Issue 1548 AR

Page 1

‫المقال السياسي‬

‫‪13‬‬

‫‪THE MAJALLA‬‬

‫‪55‬‬



‫المقال السياسي‬

‫نحو الهدف‬

‫ضرب إيران في مقتل‬ ‫يزعم الكثير من المراقبين أن العقوبات التي يمكن أن تُفرض على إيران ستكون غير فعالة‪ .‬بيد أن حقبة العقوبات الشديدة يبدو أنها قد‬ ‫انتهت‪ ،‬والحديث اآلن يتمحور حول ما يطلق عليه "العقوبات الذكية" والعقوبات الحالية التي تستهدف االقتصاد اإليراني وفيلق الحرس‬ ‫الثوري اإليراني بوجه خاص كانت لها تأثيرهاـ وإن كان محدودًا‪ .‬والصين تعد السبيل الوحيد إلنجاح المساعي الرامية إلى عزل إيران‬ ‫اقتصاديًا‪ ،‬وقطاع النفط هو أكثر القطاعات حساسية بالنسبة للكيان اإليراني فهو ركن االقتصاد الركين‪.‬‬ ‫كتب الكثيرون عن مدى فعالية العقوبات االقتصادية‬ ‫الدولية‪ ،‬فبعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬أدت سياسة‬ ‫التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا إلى زيادة‬ ‫العزل الدولي لذلك النظام العنصري‪ .‬وبحلول أوائل‬ ‫الستينيات‪ ،‬فرضت الجمعية العمومية‪ ،‬التابعة لألمم‬ ‫المتحدة عقوبات اقتصادية‪ ،‬تتمثل في مقاطعة بضائع‬ ‫جنوب إفريقيا واالمتناع عن التصدير لها – إضافة إلى‬ ‫حظر األسلحة المفروض عليها من قبل مجلس األمن‬ ‫ضد حكومة جنوب إفريقيا‪ .‬وأعقب ذلك المزيد من‬ ‫العقوبات في فترة السبعينيات والثمانينيات من األمم‬ ‫المتحدة والواليات المتحدة ثم المجتمع االقتصادي‬ ‫األوروبي و"الكومنولث" والدول اإلفريقية المتحررة‬ ‫والبنوك الدولية إضافة إلى حملة ضخمة للتحريض‬ ‫على سحب أموال االستثمار من جنوب إفريقيا‪ ،‬وقد‬ ‫أدت هذه الضغوط الدولية إضافة إلى زيادة العزلة‬ ‫السياسية واالقتصادية لجنوب إفريقيا إلى نتيجتين؛‬ ‫أوالهما إصالح السياسات العنصرية للحزب القومي‬ ‫في البالد‪.‬‬ ‫وثانيهما‪ :‬فتح باب التفاوض مع مجتمع السود وتخليص‬ ‫البالد من كابوس العنصرية في نهاية المطاف‪.‬‬ ‫وتعد جنوب إفريقيا مثالاً فريدًا من نوعه على اإلجماع‬ ‫الدولي فيما يتعلق بتبرير فرض عقوبات أكثر‬ ‫صرامة‪ .‬وهو أيضًا مثال مميز للعقوبات التي حققت‬ ‫الهدف منها؛ وهو الضغط على حكومة جنوب إفريقيا‬ ‫لتغيير سياستها العنصرية‪ .‬وبوجه عام‪ ،‬يُعتقد أن‬ ‫العقوبات االقتصادية يكون لها تأثير سلبي‪ ،‬حيث إنها‬ ‫من المحتمل أن تلحق ضررًا بالسكان المدنيين بدلاً‬ ‫من إلحاق الضرر بالنظام الذي تستهدفه في األساس‪.‬‬ ‫هناك إجماع في الرأي اآلن على أن برنامج إيران‬ ‫النووي ليس مخصصًا لألغراض السلمية وحدها‪.‬‬ ‫فقد أصدر أحمدي نجاد أوامره للعلماء اإليرانيين في‬ ‫مجال الطاقة النووية أن يقوموا بتخصيب اليورانيوم‬ ‫بنسبة تصل إلى ‪ 20%‬وفتح ‪ 10‬وحدات أخرى‬ ‫للتخصيب إضافة إلى تعزيز نظام الدفاع الجوي‪ .‬كل‬ ‫هذا ال يدع مجالاً للشك في نوايا إيران الخبيثة‪ .‬وبما‬ ‫أن الواليات المتحدة هي التي تقود الجهود الرامية‬ ‫إلى فرض نظام جديد من العقوبات على إيران‪ ،‬فإن‬ ‫قرارها يواجه الجدل المعتاد الذي يستند إلى فكرة أن‬ ‫العقوبات لن تجدي وأنها لن تكون فعالة‪ .‬فالعقوبات‬ ‫ضد إيران تعتبر غير فعالة ألنها تزود النظام اإليراني‬ ‫بحجة أن العقوبات التي تقودها الواليات المتحدة هي‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫اإليراني‪ ،‬فإن األمريكيين ال يتوقعون هذه النتيجة‪.‬‬ ‫ولكن العقوبات الذكية لن تقف فقط عند حد إلحاق‬ ‫الضرر باألهداف المقصودة‪ ،‬ولكنها أيضًا توجه‬ ‫رسالة قوية مفادها معارضة نوايا إيران النووية‪،‬‬ ‫وبالتالي فهي أداة ال غنى عنها في ممارسة الضغوط‬ ‫الدبلوماسية على إيران‪.‬‬

‫مانويل ألميدا‬ ‫المتسببة في الوضع السيئ للبالد‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن إيران‬ ‫تجد تبريرًا لموقف حكومتها العدائي من الواليات‬ ‫المتحدة ورفضها المشاركة في الحوار‪.‬‬ ‫ويثير االدعاء بأن العقوبات ضد إيران لن‬ ‫تحقق أي نتيجة مسألتان في غاية األهمية‪:‬‬ ‫أولاً ‪ :‬من المهم أن تحديد نوع العقوبات التي نتحدث عنها‪،‬‬ ‫والشخص أو الجهة التي سنوقع عليها هذه العقوبات‪.‬‬ ‫وثانيًا‪ :‬ما الذي تهدف هذه العقوبات إلى تحقيقه‪ .‬ويبدو‬ ‫أن عصر العقوبات الثقيلة قد انقضى‪ ،‬وأن الحديث‬ ‫اآلن يدور حول ما يسمى بـ"العقوبات الذكية"‪ ،‬وهذه‬ ‫العقوبات المحددة تستهدف األفراد وأعمالهم‪ ،‬خاصة‬ ‫الحرس الثوري اإليراني‪ ،‬الذي يستغل أعضاؤه‬ ‫مناصبهم الكبيرة‪ ،‬حيث أصبحوا يسيطرون على‬ ‫االقتصاد اإليراني‪ .‬كما تستهدف وزارة الخزانة‬ ‫األمريكية أيضًا بشكل خاص الحرس الثوري اإليراني‬ ‫بسبب دعم شركاته لبرنامج االنتشار النووي‪.‬‬ ‫وقد أوضح لي أفشين موالي‪ ،‬من مؤسسة أمريكا‬ ‫الجديدة‪ ،‬أخيرًا‪ ،‬أنه قد أصبح من الصعب القيام بأعمال‬ ‫تجارية في إيران‪ ،‬وذلك يعود‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬نتيجة‬ ‫للعقوبات الحالية المفروضة على إيران‪ .‬وشركات‬ ‫الحرس الثوري اإليراني ليست هي وحدها التي‬ ‫تتعرض لضغوط في إيران‪ .‬فالمؤسسات التجارية‬ ‫بصفة عامة تواجه اآلن صعوبات جمة‪ ،‬خاصة‬ ‫في الحصول على االئتمان الالزم للقيام بالصفقات‬ ‫التجارية الصغيرة أو الكبيرة‪ .‬كما تباطأ النمو‬ ‫التجاري في إيران بشكل كبير‪ ،‬نتيجة الدور الذي‬ ‫تلعبه العقوبات‪ .‬وبالنسبة لالدعاء القائل بأن الشعب‬ ‫اإليراني سوف يقف على جانب النظام‪ ،‬فإن رجال‬ ‫األعمال اإليرانيين يدركون تما ًما أن الحكومة هي‬ ‫المخطئة‪ .‬وبالرغم من أن العقوبات لن تسقط النظام‬

‫وكما ذكر لي موالفي "ال تزال نتائج النظام الحالي‬ ‫للعقوبات محدودة‪ .‬األفضل هو استهداف النقط‪،‬‬ ‫فالنفط هو القطاع الهش بشكل حقيقي‪ ،‬وبما أن‬ ‫الصين هي التي تشتري جانبًا كبي ًرا من النفط‬ ‫اإليراني‪..‬فإنها تعد مهمة" فيما يتعلق بفرض‬ ‫العقوبات‪ ،‬وأضاف أن "‪ 60%‬من صادرات إيران‬ ‫من النفط الخام تذهب إلى آسيا"‪ ،‬وال تكمن أهمية‬ ‫الصين في أنها تعد أكبر ملتقى لصادرات النفط‬ ‫اإليراني فقط‪ ،‬بل هناك أيضًا حقيقة أن إيران تعد‬ ‫في حاجة ماسة إلصالح بنيتها التحتية النفطية‪ ،‬وإال‬ ‫خاطرت بفقدان قدرتها على تصدير النفط‪ ،‬والذي‬ ‫يعد شريان الحياة لالقتصاد اإليراني‪ ،‬وقد كتب‬ ‫"كينيث بوالك" و "راي تاكيه" في مجلة "فورين‬ ‫أفيرز" أنه "بموجب تقديرات شركة النفط الوطنية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬هناك حاجة إلى ‪ 70‬مليار دوالر خالل‬ ‫العشر سنوات المقبلة لتحديث البنية التحتية المهللة‬ ‫للبالد‪ ،‬وتسعى إيران من أجل توفير نحو ثالثة أرباع‬ ‫هذه االستثمارات الضخمة عن طريق شركات النفط‬ ‫األجنبية واألسواق المالية الدولية"‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت‬ ‫لم تحقق إيران أي تقدم في هذا التوجه الحاسم‪.‬‬ ‫إذن هل تفيد العقوبات؟ لقد أثبتت العقوبات الذكية‬ ‫ضد إيران جدواها‪ ،‬إلى درجة ما على األقل‪ ،‬وقد‬ ‫تم إقناع روسيا بأن العقوبات هو المسار الذي يجب‬ ‫اتخاذه‪ ،‬وذلك بعد جولة جديدة من المفاوضات‪ ،‬التي‬ ‫باءت بالفشل‪ ،‬وبعد إعالن نجاد عن تح ٍد جديد تمثل‬ ‫في تخصيب اليورانيوم إلى نسبة ‪ ،20%‬ولكي يتم‬ ‫فرض عزلة اقتصادية عاملة على إيران مثل تلك‬ ‫التي فرضت على جنوب إفريقيا في حقبة الفصل‬ ‫العنصري‪ ،‬يعد من المهم قيام الواليات المتحدة بإقناع‬ ‫الصين بالمشاركة في نظام العقوبات وبالبحث عن‬ ‫مصادر أخرى للنفط‪ ،‬وإمكانات حدوث ذلك ليس‬ ‫قاتمة كما قد يبدو‪ ،‬حيث جاء في تقرير أخير لمجموعة‬ ‫األزمات الدولية أنه "بينما تقاوم الصين فرض مجلس‬ ‫األمن لعقوبات أشد على إيران‪ ،‬من المرجح انضمامها‬ ‫لنظام العقوبات‪ ،‬لكنها سوف تسعى إلى تأجيل أو‬ ‫إضعاف اإلجراءات التي يرغب فيها الغرب"‪.‬‬ ‫‪76‬‬


‫دراسات‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫تقرير أمانو حظي باهتمام عالمي ألنه سلط الضوء على الكثير من المخاوف‬ ‫التي تتعلق بالتسلح النووي اإليراني‬

‫أعده مجلس العالقات الخارجية‪ ،‬وهو‬ ‫مركز لألبحاث مقره واشنطن؛ " إن هذا‬ ‫بمثابة مؤشر مهم على أن الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية تحت رئاسة المدير العام‬ ‫الجديد‪ ،‬يوكيا أمانو‪ ،‬سوف تكون صريحة‬ ‫ومباشرة في تقييماتها"‪.‬‬ ‫وقد حظي هذا التقرير بقدر هائل من‬ ‫االهتمام ألنه سلط الضوء على الكثير‬ ‫من المخاوف التي تتعلق بأنشطة التسلح‬ ‫النووي في إيران‪ ،‬وما يميز هذا التقرير‬ ‫عن التقارير السابقة التي صدرت عن‬ ‫الوكالة بشأن التسلح النووي أنه أسهب في‬ ‫سرد تفاصيل مثيرة لم يتم ذكرها فيما سبقه‬ ‫من تقارير‪.‬‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يؤكد التقرير مزاعم‬ ‫أحمدي نجاد أن إيران أكملت تخصيب‬ ‫اليورانيوم إلى ‪ ،20%‬وأن بالده واصلت‬ ‫نشاط األسلحة النووية بعد عام ‪.2004‬‬ ‫وهذه المعلومات مهمة ألنها توسع من‬ ‫نطاق تقييمات االستخبارات األمريكية‬ ‫والتي قالت أن إيران أنهت نشاط أسلحتها‬ ‫النووية في عام ‪ .2003‬وباإلضافة إلى هذه‬ ‫المعلومات‪ ،‬يؤكد التقرير أن إيران تتخذ‬ ‫نهجًا أكثر جرأة في برنامجها‪" ،‬من خالل‬ ‫نقل كل اليورانيوم منخفض التخصيب‬ ‫تقريبًا إلى منشأة من المتوقع أن يتم فيها‬ ‫إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة ‪،20%‬‬ ‫وربما يكون هذا بمثابة دليل على رغبتها‬ ‫في تطوير قدرتها على تخصيب الخام"‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬يصر التقرير األول ألمانو‬ ‫على أن سلوك إيران يدعو لمواجهة دولية‪.‬‬ ‫ويعتبر مجلس العالقات الخارجية أن‬ ‫الخطاب الذي استخدمته وكالة الطاقة‬ ‫الذرية واعدًا‪ ،‬ألنه يمكن أن يعطي مجلس‬ ‫األمن زخ ًما لالتفاق على فرض عقوبات‬ ‫ضد طهران‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تكشف النتائج التي‬ ‫توصل إليها التقرير أيضًا عن اتباع إيران‬ ‫إلستراتيجية عدوانية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ليس من‬ ‫المرجح احتمال تنفيذ برنامج عقوبات‬ ‫ناجح‪ .‬وأشار مجلس العالقات الخارجية‪،‬‬ ‫إلى إن عدم إحراز المجتمع الدولي أي تقدم‬ ‫في تقويض برنامج إيران النووي بمثابة‬ ‫متالزمة لمرض أكبر يعاني منه النظام‬ ‫العالمي الحالي‪.‬‬ ‫ورغم أن التقرير ُوصف بالحدة‪ ،‬خاصة‬ ‫بالمقارنة مع أنواع التقارير التي صدرت‬ ‫تحت رئاسة المدير السابق للوكالة محمد‬ ‫البرادعي‪ ،‬فإنه ال يزال مجرد كلمات‪ .‬وأشد‬ ‫التصريحات التي تضمنها التقرير القول؛‬ ‫بأن إيران ال تنفذ مطالب الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية‪ ،‬وهو أمر أساسي لبناء الثقة‬ ‫في "األغراض السلمية البحتة لبرنامجها‬ ‫النووي ولحل المسائل العالقة"‪ .‬ورغم أن‬ ‫إيران يجب أن تتعاون وتهدئ المخاوف‬ ‫حول األبعاد العسكرية لبرنامجها النووي‪،‬‬ ‫فإنه إذا كنا لنتعلم شيئًا من المحادثات‬ ‫الماضية بين إيران ومجموعة "‪ "1+5‬فهو‬ ‫أن إيران على استعداد ألن تقول أي شيء‬

‫بهدف المماطلة‪ .‬وسواء كانت إيران تريد‬ ‫أسلحة نووية أم ال‪ ،‬فليس هذا محل تساؤل‪.‬‬ ‫غير أن محل التساؤل هو؛ ما إذا كانت‬ ‫إيران ترى مصلحة في أن تبدو بمظهر‬ ‫المتحدي للمجتمع الدولي‪ ،‬ربما لكسب‬ ‫التأييد في الداخل‪ ،‬حيث شهدت الحكومة‬ ‫دالئل على ضعفها‪ .‬وإذا كانت إيران ترغب‬ ‫في ذلك‪ ،‬فحتى التقرير شديد اللهجة والمدير‬ ‫العام للوكالة الذرية سوف يكونان عاجزين‬ ‫تما ًما عن ح ْمل إيران على اإلذعان‪.‬‬ ‫صحيح أن تقييم التقرير سوف يكون مه ًما‬ ‫إلقناع األعضاء المترددين في مجلس‬ ‫األمن الدولي‪ ،‬وهما روسيا والصين‪ ،‬بتأييد‬ ‫فرض عقوبات على إيران‪ ،‬وأن تقييم‬ ‫مجلس العالقات الخارجية لتقرير الوكالة‬ ‫الدولية للطاقة الذرية يدرك هذه النقطة‬ ‫جيدًا‪ .‬بيد أن مجلس العالقات الخارجية ال‬ ‫يرى أن العقوبات الموجهة قد يكون لها‬ ‫أثر أكبر على المدى القصير‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫تعتبر فاعلية العقوبات موضع تساؤل‬ ‫أيضًا‪ .‬فحتى العقوبات الموجهة التي تق ّوض‬ ‫القدرة االقتصادية للنظام القائم ستكون ذات‬ ‫تأثير محدود إذا رأت الحكومة اإليرانية أن‬ ‫التكاليف المترتبة على البرنامج النووي‬ ‫تفوق فوائده‪ .‬وفي حين يعتبر كال التقريرين‬ ‫مفيدين‪ ،‬كان سيصبح أكثر إثارة لالهتمام‬ ‫أن نرى مجلس العالقات الخارجية يضع‬ ‫توصيات للسياسة العامة التي ربما تكون‬ ‫أكثر فاعلية من العقوبات‪.‬‬ ‫ولمزيد من المعلومات‬

‫‪www.cfr.org‬‬ ‫‪75‬‬


‫دراسات‬

‫ماذا بعد التصريحات الحادة ؟‬ ‫تقرير أمانو يكشف تفاصيل جديدة عن التسلح النووي اإليراني‬ ‫مجلس العالقات الخارجية‬ ‫ميشيل ليفي‬ ‫‪ 19‬فبراير‪/‬شباط ‪2010‬‬

‫في أول تقرير له كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬يعرض يوكيا أمانو مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية النتائج التي توصل إليها‬ ‫بشأن مخططات إيران العدائية لتخصيب اليورانيوم‪ .‬ويعطي مجلس العالقات الخارجية تقيي ًما ألهمية هذا التقرير‪ ،‬ويقول‪ :‬إنه بينما كان‬ ‫موقف التقرير صار ًما‪ ،‬فإن الظروف الحالية تحد من تأثيره ومع تقييد سلطات الوكالة الدولية‪ ،‬فإن هذا يدعو المجتمع الدولي للتساؤل عن‬ ‫الخطوة التالية في التعامل مع إيران‪.‬‬ ‫في شهر سبتمبر‪/‬أيلول‪ 2009 ،‬استيقظ‬ ‫العالم على أنباء مفزعة تقول؛ إن إيران‬ ‫كانت تبني س ًرا محطة للطاقة النووية‬ ‫بالقرب من مدينة قم المقدسة‪ .‬ومنذ ذلك‬ ‫الحين‪ ،‬أثيرت مخاوف المجتمع الدولي‬ ‫نظ ًرا للمزاعم المتعلقة باإلمكانات‬ ‫العسكرية للمفاعل‪ ،‬ومدى قدرته على‬ ‫تقريب إيران أكثر من تطوير أسلحة‬ ‫نووية‪ .‬ورغم المحادثات التي أُجريت‬ ‫مع مجموعة (‪ ،)1 + 5‬لم تكن الجهود‬ ‫الرامية إلى الحد من اهتمام إيران بتطوير‬ ‫قدراتها لتخصيب اليورانيوم فاعلة إلى‬ ‫حد كبير‪ .‬ومما زاد الطين بلة أنه في‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪ 11‬فبراير‪/‬شباط ‪ ،2010‬وهو الذكرى‬ ‫السنوية الحادية والثالثين للثورة اإليرانية‪،‬‬ ‫أعلن أحمدي نجاد أن إيران دولة نووية‪،‬‬ ‫وقادرة على إنتاج كمية من اليورانيوم‬ ‫حتى مستوى تخصيب ‪ .20%‬وأثار هذا‬ ‫اإلعالن من جديد اهتمام المجتمع الدولي‬ ‫بمحاولة إقناع إيران بالعدول عن بناء‬ ‫ترسانة نووية عسكرية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال‬ ‫يمتلك المجتمع الدولي سوى وسائل قليلة‬ ‫لكي يؤثر حقًا على الدولة التي تبدو مصرة‬ ‫على الحصول على أسلحة نووية‪.‬‬ ‫وإذا طرحنا العقوبات جانبًا‪ ،‬اعتمد‬

‫المجتمع الدولي إلى حد كبير على الوكالة‬ ‫الدولية للطاقة الذرية في الضغط على‬ ‫الدول المارقة مثل إيران وكوريا الشمالية‪،‬‬ ‫لكي تمتثال لالتفاقيات الدولية بعدم االنتشار‬ ‫النووي‪ .‬ويبرز أحدث تقرير للوكالة حول‬ ‫البرنامج النووي اإليراني الشكوك القديمة‬ ‫للدول الغربية‪ ،‬التي تزعم أن إيران‬ ‫طورت إلى حد كبير قدرتها على تخصيب‬ ‫اليورانيوم إلى مستويات تجعل من صناعة‬ ‫األسلحة النووية أكثر سهولة‪ .‬إال أن أهمية‬ ‫التقرير الذي أعدته الوكالة ال تقتصر على‬ ‫المعلومات الجديدة الذي كشفها عن برنامج‬ ‫إيران النووي‪ .‬فوفقًا لتحليل التقرير الذي‬ ‫‪74‬‬


‫قراءات‬


‫قراءات‬

‫كتب‬ ‫"أحجار في بناء المدارس‪:‬‬ ‫تشجيع السالم في أفغانستان وباكستان‬ ‫بالكتب وليس القنابل"‬ ‫جريج مورتنسون‬

‫يحكي هذا الكتاب قصة إنسانية مؤثرة عن رجل محب‬ ‫لإلنسانية قام بإنشاء العديد من المدارس في أفغانستان‬ ‫وباكستان‪ ،‬والكتاب من تأليف‪ ،‬جريج مورتنسون‪،‬‬ ‫مؤلف كتاب "ثالثة أكواب من الشاي"‪ ،‬والذي يعد‬ ‫من أفضل الكتب مبيعا‪ .‬وقلما تصدر الكتب الجديدة في‬ ‫توقيت مناسب مثل كتاب "أحجار في بناء المدارس"‪.‬‬ ‫وقد حصل مورتنسون على وسام نجمة باكستان‪،‬‬ ‫وهو أعلى وسام مدني في باكستان‪ ،‬تقديرا لجهوده‪،‬‬ ‫على مدى ستة عشر عاما‪ ،‬في تعزيز التعليم والسالم‪.‬‬ ‫ويتضح من خالل هذا الكتاب مدى اقتناع مورتنسون‬ ‫بأن التعليم الصحيح يمكن أن يؤدي إلى سد ثغرات‬ ‫هائلة‪ .‬وبالرغم من تأكيده على هذه النقطة دون أن‬ ‫يوضح بالضبط نوعية التعليم الذي يتلقاه األطفال في‬ ‫مدارسة التابعة لـ"معهد آسيا الوسطى"‪ ،‬إال أنه مقتنع‬ ‫بان تشجيع تعلم القراءة والكتابة هي الطريقة األكثر‬ ‫فعالية لتعزيز الثقة والتفاهم‪.‬‬

‫الغالف‬

‫على حافة الهاوية‬

‫هنري إم بولسون االبن‬

‫يعد هذا الكتاب من أبرز الكتب تميزا بين الكتب العديدة‬ ‫التي صدرت في أعقاب األزمة المالية العالمية‪،‬‬ ‫والتي تعد بدورها واحدة من أشد األزمات المالية‬ ‫كارثية منذ فترة الكساد العظيم‪ .‬وهنرى بولسون هو‬ ‫الرئيس التنفيذي السابق لشركة جولدمان ساكس‪،‬‬ ‫والذي أصبح فيما بعد وزير الخزانة األمريكي في‬ ‫عام ‪ ،2006‬أي قبل نحوالي سنة من حدوث االنهيار‬ ‫المالي‪ .‬ويحكي كتاب "على حافة الهاوية" التجربة‬ ‫الشخصية لرجل كان في قلب األزمة‪ ،‬رجل اعتاد‬ ‫على سرعة اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية في‬ ‫لمح البصر‪ .‬ويعد هذا الكتاب رواية درامية مؤثرة‬ ‫سريعة اإليقاع عن الدور الذي لعبه الناس والسياسة‬ ‫في الكارثة المالية التي وقعت في عام ‪. 2007‬‬ ‫ويصف بولسون نفسه لقرائه في مقدمة الكتاب قائال‪:‬‬ ‫"أنا شخص مباشر وصريح‪ ،‬ومن ثم فإنني أحب‬ ‫أن كون واضحا ومباشرا في تعاملي مع الناس"‪.‬‬ ‫والكتاب بالفعل مكتوب بأسلوب صريح ومباشر‬ ‫مليء بالتفاصيل الصغيرة‪ .‬ويعد هذا الكتاب كتابا بالغ‬ ‫األهمية ينبغي أن يقرأه كل من هو مهتم بمعرفة ما‬ ‫حدث‪ ،‬واألسباب التي أدت إليه‪ ،‬والعمل الدءوب الذي‬ ‫قام به بعض من ألمع العقول المالية في العالم لمنع‬ ‫حدوث انهيار مالي كامل‪.‬‬

‫الغالف‬

‫الغالف‬

‫القوة الضاربة السوداء‬ ‫بقلم مارك إربن‬ ‫يجرى مارك أربن من خالل هذا الكتاب تحقيقا في العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الخاصة الجوية البريطانية في العراق في الفترة‬ ‫الواقعة بين عامي ‪ 2003‬و ‪ .2009‬وقد نجح أربن من خالل هذا التحقيق في اختراق حائط السرية والغموض الذي يحيط بالقوات الخاصة الجوية‬ ‫البريطانية‪ .‬وبالرغم من محاوالت وزارة الدفاع البريطانية حجب الكثير من األسرار التي وردت في الكتاب ومحاولة منعها من الظهور‪ ،‬فإن نجاح‬ ‫الكاتب في اختراق جدار السرية قد جعل من كتاب "القوة الضاربة السوداء" إحدى الرواية الواقعية الحقيقة‪ ،‬بالغة األهمية‪ ،‬عن القوات الخاصة‬ ‫الجوية البريطانية الحديثة‪ ،‬بعيدا عن عالم الخيال‪ .‬وبالرغم من أن الكتاب يتبنى في بعض الحيان وجهة نظر القوات الخاصة الجوية البريطانية‪،‬‬ ‫إال أن أربن يساعد القارئ‪ ،‬من خالل روايته لقصة واحدة من أكثر العمليات العسكرية دراماتيكية وقوة في التاريخ الحديث‪ ،‬في التوصل إلى فهم‬ ‫أفضل للصراع من منظور الجنود المشاركون في القتال الفعلي‪.‬‬

‫تقارير‬

‫قرارات ومواعيد نهائية‪..‬عام حاسم للسودان‬ ‫تشاتهام هاوس‪،‬‬ ‫يناير ‪2010‬‬ ‫بعد أقل من عام يصوت الناخبون في السودان‪ ،‬وهي‬ ‫واحدة من أقل الدول نم ًوا وأكثرها تمزقًا بسبب الحروب‪،‬‬ ‫في استفتاء يكون له أثار واسعة على السلم األمن في هذا‬ ‫البلد وفي المنطقة‪ ،‬ففي يناير عام ‪ 2011‬سوف يُعطي‬ ‫المصوتين الجنوبيين فرصة االختيار بين االنفصال في‬ ‫دولة مستقلة أو االستمرار في الوحدة مع الحكومة‬ ‫المركزية‪ .‬وسوف يكون هذا االستفتاء بمثابة نهاية لستة‬ ‫سنوات من المفاوضات في إطار اتفاق السالم الدائم‪.‬‬ ‫ويظهر هذا التقرير أن السودان يدخل مرحلة حاسمة في‬ ‫تاريخه‪ ،‬مما يضع الصفوة القوية في البالد تحت ضغوط‬ ‫لتصل إلى اتفاق فيما يتعلق بعدد واسع من القضايا‪،‬‬ ‫ويشدد التقرير على الحاجة إلى دور دولي مستمر‬ ‫لضمان االلتزام ببنود ومبادئ االتفاق‪.‬‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫تأثير األزمة االقتصادية والتقلب في أسعار‬ ‫الغذاء والوقود على الطفل والمرأة في‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‬ ‫ورقة العمل رقم ‪ 310‬لمعهد تنمية ما وراء البحار‪،‬‬ ‫نوفمبر‪ /‬تشرين ثان ‪2009‬‬ ‫تقيِّم هذا الورقة‪ ،‬التي أعدت بتكليف من المكتب اإلقليمي للشرق األوسط وشمال إفريقيا التابع‬ ‫لصندوق األمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)‪ ،‬األدلة التي تتعلق بالتأثيرات الحالية والمستقبلية‬ ‫لألزمة ثالثية األبعاد‪ ،‬والتي تتصل بنقص الغذاء‬ ‫والوقود والتمويالت‪ ،‬على األطفال في الشرق األوسط‬ ‫وشمال إفريقيا‪ ،‬حيث يقوم معهد تنمية ما وراء البحار‬ ‫بمناقشة هذه األبعاد في إطار تحليلي‪ ،‬بهدف تقييم آثار‬ ‫األزمات االقتصادية على األطفال وذلك فيما يتعلق‬ ‫بأمور مثل بلفقر والتعرض لألخطار‪ .‬وتنظر الورقة في‬ ‫الدور الذي يمكن أن تقوم به الحكومات والدول المانحة‬ ‫على مستوى السياسات في تخفيف حدة هذه التأثيرات‪.‬‬ ‫وتلقي هذه الورقة‪ ،‬التي تقوم على تحليالت عميقة‬ ‫تتعلق بست دول‪ ،‬الضوء على الصور المتعددة لتأثير‬ ‫األزمة االقتصادية في الدول المختلفة‪ ،‬ويتم توضيح‬ ‫أن قدرات تلك الدول على الرد على اآلثار االجتماعية‬ ‫لألزمة المالية ترتبط بالوضع الجيد فيما يتعلق‬ ‫باالقتصاد الكلي وترتبط بنية السياسات‪.‬‬

‫‪72‬‬


‫كتب‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫مقتدى الصدر ‪ ..‬شخصية غامضة وقوة ال يستهان بها‬

‫الذي جعل رجال الدين الشيعة‪ ،‬وغيرهم‬ ‫من الناشطين السياسيين الشيعة في حزب‬ ‫الدعوة‪ ،‬يشعرون بالضآلة الشديدة لفرص‬ ‫النجاح في حالة مواجهة صدام حسين‪.‬‬ ‫ويقدم كوكبيرن دعم الواليات المتحدة‬ ‫لصدام حسين خالل الحرب العراقية‬ ‫ اإليرانية بوصفه درسًا تاريخيًا مهم‬‫للحلفاء الغربيين‪ ،‬الذين لهم مصالح‬ ‫في المنطقة‪ ،‬ويمكن قول الشيء نفسه‬ ‫بالنسبة لتأييد الواليات المتحدة لفرض‬ ‫عقوبات ضد العراق‪ ،‬ويقوم كوكبيرن‬ ‫من خالل سرده لآلثار المترتبة على‬ ‫سياسات الواليات المتحدة بتوضيح الدور‬ ‫الكبير الذي قامت به الدول الغربية في‬ ‫تشجيع الصراعات الطائفية‪ ،‬وأشار‬ ‫كوكبيرن إلى أن االقتصاد والمجتمع‬ ‫العراقيين انهارا تحت وطأة العقوبات‬ ‫التي فرضتها األمم المتحدة بعد غزو‬ ‫الكويت‪ ،‬فنتيجة للعقوبات‪ ،‬تدهورت حياة‬ ‫ماليين العراقيين‪ ،‬وهذا يفسر جزئيًا لماذا‬ ‫القت رسالة الصدر قبولاً لديهم ‪ .‬وقام‬ ‫كوكبيرن بتقديم تشبيهات واضحة بين‬ ‫الدعم الذي قُدم لصدام وبين دعم الواليات‬ ‫المتحدة للمجاهدين األفغان أثناء االحتالل‬ ‫السوفيتي‪ ،‬وأشار إلى أن الواليات المتحدة‬ ‫والحكومات األخرى ينبغي أن تتوخى‬ ‫الحظر فيما يتعلق بمن يقومون بدعمه‬ ‫وفيما يتعلق بكيفية هذا الدعم‪ ،‬حتى ال‬ ‫تتسبب سياساتهم في ضرر أكثر مما تأتي‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫يسجل كتاب‬ ‫"كوكبيرن" أهم‬ ‫محطات الحياة‬ ‫السياسية العراقية‪،‬‬ ‫ويوضح كيف أدت‬ ‫هذه األحداث مجتمعة‬ ‫إلى ظهور التمرد‬ ‫الشيعي وصعود نجم‬ ‫مقتدى الصدر نفسه‬ ‫به من نفع‪ ،‬وحتى ال ينتهي بهم األمر إلى‬ ‫التسبب في ظهور االستياء‪ ،‬الذي من‬ ‫المؤكد أنه تسبب في المشاعر المعادية‬ ‫للواليات المتحدة السائدة في العراق اآلن‪.‬‬ ‫ويكتسب تقييم كوكبيرن للسياسة في‬ ‫العراق أهميته من الرؤية التي يقدمها‬ ‫لمزيج الفكر الشيعي والفكر القومي الذي‬ ‫قدمه مقتدى الصدر كأساس لحركته‪،‬‬ ‫وأوضح كوكبيرن أن الشيعة في العراق‬ ‫"كانوا قوميين رغم أن تعريفهم لما يعنيه‬ ‫ذلك في ضوء الهوية الوطنية العراقية‬ ‫كان مختلفًا عن تعريف السنة لذلك‪...‬‬

‫باتريك كوكبيرن وضع في كتابه تجربة‬ ‫‪ 30‬عاما ً‬

‫فعلى عكس األكراد‪ ،‬لم يحدث أن انطوت‬ ‫مطالب الشيعة أبدًا على تدمير أو إضعاف‬ ‫الدولة العراقية‪ ،‬بل كانت تتمثل في‬ ‫المطالبة بنصيب عادل من السلطة داخل‬ ‫الدولة العراقية‪ ،‬وفي المطالبة بوضع حد‬ ‫للتمييز ضد الشيعة"‪ ،‬والحركة الصدرية‬ ‫التي تعد موضوعًا مه ًما في كتاب كوكبيرن‬ ‫تتألف من "مزيج جيد" للهوية القومية‬ ‫العراقيين والهوية الدينية الشيعة‪ ،‬وهكذا‬ ‫يمكن تفسير الشعبية الكبيرة للحركة‬ ‫الصدرية في عهد كل من محمد صادق‬ ‫الصدر بين عامي ‪ ،1992‬وحتى عام‬ ‫‪ ،1999‬و بعد ذلك تحت قيادة ابنه مقتدى‪.‬‬ ‫وقد نجح كتاب كوكبيرن في تقديم صعود‬ ‫مقتدى الصدر من خالل السياق التاريخي‬ ‫للعراق‪ ،‬واألهم من ذلك‪ ،‬أنه أوضح أنه‬ ‫إذا كان صعود الصدر بمثابة صدمة ألي‬ ‫شخص‪ ،‬فإن ذلك يرجع فقط لعدم فهم‬ ‫ذلك الشخص لتطور السياسة الطائفية‬ ‫الشيعية في العراق‪ ،‬ولدورها في‬ ‫توفير طبيعة مميزة للقومية العراقية‪،‬‬ ‫ويضم الكتاب‪ ،‬إضافة إلى كونه سيرة‬ ‫لمقتدى الصدر والتمرد الشيعي في‬ ‫العراق‪ ،‬محتوى تاريخيًا مه ًما‪ ،‬ويضم‬ ‫اً‬ ‫تحليل قي ًما للمتخصصين في العلوم‬ ‫السياسية لألشخاص العاديين‪ ،‬على حد‬ ‫سواء‪ ،‬ويعد هذا الكتاب جدي ًر ا بالقراءة‪،‬‬ ‫ومفيدًا لكل مهتم بفهم السياسة في‬ ‫العراق اآلن‪.‬‬ ‫‪71‬‬


‫كتب‬

‫رجل‬ ‫خرج من‬ ‫رماد الحرب‬

‫مقتدى الصدر‬ ‫والتمرد الشيعي في العراق‬

‫باتريك كوكبيرن‬ ‫دار نشر فيبر ‪2009‬‬

‫قام مقتدى الصدر برسم الكثير من معالم السياسة الشيعية منذ الغزو األمريكي للعراق‪ ..‬و قد تناول باتريك كوكبيرن في كتابه األخير‬ ‫كيف ولماذا نجح هذا الشيعي الشاب في جذب جزء من السكان الشيعة وإضفاء الطابع العسكري عليهم‪ .‬وعلى الرغم من أن هذا الكتاب‬ ‫تم تأليفه ليكون بمثابة سيرة ذاتية لمقتدى الصدر‪ ،‬فإن أهميته ال تقتصر على ذلك‪ ،‬فهو يعطي رؤية كاشفة لتاريخ العراق السياسي‬ ‫ومكانته في المنطقة‪.‬‬

‫بعد اإلطاحة بنظام صدام حسين‪ ،‬اتضح‬ ‫أن قوات التحالف لم تخطط للفراغ‬ ‫السياسي‪ ،‬الذي أعقب عملية التحرير‪،‬‬ ‫حيث إن مرحلة بناء الدولة ما بعد الغزو‬ ‫هي مسألة فن أكثر من كونها عل ًما‪ ،‬إلى‬ ‫جانب سوء فهم واشنطن للسياسة العراقية‪.‬‬ ‫وكانت النتيجة خروج مقتدى الصدر‬ ‫من رماد الحرب‪ ،‬وهو رجل دين شيعي‬ ‫متشدد ال يفهم السياسة العراقية فقط‪ ،‬ولكن‬ ‫لديه أيضًا القدرة على تعبئة الشباب في‬ ‫المناطق الحضرية الفقيرة وضمهم إلى‬ ‫الميليشيا المعروفة باسم جيش المهدي‪.‬‬ ‫ومنذ ظهوره‪ ،‬ومقتدى الصدر شخصية‬ ‫غامضة وقوة ال يستهان بها بالنسبة للحلفاء‬ ‫والعراقيين على حد سواء‪ ،‬وألن باتريك‬ ‫كوكبيرن ‪ -‬وهو صحفي أيرلندي يعيش‬ ‫في العراق منذ عام ‪ - 1977‬يعرف أن‬ ‫قصة صعود نجم مقتدى الصدر وكذلك‬ ‫وراء تمرد الشيعة في العراق لها فصول‬ ‫كثيرة يجهلها من هم خارج المنطقة‪.‬‬ ‫باتريك كوكبيرن وهو صحفي أيرلندي‬ ‫يعيش في العراق منذ عام ‪ 1977‬أخذ على‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫عاتقه عبء تفسير هذه الظاهرة للعالم في‬ ‫كتابه األخير‪ ،‬روايته الرائعة لألحداث‬ ‫نجحت في تحويل سيرة القائد مقتدى الصدر‬ ‫إلى دراسة عن التشيع وأهمية الصراع‬ ‫الطائفي في السياسة العراقية‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من الكم الهائل من المؤلفات التي تتناول‬ ‫الطائفية واالهتمام الكبير بهذه القضية في‬ ‫المنطقة‪ ،‬فإن أسلوب كوكبيرن واختياره‬ ‫للمحتوى جعل كتابه فريدًا من نوعه‪.‬‬

