬ ‫سكان قطر مبجملها والذي يبلغ ‪ 200‬ألف نسمة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنهما حافظا حتى اآلن على‬ ‫عالقة مشتركة طويلة تتضمن عددا من القضايا‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬فمن الواضح أن الثورات العربية التي‬ ‫ما زالت مستمرة قد وضعت التفاهم اإليراني ‪-‬‬ ‫القطري القائم حتى اآلن على احملك >‬ ‫أليكس فاتانكا‬


‫ما يكفي من الوقت لضمان حتقيق حل سلمي»‬ ‫للمشكلة املتعلقة بالبرنامج النووي اإليراني‪ .‬وما‬ ‫زال محللو السياسة اخلارجية اإليرانيون يتذكرون‬ ‫قرار قطر في عام ‪ 2006‬باعتباره قرارا تاريخيا ميثل‬ ‫تضامن قطر مع إيران‪ .‬ولكن األكثر إيحاء هو موقف‬ ‫قطر بشأن برنامج إيران النووي منذ ذلك التصويت‬ ‫التاريخي في ‪.2006‬‬ ‫ولكن عندما تصاعد الزخم الدولي بقيادة الغرب‬ ‫ضد إيران‪ ،‬سرعان ما غيرت الدوحة موقفها‬ ‫وانضمت إلى األغلبية وفي ديسمبر (كانون األول)‬ ‫‪ ،2006‬ومارس (آذار) ‪ 2007‬صوتت تأييدا لقراري‬ ‫األمم املتحدة رقم ‪ ،1737‬و‪ 1747‬اللذين يشددان‬ ‫العقوبات على طهران‪ .‬ومن سوء حظ قطر أنها‬ ‫خالل فترة وجودها كعضو غير دائم مبجلس األمن‬ ‫ملدة عامني‪ ،‬اضطرت في ثالث مناسبات مختلفة‬ ‫إلى اإلدالء بصوتها حول قرار حيوي يتعلق بجارتها‬ ‫التي كانت تتوق بشدة إلى محاباتها‪ .‬وعندما مت‬ ‫تسليط األضواء عليها‪ ،‬أوضحت الدوحة أن تصويت‬ ‫يوليو ‪ 2006‬تأييدا إليران لن يتكرر مرة أخرى وأن‬ ‫قطر لن تخرج عن دائرة اإلجماع الدولية في القضايا‬ ‫السياسية الكبرى‪.‬‬

‫العسكري لدول مجلس التعاون في البحرين حلظة‬ ‫مؤسفة‪ .‬حيث كانت طهران تنظر إلى الثورات في‬ ‫العالم العربي باعتبارها فرصة لتحقيق مكاسب‬ ‫جيوسياسية‪ .‬ولم يكن تغيير النظام في أي‬ ‫مكان آخر ليسعد طهران أكثر من تغيير النظام‬ ‫في البحرين التي كان العديد من املتظاهرين‬ ‫الشيعة بها‪ ،‬وفقا لزعم طهران‪ ،‬مستعدين لقبول‬ ‫املرشد األعلى علي خامنئي باعتباره مخلصهم‪.‬‬ ‫فقد ذكرت الصحافة اإليرانية في األيام األولى‬ ‫لالحتجاجات البحرينية أن بعض زعمائها قدموا‬ ‫التماسا مباشرا خلامنئي في رسالة عامة‪ .‬فقد‬ ‫ذهب حسن مشيمع‪ ،‬زعيم حركة «حق» البحرينية‬ ‫أبعد من ذلك حني دعا صراحة للتدخل العسكري‬ ‫اإليراني دعما للشيعة في البالد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن البحرين حتى اآلن لم يحدث أن‬ ‫انحازت ضد إيران‪ ،‬فقد استمرت احلملة اإلعالمية‬ ‫توان‪.‬‬ ‫املوسعة ضد النظام احلاكم في املنامة بال ٍ‬ ‫ومن بني دول مجلس التعاون اخلليجي األخرى‪،‬‬ ‫تواجه السعودية القدر األكبر من الغضب اإليراني‪.‬‬ ‫ويشير استعراض دعاية النظام اإليراني خالل العام‬ ‫املاضي إلى أن اجلزء األكبر منه كان يتغاضى عن‬ ‫قطر في الهجوم على تدخل دول مجلس التعاون‬ ‫في البحرين‪.‬‬

‫وكان نفس النوع من املواقف العملية‪ ،‬إن لم يكن‬ ‫املترددة‪ ،‬واضحا في موقف قطر جتاه إيران على‬ ‫الصعيد اإلقليمي‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬عندما كانت‬ ‫تتولى الرئاسة التي يتم تبادلها جمللس التعاون‬ ‫اخلليجي في ‪ ،2007‬دعت قطر الرئيس محمود‬ ‫أحمدي جناد حلضور القمة السنوية للمجموعة‪.‬‬ ‫وقد جتاوزت أهمية الدعوة مجرد الرمز نظرا ألنها‬ ‫حدثت في قمة التوترات العربية اإليرانية وفي أوج‬ ‫نزاع إقليمي قوي تزايد ببزوغ نخبة شيعية جديدة‬ ‫تدعمها إيران في العراق‪ .‬وقد أشار عدد كبير من‬ ‫التقارير والتكهنات في وسائل اإلعالم العربية في‬ ‫ذلك الوقت الى أن الدوحة قد تصرفت على نحو‬ ‫فردي في دعوتها ألحمدي جناد وأنها قامت بذلك‬ ‫على حساب تعزيز جبهة موحدة جمللس التعاون‬ ‫اخلليجي ضد طهران‪.‬‬

‫ولكن مسلك طهران جتاه قطر لن يستمر إلى األبد‪.‬‬ ‫فقد كانت طهران تراقب باهتمام انضمام قطر‬ ‫لقوات حلف شمال األطلسي التي قامت بخلع‬ ‫نظام معمر القذافي في ليبيا‪ .‬وكان من الواضح‬ ‫أن إيران ال تشعر بارتياح جتاه ذلك النموذج الغربي‬ ‫ العربي اجلديد من التدخل السياسي ‪ -‬العسكري‬‫الذي لعبت فيه قطر دورا مهما ومتحمسا‪ ،‬ولكن‬ ‫انتقادها للدوحة ظل إلى حد كبير مخففا‪ .‬ويرجع‬ ‫موقف إيران في ذلك الوقت إلى عالقتها غير‬ ‫الوثيقة بليبيا‪ .‬حيث إن التقارب بني القذافي‬ ‫والغرب والذي بدأ عام ‪ 2003‬خلق مسافة‬ ‫كبيرة بني طهران وطرابلس‪ ،‬ولم يكن لدى‬ ‫طهران ما تخسره برحيل القذافي‪.‬‬

‫ولكن كما حدث في اقتراع قطر في األمم املتحدة‬ ‫في ‪ 2006‬تأييدا لطهران والذي سرعان ما شجبته‪،‬‬ ‫أثبتت قطر أنها ليست مستعدة للتعايش مع‬ ‫إيران عندما ظهرت األزمة الداخلية الكبرى مجلس‬ ‫التعاون اخلليجي وكان على الدوحة مرة أخرى أن‬ ‫تقوم بخيار رئيسي‪ .‬ففي مارس ‪ ،2011‬وصلت‬ ‫قوات درع اجلزيرة التابعة جمللس التعاون اخلليجي‬ ‫إلى البحرين بدعوة من احلكومة البحرينية في إطار‬ ‫مساعي التعامل مع االحتجاجات في البحرين‪.‬‬ ‫ولم تتردد قطر في تأييد التدخل العسكري لدول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي في البحرين رغم اإلدانة‬ ‫اإليرانية الصريحة واتهامها بأن االحتجاجات‬ ‫البحرينية التي يقوم بها الشيعة تتعرض للتمييز‬ ‫على يد حكومات دول مجلس التعاون‪ .‬وقد أظهرت‬ ‫الدوحة مرة أخرى بوضوح حدود سياسة التعايش‬ ‫مع طهران‪ ،‬وأنها رغم «نزاعاتها» مع دول مجلس‬ ‫التعاون األخرى جزء من كتلة اخلليج اإلقليمية‪.‬‬ ‫النزاع‬ ‫بالنسبة للنظام في طهران‪ ،‬مثل التدخل‬

