issue1533 Arabic

Page 1

‫اتصاالت خطرة‬ ‫الحوثيون في اليمن‬ ‫د‪ .‬ريتشارد وايتز‬

‫التعليم المتميز حجر‬ ‫الزاوية لالقتصاد القوي‬ ‫دانيال كابريلي‬

‫الجار المتطفل‬ ‫ايران في العراق‬ ‫مانويل ألميدا‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫نهاية عصر الجهاد‬ ‫ثالثـون عاما بعد احتالل الحرم‬ ‫بقلم‬ ‫جان بيير فيليو‬

‫العدد ‪ 20 ،1533‬نوفمبر ‪2009‬‬




‫اإلفتتاحية‬

‫الغالف‬

‫أسسهــا سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫أسسهــا هشام ومحمد علي حافظ‬

‫أعزائي القراء‬ ‫رئيس التحرير‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬ ‫المدير العام‬

‫طارق القين‬

‫الشركة السعودية لألبحاث والنشر‬ ‫‪www.srpc.com‬‬ ‫‪The Majalla Magazine‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing‬‬ ‫‪(UK) Limited Arab Press House‬‬ ‫‪182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP‬‬ ‫‪DDI: +44 (0)20 7539 2335/2337,‬‬ ‫‪Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬

‫مرحبا ً بكم ضيوفا ً على عدد هذا األسبوع من النسخة الرقمية‬ ‫لمجلة «المجلة» ‪ .‬نعرض لكم في هذا العدد رؤية تحليلية لحادثة‬ ‫اقتحام الحرم المكي قبل ثالثين عاما ‪ ،‬وكيف كان هذا الحدث نقطة‬ ‫االنطالق لتحليل تطور الجهاد كحركة سياسية‪ .‬وقمنا بتوجيه الدعوة‬ ‫إلى الكاتب جين بير فيليو األستاذ بمعهد العلوم السياسية في باريس‬ ‫والحائز على إحدى الجوائز العالمية لتقييم دور الجهاد على مدى‬ ‫الثالثين عاما الماضية‪ .‬وأوضح فيليو كيف تسببت المحاوالت‬ ‫الجديدة للجهاد في إحداث أزمة داخل القاعدة‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬أن‬ ‫الكاتب سلط الضوء على فشل هذا التكتيك في الترويج لثورة عالمية‪.‬‬ ‫واستكماال لمقال األستاذ فيليو‪ ،‬قمنا باستضافة اربعة من‬ ‫الخبراء في الشأن السياسي لتناول تأثير حركة جهيمان على‬ ‫المجتمع السعودي ‪ .‬وقد قدم كل من د‪.‬تركي الحمد والكاتب‬ ‫منصور النقيدان ود‪.‬علي الخشيبان والكاتب خالد المشوح إجابات‬ ‫شافية علي التساؤالت التي تدور بأذهاننا حول هذا الموضوع ‪.‬‬ ‫لذا ندعوكم إلى قراءة هذا الملف وغيره على موقعنا اإللكتروني‪.‬‬ ‫وكالعادة فإننا نرحب بتقييمكم وندعوكم إلى كتابة تعليقاتكم على موقع‬ ‫المجلة أو االتصال بنا إذا كانت لديكم الرغبة في النشر لدينا‪.‬‬ ‫مع أطيب التمنيات‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬


‫كاريكاتير‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫‪05‬‬


‫المحتـوى‬

‫‪25‬‬

‫‪ 08‬جيوبوليتيكا‬ ‫اتصاالت خطرة‬

‫‪ 11‬الموجز‬ ‫حول العالم‬ ‫قالوا‬ ‫بانوراما الصحافة‬ ‫رسائل‬

‫‪ 18‬قصة الغالف‬ ‫نهاية عصر الجهاد‬

‫‪ 25‬وثائق سرية‬

‫وثائق الـ ‪ CIA‬عن حركة جهيمان‬

‫‪ 31‬أكثر من رأي‬

‫كيف اهتز الوجدان الديني‬ ‫إدارة التحرير‬

‫مدير مكتب لندن‬ ‫مانويل أمليدا‬ ‫مدير مكتب القاهرة‬ ‫احمد أيوب‬ ‫احملـــررون‬ ‫ستيفن جلني‬ ‫بوال ميجا‬ ‫دينا وهبه‬ ‫وسام شريف‬ ‫سكرتيرة التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫مدير املوقع اإللكتروني‬ ‫محمد صالح‬ ‫الترجمة‬ ‫شريف عكاشة‬

‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪06‬‬


‫‪ 36‬أفكار‬

‫أزمات مستعصية‬

‫‪ 41‬شخصيات‬ ‫بروفايل ‪ -‬جهيمان‬ ‫والبيعة المحرمة‬ ‫حوار ‪ -‬خطيئة جهيمان‬

‫‪ 49‬االقتصاد‬ ‫اقتصاد عالمي‪ -‬التعليم المتميز‬ ‫حجر الزاوية لالقتصاد القوي‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫العدد ‪ 20 ،1533‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫للمشاركة‬ ‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى المراسلة على‬ ‫البريد اإللكتروني‬

‫‪editorial@majalla.com‬‬

‫ملحوظة‪ :‬جميع المقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫اإلعالن‬ ‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجي االتصال بـ‪:‬‬

‫المستثمر العالمي ‪ -‬الحكومات‬ ‫تلجأ إلى سوق السندات‬

‫‪ 57‬إصدارات‬ ‫كــــتب‬ ‫قراءات‬ ‫تقارير‬

‫اشتراكات‬

‫‪ 62‬المقال السياسي‬ ‫الجار المتطفل‬ ‫مكتب المملكة العربية السعودية‬ ‫الرياض‪-‬الشركة السعودية لألبحاث والتسويق‬ ‫شارع التخصصى‪-‬تقاطع طريق مكة‪-‬حى المؤتمرات‬ ‫ص‪-‬ب‪ 478 :‬رمز بريدى ‪11411:‬‬ ‫هاتف ‪ 966-1-4419933 :‬فاكس ‪966-1-4429555‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬ ‫مكتب القاهرة‬ ‫‪14‬شارع الحجاز ‪ -‬المهندسين ‪ -‬القاهرة‬ ‫هاتف ‪ -00202 3388654 -‬فاكس ‪00202 7492884 -‬‬ ‫مكتب لندن‬

‫‪Arab Press House‬‬ ‫‪182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP‬‬ ‫‪DDI: +44 (0)20 7539 2335/2337,‬‬ ‫‪Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫‪Mr. Wael Al Fayez‬‬ ‫‪w.alfayez@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel.: 0096614411444‬‬ ‫‪M.: 00966505475131‬‬ ‫‪F.: 0096614400996‬‬ ‫‪P.O.BOX 22304‬‬ ‫‪Riyadh 11495, Saudi Arabia‬‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪:‬‬ ‫‪subscriptions@majalla.com‬‬

‫تنويه‬ ‫اآلراء الواردة في هذه المجلة تعبر عن رأى‬ ‫مؤلفيها فقط و ال تعبر بالضرورة عن أراء مجلة‬ ‫المجلة و هيئه تحريرها‪.‬‬

‫حقوق النشر محفوظة لمجلة المجلة ‪ 2009‬التي‬ ‫تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق‬ ‫(المملكة المتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي‬ ‫حال من األحوال إعادة طباعة المجلة أو أي جزء‬ ‫منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها‬ ‫بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو‬ ‫تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون الحصول‬ ‫على تصريح مسبق من الشركة السعودية‬ ‫لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر‬ ‫المجلة أسبوعيا ً باستثناء إصدارين مدمجين في‬ ‫واحد بصورة دورية وإصدارات إضافية أو مزيدة‬ ‫أو موسعة‪ .‬لتلقي استفسارات االشتراك الرقمي‪،‬‬ ‫يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬ ‫‪07‬‬


‫جيوبوليتيكا‬

‫اتصاالت خطرة‬

‫جدل حول الحضور اإليراني في قلب النزاع اليمني‬

‫ثمة خوف متزايد من أن يتحول النزاع في اليمن مرة ثانية إلى ساحة للقتال بين دول الشرق األوسط التي تحارب من‬ ‫أجل الهيمنة على المنطقة‪ .‬ومع ذلك فإن حجم التدخل األجنبي في اليمن لم يتضح بعد في الوقت الذي تزعم فيه السلطات‬ ‫اليمنية أن إيران تربطها صالت قوية بالمتمردين‪ .‬فهل يمكن أن تستفيد طهران من ِمثل هذه الروابط حتى لو تعرضت‬ ‫مصالحها للخطر؟‬ ‫أدى تصعيد القتال في اليمن بين القوات الحكومية‬ ‫وبين المتمردين الحوثيين إلى إحياء المخاوف من‬ ‫أن يصبح اليمن مرة ثانية ساحة للقتال بين دول‬ ‫رئيسية في الشرق األوسط تسعى إلى الهيمنة‬ ‫اإلقليمية‪ .‬وبينما كانت القوتان المتنافستان في فترة‬ ‫الستينيات هما؛ مصر بقيادة ناصر والتي كانت‬ ‫منحازة إلى جانب االتحاد السوفيتي‪ ،‬والمملكة‬ ‫العربية السعودية ذات الميول الغربية‪ ،‬فإن التنافس‬ ‫على النفوذ اليوم في الشرق األوسط يبدو أنه بين‬ ‫إيران؛ ذات األيديولوجية الشيعية الثورية‪ ،‬وبين‬ ‫التحالف السني الذي تقوده السعودية مرة ثانية‪.‬‬ ‫والحوثيون؛ جماعة من الزيديين الذين يمثلون‬ ‫طائفة شيعية تتركز بصفة أساسية في األقاليم اليمنية‬ ‫الشمالية في صعدة وعمران‪ .‬وال يؤيد التمرد الحوثي‬ ‫سوى قلة محدودة من الزيديين‪ .‬فهم يعارضون‬ ‫الحكومة المركزية تحت قيادة الرئيس علي عبد اللـه‬ ‫صالح الذي ينتمي هو اآلخر إلى هذه الطائفة‪ .‬ويزعم‬ ‫الحوثيون أن حكومة صالح قد تجاهلت مصالحهم‬ ‫ومصالح األقليات القومية األخرى‪ .‬كما ينتقدون أيضًا‬ ‫الفساد الحكومي المزعوم‪ ،‬ويعيبون على إدارة صالح‬ ‫الصالت الوثيقة التي تربطها بالواليات المتحدة وما‬ ‫يفترضونه من رضوخ حكومته أمام النفوذ الوهابي‪.‬‬ ‫ومنذ عام ‪ ،2004‬شنت الحكومة بضع عمليات‬ ‫عسكرية ضد المتمردين الحوثيين‪ ،‬إال أنها أخفقت‬ ‫في قمع التمرد‪ .‬وال يزال صالح مص ًّرا على إنزال‬ ‫الهزيمة بالمتمردين على ساحة القتال‪ ،‬حيث أعلن في‬ ‫السابع من نوفمبر أن « الحرب لن تتوقف أيًّا ما كلفنا‬ ‫األمر من أموال أو شهداء»‪ .‬وترجع الصعوبات التي‬ ‫تواجهها القوات الحكومية في جزء منها إلى الطبيعة‬ ‫الجبلية الوعرة التي تميل إلى تفضيل نمط حرب‬ ‫العصابات‪ ،‬إال أن هناك شكو ًكا متنامية بأن المتمردين‬ ‫أيضًا يتلقون دع ًما موسعًا من أطراف خارجية‪.‬‬ ‫وليس من الواضح تحديدًا حجم التدخل األجنبي في‬ ‫النزاع الحوثي‪ .‬ووجَّه مسئولون إيرانيون اتهامات‬ ‫متكررة لجماعات في إيران‪ ،‬أُشي َر أحيانا إلى‬ ‫انتسابها إلى الحكومة اإليرانية‪ ،‬بتزويد المتمردين‬ ‫بالسالح والتدريب والوسائل اإلعالمية وأوجه الدعم‬ ‫األخرى‪ .‬وفي الشهر الماضي‪ ،‬أعلنت السلطات‬ ‫اليمنية عن تمكنها من القبض على سفينة إيرانية‬ ‫كانت تقوم بتهريب السالح إلى المقاتلين الحوثيين‪.‬‬ ‫وقد قامت الحكومة اليمنية بإلغاء زيارة مقررة‬ ‫لوزير الخارجية اإليراني منوشهر متقي‪ ،‬على‬ ‫سبيل االحتجاج‪ .‬كما رددت وسائل اإلعالم اليمنية‬ ‫مزاعم حول إيواء إريتريا للمتردين والسماح‬ ‫للحرس الثوري اإليراني بتدريبهم وإمدادهم‬ ‫بالعتاد‪ ،‬وكذلك السماح بتدفق السالح من إيران‬ ‫عبر ميناء عصب اإلريتري إلى ميناء ميدي باليمن‪.‬‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫د‪ .‬ريتشارد وايتز‬ ‫ورددت بعض المصادر السعودية نفس المزاعم‪.‬‬ ‫ففي اآلونة األخيرة ‪ ،‬ذكرت مصادر سعودية أن‬ ‫المتمردين الحوثيين هاجموا مواقع سعودية على‬ ‫طول الحدود السعودية اليمنية بالقرب من جبل‬ ‫دخان‪ ،‬مما يثير مخاوف من أن الجماعة تطمح‬ ‫في أن تصبح جماعة إقليمية فوق الدول مثل حزب‬ ‫اللـه‪ .‬ر ًّدا على ذلك ‪ ،‬فإن الحكومة السعودية قدمت‬ ‫للسلطات اليمنية مساعدات عسكرية وغير عسكرية‪.‬‬ ‫وأصيبت بالقلق دول أخرى من أعضاء مجلس‬ ‫التعاون الخليجي وكذلك مصر واألردن‪ ،‬من احتمال‬ ‫وجود صلة إيرانية بالتمرد الحوثي من أجل دعم‬ ‫رغبة إيران في بسط النفوذ اإليراني علي البحر‬ ‫األحمر‪ ،‬بد ًءا من ساحل إريتريا حتى شمال اليمن‪.‬‬ ‫ينكر المسئولون اإليرانيون رسميًّا قيامهم بإمداد‬ ‫المتمردين الحوثين بأي مساعدات‪ .‬فاإليرانيون‬ ‫يصرون أمام الرأي العام على أنهم يدعمون بقوة‬ ‫اليمن ووحدته اإلقليمية‪ ،‬ويريدون الحفاظ على‬ ‫عالقاتهم الجيدة مع اليمن‪ .‬وقد عرض اإليرانيون‬ ‫علي اليمن المساعدة بالتوسط مع المتمردين‬ ‫للتوصل إلى هدنة‪ .‬ولكنهم س ًّرا يلقون باللوم على‬ ‫الحكومة اليمنية من جراء استفزاز الحوثيين‬ ‫لحمل السالح من خالل سوء معاملتها إياهم‪.‬‬ ‫ويبقى المحللون المستقلون منقسمين حول مدى الدعم‬ ‫اإليراني للمتمردين اليمنيين‪ .‬إن تعاطف اإليرانين‬ ‫مع المتمردين واضح‪ ،‬ولكن ينقص الدليل الملموس‬ ‫على أن الحكومة اإليرانية تسعى إلى تخريب الدولة‬ ‫اليمنية من خالل إمداد المتمردين بمساعدات هائلة‪.‬‬ ‫وترى واشنطن؛ أنه أيًّا كانت الروابط‬ ‫التي تربط بين الحوثيين وطهران فإنها‬ ‫أقل خطرًا على اليمن من خطر القاعدة‪.‬‬ ‫فتنظيم القاعدة يسعي لتثبيت أركانه في اليمن‬ ‫لتعويضه عن اإلخفاقات التي ُمني بها أخيرًا‬ ‫في العراق والمملكة العربية السعودية وغيرها‬ ‫من البلدان‪ .‬وتخشى واشنطن من أن انشغال‬ ‫الحكومة اليمنية بمحاربة المتمردين الحوثيين‬

‫سوف يم ِّكن تنظيم القاعدة ‪ -‬الذي يضم خاليا‬ ‫إرهابية من اليمن والمملكة العربية السعودية‪-‬‬ ‫من توطيد وجوده في شبه الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫ولذا يفكر صناع السياسة األمريكية في تقديم مساعدات‬ ‫عسكرية إضافية لليمن‪ ،‬لمساعدة السلطات اليمنية‬ ‫في إعادة تركيز انتباههم ضد تنظيم القاعدة‪ .‬وهناك‬ ‫أيضًا مقترحات للواليات المتحدة‪ ،‬االتحاد األوروبي‬ ‫والمملكة العربية السعودية‪ ،‬وغيرها من البلدان تقوم‬ ‫علي اعتماد حزم مساعدات لشمال اليمن من أجل‬ ‫التخفيف من األوضاع المأساوية الموجودة هناك‪.‬‬ ‫ثمة مشكلة أخرى وهي؛ أن الحركة االنفصالية‬ ‫في جنوب اليمن قد أصبحت أكثر نشاطًا‪.‬‬ ‫وبالرغم من عدم وجود تنسيق واضح بين الحوثيين‬ ‫والقاعدة‪ ،‬وحركة الجنوب‪ ،‬يخشى المراقبون مما إذا‬ ‫كانت اإلدارة الواهية للدولة اليمنية تستطيع مواجهة‬ ‫تصاعد حركات التمرد الثالث في وقت واحد‪.‬‬ ‫ويعد اليمن أفقر دولة في العالم العربي‪ .‬فثلث اليمنيين‬ ‫الذين ينتمون إلى الفئة العمرية المناسبة للعمل‬ ‫عاطلون‪ ،‬كما تنتشر األمية وغيرها من المشكالت‬ ‫االجتماعية على نطاق واسع‪ .‬ويتركز أغلب النشاط‬ ‫التجاري اليمني حول بيع األسلحة والقات «نوع‬ ‫من المخدرات الخفيفة»‪ .‬وبالرغم من أن اليمن‬ ‫هو أول دولة ديمقراطية على المستوى الرسمي‬ ‫في الخليج الفارسي حيث تتعدد بها األحزاب‪ ،‬فإن‬ ‫النظام السياسي اليمني ال يزال يعاني من التمزق‬ ‫من قِبل القبائل والجماعات األخرى ذات االنتماءات‬ ‫الوطنية المختلفة‪ .‬ونتج عن انخفاض اإلنتاج اليمني‬ ‫من النفط حرمان الحكومة المركزية من الموارد‬ ‫التي تحتاجها لشراء والء الوسطاء السياسيين من‬ ‫ذوي السلطة اإلقليمية في اليمن‪ ،‬وكذلك حرمان‬ ‫برامج الخدمة العامة من التمويل الالزم‪ ،‬وهي‬ ‫برامج يعتمد عليها الكثير من اليمنيين الفقراء نتيجة‬ ‫لعدم وجود فرص عمل كافية في القطاع الخاص‪.‬‬ ‫وقد يؤدي فشل الدولة اليمنية في مواجهة حركات‬ ‫التمرد بداخلها إلى انتشار الفوضى في شمال اليمن‬ ‫مثلما يحدث في الصومال‪ ،‬مما سيترتب عليه انتشار‬ ‫القرصنة والجريمة‪ ،‬واإلرهاب في جميع أنحاء‬ ‫البحر األحمر‪ .‬وبالرغم من أن البعض في طهران‬ ‫قد يرحب بزوال نظام صالح‪ ،‬فهل ستصبح إيران‬ ‫أفضل حاال إذا زاد احتمال تعرض صادراتها من‬ ‫النفط للتهديد من قِبل القراصنة؟ وهل سيصبح‬ ‫اإليرانيون أكثر سعادة إذا قام تنظيم القاعدة –‬ ‫الذي يري العديد من زعمائه أن العقيدة الشيعية‬ ‫اإليرانية شكل من أشكال الردة – بإنشاء قاعدة‬ ‫لعملياته في اليمن وهي دولة قريبة جدا من إيران؟‬ ‫زميل ومدير مركز تحليل السياسية العسكرية في معهد‬ ‫هديسون‪ ،‬واشنطن دي سي‬

‫‪08‬‬




‫الموجز‬ ‫حول العالم‬

‫قالوا‬

‫بانوراما الصحافة‬

‫رسائل‬

‫مصر والجزائر ‪ ..‬ليست مجرد لعبة‬ ‫تجتذب بطولة كأس العالم لكرة القدم ‪،‬‬ ‫و التي تقام كل أربعة أعوام ‪ ،‬الماليين‬ ‫من الناس من جميع أنحاء العالم و تعد‬ ‫الحدث الرياضي األكثر شعبية في العالم‬ ‫‪ .‬و أصبحت بعض مباريات كأس العالم‬ ‫مشهورة ألسباب تتجاوز حدود الرياضة‪ .‬و‬ ‫خاضت انجلترا مباراة ضد األرجنتين في‬ ‫كأس العالم في عام ‪ 1986‬في المكسيك ‪،‬‬ ‫و جاءت المباراة بعد حرب جزر فوكالند‬ ‫بين البلدين‪ ،‬أو كمباراة الواليات المتحدة‬ ‫ضد إيران في كأس العالم في عام ‪1998‬‬ ‫في فرنسا‪ ،‬و هما مثاالن لمباريات نالت‬ ‫الكثير من االهتمام نظرا لرمزيتها السياسية‪.‬‬ ‫و تقابل الفريقان الوطنيان لمصر و الجزائر‬ ‫في مباراتين للفوز بمكان في جنوب أفريقيا‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫‪ ،‬التي تقام فيها مباريات كأس العالم المقبلة‬ ‫في عام ‪ .2010‬و هناك تاريخ من التنافس‬ ‫بين الفريقين يرجع إلى عام ‪ 1989‬بإيطاليا‪.‬‬ ‫و تمكنت الجزائر من الرد في عام ‪2001‬‬ ‫عندما منعت مصر من التأهل إلى نهائيات‬ ‫كأس العالم في عام ‪ 2002‬في كوريا‬ ‫الجنوبية و اليابان‪ .‬و توافرت كل العناصر‬ ‫لخوض مباراة متوترة‪ ،‬و لكن لم يستطع‬ ‫أحد التنبؤ بالتطورات المخيفة التي حدثت‪.‬‬ ‫و حدثت أمور مثل قذف حافلة المنتخب‬ ‫الوطني الجزائري بالحجارة لدى‬ ‫وصوله إلى القاهرة‪ ،‬و أعمال العنف‬ ‫التي امتدت الى أماكن بعيدة مثل مدينة‬ ‫مرسيليا في جنوب فرنسا‪ ،‬أو القرصنة‬ ‫االلكترونية على مواقع إخبارية عديدة‬

‫على االنترنت و التي تكتب عن المباراة‪.‬‬ ‫أما المباراة الفاصلة التي جرت على ملعب‬ ‫ام درمان بالسودان مساء األربعاء الماضي‬ ‫فكادت أ‪ ،‬تسبب أزمة سياسية بين مصر‬ ‫و الجزائر التي تأهلت بعد المباراة لتمثيل‬ ‫العرب في مونديال ‪.2010‬‬ ‫فقد اتهم مشجعون مصريون نظرائهم‬ ‫الجزائريين باالعتداء عليهم عقب المباراة و‬ ‫هو ما دفع بعض السياسيين في القاهرة إلى‬ ‫المطالبة بتصعيد سياسي مصري ضد الجزائر‪.‬‬ ‫كل تلك األحداث تؤكد آن كرة القدم لم تعد‬ ‫مجرد لعبة بعد ان حولتها السلوكيات غير‬ ‫العقالنية إلى ساحة للحرب و وسيلة لتفجير‬ ‫الخالفات بين الدول الشقيقة‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫الموجز‬

‫حول العالم‬

‫حول العالم‬ ‫‪ 1‬الصين‬ ‫أكد الرئيس األمريكي باراك أوباما في‬ ‫حواره مع الرئيس الصيني هو جينتاو‬ ‫أن الواليات المتحدة والصين سوف‬ ‫تعمالن معا لمواجهة خطر التسلح‬ ‫النووي اإليراني‪ .‬وصرح أوباما بأن‬ ‫أعضاء مجلس األمن الدولي متفقون‬ ‫تماما ً علي مواجهة هذا الخطر‪ .‬وشدد‬ ‫الرئيس األمريكي في حديثه علي أن‬ ‫الواليات المتحدة ال تسعى لعرقلة تقدم‬ ‫الصين‪ .‬وأشار إلي أن موقف واشنطن‬ ‫من وحدة الصين لن يتغير؛ وهو الموقف‬ ‫الذي يعتبر تايوان جزءاً من الصين‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ 3‬فلسطين‬ ‫صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن‬ ‫مسئولي السلطة الفلسطينية يقومون بحملة‬ ‫دبلوماسية جديدة لكسب تأييد المجتمع الدولي‬ ‫بشأن إقامة دولة فلسطينية من خالل تصويت‬ ‫مجلس األمن الدولي‪ ،‬وبعده سيتم إعالن إقامة‬ ‫دولة فلسطينية من جانب واحد في الضفة‬ ‫الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية‪ .‬وقد أثار‬ ‫هذا التصريح غضب رئيس الوزراء اإلسرائيلي‬ ‫بنيامين نتنياهو الذي حذر من أن اإلعالن عن‬ ‫قيام دولة فلسطينية من جانب واحد من شأنه أن‬ ‫يدمر اتفاقيات السالم السابقة‪.‬‬

‫‪ 2‬السعودية‬ ‫صرح خادم الحرمين الشريفين الملك‬ ‫عبد هللا بن عبد العزيز بأن القوات‬ ‫المسلحة السعودية قد تمكنت من طرد‬ ‫جميع المتسللين المسلحين من األراضي‬ ‫السعودية‪ .‬وتقدم خادم الحرمين الشريفين‬ ‫بالشكر للقادة العرب الذين أعربوا عن‬ ‫تضامنهم مع المملكة إبان هجوم الحوثيين‬ ‫على أراضيها ‪.‬‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪4‬‬

‫العراق‬

‫قال السفير الفرنسي لدى العراق‬ ‫بوريس بويلن إن فرنسا والعراق في‬ ‫طريقهما إلى توقيع العديد من اتفاقيات‬ ‫التعاون في مجاالت الدفاع واألمن‬ ‫والطيران والثقافة واالقتصاد‪ .‬وأضاف‬ ‫أنه من المتوقع أن تشمل االتفاقيات التي‬ ‫سيتم إبرامها بين البلدين اتفاقيتين في‬ ‫المجال االقتصادي‪.‬‬

‫‪ 5‬فنزويال‬ ‫صرح الرئيس هوجو شافيز بأنه لن‬ ‫يقبل أية وساطة دولية تهدف إلى تهدئة‬ ‫التوترات بين فينزويال وكولومبيا‬ ‫ردا على عرض البرازيل بذل جهود‬ ‫للوساطة بين البلدين‬ ‫‪12‬‬


‫‪ 8‬الواليات المتحدة‬

‫‪9‬‬

‫‪8‬‬

‫‪10‬‬

‫أكدت وزيرة الخارجية األمريكية‬ ‫هيالري كلينتون أن إدارة أوباما ترغب‬ ‫في أن يتحمل الرئيس األفغاني حامد‬ ‫كرزاى قدراً أكبر من المسئولية في‬ ‫مواجهة الفساد داخل دولته ‪ .‬وأشارت‬ ‫هيالري إلى أنه سيتم ربط المساعدات‬ ‫المدنية المستقبلية المقدمة ألفغانستان‬ ‫باتخاذ كرزاى إجراءات أكثر صرامة‬ ‫في مكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪ 9‬بريطانيا‬ ‫أبدى رئيس وزراء بريطانيا جوردون‬ ‫براون دعما ً كامالً لبعثة حلف شمال‬ ‫األطلسي (الناتو) في أفغانستان‪ .‬وأضاف‬ ‫براون أنه أجرى اتصاالته بحكومات‬ ‫داخل وخارج التحالف الذي يضم ‪45‬‬ ‫عضواً تحت قيادة حلف الناتو‪ ،‬مطالبا ً‬ ‫تلك الحكومات بإرسال المزيد من الجنود‬ ‫لتدريب وتوجيه القوات األفغانية حتى‬ ‫تتمكن من تولي مسؤولية األمن في‬ ‫أفغانستان»‪ .‬‬

‫‪5‬‬

‫‪ 6‬اليابان‬ ‫أعلن وزير الدفاع الياباني توشيمى كيتازاوا‬ ‫أن اليابان والهند اتفقتا على تعزيز الروابط‬ ‫بينهما في مجال الدفاع‪ ،‬كما التزم البلدان بخطة‬ ‫عمل من شأنها أن تعزز التعاون بينهما في‬ ‫مجاالت عديدة منها األمن البحري ومكافحة‬ ‫اإلرهاب»‪ .‬واتفق الجانبان أيضا على تكثيف‬ ‫التعاون بينهما في مجال الدفاع من خالل‬ ‫إجراء مناورات عسكرية مشتركة والتعاون‬ ‫الثنائي واإلقليمي في مجال حفظ السالم ‪.‬‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫‪ 7‬كوريا الشمالية‬ ‫اتهم وزير خارجية كوريا الشمالية باك يا‬ ‫شين القوات العسكرية الكورية الجنوبية‬ ‫بافتعال مشاحنات مع بوينج يانج من أجل‬ ‫إثارة القالقل في شبه الجزيرة الكورية‪.‬‬ ‫وحذر باك شين» سول» من أنها سوف‬ ‫تدفع الثمن غاليا ً إذا تمادت في ذلك‪.‬‬ ‫وتتبادل الكوريتان االتهامات وتوجيه اللوم‬ ‫لبعضهما البعض فيما يتعلق بتبادل إطالق‬ ‫النار بينهما علي الحدود المتنازع عليها‬ ‫في البحر األصفر ‪.‬‬

‫‪ 10‬فرنسا‬ ‫أعرب الرئيس السوري بشار األسد عقب‬ ‫محادثاته مع الرئيس الفرنسي نيكوال‬ ‫ساركوزي في باريس عن خيبة أمله إزاء‬ ‫عدم إبداء إسرائيل اهتماما ً فعليا ً بإحراز‬ ‫تقدم في عملية السالم بالشرق األوسط‪.‬‬ ‫وأضاف األسد أن عملية السالم ال يمكن‬ ‫أن تحقق تقدما ً من جانب واحد فقط‬ ‫منتقداً الدولة العبرية حال كونها ال تبذل‬ ‫جهوداً كافيا ً لتحريك عملية السالم‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫الموجز بانوراما الصحافة‬

‫الموجز قالوا‬

‫أقوال‬ ‫«إن الفرصة الممنوحة إليران أوشكت‬ ‫على النفاد»‬

‫بانوراما‬ ‫الصحافة‬

‫تحذيرات باراك أوباما بعد لقائه مع‬ ‫ميدفيديف لعقد محادثات حول البرنامج‬ ‫النووي اإليراني‬

‫«ال يمكن استئناف عملية السالم من‬ ‫قبل طرف واحد‪ .‬سوريا تريد السالم‪...‬‬ ‫وما نفتقده الشراكة اإلسرائيلية‪ ،‬ونحن‬ ‫في حاجة إليها من أجل تجديد محادثات‬ ‫السالم والتوصل إلى نتائج»‬ ‫تصريحات الرئيس السوري بشار األسد‬ ‫للصحفيين خالل زيارته إلى فرنسا‪.‬‬

‫«ال يزال الركود قائما ً وشديداً»‬ ‫تعليق وزير الخزانة األمريكي تيموثي‬ ‫جيثنر على حقيقة أنه رغم نمو إجمالي‬ ‫الناتج المحلي للبالد في الربع الثالث من‬ ‫العام‪ ،‬فإن مشكالت البطالة واالئتمان ال‬ ‫تزال قائمة‪.‬‬

‫«يصعب عل َّي أن أصدق أنه ال أحد في‬ ‫حكومتكم‪ ...‬ال يستطيع القبض عليهم إذا‬ ‫أراد ذلك فعالً»‬ ‫تصريحات وزيرة الخارجية األمريكية‬ ‫هيالري كلينتون إلى الصحفيين‬ ‫الباكستانيين حول كيفية تصرف قادتهم‬ ‫حيال اعتقال قادة تنظيم القاعدة‪.‬‬

‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪ 1‬النيوزويك‬ ‫هل تفقد الواليات المتحدة‬ ‫األمريكية جاذبيتها ؟‬ ‫يميل األمريكيون إلى االعتقاد بأن التجديد‬ ‫جزء من ثقافتهم وأنهم رمز لإلبداع‪ .‬وكلما‬ ‫طُلب من صناع القرار أن يقوموا بترتيب‬ ‫البلدان بناء علي قدرتها على التطوير‬ ‫والتجديد‪ ،‬فإن الواليات المتحدة تأتي دائما‬ ‫في المقدمة بفارق كبير عن غيرها‪ .‬ولكن‬ ‫هذا الوضع قد تغير في اآلونة األخيرة‪،‬‬ ‫وكتب الكثيرون عما يسمي بـ «صعود نجم‬ ‫آخرين» ‪ ،‬ويعتبر فريد زكريا أحد دعاة هذه‬ ‫الفكرة‪ .‬وحذر زكريا في أحد مقاالته من أن‬ ‫أميركا قد تكون تخلفت عن مكانتها في‬ ‫التجديد والتطوير‪ ،‬وطرح السؤال التالي‪ :‬من‬ ‫الذي يحقق اكتشافات اليوم؟‬ ‫‪14‬‬


‫‪ 2‬التايم‬ ‫قاتل فورت هود ‪:‬خائف أم إرهابي ؟‬ ‫تتناول قصة غالف مجلة التايم هذا األسبوع حادث فورت هود ‪.‬وتحاول المجلة اإلجابة علي‬ ‫العديد من األسئلة التي أثيرت في الواليات المتحدة نتيجة لهذا الحادث المؤسف ‪ .‬فهل كانت مذبحة‬ ‫فورت هود مكان آخر مرعب لحوادث إطالق النار؟ أم أنه كان عمال من األعمال اإلرهابية ؟‬ ‫وهل ستستمر الواليات المتحدة في خوض حرب ضد عدو أخفقت في فهمه؟ إن طبيعة اإلرهاب‬ ‫تغيرت ولذا ينبغي أن تتغير سياسات التصدي له‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪ 3‬ذا ايكونومست‬ ‫الفلسطينيون‬ ‫هل سيقفز ؟‬

‫يرى كاتب هذا المقال أنه سواء رحل محمود عباس أم ظل في منصبه‪ ،‬فإن الفلسطينيين على حالهم‬ ‫من االنقسام وغياب القيادة‪ .‬وتحاول المجلة تحليل تصريحات أبو مازن في ‪ 5‬نوفمبر الجاري والتي‬ ‫أشار فيها إلي أنه لن يقوم بخوض االنتخابات في يناير القادم‪ .‬واعتبرت المجلة أن هذا التصريح يمثل‬ ‫صفعة لعملية السالم‪ ،‬فال أحد يعلم من الذي سيخلف عباس إذا ما قرر االبتعاد عن السلطة؟ و ما هي‬ ‫السياسات التي سيتبعها الرئيس الجديد؟وهل هذه السياسات ستدفع عملية السالم إلي األمام أم ال؟‬

‫‪3‬‬ ‫‪ 4‬بيزنسويك‬ ‫جولة أوباما بين الدول اآلسيوية‬ ‫يلقي هذا المقال الضوء علي زيارة أوباما للدول األسيوية ويركز بشكل خاص علي الصين‬ ‫«الشريك التجاري والمنافس األساسي للواليات المتحدة األمريكية «‪ .‬فهذه الزيارة سيكون لها‬ ‫تأثير مباشر علي العالقات التجارية األمريكية الصينية‪ .‬ويناقش المقال بشكل مستفيض أنماط‬ ‫التجارة الصينية واألمريكية في مقابل الدول األسيوية ومنطقة الشرق األوسط وآثارها علي‬ ‫التجارة العالمية ‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫غالفاإلسبوع‬

‫نيو ستيتسمان‬ ‫حالة انهيار‬ ‫يبدو أن محاوالت باراك أوباما للتوصل إلى تفاهم بين اإلسرائيليين‬ ‫والفلسطينيين قد باءت بالفشل‪ .‬فمنذ تولي الرئيس األمريكي السلطة وهو يحاول‬ ‫تحقيق فكرة إقامة دولتين (فلسطينية وإسرائيلية)‪ ،‬ولكننا لم نلمس أي تقدم إلى‬ ‫اآلن‪ .‬فالمحاوالت األمريكية إلجبار اإلسرائيليين والفلسطينيين علي خوض‬ ‫مفاوضات بناءة لم تؤدي إال لكشف الخالفات بينهما‪ ،‬وأصبح فكرة إقامة دولة‬ ‫فلسطينية بال معنى ‪.‬‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫‪15‬‬


‫الموجز رسائل‬

‫رسائل‬ ‫العدد السابق‬ ‫تفاوض‬ ‫اخلائفني‬

‫محنة اليمن السعيد‬

‫عبد الكرمي اإلرياني‬

‫رئيس الوزراء اليمنى االسبق‬

‫د‪.‬ريتشارد ويتز‬

‫طريق‬ ‫احلرير اجلديد‬ ‫نيكوالي موراشكني‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫محنة اليمن السعيد‬

‫فيس بوك العـــرب‬ ‫بقلم‬ ‫كاريل ميرفي‬

‫اتفق مع الدكتور عبد الكريم االرياني من حيث التوجيهات الخارجية التي‬ ‫تخضع لها جماعة الحوثيين‪ ،‬ما شاهدناه الفترة السابقة يؤكد لنا أن هناك‬ ‫يد خفية تسعى لزعزعة الوضع داخل اليمن‪ .‬نتمنى أن تعود السعادة ليمننا‬ ‫و أن تزول الخالفات الداخلية ليعود االستقرار السياسي خاصة في ظل‬ ‫التعثر االقتصادي الذي نعانيه أالن‪.‬‬

‫محمود طه‬ ‫اليمن‬ ‫العدد ‪ 13 ،1532‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫فيس بوك العرب‬

‫ال شك أن الشبكة العنكبوتية قدمت لمرتاديها طرقا ً جديدة للتواصل و‬ ‫التالقي بين مختلف القطاعات و يعد الفيس بوك احد أهم هذه الطرق‬ ‫وذلك لسهولة استخدامه و كثرة مستخدميه مما دفع الساسة العرب و غير‬ ‫العرب الستخدامه لتوجيه أفكارهم و خططهم المستقبلية‪.‬‬

‫هشام زياني‬ ‫العراق‬

‫الصفقة الرابحة‬

‫مفجر الثورة‬

‫سميح طوقان يمثل نموذجا ً مثاليا ً للطموح و اإلصرار على الوصول إلى‬ ‫مصاف الكبار‪ ،‬نتمنى أن يتأثر شبابنا العربي بمثل هذه النماذج الرائعة‪،‬‬ ‫لقد سعدت حقا ً حينما علمت بالنقلة النوعية التي انتقلت إليها مكتوب تحت‬ ‫إدارة واعية على درجة عالية من الخبرة و كم هي مفخرة لنا أن تنضم‬ ‫مكتوب إلى شبكة ياهوو العالمية ‪.‬‬

‫يسري الغزاوي‬ ‫األردن‪ -‬أربد‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫وتستمر ياهوو في خطتها التوسعية فبعد مفاوضات موسعة أعلنت شركة‬ ‫ياهوو أنها ضمت مكتوب ‪ ،‬لنا أن نفخر أن هناك شركة عربية استطاعت‬ ‫أن تجذب أنظار الشركات العالمية لتفاوضها و تبرم معها صفقة من‬ ‫العيار الثقيل و بذلك تفتح لنا الباب نحو عالم االستثمار الشبكي أو استثمار‬ ‫مواقع االنترنت‪.‬‬

‫زياد مكرم‬ ‫مصر‪ -‬اإلسكندرية‬ ‫‪16‬‬



‫قصة الغالف‬

‫‪© Getty images‬‬

‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪18‬‬


‫نهايــــة‬

‫عصر الجهاد‬

‫ثالثون عاما ً بعد إحتالل الحرم‬ ‫بقلم‬ ‫جان بيير فيليو‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫‪19‬‬


‫قصة الغالف‬

‫نهاية عصر الجهاد‬

‫ثالثون عاما ً بعد احتالل الحرم‬

‫بعد مرور ثالثين عاما على الهجوم على مكة‪ ،‬يتتبع البروفيسور جان بيير فيليو تطورات هذا التصعيد‪ .‬ومن خالل‬ ‫تركيزه على صعود حركتي الجهاد الثوري والقومي يصور فيليو كيف أن المحاوالت الحديثة لحركة الجهاد تنبي عن‬ ‫وجود أزمة داخل تنظيم القاعدة‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬فإنها تشير إلى الفراغ الذي تعاني منه الدعوة إلى الجهاد وفشل هذا‬ ‫التكتيك في الترويج لثورة عالمية‪.‬‬

‫كان العشرون من نوفمبر عام ‪،1979‬‬ ‫الموافق غرة محرم من عام ‪1400‬‬ ‫هجريا هو نفسه اليوم الذي شهد حصار‬ ‫مكة‪ .‬وهكذا استهل القرن الخامس عشر‬ ‫الهجري بتدنيس للمقدسات بلغ في فداحته‬ ‫أن آثاره لم تتبد للمراقبين بل وللمؤمنين‬ ‫إال بعد ردح من الزمن‪ .‬وفي ذلك اليوم‬ ‫قطع مائتا مسلح على المصلين بالمسجد‬ ‫الحرام صالتهم وكانوا من أتباع محمد‬ ‫القحطاني الذي ادعى أنه المهدي المنتظر‪.‬‬ ‫وقد اعتمد األتباع في والئهم هذا على‬ ‫حديث نبوي فحواه أن المهدي سيظهر في‬ ‫آخر الزمان في موضع بين مقام إبراهيم‬ ‫وأحد أركان الكعبة‪ .‬وقد تولى جهيمان‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫العتيبي‪ ،‬صهر القحطاني قيادة المتمردين‬ ‫وبرر جهاد نهاية الزمان ‪ -‬حسب زعمه ‪-‬‬ ‫بالدافع إلى تطهير اإلسالم‪ .‬وقد بدأ حملته‬ ‫بالمسجد الحرام‪.‬‬ ‫واستمر الحصار أسبوعين ونتج عنه‬ ‫وقوع مئات الضحايا وتدمير جزء‬ ‫من الحرم المقدس‪ .‬وقد شهد الشعب‬ ‫السعودي والعالم اإلسالمي كله في ذعر‬ ‫شديد تحويل أتباع العتيبي الساحة المكية‬ ‫إلى ساحة للقتال‪ .‬أما المتمردون الذين‬ ‫كانوا غارقين في سيناريو أحداث النهاية‬ ‫الخاص بعقيدتهم حيث كانوا مدججين‬ ‫باألسلحة والعتاد‪ ،‬فقد أصبحوا في عزلة‬

‫تامة ولم يكن من منشوراتهم إال أن أثارت‬ ‫الصدمة بين الناس والكفر بما يدعون‪.‬‬ ‫لقد قوبلت ثورة أتباع المهدي المزعوم‬ ‫بعدم التصديق حتى إن نظريات المؤامرة‬ ‫بدأت تطفو إلى السطح وقام متظاهرون‬ ‫متشددون باقتحام مبنى السفارة األمريكية‬ ‫في باكستان زاعمين أن كل ذلك كان‬ ‫بمثابة مؤامرة أمريكية‪ .‬وقد تمخضت‬ ‫الحوادث عن مقتل القحطاني بينما بقى‬ ‫العتيبي على قيد الحياة ليتم إعدامه الحقا‬ ‫مع عشرات المتمردين‪ .‬ومنذ ذلك الحين‬ ‫ارتبطت الحركات الجهادية الثورية في‬ ‫المملكة في األذهان بتدنيس المقدسات‬ ‫وأصبح المجتمع السعودي ينظر إلى أي‬ ‫‪20‬‬


‫قصة الغالف‬

‫انتحال لشخصية المهدي بعين الشك‪.‬‬ ‫وبينما انتهت رسالة العتيبي بنهاية حياته‬ ‫فقد انفتحت جبهة جديدة للجهاد في الشرق‪:‬‬ ‫فقد قام الجيش السوفيتي بغزو أفغانستان‬ ‫في ‪ 27‬ديسمبر عام ‪ 1979‬واحتشدت‬ ‫المقاومة تحت لواء الجهاد في مواجهة‬ ‫االحتالل األجنبي منحية االختالفات‬ ‫اللغوية والعرقية جانبا‪ .‬لقد كانت حركة‬ ‫الجهاد األفغاني الحلقة األخيرة في سلسلة‬ ‫طويلة من حركات معاداة الكولونيالية‬ ‫التي كانت مناوئة للهيمنة األوروبية‪ .‬وقد‬ ‫شهد التاريخ حركات مماثلة تحت قيادة‬ ‫شخصيات كاريزمية مثل عبد القادر‬ ‫الجزائري في الجزائر ( ‪،)1847-1832‬‬ ‫وشاميل في القوقاز (‪)-1859 1834‬‬ ‫وعمر المختار في ليبيا (‪.)1931-1911‬‬ ‫وقد حارب األفغان من أجل تحرير بلدهم‬ ‫وعلى مدى ما يقرب من عشر سنوات من‬ ‫الجهاد ضد السوفييت لم يصدروا العنف‬ ‫خارج حدود أفغانستان‪.‬‬ ‫وقد طلب المجاهدون األفغان من إخوانهم‬ ‫المسلمين تأييد انتفاضتهم القومية ودعمها‬ ‫سياسيا وماديا‪ ،‬إال أنهم كانوا بحاجة إلى‬ ‫السالح أكثر من حاجتهم إلى المتطوعين‬ ‫نظرا لتوافر عدد كبير من المجاهدين ضد‬ ‫السوفييت‪ .‬ثم قام اثنان من أعضاء حركة‬ ‫اإلخوان المسلمين المتشددين‪ ،‬هما األردني‬ ‫عبد هللا عزام والسعودي أسامة بن الدن‪،‬‬ ‫بإنشاء مركز الخدمات في باكستان وهو‬ ‫عبارة عن شبكة دولية إلمداد المجاهدين‬ ‫ضد السوفييت بالمال والرجال‪ .‬وقد تم‬ ‫إطالق هذه العملية في سرية تامة ولم يتم‬ ‫تطويرها إال في الفترة بين عامي ‪1986‬‬ ‫‪ .-87‬ولقي آالف من المتشددين العرب‬ ‫ترحابا في معسكرات التدريب في غرب‬ ‫باكستان ولم يعبر الحدود من أجل القتال‬ ‫الفعلي في أفغانستان إال بضعة مئات‬ ‫منهم‪ ،‬وحتى هؤالء كانت جهودهم في‬ ‫تحرير أفغانستان التذكر‪.‬‬ ‫وقد احترم عزام نضال األفغان من أجل‬ ‫الحرية‪ ،‬بينما خطط بن الدن لتنظيم وحدات‬ ‫عربية مستقلة من المتطرفين الجهاديين‪ .‬و‬ ‫قام بتأصيل هذه الرؤية تحت تأثير أيمن‬ ‫الظواهري وغيره من المتشددين في‬ ‫حركة الجهاد اإلسالمي المصرية‪ .‬ووفقا‬ ‫لهذه الرؤية‪ ،‬كان تحرير البلدان اإلسالمية‬ ‫من االحتالل األجنبي يمثل شقا واحدا من‬ ‫جهاد شامل كان يطمح إلى إسقاط األنظمة‬ ‫الحاكمة في الدول اإلسالمية التي وصمت‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫باألنظمة المارقة‪ .‬وقد أدى هذا االتجاه‬ ‫التكفيري إلى عزل هذه الجماعة عن باقي‬ ‫أعضاء حركة الجهاد وكان عامال أساسيا‬ ‫في التأسيس السري لتنظيم القاعدة في‬ ‫أغسطس عام ‪ .1988‬وأصبح لزاما على‬ ‫كل أعضاء تنظيم القاعدة أن يدينوا بالوالء‬ ‫التام والشخصي البن الدن‪ .‬ولم يجد عزام‬ ‫مكانا له في هذا المخطط الكبير وقتل في‬ ‫انفجار لغم في نوفمبر عام ‪.1989‬‬ ‫حركات جهادية متصارعة‬ ‫في أوائل التسعينات‪ ،‬أصبح المناخ مهيئا‬ ‫لعهد جديد من التنافس بين الجهاد الثوري‬ ‫والجهاد القومي‪ .‬وقد لعب تنظيم القاعدة‬ ‫الناشئ على كال الحبلين من أجل الترويج‬ ‫ألجندته األصلية الداعمة للجهاد العالمي‪.‬‬ ‫ثم عاد المحاربون األفغان المخضرمون‬ ‫إلى العالم العربي‪ .‬وبينما كانت مؤهالتهم‬ ‫العسكرية محل جدل في الغالب إال أن‬ ‫حضورهم السياسي كان مؤثرا‪ .‬وفي‬ ‫مصر والجزائر كان لهم دور في ترجيح‬ ‫كفة تصعيد الحملة التي شنها اإلرهاب‬ ‫الجهادي ضد النظام الحاكم ومؤيديه‪ .‬وقد‬ ‫حاولت القاعدة استغالل هذه الحروب‬ ‫األهلية‪ ،‬إال أن الجماعة اإلسالمية المسلحة‬ ‫بالجزائر رفضت أي تدخل أجنبي حتى‬ ‫لوكان من إخوانهم في الجهاد‪ .‬وبالمثل فإن‬ ‫النشطاء المصريين في الجماعة اإلسالمية‬ ‫اعترفوا بهزيمتهم عام ‪ 1997‬التي أدت‬ ‫إلى إيقاف حملتهم الشرسة‪.‬‬

‫وقد تمخضت الحوادث عن مقتل‬ ‫القحطاني بينما بقى العتيبي على‬ ‫قيد الحياة ليتم إعدامه الحقا‬ ‫مع عشرات المتمردين‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك الحين ارتبطت الحركات‬ ‫الجهادية الثورية في المملكة‬ ‫في األذهان بتدنيس المقدسات‬ ‫وأصبح المجتمع السعودي ينظر‬ ‫إلى أي انتحال لشخصية المهدي‬ ‫بعين الشك‪.‬‬ ‫وبعد أن فقد تنظيم القاعدة األمل في‬ ‫الجهاد الثوري‪ ،‬حاول أعضاؤه استغالل‬ ‫الصراعات القومية لصالح تنظيمهم‪ .‬فقد‬ ‫حاولوا استمالة متطوعي الجهاد الذين‬ ‫سافروا إلى البوسنة بعد تفكك يوغوسالفيا‬ ‫عام ‪ 1992‬حيث تمكن الجيش النظامي‬

‫البوسني من احتوائهم وانتهى األمر‬ ‫بطردهم في خريف عام ‪ .1995‬وبعد‬ ‫عام ‪ 1996‬حققت القاعدة نجاحا أكبر‬ ‫في اإلشراف على تدريب المقاتلين‬ ‫الباكستانيين الذين تم تهريبهم إلى كشمير‪.‬‬ ‫ونجح أعضاء القاعدة كذلك في استبعاد‬ ‫المؤيدين المحليين الستقالل كشمير‪.‬‬ ‫وبنفس الروح‪ ،‬ساعد المقاتلون العرب‬ ‫الذين ذهبوا إلى الشيشان شاميل باسييف‬ ‫في مواجهة التيار القومي‪ .‬وقد أعطى‬ ‫هجومهم ضد داغستان المجاورة لهم‬ ‫في أغسطس عام ‪ 1999‬الجيش األحمر‬ ‫ذريعة للتدخل في الشيشان وسحق الدولة‬ ‫المستقلة‪.‬‬ ‫في ذلك الوقت‪ ،‬كان تنظيم القاعدة ال يزال‬ ‫اسما رمزيا‪ ،‬ويستخدمه المطلعون فقط‪،‬‬ ‫ولكن في فبراير ‪ 1998‬كشفت حركة‬ ‫الجهاد العالمية عن وجودها علنا عندما‬ ‫أعلن بن الدن والظواهري عن تدشين‬ ‫«الجبهة اإلسالمية العالمية للجهاد ضد‬ ‫اليهود والصليبيين»‪ .‬وفي بيانهم‪ ،‬حث‬ ‫قادة الحركة أي فرد مسلم في أي مكان‬ ‫في العالم‪ ،‬على ضرب أي أمريكي أو أي‬ ‫حليف ألمريكا في أي وقت‪ ،‬دون تمييز‬ ‫بين األهداف المدنية والعسكرية‪.‬‬ ‫وكان من الواضح أن هذا الجهاد العالمي‬ ‫اختراع حديث‪ ،‬وهو ما يتناقض مع‬ ‫أربعة عشر قرنا من الممارسات والتقاليد‬ ‫‪21‬‬


‫قصة الغالف‬

‫اإلسالمية التي تقول إن الجهاد واجب‬ ‫جماعي عموما‪ .‬وكان يمكن اعتبار الجهاد‬ ‫الفردي مشروعا فقط من خالل إجماع‬ ‫اآلراء بين العلماء والزعماء الدينيين‪،‬‬ ‫ويطبق فقط في ظروف خاصة ومحدودة‬ ‫جدا‪ .‬وكان تفسير القاعدة للجهاد على أنه‬ ‫«متاح للجميع» أمرا لم يسبق له مثيل‪،‬‬ ‫وقطع الصلة التاريخية بين الجهاد وأي‬ ‫مجتمع يتم تعبئته أو منطقة يتم الدفاع‬ ‫عنها‪ .‬وافتقر كل من بن الدن والظواهري‬ ‫إلى أي مبررات عقائدية ليثبتا مثل هذا‬ ‫االبتكار‪.‬‬ ‫واستطاع تنظيم القاعدة أن يزدهر في‬ ‫أفغانستان تحت حماية «إمارة إسالمية»‬ ‫خاصة بالمال عمر‪ .‬وتدفق جيل جديد من‬ ‫متطوعي الجهاد على معسكرات التدريب‪،‬‬ ‫ولكن هذه المرة ليس لمحاربة جيش غاز‬ ‫في إقليم محدد‪ ،‬ولكن لتصدير التخريب‬ ‫عالميا‪ .‬وتمكنت الرؤيا الشاملة للقاعدة من‬ ‫إظهار جداول األعمال اإلقليمية لشركائها‬ ‫األكثر نشاطا‪ ،‬مثل الحركة اإلسالمية‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫ألوزبكستان في آسيا الوسطى أو الجماعة‬ ‫اإلسالمية في جنوب شرق آسيا‪ .‬ووثق‬ ‫طالبان في حلفاءهم العرب على الساحة‬ ‫الدولية وسمحوا لهم بتنفيذ إعمال استفزاز‬ ‫عنيفة وحولوا بالفعل إقليمهم كله إلى‬ ‫«إقليم جهاد» كامل‪ ،‬مكرس للترويج‬ ‫للجهاد العالمي‪.‬‬ ‫وتم تخطيط الهجمات على نيويورك‬ ‫وواشنطن في يوم ‪ 11‬سبتمبر ‪2001‬‬ ‫إلثارة موجة من الجهاد الثوري في جميع‬ ‫أنحاء العالم اإلسالمي‪ ،‬في حين راهن‬ ‫تنظيم القاعدة على العمليات االنتقامية‬ ‫األمريكية ضد أفغانستان وكان يأمل أن‬ ‫تخسر الواليات المتحدة في هذا الميدان‬ ‫مثل االتحاد السوفيتي السابق‪ .‬وانهارت‬ ‫مقامرة بن الدن اإلستراتيجية مع االنهيار‬ ‫السريع لنظام طالبان ونتيجة الغضب العام‬ ‫ضد هجمات الحادي عشر من سبتمبر‪.‬‬ ‫ومع تزايد عزلة تنظيم القاعدة‪ ,‬توارى‬ ‫عن األنظار ليحضر لحملته اإلرهابية‬ ‫الخاصة ضد المملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫وانطلقت الحملة في مايو ‪ ،2003‬وولدت‬

‫هذه السلسلة من التفجيرات رد فعل عنيف‬ ‫ضد إيديولوجية الجهاد وتم تفكيك معظم‬ ‫شبكات الناشطين في أقل من عامين‪.‬‬ ‫أزمة الجهاد العالمي‬ ‫نتيجة الغزو األمريكي للعراق في عام‬ ‫‪ ،2003‬أعاد تنظيم القاعدة تكوين بعض‬ ‫إمكاناته‪ ،‬وتعاون مع المقاومة الوطنية‪.‬‬ ‫ولكن المسلحين المحليين استاءوا من‬ ‫استخدام الزرقاوي للعراق كقاعدة لتصدير‬ ‫اإلرهاب إلى البلدان المجاورة‪ ،‬كما كان‬ ‫الحال في حادث عمان في نوفمبر ‪.2005‬‬ ‫لذلك تصاعدت التوترات وطرد الجهاديون‬ ‫الوطنيون في نهاية المطاف تنظيم القاعدة‬ ‫من معقلهم في إقليم االنبار غرب العراق‬ ‫في عام ‪ .2007‬وكانت هزيمة أتباع بن‬ ‫الدن‪ ،‬على يد الميليشيات السنية وليس‬ ‫على يد الجيش األميركي‪ ,،‬ضربة قاصمة‬ ‫للجهاد العالمي‪ ،‬وتوالت الصدمات في‬ ‫جميع أنحاء العالم اإلسالمي‪ ،‬وأضعفت‬ ‫كبرياء تنظيم القاعدة وامتيازاته‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫قصة الغالف‬

‫وبلغت هذه المواجهة بين الجهاد العالمي‬ ‫والوطني أقصى مراحلها من الحرب‬ ‫الكالمية عندما بدأ تنظيم القاعدة حملة‬ ‫دعائية ضد حزب هللا وحماس‪ .‬وكانت‬ ‫القاعدة محبطة نتيجة غيابها عن لبنان‬ ‫وفلسطين‪ .‬واتهم تنظيم القاعدة حزب‬ ‫هللا وحماس «ببيع» أراضيهم وقضيتهم‬ ‫إلى إسرائيل بقبول وقف إطالق النار أو‬ ‫االنتخابات‪ .‬وحث التنظيم حركة حماس‬ ‫على إقامة إمارة «إسالمية» في غزة‪،‬‬ ‫ولكن سحقت قوات حماس المتعاطفين‬ ‫مع بن الدن‪ .‬واستخدمت القاعدة مرارا‬ ‫أسلوب التشهير الطائفي للهجوم على‬ ‫مقاتلي الشيعة في لبنان‪ ،‬دون تحقيق تقدم‬ ‫كبير على أرض الواقع‪ .‬وتحول الجهاد‬ ‫العالمي بصورة متزايدة إلى نداء ظاهري‬ ‫وأعتمد بشكل كبير على شبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫بينما زاد الجهاد الوطني من جذوره في‬ ‫التمرد‪.‬‬ ‫وبذلك حين لم يستطع تنظيم القاعدة‬ ‫المحافظة على الجهاد الثوري في المملكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬فشل أيضا في تحويل‬ ‫مسار الجهاد الوطني في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وزادت أزمة الجهاد العالمي سوءا عندما‬ ‫سحب أكثر العلماء الجهاديين تشددا‬ ‫دعمهم لتنظيم القاعدة (بما في ذلك واحد‬ ‫من أعضائه المؤسسين‪ ،‬وهو «دكتور‬ ‫فضل» المصري‪ ،‬أو سيد إمام الشريف)‪.‬‬ ‫وتم تصوير بن الدن وأتباعه بأنهم‬ ‫«خانوا» القيم األساسية لإلسالم‪ .‬وكان‬ ‫رد فعلهم بالتأكيد على حق المقاتلين‬ ‫المجاهدين‪ ،‬حتى الذين ال يحظون بخلفية‬ ‫دينية‪ ،‬في تقرير ما هو صواب أو خطأ في‬ ‫اإلسالم‪ .‬ويروج تنظيم القاعدة لدين جديد‪،‬‬ ‫ويحول الشرعية الدينية من العلماء إلى‬ ‫المتشددين‪ .‬ويتطابق هذا التصعيد للعنف‬ ‫الرمزي مع حقيقة مفادها أن األغلبية‬ ‫الساحقة من ضحايا تنظيم القاعدة من‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫وحين واجهت بن الدن هذه المشكلة‬ ‫المستفحلة‪ ،‬نظر بإيجابية أكثر إلى الجهاد‬ ‫الثوري للعتيبي‪ .‬ولكن ال يزال تنظيم‬ ‫القاعدة يتمسك بأجندته العالمية‪ ،‬وال‬ ‫يترقب العد التنازلي حتى يوم القيامة‪.‬‬ ‫ولقد حيد تدنيس مكة المكرمة معظم‬ ‫الطاقات المخلصة في العالم السني‪.‬‬ ‫والوضع مختلف تماما في العالم الشيعي‪،‬‬ ‫حيث يحظى الحنين إلى المهدي‪ ،‬أو اإلمام‬ ‫الغائب‪ ،‬بترنيمات سياسية قوية‪.‬‬ ‫ونجد مقتدى الصدر‪ ،‬وهو رجل دين شيعي‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫عراقي عمره ‪ 30‬عاما فقط‪ ،‬ولكنه ابن‬ ‫وابن أخ ألثنين من آيات هللا «الشهداء»‪.‬‬ ‫ولعب مقتدى على هذا الوتر عند إطالق‬ ‫«جيش المهدي» في عام ‪ .2003‬وجمعت‬ ‫الحركة الصدرية بين الجهاد العسكري‬ ‫والمناورات السياسية‪ ،‬بينما تطورت‬

‫بعد ثالثين عاما من سفك الدماء‬ ‫في مكة‪ ،‬ال تالقى دعوة العتيبي‬ ‫لحمل السالح أي صدى‪ .‬فشل‬ ‫الجهاد الثوري في كل مكان في‬ ‫العالم اإلسالمي‪ ،‬أو كما حدث في‬ ‫الصومال‪ ،‬خلق دوائر النهائية من‬ ‫الحرب األهلية‪ .‬ولهذا يسيطر الجهاد‬ ‫الوطني على الساحة الجهادية‪،‬‬ ‫وخاصة في حالتي حماس‬ ‫وحزب هللا‬ ‫ميليشيا تؤمن بأحداث النهاية بشكل أكثر‬ ‫وضوحا‪ ،‬وهى جماعة «أنصار اإلمام‬ ‫مهدي» في جنوب العراق‪ .‬وتم سحق‬ ‫تمردهم في مدينة النجف المقدسة في يناير‬ ‫‪ ،2007‬وكان الغضب في العالم الشيعي‬ ‫مماثال للصدمة التي حدثت لدى األمة‬ ‫كلها‪ ،‬في نوفمبر ‪ ،1979‬نتيجة اقتحام‬ ‫الكعبة‪.‬‬ ‫ما بعد رسائل جهيمان‬ ‫بعد ثالثين عاما من سفك الدماء في مكة‪،‬‬ ‫ال تالقى دعوة العتيبي لحمل السالح أي‬ ‫صدى‪ .‬فشل الجهاد الثوري في كل مكان‬ ‫في العالم اإلسالمي‪ ،‬أو كما حدث في‬ ‫الصومال‪ ،‬خلق دوائر النهائية من الحرب‬

‫األهلية‪ .‬ولهذا يسيطر الجهاد الوطني‬ ‫على الساحة الجهادية‪ ،‬وخاصة في حالتي‬ ‫حماس وحزب هللا‪ ،‬إال أن مواجهتهما مع‬ ‫إسرائيل قد جعلتهما أكثر شعبية في الخارج‬ ‫أكثر مما يتمتعان به من شعبية داخل‬ ‫أراضيهما‪ .‬ويرفع المقاتلون المتمردون‬ ‫شعار الجهاد العرقي‪-‬الوطني أيضا حين‬ ‫يقاتلون في سبيل األقليات المسلمة‪ ،‬كما‬ ‫حدث في تايالند أو في الفلبين‪ ،‬ولكن‬ ‫غياب قيادة موحدة يضعف موقفهم‪ .‬في‬ ‫كل هذه األزمات‪ ،‬تعد الحاجة إلى تحويل‬ ‫االنجازات العسكرية إلى إنجازات سياسية‬ ‫هي التحدي الرئيسي الذي يواجهه الجهاد‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫خالل العقود الثالث الماضية‪ ،‬ركزت‬ ‫عناوين األخبار على البعد العنيف لمفهوم‬ ‫الجهاد‪ ،‬وتجاهلت الشعبية المتزايدة‬ ‫للشكل غير العسكري من الجهاد‪ .‬وتم شن‬ ‫حمالت دولية ضد الفقر واألمية واألوبئة‬ ‫تحت راية الجهاد‪ ،‬وعلى سبيل المثال من‬ ‫خالل منظمة المؤتمر اإلسالمي‪ .‬وأدت‬ ‫زيادة فاعلية المجتمع المدني إلى مبادرات‬ ‫أخرى من الجهاد المصحوب بالوعي‬ ‫االجتماعي‪ .‬وبينما ينحرف تنظيم القاعدة‬ ‫بعيدا عن اإلسالم ويروج لعقيدته الخاصة‪،‬‬ ‫فان هذا التطور الجذري هو تذكرة طيبة‬ ‫بأن الجهاد ليس بالضرورة مرادفا للعنف‪،‬‬ ‫وأنه محاولة شاملة لتحقيق رسالة النبي‪.‬‬ ‫أستاذ بمعهد باريس للدراسات السياسية وعمل‬ ‫كأستاذ زائر بجامعة جورج تاون وقد منح‬ ‫معهد التاريخ الفرنسي جائزته الرئيسية لكتابه‬ ‫«أحداث النهاية في اإلسالم الذي ستنشره‬ ‫مطبعة جامعة كاليفورنيا باللغة اإلنجليزية‬ ‫‪23‬‬


