الحوثيون «حزب الله» الجديد في اليمن

Page 1



‫�أحوال‬

‫ومن نفذ‪َ ،‬‬ ‫سر وجود «داعش» وظهوره املفاجئ بهذه القوة؛ َمن أوحى بالفكرة َ‬ ‫حتى هذه اللحظة لم ُيكشف الغطاء عن ِّ‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫خطط ودعم وتجاوب؟ فهل ُيعقل أن العالم يجتمع بأممه املتحدة لشن الحرب على عصابة‪ ،‬نعم مجرد ِعصابة؟! كيف‬ ‫انسحب الجيش العراقي ُ‬ ‫وحلت إدارة محافظة املوصل ولجأ مسؤولوها إلى محافظة دهوك من إقليم كردستان؟! ماذا‬ ‫ٍّ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حصل باملنطقة ككل؟ كل ما حصل ما زال من الغوامض‪ ،‬وال أظن ستحل األلغاز في القريب العاجل أو البعيد اآلجل‪ ،‬ألن ما‬ ‫جرى على ما يبدو ال يترك أثرا‪ ،‬ففي مثل هذه األحوال ال تجد وثائق وال خطابات متبادلة‪ ،‬وال مكاملات تليفونية‪ .‬إنه عمى‬ ‫في عمى‪ ،‬وأشد املخاوف تأتي من املجهول‪ ،‬أما أن «داعش» ظهر بقوته الذاتية فهذا يصعب إدراكه وتخيله من ِقبل األطفال!‬

‫بقلم‪ :‬ر�شيد اخل ُّيون‬

‫إال أن ما هو غير غامض ومكشوف تماما‪ ،‬ومن فمهم يدانون‪ ،‬أن اإلسالم السياسي بشكل عام له فائدة من وجود هذا‬ ‫َّ‬ ‫التنظيم‪ ،‬الذي أطلق على نفسه «الخالفة اإلسالمية»‪ ،‬على أثر ما أعلن عنه سابقا «الدولة اإلسالمية في العراق والشام»‪ ،‬ثم‬ ‫وسع الدائرة إلعالن الخالفة اإلسالمية‪ .‬تتضح تلك الفائدة بشقني‪ ،‬أولهما «اإلخوان املسلمون» التنظيم الدولي‪ ،‬ممثال بلسان‬ ‫الشيخ يوسف القرضاوي‪ ،‬عندما صرح قائال إنه ضد الحرب الدولية على «داعش»‪ ،‬ألن هذه الحياض حياض املسلمني‪ ،‬مع‬ ‫مالحظته أنه ال يتفق مع التنظيم في أساليبه‪ ،‬وقبل ذلك يراه استعجل إعالن الخالفة اإلسالمية التي هي مطلب «اإلخوان»‬ ‫في نهاية األمر‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ومن جانبه‪ ،‬أعلن الشيخ قاسم الطائي موقفه ضد الحرب باملنطق الذي تحدث به القرضاوي‪ ،‬مع ُعذر أنه ضد وجود الجيوش‬ ‫األميركية‪ ،‬وأنه وصحبه من بقية امليليشيات والجيش العراقي سيتولون الحرب عليها‪ ،‬مع أن الشيخ لم يسبق أن قال كلمة‬ ‫الجيش العراقي‪ ،‬بقيادة نوري املالكي‪،‬‬ ‫عندما شنت أميركا الحرب على العراق ُإلسقاط نظام صدام حسني‪ ،‬ناهيك عن أن‬ ‫َّ‬ ‫قد ُهزم هزيمة نكراء‪ ،‬وسبيت أسلحته وقتل جنوده َّ‬ ‫وفر ضباطه‪ ..‬فبأي جيش سيقاتل الطائي «داعش»؟ ُيطلق على الشيخ‬ ‫ُ‬ ‫قاسم الطائي لقب آية الله أو آية الله العظمى‪ ،‬وهو مرجع وفقيه أو قائد ميليشيا أبي الفضل العباس‪ ،‬التي تقاتل بسوريا‬ ‫بعذر الدفاع عن العتبات املقدسة!‬ ‫َّ‬ ‫فماذا جمع‪ ،‬في املوقف‪ ،‬بني الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ قاسم الطائي؟ مع االختالف في املذهب والتوجه؟ فالقرضاوي‪،‬‬ ‫بعد مداهنة وصالت مع نظام بشار األسد‪ ،‬أعلن عن عداوته‪ ،‬وكان يرى أن السلطة لـ«اإلخوان املسلمني» السوريني قد صارت‬ ‫قاب قوسني أو أدنى‪ ،‬بعد َصالته السياسية في ميدان التحرير (شتاء ‪ ،)2011‬وصعود «اإلخوان» املصريني إلى سدة‬ ‫الحكم‪ .‬بينما الشيخ قاسم الطائي يقود ميليشيا لدعم النظام السوري‪ ،‬وال يوهمنا بالشعار املرفوع بأنه دفاع عن العتبات‬ ‫املقدسة‪ .‬فمعلوم أنه موجه من إيران اإلسالمية‪ ،‬ويوم إيران توقف الدعم لنظام بشار سينسحب لواء‬ ‫أبي الفضل العباس وبقية امليليشيات‪ ،‬وعندها تتضح القضية كلها‪ ،‬بأنها ليست دفاعا عن عتبات‬ ‫وال يحزنون‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫لكن ماذا جمع بني الشتيتني‪ ،‬القرضاوي والطائي‪ ،‬وهنا نأتي بهما كمثلني ال أكثر‪ ،‬من مفردات‬ ‫السني واإلسالم ِّ‬ ‫اإلسالم السياسي ُّ‬ ‫السياسي الشيعي؟! كيف يختلفان في كل شيء من العقيدة إلى‬ ‫التوجه‪ ،‬وكيف يتفقان في األهداف؟‬

‫ّ‬ ‫«داعش»‪ ..‬وحد‬ ‫َّ‬ ‫القرضاوي والطائي‬

‫القرضاوي أن إزالة «داعش» نكسة أخرى إلسالمه السياسي‪ ،‬وأنه لم تبق حجة لوجوده كتنظيم‬ ‫يرى َ‬ ‫دولي‪ ،‬قدم نفسه على أنه الجانب املعتدل‪ ،‬والذي ارتضته أميركا وقبلت به لحكم مصر‪ ،‬ثم تنتقل‬ ‫التجربة نفسها لتحل بتونس وليبيا وسوريا‪ ،‬وها هي موجودة بتركيا‪ .‬إلى جانب أن «داعش» بالنسبة للقرضاوي الولد‬ ‫املشاغب ال أكثر‪ ،‬سيعود إلى الطريق‪ ،‬فالخالف معه مجرد خالف بني أحبة ال بني خصوم‪ ،‬وهذا هو الحال أيضا بالنسبة‬ ‫إلى بقية «اإلخوان املسلمني»‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للشيخ الطائي‪ ،‬وهو يمثل اإلسالم الشيعي املسلح‪ ،‬واملدعوم كليا من والية الفقيه اإليرانية‪ ،‬فيرى أن القضاء على‬ ‫«داعش» بحملة دولية يعني زواله حتميا‪ ،‬فما معنى وجوده مدججا بالسالح كميليشيا شيعية‪ ،‬وها هي امليليشيات ُّ‬ ‫السنية‬ ‫َّ‬ ‫في بداية النهاية؟ لذا فإنه وصحبه وبقية امليليشيات حريصون كل الحرص على وجود «داعش» وأخواته‪ ،‬وهم األضداد‬ ‫املتآخية في هدف الوجود‪ .‬إلى ُ جانب أن نجاح هذه الحملة ال يتوج برأس «داعش» وإنما برؤوس امليليشيات كافة‪ ،‬وإعادة‬ ‫تنظيم الجيش العراقي‪ ،‬بعدما أسس على أساس طائفي ال مهني‪ ،‬وسيعبر هذا األمر على اإلسالم السياسي املسلح كله‪،‬‬ ‫والذي هو الظهير لإلسالم السياسي الذي ُيقدم نفسه بأنه مدني‪.‬‬

‫إن محاربة اإلرهاب‪ ،‬وعلى وجه الخصوص داخل العراق‪ ،‬تتطلب هذا اإلنجاز‪ ،‬وأعني القضاء على امليليشيات كافة‪ ،‬فليست‬ ‫هناك ميليشيا مساملة وأخرى شرسة أو إرهابية‪ .‬فمن املعلوم إذا أراد العالم بأممه املتحدة أن ُيحارب اإلرهاب‪ ،‬وقد عشش‬ ‫داخل العراق‪ ،‬أنه ال بد من قلع املسببات‪ ،‬وأولها أنه ال يمكن سد الطريق على «داعش» أو «القاعدة» بال ما ُيقابلها ِمن إلغاء‬ ‫امليليشيات‪ ،‬التي وصل عددها‪ ،‬حسب األخبار املتواترة من هناك‪ ،‬إلى ما يقرب من ثالثني ميليشيا‪ ،‬وقد تكاثرت ضمن ما‬ ‫ُيسمى بالحشد الشعبي ضد «داعش»‪.‬‬ ‫على أي حال‪ ،‬للقرضاوي حساباته وللطائي حساباته أيضا‪ ،‬لكن الغاية واحدة‪ ،‬هي الحفاظ على «داعش»‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫ُ‬ ‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن الحقيقة القائلة بأن االستراتيجية املقترحة قد تتطلب قوة‬ ‫جوية ال تعني أن الشعب األميركي سوف ُيعارضها بالضرورة‪ .‬أوضحت استطالعات‬ ‫الرأي العام خالل منتصف التسعينات من القرن العشرين‪ ،‬خالل حرب البوسنة‪ ،‬أن‬ ‫هناك معارضة ثابتة ومستمرة للتدخل األميركي‪ ،‬حتى لو جرى ذلك من قبل العديد‬ ‫من األطراف‪ .‬ولكن ذكرت االستطالعات ذاتها وجود دعم أكبر للعمليات الجوية‪ .‬كذلك‬ ‫عارض عدد قليل من األميركيني مساهمة إدارة أوباما بالقوات الجوية األميركية في‬ ‫الحملة الجوية التي شنها حلف الناتو في ليبيا خالل عام ‪.2011‬‬ ‫عاملني متغيرين من شأنهما التأثير بصورة‬ ‫بعيدا عن القوة الجوية‪ ،‬نجد أن هناك‬ ‫ُ‬ ‫كبيرة على التكلفة النهائية لالستراتيجية املقترحة هنا‪ :‬ما هي التكلفة التي سوف‬ ‫تتحملها واشنطن لدعم الجيش السوري الجديد‪ ،‬وما إذا كان بإمكانها إقناع حلفائها‬ ‫ُ‬ ‫بتحمل جزء من العبء‪ .‬ونظرا لتكاليف العمليات املاضية املماثلة‪ ،‬من املمكن أن تشير‬ ‫التوقعات املنطقية إلى أن القوات املحاربة الجديدة سوف تتطلب ما يتراوح بني مليار‬ ‫إلى ملياري دوالر أميركي في العام الواحد لبنائها‪ .‬وسوف تحتاج الواليات املتحدة‬ ‫األميركية إلى وضع ميزانية لقيمة إضافية تتراوح بني ‪ 6‬إلى ‪ 20‬مليار دوالر أميركي‬ ‫خالل العام الواحد لدعم القوات الجوية‪ ،‬ومن املحتمل أن تحتاج إلى مبلغ إضافي بقيمة‬ ‫تتراوح بني ‪ 1,5‬إلى ‪ 3‬مليارات دوالر أميركي سنويا للمساعدات املدنية‪.‬‬ ‫بعد جمع تلك املبالغ معا سوف نحصل على ميزانية تشغيلية إجمالية تبلغ ‪ 3‬مليارات‬ ‫دوالر أميركي سنويا ملدة عامني أو ثالثة أعوام بحد أدنى للتكلفة‪ .‬وفي حالة ما إذا كان‬ ‫من الضروري شن حملة جوية على نطاق مشابه ملا حدث في البوسنة أو أفغانستان‬ ‫السنوية سوف تصل إلى ‪ 10 – 9‬مليارات دوالر أميركي طوال مدة‬ ‫أو ليبيا‪ ،‬فإن التكلفة ُ‬ ‫النزاع‪ .‬وفي حالة ما إذا أجبرت الواليات املتحدة األميركية على تقديم قدر ُمضاعف‬ ‫من القوات الجوية كما فعلت في تلك الحروب السابقة‪ ،‬فإن التكلفة قد تصل من ‪18‬‬ ‫إلى ‪ 22‬مليار دوالر أميركي سنويا‪ .‬وبعد حدوث االستقرار السياسي‪ ،‬فإن الدعم‬ ‫املتواصل الذي تقدمه واشنطن للحكومة الجديدة قد يتطلب من مليار إلى ‪ 5‬مليارات‬ ‫دوالر أميركي لصالح تقديم الدعم املدني واألمني السنوي ملدة قد تصل إلى عقد كامل‪.‬‬ ‫وباملقارنة‪ ،‬فإن أفغانستان كلفت الواليات املتحدة األميركية ما يقترب من ‪ 45‬مليار‬

‫دوالر أميركي سنويا من عام ‪ 2001‬إلى عام ‪ ،2013‬فيما كلفها العراق ما يقرب من‬ ‫‪ 100‬مليار دوالر أميركي سنويا منذ عام ‪ 2003‬حتى عام ‪.2011‬‬

‫إثارة العراقيل‬ ‫في حالة ما إذا قررت إدارة أوباما بناء جيش سوري‪ ،‬فإنه يتعني عليها القيام بذلك‬ ‫بإدراك تام‪ ،‬حيث إن االستراتيجية قد تنطوي على خطر التصعيد‪ .‬وهناك القليل من‬ ‫الحروب‪ ،‬إن ُوجدت‪ ،‬تسير حسبما هو ُمخطط من دون تكبد أي تكاليف غير متوقعة‪،‬‬ ‫وبعضها يتحول ُليصبح أكثر غالء‪ ،‬وفوضوية ودموية مما هو متوقع‪ .‬وتقدم الحربان‬ ‫ُ‬ ‫اللتان حدثتا في أفغانستان والعراق مثاال جيدا على ذلك‪ ،‬حيث توضحان أن الدولة‬ ‫تستعد ألي ش��يء س��وى األفضل‪ .‬وإذا نفذت‬ ‫تحصل على أس��وأ النتائج عندما ال‬ ‫ُ‬ ‫الواليات املتحدة األميركية االستراتيجية املقترحة هنا‪ ،‬فقد تكون بحاجة لالستعداد‬ ‫لفقد بعض األرواح األميركية‪ .‬من املمكن أن يجري إسقاط ط��ائ��رات بها طيارون‬ ‫أميركيون‪ ،‬فيما قد يتعرض املستشارون األميركيون لإلصابة أو القتل أو األسر‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن الدولة التي تستضيف الجيش السوري الجديد في النهاية خالل‬ ‫املراحل األول��ى من نموه‪ ،‬فإن تلك الدولة تحتاج إلى ضمانات بأن الواليات املتحدة‬ ‫األميركية سوف تساعدها في الدفاع عنها ضد انتقام العدو‪.‬‬

‫تكاليف عدم اتخاذ إجراء‬ ‫أظهرت األح��داث الجارية بالعراق بوضوح تكاليف التقاعس عن العمل‪ .‬وأي��ا كان‬ ‫االختيار الذي تتخذه الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬فال ينبغي عليها اتخاذه وفقا العتقاد‬ ‫خاطئ بأنه ال توجد استراتيجية ممكنة لتحقيق االنتصار بتكلفة مقبولة‪ .‬تستطيع‬ ‫الواليات املتحدة األميركية إنهاء الحرب األهلية بسوريا وفقا لشروطها وإعادة بناء‬ ‫دولة سوريا املستقرة من دون إرسال قوات برية‪ .‬وقد يتطلب القيام بذلك قدرا كبيرا‬ ‫من الوقت والجهد واملوارد‪ .‬ومن املؤكد أن هناك رغبة في املحاولة‬

‫فورن أفيرز‪ /‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر‪65 - 2014 -‬‬


‫صحافة عالمية‬

‫ل��وزارة ال��دف��اع األميركية بتولي مهام تدريب ال�ق��وات الجديدة وتقديم االستشارات‬ ‫لها – والتي سوف تصبح بمثابة الذراع العسكرية الرسمية للحكام الشرعيني الجدد‬ ‫في سوريا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ومن املمكن أن تنهي الواليات املتحدة األميركية الحرب األهلية السورية بشروطها‬ ‫الخاصة‪ ،‬ومن دون االلتزام بإرسال القوات البرية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن العراق تقدم مثاال قويا وتحذيريا مهما للغاية‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬نجد‬ ‫أنه بحلول عام ‪ ،2009‬تمكنت الواليات املتحدة األميركية بالعراق من بناء جيش‪ ،‬على‬ ‫الرغم من قوته الضئيلة‪ ،‬فإنه مستقل وغير سياسي إلى حد ما‪ .‬وقبل ذلك بثالثة‬ ‫أعوام‪ ،‬كانت القوات األمنية بالبالد بمثابة مؤسسة ال تتمتع بالكفاءة أو املصداقية‬ ‫ومصدرا للخوف بالنسبة ملعظم العراقيني‪ .‬وتماما مثل املعارضة السورية في الوقت‬ ‫ال�ح��ال��ي‪ ،‬ف��إن الجيش ال�ع��راق��ي ك��ان ُمخترقا م��ن قبل املجرمني واملتطرفني ورج��ال‬ ‫امليليشيات ومقاتلني ليسوا ذوي كفاءة أو تسليح جيد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن برنامج الواليات املتحدة األميركية املحدد قد غير القوة‪،‬‬ ‫ليجعلها قوة ُمرحبا بها‪ ،‬بل يتعني السعي إليها‪ ،‬حيث أصبحت هي القوة التي تفرض‬ ‫االستقرار بكافة أنحاء البالد‪ .‬وفي عام ‪ ،2008‬على سبيل املثال‪ ،‬أشاد شيعة البصرة‬ ‫بكتائب الجيش التي يتكون معظمها من السنة ووصفوهم بأنهم ُمحررون‪ ،‬وذلك‬ ‫امليليشيات الشيعية لجيش املهدي‪ .‬وهناك عامل‬ ‫عندما تمكنت تلك الكتائب من إخراج‬ ‫ُ‬ ‫مهم في هذا التحول وهو التدريب الصارم املفترض لسوريا‪ ،‬الذي سمح للمستشارين‬ ‫األميركيني بالتعامل مع أفراد القوات املحلية‪.‬‬ ‫على الجانب اآلخر‪ ،‬دائما ما ُيلقي أي جيش قوي ومستقل بالشبهة على رجال السياسة‬ ‫املحليني الهمجيني الذين يحاولون تخريب‬ ‫الجيش أو إدخ��ال��ه ف��ي اللعبة السياسية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وب��اخ�ت�ص��ار ت �ع��د ت�ل��ك ه��ي ال�ط��ري�ق��ة التي‬ ‫ح ��ول ب�ه��ا رئ �ي��س ال� � ��وزراء ن� ��وري امل��ال�ك��ي‬ ‫الجيش العراقي مرة أخرى نحو امليليشيات‬ ‫الطائفية عقب خ��روج واشنطن‪ .‬ويوضح‬ ‫التراجع الناتج ف��ي امل�ه��ارات واألخالقيات‬ ‫كيف انهارت فرق الجيش العراقي األربع‬ ‫ف��ي مواجهة «داع ��ش» خ�لال شهر يونيو‬ ‫(حزيران) املاضي‪ ،‬وملاذا انضم العديد من‬ ‫أهل السنة إلى «داعش» في مواجهة املالكي‪.‬‬ ‫والدرس املستفاد لسوريا هو أنه من غير‬ ‫الكافي إنشاء جيش جديد فحسب ومساعدته على االنتصار في الحرب‪ .‬إذا أرادت‬ ‫الواليات املتحدة األميركية رؤية تطور الدولة إلى نظام سياسي جديد مستقر‪ ،‬فإنه‬ ‫سوف يتعني عليها املحافظة على دعمها ورعايتها للجيش السوري الجديد ملدة أعوام‬ ‫فيما بعد‪ ،‬ولو على صعيد التكاليف والقوى البشرية‪.‬‬

‫ات�ساع نطاق احلرب الأهلية‬ ‫يف �سوريا ي�شكل قلقا �أمنيا‬ ‫وهزمية النظام مع ا�ستمرار‬ ‫احلرب الأهلية �سيكون مبثابة‬ ‫ف�شل ا�سرتاتيجي‬

‫تحقيق السالم‬

‫ُ‬ ‫من املؤكد أن السؤال األكبر حول ذلك املقترح الطموح هو‪ :‬هل من املمكن أن ُيجدي‬ ‫ذلك نفعا؟ على الرغم من أن الحروب دائما ما تكون غير متوقعة‪ ،‬فإن هناك أكثر من‬ ‫دليل تاريخي يشير إلى أن هذا النهج مقبول تماما – وفي الحقيقة‪ ،‬هو أفضل من‬ ‫أي خيار آخر للتدخل‪.‬‬ ‫إن تجربة الواليات املتحدة األميركية في البوسنة والعراق ُتشير إلى تخطيط ّ‬ ‫فعال ملنع‬ ‫حمام الدم عقب انتصار الجيش السوري الجديد‪ .‬ففي هذين البلدين‪ ،‬نجد أن الواليات‬ ‫املتحدة األميركية قد بنت قوة قادرة بوضوح على هزيمة منافسيها‪ ،‬ولكن بعد ذلك‬ ‫كانت واشنطن قادرة على منعها من اتخاذ تلك الخطوة النهائية‪ .‬تحارب الجماعات‬ ‫التي تدعمها الواليات املتحدة األميركية بالقدر الكافي إلقناع أعدائها بضرورة تقديم‬ ‫تنازالت بشأن ترتيبات املشاركة في السلطة‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬يضمن ضغط الواليات‬ ‫املتحدة األميركية قبول املنتصر لشيء ما أقل من النصر الكامل‪.‬‬ ‫ال ُيعتبر األداء السابق ضمانا للنجاح في املستقبل بالتأكيد‪ ،‬وتختلف كل مقارنة‬ ‫تاريخية عن سوريا في نواح مهمة‪ .‬فقد فشل األداء املتطور للجيش الفيتنامي الجنوبي‬ ‫في تفادي انهياره بمجرد فقدانه للغطاء الجوي األميركي‪ .‬وكانت كرواتيا مع بداية‬ ‫التسعينات بمثابة دولة حديثة النشأة تحارب دولة أخرى حديثة النشأة وهي صربيا‪.‬‬ ‫أما القوات األمنية العراقية فقد استفادت من الوجود الهائل للقوات البرية األميركية‬

‫الذي فاق ما تتصوره الخطة املقترحة لسوريا‪.‬‬ ‫يجب أن يؤدي احتمال نشأة جيش سوري جديد من الصفر‪ ،‬واالفتقار إلى سلطة‬ ‫الدولة إلى توقف صناع السياسات قليال‪ ،‬ولكن ال ينبغي أن تكون تلك املشكالت‬ ‫بمثابة عوائق‪ .‬فقد تمكن كل من التحالف الشمالي (وه��ي املجموعة التي ساعدت‬ ‫في إسقاط طالبان في أفغانستان عام ‪ )2011‬واملعارضة الليبية‪ ،‬من التفوق دون‬ ‫مساعدة من الغرب بخالف املستشارين والقوة الجوية؛ ومن املؤكد أنهم لم يتمتعوا‬ ‫على اإلط�لاق بدعم مثلما حصلت عليه دولة مثل كرواتيا‪ .‬وبالتأكيد‪ ،‬تتمتع قوات‬ ‫األسد أيضا بقدرة أكبر اليوم مما كانت تملكه قوات طالبان في أفغانستان أو جيش‬ ‫معمر القذافي في ليبيا‪ .‬ولكن كما يبدو الجيش السوري قويا على نحو نسبي‪ ،‬فإنه‬ ‫ليس بالقوة الهائلة‪ ،‬حيث كان أداؤه سيئا في جميع الحروب منذ عام ‪ ،1948‬كما أنه‬ ‫حارب على نحو أفضل من املعارضة الضعيفة للغاية بفارق هامشي منذ عام ‪.2012‬‬ ‫ك��م م��ن ال��وق��ت يمكن أن يستغرقه تنفيذ ه��ذه الخطة؟ إن ت��اري��خ العمليات املماثلة‬ ‫بالبوسنة وأفغانستان والعراق وليبيا يشير إلى أن الواليات املتحدة األميركية سوف‬ ‫تكون بحاجة لعام أو عامني إلعداد األلوية األولى القليلة‪ .‬وبعد غزوها األولي لسوريا‪،‬‬ ‫فإنه من املحتمل أن يكون الجيش املتنامي بحاجة إلى فترة تمتد من عام إلى ثالثة‬ ‫أعوام أخرى لسحق قوات النظام ومنافسني آخرين‪ُ .‬ويشير ذلك إلى حملة تتراوح‬ ‫بني عامني إلى خمسة أعوام‪.‬‬ ‫وبمجرد وص��ول��ه إل��ى ات�ف��اق س�ل�ام‪ ،‬يتعني على الجيش الجديد إع��ادة تنظيم ذات��ه‬ ‫إل��ى جهاز أمني تقليدي بالدولة‪ .‬وق��د ينبغي عليه توسيع صفوفه من أج��ل تلبية‬ ‫االحتياجات األمنية السورية طويلة امل��دى‪ ،‬بما في ذلك هزيمة العناصر اإلرهابية‬ ‫املتبقية‪ .‬سوف يتطلب هذا ال��دور الهادف إلى تحقيق االستقرار املزيد من األع��وام‪،‬‬ ‫ولكنه سوف يكون أقل قسوة من نظام األسد بكثير‪ ،‬خاصة في حالة ما إذا أبقت‬ ‫الواليات املتحدة األميركية على دعمها للمؤسسات السورية الجديدة وإعادة هيكلتها‬ ‫االقتصادية والسياسية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ومن املؤكد أن املعارضني سوف يدفعون بأن خارطة الطريق لسوريا تعد غير قابلة‬ ‫للتنفيذ في الوقت الحالي‪ ،‬حيث إنها أتت متأخرة للغاية لدرجة ال تسمح لها بتحقيق‬ ‫أي اختالف‪ .‬ولكن الحجج املماثلة ثبت خطؤها في املاضي‪ .‬ففي شهر مارس (آذار)‬ ‫عام ‪ ،2005‬على سبيل املثال‪ ،‬كنت قد قدمت تقريرا مختصرا عن العراق أمام مجموعة‬ ‫صغيرة من كبار املسؤولني األميركيني‪ ،‬حيث عرضت االستراتيجية التي كنت أدعو‬ ‫إليها من بداية عام ‪ :2004‬وتتمثل في التحول نحو عمليات حقيقية ملواجهة املسلحني‪،‬‬ ‫والسعي إلى التعاون مع قادة القبائل السنيني في غرب العراق‪ ،‬وإرس��ال املزيد من‬ ‫اآلالف من القوات األميركية وإج��راء عملية إص�لاح سياسي تأتي من األسفل إلى‬ ‫األعلى للتشجيع على تقاسم السلطة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬كان الرد على ذلك بأنه على الرغم من‬ ‫أن هذه الخطة كانت ُمجدية خالل عام ‪ 2003‬أو حتى عام ‪ ،2004‬فإنه بحلول عام‬ ‫‪ 2005‬أصبح العراق بعيدا تماما‪ .‬ولكن االستراتيجية التي وصفتها كانت ذاتها تلك‬ ‫التي نفذها القائد ديفيد بترايوس وريان كروكر‪ ،‬السفير األميركي لدى العراق‪ ،‬بعد‬ ‫عامني – والتي غيرت مجرى الصراع‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬ال يوجد سبب آخر لالعتقاد بأن الوقت أصبح متأخرا تماما بالنسبة لسوريا‪.‬‬ ‫فالحرب األهلية هناك لن تنتهي في أي وقت قريب‪ ،‬على الرغم من حقيقة أن املساعدات‬ ‫اإليرانية والروسية املمتدة سمحت ُ‬ ‫للمخلصني لألسد بتحقيق مكاسب بارزة‪ .‬واملشهد‬ ‫األكثر احتماال هو أنه سوف يثبت أن تقدم النظام محدود وأن املوارد املتدفقة للثوار‬ ‫من الداعمني األجانب سوف تؤدي إلى حدوث حالة من الجمود‪ .‬سوف يستمر الوضع‬ ‫مشتعال في سوريا‪ ،‬بينما يواصل املسؤولون األميركيون إخبار أنفسهم بأن وقت‬ ‫اتخاذ أي إجراء قد مضى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وحتى لو تبنت واشنطن هذا املسار‪ ،‬فإن العديد من األرواح السورية سوف تفقد‬ ‫قبل نجاحها‪ .‬بيد أن الطريقة الوحيدة إلنقاذ هذه األرواح تتمثل في نشر قوات برية‬ ‫أميركية – وهو مقترح‪ ،‬بالنظر إلى شعور الشعب األميركي‪ ،‬ال يمكن اتخاذه في‬ ‫البداية‪ .‬كما أن منع القوات البرية من االنتشار‪ ،‬وهو النهج املوصى به هنا‪ ،‬هو أفضل‬ ‫فرصة لتجنب وقوع مئات آالف أخرى من الضحايا‪.‬‬

‫دعم القوات الجوية‬ ‫هناك مسألة أخرى ذات أهمية عما إذا كانت الخطة سوف تتطلب دعم القوات الجوية‬ ‫األميركية‪ ،‬حيث إن أي حملة جوية من شأنها جعل هذه االستراتيجية أكثر تكلفة‬ ‫على الصعيدين املادي والدبلوماسي‪.‬‬

‫فورن أفيرز‪ /‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪64 - 2014‬‬


‫األس��وأ من ذلك أن الحروب األهلية التي تندلع بني طوائف شعب واحد مثل سوريا‬ ‫تميل إلى االنتهاء بواحدة من طريقتني‪ :‬الطريقة األولى تحقيق أحد األطراف للنصر‬ ‫من جانب واح��د‪ ،‬تليه مذابح مروعة ضد الخصوم‪ ،‬أما الطريقة الثانية فهي تدخل‬ ‫هائل من طرف ثالث لوقف القتال وصياغة اتفاق لتقاسم السلطة‪.‬‬ ‫ن��ادرا ما ت��ؤدي مثل ه��ذه ال�ح��روب إل��ى حل من تلقاء نفسها‪ .‬ل��ذا سيكون االقتراح‬ ‫الذي يطالب بحل سريع ودبلوماسي والذي يفضله كثير من األميركيني أقرب إلى‬ ‫املستحيل‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته‪ ،‬يهدد الصراع الدائر في سوريا أيضا بجر جيرانها اآلخرين‪ ،‬وخاصة‬ ‫األردن ولبنان وتركيا‪ ،‬التي تحتوي على ما يقرب من ‪ 3‬ماليني الجئ األمر الذي أجهد‬ ‫بالفعل ميزانياتها وزاد من االضطرابات االجتماعية بداخلها‪.‬‬ ‫بعد مقاومة القيام بذلك األمر على مدى ‪ 3‬سنوات‪ ،‬يسعى البيت األبيض اآلن جاهدا‬ ‫إلى توسيع دوره في االضطرابات‪ .‬في شهر يونيو املاضي‪ ،‬طلب الرئيس األميركي‬ ‫باراك أوباما من الكونغرس املوافقة على توفير ‪ 500‬مليون دوالر أميركي لزيادة‬ ‫املساعدات األميركية املقدمة إلى املعارضة السورية املعتدلة (مثل هذه املساعدات‬ ‫كانت حتى وقت قريب تقتصر على برنامج تدريب سري في األردن)‪ .‬ولكن في كل‬ ‫مرحلة من مراحل النقاش حول سوريا‪ ،‬انتهت اإلدارة إلى أن نشر أعداد كبيرة من‬ ‫القوات البرية هي الطريقة الوحيدة لضمان زوال نظام األسد‪.‬‬ ‫من غير املرجح أن تكسر مساعدات واشنطن الحالية إلى املعارضة السورية املعتدلة‬ ‫حالة الجمود الراهنة‪.‬‬ ‫ولكن هناك‪ ،‬في الواقع‪ ،‬وسيلة يمكن أن تحصل الواليات املتحدة من خاللها على ما‬ ‫تريد في سوريا – وفي العراق أيضا‪ ،‬في نهاية املطاف ‪ -‬دون إرسال قوات أميركية‪:‬‬ ‫من خ�لال بناء جيش جديد للمعارضة السورية يكون ق��ادرا على هزيمة الرئيس‬ ‫بشار األسد واإلسالميني األكثر تشددا‪ .‬في الواقع‪ ،‬على الرغم من عيوبها‪ ،‬أصبحت‬ ‫هذه االستراتيجية الخيار األفضل للواليات املتحدة والشعب السوري واملنطقة أيضا‪.‬‬

‫اختر معاركك‬ ‫نظرا للحجج القوية املعارضة لوجود دور أكبر للواليات املتحدة في سوريا‪ ،‬فإن‬ ‫أي اقتراح لتصعيد التدخل األميركي يجب أن يحقق ‪ 4‬معايير‪ .‬أوال‪ ،‬ال تستطيع‬ ‫االستراتيجية أن تطلب إرسال قوات أميركية إلى القتال‪ .‬من املمكن إرسال األموال‪،‬‬ ‫واملستشارين‪ ،‬وحتى القوة الجوية ‪ -‬ولكن ال مانع ما دام��ت ال ت��ؤدي إل��ى إرس��ال‬ ‫قوات أميركية برية‪ .‬ثانيا‪ ،‬أي مقترح يجب أن يصب في هزيمة كل من نظام األسد‬ ‫واملتشددين اإلسالميني األكثر تطرفا‪ ،‬ألن كليهما يهددان مصالح الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬يجب أن تقدم السياسة أمال معقوال بأن ينتهي الحال إلى وجود دولة مستقرة‪.‬‬ ‫ألن اتساع نطاق الحرب األهلية في سوريا يشكل قلقا أمنيا قبل كل شيء‪ ،‬وهزيمة‬ ‫النظام مع استمرار الحرب األهلية ‪ -‬أو حتى سحق كل من النظام واملتطرفني مع‬ ‫السماح ملجموعات أخرى بالقتال ‪ -‬سيكون بمثابة فشل استراتيجي‪ .‬ال يوجد يقني‬ ‫في الحرب‪ ،‬ولكن أي خطة لتدخل أكبر من الواليات املتحدة يجب على األقل أن يزيد‬ ‫من احتماالت استقرار سوريا‪.‬‬ ‫املسألة التي باتت تمثل إشكالية أكبر هي أن االستراتيجية الحالية ال تضمن دولة‬ ‫مستقرة في النهاية‪ .‬سيطور توفير األسلحة والتدريب املحدود للثوار ببساطة من‬ ‫قدرتهم على القتال‪ .‬ولكنه لن يوحدهم‪ ،‬أو يخلق نظام تقاسم للسلطة قابال للنمو بني‬ ‫الطوائف العرقية والطائفية املنقسمة‪ ،‬أو يقيم مؤسسات حكومية قوية‪.‬‬

‫جيش قوي‬ ‫تقترح دراسة لحاالت سابقة من الدعم العسكري األميركي مسارا بديال‪ :‬تستطيع‬ ‫الواليات املتحدة أن تنشئ جيشا سوريا جديدا بتركيبة وعقيدة تقليدية‪ ،‬يكون قادرا‬ ‫على هزيمة النظام واملتطرفني معا‪ .‬وسيجبر االنتصار الحاسم من قبل هذا الجيش‬ ‫ال��ذي تدعمه ال��والي��ات املتحدة جميع األط��راف على الجلوس إل��ى طاولة املفاوضات‬ ‫وتخويل ال��والي��ات املتحدة نفوذا للتوصل إل��ى نظام تقاسم السلطة بني الفصائل‬ ‫املتنافسة‪ .‬وستخلق هذه النتيجة ظروفا أفضل لظهور دولة سورية جديدة‪ :‬تكون‬ ‫سلمية وتعددية وشاملة‪ ،‬وقادرة على حكم البالد بأكملها‪.‬‬ ‫للوصول إلى تلك النقطة‪ ،‬يجب على الواليات املتحدة أن تلتزم ببناء جيش سوري‬ ‫جديد يمكنه إنهاء الحرب واملساهمة في عودة االستقرار عندما ينتهي االقتتال‪ .‬ولذلك‬

‫يتطلب النجاح مزيدا من التمويل ‪ -‬لتدريب وتجهيز جنود الجيش الجديد – وأيضا‬ ‫مزيدا من القوى العاملة‪ ،‬لالحتياج إلى عدد كبير من املستشارين األميركيني إلعداد‬ ‫قوة جديدة وتوجيهها في العمليات القتالية‪.‬‬ ‫ستكون عملية تجنيد أفراد الجيش السوري املهمة األولى‪ .‬ويحتاج هؤالء إلى االندماج‬ ‫في هيكل عسكري تقليدي وتبني عقيدته وقواعد سلوكه‪ .‬سيتطلب تدريب أول‬ ‫مجموعة من املقاتلني (وهي مهمة من املرجح أن تقوم بها وكالة االستخبارات املركزية)‬ ‫وجود األمن والتحرر من اإللهاء‪ ،‬وسيكون من األفضل البدء بهذه املهمة خارج سوريا‪.‬‬ ‫ويمكن أن تتضمن مواقع التدريب اململكة األردنية‪ ،‬حيث تقوم الواليات املتحدة بالفعل‬ ‫بتقديم بعض املساعدات للثوار‪ ،‬وكذا تركيا‪ .‬فكلتاهما ضغطتا على واشنطن بشدة‬ ‫لتوسيع دعمها للمعارضة السورية‪ .‬ولكن ربما تطالب كلتاهما بعد ذلك بالتعويض‬ ‫عن استضافة معسكرات قاعدة جديدة كبيرة‪.‬‬ ‫ع�لاوة على تدريبها وتنظيمها في صفوف جيش تقليدي‪ ،‬يجب أن تكون القوات‬ ‫الجديدة مجهزة كقوة واحدة‪ .‬وستحتاج واشنطن إلى تزويد الجيش الجديد بأسلحة‬ ‫ثقيلة‪ ،‬بما في ذلك الدبابات وناقالت الجنود املدرعة واملدفعية وصواريخ أرض‪ -‬جو؛‬ ‫وهي أدوات مهمة للغاية لوقف التفوق الحالي الذي يتميز به النظام في األسلحة القتالية‪.‬‬ ‫كما يحتاج الجيش الجديد أيضا إلى دعم لوجستي‪ ،‬ومعدات اتصاالت‪ ،‬ووسائل نقل‪،‬‬ ‫ومعدات طبية لشن عمليات هجومية ودفاعية مستمرة ضد النظام‪.‬‬

‫الطريق إلى دمشق‬ ‫ف��ي النهاية‪ ،‬س��وف يتحرك ه��ذا الجيش ال�س��وري الجديد داخ��ل س��وري��ا‪ ،‬ول�ك��ن لن‬ ‫يحدث ذل��ك إال عندما يكون قويا بالقدر الكافي للسيطرة على األراض ��ي‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫فإنه بحاجة ألن يصل إلى درجة مهمة من‬ ‫ناحية الكم والجودة‪ .‬ولن يكون من الحكمة‬ ‫إرس��ال الجيش الجديد إل��ى دوام��ة سوريا‬ ‫قبل أن يستطيع تكوين لواءين أو ثالثة على‬ ‫األقل‪ ،‬بحيث يتكون كل لواء من ‪ 1000‬إلى‬ ‫‪ 2000‬ج�ن��دي‪ .‬ولكن األه��م م��ن ذل��ك‪ ،‬أن��ه ال‬ ‫ينبغي أن تخوض تلك التشكيالت املعركة‬ ‫إال في حالة تطوير التماسك بني الوحدات‬ ‫وامل� �ه ��ارات التكتيكية وال �ق �ي��ادة وال �ق��درات‬ ‫اللوجستية الالزمة لهزيمة قوات النظام وأي‬ ‫ميليشيات منافسة‪ .‬وعندما يعبر الحدود‬ ‫إلى سوريا‪ ،‬يتعني على الجيش أن يقوم بذلك‬ ‫بصحبة مجموعة كبيرة من املستشارين‬ ‫األميركيني‪.‬‬ ‫وحتى بعد تحقيق ه��ذه ال�ق��وة أول مكاسبها اإلقليمية ال�ب��ارزة‪ ،‬فإنه يتعني عليها‬ ‫املحافظة على زيادتها‪ .‬فمهمتها النهائية – فرض السيطرة على البالد بأكملها من‬ ‫ُ‬ ‫خالل تحطيم كافة القوات التي تعيقها – سوف تتطلب عدة مئات اآلالف من الجنود‬ ‫إلنهائها‪ .‬ولكن من غير املطلوب االنتظار لشن عمليات عسكرية حتى يصل الجيش‬ ‫إلى ذلك العدد من املقاتلني‪ .‬بل على العكس‪ :‬يمكن حشد معظم الجنود وتدريبهم بعد‬ ‫تحقيق ألويته األولى تقدمهم أوال‪.‬‬ ‫وبمجرد بدء الجنود بتأمني األراضي السورية‪ ،‬فإن قادتهم سوف يكونون بحاجة‬ ‫الس�ت�ع��ادة ال�ق��ان��ون وال�ن�ظ��ام ه�ن��اك س��ري�ع��ا‪ .‬وع�ل�ي��ه‪ ،‬ف��إن ذل��ك س��وف يعني السماح‬ ‫ُ‬ ‫للمنظمات اإلنسانية الدولية بالعودة إلى املناطق التي تعد في الوقت الحالي خارج‬ ‫الحدود وحماية موظفيها أثناء تقديمهم للمساعدات‪ .‬كما سوف يتطلب ذلك أيضا‬ ‫إنشاء نظام حكم وظيفي وعادل‪ .‬ال ترغب األغلبية العظمى من السوريني على اإلطالق‬ ‫في التعامل مع أي من طغيان نظام األسد أو تعصب خصومه اإلسالميني‪ .‬وكما هو‬ ‫الحال في كل حرب أهلية بني الطوائف‪ ،‬فإنه من املحتمل أن يحتشد السكان مع أي‬ ‫جماعة من شأنها إعادة النظام‪ .‬وعليه‪ ،‬فإنه يتعني على الجيش الجديد االستعداد‬ ‫منذ البداية لتلبية احتياجات األف��راد في كل مدينة وقرية ينتصر بها‪ ،‬مما سوف‬ ‫ُيميزه أيضا عن منافسيه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وبمجرد انتصار الجيش الجديد في املعارك البرية‪ ،‬فإن قادة املعارضة سوف يعلنون‬ ‫رسميا أنهم س��وف ُيمثلون الحكومة االنتقالية الجديدة‪ .‬وم��ن ث��م‪ ،‬س��وف تواصل‬ ‫الواليات املتحدة األميركية وحلفاؤها اعترافهم الدبلوماسي بالحركة‪ ،‬مما يسمح‬

‫فورن أفيرز‪ /‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر‪63 - 2014 -‬‬

‫يهدد ال�صراع الدائر يف �سوريا‬ ‫�أي�ضا بجر جريانها الآخرين‪،‬‬ ‫وخا�صة الأردن ولبنان وتركيا‪،‬‬ ‫التي حتتوي على ما يقرب‬ ‫من ‪ 3‬ماليني الجئ‬


‫صحافة عالمية‬

‫كيف يمكن تحويل املعارضة السورية إلى قوة قتالية حقيقية؟‬

‫جيش هلزمية األسد‬

‫الجئون سوريون يلوحون بالعلم السوري املعارض خالل مظاهرة في عمان‪ ،‬األردن( رويترز)‬

‫بقلم‪ :‬كينيث بوالك *‬

‫يواجه املعارضون لقيام الواليات املتحدة بدور نشط في إنهاء الصراع املستمر في سوريا‪ ،‬والذي دام‬ ‫لثالثة أعوام‪ ،‬توازنا مقابال تماما من قبل أولئك الذين يدعمون التدخل في البالد‪ ،‬خاصة في أعقاب‬ ‫التجارب املؤملة من الحروب في أفغانستان والعراق‪ .‬وترتبط السلبيات بحقيقة بسيطة وهي أن الواليات‬ ‫املتحدة ليست لديها مصالح في سوريا نفسها‪ .‬سوريا ليست دولة منتجة للنفط وال هي شريك تجاري‬ ‫كبير للواليات املتحدة‪ ،‬أو حتى دولة تقيم الديمقراطية‪.‬‬ ‫* زميل بارز في معهد بروكينغز ومؤلف كتاب «ما ال يمكن تصوره‪ :‬إيران والقنبلة واالستراتيجية األميركية»‬ ‫فورن أفيرز‪ /‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪62 - 2014‬‬


‫التي تشمل أكبر عدد من املسلمني‪ ،‬على أن أكثر من ‪ 50‬شخصا من مواطنيها يحاربون في‬ ‫الوقت الحالي بسوريا والعراق‪ .‬وأشارت ماليزيا إلى أن عددا يتراوح بني ‪ 30‬إلى ‪ 40‬ماليزيا‬ ‫يقومون باألمر ذاته‪ .‬وفي كلتا الحالتني‪ ،‬فإن األعداد الفعلية قد تكون أعلى من ذلك‪ ،‬في حالة ما‬ ‫إذا أخذنا في االعتبار هؤالء الذين من املحتمل أنهم سافروا إلى مناطق النزاع من دول أخرى‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬فقد أشارت الحكومة اإلندونيسية إلى أن العديد من مواطنيها قد لقوا مصرعهم خالل‬ ‫قتالهم في صفوف «داعش» بسوريا‪ .‬وفي ‪ 26‬مايو (أيار) املاضي‪ ،‬قام ماليزي بتنفيذ عملية‬ ‫انتحارية بتفجير نفسه في هجوم لصالح «داعش» بالعراق‪ .‬كما لقي شخص ماليزي آخر‬ ‫مصرعه أثناء محاربته في صفوف «داعش» بسوريا‪ ،‬وبعد عدة أشهر من وفاته‪ ،‬احتفل قادة‬ ‫اإلسالمي املاليزي باستشهاده‪ ،‬وهو الحزب ذاته الذي طرده في السابق عقب سفره إلى‬ ‫الحزب‬ ‫ُ‬ ‫سوريا‪ .‬ومن املثير لالهتمام أنه جرى االدعاء بأن ثالث سيدات ماليزيات قد اتجهن إلى سوريا‬ ‫للمشاركة في جهاد النكاح‪ ،‬لتعرضن أنفسهن على مقاتلي «داعش» وذلك «لتعزيز معنوياتهم»‪.‬‬ ‫يعتمد وصول «داعش» إلى جنوب شرقي آسيا على عدة عوامل‪ .‬أوال‪ ،‬يشعر بعض املسلمني‬ ‫الجماعة املتطرفة‪ .‬فهم يرون أوجه تشابه بني مهمة «داعش»‬ ‫امللتزمني بتوافق آيديولوجي مع‬ ‫ُ‬ ‫والنبوءات في النصوص اإلسالمية املقدسة حول إقامة دول��ة للخالفة «على منهاج النبوة»‬ ‫(خالفة نهاية الزمان) عقب سقوط الطغاة بشبه الجزيرة العربية؛ فهم أيضا ُي ُشبهون النزاع‬ ‫املروع الذي ُيذكر أنه محتوم بني قوات اإلمام املهدي‪ ،‬وهو الشخصية اإلسالمية املخ ِل َصة الذي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫من املفترض أن يحارب تحت راية سوداء‪ ،‬وتلك القوى التابعة للدجال أو املسيخ الدجال‪ .‬تشير‬ ‫األدلة املتواترة إلى أن ذلك املنظور األلفي يزداد في إندونيسيا وماليزيا‪ ،‬في ظل توسع رجال‬ ‫الدين املتطرفني مثل أمان عبد الرحمن‪ ،‬على الرغم من سجنه‪ ،‬في نشر تأثيرهم عبر اإلنترنت‬ ‫والساحات املتطرفة – بما في ذلك كتاب بعنوان «‪( »Strategi Dua Lengan‬استراتيجية ذات‬ ‫سالحني) – من خالل االستخدام املتزايد للترجمة إلى اإلندونيسية‪.‬‬ ‫وهناك سبب آخر لجذب «داع��ش»؛ وهو نزعتها الطائفية‪ُ .‬يالحظ تحدي «داعش» في بعض‬ ‫األنحاء باعتباره امتدادا لالنقسام بني السنة والشيعة‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن محاربة التنظيم‬ ‫ض��د النظام العلوي لبشار األس��د ُي�ع��د مشروعا ف��ي األوس ��اط السنية السلفية األصولية‪.‬‬ ‫وبالطريقة ذاتها‪ ،‬فإن تشدد «داع��ش» بالعراق ُيعد بمثابة نتيجة للظلم الواقع على السنيني‬ ‫من قبل حكومة نوري املالكي الشيعية‪ .‬وينبغي فهم ذلك الدعم في سياق مشكالت جنوب‬ ‫شرقي آسيا مع الطائفية؛ فاإلسالم الشيعي محظور داخل ماليزيا‪ ،‬وغير مقبول على نطاق‬ ‫واسع في إندونيسيا‪.‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬فإن مسألة تجنيد «داعش» ألشخاص بجنوب شرقي آسيا ال ُيمكن فصلها عن‬ ‫السياق األكبر لألزمة اإلنسانية بسوريا‪ .‬فالتعاطف العاملي مع الشعب السوري بني السكان‬ ‫املسلمني ذوي األعداد الهائلة في جنوب شرقي آسيا أدى من دون شك إلى دفع عدد كبير من‬ ‫البعثات اإلنسانية للتوجه نحو منطقة النزاع‪ .‬وقد يبدأ العديد من أعضاء تلك البعثات رحلتهم‬ ‫هناك بنوايا نبيلة‪ .‬ولكن بمجرد وصولهم إلى املنطقة التي ُيسيطر عليها «داعش»‪ ،‬ليس من‬ ‫الصعب تخيل كيفية تعرضهم إلى ترسيخ عقيدة «داعش» وتجنيدهم لصالحه‪.‬‬

‫قياس خاطئ‬ ‫بطرق عديدة‪ ،‬يبدو أن منطقة جنوب شرقي آسيا تشهد تكرارا لخبرتها مع أفغانستان في‬ ‫الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين‪ .‬تتمثل أكثر سمة مشتركة في جهود «داعش»‬ ‫لتجنيد أعضاء جدد‪ ،‬يقوم بتنفيذها في األغلب ُمتعاطفون من جنوب شرقي آسيا بدال من‬ ‫قادة «داعش» ذاتهم بالشرق األوسط‪ .‬وفي عام ‪ ،2012‬بدأت رغبة «داعش» في االزدياد بني‬ ‫جماعات املجتمع املدني اإلندونيسي واملاليزي التي احتشدت نتيجة لألزمة اإلنسانية بسوريا‪،‬‬ ‫وذل��ك من خ�لال نشر التوعية املحلية وجمع التبرعات‪ .‬وخ�لال ع��ام واح��د‪ ،‬أعلن العديد من‬ ‫ُ‬ ‫الدعاة اإلسالميني بإندونيسيا البيعة لخالفة «داعش»‪ ،‬فيما ذكر أن ستة طالب من خريجي‬ ‫مدرسة«نغروكي اإلسالمية» الداخلية‪ ،‬التي كانت في السابق مرتعا آليديولوجيا الجماعة‬ ‫اإلسالمية وتجنيدها‪ ،‬غ��ادروا لالنضمام إل��ى الجهاد في سوريا (وغالبا ما ح��دث ذل��ك من‬ ‫خالل تمويل من جانب الجماعة اإلسالمية وجماعات إسالمية متطرفة تابعة)‪ .‬كما يعمل‬ ‫تنظيم «داعش» بنشاط في عمليات تجنيد مقاتلني لصالحه في ماليزيا ُمن خالل جماعات‬ ‫الدراسات اإلسالمية املعروفة باسم «أسرة»‪ .‬وفي املقابل‪ُ ،‬يذكر أن هؤالء املجندين املاليزيني‬ ‫قد حاولوا تجنيد آخرين من سنغافورة‪ .‬ومن غير املعروف حتى اآلن على وجه التحديد مدى‬ ‫نجاح تلك املساعي في التجنيد‪ .‬ولكن من الواضح أن «داعش» قادر على الترويج لجهاده من‬ ‫خالل متعاطفني مع املجتمعات اإلسالمية املحلية باملنطقة وشبكاتها‪ ،‬مثلما فعل متطرفون‬ ‫أفغان في العقود السابقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ولكن هناك أيضا اختالفات واضحة بني الجهاد في الوقت الحالي والجهاد في السابق في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬ضد االتحاد السوفياتي‪ .‬في حني لقي جهاد املجاهدين األفعان ً‬ ‫دعما ً‬ ‫كبيرا‪،‬‬

‫فقد أثبت «داعش» أنه مثير لالنقسام على نحو كبير في جنوب شرقي آسيا‪ ،‬حتى بني‬ ‫الجماعات املتطرفة‪ ،‬التي عارض بعضها تنظيم «داعش» وندد به على نحو قاس‪ .‬وعلى‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬اتهمت الجماعة اإلسالمية «داعش» بأنه تنظيم تكفيري (حيث تصدر جماعة‬ ‫من املسلمني حكما ضد مسلمني آخرين بأنهم غير مسلمني) وطردت أعضاءه باعتبارهم‬ ‫ُخ��وارج (متطرفني)‪ .‬كما قامت جماعات أخ��رى‪ ،‬مثل «مجلس مجاهدي إندونيسيا»‬ ‫املحافظ‪ ،‬بإثارة الشكوك حول املؤهالت الدينية لتنظيم «داعش»‪ ،‬معلنة أنه تنظيم وليس‬ ‫خالفة‪ ،‬وبالتالي ليس له أي حق شرعي في بيعة املسلمني‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬ذكرت أيضا‬ ‫أن عملية اختيار أبو بكر البغدادي خليفة يعد بمثابة خرق للشريعة اإلسالمية‪ ،‬حيث‬ ‫إن ذلك لم يجر أمام مجلس ديني ُيمثل املجتمع اإلسالمي بأكمله‪ .‬وباعتباره خبيرا في‬ ‫قضايا اإلرهاب‪ ،‬أشار سيدني جونز إلى أن وجود ذلك االختالف في اآلراء بشأن «داعش»‬ ‫ُيشير إلى حدوث انشقاق في صفوف املجتمع املتطرف اإلندونيسي بني هؤالء الداعمني‬ ‫لتنظيم «داع��ش» وآخرين ال يزالون يوالون تنظيم القاعدة و«جبهة النصرة»‪ .‬وال يثير‬ ‫الدهشة أن يتمثل االختالف الكبير عن أيام الجهاد في أفغانستان في استخدام «داعش»‬ ‫لوسائل التواصل االجتماعي‪ .‬يستخدم التنظيم مواقع «تويتر» و«فيسبوك» لنشر رسالته‬ ‫على نطاق واسع‪ .‬كما تشير حقيقة أن السلطات في إندونيسيا كانت مترددة في إغالق‬ ‫مواقع متطرفة تحمل دعاية لتنظيم «داع��ش» على الرغم من أنها بالفعل تفرض حظرا‬ ‫على التعاليم الجهادية للجماعة (من املحتمل أن يكون ذلك نتيجة لقلق في غير محله‬ ‫ُ‬ ‫بشأن مصداقيتها الدينية في أعني املجتمع اإلسالمي املتطرف)‪ ،‬لم تعزز سوى من قدر‬ ‫حضورها في املنطقة‪.‬‬ ‫دون التقليل من قيمة التهديدات التي يمثلها «داع��ش» لجنوب شرقي آسيا‪ ،‬توجد بالفعل‬ ‫ح��دود على كفاءة تجنيده ألشخاص في املنطقة‪ .‬وعلى الرغم من االستثمارات الضخمة‬ ‫التي أنفقتها الحكومات العربية في التعليم‬ ‫اإلسالمي بكافة أنحاء جنوب شرقي آسيا‬ ‫ع �ل��ى م � ��دار ال �ع �ق��ود ال �ث�ل�اث��ة األخ � �ي� ��رة‪ ،‬ف��إن‬ ‫التواصل بني املجتمعات اإلسالمية باملنطقة‬ ‫ال ي��زال عبر اللغتني املاالوية واإلندونيسية‪،‬‬ ‫وليس بالعربية‪ .‬وال تتمتع األغلبية العظمى‬ ‫من املسلمني باملنطقة بمعرفة كافية باللغة‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة ك��ي ت�ت�م�ك��ن م��ن اس�ت�ي�ع��اب الحملة‬ ‫ال��دع��ائ �ي��ة ال �ت��ي ي�ش�ن�ه��ا «داع� � ��ش» م ��ن دون‬ ‫ترجمة‪ ،‬أو حتى االندماج الكامل مع مقاتلي‬ ‫«داع��ش» بالعراق وسوريا‪ .‬وفي أفغانستان‬ ‫خ�ل�ال ال�ث�م��ان�ي�ن��ات وال�ت�س�ع�ي�ن��ات م��ن ال�ق��رن‬ ‫العشرين‪ ،‬كانت مشكلة إيجاد معسكرات تدريبية مخصصة لألشخاص بجنوب شرقي‬ ‫آسيا أقل منها اآلن إلى حد ما؛ على الرغم من ُأن املوقف قد يتغير‪ ،‬إال أن الحال ال يبدو كذلك‬ ‫في سوريا أو العراق في الوقت الراهن‪ ،‬حيث إن املجندين من جنوب شرقي آسيا يرسلون إلى‬ ‫الصفوف األولى مع اآلخرين‪ .‬ثانيا‪ ،‬يتمتع املسلمون في كل من إندونيسيا وماليزيا بظروف‬ ‫اجتماعية واقتصادية أفضل من تلك التي يتمتع بها إخوانهم بالشام (أو حتى في أوروبا؛‬ ‫حيث إن هناك شعورا واضحا بالغربة والتهميش بني السكان املسلمني املهاجرين)‪ .‬وعلى‬ ‫العموم‪ ،‬فإن األشخاص بجنوب شرقي آسيا لديهم القليل من الدوافع للسفر إلى سوريا أو‬ ‫العراق‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬على عكس ما حدث مباشرة في أعقاب النزاع األفغاني في التسعينات‬ ‫من القرن العشرين‪ ،‬فقد افتقد تجنيد اإلرهابيني بجنوب شرقي آسيا في الوقت الحالي امليزة‬ ‫التكتيكية لعنصر املفاجأة‪ .‬وفي ظل تحذير وكاالت األمن واالستخبارات باملنطقة من التهديدات‬ ‫املحتملة النابعة من العراق وسوريا – حيث يرجع الفضل في ذلك باختصار إلى الدروس التي‬ ‫ُ‬ ‫تعلموها من تسعينات القرن العشرين – فإن الظروف تعتبر أصعب بالنسبة لذلك النوع من‬ ‫التجنيد السري الذي جرى منذ عقدين ماضيني‪ .‬وهناك عامالن آخران مفيدان في هذا الصدد‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬مهما كان حجم القصور في دولة إندونيسيا‪ ،‬فإنها في الوقت الحالي ليست ضعيفة‬ ‫كما كانت في نهاية التسعينات من القرن العشرين‪ ،‬عندما ازدهرت الجماعات املتطرفة عقب‬ ‫سقوط الرئيس السابق سوهارتو‪ .‬ثانيا‪ :‬القرار الواضح بشأن النزاع الذي طال أمده بالفلبني‬ ‫بني الحكومة وجبهة تحرير مورو اإلسالمية مهد الطريق للتعاون في مجال مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬من املفهوم أن الحكومات باملنطقة تشعر بالقلق من أن يدفع «داعش» بجيل جديد من‬ ‫الجهاديني سواء كانوا قادة أو محاربني أو دعاة باملنطقة‪ .‬وال تزال أفغانستان تلقي بظاللها‬ ‫البعيدة على النقاشات بجنوب شرقي آسيا؛ وذلك سبب وجيه‪ .‬وباإلضافة إلى توجيه النصح‬ ‫لصناع السياسات في املنطقة بدراسة أوجه التشابه بني التحدي السابق والصراع الحالي يجب‬ ‫أيضا النظر في االختالفات ذات األهمية‬

