عصافير جهنم

Page 1



‫الكلمة الأخرية‬

‫إلى محاضرة دعا إليها مركز امللك فيصل بالرياض (‪ 17‬فبراير‪ /‬شباط ‪ ،)2015‬ضمن‬ ‫برنامجه في عقد الندوات البحثية املصغرة‪ ،‬وكانت تحت عنوان «أثر املشايخ على‬ ‫هوية املدينة وشخصيتها‪ ...‬بريدة كحالة»‪ ،‬قدمها األكاديمي عبد ّ‬ ‫السالم الوائل‪ ،‬وكانت‬ ‫مناسبة أن ألتقي من يصعب اللقاء بهم خالل زيارة قصيرة‪ ،‬ومنهم رئيس الجلسة الباحث سعيد‬ ‫الصويان‪ ،‬صاحب كتاب «ملحمة التطور البشري»‪ ،‬الذي فاز بجائز ة الشيخ زايد للكتاب بأبوظبي‪.‬‬

‫استمعت‬

‫قرأت وسمعت عن مدينة بريدة‪ ،‬عاصمة إمارة القصيم‪ ،‬على أنها رافد التشدد الديني‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬ ‫خرج منها األكثر انفتاحا أو تمردا‪ ،‬وشباب كثيرون اآلن يحبرون املقاالت ويصنفون الكتب‪ ،‬لكنه التمرد‬ ‫غير املتجاوز‪ ،‬إنما الغالب منهم تخلص ِمن شباك اإلسالم السياسي‪ ،‬بما ُعرف ّ‬ ‫بالصحوة والسرورية‬ ‫واإلخوانية و«القاعدة» إلى غير ذلك من عناوين‪ .‬أتى املحاضر بشهادات ّ‬ ‫الرحالة الذين مروا باملدينة‪،‬‬ ‫وواجهوا التشدد الديني‪ ،‬حتى قال فيلبي‪« :‬ذقت املر قبل أن أذوق الحلو»‪ .‬وقال فيلبي أيضا في وجود‬ ‫ُ‬ ‫بريدة وسط نجد‪« :‬في الحقيقة يظن الفرد أنها شيدت وفق خطة مدروسة محكمة»‪ .‬لكنها نشأت هكذا‬ ‫ُ‬ ‫عبر سوق تقام بأطرافها على شكل مخيم‪ ،‬ووجود ماء آبار سهل االستخراج‪ ،‬وهي تعتبر ريفا من‬ ‫املفروض أن يكون بعيدا عن التشدد وبيئته الصحراوية‪ ،‬مثلما هو متعارف‪.‬‬ ‫تحدث املحاضر عن تاريخ عاش البريديون أحداثه في القرن السادس امليالدي‪ ،‬فالدنيا قد تغيرت‪ ،‬يوم‬ ‫كان السفر إلى بالد يحكمها العثمانيون بأنها دار شرك ال يجوز شد ّ‬ ‫الرحال إليها‪ ،‬ثم يجد املحاضر‬ ‫سببا للتكفير آخر‪ ،‬وهو حسب املوقف السياسي‪ ،‬أي تحالفات املشايخ أنفسهم‪ .‬فإن بريدة انقسمت‬ ‫ّ‬ ‫إلى قسمني آنذاك‪ ،‬املتشددون وهم املعروفون باملغاليث‪ ،‬واملنفتحني‪ ،‬عرفوا بـ «الضد»‪.‬‬

‫بقلم‪ :‬ر�شيد اخل ُّيون‬

‫كان أساس املتشددين أو املغاليث‪ ،‬وهو لقب ما زال معروفا باملنطقة‪ ،‬ويحملها شباب منفتحون ليس‬ ‫لهم صلة بما حدث سابقا‪ ،‬أو ما يعنيه لقب املغلوث‪ ،‬هم أسرة آل سليم‪ ،‬وكان انتصارهم انتصارا ملا‬ ‫ُيعرف بإخوان بريدة‪ .‬أما «الضد»‪ ،‬فكان يمثله شخصيات مثل إبراهيم الجاسر‪ ،‬أو ابن جاسر‪ ،‬مثلما‬ ‫تكرر على املحاضر‪ .‬حتى إن هناك مناطق وسط نجد كانت متشددة جدا تعيب‬ ‫على بريدة انفتاح ابن الجاسر‪ ،‬مع أن الرجل ال يختلف كثيرا عن املغاليث إال‬ ‫ببعض الفتاوى‪ ،‬ومنها فتوى تكفير املسافرين إلى أرض أخرى‪ ،‬وأكثر من هذا َمن‬ ‫مات ببالد الكفار ال ُيعد مسلما عندهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫طرحت مجموعة أسئلة‪ ،‬وسألت بدوري عن مصائر مدرسة «الضد»‪ ،‬أو لنسمها‪،‬‬ ‫قياسا أيضا‪« ،‬االنفتاحيني»‪ ،‬هل تابعها املحاضر؟ كنت أحسب أن عبد الله بن علي‬ ‫القصيمي (ت ‪ )1996‬مثال كان امتدادا لتلك املدرسة‪ّ ،‬‬ ‫لكن املحاضر فهم قصدي‬ ‫وقال‪« :‬إن حالة القصيمي ال تنسجم مع الطرفني‪ ،‬فاملغاليث والضد معا لو عاشوا‬ ‫توحدوا ضده‪ ،‬وال توجد صلة رحم بني ابن الجاسر وابن علي»‪.‬‬

‫بريدة‪ ..‬بني مدرستني‪..‬‬ ‫التشدد والضد‬

‫كيف ملدينة حياتها على التجارة والزراعة تصبح مركزا للتشدد والبعض من أهلها ما زال حتى اليوم‬ ‫يرفض مظاهر الحياة العصرية‪ ،‬من وسائل النقل والكهرباء؟ لكن وجود مثل هذه الجماعة على األراضي‬ ‫ُ‬ ‫األميركية‪ ،‬وديانتهم مسيحية‪ ،‬قد تبطل العجب‪ .‬فمن أين جاء التشدد ورفض مظاهر الحياة العصرية‬ ‫إلى جماعة «أميش»‪ ،‬الذين بتوجيهات دينية متشددة استطابوا العيش في العزلة؟ وقد عزي ذلك إلى‬ ‫اضطهاد ديني وقع عليهم فيما مضى فاستمروا معتزلني‪ ،‬وإذا هناك شخص‪ ،‬أو شخصان‪ ،‬بعرض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحراء وطولها ال يعتقد باستخدام الكهرباء وكل املصنعات‪ ،‬فإن «األميش» عددهم يبلغ نحو ربع‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫تحف‪ ،‬وهم يعيشون هكذا حتى‬ ‫مليون نسمة وهم بأميركا ال بنجد‪ ،‬حتى تحول سلوكهم الغريب إلى م ٍ‬ ‫اليوم منتظمني على التشدد جيال بعد جيل؛ فالبيئة وإن تكن مؤثرة في سلوك اإلنسان‪ ،‬لكن في أحيان‬ ‫غير قليلة تأتي بنتائج مغايرة للمتعارف عليه‪ .‬لذا أجاب املحاضر عن وجود التشدد وإدامته بسبب‬ ‫العامل املعرفي‪ ،‬وبالتالي إلى الدراسة الدينية املنتظمة على املنوال القديم نفسه‪.‬‬ ‫كانت فرصة أن أتعرف على بعض تاريخ هذه املدينة‪ ،‬التي احتج بعض الحاضرين على تشخيص‬ ‫ارتباط تاريخها بالتشدد مع وجود بلدات أخر ربما اعتبرت بريدة منفتحة قياسا لها‪ .‬ربما يفيدنا‬ ‫سبب عزلة األميش وتشددهم‪ ،‬بأنه كان الضطهاد أو حرب جرت عليهم‪ ،‬فإن آل سليم‪ ،‬وهو الفريق‬ ‫املتشددة‪ ،‬وردوا إلى بريدة هروبا من حملة إبراهيم باشا على ّ‬ ‫الدرعية‪ ،‬فحملوا ما كان معهم وحاولوا‬ ‫حفظه والتشدد به‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬


