cartier.com
روﺗﻮﻧﺪ دو ﻛﺎرﺗﻴﻴﻪ
ﻣﻜﺮر اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ،اﻟﺘﻮرﺑﻴﻮن اﻟﻤﺤﻠﻘﺔ 9402إم ﺳﻲ ﻣﻮﺛﻘﺔ ﺑﺪﻣﻐﺔ ﺟﻨﻴﻒ ،اﻟﻜﺎﻟﻴﺒﺮ 9402إم ﺳﻲ دو ﻛﺎرﺗﻴﻴﻪ ﺗﺠﻤﻊ ﻣﺎﺑﻴﻦ اﺛﻨﺘﻴﻦ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪات اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻜﺒﺮى اﻋﺘﺒﺎراً و ً ﻫﻴﺒﺔ :ﻣﻜﺮر اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ و اﻟﺘﻮرﺑﻴﻮن اﻟﻤﺤﻠﻘﺔ .ﺑﻀﻐﻄﺔ واﺣﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺰر اﻟﺠﺎﻧﺒﻲ ﻳﻘﻮم ﻣﻜﺮر اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﺑﺘﻔﻌﻴﻞ ﻣﻄﺮﻗﺘﻴﻦ ﻳﻤﻜﻦ رؤﻳﺘﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻴﻨﺎء اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﺘﻌﻄﻴﺎن اﻟﺮﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ ﺑﺎﻟﺘﺮﺗﻴﺐ إﻟﻰ اﻟﺴﺎﻋﺎت و أرﺑﺎع اﻟﺴﺎﻋﺎت و اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﺑﺎﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺆﺷﺮ إﻟﻴﻪ ﻋﻘﺎرب اﻟﺴﺎﻋﺔ .ﻳﺘﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺮﻧﺎت ﺑﻮاﺳﻄﺔ دوﻻب ﻣﻮازﻧﺔ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻘﺼﻮر اﻟﺬاﺗﻲ و ﻳﻤﻜﻦ رؤﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ و ﻳﻜﻤﻞ أﻟﻒ دورة ﻓﻲ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ .ﻣﻄﻮر ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪم وﺟﻮد اﻟﺠﺴﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﺑﻄﻪ إﻟﻰ ﻣﻴﻨﺎء اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﻳﻈﻬﺮ اﻟﺘﻮرﺑﻴﻮن اﻟﻤﺤﻠﻖ و ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻄﻔﻮ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﺒﺪﻋ ًﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮاً ﺑﺼﺮﻳ ًﺎ ﻓﺮﻳﺪاً. ﻋﻠﺒﺔ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻴﺘﺎﻧﻴﻮم ،ﺗﺎج ﻣﺼﻘﻮل ﻣﺮﺻﻊ ﺑﺤﺠﺮ اﻟﺴﺎﻓﻴﺮ ﺑﻘﻄﻊ ﻛﺎﺑﻮﺷﻮن ،ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ ﻳﺪوﻳﺔ ﺷﻐﻞ اﻟﺪار، ﻣﻜﺮر اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ و ﺗﻮرﺑﻴﻮن ﻣﺤﻠﻖ ﻛﺎﻟﻴﺒﺮ 9402إم ﺳﻲ ،ﺗﺼﺪﻳﻖ دﻣﻐﺔ ﺟﻨﻴﻒ ) 45ﺟﻮﻫﺮة 447 ،ﺟﺰءاً ،ﺗﺮدد 21600ذﺑﺬﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﺧﺰان ﻃﺎﻗﺔ ﻣﺰدوج ،اﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻗﺮاﺑﺔ 50ﺳﺎﻋﺔ( ،ﻣﻜﺮر اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻣﻊ دوﻻب ﻣﻮازﻧﺔ ،ﻣﻄﺎرق و أﺟﺮاس ﻗﺮﺻﻴﺔ ﻣﺮﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻴﻨﺎء ،ﺗﻮرﺑﻴﻮن ﻣﺤﻠﻖ ﺑﺪوار ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﺤﺮف . C
ﺑﻮﺗﻴﻚ ﻛﺎرﺗﻴﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،اﻟﺮﻳﺎض ،ﺳﺎﻛﺲ ﻓﻴﻔﺚ أﻓﻨﻴﻮ ،ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ،(٠١) ٢١١ ٢٤٥٠ : ﻣﺠﻤﻊ ﺳﻨﺘﺮﻳﺎ ،ﺷﺎرع اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻌﺎم(٠١) ٤٦٢ ٦٩٥٩ : ّ ﺟﺪة ،ﺷﺎرع اﻟﺘﺤﻠﻴﺔ(٠٢) ٦٦٠ ٠٧٢٠ : ّ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﺮاﺷﺪ ﻣﻮل(٠٣) ٨٨١ ٤٤٨٤ : ،١٣ اﻟﺨﺒﺮ ،ﺑﻮاﺑﺔ ّ
الكلمة الأخرية
بقلم :م�شاري الذايدي
ﻣﺆﺧﺮا ﻗﺮأت ﻟﻠﻤﺜﻘﻒ اﳌﻮرﻳﺘﺎﻧﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺴﻴﺪ وﻟﺪ أﺑﺎه ،وﻫﻮ ﻣﺜﻘﻒ واﺳﻊ اﻻﻃﻼع ،وأﺳﺘﺎذ ﻓﻠﺴﻔﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ )ﺗﻮﻳﺘﺮ( أن اﳌﻔﻜﺮ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ أﺑﻮﻳﻌﺮب اﳌﺮزوﻗﻲ ،ﻣﺼﺎب ﺑﺈﺣﺒﺎط ﺟﺮاء ﺗﻬﺸﻢ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ، واﳌﺮاﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺒﻌﺎث اﺳﻼﻣﻲ ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ،وﻫﻮ ،أي اﳌﺮزوﻗﻲ ،ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﻨﺎﻓﺢ ﻋﻦ اﳌﻨﻬﺞ اﻷﺻﺎﻟﻲ وﻳﺮاﻫﻦ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻣﻤﺜﻼ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻨﻬﻀﻮﻳﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ. دﻋﻮﻧﺎ ﻧﻄﺎﻟﻊ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺴﻴﺪ وﻟﺪ اﺑﺎه ﻓﻲ ﺗﻐﺮﻳﺪات ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ" :اﻟﺘﻘﻴﺖ ﻣﺆﺧﺮﴽ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ أﺑﻮ ﻳﻌﺮب اﳌﺮزوﻗﻲ ﻛﺎن ﻣﺤﺒﻄﺎ وﻳﺎﺋﺴﺎ اﻋﺘﺒﺮ أن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻗﺘﻠﺖ أﻣﻞ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺬي ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻟﺜﻮرة". وﻳﺬﻛﺮ ﻧﻤﺎذج أﺧﺮى ﻣﺤﺒﻄﺔ ﻛﺈﺣﺒﺎط اﳌﺮزوﻗﻲ أﻳﻀﺎ ﻗﺎﺋﻼ" :اﻟﺘﻘﻴﺖ اﳌﻔﻜﺮ اﳌﺼﺮي ﺳﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﻣﺴﺘﺸﺎرا ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﻣﺮﺳﻲ :ﻧﻔﺲ اﻹﺣﺒﺎط واﻟﻴﺄس واﳌﺮارة .اﻟﺘﻘﻴﺖ ﻣﺮة اﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻨﻲ ﺻﺪر ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ذﻛﺮ ﻟﻲ ﻛﻴﻒ ﻋﺎش اﳌﺮارة ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻛﺎن أﻗﺮب اﻟﻨﺎس ﻟﻠﺨﻤﻴﻨﻲ". ﻫﻨﺎ ﻳﺸﺘﻌﻞ ﺳﺆال ﺿﺮوري ،ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻐﺮة اﻟﺨﻠﻞ ﻟﺪى ﻫﺆﻻء اﳌﺜﻘﻔﲔ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ إدارك اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ "اﻟﻌﺪة" اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﳌﻨﻬﺠﻴﺔ ،ام ﻫﻲ ﺛﻐﺮة ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﻠﺒﺖ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ!؟ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻣﺤﺮك ﺧﻄﻴﺮ وﻣﻌﻘﺪ ﻟﺘﺼﺮﻓﺎت اﻻﻧﺴﺎن ،وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﻜﻮن ﻫﺬا اﻻﻧﺴﺎن ّ ﻏﻨﻴﺎ ﺑﺎﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻗﺪر ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﻘﺪرة ﻫﺬا اﻻﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺎوز اﳌﺸﺎﻋﺮ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺼﻌﻮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﳌﺤﺎﻛﻤﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺒﺎردة ﻟﻸﻣﻮر. اﻟﺜﻐﺮة ﺗﻜﻮن ﺑﺴﺒﺐ اﻧﻄﻮاء اﻻﻧﺴﺎن اﳌﺜﻘﻒ ﻋﻠﻰ أﺣﻼم ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ دﻓﻴﻨﺔ ﻟﺪﻳﻪ ،ﺗﺸﺘﻌﻞ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺪث اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻛﺒﻴﺮ وﻣﺒﻬﺮ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺨﻴﻞ ﻛﺜﻴﺮون ﺑﻔﻌﻞ ﺳﻘﻄﻮ ﻧﻈﺎم ﻣﺒﺎرك واﺑﻦ ﻋﻠﻲ ،أﻧﻨﺎ اﻣﺎم ﻟﺤﻈﺔ "ﻗﻴﺎﻣﺔ" ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻧﻬﻀﻮﻳﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ. ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺟﺪﻳﺪا وﻻﻏﺮﻳﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺴﺎن اﳌﺜﻘﻒ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت ﻛﻬﺬه ،ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻓﻴﻠﺴﻮف أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻷﻛﺒﺮ ﻫﻴﺠﻞ اﳌﺘﻮﻓﻰ ،1830ﻣﻠﺘﻬﺒﺎ ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻴﺎم اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،1789وراﻫﻦ ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻛﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﻼم اﳌﺆﺛﺮ. ﺑﻌﺪ اﻧﻜﺸﺎف اﻷﺟﻨﺪة اﻟﺘﻮﺳﻌﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻼﻣﺒﺮاﻃﻮر "اﻟﺘﻨﻮﻳﺮي" ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ،وﻣﺂﻻت اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، واﻟﻐﺰوات اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﺗﻐﻴﺮ رأي اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﺑﻬﺬا اﻟﺤﻠﻢ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ. ﳌﺎذا ﻧﺬﻫﺐ اﻟﻰ ﺗﺮاث ﻏﻴﺮﻧﺎ؟ ﻣﻦ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﻗﺼﺔ اﻟﺜﻮرة ﺿﺪ اﻷﻣﻮﻳﲔ ،وﺣﻜﺎﻳﺔ اﳌﺜﻘﻒ اﻟﺜﻮري اﳌﻌﺘﺰﻟﻲ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﻣﻊ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﳌﻨﺼﻮر ﻳﺠﺪ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻈﺎت اﻟﺨﻴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺜﻘﻒ اﻟﺜﻮري ﻓﻲ ﻋﺎﳌﻨﺎ وﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ. ّ ﺣﲔ أﺧﺬ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮن اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎر اﻟﺮﺿﺎ ﻣﻦ آل ﻣﺤﻤﺪ ،ﻻﺣﻘﻮا اﻟﺨﺼﻮم ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻔﺎء ﻗﺒﻞ اﻷﻋﺪاء ،وﻧﻜﻞ اﳌﻨﺼﻮر ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺎل ﻟﻪ ّ ﻋﻤﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺼﻤﺪ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ":ﻳﺎ ّ أﻣﻴﺮ اﳌﺆﻣﻨﲔ ،ﻟﻘﺪ ﻫﺠﻤﺖ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ .ﻗﺎل :ﻷن ﺑﻨﻲ أﻣﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺒﻞ رﻣﻤﻬﻢ ،وآل ّ ﻋﻠﻲ ﻟﻢ ﺗﻐﻤﺪ ﺳﻴﻮﻓﻬﻢ ،وﻧﺤﻦ ﺑﲔ ﻗﻮم ﻗﺪ رأوﻧﺎ أﻣﺲ ﺳﻮﻗﺔ ،وﻻ ﺗﺘﻤﻬﺪ ﻫﻴﺒﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺻﺪورﻫﻢ إﻻ ﺑﻨﺴﻴﺎن اﻟﻌﻔﻮ" . ﻛﺎن اﳌﻨﺼﻮر ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻠﺜﻮرة ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮﻳﲔ ،ﻳﻨﺘﻤﻲ اﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺒﺴﻄﺎء و"اﻟﺴﻮﻗﺔ" ﻫﺆﻻء ،ووﺻﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴﻚ واﻟﻔﻘﻪ ،وﻛﺎن ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ رﻓﻴﻘﺎ ﻟﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺣﻜﻢ اﳌﻨﺼﻮر ﻃﻮى ﻫﺬه اﻷﺣﻼم ،وﺻﺪم رﻓﺎق اﻷﻣﺲ. ﻳﺬﻛﺮ اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﻋﻴﻮن اﻷﺧﺒﺎر( أن اﳌﻨﺼﻮر أراد أن ﻳﻤﺘﺤﻦ ﻧﻮاﻳﺎ رﻓﻴﻖ اﻷﻣﺲ اﻟﺜﻮرﻳﺔ ،ﻓﺪس ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺨﺼﺎ ﻳﻐﺮﻳﻪ ﺑﺎﻟﺜﻮرة ﻋﻠﻰ اﳌﻨﺼﻮر ﻧﻔﺴﻪ .وﺣﺴﺐ اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ" :ﻗﺎل رﺟﻞ :ﻛﻨﺎ ﺟﻠﻮﺳﺎ ﻣﻊ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﻓﻲ اﳌﺴﺠﺪ ،ﻓﺄﺗﺎه رﺟﻞ ﺑﻜﺘﺎب اﳌﻨﺼﻮر ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻘﺮأه ﺛﻢ وﺿﻌﻪ ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺳﻮل. اﻟﺠﻮاب .ﻓﻘﺎل :ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺟﻮاب ،ﻗﻞ ﻟﺼﺎﺣﺒﻚ :دﻋﻨﺎ ﻧﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻈﻞ وﻧﺸﺮب ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺎء اﻟﺒﺎرد ﺣﺘﻰ ﺗﺎﺗﻴﻨﺎ آﺟﺎﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻓﻴﺔ". ّوﺣﺴﺐ اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ ،ﻓﻘﺪ ﱢﻛﺎن ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ إذا رأى اﳌﻨﺼﻮر ،ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺑﻨﻲ أﻣﻴﺔ ،ﻳﻄﻮف ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻳﻘﻮل :إن ﻳﺮد اﻟﻠﻪ ﺑﺄﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻴﺮا ﻳﻮل أﻣﺮﻫﻢ ﻫﺬا اﻟﺸﺎب ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ .ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ واﺻﻔﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ واﳌﻨﺼﻮر" :وﻛﺎن ﻟﻪ ﺻﺪﻳﻘﺎ " .ﻟﻜﻦ ﺧﺎب أﻣﻞ ﻋﻤﺮو ﻣﻦ رﻓﻴﻖ اﻷﻣﺲ ،وﻗﺮر ﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻪ واﻟﺘﺠﺎﻓﻲ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻬﻴﺮة. ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻧﺠﺪ ،ﻣﺜﻼ ،اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ اﻟﺨﺪﻳﻮي ﺗﻮﻓﻴﻖ وﺟﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻻﻓﻐﺎﻧﻲ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ إﻟﻰ ّ ﺣﺪ ﻣﺎ. ﻓﺠﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ )ﺗﻮﻓﻲ (1897ﺗﺠﺎدل ﻣﻊ اﻟﺨﺪﻳﻮي إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺣﻮل وﺟﻮب اﻻﺻﻼح اﻟﺪﺳﺘﻮري واﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﻴﺎﺑﻲ ،ورﻓﺾ اﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻛﻼم اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺔ اﻷﺧﻴﺮ ﺑﻮﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻋﻼﻗﺔ ﺟﻴﺪة ،ﻟﻜﻦ ﺗﻐﻴﺮ اﻷﻣﺮ ﺑﻌﺪ وﻻﻳﺔ ﺗﻮﻓﻴﻖ ،ﺛﻢ ﺟﺎوﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻌﻴﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮري ﺑﻨﻔﺲ ﺟﻮاب أﺑﻴﻪ وﻫﻮ أن اﻟﺸﻌﺐ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﻫﺰ ﻟﺬﻟﻚ ،ورﻓﺾ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺞ وﺣﺮض اﻟﻨﺨﺒﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻮرة ،وﺛﺎرت ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻋﺮاﺑﻲ ،1881ﺑﻌﺪ ﻧﻔﻲ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺑﺴﻨﺘﲔ ،1879ﺛﻢ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،أﺣﺪ أﻫﻢ ﻧﺠﻮم ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة ،ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ اﻟﺼﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻧﺪة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺜﻮري اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻴﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﺮﺑﻊ اﻹﺻﻼح اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺘﺮﺑﻮي. ﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺮى وﻧﺸﻬﺪ ﻧﻔﺲ ﺧﻴﺒﺔ أﻣﻞ اﳌﺜﻘﻒ ﻣﻊ أﻫﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ راﻓﻌﻲ اﻟﺸﻌﺎرات اﻟﺜﻮرﻳﺔ ،ﻟﺤﻈﺔ اﻻﺳﺘﻀﻌﺎف ،ﺛﻢ اﻧﻜﺸﺎف اﻷﺟﻨﺪة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ. واﻟﺴﺆال ﻫﻨﺎ :ﻣﻦ اﳌﺨﻄﻰء ﺣﻘﻴﻘﺔ ،وﻣﻦ اﻟﻮاﻫﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ،اﳌﺜﻘﻒ اﻟﺤﺎﻟﻢ ،أم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ!؟ أﻣﺮ أﺧﻴﺮ :ﻫﻞ اﻛﺘﺸﻒ ﻫﺆﻻء اﳌﺤﺒﻄﻮن"ﻓﺠﺄة" أن ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻄﻤﻊ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ،وﺗﺮﻳﺪ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻴﻪ، ﻗﺒﻞ ﻛﻞ أﻣﺮ آﺧﺮ!؟.
ﻣﺜﻘﻔﻮن ﻣﺤﺒﻄﻮن ..واﻫﻤﻮن؟
66
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﻟﺘﻔﺎؤل.ﻓﻲ ﻣﻌﺮض ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺿﺮﺑﻪ "اﻟﺮﺑﻴﻊ" وﻣﻦ ﻧﺠﺎ ،اﺳﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﻘﻄﺖ ﻓﻲ ﻋﲔ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ،اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺮد ﺗﻜﺮارﻫﺎ ً ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻨﺘﻈﺮ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﺜﻨﻰ اﻟﺴﻮدان ،ﺑﺼﻮرة ﻋﺠﻴﺒﺔّ ، ﻓﻘﺪم ﻟﻪ وﺻﻔﺎ وﺗﻔﺴﻴﺮا ً ً ً ﻋﺠﻴﺒﺎ ﻓﻘﺎل إﻧﻪ "ﻳﻌﻴﺶ ﻧﻬﻀﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ" ،وﻣﻀﻰ ﻟﻴﻘﻮل إن ﻏﺮﻳﺒﺎ ً "ﺻﻌﻮد اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻣﻦ ﺣﻮل ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻹﻧﻘﺎذ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ّ ﺧﺒﺮ ﺑﻠﻐﻬﻢ" ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻨﻒ ﻛﺎرﺛﺔ "اﻧﻔﺼﺎل اﻟﺠﻨﻮب" ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺧﺒﺮ ﺟﻴﺪ!، ّ ّ ﻧﺴﺒﺔ ﳌﺎ ﻳﻈﻨﻪ ﻣﻦ "ﻛﻠﻔﺘﻪ اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ" .ﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﻧﺢ واﻟﻌﺮاق اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺮك ﺳﻴﺎﺳﻴﻮه .ﻧﺠﺖ اﳌﻠﻜﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺤﺮ واﻻﺣﺘﺮام ،ﺑﺴﺒﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ »اﻟﻌﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ« اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﲔ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﳌﺤﻜﻮم ﻓﻲ اﳌﻠﻜﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺠﻴﺮان أﺑﺪى إﻋﺠﺎﺑﻪ ﺑﺄردوﻏﺎن ،ورﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻟﺪﻋﻢ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺎت ّاﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ "اﻟﻔﻜﺮ اﳌﺘﻄﺮف" اﳌﻮﻟﺪ ﻟﻺرﻫﺎب وﻳﺤﺐ ﻣﺼﺮ ،وﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮدﻫﺎ ً ﻣﺮﺣﺒﺎ ﺑﺈﻳﺮان ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ اﻟﺠﺪﻳﺪ ..إن رﻏﺒﺖ، ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد. وﻗﺎل إن ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺼﺪاﻗﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ -اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻟﺒﻀﻊ ﺳﻨﻮات ﻗﺼﺎر ،ﺗﺜﺒﺖ أن ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻋﺪاء ﺑﻴﻨﻨﺎ وإﻧﻤﺎ اﻷﺻﻞ ﺗﻌﺎون وإﺧﺎء.
اﻻﻗﺘﺼﺎد ..اﻟﻔﺮﻳﻀﺔ اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ
ﻋﺎﻟﻴﺔ؟ ﻟﻴﺠﻴﺐ ً أﺑﺪا ،إﻧﻪ زﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮب. ﻳﻌﺪ ﺗﻨﺎوﻟﻪ ﳌﺴﺄﻟﺔ وﺟﻮد "اﻟﻘﺎﻋﺪة" ،وﺗﺒﺮﻳﺮه ﻟﺨﻴﺎر اﻟﺘﺴﻠﻴﺢ ،ﺣﺎول ﻗﺮاءة اﻷﺣﺪاث ﺑﺬاﻛﺮة رﺟﻞ ﺷﻬﺪ اﻟﺤﺮب اﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻴﻮرد ﻣﻼﺣﻈﺎت ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﻜﺮر اﻟﻴﻮم ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ،ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ أن ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺜﻮار ً ً ﺟﺪﻳﺪا ،وأن اﻟﺴﻮرﻳﲔ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﺜﻞ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ ﺳﺘﻮﻟﺪ "دﻳﻐﻮل" واﺣﺪ ،ﻛﻤﺎ أن اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ً داﺋﻤﺎ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ، ً إﻋﻼﻣﻴﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة أﻧﻪ اﻷﻧﺸﻂ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،وﺻﻒ اﻟﺜﻮار ﻟﻴﺲ واﻷﻧﺸﻂ ً ﺟﻴﺪا ﺑﻞ رﺑﻤﺎ أﺳﻮأ ،ﻗﺪ ﺗﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻮرة ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺜﻮرة ﻟﻠﺸﺮﻓﺎء، ً وﻋﺸﺎق اﻟﺤﺮﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﺳﺎﺣﺔ ﻟﻼﻧﺘﻬﺎزﻳﲔ واﻟﺘﺠﺎر واﳌﻘﺎﻣﺮﻳﻦ ،وﻓﻜﺮة ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﺜﻮار ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ ُﻣﻐﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،وﻳﻘﻮل ﻣﻦ ﻳﻘﻮل إن "اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ" ﻫﻢ اﻟﻔﺼﻴﻞ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ ﻻ ﺗﺼﺪﻗﻪ ،وﻣﻦ ﻳﻘﻮل اﻟﻌﻜﺲ ﻻ ً ﺗﺼﺪﻗﻪ أﻳﻀﺎ ،ﻓﻼ أﺣﺪ ﻳﻌﺮف اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. ّﻗﺪم اﻟﻜﺘﺎب ﻧﺼﺎﺋﺢ إﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺑﺄن ﺗﺘﺤﺮر ﻣﻦ إدﻣﺎن اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﺮﺧﻴﺼﺔ وﺗﻬﻤﺶ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ،وﺗﺤﺮص أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ »ﺻﻐﻴﺮة« ﺑﻤﺴﺆوﻟﻴﺎت ﻣﺤﺪودة وﻟﻜﻦ ﻓﻌﺎﻟﺔ ،وأن ﺗﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﻟﻌﻨﺔ اﻟﻨﻔﻂ ،أﻣﺎ ﻷﻫﻞ اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ اﻛﺴﺮوا اﻟﺴﻴﻒ واﺣﺘﻜﻤﻮا ﻟﺼﻨﺪوق اﻻﻗﺘﺮاع.
ﺟﻤﺎل ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ
ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ذﻛﻲ ،ﻳﺘﻨﺎول أﻫﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ،ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻏﻴﺎب اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﺧﺮﻳﻒ اﻹﺧﻮان ..اﻟﺮﺳﻮم اﳌﺴﻴﺌﺔ
ﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﻌﺮب ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻫﻮ اﳌﺤﺮك اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻜﻞ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ وﻫﻮ ﺳﺒﺐ اﻟﺜﻮرات ،وﻗﺎل ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ ﻟﻪ ﻓﺈن اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﺗﻐﻄﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت وﻳﺴﺘﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺘﻨﺎول اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻔﻜﺮة راﺗﺐ "ﺣﺎﻓﺰ" ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ؟ وﻳﻌﻠﻖ ً ﻣﺆﻛﺪا أن اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ اﻟﺬي ﻧﺮﻳﺪ ،ﺑﻞ ﻫﻮ "ﻣﻨﺎﺣﻠﺔ" اﻟﺸﻜﺎة اﻟﻮاﻗﻔﲔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺧﻂ اﻹﻧﺘﺎج وﻳﺘﺴﺎءﻟﻮن "أﻳﻦ ﻧﺼﻴﺒﻨﺎ؟ ﻓﻠﻴﺲ ّ ً اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ .ﻳﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐّ ،إن اﻧﺘﺼﺎر اﻹﺳﻼم اﳌﻌﺘﺪل ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﻘﺎش ً ﻃﻮﻗﺎ ﻟﻨﺠﺎة ﻟﻺﺳﻼم اﻟﺤﺮﻛﻲ اﳌﻌﺘﺪل ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ أردوﻏﺎن ،وﺣﺎﺟﺔ اﻹﺧﻮان إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ،ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺤﻪ اﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ" ،اﻟﺪوﻟﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة أن ﻳﻜﻮن ﻗﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﲔ" ،و"إن اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ أﻧﺎ ﻏﻴﺮ ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ" ،وﻗﺎل إن اﻟﻔﺎرق ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻹﺧﻮان ،أن رﺋﺎﺳﺘﻪ ﺑﻠﺪﻳﺔ إﺳﻄﻨﺒﻮل ،ﻋﻠﻤﺘﻪ أن ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻣﻊ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺤﻜﻢ ،ﺑﻘﻮاﻧﻴﻨﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﺤﺮام، وﻣﻀﻰ ﻟﻴﻘﻮل ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺬي ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻗﺎدة اﻹﺧﻮان. ّ ﺳﺠﻞ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﺼﺮي اﻟﺠﺪﻳﺪ ،وﺣﻨﻂ ﻣﻄﺎﻟﺒﺎﺗﻪ ﻟﻪ ،وﻗﺎل إن اﻹﺧﻮان وﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻴﻔﻌﻠﻮﻧﻪ ﺧﻼل اﳌﺎﺋﺔ ﻳﻮم اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﺳﻴﺮﺗﺪ ً إﻳﺠﺎﺑﺎ أو ً ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج ،وﻗﺪم ﻣﻘﺘﺮﺣﻪ ﻟﺨﺎرﻃﺔ ﻃﺮﻳﻖ ،ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﺳﺘﻌﺎدة اﻷﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺪاﺧﻠﻰ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ .ﺣﺎزت اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﲔ ﻣﺼﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺠﻴﺰاوي، ً ﺣﻴﺰا ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش ،وﻓﻲ ﺧﻼﺻﺘﻪ وﺻﻞ إﻟﻰ أن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﻘﺪت َ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻹﻋﻼم ،وأﻣﺎ اﳌﻤﻠﻜﺔ ،ﻓﺘﺤﺘﺎج إﻟﻰ أن ﺗﻄﻮر أدوات ﺟﺪﻳﺪة ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻊ دول "اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ" .واﻋﺘﺒﺮ أن اﺳﺘﻘﺒﺎل اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺤﺎﻓﻞ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ اﳌﺼﺮي اﳌﻨﺘﺨﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ ،وﺟﻪ ﺛﻼﺛﺔ رﺳﺎﺋﻞ ﺻﺮﻳﺤﺔ وواﺿﺤﺔ ﳌﺼﺮ ورﺋﻴﺴﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ واﻟﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻫﻲ "ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرة ،وﻻ ﻣﻊ اﻹﺧﻮان ،وﺗﺠﺎوزﻧﺎ ﻣﺜﻠﻜﻢ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺒﺎرك" ،وﻗﺎل إن رﺳﺎﻟﺔ راﺑﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺪاﺧﻞ اﻟﺴﻌﻮدي. ﻓﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻪ ﻟﺜﻮرة ّ اﻟﺪم واﻟﺨﺮاب اﻟﺴﻮرﻳﺔ ،ﺑﺪأ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﻮﻗﻒ إﻳﺮان ،ﻟﻴﻀﻊ
ﺑﺪأ ﺧﺮﻳﻒ اﻹﺧﻮان ﻓﻲ ١١ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ )أﻳﻠﻮل( ،٢٠١٢ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮر اﻟﺴﻠﻔﻴﻮن ﻣﻬﺎﺟﻤﺔ ﺳﻔﺎرات أﻣﻴﺮﻛﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻴﻠﻢ ﻣﺴﻲء ﻟﻠﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ً ﺳﺒﺒﺎ ،وﺗﺴﺎءل ﺑﺄﺳﻰ ،ﳌﺎذا ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﻳﺴﻌﻰ ً ً اﻧﺘﺼﺎرا دوﻣﺎ إﻟﻰ ﺣﺘﻔﻪ؟ ﻳﺤﻘﻖ ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻔﺰ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ،اﻟﺴﻜﺎن اﳌﺤﻠﻴﲔ ،اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻟﻠﺘﻮ اﻧﺘﺼﺮوا ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ، ﺑﻤﺸﺎرﻛﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة ،وﻗﺎل إﻧﻬﻢ ﻏﺴﻠﻮا ﻣﺎ ﺳﻤﺎه "ﻋﺎر ﻓﺘﺎواﻫﻢ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﺪم ﺟﻮاز اﻟﺨﺮوج ﻋﻠﻰ وﻟﻲ اﻷﻣﺮ )اﻟﻘﺬاﻓﻲ(" ،ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻮا ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻗﺔ ﻳﺪﻣﺮون اﻷﺿﺮﺣﺔ وﻳﻘﺼﻔﻮن اﻟﺴﻔﺎرة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﺻﺪﻳﻘﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﻠﻴﺒﻲ اﻟﺬي ﺻﺒﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﺑﻌﺪ أن ﻗﺪم ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﺣﻮل ﺗﺤﺎﻟﻒ اﻹﺧﻮان واﻟﺴﻠﻔﻴﲔ ،وﺗﻔﻜﻚ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴﻠﻔﻲ إﻟﻰ ﺗﻴﺎرات ﻳﺘﺄﺧﻮن ﺑﻌﻀﻬﺎ ،ﻗﺎل ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ أن ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺴﻠﻔﻴﻮن ﺑﻘﺎﻋﺪة اﻹﺧﻮان اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة "ﻧﺘﻌﺎون ﻓﻴﻤﺎ اﺗﻔﻘﻨﺎ ً ﺑﻌﻀﺎ ﻓﻴﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻨﺎ ﻓﻴﻪ"ّ -. ﻋﻠﻴﻪ ،وﻳﻌﺬر ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﺒﺮرات ﻗﺮارات ٢٢ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ( اﻟﺘﻲ ﻓﺠﺄ ﺑﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﺼﺮي اﳌﺘﺎﺑﻌﲔ ،وﺗﻨﺎول اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ وﺟﻮد ﻣﺆاﻣﺮة ،ﺳﻤﺎﻫﺎ "ﻣﺆاﻣﺮة اﻟﻠﻴﻞ " ،وﻗﺎل إﻧﻬﺎ رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻀﻲ أن ﻳﻜﻮن أوﻟﺌﻚ اﳌﻌﺎرﺿﻮن ًاﳌﻌﺘﺼﻤﻮن ﺑﺨﻴﺎﻣﻬﻢ ﺣﻮل اﻟﻘﺼﺮ ،رأس ﺣﺮﺑﺔ ﺗﺠﺘﻤﻊ آﻻﻓﻬﺎ اﳌﺆﻟﻔﺔ ﻻﺣﻘﺎ ،ﻟﻼﻧﻘﻀﺎض ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺮ وﻃﺮد اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻨﻪ أو اﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻬﲔ ﻣﺎ ﻳﺴﻘﻂ اﻋﺘﺒﺎره وﻣﻦ ﺛﻢ ﺷﺮﻋﻴﺘﻪ ،وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري ﻟﻺﺧﻮان اﺳﺘﻌﺮاض ﻗﻮﺗﻬﻢ ،وإرﺳﺎل رﺳﺎﻟﺘﻬﻢ وإﺑﻌﺎد ﻫﺆﻻء ﻋﻦ اﻟﻘﺼﺮ وﻫﻮ ﻣﺎ ً ﺗﺤﻘﻖ ﻟﻬﻢ ،وﻳﻮاﺻﻞ ﻗﺎﺋﻼ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن "اﳌﺆاﻣﺮة" ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وﻣﺨﻄﻄﺎ ﻟﻬﺎ وﻧﺘﻴﺠﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻣﺤﻜﻤﺔ وأﻣﻮال وﺗﺪﺧﻼت ﺧﺎرﺟﻴﺔ واﻣﺘﺪادات ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺮﺋﻴﺲ وأﻧﺼﺎره ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺮد ﻏﻀﺐ ﻋﻔﻮي ﺻﺎدق ،ﺗﻘﺮﻳﺮ ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ً ﻣﻬﻤﺎ ،اﳌﻬﻢ أن اﻹﺧﻮان ﻣﻌﺘﻘﺪون ﺑﻮﺟﻮد ﻣﺆاﻣﺮة، وأن واﺟﺒﻬﻢ إﺳﻘﺎﻃﻬﺎ ،وإن دﻓﻌﻮا ﺛﻤﻦ ذﻟﻚ ً ﻏﺎﻟﻴﺎ ،ﻓﺴﻘﻂ ٦ﻣﻦ ﺷﺒﺎﺑﻬﻢ وأﺣﺮﻗﺖ اﻟﻌﺸﺮات ﻣﻦ ﻣﻘﺎرﻫﻢ.
,,
اﻟﺜﻮرة ﻛﺎﻧﺖ ً اﻧﻘﻼﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ وأد اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷوﻟﻰ وﻣﺜﻠﺖ ً اﺳﺘﻌﺎدة ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺳﻠﺒﻬﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮ
,,
أﻃﺮاف اﳌﺄﺳﺎة اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ،ﻓﺈﻳﺮان اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﺪﻋﻢ ﺛﻮرة إﺳﻼﻣﻴﺔ ﺳﻨﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﻓﻬﻤﻪ ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ،وﺗﺴﺒﺐ ذﻟﻚ ﺑﺪﺧﻮل اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ﺑﲔ ً اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ اﻟﺴﻨﺔ وﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ اﻟﺸﻴﻌﺔّ ، وﺗﻄﻮر "آﻟﺔ اﻟﻘﺘﻞ" اﻟﺴﻮرﻳﺔ ،واﺻﻔﺎ اﻟﻨﻈﺎم ﺑﺄﻧﻪ ﻧﻈﺎم ﻓﻘﺪ ﻋﻘﻠﻪ .دﻋﺎ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ إﻟﻰ اﻏﺘﻨﺎم ﻋﺮض اﻟﺘﻔﺎوض، وﻗﺎل إﻧﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻔﺮض اﻟﺸﺮوط ﻛﻮﻗﻒ ﺗﺎم ﻹﻃﻼق اﻟﻨﺎر ،وإﻃﻼق ﺳﺮاح اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ،وأن ﻳﻜﻮن اﻟﺤﻮار ً ﻋﻠﻨﻴﺎ وﺑﺤﻀﻮر اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻌﺎﳌﻲ ،وأن ﺗﺸﺎرك ﻓﻴﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻛﻤﺮاﻗﺐ ،وأن ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻧﺎت ﺑﺴﻼﻣﺔ ً ﺷﺨﺼﻴﺎ وﻓﻼن وﻓﻼن .وﺗﺴﺎءل ﺷﺮوط اﳌﺸﺎرﻛﲔ ،وأن ﻳﺸﺎرك اﻟﺮﺋﻴﺲ
اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻘﺪم وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﺘﻔﺎﺋﻠﺔ ،ﻟﻠﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮب ،ﻋﻦ "اﻟﺮﺑﻴﻊ" ،ﻣﻦ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﻳﻈﻨﻮن أن ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻺﺳﻼﻣﻴﲔ ﻗﺪ ﺗﻐﻴﺮ اﻷوﺿﺎع، اﳌﺘﻌﺎﻃﻔﲔ ﻣﻌﻬﻢ وﻣﻦ ّ وأن اﻷزﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻠﻬﺎ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ دﻓﻘﺎت اﻟﺘﻔﺎؤل ،وﻫﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ّ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﺗﺜﺒﺖ ﺷﺠﺎﻋﺔ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ،اﻟﺬي ﻓﺘﺢ ﺻﺪر ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻟﻠﺮﻳﺎح ،وﺣﻨﻂ أﻓﻜﺎره ،دوﻧﻤﺎ ﺧﺸﻴﺔ ،أن ﻳﻠﺘﻔﺖ ً ﻳﻮﻣﺎ ﻟﻴﺠﺪ أﻧﻪ أﻏﻞ اﻟﺪرس اﻟﻘﺪﻳﻢ ..ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﻤﻊ ً ذﻫﺒﺎ < المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
65
كتب
"ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺟﻌﻠﻨﻲ أﻋﻴﺪ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺣﺴﺒﺖ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺎ ،أﻧﻬﺎ واﺿﺤﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ أو ﻣﺤﺴﻮﻣﺔ ﻓﻲ دﻻﻟﺘﻬﺎ"" .إﻧﻪ ﻛﺘﺎب ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻮﻗﻴﺘﻪ وﻣﺤﺘﻮاه وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻨﺎول ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻓﺘﺮات اﻟﻌﺮب وﻣﺤﻴﻄﻬﻢ اﻷوﺳﻊ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﻢ اﳌﻌﺎﺻﺮة ،ﻓﺘﺮة ﻳﻌﺎد ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺎﳌﺤﻜﻮم واﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ" ،ﻫﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻣﻌﺘﺰ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﻴﺘﺸﻴﻐﺎن ﺑﺎﳌﺠﺘﻤﻊ واﻟﺪﻳﻦ ً وﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﺗﻌﻠﻴﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎب اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺴﻌﻮدي ورﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻗﻨﺎة اﻟﻌﺮب ،ﺟﻤﺎل ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ.
اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ..ﻣﺤﺎور وﻫﻤﻴﺔ ..ﺗﺘﺼﺎرع!
رﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮب ..زﻣﻦ اﻹﺧﻮان ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺟﻤﺎل ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ اﻟﻨﺎﺷﺮ دار ﻣﺪارك ﺳﻨﺔ اﻟﻨﺸﺮ ٢٠١٣ ﻣﺮاﺟﻌﺔ: ﻋﻤﺮ اﻟﺒﺸﻴﺮ اﻟﺘﺮاﺑﻲ
ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ،ﻛﻐﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ اﻟﻌﺮب ،وﺧﺒﺮاء اﻟﺮأي ،اﻧﻔﻌﻞ ﺑﺘﺪﻓﻖ ﻣﻊ "اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ" ،وﺗﻌﺎﻃﻒ ﺣﻤﻴﻤﻲّ ، ﺗﺒﺪى ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻت ﻣﻨﺜﻮرة ،ﺟﻤﻌﻬﺎ ّ وﺿﻤﻨﻬﺎ ً ﺷﺎﻫﺪا ،ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ أﻫﻢّ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت وأﺧﺮﺟﻬﺎ ﻓﻲ ًﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻟﻴﺼﻴﺮ ً ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻌﺮب ،ﻛﺎن اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻮﺛﻴﻘﺎ ً ﻟﺤﻈﻴﺎ ،ﻳﺼﻠﺢ أن ﻳﻜﻮن إرﺷﻴﻔﺎ ﻟﻸﺣﺪاث، ّ وﺟﺎء ﻓﻲ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﺼﻮل ،وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ،ﻛﺎﻧﺖ ذاﻛﺮة ﻣﻤﻴﺰة ﺿﻤﺖ ﻛﻞ أﺣﺪاث اﻟﺮﺑﻴﻊ ﻓﻲ ﻛﺮﻧﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻣﻤﻴﺰة ،ﺑﺪأت ﺑﺤﺮق ﺟﺴﺪ اﻟﺒﻮﻋﺰﻳﺰي اﻟﻨﺤﻴﻞ ﻓﻲ ١٧ دﻳﺴﻤﺒﺮ)ﻛﺎﻧﻮن اﻷول( ،٢٠١٠واﻧﺘﻬﺖ ﺑﺪﻋﻮة ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﺣﻤﺪ آل ﺧﻠﻴﻔﺔ وﻟﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻟﻠﺤﻮار ﻓﻲ ٨دﻳﺴﻤﺒﺮ)ﻛﺎﻧﻮن اﻷول(.٢٠١٢
ﻣﺘﻌﻤﺪّ ، ﺑﺄﺳﻰ ّ ﻛﻠﻤﺎ ّ ً ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻳﺘﺬﻛﺮ ذﻛﺮى ﻳﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﺑﺤﻨﲔ ﺧﺎص ،وﻳﻠﻔﻬﺎ ّ اﺣﺘﺠﺎﺟﺎت "ﺳﺎﺣﺔ ﻣﺎي" ١٩٨٨ﺑﺎﻟﺠﺰاﺋﺮ ،وﻛﻴﻒ ﺗﻢ ﻗﻤﻌﻬﺎ ،وﺗﻔﺮﻳﻖ ﺣﻠﻢ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ،ﻳﺬﻛﺮ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻌﺮض ذﻛﺮه ﳌﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻴﺒﻴﺎ وﺳﻮرﻳﺎ واﻟﻴﻤﻦ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وﻗﻤﻊ اﳌﻈﺎﻫﺮات ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ اﻟﺠﺰاﺋﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺷﻌﻮب اﻟﻴﻮم ﻏﻴﺮ اﻷﻣﺲ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﺑﻪ ﺑﺎﻷﻣﺲ .ﻳﺴﺘﻐﻞ ذﻛﺮى اﻟﺠﺰاﺋﺮ، ﻓﺄﺳﻠﻮب ﻗﻤﻊ اﳌﻈﺎﻫﺮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻔﻜﺮة ارﺗﺒﺎط اﻟﺘﻄﺮف ﺑﺎﻹﻗﺼﺎءّ ، ﺗﻬﺘﻒ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ "إﺳﻼﻣﻴﺔ ..إﺳﻼﻣﻴﺔ" ،وﻟﺪ ﻋﺸﺮﻳﺔ اﳌﻮت ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ، ّ وﺗﻮﻟﺪت ﻣﻌﻬﺎ "اﻟﻘﺎﻋﺪة" واﻟﺘﻄﺮف ﻓﻴﻬﺎ.
ﻣﺎ اﻟﺮﺑﻴﻊ؟
ﻻ ﻳﺴﺘﻨﻜﻒ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻓﺘﺮة "اﻟﺮﺑﻴﻊ" ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺄﺷﻴﺮ ﻟﻨﻬﺎﻳﺔ "اﻟﻘﺎﻋﺪة" وﻋﻮدة اﻹﺳﻼم اﻟﻮﺳﻄﻲ ،وﻳﻘﻮل ﻳﻮم ﺳﻘﻂ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻌﻪ "اﻟﻘﺎﻋﺪة". ﻳﺼﻞ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ً ﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﺰﻫﻮ ﻟﻴﻘﻮل إن "اﻟﻘﺎﻋﺪة" دﻓﻨﺖ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، ﻣﻊ اﻋﺘﺮاﻓﻪ إن ﻓﻜﺮ "اﻟﻘﺎﻋﺪة" ﻣﺎزال ﺣﻴﺎ ،ﻓـ"اﻟﺮﺑﻴﻊ" ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ إﻟﻐﺎء ﺧﻴﺎر "اﻟﻘﺎﻋﺪة" ،ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،وادﻋﻰ اﻟﻜﺘﺎب أن "اﻟﻘﺎﻋﺪة" ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺑﻘﻮة، ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻨﻈﺎم ﻳﺮوج ﻟﻬﺎ ،وأﻓﺮج ﻋﻦ "أﺑﻮ ﻣﺼﻌﺐ اﻟﺴﻮري".
ً ّ ﻣﺤﺎوﻻ ّ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ، ﺗﻠﻤﺲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﺤﺎﻳﺪ ﻟﻠﺮﺑﻴﻊ ،وﺣﺸﺪ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ﺑﺪأ اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻣﺘﻸ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮرة اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻜﺎﺗﺐ رﻓﺾ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳌﺆاﻣﺮة واﻋﺘﺒﺮ ﻓﺮﺿﻴﺔ وﺟﻮد ﻣﺨﻄﻂ ﳌﺎ ﺣﺪث "ﻃﺮح روﺟﺖ ﻟﻪ ّ اﻷﻧﻈﻤﺔ ﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ" ،إﻻ أﻧﻪ ﻗﺒﻠﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ّﻗﺪﻣﻪ اﻹﺧﻮان ﻛﻤﺒﺮر ﻟﻘﺮارات اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﺼﺮي ﻓﻲ ٢٢ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ،وﺑﺮر ﻟﻪ. ﻟﻴﺆﻛﺪ دﺣﺾ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﳌﺆاﻣﺮةّ ، ﻋﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ أن اﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ﺑﺄﻋﻼم اﻻﺳﺘﻘﻼل دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أن اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺼﻔﺮ ،ﻓﺎﻟﺜﻮرة ﻛﺎﻧﺖ اﻧﻘﻼﺑﺎً ً ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ وأد اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻣﺜﻠﺖ اﺳﺘﻌﺎدة ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺳﻠﺒﻬﺎ ﻋﺎﺷﻮا ﺳﻨﲔ وﻫﻢ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن ﺑﺤﺴﺐ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ "ﻓﻦ اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺴﻜﺮ، اﻟﺬﻳﻦ ّ ً ّ اﻟﺤﻜﻢ" ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﻓﻦ اﻟﺤﻜﻢ ،ﻓﺘﻤﺮﺳﻮا ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻨﺖ واﻟﺘﺠﺴﺲ ،وﺣﺎزوا رﺿﺎ اﻟﻐﺮب وﻣﺜﻘﻔﻴﻪ ،وﻟﻢ ﻳﺘﻮان ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ﻓﻲ وﺻﻒ "ﻣﻘﺎل" إﺣﺪى اﳌﺜﻘﻔﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺎت ﺑﺎﻟﺴﺨﺎﻓﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ "ﺷﺠﻌﻮا ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ..ﻻ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ" ،وﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺮﻣﻲ ﺑﺜﻘﻠﻪ ﻟﺘﺒﻴﲔ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻟﻠﺮﺑﻴﻊ.
ﺻﺮاع ﻃﺒﻘﻲ ..وﺛﻮرات اﳌﺎﺿﻲ "ﻟﻢ ﺗﻜﻦ" ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺼﺮ ،ﻫﻮ ﺻﺮاع ﻃﺒﻘﻲ وﺻﻌﻮد ﺗﻔﺴﻴﺮ آﺧﺮ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ،ﻓﻲ ً ﻟﻠﻤﻬﻤﺸﲔ ،ﻓﺜﻮرة ٢٥ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﳌﺎ ﺳﻤﺎه "اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺳﻨﺔ" ،وﺛﻮرة ﻳﻮﻟﻴﻮ)ﺗﻤﻮز( ١٩٥٢ﻋﻨﺪ – ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ -ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﻮى اﺳﺘﺒﺪال ﻟﻄﺒﻘﺔ اﳌﻠﻚ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﺑﻄﺒﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ،وﻟﻢ ً اﻣﺘﺪادا ﻟﺨﺎرﻃﺔ ﻣﺘﺸﺎﺑﻜﺔ وﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺎﻟﺢ ،ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ ﻳﻜﻦ وزراء ﻣﺒﺎرك ،إﻻ اﻟﺘﺠﺎرة واﳌﺼﺎﻫﺮات واﻟﻘﺮاﺑﺔ ،ﻓﺎﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﺎﻟﺘﻤﺪد، وﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻤﺎ ﻗﺒﻞ "اﻟﺮﺑﻴﻊ" ﻫﻢ ﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ ﻃﺒﻘﺘﻬﻢ ﺿﺪ اﳌﻬﻤﺸﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮاﻟﻮن اﻟﺼﻌﻮد. ﻳﺆﺳﺲ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻠﻘﻄﻴﻌﺔ ﻣﻊ اﳌﺎﺿﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ ،ﻟﻴﻨﺴﻒ ﻛﻞ ﻣﺎ أﺳﺴﺘﻪ ﺛﻮرة ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،وﻛﻞ ﻣﺎ أﻫﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﻮدّ ، وﻳﻬﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻨﺎه ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ ،وﻳﻘﻔﺰ ﻟﻴﻌﺘﺒﺮ ﻗﺎدة اﺣﺘﺠﺎﺟﺎت "اﻟﺮﺑﻴﻊ"ّ ، وﺳﺮاق ﺛﻮراﺗﻪ ،اﻣﺘﺪادﴽ ﻟﺠﻴﻞ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻓﻴﻪ ﻧﻈﺮ .ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ،ﻣﺴﻜﻮن ﺑﺜﻮرة ﻣﺴﻠﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ، 64
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﻟﻬﻼل اﻹﺧﻮاﻧﻲ ّ ﺗﺒﺪﻟﺖ اﻟﺼﻮرة ،وﻇﻬﺮت ﺻﻮرة ﺟﺪﻳﺪة ،ودول ﺑﺜﻴﺎب إﺳﻼﻣﻴﺔ ،واﻧﻬﺎرت ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺪأ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ،ﺑﺘﻮﺻﻴﻒ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ، ﺑﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﲔ دول اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻛﺪول اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ودول "اﻟﺮﺑﻴﻊ" ﻛﺪول ﺗﻮﻧﺲ ،وﻣﺼﺮ ،واﻟﻴﻤﻦ ،وﻟﻴﺒﻴﺎ ،وﺳﻮرﻳﺎ ،ودول اﻹﺻﻼح اﻟﺪﺳﺘﻮري اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ اﳌﻐﺮب ،اﻷردن ،وﻣﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،وﺑﲔ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻳﺮﺳﻢ ً اﻟﻬﻼل اﻹﺧﻮاﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎوﻟﻪ اﻟﻜﺘﺎب واﳌﺤﻠﻠﻮن ،ﻣﺘﺴﺎﺋﻼ إن ﻛﺎن ﻳﻮﺟﺪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺤﻮر ﻟﻺﺧﻮان ،وﻣﻀﻰ ّ ﻳﻘﺪم ً أﻓﻜﺎرا ﺗﺠﻌﻞ اﻹﺧﻮان أوﻫﻰ ﻣﻦ أن ﻳﺼﻤﻤﻮا ً ً ً ﻣﺤﻮرا ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺎ ،وﻳﺘﺴﺎءل إن ﻛﺎن ﻫﺬا "اﳌﺤﻮر" ﻣﻮﺟﻮدا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﺑﻌﺪ إﺟﺎﻟﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻳﺠﻴﺐ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ،ﻓﺎﳌﺤﻮر اﻟﻨﻈﺮي ﻟﻴﺲ ﺑﺎﳌﺤﻮر أو اﻟﺤﻠﻒ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺧﺎرﺟﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﺣﺪة ،وﻳﺼﻞ ﻟﻴﻘﻮل ،ﻳﺠﺐ أن ﻧﻠﻐﻲ ﻓﻜﺮة ﺻﺮاع اﳌﺤﺎور. ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻳﺮﻛﺰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ّ ﺗﺤﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﺑﲔ اﻟﺰﻋﻤﺎء ﻓﻘﻂ ،إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺎت ﻳﺠﺐ أن ﺗﺼﺒﺢ ﺑﲔ اﻟﺪول ،ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻘﻲ ،ﻳﻤﺜﻠﻬﺎ ً رﺋﻴﺴﺎن ﻣﻨﺘﺨﺒﺎن وﻋﻠﻰ اﻟﺮﺋﻴﺲ أن ﻳﺤﺴﺐ ﺣﺴﺎب أن ﻧﻈﻴﺮه ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﻣﺜﻼ ﺑﺪﻋﻢ ﺣﺰب واﺣﺪ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻧﺘﺎج اﺋﺘﻼف ﺑﲔ اﺛﻨﲔ .ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺰﻋﺎﻣﺎت أﻻ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﻷﻋﺪاﺋﻬﺎ ،وﻳﺤﺎول ﺗﺨﻔﻴﻒ ّ اﻟﺘﺨﻮف ﻣﻦ اﻹﺧﻮان ،ﺑﺘﺨﻮﻳﻦ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻠﻪ، وﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻹﺧﻮان ﻛﻔﺰاﻋﺔ ،وﻳﻘﻮل ﺑﺼﻮت ﻗﺎﻃﻊ إن أﻛﺜﺮ اﳌﻘﺎﻻت "ﻋﺪواﻧﻴﺔ" ﺻﺪرت ﻣﻦ دواﺋﺮ اﻟﻴﻤﲔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﳌﺤﺎﻓﻆ ،وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ،وﻳﺤﺬر ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ وﻗﻮﻋﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺳﻤﺎه ﻓﺦ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻛﺎﻟﻘﻮل ﺑﺨﻄﺮ "اﻟﻬﻼل اﻹﺧﻮاﻧﻲ" ،وﻳﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ وﻗﺖ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ً ً ّ ﻟﻴﺘﺤﻮل ﻛﺘﺎﻟﻮج اﻧﺪﻓﺎﻋﺎ، ﻣﺆﻛﺪا أن ﻻ ﺧﻄﺮ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان! ﺑﺪا اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻨﺎ أﻛﺜﺮ ّ ﻋﻼﻗﺎت ﻋﺎﻣﺔ ،ﻳﻘﺪم ﻟﻺﺧﻮان ﺧﺪﻣﺎت ﺟﺎدة ،وﻳﻠﻄﻒ اﻟﻌﻼﻗﺎت ،ﺑﺮؤﻳﺔ ﻳﺤﺪوﻫﺎ
ﻣﻠﺤﻖ ﻳﻮﻣﻲ وﺻﻔﺤﺎت ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﺎرات
ﺻﺤﺘﻚ
اﻟﺴﺒﺖ
اﻟﺠﻤﻌﺔ
ﺳﻔﺮ وﺳﻴﺎﺣﺔ
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﺣﺪ
اﻟﺜﻼﺛﺎء
إﻋﻼم
اﻻﺛﻨﲔ
ﺣﺼﺎد
ﳌﺴـﺎت
اﻟﺨﻤﻴﺲ
اﻷرﺑﻌﺎء
اﳌﺘﺨﺼﺼﺔ ﺻﻔﺤﺎت أﺟﻨﺪة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺴﺒﺖ واﻷرﺑﻌﺎء < ﻋﻠﻮم اﻟﺴﺒﺖ ﺳﻴﺎرات اﻷﺣﺪ < ﻓﻨﻮن اﻻﺛﻨﲔ < اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻻﺛﻨﲔ < ﺗﻘﻨﻴﺔ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺜﻼﺛﺎء ﻛﺘﺐ اﻷرﺑﻌﺎء < أﻧﻐﺎم اﻟﺨﻤﻴﺲ < ﺳﻴﻨﻤﺎ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺳﺠﺎﻻت اﻷﺣﺪ )داﺧﻞ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺮأي(
..ﺗﺠﺪد داﺋﻢ
مراجعات
,,
ﻳﻬﺪف ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ إﻳﺮان اﻟﻨﻮوي إﻟﻰ إﺟﺒﺎر اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﳌﺴﺎواة. ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﺻﻔﻘﺔ ﻛﺒﺮى وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻣﺮارا إﻟﻰ اﻟﺼﺪ ﻣﻦ واﺷﻨﻄﻦ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻨﻈﺎم
,,
اﳍﺪف :ﻗﺼﺔ ﻣﻬﺎﺟﺮ اﳌﺆﻟﻔﺎن :واﻳﻜﻠﻴﻒ ﺟﲔ واﻧﺘﻮﻧﻲ ﺑﻮزا
اﳌﺆﻟﻒ :ﻳﺎﻧﻎ ﺟﻴﺸﻨﻎ
اﻟﻨﺎﺷﺮ :آي ﰐ ﺑﻮﻛﺲ
اﻟﻨﺎﺷﺮ:
اﻟﻌﺎم٢٠١٢ :
ﻓﺮار وﺳﱰاوس وﺟﲑو
ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٢٨٨ :
اﻟﻌﺎم٢٠١٢ : ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٦٥٦ :
< ﻳﺮوي ﻣﻄﺮب اﻟﺮاب واﻟﻬﻴﺐ ﻫﻮب ﻗﺼﺼﺎ ﻣﻀﺤﻜﺔ وﻧﺎﺑﻀﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ﻋﻦ ﻧﺸﺄﺗﻪ وﺻﺒﺎه ﻓﻘﻴﺮا ﻓﻲ ﻫﺎﻳﺘﻲ ،ﺛﻢ ﻫﺠﺮﺗﻪ إﻟﻰ ﺷﻮارع اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻜﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺮوﻛﻠﲔ .ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻼذه ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ أﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ذوي ﺑﺸﺮة ﺳﻤﺮاء ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن. ﻳﺠﻤﻊ أﺳﻠﻮب ﺟﲔ اﳌﻮﺳﻴﻘﻲ ﺑﲔ اﻹﻳﻘﺎع اﻟﻜﺎرﻳﺒﻲ وﺗﺮاﻧﻴﻢ اﻹﻧﺠﻴﻞ وﻣﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺠﺎز واﻟﻬﻴﺐ ﻫﻮب ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﺗﻤﺠﻴﺪ ﻋﻨﻒ »اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت« .ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ ،ﻳﺒﺪو ﻛﻠﻴﻒ )ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ( ﻧﺸﻴﻄﺎ وﺻﺎﺣﺐ ﻣﺸﺮوع وﻣﺘﻬﻮرا وﻣﻐﺮورا وﻣﻌﺘﺰا ﺑﺬاﺗﻪ وﻣﻌﺘﺮﻓﺎ ﻣﺮارا ﺑﺎرﺗﻜﺎب أﺧﻄﺎء أﺧﻼﻗﻴﺔ ،وﻛﺄن اﻋﺘﺮاﻓﺎﺗﻪ ﺳﺘﻜﻔﺮ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎه .ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻣﻦ ﻋﺪة ﺟﻮاﻧﺐ ،ردا ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وزﻣﻴﻠﺘﻪ اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻟﻮرﻳﻦ ﻫﻴﻞ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ آراﺋﻬﺎ ﺑﺸﺄن ﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﻓﻲ أﻟﺒﻮﻣﻬﺎ اﻟﺸﻬﻴﺮ اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم » ،١٩٩٨ﻋﺪم ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻮرﻳﻦ ﻫﻴﻞ« .ﺧﺎض ﺟﲔ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﻫﺎﻳﺘﻲ وﻟﻜﻨﻪ اﻵن ﻳﺪﻋﻢ زﻣﻴﻠﻪ اﳌﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﻴﺸﺎل ﻣﺎرﺗﻠﻲ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﺎﻟﻲ .رﺑﻤﺎ ﺗﺴﺒﺒﺖ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻇﻬﻮر ﺗﻌﻠﻴﻘﺎت ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺔ ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺟﲔ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﻳﻌﺘﺮف ﺟﲔ ﺑﻮﺟﻮد ﺳﻮء إدارة ﻟﺼﻨﺪوق اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﻴﺮﻳﺔ اﻟﺬي ﻛﻮﻧﻪ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻫﺎﻳﺘﻲ ،وﻫﻮ اﻻﻋﺘﺮاف اﻟﺬي ﺗﺒﻌﻪ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻣﺮﺑﻚ ﻋﻠﻰ أن »وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻟﻢ ﺗﺠﺪ أي أﺧﻄﺎء ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ اﻟﻀﺮﻳﺒﻲ« ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﺎ »ﻣﺘﺄﺧﺮون ﻋﻦ ﺳﺪاد ﻣﺴﺘﺤﻘﺎﺗﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺪة أﻋﻮام«.
اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ ﻃﻬﺮان :ﳌﺎذا ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻳﺮان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﺆﻟﻔﺎن :ﻓﻠﻴﻨﺖ ﻟﻴﻔﺮﻳﺖ وﻫﻴﻼري ﻣﺎن ﻟﻴﻔﺮﻳﺖ اﻟﻨﺎﺷﺮ :ﻣﻴﱰوﺑﻮﻟﻴﺘﺎن ﺑﻮﻛﺲ اﻟﻌﺎم٢٠١٣ : ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٤٩٦ :
62
ﺿﺤﺎﻳﺎ ﻣﺠﺎﻋﺔ اﻟﺼﲔ اﻟﻜﱪى١٩٦٢-١٩٥٢ ،
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
< ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻜﺎﺗﺒﺎن ،اﻟﻠﺬان ﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ،ﺑﺄن اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻃﺮف ﻗﻮي وﻋﻘﻼﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ .ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻤﺎ ،ﺗﺘﻤﺘﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ إﻳﺮان ﺑﺎﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ وﺗﺨﻠﺺ ﻟﺪﺳﺘﻮرﻫﺎ وﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﻤﺴﺎءﻟﺔ أﻣﺎم ﺷﻌﺒﻬﺎ .ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ أﻣﺎم ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ .وﻳﻬﺪف ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ إﻳﺮان اﻟﻨﻮوي إﻟﻰ إﺟﺒﺎر اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﳌﺴﺎواة .ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﺻﻔﻘﺔ ﻛﺒﺮى وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻣﺮارا إﻟﻰ اﻟﺼﺪ ﻣﻦ واﺷﻨﻄﻦ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻨﻈﺎم .ﻳﺼﻞ اﳌﺆﻟﻔﺎن إﻟﻰ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﳌﺮور ﺑـ»ﻟﺤﻈﺔ ﻧﻴﻜﺴﻮن« ﺗﺴﻌﻰ ﻓﻴﻬﺎ واﺷﻨﻄﻦ إﻟﻰ اﻻﺗﻔﺎق اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ ﻣﻊ ﻃﻬﺮان ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﻊ ﺑﻜﲔ .ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻨﻄﻖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ إﻟﻴﻪ اﳌﺆﻟﻔﺎن وﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻳﺒﺎﻟﻐﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺞ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻮﻗﺎﻧﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻫﻖ ﻗﺪرة اﻟﻘﺎرئ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ .ﻳﺮى اﳌﺆﻟﻔﺎن أن اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻳﺮاﻧﻲ واﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻧﻤﻮذﺟﺎن ﻟﻠﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ. وﻳﻘﺮران أن ﻗﻴﺎم اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻢ ﺑﻤﻮاﻓﻘﺔ ٩٨ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒﲔ ﻓﻲ اﺳﺘﻔﺘﺎء أﺟﺮي ﻋﺎم .١٩٧٩ وﻳﺼﻔﺎن ﻣﺰاﻋﻢ ﺗﺰوﻳﺮ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ٢٠٠٩ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺑﻼ أﺳﺎس ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ .وﻳﺼﺮان ﻋﻠﻰ أن وﺿﻊ إﻳﺮان اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ دﻓﺎﻋﻲ ﻣﺤﺾ .اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻫﺎ اﳌﺆﻟﻔﺎن ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮن آراء ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻋﻦ إﻳﺮان ،ﻣﻦ اﳌﺤﺎﻓﻈﲔ اﻟﺠﺪد إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ،ﻻ ﺗﺴﺘﺜﻨﻲ أﺣﺪا ﺳﻮاﻫﻤﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ.
< ﻟﻢ ﺗﺪع اﻷﺑﺤﺎث اﳌﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺸﻚ ﻓﻲ أن أﻛﺒﺮ ﻣﺠﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ ﻣﻮت ﻧﺤﻮ ٣٦ ﻣﻠﻴﻮن ﺻﻴﻨﻲ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻜﺎرﺛﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺟﺮاء اﻟﻀﺮاﺋﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﳌﻔﺮﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﻣﺎو ﺗﺴﻲ ﺗﻮﻧﻎ .ﺑﻴﺪ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﲔ ﺗﻈﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﻦ اﳌﺤﻈﻮرات اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻴﺎﻧﻎ، اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺆﻣﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺮؤﻳﺔ ﻣﺎو اﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﺎن اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻄﻠﺒﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎ. ﻳﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻣﻠﺨﺼﺎ ﻟﻌﻤﻞ أﻃﻮل ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻗﺮر ﻳﺎﻧﻎ أن ﻳﻌﺪه ﺗﺨﻠﻴﺪا ﻟﺬﻛﺮى واﻟﺪه وﺿﺤﺎﻳﺎ آﺧﺮﻳﻦ .ﻳﻤﺘﻠﺊ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻤﺌﺎت ﻣﻦ أﺳﻤﺎء اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺸﻔﻬﺎ ﻳﺎﻧﻎ ﻓﻲ اﻷرﺷﻴﻒ اﳌﺤﻠﻲ أﺛﻨﺎء ﺳﻨﻮات اﻟﺴﻔﺮ واﻟﺒﺤﺚ وﻣﻌﻬﺎ ﻗﺼﺺ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ وﻓﺎﺗﻬﻢ .ﺗﻌﻜﺲ رواﻳﺘﻪ اﳌﺆﳌﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﺴﻮة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻌﺎدﻳﻮن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺼﺎرﻋﻮن ﺿﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻘﺎء. وﻳﻜﺘﺸﻒ ﻳﺎﻧﻎ أﻧﻪ ﺑﲔ اﻟﺼﻴﻨﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﻧﻮا ﻣﻦ اﳌﺠﺎﻋﺔ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ ﺣﺎﻻﺗﻬﺎ ،اﻧﺘﺸﺮ أﻛﻞ ﻟﺤﻮم اﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻛﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ .وﻳﺆﻛﺪ ﻳﺎﻧﻎ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎو ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﳌﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ وﻗﻮع اﻟﻜﺎرﺛﺔ ،ﺛﻢ رﻓﺾ ﺗﺸﻮ إن ﻻي ﻛﺒﻴﺮ ﻣﺴﺎﻋﺪي ﻣﺎو ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻗﺎﺋﺪه ،وﺗﻮاﻃﺆ اﳌﺴﺆوﻟﲔ اﳌﺤﻠﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ أﻃﻠﻘﻮا ﻣﺸﺮوﻋﺎت إﻧﺸﺎﺋﻴﺔ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮرات ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻓﺎﻗﻤﺖ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ اﻟﺤﺒﻮب ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺑﻌﺎد اﻟﻔﻼﺣﲔ ﻋﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﺰراﻋﺔ.
اﳋﺪاع :ﻗﺼﺔ ﺟﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﺑﲔ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ﻣﺴﻜﻮت ﻋﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم اﳌﺆﻟﻒ :إدوارد ﻟﻮﻛﺎس اﻟﻨﺎﺷﺮ :ووﻛﺮ آﻧﺪ ﻛﻮﻣﺒﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎم٢٠١٢ : ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٣٨٤ :
< ﻓﻲ روﺳﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ ﻷﺳﺮة واﺣﺪة أن ﺗﻤﺘﻠﻚ ٣٠٠,٠٠٠ﻋﺒﺪا و ١٫٩ﻣﻠﻴﻮن ﻓﺪان ﻣﻦ اﻷراﺿﻲ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻣﻦ ﺑﲔ اﻻﻣﺘﻴﺎزات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﻬﺎ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺷﻴﺮﻳﻤﻴﺘﻴﻴﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎوﻧﺖ ﻣﻊ اﻟﻘﻴﺎﺻﺮة وﻳﺼﻞ ﻧﺴﺒﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻮﻳﺎر ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ. اﺣﺘﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺻﺪارة ١٠٠ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻼء اﻟﺮوس، اﻟﺬﻳﻦ ﺷﻜﻠﻮا ١٫٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن .ﻳﺘﻌﻘﺐ ﺳﻤﻴﺚ ،ﺑﺄﺳﻠﻮب واﺛﻖ رﺷﻴﻖ ،ﻣﺎ ﺣﺪث ﻷﻓﺮاد ﻫﺬه اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺔ أﺧﺮى ﺷﻬﻴﺮة ﻫﻲ ﻏﻮﻟﻴﺘﺴﲔ ،أﺛﻨﺎء ﺛﻮرة ﻋﺎم ١٩١٧وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ .ﻛﺎن ﻣﺼﻴﺮﻫﻢ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺨﻴﻞ اﳌﺮء ،ﻓﻘﺪ ﻫﻠﻜﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ أوﻗﺎت وﻇﺮوف ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﺳﻘﻂ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻠﻔﻮﺿﻰ واﻟﻌﻨﻒ اﻟﺬي ﺷﻬﺪﺗﻪ اﻷﻋﻮام اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺒﻠﺸﻔﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺠﺎ آﺧﺮون ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ اﻧﺘﻘﻠﻮا إﻟﻰ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺿﻴﻖ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻜﻨﻮن اﻟﻘﺼﻮر واﺷﺘﻐﻠﻮا ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻣﻬﻴﻨﺔ .وﻗﺘﻞ آﺧﺮون ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺖ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺳﺘﺎﻟﲔ ﻋﺎﻣﻲ .١٩٣٨-١٩٣٧واﺳﺘﻄﺎع ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺒﻼء اﻟﻨﺠﺎة واﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ أو ﺟﻨﻮب ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ أو اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﺳﺘﺎﻟﲔ. ﻛﺎن اﺳﻢ »ﻗﻮم ﺳﺎﺑﻘﲔ« ﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻼء اﻟﻬﺎﻟﻜﲔ ﻓﻲ روﺳﻴﺎ .ﻳﺘﻨﺎول ﺳﻤﻴﺚ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻪ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺣﻤﻴﻤﻲ ﻳﻀﻔﻲ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ.
< داﺋﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺼﺺ اﻟﺠﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ. ﻳﻤﻠﻚ ﻟﻮﻛﺎس ﻗﺼﺼﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ أﻧﺸﻄﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﺸﺮة ﺟﻮاﺳﻴﺲ روس ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻮر اﻫﺘﻤﺎم وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻟﺪى اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم .٢٠١٠اﻫﺘﻤﺖ ﺻﺤﻒ اﻟﺘﺎﺑﻠﻮﻳﺪ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﺑﺂﻧﺎ ﺗﺸﺎﺑﻤﺎن ،اﻟﺤﺴﻨﺎء ذات اﻟﺸﻌﺮ اﻷﺣﻤﺮ ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻧﺠﻤﺔ إﺛﺎرة ﺷﻬﻴﺮة ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻬﺎ إﻟﻰ روﺳﻴﺎ ،ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺒﺎدل ﺟﻮاﺳﻴﺲ. ﻳﺮوي ﻟﻮﻛﺎس أﻳﻀﺎ ﻗﺼﺔ أﻛﺜﺮ دراﻣﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺸﻬﺮة أﻗﻞ ﻟﻠﺠﺎﺳﻮس ﻫﻴﺮﻣﺎن ﺳﻴﻢ، وﻫﻮ ﺷﺮﻃﻲ ﺳﺎﺑﻖ ﻣﻦ اﺳﺘﻮﻧﻴﺎ أﺻﺒﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أﻣﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺮار ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺧﻄﻴﺮة ﻓﻲ اﺳﺘﻮﻧﻴﺎ – وﻋﻤﻴﻼ ﻟﺮوﺳﻴﺎ ،ﺣﺘﻰ اﻋﺘﻘﻠﺘﻪ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻻﺳﺘﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم .٢٠٠٨ ﻟﻢ ﻳﺤﻘﻖ ﺳﻴﻢ ﻧﺠﺎﺣﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﺠﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﺗﺸﺎﺑﻤﺎن؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻤﺖ إداﻧﺘﻪ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻟﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ اﻟﺤﺎل ﻧﺰﻳﻼ ﻓﻲ أﺣﺪ ﺳﺠﻮن ﺗﺎرﺗﻮ .أﺿﺎف ﻟﻮﻛﺎس إﻟﻰ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻓﺼﻼ ﻣﺜﻴﺮا ﻋﻦ اﻟﺠﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﻟﻲ، وﺻﻒ ﻓﻴﻪ روﺳﻴﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة ﻓﻼدﻳﻤﻴﺮ ﺑﻮﺗﲔ ﻛﺪوﻟﺔ ﺗﺨﻀﻊ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﺤﻜﻢ وﻛﺎﻻت اﻟﺘﺠﺴﺲ اﻟﺘﻲ أﻗﻴﻤﺖ ﺑﻌﺪ وﻛﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ، واﻟﺘﻲ ﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻰ »اﻟﺘﻼﻋﺐ« ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ واﺿﻌﻮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن واﻷوروﺑﻴﻮن ،وإﻓﺸﺎل ﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺗﻬﻢ، وﻗﺘﻞ ﻣﻌﺎرﺿﻲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮوﺳﻲ.
ﻗﻮم ﺳﺎﺑﻘﻮن :اﻷﻳﺎم اﻷﺧﲑة ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ اﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ اﳌﺆﻟﻒ :دوﻏﻼس ﺳﻤﻴﺚ اﻟﻨﺎﺷﺮ :ﻓﺮار وﺳﺘﺮاوس وﺟﻴﺮو اﻟﻌﺎم٢٠١٢ : ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٤٩٦ :
رأس اﳌﺎل واﻹﺟﺒﺎر ودول ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﳌﺆﻟﻒ ﻏﲑاﻟﺪ إم إﻳﺴﱰ اﻟﻨﺎﺷﺮ :ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮرﻧﻴﻞ اﻟﻌﺎم٢٠١٢ : ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٢٤٨ :
< ﻳﻨﻘﻞ إﻳﺴﺘﺮ ﻋﻦ اﳌﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ إدﻣﻮﻧﺪ ﺑﻴﺮك ﻗﻮﻟﻪ» :رﺑﺢ اﻟﺪوﻟﺔ ﻫﻮ اﻟﺪوﻟﺔ« .ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﺪوﻟﺔ ﻫﻲ اﻹﺟﺒﺎر ﺳﻌﻴﺎ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻳﺘﻄﻠﺐ ذﻟﻚ اﻹﺟﺒﺎر وﺟﻮد ﺗﻤﻮﻳﻞ .ﻳﺤﺘﻞ ﺗﺪاﺧﻞ رأس اﳌﺎل واﻹﺟﺒﺎر ﻣﺤﻮر ﺗﻔﺴﻴﺮ إﻳﺴﺘﺮ ﻷﺳﺒﺎب وﻛﻴﻔﻴﺔ ﻇﻬﻮر ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻛﺪول »ﺗﻌﺎﻗﺪﻳﺔ« وأﺧﺮى »ﺳﺎرﻗﺔ« .ﻓﻲ اﻟﻨﻮع اﻷول ،ﻣﺜﻞ ﺑﻮﻟﻨﺪا ،ﺗﺨﻀﻊ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ وﺗﻨﻈﻢ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻺﺟﺒﺎر وﺗﺤﻤﻲ اﳌﻤﺘﻠﻜﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﺘﻨﻮع ﻓﻲ اﻟﺜﺮوة .ﻓﻲ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺪول ،وﺗﻤﺜﻠﻪ روﺳﻴﺎ ،ﺗﺘﺤﺮر ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ، وﺗﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻊ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ ﻟﻺﺟﺒﺎر ،وﺗﺰﻳﻞ اﻟﺨﻂ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﲔ اﻟﻌﺎم واﻟﺨﺎص ،وﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﺜﺮوة واﳌﻤﺘﻠﻜﺎت ُ .ووﻓﻘﺎ ﳌﺎ ﻳﺆﻛﺪه إﻳﺴﺘﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻮاﺿﺢ واﳌﻘﻨﻊ ،ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﺴﺎر اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﲔ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﳌﻌﺎرك ﺣﻮل اﻟﻀﺮاﺋﺐ. إن ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺘﺪاﺧﻞ اﳌﻌﻘﺪ ﺑﲔ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﲔ واﻟﺸﺮﻛﺎت واﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻗﺪرة اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﻮﻳﻞ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻬﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻄﺎع إﻳﺴﺘﺮ أن ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﺑﺒﺮاﻋﺔ.
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
61
مراجعات
ﺗﻌﺮض "اﳌﺠﻠﺔ" ﻋﻠﻰ ﻗﺮاﺋﻬﺎ ٨ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﺎرات ﻣﺠﻠﺔ "ﻓﻮرن أﻓﻴﺮز" ..ﻛﺘﺐ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﻘﺮاءة واﻟﺘﺄﻣﻞ ﺑﺨﺎﺻﺔ وأﻧﻬﺎ ﺗﺮوي أﺣﺪاﺛﺎ وﺗﺘﻌﺮض ﻟﺸﺨﺼﻴﺎت أﺛﺮت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "اﻟﺘﺪﺧﻼت وﺣﻴﺎة اﻟﺤﺮب واﻟﺴﻼم" ﻳﻜﺮس ﻛﻮﻓﻲ أﻧﺎن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻼم اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻮر ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻨﺬ أن ﻛﺎن ﻣﺴﺎﻋﺪا ﻟﻸﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻼم ﻣﻦ ١٩٩٣إﻟﻰ ١٩٩٤وﺣﺘﻰ ﺗﻮﻟﻴﻪ ﻣﻨﺼﺐ اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻣﺎ ﺑﲔ ﻋﺎﻣﻲ ١٩٩٧و.٢٠٠٦
أﻓﻀﻞ ٨ﻛﺘﺐ ..ﻣﻦ ﻛﻮﰲ أﻧﺎن إﻟﻰ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﻣﺠﺎﻋﺔ اﻟﺼﲔ اﻟﻜﱪى ,,
ﻧﻘﺺ اﳌﻮارد واﻟﻨﻔﻮذ ﻣﻨﻊ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻦ واﻟﻘﻮى اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻫﻲ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻰ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ
,,
60
اﻟﺘﺪﺧﻼت وﺣﻴﺎة اﳊﺮب واﻟﺴﻼم اﳌﺆﻟﻒ :ﻛﻮﻓﻲ أﻧﺎن اﻟﻨﺎﺷﺮ :ﺑﻨﺠﻮﻳﻦ اﻟﻌﺎم٢٠١٢ : ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٥١٢ : < ﻳﻜﺮس أﻧﺎن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻼم اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻮر ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻨﺬ أن ﻛﺎن ﻣﺴﺎﻋﺪا ﻟﻸﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻼم ﻣﻦ ١٩٩٣ إﻟﻰ ١٩٩٤وﺣﺘﻰ ﺗﻮﻟﻴﻪ ﻣﻨﺼﺐ اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻣﺎ ﺑﲔ ﻋﺎﻣﻲ ١٩٩٧و .٢٠٠٦ﻳﻘﺪم اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﻳﺴﺮد ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ دﻓﺎﻋﺎ ﻣﻌﻘﻮﻻ وإﻧﺴﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻋﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﻲ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة اﻷﻃﺮاف .وﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻷدوار اﻟﺘﻲ أدﺗﻬﺎ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﻀﻄﺮﺑﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻮﻣﺎل ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ورواﻧﺪا ﻋﺎم ١٩٩٤ودارﻓﻮر ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎﻟﻲ ،ذﻛﺮ أﻧﺎن أن ﻧﻘﺺ اﳌﻮارد واﻟﻨﻔﻮذ ﻣﻨﻊ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻦ. وﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﺎن أن اﻟﻘﻮى اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ،ﻫﻲ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ. وﻛﺮر اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺿﻤﻨﺎ أن زﻳﺎدة اﳌﻮارد ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺴﻤﺢ ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺗﺤﺪﻳﺪا ﻣﺎ ﻫﻮ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﻘﻘﻪ اﳌﻨﻈﻤﺔ .ﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺒﺎرزة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه ﻟﺘﻘﺪم ﻧﻘﺪا ﺻﺮﻳﺤﺎ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺟﻮن ﺑﻮﻟﺘﻮن اﻟﺴﻔﻴﺮ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻟﺪى اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة أﺛﻨﺎء إدارة ﺟﻮرج ﺑﻮش ،واﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﻮداﻧﻲ ﻋﻤﺮ اﻟﺒﺸﻴﺮ.