‫يتناول الكتاب مجموعة من القضايا‪،‬‬ ‫بد ًءا من االنقسام التاريخي بين السنة‬ ‫والشيعة إلى الصراعات الحالية داخل‬ ‫العراق حول القضايا الطائفية‪ .‬ويسجل‬ ‫كتاب كوكبيرن أهم محطات الحياة‬ ‫السياسية العراقية‪ ،‬ويوضح كيف أدت‬ ‫هذه األحداث مجتمعة إلى ظهور التمرد‬ ‫الشيعي وصعود نجم مقتدى الصدر‬ ‫نفسه‪ .‬وبالرغم من أن الكتاب لم يبدأ في‬ ‫التعرض لمقتدى الصدر نفسه حتى الفصل‬ ‫التاسع‪ ،‬فإن اختيار الكاتب لذلك له مزايا‬ ‫عديدة‪ ،‬فهذا القرار ساعد كوكبيرن على‬ ‫أن يضع حركة مقتدى في إطار السياق‬

‫التاريخي للدولة‪ ،‬وهو ما يفسر شعبية‬ ‫مقتدى‪ ..‬وبصورة أكثر تحديدًا‪ ،‬يصور‬ ‫كوكبيرن كيف تمكن مقتدى من أن يجعل‬ ‫نفسه الوريث الطبيعي لقيادة الشيعة‬ ‫في العراق من خالل تبنيه خطابًا يستند‬ ‫إلى الشهادة وكيف أثرت الشهادة على‬ ‫عائلته‪ ،‬بما في ذلك والده ووالد زوجته‪.‬‬ ‫وإضافة إلى تناوله لحياة مقتدى الصدر‪،‬‬ ‫يسلط الكتاب الضوء على حياة الحكام‬ ‫العراقيين السابقين‪ -‬خاصة صدام حسين‬ ‫ وعلى عملية صنع القرار في الماضي‪،‬‬‫ونجح كوكبيرن على وجه الخصوص في‬ ‫عرض رؤية واضحة عن النظام الذي بناه‬ ‫صدام حسين‪ ،‬الذي كان غير قابل للتقويض‬ ‫أواإلطاحة به‪ ،‬وأعرب كوكبيرن عن‬ ‫رؤيته بأن هذا النظام كان يقوم على والء‬ ‫الشرطة والجيش والوالء القبلي‪ ،‬والمقوم‬ ‫األهم الذي كان يقوم عليه نظام صدام كان‬ ‫هو " ارتفاع أسعار النفط بعد عام ‪،1973‬‬ ‫مما وفر للبعثيين ما يكفي من األموال‬ ‫لرفع مستويات معيشة كل العراقيين‬ ‫ولتخفيف السخط الشعبي"‪ ،‬وهو المزيج‬ ‫‪70‬‬


‫إصدارات‬ ‫كتب‬

‫العدد ‪1548‬‬

‫قراءات‬

‫تقارير‬

‫‪69‬‬


THE MAJALLA

31


‫مؤشرات‬

FJ>%"‫اق ا‬G0#‫ا‬ ‫ك‬GIGJB(Dow) ‫رك‬G!!IGJB(Nasdaq) ‫ن‬-C>(FTSE 100) 1I‫ر‬%&(CAC40) ‫رت‬G!!7=B‫ا‬/6(DAX) ‫رة‬G!!6%5B%0(STI) LBG< LBGE(Hang Seng) DI/+'>‫(ا‬BSE) K&‫(د‬DFM) ‫ن‬%@4(ASE) /39(DSM) *IG=>‫(ا‬KSE) ‫ض‬%I/>‫ا‬ ‫ة‬/E%:>‫(ا‬Case 30) ‫ن‬%&%J>‫(ا‬Nikkei) ‫ى‬%'?G?(BSE)

1,550.000

*+'%#)‫ ا‬$(‫ر‬,"

1,550.000

*+'%#)‫ ا‬$(‫ر‬,"

1,550.000

1,500.000

1,500.000

1,500.000

1,450.000

1,450.000

1,450.000

1,400.000 38735 -­‐2057dd/mm/yyyy 38763 -­‐2057dd/mm/yyyy 38720 -­‐2057dd/mm/yyyy 38744 -­‐2057dd/mm/yyyy

7,200.000

$&' "%‫!(ر‬

1,400.000 38735 -­‐2057dd/mm/yyyy 38763 -­‐2057dd/mm/yyyy 38720 -­‐2057dd/mm/yyyy 38744 -­‐2057dd/mm/yyyy

6,600.000

‫اول‬#"

1,900.000

6,500.000

6,900.000

6,400.000

6,750.000

6,300.000

1,700.000

6,600.000

6,200.000

1,600.000

6,450.000

6,100.000

6,300.000

6,000.000

6,150.000 38733 -­‐2057dd/mm/yyyy 38763 -­‐2057dd/mm/yyyy 38719 -­‐2057dd/mm/yyyy 38743 -­‐2057dd/mm/yyyy

67

38729 -­‐2057dd/mm/yyyy 38760 -­‐2057dd/mm/yyyy 38718 -­‐2057dd/mm/yyyy 38741 -­‐2057dd/mm/yyyy 38777 -­‐2057dd/mm/yyyy

*+'%#)‫ ا‬$(‫ر‬,"

1,400.000 38735 -­‐2057dd/mm/yyyy 38763 -­‐2057dd/mm/yyyy 38720 -­‐2057dd/mm/yyyy 38744 -­‐2057dd/mm/yyyy

7,050.000

5,900.000

% Change Index March 3 Since Feb 25 Since Dec 31 3531.4 0.8 -1.0 2280.68 2.1 0.5 5533.21 4.8 2.2 3842.52 5.5 -2.4 5817.88 5.2 -2.3 2782.79 1.2 -4.0 20876.79 2.3 -4.6 1502.58 -1.0 3.0 1573.15 -0.6 -12.8 6675.25 -0.4 4.8 6781.63 -0.9 -2.6 7406.2 0.4 5.7 6478.58 0.2 5.8 1557.91 1.8 11.2 1218.28 0.9 3.5 9052.83 4.7 -1.4

'!‫" د‬%‫!&ر‬

1,800.000

1,500.000 1,400.000 38733 -­‐2057dd/mm/yyyy 38763 -­‐2057dd/mm/yyyy 38719 -­‐2057dd/mm/yyyy 38743 -­‐2057dd/mm/yyyy

1548 ‫العدد‬


‫األسواق‬

‫تراجع االهتمام األمريكي بالتجارة‬ ‫وفقاً لكريج فانجراستيك‪ ،‬المدير التنفيذي لبرنامج‬ ‫التجارة والتفاوض في كلية كيندي لإلدارة‬ ‫الحكومية بجامعة هارفارد‪ ،‬شهدت الواليات‬ ‫المتحدة تراجعاً ملحوظاً في االهتمام الحكومي‬ ‫وكذلك في اهتمام الكونجرس بالتجارة الدولية‬ ‫خالل العشرين عاماً الماضية‪ .‬وإذا أخذنا في‬ ‫االعتبار أهمية الواليات المتحدة كالعب رئيسي‬ ‫وشريك مهم في نظام التجارة الدولي‪ ،‬فإن هذا‬ ‫االتجاه يثير العديد من التساؤالت بشأن جدوى‬ ‫المفاوضات التجارية متعددة األطراف سوا ًء‬ ‫الحالية أو المستقبلية‪ .‬ويرى د‪ .‬فانجراستيك‬

‫أن السياسة التجارية األمريكية تزداد تركيزاً‬ ‫ً‬ ‫بدال من التركيز‬ ‫على العنصر الخارجي‬ ‫على العنصر الداخلي؛ أو بعبارة أخرى‪ ،‬قلق‬ ‫صانعي السياسة والشعب من السياسات التي‬ ‫يتم تطبيقها في الدول األجنبية يفوق قلقهم من‬ ‫السياسات المعمول بها في الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫ويمكن إعزاء جانب كبير من هذا إلى نجاح‬ ‫تحرير التجارة خالل الثالثين عاماً الماضية‪.‬‬ ‫وقد ألغت المفاوضات الثنائية ومتعددة األطراف‬ ‫معظم العوائق الكمية التي تقف في طريق التجارة‬

‫(الحصص) كما أسهمت بنجاح في خفض‬ ‫التعريفات الجمركية بشكل كبير‪ .‬والشيء الذي‬ ‫لم يتم تحقيقه إلى اآلن هو إزالة العوائق غير‬ ‫الجمركية‪ .‬وحقيقة أن جدول التعريفة الجمركية‬ ‫الذي أصدرته منظمة التجارة الدولية زاد من دعم‬ ‫تحرير التجارة‪ ،‬تعني أن قوى الحمائية يتعين‬ ‫عليها أن تستخدم ما يطلق عليه المتخصصون‬ ‫التجاريون "اإلجراءات التصحيحية التجارية"‬ ‫مثل قوانين مكافحة اإلغراق‪ .‬وكلتا الحقيقتين‬ ‫يمكن أن يسهما في تفسير التراجع في االهتمام‬ ‫األمريكي بالسياسية التجارية‪.‬‬

‫انكماش الطلب على الحمائية‬ ‫بعد عدة جوالت من المفاوضات التجارية متعددة األطراف‪ ،‬تم خفض التعريفات‬ ‫الجمركية بشكل بالغ في الدول النامية لمعدل يتراوح بين ‪ .3-4%‬وقد أدى ذلك‬ ‫إلى تعريض العديد من القطاعات االقتصادية للمنافسة األجنبية‪ .‬وحينما تقوم الدول‬ ‫بتسهيل تطبيق نظام التجارة الحرة متعدد األطراف‪ ،‬فإن ذلك يسمح بقدر من المرونة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فمثال‪ ،‬إذا قام المصنعون الصينيون تصدير سلع أسعارها تقل عن تكاليف اإلنتاج‪،‬‬ ‫يمكن أن يطلب المنتجون األمريكيون من حكومتهم تطبيق رسوم "مكافحة اإلغراق"‬ ‫على هذه السلع‪ .‬غير أن قوانين مكافحة اإلغراق لها العديد من الثغرات بحيث إنها‬ ‫غالباً ما تكون بمثابة وسائل للحمائية في أيدي تلك القطاعات التي تعاني من "فرط‬ ‫المنافسة"‪ .‬ويوضح الجدول ‪ 1‬هذه الحقيقة‪ ،‬حيث يبين االرتباط الواضح بين الركود‬ ‫أو األزمات االقتصادية وزيادة الطلب على إجراءات مكافحة اإلغراق (انظر تفسير‬ ‫عدم االرتباط بين األزمة المالية العالمية في ‪ 2007-2009‬والطلب على إجراءات‬ ‫مكافحة اإلغراق)‪.‬‬

‫تقدير الرئيس‬ ‫وكما يوضح القسم السابق‪ ،‬كان هناك انخفاض في اهتمام القطاع الخاص باإلجراءات التصحيحية‬ ‫التجارية‪ ،‬ويلقي الجدول رقم ‪ 2‬الضوء على الطلب على آليات تدابير الحماية في عهد كل رئيس‬ ‫أمريكي‪ .‬وتسمح منظمة التجارة العالمية للدول بتطبيق رسم مؤقت على السلع إذا كان القطاع‬ ‫الداخلي ذا الصلة يشهد زيادة غير متوقعة في الواردات‪ .‬وتطبيق تدابير الحماية في الواليات‬ ‫المتحدة متروك لتقدير الرئيس‪ .‬وكما يظهر االنخفاض في الطلب على إجراءات مكافحة اإلغراق‬ ‫في الرسم البياني األول‪ ،‬انخفض الطلب على تدابير الحماية بشكل كبير خالل السنوات الثالثين‬ ‫إلى األربعين األخيرة‪ ،‬ورغم أن جوانب كثيرة من االنخفاض في استخدام تدابير الحماية تتعلق‬ ‫بالزيادة في استخدام إجراءات مكافحة اإلغراق‪ ،‬وضع هذه التيارات معًا يمكن أن يؤكد أن هناك‬ ‫تراجعا ً واضحا ً في النشاط التجاري من جانب القطاع الخاص في الواليات المتحدة‪.‬‬

‫مكافحة اإلغراق‬

‫ورغم أنه ليس هناك شك بشأن انخفاض االهتمام بالسياسة التجارية في الواليات‬ ‫المتحدة‪ ،‬فإن هذا بمفرده ال يفسر عدم وجود عالقة متبادلة بين الطلب على إجراءات‬ ‫مكافحة اإلغراق وبين األزمة االقتصادية العالمية لألعوام ‪ ،2007-2009‬وقدم‬ ‫البعض فرضية أن التنسيق الدولي من خالل مجموعة العشرين أثنى اإلدارة عن‬ ‫االستمرار في السياسات الحمائية خالل األزمة‪ ،‬إال أن هذا يفسر فقط انخفاضاً في‬ ‫تنفيذ إجراءات مكافحة اإلغراق وتدابير الحماية‪ ،‬وليس االنخفاض في الطلب على‬ ‫مثل هذه اإلجراءات‪ ،‬ويبدو أن التفسير األفضل هو أن األزمة أدت إلى انخفاض‬ ‫كبير في الواردات‪ ،‬وبما أن الصادرات لم تنخفض (وذلك في ضوء التعافي السريع‬ ‫لالقتصادات اآلسيوية)‪ ،‬انخفض العجز التجاري بشكل كبير خالل األزمة‪ ،‬وسوف‬ ‫يؤكد ذلك أن التجارة ال تصبح عامل قلق لمجاالت األعمال حتى خالل األزمة‪ ،‬كما‬ ‫كان الحال في األزمات السابقة‪.‬‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪66‬‬


‫اآلن أصبح بإمكانك متابعة المجلة من أي مكان و في أى وقت من خالل األيفون‬

‫العدد ‪1548‬‬


‫المستثمر العالمي‬

‫جولة الدوحة‬

‫الزراعة تسيطر على المفاوضات والنتائج أقل من التوقعات‬

‫لن تكون مفاوضات الدوحة العنصر الحاسم في أسعار المنتجات الزراعية بالسوق العالمي مستقبلاً ‪ .‬فسوف يرتفع الطلب العالمي على‬ ‫الغذاء نتيجة لزيادة عدد السكان وزيادة الدخل‪ .‬وجانب العرض سوف يستفيد من االهتمام المتزايد باألبحاث الزراعية والتطوير ‪.‬‬

‫رغم أننا نعيش في عالم عالي التقنية أال أن الزراعة‬ ‫تظل هي القطاع المهيمن على مفاوضات جولة‬ ‫الدوحة التابعة لمنظمة التجارة العالمية‪ .‬فعلى مدى‬ ‫عقد تقريبًا‪ ،‬واصل الدبلوماسيون ووزراء الزراعة‬ ‫سعيهم للتوصل إلى اتفاقية شاملة من شأنها أن‬ ‫تقلل التعريفات على جميع السلع‪ ،‬وتساعد على‬ ‫تحرير مجال الزراعة وتضبط العوائق التنظيمية‬ ‫التي تعرقل تجارة الخدمات‪ .‬وتم تأجيل المحادثات‬ ‫بأكملها بل وحتى تعليقها مرارًا وتكرارًا‪ ،‬نتيجة‬ ‫للنزاعات المعقدة بشأن الزراعة‪ .‬واألمر المدهش‪،‬‬ ‫أنه حدث انهيار الجتماع وزراي مهم في عام‬ ‫‪ ،2008‬بشأن التفاصيل الفنية لفقرة تسمح للدول‬ ‫النامية بالتراجع عن خفض تعريفاتها الزراعية في‬ ‫حالة حدوث فورة في معدل االستيراد ‪.‬‬ ‫ويقدر معهد بيترسون‪ ،‬المكاسب المحتملة إلجمالي‬ ‫الناتج المحلي التي يمكن تحقيقها من اتفاقية الدوحة‬ ‫بما يتراوح بين ‪ 300‬إلى ‪ 700‬مليار دوالر‬ ‫أمريكي سنويًا؛ وذلك بالنسبة لـ ‪ 22‬دولة تجارية‬ ‫رائدة وحدها‪ .‬وال يمكن لنا أن نتخيل الكم الهائل‬ ‫من الفرص التي يمكن أن يمنحها السوق الجديد‬ ‫لالقتصاد العالمي المتعثر كي يزداد إيقاع تعافيه‪،‬‬ ‫كما ال يمكننا أن نتخيل المزايا البيئية التي ستنتج‬ ‫عن إلغاء أشكال الدعم الحكومي الذي يحقق ضررًا‬ ‫أكثر من نفعه‪ ،‬وتبادل المنتجات المستحسنة بيئيًا‪،‬‬ ‫وزيادة عدد الخدمات الحديثة مثل معالجة مياه‬ ‫الصرف اً‬ ‫مثل‪ .‬وإذا كانت الحكومات على استعداد‬ ‫لالستفادة من هذه المكاسب متعددة الجوانب في‬ ‫مجال الزراعة‪ ،‬فإن االنعكاسات االقتصادية‬ ‫للتحرير المقترح للزراعة‪ ،‬ال بد أن تكون هائلة‪.‬‬ ‫وطريقة خفض التعريفات تبدو طموحةً بالفعل من‬ ‫أول وهلة‪ :‬فكلما ارتفعت التعريفات‪ ،‬زادت قوة‬ ‫التخفيضات؛ حيث إن التعريفات في الدول المتقدمة‬ ‫يمكن أن تتراجع من ‪ 75%‬إلى ‪ .70%‬ويعتبرذلك‬ ‫إنجازا إذا ما قورن بجولة أورجواي التي اختتمت‬ ‫أعمالها في عام ‪ .1994‬فقد كان متوسط خفض‬ ‫التعريفات المتوقع من الدول المتقدمة ‪ 36%‬فقط‪،‬‬ ‫وهي نسبة متواضعة‪ .‬لكن الدول لديها الحق في‬ ‫تحديد حصة من خطوط تعريفاتها واعتبارها‬ ‫حساسة بما يتيح لها التخفيف من أثر خفض‬ ‫التعريفات المفروضة على المنتجات عندما تكون‬ ‫الحجوم التجارية والتعريفات في أعلى مستوياتها‪.‬‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫فالنتني زهرنت‬ ‫وقد نجحت الدول النامية في ضمان معاملة أكثر‬ ‫مرونة‪ ،‬فمتطلبات سياسة خفض التعريفات‬ ‫الخاصة بتلك الدول أقل‪ ،‬ويمكن لها أن تحدد المزيد‬ ‫من خطوط تعريفاتها واعتبارها حساسة‪ .‬وإضافة‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬يمكنها أن تصنف منتجاتها بأنها منتجات‬ ‫خاصة ومعفاة من أي خفض في التعريفة‪ .‬بيد أنه‬ ‫بالنسبة لمعظم الدول النامية‪ ،‬ليست هناك حاجة‬ ‫حتى إلى هذه االستثناءات لحماية سياساتها الحالية؛‬ ‫فمعدالت تعريفاتها الملزمة لها في منظمة التجارة‬ ‫العالمية‪ ،‬والتي هي موضوع خفض التعريفات‪،‬‬ ‫تتجاوز المعدالت التي تطبقها تلك الدول فعليًا‪.‬‬ ‫اً‬ ‫فمثل‪ ،‬متوسط التعريفة الملزمة للبرازيل يعادل‬ ‫‪ ،40%‬بينما تطبق البالد تعريفة بمتوسط ‪ ،4%‬فقط‬ ‫‪ ،‬والتعريفات الملزمة للهند ترتفع على المستويات‬ ‫التي تطبقها الدولة فعليًا بنسبة ‪ 70%‬على األقل‪.‬‬ ‫فخفض التعريفات في مثل هذه الدول هو السبيل‬ ‫الوحيدة التي تم َّكنها من الوصول إلى أسواق جديدة‪.‬‬ ‫وضوابط الدعم الحكومي المنصوص عليها في‬ ‫مسودة االتفاقية ضعيفة بالمثل‪ .‬فالخفض المرحلي‬ ‫المزعوم لدعم الحكومة للصادرات تم إعطاؤه أكثر‬ ‫من حجمه‪ ،‬لكن فعالية هذه الوسيلة من الناحية‬ ‫االقتصادية ظلت في تراجع‪ .‬فقد دفع االتحاد‬ ‫األوروبي أقل من مليار يورو كدعم للصادرات في‬ ‫عام ‪ .2008‬والضغوط المحلية قوية بصورة تجعل‬ ‫من الصعوبة بمكان التخلي عن هذا الدعم الحكومي‬ ‫كلية‪ ،‬بغض النظر عن أي اتفاقية يتم إبرامها في‬ ‫الدوحة‪ ،‬فقد انتُقدت هذه الضوابط على أساس‬ ‫أنها تهدر أموال الضرائب‪ ،‬وتضر بالمزارعين‬ ‫الفقراء في الخارج‪ .‬وتنص مسودة التفاوض على‬ ‫تخفيضات في صور الدعم الحكومي األخرى‬ ‫المشوهة للتجارة مثل؛ المبالغ التي يتم م ْنحها لزيادة‬ ‫اإلنتاج أو تحديث الزراعة‪ .‬وهذه الضوابط هنا‬

‫أيضًا تتسم بالضعف الشديد بما يجعلها عاجزة عن‬ ‫تحقيق إصالح سياسي كبير في الواليات المتحدة‬ ‫واالتحاد األوروبي اللذين يمنحان قدرًا اً‬ ‫هائل من‬ ‫هذا الدعم‪.‬‬ ‫ولن تكون مفاوضات جنيف الدافع الحقيقي‬ ‫إلصالح الدعم الحكومي‪ ،‬ولكن هذا الدافع سيكون‬ ‫اً‬ ‫متمثل في القرارات المالية والبيئية في الداخل‪.‬‬ ‫فمع ارتفاع الديون الحكومية على إثر األزمة‬ ‫االقتصادية والمالية‪ ،‬سوف تزداد الصعوبة التي‬ ‫تجدها الحكومات في تبرير دعمها السخي لمجال‬ ‫الزراعة‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬فإن زيادة المخاوف‬ ‫بشأن جودة المياه وتوافرها والتنوع الحيوي وتغير‬ ‫المناخ سوف تدفع الحكومات لكبح جماح ميزانيتها‬ ‫الزراعية المتقلصة من أجل تعزيز الزراعة‬ ‫المستدامة‪ .‬وهذا يفرض ضغوطًا قاسية على‬ ‫الخطط التقليدية التي تحفّز اإلنتاج وتدعم الدخل‬ ‫الزراعي‪.‬‬ ‫ومفاوضات الدوحة ليست هي العنصر الحاسم‬ ‫في أسعار المنتجات الزراعية في السوق العالمي‬ ‫اً‬ ‫مستقبل‪ .‬فسوف يرتفع الطلب العالمي على الغذاء‬ ‫نتيجة لزيادة عدد السكان وزيادة الدخل‪ .‬وجانب‬ ‫العرض سوف يستفيد من االهتمام المتزايد‬ ‫باألبحاث الزراعية والتطوير‪ .‬وتسعى العديد من‬ ‫المبادرات إلى تحفيز اإلنتاج في الدول النامية‬ ‫من خالل تعزيز الخدمات االستشارية في مجال‬ ‫الزراعة وتحسين أداء األسواق‪ ،‬خصوصًا سوق‬ ‫األراضي‪ .‬وتغير المناخ يعرض الزراعة في كثير‬ ‫من المناطق للخطر؛ لكنه يرفع اإلنتاج في مناطق‬ ‫أخرى‪ .‬وربما يتعين على الهند أن تقرر السير‬ ‫وراء دول نامية أخرى وأن تفتح سوقها الواسع‬ ‫أمام الواردات‪ ،‬وسوف تصبح روسيا بمثابة مصدر‬ ‫رئيسي لألغذية‪.‬‬ ‫تطورات كهذه من شأنها أن تزيد أسعار األغذية‬ ‫اً‬ ‫مستقبل‪ ،‬وأن تشكل أرباح سلسلة‬ ‫واألراضي‬ ‫التوريد الزراعي‪ ،‬بد ًءا من منتجي األسمدة والبذور‬ ‫إلى التجار ومعالجي األغذية‪.‬‬

‫زميل في مجال األبحاث بالمركز األوروبي‬ ‫لالقتصاد السياسي الدولي‬ ‫‪64‬‬


‫اإلقتصاد العالمي‬ ‫والتي تمثل أكثر من ‪ 50%‬من صادرات تركيا‪.‬‬ ‫والمفارقة أن هذا يعد من وجهة النظر األوروبية إحدى‬ ‫العقبات السياسية واالجتماعية الرئيسية أمام انضمام‬ ‫تركيا لعضوية االتحاد األوروبي‪ ،‬وذلك إضافة إلى‬ ‫قضية حرية انتقال األفراد‪ ،‬حيث من المرجح أن يؤدي‬ ‫وصول تركيا إلى األسواق األوروبية الداخلية إلى‬ ‫زيادة المنافسة التي يواجهها المزارعون األوروبيون‪،‬‬ ‫والفرنسيون منهم على وجه الخصوص‪ ،‬وإلى تحويل‬ ‫التجارة بعيدًا عن دول وسط وشرق أوروبا‪ ،‬التي لها‬ ‫عضوية في االتحاد‪ ،‬ففي ضوء تخصص تلك الدول في‬ ‫نفس القطاعات االقتصادية التي تتخصص فيها تركيا‪،‬‬ ‫من المرجح بشكل كبير أن يؤدي وصول تركيا إلى‬ ‫األسواق الداخلية إلى خسارة في اإلنتاج في تلك الدول‪،‬‬ ‫فحتى اآلن استفادت دول وسط وشرق أوروبا من ميزة‬ ‫الوصول إلى األسواق األوروبية األخرى‪ ،‬وانضمام‬ ‫تركيا لالتحاد سوف يزيد من حدة المنافسة وسوف‬ ‫يؤدي حت ًما إلى بعض الخسارة في القوة السوقية‪.‬‬ ‫وتظل الهجرة هي العقبة الكبرى سياسيًا واقتصاديًا‪،‬‬ ‫فأكثر الدراسات تحفظًا تقدر تدفقات المهاجرين من‬ ‫تركيا إلى االتحاد األوروبي عند ‪ 2.9‬مليون مهاجر‬ ‫عندما يتم األخذ بنظام حرية انتقال األفراد‪ ،‬وهو ما‬ ‫يمثل ‪ 3%‬من سكان وسط وشرق أوروبا و‪ 0.7%‬من‬ ‫سكان غرب أوروبا‪ ،‬وتتكهن الدراسات بأن ‪ 76%‬من‬ ‫بين هؤالء المهاجرين المحتملين سوف يستقرون في‬ ‫ألمانيا‪ ،‬و‪ 8%‬يستقرون في فرنسا و‪ 4%‬في هولندا‪.‬‬ ‫ورغم أن ذلك سوف يكون مفيدًا جدًا لالتحاد األوروبي‬ ‫ولتركيا من الناحية االقتصادية‪ ،‬فإن هذا األمر يعد غير‬ ‫مستساغ من الناحية السياسية‪ ،‬ألنه سوف يؤدي إلى‬ ‫زيادة الضغوط في سوق العمل األوروبية المشبعة‬ ‫بالفعل بالعمالة‪ ،‬وبالتالي ليس من الغريب أن الدول‬ ‫المرجح أن تستوعب القدر األكبر من المهاجرين‬ ‫األتراك هي التي تعارض انضمام تركيا لالتحاد‬ ‫بشدة‪ ،‬وهو ما يتضح في تصريح وزيرة الخارجية‬ ‫األلمانية أنجيال ميركل بأنه "إذا انضمت تركيا لالتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬فمن الممكن أن تحمل االتحاد بأعباء‬ ‫سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة‪ ،‬وبالتالي تتسبب‬ ‫في تعريض عملية تحقيق التكامل األوروبي للخطر"‪.‬‬ ‫تحقيق أقصى استفادة ممكنة‬ ‫وعلى عكس الوضع بالنسبة لتنتالوس‪ ،‬تزيد المياه‬ ‫العذبة وظالل األشجار من قوة تركيا يو ًما بعد يوم‪،‬‬ ‫فقد تمكن قادتها من تحويل وضع مثير لإلحباط إلى‬ ‫ميزة لتركيا‪ ،‬من خالل استغالل عملية االنضمام‬ ‫لالتحاد كقوة دفع لتنفيذ المزيد من التشريعات وإقامة‬ ‫المزيد من المؤسسات الفعالة اقتصاديًا‪ ،‬فإنشاء‬ ‫االتحاد الجمركي بين االتحاد األوروبي وتركيا عام‬ ‫‪ 1996‬يظهر أن الهدف الرئيسي هو استغالل عملية‬ ‫االنضمام لالتحاد إلصالح بقية مؤسسات تركيا التي‬ ‫ال تتسم بالفعالية‪ ،‬ومع تحسن احتماالت االنضمام‬ ‫لالتحاد‪ ،‬ومع تحول الطموح التركي نحو االنضمام‬ ‫للعملة الموحدة‪ ،‬من المرجح أن تركز الحكومة على‬ ‫سياسات تركيا غير المستقرة لالقتصاد الكلي‪ ،‬إال أن‬ ‫اً‬ ‫طويل‪ ،‬حيث سيكون هناك حاجة إلى‬ ‫الطريق ال يزال‬ ‫االنضمام لالتحاد األوروبي لتثبيت تلك اإلصالحات‬ ‫االقتصادية والسياسية‪ ،‬حيث إنه بمجرد االنضمام‬ ‫لالتحاد‪ ،‬لن تستطيع الحكومة التركية التراجع عن‬ ‫تلك اإلصالحات بغض النظر عن الرصيد السياسي‬ ‫المتاح لديها‪.‬‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪63‬‬


‫اإلقتصاد العالمي‬

‫تحيا أوروبا‬ ‫المكاسب التركية وراء السعي لالنضمام لالتحاد األوروبي‬ ‫رغم العوائق الكثيرة التي اعترضت المساعي التركية الرامية إلى انضمامها االتحاد األوروبي‪ ،‬فإن تركيا قد استفادت كثي ًرا في الواقع من‬ ‫االمتثال لشروط االنضمام‪ .‬فقد نتج عنها تحسن كبير في المؤسسات السياسية واالقتصادية‪ .‬وربما تؤدي الشروط األخرى لالنضمام‪ ،‬وخاصة‬ ‫تلك المتعلقة بالتشريع‪ ،‬إلى المزيد من التحسن في أداء المؤسسات التركية عن غيرها من اإلصالحات‪.‬‬ ‫في األساطير اليونانية القديمة‪ ،‬قتل تانتالوس ابنه‬ ‫وقدمه وجبة لآللهة‪ ،‬ولكن ألن أكل لحوم البشر‬ ‫والوأد والتضحيات البشرية كانت تعد من المحرمات‬ ‫بالنسبة لليونانيين في العصر القديم‪ ،‬فإن اآللهة أنزلت‬ ‫بتانتالوس عقابًا صار ًما‪ ،‬وهو أن يقف إلى األبد في‬ ‫بركة من المياه العذبة تحت شجرة مثمرة‪ ،‬وكلما‬ ‫حاول تانتالوس قطف ثمرة من الشجرة‪ ،‬تبتعد فروع‬ ‫الشجرة عن متناول يديه‪ ،‬وال تسمح له بأكل الثمرة‪،‬‬ ‫وكلما مد يديه ألسفل للحصول على شربة ماء يطفئ‬ ‫بها ظمأه‪ ،‬تنحسر المياه قبل أن يتمكن من تحقيق‬ ‫هدفه‪.‬‬ ‫وللوهلة األولى‪ ،‬يمكن للمرء أن يجد شبها كبيرًا‬ ‫بين محاولة تركيا االنضمام إلى االتحاد األوروبي‬ ‫والمصير الذي واجهه تانتالوس‪ .‬فكلما أوشكت تركيا‬ ‫على استيفاء شروط االنضمام لالتحاد‪ ،‬أصبحت‬ ‫الشروط أكثر صرامة وتعقيدًا‪ .‬فالشروط التي كانت‬ ‫تتركز في البداية حول تحسين المؤسسات السياسية‬ ‫واالقتصادية التركية‪ ،‬تحولت إلى عملية انضمام تتسم‬ ‫بالتعقيد الشديد‪ .‬ففرنسا‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬وصل بها‬ ‫الحد إلى درجة تغيير الدستور من أجل إجراء استفتاء‬ ‫وطني حول هذه المسألة‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن اآلثار المحبطة لهذه العقبات‬ ‫السياسية‪ ،‬إال أن إلقاء نظرة فاحصة على األمر تكفي‬ ‫ألن تجعل المرء يدرك أن تركيا‪ ،‬بخالف تانتالوس‪،‬‬ ‫تحقق فائدة كبيرة من هذا الوضع‪ ،‬ربما تزيد على‬ ‫الفائدة التي كانت ستحققها لو كانت شروط االنضمام‬ ‫اً‬ ‫تساهل‪ .‬وتنبع هذه الفائدة من مصدرين رئيسيين‬ ‫أكثر‬ ‫هما‪ :‬أولاً ‪ ،‬تقلل عملية االنضمام من الحواجز التي‬ ‫تعوق التجارة وتدفق رءوس األموال وتنقل األشخاص‬ ‫بين االتحاد األوروبي وتركيا‪ .‬وثانيًا‪ ،‬تشكل الرغبة‬ ‫في االنضمام نوعًا من الضغط الذي يدفع إلى األمام‬ ‫عجلة اإلصالحات التي تحتاجها تركيا بشدة‪.‬‬ ‫وتضع تركيا مسألة الوصول إلى السوق الداخلية‬ ‫لالتحاد األوروبي على رأس قائمة أهدافها‪ .‬وينص‬ ‫أحد بنود اتفاق أنقرة (‪ )1963‬وكذلك بروتوكول أنقرة‬ ‫(‪ )1971‬على أنه ينبغي أن يتم إنشاء االتحاد الجمركي‬ ‫قبل تنفيذ عملية االنضمام إلى السوق الداخلية‪ .‬ولم‬ ‫تتوقف اآلثار الناتجة عن االتحاد الجمركي الذي تم‬ ‫تكوينه بين االتحاد األوروبي وتركيا في عام ‪،1996‬‬ ‫عند حد القضاء على التعريفات الجمركية والحواجز‬ ‫الكمية على التجارة في السلع الصناعية والمنتجات‬ ‫الزراعية المصنعة‪ ،‬ولكنها تجاوزته إلى القيام بعمل‬ ‫مواءمة بين المعايير واللوائح االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫ونتيجة لذلك‪ ،‬هناك تكامل جيد نسبيًا بين كال‬ ‫االقتصادين في الوقت الحالي‪ .‬ففي عام ‪،2008‬‬ ‫كان االتحاد األوروبي في أعلى القائمة التركية‬ ‫لكبار شركائها التجاريين‪ ،‬حيث يمثل االتحاد نحو‬ ‫‪ 41.7%‬من التدفقات التجارية‪ ،‬بما يفوق بكثير‬ ‫روسيا (‪ )11.4%‬والصين (‪ )5.2%‬والواليات‬

‫من أكثر شروط االتحاد‬ ‫األوروبي صعوبة والذي لم‬ ‫تستطع تركيا إلى اآلن الوفاء‬ ‫به هو انصياع أنقرة للقانون‬ ‫الكامل لالتحاد‪ .‬وإذا تمكنت أنقرة‬ ‫من الوفاء بهذا الشرط‪ ،‬فسوف‬ ‫يصبح بمثابة حافز قوي لها‬ ‫إلجراء مزيد من اإلصالحات‬ ‫المؤسسية‬ ‫المتحدة (‪ .)4.9%‬وما بين عامي ‪ 2006‬و‪،2007‬‬ ‫بلغت تدفقات االستثمار األوروبي المباشر إلى تركيا‬ ‫أكثر من ‪ 24‬مليار يورو وسجلت أسهم االستثمار‬ ‫األوروبي المباشر أكثر من ‪ 48‬مليار يورو مع بداية‬ ‫عام ‪.2008‬‬ ‫وال تزال هناك العديد من العوائق الفنية واإلدارية‬ ‫التي تقف في طريق التجارة‪ ،‬خصوصًا في‬ ‫القطاع الخدمي‪ ،‬وهناك حاجة إلى التغلب على‬ ‫هذه العوائق قبل انضمام تركيا إلى االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬وهذا من شأنه أن يحقق مكاسب كبيرة‬ ‫لالقتصاد التركي‪ :‬فمجرد تحقيق التناغم بين‬ ‫العوائق والتنظيمات من شأنه أن يزيد إجمالي‬ ‫الناتج المحلي بنسبة ‪ 0.8%‬والتجارة الثنائية بنسبة‬ ‫‪ 18%-12‬سنويًا وفقًا لبعض التقييمات المتحفظة‪.‬‬ ‫بيد أن المكسب الرئيسي من انضمام تركيا إلى االتحاد‬ ‫األوروبي يتمثل في تحسن المؤسسات االقتصادية‬ ‫والسياسية في تركيا‪ .‬فخالل الخمسين عا ًما الماضية‪،‬‬ ‫كانت المساعي التركية الرامية إلى االنضمام‬ ‫األوروبي بمثابة دفعة لتحقيق إصالحات مؤسسية‬

‫حساسة من الناحية السياسية وكذلك إدخال تعديالت‬ ‫مميزة على السياسات االقتصادية التي عادت بالنفع‬ ‫على تركيا حتى وإن فشلت في مفاوضاتها من أجل‬ ‫االنضمام إلى االتحاد‪.‬‬ ‫وكمثال على ذلك أنه تم تنظيم القطاع المالي التركي‬ ‫بشكل هائل‪ ،‬ما أدى بدوره إلى نظام يسيطر عليه‬ ‫عدد قليل جدًا من البنوك الكبرى التي تستفيد من‬ ‫هوامش ربحية ال بأس بها‪ .‬وفي فترة الثمانينيات‪،‬‬ ‫قررت الحكومة إصالح القطاع المالي من خالل‬ ‫تحرير السوق للسماح للبنوك األجنبية بالدخول إليها‬ ‫وإزالة ضوابط سعر الفائدة وتوجيه برامج االئتمان‪.‬‬ ‫وزيادة المنافسة بدخول البنوك األجنبية إلى تركيا‬ ‫بنماذج عملها األكثر كفاءة وفعالية كانت بمثابة دافع‬ ‫قوي للبنوك المحلية من أجل تحديث وتوسيع نطاق‬ ‫مختلف الخدمات المقدمة‪ .‬كما أدت المنافسة أيضًا إلى‬ ‫خفض الهوامش التي كانت تفرضها البنوك المحلية‪،‬‬ ‫حيث قللت من تكلفة خدماتها المقدمة للمستهلكين‪،‬‬ ‫وبوجه عام‪ ،‬أصبح تخصيص رأس المال أكثر كفاءة‬ ‫في االقتصاد كما تحسنت جودة الخدمات بشكل كبير‪.‬‬ ‫ومن أكثر شروط االتحاد األوروبي صعوبة والذي‬ ‫لم تستطع تركيا إلى اآلن الوفاء به هو انصياع أنقرة‬ ‫للقانون الكامل لالتحاد‪ .‬وفي حال تمكنت أنقرة من‬ ‫الوفاء بهذا الشرط‪ ،‬فإنه دون شك سوف يصبح‬ ‫بمثابة حافز قوي لها إلجراء مزيد من اإلصالحات‬ ‫المؤسسية من خالل إدخال تعديالت على قوانين‬ ‫وتنظيمات القطاع الخدمي ولوائح الشراء الحكومي‪.‬‬ ‫ومن الممكن أن يعزز شفافية المؤسسات الحكومية‬ ‫بشكل ملحوظ ويقلل الفساد وبالتالي يعزز قدرة تركيا‬ ‫على المنافسة الدولية‪ .‬ووفقًا لبعض الدراسات‪ ،‬فإن‬ ‫تعزيز الشفافية وتقليل الفساد يمكن أن يعمال على‬ ‫زيادة النشاط التجاري بين تركيا واألعضاء الحاليين‬ ‫في االتحاد األوروبي بنسبة تتراوح بين ‪ 17‬و ‪.27%‬‬ ‫مكاسب تركيا االقتصادية‬ ‫ورغم ذلك يعد االنضمام لعضوية االتحاد األوروبي‬ ‫في حد ذاته مفيدًا جدًا لالقتصاد التركي على مستوى‬ ‫القطاعات‪ ،‬فبما أن عوائق التعريفة وغيرها من‬ ‫العوائق تمثل فعليًا نوعيات من الضرائب‪ ،‬سوف تؤدي‬ ‫إزالتها إلى تغيير في أسعار السلع المنتجة في تركيا‬ ‫واالتحاد األوروبي‪ ،‬فمن وجهة النظر التركية سوف‬ ‫يسمح ذلك للمنتجين بالتخصص في المجاالت التي‬ ‫تتميز فيها تركيا مثل المنسوجات والمالبس وخدمات‬ ‫األعمال والنقل‪ ،‬وقبل كل هذا السلع الزراعية‪،‬‬