‫ولكن وضع ليبيا يختلف متاما عن دولة‬ ‫عربية أخرى تعرضت لالضطرابات في‬ ‫عام ‪ 2011‬وهي سوريا‪ .‬فقد كانت سوريا‬ ‫ملدة تزيد على الثالثة عقود هي مركز ثقل‬ ‫القوة اإليرانية في العالم العربي‪ .‬فقد‬ ‫كان إليران مصلحة واضحة في أن يظل‬ ‫نظام بشار األسد في السلطة وعندما‬ ‫وجدت أن قطر تعهدت مبحاكاة سيناريو‬ ‫تغيير النظام الليبي في سوريا‪ ،‬ثارت بال‬ ‫شك ثائرة إيران‪ .‬وكان رد الفعل سريعا‬ ‫وواضحا‪ ،‬فقد وجد حكام قطر أنفسهم‬ ‫وهم يصورون في حمالت الدعاية اإليرانية‬ ‫بنفس املصطلحات الفجة التي‬ ‫كان يتم وصف رموز احلكم‬ ‫في اململكتني السعودية‬ ‫والبحرين‪ .‬حيث أصبح يتم‬ ‫وصف حكام قطر بأنهم‬ ‫منعزلون عن األحداث وغير‬ ‫شرعيني‪ ،‬ومدافعون عن‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫املصالح الغربية في املنطقة‪ ،‬وأصبحت وسائل‬ ‫اإلعالم التي تهيمن عليها الدولة اإليرانية مهتمة‬ ‫باحلريات االجتماعية في قطر ‪ -‬مثل إتاحة شرب‬ ‫الكحول لألجانب ومؤسسات السياحة ‪ -‬وأصبح‬ ‫يقال إن حكام قطر «تخلوا عن العادات والقيم‬ ‫اإلسالمية»‪ .‬هكذا وبعدما كانا صديقني قريبني‪،‬‬ ‫أصبحت طهران اآلن تستهدف قطر‪.‬‬ ‫التهمة‬ ‫وتعد أكثر التهم اإليرانية سلبية ضد الدوحة هي‬ ‫أن قطر متفقة مع الغرب حول التحول السياسي‬ ‫للشرق األوسط عبر تأسيس أنظمة موالية للغرب‬ ‫في الدول العربية التي شهدت اضطرابات‪ .‬وكان‬ ‫يتم تكرار تلك التهمة عالنية وعلى أعلى مستويات‬ ‫السلطة‪ .‬فقد حتدث اجلنرال يحيى صفوي‪ ،‬الرئيس‬ ‫السابق للحرس الثوري اإلسالمي اإليراني والذي‬ ‫يعمل حاليا كأحد كبار املستشارين العسكريني‬ ‫آلية اهلل خامنئي في حوار شهير مع وكالة أنباء‬ ‫«فارس» حول أن الواليات املتحدة قد كلفت قطر‬ ‫(مع دول أخرى) بتسهيل وصول القوى املناهضة‬ ‫إليران إلى السلطة في أماكن مثل سوريا‪ .‬وقد حذر‬ ‫نائب رئيس اللجنة البرملانية اإليرانية لألمن الوطني‬ ‫والسياسة اخلارجية من أن تدخل قطر «في الشؤون‬ ‫الداخلية للدول األخرى لن يظل دون رد فعل»‪ .‬وكان‬ ‫ذلك كرد فعل على اقتراح رئيس الوزراء الشيخ حمد‬ ‫بن جاسم بتسليح املتظاهرين السوريني لقتال‬ ‫نظام األسد‪.‬‬

‫وفي احلقيقة‪ ،‬وفي ظل استمرار األزمة السورية‪،‬‬ ‫كان على الدولة اإليرانية أن تعود بالزمن إلى الوراء‬

‫‪13‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫العالقات اإليرانية ‪ -‬القطرية على احملك‬

‫طرفا نقيض‬

‫في اللحظة الراهنة‪ ،‬تخيم على العالقات بني إيران وقطر حالة غير مسبوقة من الغموض‪ .‬فقد قام الرئيس االيراني محمود‬ ‫أحمدي جناد مؤخرا بإلغاء رحلة مخطط لها سلفا إلى الدوحة‪ ،‬فيما يسود إيران خطاب مناهض لقطر‪ .‬من وجهة نظر‬ ‫طهران‪ ،‬تسببت قطر في الصدع عبر تزعمها للمساعي العربية إلسقاط نظام الرئيس السوري بشار األسد الذي تدعمه‬ ‫طهران‪ .‬وعلى الرغم من أن إيران مستاءة للغاية مما يطلق عليه مجازفة قطر في سوريا‪ ،‬فإن يد طهران مغلولة على نحو‬ ‫ما في إيجاد سبل أخرى للتعامل مع الدوحة‪ ،‬حيث إن إيران ترغب بشدة في احلفاظ على ما تبقى لها من عالقات مع الدول‬ ‫العربية في عصر التوترات العربية ‪ -‬اإليرانية‪ ،‬وبالتالي يجب النظر إلى العالقات املضطربة بينها وبني قطر في ذلك السياق‪.‬‬ ‫أليكس فاتانكا‬

‫مرشد الثورة علي خامنئي وأمير قطر الشيخ حمد آل ثاني‪ ..‬عالقة على احملك‬

‫لقد كان املعلقون اإليرانيون يصفون قطر دائما‬ ‫بأنها ثاني أقرب األصدقاء املقربني لطهران في دول‬ ‫اخلليج العربية‪ .‬وذلك بعد عمان التي كان يقال إنها‬ ‫أكثر األصدقاء اعتمادا على اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫خالل العقود الثالثة املاضية‪ .‬فمنذ الثورة اإليرانية‬ ‫في عام ‪ ،1979‬تفادت العالقات بني طهران والدوحة‬ ‫على نحو ملحوظ التعرض للتأرجحات املوسمية‬ ‫التي ميزت العالقات الثنائية اإليرانية مع غيرها‬ ‫من دول اخلليج العربي مثل السعودية‪ ،‬والكويت‪،‬‬ ‫واإلمارات‪ ،‬والبحرين‪ .‬فقد اتخذت قطر قرارا محوريا‬ ‫في األيام األولى لنشأة اجلمهورية اإلسالمية جعلها‬ ‫‪12‬‬

‫محبوبة من طهران‪ ،‬وهو قرارها بعدم االنحياز‬ ‫الصريح لبغداد في احلرب اإليرانية ‪ -‬العراقية‬ ‫(‪ )1988 - 1980‬في الوقت الذي وقفت فيه بقية‬ ‫دول املنطقة مع نظام صدام حسني‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أن قرار قطر كان في أفضل أحواله قرارا باحلياد‬ ‫فإنه كان قرارا جيدا مبا يكفي بالنسبة إليران‪.‬‬ ‫كما اتخذت دولة قطر الصغيرة ‪ -‬التي لديها أقل‬ ‫عدد من السكان احملليني بني دول مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي الست ‪ -‬عددا من اخلطوات املهمة التي‬ ‫استهدفت عبرها أن تلقى إعجاب جارتها العمالقة‬

‫في الشمال‪ .‬رمبا أكثر تلك اخلطوات أهمية‪ ،‬كان‬ ‫وقوف قطر كصوت معارض وحيد عندما مرر‬ ‫مجلس األمن التابع لألمم املتحدة في يوليو (متوز)‬ ‫‪ 2006‬القرار رقم ‪ 1696‬والذي طالب طهران بوقف‬ ‫نشاطات تخصيب اليورانيوم وفرض العقوبات على‬ ‫البالد‪ .‬وكان ذلك أول اقتراع جمللس األمن التابع لألمم‬ ‫املتحدة حول برنامج إيران النووي تلته ثالث عمليات‬ ‫اقتراع إضافية تفرض املزيد من الرقابة على إيران‪.‬‬ ‫في ذلك الوقت‪ ،‬دعا مفوض قطر مبؤمتر مجلس األمن‬ ‫‪ -‬ناصر عبد العزيز الناصر ‪ -‬إلى «منح الدبلوماسية‬


‫جذريا ً في سوريا وقد جند اإلجابة في قلق روسيا من‬ ‫اآلثار احملتملة لهذا التحول ليس على موازين القوة‬ ‫وإعادة رسم مناطق النفوذ فحسب‪ ،‬ولكن على‬ ‫أوضاعها الداخلية‪.‬‬