‫تابعونا الآن على موقع‬

‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬


‫وثائق الـ ‪CIA‬‬ ‫عن حركة جهيمان‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫‪25‬‬


‫وثائق سرية‬ ‫تنشر المجلة وألول مرة ثالث وثائق سرية عن حادثة احتالل الحرم المكي قبل ثالثين عا ًما‬ ‫الوثائق الثالث أفرجت عنها المخابرات المركزية األمريكية (‪ )AIC‬أخي ًرا‪ ،‬وننشر نصوصها حرفيًا حيث إنها تحتوي على‬ ‫تفاصيل مهمة لم تنشر من قبل‪.‬‬ ‫الوثيقة األولى ‪ :‬رسالة من السفارة األمريكية بالكويت إلى وزارة الخارجية األمريكية بخصوص الحصول على ‪ 4‬كتب‬ ‫لجهيمان طبعت في الكويت وتطالب السفارة بتحديد الجهة التي ينبغي مخاطبتها لترجمة هذه الكتب ودراستها‪ ،‬حيث إن‬ ‫جهيمان يعلن من خاللها تحديه لحكام العالم اإلسالمي ‪.‬‬ ‫احتجاجا على الدور‬ ‫الوثيقة الثانية ‪ :‬تقرير سري من السفارة األمريكية في لندن عن المظاهرات اإلسالمية أمام السفارة‬ ‫ً‬ ‫األمريكي في حادثة الحرم المكي‪ ،‬وذلك عقب مزاعم الخميني بتورط أمريكيين في تلك األحداث‪.‬‬ ‫الوثيقة الثالثة ‪ :‬تقرير سري من السفارة األمريكية في جدة إلى وزارة الخارجية األمريكية عن سيناريو انتهاء أحدات الحرم‬ ‫كما رصدها مهندسو طيران أمريكيون كانوا برفقة مروحيات تابعة للدفاع المدني السعودي ‪ ..‬وإلى نصوص الوثائق ‪.‬‬

‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪26‬‬


‫وثائق سرية‬

‫الو‬

‫ثيق‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫أل‬ ‫و‬ ‫ل‬

‫ن أصل‬

‫صورة م‬

‫الوثيقة‬

‫ي‬

‫األولي‬

‫سرى‪ -‬تم السماح بنشره‬

‫من السفارة األمريكية بالكويت‬ ‫إلى وزير الخارجية األمريكية بالعاصمة واشنطن‬

‫سرى‬

‫الموضوع‪:‬‬ ‫حادثة المسجد الحرام بمكة‪ :‬منشورات جيهمان العتيبى‬ ‫لقد تمكنا من الحصول على الكتيب الذي‬ ‫كتبه أحد خطباء «جماعة اإلخوان» و‬ ‫أحد قادة الهجوم الذي حدث على المسجد‬ ‫الحرام في مكة‪ ،‬وهو جهيمان محمد سايف‬ ‫العتيبى‪ .‬كما تمكنا أيضا من الحصول على‬ ‫ثالثة كتيبات أخرى كتبت بواسطة نفس‬ ‫الشخص‪ .‬وكما أفادت التقارير الواردة‬ ‫من جدة‪ ،‬فإن هذه الكتيبات قد نشرت هنا‬ ‫بالفعل في الكويت‪ .‬كما أن جهيمان العتيبى‬ ‫قد أمضى بعض الوقت في الكويت‪.‬‬ ‫وعناوين الكتيبات األربعة هي كالتالي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ «الخليفة‪ :‬مبايعة اإلمام والتعهد‬ ‫بطاعته‪( .‬بيان كيف خدع الحكام المثقفين‬ ‫و عامة الشعب)» (‪ 37‬صفحة)‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ «حقيقة التوحيد كما جاء في‬ ‫القرآن الكريم» (‪ 48‬صفحة) ‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ الدعوة اإلخوانية‪ :‬كيف بدأت وما‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫هي أهدافها‪( .‬إرشادات وتحذيرات بشأن‬ ‫المخاطر الجسيمة والفساد الموجود‬ ‫بالمدارس والجامعات)ب (‪ 36‬صفحة)‪.‬‬ ‫تم نشر مقتطفات من هذا الكتيب في‬ ‫إحدى الصحف الكويتية في ‪ 29‬نوفمبر‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ «ميزان حياة البشر‪ :‬األسباب‬ ‫التي من أجلها حاد اإلنسان عن‬ ‫الطريق المستقيم» (‪ 27‬صفحة)‪.‬‬ ‫وكان انطباعنا األولى‪ ،‬بعدما طالعنا‬ ‫هذه الكتيبات‪ ،‬أنها ليست مجرد كتابات‬ ‫دينية متعصبة‪ ،‬كما كان يعتقد‪ .‬ولكننا مع‬ ‫ذلك وجدناها مليئة بالمصطلحات الدينية‬ ‫الغامضة‪ ،‬بحيث لو توفر لدينا الوقت الالزم‬ ‫والموارد الكافية للقيام بترجمتها بشكل‬ ‫صحيح‪ ،‬فإننا لن نرغب في القيام بذلك‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للهجة الخطاب‪ ،‬فإننا نالحظ‬

‫أن جيهمان يتحدى في الكتيب األول سلطة‬ ‫حكام العالم اإلسالمي اليوم‪ ،‬ويصفهم‬ ‫بأنهم مفروضون على شعوبهم‪ ،‬وال تجوز‬ ‫مبايعتهم أو طاعتهم‪ ،‬ألنهم ال يحكمون‬ ‫بالقرآن والسنة‪ .‬وهو يدين علماء الدين الذين‬ ‫يدعون لهؤالء الحكام‪ .‬ويصف ما يقوم به‬ ‫المطوعون (الشرطة الدينية في السعودية)‬ ‫من هجمات‪ ،‬على أنها أعمال تهدف إلى خدمة‬ ‫الحكام من البشر وليس طاعة ألوامر اللـه‪.‬‬ ‫اتخاذه‪:‬‬ ‫المطلوب‬ ‫اإلجراء‬ ‫بالنظر إلى األهمية المحتملة لهذه النصوص‬ ‫في معرفة مدى تأثير جماعة اإلخوان‬ ‫بشكل خاص وحركة إحياء اإلسالم بشكل‬ ‫عام‪ ،‬من فضلكم أفيدوا السفارة بالجهة‬ ‫التي ينبغي أن نرسل إليها هذه الكتيبات‬ ‫األربعة لتتم ترجمتها ودراستها بشكل واف‪.‬‬ ‫‪27‬‬


‫وثائق سرية‬

‫الوث‬

‫يقة‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ية‬

‫ن أصل‬

‫سرى‪ -‬تم السماح بنشره كامالً‬

‫صورة م‬

‫الوثيقة‬

‫االثانية‬

‫من السفارة األمريكية في جدة‬ ‫إلى مسئول االتصال األمريكي بالرياض‪ .‬عاجل‬

‫سرى‪ :‬جدة ‪8095‬‬

‫معلومات وزير الخارجية األمريكي واشنطن العاصمة عاجل‬ ‫القنصلية األمريكية في الظهران عاجل‬ ‫الظهران عاجل‬ ‫وكالة استخبارات وزارة الدفاع األمريكية‬ ‫‪‎-1‬النص بالكامل‬ ‫‪ - ‎2‬يبدو أن األحداث الدرامية في مكة شارفت على االنتهاء‬ ‫أو انتهت كليا‪ ،‬ويبدو أن النهاية كانت مثيرة وعنيفة‪.‬‬ ‫‪‎‬أخبر مهندسو الطيران األمريكيون الذين رافقوا‬ ‫المروحيات التابعة للدفاع المدني السعودي بأنهم‬ ‫حلقوا حول الحرم المكي والمنطقة المحيطة به ما بين‬ ‫الساعة ‪ 1.35‬ظهرا والثالثة عصرا بتوقيت جرينتش‬ ‫في ‪ 24‬نوفمبر وشاهدوا ما يعتقدون أنه عملية‬ ‫تمشيط لالعتداء األخير على المسجد‪ .‬واستخدمت‬ ‫القوات السعودية المروحيات ألغراض االستطالع‪.‬‬ ‫‪ - ‎3‬يقول مهندسو الطيران إنهم حين عادوا إلى المقر‬ ‫في الساعة ‪ 1.35‬ظهرا بتوقيت جرينتش‪ ،‬الحظوا‬ ‫مركبتين مدرعتين تتجوالن في الساحة الداخلية للمسجد‬ ‫وتطلقان أسلحتهما بسرعة على األسوار المحيطة‪ .‬ولم‬ ‫يستطعوا تحديد إذا ما كانت المركبتان تطلقان النار‬ ‫على الطابق األول أو الثاني‪ .‬والحظوا أيضًا دخانا‬ ‫أسود يتصاعد من جزء من الجانب الشرقي للمسجد‬ ‫نتيجة لهذه الطلقات‪ ،‬وشاهدوا فيما بعد دخانًا أخر أشد‬ ‫كثافة يتصاعد من الجزء الشمالي الشرقي للمسجد‪.‬‬ ‫‪‎‬ويبدو أن الدمار األكبر لحق بالجزء الشمالي من‬ ‫المسجد‪ ،‬وهو الجانب الذي به شرفة خارجية طويلة‬ ‫تمتد بزوايا مستقيمة من المبنى الرئيسي‪ .‬وفى هذا‬ ‫المكان‪ ،‬كان حريق ضخم يشتعل من األرض حتى‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫الطابق الثاني في المنطقة بين المئذنتين‪ .‬وكانت عربات‬ ‫اإلطفاء خارج المسجد تحاول احتواء الحريق‪ .‬كما أن‬ ‫بعض المآذن السبع في المسجد أصابها دمار كبير نتيجة‬ ‫طلقات المركبتين المدرعتين‪ .‬وأضافوا أنهم شاهدوا‬ ‫على الشرفة الطويلة الممتدة نحو ‪ 40‬أو ‪ 50‬جنديا‬ ‫(ربما من جنود الحرس الوطني) يقفون على السطح‪.‬‬ ‫وبدوا أنهم يقفون في استرخاء وال يتخذون أي وضع‬ ‫عسكري معين‪ .‬ووقفت ثماني عربات مدرعة إضافية‬ ‫في الشارع تحيط بالمسجد‪ ،‬ولكنها لم تستخدم أسلحتها‪.‬‬ ‫األمريكيون‬ ‫الطيران‬ ‫مهندسو‬ ‫‪‎-4‬قال‬ ‫إن ضابطا سعوديا كان أخبرهم بسر‪.‬‬ ‫‪‎‬بدأ الهجوم مبكرا بعد الظهيرة وقاده أحد اللواءات‪.‬‬ ‫ولم يتوفر تقدير عن عدد الضحايا‪ ،‬ويقولون إنهم‬ ‫لم يشاهدوا أي موتى أو جرحى‪ ،‬رغم االفتراض‬ ‫بأن العدد كان كبيرا‪ .‬ونجد مؤشرا على هذا حيث‬ ‫علمت السفارة في وقت مبكر اليوم أنه في الساعة‬ ‫‪ 11‬ظهرا بتوقيت جرينتش في ‪ 24‬نوفمبر تم‬ ‫إبالغ كل األطباء المسلمين والطاقم الطبي في‬ ‫مستشفى جدة العسكري (بين ‪ 20‬و‪ 25‬شخصا)‬ ‫بالتوجه إلى مكة وإحضار حقيبة لكل فرد للمبيت‪.‬‬ ‫‪ - ‎5‬قال مهندسو الطيران إنهم قبل عودتهم إلى قاعدتهم‬ ‫في جدة بقليل‪ ،‬أخبرهم الضابط السعودي المرافق لهم‬ ‫أن عددا مجهوال من المنشقين المسلمين تمكنوا من‬

‫الفرار من الحرم المكي‪ ،‬ويعتقد أنهم مختبئون في أنحاء‬ ‫مكة‪ .‬وذكروا أنهم لم يشاهدوا أشخاصا مريبين‪ ،‬رغم‬ ‫أنه يبدو وجود الجنود السعوديين في كل مكان تقريبا‪.‬‬ ‫‪ - ‎6‬تعليق‪ :‬قبل اعتداء اليوم‪ ،‬اعتمدت خطة القوات‬ ‫السعودية بشكل أكبر على «تجويع» المنشقين‬ ‫المسلمين الذين يحتلون الحرم‪ .‬والحقيقة أن هذه السياسة‬ ‫فشلت واضطروا التخاذ إجراءات عنيفة لتأمين الحرم‬ ‫المكي األكثر قداسة لدى المسلمين‪ .‬وربما هذا يعكس‬ ‫درجة التسليح الذي تمتع به المنشقون وأن نسبة‬ ‫الضحايا بين السعوديين وصلت لدرجة غير محتملة‪.‬‬ ‫‪‎‬‬ ‫وربما كان السعوديون ضحية لدعايتهم أيضا‪.‬‬ ‫في حين لم يدع السعوديون النصر الكامل‪ ،‬ذكر‬ ‫التعليق السعودي الرسمي مرارا خالل اليومين‬ ‫الماضيين أن المسجد تحت سيطرة القوات‬ ‫السعودية بالكامل‪ ،‬وأن العملية اآلن في مراحلها‬ ‫النهائية (انظر نشرة لندن على سبيل المثال)‪.‬‬ ‫‪‎‬‬ ‫ومن الواضح أن الوضع لم يكن هكذا‪ ،‬وأعلنت‬ ‫الصحف مثل جريدة «أراب نيوز» فى عددها في ‪24‬‬ ‫نوفمبر أنه «تم إنقاذ الكعبة المقدسة»‪ .‬وربما شعرت‬ ‫الحكومة السعودية أنها سوف تخسر أكثر مما تكسب‬ ‫إذا لم تتخذ اإلجراء الالزم وتسيطر على المسجد‬ ‫الحرام بسرعة‪.‬‬ ‫‪28‬‬


‫وثائق سرية‬

‫الو‬

‫ثيق‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫لثة‬

‫صورة‬

‫ة الثالثة‬

‫ل الوثيق‬

‫من أص‬

‫سرى‪ -‬تم السماح بنشره كامالً‬

‫نوفمبر ‪79‬‬ ‫من سفارة لندن‬ ‫وزير الخارجية واشنطن العاصمة عاجل ‪5125‬‬ ‫سري‪ :‬لندن‬

‫الموضوع‪:‬‬ ‫مظاهرة إسالمية أمام سفارة لندن عقب تصريحات الخميني‬ ‫‪ .1‬مظاهرة إسالمية احتجاجًا على الدور‬ ‫األمريكي المزعوم في حادثة الحرم المكي‪.‬‬ ‫بدأت المظاهرة في الساعة ‪ 18:00‬بتوقيت‬ ‫جرينتش أمام سفارة لندن‪ .‬وكانت المظاهرة‬ ‫سلمية دون وقوع أعمال عنف‪ .‬وقد قامت‬ ‫الشرطة بمراقبة المتظاهرين الذين تراوح‬ ‫عددهم بين خمسين وسبعين شخصًا منعًا‬ ‫الندالع أي أعمال شغب‪ .‬وقام ممثل‬ ‫الجماعة بتسليم رسالة احتجاجية لمسئول‬ ‫السفارة‪.‬‬

‫‪ .‎2‬خطاب التفاهم (جاء نصه على النحو التالي)‪:‬‬ ‫الدنيئة‬ ‫أمريكا‬ ‫خطة‬ ‫‪‎‬العنوان‪:‬‬ ‫ضدها‪.‬‬ ‫انقلبت‬ ‫مكة‬ ‫في‬ ‫‪‎‬إن العالم اإلسالمي على قناعة بأن‬ ‫اضطرابات يوم الثالثاء في المسجد‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫الحرام (الكعبة المشرفة) بمكة في المملكة‬ ‫العربية السعودية ليست سوى حيلة‬ ‫جديدة من الحيل األمريكية القذرة‪ .‬لقد‬ ‫حاولت أمريكا نثر بذور الفرقة والشقاق‬ ‫بين الشعوب اإلسالمية‪ ،‬لكنها فشلت‬ ‫مخز‪ .‬وهذه المرة‪ ،‬اكتشف‬ ‫على نح ٍو‬ ‫ٍ‬ ‫العالم اإلسالمي من هو المجرم الحقيقي؛‬ ‫أال وهو الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫‪‎‬ينبغي أن يدرك العالم أن السيد‪ /‬هودينج‬ ‫كارتر‪ ،‬المتحدث باسم الخارجية األمريكية‪،‬‬ ‫الذي يبعد آالف األميال عن مكة‪ ،‬كان أول ‪‎‬أيه كي إم عبد السالم‪ ،‬رئيس الدعوة‬ ‫من أبلغ العالم عن حادثة الحرم المكي اإلسالمية‪ :‬المملكة المتحدة وأيرلندا‪.‬‬ ‫‪‎‬ينبغي على الرئيس كارتر أن يدرك أن ‪‎‬آر أيه صديق‪ ،‬رئيس البعثة اإلسالمية‬ ‫ما قامت به وكالة المخابرات األمريكية بالمملكة المتحدة نيابة عن مسلمي بريطانيا‬ ‫من تدنيس للحرم المكي قد أثار مشاعر ‪ ‎22‬نوفمبر‪ /‬تشرين الثاني‪ ،‬نهاية النص‪.‬‬ ‫الغضب لدى ‪ 700‬مليون مسلم في جميع بريوستر‪.‬‬

‫أرجاء العالم‪ .‬وعلى الواليات المتحدة أن‬ ‫تدرك أنها تلعب بالنار‪ .‬ونحن المسلمين‬ ‫لن نرضخ لتهديدات األساطين والقنابل‪.‬‬ ‫يجب على جميع المتآمرين أن يعوا جيداً‬ ‫أن المسلمين على استعداد أن يقدموا‬ ‫أرواحهم رخيصة من أجل الحفاظ‬ ‫على حرمة وقدسية أراضيهم المقدسة‪.‬‬ ‫ونحذر الواليات المتحدة من االستمرار‬ ‫في التدخل في شئون العالم اإلسالمي‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬


‫أكثر من رأي‬

‫كيف اهتز الوجدان الديني‬

‫الحادث المحفور في الذاكرة السعودية‬ ‫إلي أي مدى أثرت حركة جهيمان على المجتمع السعودي؟‬ ‫سؤال نطرحه فى عدد هذا االسبوع و يقدم اإلجابة عليه عدد من الفكرين و الكتاب السعوديون‪ .‬يؤكد د‪.‬علي خشيبان علي‬ ‫عمق تأثير واقعة الحرم علي التكوين الفكري و الثقافي للمجتمع السعودي في حين يتناول منصور النقيدان الواقعة من المنظور‬ ‫القصصي ساردا األحداث و اسقاطاتها علي الواقع السعودي‪ .‬و علي صعيد آخر يحلل د‪ .‬تركي الحمد و خالد المشوح الصدمة‬ ‫السعودية الناجمة عن حصار مكة و التي استمرت اصداءها في الكيان السعودي لسنوات‪.‬‬ ‫بعد مرور ثالثون عاما علي حصار مكة تعيد المجلة تلك الواقعة الي األذهان متناولة جميع اوجهها‪.‬‬

‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ :‬صبية سعوديون يصطفون في طابور في أول يوم بعد عودتهم إلى المدارس في الرياض وذلك في ‪ 9‬سبتمبر ‪ .2006‬بعد مرور خمسة‬ ‫أعوام على أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪ ،‬ال تزال االتهامات األمريكية للنظام التعليمي اإلسالمي بالمملكة قائمة‪ .‬فالواليات المتحدة تدعي أن هذا النظام يرعى التطرف‬ ‫اإلسالمي‪ .‬فقد اتُهمت الكتب الدراسية السعودية مؤخراً بالترويج للتشدد ليس فقط إزاء غير المسلمين ولكن أيضا ً إزاء الطوائف اإلسالمية األخرى بخالف االتجاه السلفي‬ ‫السني الذي اشتُق منه التيار الوهابي السائد في المملكة‪.‬‬ ‫‪© Getty Images‬‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫‪31‬‬


‫أكثر من رأي‬

‫صا وال شيوعيين‬ ‫ليسوا لصو ً‬

‫الحادث الذي ترك المجتمع السعودي كالصلصال في يد المثال‬ ‫يعد حصار جهيمان للمسجد الحرام نقطة تحول ال يمكن اغفالها في تاريخ المجتمع السعودي‪ .‬فاالعوام التي لحقت‬ ‫تلك الواقعة كانت بمثابة فرصة المجتمع السعودي في اعادة تشكيل نفسه طبقا لمجموعة جديدة من الرؤي ‪ ،‬ولكن ما‬ ‫تم كان مخالفا للتوقعات‪.‬‬ ‫كنت في العاشرة من عمري حينما أذاع‬ ‫الراديو السعودي خبر احتالل عشرات من‬ ‫المسلحين يقودهم جهيمان العتيبي‪ ،‬معلنين‬ ‫فيه ظهور المهدي الذي سيمأل األرض‬ ‫عدال بعد أن ظهر الفساد في البر والبحر‪.‬‬ ‫في مسقط رأسي بريدة سارعت الحكومة‬ ‫إلى نشر قوات األمن بأسلحتهم في الممرات‬ ‫داخل األحياء والشوارع الرئيسية‪ ،‬وتهامس‬ ‫الناس في بيوتهم ومع أصدقائهم عن قوى‬ ‫السحر والشياطين التي استعان بها جهيمان‬ ‫وجماعته للفرار أثناء الحصار‪ ،‬فكان يتجسد‬ ‫في هيئات متعددة مرة على صفة حشرة وتارة‬ ‫يلتصق بالسقف كالعناكب وأخرى يتحول إلى‬ ‫خنفساء‪ .‬لقد أعيا العشرات من رجال األمن‬ ‫وحين وضعوا القيود في يديه وقدميه تمكن‬ ‫من فكها والذ بالفرار‪ ،‬ولكنه سقط أخيراً‬ ‫بعد أن أبطل هللا سحره‪ .‬في اللحظات التي‬ ‫عرض فيها التليفزيون السعودي مقطعا ً‬ ‫يظهر جهيمان وهو مقيد على سرير كنت‬ ‫ملتصقا ً بأمي واجما ً مرعوبا ً من هول ما‬ ‫أرى‪ .‬لم تفارقني مالمح جهيمان لسنوات‬ ‫طويلة‪ .‬كانت سحنته كابوسا ً يطاردني ويبعث‬ ‫الفزع والخوف ‪ .‬أصبح جهيمان وسيلة‬ ‫تخويف وفزاعة تسيطر بها بعض األمهات‬ ‫على أطفالهن إذا لم يمتثلوا لألوامر ويحلوا‬ ‫واجباتهم أو يذهبوا مبكرين إلى النوم‪.‬‬ ‫تحددت هوية العشرات الذين احتلوا‬ ‫المسجد الحرام أكبر مساجد المسلمين‬ ‫وأكثرها قداسة قبل انتهاء االحتالل‪ .‬فلم‬ ‫يكونوا لصوصا ً وال تجار مخدرات وال‬ ‫شيوعيين وال من الطائفة الشيعة‪ .‬كانوا أتقياء‬ ‫عميقي التدين‪ .‬غالبيتهم الساحقة من مواطني‬ ‫البلد ومن قبائل وعوائل معروفة وآخرون من‬ ‫جنسيات عربية وإسالمية‪ .‬لهذا تلبست الناس‬ ‫حالة من النفرة والكراهية واالحتقار لهم‪ .‬غدا‬ ‫المطاوعة من كل شرائح المجتمع مبعثا ً للريبة‬ ‫والتوجس‪ ،‬فواجه كل صاحب لحية وثوب‬ ‫قصير أياما ً سوداء‪ ,‬كان يواجه الضغوط‬ ‫الهائلة في بيته وفي الحي وفي عمله وربما‬ ‫من األمن الذي أصبح يرصد كل نفس ويلتقط‬ ‫كل من يبعث الشك‪ .‬بعدها بشهور كنت ألعب‬ ‫مع الفتيان في السوق فتوقفت سيارة أمام بيت‬ ‫إمام مسجد الحي وخرج منها رجل في أواخر‬ ‫الثالثين له لحية طويلة ويلبس ثوبا ً قصيراً‪،‬‬ ‫فتبادلنا النظرات وتهامسنا بيننا ‪ :‬ربما يكون‬ ‫واحداً منهم‪ .‬حلق كثير من المتدينين لحاهم‬ ‫إما خوفا ً وإما استجابة لرغبات آبائهم‪،‬‬ ‫وتخلى آخرون عن مظاهر التقوى التي‬ ‫تميزهم عن بقية الناس‪ ،‬وعاش اآلباء قلقا‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫منصور النقيدان‬ ‫حقيقيا ً حينما يرقبون اللحظات األولى لتحول‬ ‫أبنائهم نحو التدين‪ .‬قامت بعض العوائل‬ ‫الميسورة بإرسال أبنائها للدراسة خارج‬ ‫البالد حماية لهم من التأثر بتلك األفكار‪.‬‬

‫كانت حادثة الحرم‬ ‫فرصة تاريخية إلعادة‬ ‫تشكيل المجتمع نحو‬ ‫حداثة فكرية متصالحة‬ ‫مع اإلسالم مجففة‬ ‫لمنابع التطرف‬ ‫أصبح رجال الحسبة رغم ضعفهم في تلك‬ ‫الفترة مهبطا ً للنكات والسخرية‪ ،‬في بلدتي‬ ‫كان الناس يسمونهم بـ»محمد لقافة» أي‬ ‫محمد المتطفل الذي يدس أنفه فيما اليعنيه‪،‬‬ ‫وفي ذروة العداء لهم انتقلت إلينا نحن‬ ‫الصغار العدوى‪ ،‬فإذا مرت سيارة المحتسبين‬ ‫أو النواب أثناء جولتها كنا نتبعهم باللعنات‬ ‫ونطلق النكات على مالبسهم وسراويلهم‬ ‫الواسعة‪ .‬بعض الفتيات رفضن الزواج‬ ‫من أشخاص ملتحين ‪.‬األمهات والفتيات‬ ‫كان لديهن قناعة بأن االقتران بواحد من‬ ‫هؤالء هو قصة أحزان لن تنتهي إال بالقبر‪.‬‬ ‫في الخمسينيات الميالدية كتب دبلوماسي‬ ‫أمريكي عاش في الرياض في مذكراته ‪:‬‬ ‫«الجيل الجديد من السعوديين ابتعد كثيراً عن‬ ‫الدين ولم يعد التمسك بالواجبات وااللتزام‬ ‫بالصالة يشغل بالهم»‪ .‬قبل احتالل الحرم‬ ‫راجت بين أوساط الناس حكمة تقول‪ :‬كلما‬ ‫ازداد الرجل تدينا ً نقص عقله واستبدت به‬ ‫الحماقة‪.‬وهو أمر مثير للدهشة في مجتمع‬ ‫متدين ووهابي كان قريب العهد بصحوة‬ ‫دينية وانبعاث عقائدي استمر لعقدين حتى‬ ‫نهاية عشرينيات القرن الماضي‪ .‬كونت‬ ‫شرائح كبيرة من المجتمع خبرة متراكمة‬ ‫غير جيدة من مئات األمثلة التي عرفوها‬ ‫من واقعهم عن المتدينين ‪.‬كانت حادثة الحرم‬ ‫فرصة تاريخية إلعادة تشكيل المجتمع‬ ‫نحو حداثة فكرية متصالحة مع اإلسالم‬ ‫مجففة لمنابع التطرف‪ ،‬فالتحرر السلوكي‬ ‫االجتماعي والتسامح النسبي الذي ازدهر‬ ‫منذ الستينيات وشهد اندحار سطوة الفقهاء‬

‫والمتشددين أعطته أحداث الحرم زخما ً‬ ‫ودفعة أكبر‪ .‬كانت اللحظة مواتية النفتاح‬ ‫فكري يمنح ذلك الفتور الديني العفوي عمقا ً‬ ‫أكثر ويحميه من االرتكاس ويقوي جذوره ‪.‬‬ ‫كنا في السنوات الثالث التي أعقبت الحادث‬ ‫األليم كالصلصال في يد المثال‪ ،‬فما الذي حدث؟‬ ‫على خالف ماكان متوقعاً‪ ،‬فقد بدا أن‬ ‫انبعاثا ً دينيا ً يطل برأسه‪ .‬كانت حسابات‬ ‫صاحب القرار مغايرة تماماً‪ ،‬في نهاية‬ ‫الستينيات وحتى الثمانينيات كانت تجري‬ ‫محاوالت ضخمة ألسلمة المجتمع السعودي‬ ‫قادها اإلخوان المسلمون الذين سيطروا‬ ‫على التعليم العام والجامعات في وقت كان‬ ‫فيه الفقهاء الحنبليون يعانون من قصور‬ ‫في فهم التحول الكبير الذي تعيشه البالد‪.‬‬ ‫كانت السالحف قد وضعت بيوضها والبذور‬ ‫قد زرعت‪ ،‬وحين أميطت آثار جهيمان‬ ‫وقصم ظهر حركته‪ ،‬فقست البيوض وأثمر‬ ‫الزرع وعاش السعوديون منذ ‪1984‬‬ ‫حتى اليوم قصة الصحوة اإلسالمية‪.‬‬ ‫لقد كان ذكر اسم جهيمان من المحرمات‬ ‫لما يقارب تسع سنوات‪ ،‬في نهاية عقد‬ ‫الثمانينيات أعلن أحد أصدقائي بأنه يفخر بأن‬ ‫تكون كنيته (أبو جهيمان)‪ .‬منذ ‪ 1989‬تقريبا‬ ‫انبعثت أفكار جهيمان‪ ،‬أعيد نسخ رسائله‬ ‫في باكستان وه ْ‬ ‫ُربت من اليمن والكويت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي عام ‪ 1990‬انخرطت ضمن حفنة من‬ ‫األصدقاء في جدال عن جهيمان وجماعته‪،‬‬ ‫كان بعضنا يبحث له عن أعذار‪ .‬كان ذلك‬ ‫إعادة لصياغة موقفنا من أفكار جماعته‪.‬‬ ‫بعد قيام أربعة أشخاص بتفجير إرهابي‬ ‫في العاصمة الرياض نوفمبر‪1995‬انتصر‬ ‫السعوديون على أنفسهم والمسوا الجرح‪،‬‬ ‫فكتب حسن المالكي وهو باحث في الفكر‬ ‫السلفي في صحيفة الرياض عن فتنة احتالل‬ ‫الحرم واألسباب التي دفعت إلى ذلك‪ ،‬كانت‬ ‫بداية فصول قصة من التمدد العالمي للقاعدة‬ ‫والفكر الجهادي السلفي‪ ،‬مساوقا ً لهذا كله‬ ‫كانت جماعة جهيمان تحظى مع الزمن‬ ‫بمنافحين من جيل لم يعش تلك الفترة‪ ،‬وبدالً‬ ‫من االعتذار والتبرير تحول جهيمان إلى‬ ‫إيقونة‪ .‬بعد عقدين من التناسي والتجاهل‪،‬‬ ‫أصبح جهيمان رمزاً ملهما ً لمقاتلي القاعدة‬ ‫‪ ،‬وفي مايو ‪ 2003‬بدأت قصة أحزان‬ ‫أخرى بسلسلة من التفجيرات على األراضي‬ ‫السعودية قام بها مواطنون جهاديون‪.‬‬

