�أحوال
ومن نفذَ ، سر وجود «داعش» وظهوره املفاجئ بهذه القوة؛ َمن أوحى بالفكرة َ حتى هذه اللحظة لم ُيكشف الغطاء عن ِّ ومن ُ خطط ودعم وتجاوب؟ فهل ُيعقل أن العالم يجتمع بأممه املتحدة لشن الحرب على عصابة ،نعم مجرد ِعصابة؟! كيف انسحب الجيش العراقي ُ وحلت إدارة محافظة املوصل ولجأ مسؤولوها إلى محافظة دهوك من إقليم كردستان؟! ماذا ٍّ ُّ ُ حصل باملنطقة ككل؟ كل ما حصل ما زال من الغوامض ،وال أظن ستحل األلغاز في القريب العاجل أو البعيد اآلجل ،ألن ما جرى على ما يبدو ال يترك أثرا ،ففي مثل هذه األحوال ال تجد وثائق وال خطابات متبادلة ،وال مكاملات تليفونية .إنه عمى في عمى ،وأشد املخاوف تأتي من املجهول ،أما أن «داعش» ظهر بقوته الذاتية فهذا يصعب إدراكه وتخيله من ِقبل األطفال!
بقلم :ر�شيد اخل ُّيون
إال أن ما هو غير غامض ومكشوف تماما ،ومن فمهم يدانون ،أن اإلسالم السياسي بشكل عام له فائدة من وجود هذا َّ التنظيم ،الذي أطلق على نفسه «الخالفة اإلسالمية» ،على أثر ما أعلن عنه سابقا «الدولة اإلسالمية في العراق والشام» ،ثم وسع الدائرة إلعالن الخالفة اإلسالمية .تتضح تلك الفائدة بشقني ،أولهما «اإلخوان املسلمون» التنظيم الدولي ،ممثال بلسان الشيخ يوسف القرضاوي ،عندما صرح قائال إنه ضد الحرب الدولية على «داعش» ،ألن هذه الحياض حياض املسلمني ،مع مالحظته أنه ال يتفق مع التنظيم في أساليبه ،وقبل ذلك يراه استعجل إعالن الخالفة اإلسالمية التي هي مطلب «اإلخوان» في نهاية األمر. َّ ومن جانبه ،أعلن الشيخ قاسم الطائي موقفه ضد الحرب باملنطق الذي تحدث به القرضاوي ،مع ُعذر أنه ضد وجود الجيوش األميركية ،وأنه وصحبه من بقية امليليشيات والجيش العراقي سيتولون الحرب عليها ،مع أن الشيخ لم يسبق أن قال كلمة الجيش العراقي ،بقيادة نوري املالكي، عندما شنت أميركا الحرب على العراق ُإلسقاط نظام صدام حسني ،ناهيك عن أن َّ قد ُهزم هزيمة نكراء ،وسبيت أسلحته وقتل جنوده َّ وفر ضباطه ..فبأي جيش سيقاتل الطائي «داعش»؟ ُيطلق على الشيخ ُ قاسم الطائي لقب آية الله أو آية الله العظمى ،وهو مرجع وفقيه أو قائد ميليشيا أبي الفضل العباس ،التي تقاتل بسوريا بعذر الدفاع عن العتبات املقدسة! َّ فماذا جمع ،في املوقف ،بني الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ قاسم الطائي؟ مع االختالف في املذهب والتوجه؟ فالقرضاوي، بعد مداهنة وصالت مع نظام بشار األسد ،أعلن عن عداوته ،وكان يرى أن السلطة لـ«اإلخوان املسلمني» السوريني قد صارت قاب قوسني أو أدنى ،بعد َصالته السياسية في ميدان التحرير (شتاء ،)2011وصعود «اإلخوان» املصريني إلى سدة الحكم .بينما الشيخ قاسم الطائي يقود ميليشيا لدعم النظام السوري ،وال يوهمنا بالشعار املرفوع بأنه دفاع عن العتبات املقدسة .فمعلوم أنه موجه من إيران اإلسالمية ،ويوم إيران توقف الدعم لنظام بشار سينسحب لواء أبي الفضل العباس وبقية امليليشيات ،وعندها تتضح القضية كلها ،بأنها ليست دفاعا عن عتبات وال يحزنون. َّ لكن ماذا جمع بني الشتيتني ،القرضاوي والطائي ،وهنا نأتي بهما كمثلني ال أكثر ،من مفردات السني واإلسالم ِّ اإلسالم السياسي ُّ السياسي الشيعي؟! كيف يختلفان في كل شيء من العقيدة إلى التوجه ،وكيف يتفقان في األهداف؟
ّ «داعش» ..وحد َّ القرضاوي والطائي
القرضاوي أن إزالة «داعش» نكسة أخرى إلسالمه السياسي ،وأنه لم تبق حجة لوجوده كتنظيم يرى َ دولي ،قدم نفسه على أنه الجانب املعتدل ،والذي ارتضته أميركا وقبلت به لحكم مصر ،ثم تنتقل التجربة نفسها لتحل بتونس وليبيا وسوريا ،وها هي موجودة بتركيا .إلى جانب أن «داعش» بالنسبة للقرضاوي الولد املشاغب ال أكثر ،سيعود إلى الطريق ،فالخالف معه مجرد خالف بني أحبة ال بني خصوم ،وهذا هو الحال أيضا بالنسبة إلى بقية «اإلخوان املسلمني». أما بالنسبة للشيخ الطائي ،وهو يمثل اإلسالم الشيعي املسلح ،واملدعوم كليا من والية الفقيه اإليرانية ،فيرى أن القضاء على «داعش» بحملة دولية يعني زواله حتميا ،فما معنى وجوده مدججا بالسالح كميليشيا شيعية ،وها هي امليليشيات ُّ السنية َّ في بداية النهاية؟ لذا فإنه وصحبه وبقية امليليشيات حريصون كل الحرص على وجود «داعش» وأخواته ،وهم األضداد املتآخية في هدف الوجود .إلى ُ جانب أن نجاح هذه الحملة ال يتوج برأس «داعش» وإنما برؤوس امليليشيات كافة ،وإعادة تنظيم الجيش العراقي ،بعدما أسس على أساس طائفي ال مهني ،وسيعبر هذا األمر على اإلسالم السياسي املسلح كله، والذي هو الظهير لإلسالم السياسي الذي ُيقدم نفسه بأنه مدني.
إن محاربة اإلرهاب ،وعلى وجه الخصوص داخل العراق ،تتطلب هذا اإلنجاز ،وأعني القضاء على امليليشيات كافة ،فليست هناك ميليشيا مساملة وأخرى شرسة أو إرهابية .فمن املعلوم إذا أراد العالم بأممه املتحدة أن ُيحارب اإلرهاب ،وقد عشش داخل العراق ،أنه ال بد من قلع املسببات ،وأولها أنه ال يمكن سد الطريق على «داعش» أو «القاعدة» بال ما ُيقابلها ِمن إلغاء امليليشيات ،التي وصل عددها ،حسب األخبار املتواترة من هناك ،إلى ما يقرب من ثالثني ميليشيا ،وقد تكاثرت ضمن ما ُيسمى بالحشد الشعبي ضد «داعش». على أي حال ،للقرضاوي حساباته وللطائي حساباته أيضا ،لكن الغاية واحدة ،هي الحفاظ على «داعش».
66
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
ُ وعلى الرغم من ذلك ،فإن الحقيقة القائلة بأن االستراتيجية املقترحة قد تتطلب قوة جوية ال تعني أن الشعب األميركي سوف ُيعارضها بالضرورة .أوضحت استطالعات الرأي العام خالل منتصف التسعينات من القرن العشرين ،خالل حرب البوسنة ،أن هناك معارضة ثابتة ومستمرة للتدخل األميركي ،حتى لو جرى ذلك من قبل العديد من األطراف .ولكن ذكرت االستطالعات ذاتها وجود دعم أكبر للعمليات الجوية .كذلك عارض عدد قليل من األميركيني مساهمة إدارة أوباما بالقوات الجوية األميركية في الحملة الجوية التي شنها حلف الناتو في ليبيا خالل عام .2011 عاملني متغيرين من شأنهما التأثير بصورة بعيدا عن القوة الجوية ،نجد أن هناك ُ كبيرة على التكلفة النهائية لالستراتيجية املقترحة هنا :ما هي التكلفة التي سوف تتحملها واشنطن لدعم الجيش السوري الجديد ،وما إذا كان بإمكانها إقناع حلفائها ُ بتحمل جزء من العبء .ونظرا لتكاليف العمليات املاضية املماثلة ،من املمكن أن تشير التوقعات املنطقية إلى أن القوات املحاربة الجديدة سوف تتطلب ما يتراوح بني مليار إلى ملياري دوالر أميركي في العام الواحد لبنائها .وسوف تحتاج الواليات املتحدة األميركية إلى وضع ميزانية لقيمة إضافية تتراوح بني 6إلى 20مليار دوالر أميركي خالل العام الواحد لدعم القوات الجوية ،ومن املحتمل أن تحتاج إلى مبلغ إضافي بقيمة تتراوح بني 1,5إلى 3مليارات دوالر أميركي سنويا للمساعدات املدنية. بعد جمع تلك املبالغ معا سوف نحصل على ميزانية تشغيلية إجمالية تبلغ 3مليارات دوالر أميركي سنويا ملدة عامني أو ثالثة أعوام بحد أدنى للتكلفة .وفي حالة ما إذا كان من الضروري شن حملة جوية على نطاق مشابه ملا حدث في البوسنة أو أفغانستان السنوية سوف تصل إلى 10 – 9مليارات دوالر أميركي طوال مدة أو ليبيا ،فإن التكلفة ُ النزاع .وفي حالة ما إذا أجبرت الواليات املتحدة األميركية على تقديم قدر ُمضاعف من القوات الجوية كما فعلت في تلك الحروب السابقة ،فإن التكلفة قد تصل من 18 إلى 22مليار دوالر أميركي سنويا .وبعد حدوث االستقرار السياسي ،فإن الدعم املتواصل الذي تقدمه واشنطن للحكومة الجديدة قد يتطلب من مليار إلى 5مليارات دوالر أميركي لصالح تقديم الدعم املدني واألمني السنوي ملدة قد تصل إلى عقد كامل. وباملقارنة ،فإن أفغانستان كلفت الواليات املتحدة األميركية ما يقترب من 45مليار
دوالر أميركي سنويا من عام 2001إلى عام ،2013فيما كلفها العراق ما يقرب من 100مليار دوالر أميركي سنويا منذ عام 2003حتى عام .2011
إثارة العراقيل في حالة ما إذا قررت إدارة أوباما بناء جيش سوري ،فإنه يتعني عليها القيام بذلك بإدراك تام ،حيث إن االستراتيجية قد تنطوي على خطر التصعيد .وهناك القليل من الحروب ،إن ُوجدت ،تسير حسبما هو ُمخطط من دون تكبد أي تكاليف غير متوقعة، وبعضها يتحول ُليصبح أكثر غالء ،وفوضوية ودموية مما هو متوقع .وتقدم الحربان ُ اللتان حدثتا في أفغانستان والعراق مثاال جيدا على ذلك ،حيث توضحان أن الدولة تستعد ألي ش��يء س��وى األفضل .وإذا نفذت تحصل على أس��وأ النتائج عندما ال ُ الواليات املتحدة األميركية االستراتيجية املقترحة هنا ،فقد تكون بحاجة لالستعداد لفقد بعض األرواح األميركية .من املمكن أن يجري إسقاط ط��ائ��رات بها طيارون أميركيون ،فيما قد يتعرض املستشارون األميركيون لإلصابة أو القتل أو األسر. وبغض النظر عن الدولة التي تستضيف الجيش السوري الجديد في النهاية خالل املراحل األول��ى من نموه ،فإن تلك الدولة تحتاج إلى ضمانات بأن الواليات املتحدة األميركية سوف تساعدها في الدفاع عنها ضد انتقام العدو.
تكاليف عدم اتخاذ إجراء أظهرت األح��داث الجارية بالعراق بوضوح تكاليف التقاعس عن العمل .وأي��ا كان االختيار الذي تتخذه الواليات املتحدة األميركية ،فال ينبغي عليها اتخاذه وفقا العتقاد خاطئ بأنه ال توجد استراتيجية ممكنة لتحقيق االنتصار بتكلفة مقبولة .تستطيع الواليات املتحدة األميركية إنهاء الحرب األهلية بسوريا وفقا لشروطها وإعادة بناء دولة سوريا املستقرة من دون إرسال قوات برية .وقد يتطلب القيام بذلك قدرا كبيرا من الوقت والجهد واملوارد .ومن املؤكد أن هناك رغبة في املحاولة
فورن أفيرز /تشرين األول -أكتوبر65 - 2014 -
صحافة عالمية
ل��وزارة ال��دف��اع األميركية بتولي مهام تدريب ال�ق��وات الجديدة وتقديم االستشارات لها – والتي سوف تصبح بمثابة الذراع العسكرية الرسمية للحكام الشرعيني الجدد في سوريا. ُ ومن املمكن أن تنهي الواليات املتحدة األميركية الحرب األهلية السورية بشروطها الخاصة ،ومن دون االلتزام بإرسال القوات البرية. ُ وفي هذا الصدد ،فإن العراق تقدم مثاال قويا وتحذيريا مهما للغاية .فمن ناحية ،نجد أنه بحلول عام ،2009تمكنت الواليات املتحدة األميركية بالعراق من بناء جيش ،على الرغم من قوته الضئيلة ،فإنه مستقل وغير سياسي إلى حد ما .وقبل ذلك بثالثة أعوام ،كانت القوات األمنية بالبالد بمثابة مؤسسة ال تتمتع بالكفاءة أو املصداقية ومصدرا للخوف بالنسبة ملعظم العراقيني .وتماما مثل املعارضة السورية في الوقت ال�ح��ال��ي ،ف��إن الجيش ال�ع��راق��ي ك��ان ُمخترقا م��ن قبل املجرمني واملتطرفني ورج��ال امليليشيات ومقاتلني ليسوا ذوي كفاءة أو تسليح جيد. وعلى الرغم من ذلك ،فإن برنامج الواليات املتحدة األميركية املحدد قد غير القوة، ليجعلها قوة ُمرحبا بها ،بل يتعني السعي إليها ،حيث أصبحت هي القوة التي تفرض االستقرار بكافة أنحاء البالد .وفي عام ،2008على سبيل املثال ،أشاد شيعة البصرة بكتائب الجيش التي يتكون معظمها من السنة ووصفوهم بأنهم ُمحررون ،وذلك امليليشيات الشيعية لجيش املهدي .وهناك عامل عندما تمكنت تلك الكتائب من إخراج ُ مهم في هذا التحول وهو التدريب الصارم املفترض لسوريا ،الذي سمح للمستشارين األميركيني بالتعامل مع أفراد القوات املحلية. على الجانب اآلخر ،دائما ما ُيلقي أي جيش قوي ومستقل بالشبهة على رجال السياسة املحليني الهمجيني الذين يحاولون تخريب الجيش أو إدخ��ال��ه ف��ي اللعبة السياسية. ُ وب��اخ�ت�ص��ار ت �ع��د ت�ل��ك ه��ي ال�ط��ري�ق��ة التي ح ��ول ب�ه��ا رئ �ي��س ال� � ��وزراء ن� ��وري امل��ال�ك��ي الجيش العراقي مرة أخرى نحو امليليشيات الطائفية عقب خ��روج واشنطن .ويوضح التراجع الناتج ف��ي امل�ه��ارات واألخالقيات كيف انهارت فرق الجيش العراقي األربع ف��ي مواجهة «داع ��ش» خ�لال شهر يونيو (حزيران) املاضي ،وملاذا انضم العديد من أهل السنة إلى «داعش» في مواجهة املالكي. والدرس املستفاد لسوريا هو أنه من غير الكافي إنشاء جيش جديد فحسب ومساعدته على االنتصار في الحرب .إذا أرادت الواليات املتحدة األميركية رؤية تطور الدولة إلى نظام سياسي جديد مستقر ،فإنه سوف يتعني عليها املحافظة على دعمها ورعايتها للجيش السوري الجديد ملدة أعوام فيما بعد ،ولو على صعيد التكاليف والقوى البشرية.
ات�ساع نطاق احلرب الأهلية يف �سوريا ي�شكل قلقا �أمنيا وهزمية النظام مع ا�ستمرار احلرب الأهلية �سيكون مبثابة ف�شل ا�سرتاتيجي
تحقيق السالم
ُ من املؤكد أن السؤال األكبر حول ذلك املقترح الطموح هو :هل من املمكن أن ُيجدي ذلك نفعا؟ على الرغم من أن الحروب دائما ما تكون غير متوقعة ،فإن هناك أكثر من دليل تاريخي يشير إلى أن هذا النهج مقبول تماما – وفي الحقيقة ،هو أفضل من أي خيار آخر للتدخل. إن تجربة الواليات املتحدة األميركية في البوسنة والعراق ُتشير إلى تخطيط ّ فعال ملنع حمام الدم عقب انتصار الجيش السوري الجديد .ففي هذين البلدين ،نجد أن الواليات املتحدة األميركية قد بنت قوة قادرة بوضوح على هزيمة منافسيها ،ولكن بعد ذلك كانت واشنطن قادرة على منعها من اتخاذ تلك الخطوة النهائية .تحارب الجماعات التي تدعمها الواليات املتحدة األميركية بالقدر الكافي إلقناع أعدائها بضرورة تقديم تنازالت بشأن ترتيبات املشاركة في السلطة .وفي الوقت ذاته ،يضمن ضغط الواليات املتحدة األميركية قبول املنتصر لشيء ما أقل من النصر الكامل. ال ُيعتبر األداء السابق ضمانا للنجاح في املستقبل بالتأكيد ،وتختلف كل مقارنة تاريخية عن سوريا في نواح مهمة .فقد فشل األداء املتطور للجيش الفيتنامي الجنوبي في تفادي انهياره بمجرد فقدانه للغطاء الجوي األميركي .وكانت كرواتيا مع بداية التسعينات بمثابة دولة حديثة النشأة تحارب دولة أخرى حديثة النشأة وهي صربيا. أما القوات األمنية العراقية فقد استفادت من الوجود الهائل للقوات البرية األميركية
الذي فاق ما تتصوره الخطة املقترحة لسوريا. يجب أن يؤدي احتمال نشأة جيش سوري جديد من الصفر ،واالفتقار إلى سلطة الدولة إلى توقف صناع السياسات قليال ،ولكن ال ينبغي أن تكون تلك املشكالت بمثابة عوائق .فقد تمكن كل من التحالف الشمالي (وه��ي املجموعة التي ساعدت في إسقاط طالبان في أفغانستان عام )2011واملعارضة الليبية ،من التفوق دون مساعدة من الغرب بخالف املستشارين والقوة الجوية؛ ومن املؤكد أنهم لم يتمتعوا على اإلط�لاق بدعم مثلما حصلت عليه دولة مثل كرواتيا .وبالتأكيد ،تتمتع قوات األسد أيضا بقدرة أكبر اليوم مما كانت تملكه قوات طالبان في أفغانستان أو جيش معمر القذافي في ليبيا .ولكن كما يبدو الجيش السوري قويا على نحو نسبي ،فإنه ليس بالقوة الهائلة ،حيث كان أداؤه سيئا في جميع الحروب منذ عام ،1948كما أنه حارب على نحو أفضل من املعارضة الضعيفة للغاية بفارق هامشي منذ عام .2012 ك��م م��ن ال��وق��ت يمكن أن يستغرقه تنفيذ ه��ذه الخطة؟ إن ت��اري��خ العمليات املماثلة بالبوسنة وأفغانستان والعراق وليبيا يشير إلى أن الواليات املتحدة األميركية سوف تكون بحاجة لعام أو عامني إلعداد األلوية األولى القليلة .وبعد غزوها األولي لسوريا، فإنه من املحتمل أن يكون الجيش املتنامي بحاجة إلى فترة تمتد من عام إلى ثالثة أعوام أخرى لسحق قوات النظام ومنافسني آخرينُ .ويشير ذلك إلى حملة تتراوح بني عامني إلى خمسة أعوام. وبمجرد وص��ول��ه إل��ى ات�ف��اق س�ل�ام ،يتعني على الجيش الجديد إع��ادة تنظيم ذات��ه إل��ى جهاز أمني تقليدي بالدولة .وق��د ينبغي عليه توسيع صفوفه من أج��ل تلبية االحتياجات األمنية السورية طويلة امل��دى ،بما في ذلك هزيمة العناصر اإلرهابية املتبقية .سوف يتطلب هذا ال��دور الهادف إلى تحقيق االستقرار املزيد من األع��وام، ولكنه سوف يكون أقل قسوة من نظام األسد بكثير ،خاصة في حالة ما إذا أبقت الواليات املتحدة األميركية على دعمها للمؤسسات السورية الجديدة وإعادة هيكلتها االقتصادية والسياسية. ُ ومن املؤكد أن املعارضني سوف يدفعون بأن خارطة الطريق لسوريا تعد غير قابلة للتنفيذ في الوقت الحالي ،حيث إنها أتت متأخرة للغاية لدرجة ال تسمح لها بتحقيق أي اختالف .ولكن الحجج املماثلة ثبت خطؤها في املاضي .ففي شهر مارس (آذار) عام ،2005على سبيل املثال ،كنت قد قدمت تقريرا مختصرا عن العراق أمام مجموعة صغيرة من كبار املسؤولني األميركيني ،حيث عرضت االستراتيجية التي كنت أدعو إليها من بداية عام :2004وتتمثل في التحول نحو عمليات حقيقية ملواجهة املسلحني، والسعي إلى التعاون مع قادة القبائل السنيني في غرب العراق ،وإرس��ال املزيد من اآلالف من القوات األميركية وإج��راء عملية إص�لاح سياسي تأتي من األسفل إلى األعلى للتشجيع على تقاسم السلطة .ومن ثم ،كان الرد على ذلك بأنه على الرغم من أن هذه الخطة كانت ُمجدية خالل عام 2003أو حتى عام ،2004فإنه بحلول عام 2005أصبح العراق بعيدا تماما .ولكن االستراتيجية التي وصفتها كانت ذاتها تلك التي نفذها القائد ديفيد بترايوس وريان كروكر ،السفير األميركي لدى العراق ،بعد عامني – والتي غيرت مجرى الصراع. كذلك ،ال يوجد سبب آخر لالعتقاد بأن الوقت أصبح متأخرا تماما بالنسبة لسوريا. فالحرب األهلية هناك لن تنتهي في أي وقت قريب ،على الرغم من حقيقة أن املساعدات اإليرانية والروسية املمتدة سمحت ُ للمخلصني لألسد بتحقيق مكاسب بارزة .واملشهد األكثر احتماال هو أنه سوف يثبت أن تقدم النظام محدود وأن املوارد املتدفقة للثوار من الداعمني األجانب سوف تؤدي إلى حدوث حالة من الجمود .سوف يستمر الوضع مشتعال في سوريا ،بينما يواصل املسؤولون األميركيون إخبار أنفسهم بأن وقت اتخاذ أي إجراء قد مضى. ُ وحتى لو تبنت واشنطن هذا املسار ،فإن العديد من األرواح السورية سوف تفقد قبل نجاحها .بيد أن الطريقة الوحيدة إلنقاذ هذه األرواح تتمثل في نشر قوات برية أميركية – وهو مقترح ،بالنظر إلى شعور الشعب األميركي ،ال يمكن اتخاذه في البداية .كما أن منع القوات البرية من االنتشار ،وهو النهج املوصى به هنا ،هو أفضل فرصة لتجنب وقوع مئات آالف أخرى من الضحايا.
دعم القوات الجوية هناك مسألة أخرى ذات أهمية عما إذا كانت الخطة سوف تتطلب دعم القوات الجوية األميركية ،حيث إن أي حملة جوية من شأنها جعل هذه االستراتيجية أكثر تكلفة على الصعيدين املادي والدبلوماسي.
فورن أفيرز /تشرين األول -أكتوبر 64 - 2014
األس��وأ من ذلك أن الحروب األهلية التي تندلع بني طوائف شعب واحد مثل سوريا تميل إلى االنتهاء بواحدة من طريقتني :الطريقة األولى تحقيق أحد األطراف للنصر من جانب واح��د ،تليه مذابح مروعة ضد الخصوم ،أما الطريقة الثانية فهي تدخل هائل من طرف ثالث لوقف القتال وصياغة اتفاق لتقاسم السلطة. ن��ادرا ما ت��ؤدي مثل ه��ذه ال�ح��روب إل��ى حل من تلقاء نفسها .ل��ذا سيكون االقتراح الذي يطالب بحل سريع ودبلوماسي والذي يفضله كثير من األميركيني أقرب إلى املستحيل. وفي الوقت ذاته ،يهدد الصراع الدائر في سوريا أيضا بجر جيرانها اآلخرين ،وخاصة األردن ولبنان وتركيا ،التي تحتوي على ما يقرب من 3ماليني الجئ األمر الذي أجهد بالفعل ميزانياتها وزاد من االضطرابات االجتماعية بداخلها. بعد مقاومة القيام بذلك األمر على مدى 3سنوات ،يسعى البيت األبيض اآلن جاهدا إلى توسيع دوره في االضطرابات .في شهر يونيو املاضي ،طلب الرئيس األميركي باراك أوباما من الكونغرس املوافقة على توفير 500مليون دوالر أميركي لزيادة املساعدات األميركية املقدمة إلى املعارضة السورية املعتدلة (مثل هذه املساعدات كانت حتى وقت قريب تقتصر على برنامج تدريب سري في األردن) .ولكن في كل مرحلة من مراحل النقاش حول سوريا ،انتهت اإلدارة إلى أن نشر أعداد كبيرة من القوات البرية هي الطريقة الوحيدة لضمان زوال نظام األسد. من غير املرجح أن تكسر مساعدات واشنطن الحالية إلى املعارضة السورية املعتدلة حالة الجمود الراهنة. ولكن هناك ،في الواقع ،وسيلة يمكن أن تحصل الواليات املتحدة من خاللها على ما تريد في سوريا – وفي العراق أيضا ،في نهاية املطاف -دون إرسال قوات أميركية: من خ�لال بناء جيش جديد للمعارضة السورية يكون ق��ادرا على هزيمة الرئيس بشار األسد واإلسالميني األكثر تشددا .في الواقع ،على الرغم من عيوبها ،أصبحت هذه االستراتيجية الخيار األفضل للواليات املتحدة والشعب السوري واملنطقة أيضا.
اختر معاركك نظرا للحجج القوية املعارضة لوجود دور أكبر للواليات املتحدة في سوريا ،فإن أي اقتراح لتصعيد التدخل األميركي يجب أن يحقق 4معايير .أوال ،ال تستطيع االستراتيجية أن تطلب إرسال قوات أميركية إلى القتال .من املمكن إرسال األموال، واملستشارين ،وحتى القوة الجوية -ولكن ال مانع ما دام��ت ال ت��ؤدي إل��ى إرس��ال قوات أميركية برية .ثانيا ،أي مقترح يجب أن يصب في هزيمة كل من نظام األسد واملتشددين اإلسالميني األكثر تطرفا ،ألن كليهما يهددان مصالح الواليات املتحدة. ثالثا ،يجب أن تقدم السياسة أمال معقوال بأن ينتهي الحال إلى وجود دولة مستقرة. ألن اتساع نطاق الحرب األهلية في سوريا يشكل قلقا أمنيا قبل كل شيء ،وهزيمة النظام مع استمرار الحرب األهلية -أو حتى سحق كل من النظام واملتطرفني مع السماح ملجموعات أخرى بالقتال -سيكون بمثابة فشل استراتيجي .ال يوجد يقني في الحرب ،ولكن أي خطة لتدخل أكبر من الواليات املتحدة يجب على األقل أن يزيد من احتماالت استقرار سوريا. املسألة التي باتت تمثل إشكالية أكبر هي أن االستراتيجية الحالية ال تضمن دولة مستقرة في النهاية .سيطور توفير األسلحة والتدريب املحدود للثوار ببساطة من قدرتهم على القتال .ولكنه لن يوحدهم ،أو يخلق نظام تقاسم للسلطة قابال للنمو بني الطوائف العرقية والطائفية املنقسمة ،أو يقيم مؤسسات حكومية قوية.
جيش قوي تقترح دراسة لحاالت سابقة من الدعم العسكري األميركي مسارا بديال :تستطيع الواليات املتحدة أن تنشئ جيشا سوريا جديدا بتركيبة وعقيدة تقليدية ،يكون قادرا على هزيمة النظام واملتطرفني معا .وسيجبر االنتصار الحاسم من قبل هذا الجيش ال��ذي تدعمه ال��والي��ات املتحدة جميع األط��راف على الجلوس إل��ى طاولة املفاوضات وتخويل ال��والي��ات املتحدة نفوذا للتوصل إل��ى نظام تقاسم السلطة بني الفصائل املتنافسة .وستخلق هذه النتيجة ظروفا أفضل لظهور دولة سورية جديدة :تكون سلمية وتعددية وشاملة ،وقادرة على حكم البالد بأكملها. للوصول إلى تلك النقطة ،يجب على الواليات املتحدة أن تلتزم ببناء جيش سوري جديد يمكنه إنهاء الحرب واملساهمة في عودة االستقرار عندما ينتهي االقتتال .ولذلك
يتطلب النجاح مزيدا من التمويل -لتدريب وتجهيز جنود الجيش الجديد – وأيضا مزيدا من القوى العاملة ،لالحتياج إلى عدد كبير من املستشارين األميركيني إلعداد قوة جديدة وتوجيهها في العمليات القتالية. ستكون عملية تجنيد أفراد الجيش السوري املهمة األولى .ويحتاج هؤالء إلى االندماج في هيكل عسكري تقليدي وتبني عقيدته وقواعد سلوكه .سيتطلب تدريب أول مجموعة من املقاتلني (وهي مهمة من املرجح أن تقوم بها وكالة االستخبارات املركزية) وجود األمن والتحرر من اإللهاء ،وسيكون من األفضل البدء بهذه املهمة خارج سوريا. ويمكن أن تتضمن مواقع التدريب اململكة األردنية ،حيث تقوم الواليات املتحدة بالفعل بتقديم بعض املساعدات للثوار ،وكذا تركيا .فكلتاهما ضغطتا على واشنطن بشدة لتوسيع دعمها للمعارضة السورية .ولكن ربما تطالب كلتاهما بعد ذلك بالتعويض عن استضافة معسكرات قاعدة جديدة كبيرة. ع�لاوة على تدريبها وتنظيمها في صفوف جيش تقليدي ،يجب أن تكون القوات الجديدة مجهزة كقوة واحدة .وستحتاج واشنطن إلى تزويد الجيش الجديد بأسلحة ثقيلة ،بما في ذلك الدبابات وناقالت الجنود املدرعة واملدفعية وصواريخ أرض -جو؛ وهي أدوات مهمة للغاية لوقف التفوق الحالي الذي يتميز به النظام في األسلحة القتالية. كما يحتاج الجيش الجديد أيضا إلى دعم لوجستي ،ومعدات اتصاالت ،ووسائل نقل، ومعدات طبية لشن عمليات هجومية ودفاعية مستمرة ضد النظام.
الطريق إلى دمشق ف��ي النهاية ،س��وف يتحرك ه��ذا الجيش ال�س��وري الجديد داخ��ل س��وري��ا ،ول�ك��ن لن يحدث ذل��ك إال عندما يكون قويا بالقدر الكافي للسيطرة على األراض ��ي .ولذلك، فإنه بحاجة ألن يصل إلى درجة مهمة من ناحية الكم والجودة .ولن يكون من الحكمة إرس��ال الجيش الجديد إل��ى دوام��ة سوريا قبل أن يستطيع تكوين لواءين أو ثالثة على األقل ،بحيث يتكون كل لواء من 1000إلى 2000ج�ن��دي .ولكن األه��م م��ن ذل��ك ،أن��ه ال ينبغي أن تخوض تلك التشكيالت املعركة إال في حالة تطوير التماسك بني الوحدات وامل� �ه ��ارات التكتيكية وال �ق �ي��ادة وال �ق��درات اللوجستية الالزمة لهزيمة قوات النظام وأي ميليشيات منافسة .وعندما يعبر الحدود إلى سوريا ،يتعني على الجيش أن يقوم بذلك بصحبة مجموعة كبيرة من املستشارين األميركيني. وحتى بعد تحقيق ه��ذه ال�ق��وة أول مكاسبها اإلقليمية ال�ب��ارزة ،فإنه يتعني عليها املحافظة على زيادتها .فمهمتها النهائية – فرض السيطرة على البالد بأكملها من ُ خالل تحطيم كافة القوات التي تعيقها – سوف تتطلب عدة مئات اآلالف من الجنود إلنهائها .ولكن من غير املطلوب االنتظار لشن عمليات عسكرية حتى يصل الجيش إلى ذلك العدد من املقاتلني .بل على العكس :يمكن حشد معظم الجنود وتدريبهم بعد تحقيق ألويته األولى تقدمهم أوال. وبمجرد بدء الجنود بتأمني األراضي السورية ،فإن قادتهم سوف يكونون بحاجة الس�ت�ع��ادة ال�ق��ان��ون وال�ن�ظ��ام ه�ن��اك س��ري�ع��ا .وع�ل�ي��ه ،ف��إن ذل��ك س��وف يعني السماح ُ للمنظمات اإلنسانية الدولية بالعودة إلى املناطق التي تعد في الوقت الحالي خارج الحدود وحماية موظفيها أثناء تقديمهم للمساعدات .كما سوف يتطلب ذلك أيضا إنشاء نظام حكم وظيفي وعادل .ال ترغب األغلبية العظمى من السوريني على اإلطالق في التعامل مع أي من طغيان نظام األسد أو تعصب خصومه اإلسالميني .وكما هو الحال في كل حرب أهلية بني الطوائف ،فإنه من املحتمل أن يحتشد السكان مع أي جماعة من شأنها إعادة النظام .وعليه ،فإنه يتعني على الجيش الجديد االستعداد منذ البداية لتلبية احتياجات األف��راد في كل مدينة وقرية ينتصر بها ،مما سوف ُيميزه أيضا عن منافسيه. ُ وبمجرد انتصار الجيش الجديد في املعارك البرية ،فإن قادة املعارضة سوف يعلنون رسميا أنهم س��وف ُيمثلون الحكومة االنتقالية الجديدة .وم��ن ث��م ،س��وف تواصل الواليات املتحدة األميركية وحلفاؤها اعترافهم الدبلوماسي بالحركة ،مما يسمح
فورن أفيرز /تشرين األول -أكتوبر63 - 2014 -
يهدد ال�صراع الدائر يف �سوريا �أي�ضا بجر جريانها الآخرين، وخا�صة الأردن ولبنان وتركيا، التي حتتوي على ما يقرب من 3ماليني الجئ
صحافة عالمية
كيف يمكن تحويل املعارضة السورية إلى قوة قتالية حقيقية؟
جيش هلزمية األسد
الجئون سوريون يلوحون بالعلم السوري املعارض خالل مظاهرة في عمان ،األردن( رويترز)
بقلم :كينيث بوالك *
يواجه املعارضون لقيام الواليات املتحدة بدور نشط في إنهاء الصراع املستمر في سوريا ،والذي دام لثالثة أعوام ،توازنا مقابال تماما من قبل أولئك الذين يدعمون التدخل في البالد ،خاصة في أعقاب التجارب املؤملة من الحروب في أفغانستان والعراق .وترتبط السلبيات بحقيقة بسيطة وهي أن الواليات املتحدة ليست لديها مصالح في سوريا نفسها .سوريا ليست دولة منتجة للنفط وال هي شريك تجاري كبير للواليات املتحدة ،أو حتى دولة تقيم الديمقراطية. * زميل بارز في معهد بروكينغز ومؤلف كتاب «ما ال يمكن تصوره :إيران والقنبلة واالستراتيجية األميركية» فورن أفيرز /تشرين األول -أكتوبر 62 - 2014
التي تشمل أكبر عدد من املسلمني ،على أن أكثر من 50شخصا من مواطنيها يحاربون في الوقت الحالي بسوريا والعراق .وأشارت ماليزيا إلى أن عددا يتراوح بني 30إلى 40ماليزيا يقومون باألمر ذاته .وفي كلتا الحالتني ،فإن األعداد الفعلية قد تكون أعلى من ذلك ،في حالة ما إذا أخذنا في االعتبار هؤالء الذين من املحتمل أنهم سافروا إلى مناطق النزاع من دول أخرى. وبالفعل ،فقد أشارت الحكومة اإلندونيسية إلى أن العديد من مواطنيها قد لقوا مصرعهم خالل قتالهم في صفوف «داعش» بسوريا .وفي 26مايو (أيار) املاضي ،قام ماليزي بتنفيذ عملية انتحارية بتفجير نفسه في هجوم لصالح «داعش» بالعراق .كما لقي شخص ماليزي آخر مصرعه أثناء محاربته في صفوف «داعش» بسوريا ،وبعد عدة أشهر من وفاته ،احتفل قادة اإلسالمي املاليزي باستشهاده ،وهو الحزب ذاته الذي طرده في السابق عقب سفره إلى الحزب ُ سوريا .ومن املثير لالهتمام أنه جرى االدعاء بأن ثالث سيدات ماليزيات قد اتجهن إلى سوريا للمشاركة في جهاد النكاح ،لتعرضن أنفسهن على مقاتلي «داعش» وذلك «لتعزيز معنوياتهم». يعتمد وصول «داعش» إلى جنوب شرقي آسيا على عدة عوامل .أوال ،يشعر بعض املسلمني الجماعة املتطرفة .فهم يرون أوجه تشابه بني مهمة «داعش» امللتزمني بتوافق آيديولوجي مع ُ والنبوءات في النصوص اإلسالمية املقدسة حول إقامة دول��ة للخالفة «على منهاج النبوة» (خالفة نهاية الزمان) عقب سقوط الطغاة بشبه الجزيرة العربية؛ فهم أيضا ُي ُشبهون النزاع املروع الذي ُيذكر أنه محتوم بني قوات اإلمام املهدي ،وهو الشخصية اإلسالمية املخ ِل َصة الذي ُ ُ من املفترض أن يحارب تحت راية سوداء ،وتلك القوى التابعة للدجال أو املسيخ الدجال .تشير األدلة املتواترة إلى أن ذلك املنظور األلفي يزداد في إندونيسيا وماليزيا ،في ظل توسع رجال الدين املتطرفني مثل أمان عبد الرحمن ،على الرغم من سجنه ،في نشر تأثيرهم عبر اإلنترنت والساحات املتطرفة – بما في ذلك كتاب بعنوان «( »Strategi Dua Lenganاستراتيجية ذات سالحني) – من خالل االستخدام املتزايد للترجمة إلى اإلندونيسية. وهناك سبب آخر لجذب «داع��ش»؛ وهو نزعتها الطائفيةُ .يالحظ تحدي «داعش» في بعض األنحاء باعتباره امتدادا لالنقسام بني السنة والشيعة .وبعبارة أخرى ،فإن محاربة التنظيم ض��د النظام العلوي لبشار األس��د ُي�ع��د مشروعا ف��ي األوس ��اط السنية السلفية األصولية. وبالطريقة ذاتها ،فإن تشدد «داع��ش» بالعراق ُيعد بمثابة نتيجة للظلم الواقع على السنيني من قبل حكومة نوري املالكي الشيعية .وينبغي فهم ذلك الدعم في سياق مشكالت جنوب شرقي آسيا مع الطائفية؛ فاإلسالم الشيعي محظور داخل ماليزيا ،وغير مقبول على نطاق واسع في إندونيسيا. وفي النهاية ،فإن مسألة تجنيد «داعش» ألشخاص بجنوب شرقي آسيا ال ُيمكن فصلها عن السياق األكبر لألزمة اإلنسانية بسوريا .فالتعاطف العاملي مع الشعب السوري بني السكان املسلمني ذوي األعداد الهائلة في جنوب شرقي آسيا أدى من دون شك إلى دفع عدد كبير من البعثات اإلنسانية للتوجه نحو منطقة النزاع .وقد يبدأ العديد من أعضاء تلك البعثات رحلتهم هناك بنوايا نبيلة .ولكن بمجرد وصولهم إلى املنطقة التي ُيسيطر عليها «داعش» ،ليس من الصعب تخيل كيفية تعرضهم إلى ترسيخ عقيدة «داعش» وتجنيدهم لصالحه.