‫فورن أفيرز ‪ /‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪61 - 2014‬‬

‫امتدادا لالنق�سام بني ال�سنة‬ ‫وال�شيعة يعد البع�ض حماربة‬ ‫«داع�ش» �ضد النظام العلوي‬ ‫لب�شار م�شروعا يف الأو�ساط‬ ‫ال�سنية ال�سلفية الأ�صولية‬


‫صحافة عالمية‬

‫التطرف في الشرق األوسط ال ينتشر إلى الغرب فحسب‬

‫«داعش» تتحول نحو آسيا‬

‫رجل يصلي في مسجد خارج كواالملبور ( رويترز)‬

‫بقلم‪ :‬جوزيف شينيونغ ليو*‬

‫في ظل سعي الواليات املتحدة األميركية خالل األسابيع األخيرة لجمع تحالف دولي ملحاربة تنظيم الدولة اإلسالمية في‬ ‫ً‬ ‫العراق والشام (داعش)‪ ،‬واملعروف أيضا باسم الدولة اإلسالمية‪ ،‬نظرت على األغلب إلى الشرق األوسط وأوروبا‪ ،‬تلك املناطق‬ ‫التي تذكر أنها تواجه تهديدا مباشرا من الجماعة اإلسالمية املتشددة‪ .‬ولكن هناك أجزاء أخرى في العالم تشعر بالقلق‬ ‫ُ‬ ‫حيال «داعش»‪ ،‬وعلى رأسها جنوب شرقي آسيا‪ .‬فحكومات تلك املنطقة لم تعلن عن مخاوفها على نحو واضح‪ ،‬ولكنها‬ ‫ُ‬ ‫بالفعل تدرك أن تنظيم «داعش» ُيمثل خطرا حقيقيا؛ فالقلق الرئيس لديهم يتمثل في أن اآليديولوجيا املتطرفة للتنظيم‬ ‫سوف تتأكد قدرتها على جذب العديد من مسلمي املنطقة‪ ،‬وتحريضهم على الذهاب للشرق األوسط للمحاربة باعتبارهم‬ ‫جزءا من التنظيم‪ ،‬وفي النهاية سوف يعودون مرة أخرى إلى املنطقة عندما يعود هؤالء املتطرفون إلى بالدهم‪.‬‬ ‫* كبير زمالء وأستاذ كرسي «لي كوان يو»‪ ،‬في معهد دراسات جنوب شرقي آسيا في بروكينغز‬

‫خالل الثمانينات من القرن العشرين‪ ،‬انتقل العديد من الشباب املسلمني من جنوب شرقي فمن الطبيعي للغاية أن تشعر حكومات املنطقة بأن ما حدث من قبل سوف يحدث مجددا‪.‬‬ ‫آسيا إلى باكستان لدعم ما ُيسمى «املجاهدين األفعان» ضد االحتالل السوفياتي‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫ظل العديد من هؤالء الشباب املجندين في املنطقة‪ ،‬واختلطوا مع مسلمني ذوي أفكار مماثلة من أناقة راديكالية‬ ‫كافة األنحاء‪ ،‬وتعرضوا إلى اآليديولوجيا املتطرفة لتنظيم القاعدة‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬عاد كثير منهم‬ ‫نحو الشرق األوسط للمشاركة‬ ‫اتجهوا‬ ‫قد‬ ‫مواطنيها‬ ‫من‬ ‫العديد‬ ‫أن‬ ‫عن‬ ‫بالفعل‬ ‫سنغافورة‬ ‫كشفت‬ ‫إلى جنوب شرقي آسيا لتشكيل جماعات متطرفة خاصة بهم‪ ،‬بما في ذلك تنظيم «الجماعة‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالمية» املشهور املتصل بتنظيم القاعدة‪ ،‬الذي كان مسؤوال عن شن العديد من الهجمات في القتال ضمن صفوف «داعش»‪ ،‬واقترحت الحكومة الفلبينية أن املتعاطفني املحليني مع تنظيم‬ ‫اإلرهابية الكبيرة باملنطقة على م��دار الخمسة عشر عاما املاضية‪ .‬وفي ظل وج��ود أدل��ة في «داعش» يحاولون تجنيد أشخاص من بني سكان بانجسامورو الواقعة في الجزر الجنوبية من‬ ‫الوقت الحالي على وجود أشخاص من جنوب شرقي آسيا بني صفوف املصابني لدى «داعش»‪ ،‬البالد‪ .‬ولكن القلق األكبر يأتي من إندونيسيا وماليزيا‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد أكدت إندونيسيا‪ ،‬الدولة‬ ‫فورن أفيرز‪ /‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪60 - 2014‬‬


‫الفنادق واملتنزهات والبنايات السكنية الستثمارها فقط بضعة أسابيع‬ ‫كل عام‪ ..‬وماذا يفعل املستثمر بعد انتهاء الخريف وتراجع اإلقبال على‬ ‫زيارة املحافظة؟ نعم السائح األوروبي يأتي خالل أكتوبر (تشرين األول)‬ ‫إلى مارس (آذار) ولكن ليس بالعدد الذي يفوق طاقة االستيعاب الحالية‪.‬‬ ‫ولكن نحن بالفعل نريد أن نغير وجهات النظر هذه واستقطاب السياح على‬ ‫مدار العام؛ فلدينا الصحراء والرياضات البحرية والجبال واآلثار والطقس‬ ‫البديع طوال العام تقريبا وغير ذلك من مميزات كالسياحة الصحية‪ .‬ونقوم‬ ‫كذلك من حني آلخر بعقد املؤتمرات التي تساعد في تعريف املشاركني‬ ‫بما تتميز به املحافظة‪.‬‬

‫> ولكن ملاذا ال تستغل املساحات الشاسعة بالجبال إلقامة مشروعات‬ ‫سياحية وفنادق ومتنزهات الستقبال املزيد من السياح من كافة أرجاء‬ ‫العالم؟‬

‫واالرتقاء بخدماته ليكون درسا لجهات أخرى ربما تسعى إلى الدخول‬ ‫ضمن منظومة التفوق والنجاح‪.‬‬ ‫أما ملاذا لم أتحدث عن اإلنجازات التي قمت بها‪ ،‬فمن طبيعة العماني العمل‬ ‫في صمت وشخصيا ال أحب أن أتكلم عن اإلنجازات التي حققتها أو ما‬ ‫قام بها فريق عمل مكتبي؛ ألننا ال نقوم إال بواجبنا الوطني واإلنجازات‬ ‫واضحة وتتحدث عن نفسها وال يمكننا أبدا أن نمتدح أنفسنا واملهم هو‬ ‫توجيه اآلخرين ملواصلة عملهم بيسر وإتقان لصالح الوطن واملواطن‪ .‬إذن‬ ‫هناك أساليب مختلفة يتبعها املسؤولون في عملهم‪ ،‬ومن خالل مشاركتي‬ ‫في كثير من املواقع أثناء عملي كسفير للسلطنة في أكثر من دولة أو من‬ ‫خالل عملي كوكيل لوزارة الداخلية رأيت أنه من املفروض أن نركز على‬ ‫اإلعالم اإليجابي البناء لتوعية املواطنني أو الزائرين والعاملني بالسلطنة‬ ‫واستغالل تأثير اإلعالم على املواطن بتوجيهه لإليجابيات وبيان خطورة‬ ‫السلبيات والعادات أو التصرفات السيئة واستثمار الطاقات والعزائم التي‬ ‫يمتلكها املواطنون لصالحهم وسعادتهم وأمنهم وجمال الطبيعة والبيئة‪.‬‬ ‫وفي الواقع لم يدخر اإلعالم جهدا معنا وكانت لي لقاءات عدة مع إعالميني‬ ‫وأت��واص��ل معهم على ال��دوام وعندما أج��د شيئا يحتاج للتنبيه عليه أو‬ ‫االرتكاز إليه لصالح املواطن أتواصل معهم في الحال‪.‬‬

‫ الجبل ل��ه خصوصية ف��ي استغالله ون�ح��ن ال ن��ري��د أن ن�ش��وه الجمال‬‫والطبيعة الخالبة التي نتميز بها من أجل االستثمار السياحي كما هو‬ ‫حاصل في بعض الدول‪ .‬ولو قمنا ببناء فنادق ومتنزهات وشاليهات وسط‬ ‫أو على الجبال فسوف ندمر الطبيعة ونلوثها؛ فاالهتمام بالبيئة عندنا شيء‬ ‫أساسي؛ ولذلك لن نقوم بأي مشروعات من شأنها تغيير جغرافيا وجمال‬ ‫تلك املناطق الطبيعية التي وهبها الله تعالى للسلطنة وخصها بها من نعم‪ > .‬وفي صدارة املوقع أيضا كلمة للسلطان قابوس بن سعيد يتحدث‬ ‫> علمت أن املحافظة تعد ملشروع التلفريك في بعض املناطق الجبلية‬ ‫ف��ي ص�لال��ة اس�ت�ع��دادا ملهرجان ص�لال��ة املقبل‪ .‬فهل ب��دأت��م بالفعل في‬ ‫إعداد املشروع؟‬

‫ نحن نعمل بكل جدية على املشروع والذي سيعالج ويساعد في تيسير‬‫التنقل ببعض األماكن السياحية وأهم شيء نبحثه ونريد أن نطمئن عليه‬ ‫هو سالمة املواطن والسائح‪ ،‬ال بد أن تكون الجهات األخرى املساعدة على‬ ‫أتم استعداد لهكذا مشروع‪ ،‬كالدفاع املدني على سبيل املثال‪ ،‬وأن تكون‬ ‫لدينا الجاهزية ملعالجة أي ح��دث ط��ارئ ال سمح ال�ل��ه‪ .‬وتقدمت بالفعل‬ ‫بعض الشركات العاملية لتنفيذ املشروع وندرس اإلمكانات وننتخب أفضل‬ ‫األماكن التي يمكن أن يمر عليها التلفريك لتسهيل امل��واص�لات وإمتاع‬ ‫الناس باملناظر الخالبة من أعلى الجبال‪ .‬وكما أكدت فإن أهم شيء عندنا‬ ‫هو سالمة الناس‪.‬‬

‫> من خالل تصفح املوقع اإللكتروني ملحافظة ظفار‪ ،‬قرأت لك الكلمة‬ ‫الرئيسة باملوقع‪ ،‬التي وضحت من خاللها م��دى الجهد ال��ذي ق��ام به‬ ‫اإلعالميون القائمون على املوقع‪َ ..‬‬ ‫لم خصت كلمتك هذا املجال فقط‬ ‫ول��م تتحدث مثال عن إنجازاتك أو إن�ج��ازات املحافظة كما هو معتاد‬ ‫من الوزراء في املواقع الحكومية‪ ..‬هل لديك اهتمام خاص باإلعالم؟‬

‫ ال بد أن أتابع كل الجهات التي تساعد في تنمية املحافظة‪ ..‬إذا كنا نحتاج‬‫أن نزيد من جهد ومساهمة تلكم الجهات فنوجه لهم الشكر والتشجيع‪..‬‬ ‫وأح�ي��ان��ا ن��وج��ه ال�ك�لام لقطاع بعينه لتشجيعه على م��واص�ل��ة نجاحاته‬

‫فيها عن االستراتيجية الوطنية لتنمية قدرات املواطنني وأهمية املعرفة‬ ‫والعلم والتكنولوجيا والحث على تفعيل الحكومة اإللكترونية‪ .‬إذن‬ ‫ك�ي��ف تنظر إل��ى مستقبل سلطنة ع�م��ان بشكل ع��ام وم�ح��اف�ظ��ة ظفار‬ ‫تحديدا بصفتك وزير الدولة واملحافظ املسؤول؟‬

‫ لقد خطونا خطوات جيدة والحمد لله بشأن تحديث كل الوزارات لتواكب‬‫العصر الذي نعيشه وبات التعامل اإللكتروني متاحا للجميع والتواصل‬ ‫بالحكومة والوزارات مع املواطنني يسيرا بعد إنهاء كل اإلجراءات إلكترونيا‬ ‫وفي بعض ال��وزارات تكاد تكون كل األمور إلكترونية والتعامل باألوراق‬ ‫أصبح نادرا‪ ..‬وتتجه الحكومة العام املقبل بحول الله تعالى لتعميم التعامل‬ ‫اإللكتروني في كافة الوزارات‪ ،‬بتوجيه شديد من السلطان قابوس بن سعيد‬ ‫لتسهيل اإلج ��راءات الحكومية للمواطنني كي يتواصلوا مع كل الجهات‬ ‫وتسهيل متطلباتهم وتحقيق حاجاتهم من أي بقعة في البالد‪ .‬وكان في‬ ‫السابق يتجه املواطنون من كافة أرجاء البالد للعاصمة مسقط من أجل‬ ‫إنهاء بعض اإلج��راءات‪ ،‬واآلن يستطيع أي مواطن في كافة أرج��اء البالد‬ ‫ال�ح�ص��ول على ال�خ��دم��ة ال�ت��ي ي��ري��ده��ا م��ن موقعه وأص�ب�ح��ت على سبيل‬ ‫املثال وزارة الداخلية مرتبطة بكل السلطنة وبإمكان املواطن التواصل مع‬ ‫الوزارة وإنهاء إجراءاته في بضع دقائق وكذلك الوزارات األخرى كالتجارة‬ ‫والسياحة‪ ..‬ولكن نحن هنا في محافظة ظفار متأخرون قليال في هذا‬ ‫املجال وهذا الوضع بالطبع ال يرضيني أبدا‪ .‬ونعمل جميعا في املحافظة‬ ‫على معالجة أي قصور بكل جدية <‬

‫وزير الدولة ومحافظ ظفار‬ ‫محمد البوسعيدي‬

‫الجبل له‬ ‫خصوصية في‬ ‫استغالله ونحن‬ ‫ال نريد أن نشوه‬ ‫الجمال والطبيعة‬ ‫الخالبة التي‬ ‫نتميز بها من‬ ‫أجل االستثمار‬ ‫السياحي كما هو‬ ‫حاصل في بعض‬ ‫الدول‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪59‬‬


‫حوار‬

‫أكد على توجه السلطان قابوس بن سعيد لتعم الحكومة اإللكترونية الوزارات كافة‬

‫وزير الدولة ومحافظ ظفار محمد البوسعيدي لـ‬

‫مهرجان صاللة يعكس الوجه‬ ‫ُ‬ ‫السياحي والرتاثي لسلطنة عمان‬ ‫صاللة (سلطنة ُعمان) ‪:‬‬ ‫مصطفى الدسوقي‬

‫طبيعة العماني‬ ‫العمل في صمت‬ ‫وشخصيا ال‬ ‫أحب أن أتكلم‬ ‫عن اإلنجازات‬ ‫التي حققتها أو‬ ‫ما قام بها فريق‬ ‫عمل مكتبي‬

‫‪:‬‬

‫ف��ي اح�ت�ف��ال�ي��ة مبهجة بليلة م��ن ل�ي��ال��ي «ح��ب ع �م��ان»‪ ،‬اختتم‬ ‫مهرجان خريف صاللة السياحي فعالياته‪ ،‬مساء الخميس‪،‬‬ ‫‪ 4‬سبتمبر (أيلول) املاضي في مركز البلدية الترفيهي‪ .‬شهد‬ ‫املهرجان الذي دشنت فعالياته ثاني أيام عيد الفطر املبارك ‪29 -‬‬ ‫يوليو (تموز) املاضي ‪ -‬أجواء فرح في حفل اختتامه بحضور‬ ‫نحو ‪ 6‬آالف من املواطنني والسائحني العرب واألجانب‪ ،‬ونخبة‬ ‫من الضيوف واملسؤولني تقدمهم وزي��ر الدولة محافظ ظفار‬ ‫املشرف العام على املهرجان محمد بن سلطان البوسعيدي‬ ‫الذي قام بمشاركة رئيس بلدية ظفار الشيخ سالم بن عوفيت‬ ‫الشنفرى رئيس اللجنة املنظمة للمهرجان في تقديم الجوائز‬ ‫للفائزين بمسابقة الواليات والتي حظيت بمشاركة واسعة من‬ ‫محافظات سلطنة عمان املختلفة‪ ،‬وذل��ك بعد انتهاء اللوحات‬ ‫الفنية لألوبريت الشعبي «حب عمان» الذي شارك فيه عدد من‬ ‫الشعراء العمانيني وفرق الفنون الشعبية‪ .‬وتألف األوبريت من‬ ‫عدة فقرات شعبية غنائية استعراضية بمشاركة ‪ 400‬فنان‬ ‫وتناسق‬ ‫وفنانة من خالل ‪ 12‬لوحة تراثية باهرة جسدها ببراعة‬ ‫> ش��اه��دت بنفسي م��دى اإلع�ج��اب وال �س��رور ال��ذي ارت�س��م على محيا‬ ‫املشاركون من مختلف األعمار والثقافات من الجنسني‪.‬وفي السياح العرب واألجانب وهم يحتفلون بمهرجان صاللة هذا العام‪.‬‬ ‫والية صاللة التقت «املجلة» املشرف العام على املهرجان وزير ومع ذلك يالحظ أن الدعاية اإلعالمية للمهرجان في الخارج ال سيما‬ ‫الدولة ومحافظ ظفار محمد بن سلطان البوسعيدي‪ ،‬في مكتبه‪ ،‬في أوروبا محدودة للغاية‪ .‬ما سبب ذلك؟‬ ‫وحاورته حول فعاليات مهرجان صاللة‪ ،‬وما حققه هذا العام ‪ -‬عملية أن تستوعب صاللة في وقت واحد أكثر من ‪ 450‬ألف زائر باألسبوع‬ ‫من نتائج واالستعدادات الجارية لتطويره في السنوات املقبلة‪ .‬األول فقط من املهرجان كل عام عملية مرهقة جدا وليست سهلة‪ ،‬فنحن‬

‫خ��اص‪ ،‬وال يدخر القائمون عليه أي جهد ف��ي سبيل إقامته وإنجاحه‪.‬‬ ‫فاألهمية التي يكتسبها مهرجان صاللة للسلطنة وأب�ن��اء دول مجلس‬ ‫التعاون الخليجي بشكل عام بوصفه حدثا سنويا يعكس الوجه السياحي‬ ‫والتراثي والثقافي ال��ذي تتسم به سلطنة عمان من خالل الواليات الـ‪10‬‬ ‫بمحافظة ظفار وما تمتلكه من مقومات ومزايا وفرص سياحية وحضارية‬ ‫وإمكانات استثمارية من املمكن تسويقها داخليا وخارجيا بما يسهم في‬ ‫تنشيط العمل السياحي والتجاري واالقتصادي ويمهد لفتح أبواب لجذب‬ ‫مزيد من السياح والزوار‪.‬‬ ‫املهرجان يتحسن كل عام في األداء‪ .‬اإلقبال الجماهيري كان كبيرا هذا‬ ‫العام‪ ،‬وقمنا بتوفير العديد من الخدمات الجديدة التي كانت تنقص املهرجان‬ ‫في السنوات السابقة‪ .‬وقد تمكنا بحمد الله من إنشاء عدة مجمعات سكنية‬ ‫وتجارية‪ .‬ونأمل في تطوير الطرق البرية من العاصمة مسقط للوصول‬ ‫إلى صاللة وما حولها‪ .‬ونتمنى في السنوات املقبلة إدخال بعض الفعاليات‬ ‫واملناشط األخرى‪ .‬ونعمل على جذب السياح لزيارة الواليات الـ‪ 10‬ملحافظة‬ ‫ظفار ليس في صاللة فحسب‪ ،‬وأدخلنا بالفعل واليتي طاقة ومرباط‪،‬‬ ‫ضمن فعاليات املهرجان ونأمل في األعوام القليلة املقبلة أن تعم فعاليات‬ ‫وأنشطة املهرجان املتنوعة ك��ل املحافظة حتى يستمتع ال��زائ��ر بالتنوع‬ ‫الثقافي والحضاري لجميع الواليات‪.‬‬

‫بداية سألت «املجلة» محافظ ظفار‪ ،‬سفير سلطنة عمان األسبق‪،‬‬ ‫ال��ذي شغل منصب وكيل وزارة الداخلية ل �ـ‪ 13‬سنة قبل توليه‬ ‫منصبه الحالي‪ ،‬عن تقييمه ملهرجان خريف صاللة لهذا العام‪،‬‬

‫مطالبون بتوفير ك��اف��ة ال�خ��دم��ات لكل السياح م��ن سكن وغ��ذاء ورع��اي��ة‬ ‫كاملة للمحافظة على سالمتهم وأمنهم ومتابعة ك��ل احتياجاتهم أوال‬ ‫بأول‪ .‬نحن بكل صراحة ووضوح ال نسعى الستقطاب أعداد من السياح‬ ‫تفوق اإلمكانات املتاحة حاليا‪ ،‬ولكن نعمل على زيادة الخدمات وتوفيرها‬ ‫الستيعاب أعداد أكبر بشكل تدريجي‪ .‬وفي صاللة نعاني أيضا من األزمة‬ ‫امل��روري��ة فليس لدينا وسائل نقل ع��ام كما هو الحال في غالبية ال��دول‪،‬‬ ‫واملواصالت الداخلية تعتمد على سيارات األج��رة (التاكسي) فقط‪ .‬إذن‬ ‫نحن نتعامل مع الواقع بحرص ونفهم جيدا إمكاناتنا؛ فإذا توافد علينا‬ ‫املاليني في وقت الخريف فكيف نلبي احتياجاتهم بما نملكه اآلن من طاقة‬ ‫استيعاب واستعدادات‪ .‬كما أن صاللة مساحتها محدودة‪.‬‬

‫فأجاب‪:‬‬ ‫ نحن نقيم املهرجان سنويا بمجرد انتهاء فعالياته من خالل استطالعات‬‫الرأي ويشمل العاملني في الحقل السياحي واملسؤولني واإلعالميني والزوار‬ ‫على اختالف أعمارهم وجنسياتهم وثقافاتهم‪ .‬ولكن الشواهد امللموسة‬ ‫حتى اآلن تؤكد دون أدن��ى شك نجاح املهرجان ال��ذي استقطب أكثر من‬ ‫مليوني زائر من أنحاء السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي والسياح > هل هناك نية لزيادة طاقة االستيعاب في املستقبل القريب واالنفتاح‬ ‫األجانب هذا العام‪.‬‬ ‫على أسواق جديدة وتشجيع االستثمار في واليات محافظة ظفار؟‬ ‫> ما أهمية إقامة املهرجان سنويا من وجهة نظرك؟‬ ‫ ال�خ��ري��ف ف�ت��رة م �ح��دودة م��ن منتصف يونيو إل��ى منتصف سبتمبر‪،‬‬‫‪ -‬يعد املهرجان راف��دا سياحيا مهما للسلطنة ومحافظة ظفار بشكل واملستثمر غير مستعد إلق��ام��ة مشروعات سياحية استثمارية كبناء‬

‫‪58‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫الذي يجري تمويله من وزارة الخارجية األميركية في اآلتي‪:‬‬ ‫‪ .1‬تمويل جمعية البحرين لحقوق اإلنسان بمبلغ ‪ 39‬ألف دوالر‬ ‫عام ‪ 2010‬لبناء القدرات التقنية‪ ،‬وبناء شبكة إقليمية في الخليج‬ ‫لرصد مرافق الحبس باعتبارها وسيلة ملنع التعذيب‪ ،‬وإقامة‬ ‫ورشة عمل تدريبية ملدة ثالثة أيام في البحرين لناشطي حقوق‬ ‫اإلنسان لرصد األوضاع الحقوقية في دول الخليج‪.‬‬ ‫‪ .2‬تمويل جمعية البحرين لحقوق اإلنسان بمبلغ ‪ 35‬ألف دوالر‬ ‫ع��ام ‪ 2006‬ل��دع��م إن �ش��اء شبكة م��ن امل�ن�ظ�م��ات غ�ي��ر الحكومية‬ ‫البحرينية لتوفير امل ��وارد وب�ن��اء ال �ق��درات‪ ،‬وال�ت��دري��ب‪ ،‬وتنسيق‬ ‫األنشطة الرامية إلى تعزيز دور مؤسسات املجتمع املدني في‬ ‫البحرين‪ .‬وإقامة ست حلقات تدريبية لناشطي حقوق اإلنسان‬ ‫في البحرين بهدف تعليم الديمقراطية‪ ،‬والتوعية العامة‪ ،‬وتعزيز‬ ‫دور مؤسسات املجتمع املدني في الديمقراطيات‪.‬‬ ‫‪ .3‬تمويل املعهد ال��وط�ن��ي الديمقراطي ل�ل�ش��ؤون ال��دول�ي��ة بمبلغ‬ ‫‪ 89.780‬ألف دوالر عام ‪ 2006‬لتشجيع الشباب البحريني على‬ ‫املشاركة في العمليات االنتخابية‪ ،‬وإقامة شراكة مع جمعية ملتقى‬ ‫الشباب البحرينية لتنفيذ ورش��ة عمل للتربية املدنية للقيادات‬ ‫الشابة في العملية االنتخابية‪ ،‬وتعزيز مهاراتهم التنظيمية‪ .‬ودعم‬ ‫تنظيم منتدى للحوار السياسي بني الشباب في منطقة الشرق‬ ‫األوسط وشمال أفريقيا‪.‬‬ ‫‪ .4‬تمويل االتحاد النسائي البحريني بمبلغ ‪ 33‬ألف دوالر عام‬ ‫‪ 2007‬لتعزيز ق��درة املنظمات النسائية غير الحكومية لتنفيذ‬ ‫مجموعة من البرامج واألنشطة لدعم حقوق املرأة‪ .‬ومن أبرزها‬ ‫ب��رن��ام��ج ت��دري��ب امل��درب�ي�ن لنحو ‪ 45‬م�ت��درب��ة يمثلن الجمعيات‬ ‫األعضاء في االتحاد‪ ،‬بحيث يجري تعزيز قدراتها في التوعية‬ ‫بحقوق املرأة‪ ،‬وتنفيذ حمالت املطالبة باإلصالح التشريعي‪.‬‬ ‫‪ .5‬تمويل مركز البحرين لحقوق اإلنسان عام ‪ 2008‬بمبلغ ‪ 43‬ألف‬ ‫دوالر لتطوير املهارات التقنية للناشطني في مجال حقوق اإلنسان‬ ‫واملجتمع املدني على رص��د وتوثيق انتهاكات الحقوق املدنية‪،‬‬ ‫وتنفيذ برنامج شامل لبناء القدرات بشكل عملي من خالل تطوير‬ ‫وعرض أفالم وثائقية حول انتهاكات حقوق اإلنسان واملجتمع‬ ‫املدني في البحرين‪.‬‬ ‫‪ .6‬تمويل جمعية البحرين لحقوق اإلنسان بمبلغ ‪ 36‬ألف دوالر‬ ‫عام ‪ 2008‬لتعبئة املجتمع البحريني بهدف دعم حقوق اإلنسان‬ ‫والحقوق املدنية واإلص�لاح السياسي واملشاركة الديمقراطية‪،‬‬ ‫تشمل ث�لاث ورش تدريبية وث�لاث ن��دوات ح��ول أس��س املبادئ‬ ‫الديمقراطية والحقوق املدنية تستهدف مجموعة من ‪ 60‬عضوا‬ ‫من املجتمع املدني‪ ،‬وممثلي الحكومة وأعضاء البرملان ومؤسسات‬ ‫املجتمع املدني‪.‬‬ ‫‪ .7‬تمويل جمعية البحرين النسائية للتنمية البشرية بمبلغ‬ ‫‪ 20.4‬أل��ف دوالر ع��ام ‪ 2008‬لتوعية امل��رأة البحرينية بحقوقها‬ ‫وتعزيز ق��درات�ه��ا املؤسسية الخاصة بها‪ .‬وإق��ام��ة ورش��ة عمل‬ ‫إلعداد مدربات من القيادات النسائية للتخصص في التخطيط‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬وتقنيات التدريب ّ‬ ‫الفعال واالتصاالت األساسية‪.‬‬ ‫ويستهدف البرنامج ‪ 200‬امرأة من مختلف محافظات البحرين‬ ‫الخمس‪ .8 .‬تمويل معهد شؤون الخليج (مقره واشنطن) بمبلغ‬ ‫‪ 62.3‬ألف دوالر لتدريب ‪ 12‬ناشطا في مجال حقوق اإلنسان من‬ ‫البحرين والسعودية على كيفية الدفاع عن نشطاء حقوق اإلنسان‬ ‫وفقا للمنظومة الحقوقية الدولية‪ .‬ويقام البرنامج بالتعاون مع‬ ‫معهد جنيف لحقوق اإلنسان‪ ،‬وتضمن التدريب إع��داد تقارير‬ ‫حول انتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬وكيفية إقامة شراكات مع الجهات‬ ‫الفاعلة لحقوق اإلنسان في جنيف‪.‬‬ ‫املنظمة الدولية الثانية هي (‪ ،)IFEX‬حيث تأسست الشبكة الدولية‬ ‫لتبادل املعلومات املتعلقة بحرية التعبير عام ‪ 1992‬بكندا بهدف‬ ‫تكوين شبكة عاملية لتبادل املعلومات املتعلقة بحقوق اإلنسان‬

‫لضمان زيادتها وقدرتها في التأثير‪ ،‬وتضم ‪ 90‬منظمة حول‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫يقوم دور هذه املنظمة على نشر املعلومات لرفع الوعي‪ ،‬وإصدار‬ ‫بيانات يومية على نطاق واس��ع م��ن أج��ل املطالبة ب��اإلف��راج عن‬ ‫الصحافيني والكتاب واملناصرين لحرية التعبير‪ .‬وبناء القدرات‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬تقوم الشبكة بتقديم االستشارات وتطوير القدرات‬ ‫وال�ت��دري��ب للمنظمات األع�ض��اء ف��ي الشبكة لضمان فاعليتها‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى تسهيل الحمالت وحشد الدعم‪ ،‬حيث تقوم الشبكة‬ ‫بتنفيذ سلسلة من الحمالت لحشد الدعم لدعم أنصار حقوق‬ ‫اإلنسان ودعاة الحرية في العالم وكشف انتهاكات حقوق اإلنسان‬ ‫في الدول عبر التشهير بها‪.‬‬ ‫من خالل هذه املنظمة يجري حشد دعم وتأييد املنظمات الحقوقية‬ ‫الدولية لقضايا حقوق اإلنسان بشكل افتراضي ودون تحقق‪،‬‬ ‫وهو ما يتيح املجال أم��ام التالعب في القضايا الحقوقية نظرا‬ ‫لغياب القيود واملساءلة‪ .‬ويعد مركز البحرين لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫ال��ذي ألغي حسب القانون‪ ،‬املنظمة البحرينية الوحيدة في هذه‬ ‫الشبكة‪ ،‬ويجري من خالل الشبكة نفسها حشد الدعم لقضايا‬ ‫حقوق اإلنسان في البحرين‪ ،‬وهو ما يتمثل في بيانات اإلدانة‬ ‫الحقوقية التي تظهر بني وقت وآخر‪.‬‬ ‫دول مجلس التعاون الخليجي أعلنت مؤخرا عن إنهاء ارتباطاتها‬ ‫مع كثير من املنظمات الحقوقية الدولية‪ ،‬وكذلك مؤسسات املجتمع‬ ‫املدني الدولية بعد أن اكتشفت أدوار هذه املنظمات وتدخالتها‬ ‫في الشؤون الداخلية‪ ،‬كما كان واضحا في الحالة البحرينية التي‬ ‫قادت إلى حركة سياسية ‪ -‬عنيفة الحقا‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن السنوات األخيرة التي تلت أحداث الثورات العربية‬ ‫دفعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى التعامل بشكل مغاير مع‬ ‫املنظمات الحقوقية الدولية‪ ،‬حيث صار التعامل جماعيا بخالف‬ ‫الطريقة الفردية التقليدية التي اعتادت عليها دول املجلس‪ .‬أما‬ ‫بالنسبة للمنظمات نفسها‪ ،‬ف��إن أس�ل��وب تعاطيها م��ع أوض��اع‬ ‫ّ‬ ‫يتغير حتى اآلن‪ ،‬باعتبارها امتدادا‬ ‫مجتمعات دول الخليج لم‬ ‫لسياسات خارجية غربية وأداة من أدواتها‪ ،‬وما زالت مستمرة‬ ‫في أنشطتها من تدريب وتمويل وإدارة <‬

‫علي سلمان األمني العام‬ ‫لجمعية الوفاق البحرينية‬

‫دول مجلس‬ ‫التعاون‬ ‫الخليجي أعلنت‬ ‫مؤخرا عن إنهاء‬ ‫ارتباطاتها‬ ‫مع كثير من‬ ‫املنظمات‬ ‫الحقوقية الدولي‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪57‬‬


‫قضايا‬

‫إسقاط النظام السياسي الحاكم‪ ،‬ودفعه لتقديم تنازالت كبيرة‬ ‫لألطراف التي قامت بعملية الضغط‪.‬‬ ‫يمكن تطبيق هذه املعادلة على كافة البلدان العربية التي شهدت‬ ‫حركات مقاومة ضد أنظمتها السياسية‪ ،‬وستكون النتيجة واحدة‪.‬‬

‫البحرين‪ ..‬دراسة حالة‬

‫مسؤولة باالمن خالل مؤتمر اتفاقية األمم‬ ‫املتحدة ملكافحة الفساد الذي عقد في ‪9‬‬ ‫نوفمبر ‪ 2009‬بالدوحة (غيتي)‬

‫‪56‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫األزمة التي شهدتها مملكة البحرين خالل فبراير – مارس (آذار)‬ ‫‪ 2011‬تصنف ضمن حركات املقاومة املدنية التي اتبعت أسلوب‬ ‫حرب الالعنف‪ ،‬وحظيت بدعم من املنظمات الحقوقية الدولية‪،‬‬ ‫وكذلك بعض الحكومات األجنبية‪ .‬وه��ي تعد في الوقت نفسه‬ ‫امتدادا ملسارات الصراع الداخلي في البالد منذ عقود طويلة‪ ،‬وال‬ ‫يمكن فهمها بمعزل عن هذه الحقيقة‪.‬‬ ‫هناك مجموعة من املنظمات الدولية التي ساهمت في صناعة‬ ‫أح��داث الشرق األوس��ط‪ ،‬وكذلك ما شهدته البحرين من صراع‬ ‫عنيف خالل الفترة املاضية‪ .‬وهذه املنظمات قد تكون في هيئة‬ ‫صناديق تمويل دولية‪ ،‬أو منظمات حقوقية دولية‪ ،‬أو حتى مراكز‬ ‫أبحاث‪ ،‬أو مراكز تدريب متخصصة‪.‬‬ ‫أعداد املنظمات الحقوقية الدولية كبير‪ ،‬ولكننا سنستعرض هنا‬ ‫ت�ج��ارب منظمتني دوليتني الرتباطهما املباشر م��ع م��ا شهدته‬ ‫البحرين من أح��داث عنيفة عام ‪ ،2011‬ألن هذه التجربة كانت‬ ‫ن�ت��اج��ا للعالقة ال�ط��وي�ل��ة ب�ين منظمة دول �ي��ة أم�ي��رك�ي��ة م��ن جهة‪،‬‬ ‫ومؤسسات املجتمع املدني واملنظمات الحقوقية البحرينية من‬ ‫جهة أخرى‪.‬‬ ‫نتحدث أوال عن الصندوق الوطني الديمقراطي (‪ )NED‬الذي‬ ‫تأسس باقتراح م��ن الرئيس األميركي األس�ب��ق رون��ال��د ريغان‬ ‫عام ‪ 1982‬من أجل تعزيز البنية التحتية للديمقراطية‪ ،‬وتشمل‬ ‫حرية الصحافة‪ ،‬وحرية العمل النقابي‪ ،‬ودعم األحزاب السياسية‬ ‫والجامعات‪ .‬وتحولت املؤسسة بشكل تدريجي إلى منظمة خاصة‬ ‫غير ربحية يجري تمويلها من الحكومة األميركية والتبرعات‬ ‫وتخضع لرقابة الكونغرس‪.‬‬ ‫ويعمل الصندوق على تمويل املؤسسات األميركية املتخصصة‬ ‫في نشر الديمقراطية في العالم‪ ،‬بحيث يجري من خ�لال هذه‬ ‫امل��ؤس�س��ات امل�م��ول��ة م��ن قبل ال�ص�ن��دوق دع��م ال�ق��وى السياسية‬ ‫الداعمة للديمقراطية وحقوق اإلنسان والتغيير السياسي‪ .‬وتحول‬ ‫الصندوق إلى أداة لتمويل املؤسسات التابعة للحزبني الرئيسني‬ ‫في الواليات املتحدة (الحزب الجمهوري‪ ،‬والحزب الديمقراطي)‬ ‫الداعمة للتغيير السياسي والتحول الديمقراطي‪.‬‬ ‫استطاع ال�ص�ن��دوق تقديم أك�ث��ر م��ن أل��ف منحة ل��دع��م مشاريع‬ ‫املنظمات غير الحكومية في العالم التي تعمل من أجل الديمقراطية‬ ‫في أكثر من ‪ 90‬بلدا‪ .‬ووصل التمويل الذي قدمه الصندوق للتغيير‬ ‫في البحرين إلى مئات اآلالف من الدوالرات خالل فترة وجيزة‪.‬‬ ‫عمل الصندوق الوطني الديمقراطي تمويل كل من املعهد الوطني‬ ‫الديمقراطي للشؤون الدولية (فتح له فرعا في املنامة أغلق الحقا)‪،‬‬ ‫واملعهد الجمهوري الدولي (فتح له فرعا في أبوظبي أغلق الحقا)‪،‬‬ ‫ومؤسسة ألبرت آينشتاين‪ .‬ومن خالل هذه املؤسسات جرى‬ ‫تدريب العديد من مؤسسات املجتمع املدني وكوادرها في الشرق‬ ‫األوسط‪.‬‬ ‫تجري عملية التنسيق بني هذا الصندوق ومؤسسات املجتمع‬ ‫املدني البحرينية من خالل املنظمة األميركية للديمقراطية وحقوق‬ ‫اإلنسان بالواليات املتحدة‪ ،‬ويدير هذه املنظمة «حقوقي بحريني»‪،‬‬ ‫وي�ع�م��ل ب��اس �ت �م��رار ع�ل��ى إط�ل�اق أع �ض��اء ال �ك��ون �غ��رس واإلدارة‬ ‫األميركية على أوض��اع حقوق اإلن�س��ان ف��ي البحرين‪ .‬ويمكن‬ ‫رصد أبرز األنشطة التي قام بها الصندوق الوطني الديمقراطي‬


‫وجود مجموعة من القوى السياسية التي تقوم بأدوار معينة وفي‬ ‫النهاية يوجد طرف يتأثر بشكل مباشر باألفعال التي قامت بها‬ ‫كل هذه األطراف وذلك بشكل قد يكون مقصودا أو غير مقصود‪.‬‬ ‫وهذا الطرح يعني أن هناك مجموعة من القوى السياسية املؤثرة‬ ‫في النظام الدولي قامت بأنشطة معينة‪ ،‬وفي النهاية من الطبيعي‬ ‫أن تتأثر دول مجلس التعاون بهذه األنشطة وفقا لنظرية «تأثير‬ ‫ال �ف��راش��ة»‪ .‬أي�ض��ا مثل ه��ذه ال��رؤي��ة ال تعني ب��ال�ض��رورة أن هناك‬ ‫تخطيطا واضح النسق لدى جهة مركزية‪ ،‬سواء كانت مؤسسات‬ ‫أو حكومات أو جماعات‪ ،‬إلح��داث الفوضى التي شهدتها منطقة‬ ‫الشرق األوسط وتأثرت بها منطقة الخليج العربي بشكل كبير‪.‬‬

‫بني التخطيط والعشوائية‬ ‫قد يكون السؤال األكثر حيرة في أحداث وتداعيات الثورات العربية؛‬ ‫هو‪ :‬هل هذه األحداث مخطط لها أم أنها أحداث عشوائية؟ وما دور‬ ‫املنظمات الحقوقية الدولية؟‬ ‫ال يمكن تقديم إجابة حاسمة ونهائية ح��ول ه��ذا ال�س��ؤال‪ ،‬ولكن‬ ‫يمكن تقديم رؤية تحليلية ملا حدث من أحداث خالل الفترة املاضية‪.‬‬ ‫وحتى نفهم طبيعة ما حدث فإننا هنا أمام ثالثة أنواع من املصالح‪،‬‬ ‫وهي‪ :‬مصالح القوى الداخلية‪ ،‬وتشمل مصالح األحزاب والجمعيات‬ ‫السياسية‪ ،‬ومصالح مؤسسات املجتمع املدني والقيادات السياسية‪،‬‬ ‫وكذلك مصالح الفئات االجتماعية املختلفة‪ .‬أما النوع الثاني فإنه‬ ‫مصالح القوى اإلقليمية وتشمل مصالح ال��دول ال�ب��ارزة إقليميا‬ ‫واملنظمات اإلقليمية وكذلك الشخصيات اإلقليمية املؤثرة‪ .‬والنوع‬ ‫الثالث من املصالح هو مصالح القوى الدولية التي تشمل مصالح‬ ‫الدول األبرز في النظام الدولي‪ ،‬وكذلك مصالح املنظمات الحقوقية‬ ‫الدولية‪ ،‬ومصالح الشخصيات الدولية املؤثرة‪.‬‬ ‫لنفترض أن كل ن��وع من ه��ذه املصالح يمثل دائ��رة‪ ،‬وبالتالي فإن‬

‫ما حدث خالل الربيع العربي يعد تداخال بني هذه الدوائر الثالث‬ ‫لتتحول إلى دائرة صغيرة تتداخل فيها مصالح القوى الداخلية‪،‬‬ ‫ومصالح القوى اإلقليمية وأيضا مصالح القوى الدولية‪.‬‬ ‫عندما تداخلت األنواع الثالثة من املصالح في البلدان العربية اندلعت‬ ‫فورا حالة مرتفعة من حاالت الصراع السياسي بني األطراف الثالثة‬ ‫التي تداخلت مصالحها‪ ،‬وهو ما يدفع أطراف الصراع للدخول فيه‬ ‫من خالل آليات ثالث‪ ،‬وهي‪ :‬الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬واإلعالم‪.‬‬ ‫وهي املداخل الثالثة التي اتبعتها املنظمات الحقوقية الدولية في‬ ‫مواجهتها األخيرة مع مجتمعات الخليج العربية‪.‬‬

‫معادلة الضغط ونقل القوة السياسية‬ ‫ّ‬ ‫تدخل املنظمات الحقوقية الدولية في شؤون الدول العربية ودول‬ ‫مجلس ال�ت�ع��اون الخليجي ق��ام على معادلة الضغط ونقل القوة‬ ‫السياسية‪ ،‬وهي معادلة تستهدف الدولة املطلوب تغيير أنظمتها‬ ‫بشكل أساسي‪ ،‬وهذه املعادلة تسمى (‪ ،)Grassroots‬حيث يواجه‬ ‫النظام السياسي املستهدف ضغطا م��زدوج��ا في الوقت نفسه‪،‬‬ ‫الضغط األول من األعلى إلى األسفل‪ ،‬ويتمثل في ضغط وسائل‬ ‫اإلع�ل�ام ال��دول�ي��ة‪ ،‬وضغط املنظمات الحقوقية ال��دول�ي��ة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى ضغط الحكومات األجنبية‪ .‬أما النوع الثاني من الضغط فهو‬ ‫الضغط املتجه من األسفل إلى األعلى ويتمثل في ضغط مؤسسات‬ ‫املجتمع املدني املحلية‪ ،‬وضغط الجماهير الشابة‪ ،‬وكذلك املساعدات‬ ‫ال�خ��ارج�ي��ة‪ ،‬وض�غ��ط التنظيمات الحقوقية وال�س�ي��اس�ي��ة املحلية‪.‬‬ ‫وال�لاف��ت ف��ي ه��ذا ال�ن��وع م��ن الضغط أن��ه يقوم بشكل رئيس على‬ ‫تأثير وقدرة الجماهير على التحكم بالقوة السياسية‪.‬‬ ‫وهذه املعادلة تؤدي في النهاية إلى ّ‬ ‫تعرض النظام السياسي لحالة‬ ‫من الصدمة والفوضى من شأنها أن تساهم في زعزعة استقراره‬ ‫وبقائه‪ .‬وإذا استمرت هذه املعادلة لفترة زمنية معينة فإن نتاجها‬

‫فنان يمني يكتب على الجدران‬ ‫في صنعاء شعارات ضد االرهاب‬ ‫والفقر و الطائفية وتجنيد األطفال‬

‫املواجهة بني‬ ‫املنظمات‬ ‫الحقوقية الدولية‬ ‫ومجتمعات‬ ‫الخليج استمرت‬ ‫منذ بداية‬ ‫الثمانينات حتى‬ ‫منتصف العقد‬ ‫األول من األلفية‬ ‫الجديدة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪55‬‬


‫قضايا‬

‫تاريخ املنظمات الحقوقية الدولية طويل وحافل بالتطورات‪ ،‬ولكن عالقة هذا التاريخ بمنطقة الشرق األوسط‬ ‫مختلفة تماما عن أدوار هذه املنظمات في مجتمعاتها‪ .‬فاملنظمات الحقوقية ظهرت أساسا من حركات‬ ‫التغيير املدنية التي شهدتها املجتمعات الغربية من أجل املطالبة بالحقوق والحريات‪ ،‬وبعد موجات من التحول‬ ‫الديمقراطي والتحرر املدني بدأت بعد نهاية الحرب العاملية الثانية واستمرت حتى سبعينات القرن العشرين‪،‬‬ ‫انتهى الدور الفعلي للمنظمات الحقوقية ليجري استغاللها من قبل األحزاب السياسية املختلفة‪ ،‬وكذلك‬ ‫جماعات الضغط الفاعلة في تلك املجتمعات‪.‬‬

‫املنظمات الحقوقية في الخليج العربي‪ ..‬عالقات خارجية وأهداف مشبوهة‬

‫أدوات لتعكري السلم الوطين‬ ‫البحرين‪:‬‬ ‫يوسف البنخليل‬

‫ّ‬ ‫تدخل املنظمات‬ ‫الحقوقية‬ ‫الدولية في‬ ‫شؤون الدول‬ ‫العربية قام على‬ ‫معادلة الضغط‬ ‫ونقل القوة‬ ‫السياسية‬

‫توم‬ ‫مالينوسكي‬

‫‪54‬‬

‫ه��ذه املنظمات ّ‬ ‫تحول دوره��ا كليا لتصبح أداة من أدوات‬ ‫السياسة الخارجية الغربية‪ ،‬وب��ات��ت م��ن أدوات الضغط‬ ‫على الحكومات ح��ول ال�ع��ال��م‪ .‬ول��ذل��ك ص��ار ل��دى الحزبني‬ ‫األميركيني األساسيني (الديمقراطي والجمهوري) مجموعة من‬ ‫املنظمات السياسية والحقوقية التابعة لهما‪ ،‬ويمكن من خاللها‬ ‫إحداث التأثير باسم الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ول�ه��ذه الحقائق ارت�ب��اط��ات وت��أث�ي��رات كبيرة ف��ي أدوار املنظمات‬ ‫الحقوقية الدولية على منطقة الشرق األوسط‪ ،‬فالتحول الذي طرأ‬ ‫على أدواره��ا في بلدانها األساسية هو ال��ذي ساهم في تشكيل‬ ‫أدوارها الجديدة الحقا تجاه املنطقة‪.‬‬

‫إشكالية السياسي والحقوقي‬ ‫رغ ��م أن ت��اري��خ ال �ح��رك��ات ال�س�ي��اس�ي��ة ف��ي دول م�ج�ل��س ال�ت�ع��اون‬ ‫الخليجي يرتبط بالتعليم منذ بواكير القرن العشرين‪ ،‬فإن النشاط‬ ‫الحقوقي فيها ارتبط بالحقوق العمالية في األساس بدءا من تلك‬ ‫االحتجاجات التي كانت تجري بشكل عفوي خالل حقبة الغوص‪،‬‬ ‫إلى االحتجاجات التي كانت تجري من قبل العاملني في آبار النفط‬ ‫في حقبة ما بعد الغوص‪.‬‬ ‫هذه الظروف لم تتح للحركات السياسية مجاال للنضوج‪ ،‬فكانت‬ ‫معظم الحركات ذات آيديولوجيات خارجية سواء كانت دينية أم‬ ‫يسارية‪ ،‬وه��ذا االرت�ب��اط اآليديولوجي ك� ّ�ون لديها شبكة مصالح‬ ‫طويلة املدى‪ .‬وبالتالي لم تكن الحركات نفسها قادرة على تجاوز‬ ‫فكرة االرتباط بالخارج نهائيا‪ ،‬وباتت أيضا غير قادرة على الفصل‬ ‫بني نشاطها الحقوقي ونشاطها السياسي‪ ،‬ولذلك غالبا ما تتهم‬ ‫الحركات السياسية في املنطقة بأنها ّ‬ ‫تسيس العمل الحقوقي‪.‬‬ ‫ب�ع��د اس�ت�ق�لال دول مجلس ال �ت �ع��اون ال�خ�ل�ي�ج��ي‪ ،‬ب ��دأت املنظمات‬ ‫الحقوقية الدولية في زيارات متتالية للمنطقة‪ ،‬وهنا بدأت بتشكيل‬ ‫تحالفاتها املستقبلية‪ ،‬حيث التقت بالعديد من الساسة والناشطني‬ ‫سواء الذين كانوا موجودين في دول الخليج أو الذين كانوا مقيمني‬ ‫خارجها‪.‬‬ ‫بعد ه��ذه املرحلة‪ ،‬ونتيجة ل�لإج��راءات التي اتخذتها دول الخليج‬ ‫ملواجهة التطورات اإلقليمية في السبعينات والثمانينات ‪ -‬خاصة‬ ‫م��ع ان ��دالع ال �ث��ورة الخمينية ف��ي ط �ه��ران خ�ل�ال ف�ب��راي��ر (ش�ب��اط)‬ ‫‪ - 1979‬بدأت أولى مراحل املواجهة بني املنظمات الحقوقية الدولية‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ومجتمعات الخليج‪ .‬حيث انشغلت هذه املنظمات بإصدار التقارير‬ ‫الدورية التي تنتقد فيها أوض��اع حقوق اإلنسان في دول الخليج‬ ‫العربية‪ ،‬وباتت تسعى لتشكيل تحالفات دولية من أجل الضغط‬ ‫على حكومات هذه الدول لاللتزام باالتفاقيات واملعاهدات الحقوقية‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫املواجهة بني املنظمات الحقوقية الدولية ومجتمعات الخليج استمرت‬ ‫منذ بداية الثمانينات حتى منتصف العقد األول من األلفية الجديدة‪.‬‬ ‫وسبب ذلك أن املواجهة األولى انتهت وبدأت مواجهة أخرى من نوع‬ ‫مختلف تجري عبر التدخالت األجنبية‪ ،‬بحيث تظهر مطالبات‬ ‫ح��رك��ات حقوقية خليجية بدعم م��ن املنظمات الحقوقية الدولية‬ ‫لتحقيق مكاسب أو مطالب معينة‪.‬‬ ‫قد تمثل الحالة البحرينية املثال األبرز لهذا النوع من التدخل‪ ،‬حيث‬ ‫بدأت املنظمات الحقوقية في املنامة باملطالبة بتدخل املنظمات من‬ ‫أجل إقرار حق تقرير املصير‪ ،‬أو إجراء استفتاء حول نظام الحكم‬ ‫برعاية أممية‪ .‬وص��ارت املنظمات الحقوقية الدولية تدعم مطالب‬ ‫نظيرتها البحرينية من أج��ل تحقيق أجندة السياسة الخارجية‬ ‫لبلدانها‪.‬‬ ‫السبب الرئيس للمواجهة الثانية بني املنظمات الحقوقية الدولية‬ ‫ومجتمعات الخليج‪ ،‬هو التوجه الخليجي الذي جرى بعد عام ‪2001‬‬ ‫نحو االنفتاح وإج��راء إصالحات شاملة في األنظمة السياسية‪،‬‬ ‫وهو ما تطلب تطبيعا في العالقات مع املنظمات الخارجية من أجل‬ ‫تخفيف ضغوطاتها أو االستفادة من خبراتها في مجاالت مختلفة‬ ‫تدعم التوجهات اإلصالحية‪.‬‬

‫صدمة الثورات العربية‬ ‫الثورات الشعبية التي شهدتها بعض الدول العربية منذ ديسمبر‬ ‫(ك��ان��ون األول) ‪ 2010‬تحت ما يسمى «الربيع العربي» ساهمت‬ ‫ف��ي اإلس ��راع باملواجهة األخ �ي��رة ب�ين املنظمات الحقوقية الدولية‬ ‫ومجتمعات الخليج‪ ،‬حيث أدرك ��ت النخب الخليجية ال ��دور ال��ذي‬ ‫تقوم به هذه املنظمات في منظومة التغيير الدولية‪ ،‬فهذه املنظومة‬ ‫عبارة عن شبكة معقدة ومتداخلة األطراف تتشابك فيها املصالح‬ ‫والسياسات والنفوذ السياسي‪ .‬وهذه املنظومة تعمل وفقا لنظرية‬ ‫الشبكة امل�ف�ق��ودة (‪ ،)Loss Network‬وبعيدا ع��ن تفاصيل هذه‬ ‫النظرية وقواعدها وأط��ره��ا املتنوعة‪ ،‬ف��إن الفكرة هنا تتمثل في‬


‫وأضاف‪« :‬عندما تتزنق الحكومة بتقول أي حاجة‪ ،‬وتستخدم الجمعيات كبش‬ ‫فداء‪ ،‬كما استخدمتهم طوال ‪ 50‬عاما مضت‪ ،‬ومفيش حد يقدر يثبت حاجة‬ ‫بالدليل‪ ،‬وإن امتلك فالقضاء املصري موجود يفصل في هذه االتهامات»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬إن مصر بها ‪ 140‬ألف جمعية أهلية‪ ،‬من بينها مركز ابن خلدون‪ ،‬وهو‬ ‫أقدم منظمة مجتمع مدني في مصر‪ ،‬ونعمل بها منذ ‪ 40‬سنة‪ ،‬وتعرضنا‬ ‫الت�ه��ام��ات مماثلة وحوكمنا عليها‪ ،‬وأغ�ل�ق��ت السلطات امل��رك��ز ‪ 3‬س�ن��وات‪،‬‬ ‫وسجنت ومعي ‪ 20‬آخرون‪ ،‬وجاءت محكمة القضاء اإلداري وبرأتنا‪ ،‬وأدانت‬ ‫الحكومة وممارساتها معنا‪ ،‬وهذا الحكم تاج على رؤوسنا»‪.‬‬ ‫وأك��د أن ك��ل ه��ذه االت�ه��ام��ات ال تنتقص م��ن وطنيتنا‪ ،‬أوطنية أي م��راك��ز أو‬ ‫جمعيات أهلية أخ��رى‪ ،‬طاملا كانت أمينة ف��ي عملها وال تستخدم األم��وال‬ ‫والجمعيات ألغراض أخرى يحاسب عليها القانون‪ ،‬ألن التمويل األجنبي ال‬ ‫يعني املقامرة بمقدرات الوطن‪ ،‬أو املساس به وبوحدته الوطنية‪ ،‬أو الخيانة أو‬ ‫العمالة ألي دولة بمن فيها الدول التي تقدم دعما‪.‬‬