‫كاتب بجريدة الوطن‬ ‫‪32‬‬


‫أكثر من رأي‬

‫لو كان جهيمان حياً‪ ‬‬

‫جهيمان أدار العملة الفكرية في المجتمع السعودي‬ ‫إلى وجهها اآلخر‬

‫ظن البعض أن حادث الحرم عالمة فارقة غيرت مجري المجتمع السعودي و لكن حقيقة االمر ان تلك الواقعة كشفت‬ ‫عن الوجه االخر للمجتمع الذي طالما كان موجود و لكن متواري عن االنظار‪ .‬و عليه فقد تحول المجتمع السعودي من‬ ‫‪.‬االتجاه االخواني الي الدرب الصحوي‪ .‬و لذا فالمباغة في تقدير اثر جهيمان علي المجتمع السعودي تعد غير منطقية‬ ‫جهيمان لم يكن مجهوال في المجتمع فالكثير‬ ‫من العلماء الدينيين وطلبة العالم قابلهم‬ ‫جهيمان ‪،‬واستمعوا إلى أفكاره االخوانية حيث‬ ‫ال يخفى علي الجميع اعتناق جهيمان للمذهب‬ ‫االخواني مع تعديالت طفيفة فرضتها طبيعته‬ ‫المجتمعية‪ ،‬كما قابلهم محمد القحطاني الذي‬ ‫بايعه جهيمان باعتباره المهدي المنتظر‪.‬‬ ‫وبقدر ما كانت الصدمة كبيرة على‬ ‫المجتمع السعودي وخصوصا الذين‬ ‫يدركون خطورة العمل الذي قام به‬ ‫جهيمان إال أن الخطوط العريضة لما‬ ‫طالب جهيمان تطبيقه في المجتمع كانت‬ ‫تسير في طريقها إلى التطبيق دون إدراك‬ ‫لما أنبئت به األيام التي تلت حادثة الحرم‪.‬‬ ‫إنني اختلف مع كثيرين حول الفرضية التي‬ ‫تقول إن أعمال جهيمان هي التي غيرت‬ ‫في المجتمع السعودي وحدها دون مؤثرات‬ ‫اخرى‪ ،‬ولعل السبب في ذلك انه ليس من‬ ‫المعقول من الناحية السياسية أن تستجيب‬ ‫الدولة لمطالب جهيمان وتطبقها بينما هي‬ ‫في نفس الوقت تحارب هذا االتجاه خالل‬ ‫أيام احتالل الحرم وتصدر أحكاما باإلعدام‬ ‫على مرتكبي الهجوم على الحرم المكي‪.‬‬ ‫إن ما عملة جهيمان كما اجزم هو تسريع‬ ‫تدوير العملة الفكرية في المجتمع السعودي‬ ‫إلى وجهها اآلخر بدرجة أسرع مما كان‬ ‫متوقعا لها وخصوصا أن المجتمع السعودي‬ ‫سيكون جاهزا لمتابعة أخبار الحرب األفغانية‬ ‫الروسية بعد حوالي شهر من حادثة الحرم‪.‬‬ ‫في الخامس والعشرين من ديسمبر من نفس‬ ‫العام دخل االتحاد السوفيتي إلى أفغانستان‬ ‫حيث ولدت على اثر هذا الدخول الحرب‬ ‫األفغانية التي غيرت الكثير من االتجاهات‬ ‫في الفكر االجتماعي في كثير من المجتمعات‬ ‫اإلسالمية ‪،‬اعتقد انه لو لم تتزامن الحرب‬ ‫األفغانية مع حادثة الحرم لكان تأثير‬ ‫حادثة الحرم اقل بكثير مما تصورنا‪.‬‬ ‫الكثير من المحليين اعتقدوا أن حادثة جهيمان‬ ‫هي التي صنعت التغيير الفكري والميل إلى‬ ‫التشدد في المجتمع السعودي ‪ ،‬والحقيقة أن‬ ‫حادثة جهيمان كان باإلمكان إيقاف ضخها‬ ‫الفكري بالقضاء على المتمردين ولكن‬ ‫ما عملة جهيمان انه أدار العملة الفكرية‬ ‫في المجتمع السعودي إلى وجهها اآلخر‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫د‪ .‬علي بن حمد الخشيبان‬ ‫حيث أتاحت حادثة الحرم للفكر أن يتحول‬ ‫بفعل عوامل اجتماعية وسياسية محلية‬ ‫ودولية من االتجاه أإلخواني الصريح إلى‬ ‫االتجاه الصحوى المكون أساسا من مواد‬ ‫فكرية تم جلبها من المد االخواني الموجود‬ ‫في المجتمع قبل حوالي عقدين من الزمن‪.‬‬ ‫إن ما يجعل الكثيرين من المحللين يعتقدون‬ ‫بتأثير حادثة الحرم على المجتمع من‬ ‫حيث نوعية األفكار وكمياتها وخاصة‬ ‫ما طالب به جهيمان ومجموعته هو ذلك‬

‫الكثير من المحليين اعتقدوا أن‬ ‫حادثة جهيمان هي التي صنعت‬ ‫التغيير الفكري والميل إلى التشدد‬ ‫في المجتمع السعودي ‪ ،‬والحقيقة‬ ‫أن حادثة جهيمان كان باإلمكان‬ ‫إيقاف ضخها الفكري بالقضاء‬ ‫على المتمردين‬ ‫التقارب الكبير بين ما طرحته الصحوة‬ ‫في األعوام التي تلت حادثة الحرم وبين‬ ‫ما طرحه جهيمان بشكله االخواني‪.‬‬ ‫هناك فاصل زمني يجب أن نعيه بين اإلخوان‬ ‫الجهيمانيين وبن الصحويين‪ ،‬هذا الفاصل تم‬ ‫تعريفة من قبل السياسة الدولية والمحلية من‬ ‫خالل اتجاهات كانت تسمح بممارسة التشدد‬ ‫وفقا لمنهجية الصحويين في المجتمع مع‬ ‫اإلدراك الواضح بأن ما يطلبه الصحويين‬ ‫لم يكن يختلف مع ما يطلبه الجهيمانيين‪.‬‬ ‫الصحوة وبمساعدة الظروف السياسية‬ ‫الداخلية والخارجية شجعت على القتال‬ ‫والجهاد ولكنة الجهاد خارج المجتمع‬ ‫فحثت الشباب والراغبين في ممارسة‬ ‫استجالب التاريخ اإلسالمي من خالل‬ ‫صور حية للمعارك بين مسلمين ومشركين‬ ‫كما يسمونهم وذلك بالدعوة المباشرة‬ ‫في المشاركة في الحرب األفغانية ‪ ،‬أما‬ ‫بالنسبة لجهيمان فكان األمر مختلف جدا‪.‬‬ ‫اعتقد أن جهيمان كان باإلمكان أن يكون‬

‫ابن الدن حقيقي لو تأخر ألكثر من شهر‬ ‫في تنفيذ عمليته ولو صبر لغير خطته ليجد‬ ‫له مساحة جغرافية يطبق فيها مقترحاته‬ ‫وأفكاره في أفغانستان وبدعم سياسي‬ ‫عالمي وكان باإلمكان توجيه جهيمان‬ ‫المعروف بتشدده وميله االخواني الشديد‬ ‫إلى أفغانستان لو سمحت الظروف بذلك‪.‬‬ ‫من المنطقي أن ال نبالغ كثيرا في تأثير‬ ‫حادثة جهيمان على المجتمع الن وجود‬ ‫الظاهرة األفغانية وتوفر الدعم السياسي لها‬ ‫هو الذي ساهم في إحداث تغيرات جذرية‬ ‫في ممارسة الفكر المتشدد في المجتمع‪.‬‬ ‫لقد تم السماح في المجتمع للدعاة والكثير‬ ‫من العلماء بالدخول على خط الجهاد وحث‬ ‫الشباب على ذلك بعيدا عن مدى إدراكهم‬ ‫لألهداف خلف ذلك‪ ،‬ولكن هذه الظاهرة‬ ‫ال يمكن أن تمر في المجتمع دون تهيئة‬ ‫أرضية فكرية متشددة صلبه يستطيع أولئك‬ ‫الدعاة والوعاظ الوقوف عليها دون خوف‪.‬‬ ‫لقد كان البعد االجتماعي والتنظيمات‬ ‫والتسهيالت التي كان يحصل عليها‬ ‫الصحويين تشكل أرضا صلبة لالنطالق‬ ‫في حث الشباب وترغيبهم في المشاركة في‬ ‫الجهاد األفغاني للممارسة وتذوق التاريخ‬ ‫المماثل لغزوات الرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫إن أعمال جهيمان لم تكن سوى األداة التي‬ ‫كشفت عن الوجه اآلخر للعملة الفكرية التي‬ ‫لو لم تكن مصنوعة لوجب صناعتها نتيجة‬ ‫لظروف سياسية محيطة في المنطقة‪ .‬إن‬ ‫ثالث من الحوادث العالمية شكلت منهجية‬ ‫فكرية جديدة ليس على مستوى المجتمع‬ ‫السعودي فقط ولكن أيضا على المستوى‬ ‫العالمي هذه الحوادث هي (الثورة اإليرانية‪،‬‬ ‫حادثة جهيمان ‪ ،‬ثم أخيرا الحرب األفغانية)‬ ‫لهذا السبب ال يمكن القول بأن حادثة الحرم‬ ‫كانت البيان الفكري الذي كان على المجتمع‬ ‫السعودي تطبيقه بعد القضاء على جهيمان‬ ‫ولكن يمكن القول ان حاثة الحرم لم تكن‬ ‫سوى اإلبهام الذي أدار العملة الفكرية في‬ ‫المجتمع إلى وجهها الصحوى المتشدد الذي‬ ‫أنتج التطرف ولم يستطع السيطرة عليه‪.‬‬

‫اكاديمي وباحث في علم االجتماع‬ ‫‪33‬‬


‫أكثر من رأي‬

‫الفتنة من قلب الحرم!‬

‫بعد حادثة جهيمان إجتاحت المجتمع السعودي‬ ‫الريبة و الشك تجاه كل التنظيمات و األحزاب اإلسالمية‬

‫تعد حادثة جهيمان بداية لعنقود من االحداث التي غيرت من المجتمع السعودي‪ .‬فغرست بذور التحرر في المجتمع‬ ‫السعودي نتيجة لصدمة حادثة الحرم و التي هيأت المجتمع السعودي لما تواتر بعد ذلك من أزمات دولية و داخلية‪.‬‬ ‫و لذا يعد حصار الحرم المكي بالضرر الذي عاد علي المجنمع ككل‪.‬‬ ‫حادثة جهيمان أو حادثة الحرم ‪ ،‬كما‬ ‫هي مشتهرة لدى المجتمع السعودي‪،‬‬ ‫والتي انطلقت شرارتها في بداية القرن‬ ‫الهجري الحالي ‪ ،‬أي قبل ثالثين عا ًما‬ ‫من اليوم ‪ ،‬ليست من الحوادث التي‬ ‫يمكن أن يطويها النسيان من الذاكرة‬ ‫السعودية التي لم تعرف أحداثًا ضخمةً‬ ‫قبل ذلك التاريخ وبعد إعالن الدولة‬ ‫السعودية الحديثة عام ‪1351‬هـ ‪ ،‬هذه‬ ‫الحادثة ربما تكون في وقتها حادثًا‬ ‫مفصليًا في التاريخ ومحورً ا مه ًما في‬ ‫الت ُّغير الثقافي لدى المجتمع في ذلك‬ ‫اليوم ‪ ،‬حيث ظهرت حركة جهيمان‬ ‫العتيبي التي اتخذت من الحرم المكي‬ ‫منطلقًا لبث بيان المهدي المنتظر! وما‬ ‫صحبها من انتهاك لحرمة البيت العتيق‬ ‫الذي يشكل أقدس مقدسات المسلمين‪،‬‬ ‫وتم انتهاك هذه الحرمة في الشهر‬ ‫الحرام‪ ،‬ومن فكرة دينية مغرقة في‬ ‫الخيال والرؤى والتفسيرات الحرفية‬ ‫للنصوص ‪ ،‬لكن هل بالفعل غيَّرت هذه‬ ‫الحادثة وأثرت في المجتمع السعودي‬ ‫؟ يمكن أن أجيب بنعم إذا أردنا بالتغير‬ ‫الموقف من التنظيمات واألحزاب‬ ‫اإلسالمية التي كانت إلى ما قبل هذه‬ ‫الحادثة تعمل بحرية تامة ومطلقة‬ ‫وبدون أي رقابة وأي تحفظات من‬ ‫قبل المجتمع المتدين في أصله وبنيته‬ ‫الثقافية واالجتماعية ‪ ،‬لكن بعد هذه‬ ‫الحادثة اجتاحت كثيرً ا من السعوديين‪،‬‬ ‫السيما األوساط األمنية منها‪ ،‬صنوف‬ ‫من الشك والريبة تجاه هذه التنظيمات‬ ‫وهو شك في محله السيما بعد حادثة‬ ‫بهذا الحجم ‪ ،‬إال أنه ولألمانة لم تغير‬ ‫هذه الحادثة شيئًا من التدين الفطري‬ ‫السعودي المحافظ وال حتى من‬ ‫الموقف الرسمي تجاهه ‪.‬‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫خالد عبد اللـه المشوح‬

‫حادثة جهيمان هَّزت الوجدان‬ ‫الديني كونها انتهكت الحرمات‬ ‫الثالث؛ حرمة الزمان وحرمة‬ ‫المكان وحرمة الدم ! وهو ما‬ ‫أيضا اتفاقًا عار ًما لدى‬ ‫خلق‬ ‫ً‬ ‫جميع شرائح المجتمع على‬ ‫نبذ هذه الحادثة ‪ ،‬كما أن هناك‬ ‫حوادث تلت حادثة الحرم‬ ‫وغيَّرت في المجتمع أكثر من‬ ‫غيرها‪ ،‬فحرب الخليج الثانية‬ ‫واجتياح صدام حسين للكويت‬ ‫ودخوله في حرب مع السعودية‬ ‫غيَّرت الكثير في المجتمع‬ ‫فشهدنا حرا ًكا ثقافيًا وصل إلى‬ ‫حد الصراع !‬ ‫حادثة جهيمان هَّزت الوجدان الديني‬ ‫كونها انتهكت الحرمات الثالث؛‬ ‫حرمة الزمان وحرمة المكان وحرمة‬ ‫الدم ! وهو ما خلق أيضً ا اتفاقًا عار ًما‬ ‫لدى جميع شرائح المجتمع على نبذ‬ ‫هذه الحادثة ‪ ،‬كما أن هناك حوادث‬ ‫تلت حادثة الحرم وغيَّرت في المجتمع‬ ‫أكثر من غيرها‪ ،‬فحرب الخليج الثانية‬ ‫واجتياح صدام حسين للكويت ودخوله‬ ‫في حرب مع السعودية غيَّرت الكثير‬ ‫في المجتمع فشهدنا حرا ًكا ثقافيًا وصل‬ ‫إلى حد الصراع ! من خالل نخب‬ ‫ثقافية ودينية تجاذبت مواقفها تجاه‬ ‫االنفتاح والمحافظة ‪ ،‬أنتجت تغيُّرً ا‬

‫في ذهنية المواطن البسيط تجاه العالم‬ ‫المحيط به وأنه عالم يموج باآلراء‬ ‫واألفكار التي البد وأن يتعامل معها‬ ‫‪ ،‬السيما أنها شهدت انطالق القنوات‬ ‫جوا من االنفتاح غير‬ ‫الفضائية فخلقت ً‬ ‫المعهود في مجتمع محافظ‬ ‫كما أن حادثة بحجم ‪ 11‬سبتمبر‬ ‫وضرب برجي التجارة العالمي‬ ‫وتورط غالبية المنفذين من المجتمع‬ ‫السعودي غيَّرت أكثر من كل األحداث‬ ‫السابقة في المجتمع السعودي ‪ ،‬السيما‬ ‫فيما يتعلق باالنفتاح الفكري والتعددية‬ ‫وقبول الرأي اآلخر ‪ ،‬واألهم من ذلك‬ ‫أن هذه األحداث جعلت السعوديين‬ ‫يعيدون قراءة واقعهم من زاوية أخرى‬ ‫سواء السياسي أو االجتماعي أو الديني‬ ‫‪ ،‬ومحاولة الخروج من هذه األزمة مع‬ ‫الحفاظ على الثوابت األساسية للدولة‬ ‫والمجتمع وسد الثغرات التي يمكن‬ ‫أن تستغلها الجماعات المتطرفة في‬ ‫الترويج ألفكارها منطلقة من الخطاب‬ ‫الديني المتشدد ‪ ،‬لذلك رأينا شخصيات‬ ‫دينية رسمية وغير رسمية تدعو إلى‬ ‫مراجعة الخطاب الديني ‪ ،‬كما شاهدنا‬ ‫انفتاحً ا اجتماعيًا كبيرً ا وحرا ًكا ثقافيًا‬ ‫غير معتاد ‪ ،‬فأحداث ‪ 11‬سبتمبر‬ ‫يمكن أن نقول إنِّها غيَّرت في المجتمع‬ ‫السعودي أكثر من أي حادثة أخرى‪،‬‬ ‫لكن في الوقت نفسه يجب القول إن‬ ‫حادثة جهيمان واالستيالء على الحرم‬ ‫صدمت المجتمع السعودي أكثر من‬ ‫أي حادثة أخرى ونقلته إلى آفاق‬ ‫متغيرة لم يعتد على الخوض فيها‪.‬‬ ‫باحث في الحركات اإلسالمية‬ ‫‪34‬‬


‫أكثر من رأي‬

‫عودة إلي التسامح‬

‫المجتمع السعودي يتخلص من هيمنة جهيمان الفكرية‬

‫قبل حركة جهيمان لم يكن المجتمع السعودي منغلقاً‪ ،‬أو متعصباً‪ ،‬بل كانت أوجه التسامح سائدة فيه أكثر من أوجه‬ ‫التعصب والموقف العدائي مع اآلخر المختلف‪ ..‬لم يكن مجتمعا ً إسالمويا ً يُحمل الدين أموراً ما أنزل هللا بها من‬ ‫سلطان‪ ،‬أو يسيسونه ويؤدلجونه وفق هذه المصلحة أو تلك‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1979‬كانت هنالك أحداث‬ ‫كثيرة أثرت على المنطقة سياسيا ً‬ ‫واجتماعياً‪ ،‬لعل أبرزها الغزو‬ ‫والثورة‬ ‫ألفغانستان‪،‬‬ ‫السوفيتي‬ ‫اإليرانية‪ ،‬واقتحام جهيمان العتيبي‬ ‫للحرم المكي‪ .‬هذه المتغيرات كانت‬ ‫بداية ما يُعرف باسم « الصحوة الدينية‬ ‫« في المنطقة‪ ،‬أو لنقل بداية اكتساحها‬ ‫للمجتمعات‪ ،‬فبداياتها تعود إلى أبعد‬ ‫من ذلك‪ .‬هذه األمور الثالثة متضافرة‬ ‫أدت إلى تحول جذري شامل في‬ ‫السياسة والمجتمع السعودي‪ .‬فالثورة‬ ‫اإليرانية أدت إلى تأجيج الصراع‬ ‫السعودي اإليراني‪ ،‬حيث أن الدولتين‬ ‫تعتمدان الدين أساسا ً لشرعيتهما‪،‬‬ ‫وبالتالي حاولت كل دولة تشجيع‬ ‫ودعم الخطاب السياسي الديني سواء‬ ‫في الداخل أو الخارج» السعودية عن‬ ‫طريق دعم المؤسسات الدعوية في‬ ‫الخارج‪ ،‬ودعم اإلسالميين وخطابهم‬ ‫في الداخل‪ ،‬وإيران عن طريق مبدأ‬ ‫تصدير الثورة‪ .‬أما الغزو السوفيتي‬ ‫ألفغانستان فقد أدى إلى ظهور‬ ‫المقاومة األفغانية التي رفعت شعار‬ ‫الجهاد‪ ،‬وهو األمر الذي جيش الكثير‬ ‫من الشباب خارج أفغانستان‪ ،‬وأدى‬ ‫إلى نشر الخطاب اإلسالمي بشكل‬ ‫أكبر اجتماعياً‪ ،‬ودعمه من قبل كل‬ ‫الحكومات في البلدان اإلسالمية‬ ‫وبكل الطرق‪ ،‬بل وكانت المقاومة في‬ ‫أفغانستان مدعومة من قبل الواليات‬ ‫المتحدة مستخدمة كورقة سياسية في‬ ‫حربها الباردة مع اإلتحاد السوفيتي‪.‬‬ ‫ولكن أهم عامل في التغيرات الداخلية‬ ‫في السعودية كان االقتحام المسلح‬ ‫لجهيمان العتيبي للحرم المكي‪.‬‬ ‫قبل حركة جهيمان لم يكن المجتمع‬ ‫السعودي منغلقاً‪ ،‬أو متعصباً‪ ،‬بل‬ ‫كانت أوجه التسامح سائدة فيه أكثر من‬ ‫أوجه التعصب والموقف العدائي مع‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫د‪ .‬تركي الحمد‬

‫اآلخر المختلف‪ ،‬وهذه أمور أعرفها‬ ‫جيداً حيث عايشت المجتمع السعودي‬ ‫في تحوالته قبل وبعد حركة جهيمان‬ ‫المسلحة‪ .‬كان المجتمع السعودي آنذاك‬ ‫مجتمعا ً مسلماً‪ ،‬يُمارس أفراده أركان‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ويمارسون حياتهم وفق‬ ‫تعاليمه‪ ،‬ولكنه لم يكن مجتمعا ً إسالمويا ً‬ ‫يُحمل الدين أموراً ما أنزل هللا بها من‬ ‫سلطان‪ ،‬أو يسيسونه ويؤدلجونه وفق‬ ‫هذه المصلحة أو تلك‪ .‬بعد القضاء‬ ‫على حركة جهيمان‪ ،‬ومع وجود‬ ‫العاملين األخرين‪ ،‬أي الغزو السوفيتي‬ ‫ألفغانستان وأثره في « الصحوة‬ ‫اإلسالمية «‪ ،‬والثورة اإليرانية‬ ‫وتغلغل مبادئها لدى فئات كثيرة من‬ ‫السعوديين الشيعة‪ ،‬مما يعني تواجداً‬ ‫إليران من خالل هؤالء في السعودية‪،‬‬

‫ثالثة عقود مرت على‬ ‫السعودية كانت فيها مختطفة‬ ‫إجتماعيا ً من قبل خطاب‬ ‫الصحوة‪ ،‬وهي اليوم تحاول أن‬ ‫تعود إلى طبيعتها التي كانت‬ ‫عليها‪ ،‬وخاصة بعد كشف‬ ‫المستور من خالل أحداث‬ ‫سبتمبر ‪2001‬‬ ‫تغيرت السياسة السعودية تغيراً كبيراً‪،‬‬ ‫بحيث أصبحت « الصحوة « وخطابها‬ ‫هو الخطاب الرسمي للدولة في مرحلة‬ ‫من المراحل‪ ،‬وفتحت األبواب على‬ ‫مصراعيها لرموز الصحوة ألسلمة‬ ‫المجتمع‪ ،‬ووفق مباديء ليست بعيدة‬ ‫كثيراً عن مباديء جهيمان وجماعته‪،‬‬ ‫بحيث يمكن القول أن جهيمان قُضي‬

‫عليه جسدياً‪ ،‬ولكنه انتصر فكريا ً‬ ‫وثقافياً‪ ،‬وأصبح الخطاب الديني‬ ‫المتعصب هو السيد في المملكة‪ ،‬وغاب‬ ‫ذلك المجتمع المرن في عالقاته‪ ،‬سواء‬ ‫مع المختلف المحلي األجنبي‪ ،‬والذي‬ ‫كان سائداً قبل ‪ .1979‬لم يكن المجتمع‬ ‫السعودي قبل ذلك التاريخ مثالً حاداً‬ ‫في قضية المرأة واالختالط أو الفصل‬ ‫بين الجنسين‪ ،‬كما كان متقبالً لحرية‬ ‫اآلخر الدينية طالما أنها ال تمس‬ ‫قناعاته وسلوكياته‪ ،‬ولم يكن هنالك‬ ‫تلك الحدة في التعامل مع المختلف‬ ‫دينياً‪ ،‬والتي سادت خالل سنوات «‬ ‫الصحوة «‪ ،‬أو ما يمكن أن يُسمى‬ ‫مرحلة الهيمنة الفكرية الجهيمانية‪.‬‬ ‫ثالثة عقود مرت على السعودية كانت‬ ‫فيها مختطفة إجتماعيا ً من قبل خطاب‬ ‫الصحوة‪ ،‬وهي اليوم تحاول أن تعود‬ ‫إلى طبيعتها التي كانت عليها‪ ،‬وخاصة‬ ‫بعد كشف المستور من خالل أحداث‬ ‫سبتمبر ‪ ،2001‬وتلك « الغزوات «‬ ‫التي قامت الجماعات اإلسالموية‬ ‫المتطرفة في الداخل‪ ،‬حيث تبين أن‬ ‫الفكر المتطرف ال بد أن يقود إلى‬ ‫العنف في النهاية‪ ،‬أو يمهد الطريق‬ ‫لذلك‪ ،‬وخاصة إذا كان فكراً دينيا ً يعد‬ ‫من يُمارس ذلك العنف بالنعيم المقيم‬ ‫في جنة ال موت فيها‪ .‬ثالثون عاما ً‬ ‫من الزمان ُ‬ ‫غسلت فيها أدمغة الشباب‬ ‫وسُممت عقولهم‪ ،‬بحيث نشأ جيل‬ ‫جديد ال يعرف شيئا ً عن تسامح ابائه‬ ‫واتفتاح أجداده‪ ،‬ولعل السعودية تحتاج‬ ‫إلى وقت طويل حتى تستطيع محو «‬ ‫أثار العدوان « على األدمغة والعقول‪،‬‬ ‫ولكن طريق األلف ميل يبدأ بخطوة‬ ‫واحدة كما يقولون‪ ،‬والسعودية تخطو‬ ‫اليوم هذه الخطوة‪.‬‬ ‫كاتب وروائي سعودي‬ ‫‪35‬‬


‫أفكار‬

‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪36‬‬


‫أزمات‬ ‫مستعصية‬ ‫بقلم‬ ‫كيفورك أوسكانيان‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫‪37‬‬


‫أفكار‬

‫أزمات مستعصية‬

‫هل بناء حكومة ديمقراطية في العراق وأفغانستان حلما ً بعيد المنال؟‬

‫تضع الضغوط الداخلية والمتطلبات المحلية القوى الغربية أمام أزمات تزداد تعقيداً بحيث يتعذر السيطرة عليها‪ .‬فالتعقيدات‬ ‫المرتبطة ببناء الدولة في كل من أفغانستان والعراق يمكن أن تقود هذه القوى إلى التخلي عن فكرة بناء الدولة كليا ً باعتبارها‬ ‫أداة سياسية‪ ،‬مما قد يكون له عواقب وخيمة بالنسبة لكال البلدين والمناطق المحيطة بهما‪.‬‬

‫في كل من العراق وأفغانستان‪ ،‬يظل‬ ‫إجراء انتخابات حرة ونزيهة معياراً‬ ‫حاسما ً من معايير النجاح بالنسبة للقوى‬ ‫الغربية من خالل تدخلها في كال البلدين‪.‬‬ ‫وبنا ًء على ذلك‪ ،‬فإننا نجد الساسة في‬ ‫أمريكا الشمالية وغرب أوروبا كل عدة‬ ‫سنوات يترقبون ما تتكشف عنه األحداث‬ ‫بينما ترصد وسائل اإلعالم بعيون‬ ‫ثاقبة اثنتين من أكثر دول العالم هشاشة‪.‬‬ ‫وسوف يتكرر هذا الترقب كثيراً حتى‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫تتولى الحكم في بغداد وكابول إدارات‬ ‫مستقرة تمثل مجتمعات كال البلدين؛ إن‬ ‫كان هذا ممكنا ً من األساس‪ .‬وخالل الشهور‬ ‫والسنوات القادمة‪ ،‬سوف تصبح مهمة‬ ‫تحقيق عملية ديمقراطية تتسم باالستقرار‬ ‫والكفاءة الذاتية بمثابة تح ٍد جديد لصبر‬ ‫كل من القادة الغربيين وجماهير الناخبين‬ ‫في البلدين والذي بدأ ينفد بالفعل‪ ،‬كما‬ ‫أنها تضع صانعي السياسات أمام أزمات‬ ‫يصعب حلها إن لم تكن مستعصية؛ مما‬ ‫يؤدي إلى أخطاء كارثية في تقدير الموقف‬

‫في أفغانستان ومنطقة الشرق األوسط‪.‬‬ ‫واألحداث التي وقعت على مدار الشهور‬ ‫الماضية أضعفت بشكل كبير مشروع بناء‬ ‫الدولة في أفغانستان‪ .‬فمساوئ االنتخابات‬ ‫األفغانية والتراجع المذل للمرشح عبد‬ ‫هللا عبد هللا وانتخاب كرزاي بالتزكية كل‬ ‫هذا قلل بشكل كبير من مصداقية إدارة‬ ‫كرزاي على المستوى المحلي والخارجي‪.‬‬ ‫واألسوأ من ذلك أن هذا التذبذب عزز‬ ‫صحة اعتقاد حركة طالبان وحلفائها أن‬ ‫‪38‬‬


‫أفكار‬ ‫الدولة التي يتم بناؤها في هذا البلد تتم‬ ‫إدارتها في األساس عن طريق قوى غربية‬ ‫ولصالح تلك القوى‪ .‬ومن ناحية أخرى‪،‬‬ ‫يمكن أن تستمر الحكومة العراقية في‬ ‫مهامها القاصرة على «المنطقة اآلمنة»‬ ‫في بغداد؛ في كافة الظروف واألحوال‪،‬‬ ‫حيث تعد هذه المنطقة حصنا ً أبديا ‪ ،‬مما‬ ‫يدل بوضوح على استمرارية اعتماد‬ ‫الحكومة في بقائها على الدعم الغربي‪.‬‬ ‫في ظل هذه الظروف‪ ،‬ال يحتاج األمر‬ ‫من خصوم مشروعات بناء الدولة كي‬ ‫يتمكنوا من سحب الثقة من تلك الحكومات‬ ‫وإظهار عجزها وعجز حلفائها سوى‬ ‫تفجير عدد قليل من القنابل الموقوتة القوية‬ ‫في األماكن الحيوية‪ .‬فجانب كبير من‬ ‫شرعية أي حكومة يعتمد على قدرتها على‬ ‫تلبية أهم مطلب يشغل الناس وهو عنصر‬ ‫األمن‪ .‬فإذا غاب األمن بحيث أصبحت‬ ‫الحكومة عاجزة عن مواجهة أعدائها‪ ،‬فإن‬ ‫النظام يتعرض لمخاطر االنهيار‪ .‬وأدرك‬ ‫هذه الحقيقة باكونين ولينين وكاسترو‬ ‫كما أدركتها القاعدة وحركة طالبان‪.‬‬ ‫وكما أوضحت العمليات الهجومية في‬ ‫األسابيع األخيرة‪ ،‬يتصرف كال التنظيمين‬ ‫وحلفاؤهما بنا ًء على معرفتهم بهذه الحقيقة‪.‬‬ ‫والتركيز على العملية االنتخابية التي‬ ‫جرت على مدار الشهور القليلة الماضية‬ ‫ربما يؤدي إلى صرف االنتباه عن قضايا‬ ‫أكثر أهمية بكثير بالنسبة للسكان المحليين؛‬ ‫تلك القضايا التي تتعلق بأمنهم وحياتهم‬ ‫االقتصادية‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫االعتقاد بأن االنتخابات التي يتم إجراؤها‬ ‫تهدف إلى تحقيق مصالح الشعبين العراقي‬ ‫واألفغاني بمثابة نصف الحقيقة (أو‬ ‫ربما ربع الحقيقة)‪ .‬والسؤال الهام الذي‬ ‫يطرحه المعلقون والمحللون في الغرب‬ ‫ال يتعلق بسخط أو رضا السكان المحليين‬ ‫وإنما القضية المحورية‪ :‬هل الناخبون‬ ‫الغربيون سوف يوافقون على إرسال‬ ‫جنودهم للقتال – والموت – في سبيل‬ ‫أنظمة ال تتمتع بشرعية أو ديمقراطية‪.‬‬ ‫ولعل هذا يشير إلى مدى عجز الحكومات‬ ‫الغربية عن تبرير معاركها في تلك‬ ‫األراضي األجنبية حيث باتت غير قادرة‬ ‫على إقناع العالم بالضرورة اإلستراتيجية‬ ‫لخوض تلك المعارك لحماية أراضيها‪ .‬في‬ ‫غضون ذلك‪ ،‬ارتفعت معايير النجاح – تأمين‬ ‫الحكومات الديمقراطية العاملة‪ -‬بينما ظلت‬ ‫الوسائل المخصصة لتحقيق تلك الغايات‬ ‫محدودة مقارنة بالمهام المطلوب تنفيذها‪.‬‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫فلو أن هذه الحروب تم تعريفها بأنها تهدف‬ ‫إلى اإلطاحة بصدام حسين وحركة طالبان‬ ‫وترك هذين البلدين آمنين بدرجة معقولة‬ ‫– وليس بالضرورة إرساء الديمقراطية‬ ‫فيها – لربما كانت هذه األهداف أيسر‬ ‫نسبيا ً في بلوغها‪ ،‬ولكن توقع الغرب تحقيق‬ ‫معجزة بتأسيس حكومات ديمقراطية‬ ‫من الصفر‪ ،‬بينما ينبغي على طالبان‬ ‫والقاعدة انتظار الفرصة المواتية حيث‬ ‫يزداد انزعاج مجتمعات خصوم طالبان‬ ‫والقاعدة من الحرب وتتراكم إحباطاتهم‬ ‫نظراً لعجز بالدهم عن إرساء دعائم‬ ‫الديمقراطية ومن ثم يطالبون بعودة قواتهم‪.‬‬