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
أﻣﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ اﻟﻌﺮب اﳌﺆﻟﻒ اﻟﺒﺮوﻓﺴﻮر ﻫﻠﻴﻞ ﻓﺮﻳﺶ اﻟﻨﺎﺷﺮ :ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻤﺒﺮﻳﺪج اﻟﻌﺎم٢٠١١ : ﻋﺪد اﻟﺼﻔﺤﺎت٢٢٨ : < ﻳﺴﺘﻌﲔ اﻟﺒﺮوﻓﺴﻮر ﻓﺮﻳﺶ ﺑﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻪ ﳌﺴﺄﻟﺔ ﺳﻴﺎﺳﺎت إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺗﺠﺎه ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ اﻟﻌﺮب ،وﻻ ﺗﺒﺪو اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺗﻪ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ .ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻣﺨﺎوف إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﺮاﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﺳﻠﺒﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻠﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن داﺧﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ذاﺗﻬﺎ .اﻋﺘﺒﺮ دﻳﻔﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﻮرﻳﻮن ،أول رﺋﻴﺲ وزراء إﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ،أن ﻋﺮب إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻳﺸﻜﻠﻮن ﻃﺎﺑﻮرا ﺧﺎﻣﺴﺎ؛ وﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﺮﻳﺶ أن ﺟﺰءا ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﻮﺻﻒ اﻟﻴﻮم أﻳﻀﺎ .ﻳﺘﻌﺮض أي ﺣﻮار ﻣﻔﻴﺪ ﺑﲔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ اﻟﻴﻬﻮد واﻟﻌﺮب ﻟﻠﻔﺸﻞ ﺑﺴﺒﺐ إﺻﺮار اﻟﻴﻬﻮد ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻻء ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ورﻓﺾ رؤﻳﺔ اﻟﻌﺮب ﻟﻘﻴﺎم إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ ﻧﻜﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب ،وﺑﺴﺒﺐ دﻋﻮات اﻟﻌﺮب إﻟﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ إﻟﻰ دوﻟﺔ ذات ﻗﻮﻣﻴﺘﲔ .ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﺮﻳﺶ أن اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ وﺻﻔﺔ اﻟﻔﺸﻞ؛ ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ ﺣﺎﻻت ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺒﺮص وﻟﺒﻨﺎن .وﻳﻠﻔﺖ اﳌﺆﻟﻒ إﻟﻰ أﻣﺮ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ،وﻫﻮ أن ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﺤﺮر اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ،ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ،ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺮﻓﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻴﻮد ﻋﻦ ﻋﺮب إﺳﺮاﺋﻴﻞ؛ وﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ،ﻳﺆدي اﳌﻮﻗﻊ اﻟﺠﻴﻮ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ »اﳌﺘﺪﻫﻮر« ﻟﻠﺪوﻟﺔ إﻟﻰ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻮد .ﻳﺘﻮﺻﻞ ﻓﺮﻳﺶ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﻗﻠﻴﺎت ﻓﻲ ﺻﺮاﻋﺎت ﻋﺮﻗﻴﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ أﺧﺮى ﻳﺒﺪو ﻋﺮب إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ وﺿﻊ أﻓﻀﻞ .وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺤﻘﻖ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج راﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻷﻓﺮاد ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ.
www.majalla.com
العدد 1582ابريل -نيسان 2013
مجلة العرب الدولية شهرية سياسية
تأسست في لندن عام 1980
علي العميم :ت�سميات اوروبية وامريكية و�سيوعية ت�سللت اإىل قامو�س اال�سالميني حممد الرميحي :تغري احلكام وقواعد اللعبة مل تتغري ..االأقلية املنظمة ها�سم �سالح :الربيع العربي ..من امل�ستبد املنري اإىل امل�ستبد الظالمي
ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪد اﺳـﺘﺨـﺪم ﻫﺎﺗﻔــﻚ اﻟ ــﺬﻛﻲ ﻟـﻤــﺴﺢ ﻫـ ـ ــﺬا اﻟـ ــﺮﻗـ ـ ـ ــﻢ 04
ISSN 1319-0873
9 771319 087013
issue 1582 - April 2013
www.majalla.com
صحافة عالمية
اﻟﺴﻮري اﻟﺤﺮ .ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺛﻘﻦ ﺣﻮادث اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ واﻟﻌﻨﻒ اﻟﺠﻨﺴﻲ ،أﻣﻼ ﻓﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻔﻴﺪة ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺎت ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ .ﺗﻨﺎﺿﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺴﻴﺪات واﻟﻔﺘﻴﺎت ،ﺳﻨﻴﺎت أو ﻛﺮدﻳﺎت أو ﻣﺴﻴﺤﻴﺎت أو ﻋﻠﻮﻳﺎت ،ﺳﻮاء ﻣﺮﺗﺪﻳﺎت اﻟﺤﺠﺎب أو ﻻ ﻳﺮﺗﺪﻳﻨﻪ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺪف واﺣﺪ ﻫﻮ ﺳﻮرﻳﺎ ﺣﺮة. ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت اﻷﺧﺮى ،ﻣﺜﻞ ﻧﻤﻮر اﻟﺘﺎﻣﻴﻞ واﻟﺠﻨﺎح اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻟﺤﺰب اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ -ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗﻮات اﻷﺳﺪ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻀﻢ اﻵن ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎت ﺟﻤﻴﻊ أﻓﺮادﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء -ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﺮق ﻗﺘﺎل ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ ﺑﲔ ﺻﻔﻮف اﳌﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﳌﺴﻠﺤﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺘﻢ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺠﻴﺮات اﻻﻧﺘﺤﺎرﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﺣﺮب اﻟﻌﺮاق واﻟﺼﺮاع اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ. وﻟﻜﻦ ﺗﻨﺨﺮط اﻟﺜﻮرﻳﺎت ،داﺧﻞ وﺧﺎرج ﺳﻮرﻳﺎ ،ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻐﺬاء واﻟﺪواء إﻟﻰ اﳌﺸﺮدﻳﻦ واﳌﺼﺎﺑﲔ .ﺗﺪﻋﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺑﻮﺿﻮح ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻬﻮد ،ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻧﺴﺎء ﺳﻮرﻳﺎ ﻣﺮﺷﺤﺎت ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ﻓﻲ ﻇﻞ ﻧﺪرة اﺷﺘﺮاك اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﳌﺴﻠﺢ ﻣﻦ اﻟﺜﻮرة ،ﻻ ﺗﺘﻌﺮض اﻟﺴﻮرﻳﺎت ﻛﺜﻴﺮا إﻟﻰ اﻹﻳﻘﺎف واﻟﺘﻔﺘﻴﺶ واﳌﻀﺎﻳﻘﺎت ﻋﻨﺪ ﻧﻘﺎط اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ .وﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺗﻮزﻳﻊ اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء ﺳﻮرﻳﺎ .ﺗﺸﺎرك اﻟﺴﻮرﻳﺎت ﻓﻲ ﺗﻮﺻﻴﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪات اﻹﻏﺎﺛﺔ إﻟﻰ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺴﻮري اﻟﺤﺮ وإﻟﻰ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺨﻔﲔ ُوﻳﻌﺮﺿﻦ أﻧﻔﺴﻬﻦ ﻟﺨﻄﻮرة ﻛﺒﻴﺮة .ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻨﺴﺎء داﺧﻞ ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﺒﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »ﺳﻜﺎﻳﺐ« وﻣﻮﻗﻊ »ﻓﻴﺲ ﺑﻮك« ،ﺗﻬﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻦ ،وذﻟﻚ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺗﻘﺎرﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺣﻴﺎء ﻋﻦ اﻷوﺿﺎع اﻷﻣﻨﻴﺔ واﳌﺴﺎﻋﺪات اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ. أﻣﺎ اﻟﺴﻮرﻳﺎت ﺧﺎرج ﺑﻼدﻫﻦ ،وﻳﻘﻴﻢ أﻏﻠﺒﻬﻦ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﻓﻴﺤﺸﺪن اﻟﺪﻋﻢ وﻳﻤﺮرﻧﻪ ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺪود.
ال توجد فرق قتال ن�سائية بني �سفوف املقاومة ال�سورية امل�سلحة كذلك ال تتم اال�ستعانة بالن�ساء يف التفجريات االنتحارية كما كان يحدث يف حرب العراق وال�سراع االإ�سرائيلي الفل�سطيني
ﻗﺎﺑﻠﺖ إﺣﺪى ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺴﺎء ،ﻫﺒﺔ اﻟﺤﺠﻲ ،وﻫﻲ ﻋﻀﻮ ﻓﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺳﻴﺪات ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﺤﺮاﺋﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻀﻢ ٣٠٠ﻋﻀﻮ وﺗﻘﺪم اﳌﺴﺎﻋﺪات إﻟﻰ اﻟﻨﺴﺎء واﻷﻃﻔﺎل اﳌﺸﺮدﻳﻦ .ﺟﻠﺒﺖ ﻫﺒﺔ ١٠٠ﻛﻴﻠﻮﻏﺮام ﻣﻦ اﻟﺪﻗﻴﻖ إﻟﻰ اﻟﻨﺎزﺣﲔ اﳌﺤﺘﺎﺟﲔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ إدﻟﺐ .ﺗﻌﻤﻞ ﻧﺎﺷﻄﺔ أﺧﺮى ﻫﻲ راﻧﻴﺎ اﻟﻘﻴﺼﺮ ،اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ دﻣﺸﻖ ،ﻣﻦ رﻳﻒ إدﻟﺐ وﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻬﺮب اﻟﻐﺬاء واﻟﺒﻄﺎﻃﲔ إﻟﻰ ﺿﻮاﺣﻲ ﺣﻤﺺ اﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﺒﺮ ﺷﺒﻜﺔ اﻟﺼﺮف اﻟﺼﺤﻲ .ﺗﺪﻳﺮ اﻟﻘﻴﺼﺮ أﻳﻀﺎ أﻛﺒﺮ ﺷﺒﻜﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء اﻟﺴﻮرﻳﺎت واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﺗﻨﺴﻴﻘﻴﺔ اﳌﺮأة ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ« ،وﺗﻀﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٤٥ﺛﺎﺋﺮة داﺧﻞ ﺳﻮرﻳﺎ وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٫٨٠٠ﻣﺘﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ »ﻓﻴﺲ ﺑﻮك« .ﺣﺎزت اﻟﻘﻴﺼﺮ، وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ وأم ﻟﺜﻼﺛﺔ أﻃﻔﺎل ،اﺣﺘﺮاﻣﺎ ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺴﻮري اﻟﺤﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻌﺎون ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .وﻗﺪ ﻋﺎرﺿﺖ ﻣﺤﺎوﻻت ﺑﻌﺾ أﻋﻀﺎء اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺴﻮري اﻟﺤﺮ ﻟﺘﻮﻟﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﳌﻮارد إﻟﻰ اﻟﻨﺎزﺣﲔ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻢ أﻃﻤﺔ ﻛﻲ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ وﺣﺪة ﺷﺒﻜﺔ اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ. ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺟﻬﻮد اﻟﻘﻴﺼﺮ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻟﻘﺪرة اﳌﺮأة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﳌﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ودﻋﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺮﻫﻦ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ اﻟﺜﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮدﻫﺎ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺳﻮء إدارة اﳌﺴﺎﻋﺪات .اﻛﺘﺸﻔﺖ اﻟﻨﺎﺷﻄﺎت ﻣﺮارا ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻳﺤﺎوﻟﻮن إﺳﺎءة ﺗﻮزﻳﻊ اﳌﻮارد اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت واﳌﺨﻴﻤﺎت اﳌﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻨﺎزﺣﲔ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ. وﻛﺸﻔﻮا أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴﺎءﻟﺔ ﻋﺒﺮ ﺻﻔﺤﺎت »ﻓﻴﺲ ﺑﻮك« اﻟﺴﻮرﻳﺔ وﻏﺮف اﻟﺪردﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »ﺳﻜﺎﻳﺐ« وﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﳌﻴﺪاﻧﻲ أﻳﻀﺎ .ﺗﺸﺮف اﻟﺤﺠﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻴﻢ
ﻣﺪرﺳﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻢ أﻃﻤﺔ ،ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻹﻣﺪادات اﳌﺪرﺳﻴﺔ ﻟﻀﻤﺎن ﻋﺪم ﺑﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺴﻮداء. وﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻛﻜﻞ ،ﻻ ﺗﻨﺘﻤﻲ اﻟﺜﺎﺋﺮات اﻟﺴﻮرﻳﺎت إﻟﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻮﺣﺪ. اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل، وﻟﻜﻨﻬﻦ أﻛﺜﺮ ﺗﻤﺎﺳﻜﺎ وﺗﻨﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺜﻮرﻳﺔ ّ اﺷﺘﺮﻛﺖ رﻳﻨﺎس ﺳﻴﻨﻮ ،اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﻜﺮدﻳﺔ ،ورﺟﺎء اﻟﺘﻠﻲ ،اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻊ أﺻﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ رﻳﻒ دﻣﺸﻖ وﻫﻲ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ إﺟﺎزة ﻣﻦ دراﺳﺘﻬﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﻮرث وﻳﺴﺘﺮن ،ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺮﻛﺰ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪﻧﻲ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ،وﻣﻘﺮه ﻋﻨﺘﺎب ﺑﺘﺮﻛﻴﺎ .ﻳﻘﻮم اﳌﺮﻛﺰ ﺑﺘﺪرﻳﺐ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪﻧﻲ داﺧﻞ وﺧﺎرج ﺳﻮرﻳﺎ ،واﺳﺘﻔﺎدت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٠ﻧﺎﺷﻄﺔ ﺳﻮرﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻄﻮاﺋﻒ واﳌﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ دورات اﳌﺮﻛﺰ ﺣﻮل ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﳌﻨﻈﻤﺎت ﺗﻐﻴﻴﺮ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﻮري .وﺗﻘﺒﻞ ﻣﺆﺳﺴﺘﺎ اﳌﺮﻛﺰ أﻳﻀﺎ ّ اﻷﺧﺮى اﳌﺸﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ .ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﻫﺒﺔ اﻟﺤﺠﻲ ورﺟﺎء اﻟﺘﻠﻲ اﻟﻨﺎﺷﻄﺔ ﺳﻬﻴﻠﺔ رﺣﺎل ،وﻫﻲ ﻧﻤﻮذج آﺧﺮ ﳌﺴﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺣﻠﺐ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﺣﺘﺮام ﺑﺎﻟﻎ .ﺗﻌﺘﻘﺪ ّ ّ رﺣﺎل أن اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﺋﻒ واﻷدﻳﺎن اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﺴﺘﻄﻌﻦ اﻟﺘﻌﺎون؛ ﻷن »اﳌﺮأة ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﺒﺢ رﺋﻴﺴﺔ ﻟﺴﻮرﻳﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ .ﺑﻞ ﻧﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﺑﻼدﻧﺎ ﺣﺮة«. ﺗﻠﻌﺐ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ أﻳﻀﺎ دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺨﺼﻴﺺ اﳌﺴﺎﻋﺪات إﻟﻰ ﻓﺼﺎﺋﻞ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻓﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺴﻴﺪات ﻫﻦ أﻣﻬﺎت أو ﺷﻘﻴﻘﺎت أو زوﺟﺎت اﳌﻘﺎﺗﻠﲔ ،وﻳﺘﻌﺎﻃﻔﻦ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎح اﳌﺴﻠﺢ .ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺗﻜﻮﻳﻦ اﳌﻘﺎوﻣﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻌﺮف واﺷﻨﻄﻦ ،وﻳﻤﻜﻨﻬﻦ ﺿﻤﺎن ﻋﺪم وﻗﻮع اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﻳﺪ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ -وﻫﻢ أﻋﺪاء ﻣﺸﺘﺮﻛﻮن ﺑﲔ اﻟﻨﺎﺷﻄﺎت واﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة .ﺗﻌﻲ ﻧﺴﺎء ﺳﻮرﻳﺎ ﺟﻴﺪا اﳌﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﺠﻬﺎدﻳﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﻦ .ﻳﺘﻮﻗﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺷﻄﺎت اﻟﻼﺗﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ إﻟﻴﻬﻦ وﻗﻮع ﺻﺮاع آﺧﺮ ﺑﻌﺪ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻷﺳﺪ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﳌﺮأة .ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ اﻷﻣﺮ ﺳﻮءا أن ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ ﻗﻴﺎدات اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻳﻤﻠﻜﻦ ﺧﺒﺮة ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺣﻜﺮا ﻋﻠﻰ ﻋﻀﻮات ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ،أو ﻋﻀﻮات اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻌﺎم اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﺴﻮري اﻟﺬي ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. وﺣﺘﻰ داﺧﻞ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ،ﻻ ﺗﺤﻈﻰ إﺳﻬﺎﻣﺎت اﳌﺮأة ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﻛﺒﻴﺮ .ﻟﻢ ﺗﺤﻘﻖ اﳌﺮأة ﺳﻮى وﺟﻮد رﻣﺰي ﻓﻲ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎرﺿﺔ وﺗﻢ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺑﲔ ٦٠ﻓﻲ اﻻﺋﺘﻼف اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻘﻮى اﻟﺜﻮرة واﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﳌﻜﻮن ﺣﺪﻳﺜﺎ ،واﻟﺬي اﻋﺘﺮﻓﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﺆﺧﺮا ﺑﻪ ﻛـ»ﻣﻤﺜﻞ ﺷﺮﻋﻲ« ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﺴﻮري .ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﻋﺪم اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟﻠﻤﺮأة ﻣﺄﺳﺎة اﻟﺴﻮرﻳﺎت ﻓﻲ اﻟﺼﺮاع اﻟﺪاﺋﺮ وﻟﻜﻨﻪ أﻳﻀﺎ ﻳﻐﻔﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻬﺎﺋﻞ اﻟﺬي ﺗﺴﺘﻤﺮ اﳌﺮأة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺄدﻳﺘﻪ دﻋﻤﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ. ﺗﺮى اﻟﻨﺎﺷﻄﺎت اﻟﺴﻮرﻳﺎت ﻓﻲ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺣﻘﻮق اﳌﺮأة ﻓﻲ إﻳﺮان ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة إﺷﺎرة ﺗﺤﺬﻳﺮ .ﻛﻤﺎ ﻳﻼﺣﻈﻦ ﻛﻴﻒ ﺗﻢ ﺗﻬﻤﻴﺶ اﻟﻘﻴﺎدات اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﻴﻤﻦ وﻟﻴﺒﻴﺎ .ﺗﻮﺟﺪ ﺗﺴﻊ ﺳﻴﺪات ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﳌﺼﺮي اﻟﺠﺪﻳﺪ ،وﺑﻤﺮأى ﻣﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ ،ﺗﺘﻌﺮض اﳌﺘﻈﺎﻫﺮات ﻟﻠﻀﺮب واﻟﺘﻌﺮﻳﺔ واﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻌﺬرﻳﺔ .وﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،أدى ﺻﻌﻮد اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﻘﺒﻠﻴﺔ اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ إﻟﻰ ﻋﻮدة إﺟﺎزة ﺗﻌﺪد اﻟﺰوﺟﺎت وﻗﻤﻊ ﺣﻘﻮق اﳌﺮأة .ورﻏﻢ ﺣﺼﻮل اﻟﻨﺎﺷﻄﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺗﻮﻛﻞ ﻛﺮﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻠﺴﻼم ﻓﻲ ٢٠١١ﺑﻔﻀﻞ دورﻫﺎ ﺑﲔ ﺻﻔﻮف اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ وﻃﻨﻬﺎ ،ﻓﺈن اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ زال ﻳﻔﺘﻘﺪ إﻟﻰ وﺟﻮد اﳌﺮأة .ﻻ ﺗﻠﺒﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ ﻃﻤﻮح اﳌﺮأة ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ أو زﻋﻤﺎء اﻟﻐﺮب. رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻮاﺷﻨﻄﻦ دﻋﻢ ﻓﺼﺎﺋﻞ اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺮة ﺑﺎﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ واﳌﺴﺎﻋﺪة وذات اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻷﻛﺒﺮ .وﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻨﻊ ﺳﻮرﻳﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ ﻣﻨﺤﻨﻰ اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ دول اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷﺧﺮى ،واﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻗﻤﻌﻲ ،ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة .وﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل اﻟﻘﻴﺼﺮ» :ﺳﻮف ﻳﺤﺘﺮﻣﻨﺎ اﻟﺮﺟﺎل إذا ﻛﻨﺎ ﻧﻤﻠﻚ اﳌﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﺮاع ،وﻟﻦ ﻳﺤﻘﻘﻮا اﻟﻨﺼﺮ ﺑﺪوﻧﻨﺎ«
فورن أفيرز /ابريل -نيسان 58 - 2013 /
ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮأة اﻟﺴﻮرﻳﺔ أن ﺗﻐﺬي اﳌﻘﺎوﻣﺔ؟
وﻫﺞ اﻟﺜﻮرة
اﳌﺮأة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ..دور ﻓﺎﻋﻞ ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة
ﺑﻘﻠﻢ :ﻓﻮﺗﻴﲏ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎ*
ﺗﺤﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﻬﺮ اﳌﺎﺿﻲ ذﻛﺮى ﻣﺮور ﻋﺎﻣﲔ ﻋﻠﻰ اﻧﺪﻻع اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﳌﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﺘﻲ ﻓﺠﺮت اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ .أدى اﻟﺼﺮاع اﻟﺪاﺋﺮ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن إﻟﻰ ﻣﻘﺘﻞ ﻧﺤﻮ ٧٠٫٠٠٠ﺷﺨﺺ ،وﻧﺰوح ﻧﺤﻮ ﻣﻠﻴﻮن ﻻﺟﺊ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺸﺮﻳﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﻧﺴﻤﺔ .ﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮع اﳌﺎﺿﻲ ،ﺗﻌﻬﺪ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺟﻮن ﻛﻴﺮي ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﻐﺬاء واﻟﺪواء وﻣﺴﺎﻋﺪات ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺗﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺴﻮري اﻟﺤﺮ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ٦٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر إﻟﻰ اﻟﺬراع اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺜﻮار ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻴﻄﺮ .ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺜﻮار * أﺳﺘﺎذ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻬﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ.
إﻧﻬﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﺟﻴﺪة ،وﻟﻜﻦ ﻟﻜﻲ ﺗﻤﻨﻊ واﺷﻨﻄﻦ وﻗﻮع ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻮارث اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻧﺘﺸﺎر اﻟﺘﻄﺮف اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ،ﺳﻮف ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻓﻌﻞ اﳌﺰﻳﺪ .ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ اﳌﻌﺎرﺿﺔ .ﺳﻮف ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷزﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ وﺿﻤﺎن وﺻﻮل اﳌﺴﺎﻋﺪات إﻟﻰ ﻣﺴﺘﺤﻘﻴﻬﺎ اﳌﻘﺼﻮدﻳﻦ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﳌﺮأة ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ. ﺗﺸﺎرك اﳌﺮأة اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺑﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺮاع ﺿﺪ ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺎر اﻷﺳﺪ ﻣﻨﺬ اﻧﺪﻻﻋﻪ ،ﺣﻴﺚ
ﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻲ اﳌﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻓﻲ أواﺋﻞ ﻋﺎم ٢٠١١ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ درﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب .واﺳﺘﻤﺮت ﻓﻲ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ أن اﺗﺨﺬت اﳌﻮاﺟﻬﺎت ﻣﻨﺤﻰ دﻣﻮﻳﺎ. ﻗﺎﺑﻠﺖ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺪات اﻟﺜﻮرﻳﺎت أﺛﻨﺎء رﺣﻠﺘﻲ اﻷﺧﻴﺮة إﻟﻰ رﻳﻒ إدﻟﺐ اﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺜﻮار وإﻟﻲ ﺑﻠﺪات ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ .أوﻟﺌﻚ اﻟﺴﻴﺪات ﻳﻘﻤﻦ ﺑﺘﻬﺮﻳﺐ اﻷﺳﻠﺤﺔ إﻟﻰ اﳌﻌﺎرﺿﺔ وﻳﺼﻨﻌﻦ اﻟﻌﺒﻮات اﻟﻨﺎﺳﻔﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻄﺎﺑﺨﻬﻦ وﻳﻌﻤﻠﻦ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﳌﻴﺪاﻧﻴﺔ ﻹﻧﻘﺎذ ﺣﻴﺎة اﳌﻘﺎﺗﻠﲔ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﻟﺠﻴﺶ
فورن أفيرز /ابريل -نيسان 57 - 2013 /
صحافة عالمية
ﺟﺪﻻ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ .واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن اﻟﻨﺰاﻋﺎت ﺣﻮل اﻟﻘﺮارات اﻟﺼﻌﺒﺔ ﻇﻠﺖ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ داﺧﻞ اﳌﺆﺳﺴﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر .ﻓﺤﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﺠﺎدﻟﻮن ﺣﻮل ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺷﺎﺋﻜﺔ ﻣﺜﻞ ﺣﻘﻮق اﳌﺮأة وﺗﺄﺳﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ،ﻇﻞ اﳌﻤﺜﻠﻮن ﺟﺎﻟﺴﲔ وارﺗﻜﺰ اﻻﻧﺘﺒﺎه اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪل داﺧﻞ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ وﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع. وﻗﺪ أﺛﺎر اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺒﻄﻲء ﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎدات وﻟﻜﻨﻪ ﺳﺎﻋﺪ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻨﺐ اﻷزﻣﺔ. وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﺗﻢ ﺣﻞ اﻟﺒﺮﳌﺎن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﻧﺸﺐ ﻧﺰاع ﺣﺎد ﺣﻮل اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺢ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع أﻣﺮا ﻣﺘﻜﺮرا .وﻳﺪﻋﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺮاﻗﺒﲔ أن ﻣﺼﺮ أﻛﺜﺮ اﺿﻄﺮاﺑﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة ﻧﻈﺮا ﻹرث اﻟﺒﻼد ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻳﻦ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻼﻓﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﲔ ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺪور اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ. ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ ﻳﺮوج ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ وﻳﻘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ. ﻛﻤﺎ ﺳﺎﻫﻤﺖ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﳌﻌﺎﺻﺮة ﻟﺒﻮرﻗﻴﺒﺔ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ إﺿﻌﺎف اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ وزادت ﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﳌﺮأة ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ووﺿﻊ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺛﻢ ﻻﺣﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﻤﻌﻲ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ .وﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﻴﺾ ،ﻳﻘﻮل اﳌﺮاﻗﺒﻮن إن اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﲔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻌﻮن ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﲔ اﻹﺳﻼم واﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ إﻗﺼﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﳌﻨﺎخ اﻟﻌﺎم. وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺗﻤﺘﻊ اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﺤﺮﻳﺔ أﻛﺒﺮ وﻛﺎﻧﻮا أﻛﺜﺮ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻣﻦ ﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ.
يف اأعقاب االنتخابات الرئا�سية ولتجنب حكم م�سابه ،منح الرئي�س مر�سي احل�سانة للجنة التاأ�سي�سية ولقراراته اخلا�سة وهو ما اأثار املوجة االأكرث خطورة من االحتجاجات منذ االنتخابات الرئا�سية يف يونيو (حزيران) 2012
ﻛﻤﺎ أن اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ أﻗﻮى ﺑﻜﺜﻴﺮ وأﻛﺜﺮ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ ،ﺗﺠﻠﻰ ﻧﻔﻮذﻫﺎ ﻓﻲ اﳌﻜﺎﺳﺐ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻮر اﻟﺬي ﻓﺎز ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ٢٨ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات وﺟﺎء ﻓﻲ اﳌﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ ﺣﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺒﺮﳌﺎﻧﻴﺔ .٢٠١١
وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻫﻨﺎك ﺑﺤﺚ ﻳﻔﻨﺪ أﺳﻄﻮرة أن اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻫﻮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﺨﻼف ﺑﲔ ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ .ﻓﻔﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻟﻴﺲ اﳌﺼﺮﻳﻮن أﻛﺜﺮ ﺗﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل، ذﻛﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺼﺮﻳﲔ أﻧﻬﻢ ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﻳﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ اﳌﺮاﺳﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ ) ٣٠ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١١ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ( .وﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺪﻳﻦ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﻔﺎرق اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﲔ ﺗﻮﻧﺲ وﻣﺼﺮ. إن اﳌﺆﺳﺴﺎت اﳌﺼﺮﻳﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ وﺗﺘﻌﺮض ﻟﻺﺿﻌﺎف اﻟﺪاﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮاﺳﺨﺔ .ﻛﻤﺎ ﺗﻠﻌﺐ اﳌﻮاﻗﻊ اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺒﻼد دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎ .ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻨﻲ اﻷﻗﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﺘﻮﻧﺲ أن اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ أﺳﺒﺎب أﻗﻞ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ. وﻟﻜﻦ ﻗﺮب ﻣﺼﺮ ﻣﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻷراﺿﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻫﺪة اﻟﺴﻼم ١٩٧٩ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ودور ﻣﺼﺮ ﻛﻮﺳﻴﻂ ﺑﲔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺣﻤﺎس ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث داﺧﻠﻬﺎ أﻣﺮا ﻣﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻓﺈن ﻣﺼﺮ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺘﺪﺧﻼت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺟﻴﺸﻬﺎ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﻮﻧﻪ إﺣﺪى رﻛﺎﺋﺰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻠﻄﻮي ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻟﻠﺠﻴﺶ اﳌﺼﺮي ﻗﻮة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻳﻘﺪم ﻣﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ ١٠إﻟﻰ ٣٠ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﳌﺤﻠﻲ اﻹﺟﻤﺎﻟﻲ ﳌﺼﺮ. وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﻛﺎن اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،اﻟﺬي ﻳﻌﺪ أﻗﻮى ﻣﻦ ﻧﻈﻴﺮه اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻳﻌﺮﻗﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن .ﻓﻔﻲ ﻇﻞ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل واﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ -اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺖ ﻓﻲ ﺣﻞ اﳌﺤﻜﻤﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﺒﺮﳌﺎﻧﲔ ﻣﻮاﻟﻴﲔ ﻟﻨﻈﺎم ﻣﺒﺎرك ﻓﻲ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت -اﺗﺨﺬت اﳌﺤﻜﻤﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ وﺿﻌﺎ ﻣﺮﻛﺰﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻮل وﻛﺎن
ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ ﺣﺎﺳﻤﺎ وﻣﺮﺑﻜﺎ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ،ﺣﻜﻤﺖ اﳌﺤﻜﻤﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ ﺑﺄن اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﺬي ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن واﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﳌﻨﺘﺨﺒﺔ ﻏﻴﺮ دﺳﺘﻮرﻳﲔ ﻷن اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻨﺎﻓﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﺮﺷﺤﲔ اﳌﺴﺘﻘﻠﲔ ،وﻫﻮ اﻟﻘﺮار اﻟﺬي أﺻﺎب اﻟﺒﻼد ﺑﺎﻟﺸﻠﻞ ودﻓﻊ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻻﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﻣﺘﺸﺪدة .وﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ وﻟﺘﺠﻨﺐ ﺣﻜﻢ ﻣﺸﺎﺑﻪ ،ﻣﻨﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺮﺳﻲ اﻟﺤﺼﺎﻧﺔ ﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ وﻟﻘﺮاراﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ .وﻫﻮ ﻣﺎ أﺛﺎر اﳌﻮﺟﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة ﻣﻦ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ﻣﻨﺬ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( .٢٠١٢ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻏﻴﺎب اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﳌﺸﻬﺪ اﻟﻔﻮﺿﻮي ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻨﺤﻮ ٦٠ﻋﺎﻣﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺢ ﻣﺒﺎرك ﺑﻌﺪ ﺗﺮدد اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﻋﺪة أﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻠﻌﻪ. وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻛﺎن اﻟﻌﻤﺎل ﻣﺎ زاﻟﻮا ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻤﲔ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺨﺬوا اﻟﻘﺮارات اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺸﺄن أﻃﺮ اﻟﻮﺣﺪة. وﻣﻦ ﺛﻢ ،أﺿﺎﻓﺖ اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ إﻟﻰ اﳌﺸﻬﺪ اﻟﻔﻮﺿﻮي وﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺟﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي. وﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮت اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪم ﻗﺪرة اﳌﺆﺳﺴﺎت ﻋﻠﻰ ﺗﻠﺒﻴﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﳌﻮاﻃﻨﲔ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ وﺟﻮد أﻃﺮاف ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺑﲔ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﲔ .وﻗﺪ أﺧﻔﻘﺖ اﳌﺆﺳﺴﺎت ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ إﻃﺎر ﻧﺎﺟﻊ ﻟﻠﺠﺪل .وﻣﻦ ﺛﻢ ،ﺗﺰﻳﺪ ﻗﻮة اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع واﻟﺸﻴﻮخ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ. وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﻔﻘﺪ ﺗﺤﺎﻟﻒ اﳌﻌﺎرﺿﺔ )ﺟﺒﻬﺔ اﻹﻧﻘﺎذ اﻟﻮﻃﻨﻲ( واﻗﻌﻴﺘﻪ .ﺣﻴﺚ ﻟﻴﺲ ﻟﺪى اﻷﻃﺮاف اﳌﺘﺼﺎرﻋﺔ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﻳﻌﺎﻟﺠﻮا اﻟﻮﺿﻊ اﳌﺘﺪﻫﻮر وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻗﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ أن اﳌﺼﺮﻳﲔ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻊ ﻋﻮدة ﻧﻈﺎم ﺳﻠﻄﻮي ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻴﺶ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻃﺮﺣﻪ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ. ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﳌﺆﺳﺴﺎت ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﻄﻴﺌﺔ وﻏﻴﺮ ﺣﺎﺳﻤﺔ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻘﺪم ﺻﻤﺎم أﻣﺎن ﺿﺪ اﻟﺘﺼﻌﻴﺪ اﻟﺨﻄﻴﺮ وﻟﻜﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﻏﻴﺮ ﻣﺆﻛﺪ أﻳﻀﺎ .ﻛﻤﺎ أن اﻟﺴﺨﻂ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﳌﺮﺟﺢ أن ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺪﻫﻮر اﻷوﺿﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وإﺧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ واﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻷﺧﺮى ﻟﻠﻔﻘﺮاء .ﻓﻘﺪ أﻋﺮب ﻧﺤﻮ ﻧﺼﻒ اﳌﺸﺎرﻛﲔ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ ﻋﻦ ﺳﺨﻄﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻴﻤﺎ أﺑﺪى ٢٨ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻨﻬﻢ رﺿﺎ ﻋﻨﻬﺎ .ورﺑﻤﺎ ﺗﻀﻌﻒ اﳌﺸﻜﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺸﺎﺋﻊ ﺗﺠﺎه اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﻟﻜﻦ دون ﺟﻴﺶ ﻗﻮي ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺒﻌﺪ أن ﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺳﻠﻄﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ. وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻟﺠﻨﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﻘﺪم إﻃﺎرا ﻟﻠﺘﻮازن واﻟﺘﺸﺮﻳﻊ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻘﺮار .ﻓﻔﻲ رد ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ اﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ اﻏﺘﻴﺎل ﺑﻠﻌﻴﺪ ،اﺗﺨﺬ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻗﺮارا ﺿﺪ إرادة ﺣﺰﺑﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ )اﻟﻨﻬﻀﺔ( ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮاط ﺗﺆﻳﺪﻫﺎ أﺣﺰاب اﳌﻌﺎرﺿﺔ واﻻﺗﺤﺎدات اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ. وﺗﻈﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ اﳌﺆﺳﺴﺎت ﻓﻲ ﺣﻞ اﻷزﻣﺎت .وإذا ﻣﺎ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻧﻈﺮة ﻓﺎﺣﺼﺔ ﻟﻠﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺪﻣﻘﺮﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺼﻮﻳﺮه ،ﻓﻬﻨﺎك ﻋﻘﺒﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﺧﺘﺰاﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺻﺮاع ﺑﲔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﲔ واﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﺑﺸﺄن إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ أو ﻏﻴﺮ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ. إن أﺳﺲ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺆﻳﺪﻫﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة واﻟﻘﻮى اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻫﻲ اﳌﺆﺳﺴﺎت ،ﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن ،اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻟﻘﻴﻮد ﻋﻠﻰ اﻷﻃﺮاف ﻏﻴﺮ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ إن ﻣﺎ ﻳﻔﺮق ﺑﲔ ﺗﻮﻧﺲ وﻣﺼﺮ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﳌﻌﺘﺪﻟﲔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﳌﺼﺮﻳﲔ اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﲔ وﻟﻜﻦ اﻟﺨﻼف ﻳﺘﻌﻠﻖ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﳌﺆﺳﺴﻴﺔ. ﻓﺎﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻄﻮرا ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،ﺣﻴﺚ إن اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻴﺶ واﻟﻘﻀﺎء أﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. واﻟﺨﻼﺻﺔ إذن ﻫﻲ ﺿﺮورة ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻘﺴﺎم اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ وإﻳﻼء اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم إﻟﻰ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﻌﺰﻳﺰ اﳌﺆﺳﺴﺎت .ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ أن ﺗﺆﻳﺪ اﳌﺆﺳﺴﺎت ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أﻃﺮاف اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وأن ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت وﻟﻴﺲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻟﻜﻲ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﻤﺎ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ
فورن أفيرز /ابريل -نيسان 56 - 2013 /
وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﳌﺘﺸﺎﺋﻤﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﻣﻨﻘﻮص ﻟﻠﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﻌﻘﺪة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺗﻮﻗﻌﺎت ﻏﻴﺮ واﻗﻌﻴﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺴﺮﻳﻊ واﻟﻨﺎﻋﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻣﺤﻠﻠﻮن ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻣﺎس ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وداﻧﻴﻴﻞ ﺑﺎﻳﺒﺲ وﻓﺮﻳﺪ زﻛﺮﻳﺎ أدﻟﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﳌﻌﻀﻼت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮك اﻷﺣﺪاث ﻋﻠﻰ اﻷرض. ﻓﺤﺘﻰ اﳌﻨﺎﻗﺸﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻌﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﻮة وﻧﻮاﻳﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ .وﺗﻌﻄﻲ اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺎت اﻟﺸﺮﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع واﻟﺒﺮﳌﺎن وﺻﻨﺪوق اﻻﻗﺘﺮاع اﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﺑﺄن ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﺤﻮل ﺳﻮف ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻮة اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﻺﺳﻼﻣﻴﲔ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﲔ .وﻟﻜﻦ ﺑﺤﺜﻨﺎ اﻷﺧﻴﺮ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ. ﻓﻘﺪ أﻇﻬﺮت اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت آراء ١٢٠١ﺗﻮﻧﺴﻲ و ٤٠٨٠ﻣﺼﺮﻳﺎ ﺗﻢ إﺟﺮاؤﻫﺎ ﻓﻲ أﻛﺘﻮﺑﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷول( -ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ( ،أي ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ﻣﻦ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة ،أن اﳌﺆﺳﺴﺎت ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ دﻣﻘﺮﻃﺔ ﻛﻼ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ .وﻣﻦ ﺛﻢ ،ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ،ﻳﺤﺘﺎج اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ ﻷن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ ﺗﺼﻮرات دﻗﻴﻘﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﳌﺆﺳﺴﺎت واﻹﺻﻼﺣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪان ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ. وﻳﻈﻬﺮ ﺑﺤﺜﻨﺎ أن اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺗﻮﺟﻬﺎت ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ﺗﺠﺎه دور اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ .ﺣﻴﺚ ﺗﺆﻣﻦ أﻗﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ٢٦ -ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ و ٢٨ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ -أن اﻹﺳﻼم ﻳﺠﺐ أن ﻳﻠﻌﺐ دورا أﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﺳﻮى ٢٧ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻤﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ٢٠١١ ﻓﻲ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺑﲔ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .وﺑﺎﳌﺜﻞ ،ﻓﺈن ﻧﺤﻮ ١٦ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻤﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻲ و ٢٢ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻤﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻮر اﻟﺴﻠﻔﻲ ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ٢٠١٢ - ٢٠١١ﻓﻘﻂ ﻳﺮون أن اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﺪﻳﻨﻴﲔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺆﺛﺮوا ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ. وﻳﺮﻏﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ واﳌﺼﺮﻳﲔ ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺌﻠﻮا ﻋﻦ اﻟﺨﺎﺻﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،أﻋﻄﻰ ﻧﺤﻮ ٦٩ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺮﻳﲔ وﻧﺤﻮ ٣٢ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ ﺗﺰوﻳﺪ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أو ﺗﻀﻴﻴﻖ اﻟﻔﺠﻮة ﺑﲔ اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻔﻘﺮاء ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻬﻢ .وﻳﺮﺑﻂ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﲔ واﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﺑﲔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻻزدﻫﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻓﻔﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻳﺆﻣﻦ ﻧﺤﻮ ٦٩ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي ﺣﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ وﻧﺤﻮ ٦٧ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي اﻷﺣﺰاب اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﺄن اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ .وﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ، ﻳﺆﻣﻦ ﻧﺤﻮ ٢٩ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ و ٣٢ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﻲء ذاﺗﻪ. وﻗﺪ ﺣﻈﻴﺖ اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﻣﻌﻘﻮل ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻷن ﻫﻨﺎك ﺗﻌﺎﻃﻔﺎ آﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﺳﻌﺎ ﺑﲔ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻣﻌﻬﺎ وﻟﻜﻦ ﻧﻈﺮا ﻟﻜﻔﺎءة اﻟﺤﻤﻼت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﺗﻬﺎ اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ ﺧﻼل اﻟﺤﻤﻼت ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻮارد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى .ﻓﻔﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ،ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻋﺪد أﻋﻀﺎﺋﻬﻢ أرﺑﻊ ﻣﺮات ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻓﻘﻂ ﻋﺪد اﳌﺘﻄﻮﻋﲔ ﻓﻲ ﺣﻤﻼت اﻷﺣﺰاب ﻏﻴﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ووﻓﻘﺎ ﻟﻼﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺤﻮار اﳌﺼﺮي اﻟﺪﻧﻤﺎرﻛﻲ وﻣﺮﻛﺰ اﻷﻫﺮام ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ،ازدادت ﺣﺼﺔ اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺑﻤﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ ٤٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ إﻟﻰ ٧٠ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﺧﻼل ﺣﻤﻠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ )أﻳﻠﻮل( إﻟﻰ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ( .٢٠١١ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻧﺤﻮ ١٩ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺮﻳﲔ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻄﻠﻌﻨﺎ آراءﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﻮاد اﻟﺤﻤﻼت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﺤﻮ ٦ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻮاد ﻣﻦ ﺣﺰب اﻟﻨﻮر واﻟﺬي ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺜﺎﻧﻲ أﻛﺒﺮ اﳌﻮارد اﳌﺎﻟﻴﺔ. وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻓﺈن ﻣﻦ اﺳﺘﻄﻠﻌﻨﺎ آراءﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻳﻦ ﻳﻘﻒ اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻞ ﻳﻘﻴﻨﺎ ﺑﺸﺄن ﺑﺮاﻣﺞ اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى. ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻧﺤﻮ ٨٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺮﻳﲔ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﻮﻗﻒ ﺣﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﺪﻳﻦ ،وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻧﺤﻮ ٦١ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ أن ﻳﺤﺪدوا ﻣﻼﻣﺢ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي
ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﺤﻮ ٢٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ إﻟﻰ ٥٩ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﻮﻗﻒ اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﺤﻮرﻳﺔ .وﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،ﻛﺎن ﻧﺤﻮ ٨٣ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن ﻧﺤﻮ ٦٠ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٤٦إﻟﻰ ٦٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻳﺘﺬﻛﺮون ﻣﻮاﻗﻒ اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ،ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﳌﺮاﻗﺒﲔ إن ﺗﻠﻚ اﻷﺣﺰاب ﺳﻮف ﺗﺨﺴﺮ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ إذا ﻣﺎ ﺧﻀﻌﺖ ﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﺤﻜﻢ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،أﻇﻬﺮت دراﺳﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ أن ﻧﺤﻮ ٤٧ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ وﻧﺤﻮ ٣٨ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺮﻳﲔ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن ﺑﻼدﻫﻢ أﺻﺒﺤﺖ أﺳﻮأ ﺣﺎﻻ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرة ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻳﺨﺴﺮون ﺷﻌﺒﻴﺘﻬﻢ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻘﺘﺮب ﺣﺘﻰ اﻵن أي ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﺗﺤﺪي ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ .ﺑﻞ رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺪ اﻛﺘﺴﺒﺖ اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﺳﺘﻴﻼﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ. ﻓﻘﺪ وﺟﺪ اﻻﺳﺘﻄﻼع اﻟﺬي أﺟﺮﻳﻨﺎه ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ أن ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ أﺻﺒﺢ ﻳﺴﺘﺤﻮذ اﻵن ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ٤٦ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻰ ٣٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت أﻛﺘﻮﺑﺮ .٢٠١١وﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻳﺆﻳﺪ ﻧﺤﻮ ٤٣ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات ﺣﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﺪد اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻳﺪﻫﻢ ﻳﺒﻠﻎ ٣٨ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﺧﻼل اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت .٢٠١١ﻛﻤﺎ ﺗﺰاﻳﺪت أﻳﻀﺎ اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻳﺪ ﺣﺰب اﻟﻨﻮر ﻣﻨﺬ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت .٢٠١١
على الرغم من �سعبية الإ�سالميني يقول بع�ض املراقبني اإن تلك الأحزاب �سوف تخ�سر التاأييد اإذا ما خ�سعت لختبار احلكم وبالفعل اأظهرت درا�سة حديثة اأن نحو 47يف املائة من التوان�سة ونحو 38يف املائة من امل�سريني ي�سعرون باأن بالدهم اأ�سبحت اأ�سواأ حال مما كانت قبل الثورة
وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻴﺎق ،أﻇﻬﺮت اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺪرة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ .ﻓﻤﻦ ﺑﲔ اﳌﻘﺘﺮﻋﲔ، ﺻﻮت ﻧﺤﻮ ٨٦ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ و ٨٤ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﻳﺪوا ﺣﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷﺧﻴﺮة ﻟﻬﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى .ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﻆ اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى ﺑﺘﻠﻚ اﳌﻴﺰة .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﺣﺎﻓﻆ ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ اﳌﺼﺮي ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ٦٠ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺪﺗﻪ ﻣﻦ اﳌﺼﻮﺗﲔ ﻟﻪ .ﻛﻤﺎ ًﺗﻤﻜﻨﺖ اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أن ﺗﺠﺬب أﺻﻮاﺗﺎ ﻣﻦ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺸﺪدا ،ﺣﻴﺚ إن ٢٣ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻮر ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ٢٠١١ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻗﺎﻟﻮا إﻧﻬﻢ ﺳﻮف ﻳﺼﻮﺗﻮن ﻟﺤﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ إذا ﻣﺎ ﻋﻘﺪت اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﳌﺼﻮﺗﲔ ﻟﺤﺰب اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻐﻴﺮوا ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻬﻢ وﻳﺼﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻮر. وﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،ﻫﻨﺎك ٢٩ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻤﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب اﻟﺘﻜﺘﻞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ و ٣٣ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻤﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﻟﺤﺰب »اﳌﺆﺗﻤﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ« ﺳﻮف ﻳﺼﻮﺗﻮن ﻟﻬﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻓﺈن اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ واﺟﻬﺖ وﻗﺘﺎ ﺻﻌﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ أﺧﺬا ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﻀﻄﺮﺑﺔ ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ .وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻫﻨﺎك ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﳌﺼﻮﺗﲔ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻤﻮا ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ ٦٠ :ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ و ٣٩ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺮﻳﲔ .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﻛﻼ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻣﺎ زال ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن أداء ﺗﻮﻧﺲ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻻت ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺣﻴﺚ إن ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻋﻨﻔﺎ أﻗﻞ وﻣﻈﺎﻫﺮات أﻗﻞ واﺳﺘﻘﺮارا ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ أﻛﺒﺮ .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺟﺰﺋﻴﺎ إﻟﻰ أن اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت أﺳﻬﻞ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﺗﺘﻜﻮن ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ١١ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻧﺤﻮ ٩٨ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎن اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻨﻮﻋﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .وﻟﻜﻦ ﻧﺠﺎح ﺗﻮﻧﺲ ﻳﺮﺟﻊ أﺳﺎﺳﺎ إﻟﻰ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮﻳﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻄﺮح
فورن أفيرز /ابريل -نيسان 55 - 2013 /
صحافة عالمية
ﺑﻨﺎء دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ..اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن ﻟﻴﺴﻮا اﻟﻌﻘﺒﺔ
ﺷﺘﺎء إﺳﻼﻣﻲ
ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺪأ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ«
ﻛﺘﺎب اﳌﻘﺎل: ﻟﻨﺪﺳﺎي ﺑﻨﺴﺘﻴﺪ :أﺳﺘﺎذ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ ﻣﺎرك أوﻫﺎﺗﻔﻴﻠﺪ ﻟﻠﺤﻮﻛﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻻﻳﺔ ﺑﻮرﺗﻼﻧﺪ. إﻟﲔ ﻻﺳﺖ :أﺳﺘﺎذ ﺑﻘﺴﻢ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ وﻫﻲ ﺣﺎﻟﻴﺎ زﻣﻴﻞ ﺑﻤﻌﻬﺪ ﺳﺘﺮاوس ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك. ﻇﺎﻓﺮ ﻣﺎﻟﻮش :أﺳﺘﺎذ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻺﺣﺼﺎء وﺗﺤﻠﻴﻞ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت. ﺟﻤﺎل ﺳﻠﻄﺎن :أﺳﺘﺎذ ﺑﻘﺴﻢ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة. ﺟﻴﻜﻮب وﻳﺸﻤﺎن :ﻣﺆﺳﺲ ﺷﺮﻛﺔ »ﺟﻲ إم داﺑﻠﻴﻮ« ﻟﻼﺳﺘﺸﺎرات.
ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺎﻣﲔ ﻋﻠﻰ اﺟﺘﻴﺎح »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﻟﺘﻮﻧﺲ وﻣﺼﺮ ،ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط إﺛﺮ ﺗﺒﺎﻃﺆ إﻳﻘﺎع اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ وﻋﺪم ﺗﺤﻘﻖ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻬﻢ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ وزﻳﺎدة اﻷﺟﻮر، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن اﳌﻤﺎرﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ،ﻓﺄﺧﻴﺮا ،اﻧﺪﻟﻌﺖ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ،ﻛﻤﺎ أﺛﺎر اﻏﺘﻴﺎل ﺷﻜﺮي ﺑﻠﻌﻴﺪ ،اﻟﻘﻴﺎدي اﳌﺮﻣﻮق ﺑﺎﳌﻌﺎرﺿﺔ ،اﳌﻄﺎﻟﺐ ﺑﺤﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﻳﺘﺰاﻳﺪ ﺗﺸﺎؤم اﳌﺮاﻗﺒﲔ اﻟﺪوﻟﻴﲔ ﺑﺸﺄن آﻓﺎق اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻗﺎﺋﻠﲔ إن اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ ﺷﺘﺎء إﺳﻼﻣﻲ. فورن أفيرز /ابريل -نيسان 54 - 2013 /
رﺋﻴﺴﻴﺎ ﻟﻠﺪﺧﻞ ﻣﻨﺬ اﻧﺪﻻع اﻟﺜﻮرة ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﺳﺎﻓﺮ ﻓﻲ اﳌﻮﺳﻢ اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺑﺎﻟﻌﺪد اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻟﻠﺴﻴﺎح اﻷوروﺑﻴﲔ ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ أو ﻓﻲ ﺳﻮﺳﺔ .وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﺗﺘﺰاﻳﺪ اﻟﻔﺠﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﲔ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ واﳌﺪن اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻻﻧﻘﺴﺎم اﻟﺬي ﺗﺴﺘﻐﻠﻪ ﺟﻤﺎﻋﺔ أﻧﺼﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،وﻫﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ وراء اﻟﻬﺠﻤﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﺎرة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺧﻼل ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ )أﻳﻠﻮل( اﳌﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﺮاﻣﺠﻬﺎ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻓﻘﺎ ﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ أﻣﻴﺮﻛﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻣﻌﻪ ،أن اﳌﻨﺎخ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻴﺲ ﻣﺮﺣﺒﺎ .ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻘﻮاﻧﲔ اﻟﺤﻤﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺿﺪ اﻻﻣﺘﻴﺎزات اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ،ﺗﺤﺠﻢ ﻋﻦ دﺧﻮل اﻟﺴﻮق اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ آﻓﺎق ﺗﻮاﻓﺮ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ .ورﺑﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻗﺮض اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻔﺎوض ﺑﺸﺄﻧﻪ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺑﻌﺾ اﻵﺛﺎر وﻣﺴﺎﻋﺪة ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ ﺑﺪاﻳﺔ اﻹﺻﻼح اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺮض ﺗﻢ ﺗﺄﺟﻴﻠﻪ ،ﻛﻤﺎ أﻋﻠﻦ ﻓﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ )ﺷﺒﺎط( »ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻀﺢ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﺳﻮف ﻧﺮى ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻷﻣﺜﻞ«. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن داﺋﻤﺎ اﻻﻓﺘﻘﺎر ﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻗﺘﺼﺎدي أﺳﺎﺳﻲ ﻳﻌﺮﻗﻞ اﻟﺘﻘﺪم .وﻳﺒﺪو أن ﻟﺠﻨﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ اﳌﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ إﻧﺸﺎء دﺳﺘﻮر ﺟﺪﻳﺪ وﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ ،اﻟﺤﺰب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮد اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻳﺘﻠﻜﺂن .ﻓﻠﻌﺪة أﺷﻬﺮ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﻨﺎﻗﺶ إﺻﻼﺣﺎت ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ ﻃﺎل اﻧﺘﻈﺎرﻫﺎ ،ﻣﺜﻞ إﺻﻼح اﻟﻘﻮاﻧﲔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎر واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺼﺪر أي ﺗﺸﺮﻳﻊ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن .ورﺑﻤﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺑﺎﻗﺔ إﺻﻼﺣﺎت ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﻟﻲ ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻷوﺿﺎع ﺳﻮف ﺗﺘﺤﺴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ إذا ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ١٨ﺷﻬﺮا ﻟﻜﻲ ﺗﺒﺪأ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ. وﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻫﻮ ﻋﺪد ﺧﺮﻳﺠﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺬي ﻳﻔﻮق ﻋﺪد اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﳌﺘﺎﺣﺔ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻣﻊ ﻣﺴﺆول ﺳﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﻧﻈﺎم ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ،أوﺿﺢ أن اﳌﺸﻜﻠﺔ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت .ﻓﻜﻞ ﻋﺎم ،ﻳﺘﺨﺮج ﻧﺤﻮ ٧٠أﻟﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮا ﻋﻠﻰ ٣٠أﻟﻒ وﻇﻴﻔﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ. وﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،ﻳﺘﺰاﻳﺪ اﻹﺣﺒﺎط ﺑﲔ اﳌﺘﻌﻠﻤﲔ اﻟﻌﺎﻃﻠﲔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻓﻲ دﻳﺴﻤﺒﺮ )ﻛﺎﻧﻮن اﻷول( .٢٠١٠وﻫﻮ اﻹﺣﺒﺎط اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻒ ﻓﻲ ﻇﻞ اﺳﺘﻤﺮار اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺑﲔ ﺧﺮﻳﺠﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﻟﺬي ﺗﺠﺎوز ،وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﻬﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻺﺣﺼﺎء ﻧﺴﺒﺔ ٣٣ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﻮﺿﻊ اﻷﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ .ﻓﻘﺪ وﺻﻠﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﻌﺪ اﻏﺘﻴﺎل ﺑﻠﻌﻴﺪ – أول ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻏﺘﻴﺎل ﻟﺸﺨﺺ رﻓﻴﻊ اﳌﺴﺘﻮى ﻓﻲ اﻟﺒﻼد -وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن ﻣﻨﺎخ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻣﺎ زال ﺳﺎﺋﺪا .ﻓﻌﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ،ﺟﺴﺪت ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻏﺘﻴﺎل ﺗﻠﻚ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮن ﻣﻨﺬ اﻟﺜﻮرة .وﺗﺮﺟﻊ اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺪ أﺧﻔﻘﺖ ﻓﻲ إﺻﻼح أﺟﻬﺰﺗﻬﺎ اﻷﻣﻨﻴﺔ .ﻓﻮزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ اﻟﺸﺮﻃﺔ واﻟﺤﺮس اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺼﺎﺋﻞ :أﺣﺪﻫﺎ ﻣﻮاﻟﻴﺔ ﻟﱭ ﻋﻠﻲ ،واﻷﺧﺮى ﻣﻮاﻟﻴﺔ ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ ،واﻷﺧﻴﺮة ﻻ ﺗﺘﺒﻊ أﺣﺪا .ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻛﺖ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﳌﺘﻀﺎرﺑﺔ اﻟﻮزارة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻮﺿﻰ ،وأﺧﻔﻘﺖ ﻓﻲ ﻓﺮض اﻷﻣﻦ ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ. ﻓﻘﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ رﺿﻮان ﻣﺎﺳﻤﻮدي ،رﺋﻴﺲ ﻣﺮﻛﺰ دراﺳﺔ اﻹﺳﻼم واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،أن اﻟﻮزارة ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر اﺣﺘﺮام ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن .ﻓﻴﻘﻮل» :إن اﻷﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﺸﺮط اﻷول ﻹﺣﺮاز ﺗﻘﺪم اﻗﺘﺼﺎدي وﺳﻴﺎﺳﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ وﻣﺴﺘﻤﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ٤٠٠أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻗﻄﺎع اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ«. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻟﺘﺤﺴﲔ اﻷوﺿﺎع اﻷﻣﻨﻴﺔ ،اﺗﻬﻤﺖ أﻳﻀﺎ وزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻬﺪاف اﳌﺪﻧﻴﲔ اﻷﺑﺮﻳﺎء .ﻓﻘﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮن ﻣﻦ ﻳﺴﺎر اﻟﻮﺳﻂ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺪﻟﻊ اﳌﻈﺎﻫﺮات اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺗﺤﻤﻲ اﻟﺸﺮﻃﺔ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺮج اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﻮن أو اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﻮن ﻟﻠﺘﻈﺎﻫﺮ ﺗﻬﺎﺟﻤﻬﻢ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﻘﻨﺎﺑﻞ اﻟﻐﺎز .وﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ،اﺷﺘﻜﻰ أﻋﻀﺎء أﻧﺼﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ أن اﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺑﻮزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻳﻘﺘﺤﻤﻮن اﳌﻨﺎزل واﳌﺴﺎﺟﺪ وﻳﺪﻣﺮون اﳌﻤﺘﻠﻜﺎت وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻋﺘﻘﺎﻻت ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ. وﻟﻢ ﻳﻘﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﳌﻌﺎﻟﺠﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﻧﺸﻐﺎﻟﻬﻢ ﺑﺈﺻﺪار اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻔﺘﺮض أﺳﺎﺳﺎ أن ﻳﺘﻢ اﻻﻧﺘﻬﺎء
ﻣﻨﻪ ﻓﻲ أﻛﺘﻮﺑﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷول( .٢٠١٢وﻳﺠﺐ أن ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﻌﺪ ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺘﺒﺪأ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ﺳﻮف ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﻄﺮوﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﻼت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ،وﻓﻘﺎ ﻹﺣﺪى ﻛﺒﺎر اﻟﻘﺎدة ﺑﺤﺰب اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ اﻷﺳﺎﺳﻲ »ﻧﺪاء ﺗﻮﻧﺲ« اﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﻣﺴﺆوﻟﲔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ .رﻏﻢ أن اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻓﺮض اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻛﺈﺣﺪى اﻟﻨﻘﺎط ﻓﻲ اﻟﺤﻤﻼت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﺗﺒﺪو أﻣﺮا ﺻﻌﺒﺎ ﻧﻈﺮا ﻷن اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺣﻀﺮﻳﺔ وﻧﺨﺒﻮﻳﺔ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻻﺳﺘﺮﺷﺎد ﺑﺎﳌﻨﺎخ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﺳﻮف ﺗﺘﺤﻮل ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻤﻼت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﻤﻼت ﻟﺘﺸﻮﻳﻪ اﻵﺧﺮ .ﺣﻴﺚ إن ﺣﺰﺑﻲ »ﻧﺪاء ﺗﻮﻧﺲ« و»اﻟﻨﻬﻀﺔ« ،وﻫﻤﺎ أﻛﺒﺮ ﺣﺰﺑﲔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﺎن ﻟﻐﺔ ﺣﺎدة ﻓﻲ ﺗﺸﻮﻳﻪ اﻵﺧﺮ ﺣﻴﺚ ﻳﻄﻠﻖ »ﻧﺪاء ﺗﻮﻧﺲ« ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ »اﻟﻔﺌﺮان« ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻌﺖ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﺧﺼﻮﻣﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﲔ ﺑـ»اﻟﺜﻌﺎﺑﲔ« .وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﳌﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺮﺑﺢ ﺑﻬﺎ أﺣﺪ ،ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻛﻞ ﻃﺮف أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ .ﻓﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻧﺎﺷﻂ ﻟﻴﺒﺮاﻟﻲ ﻻ ﻳﺘﺒﻊ أي ﺣﺰب ﺳﻴﺎﺳﻲ ،ﻟﻦ ﻳﺤﺪث اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺒﻞ ﻛﻞ ﻓﺼﻴﻞ أن اﻵﺧﺮ ﻟﻦ ﻳﺨﺘﻔﻲ؛ »ﻓﺎﻟﺤﻮار واﻻﺣﺘﺮام ﻫﻤﺎ اﳌﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة«. وﻓﻴﻤﺎ ﺗﻔﺮز ﺗﻮﻧﺲ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ،ﻳﺠﺎﻫﺪ »اﻟﻨﻬﻀﺔ« أﻳﻀﺎ ﻻﻛﺘﺸﺎف ﻧﻮع اﻟﺤﺰب اﻟﺬي ﺳﻮف ﻳﺼﺒﺢ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﻔﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ )ﺷﺒﺎط( اﳌﺎﺿﻲ ،وﻓﻲ ﺧﻄﻮة ﺗﻌﻜﺲ اﻻﻧﻘﺴﺎم ﺑﲔ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ،ﺣﻤﺎدي اﻟﺠﺒﺎﻟﻲ ،وﺑﺎﻗﻲ أﻋﻀﺎء ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ، اﺳﺘﻘﺎل اﻟﺠﺒﺎﻟﻲ ﺑﻌﺪﻣﺎ رﻓﺾ اﻟﺤﺰب ﻣﺤﺎوﻟﺘﻪ ﻹﻧﺸﺎء ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﻜﻨﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﺤﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .وﻗﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺻﻬﺮ اﻟﺠﺒﺎﻟﻲ ،ﻣﺤﻤﻮد ﻛﻤﻮن ،أن ﻋﻠﻰ ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ أن ﻳﺘﺒﻊ ﺧﻄﻰ ﺣﺰب اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،أي أن ﻳﺤﺘﻔﻲ ﺑﺎﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻊ اﺣﺘﺮام ﻣﺒﺎدئ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ .ﻷن أي اﻧﺤﺮاف إﻟﻰ اﻟﻴﻤﲔ ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻛﺎرﺛﻴﺎ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﻷﻧﻪ ﺳﻮف ﻳﺴﻔﺮ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﺤﺪ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ وﺣﻘﻮق اﳌﺮأة واﻷﻗﻠﻴﺎت .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺜﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﳌﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻴﻤﲔ ﻣﺨﺎوف اﻟﻴﺴﺎر اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ،ﻟﺤﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ أﻳﻀﺎ ﻣﺨﺎوﻓﻪ اﳌﺸﺮوﻋﺔ. ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻈﺮ اﻟﺤﺰب اﻟﺬي ﺗﻌﺮض ﻟﻠﻘﻤﻊ ﺧﻼل ﻋﺼﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ إﻟﻰ ﺣﺰب ﻧﺪاء ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﺤﺰب اﻟﺬي ﻳﺤﺎول إﺣﻴﺎء اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪﻳﻢ وﻗﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻣﺮة أﺧﺮى .وﻟﺪى ﻛﻼ اﻟﺤﺰﺑﲔ ﻣﺨﺎوﻓﻬﻤﺎ اﳌﺸﺮوﻋﺔ ،وﺗﻤﺜﻞ اﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ وﺟﻮب إﻧﻬﺎء اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﺻﺪار اﻟﺪﺳﺘﻮر وإﺟﺮاء اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﻋﺪﻫﺎ .وﻣﺎ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﲔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ واﻟﻨﺸﻄﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﻃﻴﺎف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺨﻮف ﺑﺸﺄن ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﻼد إذا ﻟﻢ ﺗﺘﻔﻖ اﻷﺣﺰاب ﻋﻠﻰ اﻟﺪﺳﺘﻮر. ﻓﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﻤﻮدي وﻛﻤﻮن ﻣﺤﺬرﻳﻦ ،إذا ﻣﺎ أﺧﻔﻖ اﳌﺸﺮوع اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ، ﻓﺈن اﻟﺤﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﳌﺘﺒﻘﻲ أﻣﺎم اﻟﻨﺎس ﺳﻴﺼﺒﺢ ﻫﻮ اﻟﻌﻮدة ﳌﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺧﻴﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ. أي أن اﻹﺧﻔﺎق اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻮﻓﺮ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت اﳌﺘﺸﺪدة ﻣﺜﻞ أﻧﺼﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺧﺎرج اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ.
املناخ اال�ستثماري يف تون�س لي�س مرحبا فقد جعلت القوانني احلمائية للدولة �سد االمتيازات ال�سركات االأجنبية مبا يف ذلك ال�سركات االأمريكية حتجم عن دخول ال�سوق التون�سية وهو ما يقلل من اآفاق توافر فر�س العمل
وﺧﻼل اﻟﻌﺎﻣﲔ اﳌﺎﺿﻴﲔ ،ﺗﻨﺎﻣﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ أﻧﺼﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻴﻪ إﻟﻰ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ،ﺑﺨﻼف رﺟﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ، ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻐﺬاء واﻟﻄﺐ واﻷﻣﻦ .ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻻﺳﺘﻄﻼع أﺟﺮاه »ﻣﺮﻛﺰ ﺑﻴﻮ ﻟﻠﺪراﺳﺎت« ﺧﻼل اﻟﺼﻴﻒ اﳌﺎﺿﻲ ،ﻳﺮﻳﺪ ﻧﺤﻮ ٢٣ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻧﺴﺔ أن ﺗﻠﺘﺰم اﻟﻘﻮاﻧﲔ ﻓﻲ ﺑﻼدﻫﻢ ﺑﺎﻟﻘﺮآن وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺨﻮف ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﲔ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺴﻜﺎن أن ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ .وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺗﻮﻧﺲ إﻟﻰ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻮل وﺗﺒﺪأ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت أﺧﺮى وﺗﺤﺎول أن ﺗﺤﻞ أزﻣﺘﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .وإﻻ؛ ﻓﺈن اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺨﻮف اﻟﻌﺎم ﻣﻦ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺠﺪﻳﺪة
فورن أفيرز /ابريل -نيسان 53 - 2013 /
صحافة عالمية
اﻟﺮﻛﻮد واﻷزﻣﺎت ﻳﺤﻴﻄﺎن ﺑﻤﻬﺪ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ«
ﺗﻮﻧﺲ ..أﺣﺰان ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة
اﻟﺘﺴﻮل اﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﳌﺸﺎﻫﺪ اﻻﻋﺘﻴﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣﲔ ﻣﻦ اﻟﺜﻮرة ..وﻳﻌﻴﺶ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﻴﻮن وﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘﺮ ّ ﺗﻬﺪد أﻣﻦ واﺳﺘﻘﺮار اﳌﺠﺘﻤﻊ
ﺑﻘﻠﻢ :آرون زﻳﻠﲔ *
ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ،ﻟﻴﺴﺖ اﻷوﺿﺎع ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺳﻴﺌﺔ ﻛﻤﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﻳﺒﺪو أن ﻫﺬه ﻫﻲ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻬﺪا ﻟﻠﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﲔ .أﻣﺎ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﺴﻴﺌﺔ ﻓﻬﻲ أن اﻟﺘﻄﻮرات ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺟﺎءت أﻗﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﻄﻴﺒﺔ ﻟﻠﺘﻮﻧﺴﻴﲔ واﳌﺮاﻗﺒﲔ ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ )ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ( ٢٠١١ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺟﺒﺮ اﳌﺤﺘﺠﻮن اﻟﺮﺋﻴﺲ زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺤﻲ .وﺑﺨﻼف ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة، ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻔﺮﺻﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺘﺤﻮل إﻟﻰ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺗﻮاﻓﻘﻴﺔ ،رﻏﻢ أن اﻟﻌﻮاﺋﻖ ﺳﻮاء اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻨﻬﺎ أم .اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺗﺠﻌﻞ ﺗﻠﻚ اﳌﻬﻤﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ * زﻣﻴﻞ رﻳﺘﺸﺎرد ﺑﻮرو ﺑﻤﻌﻬﺪ واﺷﻨﻄﻦ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮق اﻷدﻧﻰ
ووﻓﻘﺎ ﳌﺎ اﻛﺘﺸﻔﺘﻪ ﺧﻼل رﺣﻠﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻗﻠﻘﻮن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺣﻮل اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﻼد اﳌﺘﺒﺎﻃﺊ وﺗﻔﺎﻗﻢ اﻷوﺿﺎع اﻷﻣﻨﻴﺔ واﻷزﻣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻴﺔ. ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺑﻬﺎ اﻟﺜﻮرة ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻋﺪم ﺗﻮاﻓﺮ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻣﺎ زال اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻮن ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﺴﺘﻮﻳﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺘﺤﺴﲔ اﻷوﺿﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .واﻵن ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻣﺨﺎوﻓﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﺸﺄن ﺳﻼﻣﺘﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، وﻗﺪ ﺳﺎﻫﻢ اﻏﺘﻴﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ اﻟﻴﺴﺎري ﺷﻜﺮي ﺑﻠﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﳌﺨﺎوف وﻓﺎﻗﻢ إﺣﺒﺎﻃﻬﻢ ﺗﺠﺎه اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻌﻨﻴﻒ ﺑﺎﻟﺒﻼد .وﻗﺪ أﺛﺎر اﻻﻓﺘﻘﺎر
ﻟﻠﺘﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺒﻬﺎت ﻣﺨﺎوف اﳌﺮاﻗﺒﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ آﻣﺎل واﺳﻌﺔ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﻧﺲ ،اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة واﳌﺘﻌﻠﻤﺔ واﳌﺘﻨﺎﻏﻤﺔ دﻳﻨﻴﺎ وﻋﺮﻗﻴﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﳌﺸﻜﻼت ﻣﻊ اﻟﺘﺤﻮل ،ﻓﺈن ﻛﺎﻓﺔ دول اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷﺧﺮى ﻣﺤﻜﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ. وﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﺧﻔﻀﺖ ﻛﻞ ﻣﻦ »ﻣﻮدﻳﺰ« و»ﺳﺘﺎﻧﺪارد آﻧﺪ ﺑﻮرز« ﻣﻦ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﻤﺎ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻷﺧﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺢ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺳﻨﺪات اﻟﺒﻼد رﺳﻤﻴﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻳﺮﺛﻰ ﻟﻬﺎ .وﻟﻢ ﺗﺘﻌﺎف اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺼﺪرا
فورن أفيرز /ابريل -نيسان52 - 2013 /
اﻟﺮﻛﻮد واﻷزﻣﺎت ﻳﺤﻴﻄﺎن ﺑﻤﻬﺪ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ«
ﺗﻮﻧﺲ ..أﺣﺰان ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة ﺑﻘﻠﻢ :آرون زﻳﻠﲔ
ﺑﻨﺎء دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ..اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن ﻟﻴﺴﻮا اﻟﻌﻘﺒﺔ
ﺷﺘﺎء إﺳﻼﻣﻲ
ﻛﺘﺎب اﳌﻘﺎل :ﻟﻨﺪﺳﺎي ﺑﻨﺴﺘﻴﺪ ـ إﻟﲔ ﻻﺳﺖ ـ ﻇﺎﻓﺮ ﻣﺎﻟﻮش ـ ﺟﻤﺎل ﺳﻠﻄﺎن ـ ﺟﻴﻜﻮب وﻳﺸﻤﺎن
ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮأة اﻟﺴﻮرﻳﺔ أن ﺗﻐﺬي اﳌﻘﺎوﻣﺔ؟
وﻫﺞ اﻟﺜﻮرة
ﺑﻘﻠﻢ :ﻓﻮﺗﻴﲏ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎ فورن أفيرز /ابريل -نيسان 51 - 2013 /
ﺗﺮﺧﻴﺺ أو ﻻ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﺧﻼل أرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ
ﺗﻮﻧﺲ :ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ ﺛﻤﺮة اﺗﻔﺎق ﺿﻤﲏ ﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ و»اﻻﲡﺎه اﻹﺳﻼﻣﻲ« ﻣﺎ زال ﺣﺼﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﺑﺎﻧﺸﺎء ﺣﺰب او ﺗﺠﻤﻊ ﻳﺜﻴﺮ ﺟﺪﻻ ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ .وآﺧﺮ ﺗﻄﻮر ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺼﻌﻴﺪ ﺗﺴﻠﻢ اﺣﺪ اﳌﺴﺆوﻟﲔ ﻓﻲ وزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻠﻒ ﺣﺰب ﺟﺪﻳﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ اﺳﻢ ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ .وﻣﻦ اﳌﺘﻮﻗﻊ ان ﺗﺒﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﻠﻒ ﺧﻼل ٤أﺷﻬﺮ .واذا ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ اﻋﺘﺒﺮ اﻟﺤﺰب ﻗﺎﺋﻤﺎ وﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ. وﺗﺸﻴﺮ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﻰ ان ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻧﺴﺨﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺘﻄﻮرة ﻋﻦ ﺣﺮﻛﺔ »اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ« اﻟﺘﻲ اﻧﺸﺌﺖ رﺳﻤﻴﺎ ﻋﺎم ١٩٨١وﻃﻠﺒﺖ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ دون ان ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻋﺮﻓﺖ اﺿﻄﻬﺎدا ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻗﻴﺎدﻳﻴﻬﺎ ﻋﺎﻣﻲ ١٩٨١و.١٩٨٧ واﻟﺴﺆال اﳌﻄﺮوح ﻫﻮ :ﻫﻞ ﺳﺘﺤﺼﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ اﻟﺮﺳﻤﻲ وﻳﻨﻘﺴﻢ اﳌﺮاﻗﺒﻮن ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﺪى اﻻﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال .ﻓﺒﻌﻀﻬﻢ ﻳﻘﻮل ان ﻗﻴﺎدة اﻟﺤﺰب اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻢ ﺗﺘﻘﺪم ﺑﻄﻠﺐ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ اﻻ ﺑﻌﺪ ان ﺗﻠﻘﺖ اﻟﻀﻮء اﻻﺧﻀﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ وان ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻄﻠﺐ ﻫﻮ ﺧﻄﻮة ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻀﻤﻨﻲ ﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻗﻴﺎدة اﻟﺤﺰب .وﻗﺪ ﺟﺎء ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ اﻟﻰ ﺟﺮﻳﺪة »اﻟﺼﺒﺎح« اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ١٧ﻳﻮﻟﻴﻮ )ﺗﻤﻮز( اﳌﺎﺿﻲ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﺗﻔﺎق ﺑﻌﺪ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ اﻃﻼق ﺳﺮاح ﻗﻴﺎدﻳﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ .وﻫﻜﺬا ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﺤﻮل دون اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﺤﺰب اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻤﺖ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﻨﺴﺠﻤﺎ ﻣﻊ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت ﻗﺎﻧﻮن اﻻﺣﺰاب اﻟﺬي ﺻﺪر ﻓﻲ رﺑﻴﻊ .١٩٨٨ وﻳﻀﻴﻒ اﻧﺼﺎر ﻫﺬا اﻟﺮأي ان ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺘﻘﺪم ﺑﻄﻠﺐ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﻟﻮﻻ اﻟﻀﻮء اﻻﺧﻀﺮ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﺎه ،ﻻن ذﻟﻚ رﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮده ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺮﻓﺾ اﻟﻰ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺻﺪام ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻫﻮ ﺻﺪام ﻳﻼﺣﻆ ﻣﻨﺬ أﺷﻬﺮ ان ﻫﻨﺎك ﺣﺮﺻﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻨﺒﻪ .اﻣﺎ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻓﻴﺮى ان اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻳﺮﻏﺐ ﺑﻬﺬا اﻟﻄﻠﺐ ان ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﺳﺘﻮاﺟﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻣﺎ ﻣﺪى ﺟﺪﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺑﺪى ﻣﻦ ﺗﺮﺣﻴﺐ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ ٧ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ( ،١٩٨٧واﻋﻼن ﻣﻮاﻗﻒ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ اﻟﻰ اﳌﻮاﻗﻒ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻘﻮاﻧﲔ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،واﻟﻘﺒﻮل ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﳌﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺗﻮﻗﻴﻌﻪ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﳌﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺗﻮﻗﻴﻌﻪ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ اﺳﻤﻪ اﻟﻰ اﺳﻢ ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ واﺳﺘﺒﻌﺎد اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﺤﻔﻆ ﻋﻨﻬﻢ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،وﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺰﻋﺎﻣﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﳌﺘﺸﺪدة. وﺳﺘﺸﻬﺪ اﻻﺳﺎﺑﻴﻊ اﳌﻘﺒﻠﺔ ﻣﺎ اذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎق أو ان ﻫﻨﺎك ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺰب ﻻﺧﺘﺒﺎر اﺳﺘﻌﺪاد اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ .ﻏﻴﺮ ان اﳌﺮاﻗﺒﲔ ﻳﻌﺘﻘﺪون ان ﻃﻠﺐ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﺤﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻛﻢ ،اي ﻗﺒﻞ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ١٢اﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎن( اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ واﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ. واذا ﻛﺎن اﻻﺳﻼﻣﻴﻮن ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻨﻴﲔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﳌﻘﺒﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻓﺬﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ اﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﻨﻀﻤﻮا اﻟﻰ أي ﺣﺰب ﻣﻌﺎرض وﻟﻦ ﻳﺸﺎرﻛﻮا ﻓﻲ ﻟﻮاﺋﺢ اي ﺣﺰب وﺧﺎﺻﺔ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﲔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﲔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ أﻛﺒﺮ ﺣﺰب ﺑﻌﺪ ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ. ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﻌﻄﻮا اﻷواﻣﺮ ﻻﻋﻀﺎﺋﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﺰب او ذاك وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ أﺻﻮاﺗﻬﻢ اﳌﻌﺎرﺿﺔ .وﻗﺪ أﻇﻬﺮ اﻻﺳﻼﻣﻴﻮن ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻗﺪرة ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ اﻻﺣﺪاث وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪه اﳌﺮاﻗﺒﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮون ان
اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة وﻟﻬﺎ ﻗﻴﺎدة ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ .ﻓﻤﻨﺬ ٧ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ( ﺗﺤﺮك ﻫﺆﻻء اﻻﺳﻼﻣﻴﻮن ﺑﺬﻛﺎء ﻛﺒﻴﺮ ،ﻓﺎﻳﺪوا ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ وأﻋﻠﻨﻮا اﻧﻬﻢ ﺿﺪ اﻟﻌﻨﻒ وﻣﻊ اﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ .وﻗﺪ أدى ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ اﻟﻰ اﻃﻼق ﺳﺮاح ﻗﻴﺎدﻳﻴﻬﻢ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ وﻋﻮدة اﳌﻐﺘﺮﺑﲔ ﻣﻨﻬﻢ وﺑﺪأت اﺗﺼﺎﻻت ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ .وﻗﺪ وﻇﻔﻮا ﻓﻲ ﻳﻮﻟﻴﻮ )ﺗﻤﻮز( اﳌﺎﺿﻲ ﺻﻔﺤﺎت اﺣﺪى اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺑﺪا ﻋﺎدﻳﺎ ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ ﻛﻼم اﻋﺘﺒﺮﺗﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺟﻴﺪا او ﻳﻨﻢ ﻋﻦ روح ﻣﺴﺆوﻟﺔ ،ودﻋﻮا ﺑﺼﻮرة ﻏﻴﺮ رﺳﻤﻴﺔ اﻟﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﳌﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ وﻗﺒﻠﻮا اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ اﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ أﻫﻢ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وﻫﻮ ﻣﺎ أﻫﻠﻬﻢ ﻷن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻃﺮﻓﺎ ﻣﺴﻤﻮﺣﺎ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﺎل اﻻﻋﺘﺮاف اﻟﺮﺳﻤﻲ. وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎن اﻋﻼن ﻃﻠﺐ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﻟﻢ ﻳﻔﺎﺟﺊ اﺣﺪا وان ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﻃﺮح اﺳﺌﻠﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ وﻫﻞ ﺣﺼﻞ ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺑﺸﺄﻧﻪ ﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻗﻴﺎدة اﻟﺤﺰب .وﻣﻊ ان ﺗﻐﻴﻴﺮ اﺳﻢ اﻟﺤﺰب ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﻋﺪم اﻻﺷﺎرة اﻟﻰ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ،ﻓﺎن ﺑﲔ اﻻﺳﻤﺎء اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﳌﺆﺳﺴﲔ اﳌﻌﻠﻦ ﻋﻨﻬﻢ اﺳﻢ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ اﳌﻌﺮوف ﺑﻜﻮﻧﻪ رﺟﻞ ﺣﻮار وﻗﺪرة ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻄﻠﻊ ﺑﺼﻮرة واﺳﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻣﺎﺿﻴﺎ وﺣﺎﺿﺮا وﻗﺪ اﻛﺘﺴﺐ ﻗﺪرة ﺑﺎرزة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺣﺪاث وﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ،وﻳﻌﺪ اﻟﻴﻮم زﻋﻴﻢ اﻻﺳﻼﻣﻴﲔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ. واﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ ﻫﻨﺎك اﻟﻮﺟﻪ اﻵﺧﺮ اﳌﻬﻢ وﻫﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻣﻮرو رﺟﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻮاﺟﻬﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ واﳌﻌﺮوف ﺑﻠﻴﻮﻧﺘﻪ .وﻫﺬا اﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺘﻜﺎﻣﻼ وﻳﺘﻮزع اﻷدوار ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار .ﻛﻤﺎ ان ﻇﻬﻮر ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺮﻳﺾ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻮرى ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺠﺒﺎﻟﻲ وﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺪﻣﻨﻲ ﻳﻘﺪم دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﳌﻌﺘﺪﻟﺔ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺠﺪﻳﺪ وان ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻮه ﻫﻲ اﳌﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة داﺧﻞ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ ﺷﺎﻣﻼ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد وﺿﻤﺖ أﻳﻀﺎ ﺳﻴﺪﺗﲔ .وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن ﺣﺰب اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻫﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﺣﺎﻟﻴﺎ اﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف ﻗﻴﺎدﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ. وﺑﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﻊ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٨١ﻧﻼﺣﻆ ان ﺳﺒﻌﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺨﻤﺴﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻘﻮا ﻓﻲ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺜﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻛﺮﻛﺮ واﻟﺤﺒﻴﺐ اﳌﻜﻨﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻲ اﻟﺴﻦ أﻣﺜﺎل ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻨﻴﻔﺮ وﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺳﻼﻣﺔ .وﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ دﺧﻞ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻤﻴﺰوا ﺑﺘﺤﺮﻛﺎﺗﻬﻢ أﺛﻨﺎء اﻻزﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ رﺑﻴﻊ وﺻﻴﻒ ١٩٨٧وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﳌﺤﺎﻣﻲ ﻧﻮر اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺒﺤﻴﺮي اﻟﺬي ﻓﺎوض ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ ووﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﳌﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ .ﻛﻤﺎ ﻟﻮﺣﻆ ان أﻋﻀﺎء اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻳﻘﻞ ﺳﻨﻬﻢ ﻋﻦ ٥٠ﺳﻨﺔ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب اﻟﻜﺎﻓﻲ ) ٥٧ﺳﻨﺔ(. وﻫﻨﺎك ﻧﻘﻄﺔ اﺧﺮى ﻟﻔﺘﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه وﻫﻲ ان اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷوﻓﺮ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻖ ان ﺻﺪرت ﺿﺪﻫﻢ اﺣﻜﺎم وﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ اﺛﺮﻫﺎ ،اي اﻧﻬﻢ ﻣﺤﺮوﻣﻮن ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ اﳌﺪﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .وﻫﺬا ﻳﻄﺮح اﺣﺘﻤﺎﻟﲔ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺠﺪﻳﺪ :ﻓﺎﻣﺎ ان ﺗﺮﻓﻀﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر ان اﻟﻘﻴﺎدة ﺗﻀﻢ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ اﳌﺪﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ ان ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺿﻤﻦ ﻫﻴﺌﺎت وأﺣﺰاب ،او ان ﺗﺴﻮي اﻟﺴﻠﻄﺔ اوﺿﺎﻋﻬﻢ وﻳﺼﺪر ﻗﺮار ﺑﺎﺳﺘﺮداد ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻮﻻدة ﺣﺰب ﺗﻮﻧﺴﻲ ﺟﺪﻳﺪ<
ﻧﺸﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪد ٤٧٢ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٢ ﻓﺒﺮاﻳﺮ ١٩٨٩
,,
ﻇﻬﻮر ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺮﻳﺾ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻮرى ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺠﺒﺎﻟﻲ وﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺪﻣﻨﻲ ﻳﻘﺪم دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﳌﻌﺘﺪﻟﺔ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺠﺪﻳﺪ وان ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻮه ﻫﻲ اﳌﻌﺘﺪﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة داﺧﻞ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ ﺷﺎﻣﻼ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد وﺿﻤﺖ أﻳﻀﺎ ﺳﻴﺪﺗﲔ
,,
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
49
أرشيف
وﻣﻨﺬ ﺣﺰﻳﺮان )ﻳﻮﻧﻴﻮ( اﳌﺎﺿﻲ ﺑﺪأ ﺗﺼﻌﻴﺪ ﺣﻤﻠﺔ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ﺿﺪ اﻟﺘﻴﺎرات اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻢ اﻳﻘﺎف ﺑﻌﺾ اﻻﻧﺼﺎر .وﻗﺪ ﺷﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺰاﻟﻲ ﺣﻤﻠﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﺿﺪ اﻟﺘﻴﺎرات اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺻﺤﻔﻲ وﺣﻤﻠﻬﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻻﺣﺪاث اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ اﻟﺒﻼد. وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ وﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﺼﺮﻳﺢ آﺧﺮ دﻋﺎ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وﻛﻞ اﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﲔ اﻟﻰ ﺗﺠﺎوز ﺧﻼﻓﺎﺗﻬﻢ وﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﻣﻀﺎدة ﻟﻠﻈﻼﻣﻴﺔ وﻋﺪم اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ.