‫مستوى القيادة وتوقيع اتفاقيات عدة للتعاون‬ ‫الشامل‪ ،‬األمر الذي جعل بعض املراقبني يستقرئ‬ ‫بتشكل شراكة استراتيجية بني الدولتني اللتني‬ ‫تعدان أكبر منتج للنفط في العالم وتتنافسان‬ ‫على مرتبة صدارة تصديره‪.‬‬

‫ليس املقصود هنا ما يطرحه البعض من أن روسيا‬ ‫قلقة من الثورات العربية على املشهد السياسي‬ ‫هناك فمسألة الرئاسة قد حسمت رغم استمرار‬ ‫االحتجاجات التي تبقى محدودة وال يوجد حتى‬ ‫اآلن مؤشرات على تغيرات ذات أهمية في ترتيبات‬ ‫السلطة في موسكو على نحو مضاد لرغبة بوتني‬ ‫وحلفائه في حزب روسيا املوحدة‪.‬‬

‫«احلالة الراهنة» في العالقات بسبب اختالف املواقف‬ ‫جتاه األوضاع في سوريا تكشف عن عجز هذه‬ ‫العالقات في االنتقال إلى مستويات استراتيجية في‬ ‫التعاون‪ ،‬رغم ما حتقق من منو في مستوى التبادل‬ ‫التجاري بينهما وتشكيل اللجان املشتركة واستمرار‬ ‫االتصال الدبلوماسي‪.‬‬ ‫فاالحتكاك الراهن ‪ -‬إذا صح تسميته بذلك ‪ -‬لم‬ ‫يكن ليحدث لو أن الرياض وموسكو ركزتا على‬ ‫االبعاد االستراتيجية التي يلتقيان حولها بدال ً من‬ ‫االقتصار على رؤية ضيقة لعالقتهما وسعي كل‬ ‫طرف إلى تسخيرها لتحقيق مصالح مباشرة‪.‬‬ ‫ويأتي في مقدمة الركائز االستراتيجية للعالقة بني‬ ‫اململكة وروسيا تقارب رؤيتيهما إلشكالية توزيع‬ ‫القوة في النظام الدولي الراهن‪ ،‬حيث إن مصالح‬ ‫الدولتني تلتقي حول ضرورة تشتيت القوة بدال ً‬ ‫من تركزها في طرف واحد ‪ -‬الواليات املتحدة ‪ -‬مما‬ ‫يدفع إلى سياسات أحادية تضرر منها العالم خالل‬ ‫السنوات العشر االخيرة‪.‬‬ ‫فاململكة ورغم عالقاتها االستراتيجية مع الواليات‬ ‫املتحدة فإنها كقوة إقليمية مهمة وكقائد لتجمع‬ ‫اسالمي كبير ال ترى مصلحة في بقاء النظام‬ ‫الدولي حتت هيمنة قوة تتصرف بشكل احادي‬ ‫وتسعى لتحقيق مصلحة ذاتية حتى لو تسبب‬ ‫ذلك في إحلاق الضرر باألمن واالستقرار العاملي‪.‬‬ ‫روسيا من جهتها والتي تسعى إلى استعادة شيء‬ ‫من مكانتها الدولية التي فقدتها بعد انهيار االحتاد‬ ‫السوفيتي يؤمن قادتها بأن هذا الهدف ‪ -‬استعادة‬ ‫املكانة ‪ -‬لن يتحقق سوى من خالل حتول النظام‬ ‫الدولي نحو تعدد األقطاب‪ .‬واملؤكد أننا سنرى‬ ‫مزيدا ً من التأكيد على هذه القناعة والتصرف تبعا ً‬ ‫لها خالل السنوات القادمة بعد أن عاد بوتني إلى‬ ‫الكرملني مرة أخرى‪ ،‬وهو من أجج هذا الشعور بعدم‬ ‫عدالة وتوزان النظام الدولي الراهن منذ هجومه‬ ‫احلاد على التصرفات األحادية لواشنطن في مؤمتر‬ ‫ميونخ لألمن في ‪.2007‬‬

‫األمير سعود الفيصل‬

‫كانت في شكل عقود عسكرية أو استثمارات‬ ‫سعودية‪.‬‬ ‫ضيعت فرصا ً لتعميق‬ ‫هذه الرؤية الضيقة لألسف َ‬ ‫العالقة على أسس استراتيجية تخدم مصالح‬ ‫الدولتني‪ ،‬إضافة إلى املساهمة في إعادة تشكيل‬ ‫النظام الدولي اعتمادا ً على ما متتلكانه من رصيد‬ ‫اقتصادي وكذلك روحي بالنظر إلى مكانة اململكة‬ ‫الدينية‪ ،‬أو موقع روسيا كجسر بني حضارات الشرق‬ ‫والغرب وهي رؤية يجتمع حولها القوميون الروس‪،‬‬ ‫املتشددون منهم مثل فالدمير جيرينوفسكي أو‬ ‫املعتدلون مثل الرئيس القدمي اجلديد فالدمير بوتني‬ ‫وذلك في تأكيد منهم على أن روسيا تعد قيمة‬ ‫إضافية للغرب وليست مجرد تابع له‪.‬‬ ‫ولكن وبعيدا ً عن العالقات السعودية الروسية‬ ‫لنحاول البحث عن أسباب هذا اإلصرار الروسي‬ ‫على الوقوف ضد أي حترك دولي ميكن أن يحدث تغيرا ً‬

‫روسيا قلقة من جانب آخر وهو أن املستفيد األكبر‬ ‫من هذه الثورات هي احلركات االسالمية كما ظهر‬ ‫حتى اآلن بدءا ً من املغرب مرورا ً بتونس فليبيا ومصر‪.‬‬ ‫سيرجي الفروف وفي كلمته خالل اجتماعه مع وزراء‬ ‫اخلارجية العرب حذر من أن الثورات العربية ميكن أن‬ ‫تهدد استقرار املنطقة واستقرار العالم‪ .‬وقبل ذلك‬ ‫بفترة طويلة حذ ًر فالدميير بوتني ومنذ االيام االولى‬ ‫لالحتجاجات من احتماالت تأثير هذه الثورات على‬ ‫االستقرار في شمال القوقاز‪.‬‬ ‫فعلى النقيض من الواليات املتحدة‪ ،‬روسيا ال‬ ‫جتيد اليوم اللعب مع هذه احلركات وتخشى من‬ ‫أثر وصولها للسلطة وهيمنتها على املشهد‬ ‫السياسي في املنطقة العربية على عودة روح‬ ‫املقاومة لشمال القوقاز‪ .‬فقد جتد بعض القيادات‬ ‫الشيشانية فرصة في هذه الثورات الستنهاض‬ ‫التعاطف االسالمي مع قضيتهم من منطلق مبدأ‬ ‫األخوة االسالمية بعد أن تخلى العالم عنهم‪.‬‬ ‫هل موسكو محقة أم مبالغة في هذا القلق‪ ،‬هذا‬ ‫ما علينا بحثه بدال ً من االستمرار في توجيه اللوم‬ ‫لها وهو ما يضيع فرص االتفاق على جهد مشترك‬ ‫فاعل إلنهاء مأساة القتل اليومي في سوريا >‬ ‫د‪ .‬صالح بن محمد اخلثالن‬

‫االسد يستقبل الفروف‪..‬الى اي مدى يستمر الدعم الروسي‬

‫الرياض وموسكو وألسباب غير واضحة انصرفتا عن‬ ‫هذا االفق الواسع للعالقات نحو رؤية ضيقة تركز‬ ‫على سعي كل منهما إلى توظيف العالقة ملصالح‬ ‫محدودة وخاصة‪ .‬فمن جهة جند أن الرياض أصبحت‬ ‫تنظر إلى موسكو من زاوية موقف األخيرة من‬ ‫البرنامج النووي االيراني ومحاولة اقناعها بتوظيف‬ ‫عالقتها مع إيران لثنيها عن السعي لتخصيب‬ ‫اليورانيوم ألغراض عسكرية‪ ،‬في املقابل نلحظ أن‬ ‫روسيا لم تعد ترى في العالقة املتنامية مع اململكة‬ ‫سوى مصدرا للمزيد من املصالح االقتصادية سواء‬ ‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫‪11‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫السعودية وروسيا في مواجهة األزمة السورية‬