‫ربما يؤدي الفشل في‬ ‫أفغانستان إلى جعل‬ ‫واضعي السياسة‬ ‫يستنتجون أن المجتمعات‬ ‫والحكومات بوجه عام‬ ‫معقدة للغاية بحيث يتعذر‬ ‫التأثير عليها خالل فترة‬ ‫زمنية معقولة‪.‬‬ ‫ومن الطبيعي أن يضع كل هذا الحكومات‬ ‫الغربية أمام سلسلة األزمات شديدة‬ ‫التعقيد‪ :‬فحتى ينجح بناء الدولة‪ ،‬تحتاج‬ ‫تلك الحكومات إلى موارد ضخمة قد‬ ‫يتعين إعادة تخصيصها من ميزانيات‬ ‫العجز في أوقات التعثر االقتصادي‪ .‬ومن‬ ‫الممكن أن تحتاج إلى إجراء انتخابات‬ ‫حرة ونزيهة وهو ما تعجز المؤسسات‬ ‫الهشة في تلك الدول الضعيفة عن تحقيقه‬ ‫إلعطاء الدوائر االنتخابية الغربية مبرراً‬ ‫للتواجد العسكري‪ .‬وحتى إذا أقر الناخبون‬ ‫الغربيون زيادة أعداد القوات‪ ،‬فإن صانعي‬ ‫القرار سوف يعانون الكثير من أجل التأكد‬ ‫من أن األفغان والعراقيين ال يعتبرون زيادة‬ ‫أعداد قواتهم العسكرية تهديداً لهم‪ .‬وفي‬ ‫ذات الوقت‪ ،‬سوف يصبح الغرب بحاجة‬ ‫إلى قدر كبير من الوقت لبناء حكومات‬ ‫توفر األمن لمواطنيها وقادرة على مواجهة‬ ‫العمليات التفجيرية التي يمكن أن تدمر في‬ ‫لمح البصر الثقة واألمن اللذين تم بناؤهما‬ ‫خالل شهور وسنوات من العمل الشاق‪.‬‬ ‫ليس من الصعب أن ندرك اآلن السبب وراء‬

‫العناء الذي تلقاه إدارة أوباما في اتخاذ قرار‬ ‫بشأن زيادة أو عدم زيادة أعداد القوات في‬ ‫أفغانستان‪ .‬فاألزمات والتعقيدات التي تم‬ ‫ذكرها أعاله تجعل الجهود المبذولة لبناء‬ ‫الدولة بال جدوى ومعقدة بدرجة تكفي لخلق‬ ‫ورطة يراها ساسة الغرب في كوابيسهم‬ ‫االنتخابية‪ .‬في الواقع‪ ،‬ربما يتعذر في نهاية‬ ‫األمر السيطرة على هذه األزمات‪ ،‬مما يمكن‬ ‫أن يضعف الثقة بفكرة بناء الدولة من خالل‬ ‫التدخل المباشر كظاهرة للسياسة الدولية‪.‬‬ ‫وبينما كانت فكرة بناء الدولة من أبرز‬ ‫خصائص العالقات الدولية بعد الحرب‬ ‫الباردة‪ ،‬فإن عدداً متزايداً من اإلخفاقات‬ ‫أضعف بالفعل من فعاليتها كنموذج عملي‬ ‫للتطوير الدولي‪ .‬فعقب اتفاقية دايتون بخمس‬ ‫عشرة سنة‪ ،‬ال يزال االستقرار المهدد في‬ ‫البوسنة يعتمد على التواجد العسكري‬ ‫المستمر للقوى الخارجية‪ .‬وقد تحولت تجربة‬ ‫تيمور الشرقية لبناء دولة تحت رعاية األمم‬ ‫المتحدة إلى إخفاق تام في نهاية األمر‪ ،‬ولم‬ ‫يتم إنقاذها إال من خالل التدخل األسترالي‬ ‫من جديد‪ .‬وإلى حد كبير‪ ،‬تعتبر التجارب‬ ‫الناجحة في ألمانيا واليابان بعد الحرب‬ ‫العالمية استثنائية‪ ،‬وهي نتاج لظروف‬ ‫مواتية تهيأت في أعقاب الحرب العالمية‬ ‫الثانية مباشرة مع بداية الحرب الباردة‪.‬‬ ‫ربما يؤدي الفشل في أفغانستان إلى جعل‬ ‫واضعي السياسة يستنتجون أن المجتمعات‬ ‫والحكومات بوجه عام معقدة للغاية بحيث‬ ‫يتعذر التأثير عليها خالل فترة زمنية معقولة‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى التكاليف السياسية المحلية‪،‬‬ ‫يمكن أن يصبح االنسحاب واالحتواء بمثابة‬ ‫حلول عملية شبه مثالية لمشكلة معقدة؛‬ ‫بعواقب كارثية تماما ً بالنسبة لتلك الدولتين‬ ‫اللتين كانتا هدفا ً للمحاوالت الفاشلة لبناء‬ ‫دولة في المقام األول‪ :‬أفغانستان والعراق‪.‬‬ ‫وكما الحال اآلن‪ ،‬فإن العواقب الوخيمة‬ ‫لهذا التحرك – فيما يتعلق بعدم االستقرار‬ ‫في أفغانستان وتزايد النفوذ اإليراني في‬ ‫الخليج – ال تزال كافية بالنسبة للقوى‬ ‫الغربية لتظل متشبثة بهدف إرساء دعائم‬ ‫الديمقراطية في منطقة يصعب فيها تحقيق‬ ‫هذا الهدف‪ .‬ومع ذلك فإن تحليل التكاليف‪/‬‬ ‫المكاسب يرجح بقوة االنسحاب‪ .‬لقد أصبح‬ ‫السؤال المطروح بقوة هو‪ :‬متى سيتم هذا‬ ‫االنسحاب؟‬ ‫باحث مقيم في لندن و متخصص في مجال‬ ‫األمن وسياسة غرب آسيا‬ ‫‪39‬‬


‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪36‬‬


‫شخصيات‬ ‫بروفايل‬

‫حوار‬

‫جهيمان‬

‫والبيعة المحرمة‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫‪41‬‬


‫بروفايل‬

‫جهيمان والبيعة المحرمة‬

‫مع بزوغ فجر األول من محرم ‪ ،1400‬وبينما أالف المصلين فى طريقهم اليومى إلى باحة بيت هللا الحرام ألداء صالة الفجر‬ ‫فى أقدس بقعة على وجه األرض‪ .‬تعلو رؤوسهم حمائم الحرم المكى وتلفحهم نسمات الفجر العليلة‪ .‬كان عشرات يحملون‬ ‫نعوشا يدخلون بها الى باحة الحرم‪ .‬المشهد كان طبيعيا فزوار بيت هللا الحرام تعودوا عليه كل صباح‪ .‬نعوش الموتى تدخل‬ ‫للصالة عليها‪ .‬ساروا معها‪ .‬وبعضهم ساعد فى حملها طمعا فى الثواب لم يتخيلوا أن ما يحملونه ليس موتى وإنما أسلحة‬ ‫وذخائر‪ .‬لم يتصور زوار البيت للحظة أنهم يحملون على اكتافهم عتاداً الحتالل البيت‪ .‬لكنها كانت المفاجأة فنعوش الموتى‬ ‫صناديق سالح‪ .‬واالكفان ماهى إال أسلحة نارية وذخائر جهزها جهيمان العتيبى ورجاله أعضاء الجماعة السلفية المحتسبة‬ ‫الحتالل الحرم من اجل إعالن ظهور المهدى المنتظر أمام المصلين فى الحرم‪.‬‬

‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫‪42‬‬


‫بروفايل‬ ‫صعق المصلون فالمشهد أمامهم مخيف‪.‬‬ ‫بيت هللا تحت االحتالل‪ .‬األرض الطاهرة‬ ‫دنستها أطماع الزعامة ‪ ،‬فجهيمان يجهز من‬ ‫اجل إعالن البيعة لصهره محمد بن عبد هللا‬ ‫القحطانى بين الحجر والمقام‪.‬‬ ‫بعض المصلين تملكهم الرعب ‪ .‬لكن اغلبهم‬ ‫ظلوا علي سكينتهم وكلهم إيمان ان بيت هللا‬ ‫معصوم ‪ ،‬وباحته محفوظة ‪ ،‬من أرادها‬ ‫بسوء هلك‪ .‬لكن جهيمان ظل في غيه ‪،‬‬ ‫عشق الزعامة أذهب عقله فاراد ان يحقق‬ ‫حلم صهره وتوهم انه سوف يحرر الجزيرة‬ ‫العربية و العالم كله من الظالمين ‪ .‬كانت‬ ‫الفكرة الخالصية مسيطرة علي جهيمان ‪ ،‬لم‬ ‫تعد أذنيه تسمع إال نداء المهدي ‪ ،‬و ال عينه‬ ‫تري إال سترة اإلمامة ‪.‬‬ ‫صور له وهمه أن اعتصامه فى الحرم لن‬ ‫يطول ‪ ،‬وأن مواجهاته مع الجيش واألمن‬ ‫السعودى لن تستغرق وقتا ‪ ،‬فالحصار لن‬ ‫يدوم أكثر من ثالثة أيام يخسف هللا بعدها‬ ‫األرض بكل رجال األمن لتنطلق آيات‬ ‫المهدى القحطانى وتتدفق عليه ماليين البشر‬ ‫لتبايعه وتعلن تنصيبه امام الكعبة المشرفة ‪.‬‬ ‫دخلت عناصر الشرطة متصورة ان ما حدث‬ ‫ليش إال مسحة من جنون ستزول سريعا لكنها‬ ‫وجدت نفسها أمام وهم كبير ال يقبل الحوار‬ ‫وال اإلقناع ‪ ،‬يسعى بكل قوته لتحقيق وهمه‬ ‫ولو عاند الدنيا كلها‪ ،‬وأمام هذا اإلصرار‬ ‫الجهيمني لم يكن من سبيل أمام قوات األمن‬ ‫السعودية إال أن حاصرت جهيمان وأتباعه‬ ‫داخل الحرم لنحو سبعة عشر يو ًما على‬ ‫غير ما توقع اتباع جيهمان‪ ،‬كانوا يعتقدون‬ ‫أن المهمة سهلة‪ .‬ولن تمر ثالثة أيام إال‬ ‫وتحقق وعد زعيمهم‪ ..‬ويخسف بقوات‬ ‫األمن األرض‪ ..‬لكن مرت األيام الثالثة دون‬ ‫خسف أو سوء يطال رجال األمن‪ ،‬فتملك‬ ‫اليأس أتباع جهيمان وزاد اليأس ثم بدأت‬ ‫أحالمهم تتبدد بعدما قتل القحطاني نفسه ولم‬ ‫يجد جهيمان سبيلاً للسيطرة علي األتباع إال‬ ‫بالتهديد لكل من يفكر في شق عصا الطاعة‬ ‫أو حتي يتحدث عن موت المهدي‪ ،‬فجهيمان‬ ‫لم يكن يتحمل أن يضيع حلمه فظل يشيع أن‬ ‫المهدي حُصر في (القبو) وسوف يخرج‬ ‫قريبًا‪ ،‬لكن كما يقولون “الكذب أبدًا ال يدوم”‬ ‫فسرعان ما تأكد الجميع من كذب جهيمان‬ ‫ففقد سيطرته وضاقت به السبل فاستسلم هو‬ ‫ومن بقي من أتباعه في قبو المسجد الحرام‬ ‫بعد أن كانوا يعتلون المنارات للسيطرة على‬ ‫بيت هللا الحرام ‪ .‬يقطع التليفزيون السعودي‬ ‫بثه ليظهر نايف بن عبد العزيز على الشاشة‬ ‫وآثار التعب ظاهرة عليه ومالمح البشرى‬ ‫تتسلل إليه على استحياء ليعلن تطهير قبو‬ ‫المسجد الحرام من جميع عناصر التمرد‬ ‫ليسدل الستار على أصعب مراحل التاريخ‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫السعودي الحديث بمحاكمة عادلة للشرذمة‬ ‫التي انتهكت حرمة البيت العتيق‪ ،‬وإصدار‬ ‫الملك خالد بن عبد العزيز أمره رقم ‪4207/2‬‬ ‫بقتل المتورطين من عصابة “جهيمان”‬ ‫المقبوض عليهم وتوزيعهم في عدد من‬ ‫المناطق للعبرة ‪ ،‬وفي اليوم نفسه قتل ‪63‬‬ ‫متورطًا في مدن مكة المكرمة ‪ ،15‬المدينة‬ ‫المنورة ‪ ،7‬الرياض ‪ ،10‬الدمام ‪ ،7‬بريدة ‪،7‬‬ ‫حائل ‪ ،5‬أبها ‪ ،7‬تبوك ‪ .5‬وكان‪ ‬جهيمان‪ ‬من‬ ‫ضمن قائمة المحكومين باإلعدام‪،‬وتم تنفيذ‬ ‫حكم اإلعدام فيه في ‪ 9‬يناير ‪1980‬م ليغلق‬ ‫ملف أول حادث للتطرف الديني في المملكة‬

‫اتباع جيهمان‪ ،‬كانوا‬ ‫يعتقدون أن المهمة سهلة‪.‬‬ ‫ولن تمر ثالثة أيام إال‬ ‫ويحقق وعد زعيمهم‪..‬‬ ‫ويخسف بقوات األمن‬ ‫األرض‪ ..‬لكن مرت األيام‬ ‫الثالثة دون خسف أو‬ ‫سوء يطال رجال األمن‪،‬‬ ‫فتملك اليأس أتباع‬ ‫جهيمان ثم تحول اليأس‬ ‫الي احباط و بدأت أحالمهم‬ ‫تتبدد بعدما قتل القحطاني‬ ‫قادها جهيمان المغمور الحالم بزعامة وهمية‬ ‫فهو لم يكن يو ًما ممن يتوقع لهم هذا المصير‪.‬‬ ‫فجهيمان المولود في ‪ 1936‬والمكني بأبي‬ ‫محمد بدأ حياته موظفًا عاديًا بالحرس الوطني‬ ‫السعودي لثمانية عشر عا ًما منذ عام ‪1955‬م‪،‬‬ ‫إلى أن ترك الحياة العسكرية عام ‪.1973‬‬ ‫ثم انتقل إلى المدينة المنورة حيث درس‬ ‫في الجامعة اإلسالمية والتقى هناك بمحمد‬ ‫بن عبد هللا القحطاني الذي تزوج فيما بعد‬ ‫أخت جهيمان وكان سر التغير الذي قلب‬ ‫حياة جهيمان بعدما التقى مع محمد بن‬ ‫عبد هللا في الكثير من األفكار والتي بدأ‬ ‫بنشرها بشكل سري وعلى نطاق ضيق في‬ ‫بعض المساجد الصغيرة بالمدينة المنورة‬ ‫في البداية ‪ ،‬ولقيت هذه األفكار الخالصية‬ ‫كما كانوا يسمونها صدى إيجابيًا عند‬ ‫البعض‪،‬وأخذت الجماعة التي أسسها جهيمان‬ ‫تكبر‪،‬حتى وصل عدد أفرادها إلى اآلالف‪.‬‬ ‫البداية كانت دعوة محتسبة عندما باركها‬ ‫الشيخ عبد العزيز بن باز منتصف الستينيات‬ ‫الميالدية ‪ ،‬وبرغم انطالقها تحت راية قيادة‬ ‫مركزية تكونت من ناصر بن حسين وسليمان‬

‫بن شتيوي وسعد التميمي جهيمان العتيبي‬ ‫فإن تفرغ األخير للدعوة والثورة الداخلية‬ ‫التي كان يحس بها والتطلع للزعامة جعلته‬ ‫الرجل األول والمحرك الرئيسي للجماعة‬ ‫حتى اختزلت الجماعة السلفية المحتسبة في‬ ‫جهيمان وجهيمان في الجماعة ‪ ،‬كان يعتبرها‬ ‫رسالته وحده وحقه األكيد في الزعامة‪ .‬لذا‬ ‫لم يكن يتردد في أن يقود سيارته الجمس‬ ‫الصالون ليجوب القرى والهجر في رسالة‬ ‫الدعوة التي يحملها شرق المدينة المنورة‬ ‫في قرى النخيل وما جاورها من هجر ‪.‬‬ ‫فالموظف الهادئ المستكين تحول فجأة‬ ‫بعدما سيطرت فكرة الزعامة عليه إلى‬ ‫بركان من النشاط والغضب أيضا فكان‬ ‫العام ‪1978‬م هو المرة األولى التي يكون‬ ‫فيها جهيمان وأعضاء الجماعة مطلوبين‬ ‫أمنيين لدى الدولة السعودية ‪ ،‬بسبب أفكار‬ ‫االنتقام إلخوان السبلة التي كثيرًا ما كان‬ ‫يرددها على أتباعه دون خوض في تفاصيلها‬ ‫‪ ،‬وكان في هذه األثناء يعكف على إصدار‬ ‫عدة رسائل أهمها “الرسائل السبع‪ ،‬رسالة‬ ‫اإلمارة والبيعة والطاعة‪ ،‬كشف تلبيس‬ ‫الحكام عن طلبة العلم والعوام‪ -‬وهي رسالة‬ ‫كتبها مدافعًا عن اإلخوان الذين كانوا في‬ ‫جيش الملك المؤسس‪ ،-‬رفع االلتباس”‪ ،‬وقد‬ ‫تم طباعة تلك الرسائل في الكويت‪ ،‬وقامت‬ ‫مجلة الطليعة الكويتية اليسارية بطباعة‬ ‫كتب جهيمان بسعر زهيد ويتم تهريبها عبر‬ ‫الحدود الشمالية للمملكة‪ ،‬عن طريق أتباعه‬ ‫الذين كانوا يتنكرون في هيئة رعاة غنم‬ ‫ويخبئون تلك الكتب تحت الخبز اليابس‪.‬‬ ‫ويشكك الكثير من الباحثين في كون جهيمان‬ ‫هو من كتب هذه الرسائل بنفسه ويرون أن‬ ‫هناك من كتبها له‪ ،‬وممن طالتهم أصابع‬ ‫االتهام في ذلك محدث اليمن الشيخ مقبل بن‬ ‫هادي الوادعي رحمه هللا والذي كان يؤيد‬ ‫جهيمان في البداية قبل أن يتراجع‪ ،‬لكن‬ ‫الشيخ مقبل حاول تبرئة نفسه من هذه التهمة‬ ‫وقال في أحد كتبه ‪ ....‬ثم بعد هذا خرجت‬ ‫بعض رسائل جهيمان فقبض على مجموعة‬ ‫منا وعند التحقيق قالوا لي أنت التي كتبتها‪،‬‬ ‫جهيمان ال يستطيع أن يكتب‪ ،‬فنفيت ذلك‬ ‫وهللا يعلم أني لم أكتبها” لكن نفي مقبل لم ينه‬ ‫القناعة التي سيطرت علي الجميع بأن جهيمان‬ ‫لم يكتب هذه الرسائل بنفسه وهو ما أكده‬ ‫ولي العهد السعودي وقتها األمير فهد بن‬ ‫عبدالعزيز في حوار مع جريدة السفير‬ ‫اللبنانية عندما قال إن جهيمان لم يكن سوى‬ ‫(رجل عادي إلى درجة متناهية‪ ،‬وأنه‬ ‫متواضع لغويًا وفكريًا‪ ،‬وأنه ال يمتلك من‬ ‫القدرات ما يمكنه من تأليف كتب)‪ ،‬لكن مع‬ ‫تنفيذ حكم القتل في جهيمان دفن معه سره‬ ‫وفتنته التي أراد إشعالها أيضا‪.‬‬ ‫‪43‬‬


‫حوار‬

‫خطيئة جهيمان‬

‫ناصر الحزيمي‪ :‬هذه قصتي مع المهدي المنتظر‬ ‫‪‎‬الكاتب والباحث‪ ‬ناصر الحزيمي‪ ،‬واحد ممن عاصروا جهيمان العتيبي‪ ،‬بل واقترب منه داخل جماعته لدرجة جعلته يقف على‬ ‫أدق تفاصيل شخصيته وتفكيره‪ ،‬وشاهد عن كثب مراحل تأسيس جماعة السلفية المحتسبة‪ ،‬ويعرف أسرار ما كان يجري في‬ ‫اجتماعاتها السرية‪ ،‬وكيف صعد جهيمان إلى قيادتها لذلك‪ ،‬فإن ما يقوله الحزيمي‪ ‬قد ال يعرفه الكثيرون حول بداية الجماعة‬ ‫وتأسيسها والفكر الخالصي عند جهيمان وبُعده عن الجماعات األخرى مثل اإلخوان المسلمين والتبليغ‪ ،‬وعالقته بالشيخين بن‬ ‫باز واأللباني‪ ،‬وتحوله من العمل العلني إلى السري‪ ،‬وكيف بدأت فكرة اقتحام الحرم‪.‬‬

‫المجلة‪ :‬كيف‪ ‬ترى الوضع االجتماعي‬ ‫الذي ظهر فيه جهيمان خاصة أن هناك من‬ ‫يرى تأثير البعد االقتصادي علي ظهوره؟‬ ‫ هذه الفرضية لم تعززها الدراسات االجتماعية‪،‬‬‫لكن حسب ما نالحظ أن جهيمان العتيبي‪ ‬نشأ أصلاً‬ ‫في منطقة تعتبر بادية متحضرة‪ ،‬وهي«ساجر» ‪ ،‬التي‪ ‬‬ ‫كانت إحدى هجر «اإلخوان» والتي تأسست في عهد‬ ‫الملك عبد العزيز لتوطين البادية‪ ،‬وبالتالي فإن تعليم‬ ‫األمور الدينية في‪ ‬البادية المتوطنة في ساجر‪ ،‬كان‪ ‬‬ ‫يغلب عليها ‪ ،‬فهي‪ ‬التي حاربت فيما بعد الملك عبد‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫العزيز في «السبلة»‪ ،‬ونشأ جهيمان في هذه المنطقة‬ ‫وهي من المناطق التي تعتبر‪ ‬نفسها متضررة من هذا‬ ‫الوضع ‪ ،‬و»جهيمان» نشأ في هذه المنطقة التي تعد‬ ‫بادية متحضرة «نوعًا ما»‪ ،‬ألن التحضر لم يكن فيها‬ ‫كاملاً ‪ ،‬وقد‪ ‬هاجر إلى ساجر من البادية‪ ‬والد جهيمان‬ ‫محمد بن سيف‪ ،‬وعليه فجهيمان يمثل الجيل األول من‬ ‫أبناء هؤالء الذين استوطنوا هذه الحاضرة ‪.‬يعني لم يكن‬ ‫هناك انفصال في الوالء للقبيلة‪ ،‬بل ما زالت القبيلة في‬ ‫داخل جهيمان وفي صميمه‪ ،‬وكانت «ساجر» مجرد‬ ‫سكن‪ ،‬فلم ينس أنه‪ ‬ينتمي إلى البادية‪ ،‬والرجل يكاد‬

‫يكون كما هو‪ ،‬بل تكاد تكون نشأته نشأة بادية أكثر منها‬ ‫نشأة حاضرة‪.‬‬ ‫المجلة‪ :‬البادية المتحضرة التي انتمى لها‬ ‫جهيمان في ساجر هل كان لها ارتباط باإلخوان؟‬ ‫ـ أنا أدركت هذه البادية وعرّفنِي جهيمان في فترة معينة‬ ‫من السبعينيات‪ ،‬على كثير من اإلخوان الذين شاركوا‬ ‫في عمليات السلب وكانوا كبارًا في السن طبعًا ولم‬ ‫يكونوا صغارًا‪ ،‬وكانوا يحكون لنا في‪ ‬الجلسات حكايات‬ ‫اإلخوان‪ ،‬وحكايات الجهاد والكرامات التي رأوها في‬ ‫‪44‬‬


‫حوار‬ ‫الجهاد كمرحلة ثانية من حكايات السلف من فتوحات‬ ‫الصحابة والغزوات وما شابه‪ ،‬كانت حاضرة في‬ ‫ثقافتهم وفي ذهنتهم وكثير منهم يحفظ هذه الحكايات ‪.‬‬

‫*المجلة‪ :‬هل كان لها تأثير في العقل الباطن؟‬

‫ـ نعم‪ ،‬بكل تأكيد كان لها تأثير مباشر‪ ،‬حتى في مواقف‬ ‫جهيمان فيما بعد‪ ،‬فقد اتكأ على مواقف حصلت مع‬ ‫«اإلخوان» قدي ًما مثلاً عندما‪ ‬أصبح جهيمان شخصًا‬ ‫مطلوبًا لألمن بعد سنة ‪1398‬هـ ‪ ،‬أو قبلها قليلاً كان‬ ‫يفسر هروبه وعدم تسليم نفسه بأنه يخاف أن يحصل‬ ‫له مثلما حصل لإلخوان القدماء أمثال سلطان بن‬ ‫بجاد وغيره‪ .‬جهيمان التحق بالعمل الحكومي في‬ ‫الحرس الوطني ‪ ،‬ودرس‪ ‬في الجامعة اإلسالمية‪.‬‬

‫*المجلة‪ :‬متى بدأ التفكير في تأسيس‪ ‬‬ ‫«الجماعةالسلفيةالمحتسبة»التيأسسها؟‬

‫ـ ‪‎‬أسس جهيمان الجماعة قبل سنة ‪1965‬م ‪ ،‬وكان‬ ‫متذبذبًا بين جماعة التبليغ وبين جماعات تكاد تكون شبه‬ ‫بدوية من أواخر «اإلخوان» القدماء‪ ،‬فبداياته كانت قبل‬ ‫سنة ‪ 1965‬م؛ وبعدها‪ ‬اجتمع ستة‪ ‬أشخاص‪ ‬أبرزهم‪:‬‬ ‫ناصر بن حسين ‪،‬سليمان بن شتيوي ؛ سعد التميمي‪،‎‬‬ ‫جهيمان العتيبي؛ واتفقوا على تأسيس الجماعة السلفية‬ ‫وكان اثنان‪ ‬منهم ينتمين تقريبًا لجماعة التبليغ‪ ،‬أحدهما‪ ‬‬ ‫كان‪ ‬سلفيًا من تالميذ الشيخ ناصر الدين األلباني وهو‬ ‫سليمان بن شتيوي‪ ،‬والثاني هو جهيمان‪ ،‬وكان في تلك‬ ‫الفترة متذبذبًا بين التبليغيين والسلفيين‪ ،‬مع مالحظة‪ ‬أن‬ ‫جماعة التبليغ ال تدعو إلى التوحيد؛ وإنما تقوم دعوتها‪ ‬‬ ‫على الزهد واألخالق والموعظة الحسنة‪ ‬وعدم التصادم‬ ‫مع السلطة‪ ،‬فاتفق هؤالء الستة‪ ،‬الحظ أنني ذكرت‬ ‫منهم أربعة فقط ألن هناك اثنين ال أحفظ اسميهما‪،‬‬ ‫لكن األرجح أحدهما توفي قبل أن أنضم للجماعة‪،‬‬ ‫والثاني فُصل ألنه كان من «اإلخوان المسلمين‪ ،‬وكان‬ ‫يريد أن ينحرف بمنهج دعوة الجماعة من السلفية إلى‬ ‫منهج جماعة اإلخوان المسلمين‪ ،‬الخالصة أن هذه‬ ‫المجموعة ذهبت إلى الشيخ عبد العزيز بن باز‪ ،‬وكان‬ ‫وقتها في المدينة المنورة‪ ،‬والتقوا به وقالوا له‪ :‬نحن‬ ‫نريد أن نؤسس جماعة ونقوم بالدعوة وهذه الجماعة‬ ‫تهتم بمنهج السلف وتحارب البدع وتكون على الكتاب‬ ‫والسنة وتح ّكم القرآن والسنة‪ .‬فسألهم الشيخ عبد العزيز‬ ‫بن باز عن اسم هذه الجماعة؟ فقالوا إنها الجماعة‬ ‫السلفية‪ .‬فقال لهم‪ :‬بما أنكم تدعون الحسبة إلى اللـه‪ ،‬‬ ‫سموها «الجماعة السلفية المحتسبة»‪ ،‬فأصبح اسم‬ ‫الجماعة من هذا الوقت “الجماعة السلفية المحتسبة”‪،‬‬ ‫على أساس أنها تحتسب األجر من اللـه وهكذا انطلقت‬ ‫الجماعة بصفتها العلنية الدعوية‪ ،‬وكان أول بيت‬ ‫للجماعة استأجره الشيخ بن باز في الحرة الشرقية‪،‬‬ ‫وكان بيتًا كبيرًا يضم‪ ‬مكانًا”حوش “للمحاضرات‬ ‫والدروس‪ ،‬وغرفًا كثيرة‪ ،‬وكان الشيخ عبد العزيز‬ ‫بن باز‪ ،‬وبعض مشايخ المدينة المنورة يحضرون‬ ‫هذه الدروس مثل الشيخ أبو بكر‪ ‬الجزائري‪ ،‬وهكذا‬ ‫صارت الجماعة محتسبة سلفية وال تحتج إال بالحديث‬ ‫الصحيح وال تأخذ إال بمنهج السلف وتدعو إلى التوحيد‬ ‫الصحيح وتحارب البدع‪ ‬وتحارب القبوريين وما شابه‬ ‫ذلك‪ ،‬وكان‪ ‬للجماعة‪ ‬مجلس شورى يجتمع ويناقش‬ ‫األمورسرًا دون معرفة بن باز وغيره من المشائخ ‪.‬‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫*المجلة‪ :‬وكيف كان تأثير الشيخ محمد‬ ‫ناصر الدين األلباني على مسار الجماعة‪ ‬؟‬ ‫هل كان له دور في اختيار المسار؟‬

‫ـ السلفية التي طرحها الشيخ األلباني أصبحت ضمن‬ ‫نسيج مفهوم السلفية عند‪ ‬الجماعة‪ ،‬بمعنى أن تقوم‬ ‫على نبذ التمذهب‪ ،‬واألخذ باألحاديث الصحيحة‪،‬‬ ‫وتنقية السنة الصحيحة من األحايث الضعيفة‪ ،‬وأصبح‪ ‬‬ ‫المقابل هو المعادل الموضوعي الذي كان يقوم على‬ ‫األخذ بالعقيدة السلفية الصحيحة وطريقة السلف في‬ ‫فهم التوحيد‪ ،‬فأخذوا من علماء الدعوة السلفية خاصة‬ ‫كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب الشيخ ابن‬ ‫تيمية‪ ،‬وكتب الشيخ ابن القيم‪ ،‬وتالميذ الشيخ محمد‬ ‫بن عبد الوهاب‪ ،‬في جوانب التوحيد والعقيدة‪،‬‬ ‫ونبذ التمذهب واألخذ باألحاديث الصحيحة والسنة‬ ‫الصحيحة‪ ،‬هذه غالبًا مأخوذة عن كتابات الشيخ محمد‬ ‫ناصر الدين األلباني وتالميذه المحدثين‪ ،‬وعليه فمفهوم‬ ‫السلفية عندهم أصبح هذه التوليفة من مفهوم الفكرين‪.‬‬