‫‪62‬‬


‫حالة االقتصاد‬ ‫اقتصاد عالمي‬

‫المستثمر العالمي‬

‫األسواق‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫تحيا أوروبا‬ ‫بقلم‬

‫دانيال كابريللي‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪61‬‬


‫حوار‬



‫بروفايل‬ ‫رجال الشرطة قتلوا في أعمال العنف التي‬ ‫أصيب فيها ً‬ ‫أيضا ‪ 340‬من رجال الشرطة‪،‬‬ ‫كما أن الرشق بالقنابل اليدوية وإشعال النار‬ ‫في الحافالت التي تقل الناس وتدمير المباني‬ ‫الحكومية والخاصة ال يمثل تظاهرً ا سلميًا"‪.‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫رغم أن بدايته كانت ماركسية تحول زيناوى إلى الفكر الليبرالي وشجع سياسات السوق الحرة وأصبح من‬ ‫أنصار الديمقراطية‬

‫التحق بكية الطب بجامعة أديس أبابا‪ ،‬لكنه‬ ‫انقطع عن الدراسة لالنضمام لجبهة التحرير‬ ‫الشعبية في تيجاري في نضالها المسلح ضد‬ ‫النظام الحاكم‪ ،‬وبعد سقوط النظام العسكري‬ ‫تزعم زيناوي الحكومة االنتقالية حتى انتخابه‬ ‫رئيسً ا للوزراء وزعيمًا للجبهة الثورية‬ ‫الشعبية الديمقراطية عام ‪ ،1995‬وتحول‬ ‫زيناوي‪ ،‬ال��ذي كان في البداية من أتباع‬ ‫ماركس‪ ،‬إلى الفكر الليبرالي‪ ،‬حيث شجع‬ ‫سياسات السوق الحرة وأصبح من أنصار‬ ‫الديمقراطية‪.‬‬ ‫و حظي زيناوي بإشادة واسعة من المجتمع‬ ‫الدولي ل��دوره في تخفيف الفقر وتعزيز‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬واستحداثه نظامًا فيدراليًا يقوم‬ ‫على أساس عرقي بدلاً من نظام منجستو ذي‬ ‫الطبيعة المركزية‪ ،‬كما أنه لعب دورً ا مهمًا‬ ‫في حملة "الي��ف إي��د"‪ ،‬والتي كانت تمثل‬ ‫وجه األم��ل واالكتفاء الذاتي في أفريقيا‪،‬‬ ‫حيث تم اختياره ع��ام ‪ ،2005‬لالنضمام‬ ‫لـ"لجنة أفريقيا" التي كانت ترعاها بريطانيا‬ ‫وكانت تتعامل مع المساعدات وتخفيف‬ ‫الديون والتجارة في القارة السمراء‪ ،‬وأشاد‬ ‫به توني بلير‪ ،‬رئيس ال��وزراء البريطاني‬ ‫السابق‪ ،‬لقيادته البراجماتية والعادلة‪ .‬كما‬ ‫حقق زيناوي ً‬ ‫أيضا نجاحً ا كبيرً ا في توصيل‬ ‫المساعدات والمياه والكهرباء إلى سكان‬ ‫إثيوبيا البالغ عددهم ‪ 70‬مليون نسمة‪ ،‬ورغم‬ ‫معركته المستمرة ضد الجفاف وضد هجمات‬ ‫المتمردين‪ ،‬وضد االعتماد على المساعدات‪،‬‬ ‫تمكن زيناوي من تحسين مستوى المعيشة‬ ‫في البالد خالل فترة واليته التي استمرت ‪15‬‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫عامًا حتى اآلن‪ ،‬وانخفضت وفيات األطفال‬ ‫بمقدار النصف وارتفع العمر المتوقع عند‬ ‫الوالدة من ‪ 45‬عامًا إلى ‪ 55‬عامًا‪.‬‬ ‫إال أن النظرة الوردية من جانب الكثيرين تجاه‬ ‫الفترة التي قضاها زيناوي في السلطة‪ ،‬تالشت‬ ‫سريعًا في أعقاب انتخابات عام ‪ ،2005‬بعد‬ ‫فوز حزبه باالنتخابات بشكل مثير للجدل‬ ‫ووسط اتهامات‪ ،‬واالتهامات بتزويرها ‪،‬‬ ‫وان��دالع مصادمات بين المتظاهرين من‬ ‫المعارضة والقوات الحكومية حينها مما‬ ‫شخصا‪ ،‬لكن وزارة‬ ‫أدى إلى مقتل ‪183‬‬ ‫ً‬ ‫الخارجية اإلثيوبية دافعت عن تصرفات‬ ‫الحكومة قائلة إن "معظم التقارير الصحافية‬ ‫الحالية لم تتطرق إلى حقيقة؛ أن سبعة من‬

‫النظرة الوردية من‬ ‫جانب الكثيرين تجاه‬ ‫الفترة التي قضاها‬ ‫زيناوي في السلطة‪،‬‬ ‫تالشت سري ًعا في أعقاب‬ ‫انتخابات عام ‪ ،2005‬بعد‬ ‫فوز حزبه باالنتخابات‬ ‫بشكل مثير للجدل ووسط‬ ‫اتهامات بتزويرها‬

‫إال أن منظمة هيومن رايتس ووتش‪ ،‬اتهمت‬ ‫حكومة زيناوي بارتكاب انتهاكات‪ ،‬وبتعذيب‬ ‫وحبس أعضاء المعارضة‪ ،‬وفي عام ‪،2007‬‬ ‫هدد الكونجرس األمريكي بفرض عقوبات‬ ‫على إثيوبيا لقمعها منتقدي الحكومة‪ ،‬ما لم‬ ‫تقم بإصالحات ديمقراطية‪ ،‬لكن حكومة‬ ‫زيناوي رفضت االعتراف بأي انتهاكات‬ ‫ً‬ ‫أيضا مزاعم‬ ‫لحقوق اإلن��س��ان‪ .‬وظهرت‬ ‫بتسييس المساعدات الغذائية‪ ،‬خاصة القيام‬ ‫بمنع األغذية عن منطقة أوجادين‪ ،‬التي توجد‬ ‫بها حركة انفصالية‪ ،‬وهو ما تم رفضه ً‬ ‫أيضا‬ ‫باعتباره رؤية خاطئة يتداولها برنامج الغذاء‬ ‫العالمي‪ ،‬وصرح زيناوي نفسه بأنه في حالة‬ ‫صحة ذلك‪ ،‬فإنه سوف يقوم بإقالة األفراد‬ ‫المسئولين عن هذا األمر‪.‬‬ ‫ومع اقتراب االنتخابات التي تُجرى في‬ ‫شهر مايو‪/‬آيار‪ ،‬سوف يبحث المراقبون‬ ‫الدوليون عن أي ت��ج��اوزات من جانب‬ ‫الحزب الحاكم بزعامة زيناوي‪ ،‬وتتسم‬ ‫الحكومة اإلثيوبية بنفس ال��درج��ة من‬ ‫الحرص على ع��دم تكرار ما ح��دث عام‬ ‫‪ ،2005‬حيث يراقب المجلس الوطني‬ ‫لالنتخابات التغطيات اإلعالمية واألمور‬ ‫التي تتصل بتمويل الحمالت االنتخابية من‬ ‫ِقبل األحزاب التي تخوض االنتخابات‪ ،‬كما‬ ‫استحدثت الحكومة مدونة سلوك بالنسبة‬ ‫لألحزاب السياسية وافق عليها ‪ 65‬حزبًا‪،‬‬ ‫وص���درت في شكل قانون يضم قواعد‬ ‫اللعبة السياسية في محاولة لمنع الخالفات‬ ‫ومنع التزوير‪ ،‬ولم يرفض سوى حزب‬ ‫"فورم"‪ ،‬وهو التجمع الرئيسي للمعارضة‪،‬‬ ‫التفاوض م��ع الجبهة الثورية الشعبية‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬زاعمًا أنها سوف تستدرجه‬ ‫للموافقة على ش��روط مفيدة ألجندتها‪.‬‬ ‫وتعد الفرصة متاحة لزيناوي اآلن إلثبات‬ ‫خطأ منتقديه‪ ،‬رغم أن الغرب نفسه لديه‬ ‫استعداد بشكل عام لتجاهل أي انتهاكات‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬ولالستمرار في العالقة‬ ‫الحميمة معه‪ ،‬بهدف تجنب تدهور األوضاع‬ ‫في القرن األفريقي‪ ،‬ويأمل االتحاد األوروبي‬ ‫وال��والي��ات المتحدة في فوز زيناوي في‬ ‫االنتخابات المقبلة لالحتفاظ بمن ينفذ لهم‬ ‫مصالحهم في هذه المنطقة الهشة‪.‬‬ ‫‪58‬‬


‫بروفايل‬

‫نصير الديمقراطية‬

‫ميليس زيناوي رئيس وزراء إثيوبيا‬

‫أشاد العالم برئيس الوزراء اإلثيوبي‪ ،‬ميليس زيناوي‪ ،‬لجهوده‬ ‫الرامية لتحقيق االستقرار في القرن األفريقي‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك‬ ‫يُحسب لهذا الزعيم الذي شغل منصبه على مدى ثالث فترات‪ ،‬جهوده‬ ‫المتواصلة من أجل مواجهة الفقر في بالده‪ .‬غير أنه بعد مضي‬ ‫‪ 15‬عا ًما على رئاسته للوزراء‪ ،‬ظهرت مزاعم تشكك في التزامه‬ ‫بالديمقراطية‪ .‬ومع قدوم االنتخابات في مايو‪/‬آيار المقبل‪ ،‬سوف تتهيأ‬ ‫لزيناوي الفرصة كي يثبت طبيعة الديمقراطية التي يتبناها‪.‬‬ ‫على النقيض من أسالفه‪ ،‬يعد ميليس زيناوي‪،‬‬ ‫رئيس ال��وزراء اإلثيوبي شخصية واعدة‬ ‫تنعقد حولها آم��ال العالم في قيادة طريق‬ ‫الديمقراطية في القارة السمراء‪ .‬وفي ‪ 23‬وهناك روابط متعددة بين الواليات المتحدة‬ ‫مايو‪/‬آيار‪ ،‬سوف يتجه اإلثيوبيون إلى مراكز وحليفتها األفريقية ‪ ،‬فعلى سبيل المثال قامت‬ ‫االقتراع لإلدالء بأصواتهم في رابع انتخابات إثيوبيا بغزو الصومال عام ‪ ،2006‬بدعم‬ ‫وطنية في تاريخ بالدهم ‪،‬في ظل إشادة دولية من أمريكا‪ ،‬بهدف إنهاء سيطرة المتشددين‬ ‫بزيناوي‪ ،‬باعتباره نموذجً ا للحكم الديمقراطي اإلسالميين علي مقديشيو وتنصيب الحكومة‬ ‫ف��ي افريقيا‪ .‬ول��ك��ن يبقي ال��س��ؤال األه��م االتحادية االنتقالية‪ ،‬ومن جهة أخري تشارك‬ ‫مطروحا وهو‪ :‬هل نستطيع اعتبار زيناوي إثيوبيا‪ ،‬بالتنسيق مع جيبوتي وكينيا‪ ،‬في تجنيد‬ ‫ً‬ ‫أمال حقيقيًا لتحقيق الديمقراطية أم أنه سراب وتدريب صوماليين علي أراضيها لتأهيلهم‬ ‫صنعته الحكومة والتفاؤل الغربي؟ ففي حين لمحاربة ميليشيا الشباب الصومالية‪ ،‬كبداية‬ ‫تعزز حكومة زيناوي صورة االنتخابات لخطة اإلع��داد لهجوم من المتوقع حدوثه‬ ‫النزيهة والصحافة الحرة‪ ،‬تدين الجماعات خالل العام المقبل‪.‬‬ ‫الحقوقية والمراقبون األجانب حزب زيناوي‬ ‫لسحقه للمعارضة‪ ،‬وانتهاكاته المفجعة لحقوق وكان نظام عسكري برئاسة العقيد مانجستو‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫هيلي ماريام‪ ،‬قد حكم إثيوبيا اعتما ًدا على‬ ‫اإلره���اب لمدة ‪ 17‬ع��امً��ا‪ ،‬حيث استغل‬ ‫وباعتبارها أكبر دولة في القرن األفريقي‪ ،‬م��ج��اع��ات الثمانينيات ال��ت��ي نتجت عن‬ ‫تلعب إثيوبيا دورً ا حيويًا في شئون المنطقة‪ .‬السياسات الزراعية الماركسية من أجل‬ ‫فموقعها اإلستراتيجي والدول التي تفصلها االحتفاظ بالسكان الضعفاء في قبضته القوية‪.‬‬ ‫عن خليج عدن‪ ،‬وهي جيبوتي والصومال واجتاحت جبهة التحرير الشعبية في تيجاري‬ ‫وإريتريا تجعلها العبًا مؤثرً ا في تقرير المناطق المرتفعة في شمال إثيوبيا‪ ،‬واستولت‬ ‫مصير القرن األفريقي‪ .‬وتأمل القوى الغربية على العاصمة أدي��س أبابا وأسقطت نظام‬ ‫في دعم زيناوي لها‪،‬‬ ‫خصوصا فيما يتعلق منجستو الديكتاتوري الشيوعي‪ ،‬وكان رئيس‬ ‫ً‬ ‫بأجندتها في مكافحة اإلره��اب‪ .‬وفي حوار الجبهة في ذلك الوقت هو ميليس زيناوي‪،‬‬ ‫مع رئيس الوزراء اإلثيوبي‪ ،‬قالت صحيفة والذي كان شخصية عامة قليلة الشهرة‪.‬‬ ‫نيوزويك عن زيناوي؛ إنه أهم حليف أفريقي‬ ‫لواشنطن في حربها على اإلرهاب‪ .‬ونظرً ا وكان زيناوي‪ ،‬الذي ولد في منطقة تيجاري‬ ‫ألن الصومال المجاورة ت��ؤرق الواليات بأقصى شمال إثيوبيا عام ‪ ،1955‬قد انتقل إلى‬ ‫المتحدة ً‬ ‫أرقا شدي ًدا‪ ،‬فإن إثيوبيا اكتسبت أهمية العاصمة الستكمال تعليمه بها‪ ،‬حيث‬ ‫في محاوالت أمريكا تحقيق االستقرار في‬ ‫المنطقة‪.‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫العدد ‪1548‬‬

‫‪57‬‬


‫بروفايل‬

‫زيناوي ‪ ...‬يلقبونه بالحليف األفريقي األهم‬ ‫لواشنطن‪ ..‬أوربا تدعم وجوده ‪ ...‬هيومن رايتس تتهمه‬ ‫بإرتكاب انتهاكات ضد المعارضة‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪56‬‬


‫العدد ‪1548‬‬

‫‪33‬‬


‫حوار‬ ‫في األسبوع لتلبية االحتياجات الفلسطينية‪.‬‬

‫العقوبات على طهران؟‬

‫وهل من حق مصر فتح المعابر في أي وقت‬ ‫أم أنها مقيدة باالتفاقيات الدولية؟‬

‫ ليس هناك قرار نهائي بشأن فرض عقوبات على‬‫إيران ألن الدول منقسمة فيما بينها وأنت ترى أن‬ ‫الصين وروسيا يرفضان توقيع عقوبات جديدة‪،‬‬ ‫كما أن العقوبات السابقة لم تؤت نتائجها‪.‬‬

‫ من حق مصر فتح معابرها متى شاءت وحدث‬‫هذا أكثر من مرة‪ ،‬فالمفترض أنه ليس لي عالقة‬ ‫بالطرف اآلخر "حماس أو فتح أو إسرائيل أو االتحاد‬ ‫األوروبي " وإنما أضع شروطًا وقيودًا لفتح المعابر‬ ‫والمرور منها دون النظر إلى الطرف الموجود في‬ ‫فلسطين ألنك في النهاية تساعد الشعب الفلسطيني‬ ‫المحاصر من قوى االحتالل اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫أنتقل إلى ملف آخر ال يقل أهمية عن الملف‬ ‫الفلسطيني وهو اليمن ‪ ..‬كيف ترى األوضاع الحالية‬ ‫في اليمن؟‬ ‫ اليمن دولة عربية تتعرض لضغوط شديدة سواء‬‫من الحوثيين أو حركة االنفصال في الجنوب أو تنظيم‬ ‫القاعدة‪ ،‬والبد من مساندته وبحث ودراسة األسباب‬ ‫التي أدت إلى تفاقم الوضع وعالجها ألن ما يحدث‬ ‫في اليمن له تأثير على دول المنطقة كلها‪ ،‬وربما كان‬ ‫ذلك مبررًا لوقوف المملكة العربية السعودية بجانبها‬ ‫وكذلك مصر التي أرسلت وزير خارجيتها أحمد أبو‬ ‫الغيط والوزير عمر سليمان‪ ،‬رئيس جهاز المخابرات‬ ‫العامة‪ ،‬لدعم اليمن والوقوف إلى جانبها‪.‬‬ ‫ليس من الضروري أن نطالب حماس بقطع عالقاتها مع إيران ‪،‬‬ ‫وإنما عليهم أن يعرفوا أن مصر والسعودية واألردن دول تساعدهم‬

‫البعض يردد مقولة‪" :‬السعودية تتدخل في‬ ‫الشأن اليمني" وذلك على خلفية العمليات العسكرية‬ ‫التي تقوم بها القوات السعودية على حدودها مع‬ ‫اليمن‪ ..‬هل تؤيد هذه المقولة؟‬ ‫ ما أعلمه وأفهمه أن المملكة تدافع عن أراضيها‬‫ضد المتمردين الحوثيين الذين يحاولون التسلل إلى‬ ‫األراضي السعودية دون أي تدخل في شئون اليمن‪،‬‬ ‫وهذا حقها أن تدافع عن أراضيها ضد أي عدوان أو‬ ‫اعتداء عليها‪.‬‬ ‫هل الوضع اليمنى ينذر بتحولها إلى‬ ‫أفغانستان أخرى في ظل الدعم الغربي واألمريكي‬ ‫للحكومة اليمنية في حربها ضد الحوثيين وبعض‬ ‫أفراد تنظيم القاعدة؟‬ ‫ أرجو أال يحدث ما تقوله وهو ما يتطلب أن تقوم‬‫الحكومة اليمنية بحل مشاكلها بمساعدة عربية‪.‬‬ ‫هل ترى أن الخيار العسكري الذي لجأت‬ ‫إليه الحكومة اليمنية ضد الحوثيين والقاعدة‬ ‫يعتبر حلاً للمشكلة؟‬ ‫ بصفتي دبلوماسيًا تربيت في بيت الدبلوماسية‬‫فإنني أرفض اللجوء إلى الحل العسكري وأفضل‬ ‫استخدام الجهود السياسية والدبلوماسية حتى يتم‬ ‫استنفادها‪ ،‬لكن حينما تتفاقم األوضاع وال نصل‬ ‫إلى حل سلمي فإنه من واجب الدول العربية أن‬ ‫تتكاتف إلعادة األمور إلى نصابها الصحيح‪.‬‬

‫على اليمن أن تسارع بحل مشاكلها بمساعدة عربية‬

‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫وماذا لو تم فرض عقوبات جديدة‬ ‫على إيران خاصة أن الحديث متزايد بين‬ ‫الدول الست الكبرى لفرض سلسلة أخرى من‬

‫الوضع في السودان يثير القلق في ظل‬ ‫حالة االنقسام التي يشهدها بين الشمال والجنوب‬ ‫‪ ..‬كيف ترى هذا الوضع وتأثيره على المنطقة؟‬ ‫ انقسام السودان ليس في مصلحة الشعب‬‫السوداني أو حتى دول المنطقة‪ ،‬ومازال أمام‬ ‫مصر والدول العربية الوقت للتحرك وبذل مزيد‬ ‫من الجهد للحفاظ على وحدة السودان‪.‬‬ ‫هل انقسام السودان يمكن أن يؤثر على‬ ‫حصة مصر في مياه النيل؟‬ ‫ال أعتقد ذلك ألن هناك اتفاقيات فيما يخص مياه‬ ‫النيل‪ ،‬ولكني أتحدث عن وحدة السودان من منطلق‬ ‫أن هذا يمثل استقرا ًرا لمصر ودول المنطقة‪.‬‬ ‫ثار جدل خالل الفترة األخيرة حول‬ ‫تدخالت خارجية ‪ -‬أمريكية على وجه التحديد ‪-‬‬ ‫في االنتخابات الرئاسية واختيار رئيس مصر ‪..‬‬ ‫ما رأيك؟‬ ‫ ال يوجد أي تدخل‪ ،‬ولكن مصر دولة كبيرة‬‫وكل العالم يهمه من سيكون رئيس مصر‪..‬‬ ‫كما أن كل دولة تنحاز لمرشح بعينه لكن ليس‬ ‫هذا معناه أن هناك تدخالت‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬ ‫حينما أجريت االنتخابات الرئاسية في أمريكا‬ ‫كان هناك قطاع عريض من الشعب المصري‬ ‫يؤيد مجيء باراك أوباما إلى الحكم وكان‬ ‫هناك اهتمام من قبل دول العالم بمعرفة من‬ ‫سيكون الرئيس األمريكي القادم‪ ،‬وهو ما يحدث‬ ‫أيضًا بالنسبة لمصر‪ ،‬حيث تجد األنظار تتجه‬ ‫إليها لمعرفة ما يدور بها ومن سيحكم مصر‪.‬‬ ‫ما دعاني إلى إثارة هذا السؤال ما تتلقاه‬ ‫مصر من معونات أمريكية وبالتالي يمكن أن تؤثر‬ ‫في القرار المصري؟‬ ‫ مقاطعًا‪ :‬مصر تستطيع أن تعيش دون االعتماد‬‫على المعونة األمريكية ألنها قادرة على إقامة‬ ‫عالقات تجارية واستثمارية مع العديد من الدول‬ ‫بما فيها أمريكا ثم إن المعونة تتقلص من عام إلى‬ ‫آخر وليس منصوصًا عليها في أي من االتفاقات‬ ‫وإنما هي نتاج تفاهم بين مصر وأمريكا بأنه مثلما‬ ‫تعطي الواليات المتحدة إلسرائيل فعليها أن تعطي‬ ‫لمصر‪ ،‬كما أن المستفيد األول من المعونة هي‬ ‫أمريكا ألنها تقوم بعمل مصانع أمريكية ويتم شحن‬ ‫البضائع في سفن أمريكية‪ ،‬واألكثر من هذا أن‬ ‫المعونة تمثل مصلحة مشتركة بين مصر وأمريكا‬ ‫وأعتقد أنها بمرور الوقت ستنقطع نهائيًا ويحل‬ ‫محلها نوع جديد من العالقات القائم على التجارة‬ ‫واالستثمار وإذا كان هناك تهديد دائم بقطع المعونة‬ ‫فنحن لسنا في حاجة إليها ألن مصر قادرة على أن‬ ‫تعيش بدونها‪.‬‬ ‫‪54‬‬


‫حوار‬ ‫ ليس كقوة تحاول السيطرة ‪ -‬بل كدولة مدنية قوية‬‫تساند العرب‪.‬‬

‫تصورت أن أوباما‬ ‫يملك عصا سحرية‬ ‫لحل مشاكل الشرق‬ ‫األوسط لكن ثبت أنه‬ ‫ليس المسيح القادر‬ ‫على عمل المعجزات‬

‫نتمنى عودة‬ ‫سوريا ألنها جزء‬ ‫من مثلث عربي‬ ‫مهم يحتاج دعمه‬ ‫بانضمام دول‬ ‫عربية أخرى‬ ‫ورفعت يدها تما ًما خاصة بعد األحداث األخيرة التي‬ ‫شهدتها الحدود المصرية ومقتل جندي مصري؟‬ ‫ مصر من مصلحتها الوقوف بجانب فلسطين ألنه‬‫من مصلحتها أن تكون حدودها مستقرة وبالتالي لن‬ ‫تتخلى عن القضية الفلسطينية أو" تفض يدها"‪.‬‬ ‫ولكن من الممكن أن يكون هناك جدول‬ ‫زمني تضعه مصر وتلتزم به حماس للتوقيع على‬ ‫المصالحة؟‬ ‫هذا ليس اً‬‫حل ألنه من الوارد أال تلتزم حماس بهذا‬ ‫الجدول ووقتها سيبرز السؤال الصعب ماذا ستفعل‬ ‫مصر حيال حماس؟ ‪ ..‬هل تتخلى مصر عن القضية‬ ‫وتترك الشعب الفلسطيني محاصرًا داخل قطاع‬ ‫غزة ؟ بالتأكيد هذا لن يحدث وإال تكررت أحداث‬ ‫الفوضى حينما قام بعض الفلسطينيين باقتحام معبر‬ ‫رفح وعمت الفوضى أراضي سيناء‪ ،‬لذلك من المهم‬ ‫أن يدرك الفلسطينيون أهمية االتفاق فيما بينهم‪ ،‬كما‬ ‫أن هناك العديد من الجداول الزمنية مع إسرائيل ولم‬ ‫تلتزم بها ومازال العرب يحاولون معها‪.‬‬ ‫كيف ترى الدور السعودي فيما يتعلق‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫بالقضية الفلسطينية؟‬ ‫ مصر والسعودية هما رمانة الميزان في منطقة‬‫الشرق األوسط وال يمكن إنكار الدور السعودي في‬ ‫دعم ومساندة القضية الفلسطينية وال تنس أن المبادرة‬ ‫العربية انطلقت من السعودية وثقلها جاء من كونها‬ ‫سعودية فالتفت الدول العربية حولها‪ ،‬كما أن هناك‬ ‫اً‬ ‫كامل في أمور كثيرة ال‬ ‫تنسيقًا مصريًا سعوديًا‬ ‫تتوقف فقط على القضية الفلسطينية باعتبارهما أهم‬ ‫ثقلين في المنطقة‪.‬‬ ‫هل يمكن أن يؤثر الدور التركي على دور‬ ‫مصر أو السعودية؟‬ ‫ على اإلطالق بل إن تركيا حريصة على التنسيق‬‫مع مصر والسعودية وربما انعكس ذلك في الزيارة‬ ‫التي قام بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب‬ ‫أردوغان إلى المملكة العربية السعودية أخيرًا‬ ‫وأصبحت تركيا قوة أخرى مضافة إلى القوة العربية‬ ‫بعد أن كانت تنظر إلى الغرب وال تنظر إلى العرب‪،‬‬ ‫وأنا من المعجبين بالسياسة التركية والمواقف التي‬ ‫تتخذها وأنها عادت مرة أخرى إلى المسرح العربي‬

‫" السعودية ‪ -‬مصر ‪ -‬سوريا" مثلث مهم‬ ‫بالنسبة للعرب إذا اتحدوا‪ ،‬ولكن في الفترة األخيرة‬ ‫انسحبت سوريا ؟‬ ‫ مقاطعًا‪:‬بالطبع مثلث مهم ونتمنى عودة سوريا‪،‬‬‫كما أنه من الممكن إضافة دول عربية أخرى إلعادة‬ ‫الوحدة العربية‪.‬‬ ‫البعض يطلق على مصر والسعودية‬ ‫واألردن واإلمارات ما يسمى بـ"دول االعتدال"‪..‬‬ ‫هل أنت مع هذا؟‬ ‫ ليس هناك مانع من توزيع األدوار بين الدول‬‫العربية طالما أن هناك اتفاقًا وتفاه ًما على الهدف‬ ‫النهائي‪ ،‬فمن الممكن أن توجد اختالفات بين الدول‬ ‫العربية وبعضها البعض لكنها يجب أن تظل في‬ ‫إطار تنسيق عربي‪ ،‬وهذا ما تجيده إسرائيل‪ ،‬فرغم‬ ‫االختالفات بين األحزاب اإلسرائيلية فإنها تلتف حول‬ ‫المصلحة العامة للكيان اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫انقسام؟‬

‫وهل ما بين الدول العربية اختالف أم‬

‫ على حافة االختالف واالنقسام‪ - ،‬ولألسف الشديد‬‫العرب ال يجيدون ما يجيده غيرهم من توزيع األدوار‬ ‫وإذا ما قلنا إن هناك دولاً معتدلة وأخرى متطرفة‬ ‫فإن الغرب ينظر إلى الدول العربية كلها نظرة واحدة‬ ‫ويضعهم في بوتقة واحدة دون التفريق بين دولة‬ ‫معتدلة وأخرى متطرفة‪ ،‬ومثال ذلك حينما تم منع‬ ‫بناء المآذن في سويسرا لم يقال إنها مآذن سعودية أو‬ ‫مصرية وإنما قيل إنها مآذن إسالمية‪.‬‬ ‫لكن في وطننا العربي أصبحت كل دولة‬ ‫تنظر إلى مصالحها الخاصة دون التفكير بمنطق‬ ‫واضحا في ستينيات‬ ‫القومية العربية الذي كان‬ ‫ً‬ ‫القرن الماضي؟‬ ‫ المهم أال تتناقض المصالح الخاصة لكل دولة‬‫مع المصلحة العامة‪ ،‬فالبد من البحث عن األمور‬ ‫والمصالح المشتركة بين الدول العربية وتعظيمها‬ ‫واالستفادة منها دون أن تتخلى أي دولة من الدول‬ ‫عن مصالحها الخاصة في ذات الوقت‪.‬‬ ‫أخي ًرا أعلنت مصر عن إنشاء جدار على‬ ‫ضا لدى‬ ‫حدودها مع قطاع غزة وهو ما القى اعترا ً‬ ‫الكثيرين لما يمثله من معاناة للشعب الفلسطيني‬ ‫وزيادة الحصار المفروض عليه من الجانب‬ ‫اإلسرائيلي ‪ ..‬كيف ترى ذلك؟‬ ‫ مصر لن تترك الفلسطينيين يجوعون وهى‬‫كانت تغض الطرف عن األنفاق الموجودة لتسهيل‬ ‫دخول الفلسطينيين‪ ،‬لكن ثبت في اآلونة األخيرة‬ ‫أن هذه األنفاق تستخدم ضد مصالح مصر وأمنها‬ ‫واستقرارها وبالتالي كان التفكير في إغالق األنفاق‬ ‫وإنشاء جدار لحماية الحدود المصرية ‪ -‬وهذا حقها‬ ‫– دون أن تتخلى مصر عن الفلسطينيين ألن هناك‬ ‫المعابر والتي يجب أن يتم فتحها ثالثة أو أربعة أيام‬ ‫‪53‬‬


‫حوار‬ ‫عدم العودة إلى التفاوض ألنها ال تعترف بحماس وفى‬ ‫ذات الوقت ترفض التفاوض مع فتح وتشن غاراتها‬ ‫على الضفة الغربية وزادت من توسيع عمليات‬ ‫االستيطان غير مولية أي اهتمام لما قاله الرئيس‬ ‫األمريكي من ضرورة وقف االستيطان‪ ،‬وثبت أن‬ ‫أوباما ليس قادرًا على فعل ما وعد به ألنه‪ ،‬كما قلت‬ ‫وأكرر‪ ،‬ليس المسيح القادر على عمل معجزات بل‬ ‫البد من أدوات تساعده خاصة أنني أعتقد أن نواياه‬ ‫طيبة‪.‬‬ ‫البعض يقول إن القضية الفلسطينية ضاعت‬ ‫بسبب حماس؟‬ ‫ حماس تتحمل جزءا كبيرا ولكن يجب أال نحملها كل‬‫شيء‪ ،‬فالمسئولية مشتركة بين فتح وحماس‪ ،‬االثنتان‬ ‫مدانتان‪ ،‬وإذا عدنا إلى السابق سنجد أن حماس‬ ‫جاءت إلى السلطة بنا ًء على طلب الدول الغربية‬ ‫إجراء انتخابات حرة ونزيهة وبالفعل تم هذا وجاءت‬ ‫االنتخابات بحماس بعدها انقلب الغرب على حماس‬ ‫وتم فرض حصار على قطاع غزة ‪-‬وأنا هنا لست‬ ‫منتميًا فكريا أو أيديولوجيًا إلى حماس – لكن ما حدث‬ ‫أنه بعد االنتخابات تم تشكيل حكومة ائتالفية ولكنها‬ ‫كانت حكومة منقسمة وأصبح الوضع غريبًا فأصبح‬ ‫هناك سلطة " حماس " تمارس سلطاتها ولكنها ُمقالة‬ ‫وسلطة أخرى " فتح " تعهد الغرب بمساعدتها لتقوم‬ ‫بالتفاوض مع إسرائيل ولكن إسرائيل ال تظهر أي‬ ‫نوايا طيبة للتفاوض فأصبح الوضع في فلسطين قاسيًا‬ ‫والمطلوب أن يتفق الفلسطينيون فيما بينهم لمواجهة‬ ‫إسرائيل وبعدها يختلفون كما يشاءون‪ ..‬حركات‬ ‫التحرير في العالم كله تختلف فيما بينها‪ ،‬ولكن عند‬ ‫مواجهة عدو آخر يتحدان ألن المصلحة تقتضي‬ ‫ذلك ويجب أن يدرك الفلسطينيون أن الكراسي التي‬ ‫يجلسون عليها في السلطة ليست كراسي حقيقية وأنهم‬ ‫لن يتمتعوا بأي سلطة إال إذا حرروا أرضهم من‬ ‫االحتالل وهذا لن يتم إذا ظلوا منقسمين‪.‬‬ ‫ولكن واضح من مواقف حماس أنها هي‬ ‫التي تصر على هذا االنقسام بدليل رفضها التوقيع‬ ‫على المصالحة المصرية؟‬ ‫ كل طرف من األطراف الفلسطينية " يتلكك "‬‫لآلخر وتذكر بالطبع حينما اقترب الطرفان ‪ -‬فتح‬ ‫وحماس ‪ -‬من التوقيع على المصالحة تم اإلعالن‬ ‫عن تقرير جولدستون وما أعقبه من خالفات بين‬ ‫فتح وحماس لكن على أية حال فإن مصر تلعب‬ ‫دورًا مه ًما من أجل توقيع المصالحة وإنما المشكلة‬ ‫أن الطرفين ليس لديهما الجدية الكافية‪ ،‬وعليهما أن‬ ‫يتجاوزا خالفاتهما من أجل الوصول إلى اتفاق يدعم‬ ‫الموقف الفلسطيني ضد إسرائيل وهو ما تسعى إليه‬ ‫مصر حاليًا بصبر وجلد‪.‬‬ ‫لكن الصبر له حدود؟‬ ‫ طبعا وهذا يجب أن يكون مفهو ًما‪ ،‬فمصر لديها‬‫استعداد لمواصلة دورها بصبر طويل وأثبتت‬ ‫ذلك في مواقف عديدة سابقة‪ ،‬لكن على األطراف‬ ‫الفلسطينية أن تعي ذلك‪ ،‬فليس كافيًا أن نقول إن‬ ‫فتح وقعت على المصالحة‪ ،‬بينما حماس لم توقع ‪..‬‬ ‫المطلوب أن يكون هناك مرونة من الطرفين وأعتقد‬ ‫أن مصر لديها استعداد ومرونة لالستماع للطرفين‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫الجامعة العربية مرأة‬ ‫للوضع العربي ‪..‬‬ ‫وكلما زاد التالحم‬ ‫العربي استطاعت‬ ‫الجامعة وضع خطط‬ ‫لتنفيذ قراراتها‬

‫مصر كانت تغض‬ ‫الطرف عن األنفاق‬ ‫لتسهيل دخول‬ ‫الفلسطينيين‪ ،‬لكن‬ ‫في األونة األخيرة‬ ‫ثبت أنها تستخدم ضد‬ ‫مصلحة مصر‬

‫دون أن تفقد األمل‪ ،‬ألن توافق الفصائل الفلسطينية‬ ‫يخدم القضية الفلسطينية بينما استمرار االختالف في‬ ‫مصلحة إسرائيل‪.‬‬

‫لالتفاق مع فتح ألن قرارها ليس في يدها وإنما في‬ ‫يد إيران ؟‬

‫ ال أدافع عن حماس ولكن هناك مصلحة أعلى‬‫من تعنت حماس أو فتح والمصلحة العربية تقتضي‬ ‫توافقًا فلسطينيًا‪ ..‬ثم إنه كان ضروريًا من البداية أال‬ ‫يحدث انقسام ولو كان كال الطرفين " فتح وحماس "‬ ‫حريصين أو يدركان خطورة االنقسام ما حدث هذا‬ ‫من البداية‪ ،‬فإذا ما نظرت اآلن إلى إسرائيل ستجد أنها‬ ‫المستفيد الوحيد من االنقسام الفلسطيني ألنها ترفض‬ ‫االعتراف بحماس‪ ،‬وفى نفس الوقت ال تظهر حسن‬ ‫النوايا إلى فتح عندما تجلس إلى الرئيس الفلسطيني‬ ‫محمود عباس أبو مازن للتفاوض معه وربما ظهر‬ ‫هذا في تصريحات كبار المسئولين اإلسرائيليين بأنه‬ ‫لن يتم ترك المستعمرات ولن تتراجع إسرائيل إلى‬ ‫حدود ً‪.1967‬‬

‫ مقاطعًا‪ :‬ال أحد ينكر الوجود اإليراني في المنطقة‬‫ومحاوالت طهران السعي إلى السيطرة على‬ ‫المنطقة‪ ،‬ألن لها مصالح‪ ،‬ولكن في ذات الوقت ليس‬ ‫من الضروري أن نطالب حماس بقطع عالقاتها‬ ‫بإيران أو غيرها من الدول وأال تتناقض مصالحها‬ ‫مع المصالح العربية‪ ..‬البد أن يدرك الفلسطينيون‬ ‫أيضًا أن مصر والسعودية ودول عربية أخرى تقف‬ ‫إلى جانبهم وأن يستغلوا هذا ويتفقوا فيما بينهم ‪..‬‬ ‫صحيح هناك خالفات بين إيران ودول في المنطقة‬ ‫لكن في النهاية هي دولة موجودة في المنطقة القريبة‬ ‫منا ومن المهم التحاور معها وعدم تجاهلها واالستفادة‬ ‫من نقاط التقارب التي ينتج عنها الحوار بما ال يعوق‬ ‫المصالح العربية خاصة أنها تتعرض حاليًا لضغوط‬ ‫داخلية من قوى المعارضة وضغوط خارجية بسبب‬ ‫ما يثيره برنامجها النووي من تخوفات لدى الدول‬ ‫الغربية وأمريكا‪ ،‬وعلى العرب االستفادة من ذلك‬ ‫بفتح باب الحوار معها‪ ..‬في السياسة يجب أن تترك‬ ‫مساحات رمادية بين األبيض واألسود‪.‬‬

‫ما قصدته أن حماس ليست لديها النية‬

‫‪ :‬ماذا لو تخلت مصر عن القضية الفلسطينية‬

‫حماس لم تتعنت فقط في التوقيع على‬ ‫المصالحة المصرية وإنما أخلت باتفاق مكة؟‬

‫‪52‬‬


‫حوار‬ ‫اثق ان كل زعيم عربي يهمه عودة‬ ‫الوحدة بين الدول العربية الدراكه‬ ‫بان القوة فى االتحاد ولكن ربما تكون‬ ‫االجتماعات الكبيرة التى يطرح فيها‬ ‫الكثير من الموضوعات ال تتيح فرصة‬ ‫االتفاق فيما بينهم‪ ،‬على عكس ذلك نجد‬ ‫ان القمم الثنائية او الثالثية نجحت فى‬ ‫‪© Getty Images‬‬