‫تباين مواقف‬

‫التباين الراهن بني املوقفني السعودي والروسي جتاه األزمة السورية يعكس في‬ ‫جزء منه اختالف منطلقات السياستني اخلارجية السعودية والروسية جتاه‬ ‫هذه األزمة حتديدا ً‪ .‬ففي حني تستند الرياض في موقفها‪ -‬الذي وصفه بعض‬ ‫املراقبني بالصلب ‪ -‬إلى مزيج من االعتبارات األخالقية واإلنسانية وتعبر عن‬ ‫التزام مبدئي مبساعدة "األشقاء"‪ ،‬ورغبة في تغيير موازين القوة في املنطقة‬ ‫واحتواء لرأي عام داخلي مشحون‪ ،‬جند أن موسكو تنطلق من رؤية استراتيجية‬ ‫تتعلق مبكانتها على الساحة الدولية‪ ،‬حيث متيل إلى تفسير املواقف الراهنة‬ ‫جتاه ما يحدث في سوريا كصورة أخرى للصراع الدولي على قطف ثمار الثورات‬ ‫العربية وحتقيق مكاسب نفوذ في املنطقة‪.‬‬ ‫د‪ .‬صالح بن محمد اخلثالن‬

‫التباين بني املوقفني بلغ مداه في مناسبتني‪ ،‬األولى‬ ‫بعد تصويت روسيا‪ ،‬إضافة إلى الصني‪ ،‬ضد قرار كان‬ ‫مجلس األمن ينوي إصداره ليؤسس ملوقف دولي‬ ‫جتاه النظام السوري‪ ،‬حيث ع َبر امللك عبداهلل عن‬ ‫استيائه جتاه ذلك التصويت‪ ،‬وأشار إلى أن التصويت‬ ‫ضد القرار تسب في اهتزاز الثقة باألمم املتحدة‬ ‫ويدفع للتفكير في البحث عن آليات دولية أخرى‬ ‫تكون بديال ً عن مجلس األمن الذي تؤطر قراراته‬ ‫حسب درجة التنافس والتوافق بني القوى الكبرى‬ ‫الدائمة العضوية دومنا اعتبار للمسائل اإلنسانية‪.‬‬ ‫كما عبر امللك عبداهلل عن استيائه من الفيتو‬ ‫الروسي مرة أخرى خالل اتصال هاتفي أجراه معه‬ ‫الرئيس الروسي عبر له عن عدم جدوى احلوار‬ ‫بعد أن وصل العنف ضد املدنيني إلى مستويات‬ ‫غير مقبولة‪ ،‬إضافة إلى استغرابه عدم تنسيق‬ ‫موسكو موقفها مع الدول العربية قبل اتخاذ القرار‬ ‫بالتصويت السلبي‪.‬‬ ‫املناسبة الثانية التي كشفت حدة اخلالف بني‬ ‫العاصمتني املهمتني هي تصريح للمتحدث باسم‬ ‫وزارة اخلارجية الروسية اتهم فيه اململكة بدعم‬ ‫اإلرهاب في سوريا‪ .‬ذلك التصريح أثار استياء‬ ‫اخلارجية السعودية بشكل بالغ حيث سارعت‬ ‫إلى إصدار بيان انتقدت فيه موسكو ورأت في ذلك‬ ‫التصريح محاولة لتشويه املوقف السعودي‪ ،‬كما‬ ‫القى البيان املسؤولية على روسيا التي أعطت‬ ‫النظام السوري رخصة للتمادي في قمع شعبه‬ ‫نتيجة مواقفها املعارضة ألي حترك دولي جاد‪.‬‬ ‫اللقاء الذي عقد في القاهرة وجمع وزير اخلارجية‬ ‫الروسي سيرغي الفروف مع نظرائه العرب كان‬ ‫عبارة عن جلسة مصارحة وعتب غير معتادة‬ ‫في العمل الدبلوماسي‪ ،‬فقد عاتب األمير سعود‬ ‫الفيصل موسكو على موقفها احلالي الذي منح‬ ‫النظام السوري ضوءا أخضر لالستمرار في قمع‬ ‫املدنيني‪ ،‬وذكًر الفروف مبواقف روسيا االحتادية (حني‬ ‫كانت جزءا من االحتاد السوفيتي بالطبع) املناصرة‬ ‫للقضايا العربية‪ ،‬في املقابل دافع الفروف في تلك‬ ‫اجللسة عن وجهة النظر الروسية مبينا ً أنها ال تعبر‬ ‫عن أي مصالح ذاتية لروسيا‪ ،‬ودعا إلى جتاوز مرحلة‬ ‫إلقاء اللوم‪ ،‬والبحث عن مخرج حلالة العنف‪.‬‬ ‫ليس واضحا ً أثر إشارة وزير اخلارجية السعودية‬ ‫للمواقف التاريخية السوفيتية فقد أصبح مثل‬ ‫هذا احلديث والبحث في دوافع تلك املواقف موضوعا ً‬ ‫للمؤرخني واألكادمييني‪ ،‬ليحددوا إن كانت ارتكزت‬ ‫على أسس ومعايير مبدئة كما يفهم من االشارة‪،‬‬ ‫أم أنها كانت مدفوعة برؤية استراتيجية كما حتاول‬ ‫روسيا اليوم تقدمي موقفها من االزمة السورية‪.‬‬

‫السالح الروسي يقتل اطفال سوريا‬

‫‪10‬‬

‫املؤكد أن درجة اخلالف الراهنة كما عبر عنها اجلانبان‬ ‫في أكثر من مناسبة بشكل مباشر وغير مباشر‪-‬‬ ‫بالتطرق لها في مؤمترات صحافية ملسؤولي اخلارجية‬ ‫في الدولتني ‪ -‬تشير وبشكل واضح إلى حالة جديدة‬ ‫في العالقات السعودية الروسية التي شهدت تطورا ً‬ ‫نوعيا ً منذ ‪ 2000‬جتسدت في اتصاالت وزيارات على‬


‫انظمة اخلليج‪ ،‬ففي االخيرة‪ ،‬السلطة ليست‬ ‫منقطعة نهائيا عن النسيج االجتماعي‪ ،‬كما‬ ‫انها لم تتنب معادلة (القمع واخلوف)‪ ،‬بل محاولة‬ ‫االقناع والتدرج‪ .‬مثال ذلك ما وصلت إليه االحداث‬ ‫في اململكة العربية السعودية من نشاط مسلح‬ ‫من بعض ابنائها (حتى قبل الربيع)‪.‬‬ ‫لم تستخدم اململكة‪ ،‬استجابة للتحدي‪ ،‬القوة‬ ‫املعقولة فحسب ‪ ،‬بل االقناع ايضا‪ ،‬من خالل ما‬ ‫عرف باالصالح واملناصحة‪ ،‬وهو برنامج كان جديدا‬ ‫ومبتكرا في التخفيف من االحتقان وعودة البعض‬ ‫عن الغلو‪.‬‬ ‫في البحرين‪ ،‬اخذت املطالبات بعد الربيع العربي‬ ‫شكال ‪ -‬مع األسف ‪ -‬طائفيا‪ ،‬ولو انه حاول في‬ ‫املفردات تطبيق ما حدث في بالد ربيع العرب حرفيا!‬ ‫اال ان احلُكم هناك اخذ أيضا بعدد من االجراءات‬ ‫التي كان في قمتها الطلب من جلنة قانونية دولية‬ ‫ومحايدة‪ ،‬النظر في االحداث (جلنة بسيوني) التي‬ ‫قبلت املعارضة توصياتها كما قبلها النظام‪،‬‬ ‫وبقراءة تقرير جلنة بسيوني نتعرف على املرونة‬ ‫الشديدة التي قابل بها النظام تيارا معارضا له‬ ‫حقوق‪ ،‬ولكن ليس مجردا في بعضه عن رغبات‬ ‫سياسية خارجية‪.‬‬ ‫في عُ مان ايضا كانت االستجابة سريعة من‬ ‫النظام وحاسمة في الوقت نفسه‪ ،‬فقللت من‬ ‫مخاطر (االنفالت) غير احملسوب‪.‬‬ ‫في الكويت وبسبب وجود دستور متوافق عليه‬ ‫سياسيا بشكل واسع‪ ،‬كان تفعيل آليات الدستور‬ ‫كفيال بأن يقلل من مخاطر (الربيع) حتى املعنوية‪.‬‬ ‫كل هذا مت في اخلليج‪ ،‬بجانب بعد اجتماعي رمبا‬ ‫ال يستطيع بيانه اال من عايشه‪ ،‬وهو سهولة‬ ‫الوصول من جانب افراد اجملتمع الى متخذ القرار‬ ‫السياسي‪ ،‬كبر في املركز او صغر‪ ..‬ففي غالب دول‬ ‫اخلليج‪ ،‬الزال هناك االتصال االجتماعي التاريخي‪،‬‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬قائما ومطبقا‪ ،‬فالقليل يعرف ان‬ ‫االمير سلمان بن عبد العزيز (وزير الدفاع حاليا في‬ ‫السعودية)‪ ،‬على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬يخصص‬ ‫بعضا من وقته في ما بعد الظهر لزيارة املرضى‬ ‫في مستشفيات الرياض ومنذ سنوات طوال‪ ،‬منذ‬ ‫ان كان يشغل منصب أمير اداري لها‪.‬‬ ‫زيارة املرضى او غيرهم معمول بها في دول اخلليج‪،‬‬