‫«بيردمان»‪ ..‬خال من الشوائب‬

‫عليه أن يحشر في ‪ 3‬ساعات ونصف وإن أمكن ‪ 3‬ساعات‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫ما يقال وما ال يقال يبقى شأنا خاصا باملحتفى بهم‪ ،‬ولهذا‬ ‫السبب ترتفع التوقعات في أن ّ‬ ‫يهب أحد ليقول شيئا مثيرا‬ ‫حول قضايا نعيشها طوال ‪ 365‬يوما وليلة في ليلة واحدة‪.‬‬ ‫حقيقة أن حفل األوسكار منصة يراها أكثر من ‪ 100‬مليون‬ ‫شخص حول العالم حال بثها‪ ،‬تجعله مناسبة للتواصل مع‬ ‫العالم بأسره‪ .‬لذلك تبقى الخطب العصماء التي تنتقد وضعا‬ ‫أو سياسة أو حربا ما في البال لفترة أطول بكثير من مجرد‬ ‫كلمة يشكر فيها الفائز ك��ل املنتجني وك��ل املخرجني وكل‬ ‫الفنانني والفنيني ويضيف إليهم أفراد عائلته‪.‬‬ ‫في هذا النطاق ال يزال العالم يتذكر كيف طلب املمثل الراحل‬ ‫مارلون براندو من ممثلة هندية من قبيلة أباتشي‪ ،‬اسمها‬ ‫شاشني ليتلفذرز‪ ،‬أن تلقي خطابه ب��دال عنه‪ .‬ذل��ك الخطاب‬ ‫الذي أدان فيه السياسة األميركية تجاه املواطنني األميركيني‬ ‫األصليني وذلك سنة ‪ 1973‬عندما فاز عن فيلم ّ«العراب»‪.‬‬ ‫بعد عامني ق��ام املنتج بيرت شنايدر خ�لال تسلمه أوسكار‬ ‫أف�ض��ل فيلم تسجيلي ع�ن��وان��ه «ق �ل��وب وع � ّق��ول» ت �ن��اول فيه‬ ‫الحرب الفيتنامية بالنقد‪ ،‬بقراءة رسالة تسلمها من دينه با‬ ‫ثي‪ ،‬رئيس وفد فييتكونغ ملحادثات السالم في باريس‪ ،‬يشكر‬ ‫فيه املتظاهرين األميركيني ضد السالم‪.‬‬ ‫لكن أحد أهم املواقف السياسية التي انفجرت على املسرح‪،‬‬ ‫ذاك ال��ذي ع�ب��رت فيه املمثلة فانيسا ردغ ��راف ع��ن موقفها‬ ‫الواضح حيال القضية الفلسطينية‪ .‬كانت استقبلت عند الباب‬ ‫بمظاهرة من أعضاء «عصبة الدفاع اليهودية»‪ ،‬وعندما تم‬ ‫إعالن فوزها (عن دورها في «جوليا») لم تترك االستفزاز التي‬ ‫تعرضت له يمضي هكذا‪ .‬قالت‪« :‬أشكر األكاديمية التي لم‬ ‫ترضخ لهيمنة زمرة صغيرة من عصابات الصهيونية‬ ‫الذين يهني تصرفهم كيان اليهود حول العالم»‪.‬‬ ‫لم يكن في هذه الكلمات ما هو مشني بحق اليهود إذ‬

‫َ‬ ‫«سلما»‪ ..‬العنصرية لم تحظ بإقبال‬

‫استثنتهم‪ ،‬لكنه كان بالتأكيد موقفا يدخل في إط��ار تأييد‬ ‫القضية التي عرف عنها حماسها لها‪.‬‬

‫الحرب في الوسط‬ ‫الحرب دائما ما كانت سبب اختالف األميركيني بينهم وبني‬ ‫ب�ع��ض‪ ،‬باستثناء أن�ه��ا ك��ان��ت نتيجة ذل��ك االخ �ت�لاف عندما‬ ‫وقعت الحرب األهلية األميركية سنة ‪( 1861‬واستمرت حتى‬ ‫عام ‪ .)1865‬الواقع أنه حتى دخول الواليات املتحدة الحربني‬ ‫العامليتني األول��ى والثانية ل��م يستقبل بتأييد ش��ام��ل‪ .‬حرب‬ ‫فيتنام كانت األس��وأ مما سبقها‪ .‬هوليوود استجابت لكال‬ ‫الفريقني‪ :‬أفالم من جون واين («القبعات الخضر») ومايكل‬ ‫شيمينو («صائد الغزالن») مع الحرب وأخرى من هال آشبي‬ ‫(«العودة إلى الوطن») وفرنسيس فورد كوبوال («سفر الرؤيا…‬ ‫اآلن») ضدها‪ .‬العام ‪ 1979‬كان مثاليا في تناقض االتجاهات‪،‬‬ ‫ففيه ف��از فيلم «ص��ائ��د ال�غ��زالن» ملايكل شيمينو بأوسكار‬ ‫أفضل فيلم‪ ،‬وه��و مثل «قناص أميركي» يأتي على الحرب‬ ‫من دون نظرة تعاطف لضحاياها‪ ،‬بينما أخفق فيلم «العودة‬ ‫إلى الوطن» للمخرج هال آشبي‬ ‫ال ��ذي ع ��ارض ال�ح��رب‬ ‫الفيتنامية من‬ ‫خالل قصة‬ ‫ت � � � � � � � � ��دور‬ ‫ح � � � ��ول‬

‫األثر السلبي على العائدين من رحى تلك الحرب (أيضا مثل‬ ‫ذلك الجانب من فيلم «قناص أميركي»!)‪.‬‬ ‫منتجة وبطلة «ال�ع��ودة إل��ى الوطن» كانت جني فوندا املناوئة‬ ‫للحرب الفيتنامية التي فازت بأوسكار أفضل ممثلة عن دورها‬ ‫هذا‪ .‬لكن املمثل الرئيس لذلك الفيلم‪ ،‬جون فويت (دور جندي‬ ‫َ‬ ‫عاد مقعدا)‪ ،‬لم ينل األوسكار (بل لم يكن من بني املرشحني)‪.‬‬ ‫مايكل شيمينو نال أوسكار أفضل مخرج أيضا‪ ،‬بينما لم‬ ‫َ‬ ‫ينل (اليساري) هال أشبي أوسكار اإلخراج عن هذا الفيلم‪.‬‬ ‫بالعودة إلى أوسكار هذا العام‪ ،‬يتبدى أن الصمت عن القضايا‬ ‫والحروب التي تشغله ليس ناتجا عن جهل‪ ،‬بل تجاهل‪.‬‬