قياس خاطئ بطرق عديدة ،يبدو أن منطقة جنوب شرقي آسيا تشهد تكرارا لخبرتها مع أفغانستان في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين .تتمثل أكثر سمة مشتركة في جهود «داعش» لتجنيد أعضاء جدد ،يقوم بتنفيذها في األغلب ُمتعاطفون من جنوب شرقي آسيا بدال من قادة «داعش» ذاتهم بالشرق األوسط .وفي عام ،2012بدأت رغبة «داعش» في االزدياد بني جماعات املجتمع املدني اإلندونيسي واملاليزي التي احتشدت نتيجة لألزمة اإلنسانية بسوريا، وذل��ك من خ�لال نشر التوعية املحلية وجمع التبرعات .وخ�لال ع��ام واح��د ،أعلن العديد من ُ الدعاة اإلسالميني بإندونيسيا البيعة لخالفة «داعش» ،فيما ذكر أن ستة طالب من خريجي مدرسة«نغروكي اإلسالمية» الداخلية ،التي كانت في السابق مرتعا آليديولوجيا الجماعة اإلسالمية وتجنيدها ،غ��ادروا لالنضمام إل��ى الجهاد في سوريا (وغالبا ما ح��دث ذل��ك من خالل تمويل من جانب الجماعة اإلسالمية وجماعات إسالمية متطرفة تابعة) .كما يعمل تنظيم «داعش» بنشاط في عمليات تجنيد مقاتلني لصالحه في ماليزيا ُمن خالل جماعات الدراسات اإلسالمية املعروفة باسم «أسرة» .وفي املقابلُ ،يذكر أن هؤالء املجندين املاليزيني قد حاولوا تجنيد آخرين من سنغافورة .ومن غير املعروف حتى اآلن على وجه التحديد مدى نجاح تلك املساعي في التجنيد .ولكن من الواضح أن «داعش» قادر على الترويج لجهاده من خالل متعاطفني مع املجتمعات اإلسالمية املحلية باملنطقة وشبكاتها ،مثلما فعل متطرفون أفغان في العقود السابقة. ً ولكن هناك أيضا اختالفات واضحة بني الجهاد في الوقت الحالي والجهاد في السابق في أفغانستان ،ضد االتحاد السوفياتي .في حني لقي جهاد املجاهدين األفعان ً دعما ً كبيرا،
فقد أثبت «داعش» أنه مثير لالنقسام على نحو كبير في جنوب شرقي آسيا ،حتى بني الجماعات املتطرفة ،التي عارض بعضها تنظيم «داعش» وندد به على نحو قاس .وعلى سبيل املثال ،اتهمت الجماعة اإلسالمية «داعش» بأنه تنظيم تكفيري (حيث تصدر جماعة من املسلمني حكما ضد مسلمني آخرين بأنهم غير مسلمني) وطردت أعضاءه باعتبارهم ُخ��وارج (متطرفني) .كما قامت جماعات أخ��رى ،مثل «مجلس مجاهدي إندونيسيا» املحافظ ،بإثارة الشكوك حول املؤهالت الدينية لتنظيم «داعش» ،معلنة أنه تنظيم وليس خالفة ،وبالتالي ليس له أي حق شرعي في بيعة املسلمني .عالوة على ذلك ،ذكرت أيضا أن عملية اختيار أبو بكر البغدادي خليفة يعد بمثابة خرق للشريعة اإلسالمية ،حيث إن ذلك لم يجر أمام مجلس ديني ُيمثل املجتمع اإلسالمي بأكمله .وباعتباره خبيرا في قضايا اإلرهاب ،أشار سيدني جونز إلى أن وجود ذلك االختالف في اآلراء بشأن «داعش» ُيشير إلى حدوث انشقاق في صفوف املجتمع املتطرف اإلندونيسي بني هؤالء الداعمني لتنظيم «داع��ش» وآخرين ال يزالون يوالون تنظيم القاعدة و«جبهة النصرة» .وال يثير الدهشة أن يتمثل االختالف الكبير عن أيام الجهاد في أفغانستان في استخدام «داعش» لوسائل التواصل االجتماعي .يستخدم التنظيم مواقع «تويتر» و«فيسبوك» لنشر رسالته على نطاق واسع .كما تشير حقيقة أن السلطات في إندونيسيا كانت مترددة في إغالق مواقع متطرفة تحمل دعاية لتنظيم «داع��ش» على الرغم من أنها بالفعل تفرض حظرا على التعاليم الجهادية للجماعة (من املحتمل أن يكون ذلك نتيجة لقلق في غير محله ُ بشأن مصداقيتها الدينية في أعني املجتمع اإلسالمي املتطرف) ،لم تعزز سوى من قدر حضورها في املنطقة. دون التقليل من قيمة التهديدات التي يمثلها «داع��ش» لجنوب شرقي آسيا ،توجد بالفعل ح��دود على كفاءة تجنيده ألشخاص في املنطقة .وعلى الرغم من االستثمارات الضخمة التي أنفقتها الحكومات العربية في التعليم اإلسالمي بكافة أنحاء جنوب شرقي آسيا ع �ل��ى م � ��دار ال �ع �ق��ود ال �ث�ل�اث��ة األخ � �ي� ��رة ،ف��إن التواصل بني املجتمعات اإلسالمية باملنطقة ال ي��زال عبر اللغتني املاالوية واإلندونيسية، وليس بالعربية .وال تتمتع األغلبية العظمى من املسلمني باملنطقة بمعرفة كافية باللغة ال�ع��رب�ي��ة ك��ي ت�ت�م�ك��ن م��ن اس�ت�ي�ع��اب الحملة ال��دع��ائ �ي��ة ال �ت��ي ي�ش�ن�ه��ا «داع� � ��ش» م ��ن دون ترجمة ،أو حتى االندماج الكامل مع مقاتلي «داع��ش» بالعراق وسوريا .وفي أفغانستان خ�ل�ال ال�ث�م��ان�ي�ن��ات وال�ت�س�ع�ي�ن��ات م��ن ال�ق��رن العشرين ،كانت مشكلة إيجاد معسكرات تدريبية مخصصة لألشخاص بجنوب شرقي آسيا أقل منها اآلن إلى حد ما؛ على الرغم من ُأن املوقف قد يتغير ،إال أن الحال ال يبدو كذلك في سوريا أو العراق في الوقت الراهن ،حيث إن املجندين من جنوب شرقي آسيا يرسلون إلى الصفوف األولى مع اآلخرين .ثانيا ،يتمتع املسلمون في كل من إندونيسيا وماليزيا بظروف اجتماعية واقتصادية أفضل من تلك التي يتمتع بها إخوانهم بالشام (أو حتى في أوروبا؛ حيث إن هناك شعورا واضحا بالغربة والتهميش بني السكان املسلمني املهاجرين) .وعلى العموم ،فإن األشخاص بجنوب شرقي آسيا لديهم القليل من الدوافع للسفر إلى سوريا أو العراق .وفي النهاية ،على عكس ما حدث مباشرة في أعقاب النزاع األفغاني في التسعينات من القرن العشرين ،فقد افتقد تجنيد اإلرهابيني بجنوب شرقي آسيا في الوقت الحالي امليزة التكتيكية لعنصر املفاجأة .وفي ظل تحذير وكاالت األمن واالستخبارات باملنطقة من التهديدات املحتملة النابعة من العراق وسوريا – حيث يرجع الفضل في ذلك باختصار إلى الدروس التي ُ تعلموها من تسعينات القرن العشرين – فإن الظروف تعتبر أصعب بالنسبة لذلك النوع من التجنيد السري الذي جرى منذ عقدين ماضيني .وهناك عامالن آخران مفيدان في هذا الصدد. أوال :مهما كان حجم القصور في دولة إندونيسيا ،فإنها في الوقت الحالي ليست ضعيفة كما كانت في نهاية التسعينات من القرن العشرين ،عندما ازدهرت الجماعات املتطرفة عقب سقوط الرئيس السابق سوهارتو .ثانيا :القرار الواضح بشأن النزاع الذي طال أمده بالفلبني بني الحكومة وجبهة تحرير مورو اإلسالمية مهد الطريق للتعاون في مجال مكافحة اإلرهاب. ومع ذلك ،من املفهوم أن الحكومات باملنطقة تشعر بالقلق من أن يدفع «داعش» بجيل جديد من الجهاديني سواء كانوا قادة أو محاربني أو دعاة باملنطقة .وال تزال أفغانستان تلقي بظاللها البعيدة على النقاشات بجنوب شرقي آسيا؛ وذلك سبب وجيه .وباإلضافة إلى توجيه النصح لصناع السياسات في املنطقة بدراسة أوجه التشابه بني التحدي السابق والصراع الحالي يجب أيضا النظر في االختالفات ذات األهمية
فورن أفيرز /تشرين األول -أكتوبر 61 - 2014
امتدادا لالنق�سام بني ال�سنة وال�شيعة يعد البع�ض حماربة «داع�ش» �ضد النظام العلوي لب�شار م�شروعا يف الأو�ساط ال�سنية ال�سلفية الأ�صولية
صحافة عالمية
التطرف في الشرق األوسط ال ينتشر إلى الغرب فحسب
«داعش» تتحول نحو آسيا
رجل يصلي في مسجد خارج كواالملبور ( رويترز)
بقلم :جوزيف شينيونغ ليو*
في ظل سعي الواليات املتحدة األميركية خالل األسابيع األخيرة لجمع تحالف دولي ملحاربة تنظيم الدولة اإلسالمية في ً العراق والشام (داعش) ،واملعروف أيضا باسم الدولة اإلسالمية ،نظرت على األغلب إلى الشرق األوسط وأوروبا ،تلك املناطق التي تذكر أنها تواجه تهديدا مباشرا من الجماعة اإلسالمية املتشددة .ولكن هناك أجزاء أخرى في العالم تشعر بالقلق ُ حيال «داعش» ،وعلى رأسها جنوب شرقي آسيا .فحكومات تلك املنطقة لم تعلن عن مخاوفها على نحو واضح ،ولكنها ُ بالفعل تدرك أن تنظيم «داعش» ُيمثل خطرا حقيقيا؛ فالقلق الرئيس لديهم يتمثل في أن اآليديولوجيا املتطرفة للتنظيم سوف تتأكد قدرتها على جذب العديد من مسلمي املنطقة ،وتحريضهم على الذهاب للشرق األوسط للمحاربة باعتبارهم جزءا من التنظيم ،وفي النهاية سوف يعودون مرة أخرى إلى املنطقة عندما يعود هؤالء املتطرفون إلى بالدهم. * كبير زمالء وأستاذ كرسي «لي كوان يو» ،في معهد دراسات جنوب شرقي آسيا في بروكينغز
خالل الثمانينات من القرن العشرين ،انتقل العديد من الشباب املسلمني من جنوب شرقي فمن الطبيعي للغاية أن تشعر حكومات املنطقة بأن ما حدث من قبل سوف يحدث مجددا. آسيا إلى باكستان لدعم ما ُيسمى «املجاهدين األفعان» ضد االحتالل السوفياتي .وبالتالي، ظل العديد من هؤالء الشباب املجندين في املنطقة ،واختلطوا مع مسلمني ذوي أفكار مماثلة من أناقة راديكالية كافة األنحاء ،وتعرضوا إلى اآليديولوجيا املتطرفة لتنظيم القاعدة .وفي النهاية ،عاد كثير منهم نحو الشرق األوسط للمشاركة اتجهوا قد مواطنيها من العديد أن عن بالفعل سنغافورة كشفت إلى جنوب شرقي آسيا لتشكيل جماعات متطرفة خاصة بهم ،بما في ذلك تنظيم «الجماعة ُ اإلسالمية» املشهور املتصل بتنظيم القاعدة ،الذي كان مسؤوال عن شن العديد من الهجمات في القتال ضمن صفوف «داعش» ،واقترحت الحكومة الفلبينية أن املتعاطفني املحليني مع تنظيم اإلرهابية الكبيرة باملنطقة على م��دار الخمسة عشر عاما املاضية .وفي ظل وج��ود أدل��ة في «داعش» يحاولون تجنيد أشخاص من بني سكان بانجسامورو الواقعة في الجزر الجنوبية من الوقت الحالي على وجود أشخاص من جنوب شرقي آسيا بني صفوف املصابني لدى «داعش» ،البالد .ولكن القلق األكبر يأتي من إندونيسيا وماليزيا .وبالفعل ،فقد أكدت إندونيسيا ،الدولة فورن أفيرز /تشرين األول -أكتوبر 60 - 2014
الفنادق واملتنزهات والبنايات السكنية الستثمارها فقط بضعة أسابيع كل عام ..وماذا يفعل املستثمر بعد انتهاء الخريف وتراجع اإلقبال على زيارة املحافظة؟ نعم السائح األوروبي يأتي خالل أكتوبر (تشرين األول) إلى مارس (آذار) ولكن ليس بالعدد الذي يفوق طاقة االستيعاب الحالية. ولكن نحن بالفعل نريد أن نغير وجهات النظر هذه واستقطاب السياح على مدار العام؛ فلدينا الصحراء والرياضات البحرية والجبال واآلثار والطقس البديع طوال العام تقريبا وغير ذلك من مميزات كالسياحة الصحية .ونقوم كذلك من حني آلخر بعقد املؤتمرات التي تساعد في تعريف املشاركني بما تتميز به املحافظة.
> ولكن ملاذا ال تستغل املساحات الشاسعة بالجبال إلقامة مشروعات سياحية وفنادق ومتنزهات الستقبال املزيد من السياح من كافة أرجاء العالم؟
واالرتقاء بخدماته ليكون درسا لجهات أخرى ربما تسعى إلى الدخول ضمن منظومة التفوق والنجاح. أما ملاذا لم أتحدث عن اإلنجازات التي قمت بها ،فمن طبيعة العماني العمل في صمت وشخصيا ال أحب أن أتكلم عن اإلنجازات التي حققتها أو ما قام بها فريق عمل مكتبي؛ ألننا ال نقوم إال بواجبنا الوطني واإلنجازات واضحة وتتحدث عن نفسها وال يمكننا أبدا أن نمتدح أنفسنا واملهم هو توجيه اآلخرين ملواصلة عملهم بيسر وإتقان لصالح الوطن واملواطن .إذن هناك أساليب مختلفة يتبعها املسؤولون في عملهم ،ومن خالل مشاركتي في كثير من املواقع أثناء عملي كسفير للسلطنة في أكثر من دولة أو من خالل عملي كوكيل لوزارة الداخلية رأيت أنه من املفروض أن نركز على اإلعالم اإليجابي البناء لتوعية املواطنني أو الزائرين والعاملني بالسلطنة واستغالل تأثير اإلعالم على املواطن بتوجيهه لإليجابيات وبيان خطورة السلبيات والعادات أو التصرفات السيئة واستثمار الطاقات والعزائم التي يمتلكها املواطنون لصالحهم وسعادتهم وأمنهم وجمال الطبيعة والبيئة. وفي الواقع لم يدخر اإلعالم جهدا معنا وكانت لي لقاءات عدة مع إعالميني وأت��واص��ل معهم على ال��دوام وعندما أج��د شيئا يحتاج للتنبيه عليه أو االرتكاز إليه لصالح املواطن أتواصل معهم في الحال.
الجبل ل��ه خصوصية ف��ي استغالله ون�ح��ن ال ن��ري��د أن ن�ش��وه الجمالوالطبيعة الخالبة التي نتميز بها من أجل االستثمار السياحي كما هو حاصل في بعض الدول .ولو قمنا ببناء فنادق ومتنزهات وشاليهات وسط أو على الجبال فسوف ندمر الطبيعة ونلوثها؛ فاالهتمام بالبيئة عندنا شيء أساسي؛ ولذلك لن نقوم بأي مشروعات من شأنها تغيير جغرافيا وجمال تلك املناطق الطبيعية التي وهبها الله تعالى للسلطنة وخصها بها من نعم > .وفي صدارة املوقع أيضا كلمة للسلطان قابوس بن سعيد يتحدث > علمت أن املحافظة تعد ملشروع التلفريك في بعض املناطق الجبلية ف��ي ص�لال��ة اس�ت�ع��دادا ملهرجان ص�لال��ة املقبل .فهل ب��دأت��م بالفعل في إعداد املشروع؟
نحن نعمل بكل جدية على املشروع والذي سيعالج ويساعد في تيسيرالتنقل ببعض األماكن السياحية وأهم شيء نبحثه ونريد أن نطمئن عليه هو سالمة املواطن والسائح ،ال بد أن تكون الجهات األخرى املساعدة على أتم استعداد لهكذا مشروع ،كالدفاع املدني على سبيل املثال ،وأن تكون لدينا الجاهزية ملعالجة أي ح��دث ط��ارئ ال سمح ال�ل��ه .وتقدمت بالفعل بعض الشركات العاملية لتنفيذ املشروع وندرس اإلمكانات وننتخب أفضل األماكن التي يمكن أن يمر عليها التلفريك لتسهيل امل��واص�لات وإمتاع الناس باملناظر الخالبة من أعلى الجبال .وكما أكدت فإن أهم شيء عندنا هو سالمة الناس.
> من خالل تصفح املوقع اإللكتروني ملحافظة ظفار ،قرأت لك الكلمة الرئيسة باملوقع ،التي وضحت من خاللها م��دى الجهد ال��ذي ق��ام به اإلعالميون القائمون على املوقعَ .. لم خصت كلمتك هذا املجال فقط ول��م تتحدث مثال عن إنجازاتك أو إن�ج��ازات املحافظة كما هو معتاد من الوزراء في املواقع الحكومية ..هل لديك اهتمام خاص باإلعالم؟
ال بد أن أتابع كل الجهات التي تساعد في تنمية املحافظة ..إذا كنا نحتاجأن نزيد من جهد ومساهمة تلكم الجهات فنوجه لهم الشكر والتشجيع.. وأح�ي��ان��ا ن��وج��ه ال�ك�لام لقطاع بعينه لتشجيعه على م��واص�ل��ة نجاحاته
فيها عن االستراتيجية الوطنية لتنمية قدرات املواطنني وأهمية املعرفة والعلم والتكنولوجيا والحث على تفعيل الحكومة اإللكترونية .إذن ك�ي��ف تنظر إل��ى مستقبل سلطنة ع�م��ان بشكل ع��ام وم�ح��اف�ظ��ة ظفار تحديدا بصفتك وزير الدولة واملحافظ املسؤول؟
لقد خطونا خطوات جيدة والحمد لله بشأن تحديث كل الوزارات لتواكبالعصر الذي نعيشه وبات التعامل اإللكتروني متاحا للجميع والتواصل بالحكومة والوزارات مع املواطنني يسيرا بعد إنهاء كل اإلجراءات إلكترونيا وفي بعض ال��وزارات تكاد تكون كل األمور إلكترونية والتعامل باألوراق أصبح نادرا ..وتتجه الحكومة العام املقبل بحول الله تعالى لتعميم التعامل اإللكتروني في كافة الوزارات ،بتوجيه شديد من السلطان قابوس بن سعيد لتسهيل اإلج ��راءات الحكومية للمواطنني كي يتواصلوا مع كل الجهات وتسهيل متطلباتهم وتحقيق حاجاتهم من أي بقعة في البالد .وكان في السابق يتجه املواطنون من كافة أرجاء البالد للعاصمة مسقط من أجل إنهاء بعض اإلج��راءات ،واآلن يستطيع أي مواطن في كافة أرج��اء البالد ال�ح�ص��ول على ال�خ��دم��ة ال�ت��ي ي��ري��ده��ا م��ن موقعه وأص�ب�ح��ت على سبيل املثال وزارة الداخلية مرتبطة بكل السلطنة وبإمكان املواطن التواصل مع الوزارة وإنهاء إجراءاته في بضع دقائق وكذلك الوزارات األخرى كالتجارة والسياحة ..ولكن نحن هنا في محافظة ظفار متأخرون قليال في هذا املجال وهذا الوضع بالطبع ال يرضيني أبدا .ونعمل جميعا في املحافظة على معالجة أي قصور بكل جدية <
وزير الدولة ومحافظ ظفار محمد البوسعيدي
الجبل له خصوصية في استغالله ونحن ال نريد أن نشوه الجمال والطبيعة الخالبة التي نتميز بها من أجل االستثمار السياحي كما هو حاصل في بعض الدول
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
59
حوار
أكد على توجه السلطان قابوس بن سعيد لتعم الحكومة اإللكترونية الوزارات كافة
وزير الدولة ومحافظ ظفار محمد البوسعيدي لـ
مهرجان صاللة يعكس الوجه ُ السياحي والرتاثي لسلطنة عمان صاللة (سلطنة ُعمان) : مصطفى الدسوقي
طبيعة العماني العمل في صمت وشخصيا ال أحب أن أتكلم عن اإلنجازات التي حققتها أو ما قام بها فريق عمل مكتبي
:
ف��ي اح�ت�ف��ال�ي��ة مبهجة بليلة م��ن ل�ي��ال��ي «ح��ب ع �م��ان» ،اختتم مهرجان خريف صاللة السياحي فعالياته ،مساء الخميس، 4سبتمبر (أيلول) املاضي في مركز البلدية الترفيهي .شهد املهرجان الذي دشنت فعالياته ثاني أيام عيد الفطر املبارك 29 - يوليو (تموز) املاضي -أجواء فرح في حفل اختتامه بحضور نحو 6آالف من املواطنني والسائحني العرب واألجانب ،ونخبة من الضيوف واملسؤولني تقدمهم وزي��ر الدولة محافظ ظفار املشرف العام على املهرجان محمد بن سلطان البوسعيدي الذي قام بمشاركة رئيس بلدية ظفار الشيخ سالم بن عوفيت الشنفرى رئيس اللجنة املنظمة للمهرجان في تقديم الجوائز للفائزين بمسابقة الواليات والتي حظيت بمشاركة واسعة من محافظات سلطنة عمان املختلفة ،وذل��ك بعد انتهاء اللوحات الفنية لألوبريت الشعبي «حب عمان» الذي شارك فيه عدد من الشعراء العمانيني وفرق الفنون الشعبية .وتألف األوبريت من عدة فقرات شعبية غنائية استعراضية بمشاركة 400فنان وتناسق وفنانة من خالل 12لوحة تراثية باهرة جسدها ببراعة > ش��اه��دت بنفسي م��دى اإلع�ج��اب وال �س��رور ال��ذي ارت�س��م على محيا املشاركون من مختلف األعمار والثقافات من الجنسني.وفي السياح العرب واألجانب وهم يحتفلون بمهرجان صاللة هذا العام. والية صاللة التقت «املجلة» املشرف العام على املهرجان وزير ومع ذلك يالحظ أن الدعاية اإلعالمية للمهرجان في الخارج ال سيما الدولة ومحافظ ظفار محمد بن سلطان البوسعيدي ،في مكتبه ،في أوروبا محدودة للغاية .ما سبب ذلك؟ وحاورته حول فعاليات مهرجان صاللة ،وما حققه هذا العام -عملية أن تستوعب صاللة في وقت واحد أكثر من 450ألف زائر باألسبوع من نتائج واالستعدادات الجارية لتطويره في السنوات املقبلة .األول فقط من املهرجان كل عام عملية مرهقة جدا وليست سهلة ،فنحن
خ��اص ،وال يدخر القائمون عليه أي جهد ف��ي سبيل إقامته وإنجاحه. فاألهمية التي يكتسبها مهرجان صاللة للسلطنة وأب�ن��اء دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام بوصفه حدثا سنويا يعكس الوجه السياحي والتراثي والثقافي ال��ذي تتسم به سلطنة عمان من خالل الواليات الـ10 بمحافظة ظفار وما تمتلكه من مقومات ومزايا وفرص سياحية وحضارية وإمكانات استثمارية من املمكن تسويقها داخليا وخارجيا بما يسهم في تنشيط العمل السياحي والتجاري واالقتصادي ويمهد لفتح أبواب لجذب مزيد من السياح والزوار. املهرجان يتحسن كل عام في األداء .اإلقبال الجماهيري كان كبيرا هذا العام ،وقمنا بتوفير العديد من الخدمات الجديدة التي كانت تنقص املهرجان في السنوات السابقة .وقد تمكنا بحمد الله من إنشاء عدة مجمعات سكنية وتجارية .ونأمل في تطوير الطرق البرية من العاصمة مسقط للوصول إلى صاللة وما حولها .ونتمنى في السنوات املقبلة إدخال بعض الفعاليات واملناشط األخرى .ونعمل على جذب السياح لزيارة الواليات الـ 10ملحافظة ظفار ليس في صاللة فحسب ،وأدخلنا بالفعل واليتي طاقة ومرباط، ضمن فعاليات املهرجان ونأمل في األعوام القليلة املقبلة أن تعم فعاليات وأنشطة املهرجان املتنوعة ك��ل املحافظة حتى يستمتع ال��زائ��ر بالتنوع الثقافي والحضاري لجميع الواليات.
بداية سألت «املجلة» محافظ ظفار ،سفير سلطنة عمان األسبق، ال��ذي شغل منصب وكيل وزارة الداخلية ل �ـ 13سنة قبل توليه منصبه الحالي ،عن تقييمه ملهرجان خريف صاللة لهذا العام،
مطالبون بتوفير ك��اف��ة ال�خ��دم��ات لكل السياح م��ن سكن وغ��ذاء ورع��اي��ة كاملة للمحافظة على سالمتهم وأمنهم ومتابعة ك��ل احتياجاتهم أوال بأول .نحن بكل صراحة ووضوح ال نسعى الستقطاب أعداد من السياح تفوق اإلمكانات املتاحة حاليا ،ولكن نعمل على زيادة الخدمات وتوفيرها الستيعاب أعداد أكبر بشكل تدريجي .وفي صاللة نعاني أيضا من األزمة امل��روري��ة فليس لدينا وسائل نقل ع��ام كما هو الحال في غالبية ال��دول، واملواصالت الداخلية تعتمد على سيارات األج��رة (التاكسي) فقط .إذن نحن نتعامل مع الواقع بحرص ونفهم جيدا إمكاناتنا؛ فإذا توافد علينا املاليني في وقت الخريف فكيف نلبي احتياجاتهم بما نملكه اآلن من طاقة استيعاب واستعدادات .كما أن صاللة مساحتها محدودة.
فأجاب: نحن نقيم املهرجان سنويا بمجرد انتهاء فعالياته من خالل استطالعاتالرأي ويشمل العاملني في الحقل السياحي واملسؤولني واإلعالميني والزوار على اختالف أعمارهم وجنسياتهم وثقافاتهم .ولكن الشواهد امللموسة حتى اآلن تؤكد دون أدن��ى شك نجاح املهرجان ال��ذي استقطب أكثر من مليوني زائر من أنحاء السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي والسياح > هل هناك نية لزيادة طاقة االستيعاب في املستقبل القريب واالنفتاح األجانب هذا العام. على أسواق جديدة وتشجيع االستثمار في واليات محافظة ظفار؟ > ما أهمية إقامة املهرجان سنويا من وجهة نظرك؟ ال�خ��ري��ف ف�ت��رة م �ح��دودة م��ن منتصف يونيو إل��ى منتصف سبتمبر، -يعد املهرجان راف��دا سياحيا مهما للسلطنة ومحافظة ظفار بشكل واملستثمر غير مستعد إلق��ام��ة مشروعات سياحية استثمارية كبناء
58
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
الذي يجري تمويله من وزارة الخارجية األميركية في اآلتي: .1تمويل جمعية البحرين لحقوق اإلنسان بمبلغ 39ألف دوالر عام 2010لبناء القدرات التقنية ،وبناء شبكة إقليمية في الخليج لرصد مرافق الحبس باعتبارها وسيلة ملنع التعذيب ،وإقامة ورشة عمل تدريبية ملدة ثالثة أيام في البحرين لناشطي حقوق اإلنسان لرصد األوضاع الحقوقية في دول الخليج. .2تمويل جمعية البحرين لحقوق اإلنسان بمبلغ 35ألف دوالر ع��ام 2006ل��دع��م إن �ش��اء شبكة م��ن امل�ن�ظ�م��ات غ�ي��ر الحكومية البحرينية لتوفير امل ��وارد وب�ن��اء ال �ق��درات ،وال�ت��دري��ب ،وتنسيق األنشطة الرامية إلى تعزيز دور مؤسسات املجتمع املدني في البحرين .وإقامة ست حلقات تدريبية لناشطي حقوق اإلنسان في البحرين بهدف تعليم الديمقراطية ،والتوعية العامة ،وتعزيز دور مؤسسات املجتمع املدني في الديمقراطيات. .3تمويل املعهد ال��وط�ن��ي الديمقراطي ل�ل�ش��ؤون ال��دول�ي��ة بمبلغ 89.780ألف دوالر عام 2006لتشجيع الشباب البحريني على املشاركة في العمليات االنتخابية ،وإقامة شراكة مع جمعية ملتقى الشباب البحرينية لتنفيذ ورش��ة عمل للتربية املدنية للقيادات الشابة في العملية االنتخابية ،وتعزيز مهاراتهم التنظيمية .ودعم تنظيم منتدى للحوار السياسي بني الشباب في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا. .4تمويل االتحاد النسائي البحريني بمبلغ 33ألف دوالر عام 2007لتعزيز ق��درة املنظمات النسائية غير الحكومية لتنفيذ مجموعة من البرامج واألنشطة لدعم حقوق املرأة .ومن أبرزها ب��رن��ام��ج ت��دري��ب امل��درب�ي�ن لنحو 45م�ت��درب��ة يمثلن الجمعيات األعضاء في االتحاد ،بحيث يجري تعزيز قدراتها في التوعية بحقوق املرأة ،وتنفيذ حمالت املطالبة باإلصالح التشريعي. .5تمويل مركز البحرين لحقوق اإلنسان عام 2008بمبلغ 43ألف دوالر لتطوير املهارات التقنية للناشطني في مجال حقوق اإلنسان واملجتمع املدني على رص��د وتوثيق انتهاكات الحقوق املدنية، وتنفيذ برنامج شامل لبناء القدرات بشكل عملي من خالل تطوير وعرض أفالم وثائقية حول انتهاكات حقوق اإلنسان واملجتمع املدني في البحرين. .6تمويل جمعية البحرين لحقوق اإلنسان بمبلغ 36ألف دوالر عام 2008لتعبئة املجتمع البحريني بهدف دعم حقوق اإلنسان والحقوق املدنية واإلص�لاح السياسي واملشاركة الديمقراطية، تشمل ث�لاث ورش تدريبية وث�لاث ن��دوات ح��ول أس��س املبادئ الديمقراطية والحقوق املدنية تستهدف مجموعة من 60عضوا من املجتمع املدني ،وممثلي الحكومة وأعضاء البرملان ومؤسسات املجتمع املدني. .7تمويل جمعية البحرين النسائية للتنمية البشرية بمبلغ 20.4أل��ف دوالر ع��ام 2008لتوعية امل��رأة البحرينية بحقوقها وتعزيز ق��درات�ه��ا املؤسسية الخاصة بها .وإق��ام��ة ورش��ة عمل إلعداد مدربات من القيادات النسائية للتخصص في التخطيط االستراتيجي ،وتقنيات التدريب ّ الفعال واالتصاالت األساسية. ويستهدف البرنامج 200امرأة من مختلف محافظات البحرين الخمس .8 .تمويل معهد شؤون الخليج (مقره واشنطن) بمبلغ 62.3ألف دوالر لتدريب 12ناشطا في مجال حقوق اإلنسان من البحرين والسعودية على كيفية الدفاع عن نشطاء حقوق اإلنسان وفقا للمنظومة الحقوقية الدولية .ويقام البرنامج بالتعاون مع معهد جنيف لحقوق اإلنسان ،وتضمن التدريب إع��داد تقارير حول انتهاكات حقوق اإلنسان ،وكيفية إقامة شراكات مع الجهات الفاعلة لحقوق اإلنسان في جنيف. املنظمة الدولية الثانية هي ( ،)IFEXحيث تأسست الشبكة الدولية لتبادل املعلومات املتعلقة بحرية التعبير عام 1992بكندا بهدف تكوين شبكة عاملية لتبادل املعلومات املتعلقة بحقوق اإلنسان
لضمان زيادتها وقدرتها في التأثير ،وتضم 90منظمة حول العالم. يقوم دور هذه املنظمة على نشر املعلومات لرفع الوعي ،وإصدار بيانات يومية على نطاق واس��ع م��ن أج��ل املطالبة ب��اإلف��راج عن الصحافيني والكتاب واملناصرين لحرية التعبير .وبناء القدرات اإلقليمية ،تقوم الشبكة بتقديم االستشارات وتطوير القدرات وال�ت��دري��ب للمنظمات األع�ض��اء ف��ي الشبكة لضمان فاعليتها. باإلضافة إلى تسهيل الحمالت وحشد الدعم ،حيث تقوم الشبكة بتنفيذ سلسلة من الحمالت لحشد الدعم لدعم أنصار حقوق اإلنسان ودعاة الحرية في العالم وكشف انتهاكات حقوق اإلنسان في الدول عبر التشهير بها. من خالل هذه املنظمة يجري حشد دعم وتأييد املنظمات الحقوقية الدولية لقضايا حقوق اإلنسان بشكل افتراضي ودون تحقق، وهو ما يتيح املجال أم��ام التالعب في القضايا الحقوقية نظرا لغياب القيود واملساءلة .ويعد مركز البحرين لحقوق اإلنسان، ال��ذي ألغي حسب القانون ،املنظمة البحرينية الوحيدة في هذه الشبكة ،ويجري من خالل الشبكة نفسها حشد الدعم لقضايا حقوق اإلنسان في البحرين ،وهو ما يتمثل في بيانات اإلدانة الحقوقية التي تظهر بني وقت وآخر. دول مجلس التعاون الخليجي أعلنت مؤخرا عن إنهاء ارتباطاتها مع كثير من املنظمات الحقوقية الدولية ،وكذلك مؤسسات املجتمع املدني الدولية بعد أن اكتشفت أدوار هذه املنظمات وتدخالتها في الشؤون الداخلية ،كما كان واضحا في الحالة البحرينية التي قادت إلى حركة سياسية -عنيفة الحقا. ومن الواضح أن السنوات األخيرة التي تلت أحداث الثورات العربية دفعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى التعامل بشكل مغاير مع املنظمات الحقوقية الدولية ،حيث صار التعامل جماعيا بخالف الطريقة الفردية التقليدية التي اعتادت عليها دول املجلس .أما بالنسبة للمنظمات نفسها ،ف��إن أس�ل��وب تعاطيها م��ع أوض��اع ّ يتغير حتى اآلن ،باعتبارها امتدادا مجتمعات دول الخليج لم لسياسات خارجية غربية وأداة من أدواتها ،وما زالت مستمرة في أنشطتها من تدريب وتمويل وإدارة <
علي سلمان األمني العام لجمعية الوفاق البحرينية
دول مجلس التعاون الخليجي أعلنت مؤخرا عن إنهاء ارتباطاتها مع كثير من املنظمات الحقوقية الدولي
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
57
قضايا
إسقاط النظام السياسي الحاكم ،ودفعه لتقديم تنازالت كبيرة لألطراف التي قامت بعملية الضغط. يمكن تطبيق هذه املعادلة على كافة البلدان العربية التي شهدت حركات مقاومة ضد أنظمتها السياسية ،وستكون النتيجة واحدة.
البحرين ..دراسة حالة
مسؤولة باالمن خالل مؤتمر اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد الذي عقد في 9 نوفمبر 2009بالدوحة (غيتي)
56
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
األزمة التي شهدتها مملكة البحرين خالل فبراير – مارس (آذار) 2011تصنف ضمن حركات املقاومة املدنية التي اتبعت أسلوب حرب الالعنف ،وحظيت بدعم من املنظمات الحقوقية الدولية، وكذلك بعض الحكومات األجنبية .وه��ي تعد في الوقت نفسه امتدادا ملسارات الصراع الداخلي في البالد منذ عقود طويلة ،وال يمكن فهمها بمعزل عن هذه الحقيقة. هناك مجموعة من املنظمات الدولية التي ساهمت في صناعة أح��داث الشرق األوس��ط ،وكذلك ما شهدته البحرين من صراع عنيف خالل الفترة املاضية .وهذه املنظمات قد تكون في هيئة صناديق تمويل دولية ،أو منظمات حقوقية دولية ،أو حتى مراكز أبحاث ،أو مراكز تدريب متخصصة. أعداد املنظمات الحقوقية الدولية كبير ،ولكننا سنستعرض هنا ت�ج��ارب منظمتني دوليتني الرتباطهما املباشر م��ع م��ا شهدته البحرين من أح��داث عنيفة عام ،2011ألن هذه التجربة كانت ن�ت��اج��ا للعالقة ال�ط��وي�ل��ة ب�ين منظمة دول �ي��ة أم�ي��رك�ي��ة م��ن جهة، ومؤسسات املجتمع املدني واملنظمات الحقوقية البحرينية من جهة أخرى. نتحدث أوال عن الصندوق الوطني الديمقراطي ( )NEDالذي تأسس باقتراح م��ن الرئيس األميركي األس�ب��ق رون��ال��د ريغان عام 1982من أجل تعزيز البنية التحتية للديمقراطية ،وتشمل حرية الصحافة ،وحرية العمل النقابي ،ودعم األحزاب السياسية والجامعات .وتحولت املؤسسة بشكل تدريجي إلى منظمة خاصة غير ربحية يجري تمويلها من الحكومة األميركية والتبرعات وتخضع لرقابة الكونغرس. ويعمل الصندوق على تمويل املؤسسات األميركية املتخصصة في نشر الديمقراطية في العالم ،بحيث يجري من خ�لال هذه امل��ؤس�س��ات امل�م��ول��ة م��ن قبل ال�ص�ن��دوق دع��م ال�ق��وى السياسية الداعمة للديمقراطية وحقوق اإلنسان والتغيير السياسي .وتحول الصندوق إلى أداة لتمويل املؤسسات التابعة للحزبني الرئيسني في الواليات املتحدة (الحزب الجمهوري ،والحزب الديمقراطي) الداعمة للتغيير السياسي والتحول الديمقراطي. استطاع ال�ص�ن��دوق تقديم أك�ث��ر م��ن أل��ف منحة ل��دع��م مشاريع املنظمات غير الحكومية في العالم التي تعمل من أجل الديمقراطية في أكثر من 90بلدا .ووصل التمويل الذي قدمه الصندوق للتغيير في البحرين إلى مئات اآلالف من الدوالرات خالل فترة وجيزة. عمل الصندوق الوطني الديمقراطي تمويل كل من املعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية (فتح له فرعا في املنامة أغلق الحقا)، واملعهد الجمهوري الدولي (فتح له فرعا في أبوظبي أغلق الحقا)، ومؤسسة ألبرت آينشتاين .ومن خالل هذه املؤسسات جرى تدريب العديد من مؤسسات املجتمع املدني وكوادرها في الشرق األوسط. تجري عملية التنسيق بني هذا الصندوق ومؤسسات املجتمع املدني البحرينية من خالل املنظمة األميركية للديمقراطية وحقوق اإلنسان بالواليات املتحدة ،ويدير هذه املنظمة «حقوقي بحريني»، وي�ع�م��ل ب��اس �ت �م��رار ع�ل��ى إط�ل�اق أع �ض��اء ال �ك��ون �غ��رس واإلدارة األميركية على أوض��اع حقوق اإلن�س��ان ف��ي البحرين .ويمكن رصد أبرز األنشطة التي قام بها الصندوق الوطني الديمقراطي
وجود مجموعة من القوى السياسية التي تقوم بأدوار معينة وفي النهاية يوجد طرف يتأثر بشكل مباشر باألفعال التي قامت بها كل هذه األطراف وذلك بشكل قد يكون مقصودا أو غير مقصود. وهذا الطرح يعني أن هناك مجموعة من القوى السياسية املؤثرة في النظام الدولي قامت بأنشطة معينة ،وفي النهاية من الطبيعي أن تتأثر دول مجلس التعاون بهذه األنشطة وفقا لنظرية «تأثير ال �ف��راش��ة» .أي�ض��ا مثل ه��ذه ال��رؤي��ة ال تعني ب��ال�ض��رورة أن هناك تخطيطا واضح النسق لدى جهة مركزية ،سواء كانت مؤسسات أو حكومات أو جماعات ،إلح��داث الفوضى التي شهدتها منطقة الشرق األوسط وتأثرت بها منطقة الخليج العربي بشكل كبير.
بني التخطيط والعشوائية قد يكون السؤال األكثر حيرة في أحداث وتداعيات الثورات العربية؛ هو :هل هذه األحداث مخطط لها أم أنها أحداث عشوائية؟ وما دور املنظمات الحقوقية الدولية؟ ال يمكن تقديم إجابة حاسمة ونهائية ح��ول ه��ذا ال�س��ؤال ،ولكن يمكن تقديم رؤية تحليلية ملا حدث من أحداث خالل الفترة املاضية. وحتى نفهم طبيعة ما حدث فإننا هنا أمام ثالثة أنواع من املصالح، وهي :مصالح القوى الداخلية ،وتشمل مصالح األحزاب والجمعيات السياسية ،ومصالح مؤسسات املجتمع املدني والقيادات السياسية، وكذلك مصالح الفئات االجتماعية املختلفة .أما النوع الثاني فإنه مصالح القوى اإلقليمية وتشمل مصالح ال��دول ال�ب��ارزة إقليميا واملنظمات اإلقليمية وكذلك الشخصيات اإلقليمية املؤثرة .والنوع الثالث من املصالح هو مصالح القوى الدولية التي تشمل مصالح الدول األبرز في النظام الدولي ،وكذلك مصالح املنظمات الحقوقية الدولية ،ومصالح الشخصيات الدولية املؤثرة. لنفترض أن كل ن��وع من ه��ذه املصالح يمثل دائ��رة ،وبالتالي فإن
ما حدث خالل الربيع العربي يعد تداخال بني هذه الدوائر الثالث لتتحول إلى دائرة صغيرة تتداخل فيها مصالح القوى الداخلية، ومصالح القوى اإلقليمية وأيضا مصالح القوى الدولية. عندما تداخلت األنواع الثالثة من املصالح في البلدان العربية اندلعت فورا حالة مرتفعة من حاالت الصراع السياسي بني األطراف الثالثة التي تداخلت مصالحها ،وهو ما يدفع أطراف الصراع للدخول فيه من خالل آليات ثالث ،وهي :الديمقراطية وحقوق اإلنسان ،واإلعالم. وهي املداخل الثالثة التي اتبعتها املنظمات الحقوقية الدولية في مواجهتها األخيرة مع مجتمعات الخليج العربية.
معادلة الضغط ونقل القوة السياسية ّ تدخل املنظمات الحقوقية الدولية في شؤون الدول العربية ودول مجلس ال�ت�ع��اون الخليجي ق��ام على معادلة الضغط ونقل القوة السياسية ،وهي معادلة تستهدف الدولة املطلوب تغيير أنظمتها بشكل أساسي ،وهذه املعادلة تسمى ( ،)Grassrootsحيث يواجه النظام السياسي املستهدف ضغطا م��زدوج��ا في الوقت نفسه، الضغط األول من األعلى إلى األسفل ،ويتمثل في ضغط وسائل اإلع�ل�ام ال��دول�ي��ة ،وضغط املنظمات الحقوقية ال��دول�ي��ة ،باإلضافة إلى ضغط الحكومات األجنبية .أما النوع الثاني من الضغط فهو الضغط املتجه من األسفل إلى األعلى ويتمثل في ضغط مؤسسات املجتمع املدني املحلية ،وضغط الجماهير الشابة ،وكذلك املساعدات ال�خ��ارج�ي��ة ،وض�غ��ط التنظيمات الحقوقية وال�س�ي��اس�ي��ة املحلية. وال�لاف��ت ف��ي ه��ذا ال�ن��وع م��ن الضغط أن��ه يقوم بشكل رئيس على تأثير وقدرة الجماهير على التحكم بالقوة السياسية. وهذه املعادلة تؤدي في النهاية إلى ّ تعرض النظام السياسي لحالة من الصدمة والفوضى من شأنها أن تساهم في زعزعة استقراره وبقائه .وإذا استمرت هذه املعادلة لفترة زمنية معينة فإن نتاجها
فنان يمني يكتب على الجدران في صنعاء شعارات ضد االرهاب والفقر و الطائفية وتجنيد األطفال
املواجهة بني املنظمات الحقوقية الدولية ومجتمعات الخليج استمرت منذ بداية الثمانينات حتى منتصف العقد األول من األلفية الجديدة
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
55
قضايا
تاريخ املنظمات الحقوقية الدولية طويل وحافل بالتطورات ،ولكن عالقة هذا التاريخ بمنطقة الشرق األوسط مختلفة تماما عن أدوار هذه املنظمات في مجتمعاتها .فاملنظمات الحقوقية ظهرت أساسا من حركات التغيير املدنية التي شهدتها املجتمعات الغربية من أجل املطالبة بالحقوق والحريات ،وبعد موجات من التحول الديمقراطي والتحرر املدني بدأت بعد نهاية الحرب العاملية الثانية واستمرت حتى سبعينات القرن العشرين، انتهى الدور الفعلي للمنظمات الحقوقية ليجري استغاللها من قبل األحزاب السياسية املختلفة ،وكذلك جماعات الضغط الفاعلة في تلك املجتمعات.
املنظمات الحقوقية في الخليج العربي ..عالقات خارجية وأهداف مشبوهة
أدوات لتعكري السلم الوطين البحرين: يوسف البنخليل
ّ تدخل املنظمات الحقوقية الدولية في شؤون الدول العربية قام على معادلة الضغط ونقل القوة السياسية
توم مالينوسكي
54
ه��ذه املنظمات ّ تحول دوره��ا كليا لتصبح أداة من أدوات السياسة الخارجية الغربية ،وب��ات��ت م��ن أدوات الضغط على الحكومات ح��ول ال�ع��ال��م .ول��ذل��ك ص��ار ل��دى الحزبني األميركيني األساسيني (الديمقراطي والجمهوري) مجموعة من املنظمات السياسية والحقوقية التابعة لهما ،ويمكن من خاللها إحداث التأثير باسم الديمقراطية وحقوق اإلنسان. ول�ه��ذه الحقائق ارت�ب��اط��ات وت��أث�ي��رات كبيرة ف��ي أدوار املنظمات الحقوقية الدولية على منطقة الشرق األوسط ،فالتحول الذي طرأ على أدواره��ا في بلدانها األساسية هو ال��ذي ساهم في تشكيل أدوارها الجديدة الحقا تجاه املنطقة.
إشكالية السياسي والحقوقي رغ ��م أن ت��اري��خ ال �ح��رك��ات ال�س�ي��اس�ي��ة ف��ي دول م�ج�ل��س ال�ت�ع��اون الخليجي يرتبط بالتعليم منذ بواكير القرن العشرين ،فإن النشاط الحقوقي فيها ارتبط بالحقوق العمالية في األساس بدءا من تلك االحتجاجات التي كانت تجري بشكل عفوي خالل حقبة الغوص، إلى االحتجاجات التي كانت تجري من قبل العاملني في آبار النفط في حقبة ما بعد الغوص. هذه الظروف لم تتح للحركات السياسية مجاال للنضوج ،فكانت معظم الحركات ذات آيديولوجيات خارجية سواء كانت دينية أم يسارية ،وه��ذا االرت�ب��اط اآليديولوجي ك� ّ�ون لديها شبكة مصالح طويلة املدى .وبالتالي لم تكن الحركات نفسها قادرة على تجاوز فكرة االرتباط بالخارج نهائيا ،وباتت أيضا غير قادرة على الفصل بني نشاطها الحقوقي ونشاطها السياسي ،ولذلك غالبا ما تتهم الحركات السياسية في املنطقة بأنها ّ تسيس العمل الحقوقي. ب�ع��د اس�ت�ق�لال دول مجلس ال �ت �ع��اون ال�خ�ل�ي�ج��ي ،ب ��دأت املنظمات الحقوقية الدولية في زيارات متتالية للمنطقة ،وهنا بدأت بتشكيل تحالفاتها املستقبلية ،حيث التقت بالعديد من الساسة والناشطني سواء الذين كانوا موجودين في دول الخليج أو الذين كانوا مقيمني خارجها. بعد ه��ذه املرحلة ،ونتيجة ل�لإج��راءات التي اتخذتها دول الخليج ملواجهة التطورات اإلقليمية في السبعينات والثمانينات -خاصة م��ع ان ��دالع ال �ث��ورة الخمينية ف��ي ط �ه��ران خ�ل�ال ف�ب��راي��ر (ش�ب��اط) - 1979بدأت أولى مراحل املواجهة بني املنظمات الحقوقية الدولية
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
ومجتمعات الخليج .حيث انشغلت هذه املنظمات بإصدار التقارير الدورية التي تنتقد فيها أوض��اع حقوق اإلنسان في دول الخليج العربية ،وباتت تسعى لتشكيل تحالفات دولية من أجل الضغط على حكومات هذه الدول لاللتزام باالتفاقيات واملعاهدات الحقوقية الدولية. املواجهة بني املنظمات الحقوقية الدولية ومجتمعات الخليج استمرت منذ بداية الثمانينات حتى منتصف العقد األول من األلفية الجديدة. وسبب ذلك أن املواجهة األولى انتهت وبدأت مواجهة أخرى من نوع مختلف تجري عبر التدخالت األجنبية ،بحيث تظهر مطالبات ح��رك��ات حقوقية خليجية بدعم م��ن املنظمات الحقوقية الدولية لتحقيق مكاسب أو مطالب معينة. قد تمثل الحالة البحرينية املثال األبرز لهذا النوع من التدخل ،حيث بدأت املنظمات الحقوقية في املنامة باملطالبة بتدخل املنظمات من أجل إقرار حق تقرير املصير ،أو إجراء استفتاء حول نظام الحكم برعاية أممية .وص��ارت املنظمات الحقوقية الدولية تدعم مطالب نظيرتها البحرينية من أج��ل تحقيق أجندة السياسة الخارجية لبلدانها. السبب الرئيس للمواجهة الثانية بني املنظمات الحقوقية الدولية ومجتمعات الخليج ،هو التوجه الخليجي الذي جرى بعد عام 2001 نحو االنفتاح وإج��راء إصالحات شاملة في األنظمة السياسية، وهو ما تطلب تطبيعا في العالقات مع املنظمات الخارجية من أجل تخفيف ضغوطاتها أو االستفادة من خبراتها في مجاالت مختلفة تدعم التوجهات اإلصالحية.