,,
اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻺﻣﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ اﻧﻪ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻻﺳﻺﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻌﻨﺼﺮ أﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﳌﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
,,
اﳌﻌﺘﻘﻠﻮن واﻟﺘﻬﻢ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وﺑﻤﺒﺎدرة ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﻤﻠﺔ ﻻﺑﺮاز اﻟﻮﺟﻪ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ اذ ﻧﺸﺮت اﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﺣﻮل اﳌﺴﺎﺟﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺸﻴﻴﺪﻫﺎ ﻣﻨﺬ اﻻﺳﺘﻘﻼل ) ٢٠٠٠ﻣﺴﺠﺪ( وﺗﻤﺖ دﻋﻮة اﺋﻤﺔ اﳌﺴﺎﺟﺪ اﻟﻰ ﻣﺄدﺑﺔ اﻓﻄﺎر ﻋﻨﺪ اﻟﻮزﻳﺮ اﻷول ،ﻓﻴﻤﺎ ﺑﺪأت ﺣﻤﻠﺔ اﻋﺘﻘﺎﻻت واﺳﻌﺔ ﺷﻤﻠﺖ ﻋﺪدا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻗﻴﺎدات اﻟﺘﻴﺎرات اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ وداﺧﻞ اﻟﺒﻼد. وﺗﺬﻛﺮ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺮﺑﺖ ان اﻟﺘﻬﻢ اﳌﻮﺟﻬﺔ اﻟﻰ اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺟﻨﺢ ﺗﻮﻧﺲ ،اﻧﻬﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺔ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺳﺮﻳﺔ وﺑﺚ اﻟﻔﻮﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. وﻫﻨﺎك واﺣﺪ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﺑﲔ اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ذﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ان اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻬﺪف ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮة. وﻳﺒﺪو ان اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺪ دﻓﻌﺖ ﻛﻞ أﺟﻬﺰة اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻟﻼﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﻈﺮ اﳌﺤﺎﻛﻢ ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺼﺪر أﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ أﻳﻠﻮل )ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ( ﻋﻠﻰ أﺑﻌﺪ ﺗﻘﺪﻳﺮ،اي ﻗﺒﻞ ﻋﻮدة اﳌﺪارس ﺗﺤﺴﺒﺎ ﻣﻦ اﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻗﻴﺎم اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﺷﺒﺎط )ﻓﺒﺮاﻳﺮ( اﳌﺎﺿﻲ وﻫﻲ اﺿﻄﺮاﺑﺎت اﺗﻬﻢ ﺑﺘﻨﻈﻴﻤﻬﺎ وﺗﺪﺑﻴﺮﻫﺎ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ .ﻛﻤﺎ اﺗﻬﻢ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺣﺘﺠﺎز ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮم ﻓﻲ ﻧﻴﺴﺎن )اﺑﺮﻳﻞ( اﳌﺎﺿﻲ وﺗﺪﺑﻴﺮ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻨﺰل ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ وﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺴﺎﻛﻦ. وﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ٤اﻳﻠﻮل )ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ( اﻟﺠﺎري أﺻﺪرت ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺟﻨﺢ ﺗﻮﻧﺲ أﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﻋﻤﺎء وأﻋﻀﺎء اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ .وﻗﺪ ﺻﺪرت أﺣﻜﺎم ﺑﺴﺠﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺰﻋﻤﺎء واﻷﻋﻀﺎء ،وﺗﺮاوﺣﺖ ﻣﺪة اﻟﺴﺠﻦ ﺑﲔ ﺳﻨﺔ و ١١ﺳﻨﺔ .وﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ راﺷﺪ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ زﻋﻴﻢ ”اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ“ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ١١ﺳﻨﺔ وﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻣﻮرو اﻻﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ١٠ﺳﻨﻮات. وﻗﺪ ﺷﻤﻠﺖ اﳌﺤﺎﻛﻤﺎت ١٠٧أﺷﺨﺎص ﻣﻨﻬﻢ ٣٠ﺷﺨﺼﺎ ﺗﻮاروا ﻋﻦ اﻷﻧﻈﺎر و ١٦ﺷﺨﺼﺎ أﻃﻠﻖ ﺳﺮاﺣﻬﻢ ﻣﺆﻗﺘﺎ .وﻓﻲ ﺟﻮاب ﻷﺣﺪ اﳌﺴﺆوﻟﲔ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺣﻮل اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﻘﺮر اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ زﻋﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺗﻌﺎون وﻻ ﻳﺘﺼﻮر ان ﺗﻜﻮن اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻗﺪ ﺗﻤﺖ ﺑﺎﺗﻔﺎق ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻗﺎل ﻟـ“اﳌﺠﻠﺔ“: ”ان اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻔﺘﺮة اﻧﻔﺼﺎل اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ .ﻣﻦ ذﻟﻚ ان ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳﺮي ﻣﻬﻴﻜﻞ وﻣﻌﺪ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺎﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﺴﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ اﻧﻔﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ“.
ﻋﻼﻗﺎت ﺑﺎﳋﺎرج! ﺑﻘﻲ ﺳﺆال ﻻ ﺑﺪ ان ﻳﺘﺒﺎدر اﻟﻰ اﻷذﻫﺎن ﺣﻮل ﻣﺎ اذا ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻛﺎت واﻟﺘﻴﺎرات اﻧﺘﻤﺎءات ﺧﺎرﺟﻴﺔ .اﻟﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﺷﻲء ﻣﻠﻤﻮس ﻓﻲ ﻫﺬا 48
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﻟﻨﻄﺎق .وﻳﺒﺪو ان ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎدت ﻣﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﺣﻮل اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان ﻣﺜﻞ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺔ وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ﺧﺼﻮﺻﺎ. وﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت أرادت اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ان ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ اﺳﻢ ”اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ“ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ اﻻﺳﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن .اﻻ اﻧﻪ ﻻ ﻳﺒﺪو ان ﻫﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة او ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﲔ زﻋﻤﺎء اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ وزﻋﻤﺎء اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن. وﻳﻨﻔﻲ زﻋﻤﺎء اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ان ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ ”اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ“ وان ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﺒﺮون ان ﺣﺴﻦ اﻟﻬﻀﻴﺒﻲ وﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ رﺟﺎل أﻓﺬاذ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻬﻢ .اﻣﺎ ﻣﻊ اﻳﺮان اﻟﺜﻮرة ﻓﻼ أﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ان ﻳﺠﺰم ﺑﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻌﻼﻗﺎت اﳌﺤﺪوودة. ﻏﻴﺮ ان ﻫﺬا ﻻ ﻳﺒﺪو رأي اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮى ﻓﻲ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ اﻣﺘﺪادا ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ او ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺎﻟﺨﺎرج وان اﻟﻘﻴﺎدات ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺗﺘﻠﻘﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎت ﻣﻦ ﻃﻬﺮان ﺣﺎﻟﻴﺎ وﺗﺮﺑﻂ ﻋﻼﻗﺎت وﺛﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪان أﺧﺮى. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﻛﺘﺒﺖ ﺻﺤﻴﻔﺔ“اﻟﻌﻤﻞ“ اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﻠﺴﺎن ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺗﻘﻮل“:وأﺧﻴﺮا ﺟﺎء اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ اﳌﻔﻌﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻرﻫﺎﺑﻴﺔ اﳌﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺑﲔ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ وﺑﻌﺾ اﻻﻧﻈﻤﺔ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻻﺳﻼم .وأﺧﻴﺮا ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺸﻚ ،اذ ﺷﻬﺪ ﺷﺎﻫﺪ ﻣﻦ أﻫﻠﻬﺎ .وأﺧﻴﺮا ﺑﻌﺪ ﺳﻜﻮت وﺗﺴﺘﺮ ﻧﻄﻘﺖ اﻟﺠﺮﻳﺪة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻻﻳﺮاﻧﻴﺔ اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ وﺣﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻣﻄﻮل ﻗﺎﺋﻠﺔ :ان اﻟﺜﻮرة اﻻﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻌﻮد اﻟﻴﻬﺎ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺗﻘﻮﻳﺔ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ،وان اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﺗﺄﺗﻤﺮ ﺑﺄﻣﻮاﻣﺮ اﻟﺜﻮرة اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ اﻻﻳﺮاﻧﻴﺔ وﺗﻄﻴﻊ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺗﻬﺎ وﺗﺘﺒﻊ ﺧﻄﺎﻫﺎ“. ﻫﻞ ﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ وﻫﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﻛﺪﻟﻴﻞ؟ ﻫﺬا اذا ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺴﻠﻄﺔ .ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ اﳌﻌﺎرﺿﺎت اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻤﻠﺔ اﻻﻳﻘﺎف اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻗﺎدة اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ وﻣﻦ اﻟﻨﺪاء اﻟﺬي وﺟﻬﻪ رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﺒﻬﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﻢ؟ اﳌﻌﺎرﺿﺎت اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺷﺠﺒﺖ ﻣﺎ ﺗﻌﺮض ﻟﻪ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ وﻻ أﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ اﺳﺘﺠﺎب ﻟﻨﺪاء رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﻟﻜﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ان ﻛﻞ اﳌﻌﺎرﺿﺎت اﻳﻀﺎ ﺗﺮى ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺧﻄﺮا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺘﲔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﺆﻳﺪ ﺳﺮا ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻃﺎﺣﺔ ﺑﻪ: -١ﻗﻮﺗﻪ اﳌﺘﺼﺎﻋﺪة وﻫﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻻ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﻣﺨﺘﻠﻒ اﳌﻌﺎرﺿﺎت. ﻓﺎﻟﺤﺰب اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻗﺪﻣﻪ راﺳﺨﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. -٢ﺷﻚ ﺷﺪﻳﺪ ﻳﺴﺎور اﳌﻌﺎرﺿﺎت ﻓﻲ ﻗﺒﻮل اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺣﻘﺎ ﺑﺸﺮوط اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ ،اي اﻟﺘﺪاول ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ واﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﺮأي اﻟﺴﺎﺋﺪ ان اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ،اذا وﺻﻞ اﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ، ﻷﻟﺠﻢ ﻛﻞ ﻣﻌﺎرﺿﻴﻪ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺸﺄن اﻟﻴﻮم ﻓﻲ اﻳﺮان. ﻋﻠﻰ أن اﻟﺴﺆال اﻷﺧﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء ان ﻳﻄﺮﺣﻪ ﻫﻮ :ﻫﻞ اﻋﺘﻘﺎل ﻗﻴﺎدات اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ وﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻬﻢ ﺳﻴﺤﻼن اﳌﺸﺎﻛﻞ؟ وﻫﻞ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﺼﺖ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺴﺎﺟﻴﻨﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮة ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻀﺮب ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻟﻴﻤﲔ ﻫﺬه اﳌﺮة ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻀﺮﺑﺎت ﺗﻮﺟﻪ ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻟﻴﺴﺎر ﺳﺎﺑﻘﺎ؟ ان اﻋﺎدة اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻰ اﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻗﺪ ﺗﺆﻳﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ. وﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﻮازن ،وﺗﺒﻘﻰ اﳌﺴﺄﻟﺔ رﻫﻴﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻪ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ،وﻫﻞ أﻗﺎم وﻫﻮ اﻟﺨﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﺴﺮﻳﺔ ﻗﻴﺎدات ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﻘﻴﺎدة اﳌﻮﻗﻮﻓﺔ؟ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﻳﻌﻮد ﻫﻨﺎك ﺷﻚ ﻓﻲ ان ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮة ﺻﺮاع ﻗﺪ ﺗﻄﻮل <
ﺗﺤﺪد ﻫﻮﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ وﺗﻀﺒﻂ ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻬﺎ اﻻﺳﺘﺮاﺟﻴﺔ وﻣﻮاﻗﻔﻬﺎ اﻟﻈﺮﻓﻴﺔ. وﺑﻬﺬا اﳌﻌﻨﻰ ﺗﻜﻮن ﺣﺮﻛﺔ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ واﺿﺤﺔ اﻟﺤﺪود ﻣﺤﺪودة اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﻜﻞ ﺻﻨﻮف اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت واﳌﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺮز ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك .اﻻ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺗﺒﻨﻴﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺼﻮرة رﺳﻤﻴﺔ ﻣﻬﻤﺎ أﺿﻔﻰ أﺻﺤﺎب ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺮاﻗﻊ اﻟﺘﺪﻳﻦ ورﻓﻌﻮا راﻳﺎت اﻻﺳﻼم“ .وﺣﺪد اﻻﺗﺠﺎه ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت ﻟﻌﻤﻠﻪ: < اﻋﺎدة اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻰ اﳌﺴﺠﺪ ﻛﻤﺮﻛﺰ ﻟﻠﺘﻌﺒﺪ واﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ )وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﺮﻓﻀﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ان اﳌﺴﺠﺪ ﻳﺠﺐ اﻻ ﻳﻠﻌﺐ دورا ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ(. < ﺗﻨﺸﻴﻂ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. < دﻋﻢ اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ ﻣﻊ اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺎت اﻻﺟﻨﺒﻴﺔ. < رﻓﺾ اﻟﻌﻨﻒ ﻛﺄداة ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ. < رﻓﺾ ﻣﺒﺪأ اﻻﻧﻔﺮاد ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ واﻗﺮار اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ واﻟﺘﺠﻤﻊ. < ﺑﻠﻮرة ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻻﺳﻼم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻴﻎ ﻣﻌﺎﺻﺮة. < اﻻﻧﺤﻴﺎز اﻟﻰ ﺻﻔﻮف اﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ. < دﻋﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﻘﺎﺑﻲ. < اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺸﻤﻮﻟﻲ ﻟﻼﺳﻼم. < ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻀﻤﻴﺮ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ اﻻﻧﻬﺰام اﻟﺤﻀﺎري ازاء اﻟﻐﺮب. ﺛﺎﻧﻴﺎ“:اﻟﺤﺰب اﻻﺳﻼﻣﻲ اﻟﺸﻮروي“ وﻫﻮ ﺣﺰب ﻣﻨﺸﻖ ﻋﻦ اﻻﺗﺠﺎهاﻻﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ ١٩٨٠ﻳﺘﺰﻋﻤﻪ اﳌﺤﺎﻣﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﻐﻀﺒﺎﻧﻲ وﻫﻮ ﻳﺆاﺧﺬ ﺗﻨﻈﻴﻢ ”اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ“ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎداﺗﻪ ﻟﻠﺸﻮرى واﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ ﺑﺮاﺛﻦ اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺳﻴﻄﺮة اﻟﻘﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪرات اﻟﺤﺮﻛﺔ .وﻋﻤﻮﻣﺎ ﻓﺎن اﻷرﺿﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ أرﺿﻴﺔ ”اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ“ وان ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻼﻧﺴﺎن اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻋﻄﺎء ﻣﻀﻤﻮن اﻗﺘﺼﺎدي اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣﺎ ﻟﺘﺤﺮك ﻫﺬا اﻟﺠﻨﺎح. ﻏﻴﺮ ان زﻋﻤﺎء اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻳﺘﻬﻤﻮن ﺣﺴﻦ اﻟﻐﻀﺒﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ رﺟﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪود اﻟﻄﻤﻮح وأﻧﻪ ازاء اﳌﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ﻟﺘﺰﻋﻢ اﻟﺘﻴﺎر اﺿﻄﺮ اﻟﻰ ﻣﻐﺎدرﺗﻪ وﺧﻠﻖ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﻜﻮن زﻋﻴﻤﺎ ﻟﻪ .وﻛﺎن ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﺴﻦ اﻟﻐﻀﺒﺎﻧﻲ ﻗﺪ ﻗﺪم ﻃﻠﺒﺎ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺷﻴﺮة ﺣﺰب. ﺛﺎﻟﺜﺎ“:اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ اﻟﺘﻘﺪﻣﻲ“ وﻳﻘﻮد ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺬي ﻟﻢﻳﺤﺎول ان ﻳﻨﺘﻈﻢ ﻓﻲ ﺣﺰب ﻋﺪد ﻣﻦ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺰدوﺟﺔ وﻳﻮدون اﻳﺠﺎد اﺗﺠﺎه اﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﺛﻮري ﺗﻘﺪﻣﻲ .،وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪﻫﻢ داﺋﻤﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﺗﺠﺎه ﻟﺮﺑﻂ اﻻﺳﻼم ﺑﻤﺸﺎﻏﻞ اﻟﻔﺮد اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ واﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺨﺒﻂ ﻓﻴﻬﺎ. ﻋﻠﻰ ان ﻫﻨﺎك ﻋﺪة ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت اﺧﺮى ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ دﻳﻨﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺜﻞ ”ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ“ و“ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺪﻋﻮة“ .وﻻ ﻳﻌﺮف ﺷﻲء ﻋﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﲔ. وﻓﻲ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﺪﻋﻮة اﳌﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ اﳌﺴﺎﺟﺪ وﻓﻲ اﻷﻧﺪﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﺗﻌﺒﺌﺔ اﻟﻄﻼب واﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﳌﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ .ﻓﺎن اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ اﻟﻰ ﺳﻨﺔ ١٩٧٩ﺑﺼﺤﻴﻔﺘﲔ اﺣﺪاﻫﻤﺎ اﺳﺒﻮﻋﻴﺔ )اﳌﺠﺘﻤﻊ( واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺷﻬﺮﻳﺔ )اﳌﻌﺮﻓﺔ(. اﻻ اﻧﻪ ﺟﺮى اﻳﻘﺎﻓﻬﻤﺎ واﺣﺎﻟﺔ اﳌﺴﺆوﻟﲔ ﻋﻨﻬﻤﺎ اﻟﻰ اﳌﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺘﻬﻤﺔ
ﻧﺸﺮ اﺧﺒﺎر زاﺋﻔﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻗﻠﺐ اﻟﻨﻈﺎم واﻟﺪﻋﻮة ﻟﺒﺚ اﻟﻔﻮﺿﻰ واﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻘﺪ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺳﻨﺪا ﻛﺒﻴﺮا ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺻﺤﻔﻪ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺼﺪر ﻗﻂ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺮﻏﻢ اﻟﻨﺪاءات اﻟﻌﺪﻳﺪة اﳌﻮﺟﻬﺔ اﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ واﻟﻌﺮاﺋﺾ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﻬﺎ أﻟﻮف اﻻﻧﺼﺎر. وازاء ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻛﺘﻔﻰ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺻﺤﻒ اﳌﻌﺎرﺿﺔ وﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺒﻞ ﻫﺬه او ﺗﻠﻚ ﻧﺸﺮ ﻣﻮاﻗﻔﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺴﻢ دوﻣﺎ ﺑﺤﺪة ﻟﻔﻈﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪة .ﻏﻴﺮ ان اﻻﺗﺠﺎه اﺳﺘﻄﺎع ان ﻳﻨﺸﺮ أﻓﻜﺎره اﻳﻀﺎ ﻋﺒﺮ ﻛﺘﺐ ﻛﺜﻴﺮة أﺻﺪرﻫﺎ أو اﺳﺘﻮردﻫﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﺷﺮﻃﺔ اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ .وﻗﺎﻣﺖ ﻣﻜﺘﺒﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺗﻮﻧﺲ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﺘﻮزﻳﻊ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ. ان اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ واﻟﺴﻠﻄﺔ ،وان ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ أﺳﻮأ ﺣﺎل ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ دوﻣﺎ .ﻓﺨﻼل ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ وﺣﺘﻰ أواﺧﺮ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﺑﺪا ان اﻟﺠﻬﺎزﻳﻦ )ﺟﻬﺎز اﻟﺤﻜﻢ وﺟﻬﺎز اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ( ﻳﺘﺠﺎﻫﻼن ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺑﻌﻀﺎ. وﻓﻴﻤﺎ اﺧﺬ ﺑﻌﺾ أﺻﺤﺎب اﻟﻠﺤﻰ وﻻﺑﺴﺎت اﻟﺰي اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻳﺘﺰاﻳﺪن ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع ﻟﻢ ﺗﻠﺘﻔﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻴﺎرات اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ ،ﺗﺆﻛﺪ ان ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎﻗﺎ ﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺰب اﻟﻴﺴﺎر .ﻫﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؟ وﻫﻞ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻌﻼ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺴﺎر ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻟﻄﻼﺑﻴﺔ؟ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﺣﺪا ان ﻳﺆﻛﺪه او ﻳﻨﻔﻴﻪ .اﻻ ان اﻟﻮاﺿﺢ ان ﻣﻌﺎرك ﺷﺪﻳﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻮن ”اﻻﺧﻮاﻧﺠﻴﺔ“ وأﺻﺤﺎب اﳌﻴﻮل اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﺮم اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ دون ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺎز اﻷﻣﻦ.
راﺷﺪ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ
ﺗﻌﺎﻃﻒ ﻣﺰاﻟﻲ وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺳﻨﺔ ،١٩٧٨وﺧﺎﺻﺔ ﺳﻨﺔ ،١٩٧٩ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ .وﻗﺪ ﺻﺮح اﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﻴﺎح ﻣﺪﻳﺮ ﺟﻬﺎز ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻛﻢ آﻧﺬاك ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع دﺳﺘﻮري ﻓﻲ ﻛﺎﻧﻮن اﻷول )دﻳﺴﻤﺒﺮ( ١٩٧٩ﺣﻮل اﻻﺳﻼﻣﻴﲔ“:ﺳﻨﻘﺎوم ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﺪون اﻟﻰ ﺑﺚ اﻟﻔﻮﺿﻰ واﻻﺿﻄﺮاب ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎر اﻟﺪﻳﻦ“.
ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻣﻮرو
وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ،وﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻮازﻳﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻌﺎم ،١٩٨٠أﺛﺎر ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﻮاب وﻛﻠﻬﻢ ﻃﺒﻌﺎ ﻣﻦ ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻗﻀﻴﺔ ”ﺗﻄﻮر ﻇﺎﻫﺮة اﻻﺧﻮاﻧﺠﻴﺔ“ ..ودﻋﻮا اﻟﻰ ﺿﺮورة وﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻠﻔﻮﺿﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺜﻮﻧﻬﺎ .ﺑﻞ ان اﺛﻨﲔ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻘﺮﺑﲔ اﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﻴﺎح ﺣﺎوﻻ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ وزارة اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ آﻧﺬاك اﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺰاﻟﻲ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﺤﺎﻟﻲ ،وﺷﻜﻜﺎ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻃﻒ اﻟﺴﻴﺪ ﻣﺰاﻟﻲ ﻣﻊ أﺻﺤﺎب ﻫﺬه اﻟﺘﻴﺎرات ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر اﻧﻪ ﻳﻨﺎدي ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﺐ واﻟﻌﻮدة اﻟﻰ اﻻﺻﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ. وﻗﺪ رد اﻟﻮزﻳﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺰاﻟﻲ وﻗﺘﻬﺎ ردا ﻋﻨﻴﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﺎﺟﻤﻴﻪ .وذﻛﺮ اﳌﻘﺮﺑﻮن ﻣﻨﻪ اﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺴﺘﺎء ﻟﻌﺪم ﺗﺼﺪي رﺋﻴﺲ وزراء ﺗﻮﻧﺲ ﺣﻴﻨﺬاك اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻬﺎدي ﻧﻮﻳﺮة ﻟﻬﺬه اﻟﺤﻤﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ أﺻﻮل اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ. وﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺜﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ اﻟﺘﻲ ﻣﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺰاﻟﻲ وﺗﺴﺠﻴﻞ اﻧﻔﺘﺎح ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺘﻴﺎرات واﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ،ﺣﺼﻞ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي اﻧﻘﺴﻢ اﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ اﺗﺠﺎﻫﺎت رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮ واﺳﻌﺔ دون أن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺳﺘﻌﺎدة ﺻﺤﻔﻪ او ﺑﺎﺻﺪار ﺻﺤﻒ ﺟﺪﻳﺪة .ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺪدت ﻣﻮاﻗﻔﻪ اﻟﻌﻠﻨﻴﺔ واﺻﺪار ﻋﺸﺮات اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﺷﻜﻠﺖ ﻗﻴﺎداﺗﻪ أﺣﺰاﺑﺎ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﻟﻬﺎ.
ﻣﻦ اﻋﻀﺎء اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
47
أرشيف
ﻳﺴﺘﻮﺣﻲ ﻣﻘﻮﻣﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻓﺎن أﻋﻤﺎق اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﻠﺘﺼﻘﺔ ﺑﺸﺮﻗﻴﺘﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺮوح ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻼﻧﻄﻼق ﻓﻮﺟﺪﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ .ﻏﻴﺮ ان ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺣﻘﺎ ﻫﺬا اﻻﻟﺘﻔﺎف ﺣﻮل اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻫﻮ اﻟﺘﺤﺮك اﻟﺬﻛﻲ ﻟﻠﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻴﻪ .وﻗﺪ اﺗﺠﻪ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺮك ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ اﺗﺠﺎﻫﺎت: أوﻻ :اﳌﺴﺎﺟﺪ واﻟﺠﻮاﻣﻊ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﻛﺴﺐ اﻻﻧﺼﺎر ﺑﲔ اﳌﺼﻠﲔورواد اﳌﺴﺎﺟﺪ وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻘﺎء دروس دﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ ،ذات ﺑﻌﺪ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ. ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﻓﻲ دور اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﳌﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻃﻮل اﻟﺒﻼد وﻋﺮوﺿﻬﺎ ،وﻫﻨﺎﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺒﺎب ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻃﺒﻘﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﺎل وﻣﻮﻇﻔﲔ وﻃﻼب ،ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﲔ واﻧﺼﺎف ﻣﺜﻘﻔﲔ. ﺛﺎﻟﺜﺎ :اﻣﺎ اﳌﺼﺪر اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻜﺴﺐ اﳌﺆﻳﺪﻳﻦ واﻷﻧﺼﺎر ﻓﻬﻮ اﳌﺪرﺳﺔواﻟﺠﺎﻣﻌﺔ .وﻗﺪ ﺑﺬل اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺟﻬﺪا ﻛﺒﻴﺮا ﻟﺘﺠﻨﻴﺪ اﻻﻧﺼﺎر ﻓﻲ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﺑﺪا اﻟﻴﻮم اﻧﻪ رﺑﺢ اﻟﺮﻫﺎن. اذ ان اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻗﺪ اﺳﺘﻄﺎع ﺧﻼل اﻟﺸﺘﺎء اﳌﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ اراد ان ﻳﺜﻴﺮ أزﻣﺔ ﻣﺪرﺳﻴﺔ ﺷﻠﺖ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻫﺬا ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﳌﻌﺎﻫﺪ اﻟﻌﻠﻴﺎ واﻟﻜﻠﻴﺎت ﻣﺜﻞ ﻛﻠﻴﺔ ﻋﻠﻮم ﺗﻮﻧﺲ وﻣﺪرﺳﺔ اﳌﻬﻨﺪﺳﲔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ. اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ واﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺰاﻟﻲ
,,
ﺷﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺰاﻟﻲ ﺣﻤﻠﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﺿﺪ اﻟﺘﻴﺎرات اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺻﺤﺎﻓﻲ وﺣﻤﻠﻬﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻻﺣﺪاث اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ اﻟﺒﻼد
,,
ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷﺣﺪاث ﻣﻦ ”ﻣﻨﻈﻮر ﻏﻴﺮ ﺷﺮﻗﻲ“ .اﻻ ان أﺣﺪاث اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ ﺟﺎءت ﻟﺘﺆﻛﺪ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ وﻟﺘﻈﻬﺮ ان اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﺎ زال ﻗﻮﻳﺎ ،واﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﻳﺤﺮﻛﻪ ﻟﻴﺠﻠﻮ وﻳﺒﺮز. وﻓﻲ ﺗﺤﻠﻴﻞ ذﻛﺮه ﻟﻨﺎ واﺣﺪ ﻣﻦ اﳌﺴﺆوﻟﲔ ﻓﻲ ادارة ﺟﻬﺎز ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻛﻢ“:ان اﻟﺨﻄﺄ اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﻨﺎه ﻫﻨﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻧﻨﺎ وﺿﻌﻨﺎ اﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ أوروﺑﺎ .ﻓﻘﺪ ﻇﻨﻨﺎ ﻃﻮﻳﻼ اﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ان ﻧﺘﺒﻊ اﳌﺴﺎر اﻟﺬي اﺗﺒﻌﺘﻪ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻨﺒﻪ اﻟﻰ اﻟﻔﺮوق .ذﻟﻚ ان رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺴﺘﻐﻠﲔ ﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺸﻌﺐ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺸﺄن ﻣﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرات اﻷوروﺑﻴﺔ. ﺛﻢ ان اﻟﺪﻳﻦ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ اﻧﻪ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺪﻧﻴﺎ .وﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻦ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻛﻌﻨﺼﺮ أﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﳌﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ“. ﻋﻠﻰ ان ﻣﺎ ﻳﺤﻴﺮ ﺣﻘﺎ ﻫﻮ ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ان ﻳﺴﺘﻘﻄﺐ ﻗﺎﻋﺪة ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺼﺎر ﻓﻲ وﻗﺖ ﻗﺼﻴﺮ ﻧﺴﺒﻴﺎ؟ ﻓﻤﻦ ﻻ ﺷﻲء ﻗﺒﻞ ١٠ﺳﻨﻮات ﻳﺠﺪ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻴﻮم وراءه أﻟﻮﻓﺎ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ اﳌﺆﻳﺪﻳﻦ واﻷﻧﺼﺎر أﻗﺪﻣﻮا ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻀﻤﺎم ﺑﺮﻏﻢ ﻋﺪم رﺳﻤﻴﺔ اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ ورﻏﻢ ﺧﻄﺮ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ .وﻳﺒﺪو ان وراء ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب اﳌﻜﺜﻒ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﳌﻌﻄﻴﺎت ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺼﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺎط اﻵﺗﻴﺔ: < أوﻻ – اﻟﻔﺮاغ اﻻﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻲ ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر ،ﻫﻮ ﻓﺮاغ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻠﺌﻪ .ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﻘﻄﺒﺖ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺒﺎب .اﻻ ان ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﳌﻌﺎرﺿﲔ اﻟﻨﺸﻄﲔ وﺟﺪوا ﻓﻲ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺿﺎﻟﺘﻬﻢ. < ﺛﺎﻧﻴﺎ – أﻫﻤﻴﺔ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺒﻼد .وﻗﺪ ﺳﺎد اﻻﻗﺘﻨﺎع ﻟﺪى أﺻﺤﺎب اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﻣﺠﺎﺑﻬﺔ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻻ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﺳﻼﻣﻲ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺴﻨﺔ اﺟﻮﺑﺔ روﺣﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﻄﺮوﺣﺔ. < ﺛﺎﻟﺜﺎ– رﻏﻢ اﻟﻘﺸﺮة اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﳌﺤﺎوﻟﺔ اﻗﺎﻣﺔ ﻧﻤﻂ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
46
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
٣ﺗﻴﺎرات وﺑﻬﺬه اﻟﺼﻮرة ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ان اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻴﻮم أﻗﻮى اﻟﺘﻴﺎرات اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻣﻤﺎ دﻓﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﺆﻳﺪﻳﻪ اﻟﻰ اﻟﻘﻮل“:ان أﻗﺪام اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻴﻮم ﻋﻠﻰ اﻳﻘﺎف ﻋﻤﻞ ﻗﻴﺎداﺗﻪ وﻣﻼﺣﻘﺔ أﻓﺮاده اﻧﻤﺎ ﻳﻬﺪف اﻟﻰ ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ودﺧﻮل اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﳌﻘﺒﻠﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺰ ﻗﻮﺗﻪ وﻳﻀﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ“. ﻏﻴﺮ ان اﳌﺮء ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ دون ان ﻳﺘﺤﺪث اﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﺧﻼﻓﺎﺗﻪ واﻧﺸﻘﺎﻗﺎﺗﻪ وﺑﺮاﻣﺠﻪ .وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ان ﻫﻨﺎك ٣ﺗﻴﺎرات رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻠﺐ اﻟﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ. أوﻻ “:اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ“ وﻫﻮ اﻗﻮاﻫﺎ وأﺻﻠﺒﻬﺎ ﻋﻮدا ،وﻛﺎن ﻗﺪم ﻓﻲﺑﺪاﻳﺔ ﺣﺰﻳﺮان )ﻳﻮﻧﻴﻮ( ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﻟﻠﻨﺸﺎط ﻛﺤﺰب ﻋﻠﻨﻲ .وﻳﻀﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻛﺜﺮ اﻟﻘﻴﺎدات اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﻨﻜﺔ وﺗﺠﺮﺑﺔ وأﻗﺪرﻫﺎ اﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ وﻳﺘﺰﻋﻤﻪ اﻟﺴﻴﺪ راﺷﺪ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ ،وﻫﻮ اﺳﺘﺎذ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻮي وﻳﺴﺎﻋﺪه اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻣﻮرو وﻫﻮ ﻣﺤﺎم .ﻛﻤﺎ اﻧﻪ أﻗﻮى اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﺪد اﻻﻧﺼﺎر وﻗﺪرﺗﻪ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺗﻮﻧﺲ ام ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﺒﻼد وﻗﺮاﻫﺎ. وﻳﻜﻔﻲ ان ﻳﺪﻋﻲ اﻟﻰ ﻣﺴﺎﻣﺮة دﻳﻨﻴﺔ ﻳﻠﻘﻴﻬﺎ اﺣﺪ ﻗﻴﺎدﻳﻴﻪ ﻟﻴﻤﺘﻠﺊ ﻣﺴﺠﺪ او ﻟﻴﻐﺺ ﻧﺎد. وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ واﺿﺢ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻴﺎر وان ﻛﺎن اﻟﺮأي اﻟﺴﺎﺋﺪ اﻧﻪ ﺗﻴﺎر ﻣﺤﺎﻓﻆ .وﻳﻘﻮل ﻗﺎدة ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻓﻲ وﺛﻴﻘﺔ وزﻋﺖ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺣﺰب ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﺰﻳﺮان )ﻳﻮﻧﻴﻮ( اﳌﺎﺿﻲ“:ان ﺣﺮﻛﺔ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﺗﻘﺪم ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻧﺎﻃﻘﺎ رﺳﻤﻴﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻻﺳﻼم ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ وﻻ ﺗﻄﻤﺢ ﻳﻮﻣﺎ ﻓﻲ ان ﻳﻨﺴﺐ اﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻠﻘﺐ. ﻓﻬﻲ ﻣﻊ اﻗﺮارﻫﺎ ﺣﻖ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﲔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺼﺎدق اﳌﺴﺆول ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺮى ﻣﻦ ﺣﻘﻬﺎ ﺗﺒﻨﻲ ﺗﺼﻮر ﻟﻼﺳﻼم ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺸﻤﻮل ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺸﻜﻞ اﻷرﺿﻴﺔ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻨﺒﺜﻖ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺮؤى اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻻﺧﺘﻴﺎرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ
ﻫﺬا اﻻﻓﺘﺮاض ﺣﻮل ﺗﺎرﻳﺦ ﻗﻴﺎم ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ )اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار اﺳﻢ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻲ وﻟﻴﺲ اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ أو ﺳﻮرﻳﺔ( ﻓﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﻻﺳﺒﺎب ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ان اﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﺳﺘﻐﻠﻮا ﻓﺮﺻﺔ ”دﻣﻘﺮﻃﺔ“ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻵوﻧﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ ورﺑﻤﺎ اﻟﺒﺮوز اﻟﻰ اﻟﺴﻄﺢ ﻟﻮﻻ اﻧﺘﻜﺎﺳﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻓﻲ اﻳﻠﻮل )ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ( .١٩٧١
داﺧﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ رﺳﻤﻴﺔ ﻣﻮاﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻫﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮآن ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺗﺤﻔﻴﻆ اﻟﻘﺮآن وﻧﺸﺮ اﻷﺧﻼق اﻟﺤﻤﻴﺪة ﺑﲔ أﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ .وﻳﺒﺪو ان ﻗﺎدة اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﻮا ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ وﻧﻈﻤﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ داﺧﻠﻬﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮﺣﺪوا اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﻀﻤﻬﻢ .وﺳﻮاء ﺻﺤﺖ ﻫﺬه اﻷﻗﻮال ام ﻻ ،ﻓﻼ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺸﻚ ﻓﻲ أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﻴﺎدات اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ اﻟﻴﻮم ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮآن.
ﺑﻌﺪ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎر اﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﻟﺘﻌﺎﺿﺪي ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ،١٩٦٩اﻫﺘﺰت اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ،وﺑﻘﻴﺖ اﺷﻬﺮا ﻋﺪﻳﺪة دون ان ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺗﻮازﻧﻬﺎ ﻣﻤﺎ دﻓﻊ اﻟﻘﻴﺎدات اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ اﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻼﺣﺎﻃﺔ ﻣﺠﺪدا ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﺎﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﺣﺼﺎن اﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ واﻃﻼق ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺳﻮاء داﺧﻞ اﻟﺤﺰب اﻟﺤﺎﻛﻢ او ﺧﺎرﺟﻪ.
وﻳﺬﻫﺐ اﻟﺒﻌﺾ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ .ﻓﺎﻟﻴﺴﺎرﻳﻮن ﻳﺘﻬﻤﻮن اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺎﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ وراء اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﳌﻬﺪ ،وذﻟﻚ ﻻﻳﺠﺎد ﻗﻮة ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ وﺑﲔ اﻟﻄﻼب.
وﻣﻦ اﳌﺆﻛﺪ ان ﻓﺌﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺿﺒﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم ﻗﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ان ﺗﺠﻤﻊ ﺷﺘﺎﺗﻬﺎ وﻗﺘﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻫﺆﻻء اﳌﺆﻣﻨﻮن ﺑﺘﺼﻮر ﻣﻌﲔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻠﺪﻳﻦ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ .وﻛﺎن اﻟﻐﺎﺿﺒﻮن ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﺎت اﻟﺤﻜﻢ ازاء اﻟﺪﻳﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ: أوﻻ ،ﻫﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺮﺳﻤﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ رﻓﻀﻮا ﻣﻨﺬاﻟﺒﺪاﻳﺔ اﺻﻼﺣﺎت ﻋﺎم ١٩٥٦اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻋﺘﺒﺮوﻫﺎ ﺧﺮوﺟﺎ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ ورأوا ﻓﻲ ﻣﻨﻊ ﺗﻌﺪد اﻟﺰوﺟﺎت وﺗﻘﻴﻴﺪ اﻟﻄﻼق وﺧﺮوج اﳌﺮأة اﻟﻰ اﻟﺸﺎرع ﻣﺮوﻗﺎ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ. ﺛﺎﻧﻴﺎ ،ﻫﻨﺎك اﻟﺬﻳﻦ رأوا ﻓﻲ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﻟﺮؤﻳﺎ ﻟﺜﺒﻮت دﺧﻮل اﻻﺷﻬﺮاﻟﻘﻤﺮﻳﺔ )ﺧﺎﺻﺔ رﻣﻀﺎن اﳌﺒﺎرك وأﺷﻬﺮ اﻷﻋﻴﺎد( ﺑﺎﻟﺤﺴﺎب اﻟﻔﻠﻜﻲ اﻋﺘﺪاء وﺗﺴﻠﻄﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ. -ﺛﺎﻟﺜﺎ ،وﻫﻨﺎك اﻟﺬﻳﻦ آﳌﻬﻢ ﻛﺜﻴﺮا وﺣﺰ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻣﺎ ﻋﻤﺪ اﻟﻴﻪ اﻟﺤﻜﻢ
وﻗﺎل ﻟﻨﺎ أﺣﺪ اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻨﻘﺎﺑﻴﲔ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ان ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ،وﺧﺼﻮﺻﺎ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ،١٩٧٤ﻗﺪ ﺷﻬﺪت ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺗﺸﺠﻴﻌﺎ ﻣﻜﺜﻔﺎ ”ﻟﻼﺧﻮاﻧﺠﻴﺔ“ ) ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻰ اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ( ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻌﻤﻠﻮا ﻛﺮأس ﺣﺮﺑﺔ ﺿﺪ اﻟﻄﻼب اﻟﻴﺴﺎرﻳﲔ ،ﻣﻦ ﻣﺎرﻛﺴﻴﲔ وﻗﻮﻣﻴﲔ ﻋﺮب ،اذ ﻛﺴﺮوا اﻻﺿﺮاﺑﺎت وﺗﺪﺧﻠﻮا ﺑﺎﻟﻘﻮة ﺿﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﻫﺆﻻء وأوﻟﺌﻚ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺗﺤﺖ أﻧﻈﺎر اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻣﺴﻤﻌﻬﺎ ودون ان ﺗﺤﺮك ﺳﺎﻛﻨﺎ .وﻳﻀﻴﻒ اﻟﺮﺟﻞ، وﻫﻮ ﻳﺤﺘﻞ اﻟﻴﻮم ﻣﻨﺼﺒﺎ ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ اﺣﺪى ﺣﺮﻛﺎت اﳌﻌﺎرﺿﺔ“:ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻌﻤﻠﻮا ﺿﺪﻧﺎ ،وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻌﺮوف ﻟﺪﻳﻨﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻃﻠﺒﺔ آﻧﺬاك وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﻤﻠﻮن اﻟﻌﺼﻲ واﻟﺴﻼﺳﻞ ﺿﺪﻧﺎ وﻫﻢ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ داﺧﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ“.
,,
ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺼﺮاع ﻣﻊ اﳌﺘﺪﻳﻨﲔ ﻛﺎﻧﺖ دﻋﻮة اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻰ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻴﺎم »ﻷﻧﻪ ﻳﻘﻠﻞ اﻻﻧﺘﺎج«
,,
ﻫﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؟ ﻻ أﺣﺪ ﻳﺪري .وﻟﻜﻦ ﻻ ﻏﺮاﺑﺔ ﻓﻲ ان ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﺌﺔ ﺿﺪ اﺧﺮى ﳌﻘﺎوﻣﺔ اﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ ﺣﺪا ﺧﻄﻴﺮا ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة.
ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت ﻣﻦ دﻋﻮة اﻟﻰ ﺗﺮك اﻟﺼﻴﺎم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻧﻪ ﺗﻮﻧﺲ ...وأوروﺑﺎ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺎج.
ﻫﺆﻻء وأوﻟﺌﻚ اﻧﻄﻠﻘﻮا ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ وﺑﺼﻮرة ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻟﻴﻘﻔﻮا ﺿﺪ ﻫﺬا اﻟﻘﺮار او ذاك .واذا ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻷﺣﻮال اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ، اي اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻰ اﻟﻄﻼق اﻟﺤﺮ او ا ﻟﻰ ﺗﻌﺪد اﻟﺰوﺟﺎت ﻧﻈﺮا اﻟﻰ ان ﻫﻨﺎك ﻗﻮاﻧﲔ زﺟﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﺠﺎﻻت ،ﻓﺎن ﺣﺮﻛﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻧﺸﻄﺖ ﺿﺪ اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻰ ﺗﺮك اﻟﺼﻴﺎم ﻛﻤﺎ ﻧﺸﻄﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻋﺘﻤﺎد ا ﻟﺤﺴﺎب اﻟﻔﻠﻜﻲ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻻﺷﻬﺮ اﻟﻘﻤﺮﻳﺔ .وﻇﻬﺮت ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت ﻓﻲ ﻣﻈﻬﺮﻳﻦ: < أوﻻ – ﺗﺠﻤﻌﺎت اﻟﺮؤﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻈﻢ ”ﻓﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ“ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻟﻴﻠﺔ رﻣﻀﺎن وﻟﻴﻠﺔ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﺻﺎدﻓﺖ ﺑﺪاﻳﺔ رﻣﻀﺎن او اﻟﻌﻴﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﻘﺮر رﺳﻤﻴﺎ. < ﺛﺎﻧﻴﺎ – ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺻﻼة اﻟﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻮاﻣﻊ واﳌﺴﺎﺟﺪ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﻷﻳﺎم اﳌﻌﻴﻨﺔ ﻟﻬﺎ رﺳﻤﻴﺎ وﻳﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﻓﻲ ”اﻟﺮؤﻳﺎ“ او ﺑﺎﺗﺒﺎع ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﺪول اﳌﺠﺎورة ﺧﺎﺻﺔ ﻃﺮاﺑﻠﺲ واﻟﻘﺎﻫﺮة واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ. وﻗﺪ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ اﻟﻰ ﺣﺪ ﺣﺼﻮل ﺻﺪاﻣﺎت ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻨﻮات واﻳﻘﺎف ﺑﻌﺾ اﳌﺘﺤﺮﻛﲔ .اﻻ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻣﻦ ﺑﲔ اﻟﺬﻳﻦ اﺷﺘﻬﺮوا ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻻ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺼﺪرون اﻟﻴﻮم اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ. وﻫﺬا ﻳﻌﻮد ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﳌﺤﻠﻠﲔ ،اﻟﻰ ان اﻟﻘﺎدة ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﺮﻳﺪون اﻟﻈﻬﻮر وﻗﺘﻬﺎ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ .وﻫﻨﺎك أﻗﻮال ﻛﺜﻴﺮة اﻟﻴﻮم ﺗﺆﻛﺪ ان اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻗﺪ وﺟﺪ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺻﻔﻮﻓﻪ
وﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﺾ اﳌﻌﺎرﺿﲔ اﻟﻴﻮم اﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﻘﻮل ان اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ادارة ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻛﻢ ،ﻗﺪ ﺷﺠﻌﺖ ”اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ“ ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﻮذ اﳌﻌﺎرﺿﺎت اﻻﺧﺮى ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ واﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ .اﳌﻬﻢ ان ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﺻﺢ ،ﻓﺎﻧﻪ اﺧﺬ أﺑﻌﺎدا ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻌﻬﺎ اﺣﺪ، ﻓﻘﺪ ﺗﻄﻮر ﺗﺄﺛﻴﺮ ”اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ“ ﺗﻄﻮرا ﻛﺒﻴﺮا وﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﺎﻋﺎت ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ واﺳﺘﻄﺎع ان ﻳﺠﻨﺪ ﻃﺎﻗﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﺑﺼﻮرة ﺟﻌﻠﺖ اﻷﻣﺮ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻳﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ان ﺣﺼﻞ ﻣﻊ اي ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﺧﺮى.
اﻟﺤﺒﻴﺐ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ
ﻓﻔﻲ ﺳﻨﺔ ،١٩٧٥ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻟﻘﺖ ﻫﻨﺪ ﺷﻠﺒﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺑﺪت وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺷﺮخ ﻓﻲ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻇﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮون ان ﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﻬﺰﻫﺎ ،ﻛﺎن اﻻﻗﺘﻨﺎع اﻟﺴﺎﺋﺪ ان اﳌﺴﺄﻟﺔ ﻟﻴﺴﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺮﺿﻴﺔ وان ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر ﻻ ﻣﺠﺎل ﻷن ﺗﺠﺪ اي ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وأوﺳﺎط اﳌﺜﻘﻔﲔ ﺑﻌﺪﻣﺎ رﺑﻴﺖ ﻣﺪة ٢٠ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
45
أرشيف
ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘﻮد ﻋﺮﺿﺖ ”اﳌﺠﻠﺔ“ ﺗﻘﺮﻳﺮا ﻛﺘﺒﻪ ﻣﺮاﺳﻠﻬﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ اﻟﻔﺮاﺗﻲ ،ﻛﺸﻔﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺘﻴﺎر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ..اﻟﻴﻮم وﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺢ اﻟﺘﻴﺎر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻮ اﳌﻬﻴﻤﻦ واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة ،ﻋﺒﺮ ﺣﺰب ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﺗﻌﻴﺪ ”اﳌﺠﻠﺔ“ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻒ وﻣﺘﻰ ﻇﻬﺮت ﺣﺮﻛﺔ اﻻﺗﺠﺎه ٍاﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ وﻣﺎذا ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر .
ﻣﺘﻰ اﻧﻄﻠﻖ؟ ﻣﺎ ﻗﻮﺗﻪ؟ ﻣﺎ ﺗﻴﺎراﺗﻪ؟ ﻣﺎ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻨﻪ؟
»اجملﻠﺔ« ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺘﻴﺎر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﻮﻧﺲ ـ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ اﻟﻔﺮاﺗﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪد٨٤ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ١٩ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ١٩٨١
ﺟﻠﺲ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻷﻣﺎﻣﻲ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻛﺒﺎر رﺟﺎل اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع اﻟﻰ اﳌﺤﺎﺿﺮة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ اﻵﻧﺴﺔ ﻫﻨﺪ ﺷﻠﺒﻲ .ﻓﻘﺪ دﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ان ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺗﻮﻧﺲ ﺳﻨﻮﻳﺎ ﺑﻠﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر – ﻟﻴﻠﺔ ٢٧ ﻣﻦ رﻣﻀﺎن اﳌﺒﺎرك – اﺣﺘﻔﺎﻻ ﺑﻬﻴﺠﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺤﻮره ﺗﻠﻚ اﳌﺤﺎﺿﺮة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻘﻴﻬﺎ أﺣﺪ ﻛﺒﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ او اﻻﺟﺘﻤﺎع او اﻻﻗﺘﺼﺎد أﻣﺎم رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ .وﻟﻜﻦ ،ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻨﻮﻋﺖ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت، ﻓﺎن ﻣﺤﻮر اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻳﻜﻮن ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ او اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أو ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ او اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺤﺎﺿﺮة ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ اﻵﻧﺴﺔ ﻫﻨﺪ ﺷﻠﺒﻲ اﺳﺘﺎذة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ أول ﻣﺮة ﺗﺪﻋﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻣﺮأة اﻟﻰ اﻟﻘﺎء ﻣﺤﺎﺿﺮة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ. أﺧﺬت اﻵﻧﺴﺔ ﺷﻠﺒﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻬﺎ ﺑﺘﺆدة وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺛﻘﺔ ﺷﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻃﻮت ﺻﻔﺤﺔ ازداد ﺿﻴﻖ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ وﺗﺒﺮﻣﻪ ﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺨﻔﻪ ﻟﺪى اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻔﺘﺎة ﻣﻦ اﻟﻘﺎء ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻬﺎ .ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻗﺒﻞ ٦ﺳﻨﻮات .وﻣﺎ ﺿﺎﻳﻖ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ ﻫﻮ ﻫﺬه اﻟﻠﻬﺠﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﻓﻲ اﳌﺤﺎﺿﺮة .ﻓﻠﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮت ﻣﻔﺎﺧﺮ اﻟﻨﻈﺎم ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﳌﺮأة وﻣﻨﻊ ﺗﻌﺪد اﻟﺰوﺟﺎت وﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻄﻼق، ﺗﺤﻠﻴﻼ ﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ودﻋﺖ اﻟﻰ اﻟﻌﻮدة اﻟﻰ ﻣﻨﺎﺑﻊ اﻟﺪﻳﻦ اﻻﺻﻠﻴﺔ ،اي اﻟﻰ اﻟﺤﺠﺎب وﺗﻌﺪد اﻟﺰوﺟﺎت واﻃﻼق ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻄﻼق وﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻔﺎﺟﺄة ﻗﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺤﺮر اﳌﺮأة وﻳﻌﺘﻘﺪ اﻧﻪ اذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك رﺟﺎل ﻗﺪ ﻗﺒﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺾ اﺻﻼﺣﺎت ﺳﻨﺔ ١٩٥٦ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮن اﻷﺣﻮال اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ اﻣﺮأة ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻨﻜﺮ ﻟﺘﻠﻚ اﻻﺻﻼﺣﺎت .وارﺗﻔﻌﺖ ﻋﻼﻣﺔ اﺳﺘﻔﻬﺎم ﻛﺒﻴﺮة :ﻛﻴﻒ أﻣﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن اﳌﺤﺎﺿﺮة اﳌﻠﻘﺎة ﺑﺤﻀﻮر رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻬﺬا اﳌﻀﻤﻮن ﻓﻴﻤﺎ اﻟﻌﺎدة ان ﻫﻨﺎك ﻣﺼﻔﺎة ﺿﻴﻘﺔ ﻟﻘﺮاءة وﻧﻘﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﻋﺮﺿﻪ؟ اﺗﻬﻤﺖ ﻫﻨﺪ ﺷﻠﺒﻲ وﻗﺘﻬﺎ ”ﺑﺎﻟﺮﺟﻌﻴﺔ“ واﻓﺮدت ﻟﻬﺎ ﺻﺤﻴﻔﺔ ”اﻟﻌﻤﻞ“ اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﻘﺎﻻت واﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﺗﻨﺘﻘﺪ أﻗﻮاﻟﻬﺎ. ﻟﻜﻦ أﺣﺪا ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺣﻴﻨﻬﺎ ان ﻳﺴﺘﺸﻒ ﻣﻦ وراء أﻗﻮال ﻫﻨﺪ ﺷﻠﺒﻲ ﺗﺒﻠﻮر رأي ﻋﺎم ﻣﻌﲔ ﻳﺆﻳﺪ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر وﻳﺪﻋﻮ اﻟﻴﻬﺎ.
44
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻻ أﺣﺪ ﻳﺮﺑﻂ اﻟﻴﻮم ﺑﲔ ﻫﻨﺪ ﺷﻠﺒﻲ ،ﺻﺎﺣﺒﺔ اﳌﺤﺎﺿﺮة اﳌﺸﻬﻮرة اﻟﺘﻲ أﺛﺎرت ﺣﻔﻴﻈﺔ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻧﻤﻮ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ .ﻟﻜﻦ اﳌﺮء ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻻ أن ﻳﺪرك ان ﻫﻨﺪ ﺷﻠﺒﻲ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻋﻦ وﻋﻲ أو ﻏﻴﺮ وﻋﻲ، ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ رأي ﻋﺎم ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﺒﻠﻮر ﺑﻌﺪ ،ﻟﻜﻦ ﺳﻮف ﻳﻘﻮى وﻳﺠﺪ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻻﺣﺘﻼل ﺣﻴﺰ واﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻏﻴﺮ أن ﺗﺴﺎؤﻻ ﻛﺒﻴﺮا ﻳﻄﺮح ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﺑﺎﻟﺤﺎح :ﻣﺘﻰ اﻧﻄﻠﻖ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ وﻣﺎ ﻫﻲ اﺻﻮﻟﻪ ودواﻓﻌﻪ؟ وﻛﻴﻒ ﻗﻮي ﻟﻴﺼﻞ اﻟﻰ ﻣﺎ وﺻﻞ اﻟﻴﻪ؟ ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺘﻴﺎر اﻻﺳﻼﻣﻲ؟ ”اﳌﺠﻠﺔ“ ﺗﻜﺸﻒ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻵﺗﻲ: ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﻚ ﻓﻲ ان اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻳﺠﺪ ﻣﺸﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺑﺪء ﻣﺴﺎر ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه .ذﻟﻚ اﻧﻪ ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺑﺤﻜﻢ ﻋﺎﻣﻠﲔ: < أوﻻ – اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻓﻠﻘﺪ ﻋﺎش ”اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﻮن“ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺔ ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء ،وﻋﺎش ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء ،ﻛﻤﺎ ان ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻤﺪ دوﻣﺎ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺴﺮﻳﺔ وﻣﻨﻬﺎ ﻓﺼﻞ اﻟﺨﻼﻳﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ وﺗﻨﻈﻴﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺼﻮرة ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻘﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﻨﺎﺿﻠﲔ ﺗﻌﺮف ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ .وﻣﻤﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ان اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻻ ﺗﺤﺮص ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻵراء وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺤﺘﺎج اﻟﻰ ﺟﻤﻊ اﻻﻧﺼﺎر ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ان اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ واﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻄﺮوﺣﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش. < ﺛﺎﻧﻴﺎ – ان ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت ،ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ام ﺳﻮرﻳﺔ ام ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن، وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ دول اﺳﻼﻣﻴﺔ أﺧﺮى ،اﺿﻄﻬﺪت ﻃﻮﻳﻼ ﻣﻤﺎ دﻓﻌﻬﺎ اﻟﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺮﻳﺔ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ اﻟﺤﻜﺎم.
ﻣﱴ اﻧﻄﻠﻖ؟ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﺮء ان ﻳﺤﺪد ﺗﺎرﻳﺨﺎ واﺿﺤﺎ ﻟﺒﺮوز اﻻﺗﺠﺎه اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻛﺘﻨﻈﻴﻢ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻗﺎﺋﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء ،ﻏﻴﺮ أن أﻛﺜﺮ اﳌﺼﺎدر ﺗﻌﺘﺒﺮ ان ﺳﻨﺔ ١٩٧٠ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ ﻗﻴﺎم اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ .واذا ﺻﺢ
البـحـوث العلـميـة عاليـة التأثيـر ٌ متـاحـة ا ن للمـجتـمع بأكمله.
ﺷـﻬـﺮﻳﺎ ﺑﺎﻃﻼﻋﻚ ﻋﻠﻰ Natureﺍﻟﻄﺒــﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼـﺪﺭ ًّ ﺍﻧﻀـﻢ ﺇﻟﻰ ُﺭ ّﻭﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﱢ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـــﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺍﻹﻟﻜﺘــﺮﻭﻧﻲ ﺍﻟﺨـﺎﺹ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺒـﻜﺔ ﺍﻹﻧﺘـﺮﻧـﺖ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺜﻪ ﺑﺼﻔﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ. ﺇﻥ Natureﺍﻟﻄﺒــﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻠﻨﺎﻃﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻷﺧﺒــﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴــﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻣﺘﺎﺣﺎ ﻣﺠﺎﻧً ﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺘـﺮﻧـﺖ ﻛﻞ ﺃﺳﺒــﻮﻉ ،ﻣﻊ ﻭﺟـﻮﺩ ﻧُ َﺴﺦ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ”.“Natureﺇﻥ ﻣﺤﺘـﻮﻯ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺳﻴـﻜﻮﻥ ً ﺷﻬﺮﻳﺎ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ًّ
ﺍﻃﻠِ ْﻊ ﻋﻠﻰ Natureﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ،ﻭﺍﻣﻸ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻣﺠﺎﻧً ﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ: ﱠ
arabicedition.nature.com
ﺑﺎﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻊ:
ثقافة
اﻷﺣﻮال »ﻋﺎدﻳﺔ« ،إﻧﻬﺎ ﻣﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺰﻣﺎن ودواﺋﺮه اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﺺ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﻧﻤﻮذﺟﴼ ﻟﻠﺘﻐﺮﻳﺐ واﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ،وﻓﻲ زﻣﻦ آﺧﺮ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻷﻏﺮب أن ﻳﺴﺘﻤﺮ اﻟﺤﻜﻢ ﻳﻼﺣﻖ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ اﻷول ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻐﺮﻳﺒﻲ!
اﻟﻄﻬﻄﺎوي واﳌﺮأة
,,
اﻟﺴﻤﻌﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب َ ﻴﺺ اﻹ ْ ”ﺗ ْﺨ ِﻠ ُ ﻳﺰ ﺮ ﺑ َْ ِ ِ ِ ﻴﺺ ﻓﻲ ﺗﻠ ِﺨ ِ َ ِ ﺎرﻳﺰ“ أﻧﻪ دﻋﺎﻳﺔ ﺑ ِ ﻣﺒﻜﺮة ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﺗﺮوﻳﺠﴼ ﻟﻠﻔﺴﺎد واﻟﺘﺒﺮج واﻟﺴﻔﻮر ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻪ ﻳﺆﻛﺪ رﻓﻀﻪ ﻟﺤﻴﺎة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ وﻳﻨﺘﻘﺪﻫﺎ
,,
42
دﻋﻮﻧﻲ اﻧﺘﻘﻞ ﻟﺸﻖ آﺧﺮ ،ﻟﻨﻜﺘﺸﻒ ﻣﺠﺪدﴽ ﻣﺪى اﻟﺘﺰﻳﻴﻒ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﺗﺤﺮﻳﺮ اﳌﺮأة ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺼﺮاﻧﻴﲔ« ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻋﺎدل اﻟﺤﻤﺪ ،ﻳﻀﻊ اﳌﺆﻟﻒ رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺠﻴﻞ اﻷول اﻟﺪاﻋﻲ ﻟﺘﻐﺮﻳﺐ اﳌﺮأة اﳌﺴﻠﻤﺔ و«ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ« ،ﻳﺒﺪو أن ﻫﺬه ﺷﺎﺋﻌﺔ أﺧﺮى ﺗﺘﻬﺎوى ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ أﻣﺎم ﻧﺼﻮص اﻟﻄﻬﻄﺎوي اﻟﺼﺮﻳﺤﺔ، ﻓﺎﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻣﲔ ﻟﻠﺒﻨﺎت واﻟﺒﻨﲔ« اﻟﺬي أﻟﻔﻪ ﱢ ُ اﻟﻨ َﺴ ِﺎء إﻻ ﻛﻤﺎل ﱢ اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻳﻘﻮل» :ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﻣﻦ واﻟﻌﻔﺔ ،وﺳﻠﻮك ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺤﻴﺎء«» ،وأﻣﺎ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻣﻼزﻣﺔ اﻟﺒﻴﻮت ،ﻟﺤﻔﻆ اﳌﺴﻜﻦ ،واﻷﻧﺲ ﻣﻊ اﻟﺰوج ،وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮﻟﺪ، وﺣﻔﻆ اﻟﻌﲔ ﻣﻦ اﳌﺤﺮﻣﺎت« ،وﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎب ﻳﻘﻮل: »ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﺮأة اﻻﺣﺘﺠﺎب ﻣﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ ،وﻳﺤﺮم ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ ً اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ اﳌﺮأة اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،وﻟﻮ زوﺟﺔ ﻷﺧﻴﻪ ،أو أﺧﺘﺎ ﻟﺰوﺟﻪ ،وﻟﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ أﻣﻦ اﻟﻔﺘﻨﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻧﻈﺮ اﳌﺮأة إﻟﻰ اﻷﺟﻨﺒﻲ ﺣﺮام« .وﻳﺮﻓﺾ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﺗﻮﻟﻲ اﳌﺮأة ﻟﻠﻤﻨﺎﺻﺐ واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﺎﻣﺔ» :ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺆون اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻷﻛﻤﻞ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻏﺎﻟﺒﴼ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺮﺟﺎل ،ﻓﻠﻬﺬا ﺗﻌﲔ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻴﻬﻢ إﻻ ﻣﻦ ّ دون اﻟﻨﺴﺎء«» ،ﻗﻞ أن ﺗﻮﺟﺪ اﻣﺮأة ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻫﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن أﺑﻮاب اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﺳﻌﺔ ﻻ ﺗﻄﻴﻘﻬﺎ ﻋﻘﻮل اﻟﻨﺴﺎء ﻛﻮﻧﻬﻦ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﻋﻮرات ﻳﺘﻌﺬر ﻣﺨﺎﻟﻄﺘﻬﻦ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔﲔ« )اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻣﲔ .(٢٨٢ -١١٩
ﻓﺎﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻳﺆﻛﺪ أﻧﻪ ﻻ ﺣﺮﻳﺔ ﺑﻼ ﻗﻴﻮد ،ﻫﻮ ﻳﺼﻒ ﺣﺮﻳﺔ ﻣﺤﺪدة ﺑﻘﻴﻮد ﺷﺮﻋﻴﺔ ،وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ،وﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻌﺪل ﻓﻲ اﻟﻘﻮاﻧﲔ ،ﻛﺎن وﺳﻴﻠﺔ ﻹﻋﻤﺎر اﳌﻤﺎﻟﻚ وﺗﻤﺪﻧﻬﺎ ﻓﻴﻘﻮل» :إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻧﲔ ﺣﺴﻨﺔ ﻋﺪﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ واﺳﻄﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻓﻲ راﺣﺔ اﳌﻤﺎﻟﻚ ،وإﺳﻌﺎد أﻫﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻼدﻫﻢ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﴼ ﻓﻲ ﺣﺒﻬﻢ ﻷوﻃﺎﻧﻬﻢ ،وﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﺤﺮﻳﺔ أﻫﺎﻟﻲ ﻛﻞ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻣﻨﺤﺼﺮة ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻟﻬﻢ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ أن ﻳﻔﻌﻠﻮا اﳌﺄذون ﺷﺮﻋﴼ ،وأﻻ ﻳﻜﺮﻫﻮا ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ اﳌﺤﻈﻮر ﺷﺮﻋﴼ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻬـﻢ«. وﻫﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﻛﻴﻒ ﺳﺎدت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء ازدواﺟﻴﺎت ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﳌﺒﺎح /ﻏﻴﺮ اﳌﺒﺎح، اﳌﺤﻈﻮر /ﻏﻴﺮ اﳌﺤﻈﻮر ،وﻻ ﺷﻚ أن ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻗﺪ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﺠﻤﻴﺪ ﺣﻴﻮﻳﺔ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺎول أن ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮى اﻟﺒﺎﺣﺚ أﺣﻤﺪ ﺳﺎﻟﻢ .ورﻏﻢ إﻋﺠﺎب اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﺑﺤﺮﻳﺔ اﳌﻌﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﺆﻛﺪ وﻳﻀﻊ ﺷﺮوﻃﴼ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺄﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ أﺻﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل» :اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﺮأي واﳌﺬﻫﺐ ،ﺑﺸﺮط أن ﻻ ﻳﺨﺮج ﻋﻦ أﺻﻞ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻛﺂراء اﻷﺷﺎﻋﺮة واﳌﺎﺗﺮﻳﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ وآراء أرﺑﺎب اﳌﺬاﻫﺐ اﳌﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﺮوع« )ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻷﻟﺒﺎب.(٤٦ وﻓﻲ آﺧﺮ ﻛﺘﺒﻪ »ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻹﻳﺠﺎز ﻓﻲ ﺳﻴﺮة ﺳﺎﻛﻦ اﻟﺤﺠﺎز« اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎول ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ،ﻳﺮﻛﻦ اﻟﻄﻬﻄﺎوي إﻟﻰ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺤﻜﻢ ،وﻫﻮ ﻧﻤﻂ اﻟﺨﻼﻓﺔ – اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ وﻫﻲ )اﻟﺨﻼﻓﺔ( ﻋﻬﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ – ﻣﺆﻛﺪﴽ أن ًّ واﺟﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ ﺑﺎﻟﺸﺮع وﺟﻮﺑﴼ ﻛﻔﺎﺋﻴﺎ ﻟﻬﻢ» ،ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ أﺣﻜﺎﻣﻬﻢ، ﱡ وﺗﻔﺮق ﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻢ ،وﺳﺪ اﻟﺜﻐﻮر ،وﺗﺠﻬﻴﺰ وإﻗﺎﻣﺔ ﺣﺪودﻫﻢ، اﻟﺠﻴﻮش ،وﻗﻬﺮ اﳌﺘﻐﻠﺒﺔ ،واﳌﺘﻠﺼﺼﺔ ،وﻗﻄﺎع اﻟﻄﺮﻳﻖ ،وﻓﺼﻞ اﳌﻨﺎزﻋﺎت ﺑﲔ اﻟﺨﺼﻮم« )ج٣ص.(٢٠
أﻋﺘﻘﺪ أن ﻧﺼﻮﺻﴼ ﻛﻬﺬه ﺳﺘﻌﺘﺒﺮ اﻟﻴﻮم ﻣﺘﺸﺪدة وﻣﺤﺎﻓﻈﺔ
ﺟﺪﴽ ،وﺳﻮف ﺗﻜﻮن ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ وﻣﺮﺑﻜﺔ ﻟﻜﻼ اﻟﻄﺮﻓﲔ ،ﻟﻠﺮؤﻳﺔ ﻣﺎذا ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي؟
اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮى ﻓﻲ اﻟﻄﻬﻄﺎوي »رﻣﺰﴽ ﻟﻠﺘﻐﺮﻳﺐ« ،واﻟﺮؤﻳﺔ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺮى ﻓﻴﻪ »رﻣﺰﴽ ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﺮ واﻟﻨﻬﻀﺔ« ،ﻓﺎﳌﻔﺎرﻗﺔ أن ﻫﺬه اﻟﻨﺼﻮص اﳌﺘﺸﺪدة ﻣﻦ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﺗﺪﻋﻢ اﺗﺠﺎه اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺬي ﻳﻌﺎرﺿﻪ وﻳﻨﺎﺻﺒﻪ اﻟﻌﺪاء ،ﻓﻬﻲ ذات اﻷدﺑﻴﺎت واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺮوج ﻟﻬﺎ ،وﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪﻫﺎ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺪﻳﻨﻲ اﳌﻨﺎﻫﺾ ﻷﻃﺮوﺣﺎت »اﻟﺘﺤﺮر واﻟﺘﻐﺮﻳﺐ« ،وﻟﻮ اﻧﺘﺰﻋﺖ اﺳﻢ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻦ ﻳﺪور ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻚ أﺑﺪﴽ وﻟﻮ ﻟﺤﻈﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻪ.
ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺨﻼﻓﺔ ﻳﺘﺘﺒﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﳌﺼﺮي أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻓﻲ دراﺳﺘﻪ »اﻟﺨﻄﺎب اﻹﺻﻼﺣﻲ ﻋﻨﺪ رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي« ،ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﺮه ﺑﺄﺟﻮاء اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءﺗﻪ ﻷﻓﻜﺎر ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ ،وروﺳﻮ، وﻓﻮﻟﺘﻴﺮ ،إﻻ أﻧﻪ ﺣﺎول أن ﻳﺼﻴﻎ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻮاﻟﺐ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،ﻗﻊ ﺿﻤﻦ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻓﻴﻘﻮل: »إن اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ رﺧﺼﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﳌﺒﺎح ﻣﻦ دون ﻣﺎﻧﻊ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎح ﻣﻌﺎرض ﻣﺤﻈﻮر ،ﻓﺤﻘﻮق ﺟﻤﻴﻊ أﻫﺎﻟﻲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﻤﺪﻧﺔ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،ﻓﺘﺘﺼﻒ اﳌﻤﻠﻜﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ،وﻳﺘﺼﻒ ﻛﻞ ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺮ ﻳﺒﺎح ﻟﻪ أن ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ دار إﻟﻰ دار، وﻣﻦ ﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﺟﻬﺔ ،وأن ﻳﺘﺼﺮف ﻓﻲ وﻗﺘﻪ وﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎء ﻓﻼ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻻ اﳌﺎﻧﻊ اﳌﺤﺪد ﺑﺎﻟﺸﺮع أو اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺘﺪﻋﻴﻪ أﺻﻮل ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ اﻟﻌﺎدﻟﺔ« )اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻣﲔ ص.(١٢٨
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
إﻧﻨﺎ ﻧﻈﻠﻢ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻛﺜﻴﺮﴽ ﺣﲔ ﻧﺮاه ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺣﺪود اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺮاﻫﻦ ،وﻧﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻈﺮف اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﺎرﻛﻪ، وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ اﳌﺼﺮي أﺣﻤﺪ ﺳﺎﻟﻢ ،ﻓﺈن اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻳﻜﺘﺴﺐ ّ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻦ أﻧﻪ »ﺷﻜﻞ أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﺠﺴﻮر اﻷوﻟﻰ ﺑﲔ اﻟﻌﺮب واﻟﻐﺮب ،ﻓﻬﻮ اﳌﻔﻜﺮ اﻟﺮاﺋﺪ اﻟﺬي ﻧﻘﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ وﻣﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺣﻮل اﻟﻮﻃﻦ ،واﳌﻮاﻃﻨﺔ ،واﻟﺤﺮﻳﺔ ،واﳌﺴﺎواة ،واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،واﻟﺤﻘﻮق اﳌﺪﻧﻴﺔ ،وﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﺠﺴﻮر اﳌﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﻣﻔﺮدات اﻟﺤﻀﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ«. وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﻟﺘﻤﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺎﻟﻈﺮف اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،وﻛﻮﻧﻪ أﺣﺪ رواد اﻟﺠﻴﻞ اﻷول اﳌﺘﻌﻠﻢ ،ﻛﺎن ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻐﺮب ،واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ ﻣﻊ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﳌﺤﺎﻓﻆ ،ورﻏﻢ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم واﻷوﺻﺎف اﻟﻈﺎﳌﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎزاﻟﺖ ﺗﻄﺎرده ،ﻳﺘﻢ اﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ً وإﻋﺎدة ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ. ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﺸﻜﻴﻜﴼ ﻓﻲ »ﺗﻐﺮﻳﺒﻴﺔ« اﻟﻄﻬﻄﺎوي أو »ﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺘﻪ«، اﻷﺣﻜﺎم اﳌﻄﻠﻘﺔ، ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻹﺣﻴﺎء اﻟﺘﺴﺎؤل واﻟﺸﻚ ﺣﻮل ﺗﻠﻚ ُ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄﻧﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﺼﻘﺖ ﺑﺸﺨﺼﻴﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﻓﻄﺒﻌﺖ ﺑﻄﺎﺑﻊ ﺛﺎﺑﺖ أﻋﺎﻗﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ وﻓﻬﻢ ﻇﺮوﻓﻪ وﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ،وﺷﻜﻠﺖ ﺣﺎﺟﺰﴽ ﻣﻨﻴﻌﴼ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑﲔ ﺗﺮاﺛﻬﺎ ..ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺘﻔﺎﺟﺊ أن ﺗﻠﻚ اﻷﺣﻜﺎم ﺗﺘﻬﺎوى ﺳﺮﻳﻌﴼ ﺣﲔ ﻧﻘﻠﺐ ﺑـ«أﻧﻔﺴﻨﺎ« أوﻟﻰ ﺻﻔﺤﺎت ﻛﺘﺒﻬﺎ <
ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺪاﻓﻊ ﺑﺸﺪة ﻋﻦ ﺣﻖ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻔﺘﺎة ،وأﻧﺸﺄ اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﺴﻴﻮﻓﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻹﻧﺎث ،وآﻣﻦ ﺑﻮﺟﻮب ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﳌﺮأة ﻟﻠﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮة، ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ .ﺗﺮك رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻣﺆﻟﻔﺎت ﱠ ﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ :ﻛﺘﺎب »ﺗﺨﻠﻴﺺ اﻹﺑﺮﻳﺰ ﻓﻲ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺑﺎرﻳﺰ« ،ﻣﺆﻟﻒ ﻳﻨﺘﺴﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ أدب اﻟﺮﺣﻼت ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻛﺘﺎب »اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻣﲔ ﻟﻠﻨﺒﺎت واﻟﺒﻨﲔ« اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم ١٨٧٢أي ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﺑﻌﺎم ،وﻫﻮ ﻛﺘﺎب ﻓﻲ أﺻﻮل ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﺘﺎة ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﻤﺴﺎواة اﻹﻧﺎث ﺑﺎﻟﺬﻛﻮر ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ،وﻛﺘﺎب »اﻟﻘﻮل اﻟﺴﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ« ،وﻳﻄﺮح ﻓﻴﻪ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ، وﺗﺤﺮﻳﺮه ﻣﻦ إﺳﺎر اﻟﺘﺨﻠﻒ ورﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﻗﻀﺎﻳﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﳌﻌﺎﺻﺮ.
(١٩٢-١٥٤وﺑﻠﻐﺔ ﻣﻌﻴﺎرﻳﺔ ذات ﻣﻨﻈﺎري دﻳﻨﻲ ﻳﻘﻮل اﻟﻄﻬﻄﺎوي» :وأﻣﺎ أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻓﻬﻰ ﺑﻼد اﻟﻜﻔﺮ« ،وﺣﲔ ﻳﺘﺤﺪث اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻳﻘﻮل» :وﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺤﻜﻤﻴﺔ ﺣﺸﻮات ﻋﻦ ِ ﺿﻼﻟﻴﺔ«)،ﺗﻠﺨﻴﺺ اﻹﺑﺮﻳﺰ .(٢٥٩-٨٦وﻳﻘﺪم اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻓﻲ ذات اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻠﺨﺼﴼ ﻋﻦ رؤﻳﺘﻪ وﻣﻮﻗﻔﻪ وﻣﺸﺮوﻋﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل» :اﻟﺒﻼد اﻹﻓﺮﻧﺠﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ أﻗﺼﻰ ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﺒﺮاﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻜﻮا ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻨﺠﺎة، وﻟﻢ ﻳﺮﺷﺪوا إﻟﻰ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﻖ ،وﻣﻨﻬﺞ اﻟﺼﺪق ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﺮﻋﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،واﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ،وﻓﻰ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،وأﻫﻤﻠﺖ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺤﻜﻤﻴﺔ ﺑﺠﻤﻠﺘﻬﺎ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ اﺣﺘﺎﺟﺖ إﻟﻰ اﻟﺒﻼد اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺴﺐ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻪ ،وﺟﻠﺐ ﻣﺎ ﺗﺠﻬﻞ ﺻﻨﻌﻪ« )ص.(٦٨
ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إﻧﻪ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺸﺮوع اﻟﻄﻬﻄﺎوي اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﳌﺘﻮن اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،وﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،وﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﳌﺪرﺳﺔ اﻷﻟﺴﻦ ،وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻠﻤﻮاد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﺑﻘﻲ وﻓﻴﴼ ﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻪ اﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﺷﻴﺨﴼ ﺳﻠﻔﻴﴼ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﴼ ،ﻣﺘﻤﺴﻜﴼ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺣﺘﻰ وﻫﻮ ﻳﺘﻨﺎول اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ آﻧﺬاك ﻛـ«اﻟﺤﺮﻳﺔ ،واﳌﺴﺎواة، واﳌﻮاﻃﻨﺔ ،واﻟﻌﺪل ،واﻟﻘﺎﻧﻮن«.
اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﺺ ﻳﻘﺪم رؤﻳﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻣﺰﺟﺖ ﺑﲔ اﻷﺻﺎﻟﺔ واﳌﻌﺎﺻﺮة ،وﺷﻜﻠﺖ ﺟﺴﺮﴽ ﺗﺎرﻳﺨﻴﴼ ﻳﺮﺑﻂ ﺑﲔ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب، ﻟﻜﻦ اﳌﻔﺎرﻗﺔ أن ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻟﻮ ﺻﺪرت اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺷﻴﺦ أو داﻋﻴﺔ إﺳﻼﻣﻲ ﻟﻮﺻﻔﺖ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻐﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،أو ﻓﻲ أﺣﺴﻦ
ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أن ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳌﺮﺣﻠﺔ ﺗﻔﺮض ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﺮ اﳌﺒﻜﺮ أﻳﻀﴼ ،ﻓﺪﻓﺎع اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻋﻦ ﺣﻖ اﳌﺮأة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﳌﺆﻟﻔﺎت اﻟﻔـ ــﺮﻧﺴﻴ ـ ـ ـ ــﺔ ،وﺗ ــﺄﺳﻴﺴـ ــﻪ ﻟﻠﺘﻮاﺻ ــﻞ ﻣـ ـ ــﻊ ﻣﻔـ ـ ــﺎﻫﻴﻢ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻗﺪ أﻛﺴﺒﻪ رﻳـ ــﺎدة ﻣﺒـ ــﻜﺮة ﻟﻠﺘﻨ ــﻮﻳﺮ ارﺗﺒ ــﻄﺖ ﺑـ ـ ـ ـ ــﻪ ﺗ ـ ــﺎرﻳﺨﻴﴼ ،وﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ أﻟﺼﻘﺖ ﺑﻪ ﺗﻬﻤﴼ ﺑﺎﻟﻌﻤﺎﻟﺔ واﻟﺘﻐﺮﻳﺐ واﻟﺘـ ــﻐﺮﻳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺮ و»ﺗﺨـ ـ ـ ـ ــﺮﻳﺐ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ« ،ﺣﺘﻰ وإن ﻛ ــﺎن اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎﺻﺮ ﻗ ـ ــﺪ ﺗﺠـ ـ ــﺎوز أﻃﺮوﺣـ ــﺎت اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﻋﻨﺪ ﻛﻼ اﻻﺗﺠﺎﻫﲔ.