‫انحسار‬ ‫هناك انحسار في االهتمام بشؤون الدنيا‪ .‬ال شون بن الذي‬ ‫صعد املنصة لتسليم أوسكار أفضل فيلم واملعروف بمواقفه‬ ‫مكترثا إلسماعنا شيئا مما يدور في باله‪ ،‬وال‬ ‫الليبرالية كان ّ‬ ‫إيناريتو ال��ذي تسلم األوس�ك��ار م��ال في حديثه ليتناول أي‬ ‫ش��أن سياسي‪ .‬ال�ش��أن الوحيد ال��ذي تدخل فيه ك��ان الشأن‬ ‫املكسيكي‪ ،‬فاملخرج املولود هناك تمنى للمكسيك مستقبال‬ ‫أفضل من ذاك ال��ذي تعيشه وسط جناح أعمال العنف‪ .‬هذا‬ ‫االنحسار في االهتمام بشؤون الدنيا نتج عنه كذلك توجيه‬ ‫أوسكار أفضل فيلم أجنبي لفيلم يتناول ما ح��اق باليهود‬ ‫في األربعينات وم��ا بعد هو «إي��دا»‪ .‬كما ذك��ر مخرجه بافل‬ ‫بافلوفسكي‪ ،‬ليس فيلما عن «الهولوكوست»‪ ،‬لكن كما لم يقل‪،‬‬ ‫يبقى فيلما عن مخاض وتجربة اليهود بسببه‪ .‬هذا التقدير‬ ‫تجاوز فيلما أق��وى صنعا هو الروسي «ليفياثان»‪ ،‬وفيلما‬ ‫يطرح موضوع اإلسالم املتطرف هو «تومبكتو» للموريتاني‬ ‫عبد الرحمن سيساكو‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ك�لاه�م��ا ل��م ي��ن��ل م��ا يكفي م��ن األص� ��وات ل��دع��م وص��ول��ه إل��ى‬ ‫الجائزة‪ .‬وإذا كان الفيلم الروسي معقدا قليال ويأتي في ظل‬ ‫عالقات مضطربة‪ ،‬فإن التعبير عن عدم الرغبة في إبداء موقف‬ ‫من الدين والسياسة وما بينهما من تجاذب يسود املوقف‬ ‫الناتج عن عدم تمكن فيلم سيساكو من إحراز األوسكار‪ .‬من‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬ال يجب أن ننسى أن «سلما» بحد ذاته‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من نبل رسالته‪ ،‬كان في الواقع نتاج الرغبة في دخول‬ ‫ميدان الجوائز أم�لا في الفوز‪ .‬هو واح��د من تلك اإلنتاجات‬ ‫التي تنطلق من «دعونا نحقق فيلما يستحق الجوائز وليكن‬ ‫عن العنصرية‪ ،‬فهو موضوع رائ��ج»‪ ،‬وذلك واضح من خالل‬ ‫أنه أتى سريعا في أعقاب الفيلم الفائز بأوسكار العام املاضي‬ ‫«‪ 12‬سنة عبدا» ال��ذي دار ح��ول ال��رق والعبودية في التاريخ‬ ‫األميركي‪ .‬من ناحية ال نستطيع لوم صانعي «سلما» لرغبتهم‬ ‫في الوصول‪ ،‬وال تجاهل أن غايتهم كانت احتفائية‪ .‬مشكلة‬ ‫صانعيه أنهم نسوا أن أعضاء األوسكار ال يمنحون الجائزة‬ ‫للموضوع نفسه مرتني على التوالي‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪65‬‬


‫سينما‬

‫الخلفيات املثيرة وغير املعلنة لنتائج األوسكار وتاريخه‬

‫بني السياسة واألوسكار‪..‬‬ ‫هزيمة هوليوودية لفيلم «قناص أميركي»‬

‫هوليوود‪ :‬محمد ُرضا‬ ‫ل � ��م ي� �ك ��ن إخ � �ف � ��اق ف �ي �ل��م «ق� �ن ��اص‬ ‫أم�ي��رك��ي» ف��ي نيل أوس�ك��ار أفضل‬ ‫فيلم ع�ن��دم��ا أع�ل�ن��ت النتائج‬ ‫في سهرة يوم األحد الثاني‬ ‫وال � �ع � �ش� ��ري� ��ن م � ��ن ف� �ب ��راي ��ر‬ ‫(شباط) أمرا مفاجئا‪ ،‬وال بالتالي فوز فيلم‬ ‫«بيردمان» بأوسكاراته الخمسة‪ ،‬بما فيها أوسكار أفضل‬ ‫فيلم وأفضل مخرج‪ .‬ما لم يكن متوقعا هو أن تخلو املناسبة‬ ‫من تلك التعليقات السياسية التي عادة ما تطل برأسها عندما‬ ‫يقف مخرج أو ممثل داعيا‪ ،‬على األقل‪ ،‬لوئام وسالم عامليني‪.‬‬ ‫األمر ربما كان سيتغير قليال لو فاز فيلم «سلما»‪ ،‬الذي كان‬ ‫من بني األفالم الـ‪ 8‬التي تم ترشيحها ألوسكار أفضل فيلم‪ ،‬إذ‬ ‫ربما سمعنا تعليقا ساخنا من املخرجة آفا دوفيرناي حول‬ ‫الوضع العنصري الساخن حاليا في الواليات املتحدة‪ ،‬ذلك ألن‬ ‫«سلما»‪ ،‬وهو اسم بلدة في وسط والية أالباما‪ ،‬تقع فيها أحداث‬ ‫الفيلم املبنية على وقائع دارت في منتصف الستينات‪ ،‬هو عن‬ ‫العنصرية آنذاك وتم إنتاجه وعرضه بعد األحداث العنصرية‬ ‫التي دارت في أواخر العام املنصرم‪.‬‬

‫بني البداية والنهاية‬ ‫في الواقع «قناص أميركي» و«سلما» على نقيض كامل‪ :‬األول‬ ‫يميني والثاني ليبرالي‪ .‬لكن ه��ذا النقيض ال يضع «سلما»‬ ‫في مواجهة فيلم كلينت إيستوود وحده‪ ،‬بل ‪ -‬إذا ما راجعنا‬ ‫األف�لام األخ��رى التي تنافست على أوسكار هذا العام‬ ‫ كلها تناقض «ق�ن��اص أم�ي��رك��ي» على نحو كامل‪.‬‬‫ليس فقط أن «ق�ن��اص أميركي» يلقي نظرة فاحصة‬ ‫على حرب العراق من دون أن يدين القرار‬