صدمة الثورات العربية الثورات الشعبية التي شهدتها بعض الدول العربية منذ ديسمبر (ك��ان��ون األول) 2010تحت ما يسمى «الربيع العربي» ساهمت ف��ي اإلس ��راع باملواجهة األخ �ي��رة ب�ين املنظمات الحقوقية الدولية ومجتمعات الخليج ،حيث أدرك ��ت النخب الخليجية ال ��دور ال��ذي تقوم به هذه املنظمات في منظومة التغيير الدولية ،فهذه املنظومة عبارة عن شبكة معقدة ومتداخلة األطراف تتشابك فيها املصالح والسياسات والنفوذ السياسي .وهذه املنظومة تعمل وفقا لنظرية الشبكة امل�ف�ق��ودة ( ،)Loss Networkوبعيدا ع��ن تفاصيل هذه النظرية وقواعدها وأط��ره��ا املتنوعة ،ف��إن الفكرة هنا تتمثل في
وأضاف« :عندما تتزنق الحكومة بتقول أي حاجة ،وتستخدم الجمعيات كبش فداء ،كما استخدمتهم طوال 50عاما مضت ،ومفيش حد يقدر يثبت حاجة بالدليل ،وإن امتلك فالقضاء املصري موجود يفصل في هذه االتهامات». وقال« :إن مصر بها 140ألف جمعية أهلية ،من بينها مركز ابن خلدون ،وهو أقدم منظمة مجتمع مدني في مصر ،ونعمل بها منذ 40سنة ،وتعرضنا الت�ه��ام��ات مماثلة وحوكمنا عليها ،وأغ�ل�ق��ت السلطات امل��رك��ز 3س�ن��وات، وسجنت ومعي 20آخرون ،وجاءت محكمة القضاء اإلداري وبرأتنا ،وأدانت الحكومة وممارساتها معنا ،وهذا الحكم تاج على رؤوسنا». وأك��د أن ك��ل ه��ذه االت�ه��ام��ات ال تنتقص م��ن وطنيتنا ،أوطنية أي م��راك��ز أو جمعيات أهلية أخ��رى ،طاملا كانت أمينة ف��ي عملها وال تستخدم األم��وال والجمعيات ألغراض أخرى يحاسب عليها القانون ،ألن التمويل األجنبي ال يعني املقامرة بمقدرات الوطن ،أو املساس به وبوحدته الوطنية ،أو الخيانة أو العمالة ألي دولة بمن فيها الدول التي تقدم دعما.
دعاية سوداء من جهته ،قال حافظ أبو سعدة ،رئيس املنظمة املصرية لحقوق اإلنسان، لـ«املجلة»« :أفضل عدم الحديث في مثل هذه املوضوعات ألنها دعاية سوداء، ومن املمكن اتهام الحكومات كلها بالفساد ،وبالتالي يصبح األمر تشويها لها دون سند قانوني». وأك��د أن��ه «ع�ن��دم��ا تتهم ه��ذه الجمعيات ب��أن�ه��ا تتخذ م��ن الجمعيات مقار لـ(السبوبة) ،فماذا نقول عن رج��ال األعمال واملسؤولني الذين نهبوا البلد وس��رق��وه؟ هل نقول عنهم إنهم ش��رف��اء؟ تماما ه��ذا الكالم كما هو الحال في تعيني محمد البرادعي نائبا لرئيس الجمهورية السابق املستشار عدلي منصور لوطنيته ،ثم نتهمه بالخيانة والعمالة بعد أن يستقيل من املنصب، وهذه أمور كلها ال أحب أن أضع نفسي بجوارها» .واعتذر عن االسترسال في الحديث ،مؤكدا أنه «لو لم يكن يعرفنا شخصيا ملا تحدث بحرف واحد». أما حسن الشامي ،رئيس الجمعية املصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية، عضو املنظمة العربية لحقوق اإلنسان ،فقال لـ«املجلة» ،إن «تلقي الجمعيات
تمويالت محلية أو أجنبية ع��ادي ج��دا ،وه��و مجرم بحسب ال�ق��ان��ون ،ألنه يسمح بذلك ،ومن حق الجمعيات أن تأخذ موافقة الوزيرة على جمع أموال ألغ��راض معينة ت��رى الجمعية أنها تخدم املجتمع املدني ،والتي من أجلها أشهرت الجمعية». لكنه رأى أن املشكلة في قيام بعض ه��ذه الجمعيات بصرف ه��ذه األم��وال في غير األغ��راض التي خصصت لها من دون سند قانوني ،وهو ما يوقع املخالفات ف��ي ه��ذه الجمعيات ويثير حولها الشبهة كما يعدها البعض، مضيفا« :ونحن هنا مع محاسبته قانونا بمنطق أن يكون الحساب إداريا طاملا كان الخطأ إداري��ا وأن يحاسب ماديا طاملا كان الخطأ ماديا ،بمعنى أن تكون القرارات مناسبة للعقوبات ،وأن تكون العقوبة شخصية دون حل مجلس اإلدارة ،أو إصدار عقوبة مقيدة للحريات ،وهذا هو رأينا ونقطة خالف بيننا وبني الوزارة».
رقابة أمنية منظمة «الشفافية الدولية» اتهمت القانون الذي أعدته الحكومة املصرية في يونيو (حزيران) املاضي بأنه «يقيد عمل املجتمع املدني ومن استقالليته، ويؤدي فعليا إلى منع الجمعيات من االضطالع بأنشطتها ،إال بتدقيق صريح عليها من الحكومة ومن األجهزة األمنية». وطالبت مصر بـ«حماية أكبر» للمجتمع املدني ،وأن يكفل أي قانون جديد ينظم أعمال املجتمع املدني مبادئ حقوق اإلنسان ،وحرية تكوين الجمعيات». ودع ��ت رئ�ي�س��ة منظمة ال�ش�ف��اف�ي��ة ال��دول �ي��ة ،ه��وغ�ي��ت الب �ي��ل ،م�ص��ر «ل�ل��وف��اء بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحماية وتعزيز دور املجتمع امل��دن��ي ،وإال فهي تخاطر بإعادة مناخ التهديد واإلفالت من العقاب الذي اتسمت به أعوام حكم مبارك االستبدادية الثالثني» ،حسب قولها. وطالبت الحكومة الحالية إلى االلتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة أثناء عمليات إصدار مثل هذه القوانني ،وإلى ضمان اتساق أي مشروع قانون للجمعيات األهلية يجري نقاشه ،مع التزامات مصر بموجب اتفاقيات حقوق اإلنسان الدولية واتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد <
سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون
حافظ أبو سعدة: من املمكن اتهام الحكومات كلها بالفساد وبالتالي يصبح األمر تشويها لها دون سند قانوني
حافظ أبو سعدة
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
53
قضايا
تفجرت الخالفات بني الحكومة املصرية والجمعيات بشأن التمويل األجنبي .وقال الدكتور سعد الدين إبراهيم ،مؤسس ومدير مركز ابن خلدون ،لـ«املجلة» ،إن مصر بها 140ألف جمعية أهلية ،من بينها مركز ابن خلدون .وأضاف :فمن يملك معلومات تديننا أو اتهامات فليذهب للنائب العام».
سعد الدين إبراهيم لـ«املجلة» :ال يوجد ما يدين مركز ابن خلدون ..وما يثار حولنا كالم مرسل
خالفات بني الدولة واجلمعيات بشأن التمويل األجنيب القاهرة: السيد خالف
طالبت مصر بـ«حماية أكبر» للمجتمع املدني وأن يكفل أي قانون جديد ينظم أعمال املجتمع املدني مبادئ حقوق اإلنسان
ينظر البعض للجمعيات األهلية بمصر كلغز حير الكثيرين ،فهناك م��ن يعدها ت��ؤدي دورا فاعال ف��ي خدمة املجتمع ،وآخ���رون ي��رون أنها «بيت للفساد» ،و«دكاكني للتجارة والتربح» ،حتى باملواقف واالنتماءات الحزبية والسياسية ،واملواقف االنتخابية. وبني هذه الرؤى تبرز رؤى أخرى تطالب الحكومة بإغالق الجمعيات األهلية، اس��ت��ن��ادا إل��ى أن ه��ذه الجمعيات تعاني م��ن املشكالت وتطالب الحكومات املصرية املتعاقبة بحلها ،دون جدوى ،رغم تغير الكثير من رؤساء الحكومات في مصر .وقال أصحاب هذه الرؤية« :تعرضنا للخديعة كثيرا فيما يخص قانون الجمعيات األهلية» ،بحسب ما ذكره نجاد البرعي ،املحامي بالنقض وال��ش��ري��ك الرئيس للمجموعة امل��ت��ح��دة .وق��ال البرعي ل��ـ«امل��ج��ل��ة» ،إن قانون الجمعيات اختفى مع حكومة الدكتور الببالوي ،ثم جرت إعادته مرة أخرى، وعليه تعديالت تعيد الجمعيات إلى عهد القانون 32لسنة ،1964وهو ما يخالف أحكام مجلس الدولة ومحكمة النقض املصرية. وتمسك البرعي بأنه «إذا كانت وزارة التضامن والحكومة ترى أن الجمعيات األهلية ليس لها دور في املجتمع ،فعليهم إغالقها وتقوم هي بالدور التي تقوم ب��ه الجمعيات األه��ل��ي��ة» .ولفت إل��ى أن وزارة التضامن ه��ددت بالفعل بإغالق الكيانات التي تمارس نشاطا أهليا ،ولم توفق أوضاعها طبقا لقانون الجمعيات رقم 84لعام ،2002مشددا على أن «املجموعة املتحدة ليس لديها ما تخاف عليه ،وقادرون على تحمل املسؤولية» ،ومشيرا إلى أن قانون هذه الجمعيات مفتوح منذ نهاية ثمانينات القرن املاضي ،ولم تنظر الحكومة إليه». ومن جانبه ،دافع الدكتور طلعت عبد القوي ،رئيس االتحاد العام للجمعيات األهلية ،عن دور هذه الجمعيات ،وقال إن هناك عددا من الحمالت التي تسعى دائما لإلساءة للجمعيات األهلية ،،مؤكدا أنه «عند إجراء تقييم فيما يخص الخدمات الصحية التي تقدم في القاهرة منذ عامني ،نكتشف أن الجمعيات األهلية تؤدي نحو نسبة 30في املائة من هذه الخدمات. وقال لـ«املجلة» ،إن «الكثير من املشكالت التي تواجهها مصر في املرحلة الحالية مرتبطة بالبنية التشريعية للعمل األهلي في مصر ،الذي يواجه هو اآلخر الكثير من التحديات واملشكالت» .وشدد على أن هذه املشكالت لن تحل إال بتفعيل دور مؤسسات املجتمع املدني وفي مقدمتها الجمعيات األهلية.
التمويل األجنبي
غادة والي
52
وع��د عبد القوي أن التمويل األجنبي نقطة خ�لاف بني الجمعيات ،لكنه لم يعدها «سبوبة» أو «أنتيكات» للتجارة باملواقف ،وقال إن بعض هذه الجمعيات طالبت بالرقابة املسبقة على هذه األموال ،إبان كتابة الدستور ،وبعضها طالب بالرقابة الالحقة على الجمعيات. وأشار إلى أن وزارة التضامن االجتماعي أعطت موافقات بأكثر من ملياري جنيه تمويال لجمعيات أهلية منذ 25يناير (كانون الثاني) وحتى اآلن ،وال تتأخر على املوافقة على التمويل للجمعيات ما دامت ملتزمة بالقانون. وتتخوف الحكومة من استخدام مقار وأموال بعض الجمعيات في دعم بعض
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
األحزاب والتوجهات ،ألنها قد تكون بابا خلفيا أو ظهيرا لوجيستيا لعودة الخاليا النائمة لجماعة اإلخوان ،ومن يدعمها أو يدور في فلكها أو يشاركها الرؤية في العودة إلى املشهد السياسي مرة أخرى ،عبر التسلل إلى البرملان في االنتخابات القادمة ،ودعت وزارة األوقاف املصرية إلى ضرورة مراقبة حركة أموال هذه الجمعيات. وكما أث��ار التمويل األجنبي ج��دال بني الجمعيات وط��رح عالمات استفهام كثيرة حول ما تقوم به في املجتمع املدني بمصر ،ال يزال قانون الجمعيات مثار خالفات بني ممثليها والحكومة ،إذ تعهدت وزيرة التضامن االجتماعي غادة والي ،بعدم إقرار تعديل قانون الجمعيات إال من خالل البرملان املقبل املنتخب من الشعب ،والذي يعبر عن رؤيتهم ،وأبلغت رئيس الوزراء املصري إبراهيم محلب بذلك. وعزت الوزيرة موقفها إلى أن الوزارة ليس لديها مسودة لتعديل القانون ،وال يمكن أن تفرضها على الجمعيات األهلية ،ولكنها تلقت اقتراحات من عدة جمعيات وجهات ،إلى جانب مشروع أعده عدد من الحقوقيني بينهم وزير التضامن السابق أحمد البرعي ،وجميعهم أرسلتهم الوزارة إلى االتحاد العام للجمعيات األهلية وق��ام بعقد عدة جلسات ح��وار مجتمعي في محافظات كثيرة لالستماع لرؤية أكبر عدد من املهتمني بالعمل األهلي. وأوضحت أنه ليس من حق مكاتب املحاماة والكيانات غير املرخصة وفقا لقانون الجمعيات األهلية ممارسة العمل األهلي ،وهددتها أنها ستقع تحت طائلة القانون خاصة فيما يتعلق بالتمويل واإلنفاق ،وأنذرت الكيانات التي تمارس العمل األهلي بضرورة توفيق أوضاعها مع قانون الجمعيات األهلية ومنحتها مهلة 45يوما في 18يوليو (تموز) املاضي. وردت الجمعيات بأن «القانون التي تريد الوزيرة من الكيانات توفيق أوضاعها معه يتنافى مع ال��دس��ت��ور» ،لكن ال��وزي��رة ردت على ذل��ك بأنه «ينبغي على الجميع االلتزام بقوانني الدولة لحني تعديل قانون الجمعيات األهلية والذي يجرى حاليا». وعد وزي��ر التضامن االجتماعي السابق الدكتور أحمد البرعي ،أن قانون الجمعيات الحالي يتعارض فعال مع الدستور الحالي ،وتحديدا في مواد إنشاء الجمعيات وحلها ،الفتا إلى أن القانون الذي أعدته الوزارة وقت توليه امل��س��ؤول��ي��ة ،ك��ان ملتزما تماما ب��ال��دس��ت��ور ،وك���ان يتيح تكوين الجمعيات باإلخطار كما ينص القانون ،وأن��ه تغلب على إشكالية التمويل من خالل تكوين لجنة للبت في الطلبات املقدمة من الجمعيات ،وإسناد ملف املنظمات األجنبية لوزارة الخارجية.
كبش فداء أم��ا ال��دك��ت��ور سعد ال��دي��ن إب��راه��ي��م ،فقد ق��ال ف��ي رده على ال��ت��س��اؤالت التي طرحتها «املجلة»« :أتحدى أن تثبت الحكومة ،أو أي واحد أننا باملركز نتصرف بعشوائية كما يقولون ،فمن يملك معلومات تديننا أو اتهامات فليذهب للنائب العام» ،مؤكدا أن «كل ما يثار حولنا إنما هو كالم مرسل».
الغزو األميركي ساعد على دفع كثير من الشباب إلى التطرف .وفي مثل هذا املناخ ،من الواضح أن منظمات املجتمع املدني واملنظمات غير الحكومية تملك قدرة محدودة على تغيير العالم .في كثير من األحيان ،عندما ينتقد الجمهور منظمات املجتمع املدني ،يعجز عن إدراك حقيقة أنه ينبغي على كثير من املنظمات حسنة اإلدارة التعامل مع سياسات متغيرة تنتهجها الجهات املانحة. في املشهد الذي تال أحداث الربيع العربي ،شهدنا كثيرا من الحاالت التي تدفقت فيها مبالغ مالية طائلة وكانت قادرة على إحداث نتائج عكسية .في مصر على سبيل املثال ،كان هناك كثير من منظمات املجتمع املدني الصغيرة التي كانت تحقق عمال جيدا على نطاق محلي للغاية ،وبميزانية محدودة .ولكن ال يعني مضاعفة ميزانية أي جمعية إلى خمسة أضعاف أن تتمكن من تحقيق نتائج أكبر خمس مرات. يعني ذل��ك أحيانا أن العاملني بها مرتبكون ،حيث إن�ه��م ال يمتلكون نظم محاسبة قائمة (أو خبرة) إلدارة مبالغ كبيرة .علق أحمد حسني ،وهو منسق في إحدى منظمات املجتمع املدني الصغيرة التي تعمل في مساعدة املجتمعات املحرومة في مناطق فقيرة بالقاهرة ،قائال« :وجدنا أنفسنا فجأة مسؤولني عن ميزانيات كبيرة .على الرغم من أن املال يعني بالطبع أننا على املدى البعيد سنستطيع مساعدة مزيد من الناس ،وفي الوقت ذاته كنا نحمل عبئا كبيرا للغاية من مسؤولية إضافية في التعامل مع نظام املانح وتقديم تقارير مفصلة بعيدا عن العالم العربي ،في دول مثل أفغانستان ،تواجه عملية إع��ادة بناء ومحاسبية تطلبها الجهة املانحة .قد يستغرق ذلك وقتا أكبر مما يتطلبه العمل وتعزيز مؤسسات مدنية وحكومية صعوبات أك�ب��ر .على عكس ال�ع��راق، األساسي الذي نقوم به من سعي فعلي ملساعدة الناس». الذي ترتفع فيه نسبة املتعلمني إلى أكثر من 80في املائة ،تصل نسبة من يستطيعون القراءة والكتابة في أفغانستان إلى 28في املائة فقط .يعني ذلك أنه من الصعب للغاية على الجهات املانحة العثور على نظراء مالئمني حتى أحداث الربيع العربي لتنفيذ مشروعات املساعدات .وفي أثناء الفترة ما بني عامي 2008و،2010 جعلت الفوضى التي تبعت أح��داث الربيع العربي من الصعب على الجهات كانت املزحة منتشرة بني العاملني في مجال التنمية تتعلق بوزارات محددة. املانحة حسنة النوايا اتخاذ قرارات مطلعة بخصوص أي املنظمات أكثر جدارة كانت هناك وزارة أو اثنتان تؤول إليهما غالبية أموال املانحني ،وذلك ملجرد أن هناك من يتحدثون باللغة اإلنجليزية في هذه الوزارات مما ّ سهل األمر قليال بالحصول على الدعم .في تونس ،بعد أسابيع من سقوط بن علي ،تزايد عدد منظمات املجتمع املدني الراغبة في العمل على مكافحة الفساد .وعلى الرغم على الجهات املانحة. من أن هذا في حد ذاته أمر طيب ،فإنه كان يعني زي��ادة املنافسة للحصول على أموال املانحني وجذب انتباههم .وفعليا ،كانت املنظمات التي استطاعت تحديات غير مسبوقة االستمرار هي تلك التي تمكنت من تقديم خطة ملموسة وكانت تمتلك هيكال ،بيد أن بعض الجهات املانحة املستنيرة ،استثمرت في محاولة معرفة سبب ودرست املشكالت جيدا ،وكانت لديها أفكار إبداعية بشأن كيفية البدء في عدم ظهور آثار للمبالغ الطائلة التي تدفقت إلى أفغانستان على تنمية البالد. البحث عن حلول .ومع مرور الوقت ،اختفى كثير من تلك املنظمات بمجرد أن لم يكن غريبا أن يجري تفجير الطرق أو الكباري أو أن تتعرض مشروعات أدركت حجم العمل املطلوب. إنشائية أخرى للتخريب أثناء عمليات البناء أو بعدها بفترة وجيزة .وبعد تتنوع ساحة املجتمع املدني والتحديات التي تواجه منظماته بصورة كبيرة استشارة زعماء القبائل في محاولة استيعاب مكمن الخطأ ،اتضح أنه لم من دولة عربية إلى أخرى .في ليبيا على سبيل املثال ،ال توجد منظمات غير يجر التشاور مع السكان املحليني الذين يقفون وراء هذه األعمال قبل أو أثناء حكومية أو مجتمع مدني يذكر ،باإلضافة إلى كون ذلك انعكاسا ملا خلفته عمليات اإلنشاء. أعوام حكم القذافي ،فهو يعكس أيضا وضع املجتمع ككل .لم يستطع الليبيون وقد وج��دوا أن تصرفاتهم ،على الرغم من أنها مدمرة ،وسيلة للتعبير عن حتى اآلن العمل معا على تكوين رؤية وطنية أو دولة قوية .الوضع هناك ليس وجودهم .ولكن ال شك في أن أفغانستان تقدم ساحة من الصعب للغاية أن أفضل كثيرا مما كانت عليه ليبيا منذ 40عاما ،وسوف يتطلب األمر تنفيذ تحقق فيها الجهات املانحة أو منظمات املجتمع املدني نتائج ملموسة ،وربما عملية شاقة وهشة بهدف بناء مؤسسات دولة شرعية وكبح جماح امليليشيات تمر أعوام عديدة قبل أن يبدأ هناك أي تقدم ملحوظ. وتحقيق التوازن بني املصالح اإلقليمية والقبلية املتضاربة .لقد سددت ليبيا في الفترة األخيرة ،دخلت جهات مانحة في مزيد من الحوارات مع منظمات ثمنا باهظا من حياة ُأبنائها في العملية االنتقالية .وفي ظل ارتفاع نسبة عدم املجتمع املدني ،وتعلمت دروس مستفادة وتبنت منهج «عدم إلحاق الضرر». االستقرار في البالد ،أجبرت جهات مانحة عديدة ،والتي كانت شديدة التفاؤل بمعنى أنها أدرك��ت حقيقة أنه حتى إن كان من الصعب تنفيذ تغيير كبير في بداية الربيع العربي وتواصلت مع عدد قليل للغاية من منظمات املجتمع إلى األفضل ،فعلى األقل ،يجب أال تتسبب هيئات التعاون اإلنمائي الدولي في املدني املوثوق بها في الدولة ،على إع��ادة تقييم استراتيجيتها ،وأدرك��ت أن تحويل األوضاع إلى األسوأ. قدرة هذه املنظمات القليلة على إحداث تغيير إيجابي محدودة في مثل هذا ال شك في أن منظمات املجتمع املدني على وج��ه التحديد ،وأيضا الجهات الوضع العصيب. املانحة التي تمولها ،تواجه تحديات غير مسبوقة في املناخ السياسي الحالي املتقلب وغير املتوقع .وبغض النظر عن االنتقادات التي قد تثار بشأن النظام القديم ،فإن القدرة على التوقع جعلت من األسهل تنفيذ مشروعات تعاون املنظمات اللبنانية تنموية ومساعدات إنسانية .تعني التحالفات الجديدة التي تتغير باستمرار، في لبنان ،الذي أظهر ساحة مزدهرة بمنظمات املجتمع املدني ،نرى أن املنظمات وتفكك النظام القديم ،أن منظمات املجتمع املدني اليوم في حاجة ألن تصبح اللبنانية غير واثقة من االتجاه الذي يجب أن تسير فيه .وفي ظل القلق املستمر أكثر مهنية من ذي قبل ،وأن تحظى ب��إدارة داخلية أق��وى ،وف��رق عمل أعلى بشأن تداعيات انتشار الحرب في سوريا إلى لبنان ،تمر منظمات املجتمع تأهيال ،واستيعاب أفضل للتحديات التي تواجه مجتمعاتها .في الواقع تحتاج املدني بحالة ارتباك بسبب الفراغ السياسي في البالد. املنظمات إلى أن تصبح أفضل من حكوماتها <
فاقم من مشكلة فقدان املهنية في ساحة املجتمع املدني العراقية تدفق مبالغ مالية طائلة إلى بغداد من الجانب األميركي
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
51
قضايا
ال توصف حياة أي موظف في منظمة من منظمات املجتمع املدني ،سواء في دولة أقل تقدما أو نامية ،بالسهلة مطلقا .وسواء كانت مهمته البحث عن تمويل الستمرار النشاط أو املحاربة من أجل إثبات املصداقية أمام املجتمع بأسره ،كما تفعل املنظمات الجادة ،يظل عمله شاقا على الدوام.
منظمات املجتمع املدني اليوم :بعضها يقع تحت نفوذ حكومات أجنبية
شبهات حول اجلهات املانحة لألموال برلني: زينب مصطفى
بعد سقوط النظام التونسي ،تزايد عدد املنظمات الراغبة في العمل على مكافحة الفساد للحصول على أموال املانحني وجذب انتباههم
ف��ي ك�ث�ي��ر م��ن ال �ح ��االت ،ت�ص�ب��ح م�ن�ظ�م��ات امل�ج�ت�م��ع امل��دن��ي م�ج��اال ملناقشات وخالفات ح��ول قضايا وم�ب��ادرات تتعلق بالسياسات. وفي حاالت أخرى ،يتحول التعامل مع منظمات املجتمع املدني إلى تصفية حسابات سياسية .وقد شاهدنا في مصر كيف تعرضت منظمات املجتمع املدني إلجراءات صارمة لدى االشتباه بوقوعها تحت نفوذ حكومات أجنبية – س��واء اتهمت بأنها ناطقة باسم هذه الحكومة أو األس��وأ من ذلك أن تتهم بالعمالة .وأحيانا ال تقوم هذه االتهامات على أي أساس في الواقع، ولكنها كانت وسيلة للحكومة التي تبحث عن كبش فداء وعن تشتيت االنتباه عن مشكالت أخرى.
من منظمات املجتمع املدني .وعلى الرغم من عدم افتقار هذه املنظمات للطاقة، فإن كثيرا منها لم يملك خبرة مهمة ،وهو أمر يمكن فهمه .كانت هناك فرص ضئيلة في عهد صدام والقذافي ،وحرية أقل ملمارسة أعمالها .ولم تكن هناك إمكانية للتعلم وتبادل الخبرات مع آخرين في مناطق أخرى من أجل اكتساب املهارات الالزمة .كانت هذه املنظمات املدنية الناشئة عاجزة باستمرار عن تقديم نتائج ملموسة في مجتمعاتها املحلية ،وكانت تعاني من أزمة مصداقية بني السكان على نطاق واسع .ولم يكن غريبا أن ينشئ أي شخص منظمة مجتمع مدني ألنهم لم يكونوا يملكون مسارا مهنيا فعليا ،أو ألنهم وجدوا األمر فرصة للحصول على دخل.
منظمات املجتمع املدني الروسية
ساحة املجتمع املدني العراقية
وال تقتصر هذه املشكلة على العالم العربي .ففي أبريل (نيسان) عام ،2013 طالبت منظمات مجتمع مدني روسية الرئيس فالديمير بوتني بإثبات صحة ادعائه بأن املنظمات في ب�لاده حصلت على نحو مليار دوالر أميركي من رع��اة أج��ان��ب .وك��ان بوتني أعلن ه��ذا االدع ��اء لتبرير عمليات اقتحام ملئات من مقار منظمات املجتمع املدني الروسية ،مما تسبب في توجيه انتقادات قوية له من الغرب .وأصر بوتني على أن املداهمات كانت ضرورية للتأكد من االلتزام بالقانون الجديد الذي يشترط على املنظمات التي تتلقى تمويال أجنبيا وتشترك في أنشطة سياسية ذات تعريفات فضفاضة أن تسجل بصفتها «وكاالت أجنبية» .وادعى بوتني أن منظمات املجتمع املدني الروسية حصلت على مليار دوالر من الخارج ،وأن الشعب له الحق في معرفة من يمولها .ولكن نفت منظمات مجتمع مدني كبرى هذا االدعاء. في روسيا يمنح قانون اإلج��راءات املدنية الروسي صالحيات للمدعي العام في الدولة برفع دعوى قضائية مدنية «دفاعا عن الحقوق والحريات واملصالح املشروعة للمواطنني أو الشعب بأكمله أو مصالح االتحاد ال��روس��ي» ..وبدأ املدعون في استخدام هذه الصالحيات ضد منظمات املجتمع املدني من أجل إجبارها على التسجيل بصفتها «وكاالت أجنبية».
فاقم من مشكلة فقدان املهنية في ساحة املجتمع املدني العراقية تدفق مبالغ مالية طائلة إلى العراق ،وكانت غالبا من الجانب األميركي .لم تكن منظمات املجتمع املدني التي تمتلك مهارات وق��درات محدودة تستطيع أن تعمل بني عشية وضحاها بفاعلية كبيرة وتدير نشاطا بصورة جيدة وتحقق تأثيرا ظاهرا في املجتمع املعني .كان هناك في بعض األحيان عجز عن إدراك فكرة أن ضخ األموال إلى منظمة مجتمع مدني ال يعد ضمانة لتحقيق النجاح .ولكنه يعني أن الجهة املانحة تستطيع أن تقول إنها نفذت بنودا ضرورية ،مما يوحي بأنها تؤدي دورها في تقوية املجتمع املدني. انعكست هذه السياسة املعيبة التي انتهجتها الواليات املتحدة على مستويات متعددة في سياق ما بعد الغزو ،ول��م يقتصر األم��ر على منظمات املجتمع املدني فحسب .بل كان األميركيون تحت ضغط إلظهار إسهاماتهم في إعادة إعمار العراق وتقوية مؤسساته الحكومية وغير الحكومية أيضا .وكان هذا تحديا ،نظرا للوضع املتقلب في العراق بعد عام – 2003من استمرار عدم استقرار والتفجيرات وانعدام األمن – وكان من الصعب العثور على خبرات وكفاءات املتخصصني املستعدين للمخاطرة بالسفر إلى العراق وقضاء فترات زمنية كبيرة هناك .كان ذلك يعني االستعانة بأميركيني ذوي خلفيات مهنية متواضعة للغاية ،على سبيل املثال مدرسو محاسبة عامة في كليات محلية في بلدات أميركية ،ليصبحوا مستشارين في مؤسسات رفيعة املستوى مثل املحكمة العليا للمراجعة املحاسبية .وبهذه الطريقة ،وجد جيك جونز من أالباما (وآخرون غيره) أنفسهم في بيئة ترتفع فيها التوقعات كثيرا ،وهم غير مستعدين لتلبية هذه التوقعات ،بسبب خطأ ال ذنب لهم فيه .وكانت قرارات مثل تلك تجعل املؤسسة مثارا للسخرية.
ليبيا في عهد القذافي وتحمل كلمة «وكالة أجنبية» في روسيا معاني خطيرة؛ إذ ترتبط بعمليات التجسس في عصر الحرب الباردة ،ويتعرض الوصف النتقادات في روسيا وعلى املستوى الدولي ،ملا يمثله ذلك من انتهاك لحقوق اإلنسان واستغالله في قمع جماعات املعارضة .وال يتوقف األم��ر عند اإلس��اءات التي تتعرض لها منظمات املجتمع املدني من جهة الحكومات من أجل تصفية حسابات سياسية ،بل أحيانا ما تكون هذه املنظمات في مقدمة الجماعات التي تتأثر أعمالها بالتغييرات التي تطرأ على الحكومة والسياسات وانتشار العداءات. في العراق ،كما في دول عربية أخرى (مثل ليبيا) ،كان هناك مجتمع مدني صغير غير منظم .وبعد سقوط صدام والغزو األميركي للعراق ،ظهر العديد
50
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
سياسات متغيرة تنتهجها الجهات املانحة وحتى في العراق اليوم ،ال تزال منظمات املجتمع املدني في وضع ال يسمح لها بتحقيق تأثير إيجابي كبير؛ حيث تظل التوترات العرقية مشتعلة ويسود العنف واألعمال اإلرهابية .وتعاني الحكومة العراقية الحالية من الفساد ،كما أن
الشيعة هناك أدت إلى بروز مجاميع مسلحة أخرى مثل أبو الفضل العباس والعصائب كما أن تحدي داعش في العراق بعد احتالله املوصل وتمدده باتجاه بغداد أدى إلى تطور في غاية األهمية في وضع امليليشيات هو بروز العصائب وكتائب حزب الله ومن ثم بدر «خصوصا في معركة آمرلي» في وضع أهم بكثير من الجيش الذي ال يزال يعاني «نكسة املوصل».
واختلطت األوراق حتى عشية احتالل املوصل في العاشر من يونيو عام 2014من قبل تنظيم الدولة اإلسالمية «داعش» لم يكن السجال السياسي السني -الشيعي يرتفع إلى مستوى تحد مشترك يتمثل في احتالل أرض وإعالن دولة (دولة الخالفة اإلسالمية بزعامة أبو بكر البغدادي) .مظاهر االحتجاج التي ّ عبر عنها العرب السنة في العراق طوال عام 2013في عموم املحافظات السنية الخمس (األنبار، صالح الدين ،ديالى ،كركوك ،املوصل) كانت تتمحور بالدرجة األساس بعدم وجود جيش عراقي مهني ممثل لكل الطوائف مع اتهامات واضحة للكثير من قطعات هذا الجيش بالقيام باستفزازات ذات طبيعة طائفية ال سيما في املناطق املختلطة مذهبيا .في مقابل ذلك فإن االنهيار السريع للجيش العراقي وتهديد املراقد الشيعية املقدسة في سامراء وبغداد وكربالء والنجف أدى إلى إصدار املرجع الشيعي األعلى آية الله علي السيستاني فتوى «الجهاد الكفائي» ملواجهة ملواجهة داعش داع��ش .وبينما بدت هذه الفتوى نوعا من الحل االضطراري ّ فإنها وفي ظل اإلنهاك الذي تعانيه املؤسسة العسكرية العراقية مثلت حاضنة مثالية للميليشيات الشيعية التي وجدت من وجهة نظر املجتمع السني ذريعة ملزيد من املمارسات السلبية تحت باب محاربة اإلرهاب. بينما ب��دت لعقالء الشيعة أم��را آخ��ر أدى إل��ى تجنب ح��رب طائفية طاحنة. األك��ادي�م��ي ورج��ل ال��دي��ن الشيعي امل�ق��رب م��ن ال �ح��وزة العلمية عبد الحسني الساعدي أكد في حديث لـ«املجلة» أن «هناك خطأ في فهم طبيعة ما صدر عن السيد السيستاني حيث إن ما صدر ليس فتوى باملعنى الفقهي للفتوى بل هو أمر وتوجيه يهدف لحماية املراقد املقدسة بعد أن أعلن تنظيم داعش أنه بصدد تهديمها وبالفعل هو بدأ في املوصل بتهديم مراقد وأضرحة األنبياء واألولياء وبالتالي فإن تهديد األماكن املقدسة عند الشيعة يمكن أن يشعل فتيل حرب طائفية ال تبقي وال تذر». وأض��اف أن «املرجع األعلى كان ي��درك تماما حقيقة ما يمكن أن يصدر عن جهات غير منضبطة (في إش��ارة إلى امليليشيات) ولذلك فإنه حرص سواء على مستوى األمر أو حتى الفتوى إذا تعاملنا معها على هذا املستوى على تقنني األمر على مستويني األول هو التطوع حسب الكفاية وليس باملطلق وهو أمر تحدده الجهات الرسمية والثاني يرتبط املتطوعون بالقوات املسلحة وليس بالجهات أو القوى أو األحزاب التي ينتمون إليها» .لكن عضو البرملان العراقي عن محافظة األنبار السنية غربي العراق وعضو لجنة األمن والدفاع البرملانية حامد املطلك يرى في حديث لـ«املجلة» أن «املشكلة األساسية هي أن الحكومة بكل ما لديها من أجهزة عسكرية وأمنية غير قادرة على حماية الناس وهو الهدف األول ألي حكومة ومنظومة أمنية في العالم» .ويضيف «وي�ب��دو من باب املفارقة أن تحل امليليشيات محل الدولة في فرض قانونها الخاص األمر الذي أدى إلى تراجع قدرة الدولة حتى أصبح ذلك حقيقة واضحة بعد سقوط املوصل حيث تحررت امليليشيات تماما بل باتت في الصدارة عبر مسميات جديدة وأصبح ينسب لها بطوالت وه��ي من ح��ررت البلدة الفالنية واملكان الفالني» ،مشيرا إلى أنه «وعلى الرغم من أن التحول في ميزان القوى حصل بسبب التدخل األميركي فإن أجهزة اإلعالم التي يخضع الكثير منها لسيطرة امليليشيات أو الجهات الساندة لها يغض النظر عن ذلك بل إنه يهاجم أميركا بوصفها قوة احتالل» .ويوضح املطلك أن «الفشل هنا مركب فهناك فشل سياسي ينعكس بالضرورة على األداء األمني وفشل أمني بسبب عدم بناء املنظومة األمنية على أسس مهنية صحيحة وهو ما يجعل األمور دائما في وضع بالغ الحراجة» .ويدعو املطلك إلى «إعادة النظر بكل شيء من السياسة إلى األمن وإعادة بنائه بطريقة مهنية حرفية وليست عرقية طائفية لم نجن منها طوال السنوات العشر املاضية سوى الخراب والدمار».
ميليشيا حسب الطلب ال نبتعد كثيرا عن الحقيقة عندما نقول إن الحكومة العراقية بنسختها الجديدة برئاسة حيدر العبادي استسلمت لفكرة بدت هي األمر الواقع ال سيما بعد أن اختلطت األوراق على الجميع .وبينما لم يعد ممكنا بعد اليوم إنهاء امليليشيات ال�ت��ي ج��رى تنظيم دوره��ا عبر م��ا يسمى «الحشد الشعبي» وع��ودة أخ��رى بواجهات جديدة حتى ملن دخل منها العملية السياسية وأصبح لها نواب في البرملان ووزراء في الحكومة (بدر لها 22مقعدا وعدة وزارات ،الصادقون التي هي الجناح السياسي لعصائب أهل الحق لها مقعدان في البرملان في إطار ائتالف دولة القانون ،وسرايا السالم التابعة للتيار الصدري وهي البديل لجيش املهدي الذي جمده زعيمه ومؤسسه مقتدى الصدر) فإن املتغير الجديد وفي ضوء البرنامج السياسي الذي طرحه رئيس الوزراء حيدر العبادي هو تأسيس حرس وطني في كل محافظة يتشكل من أبناء املحافظة نفسها .بدا األمر هنا وكأنه ليس فقط إع��ادة دمج لـ«امليليشيات» ثانية بل شرعنتها بطريقة بدت مقنعة للطرف السني ه��ذه امل��رة .وبينما أي��د ق��ادة سنة ه��ذا التوجه بوصفه أهون الشرور في الخالص من امليليشيات التي تحمل لونا طائفيا واحدا فإن قادة التيار املدني الليبرالي عدوا ذلك بمثابة نهاية لفكرة الدولة املؤسساتية في العراق التي يجب أن تستند إلى جيش مهني قوي ومحترف مثلما يرى السياسي العراقي والقيادي في التحالف املدني الديمقراطي فائق الشيخ علي في حديث لـ«املجلة» حيث يقول إن «فكرة حصر السالح بيد الدولة التي وردت في البرنامج السياسي لحكومة الدكتور حيدر العبادي للسنوات األربع املقبلة تناقضت معها تماما فكرة تشكيل حرس وطني في كل محافظة» ،متسائال «كيف نحصر السالح بيد الدولة بينما سيكون لكل محافظة جيش محلي يمكن أن يخرج في أي وقت عن سيطرة الدولة خصوصا في ظل التناقضات والتناحرات السياسية والطائفية والعرقية» .ويرى الشيخ علي أنه «مما يؤسف له أن الحكومات املتعاقبة بعد التغيير فشلت في التعامل بحزم مع امليليشيات بسبب ضعف القانون ول��ذل��ك وج��دت اآلن مخرجا يتمثل ف��ي إخراجها من الباب وعودتها من الشباك» .غير أن القيادي السني في كتلة متحدون محمد الخالدي يرى في حديث لـ«املجلة» أن «تشكيل الحرس الوطني املحلي يهدف بالدرجة األولى إلى وضع حد لسلطة امليليشيات التي لم يعد بمقدورها التحرك خارج إطار محافظاتها أو املناطق التي تمثل بيئة اجتماعية أو مذهبية لها»، مؤكدا أن «العرب السنة سوف يتولون عبر هذه التشكيالت وفي إطار ما ينوون عمله وهو تشكيل إقليم سني إلى تحرير مناطقهم من التنظيمات اإلرهابية باإلضافة إلى عدم دخول امليليشيات بحجة فرض األمن أو املالحقة أو غيرها ألن هذا سوف يتناقض مع وثيقة البرنامج السياسي التي اتفقت عليها الكتل السياسية ونالت ثقة البرملان» <
مظاهرة مويدة لرئيس الوزراء السابق نوري املالكي
حامد املطلك: املشكلة األساسية هي أن الحكومة بكل ما لديها من أجهزة عسكرية وأمنية غير قادرة على حماية املواطنني
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
49
تحقيق
قبل سنة 2003لم يكن أحد في العراق يعرف مصطلح «امليليشيات» ولم يتداول اإلعالم العراقي على مدى أكثر من ثالثة عقود مثل هذه املفردة .ورغم أن العراق على عهد صدام حسني عمل على تشكيل ما سمي بـ«الجيش الشعبي» الذي ساهم في الحرب العراقية -اإليرانية ،لكنه كان يتكون في غالبيته العظمى من عناصر حزب البعث .لكن بعد عام 2003فرضت امليليشيات -ال سيما الشيعية منها « -منظمة بدر» في الدرجة األولى وقوات «البيشمركة» الكردية بوصفها جزءا من املعارضة التي ساهمت في إسقاط النظام السابق فأصبح لها استحقاقها الذي عرف طبقا لقانون الحاكم املدني األميركي بول بريمر بالدمج.
في العراق الجديد :ميليشيات تفرض القانون وأخرى تخرقه وثالثة حسب الطلب
ميليشيات املالكي أين هي اآلن؟ بغداد: عمار علي
وفقا للنتائج لم ينجح مشروع دم��ج امليليشيات ،بدليل ما حصل ف��ي امل��وص��ل وت��ك��ري��ت ،حيث إن م��ن ب�ين أه��م أس��ب��اب سقوط هاتني املحافظتني بيد «داعش» هي سياسات رئيس الوزراء السابق نوري املالكي .فالرجل من وجهة نظر خصومه حاول -ال سيما في حكومته الثانية االستعانة بميليشيات معروفة وقفت إلى جانبه .فهناك ميليشيات حتىوإن ظهر فيما بعد أنها أقرب إلى الوجود اإلعالمي أكثر من الحقيقي اعتبرته «مختار العصر» ورفعت صوره بهذا االتجاه بينما ينظر الشارع العراقي إلى جماعة «عصائب أهل الحق» على أنها ميليشيا تابعة للمالكي.
سالح امليليشيات أفتك من أسلحة الدولة
فائق الشيخ: فكرة حصر السالح بيد الدولة التي وردت في البرنامج السياسي لحكومة العبادي تناقض معها مشروع تشكيل حرس وطني في كل محافظة
48
ال أحد في العراق يحب امليليشيات لكن الجميع يخشاها .مفردة ميليشيا هي األكثر رعبا وتداوال بني العراقيني .تنتعش في األزمات .لذلك ال تحب االستقرار وف��رض القانون .قانونها الفوضى وضحاياها األب��ري��اء .تكررت تسمياتها وتعددت أساليب هيمنتها على الشارع حتى تغلغلت في الدوائر واملؤسسات وصارت هي القانون والقاعدة وكل ما عداها شواذ .سالحها أفتك من أسلحة الدولة بينما كل املسؤولني يضعون في أولويات برامجهم حصر السالح بيد الدولة دون أن يكلف أحد منهم نفسه طرح السؤال املخيف ..أين هي الدولة أوال؟ .بعد االحتالل األميركي للعراق عام 2003ظهرت على السطح بني ما ظهرت مشكلة امليليشيات في العراق ال سيما تلك التي تشكلت في الخارج وكانت جزءا من املعارضة العراقية التي تحالفت مع الواليات املتحدة األميركية إلسقاط النظام العراقي السابق .فكان أن أصدر الحاكم املدني األميركي بول بريمر ق��رارا دم��ج فيه امليليشيات باملؤسسة األمنية والعسكرية .ك��ان قرار دمج امليليشيات بمثابة دق آخر مسمار في نعش املؤسسة العسكرية العراقية ببعدها العقائدي واالحترافي واملهني .فالقرار الذي حمل الرقم 91لعام 2003 القاضي بانخراط امليليشيات التي ساعدت األميركان باحتالل العراق وتم من خاللها تشكيل ما أطلق عليه الجيش الجديد .ولكون غالبية امليليشيات التي تشكلت في الخارج أو كانت بمثابة أجنحة عسكرية ألحزاب سياسية تولت السلطة بعد عام 2003فقد اهتزت التركيبة االجتماعية والقومية واملذهبية التي يتكون منها الجيش العراقي في مجتمع تعددي مثل املجتمع العراقي وهو ما أدى إلى اإلخالل بمبدأ التوازن الذي نص عليه الدستور العراقي في املادة التاسعة منه التي تنص «تتكون القوات املسلحة واألجهزة األمنية من مكونات الشعب العراقي بما يراعي توازنها وتماثلها». وعلى الرغم من أن القرار الخاص بدمج امليليشيات لم يجعلها تنصهر في بوتقة الجيش الجديد بسبب فقدان عامل أساسي وهو تسريح الغالبية العظمى من عناصره املهنية والكفؤة ألسباب تتعلق بالطائفية أو االجتثاث ،فإن الذي
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
حصل فيما بعد هو ظهور ميليشيات جديدة بعد قرار الدمج .وإذا كانت قوات البيشمركة الكردية ومنظمة بدر وفصائل أخرى أقل أهمية هي التي شملت بالدمج ف��إن أب��رز امليليشيات والفصائل التي تشكلت فيما بعد هي جيش املهدي بزعامة مقتدى الصدر وعصائب أهل الحق التي انشقت عنه بزعامة قيس الخزعلي وكتائب حزب الله فضال عن ل��واء أبو الفضل العباس .ولعل املفارقة الالفتة على صعيد تكوين وتركيب الجيش العراقي السابق أنه في الوقت الذي يتشكل فيه من غالبية سنية من كبار الضباط فإن الغالبية العظمى من منتسبيه من صغار الضباط واملراتب والجنود هم من الشيعة .مركزية األنظمة السابقة ملكية كانت أم جمهورية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921انسحبت على املؤسسة العسكرية التي بقيت محافظة على طابعها الوطني .لكن بعد االحتالل وعلى الرغم من أنه حتى في البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي ونال ثقة البرملان فإن من بني أهم ما ورد فيه هو «حصر السالح بيد الدولة» بينما الجهات األكثر ق��وة وفتكا بالشارع هي امليليشيات ال سيما تلك التي تعد محسوبة على الدولة بشكل آو بآخر.