‫دعاية سوداء‬ ‫من جهته‪ ،‬قال حافظ أبو سعدة‪ ،‬رئيس املنظمة املصرية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫لـ«املجلة»‪« :‬أفضل عدم الحديث في مثل هذه املوضوعات ألنها دعاية سوداء‪،‬‬ ‫ومن املمكن اتهام الحكومات كلها بالفساد‪ ،‬وبالتالي يصبح األمر تشويها‬ ‫لها دون سند قانوني»‪.‬‬ ‫وأك��د أن��ه «ع�ن��دم��ا تتهم ه��ذه الجمعيات ب��أن�ه��ا تتخذ م��ن الجمعيات مقار‬ ‫لـ(السبوبة)‪ ،‬فماذا نقول عن رج��ال األعمال واملسؤولني الذين نهبوا البلد‬ ‫وس��رق��وه؟ هل نقول عنهم إنهم ش��رف��اء؟ تماما ه��ذا الكالم كما هو الحال‬ ‫في تعيني محمد البرادعي نائبا لرئيس الجمهورية السابق املستشار عدلي‬ ‫منصور لوطنيته‪ ،‬ثم نتهمه بالخيانة والعمالة بعد أن يستقيل من املنصب‪،‬‬ ‫وهذه أمور كلها ال أحب أن أضع نفسي بجوارها»‪ .‬واعتذر عن االسترسال‬ ‫في الحديث‪ ،‬مؤكدا أنه «لو لم يكن يعرفنا شخصيا ملا تحدث بحرف واحد»‪.‬‬ ‫أما حسن الشامي‪ ،‬رئيس الجمعية املصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية‪،‬‬ ‫عضو املنظمة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬فقال لـ«املجلة»‪ ،‬إن «تلقي الجمعيات‬

‫تمويالت محلية أو أجنبية ع��ادي ج��دا‪ ،‬وه��و مجرم بحسب ال�ق��ان��ون‪ ،‬ألنه‬ ‫يسمح بذلك‪ ،‬ومن حق الجمعيات أن تأخذ موافقة الوزيرة على جمع أموال‬ ‫ألغ��راض معينة ت��رى الجمعية أنها تخدم املجتمع املدني‪ ،‬والتي من أجلها‬ ‫أشهرت الجمعية»‪.‬‬ ‫لكنه رأى أن املشكلة في قيام بعض ه��ذه الجمعيات بصرف ه��ذه األم��وال‬ ‫في غير األغ��راض التي خصصت لها من دون سند قانوني‪ ،‬وهو ما يوقع‬ ‫املخالفات ف��ي ه��ذه الجمعيات ويثير حولها الشبهة كما يعدها البعض‪،‬‬ ‫مضيفا‪« :‬ونحن هنا مع محاسبته قانونا بمنطق أن يكون الحساب إداريا‬ ‫طاملا كان الخطأ إداري��ا وأن يحاسب ماديا طاملا كان الخطأ ماديا‪ ،‬بمعنى‬ ‫أن تكون القرارات مناسبة للعقوبات‪ ،‬وأن تكون العقوبة شخصية دون حل‬ ‫مجلس اإلدارة‪ ،‬أو إصدار عقوبة مقيدة للحريات‪ ،‬وهذا هو رأينا ونقطة خالف‬ ‫بيننا وبني الوزارة»‪.‬‬

‫رقابة أمنية‬ ‫منظمة «الشفافية الدولية» اتهمت القانون الذي أعدته الحكومة املصرية في‬ ‫يونيو (حزيران) املاضي بأنه «يقيد عمل املجتمع املدني ومن استقالليته‪،‬‬ ‫ويؤدي فعليا إلى منع الجمعيات من االضطالع بأنشطتها‪ ،‬إال بتدقيق صريح‬ ‫عليها من الحكومة ومن األجهزة األمنية»‪.‬‬ ‫وطالبت مصر بـ«حماية أكبر» للمجتمع املدني‪ ،‬وأن يكفل أي قانون جديد‬ ‫ينظم أعمال املجتمع املدني مبادئ حقوق اإلنسان‪ ،‬وحرية تكوين الجمعيات»‪.‬‬ ‫ودع ��ت رئ�ي�س��ة منظمة ال�ش�ف��اف�ي��ة ال��دول �ي��ة‪ ،‬ه��وغ�ي��ت الب �ي��ل‪ ،‬م�ص��ر «ل�ل��وف��اء‬ ‫بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحماية وتعزيز دور املجتمع امل��دن��ي‪ ،‬وإال‬ ‫فهي تخاطر بإعادة مناخ التهديد واإلفالت من العقاب الذي اتسمت به أعوام‬ ‫حكم مبارك االستبدادية الثالثني»‪ ،‬حسب قولها‪.‬‬ ‫وطالبت الحكومة الحالية إلى االلتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة أثناء عمليات‬ ‫إصدار مثل هذه القوانني‪ ،‬وإلى ضمان اتساق أي مشروع قانون للجمعيات‬ ‫األهلية يجري نقاشه‪ ،‬مع التزامات مصر بموجب اتفاقيات حقوق اإلنسان‬ ‫الدولية واتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد <‬

‫سعد الدين إبراهيم‬ ‫مدير مركز ابن خلدون‬

‫حافظ أبو سعدة‪:‬‬ ‫من املمكن اتهام‬ ‫الحكومات كلها‬ ‫بالفساد وبالتالي‬ ‫يصبح األمر‬ ‫تشويها لها دون‬ ‫سند قانوني‬

‫حافظ‬ ‫أبو سعدة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪53‬‬


‫قضايا‬

‫تفجرت الخالفات بني الحكومة املصرية والجمعيات بشأن التمويل األجنبي‪ .‬وقال الدكتور سعد الدين‬ ‫إبراهيم‪ ،‬مؤسس ومدير مركز ابن خلدون‪ ،‬لـ«املجلة»‪ ،‬إن مصر بها ‪ 140‬ألف جمعية أهلية‪ ،‬من بينها مركز‬ ‫ابن خلدون‪ .‬وأضاف‪ :‬فمن يملك معلومات تديننا أو اتهامات فليذهب للنائب العام»‪.‬‬

‫سعد الدين إبراهيم لـ«املجلة»‪ :‬ال يوجد ما يدين مركز ابن خلدون‪ ..‬وما يثار حولنا كالم مرسل‬

‫خالفات بني الدولة واجلمعيات بشأن التمويل األجنيب‬ ‫القاهرة‪:‬‬ ‫السيد خالف‬

‫طالبت مصر‬ ‫بـ«حماية أكبر»‬ ‫للمجتمع املدني‬ ‫وأن يكفل أي‬ ‫قانون جديد‬ ‫ينظم أعمال‬ ‫املجتمع املدني‬ ‫مبادئ حقوق‬ ‫اإلنسان‬

‫ينظر البعض للجمعيات األهلية بمصر كلغز حير الكثيرين‪ ،‬فهناك‬ ‫م��ن يعدها ت��ؤدي دورا فاعال ف��ي خدمة املجتمع‪ ،‬وآخ���رون ي��رون‬ ‫أنها «بيت للفساد»‪ ،‬و«دكاكني للتجارة والتربح»‪ ،‬حتى باملواقف‬ ‫واالنتماءات الحزبية والسياسية‪ ،‬واملواقف االنتخابية‪.‬‬ ‫وبني هذه الرؤى تبرز رؤى أخرى تطالب الحكومة بإغالق الجمعيات األهلية‪،‬‬ ‫اس��ت��ن��ادا إل��ى أن ه��ذه الجمعيات تعاني م��ن املشكالت وتطالب الحكومات‬ ‫املصرية املتعاقبة بحلها‪ ،‬دون جدوى‪ ،‬رغم تغير الكثير من رؤساء الحكومات‬ ‫في مصر‪ .‬وقال أصحاب هذه الرؤية‪« :‬تعرضنا للخديعة كثيرا فيما يخص‬ ‫قانون الجمعيات األهلية»‪ ،‬بحسب ما ذكره نجاد البرعي‪ ،‬املحامي بالنقض‬ ‫وال��ش��ري��ك الرئيس للمجموعة امل��ت��ح��دة‪ .‬وق��ال البرعي ل��ـ«امل��ج��ل��ة»‪ ،‬إن قانون‬ ‫الجمعيات اختفى مع حكومة الدكتور الببالوي‪ ،‬ثم جرت إعادته مرة أخرى‪،‬‬ ‫وعليه تعديالت تعيد الجمعيات إلى عهد القانون ‪ 32‬لسنة ‪ ،1964‬وهو ما‬ ‫يخالف أحكام مجلس الدولة ومحكمة النقض املصرية‪.‬‬ ‫وتمسك البرعي بأنه «إذا كانت وزارة التضامن والحكومة ترى أن الجمعيات‬ ‫األهلية ليس لها دور في املجتمع‪ ،‬فعليهم إغالقها وتقوم هي بالدور التي‬ ‫تقوم ب��ه الجمعيات األه��ل��ي��ة»‪ .‬ولفت إل��ى أن وزارة التضامن ه��ددت بالفعل‬ ‫بإغالق الكيانات التي تمارس نشاطا أهليا‪ ،‬ولم توفق أوضاعها طبقا لقانون‬ ‫الجمعيات رقم ‪ 84‬لعام ‪ ،2002‬مشددا على أن «املجموعة املتحدة ليس لديها‬ ‫ما تخاف عليه‪ ،‬وقادرون على تحمل املسؤولية»‪ ،‬ومشيرا إلى أن قانون هذه‬ ‫الجمعيات مفتوح منذ نهاية ثمانينات القرن املاضي‪ ،‬ولم تنظر الحكومة إليه»‪.‬‬ ‫ومن جانبه‪ ،‬دافع الدكتور طلعت عبد القوي‪ ،‬رئيس االتحاد العام للجمعيات‬ ‫األهلية‪ ،‬عن دور هذه الجمعيات‪ ،‬وقال إن هناك عددا من الحمالت التي تسعى‬ ‫دائما لإلساءة للجمعيات األهلية‪ ،،‬مؤكدا أنه «عند إجراء تقييم فيما يخص‬ ‫الخدمات الصحية التي تقدم في القاهرة منذ عامني‪ ،‬نكتشف أن الجمعيات‬ ‫األهلية تؤدي نحو نسبة ‪ 30‬في املائة من هذه الخدمات‪.‬‬ ‫وقال لـ«املجلة»‪ ،‬إن «الكثير من املشكالت التي تواجهها مصر في املرحلة‬ ‫الحالية مرتبطة بالبنية التشريعية للعمل األهلي في مصر‪ ،‬الذي يواجه هو‬ ‫اآلخر الكثير من التحديات واملشكالت»‪ .‬وشدد على أن هذه املشكالت لن تحل‬ ‫إال بتفعيل دور مؤسسات املجتمع املدني وفي مقدمتها الجمعيات األهلية‪.‬‬

‫التمويل األجنبي‬

‫غادة‬ ‫والي‬

‫‪52‬‬

‫وع��د عبد القوي أن التمويل األجنبي نقطة خ�لاف بني الجمعيات‪ ،‬لكنه لم‬ ‫يعدها «سبوبة» أو «أنتيكات» للتجارة باملواقف‪ ،‬وقال إن بعض هذه الجمعيات‬ ‫طالبت بالرقابة املسبقة على هذه األموال‪ ،‬إبان كتابة الدستور‪ ،‬وبعضها طالب‬ ‫بالرقابة الالحقة على الجمعيات‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن وزارة التضامن االجتماعي أعطت موافقات بأكثر من ملياري‬ ‫جنيه تمويال لجمعيات أهلية منذ ‪ 25‬يناير (كانون الثاني) وحتى اآلن‪ ،‬وال‬ ‫تتأخر على املوافقة على التمويل للجمعيات ما دامت ملتزمة بالقانون‪.‬‬ ‫وتتخوف الحكومة من استخدام مقار وأموال بعض الجمعيات في دعم بعض‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫األحزاب والتوجهات‪ ،‬ألنها قد تكون بابا خلفيا أو ظهيرا لوجيستيا لعودة‬ ‫الخاليا النائمة لجماعة اإلخوان‪ ،‬ومن يدعمها أو يدور في فلكها أو يشاركها‬ ‫الرؤية في العودة إلى املشهد السياسي مرة أخرى‪ ،‬عبر التسلل إلى البرملان‬ ‫في االنتخابات القادمة‪ ،‬ودعت وزارة األوقاف املصرية إلى ضرورة مراقبة‬ ‫حركة أموال هذه الجمعيات‪.‬‬ ‫وكما أث��ار التمويل األجنبي ج��دال بني الجمعيات وط��رح عالمات استفهام‬ ‫كثيرة حول ما تقوم به في املجتمع املدني بمصر‪ ،‬ال يزال قانون الجمعيات‬ ‫مثار خالفات بني ممثليها والحكومة‪ ،‬إذ تعهدت وزيرة التضامن االجتماعي‬ ‫غادة والي‪ ،‬بعدم إقرار تعديل قانون الجمعيات إال من خالل البرملان املقبل‬ ‫املنتخب من الشعب‪ ،‬والذي يعبر عن رؤيتهم‪ ،‬وأبلغت رئيس الوزراء املصري‬ ‫إبراهيم محلب بذلك‪.‬‬ ‫وعزت الوزيرة موقفها إلى أن الوزارة ليس لديها مسودة لتعديل القانون‪ ،‬وال‬ ‫يمكن أن تفرضها على الجمعيات األهلية‪ ،‬ولكنها تلقت اقتراحات من عدة‬ ‫جمعيات وجهات‪ ،‬إلى جانب مشروع أعده عدد من الحقوقيني بينهم وزير‬ ‫التضامن السابق أحمد البرعي‪ ،‬وجميعهم أرسلتهم الوزارة إلى االتحاد العام‬ ‫للجمعيات األهلية وق��ام بعقد عدة جلسات ح��وار مجتمعي في محافظات‬ ‫كثيرة لالستماع لرؤية أكبر عدد من املهتمني بالعمل األهلي‪.‬‬ ‫وأوضحت أنه ليس من حق مكاتب املحاماة والكيانات غير املرخصة وفقا‬ ‫لقانون الجمعيات األهلية ممارسة العمل األهلي‪ ،‬وهددتها أنها ستقع تحت‬ ‫طائلة القانون خاصة فيما يتعلق بالتمويل واإلنفاق‪ ،‬وأنذرت الكيانات التي‬ ‫تمارس العمل األهلي بضرورة توفيق أوضاعها مع قانون الجمعيات األهلية‬ ‫ومنحتها مهلة ‪ 45‬يوما في ‪ 18‬يوليو (تموز) املاضي‪.‬‬ ‫وردت الجمعيات بأن «القانون التي تريد الوزيرة من الكيانات توفيق أوضاعها‬ ‫معه يتنافى مع ال��دس��ت��ور»‪ ،‬لكن ال��وزي��رة ردت على ذل��ك بأنه «ينبغي على‬ ‫الجميع االلتزام بقوانني الدولة لحني تعديل قانون الجمعيات األهلية والذي‬ ‫يجرى حاليا»‪.‬‬ ‫وعد وزي��ر التضامن االجتماعي السابق الدكتور أحمد البرعي‪ ،‬أن قانون‬ ‫الجمعيات الحالي يتعارض فعال مع الدستور الحالي‪ ،‬وتحديدا في مواد‬ ‫إنشاء الجمعيات وحلها‪ ،‬الفتا إلى أن القانون الذي أعدته الوزارة وقت توليه‬ ‫امل��س��ؤول��ي��ة‪ ،‬ك��ان ملتزما تماما ب��ال��دس��ت��ور‪ ،‬وك���ان يتيح تكوين الجمعيات‬ ‫باإلخطار كما ينص القانون‪ ،‬وأن��ه تغلب على إشكالية التمويل من خالل‬ ‫تكوين لجنة للبت في الطلبات املقدمة من الجمعيات‪ ،‬وإسناد ملف املنظمات‬ ‫األجنبية لوزارة الخارجية‪.‬‬

‫كبش فداء‬ ‫أم��ا ال��دك��ت��ور سعد ال��دي��ن إب��راه��ي��م‪ ،‬فقد ق��ال ف��ي رده على ال��ت��س��اؤالت التي‬ ‫طرحتها «املجلة»‪« :‬أتحدى أن تثبت الحكومة‪ ،‬أو أي واحد أننا باملركز نتصرف‬ ‫بعشوائية كما يقولون‪ ،‬فمن يملك معلومات تديننا أو اتهامات فليذهب للنائب‬ ‫العام»‪ ،‬مؤكدا أن «كل ما يثار حولنا إنما هو كالم مرسل»‪.‬‬


‫الغزو األميركي ساعد على دفع كثير من الشباب إلى التطرف‪ .‬وفي مثل هذا‬ ‫املناخ‪ ،‬من الواضح أن منظمات املجتمع املدني واملنظمات غير الحكومية تملك‬ ‫قدرة محدودة على تغيير العالم‪ .‬في كثير من األحيان‪ ،‬عندما ينتقد الجمهور‬ ‫منظمات املجتمع املدني‪ ،‬يعجز عن إدراك حقيقة أنه ينبغي على كثير من‬ ‫املنظمات حسنة اإلدارة التعامل مع سياسات متغيرة تنتهجها الجهات املانحة‪.‬‬ ‫في املشهد الذي تال أحداث الربيع العربي‪ ،‬شهدنا كثيرا من الحاالت التي تدفقت‬ ‫فيها مبالغ مالية طائلة وكانت قادرة على إحداث نتائج عكسية‪ .‬في مصر‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬كان هناك كثير من منظمات املجتمع املدني الصغيرة التي‬ ‫كانت تحقق عمال جيدا على نطاق محلي للغاية‪ ،‬وبميزانية محدودة‪ .‬ولكن ال‬ ‫يعني مضاعفة ميزانية أي جمعية إلى خمسة أضعاف أن تتمكن من تحقيق‬ ‫نتائج أكبر خمس مرات‪.‬‬ ‫يعني ذل��ك أحيانا أن العاملني بها مرتبكون‪ ،‬حيث إن�ه��م ال يمتلكون نظم‬ ‫محاسبة قائمة (أو خبرة) إلدارة مبالغ كبيرة‪ .‬علق أحمد حسني‪ ،‬وهو منسق‬ ‫في إحدى منظمات املجتمع املدني الصغيرة التي تعمل في مساعدة املجتمعات‬ ‫املحرومة في مناطق فقيرة بالقاهرة‪ ،‬قائال‪« :‬وجدنا أنفسنا فجأة مسؤولني‬ ‫عن ميزانيات كبيرة‪ .‬على الرغم من أن املال يعني بالطبع أننا على املدى البعيد‬ ‫سنستطيع مساعدة مزيد من الناس‪ ،‬وفي الوقت ذاته كنا نحمل عبئا كبيرا‬ ‫للغاية من مسؤولية إضافية في التعامل مع نظام املانح وتقديم تقارير مفصلة بعيدا عن العالم العربي‪ ،‬في دول مثل أفغانستان‪ ،‬تواجه عملية إع��ادة بناء‬ ‫ومحاسبية تطلبها الجهة املانحة‪ .‬قد يستغرق ذلك وقتا أكبر مما يتطلبه العمل وتعزيز مؤسسات مدنية وحكومية صعوبات أك�ب��ر‪ .‬على عكس ال�ع��راق‪،‬‬ ‫األساسي الذي نقوم به من سعي فعلي ملساعدة الناس»‪.‬‬ ‫الذي ترتفع فيه نسبة املتعلمني إلى أكثر من ‪ 80‬في املائة‪ ،‬تصل نسبة من‬ ‫يستطيعون القراءة والكتابة في أفغانستان إلى ‪ 28‬في املائة فقط‪ .‬يعني ذلك‬ ‫أنه من الصعب للغاية على الجهات املانحة العثور على نظراء مالئمني حتى‬ ‫أحداث الربيع العربي‬ ‫لتنفيذ مشروعات املساعدات‪ .‬وفي أثناء الفترة ما بني عامي ‪ 2008‬و‪،2010‬‬ ‫جعلت الفوضى التي تبعت أح��داث الربيع العربي من الصعب على الجهات كانت املزحة منتشرة بني العاملني في مجال التنمية تتعلق بوزارات محددة‪.‬‬ ‫املانحة حسنة النوايا اتخاذ قرارات مطلعة بخصوص أي املنظمات أكثر جدارة كانت هناك وزارة أو اثنتان تؤول إليهما غالبية أموال املانحني‪ ،‬وذلك ملجرد أن‬ ‫هناك من يتحدثون باللغة اإلنجليزية في هذه الوزارات مما ّ‬ ‫سهل األمر قليال‬ ‫بالحصول على الدعم‪ .‬في تونس‪ ،‬بعد أسابيع من سقوط بن علي‪ ،‬تزايد عدد‬ ‫منظمات املجتمع املدني الراغبة في العمل على مكافحة الفساد‪ .‬وعلى الرغم على الجهات املانحة‪.‬‬ ‫من أن هذا في حد ذاته أمر طيب‪ ،‬فإنه كان يعني زي��ادة املنافسة للحصول‬ ‫على أموال املانحني وجذب انتباههم‪ .‬وفعليا‪ ،‬كانت املنظمات التي استطاعت تحديات غير مسبوقة‬ ‫االستمرار هي تلك التي تمكنت من تقديم خطة ملموسة وكانت تمتلك هيكال‪ ،‬بيد أن بعض الجهات املانحة املستنيرة‪ ،‬استثمرت في محاولة معرفة سبب‬ ‫ودرست املشكالت جيدا‪ ،‬وكانت لديها أفكار إبداعية بشأن كيفية البدء في عدم ظهور آثار للمبالغ الطائلة التي تدفقت إلى أفغانستان على تنمية البالد‪.‬‬ ‫البحث عن حلول‪ .‬ومع مرور الوقت‪ ،‬اختفى كثير من تلك املنظمات بمجرد أن لم يكن غريبا أن يجري تفجير الطرق أو الكباري أو أن تتعرض مشروعات‬ ‫أدركت حجم العمل املطلوب‪.‬‬ ‫إنشائية أخرى للتخريب أثناء عمليات البناء أو بعدها بفترة وجيزة‪ .‬وبعد‬ ‫تتنوع ساحة املجتمع املدني والتحديات التي تواجه منظماته بصورة كبيرة استشارة زعماء القبائل في محاولة استيعاب مكمن الخطأ‪ ،‬اتضح أنه لم‬ ‫من دولة عربية إلى أخرى‪ .‬في ليبيا على سبيل املثال‪ ،‬ال توجد منظمات غير يجر التشاور مع السكان املحليني الذين يقفون وراء هذه األعمال قبل أو أثناء‬ ‫حكومية أو مجتمع مدني يذكر‪ ،‬باإلضافة إلى كون ذلك انعكاسا ملا خلفته عمليات اإلنشاء‪.‬‬ ‫أعوام حكم القذافي‪ ،‬فهو يعكس أيضا وضع املجتمع ككل‪ .‬لم يستطع الليبيون وقد وج��دوا أن تصرفاتهم‪ ،‬على الرغم من أنها مدمرة‪ ،‬وسيلة للتعبير عن‬ ‫حتى اآلن العمل معا على تكوين رؤية وطنية أو دولة قوية‪ .‬الوضع هناك ليس وجودهم‪ .‬ولكن ال شك في أن أفغانستان تقدم ساحة من الصعب للغاية أن‬ ‫أفضل كثيرا مما كانت عليه ليبيا منذ ‪ 40‬عاما‪ ،‬وسوف يتطلب األمر تنفيذ تحقق فيها الجهات املانحة أو منظمات املجتمع املدني نتائج ملموسة‪ ،‬وربما‬ ‫عملية شاقة وهشة بهدف بناء مؤسسات دولة شرعية وكبح جماح امليليشيات تمر أعوام عديدة قبل أن يبدأ هناك أي تقدم ملحوظ‪.‬‬ ‫وتحقيق التوازن بني املصالح اإلقليمية والقبلية املتضاربة‪ .‬لقد سددت ليبيا في الفترة األخيرة‪ ،‬دخلت جهات مانحة في مزيد من الحوارات مع منظمات‬ ‫ثمنا باهظا من حياة ُأبنائها في العملية االنتقالية‪ .‬وفي ظل ارتفاع نسبة عدم املجتمع املدني‪ ،‬وتعلمت دروس مستفادة وتبنت منهج «عدم إلحاق الضرر»‪.‬‬ ‫االستقرار في البالد‪ ،‬أجبرت جهات مانحة عديدة‪ ،‬والتي كانت شديدة التفاؤل بمعنى أنها أدرك��ت حقيقة أنه حتى إن كان من الصعب تنفيذ تغيير كبير‬ ‫في بداية الربيع العربي وتواصلت مع عدد قليل للغاية من منظمات املجتمع إلى األفضل‪ ،‬فعلى األقل‪ ،‬يجب أال تتسبب هيئات التعاون اإلنمائي الدولي في‬ ‫املدني املوثوق بها في الدولة‪ ،‬على إع��ادة تقييم استراتيجيتها‪ ،‬وأدرك��ت أن تحويل األوضاع إلى األسوأ‪.‬‬ ‫قدرة هذه املنظمات القليلة على إحداث تغيير إيجابي محدودة في مثل هذا ال شك في أن منظمات املجتمع املدني على وج��ه التحديد‪ ،‬وأيضا الجهات‬ ‫الوضع العصيب‪.‬‬ ‫املانحة التي تمولها‪ ،‬تواجه تحديات غير مسبوقة في املناخ السياسي الحالي‬ ‫املتقلب وغير املتوقع‪ .‬وبغض النظر عن االنتقادات التي قد تثار بشأن النظام‬ ‫القديم‪ ،‬فإن القدرة على التوقع جعلت من األسهل تنفيذ مشروعات تعاون‬ ‫املنظمات اللبنانية‬ ‫تنموية ومساعدات إنسانية‪ .‬تعني التحالفات الجديدة التي تتغير باستمرار‪،‬‬ ‫في لبنان‪ ،‬الذي أظهر ساحة مزدهرة بمنظمات املجتمع املدني‪ ،‬نرى أن املنظمات وتفكك النظام القديم‪ ،‬أن منظمات املجتمع املدني اليوم في حاجة ألن تصبح‬ ‫اللبنانية غير واثقة من االتجاه الذي يجب أن تسير فيه‪ .‬وفي ظل القلق املستمر أكثر مهنية من ذي قبل‪ ،‬وأن تحظى ب��إدارة داخلية أق��وى‪ ،‬وف��رق عمل أعلى‬ ‫بشأن تداعيات انتشار الحرب في سوريا إلى لبنان‪ ،‬تمر منظمات املجتمع تأهيال‪ ،‬واستيعاب أفضل للتحديات التي تواجه مجتمعاتها‪ .‬في الواقع تحتاج‬ ‫املدني بحالة ارتباك بسبب الفراغ السياسي في البالد‪.‬‬ ‫املنظمات إلى أن تصبح أفضل من حكوماتها <‬

‫فاقم من‬ ‫مشكلة فقدان‬ ‫املهنية في‬ ‫ساحة املجتمع‬ ‫املدني العراقية‬ ‫تدفق مبالغ‬ ‫مالية طائلة‬ ‫إلى بغداد‬ ‫من الجانب‬ ‫األميركي‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪51‬‬


‫قضايا‬

‫ال توصف حياة أي موظف في منظمة من منظمات املجتمع املدني‪ ،‬سواء في دولة أقل تقدما أو نامية‪ ،‬بالسهلة‬ ‫مطلقا‪ .‬وسواء كانت مهمته البحث عن تمويل الستمرار النشاط أو املحاربة من أجل إثبات املصداقية أمام‬ ‫املجتمع بأسره‪ ،‬كما تفعل املنظمات الجادة‪ ،‬يظل عمله شاقا على الدوام‪.‬‬

‫منظمات املجتمع املدني اليوم‪ :‬بعضها يقع تحت نفوذ حكومات أجنبية‬

‫شبهات حول اجلهات املانحة لألموال‬ ‫برلني‪:‬‬ ‫زينب مصطفى‬

‫بعد سقوط‬ ‫النظام‬ ‫التونسي‪ ،‬تزايد‬ ‫عدد املنظمات‬ ‫الراغبة في‬ ‫العمل على‬ ‫مكافحة الفساد‬ ‫للحصول‬ ‫على أموال‬ ‫املانحني وجذب‬ ‫انتباههم‬

‫ف��ي ك�ث�ي��ر م��ن ال �ح ��االت‪ ،‬ت�ص�ب��ح م�ن�ظ�م��ات امل�ج�ت�م��ع امل��دن��ي م�ج��اال‬ ‫ملناقشات وخالفات ح��ول قضايا وم�ب��ادرات تتعلق بالسياسات‪.‬‬ ‫وفي حاالت أخرى‪ ،‬يتحول التعامل مع منظمات املجتمع املدني إلى‬ ‫تصفية حسابات سياسية‪ .‬وقد شاهدنا في مصر كيف تعرضت منظمات‬ ‫املجتمع املدني إلجراءات صارمة لدى االشتباه بوقوعها تحت نفوذ حكومات‬ ‫أجنبية – س��واء اتهمت بأنها ناطقة باسم هذه الحكومة أو األس��وأ من ذلك‬ ‫أن تتهم بالعمالة‪ .‬وأحيانا ال تقوم هذه االتهامات على أي أساس في الواقع‪،‬‬ ‫ولكنها كانت وسيلة للحكومة التي تبحث عن كبش فداء وعن تشتيت االنتباه‬ ‫عن مشكالت أخرى‪.‬‬

‫من منظمات املجتمع املدني‪ .‬وعلى الرغم من عدم افتقار هذه املنظمات للطاقة‪،‬‬ ‫فإن كثيرا منها لم يملك خبرة مهمة‪ ،‬وهو أمر يمكن فهمه‪ .‬كانت هناك فرص‬ ‫ضئيلة في عهد صدام والقذافي‪ ،‬وحرية أقل ملمارسة أعمالها‪ .‬ولم تكن هناك‬ ‫إمكانية للتعلم وتبادل الخبرات مع آخرين في مناطق أخرى من أجل اكتساب‬ ‫املهارات الالزمة‪ .‬كانت هذه املنظمات املدنية الناشئة عاجزة باستمرار عن‬ ‫تقديم نتائج ملموسة في مجتمعاتها املحلية‪ ،‬وكانت تعاني من أزمة مصداقية‬ ‫بني السكان على نطاق واسع‪ .‬ولم يكن غريبا أن ينشئ أي شخص منظمة‬ ‫مجتمع مدني ألنهم لم يكونوا يملكون مسارا مهنيا فعليا‪ ،‬أو ألنهم وجدوا‬ ‫األمر فرصة للحصول على دخل‪.‬‬

‫منظمات املجتمع املدني الروسية‬

‫ساحة املجتمع املدني العراقية‬

‫وال تقتصر هذه املشكلة على العالم العربي‪ .‬ففي أبريل (نيسان) عام ‪،2013‬‬ ‫طالبت منظمات مجتمع مدني روسية الرئيس فالديمير بوتني بإثبات صحة‬ ‫ادعائه بأن املنظمات في ب�لاده حصلت على نحو مليار دوالر أميركي من‬ ‫رع��اة أج��ان��ب‪ .‬وك��ان بوتني أعلن ه��ذا االدع ��اء لتبرير عمليات اقتحام ملئات‬ ‫من مقار منظمات املجتمع املدني الروسية‪ ،‬مما تسبب في توجيه انتقادات‬ ‫قوية له من الغرب‪ .‬وأصر بوتني على أن املداهمات كانت ضرورية للتأكد من‬ ‫االلتزام بالقانون الجديد الذي يشترط على املنظمات التي تتلقى تمويال أجنبيا‬ ‫وتشترك في أنشطة سياسية ذات تعريفات فضفاضة أن تسجل بصفتها‬ ‫«وكاالت أجنبية»‪ .‬وادعى بوتني أن منظمات املجتمع املدني الروسية حصلت‬ ‫على مليار دوالر من الخارج‪ ،‬وأن الشعب له الحق في معرفة من يمولها‪ .‬ولكن‬ ‫نفت منظمات مجتمع مدني كبرى هذا االدعاء‪.‬‬ ‫في روسيا يمنح قانون اإلج��راءات املدنية الروسي صالحيات للمدعي العام‬ ‫في الدولة برفع دعوى قضائية مدنية «دفاعا عن الحقوق والحريات واملصالح‬ ‫املشروعة للمواطنني أو الشعب بأكمله أو مصالح االتحاد ال��روس��ي»‪ ..‬وبدأ‬ ‫املدعون في استخدام هذه الصالحيات ضد منظمات املجتمع املدني من أجل‬ ‫إجبارها على التسجيل بصفتها «وكاالت أجنبية»‪.‬‬

‫فاقم من مشكلة فقدان املهنية في ساحة املجتمع املدني العراقية تدفق مبالغ‬ ‫مالية طائلة إلى العراق‪ ،‬وكانت غالبا من الجانب األميركي‪ .‬لم تكن منظمات‬ ‫املجتمع املدني التي تمتلك مهارات وق��درات محدودة تستطيع أن تعمل بني‬ ‫عشية وضحاها بفاعلية كبيرة وتدير نشاطا بصورة جيدة وتحقق تأثيرا‬ ‫ظاهرا في املجتمع املعني‪ .‬كان هناك في بعض األحيان عجز عن إدراك فكرة‬ ‫أن ضخ األموال إلى منظمة مجتمع مدني ال يعد ضمانة لتحقيق النجاح‪ .‬ولكنه‬ ‫يعني أن الجهة املانحة تستطيع أن تقول إنها نفذت بنودا ضرورية‪ ،‬مما يوحي‬ ‫بأنها تؤدي دورها في تقوية املجتمع املدني‪.‬‬ ‫انعكست هذه السياسة املعيبة التي انتهجتها الواليات املتحدة على مستويات‬ ‫متعددة في سياق ما بعد الغزو‪ ،‬ول��م يقتصر األم��ر على منظمات املجتمع‬ ‫املدني فحسب‪ .‬بل كان األميركيون تحت ضغط إلظهار إسهاماتهم في إعادة‬ ‫إعمار العراق وتقوية مؤسساته الحكومية وغير الحكومية أيضا‪ .‬وكان هذا‬ ‫تحديا‪ ،‬نظرا للوضع املتقلب في العراق بعد عام ‪ – 2003‬من استمرار عدم‬ ‫استقرار والتفجيرات وانعدام األمن – وكان من الصعب العثور على خبرات‬ ‫وكفاءات املتخصصني املستعدين للمخاطرة بالسفر إلى العراق وقضاء فترات‬ ‫زمنية كبيرة هناك‪ .‬كان ذلك يعني االستعانة بأميركيني ذوي خلفيات مهنية‬ ‫متواضعة للغاية‪ ،‬على سبيل املثال مدرسو محاسبة عامة في كليات محلية‬ ‫في بلدات أميركية‪ ،‬ليصبحوا مستشارين في مؤسسات رفيعة املستوى‬ ‫مثل املحكمة العليا للمراجعة املحاسبية‪ .‬وبهذه الطريقة‪ ،‬وجد جيك جونز من‬ ‫أالباما (وآخرون غيره) أنفسهم في بيئة ترتفع فيها التوقعات كثيرا‪ ،‬وهم غير‬ ‫مستعدين لتلبية هذه التوقعات‪ ،‬بسبب خطأ ال ذنب لهم فيه‪ .‬وكانت قرارات‬ ‫مثل تلك تجعل املؤسسة مثارا للسخرية‪.‬‬

‫ليبيا في عهد القذافي‬ ‫وتحمل كلمة «وكالة أجنبية» في روسيا معاني خطيرة؛ إذ ترتبط بعمليات‬ ‫التجسس في عصر الحرب الباردة‪ ،‬ويتعرض الوصف النتقادات في روسيا‬ ‫وعلى املستوى الدولي‪ ،‬ملا يمثله ذلك من انتهاك لحقوق اإلنسان واستغالله‬ ‫في قمع جماعات املعارضة‪ .‬وال يتوقف األم��ر عند اإلس��اءات التي تتعرض‬ ‫لها منظمات املجتمع املدني من جهة الحكومات من أجل تصفية حسابات‬ ‫سياسية‪ ،‬بل أحيانا ما تكون هذه املنظمات في مقدمة الجماعات التي تتأثر‬ ‫أعمالها بالتغييرات التي تطرأ على الحكومة والسياسات وانتشار العداءات‪.‬‬ ‫في العراق‪ ،‬كما في دول عربية أخرى (مثل ليبيا)‪ ،‬كان هناك مجتمع مدني‬ ‫صغير غير منظم‪ .‬وبعد سقوط صدام والغزو األميركي للعراق‪ ،‬ظهر العديد‬

‫‪50‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫سياسات متغيرة تنتهجها الجهات املانحة‬ ‫وحتى في العراق اليوم‪ ،‬ال تزال منظمات املجتمع املدني في وضع ال يسمح‬ ‫لها بتحقيق تأثير إيجابي كبير؛ حيث تظل التوترات العرقية مشتعلة ويسود‬ ‫العنف واألعمال اإلرهابية‪ .‬وتعاني الحكومة العراقية الحالية من الفساد‪ ،‬كما أن‬


‫الشيعة هناك أدت إلى بروز مجاميع مسلحة أخرى مثل أبو الفضل العباس‬ ‫والعصائب كما أن تحدي داعش في العراق بعد احتالله املوصل وتمدده باتجاه‬ ‫بغداد أدى إلى تطور في غاية األهمية في وضع امليليشيات هو بروز العصائب‬ ‫وكتائب حزب الله ومن ثم بدر «خصوصا في معركة آمرلي» في وضع أهم‬ ‫بكثير من الجيش الذي ال يزال يعاني «نكسة املوصل»‪.‬‬

‫واختلطت األوراق‬ ‫حتى عشية احتالل املوصل في العاشر من يونيو عام ‪ 2014‬من قبل تنظيم‬ ‫الدولة اإلسالمية «داعش» لم يكن السجال السياسي السني ‪ -‬الشيعي يرتفع‬ ‫إلى مستوى تحد مشترك يتمثل في احتالل أرض وإعالن دولة (دولة الخالفة‬ ‫اإلسالمية بزعامة أبو بكر البغدادي)‪ .‬مظاهر االحتجاج التي ّ‬ ‫عبر عنها العرب‬ ‫السنة في العراق طوال عام ‪ 2013‬في عموم املحافظات السنية الخمس (األنبار‪،‬‬ ‫صالح الدين‪ ،‬ديالى‪ ،‬كركوك‪ ،‬املوصل) كانت تتمحور بالدرجة األساس بعدم‬ ‫وجود جيش عراقي مهني ممثل لكل الطوائف مع اتهامات واضحة للكثير من‬ ‫قطعات هذا الجيش بالقيام باستفزازات ذات طبيعة طائفية ال سيما في املناطق‬ ‫املختلطة مذهبيا‪ .‬في مقابل ذلك فإن االنهيار السريع للجيش العراقي وتهديد‬ ‫املراقد الشيعية املقدسة في سامراء وبغداد وكربالء والنجف أدى إلى إصدار‬ ‫املرجع الشيعي األعلى آية الله علي السيستاني فتوى «الجهاد الكفائي» ملواجهة‬ ‫ملواجهة داعش‬ ‫داع��ش‪ .‬وبينما بدت هذه الفتوى نوعا من الحل االضطراري ّ‬ ‫فإنها وفي ظل اإلنهاك الذي تعانيه املؤسسة العسكرية العراقية مثلت حاضنة‬ ‫مثالية للميليشيات الشيعية التي وجدت من وجهة نظر املجتمع السني ذريعة‬ ‫ملزيد من املمارسات السلبية تحت باب محاربة اإلرهاب‪.‬‬ ‫بينما ب��دت لعقالء الشيعة أم��را آخ��ر أدى إل��ى تجنب ح��رب طائفية طاحنة‪.‬‬ ‫األك��ادي�م��ي ورج��ل ال��دي��ن الشيعي امل�ق��رب م��ن ال �ح��وزة العلمية عبد الحسني‬ ‫الساعدي أكد في حديث لـ«املجلة» أن «هناك خطأ في فهم طبيعة ما صدر عن‬ ‫السيد السيستاني حيث إن ما صدر ليس فتوى باملعنى الفقهي للفتوى بل‬ ‫هو أمر وتوجيه يهدف لحماية املراقد املقدسة بعد أن أعلن تنظيم داعش أنه‬ ‫بصدد تهديمها وبالفعل هو بدأ في املوصل بتهديم مراقد وأضرحة األنبياء‬ ‫واألولياء وبالتالي فإن تهديد األماكن املقدسة عند الشيعة يمكن أن يشعل فتيل‬ ‫حرب طائفية ال تبقي وال تذر»‪.‬‬ ‫وأض��اف أن «املرجع األعلى كان ي��درك تماما حقيقة ما يمكن أن يصدر عن‬ ‫جهات غير منضبطة (في إش��ارة إلى امليليشيات) ولذلك فإنه حرص سواء‬ ‫على مستوى األمر أو حتى الفتوى إذا تعاملنا معها على هذا املستوى على‬ ‫تقنني األمر على مستويني األول هو التطوع حسب الكفاية وليس باملطلق وهو‬ ‫أمر تحدده الجهات الرسمية والثاني يرتبط املتطوعون بالقوات املسلحة وليس‬ ‫بالجهات أو القوى أو األحزاب التي ينتمون إليها»‪ .‬لكن عضو البرملان العراقي‬ ‫عن محافظة األنبار السنية غربي العراق وعضو لجنة األمن والدفاع البرملانية‬ ‫حامد املطلك يرى في حديث لـ«املجلة» أن «املشكلة األساسية هي أن الحكومة‬ ‫بكل ما لديها من أجهزة عسكرية وأمنية غير قادرة على حماية الناس وهو‬ ‫الهدف األول ألي حكومة ومنظومة أمنية في العالم»‪ .‬ويضيف «وي�ب��دو من‬ ‫باب املفارقة أن تحل امليليشيات محل الدولة في فرض قانونها الخاص األمر‬ ‫الذي أدى إلى تراجع قدرة الدولة حتى أصبح ذلك حقيقة واضحة بعد سقوط‬ ‫املوصل حيث تحررت امليليشيات تماما بل باتت في الصدارة عبر مسميات‬ ‫جديدة وأصبح ينسب لها بطوالت وه��ي من ح��ررت البلدة الفالنية واملكان‬ ‫الفالني»‪ ،‬مشيرا إلى أنه «وعلى الرغم من أن التحول في ميزان القوى حصل‬ ‫بسبب التدخل األميركي فإن أجهزة اإلعالم التي يخضع الكثير منها لسيطرة‬ ‫امليليشيات أو الجهات الساندة لها يغض النظر عن ذلك بل إنه يهاجم أميركا‬ ‫بوصفها قوة احتالل»‪ .‬ويوضح املطلك أن «الفشل هنا مركب فهناك فشل‬ ‫سياسي ينعكس بالضرورة على األداء األمني وفشل أمني بسبب عدم بناء‬ ‫املنظومة األمنية على أسس مهنية صحيحة وهو ما يجعل األمور دائما في‬ ‫وضع بالغ الحراجة»‪ .‬ويدعو املطلك إلى «إعادة النظر بكل شيء من السياسة‬ ‫إلى األمن وإعادة بنائه بطريقة مهنية حرفية وليست عرقية طائفية لم نجن‬ ‫منها طوال السنوات العشر املاضية سوى الخراب والدمار»‪.‬‬

‫ميليشيا حسب الطلب‬ ‫ال نبتعد كثيرا عن الحقيقة عندما نقول إن الحكومة العراقية بنسختها الجديدة‬ ‫برئاسة حيدر العبادي استسلمت لفكرة بدت هي األمر الواقع ال سيما بعد أن‬ ‫اختلطت األوراق على الجميع‪ .‬وبينما لم يعد ممكنا بعد اليوم إنهاء امليليشيات‬ ‫ال�ت��ي ج��رى تنظيم دوره��ا عبر م��ا يسمى «الحشد الشعبي» وع��ودة أخ��رى‬ ‫بواجهات جديدة حتى ملن دخل منها العملية السياسية وأصبح لها نواب في‬ ‫البرملان ووزراء في الحكومة (بدر لها ‪ 22‬مقعدا وعدة وزارات‪ ،‬الصادقون التي‬ ‫هي الجناح السياسي لعصائب أهل الحق لها مقعدان في البرملان في إطار‬ ‫ائتالف دولة القانون‪ ،‬وسرايا السالم التابعة للتيار الصدري وهي البديل لجيش‬ ‫املهدي الذي جمده زعيمه ومؤسسه مقتدى الصدر) فإن املتغير الجديد وفي‬ ‫ضوء البرنامج السياسي الذي طرحه رئيس الوزراء حيدر العبادي هو تأسيس‬ ‫حرس وطني في كل محافظة يتشكل من أبناء املحافظة نفسها‪ .‬بدا األمر هنا‬ ‫وكأنه ليس فقط إع��ادة دمج لـ«امليليشيات» ثانية بل شرعنتها بطريقة بدت‬ ‫مقنعة للطرف السني ه��ذه امل��رة‪ .‬وبينما أي��د ق��ادة سنة ه��ذا التوجه بوصفه‬ ‫أهون الشرور في الخالص من امليليشيات التي تحمل لونا طائفيا واحدا فإن‬ ‫قادة التيار املدني الليبرالي عدوا ذلك بمثابة نهاية لفكرة الدولة املؤسساتية‬ ‫في العراق التي يجب أن تستند إلى جيش مهني قوي ومحترف مثلما يرى‬ ‫السياسي العراقي والقيادي في التحالف املدني الديمقراطي فائق الشيخ علي‬ ‫في حديث لـ«املجلة» حيث يقول إن «فكرة حصر السالح بيد الدولة التي وردت‬ ‫في البرنامج السياسي لحكومة الدكتور حيدر العبادي للسنوات األربع املقبلة‬ ‫تناقضت معها تماما فكرة تشكيل حرس وطني في كل محافظة»‪ ،‬متسائال‬ ‫«كيف نحصر السالح بيد الدولة بينما سيكون لكل محافظة جيش محلي‬ ‫يمكن أن يخرج في أي وقت عن سيطرة الدولة خصوصا في ظل التناقضات‬ ‫والتناحرات السياسية والطائفية والعرقية»‪ .‬ويرى الشيخ علي أنه «مما يؤسف‬ ‫له أن الحكومات املتعاقبة بعد التغيير فشلت في التعامل بحزم مع امليليشيات‬ ‫بسبب ضعف القانون ول��ذل��ك وج��دت اآلن مخرجا يتمثل ف��ي إخراجها من‬ ‫الباب وعودتها من الشباك»‪ .‬غير أن القيادي السني في كتلة متحدون محمد‬ ‫الخالدي يرى في حديث لـ«املجلة» أن «تشكيل الحرس الوطني املحلي يهدف‬ ‫بالدرجة األولى إلى وضع حد لسلطة امليليشيات التي لم يعد بمقدورها التحرك‬ ‫خارج إطار محافظاتها أو املناطق التي تمثل بيئة اجتماعية أو مذهبية لها»‪،‬‬ ‫مؤكدا أن «العرب السنة سوف يتولون عبر هذه التشكيالت وفي إطار ما ينوون‬ ‫عمله وهو تشكيل إقليم سني إلى تحرير مناطقهم من التنظيمات اإلرهابية‬ ‫باإلضافة إلى عدم دخول امليليشيات بحجة فرض األمن أو املالحقة أو غيرها‬ ‫ألن هذا سوف يتناقض مع وثيقة البرنامج السياسي التي اتفقت عليها الكتل‬ ‫السياسية ونالت ثقة البرملان» <‬

‫مظاهرة مويدة لرئيس‬ ‫الوزراء السابق نوري املالكي‬

‫حامد املطلك‪:‬‬ ‫املشكلة‬ ‫األساسية هي‬ ‫أن الحكومة‬ ‫بكل ما لديها‬ ‫من أجهزة‬ ‫عسكرية وأمنية‬ ‫غير قادرة‬ ‫على حماية‬ ‫املواطنني‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪49‬‬


‫تحقيق‬

‫قبل سنة ‪ 2003‬لم يكن أحد في العراق يعرف مصطلح «امليليشيات» ولم يتداول اإلعالم العراقي على مدى‬ ‫أكثر من ثالثة عقود مثل هذه املفردة‪ .‬ورغم أن العراق على عهد صدام حسني عمل على تشكيل ما سمي‬ ‫بـ«الجيش الشعبي» الذي ساهم في الحرب العراقية ‪ -‬اإليرانية‪ ،‬لكنه كان يتكون في غالبيته العظمى من‬ ‫عناصر حزب البعث‪ .‬لكن بعد عام ‪ 2003‬فرضت امليليشيات ‪ -‬ال سيما الشيعية منها ‪« -‬منظمة بدر» في‬ ‫الدرجة األولى وقوات «البيشمركة» الكردية بوصفها جزءا من املعارضة التي ساهمت في إسقاط النظام‬ ‫السابق فأصبح لها استحقاقها الذي عرف طبقا لقانون الحاكم املدني األميركي بول بريمر بالدمج‪.‬‬

‫في العراق الجديد‪ :‬ميليشيات تفرض القانون وأخرى تخرقه وثالثة حسب الطلب‬

‫ميليشيات املالكي أين هي اآلن؟‬ ‫بغداد‪:‬‬ ‫عمار علي‬

‫وفقا للنتائج لم ينجح مشروع دم��ج امليليشيات‪ ،‬بدليل ما حصل‬ ‫ف��ي امل��وص��ل وت��ك��ري��ت‪ ،‬حيث إن م��ن ب�ين أه��م أس��ب��اب سقوط هاتني‬ ‫املحافظتني بيد «داعش» هي سياسات رئيس الوزراء السابق نوري‬ ‫املالكي‪ .‬فالرجل من وجهة نظر خصومه حاول ‪ -‬ال سيما في حكومته الثانية‬ ‫ االستعانة بميليشيات معروفة وقفت إلى جانبه‪ .‬فهناك ميليشيات حتى‬‫وإن ظهر فيما بعد أنها أقرب إلى الوجود اإلعالمي أكثر من الحقيقي اعتبرته‬ ‫«مختار العصر» ورفعت صوره بهذا االتجاه بينما ينظر الشارع العراقي إلى‬ ‫جماعة «عصائب أهل الحق» على أنها ميليشيا تابعة للمالكي‪.‬‬

‫سالح امليليشيات أفتك من أسلحة الدولة‬

‫فائق الشيخ‪:‬‬ ‫فكرة حصر‬ ‫السالح بيد‬ ‫الدولة التي وردت‬ ‫في البرنامج‬ ‫السياسي لحكومة‬ ‫العبادي تناقض‬ ‫معها مشروع‬ ‫تشكيل حرس‬ ‫وطني في كل‬ ‫محافظة‬

‫‪48‬‬

‫ال أحد في العراق يحب امليليشيات لكن الجميع يخشاها‪ .‬مفردة ميليشيا هي‬ ‫األكثر رعبا وتداوال بني العراقيني‪ .‬تنتعش في األزمات‪ .‬لذلك ال تحب االستقرار‬ ‫وف��رض القانون‪ .‬قانونها الفوضى وضحاياها األب��ري��اء‪ .‬تكررت تسمياتها‬ ‫وتعددت أساليب هيمنتها على الشارع حتى تغلغلت في الدوائر واملؤسسات‬ ‫وصارت هي القانون والقاعدة وكل ما عداها شواذ‪ .‬سالحها أفتك من أسلحة‬ ‫الدولة بينما كل املسؤولني يضعون في أولويات برامجهم حصر السالح بيد‬ ‫الدولة دون أن يكلف أحد منهم نفسه طرح السؤال املخيف‪ ..‬أين هي الدولة‬ ‫أوال؟‪ .‬بعد االحتالل األميركي للعراق عام ‪ 2003‬ظهرت على السطح بني ما‬ ‫ظهرت مشكلة امليليشيات في العراق ال سيما تلك التي تشكلت في الخارج‬ ‫وكانت جزءا من املعارضة العراقية التي تحالفت مع الواليات املتحدة األميركية‬ ‫إلسقاط النظام العراقي السابق‪ .‬فكان أن أصدر الحاكم املدني األميركي بول‬ ‫بريمر ق��رارا دم��ج فيه امليليشيات باملؤسسة األمنية والعسكرية‪ .‬ك��ان قرار‬ ‫دمج امليليشيات بمثابة دق آخر مسمار في نعش املؤسسة العسكرية العراقية‬ ‫ببعدها العقائدي واالحترافي واملهني‪ .‬فالقرار الذي حمل الرقم ‪ 91‬لعام ‪2003‬‬ ‫القاضي بانخراط امليليشيات التي ساعدت األميركان باحتالل العراق وتم من‬ ‫خاللها تشكيل ما أطلق عليه الجيش الجديد‪ .‬ولكون غالبية امليليشيات التي‬ ‫تشكلت في الخارج أو كانت بمثابة أجنحة عسكرية ألحزاب سياسية تولت‬ ‫السلطة بعد عام ‪ 2003‬فقد اهتزت التركيبة االجتماعية والقومية واملذهبية‬ ‫التي يتكون منها الجيش العراقي في مجتمع تعددي مثل املجتمع العراقي وهو‬ ‫ما أدى إلى اإلخالل بمبدأ التوازن الذي نص عليه الدستور العراقي في املادة‬ ‫التاسعة منه التي تنص «تتكون القوات املسلحة واألجهزة األمنية من مكونات‬ ‫الشعب العراقي بما يراعي توازنها وتماثلها»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن القرار الخاص بدمج امليليشيات لم يجعلها تنصهر في‬ ‫بوتقة الجيش الجديد بسبب فقدان عامل أساسي وهو تسريح الغالبية العظمى‬ ‫من عناصره املهنية والكفؤة ألسباب تتعلق بالطائفية أو االجتثاث‪ ،‬فإن الذي‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫حصل فيما بعد هو ظهور ميليشيات جديدة بعد قرار الدمج‪ .‬وإذا كانت قوات‬ ‫البيشمركة الكردية ومنظمة بدر وفصائل أخرى أقل أهمية هي التي شملت‬ ‫بالدمج ف��إن أب��رز امليليشيات والفصائل التي تشكلت فيما بعد هي جيش‬ ‫املهدي بزعامة مقتدى الصدر وعصائب أهل الحق التي انشقت عنه بزعامة‬ ‫قيس الخزعلي وكتائب حزب الله فضال عن ل��واء أبو الفضل العباس‪ .‬ولعل‬ ‫املفارقة الالفتة على صعيد تكوين وتركيب الجيش العراقي السابق أنه في‬ ‫الوقت الذي يتشكل فيه من غالبية سنية من كبار الضباط فإن الغالبية العظمى‬ ‫من منتسبيه من صغار الضباط واملراتب والجنود هم من الشيعة‪ .‬مركزية‬ ‫األنظمة السابقة ملكية كانت أم جمهورية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة‬ ‫عام ‪ 1921‬انسحبت على املؤسسة العسكرية التي بقيت محافظة على طابعها‬ ‫الوطني‪ .‬لكن بعد االحتالل وعلى الرغم من أنه حتى في البرنامج الحكومي‬ ‫الذي قدمه رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي ونال ثقة البرملان فإن‬ ‫من بني أهم ما ورد فيه هو «حصر السالح بيد الدولة» بينما الجهات األكثر‬ ‫ق��وة وفتكا بالشارع هي امليليشيات ال سيما تلك التي تعد محسوبة على‬ ‫الدولة بشكل آو بآخر‪.‬‬

‫ما قبل «القاعدة» ما بعد «داعش»‬ ‫مرت امليليشيات بثالث مراحل بعد عام ‪ 2003‬وهي مرحلة الدمج التي استمرت‬ ‫منذ عام ‪ 2003‬إلى عام ‪ 2006‬وهي املرحلة التي سبقت بروز تنظيم القاعدة‬ ‫الذي اتخذ من املناطق الغربية أو ما سمي بـ«املثلث السني» حاضنة له‪ .‬ومرحلة‬ ‫ما بعد عام ‪ 2006‬حيث تفجرت الحرب الطائفية بعد تدمير مرقدي اإلمامني‬ ‫العسكريني في سامراء خالل شهر فبراير (شباط) عام ‪ 2006‬ومرحلة ما بعد‬ ‫يونيو (حزيران) عام ‪ 2014‬حيث احتل تنظيم داعش في غضون يومني كال‬ ‫من محافظتي نينوى «املوصل» وصالح الدين «تكريت» وأجزاء من محافظة‬ ‫ديالى فضال عن مناطق واسعة من األنبار‪« .‬القاعدة» أو «داعش» هو النظير‬ ‫السني للميليشيات الشيعية لكن الفرق أن ذلك مصنف إرهابيا وهذه أقصى‬ ‫ما يمكن تصنيفها به أنها خارجة عن القانون‪ .‬وإذا كانت البيئة السنية تبدو‬ ‫حاضنة لـ«القاعدة» سابقا ولـ«داعش» حاليا فإن امليليشيات الشيعية تنتشر‬ ‫في املناطق الشيعية من باب حمايتها من تلك املجاميع اإلرهابية‪ .‬وبني ما هو‬ ‫إرهابي وما هو خارج عن القانون فإن إشكالية امليليشيات تبقى تكمن في‬ ‫مفهوم الدمج‪ .‬فالقرار وإن لم يبق ساري املفعول إال أن معظم هذه امليليشيات‬ ‫وبناء على الظروف املتغيرة تجد دائما نفسها قادرة على أن تكون جزءا من‬ ‫املنظومة األمنية لكن تعمل لحساب جهات أخرى‪ .‬فالتحدي الذي مثلته القاعدة‬ ‫منح جيش املهدي امتدادا واسعا داخل املناطق الشيعية طوال أعوام ‪- 2006‬‬ ‫‪ .2008‬وظروف الوضع في سوريا ومحاوالت داعش هدم قبور ومراقد األئمة‬