‫ال�س�ي��اس��ي ال ��ذي أدى إل�ي�ه��ا أو ي�ق��دم ال�ش�خ�ص�ي��ات ال�ع��راق�ي��ة يحارب «اإلرهابيني» و«املتوحشني» دفاعا عن أميركا‪ .‬الفيلم‬ ‫كضحايا فعليني للغزو األميركي على بالدهم (ولو بحدود)‪ ،‬يسدد ثغرات في هذه املنظومة فاتت على من أراد فيلما مباشرا‬ ‫بل ينتمي الفيلم إلى منوال إنتاج هوليوودي في مقابل إنتاجات في مضمونه لصالح قضيته‪.‬‬ ‫مستقلة لشركات صغيرة الحجم‪ ،‬ولو أن بعضها‪ ،‬مثل شركة‬ ‫«فوكس سيرتشاليت» منتجة «بيردمان»‪ ،‬تنتمي إلى مؤسسة خطب عصماء‬ ‫«فوكس» الشهيرة‪.‬‬ ‫الفيلم التقليدي حضر بفيلم واحد‪ ،‬واألفالم املستقلة حضرت التعليق الوحيد ال��ذي تطرق إل��ى السياسة الداخلية ك��ان ذاك‬ ‫ب �ـ‪ 7‬ه��ي إل��ى ج��ان��ب «ب�ي��ردم��ان» و«س�ل�م��ا»‪« ،‬ب��وي�ه��ود» و«لعبة الذي أقدم عليه مقدم الحفل نيل باتريك هاريس الذي بارك‪،‬‬ ‫املحاكاة» و«ذا غراند بودابست هوتيل» و«نظرية كل شيء» ساخرا‪ ،‬حفلة «أكثر بياضا من بيضاء»‪ ،‬وذلك في نقد الذع‬ ‫ثم «ويبالش»‪ .‬لكن قبل أن نقرأ أن هزيمة «قناص أميركي» لغياب األفرو ‪ -‬أميركيني من الترشيحات‪ .‬عدا «سلما» (الذي‬ ‫هي هزيمة هوليوودية وقبل أن نعتبرها هزيمة ّسياسية ال فاز فقط بجائزة أفضل موسيقى مؤلفة خصيصا لفيلم) لم‬ ‫بد من التأكيد على أن ه��ذا الفيلم يبدي ما ال يكنه‪ .‬القراءة يكن هناك أي حضور ملواهب سوداء رئيسة‪.‬‬ ‫املتأنية الناتجة عن مشاهدة كل شيء وليس فقط خط الحدث ل�ك��ن‪ ،‬وال�ب�ع��ض ق��د ي�س��أل‪ ،‬ه��ل على حفلة سينمائية كبرى‬ ‫األساسي‪ ،‬تؤكد أن املخرج إيستوود ما زال على منواله من كاألوسكار أن تتحول إل��ى محراب إعالمي؟ الجواب أن هذا‬ ‫ط��رح العنف كنتيجة سيئة لواقع داخلي عنيف‪ .‬ه��ذا واضح ليس فرضا‪ .‬األكاديمية ال توصي أح��دا بما يجب أن يقوله‬ ‫في لقطات بداية الفيلم وواضح من تعليقه على النهاية الفعلية على املنصة التي يعتليها‪ .‬فقط تطلب منه أن يختصر كالمه‬ ‫للشخصية الحقيقية كريس كايل (كما لعبها برادلي كوبر)‪.‬‬ ‫إل��ى أق��ل ح��د م�م�ك��ن ألن ه�ن��اك ب��رن��ام�ج��ا كبيرا‬ ‫فكريس قتل برصاص مجند أميركي آخر‬ ‫م��ن ال �ع��روض والتقديمات‬ ‫ولو أن إيستوود اختار تصوير مشهد‬ ‫ال�ق�ت��ل ليجعل م��ن ك��ري��س كايل‬ ‫أس� �ط ��ورة‪ .‬وم ��ا ب�ي�ن ال �ب��داي��ة‬ ‫والنهاية ه�ن��اك تمريرات‬ ‫عدة لرجل انهار تحت‬ ‫ث �ق��ل اإلي � �م� ��ان ال ��ذي‬ ‫اع� �ت� �ن� �ق ��ه م � ��ن أن ��ه‬

‫«قناص‬ ‫أميركي»‪..‬‬ ‫له وعليه‬

‫‪64‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬


‫ً‬ ‫«فالحو سوريا‪ُ :‬‬ ‫أبناء وجهائهم الريفيني األقل شأنا وسياساتهم»‬

‫«التراث األثري السوري»‬

‫اسم الكاتب‪ :‬حنا بطاطو (‪)2000 – 1926‬‬

‫اسم الكاتب‪ :‬د‪ .‬عفيف بهنسي‬

‫تاريخ النشر‪ :‬نوفمرب (تشرين الثاني) ‪2014‬‬

‫تاريخ النشر‪ :‬نوفمرب ‪2014‬‬

‫> قبل وفاته بعام واحد قدم املؤرخ الفلسطيني حنا بطاطو دراسته املهمة عن سوريا بعنوان «فالحو‬ ‫سوريا‪ :‬سليلو الوجهاء القرويني األقل شأنا وسياستهم» (‪Syria›s Peasantry, the Descendants‬‬ ‫‪( )of Its Lesser Rural Notables, and Their Politics‬نشر عام ‪ )1999‬الكتاب نشره مجددا املركز‬ ‫العربي لألبحاث ودراسة السياسات والقى رواجا شديدا في عالم الكتب في العام األخير‪ ،‬بعد وفاة املؤلف‬ ‫بنحو خمسة عشر عاما‪ .‬في الكتاب حاول الكاتب ‪ -‬عبر ‪ 704‬صفحات من القطع الكبير ‪ -‬فهم نظام‬ ‫األسد األب الذي كان يرفع الفتة بعثية فيما كان يتناقض أحيانا وإلى حد التناقض حتى مع تلك املقوالت‬ ‫التي يرفعها‪ .‬والكاتب في محاولته تلك لتحليل طبيعة السلطة السياسية في سورية‪ ،‬حاول العودة إلى‬ ‫ّ‬ ‫الجذور التاريخية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية للفئات املشكلة لها‪ ،‬ويشمل ذلك تسليط الضوء‬ ‫على الجوانب العقائدية واملذهبية لتلك الفئات‪ ،‬فرسم لوحة شاملة لطبيعة النظام السوري وتركيبته‬ ‫وسياساته‪ ،‬وتناول ذلك كله من جوانب وزوايا غير مسبوقة في الدراسات التي تناولت تاريخ سورية‬ ‫الحديث أو نظام األسد على وجه الخصوص‪.‬‬ ‫يتكون الكتاب من ‪ 25‬فصال تتناول ظروف الفالحني االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬والشروط االجتماعية‬ ‫واالقتصادية للفالحني بما في ذلك التمايزات في ما بينهم من حيث العقيدة الدينية وامللكية والخلفية‬ ‫التاريخية واالرتباط باألرض واالستعداد للقتال‪ ،‬وغير ذلك من التمايزات التي كان لها شأن في تشكيل‬ ‫وعي الفالحني وسياستهم‪ .‬باإلضافة إلى أنماط الوعي والتنظيم والسلوك السياسي الفالحي وأنماط‬ ‫وعي الفالحني وتنظيمهم وسلوكهم السياسي قبل تسلم حزب البعث السلطة في عام ‪ ،1963‬واألشكال‬ ‫املبكرة من التنظيم الحرفي للفالحني‪ ،‬واألفكار الصوفية واملذهبية التي سادت بينهم‪ ،‬وثوراتهم‬ ‫الحديثة‪،‬‬ ‫وتمرداتهم على الحكم العثماني وفي فترة االنتداب الفرنسي‪ ،‬ومن ثم أشكال الوعي والتنظيم‬ ‫ّ‬ ‫وعرض تجربة الحزب العربي االشتراكي بزعامة أكرم الحوراني بوصفه أول حزب فالحي حديث منظم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫البعثية في جوانبها الريفية والفالحية‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫وتجربة الشيوعيني والبعثيني‪ .‬وكذلك تجليات األفكار‬ ‫األصول الريفية لكثير ممن انضموا إليه‪ ،‬وأصبحوا قادته فيما ّبعد‪ ،‬ويبني انقسام التجربة التاريخية‬ ‫لحزب البعث إلى ثالث مراحل‪ :‬املرحلة األولى من البدايات حتى تسلم البعث السلطة في عام ‪ ،1963‬وتمتد‬ ‫بعض خصائصها حتى عام ‪ .1966‬واملرحلة الثانية‪ ،‬وهي مرحلة انتقالية تمتد بني حركة ‪ 23‬فبراير‬ ‫‪ 1966‬واستيالء حافظ األسد على السلطة في ‪ 16‬نوفمبر ‪ ،1970‬وتعود بعض خصائص هذه املرحلة‬ ‫إلى عام ‪ .1963‬أما املرحلة الثالثة فتبدأ باستيالء حافظ األسد على السلطة‪ .‬ويبينّ بطاطو االختالفات‬ ‫العميقة بني هذه املراحل‪ ،‬ليستنتج أن بعث حافظ األسد يختلف تماما عن بعث املرحلتني األولى والثانية‪،‬‬ ‫وهو اختالف يصل إلى حد التناقض أحيانا‪ .‬كما يتناول الكتاب كذلك مرحلة حافظ األسد‪ ،‬الذي ّ‬ ‫يعده‬ ‫حنا بطاطو أول حاكم لسورية من أصول فالحية‪ .‬وفيه يعرض للنظام الذي بناه األسد ومراحله وأزماته‪،‬‬ ‫والشخصيات واألجهزة السياسية والعسكرية التي شكلت ركائزه‪ ،‬وسياسته الداخلية واإلقليمية‬ ‫والدولية‪ .‬ويحلل بنيته الطائفية والعشائرية واملناطقية‪ ،‬ومستويات السلطة‪ ،‬في السياسة العامة للنظام‪.‬‬ ‫الالفت في هذه الدراسة أن حنا بطاطو استعان – إلى جانب املصادر املكتبية – بمجموعة من التسجيالت‬ ‫ملقابالت ميدانية مع مواطنني أو شهود لألحداث التي تابعتها الدراسة‪ .‬الجدير بالذكر أن حنا بطاطو‬ ‫(مواليد القدس ‪ - 1926‬توفي في وينستد ‪ -‬كونيكتيكوت ‪ 24‬يونيو ‪ )2000‬مؤرخ فلسطيني متخصص‬ ‫في تاريخ املشرق العربي الحديث‪ .‬ومن أهم مؤلفاته إلى جانب كتابه عن سوريا دراسته األكاديمية عن‬ ‫التاريخ االجتماعي للعراق الذي يعتبر أهم مرجع عن تاريخ وتطور العراق الحديث‪.‬‬