ﻣﻔﺎﺟﺄة »ﺗﻠﺨﻴﺺ اﻹﺑﺮﻳﺰ« ﺳﺘﻜﻮن اﳌﻔﺎﺟﺄة ﻛﺒﻴﺮة ﺣﲔ ﻧﻌﻠﻢ أن ﻛﺘﺎب اﻟﻄﻬﻄﺎوي ُ َْ َ ْ َ ْ ُ ﺎرﻳﺰ« ،اﻟﺬي ﻗﺪم ﻓﻲ ﺗﻠ ِﺨ ِ ﻴﺺ ﺑ ِ اﻷﺷﻬﺮ »ﺗﺨ ِﻠﻴﺺ ِاﻹﺑ ِﺮ ِ ﻳﺰ ِ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره دﻋﺎﻳﺔ ﻣﺒﻜﺮة ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﺗﺮوﻳﺠﴼ ﻟﻠﻔﺴﺎد ،واﻟﺘﺒﺮج واﻟﺴﻔﻮر ،أﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻪ ﻛﺎن ﻳﺆﻛﺪ رﻓﻀﴼ واﺿﺤﴼ ﻟﺤﻴﺎة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ،ﻓﺎﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻪ» :وﻣﻦ ﺧﺼﺎﻟﻬﻢ اﻟﺮدﻳﺌﺔ ﻗﻠﺔ ﻋﻔﺎف ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﺴﺎﺋﻬﻢ ،وﻋﺪم ﻏﻴﺮة رﺟﺎﻟﻬﻢ«» ..وﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻘﺒﻴﺤﺔ، ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن إن ﻋﻘﻮل ﺣﻜﻤﺎﺋﻬﻢ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻋﻘﻮل اﻷﻧﺒﻴﺎء وأذﻛﻰ ﻣﻨﻬﺎ«، »وﻣﻦ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ اﻟﺸﻨﻴﻌﺔ إﻧﻜﺎر اﻟﻘﻀﺎء واﻟﻘﺪر«» ،وأﺣﻜﺎﻣﻬﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺘﻨﺒﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ، وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ ﻗﻮاﻧﲔ أﺧﺮى أﻏﻠﺒﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﻲ ،وﻫﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮاﺋﻊ«. )ﺗﻠﺨﻴﺺ اﻹﺑﺮﻳﺰ
رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي
,,
اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻓﻲ آﺧﺮ ﻛﺘﺒﻪ أﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺘﺰام ﻛﻤﺎل اﻟﻌﻔﺔ وﻣﻼزﻣﺔ اﻟﺒﻴﺖ راﻓﻀﴼ ﺗﻮﻟﻲ اﳌﺮأة ﻟﻠﻮﻇﺎﺋﻒ واﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻷن ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺆون اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻷﻛﻤﻞ ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ ﻟﻠﺮﺟﺎل
,,
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
41
ثقافة
ﻛﻐﻴﺮي ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﺟﻴﻠﻲ ﻣﻤﻦ ﺗﻌﺮض ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻜﺜﻒ ﻟﺨﻄﺎب اﻟﺼﺤﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ رﻳﻌﺎن ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺗﻪ ،ﺗﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺷﺨﺼﻴﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وإﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﻮاﻟﺐ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﺼﻤﺘﺔ، وأﺣﻜﺎم ﻣﻄﻠﻘﺔ ،ﺗﻮارﺛﺘﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻨﻘﺎش ،ﺷﻜﻠﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺎﺟﺰﴽ راﺳﺨﴼ وﺳﺪﴽ ﻣﻨﻴﻌﴼ ،أﻣﺎم أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺘﺴﺎؤل أو اﻟﺸﻚ ،واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﺗﺮاث ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ راﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وأﺛﺮت ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
ﻫﻞ ﻛﺎن رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﺗﻐﺮﻳﺒﻴﴼ؟
ﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻘﻠﻢ: ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﺮﺷﻴﺪ
اﻟﻄﻬﻄﺎوي ،أﺣﺪ أﺑﺮز ﻗﺎدة اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻴﺦ رﻓﺎﻋﺔ ُ ﻣﺼﺮ ١٨٧٣-١٨٠١ـ ﻗﺪم ﻓﻲ أدﺑﻴﺎت اﻟﺼﺤﻮة ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره »اﻟﺒﺬرة اﻷوﻟﻰ ﻟﺸﺠﺮة اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ ،وﻧﻤﻮذﺟﴼ ﻟـ«اﻟﺸﻴﺦ اﳌﻨﺘﻜﺲ« ،اﻟﺬي ذﻫﺐ ﻣﻊ اﻟﺒﻌﺜﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ )١٨٢٦م( واﻋﻈﴼ وإﻣﺎﻣﴼ ﻟﻠﺼﻼة ،ﻟﻜﻦ ﺣﲔ ﻋﺎد ،أﺿﺤﻰ »واﺣﺪﴽ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ« ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﻗﻄﺐ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )واﻗﻌﻨﺎ اﳌﻌﺎﺻﺮ( اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﺮﺟﻌﴼ ً ﺷﺎﻣﻼ ﻟﻔﻜﺮ اﻟﺼﺤﻮة ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﺨﻠﻴﺞ. ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،ﺑﻞ دﺧﻞ رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي وﺑﺸﻜﻞ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﻓﻲ أي دراﺳﺎت أﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ »اﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻲ« اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره واﺣﺪﴽ ﻣﻦ رﻣﻮزه ،ﻛﻤﺎ أورده ﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺴﻌﻮدي ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻌﺼﺮاﻧﻴﻮن ﺑﲔ ﻣﺰاﻋﻢ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ،وﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ« وﻛﺘﺎب »اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻟﺪى اﳌﻔﻜﺮﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ اﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ« ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺰﻫﺮاﻧﻲ ،وآﺧﺮون. ُ ﻟﻮﺣﻖ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﺑﺄوﺻﺎف ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻐﺮﻳﺐ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، وﺗﻌﻤﻴﻢ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ..وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺮى أﺳﺎﺳﴼ أن ﻫﺬه اﻷوﺻﺎف ﺑﺤﺪ ذاﺗﻬﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ رﻳﺎدة وﻣﻨﻘﺒﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻋﻴﺒﴼ ﻳﻘﺪح ﻓﻲ اﻟﻄﻬﻄﺎوي أو ﻏﻴﺮه ﻣﻦ دﻋﺎة اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ،ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﺨﻠﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﺗﻔﻮق اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻐﺮﺑﻲ وﺻﻌﻮده آﻧﺬاك ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه ،اﻟﺘﺴﺎؤل اﳌﻮﺿﻮﻋﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺮض ﻧﻔﺴﻪ ،ﻫﻞ ﻛﺎن اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﻪ وﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ورؤاه ﻣﺴﺘﻨﺴﺨﴼ ﻟﻠﺤﺎﻟﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻣﺴﻠﻮﺑﴼ ﻟﻬﺎ ﻫﻜﺬا ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ؟ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺎول أن ﻧﺠﻴﺐ ﻋﻨﻪ؟
ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﳌﺒﻜﺮ إذا ﺗﺮﻛﻨﺎ اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ ﺳﻮف ﻧﺠﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮف اﳌﻨﺎﻗﺾ ﺗﻤﺎﻣﴼ ،ﻓﺮﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤﺎرة، ٌ »راﺋﺪ وﻛﻤﺎ ﻳﻜﺘﺐ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺮﺑﺪاوي ﻓﻲ اﳌﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﻦ رواد ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﳌﺼﺮﻳﺔُ ، وﻳ َﻌ ﱡﺪ ﻣﻦ أرﻛﺎن ﻧﻬﻀﺔ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚّ . ﺗﻤﻴﺰ ﺑﺮؤﻳﺔ ﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺔ واﺿﺤﺔ ،ووﻋﻲ ﻧﺎﺿﺞ 40
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎل ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ُﻫ ﱠﻮة اﻟﺘﺨﻠﻒ واﻟﻔﻘﺮ واﻻﻧﻬﻴﺎر«. ً اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺑﻠﺪه ﻃﻬﻄﺎ ،وﻫﻲ إﺣﺪى ﻣﺪن ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺳﻮﻫﺎج ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ،وﻟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ،١٨٠١وﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻘﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ،ﺛﻢ رﺣﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻓﺎﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻷزﻫﺮ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺳﻨﺔ ،١٨١٧وﺗﺘﻠﻤﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻦ اﻟﻌﻄﺎر ﺷﻴﺦ اﻷزﻫﺮ آﻧﺬاك ،ﻳﻘﻮل اﻟﺮﺑﺪاوي» :وﻗﺪ ﳌﺲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺒﻮغ واﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻤﻴﺬه ،ﻓﺒﻌﺪ أن ّ ﺗﺨﺮج ﻓﻲ اﻷزﻫﺮ ﺳﻨﺔ ،١٨٢١وﻛﺎن ﻋﻤﺮه ﱠ إﺣﺪى وﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ،درس ﻓﻲ اﻷزﻫﺮ ﺳﻨﺘﲔ ،ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ وﻇﻴﻔﺔ إﻣﺎم واﻋﻆ ﻓﻲ اﻟﺠﻴﺶ اﳌﺼﺮي ،ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮر ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﺷﺎ إرﺳﺎل أﻛﺒﺮ ﺑﻌﺜﺔ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻠﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ َ ﱠ َ اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻨﺎﺑﻐﺔ رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،رﺷﺢ ﺷﻴﺦ اﻷزﻫﺮ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﻟﻴﺮاﻓﻖ اﻟﺒﻌﺜﺔ إﻣﺎﻣﴼ ﱡواﻋﻈﴼ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎرﻳﺲ، ﱠ ﻓﺘﻔﻮق ﻓﻲ وﻫﻨﺎك ﺟﻤﻊ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﱠ ﺗﺤﺼﻴﻠﻬﺎ ،وأﺟﺎدﻫﺎ ﻗﺮاءة وﻧﻄﻘﴼ واﻃﻼﻋﴼ ﻋﻠﻰ أدب ﻛﺒﺎر اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ،وأﺿﺎف إﻟﻰ ﻗﺮاءاﺗﻪ دراﺳﺔ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،وأﺳﺎﺗﺬة اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ«. ﻋﺎد اﻟﻄﻬﻄﺎوي إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﺳﻨﺔ ُ ،١٨٣٢وأ ْﺳ ِﻨ ْ ﺪت إﻟﻴﻪ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﺘﺮﺟﻢ ﺑﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻄﺐ ،ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ اﳌﺪﻓﻌﻴﺔ »اﻟﻄﻮﺑﺠﻴﺔ«، ﻛﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺘﺮﺟﻤﴼ ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﻔﻨﻮن اﳌﺪﻧﻴﺔ ،وﻓﻴﻬﺎ ﺗﺮﺟﻢ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ »ﺗﻌﺮﻳﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﳌﺪﻧﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ« ،ﻛﻤﺎ أﻧﺸﺄ ﻣﺘﺤﻔﴼ ﻟﻶﺛﺎر ُﻳﻌﺪ أول ﻣﺘﺤﻒ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ،وأﺷﺮف ﻋﻠﻰ ﺻﺤﻴﻔﺔ »اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﳌﺼﺮﻳﺔ« اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄﻫﺎ أﺳﺘﺎذه ﺣﺴﻦ اﻟﻌﻄﺎر ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪر ﺑﺎﻟﻠﻐﺘﲔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻣﻮﻗﻌﻪ اﻟﻄﻬﻄﺎوي إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻫﺞ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﻣﻔﺘﺸﴼ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ﺣﺎول ًّ ُ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ،وأﻧﺸﺄ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﺸﺆون اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ، ﺳﻤﺎﻫﺎ »روﺿﺔ اﳌﺪارس« وﻟﻜﻦ وﻟﻌﻪ ﺑﺎﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻇﻞ ﻳﺸﺪه إﻟﻴﻬﺎ، ﻓﻠﻤﺎ أﻧﺸﺌﺖ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻠﻐﺎت ﺳﻨﺔ ،١٨٣٥اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻴﺮ اﺳﻤﻬﺎ إﻟﻰ َ ﻧﺎﻇﺮﻫﺎ ،وأﻟﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ »ﻗﻠﻢ ﻣﺪرﺳﺔ »اﻷﻟﺴﻦ« أﺻﺒﺢ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ« ،وﺻﺎر ﳌﺪرﺳﺔ اﻷﻟﺴﻦ أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻧﲔ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺎﺟﺴﻪ اﻷول ،وﻗﺪ ﱠ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ﺑﺄﻧﻬﺎ: »ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻧﻤﻮ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﺗﺠﺎﻫﺎت ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﻔﺮد ،وﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻪ وﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ« ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﻮﺟﻪ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻧﺤﻮ اﳌﺮأة
ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺣﺼﻮﻧﻨﺎ ﻣﻬﺪدة ﻣﻦ داﺧﻠﻬﺎ« وﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﲔ آﺧﺮﻳﻦ ﻟﻪ ،ﻫﻤﺎ» :اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ« و«اﻹﺳﻼم واﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ« ،ﻛﺎن ﻫﻮ اﻟﻘﻨﻄﺮة اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ« اﻟﻰ ﺿﻔﺔ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ،وﻗﺪ ﺗﺤﺪرت إﻟﻴﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﳌﺴﺘﺸﺮﻗﲔ ﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ واﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﺮادﻓﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺚ ،وﻛﺎن اﳌﺜﻘﻔﻮن اﻟﺮوس ﻓﻲ روﺳﻴﺎ اﻟﻘﻴﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ إزاء اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ. ﻫﻨﺎك ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻟﺼﻴﻘﺔ ﺑﺘﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻬﺪاﻣﺔ« وﻫﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻻﻧﺤﺮاف اﻟﻔﻜﺮي« ،ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ دارﺟﺔ ﻓﻲ اﳌﺼﻄﻠﺢ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻷرﺛﻮذﻛﺴﻲ. وﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮم أن اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻓﻲ اﺻﻄﻼﺣﺎﺗﻬﻢ اﻏﺘﻨﻮا ﻣﻦ اﳌﻌﺠﻢ اﳌﺎرﻛﺴﻲ رﻏﻢ ﻋﺪاﺋﻬﻢ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻠﻤﺎرﻛﺴﻴﺔ واﳌﺎرﻛﺴﻴﲔ ورﻏﻢ ﻋﺪاء اﳌﺎرﻛﺴﻴﲔ اﻟﺸﻨﻴﻊ ﻟﻬﻢ .أﻣﺎ وﺿﻊ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻟﻠﺸﻴﻮﻋﻴﺔ واﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﻨﺎزﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺔ واﺣﺪة ،ﻓﺄرﺟﻌﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ أﺧﺺ ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﻀﺎدة ﻟﻠﺸﻴﻮﻋﻴﺔ وﻟﻠﺸﻴﻮﻋﻴﲔ ،ﻓﺎﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن اﻟﻌﺮب ﻛﺎن ﻳﺮﻣﻮن ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ ،ﻓﺨﺎﻃﻬﻢ إﻋﻼﻣﻪ اﻟﺪﻋﺎﺋﻲ ﻣﻊ اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﻨﺎزﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻤﻴﺺ واﺣﺪ.
ﳌﺎذا اﻟﻴﺴﺎر وﻟﻴﺲ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ!؟ ﻫﺎﺗﻔﺖ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻗﺒﻞ أن أﻛﺘﺐ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،وأﺑﺪﻳﺖ ﻟﻪ إﻋﺠﺎﺑﻲ ﺑﻤﺎ ﺳﻤﺎه ﻫﻮ ﺑﺴﻴﺮﺗﻴﻪ اﳌﺘﻮازﻧﺘﲔ» :ﻣﺎذا ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ اﻟﺤﻴﺎة؟« و«رﺣﻴﻖ اﻟﻌﻤﺮ« ﺛﻢ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻫﻞ أﺗﺎك رد ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺘﻪ ﻋﻦ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ؟ ﻓﺄﺟﺎب ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ. ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :إﻧﻲ أﻋﺮف ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ،ﻷﻧﻪ ّ درﺳﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻓﺄﺑﺪى ﺟﻼل أﻣﲔ دﻫﺸﺘﻪ ،وﻗﺎل :ﻻ ﺑﺪ أﻧﻚ ﻣﺨﻄﺊ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ، رﺑﻤﺎ أن اﻟﺬي درﺳﻚ ﺣﺎﻣﺪ رﺑﻴﻊ .ﻗﻠﺖ :أﻋﺮف ﺣﺎﻣﺪ رﺑﻴﻊ وﻟﻢ أﺧﻠﻂ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ،ﻓﺤﺎﻣﺪ رﺑﻴﻊ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ أن ّ درس ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ .ذﻛﺮت ﻟﻪ ﺷﻮاﻫﺪ ﻋﻠﻰ أن ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي درﺳﻨﻲ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻨﻪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي .أﻋﻠﻤﺘﻪ أن ﺻﻮرﺗﻪ ﻋﻨﺪﻧﺎ – ﻧﺤﻦ ﻃﻠﺒﺘﻪ -ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻋﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻪ ﻫﻮ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت. ﺻﺎرﺣﻨﻲ ﺟﻼل أﻣﲔ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺎﻣﺤﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ ﻳﺘﻔﻬﻢ دواﻓﻌﻪ ،وأﺿﺎف ﻣﻮﺿﺤﴼ :ﺛﻤﺔ أﻧﺎس ﻓﻲ ﺟﻬﺎز
اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺆﻣﻨﲔ ﺑﺘﺠﺮﺑﺘﻪ أﺷﺪ اﻹﻳﻤﺎن، وﻓﻲ ﻇﻞ اﳌﻨﺎخ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ واﻟﺪوﻟﻲ اﳌﺸﺤﻮن ،ﻛﺎﻧﻮا ّ ﻳﻌﺪون اﻷﺷﺨﺎص واﻷﺣﺰاب اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻊ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻣﺘﺂﻣﺮﻳﻦ وأﻋﺪاء ﻟﻠﻮﻃﻦ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس. ّ إذا ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي اﻟﺘﻲ ﳌﺢ ﻓﻴﻬﺎ إﻟﻰ اﻋﺘﺮاف ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻛﺎن ﻳﺮاﻗﺒﻪ ،ﺳﻨﻠﺤﻆ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺑﻜﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺪﻳﺪ وﻗﺖ اﻻﻋﺘﺮاف :ﻫﻞ ﻫﻮ ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ اﳌﻌﺘﻘﻞ ﺳﻨﺔ ١٩٥٦أم ﻫﻮ – ﻛﻤﺎ ﻗﺎل – ﺑﻌﺪ أن ﺗﺮك اﳌﺒﺎﺣﺚ ﻇﺎﻫﺮﻳﴼ وﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻛﺘﻮراه؟ أﺳﺘﺒﻌﺪ أﻧﻪ اﻋﺘﺮف ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ اﳌﻌﺘﻘﻞ ﺳﻨﺔ ١٩٥٦ واﻷﻗﺮب أن اﻻﻋﺘﺮاف ﻛﺎن ﻓﻲ ﺳﻨﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﻓﺄول زﻳﺎرة ﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي ﳌﺼﺮ ﺑﻌﺪ أن ﻫﺎﺟﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻨﺔ ،١٩٥٨ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ .١٩٧٤اﻋﺘﺮف ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻟﻠﺸﺎوي ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮ رواﻳﺘﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﺘﺮﻣﻪ وﻳﻮﻗﺮه وﻳﻮده. وﻷﻧﻪ أﺳﺎﺳﴼ ﻟﻢ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻪ أذى ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﺳﺎﻋﺪه ﻓﻲ ﺗﻴﺴﻴﺮ إﺟﺮاءاﺗﻪ، وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺈن اﻟﺸﺎوي ﻟﻢ ﻳﺘﻮرع ﻋﻦ اﻟﺘﺸﻬﻴﺮ ﺑﻪ! أﻣﻴﻞ إﻟﻰ أن اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ اﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻓﻲ وزارة اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ اﳌﺸﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻄﻠﻬﻢ أذى ﻣﻨﻪ ،ﻓﻠﻮ ﻃﺎﻟﻬﻢ أذى ﻣﻨﻪ ،ﻟﻜﺎﻧﻮا ﺷﻬﺮوا ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻤﺎ ﻃﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺴﻒ واﺿﻄﻬﺎد ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،وﳌﺎ ﻛﺎن ّ درس ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﻟﻺﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻧﻔﻮذ ﻗﻮي ﻓﻴﻬﺎ. وﺗﻌﻠﻴﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ أن أﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻫﺎﺟﺮ أﻛﺜﺮﻫﻢ إﻟﻰ ﺧﺎرج ﻣﺼﺮ ،ﻛﺘﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي وﻣﺤﻤﺪ ﻛﻤﺎل ﺧﻠﻴﻔﺔ وﻣﺤﻤﻮد أﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد ..وﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻫﺎﺟﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺣﺴﺎن ﺣﺘﺤﻮت .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻴﺔ ﺣﲔ ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﳌﻘﺎل، أن أﺗﺤﺪث ﻋﻦ ذﻛﺮﻳﺎﺗﻲ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ زﻣﻼء ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻹﻋﻼم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎم ،وآﺧﺮﻳﻦ أﺗﻮا ﺑﻌﺪه ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻣﻦ دون ﺧﻄﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ اﻧﺴﻘﺖ إﻟﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،وﻟﻦ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﻓﻄﻨﺔ اﻟﻘﺎرئ وزﻛﺎﻧﺘﻪ أﻧﻲ ّ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ أﺣﺎول أن أؤرخ ﻻ أن أﻗﻮم وأﺣﻜﻢ <
ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ
,,
ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﺳﺘﺨﺪام ﺗﺴﻤﻴﺔ )اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي( ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻘﻮﻣﻴﻮن واﳌﺎرﻛﺴﻴﻮن واﻟﻴﺴﺎرﻳﻮن ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ
,,
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
39
دراسات
ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن إزاءﻫﺎ ﺗﺴﻤﻴﺎت ﻣﻤﻠﻜﺔ ..وﻣﻤﺎﻟﻚ ..وأرض ..ﻫﺬا ً أوﻻ .ﺛﺎﻧﻴﴼ أن دار اﻹﺳﻼم ودار اﻟﺤﺮب ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻓﻘﻬﻲ وﻟﻴﺲ ﺗﻘﺴﻴﻤﴼ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻋﻨﺪ اﳌﺴﻠﻤﲔ ،وأن ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ – ﻛﻤﺎ أوﺿﺤﻨﺎ -ﻟﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﺻﻄﻼﺣﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﲔ اﳌﺴﻠﻤﲔ.
,,
أﺣﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﻠﻂ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﳌﻜﻮﻧﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸوﻃﺎن ,ﻣﺎ أﺻﺒﺢ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ )اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ( وﻫﻮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎح اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻠﻐﻞ إﻟﻰ أذﻫﺎن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﻟﻌﻠﻤﺎء اﳌﺘﺨﺼﺼﲔ
,,
ﺛﺎﻟﺜﴼ ،أن اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﻔﻘﻬﻲ ﻫﻮ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺛﻼﺛﻲ وﻟﻴﺲ ﺗﻘﺴﻴﻤﴼ ﺛﻨﺎﺋﻴﴼ. ﻓﻬﻨﺎك – ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻬﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ – دار اﻹﺳﻼم ودار اﻟﺤﺮب ودار اﻟﻌﻬﺪ )أو دار اﻟﺼﻠﺢ( .واﻟﺪار اﻷﺧﻴﺮة ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺗﺤﺖ اﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ أﻫﻠﻬﺎ ﺟﺰﻳﺔ ﻻرﺗﺒﺎﻃﻬﻢ ﺑﻤﻌﺎﻫﺪة أو اﺗﻔﺎق ﻣﻊ دار اﻹﺳﻼم .وﻣﻊ أن ﻫﺬه اﻟﺪار -اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﺗﺄﺳﻴﺴﴼ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺠﺮان واﻟﻨﻮﺑﺔ واﻷرﻣﻦ – ﻛﺎﻧﺖ اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻓﻲ ﻋﺼﻮر اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻼﻗﺔ ﺧﻀﻮع ﻣﻊ دار اﻹﺳﻼم إﻻ أﻧﻬﺎ – ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ – ﻓﺘﺤﺖ ﺑﺎﺑﴼ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ﺣﺪي اﻟﺤﺮب واﻟﺠﺰﻳﺔ ،إﻟﻰ ﻋﻘﺪ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﺪول اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻫﺪات ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ. ﻳﺆﺳﻔﻨﻲ أن أﻗﻮل إن ﻓﺼﻞ ”اﻟﺜﻮاﺑﺖ ﻧﻮاﺑﺖ :دراﺳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ وﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎب اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﻌﺎﺻﺮ“ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﺎﻟﺢ اﻟﻌﺠﻤﻲ ”ﺗﺤﺖ اﻟﻘﺸﺮة :دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﳌﻮروث“ ﺗﻄﻴﺢ ﺑﻤﺎ ُﺑﻨـﻲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻦ ﻓﺎﻟﺢ. ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺼﻄﻠﺢ ”اﻟﺜﻮاﺑﺖ“ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ .وأن ”اﻟﺜﻮاﺑﺖ“ أو ”اﳌﺮﺟﻌﻴﺎت“ أو ”اﻟﻬﻮﻳﺔ“ ﻫﻲ ﻣﺮادﻓﺎت ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ”اﳌﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة“! وﻗﺪ زﻋﻢ ﻓﺎﻟﺢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ أﻧﻨﺎ ”ﻟﻮ أردﻧﺎ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻛﻠﻤﺔ )اﻟﺜﻮاﺑﺖ( إﻟﻰ ﻟﻐﺎت أﺟﻨﺒﻴﺔ، ﻟﻌﺠﺰﻧﺎ ،ﻷن ﻣﻘﺎﺑﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺧﺮى ﻟﻴﺴﺖ ﺟﺰءﴽ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﺳﺦ اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ“. إن ”اﻟﺜﻮاﺑﺖ“ وﺷﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ”اﳌﺘﻐﻴﺮات“ ﺗﺴﻤﻴﺘﺎن ﻣﺘﺄﺧﺮﺗﺎن ﺟﺪﴽ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ .وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻌﺎرﻫﻤﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن ﻣﻦ ﺗﺴﻤﻴﺔ دارﺟﺔ وﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻴﺴﺎري واﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺘﻘﺪﻣﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ .وﺗﻨﺘﻤﻲ ﻫﺎﺗﺎن اﻟﺘﺴﻤﻴﺘﺎن إﻟﻰ ﺣﻘﻞ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .وﻫﻤﺎ ﻣﺘﺮﺟﻤﺘﺎن ﻋﻦ اﻟﻐﺮب ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺣﺮﻓﻴﺔ .وأﺻﺤﺎب اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻴﺴﺎري واﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺘﻘﺪﻣﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮﻫﻤﺎ ﺑﻨﻬﺞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام أدوﻧﻴﺲ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮ ”اﻟﺜﺎﺑﺖ واﳌﺘﺤﻮل :ﺑﺤﺚ ﻓﻲ اﻻﺗﺒﺎع واﻹﺑﺪاع ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب“. اﻟﺼﺎدر ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ،ﻓﻨﻬﺞ أدوﻧﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺎن ﻳﻨﺤﻮ ﻣﻨﺤﻰ اﳌﺴﺘﺸﺮﻗﲔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺼﺢ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ”اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ“ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .وﻛﺘﺎب أدوﻧﻴﺲ ﻳﻨﺪرج ﺿﻤﻦ إﻃﺎر ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ،وﻳﺠﺐ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻫﻨﺎ إﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻷدوﻧﻴﺲ ّ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﳌﺒﻜﺮة ﻓﻲ اﳌﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ”اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ“.
اﻟﻐﺰو اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ! ﻛﺘﺎب »اﻟﻐﺎرة ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﻲ« ﻫﻮ ﻟﺒﻨﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ أﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ »اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ« وﻫﻮ اﳌﺼﺪر اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻟﺘﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي« ،ﻓﺎﻟﻐﺎرة واﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺮادﻓﺎت ـ اﻟﻐﺰو ـ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺮض اﻟﺴﺎﺑﻖ ـ ﺟﺎء اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟﻌﻨﻮان ﺧﻄﻪ ﺷﺎﺗﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ. اﺳﺘﺨﺪام ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﻐﺰو ﻓﻲ اﳌﺠﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺟﺎء اول ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻت ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ اﳌﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻷزﻫﺮ« ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت .ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎﻟﻪ »ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎم« اﳌﻨﺸﻮر ﺳﻨﺔ ١٩٥٨ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻷزﻫﺮ« وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻤﻦ ﺳﻤﺎﻫﻢ »دﻋﺎة اﻟﺸﺮ« ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻗﺎل» :ﻫﺬه ﺑﻌﺾ أﻣﺜﻠﺔ ﺗﺼﻮر اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ (اﻟﻐﺰو ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ) -إن ﺟﺎز ﻟﻲ أن أﺳﺘﻌﻴﺮ ﺗﻌﺒﻴﺮ اﳌﺴﺘﺮ داﻻس .“-
38
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻣﻦ أي ﻛﺘﺐ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺟﻮن ﻓﻮﺳﺘﺮ داﻻس اﺳﺘﻌﺎر ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن داﻻس اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ”ﺣﺮب أم ﺳﻼم“ اﻟﺼﺎدر ﺑﺎﻻﻧﺠﻴﺰﻳﺔ ﺳﻨﺔ .١٩٥٠ اﺳﺘﻮﺣﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ داﻻس ”اﻟﻐﺰو ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ“ ﻋﻨﻮاﻧﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻋﻨﺪ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ”ﺣﺼﻮﻧﻨﺎ ﻣﻬﺪدة ﻣﻦ داﺧﻠﻬﺎ“ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻫﻮ ﺗﺼﺮف ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺘﻪ اﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺻﺎﻏﻪ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ ،وﻣﻊ أن ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ اﺳﺘﺨﺪم ﺗﻌﺒﻴﺮ ”اﻟﻐﺰو ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ“ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ اﻋﺘﺮاﺿﻴﺔ ،ﻧﺎﺳﺒﴼ إﻳﺎه إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ داﻻس ،إﻻ أن اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﺷﺎع ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻت وأﺑﺤﺎث وﻛﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ. ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﺷﻬﻴﺮة ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﻴﻤﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺒﺮدوﻧﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد ﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﻳﻘﻮل ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ: وﻫﻞ ﺗﺪرﻳﻦ ﻳﺎ ﺻﻨﻌﺎ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﺴﺮي ﻓﻈﻴﻊ ﺟﻬﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي وأﻓﻈﻊ ﻣﻨﻪ أن ﺗﺪري ﻓﻘﺪ ﻳﺄﺗﻮن ﺗﺒﻐﴼ ﻓﻲ ﺳﺠﺎﺋﺮ ﻟﻮﻧﻬﺎ ﻳﻐﺮي ﻏﺰاة ﻻ أﺷﺎﻫﺪﻫﻢ وﺳﻴﻒ اﻟﻐﺰو ﻓﻲ ﺻﺪري اﺳﺘﺨﺪم ﺗﻌﺒﻴﺮ »اﻟﻐﺰو ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ« ﻋﻨﻮاﻧﴼ ﻟﻘﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻫﺬه. وأﻗﻄﻊ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺪر اﻟﻰ اﻟﺒﺮدوﻧﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺮ داﻻس ،وﻫﺬا ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻏﺪا ﺷﺎﺋﻌﺎ. وﻓﺎﺗﻨﻲ أن أذﻛﺮ أن أول ﻣﺆﻟﻒ أذاع ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي« ،ﻫﻮ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ واﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻼل ﻛﺸﻚ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﺪ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت ،وﻛﺎن – وﻗﺘﺬاك -ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻬﺪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮل ﻋﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻮﺟﻪ ﻋﺮوﺑﻲ إﺳﻼﻣﻲ .ﻛﺘﺒﻪ اﻟﺘﻲ أذاع ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻫﻲ» :اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي – -«١٩٦٤وﻫﻮ أول ﻛﺘﺎب إﺳﻼﻣﻲ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻮﻟﻪ – و«اﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ واﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي – «١٩٦٥و«اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي – «١٩٦٦و«اﻟﻨﻜﺴﺔ واﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي – .«١٩٦٨وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي« إﻟﻰ ﻗﺎﻣﻮس اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ .ﻓﻬﺬه اﻟﻜﺘﺐ ،وﻛﺘﺐ أﺧﺮى ﻟﻪ ﺻﺪرت ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت وﻓﻲ أول اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﻛـ«ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ إﺳﻼﻣﻴﺔ :اﻟﺤﻖ اﳌﺮ« و«دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ ﻣﻨﺤﻞ« و«أﺧﻄﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺴﺔ« و«اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﺼﺮي« و«إﻳﻠﻲ ﻛﻮﻫﲔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ« و«اﻟﺠﻬﺎد ﺛﻮرﺗﻨﺎ اﻟﺪاﺋﻤﺔ« و«ﻃﺮﻳﻖ اﳌﺴﻠﻤﲔ إﻟﻰ اﻟﺜﻮرة اﳌﻌﺎﺻﺮة« و«اﻟﻨﺎﺑﺎﻟﻢ اﻟﻔﻜﺮي« و«دﺧﻠﺖ اﻟﺨﻴﻞ إﻟﻰ اﻷزﻫﺮ« ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ رواﻓﺪ اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺮﺟﻌﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻟﺤﺪﻳﺚ واﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻪ وﻣﺠﺎدﻟﺘﻪ واﻟﺘﻨﻈﻴﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﻀﺎد ﻟﻪ. ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻼل ﻛﺸﻚ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻮﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،ﺑﻤﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻓﻲ ﺧﻄﺎﻃﺘﻪ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ وﺗﺮﺳﻴﻤﺘﻪ اﻟﻌﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻔﻬﻢ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ واﻟﻌﻠﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺷﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺘﻪ ،ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ. ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﺳﺘﺨﺪام ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي« ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻘﻮﻣﻴﻮن واﳌﺎرﻛﺴﻴﻮن واﻟﻴﺴﺎرﻳﻮن ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻮاﻓﺪة ﻣﻦ اﻟﻐﺮب اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ واﻟﻔﻜﺮ اﻟﺒﺮﺟﻮازي اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻻﻋﻼم اﳌﺪﻋﻮم ﻣﻦ اﻣﻴﺮﻛﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺮف اﻟﻘﻮﻣﻴﲔ ذي اﳌﻴﻞ اﻟﻴﺴﺎري واﳌﺎرﻛﺴﻴﲔ واﻟﻴﺴﺎرﻳﲔ ﻫﻲ ﻏﺰو ﺛﻘﺎﻓﻲ ،أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب وﻣﻦ اﻟﺸﺮق ﻣﻦ ﺗﻴﺎرات ﻣﺎرﻛﺴﻴﺔ وﻳﺴﺎرﻳﺔ ،واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم اﳌﺪﻋﻮم ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﻏﺰوا ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﻼﻗﺢ وﻟﻘﺎح وإرﺷﺎد وﺗﺒﺼﻴﺮ وﺗﻨﻮﻳﺮ!
ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻻت أﻧﻪ أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻣﺘﻀﻠﻊ وﺑﺎﺣﺚ ﻣﺘﻤﺮس ،وأن ﻋﺮوﺑﺘﻪ ﻋﺮوﺑﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﺿﻴﻘﺔ ،وأﻧﻪ ﻣﺤﺎﻓﻆ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﱢ »زﻣﻴﺘﺔ« إزاء ﻗﺒﻮل اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﺗﻌﻠﻢ ﺗﻌﻠﻴﻤﴼ ﺣﺪﻳﺜﴼ ،وﻛﺎن ﻣﺘﺤﺮرﴽ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن أﺣﻤﺪ ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ ورﺟﺎء اﻟﻨﻘﺎش ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻴﻬﻤﺎ ﻋﺮوﺑﻴﲔ ﻣﺘﺤﺮرﻳﻦ ﻣﻊ ﻣﻴﻞ ﻟﻠﻴﺴﺎر. ﻛﺘﺎﺑﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ ورﺟﺎء اﻟﻨﻘﺎش اﻧﺪﺛﺮا وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻤﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻳﺬﻛﺮ، أﻣﺎ ﻣﻘﺎﻻت ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻛﺘﺎﺑﴼ ذاﺋﻊ اﻟﺼﻴﺖ ﻋﻨﺪ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻣﻨﺬ ﺻﺪوره ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت .وﻛﺎن ﻟﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻲ وﻋﻲ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ اﳌﻌﺎﺻﺮ وﻓﻲ أﻃﺎرﻳﺤﻬﻢ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻗﺪم ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﲔ ﻟﻪ أﺷﺮت إﻟﻰ اﺳﻤﻬﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ ،إﻟﻰ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ رؤﻳﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﻣﺘﺰﻣﺘﺔ اﺗﻜﺄ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ اﻟﻨﺎﺑﺬ ﻟﻌﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺘﺤﺪﻳﺚ اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ وأﻋﻼﻣﻪ ،واﻟﻜﺎره ﻟﻠﻄﻬﻄﺎوي وﺧﻴﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ وﺟﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه. ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻛﺘﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن »ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﺴﺮﻳﺔ واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ« وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻛﺘﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ اﻷوﻟﻰ »ﻓﻲ وﻛﺮ اﻟﻬﺪاﻣﲔ« وﺗﺴﻤﻴﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ »ﻓﻲ أوﻛﺎر اﻟﻬﺪاﻣﲔ« وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ دﻋﻮة ﻫﺪاﻣﺔ «..ﺷﺎﻋﺖ ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻬﺪاﻣﺔ« اﳌﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻴﺎرات واﻟﺤﺮﻛﺎت واﳌﺬاﻫﺐ واﻷﻓﻜﺎر إﻟﺦ ..ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻮﻋﻈﻲ وﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻋﺎﻣﺔ. ﻓﺎﻟﻜﺘﺎب اﻷول ﻣﻦ اﳌﺮاﺟﻊ اﳌﻌﺘﻤﺪة ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ .واﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﳌﺮاﺣﻞ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ّ ﻣﺮ ﺑﻬﺎ ﻛﺎن ﻛﺘﺎﺑﴼ ﺗﺜﻘﻴﻔﻴﴼ أﺳﺎﺳﻴﴼ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﳌﺤﺎﻓﻆ وﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺤﺮﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻴﺎراﺗﻪ ،إﻟﻰ أواﺧﺮ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت اﳌﻴﻼدﻳﺔ.
اﻟﻐﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩١١ﻛﺘﺐ اﳌﺴﺘﺸﺮق أ .ل .ﺷﺎﺗﻠﻴﻪ ﻓﻲ »ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ً اﻹﺳﻼﻣﻲ« ـ اﻟﺼﺎدرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ـ ﺗﻘﺮﻳﺮﴽ ﻃﻮﻳﻼ ﻋﻦ ﻧﺸﺎط اﻹرﺳﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ اﻟﺒﺮوﺳﺘﺎﻧﺘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ .ﻓﻠﺨﺺ ﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺨﻄﻴﺐ )ﺳﻮري ﻣﻬﺎﺟﺮ اﻟﻰ ﻣﺼﺮ( وﻣﺴﺎﻋﺪ اﻟﻴﺎﻓﻲ )ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ ﻃﺮاﺑﻠﺴﻲ ﻋﺎش ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ( ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ، وﻧﻘﻼه اﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻧﺸﺮاه ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ﺑﺠﺮﻳﺪة »اﳌﺆﻳﺪ« ـ اﻟﺼﺎدرة ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة .وﻧﻘﻠﺘﻪ ﻋﻦ »اﳌﺆﻳﺪ« ﻣﺠﻼت ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺠﻠﺔ »اﳌﻨﺎر« ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة وﺟﺮﻳﺪة »اﻹﺧﺎء اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ« ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت. وﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٤٩أﻋﺎد ﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪﺗﻪ ﺟﺮﻳﺪة »اﻟﻔﺘﺢ« ﻧﺸﺮ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﺬي ﻛﺘﺒﻪ ﺷﺎﺗﻠﻴﻪ وﻟﺨﺼﻪ وﻧﻘﻠﻪ اﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﻴﺎﻓﻲ .وﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٣١ﻃﺒﻌﻪ ﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﻲ )اﳌﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ( ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة .وﻗﺪ ﺗﻌﺪدت ﻃﺒﻌﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﳌﻄﺒﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ،وﻫﻲ اﳌﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ،وﻓﻲ دور ﻧﺸﺮ أﺧﺮى. ﻛﺎن اﻟﺨﻄﻴﺐ واﻟﻴﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻠﻬﻤﺎ ﻣﺤﺮرﻳﻦ ﺑﺠﺮﻳﺪة »اﳌﺆﻳﺪ«، ﻳﻌﻨﻴﺎن ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﺑﺤﺎث اﳌﻨﺸﻮرة ﻓﻲ »ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ« ﻣﻨﺬ ﺻﺪورﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ،١٩٠٤وﻟﻘﺪ ﺻﺪﻣﻬﻤﺎ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﻛﺘﺒﻪ رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ اﳌﺴﺘﺸﺮق ﺷﺎﺗﻠﻴﻪ ،ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺠﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﻟﻴﺎﻧﻬﺎ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﻤﺎ »ﻣﺠﻠﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أدﺑﻴﺔ ) (..ﻇﺎﻫﺮة ﺑﻤﻈﻬﺮ ﻋﻠﻤﻲ ﺗﻜﻮن اﻟﻐﺎﻳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ..ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺬي ﻧﺸﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺎﺗﻠﻴﻪ ﺗﻘﺮﻳﺮه إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺒﺸﻴﺮﻳﺔ« .ﻳﻘﻮل اﻟﻴﺎﻓﻲ ﻣﺨﺎﻃﺒﴼ رﻓﻴﻘﻪ اﻟﺨﻄﻴﺐ وزﻣﻴﻠﻪ ﻓﻲ »اﳌﺆﻳﺪ«» :اﻧﻈﺮ ،إﻧﻤﺎ أﺻﺪرت ﻋﺪدﴽ ﺿﺨﻤﴼ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﺑﺤﺚ واﺣﺪ ،ﻫﻮ ﺑﺤﺚ ﺗﺒﺸﻴﺮي ﻳﺪور ﺣﻮل ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ارﺳﺎﻟﻴﺎت اﻟﺒﺸﻴﺮ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻣﺎ ﻗﻴﻞ
ﻓﻲ اﳌﺆﺗﻤﺮات اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪﺗﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻻرﺳﺎﻟﻴﺎت ﻓﻲ أوﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻋﻨﻮان ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ )اﻟﻐﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ( أو )ﻓﺘﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ(«. اﺧﺘﺎر اﻟﺨﻄﻴﺐ واﻟﻴﺎﻓﻲ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻻوﻟﻰ ـ وﻫﻲ اﻟﻐﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ـ ﻋﻨﻮاﻧﴼ ﳌﺎ ﻧﺸﺮاه ﻣﺴﻠﺴﴼ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة »اﳌﺆﻳﺪ« وﻟﻘﺪ ﺣﺎﻓﻆ اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﻨﻮان ﺣﻴﻨﻤﺎ اﻋﺎد اﻟﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة »اﻟﻔﺘﺢ« وﻋﻨﺪ إﺻﺪاره ﻓﻲ ﻛﺘﺎب. ﺗﻠﺨﻴﺺ اﻟﺨﻄﻴﺐ واﻟﻴﺎﻓﻲ ﳌﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺷﺎﺗﻠﻴﻪ وﻧﻘﻠﻪ اﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أﺛﺎر ﻧﻘﺪﴽ ﻋﻨﺪ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻤﲔ »ﺳﺎءﻫﻢ أن ﻳﻨﺸﺮ اﳌﺆﻳﺪ ﻣﻘﺎﻻت )اﻟﻐﺎرة ً ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ( ﺑﺪون ان ﻳﻌﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ« .وأﺛﺎر ﺳﺠﺎﻻ ﺑﲔ ﺟﺮﻳﺪة »ﻻﺑﻮرص اﺟﺒﺴﻴﺎن« ـ اﻟﺼﺎدرة ﺑﺎﻻﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ـ و«ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ« ،وﺑﲔ ﺟﺮﻳﺪة »اﳌﺆﻳﺪ«.
ﻣﻦ أﻳﻦ ﺟﺎء ﻫﺬا اﻟﻮﺻﻒ» ..اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻻﺳﻼﻣﻲ«؟ وﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ذﻛﺮ »ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ« ،ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻗﺮأت ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻛﺘﺎﺑﴼ ﻟﻸﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺴﻌﻮدي ﻓﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺷﺒﻴﺐ اﻟﻌﺠﻤﻲ اﺳﻤﻪ »ﺗﺤﺖ اﻟﻘﺸﺮة :دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﳌﻮروث« ،رأﻳﴼ ﺣﻮل ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ« ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺼﻮاب ﻓﻴﻪ .ﻳﻘﻮل ﻓﺎﻟﺢ اﻟﻌﺠﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب »اﻟﺜﻮاﺑﺖ ﻧﻮاﺑﺖ :دراﺳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ وﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎب اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﻌﺎﺻﺮ«» :أﺣﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﻠﻂ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﳌﻜﻮﻧﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸوﻃﺎن ،ﻣﺎ أﺻﺒﺢ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ )اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ( .وﻫﻮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎح اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻠﻐﻞ إﻟﻰ أذﻫﺎن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﻟﻌﻠﻤﺎء اﳌﺘﺨﺼﺼﲔ ،ﺑﻞ واﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻌﺎروا – ﺟﻤﻴﻌﴼ – ﻫﺬا اﳌﺼﻄﻠﺢ ،وأﺻﺒﺤﻮا ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ﻣﺮادﻓﴼ ﻟﻠﺮﻗﻌﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﻠﻤﻮن«. وﻳﺪﻋﻢ رأﻳﻪ ﺑﺮأي ﻗﺎﻟﻪ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ »اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ورﻫﺎﻧﺎت اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﻌﻮﳌﺔ« ،ﻣﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »ﻗﻀﺎﻳﺎ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة« .ﻳﻘﻮل ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ» :وﻫﺬا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺨﻠﻖ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻌﻮاﻟﻢ اﻷﺧﺮى ،ﻫﻞ ﺗﺼﻨﻒ ﺳﻠﺒﴼ )ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ إﺳﻼﻣﻴﺔ؟( أم ﺗﺼﻨﻒ ﺣﺴﺐ ﻫﻮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻺﺳﻼم؟ وﻫﺬا ﻳﺪﺧﻠﻨﺎ ﻓﻲ دواﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺪاء ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ،ﻓﺈذا ً ﻛﺎن ﻣﺼﻄﻠﺢ )اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ( ﺑﺪﻳﻼ ﻟﺪار اﻹﺳﻼم ،ﻓﺈن ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﺘﻜﻮن )دار اﻟﺤﺮب(«!
,,
اﻗﺘﺮح أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي أن ﻳﺴﺎﻓﺮ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻴﻘﺎﺑﻞ اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﻣﺼﺎﻟﻲ اﻟﺤﺎج وﻳﺼﻠﺢ ذات اﻟﺒﲔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ
,,
ﻳﻬﻮي ﺑﻬﺬﻳﻦ اﻟﺮأﻳﲔ إﻳﻀﺎح ﺑﺴﻴﻂ ،وﻫﻮ أن ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ« ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻐﺮب ﻫﻮ اﻟﺬي ّ ﺳﻚ ﺗﺴﻤﻴﺔ »اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ« وﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟـ«ﻟﻴﻤﻮﻧﺪ ﻣﺴﻠﻤﺎن« LE MONDE MUSULMANﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .واﻟﻐﺮب ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻚ أﻳﻀﺎ ﺗﺴﻤﻴﺔ ”ﻋﺎﻟﻢ اﻻﺳﻼم“. ﻛﻤﺎ أن ﺗﺴﻤﻴﺔ ”اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ“ ،ﻫﻲ – ﺑﺎﻷﺳﺎس -ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ، ﺗﺮﺟﻤﺖ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻔﺮدﺗﻲ ﻋﺎﻟﻢ واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ،ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام ﺑﺪأ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻛﺬﻟﻚ ﻫﻮ اﻷﻣﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺒﺔ أو اﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻴﻬﻤﺎ ﻛﻘﻮﻟﻨﺎ ﻋﺎﳌﻲ واﻟﻌﺎﳌﻲ .ﻓﺎﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﻮن ً اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﺑﺪﻳﻼ ﳌﻔﺮدﺗﻲ ﻋﺎﻟﻢ واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻔﺮدات ﻣﻦ ﻣﺜﻞ أﻗﺎﻟﻴﻢ وﻣﻤﺎﻟﻚ وﺑﻼد وأرض ودﻳﺎر ّ وﺑﺮ واﻷﻣﺎﻛﻦ واﻟﺒﻘﺎع واﻷﺻﻘﺎع. ﻳﻘﻮم رأي ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺬي ﺗﺒﻨﺎه ﻓﺎﻟﺢ اﻟﻌﺠﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺴﻒ ﻇﺎﻫﺮ واﻓﺘﺮاض زاﺋﻒ ،ﺗﻨﻘﻀﻬﻤﺎ اﻟﻮاﻗﻌﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :ﻛﺎن اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﻮن اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﺗﺴﻤﻴﺔ دار اﻹﺳﻼم وﺗﺴﻤﻴﺘﲔ آﺧﺮﻳﲔ ،ﻫﻤﺎ” :ﺑﻼد اﻹﺳﻼم“ و“ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻹﺳﻼم“ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا ﺗﺴﻤﻴﺔ ”دار اﻟﺤﺮب“ إزاء اﻟﺮﻗﻊ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺧﺎرج ﺣﻴﺰ دار اﻹﺳﻼم،
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﺗﻮﻓﻴﻖ اﻟﺸﺎوي
37
دراسات
اﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﺻﻠﺤﺎء ﺑﻨﻲ اﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وإذا ﻗﺎﻟﺖ أﻣﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﺗﻌﻈﻮن ﻗﻮﻣﴼ اﻟﻠﻪ ﻣﻬﻠﻜﻬﻢ أو ﻣﻌﺬﺑﻬﻢ ﻋﺬاﺑﴼ ﺷﺪﻳﺪﴽ ﻗﺎﻟﻮا ﻣﻌﺬرة اﻟﻰ رﺑﻜﻢ وﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﻘﻮن{« .ﻋﻨﻮﻧﺖ اﳌﻘﺎﻻت اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺿﻤﻬﺎ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﻨﺎوﻳﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ .ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ ـ
,,
أول ﻣﺆﻟﻒ أذاع ﺗﺴﻤﻴﺔ )اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي( ﻫﻮ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ واﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻼل ﻛﺸﻚ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﺪ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت
,,
ﺑﺤﺴﺐ ﺗﺮﺗﻴﺐ وﺿﻌﻬﺎ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ اﻟﻰ أﺳﻔﻞ ـ ﻫﻲ :ﺣﺼﻮﻧﻨﺎ ﻣﻬﺪدة ﻣﻦ داﺧﻠﻬﺎ ،ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،دﻋﻮة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻰ إﺣﻴﺎء اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ،وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻘﺎل ﻣﻦ اﳌﻘﺎﻻت اﻷرﺑﻌﺔ وﺿﻌﺖ ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة :اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ أﺳﺘﺎذ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻰ أن دور ﻧﺎﺷﺮه اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺣﺮﻓﻲ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ اﻷزﻫﺮ ،ﻣﻦ دون أي ﺗﻨﺴﻴﻖ واﻋﺎدة ﺗﺮﺗﻴﺐ. ﻋﺪد ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻜﺘﺎب اﺛﻨﺘﺎن وﺳﺘﻮن ﺻﻔﺤﺔ ،وﻻ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻓﻬﺮﺳﴼ ﳌﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻪ .ﻃﺒﻌﺖ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻧﻬﻀﺔ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻟﻌﻨﻮان ﻧﻔﺴﻪ ،وﻻ ﻳﻌﺮف ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺪﻗﺔ ﺳﻨﺔ ﺻﺪورﻫﺎ .وﻣﻦ اﳌﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ أول ﻋﻘﺪ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت .وﺗﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺨﺔ ﻧﺴﺨﺔ ﻧﺎدرة. ﻓﻲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻻوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﻣﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ أﺑﻲ اﻟﺴﻤﺢ ،ﻟﻢ ﻳﺤﻆ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻻﻧﺘﺸﺎر ،رﻏﻢ ﻋﻨﻮاﻧﻪ اﻟﺠﺎذب اﻟﺬي ﻳﻮﺣﻲ ﻟﻠﻘﺎرئ ﺑﺄن ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻳﺨﻮض ﻣﻐﺎﻣﺮة ﺑﻮﻟﻴﺴﻴﺔ .رﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ﻫﺬا اﻟﻰ أن ﻧﺎﺷﺮه ﻃﺒﻊ ﻣﻨﻪ ﻧﺴﺨﴼ ﻗﻠﻴﻠﺔ .وﺑﺤﻜﻢ أن ﻧﺎﺷﺮه ذو ﻣﻨﺼﺐ دﻳﻨﻲ ﻣﺮﻣﻮق وﺷﻴﺦ وواﻋﻆ ،وذو اﺗﺠﺎه ﺳﻠﻔﻲ ﻓﻠﻘﺪ ﻋﺮف اﻟﻜﺘﺎب ـ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻓﻲ ﻋﻨﻮاﻧﻪ ـ ﻓﻲ أوﺳﺎط اﳌﺸﺎﻳﺦ اﻟﺴﻠﻔﻴﲔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﲔ. زار ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﺳﻨﺔ ،١٩٦٦ﺑﺪﻋﻮة ﻣﻦ وزارة اﻷوﻗﺎف واﻟﺸﺆون اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻤﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وأﻟﻘﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﲔ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﺎﺷﻄﻮن اﻹﺳﻼﻣﻴﻮن ﻫﻨﺎك ،وﻛﺎن ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﲔ ،ﻓﻲ أﺛﻨﺎء زﻳﺎرﺗﻪ ﻫﺬه ﻃﺒﻊ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ اﳌﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻷزﻫﺮ« ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،وﺻﺪرت ﺗﻠﻚ اﳌﻘﺎﻻت ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻋﻨﻮاﻧﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ »ﺣﺼﻮﻧﻨﺎ ﻣﻬﺪدة ﻣﻦ داﺧﻠﻬﺎ« ،وﻋﻨﻮاﻧﻪ اﻟﻔﺮﻋﻲ: »ﻓﻲ أوﻛﺎر اﻟﻬﺪاﻣﲔ« وﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺑﲔ ﻫﻼﻟﲔ .اﻟﻜﺘﺎب ﺻﺪر ﻋﻦ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﳌﻨﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮﻳﺖ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﺪوﺣﺔ ،وﺻﺪرت ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻃﺒﻌﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﺼﻮرة ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻻوﻟﻰ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت. اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻜﻮﻳﺖ واﻟﺪوﺣﺔ وﻃﺒﻌﺘﻪ ً اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﺷﻬﺪ اﻗﺒﺎﻻ واﺳﻌﴼ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء ـ وﻫﺬا ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻰ أن اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ )ﻗﺒﻞ أن ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺼﺤﻮة( ﺗﺒﻨﺖ اﻟﻜﺘﺎب وروﺟﺘﻪ. وﻗﺪ أﺷﺎر ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺼﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻟﻪ ﺑﺠﺮﻳﺪة »اﻟﺮﻳﺎض« ﻧﺸﺮ ﺑﻌﻨﻮان »ﻓﻮﺑﻴﺎ اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي أم ﻋﻜﺲ اﻻﺗﺠﺎه« إﻟﻰ ﺳﻌﺔ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻜﺘﺎب وﺗﺄﺛﻴﺮه ﻓﻲ أﺑﻨﺎء ﺟﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ .ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ دار اﻹرﺷﺎد ﺑﺒﻴﺮوت ﺳﻨﺔ ١٩٧١ـ وﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ـ أﺳﻘﻂ اﳌﺆﻟﻒ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﻔﺮﻋﻲ »ﻓﻲ أوﻛﺎر اﻟﻬﺪاﻣﲔ« ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺮﺋﻴﺲ »ﺣﺼﻮﻧﻨﺎ ﻣﻬﺪدة ﻣﻦ داﺧﻠﻬﺎ« ،وﻇﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺎﺗﻪ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة.
ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻼل ﻛﺸﻚ
36
ﺗﺒﺪأ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ،ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ أﺳﻘﻂ ً ﻣﻨﻪ ﻓﺼﻮﻻ ﺛﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺿﻤﻬﺎ ﺑﺎب »ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ«، وأﺿﺎﻓﻬﺎ إﻟﻰ أﺑﻮاب ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻹﺳﻼم واﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ« اﻟﺼﺎدر ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﺳﻨﺔ ،١٩٦٩وأﺿﺎف إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ ﻣﺬﻛﺮة ﺣﻮت رأﻳﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ اﻟﺼﺎدرة ﺳﻨﺔ ١٩٦٧وﻓﻲ ﻃﺒﻌﺎﺗﻪ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﳌﺘﻌﺪدة ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻧﺺ اﳌﺆﻟﻒ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻫﻲ ﻣﺆرﺧﺔ ﺑـ ٩رﺟﺐ ١٣٧٩ﻫـ اﳌﻮاﻓﻖ ﻟـ .١٩٥٩/١/١٨ﻫﺬه اﳌﻘﺪﻣﺔ ﺑﺘﺎرﻳﺨﻬﺎ
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﳌﺬﻛﻮر ﺗﺮﺑﻚ اﻟﻘﺎرئ ،ﻷن اﳌﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻛﺘﺎﺑﻪ وإﺷﺎرة ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﺼﺎدرة ﺳﻨﺔ ١٩٧١ﻳﺬﻛﺮ أن ﻃﺒﻌﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻷوﻟﻰ ﺗﻤﺖ ﺳﻨﺔ ،١٩٦٧وﻻ ﻳﻌﺪ ﻧﺸﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻫﻮ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻻوﻟﻰ ،رﺑﻤﺎ ـ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻔﻬﻤﻪ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻹﺷﺎرة ـ اﻟﻰ أن ﻣﺎ ﺟﻤﻌﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ ﻫﻮ ﺑﻌﺾ اﳌﻘﺎﻻت وﻟﻴﺲ ﻛﻠﻬﺎ ،وأن اﻟﻜﺘﺎب ﺻﺪر ﻣﻠﻴﺌﴼ ﺑﺎﻷﺧﻄﺎء. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬا اﻹرﺑﺎك اﻟﺬي أوﻗﻊ اﳌﺆﻟﻒ اﻟﻘﺎرئ ﺑﻪ ،ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻃﺒﻌﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ ﺣﻮت ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻛﺘﺸﻔﺖ أﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻴﻬﺎ وﻻ ﻫﻲ أﻳﻀﴼ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺒﻌﺘﻬﺎ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻧﻬﻀﺔ ﻣﺼﺮ. ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮي أن اﳌﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻟﻜﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬي ﻧﺸﺮه اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ، ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻴﺦ اﺳﺘﻌﺠﻞ ﻓﻲ ﻃﺒﻌﻪ ،ﻓﻄﺒﻌﻪ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﻠﻪ اﳌﻘﺪﻣﺔ .وأرى أن ﺻﺪور اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ وﻋﺪم رﺿﺎه ﻋﻦ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻫﻤﺎ ﺳﺒﺐ ﻋﺪم اﻋﺘﺮاﻓﻪ ﺑﻄﺒﻌﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ، وﻟﻴﺲ اﻟﺴﺒﺐ أﻧﻬﺎ ﺿﻤﺖ ﺑﻌﺾ اﳌﻘﺎﻻت ﻻ ﻛﻠﻬﺎ ،وﻻ اﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻷﺧﻄﺎء ،ﻓﻬﺬان ﺳﺒﺒﺎن ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻓﻴﲔ ﻟﻌﺪم اﻋﺘﺮاﻓﻪ ﺑﻬﺎ. ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﺗﻀﻤﻨﺖ إﺷﺎرات وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺤﻒ ﺑﻜﺘﺎﺑﺘﻪ ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻷزﻫﺮ« ﻳﺮاﻫﺎ ﻫﻮ ﻣﻬﻤﺔ ـ وﻫﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺬﻟﻚ ـ وأن ﻻ ﻏﻨﻰ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻋﻨﻬﺎ ،وﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻣﺒﻜﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺘﺄﻟﻴﻔﻴﺔ اﺑﺘﺪأ ﻣﻦ آﺧﺮ ﺳﻨﻮات اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت ،ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻔﺎء اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﻜﻠﻲ ﻓﻴﻬﺎ ،اﻗﺘﺪاء ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ، واﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ ـ ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﴼ ـ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺗﻨﺴﻴﻖ وﺗﺮﺗﻴﺐ وﻻ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻧﺸﺮ وﻫﺬا أﻣﺮ ﻳﻌﻨﻰ ﺑﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ. أﻋﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ﺑﺤﺜﴼ ﺑﻌﻨﻮان »ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺮوح« ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻧﺸﺮ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻷزﻫﺮ« ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت ﺿﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻟﻜﻨﻪ ـ ﻛﻤﺎ أﺧﺒﺮﻧﺎ ـ اﻧﻘﻄﻊ ﻋﻦ ﻧﺸﺮ ﺑﻘﻴﺘﻪ ﺑﻌﺪ أن ﻧﺤﻲ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻋﻦ رﺋﺎﺳﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﳌﺠﻠﺔ ،وﺣﻞ ﻣﺤﻠﻪ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ،ﻓﺄﻟﻘﺎه ﻓﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺸﺒﺎن اﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﺛﻢ ﻧﺸﺮه ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺻﺎدر ﻋﻦ »ﻣﻨﺸﺄة اﳌﻌﺎرف« ﺳﻨﺔ ١٩٦٠ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ :ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ وأﻫﺪاﻓﻬﺎ«. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺪﻋﻮات اﻟﻬﺪاﻣﺔ ،ﺛﻢ أﻋﺎد ﻧﺸﺮه ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﺳﻨﺔ ،١٩٦٩ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﴼ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻋﻨﻮاﻧﻪ: »اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ دﻋﻮة ﻫﺪاﻣﺔ :ﺗﺤﻀﻴﺮ اﻷرواح وﺻﻠﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ«.
اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ :اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﺗﺤﻘﻴﺒﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وأﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﺰل ﻣﻘﺎﻻت ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ اﳌﻨﺸﻮرة ّ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻷزﻫﺮ« ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت وﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﲔ أﻟﻔﻬﻤﺎ ﺷﺎﺑﺎن ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ .ﻫﺬان اﻟﻜﺘﺎﺑﺎن ،ﻫﻤﺎ» :اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪ أو اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ« و«ﻓﻲ أزﻣﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ« ،وﻫﺬان اﻟﺸﺎﺑﺎن ،ﻫﻤﺎ :اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ أﺣﻤﺪ ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻨﺎﻗﺪ رﺟﺎء اﻟﻨﻘﺎش. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻋﺰل ﺗﻠﻚ اﳌﻘﺎﻻت وﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﲔ ،ﻟﻨﺸﺮ اﳌﻘﺎﻻت واﻟﻜﺘﺎﺑﲔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪ ﻧﻔﺴﻪ )اﻟﻜﺘﺎب اﻷول ﻧﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺳﻨﺔ ،١٩٥١ واﻟﻜﺘﺎب اﻵﺧﺮ ﻧﺸﺮ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﺳﻨﺔ (١٩٥٨وﻷن اﳌﻘﺎﻻت واﻟﻜﺘﺎﺑﲔ ﺗﻀﻤﻨﺎ ﻫﺠﻮﻣﴼ ﻋﻠﻰ اﳌﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻷن اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻮاﻟﲔ ﻟﺠﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،وﻇﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﻻء إﻟﻰ وﻓﺎﺗﻬﻢ.
ﺑﻌﺪ ﻃﺮد ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﺤﺰب ﺗﺤﻮل ﻛﻠﻴﴼ ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ،إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻷﺣﺮارﻳﺔ ،أو اﻟﺘﺤﺮرﻳﺔ أو اﳌﺬﻫﺐ ّ اﻟﺤﺮ أو إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﺎﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ. ً اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ١٩٢٤ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪﺗﻲ »اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ« و«اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﻋﻤﻞ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ« اﻟﺘﺎﺑﻌﺘﲔ ﻟﺤﺰب اﻷﺣﺮار اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﲔ ،ﻣﻦ دون أن ﻳﻨﻀﻢ إﻟﻰ اﻟﺤﺰب .وﻟﻘﺪ ﻇﻞ ﻟﺴﻨﻮات ﻣﻦ ﻏﻼة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎل ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﳌﺼﺮﻳﲔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ .وﻟﻘﺪ اﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ رﻓﺎﻗﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ أﻧﻪ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﺎزي ،واﺗﻬﻢ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﻗﻠﻢ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ! أﻃﻠﻌﻨﺎ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ – ط،١٩٤٧ ،١ ﻃﺒﻌﺔ ﻣﻨﻘﺤﺔ – «١٩٥٨وﻫﻮ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻛﻔﺎﺣﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ – ﻋﻠﻰ ﻧﺘﻔﺔ ﻣﻤﺎ ﺣﻞ ﺑﺎﻟﺤﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﻟﺬي أﻧﺸﺄه ﻣﻊ رﻓﺎﻗﻪ اﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻳﻘﻮل ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب »وﻟﻜﻦ ﺣﺪث ﻓﺠﺄة أن أﺣﺪﻧﺎ ،اﻷﺳﺘﺎذ ﺣﺴﻨﻲ اﻟﻌﺮاﺑﻲ ،وﺟﺪ ﻓﻴﻨﺎ ﺑﻄﺌﴼ ﻟﻢ ﻳﻄﻖ ﻟﻪ ﺻﺒﺮﴽ ،ﻓﻘﺼﺪ إﻟﻰ اﻻﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ وأﻋﻠﻦ اﻟﺤﺰب )اﻹﺑﺎﺣﻲ( – وﻛﻠﻤﺔ إﺑﺎﺣﻲ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻤﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻵن ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺷﻴﻮﻋﻲ –«. ﻣﺤﻤﻮد ﺣﺴﻨﻲ اﻟﻌﺮاﺑﻲ ﺟﻌﻞ ﻛﻠﻤﺔ اﺑﺎﺣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﺪ ﻣﻦ اﺷﺘﺮاﻛﻲ وإﺻﻼﺣﻲ وﻣﻌﺘﺪل ،وﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﺠﺬرﻳﺔ واﻟﺜﻮرﻳﺔ ،وأﻧﻬﺎ ﺣﻖ ﻣﺒﺎح .اﳌﻔﺎرﻗﺔ أن اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺷﻴﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﻧﺸﺄة اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ،ﺳﺘﻐﺪو ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻬﻤﺔ ﺷﻨﻴﻌﺔ ﺗﺼﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت واﻟﺘﻴﺎرات اﻷﺧﺮى اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ ﺑﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﻬﻤﺔ اﻟﺸﻨﻴﻌﺔ ﺗﺰﻋﺠﻬﻢ أﻳﻤﺎ إزﻋﺎج. اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺧﻠﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ أﺻﺤﺎب اﳌﺠﻼت ،وأﺻﺤﺎب اﳌﺴﺮﺣﻴﺎت اﻟﺴﺎﺧﺮة اﻟﻬﺰﻟﻴﺔ ﻓﻲ وﺻﻒ ﻣﺠﻼﺗﻬﻢ وﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،إذ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﻼﻋﺔ أﻳﺎﻣﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واﻟﻬﺰل، وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﺪﺣﻲ ﻣﻌﻴﺐ .وﻟﻔﻬﻢ اﳌﻼﺑﺴﺎت واﳌﻨﺎخ اﻟﺬي اﺳﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻇﻠﻬﻤﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن ﺗﺴﻤﻴﺘﻲ »اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ« و«اﳌﺬاﻫﺐ اﻟﻬﺪاﻣﺔ« ﻧﻠﻤﻠﻢ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﻧﻘﺎط ﻣﺤﺪدة ﻫﻲ: اﻟﻜﺘﺎب ﺻﺪر ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺘﲔ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺿﺮﺑﺔ ﻟﻠﺤﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲاﳌﺼﺮي ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﻌﺪ ﻃﺮده وﻃﺮد رﻓﻴﻘﻴﻪ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ وﻋﻠﻲ اﻟﻌﻨﺎﻧﻲ ،ﻛﺎن ﻗﺪ ّذﻳﻞ اﺳﻤﻪ ﻓﻲ أوراﻗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ وﻣﻄﺒﻮﻋﺎﺗﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﺘﺘﻤﺔ: »اﻟﺸﻌﺒﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ«. أﻧﻪ ﻃﺮد ﻣﻦ اﻟﺤﺰب اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺆﺳﺴﻴﻪ ،وأﻧﻪ اﻧﻘﻠﺐ ﺟﺬرﻳﴼﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ. أﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻐﻀﺐ واﻟﻐﻴﺾ واﳌﻜﺎﻳﺪة ﻟﺮﻓﺎﻗﻪ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺜﻮري،اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎش ﻣﻌﻬﻢ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺣﺰﺑﻴﺔ ﻗﺼﻴﺮة ،اﺳﺘﺨﺪم ﺗﻴﻨﻚ اﻟﺘﺴﻤﻴﺘﲔ اﻟﻠﺘﲔ ﻛﺎن ﻳﺠﺮي اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﻴﻤﻴﻨﻲ اﳌﺤﺎﻓﻆ ،وﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﺜﻮري ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء. ّ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﻞ ﺳﻌﻴﺪ زﻏﻠﻮل اﻟﺤﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﳌﺼﺮي ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت أﺻﺪر ﻗﻮاﻧﲔ ّ ﺗﺠﺮم ﺗﺮوﻳﺞ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،وﻗﺪ زادت ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺻﺪﻗﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت ﻣﻊ ﺻﻌﻮد اﳌﺪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت إﻟﻰ ﺳﻨﻮات اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﻴﺮات ﻣﻦ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻬﺪام واﻟﺤﺮﻛﺎت واﻷﻓﻜﺎر واﳌﺒﺎدئ واﳌﺬاﻫﺐ »اﻟﻬﺪاﻣﺔ« ،ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺘﺪاول اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻷﻣﻨﻲ واﻟﺤﺰﺑﻲ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ واﻟﺼﺤﺎﻓﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻤﺼﺮ.
ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ أو ﻗﻨﻄﺮة اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻛﺘﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ ـ أﺳﺘﺎذ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻻﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ
ـ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﻻت ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻷزﻫﺮ« ﻣﺎ ﺑﲔ ﺳﻨﺔ ١٩٥٦وﺳﻨﺔ ١٩٥٧وﺳﻨﺔ ،١٩٥٨ﺣﻤﻞ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻋﻨﻮاﻧﴼ ﺛﺎﺑﺘﴼ ﻫﻮ »ﺣﺼﻮﻧﻨﺎ ﻣﻬﺪدة ﻣﻦ داﺧﻠﻬﺎ« ،وﻛﺎن رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﳌﺠﻠﺔ وﻗﺘﺬاك ﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺨﻄﻴﺐ. ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﻻت ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻧﺸﺮﻫﺎ أﻋﺠﺒﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ إﻣﺎم اﳌﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻛﺜﻴﺮﴽ ،ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺒﻬﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ أن ﻳﺄذن ﻟﻪ ﺑﺠﻤﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﺄذن ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ .ﺟﻤﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ أرﺑﻌﺔ ﻣﻘﺎﻻت ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻧﺸﺮت ﺳﻨﺔ ١٩٥٧ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻃﺒﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻛﺎن ﻫﻮ ﻧﺎﺷﺮه، ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﻓﻲ وﻛﺮ اﻟﻬﺪاﻣﲔ«. أرﺟﺢ أﻧﻪ ﻃﺒﻊ إﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٥٨وإﻣﺎ ﻓﻲ أول ﺳﻨﺔ .١٩٥٩ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻨﺎدرة ،إذ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﻨﻪ ﺳﻮى ﻧﺴﺦ ﻣﺤﺪودة ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻜﺘﺒﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ودور اﻟﻜﺘﺐ وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻳﺘﺮاوح ﻋﺪدﻫﺎ ﻣﺎ ﺑﲔ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻮاﺣﺪة واﻟﻨﺴﺨﺘﲔ وﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﺧﻤﺲ ﻧﺴﺦ. وﻷن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺘﺎب ﻧﺎدر ،وﻷﻧﻪ ﺑﺼﻴﻐﺘﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ،١٩٦٧ﺳﻴﻐﺪو ـ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺘﺎب ﺗﻼه ﻓﻲ اﻟﺼﺪور وﻛﺘﺎب آﺧﺮ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ﺳﺒﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﺪور ـ ﻣﺆﺛﺮﴽ ﻓﻲ ﻣﺴﺎر اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ، وﺗﺒﻌﴼ ﻟﻪ ﻣﺆﺛﺮﴽ ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺳﺄﻗﺪم وﺻﻔﴼ ﻟﻪ وﺑﻴﺎﻧﺎت ﻋﻨﻪ .ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻮ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﳌﺆﻟﻒ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻨﺎﺷﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ .ﻓﺎﻟﻌﻨﻮان اﺳﺘﻮﺣﺎه اﳌﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻋﺒﺎرات ﺗﺮددت أن ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻫﻢ اﻟﻬﺪاﻣﲔ ،ﻳﻨﺘﻤﻮن اﻟﻰ ﻋﺼﺎﺑﺔ .واﻟﻌﺼﺎﺑﺔ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ وﻛﺮ ﺳﺮي ﺗﺠﺘﻤﻊ ﺑﻪ ﻟﻨﺴﺞ ﻣﺆاﻣﺮات اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ واﻟﻬﺪم. ﻏﻼف اﻟﻜﺘﺎب ﻳﺘﻀﻤﻦ اﺳﻢ اﳌﺆﻟﻒ واﺳﻢ ﻧﺎﺷﺮه .ﺗﺘﺼﺪر اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻨﺎﺷﺮ .ﺟﺎءت اﳌﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺘﲔ وﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺻﻔﺤﺔ ،وﺟﻪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ اﻟﺨﻄﺎب ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻰ اﻟﻘﺎرئ ،ﺑﻌﺒﺎرة ﻫﻲ: أﺧﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻪ .وﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﳌﻘﺪم ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ أن اﻟﻜﺘﺎب »ﻳﻔﻀﺢ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،وﻳﻜﺸﻒ اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ اﻟﺪﻣﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺮﻛﻬﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر«.
,,
زار ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﺳﻨﺔ ١٩٦٦ﺑﺪﻋﻮة ﻣﻦ وزارة اﻷوﻗﺎف واﻟﺸﺆون اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻤﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وأﻟﻘﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﲔ
,,
وﻧﺒﻪ اﻟﻰ أن »اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻻ ﻳﺸﻦ ﻫﺠﻮﻣﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ،ﺑﻞ ﻟﻸﺳﻒ ﻳﻬﺎﺟﻤﻨﺎ ﻣﻦ داﺧﻞ ﺣﺼﻮﻧﻨﺎ ..ﻣﻦ داﺧﻞ ﺑﻼدﻧﺎ ،«..واﻟﻜﺎﺗﺐ ﻳﺸﺮح ﻛﻴﻒ ﻳﺮﺑﻲ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻓﺌﺔ ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻨﺎ ﺗﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ وﺗﺴﺒﺢ ﺑﺤﻤﺪه وﺗﻘﺪس ﻟﻪ ،ﺛﻢ ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ اﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻘﻴﺎدة ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وﻓﻲ ﻣﻨﻈﻤﺎﺗﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻟﻴﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ اﺑﻌﺎدﻧﺎ ﺗﺪرﻳﺠﻴﴼ ﻋﻦ اﻟﺼﺮاط اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ .ﻻ ﺗﺤﻤﻞ اﳌﻘﺪﻣﺔ اﺳﻤﴼ ﺻﺮﻳﺤﴼ وﻻ اﺳﻤﴼ ﻣﺴﺘﻌﺎرﴽ ،وإﻧﻤﺎ اﺳﻢ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ رﻫﺒﺔ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب وﻣﻀﻤﻮﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﻗﺎرﺋﻪ ،ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻫﻮ» :ﻓﺎﻋﻞ ﺧﻴﺮ«! ﺟﺎءت ﻛﻠﻤﺔ ﻧﺎﺷﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻬﻴﻤﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻤﺢ ﻓﻲ ﻧﺼﻒ ﺻﻔﺤﺔ ،وﻗﺪ ﺧﺎﻃﺐ اﻟﻘﺎرئ ،ﺑﻌﺒﺎرة ﻫﻲ» :أﻳﻬﺎ اﻷخ اﳌﺴﻠﻢ« ،ﻣﻔﺼﺤﴼ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺟﻤﻌﻪ ﻣﻘﺎﻻت ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ وﻧﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ،اﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ ـ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل» :اﻋﺠﺎﺑﻲ ﺑﻬﺎ ﺣﻔﺰﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ اﻷزﻫﺮ وﻃﺒﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺘﻲ ـ ﺣﺴﺒﻪ اﻟﻠﻪ واﺑﺘﻐﺎء ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ ـ ﻟﻌﻠﻚ ﻟﻢ ﺗﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﺘﺮى ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻜﻪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ وﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﻦ؟! ﻋﻠﻰ أﻳﺪي أﺧﻮة ﻟﻚ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم اﺳﺘﻬﻮاﻫﻢ ﺑﻤﺎ زﻳﻦ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ،وﺧﺪﻋﻬﻢ ﺑﺎﳌﺎدة ،وزﻳﻦ ﻟﻬﻢ اﻟﻘﺒﻴﺢ ،رأوه ﺣﺴﻨﴼ وﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ.» ..
ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ
وﺧﺘﻢ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺑﺈﻓﺎدة ﻋﺠﻴﺒﺔ ،ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻓﻜﺮة ﻋﻦ رأي زﻣﻼﺋﻪ اﳌﺸﺎﻳﺦ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ،ﻳﻘﻮل ﻓﻲ اﻓﺎدﺗﻪ» :وﻗﺪ ﻻﻣﻨﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﺬﻟﺖ ﻣﻦ ﻃﺒﻊ ﻫﺬه اﳌﻘﺎﻻت ،ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻗﺺ المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
35
دراسات
ﻛﺎﻟﺘﺨﺮﻳﺐ واﻟﺘﺪﻣﻴﺮ واﻟﺘﻬﺪﻳﻢ .وﻗﺪ ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻷﺧﻴﺮة ،ﻓﻴﻘﺎل اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻬﺪام واﻷﻧﺸﻄﺔ واﳌﺒﺎدئ واﳌﺬاﻫﺐ واﻟﺤﺮﻛﺎت »اﻟﻬﺪاﻣﺔ«. ﻟﻌﻞ أول ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮﻛﺎت واﳌﺬاﻫﺐ اﻟﻬﺪاﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،إزاء اﳌﺬاﻫﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وإزاء اﳌﺬاﻫﺐ واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷوروﺑﻲ وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺸﺮق اﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻫﻮ اﳌﺆرخ اﳌﺼﺮي اﳌﺮﻣﻮق ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن .ﻓﻠﻘﺪ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎب ﻟﻪ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ ،واﺳﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺗﻀﺎﻋﻴﻔﻪ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ.
ﺟﻼل أﻣﲔ
,,
ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﺗﺤﻘﻴﺒﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وأﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﺰل ﻣﻘﺎﻻت ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﲔ اﳌﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ )اﻷزﻫﺮ( ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت وﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻦ ّ ﻛﺘﺎﺑﲔ أﻟﻔﻬﻤﺎ ﺷﺎﺑﺎن ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ
,,
34
ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻰ أن اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﻨﺎزﻳﺔ ﻫﻤﺎ ﻧﻘﻴﻀﺎن ﻟﻠﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،وأن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻫﻲ أﻳﻀﴼ ﻧﻘﻴﻀﺔ ﻟﺘﻴﺎرات أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻷوروﺑﻲ ،ﻛﻨﺖ أﻗﺮأه ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ .وﺑﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺒﺪى ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮاﺗﻪ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ إﺳﻼﻣﻴﴼ ﺣﺰﺑﻴﴼ ،وأﻧﻪ ﻳﺼﺪر ﻋﻦ ﻓﻜﺮ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﺗﺸﺠﻌﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻪ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﻠﺔ أن أﺑﺪي اﻋﺘﺮاﺿﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ذاﻛﺮا ﻓﺤﻮاه ،أﺟﺎﺑﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر» :ﻫﻮ أﻧﺖ ﺷﻴﻮﻋﻲ ﻳﺎوﻟﻪ!؟ ﻗﻠﺖ :ﻻ ،اﻋﺘﺮاﺿﻲ ﻫﻮ اﻋﺘﺮاض ﻋﻠﻤﻲ .ﻗﺎل :ﺑﺺ! ّ ﻫﻤﺎ ﺑﻴﺠﻤﻌﻬﻢ اﻻﺷﺘﺮاك ﻓﻲ اﻟﻬﺪم واﻟﺘﺨﺮﻳﺐ واﻹرﻫﺎب ،واﻟﻠﻲ ﻳﻔﺮﻗﻬﻢ ﺣﺎﺟﺎت ﺷﻜﻠﻴﺔ«! ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﻨﺖ أﻧﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﻧﺰﻋﺔ ﻣﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻤﺎرﻛﺴﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ّ ﻳﺴﺘﻬﻮﻳﻨﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪﻋﺎﺋﻲ ﻟﻬﺎ ،وأﻓﻀﻞ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻨﻘﺪﻫﺎ ﻧﻘﺪا ّ ﻓﺴﺮت ﺟﻤﻠﺘﻪ وإﺟﺎﺑﺘﻪ وﻗﺘﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺤﺎﺑﺎة ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻌﻚ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ. اﻟﺪﻋﺎﺋﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ذات ﺗﻮﺟﻪ دﻳﻨﻲ ،وﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﻣﻮر أن ﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻘﻮﻻت اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺧﺎرج ﻧﻄﺎق اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻗﺮاءﺗﻲ ﳌﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ »رﺣﻴﻖ اﻟﻌﻤﺮ«، أدرﻛﺖ أن ﺗﻔﺴﻴﺮي ﻏﻴﺮ ﺻﺎﺋﺐ .ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﻣﺤﺎﺑﻴﴼ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺼﺪر ﻋﻦ ﻣﻔﻬﻮم أﻣﻨﻲ أو )ﺑﻮﻟﻴﺴﻲ( ﺳﺎﺋﺪ ﻓﻲ ّ ﻣﺼﺮ اﳌﻠﻜﻴﺔ وﻣﺼﺮ اﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ ﺗﻐﺬى ﻣﻨﻪ وﺗﺸﺒﻊ ﺑﻪ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ إﻳﻤﺎﻧﺎﺗﻪ اﻟﺼﺎدﻗﺔ وﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ اﻟﺮاﺳﺨﺔ.
اﳌﺆرخ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن إن ﺣﺼﺮ اﳌﺬاﻫﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ زاوﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ وﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻟﻀﻴﻖ ،ﺳﻤﺔ ﺑﺎرزة ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ .ﻛﻤﺎ أن اﺳﺘﻌﻤﺎل ﻛﻠﻤﺔ »اﻟﻬﺪاﻣﺔ« إزاء اﳌﺬاﻫﺐ أو اﻟﺤﺮﻛﺎت أو اﻟﺘﻴﺎرات أو اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻫﻮ اﺳﺘﻌﻤﺎل ﺷﺎﺋﻊ ﻓﻲ أوﻋﻴﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﺎﻓﺔ ،اﳌﺴﻤﻮع ﻣﻨﻬﺎ واﳌﻜﺘﻮب. ﻟﺬﻟﻚ ﻛﻨﺖ أﺣﺴﺐ أن ﻻﺻﻘﺔ »اﻟﻬﺪاﻣﺔ« وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﳌﺬاﻫﺐ واﻟﺘﻴﺎرات، ﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﻔﺮدات اﻟﺪﻳﻨﻴﲔ واﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ،وأﻧﻬﻢ أﺧﺬوﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ّ أﻟﻔﻬﺎ ﻗﺪﻣﺎؤﻧﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﺮق واﳌﺬاﻫﺐ واﳌﻠﻞ واﻟﻨﺤﻞ .ﺛﻢ ﻋﺮﻓﺖ ﻻﺣﻘﺎ ّ أن ﻫﺬا أﻣﺮ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ .ﻓﻮﺻﻒ أﻣﺮ أو ﻧﺸﺎط ﺑﺄﻧﻪ ﻫﺪام ،ووﺻﻒ ﻣﺒﺎدئ أو ﻣﺬاﻫﺐ أو ﻧﻈﺮﻳﺎت ..إﻟﺦ ،ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻫﺪاﻣﺔ ،ﻫﻮ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ وﺻﻒ ﻣﺤﺪث وﻃﺎرئ ﻋﻠﻰ اﳌﻌﺠﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻗﺪﻳﻤﻪ وﺣﺪﻳﺜﻪ .ﻓﻬﺬا اﻟﻮﺻﻒ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟﻜﻠﻤﺔ SUBVERSIONﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻠﻤﺎت
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺻﺪر ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﺳﻨﺔ .١٩٢٦وﻛﺎن ﻋﻨﻮاﻧﻪ ”ﺗﺎرﻳﺦ واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ ،ﻣﺘﻀﻤﻨﴼ ﺳﻴﺮﻫﺎ ،وﻧﻈﻤﻬﺎ، اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﺴﺮﻳﺔ ّ وﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ ،ووﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ،ﻣﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﺼﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ“ .ﺗﻠﺤﻈﻮن أن اﻟﻌﻨﻮان ﺟﺪﴽ ﻃﻮﻳﻞ ،ورﺑﻤﺎ ﻇﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﺎ أن ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن ﻓﻲ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﺻﺪر ﻣﻨﺬ ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﻳﺤﺘﺬى ﺳﻨﺔ اﳌﺆﻟﻔﲔ اﻟﻌﺮب واﳌﺴﻠﻤﲔ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻓﻲ ﻃﻮل ﻋﻨﺎوﻳﻦ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ. واﻷﻣﺮ ﺧﻼف ﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﻫﺆﻻء ،ﻓﺒﻌﺾ اﳌﺆﻟﻔﲔ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ ذوي اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﻟﻐﺔ أﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ إﻟﻰ ﻓﻮاﺗﺢ اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺘﺬون ﻓﻲ ﻋﻨﺎوﻳﻦ ﻛﺘﺒﻬﻢ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ، اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻨﻮﻧﺔ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﺘﻲ ﺗﻐﻨﻴﻚ ﻋﻦ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﻓﻬﺎرس ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ! وﻗﺪ ﻻﺣﻈﺖ أﻧﻪ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺖ ﺳﻨﺔ ،١٩٥٤ﻣﺤﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﳌﺬﻳﻞ ﺑﺎﻟﻌﻨﻮان اﻟﺮﺋﻴﺲ» :ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﺴﺮﻳﺔ واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ« ،وﻗﺪ ﻋﺮف اﻟﻜﺘﺎب واﺷﺘﻬﺮ ﺑﻄﺒﻌﺎﺗﻪ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻨﻮان اﳌﺨﺘﺼﺮ .وأزال ﻋﺒﺎرات واردة ﻋﻠﻰ ﻏﻼف اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻫﻲ :إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻘﺐ »اﳌﺤﺎﻣﻲ« إﻟﻰ اﺳﻤﻪ وﺗﻌﺮﻳﻒ أﺗﻰ ﺗﺤﺖ اﺳﻤﻪ ﻫﻮ» :ﻣﺤﺮر ﺑﺠﺮﻳﺪﺗﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﻣﺆﻟﻒ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻜﺒﺮى ..اﻟﺦ« ،وﺗﺤﺬﻳﺮ ﻣﻜﺘﻮب ﺗﺤﺖ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻳﻘﻮل :ﻛﻞ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ وﻣﻤﻨﻮع ﻗﻄﻌﴼ اﻟﻨﻘﻞ واﻻﻗﺘﺒﺎس دون إذن ﺧﺎص .وﻟﻨﺎ أن ّ ﻧﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﺗﺄﺛﺮﴽ ﻣﺒﻜﺮﴽ ﺑﻘﺎﻧﻮن ﺣﻔﻆ اﻟﺤﻘﻮق اﳌﺆﻟﻒ اﳌﻌﺮوف ﻋﻨﺪ اﻟﻐﺮب. وﻣﻤﺎ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن ﺗﺴﻤﻴﺘﻲ »اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ« و«اﳌﺬاﻫﺐ اﻟﻬﺪاﻣﺔ« أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﺎﻷﺻﻞ ﻟﺼﻴﻘﴼ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ، وﻛﺎن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻟﻐﺎت أوروﺑﻴﺔ ﻋﺪة ،وﻛﺎن ﻳﺘﺮﺟﻢ ﻋﻨﻬﺎ ،وأن اﻟﻜﺘﺎب ﺟﺎء ﺑﻌﺪ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺗﺨﻠﻰ ﻫﻮ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣﴼ .ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻫﻮ وﻣﺤﻤﻮد ﺣﺴﻨﻲ اﻟﻌﺮاﺑﻲ وﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ وﻋﻠﻲ اﻟﻌﻨﺎﻧﻲ وآﺧﺮﻳﻦ، أﻧﺸﺄوا ﺟﻤﻌﻴﺔ اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ﺳﻨﺔ .١٩١٩ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻫﻮ وﻫﺆﻻء ﻣﻊ ﻟﻔﻴﻒ ﻣﻦ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﲔ اﻷﺟﺎﻧﺐ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﻣﺼﺮّ ،أﺳﺴﻮا ﺣﺰﺑﴼ ﺳﻴﺎﺳﻴﴼ ﺳﻤﻮه »اﻟﺤﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﳌﺼﺮي« ﺳﻨﺔ ،١٩٢١وﻫﺬا اﻟﺤﺰب ﻓﻲ ﺟﻨﺎح ﻣﻨﻪ ﻳﻌﺪ ﺑﺎﻛﻮرة اﻷﺣﺰاب اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺑﻤﺼﺮ. ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺤﺰب ﻳﺘﻨﺎزﻋﻪ اﺗﺠﺎﻫﺎن :اﺗﺠﺎه اﺷﺘﺮاﻛﻲ ﻓﺎﺑﻲ واﺗﺠﺎه ﺷﻴﻮﻋﻲ ﺻﺮﻳﺢ .وﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮﴽ وﻧﺼﻒ اﻟﺸﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺤﺰب ،اﻧﻘﺾ أﻧﺼﺎر اﻻﺗﺠﺎه اﻷﺧﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺘﺐ ﻗﻴﺎدة اﻟﺤﺰب ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة وﻃﺮدوا ﻗﻴﺎدﻳﻴﻪ وﻫﻢ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن وﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ وﻋﻠﻲ اﻟﻌﻨﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺰب ،ﻷن اﺷﺘﺮاﻛﻴﺘﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ إﺻﻼﺣﻴﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﺛﻮرﻳﺔ ،وأﺑﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻮد ﺣﺴﻨﻲ اﻟﻌﺮاﺑﻲ ﻓﻲ ﻗﻴﺎدة اﻟﺤﺰب ،ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺸﺎرﻛﻬﻢ اﻟﺮأي .وﻧﻘﻠﻮا ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻘﻴﺎدة ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة إﻟﻰ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ .وﺑﺎﻧﺘﺼﺎر ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه أﺧﺬ اﻟﺤﺰب ﺟﺮﻋﺔ ﻣﺎرﻛﺴﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﻋﺮض ﺑﺮاﻣﺠﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ُﺣﻞ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٢٤ﻋﻠﻰ ﻳﺪ زﻋﻴﻢ اﻟﻮﻓﺪ ﺳﻌﺪ زﻏﻠﻮل.