ما قبل «القاعدة» ما بعد «داعش» مرت امليليشيات بثالث مراحل بعد عام 2003وهي مرحلة الدمج التي استمرت منذ عام 2003إلى عام 2006وهي املرحلة التي سبقت بروز تنظيم القاعدة الذي اتخذ من املناطق الغربية أو ما سمي بـ«املثلث السني» حاضنة له .ومرحلة ما بعد عام 2006حيث تفجرت الحرب الطائفية بعد تدمير مرقدي اإلمامني العسكريني في سامراء خالل شهر فبراير (شباط) عام 2006ومرحلة ما بعد يونيو (حزيران) عام 2014حيث احتل تنظيم داعش في غضون يومني كال من محافظتي نينوى «املوصل» وصالح الدين «تكريت» وأجزاء من محافظة ديالى فضال عن مناطق واسعة من األنبار« .القاعدة» أو «داعش» هو النظير السني للميليشيات الشيعية لكن الفرق أن ذلك مصنف إرهابيا وهذه أقصى ما يمكن تصنيفها به أنها خارجة عن القانون .وإذا كانت البيئة السنية تبدو حاضنة لـ«القاعدة» سابقا ولـ«داعش» حاليا فإن امليليشيات الشيعية تنتشر في املناطق الشيعية من باب حمايتها من تلك املجاميع اإلرهابية .وبني ما هو إرهابي وما هو خارج عن القانون فإن إشكالية امليليشيات تبقى تكمن في مفهوم الدمج .فالقرار وإن لم يبق ساري املفعول إال أن معظم هذه امليليشيات وبناء على الظروف املتغيرة تجد دائما نفسها قادرة على أن تكون جزءا من املنظومة األمنية لكن تعمل لحساب جهات أخرى .فالتحدي الذي مثلته القاعدة منح جيش املهدي امتدادا واسعا داخل املناطق الشيعية طوال أعوام - 2006 .2008وظروف الوضع في سوريا ومحاوالت داعش هدم قبور ومراقد األئمة
مؤكدا أن عدد إيزيديات يتجاوز الـ 4000امرأة ،إضافة إلى أعداد كبيرة ممن يعتبرون مفقودات».
العودة إلى الحياة مراد علي ،أخو عمشة يروي لـ«املجلة» قائال« :في الثانية والنصف بعد منتصف الليل هجم تنظيم (داع���ش) على ناحية القحطانية ،واستمرت مقاومتنا 4 ساعات ،في السادسة صباحا .فر غالبية سكان املجمع إلى جبل سنجار، وكل من كان لديهم عربات نقل استطاعوا الهروب في حال لم يحالفهم الحظ ولم تصادفهم عناصر (داعش) التي كانت تتقدم من الغرب من جبل سنجار من الحدود السورية العراقية باتجاه هذه املجمعات ،أما كل من لم تكن لديهم حافالت جرى أسرهم ،وعمشة كانت ضمن من حاصرهم (داعش) ومنعت فرارهم إلى جبل سنجار». ويتابع قائال« :لقد استطاعت أختي الهرب من الرجل الذي اشتراها ،وهو من أهالي موصل ،وكان ينوي بيعها ف��ي س��وري��ا ،إال أنها استطاعت الهرب شاهدة عيان: منهم ،فعلت املستحيل لتنقذ ابنها ورغم خوفها في أنها استطاعت الهرب وسارت الليل وحيدة رأيت بأم عيني شوارع املوصل وهي تبحث عن أحد ينقذه ،إلى أن ال��ت��ج��أت إل���ى إح���دى ال��ع��ائ�لات ال��ت��ي منحتني ف أن الفتيات فرصة اللقاء بها مجددا بعد إنقاذها ومساعدتها كي في الوصول إلى منطقة (برده رش) بني شيخان إليزيديات كان ا أربيل وبمجرد لقائي بها شعرت أنني ولدت من جديد». يجري بيعهن من جهته ،بكى أبو تركي خال الضحية دنيا ،إال قط بما يعادل أنه ممنت إلى الله الستطاعة دنيا الهروب مع أخواتها ف والعودة إلى عائلتها التي لم يبق منهم أال أبو تركي. 10دوالرات ويقول لـ«املجلة»« :يكفيني أنني اآلن مع بنات أختي، ف��ل��م يتبق أح���د م��ن أف����راد عائلتنا ارت��ك��ب��ت م��ج��ازر أميركية بحقنا .أن معاناتنا مستمرة ،ليس لدينا كسرة الخبر، لكن نشكر الله على عودة دنيا وأخواتنا وأفتخر بدنيا التي لم تيأس». وي��ت��اب��ع ت��رك��ي ق��ائ�لا« :ل��ط��امل��ا ك��ان��ت دن��ي��ا ذك��ي��ة ،فقد أوهمتهم بأنها متزوجة وأختها رغم أنهم لم يصدقوا وهددوها بأنهم سيجرون فحصا ألختها ،إال أنها أصرت على أنها مستعدة ملرافقة أختها وإجراء فحص اختبار الحمل» ،مضيفا« :فقد ماطلت في موضوع زواجها من اليد اليمنى للبغدادي متحججة بأنها ال يمكن أن تقبل الزواج ،ولن تتزوج إال بعد مرور 40يوما على وفاة أمها ،وهكذا جرى بيعها وأخواتها إلى رجل من التنظيم ،وجرى حجزهن في منزل ،إال أن الرجل على ما يبدو كان من املقاتلني ال يأتي إال متأخرا في الليل ،ولم يمر أسبوع إال واستطاعت دنيا الهرب ،وطلبت املساعدة من سائق تاكسي أوصلها إلى خارج املدينة، وهناك التجأت هي وأخواتها إلى رجل فقير معدم الحال ،إال أنه لم يمانع في مساعدتهن والتواصل معنا في سبيل تسليمهن إلينا ،وبالفعل فقط ليلة أول من أمس جرى تسليمهن لنا في كركوك». ويذكر أنه في الثالث من أغسطس املاضي بسط تنظيم ««داعش»» سيطرته على مناطق واسعة في محافظة نينوى ومن ضمنها قضاء سنجار 124كلم غرب املوصل ،والذي تقطنه أغلبية من اإليزيديني ،األمر الذي تسبب بعملية نزوح غير مسبوقة بينهم ،فضال عن قتل وخطف وسبي ما يزيد على 3000 من النساء اإليزيديات. واإليزيديون هم مجموعة دينية يعيش أغلب أفرادها قرب املوصل ومنطقة ج��ب��ال سنجار ف��ي ال��ع��راق ،وي��ق��در ع��دده��م بنحو 600أل��ف نسمة ،وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا وإيران وجورجيا وأرمينيا. وبحسب باحثني ،تعد الديانة اإليزيدية من الديانات الكردية القديمة ،وتتلى جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية <
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
47
تحقيق
مظاهرة قادها اتحاد االيزيديني قي هانوفر باملانيا
على أساس أنهن سبايا من غنائم الحرب». وأكد املرصد قيام «عناصر التنظيم ببيع تلك املختطفات لعناصر آخرين من التنظيم بمبلغ مالي قدره ألف دوالر أميركي لألنثى الواحدة ،بعد أن قيل َّ إنهن دخلن اإلسالم». وفي حالة مماثلة وبهدف إنقاذ ضحايا النساء من اإليزيديات في سوريا فقد حاول بعض وجهاء العرب والكرد دفع األموال من خالل وسطاء لعناصر تنظيم «داعش» بحجة أنهم يريدون الزواج من اإلناث اإليزيديات املختطفات، وذلك ضمن عملية التفاف من أجل تحريرهن وإعادتهن إلى ذويهن ،ولكن املحاولة لم تظهر نتائجها حتى اآلن. من جهتها ،طالبت بخشان زنكنة ،األمني العام للمجلس األعلى لشؤون املرأة في إقليم كردستان ،الجهات الدولية والعربية واإلسالمية بأن تلعب دورها من أجل إنقاذ هؤالء الفتيات ،عادة أن «تحرير املختطفات وإنقاذهن واملحافظة على حياتهن وكرامتهن واجب إنساني». وتحث زنكنة في حديثها لـ«املجلة» على «ضرورة احتضانهن واالهتمام بهن من أجل تجاوز هذه النكسة التي تعرضن لها ،وأن هناك خططا ملساعدتهن على تجاوز هذه املحنة واألهوال التي تفوق قدرة تحمل البشر» ،مشيرة إلى «ال��دور اإليجابي الذي لعبته املرجعية الدينية والشيوخ اإليزيديون في هذا املجال» ،كاشفة عن بيان صدر من شيخ الديانة اإليزيدية يوصي بحسن معاملة النسوة اإليزيديات ضحايا املمارسات اإلجرامية لـ «داعش». وتنتقد زنكنة صمت املنظمات النسوية العربية إزاء سبي النساء اإليزيديات م��ن قبل مسلحي «داع����ش» ،ال��ت��ي عدتها ج��رائ��م ح���رب ،مضيفة أن «على املجلس األعلى لشؤون املرأة بتحديد أولياته ،إلغاثة املناطق املنكوبة ،العمل مع الجهات املختصة في اإلقليم ملعرفة مصير املفقودين وتحرير األسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة ،والضغط على املجتمع الدولي الستصدار قرار خاص باملمارسات الوحشية التي قام بها اإلرهابيون بحق األطفال والنساء، وإع�ل�ان حملة وطنية لجمع امل��س��اع��دات اإلنسانية للنازحني ،وخصوصا املتعلقة باحتياجات النساء واألطفال». وتؤكد زنكنة أن «الالتي جرى اختطافهن من قبل الجماعات اإلرهابية هن ضحايا حرب ،وعلى املجتمع التعامل معهن بكل احترام والعمل على معالجة األضرار النفسية التي ألحقت بهن».
حكم جبري مقاتلون من الطائفة االيزيدية
سيدات في مخيم بمحافظة دهوك
46
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
خالد دخيل سيدو حمو باشا ،أمير قبيلة الفقراء اإليزيديني وأحد شيوخ الديانة اإليزيدية ،كشف لـ «املجلة» عن قصص مروعة للنازحني من أبناء الطائفة اإليزيدية الذين ف��روا من مالحقة مسلحي «داع��ش» ووصلوا إلى دهوك ،ومنهم فتيات إيزيديات ألقني بأنفسهن من فوق جبل سنجار تجنبا الختطافهن على أيدي الجهاديني وأخذهن سبايا وأبناء تركوا أمهاتهم في مغارات الجبل لعدم قدرتهن على مواصلة رحلة النزوح إلى مكان آمن .في حني روى صحافي أنه شاهد الكالب تتغذى على جثث املوتى. ويؤكد دخيل أن الشيوخ اإليزيديني أصدروا بيانات بمعاملة الفتيات الفارات من «داع��ش» بكل احترام ،وأن ما تعرضن له هو حكم جبري ،وأن هؤالء الفتيات لسن من اخترن خوض هذه املحنة أو أنهن بإرادتهن غيرن دينهن وعقيدتهن». ونفى وجود أي مفاوضات مع أمراء «داع��ش» لتحرير اإليزيدات قائال ،إن «دورن��ا يقتصر على عالقاتنا الشخصية مع بعض من رؤس��اء العشائر العربية ،ولكن ليس لدينا أي عالقة مع أمرائهم وليس هناك سبيل للتدخل». ويكشف عن «وج��ود تشكيالت عسكرية من أبناء اإليزيديني في سبيل استعادة مناطقهم وحمايتها» ،مؤكدا أن هناك «قوة تتشكل حاليا من قبل اإلقليم من أبناء اإليزيديني ،وتوجد قوة من وحدات الحماية الشعبية الـypk من اإليزيديني تتولى حماية مناطقنا التي ج��رى تحريرها إل��ى أن يجري تحرير سنجار عندها سنطالب بتشكيل قوة رسمية من اإلقليم تتكون من أهالي املنطقة». وينتقد دخيل الحكومة العراقية املركزية وقدرتها على حمية أبناء العراق،
بخشان زنكنة األمينة العامة للمجلس األعلى لشؤون املرأة في إقليم كوردستان (املجلة)
زعيم قبيلة «الفقراء» شيخ االيزيديني خالد دخيل (املجلة)
متظاهرة عراقية تحمل ملصثا للتنديد بخطف واغتصاب الفتيات خالل مظاهرة في بروكسل
منا الوقوف ليجري اختيار من سيجري تزويجها ولدي اعتراض أي واحدة يجري االعتداء عليها بالضرب ،حيث كانت تؤخذ الفتيات خاصة الباكرات على دفعات ولم نعرف أين كانت وجهتهم» ،مستأنفة« :ولكن أحيانا كانت تعود فتيات كن قد اغتصنب من قبل أعضاء التنظيم ،وإحداهن كانت قاصر، أي 15عاما ،وقد جرى اغتصابها من قبل 4داعشيني ،وما زلت أتذكر آثار الضرب بالسالح على جسدها» ،مضيفة« :كانت صغيرة ال تعرف أصال ماذا يعني الزواج ،حتى إنها كانت غير قادرة على وصف ما جرى لها هناك، حيث كان يجري اغتصاب الفتيات». وتكشف عن أن غالبية أعضاء التنظيم الذين اختطفوا اإليزيديات وهاجموا قريتها كانوا عراقيني ،وكلهم «عافرة» ،أي تلعفر.
جرى جلبهن من محافظة نينوى ،وإن مفاوضات مع تنظيم «داعش» في القضاء ،تجري إلطالق سراحهن. والحديث عن أن مئات النساء اإليزيديات جرى جلبهن إلى الحويجة ،املدينة ذات الغالبية العربية السنية ،والتي يفرض تنظيم داعش سيطرته عليها، نواح أخرى منذ أكثر من 3أشهر ويحكم قبضته على مركز القضاء وٍ 5 هي الزاب األسفل والعباسي والرياض والرشاد وامللتقى. ويكشف مصدر فضل عدم ذكر اسمه لـ«املجلة» ،أن عددا من شيوخ العشائر وغيرهم قاموا بشرائهن ،بـ 800دوالر ،وأن أبناء أحد الشيوخ قد اشترى بـ 3منهن اإليزيديات» ،مضيفا أن «املفاوضات عصية ولم يجر التوصل إلى إطالق سراح النساء وأنه لم يستطع التوصل إلى جهة تعلن استعدادها للتعاون بشكل فعلي من العشائر حول هذا األمر ،وأن عدد النساء اإليزيديات ال�لات��ي ج��رى جلبهن إل��ى مناطق جنوب غربي ك��رك��وك ي��ت��راوح ب�ين 500 و 600امرأة». وكان املرصد السوري لحقوق اإلنسان أعلن أن تنظيم «داعش»« ،وزع على عناصره في سوريا ،خالل األيام واألسابيع املاضية نحو 300فتاة وسيدة من أتباع الديانة اإليزيدية ،ممن اختطفن في العراق قبل عدة أسابيع ،وذلك
مساع مستعصية ٍ وفي الوقت ال��ذي تتمنى فيه الكثيرات من أبناء جلدة عمشة ودنيا ،نهاية تشبه نهاية تجربتهما املريرة مع السبي ،فقد تواردت أنباء حول شراء شيوخ عشائر في قضاء الحويجة 55كلم غرب مدينة كركوك ،نساء إيزيديات
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
45
تحقيق
أن تتحدى مصيرا محتوما ليس باألمر السهل ،وأن تعلن في قرارة نفسك أنك لن تستسلم وأن هناك حظا في أن تغير األحداث ،وفي أن تعلن عدم رغبتك في االستسالم ملا فرض عليك ،مع اإلصرار على أن تستمر في الحياة ،رغم هول الفاجعة بهذه الكلمات اختصرن تجربتهن ..هن سبايا ،ولكن عائدات إلى الحياة.
سوق النساء :غنائم أبو بكر البغدادي ورفاقه في العراق
سبايا «داعش» أربيل ـ ـ كركوك (كردستان العراق) :روشن قاسم
عمشة ( 19عاما) أم لطفل لم يكمل عامه الثاني بعد ،وجنني في رحمها ما زال أمامه 4أشهر ليرى النور ،وهو يتيم األب الذي ذبح على أيدي تنظيم «داع��ش» ،وأم أجبرت على خوض تجربة مريرة تحت عنوان «السبايا». تتحدث عمشة التي نجحت في الفرار من رجل مسن من أهالي املوصل لـ «املجلة»( ،كان ينوي اصطحابها معه إلى سوريا لبيعها هناك)« :نحن كنا من بني الذين فشلوا في الهروب إلى جبل سنجار ،والذي فر إليه مئات اآلالف من اإليزيديني بعد مهاجمة (داعش) مناطقنا» ،مضيفة« :إنني شاهدت بأم عيني كيف كان يذبح الرجال والعجزة من الرجال والنساء ،وحتى األطفال ممن تجاوزا الـ 10أعوام» .وبحسرة تتابع« :ومن بني من ذبح زوجي وعائلته، وجرى اقتيادنا نحن النساء في سيارة بيك أب إلى قاعة كبيرة في مدينة موصل». وتستأنف سردها بأن «عددنا كان كبيرا ،يزيد على األلفني ،جميعنا كنا من اإليزيديات الالتي جرى اختطافهن» ،نافية «وجود أي من املسيحيات أو التركمانيات في القاعة» ،مضيفة« :كانت تجربة مريرة ،لقد رأيت بأم عيني كيف أن الفتيات اإليزيديات كان يجري بيعهن فقط ب �ـ 10000أو 15000 دينار عراقي ،أي ما يعادل 10دوالرات أميركية ،لليلة الواحدة ،وهكذا تباع ألكثر من مرة ،وعلى مرات متتالية يجري اغتصابهن ،وفي بعض األحيان كان هناك أنصار من التنظيم من مختلف الجنسيات يقصدون املكان الذي احتجزن فيه ،حيث إنهم كانوا يشترون اإليزيديات بـ 10000أو 15000دينار عراقي ثم يجري بيعهن في سوريا وبلدان أخرى بـ 200دوالر» ،مؤكدة أنه كان يجري إجبارهن على اعتناق اإلسالم ليجري تزويجهن بعناصر من التنظيم فيما بعد ،ومن يمتنعن يجري تهديدهن بذبح أطفالهن أو ذبحهن، وفي كثير من األحيان كان يطلب من بعضهن الحديث لعائالتهن وسرد ما يتعرضن له من اغتصاب وعنف». كانت عمشة إحدى الضحايا التي اختطفت مع مئات اإليزيديات األخريات بعد هجوم «داع��ش» في الثالث من الشهر املاضي ناحية القحطانية أو ما يعرف بـ «بمجمع القحطانية» الذي يقطنه أبناء الطائفة اإليزيدية بالقرب من ناحية سنجار (محافظة نينوى) بشمال العراق ،والتي لها تجارب مريرة مع املتطرفني ،ففي 14أغسطس (آب) 2007شهدت هجوما عد آنذاك األكثر دموية خالل سلسلة بصهريج وقود و 3شاحنات محملة بمواد تفجيرية 44
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
الجئون بالقرب من نهر دجلة
وقنابل ،والعقل املدبر للتفجيرات كان املدعو أبو محمد العفري من أهالي تلعفر ،على بعد عدة كيلومترات كانت دنيا من قرية كوجو التي تبعد 15 كم سنجار تالقي نفس املصير ،فقد حاصر التنظيم القرية وأمهلوا أهلها بضع سويعات إلعالن إسالمهم وفيما بعد أخبروهم بأنه صدر عفو عن أهالي القرية. دنيا 22عاما كانت وأخواتها الـ 4سبايا لدى «داع��ش» ووصلت فقط قبل يومني إلى ذويها بعد هروبها وإخوتها الـ .4تقول دنيا لـ «املجلة»« :لقد جرى جمع األهالي في مدرسة القرية وفصل الرجال عن النساء ،فيما بعد سمعنا أص��وات طلقات وحتى اآلن ال نعرف ماذا حصل لهم ،وبقيت النساء فقط داخ��ل املدرسة وطلبوا منا وضع الهواتف والحلي والذهب وما نحمله من النقود وإال سوف يجري ذبح من تخبئ أي شيء مما ذكرته». وتتابع« :لقد أخذونا إلى معهد تلعفر ،وهناك طلبوا أن تنفصل الباكرات عن النساء املتزوجات ،إال أننا لم نقبل وأمي رفضت بشدة فصلنا عنها، وعندما ح��اول أحدهم التحرش بأختي ون��زع غطاء رأسها ق��ام بذبح أمي وأخي أمام أعيننا» .تضيف وهي تجهش بالبكاء« :أخذونا بسيارات بيك أب إلى بيت في موصل .كنا نحو 500إيزيدية ،كان أعضاء التنظيم يطلبون
امرأة شابة يزيدية هاربة من بلدة سنجار بعد تهديدها بالقتل من تنظيم داعش
دنيا وندى الشقيقتان املختطفتان من قبل داعش في كوجو (املجلة)
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
43
تحقيق
عراقيات من الطائفة االيزيدية يحملن بطاقات الحصص الغذائية لحصول على الطعام في مخيم بالقرب من نهر دجلة في محافظة دهوك غرب كردستان بعد فرارهن من جحيم داعش
نساء دفعن الفدية وأخريات هربن قبل بيعهن في أسواق : الجواري يروين قصصهن لـ
سعر اجلارية يف أسواق «داعش» يبدأ من 10دوالرات فقط 42
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
مجلة العرب الدولية شهرية سياسية
تأسست في لندن عام 1980
www.majalla.com
مجلة العرب الدولية شهرية سياسية
اشرتك اآلن واحصل على نسختك الورقية
تأسست في لندن عام 1980
العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
للحصول على العدد اسـتخـدم هاتفــك ال ــذكي لـمــسح هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم 10
ISSN 1319-0873
9 771319 087013
Issue 1600 - October 2014
فورن أفيرز /أيار /مايو 57 - 2014
www.majalla.com
شؤون سياسية
الداعية وجدي غنيم في مطار حمد الدولي يستعد ملغادرة الدوحة ودون أن يعلن عن وجهته
بإيقاف نشاطهم التنظيمي في الداخل ،وقطع العالقات مع تنظيم اإلخوان في الخارج ،ووعدتهم مقابل ذلك بالدعم الالزم ،وتوفير سبل العيش الكريم، وفتح مجاالت ومنافذ العمل أمامهم وتبنيهم ،موضحا« :لكن تعنت اإلخوان، واس�ت�م��راره��م ف��ي عملهم ،ت��راف��ق م�ع��ه ت�ح��رك م��رك��ز م��ن أط ��راف خارجية الستهداف اإلم ��ارات ،وال�ظ��روف التي تمر بها املنطقة لم يضع أم��ام الدولة خ�ي��ارا ،إال أن تتخذ موقفا حاسما ت�ج��اه اإلخ ��وان م��ن أج��ل حماية السلم االجتماعي واألمن الوطني».
اجتثاث التنظيم
التغلغل اإلخواني في اإلمارات يكشف أن األسلوب األمثل للتعامل مع هذا التنظيم هو في اجتثاثه ومصادرته وحله ألنه لن يتوقف عن إثارة الفوضى واختطاف حق الشعب
40
ت�ص��اع��دت وت�ي��رة ال �ص��دام ب�ين السلطات الرسمية وك ��وادر ال�ج�م��اع��ة ،حني صرح مصدر مسؤول في اإلدارة العامة لشؤون الجنسية واإلقامة واملنافذ باإلمارات ،أكد فيه أن السلطات أصدرت بتاريخ 4ديسمبر (كانون األول) ،2011أمرا يقضي بسحب الجنسية من عدد من أعضاء جماعة اإلخوان املسلمني في اإلم��ارات ،وهم -وفق ما نشرته صحيفة «اإلم��ارات اليوم» :- حسني الجابري ،حسن الجابري ،إبراهيم املرزوقي ،شاهني الحوسني ،علي الحمادي ،محمد عبد الرزاق محمد الصديق العبيدلي (ويضاف إليهم بحسب بيانات دعوة اإلصالح ،أحمد غيث السويدي). ونقلت الصحيفة عن املصدر امل�س��ؤول أن سبب سحب الجنسيات يعود لقيامهم بأعمال تعد خطرا على أمن الدولة وسالمتها ،وأن املذكورين كانوا في األصل يحملون جنسيات دول أخرى ،وأن السلطات املختصة منحت لهم جنسية الدولة بالتجنس .وأضاف املصدر أنهم عملوا خالل السنوات املاضية على القيام بأعمال تهدد األم��ن الوطني لدولة اإلم��ارات العربية املتحدة من خالل ارتباطهم بمنظمات وشخصيات إقليمية ودولية مشبوهة ،كما ارتبط بعضهم بمنظمات وجمعيات مشبوهة ،مدرجة في قوائم األمم املتحدة املتعلقة بمكافحة تمويل اإلرهاب. غير أن النشطاء ردوا على التهم وقالوا إنهم يعاقبون على املطالبة باإلصالح السياسي ،وأض��اف��وا ف��ي بيان لهم نشره موقع «دع��وة اإلص�ل�اح» ف��ي 20 ديسمبر « :2011اتخذ تجاهنا إج��راء جائر غير قانوني ،مخالف لحقوق اإلنسان األصلية ،ودستور الدولة ،والقوانني الصادرة فيها ..والجامع بيننا أننا دعاة لإلصالح ننتمي لجمعية اإلصالح االجتماعي» ،موضحني« :شارك بعضنا ف��ي التوقيع على عريضة 3م��ارس (آذار) ،2011رف�ع��ت لرئيس الدولة ،تطالب بإصالحات في السلطة التشريعية في الدولة ،وذلك بأن تجري انتخابات صحيحة للمجلس الوطني ،وأن يؤدي دوره بصالحيات كاملة». بعد صدور هذا البيان بيومني ..أصدر النشطاء بيانا إلحاقيا غاضبا وبلغة
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
تصعيدية عبر موقع «دعوة اإلصالح» أيضا قالوا فيه إن التهم املوجهة إليهم كاذبة ،عارية عن الصحة ،ووصفوا فيه أجهزة األمن بـ«الفاسدة» ،ووكالء النيابة بـ«املأجورين» ،مؤكدين أن الشعوب قد «ملت من الدول الديكتاتورية املستبدة ،وألقت بأجهزة األمن في مزبلة التاريخ». لكن اإلم��ارات استمرت في خطواتها الصارمة في مواجهة ك��وادر اإلخ��وان اإلماراتيني ،فقامت السلطات األمنية باعتقال وإيقاف العشرات منهم (قرابة 60ع�ض��وا) ،ونشرت صحيفة «اإلم ��ارات ال�ي��وم» في 22سبتمبر (أيلول) 2012خبرا يكشف االتهامات املوجهة لكوادر الجماعة املوقوفني ،وتمثلت في االنتماء لتنظيم ّ سري ،وتأسيس جناح عسكري ،هدفه االستيالء على السلطة ،وإقامة حكومة دينية في اإلمارات ،بوسائل غير مشروعة. وبحسب الصحيفة ،ف��إن امل�ص��ادر الرسمية ش��ددت على أن قضية أولئك ً املوقوفني جنائية بحتة ،وال صلة لها بكونهم دع��اة دينيني ،وال أشخاصا يدافعون عن قضايا سياسية أو يطالبون بإصالحات ،في ظل «اعترافاتهم املوثقة بإنشاء إطار تنظيمي ّ سري تابع للتنظيم العاملي لـ(اإلخوان املسلمني) يمتلك أم��واال وي��دي��ر استثمارات ،ويجمع تبرعات لصالحه» .وأض��اف��ت أن امل��وق��وف�ين «أق ��روا أي�ض��ا بأنهم وج��دوا ف��ي أح��داث (ال��رب�ي��ع ال�ع��رب��ي) فرصة مالئمة لنشاطهم ،وأن لديهم جناحا عسكريا تأسس منذ عام 1988لتدريب املنتمني ،على أن يتواصل القياديون فيه مع الضباط ّ لضمهم إلى التنظيم بعد تقاعدهم» .وقالت املصادر إن املوقوفني ،طبقا العترافاتهم أثناء التحقيق، ّأسسوا هيكال تقليديا يشبه الهيكل التنظيمي لجماعة اإلخوان املسلمني في الدول العربية ،فهناك منسق عام ،ومكتب تنفيذي ،ومجلس شورى ،فيما تدير القواعد لجان فرعية على مستوى كل إم��ارة في الدولة ،وكل ذلك في إطار ثالثة أهداف رئيسة ،أولها تهيئة املجتمع للتنظيم ،بعد التغلغل فيه ،ثم االستيالء على السلطة ،وإقامة حكومة دينية ،وقبل ذلك استقطاب اثنني في املائة من املواطنني لعضوية التنظيم ،على أن يكون لهم في الحكومة نحو خمس حقائب وزارية ،واستثمارات تتعدى مليار درهم في الدولة( .وفقا ملا أوردته صحيفة «اإلمارات اليوم»).
مشروع اإلخوان ..واختطاف حق الشعب راش��د العريمي -اإلع�لام��ي والكاتب اإلم��ارات��ي -يعلق على مطالب «دع��وة اإلخ � ��وان» وم�ش��روع�ه��م ق��ائ�لا« :ل�ق��د أص�ب�ح��ت امل�ع��ارض��ة ن��وع��ا م��ن ال�ت��رف السياسي ،من خالل استيراد تجربة خارجية ،ومظلومية دول أخرى وتنزيلها على واقع دولة اإلمارات ،ولذلك لم تجد هذه الدعوة تلك الشعبية والتأثير ،بل هم يسعون إلى زرعها بالقوة». ويضيف العريمي في حديث ملجلة «املجلة»« :إن شعار اإلصالح الذي يرفعه اإلخوان يحمل موقفا منحازا ،وهو أن الواقع القائم واقع فاسد ويجب تغييره، إضافة إلى أن رفعهم لشعار اإلصالح واملطالبة به ال بد أن يكون منطلقا من تخويل الناس وتأييدهم ،أما مصادرة رأي العامة والتحدث باسمهم وتغيير الواقع بناء على مصالح فئة خاصة أو جماعة معينة ،فهذا ما نرفضه». وي�ض��ع العريمي ش��رط�ين الزم�ي�ن لقبول دع ��وات اإلص�ل�اح وال�ت��رح�ي��ب بها: «اإلصالح مطلب وال شك ،والكل ينشده ،ولكن بشرطني أساسيني :يجب أن يكون تحت مظلة الوطن محققا ملصلحته ووحدته ،ودون أي أجندة أو والءات خارجية ،حينها كلنا نرحب باإلصالح». ويؤكد العريمي أن التجربة اإلماراتية منذ وحدتها «شهدت ربيعا حقيقيا تمثل ف��ي التنمية امل�س�ت��دام��ة ،والنهضة املدنية العمرانية ،وتحقيق ال��رف��اه للمواطن ،مما جعلها أرض��ا ل�لأح�لام ،وموطنا للطاقات املبدعة واألف�ك��ار الخالقة». ُوفي الجانب السياسي يشير العريمي إلى برنامج «التمكني واملشاركة» الذي أعلن عنه ع��ام ،2005ويهدف إل��ى توسيع مشاركة امل��واط��ن اإلم��ارات��ي في العملية السياسية ،وجرى ذلك عبر انتخاب نصف أعضاء املجلس الوطني. فـ«القيادة اإلماراتية تعي جيدا أن الديمقراطية هي إجراءات متدرجة ،واإلمارات حققت مكاسب تاريخية كبرى ال بد من الحفاظ عليها عبر االنتقال املتدرج الناضج في املشاركة الديمقراطية»<
واستهداف مؤسسات التعليم ،واستحوذ أتباعها على األنشطة الطالبية الكشفية واملراكز الصيفية .ومع بداية عقد الثمانينات سيطرت الجماعة على قطاع التعليم العام وإدارة املناهج والتأليف في وزارة التربية والتعليم ،وفي عام 1988أصبح اإلخوان املسلمون ،هم الصوت األوحد واألقوى في مؤسسات الدولة التعليمية وفي جامعة اإلمارات. ومع تأسيس مجلة «اإلصالح» عام ،1978بدأت جمعية اإلصالح بالعمل على ضرب خصومها الفكريني من التيارات األخرى ،ودخلت الجماعة في صراع منذ بداية تأسيس الجمعية مع القوميني واليساريني ،وبعد ص��دور مجلة ّ «اإلصالح» نهاية السبعينات ،هاجمت املجلة وكتابها خصومها التقليديني من القوميني واليساريني ،وكتبت أكثر من مرة عن تغلغل الشيوعيني في مفاصل الدولة وتأثيرهم في الثقافة والتعليم .وقامت بالتشكيك في إسالم بعض مسؤولي الحكومة ،ونشرت املجلة فتاوى ح��ول ج��واز تولي بعض املسؤولني للمناصب الحكومية .وفي اتحاد الطلبة كانت الصدامات ال تتوقف بينهم وب�ين من وصفوهم ب��ذوي التوجه اليساري ،كما عملت املجلة على إظهار صورة نقية للجماعة وأتباعها ،بالحفاظ على قيم املجتمع والتحذير من الغزو الثقافي ،الذي يتمثل في نظرهم في إصالحات الحكومة في مجال التعليم واملناهج ،وف��ي وسائل اإلع�لام وبرامج التلفزيون املحلي ،وفقا ملا يقوله النقيدان. وكشف مصدر مطلع لـ«املجلة» أن الشرارة التي نبهت السلطات اإلماراتية إلى تغلغل اإلخوان اإلماراتيني في قطاع التعليم ،هي حني أراد أحد موظفي الحكومة االتحادية إكمال دراس��ات��ه العليا في الخارج -ك��ان ذل��ك في بداية التسعينات -فلما قدم طلبه للجنة االبتعاث ،قوبل بالرفض على الرغم من أن تقديره الجامعي كان (جيد جدا) ،األمر الذي أثار تساؤالت عدة ،هل يعني هذا أن جميع الطلبة املبتعثني يحملون تقدير (ممتاز) فال مكان ملن تقديره أقل من ذلك؟! أم أن هناك أمرا آخر؟! أثارت هذه الحالة تحريات السلطات التي كشفت بعد ذلك سيطرة كوادر الجماعة على التعليم ،ومن ضمنه االبتعاث، فال يستحق املوافقة لالبتعاث إال من كان يدين بأفكار اإلخوان ،أو منتميا للجماعة ،وه��و األم��ر ال��ذي أث��ار غضب السلطات ،ودفعها التخاذ خطوات ملواجهة جمعية اإلصالح وتقليص نفوذها ،وفقا ملا يقوله املصدر. يقول النقيدان إنه منذ عام 2003بدأت عملية نقل واسعة داخل وزارة التربية والتعليم ،ألكثر من مائة وسبعني من اإلخوان املسلمني وتحويلهم إلى دوائر
حكومية أخرى ،كان منهم 83موظفا ،انشغلت وسائل إعالم محلية وغيرها بالحديث عنهم .ومما زاد من مخاوف الحكومة اإلماراتية ،هو إصرار الجماعة على إلزام أعضائها بأخذ البيعة .حيث اعتبرت الحكومة أن من يعطي بيعته لشخص م��ا ،هو في الحقيقة يمنحه والءه التام ،ف��إذا ق��ام مواطن إماراتي بإعطاء بيعته لقائد حركي ،فهو يحمل والء م��زدوج��ا ،يجعل من انتمائه الحركي مساويا لوالئه ألرضه ووطنه وشيوخ بلده في أحسن األحوال. ومفهوم «بيعة املرشد» املؤصل في أدبيات اإلخوان املسلمني يبايع فيه العضو املرشد ،أو القيادة العليا بهذا النص« :أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جنديا مخلصا في جماعة اإلخوان املسلمني ،وعلى أن أسمع وأطيع في العسر واليسر واملنشط واملكره إال في معصية الله ،وعلى أثرة ّ علي ،وعلى أال أنازع األمر أهله ،وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمي في سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيال .والله على ما أقول وكيل». م��وض��وع «ال�ب�ي�ع��ة» واالرت �ب��اط بتنظيم خ��ارج��ي أزع��ج الحكومة االت�ح��ادي��ة، وحاولت الحكومة في البداية معالجة موضوع أعضاء اإلخوان عبر احتوائهم أوال والتحاور معهم وإقناعهم بالعدول عن ه��ذا املنهج ،ففي سلسلة من اللقاءات مع بعض الشخصيات املحسوبة على اإلخوان في ،2003عرضت السلطات اإلماراتية ثالثة خيارات على كوادر الجماعة من موظفي التعليم، وهي: أوال :إع��ادة تأهيلهم وإبقاؤهم في وظائفهم التعليمية ،بعد إعالن تخليهم عن الجماعة ،والتبرؤ من «بيعة املرشد» ،واملساهمة في بناء فكر إسالمي إصالحي معتدل ومتسامح ،وبعيد عن األحزاب والتنظيمات. ثانيا :التخلي عن الجماعة تنظيميا ،واحتفاظ كل شخص بأفكاره الخاصة، بشرط أال يقوم بترويجها أو الدعوة إليها ،وهنا يجري إبقاؤه داخل مؤسسات التعليم ،ولكن بعيدا عن التدريس والتواصل مع الطالب. ثالثا :توفير فرص وظيفية خارج املؤسسة التعليمية لكل من اختار البقاء على انتمائه الحزبي راف�ض��ا ع��رض الحكومة .كما ت�ق��وم الحكومة أيضا بإحالة من قاربت فترته على االنتهاء إل��ى التقاعد .بحسب ما ي��روي ذلك منصور النقيدان. وهذا األمر يؤكده الدكتور علي بن راشد النعيمي ،مدير جامعة اإلمارات ،في حديثه لبرنامج «حديث الخليج» مع سليمان الهتالن ،حيث قال إن الدولة قد دخلت في حوار طويل منذ سنني مع اإلخوان اإلماراتيني من أجل إقناعهم
املحكمة االتحادية العليا في أبو ظبي
لم تتوقف معارك القضاء اإلماراتي مع املنتمني للجماعات األصولية حيث كشفت السلطات اإلماراتية عن محاكمة خلية بتهمة االنتماء لتنظيم القاعدة
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
39
شؤون سياسية
على الرغم من مواقف املشككني أو الذين يرون فيها خطوة أقل من املطلوب ..ألقى إبعاد السلطات القطرية لعدد من قيادات وكوادر جماعة اإلخوان املسلمني من الدوحة بظالله على واقع أعضاء الجماعة الذين وفدوا إلى منطقة الخليج العربي ،ونشطوا فيها منذ مطلع السبعينات ،وشكلوا مع مرور الوقت حركة وعي وتنظيم مضاد الستقرار وأمن البالد التي استقبلتهم.
دول الخليج تنتفض ضد كوادر الجماعة وتبعدهم عن أراضيها
إخوان اإلمارات ..الفصل األخري دبي: عبد الله الرشيد
سيطر أعضاء اإلخوان في اإلمارات على قطاع التعليم العام وإدارة املناهج والتأليف في وزارة التربية والتعليم لنشر أفكارهم
38
أسدلت السلطات اإلماراتية الستار على أهم فصول تنظيم اإلخوان ألعضاء املجموعة تهمة «صنع املتفجرات دون الحصول على ترخيص بذلك في اإلمارات وحراكهم السري .اإلمارات التي كان لها زمام السبق من الجهات املختصة» .وقد مثل أمام املحكمة 11متهما من أصل ،15فيما في أنها أعلنت منذ وقت مبكر موقفها الحازم ،وحربها الصريحة جرى تأجيل املحاكمة إلى 23سبتمبر .2014 مع جماعة اإلخوان املسلمني ،وفروعها في الدول العربية ،باألخص في دول الخليج ،حني عبر وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد بوضوح ،محددا إخوان اإلمارات ..طبيعة الوجود مكمن الداء في فكر جماعة اإلخوان ،قائال« :إنهم ال يحترمون سيادة الدول».. فكان موقف القضاء والقانون واضحا حني ألقت السلطات اإلماراتية مطلع قصة اإلخوان في اإلمارات قديمة ،هي بذاتها تشكل نموذجا متكامال لطبيعة 2013القبض على خلية مصرية تابعة لجماعة اإلخوان تنشط في اإلمارات؛ الوجود اإلخواني في دول الخليج ،وأهدافه وأدواته ووسائله وغاياته. حيث ألقت السلطات األمنية في دولة اإلمارات القبض على ما وصفته بـ«خلية يعود جذرها إلى الهجرة اإلخوانية املبكرة لدول الخليج التي ترافقت مع رحيل سرية» لتنظيم اإلخوان املسلمني تضم أكثر من 10أشخاص بقيادة الجماعة قيادات إخوانية إبان فترة حكم جمال عبد الناصر ،لكن اآلراء والتحليالت األم في مصر ،حسبما أف��ادت صحيفة «الخليج» اإلماراتية ،حيث تسعى تختلف ف��ي تحديد ب��داي��ة فعلية لنشاط اإلخ����وان ف��ي اإلم�����ارات ،وم��ص��ادر الخلية اإلخوانية إلى «تجنيد أبناء الجالية املصرية في اإلم��ارات لالنضمام تغذيتهم األساسية .يتحدث الدكتور عبد الله النفيسي في دراسته «اإلخوان إلى صفوف التنظيم ،كما أنهم أسسوا شركات وواجهات تدعم التنظيم على املسلمون التجربة والخطأ» ،عن ح ّ��ج الهضيبي ع��ام 1973فيقول« :وفيه أرض الدولة ،وجمعوا أمواال طائلة وحولوها إلى التنظيم األم في مصر بطرق عقد ّأول اجتماع ّ موس ٍع لإلخوان ..ونظرا ألن معظم اإلخوان في الخارج قد ٍ ّ غير مشروعة ،كما كشفت التحريات تورط قيادات وعناصر التنظيم في هاجروا إلى منطقة الخليج والجزيرة العربية ،فقد تركز عمل لجنة العضوية ّ في تلك املناطق :فتشكلت لجنة الكويت ،ولجنة قطر ،ولجنة اإلمارات» .ويشير عمليات جمع معلومات سرية حول أسرار الدفاع عن الدولة». وبحسب املصدر ،كشفت السلطات عن «وج��ود عالقات وثيقة بني تنظيم النفيسي إلى وظيفة إخوان الخليج في نظر التنظيم الدولي ،قائالّ : «إن أقطار اإلخ��وان املسلمني املصري وقيادات التنظيم السري في اإلم��ارات املنظورة قضيته في نيابة أمن الدولة ،حيث كان هناك تنسيق مستمر بني الطرفني، ولقاءات سرية ،ونقل للرسائل واملعلومات بني تنظيم اإلخوان في مصر وقيادة التنظيم السري ،وقدم تنظيم اإلخوان املسلمني املصري في اإلمارات العديد من الدورات واملحاضرات ألعضاء التنظيم السري حول االنتخابات وطرق تغيير أنظمة الحكم في الدول العربية». بعد مداوالت قضائية استمرت على مدى عام كامل ،قرر القضاء اإلماراتي أحكامه في حق الخلية اإلماراتية أواخر يناير (كانون الثاني) ،2014حيث أمرت املحكمة االتحادية بـ«حل تنظيم اإلخوان املسلمني املصريني على ساحة دولة اإلمارات العربية املتحدة وإغالق مكاتبه العامة كافة والفرعية مع مصادرة األدوات واألجهزة املضبوطة» .وإبعاد املتهمني األجانب بعد تنفيذ العقوبة، التي كانت بسجنهم ملدد تتراوح بني خمس سنوات وثالثة أشهر. لم تتوقف معارك القضاء مع املنتمني للجماعة األصولية ،سواء كانت جماعة اإلخوان املسلمني ،أو غيرها ،حيث كشفت السلطات اإلماراتية مطلع سبتمبر (أي��ل��ول) امل��اض��ي ع��ن محاكمة مجموعة ج��دي��دة تضم 15إسالميا بتهمة االنتماء لتنظيم «جبهة النصرة» ،وهو فرع «القاعدة» في سوريا ،وتنظيم «أحرار الشام» ،وتحويل األموال لهما ،بحسب ما أفادت وكالة األنباء اإلماراتية الرسمية. ووجهت النيابة العامة إلى املتهمني الـ 15تهمة «االلتحاق واالنضمام وجمع وتحويل األم��وال إلى منظمتني إرهابيتني خ��ارج الدولة هما جبهة النصرة وأحرار الشام التابعتني لتنظيم القاعدة اإلرهابي» .كما وجهت النيابة العامة
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
بثقل يفوق أهميتها بكثير ،فحاجة التنظيم الدولي الخليج والجزيرة ممثلة ٍ ل�لإخ��وان للمال تجري تلبيتها م��ن خ�لال ذل��ك ،فمندوبو السعودية وقطر واإلمارات والبحرين والكويت يجري دائما توظيفهم في عملية جباية األموال للتنظيم الدولي لإلخوان». وفي هذا العام نفسه ..1973يؤكد األستاذ سالم النعيمي -كاتب وباحث إماراتي -في حديث ملجلة «املجلة» أن البدايات األولى لوجود اإلخوان املسلمني في اإلمارات تعود إلى هذا التاريخ حني هاجر إلى اإلمارات عدد من املدرسني واألساتذة املصريني (اإلخوان) الباحثني عن العمل في دولة اإلمارات ،ويؤكد النعيمي أنه «في تلك الفترة لم تكن مشاريعهم ورؤاهم واضحة أو معروفة، ولم يكن املواطن اإلماراتي يعي من هم جماعة اإلخوان املسلمني». بعد تأسيس جمعيات اإلصالح في اإلمارات ،نشطت كوادر اإلخوان املسلمني عبر قطاع التعليم ،من خالل املساهمة في صياغة مناهج التعليم ،والسيطرة على النشاط الطالبي ،يؤكد ذلك األستاذ سالم النعيمي الذي قال إن الجماعة بفكرها لم يكن مرحبا بها بني أوساط الشعب بعمومه ،حيث املواطن اإلماراتي متدين بفطرته ،ولم تكن الدعوات إلى تقنني اإلسالم وجعله في قوالب تنظيمية مفصلة عبر البيعة ،والتقسيم األسري ،واالقتداء بقيادات خارجية ،جذابة أو تجد لها صدى بني عموم الناس ،ولذلك سعى اإلخ��وان في اإلم��ارات إلى استقطاب الطالب منذ الصغر من خالل زرع أدبياتهم عبر املناشط الدراسية والتعليمية. م��ن جانبه ي��رى الباحث السعودي منصور النقيدان أن جمعية اإلص�لاح والتوجيه االجتماعي عملت منذ تأسيسها على استقطاب الطالب والناشئة
الشيخ خالد آل خليفة رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع واألم ��ن ال��وط�ن��ي ف��ي مجلس ال �ش��ورى البحريني ع��د أن أع��داد املواطنني البحرينيني الذين جنستهم دول��ة قطر محدودة لكن األهم هو عملية االستهداف واإلغراء والتحريض لترك الجنسية البحرينية ال��ذي تمارسه قطر ،وق��ال :إن قطر تعمل على هدم البنية السياسية التحتية ململكة البحرين باستهدافها الواضح واملكشوف للعائالت السنية العربية. وكان الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني انتقد ف��ي وق��ت سابق م��ا وصفه ب�ـ «امل�ش��روع ال�ق�ط��ري» إلغ��راء البحرينيني بالجنسية القطرية بدعوى االنتماء العائلي ،وأشار وزير الخارجية البحريني حينها إلى أن قطر تجنس فقط السنة من القبائل العربية وتغلق الباب أمام الشيعة البحرينيني ،وقال: إن «قطر تجنس بحرينيني وهذا يؤثر على استقرار بلدنا ،كما نرفض التمييز بني املواطنني». البحرين ف��ي ال��راب��ع م��ن سبتمبر أخضعت «ص�لاح الجالهمة للتحقيق من قبل النيابة العامة بسبب حصوله على الجنسية القطرية وتنازله عن جنسيته البحرينية بطريقة مخالفة للقانون، فيما تم إخالء سبيله بعد تقديمه العتذار مكتوب عما صدر منه وتعهده بتصحيح أوضاعه القانونية بموجب قانون الجنسية البحريني». أش��ار مصدر بحريني مطلع إلى أن عدد الذين جنستهم قطر من املواطنني البحرينيني منذ بدء التوتر حول هذا امللف حتى اآلن يبلغ مئات األشخاص ممن ينتسبون للعائالت السنية في البحرين ،فيما تؤكد البحرين أن قطر تستهدف أمنها وبنيتها التحتية السياسية واألمنية. في سياق إيقاف «املشروع القطري» كما تسميه البحرين ،طلبت امل�ن��ام��ة م��ن مواطنيها املعنيني -ممن حصلوا على الجنسية القطرية -بتصحيح أوضاعهم القانونية وأن كل من يخالف أحكام قانون الجنسية -سواء بعدم الحصول على اإلذن السابق
أو التخلف عن تصحيح األوض��اع القانونية خالل املدة الزمنية امل�ح��ددة -س��وف توقع عليه ال �ج��زاءات املنصوص عليها وفقا للقانون البحريني. وأكدت املنامة على أن مسألة الجنسية هي أمر يتعلق بسيادة مملكة البحرين وب��ال�ت��ال��ي فمن ح��ق اململكة ات�خ��اذ اإلج ��راءات القانونية واإلدارية الالزمة تجاه ذلك. الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة وزير الداخلية ،قال :إن هناك استياء عاما من التصرفات التي أقدمت عليها دولة قطر بإغراء املواطنني البحرينيني بالجنسية القطرية ،والطلب منهم التخلي عن جنسيتهم األصلية ،التي يفتخر بها أبناء البحرين جميعا. وق��ال :إن «مثل ه��ذا السلوك يتنافى م��ع روح األخ��وة التي كنا نأمل أن تسود بني األشقاء ،وتتعارض مع روح التعاون لالتحاد الخليجي الذي كنا نتطلع إليه». وأضاف« :البحرين ما زالت تدعو إلى األخذ باملواطنة الخليجية، وعاملت جميع اإلخوة من دول مجلس التعاون وفق هذا املبدأ، انطالقا م��ن أننا أه��ل ،ويجمعنا نسب واح��د وتربطنا أواص��ر العقيدة واللغة وال�ت��اري��خ املشترك ونعمل سويا وف��ق منظومة مجلس التعاون ومظلة الجامعة العربية». وع��د وزي��ر الداخلية البحريني أن «م��ا ي��دع��و ل�لأس��ف أن تقود اإلجراءات غير القانونية التي اتخذتها دولة قطر إلى توقيف أحد أبناء العائالت البحرينية ،ونحن نعلم أن أهله وأمثالهم من الذين أخلصوا للبحرين ولهم تاريخ مشرف وسمعة طيبة ال ينتهي بهم األمر إلى مخالفة القانون والتوقيف وغيره من اإلجراءات». يشار إلى أن قانون الجنسية يتيح لوزير الداخلية املالحقة القانونية ملن اكتسب جنسية أخ��رى ،فيما يتيح قانون الجنسية البحريني ملواطني مملكة البحرين اكتساب جنسية دولة خليجية أخرى بعد الحصول على إذن مسبق من وزارة الداخلية البحرينية ،ويمنع القانون اكتساب العسكري ألي جنسية أخرى قبل مرور 5سنوات على تقاعده أو فصله من املؤسسة العسكرية <
صورة ارشيفية لرجل بحريني يحمل جواز سفره وأوراق االقتراع بينما ينتظر لالدالء بصوته في مركز اقتراع في الضاحية الشمالية ملدينة املنامة - أكتوبر عام ( 2010غيتي)
قانون الجنسية البحريني يتيح لوزير الداخلية املالحقة القانونية ملن اكتسب جنسية أخرى
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
37
شؤون سياسية
في 17سبتمبر (أيلول) صعدت البحرين من لغتها تجاه قطر ،وهددت باتخاذ إجراءات «معاكسة» ولم تفسر طبيعة هذه اإلجراءات حينها ،إال أن مطلعني أكدوا أن املقصود مالحقة املواطنني الذين تخلوا عن جنسيتهم البحرينية األصلية.