‫العدد ‪ ،1571‬أبريل‪/‬نيسان ‪2012‬‬

‫كانت االستجابة السياسية من دول اخلليج‪ ،‬املرنة والفعالة‪ ،‬كفيلة بأن‬ ‫تقلل املخاطر‪ ،‬ولكن من دون اختفاء املطالبة باالصالح لدى النخب‪،‬‬ ‫حيث الزالت فاعلة وإن لم تصل الى شعارات او مطالب اآلخرين‬ ‫بالتغيير اجلذري‪.‬‬ ‫فأمير دولة الكويت يقضي ليالي رمضان في‬ ‫زيارات (للدواوين) الكويتية‪ ،‬عالوة على ان كثيرا‬ ‫من املسؤولني في السلط اخلليجية يتعاملون مع‬ ‫الناس (وجها لوجه) في مجاالت مفتوحة للجميع‪،‬‬ ‫وهناك ايضا سقف معقول في نقد (سلوكيات)‬ ‫السلطة او اشخاصها من دون خوف‪ ،‬غير مبرّر‪ ،‬مما‬ ‫يجعل احلاكم في اخلليج في الغالب قريبا الى‬ ‫نبض شعبه‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬كانت االستجابة السياسية من دول‬ ‫اخلليج‪ ،‬املرنة والفعالة‪ ،‬كفيلة بأن تقلل اخملاطر‪،‬‬ ‫ولكن من دون اختفاء املطالبة باالصالح لدى‬ ‫النخب‪ ،‬حيث الزالت فاعلة وإن لم تصل الى‬ ‫شعارات او مطالب اآلخرين بالتغيير اجلذري‪.‬‬ ‫نتحدث هنا عن «رغبة القلة» في االصالح‪،‬‬ ‫ال حشد «الكثرة» في اجلمهوريات العربية‬ ‫التي تفاعلت مع عدد من العوامل منها تأليه‬ ‫الشخصية وايضا (توريث احلكم) والفساد‬ ‫الواسع‪ ،‬كل ذلك معطوفا على وضع اقتصادي‬ ‫متدهور وغياب واضح مليزان العدل‪ ،‬ادت كلها الى‬ ‫اثارة الغالبية ضد النظام القائم‪.‬‬ ‫ثاني املداخالت التي تقلل من مخاطر ربيع العرب‬ ‫على دول اخلليج‪ ،‬ركزت على عامل ال ميكن جتاوزه‬ ‫هو الوضع االقتصادي‪ ،‬فقد استجابت دول اخلليج‬ ‫الى ما اعتقدت انه حتدي الربيع العربي االقتصادي‬ ‫بتدفقات مالية وعينية جململ قطاعات الشعب‪،‬‬ ‫فزادت الرواتب‪ ،‬بعضها الى الضعف تقريبا‪ ،‬وأحيت‬ ‫املشروعات التنموية التي كانت في األدراج او كانت‬ ‫تنتظر توقيتا آخر‪ ،‬بل وقررت صرف اعانات عينية من‬ ‫الغذاء للمواطنني‪ ،‬مما قلل من الضغط االقتصادي‬ ‫على الشرائح االجتماعية الواسعة في هذه الدول‬ ‫وأبعد استخدام العامل االقتصادي من املطالب‬ ‫السياسية كوسيلة محتملة إلثارة الناس‪.‬‬

‫التسمية‪ ،-‬فال النتائج السياسية فيها ما يغري‬ ‫من اجل املطالبة بالتغيير‪ ،‬وال النتائج االقتصادية‬ ‫ايضا‪ ،‬مما ترك خيبة امل كبيرة‪ ،‬فاملطالبة باحلرية‬ ‫يضيق نطاقها‪ ،‬واملطالبة بالعدالة االقتصادية‬ ‫تتقلص‪ ،‬واملطالبة باالنفتاح على جتارب العالم‬ ‫تضيق متجهة الى الداخل‪.‬‬ ‫فالوضع في مصر سياسيا واقتصاديا يبشر بأزمات‬ ‫محكمة‪ ،‬وكذلك اليمن و ليبيا بل في األخيرة‬ ‫يستعد الناس الى التقسيم‪ ..‬الشعار االهم في‬ ‫ربيع العرب هو (احلرية) مبعناها الشامل والكامل‪،‬‬ ‫ولكن تلك (احلرية) يبدو انها تقاس‪ ،‬بعد الربيع‪،‬‬ ‫مبقاسات ضيقة للغاية في كل من تونس ومصر‬ ‫وليبيا وهي في شعاراتها التراثية تتراجع حتى‬ ‫عن افكار مصلحي النهضة مثل الشيخ محمد‬ ‫عبده الذي آمن بحرية العقيدة وحرية الفكر وحرية‬ ‫العمل‪ ،‬هذا اذا تذكرنا مطالب القرن املاضي في‬ ‫شخص واعمال عبد الرحمن الكواكبي فإن ما هو‬ ‫معروض من (نتائج ربيع العرب) يقل عن مطالبات‬ ‫ذلك اجليل في صدر القرن العشرين‪ ،‬فما بالك‬ ‫مبطالب جيل خرج الى الشوارع في صدر القرن‬ ‫احلادي والعشرين يطالب باخلبز والكرامة معا!‬ ‫كل هذا يح ّتم على النخب في اخلليج إعمال الفكر‬ ‫والروية بدال من السباحة في اجملهول‪ ،‬فاالنفجار‬ ‫العربي الربيعي لم يعط حلوال ولو انه خفف من‬ ‫غلو وتسلط قروسطي رهيب‪ ،‬ال يتمثل كثيرا في‬ ‫دول اخلليج >‬ ‫د‪.‬محمد غامن الرميحي‬

‫ثالث املداخالت ركز على ما وصلت إليه النتائج ‪-‬‬ ‫حتى اآلن ‪ -‬من ربيع العرب في بالد الرَّبع ‪ -‬ان صحت‬

‫‪9‬‬ ‫‪9‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫ّ‬ ‫الكل‬ ‫مطالب إصالح املمكن بعد «فشل» مناذج تغيير‬

‫عرب اخلليج بعد ربيع العرب‬ ‫ال شك أن األحداث التي عاشتها مملكة البحرين في الفترة السابقة قد تركت لدى كثيرين‬ ‫تساؤال حول حقيقة ما جرى‪ .‬جاءت األحداث في فترة تشهد فيها بعض الدول العربية‬ ‫"انتفاضات" و"ثورات" ما جعل بعض املراقبني يلحق البحرين بدول "الربيع العربي"‬ ‫"فجرها" اخلارج و"استغلّها" بعض في الداخل‪ .‬وبني‬ ‫غير مدرك حلقيقة األوضاع التي‬ ‫ّ‬ ‫التفجير واالستغالل واخلارج والداخل تبقى حقيقة أن لعب "قلّة قليلة" على الوتر‬ ‫الطائفي‪ ،‬وليس كل الشعب الذي له مطالبه املشروعة‪ ،‬هي ما وجب درسه ومتحيصه‪.‬‬ ‫ملحة في‬ ‫"اجمللة" تطرح "احلقائق" و "األوهام" في أحداث "الدوار" وجتيب عن أسئلة‬ ‫ّ‬ ‫محاولة ملعرفة حقيقة ما جرى في البحرين‪.‬‬ ‫د‪.‬محمد غامن الرميحي‬