‫مؤكدا أن عدد إيزيديات يتجاوز الـ‪ 4000‬امرأة‪ ،‬إضافة إلى أعداد كبيرة ممن‬ ‫يعتبرون مفقودات»‪.‬‬

‫العودة إلى الحياة‬ ‫مراد علي‪ ،‬أخو عمشة يروي لـ«املجلة» قائال‪« :‬في الثانية والنصف بعد منتصف‬ ‫الليل هجم تنظيم (داع���ش) على ناحية القحطانية‪ ،‬واستمرت مقاومتنا ‪4‬‬ ‫ساعات‪ ،‬في السادسة صباحا‪ .‬فر غالبية سكان املجمع إلى جبل سنجار‪،‬‬ ‫وكل من كان لديهم عربات نقل استطاعوا الهروب في حال لم يحالفهم الحظ‬ ‫ولم تصادفهم عناصر (داعش) التي كانت تتقدم من الغرب من جبل سنجار‬ ‫من الحدود السورية العراقية باتجاه هذه املجمعات‪ ،‬أما كل من لم تكن لديهم‬ ‫حافالت جرى أسرهم‪ ،‬وعمشة كانت ضمن من حاصرهم (داعش) ومنعت‬ ‫فرارهم إلى جبل سنجار»‪.‬‬ ‫ويتابع قائال‪« :‬لقد استطاعت أختي الهرب من الرجل الذي‬ ‫اشتراها‪ ،‬وهو من أهالي موصل‪ ،‬وكان ينوي‬ ‫بيعها ف��ي س��وري��ا‪ ،‬إال أنها استطاعت الهرب‬ ‫شاهدة عيان‪:‬‬ ‫منهم‪ ،‬فعلت املستحيل لتنقذ ابنها ورغم خوفها‬ ‫في‬ ‫أنها استطاعت الهرب وسارت الليل وحيدة‬ ‫رأيت بأم عيني‬ ‫شوارع املوصل وهي تبحث عن أحد ينقذه‪ ،‬إلى‬ ‫أن ال��ت��ج��أت إل���ى إح���دى ال��ع��ائ�لات ال��ت��ي منحتني‬ ‫ف أن الفتيات‬ ‫فرصة اللقاء بها مجددا بعد إنقاذها ومساعدتها كي‬ ‫في الوصول إلى منطقة (برده رش) بني شيخان‬ ‫إليزيديات كان‬ ‫ا‬ ‫أربيل وبمجرد لقائي بها شعرت أنني ولدت من‬ ‫جديد»‪.‬‬ ‫يجري بيعهن‬ ‫من جهته‪ ،‬بكى أبو تركي خال الضحية دنيا‪ ،‬إال‬ ‫قط بما يعادل‬ ‫أنه ممنت إلى الله الستطاعة دنيا الهروب مع أخواتها‬ ‫ف‬ ‫والعودة إلى عائلتها التي لم يبق منهم أال أبو تركي‪.‬‬ ‫‪ 10‬دوالرات‬ ‫ويقول لـ«املجلة»‪« :‬يكفيني أنني اآلن مع بنات أختي‪،‬‬ ‫ف��ل��م يتبق أح���د م��ن أف����راد عائلتنا ارت��ك��ب��ت م��ج��ازر‬ ‫أميركية‬ ‫بحقنا‪ .‬أن معاناتنا مستمرة‪ ،‬ليس لدينا كسرة الخبر‪،‬‬ ‫لكن نشكر الله على عودة دنيا وأخواتنا وأفتخر بدنيا‬ ‫التي لم تيأس»‪.‬‬ ‫وي��ت��اب��ع ت��رك��ي ق��ائ�لا‪« :‬ل��ط��امل��ا ك��ان��ت دن��ي��ا ذك��ي��ة‪ ،‬فقد‬ ‫أوهمتهم بأنها متزوجة وأختها رغم أنهم لم يصدقوا‬ ‫وهددوها بأنهم سيجرون فحصا ألختها‪ ،‬إال أنها أصرت على أنها مستعدة‬ ‫ملرافقة أختها وإجراء فحص اختبار الحمل»‪ ،‬مضيفا‪« :‬فقد ماطلت في موضوع‬ ‫زواجها من اليد اليمنى للبغدادي متحججة بأنها ال يمكن أن تقبل الزواج‪ ،‬ولن‬ ‫تتزوج إال بعد مرور ‪ 40‬يوما على وفاة أمها‪ ،‬وهكذا جرى بيعها وأخواتها‬ ‫إلى رجل من التنظيم‪ ،‬وجرى حجزهن في منزل‪ ،‬إال أن الرجل على ما يبدو‬ ‫كان من املقاتلني ال يأتي إال متأخرا في الليل‪ ،‬ولم يمر أسبوع إال واستطاعت‬ ‫دنيا الهرب‪ ،‬وطلبت املساعدة من سائق تاكسي أوصلها إلى خارج املدينة‪،‬‬ ‫وهناك التجأت هي وأخواتها إلى رجل فقير معدم الحال‪ ،‬إال أنه لم يمانع في‬ ‫مساعدتهن والتواصل معنا في سبيل تسليمهن إلينا‪ ،‬وبالفعل فقط ليلة أول‬ ‫من أمس جرى تسليمهن لنا في كركوك»‪.‬‬ ‫ويذكر أنه في الثالث من أغسطس املاضي بسط تنظيم ««داعش»» سيطرته‬ ‫على مناطق واسعة في محافظة نينوى ومن ضمنها قضاء سنجار ‪ 124‬كلم‬ ‫غرب املوصل‪ ،‬والذي تقطنه أغلبية من اإليزيديني‪ ،‬األمر الذي تسبب بعملية‬ ‫نزوح غير مسبوقة بينهم‪ ،‬فضال عن قتل وخطف وسبي ما يزيد على ‪3000‬‬ ‫من النساء اإليزيديات‪.‬‬ ‫واإليزيديون هم مجموعة دينية يعيش أغلب أفرادها قرب املوصل ومنطقة‬ ‫ج��ب��ال سنجار ف��ي ال��ع��راق‪ ،‬وي��ق��در ع��دده��م بنحو ‪ 600‬أل��ف نسمة‪ ،‬وتعيش‬ ‫مجموعات أصغر في تركيا وسوريا وإيران وجورجيا وأرمينيا‪.‬‬ ‫وبحسب باحثني‪ ،‬تعد الديانة اإليزيدية من الديانات الكردية القديمة‪ ،‬وتتلى‬ ‫جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية <‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪47‬‬


‫تحقيق‬

‫مظاهرة قادها اتحاد االيزيديني قي هانوفر باملانيا‬

‫على أساس أنهن سبايا من غنائم الحرب»‪.‬‬ ‫وأكد املرصد قيام «عناصر التنظيم ببيع تلك املختطفات لعناصر آخرين‬ ‫من التنظيم بمبلغ مالي قدره ألف دوالر أميركي لألنثى الواحدة‪ ،‬بعد أن قيل‬ ‫َّ‬ ‫إنهن دخلن اإلسالم»‪.‬‬ ‫وفي حالة مماثلة وبهدف إنقاذ ضحايا النساء من اإليزيديات في سوريا فقد‬ ‫حاول بعض وجهاء العرب والكرد دفع األموال من خالل وسطاء لعناصر‬ ‫تنظيم «داعش» بحجة أنهم يريدون الزواج من اإلناث اإليزيديات املختطفات‪،‬‬ ‫وذلك ضمن عملية التفاف من أجل تحريرهن وإعادتهن إلى ذويهن‪ ،‬ولكن‬ ‫املحاولة لم تظهر نتائجها حتى اآلن‪.‬‬ ‫من جهتها‪ ،‬طالبت بخشان زنكنة‪ ،‬األمني العام للمجلس األعلى لشؤون املرأة‬ ‫في إقليم كردستان‪ ،‬الجهات الدولية والعربية واإلسالمية بأن تلعب دورها من‬ ‫أجل إنقاذ هؤالء الفتيات‪ ،‬عادة أن «تحرير املختطفات وإنقاذهن واملحافظة‬ ‫على حياتهن وكرامتهن واجب إنساني»‪.‬‬ ‫وتحث زنكنة في حديثها لـ«املجلة» على «ضرورة احتضانهن واالهتمام بهن‬ ‫من أجل تجاوز هذه النكسة التي تعرضن لها‪ ،‬وأن هناك خططا ملساعدتهن‬ ‫على تجاوز هذه املحنة واألهوال التي تفوق قدرة تحمل البشر»‪ ،‬مشيرة إلى‬ ‫«ال��دور اإليجابي الذي لعبته املرجعية الدينية والشيوخ اإليزيديون في هذا‬ ‫املجال»‪ ،‬كاشفة عن بيان صدر من شيخ الديانة اإليزيدية يوصي بحسن‬ ‫معاملة النسوة اإليزيديات ضحايا املمارسات اإلجرامية لـ «داعش»‪.‬‬ ‫وتنتقد زنكنة صمت املنظمات النسوية العربية إزاء سبي النساء اإليزيديات‬ ‫م��ن قبل مسلحي «داع����ش»‪ ،‬ال��ت��ي عدتها ج��رائ��م ح���رب‪ ،‬مضيفة أن «على‬ ‫املجلس األعلى لشؤون املرأة بتحديد أولياته‪ ،‬إلغاثة املناطق املنكوبة‪ ،‬العمل‬ ‫مع الجهات املختصة في اإلقليم ملعرفة مصير املفقودين وتحرير األسرى‬ ‫الذين ما زالوا على قيد الحياة‪ ،‬والضغط على املجتمع الدولي الستصدار قرار‬ ‫خاص باملمارسات الوحشية التي قام بها اإلرهابيون بحق األطفال والنساء‪،‬‬ ‫وإع�ل�ان حملة وطنية لجمع امل��س��اع��دات اإلنسانية للنازحني‪ ،‬وخصوصا‬ ‫املتعلقة باحتياجات النساء واألطفال»‪.‬‬ ‫وتؤكد زنكنة أن «الالتي جرى اختطافهن من قبل الجماعات اإلرهابية هن‬ ‫ضحايا حرب‪ ،‬وعلى املجتمع التعامل معهن بكل احترام والعمل على معالجة‬ ‫األضرار النفسية التي ألحقت بهن»‪.‬‬

‫حكم جبري‬ ‫مقاتلون من الطائفة االيزيدية‬

‫سيدات في مخيم بمحافظة دهوك‬

‫‪46‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫خالد دخيل سيدو حمو باشا‪ ،‬أمير قبيلة الفقراء اإليزيديني وأحد شيوخ‬ ‫الديانة اإليزيدية‪ ،‬كشف لـ «املجلة» عن قصص مروعة للنازحني من أبناء‬ ‫الطائفة اإليزيدية الذين ف��روا من مالحقة مسلحي «داع��ش» ووصلوا إلى‬ ‫دهوك‪ ،‬ومنهم فتيات إيزيديات ألقني بأنفسهن من فوق جبل سنجار تجنبا‬ ‫الختطافهن على أيدي الجهاديني وأخذهن سبايا وأبناء تركوا أمهاتهم في‬ ‫مغارات الجبل لعدم قدرتهن على مواصلة رحلة النزوح إلى مكان آمن‪ .‬في‬ ‫حني روى صحافي أنه شاهد الكالب تتغذى على جثث املوتى‪.‬‬ ‫ويؤكد دخيل أن الشيوخ اإليزيديني أصدروا بيانات بمعاملة الفتيات الفارات‬ ‫من «داع��ش» بكل احترام‪ ،‬وأن ما تعرضن له هو حكم جبري‪ ،‬وأن هؤالء‬ ‫الفتيات لسن من اخترن خوض هذه املحنة أو أنهن بإرادتهن غيرن دينهن‬ ‫وعقيدتهن»‪.‬‬ ‫ونفى وجود أي مفاوضات مع أمراء «داع��ش» لتحرير اإليزيدات قائال‪ ،‬إن‬ ‫«دورن��ا يقتصر على عالقاتنا الشخصية مع بعض من رؤس��اء العشائر‬ ‫العربية‪ ،‬ولكن ليس لدينا أي عالقة مع أمرائهم وليس هناك سبيل للتدخل»‪.‬‬ ‫ويكشف عن «وج��ود تشكيالت عسكرية من أبناء اإليزيديني في سبيل‬ ‫استعادة مناطقهم وحمايتها»‪ ،‬مؤكدا أن هناك «قوة تتشكل حاليا من قبل‬ ‫اإلقليم من أبناء اإليزيديني‪ ،‬وتوجد قوة من وحدات الحماية الشعبية الـ‪ypk‬‬ ‫من اإليزيديني تتولى حماية مناطقنا التي ج��رى تحريرها إل��ى أن يجري‬ ‫تحرير سنجار عندها سنطالب بتشكيل قوة رسمية من اإلقليم تتكون‬ ‫من أهالي املنطقة»‪.‬‬ ‫وينتقد دخيل الحكومة العراقية املركزية وقدرتها على حمية أبناء العراق‪،‬‬


‫بخشان زنكنة األمينة العامة للمجلس األعلى لشؤون املرأة في إقليم كوردستان (املجلة)‬

‫زعيم قبيلة «الفقراء» شيخ االيزيديني خالد دخيل (املجلة)‬

‫متظاهرة عراقية تحمل ملصثا للتنديد بخطف واغتصاب الفتيات خالل مظاهرة في بروكسل‬

‫منا الوقوف ليجري اختيار من سيجري تزويجها ولدي اعتراض أي واحدة‬ ‫يجري االعتداء عليها بالضرب‪ ،‬حيث كانت تؤخذ الفتيات خاصة الباكرات‬ ‫على دفعات ولم نعرف أين كانت وجهتهم»‪ ،‬مستأنفة‪« :‬ولكن أحيانا كانت‬ ‫تعود فتيات كن قد اغتصنب من قبل أعضاء التنظيم‪ ،‬وإحداهن كانت قاصر‪،‬‬ ‫أي ‪ 15‬عاما‪ ،‬وقد جرى اغتصابها من قبل ‪ 4‬داعشيني‪ ،‬وما زلت أتذكر آثار‬ ‫الضرب بالسالح على جسدها»‪ ،‬مضيفة‪« :‬كانت صغيرة ال تعرف أصال‬ ‫ماذا يعني الزواج‪ ،‬حتى إنها كانت غير قادرة على وصف ما جرى لها هناك‪،‬‬ ‫حيث كان يجري اغتصاب الفتيات»‪.‬‬ ‫وتكشف عن أن غالبية أعضاء التنظيم الذين اختطفوا اإليزيديات وهاجموا‬ ‫قريتها كانوا عراقيني‪ ،‬وكلهم «عافرة»‪ ،‬أي تلعفر‪.‬‬

‫جرى جلبهن من محافظة نينوى‪ ،‬وإن مفاوضات مع تنظيم «داعش» في‬ ‫القضاء‪ ،‬تجري إلطالق سراحهن‪.‬‬ ‫والحديث عن أن مئات النساء اإليزيديات جرى جلبهن إلى الحويجة‪ ،‬املدينة‬ ‫ذات الغالبية العربية السنية‪ ،‬والتي يفرض تنظيم داعش سيطرته عليها‪،‬‬ ‫نواح أخرى‬ ‫منذ أكثر من ‪ 3‬أشهر ويحكم قبضته على مركز القضاء و‪ٍ 5‬‬ ‫هي الزاب األسفل والعباسي والرياض والرشاد وامللتقى‪.‬‬ ‫ويكشف مصدر فضل عدم ذكر اسمه لـ«املجلة»‪ ،‬أن عددا من شيوخ العشائر‬ ‫وغيرهم قاموا بشرائهن‪ ،‬بـ‪ 800‬دوالر‪ ،‬وأن أبناء أحد الشيوخ قد اشترى‬ ‫بـ‪ 3‬منهن اإليزيديات»‪ ،‬مضيفا أن «املفاوضات عصية ولم يجر التوصل‬ ‫إلى إطالق سراح النساء وأنه لم يستطع التوصل إلى جهة تعلن استعدادها‬ ‫للتعاون بشكل فعلي من العشائر حول هذا األمر‪ ،‬وأن عدد النساء اإليزيديات‬ ‫ال�لات��ي ج��رى جلبهن إل��ى مناطق جنوب غربي ك��رك��وك ي��ت��راوح ب�ين ‪500‬‬ ‫و‪ 600‬امرأة»‪.‬‬ ‫وكان املرصد السوري لحقوق اإلنسان أعلن أن تنظيم «داعش»‪« ،‬وزع على‬ ‫عناصره في سوريا‪ ،‬خالل األيام واألسابيع املاضية نحو ‪ 300‬فتاة وسيدة‬ ‫من أتباع الديانة اإليزيدية‪ ،‬ممن اختطفن في العراق قبل عدة أسابيع‪ ،‬وذلك‬

‫مساع مستعصية‬ ‫ٍ‬ ‫وفي الوقت ال��ذي تتمنى فيه الكثيرات من أبناء جلدة عمشة ودنيا‪ ،‬نهاية‬ ‫تشبه نهاية تجربتهما املريرة مع السبي‪ ،‬فقد تواردت أنباء حول شراء شيوخ‬ ‫عشائر في قضاء الحويجة ‪ 55‬كلم غرب مدينة كركوك‪ ،‬نساء إيزيديات‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪45‬‬


‫تحقيق‬

‫أن تتحدى مصيرا محتوما ليس باألمر السهل‪ ،‬وأن‬ ‫تعلن في قرارة نفسك أنك لن تستسلم وأن هناك حظا‬ ‫في أن تغير األحداث‪ ،‬وفي أن تعلن عدم رغبتك في‬ ‫االستسالم ملا فرض عليك‪ ،‬مع اإلصرار على أن تستمر‬ ‫في الحياة‪ ،‬رغم هول الفاجعة بهذه الكلمات اختصرن‬ ‫تجربتهن‪ ..‬هن سبايا‪ ،‬ولكن عائدات إلى الحياة‪.‬‬

‫سوق النساء‪ :‬غنائم أبو بكر البغدادي‬ ‫ورفاقه في العراق‬

‫سبايا «داعش»‬ ‫أربيل ـ ـ كركوك (كردستان العراق) ‪ :‬روشن قاسم‬

‫عمشة (‪ 19‬عاما) أم لطفل لم يكمل عامه الثاني بعد‪ ،‬وجنني في‬ ‫رحمها ما زال أمامه ‪ 4‬أشهر ليرى النور‪ ،‬وهو يتيم األب الذي ذبح‬ ‫على أيدي تنظيم «داع��ش»‪ ،‬وأم أجبرت على خوض تجربة مريرة‬ ‫تحت عنوان «السبايا»‪.‬‬ ‫تتحدث عمشة التي نجحت في الفرار من رجل مسن من أهالي املوصل‬ ‫لـ «املجلة»‪( ،‬كان ينوي اصطحابها معه إلى سوريا لبيعها هناك)‪« :‬نحن كنا‬ ‫من بني الذين فشلوا في الهروب إلى جبل سنجار‪ ،‬والذي فر إليه مئات اآلالف‬ ‫من اإليزيديني بعد مهاجمة (داعش) مناطقنا»‪ ،‬مضيفة‪« :‬إنني شاهدت بأم‬ ‫عيني كيف كان يذبح الرجال والعجزة من الرجال والنساء‪ ،‬وحتى األطفال‬ ‫ممن تجاوزا الـ‪ 10‬أعوام»‪ .‬وبحسرة تتابع‪« :‬ومن بني من ذبح زوجي وعائلته‪،‬‬ ‫وجرى اقتيادنا نحن النساء في سيارة بيك أب إلى قاعة كبيرة في مدينة‬ ‫موصل»‪.‬‬ ‫وتستأنف سردها بأن «عددنا كان كبيرا‪ ،‬يزيد على األلفني‪ ،‬جميعنا كنا‬ ‫من اإليزيديات الالتي جرى اختطافهن»‪ ،‬نافية «وجود أي من املسيحيات أو‬ ‫التركمانيات في القاعة»‪ ،‬مضيفة‪« :‬كانت تجربة مريرة‪ ،‬لقد رأيت بأم عيني‬ ‫كيف أن الفتيات اإليزيديات كان يجري بيعهن فقط ب �ـ‪ 10000‬أو ‪15000‬‬ ‫دينار عراقي‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 10‬دوالرات أميركية‪ ،‬لليلة الواحدة‪ ،‬وهكذا تباع‬ ‫ألكثر من مرة‪ ،‬وعلى مرات متتالية يجري اغتصابهن‪ ،‬وفي بعض األحيان‬ ‫كان هناك أنصار من التنظيم من مختلف الجنسيات يقصدون املكان الذي‬ ‫احتجزن فيه‪ ،‬حيث إنهم كانوا يشترون اإليزيديات بـ‪ 10000‬أو ‪ 15000‬دينار‬ ‫عراقي ثم يجري بيعهن في سوريا وبلدان أخرى بـ‪ 200‬دوالر»‪ ،‬مؤكدة أنه‬ ‫كان يجري إجبارهن على اعتناق اإلسالم ليجري تزويجهن بعناصر من‬ ‫التنظيم فيما بعد‪ ،‬ومن يمتنعن يجري تهديدهن بذبح أطفالهن أو ذبحهن‪،‬‬ ‫وفي كثير من األحيان كان يطلب من بعضهن الحديث لعائالتهن وسرد‬ ‫ما يتعرضن له من اغتصاب وعنف»‪.‬‬ ‫كانت عمشة إحدى الضحايا التي اختطفت مع مئات اإليزيديات األخريات‬ ‫بعد هجوم «داع��ش» في الثالث من الشهر املاضي ناحية القحطانية أو ما‬ ‫يعرف بـ «بمجمع القحطانية» الذي يقطنه أبناء الطائفة اإليزيدية بالقرب من‬ ‫ناحية سنجار (محافظة نينوى) بشمال العراق‪ ،‬والتي لها تجارب مريرة‬ ‫مع املتطرفني‪ ،‬ففي ‪ 14‬أغسطس (آب) ‪ 2007‬شهدت هجوما عد آنذاك األكثر‬ ‫دموية خالل سلسلة بصهريج وقود و‪ 3‬شاحنات محملة بمواد تفجيرية‬ ‫‪44‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫الجئون بالقرب من نهر دجلة‬

‫وقنابل‪ ،‬والعقل املدبر للتفجيرات كان املدعو أبو محمد العفري من أهالي‬ ‫تلعفر‪ ،‬على بعد عدة كيلومترات كانت دنيا من قرية كوجو التي تبعد ‪15‬‬ ‫كم سنجار تالقي نفس املصير‪ ،‬فقد حاصر التنظيم القرية وأمهلوا أهلها‬ ‫بضع سويعات إلعالن إسالمهم وفيما بعد أخبروهم بأنه صدر عفو عن‬ ‫أهالي القرية‪.‬‬ ‫دنيا ‪ 22‬عاما كانت وأخواتها الـ‪ 4‬سبايا لدى «داع��ش» ووصلت فقط قبل‬ ‫يومني إلى ذويها بعد هروبها وإخوتها الـ‪ .4‬تقول دنيا لـ «املجلة»‪« :‬لقد جرى‬ ‫جمع األهالي في مدرسة القرية وفصل الرجال عن النساء‪ ،‬فيما بعد سمعنا‬ ‫أص��وات طلقات وحتى اآلن ال نعرف ماذا حصل لهم‪ ،‬وبقيت النساء فقط‬ ‫داخ��ل املدرسة وطلبوا منا وضع الهواتف والحلي والذهب وما نحمله من‬ ‫النقود وإال سوف يجري ذبح من تخبئ أي شيء مما ذكرته»‪.‬‬ ‫وتتابع‪« :‬لقد أخذونا إلى معهد تلعفر‪ ،‬وهناك طلبوا أن تنفصل الباكرات‬ ‫عن النساء املتزوجات‪ ،‬إال أننا لم نقبل وأمي رفضت بشدة فصلنا عنها‪،‬‬ ‫وعندما ح��اول أحدهم التحرش بأختي ون��زع غطاء رأسها ق��ام بذبح أمي‬ ‫وأخي أمام أعيننا»‪ .‬تضيف وهي تجهش بالبكاء‪« :‬أخذونا بسيارات بيك أب‬ ‫إلى بيت في موصل‪ .‬كنا نحو ‪ 500‬إيزيدية‪ ،‬كان أعضاء التنظيم يطلبون‬


‫امرأة شابة يزيدية هاربة من بلدة سنجار‬ ‫بعد تهديدها بالقتل من تنظيم داعش‬

‫دنيا وندى الشقيقتان‬ ‫املختطفتان من قبل داعش‬ ‫في كوجو (املجلة)‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪43‬‬


‫تحقيق‬

‫عراقيات من الطائفة االيزيدية‬ ‫يحملن بطاقات الحصص الغذائية‬ ‫لحصول على الطعام في مخيم‬ ‫بالقرب من نهر دجلة في محافظة‬ ‫دهوك غرب كردستان بعد فرارهن‬ ‫من جحيم داعش‬

‫نساء دفعن الفدية وأخريات هربن قبل بيعهن في أسواق‬ ‫‪:‬‬ ‫الجواري يروين قصصهن لـ‬

‫سعر اجلارية يف أسواق «داعش»‬ ‫يبدأ من ‪ 10‬دوالرات فقط‬ ‫‪42‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫اشرتك اآلن‬ ‫واحصل على‬ ‫نسختك الورقية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬ ‫‪10‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪Issue 1600 - October 2014‬‬

‫فورن أفيرز‪ /‬أيار‪ /‬مايو ‪57 - 2014‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫الداعية وجدي غنيم في مطار حمد‬ ‫الدولي يستعد ملغادرة الدوحة‬ ‫ودون أن يعلن عن وجهته‬

‫بإيقاف نشاطهم التنظيمي في الداخل‪ ،‬وقطع العالقات مع تنظيم اإلخوان‬ ‫في الخارج‪ ،‬ووعدتهم مقابل ذلك بالدعم الالزم‪ ،‬وتوفير سبل العيش الكريم‪،‬‬ ‫وفتح مجاالت ومنافذ العمل أمامهم وتبنيهم‪ ،‬موضحا‪« :‬لكن تعنت اإلخوان‪،‬‬ ‫واس�ت�م��راره��م ف��ي عملهم‪ ،‬ت��راف��ق م�ع��ه ت�ح��رك م��رك��ز م��ن أط ��راف خارجية‬ ‫الستهداف اإلم ��ارات‪ ،‬وال�ظ��روف التي تمر بها املنطقة لم يضع أم��ام الدولة‬ ‫خ�ي��ارا‪ ،‬إال أن تتخذ موقفا حاسما ت�ج��اه اإلخ ��وان م��ن أج��ل حماية السلم‬ ‫االجتماعي واألمن الوطني»‪.‬‬

‫اجتثاث التنظيم‬

‫التغلغل‬ ‫اإلخواني في‬ ‫اإلمارات يكشف‬ ‫أن األسلوب‬ ‫األمثل للتعامل‬ ‫مع هذا التنظيم‬ ‫هو في اجتثاثه‬ ‫ومصادرته وحله‬ ‫ألنه لن يتوقف‬ ‫عن إثارة الفوضى‬ ‫واختطاف حق‬ ‫الشعب‬

‫‪40‬‬

‫ت�ص��اع��دت وت�ي��رة ال �ص��دام ب�ين السلطات الرسمية وك ��وادر ال�ج�م��اع��ة‪ ،‬حني‬ ‫صرح مصدر مسؤول في اإلدارة العامة لشؤون الجنسية واإلقامة واملنافذ‬ ‫باإلمارات‪ ،‬أكد فيه أن السلطات أصدرت بتاريخ ‪ 4‬ديسمبر (كانون األول)‬ ‫‪ ،2011‬أمرا يقضي بسحب الجنسية من عدد من أعضاء جماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني في اإلم��ارات‪ ،‬وهم ‪ -‬وفق ما نشرته صحيفة «اإلم��ارات اليوم» ‪:-‬‬ ‫حسني الجابري‪ ،‬حسن الجابري‪ ،‬إبراهيم املرزوقي‪ ،‬شاهني الحوسني‪ ،‬علي‬ ‫الحمادي‪ ،‬محمد عبد الرزاق محمد الصديق العبيدلي (ويضاف إليهم بحسب‬ ‫بيانات دعوة اإلصالح‪ ،‬أحمد غيث السويدي)‪.‬‬ ‫ونقلت الصحيفة عن املصدر امل�س��ؤول أن سبب سحب الجنسيات يعود‬ ‫لقيامهم بأعمال تعد خطرا على أمن الدولة وسالمتها‪ ،‬وأن املذكورين كانوا‬ ‫في األصل يحملون جنسيات دول أخرى‪ ،‬وأن السلطات املختصة منحت لهم‬ ‫جنسية الدولة بالتجنس‪ .‬وأضاف املصدر أنهم عملوا خالل السنوات املاضية‬ ‫على القيام بأعمال تهدد األم��ن الوطني لدولة اإلم��ارات العربية املتحدة من‬ ‫خالل ارتباطهم بمنظمات وشخصيات إقليمية ودولية مشبوهة‪ ،‬كما ارتبط‬ ‫بعضهم بمنظمات وجمعيات مشبوهة‪ ،‬مدرجة في قوائم األمم املتحدة املتعلقة‬ ‫بمكافحة تمويل اإلرهاب‪.‬‬ ‫غير أن النشطاء ردوا على التهم وقالوا إنهم يعاقبون على املطالبة باإلصالح‬ ‫السياسي‪ ،‬وأض��اف��وا ف��ي بيان لهم نشره موقع «دع��وة اإلص�ل�اح» ف��ي ‪20‬‬ ‫ديسمبر ‪« :2011‬اتخذ تجاهنا إج��راء جائر غير قانوني‪ ،‬مخالف لحقوق‬ ‫اإلنسان األصلية‪ ،‬ودستور الدولة‪ ،‬والقوانني الصادرة فيها‪ ..‬والجامع بيننا‬ ‫أننا دعاة لإلصالح ننتمي لجمعية اإلصالح االجتماعي»‪ ،‬موضحني‪« :‬شارك‬ ‫بعضنا ف��ي التوقيع على عريضة ‪ 3‬م��ارس (آذار) ‪ ،2011‬رف�ع��ت لرئيس‬ ‫الدولة‪ ،‬تطالب بإصالحات في السلطة التشريعية في الدولة‪ ،‬وذلك بأن تجري‬ ‫انتخابات صحيحة للمجلس الوطني‪ ،‬وأن يؤدي دوره بصالحيات كاملة»‪.‬‬ ‫بعد صدور هذا البيان بيومني‪ ..‬أصدر النشطاء بيانا إلحاقيا غاضبا وبلغة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫تصعيدية عبر موقع «دعوة اإلصالح» أيضا قالوا فيه إن التهم املوجهة إليهم‬ ‫كاذبة‪ ،‬عارية عن الصحة‪ ،‬ووصفوا فيه أجهزة األمن بـ«الفاسدة»‪ ،‬ووكالء‬ ‫النيابة بـ«املأجورين»‪ ،‬مؤكدين أن الشعوب قد «ملت من الدول الديكتاتورية‬ ‫املستبدة‪ ،‬وألقت بأجهزة األمن في مزبلة التاريخ»‪.‬‬ ‫لكن اإلم��ارات استمرت في خطواتها الصارمة في مواجهة ك��وادر اإلخ��وان‬ ‫اإلماراتيني‪ ،‬فقامت السلطات األمنية باعتقال وإيقاف العشرات منهم (قرابة‬ ‫‪ 60‬ع�ض��وا)‪ ،‬ونشرت صحيفة «اإلم ��ارات ال�ي��وم» في ‪ 22‬سبتمبر (أيلول)‬ ‫‪ 2012‬خبرا يكشف االتهامات املوجهة لكوادر الجماعة املوقوفني‪ ،‬وتمثلت‬ ‫في االنتماء لتنظيم ّ‬ ‫سري‪ ،‬وتأسيس جناح عسكري‪ ،‬هدفه االستيالء على‬ ‫السلطة‪ ،‬وإقامة حكومة دينية في اإلمارات‪ ،‬بوسائل غير مشروعة‪.‬‬ ‫وبحسب الصحيفة‪ ،‬ف��إن امل�ص��ادر الرسمية ش��ددت على أن قضية أولئك‬ ‫ً‬ ‫املوقوفني جنائية بحتة‪ ،‬وال صلة لها بكونهم دع��اة دينيني‪ ،‬وال أشخاصا‬ ‫يدافعون عن قضايا سياسية أو يطالبون بإصالحات‪ ،‬في ظل «اعترافاتهم‬ ‫املوثقة بإنشاء إطار تنظيمي ّ‬ ‫سري تابع للتنظيم العاملي لـ(اإلخوان املسلمني)‬ ‫يمتلك أم��واال وي��دي��ر استثمارات‪ ،‬ويجمع تبرعات لصالحه»‪ .‬وأض��اف��ت أن‬ ‫امل��وق��وف�ين «أق ��روا أي�ض��ا بأنهم وج��دوا ف��ي أح��داث (ال��رب�ي��ع ال�ع��رب��ي) فرصة‬ ‫مالئمة لنشاطهم‪ ،‬وأن لديهم جناحا عسكريا تأسس منذ عام ‪ 1988‬لتدريب‬ ‫املنتمني‪ ،‬على أن يتواصل القياديون فيه مع الضباط ّ‬ ‫لضمهم إلى التنظيم بعد‬ ‫تقاعدهم»‪ .‬وقالت املصادر إن املوقوفني‪ ،‬طبقا العترافاتهم أثناء التحقيق‪،‬‬ ‫ّأسسوا هيكال تقليديا يشبه الهيكل التنظيمي لجماعة اإلخوان املسلمني في‬ ‫الدول العربية‪ ،‬فهناك منسق عام‪ ،‬ومكتب تنفيذي‪ ،‬ومجلس شورى‪ ،‬فيما‬ ‫تدير القواعد لجان فرعية على مستوى كل إم��ارة في الدولة‪ ،‬وكل ذلك في‬ ‫إطار ثالثة أهداف رئيسة‪ ،‬أولها تهيئة املجتمع للتنظيم‪ ،‬بعد التغلغل فيه‪ ،‬ثم‬ ‫االستيالء على السلطة‪ ،‬وإقامة حكومة دينية‪ ،‬وقبل ذلك استقطاب اثنني في‬ ‫املائة من املواطنني لعضوية التنظيم‪ ،‬على أن يكون لهم في الحكومة نحو‬ ‫خمس حقائب وزارية‪ ،‬واستثمارات تتعدى مليار درهم في الدولة‪( .‬وفقا ملا‬ ‫أوردته صحيفة «اإلمارات اليوم»)‪.‬‬

‫مشروع اإلخوان‪ ..‬واختطاف حق الشعب‬ ‫راش��د العريمي ‪ -‬اإلع�لام��ي والكاتب اإلم��ارات��ي ‪ -‬يعلق على مطالب «دع��وة‬ ‫اإلخ � ��وان» وم�ش��روع�ه��م ق��ائ�لا‪« :‬ل�ق��د أص�ب�ح��ت امل�ع��ارض��ة ن��وع��ا م��ن ال�ت��رف‬ ‫السياسي‪ ،‬من خالل استيراد تجربة خارجية‪ ،‬ومظلومية دول أخرى وتنزيلها‬ ‫على واقع دولة اإلمارات‪ ،‬ولذلك لم تجد هذه الدعوة تلك الشعبية والتأثير‪ ،‬بل‬ ‫هم يسعون إلى زرعها بالقوة»‪.‬‬ ‫ويضيف العريمي في حديث ملجلة «املجلة»‪« :‬إن شعار اإلصالح الذي يرفعه‬ ‫اإلخوان يحمل موقفا منحازا‪ ،‬وهو أن الواقع القائم واقع فاسد ويجب تغييره‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن رفعهم لشعار اإلصالح واملطالبة به ال بد أن يكون منطلقا من‬ ‫تخويل الناس وتأييدهم‪ ،‬أما مصادرة رأي العامة والتحدث باسمهم وتغيير‬ ‫الواقع بناء على مصالح فئة خاصة أو جماعة معينة‪ ،‬فهذا ما نرفضه»‪.‬‬ ‫وي�ض��ع العريمي ش��رط�ين الزم�ي�ن لقبول دع ��وات اإلص�ل�اح وال�ت��رح�ي��ب بها‪:‬‬ ‫«اإلصالح مطلب وال شك‪ ،‬والكل ينشده‪ ،‬ولكن بشرطني أساسيني‪ :‬يجب أن‬ ‫يكون تحت مظلة الوطن محققا ملصلحته ووحدته‪ ،‬ودون أي أجندة أو والءات‬ ‫خارجية‪ ،‬حينها كلنا نرحب باإلصالح»‪.‬‬ ‫ويؤكد العريمي أن التجربة اإلماراتية منذ وحدتها «شهدت ربيعا حقيقيا‬ ‫تمثل ف��ي التنمية امل�س�ت��دام��ة‪ ،‬والنهضة املدنية العمرانية‪ ،‬وتحقيق ال��رف��اه‬ ‫للمواطن‪ ،‬مما جعلها أرض��ا ل�لأح�لام‪ ،‬وموطنا للطاقات املبدعة واألف�ك��ار‬ ‫الخالقة»‪.‬‬ ‫ُوفي الجانب السياسي يشير العريمي إلى برنامج «التمكني واملشاركة» الذي‬ ‫أعلن عنه ع��ام ‪ ،2005‬ويهدف إل��ى توسيع مشاركة امل��واط��ن اإلم��ارات��ي في‬ ‫العملية السياسية‪ ،‬وجرى ذلك عبر انتخاب نصف أعضاء املجلس الوطني‪.‬‬ ‫فـ«القيادة اإلماراتية تعي جيدا أن الديمقراطية هي إجراءات متدرجة‪ ،‬واإلمارات‬ ‫حققت مكاسب تاريخية كبرى ال بد من الحفاظ عليها عبر االنتقال املتدرج‬ ‫الناضج في املشاركة الديمقراطية»<‬


‫واستهداف مؤسسات التعليم‪ ،‬واستحوذ أتباعها على األنشطة الطالبية‬ ‫الكشفية واملراكز الصيفية‪ .‬ومع بداية عقد الثمانينات سيطرت الجماعة على‬ ‫قطاع التعليم العام وإدارة املناهج والتأليف في وزارة التربية والتعليم‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪ 1988‬أصبح اإلخوان املسلمون‪ ،‬هم الصوت األوحد واألقوى في مؤسسات‬ ‫الدولة التعليمية وفي جامعة اإلمارات‪.‬‬ ‫ومع تأسيس مجلة «اإلصالح» عام ‪ ،1978‬بدأت جمعية اإلصالح بالعمل على‬ ‫ضرب خصومها الفكريني من التيارات األخرى‪ ،‬ودخلت الجماعة في صراع‬ ‫منذ بداية تأسيس الجمعية مع القوميني واليساريني‪ ،‬وبعد ص��دور مجلة‬ ‫ّ‬ ‫«اإلصالح» نهاية السبعينات‪ ،‬هاجمت املجلة وكتابها خصومها التقليديني‬ ‫من القوميني واليساريني‪ ،‬وكتبت أكثر من مرة عن تغلغل الشيوعيني في‬ ‫مفاصل الدولة وتأثيرهم في الثقافة والتعليم‪ .‬وقامت بالتشكيك في إسالم‬ ‫بعض مسؤولي الحكومة‪ ،‬ونشرت املجلة فتاوى ح��ول ج��واز تولي بعض‬ ‫املسؤولني للمناصب الحكومية‪ .‬وفي اتحاد الطلبة كانت الصدامات ال تتوقف‬ ‫بينهم وب�ين من وصفوهم ب��ذوي التوجه اليساري‪ ،‬كما عملت املجلة على‬ ‫إظهار صورة نقية للجماعة وأتباعها‪ ،‬بالحفاظ على قيم املجتمع والتحذير‬ ‫من الغزو الثقافي‪ ،‬الذي يتمثل في نظرهم في إصالحات الحكومة في مجال‬ ‫التعليم واملناهج‪ ،‬وف��ي وسائل اإلع�لام وبرامج التلفزيون املحلي‪ ،‬وفقا ملا‬ ‫يقوله النقيدان‪.‬‬ ‫وكشف مصدر مطلع لـ«املجلة» أن الشرارة التي نبهت السلطات اإلماراتية‬ ‫إلى تغلغل اإلخوان اإلماراتيني في قطاع التعليم‪ ،‬هي حني أراد أحد موظفي‬ ‫الحكومة االتحادية إكمال دراس��ات��ه العليا في الخارج ‪ -‬ك��ان ذل��ك في بداية‬ ‫التسعينات ‪ -‬فلما قدم طلبه للجنة االبتعاث‪ ،‬قوبل بالرفض على الرغم من‬ ‫أن تقديره الجامعي كان (جيد جدا)‪ ،‬األمر الذي أثار تساؤالت عدة‪ ،‬هل يعني‬ ‫هذا أن جميع الطلبة املبتعثني يحملون تقدير (ممتاز) فال مكان ملن تقديره‬ ‫أقل من ذلك؟! أم أن هناك أمرا آخر؟! أثارت هذه الحالة تحريات السلطات التي‬ ‫كشفت بعد ذلك سيطرة كوادر الجماعة على التعليم‪ ،‬ومن ضمنه االبتعاث‪،‬‬ ‫فال يستحق املوافقة لالبتعاث إال من كان يدين بأفكار اإلخوان‪ ،‬أو منتميا‬ ‫للجماعة‪ ،‬وه��و األم��ر ال��ذي أث��ار غضب السلطات‪ ،‬ودفعها التخاذ خطوات‬ ‫ملواجهة جمعية اإلصالح وتقليص نفوذها‪ ،‬وفقا ملا يقوله املصدر‪.‬‬ ‫يقول النقيدان إنه منذ عام ‪ 2003‬بدأت عملية نقل واسعة داخل وزارة التربية‬ ‫والتعليم‪ ،‬ألكثر من مائة وسبعني من اإلخوان املسلمني وتحويلهم إلى دوائر‬

‫حكومية أخرى‪ ،‬كان منهم ‪ 83‬موظفا‪ ،‬انشغلت وسائل إعالم محلية وغيرها‬ ‫بالحديث عنهم‪ .‬ومما زاد من مخاوف الحكومة اإلماراتية‪ ،‬هو إصرار الجماعة‬ ‫على إلزام أعضائها بأخذ البيعة‪ .‬حيث اعتبرت الحكومة أن من يعطي بيعته‬ ‫لشخص م��ا‪ ،‬هو في الحقيقة يمنحه والءه التام‪ ،‬ف��إذا ق��ام مواطن إماراتي‬ ‫بإعطاء بيعته لقائد حركي‪ ،‬فهو يحمل والء م��زدوج��ا‪ ،‬يجعل من انتمائه‬ ‫الحركي مساويا لوالئه ألرضه ووطنه وشيوخ بلده في أحسن األحوال‪.‬‬ ‫ومفهوم «بيعة املرشد» املؤصل في أدبيات اإلخوان املسلمني يبايع فيه العضو‬ ‫املرشد‪ ،‬أو القيادة العليا بهذا النص‪« :‬أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون‬ ‫جنديا مخلصا في جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬وعلى أن أسمع وأطيع في العسر‬ ‫واليسر واملنشط واملكره إال في معصية الله‪ ،‬وعلى أثرة ّ‬ ‫علي‪ ،‬وعلى أال أنازع‬ ‫األمر أهله‪ ،‬وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمي في سبيل الله ما استطعت إلى‬ ‫ذلك سبيال‪ .‬والله على ما أقول وكيل»‪.‬‬ ‫م��وض��وع «ال�ب�ي�ع��ة» واالرت �ب��اط بتنظيم خ��ارج��ي أزع��ج الحكومة االت�ح��ادي��ة‪،‬‬ ‫وحاولت الحكومة في البداية معالجة موضوع أعضاء اإلخوان عبر احتوائهم‬ ‫أوال والتحاور معهم وإقناعهم بالعدول عن ه��ذا املنهج‪ ،‬ففي سلسلة من‬ ‫اللقاءات مع بعض الشخصيات املحسوبة على اإلخوان في ‪ ،2003‬عرضت‬ ‫السلطات اإلماراتية ثالثة خيارات على كوادر الجماعة من موظفي التعليم‪،‬‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إع��ادة تأهيلهم وإبقاؤهم في وظائفهم التعليمية‪ ،‬بعد إعالن تخليهم‬ ‫عن الجماعة‪ ،‬والتبرؤ من «بيعة املرشد»‪ ،‬واملساهمة في بناء فكر إسالمي‬ ‫إصالحي معتدل ومتسامح‪ ،‬وبعيد عن األحزاب والتنظيمات‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬التخلي عن الجماعة تنظيميا‪ ،‬واحتفاظ كل شخص بأفكاره الخاصة‪،‬‬ ‫بشرط أال يقوم بترويجها أو الدعوة إليها‪ ،‬وهنا يجري إبقاؤه داخل مؤسسات‬ ‫التعليم‪ ،‬ولكن بعيدا عن التدريس والتواصل مع الطالب‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬توفير فرص وظيفية خارج املؤسسة التعليمية لكل من اختار البقاء‬ ‫على انتمائه الحزبي راف�ض��ا ع��رض الحكومة‪ .‬كما ت�ق��وم الحكومة أيضا‬ ‫بإحالة من قاربت فترته على االنتهاء إل��ى التقاعد‪ .‬بحسب ما ي��روي ذلك‬ ‫منصور النقيدان‪.‬‬ ‫وهذا األمر يؤكده الدكتور علي بن راشد النعيمي‪ ،‬مدير جامعة اإلمارات‪ ،‬في‬ ‫حديثه لبرنامج «حديث الخليج» مع سليمان الهتالن‪ ،‬حيث قال إن الدولة قد‬ ‫دخلت في حوار طويل منذ سنني مع اإلخوان اإلماراتيني من أجل إقناعهم‬

‫املحكمة االتحادية العليا في أبو ظبي‬

‫لم تتوقف‬ ‫معارك القضاء‬ ‫اإلماراتي‬ ‫مع املنتمني‬ ‫للجماعات‬ ‫األصولية حيث‬ ‫كشفت السلطات‬ ‫اإلماراتية عن‬ ‫محاكمة خلية‬ ‫بتهمة االنتماء‬ ‫لتنظيم القاعدة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪39‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫على الرغم من مواقف املشككني أو الذين يرون فيها خطوة أقل من املطلوب‪ ..‬ألقى إبعاد السلطات القطرية‬ ‫لعدد من قيادات وكوادر جماعة اإلخوان املسلمني من الدوحة بظالله على واقع أعضاء الجماعة الذين وفدوا‬ ‫إلى منطقة الخليج العربي‪ ،‬ونشطوا فيها منذ مطلع السبعينات‪ ،‬وشكلوا مع مرور الوقت حركة وعي وتنظيم‬ ‫مضاد الستقرار وأمن البالد التي استقبلتهم‪.‬‬

‫دول الخليج تنتفض ضد كوادر الجماعة وتبعدهم عن أراضيها‬

‫إخوان اإلمارات‪ ..‬الفصل األخري‬ ‫دبي‪:‬‬ ‫عبد الله الرشيد‬

‫سيطر أعضاء‬ ‫اإلخوان في‬ ‫اإلمارات‬ ‫على قطاع‬ ‫التعليم العام‬ ‫وإدارة املناهج‬ ‫والتأليف في‬ ‫وزارة التربية‬ ‫والتعليم لنشر‬ ‫أفكارهم‬

‫‪38‬‬

‫أسدلت السلطات اإلماراتية الستار على أهم فصول تنظيم اإلخوان ألعضاء املجموعة تهمة «صنع املتفجرات دون الحصول على ترخيص بذلك‬ ‫في اإلمارات وحراكهم السري‪ .‬اإلمارات التي كان لها زمام السبق من الجهات املختصة»‪ .‬وقد مثل أمام املحكمة ‪ 11‬متهما من أصل ‪ ،15‬فيما‬ ‫في أنها أعلنت منذ وقت مبكر موقفها الحازم‪ ،‬وحربها الصريحة جرى تأجيل املحاكمة إلى ‪ 23‬سبتمبر ‪.2014‬‬ ‫مع جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬وفروعها في الدول العربية‪ ،‬باألخص في دول‬ ‫الخليج‪ ،‬حني عبر وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد بوضوح‪ ،‬محددا إخوان اإلمارات‪ ..‬طبيعة الوجود‬ ‫مكمن الداء في فكر جماعة اإلخوان‪ ،‬قائال‪« :‬إنهم ال يحترمون سيادة الدول»‪..‬‬ ‫فكان موقف القضاء والقانون واضحا حني ألقت السلطات اإلماراتية مطلع قصة اإلخوان في اإلمارات قديمة‪ ،‬هي بذاتها تشكل نموذجا متكامال لطبيعة‬ ‫‪ 2013‬القبض على خلية مصرية تابعة لجماعة اإلخوان تنشط في اإلمارات؛ الوجود اإلخواني في دول الخليج‪ ،‬وأهدافه وأدواته ووسائله وغاياته‪.‬‬ ‫حيث ألقت السلطات األمنية في دولة اإلمارات القبض على ما وصفته بـ«خلية يعود جذرها إلى الهجرة اإلخوانية املبكرة لدول الخليج التي ترافقت مع رحيل‬ ‫سرية» لتنظيم اإلخوان املسلمني تضم أكثر من ‪ 10‬أشخاص بقيادة الجماعة قيادات إخوانية إبان فترة حكم جمال عبد الناصر‪ ،‬لكن اآلراء والتحليالت‬ ‫األم في مصر‪ ،‬حسبما أف��ادت صحيفة «الخليج» اإلماراتية‪ ،‬حيث تسعى تختلف ف��ي تحديد ب��داي��ة فعلية لنشاط اإلخ����وان ف��ي اإلم�����ارات‪ ،‬وم��ص��ادر‬ ‫الخلية اإلخوانية إلى «تجنيد أبناء الجالية املصرية في اإلم��ارات لالنضمام تغذيتهم األساسية‪ .‬يتحدث الدكتور عبد الله النفيسي في دراسته «اإلخوان‬ ‫إلى صفوف التنظيم‪ ،‬كما أنهم أسسوا شركات وواجهات تدعم التنظيم على املسلمون التجربة والخطأ»‪ ،‬عن ح ّ��ج الهضيبي ع��ام ‪ 1973‬فيقول‪« :‬وفيه‬ ‫أرض الدولة‪ ،‬وجمعوا أمواال طائلة وحولوها إلى التنظيم األم في مصر بطرق عقد ّأول اجتماع ّ‬ ‫موس ٍع لإلخوان‪ ..‬ونظرا ألن معظم اإلخوان في الخارج قد‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫غير مشروعة‪ ،‬كما كشفت التحريات تورط قيادات وعناصر التنظيم في هاجروا إلى منطقة الخليج والجزيرة العربية‪ ،‬فقد تركز عمل لجنة العضوية‬ ‫ّ‬ ‫في تلك املناطق‪ :‬فتشكلت لجنة الكويت‪ ،‬ولجنة قطر‪ ،‬ولجنة اإلمارات»‪ .‬ويشير‬ ‫عمليات جمع معلومات سرية حول أسرار الدفاع عن الدولة»‪.‬‬ ‫وبحسب املصدر‪ ،‬كشفت السلطات عن «وج��ود عالقات وثيقة بني تنظيم النفيسي إلى وظيفة إخوان الخليج في نظر التنظيم الدولي‪ ،‬قائال‪ّ :‬‬ ‫«إن أقطار‬ ‫اإلخ��وان املسلمني املصري وقيادات التنظيم السري في اإلم��ارات املنظورة‬ ‫قضيته في نيابة أمن الدولة‪ ،‬حيث كان هناك تنسيق مستمر بني الطرفني‪،‬‬ ‫ولقاءات سرية‪ ،‬ونقل للرسائل واملعلومات بني تنظيم اإلخوان في مصر وقيادة‬ ‫التنظيم السري‪ ،‬وقدم تنظيم اإلخوان املسلمني املصري في اإلمارات العديد‬ ‫من الدورات واملحاضرات ألعضاء التنظيم السري حول االنتخابات وطرق‬ ‫تغيير أنظمة الحكم في الدول العربية»‪.‬‬ ‫بعد مداوالت قضائية استمرت على مدى عام كامل‪ ،‬قرر القضاء اإلماراتي‬ ‫أحكامه في حق الخلية اإلماراتية أواخر يناير (كانون الثاني) ‪ ،2014‬حيث‬ ‫أمرت املحكمة االتحادية بـ«حل تنظيم اإلخوان املسلمني املصريني على ساحة‬ ‫دولة اإلمارات العربية املتحدة وإغالق مكاتبه العامة كافة والفرعية مع مصادرة‬ ‫األدوات واألجهزة املضبوطة»‪ .‬وإبعاد املتهمني األجانب بعد تنفيذ العقوبة‪،‬‬ ‫التي كانت بسجنهم ملدد تتراوح بني خمس سنوات وثالثة أشهر‪.‬‬ ‫لم تتوقف معارك القضاء مع املنتمني للجماعة األصولية‪ ،‬سواء كانت جماعة‬ ‫اإلخوان املسلمني‪ ،‬أو غيرها‪ ،‬حيث كشفت السلطات اإلماراتية مطلع سبتمبر‬ ‫(أي��ل��ول) امل��اض��ي ع��ن محاكمة مجموعة ج��دي��دة تضم ‪ 15‬إسالميا بتهمة‬ ‫االنتماء لتنظيم «جبهة النصرة»‪ ،‬وهو فرع «القاعدة» في سوريا‪ ،‬وتنظيم‬ ‫«أحرار الشام»‪ ،‬وتحويل األموال لهما‪ ،‬بحسب ما أفادت وكالة األنباء اإلماراتية‬ ‫الرسمية‪.‬‬ ‫ووجهت النيابة العامة إلى املتهمني الـ‪ 15‬تهمة «االلتحاق واالنضمام وجمع‬ ‫وتحويل األم��وال إلى منظمتني إرهابيتني خ��ارج الدولة هما جبهة النصرة‬ ‫وأحرار الشام التابعتني لتنظيم القاعدة اإلرهابي»‪ .‬كما وجهت النيابة العامة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫بثقل يفوق أهميتها بكثير‪ ،‬فحاجة التنظيم الدولي‬ ‫الخليج والجزيرة ممثلة ٍ‬ ‫ل�لإخ��وان للمال تجري تلبيتها م��ن خ�لال ذل��ك‪ ،‬فمندوبو السعودية وقطر‬ ‫واإلمارات والبحرين والكويت يجري دائما توظيفهم في عملية جباية األموال‬ ‫للتنظيم الدولي لإلخوان»‪.‬‬ ‫وفي هذا العام نفسه ‪ ..1973‬يؤكد األستاذ سالم النعيمي ‪ -‬كاتب وباحث‬ ‫إماراتي ‪ -‬في حديث ملجلة «املجلة» أن البدايات األولى لوجود اإلخوان املسلمني‬ ‫في اإلمارات تعود إلى هذا التاريخ حني هاجر إلى اإلمارات عدد من املدرسني‬ ‫واألساتذة املصريني (اإلخوان) الباحثني عن العمل في دولة اإلمارات‪ ،‬ويؤكد‬ ‫النعيمي أنه «في تلك الفترة لم تكن مشاريعهم ورؤاهم واضحة أو معروفة‪،‬‬ ‫ولم يكن املواطن اإلماراتي يعي من هم جماعة اإلخوان املسلمني»‪.‬‬ ‫بعد تأسيس جمعيات اإلصالح في اإلمارات‪ ،‬نشطت كوادر اإلخوان املسلمني‬ ‫عبر قطاع التعليم‪ ،‬من خالل املساهمة في صياغة مناهج التعليم‪ ،‬والسيطرة‬ ‫على النشاط الطالبي‪ ،‬يؤكد ذلك األستاذ سالم النعيمي الذي قال إن الجماعة‬ ‫بفكرها لم يكن مرحبا بها بني أوساط الشعب بعمومه‪ ،‬حيث املواطن اإلماراتي‬ ‫متدين بفطرته‪ ،‬ولم تكن الدعوات إلى تقنني اإلسالم وجعله في قوالب تنظيمية‬ ‫مفصلة عبر البيعة‪ ،‬والتقسيم األسري‪ ،‬واالقتداء بقيادات خارجية‪ ،‬جذابة‬ ‫أو تجد لها صدى بني عموم الناس‪ ،‬ولذلك سعى اإلخ��وان في اإلم��ارات إلى‬ ‫استقطاب الطالب منذ الصغر من خالل زرع أدبياتهم عبر املناشط الدراسية‬ ‫والتعليمية‪.‬‬ ‫م��ن جانبه ي��رى الباحث السعودي منصور النقيدان أن جمعية اإلص�لاح‬ ‫والتوجيه االجتماعي عملت منذ تأسيسها على استقطاب الطالب والناشئة‬