‫طالما أن الجماعة في‬ ‫*المجلة‪:‬‬ ‫البداية عملت في العلن‪ ،‬فمتي انتقلت‬ ‫إلى العمل السري وحشد األتباع؟‬

‫ـ الجماعة نشأت كجماعة علنية‪ ‬ألن تركيبة الجماعة‬ ‫تقوم على التذكير‪ ،‬وكان وقتها ال يوجد ْ‬ ‫حظر أو منع‬ ‫ألي تيارات إسالمية‪ ‬طالما أنها ال تمس قضايا التوحيد‬ ‫المهمة‪ ،‬وال تمس األمن الوطني‪ ،‬فكانت الجماعات بشكل‬ ‫عام موجودة‪ ،‬وكان هناك خطباء معروف أنهم ينتمون‬ ‫لجماعة اإلخوان المسلمين‪ ،‬وخطباء معروف أنهم‬ ‫ينتمون للجماعة السلفية‪ ،‬وكان العمل السري في نطاق‬ ‫محدود جدًا‪ ،‬مثل اجتماعات مجلس شوري الجماعة‪.‬‬ ‫‪‎‬‬ ‫*المجلة‪ :‬هذه االجتماعات السرية كيف‬

‫تطورت الي‪ ‬مرحلة حشد األتباع‪ ،‬خاصة‬ ‫في نهاية السبعينيات ووجود مجموعات‬ ‫كبيرة من الشباب من شتى أنحاء المملكة؟‬

‫ـ الجماعة بدأت بأعداد معينة‪ ‬أغلبهم كانوا طالبًا‪ ‬‬ ‫في الجامعة اإلسالمية و تالميذ المعاهد العلمية‪ ،‬لكن‬ ‫الجماعة بدأت تتنامى‪ ،‬وبعد أن كان لها بيت واحد في‬ ‫ثان هو بيت اإلخوان في‬ ‫الحرة الشرقية صار لها‪ ‬بيت ٍ‬ ‫مكة المكرمة‪ ،‬وكان يضم مجموعة من اإلخوان‪ ،‬وكانوا‬ ‫غالبًا تالميذ في معهد الحرم المكي‪ ،‬بعد ذلك تأسس بيت‬ ‫اإلخوان في الرياض‪ .‬وأذكر أن مبرر تأسيس البيوت‬ ‫كان أن الجماعة أصبح لها تمدد وهذا كان قبل سنة‬ ‫‪1398‬هـ‪ ،‬وتأسس بيت اإلخوان األول في الرياض‪،‬‬ ‫ثان‪ ‬في منفوحة عند مسجد الرويل‪ ،‬ثم‪ ‬‬ ‫ثم تأسس بيت ٍ‬ ‫ثالث‪ ‬في شارع الغنم‪ ،‬فأصبح لإلخوان في الرياض‬ ‫ثالثة بيوت‪ ،‬وفي جدة أصبح لهم بيت وفي الطائف‬ ‫بيت‪ ،‬وهذا هو ما أعرفه‪ ،‬لكن الجماعة تمددت وأصبح‬ ‫لها أنصار منهم من يعتبرون أنفسهم ينتمون للجماعة‬ ‫السلفية‪ ،‬ومنهم المحبون لهم خصوصًا أن الجماعة‬ ‫استقطبت الكثير من الناس من جماعة التبليغ‪ ،‬وأصبح مع‬ ‫اإلخوان في تلك الفترة يعني قبل سنة ‪1398‬هـ ‪1979‬م‪.‬‬

‫‪*‎‬المجلة‪ :‬لكن متي بدأ انضمام‬ ‫مجموعات كثيرة من الجنوب للجماعة؟‬

‫‪ -‎‬حدث هذا بعد سنة ‪1398‬هـ«‪1979‬م» عقب‬ ‫واقعة االعتقال األول للجماعة‪ ‬بسبب تقرير كيدي‬ ‫زعم أن الجماعة لديها مستودعات سالح‪ ،‬ثم تأكدت‬ ‫الدولة أن هذا التقرير كان كيديًا وغير صادق ‪.‬‬

‫*المجلة‪ :‬هل كان االنضمام لهذه‬ ‫الجماعة سهل ال يتطلب أي قيود؟‬

‫ـ الجماعة ال يوجد فيها ما‪ ‬عند التنظيمات األخرى‪ ،‬فال‬ ‫يوجد فيها التنظيم العنقودي إنما يؤهلك في هذه الجماعة‬ ‫أن تكون عال ًما أو طالب علم ثم ومواقفك في الطاعة للقائد‪ ،‬‬ ‫وهو جهيمان في تلك الفترة‪ ،‬هذه غالبًا هي مؤهالت‬ ‫االنضمام‪ ،‬لكن بعد أن‪ ‬أصبح جهيمان مطلوبًا أمنيًا‪،‬‬ ‫أصبحت الجماعة متحفظة تجاه العناصر التي تنضم لها‬ ‫فكان من الممكن أن ينضم لها واحد من الخارج‪ ،‬لكن‬ ‫ال يمكن أن يطلع على كثير من أسرار الجماعة‪ ،‬مثل‬ ‫المنشورات التي كانت تطبع في الكويت‪ ،‬لم يكن‪ ‬كثير‬ ‫من أفراد الجماعة يعرفون كيف كانت تطبع؟ وكيف‬ ‫كانت تروح وتيجئ؟ وكيفية االتصال بجهيمان؟ كثير‬ ‫منهم ما كان يعرف كيف كان يتم االتصال بجهيمان‪،‬‬ ‫ومن هم حلقات الوصل بينهم وبين جهيمان وهكذا‪.‬‬

‫*المجلة‪ :‬ذكرت‪ ‬أربعة‪ ‬من المؤسسين‬ ‫كيف‪ ‬آلت وضعية‪ ‬الجماعة من‬ ‫جهيمان؟‬ ‫زعامة‬ ‫إلى‬ ‫بدايتها‬ ‫وما الصفات التي كانت تميزه؟‬ ‫ـ الجماعة من بدايتها لم تكن تحت قيادة جهيمان‪ ،‬هذه‬ ‫المسألة مرت بمراحل‪ ،‬جهيمان كان متفقًا مع هؤالء‬ ‫األربعة ومجلس شورى الجماعة‪ ،‬مثل أحمد حسن‬ ‫المعلم والشيخ عادل المزروعي على أمور معينة‪ ،‬وما‬ ‫حدث هو أن جهيمان كان بيده مفتاح الجماعة ألنه كان‬ ‫اكثرهم نشاطا وتواجدا فقد كان يقيم المخيمات ويحج‬ ‫بالجماعة ‪ ،‬وكان كل من يحضر الي المدينة يسأل عن‬ ‫جهيمان وليس عن سليمان الشتيوي أو سعد التميمي‪ ،‬أو‬ ‫ناصر بن حسين وبعد فترة أصبح جهيمان يستبد بالسلطة‬

‫*المجلة‪:‬هل يمكن أن نقول إن‬ ‫جهيمان كانت لديه نزعة قيادية‬ ‫من البداية لزعامة هذه الجماعة؟‬

‫ـ نعم‪ ،‬طبعًا فهو الذي سمى نفسه كقائد لهذه‬ ‫الجماعة و كان ذلك عن جدارة ألن جهيمان‬ ‫كان يتحلى بروح المبادرة ‪ ،‬فقد كان وقته كله‬ ‫للجماعة بعكس‪ ‬الثالثة الباقين الذين كانوا يعملون‬ ‫في التدريس وأوقات الدعوة عندهم محدودة ‪.‬‬

‫‪‎‬‬

‫*المجلة‪ :‬أول صدام حصل ما‬ ‫بين الجماعة السلفية المحتسبة‬ ‫والجهات األمنية عام ‪1398‬هـ‪،‬‬ ‫ما‪ ‬طبيعة هذا الصدام وكيف حدث؟‬

‫‪‎‬ـ حقيقة لم يكن هناك صدام‪ ،‬وإنما كانت مجموعة‬ ‫اعتقاالت‪ ‬شملت‪ ‬رموز الجماعة في جميع أنحاء‬ ‫وبعدها هرب جهيمان‪.‬‬

‫‪*‎‬المجلة‪ :‬ولماذا االعتقاالت؟‬ ‫ـ بسبب تقرير كيدي سمعنا وقتها ان كاتبه تعرض للتوبيخ‬ ‫ألنه ذكر أن هذه الجماعة عندها مستودعات سالح‪.‬‬ ‫‪45‬‬


‫المجلة‪ :‬دعنا ننتقل إلى الفكرة الرئيسية‬ ‫التي اعتمد عليها جهيمان في حركته‪،‬‬ ‫وهي قضية االستيالء على الحرم المكي‪.‬‬ ‫من مصدر هذه الفكرة في البداية؟‬

‫ـ قضية دخول الحرم المكي‪ ‬أصلاً مرتبطة نصيًا‬ ‫بقضية المهدي المنتظر‪ ،‬والسبب في دخولهم للحرم أنه‬ ‫يوجد لديهم‪ ‬سيناريو لخط سير الجماعة‪ ،‬بعد مبايعة‬ ‫محمد عبد اللـه المهدي‪ ( ‬محمد عبد اللـه القحطاني)‪،‬‬ ‫فقد اعتمدوا السيناريو من خالل كتب الفتن وأشراط‬ ‫الساعة‪ ،‬يقول هذا السيناريو‪« :‬يُبايَع الرجل بين الركن‬ ‫والمقام ويعتصم هذا الرجل في الحرم ثم يأتي جيش‬ ‫من تبوك ويخسف بهذا الجيش ثم يخرج هذا الرجل‬ ‫من الحرم ويذهب إلى المدينة ويحارب المسيح الدجال‬ ‫ثم يخرج من المدينة ويذهب إلى فلسطين ويحارب‬ ‫هناك اليهود ويقتلهم‪ ،‬ثم يأتي عيسى بن مريم فيكسر‬ ‫الصليب ويقتل الخنزيرويذهبون إلى الشام فيصلون‬ ‫في مسجد بني أمية‪ ،‬وبعد ذلك تقوم القيامة الكبرى»‬ ‫‪،‬هذا خط سيناريو الجماعة كما جاء في كتب الفتن‬ ‫وأشراط الساعة‪ ،‬وكانوا يعتقدون أنهم سيمكثون في‬ ‫الحرم ثم يخسف بالجيش ثم يخرجون وهكذا الذي‬ ‫حصل أن بعد ‪ 3‬أيام اتضح أن المهدي قُتل في الحرم ‪،‬‬ ‫‪ ،‎‬واتضح أن جهيمان رفض تصديق قتل المهدي‪ ،‬‬ ‫ورفض القول بأن المهدي قُتل وغضب على يصدق‬ ‫ذلك‪ ،‬وقال إن المهدي ال يمكن أن يُقتل‪،‬وأنه – أي‬ ‫المهدي ‪ -‬حُصر في مكان بالحرم وأنه سوف يخرج‪،‬‬ ‫وهذه طبعا كانت رؤية خالصية‪ ،‬وتكاد تكون جاءتهم‬ ‫بسبب الهوس بفكرة الخالص من خالل المهدي‪.‬‬ ‫‪‎‬‬

‫المجلة‪ :‬هل نستطيع أن نقول إن الجماعة‬ ‫كان المسيطر عليها والمحرك لها‬ ‫بالدرجة األولى هو فكرة خالص غيبية؟‬ ‫ـ هذا هو تشخيص دقيق‪ ،‬فهذه الجماعة‪ ‬أصلاً‬ ‫لم تكن تملك مشروع دولة إسالمية‪ ،‬كما هو‬ ‫موجود عند جماعات اإلخوان المسلمين أو حزب‬ ‫التحرير‪ ،‬هذه الجماعة لم يكن في داخلها إال قضية‬ ‫المهدي وعقيدتها أن خالص األمة يكون من‬ ‫خالل المهدي‪ ،‬ال من خالل إقامة دولة وال غيره‪.‬‬

‫المجلة‪ :‬رغم أنك كنت مع الجماعة‬ ‫السلفية المحتسبة لكنك لم تكن‬ ‫ضمن الذين دخلوا الحرم المكي ؟‬ ‫ـ قبل حادثة دخول الحرم‪ ‬ومبايعة المهدي بنحو ‪6‬‬ ‫أشهر انشقت الجماعة على نفسها‪ ،‬مجموعة لم تقتنع‬ ‫بأن محمد عبد اللـه القحطاني هو المهدي ولم يقتنعوا‬ ‫أيضًا بحمل السالح داخل الحرم‪ ،‬وكنت أنا من‬ ‫ضمن هذه المجموعة التي لم تقتنع بدخول الحرم‪.‬‬

‫المجلة‪ :‬معنى ذلك أن الفكرة كانت‬ ‫موجودة وقبل ‪ 6‬أشهر‪ ،‬يعني‬ ‫تداول الفكرة كان في فترة مبكرة؟‬ ‫ـ تداول‪ ‬فكرة محمد عبد اللـه القحطاني قبل اقتحام‬ ‫الحرم بنحو سنة‪ ،‬وطرحت على أساس أنه هناك‬ ‫من يرى أن محمد عبد اللـه القحطاني هو المهدي‬ ‫المنتظر‪ ،‬وبما أن محمد عبد اللـه القحطاني اسمه محمد‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫عبد اللـه؛ فهو تنطبق عليه الصفات التي جاءت في‬ ‫النصوص الشرعية أنه يوافق اسمه اسمي واسم أبيه‬ ‫اسم أبي‪ ،‬أقنى األنف أقنى الجبهة من أهل بيته‪ ،‬وعليه‬ ‫قيل إن محمد عبد اللـه القحطاني هو المهدي‪ ،‬وهكذا‬ ‫استمرت الحال وقبل ‪ 6‬شهور من دخولهم للحرم حصل‬ ‫انشقاق ووقتها أعلنا أننا غير مقتنعين بقضية المهدي‪.‬‬ ‫‪‎‬‬

‫المجلة‪ :‬ذكرت في بداية حديثك أنه كان‬ ‫هناك شخص من اإلخوان وانسحب من‬ ‫تأسيس هذه الجماعة ما عالقة الجماعة‬ ‫السلفية بالحركات اإلسالمية األخرى؟‬

‫ـ حاول جهيمان في رسالته «رفع االلتباس» أن‬ ‫يشخص موقفه من هذه الجماعات وحقيقة حينما‬ ‫نقرأ هذا الموقف نجد أنه ال يخلو من السذاجة‪ ،‬فهو‬ ‫يعترض على جماعة اإلخوان المسلمين بسبب‬ ‫اهتمامهم بالسياسة ‪ ،‬ويأخذ على جماعة التبيلغ‬ ‫لعدم اهتمامهم بالتوحيد‪ ،‬وهكذا فرؤيته‪ ‬للجماعات‬ ‫األخرى‪ ،‬فهم يعيبون اإلخوان المسلمين السرية‬ ‫والحقيقة أن السرية الموجودة عند اإلخوان المسلمين‬ ‫تكاد تكون هي نفسها الموجودة عند الجماعة السلفية ‪.‬‬ ‫‪‎‬‬

‫المجلة‪ :‬من وجهة نظركم اآلن بعد هذا‬ ‫التحليل‪ ،‬هل كانت شخصية جهيمان‪ ‬‬ ‫ثورية أم كانت شخصية طوباوية‬ ‫متعلقة بالغيبيات أم كانت االثنتين م ًعا؟‬

‫ـ جهيمان تكاد يكون عنده الصفتان‪ ،‬الشخصية الثائرة‬ ‫والشخصية الطوباوية‪ ،‬جهيمان‪ ‬كان يتصرف في كثير‬ ‫من سلوكه برؤية ثأرية‪ ،‬خصوصًا ما حدث لإلخوان‬ ‫في السبلة‪ ،‬وعلى فكرة جهيمان كثيرًا ما ردد وقال بأن‬ ‫اإلخوان الذين كانوا في السبلة ظلموا وقتلوا واعتبرهم‬ ‫شهداء‪ ،‬هذه رؤيته وكثيرًا ما كان يرددها فأتوقع أن‬ ‫جهيمان كان عنده الحس الثوري الثأري مبكرًا ولكن كان‬ ‫يحتاج إلى مبرر شرعي لكي تقبل من الجماعة هذا الثأر‪.‬‬

‫المجلة‪ :‬لكن كيف كان موقف جهيمان من‬ ‫المجتمع الذي يعيش فيه موقفه‪ ‬من الدولة‬ ‫هل كان مكف ًرا؟ أم‪ ‬كان عائشًا أم‪ ‬منعزلاً ؟‬

‫ـ جهيمان طبعًا لم يكن متصالحًا مع مجتمعه‪ ‬لعدة‬ ‫أسباب‪ :‬هو تركيبته البدوية أصلاً ‪ ،‬فالمجتمع بشكل‬ ‫عام كان يتجه للحضارة بينما كانت تركيبة جهيمان‬ ‫البدوية‪ ‬متمردة على هذا الجانب‪ ،‬أضف إلى ذلك أن‬ ‫جهيمان كان يرى أن هذا المجتمع أصبحت تظهر‬ ‫عليه عالمات قرب قيام الساعة‪ ،‬يعني مثلاً الفتن التي‬ ‫ال تترك بيتًا إال دخلته ‪ ،‬وجهيمان حدد أنواع الفتن‬ ‫في “رسالة الفتن وأشراط الساعة” وهي األوراق‬ ‫النقدية التي هي الصور والتليفزيون وما شابه فكانت‬ ‫منتشرة‪ ،‬وكان له موقف من هذه المسألة على مستوى‬ ‫المجتمع‪ ،‬أو على مستوى الدولة‪ ،‬يضاف إلى هذا‬ ‫أن جهيمان كان ضد العمل في الوظائف الحكومية‬ ‫ويرى العمل في الوظيفة الحكومية يمنع من قول‪ ‬‬ ‫كلمة الحق‪ ،‬وما دام أنك تأخذ من الدولة راتبًا فال‬ ‫يمكن أن تجاهرها بقول كلمة الحق ـ على حد وصفه‪.‬‬

‫المجلة‪ :‬هل يمكن أن نقول إن جهيمان‬ ‫هو امتداد فكري إلخوان من طاع‬ ‫اللـه؟ أم أنه أخذ منحى مختلفًا عنهم؟‬ ‫ـ جهيمان يكاد يكون امتدادًا فكريًا لإلخوان القدماء مع‬ ‫تطوير معين‪ ،‬فلو قرأت أدبيات اإلخوان في قضايا‬ ‫التوحيد والعقيدة تجدها نفس أدبيات إخوان من طاع‬ ‫اللـه‪ ،‬لكن يضاف لها بعض القضايا الجديدة‪ .‬مثل‬ ‫قضية السنة والعمل على تصحيح وتضعيف األحاديث‬ ‫واألخذ باألحاديث الصحيحة والضعيفة ونبذ التمذهب‪،‬‬ ‫والبعض يرى أن هناك عالقة بين الجماعات التكفيرية‬ ‫الحديثة التي ظهرت أخيرًا والتيارات الجهادية وبين‬ ‫حركة جهيمان ويقولون إن هؤالء هم أحفاد جهيمان‪،‬‬ ‫بشكل عام ال نستطيع أن نقول إن الجماعات الموجود‬ ‫اآلن هي امتداد لفكر جهيمان ألسباب عدة من أهمها‪ ،‬أن‬ ‫فكر جهيمان هو فكر خالصي‪ ،‬وال يملك مشروع إقامة‬ ‫أو تأسيس دولة فلو اطلعت على رسائل جهيمان ستجده‬ ‫يتحدث عن أن المهدي سيقيم دولة العدل‪ ،‬ولكن أين‬ ‫التفاصيل؟ ال يوجد‪ ،‬بعكس الجماعات الموجودة اآلن‬ ‫مثل القاعدة فهم يتحدثون عن تأسيس دولة‪ ،‬والمراحل‬ ‫التي يقطعونها لتأسيس هذه الدولة هي إثارة الفوضى‪ ‬‬ ‫وإرغام اآلخر على االعتراف به إلقامة دولة‪ ،‬لكن‬ ‫أيضًا ال يوجد عندهم مشروع لهذه الدولة‪ ،‬فأنا ال أظن‬ ‫أن الجماعات الموجودة اآلن بشكل عام‪ ،‬وخصوصًا‬ ‫الجماعات الجهادية أو الجماعات التكفيرية تلتقي مع‬ ‫جماعة جهيمان بشكل‪ ‬كامل‪ ،‬وأنا‪ ‬دائما أقول إن‬ ‫جهيمان تأثيره على الجماعات التي تلته تأثير مرحلة ‪.‬‬

‫المجلة‪ :‬بعد القبض على جهيمان وقتله هل‬ ‫بقي أشخاص يؤمنون بالفكرة الخالصية‪.‬‬ ‫أم أن هذا الفكر انتهى بنهاية جهيمان؟‬ ‫ـ ميزة الفكرة الخالصية بشكل عام‪ ،‬أنها تنتهي‬ ‫حال اغتيال المهدي‪ ،‬لكن البعض توجد عندهم‬ ‫حالة من التطرف باإليمان بهذا المهدي وكان معنا‬ ‫اثنان وإلى اآلن نحن نذكر اسميهما ونتندر عليهما‬ ‫ألنهما كانا يؤمنان بأن المهدي لم يقتل وأنه استطاع‬ ‫أن يهرب وموجود في جبال اليمن‪ ،‬لكن هذا الكالم‬ ‫أصبح من قبيل السذاجة خاصة بعد حادث الحرم‪.‬‬

‫المجلة‪ :‬كيف ترى أنت حادثة الحرم؟‬ ‫ـ هذه الحادثة كان هناك إجماع عالمي على رفضها‪،‬‬ ‫ألنها حدثت في مكان كان مساسه من ال ُمحرَّمات الكبرى‬ ‫فالحادث وقع في محرم وهو شهر حرام وفي مكة وهو‬ ‫بلد حرام‪ ،‬وضد مسلمين وهو دم حرام فشناعة الحادثة‬ ‫جعلت الجميع يرفضونها حتى التيارات اإلسالمية ‪.‬‬

‫أجرى الحوار خالد المشوح ‪ -‬الرياض‬ ‫‪46‬‬


‫العدد ‪1533‬‬


‫حوار‬


‫حالة االقتصاد‬ ‫اقتصاد عالمي‬

‫المستثمر العالمي‬

‫األسواق‬

‫التعليم المتميز‬

‫حجر الزاوية لالقتصاد القوي‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫‪49‬‬


‫اقتصاد عالمي‬

‫جامعة الملك عبدهللا للعلوم والتقنية‬ ‫التعليم المتميز حجر الزاوية لالقتصاد القوي‬ ‫دانيال كابريلي‬

‫ثول‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪ 23 -‬سبتمبر‪ :‬في هذه الصورة التي توزعها جامعة الملك عبد هللا للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬يلقي الملك عبد هللا بن عبد العزيز آل سعود‪ ،‬خادم‬ ‫الحرمين الشريفين‪ ،‬خطابا بمناسبة افتتاح الجامعة في ‪ 23‬سبتمبر‪ 2009‬في ثول بالمملكة العربية السعودية‪ .‬وتعد جامعة الملك عبد هللا هي مؤسسة البحثية نجحت في‬ ‫اجتذاب كبار العلماء والطالب من جميع أنحاء العالم للدراسة بها‪.‬‬ ‫‪© Getty Images‬‬

‫منذ افتتاح شركة أرامكو‪ ،‬وهي تعد رمزاً للتغيير‬ ‫والتقدم االقتصادي في المملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫واالتفاقية السعودية األمريكية التي أدت إلى‬ ‫تأسيسها في عام ‪ ،1933‬لم تتمخض فحسب‬ ‫عن أكبر مؤسسة نفط في العالم حالياً‪ ،‬ولكنها‬ ‫أيضا ً بمثابة محرك للتغيير االجتماعي والتنمية‬ ‫االقتصادية في المملكة السعودية‪ .‬فمثالً في أعقاب‬ ‫الصدمة النفطية األولى‪ ،‬قام ولي العهد آنذاك‬ ‫فيصل بتمويل مشروعات ملحة في البنية التحتية‬ ‫وبإنشاء المراكز الصناعية في ينبع وجبيل وذلك‬ ‫في فترة السبعينيات‪ ،‬من خالل الودائع النفطية‬ ‫للشركة بالبنوك األمريكية‪ .‬وكانت هذه نقطة‬ ‫البداية لتدفق رؤوس األموال إلى المشروعات‬ ‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬مما عمل على إنعاش‬ ‫مجال التجارة واألعمال ووضع حجر األساس‬ ‫لتنويع االقتصاد السعودي‪ .‬وحقيقة أن شركة‬ ‫أرامكو ومشروعاتها المفضلة ال تتبع دائما ً نفس‬ ‫القواعد التي تتبعها المؤسسات السعودية األخرى‬ ‫معناها أن الشركة حاضنة للتغيير في المملكة؛‬ ‫وأنها بمثابة آلية للمحاولة والخطأ بالنسبة للتحول‬ ‫االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬ ‫ولذلك كانت شركة أرامكو هي المرشح األفضل‬ ‫لتحقيق حلم الملك عبد هللا ليصير واقعاً‪ .‬فهذا الحلم‬ ‫وهو جامعة الملك عبد هللا للعلوم والتكنولوجيا‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫ُولد وتحقق ليكون بمثابة أحد المحركات الرئيسية‬ ‫لتحول االقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد‬ ‫على النفط إلى اقتصاد يقوم على المعرفة‪ .‬وأشاد‬ ‫العلماء ورجال األعمال على مستوى العالم‬ ‫بهذا الصرح التعليمي الجديد‪ ،‬باعتباره أحد‬ ‫االنجازات االقتصادية واالجتماعية البارزة في‬ ‫المنطقة خالل العام‪.‬‬ ‫وجامعة الملك عبد هللا بالفعل إنجاز هائل‪ .‬فبكل‬ ‫المقاييس‪ ،‬يجمع هذا الصرح التعليمي كل ما هو‬ ‫جديد ويجلب إلى المنطقة أفضل الممارسات‬ ‫في معظم جوانب التعليم العالي‪ .‬والجامعة لم‬ ‫تطبق أفضل األساليب في مجال اإلدارة فحسب‬ ‫ولكنها أيضا ً تستخدم أفضل الطرق في تصميم‬ ‫مناهجها األكاديمية‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإنه‬ ‫بعكس الجامعة السعودية بصورتها المعهودة‪،‬‬ ‫فإن جامعة الملك عبد هللا مستقلة عن وزارة‬ ‫التعليم العالي‪ ،‬وهذا معناه أن اإلجراءات اإلدارية‬ ‫والتعليمية والبحثية تم تصميمها بنا ًء على معايير‬ ‫علمية وليس اعتبارات سياسية‪ .‬وهناك جانب‬ ‫أكثر رمزية للجامعة ينسجم مع فلسفة أرامكو‬ ‫وهو أن المحاضرات ستكون مشتركة‪ .‬إن هذا‬ ‫بمثابة نهج تعليمي ديناميكي جديد في التعليم‬ ‫العالي بالمملكة حيث يقوم على أساس المساواة‬ ‫بين الجنسين‪.‬‬

‫ومع ذلك فإن اآلمال المعقودة على جامعة الملك‬ ‫عبد هللا تتجاوز خصائصها الهيكلية بكثير‪.‬‬ ‫فباإلضافة إلى وقف يقدر بعشرة مليارات دوالر‬ ‫أمريكي‪ ،‬لدى الجامعة شراكة مدتها خمس‬ ‫سنوات مع ثالث جامعات أمريكية بارزة على‬ ‫المستوى العالمي‪ .‬كذلك فإن شراكة الخمسة‬ ‫وعشرين مليون دوالر أمريكي شملت مشاركة‬ ‫القسم الهندسي بجامعة بيركلي ومعهد ستانفورد‬ ‫للهندسة الحاسوبية والرياضية والمناهج‬ ‫األكاديمية لجامعة تكساس‪ .‬كما تشمل االتفاقية‬ ‫أيضا ً نصا ً يقضي بأن يتم تبادل أعضاء هيئة‬ ‫التدريس وأن تتلقى كل من الجامعات المشاركة‬ ‫مبلغا ً يقدر بـ ‪ 5‬ماليين دوالر أمريكي إلجراء‬ ‫األبحاث في جامعة الملك عبد هللا‪.‬‬ ‫وإذا كان هذا بالفعل يعد أمراً جديراً بالثناء‬ ‫للجامعات الفرنسية مثالً‪ ،‬فإنه بالنسبة للنظام‬ ‫التعليمي السعودي‪ ،‬تعتبر جامعة الملك عبد‬ ‫هللا بمثابة انطالقة كبيرة‪ .‬في الواقع‪ ،‬فإنه من‬ ‫الناحية اإلستراتيجية‪ ،‬تعد مجاالت البحث‬ ‫السعودي والتعليم واالقتصاد بوجه عام هي أولى‬ ‫المجاالت التي تستفيد من التحايل على قرارات‬ ‫الوزارة التي منها قرار مارس آذار ‪ 2009‬الذي‬ ‫يحظر بوضوح على مسئولي التعليم (بما فيهم‬ ‫األكاديميين) أن يقوموا بأي نوع من التواصل‬ ‫‪50‬‬