‫> املؤرخ تقي الدين املقريزي (‪ 764‬هـ ـ ‪ 845‬هـ ‪/‬‬ ‫‪1364‬م ‪1442 -‬م) في رصده لخطط وآثار العاصمة‬ ‫املصرية القاهرة‪ ،‬قبيل انهيار الدولة اململوكية‪،‬‬ ‫واستشرافا منه لهذا االنهيار قام بتسجيل كل أثر‬ ‫تقع عليه عينه‪ ،‬لتبقى أعماله وعلى رأسها «املواعظ‬ ‫واالعتبار في ذكر الخطط واآلثار»‪ .‬في محاولة‬ ‫تشبه تلك التي قام بها املقريزي يحاول الدارس املهم‬ ‫في تاريخ الفن السوري الدكتور عفيف البهنسي‬ ‫القيام برصد وتوثيق اآلثار السورية في كتابه‬ ‫«التراث األثري السوري»‪ .‬اهتم بهنسي في هذا‬ ‫الكتاب املهم بدراسة األهمية الجغرافية والتاريخية‬ ‫واالستراتيجية لسوريا‪ ،‬أو «بالد عمور» كما تسمت‬ ‫قديما‪ ،‬ثم اسمها «إسورا عربيا» في العهد الفارسي‬ ‫وتحريف اسم إسورا إلى سوريا‪ ،‬كما وردت عند‬ ‫هيرودوت املؤرخ‪ .‬كما تناول الكتاب مراحل األبحاث‬ ‫األثرية في سوريا حتى نهاية الحرب العاملية األولى‬ ‫التي نقل الرحالة خاللها أخبارا عن خرائب ظاهرة‬ ‫على سطح األرض ومدن حديثة وقرى‪ .‬وتناول‬ ‫كذلك املرحلة األخيرة من األعمال األثرية من خالل‬ ‫ما أنشأته املديرية العامة لآلثار واملتاحف‪ .‬وال يغفل‬ ‫الكاتب ما ذكر عن سوريا في العهد القديم فيتناول‬ ‫التوراة والتاريخ والجغرافيا التوراتية مشيرا إلى‬ ‫األبحاث التي تضم مجموعة واسعة من أسماء‬ ‫األمم وامللوك واألشخاص ومجموعات واسعة‬ ‫من أسماء األمكنة مبينا أن الكشوف لم تؤكد أيا‬ ‫من املجموعات األولى التاريخية‪ .‬ولم ينس املؤلف‬ ‫الحديث عن التراث اإلسالمي في سوريا من خالل‬ ‫الفن اإلسالمي والنقوش العربية والزخرفة وتراث‬ ‫العصور اإلسالمية وآثارها املنتشرة في متاحف‬ ‫العالم‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪63‬‬


‫مراجعات‬

‫اإلرهاب والتراث السوري يقتسمان أغلفة الكتب‬

‫«داعش» وسوريا يطالن من دور النشر العربية‬ ‫منذ نحو أربعة أعوام ومنطقة الشرق األوسط على صفيح ساخن إن صح التعبير‪ ،‬في حراك ّموار يضع دول املنطقة كلها على‬ ‫حافة تغييرات جذرية تحمل من الخوف بقدر ما تحمل من األمل‪ ..‬وإزاء هذه الحالة من الترقب السياسي املرير في أروقة السياسة‬ ‫العاملية‪ ،‬ظهرت جماعة داعش العنفية املتوحشة بكل ما تحمل هذه الكلمات من معنى‪ .‬لكن هذه الجماعة أيضا يحيط بها الغموض‬ ‫بقدر ما تحيط هي نفسها به من رعب وإرهاب‪ ..‬على هذه الخلفية شهد عالم النشر العربي اهتماما بالغا بهذا الوضع املعقد‬ ‫والغامض‪ ،‬باإلضافة إلى جوانب مختلفة لثورات الربيع العربي خاصة في سوريا‪ .‬في هذا املوضوع نعرض ألربعة كتب ظهرت‬ ‫أواخر العام املاضي ومطلع العام الحالي‪ ،‬وهي كتاب «داعش‪ ..‬خالفة الدم والنار» للدكتور رفعت سيد أحمد‪ .‬وكتاب ««فالحو سوريا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أبناء وجهائهم الريفيني األقل شأنا وسياساتهم» للمؤرخ الفلسطيني حنا بطاطو‪ .‬وكتاب «التراث األثري السوري» للدكتور عفيف‬ ‫بهنسي‪ .‬وكتاب‪« :‬خالفة داعش» للدكتور هيثم مناع‪.‬‬ ‫عرض‪ :‬هشام عبد العزيز‬