أحد أسباب أزمة السفراء
املنامة والدوحة ..ملف التجنيس ما زال مفتوحا املنامة: عبيد السهيمي
وزير الداخلية البحريني: استياء عام من التصرفات التي أقدمت عليها الدوحة بإغراء املواطنني البحرينيني بالجنسية القطرية
الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة
36
م�ل��ف تجنيس ق�ط��ر للبحرينيني ،وه��و امل �ل��ف ال ��ذي لم يحسم حتى اآلن من ملفات خالفات الدوحة مع العواصم الخليجية الـ« 3الرياض وأبوظبي واملنامة» ،حيث وصفت املنامة على لسان مسؤول رفيع فيها ما تقوم به الدوحة بـ «غير الودي ،واملهني» ،كما سمت تجنيس البحرين بـ«املشروع القطري» لإلخالل بأمن واستقرار اململكة الخليجية الصغيرة. ع��دت امل�ن��ام��ة أن أح��د إش �ك��االت ال�ق�ط��ري م��ن ج�ه��ة وال�س�ع��ودي واإلماراتي والبحريني من جهة أخرى هو التجنيس. مجلس التعاون ل��دول ال��دول الخليج العربية ال��ذي يضم 6دول ك ��ادت أن تعصف بمستقبله أزم ��ة «ال �س �ف��راء» ح�ي��ث سحبت الدول الـ 3سفراءها من الدوحة في مارس (آذار) في خطوة غير مسبوقة على صعيد العالقات الخليجية ،فباإلضافة إلى دعم الدوحة لجماعة اإلخوان املسلمني ،واستضافة قياداتها ،كان منح الجنسية القطرية للمواطنني البحرينيني من عائالت سنية عربية واح��دا من امللفات الخالفية مع ال��دوح��ة ،ال��ذي ظهر في املرحلة األخيرة من األزمة مع الدوحة. ك��ان الخالف مع ال��دوح��ة بانتهاجها لسياسات معادية للدول ال �ـ ،3ال سيما م��ن خ�لال دع��م جماعة اإلخ ��وان املسلمني ،ومن بني املسائل الخالفية قيام الدوحة بتجنيس بحرينيني ،وتتهم العواصم الخليجية الـ 3الدوحة بتعمد تجنيس بحرينيني ينتمون إلى أسر وقبائل سنية لها امتدادات خارج البحرين.
تحذيرات املنامة إلى الدوحة في أغسطس (آب) املاضي أعلنت الدول الخليجية تنحية خالفاتها الداخلية جانبا ملواجهة املخاطر اإلقليمية معا ،ال سيما صعود تنظيم «داعش» ،دون اتخاذ قرار بإعادة السفراء ،إال أن التراشق القطري البحريني ما زال مستمرا حول ملف التجنيس ،مما يهدد باستمرار أزمة «السفراء» حيث طلبت الكويت في 25سبتمبر على لسان أحد دبلوماسييها أال يؤثر التراشق لالحتواء بني املنامة والدوحة على عودة السفراء. في ه��ذه األزم��ة وجهت املنامة 3تحذيرات إل��ى ال��دوح��ة األول والثاني على لسان وكيل وزارة الداخلية ل�ش��ؤون الجنسية والجوازات واإلقامة ،والثالث على لسان وزير الداخلية. نمت أزمة تجنيس قطر للبحرينيني في ظل أزمة أخرى تعاني منها املنامة ،حيث واجهت على مدى السنوات املاضية وتحديدا منذ فبراير (ش�ب��اط) من العام 2011اضطرابات أمنية ،كانت تعتمد فيها البحرين على تكاتف أبناء املجتمع البحريني حول قيادته ،وكما
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
يؤكد مصدر بحريني أن املنامة اعتمدت ف��ي مواجهة موجة االضطرابات على أبناء العائالت العربية السنية في قيادة األجهزة األمنية والجيش لتتجاوز البحرين هذه األزمة ،ويضيف املصدر «العمود الفقري للجيش واالستخبارات واألم��ن هم أبناء هذه العائالت». طفت األزمة على السطح بعد أن أوقفت املنامة مواطنا بحرينيا ح��اص�لا ع�ل��ى ال�ج�ن�س�ي��ة ال�ق�ط��ري��ة (ص�ل�اح م�ح�م��د ال�ج�لاه�م��ة) في الرابع من سبتمبر ،وتصاعد الجدل ح��ول قانونية إيقاف الجالهمة ،والتزمت حينها األجهزة األمنية البحرينية الصمت، وات�خ��ذت كافة اإلج ��راءات القانونية كما فسرت الح�ق��ا ،لتعلن في 14سبتمبر أنها أفرجت عن الجالهمة بعد تقديم اعتذار وتعهد بتصحيح أوضاعه من الناحية القانونية بموجب قانون الجنسية البحرينية. حينها أكدت املنامة على لسان وكيل وزارة الداخلية أن اكتساب جنسية دولة أخرى يستوجب الحصول على املوافقة املسبقة من وزير الداخلية ،وحتى في حالة املوافقة والحصول على اإلذن فإن الشخص يظل بحرينيا ،علما بأن سحب الجنسية أو فقدانها أو إسقاطها ال يتم إال ب��األدوات التي حددها القانون ،وطالبت مواطنيها بالتنبه إلى أهمية حماية حقوقهم القانونية ،وأن الدولة جادة في تطبيق القانون. كانت مشكلة الجالهمة رأس جبل الجليد ،فيما تقدر بعض املصادر الحاصلني على الجنسية القطرية بمئات األشخاص ممن ينتسبون للعائالت السنية في البحرين. قبل أن تتصاعد حدة الخالف بني العاصمتني الخليجيتني حول أزمة التجنيس كانت املنامة تخاطب الدوحة بأنها على «ثقة أن قطر الشقيقة ستعمل على مراجعة موقفها في هذا الشأن ،حيث إن تجنيسها ملواطنني بحرينيني ينعكس سلبا على أمن اململكة ومصالحها الوطنية العليا».
استهداف واغراء رفعت املنامة من حدة خطابها املوجه للدوحة حيث قالت« :إن دولة قطر ما زالت مستمرة في عملية تجنيس البحرينيني ولم تلتزم بإيقاف ذلك وفقا ملا تعهدت به سابقا». في الخطاب الثالث قالت املنامة إن استمرار قطر في تعاملها «غير ال��ودي ،واملهني» وممارسة التحريض على ترك الجنسية البحرينية سوف يضطر البحرين إلى «اتخاذ إجراءات معاكسة ما كان املسؤولون في مملكة البحرين يتطلعون إلى اللجوء إليها، وعليه ندعو دولة قطر إلى وقف تلك اإلجراءات غير املبررة».
لم تتوقف التسريبات الغربية بوجود تنسيق غربي سري مع إي��ران على صعيد العمل امليداني ،بالتوازي مع دور آخر معلن في التحالف الدولي ضد «داعش» يتجلى في قيام النظام اإليراني بتقديم الدعم واالستشارات ألكراد العراق في مواجهة مسلحي «الدولة اإلسالمية». يبدو أن املساعي الغربية املزمنة لتعزيز الفجوة بني السنة والشيعة في املنطقة بغية حماية املصالح الغربية واإلسرائيلية والحيلولة دون حدوث تفاهم أو تنسيق استراتيجيني بني الدول والشعوب اإلسالمية ،تفخخ جهوده الحثيثة هذه األيام لتشكيل ائتالف دولي إقليمي ضد «داعش» .ففي وقت تبحث فيه واشنطن عن غطاء عربي سني لحربها على «داع��ش» لدحض ادعاءات األخيرة أنها تتحدث باسم السنة املضطهدين في سوريا والعراق اآلن ،ولكيال يفسر التحالف الدولي ضد اإلسالم الراديكالي السني على أنه انحياز أميركي إلى جانب الشيعة ضد السنة في املنطقة -تبدو إدارة أوباما مضطرة إلى التنسيق مع إيران ،صاحبة التأثير األكبر في سوريا والعراق. وتطوي سحب الغموض التي تخيم على عالقات واشنطن وطهران ونظام األسد بني ثناياها بواعث لتأجيج الهواجس الطائفية لدى الدول السنية في املنطقة ،خصوصا مع تفاقم التوتر وعدم االستقرار الداخلي في اليمن وسط تدخل إيراني سافر وتواطؤ أميركي جائر .فهناك تخوف سني من جنوح الغرب وإيران لشيطنة اإلسالم السني ،استنادا إلى تصور مفاده أن اإلسالم السني ،دون نظيره الشيعي ،هو معمل تفريخ الحركات الراديكالية املعادية للغرب على شاكلة «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» وغيرها ،وقد عزز من هذا الهاجس السني أن الحرب على اإلرهاب ال تستهدف سوى التنظيمات املتطرفة السنية فقط دون الشيعية منها ،إذ يغض الغرب الطرف عن تنظيمات إسالمية شيعية متطرفة تعمل في سوريا والعراق ،ال يتورع نظام األسد عن االستقواء بها في مواجهة الثورة الشعبية ضده ،كـ«حزب الله» و«عصائب أهل الحق» و«سرايا األشتر» وآخ��رون يبلغ عددهم 28 فصيال شيعيا. وال يخفي العرب مخاوفهم من أن تفضي الحرب على «داعش» إلى حدوث تقارب أميركي -إيراني يمهد بدوره السبيل إلمكانية تقبل دور ما لألسد في املرحلة التالية من تلك الحرب داخ��ل األراض��ي السورية ،حيث يفرض االحتياج الغربي لتعاون نظام األسد نفسه على مسرح األحداث ،ال سيما أن القوى الغربية تبني استراتيجيتها على استحالة التدخل امليداني ألي قوات أطلسية أو غربية وتعول على قوات محلية في العراق وسوريا ينتظر أن تحارب بالوكالة نيابة عن الدول األساسية في التحالف عبر التوغل البري داخل العراق وسوريا ،كالجيش العراقي ،الذي أعلن كيري عن عملية عاجلة إلع��ادة تأهيله ،وق��وات البيشمركة الكردية املنظمة وغير املمذهبة ،التي ال تتردد كل من بريطانيا وأميركا في دعمها وتزويدها بالعتاد العسكري لصد تمدد «داعش» ،إضافة إلى بعض وحدات الجيش السوري الحر. ويغذي مخاوف العرب السنة ،ما بدا من انحياز أميركي فج إلى األقليات الشيعية العربية في كل ال�ث��ورات الشعبية العربية ،تجلى في تمكينها أو تشجيعها على الحراك ،حيث تلقى بعض هذه الفصائل تدريبات عسكرية على أي��دي الجيش األم�ي��رك��ي خ��اص��ة ف��ي ال �ع��راق ،ف��ي ح�ين تماطل اإلدارة األميركية في دعم املعارضة السورية السنية املعتدلة وتتلكأ في تسليح «الجيش الحر» السني ،بينما تتغاضى في املقابل عن جرائم «حزب الله» و«عصائب أهل الحق» وغيرهما من التنظيمات الشيعية املسلحة املتعاونة مع الحرس الثوري اإليراني ضد املعارضة السنية في سوريا ،التي تصنف واشنطن بعضها كجماعات إرهابية! بل إنها تغاضت حتى عن استخدام النظام السوري األسلحة املحرمة ضد املعارضني السنة من شعبه. فرصة إيرانية: لم تفتأ طهران تتحرى السبل كافة للمشاركة في التحالف الدولي واإلقليمي ضد «داعش» بغية بلوغ حزمة من املقاصد واألهداف ،التي يأتي في صدارتها: توظيف ه��ذه املشاركة من أج��ل إع��ادة صياغة االصطفافات والتحالفات اإلقليمية في املنطقة من جهة ،ولترميم عالقاتها الدولية من جهة أخرى، بما يعينها على التفلت من أي صدام جديد محتمل مع الغرب على خلفية برنامجها النووي يستتبع بدوره جولة جديدة من العقوبات. وتراهن طهران على أن يفضي تطييف الحرب على «داع��ش» و«النصرة»
باعتباره يمثل إرهاب اإلسالم السني الراديكالي ،إلى تعزيز فرص نجاح جهودها الرامية إلى تهيئة الفرصة لحليفها بشار األسد كيما يكون جزءا من التحالف الدولي واإلقليمي املنخرط في تلك الحرب ،بطريقة أو أخرى، بوصفه نظاما علويا شيعيا يحارب ما يعتبره «إرهابا سنيا» ،يسمي نفسه ث��ورة شعبية لإلطاحة بنظام طائفي فاشل ومتسلط ،خصوصا بعدما طالبت املستشارة السياسية واإلعالمية للرئيس السوري بشار األسد ،بثينة شعبان ،أن تكون بالدها جزءا من التحالف الذي تقوده واشنطن ملواجهة «داعش» .هذا في الوقت الذي ترى فيه واشنطن أن األسد يمثل تهديدا محليا، بينما تمثل «داعش» تهديدا عامليا. وإذا كان نجاح التحالف الدولي ضد «داعش» يبقى مرتهنا بقيام توافق دولي وإقليمي على تعليق الصراع املذهبي الشيعي -السني حتى بلوغ مقاصد هذا التحالف ،يبدو حريا بواشنطن مثلما راعت حساسية املوقف التركي وحصرت دور أنقرة ضمن التحالف الدولي ملحاربة «داعش» في وقف عبور العتاد العسكري من السالح والذخيرة ،كما تسلل املقاتلني األجانب ،عبر أراضيها لالنضمام إلى صفوف «داعش» و«النصرة» في العراق وسوريا -أن تحدد معالم أي دور إيراني ممكن في الحرب على «داعش» ،بحيث تتعهد طهران وتلتزم بسحب القوات وامليليشيات اإليرانية كافة وجميع التنظيمات الشيعية والسنية املسلحة من كلتا الدولتني املنكوبتني ،وأن تتوقف طهران عن خلق ودعم الجماعات وامليليشيات املسلحة في املنطقة كـ«حزب الله» اللبناني وقوات «بدر» العراقية ولواء أبو الفضل العباس ،والحوثيني في اليمن وعشرات أخرى مثلها ،كيما تصير أدوات وأذرعا إليران في البلدان املحيطة والقريبة. على أن يواكب ذلك تحرك أميركي عاجل لتوجيه رسائل طمأنة للمجتمع الدولي ب��أال تتمخض مشاركة طهران في محاربة «داع��ش» عن تقديم أي تنازالت لها أو التهاون معها فيما يخص برنامجها النووي ،وأخرى للدول السنية تحديدا تتضمن تأكيد استبعاد األسد من أي تحالف ضد «داعش» حتى ال يستغله في إعادة تبييض وجهه أمام العالم ،والحيلولة دون استفادته من أي أعمال عسكرية ضد مقاتلي التنظيم ومعاقله داخل سوريا في تقوية مركزه القتالي ،واتخاذ إجراءات صارمة لتقويض ق��درات��ه العسكرية الغاشمة ووق��ف الجرائم التي يقترفها بحق شعبه؛ كفرض مناطق لحظر الطيران مثال في األجواء السورية ورفع مستوى تسليح املعارضة السورية املعتدلة ،بالتوازي مع وضع خطة إلحداث تغيير سياسي داخل سوريا يمهد السبيل إلبعاد األسد عن السلطة على غرار ما جرى مع املالكي في العراق <
ايرانيون يلوحون باالعالم خالل مظاهرة حاشدة ضد تنظيم «داعش» في ساحة اإلمام الحسني بالعاصمة طهران (غيتي)
مخاوف العرب السنة ما بدا من انحياز أميركي فج إلى األقليات الشيعية العربية في كل الثورات الشعبية العربية
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
35
شؤون سياسية
بعدما عكفت إدارة أوباما طيلة جهود تشكيل التحالف اإلقليمي والدولي ملحاربة «داعش» على نفي أي احتماالت ملشاركة إيران في هذا التحالف جراء مساندتها نظام األسد ودعمها اإلرهاب في مناطق كثيرة، حسب زعم وزير الخارجية األميركي جون كيري -فاجأ األخير العالم بتصريح مغاير ،خالل ترؤسه جلسة بمجلس األمن الدولي لبحث التطورات األمنية في العراق ،أكد خالله أن «إليران دورا يجب أن تلعبه في مكافحة انتشار تهديدات«داعش».
تخوف أوباما من أن يفضي استبعاد طهران من التحالف إلى دفعها نحو تشكيل تحالف مضاد
أمريكا ومشاركة إيران يف احلرب على «داعش» واشنطن: بشير عبد الفتاح
تحذيرات خبراء أمنيني من احتماالت تحول إيران إلى مالذ آمن وبيئة حاضنة لفلول تنظيم «داعش»
34
كثيرة هي العوامل التي حملت واشنطن على هذا التراجع بشأن مشاركة إيران في الحرب على «داعش»؛ من أبرزها: تخوف إدارة أوباما من أن يفضي إصرارها على استبعاد طهران من هذا التحالف إلى دفعها نحو تشكيل ما يشبه التحالف املضاد أو املعرقل مع كل من روسيا وسوريا األسدية ،إذ بدأت طهران تتبنى األطروحات ذاتها التي يروجها الطرفان والتي تعتبر أي تحرك عسكري في العراق وسوريا، بغير مظلة من القانون الدولي أو تفويض من األمم املتحدة ومجلس األمن الدولي ،عدوانا على سيادة الدولتني وانتهاكا صارخا للقانون الدولي بذريعة محاربة اإلرهاب .وبينما اعتبرت طهران أن التحالف الدولي والهجمات الجوية سوف يشعالن املنطقة ،وصفت مؤتمر باريس ،الذي لم َ تدع إليه ،باملسرحية الهزلية ،معلنة عدم رغبتها في التحالف الدولي ضد «داعش» .هذا في الوقت ال��ذي ه��دد نظام األس��د بإسقاط أي مقاتالت تجوب سماء ب�لاده لتوجيه ضربات ضد معاقل «داع��ش» داخ��ل سوريا .ولقد عزز من هذه املخاوف ت��ح��ذي��رات خ��ب��راء أمنيني م��ن اح��ت��م��االت تحول إي���ران إل��ى م�لاذ آم��ن وبيئة حاضنة لفلول تنظيم «داعش» ،التي قد تفر من العراق أو سوريا تحت وطأة الضربات العسكرية املوجعة واملكثفة ،خاصة أن إيران كانت الحاضن لهذا التنظيم بعد انتهاء الحرب مع ال��روس مطلع ثمانينات القرن املاضي ،فقد تحتضنه وتؤويه توطئة إلعادة تجميعه وتوظيفه وإطالقه بمسميات مغايرة حينما تستدعي الحاجة .ومع صدمة واشنطن بتواضع مستوى مشاركة الدول الحليفة لها في الحرب على «داعش» وعزوفها عن اإلسهام في العمليات العسكرية بشكل مباشر -عمدت إدارة أوباما إلى البحث عن شركاء لديهم استعداد ّ جاد لبذل جهد فعال بهذا الصدد ،فكان التفكير في إيران ،التواقة للمشاركة ،واملتغلغلة عسكريا وسياسيا واستخباراتيا في العراق وسوريا. وعالوة على موقعها الجيواستراتيجي املميز الذي يتيح لها مالصقة كل من سوريا والعراق بحدود برية تمتد مئات الكيلومترات ،تكمن أهمية مشاركة طهران في التحالف الدولي لقتال «داعش» وأعوانه ،في الدور اإليراني القوي والبارز هذه األيام ،على الصعد األمنية والعسكرية والسياسية ،داخل سوريا والعراق ،حيث معاقل «داعش» و«النصرة» وغيرهما من التنظيمات اإلرهابية، َ املستهدفة إقليميا ودوليا .فإلى جانب تأثيرها الالفت على نظام األسد، املدين لها بالبقاء والصمود حتى اآلن جراء الدعم العسكري واللوجيستي الهائل وتموضع قوات وقيادات عسكرية إيرانية في سوريا ،إلى حد دفع بمراقبني كثر إلى القول إن إيران هي التي تدير األمور في سوريا وليس األسد -ما برحت إيران تحتفظ بنفوذ جم في العراق رغم رحيل املالكي وحكومته ،ف��ال��رؤس��اء الثالثة ال��ج��دد للجمهورية وال��ب��رمل��ان والحكومة ال يدورون بعيدا عن الفلك اإليراني ،ذلك أن رئيس الجمهورية الجديد ينتمي سلفه جالل طالباني الذي ظل يحظى بدعم طهران ومباركتها إلى فريق ِ ِ طوال سنوات ،وفيما ال يمكن الزعم بأن رئيس مجلس النواب الجديد على
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
غير وفاق مع طهران -رهن أوباما البدء عمليا بتشكيل التحالف الدولي املرتقب ضد «داعش» ثم الشروع في تحركه داخل العراق بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي يكاد يتساوى رئيسها املكلف حيدر العبادي مع املالكي في درجة القرب من النظام اإليراني. وملا كانت واشنطن تصر على عدم التورط بريا في سوريا أو العراق ،مكتفية بضربات جوية وصاروخية ضد املراكز العسكرية لـ«داعش» -يجمع خبراء استراتيجيون ،وكذا البنتاغون نفسه ،على أن تلك الضربات لن تكون كفيلة وحدها بدحر «داعش» ،حيث يتطلب األمر عمال عسكريا بريا على األرض، بينما سينحصر حاصل هذه الضربات في تعطيل تقدم ق��وات «داع��ش» مؤقتا بما يمنح واشنطن متنفسا إلعادة تسليح قوات البيشمركة الكردية التي تواجه اآلن هجمات املسلحني ،فضال عن إعادة بناء وتسليح وتدريب العناصر «املعتدلة» بالجيش السوري الحر ،فضال عن قوات الجيش العراقي، الذي انهار تقريبا في يونيو (حزيران) املاضي. وهاهنا ،تبرز أهمية دور إيران ،التي عززت من وجودها السياسي واألمني داخل العراق وسوريا من خالل التموضع العسكري والتجييش املذهبي، حتى صارت القوة الوحيدة التي تجمع ما بني النفوذين السياسي والعسكري ف��ي ال���ع���راق؛ سياسيا م��ن خ�ل�ال ح���زب ال��دع��وة أي ف��ي داخ���ل ع��ق��ل حيدر ّ العبادي ،وعسكريا من وراء الجيش العراقي وفي غرفة عملياته وأجهزته االستخباراتية ومن خالل امليليشيات الشيعية .أما في سوريا ،فالحضور واضح من خالل قيادة قوات األسد والتخطيط لتحركاته واإلش��راف على أجهزته وعملياته وعلى تدريب ميليشياته. وإلى كردستان العراق ،حيث ثاني أكبر قوة عسكرية منظمة يعتمد عليها التحالف الدولي ضد «داع���ش» ،وص��ل ال��دور اإلي��ران��ي من خ�لال ما تقدمه طهران من دع��م عسكري لقوات البيشمركة ،حسبما أك��د رئيس اإلقليم مسعود بارزاني خالل مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية اإليراني محمد جواد ظريف الذي كان يزور أربيل في السادس والعشرين من أغسطس املاضي ،من أن إيران كانت من أوليات الدول التي زودت بالسالح والذخيرة قوات البيشمركة الكردية العراقية ،التي تعتمد عليها استراتيجية أوباما في مواجهة «داعش» .وقد برز جليا على األرض دور إيران في هذا الخصوص، م��ن خ�ل�ال ت��ع��اون ق���وات ال��ج��ن��رال ق��اس��م سليماني وميليشيات «الحشد الشعبي» مع قوات البيشمركة لتحرير مدينة آمرلي الشيعية من حصار «داعش» تحت غطاء جوي أميركي. ربما ال يكون ضربا من املبالغة ،القول إن التحول في موقف إدارة أوباما من «داعش» لم يكن مفاجئا في ضوء إشارات مشاركة إيران في الحرب على ُ شتى سبقته ومهدت له ،إذ لم يخل األفق من إشارات كثيرة تشي بإمكانية حدوث تفاهم أميركي -إيراني خالل الحرب املمتدة ضد «داعش». وفي خضم النفي األميركي ألي تنسيق مع طهران في محاربة «داعش»،
ولي العهد السعودي خالل لقائه عددا من أفراد القوات املسلحة
رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي ،إن «أبنائي الطيارين قاموا بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم ومليكهم» ،مؤكدا اعتزازه باحترافيتهم وبسالتهم ووقوفهم ضد من يشوه نقاء اإلسالم وسماحته. وم��ن جانبه ،أك��د األمير سعود الفيصل ،وزي��ر الخارجية السعودي ،أن بالده لن تتوانى عن املشاركة في أي جهد دولي جاد ،يسعى إلى حشد وتضافر العمل الدولي وتكثيفه ملحاربة اإلرهاب أينما وجد ،ومهما كانت دوافعه وأسبابه ،أو الجهات التي تقف وراءه ،ودون تفرقة بني جنس أو لون أو مذهب عقدي. وقال وزير الخارجية السعودي «إن تحدي (داعش) ال يعدو كونه شكال من أشكال اإلرهاب العابر للحدود والقارات والذي فرضته جملة من املعطيات الفكرية والسياسية واألمنية التي تجتاح منطقتنا ،والتي وفرت لهذا التنظيم أرضية خصبة استغلها لتحقيق مآربه ومآرب من يستفيدون منه تحت غطاء الدين اإلسالمي ال��ذي هو ب��راء منهم وأفكارهم وأفعالهم» .وشدد بالقول «إن التهديد ال��ذي يمثله تنظيم داع��ش ق��د ت�ج��اوز ف��ي جغرافيته العراق والشام ،وبات يشكل خطرا يهددنا جميعا ويستدعي منا محاربته والتصدي له بروح جماعية تقي دولنا مخاطره ونتائجه ،وحيث إن هذا التنظيم قد وجد في أرض سوريا بحكم طبيعة نظام األسد أرضا خصبة للتدريب وتلقي العتاد والتحرك بحرية دونما عرقلة أو ضوابط فال بد ألي استراتيجية لضرب (داع��ش) من أن تشمل أماكن وج��وده على األرض السورية». وأضاف األمير الفيصل «تود حكومة اململكة العربية السعودية أن توضح أن محاربة اإلرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة واحدة أو خالل فترة قصيرة، بل كل الدالئل تشير إلى أن هذه املواجهة سيطول أمدها ولن تكون خاتمتها باالنتصار على (داعش) مع حتمية هذا األمر ،فكما أن اإلرهاب لم يتوقف بالقضاء على بن الدن ودحر (القاعدة) ،فإن نهايته لن تكون محسومة بالقضاء على (داع��ش) ومن هذا املنطلق فإننا نرى ض��رورة أن يستمر هيكل التنظيم املزمع إقامته ملحاربة (داعش) على األقل 10سنوات حتى نضمن بإذن الله زوال هذه الظاهرة البغيضة». من جانبه ،أوضح األمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز ،وزير الحرس ال��وط �ن��ي ،أن م �ش��ارك��ة امل�م�ل�ك��ة ف��ي ال�ت�ح��ال��ف ال��دول��ي ل �ح��رب ال�ع�ص��اب��ات والجماعات املتطرفة في سوريا تأتي إدراكا منها ملا يدور حولها من قبل هذه العصابات ومن يدعمها ،بهدف خلق الفتنة وانعدام األمن واالستقرار ف��ي ك��ل بلد ع��رب��ي ،مشيرا إل��ى وج��وب املشاركة بقيادة خ��ادم الحرمني الشريفني في هذا الواجب الديني ثم الوطني ثم اإلنساني .وحول االستعداد
طيارون سعوديون شاركوا في الغارات الجوية على معاقل تنظيم داعش
ألي رد فعل متوقع من قبل هذه الجماعات املتطرفة ،أكد وزي��ر الحرس الوطني «جاهزية قواتنا التي لديها الخبرة والقدرة الكافية».
القوة السعودية األبرز وأشار محلالن في صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن «السعودية هي السلطة الوحيدة في املنطقة التي تملك القوة والشرعية لهزم داع��ش» .وق��ال نواف عبيد من مركز بلفير في هارفارد ،وسعود الشرهان من مركز امللك فيصل للدراسات والبحوث اإلسالميةّ ،إن السعودية «اقتلعت على نحو فعال تنظيم القاعدة م��ن داخ��ل أراض�ي�ه��ا ،كما أنها الوحيدة التي لديها شكل فريد من املصداقية الدينية والشرعية» .واعتبر السفير األميركي السابق دينيس روس أن «وضع اململكة العربية السعودية في مركز القيادة ال يمكنه إال أن يدعم شرعية الحملة على (داعش)» ،داعيا الدول العربية إلى «توفير الدعم العسكري بما فيه من قوات مسلحة وتجهيزات وتدريب وتشجيع العشائر والجهود االستخباراتية والدبلوماسية وحتى الدينية للتأثير على (داعش)» <
%80من القصف على مواقع «داعش» قامت به املقاتالت السعودية واإلماراتية
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
33
شؤون سياسية
بدأ التحالف الدولي ملحاربة «داعش» في سوريا والعراق يؤتي ثماره بوضوح ،في تسريع اإلجراءات الدولية ملكافحة اإلرهاب ،وتأسيس تحالف متني طويل املدى .ففي الدورة الـ 69للجمعية العامة لألمم املتحدة ،أصدر مجلس األمن التابع لألمم املتحدة قرارا تاريخيا بموجب الفصل السابع للتصدي للمقاتلني األجانب الذين يقاتلون إلى جانب املجموعات املتطرفة مثل «داعش» .وقرار مجلس األمن رقم « »2178صدر باإلجماع ،مما يعني أن الدولة الدائمة العضوية في املجلس بما فيها روسيا موافقة على استخدام كل األساليب ملواجهة املقاتلني األجانب ،مما قد يعني استخدام القوة .ويجرم القانون السماح للمقاتلني األجانب باملرور عبر أراضي الدول.
يستهدف معاقل تنظيم داعش ..ويؤسس الستراتيجية طويلة املدى
السعودية تقود حتالفا دوليا لضرب اإلرهاب املحرر السياسي
األمير سعود الفيصل: التحالف الدولي ضد «داعش» يجب أن يستمر عشر سنوات
32
من أجل قطع رأس التنظيم اإلرهابي ،واجتثاث سرطان التطرف، تقدمت اململكة العربية السعودية التحالف الدولي الذي يستهدف تنظيم داع��ش في سوريا وال��ع��راق ،حيث أعلنت وزارة الدفاع األميركية أن مقاتالت سعودية وإماراتية شاركت بكثافة في الضربات األخيرة ضد مواقع «داع��ش» في سوريا ،وأك��د املتحدث باسم ال��وزارة األدم���ي���رال ج��ون كيربي للصحافيني أن عشر م��ق��ات�لات م��ن الدولتني العربيتني أغ���ارت برفقة س��ت مقاتالت أميركية على مصافي النفط الخاضعة لسيطرة «داعش» ،موضحا أن ثمانني في املائة من القصف قامت به املقاتالت السعودية واإلماراتية. جاء ذلك بعدما أكد مصدر سعودي مسؤول أن القوات الجوية امللكية السعودية شاركت في عمليات عسكرية في سوريا ،ضد تنظيم «داعش» ولدعم املعارضة السورية املعتدلة ،ضمن تحالف دول��ي للقضاء على اإلرهاب الذي يعتبر داء مميتا ،ولدعم الشعب السوري الستعادة األمن والوحدة والتطور لهذا البلد املنكوب. وصدرت مواقف مماثلة للموقف السعودي من دول خليجية شاركت في الضربات .وفي حني أكد األردن مشاركة سالح الجو لديه في غارات على املتشددين ،أعلنت تركيا إبعاد أل��ف «ج��ه��ادي» أجنبي كانوا في طريقهم إلى سوريا. ُ ّ وفي وقت أكدت فيه املصادر الرسمية األميركية أن الضربات التي شنت ف��ي أكثر م��ن منطقة س��وري��ة ليست س��وى ال��ب��داي��ة ،أف��اد ناشطون بأن قرابة 400قتيل وجريح معظمهم من املقاتلني لكن بينهم مدنيني أيضا ّ سقطوا في الضربات التي نفذتها ُطائرات التحالف ،إضافة إلى عشرات صواريخ الكروز (توماهوك) التي أطلقت من ب��وارج حربية في البحر األحمر والخليج العربي. ولوحظ أن الضربات لم تقتصر على تنظيم «داعش» بل امتدت لتشمل مقار لـ«جبهة النصرة» وكذلك «مجموعة خراسان» املرتبطة بتنظيم ّ «القاعدة» التي قال األميركيون إنها كانت تحضر لهجوم وشيك ضد ال��دول الغربية أو ال��والي��ات املتحدة ،وإن ض��رب موقعها بني محافظتي حلب وإدلب قضى على عناصرها وأحبط الهجمات التي كانت تخطط لها .كما ق��ال املتحدث باسم وزارة ال��دف��اع العراقية محمد العسكري، قتلوا لوكالة الصحافة الفرنسية ،إن «عشرات من جهاديي (داع��ش) موقف سعودي حازم في ضربات أميركية استهدفت التنظيم عند الحدود السورية وكذلك في (منطقة) القائم». وف��ي تعليقه على ال��غ��ارات الجوية التي ق��ام بها طيارون سعوديون ضد وأوض��ح مسؤولون أميركيون أن 22ضربة وأكثر من 160صاروخا معاقل تنظيم داعش ،قال األمير سلمان بن عبد العزيز ،ولي العهد نائب
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
وقنبلة كانت حصيلة اليوم األول للضربات العسكرية األميركية والحلفاء اإلقليميني في سوريا .ووصفت القيادة العسكرية األميركية الضربات بـ«الناجحة ج��دا» ،في وق��ت نفت فيه الخارجية األميركية أي تنسيق مع النظام السوري ،وتعهد الرئيس األميركي ب��اراك أوباما بمساعدة املعارضة املعتدلة. وق��ال الجيش األميركي في مؤتمر صحافي إن الضربات الجوية هي «مجرد بداية» لجهود التحالف الرامية إلضعاف «داع��ش» وغيره من املتشددين .ورأى األدميرال جون كيربي أن «الضربات املاضية مجرد بداية» .وأضاف أن الضربات كانت «ناجحة جدا» وستتواصل .وكشف أن ال��والي��ات املتحدة وحلفاءها العرب أطلقوا أكثر من 160صاروخا وقنبلة أثناء اليوم األول من الضربات في سوريا .وقال املسؤولون إن «الضربات دمرت أو ألحقت أضرارا بأهداف عدة لـ(داعش)» في معقل التنظيم في الرقة إلى جانب أهداف على الحدود بني سوريا والعراق في دير الزور والحسكة والبوكمال. وتعهد أوباما ،من جهته ،بمواصلة الحرب ضد «داعش» ،وقال إن خمس دول عربية شاركت في الضربات الجوية وهي السعودية وقطر واإلمارات والبحرين واألردن .واعتبر أن «أميركا فخورة بأن تقف كتفا بكتف مع تلك الدول باسم أمننا املشترك» .وشدد أوباما قبل مغادرة البيت األبيض إلى األمم املتحدة في نيويورك «مرة أخرى يجب أن يكون واضحا ألي شخص يتآمر ضد الواليات املتحدة ويلحق األذى باألميركيني أننا لن نتسامح مع امل�لاذات اآلمنة لإلرهابيني الذين يهددون شعبنا» .وتعهد أوباما بـ«التحرك قدما بخططنا املدعومة من الحزبني بالكونغرس لحشد الجهود لتدريب وتجهيز املعارضة السورية والتي تشكل التوازن البديل واألف��ض��ل ض��د داع��ش ون��ظ��ام األس���د» .ونفت الخارجية األميركية أي تنسيق مع النظام وقالت الناطقة باسمها جني بساكي إن واشنطن «حذرت سوريا بأال تقف في طريق الطائرات األميركية ،ولم نطلب إذنا من النظام ،ولم ّ ننسق التحرك مع الحكومة السورية» .وج��اء موقفها بعد إعالن حكومة دمشق أن أميركا أبلغتها عبر العراق «قبل ساعات» من بدء الضربات.