‫السؤال الذي يسأله كثيرون هو هل تأتي رياح الربيع‬ ‫يصم االذان‪ ،‬الى دول‬ ‫العربي التي ال زال صريرها‬ ‫ّ‬ ‫اخلليج العربي؟ لهذا السؤال مدخالن‪ ..‬االول رغائبي‪،‬‬ ‫اي ان البعض يرغب ويتمنى ان تأتي تلك الرياح بكل‬ ‫ما حتمله من زخم لهذه اجملتمعات! والثاني واقعي‪،‬‬ ‫اي ان انتقال ما يحدث في بعض بالد العرب الى‬ ‫اجلوار‪ ،‬ممكن من خالل ظروف محددة‪.‬‬

‫الثقل األكبر في يوليو ‪ 1952‬ثم انداحت فكرة‬ ‫االنقالبات الى كل من سوريا والعراق واليمن و ليبيا‪،‬‬ ‫ولم تتأثر اي من الدول امللكية في دول اخلليج مبثل‬ ‫ما تأثرت اليمن او العراق او السودان‪ ،‬اال ان التأثير‬ ‫املعنوي كان ملحوظا‪ ،‬فقد سادت االفكار «الثورية»‬ ‫الى حد ما في دول اخلليج‪ ،‬بل كانت هناك محاوالت‬ ‫للحاق بالركب في املغرب (محاولة انقالب اوفقير)‬ ‫او بعض «احملاوالت اجلنينية» في بالد اخرى مثل‬ ‫االردن‪.‬‬

‫ال أريد أن اناقش املدخل األول ألنه خارج التحليل‬ ‫العلمي او شبه العلمي فهو عاطفي وانبطاعي‪ ،‬اما‬ ‫املدخل الثاني فإنه صحيح و لكن ليس في مجمله‪،‬‬ ‫فقد تأثر العرب بعضهم ببعض في الصيرورة‬ ‫التاريخية من جهة‪ ،‬وفي االحداث التي مرت عليهم‬ ‫طوال نصف القرن املاضي من جهة اخرى‪ ،‬و كان‬ ‫التأثير و التأثر في بعض االحداث كبيرا وفي بعضها‬ ‫محدودا‪.‬‬

‫ما اريد أن اصل إليه هو ان فكرة التأثر ممكنة و لكن‬ ‫ان تكون متطابقة (اي طبق االصل مما حدث في‬ ‫الدول العربية) فأمر مستبعد‪ .‬بالتأكيد لن يحدث‬ ‫ما حدث بحذافيره وإن ال استبعد بعض ارهاصاته‬ ‫التي تتخذ اشكاال موائمة للتطور السياسي و‬ ‫االجتماعي و االقتصادي‪.‬‬

‫املثال الذي ميكن تناوله في هذا الصدد هو «الثورات‬ ‫العسكرية» التي تأثرت بها دول عربية انطالقا من‬ ‫ارهاصات أولية في سوريا و العراق‪ ،‬ولكن كان ملصر‬

‫قراءتي للموضوع نابعة من شواهد و افكار متداولة‪،‬‬ ‫فعلى سبيل املثال هناك نخبة من ابناء اخلليج‬ ‫يجتمعون سنويا على مدى الثالثة والثالثني عاما‬

‫‪8‬‬

‫املنصرمة لتدارس القضايا التي يعتقدون انها ذات‬ ‫أولوية في مجتمعاتهم (مجتمعات دول اخلليج‬ ‫الست‪ ،‬او مجلس التعاون) وآخر اجتماعاتهم كان‬ ‫في األيام األولى لشهر مارس أذار ‪ 2012‬في الدوحة‪،‬‬ ‫وقد كان موضوعه «تأثير الربيع العربي على دول‬ ‫اخلليج»‪.‬‬ ‫أكثر املطالب املطروحة في النقاش هو (اإلصالح)‬ ‫وليس التغيير اجلذري (رحيل النظام) باملعنى‬ ‫الذي أخذه التوجه الغالب في ربيع العرب‪ .‬حتى‬ ‫في موضوع البحرين فإن الورقة التي قدمت كان‬ ‫جوهرها املطالبة بـ (إصالح) وليس تغيير للنظام!‬ ‫جل املداخالت اتخذت موقف (املطالب باالصالح)‬ ‫بدال من املطالب بالتغيير الشامل والكلي‪ .‬أولى‬ ‫تلك املداخالت ركزت على االستجابة التي واجهت‬ ‫بها دول اخلليج حتدي (الربيع) احلقيقي او املفترض‪.‬‬ ‫لقد كان هناك اختالف جوهري بني األنظمة العربية‬ ‫التي طالها التغيير الكلي في بالد العرب‪ ،‬وبني‬


‫املحرر‬ ‫ر�سالة‬ ‫ّ‬ ‫حني صدرت مجلة "اجمللة" ألول مرة في فبراير ‪ ،1980‬كان يوجد في لندن ‪ -‬التي كان يطلق عليها "عاصمة الصحافة‬ ‫العربية" آنذاك ‪ -‬أكثر من ‪ 200‬مطبوعة عربية‪ ،‬ولهذا فإن فكرة إصدار مجلة سياسية أخرى كان محل تشكيك‬ ‫حتولت إلى أهم مجلة سياسية عربية في الثمانينات من‬ ‫وانتقاد‪ ،‬ولكن لم تلبث "اجمللة" أكثر من عامني حتى ّ‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬حيث نشرت أهم امللفات الصحافية عن حرب اخمليمات في لبنان‪ ،‬واحلرب العراقية اإليرانية‪ ،‬وأجرت‬ ‫حوارات وشهادات لشخصيات لعبت دورا أساسيا في صنع القرار في املنطقة‪ ،‬وخصها امللوك والزعماء بحوارات‬ ‫نادرة‪.‬‬ ‫بيد أن "اجمللة" تراجعت مع بداية عصر البث الفضائي‪ ،‬وانفجار املواقع اإلخبارية والترفيهية على شبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫وقد حاول محرّروها بعث النشاط فيها عبر التركيز على أسواق محلية في بعض الدول العربية‪ ،‬أو اإلهتمام‬ ‫بالشأنني االقتصادي واألدبي مما أفقد "اجمللة" مع الوقت هويتها كمجلة سياسية عربية يهتم بها صنّاع الرأي‬ ‫والقرار‪.‬‬ ‫لهذا كان قرار إغالقها في ‪ 2009‬ضروريا إلعادة التفكير من جديد عن صيغة أو منهج يناسب "اجمللة" في عصر‬ ‫الوسائط اجلديدة‪ ،‬والشبكات االجتماعية‪.‬‬ ‫الدرس الذي تعلّمه محرّرو "اجمللة" هو أنه ال يكفي أن يكون لديك محتوى جيد إذا لم تكن قادرا على الوصول إلى‬ ‫قرائك بكل وسيلة‪ ،‬ومزاحما ملنافسني كثر على وقت وتفكير أولئك القراء‪.‬‬ ‫في هذا العدد ّ‬ ‫نزف لكم عودة "اجمللة" في طبعة شهرية بعد أن جتاوز عدد قراء الطبعة "الديجتال" على االنترنت‬ ‫أكثر من مليون قارئ خالل العامني املاضني‪ .‬لقد عملنا بتوجيه من الرئيس التنفيذي على أن تكون "اجمللة" منصة‬ ‫إعالمية تعتمد على اسمها وتاريخها العريقني في تقدمي خدمات وتطبيقات جديدة للقراء‪.‬‬ ‫اليوم متلك "اجمللة" ثالثة مواقع إلكترونية باللغات العربية والفارسية واالجنليزية‪ ،‬باإلضافة إلى توفّر تطبيقات‬ ‫"اجمللة" على أجهزة "التابلت" واملوبايل‪ ،‬مع حضور بارز على املواقع االجتماعية كتويتر وفايسبوك‪.‬‬ ‫إن "اجمللة" تعمل أيضا على استقطاب الشباب املثقف واملهتم بشؤون املنطقة بتمكينه من الكتابة عبر ‪40‬‬ ‫مدوّنة على مواقعها الثالثة‪.‬‬ ‫الطبعة الورقية التي بني أيديكم ليس إعادة للمجلة قبل توقفها‪ ،‬بل هي عودة إلى ما كانت عليه "اجمللة" حني‬ ‫صدرت ألول مرة‪ ،‬أي مجلة يكتبها صنّاع الرأي‪ ،‬ويقرأها صنّاع القرار‪.‬‬ ‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬


‫احملتوى‬

‫سنة أولى ثورة‬ ‫‪ 28‬دول الربيع العربي‪..‬‬ ‫�صــــــ‬ ‫نار البوعزيزي لم تخمد بعد‬ ‫شؤون سياسية‬

‫عرب اخلليج بعد ربيع العرب‬ ‫مطالب إصالح املمكن بعد «فشل»‬ ‫مناذج تغيير الكلّ‬ ‫بقلم‪ :‬د‪.‬محمد غامن الرميحي‬

‫‪34‬‬

‫‪10‬‬

‫تباين مواقف‬ ‫السعودية وروسيا في مواجهة األزمة السورية‬ ‫بقلم‪ :‬د‪ .‬صالح بن محمد اخلثالن‬

‫‪38‬‬

‫‪12‬‬

‫طرفا نقيض‬ ‫العالقات اإليرانية – القطرية على احملك‬ ‫بقلم‪ :‬أليكس فاتانكا‬

‫‪16‬‬

‫ما بعد الرّبيع‪..‬‬ ‫إيران والعالم العربي‪ ..‬مشهد متحرّك‬ ‫بقلم‪ :‬د‪ .‬محجوب الزويري‬

‫‪08‬‬

‫‪6‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫طهران والقنبلة‬ ‫برنامج إيران النووي يعزز سباق التسلّح‬ ‫بقلم‪ :‬مهدي خلجي‬

‫حوارات‬

‫سعد الدين إبراهيم‪«:‬فرق موت» رئاسة‬ ‫اجلمهورية حاولت اغتيالي بعد «اجلملوكية»‬

‫صحافة عاملية‬

‫‪58‬‬ ‫‪62‬‬

‫ما بعد املعونة‬ ‫ملاذا ما زلنا في حاجة إلى البنك الدولي؟‬ ‫بقلم‪ :‬روبرت زوليك‬ ‫الشعب يريد إسقاط النظام‬ ‫الربيع العربي‪ ..‬عام من احلياة اخلطرة‬ ‫بقلم‪ :‬فؤاد عجمي‬


‫د‪ .‬محمد غامن الرميحي‬ ‫أستاذ علم اإلجتماع السياسي‪ ،‬في جامعة الكويت‪ .‬ق ّدم كتابات عدة تتعلق مبواضيع علم‬ ‫اإلجتماع السياسي‪ ،‬وشغل مناصب كثيرة منها رئيس قسم ومساعد عميد كلية اآلداب‬ ‫والتربية في جامعة الكويت‪ .‬أشرف على رئاسة حترير صحف ومجالت عدة وكان أسس ورأس‬ ‫حترير مجلة دراسات اخلليج واجلزيرة العربية التي حتولت في ما بعد إلى مركز دراسات اخلليج‬ ‫العربي ‪.‬ومن نشاطه أيضا عضويته في مجالس وجلان عدة من بينها اللجنة االستشارية‬ ‫مبركز الدراسات اخلليجي باجلامعة األمريكية في الكويت واملعهد الدبلوماسي الكويتي‬ ‫ومؤسسة الفكر العربي ومنتدى الفكر العربي باألردن وغيرها‪ .‬عضو في جمعية الصحفيني‬ ‫الكويتية منذ عام ‪ 1974‬وله مؤلفات كثيرة ودراسات أكادميية منشورة في مجالت متخصصة‬ ‫ويكتب مقاالت دورية في كبريات الصحف الكويتية والعربية‪.‬‬

‫مهدي خلجي‬ ‫كاتب إيراني مختص في اإلسالم الشيعي والسياسة الداخلية اإليرانية‪ .‬يعمل باحثا في‬ ‫معهد واشنطن لسياسة الشرق األدنى‪ .‬درس أصول الدين وفق املذهب الشيعي والفقه‬ ‫والفلسفة اإلسالمية في «احلوزة» مبدينة قم من العام ‪ 1986‬إلى العام ‪ .2000‬ساهم ومازال‬ ‫في عديد األبحاث اخملتصة املتعلقة باحلركات اإلسالمية بخاصة الشيعية منها‪.‬‬

‫مهدي خلجي‬

‫د‪ .‬محمد غامن الرميحي‬

‫د‪ .‬جمال عبداجلواد‬

‫د‪ .‬جمال عبداجلواد‬ ‫كاتب ومحلل سياسي مصري‪ ..‬املدير السابق ملركز االهرام للدراسات السياسية‬ ‫واالستراتيجية حيث كان يترأس برامج الشرق األوسط لبحوث املسوح والسياسات العاملية‬ ‫التابعة للمركز‪ .‬وهو يعمل حاليا مستشارا للمركز لدراسات الرأي العام‪ .‬ويعمل حاليا‬ ‫أستاذا للعلوم السياسية باجلامعة األمريكية بالقاهرة‪.‬‬

‫أليكس فاتانكا‬ ‫كاتب إيراني مختص في السياسة اخلارجية اإليرانية والسياسات األمنية يدرس في معهد‬ ‫الشرق األوسط بالعاصمة األمريكية واشنطن ومبدرسة العمليات اخلاصة التابعة لقوات اجلو‬ ‫األمريكية بهارلبورت فيلد وهو كذلك محلل شؤون أمن الشرق االوسط مبجموعة معلومات‬ ‫جني في واشنطن‪.‬‬ ‫أليكس فاتانكا‬

‫د‪ .‬محجوب الزويري‬ ‫أستاذ تاريخ الشرق األوسط املعاصر وخبير في الشؤون االيرانية ورئيس قسم العلوم‬ ‫االنسانية في جامعة قطر‪ .‬عمل رئيسا لوحدة الدراسات اإليرانية في مركز الدراسات‬ ‫اإلستراتيجية في اجلامعة األردنية‪ .‬وقد حصل على درجة الدكتوراه في تاريخ إيران احلديث من‬ ‫جامعة طهران في أيار (مايو) ‪ .2002‬ومنذ آذار (مارس) ‪ ،2003‬عمل كباحثا ومن ثم مديرا ملركز‬ ‫الدراسات اإليرانية في معهد الدراسات اإلسالمية والشرق أوسطية في جامعة درم‪ /‬بريطانيا‪.‬‬ ‫توسع في الكتابة عن إيران وقضايا الشرق األوسط باللغات العربية واالجنليزية والفارسية‪.‬‬ ‫كما ساهم مبقاالت عديدة في اجملالت األكادميية الدولية‪.‬‬

‫د صالح بن محمد اخلثالن‬ ‫أستاذ العلوم السياسة بجامعة امللك سعود وعميد كلية احلقوق والعلوم السياسية‬ ‫ومستشار غير متفرغ بوزارة اإلعالم السعودية وعضو مجلس إدارة مركز امللك فيصل‬ ‫للدراسات و البحوث اإلسالمية إلى جانب عضويته في عدد من اجلمعيات واملؤسسات‬ ‫العلمية السعودية والعربية والدولية‪ .‬يشارك في عدد من حلقات النقاش و ورش العمل حول‬ ‫القضايا اإلقليمية و الدولية الراهنة في املعهد الدبلوماسي التابع لوزارة اخلارجية ويكتب‬ ‫مقاالت سياسية و اجتماعية في عدد من الصحف السعودية و في برامج إذاعية و تلفزيونية‪.‬‬