‫«داعش‪..‬‬ ‫خالفة الدم والنار»‬ ‫اسم الكاتب‪:‬‬ ‫د‪ .‬رفعت سيد أحمد‬ ‫تاريخ النشر‪:‬‬ ‫ديسمرب (كانون األول) ‪2014‬‬ ‫> من الكتب التي صدرت مؤخرا على خلفية الضجة السياسية واألمنية التي صنعها تنظيم‬ ‫داعش سواء على مستوى الدول أو على مستوى الشعوب‪ ،‬خاصة بالنسبة لشعوب دول الشام‬ ‫مثل سوريا والعراق واألردن باإلضافة إلى دول الخليج العربية‪ .‬حاول الدكتور رفعت سيد أحمد‬ ‫عبر ‪ 450‬صفحة عرض كل املعلومات املتوافرة لديه عن هذا التنظيم في هذا الكتاب الذي يعد من‬ ‫أوائل الكتب التي صدرت بهذه الدقة عن هذا التنظيم بكل تشعباته السياسية والعسكرية واألمنية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬وقد تناول الكتاب في تسعة فصول وملحق وثائقي كبير مجموعة من القضايا‬ ‫التي ال غنى عنها في محاولة التعرف على هذا التنظيم مثل نشأة داعش ومساره وجرائمه‪،‬‬ ‫منذ أول قائد له وهو أبو مصعب الزرقاوي (‪ )2004‬وانتهاء بأبي بكر البغدادي القائد الحالي‬ ‫للتنظيم (‪ )2014‬الذي قدم نفسه خليفة املسلمني فتقدم تابعوه لبيعته‪ .‬مع اإلشارة إلى الدور‬ ‫األميركي في صناعة هذا‪ .‬ثم ذبح التنظيم لعشرات األجانب (بمن فيهم صحفيون أمريكيون‬ ‫وبريطانيون) ومئات املسلمني واملسيحيني واألقليات‪ .‬وكذلك عالقة هذا التنظيم بدول العالم‬ ‫املختلفة عامة وبإسرائيل على وجه الخصوص‪ .‬واألهداف املعلنة وغير املعلنة عند األميركيني‬ ‫ملواجهة «داعش»‪ .‬وعالقة تنظيم داعش بالتنظيم األم لحركات التطرف وهو تنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫وكيف كفر أحدهما اآلخر‪ .‬باإلضافة إلى داعش في مصر وفي لبنان‪ .‬والرؤية اإلسالمية لرفض‬ ‫الغلو والتطرف وكذلك الرؤى االستراتيجية لوظيفة داعش‪ .‬وفي الفصل التاسع واألخير يتناول‬ ‫الكاتب بالتفصيل عالقة داعش بتركيا والنفط والصراع في عني العرب كوبانى‪ .‬وفي نهاية‬ ‫الكتاب يضم امللحق الكبير عشرات الوثائق والصور النادرة واملعلومات املهمة عن قادة التنظيم‬ ‫وبخاصة أبو بكر البغدادي‪.‬‬ ‫‪62‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫«خالفة داعش»‬ ‫اسم الكاتب‪:‬‬ ‫د‪ .‬هيثم مناع‬ ‫تاريخ النشر‪:‬‬ ‫ديسمبر ‪2014‬‬

‫> عن املعهد االسكندنافي لحقوق االنسان‪ ،‬صدر في شهر‬ ‫ديسمبر من العام املاضي كتاب «خالفة داعش»‪ ،‬والذي يعد من‬ ‫أوائل الكتب التي تصدر عن داعش ونشاطها العسكري بني‬ ‫العراق والشام‪ ،‬ملؤلفه الناشط واألكاديمي دكتور هيثم مناع‪.‬‬ ‫وقد صدر الكتاب باللغتني العربية والفرنسية في الوقت نفسه‪.‬‬ ‫يهتم الكتاب برصد أسباب وجود تنظيم داعش‪ ،‬سواء على‬ ‫املستوى الفكري أو االجتماعي أو السياسي أو االقتصادي‬ ‫دون إغفال الجوانب الثقافية‪ .‬كما يبحث في طبيعة هذه «الدولة»‬ ‫املزعومة‪ ،‬ومصادر تمويلها‪ ،‬ونقاط قوتها وضعفها‪ ،‬وكيفية‬ ‫مواجهتها‪.‬‬ ‫وتكمن أهمية هذا الكتاب في أن مؤلفه من الناشطني السياسيني‬ ‫البارزين وهو الدكتور هبثم مناع‪ ،‬واسمه األصلي هيثم العودات‬ ‫(من مواليد درعا ‪ )1951‬باحث وناشط حقوقي سوري‬ ‫والرئيس السابق لهيئة التنسيق الوطنية في املهجر‪ ،‬واملتحدث‬ ‫باسم اللجنة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وهو سليل أسرة سياسية‬ ‫عريقة فوالده املحامي يوسف ناصر العودات‪ ،‬معارض قديم‬ ‫سجنته املخابرات السورية ‪ 18‬عاما‪.‬‬


‫امرأة إيرانية تتسوق في متجر لبيع‬ ‫هدايا عيد الحب في طهران ( رويترز)‬

‫تكن مكتوبة أو مسجلة‪.‬‬ ‫يوجد نوع آخر منتشر من املواعدة الدينية ويتمثل في الخطبة‬ ‫الطويلة‪ ،‬التي يتم فيها الزواج وفقا لألعراف الدينية‪ ،‬ولكن ال‬ ‫يتم توثيقه بصفة قانونية حتى يتم الزواج الرسمي‪ .‬يسمح‬ ‫ه��ذا النوع للزوجني باالنفصال من دون اللجوء إل��ى الطالق‬ ‫الرسمي‪ .‬ارتبطت مهدية‪ ،‬التي تعمل فنانة ونحاتة وه��ي أم‬ ‫لصبيني‪ ،‬بالخطبة ثالث مرات قبل أن تتزوج في النهاية بثالث‬ ‫«خطيب» لها‪ ،‬ولكنها سعيدة بقرارها‪« :‬لم أرغب في أن يكون‬ ‫لي صديق‪ ،‬وكان هذا أفضل بديل لي»‪ .‬يقع املأزق عندما يحدث‬ ‫حمل أثناء فترة الخطبة‪ ،‬كما حدث مع ابنة عم مهدية‪ ،‬حيث‬ ‫أسرع الخطيبان بعقد الزفاف إلخفاء أمر حملها‪.‬‬

‫يوم الفالنتني‬ ‫تقول مائدة‪ ،‬وهي فتاة متدينة ارتبطت بزوجها لفترة أربعة‬ ‫أع��وام أثناء الدراسة قبل أن يتزوجا‪« :‬الجامعة أفضل مكان‬ ‫للمواعدة‪ ،‬ألنهما دائما ما يجدان مبررا للبقاء معا‪ ..‬وال يسأل‬ ‫اآلباء عن األمر مطلقا»‪ .‬كانت التعاليم الدينية صارمة‪ ،‬وكانا‬ ‫يتقابالن فقط في املدرسة‪ ،‬ويجلسان مبتعدين‪ ،‬ولكنهما كانا‬ ‫مرتبطني قبل الزواج‪ .‬يعد يوم الفالنتني مقياسا جيدا على مدى‬ ‫انتشار املواعدة في طهران أو األهواز أو كرمان‪ :‬وهي املراكز‬ ‫الحضرية ال�ت��ي يسعى فيها ال�ش�ب��اب للحياة مثل اآلخ��ري��ن‬ ‫في أي مدينة حديثة كبرى‪ .‬قال أحد موظفي االستقبال في‬ ‫باستا فاكتوري‪ ،‬وهو مطعم فاخر للباستا والبيتزا في ميدان‬ ‫محسني في طهران‪ ،‬عبر الهاتف‪ ،‬إنه من أجل حجز مائدة‬ ‫للعشاء في يوم الفالنتني في أي من مطاعم طهران الشهيرة‪:‬‬ ‫«يجب االتصال قبل املوعد بأسبوع»‪.‬‬