ﻣﻦ ﺳﻔﺮي ) (...وﺻﺎﺣﺒﻨﻲ ﻓﻲ ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ﻟﺸﺮاء ﻫﺪاﻳﺎ ،ﺑﺤﺠﺔ أﻧﻪ ﻟﻪ أﺻﺪﻗﺎء ﻫﻨﺎك ﻳﺠﺎﻣﻠﻮﻧﻪ ﻓﻲ اﻷﺳﻌﺎر«. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﺮد أﻋﻼه ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﺗﻮﻓﻴﻖ اﻟﺸﺎوي ﻣﻊ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ،ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ،ﺑﺤﺎدﺛﺔ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻣﻌﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ .ﻓﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺸﺎوي ﻣﻌﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻴﻨﺔ وﻟﻴﻨﺔ وﺑﺴﻴﻄﺔ وﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻣﻠﻪ ﺑﻠﻄﻒ ورﻓﻖ واﺣﺘﺮام ﻛﺒﻴﺮ .وﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻣﺎ رواه أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺴﺎﻋﺪه ﻓﻲ ﺗﺨﻄﻲ إﺟﺮاء ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮ ،وأﻧﻪ أﻋﻔﺎه ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻹﺟﺮاءات اﻟﺮوﺗﻴﻨﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺔ وﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻫﻮ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﻪ وﺣﺘﻰ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﺮاﻗﺒﺘﻪ ﻟﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻢ ﺑﻨﻌﻮﻣﺔ وﻟﻴﺎﻗﺔ وأدب رﻓﻴﻊ ،وﻟﻴﺲ ﻫﻜﺬا ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ ﺟﻼل أﻣﲔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﺑﺼﻠﻒ وﻗﺴﻮة وﻋﺮﺿﻪ ﻟـ»اﻟﺒﻬﺪﻟﺔ« وزﻳﺎدة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺑﺪاﻓﻊ ﺳﻴﺎﺳﻲ أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ذاﺗﻲ ﻳﻌﺮﻗﻞ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎرة اﳌﻮاﻓﻘﺔ رﻏﻢ ﺗﻮﺳﻂ ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻨﻔﻮذ ﻟﻪ ﺗﺤﺖ دﻋﻮى اﻟﺘﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺮددﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻊ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ وﻏﻴﺮه ،وﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻨﻪ» :ده ﺑﻌﺜﻲ«! وﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﻨﺖ واﳌﺸﻘﺔ واﻹﻫﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ واﺟﻬﻬﺎ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎرة اﳌﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ،ﻛﺎن ﻳﻄﻴﺐ – ﻛﻤﺎ ﻗﺎل -ﻟﻪ أن ﻳﻌﺪ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻗﺼﺘﻪ اﳌﻔﻀﻠﺔ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع اﳌﻨﺎخ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺸﻪ اﳌﺼﺮﻳﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت ،واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ، ﻓﻜﺘﻤﺖ أﻧﻔﺎس اﳌﺜﻘﻔﲔ وأﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت.
ﻣﻦ ﻫﻮ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ؟ ّ ﺷﺪﻧﻲ – ﻟﺴﺒﺐ ﺷﺨﺼﻲ – ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ :ﻃﻪ رﺑﻴﻊ .ﻓﻠﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺪﻋﻮة واﻹﻋﻼم – وﻗﺒﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻹﻋﻼم ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ – ﺑﺎﺳﻤﻪ اﻟﺜﻼﺛﻲ :ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ،وﺑﻠﻘﺒﻪ اﻟﻔﺨﻢ :اﻟﻠﻮاء اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻓﺎﻟﻠﻮاء اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ اﳌﺪرﺳﲔ اﻷواﺋﻞ ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻹﻋﻼم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ إﻟﻰ أن ﺑﻠﻎ أﺟﻠﻪ. وﻛﻨﺖ ﺳﺄدﻫﺶ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻟﻮﻻ أﻧﻲ ﻗﺒﻞ أن أﻗﺮأ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي وﺟﻼل أﻣﲔ ﻋﻦ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ،ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻴﻞ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ اﳌﺼﺮي ﻣﺎﻫﺮ ﻋﺒﺎس ﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎت ،ﻃﺮﻓﴼ ﻳﺴﻴﺮﴽ ﻣﻦ ﻣﺎﺿﻴﻪ اﻟﺴﻠﻄﻮي ﻏﻴﺮ اﻟﺒﻬﻲ .ﻓﻔﻲ إﺣﺪى اﳌﺮات ،وﻛﻨﺎ ﻧﺘﺠﺎذب اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺳﺎﺗﺬة اﻹﻋﻼم ﻣﻦ اﳌﺼﺮﻳﲔ اﻟﺬﻳﻦ درﺳﻮﻧﻲ ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺑﻤﻌﻈﻤﻬﻢ ،ﻋﺮﺟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ، ﻓﺄﺷﺎر إﻟﻰ أن زﻣﻼءه اﻟﻠﺼﻴﻘﲔ ﺑﻪ ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬة اﻹﻋﻼم اﳌﺼﺮﻳﲔ، ﻳﺬﻛﺮون أﻧﻪ ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﺑﺴﻨﻮات ﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺘﺒﻜﻴﺖ اﻟﻀﻤﻴﺮ ،ﺧﻮﻓﴼ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﻇﻠﻢ ﺷﻴﻮﻋﻴﲔ ﻓﻲ أﺣﺪ ﺗﻘﺎرﻳﺮه.
ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻣﻠﻨﺎ ﺳﻮاﺳﻴﺔ ،ﻓﻼ ﻳﺤﺎﺑﻲ ﻃﺎﻟﺒﴼ أو ﻃﻠﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﻃﻠﺒﺔ آﺧﺮﻳﻦ ،وﻻ ﻳﺴﺘﻬﺪف ﻃﺎﻟﺒﴼ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻓﻴﻠﺤﻖ ﺑﻪ اﻷذى .ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺰاﺟﻴﴼ أو أﻫﻮاﺋﻴﴼ .ﻛﺎن ﻳﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﺿﺮاﺗﻪ ﺑﻬﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﺸﺮح اﻟﺼﺪر وﻣﺴﺮور اﻟﺨﺎﻃﺮ ،وﻻ ﻳﻨﻔﻚ ﺛﻐﺮه ﻋﻦ اﻟﺘﺒﺴﻢ .ﻛﻨﺖ أﳌﺲ أن ﺗﺪرﻳﺴﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ – ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ – ﻣﺠﺮد وﻇﻴﻔﺔ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺘﺤﻤﻞ أﻋﺒﺎءﻫﺎ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺘﻌﺔ ﻳﺴﻌﺪ ﺑﺄداﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ وﺟﻪ. ﻛﺎن ﻣﺘﻮاﺿﻌﴼ وﻳﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻄﺮاد واﻟﺘﺒﺴﻂ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺗﺠﺎرﺑﻪ ،وﻣﺎ ﺧﺒﺮه ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ،وﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ واﻟﻴﺴﺎر ﺣﺪﻳﺚ اﳌﺒﺎﻏﺾ واﳌﻜﺎره .وﻟﻠﻤﻘﺎرﻧﺔ ،ﻛﺎن ﺛﻤﺔ أﺳﺘﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ ﺳﻮري ّ درﺳﻨﺎ ﻣﺎدة »اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ« ،ﻓﻲ أول ﻓﺼﻞ دراﺳﻲ .ﻫﺬا اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﺎن ﺟﻴﺪﴽ ﻓﻲ إﻟﻘﺎء ﻣﺎدﺗﻪ وﺷﺮﺣﻬﺎ، وﻛﺎن ﻣﺜﻞ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻄﺮاد ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻴﺎرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻜﺎن ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ :إن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪان اﻟﺸﺎم ،ﻫﻲ ﺻﻨﻴﻌﺔ اﻷﻗﻠﻴﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﳌﺬﻫﺒﻴﺔ .ﺛﻢ ﻳﻬﺎﺟﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻜﺪاش ﺑﺤﻤﺎس وﻋﺎﻃﻔﺔ ﻣﺸﺒﻮﺑﺔ .ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ً ﻛﺎن ﺟﺎدﴽ وﺻﺎرﻣﴼ وﻳﻘﻴﻢ ﺣﺎﺟﺰﴽ ﻓﺎﺻﻼ ﺑﻴﻨﻨﺎ – ﻧﺤﻦ ﻃﻠﺒﺘﻪ – وﺑﻴﻨﻪ. وﻛﺎن ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻋﺎدة اﳌﺼﺮﻳﲔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻳﻘﺘﻨﻲ ﺳﻴﺎرة ﻏﻴﺮ ﺑﺨﺴﺔ اﻟﺜﻤﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎرﺗﻪ ﻣﻦ ﻓﺌﺎت اﳌﺮﺳﻴﺪس. ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻛﺎن ﻳﺮﺗﺪي داﺋﻤﴼ ﺑﺪﻟﺔ رﺳﻤﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،وﻛﺎن أﻧﻴﻘﴼ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎراﺗﻪ ﻟﻠﻘﻤﺼﺎن وأﻟﻮان اﻟﻜﺮاﻓﺘﺎت .ﻛﺎن ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺸﻜﻞ واﳌﻠﺒﺲ وأﺳﻠﻮب اﻟﺘﺼﺮف وﺻﻒ »ﺣﻀﺮة اﻟﺒﻴﻪ« أو »ﺳﻌﺎدة اﻟﺒﺎﺷﺎ« ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻤﺘﻠﺌﴼ ﺑﻬﺎ ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻳﻬﻮى ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻷﻓﻼم اﳌﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﻛﺎن ﺣﻴﻮﻳﴼ ﻓﻲ ﻣﺸﻴﺘﻪ وﻧﺸﻴﻄﴼ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ ،رﻏﻢ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻦ، وﻛﻨﺎ ﻧﻌﺰو ذﻟﻚ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ رﺟﻞ ﻋﺴﻜﺮي ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻠﻘﺐ اﻟﺬي ﻳﺘﻘﺪم اﺳﻤﻪ وﻳﺘﻘﺪم ﻟﻘﺒﻪ اﻟﻌﻠﻤﻲ .وﻣﻤﺎ أذﻛﺮه ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد أﻧﻪ ﻗﺎل ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،أﻧﻪ درس ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻗﺎﻧﻮن ﺟﻨﺎﺋﻲ، وﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ دار اﻟﺸﻌﺐ ،وﻫﻲ اﳌﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﻟﻢ ﻧﻜﻦ وﻗﺘﻬﺎ ﻧﻔﻬﻢ – ﻟﺤﺪاﺛﺔ دراﺳﺎﺗﻨﺎ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ – ﻛﻴﻒ ﻟﺮﺟﻞ ﻋﺴﻜﺮي درس اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ أن ّ ﻳﺪرس ﻣﺎدة إﻋﻼﻣﻴﺔ .ﻛﻨﺎ ﺳﺄﻟﻨﺎه ﻫﺬا اﻟﺴﺆال .ﻓﺄﺟﺎﺑﻨﺎ :إﻧﻪ أﺗﻢ دراﺳﺘﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻹﻋﻼم ،وأن اﻹﻋﻼم ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻠﻮاﺋﺢ واﻷﻧﻈﻤﺔ وﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ. وﻗﺪ ﻧﺴﻴﺖ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ أﻧﻪ ﻋﺴﻜﺮي وأﺳﺘﺎذ إﻋﻼم ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .أﺗﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺤﺎﺿﺮاﺗﻪ ﻛﺎن ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﻨﻪ اﳌﻘﺎم ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد ﺑﺂﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ وﺑﺄﺣﺎدﻳﺚ ﻧﺒﻮﻳﺔ، ﻓﺘﺠﺮأ ﻳﻮﻣﴼ ﻃﺎﻟﺐ وﺳﺄﻟﻪ :ﳌﺎذا ﻳﺎ دﻛﺘﻮر ﻻ ﺗﻘﺘﺪي ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ وﺗﺮﺑﻲ ﻟﺤﻴﺘﻚ؟
ً ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﺷﺎرة اﻟﻌﺎﺑﺮة ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺎﻫﺮ ﻋﺒﺎس ،ﻓﻬﻤﺖ ﺧﻄﺄ ،أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺟﻬﺎز أو ﻣﻜﺘﺐ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،وﻛﻨﺖ أﺟﻬﻞ ﻗﺒﻞ ﻗﺮاءﺗﻲ ﳌﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺗﻮﻓﻴﻖ اﻟﺸﺎوي وﺟﻼل أﻣﲔ أن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت واﻟﺴﺘﻴﻨﺎت ﺟﻬﺎزﴽ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻗﺮاءﺗﻲ ﳌﺎ ﻛﺘﺒﻪ اﻟﺸﺎوي ﻋﺮﻓﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳌﻨﺼﺐ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺸﻐﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،وﻋﺮﻓﺖ أن ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﺟﻬﺎزي اﳌﺒﺎﺣﺚ واﳌﺨﺎﺑﺮات.
ﺳﺆاﻟﻪ ﻫﺬا ﻛﺎن ﺑﻐﺮض اﻟﺘﺨﺎﺑﺚ ،إذ ﻛﺎن ﻫﻮ أﻳﻀﴼ ﻳﺤﻠﻖ ﻟﺤﻴﺘﻪ. وﺑﺤﺮﻛﺔ ﻻ إرادﻳﺔ ﺗﺤﺴﺲ أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ذﻗﻨﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻘﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﻛﻞ ﺻﺒﺢ ،وأﺟﺎب :ﻛﻨﺖ أﺗﻤﻨﻰ ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ّ ﺗﺴﺒﺐ ﻟﻲ ﺣﻜﺔ! ﻓﻀﺤﻜﻨﺎ ﻹﺟﺎﺑﺘﻪ .ﻛﺎن اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻓﻲ أول ﻓﺼﻞ دراﺳﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻛﺎن ﻳﺪرس ﻣﺎدة ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻋﻼم ﻟﻄﻼب ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻋﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻪ ﺑﻬﺎ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻓﻲ اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺘﻲ روى ﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ »رﺣﻴﻖ اﻟﻌﻤﺮ« ،ﻓﺮﻏﻢ أن ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﻣﻬﻴﺒﺔ ،وﻳﺰﻳﺪﻫﺎ ﻫﻴﺒﺔ أﻧﻪ ﻛﺎن أﺟﺶ اﻟﺼﻮت ،ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻌﻨﺎ – ﻧﺤﻦ ﻃﻠﺒﺘﻪ -ودودﴽ وﻣﺘﺮﻓﻘﴼ ،وﻻ أﺗﺬﻛﺮ أﻧﻪ »ﺷﺨﻂ« أو»ﺑﻬﺪل« أﺣﺪﴽ ﻣﻨﺎ.
ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺎدة ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺬﻛﺮة ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻫﻮ .وﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻗﺮأﺗﻬﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻴﺲ ﺑﻐﺮض اﳌﺬاﻛﺮة اﳌﺒﻜﺮة ،وإﻧﻤﺎ ﻟﺸﻐﻒ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺷﻴﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺪﻳﺪة ﻋﻠﻲ .اﺳﺘﻮﻗﻔﺘﻨﻲ ﺟﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﳌﺬﻛﺮة ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ واﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﻨﺎزﻳﺔ ﺷﻴﺌﴼ واﺣﺪﴽ ،وﺗﺴﻠﻜﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻫﻲ :اﳌﺬاﻫﺐ اﻟﻬﺪاﻣﺔ .ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﻚ اﻟﺪﻋﺎﺋﻲ اﻟﺬي ﻻ
,,
ﻋﺎﻧﻰ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎرة ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺷﻴﺮة ﺧﺮوج إﻟﻰ إﻧﺠﻠﺘﺮا رﻏﻢ أن اﳌﺘﺸﻔﻊ ﻟﻪ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ ﻗﻴﺎدة ﺛﻮرة ﻳﻮﻟﻴﻮ اﻟﺴﺎﺑﻖ
,,
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
33
دراسات
,,
أول ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮﻛﺎت واﳌﺬاﻫﺐ اﻟﻬﺪاﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إزاء اﳌﺬاﻫﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وإزاء اﳌﺬاﻫﺐ واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷورﺑﻲ وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺸﺮق اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻫﻮ اﳌﺆرخ اﳌﺼﺮي اﳌﺮﻣﻮق ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن
,,
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺎن
ﻓﻴﻬﺎ رﺑﻤﺎ ﻣﻦ دون أن ﻳﻘﺼﺪ ذﻟﻚ -اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﺎ ﺟﺮى ﻟﻪ ﻣﻊ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ .ﺳﺒﺐ إﻋﺎدة اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻀﻊ ﺻﻔﺤﺎت ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻔﻜﺮﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺳﺠﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻪ ،ﻳﻮﻣﴼ ﺑﻴﻮم ،ﻣﻨﺬ ﺗﻠﻘﻴﻪ اﻟﺪﻋﻮة ﻟﺤﻀﻮر اﳌﺆﺗﻤﺮ ﻓﻲ إﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎن( ﺳﻨﺔ ١٩٦٦وﺣﺘﻰ ﻳﻮم ﺳﻔﺮه ﻓﻲ ٢ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ )أﻳﻠﻮل( ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ. ً ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻦ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﻔﻜﺮﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﺻﺤﺢ ﺑﻌﺾ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﻨﻬﺎ ،إذ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺬاﻛﺮة اﳌﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺴﻬﻮ واﻟﻨﺴﻴﺎن .ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺻﺤﺤﻬﺎ أن ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ اﺳﺘﻤﺮت ﺧﻤﺴﺔ أﺷﻬﺮ وﻟﻴﺲ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ،وأﻧﻪ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﻮﺳﻂ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ أﺳﺒﻮﻋﲔ ﻣﻦ وﺻﻮل اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻴﻪ ،وﻟﻴﺲ أن ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ ﺳﻤﻊ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﻪ ،ﻃﻤﺄﻧﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﺤﻞ ﻟﻪ اﳌﺸﻜﻠﺔ ،وأن ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﺸﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ﻓﻲ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺘﻪ ،وأﻧﻪ ﺗﻮﺳﻂ ﻟﻪ أﻳﻀﴼ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ،وﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ،وﻛﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء وﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ وﻗﺘﺬاك زﻛﺮﻳﺎ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ. ﻗﻮل ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء وﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء أﻧﻪ ﺣﺘﻰ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء وﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﺎن أن ﻳﻔﻌﻼ ﺷﻴﺌﴼ ،ﺣﲔ رد ً ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﺸﻔﻌﻪ ﻟﺠﻼل أﻣﲔ ،ﻗﺎﺋﻼ :ﻧﺤﻦ ﻋﺎدة ﻧﺴﺘﻄﻠﻊ رأي ﺳﺒﻊ ﺟﻬﺎت ،وﺟﺎءﺗﻨﺎ ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ رﻓﻀﺖ اﳌﺨﺎﺑﺮات. وﺗﻀﻤﻦ ﻛﻼﻣﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺗﻔﺼﻴﻼت ﻓﻲ أﺳﻤﺎء ووﻗﺎﺋﻊ ﻟﻢ ﻳﺘﺬﻛﺮﻫﺎ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻦ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻷوﻟﻰ .وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﺼﻴﻼت اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻣﻔﻜﺮﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ذﻛﺮ اﺳﻢ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ،ﻃﻪ رﺑﻴﻊ، وأن اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺸﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ وزﻳﺮ اﻟﺪوﻟﺔ )ﻏﻠﻂ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ ﺷﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ ،إذ ﺟﻌﻠﻪ وزﻳﺮﴽ ﻟﻠﺪاﺧﻠﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺣﲔ أﻧﻪ ﻛﺎن وزﻳﺮ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻮﻟﻰ ﻫﺬا اﳌﻨﺼﺐ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺷﻬﺮ وﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أﻳﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ،وﺗﻮﻟﻰ ﻣﻨﺼﺐ وزﻳﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻔﺮه ﺑﺜﻤﺎﻧﻴﺔ أﻳﺎم( ﻟﺤﻞ اﳌﺸﻜﻠﺔ ،ﺟﺎء ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺻﺪﻳﻘﻪ أﺣﻤﺪ اﻟﻘﺸﻴﺮي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺴﺘﺸﺎرﴽ ﻓﻲ اﳌﻜﺘﺐ» :ﺣﺎول أن ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺸﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ وزﻳﺮ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻷن ﺻﻠﺘﻪ ﺑﺎﳌﺨﺎﺑﺮات ﻛﺒﻴﺮة ،وإذا اﺳﺘﻄﺎع أﺣﺪ أن ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﴼ ،ﻓﻬﻮ ﺷﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ ،ﻓﻬﻮ ﺣﻠﻘﺔ اﻟﻮﺻﻞ ﺑﲔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﳌﺨﺎﺑﺮات« .وﻫﺬه اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺗﺒﲔ ﺗﻌﺪد رؤوس ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،وﻣﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﻞ ﻓﻴﻪ وإﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﻤﺎه ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ أﺧﺮﻳﺎت ﻋﻬﺪه ،وﺳﻤﺎه ﻣﺤﻤﺪ أﻧﻮر اﻟﺴﺎدات ﻓﻲ أول ﻋﻬﺪه ﺑـ»ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻘﻮى«. ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺟﻼل أﻣﲔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﻦ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ،ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻘﻒ ﺑﻚ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ وﻃﺄة اﳌﻌﺎﻧﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ ّ ﺟﺮاء ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻃﻠﺒﴼ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺷﻴﺮة ﺳﻔﺮ ﻟﻠﺨﺎرج .وﺗﻄﻠﻌﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﻢ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺠﻬﺎز اﳌﺴﻤﻰ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﻤﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ .إﻟﻰ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺮد ﺗﺸﻔﻊ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ،وﻳﺮد ﺗﺸﻔﻊ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء وﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة. ّ ُﺣﻠﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺟﻼل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ ،ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ وﻗﺘﴼ ً ﻃﻮﻳﻼ ﺑﺄن ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺳﻂ ﻟﻪ ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺘﺐ ﻣﺬﻛﺮة ﺑﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ، ﻳﺸﺮح ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻼﻗﺘﻪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﺒﻌﺚ وﻛﻴﻒ اﻧﺘﻬﺖ ،وﻛﺬﻟﻚ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ً وﻗﺘﴼ ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻲ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺮه ﻣﻦ ﺟﻬﺎزي اﳌﺒﺎﺣﺚ واﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات. ﻣﻤﺎ ذﻛﺮه ﺟﻼل ﻋﻦ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻗﻮﻟﻪ» :ذﻫﺒﺖ إﻟﻰ وأﻗﺼﺮ، ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻨﻲ ..ﻻ رد ﻣﻦ اﳌﺨﺎﺑﺮات ،وﻣﻘﺎﺑﻠﺔ أﺳﻮأ ّ ﱠ وﻳﻘﻮل ﻟﻲ اﻟﻮاﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎب :إﻧﻨﻲ ﻳﺠﺐ أﻻ أدﺧﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،ﻗﺪ ﺣﻠﺖ
32
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻋﻠﻴﻬﻢ اﳌﺘﺎﻋﺐ ﺑﺴﺒﺐ دﺧﻮﻟﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻋﻠﻰ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﻳﻮﻣﲔ.«...
اﻟﺸﺎوي وﺗﻠﻤﻴﺬه اﻟﺬي أرﻫﺐ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻛﻨﺖ ﻗﺒﻞ ﻗﺮاءﺗﻲ ﻟﺴﻴﺮﺗﻲ ﺟﻼل أﻣﲔ ،ﻗﺪ ﻗﺮأت ﻛﺘﺎﺑﴼ ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﺬﻛﺮات ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ «١٩٦٥-١٩٤٥ﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي، أﺣﺪ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ وأﺣﺪ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ إﺧﻮان اﻟﺨﺎرج ،واﻟﺬي أدرﻛﺘﻪ اﳌﻨﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻗﺮﻳﺒﺔ ،وﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻌﻼﻗﺎت ﻣﻤﺘﺎزة ﻣﻊ ﺣﻜﺎم ﻋﺮب وﻣﻊ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤﺮر اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪان ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ .وﻫﻮ ﺻﻬﺮ أﺳﺘﺎذه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق اﻟﺴﻨﻬﻮري ﻓﻬﻮ ﻣﺘﺰوج ﻣﻦ اﺑﻨﺘﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻧﺎدﻳﺔ. ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻫﺬا ،ﻋﺮض اﻟﺸﺎوي ﻟﺤﺎدﺛﺔ وﻗﻌﺖ ﻟﻪ ﻣﻊ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻓﻲ ﺻﻴﻒ .١٩٥٤ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎوي ﻋﻦ ﻃﻪ رﺑﻴﻊ إﻧﻪ أﺣﺪ ﺗﻼﻣﻴﺬه ﻓﻲ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق ،وﻛﺎن ﻫﻮ اﳌﺸﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﺑﻮزارة اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. وﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ،ﻓﻴﻘﻮل» :إﻧﻪ ﻳﻤﺜﻞ اﳌﺒﺎﺣﺚ واﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات ﻓﻲ ﻛﻞ وزارة وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ أو ﺷﺮﻛﺔ ﺣﺴﺐ أﺳﻠﻮب اﻻزدواﺟﻴﺔ اﳌﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ« وﻳﻀﻴﻒ» :ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺗﻼﻣﻴﺬي ،وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﻟﺸﺮﻃﺔ واﻷﻣﻦ، وﻟﻢ أﻛﻦ أﺧﻔﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻹﺧﻮان ،وﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﻳﺨﻔﻮن أﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﺸﺎﻛﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻷن اﻋﺘﻘﺎﻟﻲ ﻛﺎن ﻣﻌﺮوﻓﴼ«. ﺑﺪأت اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﺘﺮح أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎوي أن ﻳﺴﺎﻓﺮ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻴﻘﺎﺑﻞ اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﻣﺼﺎﻟﻲ اﻟﺤﺎج ،وﻳﺼﻠﺢ ذات اﻟﺒﻴﺖ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻪ اﻋﺘﻘﻞ ﻷﺳﺎﺑﻴﻊ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎرس )آذار( ﺛﻢ أﻓﺮج ﻋﻨﻪ ،وﺻﺪر ﻗﺮار ﺑﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮ .وﳌﺎ أﺑﺪى ﻟﻪ ﺷﻜﻪ أن ﺗﻮاﻓﻖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺮه ﻗﺎل ﻟﻪ ﺑﻦ ﺑﻴﻼ: ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺤﺎول .ﺑﺪأ اﻟﺸﺎوي اﻹﺟﺮاءات ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻟﺴﻔﺮ واﻹذن ﺑﺎﻟﺨﺎرج ﺑﺤﺠﺔ رﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺣﻀﻮر ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻓﻲ ﻓﻴﻴﻨﺎ وأﻋﻄﻰ ﻃﻠﺒﻪ ﺗﻠﻤﻴﺬه ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ،ﻓﻘﺎل ﻃﻪ رﺑﻴﻊ: »إﻧﻨﻲ ﺳﺄﺳﻌﻰ ﻟﺬﻟﻚ ،وﻋﺎد ﺑﻌﺪ أﺳﺒﻮع ﻟﻴﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺳﻴﺼﺮﺣﻮن ﻟﻲ ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ ودﻫﺸﺖ ﻟﺬﻟﻚ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﺮرت ،وأﺧﺬ ﻣﻨﻲ اﻟﺠﻮاز ،وﻗﺎل ً ﻟﻲ أن ﻋﻨﺪه أﻣﻼ ﻛﺒﻴﺮﴽ ﻓﻲ اﳌﻮاﻓﻘﺔ ،وأن اﻟﻮزﻳﺮ وﻫﻮ ﻛﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﺣﺴﲔ وﻋﺪه ﺑﻬﺬا ،وﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ أن أزور اﻟﻮزﻳﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ،ﻷﻓﻬﻤﻪ أﻧﻨﻲ ذاﻫﺐ إﻟﻰ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻋﻠﻤﻲ«. ﻗﺎﺑﻞ اﻟﺸﺎوي اﻟﻮزﻳﺮ ﻛﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﺣﺴﲔ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ،واﻟﺬي ﻫﻮ – ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ -وأﺣﺴﻦ اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ .وأﻛﺪ ﻟﻪ أﻧﻪ ﺳﻴﺴﻤﺤﻮن ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳﺐ. ً ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎوي» :ﻓﻌﻼ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻹذن ﺑﺎﻟﺨﺮوج ،رﻏﻢ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻳﺎﺋﺴﴼ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ،ﻓﺈن ﻃﻪ رﺑﻴﻊ ﻻزﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺧﻄﻮاﺗﻲ ﺣﺘﻰ رﻛﺒﺖ اﻟﻄﺎﺋﺮة ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﻣﺠﺎﻣﻠﺔ ﻟﻲ ﺑﺼﻔﺘﻲ أﺳﺘﺎذه وﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﻠﻤﻴﺬي ،وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ واﺛﻘﴼ ﻣﻦ أن اﻟﺪاﻓﻊ ﻛﺎن ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﺣﺐ اﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﻷﺳﺘﺎذه وﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﻣﻌﻪ ،وﻗﺪ اﻋﺘﺮف ﻟﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ، وﺑﻌﺪ أن اﻋﺘﻘﻠﺖ وأﻓﺮج ﻋﻨﻲ ،واﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻪ ﻋﺪة ﻣﺮات ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻲ ﻣﻦ اﳌﻌﺘﻘﻞ ﻋﺎم ،١٩٥٦ﺑﻞ وﺑﻌﺪ أن ﺗﺮك اﳌﺒﺎﺣﺚ )ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ( وﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ،وأﺧﺒﺮﻧﻲ أﻧﻪ ﻋﲔ أﺳﺘﺎذﴽ ﻓﻲ اﻟﺨﺮﻃﻮم ﻓﻲ ﻓﺮع ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة .ﻟﻘﺪ اﻋﺘﺮف ﻟﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻓﻘﺘﻲ وﻳﻌﻤﻞ ﺑﺼﻔﺔ رﺳﻤﻴﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺻﻔﺘﻪ ﻛﺘﻠﻤﻴﺬ ،وأﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻜﻠﻔﴼ ﺑﺄن ﻳﺘﺘﺒﻊ ﻛﻞ ﺧﻄﻮاﺗﻲ وﻳﻘﺪم ﺗﻘﺮﻳﺮﴽ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ اﺗﺼﻞ ﺑﻬﺎ واﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺼﻠﻮن ﺑﻲ وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻬﺪف اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ
ﻋﺪة ﻫﻲ ﻣﺤﻞ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ،وﻣﻦ ﻣﺤﺎور ﻓﻜﺮه. ﻫﺬا اﻟﺘﺮدد واﳌﺮاوﺣﺔ واﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ،اﻟﺬي ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻫﻮ ﺗﻀﺎدﴽ ﻻ ﺗﻨﺎﻗﻀﴼ، ﻳﻨﻔﺮد ﺑﺼﻔﺎت ﻗﻞ أن ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﺜﻘﻒ ﻋﺮﺑﻲ آﺧﺮ ،وﻫﻮ أﻧﻪ ذو ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ وﻣﺤﺘﻮى ﻏﻨﻲ ،وﻫﻮ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﻤﺘﻊ وﻣﻔﻴﺪ .رﺑﻤﺎ ﻣﺮد ﻫﺬا إﻟﻰ ﺳﻌﺔ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ وإﻟﻰ ﻋﻤﻖ ﻧﻈﺮاﺗﻪ وﻧﻔﺎذ ﺗﺤﻠﻴﻼﺗﻪ وذﻛﺎء ﻣﻠﺤﻮﻇﺎﺗﻪ ،وإﻟﻰ أﻧﻪ ذو ﻋﻘﻞ ﺟﺪﻟﻲ وإﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﺰﻳﺞ ﺑﲔ ﻣﺜﻘﻒ ﻣﺘﲔ وﻓﻨﺎن ذي روح ﺳﺎﺧﺮة. وﻫﺬا اﻟﺘﺮدد واﳌﺮاوﺣﺔ واﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻳﺠﺮي ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻫﻲ – ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺳﺎﺑﻘﴼ -ﻣﺤﻞ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ وﻣﻦ ﻣﺤﺎور ﻓﻜﺮه ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻤﺘﺪ إﻟﻰ ﺗﻮﺟﻬﻪ اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺗﻮﺟﻪ ﻋﺮوﺑﻲ وﻳﺴﺎري ،ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ وﻳﻐﺎدره إﻟﻰ ﺗﻮﺟﻪ ﻣﺨﺘﻠﻒ أو ﻧﻘﻴﺾ. إن ﻣﺎ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻋﻨﺪه اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﳌﺴﺘﺠﺪات ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ آﻧﻴﺔ أو وﻓﻘﴼ ﳌﺴﺘﺠﺪ ذاﺗﻲ ﺧﺎص) -ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﻟﺴﻴﺮﺗﻪ :ﻣﺎذا ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ اﻟﺤﻴﺎة؟ اﻟﺬي ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ آراﺋﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺪود اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻔﻦ واﻹﺑﺪاع( -ﻫﻮ زاوﻳﺔ اﻟﻨﻈﺮ ،إذ ﻳﻐﻠﺐ ﻣﻦ ﺣﲔ إﻟﻰ ﺣﲔ زاوﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﺧﺮى. ﺛﻤﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ – ﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺤﺎور ﻓﻜﺮه – ﻻ ﺗﺘﻌﺮض إﻟﻰ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ،ﻓﺮأﻳﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﺎﺑﺖ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ،وﻣﻨﻬﺎ – ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل – ﻧﻘﺪه اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻲ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،رﻏﻢ أن ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﻣﻨﺬ ﻳﻔﺎﻋﺘﻪ ،ﻫﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ وأن ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎﺗﻪ – ﺑﺪرﺟﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ – ﻧﻤﻂ ﻏﺮﺑﻲ. ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺣﺴﲔ – اﻟﺬي ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻲ أن أﺳﻤﻴﻪ ”اﻟﺤﺎج اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ“ – ﻓﻲ وﺟﻮه ﻋﺪﻳﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ أﻧﻪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﱠﺛﺮة .وأن ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ
اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ – ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﻦ اﳌﻌﺎﻧﻲ – اﺳﺘﻤﺮار ﳌﻮﻗﻒ أﺑﻴﻬﻤﺎ أﺣﻤﺪ أﻣﲔ .وأن آراءه وﻧﻈﺮاﺗﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ أي درﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ أو ﺻﺒﻐﺔ ﻣﻦ اﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ .وأن ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻛﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﻴﺎر اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻴﺴﺎر واﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ واﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ ..اﻟﺦ ﻣﻄﺮدة وﻣﺘﺴﺎوﻗﺔ. ﻳﺼﺢ وﺻﻒ ﺟﻼل أﻣﲔ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺜﻘﻒ إﺷﻜﺎﻟﻲ ،وأرى أﻧﻪ ﻣﻦ اﻷوﻓﻖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺗﺮدداﺗﻪ وﻣﺮاوﺣﺎﺗﻪ وﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺿﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﳌﻌﻘﺪ .وﺟﻼل ﻣﺜﻘﻒ ﻗﻠﻖ ،ﻟﻜﻦ ﻗﻠﻘﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ .ﻓﻬﻮ ﻗﻠﻖ ﻳﺸﻌﺮك أن ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﺎ زال ﺷﺎﺑﴼ ﻓﻲ ﻓﻜﺮه ،رﻏﻢ اﻛﺘﻬﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻦ .ﻗﻠﻖ ﻳﺤﻔﺰ ﻓﻴﻚ ﱢاﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ ،وإن ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ ،وذﻟﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺠﺘﺮح اﻵراء .وﻳﻮﻟﺪ اﻷﻓﻜﺎر وﻳﻄﺎرح اﳌﺴﻠﻤﺎت .وﻣﺎ ﻳﻄﺎرﺣﻪ ﺟﻼل – ﻋﺎدة -ﻣﺴﻠﻤﺎت ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ وﻣﺎدﻳﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻣﺴﻠﻤﺎت دﻳﻨﻴﺔ وﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺒﺎدر إﻟﻰ ذﻫﻦ اﻟﻘﺎرئ. ﻟﻨﺎ أن ّ ﻧﻌﺪ ﺳﻴﺮﺗﻴﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺘﲔ” :ﻣﺎذا ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ اﻟﺤﻴﺎة؟“ و“رﺣﻴﻖ اﻟﻌﻤﺮ“، ّ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر ﻣﻮﺿﻮع ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﻛﺘﺎب ﻛﺮس ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ ،أﻻ وﻫﻮ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺒﻌﺜﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﻓﻤﻦ ﻏﻴﺮ اﳌﺸﻬﻮر ﻟﻌﻘﻮد ﱠﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،أﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﺮع ﻟﺤﺰب اﻟﺒﻌﺚ اﻟﺬي ُﺣﻞ ﻓﻲ أول ﺳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪة ﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺎ .واﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﲔ أﻋﻼﻣﻪ: ﻋﺼﻤﺖ ﺳﻴﻒ اﻟﺪوﻟﺔ وأﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﳌﻌﻄﻲ ﺣﺠﺎزي وﻋﻠﻲ ﻣﺨﺘﺎر وﺳﻠﻴﻤﺎن ﻓﻴﺎض ..وأﺣﻤﺪ ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺬي ﻛﺎن ذا ﻫﻮى ّ ﺑﻌﺜﻲ!
ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ
,,
ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﳌﺸﻬﻮر ﻟﻌﻘﻮد ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻓﺮع ﻟﺤﺰب اﻟﺒﻌﺚ
,,
أﻋﺎد ﺟﻼل أﻣﲔ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻷﺧﺮى »رﺣﻴﻖ اﻟﻌﻤﺮ« -اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﺘﺄﺛﺮا ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺴﻴﺮة ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض »أوراق اﻟﻌﻤﺮ :ﺳﻨﻮات اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ« ،ﻓﺤﺎﻛﺎه المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
31
دراسات
ﺗﻜﻠﻢ اﳌﺜﻘﻒ اﳌﺼﺮي ﺟﻼل أﻣﲔ ،ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ”ﻣﺎذا ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ اﻟﺤﻴﺎة؟“ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت اﺳﻤﻪ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ،ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ -ﻛﻤﺎ ﻗﺎل -أﻣﺮا ﺻﻌﺒﴼ ﻳﺴﺘﻠﺰم إﺟﺮاءات ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ ،ﺑﻞ إن ﺟﻮاز اﻟﺴﻔﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أﺑﺪﴽ اﻟﻈﻔﺮ ﺑﻪ.
ﺧﺎﻃﺮات ﺣﻮل ﺗﺴﻤﻴﺎت أوروﺑﻴﺔ وأﻣﻴﺮﻛﻴﺔ وﺷﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗﺴﻠﻠﺖ إﻟﻰ ﻗﺎﻣﻮس اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ
ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻟﻔﺎظ واﳌﻔﺮدات ﺑﻘﻠﻢ: ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻤﻴﻢ
,,
ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻃﻪ أﺣﻤﺪ رﺑﻴﻊ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻋﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻪ ﺑﻬﺎ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻓﻲ اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺘﻲ روى ﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ )رﺣﻴﻖ اﻟﻌﻤﺮ(
,,
ﻳﻘﻮل ﺟﻼل أﻣﲔ ﻋﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ :إﻧﻪ اﺳﻢ ﻣﺨﻴﻒ ﳌﻜﺎن ﻏﺎﻣﺾ، ﻣﻤﻠﻮء ﺑﺎﳌﻠﻔﺎت واﻟﺘﺴﺠﻴﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺠﻞ أي ﺑﺎدرة أو ﻫﻔﻮة أو ﻓﻜﺮة ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﺧﻄﺮت ﺑﺒﺎﻟﻚ ،وﻳﺸﺘﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﻄﻮرة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم. أﺗﻰ ﻛﻼﻣﻪ ﻫﺬا ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺣﺎدﺛﺔ ﺣﺼﻠﺖ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻪ ﻣﻦ اﻧﺠﻠﺘﺮا إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﺑﺴﻨﺘﲔ .وﻛﺎن ﻗﺪ ﻋﺎد إﻟﻴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩٦٤ﺑﻌﺪ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻨﺪن .ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻫﻲ أن ﺟﺎﻣﻌﺘﻪ )ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻨﺪن( وﺟﻬﺖ إﻟﻴﻪ دﻋﻮة ﻟﺤﻀﻮر ﻣﺆﺗﻤﺮ اﺳﻤﻪ ”ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ “١٩٥٢ﺳﻨﺔ ،١٩٦٦وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ أن ﻳﻜﺘﺐ ﺑﺤﺜﴼ ﻋﻦ ﺗﻄﻮر اﻻﻗﺘﺼﺎد اﳌﺼﺮي ﻣﻨﺬ اﻟﺜﻮرةّ ، وﻟﺒﻰ ﻫﻮ اﻟﺪﻋﻮة وﺷﺮع ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﳌﻄﻠﻮب ﻣﻨﻪ. ﻇﻞ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﻳﺠﺮي وراء اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎرة اﳌﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ،وﻛﺎن ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﻳﻤﺎﻃﻞ ﻓﻴﻪ أﺳﺒﻮﻋﴼ ﺑﻌﺪ أﺳﺒﻮع ،وﻳﻘﺎل ﻟﻪ ﺗﺎرة إن اﻟﺠﻬﺔ اﳌﻌﺘﺮﺿﺔ ﻫﻲ اﳌﺒﺎﺣﺚ ،وﺗﺎرة أن اﻟﺠﻬﺔ اﳌﻌﺘﺮﺿﺔ ﻫﻲ اﳌﺨﺎﺑﺮات ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻴﺄس ،ﻣﻤﺎ دﻓﻌﻪ ﻣﻜﺮﻫﺎ أن ﻳﺒﺮق إﻟﻰ اﳌﺆﺗﻤﺮ وإﻟﻰ زوﺟﺘﻪ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﺟﺎن ،اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻪ إﻟﻰ ﻟﻨﺪن ،ﻳﻌﻠﻤﻬﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﻮر إﻟﻰ ﻟﻨﺪن .وﺑﻌﺪ أﺳﺒﻮع ﻣﻦ إرﺳﺎﻟﻪ ﻟﻬﺬه اﻟﺒﺮﻗﻴﺔ ،ﻫﺎﺗﻔﻪ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻳﺨﺒﺮه أن ﻣﺸﻜﻠﺘﻪ ﻗﺪ ّ ﺣﻠﺖ ،وأن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎرة اﳌﻮاﻓﻘﺔ. ﻋﺎﻧﻰ ﺟﻼل أﻣﲔ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺎرة ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻦ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺷﻴﺮة ﺧﺮوج إﻟﻰ إﻧﺠﻠﺘﺮا ،رﻏﻢ أن اﳌﺘﺸﻔﻊ ﻟﻪ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ ﻗﻴﺎدة اﻟﺜﻮرة اﻟﺴﺎﺑﻖ، واﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺪﻋﻮﴽ أﻳﻀﴼ ﻟﻠﻤﺆﺗﻤﺮ ،وﻛﺎن ﺟﻼل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﻘﻴﻘﻪ اﻷﺻﻐﺮ ﻋﻤﺮو اﻟﺬي ﻫﻮ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ. وﻣﻦ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﻬﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻠﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻧﻊ ﺳﻔﺮه إﻟﻰ ﻟﻨﺪن أﻧﻪ اﺻﻄﺤﺒﻪ ﻣﻌﻪ إﻟﻰ زﻳﺎرة وزﻳﺮ اﻟﺪوﻟﺔ ﺷﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ ،وﻗﺪ اﺳﺘﺒﺸﺮ ﺧﻴﺮﴽ ﺣﲔ رأى ﺷﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ ﻳﺤﺘﻀﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻤﻮدة ﺑﺎﻟﻐﺔ ،وﻇﻦ أن ﻣﺸﻜﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﻻﻧﺘﻬﺎء .وﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺧﺎب ﻇﻨﻪ ،إذ ﻣﺎ إن ﻓﺘﺢ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﺪأ ﺷﻌﺮاوي ﺟﻤﻌﺔ ﻳﻘﺪم ﻟﻪ ﻣﺒﺮرات اﻹﺟﺮاءات اﳌﺘﺨﺬة ﺿﺪه ،وﻛﺎن أوﻟﻬﺎ أﻧﻪ ﺑﻌﺜﻲ! وﻛﺎن ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ ،أﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ،١٩٦٣وﻫﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﻧﺠﺎز ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه دﻋﺘﻪ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻧﺠﻠﺘﺮا ﻹﻟﻘﺎء ﻣﺤﺎﺿﺮة. وﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺄﻳﺎم ﻗﺪ ﻫﺎﺟﻢ اﻟﺒﻌﺜﻴﲔ وﺳﺨﺮ ﻣﻦ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ ﺳﺨﺮﻳﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺮة .ﻓﻘﺮر ﺟﻼل أن ﻳﻨﺘﻘﻢ ﻟﻠﺒﻌﺜﻴﲔ وﳌﻴﺸﻴﻞ ّ ﻓﻀﻤﻦ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻪ ﻧﻘﺪﴽ ﳌﺎ ﻋﻔﻠﻖ اﻟﺬي آﳌﺘﻪ ﺳﺨﺮﻳﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﻨﻪ، دار ﻓﻲ ﻣﺒﺎﺣﺜﺎت اﻟﻮﺣﺪة ،وﺛﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ أﻓﻜﺎر اﻟﺒﻌﺚ ،ﺑﻞ وﺑﻌﺾ
30
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻋﺒﺎرات اﳌﻴﺜﺎق ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺪ أﺻﺪره ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻻﻧﻔﺼﺎل. وﻛﺎن ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ،أﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٦٥ﻓﻲ إﺣﺪى ﻣﺤﺎﺿﺮاﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻋﲔ ﺷﻤﺲ ،وﻫﻮ ﱢﻳﺪرس ﻣﻘﺮرﴽ ﺟﺎﻣﻌﻴﴼ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻗﺎل ﺷﻴﺌﴼ ﻳﺴﻲء إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم. وﻗﺪ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺠﺮﻣﲔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﺎﺻﺮي، ﻓﺘﺢ ﻣﻠﻒ اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ ﻟﺤﺰب اﻟﺒﻌﺚ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﻫﺬه اﻟﺘﻬﻤﺔ ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﺟﻼل أﻣﲔ أﻧﻪ اﻧﺘﻤﻰ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺤﺰب ،وﻫﻮ ﺑﻌﺪ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ، وأﻧﻪ اﺳﺘﻘﺎل ﻣﻨﻪ ﺑﻌﺪ أن أﻣﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ،ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز اﻷرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ،وذﻟﻚ ﺑﻌﻴﺪ وﺻﻮﻟﻪ إﻟﻰ ﻟﻨﺪن ﺑﺄﺷﻬﺮ ،ﳌﻮاﺻﻠﺔ دراﺳﺘﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻫﻨﺎك .وأﻧﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺪل أن ﺗﻼﺣﻘﻪ ﻫﺬه اﻟﺘﻬﻤﺔ ،رﻏﻢ أﻧﻪ اﻧﻔﺼﻞ ﻋﻦ اﻟﺤﺰب ﻣﺒﻜﺮﴽ وﺑﺎﺧﺘﻴﺎره. وﻛﺎن ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ اﻟﺤﺰﺑﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻳﺬﻛﺮ ﺑﺄن ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ﺳﺒﻖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺗﺒﻨﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وﺳﺒﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه إﻟﻰ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ .ﻗﺪ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺟﻼل أﻣﲔ أن أﻛﺮم اﻟﺤﻮراﻧﻲ ﻣﺆﺳﺲ اﻟﺤﺰب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ،اﻟﺬي اﻧﺪﻣﺞ ﻣﻊ ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ﻓﻲ ﺣﺰب ﺳﻴﺎﺳﻲ واﺣﺪ ،ذﻛﺮ ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻐﺘﺒﻄﲔ ﺑﺎﻧﻀﻤﺎم اﺑﻦ ﻷﺣﻤﺪ أﻣﲔ ،ﻳﺪرس ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،إﻟﻰ ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ،وأن اﺳﻤﻪ ﺣﺴﲔ! وﻣﺎ أﻧﺎ ﻣﺘﺄﻛﺪ ﻣﻨﻪ أن ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺣﺴﲔ ﻟﻮ ﻋﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﻨﻪ أﻛﺮم اﻟﺤﻮراﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ ،ﻟﺴﺎرع ﺑﺘﺼﺤﻴﺢ ﻫﺬا اﻟﻐﻠﻂ اﻟﻔﺎدح ،ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻳﻌﺘﺰ ﺑﺄﻧﻪ – ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ – ﻛﺎن ﻃﺎﻫﺮ اﻟﺬﻳﻞ ﻣﻦ أي اﻧﺘﻤﺎء إﻟﻰ ﺣﺰب ﻋﻘﺎﺋﺪي أو ﻏﻴﺮ ﻋﻘﺎﺋﺪي. دﻓﺎع ﺟﻼل أﻣﲔ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻧﻪ اﻧﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﺻﺤﻴﺢ ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮه ،وﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻨﻪ .ﻓﻔﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ وﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻟﻪ اﻻﻧﻔﺼﺎل اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺮوﺣﻲ اﻟﺘﺎم ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪة ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ،أو ﻫﻮ ﻛﺎن ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ذﻟﻚ .أﻗﻮل ﻫﺬا ﻟﻴﺲ اﺳﺘﻨﺎدﴽ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﳌﺤﺎﺿﺮة اﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺛﺄر ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺒﻌﺜﻴﲔ وﳌﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ ﻣﻦ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،وإﻧﻤﺎ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻋﻘﻮد ﻗﺮﻳﺒﺔ وﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺎﺿﺮة ،ﺑﻞ إن اﻧﺘﻤﺎءه اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﻔﺘﺎح ﺿﻤﻦ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ،ﻟﻔﻬﻢ ﺗﺮددات ﻣﻮاﻗﻔﻪ واﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﲔ إﻟﻰ آﺧﺮ ،وإﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﺗﻠﻮ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﳌﻮاﻗﻔﻪ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ،وﻣﻦ ﺑﲔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻮل ﻋﻨﺪه ﻣﻦ ﺣﲔ إﻟﻰ آﺧﺮ ،اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ ،ﻓﺘﺎرة ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ،وﺣﻴﻨﴼ ﻳﻬﻮي ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻤﻄﺎرق اﻟﻨﻘﺪ، ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﻳﺘﺮاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﺗﻠﻴﻬﺎ ّ ﻳﻜﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﺎﻗﺪﴽ، وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ .ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ وﺣﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ
اﺳﻔﻨﺪﻳﺎر رﺣﻴﻢ ﻣﺸﺎﻳﻲ ﻣﺮﺷﺢ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻧﺠﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﻮي ﺧﻼل ﻓﺘﺮة رﺋﺎﺳﺔ ﻣﺤﻤﻮد أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻘﻞ ﺑﲔ ﻋﺪة ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ رﺋﻴﺲ ﻫﻴﺌﺔ اﳌﻴﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وﻣﺪﻳﺮ ﻣﻜﺘﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ،وﻳﺸﻐﻞ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻣﻨﺼﺐ اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﺪم اﻻﻧﺠﻴﺎز ورﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﻌﻮﳌﺔ .ﺗﺮﺑﻄﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺼﺎﻫﺮة ﻣﻊ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻹﻳﺮاﻧﻲ اﻟﺤﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻤﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ إﻻ أن ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ أﻋﻠﻨﺖ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻘﻒ ﻓﻲ وﺟﻪ ﺗﺮﺷﺤﻪ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ. ﻣﻠﺼﻖ ﺿﺨﻢ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ اﻻﻳﺮاﻧﻲ اﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد
ﻫﺠﻮﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد وﻓﺼﻴﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻗﻠﻖ اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺤﺪي اﻟﻘﻮي ﻟﺴﻠﻄﺘﻪ .وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،رﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﻐﻞ اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻳﺮاﻧﻲ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻏﻀﺒﻪ وإﺣﺒﺎﻃﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﻲ ﻋﺎم ٢٠٠٩ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة اﻟﺨﻀﺮاء .وﻫﻮ اﻻﺣﺘﻤﺎل اﻟﺬي ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺠﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ وﻟﺬﻟﻚ اﺳﺘﻨﻔﺮت آﻟﺘﻬﺎ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ واﻟﻘﻤﻊ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻧﺪﻻع ﺛﻮرة ﺷﻌﺒﻴﺔ أﺧﺮى.
ﻳﻤﺎرس ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺧﻴﺮة أﺻﺒﺢ ﺻﻌﺒﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ اﻟﻴﻮم .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻓﺤﺘﻰ إذا ﻣﺎ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻨﺼﺮ ﳌﺮﺷﺤﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺰوﻳﺮ ﺳﻴﻜﻮن أﻗﻞ إﻗﻨﺎﻋﺎ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻛﺘﺴﺎح أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﻓﻲ .٢٠٠٩وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،رﺑﻤﺎ ﻳﻘﺮر اﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻤﺜﻞ ﺿﺮﺑﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﳌﺸﻜﻮك ﻓﻴﻬﺎ أﺳﺎﺳﺎ.
وﻗﺪ ﺗﻢ اﻋﺘﻘﺎل ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ وﻧﺸﻄﺎء ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن .ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻜﻞ اﻟﺠﻬﻮد ﳌﻨﻊ أو ﺗﻘﻠﻴﻞ وﺻﻮل اﻟﻨﺸﻄﺎء ﻟﺸﺒﻜﺔ ﻹﻧﺘﺮﻧﺖ واﻟﺒﺮﻳﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،وﺑﻘﻮة اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ،رﺑﻤﺎ ﻳﺨﺮج اﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن ﺑﺄﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﻠﻤﺮﺷﺢ اﻟﺬي ﻳﺮون أﻧﻪ أﻛﺜﺮ اﺑﺘﻌﺎدا ﻋﻦ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ،أن أﻓﻀﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﺎﻣﻨﺌﻲ ﺳﻮف ﺗﻜﻮن ﺗﺼﻮﻳﺘﺎ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺎ واﺳﻌﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻧﺘﺼﺎر ﻣﺮﺷﺤﻪ ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺣﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﺮﺷﺤﲔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ.
وﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ روﺳﻴﺎ ،ﺗﻢ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺨﺎﺻﺔ وﺗﺴﻠﻴﺤﻬﺎ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ .وﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﳌﺮﻣﻮﻗﺔ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺨﻀﺮاء ﻗﻴﺪ اﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺠﺒﺮﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺳﺤﺐ ﺟﻮازات ﺳﻔﺮ اﳌﻨﺸﻘﲔ اﳌﺤﺘﻤﻠﲔ ﻣﺜﻞ ﻧﻮري وﺧﺎﺗﻤﻲ وﺗﻘﻴﻴﺪ ﺣﺮﻛﺘﻬﻢ داﺧﻞ إﻳﺮان .ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﳌﻨﻊ ﻓﺼﻴﻞ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﻣﻦ اﺳﺘﻐﻼل أﺟﻬﺰة اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻧﺼﺮ ﳌﺮﺷﺤﻪ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻣﺎ زاﻟﺖ اﳌﻔﺎﺟﺂت ﻣﻤﻜﻨﺔ ،ﺣﻴﺚ إن اﻟﺘﺰوﻳﺮ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﻛﺎن
وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﺳﺘﻈﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ذﻟﻚ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻐﺮﻳﺐ اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻧﻈﺎﻣﺎ دﻳﻨﻴﺎ ودﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻗﺎﺋﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ إن ﻧﻈﺎم اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺴﺮ ذي اﻟﺮأﺳﲔ اﻟﺬي ﻳﺒﺪو ﺧﺎرﻗﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻄﻴﺮان ﻓﻲ أي اﺗﺠﺎه دون أن ﻳﺆذي ﻧﻔﺴﻪ .وﺳﻮف ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﻘﺒﻞ ﻧﻔﺲ اﳌﻌﻀﻠﺔ اﻟﺘﻲ واﺟﻬﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺳﺎﺑﻘﻴﻪ :ﻫﻞ أﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻷن اﻟﻨﺎس اﺧﺘﺎروﻧﻲ أم ﻷن اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻗﺎم ﺑﺘﻌﻴﻴﻨﻲ؟ < المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
29
قصة الغالف
ﺻﺤﻴﺤﺎ أم ﻻ ،ﻓﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ﻣﺎ زال اﻟﺠﻴﺶ ﺧﺎرج اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ.
أﻳﻦ ﻳﻘﻒ أﺻﺤﺎب »اﻟﻜﺎﺑﺎت« وﻟﻜﻦ اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻻ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ،وﻫﻮ اﻟﺠﻴﺶ اﳌﻮازي اﻟﺬي أﻧﺸﺄه اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻧﻈﺮا ﻟﻘﻠﻘﻪ ﻣﻦ وﻻء اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ .ﻓﻔﻲ اﻟﻌﻘﺪ اﳌﺎﺿﻲ ،ﺗﺠﻠﺖ اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻘﻴﺎدات اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺷﻚ ﻓﻲ أن ﻗﻴﺎدات اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻟﻌﺒﻮا دورا ﻣﺤﻮرﻳﺎ ﻓﻲ وﺿﻊ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ.
ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻮرﻣﺤﻤﺪي ﻳﺸﻐﻞ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻣﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ اﻟﻌﺎم وﺳﺒﻖ وأن ﻋﻤﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪا ﻟﻮزﻳﺮ اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات )ﻗﺴﻢ ﺧﺎرج اﻟﺤﺪود( ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ اﳌﺪﻋﻲ اﻟﻌﺎم ﳌﺤﻜﻤﺔ اﻟﻘﻮات اﻟﺜﻮرﻳﺔ اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻹﻳﺮان ﻓﻲ ﻋﺎم ، ١٩٨٦إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ وزﻳﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺤﻤﻮد أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺗﻪ اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻷوﻟﻰ.
وﻗﺪ ﺗﻤﺖ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ .ﻓﻘﺪ وﺿﻊ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﻋﺪدا ﻣﻦ ﻗﻴﺎدات اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻓﻲ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻮزارﻳﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺗﺒﻨﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﺎ ﻫﺎﺋﻼ ﻟﻠﺨﺼﺨﺼﺔ ،ﺑﺎع ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﳌﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺑﺄﺳﻌﺎر رﻣﺰﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻳﺮﻫﺎ ﻗﻴﺎدات اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري. وﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪﻳﻦ اﳌﺎﺿﻴﲔ ،ﻛﺎن ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﻗﻴﺎدات اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري، ﻋﻠﻲ ﺷﻤﺨﺎﻧﻲ ،وﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﻗﺮ ﻗﺎﻟﻴﺒﺎق ،وﻣﺤﺴﻦ رﺿﺎﺋﻲ ،ﻳﺨﺘﺒﺮون ﺣﻈﻬﻢ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت رﺋﺎﺳﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺘﻊ أي ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎرﻳﺰﻣﺎ أو اﻟﺜﻘﻞ اﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺮك اﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﻃﻴﺒﺎ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﺮﺷﺤﻬﻢ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺒﻂ ﺣﻀﻮر أﺻﺤﺎب اﻟﻜﺎﺑﺎت ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﻳﺮاﻧﻴﲔ ،ﺣﺘﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺆﻳﺪون ﻧﻈﺎم اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻣﺎ زاﻟﻮا ﻣﺘﺤﻔﻈﲔ ﺣﻴﺎل ﻗﺒﻮل دور اﻟﻌﺴﻜﺮ ﻓﻲ اﳌﻮاﻗﻊ ﻣﺘﻨﺎم ﻳﻔﻀﻞ اﻟﺪور اﳌﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﻌﺴﻜﺮ، اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ،ﻫﻨﺎك ﺗﻴﺎر ٍ ﺑﺤﺠﺔ أن اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻳﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ دورا ﻣﺤﻮرﻳﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ .وﻋﻠﻰ اﳌﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻓﺈن رﺋﻴﺴﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎت اﳌﻼﻟﻲ. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ،ﻣﻦ اﳌﺮﺟﺢ أن ﻳﺤﺎول ﻛﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻴﺒﺎف ورﺿﺎﺋﻲ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى ،رﻏﻢ أن أﻳﺎ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻜﺎرﻳﺰﻣﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺣﺸﺪ ﻗﺎﻋﺪة ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ .واﻟﺤﺼﺎن اﻷﺳﻮد ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺎق ﻫﻮ اﻟﺠﻨﺮال ﻳﺤﻴﻰ رﺣﻴﻢ ﺻﻔﻮي ،اﻟﺬي ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﻗﻮﻳﺔ ﺑﺨﺎﻣﻨﺌﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺎول أن ﻳﻈﻬﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺜﻘﻒ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻮﺳﻄﻰ اﳌﺪﻧﻴﺔ.
اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﻬﺎ ﺧﺎرج اﻟﺨﺎرﻃﺔ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ إﺟﺒﺎر اﳌﺮأة ﻋﻠﻰ ارﺗﺪاء اﻟﺒﺮﻗﻊ أو ﻗﻴﺎس ﻃﻮل ﻟﺤﻴﺔ اﻟﺮﺟﻞ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺎﻟﺒﺎن ﺗﻔﻌﻞ .وﻳﻌﺘﻘﺪ ﻛﺜﻴﺮ داﺧﻞ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ أن ﻳﺘﺮك ﻣﺮﺗﺪو اﻟﻘﺒﻌﺔ ﻳﺤﺘﻠﻮن ﻣﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺻﻮرة اﻟﻨﻈﺎم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﳌﻼﻟﻲ. ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ،ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﻇﻞ دﺳﺘﻮر اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ،ﻻ ﻳﻬﻴﻤﻦ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ،رﻏﻢ رﺋﺎﺳﺘﻪ ﻟﻠﻘﻄﺎع اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﺳﻮى ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺤﺪود ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﺮﻓﻪ اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ واﻟﺬي ﻟﺪﻳﻪ ﺳﻠﻄﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺪى أي ﺣﺎﻛﻢ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .إن رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻮ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻛﻮﻧﻪ رﺋﻴﺲ وزراء ﺗﻢ اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﺎس وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ دون إذن اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﳌﻼﻟﻲ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺻﻮرة اﻟﻨﻈﺎم ﻋﺒﺮ ﻣﻨﺢ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﳌﺮﺗﺪي اﻟﻘﺒﻌﺔ ﻟﻦ ﻳﺤﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﳌﻼﻟﻲ اﻟﺜﻮرﻳﲔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ .ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺆد اﻟﺴﻤﺎح ﳌﺮﺗﺪي اﻟﻘﺒﻌﺔ ﺑﺄن ﻳﺤﻠﻮا ﻣﺤﻞ اﳌﻌﻤﻤﲔ ﻓﻲ رﺋﺎﺳﺔ اﳌﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﺒﺮﳌﺎن إﻟﻰ أي ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﺔ اﳌﻼﻟﻲ اﻟﺤﺎﻛﻤﲔ. واﻟﺴﺒﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﺠﺪل اﳌﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﻨﺸﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻫﻮ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻬﺘﻤﻮن ﻗﻠﻘﻮن ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﲔ ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ وﻟﻺﺳﻼم ﻧﻔﺴﻪ .وﺣﺠﺘﻬﻢ ﻫﻲ أن اﻟﻨﺎس رﺑﻤﺎ ﻳﺴﻘﻄﻮن ﻏﻀﺒﻬﻢ ﺗﺠﺎه أي إﺧﻔﺎق ﺳﻴﺎﺳﻲ أو اﻗﺘﺼﺎدي ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ذو اﻟﻘﺒﻌﺔ أو اﻟﻜﺎب ﻛﺪرع ﺑﺸﺮي أو ﺣﺎﺋﻂ ﺻﺪ ﺑﺘﺤﻤﻠﻪ ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ إﺧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. واﻟﺴﺒﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ ورﺑﻤﺎ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﻮ أن ﻗﻄﺎﻋﺎ ﻗﻮﻳﺎ داﺧﻞ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺪي اﻟﻘﺒﻌﺎت واﻟﻜﺎﺑﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪأوا ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط ﺗﺠﺎه ﻋﺪم وﺟﻮد أﻓﻖ ﻟﻮﺻﻮﻟﻬﻢ ﻟﻠﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ .ﻓﻬﺆﻻء أﻧﺎس اﻧﻀﻤﻮا ﻟﻠﺜﻮرة ﻓﻲ ﺳﻦ ﺻﻐﻴﺮة وﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺣﺘﺠﺎز اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﲔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ وﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ اﻟﻘﺘﺎل ﺿﺪ أﻋﺪاء اﻟﺜﻮرة وﺳﺎﻋﺪوا ﻋﻠﻰ ذﺑﺢ اﻷﻗﻠﻴﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ اﳌﺘﻤﺮدة ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻷﻛﺮاد واﻟﺘﺮﻛﻤﺎن ،وﺣﺎرﺑﻮا ﻓﻲ ﺣﺮب إﻳﺮان -اﻟﻌﺮاق .وﻗﺪ ﻋﺰز اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ أوراق اﻋﺘﻤﺎده ﻋﺒﺮ اﻟﺰواج ﻣﻦ أﺳﺮ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ أﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﻘﻤﺔ ﻧﻈﺮا ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻦ اﳌﻼﻟﻲ.
وﻟﻜﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﻔﻮي ﻫﻲ أن اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮه ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ
أﺣﺪ أﻓﺮادﻫﺎ .ورﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ راﻏﺒﺔ ﻓﻲ أن ﺗﻀﻊ أﺣﺪ رﺟﺎﻻﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ .ورﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺮاﻻت اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن أﺣﺪ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ أو اﻟﻘﺒﻌﺔ .ﻓﺎﳌﻬﻢ ﻫﻮ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻘﺎدم واﻋﻴﺎ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻣﻦ دون دﻋﻢ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك رﺋﻴﺲ وﻻ ﻣﺮﺷﺪ أﻋﻠﻰ وﻻ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻋﺎﻣﻞ آﺧﺮ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ .ورﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻴﻼء اﳌﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ ﺗﻤﺮ ﺑﻪ اﻟﺒﻼد ﺑﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺮاﺟﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﺘﻘﺪﻣﻮن وﻳﺘﺤﻤﻠﻮن ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٣٠ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻹدارة واﻟﺤﻮﻛﻤﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﺮﺷﻴﺪة ﻋﻠﻰ ﻳﺪ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ وﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻘﺒﻌﺎت؟ إذن ،ﳌﺎذا ﻋﺎد اﻟﻨﺰاع ﺑﲔ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ أو اﻟﻘﺒﻌﺔ أو اﻟﻜﺎب ﻟﻠﻈﻬﻮر ﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﳌﺮﺣﻠﺔ؟ ﻫﻨﺎك ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺒﺎب .اﻷول أن اﳌﻼﻟﻲ اﻟﺤﺎﻛﻤﲔ ﻳﻜﺮﻫﻮن أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﳌﻼﻟﻲ ،وﻫﻮ اﳌﺼﻄﻠﺢ اﻟﺬي ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻄﺎﻟﺒﺎن أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن واﳌﻼ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤﺮ. وﻳﻔﻀﻞ ﻣﻼﻟﻲ إﻳﺮان اﻟﺤﺎﻛﻤﻮن أن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ﻛﺜﻮرﻳﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎرﺑﻮن اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ واﻟﺬﻳﻦ رﺑﻤﺎ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮن ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻣﻦ 28
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﳌﺆﺳﺴﺔ ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ ﺑﺸﺄن إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ أو ﺗﺘﺠﻪ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﻘﺒﻌﺔ أو اﻟﻜﺎب ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( اﳌﻘﺒﻞ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد أﺻﺒﺢ ﺧﺎرج اﻟﺴﺒﺎق ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﳌﺴﻤﻮح ﻟﻪ اﻟﺘﺮﺷﺢ ﻟﻔﺘﺮة رﺋﺎﺳﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ، ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻌﺾ اﳌﺮاﻗﺒﲔ أن أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﺳﻮف ﻳﺤﺎول أن ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺄﺣﺪ ﺣﻠﻔﺎﺋﻪ ﻛﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻧﺴﺨﺔ إﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮ ﺑﻮﺗﲔ -ﻣﻴﺪﻓﻴﺪﻳﻒ ﻓﻲ روﺳﻴﺎ .وﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻳﺒﺮز اﺳﻢ إﺳﻔﻨﺪﻳﺎر رﺣﻴﻢ ﻣﺸﺎﺋﻲ اﻟﺬي اﺷﺘﻬﺮ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﺻﻮﻓﻴﺎ ورﺟﻼ إﻧﺴﺎﻧﻴﺎ وﻟﺪﻳﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻹﻣﺎم اﻟﺨﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ. وﻳﺤﺎول ﻧﺠﺎد ،اﳌﻨﺒﻬﺮ ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﻨﺰوﻳﻠﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﻫﻮﻏﻮ ﺷﺎﻓﻴﺰ، وﻓﺼﻴﻠﻪ أن ﻳﻄﻮروا ﻧﺴﺨﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﺔ اﻟﺒﺘﺮوﻟﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﺨﻔﻲ وﺗﺸﻲ ﻏﻴﻔﺎرا وﺟﻬﲔ ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻌﻤﻠﺔ .وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ أن أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد دﻋﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ رﺋﺎﺳﺘﻪ اﺑﻨﻪ واﺑﻦ اﳌﻘﺎﺗﻞ اﻷرﺟﻨﺘﻴﻨﻲ إﻟﻰ ﻃﻬﺮان ﻟﺤﻀﻮر ﻧﺪوة ﺣﻮل ﻣﺰﻳﺞ اﻟﺠﻴﻔﺎرﻳﺔ واﻹﻣﺎم اﻟﺨﻔﻲ. وﻗﺪ ﺷﻨﺖ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻴﻄﺮة ﻣﻜﺘﺐ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ
ﻣﺤﻤﺪ رﺿﺎ ﻋﺎرف اﻟﻨﺎﺋﺐ اﻻول ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺧﺎﺗﻤﻲ ﻣﺎ ﺑﲔ ٢٠٠١و ٢٠٠٥ﻣﺮﺷﺢ ﺣﺰب ﺟﺒﻬﺔ اﳌﺸﺎرﻛﺔ وﻫﻮ اﻛﺒﺮ ﺣﺰب اﺻﻼﺣﻲ ﻓﻲ اﻳﺮان ،ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺎول اﻟﺤﺰب ان ﻳﻜﻮن اﻟﺨﻴﺎر اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻼﺻﻼﺣﻴﲔ .ﻏﻴﺮ ان ﻋﺎرف ﻻ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ واﻟﻘﻮى اﻻﺻﻼﺣﻴﺔ وﻟﻢ ﻳﺆﻳﺪ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺨﻀﺮاء ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻴﺮ ﺣﺴﲔ ﻣﻮﺳﻮي اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻻﻗﻮى واﻷﻛﺜﺮ ﺣﻈﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل.
ﻋﻠﻲ ﻻرﻳﺠﺎﻧﻲ ّ ﺑﺪأ ُﻳ َ ﻄﺮح ﻛﻤﺮﺷﺢ رﺋﺎﺳﻲ ﻣﻊ ﺗﻨﺎﻣﻲ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻹﻳﺮاﻧﻲ اﳌﻮاﺟﻬﺔ ّ اﻟﺤﺎﻟﻲُ .ﻳﻠﻘﺐ ﻻرﻳﺠﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﳌﺘﻌﺪدة ،ﻓﺒﻌﺪ اﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﺗﻤﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻛﻮزﻳﺮ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹرﺷﺎد ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺎﺷﻤﻲ ّ ﺗﺼﺪى ﻻرﻳﺠﺎﻧﻲ ﻟﻬﺬا اﳌﻨﺼﺐ، رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ، وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻌﺎﻣﲔ ُﻋ ﱢﲔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﳌﺮﺷﺪ ﻣﺪﻳﺮﴽ ﻋﺎﻣﴼ ﻟﻺذاﻋﺔ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ،وﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻳﻘﺔ ّ إدارﺗﻪ ﻟﻬﺎ ﻣﺤﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ،إﻻ أﻧﻪ ﺣﻘﻖ إﻧﺠﺎزات ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺑﻨﻴﺔ اﳌﺆﺳﺴﺔ.
ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻛﻤﺎ أن ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻌﺮض ﻟﻼﻋﺘﻘﺎل ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﺒﺐ؟ وﻟﺬﻟﻚ ،ﻛﺎن ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ إﻳﺮان ﻣﻨﺬ .١٩٨٩
اﻟﻘﺒﻌﺔ واﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻣﻌﺎ ﺧﻼل ﺛﻮرة ٧٩-١٩٧٨ﺗﻌﺎون اﳌﻮاﻟﻮن ﻟﻠﻘﺒﻌﺔ واﳌﻌﺮوﻓﻮن ﺑﺎﺳﻢ »اﳌﻮﻛﺎﻻ« ﻣﻊ ذوي اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ اﳌﻌﺮوﻓﲔ ﺑـ»اﳌﻌﻤﻤﻮن« ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻊ اﻟﺸﺎه. وﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺎرب ﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺳﻤﺢ أﻫﻞ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﻘﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ورﺋﺎﺳﺔ اﻟﻮزراء. وﻗﺪ ﻇﻞ أﻫﻞ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻈﻞ أو ﻓﻲ أﻓﻀﻞ اﻷﺣﻮال ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .وﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ ،أدرﻛﻮا أن إدارة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻌﻀﻠﺔ ﻛﺒﺮى ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮل اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻟﻠﺨﻤﻴﻨﻲ ،ﺣﺘﻰ اﻟﺤﻤﺎر ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺼﺒﺢ وزﻳﺮا أو رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﻮزراء أو ﺣﺘﻰ رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﻳﻜﻮن وﻻؤه ﻟﻠﺜﻮرة ﻟﻴﺲ ﻣﺤﻼ ﻟﻠﺸﻚ. وﺧﻼل ﻋﺎم ،ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻗﺪ ﺗﺬوﻗﻮا اﻟﺴﻠﻄﺔ وأﺣﺒﻮﻫﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺮروا أن ﻳﻐﻴﺮوا ﺗﺮﺗﻴﺒﺎﺗﻬﻢ وﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻜﺒﺮى وﻳﺘﺮﻛﻮا اﻟﻔﺘﺎت ﻷﻫﻞ اﻟﻘﺒﻌﺔ .وﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ،اﺣﺘﻞ أﻫﻞ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﳌﺤﻮرﻳﺔ ﻣﺜﻞ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ووزارة اﻟﻌﺪل واﻷﻣﻦ واﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات واﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ورﺋﺎﺳﺔ اﻟﺒﺮﳌﺎن ووزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹرﺷﺎد. ﻛﻤﺎ اﺣﺘﻞ أﻳﻀﺎ اﳌﻌﻤﻤﻮن ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻗﻴﺎدﻳﺔ أﻫﻢ ﻣﺜﻞ ﻣﺠﻠﺲ إرﺷﺎد اﻟﺜﻮرة وﻣﺠﻠﺲ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨﻈﺎم وﻣﺠﻠﺲ اﻟﺨﺒﺮاء واﳌﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺪﻓﺎع اﻟﻮﻃﻨﻲ وﻏﻴﺮﻫﺎ.
ﺣﺴﻦ روﺣﺎﻧﻲ
ﻣﻨﻮﺗﺸﻬﺮ ﻣﺘﮑﻲ
ﻋﻀﻮ ﺳﺎﺑﻖ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻣﻤﺜﻞ ﳌﺠﻠﺲ اﻟﺨﺒﺮاء وﻋﻀﻮا ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻊ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨﻈﺎم واﻷﻣﲔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻸﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻳﺸﻐﻞ روﺣﺎﻧﻲ ﻣﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ اﳌﺮﻛﺰ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ ﳌﺠﻤﻊ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨﻈﺎم وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻣﺮﺷﺢ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﻌﺪ أي ﻧﺸﺎط ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺬﻟﻚ ،أو أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮار اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺣﻮل اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻬﺎ.
وزﻳﺮ ﺧﺎرﺟﻴﺔ إﻳﺮان ﻟﻸﻋﻮام ﺑﲔ -٢٠٠٥ ٢٠١٠ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻮم أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﺑﻌﺰﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ وﺗﻌﻴﲔ ﻋﻠﻲ أﻛﺒﺮ ﺻﺎﻟﺤﻲ ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻪ .ﻋﻤﻞ ﻣﺘﻜﻲ أﻳﻀﺎ ﻛﻌﻀﻮ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻓﻲ دورﺗﻴﻪ اﻷوﻟﻰ واﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﺳﻔﻴﺮ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ إﻳﺮان ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن .ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺘﻜﻲ أﺣﺪ أﻫﻢ ﺧﻴﺎرات »ﺟﺒﻬﺔ أﺗﺒﺎع ﺧﻂ اﻹﻣﺎم اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ« ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ
ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﺣﺎﺿﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ وزارة ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ وﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺻﻌﺪة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻓﻔﻲ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت ﻛﺎن اﳌﻌﻤﻤﻮن ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻛﻘﻮة ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﲔ ذوي اﻟﻘﺒﻌﺔ اﳌﻌﻴﻨﲔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻃﻬﺮان .وأﺧﻴﺮا وﻟﻴﺲ آﺧﺮا، ﻓﺈن ﻣﻨﺼﺐ اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ أو وﻟﻲ اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻛﺎن ﻗﺎﺻﺮا ﻋﻠﻰ اﳌﻌﻤﻤﲔ رﻏﻢ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻨﻈﺮي ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺒﻌﺔ أن ﻳﺤﺘﻠﻪ. أﻣﺎ اﻟﻜﺎب ﻓﻬﻮ رﻣﺰ اﻟﺠﻴﺶ .وﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺎ ،وﺑﺨﻼف ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺤﺎول اﻟﺠﻴﺶ اﻹﻳﺮاﻧﻲ أﺑﺪا اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻨﻔﺴﻪ .ﻓﻤﻦ ﺑﲔ اﻟـ ٣٨رﺟﻼ اﻟﺬﻳﻦ اﺣﺘﻠﻮا ﻣﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻮزراء ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻋﺎم اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻮرة اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺳﻮى ﺛﻼﺛﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ. وﺣﺘﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﻮﻟﻮا ﺗﻠﻚ اﳌﻨﺎﺻﺐ ﻧﻈﺮا ﻟﻮﻻﺋﻬﻢ ﻟﻠﻨﻈﺎم وﻟﻴﺲ ﻋﺒﺮ اﺳﺘﻴﻼء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻧﻘﻼب ﻋﺴﻜﺮي .وﻟﻜﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﻴﺎد اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻐﻴﺮ ،ﺣﻴﺚ إن ﺟﻴﺶ إﻳﺮان اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ، ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺳﻴﺎﺳﻲ واﺿﺢ .ﻓﻄﺎﳌﺎ أﻧﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ وﻻ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆوﻧﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﺎﺿﺤﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺪوره ﻛﺤﺎم ﻟﺤﺪود اﻷﻣﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﻪ ﻓﻲ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻏﺰو ٍ اﻟﻌﺮاق ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٨٠واﻟﻨﺼﺮ اﻟﺬي ﺣﻘﻘﻪ ﺧﻼل ﺣﺮب اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮات ﺿﺪ ﻋﺮاق ﺻﺪام ﺣﺴﲔ.
ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪي ﻛﻴﺎ وزﻳﺮ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻠﻨﻘﻞ واﳌﻮاﺻﻼت وﻛﺬﻟﻚ وزﻳﺮ اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ وزﻳﺮ اﻹﺳﻜﺎن ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﺧﻼل ﻓﺘﺮﺗﻪ اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻷوﻟﻰ. ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺳﻌﻴﺪي ﻛﻴﺎ أول ﻣﻦ أﻋﻠﻦ ﺗﺮﺷﺤﻪ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ.