ومتطابقة ألزم��ات منطقة الشرق األوس��ط ،وع��زم على العمل بشأنها معا، ودراية ملا يمثله اآلخر ولقدرته على التحرك والتأثير». وتضيف هذه املصادر أنه إذا كانت باريس قد فرشت السجاد األحمر تحت قدمي األمير سلمان ،وأحاطته بجميع مظاهر التكريم ،فألنها تعي موقعه في البناء السعودي ،وألنها تعرف أهمية ومكانة السعودية على الصعد الخليجية والعربية واإلقليمية واإلسالمية .وتخلص املصادر الفرنسية إلى القول إن السعودية وفرنسا «تتكامالن» ،ألن األولى «لديها خطط تنمية ومشاريع في مختلف امليادين ،والثانية لديها املعرفة والتكنولوجيا والخبرة ،ولدى الطرفني الرغبة في العمل معا .ول��ذا ،فإن مفهوم الشراكة االستراتيجية ليس وعاء فارغا من املضمون ،بل له محتواه الجيد وامللموس ،ورغبتهما في االرتقاء به إلى أعلى تأتي في السياق الطبيعي لألمور». تنهض الشراكة السعودية -الفرنسية على وحدة الرؤية السياسية بالنسبة لألزمات امللتهبة في الشرق األوس��ط ،وأهمها في الوقت الحاضر 4؛ امللف السوري -العراقي وتشعباته ،خصوصا لبنانيا ،محاربة اإلرهاب ،البرنامج النووي اإليراني والنزاع الفلسطيني -اإلسرائيلي .وفي املنظور الفرنسي، ُ وبحسب مصادر دبلوماسية ،ف��إن اململكة السعودية تعد «العبا رئيسا، ليس فقط في الشرق األوسط ،ولكن على املستوى العاملي» ،كما ترى باريس أن دبلوماسية اململكة تهدف إلى إرساء االستقرار واألمن في املنطقة ،مما يتالقى مع سياستنا في الدفع باتجاه السالم واألمن واالستقرار». ُيعد تعميق التفاهم السياسي إحدى أهم النتائج التي أسفرت عنها زيارة األمير سلمان إل��ى باريس .وتبدى ذل��ك في النظرة املتطابقة التي عكسها البيان املشترك بشأن امللفات األربعة ،وما نضح من اللقاءات الكثيرة ،فباريس والرياض تنظران باملنظار عينه إلى ما هو حاصل في العراق ،حيث يحرص البلدان على وحدة البالد التي تترجمها حكومة وطنية جامعة تقوم بالقطيعة مع املمارسات السابقة ،فال تقصي أح��دا ،واالستعداد لدعم هذه الحكومة والحاجة لاللتفاف حولها ودرء خطر «داعش» ومحاربته آيديولوجيا وفكريا وأمنيا وعسكريا. وف��ي س��وري��ا ،يتمسك البلدان بالحل السياسي القائم على إن�ش��اء سلطة انتقالية ،تنفيذا ملضمون بيان جنيف لصيف ع��ام ،2012م��ع اعتبار أن نظام األس��د فاقد للشرعية ،وال يمكن التعاون معه أو أن يكون طرفا في الحل ،ألنه أصل املشكلة .وفي لبنان ،يسعى البلدان للمحافظة على سالمته وأمنه ،مما برز من خالل الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية ،ودعوة اللبنانيني للتعاون وملء الفراغ الدستوري والوقوف إلى جانب املؤسسات الرسمية ،وأولها الجيش وقوى األمن ،ودعم لبنان ملواجهة التدفق الهائل لالجئني السوريني إلى أراضيه. كذلك يصر البلدان على محاربة اإلرهاب بكل أشكاله ،مع اإلشادة باملوقف ال��ذي ّ عبر عنه العاهل السعودي .وما يصح على وح��دة الرؤية في سوريا
والعراق ولبنان ..يصح أيضا على امللف النووي اإليراني ،ألهميته لجهة أمن الخليج واس�ت�ق��راره ،وتالفي قيام سباق ن��ووي ،وال��دع��وة إل��ى التوصل إلى اتفاق موثوق به يضمن استفادة إيران من التكنولولجيا النووية السلمية، ويحول دون تطويرها قدرات نووية عسكرية .وتقدر الرياض موقف باريس الصارم وغير املتساهل في موضوع الضمانات الواجب توافرها إلعادة الثقة، ولتالفي زعزعة استقرار الخليج .كذلك يتفق البلدان بشأن الضرورة ّ امللحة لتسوية عادلة في الشرق األوسط محدداتها معروفة ،مع اإلشارة إلى أهمية العودة إلى مبادرة السالم العربية التي كانت السعودية من أطلقها في قمة بيروت عام .2002 من الطبيعي أن يوفر هذا األساس املتني األرضية الصالحة لتطوير وتعميق العالقات الثنائية والذهاب أبعد مما هو قائم اليوم في مجال الشراكات ،ليس فقط االقتصادية والدفاعية واالستثمارية واملبادالت التجارية ،بل أيضا في املجاالت التعليمية والثقافية والتراثية وقطاع الصحة ،وذلك من خالل مشاريع رائدة في القطاعات األساسية. وجاء البيان املشترك على تفاصيل هذه املشاريع .ورغم أن بعض الصحافة الفرنسية أعربت عن «خيبتها» ،ألن الزيارة لم تشهد توقيع عقود جديدة، ف��إن ال��رد ج��اء من املسؤولني الرسميني الفرنسيني أنفسهم الذين أش��اروا إلى أن الزيارة «سياسية» ،وأن الكثير من االتفاقيات أصبح جاهزا للتوقيع، ُ وسيوقع قريبا جدا. ي��ري��د ال�ج��ان��ب الفرنسي أن «ي��واك��ب» ال�س�ع��ودي��ة ف��ي مشاريعها التطويرية والتنموية ،إن كان ذلك في مجال الدفاع واألمن أو االقتصاد أو الطاقة ،كما يريد تعميق الشراكات والريادات الصناعية ،فضال عن تنشيط االستثمارات املتبادلة .وليس سرا أن باريس تنظر إلى ما وراء الحدود لتنشيط اقتصادها ال��ذي يعاني من غياب النمو ،ومن ضعف األداء ،ومن العجوزات ومنها في امليزان التجاري .ورغم أن املبادالت مع السعودية وصلت إلى 9.4مليار يورو، العام املاضي ،فإن فرنسا تركن في املوقع الـ ،8وحصتها من السوق السعودية ال تزيد على .%27.5كذلك ترغب باريس في اجتذاب االستثمارات السعودية، وهي بذلك تالقي رغبة من جانب شريكها الخليجي .وتعي الشركات الفرنسية وجود فرص متاحة في القطاع الدفاعي والنووي املدني والنقل بأشكاله والطاقة والصحة والتعاون العلمي والتكنولوجي والصناعات الرائدة. وق��د ح��رص األم�ي��ر سلمان على أن ي�ق��ول ل��رج��ال األع �م��ال الفرنسيني إن السعودية «م��ن أكثر ال��دول استقرارا وجذبا لالستثمارات» ،وه��ي بالتالي توفر الفرص ،بما يعطي مفهوم الشراكة االستراتيجية محتويات إضافية مفيدة للجانبني. ال��واض��ح أن الطرفني راغ�ب��ان بقوة في االنتقال بعالقاتهما إل��ى مستوى أعلى .وال شك أن زيارة ولي العهد تشكل معلما أساسيا ومشجعا للسير على هذا الدرب <
ولي العهد السعودي األمير سلمان بن عبد العزيز لدى استقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا هوالند له في قصر االليزيه الرئاسي في باريس (غيتي)
ولجت العالقات الثنائية السعودية - الفرنسية عتبة جديدة مع توقيع اتفاقية «الشراكة االستراتيجية الشاملة» في عام 1996
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
31
شؤون سياسية
ليست العالقات السعودية -الفرنسية وليدة األمس ،بل إنها ضاربة في القدم ،ومنطلقها عام ،1841حني افتتحت باريس قنصلية رسمية لها في جدة .بيد أن عام ُ 1926يعد مفصليا إذ إن فرنسا اعترفت خالله رسميا باململكة العربية السعودية ،وكانت من بني أوائل الدول الكبرى التي أقدمت على هذه الخطوة ،وأطلقت عالقات دبلوماسية عالية املستوى بني البلدين .وعمد الطرفان في 10نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1931 إلى توقيع «معاهدة التفاهم والصداقة بني الجمهورية الفرنسية ومملكة الحجاز ونجد وتوابعهما».
زيارة ولي العهد السعودي الرسمية إلى فرنسا دفعت الشراكة االستراتيجية
محتوى جديد للعالقات بني باريس والرياض باريس: ميشال أبو نجم
الصداقة الحالية بني فرنسا والسعودية تمد جذورها بعيدا وهي ذات طابع تاريخي تقليدي
30
تؤشر هذه البادرة إلى أمرين؛ األول أن الصداقة الحالية بني فرنسا واململكة السعودية تمد جذورها بعيدا ،وهي ذات طابع تاريخي - تقليدي .أما األمر الثاني ،فيفيد بأن كل طرف فهم أهمية الطرف اآلخر والحاجة إلى التحالف معه .ورغم تغير املعطيات السياسية الداخلية واملعادالت الخارجية ،فإن هذه السمة ما زالت تتحكم بالعالقة بني باريس والرياض التي ترسخت أكثر فأكثر مع الزيارة التي قام بها امللك فيصل إلى باريس في عام ،1967ولقائه الجنرال شارل ديغول .وبحسب الخبراء ،فإن زيارة امللك فيصل كان لها أثرها الكبير في التأسيس ملا ُس ّمي الحقا «سياسة فرنسا العربية» التي كانت تعني ،وقتها ،التزام باريس مواقف قريبة من القضايا العربية ،وابتعادا عن النهج األميركي .وجاءت كلمة الجنرال ديغول عن الشعب اليهودي ال��ذي وصفه في مؤتمر صحافي في قصر اإلليزيه بتاريخ 27نوفمبر (تشرين الثاني) 1967بأنه «شعب نخبوي ،واث��ق من نفسه ومهيمن» لتشكل قطيعة بني باريس وتل أبيب .وقبلها أمر ديغول بحظر استباقي للسالح إلى إسرائيل بداية يونيو (حزيران) من عام 1967 وذلك قبل 3أيام من «حرب األيام الستة» .وبعد يومني على انتهائها ،أصدر مجلس الوزراء الفرنسي بيانا وصف فيه الحرب بأنها «اعتداء إسرائيلي»، وأكد أن فرنسا «لن تعترف أبدا باألمر الواقع» الذي قد تقيمه إسرائيل مستبقا في ذلك املخططات االستيطانية اإلسرائيلية. وبعد الهجوم اإلسرائيلي على مطار بيروت الدولي في عام ،1968أمر ديغول بحظر كامل وشامل على تصدير السالح إلسرائيل التي تراجعت العالقات معها إلى الحضيض ،بعد أن كانت باريس الحليف األقرب إليها. لم تمت «سياسة فرنسا العربية» مع استقالة ديغول في عام .1968فالرؤساء الذين خلفوه بقوا على خطه السياسي ،وبقيت اململكة السعودية في قلب العالقات الفرنسية – العربية ،خصوصا مع استفحال األزمة النفطية ،وقرار الدول العربية األعضاء في منظمة أوبك في 16أكتوبر (تشرين األول) عام .1973خالل اجتماعها في الكويت ،فرض حظر على النفط املصدر للواليات املتحدة األميركية وأوروب��ا الغربية بسبب دعمها إلسرائيل في حرب عام .1973ولم يشمل هذا الحظر فرنسا التي عدت دولة «صديقة». ل��م يحد خلفاء دي�غ��ول ف��ي قصر اإلل�ي��زي��ه ،رغ��م تغير ال�ع�ه��ود والتوجهات السياسية ،عن الخط املرسوم لجهة التعاطي مع اململكة السعودية .فالرؤساء جورج بومبيدو «الديغولي» وفاليري جيسكار ديستان «الوسطي» وفرنسوا ميتران «االشتراكي» جعلوا جميعا من اململكة السعودية ركيزة لسياستهم الخليجية والشرق أوسطية .بيد أن التطور الجديد حصل مع الرئيس الديغولي جاك شيراك ،إذ ولجت العالقات الثنائية السعودية -الفرنسية عتبة جديدة، مع توقيع اتفاقية «الشراكة االستراتيجية الشاملة» في عام ُ .1996 وعرف عن الرئيس شيراك حبه للمملكة والعالقات الشخصية التي أقامها مع كبار مسؤوليها .وج��اءت زي��ارة خ��ادم الحرمني الشريفني امللك عبد الله بن عبد
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
العزيز إلى باريس عام 2007لتبني عمق العالقة وتجذرها .وكان الفتا أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هوالند خص اململكة السعودية بزيارة عمل أولى، صيف عام ،2013ثم زي��ارة دولة ثانية نهاية العام نفسه ،األمر الذي يدلل على األهمية التي يوليها للمملكة السعودية وللتعاون والتشاور معها في امللفات الثنائية وفي القضايا اإلقليمية والدولية ،ولتعميق وتوسيع التعاون املشترك في جميع املجاالت. يلخص الدكتور صالح بكر الطيار ،أمني عام الغرفة التجارية الفرنسية - العربية لـ«املجلة» طبيعة العالقات القائمة حاليا بني باريس والرياض ،بالقول إنها «تعيش شهر عسل لم تعرف مثيال له منذ سنوات». وبحسب الطيار ،فإن الرئيس هوالند الذي أعاد تقويم عالقات بالده بالدول العربية والخليجية «أدرك طبيعة ال��دور املركزي» ال��ذي تقوم به السعودية، وبروزها «قوة اقتصادية كبرى في الخليج والشرق األوسط والعالم العربي»، ودوره ��ا ف��ي االق�ت�ص��اد ال�ع��امل��ي ،وكونها الع�ب��ا أساسيا ف��ي س��وق الطاقة، وضامنا الستقرارها ،فضال عن أنها يمكن أن تكون رافدا للنمو االقتصادي الذي تحتاجه فرنسا. ولذا ،فإنه «جعلها في سلم أولوياته» كما أراد االرتقاء بالعالقات معها إلى «مستوى النموذج». في ظل هذه األجواء املواتية والعالقات القائمة على أسس صلبة ،جاءت زيارة ولي العهد وزير الدفاع األمير سلمان بن عبد العزيز إلى باريس ،في األسبوع األول من سبتمبر (أيلول). ومنذ بدايتها ،حرص الرئيس هوالند على عرض رؤيته لعالقات بالده مع اململكة السعودية التي وصفها ،في كلمته بمناسبة العشاء الرسمي على شرف ولي العهد والوفد املرافق ،بـ«الشريك املتميز لفرنسا» ،مؤكدا أنه «ال الزمن وال تعاقب السلطة زع��زع عالقات البلدين» ،مشيرا إل��ى «ع��زم امللك عبد الله املعروف للجميع بحكمته ونفاذ بصيرته على االرتقاء بالتقارب بني فرنسا وامللكة السعودية ،وتكثيف التعاون والتبادل بينهما في كافة امل�ج��االت» .وك��ان رد التحية بأجمل منها ،إذ ق��ال األمير سلمان إذ أك��د أن اململكة السعودية «ت��درك مكانة فرنسا العاملية التي احتلتها بحكم إرثها الثقافي ودورها السياسي وثقلها االقتصادي» ،مضيفا أن الرياض تقدر لفرنسا «جهودها الرامية لتحقيق السالم واالستقرار في منطقتنا التي تعيش ،ولألسف الشديد ،دوامة من األزمات املتتالية نالت تداعياتها االستقرار اإلقليمي والعاملي». دأب الرئيس شيراك على القول ،فيما خص عالقات بالده باململكة السعودية إنه «ليس هناك من ملف يختلف البلدان بشأنه». وتؤكد مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة املستوى أن ما يجمع الرياض وباريس «ليس من باب البالغة السياسية ،بل له محتوى حقيقي ،وقوامه رغبة مشتركة في التعاون املتعدد األوجه ،واملفيد للطرفني ،وقراءة مشتركة
لسان الحال
بقلم :طوين بدران
مع تقدم تنظيم «داعش» في العراق في األشهر القليلة املاضية ،تركزت األنظار على األكراد كالعب أساسي وسط األزمة اإلقليمية. يتقاطع وضع األكراد مع السرديات األساسية الرائجة حاليا ،أكانت تتعلق بالحرب على إرهاب تنظيم «داعش» أو بالتكهنات حول نْ نْ تغيير خارطة الشرق األوسط واملواقف حول إعالن األكراد استقاللهم .كما يقع األكراد بني نْ أساسيي ،تركيا وإيران، إقليميي العبي من ناحية ،ويشكلون حليفا محليا للواليات املتحدة التي ال تريد أن ترسل جنودا لقتال «داعش» في العراق. إنما كل هذه السرديات تفترض دورا لألكراد كوحدة متماسكة .إنما األكراد ،كما هي الحال مع العرب ،منقسمون تاريخيا .لذا، حتى الحديث عن «األكراد» كعنصر موحد هو ذو فائدة محدودة لغايات التحليل .أضف إلى ذلك أن تعقيدات االنقسامات الداخلية الكردية يفاقمها التقاطع مع الديناميات الدولية واإلقليمية ،التي تفرض وقائع على الوضع الكردي. اإلشكاليات عند مقاربة التطورات على الساحة الكردية منذ يونيو (حزيران) املاضي .خذ على سبيل املثال مسألة تبرز كل هذه ُ إعالن االستقالل التي طرحت أخيرا .عندما سيطر تنظيم «داعش» وحلفاؤه على املوصل ومدن عراقية أخرى في يونيو ،استغلت القوى الكردية الفرصة لتفرض سيطرتها على املناطق املتنازع عليها مع بغداد ،خصوصا مدينة كركوك .في ذلك الوقت ،أصدر رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني توجيها للبرملان الكردي ليباشر التحضير إلج��راء استفتاء حول استقالل اإلقليم. ورغم الحماسة التي رافقت هذا اإلع�لان ،فإن الواقع هو أن الواليات املتحدة وإي��ران عارضتا الخطوة .واشنطن حثت بارزاني، وطهران هددته علنا ،ليستمر في العمل مع بغداد .وحتى بعض حلفاء طهران بني األحزاب الكردية ،مثل حزب االتحاد الوطني الكردستاني ،عارض طرح بارزاني ،كاشفني بذلك عن مدى االنقسام داخل البيت الكردي ،ومدى النفوذ اإلقليمي على قرار بعض األحزاب الكردية الرئيسة. من املمكن أن بارزاني طرح قضية االستفتاء كأداة سياسية ليقوي موقعه في التفاوض مع بغداد على املسائل الخالفية وعلى مطالب األكراد التي نسفها رئيس الوزراء العراقي األسبق نوري املالكي ،وذلك عبر السيطرة امليدانية على كركوك وخلق وقائع جديدة على األرض .إنما وفي غضون شهرين على طرح فكرة االستفتاء ،فرض الواقع امليداني نفسه مجددا ،لكن في غير مصلحة َ ومفاجأة بارزاني ،إذ حول «داعش» وجهته إلى االشتباك مع األكراد ،مهددا بالتقدم نحو أربيل .بداية ،بدت قوات البيشمركة مرتبكة وربما كان في حساب بارزاني أن يبقى تركيز «داعش» على القوى األمنية املركزية وامليليشيات الشيعية املتحالفة معها .كماكان بارزاني رفض مطلب املالكي بالتحالف مع بغداد ضد «داعش» .وجد بارزاني نفسه مضطرا إلى طلب مساعدة عسكرية من الواليات املتحدة .إنما ،لهذه املساعدة ثمن أال وهو ،بحسب تعبير وزير في إقليم كردستان« :إن أراد األكراد أميركا لألمن ...فإنهم مضطرون للذهاب إلى بغداد» .ليس مفاجئا أن االستفتاء قد وضع على الرف اآلن. باإلضافة ،وفيما تساعد واشنطن على تسليح وتجهيز البيشمركة فإنها تريد أن يبقى إقليم كردستان مرتبطا ببغداد .وقد ّ وضح مسؤولون أميركيون هذه النقطة لصحيفة «وول ستريت جورنال» ،في أغسطس (آب) ،بقولهم إن «أي توسيع لبرنامج التسليح سيتم عبر التنسيق مع بغداد» .ويتلقى مقاتلو البيشمركة التدريب والتسليح من دول أوروبية وغربية أخرى ،إنما هذا يتم بالتنسيق مع بغداد .لذا ،إن لم ينجح بارزاني في تأمني قناة تسليح مباشرة ومستمرة ،فإن هامشه للمناورة يبقى ضيقا. تفضيالت الواليات املتحدة لم تؤد إلى تأجيل أي مشروع إلجراء استفتاء على االستقالل فحسب ،إنما أثرت على ميزان القوى اإلقليمي داخل إقليم كردستان ،ملصلحة إيران. إن التحدي األمني هذا أدى إلى تعبير بارزاني عن عتبه على حليفه األكبر ،تركيا ،عبر تصريحات من رئيس ديوانه فؤاد حسني ،ومن رئيس وزراء اإلقليم نوشيروان بارزاني ،في مقابلة مع صحيفة تركية .وهكذا ،في مثال على تداخل العامل املحلي مع اإلقليمي والدولي ،فإن االصطفاف األميركي -اإليراني في العراق ،سياسيا وعسكريا ،أدى إلى تحسني موقع إيران في إقليم كردستان. إيران أيضا تمد األكراد بالدعم العسكري ،خصوصا حلفاءها في حزب االتحاد الوطني ،في الحرب ضد «داعش» .وحتى بارزاني اضطر إلى شكر إيران علنا .لكن إيران ،وتحت الغطاء األميركي ،تسعى إلى دفع مصالحها قدما .ومع أن قوات البيشمركة املوالية لحزب بارزاني واألخرى املوالية لحزب االتحاد كلها نسقت مع إيران ،فإن قائد كتيبة بيشمركة موالية لبارزاني تذمر بعد معركة استعادة بلدة آمرلي ،ألن أفضل األسلحة التي تأتي من إيران تذهب إلى املقاتلني التابعني إلى الحزب املنافس (أي حزب االتحاد الوطني). ليست هذه املناورة اإليرانية مع حزب االتحاد الوطني الدينامية الوحيدة داخل الساحة الكردية ،املنقسمة دوما ،في مرحلة ما بعد هجوم «داعش» .فهنالك أيضا مسألة حزب االتحاد الديمقراطي ،الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني ،وجناحه املسلح ،املعروف بلجان الحماية الشعبية .استغلت اللجان األداء األولي الضعيف للبيشمركة ضد «داعش» في منطقة جبل سنجار قرب الحدود مع سوريا .وأظهرت اللجان قدرة قتالية جيدة وساعدت على إجالء اإليزيديني الهاربني من «داعش» .لكن للجان ولحزب االتحاد الديمقراطي حسابات أخرى ،تتجاوز مساعدة اإليزيديني .مقربون من حزب بارزاني عبروا عن شكوكهم في أن حزب االتحاد الديمقراطي يسعى إلقامة موطئ قدم داخل كردستان العراق ،على الحدود مع سوريا ،وأنه يسعى لبناء نفوذ له عبر اإليزيديني، فلجان الحماية قد بدأت بتدريب متطوعني إيزيديني على السالح. إنما استمرار هذه العوامل والشك املتبادل بني األحزاب الكردية يؤكد حدود السرديات الرائجة ،إن كانت حول قيام قوة كردية موحدة أو ما شابه .صحيح أن القوى الكردية األساسية تقاتل «داعش» ،لكنها في الوقت نفسه تتموضع لتحسني موقعها مقابل منافسيها. هذا التنافس املحلي يفاقمه العنصر اإلقليمي ،اإليراني تحديدا ،إذ تسعى طهران إلى استغالل الظرف لتوسيع نفوذها على إقليم كردستان ،وإلضعاف نفوذ منافسيها اإلقليميني .التطورات التي حصلت في العراق ،خصوصا منذ بداية الصيف ،قد أتت ،بشكل عام ،في مصلحة إيران -بمباركة البيت األبيض.
مناورات إيران على الساحة الكردية
28
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
أبرز هذه التناقضات ،إذا جاز لنا انتزاع مصطلح فلسفي، ه��و «ال�ش�ك�لان�ي��ة» ،وه��و هنا مستعار لسياق سياسي واجتماعي؛ حيث بنية ال��دول��ة قائمة على شكل حديث ك�ج�م�ه��وري��ة دي�م�ق��راط�ي��ة ف�ي�ه��ا أح ��زاب ف��اع�ل��ة ،وب��رام��ج انتخابية ،ومعارضة قوية ،وتحالفات بني قوى معارضة بكل أجنحتها من أقصى اليمني اإلسالمي إلى أقصى اليسار االش�ت��راك��ي ،ال��ذي ك��ان ،إل��ى عهد قريب ،دولة مستقلة ،وم��ا زال يفكر ،حتى بعد ال��وح��دة ،بمنطق الحزب الدولة؛ حتى في ظل انحسار قاعدته الشعبية بسبب بقاء إرثه الكبير وذاكرته الجمعية.
منا ط ق ا ن ت شا ر ا حل و ث ي ني
صنعاء: الله» وا سنة ونصف السنة م ن ال ح ص ار لك وا ملتعاطفني مع ش�ع��ارات الحوثيني ،ال در وأنصار «حزب مشت وأ قات البترول ،أقيمت املخيمات في أحي سيما خفض أسعار اء ا را ست ط� � ف راتيجية في قلب عددا العاصمة مثل الح صب ة، ا ل � ص � ب � �ا ح � ة، ح � وأن من املناطق األخرى الخاضعة لسيطرة �زي�ز ،كما تعرف ص ار النظام السابق ذات الحصار بالخي حزب املؤتمر الشعبي ام ا ملد عومة بالكامل. آزال :إقليم شكالنية الدولة اليمن على آزال تشكل حديثا ف ي ال تق س يم ا لف يد أس��اس جغ رالي الجديد في راف ي مذ هب ي الزيد في املناط الشكالنية على مستوى الدولة في اليمن تتجاوز ية أغلبية ساحقة مثل :صعدة ،عمران ،ق التي يشكل فيها ذمار. هيكل ال��دول��ة ،كما ف��ي ت�ج��ارب عربية أخ��رى ،إلى ص عد ة: أ صب ح ت حدودها ومنطقها الداخلي ،فهي أقرب ما تكون إلى من ط قة ت السلفيني وإزالة أهم مدر ابعة للحوثيني بالكا مل ب عد ال حر سلطة مركزية مطلقة قائمة على إدارة التحالفات ب عل ى في دماج» من أتباع أ سة لإلحيائية السلفية «د ار ال ح دي ث ال ال�ق�ب�ل�ي��ة ال �ت��ي ص�ب�غ��ت وج ��ه ال �ح �ي��اة ال�س�ي��اس�ي��ة ش ري هل ف الح الوادعي أحد أهم رموز ديث ،املدرسة التي أ س س ها ال را حل واالج�ت�م��اع�ي��ة ،ف�ت��رات�ب�ي��ة االق �ت��راب م��ن السلطة مق ال بل سلفية املعاصرة. ق��ائ�م��ة ع�ل��ى م��دى ق��وة القبيلة وت�م��دده��ا داخ��ل الجو ف: ي سي طر ال الحزب الحاكم وداخل قوى املعارضة كاإلصالح، حو ثي ون على منطقة الجوف مع الجي ش امل دع وم م وداخل النسيج االجتماعي ومدى قدرتها على ن الل بعد معارك ضارية جان الشعبية. االستقالل الجغرافي بحيث تتحول إلى ورقة ع�م�را ن: م � �ا ز ال ح � ضغط على العاصمة صنعاء ،املمثل السياسي �ز ب ا لرئيس السابق املؤت محاف لإلدارة املركزية ،بحيث تصبح باقي املحافظات الن ظة عمران ،وقد انتشر فيها الحوثي مر الشعبي يكتسح ون ظام غير املدنية كتعز ،أو املهمشة كالساحل ،أو السابق لاللتفاف على تعاظم دور آل بتحالف بينهم وبني األحمر بعد الثورة. شبه املستقلة كالجنوب ،مجرد انعكاسات باقي ا ملد ن: امل دن ذا للعبة التحالف تلك ،وهذا ال يعني أن تسيير ت ا ألك واملن ثرية السنية من أتب األم� ��ور ع�ل��ى م�س�ت��وى االق �ت �ص��اد وال�ح�ي��اة مك اطق السلفية يحضر فيها الحوثيون اع املذهب الشافعي ون ولك اليومية ال يخضع ملنطق ال��دول��ة امل��دن��ي ،إال ني تحالفات مصلحية براغماتية مع امل ن بشكل سياسي، ناوئني للسلطة. أن��ه مندمج في منطق القبيلة املتحالفة مع امل��رك��ز؛ وه��ذا م��ا يفسر سهولة استقالل مناطق القبائل بحكم تسلحها بما يشبه ال��دول��ة داخ��ل الدولة بمعناه الحرفي متى ما ضعف التحالف ،بل وقطع إم��دادات النفط أو اختطاف السياح وجعلهم أوراق ضغط على القرار السياسي ،وهو ما يجعل ثورة اليمن، رغم سلميتها وصبرها الطويل ،ال تشكل سوى أداة جديدة لدخول سوق التحالفات السياسية؛ حيث ال مستقبل لها في ظل الرغبة في إسقاط النظام الذي ال يعدو أن يكون دولة شكالنية موجودة في األذهان وليس األعيان ،كما يقول أهل املنطق، وهو ما يفسر سيطرة اإلصالح عليها الذي ال يعني ،كما يخطئ كثيرون ،سيطرة «اإلخوان» الجماعة األم بالضرورة ،رغم أن اإلصالح هو امتداد لحركة «اإلخوان» تاريخيا ،إال أنه في ظل تناقضات وارتباك الهوية الحديثة لليمن تحول إلى شكل ج��دي��د م��ن اإلس�لام��وي��ة القبلية؛ إذا م��ا أخ��ذن��ا ف��ي االع�ت�ب��ار أن ح��رك��ات اإلس�لام السياسي ،وأمها جماعة اإلخ��وان ،قامت على شكل حديث ومدني من التشكل االجتماعي ،وهو مناقض للمحافظة القبلية التي في كل تجلياتها العربية تقريبا محايثة للخطاب السلفي غير املسيس ،وه��و ما جعل ج��زءا من تناقض الحالة اليمنية انحياز التيارات السلفية إل��ى سلطة الرئيس علي عبد الله صالح طوال العقود املاضية رغم ممارسته للشكالنية الديمقراطية املرفوضة لدى املدرسة السلفية ،التي كانت في االنتخابات التعددية تفتي بوجوب بيعة «األخ الرئيس» باعتباره ولي األمر الذي ال يجوز الخروج عليه ،يقابله انفتاح تيار اإلصالح على التعاطي السياسي املتجاوز ،حتى لـ«إخوان» مصر واملغرب ،بتحالفه مع الحزب حارس مسلح من أنصار الحوثي االشتراكي في تجسيد للشكالنية التعددية رغم أن قوة اإلصالح مستندة بشكل يراقب االوضاع من فوق احدى كلي إل��ى ق��وة القبيلة ،قبيلة حاشد بزعامة عائلة األح�م��ر ،حيث يشكل الحزب البنايات التابعة لكوادر الجماعة «حزب بمؤسساته وطريقة إدارت��ه لعمله االجتماعي ما يشبه الدولة على غ��رار بالعاصمة صنعاء – (غيتي) الله»؛ لو استثنينا الجانب العسكري <
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
27
قصة الغالف
في كلمته ،قال عبد ربه منصور هادي ،الرئيس الجديد« :كل ما أتمناه أن أقف دروس وعبر
تمدد الحوثيني اآلن مختلف عن السابق بسبب حالة «التشيع السياسي» وتحولهم إلى ورقة تفاوضية يمكن أن تستخدمها إيران
بعد عامني في مكان علي عبد الله صالح ،وأن يقف الرئيس الجديد في مكاني، وكل طرف يودع الثاني ،وهذه سنة الحياة في التغيير». التركيز على الرئيس القادم والتمحور حوله هو مطلب الجميع ،لكنه ليس ما سيعيد عافية اليمن ،فاالستحقاقات األمنية واالقتصادية والوحدة أهم بكثير من أي تغييرات شكلية ،نحن نعلم أنها لم تطل ولن تطال الجيش ،وإن كانت هناك عمليات تنظيف واسعة ملرافق الدولة تشبه إلى حد ما طريقة «الطالق اإليجابي» الذي حدث مع الرئيس. هذا الطالق اإليجابي تصر املعارضة على تصويره خلعا ،وتمضي في املطالبة بضرورة هيكلة القوات املسلحة وإقصاء عائلة صالح عن الجيش واألمن ،وكما جاء على لسان أحد أقطاب املعارضة« :لقد انتخبنا هادي ليكون رئيس اليمن ال موظفا عند علي عبد الله صالح». أعتقد أن ثمة مغالطات كبيرة في فهم طبيعة عالقة الرئيس باملكونات السياسية للمجتمع اليمني ،وهو أمر يكاد ينفرد به اليمن دون غيره ،وهو ما تحدثت عنه في مقال سابق عن مفهوم الشكالنية السياسية في اليمن ،وأنها قائمة على «قبلنة» الدولة الحديثة أكثر من تمدين القبلية ،وهو نموذج إلى حد كبير يشبه مشروع األسلمة الذي تتبناه جماعات اإلسالم السياسي ،وإن كان بشكل أكثر انفصاال عن أي رؤى آيديولوجية ضيقة. من جهة ثانية ،فإن بقاء عائلة الرئيس ،وهو شكل من أشكال بقاء الرئيس نفسه ،ب��ات مطلبا أميركيا بالدرجة األول��ى ،بعد أن شكلت تهديدات عودة «ال�ق��اع��دة» إل��ى املشهد جدية أكبر خ�لال األس��اب�ي��ع امل��اض�ي��ة ،واألم��ر مرشح للتصعيد متى استطاعت «القاعدة» تنفيذ ضرباتها وخلق الفوضى من جديد. الرؤية األميركية الجديدة لليمن تتلخص في إيجاد خطط طويلة املدى إلعادة تأهيل املؤسسات العسكرية بطريقة تمكنها من التصدي لـ«القاعدة» ،وهي خطط تذكرنا بأخطاء األميركيني في أفغانستان ،وذلك بالتركيز على األمن وإغفال مسببات انفجار األوضاع ،وهي اقتصادية بامتياز في اليمن ،كما أن مغامرة األميركيني بإرسال فرق عسكرية صغيرة إلنفاذ ضربات لـ«القاعدة»، أو حتى نشر طائرات من دون طيار ،ستؤدي إلى نتائج كارثية ،بل ستسهم في خلق شرعية جديدة لـ«القاعدة» ،بينما تحسني األوضاع ،وهو الحل األصعب واألطول ،سيجعل اليمنيني بفعل ميكانيزم الشرعية القبلية يطردون «القاعدة» بأنفسهم. صحيح أن الحل ليس بهذا التبسيط ،لكن «القاعدة» في اليمن كيان تجري تغذيته من الداخل والخارج للعب به أكثر من إحداث تغييرات شاملة أو تأسيس دولة خالفة وإمارة إسالمية على طريقة العراق وأفغانستان.
أين أصدقاء اليمن؟ أصدقاء اليمن الحقيقيون اليوم هم من أخرجوا البالد من مأزق االنهيار بفعل الثورة ،ورغم كل ما قيل عن املبادرة الخليجية فإنها كانت ضمانة سياسية واقعية ،أفرزت هذا الوضع الذي يعد األكثر نجاحا على مستوى الثورات ،لكن اليمن اليوم بحاجة إلى أصدقائه أكثر مما مضى ،فالثورات يمكن أن تولد من جديد بسبب ضغط السلطة املركزية ووق��وف البلد على الحافة اقتصاديا، هذا إذا ما تجاهلنا التضخم الحوثي في منطقته واملعزز بتحالفات جديدة مع اليسار الثائر على هوية الثورة اإلصالحية ،إضافة إل��ى ارتباك الجنوب بني تطلعاته للمرحلة الجديدة وانقسامه كمكون سياسي بني هويتني ،األولى انفصالية تعيش على أحالم املاضي ،لكنها ال تملك مشروعا سياسيا واضحا ومحددا ،والثانية تخص مجموعات قتالية أوسع من أن تصنف كـ«قاعدة» تريد أن تسيطر على مناطقها الخاصة وتقيم فيها ما يشبه االستقالل أو حتى االرتباط غير املركزي بصنعاء. وكما أسهمت املبادرة الخليجية في إع��ادة ال��دور االستراتيجي ل��دول الجوار في اليمن بعد سنوات من القطيعة واالرتباك وسوء الفهم ،كان أبرز ما فيها استثمار النظام السابق ل�لأزم��ات لتثبيت وضعيته بوصفه ضامنا وحيدا الستقرار اليمن ،ف��إن األه��م اآلن هو إط�لاق حزمة من امل�ب��ادرات االقتصادية واملشاريع التنموية النتشال اليمن من الحافة.
26
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
في التجربة اليمنية للثورة الكثير من ال��دروس والعبر باملعنى السياسي في عالقة الديني بالسياسي بالقبلي ،وعن بلد مسلح بما يزيد على 60مليون قطعة سالح ،لكنه األكثر سلمية وتماسكا في ضبط ردود فعله .قديما كان املهاجرون اليمنيون يهددون أبناءهم بتهجيرهم ملقاربة شظف العيش والرجولة واملسؤولية بقولهم« :من لم يعلمه الزمن يعلمه اليمن». ظل مفهوم «السلطة» في اليمن في مرحلة الرئيس علي عبد الله صالح لغزا م�ح�ي��را؛ حيث شكل ال��دول��ة الحديثة ببناها ال��رئ�ي�س��ة ،م��ن دس�ت��ور وأح��زاب ومعارضة ،في مقابل مضامني سلطوية ال تنتمي إل��ى واق��ع السياسة كما يجري تداولها باملعنى املعاصر ،حيث تكرس مفهوم الشخصنة السياسية بوصفه حالة فرادة يمنية ،فالسلطة تبنى على العالقات الشخصية عبر هيبة ال��دول��ة م��ن جهة ،املستمدة بالتحالف م��ع سلطات أخ��رى منفصلة ككيانات مستقلة ،ومتصلة في الوقت ذاته بما تستمده من منح وامتيازات هائلة من الدولة ،بل وحتى من الخارج على اعتبار قوة تأثيرها في صنع القرار السياسي.
ثنائية الشيخ والرئيس معادلة الشيخ والرئيس اليمنية كانت تقوم على مراعاة كل جانب لخصوصيات الطرف اآلخر ،فللحزب الحاكم حقه في طرح رؤيته عبر أشكال وأنماط مدنية حديثة ،إال أنها ال يمكن أن تصطدم بمكون القبيلة األساسي املبني على نظام املشيخة القائم على الوالء املطلق ،ولو على حساب مفهوم املواطنة الذي يقتضي في أبسط أشكاله وصوره عدم التمييز بني أفراد املجتمع على أسس عشائرية، ومن هنا تحولت شبكة العالقات بني السلطة واملناطق املركزية التي توجد فيها تكتالت قبلية على أساس املحاصصة السياسية واالقتصادية وحتى مراعاة الخصوصية ملنطق القبيلة االجتماعي حتى في أبسط األمور ،كتعارض مسائل األخذ بالثأر وتعقب الجناة مع مسألة مبدئية كسيادة القانون ،فالهبات تتدفق من السلطة إلى مركزية القبيلة بحسب ما تمثله تلك القوى من أوراق ضغط، وقل مثل ذلك في املشاريع التنموية والتعيينات للوظائف الحكومية ،ومن هنا يمكن فهم آلية تبادل مراكز القوى في بلد مسلح كاليمن ،وفي أوضاع ثورية كهذه ،دون أن تسجل حاالت تمرد مسلحة أو حوادث بلطجة نوعية ومتكررة؛ ألن الضامن النفجار كهذا هو مدى انكسار التوازن ال��ذي تمثله القبيلة مع السلطة ،حيث العالقة القائمة على تبادلية نفعية لحفظ النسق العام للدولة.
تداخل الجغرافيا بالتاريخ الحديث عن اليمن شائك ومربك ج��دا ،فعوامل الجغرافيا تتداخل بالتاريخ، وح��ال��ة الفوضى املرشحة ف��ي اليمن منذ عقود ليست إال ج��زءا م��ن ارتباك «الهوية» الحديثة بمعناها السياسي واالجتماعي ،وراف��ده الديني في اليمن املعاصر ،يضاف إل��ى ذل��ك كم هائل من الجهل بالتفاصيل اليمنية من قبل الباحثني واملحللني ومراكز األبحاث ،وأثره على الواقع ،فهذا البلد املستعصي على الفهم بسبب حالة الغياب والتغييب التي عاشها بوصفها جزءا من ذلك االرتباك الكبير ،يقف اآلن على شفير االنفجار ليعيد تشكيل نفسه من جديد وبتسارع ال يمكن التنبؤ بمداه أو آثاره ،فالوضع في اليمن قد تجاوز بخطره مسألة رحيل الرئيس علي صالح.
تناقضات يمنية إذا كان من عبارة يمكن أن توجز الحالة اليمنية فهي أنه بلد قائم على إدارة التناقضات ،بحيث أصبحت ج��زءا من اللعبة السياسية التي مارسها نظام الرئيس صالح ب�ج��دارة كما املعارضة وال�ق��وى الكبرى وعلى رأسها القبيلة بطابعها اليمني الخاص ،حيث ال يشبهها سياق قبلي آخر في املنطقة ،تلك التي شكلت ،وال تزال ،البنية األساسية ،أو بتعبير آخر :املادة الخام للتناقضات التي يجري تشكيلها من قبل الداخل والخارج.
املأمول ضرب من األحالم الوردية والتفاؤل الساذج ،والقول إن هذا التشظي السياسي في اليمن هو ضريبة «الحرية» والتعددية السياسية التي هي من تباشير «زمن الثورات» مثل تبرير يوسف الفيشي (أبو مالك) عضو املكتب السياسي لـ«أنصار الله» ،الذي قال عن انتشار الالفتات املعادية ألميركا في قلب صنعاء ،بعد أن كانت محصورة في صعدة ومناطق الحوثيني ،إنها تأتي «في إطار حرية التعبير» ،وهو إذ قال إنه يفخر بتجربة «حزب الله» في لبنان، ّنبه في إشارة رمزية إلى أن عدم «تهديد إسرائيل» (مبرر وجود «حزب الله») ال ينفي أن أميركا موجودة! آه ،لكي ال أنسى ،في النهاية ،أكد الشيخ أبو مالك على «ضرورة الحوار»!
تذويب الطوائف
ب�ع��د س�ي�ط��رة ال�ح��وث�ي�ين ع�ل��ى م�ي�ن��اء م �ي��دي .كثير م��ن ال�ت�ق��اري��ر ت�ت�ح��دث عن تسهيالت تقدم من دول أفريقيا ،على رأسها إريتريا ،للسفن اإليرانية ،ليجري التوسع الحقا من قبل الحوثيني ،في ظل انهيار الحالة السياسية في صنعاء حجة ،بالطبع ّ إلى منطقة ّ توسع كهذا ما كان ليسمح به صالح وأنصاره ،لوال أنهم يريدون كشف هشاشة الثورة على أمل أن يحضروا مجددا كبديل للفزاعة اإليرانية ،لكن بعد فوات األوان. والحال أن هناك حديثا أكثر تشاؤما عن إمكانية انقالب بعض الشخصيات السياسية ذات العيار الثقيل على مشروع الثورة ،عبر التحالف مع الحوثيني وإيران ،بهدف إحراج املبادرة الخليجية واملجتمع الدولي. بعيدا عن التجاذب السياسي ،هناك عمل اجتماعي وثقافي على األرض ال يقل فاعلية ،وهو أمر ال ترصده عادة التقارير الصحافية املشدودة للمتغيرات ال�س�ي��اس�ي��ة .ه �ن��اك اب �ت �ع��اث ع�ل��ى أش ��ده إلك �م��ال ال ��دراس ��ات ال��دي�ن�ي��ة وب�ع��ض التخصصات األخرى في إيران ،وهو يحظى بدخول مجموعات «سنية» من الشباب ممن يرون في ذلك فرصة للخروج من مأزق «الحال الواقف» في اليمن.
أميركا الغائبة انتشر شعار «املوت ألميركا وإسرائيل» على جدران صنعاء ،وبات يتكاثر بطريقة أقرب إلى ملصقات الدعايات االنتخابية ،لكن أميركا غائبة عن الحالة اليمنية ف��ي منطقها ال�ش��ام��ل ،لتهتم ب��إع��ادة تسليح الجيش وال�ت��دري��ب على مالحقة «القاعدة» في الجنوب ،هذه الصراع الثنائي واملباشر ،من شأنه أن يقوي «مظلومية» الجنوبيني الذين يشددون على أن «القاعدة» حالة طارئة ونابتة، وهي وإن كانت ليست كذلك ،فإن التركيز عليها وإهمال إقامة عالقات قوية مع كل أطياف املعادلة السياسية في اليمن ،من شأنه أن ّ يحول املتضررين من إهمال املجتمع الدولي إلى وقود سياسي لحرب أهلية طائفية بدأت بوادرها منذ حالة التصعيد ،خالل األيام املاضية ،بني حركة اإلصالح وتيار «أنصار الله»، الذي يمثل الحوثيني ،والذي يرفض حتى اآلن ،متكئا على قوته واستقالله في مناطقه ،إلى أن يتحول إلى حزب سياسي والعب فاعل في املشهد السياسي الجديد.
هل خسر الخليج اليمن؟ من يتابع التطور التصاعدي للحالة اإليرانية في اليمن عبر وكالئها باملطابقة (الحوثيني) أو عمالئها باملصلحة ،وهم بعض القادة السياسيني في الجنوب والشمال ،يدرك أن خسارة اليمن بتركيبته الحالية ووحدته السابقة واستقراره
دمج املكونات السياسية هو الحل في اليمن ،الحديث عن تذويب القبيلة ومنطقها أمر يبدو أقرب للمستحيل ،لكن يمكن ربط هذه املكونات بصنعاء من خالل سلة من الحوافز السياسية واالقتصادية ،كما يمكن دمج عناصر القبائل في الجيش الحقا وبشكل تدريجي ،واالستفادة منها كجدار صلد أمام قوة «القاعدة» املتنامية .الوضع في اليمن متأزم جدا ،وليس في هذا أي تشاؤم، هناك كثير من املعلومات املرعبة حول توافد مقاتلني من الصومال ،ومن حدود وأط��راف اليمن ،ومن الخارج ،للتمركز في الجنوب ،كما أن األم��وال اإليرانية ّ املتدفقة على مناطق الحوثيني مكنتهم من شراء والءات ملنظمات ومجموعات من النخب السياسية اليمنية التي تريد االنتقام من نظام صالح ،عبر إفشال املبادرة وما تالها ،وبني هذا وذاك ثمة تراجعات حادة على املستوى املعيشي للفرد اليمني ،وهو ما يجب أن يجعلنا نقلق أكثر مما يجب.
أصابع النظام السابق لقد كان صالح رجل التفاصيل الصغيرة في الداخل ،حيث أطلق رجال عائلته واملقربني منه إلحكام القبضة األمنية واالقتصادية ،وحتى العالقات بني الفرقاء، كما كان رجل الشعارات الكبيرة في الخارج ،حيث التلويح والضغط بكارت «القاعدة» للغرب والدول املجاورة ،وبث القلق حول انفجار األوضاع بسبب ما آلت إليه الحالة اليمنية اقتصاديا ،حيث استطاع أن يتنصل من مسؤولية الدولة ليجعل املجتمع الدولي يشعر بتأنيب الضمير السياسي تجاه تقصيره في اليمن ،الذي بات أكثر خطرا وتهديدا مع هجرة «القاعدة» إليه ،وأكثر استقطابا للتحالفات السياسية بعد دخول املحور اإليراني له عبر بوابة الحوثيني العريضة والغامضة. ومن الجدير بالذكر أن املحور اإليراني بدأ يتخطى ارتكازه على الحوثيني في اليمن لينتقل إلى مجموعات وأطياف من املعارضة النخبوية التي تضم لفيفا غير مؤثر من الصحافيني والناشطني ذوي امليول اليسارية والناصرية ،الذين استطاع صالح باقتدار تهميشهم ،بل وجعل الشارع الثائر يلفظهم. أزعم أن دهاء صالح السياسي مكنه حتى من التحكم في إيقاع الثورة ،وإن كان خطؤه االستراتيجي ارتباكه في تقديره حجم أنصاره ،وقدرة الغضب السياسي في الشارع على التحول إلى براكني مشتعلة متى ما سال الدم ،وإن كان األكيد أن جزءا من تصاعد الثورة اليمنية كان منوطا بالخارج ،وسرعة املبادرة الخليجية ودقتها ،ووحدة النسيج اليمني بسبب رافعة القبيلة حتى بني «اإلصالح» و«اللقاء املشترك» والقبائل؛ إضافة إلى االرت��دادات «املعنوية» لباقي الثورات على اليمن. من رئيس مثور عليه ،إلى مستهدف بالتفجير ،إلى رئيس مؤقت ،إلى معزول، إلى حاضر نظاما ومؤسسة ،وغائب شخصا ،تبدو سيرة الرجل السياسية بحاجة إلى دراسة أوسع ،ال سيما أن «حفلة» األمس رغم رومانسيتها الرمزية فإنها لحظة استحقاقات كبرى لليمن الجديد ،ب��دأت تطلق صافرات اإلن��ذار لدول الجوار ،وعلى رأسها بالطبع السعودية املعنية بشكل جوهري وأساسي باليمن .فمسلسل التفجيرات القاعدية الشهير بدأ ،والرغبة في االنفصال بدت أكثر من ذي قبل لدى الجنوبيني ،وحتى الشارع اليمني بدأ يشعر بأن غنائم ثورته لم تطله أبدا.