‫قبل ‪ 12‬عاما‪ ،‬كان على املرء الذهاب إلى متاجر لبيع بطاقات‬ ‫التهنئة امل��وج��ودة ف��ي أح�ي��اء معينة ف��ي ط�ه��ران ل�ش��راء هدايا‬ ‫ليوم الفالنتني‪ .‬ولكن اليوم تعرض املتاجر في جميع أنحاء‬ ‫املدينة هدايا وألعابا وشوكوالته مخصصة للفالنتني‪ .‬قال‬ ‫أحد العمال في متجر شهير أللعاب الفالنتني في شارع ميرزا‬ ‫ش�ي��رازي‪« :‬منذ ‪ 12‬عاما تقريبا كنا أول من يقدم منتجات‬ ‫خاصة بالفالنتني‪ .‬كنا أول من في املدينة ثم انتشر األم��ر»‪.‬‬ ‫واستطرد قائال إن��ه في ي��وم الفالنتني ذات��ه تأتي مجموعات‬ ‫مشتر ذو شارب‬ ‫كبيرة وتمتد الصفوف خارج املتجر‪ .‬علق‬ ‫ٍ‬ ‫رم��ادي ومعطف أس��ود طويل‪« :‬نحن اآلب��اء يجب أن نشارك‬ ‫في األم��ر أيضا‪ ،‬حيث أشتري البنتي هدايا وكعكة‪ ،‬ويجب‬ ‫ّ‬ ‫علي أيضا أن أعطيها نقودا‪ .‬وفي غضون أع��وام قليلة تريد‬ ‫أن تسافر إلى أميركا وتنساني تماما»‪ .‬ويذكر أنه قبل يوم‬ ‫الفالنتني بثالثة أيام يتردد العمالء على املتاجر لحجز الطلبات‬ ‫والشراء‪.‬‬

‫احتفال بالحب‬ ‫توجد بعض املساعي لتقديم أيام بديلة لالحتفال بالحب‪ ،‬حيث‬ ‫ت��روج مواقع محافظة لالحتفال بذكرى زواج فاطمة وعلي‪،‬‬ ‫ابنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وأول إمام في عقيدة‬

‫الشيعة‪ .‬وعلى م��واق��ع التواصل االجتماعي وامل��دون��ات ي �ت��م‬ ‫الترويج للعيد الزرادشتي (سپندارمذگان‪ ،)‎‬وهو يوم احتفال‬ ‫بالحب‪ ،‬ليصبح «يوم الفالنتني اإليراني» ‪ -‬ولكن لم تحظ أي‬ ‫من الفكرتني بالقبول‪ .‬وعلى الرغم من االدعاءات بعكس ذلك‪،‬‬ ‫فإن االهتمام بيوم الفالنتني يزداد قوة عام بعد عام في إيران‪.‬‬ ‫في ليلة باردة في شهر فبراير (شباط)‪ ،‬في منطقة األثرياء‬ ‫في كرمان الواقعة على أطراف صحراء لوط كان العثور على‬ ‫شوكوالته خاصة بالفالنتني أسهل من الحصول على الحلوى‬ ‫الخاصة باملنطقة‪.‬‬ ‫في املقابل‪ ،‬يحدث كل فترة أن ترد أنباء عن شن حمالت ضد‬ ‫متاجر بيع هدايا الفالنتني أو استهداف رحالت اليوم الواحد‬ ‫الجماعية التي تتجه إل��ى الجبال أو البحر وتنظمها مكاتب‬ ‫غير رسمية‪.‬‬ ‫ولكنها مثل الحظر املفروض على أطباق التقاط القنوات‬ ‫ال�ف�ض��ائ�ي��ة‪ ،‬ت�ع��د ه��ذه ال�ح�م�لات غ�ي��ر م��ؤث��رة ع�ل��ى التيار‬ ‫السائد ف��ي ال�ب�لاد ص��وب ات�ج��اه مغاير تماما‪ :‬إذ ت��زداد‬ ‫أطباق القنوات وقلوب الشوكوالته الخاصة بالفالنتني‪.‬‬ ‫كذلك أيضا تقام امل��راك��ز الحضرية التي تشبه بعضها‬ ‫اآلخ��ر بغض النظر ع��ن الحكومات التي تراقبها‪ .‬وتعد‬ ‫خدمات التزويج وال��زواج املؤقت وفترات الخطبة الطويلة‬ ‫وسائل للتكيف مع األعراف املتغيرة <‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪61‬‬


‫ثقافة‬

‫«كنا صديقني قديمني عندما بلغنا ‪ 19‬عاما‪ .‬وافق والدها على زواجنا مؤقتا ملدة شهرين‪ ،‬تمكنا من مدهما إلى‬ ‫ستة أشهر ثم عام‪ .‬كانت جميلة وكنت متهورا‪ ،‬ولكني ممنت ألننا لم نرزق بأطفال»‪ .‬كان سعيد يجلس فيما يبدو‬ ‫أنه مبنى مكتبي مثل أي مبنى آخر في شارع «انقالب» الصاخب بوسط مدينة طهران وهو يتحدث عن أول صديقة‬ ‫(خطيبة) عروس مستقبلية له‪ .‬أوضح أنه عندما حان وقت الحديث عن زواج دائم طلب منه والد الفتاة أوال أن يشتري‬ ‫لها سكنا‪ .‬قال سعيد‪« :‬ذلك على الرغم منه أنه كان يعلم أني طالب وال أستطيع أن أشتري سكنا ألسرة»‪ .‬وأصر‬ ‫والدها أيضا على دفع مهر باهظ‪ .‬حينها فشل مشروع الزواج‪.‬‬

‫حكومة روحاني تعلن عن تدشني موقع «تزويج» لتوصيل األزواج املحتملني عبر وسطاء مخلصني‬