‫تقريب وجهات النظر بين الكثير من الدول‬ ‫كيف تنظر إلى المتغيرات واألحداث التي‬ ‫تشهدها الساحة العربية حاليًا؟‬ ‫من ينظر إلى الوضع العربي نظرة موضوعية‬ ‫سيشعر باألسى والضيق بسبب ما وصلت إليه‬ ‫العالقات العربية ‪ -‬العربية من اتساع هوة الخالف‬ ‫فيما بينهم‪ ،‬في الوقت الذي تمر فيه العديد من الدول‬ ‫العربية بمشاكل داخلية تقتضي تجاوز الخالفات‬ ‫العربية وفتح حوار متواصل لحل ما يواجه العالم‬ ‫العربي من تحديات كبيرة‪.‬‬ ‫ما اآللية التي تراها لتجاوز هذه الخالفات؟‬ ‫ أنا شخصيًا مقتنع بأنه مهما كانت الخالفات‬‫والنزاعات بين الدول العربية فإنه يمكن التغلب‬ ‫عليها بالنقاش الجاد والعميق في لقاءات القمة التي‬ ‫تجمع بين الرؤساء العرب‪ ،‬ولو اجتمع الرؤساء‬ ‫العرب بدون جداول أعمال مسبقة ‪ -‬والتي دائ ًما‬ ‫ما تكون مثقلة بالعديد من الموضوعات المتكررة‬ ‫بما ال يتيح فرصة للنقاش الجاد ‪ -‬وتحدثوا بصراحة‬ ‫ووضوح وأعلن كل رئيس ما يشكو منه وما يتوقعه‬ ‫من اآلخرين وما يمكن أن يتم تحقيقه إلعادة لحُمة‬ ‫التضامن العربي ألمكن تجاوز هذه الخالفات‬ ‫والكثير من المشاكل والصعوبات‪.‬‬ ‫هل ترى أن ذلك يمكن تحقيقه في القمة‬ ‫العربية المقبلة المقرر عقدها في شهر مارس ‪/‬‬ ‫آذار المقبل أم أنها ستكون قمة مثل القمم السابقة‬ ‫‪ ..‬اجتماعات دون جدوى بما يمكن أن نطلق عليه‬ ‫" فض مجالس "؟‬ ‫ ال أستطيع أن أقول إنها " فض مجالس " أو ال‬‫تؤتي ثمارها‪ ،‬ولكن النتيجة عادة ال تمس جوهر‬ ‫األمور أو تحقق اآلمال التي يعقدها الشارع العربي‬ ‫على القمة خاصة وإن الحديث الذي يسبق أي قمة‬ ‫من اجتماعات تمهيدية ولقاءات بين الرؤساء توحي‬ ‫بأنه سيكون هناك حلول لكل المشاكل التي تواجه‬ ‫العالم العربي‪ ،‬وفى الغالب ستكون القمة القادمة‬ ‫مثل غيرها من القمم السابقة‪ ،‬روتينية وتقليدية‪،‬‬ ‫يصدر عنها قرارات في موضوعات تمت مناقشتها‬ ‫مرات عديدة وفى النهاية ال نتقدم خطوات ملموسة‬ ‫نحو ما تتمناه الشعوب من تلك القمم واالجتماعات‪،‬‬ ‫وأذكر أنه حينما كان يجتمع وزراء الخارجية‬ ‫العرب يناقشون العديد من القرارات ‪ -‬التي ما هي‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫مصر والسعودية رمانة الميزان في الشرق األوسط وال يمكن إنكار الدور السعودي في دعم القضية‬ ‫الفلسطينية‬

‫إال تكرار لقرارات سابقة ‪ -‬وكان يصل األمر في‬ ‫بعض األحيان إلى نقل القرار من القمة السابقة‬ ‫مع ترقيمه برقم آخر جديد‪ ،‬رغم أن المشاكل التي‬ ‫كانت تصدر فيها هذه القرارات أقل من أن يجتمع‬ ‫وزراء الخارجية العرب بشأنها ‪ ..‬في النهاية أنا‬ ‫أتمنى أن تعبر القمة المقبلة عن آمال وطموحات‬ ‫الشعوب العربية‪ ،‬وإن كنت لست متأكدًا من حدوث‬ ‫ذلك بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة العربية‪،‬‬ ‫وبالتالي البد من تغيير األسلوب لمواجهة تلك‬ ‫الظروف‪.‬‬ ‫ماذا تقصد بالظروف؟‬ ‫ الفُرقة العربية التي نراها متمثلة ‪ -‬باألخص ‪ -‬في‬‫مقاطعة بعض الرؤساء الجتماعات القمة العربية ‪..‬‬ ‫العرب قوة إذا اتحدوا‪ ،‬وما أقصده باالتحاد التفكير‬ ‫في أساليب جديدة لخلق وإعادة الثقة المفقودة بين‬ ‫الدول العربية المختلفة مع بعضها البعض وليس‬ ‫االتحاد بالكالم والمصالحات الشكلية والقُبالت‬ ‫والتعبير عن أماني طيبة‪.‬‬ ‫ما األساليب التي تقصدها؟‬ ‫ أنا أثق أن كل زعيم عربي يهمه عودة اللحُمة‬‫بين الدول العربية إلدراكه بأن القوة في االتحاد‪،‬‬ ‫ولكن ربما تكون االجتماعات الكبيرة التي يطرح‬ ‫فيها الكثير من الموضوعات ال تتيح فرصة االتفاق‬ ‫فيما بينهم‪ ،‬على عكس ذلك نجد أن القمم الثنائية أو‬ ‫الثالثية نجحت في تقريب وجهات النظر بين الكثير‬ ‫من الدول المختلفة مع بعضها البعض وتجاوز‬ ‫الخالفات التي بينهم‪.‬‬ ‫البعض يلوم جامعة الدول العربية ألنها‬ ‫غير قادرة على تنفيذ قراراتها وتوصياتها ‪ ..‬كيف‬ ‫ترى ذلك؟‬ ‫ الجامعة العربية مرآة للوضع العربي فكلما كان‬‫هناك تالحم عربي استطاعت الجامعة أن تضع‬ ‫خططًا لتنفيذ قراراتها ألنها في النهاية ليست إال‬

‫جها ًزا تنفيذيًا للدول العربية جميعها فإذا كانت‬ ‫الدول العربية لديها الرغبة في تنفيذ ما يصدر‬ ‫من توصيات وقرارات فستنفذها أما الجامعة فال‬ ‫تستطيع بمفردها القيام بذلك ألنها كما قلت ليست‬ ‫اً‬ ‫مستقل عن إرادة جموع الدول العربية‪.‬‬ ‫كيانًا‬ ‫كيف ترى السياسة األمريكية في الشرق‬ ‫األوسط بعد مرور أكثر من عام على تولى أوباما‬ ‫رئاسة أمريكا ؟‬ ‫ أوباما بدأ عهده وهو يأمل في تحقيق خطوات‬‫نحو السالم في منطقة الشرق األوسط وتحديدًا بين‬ ‫الفلسطينيين واإلسرائيليين فاختار‪ -‬في أول قرار له‬ ‫ جورج ميتشل مبعوثًا للسالم في الشرق األوسط‬‫كما بدأ في تحسين عالقات الواليات المتحدة مع‬ ‫العالم العربي واإلسالمي من خالل اختياره للقاهرة‬ ‫لتوجيه خطابه للعالم اإلسالمي بهدف إزالة الصورة‬ ‫السلبية ألمريكا والتي تسبب فيها الرئيس السابق‬ ‫جورج بوش بعدائه للعالمين العربي واإلسالمي‬ ‫ولكن أوباما اكتشف أنه ليس بهذه القوة التي تمكنه‬ ‫من مواجهة القوى المؤيدة للصهيونية وأدرك أنه‬ ‫لكي يحصل على مكاسب البد أن يقابلها رد في‬ ‫مجاالت أخرى ‪ ..‬إضافة إلى المشاكل الداخلية‬ ‫سواء ما يتعلق بالتأمين الصحي أو األزمة المالية‪،‬‬ ‫كما أن الدول العربية بدت منقسمة ‪ -‬مما أضعف‬ ‫موقف الرئيس األمريكي والذي أعتقد أن لديه نوايا‬ ‫طيبة إلحراز تقدم في عملية السالم ‪-‬وتصورت أن‬ ‫أوباما يملك " عصا سحرية " لحل مشاكل الشرق‬ ‫األوسط ‪ ..‬أيضًا الوضع الفلسطيني وما يشهده من‬ ‫انقسام بين فتح وحماس أسهم في إضعاف موقف‬ ‫الرئيس األمريكي‪ ،‬فهم يتصارعون على مناصب‬ ‫في السلطة ليست موجودة وعلى دولة لم تنشئ‬ ‫بعد وينطبق عليهما القول " خناقة على جزرة غير‬ ‫موجودة "‪ ..‬هذه االعتبارات الثالث جعلت عملية‬ ‫السالم ال تتحرك في االتجاه المطلوب رغم أن الحل‬ ‫بسيط ‪ .‬العودة إلى المبادرة العربية التي أطلقتها‬ ‫السعودية والتي تقول " عودة األراضي المحتلة‬ ‫مقابل االعتراف بالدولة اإلسرائيلية "‪ ،‬لكن بسبب‬ ‫االعتبارات الثالثة التي ذكرتها تصر إسرائيل على‬ ‫‪51‬‬


‫حوار‬

‫خالف األشقاء‬

‫أحمد ماهر وزير الخارجية المصري السابق‬

‫يشعر أحمد ماهر وزير اخلارجية املصري السابق بالضيق ملا وصلت إليه العالقات العربية – العربية واتساع هوة اخلالف فيما بينهم ‪ ..‬يدعو‬ ‫إلى عودة التالحم العربي املفقود‪ ،‬ففي النهاية العرب إخوة وأشقاء ويجب أن يجنبوا أي خالف فيما بينهم ملواجهة التحديات التي تفرضها‬ ‫الظروف احمليطة باملنطقة ‪ ..‬يرى أن اجتماع الرؤساء العرب بدون جداول أعمال مسبقة كفيل بإنهاء ما بينهم من نزاعات ‪ ..‬يرفض حتميل‬ ‫اجلامعة العربية مسئولية عدم تنفيذ قراراتها ويقول "اجلامعة مرآة للوضع العربي‪ ،‬فكلما كان هناك تالحم عربي استطاعت وضع خطط‬ ‫لتنفيذ قراراتها"‬ ‫موضحا‬ ‫العربية"‪،‬‬ ‫الشعوب‬ ‫مطالب‬ ‫حتقق‬ ‫لم‬ ‫إذا‬ ‫تقليدية‪،‬‬ ‫روتينية‪،‬‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫املتوقع‬ ‫من‬ ‫املقبلة‬ ‫العربية‬ ‫القمة‬ ‫"‬ ‫قال‬ ‫لـ"اجمللة"‬ ‫ماهر في حواره‬ ‫ً‬ ‫أن قوة العرب في احتادهم ولكن ليس احتاد املصاحلات الشكلية والقبالت‪.‬‬ ‫"القاهرة" أحمد ربيع‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪50‬‬


‫حوار‬ ‫تفاصيل لبعض التحديات التكنولوجية التي يبدو أن‬ ‫إيران تواجهها في برنامجها للتخصيب‪ ،‬وبالتالي يعد‬ ‫هذا ً‬ ‫أيضا جزءًا من الصورة الكلية‪ ،‬فكمية اليورانيوم‬ ‫منخفض التخصيب بنسبة ‪ 19.75%‬التي ينتجونها‬ ‫تعد صغيرة نسبيًا في الوقت الحالي‪ ،‬لكن كما نعلم عند‬ ‫التعامل مع إيران‪ ،‬المهم ليس هو المعدل اليومي لما‬ ‫ينتجونه بل حجم ما ينتجونه مع مرور الوقت‪.‬‬

‫ال شك أن محمد البرادعي ويوكويا أمانو رجالن‬ ‫مختلفان ينتميان لمناطق مختلفة من العالم ولديهما‬ ‫توجهات مختلفة‪ ،‬فالمدير الحالي للوكالة أمانو يأخذ‬ ‫طريقة منهجية ويتجنب األوصاف الفضفاضة ويركز‬ ‫بشكل مباشر على الحاالت التي يتناولها ويسمي‬ ‫األمور بمسمياتها‪.‬‬ ‫هل يعني هذا أنه لم يعد هناك مجال للتضامن‬ ‫اإلسالمي؟‬ ‫ـ أنا في الواقع ال أتطرق إلى مثل هذه األمور‪ ،‬فأنا‬ ‫معجب بالبرادعي كثيرً ا‪ ،‬وأنا حقيقة أعتقد أنه كان‬ ‫ً‬ ‫سابقا لعصره‪ ،‬وقد تولى منصب مدير عام الوكالة‬ ‫لمدة ‪ 12‬عامًا‪ ،‬وخالل التقارير التي كنت أعمل معه‬ ‫في إعدادها مع نهاية فترة واليته‪ ،‬كان لديه هدف معين‬ ‫من إعداد التقارير بالطريقة التي أعدها بها‪ ،‬والمهم‬ ‫أننا إذا نظرنا إلى بعض التقارير التي أعدها البرادعي‬ ‫خالل واليته‪ ،‬نجد أنها كانت تقارير قوية بدرجة‬ ‫كبيرة‪ ،‬فهل تتذكر ما قاله في نهاية فترة واليته بأن‬ ‫إيران غير ملتزمة بالقانون؟‬ ‫ضا إنكم ال تستطيعون تفجير‬ ‫لكنه قال أي ً‬ ‫المعرفة النووية‬ ‫ـ الشك أن البرادعي كانت له أقوال جيدة‪ ،‬أما‬ ‫اآلن فيوجد مدير عام جديد للوكالة ولديه منهج‬ ‫مختلف‪ ،‬وقد يكون لذلك بعض التأثير على لهجة‬ ‫التقارير‪ ،‬لكن المضمون لم يختلف كثيرً ا‪.‬‬ ‫ل��ق��د قلتم ال��ع��ام ال��م��اض��ي إن إي��ران‬ ‫ل��دي��ه��ا ق���درة ع��ل��ى "ال��ت��م��ل��ص"‪ ،‬ف��ه��ل ه��ذا‬ ‫يعني أن��ه ف��ات أوان منع تقدم إي��ران نوو يًا؟‬ ‫ال أعتقد أن األوان قد فات بعد لتقوم أي دولة‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك إيران‪ ،‬بتغيير تقديراتها اإلستراتيجية‬ ‫وتقوم باتخاذ قرار أخالقي بالتحرك في اتجاه‬ ‫االلتزام بمعاهدة حظر االنتشار النووي وتحاول‬ ‫التوافق مع جيرانها ومع العالم‪.‬‬ ‫إن لدينا رئيسً ا ك��رَّ س نفسه من أج��ل التحرك‬ ‫خ��ال من األسلحة النووية‪ ،‬ولكن‬ ‫باتجاه عالم‬ ‫ٍ‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫لقد كان التقرير األخير للوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية حادًا بشكل ملحوظ تجاه إيران‪ ،‬فهل‬ ‫كان من الممكن صدور مثل هذا التقرير في عهد‬ ‫محمد البرادعي؟‬

‫من المهم ممارسة الضغط على إيران كي تفهم أن سعيها المستمر للحصول على هذه التكنولوجيات‬ ‫يناقض اتفاقياتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويتعارض مع معاهدة حظر االنتشار النووي‬

‫محمد البرادعي ويوكويا‬ ‫أمانو رجالن مختلفان‬ ‫ينتميان لمناطق مختلفة‬ ‫من العالم ولديهما‬ ‫توجهات مختلفة‪ ،‬فالمدير‬ ‫الحالي للوكالة أمانو يأخذ‬ ‫طريقة منهجية ويتجنب‬ ‫األوصاف الفضفاضة‬ ‫ويسمي األمور بمسمياتها‬ ‫الرجل مخلص في توجهه‪ ،‬وقد تكون هذه عملية‬ ‫طويلة األمد‪ ،‬حيث نتفاوض اآلن من أجل خفض‬ ‫األسلحة اإلستراتيجية‪ ،‬لننتقل إلى المواد القابلة‬ ‫لالنشطار خالل السنوات األربع المقبلة‪ ،‬لكن ال‬ ‫يوجد سوى القليل من الالعبين الذين يسيرون‬ ‫في االتجاه المعاكس‪ ،‬وهنا يثار تساؤل حول‬ ‫نوعية العالم الذي نريده‪ :‬وهل هو عالم يتسم‬ ‫بانتشار التكنولوجيا النووية الجديدة ويخترق‬ ‫فيه الناس النظم ويسعون دائمًا من أجل خرق‬ ‫معاهدة حظر االنتشار النووي‪ ،‬أم أنه عالم يتم‬ ‫فيه العمل من أجل تقوية الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية وتقوية معاهدة حظر االنتشار النووي‬ ‫وهو ما حققناه؟ وهل هو عالم يتم فيه ضمان‬ ‫استخدام تلك التكنولوجيا في األغراض السلمية‬ ‫والطبية والزراعية أم يتم نشرها واستخدامها‬

‫ف��ي األغ���راض الخطيرة؟ إن ه��ذا ه��و الخيار‬ ‫االستراتيجي الحاسم ال��ذي نواجهه‪ ،‬وه��ذا هو‬ ‫سبب قلقنا تجاه الموقف الحالي إليران‪.‬‬ ‫ما موقع حركة المعارضة الخضراء في‬ ‫إيران ومشكالت إيران الداخلية في التقديرات‬ ‫األمريكية؟‬ ‫هناك قدر كبير من االضطراب داخ��ل إي��ران‪،‬‬ ‫حيث زادت ح��دة القمع في الشهور األخيرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أيضا أن قضية الحق في السعي‬ ‫لكنني أع��ي‬ ‫السلمي من أجل الحصول على الطاقة النووية‬ ‫ربما تعد جز ًء ا رئيسيًا من المشاعر السائدة في‬ ‫إيران‪.‬‬ ‫وال أح��د يشكك ف��ي ح��ق إي���ران ف��ي ام��ت�لاك‬ ‫التكنولوجيا النووية السلمية‪ ،‬لكن السؤال هو ما‬ ‫إذا كانت إيران سوف تصل إلى ذلك في إطار‬ ‫النظام ال��دول��ي لتثبت أن��ه ً‬ ‫حقا برنامج نووي‬ ‫سلمي؟ أم تستمر في تحدي الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية وفي خرق التزاماتها بموجب معاهدة‬ ‫حظر االنتشار النووي والبرتوكول اإلضافي لها‬ ‫وتظل التساؤالت قائمة حول ما إذا كان البرنامج‬ ‫سلميًا أم أنه موجه في اتجاه تحقيق القدرة على‬ ‫تطوير األسلحة النووية؟ ورؤيتي الشخصية أن‬ ‫كل المؤشرات تظهر أن إيران تقوم بتعزيز تلك‬ ‫القدرة على التملص من أجل أن يصبح لديها‬ ‫خيار التكنولوجيا النووية‪ ،‬وربما السعي في‬ ‫النهاية من أجل امتالك األسلحة النووية‪ ،‬وهو‬ ‫ما سوف ي��ؤدي إلى زعزعة شديدة الستقرار‬ ‫هذه المنطقة‪ ،‬وسوف يكون بمثابة تهديد لجيران‬ ‫إيران ويؤدي إلى انتكاسة في التقدم الذي ننشده‬ ‫جميعًا ‪.‬‬ ‫‪49‬‬


‫حوار‬

‫‪© Getty Images‬‬ ‫‪© Getty Images‬‬

‫يبدو لنا اآلن أن اإليرانيين غير قادرين على توفير الشروط التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية‬

‫لعمليات أخرى‪ ،‬وربما تؤدي إلى اتجاهات أخرى‪.‬‬ ‫والسبب وراء اعتقادنا أن الصفقة كانت جيدة للغاية في‬ ‫البداية هو أننا أعطينا الكثير ج ًدا لإليرانيين ليس من‬ ‫خالل عدم التحدث عن ناتنز أو قم فحسب‪ ،‬ولكن من‬ ‫خالل الكيفية التي كان من الممكن أن تتعاون بها دول‬ ‫نووية أخرى مع إيران لمساعدتها في تزويد مفاعلها‬ ‫بوقود إضافي‪ .‬ولهذا السبب ال تزال الصفقة مطروحة‪.‬‬ ‫وبعض ال��ن��اس لديهم تصور خاطئ ع��ن سياسة‬ ‫المسار المزدوج‪ ،‬حيث يظنون أن حديث أمريكا‬ ‫اآلن ع��ن العقوبات معناه أن الجانب الخاص‬ ‫بالتفاوض قد انتهى أوان��ه‪ .‬لكن هذا لم ولن يحدث‪.‬‬ ‫وسوف نحاول التوصل إلى حلول لهذه المشكالت‬ ‫لكن هذه الحلول ينبغي أن تقوم على أساس شروط‬ ‫مقبولة بالنسبة لكال الطرفين‪ .‬فمنذ توصل البرادعي‬ ‫لهذه الصفقة وما ظهر في البداية بأنه قبول من‬ ‫جانب اإليرانيين بمن فيهم الرئيس اإليراني نفسه‪،‬‬ ‫فإن الحوار قد تراجع من جانب إيران ويبدو لنا اآلن‬ ‫أن اإليرانيين غير قادرين على توفير الشروط التي‬ ‫وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬وقد أوضحت‬ ‫هذا لألتراك‪ ،‬فاألتراك يحاولون جاهدين التوصل إلى‬ ‫حل دبلوماسي‪ ،‬وأرى أن دوافعهم صادقة في كل هذا‪،‬‬ ‫وال يمكن إنكار مساعيهم المخلصة‪.‬‬ ‫لكن في نهاية األمر‪ ،‬إيران شريك تجاري‬ ‫جار مهم بالنسبة لتركيا؟‬ ‫ـ ينبغي على تركيا أن تقرر بنفسها‪ ،‬وسوف ينعقد‬ ‫اجتماع لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية في أول مارس‪ /‬آذار‪ .‬وتركيا من بين‬ ‫المجتمعين‪ ،‬ومن ثم سوف يكون هناك نقاش وتحاور‪،‬‬ ‫ونعتقد أنه سوف يكون هناك تحرك من جانب مجلس‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫األمن‪ .‬لذا قمت بزيارة تركيا ألطرح على األتراك‬ ‫رؤيتنا للموقف واألسباب وراء أهمية أن نمارس‬ ‫بعض الضغط على إيران في هذه المرحلة كي تغير‬ ‫من نهجها و طريقة تفكيرها ونساعدهم على فهم حقيقة‬ ‫أنه من صالحهم السير في هذا االتجاه األكثر إيجابية‬ ‫بدلاً من االستمرار في موقفهم االستفزازي‪.‬‬ ‫ارتياحا تجاه‬ ‫لماذا لم تظهر الواليات المتحدة‬ ‫ً‬ ‫إمكانية أن تكون تركيا موق ًعا لتبادل الوقود النووي؟‬ ‫ال أعتقد أن الواليات المتحدة كان لديها منذ شهور‬ ‫مضت مشكلة تجاه فكرة أن تكون تركيا موقعًا لتبادل‬

‫ال أعتقد أن‬ ‫الواليات المتحدة كان لديها‬ ‫مشكلة في أن تكون تركيا‬ ‫موق ًعا لتبادل الوقوداإليراني‪،‬‬ ‫لكن المشكلة أن هذه المبادلة‬ ‫يشترط أن تكون قي إطار‬ ‫كمية ‪ 1200‬كيلوجرام كح ٍد‬ ‫أدنى في كل شحنة ومن‬ ‫بداية الصفقة‬ ‫الوقود‪ ،‬لكن المشكلة أن هذه المبادلة يشترط أن تكون‬ ‫قي إطار كمية ‪ 1200‬كيلوجرام كح ٍد أدنى في كل‬ ‫شحنة ومن بداية الصفقة‪.‬‬

‫وجانب كثير من فهمنا للموقف اإليراني ــ وهو الموقف‬ ‫الذي يتغير بتغير اليوم الذي يتم فيه إجراء محادثات‬ ‫معهم أو يتم فيه االستماع إليهم ــ هو أنهم لم يحدث أن‬ ‫ارتقوا إلى مستوى تلك المواقف األولية التي تم االتفاق‬ ‫عليها في األساس مع محمد البرادعي‪ ،‬وبالتالي سعوا‬ ‫إلى تجنب هذا الشرط أو ذلك‪ ،‬أو في الغالب إلى تجنب‬ ‫كل الشروط‪ ،‬ومن ثم يعد مبادلة كمية دنيا بمجرد إنتاج‬ ‫الوقود في وقت معين في المستقبل المتوسط غير‬ ‫مقبول لنا‪ ،‬ألنه يفتقر إلى عامل بناء الثقة‪ ،‬والذي يتمثل‬ ‫في ضرورة وجود مؤشر على أن إيران جادة فيما‬ ‫يتعلق بالطبيعة السلمية لبرنامجها النووي‪ ،‬كما أن هذا‬ ‫يسمح إليران باالستمرار في زيادة مخزون اليورانيوم‬ ‫منخفض التخصيب‪ ،‬فقد أنتجت ما يزيد على ‪600‬‬ ‫كيلو جرام منذ أكتوبر‪/‬تشرين أول‪ ،‬وبالتالي المخزون‬ ‫الذي كان بحوزتها حينذاك وكان يتراوح بين ‪1600-‬‬ ‫‪ 1700‬كيلو جرام زاد بشكل مضطرد‪ ،‬وتعد الكمية‬ ‫التي تم االتفاق عيها وهي ‪ 1200‬كيلو جرام ضئيلة‬ ‫ج ًدا في ضوء هذا التغير المضطرد في المخزون‪.‬‬ ‫الموقف؟‬

‫كيف يمكن أن يؤثر فرض العقوبات على‬

‫من المهم ممارسة بعض الضغط على إيران كي تفهم‬ ‫أن سعيها المستمر للحصول على هذه التكنولوجيات‬ ‫يناقض اتفاقياتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية‬ ‫ويتعارض مع معاهدة حظر االنتشار النووي‪ .‬هذه‬ ‫العقوبات ستكون بمثابة خطوات تدل على أن هناك‬ ‫عقوبة لمن يخالف قواعد النظام الدولي واالتفاقيات‬ ‫الدولية التي تم التوقيع عليها‪.‬‬ ‫لماذا يبدو أن إدارة أوباما لم تعد تؤمن‬ ‫بالتقييم االستخباراتي لعام ‪ ،2008‬الذي أفاد بأن‬ ‫إيران تخلت عن الجانب العسكري لبرنامجها النووي‬ ‫منذ عام ‪2003‬؟‬ ‫ـ ليس هناك أي تغيير رسمي في موقف الحكومة‬ ‫األمريكية فيما يتعلق بتلك النتيجة األصلية التي‬ ‫توصلت إليها االستخبارات‪ ،‬لكننا نتمسك بما انتهت‬ ‫إليه تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬بشأن‬ ‫المؤشرات العامة على أبعاد عسكرية محتملة لبرنامج‬ ‫تخصيب اليورانيوم‪ ،‬حيث يمثل ذلك في حد ذاته عامل‬ ‫قلق لنا‪ ،‬ويعد واح ًدا من العوامل الرئيسية التي تزيد‬ ‫من القلق في واشنطن فيما يتعلق بالحاجة إلى مخرج‬ ‫من هذا الوضع‪.‬‬ ‫في ضوء التيارات الحالية ما اإلطار الزمني‬ ‫الذي تتوقع الواليات المتحدة أن تصبح إيران قادرة‬ ‫فيه على تصنيع قنبلة نووية؟‬ ‫إضافة إلى تناولها للجوانب المثيرة للقلق في هذا‬ ‫البرنامج النووي ــ مثل األمور التي تتعلق بالماء الثقيل‬ ‫واألبعاد العسكرية المحتملة وعدم الشفافية فيما يتعلق‬ ‫بمفاعل قم ـــ من المثير لالهتمام أن تعطي الوكالة‬ ‫‪48‬‬


‫حوار‬ ‫دافيس مشاركة كبيرة في عرض أكتوبر‪/‬تشرين‬ ‫أول الذي قدمته إدارة أوباما إليران‪ ،‬والذي يقضي‬ ‫بمقايضة إيران ‪ 70%‬من مخزونها من اليورانيوم‬ ‫منخفض التخصيب مقابل قضبان الوقود النووية‬ ‫المستخدمة في األغ��راض الطبية‪ ..‬وبالرغم من‬ ‫أنه شغل منصب المتحدث الرسمي باسم وزارة‬ ‫الخارجية في وقت من األوقات‪ ،‬فإنه لم يتورع عن‬ ‫ً‬ ‫واصفا أفعال الحكومة‬ ‫وصف إي��ران بلغة الذعة‬ ‫اإليرانية بأنها "متعنتة" و"فاترة" و"مزعجة"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خالفا في الرأي‬ ‫وأشارت الصحف التركية إلى أن ثمة‬ ‫من المتوقع أن ينشأ بين أنقرة وواشنطن بشأن الكيفية‬ ‫التي يتم التعامل بها مع إيران‪ .‬ويتبنى األتراك الموقف‬ ‫الصيني الذي يرى أنه ينبغي منح الدبلوماسية مزي ًدا‬ ‫من الوقت‪ ،‬في حين نجد األمريكيين لديهم االستعداد‬ ‫لفرض عقوبات "قاسية" على طهران‪ .‬وبينما يستمر‬ ‫وزير الخارجية التركي في مساومة طهران‪ ،‬هناك‬ ‫من يرون أن تجديد تركيا لعالقاتها مع إيران وسوريا‬ ‫وانتقاداتها الشديدة والعلنية إلسرائيل واتخاذها‬ ‫إجراءات صارمة ضد جنراالت الجيش العلمانيين‬ ‫كل هذه بمثابة دالئل على أن أنقرة تخلت عن تأييدها‬ ‫للغرب لصالح تضامنها مع المسلمين‪.‬‬ ‫وقد رفضت إيران ـ بشكل رسمي ـ العرض األمريكي‬ ‫في نفس اليوم الذي أُجري فيه هذا الحوار‪ .‬وفي خطاب‬ ‫إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬أوضحت إيران أنها‬ ‫إما أن تقوم بشراء الوقود الذي تحتاج إليه أو قبول‬ ‫مبادلة اليورانيوم على أرضها‪ .‬واعتبرت واشنطن‬ ‫ذلك الرد بمثابة صرف لألنظار عن جوهر القضية‪.‬‬ ‫بدأتم العمل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية‬ ‫بفيينا منذ شهر أغسطس‪/‬آب الماضي فقط وتقولون‬ ‫إنكم تشعرون كما لو كنتم بدأتم العمل بها منذ وقت‬ ‫طويل‪ ،‬هل العمل في الملف النووي اإليراني منهك‬ ‫لهذه الدرجة؟‬ ‫بالفعل العمل بوكالة الطاقة صعب خاصة في الملف‬ ‫اإليراني فقد شاركنا في الجهود الرامية للتوصل إلى‬ ‫تسوية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران‪ ،‬يتم‬ ‫بحيث تزويد مفاعل األبحاث اإليراني بوقود إضافي‬ ‫(وهو مفاعل ماء خفيف تبلغ طاقته ‪ 5‬ميجا وات‬ ‫زودت به الواليات المتحدة حليفها الشاه اإليراني في‬ ‫ظل مشروع "الذرة مقابل السالم" في فترة الستينيات)‬ ‫باستخدام نسبة من اليورانيوم قام اإليرانيون فعليًا‬ ‫بتخصيبها‪ ..‬لكن رغم الجهد الذي بذلناه واعتقادنا أنه‬ ‫تم التوصل التفاق مج ٍد بالنسبة لهم ولنا ً‬ ‫أيضا فوجئنا‬ ‫بالرفض اإليراني لهذه الصفقة التي نعتقد أنها كانت‬ ‫في صالحها وهذا أصابنا بإحباط شديد‪.‬‬ ‫ضا لهذه‬ ‫عندما قدمت إدارة أوب��ام��ا عر ً‬ ‫الصفقة‪ ،‬فإنها بذلك تكون قد تخلت عمليًا عن موقف‬ ‫إدارة بوش التي كانت ترفض تخصيب اليورانيوم‬ ‫على األراض��ي اإليرانية؟ فما المنطق وراء ذلك؟‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫كنا نظن أن إيران ستقبل هذه الصفقة ألنها محدودة‬ ‫في نطاقها‪ .‬فهي لم تتعلق س��وى بتزويد مفاعل‬ ‫األبحاث اإليراني بوقود إضافي دون التطرق إلى‬ ‫قضايا ترتبط بخطط التخصيب المستمرة‪ ،‬أو أنشطة‬ ‫التخصيب في أصفهان أو ُقم أو في أي مكان آخر‪.‬‬

‫خالل اجتماع مجلس‬ ‫محافظي الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية الذي انعقد‬ ‫في نوفمبر‪ /‬تشرين الثاني‪،‬‬ ‫حققنا إنجا ًزا بتمرير قرار‬ ‫ينتقد إيران على عدم‬ ‫تعاونها ولم يصوت ضد‬ ‫القرار سوى ثالث دول فقط‬ ‫فالصفقة كانت تتعلق بأخذ الوقود اإليراني وتخصيبه‬ ‫في روسيا وصنع قضبان وقود منه في فرنسا وشحنه‬ ‫إلى إيران‪ .‬وبالنسبة لنا‪ ،‬كان الجزء األهم من الصفقة‬ ‫هو إخراج هذه النسبة الكبيرة من اليورانيوم منخفض‬ ‫التخصيب من إيران كإجراء لبناء الثقة وكدليل عملي‬ ‫من اإليرانيين أن برنامجهم النووي مدني في طبيعته‬ ‫وأن��ه سيتم استخدامه في األغ��راض السلمية فقط‪.‬‬ ‫ويبدو أن هذا الجزء هو الذي رفضته إيران‪ .‬ومنذ ذلك‬ ‫الحين‪ ،‬توصل اإليرانيون إلى تنويعات مختلفة أخرى‬ ‫للصفقة لكن ال شيء يشبه الصفقة األصلية التي تفاوض‬ ‫بشأنها محمد البرادعي في أكتوبر‪ /‬تشرين األول‪.‬‬ ‫ولعب األت��راك دورً ا مهمًا ج ًدا في األي��ام األولى‪،‬‬ ‫عندما عرضوا استضافة أو تأمين هذه المواد بمجرد‬ ‫أن يتم شحنها خارج إيران‪ ..‬وكان من الممكن أن تتم‬ ‫الصفقة على األراضي التركية باعتماد الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية‪ .‬وقلنا إن هذا األمر جيد بالنسبة لنا‪..‬‬ ‫لكن اإليرانيين رفضوا ولم يستجيبوا أب ًدا بإيجابية‬ ‫لهذا األمر‪ .‬والشيء الوحيد الذي قالوه إنهم سيقبلون‬ ‫فقط بإتمام الصفقة على األراضي اإليرانية وأنهم لن‬ ‫يسمحوا بإخراج هذه المواد من بالدهم‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫ً‬ ‫حيزا لمحاولة إيجاد حل‬ ‫أعطى الجهود الدبلوماسية‬ ‫لهذه المشكلة‪.‬‬ ‫إلى أي مدى تغير الموقف العربي من إيران؟‬ ‫وهل هناك مزيد من الجدية لدى الجانب العربي حيال‬ ‫حصول إيران على السالح النووي؟‬ ‫خالل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية الذي انعقد في نوفمبر‪ /‬تشرين الثاني‪ ،‬حققنا‬ ‫ً‬ ‫إنجازا بتمرير قرار ينتقد إيران على عدم تعاونها‪.‬‬ ‫ثالث دول فقط هي التي صوتت ضد القرار؛ وهي‬ ‫كوبا وفنزويال وماليزيا‪ .‬وامتنعت ثماني دول عن‬

‫التصويت وبقية أعضاء المجلس البالغ عددهم ‪45‬‬ ‫صوتوا لصالح القرار‪ .‬وأوشكت مصر أن تصوت‬ ‫لصالح القرار لوال أنها أرادت صيغة أخرى للقرار‬ ‫لم يكن لدينا وقت للتوصل إليها بشأن منطقة خالية‬ ‫من األسلحة النووية في الشرق األوسط‪ .‬وهذه كانت‬ ‫المرة األولى التي وافق فيها المجلس على القرار الذي‬ ‫دعمته مجموعة (‪ ،)+1 5‬ومن ثم كان ذلك بمثابة‬ ‫تطور هائل وكان هناك قدر كبير من ردود األفعال‬ ‫الواثقة من قبل الدول العربية على هذا القرار‪ ،‬حتى‬ ‫بالرغم من أن الكثير من تلك الدول امتنعت في نهاية‬ ‫األمر عن التصويت‪ .‬لكنهم على األقل لم يصوتوا‬ ‫ضده‪.‬‬ ‫بصورة واقعية‪ ،‬في أي الجوانب يمكن أن‬ ‫يقدم األتراك المساعدة بشأن الملف اإليراني؟‬ ‫انعقد في م���ارس‪/‬آذار اجتماع مهم ج�� ًدا لمجلس‬ ‫المحافظين‪ .‬وترجع أهمية هذا االجتماع ألنه سيكون‬ ‫أول اجتماع بعد االجتماع األخير الذي تمخض عن‬ ‫تقرير شديد اللهجة تم إعداده في ظل اإلدارة الجديدة‬ ‫للوكالة الدولية للطاقة الذرية‪.‬‬ ‫وتركيا بلد مهم ج�� ًدا نتيجة ل���دوره الحيوي في‬ ‫المنطقة‪ ،‬إنه عضو في مجلس األمن الدولي ومن ثم‬ ‫فإنني اخترت زيارة هذا البلد عشية اجتماع مجلس‬ ‫المحافظين لالستماع إلى األتراك وفهم وجهة نظرهم‬ ‫في هذا الشأن‪.‬‬ ‫األمر الثاني إنني أردت أن أطلعهم وبشكل مباشر ج ًدا‬ ‫على الطريقة التي نرى بها األمور وأسباب شعورنا‬ ‫بالقلق الشديد حيال إيران واالتجاه الذي تسير فيه‬ ‫وموقع قم للتخصيب الذي تم الكشف عنه أخيرً ا وعدم‬ ‫تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتصل‬ ‫بقرارها تخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من ‪.20%‬‬ ‫وفي الوقت الذي نحاول فيه بناء الثقة ومحاولة التقارب‬ ‫مع اإليرانيين يبدو أنهم معرضون عن وضع أيديهم‬ ‫في أيدينا ومستمرون في تحركهم في االتجاه الخاطئ‪.‬‬ ‫ولقد أردت أن أوضح لتركيا أن هذه هي الطريقة التي‬ ‫ننظر بها‪ ..‬لذلك األمر ونشرح لهم تضاؤل احتماالت‬ ‫التوصل إلى صفقة‪..‬وال تزال صفقة الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية مطروحة إذا أرادوا االستجابة لنا‪.‬‬ ‫لماذا تصر الواليات المتحدة على عرض‬ ‫الصفقة في الوقت الذي لم تعد فيه على ما يبدو‬ ‫مقتنعة بأن إيران ستكون أمينة في تفاوضها؟‬ ‫ـ من المهم أن نحاول البحث عن طريقة الستمرار‬ ‫عمل هذا المفاعل النووي ألنه ينتج نظائر طبية لعدد‬ ‫‪ 850‬ألف مريض بالسرطان في إيران‪ ..‬ويمكن أن‬ ‫تمنح الصفقة إيران الفرصة إلظهار أن برنامجها‬ ‫النووي سلمي‪ ،‬كما يمكن أن تكون بمثابة بداية‬ ‫‪47‬‬


‫حوار‬

‫من يحسم‬ ‫القضية؟‬

‫جلين دافيس‬

‫السفير األمريكي‬ ‫لدى الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية‬

‫في حواره مع "المجلة"‪ ،‬يتحدث جلين‬ ‫دافيس السفير األمريكي لدى الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة الذرية عن زيارته لتركيا من أجل إقناع‬ ‫الحكومة التركية بالعدول عن امتناعها عن‬ ‫التصويت إلدانة إيران‪ .‬وسوف يبدأ اجتماع‬ ‫مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية‪ ،‬وهناك حديث حول احتمال حدوث‬