إذا كان من ملمح الفت في مسألة التقارب في تجربة «حزب الله» و«أنصار الله» فهو التشابه على مستوى التسليح والخبرات العسكرية العريقة
حسن نصر الله
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
25
قصة الغالف
ككيانات مستقلة ومتصلة في الوقت ذات��ه بما تستمده من منح وامتيازات هائلة من ال��دول��ة ،بل وحتى من ال�خ��ارج ،على اعتبار ق��وة تأثيرها في صنع القرار السياسي. معضلة اليمن في إقامة شرعية سياسية جديدة خارجة عن منطق الصراع ُ بني مراكز القوى ،هذه الشرعية تبنى على أساس املواطنة التي تحققها صيغة توافقية تمثل كل أبناء اليمن من أقصى جنوبه إلى شماله ،يتزامن ذلك مع إقامة اقتصاد منتج يقوم على خطط سليمة ملعالجة الفقر والتردي العام في األوض��اع .اليمن بحاجة إلى رؤية إنقاذ سياسية حتى ال تتحول املساعدات الدولية الشحيحة أصال إلى وقود ملزيد من الحرائق السياسية.
غياب الدولة
ما يجري في اليمن ويحدث في مواقع أخرى هو استحقاقات ما بعد الربيع العربي هو شأن سياسي محض ال عالقة له باإلسالم
اليمن نموذج مصغر ومهم جدا لدراسته باستفاضة ملا يمكن أن تكون عليه األوضاع في ظل غياب مفهوم الدولة الحديثة ،وهو ما يجعل املراقبني للحالة اليمنية يتوقعون تحوال ما غير معلوم توقيته أو مداه. يبدو العنوان لكثير ممن يجهلون تفاصيل الشأن اليمني الغائب عن املشهد السياسي ضربا من املبالغة أو التهويل ،لكنه ليس كذلك إذا أخذنا في االعتبار أن هذا لسان حال بعض الجنوبيني الذين ال يرون في الحضور اإليراني املتصاعد في الجنوب إال مساهمة في تحريره من ربقة الشمال ،وليس اختراقا لسيادة اليمن أو احتالله سياسيا! إذن ه��ل ستحتل إي��ران جنوب اليمن أم ستحرره؟ ه��ذا يعتمد على طريقة فهمنا للتحرير واالحتالل ،حيث يمكن إحالل معنى بدل آخر إذا ما علمنا أن «االحتالل» قد انتهى إلى أشكال وأنماط أخرى كاختراق السيادة وخلق «دولة» داخل الدولة ،كما هو الحال في لبنان سابقا ،أو من خالل التحالف التبعي القائم على سيادة مذهبية كما هو الحاصل في العراق ،وفي شكل ثالث يأتي االحتالل عبر أشكال اقتصادية يمتزج فيها الطائفي بالتنموي ،كما في حاالت كثيرة في أفريقيا نجحت إيران في خلق مساحات جديدة أو على األقل تحييد دول كثيرة تجاه مشروعها السياسي ،الذي انتقل من حالة «تصدير الثورة» إلى بناء تحالفات وثيقة متدرجة وعميقة.
تدخالت سافرة
الرئيس اليمني عبد ربه منصور
24
التقارير األمنية لوسائل إعالم أجنبية تفيد بأن إيران كانت تسعى الستغالل األراض ��ي اليمنية كـ«محطة» لتصنيع ص��واري��خ وأس�ل�ح��ة متنوعة ،بحسب تحقيقات مع مجموعة من عناصر « 6شبكات تجسسية» ،تعمل لحساب الجمهورية اإلسالمية ،ألقت السلطات اليمنية القبض عليهم أخيرا ،ويستند التقرير الصحافي الذي أعدته « »CNNإلى تصريح مصادر أمنية تحدثت عن العثور على معدات يمكن إعادة تجميعها لصناعة صواريخ وأسلحة متنوعة، ضمن أدوات ملصنع ،جرى التصريح بإقامته من قبل السلطات اليمنية ،في وقت سابق ما بعد الثورة ،بهدف االستثمار. هذه التصريحات سبقتها تحذيرات كثيرة من الرئيس اليمني بضرورة وقف التدخل اإلي��ران��ي في اليمن ،من خ�لال تجنيد شبكات تجسسية في سبيل إجهاض التسوية السياسية (امل�ب��ادرة الخليجية) ،التي ب��دأت إي��ران حمالت واس �ع��ة ع�ب��ر وك�لائ�ه��ا ال �ج��دد ،وه��م ف��ي ال�غ��ال��ب م�ع��ارض��ون ل�ل�ن�ظ��ام السابق وجنوبيون وبعض املجموعات الصغيرة من الناشطني والصحافيني ،بالتشكيك فيها ،وكأنها مؤامرة خليجية أميركية. الالفت في األمر أن هذه املجموعات الجديدة ال تنتمي للتشيع بمفهومه الديني بصلة ،فهي ليست ذات خلفية زيدية ،وإن كنت أعتقد أن التطابق بني الزيدية واالثني عشرية طارئ وسياسي أكثر من كونه مذهبيا ،حيث حدثت تحوالت عميقة في «املذهب الزيدي» منذ ازدهار الحالة السلفية في اليمن ،وتلك قصة أخ��رى ،إال أن التشيع ال�ي��وم ه��و سياسي محض وم��ن أش�خ��اص سياسيني ي�م��ارس��ون البراغماتية السياسية على طريقة م��ن ي��دف��ع أك�ث��ر ،وك�ج��زء من االن�ق�لاب على مفهوم «ال��وح��دة» ال��ذي يعيش أكثر أوق��ات��ه ضعفا وهشاشة ألسباب موضوعية تتصل بحقبة الرئيس املخلوع ،وأيضا لطريقة تعامل
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
تجمع حاشد للحوثيني وسط صنعاء
اللقاء املشترك والقيادات القبلية في الشمال مع موضوع الجنوب كتركة وإرث سياسي ال يمكن التنازل عنه أو النقاش حوله.
موت حلم التعايش ما قبل ،2004كان الزائر لليمن بمحافظاته ومدنه ال يلحظ أي فوارق مذهبية ّ والثرية ،بالكاد يمكن لباحث متخصص في بني مكونات الشعب اليمن الغنية اإلسالميات أن يلحظ الفوارق بني الشافعية والزيدية والسلفية عبر املواضيع املطروقة ،أو بعض التفاصيل الفقهية التي ما كانت تشكل «هوية» فارقة كما هو الحال ما بعد ذل��ك ،لكن آث��ار الحروب املتكررة مع الحوثيني أع��ادت إنتاج هويات دينية صغيرة متصارعة ،وبالتالي ولد التحالف على أساس «املظلومية» بني إي��ران والحوثيني ليصل الحقا إلى االستتباع والتحالف السياسي الذي يصل للذوبان. الحضور اإليراني في اليمن كان متدرجا وبطيئا ،لكنه أخذ يؤتي أكله وثماره بسبب سياسة االح�ت��واء الناعم ،حيث ال��دع��م ال�لام�ح��دود للحوثيني ،وإقامة مصالح تجارية مع أطراف في الحكومة وبعض القبائل املحتاجة إلى املال ،ومن هنا كان هناك ما يشبه التعتيم اإلعالمي عن حقيقة التمدد اإليراني وتقديمه على أنه جزء من االستثمار ،إلى أن جاءت لحظة الحقيقة وتصادم النظام السابق مع الحوثيني وانفجر شالل األسئلة حول طبيعة العالقة. الحقا ،خالل الحرب السادسة ( 6حروب كفيلة بتجذير الهوية الحوثية وطمس الزيدية املعتدلة) خرج الدعم اإليراني من قمقمه في صعدة لينتقل إلى جبل مران ،ثم يتوسع األمر عبر تحالفات مع فرقاء سياسيني كانوا يريدون إسقاط رأس صالح ،ولو بالتحالف مع الشيطان.
عالقات جنوبية مريبة التوسع الحوثي قابله توسع إيراني امتد للجنوب ،عبر مد اليد إل��ى قيادات سياسية غائبة عن املشهد السياسي ،وبقايا الحقبة الشيوعية ،لبعثها من جديد ،عبر «املظلومية» التي تنتج هويات جديدة ،وهو األمر اآلن الذي يتداوله الجنوبيون دون تمحيص ،ولسان حالهم أن االنفكاك عن إرث الشمال ال يمكن إال عبر القفز على املبادرة الخليجية التي حرصت على يمن ّ موحد متساوي الحقوق ،لكن تطبيق ذلك ال يضمن إال عودة األمر السابق في حال استمرار حالة االحتراب السياسي بني األقوياء في صنعاء القبيلة وبقايا صالح و«اللقاء املشترك». هناك أدوار أفريقية أيضا ساهمت في فرش السجادة الحمراء إليران ،خاصة
الدينية التي شملت املنطقة ،وكانت السلفية رأس الحربة فيها .تدهور اليمن في تفكك مفهومه الرئيس وهويته األساسية والتعايش الذي كان يصبغ كل هذه األلوان والتفاصيل الصغيرة.
التخلي عن السلفيني في األيام السابقة أصدر السلفيون في دماج بيانا مهما ،اعترفوا فيه بانهزامهم من املعركة ،ووضعوا شروطا محزنة طالبوا فيها السلطات باالنتقال إلى منطقة تهامة في الحديدة ،وأن تؤمن الحكومة انتقالهم وتبني مدارسهم التقليدية ،بعد أن فقدوا «دماج» منذ أن أسس فيها مقبل الوادعي واحدة من أهم املدارس الحديثية تأثيرا في العالم اإلسالمي ،في فترة بدايات الصحوة، السلفية املقبلية ،وهي حركة إحيائية غير مسيسة ُولدت مع تيار أهل الحديث املعاصر الذي تكون بالتوازي مع نهضة محمد عبده ورشيد رضاّ ، وفجره ليكون عابرا للبلدان الشيخ املحدث ناصر الدين األلباني وتالميذه ،وكان أحدهم الراحل مقبل الوادعي مؤسس السلفية العلمية في دماج ،والشخصية املثيرة للجدل ،حيث ينتسب إلى املذهب الزيدي نسبا ،لكنه أحد أكثر الشخصيات في تيار السلفية العلمية صالبة وتزمتا وهجرا للسياسة.
انهيار الدولة
مسلحون حوثيون
الصراع بني الزيدية الصحوية التي تمثل اإلسالم السياسي الزيدي ،والزيدية القبيلة التي تمثل سلطة العسكر ،وبينهما طبعا حزب اإلصالح الذي يشكل التجربة اإلخوانية لإلسالم السياسي الذي يستثمر أيضا في القبيلة مثله مثل الحوثيني ،وليس في بناء الدولة كما تحاول باقي املكونات السياسية دون دعم وكما تعيش باقي املناطق في غياب عن الفعل السياسي بحكم سيطرة الجهوية ومركزية صنعاء ،وهذا ما يجهله «دعاة املوت» ألسباب تتصل بأن كل مواقفهم منذ حرب الخليج ليست دعما لإلسالم أو الدين كما يقال ،بل لإلسالم السياسي ،ولو تأملنا كثيرا من النزاعات واملظالم التي طالت فئات سنية مسلمة سلفية كما حدث بني حماس والسلفيني ،ويحدث في مناطق أخرى كاليمن والسودان وغيرهما ،ال نجد إال الصمت املطبق بدعوى عدم الدخول في الفتنة ،لكن حينما يستهدف «اإلخوان» بما يمثلونه من شره على السلطة يحضر الدفاع عن اإلسالم وهنا الكارثة.
اليمن املهمل رغم أن اليمن ،ألسباب تتصل بطبيعة التراتبية القبلية وعالقتها باملكونات السياسية واالجتماعية ،يبدو ف��ي الظاهر أن��ه م��ن أق��ل ال�ب�ل��دان ت�ض��ررا من مرحلة ما بعد «الربيع العربي» ،وذل��ك استنادا إل��ى طريقة تسليم الرئيس السابق علي صالح للسلطة ،وإل��ى أرق��ام ضحايا العنف ،إض��اف��ة إل��ى عدم تصدر اليمن املشهد اإلخباري كما هو الحال في مواقع أخرى ،فإن كل ذلك قراءة مغلوطة ومباينة للواقع اليمني ،قراءة ّ خداعة جعلت من املجتمع الدولي يتناسى أزمة هذا البلد الذي يعيش أزمة تفكك لم تشهدها دولة حديثة من قبل، وليس في هذا أي مبالغة قدر أن اليمن عاد إلى حالة ما قبل الدولة ،بالعودة للقبيلة وللهويات الدينية الصغيرة واملناطقية والجهوية ،في تأكيد على ّأن ه��ذه املكونات كانت مندمجة ومتعايشة رغ��م خصوصيتها التي لم تتخل عنها .طبعا املؤشرات على تدهور الحالة اليمنية أبعد من هيمنة «القاعدة» في الجنوب ،والتمدد اإليراني عبر تضخم حالة الحوثيني الذين لم يعرفوا «التشيع السياسي» إال أخيرا؛ بل كانوا أقرب إلى الوجه اآلخر من اإلحيائية
لكن انكشف مفهوم الدولة في اليمن وصعود منطق القبيلة ،بعد أن كان علي عبد الله صالح ضابط اإليقاع بني مختلف األطراف الدينية ،بحكم االزدواجية ذاتها التي عاشها الشيخ مقبل ،وألسباب تتصل بأن الوضع بني الزيدية وأهل السنة الشافعية (املدرسة التقليدية املقابلة) ،أو حتى بعد ظهور حالة «أهل الحديث» الجديدة نسبيا في بداية الثمانينات بعد رحيل مقبل الوادعي من السعودية ،كان وضعا ممتازا على مستوى التعايش الديني تحت مظلة الدولة، وإن كان الجدل العقائدي والفقهي محتدا ،وهذا شيء آخر. ضحايا العنف بني الحوثيني والسلفيني بلغوا املئات ،وأصابع االتهام تطال الطرفني ،وإن كان السلفيون قد انحازوا إلى مربع الالثورة باالنسحاب والخوف من الفتنة وطاعة ول��ي األم��ر ،وان�ح��از الحوثيون إل��ى الوضعية الجديدة من «التشيع السياسي» الذي جعلهم يشعرون بالتفوق وباستعادة منطقة ظلت تاريخيا حصنا حصينا لهم. إال أن م��ا جهلوه ه��م والسلفيون أن كسر ح��ال��ة التعايش ه��ذه سيكون له انعكاسات هائلة على عموم املكونات االجتماعية في اليمن ،التي كانت مرتبطة جهويا ودينيا بأحد ه��ذه املكونات الدينية ،مثل ارتباطها بالقبيلة والجهة واملنطقة ،وهي محددات لالنتماء السياسي في بلد متنوع كاليمن يسير بتهور شديد نحو املزيد من االنقسام والتشرذم في ظل صراع الديكة السياسي، وإهمال كوارث حالة «الالحسم» تلك. اليمن بدا تماسكه الظاهر بعد الربيع بسبب أن مفهوم الدولة لم يكن قويا قبله، بل كان أقرب إلى الحكومة املركزية في صنعاء ،التي كانت تعكس دور الوساطة لباقي املناطق ،عبر بسط نفوذها العسكري واالقتصادي ،إضافة إلى ارتباط مشاريع التنمية واملساعدات الدولية بالتحالف وال��والء مع حكومة صنعاء، وهي حالة غريبة منذ عهد اإلمام يحيى ،لم تستطع ثورة الضباط تجاوزها.
بدر الدين الحوثي هو األب الروحي للحوثيني وأحد أهم مراجع املذهب الزيدي الجارودي في اليمن
تفكك املكونات السياسية أزمة اليمن اآلن في تفكك البنى األساسية للمكونات السياسية بشقها الديني والقبلي وال�ج�ه��وي ،فهناك أزم��ة الحوثيني والسلفيني بالتزامن م��ع تغلغل «القاعدة» في الجنوب وبناء ما يشبه الدولة ،إضافة إلى رغبة الجنوبيني في االنفصال ،وك��ل ملف من ه��ذه امللفات امللغومة يمكن أن يسهم في تفجير الوضع في بلد الـ 60مليون قطعة سالح. ملصلحة اليمن يجب أن يتدخل املجتمع الدولي لوقف ص��راع الديكة وحالة الشخصنة السياسية ،حيث السلطة تبنى على العالقات الشخصية عبر هيبة ال��دول��ة م��ن جهة ،املستمدة م��ن التحالف م��ع سلطات أخ��رى منفصلة
بدر الدين الحوثي
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
23
قصة الغالف
وإصباغ ذلك بنكهة املقاومة ومحاولة التركيز على قضية فلسطني واملظلومية التي تجد طريقا أسرع إلى قلوب العامة. «املوت ألميركا ،املوت إلسرائيل ،النصر لإلسالم» الشعار الذي يفاجئك في كل مكان على السيارات وجدران البيوت وعلى لوحات اإلعالن وفي كل مكان فيما يشبه االحتالل الرمزي املفاهيمي والحضور الطاغي على طريقة حمالت العالقات العامة ،وفي املحصلة لم يمت أميركي واحد بسبب الحوثيني بل مئات األبرياء اليمنيون في الشارع الذين قذفهم القدر أمام مرمى حرب العصابات أو املافيات السياسية ،فاللعنات التي يطلقها أنصار الله من الحوثيني ال تصيب إال اليمنيني الذين ذهبوا وقودا لحرب االرتزاق السياسي.
شرارة االنطالق
الشيخ مجد الدين املؤيدي واحد من أهم مرجعيات الزيدية املعتدلة ظل صامدا حتى رحيله في 2007تجاه حالة التثوير للزيدية
بداية التسعينات كانت انطالقة شرارة انتقال الحوثيني من تيار زيدي مناطقي ال يسعى إلى أبعد من التمدد في منطقة صعدة التي تشكل عمقه االستراتيجي لوال مناوشات السلفيني هناك ،لكن بلدة «مران» في محافظة صعدة شهدت والدة تنظيم جديد على خطى ح��زب الله استطاع خ�لال عقدين منا لزمان اإلطاحة برأس النظام السابق من خالل التحالف مع املكونات السياسية األخرى ومنها اإلصالح ،ثم وقف على قدميه بمشاركته في الحوار الوطني ٢٠١٣الذي أقيم في مارس وهدف إلى إعادة ترتيب موازين القوى ما بعد الربيع العربي. البداية التنظيمية لم تكن ذات بال أو لتلفت أحدا إلى أن هذه املجموعة الحوثية املنشقة عن الزيدية يمكن أن تفعل كل هذا ،فأنصار الله كانت مجرد مجموعة شبابية تشكلت في منتدى الشباب املؤمن الذي عقد 1992على يد «محمد عزان» و«محمد بدر الدين الحوثي» لينهار املنتدى ويظفر حسني بدر الدين الحوثي قتل في حرب 2004املتشرب لتجربة حزب الله بهذه املجموعة ويقرر تكوين تنظيم جديد يحمل اسم «الشباب املؤمن» ثم أنصار الله الحقا ،ويضطر إلى ترك منصبه في البرملان اليمني كنائب عن محافظة صعدة ،في ذات الوقت يتعاظم دور والده كمرجعية دينية كبرى بعد ضمور واضمحالل دور الزيدية التقليدية التي غاب دورها كما غاب تأثير أبرز رموزها مجد الدين املؤيد. النظام السابق ساهم في إطالق يد املجموعات والجماعات الشيعية الزيدية الصغيرة ،إليقاف تعاظم دور حزب اإلصالح اإلخواني الذين رأى نفسه شريكا في الحكم والوحدة بعد أدواره الكبيرة التي لعبها في حرب االنفصال والوحدة، وظهرت تنظيمات مثل «الحق» و«اتحاد القوى الشعبية». في نهاية 2001انقلب حسني الحوثي على «تنظيم الشباب املؤمن» وأعلن رف��ض منهجه وأه��داف��ه ،وجعل من محاضراته منهجيا ثوريا انقالبيا على طريقة الخميني وسيد قطب في استنباط معان انقالبية ثورية من القرآن الكريم مباشرة فيما يشبه اإلحالل املفاهيمي للفكر الزيدي. تجاوز حسني الحوثي الهادوية الزيدية ليقترب من والية الفقيه على الطريقة اإليرانية أو ما يعرف بالتشيع السياسي فيكفر بالنظام الجمهوري والدستور اليمني وينفصل عن مرحلة االرتباط باألئمة الذين حكموا البالد لعقود.
صوب طهران
الشيخ مجد الدين املؤيدي
22
من املتوقع جدا أن يكون لتأثير الثورة اإليرانية الخمينية أدوار بارزة في اليمن منذ الثمانينات ،وتشير تقارير كثيرة إلى أن نقطة العبور لليمن كانت مبكرة في عام 1982على يد فقيه زيدي بارز هو العالمة صالح فليتة في محافظة صعدة ال��ذي أنشأ على أثر ذلك اتحاد الشباب 1986ودرس��ت فيه م��واد عن الثورة اإليرانية ومبادئها. إال أن االنفصال عن الجسد اليمني تأخر حتى 1990بسبب إعادة التغلل عبر الدستور الجديد لليمن الذي يكفل التعددية السياسية وحق األحزاب في اإلعالن عن نفسها وهو ما ّ طبق على مصطبة الفرز الطائفي والحركي في كل التجارب العربية ،واستفادت حركة الحوثيني التي كانت تعمل قبل ذلك بشكل سري من االنفتاح السياسي ،وبزوغ نجم «حسني الحوثي» لتكرار تجربتها فانسلت حركات وتيارات محسوبة على اإلسالم السياسي الشيعي أو الزيدي مثل حزب الثورة اإلسالمية ،وحزب الله ،وحزب الحق ،واتحاد القوى الشعبية اليمنية. المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
التمدد السياسي ّ والندية التي ظهر عليها أنصار الله في مؤتمر الحوار الوطني مارس 2013كانت كفيلة لتجاوز مرحلة الحوثية املبكرة ودخول أنصار الله كطرف سياسي مستقل يقارع بقية األح��زاب ويطمحون للتحول إلى مظلة كبرى لإلسالم السياسي الشيعي في اليمن ،وم��ن هنا نشأت بنية تحتية للحوثيني في صعدة فيما يشبه الدولة املستقلة املنفصلة ،وأنشأت معسكرات تدريب على مستوى عال مكنت الحوثيني من الصمود طيلة الحروب السبع، كما مكنته من إحكام السيطرة على عمران ومنها اتجه نحو صنعاء.
أوراق تفاوضية تمدد الحوثيني اآلن مختلف ع��ن السابق بسبب حالة «التشيع السياسي» وتحولهم إل��ى ورق��ة تفاوضية يمكن أن تستخدمها إي���ران ،لكن ه��ذا سياق سياسي وليس دينيا ،وتديني الصراعات السياسية في بلد كاليمن قد يوقع املنطقة كلها في كارثة ال تحمد عقباها ،ال سيما أن القبيلة رغم كل مساوئها هي الضامن واإلطار االجتماعي الذي يمنع من تكون ميليشيات آيديولوجية؛ لذا نرى حتى «القاعدة» هنا تتلبس الحالة «القبلية».
فاتورة الربيع العربي ما يجري في اليمن ،ويحدث في مواقع أخرى ،هو استحقاقات ما بعد الربيع العربي ،هو شأن سياسي محض ال عالقة له باإلسالم ،فضال عن اإلسالميني، وال��ف��رق بينهما كبير ،فالسلفيون في اليمن وف��ي دم��اج ُه ِّ��ج��روا ول��م نر تلك الحماسة ف��ي نصرتهم ،ب��ل ل��م يتكلم عنهم أح��د قبل ال��ث��ورة أب���دا؛ ألن حزب اإلصالح «اإلخواني» كان على وفاق مع جماعة الحوثيني ،بل تحالف إلسقاط نظام صالح ،من جهة ثانية فإن قبيلة حاشد املستهدفة هي في األصل قبيلة زي��دي��ة وإن كانت فيها ع��وائ��ل منتسبة للسنة دي��ان��ة ،ولكنها م��ا زال��ت زيدية قبليا ،وعليه فإن الصراع هو صراع على السلطة بني أقوى مكونني سياسيني ال ي��ؤم��ن��ان ب��م��ش��روع ال��دول��ة حتى إب���ان وج��وده��ا وت��وح��ده��ا م��ع علي صالح،
حرب عمران في مارس (آذار) 2014وقعت حرب عمران التي ولدت بسبب انهيار الدولة اليمنية وتحول الجيش اليمني إلى جيش مفروز قبليا وطائفيا مما ساهم في اختراقات كبيرة وواسعة وتحول الجيش إلى مجرد ألوية ومدرعات تتبع قوى يمنية مسيطرة على املشهد اليمني ،وهو ما فتح شهية أنصار الله إلى التقدم نحو صنعاء على اعتبار أن التاريخ اليمني الحديث برمته يطبخ في العاصمة املركزية ،فكما قيل قديما من يمسك بزمام صنعاء يقود اليمن كيفما أراد. الحرب السابعة كانت إعالنا مبدئيا باستقالل الحوثي الجديد عن الجسد السياسي اليمني وارتهانه إلى ما بات يعرف بالهالل الشيعي والذي يعكس حالة التمدد السياسي إليران في املنطقة عبر أذرعتها اآليديولوجية التي تزداد قوة يوما بعد يوم بسبب االنشغال بما بعد الربيع العربي ،وظهور موجات عنف لإلرهاب السني يخلق حالة فراغ على املشهد وينتج تحدياته الخاصة على األنظمة السياسية املحاصرة بدوائر اإلرهاب والعنف واملعارضة السياسية إضافة إلى تجارب استنساخ أحزاب عقائدية على طريقة حزب الله وأنصار الشريعة أو حتى إيجاد منافذ عبر مشاريع إغاثية وتعليمية في مناطق جديدة من أبرزها القرن األفريقي.
االستقواء بإيران املفارقة هو عدم استقواء الحوثيني بإيران ظاهريا في محاولة ذكية إلنتاج أنفسهم كجزء من نسيج املجتمع الزيدي اليمني بحيث ال يجري االلتفات لهم من قبل املجتمع الدولي واألنظمة اإلقليمية وجيران اليمن املكترثني بأمره ،بينما يقدمون أنفسهم في الداخل كحماة للهوية الزيدية وفي ذات الوقت يستلهمون تجربة حزب الله بكل مفرداتها مع تواصل مباشر مع كل القوى السياسية ال سيما االشتراكيني والناصريني الذين يرون التعامل مع اإلسالم السياسي الشيعي ج��دوى أكثر من نظيره السني ال��ذي يعاني من أزم��ة فهم التعددية السياسية وما يمكن تسميته اليقني السياسي املبني على شرعية الشارع املطلقة .خرج الحوثيون من عباءة اآليديولوجيا الضيقة إلى رحاب التحالف مع القوى السياسية باعتبارهم ندا ال يستهان به تنظيميا وعسكريا بعد 7معارك لم يستطع وقفه ال النظام وال «اإلصالح» وامليليشيات املتحالفة مع «القاعدة» وجماعات التطرف بقيادة علي محسن األحمر األخ غير الشقيق لعلي عبد الله صالح الذي تعزى له أدوار كبرى في املهمات القذرة بني املكونات السياسية املختلفة ،لكنه عاد فاستغل لحظة الربيع لينقلب على كل رفاق األمس.
انهيار مديد
الحوثيني حتى قبل وصولهم إلى صنعاء. القتال على طريقة العصابات تبرع فيه كل املكونات املسلحة في الداخل اليمني، وكان عنصر تفوق الدولة عادة هو سالح الجو كما كان مالحظا في الحرب السابعة مع الحوثيني. لكن األكثر أهمية هو غياب مرجعية سنية مؤثرة وبارزة ال سيما بعد تراجع شعبية ح��زب اإلص�ل�اح ،وت�ش��رذم ال�ت�ي��ارات السلفية وخ��روج�ه��ا م��ن مشهد التأثير السياسي رغ��م براعتها في التمدد على املستوى االجتماعي حتى في مناطق الشمال .إضافة إلى أن هناك تحالفات كبيرة بني التيارات املناوئة للسلفيني واإلص�لاح كالتيارات الزيدية التقليدية والتيارات املتصوفة وحتى فلول العائدين من أفغانستان الذين ال يرون في اإلصالح مظلة آيديولوجية فكرية يمكن العمل من خاللها. األهم أيضا هو أن حزب اإلصالح يمر بتحوالت عميقة كما هو الحال لكثير من تجليات اإلسالم السياسي في نسخته اإلخوانية ،فهي أحزاب مترهلة تعاني من عقدة التمييز الحركي ،لكنها اآلن تعيد أكثر لحظاتها ضعفا بسبب تحول قياداتها إلى كتلة معارضة نخبوية منفصلة عن الشارع الذي ما زال تحت لحظة ارتباك مما يجري. وف��ي تضاعيف األزم��ة الحوثية ثمة مجال واس��ع للحديث عن تحالفات غير معلنة من قبل النظام السابق وأنصاره ساهمت في تمدد أنصار الله حتى لحظة الوصول إلى صنعاء ،وإن كانت قد تركزت من حيث الدعم وإطالق اليد في منطقة عمران. الحوثيون التقوا إشارات ارتباك املشهد اليمني وضعف الحكومة الحالية فقدموا أنفسهم كثوار من أجل الخبز والحرية ومن هنا استطاعوا النفاذ إلى مجموعات كبيرة من عامة الشعب اليمني غير املسيس وال الطائفي عبر برامج مجتمعية وإغاثية كبيرة ،كما أنهم على مستوى النخب قاموا بجوالت تعريفية والتقوا عددا كبيرا من اإلعالميني والصحافيني املناوئني لإلسالم السياسي وحزب اإلصالح وأداء الحكومة الحالية التي لم تفعل سوى تعميق األزمات بصمتها وت��ردده��ا بل هناك مؤتمرات وورش عقدت برعاية من ح��زب الله في لبنان خالل السنوات املاضية.
السؤال الذي يطرحه تمدد الحوثيني باتجاه صنعاء ثم احتاللها بشكل أقرب إلى املسرحية الهزلية ،هو ذات السؤال الذي جرى طرحه مع داعش ،ملاذا تتغلغل هذه القوى ذات العدد والعدة األقل من جيوش الدول النظامية بهذه السرعة وملاذا تنهار العواصم العربية أمام تلك امليليشيات؟ م��ن الصعب حقا اإلج��اب��ة الوثوقية ع��ن س��ؤال ب�ه��ذا الحجم يفترض معرفة األسباب والدوافع غير املعلنة للمكونات السياسية داخ��ل اليمن أو حتى في األقطار التي سقطت سريعا ،لكن يمكن القول إن عددا كبيرا من القوى الفاعلة على األرض ال تتدخل إال حني تمس مصلحتها الخاصة ،كما أن «إطالق اليد» الذي تلعبه األنظمة السياسية ملجموعة مسلحة متطرفة على حساب مجموعة أخرى ودعمها لتصفية الخصوم بهذه الطريقة ،أصاب بنية الجيوش النظامية بانهيارات وانكسارات عميقة. في الحالة اليمنية تكمن اإلشكالية في تعدد الجبهات املفتوحة أم��ام النظام السياسي غير املستقر واملشدود تارة إلى النظام السابق بما يحمله من قوة وثقل على األرض ،فالدولة اليمنية ال تسيطر على ما ب��ات يعرف بالحراك الجنوبي وه��و تيار ضخم بداخله مجموعات صغيرة تهدف إل��ى تقويض شعارات مستهلكة الوحدة اليمنية ولو في شكلها الظاهري ،وتطالب باالنفصال عن اليمن ،كما تواجه «القاعدة» في مناطق أبني وما حولها ،في ذات الوقت الذي ترقب فيه تمدد قامت فكرة «أنصار الله» على إعادة إنتاج شعارات الثورة اإليرانية وحزب الله بل
رجل يمني حوثي مع ابنه خارج محل تجاري في صنعاء وضع فيه ملصقات مناهضة للحكومة (غيتي)
أنشأ الحوثي مذهبا سياسيا جديدا لكنه كساه بلغة ومفاهيم زيدية ولذلك هو أقرب إلى الداعية الحركي منه إلى الفقيه الراسخ
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
21
قصة الغالف
متظاهرة يمنية مناوئة للتيار الحوثي
شكل حضور أنصار الله «حزب الله» اليمني املستنسخ مفاجأة بمشروعه االنقالبي الذي استغل تردي األوضاع في اليمن وانشغال العالم بـ«داعش»
20
بتقديم نفسها ب��دي�لا ،أو حتى بمحاوالتها ال��دؤوب إلع��ادة االعتبار لذاتها باعتبارها تجليات معتدلة .ومن هنا بدأت سلسلة من السجاالت العنيفة بني الحوثيني الجدد ،والسلفيني في اليمن ال سيما أهل الحديث في دماج ،وساهم انفالت الوضع األمني وانتعاش سوق السالح والتهريب ،في تمدد الحوثيني داخل مناطقهم مما استدعى لحظة املواجهة التي اتخذت عدة نسخ وألسباب مختلفة ،إال أنها جميعا منذ الحرب األولى في يونيو 2004التي شهدت مقتل حسني الحوثي قائد التنظيم ،ساهمت في تعزيز االنفصال بني الزيدية الجديدة املتحولة باتجاه اإلسالم السياسي الشيعي ،وباقي مكونات املجتمع اليمني، ول��م يستطع حتى علي صالح وال قبائل حاشد إيقاف ه��ذا ال�ن��زف ،والحقا التصدي لالستقاللية التي كان ينظر إليها كعامل للضغط وإيجاد التوازن ضد اجتياح واكتساح حزب اإلصالح اإلخواني الذي تزامن مع تضخم دوره السياسي على الدعوي.
فوضى التسليح وإذا كان من ملمح الفت في مسألة التقارب في تجربة «حزب الله» و«أنصار ال �ل��ه» ،ف�ه��و ال�ت�ش��اب��ه ع�ل��ى م�س�ت��وى التسليح وال�خ�ب��رات العسكرية العريقة. الحوثيون بدورهم أطلقوا صواريخ الكاتيوشا في الحرب السادسة عام ،2010 وهي الصواريخ ذاتها التي استخدمها «حزب الله» الذي تشاع األخبار بأنه بعث بمدربني تابعني له في منطقة صعدة ،وثمة تقارير دولية كثيرة ذكرت ارتباط قاعدة إيران العسكرية في إريتريا بمعسكرات الحوثيني التي تستمد السالح عبر الشواطئ القريبة وأبرزها ميناء «ميدي» وأقرب املوانئ من صعدة ،وعادة ما يستخدم املهربون قوارب الصيد التي ال تلفت األنظار. أسواق السالح من جهة أخرى خضعت لسيطرة الحوثيني بسبب قدرتهم على التفاوض والشراء بكميات كبيرة ،هناك على سبيل املثال سوق «الطلح» األهم واألبرز في إمداد املقاتلني من «أنصار الله» ،هذا عدا االستفادة من غنائم الحرب مع امليليشيات الحكومية أو املستقلة.
املناسبة إلعالن استقاللهم الفكري والتنظيمي ،وكانت معركة 2004التي أعلن فيها عن مقتل قائد التنظيم ،وتلتها حرب مارس 2005التي قادها األب بدر الدين الحوثي ..كانت لحظة انصهار الزيدية في الحوثية ألسباب تتصل بطبيعة االنزياحي في املواقف السياسية لألقليات العقائدية ،التي تتجه في أوقات الحروب واألزمات إلى االنكفاء على الذات والتطرف والخروج من جسد املجتمع. ال�ح��رب الثالثة ف��ي نوفمبر 2005أك��دت على استقاللية األجنحة الحوثية وتحولها إلى تنظيم عسكري عقائدي ّ مسيس يستلهم التجربة اإليرانية في نسختها اللبنانية التي يقودها «حزب الله» األكثر تأثيرا وصيتا بسبب اتكائه على مفهوم املقاومة وسمعته الجيدة في املنطقة لدى اإلسالم السياسي السني الذي اقترب كثيرا منه في حرب ،2006لكن ذلك كان بعد سنة من طرح الحوثيني لقائدهم الشاب الجديد عبد امللك الحوثي األخ األصغر لحسني الرمز املغدور في نظر الحوثيني .بعدها بسنتني اندلعت الحرب الرابعة في تأكيد على أن حالة الغليان اليمنية التي يغفل عنها العالم لم تأت في يوم وليلة ،بل كانت سياقا لجدلية وص��راع على الشرعية في الشمال اليمني، يقابلها انفصال بطيء عن جسد الدولة الواحدة في الجنوب وتعملق لإلسالم السياسي ودخول القاعدة بمنتجها «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» القابع في املناطق الجنوبية ال��ذي يستغل تلك ال�ح��روب بني الحوثيني وال��دول��ة في تعزيز مناطقه وإعادة الحشد واالستقطاب على اعتبار أن قضيته األساسية ليست اليمن وإنما استهداف املصالح الغربية في املنطقة ومحاولة التأثير على االستقرار السعودي. ورغم أن صراع الحكومة والحوثيني كان على إعادة تعريف «اليمن» الواحد، فإنه كان يتخذ شعارات وأسبابا مختلفة؛ من حماية الدولة ،إلى الحرب على محاوالت االنفصال ،وصوال إلى حماية األقلية اليهودية في صعدة ،التي اتهم الحوثيون بأنهم من وقف وراءها. وبعد أقل من سنة تحولت الحروب بني الدولة والحوثيني إلى مواجهات ذات طابع «تكسير العظم» ،تجاوزت منطقة صعدة لتمتد إلى مناطق يتقاسمها الطرفان لكن يدين غالب أهلها باملذهب الزيدي التقليدي ،فبينما تحاول الدولة استقطاب ما تبقى من الزيدية التي تحولت إلى ما يشبه الهوية القبلية ،يحاول عبد امللك الحوثي و«أنصار الله» و«الشباب املؤمن» استقطاب تلك البقية الباقية التي تقبع في مناطق قريبة جدا من صنعاء العاصمة. لم تعلن الحكومة اليمنية ألسباب تتصل بطبيعة نظامها السابق الذي قاده علي صالح ببراغماتية شديدة وذكية لكنها ذات طابع ابتزازي ..لم تعلن عن عالقة الحوثيني بإيران إال بعد الحرب السادسة في منتصف 2009التي أعلنت فيها الدولة آنذاك عن مخابئ للسالح كبيرة جدا يملكها الحوثيون ،لكن جرى اكتشاف أنها إيرانية الصنع وأنها ال تحتوي على األسلحة الخفيفة فقط ،بل شملت صواريخ قصيرة املدى ومدافع رشاشة ،وحصلت أزمة السفينة اإليرانية الشهيرة التي كشفت للعالم وجها جديدا للنزاع اليمني ودخول إيران على الخط.
استهداف السعودية
االنكشاف اإليراني في صعدة عقب الحرب السادسة قاد الحوثيني إلى الذهاب إل��ى أبعد من ذل��ك واستعراض قوتهم واستهداف السعودية في خطأ استراتيجي سيكلف الحوثيني الحقا كشف مخططاتهم الصريحة باستنساخ تجربة حزب الله في لبنان وإعادة موضعتها في اليمن ،فكانت خطة التنظيم استدراج السعودية في املعركة السابعة بعد االعتداء على الحدود السعودية والحقا التمركز في جبل الدخان القابع على الحدود في إشارة إلى جرأة الحوثيني على ملف الحدود املتفق عليها لكن اللعب كقوة مستقلة عن الدولة اليمنية قادرة على خلط األوراق ،لكن التصدي السعودي القوي الذي رافقته مساندة ال محدودة للدولة اليمنية التي كانت تعيش لحظة انهيار محقق ما بعد الربيع العربي وخ��روج حزب املؤتمر وعلي عبد الله صالح م��ن اللعبة السياسية ظاهريا لكن االنغماس في معارك االتصال واالنفصال الشأن اليمني أكثر فأكثر وإع�لان نفسه زعيما حتى بعد رحيله قادرا من أجل تأسيس االنفصال األبدي ألنصار «حزب الله» النسخة اليمنية ،لم على التحالف مع مكونات املجتمع اليمني السياسية والتأثير عليها وبها يستعجل الحوثيون ،بل استغلوا فترة الكمون في مطلع األلفية إلى اللحظة على املنطقة واإلقليم.
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
من قبل حيث تتعايش املذاهب السنية بجوار الزيدية املعتدلة رغم املماحكات الفقهية والعقائدية ،إال أنها لم تكن لتتجاوز عتبات الدرس الكالمي والجدل الفقهي ليس إال. أنشأ الحوثي مذهبا سياسيا جديدا ،لكنه كساه بلغة ومفاهيم زيدية ،ولذلك هو أقرب إلى الداعية الحركي منه إلى الفقيه الراسخ؛ فهو يمثل «سيد قطب» الحركة الزيدية ،ويعتمد أتباعه على تراث ضخم من الصفحات الهزيلة التي جرى تفريغها من محاضراته وخطبه الصوتية وجمعها في كراسات يتداولها أتباع التنظيم. وهنا مالحظة هامة يمكن رصدها بسبب تكررها في كل النماذج الذي عاشت فيها املذاهب واملدارس السنية والشيعية الكبرى تحوالت من اإلسالم التقليدي إلى السياسي ،حيث تجري القطيعة مع التراث واملرجعيات الكبرى بكل ما تحويه من مدونات فقهية وعقائدية لها قيمتها وامتدادها التاريخي العريق ،إلى منتجات جديدة رخوة وهزيلة علميا عادة ما تكون أشبه بالوصايا والتعاليم للمرشد والقائد الجديد .وم��ن هنا ،ساهم حسني الحوثي في تقزيم القامة الزيدية الفقهية بالقفز على تراثها الكبير ال��ذي له تأثيرات على كل املذاهب السنية ،إلى مذهب منعزل عن أصوله ومراجعه يستمد أفكاره السياسية من الواقع ويحاول أن يبحث لها عن نصوص قرآنية لالستدالل بأسلوب أقرب إلى الوعظ السياسي منه إلى التأصيل العلمي.
أزمة توازنات واح��دة من م��آزق التمدد «الحوثي» في اليمن هو استغالل النظام السياسي آنذاك بقيادة علي عبد الله صالح الشخصية األبرز في اللعب كضابط إيقاع بني القوى الدينية املختلفة التي تفترق على غيره وتجتمع عليه ال سيما حضوره القوي في أوساط السلفيني التقليديني من أهل الحديث في دماج في منطقة صعدة ،وهي معادلة ومفارقة كانت يستخدمها صالح في اإلبقاء على السلفيني في تلك املناطق إلح��داث ت��وازن عقائدي طمعا في ال�ت��وازن السياسي ،بينما كان ينظر الزيديون إليها على أنها محاوالت إرباك للهوية الزيدية ،وبالتالي ساهم تمدد الصحوة السلفية التي ق��اد شقها العلمي أه��ل الحديث بدماج والسلفيون في اليمن ،وشقها الحركي والسياسي حزب اإلصالح املحسوب على «اإلخوان» ،في تفريغ الزيدية التقليدية من محتواها وإضعافها وبالتالي تحول األجيال الجديدة من شباب الزيدية باتجاه مقوالت الحوثي في مواجهة
الحصار املناطقي والسلفي واإلصالحي برعاية حكومية ألسباب تتصل بمدى قرب أو بعد هذه التنظيمات من استراتيجية علي عبد الله صالح في مراحل حكمه املختلفة ،وقدرته على ارتداء قبعة حامي ّ الهوية الزيدية التي تشكل نصفه األول ،واملحافظ على الخطاب السلفي املهيمن على معظم مناطق اليمن ،في تراجع للمدرستني الشافعية والزيدية التقليديتني.
حوثيون يشهرون اسلحتهم خالل احتجاج مناهض للحكومة في صنعاء – سبتمبر املاضي (غيتي)
االحتماء بالقبيلة اتجه حسني الحوثي بداية إلى القبائل طارحا فكرة تنظيمه الجديد «أنصار الله» اآلن ،وترافق ذلك مع تدشني مؤسسات خيرية وتعليمية على طريقة «حزب الله» في الجنوب اللبناني ،وساهم تراجع وإخفاق الدولة إلى تحول منطقة صعدة إلى ما يشبه فكرة املجتمع املنفصل أو الدولة داخل الدولة. وفي اشتداد ضربات الواليات املتحدة لتنظيم القاعدة في اليمن وتركيزها على مسألة اإلره��اب القاعدي ،نشطت الحركة الزيدية الجديدة الثائرة في تدعيم صفوفها وإعادة بناء نفسها مستخدمة كل الشعارات التسويقية ومقتفية آث��ار «ح��زب الله» وتكتيكاته حتى قيل في تلك األي��ام إن عناصر كثيرة من الحزب تسللت على فترات متباعدة إلعطاء التوجيهات والتأكد من تمدد الهوية الزيدية السياسية الجديدة التي اتخذت شعار« :الله أكبر ..املوت ألميركا ..املوت إلسرائيل ..اللعنة على اليهود ..النصر لإلسالم».