‫الشيخ خالد آل خليفة رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع‬ ‫واألم ��ن ال��وط�ن��ي ف��ي مجلس ال �ش��ورى البحريني ع��د أن أع��داد‬ ‫املواطنني البحرينيني الذين جنستهم دول��ة قطر محدودة لكن‬ ‫األهم هو عملية االستهداف واإلغراء والتحريض لترك الجنسية‬ ‫البحرينية ال��ذي تمارسه قطر‪ ،‬وق��ال‪ :‬إن قطر تعمل على هدم‬ ‫البنية السياسية التحتية ململكة البحرين باستهدافها الواضح‬ ‫واملكشوف للعائالت السنية العربية‪.‬‬ ‫وكان الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني‬ ‫انتقد ف��ي وق��ت سابق م��ا وصفه ب�ـ «امل�ش��روع ال�ق�ط��ري» إلغ��راء‬ ‫البحرينيني بالجنسية القطرية بدعوى االنتماء العائلي‪ ،‬وأشار‬ ‫وزير الخارجية البحريني حينها إلى أن قطر تجنس فقط السنة‬ ‫من القبائل العربية وتغلق الباب أمام الشيعة البحرينيني‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫إن «قطر تجنس بحرينيني وهذا يؤثر على استقرار بلدنا‪ ،‬كما‬ ‫نرفض التمييز بني املواطنني»‪.‬‬ ‫البحرين ف��ي ال��راب��ع م��ن سبتمبر أخضعت «ص�لاح الجالهمة‬ ‫للتحقيق من قبل النيابة العامة بسبب حصوله على الجنسية‬ ‫القطرية وتنازله عن جنسيته البحرينية بطريقة مخالفة للقانون‪،‬‬ ‫فيما تم إخالء سبيله بعد تقديمه العتذار مكتوب عما صدر منه‬ ‫وتعهده بتصحيح أوضاعه القانونية بموجب قانون الجنسية‬ ‫البحريني»‪.‬‬ ‫أش��ار مصدر بحريني مطلع إلى أن عدد الذين جنستهم قطر‬ ‫من املواطنني البحرينيني منذ بدء التوتر حول هذا امللف حتى‬ ‫اآلن يبلغ مئات األشخاص ممن ينتسبون للعائالت السنية في‬ ‫البحرين‪ ،‬فيما تؤكد البحرين أن قطر تستهدف أمنها وبنيتها‬ ‫التحتية السياسية واألمنية‪.‬‬ ‫في سياق إيقاف «املشروع القطري» كما تسميه البحرين‪ ،‬طلبت‬ ‫امل�ن��ام��ة م��ن مواطنيها املعنيني ‪ -‬ممن حصلوا على الجنسية‬ ‫القطرية ‪ -‬بتصحيح أوضاعهم القانونية وأن كل من يخالف‬ ‫أحكام قانون الجنسية ‪ -‬سواء بعدم الحصول على اإلذن السابق‬

‫أو التخلف عن تصحيح األوض��اع القانونية خالل املدة الزمنية‬ ‫امل�ح��ددة ‪ -‬س��وف توقع عليه ال �ج��زاءات املنصوص عليها وفقا‬ ‫للقانون البحريني‪.‬‬ ‫وأكدت املنامة على أن مسألة الجنسية هي أمر يتعلق بسيادة‬ ‫مملكة البحرين وب��ال�ت��ال��ي فمن ح��ق اململكة ات�خ��اذ اإلج ��راءات‬ ‫القانونية واإلدارية الالزمة تجاه ذلك‪.‬‬ ‫الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة وزير الداخلية‪ ،‬قال‪ :‬إن هناك‬ ‫استياء عاما من التصرفات التي أقدمت عليها دولة قطر بإغراء‬ ‫املواطنني البحرينيني بالجنسية القطرية‪ ،‬والطلب منهم التخلي‬ ‫عن جنسيتهم األصلية‪ ،‬التي يفتخر بها أبناء البحرين جميعا‪.‬‬ ‫وق��ال‪ :‬إن «مثل ه��ذا السلوك يتنافى م��ع روح األخ��وة التي كنا‬ ‫نأمل أن تسود بني األشقاء‪ ،‬وتتعارض مع روح التعاون لالتحاد‬ ‫الخليجي الذي كنا نتطلع إليه»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬البحرين ما زالت تدعو إلى األخذ باملواطنة الخليجية‪،‬‬ ‫وعاملت جميع اإلخوة من دول مجلس التعاون وفق هذا املبدأ‪،‬‬ ‫انطالقا م��ن أننا أه��ل‪ ،‬ويجمعنا نسب واح��د وتربطنا أواص��ر‬ ‫العقيدة واللغة وال�ت��اري��خ املشترك ونعمل سويا وف��ق منظومة‬ ‫مجلس التعاون ومظلة الجامعة العربية»‪.‬‬ ‫وع��د وزي��ر الداخلية البحريني أن «م��ا ي��دع��و ل�لأس��ف أن تقود‬ ‫اإلجراءات غير القانونية التي اتخذتها دولة قطر إلى توقيف أحد‬ ‫أبناء العائالت البحرينية‪ ،‬ونحن نعلم أن أهله وأمثالهم من الذين‬ ‫أخلصوا للبحرين ولهم تاريخ مشرف وسمعة طيبة ال ينتهي‬ ‫بهم األمر إلى مخالفة القانون والتوقيف وغيره من اإلجراءات»‪.‬‬ ‫يشار إلى أن قانون الجنسية يتيح لوزير الداخلية املالحقة القانونية‬ ‫ملن اكتسب جنسية أخ��رى‪ ،‬فيما يتيح قانون الجنسية البحريني‬ ‫ملواطني مملكة البحرين اكتساب جنسية دولة خليجية أخرى بعد‬ ‫الحصول على إذن مسبق من وزارة الداخلية البحرينية‪ ،‬ويمنع‬ ‫القانون اكتساب العسكري ألي جنسية أخرى قبل مرور ‪ 5‬سنوات‬ ‫على تقاعده أو فصله من املؤسسة العسكرية <‬

‫صورة ارشيفية لرجل بحريني يحمل‬ ‫جواز سفره وأوراق االقتراع بينما‬ ‫ينتظر لالدالء بصوته في مركز اقتراع‬ ‫في الضاحية الشمالية ملدينة املنامة ‪-‬‬ ‫أكتوبر عام ‪( 2010‬غيتي)‬

‫قانون‬ ‫الجنسية‬ ‫البحريني‬ ‫يتيح لوزير‬ ‫الداخلية‬ ‫املالحقة‬ ‫القانونية‬ ‫ملن اكتسب‬ ‫جنسية أخرى‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪37‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫في ‪ 17‬سبتمبر (أيلول) صعدت البحرين من لغتها تجاه قطر‪ ،‬وهددت باتخاذ إجراءات «معاكسة» ولم تفسر‬ ‫طبيعة هذه اإلجراءات حينها‪ ،‬إال أن مطلعني أكدوا أن املقصود مالحقة املواطنني الذين تخلوا عن جنسيتهم‬ ‫البحرينية األصلية‪.‬‬

‫أحد أسباب أزمة السفراء‬

‫املنامة والدوحة‪ ..‬ملف التجنيس ما زال مفتوحا‬ ‫املنامة‪:‬‬ ‫عبيد السهيمي‬

‫وزير الداخلية‬ ‫البحريني‪:‬‬ ‫استياء عام‬ ‫من التصرفات‬ ‫التي أقدمت‬ ‫عليها الدوحة‬ ‫بإغراء املواطنني‬ ‫البحرينيني‬ ‫بالجنسية‬ ‫القطرية‬

‫الفريق الركن‬ ‫الشيخ راشد بن‬ ‫عبد الله آل خليفة‬

‫‪36‬‬

‫م�ل��ف تجنيس ق�ط��ر للبحرينيني‪ ،‬وه��و امل �ل��ف ال ��ذي لم‬ ‫يحسم حتى اآلن من ملفات خالفات الدوحة مع العواصم‬ ‫الخليجية الـ‪« 3‬الرياض وأبوظبي واملنامة»‪ ،‬حيث وصفت‬ ‫املنامة على لسان مسؤول رفيع فيها ما تقوم به الدوحة بـ «غير‬ ‫الودي‪ ،‬واملهني»‪ ،‬كما سمت تجنيس البحرين بـ«املشروع القطري»‬ ‫لإلخالل بأمن واستقرار اململكة الخليجية الصغيرة‪.‬‬ ‫ع��دت امل�ن��ام��ة أن أح��د إش �ك��االت ال�ق�ط��ري م��ن ج�ه��ة وال�س�ع��ودي‬ ‫واإلماراتي والبحريني من جهة أخرى هو التجنيس‪.‬‬ ‫مجلس التعاون ل��دول ال��دول الخليج العربية ال��ذي يضم ‪ 6‬دول‬ ‫ك ��ادت أن تعصف بمستقبله أزم ��ة «ال �س �ف��راء» ح�ي��ث سحبت‬ ‫الدول الـ‪ 3‬سفراءها من الدوحة في مارس (آذار) في خطوة غير‬ ‫مسبوقة على صعيد العالقات الخليجية‪ ،‬فباإلضافة إلى دعم‬ ‫الدوحة لجماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬واستضافة قياداتها‪ ،‬كان منح‬ ‫الجنسية القطرية للمواطنني البحرينيني من عائالت سنية عربية‬ ‫واح��دا من امللفات الخالفية مع ال��دوح��ة‪ ،‬ال��ذي ظهر في املرحلة‬ ‫األخيرة من األزمة مع الدوحة‪.‬‬ ‫ك��ان الخالف مع ال��دوح��ة بانتهاجها لسياسات معادية للدول‬ ‫ال �ـ‪ ،3‬ال سيما م��ن خ�لال دع��م جماعة اإلخ ��وان املسلمني‪ ،‬ومن‬ ‫بني املسائل الخالفية قيام الدوحة بتجنيس بحرينيني‪ ،‬وتتهم‬ ‫العواصم الخليجية الـ‪ 3‬الدوحة بتعمد تجنيس بحرينيني ينتمون‬ ‫إلى أسر وقبائل سنية لها امتدادات خارج البحرين‪.‬‬

‫تحذيرات املنامة إلى الدوحة‬ ‫في أغسطس (آب) املاضي أعلنت الدول الخليجية تنحية خالفاتها‬ ‫الداخلية جانبا ملواجهة املخاطر اإلقليمية معا‪ ،‬ال سيما صعود‬ ‫تنظيم «داعش»‪ ،‬دون اتخاذ قرار بإعادة السفراء‪ ،‬إال أن التراشق‬ ‫القطري البحريني ما زال مستمرا حول ملف التجنيس‪ ،‬مما يهدد‬ ‫باستمرار أزمة «السفراء» حيث طلبت الكويت في ‪ 25‬سبتمبر‬ ‫على لسان أحد دبلوماسييها أال يؤثر التراشق لالحتواء بني‬ ‫املنامة والدوحة على عودة السفراء‪.‬‬ ‫في ه��ذه األزم��ة وجهت املنامة ‪ 3‬تحذيرات إل��ى ال��دوح��ة األول‬ ‫والثاني على لسان وكيل وزارة الداخلية ل�ش��ؤون الجنسية‬ ‫والجوازات واإلقامة‪ ،‬والثالث على لسان وزير الداخلية‪.‬‬ ‫نمت أزمة تجنيس قطر للبحرينيني في ظل أزمة أخرى‬ ‫تعاني منها املنامة‪ ،‬حيث واجهت على مدى السنوات‬ ‫املاضية وتحديدا منذ فبراير (ش�ب��اط) من العام‬ ‫‪ 2011‬اضطرابات أمنية‪ ،‬كانت تعتمد فيها البحرين‬ ‫على تكاتف أبناء املجتمع البحريني حول قيادته‪ ،‬وكما‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يؤكد مصدر بحريني أن املنامة اعتمدت ف��ي مواجهة موجة‬ ‫االضطرابات على أبناء العائالت العربية السنية في قيادة األجهزة‬ ‫األمنية والجيش لتتجاوز البحرين هذه األزمة‪ ،‬ويضيف املصدر‬ ‫«العمود الفقري للجيش واالستخبارات واألم��ن هم أبناء هذه‬ ‫العائالت»‪.‬‬ ‫طفت األزمة على السطح بعد أن أوقفت املنامة مواطنا بحرينيا‬ ‫ح��اص�لا ع�ل��ى ال�ج�ن�س�ي��ة ال�ق�ط��ري��ة (ص�ل�اح م�ح�م��د ال�ج�لاه�م��ة)‬ ‫في الرابع من سبتمبر‪ ،‬وتصاعد الجدل ح��ول قانونية إيقاف‬ ‫الجالهمة‪ ،‬والتزمت حينها األجهزة األمنية البحرينية الصمت‪،‬‬ ‫وات�خ��ذت كافة اإلج ��راءات القانونية كما فسرت الح�ق��ا‪ ،‬لتعلن‬ ‫في ‪ 14‬سبتمبر أنها أفرجت عن الجالهمة بعد تقديم اعتذار‬ ‫وتعهد بتصحيح أوضاعه من الناحية القانونية بموجب قانون‬ ‫الجنسية البحرينية‪.‬‬ ‫حينها أكدت املنامة على لسان وكيل وزارة الداخلية أن اكتساب‬ ‫جنسية دولة أخرى يستوجب الحصول على املوافقة املسبقة من‬ ‫وزير الداخلية‪ ،‬وحتى في حالة املوافقة والحصول على اإلذن فإن‬ ‫الشخص يظل بحرينيا‪ ،‬علما بأن سحب الجنسية أو فقدانها‬ ‫أو إسقاطها ال يتم إال ب��األدوات التي حددها القانون‪ ،‬وطالبت‬ ‫مواطنيها بالتنبه إلى أهمية حماية حقوقهم القانونية‪ ،‬وأن الدولة‬ ‫جادة في تطبيق القانون‪.‬‬ ‫كانت مشكلة الجالهمة رأس جبل الجليد‪ ،‬فيما تقدر بعض‬ ‫املصادر الحاصلني على الجنسية القطرية بمئات األشخاص‬ ‫ممن ينتسبون للعائالت السنية في البحرين‪.‬‬ ‫قبل أن تتصاعد حدة الخالف بني العاصمتني الخليجيتني حول‬ ‫أزمة التجنيس كانت املنامة تخاطب الدوحة بأنها على «ثقة أن‬ ‫قطر الشقيقة ستعمل على مراجعة موقفها في هذا الشأن‪ ،‬حيث‬ ‫إن تجنيسها ملواطنني بحرينيني ينعكس سلبا على أمن اململكة‬ ‫ومصالحها الوطنية العليا»‪.‬‬

‫استهداف واغراء‬ ‫رفعت املنامة من حدة خطابها املوجه للدوحة حيث قالت‪« :‬إن‬ ‫دولة قطر ما زالت مستمرة في عملية تجنيس البحرينيني ولم‬ ‫تلتزم بإيقاف ذلك وفقا ملا تعهدت به سابقا»‪.‬‬ ‫في الخطاب الثالث قالت املنامة إن استمرار قطر في تعاملها‬ ‫«غير ال��ودي‪ ،‬واملهني» وممارسة التحريض على ترك الجنسية‬ ‫البحرينية سوف يضطر البحرين إلى «اتخاذ إجراءات معاكسة‬ ‫ما كان املسؤولون في مملكة البحرين يتطلعون إلى اللجوء إليها‪،‬‬ ‫وعليه ندعو دولة قطر إلى وقف تلك اإلجراءات غير املبررة»‪.‬‬


‫لم تتوقف التسريبات الغربية بوجود تنسيق غربي سري مع إي��ران على‬ ‫صعيد العمل امليداني‪ ،‬بالتوازي مع دور آخر معلن في التحالف الدولي ضد‬ ‫«داعش» يتجلى في قيام النظام اإليراني بتقديم الدعم واالستشارات ألكراد‬ ‫العراق في مواجهة مسلحي «الدولة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫يبدو أن املساعي الغربية املزمنة لتعزيز الفجوة بني السنة والشيعة في‬ ‫املنطقة بغية حماية املصالح الغربية واإلسرائيلية والحيلولة دون حدوث‬ ‫تفاهم أو تنسيق استراتيجيني بني الدول والشعوب اإلسالمية‪ ،‬تفخخ جهوده‬ ‫الحثيثة هذه األيام لتشكيل ائتالف دولي إقليمي ضد «داعش»‪ .‬ففي وقت‬ ‫تبحث فيه واشنطن عن غطاء عربي سني لحربها على «داع��ش» لدحض‬ ‫ادعاءات األخيرة أنها تتحدث باسم السنة املضطهدين في سوريا والعراق‬ ‫اآلن‪ ،‬ولكيال يفسر التحالف الدولي ضد اإلسالم الراديكالي السني على أنه‬ ‫انحياز أميركي إلى جانب الشيعة ضد السنة في املنطقة ‪ -‬تبدو إدارة أوباما‬ ‫مضطرة إلى التنسيق مع إيران‪ ،‬صاحبة التأثير األكبر في سوريا والعراق‪.‬‬ ‫وتطوي سحب الغموض التي تخيم على عالقات واشنطن وطهران ونظام‬ ‫األسد بني ثناياها بواعث لتأجيج الهواجس الطائفية لدى الدول السنية في‬ ‫املنطقة‪ ،‬خصوصا مع تفاقم التوتر وعدم االستقرار الداخلي في اليمن‬ ‫وسط تدخل إيراني سافر وتواطؤ أميركي جائر‪ .‬فهناك تخوف سني من‬ ‫جنوح الغرب وإيران لشيطنة اإلسالم السني‪ ،‬استنادا إلى تصور مفاده أن‬ ‫اإلسالم السني‪ ،‬دون نظيره الشيعي‪ ،‬هو معمل تفريخ الحركات الراديكالية‬ ‫املعادية للغرب على شاكلة «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» وغيرها‪ ،‬وقد‬ ‫عزز من هذا الهاجس السني أن الحرب على اإلرهاب ال تستهدف سوى‬ ‫التنظيمات املتطرفة السنية فقط دون الشيعية منها‪ ،‬إذ يغض الغرب الطرف‬ ‫عن تنظيمات إسالمية شيعية متطرفة تعمل في سوريا والعراق‪ ،‬ال يتورع‬ ‫نظام األسد عن االستقواء بها في مواجهة الثورة الشعبية ضده‪ ،‬كـ«حزب‬ ‫الله» و«عصائب أهل الحق» و«سرايا األشتر» وآخ��رون يبلغ عددهم ‪28‬‬ ‫فصيال شيعيا‪.‬‬ ‫وال يخفي العرب مخاوفهم من أن تفضي الحرب على «داعش» إلى حدوث‬ ‫تقارب أميركي ‪ -‬إيراني يمهد بدوره السبيل إلمكانية تقبل دور ما لألسد‬ ‫في املرحلة التالية من تلك الحرب داخ��ل األراض��ي السورية‪ ،‬حيث يفرض‬ ‫االحتياج الغربي لتعاون نظام األسد نفسه على مسرح األحداث‪ ،‬ال سيما‬ ‫أن القوى الغربية تبني استراتيجيتها على استحالة التدخل امليداني ألي‬ ‫قوات أطلسية أو غربية وتعول على قوات محلية في العراق وسوريا ينتظر‬ ‫أن تحارب بالوكالة نيابة عن الدول األساسية في التحالف عبر التوغل البري‬ ‫داخل العراق وسوريا‪ ،‬كالجيش العراقي‪ ،‬الذي أعلن كيري عن عملية عاجلة‬ ‫إلع��ادة تأهيله‪ ،‬وق��وات البيشمركة الكردية املنظمة وغير املمذهبة‪ ،‬التي ال‬ ‫تتردد كل من بريطانيا وأميركا في دعمها وتزويدها بالعتاد العسكري لصد‬ ‫تمدد «داعش»‪ ،‬إضافة إلى بعض وحدات الجيش السوري الحر‪.‬‬ ‫ويغذي مخاوف العرب السنة‪ ،‬ما بدا من انحياز أميركي فج إلى األقليات‬ ‫الشيعية العربية في كل ال�ث��ورات الشعبية العربية‪ ،‬تجلى في تمكينها أو‬ ‫تشجيعها على الحراك‪ ،‬حيث تلقى بعض هذه الفصائل تدريبات عسكرية‬ ‫على أي��دي الجيش األم�ي��رك��ي خ��اص��ة ف��ي ال �ع��راق‪ ،‬ف��ي ح�ين تماطل اإلدارة‬ ‫األميركية في دعم املعارضة السورية السنية املعتدلة وتتلكأ في تسليح‬ ‫«الجيش الحر» السني‪ ،‬بينما تتغاضى في املقابل عن جرائم «حزب الله»‬ ‫و«عصائب أهل الحق» وغيرهما من التنظيمات الشيعية املسلحة املتعاونة‬ ‫مع الحرس الثوري اإليراني ضد املعارضة السنية في سوريا‪ ،‬التي تصنف‬ ‫واشنطن بعضها كجماعات إرهابية! بل إنها تغاضت حتى عن استخدام‬ ‫النظام السوري األسلحة املحرمة ضد املعارضني السنة من شعبه‪.‬‬ ‫فرصة إيرانية‪:‬‬ ‫لم تفتأ طهران تتحرى السبل كافة للمشاركة في التحالف الدولي واإلقليمي‬ ‫ضد «داعش» بغية بلوغ حزمة من املقاصد واألهداف‪ ،‬التي يأتي في صدارتها‪:‬‬ ‫توظيف ه��ذه املشاركة من أج��ل إع��ادة صياغة االصطفافات والتحالفات‬ ‫اإلقليمية في املنطقة من جهة‪ ،‬ولترميم عالقاتها الدولية من جهة أخرى‪،‬‬ ‫بما يعينها على التفلت من أي صدام جديد محتمل مع الغرب على خلفية‬ ‫برنامجها النووي يستتبع بدوره جولة جديدة من العقوبات‪.‬‬ ‫وتراهن طهران على أن يفضي تطييف الحرب على «داع��ش» و«النصرة»‬

‫باعتباره يمثل إرهاب اإلسالم السني الراديكالي‪ ،‬إلى تعزيز فرص نجاح‬ ‫جهودها الرامية إلى تهيئة الفرصة لحليفها بشار األسد كيما يكون جزءا‬ ‫من التحالف الدولي واإلقليمي املنخرط في تلك الحرب‪ ،‬بطريقة أو أخرى‪،‬‬ ‫بوصفه نظاما علويا شيعيا يحارب ما يعتبره «إرهابا سنيا»‪ ،‬يسمي نفسه‬ ‫ث��ورة شعبية لإلطاحة بنظام طائفي فاشل ومتسلط‪ ،‬خصوصا بعدما‬ ‫طالبت املستشارة السياسية واإلعالمية للرئيس السوري بشار األسد‪ ،‬بثينة‬ ‫شعبان‪ ،‬أن تكون بالدها جزءا من التحالف الذي تقوده واشنطن ملواجهة‬ ‫«داعش»‪ .‬هذا في الوقت الذي ترى فيه واشنطن أن األسد يمثل تهديدا محليا‪،‬‬ ‫بينما تمثل «داعش» تهديدا عامليا‪.‬‬ ‫وإذا كان نجاح التحالف الدولي ضد «داعش» يبقى مرتهنا بقيام توافق دولي‬ ‫وإقليمي على تعليق الصراع املذهبي الشيعي ‪ -‬السني حتى بلوغ مقاصد‬ ‫هذا التحالف‪ ،‬يبدو حريا بواشنطن مثلما راعت حساسية املوقف التركي‬ ‫وحصرت دور أنقرة ضمن التحالف الدولي ملحاربة «داعش» في وقف عبور‬ ‫العتاد العسكري من السالح والذخيرة‪ ،‬كما تسلل املقاتلني األجانب‪ ،‬عبر‬ ‫أراضيها لالنضمام إلى صفوف «داعش» و«النصرة» في العراق وسوريا ‪ -‬أن‬ ‫تحدد معالم أي دور إيراني ممكن في الحرب على «داعش»‪ ،‬بحيث تتعهد‬ ‫طهران وتلتزم بسحب القوات وامليليشيات اإليرانية كافة وجميع التنظيمات‬ ‫الشيعية والسنية املسلحة من كلتا الدولتني املنكوبتني‪ ،‬وأن تتوقف طهران عن‬ ‫خلق ودعم الجماعات وامليليشيات املسلحة في املنطقة كـ«حزب الله» اللبناني‬ ‫وقوات «بدر» العراقية ولواء أبو الفضل العباس‪ ،‬والحوثيني في اليمن وعشرات‬ ‫أخرى مثلها‪ ،‬كيما تصير أدوات وأذرعا إليران في البلدان املحيطة والقريبة‪.‬‬ ‫على أن يواكب ذلك تحرك أميركي عاجل لتوجيه رسائل طمأنة للمجتمع‬ ‫الدولي ب��أال تتمخض مشاركة طهران في محاربة «داع��ش» عن تقديم‬ ‫أي تنازالت لها أو التهاون معها فيما يخص برنامجها النووي‪ ،‬وأخرى‬ ‫للدول السنية تحديدا تتضمن تأكيد استبعاد األسد من أي تحالف ضد‬ ‫«داعش» حتى ال يستغله في إعادة تبييض وجهه أمام العالم‪ ،‬والحيلولة‬ ‫دون استفادته من أي أعمال عسكرية ضد مقاتلي التنظيم ومعاقله‬ ‫داخل سوريا في تقوية مركزه القتالي‪ ،‬واتخاذ إجراءات صارمة لتقويض‬ ‫ق��درات��ه العسكرية الغاشمة ووق��ف الجرائم التي يقترفها بحق شعبه؛‬ ‫كفرض مناطق لحظر الطيران مثال في األجواء السورية ورفع مستوى‬ ‫تسليح املعارضة السورية املعتدلة‪ ،‬بالتوازي مع وضع خطة إلحداث تغيير‬ ‫سياسي داخل سوريا يمهد السبيل إلبعاد األسد عن السلطة على غرار‬ ‫ما جرى مع املالكي في العراق <‬

‫ايرانيون يلوحون باالعالم خالل‬ ‫مظاهرة حاشدة ضد تنظيم «داعش»‬ ‫في ساحة اإلمام الحسني بالعاصمة‬ ‫طهران (غيتي)‬

‫مخاوف العرب‬ ‫السنة ما بدا من‬ ‫انحياز أميركي‬ ‫فج إلى األقليات‬ ‫الشيعية العربية‬ ‫في كل الثورات‬ ‫الشعبية العربية‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪35‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫بعدما عكفت إدارة أوباما طيلة جهود تشكيل التحالف اإلقليمي والدولي ملحاربة «داعش» على نفي أي‬ ‫احتماالت ملشاركة إيران في هذا التحالف جراء مساندتها نظام األسد ودعمها اإلرهاب في مناطق كثيرة‪،‬‬ ‫حسب زعم وزير الخارجية األميركي جون كيري ‪ -‬فاجأ األخير العالم بتصريح مغاير‪ ،‬خالل ترؤسه جلسة‬ ‫بمجلس األمن الدولي لبحث التطورات األمنية في العراق‪ ،‬أكد خالله أن «إليران دورا يجب أن تلعبه في مكافحة‬ ‫انتشار تهديدات«داعش»‪.‬‬

‫تخوف أوباما من أن يفضي استبعاد طهران من التحالف إلى دفعها نحو تشكيل تحالف مضاد‬

‫أمريكا ومشاركة إيران يف احلرب على «داعش»‬ ‫واشنطن‪:‬‬ ‫بشير عبد الفتاح‬

‫تحذيرات‬ ‫خبراء أمنيني‬ ‫من احتماالت‬ ‫تحول إيران إلى‬ ‫مالذ آمن وبيئة‬ ‫حاضنة لفلول‬ ‫تنظيم «داعش»‬

‫‪34‬‬

‫كثيرة هي العوامل التي حملت واشنطن على هذا التراجع بشأن‬ ‫مشاركة إيران في الحرب على «داعش»؛ من أبرزها‪:‬‬ ‫تخوف إدارة أوباما من أن يفضي إصرارها على استبعاد طهران‬ ‫من هذا التحالف إلى دفعها نحو تشكيل ما يشبه التحالف املضاد أو املعرقل‬ ‫مع كل من روسيا وسوريا األسدية‪ ،‬إذ بدأت طهران تتبنى األطروحات ذاتها‬ ‫التي يروجها الطرفان والتي تعتبر أي تحرك عسكري في العراق وسوريا‪،‬‬ ‫بغير مظلة من القانون الدولي أو تفويض من األمم املتحدة ومجلس األمن‬ ‫الدولي‪ ،‬عدوانا على سيادة الدولتني وانتهاكا صارخا للقانون الدولي بذريعة‬ ‫محاربة اإلرهاب‪ .‬وبينما اعتبرت طهران أن التحالف الدولي والهجمات الجوية‬ ‫سوف يشعالن املنطقة‪ ،‬وصفت مؤتمر باريس‪ ،‬الذي لم َ‬ ‫تدع إليه‪ ،‬باملسرحية‬ ‫الهزلية‪ ،‬معلنة عدم رغبتها في التحالف الدولي ضد «داعش»‪ .‬هذا في الوقت‬ ‫ال��ذي ه��دد نظام األس��د بإسقاط أي مقاتالت تجوب سماء ب�لاده لتوجيه‬ ‫ضربات ضد معاقل «داع��ش» داخ��ل سوريا‪ .‬ولقد عزز من هذه املخاوف‬ ‫ت��ح��ذي��رات خ��ب��راء أمنيني م��ن اح��ت��م��االت تحول إي���ران إل��ى م�لاذ آم��ن وبيئة‬ ‫حاضنة لفلول تنظيم «داعش»‪ ،‬التي قد تفر من العراق أو سوريا تحت وطأة‬ ‫الضربات العسكرية املوجعة واملكثفة‪ ،‬خاصة أن إيران كانت الحاضن لهذا‬ ‫التنظيم بعد انتهاء الحرب مع ال��روس مطلع ثمانينات القرن املاضي‪ ،‬فقد‬ ‫تحتضنه وتؤويه توطئة إلعادة تجميعه وتوظيفه وإطالقه بمسميات مغايرة‬ ‫حينما تستدعي الحاجة‪ .‬ومع صدمة واشنطن بتواضع مستوى مشاركة‬ ‫الدول الحليفة لها في الحرب على «داعش» وعزوفها عن اإلسهام في العمليات‬ ‫العسكرية بشكل مباشر ‪ -‬عمدت إدارة أوباما إلى البحث عن شركاء لديهم‬ ‫استعداد ّ‬ ‫جاد لبذل جهد فعال بهذا الصدد‪ ،‬فكان التفكير في إيران‪ ،‬التواقة‬ ‫للمشاركة‪ ،‬واملتغلغلة عسكريا وسياسيا واستخباراتيا في العراق وسوريا‪.‬‬ ‫وعالوة على موقعها الجيواستراتيجي املميز الذي يتيح لها مالصقة كل من‬ ‫سوريا والعراق بحدود برية تمتد مئات الكيلومترات‪ ،‬تكمن أهمية مشاركة‬ ‫طهران في التحالف الدولي لقتال «داعش» وأعوانه‪ ،‬في الدور اإليراني القوي‬ ‫والبارز هذه األيام‪ ،‬على الصعد األمنية والعسكرية والسياسية‪ ،‬داخل سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬حيث معاقل «داعش» و«النصرة» وغيرهما من التنظيمات اإلرهابية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫املستهدفة إقليميا ودوليا‪ .‬فإلى جانب تأثيرها الالفت على نظام األسد‪،‬‬ ‫املدين لها بالبقاء والصمود حتى اآلن جراء الدعم العسكري واللوجيستي‬ ‫الهائل وتموضع قوات وقيادات عسكرية إيرانية في سوريا‪ ،‬إلى حد دفع‬ ‫بمراقبني كثر إلى القول إن إيران هي التي تدير األمور في سوريا وليس‬ ‫األسد ‪ -‬ما برحت إيران تحتفظ بنفوذ جم في العراق رغم رحيل املالكي‬ ‫وحكومته‪ ،‬ف��ال��رؤس��اء الثالثة ال��ج��دد للجمهورية وال��ب��رمل��ان والحكومة ال‬ ‫يدورون بعيدا عن الفلك اإليراني‪ ،‬ذلك أن رئيس الجمهورية الجديد ينتمي‬ ‫سلفه جالل طالباني الذي ظل يحظى بدعم طهران ومباركتها‬ ‫إلى‬ ‫فريق ِ‬ ‫ِ‬ ‫طوال سنوات‪ ،‬وفيما ال يمكن الزعم بأن رئيس مجلس النواب الجديد على‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫غير وفاق مع طهران ‪ -‬رهن أوباما البدء عمليا بتشكيل التحالف الدولي‬ ‫املرتقب ضد «داعش» ثم الشروع في تحركه داخل العراق بتشكيل الحكومة‬ ‫العراقية الجديدة التي يكاد يتساوى رئيسها املكلف حيدر العبادي مع‬ ‫املالكي في درجة القرب من النظام اإليراني‪.‬‬ ‫وملا كانت واشنطن تصر على عدم التورط بريا في سوريا أو العراق‪ ،‬مكتفية‬ ‫بضربات جوية وصاروخية ضد املراكز العسكرية لـ«داعش» ‪ -‬يجمع خبراء‬ ‫استراتيجيون‪ ،‬وكذا البنتاغون نفسه‪ ،‬على أن تلك الضربات لن تكون كفيلة‬ ‫وحدها بدحر «داعش»‪ ،‬حيث يتطلب األمر عمال عسكريا بريا على األرض‪،‬‬ ‫بينما سينحصر حاصل هذه الضربات في تعطيل تقدم ق��وات «داع��ش»‬ ‫مؤقتا بما يمنح واشنطن متنفسا إلعادة تسليح قوات البيشمركة الكردية‬ ‫التي تواجه اآلن هجمات املسلحني‪ ،‬فضال عن إعادة بناء وتسليح وتدريب‬ ‫العناصر «املعتدلة» بالجيش السوري الحر‪ ،‬فضال عن قوات الجيش العراقي‪،‬‬ ‫الذي انهار تقريبا في يونيو (حزيران) املاضي‪.‬‬ ‫وهاهنا‪ ،‬تبرز أهمية دور إيران‪ ،‬التي عززت من وجودها السياسي واألمني‬ ‫داخل العراق وسوريا من خالل التموضع العسكري والتجييش املذهبي‪،‬‬ ‫حتى صارت القوة الوحيدة التي تجمع ما بني النفوذين السياسي والعسكري‬ ‫ف��ي ال���ع���راق؛ سياسيا م��ن خ�ل�ال ح���زب ال��دع��وة أي ف��ي داخ���ل ع��ق��ل حيدر‬ ‫ّ‬ ‫العبادي‪ ،‬وعسكريا من وراء الجيش العراقي وفي غرفة عملياته وأجهزته‬ ‫االستخباراتية ومن خالل امليليشيات الشيعية‪ .‬أما في سوريا‪ ،‬فالحضور‬ ‫واضح من خالل قيادة قوات األسد والتخطيط لتحركاته واإلش��راف على‬ ‫أجهزته وعملياته وعلى تدريب ميليشياته‪.‬‬ ‫وإلى كردستان العراق‪ ،‬حيث ثاني أكبر قوة عسكرية منظمة يعتمد عليها‬ ‫التحالف الدولي ضد «داع���ش»‪ ،‬وص��ل ال��دور اإلي��ران��ي من خ�لال ما تقدمه‬ ‫طهران من دع��م عسكري لقوات البيشمركة‪ ،‬حسبما أك��د رئيس اإلقليم‬ ‫مسعود بارزاني خالل مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية اإليراني محمد‬ ‫جواد ظريف الذي كان يزور أربيل في السادس والعشرين من أغسطس‬ ‫املاضي‪ ،‬من أن إيران كانت من أوليات الدول التي زودت بالسالح والذخيرة‬ ‫قوات البيشمركة الكردية العراقية‪ ،‬التي تعتمد عليها استراتيجية أوباما في‬ ‫مواجهة «داعش»‪ .‬وقد برز جليا على األرض دور إيران في هذا الخصوص‪،‬‬ ‫م��ن خ�ل�ال ت��ع��اون ق���وات ال��ج��ن��رال ق��اس��م سليماني وميليشيات «الحشد‬ ‫الشعبي» مع قوات البيشمركة لتحرير مدينة آمرلي الشيعية من حصار‬ ‫«داعش» تحت غطاء جوي أميركي‪.‬‬ ‫ربما ال يكون ضربا من املبالغة‪ ،‬القول إن التحول في موقف إدارة أوباما من‬ ‫«داعش» لم يكن مفاجئا في ضوء إشارات‬ ‫مشاركة إيران في الحرب على ُ‬ ‫شتى سبقته ومهدت له‪ ،‬إذ لم يخل األفق من إشارات كثيرة تشي بإمكانية‬ ‫حدوث تفاهم أميركي ‪ -‬إيراني خالل الحرب املمتدة ضد «داعش»‪.‬‬ ‫وفي خضم النفي األميركي ألي تنسيق مع طهران في محاربة «داعش»‪،‬‬


‫ولي العهد السعودي خالل لقائه‬ ‫عددا من أفراد القوات املسلحة‬

‫رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي‪ ،‬إن «أبنائي الطيارين قاموا‬ ‫بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم ومليكهم»‪ ،‬مؤكدا اعتزازه باحترافيتهم‬ ‫وبسالتهم ووقوفهم ضد من يشوه نقاء اإلسالم وسماحته‪.‬‬ ‫وم��ن جانبه‪ ،‬أك��د األمير سعود الفيصل‪ ،‬وزي��ر الخارجية السعودي‪ ،‬أن‬ ‫بالده لن تتوانى عن املشاركة في أي جهد دولي جاد‪ ،‬يسعى إلى حشد‬ ‫وتضافر العمل الدولي وتكثيفه ملحاربة اإلرهاب أينما وجد‪ ،‬ومهما كانت‬ ‫دوافعه وأسبابه‪ ،‬أو الجهات التي تقف وراءه‪ ،‬ودون تفرقة بني جنس أو‬ ‫لون أو مذهب عقدي‪.‬‬ ‫وقال وزير الخارجية السعودي «إن تحدي (داعش) ال يعدو كونه شكال من‬ ‫أشكال اإلرهاب العابر للحدود والقارات والذي فرضته جملة من املعطيات‬ ‫الفكرية والسياسية واألمنية التي تجتاح منطقتنا‪ ،‬والتي وفرت لهذا التنظيم‬ ‫أرضية خصبة استغلها لتحقيق مآربه ومآرب من يستفيدون منه تحت‬ ‫غطاء الدين اإلسالمي ال��ذي هو ب��راء منهم وأفكارهم وأفعالهم»‪ .‬وشدد‬ ‫بالقول «إن التهديد ال��ذي يمثله تنظيم داع��ش ق��د ت�ج��اوز ف��ي جغرافيته‬ ‫العراق والشام‪ ،‬وبات يشكل خطرا يهددنا جميعا ويستدعي منا محاربته‬ ‫والتصدي له بروح جماعية تقي دولنا مخاطره ونتائجه‪ ،‬وحيث إن هذا‬ ‫التنظيم قد وجد في أرض سوريا بحكم طبيعة نظام األسد أرضا خصبة‬ ‫للتدريب وتلقي العتاد والتحرك بحرية دونما عرقلة أو ضوابط فال بد ألي‬ ‫استراتيجية لضرب (داع��ش) من أن تشمل أماكن وج��وده على األرض‬ ‫السورية»‪.‬‬ ‫وأضاف األمير الفيصل «تود حكومة اململكة العربية السعودية أن توضح‬ ‫أن محاربة اإلرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة واحدة أو خالل فترة قصيرة‪،‬‬ ‫بل كل الدالئل تشير إلى أن هذه املواجهة سيطول أمدها ولن تكون خاتمتها‬ ‫باالنتصار على (داعش) مع حتمية هذا األمر‪ ،‬فكما أن اإلرهاب لم يتوقف‬ ‫بالقضاء على بن الدن ودحر (القاعدة)‪ ،‬فإن نهايته لن تكون محسومة‬ ‫بالقضاء على (داع��ش) ومن هذا املنطلق فإننا نرى ض��رورة أن يستمر‬ ‫هيكل التنظيم املزمع إقامته ملحاربة (داعش) على األقل ‪ 10‬سنوات حتى‬ ‫نضمن بإذن الله زوال هذه الظاهرة البغيضة»‪.‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬أوضح األمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز‪ ،‬وزير الحرس‬ ‫ال��وط �ن��ي‪ ،‬أن م �ش��ارك��ة امل�م�ل�ك��ة ف��ي ال�ت�ح��ال��ف ال��دول��ي ل �ح��رب ال�ع�ص��اب��ات‬ ‫والجماعات املتطرفة في سوريا تأتي إدراكا منها ملا يدور حولها من قبل‬ ‫هذه العصابات ومن يدعمها‪ ،‬بهدف خلق الفتنة وانعدام األمن واالستقرار‬ ‫ف��ي ك��ل بلد ع��رب��ي‪ ،‬مشيرا إل��ى وج��وب املشاركة بقيادة خ��ادم الحرمني‬ ‫الشريفني في هذا الواجب الديني ثم الوطني ثم اإلنساني‪ .‬وحول االستعداد‬

‫طيارون سعوديون شاركوا في الغارات الجوية على معاقل تنظيم داعش‬

‫ألي رد فعل متوقع من قبل هذه الجماعات املتطرفة‪ ،‬أكد وزي��ر الحرس‬ ‫الوطني «جاهزية قواتنا التي لديها الخبرة والقدرة الكافية»‪.‬‬

‫القوة السعودية األبرز‬ ‫وأشار محلالن في صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن «السعودية هي السلطة‬ ‫الوحيدة في املنطقة التي تملك القوة والشرعية لهزم داع��ش»‪ .‬وق��ال نواف‬ ‫عبيد من مركز بلفير في هارفارد‪ ،‬وسعود الشرهان من مركز امللك فيصل‬ ‫للدراسات والبحوث اإلسالمية‪ّ ،‬إن السعودية «اقتلعت على نحو فعال تنظيم‬ ‫القاعدة م��ن داخ��ل أراض�ي�ه��ا‪ ،‬كما أنها الوحيدة التي لديها شكل فريد من‬ ‫املصداقية الدينية والشرعية»‪ .‬واعتبر السفير األميركي السابق دينيس روس‬ ‫أن «وضع اململكة العربية السعودية في مركز القيادة ال يمكنه إال أن يدعم‬ ‫شرعية الحملة على (داعش)»‪ ،‬داعيا الدول العربية إلى «توفير الدعم العسكري‬ ‫بما فيه من قوات مسلحة وتجهيزات وتدريب وتشجيع العشائر والجهود‬ ‫االستخباراتية والدبلوماسية وحتى الدينية للتأثير على (داعش)» <‬

‫‪ %80‬من‬ ‫القصف‬ ‫على مواقع‬ ‫«داعش» قامت‬ ‫به املقاتالت‬ ‫السعودية‬ ‫واإلماراتية‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪33‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫بدأ التحالف الدولي ملحاربة «داعش» في سوريا والعراق يؤتي ثماره بوضوح‪ ،‬في تسريع اإلجراءات‬ ‫الدولية ملكافحة اإلرهاب‪ ،‬وتأسيس تحالف متني طويل املدى‪ .‬ففي الدورة الـ‪ 69‬للجمعية العامة لألمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬أصدر مجلس األمن التابع لألمم املتحدة قرارا تاريخيا بموجب الفصل السابع للتصدي‬ ‫للمقاتلني األجانب الذين يقاتلون إلى جانب املجموعات املتطرفة مثل «داعش»‪ .‬وقرار مجلس األمن رقم‬ ‫«‪ »2178‬صدر باإلجماع‪ ،‬مما يعني أن الدولة الدائمة العضوية في املجلس بما فيها روسيا موافقة على‬ ‫استخدام كل األساليب ملواجهة املقاتلني األجانب‪ ،‬مما قد يعني استخدام القوة‪ .‬ويجرم القانون السماح‬ ‫للمقاتلني األجانب باملرور عبر أراضي الدول‪.‬‬

‫يستهدف معاقل تنظيم داعش‪ ..‬ويؤسس الستراتيجية طويلة املدى‬

‫السعودية تقود حتالفا دوليا لضرب اإلرهاب‬ ‫املحرر السياسي‬

‫األمير سعود‬ ‫الفيصل‪:‬‬ ‫التحالف‬ ‫الدولي ضد‬ ‫«داعش» يجب‬ ‫أن يستمر عشر‬ ‫سنوات‬

‫‪32‬‬

‫من أجل قطع رأس التنظيم اإلرهابي‪ ،‬واجتثاث سرطان التطرف‪،‬‬ ‫تقدمت اململكة العربية السعودية التحالف الدولي الذي يستهدف‬ ‫تنظيم داع��ش في سوريا وال��ع��راق‪ ،‬حيث أعلنت وزارة الدفاع‬ ‫األميركية أن مقاتالت سعودية وإماراتية شاركت بكثافة في الضربات‬ ‫األخيرة ضد مواقع «داع��ش» في سوريا‪ ،‬وأك��د املتحدث باسم ال��وزارة‬ ‫األدم���ي���رال ج��ون كيربي للصحافيني أن عشر م��ق��ات�لات م��ن الدولتني‬ ‫العربيتني أغ���ارت برفقة س��ت مقاتالت أميركية على مصافي النفط‬ ‫الخاضعة لسيطرة «داعش»‪ ،‬موضحا أن ثمانني في املائة من القصف‬ ‫قامت به املقاتالت السعودية واإلماراتية‪.‬‬ ‫جاء ذلك بعدما أكد مصدر سعودي مسؤول أن القوات الجوية امللكية‬ ‫السعودية شاركت في عمليات عسكرية في سوريا‪ ،‬ضد تنظيم «داعش»‬ ‫ولدعم املعارضة السورية املعتدلة‪ ،‬ضمن تحالف دول��ي للقضاء على‬ ‫اإلرهاب الذي يعتبر داء مميتا‪ ،‬ولدعم الشعب السوري الستعادة األمن‬ ‫والوحدة والتطور لهذا البلد املنكوب‪.‬‬ ‫وصدرت مواقف مماثلة للموقف السعودي من دول خليجية شاركت‬ ‫في الضربات‪ .‬وفي حني أكد األردن مشاركة سالح الجو لديه في غارات‬ ‫على املتشددين‪ ،‬أعلنت تركيا إبعاد أل��ف «ج��ه��ادي» أجنبي كانوا في‬ ‫طريقهم إلى سوريا‪.‬‬ ‫ُ ّ‬ ‫وفي وقت أكدت فيه املصادر الرسمية األميركية أن الضربات التي شنت‬ ‫ف��ي أكثر م��ن منطقة س��وري��ة ليست س��وى ال��ب��داي��ة‪ ،‬أف��اد ناشطون بأن‬ ‫قرابة ‪ 400‬قتيل وجريح معظمهم من املقاتلني لكن بينهم مدنيني أيضا‬ ‫ّ‬ ‫سقطوا في الضربات التي نفذتها ُطائرات التحالف‪ ،‬إضافة إلى عشرات‬ ‫صواريخ الكروز (توماهوك) التي أطلقت من ب��وارج حربية في البحر‬ ‫األحمر والخليج العربي‪.‬‬ ‫ولوحظ أن الضربات لم تقتصر على تنظيم «داعش» بل امتدت لتشمل‬ ‫مقار لـ«جبهة النصرة» وكذلك «مجموعة خراسان» املرتبطة بتنظيم‬ ‫ّ‬ ‫«القاعدة» التي قال األميركيون إنها كانت تحضر لهجوم وشيك ضد‬ ‫ال��دول الغربية أو ال��والي��ات املتحدة‪ ،‬وإن ض��رب موقعها بني محافظتي‬ ‫حلب وإدلب قضى على عناصرها وأحبط الهجمات التي كانت تخطط‬ ‫لها‪ .‬كما ق��ال املتحدث باسم وزارة ال��دف��اع العراقية محمد العسكري‪،‬‬ ‫قتلوا‬ ‫لوكالة الصحافة الفرنسية‪ ،‬إن «عشرات من جهاديي (داع��ش)‬ ‫موقف سعودي حازم‬ ‫في ضربات أميركية استهدفت التنظيم عند الحدود السورية وكذلك‬ ‫في (منطقة) القائم»‪.‬‬ ‫وف��ي تعليقه على ال��غ��ارات الجوية التي ق��ام بها طيارون سعوديون ضد‬ ‫وأوض��ح مسؤولون أميركيون أن ‪ 22‬ضربة وأكثر من ‪ 160‬صاروخا معاقل تنظيم داعش‪ ،‬قال األمير سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬ولي العهد نائب‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫وقنبلة كانت حصيلة اليوم األول للضربات العسكرية األميركية والحلفاء‬ ‫اإلقليميني في سوريا‪ .‬ووصفت القيادة العسكرية األميركية الضربات‬ ‫بـ«الناجحة ج��دا»‪ ،‬في وق��ت نفت فيه الخارجية األميركية أي تنسيق‬ ‫مع النظام السوري‪ ،‬وتعهد الرئيس األميركي ب��اراك أوباما بمساعدة‬ ‫املعارضة املعتدلة‪.‬‬ ‫وق��ال الجيش األميركي في مؤتمر صحافي إن الضربات الجوية هي‬ ‫«مجرد بداية» لجهود التحالف الرامية إلضعاف «داع��ش» وغيره من‬ ‫املتشددين‪ .‬ورأى األدميرال جون كيربي أن «الضربات املاضية مجرد‬ ‫بداية»‪ .‬وأضاف أن الضربات كانت «ناجحة جدا» وستتواصل‪ .‬وكشف‬ ‫أن ال��والي��ات املتحدة وحلفاءها العرب أطلقوا أكثر من ‪ 160‬صاروخا‬ ‫وقنبلة أثناء اليوم األول من الضربات في سوريا‪ .‬وقال املسؤولون إن‬ ‫«الضربات دمرت أو ألحقت أضرارا بأهداف عدة لـ(داعش)» في معقل‬ ‫التنظيم في الرقة إلى جانب أهداف على الحدود بني سوريا والعراق في‬ ‫دير الزور والحسكة والبوكمال‪.‬‬ ‫وتعهد أوباما‪ ،‬من جهته‪ ،‬بمواصلة الحرب ضد «داعش»‪ ،‬وقال إن خمس‬ ‫دول عربية شاركت في الضربات الجوية وهي السعودية وقطر واإلمارات‬ ‫والبحرين واألردن‪ .‬واعتبر أن «أميركا فخورة بأن تقف كتفا بكتف مع‬ ‫تلك الدول باسم أمننا املشترك»‪ .‬وشدد أوباما قبل مغادرة البيت األبيض‬ ‫إلى األمم املتحدة في نيويورك «مرة أخرى يجب أن يكون واضحا ألي‬ ‫شخص يتآمر ضد الواليات املتحدة ويلحق األذى باألميركيني أننا لن‬ ‫نتسامح مع امل�لاذات اآلمنة لإلرهابيني الذين يهددون شعبنا»‪ .‬وتعهد‬ ‫أوباما بـ«التحرك قدما بخططنا املدعومة من الحزبني بالكونغرس لحشد‬ ‫الجهود لتدريب وتجهيز املعارضة السورية والتي تشكل التوازن البديل‬ ‫واألف��ض��ل ض��د داع��ش ون��ظ��ام األس���د»‪ .‬ونفت الخارجية األميركية أي‬ ‫تنسيق مع النظام وقالت الناطقة باسمها جني بساكي إن واشنطن‬ ‫«حذرت سوريا بأال تقف في طريق الطائرات األميركية‪ ،‬ولم نطلب إذنا‬ ‫من النظام‪ ،‬ولم ّ‬ ‫ننسق التحرك مع الحكومة السورية»‪ .‬وج��اء موقفها‬ ‫بعد إعالن حكومة دمشق أن أميركا أبلغتها عبر العراق «قبل ساعات»‬ ‫من بدء الضربات‪.‬‬


‫ومتطابقة ألزم��ات منطقة الشرق األوس��ط‪ ،‬وع��زم على العمل بشأنها معا‪،‬‬ ‫ودراية ملا يمثله اآلخر ولقدرته على التحرك والتأثير»‪.‬‬ ‫وتضيف هذه املصادر أنه إذا كانت باريس قد فرشت السجاد األحمر تحت‬ ‫قدمي األمير سلمان‪ ،‬وأحاطته بجميع مظاهر التكريم‪ ،‬فألنها تعي موقعه في‬ ‫البناء السعودي‪ ،‬وألنها تعرف أهمية ومكانة السعودية على الصعد الخليجية‬ ‫والعربية واإلقليمية واإلسالمية‪ .‬وتخلص املصادر الفرنسية إلى القول إن‬ ‫السعودية وفرنسا «تتكامالن»‪ ،‬ألن األولى «لديها خطط تنمية ومشاريع في‬ ‫مختلف امليادين‪ ،‬والثانية لديها املعرفة والتكنولوجيا والخبرة‪ ،‬ولدى الطرفني‬ ‫الرغبة في العمل معا‪ .‬ول��ذا‪ ،‬فإن مفهوم الشراكة االستراتيجية ليس وعاء‬ ‫فارغا من املضمون‪ ،‬بل له محتواه الجيد وامللموس‪ ،‬ورغبتهما في االرتقاء‬ ‫به إلى أعلى تأتي في السياق الطبيعي لألمور»‪.‬‬ ‫تنهض الشراكة السعودية ‪ -‬الفرنسية على وحدة الرؤية السياسية بالنسبة‬ ‫لألزمات امللتهبة في الشرق األوس��ط‪ ،‬وأهمها في الوقت الحاضر ‪4‬؛ امللف‬ ‫السوري ‪ -‬العراقي وتشعباته‪ ،‬خصوصا لبنانيا‪ ،‬محاربة اإلرهاب‪ ،‬البرنامج‬ ‫النووي اإليراني والنزاع الفلسطيني ‪ -‬اإلسرائيلي‪ .‬وفي املنظور الفرنسي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وبحسب مصادر دبلوماسية‪ ،‬ف��إن اململكة السعودية تعد «العبا رئيسا‪،‬‬ ‫ليس فقط في الشرق األوسط‪ ،‬ولكن على املستوى العاملي»‪ ،‬كما ترى باريس‬ ‫أن دبلوماسية اململكة تهدف إلى إرساء االستقرار واألمن في املنطقة‪ ،‬مما‬ ‫يتالقى مع سياستنا في الدفع باتجاه السالم واألمن واالستقرار»‪.‬‬ ‫ُيعد تعميق التفاهم السياسي إحدى أهم النتائج التي أسفرت عنها زيارة‬ ‫األمير سلمان إل��ى باريس‪ .‬وتبدى ذل��ك في النظرة املتطابقة التي عكسها‬ ‫البيان املشترك بشأن امللفات األربعة‪ ،‬وما نضح من اللقاءات الكثيرة‪ ،‬فباريس‬ ‫والرياض تنظران باملنظار عينه إلى ما هو حاصل في العراق‪ ،‬حيث يحرص‬ ‫البلدان على وحدة البالد التي تترجمها حكومة وطنية جامعة تقوم بالقطيعة‬ ‫مع املمارسات السابقة‪ ،‬فال تقصي أح��دا‪ ،‬واالستعداد لدعم هذه الحكومة‬ ‫والحاجة لاللتفاف حولها ودرء خطر «داعش» ومحاربته آيديولوجيا وفكريا‬ ‫وأمنيا وعسكريا‪.‬‬ ‫وف��ي س��وري��ا‪ ،‬يتمسك البلدان بالحل السياسي القائم على إن�ش��اء سلطة‬ ‫انتقالية‪ ،‬تنفيذا ملضمون بيان جنيف لصيف ع��ام ‪ ،2012‬م��ع اعتبار أن‬ ‫نظام األس��د فاقد للشرعية‪ ،‬وال يمكن التعاون معه أو أن يكون طرفا في‬ ‫الحل‪ ،‬ألنه أصل املشكلة‪ .‬وفي لبنان‪ ،‬يسعى البلدان للمحافظة على سالمته‬ ‫وأمنه‪ ،‬مما برز من خالل الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني بأسلحة‬ ‫فرنسية‪ ،‬ودعوة اللبنانيني للتعاون وملء الفراغ الدستوري والوقوف إلى جانب‬ ‫املؤسسات الرسمية‪ ،‬وأولها الجيش وقوى األمن‪ ،‬ودعم لبنان ملواجهة التدفق‬ ‫الهائل لالجئني السوريني إلى أراضيه‪.‬‬ ‫كذلك يصر البلدان على محاربة اإلرهاب بكل أشكاله‪ ،‬مع اإلشادة باملوقف‬ ‫ال��ذي ّ‬ ‫عبر عنه العاهل السعودي‪ .‬وما يصح على وح��دة الرؤية في سوريا‬