‫خالف في الرأي بين أنقرة وواشنطن بشأن‬ ‫الكيفية التي يتم التعامل بها مع إيران‪.‬‬ ‫المجلة "أنقرة" جاسون أثاناسياريس‬ ‫تشهد المواجهة بين إي��ران وال��والي��ات المتحدة‬ ‫م��رح��ل��ة ح��اس��م��ة فيما يتعلق بالملف ال��ن��ووي‬ ‫اإليراني‪ .‬ويعد جلين دافيس من أبرز المشاركين‬ ‫ف��ي المساعي الدبلوماسية ال��ت��ي تُ��ج��رى على‬ ‫ق��دم وس��اق ف��ي الوكالة الدولية للطاقة ال��ذري��ة‪.‬‬ ‫وق��د ق��ام دافيس ب��زي��ارة إل��ى تركيا ه��ذا األسبوع‬ ‫إلقناع الحكومة التركية بالعدول عن امتناعها عن‬ ‫التصويت إلدانة إيران كما فعلت في نوفمبر‪/‬تشرين‬ ‫ثان الماضي‪ .‬جدير بالذكر أن هناك عالقات تجارية‬ ‫ٍ‬ ‫وعسكرية وثيقة تجمع بين أنقرة وطهران‪.‬‬ ‫ُولد جلين دافيس ألبوين أمريكيين كانا يعمالن في‬ ‫المجال الدبلوماسي وذلك في أفغانستان‪ .‬وقد عمل‬ ‫دافيس نائبًا لمساعد وزير الخارجية األمريكي لشئون‬ ‫شرق آسيا والمحيط الهادي وتم تعيينه في لندن‬ ‫وباريس‪ ،‬كما عمل في مجلس األمن الوطني وحلف‬ ‫شمال األطلسي ومجال نزع السالح النووي‪.‬‬

‫جلين ‪ :‬العمل بوكالة الطاقة صعب خاصة في الملف اإليراني‬

‫ومنذ تعيينه في الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬شارك‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪46‬‬


‫شخصيات‬ ‫حوار‬

‫بروفايل‬

‫من يحسم القضية؟‬ ‫جلين دافيس‬

‫السفير األمريكي‬ ‫لدى الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪45‬‬



‫أفكار‬ ‫‪© Getty Images‬‬

‫ومن الواضح أن الغرض من وراء هذا التوسع‬ ‫في مفهوم "قتل األبرياء" هو زيادة عدد األهداف‬ ‫المشروعة‪ ،‬ولم يكن إحداث مثل هذه التغييرات‬ ‫الكبيرة ممكنًا دون خلق جو من الطوارئ وحاالت‬ ‫الضرورة‪ .‬ولكن مع ذلك جاءت ردود فعل‬ ‫الجماعات اإلسالمية األصولية المتطرفة رافضة‬ ‫لمثل هذه الممارسات الالأخالقية في الحرب‪.‬‬ ‫االرتقاء إلى مستوى التوقعات‬ ‫قبل بضعة أيام من صدور مقطع الفيديو الخاص‬ ‫بجادان‪ ،‬أعلن جناح تنظيم القاعدة في العراق‬ ‫مسئوليته عن ثالث هجمات كبرى‪ ،‬نتج عنها‬ ‫إصابة عدد كبير من الضحايا المسلمين‪ .‬فعلى‬ ‫سبيل المثال وقعت عدة انفجارات في بغداد في‬ ‫الثامن من ديسمبر‪/‬كانون أول‪ ،‬حيث انفجرت‬ ‫مجموعة من الشاحنات المفخخة أمام أحد المباني‬ ‫الحكومية‪ ،‬وفى أحد األحياء وفى منطقة تجارية‪،‬‬ ‫مما أسفر عن مقتل ‪ 127‬شخصًا وإصابة ‪448‬‬ ‫آخرين‪ .‬وتعد هذه األمثلة المتكررة أكبر دليل على‬ ‫عدم صحة ادعاء القاعدة بأنها تقاتل بشرف‪ ،‬فهي‬ ‫تخالف المبررات األخالقية للتنظيم نفسه‪ .‬فالمسألة‬ ‫ليست مسألة قتل خطأ‪ ،‬أو قتل ناتج عن تطبيق‬ ‫قاعدة التترس‪ ،‬بقدر ما هي‪ ،‬في أفضل األحول‪،‬‬ ‫عدم اكتراث ووحشية وفشل في تنسيق المصالح‬ ‫واإلجراءات بين األفرع المختلفة لتنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫وفي أسوأ األحوال‪ ،‬يزعمون أن هذه تعد حربًا‬ ‫إرهابية ضد األنظمة والشعوب "المرتدة"‪.‬‬ ‫ومن المرجح أن يكون مقطع الفيديو الخاص‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫كشف تقرير مركز مكافحة‬ ‫اإلرهاب أن ‪ ٪ 85‬من ضحايا‬ ‫العمليات العسكرية التي نفذها‬ ‫تنظيم القاعدة في الفترة من‬ ‫‪ 2004‬إلى ‪ 2008‬من جنسيات‬ ‫أخرى بخالف الدول الغربية‪،‬‬ ‫وأن ‪ ٪ 98‬من الضحايا‪،‬‬ ‫في الفترة بين عامي ‪2006‬‬ ‫و‪ ،2008‬كانوا من سكان دول‬ ‫ذات أغلبية مسلمة‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫القرضاوي‪ :‬ال توجد سلطة شرعية إسالمية لديها الحق‬ ‫في إعالن الجهاد‬

‫شيخ األزهر من أشد المنتقدين لتصرفات القاعدة‬

‫وفتحًا من أكبر الفتوحات ضد اإلرهاب اإلسالمي‬ ‫منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪/‬أيلول"‪.‬‬ ‫وشريط الفيديو الذي ظهر فيه جادان متحدثًا‬ ‫باللغة اإلنجليزية بمثابة محاولة يائسة إلقناع‬ ‫المسلمين في العالم الغربي بالعدول عن االعتقاد‬ ‫بأن إخوانهم في اإلسالم يتم قتلهم بأعداد ضخمة‬ ‫ومن ثم يحظى بدعمهم المعنوي والمالي‪ .‬وربما‬ ‫يكون هذا الشريط بمثابة إعالن مخادع بأن القاعدة‬ ‫تسعى اآلن من أجل تحقيق المزيد من الحماية‬ ‫ألرواح المسلمين األبرياء‪.‬‬ ‫وموقف القاعدة فيما يتعلق بحماية األبرياء‬ ‫خصوصًا المسلمين منهم واتهامها المستمر للعديد‬ ‫من األنظمة والحركات بالردة كانا بمثابة عاملين‬ ‫رئيسيين لعزل التنظيم بشكل مستمر‪.‬‬

‫بجادان قد جاء ردًا على التقرير الذي أصدره‬ ‫حديثًا مركز مكافحة اإلرهاب في وست بوينت‪،‬‬ ‫حيث خلص التقرير إلى أن ‪ ٪ 85‬من ضحايا‬ ‫وهذان العامالن مصدرهما نفس المشكلة وهي‬ ‫العمليات العسكرية التي نفذها تنظيم القاعدة في‬ ‫السلطة الدينية التي شرعها تنظيم القاعدة لنفسه‪،‬‬ ‫الفترة من ‪ 2004‬إلى ‪ 2008‬من جنسيات أخرى‬ ‫والتي أعلنوا عنها في بيان عام ‪ .1996‬وتواجه‬ ‫بخالف الدول الغربية‪ ،‬وأن ‪ ٪ 98‬من الضحايا‪،‬‬ ‫القاعدة أزمة تتعلق بشرعيتها إضافة إلى ضعف‬ ‫في الفترة بين عامي ‪ 2006‬و‪ ،2008‬كانوا من‬ ‫موقفها المالي في الوقت الحالي‪ ..‬كما أنها تواجه‬ ‫سكان دول ذات أغلبية مسلمة‪ .‬كما أن مقطع‬ ‫حالة طوارئ حقيقية قد تدفعها إلى العودة إلى مبدأ‬ ‫الفيديو قد ظهر بعد أقل من شهر من إعالن‬ ‫"عدم قتل األبرياء"‪ ،‬وإن كان ذلك أمرًا يصعب‬ ‫الجماعة اإلسالمية المقاتلة الليبية‪ ،‬والحليف‬ ‫على التنظيم أن يحققه‪.‬‬ ‫السابق ألسامة بن الدن والتي تتمتع بعالقات‬ ‫شخصية مع كبار القيادات في تنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫رفضها أليديولوجية القاعدة والموقف الذي تتخذه‬ ‫من األبرياء من غير المقاتلين‪ .‬وقد اعتبرت وكالة باحث متخصص في أخالقيات العالقات‬ ‫"سي إن إن" اإلخبارية ما حدث "نصرًا كبيرًا‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫‪43‬‬


‫أفكار‬ ‫الراهن لديها الحق في إعالن الجهاد‪ ،‬وعلى‬ ‫ضرورة تطبيق المبادئ األخالقية الكريمة التي‬ ‫تنص عليها الشريعة اإلسالمية في الحرب‪ ،‬حتى‬ ‫لو كانت هذه الحرب حربًا دفاعية طارئة‪.‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫أيمن الظواهري ‪ ..‬استخدم قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"‬ ‫حجة لتبرير قتل المسلمين األبرياء‬

‫وفيما يتعلق بقتل المسلمين األبرياء‪ ،‬كانت القاعدة‬ ‫تعتمد‪ ،‬حتى وقت قريب‪ ،‬على خطاب أخالقي‬ ‫يحتوي على الكثير من القيود‪ .‬فكما يوضح الباحث‬ ‫كوينتن وكترووسز‪ ،‬لم تتهم القاعدة قطاعات كبيرة‬ ‫من السكان المسلمين بتهمة االرتداد عن الدين‪،‬‬ ‫مما كان سيجعلهم عرضة لالستهداف من قبل‬ ‫التنظيم‪ ،‬ألنها كانت تعتبر الحكومات العربية هي‬ ‫المسئولة عما يعيشون فيه من ضالل‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫فقد كان المسئولون الحكوميون المرتدون والكفار‬ ‫هما األهداف المشروعة الوحيدة لتنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫وكان المبرر الوحيد لقتل أحد المسلمين‪ ،‬هو أن‬ ‫يكون هذا القتل قد تم عن طريق الخطأ‪ ،‬ومن ثم‬ ‫كان ينبغي تعويض عائالت هؤالء الضحايا ودفع‬ ‫'الدية' لهم‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن التفجيرات التي حدثت في عام‬ ‫‪ 2003‬في الرياض والدار البيضاء وتساقط عدد‬ ‫متزايد من الضحايا من المسلمين األبرياء من‬ ‫جراء هجمات القاعدة في العراق وأفغانستان‬ ‫وباكستان تبدو متناقضة مع هذا الخطاب‬ ‫األخالقي‪.‬‬

‫لإلدالء بأصواتهم"‪ .‬ويوضح لنا هذا كيف كان‬ ‫بن الدن صار ًما فيما يتعلق بالحفاظ على أرواح‬ ‫األبرياء من غير المقاتلين‪.‬‬ ‫ولكن حدث تغيير كبير في موقف القاعدة من‬ ‫مسألة الحفاظ على أرواح األبرياء مع خروج‬ ‫"بيان الجبهة اإلسالمية العالمية" عام ‪.1998‬‬ ‫فهذه الوثيقة لم تكتف بمجرد السماح للمجاهدين‬ ‫بقتل األبرياء‪ ،‬بل كانت بمثابة دعوة لحض‬ ‫المسلمين على قتل األمريكيين وحلفائهم‪ ،‬سواء‬ ‫أكانوا مدنيين أم عسكريين‪ .‬وقد كان هذا "البيان"‪،‬‬ ‫بما احتوى عليه من حض على الجهاد الدفاعي‪،‬‬ ‫متأثرًا بكتابات ابن تيمية‪ ،‬والتي قدمت نماذج‬ ‫سابقة لحركات المقاومة اإلسالمية‪ .‬كما أن هذا‬ ‫الجهاد يعتمد على خطاب حماسي يحذر من‬ ‫"الطبيعة الشريرة والخبيثة للعدو"‪ ،‬مما سمح‬ ‫لتنظيم القاعدة بنقل سلطة العلماء الدينية إلى‬ ‫المقاتلين‪ ،‬بحيث أصبح من حقهم من اآلن فصاعدًا‬ ‫أن يقرروا بأنفسهم ما هو التفسير الصحيح‬ ‫للشريعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫وقد أظهرت هجمات ‪ 11‬سبتمبر‪/‬أيلول‪ ،‬رغبة‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫من بغداد إلى أفغانستان تبقى التفجيرات التي تستهدف المدنيين أكبر دليل علي عدم صحة‬ ‫مزاعم القاعدة عن أنها تقاتل بشرف‬

‫القاعدة في الحصول على أسلحة الدمار الشامل‪،‬‬ ‫بوضوح لخدمة المفهوم الجديد الذي تتبناه القاعدة‬ ‫فيما يتعلق باألهداف التي تعتبرها أهدافًا عسكرية‬ ‫مشروعة‪ .‬وقد بررت القاعدة مفهومها الجديد‬ ‫باإلشارة إلى الذنب الذي يحمله جميع المواطنين‬ ‫الذين يعيشون في ظل نظام ديمقراطي‪ .‬وزعمت‬ ‫القاعدة أن "‪ 1,200,000‬مسلم قد قتلوا في العقد‬ ‫الماضي" على أيدي األمريكيين‪ ،‬وأن هذا من‬ ‫شأنه أن يضفي الشرعية على قتل "‪4,000,000‬‬ ‫أمريكي"‪ ،‬من بينهم "‪ 2,000,000‬طفل"‪ .‬ومثل‬ ‫هذا المنطق القائم على االنتقام و األخذ بالثأر ال‬ ‫يضع في اعتباره المسلمين األبرياء الذين قُتلوا‬ ‫خطأ ً على يد األمريكيين‪.‬‬ ‫وقد أثار موقف القاعدة الجديد وتبنيها لتكتيكات‬ ‫عشوائية في القتال انتقادات حادة من جانب علماء‬ ‫اإلسالم‪ ،‬من بينهم شيخ األزهر الدكتور محمد سيد‬ ‫طنطاوي والمفكر اإلخواني المعروف‪ ،‬الدكتور‬ ‫يوسف القرضاوي‪ .‬حيث أكد القرضاوي في عام‬ ‫‪ ،2002‬والمعروف بتأييده لحركات المقاومة‬ ‫اإلسالمية في الشيشان وغيرها من األماكن‪ ،‬على‬ ‫فكرة عدم وجود سلطة إسالمية شرعية في الوقت‬

‫وفي عام ‪ ،2008‬أضاف أحد مساعدي بن‬ ‫الدن‪ ،‬وهو أيمن الظواهري‪ ،‬فكرة أخرى‬ ‫استقاها من العصور الوسطى لتبرير قتل‬ ‫المسلمين األبرياء وهى أن "الضرورات‬ ‫تبيح المحظورات‪ ،‬كما تنص على ذلك قاعدة‬ ‫" التترس "‪ .‬التي تبيح لجيوش المسلمين قتل‬ ‫وجرح المسلمين‪ ،‬في حالة استخدام الجيوش‬ ‫غير المسلمة لهم كدروع بشرية‪ .‬وقد اعتمد‬ ‫الظواهري في تفسيره هذا على الكتابات الدينية‬ ‫المتشددة ألحد مفكري القاعدة البارزين وهو"‬ ‫الليبي "‪ ،‬الذي قام أخي ًرا بإعادة تفسير قاعدة‬ ‫التترس اً‬ ‫قائل‪":‬هناك أشكال جديدة من الدروع‬ ‫البشرية التي لم يورد فقهاء اإلسالم ذكرها‬ ‫ألنهم لم يكونوا يعرفون سوى األسلحة التي‬ ‫كانت موجودة في عصرهم"‪.‬‬ ‫وقد قوبل موقف القاعدة من موضوع "التترس"‬ ‫بردود فعل عنيفة من جانب الفقهاء المسلمين‪.‬‬ ‫الذين أكدوا أن قاعدة التترس ال تصلح كحجة‬ ‫كافية لتبرير العمليات التي يقوم بها تنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫كما بين أيضًا‪ ،‬الدكتور فضل ‪ -‬وهو أحد المنشقين‬ ‫عن تنظيم القاعدة ‪ -‬أن تفسير قاعدة التترس بهذا‬ ‫الشكل يمكن أن تصبح آلية فعالة من شأنها تصعيد‬ ‫قتل المسلمين‪ ،‬بسبب الخالفات الطائفية والقومية‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬أظهر الباحثان‪ ،‬جيف بارشمان‬ ‫وعبد اللـه وروس‪ ،‬كيف أن هذا التفسير الثوري‬ ‫الذي قدمه الليبي يغفل النصوص الصريحة‪ ،‬التي‬ ‫تنص على وجوب دفع "الدية"‪ ،‬كتعويض مادي‬ ‫عن األضرار التي لحقت بالبشر والممتلكات‪.‬‬ ‫‪42‬‬


‫أفكار‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫زعمت القاعدة أن "مليونا و‬ ‫‪ 200‬ألف مسلم قد قتلوا في العقد‬ ‫الماضي" على أيدي األمريكيين‪،‬‬ ‫وأن هذا من شأنه أن يضفي‬ ‫الشرعية على قتل "أربع ماليين‬ ‫أمريكي"‪ ،‬من بينهم "مليوني‬ ‫طفل"‪ .‬ومثل هذا المنطق القائم‬ ‫على االنتقام و األخذ بالثأر ال‬ ‫يضع في اعتباره المسلمين‬ ‫األبرياء الذين قُتلوا خطأ ً على يد‬ ‫األمريكيين‬ ‫ضحايا الحرب األبرياء من المسلمين فقط‪ .‬ومن‬ ‫المثير لالهتمام‪ ،‬أننا عندما نقوم باستعراض‬ ‫سريع لطريقة تنظيم القاعدة في التعامل مع ما‬ ‫يعتبرونه أهدافًا مشروعة في الحرب‪ ،‬تتضح‬ ‫ظاهرتان في غاية األهمية؛ أوالهما أن التنظيم‬ ‫كان يتبنى مفهو ًما أكثر شمولية لمن يعدهم من‬ ‫ضحايا الحرب "األبرياء"‪ ،‬وأنه توسع تدريجيًا‬ ‫في تفسيره لألحكام الشرعية اإلسالمية المتعلقة‬ ‫بسلوك المقاتلين المسلمين أثناء الحرب‪ ،‬حتى‬ ‫أن التنظيم قد ارتكز في بعض األحيان ألحكام‬ ‫فقيهة مستنبطة لم تكن موجودة من قبل في‬ ‫الشريعة اإلسالمية‪ .‬والثاني أن هذه التفسيرات‬ ‫المتساهلة واألحكام المستنبطة‪ ،‬وما صاحبها‬ ‫من ممارسات‪ ،‬أثارت موجة من االنتقادات‬ ‫الحادة بين علماء وفقهاء المسلمين‪ ،‬مما باعد‬ ‫بين القاعدة وغيرها من التنظيمات األصولية‬ ‫والفصائل المنتمية لإلسالم الراديكالي‪.‬‬ ‫تحديد الخسائر الجانبية‬ ‫يروي الصحفي بيتر بيرجن قصة رفض بن‬ ‫الدن المضي قد ًما في تنفيذ خطة مبدئية الغتيال‬ ‫الملك األفغاني محمد ظاهر شاه في عام ‪.1991‬‬ ‫وقد أرجع بيرجن رفض بن الدن إلى خوفه من‬ ‫تعريض حفيد الملك للخطر‪ .‬وعندما اعترض‬ ‫باولو ألميدا سانتوس‪ ،‬وهو برتغالي اعتنق‬ ‫اإلسالم وكان مكلفًا بتنفيذ عملية االغتيال‪ ،‬وزعم‬ ‫أنه من الممكن اعتبار الطفل من ضمن الخسائر‬ ‫الجانبية‪ ،‬رد عليه بن الدن اً‬ ‫قائل‪" :‬إن هذا ال‬ ‫يجوز بأي حال من األحوال! ‪ ..‬فنحن مسلمون‪،‬‬ ‫والمسلمون ال يقتلون األطفال!"‪ .‬وقد ذكر ألميدا‬ ‫سانتوس فيما بعد أن بن الدن"يفضل أن يخاطر‬ ‫بعودة الملك واندالع حرب أهلية‪ ،‬عن أن يأمر‬ ‫بقتل أحد األطفال‪ ".‬وفي موقف مشابه‪ ،‬أجاب‬ ‫بن الدن عندما سئل عن قتل المدنيين األمريكيين‬ ‫بقوله‪" :‬إن الحكومة األمريكية شيء‪ ،‬والشعب‬ ‫األمريكي شيء آخر‪ .‬فغالبية األمريكيين ال‬ ‫يبالون بالمرة‪ ،‬لدرجة أنهم ال يذهبون حتى‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫بن الدن ‪:‬في ‪ 1991‬رفض أغتيال الملك األفغاني محمد ظاهر شاه خشية تعرض حفيده‬ ‫للخطر وفي ‪ 1998‬اباح قتل الجميع حتى االبرياء‬

‫‪41‬‬


‫أفكار‬

‫تجميل اإلرهاب‬ ‫محاوالت القاعدة إضفاء الشرعية على قتل المسلمين األبرياء‬ ‫بعد سنوات طويلة من العنف وقتل األبرياء تحاول القاعدة إضفاء الشرعية على حربها ضد الغرب من خالل تبني خطاب تبريري لقتل‬ ‫المسلمين‪ .‬لكن علماء اإلسالم وفقهاءه يرفضون هذا الخطاب ويعتبرونه خطابًا خبيثًا وليس مقبول‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫جادان ‪ :‬ألقى بيانًا هدفه التنصل من قتل القاعدة للمسلمين األبرياء‬

‫في الثاني عشر من ديسمبر‪/‬كانون أول الماضي‪،‬‬ ‫ظهر المتحدث الرسمي لتنظيم القاعدة‪ ،‬آدم‬ ‫جادان‪ ،‬وهو يلقي بيانًا باللغة اإلنجليزية في‬ ‫مقطع فيديو قامت القاعدة بعرضه عبر عدة‬ ‫مواقع جهادية على اإلنترنت‪ .‬يحمل عنوان‬ ‫"المجاهدون ال يستهدفون المسلمين"‪ ،‬إدعي‬ ‫جادان أن وكالة االستخبارات المركزية‪ ،‬وشركة‬ ‫"بالك ووتر"‪ ،‬المتخصصة في تقديم الخدمات‬ ‫العسكرية‪ ،‬ووكالة االستخبارات الباكستانية‬ ‫المشتركة‪ ،‬وجهاز المخابرات الهندي المعروف‬ ‫بـ"جناح البحث والتحليل"هي الجهات التي قامت‬ ‫بارتكاب التفجيرات االنتحارية التي وقعت في‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫أفغانستان وباكستان في ذلك الوقت‪ ،‬ثم قامت‬ ‫بتحميل تنظيم القاعدة مسئولية ما ارتكبوه هم‬ ‫من أفعال ‪ ..‬ويؤكد جادان أن هذه التفجيرات‬ ‫التي أدت إلى قتل المدنيين المسلمين في‬ ‫األسواق المزدحمة والمساجد والمحال التجارية‬ ‫والمدارس تم تنفيذها بغرض تشويه صورة‬ ‫تنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫كما زعم جادان أن تنظيم القاعدة كان دو ًما‬ ‫يدين الهجمات التي تستهدف المسلمين األبرياء‪،‬‬ ‫مشيرًا إلى أن الشريعة اإلسالمية ال تتساهل‬ ‫في هذا الصدد‪ .‬ومن ثم فقد قدم جادان‪ ،‬بالنيابة‬

‫عن تنظيم القاعدة‪ ،‬أخلص تعازيه ألسر الرجال‬ ‫والنساء واألطفال المسلمين الذين قتلوا في هذه‬ ‫األعمال اإلجرامية اً‬ ‫قائل‪" :‬نسأل اللـه أن يرحم‬ ‫الذين قتلوا وأن يتقبلهم كشهداء‪ ...‬كما ندعو‬ ‫بالرحمة أيضًا للضحايا المسلمين في العمليات‬ ‫العسكرية التي يقوم بها المجاهدون ضد‬ ‫الصليبيين وحلفائهم"‪ .‬ويطلب جادان بعد ذلك‬ ‫من أنصاره في المنطقة أال يتوقفوا عن تقديم‬ ‫المساعدة "المعنوية والمادية والمالية"‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن الغرض من وراء بيان جادان‬ ‫هو التنصل وتقديم تعزية خاصة مقصورة على‬ ‫‪40‬‬


‫تجميل‬

‫اإلرهاب‬ ‫بقلم‬ ‫فرانسيسكو كوربوز‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫‪39‬‬


‫أفكار‬

‫‪38‬‬


33


‫أكثر من رأي‬

‫البحث عن الجائزة‬ ‫انضمام تركيا إلى االتحاد األوروبي يساعدها على تحقيق أهدافها الطموحة‬ ‫يقوم شليفر‪ ،‬من خالل تقييمه لتكاليف وفوائد انضمام تركيا لالتحاد األوروبي‪ ،‬بإلقاء الضوء على الشوط الذي قطعته تركيا منذ أن بدأت في التفكير في العضوية‪ ،‬ورغم أنه ال‬ ‫يزال أمام تركيا طريق طويل إلقناع االتحاد األوروبي بأنها تستحق االنضمام له‪،‬فإن الجهود التي قامت بها حتى اآلن تتسم بأهمية كبيرة‪ ،‬وإذا كان الكثير من الفوائد يمكن أن‬ ‫تتحقق من إمكانية لالنضمام لالتحاد‪ ،‬فاالنضمام الفعلي له يحمل معه الكثير من التقدم لكل من تركيا واالتحاد األوروبي‬

‫يُذ ِّكر إلقاء القبض على عسكريين أتراك‬ ‫كبار يشملون قادة سابقين للقوات الجوية‬ ‫والقوات البحرية ـــ كجزء من التحقيقات‬ ‫في مخطط مزعوم لإلطاحة بالحكومة ـــ‬ ‫بشكل كبير بعمق االنقسامات السياسية‬ ‫التي كانت تعصف بتركيا‪ ،‬ويعد مؤش ًرا‬ ‫أيضًا على استمرار النضال من أجل إحالل‬ ‫الديمقراطية وزيادة السيطرة المدنية على‬ ‫القوات المسلحة‪.‬‬ ‫ويذكر إلقاء القبض على هؤالء العسكريين‬ ‫بأهمية قيام تركيا بالتركيز على الجائزة‬ ‫التي تتمثل في االنضمام الفعلي لعضوية‬ ‫االتحاد األوروبي‪ ،‬باعتباره أم ًرا محوريًا‬ ‫لمساعدة تركيا في تخفيف توتراتها الداخلية‬ ‫وتعزيز ديمقراطيتها‪ ،‬فاالنضمام لالتحاد‬ ‫األوروبي سوف يساعدها في تحقيق بعض‬ ‫أهدافها الطموحة فيما يتعلق بالسياسة‬ ‫الخارجية‪.‬‬ ‫لقد كان طريق تركيا باتجاه عضوية االتحاد‬ ‫اً‬ ‫طويل ومليئًا‬ ‫األوروبي‪ ،‬بالفعل‪ ،‬طريقًا‬ ‫باإلحباط‪ ،‬حيث يرجع إلى عام ‪،1959‬‬ ‫عندما تقدمت أنقرة بطلب لتصبح عض ًوا‬ ‫في المجموعة االقتصادية األوروبية‪ ،‬وتم‬ ‫االعتراف رسميًا بتركيا كمرشحة لعضوية‬ ‫االتحاد األوروبي عام ‪ ،1999‬وبدأت‬ ‫التفاوض مع بروكسيل عام ‪ ،2005‬ولكن‬ ‫بعد مجموعة أولية كبيرة من اإلصالحات‪،‬‬ ‫يبدو أن أنقرة فقدت تحمسها تجاه مشروع‬ ‫االتحاد األوروبي‪ ،‬ويمكن إرجاع جانب‬ ‫من ذلك لإلحباط للتباطؤ والمعارضة‬ ‫األوروبية النضمام تركيا لالتحاد‪ ،‬ويتمثل‬ ‫سبب آخر في تزايد إحساس تركيا بإمكاناتها‬ ‫كقوة سياسية واقتصادية في المنطقة التي‬ ‫تقع فيها‪ ،‬وفي الواقع يبدو أن عدم وجود‬ ‫مشكالت ألنقرة مع جيرانها فيما يتعلق‬ ‫بالسياسة الخارجية وقيامها بإلغاء متطلبات‬ ‫التأشيرة مع العديد من الدول في المنطقة‬ ‫أمور تمت صياغتها‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬على‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫يجال شليفر‬

‫وجود شراكة ذات‬ ‫معنى مع االتحاد‬ ‫األوروبي ستكون‬ ‫بمثابة دفعة لتحقيق‬ ‫الكثير من أهداف‬ ‫أنقرة طويلة األمد في‬ ‫السياسة الخارجية‬ ‫غرار جهود بروكسيل إلحالل االستقرار‬ ‫في القارة األوروبية‪.‬‬ ‫لكن وجود شراكة ذات معنى مع االتحاد‬ ‫األوروبي سوف تكون بمثابة دفعة للكثير‬ ‫من أهداف أنقرة طويلة األمد فيما يتعلق‬ ‫بالسياسة الخارجية‪ ،‬فخطة تركيا لتصبح‬ ‫نقطة عبور كبرى للنفط والغاز سوف‬ ‫تواجه عقبات إذا لم يتم دمجها بشكل كامل‬ ‫في السياسة المشتركة ألوروبا فيما يتعلق‬ ‫بالطاقة وفي شبكتها لخطوط النفط والغاز‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته ترتبط خطط أنقرة من‬ ‫أجل تحويل نفسها إلى وسيط إقليمي‪،‬‬ ‫خاصة في الشرق األوسط‪ ،‬بقدرتها على‬ ‫تقديم تركيا كـ"جسر" ألوروبا‪ ،‬وتوفير‬ ‫سهولة في عبور هذا الجسر‪ ،‬وهو ما يمكن‬ ‫أن يقوم به االتحاد األوروبي‪ ،‬سوف يعزز‬ ‫من وضع تركيا كدولة تربط بين الشرق‬ ‫والغرب‪.‬‬ ‫واألهم هو أن العضوية في االتحاد‬ ‫األوروبي سوف تساعد تركيا على التغلب‬ ‫على خالفاتها الداخلية‪ ،‬والتي تمثل أكبر‬

‫عقبة أمام تحقيق أنقرة لألهداف الطموحة‬ ‫التي وضعتها لنفسها‪ ،‬فاالنضمام لالتحاد‬ ‫األوروبي ـــ أو على األقل الدخول في‬ ‫عملية ذات معنى تؤدي إلى تلك العضوية‬ ‫ــــ يوفر لتركيا أحسن فرصة للوصول إلى‬ ‫نظام سياسي يستطيع التعامل بنجاح مع‬ ‫هذه االنقسامات الخطيرة ويستطيع تخفيف‬ ‫تأثيرها‪.‬‬ ‫وفي الواقع يعد من المهم عدم التقليل من‬ ‫شأن التأثير الذي أتى به دخول تركيا في‬ ‫عملية االنضمام لعضوية االتحاد األوروبي‬ ‫خالل العقد الماضي لتلك الدولة فيما يتعلق‬ ‫بتطوير المجتمع المدني وتقوية المؤسسات‬ ‫وسيادة القانون وتكوين نظام حكم يعترف‬ ‫باالختالف ويقبل به‪ ،‬ورغم أن افتتاح‬ ‫مراكز دعم المشروعات الصغيرة بتمويل‬ ‫من االتحاد األوروبي في البعض من أكثر‬ ‫مناطق تركيا فق ًرا وتدريب المحامين‬ ‫والقضاة على يد نظرائهم األوروبيين‬ ‫ليست من نوعية الموضوعات التي تحظى‬ ‫باالهتمام اإلعالمي‪ ،‬لكنها مشروعات‬ ‫ساعدت في إحداث تأثير على كيفية إدارة‬ ‫األمور في البالد‪.‬‬ ‫كما خلقت إمكانية االنضمام لالتحاد‬ ‫األوروبي ــــ وفي ضوء محدودية خبرة‬ ‫تركيا فيما يتعلق بالديمقراطية حيث‬ ‫تاريخها لالنقالبات العسكرية ـــ قوة‬ ‫دفع لتنفيذ إصالحات لم يكن من الممكن‬ ‫قيامها بتنفيذها دون هذه اإلمكانية‪.‬‬ ‫وطبقًا ألحد المحللين يعد االنضمام لالتحاد‬ ‫األوروبي أم ًرا مه ًما لتصبح تركيا عض ًوا‬ ‫ذا وضع جيد في تجمع ذي نظم جيدة‪ ،‬فما‬ ‫تحتاجه تركيا‪ ،‬بعد أربعة انقالبات وعقود‬ ‫من القتال المرير‪ ،‬هو منع االضطراب‬ ‫السياسي والمزيد من االلتزام بالنظم‪.‬‬ ‫كاتب مستقل مقيم في اسطنبول‪ ،‬يعمل كمراسل‬ ‫لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور‬

‫‪36‬‬


‫أكثر من رأي‬

‫صفر من المشاكل‬

‫سياسة أوغلو التي غيرت توجهات أنقره‬ ‫هل حدث تغيير جذري في السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية التركي فيما يتعلق برغبة تركيا في االنضمام إلى االتحاد األوروبي؟ يوضح جوفين‪ ،‬من خالل اإلجابة عن‬ ‫هذا السؤال‪ ،‬قائلاً ‪ :‬خالفًا للرأي السائد‪ ،‬فإن اإلستراتيجية التي يتبعها حزب العدالة والتنمية ال تدل على أن هناك تغيي ًرا قد حدث في السياسة الخارجية للبالد‪ ،‬بل إنها تدل على‬ ‫استمرار الحزب والتزامه بأن يوضح لالتحاد األوروبي المكاسب الدبلوماسية العديدة التي سيجنيها من ضمه لبلد يرتبط بعالقات وثيقة مع دول الشرق األوسط‪.‬‬

‫تسعى تركيا جاهدة لكي تصبح عض ًوا كامل‬ ‫العضوية في االتحاد األوروبي منذ توقيع‬ ‫معاهدة أنقرة في عام ‪ .1963‬ومن وجهة‬ ‫النظر التركية فإن األسباب الكامنة وراء هذا‬ ‫المسعى تبدو واضحة تما ًما‪ .‬فمنذ اليوم األول‬ ‫لتأسس تركيا في عام ‪ ،1923‬كان مشروعها‬ ‫األكبر للحداثة هو أن تصبح جز ًءا ال يتجزأ من‬ ‫الغرب‪ ،‬وبالرغم من أن عضوية حلف شمال‬ ‫األطلسي خطوة مهمة على هذا الطريق‪ ،‬فإن‬ ‫عضوية االتحاد األوروبي كانت هي الهدف‬ ‫النهائي المراد الوصول إليه‪ ،‬وتعتقد تركيا‬ ‫اعتقادًا راس ًخا بأن االندماج الكامل مع أوروبا‬ ‫هو الطريق الوحيد لتحويلها إلى دولة أوروبية‬ ‫وترسيخ مكانتها في الغرب‪.‬‬ ‫وهذه هي الحقيقة بالفعل‪ ،‬طالما أن الديمقراطية‪،‬‬ ‫التي تعد أهم أركان مشروع الحداثة‪ ،‬مطبقة‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الفوائد االقتصادية‬ ‫التي من المحتمل أن تجلبها عضوية االتحاد‬ ‫األوروبي قد أصبحت تشكل حاف ًزا قويًا للغاية‬ ‫في هذه العملية‪.‬‬ ‫ومن وجهة النظر األوروبية‪ ،‬يبدو من الواضح‬ ‫مدى حاجة االتحاد األوروبي إلى تركيا إذا أراد‬ ‫أن يكون العبًا دوليًا بدلاً من كونه قوة أوروبية‬ ‫داخلية فقط‪ ،‬ال يتجاوز نفوذها القارة األوروبية‪.‬‬ ‫كما ينبغي على االتحاد األوروبي أن يأخذ في‬ ‫االعتبار أيضًا اقتصاد تركيا المتنامي وموقعها‬ ‫الجغرافي الديناميكي‪ .‬فإذا ما تم تحديث تركيا‬ ‫بحيث تتماشى سياستها مع سياسات االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬فإنها يمكن أن تلعب دورًا حاس ًما‬ ‫في العديد من القضايا‪ ،‬بد ًءا من اإلتجار غير‬ ‫المشروع بالبشر‪ ،‬وانتهاء باإلرهاب‪ .‬وأخيرًا‬ ‫وليس آخرًا‪ ،‬فإن إدراج دولة ذات أغلبية مسلمة‬ ‫إلى اتحاد من البلدان المسيحية سيوصل رسالة‬ ‫قوية مفادها أن الغرب ليس في حرب مع‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن هناك الكثير من الجدل حول‬ ‫ما إذا كان هناك تغيير جذري قد حدث بالفعل‬ ‫في سياسات الحكومة التركية الحالية وطريقة‬ ‫تفكيرها‪ .‬فاألضواء قد أصبحت مسلطة اآلن‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫أردال جوفين‬

‫السياسة الخارجية‬ ‫لحزب العدالة والتنمية‬ ‫كثيرا عن‬ ‫ال تختلف‬ ‫ً‬ ‫السياسة الخارجية‬ ‫التركية التقليدية التي‬ ‫تهدف إلى جعل تركيا‬ ‫بمثابة جسر متين بين‬ ‫الشرق والغرب‬ ‫على تركيا التي انفتحت على الشرق‪ ،‬بدلاً من‬ ‫اندماجها في الغرب‪ ،‬في ظل حكومة حزب‬ ‫العدالة والتنمية‪ ،‬وتبعًا لذلك‪ ،‬يسود االعتقاد على‬ ‫نطاق واسع‪ ،‬سواء في الداخل أو في الخارج‪،‬‬ ‫بأن اتباع سياسة "صفر من المشاكل" مع‬ ‫البلدان المجاورة‪ ،‬وهى السياسة التي ابتكرها‬ ‫وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو‪ ،‬قد‬ ‫حولت تركيز الدبلوماسية التركية بعيدًا عن‬ ‫عملية االنضمام إلى االتحاد األوروبي‪ .‬كما‬ ‫أسهمت محاولة تركيا تعميق عالقاتها مع دول‬ ‫مثل سوريا‪ ،‬وجهودها المتزايدة للوصول إلى‬ ‫دول الخليج وبناء عالقات معهم‪ ،‬في ترسيخ هذا‬ ‫االعتقاد‪.‬‬ ‫ورغم االعتقاد بأن تغييرًا جذريًا قد حدث في‬ ‫سياسة الحكومة التركية‪ ،‬هو اعتقاد ال يخلو‬ ‫من الصحة‪ ،‬فإنه يغفل جانبًا مه ًما من السياسة‬ ‫الخارجية لحزب العدالة والتنمية الحاكم‪ ،‬فحزب‬ ‫العدالة والتنمية يرغب في إظهار وضع تركيا‬ ‫الفريد وقيمتها اإلستراتيجية بالنسبة للغرب‪ ،‬من‬ ‫خالل القوة الناعمة والمهارات الدبلوماسية التي‬ ‫تهدف لجعل تركيا مركز قوة واستقرار وسط‬ ‫منطقة أوراسيا المضطربة‪.‬‬ ‫وقد حققت تركيا تقد ًما ملموسًا على هذا الطريق‪.‬‬ ‫فقد لعبت تركيا دورًا مه ًما في كوسوفو والعراق‬