وﻟﻘﻴﺎدات اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﺄي ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻌﺾ اﳌﺮاﻗﺒﲔ أن اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ رﺑﻤﺎ ﻳﻠﻌﺐ دورا ﻋﻠﻰ اﳌﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ وﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ اﳌﻼذ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻼﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺗﻌﺮض اﻟﺒﻼد ﻟﺨﻄﺮ ﻣﺤﺪق .وﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
27
قصة الغالف
ﻣﺤﺴﻦ رﺿﺎﻳﻲ ﻣﺮﺷﺢ أﺻﻮﻟﻲ ،ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﻗﺎﺋﺪ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻟﻠﻔﺘﺮة ﻟﻘﺮاﺑﺔ ﺳﻨﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ ) ،(١٩٩٧-١٩٨١واﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﳌﺠﻠﺲ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨﻈﺎم، ﺑﺪأ ﻓﻌﻠﻴﴼ ﺑﺎﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ وزار ﻋﺪدا ﻣﻦ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت واﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ،دﺧﻞ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺮﺋﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻲ ٢٠٠٥و٢٠٠٩ و ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺮﺷﺤﻪ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﳌﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ .
ﻋﻠﯽ رﺿﺎ زاﮐﺎﻧﯽ ﻣﻤﺜﻞ أﻫﺎﻟﻲ ﻃﻬﺮان ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻟﺪورﺗﲔ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺘﲔ )اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ واﻟﺜﺎﻣﻨﺔ( ،وﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺒﺴﻴﺞ اﻟﻄﻼﺑﻲ )ﻗﻮات اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﻟﻄﻼﺑﻴﺔ( وأﻣﲔ ﺟﻤﻌﻴﺔ أﻧﺼﺎر اﻟﺜﻮرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وأﺣﺪ اﻷﺻﻮﻟﻴﲔ اﳌﺘﻮﻗﻊ ﺗﺮﺷﺤﻬﻢ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ وﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺰﻳﺎرة ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ واﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ .
ﻏﻼم ﻋﻠﻲ ﺣﺪادﻋﺎدل ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻤﻊ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨﻈﺎم ورﺋﻴﺲ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻠﺒﺮﳌﺎن اﻹﻳﺮاﻧﻲ وﻳﻌﻤﻞ ﻋﻀﻮا ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن ﻣﻨﺬ دورﺗﻪ اﻟﺴﺎدﺳﺔ وﺣﺘﻰ اﻵن .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻛﺮﺋﻴﺲ ﳌﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب اﻟﻔﺎرﺳﻲ )ﻓﺮﻫﻨﮕﺴﺘﺎن ( وﻋﻀﻮا ﻓﻲ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺜﻮرة ،وﻗﺪ اﻧﻀﻢ ﻟﻼﺋﺘﻼف اﻟﺜﻼﺛﻲ اﳌﺬﻛﻮر أﻧﻔﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ وﻻﻳﺘﻲ وﻗﺎﻟﻴﺒﺎف .اﺗﻔﻖ ﻫﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﻞ أﻛﺪوا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ واﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﻘﺒﻮل ﻟﺪى اﳌﻨﺘﺨﺒﲔ.
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﻗﺮ ﻗﺎﻟﻴﺒﺎف
ﻋﻠﻲ اﮐﺒﺮ وﻻﻳﺘﻲ
ﻣﺤﺎﻓﻆ ﻃﻬﺮان واﺳﺘﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻃﻬﺮان ،وﻋﻤﻞ ﻗﺎﺋﺪا ﻟﻠﻘﻮات اﻟﺠﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﺛﻢ اﺧﺘﺎره ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم ٢٠٠٠م ﻟﻴﺸﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﻘﻮات اﻷﻣﻦ ﻓﻲ إﻳﺮان ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻣﻤﺜﻼ ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻬﺎز ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺗﻬﺮﻳﺐ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ واﻟﻌﻤﻠﺔ.ﺑﺪأ ﻓﻲ ﻋﺎم ٢٠٠٥ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻹﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﺿﻤﻦ اﻻﺋﺘﻼف اﻟﺜﻼﺛﻲ اﻟﺬي ﻳﻀﻢ وﻻﻳﺘﻲ وﺣﺪاد ﻋﺎدل.
ﻋﻀﻮ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻓﻲ دورﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ،ووزﻳﺮ ﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ إﻳﺮان ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮى ﺑﲔ ١٩٨١و .١٩٩٧أﺻﻮﻟﻲ ﻣﻘﺮب ﻣﻦ اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ و ﻳﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻣﺴﺘﺸﺎرﴽ ﻟﻪ ﻟﺸﺆون اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ وﻋﻀﻮا ﻓﻲ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺜﻮرة وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻀﻮا ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻊ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨﻈﺎم .ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻋﻠﻲ أﻛﺒﺮ وﻻﻳﺘﻲ أﺣﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﻋﻀﺎء اﺋﺘﻼف اﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ .
ﻇﻞ ﺗﺮاﺟﻊ ﺷﻌﺒﻴﺔ اﳌﻼﻟﻲ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ ﻷدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد. وﻟﻜﻦ ،أﻟﻦ ﻳﺤﺸﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺸﺎب اﻟﻨﺸﻂ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺪي اﻟﻘﺒﻌﺔ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻮﺳﻄﻰ اﳌﺪﻧﻴﺔ ﺧﻠﻒ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻦ اﻹﺻﻼﺣﺎت ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﻌﺪﻳﻼت دﺳﺘﻮرﻳﺔ؟ وأﻟﻦ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت إﻟﻐﺎء ﻣﻨﺼﺐ اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺘﺤﻮل إﻳﺮان إﻟﻰ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻋﺎدﻳﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ؟ ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ أن ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻤﺮﺗﺪي ﻗﺒﻌﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻪ اﻧﺘﻤﺎءات واﺿﺤﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻣﺤﻮﻻ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻘﺎدم إﻟﻰ ﻣﺠﺮد ﺗﺎﺑﻊ ﳌﻜﺘﺐ اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ .وﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻨﻮﺷﻬﺮ ﻣﺘﻜﻲ اﻟﺬي ﺑﺮز اﺳﻤﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺼﻠﻪ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻬﻴﻨﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ أﻛﺒﺮ وﻻﻳﺘﻲ اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﻛﻤﺴﺘﺸﺎر ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻟﺨﺎﻣﻨﺌﻲ ،وأﺧﻴﺮا اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻏﻼم ﻋﻠﻲ ﺣﺪاد ﻋﺎدل اﻟﺬي ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻴﺰة إﺿﺎﻓﻴﺔ وﻫﻮ أﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﺑﺎﳌﺼﺎﻫﺮة. ورﺑﻤﺎ ﻳﺮﺣﺐ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﺑﺎﻟﺜﻼﺛﺔ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻔﺘﻘﺮون إﻟﻰ اﻟﻜﺎرﻳﺰﻣﺎ وﻟﻴﺲ ﻟﺪى أي ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺎﻋﺪة ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ. وﺑﺨﻼف ﻫﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ ،رﺑﻤﺎ ﻳﺮﻏﺐ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻓﻲ اﺳﺘﻐﻼل ﺷﺒﻜﺔ ﻋﻼﻗﺎت أﻣﻠﻲ ﻻرﻳﺠﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﳌﻼﻟﻲ ورﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﺒﺎر ورﺟﺎل اﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل دﻓﻊ ﻻرﻳﺠﺎﻧﻲ ،اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ذات ﻣﺨﺎﻃﺮ؟ ﺣﻴﺚ إن ﺷﺒﻜﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﻻرﻳﺠﺎﻧﻲ أﻛﺜﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﳌﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ ﻧﻈﺎم وﻻﻳﺔ اﻟﻔﻘﻴﻪ .ﻓﺈذا ﺷﻌﺮ اﻟﻔﺼﻴﻞ ﺑﺄن ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ
26
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺳﻮف ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﺨﻄﺮ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﺮدد ﻓﻲ إﻃﻌﺎم اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻸﺳﻮد. وﺗﺸﻴﺮ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ أوﺳﺎط رﺟﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻄﻬﺮان إﻟﻰ أن ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﺧﺘﻴﺎر ذوي اﻟﻘﺒﻌﺔ ،ﺣﻴﺚ إن اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ذي ﻗﺒﻌﺔ ﻛﺮﺋﻴﺲ ﻟﻦ ﻳﻤﺜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪا ﻟﻮﺿﻌﻪ اﻟﺪﻳﻨﻲ داﺧﻞ اﻟﻨﻈﺎم ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺳﻮف ﻳﻄﺮح ﺻﻮرة أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﺨﺎرج وﻳﻤﺜﻞ رﺷﻮة ﻟﻠﻄﺒﻘﺎت اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺼﺎﻣﺘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻢ إﻗﺼﺎؤﻫﺎ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ. وﻣﺮة أﺧﺮى ،وﻓﻘﺎ ﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻳﻔﻀﻞ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ وﻻﻳﺘﻲ اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﻛﻮزﻳﺮ ﻟﻠﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ١٧ﻋﺎﻣﺎ واﻟﺬي ﻟﺪﻳﻪ وﻻء ﻗﻮي ﻟﻠﻤﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻷﻧﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺪﻳﻪ ﻗﺎﻋﺪة ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺒﻌﺪ أن ﻳﺤﺎول اﳌﺴﺎس ﺑﺴﻠﻄﺎت ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ. وﻣﺆﺧﺮا ،ﻋﲔ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ وﻻﻳﺘﻲ ﻛﺄﻣﲔ ﻋﺎم ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺼﺤﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻛﻠﻔﻪ ﺑﻤﻬﻤﺔ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻧﻤﻮذج اﻟﺤﻜﻢ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﳌﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ دول اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ؟ وﻛﺮﺋﻴﺲ ،ﺳﻮف ﻳﻘﻀﻲ وﻻﻳﺘﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ وﻗﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﻗﻨﺎع اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﺑﻘﺒﻮل ﻧﻤﻮذج وﻻﻳﺔ اﻟﻔﻘﻴﻪ .وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻓﺈن وﻻﻳﺘﻲ ) ٦٨ﻋﺎﻣﺎ( ،ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮة :ﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﺻﺪر ﺿﺪه أﻣﺮ اﻋﺘﻘﺎل دوﻟﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﳌﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﺒﺮﻟﲔ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻟﺘﻮرط ﻓﻲ ﻗﺘﻞ أرﺑﻌﺔ أﻛﺮاد إﻳﺮاﻧﻴﲔ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ .١٩٩٢ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن رﺋﻴﺴﺎ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮر اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك دون اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻼﻋﺘﻘﺎل ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻟﻘﺘﻞ ﺳﻮف
وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﻌﻤﻢ ﺧﻄﺮا ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﺣﻲ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن أﺻﻐﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ،رﺑﻤﺎ ﻳﺘﺤﻠﻖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﳌﺼﺎﻟﺢ واﳌﻬﻦ واﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮاط اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻜﻠﻮن أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ أي ﺑﻨﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺠﺪﻳﺪ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره رﺟﻞ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻳﻨﺄون ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ »اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ« اﳌﺴﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره رﺟﻞ اﳌﺎﺿﻲ. وﻳﻌﺪ ﻣﺮﺗﺪو اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﲔ اﳌﺮﺷﺤﲔ اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﲔ ﻫﻢ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺴﺎﺑﻘﻮن ﻣﺜﻞ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ وﺧﺎﺗﻤﻲ ووزﻳﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻧﻮري .وﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﻦ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ وﺧﺎﺗﻤﻲ ﺑﺎﻻﺳﺘﻴﺎء ﻣﻦ ﺳﻮء ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻟﻬﻤﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻤﻦ اﳌﺮﺟﺢ إذا ﻣﺎ أﻋﻴﺪ اﻧﺘﺨﺎﺑﻬﻤﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى ،أﻻ ﻳﺴﻤﺤﺎ ﻟﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﻮاذ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ. أﻣﺎ ﻧﻮري اﻟﺬي ﻗﻀﻰ ﺧﻤﺴﺔ أﻋﻮام ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﻻﻧﺘﻘﺎده ﻟﻠﻨﻈﺎم، ﻓﻴﺸﺒﻬﻪ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺒﻮرﻳﺲ ﻳﻠﺘﺴﲔ اﻟﺬي أﻋﻠﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳﺐ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﺟﺎء ﻋﺒﺮه. وإذا ﻣﺎ رﻏﺐ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﲔ اﻟﻘﺒﻌﺔ واﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻨﻮوي ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻮف ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺨﻴﺎر آﺧﺮ :ﺣﺴﻦ روﺣﺎﻧﻲ ) ٦٣ﻋﺎﻣﺎ( ،وﻫﻮ اﳌﻼ اﻟﺬي ﻗﺎد اﳌﻔﺎوﺿﺎت اﻟﻨﻮوﻳﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﻜﻢ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ وﺧﺎﺗﻤﻲ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن روﺣﺎﻧﻲ رﺟﻞ دﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺔ اﳌﺘﻮﺳﻄﺔ ودرس اﻟﻜﻴﻤﻴﺎء ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻳﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ وﺧﺎﺗﻤﻲ وﻧﻮري ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻤﺜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪا ﻟﺨﺎﻣﻨﺌﻲ ،ﻓﻠﻤﺪة ﻋﻘﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﻛﺎن روﺣﺎﻧﻲ اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻸﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻘﺮب ﻣﻦ اﻷﺟﻬﺰة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻻﺳﺘﺨﺒﺎراﺗﻴﺔ .ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻛﺎن اﳌﻼﻟﻲ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻀﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻨﻮوي اﻹﻳﺮاﻧﻲ ،ﻓﺈن روﺣﺎﻧﻲ ﺳﻴﻜﻮن اﻟﺮﺟﻞ اﳌﻨﺎﺳﺐ. ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎع روﺣﺎﻧﻲ أن ﻳﺒﻬﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ ﺑﻤﻬﺎراﺗﻪ اﻟﺘﻔﺎوﺿﻴﺔ ﺧﻼل اﳌﺒﺎﺣﺜﺎت اﳌﺤﻤﻮﻣﺔ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺒﺮﻧﺎﻣﺞ إﻳﺮان اﻟﻨﻮوي اﳌﺰﻋﻮم .ﻓﻘﺪ وﺻﻒ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺟﺎك ﺳﺘﺮو روﺣﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ »دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻣﺎﻫﺮ ورﺟﻞ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ«. وﻟﻜﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ روﺣﺎﻧﻲ ﻫﻲ أﻧﻪ ﺣﺎول أن ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺮﺿﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ واﻟﺤﻔﺎظ
ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎت وﺛﻴﻘﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ وﺧﺎﺗﻤﻲ .وﻣﻦ ﺛﻢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻮف ﻳﺤﺎول إذا ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺖ اﻟﻔﺮﺻﺔ أن ﻳﻘﻠﺺ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎت ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺣﻠﻔﺎﺋﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ.
ﺧﻴﺎر اﻟﻘﺒﻌﺔ ﻣﺎذا ﻋﻦ ﺧﻴﺎر اﻟﻘﺒﻌﺔ إذن؟ ﻫﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﻳﻮاﺟﻪ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺸﻜﻼت .ﻓﻘﺪ أﺛﺎر اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﺗﺪون اﻟﻘﺒﻌﺔ اﳌﺸﻜﻼت ﻟﻠﻤﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ اﳌﻌﻤﻢ ،أوﻟﻬﻢ ﻛﺎن أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻨﻲ ﺻﺪر اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪم ﻟﻘﺐ »ﺳﻴﺪ« ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻧﺤﺪاره ﻣﻦ ﻧﺴﻞ اﻷﺋﻤﺔ واﺳﺘﺨﺪم وﺿﻌﻪ ﻛﺎﺑﻦ ﻵﻳﺔ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎت اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺪﻫﻮرت ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،آﻳﺔ اﻟﻠﻪ روح اﻟﻠﻪ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﻗﻄﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. وﻗﺪ أﺻﺪر اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻓﺘﻮى ﻣﻦ ﺗﺴﻊ ﻛﻠﻤﺎت ﻳﻔﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻨﻲ ﺻﺪر ﻛﺮﺋﻴﺲ وﻫﻲ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺖ ﺑﺎﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﻤﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ .وﻛﺎن ﺛﺎﻧﻲ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺬﻳﻦ ارﺗﺪوا اﻟﻘﺒﻌﺔ ﻫﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ رﺟﺎﺋﻲ واﻟﺬي ﺗﻢ اﻏﺘﻴﺎﻟﻪ ﺑﻌﺪ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻣﻦ اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ وﻗﺖ ﻟﻜﻲ ﻳﺼﻨﻊ اﺗﺠﺎﻫﺎ ﻣﺤﺪدا ﺗﺠﺎه اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﺧﻄﺎﺑﺎﺗﻪ وﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﻧﻪ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﻟﻌﻠﻲ ﺷﺮﻳﻌﺘﻲ ،ﻣﺜﻴﺮ اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺬي دﻓﻌﺖ ﺑﻪ اﺳﺘﺨﺒﺎرات اﻟﺸﺎه ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر اﳌﺎرﻛﺴﻲ .وﻛﺎن ﺷﻌﺎر ﺷﺮﻳﻌﺘﻲ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫﻮ »اﳌﺬﻫﺐ اﻟﺸﻴﻌﻲ دون ﻣﻼﻟﻲ!«
اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻋﻠﻲ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ
ﺳﻌﻴﺪ ﺟﻠﻴﻠﻲ أﻣﲔ اﳌﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻸﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻋﺎم ١٩٨٦ وﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺨﺒﺮة اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ وزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﳌﺪة ﺗﺘﺠﺎوز اﻟـ ١٨ﻋﺎﻣﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺟﻠﻴﻠﻲ أﺣﺪ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺜﻮرﻳﺔ اﻟﺸﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻮي اﻟﺘﺮﺷﺢ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ )ﻟﻢ ﻳﺘﺄﻛﺪ ﺗﺮﺷﺤﻪ ﺑﻌﺪ(.
وﻛﺎن ﺛﺎﻟﺚ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﺪون ﻗﺒﻌﺔ ﻫﻮ ﻣﺤﻤﻮد أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد واﻟﺬي اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻪ اﻟﺤﺎل إﻟﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺮﺋﻴﺲ إﻳﺮاﻧﻲ ﻗﻮﻣﻲ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺎول اﻹﺳﺮاع ﺑﻌﻮدة اﻹﻣﺎم اﻟﺨﻔﻲ. وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﺗﻤﺜﻞ اﻟﻘﺒﻌﺔ رﻣﺰا ﻟﻠﻨﺨﺐ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ اﳌﺴﺘﻐﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ أواﺳﻂ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺎﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪ اﻷول ﻟﻠﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻮﻟﻰ اﳌﻼﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ .١٩٧٩وﻣﻦ ﺛﻢ ،ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺒﻌﺾ أن اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ﺗﻔﻀﻞ رﺋﻴﺴﺎ ﻳﺮﺗﺪي اﻟﻘﺒﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
25
قصة الغالف
ﻫﻞ ﻫﻲ ﻋﻤﺎﻣﺔ دﻳﻨﻴﺔ أم ﻗﺒﻌﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ أم ﻛﺎب ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ؟ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺬي ﻳﻮاﺟﻪ »اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ« ﻓﻲ إﻳﺮان ﻋﻠﻲ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ أﺛﻨﺎء اﺳﺘﻌﺪاده ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﺗﺠﺮى ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( اﳌﻘﺒﻞ.
اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ إﻳﺮان ..اﻟﺠﻮاب :ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ
ﻋﻤﺎﻣﺔ أم ﻗﺒﻌﺔ أم ﻛﺎب؟ ﺑﻘﻠﻢ: أﻣﻴﺮ ﻃﺎﻫﺮي ﻫﺎﺷﻤﻲ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﻧﺠﺎح اﻟﺜﻮرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٧٩ﻋﻤﻞ ﻛﺄول رﺋﻴﺲ ﻟﻠﺒﺮﳌﺎن اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة ﺑﲔ ١٩٨٩-١٩٨٠م ﻛﻤﺎ ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻟﺪورﺗﲔ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺘﲔ ﺑﲔ اﻷﻋﻮام .١٩٩٧-١٩٨٩إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﺮاس ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺨﺒﺮاء ﻟﻸﻋﻮام ﺑﲔ٢٠١١-٢٠٠٧ وﻳﺸﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٩٧وﺣﺘﻰ اﻵن .ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻦ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ رﺳﻤﻲ ﺗﺮﺷﺤﻪ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ وﻟﻜﻨﻪ أﻛﺪ وﻓﻘﺎ ﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ »أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﺮدد ﻟﻠﺤﻈﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺷﺢ ﳌﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ إذا رأى أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻷوﺿﺎع اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد.
ﺗﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﳌﻘﺒﻠﺔ أول اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻮذ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻟﻪ ﻛﻠﻤﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎب ﻋﻠﻲ أﻛﺒﺮ ﻫﺎﺷﻤﻲ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ رﺋﻴﺴﺎ .وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻊ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻪ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﺗﻤﻲ ،ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺧﻠﻴﻔﺘﻪ .ﻓﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠٥ ﺣﺎول ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﺑﻨﻪ ﻣﺠﺘﺒﻰ ،اﻟﺪﻓﻊ إﻟﻰ اﻧﺘﺨﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﻗﺮ ﻗﺎﻟﻴﺒﺎف ،رﺋﻴﺲ اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ .وﻓﺸﻠﺖ اﻟﺨﻄﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺼﻮل ﻗﺎﻟﻴﺒﺎف ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﻣﻦ ٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات ﻓﻲ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﻟﻰ. وأﺻﺒﺢ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻣﺠﺒﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ دﻋﻢ ﺗﺮﺷﻴﺢ ﻣﺤﻤﻮد أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ُﳌﻨﻊ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻓﺘﺮة رﺋﺎﺳﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ .ﻓﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠٩أﺟﺒﺮ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﻟﻴﻤﻨﻊ ﻣﻴﺮ ﺣﺴﲔ ﻣﻮﺳﻮي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻤﺜﻞ ﻟﻪ ﻛﺎﺑﻮﺳﺎ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻘﺪﻳﻦ. ﺑﻌﺪ أن ﺳﺤﻖ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻌﺎرﺿﻴﻪ داﺧﻞ اﳌﺆﺳﺴﺔ ،ﻳﻤﻠﻚ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ اﻵن ﻓﺮﺻﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪه ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ .وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ إذا ﻗﺮر ﻓﺼﻴﻞ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد اﻟﺬي ﻣﺎ زال ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ،ﻋﺪم اﻟﺘﻘﺪم ﺑﻤﺮﺷﺤﻪ اﻟﺨﺎص ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ. ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻧﻮع ﻏﻄﺎء اﻟﺮأس اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺪﻳﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﻘﺒﻞ ذا أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻨﻈﺎم ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻬﻢ ﻟﻠﻤﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴﺎ .ﻣﻦ ﺑﲔ ﺳﺘﺔ رﺟﺎل اﺣﺘﻠﻮا ﻣﻨﺼﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن، ﻛﺎن ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺮﺗﺪون اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ .ﺗﻤﺜﻞ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻚ ،ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﻓﻲ إﻳﺮان ﻗﺒﻞ أرﺑﻌﺔ ﻗﺮون ،ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺑﺸﺄن ﺗﻮﻟﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻮم ،ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ﺑﻠﻮﻧﲔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﲔ .ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء أن ﻣﺮﺗﺪﻳﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻧﺴﻞ اﻟﻨﺒﻲ وﺑﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ أﺻﻞ ﻋﺮﺑﻲ .ﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ، ﻳﺸﺎر إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺪي اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ اﻟﺴﻮداء ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺳﻠﻴﻞ ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻮة وﻳﺮﺟﻊ أﺻﻠﻪ إﻟﻰ أﺣﺪ اﻷﺋﻤﺔ اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻻﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮﻳﺔ اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ. ﻳﺰداد اﻷﻣﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ﻧﻈﺮا ﻷن اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻳﺰﻋﻢ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺰو اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺗﺰوج اﻟﺤﺴﲔ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻹﻣﺎم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺑﻴﺒﻲ ﺷﻬﺮﺑﺎﻧﻮ، اﺑﻨﺔ ﻳﺰدﺟﺮد آﺧﺮ ﻣﻠﻮك إﻳﺮان ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻹﺳﻼم إﻟﻰ اﻟﺒﻼد .ﺗﺮوي ﻗﺼﻴﺪة رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ أن ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ وﻗﻌﺖ ﻟﻴﻼ ﺑﲔ اﻷﻣﻴﺮة ﺷﻬﺮﺑﺎﻧﻮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻤﺮﻫﺎ ١٤ﻋﺎﻣﺎ وﻓﺎﻃﻤﺔ اﺑﻨﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺒﻞ ﻏﺰو اﻟﻌﺮب ﻹﻳﺮان ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻋﻮام. ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﺮ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﲔ إﺣﺪى ﺿﻮاﺣﻲ ﻗﻄﺴﻴﻔﻮن ،اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﺑﺎﺳﻢ اﳌﺪاﺋﻦ، وﻋﺎﺻﻤﺔ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ .وﺗﻈﻬﺮ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﻮق ﻋﺮﺑﺔ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ
24
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﳌﻼﺋﻜﺔ .وﺗﻘﻮل ﻟﺸﻬﺮﺑﺎﻧﻮ اﳌﺼﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺪﻫﺸﺔ» :ﺳﻮف ﺗﺘﺰوﺟﲔ اﺑﻨﻲ اﳌﻔﻀﻞ« .ﺗﺴﺄل اﻷﻣﻴﺮة ﻛﻴﻒ ﺗﺘﺰوج ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻳﺒﻌﺪ ١٠٠٠ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮ ﻋﻦ اﳌﺪاﺋﻦ .ﺗﺠﻴﺐ اﻟﺰاﺋﺮة أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﻌﺪ وﺳﻮف ﻳﺘﻢ اﻟﺰواج ﺑﻤﺠﺮد ﺳﻘﻮط اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻘﺼﺔ ﻫﻲ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﺘﺎﻟﲔ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻧﺼﻔﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﻔﺮس ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺠﻤﻊ ﺑﲔ دﻳﻦ اﻟﻌﺮب واﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ.
ﺗﻌﻘﻴﺪات اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻻرﺗﺪاء اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ دﻻﻻت أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻄﻼب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎرﺗﺪاء ﻋﻤﺎﻣﺔ رﻓﻴﻌﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺗﻌﻜﺲ وﺿﻌﻬﻢ ﻛﻤﺒﺘﺪﺋﲔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ »ﺣﺠﺔ اﻹﺳﻼم« أو اﳌﻼ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﳌﻘﺎم أن ﻳﺮﺗﺪي ﻋﻤﺎﻣﺔ أﻛﺜﺮ ﺳﻤﻜﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﺘﺼﺮ ارﺗﺪاء اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ اﻷﻛﺒﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج ﻋﺪة ﻳﺎردات ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش ﻋﻠﻰ آﻳﺎت اﻟﻠﻪ .وﺗﺸﻴﺮ ﻋﻤﺎﻣﺔ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ اﻟﺒﻴﻀﺎء إﻟﻰ أﻧﻪ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ أﺻﻞ ﻏﻴﺮ ﻋﺮﺑﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮﺗﺪي ﺧﺎﺗﻤﻲ وﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻋﻤﺎﻣﺎت ﺳﻮداء ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﻧﺴﺒﻬﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻷب. وﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺨﺒﺮات اﳌﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﳌﺎﺿﻴﺔ أن ﻣﻦ ﻳﺮﺗﺪون ﻋﻤﺎﻣﺎت ﺳﻤﻴﻜﺔ ﻟﺘﻌﻜﺲ اﻧﺘﻤﺎءﻫﻢ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ ،ﻻ ﻳﺴﻌﻮن ﻷي ﻣﻨﺼﺐ اﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﻣﻦ أي ﻧﻮع، ﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﺎﻟﺮﺋﺎﺳﺔ .ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ،ﻓﺒﻌﺪ أن ﻳﺼﻞ ذو اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﻣﺔ أﻛﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ وﻳﻄﻴﻞ ﻟﺤﻴﺘﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﺰز ﻣﻦ ﺻﻮرﺗﻪ ﻛﺮﺟﻞ دﻳﻦ. وﻗﺪ أﺿﺎف اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻋﺪة ﻳﺎردات إﻟﻰ ﻋﻤﺎﻣﺘﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺤﻮاذه ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﻃﻬﺮان ﻓﻲ .١٩٧٩وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻢ اﻧﺘﺨﺎب ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ،ﻛﺎن ﻳﺮﺗﺪي ﻋﻤﺎﻣﺔ رﻓﻴﻌﺔ ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور اﻟﺴﻨﻮات وﺑﻌﺪﻣﺎ أﺻﺒﺢ اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ أو ﻓﻘﻴﻪ اﻟﻮﻟﻲ ،ﻗﺎم ﺑﺰﻳﺎدة ﺣﺠﻢ ﻋﻤﺎﻣﺘﻪ وأﻣﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره آﻳﺔ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﻈﻤﻰ. ﻓﻬﻞ ﻳﺤﺎول ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻟـ»ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ« ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﳌﻼﻟﻲ ﻓﻲ إﻳﺮان؟ ﻟﻘﺪ أﻋﻠﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻼﻟﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻦ ﻧﻴﺘﻬﻢ اﻟﺘﺮﺷﺢ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻲ ﻓﻼﺣﻴﺎن ،وزﻳﺮ اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات اﻟﺴﺎﺑﻖ واﳌﻘﺮب ﻣﻦ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﺳﻮف ﻳﻔﻜﺮ ﻣﺮﺗﲔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻤﻼ إﻟﻰ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ،ﺣﻴﺚ إن وﺿﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﺒﻼد ﺳﻮف ﻳﻌﺰز اﻟﺰﻋﻢ ﺑﺄن إﻳﺮان دوﻟﺔ دﻳﻨﻴﺔ وأن اﳌﻼﻟﻲ ﻳﺤﺘﻜﺮون اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ أﻧﻪ ﻳﻘﻮد ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺗﺄﺳﻴﺲ »ﺣﻀﺎرة ﺟﺪﻳﺪة« ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻮذج اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺳﻮف ﻳﺠﻌﻞ وﺿﻊ ﺻﺎﺣﺐ ﻋﻤﺎﻣﺔ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ إﻗﻨﺎع اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ﺑﻤﺤﺎﻛﺎة ﻧﻤﻮذج إﻳﺮان.
وﺑﺮﻳﺌﺎت ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ .ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺗﻌﺮض اﳌﻜﻮن اﻟﺴﻨﻲ واﻟﻜﺮدي ﻟﻠﺘﻬﻤﻴﺶ واﻻﻗﺼﺎء ،ﻳﺆﻛﺪ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻓﻲ اﳌﺎدة اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ أوﻻ أن ﺗﺘﻜﻮن اﻟﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ واﻷﺟﻬﺰة اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،ﺑﻤﺎ ﻳﺮاﻋﻲ ﺗﻮازﻧﻬﺎ وﺗﻤﺎﺛﻠﻬﺎ ﻣﻦ دون ﺗﻤﻴﻴﺰ أو إﻗﺼﺎء ،وﺗﺨﻀﻊ ﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ وﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻌﺮاق ،وﻻ ﺗﻜﻮن أداة ﻟﻘﻤﻊ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ وﻻ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﺆون اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ،وواﺿﺢ أن اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻛﻮن ﻣﻌﻈﻢ ﺟﻴﺸﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﺋﻔﺘﻪ ،وأﻗﺼﻰ اﳌﻜﻮن اﻟﺴﻨﻲ واﻟﻜﺮدي اﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻣﻬﻤﺸﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺟﺪا ،ووﻇﻒ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﺶ ﻟﻘﻤﻊ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎﺻﻞ ﻣﻊ اﳌﻮﺻﻞ واﻟﻔﻠﻮﺟﺔ واﻷﻧﺒﺎر ،وﺗﻬﺪد ﻗﻴﺎداﺗﻪ اﻗﻠﻴﻢ ﻛﻮردﺳﺘﺎن .وﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ،واﺟﺘﺜﺎث اﻟﺒﻌﺚّ ، ﻋﺪه ﺷﺮﻳﻒ ﻓﻀﻴﺤﺔ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،ﻓﻤﻊ أن اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻳﺤﻈﺮ اﻟﺒﻌﺚ اﻟﺼﺪاﻣﻲ ،وﻳﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎن اﻟﻌﺪل واﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ واﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﺟﺘﺜﺎث اﻟﺒﻌﺚ ،ﻓﺈن ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ »ﻓﻀﻴﺤﺔ« ﺑﻜﻞ اﳌﻘﺎﻳﺴﺲ ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻄﺒﻘﻪ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺋﻔﺘﻪ ﺣﺘﻰ إن ﻣﻌﻈﻢ ﻗﺎدﺗﻪ » ﻗﺎدة اﻟﻔﺮق واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت » ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺟﻬﺰة اﻷﻣﻨﻴﺔ، ﻓﻤﻦ ﺣﻘﻬﻢ أن ﻳﻄﺎﻟﺒﻮا ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ واﳌﺴﺎواة ﻓﻲ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ.
اﻟﻌﺮاق إﻟﻰ أﻳﻦ؟ ﻳﺮى ﻣﺮاﻗﺒﻮن أن اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﻨﺘﻔﻀﲔ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﻨﻈﺮ أوﻻ ﻓﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻧﻔﺴﻪ واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺠﺖ ﻫﺬه اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ،ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ وﺿﻤﺎن ﺣﻘﻮق اﳌﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﺸﻴﻌﻲ واﻟﺴﻨﻲ واﻟﻜﺮدي واﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻧﻲ ،اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻵﺷﻮري اﳌﺴﻴﺤﻲ،اﻟﺼﺎﺑﺌﻲ ،وﻛﺎﻓﺔ أﻟﻮان اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺌﺎت اﳌﻬﻤﺸﺔ ،واﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻟﻌﺮاق اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮى راﻓﻊ اﻟﻌﻴﺴﺎوي ان اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺠﺎوزت ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻃﻮاﺋﻔﻪ وأﻃﻴﺎﻓﻪ ﺑﺘﻬﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،وأﻧﻬﺎ ﺗﺘﺼﺮف ﺑﺴﻠﻮك ﻃﺎﺋﻔﻲ ،وأن اﻟﻌﺮاق ﻳﻘﻒ اﻟﻴﻮم ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻬﺎوﻳﺔ ،وأﺷﺎر اﻟﻌﻴﺴﺎوي إﻟﻰ أﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺮﺷﺢ ﻏﻴﺮ اﳌﺎﻟﻜﻲ ،ﻣﺆﻛﺪا اﻟﺘﻔﺎف اﻟﺸﻌﺐ ﺣﻮﻟﻪ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﻮﻓﻖ اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ، ﺻﻌﻮﺑﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﲔ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاقّ ، وﻋﺒﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ« إن اﻟﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ وﻟﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺣﺘﻘﺎن ﺷﻌﺒﻲ ﻣﺘﺮاﻛﻢ ،وأدى إﻟﻰ ﻃﺮح ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻋﺪﻳﺪة، وﻗﺴﻢ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ ،واﻟﻘﺴﻢ اﻵﺧﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬه ،وﻫﻮ ﺻﻌﺐ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﺮﻳﻊ ،ﻷن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻣﻊ اﳌﻄﺎﻟﺐ ،وﻟﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺣﺪﻫﺎ. ﻣﺜﺎل اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺼﺪري ،واﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ ،وأﻃﺮاف أﺧﺮى ،ﻣﺴﺎﻧﺪة ﻟﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺜﻮار ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻳﺮﻓﻀﻮن اﻟﺪﻋﻮى إﻟﻰ إﻟﻐﺎء ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ .وﻛﺬﻟﻚ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﺎدة )(٤ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب ،ﻓﺈذا ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﺤﻞ اﺗﻔﺎق، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺴﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ﻛﺘﻞ أﺧﺮى ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ .وﻳﺸﺎر إﻟﻰ أن اﳌﺎدة ٤ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب رﻗﻢ )(١٣ ﻟﻌﺎم ،٢٠٠٥ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻹﻋﺪام ﻛﻞ ﻣﻦ ارﺗﻜﺐ -ﺑﺼﻔﺘﻪ ﻓﺎﻋﻼ أﺻﻠﻴﺎ أو ﺷﺮﻳﻜﺎًّ -أﻳﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻹﻋﺪام ﻛﻞ ﻣﻦ اﳌﺤﺮض واﳌﺨﻄﻂ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻹرﻫﺎﺑﻲ .وﻳﻀﻴﻒ ﻣﻮﻓﻖ اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ »ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳌﺒﺪأ أﻋﺘﻘﺪ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي ،ﻟﻮ أن اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻤﺮاﺟﻌﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺴﺒﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ،واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺤﻘﻖ وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ،ﻟﻠﻮﺻﻮل اﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﻟﻠﺘﺤﺎور ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﻮل ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺐ .وﻫﺬا ﻳﺘﻄﻠﺐ أﻳﻀﺎ ﺑﺄن ﺗﻘﻮم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﺑﺈﻋﻼن اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ،وﺗﺸﻜﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪة ﻣﻦ ﻣﻤﺜﻠﲔ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺴﻌﺪي ﻟﺪراﺳﺔ اﳌﻄﺎﻟﺐ. وﻟﻜﻦ وﺳﻂ ﺗﻼﻃﻢ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ﺑﲔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﳌﻌﺎرﺿﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺮاﻗﺒﺘﻲ ﻟﻠﺤﺪث ﺗﻔﺼﻴﻼ ،ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺟﻮاب ﺷﺎﻣﻞ ،ﻫﻞ ﻧﻔﺬت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﻄﺎﻟﺐ ام ﻟﻢ ﺗﻨﻔﺬ،ﻻ أﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻳﻤﻠﻚ اﳌﻌﻄﻴﺎت ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺟﻮاء اﻟﻀﺒﺎﺑﻴﺔ“ <
ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻃﺎرق اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ:
ﻋﺮاق »اﳌﺎﻟﻜﻲ« أﺻﺒﺢ ﻣﺼﺪر ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻷﻣﻦ دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﳋﻠﻴﺠﻲ واﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ ﻛﺸﻒ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻃﺎرق اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ ﻟـ"اﳌﺠﻠﺔ" أن اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻟﺤﻈﺔ اﻧﻜﺴﺎر إرادة اﳌﻨﺘﻔﻀﲔ ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻠﻖ ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ ﻣﺆﺧﺮا ﻻﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﳌﻨﺘﻔﻀﺔ ،وﻛﺘﺎﺑﺔ آﺧﺮ ﻓﺼﻮل اﳌﺆاﻣﺮة ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ..واﺗﻬﻢ اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ -اﳌﺤﻜﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻹﻋﺪام ﻏﻴﺎﺑﻴﺎ ،ﺑﺘﻬﻢ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹرﻫﺎب – رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ،وأﺿﺎف ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ واﳌﻘﻴﻢ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ أن اﻟﻌﺮاق ﺗﺤﻮل ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻣﻦ ﺣﺎﻣﻲ اﻟﺒﻮﺑﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،إﻟﻰ ﻣﺼﺪر ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻸﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ أﻣﻦ دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ واﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ، ﻣﺆﻛﺪا ﻓﻲ ﺣﻮاره أن ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻮﺛﻘﺔ ﻻ ﻳﺮﻗﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺸﻚ .وﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ﻧﺺ اﻟﺤﻮار: < ﻣﺎ رأﻳﻜﻢ ﻓﻲ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮاﻗﻲ؟
اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻷﻧﺒﺎر ﻫﻲ رﺑﻴﻊ ﻋﺮاﻗﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻳﻤﻬﺪﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﻫﺬه اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ رﺣﻢ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ واﻟﻘﻬﺮ واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،ﻧﺤﻦ ﻣﺎﺿﻮن إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﻮط ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺤﻘﻖ اﻷﻫﺪاف وﻟﻦ ﻧﺘﺮاﺟﻊ أﻣﺎم ﺗﻬﺪﻳﺪات اﳌﺎﻟﻜﻲ أو إرﻫﺎب أﺟﻬﺰﺗﻪ اﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ،وﻟﻦ ﺗﻀﻌﻒ ﻋﺰﻳﻤﺘﻨﺎ أو ﺗﺘﺄﺛﺮ إرادﺗﻨﺎ أﻣﺎم ﺗﺴﻮﻳﻒ اﳌﺎﻟﻜﻲ أو ﻣﻤﺎﻃﻠﺘﻪ أو ﻣﺮاوﻏﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻋﺮف ﺑﻬﺎ. < ﻫﻞ ﺗﻌﺘﻘﺪون أن اﳌﺎﻟﻜﻲ ﺳﻴﻠﺒﻲ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺜﻮار؟
ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻦ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺑﺠﺪﻳﺔ ،ﻟﻦﻳﺘﺼﺮف ﻛﺮﺟﻞ دوﻟﺔ ،ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﳌﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺐ اﳌﺸﺮوﻋﺔ ،ﻻﺣﻈﻮا ﻛﻴﻒ أﻧﻪ وﺑﺪل أن ﻳﺰور اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﳌﻨﺘﻔﻀﺔ ،وﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎﺷﻄﲔ ﻣﻦ اﻟﻠﺠﺎن اﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﻟﻴﺘﺤﺎور ﻣﻌﻬﻢ وﺟﻬﺎ ﻟﻮﺟﻪ ،أﻣﻼ ﻓﻲ اﺗﻔﺎق ،ﺑﺪﻻ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻰ اﻟﺒﺼﺮة ،ﻳﺠﺘﻤﻊ ﺑﻤﻤﺜﻠﻲ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت ذات اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ وﻳﺤﺸﺪﻫﺎ ﺿﺪ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت ذات اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ،ﻳﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﳌﺤﺎﻓﻈﲔ ،ﻻ ﻟﻴﺴﺘﺸﻴﺮﻫﻢ أو ﻳﻨﺸﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻞ وﻃﻨﻲ ﻣﺮض ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻴﻬﺪد وﻳﺘﻮﻋﺪ وﻳﻜﻴﻞ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ،وﻳﻄﻠﺐ اﻟﺪﻋﻢ واﳌﺆازرة ﻟﻨﻬﺠﻪ اﻷﺧﺮق، ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮن اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺖ وﻫﻮ ﻳﻈﻦ أن اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺳﺘﻀﻌﻒ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻼﺷﻰ ﺑﻤﺮور اﻻﻳﺎم ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄن ﺛﻮرة اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻓﺒﺮاﻳﺮ )ﺷﺒﺎط( ٢٠١١ اﻟﺘﻲ أﺟﻬﺾ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة اﳌﻔﺮﻃﺔ ﺗﺮاﻓﻘﺖ ﻣﻊ ﺣﻤﻠﺔ اﻏﺘﻴﺎﻻت ،ﻃﺎﻟﺖ أﺑﺮز اﻟﻨﺎﺷﻄﲔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﳌﺴﺪس اﻟﻜﺎﺗﻢ ،وﻣﻨﻬﻢ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻫﺎدي اﳌﻬﺪي، ﻟﻜﻦ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻟﻦ ﺗﻀﻌﻒ وﻟﻦ ﺗﺘﺮاﺟﻊ ،ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺪرك اﻟﺜﻤﻦ اﻟﺒﺎﻫﻆ اﻟﺬي ﺳﻨﺪﻓﻌﻪ ﻻﺣﻘﺎ إن ﺣﺼﻞ ذﻟﻚ، وﻧﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺘﺼﺮف اﳌﺎﻟﻜﻲ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ أن ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺴﺮﺑﺖ ﻣﻦ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻀﻴﻘﺔ اﳌﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ أن رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻟﺤﻈﺔ اﻧﻜﺴﺎر ارادة اﳌﻨﺘﻔﻀﻴﱳ ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻠﻖ ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ
ﻣﺆﺧﺮا ﻻﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﳌﻨﺘﻔﻀﺔ ،وﻛﺘﺎﺑﺔ آﺧﺮ ﻓﺼﻮل اﳌﺆاﻣﺮة ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺒﺪأ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ. < ﻣﺎ ﻫﻲ اﻷﺳﺒﺎب وراء اﺗﻬﺎﻣﻜﻢ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ؟
ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻃﺎﺋﻔﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﻈﻢ ،ﺑﺎﻋﺘﺮاف زﻋﻤﺎءاﻟﺸﻴﻌﺔ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻮق ذﻟﻚ ﻳﺘﻘﺮب ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ، وﻳﺘﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﻣﺤﺮاﺑﻬﺎ ﺑﺬﺑﺢ ﺧﺼﻮﻣﻪ وﻣﻌﺎرﺿﻴﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﺮﻗﻬﻢ أو ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ ،ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻳﻘﺪم ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ أﻧﻪ اﳌﻨﻘﺬ ..ﻳﺘﻘﻤﺺ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﳌﺨﺘﺎر ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺜﻘﻔﻲ اﳌﻨﺎﺻﺮ ﻟﺴﻴﺪﻧﺎ اﻟﺤﺴﲔ وﻳﺬﺑﺢ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻧﻮاﺻﺐ ،ﻗﺘﻠﻬﻢ ﺟﺎﺋﺰ.. ﺗﻬﺠﻴﺮﻫﻢ ..إﻓﻘﺎرﻫﻢ ..ﺗﻬﻤﻴﺸﻬﻢ ..إﻗﺼﺎؤﻫﻢ.. اﻟﺤﻂ ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ ..اﻏﺘﺼﺎب ﻧﺴﺎﺋﻬﻢ ..إﻧﻤﺎ ﻫﻮ واﺟﺐ ﺷﺮﻋﻲ ،ﻫﻜﺬا ﻳﺒﺮر اﳌﺎﻟﻜﻲ ﳌﺠﺘﻤﻌﻪ ﺣﻤﻠﺔ اﻻﺳﺘﻬﺪاف اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،٢٠٠٦ﺿﺪ اﻟﻌﺮب اﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﻮق ذﻟﻚ وﺗﻤﺴﻜﺎ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﻫﻮ ﻟﻦ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﺸﻴﻌﻲ أن ﻳﻨﺎﻓﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺠﺎه ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻳﻘﺪم ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻐﻴﻮر ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺮاق اﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﻟﻢ ﻻ وﻫﻮ ﻳﺴﺘﻬﺪف رؤوس اﻟﺸﻴﻌﺔ اﳌﻨﺎﻓﺴﲔ ﻟﻪ! ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺪﻓﻮع ﺑﺎﻟﻬﻮس ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﻻﻏﻴﺮ ،وﻫﺬا ﻫﻮ أﺻﻞ ﺧﻼﻓﻪ ﻣﻊ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺼﺪري واﳌﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ واﻟﺪﻋﻮة ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﺮاق ..اﻟﺦ ،ﺑﻞ ﺧﻼﻓﻪ ﺣﺘﻰ داﺧﻞ ﺣﺰﺑﻪ ،وﻛﺎن وﺻﻞ ﻷﻣﺎﻧﺔ ﺣﺰب اﻟﺪﻋﻮة وأﻗﺼﻰ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻌﻔﺮي ﺑﺎﻟﺘﺰوﻳﺮ ،وﻗﺪ اﻃﻠﻌﺖ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﺛﻴﻘﺔ ﻣﻌﺘﺒﺮة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺨﺼﻮص .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺪى اﳌﺎﻟﻜﻲ ﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت ﺟﻴﺶ اﳌﻬﺪي ﻋﺎم ٢٠٠٧ ،٢٠٠٨ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ وﻃﻨﻴﺎ ،ﺑﻞ ﺳﻠﻄﻮﻳﺎﻣﻦ اﺟﻞ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺸﻴﻌﻲ ﻻ أﻛﺜﺮ وﻻ أﻗﻞ، ﻣﺨﻄﺊ ﻣﻦ ﻳﻈﻦ ﺧﻼف ذﻟﻚ. < ﻓﻲ رأﻳﻜﻢ ..ﻣﺎ ﻣﺪى ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻃﻬﺮان ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق واﳌﺎﻟﻜﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ؟
أﺻﺒﺢ اﳌﺎﻟﻜﻲ أداة إﻳﺮان ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ أﺟﻨﺪﺗﻬﺎ ﻟﻴﺲﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﻻﺣﻈﻮا دوره ﻓﻲ ذﺑﺢ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺴﻮري، ﻣﻦ ﺧﻼل دﻋﻢ ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺎر ﺑﺎﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﺪﻣﻴﺮ واﻟﻘﺘﻞ ،اﻟﻘﻮاﻓﻞ واﻷﻣﻮال ﺳﻮاء ﻣﻦ إﻳﺮان أو ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق ﺑﺎﺗﺠﺎه دﻣﺸﻖ ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ ،ﻫﺬا اﳌﻌﻠﻦ واﳌﻌﺮوف ،أﻣﺎ اﳌﺴﺘﻮر ﻓﺈن اﻟﻌﺮاق ﺗﺤﻮل ﻣﻦ ﺣﺎﻣﻲ اﻟﺒﻮﺑﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺼﺪر ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻸﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺿﺪ أﻣﻦ واﺳﺘﻘﺮار دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ،وﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻮﺛﻘﺔ ﻻ ﻳﺮﻗﻰ اﻟﻴﻬﺎ اﻟﺸﻚ ،اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻳﻘﺪم ﺧﺪﻣﺎﺗﻪ ﻹﻳﺮان ﻻ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻌﺼﺐ ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﺑﻞ ﻟﻠﻤﻘﺎﻳﻀﺔ ﺑﺪﻋﻢ إﻳﺮاﻧﻲ ﻫﻮ ﺑﺄﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻓﻲ اﳌﻨﺼﺐ.
المجلة /العدد 1581مارس -آذار 2013
23
تحقيق
,,
اﻟﻨﺎﺋﺐ اﻟﺒﺮﳌﺎﻧﻲ ﺷﻮرش ﺣﺎﺟﻲ: ﻓﺘﻮى اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺴﻌﺪي ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر، وأﻃﺎﻟﺐ ﺑﻔﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﺨﻄﺒﺎء وﻋﻠﻤﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﻧﺼﺢ اﻟﻨﺎس ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻮار وإﺷﺮاك اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ
,,
وأﻣﺎ اﻋﺪاد اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت ﻓﺈن وزارة اﻟﻌﺪل ﻫﻲ اﳌﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﳌﻠﻒ ،ووﻓﻘﺎ ﻟﺘﺼﺮﻳﺢ وزﻳﺮ اﻟﻌﺪل ،ﻓﺈن اﻟﻌﺪد ﻛﺎن – ﻗﺒﻞ اﻃﻼق ﺳﺮاح اﻟﻌﺸﺮات ﻣﻨﻬﻦ– ﺑﺤﺪود ٩٠٠ﺳﺠﻴﻨﺔ ،ﻣﺤﻜﻮم ﻋﻠﻴﻬﻦ ﺑﺠﺮاﺋﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻗﺪ ﻧﻘﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻦ اﻟﻰ ﺳﺠﻮن ﻣﺤﺎﻓﻈﺎﺗﻬﻦ ،وﺣﺴﺐ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻜﻦ ﻟﻜﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﻦ. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻳﺮى اﻟﻌﻀﻮ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب اﻟﻌﺮاﻗﻲ وﻋﻀﻮ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺮﻳﻒ ،أن اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق، ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻟﻴﺴﺖ ﺑﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ،واﳌﺸﻜﻠﺔ اﻷﻛﺒﺮ ﻫﻲ أن اﻟﻌﺮاق اﻟﺬي ﻓﻴﻪ ُد ّون أول ﺗﺸﺮﻳﻊ ،وﻫﻮ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺣﻤﻮراﺑﻲ ،ﻗﺒﻞ أرﺑﻌﺔ آﻻف ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ دوﻟﺔ ،اﻟﺴﻴﺎدة ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ،ﺑﻞ اﻟﺴﻴﺎدة ﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺸﻴﻌﺔ، وإن ﺧﺎﻟﻔﺖ اﻟﻘﺎﻧﻮن .وﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮي أن اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ أرﻗﻰ اﻟﺪﺳﺎﺗﻴﺮ اﳌﻌﺎﺻﺮة ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﻛﻴﺪه ﻋﻠﻰ اﳌﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﺤﺮﻳﺎت ،وﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺜﺮوة ﺑﻌﺪاﻟﺔ وإﻧﺼﺎف ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ واﳌﺤﺎﻓﻈﺎت ،وﻣﻦ ﺣﻴﺚ إﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﻄﺎول اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮق اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ أو اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت ،ووﺿﻊ ﺣﺪودا واﺿﺤﺔ ﻟﻠﺤﻴﻠﻮﻟﺔ دون ﻧﺸﻮء دﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة .وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ أو ﺑﺘﺪاﺑﻴﺮ رﺑﻤﺎ ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ، اﺳﺘﻄﺎع رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ ،اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎﺻﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻗﺎﺋﺪا ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ ،وﻋﺰز اﻟﺠﻴﺶ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺣﺰﺑﻪ وﻃﺎﺋﻔﺔ ﺑﺼﻔﺘﻪ ّ واﺣﺪة ،وﻋﻄﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ وﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ ،ﻓﺒﺪأ ﺑﺘﻬﻤﻴﺶ اﻟﻜﺮد أوﻻ ،وﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﻣﻠﻔﺎت إرﻫﺎب ﻟﻘﺎداﺗﻬﻢ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻣﺤﺎﻳﺪة وﻋﺎدﻟﺔ ،واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻫﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ اﻟﺮﺷﻴﺪ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺎم اﺗﺤﺎدي.
وأرى أن اﻟﻨﺰاﻫﺔ ﻣﻔﻘﻮدة ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق اﻟﺠﺪﻳﺪ ،وأن اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻓﻲ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن ﻗﺎﻧﻮن اﻹرﻫﺎب ﻳﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻘﻂ ،وﺻﺤﻴﺢ أن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺟﻤﺎﻋﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﺗﻜﻔﻴﺮﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺑﲔ اﻟﺸﻴﻌﺔ أﻳﻀﺎ ﺗﻜﺘﻼت ارﻫﺎﺑﻴﺔ ﺗﺘﻬﻢ ﺑﻘﺘﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻛﻌﺼﺎﺋﺐ اﻟﺤﻖ ،أو اﳌﺨﺘﺎر ﻣﺜﻼ ،دون أن ﻳﻘﺪم أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻰ اﳌﺤﻜﻤﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ”اﳌﺎدة “٤إرﻫﺎب .وﻣﻤﺎ زاد اﻟﻄﲔ ﺑﻠﺔ أن ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻹرﻫﺎب ﺗﺴﺘﻨﺪ اﻟﻰ اﳌﺨﺒﺮ اﻟﺴﺮي ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻹﻋﺪام ،واﳌﺨﺒﺮ اﻟﺴﺮي ﺑﺪﻋﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻋﺮاﻗﻴﺔ ﺧﻄﻴﺮة ،وﺗﺴﺘﻐﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻋﺎدل وﻏﻴﺮ ﻣﻨﺼﻒ. وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧﺺ اﳌﺎدة ٧ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،ان ﺗﻠﺘﺰم اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻹرﻫﺎب ﺑﺠﻤﻴﻊ أﺷﻜﺎﻟﻪ ،وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ أراﺿﻴﻬﺎ ﻣﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺮا أو ﻣﻤﺮا أو ﺳﺎﺣﺔ ﻟﻨﺸﺎﻃﻪ ،واﻟﻌﺮاق ﻣﻠﺰم ﻣﺤﺎرﺑﺘﻪ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺮار اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻹرﻫﺎب ،ﻓﻤﻦ ﺣﻖ اﻟﻌﺮاق أن ﻳﺼﺪر ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻤﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب ،وﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﻨﺎﻓﺬ ،وﻻ اﺷﻜﺎل ﻓﻲ ﻫﺬا ،ﻻ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ،وﻻ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ،وﻻ ﺧﻼف ﻓﻲ وﺟﻮد إرﻫﺎب ﺑﺎﻟﻌﺮاق ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻗﺘﻞ ﻣﻦ اﻷﺑﺮﻳﺎء اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ ،ﻓﺘﺠﺎﻫﻞ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﳌﻨﻜﺮة ،وﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻔﺼﻴﻞ واﺣﺪ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮل وﻻ ﻣﻌﻘﻮل.ووﻓﻘﺎ ﻟﻬﺬا اﳌﺸﻬﺪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﳌﺆﻟﻢ ،ﻓﻤﻦ ﺣﻖ اﳌﻮاﻃﻨﲔ اﳌﻬﻤﺸﲔ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺑﻠﺪﻫﻢ ،ﻛﻤﺎ رﺳﻤﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮر وﺑﻴﻨﺘﻪ اﻟﻘﻮاﻧﲔ .وﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ،ﻓﻬﻨﺎك ﺳﻨﺪ دﺳﺘﻮري وﻗﺎﻧﻮﻧﻲ دوﻟﻲ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹرﻫﺎب ،اﻟﺬي ﻳﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺾ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺒﺮرات ﻟﻠﻄﻌﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺮي ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻦ اﻻﻋﺘﺮاف ﺗﺤﺖ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ،وﻣﻦ اﻋﺘﻘﺎل اﻷﺑﺮﻳﺎء ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻹرﻫﺎب اﳌﺰﻋﻮم .وأن ﻣﺎ ﺟﺮى ﻣﻦ اﻃﻼق ﺳﺮاح ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﳌﻈﺎﻫﺮات ،أﺛﺒﺖ وﺟﻮد أﺑﺮﻳﺎء
ﻣﻨﺎﻃﻖ اﳌﻈﺎﻫﺮات ﺑﺎﶈﺎﻓﻈﺎت واﳌﺪن اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺠﻤﻮع ﺳﻜﺎن اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻠﻤﺎﻟﻜﻲ 8.589.128 وﻋﺪد ﺳﻜﺎن اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﳌﺆﻳﺪة ﻟﻪ 6.516.253
اﶈﺎﻓﻈﺎت واﳌﺪن اﳌﻌﺎرﺿﺔ
اﶈﺎﻓﻈﺎت واﳌﺪن اﳌﺆﻳﺪة ﻳﺮﻣﺰ ﻛﻞ ﻟﻮن إﻟﻰ اﶈﺎﻓﻈﺎت واﳌﺪن اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﳌﻨﺎوﺋﺔ ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ واﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺆﻳﺪة ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ
واﺳﻂ: وﻣﻦ أﻫﻢ اﳌﺪن اﻟﻜﻮت واﻟﻌﺰﻳﺰة واﻟﻨﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن: 1150079ﻧﺴﻤﺔ
ﻛﺮﺑﻼء:
ارﺑﻴﻞ
اﳌﺴﻴﺐ واﳌﺤﻤﻮدﻳﺔ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن: 1200000ﻧﺴﻤﺔ
اﻟﺒﺼﺮة:
اﳌﺜﻨﻰ:
اﻟﺴﻤﺎوة واﻟﺮﻣﻴﺜﺔ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن: 683126ﻧﺴﻤﺔ
ﻛﺮﻛﻮك:
ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن: 1290000ﻧﺴﻤﺔ
ﻧﻴﻨﻮى
دﻳﺎﻟﻲ:
ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ
ﻛﺮﻛﻮك
ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن: 1077614ﻧﺴﻤﺔ أم اﻟﻘﺼﺮ واﻟﻔﺎو وﺻﻔﻮان ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن: 2405434ﻧﺴﻤﺔ
ﻣﺤﺎﻓﻆ ﻧﻴﻨﻮى أﺛﻴﻞ اﻟﻨﺠﻴﻔﻲ
دﻫﻮك
اﻟﺴﻠﻴﻤﺎﻧﻴﺔ
اﻟﻘﺎدﺳﻴﺔ:
ﻧﻴﻨﻮى:
أﻫﻢ اﳌﺪن اﳌﻮﺻﻞ وﺗﻠﻌﻔﺮ واﻟﺒﻌﺎج ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن: 3166948ﻧﺴﻤﺔ
دﻳﺎﻟﻰ
أﻫﻢ اﳌﺪن :ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ واﳌﻘﺪادﻳﺔ وﺑﻠﺪوزر ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن 1371035 :ﻧﺴﻤﺔ
اﻷﻧﺒﺎر
ﺑﻐﺪاد واﺳﻂ
ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ:
أﻫﻢ اﳌﺪن ﺗﻜﺮﻳﺖ وﺳﺎﻣﺮاء وﺑﻴﺠﻲ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن 1337780 :ﻧﺴﻤﺔ
ﺑﺎﺑﻞ ﻛﺮﺑﻼء
اﻷﻧﺒﺎر:
ﻣﻴﺴﺎن ذي ﻗﺎر اﻟﺒﺼﺮة
اﻟﻨﺠﻒ اﻟﻘﺎدﺳﻴﺔ
اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻠﻚ اﻟﺴﻌﺪي
اﻟﻨﺠﻒ :أﻫﻢ اﳌﺪن اﻟﻜﻮﻓﺔ )اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺼﺪري( ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن 1221228 :ﻧﺴﻤﺔ
اﳌﺜﻨﻰ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت واﳌﺪن اﳌﻨﺘﻔﻀﺔ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت واﳌﺪن اﳌﺆﻳﺪة ﻟﻠﻤﺎﻟﻜﻲ إﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن )ﻣﻮﻗﻒ ﺣﻴﺎدي(
22
المجلة /العدد 1581مارس -آذار 2013
)أﻛﺒﺮ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﻌﺮاق( أﻫﻢ اﳌﺪن اﻟﺮﻣﺎدي واﻟﻔﺎﻟﻮﺟﺔ وﺣﺪﻳﺜﺔ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن 1483359 :ﻧﺴﻤﺔ
ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق:
ﻣﻘﺘﺪى اﻟﺼﺪر
)دﻫﻮك -أرﺑﻴﻞ -اﻟﺴﻠﻤﺎﻧﻴﺔ( وﻣﺠﻤﻮع ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن 4.914.607ﻧﺴﻤﺔ
وﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اذا ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﻤﻴﺔ وﻣﺠﺎزة ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺎت اﳌﺨﺘﺼﺔ ﺣﺴﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن .وﻟﻜﻞ ﻓﺮد اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،وﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻨﻬﺎ أو ﺗﻘﻴﻴﺪﻫﺎ إﻻ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن )اﳌﺎدة ١٥ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻟﻌﺎم (٢٠٠٥ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﳌﺎدة ٣٨أﻳﻀﺎ ،ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻔﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ـ وﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻞ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎم واﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ.
اﻫﻤﻬﺎ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺘﻨﺎزع ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺮﻛﻮك واﳌﻮازﻧﺔ واﻟﻐﺎز واﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﳌﺒﺮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،ﻧﺮﻳﺪ ان ﻧﻄﺒﻖ اﳌﺎدة ١٤٠ﺑﺤﺬاﻓﻴﺮﻫﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮى اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ وﻓﻖ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،ﺳﻨﻘﻒ ﻣﻌﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﻔﺮط ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ وﺣﻘﻮق ﻛﻞ اﳌﻮاﻃﻨﲔ وﻧﺄﻣﻞ أن ﻳﻜﻮن اﳌﺎﻟﻜﻲ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻟﻜﻞ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻛﻤﺎ ﻧﺮى ﺟﻼل اﻟﻄﺎﻟﺒﺎﻧﻲ رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻜﻞ اﳌﻮاﻃﻨﲔ. وﻧﺤﻦ داﺧﻞ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻧﻌﻠﻢ أن اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻟﻢ ﻳﻮﻓﻖ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻲ وﻻﻳﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻛﺮﺋﻴﺲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻜﺮد ﺳﻴﻘﺒﻠﻮن ﺗﺮﺷﻴﺢ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ،وﻧﺆﻳﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺮﺋﺎﺳﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﻮﻻﻳﺘﲔ اﺛﻨﲔ ﻓﻘﻂ .وﻣﻦ ﺣﻖ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ أو ﻳﺸﺮع ﻣﺎ ﻳﺸﺎء ﻃﺎﳌﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ،وﻋﻨﺪﻧﺎ ﺗﺎرﻳﺦ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،وﻻ ﻧﺮﻳﺪ ان ﺗﺘﻜﺮر ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺻﺪام ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻟﺪﻳﻨﺎ ﺗﺨﻮف ﻣﻦ اﺳﺘﻤﺮار ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻳﻌﺰز اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ ،وﻳﻘﻒ اﻣﺎم ﺧﺮوج ﻛﻔﺎءات ﺟﺪﻳﺪة واﻟﺘﺪاول اﻟﺴﻠﺲ ﻟﻠﻤﻨﺎﺻﺐ“. وﻳﺮﻛﺰ ﺳﺮدار ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺟﺮﻳﺪة ﻛﻮردﺳﺘﺎن اﻟﺠﺪﻳﺪ »ﻛﻮردﺳﺘﺎﻧﻲ ﻧﻮي« اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻼل اﻟﻄﺎﻟﺒﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﳌﺸﺘﺮك ﺑﲔ اﻟﺴﻨﺔ واﻷﻛﺮاد اﳌﻬﻤﺸﲔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،ﻣﺆﻛﺪا أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻛﺮدﻳﺔ ﻓﻲ إدارة اﻟﺪوﻟﺔ، وﻳﻘﻮل »ﻳﺒﺪو أن ﻗﺼﺔ ﺻﺪام ﺗﺘﻜﺮر ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺗﻬﻤﻴﺶ ﺷﻴﻌﻲ وﻛﺮدي، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ اﻟﺴﻨﺔ اﻵن ﻣﻦ ﺗﻬﻤﻴﺶ واﻗﺼﺎء“. وﻋﻦ ﻓﺘﻮى اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺴﻌﺪي ﻳﻘﻮل ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ إن اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻤﺎ ﺗﻮﺻﻞ اﻟﻴﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻗﺎﻣﺔ أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻓﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق، واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻜﺮدي ﻟﻠﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﺘﻘﺴﻴﻢ ،واﻧﻤﺎ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﺘﻮﺣﺪ ﻣﻦ ﻧﻮع آﺧﺮ ﻟﺘﺘﺤﻘﻖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ، وﺗﺮﺳﻴﺦ ﻣﺒﺎدئ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺸﺮاﻛﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﲔ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈدارة ﻣﻔﺎﺻﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ واﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ واﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻌﺎدل ﻟﻠﺜﺮوات ،وﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎد وﺗﻔﻌﻴﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﺣﻘﻮق اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺼﻼﺣﻴﺎت ﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ واﻷﻗﺎﻟﻴﻢ، وﻓﻖ دﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاق واﳌﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ واﻹﺷﺮاك اﻟﻌﺎدل ﻷﺑﻨﺎء اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﳌﻮاﻃﻨﺔ واﻟﻜﻔﺎءة.
ﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ اﳌﻄﺎﻟﺐ وﻋﻦ اﻟﺴﻨﺪ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ اﻟﺬي اﺳﺘﻨﺪ اﻟﻴﻪ اﳌﻌﺘﺼﻤﻮن ﻓﻲ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻓﻲ ﻃﻠﺒﺎﺗﻬﻢ ،ﻳﻘﻮل اﻟﺒﺎﺣﺚ واﻟﺨﺒﻴﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﻨﺬر اﻟﻔﻀﻞ، إن اﳌﻈﺎﻫﺮات واﻻﻋﺘﺼﺎﻣﺎت ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺮأي،
وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺸﻌﺎرات واﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺘﻲ رﻓﻌﺖ وﺗﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﳌﻌﺘﺼﻤﲔ واﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﻰ ﻧﻮﻋﲔ وﻫﻲ :اﻟﻨﻮع اﻷول :ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻣﺸﺮوﻋﺔ وﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر وﻳﺠﺐ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﺑﺎﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻣﺜﻼ اﻟﺘﺴﺮﻳﻊ ﺑﺤﺴﻢ ﻣﻠﻔﺎت اﳌﺘﻬﻤﲔ ﺑﺎﻟﺠﺮاﺋﻢ وﺗﻌﻮﻳﺾ اﳌﺘﻀﺮرﻳﻦ وﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻔﺴﺎد اﳌﺎﻟﻲ واﻻداري ،وإﻳﺠﺎد ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﻌﺎﻃﻠﲔ واﺣﺘﺮام ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن ورﻓﻊ اﻟﻈﻠﻢ وﻋﺪم اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ،وﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺎء واﻟﻜﻬﺮﺑﺎء واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﺷﻖ اﻟﻄﺮق، وﺑﻨﺎء اﳌﺪارس اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ .اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮوﻋﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر واﻟﻘﺎﻧﻮن واﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﻫﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻌﺪل واﻟﻌﺪاﻟﺔ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ اﻃﻼق ﺳﺮاح اﻟﺬﻳﻦ ارﺗﻜﺒﻮا ﺟﺮاﺋﻢ ﻋﻤﺪﻳﺔ ﺧﻄﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺠﻴﺮات واﻻﻏﺘﻴﺎﻻت ،واﻷﻓﻌﺎل اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد ﺳﻼﻣﺔ وأﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﳌﺠﺘﻤﻊ واﻟﺴﻠﻢ اﻷﻫﻠﻲ ،أﻳﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل أم ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ،ﻷن واﺟﺐ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻔﻆ اﻷﻣﻦ واﻻﺳﺘﻘﺮار ،وﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ اﳌﻨﻈﻤﺔ ،وإﻻ ﻓﻤﺎ ﻫﻮ واﺟﺐ اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ؟ أﻣﺎ ﻋﻦ اﳌﺎدة ٤ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻻرﻫﺎب ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق رﻗﻢ ١٣ﻟﺴﻨﺔ٢٠٠٥ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺟﺎءت ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﻣﻊ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﺎدق ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﺮاق وﻣﻨﻬﺎ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻨﻊ اﺑﺎدة اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي ،واﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻨﻊ ﺗﻘﺎدم اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻌﺎم ، ١٩٤٨وﻫﻲ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ اﻳﻀﺎ ﻣﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻨﺎﻓﺬ )اﳌﺎدة (٧وﻣﻊ ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ رﻗﻢ ١٠ﻟﺴﻨﺔ ، ٢٠٠٥إذ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺪون ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﲔ ﻟﻠﺠﺮاﺋﻢ اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ واﳌﺮﺗﻜﺒﲔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ اﳌﻨﻈﻤﺔ ،ﺛﻢ ﻫﻞ ﺗﻮﺟﺪ دوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺘﺮك اﳌﺠﺮﻣﲔ ﺑﻼ ﻋﻘﺎب ،وﺗﻘﻒ ﺿﺪ ﺿﺤﺎﻳﺎﻫﻢ؟ اﻟﻌﺮاق ﺗﻌﺮض وﻳﺘﻌﺮض اﻟﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺠﺮاﺋﻢ وﻫﻮ أﻣﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮل ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﻮاﺣﻲ وﻻ ﻳﺠﻮز دﺳﺘﻮرﻳﺎ وﻗﺎﻧﻮﻧﺎ اﻟﻌﻔﻮ أو اﻟﺼﻠﺢ ﻋﻦ ﻫﺆﻻء اﻻرﻫﺎﺑﻴﲔ ،وﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﺟﺮاﺋﻤﻬﻢ ﺑﻤﺮور اﻟﺰﻣﺎن وﻻ ﻳﺠﻮز ﻣﻨﺤﻬﻢ ﺣﻖ اﻟﻠﺠﻮء ،وﻳﺠﻮز ﻟﻜﻞ دوﻟﺔ أن ﺗﺤﺎﻛﻢ اﳌﺘﻬﻢ ﺑﺠﺮاﺋﻢ اﻻرﻫﺎب وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻼﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺻﺎدﻗﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺮاق ﻓﺠﺮاﺋﻢ اﻹرﻫﺎب ﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻨﻒ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﺟﺮاﺋﻢ ﻣﺤﻠﻴﺔ .أﻣﺎ ﻋﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻬﻮ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﺸﺮوع ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﻧﺺ اﳌﺎدة ٧ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،واﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ أن ﺑﻘﺎﻳﺎ اﺗﺒﺎع اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ واﻟﺒﻌﺜﻴﲔ ورﻣﻮز ﻧﻈﺎم ﺻﺪام ،ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،وﻻ ﺗﻮﻟﻲ اﳌﻨﺎﺻﺐ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ وﻻ ﺷﻐﻞ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻷﺧﺮى ،ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺒﻌﺜﻲ.
,,
ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﺟﻲ ﻣﺤﻤﻮد ﺳﻜﺮﺗﻴﺮ اﻟﺤﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ: ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ان ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﺮدي ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﺷﻌﺐ ﻟﻪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ وﻗﻮﻣﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر
,,
أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﻓﺮاج ﻣﻦ اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺴﻴﺪات وﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﺤﻘﻬﻦ ﻣﻦ ﺗﺠﺎوزات ﻣﻦ ﺗﻌﺬﻳﺐ واﻏﺘﺼﺎب ،ﺑﺤﺴﺐ ﻣﻨﻈﻤﺎت ﺣﻘﻮﻗﻴﺔ وﻣﻦ اﻫﺎﻟﻲ اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت ،ﻓﺄﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻗﻮل ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻨﻜﺮ اﻟﺘﺠﺎوزات واﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ،وﻫﻲ اﻋﻤﺎل ﻣﺆﺳﻔﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮوﻋﺔ ،وﻳﺠﺐ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل اﻻﺟﺮاﻣﻴﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺿﺮورة ﺗﻮﻓﻴﺮ اﳌﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻟﺴﺠﲔ او اﳌﻌﺘﻘﻞ ،وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻫﻨﺎك ﺳﺠﻴﻨﺎت وﺳﺠﻨﺎء ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت واﳌﺬاﻫﺐ واﻟﻘﻮﻣﻴﺎت ،إﻻ أن ﻫﻨﺎك ﻣﺒﺎﻟﻐﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﳌﻌﺎرﺿﺔ وﺗﻮﻇﻴﻒ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﳌﻮﺿﻮع اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت ،وﻣﺎ ﻳﺸﺎع ﻣﻦ وﺟﻮد اﻏﺘﺼﺎب وﺗﻌﺬﻳﺐ ﻣﻨﻈﻢ ﺿﺪ اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت واﻟﺴﺠﻨﺎء ،ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل اﻹﺟﺮاﻣﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺤﺼﻞ ﻓﻌﻼ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أﻻ ﺗﺘﻬﺎون ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ اي ﺷﺨﺺ أو ﻣﺴﺆول ﻳﻨﺘﻬﻚ ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن ،وﻳﺠﺐ ﺧﻀﻮع اﻟﺴﺠﻮن ﻟﻠﻤﺮاﻗﺒﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪﻧﻲ وﻣﻨﻈﻤﺎت ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎ،
المجلة /العدد 1581مارس -آذار 2013
21
تحقيق
,,
اﻟﺒﺮﳌﺎﻧﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺑﺮﻫﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺮج: ﻣﻦ ﺣﻖ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ أن ﻳﺸﺮع ﻣﺎ ﻳﺸﺎء ﻃﺎﳌﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ، وﻻ ﻧﺮﻳﺪ ان ﺗﺘﻜﺮر ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺻﺪام ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ واﺳﺘﻤﺮار اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺳﻴﻌﺰز اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ
,,
أﺳﺎس اﻟﺘﻮاﻓﻖ ،وﻣﻊ اﻷﺳﻒ ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺪﺳﺘﻮر واﻟﻘﻮاﻧﲔ اﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻟﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻛﻞ اﻹﺟﺮاءات ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﺑﲔ اﻷﻃﺮاف .وﻻ ﻧﻨﺴﻰ اﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺸﻜﻞ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﺑﲔ ﻛﻞ اﻷﻃﺮاف وﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺗﺴﻌﺔ اﺷﻬﺮ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﺨﺎب اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﻌﺮاﻗﻲ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻫﻨﺎﻟﻚ وزارات ﺑﻘﻴﺖ ﺑﺪون وزراء ﻟﻌﺪم اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺻﻞ اﻟﻰ ﺗﻮاﻓﻖ ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ﺑﲔ ﻛﻞ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ. وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﺮدي ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﺷﻌﺐ ﻟﻪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ وﻗﻮﻣﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر .وﻧﺤﻦ اﻟﻜﺮد ﻧﺸﻜﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﺮب اﻟﻘﻮﻣﻴﺘﲔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺘﲔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﻫﺬا أﻣﺮ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺤﺎﻟﻲ ،وﺣﺘﻰ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﳌﺆﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻋﺎم m. ١٩٥٩وﻳﻘﻮل ﺷﻮرش ﺣﺎﺟﻲ اﻟﻨﺎﺋﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻋﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ« ﻻ أﻋﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺘﻈﺎﻫﺮات رﺑﻴﻌﺎ ﻋﺮاﻗﻴﺎ ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ وﻣﺼﺮ وﻟﻴﺒﻴﺎ، ﺣﻴﺚ إن اﻟﻨﻈﺎم ﻗﺪ ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠٣وﻫﻨﺎك اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻛﻞ ارﺑﻊ ﺳﻨﻮات، وأﻧﺎ أﻋﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺘﻈﺎﻫﺮات ﺣﻘﺎ دﺳﺘﻮرﻳﺎ ،وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﺎ ﻣﺸﺮوﻋﺔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ واﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻌﺮاق ،وﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﻢ ﺑﺈﻃﻼق ﺳﺮاح اﳌﺤﺠﻮزﻳﻦ ﻏﻴﺮ اﳌﺘﻬﻤﲔ ﺑﺠﺮاﺋﻢ ارﻫﺎب ،وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻻﺟﺘﺜﺎث اﻟﺒﻌﺜﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻟﻴﺴﺖ اﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ ،واﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎ اؤﻳﺪ ﻫﺬه اﳌﻄﺎﻟﺐ ،وﺳﺒﻖ ﻟﻨﺎ ﻛﻤﻌﺎرﺿﺔ أن ﻗﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺮدﺳﺘﺎن ﺑﻤﻈﺎﻫﺮات ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﲔ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻤﺎﻧﻴﺔ وارﺑﻴﻞ ،وﻃﺎﻟﺒﻨﺎ ﺑﺎﻹﺻﻼح اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻔﺴﺎد واﺳﺘﻘﻼل اﻟﻘﻀﺎء“. وأﺿﺎف ”وﻹﻧﻬﺎء ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ أرى ﺿﺮورة اﻟﺤﻮار ﺑﲔ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،وﺗﺜﺒﻴﺖ ﻣﺒﺪأ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ واﻟﺸﺮاﻛﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ادارة دﻓﺔ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،واﺳﺘﻘﻼل اﻟﻘﻀﺎء ﺗﻠﻚ اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻫﻲ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ واﻟﻄﺮﻳﻖ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﺤﻞ اﻻﺣﺘﻘﺎن اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺄﻧﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻔﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ارض اﻟﻮاﻗﻊ ،وذﻟﻚ ﻟﻐﻴﺎب اﻟﺜﻘﺔ ﺑﲔ ﻣﻤﺜﻠﻲ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ واﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،وﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻧﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وﻻ ﺛﻘﺔ ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑﲔ اﻟﻜﺘﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﺤﻮار اﻟﺒﻨﺎء ،وﻻ ﻧﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺑﻘﺒﻮل اﻵﺧﺮ ﺑﺮوح اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ،واﺷﺮاك ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻓﻲ ادراة اﻟﺒﻼد. أﻣﺎ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺴﺒﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﺖ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺣﺴﲔ اﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﻧﻲ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻠﺐ اﻻ اﻟﻴﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،وﻳﺠﺐ ان ﺗﺸﻜﻞ ﻟﺠﺎن ﻋﺪة ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع ِ اﻟﻰ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺸﺮوﻋﺔ واﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻔﻮرﻳﺔ ﻟﻬﺎ ،واﳌﻮاﻃﻨﻮن ﻓﻲ ﻛﺮﻛﻮك اﻳﻀﺎ ﻳﺸﺎرﻛﻮن اﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ وﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻻﻗﺼﺎء ،وﻻ ﻳﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ ادارة اﻟﺤﻜﻢ ،ﻓﺎﳌﻜﻮن اﻟﺴﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﺮﻛﻮك ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻓﻲ اﻷﻧﺒﺎر واﳌﻮﺻﻞ واﻟﺮﻣﺎدي ،ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﺪاﻓﻊ ،اﻻ أن اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﻜﺮﻛﻮﻛﻲ ﻟﻪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ،واﻧﺎ اﻋﺘﻘﺪ ان ﻛﻞ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻛﺮﻛﻮك ﺳﻮف ﺗﻠﺒﻰ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﳌﺎدة ١٤٠وﻫﻲ اﳌﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﺸﻜﻼت ﻛﺮﻛﻮك ،اﻫﻤﻬﺎ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺘﻨﺎزع ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﻤﺤﺎذات اﻟﺠﺰء اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮة ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق“.