‫والعراق ولبنان‪ ..‬يصح أيضا على امللف النووي اإليراني‪ ،‬ألهميته لجهة أمن‬ ‫الخليج واس�ت�ق��راره‪ ،‬وتالفي قيام سباق ن��ووي‪ ،‬وال��دع��وة إل��ى التوصل إلى‬ ‫اتفاق موثوق به يضمن استفادة إيران من التكنولولجيا النووية السلمية‪،‬‬ ‫ويحول دون تطويرها قدرات نووية عسكرية‪ .‬وتقدر الرياض موقف باريس‬ ‫الصارم وغير املتساهل في موضوع الضمانات الواجب توافرها إلعادة الثقة‪،‬‬ ‫ولتالفي زعزعة استقرار الخليج‪ .‬كذلك يتفق البلدان بشأن الضرورة ّ‬ ‫امللحة‬ ‫لتسوية عادلة في الشرق األوسط محدداتها معروفة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أهمية‬ ‫العودة إلى مبادرة السالم العربية التي كانت السعودية من أطلقها في قمة‬ ‫بيروت عام ‪.2002‬‬ ‫من الطبيعي أن يوفر هذا األساس املتني األرضية الصالحة لتطوير وتعميق‬ ‫العالقات الثنائية والذهاب أبعد مما هو قائم اليوم في مجال الشراكات‪ ،‬ليس‬ ‫فقط االقتصادية والدفاعية واالستثمارية واملبادالت التجارية‪ ،‬بل أيضا في‬ ‫املجاالت التعليمية والثقافية والتراثية وقطاع الصحة‪ ،‬وذلك من خالل مشاريع‬ ‫رائدة في القطاعات األساسية‪.‬‬ ‫وجاء البيان املشترك على تفاصيل هذه املشاريع‪ .‬ورغم أن بعض الصحافة‬ ‫الفرنسية أعربت عن «خيبتها»‪ ،‬ألن الزيارة لم تشهد توقيع عقود جديدة‪،‬‬ ‫ف��إن ال��رد ج��اء من املسؤولني الرسميني الفرنسيني أنفسهم الذين أش��اروا‬ ‫إلى أن الزيارة «سياسية»‪ ،‬وأن الكثير من االتفاقيات أصبح جاهزا للتوقيع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وسيوقع قريبا جدا‪.‬‬ ‫ي��ري��د ال�ج��ان��ب الفرنسي أن «ي��واك��ب» ال�س�ع��ودي��ة ف��ي مشاريعها التطويرية‬ ‫والتنموية‪ ،‬إن كان ذلك في مجال الدفاع واألمن أو االقتصاد أو الطاقة‪ ،‬كما‬ ‫يريد تعميق الشراكات والريادات الصناعية‪ ،‬فضال عن تنشيط االستثمارات‬ ‫املتبادلة‪ .‬وليس سرا أن باريس تنظر إلى ما وراء الحدود لتنشيط اقتصادها‬ ‫ال��ذي يعاني من غياب النمو‪ ،‬ومن ضعف األداء‪ ،‬ومن العجوزات ومنها في‬ ‫امليزان التجاري‪ .‬ورغم أن املبادالت مع السعودية وصلت إلى ‪ 9.4‬مليار يورو‪،‬‬ ‫العام املاضي‪ ،‬فإن فرنسا تركن في املوقع الـ‪ ،8‬وحصتها من السوق السعودية‬ ‫ال تزيد على ‪ .%27.5‬كذلك ترغب باريس في اجتذاب االستثمارات السعودية‪،‬‬ ‫وهي بذلك تالقي رغبة من جانب شريكها الخليجي‪ .‬وتعي الشركات الفرنسية‬ ‫وجود فرص متاحة في القطاع الدفاعي والنووي املدني والنقل بأشكاله والطاقة‬ ‫والصحة والتعاون العلمي والتكنولوجي والصناعات الرائدة‪.‬‬ ‫وق��د ح��رص األم�ي��ر سلمان على أن ي�ق��ول ل��رج��ال األع �م��ال الفرنسيني إن‬ ‫السعودية «م��ن أكثر ال��دول استقرارا وجذبا لالستثمارات»‪ ،‬وه��ي بالتالي‬ ‫توفر الفرص‪ ،‬بما يعطي مفهوم الشراكة االستراتيجية محتويات إضافية‬ ‫مفيدة للجانبني‪.‬‬ ‫ال��واض��ح أن الطرفني راغ�ب��ان بقوة في االنتقال بعالقاتهما إل��ى مستوى‬ ‫أعلى‪ .‬وال شك أن زيارة ولي العهد تشكل معلما أساسيا ومشجعا للسير‬ ‫على هذا الدرب <‬

‫ولي العهد السعودي األمير سلمان‬ ‫بن عبد العزيز لدى استقبال الرئيس‬ ‫الفرنسي فرانسوا هوالند له في قصر‬ ‫االليزيه الرئاسي في باريس (غيتي)‬

‫ولجت العالقات‬ ‫الثنائية‬ ‫السعودية ‪-‬‬ ‫الفرنسية عتبة‬ ‫جديدة مع‬ ‫توقيع اتفاقية‬ ‫«الشراكة‬ ‫االستراتيجية‬ ‫الشاملة»‬ ‫في عام ‪1996‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪31‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫ليست العالقات السعودية ‪ -‬الفرنسية وليدة األمس‪ ،‬بل إنها ضاربة في القدم‪ ،‬ومنطلقها عام ‪ ،1841‬حني‬ ‫افتتحت باريس قنصلية رسمية لها في جدة‪ .‬بيد أن عام ‪ُ 1926‬يعد مفصليا إذ إن فرنسا اعترفت خالله‬ ‫رسميا باململكة العربية السعودية‪ ،‬وكانت من بني أوائل الدول الكبرى التي أقدمت على هذه الخطوة‪ ،‬وأطلقت‬ ‫عالقات دبلوماسية عالية املستوى بني البلدين‪ .‬وعمد الطرفان في ‪ 10‬نوفمبر (تشرين الثاني) من عام ‪1931‬‬ ‫إلى توقيع «معاهدة التفاهم والصداقة بني الجمهورية الفرنسية ومملكة الحجاز ونجد وتوابعهما»‪.‬‬

‫زيارة ولي العهد السعودي الرسمية إلى فرنسا دفعت الشراكة االستراتيجية‬

‫محتوى جديد للعالقات بني باريس والرياض‬ ‫باريس‪:‬‬ ‫ميشال أبو نجم‬

‫الصداقة‬ ‫الحالية‬ ‫بني فرنسا‬ ‫والسعودية‬ ‫تمد جذورها‬ ‫بعيدا وهي‬ ‫ذات طابع‬ ‫تاريخي‬ ‫تقليدي‬

‫‪30‬‬

‫تؤشر هذه البادرة إلى أمرين؛ األول أن الصداقة الحالية بني فرنسا‬ ‫واململكة السعودية تمد جذورها بعيدا‪ ،‬وهي ذات طابع تاريخي ‪-‬‬ ‫تقليدي‪ .‬أما األمر الثاني‪ ،‬فيفيد بأن كل طرف فهم أهمية الطرف‬ ‫اآلخر والحاجة إلى التحالف معه‪ .‬ورغم تغير املعطيات السياسية الداخلية‬ ‫واملعادالت الخارجية‪ ،‬فإن هذه السمة ما زالت تتحكم بالعالقة بني باريس‬ ‫والرياض التي ترسخت أكثر فأكثر مع الزيارة التي قام بها امللك فيصل إلى‬ ‫باريس في عام ‪ ،1967‬ولقائه الجنرال شارل ديغول‪ .‬وبحسب الخبراء‪ ،‬فإن‬ ‫زيارة امللك فيصل كان لها أثرها الكبير في التأسيس ملا ُس ّمي الحقا «سياسة‬ ‫فرنسا العربية» التي كانت تعني‪ ،‬وقتها‪ ،‬التزام باريس مواقف قريبة من‬ ‫القضايا العربية‪ ،‬وابتعادا عن النهج األميركي‪ .‬وجاءت كلمة الجنرال ديغول‬ ‫عن الشعب اليهودي ال��ذي وصفه في مؤتمر صحافي في قصر اإلليزيه‬ ‫بتاريخ ‪ 27‬نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ 1967‬بأنه «شعب نخبوي‪ ،‬واث��ق من‬ ‫نفسه ومهيمن» لتشكل قطيعة بني باريس وتل أبيب‪ .‬وقبلها أمر ديغول‬ ‫بحظر استباقي للسالح إلى إسرائيل بداية يونيو (حزيران) من عام ‪1967‬‬ ‫وذلك قبل ‪ 3‬أيام من «حرب األيام الستة»‪ .‬وبعد يومني على انتهائها‪ ،‬أصدر‬ ‫مجلس الوزراء الفرنسي بيانا وصف فيه الحرب بأنها «اعتداء إسرائيلي»‪،‬‬ ‫وأكد أن فرنسا «لن تعترف أبدا باألمر الواقع» الذي قد تقيمه إسرائيل مستبقا‬ ‫في ذلك املخططات االستيطانية اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫وبعد الهجوم اإلسرائيلي على مطار بيروت الدولي في عام ‪ ،1968‬أمر ديغول‬ ‫بحظر كامل وشامل على تصدير السالح إلسرائيل التي تراجعت العالقات‬ ‫معها إلى الحضيض‪ ،‬بعد أن كانت باريس الحليف األقرب إليها‪.‬‬ ‫لم تمت «سياسة فرنسا العربية» مع استقالة ديغول في عام ‪ .1968‬فالرؤساء‬ ‫الذين خلفوه بقوا على خطه السياسي‪ ،‬وبقيت اململكة السعودية في قلب‬ ‫العالقات الفرنسية – العربية‪ ،‬خصوصا مع استفحال األزمة النفطية‪ ،‬وقرار‬ ‫الدول العربية األعضاء في منظمة أوبك في ‪ 16‬أكتوبر (تشرين األول) عام‬ ‫‪ .1973‬خالل اجتماعها في الكويت‪ ،‬فرض حظر على النفط املصدر للواليات‬ ‫املتحدة األميركية وأوروب��ا الغربية بسبب دعمها إلسرائيل في حرب عام‬ ‫‪ .1973‬ولم يشمل هذا الحظر فرنسا التي عدت دولة «صديقة»‪.‬‬ ‫ل��م يحد خلفاء دي�غ��ول ف��ي قصر اإلل�ي��زي��ه‪ ،‬رغ��م تغير ال�ع�ه��ود والتوجهات‬ ‫السياسية‪ ،‬عن الخط املرسوم لجهة التعاطي مع اململكة السعودية‪ .‬فالرؤساء‬ ‫جورج بومبيدو «الديغولي» وفاليري جيسكار ديستان «الوسطي» وفرنسوا‬ ‫ميتران «االشتراكي» جعلوا جميعا من اململكة السعودية ركيزة لسياستهم‬ ‫الخليجية والشرق أوسطية‪ .‬بيد أن التطور الجديد حصل مع الرئيس الديغولي‬ ‫جاك شيراك‪ ،‬إذ ولجت العالقات الثنائية السعودية ‪ -‬الفرنسية عتبة جديدة‪،‬‬ ‫مع توقيع اتفاقية «الشراكة االستراتيجية الشاملة» في عام ‪ُ .1996‬‬ ‫وعرف‬ ‫عن الرئيس شيراك حبه للمملكة والعالقات الشخصية التي أقامها مع كبار‬ ‫مسؤوليها‪ .‬وج��اءت زي��ارة خ��ادم الحرمني الشريفني امللك عبد الله بن عبد‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫العزيز إلى باريس عام ‪ 2007‬لتبني عمق العالقة وتجذرها‪ .‬وكان الفتا أن‬ ‫الرئيس الفرنسي فرنسوا هوالند خص اململكة السعودية بزيارة عمل أولى‪،‬‬ ‫صيف عام ‪ ،2013‬ثم زي��ارة دولة ثانية نهاية العام نفسه‪ ،‬األمر الذي يدلل‬ ‫على األهمية التي يوليها للمملكة السعودية وللتعاون والتشاور معها في‬ ‫امللفات الثنائية وفي القضايا اإلقليمية والدولية‪ ،‬ولتعميق وتوسيع التعاون‬ ‫املشترك في جميع املجاالت‪.‬‬ ‫يلخص الدكتور صالح بكر الطيار‪ ،‬أمني عام الغرفة التجارية الفرنسية ‪-‬‬ ‫العربية لـ«املجلة» طبيعة العالقات القائمة حاليا بني باريس والرياض‪ ،‬بالقول‬ ‫إنها «تعيش شهر عسل لم تعرف مثيال له منذ سنوات»‪.‬‬ ‫وبحسب الطيار‪ ،‬فإن الرئيس هوالند الذي أعاد تقويم عالقات بالده بالدول‬ ‫العربية والخليجية «أدرك طبيعة ال��دور املركزي» ال��ذي تقوم به السعودية‪،‬‬ ‫وبروزها «قوة اقتصادية كبرى في الخليج والشرق األوسط والعالم العربي»‪،‬‬ ‫ودوره ��ا ف��ي االق�ت�ص��اد ال�ع��امل��ي‪ ،‬وكونها الع�ب��ا أساسيا ف��ي س��وق الطاقة‪،‬‬ ‫وضامنا الستقرارها‪ ،‬فضال عن أنها يمكن أن تكون رافدا للنمو االقتصادي‬ ‫الذي تحتاجه فرنسا‪.‬‬ ‫ولذا‪ ،‬فإنه «جعلها في سلم أولوياته» كما أراد االرتقاء بالعالقات معها إلى‬ ‫«مستوى النموذج»‪.‬‬ ‫في ظل هذه األجواء املواتية والعالقات القائمة على أسس صلبة‪ ،‬جاءت زيارة‬ ‫ولي العهد وزير الدفاع األمير سلمان بن عبد العزيز إلى باريس‪ ،‬في األسبوع‬ ‫األول من سبتمبر (أيلول)‪.‬‬ ‫ومنذ بدايتها‪ ،‬حرص الرئيس هوالند على عرض رؤيته لعالقات بالده مع‬ ‫اململكة السعودية التي وصفها‪ ،‬في كلمته بمناسبة العشاء الرسمي على‬ ‫شرف ولي العهد والوفد املرافق‪ ،‬بـ«الشريك املتميز لفرنسا»‪ ،‬مؤكدا أنه «ال‬ ‫الزمن وال تعاقب السلطة زع��زع عالقات البلدين»‪ ،‬مشيرا إل��ى «ع��زم امللك‬ ‫عبد الله املعروف للجميع بحكمته ونفاذ بصيرته على االرتقاء بالتقارب‬ ‫بني فرنسا وامللكة السعودية‪ ،‬وتكثيف التعاون والتبادل بينهما في كافة‬ ‫امل�ج��االت»‪ .‬وك��ان رد التحية بأجمل منها‪ ،‬إذ ق��ال األمير سلمان إذ أك��د أن‬ ‫اململكة السعودية «ت��درك مكانة فرنسا العاملية التي احتلتها بحكم إرثها‬ ‫الثقافي ودورها السياسي وثقلها االقتصادي»‪ ،‬مضيفا أن الرياض تقدر‬ ‫لفرنسا «جهودها الرامية لتحقيق السالم واالستقرار في منطقتنا التي‬ ‫تعيش‪ ،‬ولألسف الشديد‪ ،‬دوامة من األزمات املتتالية نالت تداعياتها االستقرار‬ ‫اإلقليمي والعاملي»‪.‬‬ ‫دأب الرئيس شيراك على القول‪ ،‬فيما خص عالقات بالده باململكة السعودية‬ ‫إنه «ليس هناك من ملف يختلف البلدان بشأنه»‪.‬‬ ‫وتؤكد مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة املستوى أن ما يجمع الرياض‬ ‫وباريس «ليس من باب البالغة السياسية‪ ،‬بل له محتوى حقيقي‪ ،‬وقوامه‬ ‫رغبة مشتركة في التعاون املتعدد األوجه‪ ،‬واملفيد للطرفني‪ ،‬وقراءة مشتركة‬



‫لسان الحال‬

‫بقلم‪ :‬طوين بدران‬

‫مع تقدم تنظيم «داعش» في العراق في األشهر القليلة املاضية‪ ،‬تركزت األنظار على األكراد كالعب أساسي وسط األزمة اإلقليمية‪.‬‬ ‫يتقاطع وضع األكراد مع السرديات األساسية الرائجة حاليا‪ ،‬أكانت تتعلق بالحرب على إرهاب تنظيم «داعش» أو بالتكهنات حول‬ ‫نْ‬ ‫نْ‬ ‫تغيير خارطة الشرق األوسط واملواقف حول إعالن األكراد استقاللهم‪ .‬كما يقع األكراد بني نْ‬ ‫أساسيي‪ ،‬تركيا وإيران‪،‬‬ ‫إقليميي‬ ‫العبي‬ ‫من ناحية‪ ،‬ويشكلون حليفا محليا للواليات املتحدة التي ال تريد أن ترسل جنودا لقتال «داعش» في العراق‪.‬‬ ‫إنما كل هذه السرديات تفترض دورا لألكراد كوحدة متماسكة‪ .‬إنما األكراد‪ ،‬كما هي الحال مع العرب‪ ،‬منقسمون تاريخيا‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫حتى الحديث عن «األكراد» كعنصر موحد هو ذو فائدة محدودة لغايات التحليل‪ .‬أضف إلى ذلك أن تعقيدات االنقسامات الداخلية‬ ‫الكردية يفاقمها التقاطع مع الديناميات الدولية واإلقليمية‪ ،‬التي تفرض وقائع على الوضع الكردي‪.‬‬ ‫اإلشكاليات عند مقاربة التطورات على الساحة الكردية منذ يونيو (حزيران) املاضي‪ .‬خذ على سبيل املثال مسألة‬ ‫تبرز كل هذه‬ ‫ُ‬ ‫إعالن االستقالل التي طرحت أخيرا‪ .‬عندما سيطر تنظيم «داعش» وحلفاؤه على املوصل ومدن عراقية أخرى في يونيو‪ ،‬استغلت‬ ‫القوى الكردية الفرصة لتفرض سيطرتها على املناطق املتنازع عليها مع بغداد‪ ،‬خصوصا مدينة كركوك‪ .‬في ذلك الوقت‪ ،‬أصدر‬ ‫رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني توجيها للبرملان الكردي ليباشر التحضير إلج��راء استفتاء حول استقالل اإلقليم‪.‬‬ ‫ورغم الحماسة التي رافقت هذا اإلع�لان‪ ،‬فإن الواقع هو أن الواليات املتحدة وإي��ران عارضتا الخطوة‪ .‬واشنطن حثت بارزاني‪،‬‬ ‫وطهران هددته علنا‪ ،‬ليستمر في العمل مع بغداد‪ .‬وحتى بعض حلفاء طهران بني األحزاب الكردية‪ ،‬مثل حزب االتحاد الوطني‬ ‫الكردستاني‪ ،‬عارض طرح بارزاني‪ ،‬كاشفني بذلك عن مدى االنقسام داخل البيت الكردي‪ ،‬ومدى النفوذ اإلقليمي على قرار بعض‬ ‫األحزاب الكردية الرئيسة‪.‬‬ ‫من املمكن أن بارزاني طرح قضية االستفتاء كأداة سياسية ليقوي موقعه في التفاوض مع بغداد على املسائل الخالفية وعلى‬ ‫مطالب األكراد التي نسفها رئيس الوزراء العراقي األسبق نوري املالكي‪ ،‬وذلك عبر السيطرة امليدانية على كركوك وخلق وقائع‬ ‫جديدة على األرض‪ .‬إنما وفي غضون شهرين على طرح فكرة االستفتاء‪ ،‬فرض الواقع امليداني نفسه مجددا‪ ،‬لكن في غير مصلحة‬ ‫َ‬ ‫ومفاجأة‬ ‫بارزاني‪ ،‬إذ حول «داعش» وجهته إلى االشتباك مع األكراد‪ ،‬مهددا بالتقدم نحو أربيل‪ .‬بداية‪ ،‬بدت قوات البيشمركة مرتبكة‬ ‫ وربما كان في حساب بارزاني أن يبقى تركيز «داعش» على القوى األمنية املركزية وامليليشيات الشيعية املتحالفة معها‪ .‬كما‬‫كان بارزاني رفض مطلب املالكي بالتحالف مع بغداد ضد «داعش»‪ .‬وجد بارزاني نفسه مضطرا إلى طلب مساعدة عسكرية من‬ ‫الواليات املتحدة‪ .‬إنما‪ ،‬لهذه املساعدة ثمن أال وهو‪ ،‬بحسب تعبير وزير في إقليم كردستان‪« :‬إن أراد األكراد أميركا لألمن‪ ...‬فإنهم‬ ‫مضطرون للذهاب إلى بغداد»‪ .‬ليس مفاجئا أن االستفتاء قد وضع على الرف اآلن‪.‬‬ ‫باإلضافة‪ ،‬وفيما تساعد واشنطن على تسليح وتجهيز البيشمركة فإنها تريد أن يبقى إقليم كردستان مرتبطا ببغداد‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫وضح مسؤولون أميركيون هذه النقطة لصحيفة «وول ستريت جورنال»‪ ،‬في أغسطس (آب)‪ ،‬بقولهم إن «أي‬ ‫توسيع لبرنامج التسليح سيتم عبر التنسيق مع بغداد»‪ .‬ويتلقى مقاتلو البيشمركة التدريب والتسليح من‬ ‫دول أوروبية وغربية أخرى‪ ،‬إنما هذا يتم بالتنسيق مع بغداد‪ .‬لذا‪ ،‬إن لم ينجح بارزاني في تأمني قناة تسليح‬ ‫مباشرة ومستمرة‪ ،‬فإن هامشه للمناورة يبقى ضيقا‪.‬‬ ‫تفضيالت الواليات املتحدة لم تؤد إلى تأجيل أي مشروع إلجراء استفتاء على االستقالل فحسب‪ ،‬إنما أثرت‬ ‫على ميزان القوى اإلقليمي داخل إقليم كردستان‪ ،‬ملصلحة إيران‪.‬‬ ‫إن التحدي األمني هذا أدى إلى تعبير بارزاني عن عتبه على حليفه األكبر‪ ،‬تركيا‪ ،‬عبر تصريحات من رئيس‬ ‫ديوانه فؤاد حسني‪ ،‬ومن رئيس وزراء اإلقليم نوشيروان بارزاني‪ ،‬في مقابلة مع صحيفة تركية‪ .‬وهكذا‪ ،‬في‬ ‫مثال على تداخل العامل املحلي مع اإلقليمي والدولي‪ ،‬فإن االصطفاف األميركي ‪ -‬اإليراني في العراق‪ ،‬سياسيا‬ ‫وعسكريا‪ ،‬أدى إلى تحسني موقع إيران في إقليم كردستان‪.‬‬ ‫إيران أيضا تمد األكراد بالدعم العسكري‪ ،‬خصوصا حلفاءها في حزب االتحاد الوطني‪ ،‬في الحرب ضد «داعش»‪ .‬وحتى بارزاني‬ ‫اضطر إلى شكر إيران علنا‪ .‬لكن إيران‪ ،‬وتحت الغطاء األميركي‪ ،‬تسعى إلى دفع مصالحها قدما‪ .‬ومع أن قوات البيشمركة املوالية‬ ‫لحزب بارزاني واألخرى املوالية لحزب االتحاد كلها نسقت مع إيران‪ ،‬فإن قائد كتيبة بيشمركة موالية لبارزاني تذمر بعد معركة‬ ‫استعادة بلدة آمرلي‪ ،‬ألن أفضل األسلحة التي تأتي من إيران تذهب إلى املقاتلني التابعني إلى الحزب املنافس (أي حزب االتحاد‬ ‫الوطني)‪.‬‬ ‫ليست هذه املناورة اإليرانية مع حزب االتحاد الوطني الدينامية الوحيدة داخل الساحة الكردية‪ ،‬املنقسمة دوما‪ ،‬في مرحلة ما بعد‬ ‫هجوم «داعش»‪ .‬فهنالك أيضا مسألة حزب االتحاد الديمقراطي‪ ،‬الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني‪ ،‬وجناحه املسلح‪ ،‬املعروف‬ ‫بلجان الحماية الشعبية‪ .‬استغلت اللجان األداء األولي الضعيف للبيشمركة ضد «داعش» في منطقة جبل سنجار قرب الحدود‬ ‫مع سوريا‪ .‬وأظهرت اللجان قدرة قتالية جيدة وساعدت على إجالء اإليزيديني الهاربني من «داعش»‪ .‬لكن للجان ولحزب االتحاد‬ ‫الديمقراطي حسابات أخرى‪ ،‬تتجاوز مساعدة اإليزيديني‪ .‬مقربون من حزب بارزاني عبروا عن شكوكهم في أن حزب االتحاد‬ ‫الديمقراطي يسعى إلقامة موطئ قدم داخل كردستان العراق‪ ،‬على الحدود مع سوريا‪ ،‬وأنه يسعى لبناء نفوذ له عبر اإليزيديني‪،‬‬ ‫فلجان الحماية قد بدأت بتدريب متطوعني إيزيديني على السالح‪.‬‬ ‫إنما استمرار هذه العوامل والشك املتبادل بني األحزاب الكردية يؤكد حدود السرديات الرائجة‪ ،‬إن كانت حول قيام قوة كردية موحدة‬ ‫أو ما شابه‪ .‬صحيح أن القوى الكردية األساسية تقاتل «داعش»‪ ،‬لكنها في الوقت نفسه تتموضع لتحسني موقعها مقابل منافسيها‪.‬‬ ‫هذا التنافس املحلي يفاقمه العنصر اإلقليمي‪ ،‬اإليراني تحديدا‪ ،‬إذ تسعى طهران إلى استغالل الظرف لتوسيع نفوذها على إقليم‬ ‫كردستان‪ ،‬وإلضعاف نفوذ منافسيها اإلقليميني‪ .‬التطورات التي حصلت في العراق‪ ،‬خصوصا منذ بداية الصيف‪ ،‬قد أتت‪ ،‬بشكل‬ ‫عام‪ ،‬في مصلحة إيران ‪ -‬بمباركة البيت األبيض‪.‬‬

‫مناورات إيران‬ ‫على الساحة الكردية‬

‫‪28‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫أبرز هذه التناقضات‪ ،‬إذا جاز لنا انتزاع مصطلح فلسفي‪،‬‬ ‫ه��و «ال�ش�ك�لان�ي��ة»‪ ،‬وه��و هنا مستعار لسياق سياسي‬ ‫واجتماعي؛ حيث بنية ال��دول��ة قائمة على شكل حديث‬ ‫ك�ج�م�ه��وري��ة دي�م�ق��راط�ي��ة ف�ي�ه��ا أح ��زاب ف��اع�ل��ة‪ ،‬وب��رام��ج‬ ‫انتخابية‪ ،‬ومعارضة قوية‪ ،‬وتحالفات بني قوى معارضة‬ ‫بكل أجنحتها من أقصى اليمني اإلسالمي إلى أقصى‬ ‫اليسار االش�ت��راك��ي‪ ،‬ال��ذي ك��ان‪ ،‬إل��ى عهد قريب‪ ،‬دولة‬ ‫مستقلة‪ ،‬وم��ا زال يفكر‪ ،‬حتى بعد ال��وح��دة‪ ،‬بمنطق‬ ‫الحزب الدولة؛ حتى في ظل انحسار قاعدته الشعبية‬ ‫بسبب بقاء إرثه الكبير وذاكرته الجمعية‪.‬‬

‫منا‬ ‫ط‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫شا‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫حل‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫ي‬ ‫ني‬

‫صنعاء‪:‬‬ ‫الله» وا سنة ونصف السنة‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫ار‬ ‫لك‬ ‫وا‬ ‫ملتعاطفني مع ش�ع��ارات الحوثيني‪ ،‬ال در وأنصار «حزب‬ ‫مشت‬ ‫وأ قات البترول‪ ،‬أقيمت املخيمات في أحي سيما خفض أسعار‬ ‫اء‬ ‫ا‬ ‫را‬ ‫ست‬ ‫ط� � ف‬ ‫راتيجية في قلب‬ ‫عددا العاصمة مثل الح‬ ‫صب‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ص‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�‬ ‫�ا‬ ‫ح‬ ‫�‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ح‬ ‫�‬ ‫وأن من املناطق األخرى الخاضعة لسيطرة �زي�ز‪ ،‬كما تعرف‬ ‫ص‬ ‫ار النظام السابق ذات الحصار بالخي حزب املؤتمر الشعبي‬ ‫ام‬ ‫ا‬ ‫ملد‬ ‫عومة بالكامل‪.‬‬ ‫آزال‪ :‬إقليم‬ ‫شكالنية الدولة‬ ‫اليمن على آزال تشكل حديثا ف‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫تق‬ ‫س‬ ‫يم‬ ‫ا‬ ‫لف‬ ‫يد‬ ‫أس��اس‬ ‫جغ‬ ‫رالي الجديد في‬ ‫راف‬ ‫ي‬ ‫مذ‬ ‫هب‬ ‫ي‬ ‫الزيد‬ ‫في املناط‬ ‫الشكالنية على مستوى الدولة في اليمن تتجاوز‬ ‫ية أغلبية ساحقة مثل‪ :‬صعدة‪ ،‬عمران‪ ،‬ق التي يشكل فيها‬ ‫ذمار‪.‬‬ ‫هيكل ال��دول��ة‪ ،‬كما ف��ي ت�ج��ارب عربية أخ��رى‪ ،‬إلى‬ ‫ص‬ ‫عد‬ ‫ة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫صب‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫حدودها ومنطقها الداخلي‪ ،‬فهي أقرب ما تكون إلى‬ ‫من‬ ‫ط‬ ‫قة ت‬ ‫السلفيني وإزالة أهم مدر ابعة للحوثيني بالكا‬ ‫مل‬ ‫ب‬ ‫عد‬ ‫ال‬ ‫حر‬ ‫سلطة مركزية مطلقة قائمة على إدارة التحالفات‬ ‫ب‬ ‫عل‬ ‫ى‬ ‫في دماج» من أتباع أ سة لإلحيائية السلفية‬ ‫«د‬ ‫ار‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫دي‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫ال�ق�ب�ل�ي��ة ال �ت��ي ص�ب�غ��ت وج ��ه ال �ح �ي��اة ال�س�ي��اس�ي��ة‬ ‫ش‬ ‫ري‬ ‫هل‬ ‫ف‬ ‫الح‬ ‫الوادعي أحد أهم رموز ديث‪ ،‬املدرسة التي أ‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫ها‬ ‫ال‬ ‫را‬ ‫حل‬ ‫واالج�ت�م��اع�ي��ة‪ ،‬ف�ت��رات�ب�ي��ة االق �ت��راب م��ن السلطة‬ ‫مق‬ ‫ال‬ ‫بل‬ ‫سلفية املعاصرة‪.‬‬ ‫ق��ائ�م��ة ع�ل��ى م��دى ق��وة القبيلة وت�م��دده��ا داخ��ل‬ ‫الجو‬ ‫ف‪:‬‬ ‫ي‬ ‫سي‬ ‫طر‬ ‫ال‬ ‫الحزب الحاكم وداخل قوى املعارضة كاإلصالح‪،‬‬ ‫حو‬ ‫ثي‬ ‫ون‬ ‫على منطقة الجوف‬ ‫مع الجي‬ ‫ش‬ ‫امل‬ ‫دع‬ ‫وم‬ ‫م‬ ‫وداخل النسيج االجتماعي ومدى قدرتها على‬ ‫ن‬ ‫الل‬ ‫بعد معارك ضارية‬ ‫جان الشعبية‪.‬‬ ‫االستقالل الجغرافي بحيث تتحول إلى ورقة‬ ‫ع�م�را‬ ‫ن‪:‬‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫�ا‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫�‬ ‫ضغط على العاصمة صنعاء‪ ،‬املمثل السياسي‬ ‫�ز‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫لرئيس السابق املؤت‬ ‫محاف‬ ‫لإلدارة املركزية‪ ،‬بحيث تصبح باقي املحافظات‬ ‫الن ظة عمران‪ ،‬وقد انتشر فيها الحوثي مر الشعبي يكتسح‬ ‫ون‬ ‫ظام‬ ‫غير املدنية كتعز‪ ،‬أو املهمشة كالساحل‪ ،‬أو‬ ‫السابق لاللتفاف على تعاظم دور آل بتحالف بينهم وبني‬ ‫األحمر بعد الثورة‪.‬‬ ‫شبه املستقلة كالجنوب‪ ،‬مجرد انعكاسات‬ ‫باقي ا‬ ‫ملد‬ ‫ن‪:‬‬ ‫امل‬ ‫دن‬ ‫ذا‬ ‫للعبة التحالف تلك‪ ،‬وهذا ال يعني أن تسيير‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ألك‬ ‫واملن‬ ‫ثرية السنية من أتب‬ ‫األم� ��ور ع�ل��ى م�س�ت��وى االق �ت �ص��اد وال�ح�ي��اة‬ ‫مك اطق السلفية يحضر فيها الحوثيون اع املذهب الشافعي‬ ‫ون‬ ‫ولك‬ ‫اليومية ال يخضع ملنطق ال��دول��ة امل��دن��ي‪ ،‬إال‬ ‫ني تحالفات مصلحية براغماتية مع امل ن بشكل سياسي‪،‬‬ ‫ناوئني للسلطة‪.‬‬ ‫أن��ه مندمج في منطق القبيلة املتحالفة مع‬ ‫امل��رك��ز؛ وه��ذا م��ا يفسر سهولة استقالل‬ ‫مناطق القبائل بحكم تسلحها بما يشبه ال��دول��ة داخ��ل الدولة‬ ‫بمعناه الحرفي متى ما ضعف التحالف‪ ،‬بل وقطع إم��دادات النفط أو اختطاف‬ ‫السياح وجعلهم أوراق ضغط على القرار السياسي‪ ،‬وهو ما يجعل ثورة اليمن‪،‬‬ ‫رغم سلميتها وصبرها الطويل‪ ،‬ال تشكل سوى أداة جديدة لدخول سوق التحالفات‬ ‫السياسية؛ حيث ال مستقبل لها في ظل الرغبة في إسقاط النظام الذي ال يعدو أن‬ ‫يكون دولة شكالنية موجودة في األذهان وليس األعيان‪ ،‬كما يقول أهل املنطق‪،‬‬ ‫وهو ما يفسر سيطرة اإلصالح عليها الذي ال يعني‪ ،‬كما يخطئ كثيرون‪ ،‬سيطرة‬ ‫«اإلخوان» الجماعة األم بالضرورة‪ ،‬رغم أن اإلصالح هو امتداد لحركة «اإلخوان»‬ ‫تاريخيا‪ ،‬إال أنه في ظل تناقضات وارتباك الهوية الحديثة لليمن تحول إلى شكل‬ ‫ج��دي��د م��ن اإلس�لام��وي��ة القبلية؛ إذا م��ا أخ��ذن��ا ف��ي االع�ت�ب��ار أن ح��رك��ات اإلس�لام‬ ‫السياسي‪ ،‬وأمها جماعة اإلخ��وان‪ ،‬قامت على شكل حديث ومدني من التشكل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وهو مناقض للمحافظة القبلية التي في كل تجلياتها العربية تقريبا‬ ‫محايثة للخطاب السلفي غير املسيس‪ ،‬وه��و ما جعل ج��زءا من تناقض الحالة‬ ‫اليمنية انحياز التيارات السلفية إل��ى سلطة الرئيس علي عبد الله صالح طوال‬ ‫العقود املاضية رغم ممارسته للشكالنية الديمقراطية املرفوضة لدى املدرسة‬ ‫السلفية‪ ،‬التي كانت في االنتخابات التعددية تفتي بوجوب بيعة «األخ الرئيس»‬ ‫باعتباره ولي األمر الذي ال يجوز الخروج عليه‪ ،‬يقابله انفتاح تيار اإلصالح على‬ ‫التعاطي السياسي املتجاوز‪ ،‬حتى لـ«إخوان» مصر واملغرب‪ ،‬بتحالفه مع الحزب‬ ‫حارس مسلح من أنصار الحوثي‬ ‫االشتراكي في تجسيد للشكالنية التعددية رغم أن قوة اإلصالح مستندة بشكل‬ ‫يراقب االوضاع من فوق احدى‬ ‫كلي إل��ى ق��وة القبيلة‪ ،‬قبيلة حاشد بزعامة عائلة األح�م��ر‪ ،‬حيث يشكل الحزب‬ ‫البنايات التابعة لكوادر الجماعة‬ ‫«حزب‬ ‫بمؤسساته وطريقة إدارت��ه لعمله االجتماعي ما يشبه الدولة على غ��رار‬ ‫بالعاصمة صنعاء – (غيتي)‬ ‫الله»؛ لو استثنينا الجانب العسكري <‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪27‬‬


‫قصة الغالف‬

‫في كلمته‪ ،‬قال عبد ربه منصور هادي‪ ،‬الرئيس الجديد‪« :‬كل ما أتمناه أن أقف دروس وعبر‬

‫تمدد الحوثيني‬ ‫اآلن مختلف‬ ‫عن السابق‬ ‫بسبب حالة‬ ‫«التشيع‬ ‫السياسي»‬ ‫وتحولهم إلى‬ ‫ورقة تفاوضية‬ ‫يمكن أن‬ ‫تستخدمها‬ ‫إيران‬

‫بعد عامني في مكان علي عبد الله صالح‪ ،‬وأن يقف الرئيس الجديد في مكاني‪،‬‬ ‫وكل طرف يودع الثاني‪ ،‬وهذه سنة الحياة في التغيير»‪.‬‬ ‫التركيز على الرئيس القادم والتمحور حوله هو مطلب الجميع‪ ،‬لكنه ليس ما‬ ‫سيعيد عافية اليمن‪ ،‬فاالستحقاقات األمنية واالقتصادية والوحدة أهم بكثير‬ ‫من أي تغييرات شكلية‪ ،‬نحن نعلم أنها لم تطل ولن تطال الجيش‪ ،‬وإن كانت‬ ‫هناك عمليات تنظيف واسعة ملرافق الدولة تشبه إلى حد ما طريقة «الطالق‬ ‫اإليجابي» الذي حدث مع الرئيس‪.‬‬ ‫هذا الطالق اإليجابي تصر املعارضة على تصويره خلعا‪ ،‬وتمضي في املطالبة‬ ‫بضرورة هيكلة القوات املسلحة وإقصاء عائلة صالح عن الجيش واألمن‪ ،‬وكما‬ ‫جاء على لسان أحد أقطاب املعارضة‪« :‬لقد انتخبنا هادي ليكون رئيس اليمن‬ ‫ال موظفا عند علي عبد الله صالح»‪.‬‬ ‫أعتقد أن ثمة مغالطات كبيرة في فهم طبيعة عالقة الرئيس باملكونات السياسية‬ ‫للمجتمع اليمني‪ ،‬وهو أمر يكاد ينفرد به اليمن دون غيره‪ ،‬وهو ما تحدثت عنه‬ ‫في مقال سابق عن مفهوم الشكالنية السياسية في اليمن‪ ،‬وأنها قائمة على‬ ‫«قبلنة» الدولة الحديثة أكثر من تمدين القبلية‪ ،‬وهو نموذج إلى حد كبير يشبه‬ ‫مشروع األسلمة الذي تتبناه جماعات اإلسالم السياسي‪ ،‬وإن كان بشكل أكثر‬ ‫انفصاال عن أي رؤى آيديولوجية ضيقة‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬فإن بقاء عائلة الرئيس‪ ،‬وهو شكل من أشكال بقاء الرئيس‬ ‫نفسه‪ ،‬ب��ات مطلبا أميركيا بالدرجة األول��ى‪ ،‬بعد أن شكلت تهديدات عودة‬ ‫«ال�ق��اع��دة» إل��ى املشهد جدية أكبر خ�لال األس��اب�ي��ع امل��اض�ي��ة‪ ،‬واألم��ر مرشح‬ ‫للتصعيد متى استطاعت «القاعدة» تنفيذ ضرباتها وخلق الفوضى من جديد‪.‬‬ ‫الرؤية األميركية الجديدة لليمن تتلخص في إيجاد خطط طويلة املدى إلعادة‬ ‫تأهيل املؤسسات العسكرية بطريقة تمكنها من التصدي لـ«القاعدة»‪ ،‬وهي‬ ‫خطط تذكرنا بأخطاء األميركيني في أفغانستان‪ ،‬وذلك بالتركيز على األمن‬ ‫وإغفال مسببات انفجار األوضاع‪ ،‬وهي اقتصادية بامتياز في اليمن‪ ،‬كما أن‬ ‫مغامرة األميركيني بإرسال فرق عسكرية صغيرة إلنفاذ ضربات لـ«القاعدة»‪،‬‬ ‫أو حتى نشر طائرات من دون طيار‪ ،‬ستؤدي إلى نتائج كارثية‪ ،‬بل ستسهم في‬ ‫خلق شرعية جديدة لـ«القاعدة»‪ ،‬بينما تحسني األوضاع‪ ،‬وهو الحل األصعب‬ ‫واألطول‪ ،‬سيجعل اليمنيني بفعل ميكانيزم الشرعية القبلية يطردون «القاعدة»‬ ‫بأنفسهم‪.‬‬ ‫صحيح أن الحل ليس بهذا التبسيط‪ ،‬لكن «القاعدة» في اليمن كيان تجري‬ ‫تغذيته من الداخل والخارج للعب به أكثر من إحداث تغييرات شاملة أو تأسيس‬ ‫دولة خالفة وإمارة إسالمية على طريقة العراق وأفغانستان‪.‬‬

‫أين أصدقاء اليمن؟‬ ‫أصدقاء اليمن الحقيقيون اليوم هم من أخرجوا البالد من مأزق االنهيار بفعل‬ ‫الثورة‪ ،‬ورغم كل ما قيل عن املبادرة الخليجية فإنها كانت ضمانة سياسية‬ ‫واقعية‪ ،‬أفرزت هذا الوضع الذي يعد األكثر نجاحا على مستوى الثورات‪ ،‬لكن‬ ‫اليمن اليوم بحاجة إلى أصدقائه أكثر مما مضى‪ ،‬فالثورات يمكن أن تولد من‬ ‫جديد بسبب ضغط السلطة املركزية ووق��وف البلد على الحافة اقتصاديا‪،‬‬ ‫هذا إذا ما تجاهلنا التضخم الحوثي في منطقته واملعزز بتحالفات جديدة‬ ‫مع اليسار الثائر على هوية الثورة اإلصالحية‪ ،‬إضافة إل��ى ارتباك الجنوب‬ ‫بني تطلعاته للمرحلة الجديدة وانقسامه كمكون سياسي بني هويتني‪ ،‬األولى‬ ‫انفصالية تعيش على أحالم املاضي‪ ،‬لكنها ال تملك مشروعا سياسيا واضحا‬ ‫ومحددا‪ ،‬والثانية تخص مجموعات قتالية أوسع من أن تصنف كـ«قاعدة» تريد‬ ‫أن تسيطر على مناطقها الخاصة وتقيم فيها ما يشبه االستقالل أو حتى‬ ‫االرتباط غير املركزي بصنعاء‪.‬‬ ‫وكما أسهمت املبادرة الخليجية في إع��ادة ال��دور االستراتيجي ل��دول الجوار‬ ‫في اليمن بعد سنوات من القطيعة واالرتباك وسوء الفهم‪ ،‬كان أبرز ما فيها‬ ‫استثمار النظام السابق ل�لأزم��ات لتثبيت وضعيته بوصفه ضامنا وحيدا‬ ‫الستقرار اليمن‪ ،‬ف��إن األه��م اآلن هو إط�لاق حزمة من امل�ب��ادرات االقتصادية‬ ‫واملشاريع التنموية النتشال اليمن من الحافة‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫في التجربة اليمنية للثورة الكثير من ال��دروس والعبر باملعنى السياسي في‬ ‫عالقة الديني بالسياسي بالقبلي‪ ،‬وعن بلد مسلح بما يزيد على ‪ 60‬مليون‬ ‫قطعة سالح‪ ،‬لكنه األكثر سلمية وتماسكا في ضبط ردود فعله‪ .‬قديما كان‬ ‫املهاجرون اليمنيون يهددون أبناءهم بتهجيرهم ملقاربة شظف العيش والرجولة‬ ‫واملسؤولية بقولهم‪« :‬من لم يعلمه الزمن يعلمه اليمن»‪.‬‬ ‫ظل مفهوم «السلطة» في اليمن في مرحلة الرئيس علي عبد الله صالح لغزا‬ ‫م�ح�ي��را؛ حيث شكل ال��دول��ة الحديثة ببناها ال��رئ�ي�س��ة‪ ،‬م��ن دس�ت��ور وأح��زاب‬ ‫ومعارضة‪ ،‬في مقابل مضامني سلطوية ال تنتمي إل��ى واق��ع السياسة كما‬ ‫يجري تداولها باملعنى املعاصر‪ ،‬حيث تكرس مفهوم الشخصنة السياسية‬ ‫بوصفه حالة فرادة يمنية‪ ،‬فالسلطة تبنى على العالقات الشخصية عبر هيبة‬ ‫ال��دول��ة م��ن جهة‪ ،‬املستمدة بالتحالف م��ع سلطات أخ��رى منفصلة ككيانات‬ ‫مستقلة‪ ،‬ومتصلة في الوقت ذاته بما تستمده من منح وامتيازات هائلة من‬ ‫الدولة‪ ،‬بل وحتى من الخارج على اعتبار قوة تأثيرها في صنع القرار السياسي‪.‬‬

‫ثنائية الشيخ والرئيس‬ ‫معادلة الشيخ والرئيس اليمنية كانت تقوم على مراعاة كل جانب لخصوصيات‬ ‫الطرف اآلخر‪ ،‬فللحزب الحاكم حقه في طرح رؤيته عبر أشكال وأنماط مدنية‬ ‫حديثة‪ ،‬إال أنها ال يمكن أن تصطدم بمكون القبيلة األساسي املبني على نظام‬ ‫املشيخة القائم على الوالء املطلق‪ ،‬ولو على حساب مفهوم املواطنة الذي يقتضي‬ ‫في أبسط أشكاله وصوره عدم التمييز بني أفراد املجتمع على أسس عشائرية‪،‬‬ ‫ومن هنا تحولت شبكة العالقات بني السلطة واملناطق املركزية التي توجد فيها‬ ‫تكتالت قبلية على أساس املحاصصة السياسية واالقتصادية وحتى مراعاة‬ ‫الخصوصية ملنطق القبيلة االجتماعي حتى في أبسط األمور‪ ،‬كتعارض مسائل‬ ‫األخذ بالثأر وتعقب الجناة مع مسألة مبدئية كسيادة القانون‪ ،‬فالهبات تتدفق‬ ‫من السلطة إلى مركزية القبيلة بحسب ما تمثله تلك القوى من أوراق ضغط‪،‬‬ ‫وقل مثل ذلك في املشاريع التنموية والتعيينات للوظائف الحكومية‪ ،‬ومن هنا‬ ‫يمكن فهم آلية تبادل مراكز القوى في بلد مسلح كاليمن‪ ،‬وفي أوضاع ثورية‬ ‫كهذه‪ ،‬دون أن تسجل حاالت تمرد مسلحة أو حوادث بلطجة نوعية ومتكررة؛‬ ‫ألن الضامن النفجار كهذا هو مدى انكسار التوازن ال��ذي تمثله القبيلة مع‬ ‫السلطة‪ ،‬حيث العالقة القائمة على تبادلية نفعية لحفظ النسق العام للدولة‪.‬‬

‫تداخل الجغرافيا بالتاريخ‬ ‫الحديث عن اليمن شائك ومربك ج��دا‪ ،‬فعوامل الجغرافيا تتداخل بالتاريخ‪،‬‬ ‫وح��ال��ة الفوضى املرشحة ف��ي اليمن منذ عقود ليست إال ج��زءا م��ن ارتباك‬ ‫«الهوية» الحديثة بمعناها السياسي واالجتماعي‪ ،‬وراف��ده الديني في اليمن‬ ‫املعاصر‪ ،‬يضاف إل��ى ذل��ك كم هائل من الجهل بالتفاصيل اليمنية من قبل‬ ‫الباحثني واملحللني ومراكز األبحاث‪ ،‬وأثره على الواقع‪ ،‬فهذا البلد املستعصي‬ ‫على الفهم بسبب حالة الغياب والتغييب التي عاشها بوصفها جزءا من ذلك‬ ‫االرتباك الكبير‪ ،‬يقف اآلن على شفير االنفجار ليعيد تشكيل نفسه من جديد‬ ‫وبتسارع ال يمكن التنبؤ بمداه أو آثاره‪ ،‬فالوضع في اليمن قد تجاوز بخطره‬ ‫مسألة رحيل الرئيس علي صالح‪.‬‬

‫تناقضات يمنية‬ ‫إذا كان من عبارة يمكن أن توجز الحالة اليمنية فهي أنه بلد قائم على إدارة‬ ‫التناقضات‪ ،‬بحيث أصبحت ج��زءا من اللعبة السياسية التي مارسها نظام‬ ‫الرئيس صالح ب�ج��دارة كما املعارضة وال�ق��وى الكبرى وعلى رأسها القبيلة‬ ‫بطابعها اليمني الخاص‪ ،‬حيث ال يشبهها سياق قبلي آخر في املنطقة‪ ،‬تلك‬ ‫التي شكلت‪ ،‬وال تزال‪ ،‬البنية األساسية‪ ،‬أو بتعبير آخر‪ :‬املادة الخام للتناقضات‬ ‫التي يجري تشكيلها من قبل الداخل والخارج‪.‬‬


‫املأمول ضرب من األحالم الوردية والتفاؤل الساذج‪ ،‬والقول إن هذا التشظي‬ ‫السياسي في اليمن هو ضريبة «الحرية» والتعددية السياسية التي هي من‬ ‫تباشير «زمن الثورات» مثل تبرير يوسف الفيشي (أبو مالك) عضو املكتب‬ ‫السياسي لـ«أنصار الله»‪ ،‬الذي قال عن انتشار الالفتات املعادية ألميركا في‬ ‫قلب صنعاء‪ ،‬بعد أن كانت محصورة في صعدة ومناطق الحوثيني‪ ،‬إنها تأتي‬ ‫«في إطار حرية التعبير»‪ ،‬وهو إذ قال إنه يفخر بتجربة «حزب الله» في لبنان‪،‬‬ ‫ّنبه في إشارة رمزية إلى أن عدم «تهديد إسرائيل» (مبرر وجود «حزب الله»)‬ ‫ال ينفي أن أميركا موجودة! آه‪ ،‬لكي ال أنسى‪ ،‬في النهاية‪ ،‬أكد الشيخ أبو مالك‬ ‫على «ضرورة الحوار»!‬

‫تذويب الطوائف‬

‫ب�ع��د س�ي�ط��رة ال�ح��وث�ي�ين ع�ل��ى م�ي�ن��اء م �ي��دي‪ .‬كثير م��ن ال�ت�ق��اري��ر ت�ت�ح��دث عن‬ ‫تسهيالت تقدم من دول أفريقيا‪ ،‬على رأسها إريتريا‪ ،‬للسفن اإليرانية‪ ،‬ليجري‬ ‫التوسع الحقا من قبل الحوثيني‪ ،‬في ظل انهيار الحالة السياسية في صنعاء‬ ‫حجة‪ ،‬بالطبع ّ‬ ‫إلى منطقة ّ‬ ‫توسع كهذا ما كان ليسمح به صالح وأنصاره‪ ،‬لوال‬ ‫أنهم يريدون كشف هشاشة الثورة على أمل أن يحضروا مجددا كبديل للفزاعة‬ ‫اإليرانية‪ ،‬لكن بعد فوات األوان‪.‬‬ ‫والحال أن هناك حديثا أكثر تشاؤما عن إمكانية انقالب بعض الشخصيات‬ ‫السياسية ذات العيار الثقيل على مشروع الثورة‪ ،‬عبر التحالف مع الحوثيني‬ ‫وإيران‪ ،‬بهدف إحراج املبادرة الخليجية واملجتمع الدولي‪.‬‬ ‫بعيدا عن التجاذب السياسي‪ ،‬هناك عمل اجتماعي وثقافي على األرض ال‬ ‫يقل فاعلية‪ ،‬وهو أمر ال ترصده عادة التقارير الصحافية املشدودة للمتغيرات‬ ‫ال�س�ي��اس�ي��ة‪ .‬ه �ن��اك اب �ت �ع��اث ع�ل��ى أش ��ده إلك �م��ال ال ��دراس ��ات ال��دي�ن�ي��ة وب�ع��ض‬ ‫التخصصات األخرى في إيران‪ ،‬وهو يحظى بدخول مجموعات «سنية» من‬ ‫الشباب ممن يرون في ذلك فرصة للخروج من مأزق «الحال الواقف» في اليمن‪.‬‬

‫أميركا الغائبة‬ ‫انتشر شعار «املوت ألميركا وإسرائيل» على جدران صنعاء‪ ،‬وبات يتكاثر‬ ‫بطريقة أقرب إلى ملصقات الدعايات االنتخابية‪ ،‬لكن أميركا غائبة عن الحالة‬ ‫اليمنية ف��ي منطقها ال�ش��ام��ل‪ ،‬لتهتم ب��إع��ادة تسليح الجيش وال�ت��دري��ب على‬ ‫مالحقة «القاعدة» في الجنوب‪ ،‬هذه الصراع الثنائي واملباشر‪ ،‬من شأنه أن يقوي‬ ‫«مظلومية» الجنوبيني الذين يشددون على أن «القاعدة» حالة طارئة ونابتة‪،‬‬ ‫وهي وإن كانت ليست كذلك‪ ،‬فإن التركيز عليها وإهمال إقامة عالقات قوية‬ ‫مع كل أطياف املعادلة السياسية في اليمن‪ ،‬من شأنه أن ّ‬ ‫يحول املتضررين من‬ ‫إهمال املجتمع الدولي إلى وقود سياسي لحرب أهلية طائفية بدأت بوادرها منذ‬ ‫حالة التصعيد‪ ،‬خالل األيام املاضية‪ ،‬بني حركة اإلصالح وتيار «أنصار الله»‪،‬‬ ‫الذي يمثل الحوثيني‪ ،‬والذي يرفض حتى اآلن‪ ،‬متكئا على قوته واستقالله في‬ ‫مناطقه‪ ،‬إلى أن يتحول إلى حزب سياسي والعب فاعل في املشهد السياسي‬ ‫الجديد‪.‬‬

‫هل خسر الخليج اليمن؟‬ ‫من يتابع التطور التصاعدي للحالة اإليرانية في اليمن عبر وكالئها باملطابقة‬ ‫(الحوثيني) أو عمالئها باملصلحة‪ ،‬وهم بعض القادة السياسيني في الجنوب‬ ‫والشمال‪ ،‬يدرك أن خسارة اليمن بتركيبته الحالية ووحدته السابقة واستقراره‬

‫دمج املكونات السياسية هو الحل في اليمن‪ ،‬الحديث عن تذويب القبيلة ومنطقها‬ ‫أمر يبدو أقرب للمستحيل‪ ،‬لكن يمكن ربط هذه املكونات بصنعاء من خالل‬ ‫سلة من الحوافز السياسية واالقتصادية‪ ،‬كما يمكن دمج عناصر القبائل‬ ‫في الجيش الحقا وبشكل تدريجي‪ ،‬واالستفادة منها كجدار صلد أمام قوة‬ ‫«القاعدة» املتنامية‪ .‬الوضع في اليمن متأزم جدا‪ ،‬وليس في هذا أي تشاؤم‪،‬‬ ‫هناك كثير من املعلومات املرعبة حول توافد مقاتلني من الصومال‪ ،‬ومن حدود‬ ‫وأط��راف اليمن‪ ،‬ومن الخارج‪ ،‬للتمركز في الجنوب‪ ،‬كما أن األم��وال اإليرانية‬ ‫ّ‬ ‫املتدفقة على مناطق الحوثيني مكنتهم من شراء والءات ملنظمات ومجموعات‬ ‫من النخب السياسية اليمنية التي تريد االنتقام من نظام صالح‪ ،‬عبر إفشال‬ ‫املبادرة وما تالها‪ ،‬وبني هذا وذاك ثمة تراجعات حادة على املستوى املعيشي‬ ‫للفرد اليمني‪ ،‬وهو ما يجب أن يجعلنا نقلق أكثر مما يجب‪.‬‬

‫أصابع النظام السابق‬ ‫لقد كان صالح رجل التفاصيل الصغيرة في الداخل‪ ،‬حيث أطلق رجال عائلته‬ ‫واملقربني منه إلحكام القبضة األمنية واالقتصادية‪ ،‬وحتى العالقات بني الفرقاء‪،‬‬ ‫كما كان رجل الشعارات الكبيرة في الخارج‪ ،‬حيث التلويح والضغط بكارت‬ ‫«القاعدة» للغرب والدول املجاورة‪ ،‬وبث القلق حول انفجار األوضاع بسبب ما‬ ‫آلت إليه الحالة اليمنية اقتصاديا‪ ،‬حيث استطاع أن يتنصل من مسؤولية الدولة‬ ‫ليجعل املجتمع الدولي يشعر بتأنيب الضمير السياسي تجاه تقصيره في‬ ‫اليمن‪ ،‬الذي بات أكثر خطرا وتهديدا مع هجرة «القاعدة» إليه‪ ،‬وأكثر استقطابا‬ ‫للتحالفات السياسية بعد دخول املحور اإليراني له عبر بوابة الحوثيني العريضة‬ ‫والغامضة‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن املحور اإليراني بدأ يتخطى ارتكازه على الحوثيني في‬ ‫اليمن لينتقل إلى مجموعات وأطياف من املعارضة النخبوية التي تضم لفيفا‬ ‫غير مؤثر من الصحافيني والناشطني ذوي امليول اليسارية والناصرية‪ ،‬الذين‬ ‫استطاع صالح باقتدار تهميشهم‪ ،‬بل وجعل الشارع الثائر يلفظهم‪.‬‬ ‫أزعم أن دهاء صالح السياسي مكنه حتى من التحكم في إيقاع الثورة‪ ،‬وإن‬ ‫كان خطؤه االستراتيجي ارتباكه في تقديره حجم أنصاره‪ ،‬وقدرة الغضب‬ ‫السياسي في الشارع على التحول إلى براكني مشتعلة متى ما سال الدم‪ ،‬وإن‬ ‫كان األكيد أن جزءا من تصاعد الثورة اليمنية كان منوطا بالخارج‪ ،‬وسرعة‬ ‫املبادرة الخليجية ودقتها‪ ،‬ووحدة النسيج اليمني بسبب رافعة القبيلة حتى‬ ‫بني «اإلصالح» و«اللقاء املشترك» والقبائل؛ إضافة إلى االرت��دادات «املعنوية»‬ ‫لباقي الثورات على اليمن‪.‬‬ ‫من رئيس مثور عليه‪ ،‬إلى مستهدف بالتفجير‪ ،‬إلى رئيس مؤقت‪ ،‬إلى معزول‪،‬‬ ‫إلى حاضر نظاما ومؤسسة‪ ،‬وغائب شخصا‪ ،‬تبدو سيرة الرجل السياسية‬ ‫بحاجة إلى دراسة أوسع‪ ،‬ال سيما أن «حفلة» األمس رغم رومانسيتها الرمزية‬ ‫فإنها لحظة استحقاقات كبرى لليمن الجديد‪ ،‬ب��دأت تطلق صافرات اإلن��ذار‬ ‫لدول الجوار‪ ،‬وعلى رأسها بالطبع السعودية املعنية بشكل جوهري وأساسي‬ ‫باليمن‪ .‬فمسلسل التفجيرات القاعدية الشهير بدأ‪ ،‬والرغبة في االنفصال بدت‬ ‫أكثر من ذي قبل لدى الجنوبيني‪ ،‬وحتى الشارع اليمني بدأ يشعر بأن غنائم‬ ‫ثورته لم تطله أبدا‪.‬‬