‫وأفغانستان‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يبدو أن تركيا‬ ‫مستعدة للتوسط في مشكلة الخالف النووي بين‬ ‫إيران والغرب‪ ،‬وعملية السالم بين إسرائيل‬ ‫وفلسطين‪ .‬وتركيا بذلك يمكنها أن تساعد على‬ ‫التئام الجروح الناتجة عن االنقسام بين اإلسالم‬ ‫والغرب‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإن السياسة الخارجية لحزب العدالة‬ ‫والتنمية ال تختلف كثيرًا عن السياسة الخارجية‬ ‫التركية التقليدية التي تهدف إلى جعل تركيا‬ ‫بمثابة جسر متين بين الشرق والغرب‪ ،‬والفرق‬ ‫الوحيد يكمن في عزم وإصرار حزب العدالة‬ ‫والتنمية الحاكم على تحقيق هذا الهدف‪ ،‬فعلى‬ ‫عكس الحكومات السابقة‪ ،‬لم تكتف الحكومة‬ ‫الحالية بالتشدق والكالم عن األهداف‪ ،‬وإنما‬ ‫أظهرت التزا ًما واضحًا بتنفيذ هذا الهدف‪.‬‬ ‫ومن األمور األخرى التي تميز حزب العدالة‬ ‫والتنمية الحاكم عن الحكومات التي سبقته هو‬ ‫أنه يستخدم الجذور اإلسالمية لتركيا من أجل‬ ‫تحسين عالقاتها مع العالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫ومن المؤكد أن عملية االنضمام إلى االتحاد‬ ‫األوروبي ستبقى على رأس األولويات بالنسبة‬ ‫للسياسة الخارجية التركية في السنوات المقبلة‪.‬‬ ‫ولكن مع ذلك فإن هناك اثنتين من العقبات التي‬ ‫ال يزال يتعين على تركيا التغلب عليهما من‬ ‫أجل تحقيق هذا الهدف؛ العقبة األولى هي عن‬ ‫تطبيق الديمقراطية بشكل كامل في البالد‪ :‬في‬ ‫اً‬ ‫طويل في هذا‬ ‫حين أن تركيا قد قطعت شوطًا‬ ‫الصدد‪ ،‬لكي تصبح دولة ديمقراطية حقيقية‪ ،‬إال‬ ‫أنه ال يزال هناك الكثير الذي يتعين عليها القيام‬ ‫به في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬وقضايا األقليات‬ ‫وسيادة القانون‪ ،‬والعقبة الثانية هي الخالفات مع‬ ‫السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي‪ ،‬بد ًءا من‬ ‫مشكلة قبرص‪ ،‬وانتهاء بعالقة تركيا بالرئيس‬ ‫السوداني عمر البشير‪ .‬والتغلب على هذه‬ ‫العقبات هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يعطي‬ ‫تركيا الحق في أن تطلب من االتحاد األوروبي‬ ‫النظر في عضويتها‪.‬‬ ‫مدير التحرير وكاتب عمود في صحيفة راديكال‬ ‫التركية‬ ‫‪35‬‬


‫أكثر من رأي‬

‫مكاسب مشتركة‬

‫من مصلحة االتحاد األوروبي ضم تركيا إلى عضويته‬ ‫المكاسب التي يمكن أن تجنيها تركيا واالتحاد األوروبي إذا ما حصلت أنقرة على عضوية االتحاد ال حصر لها‪ .‬ومن خالل استعراض العوائق التاريخية التي حالت دون وصول‬ ‫تركيا إلى االتحاد األوروبي حتى اآلن‪ ،‬يسلط باجسي الضوء على الكيفية التي طورت بها تركيا سياستها الخارجية بما يتوافق مع السياسة األوروبية‪ ..‬فاإلمكانات السياسية‬ ‫واالقتصادية لتركيا لن تحقق مكاسب لعالقات االتحاد األوروبي الدولية فحسب‪ ،‬ولكنها سوف تشجع هذا البلد على مواصلة مسيرة التقدم واإلصالح‪.‬‬

‫منذ بدء المفاوضات بشأن حصول تركيا على‬ ‫عضوية االتحاد األوروبي في ‪ 3‬أكتوبر‪/‬‬ ‫تشرين األول عام ‪ ،2005‬لم تحقق رحلة تركيا‬ ‫الطويلة نحو االنضمام إلى االتحاد النتائج‬ ‫المتوقعة‪ .‬بيد أن ثمة جوانب تشابه مهمة بين‬ ‫تحديث أوروبا وإضفاء الطابع الغربي على‬ ‫تركيا‪ .‬ولعل هذا يفسر تمسك تركيا إلى اآلن‬ ‫بفكرة اعتبار انضمامها إلى االتحاد األوروبي‬ ‫بمثابة سياسة دولة‪ ،‬كما أوضح ذلك أخي ًرا‬ ‫وزير الخارجية التركي داود أوغلو خالل‬ ‫االجتماع الثاني للسفراء في أنقرة‪.‬‬ ‫واآلن مضى عام على تعيين تركيا لكبير‬ ‫مفاوضين بدرجة مساعد وزير يختص بشئون‬ ‫االتحاد األوروبي‪ .‬وهذا يلقي الضوء على مدى‬ ‫اهتمام تركيا البالغ بالحصول على عضوية‬ ‫االتحاد األوروبي‪ ،‬كما يبرز عملية اإلصالح‬ ‫في البالد‪ ،‬كي يصبح المجتمع التركي أكثر‬ ‫ديمقراطية‪ .‬وهذا يجعل من تركيا مرشحًا‬ ‫فريدًا لعضوية االتحاد األوروبي‪ .‬وكما يقول‬ ‫البروفسير لودجر كوهنهارد فإن االتحاد‬ ‫األوروبي يمر اآلن بمرحلة "التأسيس الثانية"‪،‬‬ ‫والسؤال المطروح اآلن هو‪ :‬بعد أن أخفقت‬ ‫تركيا في اللحاق بركب االتحاد األوروبي في‬ ‫مرحلة تأسيسه األولى‪ ،‬هل ستتمكن من الفوز‬ ‫بعضوية االتحاد في المستقبل؟"‪ .‬ينبغي على‬ ‫تركيا أن تنضم إلى االتحاد األوروبي ليس من‬ ‫أجل المصالح التركية وحدها‪ ،‬ولكن أيضًا من‬ ‫أجل مصلحة االتحاد األوروبي في سبيل دعم‬ ‫استقرار وقوة القارة العجوز ودعم أدائها على‬ ‫الصعيد الدولي‪.‬‬ ‫وفي ديسمبر‪ /‬كانون األول من عام ‪،1999‬‬ ‫استطاعت تركيا أن تحصل على أهلية الترشح‬ ‫لعضوية االتحاد التي كانت قد حُرمت منها‬ ‫في عام ‪ .1989‬وفي ديسمبر‪ /‬كانون األول‬ ‫من عام ‪ ،2004‬تسلمت تركيا تاري ًخا محددًا‬ ‫لبدء المفاوضات في هذا الشأن وهو أكتوبر‪/‬‬ ‫تشرين أول ‪ .2005‬وقد مرت خمس سنوات‪،‬‬ ‫ولم يتحقق أي تقدم‪ .‬ومن خالل إعطاء تركيا‬ ‫هذا التاريخ المحدد‪ ،‬أراد االتحاد األوروبي أن‬ ‫يعطي للعالم فكرة مفادها أن االتحاد األوروبي‬ ‫ليس ناديًا مسيحيًا‪ ،‬كما خاض في ذلك الكثير‬ ‫من الناس وقتها‪ ،‬وحتى معاهدة لشبونة‬ ‫رفضت هذا‪ ،‬بالرغم من إصرار بعض دول‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫حسين باجسي‬

‫ينبغي على تركيا أن‬ ‫تنضم إلى االتحاد‬ ‫األوروبي ليس من‬ ‫أجل المصالح التركية‬ ‫أيضا من‬ ‫وحدها‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬ ‫أجل مصلحة االتحاد‬ ‫األوروبي نفسه‬ ‫االتحاد األوروبي على أن تكون هناك إشارة‬ ‫في مقدمة دستور االتحاد إلى قيمة المسيحية‪.‬‬ ‫وبالنسبة لالتحاد األوروبي‪ ،‬تعد تركيا هي‬ ‫البلد الذي يمكن أن ينظر إليه العالم اإلسالمي‬ ‫بحثًا عن مزيد من التعاطف‪.‬‬ ‫وقد أراد االتحاد األوروبي أن يُظهر للواليات‬ ‫المتحدة أنه ينمو ولم يعد تحت تأثير نفوذها‪.‬‬ ‫بل إن بعض المفكرين زعموا أن تركيا كانت‬ ‫بمثابة "حصان طروادة" بالنسبة للواليات‬ ‫المتحدة داخل االتحاد األوروبي؛ وهي فكرة‬ ‫تم تفنيدها في أعقاب التدخل األمريكي في‬ ‫العراق عام ‪ ،2003‬عندما منعت تركيا القوات‬ ‫األمريكية من الدخول إلى أراضيها للتجهيز‬ ‫لعمليات ضد العراق‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬والكل‬ ‫يتحدث عن إضفاء الطابع األوروبي على‬ ‫السياسة الخارجية التركية‪ .‬وتبدو مفاهيم‬ ‫الدفاع التركية وسياستها العملية ذات طابع‬ ‫أوروبي أكثر مما هو متوقع‪.‬‬ ‫ثمة عامل آخر يؤثر على وصول تركيا إلى‬ ‫االتحاد األوروبي وهو روسيا‪ .‬فالعالقات‬ ‫االقتصادية والسياسية الجيدة بين تركيا‬ ‫وروسيا كانت لها أهميتها‪ .‬وفي ظل حكم‬ ‫الرئيس بوتين‪ ،‬بعثت روسيا بإشارات إلى‬ ‫االتحاد األوروبي تفيد بأن التفاوض بشأن‬ ‫انضمام تركيا يمكن أن يعزز العالقات الروسية‬ ‫مع االتحاد األوروبي‪ .‬وقد رأى البعض أنه‬ ‫بانضمام تركيا إلى االتحاد األوروبي‪ ،‬تصبح‬ ‫تركيا أكثر موثوقية ومسئولية كما يمكن أن‬ ‫يتعزز توجهها السلمي‪ .‬وتلقت بروكسيل‬

‫إشارات مماثلة أيضًا من إسرائيل والعالم‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬واليوم تعد تركيا هي المرشح‬ ‫األكثر قيمة وأهمية بالنسبة لالتحاد األوروبي‬ ‫بفضل تأثيرها السياسي واالقتصادي والثقافي‬ ‫الذي يمتد من منطقة البلقان إلى وسط آسيا‪.‬‬ ‫كما أن تركيا يمكن أن تصبح ركنًا ركينًا‬ ‫في االتحاد األوروبي خالل العقود القادمة‬ ‫بفضل قدراتها االقتصادية والسكانية‪ .‬فوفقًا‬ ‫لإلحصاءات‪ ،‬يبلغ عدد السكان نحو ‪ 90‬مليون‬ ‫نسمة‪ ،‬ومن المتوقع أن تصبح ثاني أكبر‬ ‫دولة في أوروبا من حيث عدد السكان بحلول‬ ‫عام ‪ 2025‬بعد روسيا التي يبلغ عدد سكانها‬ ‫‪ 105‬ماليين نسمة‪ .‬ومسألة أن تركيا هائلة‬ ‫في كل من مساحتها الجغرافية وعدد سكانها‬ ‫أمر ال يعكس الحقيقة الكائنة على أرض‬ ‫الواقع‪ .‬فوفقًا للبروفسير كوهنهارد‪" :‬يمثل‬ ‫االتحاد األوروبي ‪ 0.86%‬من مساحة العالم‪:‬‬ ‫(‪ 4.323.783‬كيلومت ًرا مربعًا) و‪ 7%‬تقريبًا‬ ‫من سكان العالم (‪ 491‬مليونًا)‪ .‬وحتى مع‬ ‫انضمام تركيا إلى االتحاد األوروبي‪ ،‬فإن هذه‬ ‫األرقام سوف تزداد فقط بمقدار غير ملحوظ‬ ‫لتصبح ‪ 1.01%‬من مساحة العالم و‪ 9%‬من‬ ‫سكان العالم"‪ .‬إذن بوجه عام‪ ،‬تعد تركيا بمثابة‬ ‫إضافة جيدة بالنسبة لالتحاد األوروبي من‬ ‫حيث المساحة والسكان‪.‬‬ ‫وأخي ًرا وليس آخ ًرا‪ ،‬أشار جونذر فيرهيوجن‪،‬‬ ‫المفوض األسبق لتوسيع عضوية االتحاد‪،‬‬ ‫إلى أنه إذا كان من المفترض أن تصبح تركيا‬ ‫العبًا عالميًا وأن تتخذ اتجاهًا إستراتيجيًا في‬ ‫التفكير‪ ،‬فإنه من األفضل بالنسبة لالتحاد‬ ‫األوروبي أن يضم تركيا إلى حظيرته‪ .‬ومما‬ ‫الشك فيه أن تركيا ستحقق انتعا ًشا فكريًا في‬ ‫العقلية األوروبية‪ ،‬وتصبح بمثابة إضافة فعالة‬ ‫ألوروبا‪ .‬فتركيا تتطلع إلى االنفتاح واحترام‬ ‫حقوق اإلنسان ومنح المرأة حقوقها وتريد أن‬ ‫تصبح مجتمعًا ديمقراطيًا تسوده قيم المجتمع‬ ‫الحديث‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬ينبغي أن تنضم تركيا‬ ‫لالتحاد األوروبي‪.‬‬

‫أستاذ العالقات الدولية في جامعة الشرق‬ ‫األوسط التقنية بأنقرة وزميل سابق بمركز‬ ‫دراسات التكامل األوروبي في بون‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫أكثر من رأي‬ ‫من يحتاج إلى من ؟‬ ‫لماذا ينبغي أن تنضم تركيا إلى االتحاد األوروبي؟‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫ألن تركيا دولة تجمع بين منطقتين لهما أهميتهما في العالم‪ ،‬فإنها تعد مكسبا ً عظيما ً بالنسبة لالتحاد األوروبي في حال انضمامها إليه‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬تيقنت أنقرة أن الحصول على عضوية االتحاد ليس أمراً سهالً‪ .‬وفي حين يرى البعض أن تلويح االتحاد األوروبي لتركيا‬ ‫بإمكانية انضمامها إليه مجرد ذر للرماد في أعين من يزعمون أن االتحاد نا ٍد مسيحي‪ ،‬يزعم البعض اآلخر أن نية االتحاد األوروبي بضم‬ ‫تركيا نية صادقة‪ .‬وبالرغم من أن نوايا االتحاد األوروبي ربما تتجاوز حدود التحليل‪ ،‬فقد دعونا ثالثة مفكرين أتراك لمناقشة تكاليف‬ ‫ومزايا االنضمام المحتمل لتركيا في االتحاد األوروبي‪ .‬وقد أورد المؤلفون في نقاشهم ليس فقط مزايا انضمام تركيا لالتحاد ولكن أيضا ً‬ ‫أسباب تأخر حصولها على عضوية االتحاد إلى اآلن‪ ،‬بما في ذلك تأثير السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية على عالقات أنقرة مع‬ ‫أوروبا‪.‬‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪33‬‬



‫إﻧﺘﺮﻧﺖ ﻃﻠﻘﺔ‬

‫ﻣﻌﺎك ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن‬

‫ﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻋﻦ اﻣﺎﻛﻦ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺒﻴﻊ اﻟﺮﺟﺎء زﻳﺎرة ﻣﻮﻗﻌﻨﺎ‪:‬‬

‫‪800 116 1666‬‬

‫‪www.go.com.sa‬‬

‫ﻳﺴﺮي ﻫﺬا اﻟﻌﺮض ﻓﻲ ا ﻣﺎﻛﻦ واﻟﻤﺪن اﻟﻤﻐﻄﺎه ﻣﻦ ﺷﺒﻜﺔ‬

‫العدد ‪1548‬‬

‫ﻟﻤﺪة ﻣﺤﺪودة‬

‫ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﺸﺮوط وا ﺣﻜﺎم‬


‫قضايا‬ ‫قلقهم تجاه اآلثار الضارة للثقافة الغربية‪.‬‬

‫اإلصالح األوروبي الذي يتخذ من لندن مقرًا‬ ‫له‪ ،‬نقطة مماثلة‪ ،‬حيث أشارت إلى أن ألمانيا‬ ‫لديها ‪ 7‬آالف دبلوماسي مدرب‪ ،‬أما تركيا‪،‬‬ ‫وهي دولة بنفس حجم ألمانيا‪ ،‬فلديها ألف‬ ‫دبلوماسي فقط‪.‬‬

‫ويتذكر فيدات يونديم‪ ،‬الرئيس التنفيذي لشركة‬ ‫تقوم بتصنيع األفران وماكينات التقطيع‬ ‫الخاصة بصناعة المخبوزات‪ ،‬شعوره بعدم‬ ‫االرتياح عندما ذهب إلى إسطنبول لدراسة‬ ‫الهندسة في أرقى جامعة حكومية تركية‪،‬‬ ‫وهي جامعة البسفور ذات التمويل األمريكي‪،‬‬ ‫ويضيف اً‬ ‫قائل‪ :‬إن القيم التي كانت سائدة في‬ ‫الجامعة لم تكن تحظى بقبوله وكان يعتبرها‬ ‫قي ًما دخيلة على ثقافته‪.‬‬ ‫ويعد يونديم من المتعاطفين مع فتح اللـه جولن‪،‬‬ ‫وهو داعية يتمتع بشخصية لها جاذبيتها يقوم‬ ‫أتباعه في تركيا‪ ،‬الذين يقدر عددهم بمليونين‬ ‫إلى ستة ماليين‪ ،‬ببناء مدارس في مختلف‬ ‫أنحاء العالم منذ أوائل التسعينيات‪ ،‬حيث‬ ‫يشترك يونديم مع جولن في اإلعجاب بماضي‬ ‫تركيا العثماني‪ ،‬ويقوم أحيانًا بتشبيه المدرسين‬ ‫في مدارس جولن بأنهم مثل الجيوش العثمانية‬ ‫التي اجتاحت منطقة البلقان إلى أن وصلت‬ ‫إلى المجر في القرن الرابع عشر في أواخر‬ ‫العصور الوسطى‪ ،‬ويصف هؤالء المدرسين‬ ‫بأنهم علمانيون في قاعات الدراسة في حين‬ ‫يمثلون نماذج لالعتدال اإلسالمي خارجها‪.‬‬ ‫ويتساءل يونديم‪" :‬أتعلمون ما الذي أدى إلى‬ ‫عظمة اإلمبراطورية العثمانية"‪ ،‬ويجيب اً‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫"إنها األمانة واإلحساس بالعدالة‪ ،‬والثقافة التي‬ ‫ال تزال موجودة‪ ،‬ففي األناضول أشعر بأن آثار‬ ‫الحضارة ال تزال موجودة هناك تحت الثرى‪،‬‬ ‫ويمكن أن تعود إذا قام أحد بنفض التراب‬ ‫عنها"‪.‬‬ ‫وعلى عكس أي جماعة ذات توجه إسالمي‬ ‫أو قومي‪ ،‬يعد فتح اللـه جولن‪ ،‬الذي يتخذ‬ ‫من بنسلفانيا مقرًا له‪ ،‬مؤيدًا للغرب‪ ،‬بل مؤيد‬ ‫للواليات المتحدة على وجه الخصوص‪ ،‬وذلك‬ ‫رغم عدم استساغته لعادات غربية معينة‪ ،‬وهي‬ ‫العادات التي ال يستسيغها فيدات يونديم أيضًا‪،‬‬ ‫وتدرس ابنة جولين في الجامعات األمريكية‪،‬‬ ‫ويقوم هو بالسفر إلى أوروبا بشكل دوري‪،‬‬ ‫لكن حنينه للعصر العثماني ليس على شاكلة‬ ‫حنين اإلسالميين األتراك األوائل‪ ،‬الذين كانوا‬ ‫يعبرون عن ذلك الحنين في صورة عداء تجاه‬ ‫الغرب‪ .‬فالحنين لدى جولن بمثابة تعبير عن‬ ‫الثقة في الذات وعن نفاد الصبر بشكل متزايد‬ ‫تجاه الرؤية التي كانت تتسم بالتقوقع على‬ ‫الذات وبكراهية األجانب من جانب األجيال‬ ‫التي عاشت مأساة حقبة إنشاء الجمهورية التي‬ ‫قامت على حطام اإلمبراطورية التي هاجمها‬ ‫الغزاة من كل جانب‪.‬‬ ‫ويوجز أكايا التغيير في العقلية التركية بقوله‪:‬‬ ‫"في البداية‪...‬كنا ننظر إلى العرب على أنهم‬ ‫قبليون يتسمون بالقذارة‪ ،‬وإلى األوروبيين على‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫تورجوت اوزال فشل في تحقيق حلمه في‬ ‫الهيمنة التركية على وسط آسيا‬

‫أنهم حفنة من الكفرة‪ ،‬أما اآلن فنحن ال نكره‬ ‫حتى الروس‪ .‬فتركيا اآلن أكثر تسامحًا تجاه‬ ‫الغرب‪ ،‬وأكثر تسامحًا تجاه العالم الخارجي‬ ‫بشكل عام‪ ،‬فقد تخلصنا من مخاوفنا‪ ،‬حيث‬ ‫أدركنا أن الحدود القائمة لن تتغير"‪ ،‬إن هذه‬ ‫هي الروح التي تميز دبلوماسية "العثمانيين‬ ‫الجدد" التي يوجهها أحمد داود أوغلو‪ ،‬وهي‬ ‫روح المسلم الذي يشعر بقيمة ذاته وتمتلئ‬ ‫حياته بالثقة‪.‬‬ ‫ويعرب إحسان داجي‪ ،‬وهو محلل للسياسة‬ ‫الخارجية متعاطف مع حزب العدالة والتنمية‬ ‫(وزوجته نائبة تابعة للحزب) عن قلقه من‬ ‫وقت آلخر تجاه مبالغة الحكومة في توجهاتها‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ويشير إلى أن الوزراء يشعرون‬ ‫باالرتياح بدرجة أكبر في العواصم الشرق‬ ‫أوسطية مقارنة بتواجدهم في بروكسيل‪،‬‬ ‫وأعرب عن رؤيته بأن أحد جوانب القصور‬ ‫الرئيسية في الحكومة‪ ،‬منذ أن انتقل عبد اللـه‬ ‫جول إلى قصر الرئاسة‪ ،‬يتمثل في عدم وجود‬ ‫قوة موازنة لداود أغلو‪ ،‬يكون دورها هو النظر‬ ‫باتجاه الغرب‪ ،‬ويتساءل عما إذا كان الخطر‬ ‫األكبر يتمثل في اإلخفاق الذي ينتج عن الثقة‬ ‫المبالغ فيها في الذات‪.‬‬ ‫ويوضح داجي أن "تركيا تعد حديثة العهد فيما‬ ‫يتعلق بلعبة القوى العظمى‪ ،‬فلم يحدث أن أتيح‬ ‫لها هذا الخيار خالل الحرب الباردة‪ ،‬وهي‬ ‫اآلن تريد أن تصبح العبًا رئيسيًا في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬فهل لديها ما يكفي من خبراء في‬ ‫شئون الشرق األوسط في وزارة الخارجية؟"‪،‬‬ ‫لقد أثارت كاتينكا باريسش‪ ،‬نائبة مدير مركز‬

‫لقد ظهرت قلة خبرة تركيا منذ أن بدأت‬ ‫االنفتاح على العالم اقتصاديًا وسياسيًا في أوائل‬ ‫الثمانينيات‪ ،‬وقد كان تورجوت أوزال‪ ،‬وهو‬ ‫واحد من الزعماء األتراك أصحاب الرؤى‬ ‫ويعد من العثمانيين الجدد منذ فترة طويلة قبل‬ ‫أن يأتي داود أوغلو إلى الساحة‪ ،‬يحلم بالهيمنة‬ ‫التركية على المناطق التي تتحدث التركية‬ ‫في وسط آسيا‪ ،‬ولم يتحقق من ذلك سوى بناء‬ ‫العشرات من مدارس جولن وتراكم الثرة التي‬ ‫يملكها رجل األعمال المفضل لدى أردوغان‬ ‫أحمد كاليك‪ .‬لقد فشلت خطط رئيس الوزراء‬ ‫ذي التوجه اإلسالمي والنائب عن مدينة قونيا‬ ‫نجم الدين أردوغان في التسعينيات لصرف‬ ‫وجه تركيا بعيدًا عن أوروبا عندما قام الزعيم‬ ‫الليبي معمر القذافي بتوبيخ المسئول التركي‬ ‫على إساءة معاملة األكراد أثناء زيارة رسمية‬ ‫من قبل األخير لطرابلس‪ ،‬وذلك في مشهد‬ ‫مؤسف بثه التليفزيون التركي مساء ذلك اليوم‪.‬‬ ‫إن الجانب الكبير في نجاح االنفتاح الدبلوماسي‬ ‫لحزب العدالة والتنمية حتى اآلن يرجع إلى‬ ‫كون تركيا تعد أقوى تجاريًا مما كان عليه الحال‬ ‫قبل عقد من الزمان‪ ،‬لكن هناك مؤشرات على‬ ‫إمكانية حدوث تصدعات في بنيان الدبلوماسية‬ ‫التركية‪ ،‬فبدلاً من التركيز على استغالل‬ ‫مساعيه الحميدة للصلح بين فتح وحماس‪ ،‬يبدو‬ ‫أن أردوغان مصر على التركيز على فظائع‬ ‫الظلم الصهيوني في الخارج‪ ،‬كما أن التحرك‬ ‫الشجاع من جانب السياسة الخارجية لحكومته‬ ‫الذي يتمثل في التقارب مع أرمينيا أصبح‬ ‫عرضة لخطر االنهيار‪.‬‬ ‫ذات مرة‪ ،‬قالت الروائية التركية أليف أالتلي‬ ‫إن بالدها (تركيا) لديها القدرة على أن تجمع‬ ‫بين الشيء ونقيضه في الوقت نفسه‪ .‬فمثل‬ ‫الحكومات السابقة‪ ،‬ربما يشعر حزب العدالة‬ ‫والتنمية في نهاية األمر بالحاجة إلى تحويل‬ ‫انتباهه من جديد نحو الغرب‪.‬‬ ‫وفي المقابل‪ ،‬فإن سلسلة حزم اإلصالح التي‬ ‫قام الساسة األتراك بتمريرها بعد عام ‪،2001‬‬ ‫لضمان بدء المفاوضات بشأن انضمام تركيا‬ ‫لالتحاد األوروبي يمكن أن يُنظر إليها مع‬ ‫مرور الوقت بأنها كانت مجرد محاولة يائسة‬ ‫تهدف إلى دعم اقتصادها الوطني الذي كان‬ ‫على حافة االنهيار‪.‬‬ ‫كاتب في صحفية "وول ستريت جورنال"‬ ‫وصحيفة "التايمز" اللندنية‬ ‫‪30‬‬


‫قضايا‬ ‫التركية‪ ،‬منذ بدء أحمد داود أوغلو في‬ ‫ممارسة تأثيره من وراء الكواليس في عام‬ ‫‪ ،2002‬مجرد انعكاس لنفوذ البالد الصناعي‬ ‫المتنامي وبحثها الدءوب عن أسواق جديدة؟‬ ‫وهل السرعة التي تفتح بها تركيا السفارات‬ ‫والقنصليات في البلدان الواقعة إلى جنوبها‬ ‫وشرقها (فتحت تركيا سفارات لها في ‪15‬‬ ‫دولة إفريقية على مدى العامين الماضيين‬ ‫فقط) مجرد استجابة لتغيير موازين التجارة‬ ‫العالمية؟ أم أنها دليل على أن تركيا‪ ،‬التي‬ ‫سئمت من اللهث وراء أوروبا أصبحت ترى‬ ‫أن دور الزعيم اإلقليمي هو األكثر مالءمة‬ ‫لها؟‬

‫محمد أنكر ‪ :‬عصر الملوك إنتهى‬

‫أحمد داود أوغلو‪ ،‬الذي قاد‬ ‫عملية التحول في السياسة‬ ‫الخارجية التركية‪ ،‬التي بدأت‬ ‫فعلاً قبل مجيء حزب العدالة‬ ‫والتنمية إلى السلطة في‬ ‫عام ‪ ،2002‬أصر دائ ًما على‬ ‫عدم وجود أي تناقض بين‬ ‫دور تركيا اإلقليمي المتنامي‬ ‫وترشيحها لعضوية االتحاد‬ ‫األوروبي‬ ‫الداعيه جولدلن ‪ :‬حنين إلى تركية العثمانية‬

‫من ‪ 29‬طابقًا وستكون المقر الجديد للهيئة‬ ‫القومية لالتصاالت‪ .‬كما تتنافس الشركات‬ ‫التركية على الفوز بعقد لتشييد وبناء مطار‬ ‫دولي جديد في الخرطوم تبلغ قيمته ‪1.5‬‬ ‫مليار دوالر أمريكي‪ .‬وقد أعلن وزير‬ ‫الزراعة التركي‪ ،‬مهدي إيكر‪ ،‬في أكتوبر‪/‬‬ ‫تشرين أول الماضي‪ ،‬في ثاني زيارة له‬ ‫للسودان في عام‪ ، 2009‬أنه "ينبغي أن‬ ‫يصبح السودان شري ًكا إستراتيجيًا لتركيا"‪.‬‬ ‫كما أصبحت العالقات بين الخرطوم وأنقرة‬ ‫من القوة بحيث إن األخيرة كادت تستضيف‬ ‫الرئيس السوداني‪ ،‬عمر البشير‪ ،‬للمرة الثالثة‬ ‫في غضون عامين فقط‪ ،‬وللمرة األولى منذ‬ ‫أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة‬ ‫إللقاء القبض عليه ألنه متهم بارتكاب جرائم‬ ‫حرب‪.‬‬ ‫وتعد مدينة غازي عنتاب‪ ،‬التي تقع على‬ ‫مبعدة ساعة واحدة فقط إلى الشمال من‬ ‫الحدود التركية – السورية‪ ،‬والتي حولها‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫وأحمد داود أوغلو‪ ،‬الذي قاد عملية التحول‬ ‫في السياسة الخارجية التركية‪ ،‬التي بدأت‬ ‫اً‬ ‫فعل قبل مجيء حزب العدالة والتنمية‬ ‫إلى السلطة في عام ‪ ،2002‬أصر دائ ًما‬ ‫على عدم وجود أي تناقض بين دور تركيا‬ ‫اإلقليمي المتنامي وترشيحها لعضوية االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬حيث قال مستخد ًما تشبيهًا حربيًا‬ ‫يتعارض مع طبيعته المسالمة‪" :‬كلما سحبنا‬ ‫وتر القوس أكثر نحو الشرق‪ ،‬تمكنا من جعل‬ ‫السهم يصل إلى مسافة أبعد باتجاه الغرب"‪.‬‬ ‫ويندر أن تظهر معارضة صريحة لالتحاد‬ ‫األوروبي داخل مجتمع األعمال في مدينة‬ ‫قونيا‪ ،‬بل هناك انتقاد للحكومة التركية لقيامها‬ ‫فيما يبدو بوقف أجندتها اإلصالحية منذ‬ ‫بدء عملية االنضمام لالتحاد األوروبي عام‬ ‫‪ ،2005‬لكن هذه المدينة صوتت عام ‪،1969‬‬ ‫لصالح أول مرشح برلماني ذي توجه إسالمي‬ ‫واضح (وذي توجه مناهض للغرب)‪،‬‬ ‫وصوتت بشكل ساحق منذ ذلك الوقت لصالح‬ ‫أحزاب ذات توجهات إسالمية (تشمل حزب‬ ‫العدالة والتنمية)‪ ،‬وما يتم سماعه في كل‬ ‫مكان هو لغة خطاب محافظة تمزج الكثير‬ ‫من الفخر بالقوة االقتصادية التي حققتها‬ ‫تركيا أخيرًا بدرجات متفاوتة من التناقض في‬ ‫المشاعر تجاه الغرب‪.‬‬

‫أحمد داود أوغلو ونظيره السوري إلى‬ ‫منطقة مرور حرة في الخريف الماضي‪،‬‬ ‫من أكثر المدن الصناعية التركية التي‬ ‫استفادت من معدل النمو الكبير الموجود‬ ‫في دول الشرق األوسط‪ .‬ففي الربع األول‬ ‫من عام ‪ ،2009‬ارتفعت صادرات غازي‬ ‫عنتاب إلى العراق وسوريا بنسبة ‪٪ 93‬‬ ‫و ‪ ٪ 106‬على التوالي‪ ،‬بينما انخفضت وأحيانًا يكون هذا التناقض واضحًا‪ ،‬حيث‬ ‫صادراتها اليطاليا وروسيا بنسبة ‪ ٪ 31‬و تمتزج المشاعر القومية بمشاعر الشماتة‬ ‫تجاه الدول األخرى مع تزايد قوة تركيا‬ ‫‪ ٪ 51‬على التوالي‪.‬‬ ‫االقتصادية‪ ،‬حيث يقول محمد على أتكر‪ ،‬وهو‬ ‫ووفقًا لما ذكره نائب مدير الغرفة التجارية أحد رجال الصناعة المشهورين في قونيا‪:‬‬ ‫لمدينة غازي عنتاب‪ ،‬فيجن سيلكتورك‪ ،‬فإن "قد تكون أوروبا ال تعيرنا اهتما ًما اآلن‪ ،‬لكن‬ ‫"هذه األرقام تبين بوضوح‪ ،‬مثل األشعة سوف يحدث أن تعيرنا ذلك االهتمام الحقًا‪...‬‬ ‫السينية‪ ،‬اآلثار الناتجة عن األزمة العالمية‪ .‬فعصر الممالك انتهى‪ ،‬فالملوك ـــ من أمثال‬ ‫والمسألة بمنتهى البساطة‪ ،‬هي أنه إذا ما أوروبا وأمريكا ـــ سوف يختفون"‪ .‬ومثل‬ ‫انهار الغرب‪ ،‬فمن حسن حظنا أن وضعنا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان‬ ‫اإلستراتيجي يسمح لنا بالتصدير أيضًا إلى الذي قال لمجموعة من الطالب كانت في‬ ‫طريقها لاللتحاق ببرامج للدراسات العليا في‬ ‫الشرق"‪.‬‬ ‫الجامعات األوروبية في أوائل عام ‪،2008‬‬ ‫ولكن هل األمر بهذه البساطة حقًا؟ وهل بأن أسالفهم "لم يجلبوا سوى االنحالل‬ ‫زيادة التعددية التي ميزت الدبلوماسية األخالقي من الغرب"‪ ،‬يعرب آخرون عن‬ ‫‪29‬‬


‫قضايا‬ ‫وحدها نفس هذا المقدار‪ .‬وغرفة الصناعة‬ ‫المحلية التي أُنشئت بصعوبة بالغة في أوائل‬ ‫السبعينيات على يد علي أكايا و‪ 60‬آخرين من‬ ‫الجيل األول من رجال الصناعة‪ ،‬أصبحت‬ ‫اآلن تتباهى بعضوية ‪ 1300‬شخص‪ .‬وقد‬ ‫زادت مساحة أربع مناطق صناعية منظمة‬ ‫لمسافة تمتد إلى ‪ 20‬اً‬ ‫ميل جهة الشمال بموازاة‬ ‫الطريق السريع الجديد الذي يربط مدينة‬ ‫يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة بالعاصمة‬ ‫التركية أنقرة التي تبعد عنها مقدار ساعتين‪.‬‬ ‫ومثل اإلصالحات التي ازدادت إلحاحًا بالنسبة‬ ‫لإلمبراطورية العثمانية بد ًءا من القرن الثامن‬ ‫عشر إلى اآلن‪ ،‬حدث تحول هائل زاد من‬ ‫زخمه سهولة وصول تركيا إلى التكنولوجيا‬ ‫األوروبية‪ .‬وقد أُنشئت أول مجموعة من‬ ‫ورش قونيا في فترة الخمسينيات وكانت‬ ‫عبارة عن ورش إلصالح معدات زراعية‬ ‫صُنعت في أوروبا‪ .‬وكان أول احتكاك عملي‬ ‫ألكايا بمسألة اعتماد تركيا على البضائع‬ ‫األجنبية أن العمل في مكتبه المحلي تعطل‬ ‫لعدة أيام ألن رئيسه في العمل كان مفتقرًا‬ ‫إلى العملة الصعبة لشراء قطع الغيار لثالثة‬ ‫حفارات ميكانيكية أمريكية الصنع كانت قد‬ ‫تعطلت‪ .‬يقول أكايا واصفًا هذه المشكلة‪:‬‬ ‫"ثالثة تروس في حجم قبضة اليد كلفتني دفع‬ ‫أول راتب لي الستجالب شحنة صغيرة من‬ ‫الصلب النمساوي ليصنع منها تروسًا جديدة‬ ‫ويقدم استقالته بعدها‪.‬‬ ‫وبعد أن وقعت تركيا اتفاقية االتحاد الجمركي‬ ‫مع أوروبا في عام ‪ ،1995‬بلغت العالقة‬ ‫التجارية بين تركيا وأوروبا ذروة قوتها بعد‬ ‫عام ‪ ،2001‬عندما أدى فساد النظام المصرفي‬ ‫ألسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ تركيا‪ .‬يقول‬ ‫أشرف سيفسي‪ ،‬رئيس أحد مصانع قونيا‬ ‫التي توفر قطع غيار لمصنعي السيارات مثل‬ ‫رينولت "لقد نضب السوق المحلي‪ ،‬وقمنا‬ ‫جميعًا بعمل كتالوجات وإنشاء مواقع خاصة‬ ‫بنا على شبكة اإلنترنت وشرعنا في البحث‬ ‫عن مشترين جدد"‪ .‬ويُقصد بالمشترين الجدد‬ ‫في ذلك الوقت أوروبا‪ :‬فالصناعة التركية‬ ‫لم تكن تتمتع بسمعة جيدة لتسمح ألشخاص‬ ‫مثل سيفسي بالبيع بشكل مباشر للمشترين‬ ‫في العالم النامي‪ .‬وبدلاً من ذلك كانوا يبيعون‬ ‫لوسطاء (سماسرة) في أوروبا يقومون‬ ‫بإعادة تعبئة منتجاتهم وبيعها من جديد‪.‬‬ ‫ولكن بعد مرور عقد من الزمان‪ ،‬يبدو أن‬ ‫الروابط التجارية بين أوروبا وتركيا لم تعد‬ ‫قوية كما كانت‪ .‬فقد انخفض نصيب أوروبا‬ ‫من حجم الصادرات التركية في الفترة الواقعة‬ ‫بين عامي ‪ 2007‬و ‪ 2009‬من ‪ 57٪‬إلى‬ ‫‪ 49.5٪‬في حين زاد نصيب الشرق األوسط‬ ‫من الصادرات التركية ألكثر من الضعف‪،‬‬ ‫حيث ارتفع من ‪ 10٪‬إلى ‪ .22٪‬وفي عام‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪‎‬كورشاد توزمان ‪ ..‬وزير التجارة ومسئول فتح أسواق المنطقة‬ ‫أمام الصادرات التركية‬

‫يبدو أن الروابط التجارية‬ ‫بين أوروبا وتركيا لم‬ ‫تعد قوية كما كانت‪ .‬فقد‬ ‫انخفض نصيب أوروبا من‬ ‫حجم الصادرات التركية‬ ‫بين عامي ‪ 2007‬و ‪2009‬‬ ‫من ‪ ٪57‬إلى ‪ ٪49.5‬في‬ ‫حين زاد نصيب الشرق‬ ‫األوسط‬ ‫‪ ،2009‬أصبحت نسبة صادرات قونيا‬ ‫من السلع للشرق أكبر من نسبة صادراتها‬ ‫للغرب‪ ،‬للمرة األولى على اإلطالق‪ .‬ووفقًا‬ ‫لما ذكره أحد رجال األعمال القونيين‪ ،‬فإن‬ ‫مثل هذه اإلحصاءات البسيطة غالبًا ما تعكس‬ ‫صورة واضحة ودقيقة عن الواقع الفعلي؛‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬لم تعد هناك طبقية وجزر‬ ‫منعزلة في الصناعة مثلما كان عليه الحال‬ ‫في الماضي قبل عشر سنوات‪ ،‬وبالتالي لم‬ ‫تعد هناك حاجة للوسطاء الذين يشير إليهم‬ ‫سيفسي‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬أن األزمة العالمية‬ ‫المستمرة قد أثرت على اقتصادات الدول‬ ‫المتقدمة الغربية على نحو أكبر بكثير من‬ ‫تأثيرها على تركيا وجيرانها الشرقيين األقل‬ ‫تقد ًما من الناحية االقتصادية‪.‬‬ ‫وقبل وقت طويل من شروع أعضاء االتحاد‬ ‫األوروبي في مناقشة كيفية التعامل مع‬ ‫اليونان المثقلة بالديون‪ ،‬كان معظم المحللين‬ ‫يتوقعون ارتفاعًا في معدل النمو في منطقة‬ ‫اليورو هذا العام ال تزيد نسبته على ‪،٪ 1‬‬ ‫بينما‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬من المتوقع أن تبلغ‬