ﻓﺘﻮى اﻟﺴﻌﺪي ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ ﺣﻘﻮق اﻷﻛﺮاد أﻓﺘﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻠﻚ اﻟﺴـﻌﺪي »ﺑـﺘـﺤﺮﻳﻢ اﳌﻄـﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻓﻲ )اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ( ،ﻟﻠﻈﺮف اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻪ اﻟﻌﺮاق واﻟﻌﺮاﻗﻴﻮن ﻣـﻦ ﻇـﻠـﻢ وﺗﻬـﻤﻴﺶ، واﻋﺘﻘﺎﻻت وﻣﺪاﻫﻤﺎت ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ وﺗﺴـﻴﻴﺲ ﻟﻠﻘـﻀﺎء ودﺳـﺘـﻮر ﻓـﺎﺷـﻞ وﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻗﺎم اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ اﻟﻌﺎدﻟﺔ واﳌﺸﺮوﻋﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻠﻨﻮﻫﺎ أﻣﺎم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وأﻣﺎم اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ وأﻣﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻗﻴﺎم إﻗـﻠـﻴﻢ ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟﻈﺮف اﻟﺬي ﻳﺨﻮﺿﻪ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون ،ﻳﻜﻮن ﺻﺮﻓﺎ ﻟﻸﻧﻈﺎر ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺤﻘـﻮق اﻟـﻤـﺸـﺮوﻋـﺔ وإﺷـﻐـﺎﻻ ﻟﻠﻨـﺎس ﻋﻦ اﻟﻬﺪف اﻷﺳﺎس ﻟﻘﻴﺎم اﳌﻈﺎﻫﺮات ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟـﻜـﻼم ﻓـﻲ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺳﻠﺒﴼ أو إﻳﺠﺎﺑﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻀﺎدﴽ ﻷﻫﺪاف اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻹﻋﺎدة ﺣـﻘـﻮﻗـﻬـﻢ اﻟﻌـﺎدﻟﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻔﺘﻮى ﻻﺗﺰال ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺘﺤﺮﻳﻢ اﻷﻗـﺎﻟـﻴـﻢ 20
المجلة /العدد 1581مارس -آذار 2013
أو اﳌـﻄـﺎﻟﺒﺔ ﺑﻬﺎ )ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ( ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺣﻘﻮق اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ -وأﻫﻤﻬﺎ إﺳﻘﺎط اﻟﺪﺳﺘﻮر -وﺗﺴﺘﻘﺮ اﻷﻣﻮر وﻣﻦ َﺛـﻢ ﻳـﻜـﻮن ﻟـﻜـﻞ ﺣـﺎدث ﺣﺪﻳﺚّ ، ﻓﺈن اﻟﻔﺘﻮى ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻔﻘﻪ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻨﻮازل ﻣﺎدام اﻷﻣﺮ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻼﺟﺘﻬﺎد ،وﻏﻴﺮ ﻣﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب أو اﻟﺴﻨﺔ“. وﻳﺮى ﺷﻮرس ﺣﺎﺟﻲ أن ﻫﺬه اﻟﻔﺘﻮى ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻛﺎﻧﺖ أو ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،ﻣﻄﺎﻟﺒﺎ ﺑﻔﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﺷﺪد »ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﺨﻄﺒﺎء وﻋﻠﻤﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﻧﺼﺢ اﻟﻨﺎس ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻬﻢ وﺑﺎﻟﺤﻮار واﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ واﺷﺮاك اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ،وﻳﺠﺐ أن ﻻ ﺗﺘﻌﺎرض اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻣﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ اﻗﺎﻟﻴﻢ وﻣﻦ ﺣﻖ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻓﻲ اﳌﻮﺻﻞ واﻷﻧﺒﺎر ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﻗﻠﻴﻢ اذا ﻓﺸﻠﺖ اﳌﺤﺎوﻻت اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ازاﻟﺔ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻻﻗﺼﺎء اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﺤﻘﻬﻢ. وﻳﺮى ﺑﺮﻫﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺮج ﻋﻀﻮ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ، ان ﻫﻨﺎك ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻟﻌﺪم ﺗﻮﻓﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،و“ﻧﺤﻦ ﻧﺆﻳﺪ اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻹﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﺴﻨﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﺤﺴﲔ اﻟﺨﺪﻣﺎت واﳌﺮاﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،اﻣﺎ اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻏﻴﺮ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ،ﻓﻼ ﻳﺠﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﺘﻠﻚ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮاق اﳌﻮﺣﺪ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺆﻳﺪ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﻬﻤﺸﲔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻻ ﻧﻘﻒ ﺿﺪ اﻟﺸﻴﻌﺔ ،ﻓﻌﻼﻗﺘﻨﺎ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻣﻊ اﻟﺸﻴﻌﺔ وﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻟﺪﻳﻨﺎ ﻋﻤﻞ ﻣﺸﺘﺮك ﻣﻌﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺳﻘﻮط ﺻﺪام ﺣﺴﲔ ﻛﻤﻌﺎرﺿﺔ وﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻃﻪ ،وﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،وﻧﺤﻦ اﻳﻀﺎ ﻧﻘﺪر ﻣﻮاﻗﻒ اﳌﺮاﺟﻊ اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ اﳌﺆﻳﺪة ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ اﻟﻜﺮدﻳﺔ .وﻟﻜﻨﻨﺎ اﻳﻀﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻣﺘﻌﺎض ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وﻣﺎزﻟﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻻﻗﺼﺎء ،وﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﻘﺪ ﻟﻺﺧﻮة اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ،وﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،وﻻ ﻳﺠﻮز أن ﻳﺸﻌﺮ اﳌﻜﻮن اﻟﺴﻨﻲ ﺑﺎﻻﺿﻄﻬﺎد، أو أن ﺗﻘﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺿﺪﻫﻢ ﺑﺎﻻﻗﺼﺎء وﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت واﳌﺮاﻓﻖ وﺣﻘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ وﺷﻐﻞ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻗﻴﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ،ﺧﺎﺻﺔ وان ﻟﻠﻤﻜﻮن اﻟﺴﻨﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺗﺎرﻳﺨﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻛﺒﻴﺮا وﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺮﻳﻘﺔ. وﻛﺘﻠﺔ اﻻﺋﺘﻼف اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﺤﺰﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق، وﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻧﺤﻦ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ،وﻧﻘﻒ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻓﺔ واﺣﺪة اﻣﺎم ﻛﻞ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﺴﻨﻴﺔ واﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ وان اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺸﻜﻼت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻧﺤﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻨﻴﲔ ﺑﻬﺎ .وﻻ ﻧﺴﻠﻚ اﻻ اﻟﻄﺮق اﳌﺆدﻳﺔ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮار واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﺑﲔ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﻃﻮاﺋﻔﻬﻢ وأﻃﻴﺎﻓﻬﻢ .وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺮى اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﲔ اﳌﺎﻟﻜﻲ وﻫﻮ ﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﻛﻞ اﻟﺸﻴﻌﺔ وﻋﻠﻰ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻌﺮاﻗﻲ ان ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﳌﺮوﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﻮاﻃﻨﲔ .وﻫﻨﺎك ﺧﺮوﻗﺎت دﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ان ﻧﺘﺤﺎور ﻣﻦ اﺟﻞ اﺗﻔﺎق ﺳﻠﻤﻲ ﺑﲔ اﻟﺠﻤﻴﻊ واﻧﻬﺎء ﻋﺼﺮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﺘﻴﺎر اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،وﻧﺤﻦ ﻛﺘﻴﺎر ﻃﺎﻟﺒﺎﻧﻲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ،
ُ ﻳﻘﻮل رﺋﻴﺲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ورﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻷﺳﺒﻖ إﻳﺎد ﻋﻼوي ” أﺟﺰم ﺑﺄن اﻟﻌﺮاق اﻵن ﻳﻤﺮ ﺑﻤﺨﺎض ﻋﺴﻴﺮ ﻳﺤﺘﺎج ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ رﺑﻴﻊ ﻋﺮﺑﻲ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﺒﻼد ،واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻦ ،وﺷﻬﺪ ﻋﻬﺪه ﺗﺪن ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق ﻟﻠﻤﺮاﻓﻖ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،واﻋﺘﻘﺎل ﺗﻌﺴﻔﻲ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﲔ ﻷﺳﺒﺎب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﺮﻛﻮد اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﻔﺸﻲ اﻟﻔﺴﺎد واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ،وأﺻﺒﺤﺖ إﻳﺮان ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد.
اﻹﻓﺮاج ﻋﻦ اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت اﻟﻌﺮاﻗﻴﺎت ﻣﻦ أﺑﺮز اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺘﻲ رﻓﻌﻬﺎ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون ﺿﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ
ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ٩٨٠إﻣﺮأة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺳﻠﻴﻢ اﻟﺠﺒﻮري رﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن إن ﻋﺪد اﳌﻌﺘﻘﻼت ﻟﺪى وزارﺗﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﻌﺪل ١٠٦١ﺳﺠﻴﻨﺔ .وذﻫﺐ اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻬﻴﺌﺔ ﻋﻠﻤﺎء اﳌﺴﻠﻤﲔ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺎرث اﻟﻀﺎري ﺑﻌﻴﺪا ،ﻟﻴﺆﻛﺪ أن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف اﻣﺮأة ﻣﺎ زﻟﻦ ﻳﻘﺒﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،وأن ﻫﻨﺎك٥٠٠ ﻣﻌﺘﻘﻠﺔ ﻋﺮاﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ اﻟﻜﺎﻇﻤﻴﺔ وﺣﺪه ،أﻧﺠﺐ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن، ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻏﺘﺼﺎب اﻟﺘﻲ اﻗﺘﺮﻓﻬﺎ اﻟﺠﻼوزة ﺿﺪﻫﻦ. وأﺷﺎر اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻀﺎري اﻟﻰ أن رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻄﻠﻖ ﺳﺮاح اﳌﻌﺘﻘﻼت ،ﺧﺸﻴﺔ اﻓﺘﻀﺎح اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ واﳌﻤﺎرﺳﺎت اﻟﺘﻌﺴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻦ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺠﻮﻧﻪ ﺳﻴﺌﺔ اﻟﺼﻴﺖ. وﻛﺸﻒ ﺗﻘﺮﻳﺮ أﻋﺪﺗﻪ اﳌﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﻋﻦ اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﺻﺎرﺧﺔ وﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻌﺬﻳﺐ وﺣﺸﻴﺔ ﺑﺤﻖ اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺎﻟﻜﻲ ،ﻣﺆﻛﺪة أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻣﻨﻬﺎر .وﻧﺴﺒﺖ ﻣﺼﺎدر ﺻﺤﺎﻓﻴﺔ إﻟﻰ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﻗﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺎن ﻟﻬﺎ :إن اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت وﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺣﺘﻰ اﳌﻮت ﺗﻤﺎرس ﺑﺤﻖ اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن. وأﻋﻠﻨﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺣﻤﻮراﺑﻲ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻟﻬﺎ اﺛﺮ زﻳﺎرات ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻮن واﳌﻌﺘﻘﻼت ﻟﻠﻨﺴﺎء ،أن ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت أﺑﻠﻐﻨﻬﺎ »ﺗﻌﺮﺿﻬﻦ ﻟﻼﻏﺘﺼﺎب واﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺧﻼل ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ وﺑﻌﺪﻫﺎ“. ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ »اﻷﻣﻞ« إن وﺿﻊ اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت ﻣﺄﺳﺎوي وﻫﻨﺎك ﻣﺆﺷﺮات ﻛﺜﻴﺮة إﻟﻰ أن ﺣﺎﻻت اﻻﻏﺘﺼﺎب أﺻﺒﺤﺖ ﻗﺎﻋﺪة وﻟﻴﺴﺖ اﺳﺘﺜﻨﺎء. وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ »ﻫﻴﻮﻣﻦ راﻳﺘﺲ ووﺗﺶ« ﻗﺪ اﺗﻬﻤﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ )أﻳﺎر( اﳌﺎﺿﻲ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻌﺮاق إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮري وﺗﻌﺬﻳﺐ اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ.
ﺻﺪام ..اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ّ وﻋﺪ ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﻛﻮﻛﺒﺮن ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻣﻄﻮل ﻟﻪ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ« ذي اﻧﺪﺑﻨﺪﻧﺖ« اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان« ﻫﻞ ﻧﺤﻦ ﻧﺸﻬﺪ ﺗﻔﻜﻚ اﻟﻌﺮاق اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ؟« أن رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ اﻟﻨﺴﺨﺔ )اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ( ﻟﺼﺪام ﺣﺴﲔ ﺑﻌﺪ ﺗﺨﻠﻴﻪ ﻋﻦ اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻮﺳﻂ وﻓﺸﻠﻪ ﻓﻲ إدارة اﻟﺒﻼد ﺑﻤﻜﻮﻧﺎﺗﻪ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺴﻨﺔ واﻷﻛﺮاد ،واﺗﻬﺎﻣﺎﺗﻪ اﳌﺘﻜﺮرة ﻟﻘﺎدة ﺳﻴﺎﺳﻴﲔ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺎﻟﻀﻠﻮع ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻴﺎت إرﻫﺎﺑﻴﺔ واﺟﺒﺮ ﻃﺎرق اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮار ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق ،واﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮة ﺑﺂﻟﺔ اﻷﻣﻦ واﻟﺘﺮﻫﻴﺐ اﻟﺪاﺋﻢ ﻣﺜﻞ ﺳﻠﻔﻪ ﺻﺪام ﺣﺴﲔ ،وذﻛﺮ أن اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻳﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺗﺮ اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺨﻮﻳﻒ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺢ اﻟﺒﻌﺜﻲ واﻟﺜﻮرة اﳌﻀﺎدة .ووﺻﻒ ﻛﻮﻛﺒﺮن اﻟﻌﺮاق ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ اﻻﺳﺘﺒﺪادي اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ واﳌﺘﻔﻜﻚ.
وﻳﺆﻛﺪ إﻳﺎد اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ اﻷﻣﲔ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺤﺰب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ« أن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻴﻮم ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﻮادر ﻟﻠﺤﻞ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﻊ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻛﺪون أﻧﻬﻢ ﺑﺎﻗﻮن ﻟﺤﲔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ .واﻟﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ اﳌﺎﻟﻜﻲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺐ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻟﻠﺜﻮار ،واﻛﺘﻔﻰ ﺑﺈﺟﺮاءات ﻣﺤﺪودة ﻫﻲ ﺣﻘﻮق ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﲔ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺠﺒﺖ ﻋﻨﻪ وﻫﻲ :اﻹﻓﺮاج ﻋﻦ ﻣﻌﺘﻘﻠﲔ اﻋﺘﻘﻠﻮا ﻣﻦ دون وﺟﻪ ﺣﻖ وﻣﻦ دون ﺗﻬﻤﺔ ،واﻹﻓﺮاج ﻋﻦ ﻣﺤﻜﻮﻣﲔ اﻧﺘﻬﺖ ﻣﺤﻜﻮﻣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻨﺬ أﻣﺪ ﻃﻮﻳﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﺮج ﻋﻨﻬﻢ ﺑﻌﺪ ،وﺻﺮف رواﺗﺐ ﺗﻘﺎﻋﺪﻳﺔ )ﻣﻌﺎﺷﺎت( ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﲔ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻬﺎ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺠﺒﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﺗﻌﺴﻔﺎ ﻟﺴﺎﺑﻖ اﻧﺘﻤﺎﺋﻬﻢ ﻟﺤﺰب اﻟﺒﻌﺚ. ﺑﺨﻼف ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺷﻲء آﺧﺮ .وﻳﻀﻴﻒ اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ »ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﻮاﻃﻨﲔ أوﺳﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ ،وﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ،واﻟﺤﻘﻮق اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ أﺟﻬﺰة اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ ،واﻟﺘﺰام اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻮق اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت وﺻﻼﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،وﻓﻲ اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ،وﻋﺪم اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆوﻧﻬﺎ ،وإﺻﻼح اﻟﻘﻀﺎء وإﻗﺼﺎء اﻟﻘﻀﺎة اﻟﻔﺎﺳﺪﻳﻦ ،او اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺼﺮﻓﻮن ﺑﺪواﻓﻊ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ أو اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻠﺘﺰﻣﻮن اﻟﻘﺎﻧﻮن واﳌﺘﻌﺴﻔﲔ ﻓﻲ أﺣﻜﺎﻣﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺎرخ واﺿﺢ ،وﺗﺤﺴﲔ ﺳﻠﻮك اﻟﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ،وﻣﻌﺎﻗﺒﺔ اﳌﺨﺎﻟﻔﲔ ﻣﻨﻬﻢ ..ﻫﺬه ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ،وﻫﻨﺎك ﻣﻄﺎﻟﺐ أﺧﺮى ﻋﺎﻣﺔ وﻣﺤﺪدة ﻟﻠﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ّ ﻋﺪ اﳌﺎﻟﻜﻲ أن »ﺑﻌﺾ ﻣﻄﺎﻟﺐ )اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ( ﻣﺸﺮوﻋﺔ ،اﻣﺘﺰﺟﺖ ﺑﺄﺧﺮى ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ،اﻟﺬي ﻳﺠﺐ ّ أن ﻧﺤﺘﻜﻢ ﻓﻴﻪ إﻟﻰ اﻟﺪﺳﺘﻮر واﻟﻘﺎﻧﻮن“ .وﺣﺬر اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﻦ أن »أﻋﺪاء اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﳌﺴﻠﺤﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ ،وأزﻻم اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻳﺤﺎوﻟﻮن رﻛﻮب ﻣﻮﺟﺔ اﳌﻈﺎﻫﺮات ،ﺑﻤﺎ ﺳﻴﺆدي إﻟﻰ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﻮﺿﻰ واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ،وﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺴﻠﻢ اﻷﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺟﺮ اﻟﻌﺮاق إﻟﻰ اﻻﻗﺘﺘﺎل اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ“ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﳌﺎﻟﻜﻲ ﺣﺎول اﻟﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻪ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون ،إﻻ أﻧﻪ اﺧﺘﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮات واﻷﺟﻬﺰة اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ »اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺤﺎول اﻹﺿﺮار ﺑﺎﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ، وﻳﻤﺲ ﺳﻴﺎدﺗﻪ ووﺣﺪﺗﻪ“ .وﻳﻘﻮل ﻋﻠﻲ ﺷﻼه اﻟﻨﺎﺋﺐ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ـ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ«اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺘﻮﻫﻢ أﻧﻪ ﻣﺎداﻣﺖ ﻫﻨﺎك ﻇﺮوف ﺿﺎﻏﻄﺔ وﻣﻈﺎﻫﺮات ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺒﺪو اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أﻛﺜﺮ ﺿﻌﻔﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻣﺮﻓﻮض ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻔﻘﺪ ذﻟﻚ ﻗﻮات اﻷﻣﻦ واﳌﻮاﻃﻨﲔ ﺛﻘﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ“.
,,
اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﻛﻮﻛﺒﺮن: رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ اﻟﻨﺴﺨﺔ »اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ« ﻟﺼﺪام ﺣﺴﲔ ﺑﻌﺪ ﺗﺨﻠﻴﻪ ﻋﻦ اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻮﺳﻂ وﻓﺸﻠﻪ ﻓﻲ إدارة اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻤﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ واﻟﺴﻨﺔ واﻷﻛﺮاد
,,
ﻣﻮﻗﻒ اﻷﻛﺮاد ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﻨﺘﻔﻀﲔ ﺣﺜﺖ رﺋﺎﺳﺔ إﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن ،اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم »إﻫﻤﺎل اﳌﻄﺎﻟﺐ اﳌﺸﺮوﻋﺔ ﻣﻦ اﳌﻮاﻃﻨﲔ“ .وﻗﺎل اﻟﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ رﺋﺎﺳﺔ إﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن أوﻣﻴﺪ ﺻﺒﺎح إن اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ »ﺗﺴﺎﻧﺪ اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ،وﺗﺪﻋﻮ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻺﺳﺮاع ﺑﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ أدت إﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﻫﺬه اﻷوﺿﺎع“. وﻳﺆﻛﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﺟﻲ ﻣﺤﻤﻮد ﺳﻜﺮﺗﻴﺮ اﻟﺤﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ ،اﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ اﻵن ﻓﻮﺿﻰ ﻋﺎرﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻟﺪرﺟﺔ اﻧﻪ ﻻ أﺣﺪ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﺎﻵﺧﺮ ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻮﺻﻞ اﻟﻰ ﺣﻞ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ،وﻓﻲ رأﻳﻲ ان اﻟﻠﺠﺎن اﻟﺴﺒﺎﻋﻴﺔ أو اﻟﺨﻤﺎﺳﻴﺔ أو ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ”ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺤﻜﻤﺎء“ ﻟﻦ ﺗﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎ ،وﻟﻦ ﺗﺘﻮﺻﻞ اﻟﻰ ﺣﻞ ﺗﻮاﻓﻘﻲ ﺑﲔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﳌﻌﺎرﺿﺔ ،إﻻ إذا وﺿﻌﺖ ﺻﻴﻐﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺤﻮار ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﺳﺘﻜﻮن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ إﻳﺠﺎد ﺣﻠﻮل .واﻋﺘﻘﺪ اﻧﻪ رﻏﻢ وﺟﻮد اﻟﺪﺳﺘﻮر واﻟﻘﻮاﻧﲔ ،ﻓﺈن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻌﺮاق اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻮﺿﻮع ﻋﻠﻰ المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
19
تحقيق
اذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ دوﻟﺔ أو أﺟﻬﺰة ﻣﺨﺎﺑﺮات أﺟﻨﺒﻴﺔ وﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎت ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ“ .ﻣﻀﻴﻔﺎ أن ”اﳌﻮﻗﻒ ﻟﻴﺲ ﻫﻴﻨﺎ وﻳﺒﺪو ﻣﻌﻘﺪا ،وﺳﺒﺐ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻫﻮ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺤﺰﺑﻴﺔ وﺗﺒﺎﻳﻦ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻜﺘﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،واﺻﺮار ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﻃﺮاف ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ارﺑﻴﻞ ،وﻫﻲ ﻣﺮﻫﻮﻧﺔ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﳌﻘﺒﻠﺔ وﻳﻨﺘﻬﻲ دورﻫﺎ“.
,,
راﻓﻊ اﻟﻌﻴﺴﺎوي: ﺳﺒﻖ ﻟﻠﻤﺎﻟﻜﻲ اﺗﻬﺎﻣﻲ ﺑﺎﻹرﻫﺎب ﻋﺎم ٢٠٠٩وإذا ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺑﺼﺤﺔ ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻳﺔ ﻓﻠﻤﺎذا ّ ﻋﲔ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﺘﻬﻤﺎ ﺑﺎﻹرﻫﺎب وزﻳﺮا ﻟﻠﻤﺎﻟﻴﺔ وأﻣﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﳌﺎل اﻟﻌﺎم؟
,,
18
رﺑﻴﻊ ﻋﺮاﻗﻲ ﻣﺘﺄﺧﺮ
دول اﻟﺠﻮار ،واﺗﺮﻛﻮا أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻋﺒﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،وﻧﻔﺬوا ﻛﻞ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻓﻜﻠﻬﺎ ﺣﻘﻮق ﻣﺸﺮوﻋﺔ ﺟﻤﻠﺔ وﺗﻔﺼﻴﻼ ،وأﻋﻄﻮا ﻛﻞ ﻋﺮاﻗﻲ ﺣﻘﻪ، ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻜﻮﻧﻪ ﻋﺮﺑﻴﺎ أو ﻛﺮدﻳﺎ أو ﺗﺮﻛﻤﺎﻧﻴﺎ ،ﺳﻨﻴﺎ أو ﺷﻴﻌﻴﺎ ،ﻣﺴﻠﻤﺎ أو ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻢ ،ﻓﻜﻠﻬﻢ ﺷﺮﻛﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق واﻟﻮاﺟﺒﺎت ،وﻧﻔﺬوا ذﻟﻚ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻗﺼﻮى وﻣﻦ دون ﺗﺴﻮﻳﻒ وﻻ ﻟﺠﺎن ،ﻓﺎﻟﻮﻗﺖ ﻟﻴﺲ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ،واﻟﺸﻌﻮب ﺑﺎﻗﻴﺔ واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت إﻟﻰ زوال“.
وﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮارة اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ،ﻋﻘﺐ ﺻﺪور ﻣﺬﻛﺮة ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺜﻮار واﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
اﻋﺘﻘﺎل أﻓﺮاد ﺣﻤﺎﻳﺔ وزﻳﺮ اﳌﺎﻟﻴﺔ راﻓﻊ اﻟﻌﻴﺴﺎوي ،اﻟﻘﻴﺎدي اﻟﺒﺎرز ﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ،ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻹرﻫﺎب ﻓﻲ ﻗﺮار ﺗﺪور ﺣﻮﻟﻪ ﺷﺒﻬﺔ اﺳﺘﻬﺪاﻓﻪ ﻟﺘﺼﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻻﺗﻬﺎم اﻟﻌﻴﺴﺎوي ﺣﻜﻮﻣﺔ اﳌﺎﻟﻜﻲ ،ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻻ ﺗﺤﺘﺮم ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻻ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ ووﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻴﺶ دون أزﻣﺔ« .ﺛﻢ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎﺗﻪ اﳌﻨﺎوﺋﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري ،وﻗﺪ أﻃﻠﻖ اﻟﻌﻴﺴﺎوي ﻫﺬه اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺻﺤﺎﻓﻲ ﻋﻘﺪه ﺑﻤﻌﻴﺔ رﺋﻴﺲ اﻟﺒﺮﳌﺎن أﺳﺎﻣﺔ اﻟﻨﺠﻴﻔﻲ، وﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ،ﺻﺎﻟﺢ اﳌﻄﻠﻚ ،اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻴﺎن إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ »اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ« ، وﻃﺎﻟﺐ اﻟﻌﻴﺴﺎوي اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺑﺄن ﻳﺴﺤﺐ اﻟﺜﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺸﻴﻌﺔ.
وﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻷزﻣﺔ اﺗﻬﻢ راﻓﻊ اﻟﻌﻴﺴﺎوي اﳌﺎﻟﻜﻲ ﺑﺎﺧﺘﻼق ﻓﺮﻳﺔ ﻋﻼﻗﺘﻪ أو ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺮاﺳﻪ ﺑﺎﻻرﻫﺎب ،وﻗﺎل اﻟﻌﻴﺴﺎوي إن رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﺳﺒﻖ ان اﺧﺘﻠﻖ اﻟﻔﺮﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻋﺎم ، ٢٠٠٩ﻣﺪﻋﻴﺎ ﺑﺄن ﺑﻌﺾ ﻗﻴﺎدات اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻌﻴﺴﺎوي ﻣﺘﻬﻤﻮن ﺑﺎﻹرﻫﺎب ،وﻳﻮﻣﻬﺎ ﺣﺮر ﻗﺎﺋﺪ اﻟﻘﻮات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺠﻨﺮال اودﻳﺮﻧﻮ رﺳﺎﻟﺔ ـ ﻟﺪى رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻨﻬﺎ -ﺗﻘﻮل »ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أدﻧﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﲔ اﻟﻌﻴﺴﺎوي واﻹرﻫﺎب« ،وﻳﺘﺴﺎءل اﻟﻌﻴﺴﺎوي »إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻘﺖ ﻋﺎم ، ٢٠٠٩واذا ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺑﺼﺤﺘﻬﺎ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻗﺒﻞ اﳌﺎﻟﻜﻲ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء أن ﻳﻌﲔ راﻓﻊ اﻟﻌﻴﺴﺎوي اﳌﺘﻬﻢ ﺑﺎﻻرﻫﺎب وزﻳﺮا ﻟﻠﻤﺎﻟﻴﺔ ،وأﻣﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﳌﺎل اﻟﻌﺎم؟ ﻫﻞ ّﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ؟ إن ﻛﺎن ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻬﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺨﻮن اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻟﻪ اﳌﻮاﻃﻨﻮن ،واذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺼﺔ ﻣﺨﺘﻠﻘﺔ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﺨﺘﻠﻖ ﻗﺼﺼﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﺿﺪ اﻟﺸﺮﻛﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ ﻋﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺠﻤﻴﻠﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺿﺮورة اﺳﺘﺠﻮاب رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ،وﺗﻢ اﺗﻬﺎﻣﻪ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺘﻬﻤﺔ“ ،وﺑﲔ اﻟﻌﻴﺴﺎوي أن »اﳌﺴﻠﺴﻞ اﻹﻗﺼﺎﺋﻲ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻤﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺪاﻳﻨﻲ واﻟﻬﺎﺷﻤﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ ّاﻟﻴﻪ“.
دﻋﻮة اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺴﻌﺪي ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻠﻚ اﻟﺴﻌﺪي اﳌﺮﺟﻊ اﻟﺴﻨﻲ اﻟﺒﺎرز ”دﻋﻮت ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،وﻟﻜﻨﻲ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﻣﻦ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻮزراء ﺑﻤﻮﻗﻒ ﻛﻠﻤﺎت ﻧﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ رﺋﻴﺲ ﻻ ﻳﻨﻢ ﻋﻦ أدﻧﻰ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻻﺣﺘﺮام واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ،ﻓﺴﻤﻌﺖ ٍ اﻟﻮزراء وﺻﻒ ﺑﻬﺎ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،وﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨﻪ ﺗﻬﺪﻳﺪا ﺻﺮﻳﺤﺎ ﺑﺈﻧﻬﺎﺋﻬﻢ ُ وﻋﺪم اﻻﻛﺘﺮاث ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻧﺴﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺆول ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ .ﺛﻢ ﺑﺪأ اﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﺑﺎﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،وﻟﻢ ﺗﻨﻔﺬ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﺎن وﻟﻘﺎءات ُ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ ،وﺿﺎﻳﻘﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﺑﺸﺘﻰ ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ ،ﻻ ﺗﺤﻘﻖ ﻟﻠﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ َ وﺳﺎﺋﻞ اﳌﻀﺎﻳﻘﺎت ،ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ إﻃﻼق اﻟﺮﺻﺎص اﻟﺤﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﻮﻗﻊ )اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ( ﻏﺪرا واﻋﺘﺪاء .ﺛﻢ ﻋﺎد اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺈﺻﺪار أواﻣﺮ إﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻬﻢ ،وﺗﻬﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻳﺤﻀﺮ ﺳﺎﺣﺎت ُ اﻟﻄﻌﻦ ﺑﺎﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﺳﻠﻮﻛﺎ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﻴﲔ، اﻻﻋﺘﺼﺎم وﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻛﺎن اﻟﺬﻳﻦ رﻣﻮا اﳌﻌﺘﺼﻤﲔ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ واﻟﺘﺴﻴﻴﺲ واﻟﺪﻋﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻛﺬب واﺳﺘﻔﺰاز اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن واﻓﺘﺮاء ،ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﺼﻌﻴﺪ اﳌﻮﻗﻒ ِ َﻳﺘﺤﻠﻮن ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ اﻟﻜﺮﻳﻢ ،واﻟﺼﺒﺮﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻬﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻳﻘﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وﻗﺪ ﺛﺒﺘﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺑﺴﻠﻢ وﺣﻀﺎرة“ .وﺗﺴﺎءل اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺴﻌﺪي »ﳌﺎذا ﺗﻔﺘﺢ ﻗﻮات اﳌﺎﻟﻜﻲ َ اﻟﻨﺎرﻋﻠﻰ اﻵﻣﻨﲔ؟ ﳌﺎذا ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻔﺰاز اﻟﺼﺎرخ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﲔ ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ اﳌﺸﺮوﻋﺔ؟ ،وﳌﺎذا ﻫﺬا اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺎﺋﺮﻳﻦ ﻟﺸﺮﻓﻬﻢ وﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ«، ﻗﺒﻞ ﻣﺒﻴﻨﺎ »اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻓﻀﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﺘﻬﺪﻳﺪ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ُﺑﻘﻮﻟﻪ) :اﻧﺘﻬﻮا َ أن ﺗﻨﻬﻮا( .ﻣﺘﺎﺑﻌﺎ »أﻗﻮل ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ :أﻋﻴﺪوا إﻟﻰ اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ ﻟﺤﻤﺘﻬﻢ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، َ وﻟﺘﻜﻦ ﺳﻴﺎﺳﺘﻜﻢ وﻃﻨﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻣﻦ دون أن ﻳﺮﺳﻤﻬﺎ أﺣﺪ ﻣﻦ دول اﻟﻐﺮب أو
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ أﺣﺎل رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﳌﻄﺎﻟﺐ إﻟﻰ اﻟﺒﺮﳌﺎن ،ﻣﺆﻛﺪا أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻟﻐﺎء أو ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻗﻮاﻧﲔ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ،وﻗﺎم ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ وزارﻳﺔ ﺳﺒﺎﻋﻴﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺣﺴﲔ اﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﻧﻲ ،ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ واﳌﻌﺘﺼﻤﲔ .واﻧﺘﻘﺪ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ أﻋﻠﻨﺘﻬﺎ اﻟﻠﺠﻨﺔ ،ووﺻﻔﻮﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺮﺗﻘﻲ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻷي ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ .وﻳﺆﻛﺪ راﻓﻊ اﻟﻌﻴﺴﺎوي ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮ ﻧﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻰ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺜﻮار ،ﻳﻘﻮل« اﳌﻌﺘﺼﻤﻮن ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺎت اﻻﻋﺘﺼﺎم ﺑﺎﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﳌﺸﺘﻌﻠﺔ ﻏﻀﺒﺎ ،واﻟﺴﻴﺪ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻳﺰور ﻣﺤﺎﻓﻈﺎت اﺧﺮى! ..اﳌﻌﺘﺼﻤﻮن ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ وﺗﺨﺮج اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺴﺒﺎﻋﻴﺔ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ إﻃﻼق ﺳﺮاح ﻣﺎﺋﺔ ،وﺗﻌﺘﻘﻞ اﻟﻔﺎ ،ودﻋﺎ اﻟﻌﻴﺴﺎوي اﳌﺴﺆوﻟﲔ ﻟﻠﺬﻫﺎب اﻟﻰ ﺳﺠﻮن اﺑﻮﻏﺮﻳﺐ واﻟﺘﺮﻣﻴﺔ واﳌﻮﺻﻞ ودﻳﺎﻟﻰ ﻟﻴﺸﺎﻫﺪوا ـ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ -ﻛﻴﻒ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻘﻮات اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻄﻴﻊ أوﺻﺎل ﺑﻐﺪاد ،ﻣﻀﻴﻔﺎ »ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮات اﻷﻣﻨﻴﺔ أن ﺗﺘﺬﻛﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وان ﺗﻘﺘﺪي ﻣﻦ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ اﳌﺼﺮي ،وان ﻻ ﺗﺤﺘﺬي ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ اﻟﺴﻮري ،اﻟﺬي ﻳﻘﻒ اﻟﻰ ﺟﻮار ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺎر اﻟﻘﺎﺗﻞ اﻟﺸﺮس«. وﻳﺴﺘﺪرك اﻟﻌﻴﺴﺎوي ”ﻣﻨﺬ أن ﺑﺪأت اﻷزﻣﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﺼﺮف اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﺑﺮؤﻳﺔ واﺿﺤﺔ أو ﺧﻄﺔ أو ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ،اذ ﺗﺤﺮك ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺴﺒﺎﻋﻴﺔ ﺛﻢ اﻟﺨﻤﺎﺳﻴﺔ ﺛﻢ اﻟﺤﻜﻤﺎء وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﻘﻮﻟﻮن ان اﳌﻌﺘﺼﻤﲔ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻟﺠﺎن ﻟﻜﻲ ﻧﺘﻔﺎوض ﻣﻌﻬﻢ .ﻫﺬا اﻟﻬﺮوب ﻫﻮ ﺗﻨﺼﻞ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﳌﻌﺘﺼﻤﲔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪ اﳌﻠﻚ اﻟﺴﻌﺪي ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻷﻧﺒﺎر ،وﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ ﻣﻠﻒ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺳﺒﻖ وان دﻋﺎ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺴﻌﺪي اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻟﻰ إﺷﺮاك ﻣﻤﺜﻠﲔ ﺣﻘﻴﻘﻴﲔ ﻋﻦ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻟﻴﺸﺎرﻛﻮا ﻓﻲ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻴﺮة ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ ،ﻋﻠﻰ أن ﻳﻮﺛﻖ ذﻟﻚ ﺑﺎﻹﻋﻼم اﳌﺮﺋﻲ واﳌﺴﻤﻮع واﳌﻘﺮوء ،واﻗﺘﺮح ﻋﺒﺪ اﳌﻠﻚ اﻟﺴﻌﺪي ﺗﺮﺷﻴﺢ ﻣﻤﺜﻠﲔ ﻋﻦ ﺳﺎﺣﺎت اﻻﻋﺘﺼﺎم ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺸﺎور ﻣﻊ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،واﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﻳﺮﺗﻀﻮه ﻣﻤﺜﻼ ﻟﻬﻢ ﻛﻲ ﻳﺴﻘﺮ اﻟﻮﺿﻊ وﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﺠﻠﺔ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت واﳌﻬﺎﺗﺮات ـ ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺒﻴﺮه -وﻳﻌﻴﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻮن ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﳌﻨﺸﻮدة“.
أزﻣﺔ اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت اﻟﻌﺮاﻗﻴﺎت ﻓﻲ اﳌﻘﺪﻣﺔ أﻋﻠﻦ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون اﻟﻌﺮاﻗﻴﻮن ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ اﳌﻄﺎﻟﺐ ،وﻫﻲ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وإﻋﺎدة اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻌﺮب اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺸﻴﻌﺔ وﺑﻘﻴﺔ اﳌﻜﻮﻧﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ إدارة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ووﻗﻒ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻗﺼﺎء واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻟﻔﺮز اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻴﺶ واﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ،وإﻃﻼق ﺳﺮاح اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ واﳌﻌﺘﻘﻼت، وإﻳﻘﺎف ﺗﻨﻔﻴﺬ أﺣﻜﺎم اﻹﻋﺪام ،وﺗﻌﻠﻴﻖ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﳌﺎدة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب .ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻢ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ إﻳﻘﺎف اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻘﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ،وإﺻﺪار ﻗﺎﻧﻮن ﻟﻠﻌﻔﻮ اﻟﻌﺎم وإﻟﻐﺎء ﻗﻴﺎدات اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻼد وإﻋﺎدة اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ رﻣﻮزا دﻳﻨﻴﺔ ووﻃﻨﻴﺔ ،وإﻟﻐﺎء ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺨﺒﺮ اﻟﺴﺮي واﳌﺪاﻫﻤﺎت اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ،وﺻﻮﻻ إﻟﻰ إﺟﺮاء ﺗﻌﺪاد ﺳﻜﺎﻧﻲ ﺑﺈﺷﺮاف دوﻟﻲ ﻗﺒﻞ إﺟﺮاء اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ. وﻳﻌﺪ اﻹﻓﺮاج ﻋﻦ اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻮن اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ اﻟﺴﻴﺪات أﺑﺮز اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺘﻲ رﻓﻌﻬﺎ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون ﺿﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﳌﺎﻟﻜﻲ ،وﺗﺨﺘﻠﻒ اﻷرﻗﺎم اﳌﻌﻠﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻦ اﻻرﻗﺎم اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﺗﻬﺎ ﻗﻮى ﻣﻌﺎرﺿﺔ وﺟﻤﻌﻴﺎت ﺣﻘﻮﻗﻴﺔ. ﻳﻘﻮل اﳌﺎﻟﻜﻲ إن اﻟﺴﺠﻴﻨﺎت ﻻ ﻳﺘﻌﺪﻳﻦ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﻴﺪﻳﻦ ،وﻗﺎل ﻣﺘﺤﺪث رﺳﻤﻲ ﻣﻦ وزارة اﻟﻌﺪل اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ إن ﻣﺠﻤﻮع اﳌﻌﺘﻘﻠﲔ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ٣٠أﻟﻔﺎ،
اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻼل اﻟﻄﺎﻟﺒﺎﻧﻲ ،واﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﻣﺴﻌﻮد اﻟﺒﺎرازاﻧﻲ ..ﺷﺎرﻛﺎ ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ، ٢٠٠٥وﺣﺼﺪا ﻧﺤﻮ ٥٢ﻣﻘﻌﺪا ،وﻫﻮ ﻋﺪد ﻛﺎف ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺗﺤﺎﻟﻒ رﺋﻴﺲ داﺧﻞ اﻟﺒﺮﳌﺎن أو ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﻣﻊ اﻟﻘﻮى اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ واﻟﺸﻴﻌﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﺿﻐﻮﻃﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﻌﻔﺮي، ﻟﺘﻬﺎوﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﳌﺎدة ١٤٠اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻜﺮﻛﻮك واﳌﻨﺎﻃﻖ اﻷﺧﺮى ،اﻟﺘﻲ ﻳﺜﺎر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﺪال ﻗﺪﻳﻢ ﺣﻮل أﺣﻘﻴﺘﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﻌﻮدة ﻟﺘﻜﻮن ﺿﻤﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﳌﺘﺸﻜﻞ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم .١٩٩١
اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻹﻳﺮاﻧﻲ وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرﻃﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻌﺮاق أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻻ اﻟﺸﻌﺐ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ اﻟﺒﻼد ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﻴﺊ اﳌﺘﺄزم ،ورﺑﻤﺎ ﺗﻄﻮرت اﻷﻣﻮر إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺤﻤﺪ ﻋﻘﺒﺎﻫﺎ ،ﺑﺴﺒﺐ اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت اﻟﺤﺎدة ﺑﲔ اﻟﻜﺘﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻛﺘﻠﺔ دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﳌﺎﻟﻜﻲ واﻟﻜﺘﻞ واﻟﻘﻮى اﳌﻌﺎرﺿﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﺮاﻫﻦ ﻓﻴﻪ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﺰﺧﻢ ﻟﺪى اﳌﺤﺘﺠﲔ ﻣﻊ ﻣﺮور اﻷﻳﺎم ،ﻣﻦ اﳌﺘﻮﻗﻊ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﺼﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻣﻨﻔﺘﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺎرات ﺻﻌﺒﺔ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻤﻴﺔ اﳌﻈﺎﻫﺮات واﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، وﻋﺪم ﺟﺮ اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ ﻟﺤﺮب ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ،ﻻﺳﺘﻨﺎد اﻟﻜﺘﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد إﻟﻰ أﺳﺲ ﻋﺮﻗﻴﺔ أو ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻳﻀﺎ ﻟﺘﺪﺧﻼت ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻦ دول ﺗﺴﻌﻰ ﺑﻜﻞ ﻗﻮة إﻟﻰ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﺮاق ،أو ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻋﺎش ﻋﻘﻮدا ﻋﺪة ﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﻜﻢ ﺷﻤﻮﻟﻲ وﺣﺰب واﺣﺪ إﻟﻰ دوﻟﺔ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ. وأﺛﺎر ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺠﻨﺮال ﻟﻮﻳﺪ اوﺳﱳ ،آﺧﺮ ﻗﺎﺋﺪ ﻟﻠﻘﻮات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻧﺴﺤﺎﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﺪى ﺻﻮاب ﺗﻮﻗﻴﺖ اﻧﺴﺤﺎب اﻟﻘﻮات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،٢٠١١واﻧﻌﻜﺎﺳﺎت ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻷﻣﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق. ﻗﺎل اوﺳﱳ ،أﻣﺎم ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ان »ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﻘﻠﻖ ،ﻣﻊ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺣﺎﻟﻴﺎ ،واﳌﻈﺎﻫﺮات اﻟﺴﻨﻴﺔ«ُ ،ﻣﻘﺮﴽ ﺑﺄن وﺟﻮدا ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ أﻣﻴﺮﻛﻴﺎ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﺒﻼد. ّ وﺣﻤﻠﺖ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﻘﻴﺎدي ﻓﻴﻬﺎ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﻠﻮاﻧﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ،واﺗﻬﻢ اﻟﻌﻠﻮاﻧﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺑـ«ﺗﺴﻠﻴﻢ اﻟﻌﺮاق اﻟﻰ إﻳﺮان ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻖ ﻣﻦ ذﻫﺐ“.
وﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﻳﺆﻛﺪ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻃﺎرق اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﻏﺰو اﻟﻌﺮاق ،ﻓﻘﺪت اﻟﺪوﻟﺔ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ وﺳﻘﻄﺖ ﻓﻲ داﺋﺮة ﻧﻔﻮذ إﻳﺮان ﻟﻴﺼﺒﺢ اﻟﻌﺮاق ﺷﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻮر اﻟﻈﻠﻢ واﻟﻘﻤﻊ ﻣﻊ اﻳﺮان واﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري وﺣﺰب اﻟﻠﻪ .وﻣﻴﺪاﻧﻴﺎ ذﻛﺮت ﻣﺼﺎدر ﻋﺮاﻗﻴﺔ أن إﻳﺮان أرﺳﻠﺖ ﻟﻮاءﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت اﻣﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﺴﻨﻴﺔ اﳌﻨﺘﻔﻀﺔ .وﻛﺸﻒ ﻣﺼﺪر ﻓﻲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻋﻦ أﻧﻪ ﺟﺮى اﺳﺘﺪﻋﺎء واﺛﻖ اﻟﺒﻄﺎط رﺋﻴﺲ ﺣﺰب اﻟﻠﻪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻘﺮار)ﻛﺎه( اﻟﺘﺎﺑﻊ ﳌﺮﺷﺪ اﻟﺜﻮرة ﻟﻐﺮض اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﻟﻮاءﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري اﻻﻳﺮاﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﻬﺖ اﻟﻰ اﻟﻌﺮاق .وﻗﺪ ﺟﺮى ﺗﺄﻣﲔ ﻛﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻠﻮﺟﺴﺘﻲ ﻷﻟﻮﻳﺔ اﻟﺤﺮس ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ ،واﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن ﻟﺒﺎس ﻫﺬه اﻟﻘﻮات ﺳﻴﻜﻮن ﻣﺪﻧﻴﴼ ،وﻗﺪ اﻧﺸﺌﺖ ﻟﻬﻢ ﻣﻘﺮات ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﺒﺼﺮة واﻟﻌﻤﺎرة وﺑﻐﺪاد )داﺧﻞ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻀﺮاء( ،وﻗﺪ ﺟﺮى اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﻗﻴﺎدات اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻓﻲ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت اﳌﻨﺘﻔﻀﺔ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻷﻟﻮﻟﻴﺔ اﻟﺤﺮس اﻟﺜﻮري. ّ ّ ﻣﻨﺎﻃﻘﻲ ﻳﺪﻋﻢ »ﺷﻌﺒﻲ وأﻋﻠﻦ ﺣﺰب اﻟﻠﻪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﺆﺧﺮا ﻋﻦ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﻴﺶ ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻔﺴﺎد وﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة« ،وﺳﻴﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺬي أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ »ﺟﻴﺶ اﳌﺨﺘﺎر« ﻋﻠﻰ أﻫﺒﺔ اﻻﺳﺘﻌﺪاد »إذا ﻣﺎ ﺣﺎول اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ّ اﻟﺤﺮ أو ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة ،اﺳﺘﻐﻼل اﳌﻈﺎﻫﺮات ﻟﻨﺸﺮ اﻟﻔﻜﺮ اﳌﺘﻄﺮف« .وﻗﺎل واﺛﻖ اﻟﺒﻄﺎط ان »ﺟﻴﺶ اﳌﺨﺘﺎر ،ﺳﻴﻜﻮن ﺳﻨﺪﴽ ﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻔﺴﺎد واﳌﻔﺴﺪﻳﻦ ،وﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻛﺎﻟﻘﺎﻋﺪة وﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﺤﺮ“ .وﻫﺪد اﻟﺒﻄﺎط ﻣﻦ ﺑـ“إﺑﺎدة“ اﻟﺒﻌﺜﻴﲔ إذا اﻟﻐﻲ ﻗﺎﻧﻮن اﺟﺘﺜﺎث اﻟﺒﻌﺚ –ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ، - ودﻋﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﺜﺒﻴﺖ اﳌﺎدة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻹرﻫﺎب وﺗﻔﻌﻴﻞ اﻹﻋﺪاﻣﺎت“.
,,
إﻳﺎد ﻋﻼوي: أﺻﺒﺤﺖ إﻳﺮان ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وأﺟﺰم ﺑﺄن اﻟﻌﺮاق اﻵن ﻳﻤﺮ ﺑﻤﺨﺎض ﻋﺴﻴﺮ ﻳﺤﺘﺎج ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ »رﺑﻴﻊ ﻋﺮﺑﻲ«
,,
وﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻬﺪﻳﺪات ﺣﺰب اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﺑﻘﻤﻊ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،ﺣﺎل اﻟﻐﺎء ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ،ﻳﺆﻛﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻮﻓﻖ اﻟﺴﺎﻣﺮاﺋﻲ ،ان اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﺗﻤﻠﻚ ﻗﻮات ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻤﻨﻊ اﻧﺰﻻق اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﺣﺮب ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ أو أﻫﻠﻴﺔ، وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ واﻟﺸﺮﻃﺔ .و“اﻋﺘﻘﺪ ان ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت ﺣﺰب اﻟﻠﻪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﻨﺎك ﺗﺴﺮﻳﺒﺎت ﻣﻦ ﺟﻬﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﻬﺪف اﻟﻰ ﺗﻌﻘﻴﺪ اﻟﻮﺿﻊ أﻛﺜﺮ ،وﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي ان اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺤﺮب اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ،
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
17
تحقيق
ﻳﺮى ﺳﻴﺎﺳﻴﻮن وﻣﺤﻠﻠﻮن ﻋﺮاﻗﻴﻮن أن اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﺗﻌﺪ اﻣﺘﺪادا ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ﻟﺜﻮرات »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« واﺳﺘﻜﻤﺎﻻ ﻷﻫﺪاﻓﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﲔ ﻳﺮى آﺧﺮون أن رﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮاق ﺗﺄﺧﺮ ﻛﺜﻴﺮا، ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻔﺘﺮض أن ﺗﻜﻮن اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻫﻲ »أم اﻟﺜﻮرات« ،واﻟﻨﻮاة اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ دول اﳌﻨﻄﻘﺔ ،ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺑﻼد اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﻤﻌﻲ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺻﺪام ﺣﺴﲔ ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات.
ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﺳﻘﻮط ﺻﺪام ..اﻟﻌﺮاق إﻟﻰ أﻳﻦ؟
ﺛﻮرة اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﺑﻘﻠﻢ: ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ:
,,
اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻠﻚ اﻟﺴﻌﺪي :دﻋﻮت ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ وﻟﻜﻨﻲ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﻣﻦ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻮزراء ﺑﻤﻮﻗﻒ ﻻ ﻳﻨﻢ ﻋﻦ أدﻧﻰ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻻﺣﺘﺮام واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ
,,
اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪل ﺛﻼﺛﺔ أﺳﻤﺎء ﻟﺜﻼث ﺳﺎﺣﺎت اﻋﺘﺼﺎم رﺋﻴﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﺎدي واﳌﻮﺻﻞ وﺳﺎﻣﺮاء ،ﺗﺸﻬﺪ ﺗﺪﻓﻖ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻐﺎﺿﺐ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﳌﺤﺎﻓﻈﺎت ،ذات اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻟﻠﺸﻬﺮ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ،وﺗﺨﺘﺼﺮ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺜﻼث ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺸﻌﺐ اﳌﻌﻠﻨﺔ ﻣﻨﺬ ٢٥دﻳﺴﻤﺒﺮ)ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ( ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ ،واﺗﺴﻌﺖ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﳌﻈﺎﻫﺮات اﳌﻨﺎوﺋﺔ ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ وﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ،ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﳌﻠﻚ اﻟﺴﻌﺪي ،ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺪن ﺟﺪﻳﺪة وأﻧﺤﺎء ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ،وﺗﻤﻨﻊ أﺟﻬﺰة اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻣﺮور اﻟﺤﺸﻮد اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻮﺳﻂ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﺗﺼﺮف ﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻗﺎﻧﻮن ﺣﻖ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ اﻟﺴﻠﻤﻲ. وﻳﻄﺎﻟﺐ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮون اﳌﻨﺘﻔﻀﻮن واﳌﻌﺘﺼﻤﻮن ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺎت ﻧﻴﻨﻮي وﻛﺮﻛﻮك ودﻳﺎﻟﻰ وﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ واﻷﻧﺒﺎر ﺿﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﳌﺎﻟﻜﻲ اﻟﺘﻲ وﺻﻔﺖ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ، ﺑﺎﻟﺤﺪ ﻣﻦ أﻗﺼﺎء وﺗﻬﻤﻴﺶ اﻟﺴﻨﺔ ،واﻟﻐﺎء اﳌﺎدة ) (٤ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻹرﻫﺎب ،وﺗﻌﺪﻳﻞ ﻗﺎﻧﻮن اﳌﺴﺎءﻟﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ .واﻛﺘﺴﺒﺖ اﳌﻈﺎﻫﺮات زﺧﻤﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﺑﻌﺪ ﺗﺄﻳﻴﺪ اﻷﻛﺮاد وﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮى اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﻟﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﺎ ،وأﻣﺎم ﻫﺬا اﻟﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺗﺒﺎﻳﻨﺖ ﻣﻮاﻗﻒ ﻗﻮى ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺴﺎﻧﺪة ﻟﻠﻤﺎﻟﻜﻲ ُوﻓﺮﻳﻘﻪ ﺗﺘﻬﻢ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻟﺒﻘﺎﻳﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺒﺎﺋﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺜﻴﲔ ،وأﺧﺮى اﺳﺘﻐﻠﺖ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،واﻟﻔﺴﺎد اﳌﺎﻟﻲ واﻹداري ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ وﻗﻀﻴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات اﻟﺪوﻻرات اﳌﺨﺘﻔﻴﺔ ﻣﻦ وزارﺗﻲ اﻟﻨﻔﻂ واﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،واﻟﺘﺒﺎﻃﺆ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻹﺻﻼﺣﺎت وﺿﻌﻒ اﻟﺨﺪﻣﺎت واﳌﺮاﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ وارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﻘﺮ ﻓﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻛﺒﺮﻳﺎت اﻟﺪول اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻹﻳﺮاﻧﻲ اﻟﺼﺎرخ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻌﺮاق واﻟﺪﻋﻢ اﻟﻠﻮﺟﺴﺘﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻮﺣﺸﻲ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ،ﺑﺎﳌﺎل واﻟﺴﻼح واﻟﻔﺮز اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻴﺶ واﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ، ﻟﺘﻌﻠﻦ ﺗﻠﻜﻢ اﻟﻘﻮى ﺗﻀﺎﻣﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺜﻮار اﳌﺸﺮوﻋﺔ ،ﺑﺸﻜﻞ أدى إﻟﻰ رﻓﻊ ﺳﻘﻒ اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ إﻟﻰ اﻻﺻﺮار ﻋﻠﻰ اﺳﻘﺎط رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ وﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﻇﻞ اﺳﺘﺨﺪام ﻗﻮات اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺬي وﺻﻞ اﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﺑﲔ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﲔ ،وﻣﻤﺎﻃﻠﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﳌﻄﺎﻟﺒﻬﻢ. وﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ دﻳﻜﺘﺎﺗﻮر ﺟﺪﻳﺪ ،وﻓﻲ ﺧﻄﻮة اﺳﺘﺒﺎﻗﻴﺔ ﳌﻨﻊ اﳌﺎﻟﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺷﺢ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء وﻻﻳﺘﻪ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎم اﳌﻘﺒﻞ ،ﺻﻮت اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻳﻨﺎﻳﺮ اﳌﺎﺿﻲ ﺑﺎﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮن ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﺮﺋﺎﺳﺎت اﻟﺜﻼث ﺑﻮﻻﻳﺘﲔ ،ﻛﻤﺎ واﻓﻖ اﻟﺒﺮﳌﺎن ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﺗﻘﺪم ﺑﻪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﻮاب ﻻﺳﺘﺠﻮاب رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺧﺮوﻗﺎت دﺳﺘﻮرﻳﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺑﺸﺄن ﺗﻌﺮض ﺳﺠﻨﺎء وﺳﺠﻴﻨﺎت ﻟﻠﺘﻌﺬﻳﺐ واﻻﻏﺘﺼﺎب.
اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺻﺪام وﺑﻌﺪه ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻗﺒﻞ ﺳﻘﻮط ﺻﺪام ﺣﺴﲔ ﻓﻲ ٩اﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎن(،٢٠٠٣ أﺣﺰاب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺳﻮى ﺣﺰﺑﲔ ﻛﺮدﻳﲔ واﳌﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ
16
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻟﻠﺜﻮرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﺣﺰب اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ واﻟﺤﺰب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ -واﺟﻬﺔ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق - وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺣﺰاب ﻓﻲ أﻏﻠﺒﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﻌﺮاق. وﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﺳﻘﻮط اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺒﻌﺜﻲ ﻟﺼﺪام ﺣﺴﲔ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻷﺣﺰاب اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٢٠ﺣﺰﺑﺎ واﺋﺘﻼﻓﺎ ،وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻜﺘﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﺆﺛﺮة ﻓﻲ اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،اﺋﺘﻼف دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،واﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ،واﻟﺘﻴﺎر اﻟﺼﺪري ،واﻻﺋﺘﻼف اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،واﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ. اﺋﺘﻼف دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن :وﻫﻮ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻧﻮري اﳌﺎﻟﻜﻲ ،اﻧﺸﻖ ﻋﻦ اﻻﺋﺘﻼف اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻞ اﻟﻘﻮى اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻼﻓﺎت ﻣﻊ اﻟﺘﻴﺎرات اﻷﺧﺮى .ﻳﻀﻢ اﻻﺋﺘﻼف ﺣﺰب اﻟﺪﻋﻮة، وﺗﻴﺎرات أﺧﺮى دﻳﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﺗﺠﻤﻊ ﻣﺴﺘﻘﻠﲔ وﻛﺘﻠﺔ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ،وﻛﺘﻠﺔ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺸﻌﺒﺎﻧﻴﺔ ،واﻻﺗﺤﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺘﺮﻛﻤﺎن اﻟﻌﺮاق .ﺣﺼﻞ اﻻﺋﺘﻼف ﻋﻠﻰ ٨٩ﻣﻘﻌﺪﴽ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ ﻣﺎرس )آذار( ،٢٠١٠ﺑﻔﺎرق ﻣﻘﻌﺪﻳﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺎزت ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت. اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ :وﻫﻲ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻋﺮاﻗﻲ ﻟﻴﺒﺮاﻟﻲ ﻳﻀﻢ أﺣﺰاﺑﺎ ﺳﻨﻴﺔ وﺷﻴﻌﻴﺔ وﻛﺮدﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎدة رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﺴﺎﺑﻖ إﻳﺎد ﻋﻼوي .ﺣﺼﻠﺖ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻋﺎم ٢٠١٠ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻴﻮﻧﲔ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻮت ) (٢،٥٠٠٠٠٠وﺿﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﳌﺮﻛﺰ اﻷول ﺑﲔ اﻟﻘﻮاﺋﻢ اﳌﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺣﺼﺪت ٩١ﻣﻘﻌﺪﴽ ﻣﻦ أﺻﻞ ٣٢٥ﻣﻘﻌﺪﴽ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن .ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﻠﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺟﻤﻌﺖ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺷﺮاﺋﺢ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﻦ اﳌﺘﺪﻳﻦ إﻟﻰ اﻟﻘﻮﻣﻲ واﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ. وﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺒﺎرزة ﺻﺎﻟﺢ اﳌﻄﻠﻚ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء وﺟﻤﺎل اﻟﻜﺮﺑﻮﻟﻲ أﻣﲔ ﻋﺎم اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻼﺻﻼح واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ وأﺳﺎﻣﺔ اﻟﻨﺠﻴﻔﻲ رﺋﻴﺲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﻌﺮاﻗﻲ وﻃﺎرق اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وراﻓﻊ اﻟﻌﻴﺴﺎوي وزﻳﺮاﳌﺎﻟﻴﺔ اﳌﺴﺘﻘﻴﻞ. اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺼﺪري :ﻫﻮ ﺗﻴﺎر ﺳﻴﺎﺳﻲ ودﻳﻨﻲ ﻳﺘﺒﻊ ﻟﻠﺰﻋﻴﻢ اﻟﺸﻴﻌﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﻘﺘﺪى اﻟﺼﺪر ،وﻟﻠﺘﻴﺎر ﻣﻤﺜﻠﻮن ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،وﻳﻤﺜﻞ ﺟﻴﺶ اﳌﻬﺪي اﻟﺠﻨﺎح اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻟﻠﺘﻴﺎر اﻟﺼﺪري ،وﻫﻮ أﺑﺮز اﻟﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﻨﺎوﺋﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺎﻟﻜﻲ وﻣﺴﺎﻧﺪة ﻟﻼﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ. اﻻﺋﺘﻼف اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ :ﻳﻀﻢ اﻻﺋﺘﻼف اﻟﺬي ﺗﻢ ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ﻋﺎم ،٢٠٠٩ﻗﻮى وأﺣﺰاﺑﺎ ﺷﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﳌﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﻋﻤﺎر اﻟﺤﻜﻴﻢ، وﺗﻴﺎر اﻹﺻﻼح اﻟﺬي ﻳﺘﺮأﺳﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻌﻔﺮي ،وﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ، ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ أﺣﻤﺪ اﻟﺠﻠﺒﻲ رﺋﻴﺲ اﳌﺆﺗﻤﺮ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ. اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻜﺮدﺳﺘﺎﻧﻲ :ﻫﻮ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺑﲔ ﺣﺰﺑﲔ رﺋﻴﺴﲔ ﻫﻤﺎ اﻻﺗﺤﺎد
ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺘﺪارس أﺣﺪ ﺑﻮﻋﻲ ﻃﺮق ووﺳﺎﺋﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻮاﻣﻞ اﻹﺣﺒﺎط ،اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ،وﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻟﻢ ﺗﺪرس ﻃﺮق ووﺳﺎﺋﻞ ﺗﻔﺎدﻳﻬﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻊ اﳌﺤﺬور ،وﻧﻌﻮد إﻟﻰ اﳌﺮﺑﻊ اﻷول .ﻧﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﺿﻮء اﻷﻣﻞ ﻣﻦ دون أن ﻧﻨﺴﻰ أن اﻟﻌﺘﻤﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ اﻟﺤﺪوث. ﻧﻌﻢ اﻟﻌﺘﻤﺔ ..ﻓﻤﺎ ﻳﺠﺮي اﻟﻴﻮم ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺮﺑﻴﻊ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻻ ﻳﺒﺸﺮ ﺑﺨﻴﺮ ،ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻄﺎت اﻹﻋﻼم اﳌﺼﺮي ﻣﻦ ﻳﻨﺎدي »ﺑﺘﺪﺧﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮ« ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻻ أرى أن ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﺤﻞ ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻤﻌﻨﺎ ﺣﺘﻰ إﻟﻰ أﺻﻮات ﺗﻨﺎدي ﺑﻌﻮدة »رﺟﺎل اﻷﻣﺲ« ﻷﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺣﻘﻘﻮا ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻦ! ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ أن ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺤﺮاك اﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻫﻢ أوﻟﺌﻚ اﳌﺠﺎﻣﻴﻊ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺴﺖ ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ،وﻛﺎن اﻟﺮاﺑﻂ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻫﻮ »اﻟﻔﻀﺎء اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ« ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺧﺮﺟﻮا إﻟﻰ اﻟﺴﺎﺣﺎت واﻟﺸﻮارع واﳌﻴﺎدﻳﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﲔ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة اﻧﻪ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ،وﺷﻲء ﻣﻦ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻟﻘﺪ ﺗﻢ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻷن أوﻟﺌﻚ اﳌﺠﺎﻣﻴﻊ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻤﲔ ،ﻣﺎ ان ﺗﺮاﺟﻌﺖ ﻗﻮة وﺳﻠﻄﺔ »اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪﻳﻢ« ﺣﺘﻰ ﻗﻔﺰ إﻟﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ، اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﳌﻨﻈﻤﺔ – رﻏﻢ أﻗﻠﻴﺘﻬﺎ اﻟﻌﺪدﻳﺔ ) -ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ -واﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ( وﻛﻠﺘﺎﻫﻤﺎ ﺗﺸﺮب ﻣﻦ ﻧﻔﺲ إﻧﺎء ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻤﻲ ﺗﺮاﺛﻲ ﻣﺸﺘﺮك .ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺒﺎ رﺑﻤﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻷﻣﻮر أﻳﻀﺎ ﺑﺄن ﻳﺤﻮز ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻨﻈﻢ ﻣﺜﻴﻞ ﳌﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﲔ ﻓﻤﺎزال اﻷﻣﺮ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﺑﲔ ﻧﻈﺎم ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻢ ﻳﻠﻔﻆ أﻧﻔﺎﺳﻪ – ﺑﺴﺒﺐ رﻛﻮﻧﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ – وﻧﻮاة ﺣﺪﻳﺜﺔ أﻳﻀﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻤﺔ.
ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺼﻴﺪ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺼﻴﺪ أن »اﻷﻗﻠﻴﺔ اﳌﻨﻈﻤﺔ« ﻗﻔﺰت ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ أو ﺗﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻘﻔﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ، واﺳﺘﻮﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪرات اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻫﻲ اﻵن ﺗﻨﺎور ﻣﻦ أﺟﻞ أوﻻ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻟﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﺧﻀﺎع اﳌﺠﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻣﺸﺮوﻋﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺸﺮوع ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻮﻗﺖ إﻟﻰ اﳌﺮآة اﻟﻌﺎﻛﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎرة ،وﻻ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎﻣﻪ ،ﻳﺮﻓﻊ ﺷﻌﺎر ﻟﻪ ﻧﻜﻬﺔ دﻳﻨﻴﺔ – وﻫﻲ اﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ – ﻣﻦ دون وﺿﻮح رؤﻳﺔ ﻟﺤﻮﻛﻤﺔ رﺷﻴﺪة وﺣﺪﻳﺜﺔ. ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﺮى ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺻﺮاع ﺳﻤﺘﻪ اﻵﻧﻴﺔ »ﻛﺮ وﻓﺮ« ،وﻟﻜﻦ ﻣﻈﻬﺮه ﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ اﺳﺘﺨﺪام اﻷدوات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﻤﻴﻢ اﻷﻓﻮاه ،وﻋﺪم ﺗﺮك ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻶﺧﺮ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ .اﻵن ﻫﻞ ﻫﺬه ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ أم داﺋﻤﺔ؟ ﻫﻨﺎك رﻫﺎن ﻧﻈﺮي ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ، وﻟﻜﻨﻲ أﺗﻌﻘﺪ أن اﻷﻣﻮر ﺳﻮف ﺗﺰداد ﺳﻮءا ﻗﺒﻞ أي اﺑﻼج ﻟﻔﺠﺮ .ﻣﻦ ﻫﻨﺎ أﻋﻮد ﻣﻊ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻜﺮﻳﻢ إﻟﻰ ﻣﻘﺎل ﻧﺸﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ »اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ« ﻓﻲ ١٧ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻋﺎم ٢٠١٢ﺑﻌﻨﻮان »إﻧﻲ ﻣﺘﺸﺎﺋﻢ« ،أﻋﻠﻖ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﺒﻜﺮ ،وﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﳌﻘﺎل: )أﻣﺎم ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﺼﻌﺒﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﺤﻜﺎم اﻟﺠﺪد( ،ﻳﻘﻒ اﻟﻘﺎدﻣﻮن اﻟﺠﺪد إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ وﺻﻠﻮا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ – ﺟﺮاء »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« – أو اﳌﻘﺪر ﻟﻬﻢ اﻟﻮﺻﻮل ،ﻳﻘﻔﻮن أﻣﺎم اﳌﻌﻀﻠﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ -اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻓﻠﺴﻬﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮ ﻣﺸﺪوﻫﲔ أﻣﺎم اﻟﻌﺠﺰ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ، واﻟﻔﻘﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﳌﻤﺎرﺳﺔ ..ﻓﻨﺮى ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﺼﺮ ،اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﻘﻒ أﻣﺎم اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ دون أن ﺗﻌﺮف أي اﻟﻄﺮق ﺗﺴﻠﻚ ..أﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ اﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﺸﻮﺷﺔ اﳌﻨﻄﻖ ،وﺗﺤﺎول إﺳﻘﺎﻃﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺿﺮ ،ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻼﺋﻢ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﳌﻬﻤﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﻌﺎﻃﻠﲔ وﺗﻌﻤﻴﻖ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت وﺗﻮزﻳﻊ ﺛﻤﺎر اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ؟ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل ﺑﻬﺎ اﳌﻌﺎرﺿﺔ، ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﲔ أو اﻟﻴﺴﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﲔ .ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺣﺔ رﻛﻦ ﻣﻬﻢ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﳌﻮارد ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ وﻣﺼﺮ ،وﻟﻬﺎ ﺷﺮوط اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﺟﺐ اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أن ﺗﺪﻓﻖ رأس اﳌﺎل اﻟﺨﺎرﺟﻲ اﳌﻄﻠﻮب ﺑﺈﻟﺤﺎح ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻟﻪ ﺷﺮوط ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وأﻣﻨﻴﺔ واﺟﺒﺔ ﻻ ﻓﻜﺎك ﻣﻨﻬﺎ ..ﺑﺎﻟﺨﻀﻮع ﻟﻬﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﻔﻜﻚ اﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﻦ ﻫﻴﻜﻠﻬﺎ اﻟﺠﺎﻣﺪ ،وﻟﻌﻞ اﳌﺜﺎل اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻳﺸﺎﺑﻪ
إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ اﳌﺜﺎل اﳌﺼﺮي ،وأﻳﻀﺎ اﳌﺜﺎل اﻟﻠﻴﺒﻲ واﻟﻴﻤﻨﻲ ،وإن اﺧﺘﻠﻔﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳌﺤﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﳌﺜﺎل اﻟﺴﻮري ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،أي ان ﺿﺮورات اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺳﻮف ﺗﻘﻠﻞ ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،أو أن اﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺳﻮف ﺗﻤﺤﻖ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪﻧﻲ ﻣﻌﺎ.
أﺣﺰﻣﺔ اﻟﺒﺆس ﻫﻨﺎ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺘﺼﻮر اﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻳﺘﺼﺎدم ﻣﻊ اﳌﺘﻄﻠﺒﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟﻔﻚ أﺣﺰﻣﺔ اﻟﺒﺆس اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮل اﳌﺪن اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺎﺛﺮت ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﺗﻜﺎﺛﺮ اﻟﻔﻄﺮ ﻓﻲ أرض رﻃﺒﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد »اﻟﺮﺑﻴﻊ« .واﻟﺤﻖ ﻳﻘﺎل إن ذﻟﻚ اﻟﺘﻜﺎﺛﺮ ﻟﻴﺲ ﺣﻜﺮا ﻋﻠﻴﻬﺎ .واﳌﻌﺴﻮل ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻨﻴﺎت ﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺨﺒﺰ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻴﻮم اﻟﺸﺎق ﻟـ»اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ،وﻫﻨﺎك اﻟﻴﻮم أﺻﻮات ﺗﻘﻮل ﻟﻘﺪ اﻧﺘﻬﻰ »اﻟﺠﻬﺎد اﻷﺻﻐﺮ« ﻓﺤﻲ ﻋﻠﻰ »اﻟﺠﻬﺎد اﻷﻛﺒﺮ« ،إﻻ أن اﻟﺠﻬﺎد اﻷﻛﺒﺮ اﳌﻄﻠﻮب ﻻ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮر ﺣﻘﻴﻘﻲ وواﻗﻌﻲ ﻟﺤﻞ اﳌﺸﻜﻼت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﳌﺘﺮاﻛﻤﺔ ﻓﻲ اﳌﺠﺎﻟﲔ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،وﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺎﺗﺠﺎه ﻋﻜﺴﻲ ﳌﺎ ﻛﺎن ﻣﺘﺨﻴﻼ ،وﻗﺪ ﻗﺒﻞ ﺷﻌﺒﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﻮى ﺣﻤﻠﺘﻬﺎ اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﳌﻨﺎﻫﻀﺔ ﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈن اﻟﻀﺤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻌﺎرض ﺑﲔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻮرق ،وأﻃﻌﻢ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺸﻌﺎرات ،ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى ﻓﻲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ،وﺑﲔ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﻴﺶ. اﻟﻀﺤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺗﺼﻮري ﻫﻲ اﻟﺤﺮﻳﺎت ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻮاﺳﻊ ،ﻓﻠﻴﺲ أﻣﺎم اﻟﻘﻮى اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﻻ إﻃﻌﺎم اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻣﺆﻗﺘﺎ ،اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠﺐ ﺷﻌﺎرات ﺣﻖ اﳌﺤﺮوﻣﲔ ﻓﻲ ﻣﺎ اﺳﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻄﻐﺎة اﻟﺴﺎﺑﻘﻮن ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺸﻌﺎرات ﻗﺼﻴﺮة اﻷﻣﺪ ،وﻗﺪ ﻳﻠﺠﺄ اﻟﺤﻜﺎم اﻟﺠﺪد ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ ﺳﻠﺐ اﻟﺤﺮﻳﺎت ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ،وﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺛﺎرة اﻟﻐﺮاﺋﺰ اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ ﺿﺪ اﻟﺸﺮﻳﻚ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ أو اﻵﺧﺮ ﺧﺎرج اﻟﺤﺪود. ﻓﻲ اﳌﺪى اﻟﻘﺼﻴﺮ ﻗﺪ ﺗﻨﺠﺢ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ إﻟﻬﺎء اﻟﻨﺎس ،ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺑﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﺳﺨﻂ ﻋﻠﻰ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮ اﳌﺘﻬﺎوﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﳌﺪى اﳌﺘﻮﺳﻂ واﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﺳﻮف ﺗﺠﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻌﺴﻜﺮ اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ ،اﻟﺨﺒﺰ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻷﻗﻞ .أﻛﺘﺐ ﻫﺬا ﻷﻗﻮل إﻧﻨﺎ أﺣﻮج ﻣﺎ ﻧﻜﻮن اﻟﻴﻮم – ﻛﻌﺮب – إﻟﻰ ﻓﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﻨﻘﺎش ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﻴﻪ ،ﻧﻘﺎش ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ إﺟﺎﺑﺎت ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻳﺘﻘﺪﻣﻬﺎ اﻟﺴﺆال اﻷﻫﻢ ،وﻫﻮ :ﻛﻴﻒ ﺗﻮازن اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﲔ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﺨﺒﺰ ،وﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻓﻲ آن واﺣﺪ؟ ﻳﺒﺪو اﻟﺴﺆال ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺟﺎﻧﺒﻴﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻫﻮ ﺳﺆال اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ..ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﻴﺐ؟ )ﺗﻢ اﻟﻨﻘﻞ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﺔ وﺷﻬﺮﻳﻦ وﻣﺎ زال اﳌﻮﻗﻒ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ،وﻗﺪ ﺳﺎر ﻛﻤﺎ ﺗﻮﻗﻌﺖ(. ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺈﻃﻼق اﻟﺤﺮﻳﺎت وﻗﺘﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻷﺳﻠﻢ ﻟﻠﻤﻔﺎﺻﻠﺔ ﻣﻊ اﳌﺎﺿﻲ، وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺠﺐ أﺣﺪ ،وﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن أﺣﺪا ﺳﻮف ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ،ﺑﻞ إن ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻘﻮاﻧﲔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ اﻵن ﻫﻲ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻳﺎت ﻓﻲ دول »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« اﳌﻔﺘﺮض <
اﻫﺘﺰت اﻟﺜﻘﺔ ﺑﲔ اﻟﺸﺮﻃﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ واﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ اﻋﻘﺎب ﺛﻮرة ﻳﻨﺎﻳﺮ واﺗﺨﺬت اﳌﻮاﺟﻬﺎت ﺑﻴﻨﻬﺎ اﺷﻜﺎﻻ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻰ ﺣﺪ اﻻﻋﺘﺪاء اﻟﺠﺴﺪي اﳌﺘﺒﺎدل
,,
اﻟﺘﺼﻮر اﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﺘﺼﺎدم ﻣﻊ اﳌﺘﻄﻠﺒﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟﻔﻚ أﺣﺰﻣﺔ اﻟﺒﺆس اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮل اﳌﺪن اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺎﺛﺮت ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﺗﻜﺎﺛﺮ اﻟﻔﻄﺮ ﻓﻲ أرض رﻃﺒﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد »اﻟﺮﺑﻴﻊ«
,,
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
15
شؤون سياسية
اﺟﺘﺎﺣﺖ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴﺮات ﻏﻴﺮ اﳌﺘﻮﻗﻌﺔ ،وﺷﻬﺪﻧﺎ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺘﲔ اﳌﺎﺿﻴﺘﲔ ،رﺑﻤﺎ أﺣﺪاث ﻗﺮن ﻛﺎﻣﻞ ،ﺗﻤﺮ ﻣﻦ أﻣﺎﻣﻨﺎ ..ﻣﻮﺿﻮع ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﻤﻖ ،ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﺼﺤﻒ أو ﻧﺸﺮات اﻷﺧﺒﺎر.
ﻫﻞ اﻧﻄﻔﺄت ﺷﻌﻠﺔ »اﻟﺮﺑﻴﻊ«؟
ﺣﻠﻢ ﻣﺰﻋﺞ ﺑﻘﻠﻢ: د .ﻣﺤﻤﺪ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﺮﻣﻴﺤﻲ
,,
اﳌﺘﺸﺎﺋﻤﻮن ﻳﺮون أن ﻫﻨﺎك )ﺛﻘﺎﻓﺔ( اﺳﺘﺒﺪاد راﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﻤﺶ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ وﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ
,,
ﻣﺤﻈﻮظ رﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ،ﻓﺄﺣﺪاﺛﻪ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺤﻴﺎ ﻣﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺟﻨﺒﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ،ﺗﺘﺄﻣﻞ ﺣﺮﻛﺘﻪ اﻟﺤﻴﺔ ،ﻻ اﳌﻴﺘﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ زﻳﻔﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﺪﻗﻬﺎ، ورﺑﻤﺎ ﻣﻨﻜﻮب ﻣﻦ ﺷﻬﺪه أﻳﻀﺎ ﻷن ﻣﺎ ﺗﻮﻗﻊ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ ،ﺣﺘﻰ اﻵن ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ .ﻳﺮى اﻟﺒﻌﺾ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن اﻟﺴﻨﺘﲔ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻛﻞ ﺷﻲء ،وﻳﺮى آﺧﺮون أن ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺣﺪث اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻹﻣﺴﺎك ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ،وﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺷﻲء ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻠﻄﺔ ،وﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﺸﻬﺪ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﻣﺎ ﺣﺪث ﺣﻮﻟﻨﺎ وﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﻜﻞ ،دون أن ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﺮ ﻣﻦ أﺣﺪاث اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎس – ﻓﻲ ﻧﻈﺮي – ﻗﺎﺻﺮة ،ﻓﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺤﺮﻳﻚ واﻟﺘﻔﻜﻴﻚ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﻞ اﻻﺧﺘﻼف ﻋﻤﺎ ﺳﺒﻖ ،وﻫﺬا أول ﺗﺤﺪ ﻳﻮاﺟﻪ ﻧﻘﺎﺷﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﻘﺎﻟﺔ ،ﻳﺮى اﻟﺒﻌﺾ أن اﻟﻼﻋﺒﲔ ﺗﻐﻴﺮوا ،وﻟﻜﻦ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺗﺤﺘﺎج رﺑﻤﺎ إﻟﻰ وﻗﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻐﻴﺮ ،وﻳﺮى آﺧﺮون أن ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻟﻦ ﺗﺘﻐﻴﺮ ،ﻓﻬﻲ ﻣﺴﻨﺪة إﻟﻰ وﻋﻲ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﻄﻴﺎﺗﻪ! ﻓﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ – ﺣﺘﻰ اﻵن – ﻟﻢ ﺗﻬﻀﻢ ﻓﻜﺮة ﺗﺪاول اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻠﻤﻴﺎ ،أو ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺗﺴﻴﻴﺮ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﻮﻃﻦ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ّ ﻋﺪ أﺣﺪ أﻧﻪ ﻣﻔﻮض ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ أﻳﻀﺎ. ﺗﻔﺎﻋﻼت ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ،ﺧﻠﻔﺖ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻵﻧﻲ: ﺿﻌﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﺎﻧﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺗﻔﻜﻴﻜﺎ ﻓﻲ آﻟﻴﺎﺗﻪ ،ووﺿﻌﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ﻓﻲ وﻃﻦ اﻟﺮﺑﻴﻊ ،ﻳﺴﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺪﻫﻮر ،ﻗﺘﺎل اﻹﺧﻮة اﻷﻋﺪاء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻧﺬرا ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﺷﺮﺳﺔ ،ﻓﻮﺿﻰ وﻣﺬاﺑﺢ وﺗﺪﻣﻴﺮ ﻣﺪن ،وﺻﻞ ﺗﻌﺪاد ﺿﺤﺎﻳﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﳌﺠﻤﻞ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ وﺧﻤﺴﲔ أﻟﻒ ﺿﺤﻴﺔ ،ﺑﲔ ﺳﻮرﻳﺎ وﻣﺼﺮ وﻟﻴﺒﻴﺎ واﻟﻴﻤﲔ ،وﻣﻼﻳﲔ اﳌﺸﺮدﻳﻦ.
وﺿﻊ ﻻ ّ ﻳﺴﺮ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻣﺎ ﻣﻦ دﻟﻴﻞ ﻣﻘﻨﻊ – ﺣﺘﻰ اﻵن – ﻋﻠﻰ أن دول اﻟﺮﺑﻴﻊ ﻗﺪ ﻃﺎﻟﻬﺎ اﻟﺴﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،أو اﳌﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،أو اﻟﺤﻮﻛﻤﺔ اﻟﺮﺷﻴﺪة ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺴﻦ ﻓﻲ اﳌﻌﻴﺸﺔ ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﳌﺮﺗﺠﺎة .اﳌﺘﻔﺎﺋﻠﻮن ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ،وﺗﻔﺎﻋﻼت ﺻﻌﺒﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻨﺘﺞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف، ﻓﻀﺎء أرﺣﺐ ﻟﻠﻌﺮب ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻫﻮ ﺗﻔﺎؤل أرى أن ﻛﻞ اﳌﻌﻄﻴﺎت – ﺣﺘﻰ اﻵن – ﺗﺒﻘﻴﻪ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﻮﻗﻊ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ دﻟﻴﻼ ﻣﺎدﻳﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻳﻘﻨﻊ اﻟﻌﺎﻗﻞ ﺑﻮﺟﻮﺑﻪ .اﳌﺘﺸﺎﺋﻤﻮن ﻳﺮون أن ﻫﻨﺎك )ﺛﻘﺎﻓﺔ( اﺳﺘﺒﺪاد راﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﻤﺶ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ ،وﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،وإن ﻫﺬا ﺳﻮف ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﺻﺮاع ﻇﻬﺮت ﻧﺬره ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﺻﻤﺔ ،ﻓﻼ ﻣﺼﺮ وﻻ ﺗﻮﻧﺲ وﻻ ﻟﻴﺒﻴﺎ وﻻ اﻟﻴﻤﻦ وﻻ ﺣﺘﻰ ﺳﻮرﻳﺎ ،ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار .وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ ﻻ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎل ،ﺑﻞ اﻷﻛﺜﺮ ﻏﺮاﺑﺔ أن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﻟﻘﻮى اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ )ﻣﺜﻞ اﻳﺮان( ﻣﺎ ﺗﺆﻳﺪ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ،وﺗﻌﺎرﺿﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺮى اﳌﻮﺿﻮع ﺑﺮﻣﺘﻪ وﻛﺎﻧﻪ )ﻣﺆاﻣﺮة( أو ﺣﻠﻢ ﻣﺰﻋﺞ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻧﻔﻴﻖ ﻣﻨﻪ ﺟﻤﻴﻌﺎ. اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻜﻞ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺻﻴﺮورة ،اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺮى أن ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻄﻠﻬﺎ »اﻟﺮﺑﻴﻊ
14
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﻣﻦ اﻟﺪول ،أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺊ ﻣﻨﻪ ،ﺑﺴﺐ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﺑﻠﺪان اﻟﺮﺑﻴﻊ ،إﻟﻰ درﺟﺔ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻄﻌﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻠﺪان ﺗﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎن اﻟﻨﺪم ،اﻧﻬﺎ أﺻﻼ أﻳﺪت اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺬي ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻫﺬا اﳌﺼﻴﺮ ،وﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﳌﺤﻠﻠﲔ اﻟﻌﺮب وﻏﻴﺮﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن »اﳌﻮﺟﺔ اﻟﺮﺑﻴﻌﻴﺔ« ﻗﺎدﻣﺔ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ،وأن ﻻ أﺣﺪ ﻓﻲ اﳌﺤﻴﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ أو ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺟﻮاره ﺳﻮف ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ. ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺄﺧﺬ ﻣﺴﻄﺮة وﻧﻀﺒﻂ ﺑﻬﺎ أﺳﺒﺎب ﻣﺎ ﺣﺪث وﻳﺤﺪث ،وﻟﻜﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﻮل ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ،إن اﻟـ DNAأو اﻟﺠﻴﻨﺎت اﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻸﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﻗﺎدت إﻟﻰ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻠﺪان ،وﻟﻜﻨﻲ أرى أن أﻫﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﺗﺴﺎع ُ ”اﻟﺤﻘﺮة“ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ واﺳﺘﺒﺪال اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﺑﺎﻟﺮﻋﻴﺔ ،وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﺎ ﺳﻤﻲ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ”ﻗﻞ ﻣﺎ ﺗﺸﺎء ،ﺳﻮف أﻓﻌﻞ ﻣﺎ أرﻳﺪ“ وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺒﻨﺖ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻲ ورﺛﺖ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻔﻜﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ واﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ،ﻫﺬا اﻷﻣﺮ واﺿﺢ اﳌﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺘﲔ اﻷﺧﻴﺮﺗﲔ.