‫اقتصاد عالمي‬ ‫المباشر مع أطراف أجنبية أو أي صورة من‬ ‫صور التعاون مع البعثات الدبلوماسية أو‬ ‫المنظمات الدولية في المملكة‪.‬‬ ‫وسوف يدعم جميع االقتصاديين الواعين‬ ‫والمختصين بالتطوير وخبراء وضع السياسات‬ ‫تقدير الملك عبد هللا للتعليم باعتباره أحد أركان‬ ‫االقتصاد القوي والمجتمع السليم‪ .‬ولدعم هذا‬ ‫الموقف‪ ،‬فإنهم على األرجح سيشيرون إلى دور‬ ‫التعليم في النهضة االقتصادية التي حققتها ألمانيا‬ ‫في القرن التاسع عشر؛ كما أنهم سيسلطون‬ ‫الضوء على إسهام التعليم في جعل كوريا‬ ‫الشمالية وهونج كونج وتايوان في طليعة الدول‬ ‫التي حققت معدالت هائلة في النمو االقتصادي؛‬ ‫وأخيراً سيقومون بلفت األنظار إلى الجهود‬ ‫الجبارة التي تبذلها الصين في التعليم في مجاالت‬ ‫العلوم والتكنولوجيا والهندسة باعتباره المصدر‬ ‫الرئيسي لبزوغها االقتصادي بسرعة البرق‪.‬‬ ‫ومن المتوقع أن تستفيد المملكة استفادة كبيرة‬ ‫من التوسعات التعليمية المماثلة إذا ما أخذنا في‬ ‫االعتبار معدل البطالة المرتفع بين الشباب والذي‬ ‫يبلغ حوالي ‪ 20%‬وقلة التنوع االقتصادي‪.‬‬ ‫ويمكن أن يسرع تضاعف المؤسسات التعليمية‬ ‫المشابهة لجامعة الملك عبد هللا من خطى المملكة‬ ‫العربية السعودية ومنطقة الشرق األوسط بأكملها‬ ‫نحو مزيد من التطوير‪ .‬ويبدو أن الملك عبد هللا‬ ‫يدرك تماما ً هذه الحقيقة الهامة‪ .‬فالمملكة بحاجة‬ ‫ألن تبدأ تحولها االقتصادي‪ ،‬ال ألن احتياطي‬ ‫النفط لديها يتضاءل‪ ،‬ولكن ألن االقتصاد المتنوع‬ ‫يكون أقل تأثراً بالصدمات الخارجية وأكثر قوة‪،‬‬ ‫واألهم من ذلك أن هذا التحول أكثر فعالية في‬ ‫رفع مستوى رفاهية مواطنيها‪ .‬والتعليم الجيد هو‬ ‫المدخل األساسي لتحقيق هذا التحول‪.‬‬ ‫وتلبي المؤسسات التعليمية المتميزة مثل جامعة‬ ‫الملك عبد هللا متطلبات االقتصاد المتنوع‬ ‫األساسية من خالل إعداد متخصصين مؤهلين‬ ‫بشكل جيد واألهم من ذلك‪ ،‬أنهم يتمتعون بكفاءة‬ ‫وديناميكية‪ ،‬وهذا هو جوهر ما يطلق عليه‬ ‫االقتصاديون رأس المال البشري‪.‬‬ ‫وعلى المستوى العملي‪ ،‬ينبغي أن تعمل‬ ‫المؤسسات التعليمية جنبا ً إلى جنب مع مجتمع‬ ‫األعمال لإلسهام في مواجهة مشكالتها الواقعية‪.‬‬ ‫فجامعة الملك عبد هللا مثالً تتفاعل مع مجال‬ ‫األعمال بطريقتين رئيسيتين من خالل التسهيالت‬ ‫الكبيرة التي تتيحها الجامعة في مجال البحث‬ ‫والتطوير ومن خالل تيسير الحصول على رأس‬ ‫المال‪ .‬فالهدف األول للجامعة يتمثل في احتضان‬ ‫مجال األعمال من خالل مساعدة المؤسسات‬ ‫والشركات على تحويل المشروعات البحثية عالية‬ ‫التقنية إلى مشروعات تجارية قابلة للتطوير‪ .‬وأما‬ ‫الهدف الثاني لبرنامج التعاون الصناعي التابع‬ ‫للجامعة فيتمثل في تقديم الشركات الناشئة إلى‬ ‫الشركات العالمية ومصادرها األكثر تنوعا ً من‬ ‫رأس المال‪.‬‬ ‫ويتجاوز دور التعليم أيضا ً قيمته الواضحة التي ال‬ ‫تخفى على أحد‪ .‬فكما اقترح فريدريك أغسطس‬ ‫فون هايك الحائز على جائزة نوبل في االقتصاد‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫منذ نصف قرن‪ ،‬فإن المنافسة ليست أفضل‬ ‫وسيلة في نشر المعرفة فحسب‪ ،‬ولكنها أيضا ً‬ ‫تمثل جوهر التقدم التكنولوجي واالقتصادي‪.‬‬ ‫وبذلك فإن العملية التعليمية ينبغي أن يتم تنفيذها‬ ‫في ظل ثقافة تشجع على المنافسة‪ .‬وهذا ما تفعله‬ ‫جامعة الملك عبد هللا؛ فتقييم المؤسسات التعليمية‬ ‫لألداء ينبغي أن يقوم على أساس الكفاءة وليس‬ ‫على أساس االرتباطات الشخصية أو االعتبارات‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫والمؤسسات التعليمية التي تراعي هذه الفلسفة‬ ‫تتمكن في نهاية المطاف من تخريج متخصصين‬ ‫مؤهلين بشكل متميز وأفراداً أكثر ديناميكية‬ ‫وإبداعا ً ولديهم القدرة واالستعداد للتكيف مع‬ ‫البيئة المتغيرة والمتطورة‪ .‬وكما أشار هايك‪ ،‬فإنه‬ ‫في كثير من األحيان ال يكون السبب في أي حالة‬ ‫من حاالت الركود االقتصادي أو االجتماعي قلة‬ ‫المتخصصين الجامعيين المدربين‪ ،‬وإنما في عدم‬ ‫تخريج أعداد كافية من األشخاص المتميزين‬ ‫ذوي الكفاءات العالية‪ .‬وال يمكن حل هذه المشكلة‬ ‫سوى من خالل غرس األخالقيات السليمة للعمل‬ ‫في نفوس األفراد؛ وهذا النوع من أخالقيات‬ ‫العمل يمكن أن يتم غرسه في ظل بيئة تنافسية‬ ‫يتم فيها مكافأة وتقدير المتميزين‪.‬‬ ‫والمؤسسات التعليمية المتميزة مثل جامعة الملك‬ ‫عبد هللا تلعب دوراً ال غنى عنه في خلق اقتصاد‬ ‫ديناميكي متنوع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنها ال يمكن أن‬ ‫تحقق نتائج بشكل مستقل دون دعم‪ .‬فأوالً‪ ،‬ينبغي‬ ‫أن يتواجد القطاع األهلي والحكومي في بيئة‬ ‫تنافسية ومشجعة وأن يعمال في ظلها‪ .‬وينبغي أن‬ ‫يتم تعيين أو استبعاد العاملين بنا ًء على معايير‬ ‫الكفاءة وليس على المعايير السياسية أو التعسفية‪.‬‬ ‫وثانياً‪ ،‬ينبغي أن تعمل جامعة الملك عبد هللا في‬ ‫إطار تنافسي‪ .‬فالجامعات والمؤسسات البحثية‬ ‫تكون في أفضل صورها عندما تكون هناك‬ ‫حوافز ومكافآت لتحسين جودة األبحاث والتعليم‪.‬‬ ‫ومن المأمول أن تكون جامعة الملك عبد هللا بذرة‬ ‫للعديد من الجامعات األخرى التي تحذو حذوها‪.‬‬ ‫فتضاعف أعداد المؤسسات التعليمية الديناميكية‬ ‫ذات الكفاءة العالية والمؤسسات البحثية المتميزة‬

‫لن تكون فقط مفيدة للمجتمع بأكمله ولكن هذه‬ ‫المؤسسات أيضا ً سوف تكون سبيالً للنمو‬ ‫والتطوير‪ .‬وأيسر طريقة لتحقيق هذا الهدف فتح‬ ‫قطاع التعليم العالي السعودي للمنافسة‪ .‬وهذا‬ ‫التوجه قد تم انتهاجه بالفعل في أرجاء المنطقة‬ ‫باستثناء المملكة‪ .‬ففتح قطاع التعليم العالي أمام‬ ‫المنافسة األجنبية لن يعزز فقط من توفير التعليم‬ ‫المتميز أمام قطاع عريض من الناس‪ ،‬ولكن‬ ‫سوف يخلق حوافز داخلية لدى كل جامعات‬ ‫المملكة العربية السعودية كي تسعى لتصبح في‬ ‫صدارة التطوير اإلداري واألكاديمي‪.‬‬ ‫وجامعة الملك عبد هللا تمتلك إمكانيات هائلة‬ ‫تمكنها من أن تصبح أحد األركان الرئيسية في‬ ‫بناء اقتصاد جديد ومتنوع‪ .‬ودور أرامكو في‬ ‫تحقيق هذا الهدف دور حيوي للغاية‪ .‬وبالرغم‬ ‫من أن اعتبار التقاليد غاية في حد ذاتها يمكن أن‬ ‫يكون أمراً سيئا ً بالنسبة للمجتمع واالقتصاد‪ ،‬فإن‬ ‫التاريخ يعلمنا أن إجراء الكثير جداً من التغيير‬ ‫بسرعة مبالغ فيها يمكن أن يكون له آثار عكسية‪.‬‬ ‫إذن أرامكو باحتضانها للتغيير يمكن أن تلعب‬ ‫دوراً حيويا ً في تجنب ظهور «وجوه غاضبة»‬ ‫جديدة والتأكد من أن التغيير االجتماعي يتم على‬ ‫مراحل بطريقة المحاولة والخطأ‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬ينبغي أن يسير التغيير جنبا ً إلى‬ ‫جنب مع التقاليد‪ .‬لكن التقاليد من أجل التقاليد‬ ‫ينبغي أن تنحى جانبا ً متى تم تطوير طرق أكثر‬ ‫كفاءة وفعالية لبلوغ أهداف محددة مثل التنويع‬ ‫االقتصادي والديناميكية‪ .‬ومن ثم فإن التقاليد‬ ‫ينبغي أال تقف حجر عثرة في طريق جامعة‬ ‫الملك عبد هللا‪ .‬وبذلك فإن المملكة يمكن أن تجني‬ ‫الكثير من المكاسب من نشر مؤسسات تعليمية‬ ‫تحذو حذو جامعة الملك عبد هللا‪ ،‬لكن الحكومة‬ ‫ينبغي أن تعي جيداً حقيقة أن المؤسسات التعليمية‬ ‫ليست دوا ًء لكافة األدواء وال يمكن أن تحقق‬ ‫أهدافها بمعزل عن القطاعات األخرى حكومية‬ ‫كانت أو أهلية‪.‬‬

‫محرر المجلة للشؤون اإلقتصادية‬ ‫‪51‬‬


‫المستثمر العالمي‬

‫الحكومات تلجأ إلى سوق السندات‬

‫مزيد من السيولة و األستقرار اآلقتصادي‬

‫بينما ال تزال البنوك تعاني أزمة في اإلقراض‪ ،‬تتجه الحكومات والمؤسسات في منطقة الشرق األوسط إلى أسواق السندات لتلبية احتياجاتهم المالية‪ .‬وحتى بالرغم‬ ‫من أن المؤسسات التي تتمتع بأهلية الحصول على قروض هي التي تتمكن في األساس من الحصول على األموال الالزمة‪ ،‬فإن نجاح الزيادات األخيرة في رأسمال‬ ‫سوق السندات عزز الثقة في المنطقة وربما يكون بمثابة مؤشر على مزيد من السيولة في سوق رأس المال على المدى القريب ومزيد من االستقرار االقتصادي‬

‫عززت البيئة االقتصادية عقب األزمة‬ ‫االعتماد على أسواق السندات بشكل ملحوظ‬ ‫على المستوى العالمي‪ .‬فالحكومات تقوم‬ ‫بتمويل قدر هائل من األموال الالزمة لخطط‬ ‫التحفيز االقتصادي التي تم إطالقها إلنعاش‬ ‫االقتصادات المحلية‪ .‬وأصبحت المؤسسات‬ ‫غير القادرة على الحصول على االئتمان من‬ ‫البنوك نتيجة لضعفها المستمر بين المؤسسات‬ ‫المالية‪ ،‬تعتمد على صور بديلة من التمويل‪.‬‬ ‫وفي تحول غير مسبوق‪ ،‬تشير االتجاهات‬ ‫الحالية إلى أن المؤسسات سوف تحصد المزيد‬ ‫من رءوس األموال من أسواق السندات بمعدل‬ ‫يفوق ما تحصده من القروض المشتركة في عام‬ ‫‪ .2009‬ومثل هذا االعتماد على الصور البديلة‬ ‫للتمويل ملحوظ بشكل خاص في منطقة الخليج‪.‬‬ ‫وبينما تستمر دبي في زيادة رأسمالها بمعدل‬ ‫‪ 20‬مليار دوالر أمريكي لتعزيز مستوى‬ ‫السيولة لديها والوفاء بالتزاماتها من الديون‪،‬‬ ‫تركز الحكومة حاليًا على أسواق السندات؛ فقد‬ ‫أدلى الشيخ محمد بن راشد المكتوم بتصريحات‬ ‫قوية يدعم من خاللها إصدار سندات الدين في‬ ‫دبي‪ .‬وفي أكبر عروض السندات اإلسالمية‬ ‫هذا العام في منطقة الخليج‪ ،‬حصدت حكومة‬ ‫دبي ‪ 1.93‬مليار دوالر أمريكي في أكتوبر‪/‬‬ ‫تشرين األول وعادت إلى السوق مرة أخرى‬ ‫في نوفمبر‪ /‬تشرين الثاني‪ .‬وقد أصدرت‬ ‫حكومات أخرى في المنطقة بنجاح سندات‬ ‫هذا العام أيضاً‪ :‬وحظيت أبو ظبي بمعدل طلب‬ ‫قوي جدًا من المستثمرين على إصدارها الذي‬ ‫يقدر بـ ‪ 3‬مليارات دوالر أمريكي في أبريل‪/‬‬ ‫نيسان‪ ،‬مع ورود تقارير تشير إلى أن اإلصدار‬ ‫تجاوز أربع مرات حد االكتتاب‪ .‬وأكملت‬ ‫قطر إصدارات برأسمال يقدر بـ ‪ 3‬مليارات‬ ‫دوالر أمريكي؛ وأتت البحرين إلى السوق‬ ‫بإصدارات تقدر بـ ‪ 750‬مليون دوالر أمريكي‬ ‫في يونيو‪ /‬حزيران‪ .‬كما مضت حكومات‬ ‫إقليمية أخرى قد ًما نحو إصدار السندات‪.‬‬ ‫كذلك شهدت أسواق سندات الشركات نشاطًا‬ ‫في عام ‪ .2009‬ولتسليط الضوء على إحدى‬ ‫الصفقات التي تعكس تجدد الثقة على المستوى‬ ‫اإلقليمي‪ ،‬فإن إصدارات بنك أبو ظبي الوطني‬ ‫التي تم إجراؤها في سبتمبر‪ /‬أيلول أصبحت‬ ‫أولى الصفقات الكبرى المقومة بالدوالر‬ ‫األمريكي التي يقوم بها بنك تسليف خليجي منذ‬ ‫عام ‪ .2007‬ووفقًا لرويترز‪ ،‬فإن الصفقة فاقت‬ ‫حد االكتتاب خمس مرات تقريبًا وكان التوزيع‬ ‫منتشرًا من الناحية الجغرافية‪ ،‬مع إقبال ‪ %71‬من‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫عن مستثمرين لديهم الرغبة واالستعداد‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن أكثر اإلصدارات نجاحًا دائ ًما‬ ‫ما تكون من نصيب تلك المؤسسات التي لها‬ ‫عالقات حكومية‪ ،‬فإن الشركات عبر منطقة‬ ‫الخليج تظهر دالئل للمرونة بعد الركود‬ ‫االقتصادي‪ .‬وقد بدأت إيرادات الربع الثالث‬ ‫من العام في االستقرار‪ ،‬وإذا استمر هذا االتجاه‬ ‫خالل الربع الرابع‪ ،‬ينبغي أن يبدأ االئتمان‬ ‫في التدفق في المنطقة بمزيد من الحرية‪.‬‬

‫راجيف سيبال‬ ‫المشترين من خارج منطقة الشرق األوسط‬ ‫وشمال إفريقيا‪ .‬وتعكس قوة هذا اإلصدار‬ ‫وغيره من اإلصدارات المماثلة نفس الثقة‬ ‫التي لوحظت في إصدارات السندات السيادية‬ ‫فيما يتعلق باالستقرار االقتصادي اإلقليمي‪.‬‬ ‫وعالوة على ذلك‪ ،‬أسهم اثنان من بنوك التنمية‬ ‫متعددة الجوانب في تهيئة السوق من أجل‬ ‫إصدار السندات‪ .‬فقد أصدر البنك اإلسالمي‬ ‫للتنمية بنجاح صكو ًكا تقدر بـ ‪ 850‬مليون دوالر‬ ‫أمريكي في سبتمبر‪ /‬أيلول‪ .‬وتجاوزت هذه‬ ‫الصكوك حد االكتتاب ولم يتم بيعها للمستثمرين‬ ‫في دول مجلس التعاون الخليجي وحدها‪ ،‬بل تم‬ ‫بيعها في أوروبا وآسيا أيضًا‪ .‬بالمثل‪ ،‬فإنه في‬ ‫أكتوبر‪ /‬تشرين األول‪ ،‬سجلت مؤسسة التمويل‬ ‫الدولي صكوك خمس سنوات تقدر بـ ‪ 100‬مليون‬ ‫دوالر أمريكي في بورصة ناسداك دبي وأسواق‬ ‫مال البحرين‪ .‬وتسعى صكوك هالل التابعة‬ ‫لمؤسسة التمويل الدولي إلى جذب المستثمرين‬ ‫إلى منطقة الخليج‪ ،‬وسوف تستهدف الصناديق‬ ‫مشروعات تمويل إسالمية في مجاالت الصحة‬ ‫والتعليم والبنية األساسية‪ .‬وينبغي أن تكون هذه‬ ‫الصفقات الناجحة بمثابة وسيلة لتحقيق جذب‬ ‫مستمر للمستثمرين الدوليين نحو المنطقة‪.‬‬ ‫ومن المؤكد أن إيرادات النفط تساعد في تخفيف‬ ‫مخاطر االستثمار ويمكن أن يتم ربطها بشكل‬ ‫مباشر مع المؤسسات التي لديها قدرة كبيرة‬ ‫على زيادة رأس المال‪ .‬ومع ذلك فإن طبيعة‬ ‫مستوى اإلقدام على المخاطر الذي نشهده اليوم‬ ‫تُظهر ثقة المستثمرين باالحتماالت طويلة األمد‬ ‫لمزيد من التوسع والتنوع في االقتصاد اإلقليمي‪.‬‬ ‫وتعكس اإلصدارات الناجحة التي قامت بها‬ ‫حكومتا البحرين ودبي استمرارية االستثمار‬ ‫في االقتصادات التي ال تعتمد في األساس على‬ ‫النفط‪ .‬كما تبحث البنوك والمؤسسات اإلقليمية‬

‫وفي حين أن نشاط سوق السندات يعكس تحسنًا‬ ‫في حالة السوق‪ ،‬إال أن المشكالت تبقى قائمة‪.‬‬ ‫فمنطقة الخليج ال تزال تواجه تحديات مشابهة‬ ‫لتلك التي أشار إليها االقتصاديون والمستثمرون‬ ‫قبل األزمات االقتصادية‪ .‬فاالعتماد على‬ ‫المستثمرين المحليين وضعف الطلب المؤسسي‬ ‫والشفافية جميعها تعوق تطور أسواق رأس‬ ‫المال بصورة أوسع في المنطقة‪ .‬وتزداد نقاط‬ ‫الضعف هذه تفاق ًما بشكل خاص في ظل البيئة‬ ‫االقتصادية الحالية نتيجة للتردد المستمر‬ ‫من جانب المستثمرين المحليين الذين عانوا‬ ‫خسائر هائلة بعد الهبوط الملحوظ في أسعار‬ ‫األصول الذي حدث العام الماضي‪ .‬وتتضح‬ ‫هذه المشكالت التي تتسبب فيها تلك األخطاء‬ ‫الهيكلية بصورة أكبر عندما نقارن بين تدفقات‬ ‫رأس المال إلى منطقة الخليج بتدفقات رأس‬ ‫المال إلى أمريكا الالتينية وشرق آسيا‪ .‬فقد جذبت‬ ‫االقتصادات في المنطقتين األخيرتين كميات‬ ‫أكبر من رأس المال خالل األشهر األخيرة‪.‬‬ ‫وبينما يستمر المستثمرون الدوليون في‬ ‫التنويع‪ ،‬وهم ينتظرون من الواليات المتحدة‬ ‫والمملكة المتحدة وأوروبا التعامل مع التحديات‬ ‫االقتصادية التي يواجهونها بسبب األزمة‬ ‫االقتصادية‪ ،‬سوف تستمر منطقة الشرق‬ ‫األوسط ومنطقة الخليج بشكل خاص في جذب‬ ‫رءوس األموال من خالل أسواق السندات‪.‬‬ ‫فرءوس األموال التي يتم تحقيقها من أسواق‬ ‫السندات تمثل فرصًا لضخ مزيد من السيولة‬ ‫في االقتصاد اإلقليمي وتسهم في تحفيز تدفق‬ ‫االئتمان‪ .‬ونجاح إصدارات السندات في عام‬ ‫‪ 2009‬إضافة إلى استمرار المتاعب التي‬ ‫تواجه البنوك بمثابة إشارة إلى أن هذا االتجاه‬ ‫سوف يستمر في عام ‪.2010‬‬

‫باحث مقيم بلندن متخصص في الشؤون المالية و‬ ‫االقتصاد السياسي لألسواق الناشئة‬ ‫‪52‬‬


‫قريبا على‬ ‫‪iPhone‬‬



‫األسواق‬

‫اإلصالح التنظيمي في منطقة الشرق األوسط‬

‫ضريبة المصارف الدولية‬

‫يذكر تقرير نشره البنك الدولي هذا الشهر أن السبب وراء تأثر االستثمار سلبا ً‬ ‫في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا يرجع إلى «تطبيق سياسات تقديرية‬ ‫وتعسفية»‪ .‬ويبرز التقرير أن المستثمرين من القطاع الخاص يتراجعون غالبا عن‬ ‫االستثمار في المنطقة بسبب قلة مصداقية الحكومات والهيئات التنظيمية‪ ،‬فضالً‬ ‫عن التمييز الدائم في التعامل مع المستثمرين‪ .‬ووفقا ً للتقرير‪ ،‬فإن قلة االستثمارات‬ ‫بمثابة عائق كبير أمام خلق فرص العمل المطلوبة بشدة والنمو االقتصادي‪.‬‬

‫أعلن رئيس الوزراء البريطاني‪ ،‬جوردون براون‪،‬‬ ‫في اجتماع لمجموعة الـ ‪ 20‬في اسكتلندا عقد في‬ ‫مطلع هذا األسبوع أن لندن لم تعد تعارض فرض‬ ‫ضريبة على البنوك لتمويل عمليات اإلنقاذ المالي‬ ‫في المستقبل‪ ،‬ومع ذلك فقد أكد وزير الخزانة‬ ‫األمريكي‪ ،‬تيموثي جيثنر‪ ،‬أن الواليات المتحدة‬ ‫تعارض من حيث المبدأ فرض ضريبة تتغير وفقا‬ ‫للمعامالت المالية التي تقوم بها البنوك بشكل يومي‪،‬‬ ‫حتى وإن كانت حريصة على إيجاد طرق جديدة‬ ‫السترجاع تكاليف عمليات اإلنقاذ المالي‪.‬‬

‫اﻷﻓﻐﺎن ﻳﺮون أن اﻟﻔﻘﺮ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﴫاع‬

‫‪blame‬‬ ‫‪conflict‬‬ ‫‪Afghans‬ﰲ ﺑﻼدﻫﻢ‪،‬‬ ‫اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺎن وراء اﻟﴫاع اﳌﺴﺘﻤﺮ‬ ‫‪poverty‬اﻟﺴﺒﺒﺎن‬ ‫‪ for‬اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻫام‬ ‫اﻷﻓﻐﺎﻧﻴني ﺗﺮى أن‬ ‫اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ‬ ‫‪overwhelmingly‬ﻳﻨﻈﺮون ﺣﺎﻟﻴﺎً‬ ‫ﻟﻺﻏﺎﺛﺔ‪ .‬أﻇﻬﺮ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ أن ‪%17‬‬ ‫أوﻛﺴﻔﺎم‬ ‫ﻣﻨﻈﻤﺔ‬ ‫دراﺳﺔ اﺳﺘﻘﺼﺎﺋﻴﺔ أﺟﺮﺗﻬﺎ‬ ‫ﺣﺴﺒام‬ ‫‪Afghans‬‬ ‫اﻟﺪوﻟﻴﺔ ‪see‬‬ ‫‪poverty‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪unemployment‬‬ ‫ﻛﺸﻔﺖ ‪as‬‬ ‫‪the major‬‬ ‫ﻣﺮة‪of‬واﺣﺪة‬ ‫‪conflict‬اﻷﻗﻞ‬ ‫‪in‬ﺳﺠﻨﻮا ﻋﲆ‬ ‫و‪%10‬‬ ‫‪،1979‬‬ ‫ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم‬ ‫‪by‬ﻋﲆ ﺗﺮك‬ ‫أﺟﱪوا‬ ‫اﻟﺒﻼد‪ ،‬و‪%75‬‬ ‫ﰲ‬ ‫‪cause‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪their‬‬ ‫‪country,‬‬ ‫‪a survey‬‬ ‫‪Oxfam‬‬ ‫ﻣﻐﺎدرة‪has‬‬ ‫‪revealed‬‬ ‫ﻻﺳﺘﻤﺮار‪C‬اﻟﴫ‬ ‫اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ‬ ‫*‪ of 704 Afghans‬اﻷﺳﺒﺎب‬ ‫‪M‬ﰲ اﻟﺪراﺳﺔ*‬ ‫ﺷﺎرﻛﻮا‬ ‫إﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ‪704‬‬ ‫اع ‪-‬‬ ‫أﻓﻐﺎﻧﻴني ‪AIN‬‬ ‫‪DRIVING‬‬ ‫‪FORCES‬‬ ‫‪OF‬‬ ‫‪ONFLICT‬‬ ‫‪Responses‬‬ ‫اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ‬

‫‪70%‬‬

‫‪%70‬‬

‫‪Poverty and unemployment‬‬

‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‬ ‫‪ 48%‬وﻋﺪم ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد‬ ‫‪Corruption‬‬ ‫‪and ineffective‬‬ ‫‪government‬‬ ‫‪%48‬‬

‫ﺣﺮﻛﺔ ﻃﺎﻟﺒﺎن‬ ‫ﺗﺪّ ﺧﻞ دول أﺧﺮى‬ ‫ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة‬

‫‪%36‬‬

‫‪36%‬‬

‫‪%18‬‬

‫‪25%‬‬ ‫‪%25‬‬

‫‪Taliban‬‬

‫* ﺳﻤﺢ ﺑﺈﺟﺎﺑﺎت‬ ‫ﻣﺘﻌﺪدة‪ ،‬اﻷرﻗﺎم‬ ‫ﻟﻴﺴﺖ ﺗﺮاﻛﻤﻴﺔ‬

‫‪Other countries‬‬ ‫‪Al Qaeda‬‬

‫‪18%‬‬

‫دوﻟﻴﺔ‬ ‫ﻗﻮات‬ ‫‪ %18of international forces‬وﺟﻮد‬ ‫‪18%‬‬ ‫‪Presence‬‬ ‫‪17%‬ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﱄ‬ ‫ﺗﻮﻓﺮ دﻋﻢ‬ ‫‪of %17‬ﻋﺪم‬ ‫‪Lack‬‬ ‫‪support from international community‬‬ ‫أﻣﺮاء‬ ‫اﻟﺤﺮب ‪15%‬‬ ‫‪Warlords‬‬ ‫‪%15‬‬ ‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت إﺟﺮاﻣﻴﺔ‬ ‫‪14%‬‬ ‫‪Criminal groups‬‬ ‫‪%14‬‬ ‫‪ %2‬أﺳﺒﺎب أﺧﺮى‬ ‫‪2%‬‬ ‫‪Other reasons‬‬ ‫مثﺎين ﻣﻨﻈامت أﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﻏري ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﺳﺎﻋﺪت ﻋﲆ إﺟﺮاء‬

‫اﻟﺜﺎين )ﻳﻨﺎﻳﺮ( وﻧﻴﺴﺎن )أﺑﺮﻳﻞ( ‪2009‬‬ ‫‪responses‬ﻣﺎ ﺑني ﻛﺎﻧﻮن‬ ‫اﻹﺣﺼﺎء‬ ‫‪*Multiple‬‬ ‫‪were permitted – figures not cumulative‬‬ ‫اﻟﺼﻮر‪ :‬ﺟﺘﻲ‬ ‫‪Picture:‬‬ ‫‪Getty Images‬‬

‫اﳌﺼﺪر‪ :‬ﻣﻨﻈﻤﺔ أوﻛﺴﻔﺎم‬

‫‪Source:‬‬ ‫‪Oxfam‬‬ ‫‪© GRAPHIC‬‬ ‫‪NEWS‬‬

‫الئحة مصرف اإلمارات‬ ‫العربية المتحدة‬ ‫أعلن مصرف اإلمارات المركزي أنه يبحث إصدار‬ ‫لوائح جديدة لمصارف قطاع الجملة وخطط الرهن‬ ‫العقاري وحقوق مستهلكي الخدمات المالية‪ ،‬غير أن‬ ‫المصرف المركزي لم يقدم حتى اآلن أية تفاصيل‬ ‫حول اإلصالح‪.‬‬

‫اﳌﺪن اﻟﻀﺨﻤﺔ ﰲ آﺳﻴﺎ اﻷﻛرث ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻐري اﳌﻨﺎﺧﻲ‬

‫دﻛﺎ وﺟﺎﻛﺮﺗﺎ وﻣﺎﻧﻴﻼ ﻣﻦ ﺑني اﳌﺪن اﻟﻜﱪى ﰲ آﺳﻴﺎ اﻷﻛرث ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﻐري اﳌﻨﺎخ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻮاﺻﻒ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ وارﺗﻔﺎع ﻣﻨﺴﻮب ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺤﺎر‪،‬‬ ‫وﻓﻘﺎ ﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺻﺎدر ﻋﻦ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ‬

‫ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌﺪن‬ ‫اﻟﺘﻌﺮض ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم‬ ‫أﺛﺮ اﻟﺘﻐري اﳌﻨﺎﺧﻲ ﻋﲆ اﻟﺴﻜﺎن واﻹﻗﺘﺼﺎد‬ ‫ﺷﻨﻐﻬﺎي‬

‫ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﺘﻐري اﳌﻨﺎخ‬ ‫اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ﺗﻐري اﳌﻨﺎخ*‬

‫ﺟﺎﻛﺮﺗﺎ‬

‫اﻟﺼني‬

‫ﻣﺎﻧﻴﻼ‬

‫ﺑﻨﻐﻼدﻳﺶ‬ ‫ﻫﻮﻧﻎ ﻛﻮﻧﻎ‬

‫ﻛﺎﻟﻜﻮﺗﺎ‬

‫ﻫﻮ ﳾ ﻣﻴﻨﻪ‬

‫ﺗﺎﻳﻠﻨﺪا‬

‫ﺑﺎﻧﻜﻮك‬ ‫ﺑﻨﻮم ﺑﻨﻪ‬

‫ﻣﺎﻟـــــــــــــــﻴﺰﻳﺎ‬ ‫إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ‬ ‫اﳌﺼﺪر‪ :‬اﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫ﺟﺎﻛﺮﺗﺎ‬

‫ـ ــ ـ‬

‫ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة‬

‫ﻛﻮاﻻ ﻻﻣﺒﻮر‬

‫ﺑﻨﻮم ﺑﻨﻪ‬ ‫ﻫﻮ ﳾ ﻣﻴﻨﻪ‬ ‫ﺷﻨﻐﻬﺎي‬

‫ا‬ ‫ﳌﺤــــ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ﻴ‬ ‫ﻂا‬ ‫ﻟﻬﻨـ‬

‫ﻛﻤﺒﻮدﻳﺎ‬ ‫ﻓﻴﺘﻨﺎم‬

‫اﻟﻬﻨﺪ‬

‫ﺪي‬ ‫ـــ‬

‫اﻟﻔﻠﺒني‬

‫ﻛﺎﻟﻜﻮﺗﺎ‬

‫دﻛﺎ‬

‫ﻣﺎﻧﻴﻼ ﺑﺤﺮ اﻟﺼني‬ ‫اﻟﺠﻨﻮيب‬

‫دﻛﺎ‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪8‬‬

‫‪10‬‬

‫* ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻣﻌﺎﻛﺲ‬

‫ﺑﺎﻧﻜﻮك‬ ‫ﻫﻮﻧﻎ ﻛﻮﻧﻎ‬ ‫ﻛﻮاﻻ ﻻﻣﺒﻮر‬ ‫ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة‬ ‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬ ‫‪55‬‬



‫إصدارات‬ ‫كتب‬

‫العدد ‪1533‬‬

‫قراءات‬

‫تقارير‬

‫‪57‬‬


‫كتب‬

‫سبق السيف العذل‬

‫االحتماالت هي‪ :‬مغامرات في االحتمال‬ ‫مايكل كابالن وإليهن كابالن‬ ‫مجموعة البنغوين ‪2006‬‬

‫كتاب ال يكتفي بدراسة االحتمال على أنه مجرد علم من العلوم‪ ،‬ولكن على أنه طريقة حياة فات الكثيرين االنتباه إليها‬ ‫واالستفادة منها‬