‫داجي ‪ :‬يخشى التوجهات االسالمية‬

‫نسبة النمو في إقليم كردستان العراقي‪ ،‬على‬ ‫سبيل المثال‪ 20% ،‬وهو اإلقليم الواقع إلى‬ ‫الجنوب من الحدود التركية الكردية التي‬ ‫تمتد على مسافة ‪ 300‬ميل‪ ،‬والذي تتولى‬ ‫الشركات التركية ‪ ٪ 90‬من عمليات البناء‬ ‫والتشييد فيه‪ ،‬وبعد سنوات من القلق المتزايد‬ ‫بشأن الحكم الذاتي لألكراد العراقيين قررت‬ ‫أنقرة اآلن فتح قنصلية لها في مدينة أربيل‬ ‫عاصمة المنطقة الكردية العراقية االتحادية‪،‬‬ ‫وكان السودان من البالد األخرى التي يبدو‬ ‫أنها قد تمكنت من النجاة من اآلثار المدمرة‬ ‫لألزمة االقتصادية العالمية‪ ،‬حيث يعد‬ ‫السودان ثاني أسرع االقتصادات نم ًوا في‬ ‫العالم على مدى السنوات الثالث الماضية‪.‬‬ ‫وقد تزايد نشاط تركيا والصين في الفترة‬ ‫األخيرة في السودان‪ .‬فهناك شركة تركية‪،‬‬ ‫تتمتع بصالت وثيقة مع الحكومة السودانية‪،‬‬ ‫تقوم بتوفير الزى الرسمي للجيش السوداني‪،‬‬ ‫بينما تقوم شركة تركية أخرى ببناء أطول‬ ‫ناطحة سحاب في السودان‪ ،‬والتي ستتكون‬ ‫‪28‬‬


‫قضايا‬ ‫من يريد فهم االتجاه الذي تسير فيه تركيا فعليه‬ ‫أن يقوم بزيارة مسقط رأس وزير الخارجية‬ ‫التركي الجديد‪ ،‬أحمد داود أوغلو‪ .‬فبالرجوع‬ ‫إلى عام ‪ ،1959‬عندما ُولد أحمد داود أوغلو‬ ‫في منزل ألحد التجار كان يقع على إحدى‬ ‫طرق ضاحية صغيرة تدعى طشقند‪ ،‬وكانت‬ ‫قونيا عاصمة اإلقليم مدينة تضم وقتها نحو‬ ‫‪ 50‬ألف نسمة وتخدم المزارعين الذين يأتون‬ ‫إليها من أماكن تقع على بعد أميال منها‪ .‬وكان‬ ‫عدد العربات التي تجرها الخيول يفوق عدد‬ ‫السيارات‪ ،‬كما كانت أسهل طريقة إلجراء‬ ‫اتصال هاتفي داخل المدينة هي الذهاب إلى‬ ‫فندق يايال‪ ،‬الذي يقع في الجهة المقابلة لما‬ ‫تبقى من آثار القصر السلجوقي الموجود‬ ‫على هضبة عريقة تميز وسط المدينة‪.‬‬

‫إنه وصف منصف للدولة ككل‪ .‬وبحلول‬ ‫السبعينيات‪ ،‬تدرب أكايا على حرفة في‬ ‫النمسا وسافر إلى رومانيا لزيارة مصانع‬ ‫قطع الغيار هناك‪ .‬وبالرغم من أن معظم‬ ‫زمالئه من الريفيين‪ ،‬بدت حدود تركيا‬ ‫بنفس الطريقة التي وصفتها بها اللوحات‬ ‫الموجودة على المعابر‪ " :‬نشأت األسوار من‬ ‫أجل الدفاع عن حرمة الوطن"‪ ،‬وحتى عام‬ ‫‪ ،1983‬فإن القوانين التي كانت تحمي العملة‬ ‫التركية جعلت من المهين نظريًا حتى بالنسبة‬ ‫لـ "النوادل" قبول دوالر "بقشيش" من أي‬ ‫زبون أجنبي‪ .‬ونتيجة لحاجتهم الشديدة للعملة‬ ‫الصعبة‪ ،‬كان يتعين على رجال األعمال الذين‬ ‫يقومون بالسفر إلى الخارج إخفاء "الماركات‬ ‫األلمانية"‪ ،‬التي حصلوا عليها من السوق‬ ‫السوداء في جواربهم‪ ،‬عندما كانوا يسافرون‬ ‫عن طريق الطائرة‪ .‬وباعتبارها الحارس‬ ‫على الجزء الجنوبي الشرقي لحلف شمال‬ ‫األطلنطي‪ ،‬ونظرًا لنزاعاتها مع االتحاد‬ ‫السوفيتي وبلغاريا وسوريا وبالطبع مع‬ ‫اليونان‪ ،‬فإن ذلك أثر بالسلب على اقتصادها‪،‬‬ ‫حيث كان معدل صادراتها السنوي محدودًا‪،‬‬ ‫بلغ ‪ 1.5‬مليار دوالر أمريكي خالل فترة‬ ‫السبعينيات‪.‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫يقول المهندس علي أكايا‪ ،‬الذي يكبُر داود‬ ‫أوجلو بنحو ‪ 18‬عا ًما والذي ُولد في قونيا‪:‬‬ ‫"إنها تبدو اآلن كما لو كانت بلدًا أجنبيًا"‪.‬‬ ‫ويتذكر كيف أن أصدقاءه أخذوا يضحكون‬ ‫في بداية الستينيات عندما التحق بوظيفة‬ ‫كان مسئولاً فيها عن بناء قنوات للري‪ .‬وقد‬ ‫شاهدوه وهو يعمل جاهدًا من أجل لحام‬ ‫خزانات المياه وهو األمر الذي كان طريفًا‬ ‫بالنسبة لهم‪ .‬ويضيف أكايا اً‬ ‫قائل‪" :‬كان من‬ ‫المفترض أن يقضي المهندسون أيامهم على‬ ‫مكاتبهم يوقعون األوراق وال يلوثون أيديهم‬ ‫بهذه المهام‪ .‬لقد كنا منغلقين اقتصاديًا وسياسيًا‬ ‫وكانت عقولنا منغلقة أيضًا "‪.‬‬

‫من يريد فهم االتجاه الذي تسير فيه تركيا فعليه أن يقوم بزيارة مسقط رأس وزير الخارجية التركي الجديد‪ ،‬أحمد‬ ‫داود أوغلو‪ .‬قونيا التي تبدو اآلن كما لو كانت بلدًا أجنبيًا‬

‫وبعد مرور أربعة عقود‪ ،‬تبلغ صادرات قونيا‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪27‬‬


‫قضايا‬

‫دبلوماسية العثمانيين الجدد‬

‫هل سئمت أنقره من الجري وراء أوروبا ؟‬ ‫أثرت األزمة العالمية على اقتصادات الدول المتقدمة بشكل يفوق كثي ًرا تأثر تركيا بتلك األزمة ويفوق تأثر الدول المجاورة لها في الشرق واألقل تقد ًما‬ ‫من الناحية االقتصادية‪ .‬وقد سارعت أنقرة بفتح سفارات وقنصليات لها في دول تقع جنوب وشرق تركيا (‪ 15‬دولة في إفريقيا على مدى العامين‬ ‫الماضيين) كمجرد استجابة سياسية لتغير موازين التجارة الدولية‪ ،‬فهل هذا دليل على أن تركيا سئمت من اللهاث وراء أوروبا وأصبحت ترى أن‬ ‫قيامها بدور إقليمي أكثر مالءمة لمصالحها؟ وهل تسعى تركيا حاليًا ألن تصبح العبًا رئيسيًا في الشرق األوسط؟‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫أوغلو قائد دبلوماسية العثمانيين الجدد يحلم بدور في الشرق األوسط يعوض بالده عن اإلحباط‬ ‫األوروبي ‪ ..‬لكنه يواجه عج ًزا في الدبلوماسيين األتراك‪ ،‬ال يملك سوى ألف دبلوماسي فقط أغلبهم‬ ‫ليسوا متخصصين في الشرق األوسط‬

‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪26‬‬


‫تركيا‬

‫دبلوماسية‬ ‫العثمانيني اجلدد‬ ‫بقلم‬ ‫نيكوالس بيرش‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫العدد ‪1548‬‬

‫‪25‬‬


‫قضايا‬

‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪24‬‬


‫أخبار‬

‫فيما يعد مفاجأة من العيار الثقيل‪ ،‬أكدت‬ ‫مصادر أمنية فلسطينية‪ ،‬أن التفجيرات التي‬ ‫وقعت في الشهرين األخيرين في قطاع غزة‬ ‫لم تقتصر على استهداف مؤسسات حكومية‬ ‫وسيارات قيادات محلية من حركة حماس‬ ‫بل طال عد ٌد من التفجيرات قبل أيام ‪ ‬محيط منزل‬ ‫رئيس حكومة حركة حماس المقالة في قطاع‬ ‫غزة‪ ،‬إسماعيل هنية‪ ،‬عندما تم تفجير خمس‬ ‫عبوات ناسفة صغيرة الحجم على بعد أمتار فقط‬ ‫من منزل هنية؛ الواقع في مخيم الشاطئ لالجئين‪،‬‬ ‫شمال غرب مدينة غزة نهاية األسبوع الماضي‪.‬‬ ‫وذكرت المصادر لمجلة "المجلة" أن العبوات الناسفة‬ ‫انفجرت بالتوالي في أقل من عشر دقائق منتصف ليل‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫مصادر فلسطينية‪:‬‬ ‫عناصر من حماس‬ ‫وراء تفجيرات‬ ‫استهدفت منزل هنية‬ ‫الثالثاء الماضي في محيط منزل هنية‪ ،‬وتبعها تفجير‬ ‫عبوة ناسفة أكبر حج ًما على بعد عشرات األمتار من‬ ‫المنزل الخاضع لحراسة أمنية مشددة‪.‬‬ ‫وعلمت "المجلة" من مصدر مطلع أن األجهزة‬ ‫األمنية اعتقلت عنصرين يشتبه أنهما يقفان خلف‬ ‫تفجير العبوات قرب منزل هنية وتبين لألجهزة‬ ‫األمنية أنهما معروفان في منطقة سكنهما بمخيم‬ ‫الشاطئ بأنهما من عناصر كتائب الشهيد عز الدين‬ ‫القسام‪ ،‬الذراع العسكرية لحماس‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن صدمةً سادت أوساط حركة حماس‬ ‫السياسية واألمنية والعسكرية‪ ،‬إثر الكشف أثناء‬

‫أكدت مصادر رسمية وشهود عيان مقتل‬ ‫عسكريين يمنيين وقيادي في "الحراك‬ ‫الجنوبي" مع عدد من أفراد عائلته‪ ،‬في‬ ‫مواجهات اندلعت في زنجبار جنوب اليمن‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وأعلن مصدر يمني مسئول عن مصرع‬ ‫علي صالح اليافعي المتهم باالنتماء إلى‬ ‫تنظيم القاعدة‪ ،‬مع مطلوبين آخرين‪ ،‬لم‬ ‫يحدد عددهم في المواجهات نفسها ‪.‬‬ ‫وقالت مصادر من الحراك الجنوبي‪ ،‬إن‬ ‫زوجة اليافعي وابنه وابنته قتلوا جميعًا في‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫مقتل قيادي متهم‬ ‫باالنتماء للقاعدة‬ ‫في اليمن‬

‫التحقيقات مع المتهمين عن انتماء عدد كبير من المعتقلين‬ ‫على ذمة التفجيرات الداخلية يحملون انتما ًء مزدوجًا‪.‬‬ ‫وأوضح أن عددًا من المعتقلين بتهمة التفجيرات‬ ‫ينتمي للذراع العسكرية لحركة حماس؛ التي تقود‬ ‫حكومة غزة‪ ،‬وفي الوقت نفسه يعمل بشكل سري‬ ‫مع جماعة "جند أنصار اللـه" المشهورة محليًا باسم‬ ‫جماعة "جلجلت" القريبة فكريًا من تنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫وقالت المصادر‪ :‬إن قيادة حماس تخشى من ميول‬ ‫عدد كبير من عناصر الحركة المسلحين إلى‬ ‫الجماعات المتشددة‪ ،‬وتقديم دعم لوجسيتي لها‪،‬‬ ‫وتوفير غطاء للجماعات المتشددة وعناصرها‪،‬‬ ‫فضال عن تنفيذ عناصر من حماس أعمال مسلحة‬ ‫بأيديهم ضد مصالح تتبع لحماس وحكومتها‪.‬‬

‫االشتباكات‪ .‬إلى ذلك‪ ،‬ذكر شهود عيان‪،‬‬ ‫أن االشتباكات وقعت بين القوات الحكومية‬ ‫ومسلحين من مناصري اليافعي‪ ،‬وهو أحد‬ ‫المقربين من القيادي اإلسالمي طارق‬ ‫الفضلي‪ ،‬وتتهمه السلطات أيضًا بتزويد‬ ‫اً‬ ‫فضل‬ ‫الحراك بالسالح وباإلتجار بالسالح‪،‬‬ ‫عن تهمة االنتماء للقاعدة‪.‬‬ ‫كما أشار الشهود إلى إصابة خمسة‬ ‫أشخاص على األقل من مناصري‬ ‫اليافعي بجروح في االشتباكات التي‬ ‫استخدم فيها الطرفان أسلحة رشاشة‪.‬‬ ‫من جانبه أعلن أحمد الميسري‪ ،‬محافظ‬

‫أبين‪ ،‬عن مقتل اثنين من قوات النجدة‬ ‫وإصابة ثالث خالل تلك المواجهات ‪.‬‬ ‫من ناحية أخري ‪ ‬لقي أحد نشطاء الحراك‬ ‫الجنوبي مصرعه مساء األحد ‪ 28‬فبراير‬ ‫‪ /‬شباط ‪ 2010‬في محافظة حضرموت‪،‬‬ ‫خالل قيام قوات الشرطة بتفريق مظاهرة‬ ‫مستخدمة القنابل المسيلة للدموع‬ ‫والرصاص الحي‪.‬‬ ‫يذكر أن السلطات اليمنية باتت تربط بين‬ ‫بعض قيادات الحراك الجنوبي وتنظيم‬ ‫القاعدة‪ ،‬وتُطلق على هذه الحركة اسم‬ ‫"الحراك القاعدي"‪.‬‬ ‫‪23‬‬


‫أخبار‬

‫بعد عشرين عا ًما‬

‫أعلن العراق تسمية سفيره الجديد لدى‬ ‫الكويت‪ ،‬محمد حسين بحر العلوم‪ ،‬بعد أن‬ ‫ظل هذا المنصب شاغ ًرا ‪ 20‬عا ًما بسبب‬ ‫توتر العالقات بين البلدين ‪ -‬وصلت إلى‬ ‫حد القطيعة ‪ -‬منذ غزو العراق للكويت‬ ‫عام ‪ ،1990‬إلى أن عادت عقب سقوط‬ ‫نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين‬ ‫على أيدي قوات االحتالل األمريكي‪.‬‬ ‫وسيتولى السفير الجديد مهام عمله وهو‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫بحر العلوم سفي ًرا‬ ‫للعراق لدى‬ ‫الكويت‬ ‫شقيق وزير النفط العراقي السابق إبراهيم‬ ‫بحر العلوم ونجل عضو مجلس الحكم محمد‬ ‫بحر العلوم‪ ،‬ليعطي العالقة بين البلدين بعدًا‬ ‫جديدًا رفع به مستوى التمثيل الدبلوماسي‪،‬‬ ‫خاصة أن الكويت عينت سفي ًرا لها لدى‬ ‫العراق منذ عامين وهو على المؤمن‪.‬‬ ‫واعترضت العالقات الكويتية العراقية‬ ‫توترات منذ ‪ ،2003‬إال أنها ال تزال‬ ‫متماسكة على الصعيدين الدبلوماسي‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫كلينتون ‪:‬‬ ‫العقوبات على‬ ‫إيران مسألة وقت‬ ‫أعلنت وزيرة الخارجية األمريكية‪،‬‬ ‫هيالري كلينتون‪ ،‬أن الحصول على‬ ‫قرار في مجلس األمن الدولي لفرض‬ ‫عقوبات على إيران بسبب برنامجها‬ ‫النووي قد يتطلب عدة أشهر‪.‬‬

‫وقالت كلينتون وفق وكالة الصحافة‬ ‫الفرنسية‪ "،‬نعمل بسرعة وبدقة في‬ ‫مجلس األمن الدولي‪ .‬لكن ال يمكن أن‬ ‫أعطيكم تاري ًخا محددًا ولكن أتوقع أن هذا‬ ‫األمر سيحصل خالل األشهر المقبلة"‪.‬‬

‫وكانت كلينتون التي قامت بجولة‬ ‫في أمريكا الالتينية‪ ،‬قد أعلنت‬ ‫أمام مجلس الشيوخ األمريكي‪،‬‬ ‫األسبوع الماضي‪ ،‬أن قرا ًر ا جديدًا‬ ‫ضد إيران قد يتم الحصول عليه‬ ‫"بين ‪ 30‬و‪ 60‬يو ًما المقبلة"‪.‬‬

‫جاءت تصريحات كلينتون في الوقت‬ ‫الذي أعلن وزير خارجية إيران‬ ‫منوشهر متكي‪ ،‬أن بالده على استعداد‬ ‫للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية بشأن برنامجها النووي‪.‬‬ ‫‪ ‬وقال متكي؛ إن بالده لم تحول قط مسار‬

‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫والرسمي‪ ،‬غير أن برلمانيين ومؤسسات‬ ‫إعالمية في البلدين دائما ما يتهمون بتوتر‬ ‫األجواء بين الجارين بسبب عالقة العراق‬ ‫مع المجتمع الدولي ومطالبته بتخفيف‬ ‫القيود المفروضة عليه منذ ‪ ،1990‬ومن‬ ‫بينها التعويضات المقررة من قبل األمم‬ ‫المتحدة للمتضررين من الغزو العراقي‬ ‫على الكويت والتي تقتطع من دخل بيع‬ ‫النفط إلى صندوق تابع لألمم المتحدة‪.‬‬

‫أنشطتها النووية‪ ،‬وأن طهران ترحب‬ ‫بأية مفاوضات جديدة مع القوى الدولية‪.‬‬ ‫وأكد متكي‪ ،‬أن طهران تعاونت بشكل‬ ‫كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪،‬‬ ‫وأن هذا التعاون سيستمر‪ ،‬وأشار‬ ‫إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية‬ ‫ينبغي أن تنظر إلى سجل إيران في‬ ‫التعاون‪ ،‬وهو سجل واضح تما ًما‪.‬‬ ‫وأضاف الوزير اإليراني‪ ،‬أن بالده‬ ‫ترحب دائ ًما بالمفاوضات وال تزال‬ ‫تتفاوض حاليًا مع أطراف مختلفة حول‬ ‫قضية تبادل الوقود النووي‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫تحليالت‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫الشراكة العاقلة بين‬ ‫الرياض ونيودلهي‬ ‫ثالثة أيام كانت عمر زيارة رئيس الوزراء‬ ‫الهندي الدكتور‪ ،‬مانموهان سينغ‪ ،‬إلى السعودية‪،‬‬ ‫والتي لم تكن مجرد زيارة لمسئول كبير إلى دولة‬ ‫محورية في المنطقة‪ ،‬لكنها حملت دالالت كثيرة‬ ‫وأكدت الخطوات الواثقة للمملكة نحو استقرار‬ ‫اقتصادي يسير جنبًا إلى‪ ‬جنب مع االستقرار‬ ‫السياسي‪ ،‬وكالهما يسهمان في أن يظل للسعودية‬ ‫دورها المحوري ومكانتها المميزة إقليميًا ودوليًا‪.‬‬

‫"القاهرة"عبدالجواد أبوكب‬ ‫الزيارة ‪ ‬التي جاءت تلبية‪ ‬لدعوة من العاهل‬ ‫السعودي هي األولى لرئيس وزراء هندي منذ‬ ‫‪ 28‬عا ًما‪ ..‬لذلك كان جدول أعمال الزيارة مكثف‬ ‫وتضمن الدكتور مانموهان سينغ تتخللها مباحثات‬ ‫متنوعة مع العاهل السعودي‪ ،‬الملك عبد اللـه بن‬ ‫عبد العزيز‪ ،‬تتناول العالقات الثنائية بين البلدين‪،‬‬ ‫وسبل تعزيزها في مختلف المجاالت‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫القضايا اإلقليمية والدولية ذات االهتمام المشترك‪.‬‬ ‫وتأتي الزيارة ‪ ‬في وقت تسعى فيه الدولتان‬ ‫إلى تعزيز العالقات االقتصادية والدبلوماسية‬ ‫بينهما ‪ ‬وتعد العالقة التجارية بين الهند والمملكة‬ ‫من بين العالقات الثنائية األكثر إستراتيجية لكلتا‬ ‫الدولتين‪ ..‬وتتمتع السعودية‪ ،‬بما أنها المزود األول‬ ‫للنفط بالنسبة للهند‪ ،‬بموقع يتيح لها االستفادة من‬ ‫طفرة الطلب على الطاقة في ثالث أكبر اقتصاد‬ ‫آسيوي‪ ،‬حيث يتوقع أن تشهد فيه الهند نم ًوا‬ ‫اقتصاديًا يتراوح بين ‪ 7‬و‪ 8%‬في المدى المنظور‪.‬‬ ‫وقد شهد مجلس الغرف التجارية السعودية بالرياض‬ ‫ملتقى األعمال السعودي الهندي ‪ ‬بحضور وزير‬ ‫التجارة والصناعة السعودي عبداللـه بن أحمد زينل‬ ‫ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سنغ‪.‬‬ ‫وأكد الجانبان في الكلمات التي ألقيت خالل الجلسة‬ ‫االفتتاحية حرصهما على تعزيز عالقاتهما االقتصادية‬ ‫والتجارية بما يعكس اهتمام قيادتي البلدين بتعزيز‬ ‫تلك العالقات وتنوعها لتشمل كل المجاالت والعمل‬ ‫والتعاون بين القطاعين الخاص والعام في البلدين‪.‬‬ ‫‪ ‬ووصف الوزير زينل في كلمته العالقات السعودية‬ ‫الهندية بأنها عالقات تاريخية تتسم بالتطور المستمر‬ ‫وتلبي تطلعات البلدين وتعمل على خدمة مصالحهما‬ ‫المشتركة في جميع المجاالت‪.‬‬ ‫وأوضح أن ذلك يعكس مدى اهتمام المملكة على‬ ‫تطوير التعاون مع الهند بكل الطرق والوسائل‬ ‫وترسيخ أسس العالقات الثنائية‪ ..‬مشيرًا إلى أن‬ ‫الزيارة الحالية لرئيس الوزراء الهندي إلى المملكة‬ ‫تدل‪ ،‬بشكل كبير‪ ،‬على اهتمام الهند بتطوير وتعزيز‬ ‫العالقات مع السعودية خاصة بعد توليه رئاسة‬ ‫الوزراء‪.‬‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫أكد رئيس الوزراء‬ ‫الهندي تطلع بالدة إلي‬ ‫تعزيز العالقات مع‬ ‫السعودية التي وصفها‬ ‫بأنها شريك موثوق به‬

‫المملكة والهند قد بلغ في عام ‪ 2009 / 2008‬نحو‬ ‫‪ 25‬مليار دوالر فيما ارتفعت االستثمارات الهندية‬ ‫في المملكة بشكل كبير وبلغت نحو ملياري دوالر‬ ‫من خالل ‪ 500‬مشروع مشترك وقيام العديد من‬ ‫الشركات الهندية بتكريس وجودها في المملكة‪،‬‬ ‫داعيًا المستثمرين ورجال األعمال السعوديين إلى‬ ‫استكشاف الفرص االستثمارية في الهند خاصة في‬ ‫قطاعات التعمير والصناعة والمنتجات الصيدالنية‬ ‫والصحة والزراعة والطاقة واالتصاالت والسياحة‬ ‫والخدمات‪.‬‬

‫ولفت إلى الجهود التي قامت بها الحكومة السعودية‬ ‫في إطار إجراء حزمة من اإلصالحات والتعديالت‬ ‫التي جعلت االقتصاد السعودي أكثر متانة وقوة في‬ ‫مواجهة التحديات العالمية وأثبتت صالبة قاعدته‬ ‫وسالمة منطلقاته وقدرته على التأقلم والتوسع‬ ‫وتخطي األزمات التي مرت بدول العالم‪.‬‬

‫وتصنف السعودية بأنها الشريك التجاري الرابع‬ ‫للهند بعد الصين والواليات المتحدة واإلمارات‪،‬‬ ‫فقد وصلت الواردات السعودية من السلع الهندية‬ ‫إلى ‪ 18‬مليار لاير عام ‪ ،2008‬مسجلة ارتفاعًا‬ ‫بستة أضعاف بالمقارنة بعام ‪ ،2000‬بحسب‬ ‫بيانات مؤسسة النقد‪ .‬هذا ما جعل من الهند سادس‬ ‫أكبر مصدر للواردات السعودية التي شكلت‬ ‫‪ 12.4%‬من إجمالي الواردات السعودية من آسيا‬ ‫عام ‪.2008‬‬

‫‪ ‬وقال سينغ إن الزيارة التاريخية التي قام بها خادم‬ ‫الحرمين الشريفين لبالده في عام ‪ ،2006‬كانت‬ ‫لحظة حاسمة في تاريخ العالقات الثنائية‪ ،‬مشيرًا‬ ‫إلى أنه تمخض عن تلك الزيارة توقيع إعالن‬ ‫نيودلهي التاريخي الذي حدد زيادة تدفقات التجارة‬ ‫واالستثمار وتحسين االتصال بين البلدين وتبادل‬ ‫األفكار بينهما‪.‬‬ ‫وأعرب عن تطلع بالده إلى دفع وتعزيز هذه‬ ‫العالقات إلى مستويات أعلى ‪ ‬بجهود خادم الحرمين‬ ‫الشريفين‪ ،‬وهو ما سيثري االقتصاد الهندي‪ ،‬‬ ‫خاصة أن االقتصاد السعودي قد تضاعف حجمه‬ ‫أربع مرات منذ عام ‪ 1990‬وشهد تنوعًا كبيرًا‪.‬‬ ‫كما أعرب عن تقديره لدور السعودية كشريك‬ ‫موثوق به لتلبية احتياجات بالده من الطاقة‪ ،‬مشيرًا‬ ‫إلى أن الظروف مواتية للمضي قد ًما نحو شراكة‬ ‫شاملة في مجال الطاقة‪ ‬في ظل استعداد الشركات‬ ‫الهندية العاملة في هذا المجال للمشاركة بمشاريع‬ ‫قطاع صناعات الغاز والنفط بأنواعها المختلفة في‬ ‫المملكة‪ ،‬وإقامة شراكات جديدة في مجال الطاقة‬ ‫الجديدة والمتجددة من خالل تبادل التقنيات النظيفة‪.‬‬ ‫وأشار سينغ إلى أن حجم التجارة الثنائية بين‬

‫الجدير بالذكر أن زيارة خادم الحرمين الشريفين‬ ‫الملك عبد اللـه بن عبد العزيز إلى الهند في‬ ‫كانون الثاني‪ /‬يناير ‪ ،2006‬كانت بمثابة ‪ ‬قفزة‬ ‫نوعية في دعم مسيرة التعاون وتعزيز الشراكة‬ ‫في إطار المصلحة المشتركة والصداقة‬ ‫الوثيقة التي تجمع بين البلدين والشعبين‪.‬‬ ‫خاصة أنها توجت بإعالن نيودلهي الذي نص على‬ ‫تعزيز التعاون لمكافحة خطر اإلرهاب والجرائم‬ ‫األخرى‪ ،‬واالتفاق على توسيع وتنويع التجارة‬ ‫واالستثمارات المشتركة بين البلدين‪ ،‬والتأكيد‬ ‫على أهمية استقرار سوق النفط لالقتصاد العالمي‬ ‫وتأسيس شراكة إستراتيجية نفطية‪ ،‬وكذلك قيام‬ ‫الحكومتين بتشجيع ودعم رجال األعمال في‬ ‫كال البلدين‪ ،‬والعمل على تعزيز التعاون بينهما‬ ‫في مجال التقنية ودعم وتشجيع التبادل الثقافي‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالتعاون السياسي‪ ،‬أكد البلدان‬ ‫التزامهما بمبادئ الشرعية الدولية وأهمية الحفاظ‬ ‫على السالم واالستقرار الدوليين‪ ،‬واتفق الجانبان‬ ‫على العمل معًا لحل النزاعات الدولية القائمة‬ ‫بالطرق السلمية‪.‬‬ ‫‪21‬‬


‫تحليالت‬

‫العراق‬ ‫إلى أين؟‬ ‫‪© Getty Images‬‬

‫هذا األسبوع يحدد العراق مصيره‬ ‫ومستقبله السياسي من خالل‬ ‫االنتخابات البرلمانية المقرر لها‬ ‫السابع من مارس ‪ /‬آذار الجاري‪،‬‬ ‫والتي تجرى وسط تحديات كبيرة‬ ‫تواجه الحكومة واألحزاب‪.‬‬ ‫"القاهرة" أحمد ربيع‬ ‫سواء كانت داخلية تتعلق بالوضع األمني غير‬ ‫المستقر في اآلونة األخيرة ‪ -‬والذي كشفت عنه‬ ‫التفجيرات األخيرة واستهداف بعض المرشحين‪،‬‬ ‫وكذلك استبعاد بعض المرشحين تحت مبرر انتمائهم‬ ‫لحزب البعث‪ ،‬وعلى رأسهم زعيم الجبهة العراقية‬ ‫للحوار الوطني الدكتور صالح المطلك ـ أو خارجية‬ ‫تتمثل في التدخالت اإليرانية واألمريكية في العملية‬ ‫االنتخابية والسياسية بالعراق‪ ،‬فإيران تسعى من‬ ‫خالل تواجدها ونفوذها القوي في العراق أن تؤثر‬ ‫في سير العملية االنتخابية‪ ،‬بما يحقق مصالحها من‬ ‫خالل دعم قوائم انتخابية بعينها على أسس طائفية‪،‬‬ ‫بينما تتمثل التدخالت األمريكية في سعي واشنطن‬ ‫إلى تأمين الوضع في العراق بعد انسحاب قواتها‬ ‫بحلول أغسطس‪/‬آب ‪ - 2011‬بحسب ما أعلنه الرئيس‬ ‫األمريكي باراك أوباما ‪ ،‬وكذلك تركيا التي تربطها‬ ‫بالعراق مصالح تسعى إلى تحقيقها‪.‬‬ ‫وسط هذه التدخالت تأتي التحركات السعودية‬ ‫والمصرية بهدف إنجاح االنتخابات القادمة باعتبار‬ ‫العراق جز ًءا مه ًما من العالم العربي‪ ،‬وما يحدث فيه‬ ‫يؤثر بالقطع على الدول العربية بصفة عامة وعلى‬ ‫المملكة العربية السعودية بصفة خاصة‪ ..‬نظرًا‬ ‫للقرب الجغرافي بين الدولتين‪ ،‬وبالتالي فإن إجراء‬ ‫االنتخابات بمثابة فرصة للتغيير وتحول العراق إلى‬ ‫بلد ديمقراطي يحدد مستقبله بمشاركة الشعب العراقي‬ ‫في التصويت‪.‬‬ ‫أما على المستوى األكاديمي فعلى مدار يومين نظم‬ ‫المركز الديمقراطي العربي بالقاهرة مؤتمرًا حضره‬ ‫عدد من المحللين السياسيين العراقيين والمصريين‬ ‫تناول قضية "االنعكاسات المحتملة لالنتخابات‬ ‫العراقية على مستقبل العراق والمنطقة العربية"‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من تقليل الكثير من المحللين السياسيين‬ ‫من أهمية العملية االنتخابية المقبلة‪ ،‬باعتبار أنها‬ ‫تجرى تحت سيطرة االحتالل األمريكي‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فقدانها للشرعية‪ ،‬وفقًا لما نص عليه القانون الدولي‪،‬‬ ‫فإن الدكتور نبيل حلمي ـ أستاذ القانون الدولي‬ ‫المصري ـ يرى أنه حتى إن كانت االنتخابات فاقدة‬ ‫للشرعية إال أنها خطوة مهمة من أجل تغيير الوضع‬ ‫في العراق وفى سبيل أن يحكمه العراقيون وتفويت‬ ‫الفرصة على إيران لتوسيع نفوذها داخل العراق بعد‬ ‫انسحاب القوات األمريكية‪ ،‬الفتًا إلى أن حدوث أي‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫خلل في العراق من شأنه أن يؤثر على الدول العربية‬ ‫وخاصة دول الخليج‪ ..‬وهو ما أدركته المملكة العربية‬ ‫السعودية ومصر وبدأتا في التحرك نحو إنجاح‬ ‫االنتخابات‪ ،‬لكن ذلك ال ينفي الغياب العربي في مقابل‬ ‫التواجد اإليراني والتركي واألمريكي‪.‬‬ ‫من جانبه قال الدكتور أحمد يوسف أحمد‪ ،‬مدير معهد‬ ‫البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول‬ ‫العربية‪ ،‬إن االنتخابات المقبلة لن تأت بجديد كما‬ ‫أنها لن تكون تعبيرًا عما يجري في العراق‪ ،‬وسيحدد‬ ‫ذلك نسبة المشاركة‪ ،‬مشيرًا إلى أنه إذا جاءت النتائج‬ ‫مشابهة لنتائج االنتخابات السابقة فإنه يمكن أن نقول‬ ‫" إن العراق أصبح في طريق مسدود وأن العملية‬ ‫السياسية تم الحكم عليها بالموت"‪ ..‬أما في حالة‬ ‫حدوث تغيير‪ -‬ولو طفيفًا ‪ -‬فإن ذلك سيغري القوى‬ ‫التي أعرضت عن المشاركة في االنتخابات مثل‬ ‫المقاومة بالمشاركة في العملية السياسية‪.‬‬ ‫وقال إبراهيم الدليمي‪ ،‬المحلل السياسي العراقي إن‬ ‫المعارضة العراقية ارتبطت بتحالفات مع أجهزة‬ ‫خارجية مما كان له بالغ األثر في إفشال التجربة‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬الفتًا إلى أن أمريكا لم تتبن العملية‬ ‫السياسية في العراق إال بعد فشلها في تأكيد أكاذيبها‬ ‫ حسب وصفه ‪ -‬بامتالك العراق ألسلحة دمار شامل‪.‬‬‫الدكتور محمد السعيد إدريس‪ ،‬المحلل السياسي‬ ‫للشئون الخليجية واإليرانية بمركز األهرام للدراسات‬ ‫السياسية واإلستراتيجية بمصر‪ ،‬يرى أن االنتخابات‬ ‫العراقية تشهد العديد من التحوالت والتغييرات سواء‬ ‫على المستوى الداخلي في العراق أو على المستوى‬ ‫اإلقليمي؛ أول هذه التحوالت من وجهة نظر إدريس‬ ‫أن المواطن العراقي أصبح أكثر دراية بضرورة‬ ‫مواجهة مخطط االنقسام الطائفي‪ ،‬كما أن هناك انفالتًا‬ ‫في التوحد الخاص بالتنظيمات الطائفية نفسه‪ ،‬فهذه‬ ‫االنتخابات شهدت انقسام األحزاب الشيعية‪ ،‬بينما في‬ ‫المقابل ظهر تكتل جديد يقوده رئيس الوزراء العراقي‬ ‫السابق إياد عالوي‪ ،‬وهو تكتل وطني يجمع بين‬ ‫السنة والشيعة في ائتالف واحد تحت مسمى "القائمة‬ ‫العراقية الوطنية"‬ ‫وفيما يتعلق بالتحوالت اإلقليمية أشار سعيد إلى وجود‬ ‫ثالثة أطراف فاعلة ومؤثرة في االنتخابات العراقية‬ ‫هي إيران وتركيا والدول العربية‪ ،‬ولكن الطرف‬

‫اإليراني هو الفاعل من بين األطراف األخرى في‬ ‫العراق على الرغم من أنه يواجه أزمة حقيقية تتمثل‬ ‫في االنقسام بين القوائم العراقية الشيعية التي تدعمها‬ ‫طهران‪ ،‬وبالتالي فإنه يتوقع أن تأتي نتائج العملية‬ ‫االنتخابية على غير الرغبة اإليرانية‪ ،‬فضال عن‬ ‫إيران بدأت تظهر على حقيقتها في العراق حينما‬ ‫احتلت حقل " الفكه النفطي" الواقع على الحدود‬ ‫العراقية اإليرانية‪ ،‬وهو ما كشف النقاب عن نواياها‬ ‫تجاه العراق‪ ،‬إضافة إلى ذلك أن إيران تواجه أزمة‬ ‫أخرى تتعلق ببرنامجها النووي واحتدام الصراع مع‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية مما أعاد مرة أخرى طرح‬ ‫خيار الحل العسكري كبديل للعقوبات المشددة‪ ،‬فهذا‬ ‫الملف يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالوضع في العراق ألنه‬ ‫كلما مر يوم لوجود االحتالل في العراق فإن هذا يعد‬ ‫يو ًما جديدًا إيجابيًا للملف النووي اإليراني‪ ،‬نظرًا ألن‬ ‫طهران تعلم أن واشنطن يصعب عليها اإلقدام على‬ ‫عمل عسكري ضدها وهى مازالت قابعة في العراق‪،‬‬ ‫وبالتالي فإن إيران صاحبة مصلحة من بقاء القوات‬ ‫األمريكية في العراق ‪.‬‬ ‫أما تركيا‪ ،‬وفقًا لسعيد‪ ،‬فهي صاحبة مصلحة في‬ ‫إجراء االنتخابات ونجاحها نظرًا لخالفاتها مع األكراد‬ ‫ورغبتها في عدم انفصالهم عن العراق‪ ،‬بينما الدول‬ ‫العربية غائبة تما ًما عن العراق باستثناء التحركات‬ ‫المصرية والسعودية والسورية مشيراً إلى أن‬ ‫االنتخابات القادمة ‪ -‬في ظل رفض المقاومة العراقية‬ ‫لها ‪ -‬ستحدد مستقبل العراق خاصة وأنه في حالة‬ ‫مشاركة أعوان المقاومة في العملية التصويتية ربما‬ ‫نفاجأ بحكومة وطنية‪.‬‬ ‫من جانبه قال الدكتور حسن أبو طالب‪ ،‬رئيس تحرير‬ ‫التقرير اإلستراتيجي العربي بمركز األهرام للدراسات‬ ‫السياسية واإلستراتيجية‪ ،‬إن الغزو األمريكي للعراق‬ ‫كان له تأثيراته على اإلقليم العربي بأكمله وليس على‬ ‫العراق فحسب وما حدث من اجتثاث للبعثيين كان‬ ‫بهدف التأثير على التوازنات المتعلقة بالحالة العراقية‬ ‫االنتخابية بما يعطي فرصًا أكبر لمن لهم مصالح مع‬ ‫النفوذ اإليراني في العراق‪.‬‬ ‫وأوضح أبو طالب أن المتنافسين في االنتخابات في‬ ‫أذهانهم نفوذ القوى اإليرانية واألمريكية والتركية‬ ‫وبالتالي فإن الصورة العراقية تبدو مفتتة سياسيًا‪،‬‬ ‫لكنها قابلة إلعادة التشكيل‪.‬‬ ‫‪20‬‬


‫تحليالت‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫بحر العلوم سفير العراق لدى الكويت‬ ‫بعد عشرين عا ًما‬

‫الشراكة العاقلة بين الرياض ونيودلهي‬ ‫حماس وراء تفجيرات استهدفت منزل هنية‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪19‬‬




‫الموجز رسائل‬

‫رسائل‬ ‫العدد السابق‬

‫لمن سيصوت الشيعة؟‬ ‫تتركز األنظار تحديدا على الشيعة في العراق حيث‬ ‫إنهم األغلبية بين الشعب وتستطيع أصواتهم حسم‬ ‫االنتخابات التي تعتبر حاسمة لتحديد مصير البالد‬ ‫ومن سيفوز بمنصب رئيس الوزراء القادم‪.‬‬ ‫سعيد عالوى‬