ﺗﻌﺴﻒ ﻣﺘﻮارث اﻟﻘﺼﺔ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﻓﻔﻲ ١٧دﻳﺴﻤﺒﺮ )ﻛﺎﻧﻮن اﻷول( ،٢٠١٠وﻗﻒ ﺷﺨﺺ ﺗﻮﻧﺴﻲ دون اﻟﺜﻼﺛﲔ ﻋﺎﻣﺎ ،ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻓﻘﻴﺮة ﻳﺴﻜﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺘﺮا ﻣﻦ اﻟﻜﻴﺮوﺳﲔ ،وﻳﺸﻌﻞ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،اﺣﺘﺠﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﺎﻧﺎه ﻣﻦ ﺗﻌﺴﻒ ﻗﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﺷﺮﻃﻴﺔ اﺳﺘﻤﺪت ﺗﻌﺴﻔﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮاﻟﻲ ،اﻟﺬي ﻫﻮ ﺑﺪوره اﺳﺘﻤﺪ ﺗﻌﺴﻔﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﻗﺮﻃﺎج .وﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ،ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﻫﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺻﺒﺤﻲ ﻗﺎﺳﻢ ،اﻟﺬي اﺷﺘﻬﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ، ذو اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ رﺑﻴﻌﺎُ ،ﻳﻘﺘﻞ ﺻﺒﺮا ،ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﺮﻃﻴﲔ ﻣﻦ اﳌﺒﺎﺣﺚ ،اﺳﺘﻤﺪا ﺳﻠﻄﺘﻬﻤﺎ اﳌﺘﻌﺴﻔﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ اﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﺴﺘﺒﺪ ،ﻛﺎن ُﻳﺪﻋﻰ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﻮارئ ،اﺳﺘﺤﺴﻨﻪ ﻧﻈﺎم ﻣﺴﺘﺒﺪ ﻗﺮره ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺼﺮي ﻟﺜﻼﺛﲔ ﻋﺎﻣﺎ ،ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻈﻴﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ أﻃﻔﺎل درﻋﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻃﺎﻟﻬﻢ اﻟﻘﻬﺮ اﳌﺴﺘﺒﺪ ﻣﻦ ﻗﺼﺮ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ،ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺿﺎﺑﻂ ﺗﺼﺮف ﺑﺼﻼﻓﺔ. اﻟﻜﻞ ﻣﺤﻤﺪ وﺧﺎﻟﺪ وأﻃﻔﺎل درﻋﺎ ،ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ أي ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺜﻼﺛﲔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ،وﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻳﻤﺜﻠﻮن ﺟﻴﻼ ﻛﺎﻣﻼ ﺧﻀﻊ ﻟﻠﻘﻬﺮ اﻷﺳﻮد ﻓﻘﻬﺮوه ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻬﻢ .وﻟﻜﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ،ﻫﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻫﻮ اﻟﺸﺮارة ،وأن ﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎﺑﺎ اﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ ﻣﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮ؟ ﻫﻞ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﳌﺮادة – رﻓﻊ اﻟﻘﻬﺮ – أم ﻫﻮ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻓﻲ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﺻﻮر أﺧﺮى؟ إذا ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت رﻓﻊ اﻟﻘﻬﺮ واﺳﺘﺒﺪال ُ »اﻟﺤﻘﺮة« ﺑﺎﳌﻮاﻃﻨﺔ، واﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،وﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﺘﺸﻮﻫﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة ،واﺳﺘﺪﻋﺎء اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ رﺳﻢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻮف ﻧﻈﻞ ﻓﻲ ﺑﺆرة اﻹﺣﺒﺎط ،اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺎﻗﻤﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﺛﻮرة اﻻﺗﺼﺎل واﳌﻮاﺻﻼت ﻏﻴﺮ اﳌﺴﺒﻮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻻﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﺗﺮدي اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى.
Distinguish yourself
Kingâ&#x20AC;&#x2122;s is ranked in the top 30 universities worldwide* and based in the heart of London. With nine Schools and six Medical Research Council centres, Kingâ&#x20AC;&#x2122;s offers world-class teaching and research. Our extensive range of subjects includes humanities, law, medicine, psychiatry, dentistry, nursing, mathematics; natural, biomedical, social and management sciences. For further information, please contact Ghazi Lashab at ghazi.lashab@kcl.ac.uk *QS World University Rankings, 2011
www.kcl.ac.uk
شؤون سياسية
ﻫﺬا اﻹﻃﺎر اﻟﻮاﺳﻊ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻤﻮﺿﻊ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻏﺘﻴﺎل اﻻﺟﺮاﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﺖ اﳌﻨﺎﺿﻞ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﻟﺸﻬﻴﺪ ﺷﻜﺮي ﺑﻠﻌﻴﺪ .ﻗﻠﺖ »اﻟﺸﻬﻴﺪ« ﻷﻧﻪ ﺳﻘﻂ ﺷﻬﻴﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ واﻻﻳﻤﺎن اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺎﻟﻠﻪ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ. ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻗﺘﻠﻮه .ﳌﺎذا ﻗﺘﻠﻮه؟ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻔﻬﻢ اﻻﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ :أي ﻛﺪﻳﻦ اﻟﻌﻘﻞ واﳌﻨﻄﻖ واﻻﺳﺘﻨﺎرة واﻟﺘﻘﺪم ،ﻻ دﻳﻦ اﻟﺠﻬﻞ اﳌﻄﺒﻖ واﻟﺘﻌﺼﺐ اﻷﻋﻤﻰ واﻟﺸﻜﻠﻴﺎت اﻟﻔﺎرﻏﺔ واﻻﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻘﺴﺮﻳﺔ .ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻗﻠﺖ وأﻗﻮل ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﺑﺄن اﻟﺼﺮاع اﻟﺠﺎري ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﲔ اﻹﺳﻼم /واﻹﻟﺤﺎد ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﺑﲔ اﻻﺳﻼم /واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،واﻧﻤﺎ ﺑﲔ اﻻﺳﻼم /واﻻﺳﻼم :أي ﺑﲔ اﺳﻼم اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ /واﺳﻼم ﻋﺼﺮ اﻻﻧﺤﻄﺎط .ﻧﻘﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻄﺮ. ﺷﻜﺮي ﺑﻠﻌﻴﺪ ﻛﺎن ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﺠﻮﻫﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﺑﻘﺸﻮره اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺪﻻع »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ«. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﺻﻮﻟﻴﻮن ﻓﻲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻳﻘﺘﻠﻮن وﻳﻐﺘﺎﻟﻮن ﺧﺼﻮﻣﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳﲔ أو اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ .ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﺑﻬﻢ اﻵن ﺑﻌﺪ أن وﺻﻠﻮا اﻟﻰ ﺳﺪة اﻟﺴﻠﻄﺔ وأﻣﺴﻜﻮا ﺑﺘﻼﺑﻴﺒﻬﺎ؟ اﻧﻬﺎ ﻋﺎدة ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ وﻟﻴﺴﺖ ﺟﺪﻳﺪة .اﻧﻈﺮوا اﻟﻰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺴﺮي أو اﻟﺠﻬﺎز اﻟﺨﺎص اﻟﺬي اﻏﺘﺎل ﻋﺪة ﻗﻀﺎة ورؤﺳﺎء وزارات ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﺑﻞ وﺣﺎوﻟﻮا اﻏﺘﻴﺎل ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻻﻟﻬﻴﺔ ﻧﺠﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﺮاﺛﻨﻬﻢ. دﻣﻰ ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ ﻣﺮﺳﻲ وﺟﻤﺎﻋﺔ اﻻﺧﻮان ﺗﺘﻘﺪم ﻣﻈﺎﻫﺮة اﻫﺎﻟﻲ ﺑﻮرﺳﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﺟﻤﻌﺔ اﻟﻌﺼﻴﺎن اﳌﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ اﳌﺎﺿﻲ
,,
اﻧﻈﺮوا ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺤﻘﻮن اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺣﺎﻟﻴﺎ وﻳﺮﻋﺒﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت اﻹﺧﻮاﻧﻴﺔ .وﻟﺬا ﻓﻤﻦ اﳌﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺑﺎﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﻌﺮب ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺑﺎﳌﺜﻘﻔﲔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﲔ
,,
12
ﺗﺒﺮﻫﻦ ﻟﻨﺎ أﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳌﻘﺎرﻧﺔ أن ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ اﻧﺘﻬﺖ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﺑﻔﻀﻞ اﻧﺘﺼﺎر اﻟﻔﻬﻢ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮي اﻟﻈﻼﻣﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ. وآﺧﺮ ﺑﻠﺪﻳﻦ ﻗﺎوﻣﺎ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻨﺎرة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﺎ اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻟﺒﺮﺗﻐﺎل .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ اﺳﺘﻤﺮت ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ .ﺑﻞ واﺳﺘﻤﺮت اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ -اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎﻣﻌﺔ ﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺣﺘﻰ ﺳﻘﻮط ﻓﺮاﻧﻜﻮ وﺳﺎﻻزار واﻧﺘﺼﺎر اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺎم ١٩٧٠ ..١٩٧٥ﻧﻘﺼﺪ ﺑﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻫﻨﺎ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢاﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ وﻣﺎ ﺗﺨﻔﻲ اﻟﺼﺪور. ﺛﻢ اﺗﻬﺎﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻳﻤﺎﻧﻬﻢ وﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ ﺗﻤﻬﻴﺪا ﻹﺻﺪار اﻟﻔﺘﻮى اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ﺑﺘﺼﻔﻴﺘﻬﻢ .ﻧﻘﻮل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻨﺺ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻳﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﻠﻪ ﻫﻮ وﺣﺪه اﻟﻌﻠﻴﻢ ﺑﺬات اﻟﺼﺪور .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻮ وﺣﺪه اﻟﺬي ﻳﺤﻖ ﻟﻪ أن ﻳﺤﺎﺳﺐ اﻟﻨﺎس وﻳﺤﺴﻢ أﻣﺮ ﻛﻔﺮﻫﻢ أو اﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ .وﻻ ﻳﺤﻖ ﳌﺨﻠﻮق ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض أن ﻳﺪﻋﻲ اﻣﺘﻼك ﻫﺬا اﻟﺤﻖ. وﻟﻜﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻜﻬﻨﻮت ﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺠﻬﺘﲔ ﺗﺼﺮﻓﻮا وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﻤﺜﻠﻮن اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻴﺤﻖ ﻟﻬﻢ أن ﻳﻘﺮروا ﻣﻦ ﻫﻮ اﳌﺆﻣﻦ وﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﻜﺎﻓﺮ .أﺻﻐﺮ رﺟﻞ دﻳﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻜﻔﺮك ﺑﺨﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺸﻪ اﻵن .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻐﻞ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻊ اﳌﺘﻤﻴﺰ أﻳﻤﺎ اﺳﺘﻐﻼل ﺑﻐﻴﺔ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ ﺧﺼﻮﻣﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳﲔ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﲔ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻻﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﺎﻟﻴﺎ .وﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ اﺗﻬﻤﻮا اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﳌﻨﺎﺿﻠﲔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﻼﺣﺪة وﻛﻔﺎر ﺗﻤﻬﻴﺪا ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ. وﻫﻜﺬا ّ ﻧﺼﺒﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ أوﺻﻴﺎء ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎس ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺎﺑﻮات روﻣﺎ وﻛﻬﻨﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .وﺧﺎﻟﻔﻮا ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﳌﻘﻮﻟﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة: ﻻ ﻛﻬﻨﻮت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم .ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄن اﻟﻔﺘﻮى اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺳﻼح ﻓﻌﺎل وﻓﺘﺎك ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻻ ﺗﺰال ﺗﺮزح ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻷﻣﻴﺔ واﻟﺠﻬﻞ اﳌﻄﺒﻖ واﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺷﺒﻪ اﳌﻄﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻴﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺒﺴﻴﻂ .وﻫﺬه ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ. وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺣﺎﻟﺔ أوروﺑﺎ وﻛﻞ اﻟﺪول اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ .ﺿﻤﻦ
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
اﻧﻈﺮوا ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺤﻘﻮن اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺣﺎﻟﻴﺎ وﻳﺮﻋﺒﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت اﻻﺧﻮاﻧﻴﺔ .وﻟﺬا ﻓﻤﻦ اﳌﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺑﺎﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﻌﺮب ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺑﺎﳌﺜﻘﻔﲔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﲔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺮس أﺻﻮاﺗﻬﻢ وﺷﺘﺘﻬﻢ أﻳﺎدي ﺳﺒﺄ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻋﺎدت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺑﻘﻮة. واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺨﺘﻒ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﻌﻮد .وﻟﻜﻨﻬﺎ اﻵن أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ رﺑﻴﻊ ﻋﺮﺑﻲ ﺗﺤﻮل ﻓﺠﺄة اﻟﻰ ﻋﻜﺴﻪ :أي اﻟﻰ ﺧﺮﻳﻒ أﺻﻮﻟﻲ ﻗﺪ ﻳﺤﺮق اﻷﺧﻀﺮ واﻟﻴﺎﺑﺲ ﻗﺎﺿﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎت ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،اذا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع. أﻗﻮل ذﻟﻚ وﺑﺨﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﺗﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﻏﺘﻴﺎل ﻫﺬا اﳌﻨﺎﺿﻞ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺻﺪور ﻓﺘﺎوى ﻣﻘﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺗﻜﻔﺮ ﺣﻤﺪﻳﻦ ﺻﺒﺎﺣﻲ وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺮادﻋﻲ، وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻤﺮو ﻣﻮﺳﻰ؟ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﺳﻴﻒ دﻳﻤﻮﻗﻠﻴﻄﻮس ،أﺻﺒﺢ ﻣﺴﻠﻄﺎ ﻓﻮق رؤوس ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﺬي ﻳﺮﻓﻀﻮن اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻔﺘﻴﺸﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﺗﺨﻴﻢ ﺑﻈﻠﻬﺎ اﻟﺜﻘﻴﻞ ﻋﻠﻰ رﺑﻮع ﻋﺎﳌﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ. وﻳﺨﻄﺊ ﻣﻦ ﻳﻈﻦ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﺳﻮف ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ .ﻓﻠﻜﻲ ﻳﻨﺘﺼﺮ اﺳﻼم اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻋﻠﻰ اﺳﻼم ﻋﺼﺮ اﻻﻧﺤﻄﺎط ،ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﻣﺮور ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻣﻌﺎرك ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻳﺸﻴﺐ ﻟﻬﻮﻟﻬﺎ اﻟﻮﻟﺪان. اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺣﺘﻤﺎ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ وﻟﻘﺎدﺗﻪ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮﻳﻦ اﳌﺨﻠﺼﲔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا اﺳﻼﻣﻴﲔ أم ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﲔ .وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﻳﺰال ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ .أﻛﺎد أﻗﻮل ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﺘﺪئ ﺑﻌﺪ! ﺳﻤﻌﺖ ﺑﺄن ﺣﺰب اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ أﺻﺒﺢ ﻳﻬﺪد ﺷﻴﺦ اﳌﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻌﺮب اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻟﺒﻲ .وﻗﺮأت ﻣﺆﺧﺮا أﻧﻬﻢ ﺳﻴﺠﺮون اﻟﺮواﺋﻲ واﳌﻔﻜﺮ اﳌﺒﺪع ﻳﻮﺳﻒ زﻳﺪان اﻟﻰ اﳌﺤﺎﻛﻢ ﺑﺘﻬﻤﺔ ازدراء اﻷدﻳﺎن! أﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬه ﻣﺤﺎﻛﻢ ﺗﻔﺘﻴﺶ؟ واﻟﺤﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮار)..اﻧﻈﺮ اﳌﻘﺎﺑﻠﺔ اﳌﻤﺘﻌﺔ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ/اﳌﻠﺤﻖ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮﻋﻲ١٠/ ﻣﺎرس /آذار .(٢٠١٣ ﻟﻜﻲ أوﺿﺢ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﺷﻜﺎﻟﻴﺎت ﺳﻮف ﻟﻦ أﺗﺤﺪث ﻣﻦ ﻓﺮاغ .وإﻧﻤﺎ ﺳﺄﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻣﻨﺬ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪﻣﺎي ﻗﺪ وﻃﺄﺗﺎ اﻷرض اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴﺔ وﺛﻼﺛﲔ ﻋﺎﻣﺎ .ﻓﺄﻧﺎ ﻟﻢ أﻧﺘﻈﺮ وﺻﻮل اﻷﺻﻮﻟﻴﲔ اﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻜﻲ أﻫﺘﻢ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ وأﺟﻌﻠﻬﺎ ﺷﻐﻠﻲ اﻟﺸﺎﻏﻞ. إﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ..وﺳﻮف أﻧﻄﻠﻖ ﻣﻦ اﳌﺒﺪأ اﻟﺘﺎﻟﻲ :ﻣﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﻮب .ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﻗﺼﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻷوروﺑﻲ ﻳﺎ ﺗﺮى؟ وﳌﺎذا ﻧﺠﺤﻮا ﻫﻢ ﻓﻲ اﻧﻄﻼﻗﺘﻬﻢ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ،وﺧﺮﺟﻮا ﻣﻦ ﻗﻔﺺ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وﻓﺸﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ؟ <
اﳌﺪﻧﻴﺔ أو اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .وأﻛﺒﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ وﻣﺼﺮ ﺣﺎﻟﻴﺎ .ﻓﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺑﺸﺮ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف .ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻬﻢ ﻣﺘﺴﻠﻄﻮن ﻣﺴﺘﺒﺪون ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺑﺸﺮ وﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻚ ﺑﺎﺳﻢ اﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎت ﺑﺸﺮﻳﺔ. أﻣﺎ ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺎت اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ اﻟﺜﻴﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ ﻓﺘﻌﻨﻲ ﻣﻌﺎرﺿﺔ رؤوس ﻣﻌﻤﻤﺔ ،وﻟﺤﻰ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻜﺜﻔﺔ ،ﺗﻮﻫﻤﻚ ﺑﺄن أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﻮن ﻳﻘﻔﻮن ﻓﻮق ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺒﺸﺮ ،أو ﻫﻜﺬا ﻳﺨﻴﻞ ﻟﻠﺒﺸﺮ ..ﺑﻞ اﻧﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻠﻪ ذاﺗﻪ وﻋﺼﻴﺎن أواﻣﺮه وﻧﻮاﻫﻴﻪ! ُوﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻗﺘﻠﻚ ﺣﻼﻻ ﻃﻴﺒﺎ ..ﺑﻞ ُ ُوﺗﻘﺘﻞ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻣﺮﺗﲔ :ﻣﺮة ﻷﻧﻚ ﻗﺘﻠﺖ ﺟﺴﺪﻳﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻷﻧﻚ ﻗﺘﻠﺖ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﺰﻧﺪﻗﺔ .وﻫﻜﺬا ﺣﻠﺖ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﻠﻌﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة! ﺑﻞ ورﺑﻤﺎ ﻟﻌﻨﻚ ﺣﺘﻰ أﻫﻠﻚ اﻷﻗﺮﺑﻮن ﻷﻧﻚ ﻣﺖ ﻛﺎﻓﺮا وﺗﺴﺘﺤﻖ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻚ .اﻷم ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪم اﺑﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻫﺪﻳﺔ اﺳﺘﺸﻬﺎدﻳﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻨﺰع ﺑﺠﺴﺪه اﻟﻐﺾ اﻷﻟﻐﺎم .أو اﻻﺑﻦ ﻛﺎن ﻳﺸﻲ ﺑﺄﺑﻮﻳﻪ اﻟﻰ اﻻﻣﺎم ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺪﻳﻨﲔ ،اﻟﺦ ..ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻤﻦ اﻟﻔﺮق ﺑﲔ اﻻﻏﺘﻴﺎل اﻟﻼﻫﻮﺗﻲ /واﻻﻏﺘﻴﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ .واﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻻﺧﻮاﻧﻲ ﻻ ﻳﺤﻜﻢ ﺑﺎﺳﻤﻪ ،واﻧﻤﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻠﻪ ذاﺗﻪ أو ﻫﻜﺬا ﻳﺘﻮﻫﻢ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻄﻴﺐ اﻟﺒﺴﻴﻂ :أي أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺸﻌﺐ.. اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻻﺧﻮاﻧﻲ ﻳﺼﻠﻲ ﻛﻞ ﻳﻮم ﺟﻤﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﳌﺆﻣﻦ ،وﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﳌﺴﺠﺪ اﻟﻰ اﻟﻘﺼﺮ اﻟﺠﻤﻬﻮري! وﻫﻜﺬا ﻳﺨﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻪ وﺣﻜﻤﻪ ﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ إﻟﻬﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻻ ﺗﻨﺎﻗﺶ وﻻ ﺗﻤﺲ .وﻫﻜﺬا ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻠﻪ. وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ .ﻓﻬﻞ ﺳﻨﺘﺮﺣﻢ ﻋﻠﻰ دﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ ﺣﺴﻨﻲ ﻣﺒﺎرك وزﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ؟! ﻣﺘﻰ ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﺳﺬاﺟﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﻌﺮب اﳌﻐﻔﻠﲔ؟ ﻣﺘﻰ ﺳﻨﻘﺮر ﺗﺪرﻳﺲ »ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ« ﻛﻤﺎدة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﳌﺪارس اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ؟
ﻣﻜﺮ اﻟﻌﻘﻞ أو ﺣﻴﻠﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﺳﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ ﺣﻴﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ،ﻻ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﺴﻠﺒﻲ، وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻜﺮ .ﻓﻔﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺜﻼ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻜﺮ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﺠﻴﺪ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﺑﻞ وﺗﻠﺼﻖ ﺑﺎﻟﻠﻪ ذاﺗﻪ» :وﻣﻜﺮوا وﻣﻜﺮ اﻟﻠﻪ واﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮ اﳌﺎﻛﺮﻳﻦ«)آل ﻋﻤﺮان .(٥٤.وذﻟﻚ ﻷن ﻣﻜﺮ اﻟﻠﻪ ﻳﻬﺪف اﻟﻰ ﺧﻴﺮ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﻜﺮ اﻷﺷﺮار اﳌﻌﺎرﺿﲔ ﻟﻠﺪﻋﻮة اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ .اﳌﻜﺮ واﻟﺤﻴﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﻳﻬﺪﻓﺎن اﻟﻰ ﺧﺪﻣﺔ اﳌﺴﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺮة ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺤﺮﻳﺔ .وﻫﺬا ﻫﻮ اﳌﻌﻨﻰ اﻟﻬﻴﻐﻠﻲ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ. ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻄﺎﺑﻖ ﻟﺪى ﻫﻴﻐﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻻﻟﻬﻴﺔ .ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﻧﻨﺴﻰ أن ﻫﻴﻐﻞ ﻛﺎن ﻻﻫﻮﺗﻴﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻴﻠﺴﻮﻓﺎ ﻛﺒﻴﺮا .أﻳﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ أﻣﺮ ،ﻓﺈن اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻘﺮوﺳﻄﻲ ،ﺳﻨﻴﺎ ﻛﺎن أم ﺷﻴﻌﻴﺎ ،ﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ اﻵن أﻛﺒﺮ ﺧﺪﻣﺔ اذ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ وﻣﺤﺪودﻳﺎﺗﻪ ﻓﻲ آن ﻣﻌﺎ .ﻓﻠﻮ أﻧﻬﻢ ﻇﻠﻮا ﻓﻲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻈﻠﺖ أﺳﻄﻮرﺗﻬﻢ ﺣﻴﺔ ﻓﻲ أﻋﲔ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ،ﺑﻞ وﻟﺘﻀﺨﻤﺖ أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ.
ﻋﺼﺮ اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﻌﻮﳌﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ .اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺠﺎﻣﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻤﺮ اﻟﻰ اﻷﺑﺪ .اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻻﺧﻮاﻧﻲ اﻟﺴﻠﻔﻲ ﻣﺮﺷﺢ ﻟﻠﺰوال .ﻧﺤﻦ دﺧﻠﻨﺎ اﻵن ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺻﺮاع اﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮ :أي ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮ ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻘﺮآن واﻻﺳﻼم ﻛﻜﻞ /ﺿﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮي اﻟﻈﻼﻣﻲ .أﻗﺼﺪ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ أرﻛﻮن أو ﻋﺒﺪ اﳌﺠﻴﺪ اﻟﺸﺮﻓﻲ ﻣﺜﻼ /ﺿﺪ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ واﻟﻘﺮﺿﺎوي. ﻫﺬا ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﻈﻼﻣﻴﲔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻄﺒﻖ ﺗﻤﺎﻣﺎ واﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻳﻤﲔ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ واﻟﻘﺮﺿﺎوي .ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻻ ﻣﻨﺪوﺣﺔ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﺎﺷﻴﻬﺎ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ اذا ﻣﺎ أردﻧﺎ أن ﻧﺨﺮج ﻣﻦ اﳌﻐﻄﺲ اﻟﺬي وﻗﻌﻨﺎ ﻓﻴﻪ.. ﻛﻔﺎﻧﺎ ﺗﺄﺟﻴﻼ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ! ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺿﺪ اﻻﺳﻼم ﻛﻜﻞ ﻷﻧﻨﺎ ﺟﺰء ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻨﻪ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﺑﻦ رﺷﺪ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻘﻀﺎة ﻓﻲ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺟﺰءا ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻨﻪ. ﻧﺤﻦ ﻓﻘﻂ ﺿﺪ اﻟﺘﻴﺎر اﳌﺘﻄﺮف اﻟﺬي ﻳﻜﺮه اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ ﺣﺎﺿﻨﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﺳﻌﺔ ﻟﻠﺘﻜﻔﻴﺮ واﻻﻏﺘﻴﺎل .وﻟﻮﻻ ﻫﺬه »اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ« اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ -اﻻﺧﻮاﻧﻴﺔ ﳌﺎ ﺣﺼﻞ اﻏﺘﻴﺎل ﺷﻜﺮي ﺑﻠﻌﻴﺪ ﻣﺆﺧﺮا .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ اﳌﺘﻬﻢ اﻷﺳﺎﺳﻲ واﳌﺴﺆول اﻷول ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ اﻟﻨﻜﺮاء .أﺧﻴﺮا ﺳﻮف أﻗﻮل ﺑﺄن اﻷﻧﻮار اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﻘﺪر اﻟﻨﺎس ﺛﻤﻨﻬﺎ اﻻ ﺑﻌﺪ أن ﻳﻤﺮوا ﺑﺪﻳﺎﺟﻴﺮ اﻟﻈﻠﻤﺎت .ﻧﻌﻢ ﻟﻮﻻ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻻﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻟﻮﻻ وﺻﻮﻟﻪ اﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺗﻬﺪﻳﺪه ﻟﻠﺤﺮﻳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺣﻘﻮق اﳌﺮأة ،ﻟﻈﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ اﳌﺘﺤﺠﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﺴﻴﻄﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﻰ أﺑﺪ اﻵﺑﺪﻳﻦ .ﺷﻜﺮا اذن ﻟﻠﺨﻤﻴﻨﻲ واﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ!
وﻟﻈﻞ اﻟﺸﻌﺐ ﻳﺘﺤﺴﺮ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﻜﻤﻮا ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻜﻲ ﻳﺤﻠﻮا ﻟﻪ ﻛﻞ ﺷﻜﺮي ﺑﻠﻌﻴﺪ وﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ
ﻣﺸﺎﻛﻠﻪ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ »ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺷﺮع اﻟﻠﻪ« .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻜﺎن ﻳﻠﺰم أن ﻳﺤﻜﻤﻮا وﻟﻮ ﳌﺮة واﺣﺪة ،ﻟﻜﻲ ﻳﻌﺮف اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻫﻢ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ وﻣﺎ ﻫﻲ اﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻬﻢ .ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺤﻜﻤﻮا ﻟﻜﻲ ﻧﻜﺘﺸﻒ أن اﻻﺳﻼم ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻬﻤﻮﻧﻪ ﻫﻮ اﳌﺸﻜﻠﺔ وﻟﻴﺲ اﻟﺤﻞ .وﺑﻬﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ أدﻋﻮ اﻟﻘﻮى اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻰ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﳌﻌﺘﺪل ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﺤﻴﻴﺪ اﻟﺘﻴﺎر اﳌﺘﻄﺮف .ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﺸﺮوع ﺗﻜﺘﻴﻜﻴﺎ وﻻ ﻏﺒﺎر ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻳﺨﺪم ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﻘﺪم .ﺛﻢ اﻧﻪ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻧﺒﺜﺎق ﺣﺰب دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﺳﻼﻣﻲ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﺎﻷﺣﺰاب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ. اﻻﺳﻼم ﻫﻮ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ وﺳﻴﺒﻘﻰ .وﻟﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﺳﻴﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ
ﻟﻘﺪ ﺣﺎوﻟﻮا اﻗﻨﺎﻋﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ﺑﺄن ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻣﺤﺼﻮرة ﺑﺎﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺬﻫﺒﻬﺎ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻲ اﻟﺒﺎﺑﻮي اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻃﻼق .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻨﺤﻦ ﺑﺮﻳﺌﻮن ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺮاءة اﻟﺬﺋﺐ ﻣﻦ دم اﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮب. وﻫﻮ ﻛﻼم ﺗﺒﺠﻴﻠﻲ ﺗﻨﻘﻀﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺎﺿﻴﺎ وﺣﺎﺿﺮا .ﻓﻤﺴﻴﺮة اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﺪﻳﻨﲔ اﻟﻜﺒﻴﺮﻳﻦ ﺗﺒﺮﻫﻦ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻔﻬﻢ اﻻﻧﻐﻼﻗﻲ اﻟﺨﺎﻃﺊ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻳﺆدي ﺑﺎﻟﻀﺮورة اﻟﻰ ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ واﻻﻛﺮاه ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ. ﺑﻞ وﻳﺆدي اﻟﻰ اﻏﺘﻴﺎل اﻟﻌﻠﻤﺎء واﳌﺜﻘﻔﲔ واﳌﻨﺎﺿﻠﲔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ .وﻟﻜﻨﻬﺎ
,,
اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ وﻗﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺸﻴﺦ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻘﺮﺿﺎوي
اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻘﺮوﺳﻄﻲ ﺳﻨﻴﺎ ﻛﺎن أم ﺷﻴﻌﻴﺎ ﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ اﻵن أﻛﺒﺮ ﺧﺪﻣﺔ إذ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ وﻣﺤﺪودﻳﺎﺗﻪ ﻓﻲ آن ﻣﻌﺎ ،ﻓﻠﻮ أﻧﻬﻢ ﻇﻠﻮا ﻓﻲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻈﻠﺖ أﺳﻄﻮرﺗﻬﻢ ﺣﻴﺔ ﻓﻲ أﻋﲔ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺑﻞ وﻟﺘﻀﺨﻤﺖ أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ
,,
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
11
شؤون سياسية
اﻻﺧﻮان اﳌﺴﻴﺤﻴﲔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺮﺑﺤﻮﻫﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ .وأﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻠﻢ ﻧﺮﺑﺤﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺿﺪ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻻ ﻓﻜﺮﻳﺎ وﻻ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ)ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا اﺧﻮاﻧﺎ ﻣﺴﻠﻤﲔ ﺳﻨﺔ أم اﺧﻮاﻧﺎ ﻣﺴﻠﻤﲔ ﺷﻴﻌﺔ ،ﻻﻓﺮق( .ﻫﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ﻻ أﻛﺜﺮ وﻻ أﻗﻞ.
ﳌﺎذا ﻳﻨﻔﺠﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق؟ وﻟﻜﻨﻲ ﺳﺄﺿﻴﻒ اﻟﻰ ﻫﺬه اﻷﻃﺮوﺣﺔ أﻃﺮوﺣﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ أﺧﺮى ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻨﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ ،وﻫﻲ أﻧﻪ »ﻻ ﺑﺪ دون اﻟﺸﻬﺪ ﻣﻦ إﺑﺮ اﻟﻨﺤﻞ« ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﳌﺘﻨﺒﻲ ،وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻐﻞ أﻳﻀﺎ .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ دﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻫﻴﺠﺎن ﻛﻤﺎ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﻄﺎﺋﺮة أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺟﻮﻳﺔ ﺧﻄﺮة .ﻓﺈﻣﺎ أن ﺗﻨﺠﻮ ﻣﻨﻬﺎ وﺗﺨﺮج أﻛﺜﺮ ﻗﻮة وﺗﺠﺪدا وﺷﺒﺎﺑﺎ ،واﻣﺎ أن ﻳﻬﻠﻚ اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻟﻘﺪ دﺧﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﺮوب أﻫﻠﻴﺔ وﻣﺠﺎزر وﺣﺸﻴﺔ وﺗﺼﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻬﺎ أول وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ آﺧﺮ .وﻫﻲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺘﻬﺎ أوروﺑﺎ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﲔ اﻟﻘﺮﻧﲔ اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ واﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺣﺮوب ﺿﺎرﻳﺔ ﻛﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺑﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ ..وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻲ أدﻋﻮ اﻟﻰ اﻧﻘﺎذ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻮاراﻷﺧﻮي ﺑﲔ ذوي اﻟﻨﻮاﻳﺎ اﻟﻄﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﻬﺎت .ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺘﺼﺮ ﺻﻮت اﻟﻌﻘﻞ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ؟ أم أن ﺣﺰازات اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺳﻮف ﺗﻜﺘﺴﺢ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻛﻞ ﺷﻲء؟ »اذا ﻣﺎ ﻛﺒﺮت ﻣﺎ ﺑﺘﺼﻐﺮ« ﻳﻘﻮل اﳌﺜﻞ اﻟﻌﺎﻣﻲ.
,,
ﻣﺮﺳﻲ ﻳﻘﺒﻞ رأس اﳌﺮﺷﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺪﻳﻊ
ﻓﺸﻞ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻋﺪم اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﻔﻜﺮي ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻼﻣﻴﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن اﻹﺳﻼم اﻟﻮﺳﻄﻲ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻠﺐ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ اﳌﻔﻬﻮم اﻹﺧﻮاﻧﻲ اﻟﺴﻠﻔﻲ ﻟﻺﺳﻼم ﻫﻴﻬﺎت! أﻧﻪ ﻻﻳﺰال ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﺑﺮاﻋﻤﻪ اﻷوﻟﻰ
,,
10
اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .اﻧﻈﺮوا أﻃﺮوﺣﺎت ﻏﻮﺳﺘﺎف ﻟﻮﺑﻮن ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ« اﻟﺬي ﻧﺸﺮﺗﻪ »دار اﻟﺴﺎﻗﻲ« ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺆﺧﺮا .إﻧﻲ أﺗﻌﺎﻃﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﻛﻼم اﻟﺴﻴﺪة ﺟﻤﻴﻠﺔ اﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ،ﺑﻞ وأﺗﺒﻨﺎه ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺸﺨﺼﻲ .أﻛﺮر ذﻟﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى .وﻟﻜﻦ اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻨﻮد ﻣﻦ ﻗﺒﻞ دﻋﻢ ﺷﻌﺒﻲ ﻳﻮازي ﺷﻌﺒﻴﺔ اﻻﺧﻮان واﻟﺴﻠﻔﻴﲔ .ﻻ رﻳﺐ ﻓﻲ أن اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ واﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮة أﺛﺒﺘﺖ وﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻋﺠﺎﺑﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ .ﺑﻞ وذﻫﻠﺖ أﻧﺎ ﻟﻮﺟﻮدﻫﺎ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع .وﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺣﺘﻲ ﻋﺎرﻣﺔ وﻟﻢ أﻛﺪ أﺻﺪق ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﺎ أرى .إﻧﻲ أﻋﺘﺒﺮ ﻣﺠﺮد وﺟﻮدﻫﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻷﻣﻞ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﳌﺼﺮ .إﻧﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﻗﻠﺒﺎ وﻗﺎﻟﺒﺎ .وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال أﻗﻞ ﺿﺨﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﳌﻀﺎدة ،ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻘﺒﺔ اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ اﳌﻘﺪﺳﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ .أو ﻗﻞ اﻧﻬﺎ ﺗﺮﻓﺾ أن ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﺪﻳﻦ ﻛﺴﻼح ﻓﻌﺎل ﻓﻲ اﳌﻌﺎرك اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﳌﻨﺎورات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻻﺧﻮان واﻟﺴﻠﻔﻴﻮن .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺗﺜﻘﻴﻒ اﻟﺸﻌﺐ وﺗﻨﻮﻳﺮه ﻟﻜﻴﻼ ﻳﺼﻮت ﻟﻼﺧﻮان واﻟﺴﻠﻔﻴﲔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﻲ أوروﺑﺎ .وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺴﺒﻮا اﳌﻌﺮﻛﺔ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﻮرات اﻟﺘﻲ دﺷﻨﻮﻫﺎ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻻ دﻳﻨﻴﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ أﺻﻮﻟﻴﺔ.
ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ رﺑﻴﻊ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺑﺪون رﺑﻴﻊ ﺛﻘﺎﻓﻲ؟! ﻟﻜﻲ أوﺿﺢ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺳﻮف أﻗﺎرن ﺑﲔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻻوروﺑﻴﺔ. ﻓﺒﻀﺪﻫﺎ ﺗﺘﺒﲔ اﻷﺷﻴﺎء .وﺳﻮف أﻧﻄﻠﻖ ﻣﻦ اﻷﻃﺮوﺣﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: وﻫﻲ أن اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻔﻜﺮي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺒﻖ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ. اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻔﻜﺮي ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﻌﺪ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺼﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ؟ اﻟﻌﺮﺑﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺼﺎن أم اﻟﺤﺼﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺮﺑﺔ؟ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺴﺒﺐ ﻓﺸﻞ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﻳﻌﻮد اﻟﻰ ﻋﺪم اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﻔﻜﺮي ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻼﻣﻴﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن .اﻹﺳﻼم اﻟﻮﺳﻄﻲ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻠﺐ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ اﳌﻔﻬﻮم اﻻﺧﻮاﻧﻲ اﻟﺴﻠﻔﻲ ﻟﻺﺳﻼم .ﻫﻴﻬﺎت! اﻧﻪ ﻻﻳﺰال ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﺑﺮاﻋﻤﻪ اﻷوﻟﻰ.
وﻫﺬا ﻫﻮ ﻟﺐ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ .ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ّ ﻳﻔﺮغ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺗﺮاﻛﻤﺎت ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻘﺮون ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺮغ ﻃﺒﻘﺎت اﻷرض اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أﺣﺸﺎءﻫﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻧﻔﺠﺎر اﻟﺰﻻزل واﻟﺒﺮاﻛﲔ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺎﻟﻴﺎ .ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻬﻢ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺎت )أﻛﺎد أﻗﻮل اﻻﻧﻔﺠﺎرات( اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ اذا ﻟﻢ ﻧﺄﺧﺬ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺑﻌﲔ اﻻﻋﺘﺒﺎر. وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻬﻢ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﻘﻮي ﻟﻠﻌﺼﺒﻴﺎت اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ – اﳌﺬﻫﺒﻴﺔ أﻳﻀﺎ .وﻗﻞ اﻷﻣﺮ ذاﺗﻪ ﻋﻦ اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻟﻘﻮي ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت اﻻﺧﻮاﻧﻴﺔ – اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ اﻵن ﻋﺼﺮﻫﺎ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﺣﺘﻰ ﻟﻜﺄن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﻤﺸﻲ ﺑﺎﳌﻘﻠﻮب .اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻳﺘﺤﺮر أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻷﻛﺜﺮ ﻇﻼﻣﻴﺔ وﻋﺪواﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﺪﻳﻦ ،وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻮد اﻟﻴﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺷﻐﻒ .وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻮدة اﺟﺒﺎرﻳﺔ -ﺑﻞ وﺿﺮورﻳﺔ -ﻳﺎ ﺳﺎدﺗﻨﺎ اﳌﺘﻨﻮرﻳﻦ! ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﻔﺠﺮ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎﻟﻘﻨﺎﺑﻞ اﳌﻮﻗﻮﺗﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ أﻋﻤﺎق اﻟﻘﺮون ﻟﻜﻲ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺪﺷﲔ ﺑﺪاﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻟﻜﻲ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﺘﺢ ﺻﻔﺤﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻣﺴﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ .ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﺨﻔﻒ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ أﺛﻘﺎﻟﻪ وأﺣﻤﺎﻟﻪ ،ﻣﻦ ﺗﺮاﻛﻤﺎﺗﻪ ورواﺳﺒﻪ ،وإﻻ ﻓﺈن اﻻﻧﻄﻼﻗﺔ اﻟﺼﺎروﺧﻴﺔ اﳌﻮﻋﻮدة ﻟﻦ ﺗﺤﺼﻞ. ﻛﻔﺎﻧﺎ وﻫﻤﺎ وﺳﺮاﺑﺎ .ان ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻷﻣﻢ اﻷوروﺑﻴﺔ اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ أﻛﺒﺮ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ .ﻓﻬﻲ أﻳﻀﺎ ﻓﺮﻏﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﻘﺎد ﻻﻫﻮﺗﻴﺔ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﺮوب ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ﻛﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ – ﺑﺮوﺗﺴﺎﻧﺘﻴﺔ ﻃﺎﺣﻨﺔ ﻻ ﺗﺒﻘﻲ وﻻ ﺗﺬر .ﻫﻲ أﻳﻀﺎ ﻛﻔﺮت ﻋﻠﻤﺎءﻫﺎ وﻣﺜﻘﻔﻴﻬﺎ وأﺻﺪرت ﻓﺘﺎوى ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺑﺎﻷﻣﺲ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻊ ﺷﻜﺮي ﺑﻠﻌﻴﺪ .ﺛﻢ اﺳﺘﻨﺎرت أوروﺑﺎ وﻟﻢ ﻳﻌﺪ أي ﻣﺜﻘﻒ ﻳﺨﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ اذا ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻦ أﻓﻜﺎره ﺑﺼﺮاﺣﺔ ،أو اذا ﻣﺎ اﻧﺘﻘﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﻘﻤﻌﻴﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻜﺐ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺮاء .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻼﻗﻼع اﻟﺤﻀﺎري اﻟﻌﺮﺑﻲ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻗﺒﻞ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﳌﺆﺟﻠﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار .اﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺳﺘﻈﻞ ﻣﺆﺟﻠﺔ؟ اﻵن اﻧﺪﻟﻌﺖ اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﻴﻬﺎ ﺑﲔ ﺷﻄﺮي اﻷﻣﺔ )اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ /واﻷﺻﻮﻟﻲ( وﻟﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻗﺒﻞ ﻏﺎﻟﺐ أو ﻣﻐﻠﻮب .وﻟﻜﻦ ﺗﺼﻔﻴﺔ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﺣﺼﻮل ﻣﺠﺎزر وآﻻم ﻻ ﺗﻮﺻﻒ .ﻓﺎﻟﻘﺪﻳﻢ اﳌﺘﺮاﻛﻢ اﻟﺮاﺳﺦ ﻟﻦ ﻳﻠﻔﻆ أﻧﻔﺎﺳﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ .وﻟﻦ ﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ أي ﻫﺪﻳﺔ ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ .ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻨﺰع ﺷﻮﻛﻨﺎ ﺑﺄﻳﺪﻳﻨﺎ! أرﺟﻮﻛﻢ اﻋﻄﻮﻧﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮا آﺧﺮ ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻜﻲ أﺗﺒﻨﺎه ﻓﻮرا.
أﻣﺎ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻞ اﻟﻌﻜﺲ ﺗﻤﺎﻣﺎ :اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ
اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺳﺒﻘﺎ اﻟﺜﻮرات اﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ :اﻻﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ،ﻓﺎﻻﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ،ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺒﺪ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮ /إﻟﻰ اﳌﺴﺘﺒﺪ اﻟﻈﻼﻣﻲ ﻓﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮرات ﺗﻘﺬف اﻟﻰ اﻷﻣﺎم وﻻ ﺗﻌﻮد اﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ ﻋﻠﻰ )أي ﻣﻦ ﻣﺒﺎرك اﻟﻰ ﻣﺮﺳﻲ /وﻣﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ إﻟﻰ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ(
ﻋﻜﺲ اﻟﺜﻮرة اﻻﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﲔ ﺳﻨﺔ وﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺛﻮراﺗﻨﺎ اﻟﻴﻮم أو اﻟﺮﺑﻴﻊ اﳌﻌﻜﻮس .ﻓﻼﺳﻔﺔ اوروﺑﺎ وﻣﺴﺘﻨﻴﺮوﻫﺎ رﺑﺤﻮا اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻓﻜﺮﻳﺎ أوﻻ ﺿﺪ
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﻓﺈن اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ أﺧﻄﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ
أن ﺗﻮﺟﻪ ﻟﻮﻣﻬﺎ أوﻻ اﻟﻰ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﲔ واﻟﻴﺴﺎرﻳﲔ اﳌﺼﺮﻳﲔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺻﻮﺗﻮا ﳌﺮﺷﺢ اﻻﺧﻮان ﻟﻜﻲ ﻳﻘﻄﻌﻮا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺷﺢ اﻟﻔﻠﻮل! ﺛﻢ ﻫﻨﺎك ﻧﻘﻄﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﻳﺪرﻛﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﳌﺼﺮﻳﲔ واﻟﻌﺮب :وﻫﻲ أن اﳌﺴﺆوﻟﲔ اﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻣﻦ ﻛﻴﺮي وﺳﻮاه ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺟﻴﺪا أن ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺸﻌﺐ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻻ ﺗﺰال ذات ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ اﺧﻮاﻧﻴﺔ -ﺳﻠﻔﻴﺔ .اﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﺴﺘﻮى ﺷﻌﻮﺑﻨﺎ واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻤﻮﻣﺎ .ﺑﻞ وﻳﻌﺮﻓﻮن أن ﻗﺴﻤﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﻴﻨﺎ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ذوي ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ إﺧﻮاﻧﻴﺔ ﻗﻠﻴﻼ أو ﻛﺜﻴﺮا ،ﺑﺸﻜﻞ ﻇﺎﻫﺮ أو ﻣﺒﻄﻦ! ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﺟﻴﺪا أن ﻟﻸﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ وﻗﺪاﺳﺘﻬﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ ﻫﻢ. ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺎوزوا اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻟﻠﻮﻋﻲ اﻟﺒﺸﺮي ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺮن أو ﻗﺮﻧﲔ. وﻫﻲ ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻔﺎوت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑﻴﻨﻬﻢ. أﻗﻮل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻻ ﺗﺰال ﻣﺘﺪﻳﻨﺔ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .ﺑﻞ وﻫﻨﺎك ﺷﺮاﺋﺢ أﺻﻮﻟﻴﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ وﻻﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص .وﻟﻜﻦ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﻣﺪﻧﻲ ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﻻ رﻳﺐ ﻓﻴﻪ .أﻳﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ أﻣﺮ ﻓﺄي ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﻐﻞ اﳌﺸﺎﻋﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺤﻪ وﻳﻀﺮب ﻋﻠﻰ وﺗﺮﻫﺎ ،أي ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﺪث ﺑﺎﺳﻤﻬﺎ وﻳﺘﻘﻦ ﻣﻌﺠﻤﻬﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺒﻴﺢ واﻟﺘﺮﺗﻴﻞ ﺳﻮف ﻳﺮﺑﺢ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﺸﻜﻞ أﺗﻮﻣﺎﺗﻴﻜﻲ .ﻫﺬا أﻣﺮ ﻣﺆﻛﺪ .اﻟﺸﻌﺐ ﻳﻀﻊ ﺛﻘﺘﻪ ﻓﻲ رﺟﻞ اﻟﺪﻳﻦ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺨﻴﻞ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻐﺶ أو ﻳﻜﺬب أو ﻳﺨﺎدع أو ﻳﻌﺬب اﻟﺸﺒﺎب وﻳﻜﺴﺮ أﺿﻼﻋﻬﻢ اذا ﻟﺰم اﻷﻣﺮ. ﻟﻜﻦ ﻷﻋﺪ اﻟﻰ اﻟﻮزﻳﺮ ﺟﻮن ﻛﻴﺮي .ﺑﻤﺎ أن اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺒﺮاﻏﻤﺎﺗﻴﺔ اﻟﺬراﺋﻌﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر أﻓﻬﺎﻣﻨﺎ وﻣﺴﺘﻮاﻧﺎ اﳌﻌﺮﻓﻲ .إﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺼﺮي ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ أو اﻷﳌﺎﻧﻲ أو اﻟﺴﻮﻳﺴﺮي .ﻟﻜﻲ ﻣﻘﺎم ﻣﻘﺎل! ﻋﻔﻮا أﻋﺘﺬر ﻋﻦ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﺮاﺣﺔ اﻟﻔﺠﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .اﳌﺴﺆول اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻧﻈﺎم ﻗﻮي ﻣﺴﺘﻘﺮ ذي ﻗﺎﻋﺪة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﺆﻛﺪة .وﻫﺬه ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺧﻮان واﻟﺴﻠﻔﻴﲔ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ. وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺒﺎرك أو ﺑﻦ ﻋﻠﻲ أو ﺳﻮاﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﳌﻬﺘﺮﺋﺔ،
اﻟﺘﻲ اﻧﺪﻟﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺜﻮرات واﻟﺘﻲ ﻻ ﻗﺎﻋﺪة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻟﻬﺎ .وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺨﻠﺖ ﻋﻨﻬﺎ أﻣﻴﺮﻛﺎ .ﻟﻘﺪ ﺗﺨﻠﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻨﻔﺪت ﻃﺎﻗﺘﻬﺎ وﻣﺸﺮوﻋﻴﺘﻬﺎ ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﻘﻠﺼﺖ ﺷﻌﺒﻴﺘﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﻴﻒ وأﺻﺒﺤﺖ ﻋﺎﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻗﺎﻟﺖ ﳌﺎذا ﻻ ﻧﺠﺮب اﻻﺧﻮان اذا ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻴﺆدون ﻧﻔﺲ اﻟﺪور اﳌﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺼﺪاﻗﻴﺔ أﻗﻮى وﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ أﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ؟ ﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ اﻧﺘﻬﺎزﻳﺔ اﻟﻐﺮب وﺑﺮاﻏﻤﺎﺗﻴﺘﻪ اﻟﺬراﺋﻌﻴﺔ .ﻻ ﻳﻬﻤﻪ ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻟﻠﻘﻮى اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ ﻣﻦ ﺗﻌﺬﻳﺐ وﻣﻼﺣﻘﺎت .ﻳﻬﻤﻪ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻻﺧﻮاﻧﻲ ﺳﻴﻨﻔﺬ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻬﺎ ﺗﺠﺎه اﻟﻐﺮب واﺳﺮاﺋﻴﻞ. وﺑﻤﺎ أن اﻻﺧﻮان ﻳﺴﻴﻄﺮون ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻟﻴﺲ اﻟﻨﺨﺐ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﳌﺜﻘﻔﺔ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻧﺠﺮﺑﻬﻢ وﻟﻮ ﳌﺮة واﺣﺪة؟ ﻳﻀﺎف اﻟﻰ ذﻟﻚ أن اﻻﺧﻮان ﻫﻢ اﻟﻘﺎدرون ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺠﻴﻢ »اﻟﻘﺎﻋﺪة« وﺳﻮاﻫﺎ وﻟﻴﺲ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﻮن اﳌﺼﺮﻳﻮن أو اﻟﻌﺮب .ﻻ ﻳﻔﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪ اﻻ اﻟﺤﺪﻳﺪ! ﺷﻴﺦ واﺣﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت أﻗﻮى ﻣﻦ ﻛﻞ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﻌﺮب! ﻣﻦ ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﳌﻘﺪﺳﺔ. وﻣﻦ ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﳌﻘﺪﺳﺔ ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ واﳌﺨﺎﺑﺮات واﻷﺟﻬﺰة .ﻧﻘﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻄﺮ .ﻛﻞ اﻟﺪﻻﺋﻞ ﺗﺸﻴﺮ اﻟﻰ أن اﻻﺧﻮان ﻗﺒﻠﻮا ﺑﺎﻟﺼﻔﻘﺔ .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﻢ ﺳﻴﻄﺒﻘﻮن ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻀﺎدة ﻟﻘﻨﺎﻋﺎﺗﻬﻢ، ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ .ﺑﻞ وﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺳﻮف ﻳﻀﻄﺮون ﻟﻠﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻃﺮوﺣﺎﺗﻬﻢ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺼﻄﺪﻣﻮا ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﳌﺮ واﻛﺮاﻫﺎﺗﻪ. وﻫﺬه أﺷﻴﺎء ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﻫﻮ ﻓﻲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﺑﺎﳌﺰاﻳﺪات اﻟﺪﻳﻤﺎﻏﻮﺟﻴﺔ واﻟﻜﻼم اﻟﺴﻬﻞ .وﻫﻨﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﻣﻜﺮ اﻟﻌﻘﻞ أو ﻣﻜﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻴﻐﻞ .اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺪ ﻳﺘﻘﺪم ﻣﻦ أﺑﻮاﺑﻪ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ. ﻓﻠﻤﺎذا اذن ﻧﻠﻮم اﳌﺴﺆوﻟﲔ اﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ؟ ﻻ أرﻳﺪ ﺑﻬﺬا اﻟﻜﻼم أن أﺑﺮر اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ، وﻟﻜﻦ أرﻳﺪ أن أﻓﻬﻢ ﻓﻘﻂ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ .ﻛﺎن ﺳﺒﻴﻨﻮزا ﻳﻘﻮل ﻋﺒﺎرﺗﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة :اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ أو اﻟﺒﻜﺎء ،واﻧﻤﺎ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ .ﻗﺒﻞ أن ﻧﺪﻳﻦ أو ﻧﺴﺘﺤﺴﻦ ،ﻗﺒﻞ أن ﻧﻐﻀﺐ أو ﻧﺴﺘﻨﻜﺮ ،ﻟﻨﺤﺎول أوﻻ أن ﻧﻔﻬﻢ .ﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ :ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻔﻬﻢ اﻟﻘﻮاﻧﲔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﺸﺮي وﺑﺎﻷﺧﺺ
»ﺣﻮر ﻣﺤﺐ« اﺧﺮ ﻓﺮاﻋﻨﺔ ﻣﺼﺮ ،ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ »أﺗﻮم« اﳌﻌﺒﻮد ﻣﻘﺪﻣﺎ ﻟﻪ اﻟﻘﺮاﺑﲔ، وأﺷﺘﻬﺮ ﺣﻮر اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻻﺳﺮة اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮ ،ﺑﺎﻟﺼﺮاﻣﺔ واﻻﻧﻀﺒﺎط ﻣﻦ ،وﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻧﺘﺼﺎرات ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ واﺳﻌﺔ اﻋﺎدت ﳌﺼﺮ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ اﻓﺘﻘﺪﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﺧﻨﺎﺗﻮن ،وﻣﻊ ﺷﺪﺗﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺧﻠﻒ اﻟﻔﺮﻋﻮن اﻷﺧﻴﺮ ﺗﺮاﺛﺎ راﺋﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺎرة واﻻدب وﻓﻨﻮن اﳌﻌﺎرك اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ
,,
ﻛﺎن ﺳﺒﻴﻨﻮزا ﻳﻘﻮل ﻋﺒﺎرﺗﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة :اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ أو اﻟﺒﻜﺎء وإﻧﻤﺎ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ .ﻗﺒﻞ أن ﻧﺪﻳﻦ أو ﻧﺴﺘﺤﺴﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻧﻐﻀﺐ أو ﻧﺴﺘﻨﻜﺮ ﻟﻨﺤﺎول أوﻻ أن ﻧﻔﻬﻢ
,,
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
9
شؤون سياسية
ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺮاﻗﺐ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺣﺪاث اﻟﻴﻮم ،ﻳﻼﺣﻆ أن أﻛﺒﺮ اﳌﺘﻤﺤﺴﲔ ﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺎت »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« أﺻﺒﺤﻮا ﻣﻦ ﻣﻨﺘﻘﺪﻳﻬﺎ اﻷﺷﺎوس .وﻻ أﺗﺤﺪث ﻫﻨﺎ إﻻ ﻋﻦ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﻌﺮب .أﻣﺎ اﳌﺜﻘﻔﻮن اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن واﻷﺟﺎﻧﺐ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻓﻴﺴﺘﺤﻘﻮن دراﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ.
»اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ..ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺒﺪ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮ إﻟﻰ اﳌﺴﺘﺒﺪ اﻟﻈﻼﻣﻲ
ﺧﺮﻳﻒ أﺻﻮﻟﻲ ﺑﻘﻠﻢ: ﻫﺎﺷﻢ ﺻﺎﻟﺢ
,,
ﻛﻠﻨﺎ أﻋﺠﺒﻨﺎ ﺑﻬﺬه اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺎت اﻟﺮﺑﻴﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎرﻣﺔ ﺿﺪ أﻧﻈﻤﺔ ﻫﺮﻣﺔ ودﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺒﲔ أن اﻹﺧﻮان رﻛﺒﻮا اﳌﻮﺟﺔ وﺻﺎدروا اﻟﺜﻮرة ﺧﻒ ﺣﻤﺎﺳﻨﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﺑﻞ واﻧﻘﻄﻊ
,,
8
ﻧﻀﺮب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻋﻼء اﻷﺳﻮاﻧﻲ .ﻓﻘﺪ أﺻﺪر ﻣﺆﺧﺮا ﻧﺼﺎ ﺟﺬاﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺧﻴﺒﺔ أﻣﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻼﺧﻮان واﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺮﺳﻲ )ﺣﻮار ﻏﺎﺿﺐ ﻓﻲ اﳌﻘﻄﻢ.ﺟﺮﻳﺪة اﳌﺼﺮي اﻟﻴﻮم ﻋﺪد .(٤٫٣٫٢٠١٣وﻧﻠﻤﺢ ﻣﻨﻪ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. ﺑﻠﻰ ﻗﺪ ﺗﻐﻴﺮ :وﻟﻜﻦ ﻧﺤﻮ اﻷﺳﻮأ واﻷﺧﻄﺮ :ﻓﻘﺪ ﺣﻠﺖ دﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ دﻳﻨﻴﺔ ﻣﺤﻞ دﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻗﻤﻊ اﻟﻨﺎس وﻣﺮاﻗﺒﺘﻬﻢ ﻇﻠﺖ ﻫﻲ ﻫﻲ أو رﺑﻤﺎ ﺗﻔﺎﻗﻤﺖ .اﻟﻔﺮق اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ أن أﺟﻬﺰة اﳌﺨﺎﺑﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻼﺣﻖ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﺴﻠﻤﻴﲔ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻠﺘﺤﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ! وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﺎرس ﻋﻠﻰ ﻗﺎدة اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ وأﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻧﻔﺲ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ اﻟﺠﺴﺪي ﻓﻲ اﻷﻗﺒﻴﺔ اﻟﺴﺮﻳﺔ .ﺑﻞ وﺗﻨﺘﻬﻚ ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺠﻞ ﻓﻴﺨﺮﺟﻮن ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺬﻟﻮﻟﲔ ،ﻣﻜﺴﻮرﻳﻦ اﻟﻰ اﻷﺑﺪ .ﻓﺠﺮأة اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺧﻮاﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺘﻞ أﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ،ﻻﻋﺘﻘﺎده ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ ﻓﻮق ﺑﺸﺮﻳﺔ! أﻋﺘﺮف ﺑﺄن ﺣﻤﺎﺳﺔ ﻋﻼء اﻷﺳﻮاﻧﻲ ﻟﻠﺜﻮرة ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ أن ﻇﻬﺮ واﺿﺤﺎ أن اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺳﻴﻘﻄﻔﻮن ﺛﻤﺮﺗﻬﺎ أدﻫﺸﺘﻨﻲ وﺣﻴﺮﺗﻨﻲ .وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻗﻠﺖ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﲔ ﻧﻔﺴﻲ :ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﻜﻮن رواﺋﻴﺎ ﻛﺒﻴﺮا دون أن ﻳﻜﻮن ﻣﻔﻜﺮا ﻛﺒﻴﺮا ﺑﺎﻟﻀﺮورة .ﺑﻠﺰاك ﻟﻴﺲ دﻳﻜﺎرت وﻻ ﻓﻮﻟﺘﻴﺮ وﻻ ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳﻮ ..ﻧﻌﻢ ﺗﺴﺎءﻟﺖ :ﻫﻞ ﻳﻌﻘﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ اﳌﺒﺪع ﺳﺎذﺟﺎ ﻓﻜﺮﻳﺎ وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ اﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ؟ أﻻ ﻳﺮى اﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ أﻧﻔﻪ؟ أﻻ ﻳﺮى اﻟﻰ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺰاﺣﻒ واﳌﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺜﻮرة؟ أﻻ ﻳﺮى أﻧﻬﺎ اﻧﻘﻠﺒﺖ ﻋﻠﻰ ذاﺗﻬﺎ وﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻰ ﺛﻮرة ﻣﻀﺎدة؟ وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ اﻟﻮﺣﻴﺪ! ﻣﺜﻘﻔﻮن ﻛﺜﻴﺮون آﺧﺮون وﻗﻌﻮا ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺦ .ﻓﻠﻤﺎذا أﻟﻘﻲ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻴﻪ وﺣﺪه؟ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﻓﺨﺮا أﻧﻪ اﺳﺘﻔﺎق وﻋﺎد اﻟﻰ ﻣﻌﺪﻧﻪ اﻷﺻﻴﻞ :ﻣﻨﺎﺿﻼ ﺻﻠﺒﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ. وذﻛﺮﻧﻲ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ ﺑﻨﻲ ﺻﺪر وﺑﻘﻴﺔ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﻴﺴﺎرﻳﲔ واﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﲔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻤﺴﻮا ﻟﻠﺨﻤﻴﻨﻲ وﻓﻌﻠﻮا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻟﻜﻲ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﺳﺪة اﻟﺴﻠﻄﺔ. وﻣﺎ ان وﺻﻞ واﺳﺘﺘﺒﺖ ﻟﻪ اﻷﻣﻮر ﺣﺘﻰ ﻧﺒﺬﻫﻢ واﺣﺘﻘﺮﻫﻢ ،إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﺠﻨﻬﻢ وﻧﻔﺎﻫﻢ أو ﻗﻞ ﻧﻔﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻫﺮﺑﻮا .وﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﻟﻬﺮب ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻆ اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،دﻓﻊ اﻟﺜﻤﻦ ﺑﺎﻫﻈﺎ ..ﻟﻨﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮر ﻫﻨﺎ :ﻛﻠﻨﺎ ﺗﺤﻤﺴﻨﺎ ﻟﻠﺜﻮرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﺑﺎن اﻧﺪﻻﻋﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ،وأﻋﺠﺒﻨﺎ ﺑﺎﻟﺸﺒﺎب واﻟﺸﺎﺑﺎت اﻟﺬﻳﻦ دﺷﻨﻮﻫﺎ وﻓﺘﺤﻮا ﺻﺪورﻫﻢ ﻋﺎرﻳﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ .ﻛﻠﻨﺎ أﻋﺠﺒﻨﺎ ﺑﻬﺬه اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺎت اﻟﺮﺑﻴﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎرﻣﺔ ﺿﺪ أﻧﻈﻤﺔ ﻫﺮﻣﺔ ودﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ .وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺒﲔ أن اﻹﺧﻮان رﻛﺒﻮا اﳌﻮﺟﺔ وﺻﺎدروا اﻟﺜﻮرة ﺧﻒ ﺣﻤﺎﺳﻨﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﺑﻞ واﻧﻘﻄﻊ. أﻣﺎ ﺑﻌﺾ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻘﺪ ﻇﻠﻮا ﻣﺘﺤﻤﺴﲔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﻟﺨﻂ ،ﺑﻞ ورﺑﻤﺎ اﻧﺘﺨﺒﻮا اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻻﺧﻮاﻧﻲ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ وﺻﻮل أﺣﻤﺪ ﺷﻔﻴﻖ اﻟﻰ ﺳﺪة اﻟﺴﻠﻄﺔ! وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻘﺪ ﺗﺄﺧﺮوا ﻓﻲ اﻻﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ وﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ. ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺤﺼﻞ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ اﻟﻮﺣﺸﻲ ﻟﻠﺜﻮار اﻟﺬﻳﻦ دﺷﻨﻮا اﻟﺜﻮرة ﻟﻜﻲ ﻳﻐﻴﺮوا ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ .ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺮوا ﺑﺄم أﻋﻴﻨﻬﻢ ﻋﻮدة اﳌﻤﺎرﺳﺎت اﻻﺳﺘﺨﺒﺎراﺗﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻨﻘﻠﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻫﻲ
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻓﻲ ﻃﻮر اﻟﺘﺸﻜﻞ واﻻﻣﺴﺎك ﺑﺰﻣﺎم اﻷﻣﻮر ﺑﻜﻞ ﺣﺰم وﺣﺴﻢ.
ﺛﻮرات رﺟﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﺤﺮﻳﺮﻳﺔ: ﳌﺎذا ﻳﻤﺸﻲ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﺑﺎﳌﻘﻠﻮب؟ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ﻳﺎ ﺗﺮى؟ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺪرﻛﻮا ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﺣﺠﻢ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺬي ﺗﻤﺜﻠﻪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ .أﻋﺘﻘﺪ ﺷﺨﺼﻴﺎ أن اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻟﻌﺮب ،ﻻ ﻳﻌﺒﺄون ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ .ﺑﻞ وﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻬﺎ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ .وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﻴﲔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ .ﺑﻞ وﺑﻠﻎ اﻟﺨﻠﻞ اﻟﻔﻜﺮي ﻣﺒﻠﻐﻪ وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸﻮش اﻟﺮؤﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺒﻬﻮا اﻟﺜﻮرة اﳌﺼﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ! ﻫﺬا ﻓﻲ ﺣﲔ أﻧﻬﺎ ﻧﺴﺨﺔ ﻃﺒﻖ اﻷﺻﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ اﻻﻳﺮاﻧﻴﺔ .ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺻﻠﻰ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺑﺎﻹﻳﺮاﻧﻴﲔ وﻋﺎد ﻣﻈﻔﺮا اﻟﻰ ﻋﻦ اﻟﺜﻮرة ّ ﻃﻬﺮان ،أﻟﻢ ﻳﺼﻞ اﻟﻘﺮﺿﺎوي ﺑﺎﳌﺼﺮﻳﲔ وﻋﺎد ﻣﻈﻔﺮا أﻳﻀﺎ اﻟﻰ ﻣﻴﺪان اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ؟ وﻻ ﻋﺠﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﺎﻟﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﻏﻴﺮ ﻋﺮﺑﻴﺔ ،ﻟﻢ ﺗﺘﺠﺎوز ﺑﻌﺪ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺮوﺳﻄﻴﺔ ﻛﺮؤﻳﺔ راﺳﺨﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ. وﻣﻌﻠﻮم أن أوﻏﺴﺖ ﻛﻮﻧﺖ ﻗﺴﻢ اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺒﺸﺮي اﻟﻰ ﺛﻼث ﻣﺮاﺣﻞ :اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﻐﻴﺒﻴﺔ اﻻﺳﺘﻼﺑﻴﺔ ،ﻓﺎﳌﺮﺣﻠﺔ اﳌﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ وﻫﻲ أﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ،وأﺧﻴﺮا اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ وﻫﻲ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﻮﻋﻲ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﺒﺸﺮي .وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻠﺖ اﻟﻴﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت أوروﺑﺎ اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ واﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ وﻫﺰﻳﻤﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺆﻛﺪ ﻻ ﻣﺮﺟﻮع ﻋﻨﻪ .أﻳﻦ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ؟ ﻫﻴﻬﺎت! ﻫﻢ ﻳﺪﺷﻨﻮن ﺛﻮرات ﺗﻘﻄﻊ ﻣﻊ اﳌﺎﺿﻲ اﳌﺘﺨﻠﻒ وﺗﻘﺬف ﺑﻬﻢ اﻟﻰ اﻷﻣﺎم ،وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮم ﺑﺜﻮرات ﺗﺮﺟﻊ ﺑﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻮراء! ﻟﻘﺪ ﺧﺪﻋﺘﻨﺎ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻔﻮﻳﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ واﻟﻌﺎرﻣﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻹﺧﻮان ﻗﺪ اﻟﺘﺤﻘﻮا ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻈﻨﻨﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺪﻧﻴﺔ ،ﺣﺪﻳﺜﺔ ،ﺗﺤﺮﻳﺮﻳﺔ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ان اﻟﺘﺤﻘﻮا ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺪة أﻳﺎم ﻣﻦ اﻧﺪﻻﻋﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ واﺿﺤﺎ أﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﺛﻮرة ﺗﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ،وإﻧﻤﺎ ارﺗﻜﺎﺳﻴﺔ ﻻﻫﻮﺗﻴﺔ ﺛﻴﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ .واﻵن أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﻠﻮم أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﻘﺪت ﺻﻔﻘﺔ ﻣﻊ اﻷﺧﻮان ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺜﻮرة واﻟﺜﻮار اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﲔ.
ﳌﺎذا ﺗﺪﻋﻢ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ؟ ﻏﻀﺐ ﺟﻤﻴﻠﺔ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻧﻈﺮوا ﺑﻬﺬا اﻟﺼﺪد ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﻬﺘﻬﺎ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﳌﺤﺘﺮﻣﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ اﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻟﻰ اﻟﻮزﻳﺮ ﺟﻮن ﻛﻴﺮي ،أﺛﻨﺎء ﻣﺮوره اﻷﺧﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة. واﻟﺴﻴﺪة اﳌﺬﻛﻮرة ﻣﺜﻘﻔﺔ ﻗﻴﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮر ،اﻟﺬي ﻳﺮأﺳﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺮادﻋﻲ .ﻻ رﻳﺐ ﻓﻲ أن ﻛﻼﻣﻬﺎ دﻗﻴﻖ واﺗﻬﺎﻣﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ .وأﻧﺎ ﻣﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ .وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ
اﻟﻜﺘــﺎب اﳌﺴــﺎﻫﻤـﻮن ﰲ ﻫـﺬا اﻟﻌـﺪد د .ﻣﺤﻤﺪ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﺮﻣﻴﺤﻲ :أﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ .ﻗﺪم ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻋﺪة ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻮاﺿﻴﻊ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،وﺷﻐﻞ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ وﻣﺴﺎﻋﺪ ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ .أﺷﺮف ﻋﻠﻰ رﺋﺎﺳﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺻﺤﻒ وﻣﺠﺎﻟﺖ ﻋﺪة وﻛﺎن أﺳﺲ ورأس ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺔ دراﺳﺎت اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ إﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ دراﺳﺎت اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ.
أﻣﻴﺮ ﻃﺎﻫﺮي :ﻛﺎﺗﺐ وﻣﺤﻠﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ إﻳﺮاﻧﻲ ﺧﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وﻫﻮ ﻣﺤﺮر ﻣﺸﺎرك ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺘﻲ »ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺑﻮﺳﺖ« و»ﻧﺎﺷﻴﻮﻧﺎل رﻳﻔﻴﻮ« وﻳﻜﺘﺐ أﻳﻀﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺘﻈﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻣﺜﻞ »دﻳﺮ ﺷﺒﻴﻐﻞ« اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ و»اﻟﺪﻳﻠﻲ ﺗﻴﻠﻐﺮاف« اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ و»ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ« وﺟﺮﻳﺪة »اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ«.
ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻤﻴﻢ :ﻛﺎﺗﺐ وﺻﺤﺎﻓﻲ وﻧﺎﻗﺪ وﻣﺆرخ ﺳﻌﻮدي ﻋﻤﻞ ﺻﺤﺎﻓﻴﴼ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ،زاول اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺘﻲ :اﻟﻴﻮم ،واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .ﻋﻤﻞ ﺻﺤﺎﻓﻴﴼ ﻣﺘﻔﺮﻏﴼ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة »اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ« .ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ »ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ :آراء ﻓﻲ اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﺼﺤﻮة وﻓﻲ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ واﻟﻴﺴﺎر« و»ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﻨﻔﻴﺴﻲ :اﻟﺮﺟﻞ ،اﻟﻔﻜﺮة ،اﻟﺘﻘﻠﺒﺎت :ﺳﻴﺮة ﻏﻴﺮ ﺗﺒﺠﻴﻠﻴﺔ«. د .ﻫﺎﺷﻢ ﺻﺎﻟﺢ :ﻛﺎﺗﺐ ﺳﻮري ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة اﻟﺪﻛﺘﻮراة ﻓﻲ اﻵداب ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺴﻮرﺑﻮن ﻋﺎم .١٩٨٢ﻳﺴﺎﻫﻢ ﺑﻜﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻧﻘﻞ أﻋﻤﺎل اﳌﻔﻜﺮ اﻟﺠﺰاﺋﺮي اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ أرﻛﻮن إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻔﻜﺮ اﻷﻧﻮار اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻷوروﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﺘﺐ ﻋﺪة ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ :ﻣﺪﺧﻞ اﻟﻰ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻻوروﺑﻲ ،ﻣﻌﺎرك اﻟﺘﻨﻮﻳﺮﻳﲔ واﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،اﻻﻧﺴﺪاد اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ.
ﻣﺸﺎري اﻟﺬاﻳﺪي :ﻛﺎﺗﺐ ﺻﺤﺎﻓﻲ وﻣﺤﻠﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺳﻌﻮدي ﻟﻪ اﺳﻬﺎﻣﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وﺻﺎﺣﺐ ﻣﻘﺎل أﺳﺒﻮﻋﻲ ﺑﺠﺮﻳﺪة »اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ« وأﻋﻤﺎﻟﻪ ﺗﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﻛﺒﺮﻳﺎت اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
7
المحتوى
»اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ..ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺒﺪ اﳌﺴﺘﻨﻴﺮ إﻟﻰ اﳌﺴﺘﺒﺪ اﻟﻈﻼﻣﻲ
ﺧﺮﻳﻒ أﺻﻮﻟﻲ
ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﺳﻘﻮط ﺻﺪام ..اﻟﻌﺮاق إﻟﻰ اﻳﻦ؟
ﺛﻮرة اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ اﻟﺒﻴﻀﺎء
ﻫﻞ اﻧﻄﻔﺄت ﺷﻌﻠﺔ »اﻟﺮﺑﻴﻊ«؟
ﺣﻠﻢ ﻣﺰﻋﺞ
24 اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ إﻳﺮان ..اﻟﺠﻮاب :ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﺧﺎﻃﺮات ﺣﻮل ﺗﺴﻤﻴﺎت أوروﺑﻴﺔ وأﻣﻴﺮﻛﻴﺔ وﺷﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗﺴﻠﻠﺖ إﻟﻰ ﻗﺎﻣﻮس اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ
ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻟﻔﺎظ واﳌﻔﺮدات
اﻟﺮﻛﻮد واﻷزﻣﺎت ﻳﺤﻴﻄﺎن ﺑﻤﻬﺪ »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ«
ﺗﻮﻧﺲ ..أﺣﺰان ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة 6
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻋﻤﺎﻣﺔ أم ﻗﺒﻌﺔ أم ﻛﺎب
www.majalla.com
Al Majalla
ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌــــــﺮب اﻟﺪوﻟﻴﺔ
ﻣـﺠـﻠـــﺔ ﺍﻟـﻌــــــــﺮﺏ ﺍﻟـﺪﻭﻟـﻴــــﺔ
االفتتاحية
رساله المحرر ﻫﻞ ﺳﻴﻜﻮن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻹﻳﺮاﻧﻲ اﳌﻘﺒﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﻋﻤﺎﻣﺔ أم ﻗﺒﻌﺔ أم ﺣﺎﺳﺮ اﻟﺮأس ﻛﺎﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﺎﻟﻲ؟ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻋﻠﻰ ”اﳌﺮﺷﺪ اﻷﻋﻠﻰ“ ﻓﻲ إﻳﺮان آﻳﺔ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪه ﻗﺒﻞ اﻧﻄﻼق اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﺗﺠﺮى ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( اﳌﻘﺒﻞ. ﺗﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ ،أول اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .ﻓﺒﻌﺪ دورﺗﲔ رﺋﺎﺳﻴﺘﲔ أﺟﺒﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﳌﺮﺷﺪ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻣﺤﻤﻮد أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ،ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ ٢٠١٣أن ﻳﺨﺘﺎر اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪه ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ. ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻐﻼف وﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ”ﻋﻤﺎﻣﺔ أم ﻗﺒﻌﺔ أم ..ﻛﺎب؟“ ،ﻳﺒﺤﺚ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻹﻳﺮاﻧﻲ أﻣﻴﺮ ﻃﺎﻫﺮي ﻓﻲ دور اﳌﺮﺷﺪ وﻫﻴﻤﻨﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ إﻳﺮان اﳌﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺒﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻓﺘﺮة رﺋﺎﺳﺔ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ،اﻟﺬي ﺳﺎءت ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﳌﺮﺷﺪ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺘﺼﺎدم. ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎت ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻮذ ،ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻟﻪ ﻛﻠﻤﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎب ﻋﻠﻲ أﻛﺒﺮ ﻫﺎﺷﻤﻲ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ رﺋﻴﺴﺎ .وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻊ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻪ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﺗﻤﻲ ،ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺧﻠﻴﻔﺘﻪ. ﻓﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠٥ﺣﺎول ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﺑﻨﻪ ﻣﺠﺘﺒﻰ ،اﻟﺪﻓﻊ إﻟﻰ اﻧﺘﺨﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﻗﺮ ﻗﺎﻟﻴﺒﺎف رﺋﻴﺲ اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ .وﻓﺸﻠﺖ اﻟﺨﻄﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺼﻮل ﻗﺎﻟﻴﺒﺎف ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﻣﻦ ٥ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات ﻓﻲ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﻟﻰ .وأﺻﺒﺢ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻣﺠﺒﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ دﻋﻢ ﺗﺮﺷﻴﺢ ﻣﺤﻤﻮد أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﳌﻨﻊ رﻓﺴﻨﺠﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻓﺘﺮة رﺋﺎﺳﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ. ﻓﻲ ﻋﺎم ،٢٠٠٩أﺟﺒﺮ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ،ﻟﻴﻤﻨﻊ ﻣﻴﺮ ﺣﺴﲔ ﻣﻮﺳﻮي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻤﺜﻞ ﻟﻪ ﻛﺎﺑﻮﺳﺎ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻘﺪﻳﻦ .ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع آﺧﺮ وﻓﻲ دراﺳﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻌﻨﻮان ”ﺧﺎﻃﺮات ﺣﻮل ﺗﺴﻤﻴﺎت أوروﺑﻴﺔ وأﻣﻴﺮﻛﻴﺔ وﺷﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗﺴﻠﻠﺖ إﻟﻰ ﻗﺎﻣﻮس اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ“ ،ﻳﺒﺤﺚ اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺴﻌﻮدي ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻤﻴﻢ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻟﻔﺎظ واﳌﻔﺮدات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻠﻠﺖ ﻃﻮاﻋﻴﺔ أو ﻛﺮاﻫﺔ أو ﻛﺎن ﻣﺨﻄﻄﺎ ﻟﻬﺎ ،إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻴﺒﺪأ ﻋﺼﺮ اﻟﻐﺰو اﻟﻔﻜﺮي أو اﻟﻐﺰو ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ. أﻣﺎ أﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮﻣﻴﺤﻲ ﻓﻴﺘﺴﺎءل ،إن ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻌﻠﺔ ”اﻟﺮﺑﻴﻊ“ ﻗﺪ اﻧﻄﻔﺄت ﻟﻴﺘﺤﻮل اﻷﻣﻞ إﻟﻰ ﺣﻠﻢ ﻣﺰﻋﺞ .ﻳﻘﻮل اﻟﺮﻣﻴﺤﻲ إن اﻷوﺿﺎع ﻓﻲ ﺑﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺜﻮرات ”ﻻ ّ ﺗﺴﺮ“ ،وﻳﺮى أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ دﻟﻴﻞ ﻣﻘﻨﻊ ﻋﻠﻰ أن دول ”اﻟﺮﺑﻴﻊ“ ﻗﺪ ﻃﺎﻟﻬﺎ اﻟﺴﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،أو اﳌﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،أو اﻟﺤﻮﻛﻤﺔ اﻟﺮﺷﻴﺪة ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺴﻦ ﻓﻲ اﳌﻌﻴﺸﺔ ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﳌﺮﺗﺠﺎة. ﻧﺪﻋﻮك ﻋﺰﻳﺰي اﻟﻘﺎرئ ﻟﻘﺮاءة ﻫﺬه اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت وﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻌﻨﺎ ، majalla.comوﻧﺮﺣﺐ داﺋﻤﺎ ﺑﺂراﺋﻚ ،وﻧﺪﻋﻮك ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت أو اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻨﺎ ،إذا رﻏﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻌﻨﺎ.
المحرر
4
المجلة /العدد 1582ابريل -نيسان 2013
ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ
عبد اهلل الر�شيد ﺳﻜﺮﺗﲑ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
م�شطفى الد�شوقي
للمشاركة
إلرسال مقاالت أو آراء يرجى المراسلة على البريد اإللكتروني editorial@majalla.comملحوظة :جميع المقاالت يجب أال تزيد على 800كلمة
اشتراكات
لالشتراك في الطبعة الرقمية ،يرجى االتصال بـ subscriptions@majalla.com :لالشتراك في االلكترونيةwww.issuu.com/majalla : حقوق النشر محفوظة لمجلة المجلة 2009التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (المملكة المتحدة) شركة محدودة .وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة المجلة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون الحصول على تصريح مسبق من الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة) .وتصدر المجلة شهرياً .لتلقي استفسارات االشتراك الرقمي ،يرجى زيارة www.majalla.com
issue 1582 - April 2013
العدد 1582ابريل -نيسان 2013 الرياض -حي المؤتمرات -طريق مكة -تقاطع التخصصى
مرخص لها
الرياض :هاتف - 4419933لندنA Monthly Political News Magazine +44 207 831 8181 :
www.majalla.com/eng
HH Saudi Research and Marketing )UK( Ltd Arab Press House, 184 High Holborn, London WC1V 7AP Tel: +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310
الوكيل اإلعالني
موقع إلكتروني ،www.alkhaleejiah.com :بريد إلكترونيhq@alkhaleejiah.com :
وكيل اإلشتراكات
بريد إلكتروني ، info@arabmediaco.com :موقع إلكتروني ،www.arabmediaco.com :هاتف مجاني800-2440076 :
وكيل التوزيع مركز الطباعة
من داخل المملكة ،920 000 417 :دبي ،+9714 3 914440 :باريس ، +331 537 764 00:لندن ، +44 207 404 6950:ومن مختلف الدول +966 1 441 1444 :
وكيل التوزيع في المملكة العربية السعودية حي المؤتمرات -ص.ب - 62116الرياض ،11585هاتف +966 1 4419933 :فاكس،+966 1 2121774 : موقع إلكترونيwww.saudidistribution.com : ص.ب - 121 .الرياض ،11383هاتف ،+9661.2657000فاكس ،+9661.2658000موقع إلكترونيwww.halaprintco.com :
شركات المجموعة Saudi Specialized Publishing Company
حقوق التوزيع لهذه المطبوعات محفوظة
لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم»
حقوق النشر لهذه المطبوعات باللغة العربية مرخصة «المجلة»
للحصول على المزيد من المعلومات ،يرجى اإلتصال على الهاتف المجاني 8002440014
AN AMERICAN EDUCATION A BRITISH SETTING A GLOBAL FUTUR E A Since the 1970’s Richmond has been educating leading Middle Eastern families. Richmond’s unique style of personalised higher education ensures that students leave us with a dually accredited degree, that is recognised in the UK, the USA and worldwide.
+44 20 8133 2877 • enroll@richmond.ac.uk Visit www.richmond.ac.uk/al-majalla today to download our catalog and viewbook.
العدد 1582ابريل -نيسان 2013
مجلة العرب الدولية شهرية سياسية
تأسست في لندن عام 1980
علي العميم :ت�سميات اوروبية وامريكية و�سيوعية ت�سللت اإىل قامو�س اال�سالميني حممد الرميحي :تغري احلكام وقواعد اللعبة مل تتغري ..االأقلية املنظمة ها�سم �سالح :الربيع العربي ..من امل�ستبد املنري اإىل امل�ستبد الظالمي
ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪد اﺳـﺘﺨـﺪم ﻫﺎﺗﻔــﻚ اﻟ ــﺬﻛﻲ ﻟـﻤــﺴﺢ ﻫـ ـ ــﺬا اﻟـ ــﺮﻗـ ـ ـ ــﻢ 04
ISSN 1319-0873
9 771319 087013
issue 1582 - April 2013
www.majalla.com