‫إذا كان من ملمح‬ ‫الفت في مسألة‬ ‫التقارب في‬ ‫تجربة «حزب‬ ‫الله» و«أنصار‬ ‫الله» فهو‬ ‫التشابه على‬ ‫مستوى التسليح‬ ‫والخبرات‬ ‫العسكرية‬ ‫العريقة‬

‫حسن‬ ‫نصر الله‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪25‬‬


‫قصة الغالف‬

‫ككيانات مستقلة ومتصلة في الوقت ذات��ه بما تستمده من منح وامتيازات‬ ‫هائلة من ال��دول��ة‪ ،‬بل وحتى من ال�خ��ارج‪ ،‬على اعتبار ق��وة تأثيرها في صنع‬ ‫القرار السياسي‪.‬‬ ‫معضلة اليمن في إقامة شرعية سياسية جديدة خارجة عن منطق الصراع‬ ‫ُ‬ ‫بني مراكز القوى‪ ،‬هذه الشرعية تبنى على أساس املواطنة التي تحققها صيغة‬ ‫توافقية تمثل كل أبناء اليمن من أقصى جنوبه إلى شماله‪ ،‬يتزامن ذلك مع‬ ‫إقامة اقتصاد منتج يقوم على خطط سليمة ملعالجة الفقر والتردي العام في‬ ‫األوض��اع‪ .‬اليمن بحاجة إلى رؤية إنقاذ سياسية حتى ال تتحول املساعدات‬ ‫الدولية الشحيحة أصال إلى وقود ملزيد من الحرائق السياسية‪.‬‬

‫غياب الدولة‬

‫ما يجري في‬ ‫اليمن ويحدث‬ ‫في مواقع‬ ‫أخرى هو‬ ‫استحقاقات‬ ‫ما بعد الربيع‬ ‫العربي هو‬ ‫شأن سياسي‬ ‫محض ال‬ ‫عالقة له‬ ‫باإلسالم‬

‫اليمن نموذج مصغر ومهم جدا لدراسته باستفاضة ملا يمكن أن تكون عليه‬ ‫األوضاع في ظل غياب مفهوم الدولة الحديثة‪ ،‬وهو ما يجعل املراقبني للحالة‬ ‫اليمنية يتوقعون تحوال ما غير معلوم توقيته أو مداه‪.‬‬ ‫يبدو العنوان لكثير ممن يجهلون تفاصيل الشأن اليمني الغائب عن املشهد‬ ‫السياسي ضربا من املبالغة أو التهويل‪ ،‬لكنه ليس كذلك إذا أخذنا في االعتبار أن‬ ‫هذا لسان حال بعض الجنوبيني الذين ال يرون في الحضور اإليراني املتصاعد‬ ‫في الجنوب إال مساهمة في تحريره من ربقة الشمال‪ ،‬وليس اختراقا لسيادة‬ ‫اليمن أو احتالله سياسيا!‬ ‫إذن ه��ل ستحتل إي��ران جنوب اليمن أم ستحرره؟ ه��ذا يعتمد على طريقة‬ ‫فهمنا للتحرير واالحتالل‪ ،‬حيث يمكن إحالل معنى بدل آخر إذا ما علمنا أن‬ ‫«االحتالل» قد انتهى إلى أشكال وأنماط أخرى كاختراق السيادة وخلق «دولة»‬ ‫داخل الدولة‪ ،‬كما هو الحال في لبنان سابقا‪ ،‬أو من خالل التحالف التبعي القائم‬ ‫على سيادة مذهبية كما هو الحاصل في العراق‪ ،‬وفي شكل ثالث يأتي االحتالل‬ ‫عبر أشكال اقتصادية يمتزج فيها الطائفي بالتنموي‪ ،‬كما في حاالت كثيرة‬ ‫في أفريقيا نجحت إيران في خلق مساحات جديدة أو على األقل تحييد دول‬ ‫كثيرة تجاه مشروعها السياسي‪ ،‬الذي انتقل من حالة «تصدير الثورة» إلى‬ ‫بناء تحالفات وثيقة متدرجة وعميقة‪.‬‬

‫تدخالت سافرة‬

‫الرئيس‬ ‫اليمني عبد‬ ‫ربه منصور‬

‫‪24‬‬

‫التقارير األمنية لوسائل إعالم أجنبية تفيد بأن إيران كانت تسعى الستغالل‬ ‫األراض ��ي اليمنية كـ«محطة» لتصنيع ص��واري��خ وأس�ل�ح��ة متنوعة‪ ،‬بحسب‬ ‫تحقيقات مع مجموعة من عناصر ‪« 6‬شبكات تجسسية»‪ ،‬تعمل لحساب‬ ‫الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬ألقت السلطات اليمنية القبض عليهم أخيرا‪ ،‬ويستند‬ ‫التقرير الصحافي الذي أعدته «‪ »CNN‬إلى تصريح مصادر أمنية تحدثت عن‬ ‫العثور على معدات يمكن إعادة تجميعها لصناعة صواريخ وأسلحة متنوعة‪،‬‬ ‫ضمن أدوات ملصنع‪ ،‬جرى التصريح بإقامته من قبل السلطات اليمنية‪ ،‬في‬ ‫وقت سابق ما بعد الثورة‪ ،‬بهدف االستثمار‪.‬‬ ‫هذه التصريحات سبقتها تحذيرات كثيرة من الرئيس اليمني بضرورة وقف‬ ‫التدخل اإلي��ران��ي في اليمن‪ ،‬من خ�لال تجنيد شبكات تجسسية في سبيل‬ ‫إجهاض التسوية السياسية (امل�ب��ادرة الخليجية)‪ ،‬التي ب��دأت إي��ران حمالت‬ ‫واس �ع��ة ع�ب��ر وك�لائ�ه��ا ال �ج��دد‪ ،‬وه��م ف��ي ال�غ��ال��ب م�ع��ارض��ون ل�ل�ن�ظ��ام السابق‬ ‫وجنوبيون وبعض املجموعات الصغيرة من الناشطني والصحافيني‪ ،‬بالتشكيك‬ ‫فيها‪ ،‬وكأنها مؤامرة خليجية أميركية‪.‬‬ ‫الالفت في األمر أن هذه املجموعات الجديدة ال تنتمي للتشيع بمفهومه الديني‬ ‫بصلة‪ ،‬فهي ليست ذات خلفية زيدية‪ ،‬وإن كنت أعتقد أن التطابق بني الزيدية‬ ‫واالثني عشرية طارئ وسياسي أكثر من كونه مذهبيا‪ ،‬حيث حدثت تحوالت‬ ‫عميقة في «املذهب الزيدي» منذ ازدهار الحالة السلفية في اليمن‪ ،‬وتلك قصة‬ ‫أخ��رى‪ ،‬إال أن التشيع ال�ي��وم ه��و سياسي محض وم��ن أش�خ��اص سياسيني‬ ‫ي�م��ارس��ون البراغماتية السياسية على طريقة م��ن ي��دف��ع أك�ث��ر‪ ،‬وك�ج��زء من‬ ‫االن�ق�لاب على مفهوم «ال��وح��دة» ال��ذي يعيش أكثر أوق��ات��ه ضعفا وهشاشة‬ ‫ألسباب موضوعية تتصل بحقبة الرئيس املخلوع‪ ،‬وأيضا لطريقة تعامل‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫تجمع حاشد للحوثيني وسط صنعاء‬

‫اللقاء املشترك والقيادات القبلية في الشمال مع موضوع الجنوب كتركة وإرث‬ ‫سياسي ال يمكن التنازل عنه أو النقاش حوله‪.‬‬

‫موت حلم التعايش‬ ‫ما قبل ‪ ،2004‬كان الزائر لليمن بمحافظاته ومدنه ال يلحظ أي فوارق مذهبية‬ ‫ّ‬ ‫والثرية‪ ،‬بالكاد يمكن لباحث متخصص في‬ ‫بني مكونات الشعب اليمن الغنية‬ ‫اإلسالميات أن يلحظ الفوارق بني الشافعية والزيدية والسلفية عبر املواضيع‬ ‫املطروقة‪ ،‬أو بعض التفاصيل الفقهية التي ما كانت تشكل «هوية» فارقة كما‬ ‫هو الحال ما بعد ذل��ك‪ ،‬لكن آث��ار الحروب املتكررة مع الحوثيني أع��ادت إنتاج‬ ‫هويات دينية صغيرة متصارعة‪ ،‬وبالتالي ولد التحالف على أساس «املظلومية»‬ ‫بني إي��ران والحوثيني ليصل الحقا إلى االستتباع والتحالف السياسي الذي‬ ‫يصل للذوبان‪.‬‬ ‫الحضور اإليراني في اليمن كان متدرجا وبطيئا‪ ،‬لكنه أخذ يؤتي أكله وثماره‬ ‫بسبب سياسة االح�ت��واء الناعم‪ ،‬حيث ال��دع��م ال�لام�ح��دود للحوثيني‪ ،‬وإقامة‬ ‫مصالح تجارية مع أطراف في الحكومة وبعض القبائل املحتاجة إلى املال‪ ،‬ومن‬ ‫هنا كان هناك ما يشبه التعتيم اإلعالمي عن حقيقة التمدد اإليراني وتقديمه‬ ‫على أنه جزء من االستثمار‪ ،‬إلى أن جاءت لحظة الحقيقة وتصادم النظام السابق‬ ‫مع الحوثيني وانفجر شالل األسئلة حول طبيعة العالقة‪.‬‬ ‫الحقا‪ ،‬خالل الحرب السادسة (‪ 6‬حروب كفيلة بتجذير الهوية الحوثية وطمس‬ ‫الزيدية املعتدلة) خرج الدعم اإليراني من قمقمه في صعدة لينتقل إلى جبل‬ ‫مران‪ ،‬ثم يتوسع األمر عبر تحالفات مع فرقاء سياسيني كانوا يريدون إسقاط‬ ‫رأس صالح‪ ،‬ولو بالتحالف مع الشيطان‪.‬‬

‫عالقات جنوبية مريبة‬ ‫التوسع الحوثي قابله توسع إيراني امتد للجنوب‪ ،‬عبر مد اليد إل��ى قيادات‬ ‫سياسية غائبة عن املشهد السياسي‪ ،‬وبقايا الحقبة الشيوعية‪ ،‬لبعثها من‬ ‫جديد‪ ،‬عبر «املظلومية» التي تنتج هويات جديدة‪ ،‬وهو األمر اآلن الذي يتداوله‬ ‫الجنوبيون دون تمحيص‪ ،‬ولسان حالهم أن االنفكاك عن إرث الشمال ال يمكن‬ ‫إال عبر القفز على املبادرة الخليجية التي حرصت على يمن ّ‬ ‫موحد متساوي‬ ‫الحقوق‪ ،‬لكن تطبيق ذلك ال يضمن إال عودة األمر السابق في حال استمرار‬ ‫حالة االحتراب السياسي بني األقوياء في صنعاء القبيلة وبقايا صالح و«اللقاء‬ ‫املشترك»‪.‬‬ ‫هناك أدوار أفريقية أيضا ساهمت في فرش السجادة الحمراء إليران‪ ،‬خاصة‬


‫الدينية التي شملت املنطقة‪ ،‬وكانت السلفية رأس الحربة فيها‪ .‬تدهور اليمن‬ ‫في تفكك مفهومه الرئيس وهويته األساسية والتعايش الذي كان يصبغ كل‬ ‫هذه األلوان والتفاصيل الصغيرة‪.‬‬

‫التخلي عن السلفيني‬ ‫في األيام السابقة أصدر السلفيون في دماج بيانا مهما‪ ،‬اعترفوا فيه بانهزامهم‬ ‫من املعركة‪ ،‬ووضعوا شروطا محزنة طالبوا فيها السلطات باالنتقال إلى‬ ‫منطقة تهامة في الحديدة‪ ،‬وأن تؤمن الحكومة انتقالهم وتبني مدارسهم‬ ‫التقليدية‪ ،‬بعد أن فقدوا «دماج» منذ أن أسس فيها مقبل الوادعي واحدة من‬ ‫أهم املدارس الحديثية تأثيرا في العالم اإلسالمي‪ ،‬في فترة بدايات الصحوة‪،‬‬ ‫السلفية املقبلية‪ ،‬وهي حركة إحيائية غير مسيسة ُولدت مع تيار أهل الحديث‬ ‫املعاصر الذي تكون بالتوازي مع نهضة محمد عبده ورشيد رضا‪ّ ،‬‬ ‫وفجره‬ ‫ليكون عابرا للبلدان الشيخ املحدث ناصر الدين األلباني وتالميذه‪ ،‬وكان أحدهم‬ ‫الراحل مقبل الوادعي مؤسس السلفية العلمية في دماج‪ ،‬والشخصية املثيرة‬ ‫للجدل‪ ،‬حيث ينتسب إلى املذهب الزيدي نسبا‪ ،‬لكنه أحد أكثر الشخصيات‬ ‫في تيار السلفية العلمية صالبة وتزمتا وهجرا للسياسة‪.‬‬

‫انهيار الدولة‬

‫مسلحون‬ ‫حوثيون‬

‫الصراع بني الزيدية الصحوية التي تمثل اإلسالم السياسي الزيدي‪ ،‬والزيدية‬ ‫القبيلة التي تمثل سلطة العسكر‪ ،‬وبينهما طبعا حزب اإلصالح الذي يشكل‬ ‫التجربة اإلخوانية لإلسالم السياسي الذي يستثمر أيضا في القبيلة مثله‬ ‫مثل الحوثيني‪ ،‬وليس في بناء الدولة كما تحاول باقي املكونات السياسية دون‬ ‫دعم وكما تعيش باقي املناطق في غياب عن الفعل السياسي بحكم سيطرة‬ ‫الجهوية ومركزية صنعاء‪ ،‬وهذا ما يجهله «دعاة املوت» ألسباب تتصل بأن‬ ‫كل مواقفهم منذ حرب الخليج ليست دعما لإلسالم أو الدين كما يقال‪ ،‬بل‬ ‫لإلسالم السياسي‪ ،‬ولو تأملنا كثيرا من النزاعات واملظالم التي طالت فئات‬ ‫سنية مسلمة سلفية كما حدث بني حماس والسلفيني‪ ،‬ويحدث في مناطق‬ ‫أخرى كاليمن والسودان وغيرهما‪ ،‬ال نجد إال الصمت املطبق بدعوى عدم‬ ‫الدخول في الفتنة‪ ،‬لكن حينما يستهدف «اإلخوان» بما يمثلونه من شره على‬ ‫السلطة يحضر الدفاع عن اإلسالم وهنا الكارثة‪.‬‬

‫اليمن املهمل‬ ‫رغم أن اليمن‪ ،‬ألسباب تتصل بطبيعة التراتبية القبلية وعالقتها باملكونات‬ ‫السياسية واالجتماعية‪ ،‬يبدو ف��ي الظاهر أن��ه م��ن أق��ل ال�ب�ل��دان ت�ض��ررا من‬ ‫مرحلة ما بعد «الربيع العربي»‪ ،‬وذل��ك استنادا إل��ى طريقة تسليم الرئيس‬ ‫السابق علي صالح للسلطة‪ ،‬وإل��ى أرق��ام ضحايا العنف‪ ،‬إض��اف��ة إل��ى عدم‬ ‫تصدر اليمن املشهد اإلخباري كما هو الحال في مواقع أخرى‪ ،‬فإن كل ذلك‬ ‫قراءة مغلوطة ومباينة للواقع اليمني‪ ،‬قراءة ّ‬ ‫خداعة جعلت من املجتمع الدولي‬ ‫يتناسى أزمة هذا البلد الذي يعيش أزمة تفكك لم تشهدها دولة حديثة من قبل‪،‬‬ ‫وليس في هذا أي مبالغة قدر أن اليمن عاد إلى حالة ما قبل الدولة‪ ،‬بالعودة‬ ‫للقبيلة وللهويات الدينية الصغيرة واملناطقية والجهوية‪ ،‬في تأكيد على ّأن‬ ‫ه��ذه املكونات كانت مندمجة ومتعايشة رغ��م خصوصيتها التي لم تتخل‬ ‫عنها‪ .‬طبعا املؤشرات على تدهور الحالة اليمنية أبعد من هيمنة «القاعدة»‬ ‫في الجنوب‪ ،‬والتمدد اإليراني عبر تضخم حالة الحوثيني الذين لم يعرفوا‬ ‫«التشيع السياسي» إال أخيرا؛ بل كانوا أقرب إلى الوجه اآلخر من اإلحيائية‬

‫لكن انكشف مفهوم الدولة في اليمن وصعود منطق القبيلة‪ ،‬بعد أن كان علي‬ ‫عبد الله صالح ضابط اإليقاع بني مختلف األطراف الدينية‪ ،‬بحكم االزدواجية‬ ‫ذاتها التي عاشها الشيخ مقبل‪ ،‬وألسباب تتصل بأن الوضع بني الزيدية وأهل‬ ‫السنة الشافعية (املدرسة التقليدية املقابلة)‪ ،‬أو حتى بعد ظهور حالة «أهل‬ ‫الحديث» الجديدة نسبيا في بداية الثمانينات بعد رحيل مقبل الوادعي من‬ ‫السعودية‪ ،‬كان وضعا ممتازا على مستوى التعايش الديني تحت مظلة الدولة‪،‬‬ ‫وإن كان الجدل العقائدي والفقهي محتدا‪ ،‬وهذا شيء آخر‪.‬‬ ‫ضحايا العنف بني الحوثيني والسلفيني بلغوا املئات‪ ،‬وأصابع االتهام تطال‬ ‫الطرفني‪ ،‬وإن كان السلفيون قد انحازوا إلى مربع الالثورة باالنسحاب والخوف‬ ‫من الفتنة وطاعة ول��ي األم��ر‪ ،‬وان�ح��از الحوثيون إل��ى الوضعية الجديدة من‬ ‫«التشيع السياسي» الذي جعلهم يشعرون بالتفوق وباستعادة منطقة ظلت‬ ‫تاريخيا حصنا حصينا لهم‪.‬‬ ‫إال أن م��ا جهلوه ه��م والسلفيون أن كسر ح��ال��ة التعايش ه��ذه سيكون له‬ ‫انعكاسات هائلة على عموم املكونات االجتماعية في اليمن‪ ،‬التي كانت مرتبطة‬ ‫جهويا ودينيا بأحد ه��ذه املكونات الدينية‪ ،‬مثل ارتباطها بالقبيلة والجهة‬ ‫واملنطقة‪ ،‬وهي محددات لالنتماء السياسي في بلد متنوع كاليمن يسير بتهور‬ ‫شديد نحو املزيد من االنقسام والتشرذم في ظل صراع الديكة السياسي‪،‬‬ ‫وإهمال كوارث حالة «الالحسم» تلك‪.‬‬ ‫اليمن بدا تماسكه الظاهر بعد الربيع بسبب أن مفهوم الدولة لم يكن قويا قبله‪،‬‬ ‫بل كان أقرب إلى الحكومة املركزية في صنعاء‪ ،‬التي كانت تعكس دور الوساطة‬ ‫لباقي املناطق‪ ،‬عبر بسط نفوذها العسكري واالقتصادي‪ ،‬إضافة إلى ارتباط‬ ‫مشاريع التنمية واملساعدات الدولية بالتحالف وال��والء مع حكومة صنعاء‪،‬‬ ‫وهي حالة غريبة منذ عهد اإلمام يحيى‪ ،‬لم تستطع ثورة الضباط تجاوزها‪.‬‬

‫بدر الدين‬ ‫الحوثي هو‬ ‫األب الروحي‬ ‫للحوثيني وأحد‬ ‫أهم مراجع‬ ‫املذهب الزيدي‬ ‫الجارودي في‬ ‫اليمن‬

‫تفكك املكونات السياسية‬ ‫أزمة اليمن اآلن في تفكك البنى األساسية للمكونات السياسية بشقها الديني‬ ‫والقبلي وال�ج�ه��وي‪ ،‬فهناك أزم��ة الحوثيني والسلفيني بالتزامن م��ع تغلغل‬ ‫«القاعدة» في الجنوب وبناء ما يشبه الدولة‪ ،‬إضافة إلى رغبة الجنوبيني في‬ ‫االنفصال‪ ،‬وك��ل ملف من ه��ذه امللفات امللغومة يمكن أن يسهم في تفجير‬ ‫الوضع في بلد الـ‪ 60‬مليون قطعة سالح‪.‬‬ ‫ملصلحة اليمن يجب أن يتدخل املجتمع الدولي لوقف ص��راع الديكة وحالة‬ ‫الشخصنة السياسية‪ ،‬حيث السلطة تبنى على العالقات الشخصية عبر‬ ‫هيبة ال��دول��ة م��ن جهة‪ ،‬املستمدة م��ن التحالف م��ع سلطات أخ��رى منفصلة‬

‫بدر الدين‬ ‫الحوثي‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪23‬‬


‫قصة الغالف‬

‫وإصباغ ذلك بنكهة املقاومة ومحاولة التركيز على قضية فلسطني واملظلومية‬ ‫التي تجد طريقا أسرع إلى قلوب العامة‪.‬‬ ‫«املوت ألميركا‪ ،‬املوت إلسرائيل‪ ،‬النصر لإلسالم» الشعار الذي يفاجئك في‬ ‫كل مكان على السيارات وجدران البيوت وعلى لوحات اإلعالن وفي كل مكان‬ ‫فيما يشبه االحتالل الرمزي املفاهيمي والحضور الطاغي على طريقة حمالت‬ ‫العالقات العامة‪ ،‬وفي املحصلة لم يمت أميركي واحد بسبب الحوثيني بل مئات‬ ‫األبرياء اليمنيون في الشارع الذين قذفهم القدر أمام مرمى حرب العصابات أو‬ ‫املافيات السياسية‪ ،‬فاللعنات التي يطلقها أنصار الله من الحوثيني ال تصيب‬ ‫إال اليمنيني الذين ذهبوا وقودا لحرب االرتزاق السياسي‪.‬‬

‫شرارة االنطالق‬

‫الشيخ مجد‬ ‫الدين املؤيدي‬ ‫واحد من أهم‬ ‫مرجعيات‬ ‫الزيدية املعتدلة‬ ‫ظل صامدا‬ ‫حتى رحيله في‬ ‫‪ 2007‬تجاه حالة‬ ‫التثوير للزيدية‬

‫بداية التسعينات كانت انطالقة شرارة انتقال الحوثيني من تيار زيدي مناطقي‬ ‫ال يسعى إلى أبعد من التمدد في منطقة صعدة التي تشكل عمقه االستراتيجي‬ ‫لوال مناوشات السلفيني هناك‪ ،‬لكن بلدة «مران» في محافظة صعدة شهدت‬ ‫والدة تنظيم جديد على خطى ح��زب الله استطاع خ�لال عقدين منا لزمان‬ ‫اإلطاحة برأس النظام السابق من خالل التحالف مع املكونات السياسية األخرى‬ ‫ومنها اإلصالح‪ ،‬ثم وقف على قدميه بمشاركته في الحوار الوطني ‪ ٢٠١٣‬الذي‬ ‫أقيم في مارس وهدف إلى إعادة ترتيب موازين القوى ما بعد الربيع العربي‪.‬‬ ‫البداية التنظيمية لم تكن ذات بال أو لتلفت أحدا إلى أن هذه املجموعة الحوثية‬ ‫املنشقة عن الزيدية يمكن أن تفعل كل هذا‪ ،‬فأنصار الله كانت مجرد مجموعة‬ ‫شبابية تشكلت في منتدى الشباب املؤمن الذي عقد ‪ 1992‬على يد «محمد‬ ‫عزان» و«محمد بدر الدين الحوثي» لينهار املنتدى ويظفر حسني بدر الدين‬ ‫الحوثي قتل في حرب ‪ 2004‬املتشرب لتجربة حزب الله بهذه املجموعة ويقرر‬ ‫تكوين تنظيم جديد يحمل اسم «الشباب املؤمن» ثم أنصار الله الحقا‪ ،‬ويضطر‬ ‫إلى ترك منصبه في البرملان اليمني كنائب عن محافظة صعدة‪ ،‬في ذات الوقت‬ ‫يتعاظم دور والده كمرجعية دينية كبرى بعد ضمور واضمحالل دور الزيدية‬ ‫التقليدية التي غاب دورها كما غاب تأثير أبرز رموزها مجد الدين املؤيد‪.‬‬ ‫النظام السابق ساهم في إطالق يد املجموعات والجماعات الشيعية الزيدية‬ ‫الصغيرة‪ ،‬إليقاف تعاظم دور حزب اإلصالح اإلخواني الذين رأى نفسه شريكا‬ ‫في الحكم والوحدة بعد أدواره الكبيرة التي لعبها في حرب االنفصال والوحدة‪،‬‬ ‫وظهرت تنظيمات مثل «الحق» و«اتحاد القوى الشعبية»‪.‬‬ ‫في نهاية ‪ 2001‬انقلب حسني الحوثي على «تنظيم الشباب املؤمن» وأعلن‬ ‫رف��ض منهجه وأه��داف��ه‪ ،‬وجعل من محاضراته منهجيا ثوريا انقالبيا على‬ ‫طريقة الخميني وسيد قطب في استنباط معان انقالبية ثورية من القرآن‬ ‫الكريم مباشرة فيما يشبه اإلحالل املفاهيمي للفكر الزيدي‪.‬‬ ‫تجاوز حسني الحوثي الهادوية الزيدية ليقترب من والية الفقيه على الطريقة‬ ‫اإليرانية أو ما يعرف بالتشيع السياسي فيكفر بالنظام الجمهوري والدستور‬ ‫اليمني وينفصل عن مرحلة االرتباط باألئمة الذين حكموا البالد لعقود‪.‬‬

‫صوب طهران‬

‫الشيخ مجد‬ ‫الدين املؤيدي‬

‫‪22‬‬

‫من املتوقع جدا أن يكون لتأثير الثورة اإليرانية الخمينية أدوار بارزة في اليمن‬ ‫منذ الثمانينات‪ ،‬وتشير تقارير كثيرة إلى أن نقطة العبور لليمن كانت مبكرة‬ ‫في عام ‪ 1982‬على يد فقيه زيدي بارز هو العالمة صالح فليتة في محافظة‬ ‫صعدة ال��ذي أنشأ على أثر ذلك اتحاد الشباب ‪ 1986‬ودرس��ت فيه م��واد عن‬ ‫الثورة اإليرانية ومبادئها‪.‬‬ ‫إال أن االنفصال عن الجسد اليمني تأخر حتى ‪ 1990‬بسبب إعادة التغلل عبر‬ ‫الدستور الجديد لليمن الذي يكفل التعددية السياسية وحق األحزاب في اإلعالن‬ ‫عن نفسها وهو ما ّ‬ ‫طبق على مصطبة الفرز الطائفي والحركي في كل التجارب‬ ‫العربية‪ ،‬واستفادت حركة الحوثيني التي كانت تعمل قبل ذلك بشكل سري‬ ‫من االنفتاح السياسي‪ ،‬وبزوغ نجم «حسني الحوثي» لتكرار تجربتها فانسلت‬ ‫حركات وتيارات محسوبة على اإلسالم السياسي الشيعي أو الزيدي مثل حزب‬ ‫الثورة اإلسالمية‪ ،‬وحزب الله‪ ،‬وحزب الحق‪ ،‬واتحاد القوى الشعبية اليمنية‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫التمدد السياسي ّ‬ ‫والندية التي ظهر عليها أنصار الله في مؤتمر الحوار الوطني‬ ‫مارس ‪ 2013‬كانت كفيلة لتجاوز مرحلة الحوثية املبكرة ودخول أنصار الله‬ ‫كطرف سياسي مستقل يقارع بقية األح��زاب ويطمحون للتحول إلى مظلة‬ ‫كبرى لإلسالم السياسي الشيعي في اليمن‪ ،‬وم��ن هنا نشأت بنية تحتية‬ ‫للحوثيني في صعدة فيما يشبه الدولة املستقلة املنفصلة‪ ،‬وأنشأت معسكرات‬ ‫تدريب على مستوى عال مكنت الحوثيني من الصمود طيلة الحروب السبع‪،‬‬ ‫كما مكنته من إحكام السيطرة على عمران ومنها اتجه نحو صنعاء‪.‬‬

‫أوراق تفاوضية‬ ‫تمدد الحوثيني اآلن مختلف ع��ن السابق بسبب حالة «التشيع السياسي»‬ ‫وتحولهم إل��ى ورق��ة تفاوضية يمكن أن تستخدمها إي���ران‪ ،‬لكن ه��ذا سياق‬ ‫سياسي وليس دينيا‪ ،‬وتديني الصراعات السياسية في بلد كاليمن قد يوقع‬ ‫املنطقة كلها في كارثة ال تحمد عقباها‪ ،‬ال سيما أن القبيلة رغم كل مساوئها‬ ‫هي الضامن واإلطار االجتماعي الذي يمنع من تكون ميليشيات آيديولوجية؛‬ ‫لذا نرى حتى «القاعدة» هنا تتلبس الحالة «القبلية»‪.‬‬

‫فاتورة الربيع العربي‬ ‫ما يجري في اليمن‪ ،‬ويحدث في مواقع أخرى‪ ،‬هو استحقاقات ما بعد الربيع‬ ‫العربي‪ ،‬هو شأن سياسي محض ال عالقة له باإلسالم‪ ،‬فضال عن اإلسالميني‪،‬‬ ‫وال��ف��رق بينهما كبير‪ ،‬فالسلفيون في اليمن وف��ي دم��اج ُه ِّ��ج��روا ول��م نر تلك‬ ‫الحماسة ف��ي نصرتهم‪ ،‬ب��ل ل��م يتكلم عنهم أح��د قبل ال��ث��ورة أب���دا؛ ألن حزب‬ ‫اإلصالح «اإلخواني» كان على وفاق مع جماعة الحوثيني‪ ،‬بل تحالف إلسقاط‬ ‫نظام صالح‪ ،‬من جهة ثانية فإن قبيلة حاشد املستهدفة هي في األصل قبيلة‬ ‫زي��دي��ة وإن كانت فيها ع��وائ��ل منتسبة للسنة دي��ان��ة‪ ،‬ولكنها م��ا زال��ت زيدية‬ ‫قبليا‪ ،‬وعليه فإن الصراع هو صراع على السلطة بني أقوى مكونني سياسيني‬ ‫ال ي��ؤم��ن��ان ب��م��ش��روع ال��دول��ة حتى إب���ان وج��وده��ا وت��وح��ده��ا م��ع علي صالح‪،‬‬


‫حرب عمران‬ ‫في مارس (آذار) ‪ 2014‬وقعت حرب عمران التي ولدت بسبب انهيار الدولة‬ ‫اليمنية وتحول الجيش اليمني إلى جيش مفروز قبليا وطائفيا مما ساهم في‬ ‫اختراقات كبيرة وواسعة وتحول الجيش إلى مجرد ألوية ومدرعات تتبع قوى‬ ‫يمنية مسيطرة على املشهد اليمني‪ ،‬وهو ما فتح شهية أنصار الله إلى التقدم‬ ‫نحو صنعاء على اعتبار أن التاريخ اليمني الحديث برمته يطبخ في العاصمة‬ ‫املركزية‪ ،‬فكما قيل قديما من يمسك بزمام صنعاء يقود اليمن كيفما أراد‪.‬‬ ‫الحرب السابعة كانت إعالنا مبدئيا باستقالل الحوثي الجديد عن الجسد‬ ‫السياسي اليمني وارتهانه إلى ما بات يعرف بالهالل الشيعي والذي يعكس‬ ‫حالة التمدد السياسي إليران في املنطقة عبر أذرعتها اآليديولوجية التي تزداد‬ ‫قوة يوما بعد يوم بسبب االنشغال بما بعد الربيع العربي‪ ،‬وظهور موجات‬ ‫عنف لإلرهاب السني يخلق حالة فراغ على املشهد وينتج تحدياته الخاصة‬ ‫على األنظمة السياسية املحاصرة بدوائر اإلرهاب والعنف واملعارضة السياسية‬ ‫إضافة إلى تجارب استنساخ أحزاب عقائدية على طريقة حزب الله وأنصار‬ ‫الشريعة أو حتى إيجاد منافذ عبر مشاريع إغاثية وتعليمية في مناطق جديدة‬ ‫من أبرزها القرن األفريقي‪.‬‬

‫االستقواء بإيران‬ ‫املفارقة هو عدم استقواء الحوثيني بإيران ظاهريا في محاولة ذكية إلنتاج‬ ‫أنفسهم كجزء من نسيج املجتمع الزيدي اليمني بحيث ال يجري االلتفات لهم‬ ‫من قبل املجتمع الدولي واألنظمة اإلقليمية وجيران اليمن املكترثني بأمره‪ ،‬بينما‬ ‫يقدمون أنفسهم في الداخل كحماة للهوية الزيدية وفي ذات الوقت يستلهمون‬ ‫تجربة حزب الله بكل مفرداتها مع تواصل مباشر مع كل القوى السياسية‬ ‫ال سيما االشتراكيني والناصريني الذين يرون التعامل مع اإلسالم السياسي‬ ‫الشيعي ج��دوى أكثر من نظيره السني ال��ذي يعاني من أزم��ة فهم التعددية‬ ‫السياسية وما يمكن تسميته اليقني السياسي املبني على شرعية الشارع‬ ‫املطلقة‪ .‬خرج الحوثيون من عباءة اآليديولوجيا الضيقة إلى رحاب التحالف مع‬ ‫القوى السياسية باعتبارهم ندا ال يستهان به تنظيميا وعسكريا بعد ‪ 7‬معارك‬ ‫لم يستطع وقفه ال النظام وال «اإلصالح» وامليليشيات املتحالفة مع «القاعدة»‬ ‫وجماعات التطرف بقيادة علي محسن األحمر األخ غير الشقيق لعلي عبد‬ ‫الله صالح الذي تعزى له أدوار كبرى في املهمات القذرة بني املكونات السياسية‬ ‫املختلفة‪ ،‬لكنه عاد فاستغل لحظة الربيع لينقلب على كل رفاق األمس‪.‬‬

‫انهيار مديد‬

‫الحوثيني حتى قبل وصولهم إلى صنعاء‪.‬‬ ‫القتال على طريقة العصابات تبرع فيه كل املكونات املسلحة في الداخل اليمني‪،‬‬ ‫وكان عنصر تفوق الدولة عادة هو سالح الجو كما كان مالحظا في الحرب‬ ‫السابعة مع الحوثيني‪.‬‬ ‫لكن األكثر أهمية هو غياب مرجعية سنية مؤثرة وبارزة ال سيما بعد تراجع‬ ‫شعبية ح��زب اإلص�ل�اح‪ ،‬وت�ش��رذم ال�ت�ي��ارات السلفية وخ��روج�ه��ا م��ن مشهد‬ ‫التأثير السياسي رغ��م براعتها في التمدد على املستوى االجتماعي حتى‬ ‫في مناطق الشمال‪ .‬إضافة إلى أن هناك تحالفات كبيرة بني التيارات املناوئة‬ ‫للسلفيني واإلص�لاح كالتيارات الزيدية التقليدية والتيارات املتصوفة وحتى‬ ‫فلول العائدين من أفغانستان الذين ال يرون في اإلصالح مظلة آيديولوجية‬ ‫فكرية يمكن العمل من خاللها‪.‬‬ ‫األهم أيضا هو أن حزب اإلصالح يمر بتحوالت عميقة كما هو الحال لكثير من‬ ‫تجليات اإلسالم السياسي في نسخته اإلخوانية‪ ،‬فهي أحزاب مترهلة تعاني‬ ‫من عقدة التمييز الحركي‪ ،‬لكنها اآلن تعيد أكثر لحظاتها ضعفا بسبب تحول‬ ‫قياداتها إلى كتلة معارضة نخبوية منفصلة عن الشارع الذي ما زال تحت‬ ‫لحظة ارتباك مما يجري‪.‬‬ ‫وف��ي تضاعيف األزم��ة الحوثية ثمة مجال واس��ع للحديث عن تحالفات غير‬ ‫معلنة من قبل النظام السابق وأنصاره ساهمت في تمدد أنصار الله حتى‬ ‫لحظة الوصول إلى صنعاء‪ ،‬وإن كانت قد تركزت من حيث الدعم وإطالق اليد‬ ‫في منطقة عمران‪.‬‬ ‫الحوثيون التقوا إشارات ارتباك املشهد اليمني وضعف الحكومة الحالية فقدموا‬ ‫أنفسهم كثوار من أجل الخبز والحرية ومن هنا استطاعوا النفاذ إلى مجموعات‬ ‫كبيرة من عامة الشعب اليمني غير املسيس وال الطائفي عبر برامج مجتمعية‬ ‫وإغاثية كبيرة‪ ،‬كما أنهم على مستوى النخب قاموا بجوالت تعريفية والتقوا‬ ‫عددا كبيرا من اإلعالميني والصحافيني املناوئني لإلسالم السياسي وحزب‬ ‫اإلصالح وأداء الحكومة الحالية التي لم تفعل سوى تعميق األزمات بصمتها‬ ‫وت��ردده��ا بل هناك مؤتمرات وورش عقدت برعاية من ح��زب الله في لبنان‬ ‫خالل السنوات املاضية‪.‬‬

‫السؤال الذي يطرحه تمدد الحوثيني باتجاه صنعاء ثم احتاللها بشكل أقرب‬ ‫إلى املسرحية الهزلية‪ ،‬هو ذات السؤال الذي جرى طرحه مع داعش‪ ،‬ملاذا تتغلغل‬ ‫هذه القوى ذات العدد والعدة األقل من جيوش الدول النظامية بهذه السرعة وملاذا‬ ‫تنهار العواصم العربية أمام تلك امليليشيات؟‬ ‫م��ن الصعب حقا اإلج��اب��ة الوثوقية ع��ن س��ؤال ب�ه��ذا الحجم يفترض معرفة‬ ‫األسباب والدوافع غير املعلنة للمكونات السياسية داخ��ل اليمن أو حتى في‬ ‫األقطار التي سقطت سريعا‪ ،‬لكن يمكن القول إن عددا كبيرا من القوى الفاعلة‬ ‫على األرض ال تتدخل إال حني تمس مصلحتها الخاصة‪ ،‬كما أن «إطالق اليد»‬ ‫الذي تلعبه األنظمة السياسية ملجموعة مسلحة متطرفة على حساب مجموعة‬ ‫أخرى ودعمها لتصفية الخصوم بهذه الطريقة‪ ،‬أصاب بنية الجيوش النظامية‬ ‫بانهيارات وانكسارات عميقة‪.‬‬ ‫في الحالة اليمنية تكمن اإلشكالية في تعدد الجبهات املفتوحة أم��ام النظام‬ ‫السياسي غير املستقر واملشدود تارة إلى النظام السابق بما يحمله من قوة‬ ‫وثقل على األرض‪ ،‬فالدولة اليمنية ال تسيطر على ما ب��ات يعرف بالحراك‬ ‫الجنوبي وه��و تيار ضخم بداخله مجموعات صغيرة تهدف إل��ى تقويض شعارات مستهلكة‬ ‫الوحدة اليمنية ولو في شكلها الظاهري‪ ،‬وتطالب باالنفصال عن اليمن‪ ،‬كما‬ ‫تواجه «القاعدة» في مناطق أبني وما حولها‪ ،‬في ذات الوقت الذي ترقب فيه تمدد قامت فكرة «أنصار الله» على إعادة إنتاج شعارات الثورة اإليرانية وحزب الله بل‬

‫رجل يمني حوثي مع ابنه خارج محل‬ ‫تجاري في صنعاء وضع فيه ملصقات‬ ‫مناهضة للحكومة (غيتي)‬

‫أنشأ الحوثي‬ ‫مذهبا سياسيا‬ ‫جديدا لكنه‬ ‫كساه بلغة‬ ‫ومفاهيم زيدية‬ ‫ولذلك هو أقرب‬ ‫إلى الداعية‬ ‫الحركي منه إلى‬ ‫الفقيه الراسخ‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪21‬‬


‫قصة الغالف‬

‫متظاهرة يمنية‬ ‫مناوئة للتيار الحوثي‬

‫شكل حضور‬ ‫أنصار الله‬ ‫«حزب الله»‬ ‫اليمني املستنسخ‬ ‫مفاجأة بمشروعه‬ ‫االنقالبي الذي‬ ‫استغل تردي‬ ‫األوضاع في اليمن‬ ‫وانشغال العالم‬ ‫بـ«داعش»‬

‫‪20‬‬

‫بتقديم نفسها ب��دي�لا‪ ،‬أو حتى بمحاوالتها ال��دؤوب إلع��ادة االعتبار لذاتها‬ ‫باعتبارها تجليات معتدلة‪ .‬ومن هنا بدأت سلسلة من السجاالت العنيفة بني‬ ‫الحوثيني الجدد‪ ،‬والسلفيني في اليمن ال سيما أهل الحديث في دماج‪ ،‬وساهم‬ ‫انفالت الوضع األمني وانتعاش سوق السالح والتهريب‪ ،‬في تمدد الحوثيني‬ ‫داخل مناطقهم مما استدعى لحظة املواجهة التي اتخذت عدة نسخ وألسباب‬ ‫مختلفة‪ ،‬إال أنها جميعا منذ الحرب األولى في يونيو ‪ 2004‬التي شهدت مقتل‬ ‫حسني الحوثي قائد التنظيم‪ ،‬ساهمت في تعزيز االنفصال بني الزيدية الجديدة‬ ‫املتحولة باتجاه اإلسالم السياسي الشيعي‪ ،‬وباقي مكونات املجتمع اليمني‪،‬‬ ‫ول��م يستطع حتى علي صالح وال قبائل حاشد إيقاف ه��ذا ال�ن��زف‪ ،‬والحقا‬ ‫التصدي لالستقاللية التي كان ينظر إليها كعامل للضغط وإيجاد التوازن‬ ‫ضد اجتياح واكتساح حزب اإلصالح اإلخواني الذي تزامن مع تضخم دوره‬ ‫السياسي على الدعوي‪.‬‬

‫فوضى التسليح‬ ‫وإذا كان من ملمح الفت في مسألة التقارب في تجربة «حزب الله» و«أنصار‬ ‫ال �ل��ه»‪ ،‬ف�ه��و ال�ت�ش��اب��ه ع�ل��ى م�س�ت��وى التسليح وال�خ�ب��رات العسكرية العريقة‪.‬‬ ‫الحوثيون بدورهم أطلقوا صواريخ الكاتيوشا في الحرب السادسة عام ‪،2010‬‬ ‫وهي الصواريخ ذاتها التي استخدمها «حزب الله» الذي تشاع األخبار بأنه بعث‬ ‫بمدربني تابعني له في منطقة صعدة‪ ،‬وثمة تقارير دولية كثيرة ذكرت ارتباط‬ ‫قاعدة إيران العسكرية في إريتريا بمعسكرات الحوثيني التي تستمد السالح‬ ‫عبر الشواطئ القريبة وأبرزها ميناء «ميدي» وأقرب املوانئ من صعدة‪ ،‬وعادة‬ ‫ما يستخدم املهربون قوارب الصيد التي ال تلفت األنظار‪.‬‬ ‫أسواق السالح من جهة أخرى خضعت لسيطرة الحوثيني بسبب قدرتهم على‬ ‫التفاوض والشراء بكميات كبيرة‪ ،‬هناك على سبيل املثال سوق «الطلح» األهم‬ ‫واألبرز في إمداد املقاتلني من «أنصار الله»‪ ،‬هذا عدا االستفادة من غنائم الحرب‬ ‫مع امليليشيات الحكومية أو املستقلة‪.‬‬

‫املناسبة إلعالن استقاللهم الفكري والتنظيمي‪ ،‬وكانت معركة ‪ 2004‬التي‬ ‫أعلن فيها عن مقتل قائد التنظيم‪ ،‬وتلتها حرب مارس ‪ 2005‬التي قادها‬ ‫األب بدر الدين الحوثي‪ ..‬كانت لحظة انصهار الزيدية في الحوثية ألسباب‬ ‫تتصل بطبيعة االنزياحي في املواقف السياسية لألقليات العقائدية‪ ،‬التي‬ ‫تتجه في أوقات الحروب واألزمات إلى االنكفاء على الذات والتطرف والخروج‬ ‫من جسد املجتمع‪.‬‬ ‫ال�ح��رب الثالثة ف��ي نوفمبر ‪ 2005‬أك��دت على استقاللية األجنحة الحوثية‬ ‫وتحولها إلى تنظيم عسكري عقائدي ّ‬ ‫مسيس يستلهم التجربة اإليرانية‬ ‫في نسختها اللبنانية التي يقودها «حزب الله» األكثر تأثيرا وصيتا بسبب‬ ‫اتكائه على مفهوم املقاومة وسمعته الجيدة في املنطقة لدى اإلسالم السياسي‬ ‫السني الذي اقترب كثيرا منه في حرب ‪ ،2006‬لكن ذلك كان بعد سنة من‬ ‫طرح الحوثيني لقائدهم الشاب الجديد عبد امللك الحوثي األخ األصغر لحسني‬ ‫الرمز املغدور في نظر الحوثيني‪ .‬بعدها بسنتني اندلعت الحرب الرابعة في‬ ‫تأكيد على أن حالة الغليان اليمنية التي يغفل عنها العالم لم تأت في يوم‬ ‫وليلة‪ ،‬بل كانت سياقا لجدلية وص��راع على الشرعية في الشمال اليمني‪،‬‬ ‫يقابلها انفصال بطيء عن جسد الدولة الواحدة في الجنوب وتعملق لإلسالم‬ ‫السياسي ودخول القاعدة بمنتجها «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» القابع‬ ‫في املناطق الجنوبية ال��ذي يستغل تلك ال�ح��روب بني الحوثيني وال��دول��ة في‬ ‫تعزيز مناطقه وإعادة الحشد واالستقطاب على اعتبار أن قضيته األساسية‬ ‫ليست اليمن وإنما استهداف املصالح الغربية في املنطقة ومحاولة التأثير‬ ‫على االستقرار السعودي‪.‬‬ ‫ورغم أن صراع الحكومة والحوثيني كان على إعادة تعريف «اليمن» الواحد‪،‬‬ ‫فإنه كان يتخذ شعارات وأسبابا مختلفة؛ من حماية الدولة‪ ،‬إلى الحرب على‬ ‫محاوالت االنفصال‪ ،‬وصوال إلى حماية األقلية اليهودية في صعدة‪ ،‬التي اتهم‬ ‫الحوثيون بأنهم من وقف وراءها‪.‬‬ ‫وبعد أقل من سنة تحولت الحروب بني الدولة والحوثيني إلى مواجهات ذات‬ ‫طابع «تكسير العظم»‪ ،‬تجاوزت منطقة صعدة لتمتد إلى مناطق يتقاسمها‬ ‫الطرفان لكن يدين غالب أهلها باملذهب الزيدي التقليدي‪ ،‬فبينما تحاول الدولة‬ ‫استقطاب ما تبقى من الزيدية التي تحولت إلى ما يشبه الهوية القبلية‪ ،‬يحاول‬ ‫عبد امللك الحوثي و«أنصار الله» و«الشباب املؤمن» استقطاب تلك البقية الباقية‬ ‫التي تقبع في مناطق قريبة جدا من صنعاء العاصمة‪.‬‬ ‫لم تعلن الحكومة اليمنية ألسباب تتصل بطبيعة نظامها السابق الذي قاده‬ ‫علي صالح ببراغماتية شديدة وذكية لكنها ذات طابع ابتزازي‪ ..‬لم تعلن عن‬ ‫عالقة الحوثيني بإيران إال بعد الحرب السادسة في منتصف ‪ 2009‬التي أعلنت‬ ‫فيها الدولة آنذاك عن مخابئ للسالح كبيرة جدا يملكها الحوثيون‪ ،‬لكن جرى‬ ‫اكتشاف أنها إيرانية الصنع وأنها ال تحتوي على األسلحة الخفيفة فقط‪ ،‬بل‬ ‫شملت صواريخ قصيرة املدى ومدافع رشاشة‪ ،‬وحصلت أزمة السفينة اإليرانية‬ ‫الشهيرة التي كشفت للعالم وجها جديدا للنزاع اليمني ودخول إيران على الخط‪.‬‬

‫استهداف السعودية‬

‫االنكشاف اإليراني في صعدة عقب الحرب السادسة قاد الحوثيني إلى‬ ‫الذهاب إل��ى أبعد من ذل��ك واستعراض قوتهم واستهداف السعودية في‬ ‫خطأ استراتيجي سيكلف الحوثيني الحقا كشف مخططاتهم الصريحة‬ ‫باستنساخ تجربة حزب الله في لبنان وإعادة موضعتها في اليمن‪ ،‬فكانت‬ ‫خطة التنظيم استدراج السعودية في املعركة السابعة بعد االعتداء على‬ ‫الحدود السعودية والحقا التمركز في جبل الدخان القابع على الحدود‬ ‫في إشارة إلى جرأة الحوثيني على ملف الحدود املتفق عليها لكن اللعب‬ ‫كقوة مستقلة عن الدولة اليمنية قادرة على خلط األوراق‪ ،‬لكن التصدي‬ ‫السعودي القوي الذي رافقته مساندة ال محدودة للدولة اليمنية التي كانت‬ ‫تعيش لحظة انهيار محقق ما بعد الربيع العربي وخ��روج حزب املؤتمر‬ ‫وعلي عبد الله صالح م��ن اللعبة السياسية ظاهريا لكن االنغماس في‬ ‫معارك االتصال واالنفصال‬ ‫الشأن اليمني أكثر فأكثر وإع�لان نفسه زعيما حتى بعد رحيله قادرا‬ ‫من أجل تأسيس االنفصال األبدي ألنصار «حزب الله» النسخة اليمنية‪ ،‬لم على التحالف مع مكونات املجتمع اليمني السياسية والتأثير عليها وبها‬ ‫يستعجل الحوثيون‪ ،‬بل استغلوا فترة الكمون في مطلع األلفية إلى اللحظة على املنطقة واإلقليم‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫من قبل حيث تتعايش املذاهب السنية بجوار الزيدية املعتدلة رغم املماحكات‬ ‫الفقهية والعقائدية‪ ،‬إال أنها لم تكن لتتجاوز عتبات الدرس الكالمي والجدل‬ ‫الفقهي ليس إال‪.‬‬ ‫أنشأ الحوثي مذهبا سياسيا جديدا‪ ،‬لكنه كساه بلغة ومفاهيم زيدية‪ ،‬ولذلك‬ ‫هو أقرب إلى الداعية الحركي منه إلى الفقيه الراسخ؛ فهو يمثل «سيد قطب»‬ ‫الحركة الزيدية‪ ،‬ويعتمد أتباعه على تراث ضخم من الصفحات الهزيلة التي‬ ‫جرى تفريغها من محاضراته وخطبه الصوتية وجمعها في كراسات يتداولها‬ ‫أتباع التنظيم‪.‬‬ ‫وهنا مالحظة هامة يمكن رصدها بسبب تكررها في كل النماذج الذي عاشت‬ ‫فيها املذاهب واملدارس السنية والشيعية الكبرى تحوالت من اإلسالم التقليدي‬ ‫إلى السياسي‪ ،‬حيث تجري القطيعة مع التراث واملرجعيات الكبرى بكل ما‬ ‫تحويه من مدونات فقهية وعقائدية لها قيمتها وامتدادها التاريخي العريق‪ ،‬إلى‬ ‫منتجات جديدة رخوة وهزيلة علميا عادة ما تكون أشبه بالوصايا والتعاليم‬ ‫للمرشد والقائد الجديد‪ .‬وم��ن هنا‪ ،‬ساهم حسني الحوثي في تقزيم القامة‬ ‫الزيدية الفقهية بالقفز على تراثها الكبير ال��ذي له تأثيرات على كل املذاهب‬ ‫السنية‪ ،‬إلى مذهب منعزل عن أصوله ومراجعه يستمد أفكاره السياسية من‬ ‫الواقع ويحاول أن يبحث لها عن نصوص قرآنية لالستدالل بأسلوب أقرب إلى‬ ‫الوعظ السياسي منه إلى التأصيل العلمي‪.‬‬

‫أزمة توازنات‬ ‫واح��دة من م��آزق التمدد «الحوثي» في اليمن هو استغالل النظام السياسي‬ ‫آنذاك بقيادة علي عبد الله صالح الشخصية األبرز في اللعب كضابط إيقاع بني‬ ‫القوى الدينية املختلفة التي تفترق على غيره وتجتمع عليه ال سيما حضوره‬ ‫القوي في أوساط السلفيني التقليديني من أهل الحديث في دماج في منطقة‬ ‫صعدة‪ ،‬وهي معادلة ومفارقة كانت يستخدمها صالح في اإلبقاء على السلفيني‬ ‫في تلك املناطق إلح��داث ت��وازن عقائدي طمعا في ال�ت��وازن السياسي‪ ،‬بينما‬ ‫كان ينظر الزيديون إليها على أنها محاوالت إرباك للهوية الزيدية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ساهم تمدد الصحوة السلفية التي ق��اد شقها العلمي أه��ل الحديث بدماج‬ ‫والسلفيون في اليمن‪ ،‬وشقها الحركي والسياسي حزب اإلصالح املحسوب‬ ‫على «اإلخوان»‪ ،‬في تفريغ الزيدية التقليدية من محتواها وإضعافها وبالتالي‬ ‫تحول األجيال الجديدة من شباب الزيدية باتجاه مقوالت الحوثي في مواجهة‬

‫الحصار املناطقي والسلفي واإلصالحي برعاية حكومية ألسباب تتصل بمدى‬ ‫قرب أو بعد هذه التنظيمات من استراتيجية علي عبد الله صالح في مراحل‬ ‫حكمه املختلفة‪ ،‬وقدرته على ارتداء قبعة حامي ّ‬ ‫الهوية الزيدية التي تشكل نصفه‬ ‫األول‪ ،‬واملحافظ على الخطاب السلفي املهيمن على معظم مناطق اليمن‪ ،‬في‬ ‫تراجع للمدرستني الشافعية والزيدية التقليديتني‪.‬‬

‫حوثيون يشهرون اسلحتهم‬ ‫خالل احتجاج مناهض‬ ‫للحكومة في صنعاء –‬ ‫سبتمبر املاضي (غيتي)‬

‫االحتماء بالقبيلة‬ ‫اتجه حسني الحوثي بداية إلى القبائل طارحا فكرة تنظيمه الجديد «أنصار الله»‬ ‫اآلن‪ ،‬وترافق ذلك مع تدشني مؤسسات خيرية وتعليمية على طريقة «حزب الله»‬ ‫في الجنوب اللبناني‪ ،‬وساهم تراجع وإخفاق الدولة إلى تحول منطقة صعدة‬ ‫إلى ما يشبه فكرة املجتمع املنفصل أو الدولة داخل الدولة‪.‬‬ ‫وفي اشتداد ضربات الواليات املتحدة لتنظيم القاعدة في اليمن وتركيزها على‬ ‫مسألة اإلره��اب القاعدي‪ ،‬نشطت الحركة الزيدية الجديدة الثائرة في تدعيم‬ ‫صفوفها وإعادة بناء نفسها مستخدمة كل الشعارات التسويقية ومقتفية‬ ‫آث��ار «ح��زب الله» وتكتيكاته حتى قيل في تلك األي��ام إن عناصر كثيرة من‬ ‫الحزب تسللت على فترات متباعدة إلعطاء التوجيهات والتأكد من تمدد الهوية‬ ‫الزيدية السياسية الجديدة التي اتخذت شعار‪« :‬الله أكبر‪ ..‬املوت ألميركا‪ ..‬املوت‬ ‫إلسرائيل‪ ..‬اللعنة على اليهود‪ ..‬النصر لإلسالم»‪.‬‬