‫إصالح دون خسائر‬ ‫تقرير مثير لالهتمام تعرض فيه برومبرج لعدد هائل‬ ‫من الجوانب التي تستحوذ على اهتمام الواليات‬ ‫المتحدة لحماية مصالحها األمنية في المنطقة‪ .‬شكراً‬ ‫للمجلة على أنها أتحفتنا بهذا الحوار الرائع‪.‬‬ ‫هدى إبراهيم‬

‫االختبار الكبير‬

‫ماذا تبقى من وعود أوباما؟‬

‫بالفعل االنتخابات العراقية بمثابة إختبار إرادة وتنظيم الشعب‬ ‫العراقي فيما يتعلق بالعملية الديمقراطية في البالد خاصة مع‬ ‫قرب إتمام القوات األمريكية النسحابها من البالد مما يتركها‬ ‫مفتوحة لتيارات سياسية وعرقية عديدة‪.‬‬

‫ما أسهل الكلمات التي عادة ما يتشدق بها الرؤساء‪،‬‬ ‫وما أصعب التنفيذ عليهم‪ .‬أظن أن أوباما لن يبالي‬ ‫كثي ًرا بعالمنا العربي فلديه من المشكالت األمريكية‬ ‫ما ال حصر لها‪.‬‬

‫شهاب عقيل‬

‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫سيف منتظر‬ ‫‪16‬‬


‫‪ 2‬نيوزويك‬ ‫الميالد الجديد للعراق‬

‫‪2‬‬

‫يتناول العدد الجديد االنتخابات البرلمانية التي تشكل فرصة حقيقية أمام العراق لتطبيق الديمقراطية‬ ‫في بلد يمزقه اإلرهاب والصراع الطائفي‪ ،‬ويعاني من االضطرابات السياسية المستمرة‪ .‬وستشهد‬ ‫االنتخابات القادمة مشاركة جميع الفصائل الموجودة في البالد‪ .‬ولن يقف األمر عند االنتخابات‬ ‫لكنه سيتجاوزها للقيام بالمهمة الصعبة‪ ،‬المتمثلة في اختيار التوجه السياسي للعراق في المستقبل‪.‬‬ ‫ووفقا لما ذكره السفير األمريكي في بغداد‪ ،‬كريستوفر هيل‪ ،‬فإن سلوك الخاسرين في المعركة‬ ‫االنتخابية‪ ،‬وليس الفائزين‪ ،‬هو الذي سيكون االختبار الحقيقي‪.‬‬

‫‪ 3‬نيويوركر‬ ‫دعونا نتفق‬

‫ال تزال أجندة الرعاية الصحية التي اقترحها الرئيس أوباما تحتل جزءا كبيرا من المناقشات في‬ ‫الكونجرس‪ .‬فبينما يعلن الديمقراطيون عن نيتهم في توفير العالج لمن ال يتمتعون بتأمين صحي‪،‬‬ ‫يقف الجمهوريين في مواجهتهم معلنين أن الدولة ال يمكنها أن تتحمل مثل هذه المبادرة‪ .‬وتوضح‬ ‫هذه المقالة في مجله نيويوركر مدى التشابه بين موقف الديمقراطيين وموقف نيكسون‪ ،‬الذي قام‬ ‫بتقديم مشروع قانون مشابه لهذا‪ ،‬ولكن تم رفضه‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬يحذر كاتب المقال من العواقب‬ ‫المؤسفة التي قد تترتب على رفض هذا "التشريع الطموح"‪ ،‬ولكن مع ذلك يبقى األمل في أن ينجح‬ ‫الكونجرس في التوصل إلى اتفاق نهائي‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫غالفاألسبوع‬

‫‪ 4‬ريزون‬ ‫معضلة المناخ‬ ‫وفقا لما ذكره رونالد بيلي‪ ،‬فإن قمة كوبنهاجن قد انتهت نهاية مؤسفة نتيجة للخالف الذي نشب‬ ‫بين الصين والواليات المتحدة‪ ،‬اللتين تعدان من أكبر الدول التي بها نسبة انبعاثات من ثاني‬ ‫أكسيد الكربون في العالم‪ .‬وتقدم هذه المقالة خلفية تقنية وزمنية للجدل المستمر حول قضايا‬ ‫البيئة‪ ،‬وتبين أنه إذا لم يكن هناك تعاون حقيقي من جانب الصين‪ ،‬فإن أي محاولة للحفاظ على‬ ‫البيئة ستمنى بالفشل الذريع‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫‪15‬‬


‫الموجز بانوراما الصحافة‬

‫الموجز قالوا‬

‫أقوال‬

‫بانوراما‬ ‫الصحافة‬

‫"نتائج االنتخابات ستكون‬ ‫لحظة حاسمة لمعظم‬ ‫العراقيين "‬ ‫آد ميلكيرت‬ ‫رئيس بعثة االمم المتحدة في العراق‬

‫"التحديات التي تواجه اليمن‬ ‫لن يتم حلها عن طريق العمل‬ ‫العسكري وحده"‬ ‫هيالري كلينتون‬ ‫وزيرة الخارجية األمريكية‬

‫‪1‬‬ ‫‪ 1‬التايم‬

‫حان الدور اآلن على االتحاد‬ ‫األوروبي لمساعدة اليونان‬ ‫و التي أعلنت عن إجراءات‬ ‫تقشفية لضبط العجز المتفاقم في‬ ‫الميزانية‬ ‫باباند ريو‬ ‫رئيس الوزراء اليوناني‬

‫"مائير داغان ال يصلح للمهمة‬ ‫الموكلة إليه‪ ،‬وعليه أن يغادر‬ ‫منصبه بسرعة‪ ..‬يبدو أن الموساد‬ ‫ما زال يعمل بعقلية العقد السادس‬ ‫من القرن الماضي"‬

‫االنكماش المذهل ألوروبا‬ ‫سرعان ما تبددت األحالم‪ ،‬التي صاحبت اختيار‬ ‫رئيس ووزير خارجية لالتحاد األوروبي‪ ،‬في‬ ‫حدوث نهضة أوروبية جديدة‪ .‬فقد أظهرت‬ ‫قمة كوبنهاجن أن الواليات المتحدة و الصين‬ ‫ال تزاالن تهيمنان على الساحة الدولية‪ ،‬تاركة‬ ‫الدول األوروبية تقف بهدوء في الظل كمتفرج‬ ‫وليس كالعب‪ .‬وتتساءل قصة الغالف في هذا‬ ‫العدد من "التايم" عن قدرة االتحاد األوروبي‬ ‫على وقف تراجع نفوذه الدولي‪ ،‬من الناحية‬ ‫االقتصادية والسياسية‪.‬‬

‫الفريق ضاحي خلفان‬ ‫القائد العام لشرطة دبي‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪14‬‬


‫‪ 8‬بريطانيا‬ ‫كشف جيم فيتزباتريك‪ ،‬الوزير‬ ‫البريطاني المنتمي لحزب العمال‪ ،‬عن‬ ‫أن حزبه تعرض لالختراق من جانب‬ ‫جماعة إسالمية أصولية تريد إقامة‬ ‫"نظام اجتماعي وسياسي إسالمي"‬ ‫في بريطانيا‪ ،‬وأشار إلى أن "منتدى‬ ‫أوروبا اإلسالمي"ـــ الذي يؤمن بالجهاد‬ ‫والشريعة ويريد تحويل بريطانيا‬ ‫وأوروبا إلى دولة إسالمية ـــ أصبح فعليًا‬ ‫حزبًا سريًا داخل حزب العمال وغيره‬ ‫من األحزاب السياسية‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ 9‬إسرائيل‬ ‫تنف تورطها‬ ‫رغم أن إسرائيل لم تؤكد أو ِ‬ ‫في اغتيال المبحوح‪ ،‬تزايد عدد زوار‬ ‫موقع الموساد على اإلنترنت‪ ،‬معربين‬ ‫عن اهتمامهم بالتقدم لالنضمام إليه‬ ‫كعمالء‪ ،‬وصرح إيالن ميزراحي‪ ،‬وهو‬ ‫النائب السابق لمدير جهاز االستخبارات‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬بأن "الموساد عاد أليام‬ ‫مجده"‪.‬‬

‫‪ 7‬تشيلي‬ ‫‪ 6‬اليابان‬ ‫أكدت حكومة هاتوياما حرصها على إنهاء‬ ‫الوجود العسكري األمريكي في البالد وعلى‬ ‫صياغة مسار جديد للسياسية الخارجية‬ ‫يركز على آسيا‪ ،‬وتعهد رئيس الوزراء‬ ‫يوكيو هاتوياما والحزب الديمقراطي‬ ‫الياباني الذي ينتمي إليه بتوجه جديد‬ ‫للسياسة الداخلية والخارجية‪ ،‬تركز بشكل‬ ‫خاص على مسألة وجود القوات األمريكية‬ ‫على األراضي اليابانية والمعاهدات غير‬ ‫المتكافئة التي ترجع لحقبة الحرب العالمية‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫أحدث زلزال تشيلي أزمة في سوق‬ ‫النحاس‪ ،‬حيث أدت المخاوف من‬ ‫مشكالت إنتاج النحاس في تشيلي‪،‬‬ ‫التي تعد أكبر مصدر لهذا المعدن‪ ،‬إلى‬ ‫ارتفاع أسعارة‪ ،‬ويمكن أن تؤدي تلك‬ ‫المخاوف إلى وقوع هذه السلعة تحت‬ ‫سيطرة المتربحين من المضاربين وسط‬ ‫حالة من عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق‬ ‫بشحنات النحاس التشيلية في المستقبل‪.‬‬ ‫وكان المحللون المعنيون بسوق النحاس‬ ‫قد ذكروا منذ أقل من شهر أن تخزين‬ ‫النحاس من جانب المضاربين والفائض‬ ‫الدولي المفترض يمكن أن يؤديا إلى‬ ‫انخفاض أسعاره إلى أقل من دوالر‬ ‫للرطل‪.‬‬

‫‪ 10‬إسبانيا‬ ‫صرح وزير خارجية إسبانيا ميجول‬ ‫موراتينوس بأن فنزويال تعهدت بالتعاون‬ ‫مع محكمة إسبانية تتهم بالده بالتواطؤ‬ ‫مع متطرفين انفصاليين من إقليم الباسك‬ ‫ومتمردين كولومبيين‪ .‬وقال الوزير‬ ‫اإلسباني إنه تحدث مع الرئيس الفنزويلي‬ ‫هوجو شافيز ووزير الخارجية نيكوالس‬ ‫مادورو اللذين أنكرا هذه االدعاءات‬ ‫ووعدا بالتحقيق فيها‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫الموجز‬

‫حول العالم‬

‫حول العالم‬ ‫‪2‬‬

‫‪10‬‬

‫‪7‬‬

‫‪4‬‬

‫‪9‬‬

‫‪8‬‬

‫‪1‬‬

‫‪5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ 1‬السعودية‬ ‫بمشاركة األمير سعود الفيصل‪ ،‬وزير‬ ‫الخارجية السعودي‪ ،‬يبدأ المجلس‬ ‫الوزاري (وزراء الخارجية) بدول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي أعمال دورتهم‬ ‫الـ ‪ 114‬يوم الثالثاء المقبل في الرياض‬ ‫برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء‬ ‫ووزير الخارجية الكويتي‪ ،‬الشيخ الدكتور‬ ‫محمد صباح السالم الصباح‪ ،‬رئيس‬ ‫الدورة الحالية للمجلس الوزاري‪ ،‬والتي‬ ‫تتناول عددًا من الموضوعات المهمة‬ ‫المتعلقة باألوضاع في منطقة الخليج‬

‫‪ 2‬العراق‬ ‫أعلنت السلطات العراقية أن عدد العراقيين‬ ‫الذين قُتلوا في فبراير‪/‬شباط الماضي‬ ‫اقترب من ضعف من قُتلوا في شهر يناير‪/‬‬ ‫ثان‪ ،‬وقال مستشار األمن القومي‪،‬‬ ‫كانون ٍ‬ ‫صفاء حسين‪ ،‬إن قوات األمن العراقية‬ ‫عثرت على متفجرات في عشر مركبات‬ ‫على األقل خالل الشهر الماضي ومنعت‬ ‫انفجارها‪ ،‬حيث تسعى القاعدة وجماعات‬ ‫متمردة أخرى الستهداف العملية االنتخابية‪.‬‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪ 3‬الصومال‬ ‫قامت جماعة الشباب الصومالية؛ الجماعة‬ ‫المتطرفة الرئيسية هناك بحظر وكالة‬ ‫األغذية التابعة لألمم المتحدة وأمرت موظفي‬ ‫المساعدات التابعة للوكالة بمغادرة هذا البلد‬ ‫الذي ضربه الفقر بشدة‪ .‬وأدلت الجماعة بيان‬ ‫تتهم فيه برنامج الغذاء العالمي بتوزيع أغذية‬ ‫منتهية الصالحية واإلضرار بالمزارعين‬ ‫المحليين‪ .‬ورفض بيتر سمردون‪ ،‬المتحدث‬ ‫الرسمي باسم برنامج الغذاء العالمي‪ ،‬التعليق‬ ‫على االتهامات‪ ،‬لكنه قال إن الوكالة ملتزمة‬ ‫بتقديم المساعدات للصومال‪.‬‬

‫‪ 4‬ليبيا‬

‫قام مئات من الليبيين باحتجاجات خارج‬ ‫السفارة السويسرية في طرابلس اعتراضًا‬ ‫على االستفتاء العام الذي أجرته الحكومة‬ ‫السويسرية أخيرًا بشأن حظر بناء المآذن في‬ ‫البالد‪ .‬وحمل المحتجون صورًا للزعيم الليبي‬ ‫معمر القذافي كما حملوا شعارات مناهضة‬ ‫لسويسرا مطالبين بمقاطعة المنتجات‬ ‫السويسرية‪ .‬جاء هذا االحتجاج بعد أيام‬ ‫من دعوة القذافي للجهاد ضد سويسرا فيما‬ ‫امتنعت سويسرا عن التعليق‪.‬‬

‫‪ 5‬إيطاليا‬ ‫اعتقلت إيطاليا تسعة أشخاص بتهمة‬ ‫اإلتجار باألسلحة لتصديرها إلى إيران‪.‬‬ ‫وأعلن مدعي مكافحة اإلرهاب أرماندو‬ ‫سباتارو في ميالنو (شمال إيطاليا)‬ ‫أن قائمة المعتقلين تضم إيرانيين‬ ‫وخمسة إيطاليين‪ .‬وقال خالل مؤتمر‬ ‫صحفي إن اإليرانيين اللذين أوقفا‬ ‫كانا يعمالن لحساب حكومة طهران‪.‬‬ ‫وأضافت القيادة اإلقليمية للشرطة‬ ‫المالية أن «بعض الذين استهدفتهم‬ ‫المذكرات يعتبرون أعضاء في‬ ‫اإليرانية»‪.‬‬ ‫االستخبارات‬ ‫أجهزة‬ ‫وكشف أن المعتقلين ارتكبوا جريمتي‬ ‫تصدير أسلحة‪ ،‬وبيع إيران معدات ذات‬ ‫«استخدام مزدوج»‪ ،‬أي أن في اإلمكان‬ ‫استخدامها كأسلحة‪.‬‬ ‫‪12‬‬


‫الموجز‬ ‫حول العالم‬

‫قالوا‬

‫بانوراما الصحافة‬

‫رسائل‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫اليمن‪:‬انفصال جديد‬ ‫تشهد اليمن هذه األيام تحركات‬ ‫متواصلة من الحكومة اليمنية على‬ ‫أصعدة مختلفة للسيطرة على حالة عدم‬ ‫االستقرار وإنهاء المواجهات المسلحة‪،‬‬ ‫التي فتحت جبهتها جنوبًا رغم إغالق‬ ‫الحكومة لملف الحوثيين‪.‬‬ ‫إال أن تنظيم القاعدة‪ ،‬الذي يعد أخطر‬ ‫ما يهدد استقرار وأمن اليمن في الفترة‬ ‫الراهنة بفضل دعمه المستمر للحراك‬ ‫الجنوبي الذي يسعى إلى االنفصال عن‬ ‫الشمال ورغم قيام الحكومة اليمنية بشن‬ ‫حمالت واسعة ضد المشتبه بانتمائهم‬ ‫إلى تنظيم القاعدة وخاصة بعد محاولة‬ ‫العدد ‪1548‬‬

‫التفجير الفاشلة التي قام بها شاب‬ ‫نيجيري على متن طائرة أمريكية في‬ ‫ديترويت عشية عيد الميالد الماضي‪.‬‬

‫اً‬ ‫فضل عن سعي التنظيم‬ ‫باب المندب‪،‬‬ ‫لتجنيد وتدريب متشددين لشن هجمات‬ ‫في المنطقة وما وراءها‪.‬‬

‫وتمكنت أجهزة األمن اليمنية هذا‬ ‫األسبوع من قتل شخص وإلقاء القبض‬ ‫على ‪ 11‬آخرين في عملية شنتها ضد‬ ‫خلية للقاعدة في صنعاء‪.‬‬

‫القاعدة‬ ‫إن‬ ‫المراقبون‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫"استفادت من الفوضى التي عمت‬ ‫في الشمال"‪ ،‬حيث انشغلت الدولة‬ ‫منذ نحو ست سنوات بالحرب مع‬ ‫جماعة الحوثيين في محافظة صعدة‪.‬‬ ‫كما يستثمر التنظيم المشاكل التي‬ ‫عرفها الجنوب وقام بدعم االحتجاجات‬ ‫والمواجهات المسلحة من جانب الحراك‬ ‫الجنوبي‪ ،‬وهو ما يؤكد أن األمر أكبر‬ ‫من كونه محاولة لالنفصال‬

‫ورغم جهود الحكومة واألجهزة األمنية‬ ‫بات اليمن في صدارة مخاوف الغرب‬ ‫األمنية عقب إعالن تنظيم القاعدة في‬ ‫جزيرة العرب‪ ،‬وهو ذراع للقاعدة‬ ‫في اليمن‪ ،‬نيته السيطرة على مضيق‬

‫‪11‬‬



‫جيوبوليتيكا‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫والمسئولين الحكوميين المستقبليين‪ .‬وبالمثل‬ ‫تم تعيين مدير شبكة "تي آر تي" التليفزيونية‬ ‫المملوكة للدولة عن طريق الرئيس عام‬ ‫‪ ،2007‬بل إن جول سوف يقوم بتعيين‬ ‫ثالثة قضاة جدد في المحكمة الدستورية‬ ‫قبل نهاية هذا العام‪ .‬وفي التحقيق مع‬ ‫العسكريين والمدنيين الذين تآمروا من أجل‬ ‫القيام بانقالب‪ ،‬تصرف المحققون الموالون‬ ‫للحكومة من وقت آلخر بنفس الطريقة‬ ‫التي كان يتصرف بها القضاة األتراك في‬ ‫عهد كمال أتاتورك‪ ،‬حيث انتهكوا الحقوق‬ ‫القضائية لمن يجري التحقيق معهم‪ .‬وتتغير‬ ‫تركيا اآلن‪ ،‬بعد ثماني سنوات مع نفس‬ ‫الحكومة ومع رئيس من نفس الحزب‪ ،‬بشكل‬ ‫تدريجي من القمة إلى القاع كما هو الحال‬ ‫بالنسبة ألي دولة تتسم بهذه الدرجة الشديدة‬ ‫من المركزية‪.‬‬ ‫وكان الدستور التركي قد صيغ تحت وصاية‬ ‫الجيش في أوائل الثمانينيات‪ ،‬وقد تحدث رجب‬ ‫طيب أردوغان أكثر من مرة عن الحاجة‬ ‫إلى التغيير الدستوري‪ ،‬لكنه لم يحقق سوى‬ ‫القليل في هذا االتجاه حتى اآلن‪ ،‬وبالتالي ال‬ ‫تزال آفة األوتوقراطية مترسخة في الكثير‬ ‫من اللوائح وفي كيان الكثير من المؤسسات‬ ‫القيادية العليا‪ ،‬والمثال الصارخ على ذلك هو‬ ‫العدد ‪1546‬‬

‫‪© Getty Images‬‬

‫اردوجان أصبح المركز الذي تدور في‬ ‫فلكه الحكومة التركيه‬

‫جول سيعين ثالثة قضاه جدد في‬ ‫المحكمه الدستورية قبل نهايتة العام‬

‫قانون إغالق األحزاب السياسية الذي هدد‬ ‫وجود حزب العدالة والتنمية عام ‪2008‬‬ ‫واستخدم إلغالق حزب المجتمع الديمقراطي‬ ‫الموالي لألكراد عام ‪ .2009‬وتعد هذه‬ ‫التدخالت مناسبة للطريقة التي يتم بها حكم‬ ‫تركيا ككل‪ ،‬فمن الملحوظ أنه في دولة تتسم‬ ‫بهذا التنوع لم يتم إعطاء سوى القليل جدًا من‬ ‫الصالحيات لألقاليم على المستوى المحلي‪،‬‬ ‫والمشكلة هي أن األحياء والمدن ليست‬ ‫لديها مصادر للدخل تمكنها من االضطالع‬ ‫بمسئولياتها‪ ،‬ومما زاد من ضعف السلطات‬ ‫المحلية تقسيم السلطة بين العمد المنتخبين‬ ‫بشكل ديمقراطي والمحافظين الذين يتم‬ ‫تعيينهم بشكل بيروقراطي‪ ،‬وال تتمتع‬ ‫المناطق الكردية األكثر فق ًرا في الشرق وال‬ ‫المناطق الغنية العلمانية في الغرب بميزة‬ ‫وجود حكم محلي يتسم باالكتفاء الذاتي وال‬ ‫بوجود نواب أقوياء في العاصمة يسعون من‬ ‫أجل مصالح تلك المناطق‪ .‬وليس هناك فصل‬ ‫في السلطات سواء على مستوى قمة الدولة‬ ‫أو على مستوى األقاليم‪ ،‬وحقيقة أن األقاليم‬ ‫والمدن محرومة من المشاركة‪ ،‬وأنها ليس‬ ‫لديها أموال وال نفوذ تمثل العقبة األكبر أمام‬ ‫مستقبل الديمقراطية في تركيا‪.‬‬ ‫إن صعود صفوة األناضول الجديدة إلى‬

‫الصفوة الكمالية سبب قوة حزب العدالة‬ ‫والتنمية‬

‫السلطة يعد تطو ًرا لم يعد النظام السياسي‬ ‫التركي قاد ًرا على التواكب معه‪ ،‬وقوة حزب‬ ‫العدالة والتنمية وموقفه ينبعان من مؤسسات‬ ‫قامت ببنائها الصفوة الكمالية (نسبة إلى‬ ‫كمال أتاتورك) لضمان السيادة لنفسها‪،‬‬ ‫وتظهر المعارك التي نتجت عن ذلك أن‬ ‫الجمهورية ال تستطيع تحقيق توازن مناسب‬ ‫بين جماعات المصالح التي تتنافس من أجل‬ ‫السلطة‪ ،‬فقد شهدت تركيا أربعة انقالبات‬ ‫خالل أربعين عا ًما‪ ،‬لكن التأييد الشعبي‬ ‫لالنقالبات اختفى‪ ،‬ويبدو أن االحتمال‬ ‫األرجح هو اإلعاقة المستمرة لإلصالحات‬ ‫والزعزعة المستمرة لالستقرار وذلك نتيجة‬ ‫للمواجهات التي ال تنتهي‪ .‬إن تركيا تحتاج‬ ‫اآلن إلى إصالح دستوري كبير يهدف إلى‬ ‫الالمركزية ونشر الديمقراطية في البالد‪،‬‬ ‫لقد تأخر كثي ًرا التقسيم الجيد للسلطة على‬ ‫المستوى المركزي وفي األقاليم‪ ،‬ويجب‬ ‫أن يدفع حزب العدالة والتنمية والبرلمان‬ ‫التركي واالتحاد األوروبي خالل محادثات‬ ‫عضوية تركيا في االتحاد‪ ،‬بقوة من أجل هذه‬ ‫اإلصالحات‪.‬‬ ‫رئيس مكتب جريدة داي زايت األلمانية في‬ ‫الشرق األوسط‬ ‫‪09‬‬


‫جيوبوليتيكا‬

‫هل ستصبح تركيا إسالمية؟‬ ‫البراجماتية في المسار السياسي لحزب العدالة والتنمية التركي‬ ‫من خالل سياساته وجمهوره وناخبيه‪ ،‬يمكننا أن نحكم على حزب العدالة والتنمية التركي بأنه عبارة عن بوتقة تجمع بين محافظين‬ ‫مخلصين وقوميين أتراك وإصالحيين ليبراليين ورجال أعمال متدينين ‪.‬‬

‫ثمة قضية تثيرها الصفوة العلمانية‬ ‫من األتراك الذين تلقوا تعلي ًما غربيًا‬ ‫ويتحدثون اإلنجليزية بشكل جيد‪ ،‬وهذه‬ ‫القضية تتلخص في سؤال يطرحونه على‬ ‫العالم ‪ :‬هل ستصبح تركيا إسالمية؟ وهم‬ ‫بالطبع يقصدون هنا التعارض المستمر‬ ‫بين حكومة رئيس الوزراء رجب طيب‬ ‫أردوغان والمؤسسة التقليدية التركية في‬ ‫مجاالت القضاء والبيروقراطية والجيش‪.‬‬ ‫وقد بلغت المواجهة مبل ًغا جديدًا في فبراير‪/‬‬ ‫شباط عندما أُلقي القبض على جنراالت‬ ‫كبار ضمن تحقيقات حساسة تم إجراؤها‬ ‫ضد شبكة إرهابية يشتبه في أنها تتلقى دع ًما‬ ‫حكوميًا‪ .‬بيد أن وصف السيناريو الحالي‬ ‫لتركيا بأنه يجمع بين شقين متناقضين‬ ‫يمثلهما اإلسالميون والعلمانيون وصف‬ ‫مضلل‪ .‬والحقيقة أن حكومة رجب طيب‬ ‫أردوغان تواجه متاعب جمة ألنها تبنت‬ ‫بعض العادات الجمهورية الكالسيكية في‬ ‫حكم تركيا‪ .‬فكيف حدث هذا بعد أن أمضى‬ ‫حزب العدالة والتنمية ثمانية أعوام في‬ ‫الحكم إلى اآلن؟‬ ‫بنا ًء على خلفيتنا عن الحركات اإلسالمية‬ ‫منذ تأسيس جماعة اإلخوان المسلمين في‬ ‫عام ‪ ،1928‬نستطيع أن نقول إن حزب‬ ‫العدالة والتنمية ليس حزبًا إسالميًا‪ .‬ومن‬ ‫خالل سياساته وجمهور ناخبيه‪ ،‬يمكننا أن‬ ‫نحكم على الحزب بأنه عبارة عن بوتقة‬ ‫تجمع بين محافظين مخلصين وقوميين‬ ‫أتراك وإصالحيين ليبراليين ورجال أعمال‬ ‫متدينين‪ .‬وحتى يحافظ على تماسك هذه‬ ‫الطوائف المختلفة معًا‪ ،‬فإن خط الحزب‬ ‫السياسي ذو طبيعة براجماتية في األساس؛‬ ‫ويمكن أن ننظر إلى هذا المسار بأنه يأخذ‬ ‫خطًا متعرجًا كما يمكن اعتباره بمثابة‬ ‫تفسير ألسباب بطء اإلصالحات في بعض‬ ‫األحيان‪ .‬وقد أظهرت االنتخابات التي‬ ‫أجريت في مارس‪ /‬آذار من عام ‪،2009‬‬ ‫أن العدالة والتنمية يمثل في األساس حزب‬ ‫الطبقات الوسطى األناضولية الصاعدة‬ ‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫مايكل ثومان‬

‫بمجرد أن يتولى أحد‬ ‫الساسة في تركيا منصب‬ ‫رئيس الوزراء أو منصب‬ ‫رئيس الجمهورية‪ ،‬تدور‬ ‫الدولة بأكملها في فلكه‪،‬‬ ‫فالحكومة التركية شديدة‬ ‫المركزية‬ ‫التي تشكل الصفوة القوية المعنية بالتجارة‬ ‫واألعمال‪ ،‬وقد احتفى الحزب بأكبر‬ ‫نجاحاته في منطقة وسط األناضول‪ ،‬لكنه‬ ‫ُمني بهزيمة في مدن البحر المتوسط‬ ‫والشرق الكردستاني‪ .‬كما أن هناك حزبًا‬ ‫إسالميًا آخر يشهد نم ًوا في تركيا وهو‬ ‫حزب السعادة الذي حظي بنسبة ‪5%‬‬ ‫من أصوات الناخبين‪ ،‬أغلبها من األتراك‬ ‫الفقراء‪.‬‬ ‫والفترة التي قضاها أردوغان في منصبه‬ ‫يمكن أن نقسمها إلى قسمين متمايزين‪.‬‬ ‫فأولاً ‪ ،‬خالل سنوات اإلصالح التي بدأت‬ ‫من عام ‪ ،2003‬إلى عام ‪ ،2005‬قام‬ ‫أردوغان بإجراء إصالحات في تركيا‪،‬‬ ‫حيث قام بتحديث القانون الجنائي وتعديل‬ ‫الحقوق المدنية والخفض التدريجي لدور‬

‫الجيش في السياسة‪ ..‬لكن الفترة الثانية‬ ‫ألردوغان كانت مشحونة بصراع مستمر‬ ‫من أجل السلطة‪ .‬فمنذ عام ‪ ،2006‬شهدت‬ ‫تركيا نزاعًا مري ًرا حول منصب الرئاسة‪،‬‬ ‫واكتُشفت مخططات سرية لألركان العامة‬ ‫من أجل إحداث انقالب وذلك في أبريل‪/‬‬ ‫نيسان ‪ ،2007‬و ُرفعت دعاوى قضائية ضد‬ ‫حزب العدالة والتنمية في عام ‪ .2008‬لكن‬ ‫هناك مفارقة عجيبة في صراع أردوغان‬ ‫مع الصفوة الكالسيكيين تتمثل في أنه تولى‬ ‫بعض المناصب التقليدية في الحكومة‬ ‫المركزية التركية منها على سبيل المثال‬ ‫مسألة التعامل مع حزب العمال الكردستاني‬ ‫وفي مجال العالقات اإلعالمية وأخي ًرا‬ ‫في سياساته الخاصة باألقلية اليونانية‬ ‫وأرمينيا‪ .‬ولعل خطابه االنفعالي والقاطع‬ ‫يعطينا فكرة بأنه حاكم تركي تقليدي يمقت‬ ‫النقد‪ .‬ويلتقي أردوغان بشكل منتظم مع‬ ‫رئيس األركان العامة‪ .‬ومقترحاته الرامية‬ ‫إلى تخفيف حدة المشكلة الكردية تمت‬ ‫الموافقة عليها من قبل ممثلي الجيش في‬ ‫مجلس األمن الوطني‪ .‬وقد دافع أردوغان‬ ‫في بعض األحيان عن األركان العامة ضد‬ ‫هجمات عنيفة من جانب حزب الشعب‬ ‫الجمهوري المعارض‪ .‬ويمكننا أن نقول إن‬ ‫طيب أردوغان هو المركز الذي تدور في‬ ‫فلكه الحكومة التركية‪.‬‬ ‫بل إنه يمكننا القول إنه بمجرد أن يتولى أحد‬ ‫الساسة في تركيا منصب رئيس الوزراء‬ ‫أو منصب رئيس الجمهورية‪ ،‬تدور الدولة‬ ‫بأكملها في فلكه‪ ،‬فالحكومة التركية حكومة‬ ‫شديدة المركزية‪ .‬وكان أردوغان فيما‬ ‫مضى يستاء هو ورفاقه السياسيون من‬ ‫هذه المركزية الشديدة في النظام‪ ،‬أما اآلن‬ ‫وبعد أن وصلوا إلى السلطة‪ ،‬فقد تعلموا‬ ‫كيف يحبونها‪ .‬وقد قام الرئيس عبد اللـه‬ ‫جول بتعيين رئيس لوكالة المجلس األعلى‬ ‫للتعليم‪ ،‬وهي وكالة قوية تشرف على‬ ‫الجامعات التي لها دور حاسم في تشكيل‬ ‫عقول ومهارات الكوادر االقتصادية‬ ‫‪08‬‬


‫‪ 45‬شخصيات‬ ‫حوار‬ ‫ جلين دافيس ‪ -‬السفير األمريكي‬‫لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية‬ ‫بروفايل‬ ‫ نصير الديمقراطية‬‫ميليس زيناوي رئيس وزراء إثيوبيا‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫العدد ‪ 19 ،1546‬فبراير ‪2010‬‬

‫للمشاركة‬ ‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى المراسلة على‬ ‫البريد اإللكتروني‬

‫‪editorial@majalla.com‬‬

‫‪ 61‬االقتصاد‬ ‫تحيا أوروبا‬

‫ملحوظة‪ :‬جميع المقاالت يجب أال تزيد عن ‪ 800‬كلمة‬

‫اإلعالن‬ ‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجى االتصال بـ‪:‬‬

‫‪ 69‬إصدارات‬ ‫كــــتب‬ ‫رجل خرج من رماد الحرب‬ ‫قراءات‬ ‫تقارير‬ ‫ماذا بعد التصريحات الحادة ؟‬

‫‪ 76‬المقال السياسي‬ ‫ضرب إيران في مقتل‬ ‫مكتب المملكة العربية السعودية‬ ‫الرياض‪-‬الشركة السعودية لألبحاث والتسويق‬ ‫شارع التخصصى‪-‬تقاطع طريق مكة‪-‬حى المؤتمرات‬ ‫ص‪-‬ب‪ 478 :‬رمز بريدى ‪11411:‬‬ ‫هاتف ‪ 966-1-4419933 :‬فاكس ‪966-1-4429555‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬ ‫مكتب القاهرة‬ ‫‪14‬شارع الحجاز ‪ -‬المهندسين ‪ -‬القاهرة‬ ‫هاتف ‪ -00202 3388654 -‬فاكس ‪00202 7492884 -‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬ ‫مكتب لندن‬

‫العدد ‪1548‬‬

‫‪Arab Press House‬‬ ‫‪182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP‬‬ ‫‪DDI: +44 (0)20 7539 2335/2337,‬‬ ‫‪Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫‪Mr. Wael Al Fayez‬‬ ‫‪w.alfayez@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel.: 0096614411444‬‬ ‫‪F.: 0096614400996‬‬ ‫‪P.O.BOX 22304‬‬ ‫‪Riyadh 11495, Saudi Arabia‬‬

‫اشتراكات‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪:‬‬ ‫‪subscriptions@majalla.com‬‬

‫تنويه‬ ‫اآلراء الواردة في هذه المجلة تعبر عن رأي‬ ‫مؤلفيها فقط وال تعبر بالضرورة عن آراء مجلة‬ ‫المجلة وهيئه تحريرها‪.‬‬

‫حقوق النشر محفوظة لمجلة المجلة ‪ 2009‬التي‬ ‫تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق‬ ‫(المملكة المتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي‬ ‫حال من األحوال إعادة طباعة المجلة أو أي جزء‬ ‫منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها‬ ‫بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو‬ ‫تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون الحصول‬ ‫على تصريح مسبق من الشركة السعودية‬ ‫لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر‬ ‫المجلة أسبوعيًا باستثناء إصدارين مدمجين في‬ ‫واحد بصورة دورية وإصدارات إضافية أو مزيدة‬ ‫أو موسعة‪ .‬لتلقي استفسارات االشتراك الرقمي‪،‬‬ ‫يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬ ‫‪07‬‬


‫المحتـوى‬

‫‪ 08‬جيوبوليتيكا‬

‫‪46‬‬

‫هل ستصبح تركيا إسالمية؟‬

‫‪ 11‬الموجز‬ ‫حول العالم‬ ‫قالوا‬ ‫بانوراما الصحافة‬ ‫رسائل‬

‫‪ 19‬تحليالت‬ ‫ العراق إلي أين؟‬‫‪ -‬الشراكة العاقلة‬

‫‪ 24‬قضايا‬ ‫دبلوماسية العثمانيين الجدد‬

‫‪ 33‬أكثر من رأي‬ ‫من يحتاج إلى من ؟‬

‫‪ 38‬أفكار‬

‫‪50‬‬

‫تجميل اإلرهاب‬

‫إدارة التحرير‬

‫مدير مكتب لندن‬ ‫مانويل أمليدا‬ ‫مدير مكتب القاهرة‬ ‫أحمد أيوب‬ ‫احملـــررون‬ ‫بوال ميجا‬ ‫وسام شريف‬ ‫دانيال كاباريلى‬ ‫سكرتيرة التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫مدير املوقع اإللكتروني‬ ‫محمد صالح‬

‫‪ 5‬مارس ‪2010‬‬

‫‪06‬‬


‫كاريكاتير‬

‫العدد ‪1548‬‬

‫‪05‬‬


‫اإلفتتاحية‬

‫الغالف‬ ‫من يحسم القضية؟‬

‫خالف األشقاء‬ ‫أحمد ماهر‬ ‫وزير الخارجية المصري السابق‬

‫جلين دافيس‬ ‫السفير األمريكي لدى الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة النووية‬

‫تجميل اإلرهاب‬ ‫فرانسيسكو كوربوز‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫أسسهــا سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬

‫تركيا‬

‫دبلوماسية العثمانيين الجدد‬ ‫بقلم‬ ‫نيكوالس بيرش‬

‫العدد ‪ 5 ،1548‬مارس ‪2010‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫أسسهــا هشام ومحمد علي حافظ‬

‫عزيزي القارئ‬

‫رئيس التحرير‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬ ‫المدير العام‬

‫طارق القين‬

‫مرحبًا بك ضيفًا على عدد هذا األسبوع من "المجلة الرقمية"‪.‬حيث‬ ‫نعرض لك جانبًا من التوجه التركي الجديد نحو الشرق األوسط‪.‬‬ ‫"نيكوالس بيرش" وهو كاتب في صحيفة "وول ستريت جورنال"‬ ‫وصحيفة "التايمز" اللندنية يسلط الضوء على هذا االتجاه‪ ،‬الذي‬ ‫اً‬ ‫متسائل عما إذا كان ذلك بمثابة دليل على أن‬ ‫تسير فيه تركيا‪،‬‬ ‫أنقرة أصابها الملل من اللهاث وراء أوروبا‪ ،‬وأصبحت ترى‬ ‫أنه من األفضل لها أن تلعب دورًا إقليميًا في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫واستكمالاً لموضوع قصة الغالف‪ ،‬يعرض لنا "إياسون‬ ‫أثاناسياديس" حوارًا مع "جلين دافيس"‪ ،‬السفير األمريكي‬ ‫لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬حول الملف النووي‬ ‫اإليراني و الدور التركي في عملية التفاوض مع طهران‪.‬‬

‫‪www.srpc.com‬‬ ‫‪The Majalla Magazine‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing‬‬ ‫‪(UK) Limited Arab Press House‬‬ ‫‪182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP‬‬ ‫‪DDI: +44 (0)20 7539 2335/2337,‬‬ ‫‪Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬

‫لذا ندعوك إلى قراءة هذه المقاالت وغير ذلك كثير على موقعنا‬ ‫اإللكتروني ‪ Majalla.com‬وكالعادة‪ ،‬فإننا نرحب بتقييم قرائنا‬ ‫وندعوهم إلى كتابة تعليقاتهم على موقع "المجلة" أو االتصال بنا إذا‬ ‫كانت لديهم الرغبة في النشر لدينا‪.‬‬ ‫مع أطيب التمنيات‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬




‫من يحسم القضية؟‬

‫خالف األشقاء‬ ‫أحمد ماهر‬ ‫وزير الخارجية المصري السابق‬

‫جلين دافيس‬ ‫السفير األمريكي لدى الوكالة الدولية‬ ‫للطاقة النووية‬

‫تجميل اإلرهاب‬ ‫فرانسيسكو كوربوز‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫تركيا‬

‫دبلوماسية العثمانيين الجدد‬ ‫بقلم‬ ‫نيكوالس بيرش‬

‫العدد ‪ 5 ،1548‬مارس ‪2010‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.