لحظة املواجهة تغلب تنظيم «أنصار الله» بقيادة حسني الحوثي على الزيدية التقليدية خالل أع ��وام م��ن ال�ح�ش��د وال�ت��أل�ي��ب وال�ت�ث��وي��ر للمذهب ال��زي��دي ،ح�ي��ث س��اع��د ت��ردي األوض��اع ،وارتفاع منسوب الطائفية في اليمن ،في انتقال األجيال الجديدة ملواالة تنظيم «الشباب املؤمن» الذي اكتمل عقد مؤسساته املستقلة وقدرته على االستقالل الذاتي ليس عسكريا فقط ،وإنما حتى على مستوى التمويل والتحالفات السياسية املستقلة. الحقا ألقت أح��داث الحادي عشر من سبتمبر (أي�ل��ول) 2001بظاللها على الجسد السني بكل تشكالته؛ معتدليه ومتطرفيه ،وحتى املدارس والتيارات التقليدية ذات الطابع السلمي ،تأثرت بذلك الحدث ،مما أتاح الفرصة لألقليات املذهبية والفقهية الصغيرة ألن تعيد النمو في ظل الحرب على اإلره��اب ،إما
االنكشاف اإليراني في صعدة عقب الحرب السادسة قاد الحوثيني إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك واستعراض قوتهم واستهداف السعودية في خطأ استراتيجي
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
19
قصة الغالف
في جبال ّ مران الوعرة يقف ضريح ومزار حسني الحوثي مهندس انتقال الزيدية املعتدلة إلى تشيع سياسي ّ حاد سرعان ما تحول إلى شعلة من الثورة الدائمة لتكرار تجربة الثورة اإليرانية أو على األقل التحول إلى «حزب الله» اليمني في خاصرة الخليج ..شيد الضريح الفارسي التصميم وبات مزارا يقصده األطفال وأمهاتهم الثكالى في طقوس رمزية كربالئية سميت «يوم الصرخة» يجمعهم زي موحد وتفرقهم أهواء عديدة.
انهيار اليمن الواحد بحروب طائفية انقالبية يقودها اإلسالم السياسي الشيعي والسني
احلوثيون :استنساخ جتربة «حزب الله» يف اليمن جدة: يوسف الديني
الحرب الثالثة في نوفمبر 2005أكدت على استقاللية األجنحة الحوثية وتحولها إلى تنظيم عسكري ّ مسيس عقائدي يستلهم التجربة اإليرانية في نسختها اللبنانية
18
شكل حضور «أنصار الله»« /حزب الله» اليمني املستنسخ مفاجأة مدوية في األي��ام املاضية بمشروعه االنقالبي ال��ذي استغل تردي األوضاع في اليمن وانشغال العالم بـ«داعش» ليعيد ترتيب األوراق واألولويات واملكونات السياسية ونفوذها في صنعاء حيث مركزية العاصمة التي ال يمكن تمرير أي أجندة في اليمن دون السيطرة عليها. استغل الحوثيون« /أنصار الله» تردي األوضاع اليمنية لينفذوا ككل املنظمات والتيارات األصولية التي تمثل أسوأ نماذج اإلسالم السياسي بشقيه الشيعي والسني عبر بوابة امللفات االجتماعية الحقوقية ،وكان من أبرزها قضية رفع أسعار الوقود؛ القضية الشعبية األبرز في تثوير الحالة اليمنية منذ سقوط نظام علي عبد الله صالح الذي بدا مقامرا بصمته على تمدد الحوثيني نكاية في حكومة هادي القادمة على أكتاف «الربيع العربي» الهزيلة. تنسدل جدائل هذا التنظيم العنيف والسياسي ال��ذي يتحرك بتوازن ما بني حضوره السياسي واآليديولوجي وتمثيله األمني ألجندة إيران في املنطقة ،لكن بخصوصية محلية ،إلى االنسالخ الذي عرفته الطائفة الزيدية في اليمن عن جلدها والتحول من «التشيع املتسنن» كما كان يقال إلى «التشيع السياسي» املنتمي إلى مرجعية إيران ،في محاولة للوصول إلى خصوصية تجربة «حزب الله» اللبناني. هذا االنسالخ يمكن رصد بداياته مبكرا ،إال أنه على مستوى املسار التنظيمي بدأ في مطلع التسعينات عندما أراد الحوثيون تدشني منتجهم األصولي الجديد «الشباب املؤمن» في منطقة صعدة ( 240كلم شمال صنعاء) ،وهي منطقة ذات أغلبية شيعية كاسحة تقودها مرجعية دينية قوية ومتماسكة وموحدة تتمتع بكاريزما الزعامة الدينية التي يفتقدها اإلسالم السني املتذرر منذ منتصف التسعينات حني أضعفت التنظيمات األصولية التابعة لإلسالم السياسي على املؤسسات الدينية التقليدية بمرجعياتها. بدر الدين الحوثي هو األب الروحي للحوثيني وأحد أهم مراجع املذهب الزيدي الجارودي في اليمن الذي ينحو إلى التجديد ورفض التقليد ودعا إلى محاربة علماء الزيدية التقليديني بسبب تقصيرهم في التقارب مع املذاهب غير السنية وأب��رزه��ا امل��ذه��ب االث�ن��ا عشر الجعفري ال��ذي يشكل نسغ وم��رك��زي��ة املذهب الشيعي في العالم. غادر بدر الدين الحوثي اليمن بعد حرب االنفصال في ،1994وتلك هي الفترة التي قويت فيها شوكة التنظيمات املتطرفة األصولية السنية واكتسحت اليمن بسبب دعمها للنظام ال��ذي استغل تجييشها للحالة اليمنية باتجاه الوحدة بقيادة ح��زب اإلص�لاح وفلول العائدين من أفغانستان ال��ذي شكلوا بدايات «القاعدة في جزيرة العرب» الذي ينشط في املناطق الجنوبية من اليمن حتى اآلن. استقر بدر الدين الحوثي بصحبة ابنه حسني الحوثي الذي يعد بمثابة سيد قطب الزيدية من خالل تنظيراته املباشرة على النص القرآني باتجاه إنتاج
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
خطاب أصولي متشدد ينزع إلى النفس االنقالبي ويستغل بوابة االجتهاد املشرعة في املذهب الزيدي ،وبقي الحوثيان؛ األب واالبن ،في إيران حتى عام 2002قبل أن يعود االبن الثائر املتشبع بروح الثورة اإليرانية إلى صعدة ويعلن تغييرا جذريا وحاسما يشرح استراتيجيه الجديدة وهي االنتقال من الزيدية ّ الهوياتية املتنافسة مع بقية التنظيمات األصولية السنية في اليمن إلى استنساخ تجربة «حزب الله» اللبناني .ومن هنا كان لزاما االنسالخ من الذات ولو بشكل رمزي عبر تغيير االسم من «الشباب املؤمن» ،بما يحمله من رمزية االعتزاز بالهوية الزيدية في مقابل ّ هويات دينية متفجرة في اليمن بعد انهيار مشروع اليمن الواحد بإدارة دولة منهارة ،إلى «أنصار الله» االسم املرادف لـ«حزب الله» في االشتقاق القرآني والجرس والدالالت الرمزية السم التنظيم.
انشقاقات عقائدية لم يستطع بدر الدين الحوثي وال ابنه القفز على الهوية الزيدية التقليدية الرافضة لغلو املذهب االثني عشري من وجهة نظر عقائدية محضة فال الزيدية تعترف بتسمية االثني عشرية ألئمتهم ،وال املذهب الجعفري ،كما هو معلوم ،يسمي ويعترف بإمامة زيد بن علي الذي تنتسب إليه الزيدية ،هذا عدا مسائل كثيرة تتصل بالعصمة والرجعة والتقية والبداءة واملوقف من االنشقاق املبكر بني الصحابة ،وهذه مسائل جعلت من الزيدية التقليدية تتراجع أمام أطروحات حسني الحوثي الثورية ،وإن كانت لم تصمد أمام كارزيماه عند أتباعه بسبب نفسه ال�ث��وري الجديد ال��ذي أي�ق��ظ ف��ي ال��زي��دي��ة الرغبة ف��ي االن�ت�ق��ال م��ن أقلية مضطهدة إل��ى مكون سياسي وعقائدي صلب يستطيع التفاوض واللعب بمصير بلد بحجم وتنوع اليمن. اصطدم حسني الحوثي مع علماء الزيدية وحدثت بينهم مساجالت علمية وفكرية كبيرة موثقة في إعالم الزيدية اليمنية مثل صحيفة «األمة» ومنتديات على اإلنترنت ،بل أصدر علماء الزيدية التقليديني بيانا مهما في التحذير من ضالالت الحوثي ،وكانت هناك شخصية حاسمة ومرجعية كبرى في املذهب الزيدي ساهم رحيلها في تمدد الزيدية الثورية واحتضار الزيدية التقليدية املعتدلة.
تالشي الزيدية املعتدلة الشيخ العالمة مجد الدين املؤيدي ،واحد من أهم مرجعيات الزيدية التقليدية املعتدلة ،ظل صامدا حتى رحيله في 2007تجاه حالة التثوير للزيدية باتجاه التقارب مع االثني عشرية في إي��ران ،وصرح أكثر من مرة لطالبه ولوسائل اإلع�لام أن ظاهرة «الحوثي» غريبة على الجسد اليمني الواحد ،وأن محاولة إشعال فتيل األزمة مع السنة في اليمن هو بداية لعصر جديد لم تعرفه اليمن
أجل إيران والشعب خرج في هذه املسيرات األخيرة بشكل واضح ليعبر عن مطالبه هو وليس عن مطالب إيران».
انقسامات واستقاالت أدت سيطرة الحوثيني على العاصمة صنعاء إلى انقسامات في الوسط السياسي اليمني وفي هيئات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ،فقد استقالت أفراح الزوبة ،نائبة أمني عام املؤتمر من منصبها بعد االتفاق مع الحوثيني، وقالت لـ«املجلة» إنها قدمت االستقالة ألسباب كثيرة ،وسبب االستقالة بشكل رئ��ي��س ك��ان «م��وض��وع ال��ص��راع ال���ذي دار ف��ي صنعاء وم��وض��وع الوصول إلى صنعاء من قبل قوات الحوثيني أو من يسمون أنصار الله وتهديدهم ألمن الدولة ومؤسساتها وهذا بعد انتهاء مؤتمر الحوار رغم كل التوافقات التي حدثت فيه ،وهذا جعلني أشعر أن العملية السياسية برمتها أصبحت في مهب الريح إن لم تكن قد انهارت فعال ،هذا كان سببا رئيسا لتقديم استقالتي». وأض��اف��ت ال��زوب��ة أن ما يجري في الساحة اليمنية في الوقت ال��راه��ن هو «تحالفات جديدة ملجموعة من التيار الذي حكم البالد سابقا أو مجموعة من القيادات في املؤتمر الشعبي العام وعلى رأسهم علي عبد الله صالح مع الحوثيني ،هناك رغبة جامحة في القضاء على املعالم الحقيقية للدولة اليمنية املنشودة واملشروع الذي جاءت به مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومحاولة لاللتفاف على هذا املشروع الجديد وهناك قوى أخرى، كما يقال ،جرى ضربها من خالل العمليات العسكرية التي دارت مؤخرا وعلى رأسها حزب اإلص�لاح (اإلسالمي) ،بكل تأكيد ،وأجنحته القبلية والعسكرية». وفيما يتعلق بالحزبني الرئيسني اآلخ��ري��ن ال��ح��زب االش��ت��راك��ي اليمني والحزب الناصري ،قالت الزوبة إن «الحزب الناصري بدت مواقفه مؤخرا
أكثر قوة وصالبة خاصة مع رفض األمني العام للحزب األستاذ عبد الله نعمان التوقيع على اتفاقية السلم والشراكة الوطنية بسبب رفض الحوثيني التوقيع على امللحق الخاص وسحب قواتهم وتسليم السالح» .وأردفت أن «هناك متغيرات كثيرة موجودة اآلن على الساحة الوطنية لكن كما قلنا إن املتغير الرئيس هو التحالف الجديد الذي يهدد بشكل كبير حلم اليمنيني في الدولة املدنية الحديثة». وحول التحالف العسكري أو غيره ما بني الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأنصاره في الجيش وبني جماعات الحوثي قالت أفراح الزوبة« :أنا أعتقد ما حصل في الفترة السابقة وحتى إشارات رئيس الجمهورية وكثير من املحللني إلى أن خط سير الحوثيني من صعدة إلى صنعاء كان مدعوما وكان واضحا أن هناك تحالفات مع القوى القبلية والعسكرية كانت ،إن لم أقل جميعها ،من أنصار النظام السابق ،وهذه التحالفات لم تعد خفية بأي شكل من األشكال والجميع يعرفها ..نعم هناك تحالف بكل تأكيد». وتقول النائب األول لألمني العام ألمانة الحوار الوطني (املستقيلة)« :بكل تأكيد رغم كل الضبابية والظالمية والوضع في البلد واملخاوف الكبيرة جدا من التغييرات التي حدثت ،لكن أنا متأكدة أن اليمن سيخرج منها بسالم، واآلن رغم هذه التحالفات التي ظهرت فاليمنيون بكل تأكيد سيكون لهم صوت وتساؤالت في أن هذه التحالفات الجديدة والحكومة التي سيتم تشكيلها هل ستلبي طموحاتهم أم ال» ،وفيما إذا كان الوضع الراهن الذي يحدث في اليمن وراءه أياد خارجية أم أنه متعلق بأدوات داخلية ،قالت إنه «بكل تأكيد ولألسف الشديد هناك أطراف خارجية لها أصابع واضحة تماما في الحالة اليمنية ،تجاذبات كبيرة تغييرات كبيرة تحدث في منظومة الوالءات ..لألسف الشديد أقول إننا كنا نتمنى أن يكون التغيير في 2011 تغييرا حقيقيا يجرم التعامل مع الخارج فيما يضر املصلحة الوطنية.. نعم هناك أط��راف إقليمية لها مصالح في اليمن وتسعى لخلق الظروف املناسبة لتحقيق هذه املصالح» <
أبرز التساؤالت الحائرة في الشارع اليمني تتعلق بمستقبل البالد ..هل سيلتزم الحوثيون بتنفيذ بنود االتفاق الذي وقعوا عليه مع الحكومة؟
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
17
قصة الغالف
أخذت األحداث في الساحة اليمنية منحى آخر ،بعيدا عن املبادرة الخليجية ،بعد أن أصبحت هناك جهة معينة تفرض شروطها وتتحكم في مصير البلد وبمخرجات الحوار الوطني الشامل ،وهي حركة التمرد الحوثية ،بعيدا عن القوى الوطنية والسياسية األخرى ،عقب استيالئها على العاصمة اليمنية صنعاء بالقوة املسلحة ،وبدأت الحركة في رفع مطالب تتعلق بتراجع الحكومة عن اإلجراءات االقتصادية التي اتخذتها وهي رفع الدعم عن املشتقات النفطية ،وطالبت الحركة املتمردة بإسقاط حكومة الوفاق الوطني التي شكلت عقب احتجاجات شعبية ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح والتي اندلعت مطلع عام ،2011 والتي أتت بالرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي رئيسا لليمن لفترة انتقالية ،وسيطرة الحركة ،بصورة كاملة ،على صنعاء العاصمة ،بعد أن بدأت تحركاتها بصورة سلمية ،ثم تحول األمر إلى مواجهات مسلحة ،والغريب أن صنعاء سقطت بسهولة في أيدي الحوثيني الذين تشير ،كافة املصادر ،إلى ارتباطهم الوثيق بالجمهورية اإلسالمية في إيران ،غير أن الخطورة تكمن في أن يتحول اليمن إلى بلد يحكمه «السيد» ،وهو عبد امللك الحوثي الذي بات يتحكم في معظم مصائر اليمنيني في الوقت الراهن بعد إسقاطه للعاصمة التي لم يتمكن أسالفه في ستينات القرن املاضي من آل حميد الدين من إسقاطها ،وبالتحديد حصار السبعني عام ،1967عندما هب الشعب اليمني وقاوم محاولة الحكم اإلمامي السابق إسقاط صنعاء في قبضته.
تحركات أممية لوضع «الحوثيني» على قائمة اإلرهاب إذا لم ينفذوا االتفاقات
صنعاء ..عاصمة يف قبضة «متمردين» صنعاء: عرفات مدابش
أدت سيطرة الحوثيني على العاصمة صنعاء إلى انقسامات في الوسط السياسي اليمني وفي هيئات مؤتمر الحوار الوطني
16
رضخ الرئيس عبد ربه منصور هادي للضغوطات الحالية وأجرى ات�ف��اق س�لام م��ع الحوثيني سمي باتفاق السلم وال�ش��راك��ة ،في محاولة منه لتجنب الدخول في دوامة العنف ،كما قال ،وعلمت «املجلة» أنه وعلى الرغم من االتفاق الذي جرى في ضوء وساطة وإشراف أممي وبمباركة إقليمية وعربية ودولية ،فإن مجلس األمن الدولي والدول العشر ال��راع�ي��ة ل�ل�م�ب��ادرة الخليجية م��ا زال��ت ت��راق��ب ع��ن كثب تصرفات الحوثيني التي جرى تصنيفها على أنها أعمال عنف وأنه من املتوقع أن يكون هناك موقف دول��ي آخ��ر ،غير امل��رح��ب باالتفاق «ف��ي ح��ال استمر الحوثيون في استخدام العنف وإقصاء الخصوم السياسيني عن الساحة بالقوة» ،وذكرت املصادر أن املوقف األممي «سوف يعد الحوثيني حركة متمردة ومسلحة وتنفذ أجنداتها السياسية عن طريق السالح وربما يعدها حركة إرهابية».
موقف الحوثيني ويقول محمد عبد السالم ،الناطق الرسمي ألنصار الله ،إنه «ليس صحيحا أن يطلق على ذلك اجتياح ولكن كانت هناك ثورة شعبية سلمية واجهتها السلطة بالقتل وسقط ضحايا أمام مجلس الوزراء وفي شارع املطار وكذلك بدأت عناصر محسوبة على القوى اإلجرامية في منطقة شمالن بممارسة العدوان ونحن كنا قد قطعنا وعدا أننا سنحمي هذه الثورة ألننا نعتقد أننا لو سكتنا عن ذلك فمعنى ذلك أن يزيد القتل خاصة في موقف دولي لم يضغط على النظام أمام ما يرتكب من جرائم وهذا الذي حصل وهو أن تحركت لجان شعبية ونحن معهم ،أيضا ،في مواجهة هذه القوى كعملية جراحية ملواجهة هذه القوى اإلجرامية داخل السلطة». وفيما يخص الخصومة م��ع ح��زب التجمع اليمني ل�لإص�لاح (السني) بالتحديد ،أضاف محمد عبد السالم ،في حديثه لـ«املجلة» أنه «في املاضي كان لألسف لحزب اإلصالح موقف واضح في دعم التكفيريني وامليليشيات التابعة له ولذلك نحن حرصنا بعد الثورة أن يكون اتفاق السلم والشراكة
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
الوطنية يعم الجميع ب�لا استثناء ،واآلن نحن ن�ح��اول أن نفتح صفحة جديدة مع اإلخوة حزب التجمع اليمني لإلصالح والسيد عبد امللك أعلن عن ذلك ومد يده ونستطيع أن نقول إن الخصومة سياسية وعسكرية باعتبار أنهم كانوا يواجهوننا عسكريا أما خصومة طائفية ومذهبية فهي غير موجودة». وحول استمرار جماعة الحوثي في االستيالء على صنعاء واملؤسسات الحكومية ،قال الناطق الرسمي لـ«أنصار الله»« :الذي نتحرك من خالله اآلن هو أن يكون هناك تعاون مع الشرطة العسكرية والوحدات األمنية وعلى أساس أن تظل العاصمة صنعاء منضبطة وبيد مؤسسات الدولة ولكن عندما حصل ما حصل ،مؤخرا ،كان هناك تقريبا أطراف أخرى أرادت أن تعبث بمؤسسات الدولة وأن تعتدي على بعض املحسوبني على األطراف األخرى لتقدم التهمة إلينا وحرصنا أن نقوم بحماية ذلك ،إضافة إلى أن الكثير من املواطنني دخلوا إلى العاصمة صنعاء على أساس تقديم قوافل للمعتصمني في شارع املطار ونحن اآلن نتواصل مع هذه الجهات املعنية على أس��اس أن تقوم بدورها في تثبيت األم��ن واالستقرار في العاصمة صنعاء بما يجعلها عاصمة للجمهورية اليمنية أكثر انضباطا وأمنا واستقرارا وتعايشا». وبشأن صحة املزاعم عن وقوف إيران وراء ما جرى قال محمد عبد السالم: «تستطيع القول إن الحديث عن إيران ليس جديدا في األزمة وال في الوضع اليمني ونحن نعتقد أن املشكلة داخلية وال�ث��ورة رفعت مطالب واضحة معنية بمعيشة الفرد اليمني وليس لها عالقة بأي أجندات خارجية والناس طالبوا بتغيير حكومة وامل�ش��ارك��ون ف��ي ه��ذه الحكومة ي�ق��رون بفشلها والناس طالبوا بتغير الوضع ألن اليمن أفقر دولة عربية ويعيش نصف سكانه تحت خط الفقر فهناك مشكلة يمنية ونحن نتمنى من دول الخليج أال تكون نظرتها إلى اليمن دائما بعني املؤامرة وبعني اإلقليم الخارجي أو الرؤية الخارجية ،يفترض أن يقفوا إلى جانب اليمنيني لرفع مستوى املعيشة وملساعدة اليمنيني على الحلول هذا الذي حصل ،أما أن يقال إن إيران لديها من يتحرك من أجلها وفي كل حدث نتحرك فيه يقولون من
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
15
أحداث مصورة
فرس الرهان فرقة فنية تشكل لوحة استعراضية على هيئة فرس الرهان في مضمار أسكوت البريطاني لسباق الخيل (غيتي)
14
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
أحداث مصورة
الروبيان الكوييت طفل كويتي وسط سالل الروبيان في سوق السمك الرئيس في مدينة الكويت حيث تم استئناف صيد الروبيان في املياه الكويتية اخيرا بعد انقطاع دام ستة أشهر ونصف (غيتي)
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
13
12
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
11
أحداث مصورة
حجاج بيت الله احلرام الحجاج من جميع أنحاء العالم بدأوا في التوافد على مكة املكرمة الداء شعائر حج بيت الله الحرام (غيتي)
10
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
السعودية شاركت بـ 24لعبة و 300رياضي
دورة األلعاب اآلسيوية الـ« :17آسيا واحدة» الجمعة 19سبتمبر رئيسة كوريا ا فتتحت الجنوبية باك جون هاي ،رسميا، منافسات دورة األلعاب اآلسيوية
ال�ـ ،17واستضافت مدينة إنشون بكوريا الجنوبية الدورة التي تختتم في الرابع من أكتوبر الحالي. ش��ارك��ت ال �س �ع��ودي��ة ف��ي ال� � ��دورة ب��وف��د ض��م أك�ث��ر م��ن 300شخص م��ا ب�ين الع��ب ،وإداري ،وم��درب، يمثلون 24ات �ح��ادا ،ه��ي :ال�ف��روس�ي��ة ،وك��رة ال�ق��دم، وأل �ع��اب ال �ق��وى ،وال �س �ب��اح��ة ،وال�ب��ول�ي�ن��غ ،وال��رم��اي��ة، والكاراتيه ،والتايكوندو ،والرياضات البحرية ،وكرة اليد ،والجمباز ،والغولف ،والكرة الطائرة ،والجودو، وامل �ب��ارزة ،وال��دراج��ات ،والتنس ،وامل�ص��ارع��ة ،ورفع األث� �ق ��ال ،وال �س �ه��ام ،وك� ��رة ال �س �ل��ة ،وك� ��رة ال �ط��اول��ة، واملالكمة ،والرغبي .وك��ان العلم السعودي قد ُرفع داخل القرية األوملبية في إنشون ،مقر إقامة البعثات ال��ري��اض �ي��ة امل �ش��ارك��ة ب ��ال ��دورة ،ب�ح�ض��ور السفير ال�س�ع��ودي ،ورئ�ي��س ال��وف��د امل�ش��ارك ب��ال��دورة ،وأم�ين عام الوفد وأعضاء البعثة ،باإلضافة إلى عمدة مدينة إنشون ال��ذي رحب بالبعثة السعودية ،متمنيا لهم التوفيق والنجاح .حضر حفل االفتتاح شخصيات رسمية ع��دة ورؤس��اء بعض االت�ح��ادات واملنظمات الرياضية ال��دول�ي��ة ،أب��رزه��م رئ�ي��س اللجنة األوملبية الدولية األملاني ،توماس باخ ،ورئيس املجلس األوملبي اآلس �ي��وي امل �ش��رف ع�ل��ى تنظيم األل �ع��اب ال�ك��وي�ت��ي، الشيخ أحمد الفهد األحمد الصباح ،وممثلو وفود 45 دولة آسيوية أرسلت نحو 10آالف رياضي للمنافسة على م��دى أسبوعني .وكسر مخرج الحفل التقليد القديم الذي جرت عليه العادة وابتكر أسلوبا جديدا ال يعتمد كليا على اإلضاءة ،وإنما على أشهر نجوم الفن والغناء في ب�لاده .وغطى النجم العاملي بسي صاحب أغنية «غانغام ستايل» ،وفرقتا «إكسو» و«ج� ��ي واي ج� ��ي» ،على ال� �ب� �ه ��رج ��ة ال �ك �ب �ي��رة التي كانت تحدثها عادة األلعاب النارية وم��ن بعدها أض��واء الليزر.
رئيس املجلس األوملبي اآلسيوي ( )OCAالشيخ أحمد الفهد الصباح يتحدث خالل افتتاح اوملبياد انشيون -كوريا الجنوبية (غيتي)
تونس :عشرات املرشحني أغلقت لالنتخابات الرئاسية تقدموا بأوراقهم عبر األبواب والنوافذ
الباجي قائد السبسي ( 88عاما) اكبر املترشحني سنا
ه�ي�ئ��ة االن �ت �خ��اب��ات ف��ي ت��ون��س ب ��اب ال�ت��رش��ح لالنتخابات ،االثنني 23من سبتمبر املاضي، وهو آخر مرحلة إلكمال االنتقال الديمقراطي في تونس مهد انتفاضات الربيع العربي ،وبلغ عدد من قدموا أوراق ترشحهم لالنتخابات الرئاسية أكثر من ،70وهو رقم وصفته وسائل إعالم تونسية بأنه قياسي. وق��ال��ت صحيفة «ال �ش��روق» التونسية املحلية إن «تونسيا يرغب في الترشح واسمه رضا بن عيسى اقتحم مقر الهيئة عبر النافذة لوصوله بعد انتهاء فترة التسجيل ،لكن مسؤولي األمن أخرجوه بعد االنتباه إليه». ومن املنتظر أن يتنافس على كرسي قرطاج عدة شخصيات س�ي��اس�ي��ة م �ع��روف��ة ،م��ن ب�ي�ن�ه��ا ال��رئ �ي��س ال �ح��ال��ي ،منصف املرزوقي ،ورئيس املجلس التأسيسي ،مصطفى بن جعفر، ورئيس ال��وزراء السابق ،الباجي قائد السبسي ،والقيادي بالحزب الجمهوري ،نجيب الشابي ،إضافة إلى حمة الهمامي، زعيم الجبهة الشعبية. وستجرى االنتخابات الرئاسية ي��وم 23نوفمبر (تشرين الثاني) املقبل ،وقبلها االنتخابات التشريعية يوم 26أكتوبر (تشرين األول) الحالي. ويشترط القانون االنتخابي تزكية 10آالف ناخب على األقل أو 10نواب من البرملان لكل مرشح لالنتخابات الرئاسية ،لكن أغلب املرشحني دأبوا على إرفاق ملفاتهم بالشرطني معا في خطوة استعراضية.
في أسكوتلندا فقط:
يسقط االستقالل رفضت
اسكوتلندا 19سبتمبر املاضي االستقالل في استفتاء تاريخي كان ينذر بتقطيع أوصال اململكة امل �ت �ح��دة ،وب ��ث االض� �ط ��راب ف��ي ال �ق �ط��اع امل��ال��ي، وتقليص ما تبقى من نفوذ بريطانيا في العالم. وك� ��ان ال�ت �ص��وي��ت ل �ص��ال��ح االت� �ح ��اد ،ال� ��ذي يبلغ م��ن ال �ع �م��ر 307أع � ��وام ،م�ب�ع��ث ارت �ي ��اح مل�لاي�ين البريطانيني ،ومن بينهم رئيس ال��وزراء ،ديفيد كاميرون ،ال��ذي كان منصبه أيضا على املحك، فضال عن الحلفاء الذين روعهم احتمال انفصال اسكوتلندا عن اململكة املتحدة في مختلف أنحاء العالم. وحصل مؤيدو االستقالل على 55في املائة من األصوات ،بينما حصل االنفصاليون على 45في املائة بعد فرز جميع األصوات البالغ عددها .63 مليون صوت أو 85في املائة من الناخبني ،وهي نسبة إقبال قياسية على التصويت ،لكن زعماء في أنحاء اململكة املتحدة قالوا إن «االتحاد يجب أن يتغير لكي يستمر». وبعد ساعات من إعالن نتائج االستفتاء تقدم الوزير األول في الحكومة االسكوتلندية ،أليكس س��امل��ون��د ،باستقالته م��ن منصبه وم��ن رئاسة الحزب القومي ،بعدما أقر بهزيمته في «معركة االستقالل» عن اململكة املتحدة. وأعلن ساملوند ،الذي قاد حملة «نعم» ،في كلمة متلفزة ،االعتراف بهزيمة تيار االستقالل ،بعدما أظهرت النتائج النهائية لالستفتاء على استقالل اسكوتلندا ،تصويت أكثر من 55في املائة لصالح البقاء ضمن بريطانيا.
مسيرة داعمة لالتحاد في أدنبرة اسكوتلندا (غيتي)
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
09
األسبوع الخامس
خادم الحرمني الشريفني لدى اجتماعه مع وزير الخارجية األميركي
تزامنا مع ذكرى 11سبتمبر ..ا ستقبل مؤتمر جدة يجفف منابع تمويل التنظيمات اإلرهابية
خادم الحرمني الشريفني امللك عبد الله بن عبد العزيز في جدة مساء الخميس 11سبتمبر (أيلول) وزي��ر الخارجية األميركي ،جون كيري ،والوفد املرافق له ،وج��رى خالل اللقاء استعراض الجهود املبذولة للتصدي لإلرهاب في املنطقة ،وللتنظيمات املتطرفة التي تقف وراءه ،إضافة إلى مجمل األحداث والتطورات على الساحتني اإلقليمية والدولية. ج��اء لقاء خ��ادم الحرمني الشريفني امللك عبد الله بن عبد العزيز بوزير الخارجية األميركي ،ج��ون كيري ،في وقت استضافت جدة مؤتمرا إقليميا حضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ،ومصر ،والعراق واألردن ،ولبنان، وتركيا ،ووزير الخارجية األميركي ،لبحث سبل مكافحة اإلرهاب والتصدي لـ«داعش» ،وقد اختتم املؤتمر مؤكدا على ضرورة تجفيف منابع تمويل التنظيمات اإلرهابية املتشددة .وكانت 10دول وقعت على بيان يتعهد بمواجهة اإلرهاب الدولي ،من خالل «منع تدفق املقاتلني األجانب من دول الجوار ،ووقف تدفق األموال لتنظيم (داعش) والجماعات املتطرفة األخرى ،ورفض آيديولوجيات الكراهية لدى تلك الجماعات اإلرهابية ،ومحاسبة املسؤولني عن ارتكاب الفظائع» ،وأضاف البيان أن تلك الجهود ستكتمل «حني يكون األمر مالئما للمشاركة في أوجه العمل العسكري املنسق ضد اإلرهاب». من ناحية أخرى لفت األمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره األميركي، جون كيري ،إلى أن خطر اإلرهاب الذي بدأ ينتشر في املنطقة بكل شراسة «طاملا حذر منه خادم الحرمني الشريفني، منذ أمد طويل» ،مستشهدا بخطاب امللك عبد الله بن عبد العزيز األخير ،في األول من أغسطس (آب) املاضي ،وقوله: «إن من املعيب والعار أن هؤالء اإلرهابيني يفعلون ذلك باسم الدين ،والدين منهم براء».
رئيس جديد ألفغانستان بعد أخطاء فادحة وتالعب في العملية االنتخابية
أعلنت
أفغانستان فوز وزير املالية األسبق ،أشرف عبد الغني، ف��ي ان�ت�خ��اب��ات ال��رئ��اس��ة األف �غ��ان �ي��ة ،األح ��د 21سبتمبر املاضي ،بعد نزاع حاد بشأن تالعب في التصويت. وجاء اإلعالن بعد ساعات من توقيع عبد الغني وغريمه عبد الله عبد الله، اتفاقا لتقاسم السلطة إلنهاء النزاع املستمر منذ شهرين حول اتهامات بالتالعب قوضت الثقة في العملية االنتخابية ،وزادت حركة طالبان جرأة في وقت تستعد فيه معظم القوات األجنبية للرحيل. وأقر رئيس املفوضية املستقلة لالنتخابات ،أحمد يوسف نورستاني، بحدوث أخطاء فادحة في العملية االنتخابية ،وقال إن «عملية التدقيق التي قامت بها األمم املتحدة لم تستطع أن ترصدها كلها» ،لكنه قال إنه بناء على اإلحصاء الرسمي األخير لألصوات ،فإن من واجب املفوضية إع�لان فائز ،وق��ال« :تعلن املفوضية املستقلة لالنتخابات أن الدكتور أشرف عبد الغني هو رئيس أفغانستان».
08
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
الرئيس املنتخب أشرف عبد الغني
.. رساله المحرر ألقت التطورات السريعة في الساحة اليمنية بظاللها على املشهد العربي املليء باألحداث الكبرى ،فبعيدا عن املبادرة الخليجية أصبحت هناك جهة معينة تفرض شروطها وتتحكم بمصير اليمن وبمخرجات الحوار الوطني الشامل ،وهي حركة التمرد الحوثية ،عقب استيالئها على العاصمة اليمنية بالقوة املسلحة ،والغريب أن صنعاء سقطت بسهولة في أيدي الحوثيني الذين تشير جميع املصادر إلى ارتباطهم الوثيق بالجمهورية اإلسالمية في إيران ،غير أن الخطورة تكمن في أن يتحول اليمن إلى بلد يحكمه «السيد» ،وهو عبد امللك الحوثي الذي بات يتحكم في معظم مصائر اليمنيني في الوقت الراهن. في هذا العدد تفتح مجلة «املجلة» أحداث اليمن املتصاعدة والخطيرة، وتحلل أبعادها ،حيث يكتب الصحافي اليمني عرفات مدابش عن طبيعة التمرد الحوثي ومنشئه وجذوره ،إضافة إلى آثار وأبعاد سيطرة الحوثيني على صنعاء في الداخل والخارج. وفي السياق ذاته ،يتناول الباحث في شؤون الجماعات األصولية يوسف الديني انهيار اليمن الواحد بحروب طائفية انقالبية يقودها اإلسالم السياسي الشيعي والسني ،في استنساخ لتجربة «حزب الله» في اليمن، حيث يقف الحوثي -مهندس انتقال الزيدية املعتدلة إلى تشيع سياسي ّ حاد -وراء تكرار تجربة الثورة اإليرانية ،أو على األقل التحول إلى «حزب الله» اليمني في خاصرة الخليج ..فـ«شيد الضريح الفارسي التصميم وبات مزارا يقصده األطفال وأمهاتهم الثكالى ،في طقوس رمزية كربالئية ُسميت (يوم الصرخة) ،يجمعهم زي موحد وتفرقهم أهواء كثيرة». وفي ملف آخر ،تروي املجلة قصص «جواري البغدادي» الذي ازدهر مع «غزوات» تنظيم «داعش» على املدنيني في سوريا والعراق ،وكيف أصبح مزاد النساء قائما على سوقه بأسعار ،ومآسي تتوج مجازره ،حيث يشير املرصد السوري لحقوق اإلنسان أن «تنظيم (داعش) وزع على عناصره في سوريا نحو 300فتاة وسيدة من أتباع الديانة اإليزيدية، ممن اختطفن في العراق قبل عدة أسابيع ،وذلك على أساس أنهن سبايا من غنائم الحرب». إضافة إلى ذلك ،تناقش «املجلة» قضية التحالف الدولي لضرب «داعش»، واستراتيجيته القائمة في ضرب اإلرهاب ،ودور السعودية القيادي في هذا التحالف. كما تتبع «املجلة» قصة مؤسسات املجتمع املدني ،والجمعيات الحقوقية في دول العالم العربي والخليج ،وأدوارها وصالتها الخارجية ،وسعيها إلى زعزعة السلم واالستقرار الوطني. وتقدم «املجلة» نخبة مختارة من أهم املقاالت املترجمة من مجلة «فورن أفيرز» األميركية ،التي تناقش شؤون ومستجدات الوضع اإلقليمي والعاملي. ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املوضوعات وغيرها كثير على موقعنا « »majalla.comونرحب دائما بآرائك ،وتعليقاتك. المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
7
المحتوى
تخوف أوباما من أن يفضي استبعاد طهران من التحالف إلى دفعها نحو تشكيل تحالف مضاد
أمريكا ومشاركة إيران يف احلرب على «داعش»
سوق النساء: غنائم أبو بكر البغدادي ورفاقه في العراق
سبايا «داعش» املنظمات الحقوقية في الخليج العربي ..عالقات خارجية وأهداف مشبوهة
أدوات لتعكري السلم الوطين
محافظ ظفار محمد البوسعيدي لـ
مهرجان صاللة يعكس الوجه السياحي والرتاثي لسلطنة ُعمان
كيف يمكن تحويل املعارضة السورية إلى قوة قتالية حقيقية
جيش هلزمية األسد 6
المجلة /العدد 1600تشرين األول -أكتوبر 2014
تحركات أممية لوضع «الحوثيني» على قائمة اإلرهاب إذا لم ينفذوا االتفاقات
صنعاء.. عاصمة يف قبضة «متمردين»
�سلمان بن يو�سف الدو�سري Salman Aldossary :مسؤول مكتب اخلليج
عبد اهلل الر�شيد
ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē +y:a ` 3x3Na - M k 1fM
:التحرير Acting CEO ofسكرتري NASHR Co. Omar A. Alshaikh الد�سوقي م�صطفى ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ
ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē اإلخراج الفين +y:a ` 3x3Na - M k 1fM
^¤ 7yG* Ò* ^d< عثمان علي اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē Acting CEO of ﺳﻜﺮﺗﲑ NASHR Co. Omar Alshaikh +y:a ` 3x3Na - M k 1fM ¥E¢ للمشاركة 6A.^G* £ }H
ǀżȤƾƪƵƴŽ كلمة800 جميع المقاالت يجب أال تزيد على:ملحوظة editorial@majalla.com Acting CEO of NASHRاإللكتروني Co. إلرسال مقاالت أو آراء يرجى المراسلة على البريد
ΔϤϠϛ ϰϠϋ ΪϳΰΗ ϻ ΐΠϳ ΕϻΎϘϤϟ ϊϴϤΟ ΔχϮΤϠϣ HGLWRULDO#PDMDOOD FRP ϲϧϭήΘϜϟϹ ΪϳήΒϟ ϰϠϋ ΔϠγήϤϟ ϰΟήϳ ˯έ ϭ ΕϻΎϘϣ ϝΎγέϹ Omar A. Alshaikh
ȝƾżȚǍƄŵȚ اشتراكات
www.issuu.com/majalla : لالشتراك في االلكترونيةsubscriptions@majalla.com : يرجى االتصال بـ،لالشتراك في الطبعة الرقمية ZZZ LVVXX FRP PDMDOOD ΔϴϧϭήΘϜϟϻ ϲϓ ϙήΘηϼϟ VXEVFULSWLRQV#PDMDOOD FRP ˰Α ϝΎμΗϻ ϰΟήϳ ˬΔϴϤϗήϟ ΔόΒτϟ ϲϓ ϙήΘηϼϟ
ϡΎψϧ ϱ ϲϓ ΎϬϨϳΰΨΗ ϭ ΎϬϨϣ ˯ΰΟ ϱ ϭ ΔϠΠϤϟ ΔϋΎΒσ ΓΩΎϋ· ϝϮΣϷ Ϧϣ ϝΎΣ ϱ΄Α ίϮΠϳ ϻϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ΓΪΤΘϤϟ ΔϜϠϤϤϟ ϖϳϮδΘϟϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ Δϛήθϟ Ϧϋ έΪμΗ ϲΘϟ ΔϠΠϤϟ ΔϠΠϤϟ ΔχϮϔΤϣ ήθϨϟ ϕϮϘΣ
نظام في أي وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة المجلة أو أي جزء منها أو تخزينها. التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (المملكة المتحدة) شركة محدودة2009 حقوق النشر محفوظة لمجلة المجلة ˱ΎϳήϬη ΔϠΠϤϟ έΪμΗϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ϖϳϮδΘϟϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ Δϛήθϟ Ϧϣ ϖΒδϣ ϳήμΗ ϰϠϋ ϝϮμΤϟ ϥϭΩ ϪΑΎη Ύϣ ϭ ΎϬϠϴΠδΗ ϭ ΎϫήϳϮμΗ ϭ Δϴϟ ϭ ΔϴϧϭήΘϜϟ· ΔϠϴγϭ ϱ ϭ ΓέϮλ ϱ΄Α ΎϬϠϘϧ ϭ ϲϋΎΟήΘγ ϲϘϠΘϟ لتلقي.ً وتصدر المجلة شهريا.)الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون الحصول على تصريح مسبق من ZZZ PDMDOOD FRP ΓέΎϳί ϰΟήϳ ˬϲϤϗήϟ ϙήΘηϻ ΕέΎδϔΘγ www.majalla.com يرجى زيارة،استفسارات االشتراك الرقمي
LVVXH $XJXVW
Ώ βτδϏ ΩΪόϟ
Issue 1600 - October 2014
++ 6DXGL 5HVHDUFK DQG 0DUNHWLQJ 8. /WG HH Saudi Research and Marketing (UK) Ltd $UDE 3UHVV +RXVH +LJK +ROERUQ Arab Press House, 184 High Holborn, /RQGRQ :& 9 $3 London WC1V 7AP 7HO )D[ Tel: +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310
2014 أكتوبر- تشرين األول1600 العدد
ϰμμΨΘϟ ϊσΎϘΗ ΔϜϣ ϖϳήσ ΕήϤΗΆϤϟ ϲΣ νΎϳήϟ ΎϬϟ κΧήϣ
$ 0RQWKO\ 3ROLWLFDO 1HZV 0DJD]LQH
A Monthly Political News Magazine
ZZZ PDMDOOD FRP HQJ
التخصصى تقاطع- طريق مكة- حي المؤتمرات- الرياض مرخص لها ϥΪϨϟ ϒΗΎϫ νΎϳήϟ +44 207 831 8181 : لندن- 4419933 هاتف:الرياض
www.majalla.com/eng
KT#DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ ˬZZZ DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ hq@alkhaleejiah.com : بريد إلكتروني،www.alkhaleejiah.com :موقع إلكتروني ϝϭΪϟ ϒϠΘΨϣ Ϧϣϭ ˬ ϥΪϨϟ ˬ βϳέΎΑ ˬ ϲΑΩ ˬ ΔϜϠϤϤϟ ϞΧΩ Ϧϣ +966 11 441 1444 : ومن مختلف الدول، +44 207 404 6950: لندن، +331 537 764 00: باريس،+9714 3 914440 : دبي،920 000 417 : من داخل المملكة
ϲϧϼϋϹ ϞϴϛϮϟ الوكيل اإلعالني
ϲϧΎΠϣ ϒΗΎϫ ˬZZZ DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ LQIR#DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ 8 00-2440076 : هاتف مجاني،www.arabmediaco.com : موقع إلكتروني، info@arabmediaco.com :بريد إلكتروني
ΕΎϛήΘηϹ Ϟϴϛϭ اإلشتراكات وكيل
ˬ βϛΎϓ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ Ώ ι ΕήϤΗΆϤϟ ϲΣ ΔϳΩϮόδϟ ΔϴΑήόϟ ΔϜϠϤϤϟ ϲϓ ϊϳίϮΘϟ Ϟϴϛϭ ،+966 11 2121774 : فاكس+966 11 4419933 : هاتف،11585 الرياض- 62116 ب. ص- وكيل التوزيع في المملكة العربية السعودية حي المؤتمرات www.saudidistribution.com :موقع إلكتروني ZZZ VDXGLGLVWULEXWLRQ FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ
نشر شركات ن�شر �شركات
ZZZ KDODSULQWFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ βϛΎϓ ˬ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ Ώ ι
ϊϳίϮΘϟ Ϟϴϛϭ التوزيع وكيل ΔϋΎΒτϟ ΰϛήϣ
ΔϋϮϤΠϤϟ ΕΎϛήη
Saudi Specialized Publishing املتخصص السعودية للنشر الشركةCompany
www.arabmediaco.com
www.sspc.com.sa
حقوق التوزيع لهذه المطبوعات محفوظة
áeÉ©dG äÉbÓ©dGh ¿ÓYEÓd á«é«∏ÿG
www.srpc.com 6DXGL 6SHFLDOL]HG 3XEOLVKLQJ &RPSDQ\
»لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم
8002440014 يرجى اإلتصال على الهاتف المجاني،المعلومات للحصول على المزيد من ΔχϮϔΤϣ ΕΎϋϮΒτϤϟ ϩάϬϟ ϊϳίϮΘϟ ϕϮϘΣ
©ϡϼϋϹ ΕΎϣΪΨϟ ϥϮϴΒϳήΗª Δϛήθϟ
»حقوق النشر لهذه المطبوعات باللغة العربية مرخصة «المجلة
Concord Saratoga Lady 0320165 NEW_Coop Kooheji_FPC Arb_Al Majallah Magazine Sz (215 x 285mm).ai
رئيس التحرير
مجلة العرب الدولية 1980 تأسست في لندن عام
شهرية سياسية 2014 أكتوبر- تشرين األول1600 العدد
للحصول على العدد اسـتخـدم هاتفــك ال ــذكي لـمــسح هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم ISSN 1319-0873
10
9 771319 087013
www.majalla.com
Issue 1600 - October 2014