‫لحظة املواجهة‬ ‫تغلب تنظيم «أنصار الله» بقيادة حسني الحوثي على الزيدية التقليدية خالل‬ ‫أع ��وام م��ن ال�ح�ش��د وال�ت��أل�ي��ب وال�ت�ث��وي��ر للمذهب ال��زي��دي‪ ،‬ح�ي��ث س��اع��د ت��ردي‬ ‫األوض��اع‪ ،‬وارتفاع منسوب الطائفية في اليمن‪ ،‬في انتقال األجيال الجديدة‬ ‫ملواالة تنظيم «الشباب املؤمن» الذي اكتمل عقد مؤسساته املستقلة وقدرته‬ ‫على االستقالل الذاتي ليس عسكريا فقط‪ ،‬وإنما حتى على مستوى التمويل‬ ‫والتحالفات السياسية املستقلة‪.‬‬ ‫الحقا ألقت أح��داث الحادي عشر من سبتمبر (أي�ل��ول) ‪ 2001‬بظاللها على‬ ‫الجسد السني بكل تشكالته؛ معتدليه ومتطرفيه‪ ،‬وحتى املدارس والتيارات‬ ‫التقليدية ذات الطابع السلمي‪ ،‬تأثرت بذلك الحدث‪ ،‬مما أتاح الفرصة لألقليات‬ ‫املذهبية والفقهية الصغيرة ألن تعيد النمو في ظل الحرب على اإلره��اب‪ ،‬إما‬

‫االنكشاف اإليراني‬ ‫في صعدة عقب‬ ‫الحرب السادسة‬ ‫قاد الحوثيني‬ ‫إلى الذهاب إلى‬ ‫أبعد من ذلك‬ ‫واستعراض‬ ‫قوتهم واستهداف‬ ‫السعودية في‬ ‫خطأ استراتيجي‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪19‬‬


‫قصة الغالف‬

‫في جبال ّ‬ ‫مران الوعرة يقف ضريح ومزار حسني الحوثي مهندس انتقال الزيدية املعتدلة إلى تشيع‬ ‫سياسي ّ‬ ‫حاد سرعان ما تحول إلى شعلة من الثورة الدائمة لتكرار تجربة الثورة اإليرانية أو على األقل‬ ‫التحول إلى «حزب الله» اليمني في خاصرة الخليج‪ ..‬شيد الضريح الفارسي التصميم وبات مزارا يقصده‬ ‫األطفال وأمهاتهم الثكالى في طقوس رمزية كربالئية سميت «يوم الصرخة» يجمعهم زي موحد وتفرقهم‬ ‫أهواء عديدة‪.‬‬

‫انهيار اليمن الواحد بحروب طائفية انقالبية يقودها اإلسالم السياسي الشيعي والسني‬

‫احلوثيون‪ :‬استنساخ جتربة «حزب الله» يف اليمن‬ ‫جدة‪:‬‬ ‫يوسف الديني‬

‫الحرب الثالثة‬ ‫في نوفمبر‬ ‫‪ 2005‬أكدت‬ ‫على استقاللية‬ ‫األجنحة الحوثية‬ ‫وتحولها إلى‬ ‫تنظيم عسكري‬ ‫ّ‬ ‫مسيس‬ ‫عقائدي‬ ‫يستلهم التجربة‬ ‫اإليرانية في‬ ‫نسختها اللبنانية‬

‫‪18‬‬

‫شكل حضور «أنصار الله»‪« /‬حزب الله» اليمني املستنسخ مفاجأة‬ ‫مدوية في األي��ام املاضية بمشروعه االنقالبي ال��ذي استغل تردي‬ ‫األوضاع في اليمن وانشغال العالم بـ«داعش» ليعيد ترتيب األوراق‬ ‫واألولويات واملكونات السياسية ونفوذها في صنعاء حيث مركزية العاصمة‬ ‫التي ال يمكن تمرير أي أجندة في اليمن دون السيطرة عليها‪.‬‬ ‫استغل الحوثيون‪« /‬أنصار الله» تردي األوضاع اليمنية لينفذوا ككل املنظمات‬ ‫والتيارات األصولية التي تمثل أسوأ نماذج اإلسالم السياسي بشقيه الشيعي‬ ‫والسني عبر بوابة امللفات االجتماعية الحقوقية‪ ،‬وكان من أبرزها قضية رفع‬ ‫أسعار الوقود؛ القضية الشعبية األبرز في تثوير الحالة اليمنية منذ سقوط‬ ‫نظام علي عبد الله صالح الذي بدا مقامرا بصمته على تمدد الحوثيني نكاية‬ ‫في حكومة هادي القادمة على أكتاف «الربيع العربي» الهزيلة‪.‬‬ ‫تنسدل جدائل هذا التنظيم العنيف والسياسي ال��ذي يتحرك بتوازن ما بني‬ ‫حضوره السياسي واآليديولوجي وتمثيله األمني ألجندة إيران في املنطقة‪ ،‬لكن‬ ‫بخصوصية محلية‪ ،‬إلى االنسالخ الذي عرفته الطائفة الزيدية في اليمن عن‬ ‫جلدها والتحول من «التشيع املتسنن» كما كان يقال إلى «التشيع السياسي»‬ ‫املنتمي إلى مرجعية إيران‪ ،‬في محاولة للوصول إلى خصوصية تجربة «حزب‬ ‫الله» اللبناني‪.‬‬ ‫هذا االنسالخ يمكن رصد بداياته مبكرا‪ ،‬إال أنه على مستوى املسار التنظيمي‬ ‫بدأ في مطلع التسعينات عندما أراد الحوثيون تدشني منتجهم األصولي الجديد‬ ‫«الشباب املؤمن» في منطقة صعدة (‪ 240‬كلم شمال صنعاء)‪ ،‬وهي منطقة ذات‬ ‫أغلبية شيعية كاسحة تقودها مرجعية دينية قوية ومتماسكة وموحدة تتمتع‬ ‫بكاريزما الزعامة الدينية التي يفتقدها اإلسالم السني املتذرر منذ منتصف‬ ‫التسعينات حني أضعفت التنظيمات األصولية التابعة لإلسالم السياسي على‬ ‫املؤسسات الدينية التقليدية بمرجعياتها‪.‬‬ ‫بدر الدين الحوثي هو األب الروحي للحوثيني وأحد أهم مراجع املذهب الزيدي‬ ‫الجارودي في اليمن الذي ينحو إلى التجديد ورفض التقليد ودعا إلى محاربة‬ ‫علماء الزيدية التقليديني بسبب تقصيرهم في التقارب مع املذاهب غير السنية‬ ‫وأب��رزه��ا امل��ذه��ب االث�ن��ا عشر الجعفري ال��ذي يشكل نسغ وم��رك��زي��ة املذهب‬ ‫الشيعي في العالم‪.‬‬ ‫غادر بدر الدين الحوثي اليمن بعد حرب االنفصال في ‪ ،1994‬وتلك هي الفترة‬ ‫التي قويت فيها شوكة التنظيمات املتطرفة األصولية السنية واكتسحت اليمن‬ ‫بسبب دعمها للنظام ال��ذي استغل تجييشها للحالة اليمنية باتجاه الوحدة‬ ‫بقيادة ح��زب اإلص�لاح وفلول العائدين من أفغانستان ال��ذي شكلوا بدايات‬ ‫«القاعدة في جزيرة العرب» الذي ينشط في املناطق الجنوبية من اليمن حتى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫استقر بدر الدين الحوثي بصحبة ابنه حسني الحوثي الذي يعد بمثابة سيد‬ ‫قطب الزيدية من خالل تنظيراته املباشرة على النص القرآني باتجاه إنتاج‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫خطاب أصولي متشدد ينزع إلى النفس االنقالبي ويستغل بوابة االجتهاد‬ ‫املشرعة في املذهب الزيدي‪ ،‬وبقي الحوثيان؛ األب واالبن‪ ،‬في إيران حتى عام‬ ‫‪ 2002‬قبل أن يعود االبن الثائر املتشبع بروح الثورة اإليرانية إلى صعدة ويعلن‬ ‫تغييرا جذريا وحاسما يشرح استراتيجيه الجديدة وهي االنتقال من الزيدية‬ ‫ّ‬ ‫الهوياتية املتنافسة مع بقية التنظيمات األصولية السنية في اليمن إلى استنساخ‬ ‫تجربة «حزب الله» اللبناني‪ .‬ومن هنا كان لزاما االنسالخ من الذات ولو بشكل‬ ‫رمزي عبر تغيير االسم من «الشباب املؤمن»‪ ،‬بما يحمله من رمزية االعتزاز‬ ‫بالهوية الزيدية في مقابل ّ‬ ‫هويات دينية متفجرة في اليمن بعد انهيار مشروع‬ ‫اليمن الواحد بإدارة دولة منهارة‪ ،‬إلى «أنصار الله» االسم املرادف لـ«حزب الله»‬ ‫في االشتقاق القرآني والجرس والدالالت الرمزية السم التنظيم‪.‬‬

‫انشقاقات عقائدية‬ ‫لم يستطع بدر الدين الحوثي وال ابنه القفز على الهوية الزيدية التقليدية الرافضة‬ ‫لغلو املذهب االثني عشري من وجهة نظر عقائدية محضة فال الزيدية تعترف‬ ‫بتسمية االثني عشرية ألئمتهم‪ ،‬وال املذهب الجعفري‪ ،‬كما هو معلوم‪ ،‬يسمي‬ ‫ويعترف بإمامة زيد بن علي الذي تنتسب إليه الزيدية‪ ،‬هذا عدا مسائل كثيرة‬ ‫تتصل بالعصمة والرجعة والتقية والبداءة واملوقف من االنشقاق املبكر بني‬ ‫الصحابة‪ ،‬وهذه مسائل جعلت من الزيدية التقليدية تتراجع أمام أطروحات‬ ‫حسني الحوثي الثورية‪ ،‬وإن كانت لم تصمد أمام كارزيماه عند أتباعه بسبب‬ ‫نفسه ال�ث��وري الجديد ال��ذي أي�ق��ظ ف��ي ال��زي��دي��ة الرغبة ف��ي االن�ت�ق��ال م��ن أقلية‬ ‫مضطهدة إل��ى مكون سياسي وعقائدي صلب يستطيع التفاوض واللعب‬ ‫بمصير بلد بحجم وتنوع اليمن‪.‬‬ ‫اصطدم حسني الحوثي مع علماء الزيدية وحدثت بينهم مساجالت علمية‬ ‫وفكرية كبيرة موثقة في إعالم الزيدية اليمنية مثل صحيفة «األمة» ومنتديات‬ ‫على اإلنترنت‪ ،‬بل أصدر علماء الزيدية التقليديني بيانا مهما في التحذير من‬ ‫ضالالت الحوثي‪ ،‬وكانت هناك شخصية حاسمة ومرجعية كبرى في املذهب‬ ‫الزيدي ساهم رحيلها في تمدد الزيدية الثورية واحتضار الزيدية التقليدية‬ ‫املعتدلة‪.‬‬

‫تالشي الزيدية املعتدلة‬ ‫الشيخ العالمة مجد الدين املؤيدي‪ ،‬واحد من أهم مرجعيات الزيدية التقليدية‬ ‫املعتدلة‪ ،‬ظل صامدا حتى رحيله في ‪ 2007‬تجاه حالة التثوير للزيدية باتجاه‬ ‫التقارب مع االثني عشرية في إي��ران‪ ،‬وصرح أكثر من مرة لطالبه ولوسائل‬ ‫اإلع�لام أن ظاهرة «الحوثي» غريبة على الجسد اليمني الواحد‪ ،‬وأن محاولة‬ ‫إشعال فتيل األزمة مع السنة في اليمن هو بداية لعصر جديد لم تعرفه اليمن‬


‫أجل إيران والشعب خرج في هذه املسيرات األخيرة بشكل واضح ليعبر‬ ‫عن مطالبه هو وليس عن مطالب إيران»‪.‬‬

‫انقسامات واستقاالت‬ ‫أدت سيطرة الحوثيني على العاصمة صنعاء إلى انقسامات في الوسط‬ ‫السياسي اليمني وفي هيئات مؤتمر الحوار الوطني الشامل‪ ،‬فقد استقالت‬ ‫أفراح الزوبة‪ ،‬نائبة أمني عام املؤتمر من منصبها بعد االتفاق مع الحوثيني‪،‬‬ ‫وقالت لـ«املجلة» إنها قدمت االستقالة ألسباب كثيرة‪ ،‬وسبب االستقالة‬ ‫بشكل رئ��ي��س ك��ان «م��وض��وع ال��ص��راع ال���ذي دار ف��ي صنعاء وم��وض��وع‬ ‫الوصول إلى صنعاء من قبل قوات الحوثيني أو من يسمون أنصار الله‬ ‫وتهديدهم ألمن الدولة ومؤسساتها وهذا بعد انتهاء مؤتمر الحوار رغم‬ ‫كل التوافقات التي حدثت فيه‪ ،‬وهذا جعلني أشعر أن العملية السياسية‬ ‫برمتها أصبحت في مهب الريح إن لم تكن قد انهارت فعال‪ ،‬هذا كان سببا‬ ‫رئيسا لتقديم استقالتي»‪.‬‬ ‫وأض��اف��ت ال��زوب��ة أن ما يجري في الساحة اليمنية في الوقت ال��راه��ن هو‬ ‫«تحالفات جديدة ملجموعة من التيار الذي حكم البالد سابقا أو مجموعة‬ ‫من القيادات في املؤتمر الشعبي العام وعلى رأسهم علي عبد الله صالح‬ ‫مع الحوثيني‪ ،‬هناك رغبة جامحة في القضاء على املعالم الحقيقية للدولة‬ ‫اليمنية املنشودة واملشروع الذي جاءت به مخرجات مؤتمر الحوار الوطني‬ ‫الشامل ومحاولة لاللتفاف على هذا املشروع الجديد وهناك قوى أخرى‪،‬‬ ‫كما يقال‪ ،‬جرى ضربها من خالل العمليات العسكرية التي دارت مؤخرا‬ ‫وعلى رأسها حزب اإلص�لاح (اإلسالمي)‪ ،‬بكل تأكيد‪ ،‬وأجنحته القبلية‬ ‫والعسكرية»‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالحزبني الرئيسني اآلخ��ري��ن ال��ح��زب االش��ت��راك��ي اليمني‬ ‫والحزب الناصري‪ ،‬قالت الزوبة إن «الحزب الناصري بدت مواقفه مؤخرا‬

‫أكثر قوة وصالبة خاصة مع رفض األمني العام للحزب األستاذ عبد الله‬ ‫نعمان التوقيع على اتفاقية السلم والشراكة الوطنية بسبب رفض الحوثيني‬ ‫التوقيع على امللحق الخاص وسحب قواتهم وتسليم السالح»‪ .‬وأردفت أن‬ ‫«هناك متغيرات كثيرة موجودة اآلن على الساحة الوطنية لكن كما قلنا إن‬ ‫املتغير الرئيس هو التحالف الجديد الذي يهدد بشكل كبير حلم اليمنيني‬ ‫في الدولة املدنية الحديثة»‪.‬‬ ‫وحول التحالف العسكري أو غيره ما بني الرئيس السابق علي عبد الله‬ ‫صالح وأنصاره في الجيش وبني جماعات الحوثي قالت أفراح الزوبة‪« :‬أنا‬ ‫أعتقد ما حصل في الفترة السابقة وحتى إشارات رئيس الجمهورية وكثير‬ ‫من املحللني إلى أن خط سير الحوثيني من صعدة إلى صنعاء كان مدعوما‬ ‫وكان واضحا أن هناك تحالفات مع القوى القبلية والعسكرية كانت‪ ،‬إن‬ ‫لم أقل جميعها‪ ،‬من أنصار النظام السابق‪ ،‬وهذه التحالفات لم تعد خفية‬ ‫بأي شكل من األشكال والجميع يعرفها‪ ..‬نعم هناك تحالف بكل تأكيد»‪.‬‬ ‫وتقول النائب األول لألمني العام ألمانة الحوار الوطني (املستقيلة)‪« :‬بكل‬ ‫تأكيد رغم كل الضبابية والظالمية والوضع في البلد واملخاوف الكبيرة جدا‬ ‫من التغييرات التي حدثت‪ ،‬لكن أنا متأكدة أن اليمن سيخرج منها بسالم‪،‬‬ ‫واآلن رغم هذه التحالفات التي ظهرت فاليمنيون بكل تأكيد سيكون لهم‬ ‫صوت وتساؤالت في أن هذه التحالفات الجديدة والحكومة التي سيتم‬ ‫تشكيلها هل ستلبي طموحاتهم أم ال»‪ ،‬وفيما إذا كان الوضع الراهن الذي‬ ‫يحدث في اليمن وراءه أياد خارجية أم أنه متعلق بأدوات داخلية‪ ،‬قالت إنه‬ ‫«بكل تأكيد ولألسف الشديد هناك أطراف خارجية لها أصابع واضحة‬ ‫تماما في الحالة اليمنية‪ ،‬تجاذبات كبيرة تغييرات كبيرة تحدث في منظومة‬ ‫الوالءات‪ ..‬لألسف الشديد أقول إننا كنا نتمنى أن يكون التغيير في ‪2011‬‬ ‫تغييرا حقيقيا يجرم التعامل مع الخارج فيما يضر املصلحة الوطنية‪..‬‬ ‫نعم هناك أط��راف إقليمية لها مصالح في اليمن وتسعى لخلق الظروف‬ ‫املناسبة لتحقيق هذه املصالح» <‬

‫أبرز التساؤالت‬ ‫الحائرة في‬ ‫الشارع اليمني‬ ‫تتعلق بمستقبل‬ ‫البالد ‪ ..‬هل‬ ‫سيلتزم الحوثيون‬ ‫بتنفيذ بنود‬ ‫االتفاق الذي‬ ‫وقعوا عليه مع‬ ‫الحكومة؟‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪17‬‬


‫قصة الغالف‬

‫أخذت األحداث في الساحة اليمنية منحى آخر‪ ،‬بعيدا عن املبادرة الخليجية‪ ،‬بعد أن أصبحت هناك جهة معينة تفرض شروطها‬ ‫وتتحكم في مصير البلد وبمخرجات الحوار الوطني الشامل‪ ،‬وهي حركة التمرد الحوثية‪ ،‬بعيدا عن القوى الوطنية والسياسية‬ ‫األخرى‪ ،‬عقب استيالئها على العاصمة اليمنية صنعاء بالقوة املسلحة‪ ،‬وبدأت الحركة في رفع مطالب تتعلق بتراجع الحكومة‬ ‫عن اإلجراءات االقتصادية التي اتخذتها وهي رفع الدعم عن املشتقات النفطية‪ ،‬وطالبت الحركة املتمردة بإسقاط حكومة الوفاق‬ ‫الوطني التي شكلت عقب احتجاجات شعبية ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح والتي اندلعت مطلع عام ‪،2011‬‬ ‫والتي أتت بالرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي رئيسا لليمن لفترة انتقالية‪ ،‬وسيطرة الحركة‪ ،‬بصورة كاملة‪ ،‬على صنعاء‬ ‫العاصمة‪ ،‬بعد أن بدأت تحركاتها بصورة سلمية‪ ،‬ثم تحول األمر إلى مواجهات مسلحة‪ ،‬والغريب أن صنعاء سقطت بسهولة‬ ‫في أيدي الحوثيني الذين تشير‪ ،‬كافة املصادر‪ ،‬إلى ارتباطهم الوثيق بالجمهورية اإلسالمية في إيران‪ ،‬غير أن الخطورة تكمن في‬ ‫أن يتحول اليمن إلى بلد يحكمه «السيد»‪ ،‬وهو عبد امللك الحوثي الذي بات يتحكم في معظم مصائر اليمنيني في الوقت الراهن‬ ‫بعد إسقاطه للعاصمة التي لم يتمكن أسالفه في ستينات القرن املاضي من آل حميد الدين من إسقاطها‪ ،‬وبالتحديد حصار‬ ‫السبعني عام ‪ ،1967‬عندما هب الشعب اليمني وقاوم محاولة الحكم اإلمامي السابق إسقاط صنعاء في قبضته‪.‬‬

‫تحركات أممية لوضع «الحوثيني» على قائمة اإلرهاب إذا لم ينفذوا االتفاقات‬

‫صنعاء‪ ..‬عاصمة يف قبضة «متمردين»‬ ‫صنعاء‪:‬‬ ‫عرفات مدابش‬

‫أدت سيطرة‬ ‫الحوثيني على‬ ‫العاصمة صنعاء‬ ‫إلى انقسامات‬ ‫في الوسط‬ ‫السياسي اليمني‬ ‫وفي هيئات‬ ‫مؤتمر الحوار‬ ‫الوطني‬

‫‪16‬‬

‫رضخ الرئيس عبد ربه منصور هادي للضغوطات الحالية وأجرى‬ ‫ات�ف��اق س�لام م��ع الحوثيني سمي باتفاق السلم وال�ش��راك��ة‪ ،‬في‬ ‫محاولة منه لتجنب الدخول في دوامة العنف‪ ،‬كما قال‪ ،‬وعلمت‬ ‫«املجلة» أنه وعلى الرغم من االتفاق الذي جرى في ضوء وساطة وإشراف‬ ‫أممي وبمباركة إقليمية وعربية ودولية‪ ،‬فإن مجلس األمن الدولي والدول‬ ‫العشر ال��راع�ي��ة ل�ل�م�ب��ادرة الخليجية م��ا زال��ت ت��راق��ب ع��ن كثب تصرفات‬ ‫الحوثيني التي جرى تصنيفها على أنها أعمال عنف وأنه من املتوقع أن‬ ‫يكون هناك موقف دول��ي آخ��ر‪ ،‬غير امل��رح��ب باالتفاق «ف��ي ح��ال استمر‬ ‫الحوثيون في استخدام العنف وإقصاء الخصوم السياسيني عن الساحة‬ ‫بالقوة»‪ ،‬وذكرت املصادر أن املوقف األممي «سوف يعد الحوثيني حركة‬ ‫متمردة ومسلحة وتنفذ أجنداتها السياسية عن طريق السالح وربما‬ ‫يعدها حركة إرهابية»‪.‬‬

‫موقف الحوثيني‬ ‫ويقول محمد عبد السالم‪ ،‬الناطق الرسمي ألنصار الله‏‪ ،‬إنه «ليس صحيحا‬ ‫أن يطلق على ذلك اجتياح ولكن كانت هناك ثورة شعبية سلمية واجهتها‬ ‫السلطة بالقتل وسقط ضحايا أمام مجلس الوزراء وفي شارع املطار وكذلك‬ ‫بدأت عناصر محسوبة على القوى اإلجرامية في منطقة شمالن بممارسة‬ ‫العدوان ونحن كنا قد قطعنا وعدا أننا سنحمي هذه الثورة ألننا نعتقد‬ ‫أننا لو سكتنا عن ذلك فمعنى ذلك أن يزيد القتل خاصة في موقف دولي‬ ‫لم يضغط على النظام أمام ما يرتكب من جرائم وهذا الذي حصل وهو أن‬ ‫تحركت لجان شعبية ونحن معهم‪ ،‬أيضا‪ ،‬في مواجهة هذه القوى كعملية‬ ‫جراحية ملواجهة هذه القوى اإلجرامية داخل السلطة»‪.‬‬ ‫وفيما يخص الخصومة م��ع ح��زب التجمع اليمني ل�لإص�لاح (السني)‬ ‫بالتحديد‪ ،‬أضاف محمد عبد السالم‪ ،‬في حديثه لـ«املجلة» أنه «في املاضي‬ ‫كان لألسف لحزب اإلصالح موقف واضح في دعم التكفيريني وامليليشيات‬ ‫التابعة له ولذلك نحن حرصنا بعد الثورة أن يكون اتفاق السلم والشراكة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫الوطنية يعم الجميع ب�لا استثناء‪ ،‬واآلن نحن ن�ح��اول أن نفتح صفحة‬ ‫جديدة مع اإلخوة حزب التجمع اليمني لإلصالح والسيد عبد امللك أعلن‬ ‫عن ذلك ومد يده ونستطيع أن نقول إن الخصومة سياسية وعسكرية‬ ‫باعتبار أنهم كانوا يواجهوننا عسكريا أما خصومة طائفية ومذهبية‬ ‫فهي غير موجودة»‪.‬‬ ‫وحول استمرار جماعة الحوثي في االستيالء على صنعاء واملؤسسات‬ ‫الحكومية‪ ،‬قال الناطق الرسمي لـ«أنصار الله»‪« :‬الذي نتحرك من خالله اآلن‬ ‫هو أن يكون هناك تعاون مع الشرطة العسكرية والوحدات األمنية وعلى‬ ‫أساس أن تظل العاصمة صنعاء منضبطة وبيد مؤسسات الدولة ولكن‬ ‫عندما حصل ما حصل‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬كان هناك تقريبا أطراف أخرى أرادت أن‬ ‫تعبث بمؤسسات الدولة وأن تعتدي على بعض املحسوبني على األطراف‬ ‫األخرى لتقدم التهمة إلينا وحرصنا أن نقوم بحماية ذلك‪ ،‬إضافة إلى أن‬ ‫الكثير من املواطنني دخلوا إلى العاصمة صنعاء على أساس تقديم قوافل‬ ‫للمعتصمني في شارع املطار ونحن اآلن نتواصل مع هذه الجهات املعنية‬ ‫على أس��اس أن تقوم بدورها في تثبيت األم��ن واالستقرار في العاصمة‬ ‫صنعاء بما يجعلها عاصمة للجمهورية اليمنية أكثر انضباطا وأمنا‬ ‫واستقرارا وتعايشا»‪.‬‬ ‫وبشأن صحة املزاعم عن وقوف إيران وراء ما جرى قال محمد عبد السالم‪:‬‬ ‫«تستطيع القول إن الحديث عن إيران ليس جديدا في األزمة وال في الوضع‬ ‫اليمني ونحن نعتقد أن املشكلة داخلية وال�ث��ورة رفعت مطالب واضحة‬ ‫معنية بمعيشة الفرد اليمني وليس لها عالقة بأي أجندات خارجية والناس‬ ‫طالبوا بتغيير حكومة وامل�ش��ارك��ون ف��ي ه��ذه الحكومة ي�ق��رون بفشلها‬ ‫والناس طالبوا بتغير الوضع ألن اليمن أفقر دولة عربية ويعيش نصف‬ ‫سكانه تحت خط الفقر فهناك مشكلة يمنية ونحن نتمنى من دول الخليج‬ ‫أال تكون نظرتها إلى اليمن دائما بعني املؤامرة وبعني اإلقليم الخارجي‬ ‫أو الرؤية الخارجية‪ ،‬يفترض أن يقفوا إلى جانب اليمنيني لرفع مستوى‬ ‫املعيشة وملساعدة اليمنيني على الحلول هذا الذي حصل‪ ،‬أما أن يقال إن‬ ‫إيران لديها من يتحرك من أجلها وفي كل حدث نتحرك فيه يقولون من‬


‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪15‬‬


‫أحداث مصورة‬

‫فرس الرهان‬ ‫فرقة فنية تشكل‬ ‫لوحة استعراضية‬ ‫على هيئة فرس‬ ‫الرهان في مضمار‬ ‫أسكوت البريطاني‬ ‫لسباق الخيل‬ ‫(غيتي)‬

‫‪14‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫أحداث مصورة‬

‫الروبيان‬ ‫الكوييت‬ ‫طفل كويتي‬ ‫وسط سالل‬ ‫الروبيان في سوق‬ ‫السمك الرئيس‬ ‫في مدينة الكويت‬ ‫حيث تم استئناف‬ ‫صيد الروبيان‬ ‫في املياه الكويتية‬ ‫اخيرا بعد انقطاع‬ ‫دام ستة أشهر‬ ‫ونصف (غيتي)‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪13‬‬


‫‪12‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪11‬‬


‫أحداث مصورة‬

‫حجاج بيت‬ ‫الله احلرام‬ ‫الحجاج من‬ ‫جميع أنحاء‬ ‫العالم بدأوا‬ ‫في التوافد‬ ‫على مكة املكرمة‬ ‫الداء شعائر‬ ‫حج بيت الله‬ ‫الحرام (غيتي)‬

‫‪10‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬


‫السعودية شاركت‬ ‫بـ‪ 24‬لعبة و‪ 300‬رياضي‬

‫دورة األلعاب اآلسيوية‬ ‫الـ‪« :17‬آسيا واحدة»‬ ‫الجمعة ‪ 19‬سبتمبر رئيسة كوريا‬ ‫ا فتتحت الجنوبية باك جون هاي‪ ،‬رسميا‪،‬‬ ‫منافسات دورة األلعاب اآلسيوية‬

‫ال�ـ‪ ،17‬واستضافت مدينة إنشون بكوريا الجنوبية‬ ‫الدورة التي تختتم في الرابع من أكتوبر الحالي‪.‬‬ ‫ش��ارك��ت ال �س �ع��ودي��ة ف��ي ال� � ��دورة ب��وف��د ض��م أك�ث��ر‬ ‫م��ن ‪ 300‬شخص م��ا ب�ين الع��ب‪ ،‬وإداري‪ ،‬وم��درب‪،‬‬ ‫يمثلون ‪ 24‬ات �ح��ادا‪ ،‬ه��ي‪ :‬ال�ف��روس�ي��ة‪ ،‬وك��رة ال�ق��دم‪،‬‬ ‫وأل �ع��اب ال �ق��وى‪ ،‬وال �س �ب��اح��ة‪ ،‬وال�ب��ول�ي�ن��غ‪ ،‬وال��رم��اي��ة‪،‬‬ ‫والكاراتيه‪ ،‬والتايكوندو‪ ،‬والرياضات البحرية‪ ،‬وكرة‬ ‫اليد‪ ،‬والجمباز‪ ،‬والغولف‪ ،‬والكرة الطائرة‪ ،‬والجودو‪،‬‬ ‫وامل �ب��ارزة‪ ،‬وال��دراج��ات‪ ،‬والتنس‪ ،‬وامل�ص��ارع��ة‪ ،‬ورفع‬ ‫األث� �ق ��ال‪ ،‬وال �س �ه��ام‪ ،‬وك� ��رة ال �س �ل��ة‪ ،‬وك� ��رة ال �ط��اول��ة‪،‬‬ ‫واملالكمة‪ ،‬والرغبي‪ .‬وك��ان العلم السعودي قد ُرفع‬ ‫داخل القرية األوملبية في إنشون‪ ،‬مقر إقامة البعثات‬ ‫ال��ري��اض �ي��ة امل �ش��ارك��ة ب ��ال ��دورة‪ ،‬ب�ح�ض��ور السفير‬ ‫ال�س�ع��ودي‪ ،‬ورئ�ي��س ال��وف��د امل�ش��ارك ب��ال��دورة‪ ،‬وأم�ين‬ ‫عام الوفد وأعضاء البعثة‪ ،‬باإلضافة إلى عمدة مدينة‬ ‫إنشون ال��ذي رحب بالبعثة السعودية‪ ،‬متمنيا لهم‬ ‫التوفيق والنجاح‪ .‬حضر حفل االفتتاح شخصيات‬ ‫رسمية ع��دة ورؤس��اء بعض االت�ح��ادات واملنظمات‬ ‫الرياضية ال��دول�ي��ة‪ ،‬أب��رزه��م رئ�ي��س اللجنة األوملبية‬ ‫الدولية األملاني‪ ،‬توماس باخ‪ ،‬ورئيس املجلس األوملبي‬ ‫اآلس �ي��وي امل �ش��رف ع�ل��ى تنظيم األل �ع��اب ال�ك��وي�ت��ي‪،‬‬ ‫الشيخ أحمد الفهد األحمد الصباح‪ ،‬وممثلو وفود ‪45‬‬ ‫دولة آسيوية أرسلت نحو ‪ 10‬آالف رياضي للمنافسة‬ ‫على م��دى أسبوعني‪ .‬وكسر مخرج الحفل التقليد‬ ‫القديم الذي جرت عليه العادة وابتكر أسلوبا جديدا‬ ‫ال يعتمد كليا على اإلضاءة‪ ،‬وإنما على أشهر نجوم‬ ‫الفن والغناء في ب�لاده‪ .‬وغطى النجم العاملي بسي‬ ‫صاحب أغنية «غانغام ستايل»‪ ،‬وفرقتا «إكسو»‬ ‫و«ج� ��ي واي ج� ��ي»‪ ،‬على‬ ‫ال� �ب� �ه ��رج ��ة ال �ك �ب �ي��رة‬ ‫التي كانت تحدثها‬ ‫عادة األلعاب النارية‬ ‫وم��ن بعدها أض��واء‬ ‫الليزر‪.‬‬

‫رئيس املجلس األوملبي‬ ‫اآلسيوي (‪ )OCA‬الشيخ‬ ‫أحمد الفهد الصباح‬ ‫يتحدث خالل افتتاح‬ ‫اوملبياد انشيون ‪ -‬كوريا‬ ‫الجنوبية (غيتي)‬

‫تونس‪ :‬عشرات املرشحني أغلقت‬ ‫لالنتخابات الرئاسية تقدموا‬ ‫بأوراقهم عبر األبواب والنوافذ‬

‫الباجي قائد السبسي‬ ‫(‪ 88‬عاما) اكبر املترشحني سنا‬

‫ه�ي�ئ��ة االن �ت �خ��اب��ات ف��ي ت��ون��س ب ��اب ال�ت��رش��ح‬ ‫لالنتخابات‪ ،‬االثنني ‪ 23‬من سبتمبر املاضي‪،‬‬ ‫وهو آخر مرحلة إلكمال االنتقال الديمقراطي‬ ‫في تونس مهد انتفاضات الربيع العربي‪ ،‬وبلغ عدد من قدموا‬ ‫أوراق ترشحهم لالنتخابات الرئاسية أكثر من ‪ ،70‬وهو رقم‬ ‫وصفته وسائل إعالم تونسية بأنه قياسي‪.‬‬ ‫وق��ال��ت صحيفة «ال �ش��روق» التونسية املحلية إن «تونسيا‬ ‫يرغب في الترشح واسمه رضا بن عيسى اقتحم مقر الهيئة‬ ‫عبر النافذة لوصوله بعد انتهاء فترة التسجيل‪ ،‬لكن مسؤولي‬ ‫األمن أخرجوه بعد االنتباه إليه»‪.‬‬ ‫ومن املنتظر أن يتنافس على كرسي قرطاج عدة شخصيات‬ ‫س�ي��اس�ي��ة م �ع��روف��ة‪ ،‬م��ن ب�ي�ن�ه��ا ال��رئ �ي��س ال �ح��ال��ي‪ ،‬منصف‬ ‫املرزوقي‪ ،‬ورئيس املجلس التأسيسي‪ ،‬مصطفى بن جعفر‪،‬‬ ‫ورئيس ال��وزراء السابق‪ ،‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬والقيادي‬ ‫بالحزب الجمهوري‪ ،‬نجيب الشابي‪ ،‬إضافة إلى حمة الهمامي‪،‬‬ ‫زعيم الجبهة الشعبية‪.‬‬ ‫وستجرى االنتخابات الرئاسية ي��وم ‪ 23‬نوفمبر (تشرين‬ ‫الثاني) املقبل‪ ،‬وقبلها االنتخابات التشريعية يوم ‪ 26‬أكتوبر‬ ‫(تشرين األول) الحالي‪.‬‬ ‫ويشترط القانون االنتخابي تزكية ‪ 10‬آالف ناخب على األقل‬ ‫أو ‪ 10‬نواب من البرملان لكل مرشح لالنتخابات الرئاسية‪ ،‬لكن‬ ‫أغلب املرشحني دأبوا على إرفاق ملفاتهم بالشرطني معا في‬ ‫خطوة استعراضية‪.‬‬

‫في أسكوتلندا فقط‪:‬‬

‫يسقط االستقالل‬ ‫رفضت‬

‫اسكوتلندا ‪ 19‬سبتمبر املاضي‬ ‫االستقالل في استفتاء تاريخي‬ ‫كان ينذر بتقطيع أوصال اململكة‬ ‫امل �ت �ح��دة‪ ،‬وب ��ث االض� �ط ��راب ف��ي ال �ق �ط��اع امل��ال��ي‪،‬‬ ‫وتقليص ما تبقى من نفوذ بريطانيا في العالم‪.‬‬ ‫وك� ��ان ال�ت �ص��وي��ت ل �ص��ال��ح االت� �ح ��اد‪ ،‬ال� ��ذي يبلغ‬ ‫م��ن ال �ع �م��ر ‪ 307‬أع � ��وام‪ ،‬م�ب�ع��ث ارت �ي ��اح مل�لاي�ين‬ ‫البريطانيني‪ ،‬ومن بينهم رئيس ال��وزراء‪ ،‬ديفيد‬ ‫كاميرون‪ ،‬ال��ذي كان منصبه أيضا على املحك‪،‬‬ ‫فضال عن الحلفاء الذين روعهم احتمال انفصال‬ ‫اسكوتلندا عن اململكة املتحدة في مختلف أنحاء‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫وحصل مؤيدو االستقالل على ‪ 55‬في املائة من‬ ‫األصوات‪ ،‬بينما حصل االنفصاليون على ‪ 45‬في‬ ‫املائة بعد فرز جميع األصوات البالغ عددها ‪.6‬‏‪3‬‬ ‫مليون صوت أو ‪ 85‬في املائة من الناخبني‪ ،‬وهي‬ ‫نسبة إقبال قياسية على التصويت‪ ،‬لكن زعماء‬ ‫في أنحاء اململكة املتحدة قالوا إن «االتحاد يجب‬ ‫أن يتغير لكي يستمر»‪.‬‬ ‫وبعد ساعات من إعالن نتائج االستفتاء تقدم‬ ‫الوزير األول في الحكومة االسكوتلندية‪ ،‬أليكس‬ ‫س��امل��ون��د‪ ،‬باستقالته م��ن منصبه وم��ن رئاسة‬ ‫الحزب القومي‪ ،‬بعدما أقر بهزيمته في «معركة‬ ‫االستقالل» عن اململكة املتحدة‪.‬‬ ‫وأعلن ساملوند‪ ،‬الذي قاد حملة «نعم»‪ ،‬في كلمة‬ ‫متلفزة‪ ،‬االعتراف بهزيمة تيار االستقالل‪ ،‬بعدما‬ ‫أظهرت النتائج النهائية لالستفتاء على استقالل‬ ‫اسكوتلندا‪ ،‬تصويت أكثر من ‪ 55‬في املائة لصالح‬ ‫البقاء ضمن بريطانيا‪.‬‬

‫مسيرة داعمة لالتحاد في أدنبرة اسكوتلندا (غيتي)‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪09‬‬


‫األسبوع الخامس‬

‫خادم الحرمني الشريفني لدى اجتماعه مع وزير الخارجية األميركي‬

‫تزامنا مع ذكرى ‪ 11‬سبتمبر‪ ..‬ا ستقبل‬ ‫مؤتمر جدة يجفف منابع‬ ‫تمويل التنظيمات اإلرهابية‬

‫خادم الحرمني الشريفني امللك عبد الله بن عبد العزيز في جدة مساء الخميس ‪ 11‬سبتمبر (أيلول)‬ ‫وزي��ر الخارجية األميركي‪ ،‬جون كيري‪ ،‬والوفد املرافق له‪ ،‬وج��رى خالل اللقاء استعراض الجهود‬ ‫املبذولة للتصدي لإلرهاب في املنطقة‪ ،‬وللتنظيمات املتطرفة التي تقف وراءه‪ ،‬إضافة إلى مجمل‬ ‫األحداث والتطورات على الساحتني اإلقليمية والدولية‪.‬‬ ‫ج��اء لقاء خ��ادم الحرمني الشريفني امللك عبد الله بن عبد العزيز بوزير الخارجية األميركي‪ ،‬ج��ون كيري‪ ،‬في وقت‬ ‫استضافت جدة مؤتمرا إقليميا حضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬ومصر‪ ،‬والعراق واألردن‪ ،‬ولبنان‪،‬‬ ‫وتركيا‪ ،‬ووزير الخارجية األميركي‪ ،‬لبحث سبل مكافحة اإلرهاب والتصدي لـ«داعش»‪ ،‬وقد اختتم املؤتمر مؤكدا على‬ ‫ضرورة تجفيف منابع تمويل التنظيمات اإلرهابية املتشددة‪ .‬وكانت ‪ 10‬دول وقعت على بيان يتعهد بمواجهة اإلرهاب‬ ‫الدولي‪ ،‬من خالل «منع تدفق املقاتلني األجانب من دول الجوار‪ ،‬ووقف تدفق األموال لتنظيم (داعش) والجماعات املتطرفة‬ ‫األخرى‪ ،‬ورفض آيديولوجيات الكراهية لدى تلك الجماعات اإلرهابية‪ ،‬ومحاسبة املسؤولني عن ارتكاب الفظائع»‪ ،‬وأضاف‬ ‫البيان أن تلك الجهود ستكتمل «حني يكون األمر مالئما للمشاركة في أوجه العمل العسكري املنسق ضد اإلرهاب»‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى لفت األمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره األميركي‪،‬‬ ‫جون كيري‪ ،‬إلى أن خطر اإلرهاب الذي بدأ ينتشر في املنطقة بكل شراسة «طاملا حذر منه خادم الحرمني الشريفني‪،‬‬ ‫منذ أمد طويل»‪ ،‬مستشهدا بخطاب امللك عبد الله بن عبد العزيز األخير‪ ،‬في األول من أغسطس (آب) املاضي‪ ،‬وقوله‪:‬‬ ‫«إن من املعيب والعار أن هؤالء اإلرهابيني يفعلون ذلك باسم الدين‪ ،‬والدين منهم براء»‪.‬‬

‫رئيس جديد ألفغانستان بعد أخطاء‬ ‫فادحة وتالعب في العملية االنتخابية‬

‫أعلنت‬

‫أفغانستان فوز وزير املالية األسبق‪ ،‬أشرف عبد الغني‪،‬‬ ‫ف��ي ان�ت�خ��اب��ات ال��رئ��اس��ة األف �غ��ان �ي��ة‪ ،‬األح ��د ‪ 21‬سبتمبر‬ ‫املاضي‪ ،‬بعد نزاع حاد بشأن تالعب في التصويت‪.‬‬ ‫وجاء اإلعالن بعد ساعات من توقيع عبد الغني وغريمه عبد الله عبد الله‪،‬‬ ‫اتفاقا لتقاسم السلطة إلنهاء النزاع املستمر منذ شهرين حول اتهامات‬ ‫بالتالعب قوضت الثقة في العملية االنتخابية‪ ،‬وزادت حركة طالبان جرأة‬ ‫في وقت تستعد فيه معظم القوات األجنبية للرحيل‪.‬‬ ‫وأقر رئيس املفوضية املستقلة لالنتخابات‪ ،‬أحمد يوسف نورستاني‪،‬‬ ‫بحدوث أخطاء فادحة في العملية االنتخابية‪ ،‬وقال إن «عملية التدقيق‬ ‫التي قامت بها األمم املتحدة لم تستطع أن ترصدها كلها»‪ ،‬لكنه قال إنه‬ ‫بناء على اإلحصاء الرسمي األخير لألصوات‪ ،‬فإن من واجب املفوضية‬ ‫إع�لان فائز‪ ،‬وق��ال‪« :‬تعلن املفوضية املستقلة لالنتخابات أن الدكتور‬ ‫أشرف عبد الغني هو رئيس أفغانستان»‪.‬‬

‫‪08‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫الرئيس املنتخب أشرف عبد الغني‬


‫‪..‬‬ ‫رساله المحرر‬ ‫ألقت التطورات السريعة في الساحة اليمنية بظاللها على املشهد العربي‬ ‫املليء باألحداث الكبرى‪ ،‬فبعيدا عن املبادرة الخليجية أصبحت هناك جهة‬ ‫معينة تفرض شروطها وتتحكم بمصير اليمن وبمخرجات الحوار الوطني‬ ‫الشامل‪ ،‬وهي حركة التمرد الحوثية‪ ،‬عقب استيالئها على العاصمة اليمنية‬ ‫بالقوة املسلحة‪ ،‬والغريب أن صنعاء سقطت بسهولة في أيدي الحوثيني‬ ‫الذين تشير جميع املصادر إلى ارتباطهم الوثيق بالجمهورية اإلسالمية‬ ‫في إيران‪ ،‬غير أن الخطورة تكمن في أن يتحول اليمن إلى بلد يحكمه‬ ‫«السيد»‪ ،‬وهو عبد امللك الحوثي الذي بات يتحكم في معظم مصائر‬ ‫اليمنيني في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫في هذا العدد تفتح مجلة «املجلة» أحداث اليمن املتصاعدة والخطيرة‪،‬‬ ‫وتحلل أبعادها‪ ،‬حيث يكتب الصحافي اليمني عرفات مدابش عن طبيعة‬ ‫التمرد الحوثي ومنشئه وجذوره‪ ،‬إضافة إلى آثار وأبعاد سيطرة الحوثيني‬ ‫على صنعاء في الداخل والخارج‪.‬‬ ‫وفي السياق ذاته‪ ،‬يتناول الباحث في شؤون الجماعات األصولية يوسف‬ ‫الديني انهيار اليمن الواحد بحروب طائفية انقالبية يقودها اإلسالم‬ ‫السياسي الشيعي والسني‪ ،‬في استنساخ لتجربة «حزب الله» في اليمن‪،‬‬ ‫حيث يقف الحوثي ‪ -‬مهندس انتقال الزيدية املعتدلة إلى تشيع سياسي‬ ‫ّ‬ ‫حاد ‪ -‬وراء تكرار تجربة الثورة اإليرانية‪ ،‬أو على األقل التحول إلى «حزب‬ ‫الله» اليمني في خاصرة الخليج‪ ..‬فـ«شيد الضريح الفارسي التصميم‬ ‫وبات مزارا يقصده األطفال وأمهاتهم الثكالى‪ ،‬في طقوس رمزية كربالئية‬ ‫ُسميت (يوم الصرخة)‪ ،‬يجمعهم زي موحد وتفرقهم أهواء كثيرة»‪.‬‬ ‫وفي ملف آخر‪ ،‬تروي املجلة قصص «جواري البغدادي» الذي ازدهر مع‬ ‫«غزوات» تنظيم «داعش» على املدنيني في سوريا والعراق‪ ،‬وكيف أصبح‬ ‫مزاد النساء قائما على سوقه بأسعار‪ ،‬ومآسي تتوج مجازره‪ ،‬حيث‬ ‫يشير املرصد السوري لحقوق اإلنسان أن «تنظيم (داعش) وزع على‬ ‫عناصره في سوريا نحو ‪ 300‬فتاة وسيدة من أتباع الديانة اإليزيدية‪،‬‬ ‫ممن اختطفن في العراق قبل عدة أسابيع‪ ،‬وذلك على أساس أنهن سبايا‬ ‫من غنائم الحرب»‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬تناقش «املجلة» قضية التحالف الدولي لضرب «داعش»‪،‬‬ ‫واستراتيجيته القائمة في ضرب اإلرهاب‪ ،‬ودور السعودية القيادي في‬ ‫هذا التحالف‪.‬‬ ‫كما تتبع «املجلة» قصة مؤسسات املجتمع املدني‪ ،‬والجمعيات الحقوقية‬ ‫في دول العالم العربي والخليج‪ ،‬وأدوارها وصالتها الخارجية‪ ،‬وسعيها‬ ‫إلى زعزعة السلم واالستقرار الوطني‪.‬‬ ‫وتقدم «املجلة» نخبة مختارة من أهم املقاالت املترجمة من مجلة «فورن‬ ‫أفيرز» األميركية‪ ،‬التي تناقش شؤون ومستجدات الوضع اإلقليمي‬ ‫والعاملي‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املوضوعات وغيرها كثير على موقعنا‬ ‫«‪ »majalla.com‬ونرحب دائما بآرائك‪ ،‬وتعليقاتك‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪7‬‬


‫المحتوى‬

‫تخوف أوباما من أن يفضي‬ ‫استبعاد طهران من التحالف إلى‬ ‫دفعها نحو تشكيل تحالف مضاد‬

‫أمريكا ومشاركة إيران‬ ‫يف احلرب على «داعش»‬

‫سوق النساء‪:‬‬ ‫غنائم أبو‬ ‫بكر البغدادي‬ ‫ورفاقه في‬ ‫العراق‬

‫سبايا‬ ‫«داعش»‬ ‫املنظمات الحقوقية في الخليج‬ ‫العربي‪ ..‬عالقات خارجية‬ ‫وأهداف مشبوهة‬

‫أدوات لتعكري‬ ‫السلم الوطين‬

‫محافظ ظفار محمد‬ ‫البوسعيدي لـ‬

‫مهرجان صاللة‬ ‫يعكس الوجه‬ ‫السياحي والرتاثي‬ ‫لسلطنة ُعمان‬

‫كيف يمكن تحويل‬ ‫املعارضة السورية إلى‬ ‫قوة قتالية حقيقية‬

‫جيش هلزمية‬ ‫األسد‬ ‫‪6‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1600‬تشرين األول ‪ -‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫تحركات‬ ‫أممية لوضع‬ ‫«الحوثيني» على‬ ‫قائمة اإلرهاب‬ ‫إذا لم ينفذوا‬ ‫االتفاقات‬

‫صنعاء‪..‬‬ ‫عاصمة‬ ‫يف قبضة‬ ‫«متمردين»‬




‫�سلمان بن يو�سف الدو�سري‬ Salman Aldossary :‫مسؤول مكتب اخلليج‬

‫عبد اهلل الر�شيد‬

ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē +y:a ` 3x3Na - M k 1fM

:‫التحرير‬ Acting CEO of‫سكرتري‬ NASHR Co. Omar A. Alshaikh ‫الد�سوقي‬ ‫م�صطفى‬ ‫ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ‬

ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē ‫اإلخراج الفين‬ +y:a ` 3x3Na - M k 1fM

^¤ 7yG* Ò* ^d< ‫عثمان‬ ‫علي‬ ‫اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē Acting CEO of ‫ﺳﻜﺮﺗﲑ‬ NASHR Co. Omar Alshaikh +y:a ` 3x3Na - M k 1fM ¥E¢ ‫للمشاركة‬ 6A.^G* £ }H

ǀżȤƾƪƵƴŽ ‫ كلمة‬800 ‫ جميع المقاالت يجب أال تزيد على‬:‫ملحوظة‬ editorial@majalla.com Acting CEO of NASHR‫اإللكتروني‬ Co. ‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى المراسلة على البريد‬

ΔϤϠϛ ϰϠϋ ΪϳΰΗ ϻ΃ ΐΠϳ ΕϻΎϘϤϟ΍ ϊϴϤΟ ΔχϮΤϠϣ HGLWRULDO#PDMDOOD FRP ϲϧϭήΘϜϟϹ΍ ΪϳήΒϟ΍ ϰϠϋ ΔϠγ΍ήϤϟ΍ ϰΟήϳ ˯΍έ΁ ϭ΃ ΕϻΎϘϣ ϝΎγέϹ Omar A. Alshaikh

ȝƾżȚǍƄŵȚ ‫اشتراكات‬

www.issuu.com/majalla :‫ لالشتراك في االلكترونية‬subscriptions@majalla.com :‫ يرجى االتصال بـ‬،‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‬ ZZZ LVVXX FRP PDMDOOD ΔϴϧϭήΘϜϟϻ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ VXEVFULSWLRQV#PDMDOOD FRP ˰Α ϝΎμΗϻ΍ ϰΟήϳ ˬΔϴϤϗήϟ΍ ΔόΒτϟ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ

ϡΎψϧ ϱ΃ ϲϓ ΎϬϨϳΰΨΗ ϭ΃ ΎϬϨϣ ˯ΰΟ ϱ΃ ϭ΃ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϋΎΒσ ΓΩΎϋ· ϝ΍ϮΣϷ΍ Ϧϣ ϝΎΣ ϱ΄Α ίϮΠϳ ϻϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ΓΪΤΘϤϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϋ έΪμΗ ϲΘϟ΍ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϠΠϤϟ ΔχϮϔΤϣ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ

‫نظام‬ ‫في أي‬ ‫ وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة المجلة أو أي جزء منها أو تخزينها‬.‫ التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (المملكة المتحدة) شركة محدودة‬2009 ‫حقوق النشر محفوظة لمجلة المجلة‬ ˱ΎϳήϬη ΔϠΠϤϟ΍ έΪμΗϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϣ ϖΒδϣ ΢ϳήμΗ ϰϠϋ ϝϮμΤϟ΍ ϥϭΩ ϪΑΎη Ύϣ ϭ΃ ΎϬϠϴΠδΗ ϭ΃ ΎϫήϳϮμΗ ϭ΃ Δϴϟ΁ ϭ΃ ΔϴϧϭήΘϜϟ· ΔϠϴγϭ ϱ΃ ϭ΃ ΓέϮλ ϱ΄Α ΎϬϠϘϧ ϭ΃ ϲϋΎΟήΘγ΍ ϲϘϠΘϟ ‫ لتلقي‬.ً‫ وتصدر المجلة شهريا‬.)‫الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة‬ ‫استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون الحصول على تصريح مسبق من‬ ZZZ PDMDOOD FRP ΓέΎϳί ϰΟήϳ ˬϲϤϗήϟ΍ ϙ΍ήΘηϻ΍ Ε΍έΎδϔΘγ΍ www.majalla.com ‫ يرجى زيارة‬،‫استفسارات االشتراك الرقمي‬

LVVXH $XJXVW

Ώ΁ βτδϏ΃ ΩΪόϟ΍

Issue 1600 - October 2014

++ 6DXGL 5HVHDUFK DQG 0DUNHWLQJ 8. /WG HH Saudi Research and Marketing (UK) Ltd $UDE 3UHVV +RXVH +LJK +ROERUQ Arab Press House, 184 High Holborn, /RQGRQ :& 9 $3 London WC1V 7AP 7HO )D[ Tel: +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310

2014 ‫ أكتوبر‬- ‫ تشرين األول‬1600 ‫العدد‬

ϰμμΨΘϟ΍ ϊσΎϘΗ ΔϜϣ ϖϳήσ Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ νΎϳήϟ΍ ΎϬϟ κΧήϣ

$ 0RQWKO\ 3ROLWLFDO 1HZV 0DJD]LQH

A Monthly Political News Magazine

ZZZ PDMDOOD FRP HQJ

‫التخصصى‬ ‫ تقاطع‬- ‫ طريق مكة‬- ‫ حي المؤتمرات‬- ‫الرياض‬ ‫مرخص لها‬ ϥΪϨϟ ϒΗΎϫ νΎϳήϟ΍ +44 207 831 8181 :‫ لندن‬- 4419933 ‫ هاتف‬:‫الرياض‬

www.majalla.com/eng

KT#DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ ˬZZZ DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ hq@alkhaleejiah.com :‫ بريد إلكتروني‬،www.alkhaleejiah.com :‫موقع إلكتروني‬ ϝϭΪϟ΍ ϒϠΘΨϣ Ϧϣϭ ˬ ϥΪϨϟ ˬ βϳέΎΑ ˬ ϲΑΩ ˬ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϞΧ΍Ω Ϧϣ +966 11 441 1444 : ‫ ومن مختلف الدول‬، +44 207 404 6950:‫ لندن‬، +331 537 764 00:‫ باريس‬،+9714 3 914440 :‫ دبي‬،920 000 417 : ‫من داخل المملكة‬

ϲϧϼϋϹ΍ ϞϴϛϮϟ΍ ‫الوكيل اإلعالني‬

ϲϧΎΠϣ ϒΗΎϫ ˬZZZ DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ LQIR#DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ 8 00-2440076 :‫ هاتف مجاني‬،www.arabmediaco.com :‫ موقع إلكتروني‬، info@arabmediaco.com :‫بريد إلكتروني‬

ΕΎϛ΍ήΘηϹ΍ Ϟϴϛϭ ‫اإلشتراكات‬ ‫وكيل‬

ˬ βϛΎϓ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ ΔϳΩϮόδϟ΍ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϲϓ ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ ،+966 11 2121774 :‫ فاكس‬+966 11 4419933 :‫ هاتف‬،11585 ‫ الرياض‬- 62116 ‫ب‬.‫ ص‬- ‫وكيل التوزيع في المملكة العربية السعودية حي المؤتمرات‬ www.saudidistribution.com :‫موقع إلكتروني‬ ZZZ VDXGLGLVWULEXWLRQ FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ

‫نشر‬ ‫شركات ن�شر‬ ‫�شركات‬

ZZZ KDODSULQWFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ βϛΎϓ ˬ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι

ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ ‫التوزيع‬ ‫وكيل‬ ΔϋΎΒτϟ΍ ΰϛήϣ

ΔϋϮϤΠϤϟ΍ ΕΎϛήη

Saudi Specialized Publishing ‫املتخصص‬ ‫السعودية للنشر‬ ‫ الشركة‬Company

www.arabmediaco.com

www.sspc.com.sa

‫حقوق التوزيع لهذه المطبوعات محفوظة‬

áeÉ©dG äÉbÓ©dGh ¿ÓYEÓd á«é«∏ÿG

www.srpc.com 6DXGL 6SHFLDOL]HG 3XEOLVKLQJ &RPSDQ\

»‫لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم‬

8002440014 ‫ يرجى اإلتصال على الهاتف المجاني‬،‫المعلومات‬ ‫للحصول على المزيد من‬ ΔχϮϔΤϣ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ϊϳίϮΘϟ΍ ϕϮϘΣ

©ϡϼϋϹ΍ ΕΎϣΪΨϟ ϥϮϴΒϳήΗª Δϛήθϟ

»‫حقوق النشر لهذه المطبوعات باللغة العربية مرخصة «المجلة‬

Concord Saratoga Lady 0320165 NEW_Coop Kooheji_FPC Arb_Al Majallah Magazine Sz (215 x 285mm).ai

‫رئيس التحرير‬



‫مجلة العرب الدولية‬ 1980 ‫تأسست في لندن عام‬

‫شهرية سياسية‬ 2014 ‫ أكتوبر‬- ‫ تشرين األول‬1600 ‫العدد‬





‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬ ISSN 1319-0873

10

9 771319 087013 

www.majalla.com

Issue 1600 - October 2014




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.