‫كل شيء يخضع لالختبار بما في ذلك األشياء غير‬ ‫الملموسة‪ .‬ويجادل مؤلفو الكتاب‪ ،‬إيلين ومايكل‬ ‫كابالن‪ ،‬بأن قوانين االحتمال هي أداة يتمكن الشخص‬ ‫من خاللها من الحصول على الثروة و التغلب على‬ ‫العشوائية‪ .‬لقد أصبحت حياتنا اليومية مليئة باحتماالت‬ ‫ال نهاية لها‪ ،‬ومن ثم ال يكتفي كتاب “االحتماالت‬ ‫هي‪ ”..‬بتقديم مالحظات بسيطة حول هذه المسألة‪ ،‬و‬ ‫إنما هو كتاب يربط بين أعمال العديد من المفكرين‬ ‫من اجل إلقاء نظرة متماسكة على االحتماالت‪.‬‬ ‫و يتميز كتاب “االحتماالت هي‪ ”..‬بقدرته على‬ ‫تصوير مدى األهمية التي أصبح مجال اإلحصاء‬ ‫يحظى بها بطريقة حديثة وجذابة‪ .‬ويوضح الكتاب‬ ‫من خالل العديد من الخوارزميات والمعادالت‬ ‫الرياضية والرسوم البيانية اإلحصائية كيف تلعب‬ ‫االحتماالت دورا هاما في حياة الناس اليومية‪ .‬فقد‬ ‫تطورت االحتماالت من كونها مجرد طريقة للعب‬ ‫يستخدمها النصابون والمحتالون لسرقة اآلخرين‪،‬‬ ‫إلى علم مبنى على أساس من القيم و الحسابات‬ ‫الرقمية‪ .‬ويعرض الكتاب لالحتماالت بداية من‬ ‫األشياء البسيطة مثل إلقاء الزهر وانتهاء بالطرق‬ ‫العديدة التي توصل إليها المفكرون المختلفون حول‬ ‫كيفية حساب احتماال حدوث شيء من عدم حدوثه‪.‬‬ ‫وأحد أهداف الكتاب هو شرح كيف يمكن أن يؤدى‬ ‫استخدام علم اإلحصاء واالحتماالت إلى إعطاء نتائج‬ ‫أفضل في العديد من المجاالت‪ .‬ويقوم الكتاب بهذا‬ ‫عن خالل استعراض زمني للتطور الذي حدث في‬ ‫هذا المجال‪ .‬و الكتاب مكتوب بشكل جيد وبأسلوب‬ ‫ساخر في الكثير من المواضع‪ .‬كما أنه ليس كتابا‬ ‫تعليميا يهدف إلى تعليم اإلحصاء‪ ،‬بل إن قارئ الكتاب‬ ‫سيتمتع كثيرا بقراءته لهذا الكتاب الذي يسلط الضوء‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫على المجاالت التي يمكن أن تلعب االحتماالت‬ ‫فيها دورا مهما‪ .‬ويقدم الكتاب العديد من األمثلة‬ ‫من خالل فصولة المختلفة‪ ،‬لكي يستحوذ على انتباه‬ ‫القارئ من ناحية ويظهر مدى أهمية االحتماالت في‬ ‫الواقع العملي من ناحية أخرى‪ .‬وعالوة على ذلك‪،‬‬ ‫يحتوى الكتاب على بعد فلسفي باإلضافة إلى قيمته‬ ‫األكاديمية من خالل طرحه أسئلة صعبة تثير دهشة‬ ‫و عجب القارئ‪ ،‬وتؤكد في الوقت نفسه على أن‬ ‫علم اإلحصاء و االحتماالت قادر على منحنا ما‬ ‫نبتغيه من إجابات على مثل هذه األسئلة الصعبة‪.‬‬ ‫ويبدأ الكتاب باكتشاف االحتماالت المختلفة التي‬ ‫يمكن أن تحدث‪ ،‬بما في ذلك االحتماالت صعبة‬ ‫الحدوث‪ .‬حيث يمكن أن يخضع اإليمان نفسه‪ ،‬وفقا‬ ‫لم ذكره مايكل والين كابالن في كتابهما‪ ،‬الختبار‬ ‫في االحتماالت‪ .‬فمن الممكن استخدام المعادالت‬ ‫الرياضية في قياس درجة عدم اليقين‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫فقد دأب المفكرون من أمثال باسكال وأرسطو و‬ ‫كاردانو في البحث المستمر عن الحقائق المطلقة‬ ‫حتى في المسائل التي ال يوجد لها تفسيرات‬ ‫منطقية‪ .‬ويحتوى الكتاب على العديد من الصيغ و‬ ‫المعادالت الرياضية التي تمت صياغتها لكي يتم‬ ‫قياس االحتماالت بشكل أكثر دقة‪ .‬فمعادلة بايز‬ ‫على سبيل المثال (بما في ذلك منحنى الجرس)‬ ‫تستخدم التجربة كوسيلة لقياس مدى الثقة في‬ ‫احتمال وقوع حدث واحد على نحو شديد الكفاءة‪.‬‬ ‫ومن بين األمثلة العديدة التي يقدمها الكتاب‪ ،‬كان‬ ‫هناك عدد غير قليل يستدعي الوقوف أمامه لفترة‬ ‫طويلة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يبين أحد فصول الكتاب‬ ‫كيف أن منحنى الجرس يمكن أن يستخدم في‬ ‫تقديم حجج قانونية خالل المحاكمات‪ .‬ومن ثم‪،‬‬

‫فقد توصل الكتاب إلى مجموعة من االستنتاجات‬ ‫بشأن سلوك المحامين والقضاة‪ .‬وعالوة على‬ ‫ذلك‪ ،‬يقدم الكتاب بشكل جذاب ومثير لالهتمام‬ ‫كيفية استخدام االحتماالت في خفض نسب الوفاة‬ ‫وزيادة فرصة المتنافسين للفوز في مباريات معينة‪.‬‬ ‫وربما يكون إيلين ومايكل كابالن قد نجحا في تحقيق‬ ‫التوازن بين المواد الرياضية التي يستند إليها كتابهما‬ ‫وأسلوب السرد الوصفي المستخدم في الكتاب بحيث‬ ‫يظل القارئ متنبها طوال الوقت‪ ،‬إال أن الكتاب‬ ‫مع ذلك يحتوى على الكثير من المواد الرياضية‬ ‫واإلحصائية التي التهم فقط قطاعا عريضا من‬ ‫القراء ‪ ،‬ولكن أيضا تجعل من الصعب على العديد‬ ‫من القراء اآلخرين اإللمام بها‪ .‬ويميل الكتاب أيضا‬ ‫في بعض األحيان إلى استخدام مصطلحات علمية‬ ‫شديدة التعقيد ال تناسب السياق األدبي للكتاب أو قد‬ ‫تسبب ارتباكا في فهم المحتوى اإلحصائي للكتاب‪.‬‬

‫ويؤكد الكتاب في النهاية على أنه بالرغم من‬ ‫العديد من الصيغ و المعادالت الرياضية التي‬ ‫تم التوصل إليها لحساب االحتماالت والفرص‪،‬‬ ‫إال أنه لم يتم إثبات صحة نتائجها بشكل قاطع‪.‬‬ ‫و بالتالي فإن عدم اليقين ال يزال حقيقة مؤكدة‬ ‫ال يمكن إنكارها‪“ .‬و تشير االحتماالت إلى أن‬ ‫هناك درجات النهائية من االعتقاد بين المستحيل‬ ‫واليقين”‪ ،‬وينبغي على المرء اتباع الوسائل التي‬ ‫تتيح له الحصول على أدق اإلجابات الممكنة‪.‬‬ ‫ولكن ينبغي أن يتم هذا من خالل المنطق‬ ‫والدراسة المتعمقة للمنطق‪ ،‬ليس من أجل‬ ‫الوصول إلى اليقين‪ ،‬ولكن من أجل “الوصل إلى‬ ‫درجة أفضل من درجات عدم اليقين”‪.‬‬ ‫‪58‬‬


‫قراءات‬

‫جديد األسبوع‬ ‫كتب‬

‫الغالف‬

‫آية هللا الذي يسعى إلى أن يكون مختلفا‪ :‬التناقضات في إيران الحديثة‬

‫هومان مجد‬ ‫كنوبف دبلداي للنشر‬ ‫يوليو ‪2009‬‬

‫في هذا الكتاب‪ ،‬يرسم الصحافي األميركي‪ ،‬مجد‪ ،‬حفيد أحد آيات هللا البارزين‪ ،‬وابن أحد الدبلوماسيين اإليرانيين‪ ،‬صورة‬ ‫لبلد شديد الفخر بتراثه الفارسي‪ .‬ويصف الكتاب كيف يتأثر هذا اإلدراك بوضع إيران في الخارج‪ ،‬حيث يكشف مجد عن‬ ‫التناقضات المتأصلة في المجتمع اإليراني و التي ال تزال تربك المجتمع الدولي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫الغالف‬

‫بناء األردن الحديث‪ :‬القبائل واالستعمار والدولة الحديثة‬

‫يوآف الون‬ ‫أى بى توريس وشركاة‬ ‫ديسمبر ‪2009‬‬

‫يدرس يوآف الون في هذا الكتاب من خالل مجموعة من المصادر الجديدة التي لم تستغل من قبل‪ ،‬كيف تم دمج‬ ‫الشبكات العشائرية المختلفة في األردن في النظام الملكي الهاشمي‪ .‬ويظهر ألون من خالل دراسته لنمو مؤسسات الدولة‬ ‫الرئيسية‪ ،‬من منظور القاعدة الشعبية‪ ،‬كيف تم مزج هياكل المجتمع القبلي إلنتاج هيكل متميز للدولة يجمع بين الدولة‬ ‫الحديثة والكونفدرالية القبلية‪ ،‬و هو هيكل ال يزال ماثال في األردن حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫تقارير‬ ‫العالقات االقتصادية بين الواليات المتحدة والصين‪ :‬الفصل بين الوقائع واألساطير‬

‫ستيفن دوناواي‬ ‫مجلس العالقات الخارجية‬ ‫‪16‬نوفمبر ‪2009-‬‬

‫تحيط أساطير كثيرة بالعالقة االقتصادية بين الواليات المتحدة والصين‪ .‬و هناك أربع من هذه األساطير على وجه الخصوص‬ ‫يجب نبذها على أساس أنها نوع من الخرافات لتجنب سوء الفهم الذي يمكن أن يؤثر تأثيرا سلبيا على القرارات السياسية‪ .‬فمن‬ ‫الممكن أن تؤدى هذه الخرافات األربع مجتمعة إلى استنتاج مفاده أنه ال ينبغي على الواليات المتحدة حث الصين على تغيير‬ ‫‪ ‬‬ ‫سياساتها‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بسعر الصرف‪ ،‬لتسهيل إعادة التوازن القتصادها‪ .‬ولكن مثل هذا االستنتاج سيكون خطأ كبيرا‪.‬‬

‫بودكاست‬ ‫االغتصاب كسالح‬

‫هيومن رايتس ووتش‬ ‫بودكاست رايتس ووتش ‪17‬‬ ‫سبتمبر ‪2009‬‬ ‫بإمكان منصب «الممثل الخاص لقضايا المرأة والصراع» والذي يعد منصبا جديدا في األمم المتحدة‪،‬‬ ‫أن يساعد على زيادة حدة الهجوم الدولي على االغتصاب باعتباره سالحا يمكن أن يستخدم في الحرب‪.‬‬ ‫وتعتبر الكونغو أحد هذه األماكن التي يمكن أن تستفيد من وجود هذا المنصب‪.‬‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪59‬‬


‫تقارير‬

‫لغز آسيا الوسطى‬ ‫ناجورنو كاراباخ ‪ :‬الوصول إلى انفراجة‬ ‫موجز أوروبا رقم ‪55‬‬ ‫مجموعة األزمات الدولية‬ ‫‪ 7‬أكتوبر ‪2009‬‬ ‫التعاون اإلقليمي في أسيا الوسطى‪ :‬تحسين سجل الماضي‬ ‫مارثا أولكوت‬ ‫معهد كارنيجي للسالم الدولي‪2009،‬‬

‫قدمت مجموعة األزمات الدولية ومؤسسة كارنيجي اثنين من وجهات النظر التحليلية المختلفة لدينامية األحداث في آسيا الوسطى‪.‬‬ ‫حيث وصفت المجموعة الدولية لألزمات ناجورنو كاراباخ بأنها منطقة مشتعلة بكواليس الصراع في اسيا الوسطي في حين تناول‬ ‫كارنيجي مارثا أولكوت المنطقة من منظور واسع للتعاون اإلقليمي ‪.‬‬ ‫يقع إقليم ناجورنو كاراباخ بين أرمينيا‬ ‫وأذربيجان ويضم خليطا من الجماعات‬ ‫العرقية األذربيجانية واألرمينية ‪,‬ولذا تدعي‬ ‫كل من البلدتين المحيطتين به أحقية فيه ‪ .‬قدم‬ ‫تقرير مجموع األزمات الدولية ملخصا عن‬ ‫الصراع في اإلقليم‪ ،‬وقدم توصيات لحل هذا‬ ‫الصراع‪ .‬ويرى التقرير أنه من الممكن تحقيق‬ ‫تقدم في العالقات األرمينية ‪ --‬األذربيجانية‬ ‫كنتيجة لتقارب العالقات األرمينية ‪--‬‬ ‫التركية ‪ ،‬والتي يمكن أن تعمل كمحفز في‬ ‫قضية ناجورنو كاراباخ‪ .‬و تناول التقرير‬ ‫الضغوط االجتماعية التي تفرضها كل من‬ ‫أذربيجان وأرمينيا حيث يعتبر أي محاوله‬ ‫لتحقيق السالم نوعا من الخيانة ‪ .‬كما يشكك‬ ‫قادة البلدين أنفسهم في إمكانية تحقق سالم بين‬ ‫البلدين بالرغم من أن حدوث هجوم عسكري‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫موسع من أي من الجانبين شيء مستبعد جدا‬ ‫‪ .‬لذا فان ناجورنو كاراباخ تشكل تهديدا أمنيا‬ ‫محتمال للمنطقة‪ .‬فمن ناحية ‪ ،‬تزعم السلطات‬ ‫األذربيجانية أن ناجورنو كاراباخ جزء شرعي‬ ‫من أذربيجان ‪ ،‬في حين يري المسئولون‬ ‫األرمينيون أن من حق العرقيات األرمينية‬ ‫في ناجورنو كاراباخ أن تقرر مصيرها ‪.‬‬ ‫ويقدم التقرير توصيات من شأنها أن تساعد‬ ‫على بناء إطار للمفاوضات بين البلدين في‬ ‫المرحلة المقبلة‪ .‬وتضمنت التوصيات مجموعة‬ ‫متنوعة من الحلول التي يتعين تطبيقها في وقت‬ ‫واحد‪ .‬فوفقا لمجموعة األزمات الدولية فإن‬ ‫والية منظمة األمن والتعاون في أوروبا علي‬ ‫المنطقة محل النزاع يجب أن يتم توسيعها‪،‬‬ ‫من أجل زيادة قدرة المنظمة على تطبيق‬

‫مقترحات المجموعة‪ .‬وعالوة على ذلك ‪ ،‬فإن‬ ‫الالجئين األذربيجانيين يجب أن يعودوا إلى‬ ‫ديارهم في ناجورنو كاراباخ ‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫انسحاب القوات األرمينية التي تحتل األراضي‬ ‫األذربيجانية خارج منطقة ناجورنو كاراباخ‪.‬‬ ‫وفي النهاية يشجع التقرير علي السماح‬ ‫بدخول العرقيات إلي ناجورنوكاراباخ من‬ ‫اجل المشاركة في حل القضية ‪ ،‬كما يشجع‬ ‫علي إشراك األطراف الخارجية في الحل‬ ‫و بينما يتوقع التقرير حل األزمة بتطبيق‬ ‫توصياته ‪ ،‬فإنه لم يحاول شرح العوامل‬ ‫التي يمكن أن تؤدي إلى حل األزمة ‪ ،‬و لم‬ ‫يقدم أكثر من إحاطة مختصرة عن الصراع‪.‬و‬ ‫يعاني تحليل مجموعة األزمات الدولية من‬ ‫قصور كبير ‪ ،‬وهو انه يتعامل مع الصراع‬ ‫‪60‬‬


‫تقارير‬

‫من خالل مفاهيم مطلقة ‪ ،‬ولم يول انتباها‬ ‫كبيرا إلى الضغوط اإلقليمية والدولية المحيطة‬ ‫باألزمة‪ .‬كما اخفق التقرير في اإلشارة إلي‬ ‫أنه حتى لو تمكنت الجماعات العرقية في‬ ‫ناجورنو كاراباخ من تقرير مصيرها فإن‬ ‫القوى اإلقليمية المحيطة بهم قد تمنعهم من‬ ‫ذلك ‪ .‬وهناك قصة مشابهة لتلك أالزمة‬ ‫قد أدت إلى الحرب بين روسيا وجورجيا‬ ‫في أغسطس ‪ .2008‬فالمصالح اإلقليمية‬ ‫و الدولية في دول آسيا الوسطى كانت منذ‬ ‫فترة طويلة عامال في عرقلة المفاوضات في‬ ‫المنطقة‪ .‬ومع ذلك فإن مجموعة األزمات‬ ‫الدولية تساند مزيدا من التدخل الخارجي‪.‬‬ ‫إن التوصيات الواردة في التقرير بشان تأييد‬ ‫حق الجماعات العرقية في ناجورنو كاراباخ‬ ‫في تقرير مصيرها مثيرة لإلعجاب ‪ ،‬ولكنه‬ ‫في حالة قيام أرمينيا وأذربيجان بتطبيق هذه‬ ‫التوصيات فمن المحتمل أن يحدث صراع‬ ‫عرقي ‪ .‬وعالوة على ذلك ‪ ،‬فإن التقرير يتجاهل‬ ‫دور األمم المتحدة ‪ ،‬وتحديدا دور مجلس األمن‬ ‫في تنفيذ قراراته المتعلقة بالوضع في المنطقة‬ ‫‪ ،‬ويركز على دور منظمة األمن والتعاون‬ ‫‪ ،‬والتي تتمتع بوالية صغيرة علي المنطقة‬ ‫محل النزاع وليس لها والية قضائية ملزمة‪.‬‬ ‫من ناحية أخري تتناول مارتا أولكوت الخبيرة‬ ‫في شؤون آسيا الوسطى التعاون اإلقليمي في‬ ‫آسيا الوسطى كوسيلة لتسوية النزاعات‪ .‬حيث‬ ‫تضمن مقال مارتا تحليال أكثر واقعية للحياة‬ ‫العدد ‪1533‬‬

‫السياسية في آسيا الوسطى مقارنة بتقرير‬ ‫مجموعة األزمات الدولية ويطرح القضايا‬ ‫التي لم يشر إليها التقرير السابق اإلشارة إليه ‪.‬‬ ‫في البداية ‪ ،‬صنف مقال مارتا التنمية السياسية‬ ‫في آسيا الوسطى طوال العقد الماضي إلى‬ ‫نقاط إيجابية و سلبية‪ .‬وأشار المقال إلى أن عدم‬ ‫وجود نزاعات مسلحة بالمنطقة منذ انتهاء‬ ‫الحرب الطاجيكية في عام ‪ 1997‬يعتبر ميزة‬ ‫تنعم بها المنطقة ‪ .‬باإلضافة إلى أن الخصومات‬ ‫العرقية لها دور أقل بكثير من المتوقع في‬ ‫نزاعات الدولة الخارجية و الداخلية ‪ .‬هناك‬ ‫ميزة أخرى وهي انهيار االتحاد السوفيتي و‬ ‫االنتقال إلي مرحلة ما بعد االتحاد السوفيتي‬ ‫بشكل سلس‪ .‬ولكن السلبيات التي أشار إليها‬ ‫توقع حدوث نزاعات‬ ‫التقرير تكمن في‬ ‫حول المياه والطاقة والحدود ‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫وجود حالة من االضطراب في أفغانستان‪,‬‬ ‫مما قد يؤثر سلبيا على استقرار المنطقة‪.‬‬ ‫و يتناول المقال تحليال مثيرا لإلعجاب للعوامل‬ ‫التي أدت إلى “نجاح جزئي” للحلول المقترحة‬ ‫من قبل المنظمات المتعددة األطراف‪.‬العامل‬ ‫االول هو مفهوم الجماعية‪ :‬حيث أوضح‬ ‫المقال صعوبة أن تنأى الدول بنفسها عن‬ ‫القرارات الجماعية‪ .‬العامل الثاني هو األهداف‬ ‫المثالية المقترحة والتي عادة ما تكون صعبة‬ ‫التنفيذ بالنسبة للبلدان التي تمر بمرحلة‬ ‫انتقالية‪ .‬أما العامل الثالث و األخير فكان‬ ‫المصالح الدولية في المنطقة‪,‬وهذا العامل كان‬

‫مهمال في تقرير مجموعة األزمات الدولية‪.‬‬ ‫هذا العامل تحديدا له قوتة في المفاوضات ‪،‬‬ ‫حيث تتخذ الدول مواقفها تبعا لمصالحها‬ ‫وهذا من شأنه أن يؤدي إلى طريق مسدود‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وقد حقق مقال اأولكوت توازنا بين التحليل‬ ‫السياسي واالقتصادي في المنطقة من خالل‬ ‫تقديم نقد للمناهج السابقة وإيجاد حلول‬ ‫أشار‬ ‫للمشاكل المطروحة‪ .‬ومع ذلك ‪،‬‬ ‫المقال إلى الظروف اإلقليمية التي أدت‬ ‫إلى الحالة الراهنة و تشمل هذه الظروف‬ ‫أثر تاريخ االتحاد السوفيتي على تطوير‬ ‫الحركات و القومية العرقية داخل هذه البلدان‪.‬‬ ‫و بينما تناول تقرير مجموعة األزمات الدولية‬ ‫فقط جانبا واحدا من اللغز في آسيا الوسطى‬ ‫‪ ،‬فان تقييم معهد كارنيجي كان يستند علي‬ ‫مالحظة شاملة للدولة و المنطقة ‪ .‬هذا‬ ‫يفسر إلى حد كبير أوجه القصور في تقرير‬ ‫المجموعة ‪ ،‬بالمقارنة بتقييم أولكوت الدسم ‪.‬‬

‫لالطالع على التقريرين كاملين‪ ،‬يرجى‬ ‫زيارة المواقع التالية‪:‬‬

‫‪www.risisgroup.orcg‬‬ ‫‪www.carnegieendowment.org‬‬ ‫‪61‬‬


‫المقال السياسي‬

‫الجار المتطفل‬

‫إيران وإعادة تعريف هوية العراق الوطنية‬

‫يعتبر التأثير اإليراني على مستقبل العراق أم ًرا ال مفر منه‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬سواء ستحدد إيران نتيجة األحداث في العراق أو ال‪،‬‬ ‫سا على العراقيين وعلى إعادة تعريف هوية العراق الوطنية‪ .‬واألكثر من ذلك‪ ،‬ربما تكون سياسة‬ ‫فسوف يعتمد ذلك أسا ً‬ ‫إيران تجاه العراق حسنة النوايا أكثر من أن تكون خبيثة النوايا‪ ،‬وبالتالي ينبغي النظر إليها بشكل طبيعي ‪.‬‬ ‫يعتبر تدخل إيران في الشئون الداخلية للدول‬ ‫األخرى في الشرق األوسط أمرًا معروفًا‬ ‫جيدًا‪ .‬وتعد العراق واحدة من هذه الدول نظرًا‬ ‫لسكانها ذوى األغلبية الشيعية‪ ،‬وحكومتها التي‬ ‫تهيمن عليها الشيعة‪ ،‬ويسود االعتقاد أن إيران‬ ‫سوف تبذل كل ما في وسعها للتأثير عليها‪ .‬بيد‬ ‫أن المخاوف بشأن قدرة إيران على استغالل‬ ‫الموقف السياسي لجارتها بشكل حازم ربما‬ ‫تشوبها الكثير من المبالغة‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪،‬‬ ‫ربما تكون سياسة إيران تجاه العراق حسنة‬ ‫النوايا أكثر من أن تكون خبيثة النوايا‪ .‬وفي‬ ‫النهاية‪ ،‬يعتبر التأثير اإليراني على العراق أمرًا‬ ‫ال مفر منه‪ ،‬ولكن مدى تحديده لنتائج األحداث‬ ‫في العراق سوف يعتمد أساسًا على العراقيين‬ ‫وعلى إعادة تعريف هوية العراق الوطنية‪.‬‬ ‫ويعد تحليل عالقات إيران الثنائية مع العراق‬ ‫إضافة إلى بعض التطورات األخرى في‬ ‫السياسة الخارجية اإليرانية أمرًا ربما يكون‬ ‫مضللاً ‪ .‬وتعتبر كثير من السمات المميزة‬ ‫لسياسة إيران الرافضة لألمر الواقع في‬ ‫المنطقة أمرًا يبعث على القلق بالتأكيد‪ .‬السيما‬ ‫في ظل دعم إيران لجماعات مثل حزب‬ ‫هللا وحماس‪ ،‬أو برنامجها النووي الجريء‪،‬‬ ‫والذي خلق مخاوف في منطقة الشرق األوسط‬ ‫وما وراءها‪ .‬غير أن استقرار العراق سوف‬ ‫يأخذ في الحسبان على األرجح حسابات‬ ‫واضعي السياسات اإليرانية بشكل أكثر من‬ ‫رعايتهم لبعض الطوائف‪ ،‬وخاصة دعمهم‬ ‫غير الرسمي لجماعات مسلحة داخل العراق‪.‬‬ ‫وينبغي أن يواجه ثقل إيران في العراق‬ ‫بشكل طبيعي‪ .‬وتعد إقامة عالقات ودية‬ ‫وثيقة مع جارتها من قبيل السياسة براجماتية‬ ‫تمشيًا مع ما يسمى «العامل الشيعي في‬ ‫السياسة الخارجية اإليرانية»‪ .‬والهدف من‬ ‫هذه السياسة هو زيادة األمن‪ ،‬وخلق فرص‬ ‫للتبادالت االقتصادية والثقافية‪ .‬وتعتبر الصلة‬ ‫باالستقرار واألمن هي البعد االقتصادي المهم‬ ‫جدًا للعالقة بين البلدين‪ .‬وتعد إيران الشريك‬ ‫التجاري الثاني للعراق (تركيا األول)‪ ،‬وتبلغ‬ ‫قيم التبادل التجاري السنوية ‪ 4‬مليارات دوالر‬ ‫وفقًا للمسئولين العراقيين‪ .‬وبالنسبة لبلدين‬ ‫يواجهان مشاكل اقتصادية‪ ،‬فمن المرجح أن‬ ‫يصبح هذا التبادل معل ًما بار ًزا في عالقتهما‪.‬‬ ‫‪ 20‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫وانتهى به المطاف باالنتقال إلى سوريا‪.‬‬

‫مانويل ألميدا‬ ‫ونجد أن الحجاج اإليرانيين المتيممين وجهة‬ ‫العراق (إلى كربالء على وجه الخصوص) هم‬ ‫جانب آخر مهم من العالقات الثنائية الوثيقة بين‬ ‫البلدين‪ ،‬ليس فقط من المنظور الثقافي ولكن من‬ ‫الجانب االقتصادي أيضا‪ .‬وتساور العراقيين‬ ‫الكثير من الشكوك فيما يتعلق بسيطرة إيران‬ ‫على أعمال الحج في العراق‪ ،‬والتي تأتى بماليين‬ ‫من اإليرانيين عبر الحدود كل عام‪ .‬ونجد مثالاً‬ ‫على عدم ارتياح معظم العراقيين تجاه تحكم‬ ‫الشركات اإليرانية في كل قضية لوجيستية‬ ‫تقريبًا تحيط بحج المواطنين اإليرانيين يتمثل‬ ‫في حظر العراقيين لالفتات المكتوبة باللغة‬ ‫الفارسية في كربالء‪ .‬غير أن هذا الحظر‬ ‫هو مجرد إجراء رمزي محدود لن يعوق‬ ‫تدفق األشخاص واألموال من الحج الشيعي‪.‬‬ ‫ويعتبر نوري المالكي وحكومته الشيعية‬ ‫واحدًا من األسباب الرئيسية لالعتقاد بأن‬ ‫إيران ستكون المسئولة فعليًا عن مستقبل‬ ‫العراق‪ .‬غير أنه ليس من قبيل التبسيط المخل‬ ‫فحسب‪ ،‬وإنما من الخطأ االفتراض بأنه نظرًا‬ ‫ألن حكومة المالكي شيعية فهي سوف تكون‬ ‫سعيدة لكونها أداة إليران‪ .‬وأمضى المالكي‬ ‫سنوات عديدة في إيران فعلاً ‪ ،‬حيث أنشأ‬ ‫حزب الدعوة الخاص به ووجد له مال ًذا هناك‬ ‫عندما كان يمثل حزب المعارضة الرئيسي‬ ‫لصدام‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كانت هذه الصالت ظرفية‬ ‫و استمرت ريثما تخدم الطرفين ومعارضتهما‬ ‫المشتركة لنظام البعث بقيادة صدام حسين‪.‬‬ ‫وساءت هذه العالقة قبل سنوات عديدة من‬ ‫اإلطاحة بصدام‪ ،‬عندما قرر اإليرانيون‬ ‫تشكيل جماعة عراقية جديدة معارضة‬ ‫لصدام‪ .‬وعارض المالكي المبادرة اإليرانية‪،‬‬

‫والصلة اإليرانية ليست المالكي أو حزبه‪،‬‬ ‫ولكنها المجلس األعلى‪ ،‬والذي يعد أيضا‬ ‫جز ًءا من االئتالف الحكومي‪ .‬ومع وجود‬ ‫الحرب األهلية والعنف المنتشر في العراق‪،‬‬ ‫تستطيع إيران اإلفالت بسهولة من شبهة دعم‬ ‫الجماعات المتشددة المسلحة لتحقيق غاياتها‪.‬‬ ‫و أصبحت مثل هذه األعمال أكثر تكلفة مع‬ ‫إدخال تحسينات مهمة في الوضع األمني في‬ ‫العراق‪ .‬وإذا لم تمض األمور كما هو متوقع‬ ‫للمجلس األعلى األثير لديها في انتخابات‬ ‫يناير‪/‬كانون ثان البرلمانية‪ ،‬فربما تضطر‬ ‫إيران لقبول ذلك وتمارس ضبط النفس بمنح‬ ‫دعم سياسي ومالي سلمى للمجلس األعلى‪.‬‬ ‫وسواء سيحقق العراق مصالحة وطنية‬ ‫راسخة أم ال فهذا واحد من العوامل الحاسمة‬ ‫في تحديد درجة النفوذ الذي تتمتع به إيران‬ ‫لدى جارتها‪ .‬وأظهرت الصحوة السنية ضد‬ ‫جماعات تنظيم القاعدة في عام ‪،2007‬‬ ‫أنه لن يكون هناك أي مستقبل للعراق إذا لم‬ ‫تمنع العودة إلى الوالءات الطائفية‪ .‬وكانت‬ ‫الصحوة السنية حاسمة في تحسين الوضع‬ ‫األمني في العراق‪ .‬وبعد هذه الصحوة‪،‬‬ ‫تصاعد األمل في وجود سياسات تشمل جميع‬ ‫الفئات في العراق‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬انضم‬ ‫العديد من أعضاء حركة الصحوة إلى قوات‬ ‫األمن العراقية ومناصب حكومية األخرى‪.‬‬ ‫وتضاءلت هذه اآلمال نتيجة الفشل في دمج‬ ‫السنّة سياسيًا‪ .‬وحاولت الحكومة العراقية حقًا‬ ‫تغيير هذا الوضع‪ ،‬ولكن بوتيرة بطيئة نوعًا ما‪.‬‬ ‫ونجد بين كل النتائج المحتملة المترتبة على‬ ‫إعادة تعريف الهوية الوطنية العراقية‪،‬‬ ‫سيناريو مجزأً بين الشيعة والسنة واألكراد‪،‬‬ ‫وهو يخدم فرص إيران للتدخل في الشئون‬ ‫الداخلية للعراق‪ .‬وهناك نتيجة آخرى محتملة‬ ‫وهي تحقيق هوية وطنية عراقية راسخة‬ ‫ووجود سياسات شاملة تستوعب كل مصالح‬ ‫ومطالب السنة والشيعة واألكراد‪ ،‬وهو أمر‬ ‫سيكون شديد األهمية لضمان مستقبل عراقي‬ ‫مستقل‪ .‬وفي معركة «الهويات»‪ ،‬من المرجح‬ ‫أن تتفوق الهوية العراقية‪-‬العربية‪ ،‬وتساهم‬ ‫في الحفاظ على الدرجة المطلوبة من استقالل‬ ‫العراق عن جارتها المتدخلة‪.‬‬ ‫‪62‬‬


‫المقال السياسي‬

‫‪55‬‬


48


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.