‫د‪ .‬محجوب الزويري‬

‫د صالح بن محمد اخلثالن‬


‫اإلفتتاحية‬

‫الشركة السعودية لألبحاث والنشر‪ ،‬هي الناشر وصاحب امتياز إصدار أكثر من ‪ 14‬مطبوعة منها ‪ 6‬صحف‬ ‫يومية‪ ،‬و‪ 4‬مجالت أسبوعية‪ ،‬و‪ 3‬مجالت شهرية‪ ،‬هذا عدا املالحق املرافقة للمطبوعات‪ ،‬والتي تتجاوز العشرين‬ ‫ملحقاً‪ ،‬وتسعى الشركة دوما للبحث عن القيمة األساسية والقيمة املضافة في محتوى مطبوعاتها مما يثري‬ ‫املعرفة والثقافة‪ ،‬كما أن الشركة ال تبخل على قراء مطبوعاتها باجلودة والتميز في اإلعالم املطبوع‪.‬‬ ‫اليوم يرتفع عدد املطبوعات بعودة مجلة «اجمللة» للطباعة الورقية لتكون رابع مجلة شهرية تصدر عن الشركة‪.‬‬ ‫قرار عودة «اجمللة» إلى سالف عهدها بعد توقف قارب السنتني والنصف جاء إميانا من الشركة بأهمية هذه اجمللة‬ ‫التي كانت‪ ،‬وحتى تاريخ توقفها ورقيا لتتحول الى إلكترونية‪ ،‬احدى أهم اجملالت السياسية التحليلية في العالم‬ ‫التميز واالمتياز‪.‬‬ ‫العربي على مدى ثالثة عقود كاملة من‬ ‫ّ‬ ‫ومنذ صدور طبعتها األولى منذ ‪ 32‬عاما في فبراير‪ /‬شباط ‪ 1980‬أُعتبرت «اجمللة» إحدى اجملالت الدولية الرائدة في‬ ‫الشؤون السياسية وكانت طوال ثمانينيات وتسعينيات القرن املاضي أهم أسبوعية تصدر بالعربية وتوزع في‬ ‫كل أنحاء العالم‪.‬‬ ‫جاء حتول مجلة «اجمللة» في أبريل‪ /‬نيسان ‪ 2009‬من مطبوعة إلى إلكترونية في سياق مشاريع تطويرية وإصالحية‬ ‫قامت بها «اجملموعة السعودية لألبحاث والتسويق»‪ ،‬من أجل إعادة اجملاالت احليوية‪ ،‬وجتديد الطرح واألسلوب‪،‬‬ ‫ومواكبة متطلبات سوق النشر واإلعالم‪.‬‬ ‫اليوم ونحن نطلق من جديد «اجمللة» الورقية ال بد من االشادة مبا حققته «اجمللة» االلكترونية في حلتها اجلديدة‬ ‫ونسخها العربية والفارسية واالجنليزية والتي كان انشاؤها ضروريا إلحداث نقلة جديدة في وسائل الشركة‬ ‫اإلعالمية ومشاريعها‪ ،‬ملواكبة التطورات الكبيرة‪ ،‬التي تشهدها صناعة النشر إقليميا وعامليا‪ ،‬فهذه الصناعة‬ ‫مقبلة في السنوات القادمة على حتوالت تتطلب االستعداد الكامل من الناشرين‪ ،‬حيث تتجه الصناعة إلى‬ ‫االستثمار في احملتوى‪ ،‬عبر دعمه أوال ثم حتويله الحقا إلى وسائط عديدة‪ ،‬مثل اإلنترنت واجلوال والتلفزيون واإلذاعة‪.‬‬ ‫وألغراض مخاطبة جيل جديد من القراء مت إتاحة تصفحها ومتابعتها من خالل مواقع االتصال االجتماعي مثل‬ ‫«فايس بوك» و «تويتر»‪ .‬كما أصبح باالمكان متابعة آخر التحليالت السياسية لكبار الكتاب العرب واألجانب عبر‬ ‫«آي تيونز» حيث تطبيقات «آي فون» و «آي باد»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التوجه لالعالم «البديل» وحرص الشركة على مواكبة العصر والتطور التقني فإن صناعة النشر‬ ‫كأساس لعملها ومصادر دخلها‪ .‬لذلك جاء قرار عودة «اجمللة» في‬ ‫ما تزال تركز وبشكل كبير على اإلعالم املطبوع‬ ‫ٍ‬ ‫صيغتها املطبوعة لتواصل مسيرة ‪ 32‬سنة تخللتها «راحة مستحقة» ولتعود الى قرائها األوفياء شهريا في‬ ‫شكل جديد وبرؤية متفتحة على عالم متغير وذلك عبر كتابات وحتليالت عقالنية ومحايدة لكبار الصحافيني‬ ‫والكتاب والساسة من عرب وأجانب ومختارات مترجمة من مجالت عاملية مثل فورن أفيرز وذا منثلي أتالنتك‬ ‫وغيرهما‪.‬‬ ‫املتميز أن تعود «اجمللة» الى سالف عهدها مجلة‬ ‫نتمنى أن تنال «اجمللة» رضا قرائها‪ ،‬كما يأمل طاقم حتريرها‬ ‫ّ‬ ‫العرب الدولية‪.‬‬ ‫بالتوفيق للجميع وإلى مزيد من النجاحات‬

‫د‪ .‬عزام بن محمد الدخيل‬ ‫الرئيس‪ ‬التنفيذي‬


‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬

‫أسسها هشام ومحمد علي حافظ‬

‫الرئيس التنفيذي‬ ‫الدكتور عزام الدخيل‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عادل بن زيد الطريفي‬ ‫مدير التحرير‬ ‫عزالدين سنيقرة‬ ‫للمشاركة‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني ‪editorial@majalla.com‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫اشتراكات‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪subscriptions@majalla.com :‬‬ ‫لالشتراك في االلكترونية‪www.issuu.com/majalla :‬‬

‫تنويه‬

‫اآلراء الواردة في اجمللة ال تعبر بالضرورة عن رأي إدارة التحرير‬ ‫حقوق النشر محفوظة جمللة اجمللة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة اجمللة أو أي جزء منها‬ ‫أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون احلصول على تصريح مسبق من الشركة السعودية لألبحاث والتسويق‬ ‫(شركة محدودة)‪ .‬وتصدر اجمللة شهريا ً‪ .‬لتلقي استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬

‫تصدر عن‬

‫املقر الرئيسي ‪ -‬الرياض ‪ -‬حي املؤمترات ‪ -‬طريق مكة ‪ -‬تقاطع التخصصى‬ ‫الرياض‪ :‬هاتف ‪ - 4419933‬لندن‪+44 207 831 8181 :‬‬

‫الوكيل الإعالين‬

‫املركز الرئيسي‪ :‬الرياض‪ :‬ص‪.‬ب‪ - 146999 .‬جدة‪:‬ص‪.‬ب‪ ،21434 .‬موقع إلكتروني‪ ،www.alkhaleejiah.com :‬بريد إلكتروني‪hq@alkhaleejiah.com :‬‬ ‫الرياض‪ ، +966 1 4411444:‬دبي‪ ،+9714 3 914440 :‬باريس‪ ،+331 537 764 00:‬لندن‪+44 207 404 6950:‬‬

‫وكيل الإ�شرتاكات‬

‫بريد إلكتروني‪ ، info@arabmediaco.com :‬موقع إلكتروني‪ ،www.arabmediaco.com :‬هاتف مجاني‪ 800-2440076 :‬‬

‫وكيل التوزيع‬

‫وكيل التوزيع في اململكة العربية السعودية حي املؤمترات ‪ -‬ص‪.‬ب ‪ - 62116‬الرياض ‪ ،11585‬هاتف‪ +966 1 4419933 :‬فاكس‪،+966 1 2121774 :‬‬ ‫موقع إلكتروني‪www.saudidistribution.com :‬‬

‫مركز الطباعة‬

‫ص‪.‬ب‪ - 121 .‬الرياض ‪ ،11383‬هاتف ‪ ،+9661.2657000‬فاكس ‪ ،+9661.2658000‬موقع إلكتروني‪www.halaprintco.com :‬‬

‫�شركات املجموعة‬ ‫‪Saudi Specialized Publishing Company‬‬

‫للحصول على املزيد من املعلومات‪ ،‬يرجى اإلتصال على الهاتف اجملاني ‪ 8002440014‬‬ ‫حقوق النشر لهذه املطبوعات‬ ‫باللغة العربية محفوظة «اجمللة»‬

‫حقوق التوزيع لهذه املطبوعات محفوظة‬ ‫لشركة «تريبيون خلدمات اإلعالم»‬



1980 ‫تأسست في لندن عام‬

‫مجلة العرب الدولية‬ 2012 ‫ نيسان‬/‫ أبريل‬،1571 ‫العدد‬





ISSN 1319-0873

9 771319 08701 3

04


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.