‫يوم «الفالنتني» اإليراني‬ ‫رسالة طهران‪:‬‬ ‫فورن أفيرز ‪ -‬خاص للمجلة‬ ‫منذ فشل مشروع زواجه‪ ،‬يحاول سعيد التعرف على فتيات‬ ‫عبر «فيسبوك» و«تويتر» ومن خالل تبادل أرقام الهاتف مع‬ ‫الفتيات في الحفالت‪ ،‬ولكن لم يفلح األمر مطلقا‪ .‬علق سعيد‬ ‫قائال‪« :‬لست متدينا‪ ،‬ولكني ال أسعى وراء امللذات فقط‪ .‬تعرفت‬ ‫عبر مواقع التواصل االجتماعي على فتيات يسعني فقط إلى‬ ‫قضاء وقت ممتع‪ ،‬حتى أن بينهن سيدات لديهن أطفال‪ .‬ولكني‬ ‫أريد العثور على شريكة قد تستقر حياتي معها عندما أكون‬ ‫مستعدا»‪.‬‬ ‫ينتمي سعيد إلى جيل من الشباب اإليراني الذي يبحث عن‬ ‫إقامة عالقات ال تتطلب التزاما كامال‪ ،‬كما في الزواج‪ ،‬ولكنها‬ ‫ليست من دون قيود على اإلطالق‪ .‬وهم من النوع الذي يلجأ إلى‬ ‫وكاالت مثل تلك التي قمت بزيارتها‪ ،‬وكالة تزويج رسمية تصل‬ ‫الشركاء املحتملني معا عبر فريق من «املستشارين املثقفني‬ ‫املخلصني‪ ،‬واملتخصصني في شؤون الزواج»‪.‬‬ ‫كان ذلك في مبنى مكتبي مضيء في حي بوسط طهران‪ ،‬حيث‬ ‫يرتدي املستشارون والسكرتارية (ومعظمهم من النساء) زيا‬ ‫رسميا مناسب للعمل‪ .‬يتم إدخال العمالء املحتملني إلى غرفة‬ ‫إلى اليمني لها باب زجاجي‪ ،‬حيث تقدم مستشارة توضيحا‬ ‫موجزا لخدمات الوكالة‪ .‬بعد تسديد ‪ 180‬ألف تومان (نحو‬ ‫‪ 55‬دوالرا)‪ ،‬وملء االستمارات الالزمة‪ ،‬يتلقى املتقدمون وعدا‬ ‫بالحصول على بيانات اتصال مع أربعة مرشحني‪ .‬تحتوي‬ ‫االس �ت �م��ارة ع�ل��ى أس�ئ�ل��ة م��وج��زة وم �ح��ددة‪ :‬م�س�ت��وى التدين‬ ‫املطلوب في ال��زوج أو الزوجة؟ مستوى تعليم عائلة صاحب‬ ‫الطلب؟ هل يمكن التعرف على أعضاء من خارج طهران؟ حجم‬ ‫الدخل املتوقع أن يملكه الزوج‪ /‬الزوجة؟‬ ‫بمجرد أن يتم االتصال بني املتقدمني‪ ،‬يمكنهم املوافقة على‬ ‫املقابلة في الوكالة أو أي مكان آخر يرغبون به‪ ،‬ولكن تحث‬ ‫املستشارة على توخي الحذر‪ ،‬حيث ال يضمن املكتب سالمة‬ ‫األف ��راد‪ .‬وب�ع��د تسديد رس��وم ال�ع�ض��وي��ة‪ ،‬يسمح للمتقدمني‬ ‫بالحصول على خط مساعدة ملدة ‪ 24‬ساعة‪ ،‬ويمكنهم حضور‬ ‫لقاءات جماعية‪ .‬وتعقد تلك اللقاءات يوم الخميس‪ ،‬حيث يدعى‬ ‫إليها ‪ 25‬رجال و‪ 25‬امرأة‪ ،‬يحمل كل منهم رقما‪ .‬وفي نهاية‬ ‫‪60‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫اللقاء‪ ،‬يكتب األفراد رقم املشارك الذي حظي باهتمامه‪ .‬وفي‬ ‫ح��ال��ة ح��دوث ت��واف��ق‪ ،‬يتم إب�ل�اغ الطرفني ف��ي األس�ب��وع التالي‬ ‫ويحصل كل منهم على بيانات لالتصال باآلخر‪.‬‬ ‫يسمح ملكاتب التزويج التي يطلق عليها «همسان كوزيني»‬ ‫(ومعناها اختيار النظير) بالعمل طاملا أنها ال تسمح لألعضاء‬ ‫ب��االت�ص��ال ببعضهم ال�ب�ع��ض‪ ،‬ب��ل يتم ال�ت��وس��ط بينهم تحت‬ ‫إشراف «متخصصني»‪ ،‬وذلك بهدف الزواج في النهاية‪.‬‬ ‫وعلى ال��رغ��م م��ن أنها غير منتشرة ف��ي ك��ل م�ك��ان‪ ،‬ف��إن تلك‬ ‫املكاتب تقدم خدمة ثمينة ملن ال يستطيعون أو ال يرغبون في‬ ‫العثور على شريك من خالل شبكات عالقاتهم االجتماعية أو‬ ‫الشخصية‪ .‬كما أن التحول العمراني الهائل وزيادة االتصال‬ ‫بمواقع التواصل االجتماعي واملساحة العامة التي تزداد بها‬ ‫الصبغة العلمانية (على الرغم من الدعاية املغايرة لذلك) جعلوا‬ ‫من العثور على شركاء محتملني مناسبني أكثر تعقيدا‪.‬‬

‫انحسار معدالت الزواج‬ ‫في املجتمعات التقليدية أو الريفية‪ ،‬يظل السائد هو بحث العائلة‬ ‫عن أزواج وزوج��ات مناسبني ألبنائهم وبناتهم‪ .‬يقول سينا‬ ‫الذي يقيم في منزل فسيح في شارع زعفرانية الذي يقطنه‬ ‫األث��ري��اء في ط�ه��ران‪« :‬ذهبت إل��ى منازل ‪ 75‬فتاة في األع��وام‬ ‫األرب�ع��ة امل��اض�ي��ة»‪ .‬ينتمي سينا لعائلة ثرية متدينة جمعت‬ ‫ثروتها من خ�لال ال�ب��ازار الكبير في طهران‪ .‬تحضر والدته‬ ‫حفالت تقام للنساء فقط وتسعى إلى الحصول على بيانات‬ ‫الفتيات التي توافق عليهن‪ .‬بعد ذلك يقوم سينا وشقيقتاه‬

‫ووالداه بزيارة منازل الفتيات معا للتعارف‪ .‬ولكنه لم يجد حتى‬ ‫اآلن الفتاة التي تناسبه‪ ،‬على حد قوله‪.‬‬ ‫ربت والده على كتفه برفق وقال‪« :‬ذهبت لرؤية أكثر من مائة‬ ‫فتاة قبل أن أختار وال��دت��ك»‪ .‬وعلى الرغم من أن هذه األرق��ام‬ ‫ليست معتادة ف��ي ع��ائ�لات الطبقة العاملة‪ ،‬ف��إن تقليد رؤي��ة‬ ‫الرجل للفتاة في منزلها أسلوب رسمي للخطبة كان وال يزال‬ ‫منتشرا بني بعض العائالت‪.‬‬ ‫ولكن تشهد معدالت ال��زواج انحسارا‪ ،‬وتبلغ أدن��ى نسبة‬ ‫لها في محافظة طهران‪ ،‬حيث تنتهي واحدة بني كل ثالث‬ ‫زيجات بالطالق‪ .‬وترتفع معدالت الطالق بينما تنخفض‬ ‫معدالت املواليد‪ :‬كما تبلغ نسبة الخصوبة بني النساء ‪1.7‬‬ ‫في املائة‪ .‬ويعرب مسؤولون حكوميون عن قلقهم بشأن‬ ‫انخفاض معدل املواليد وارتفاع سن السكان‪ .‬تقدر بعض‬ ‫التوقعات لعام ‪ 2050‬أن تبلغ نسبة السكان فوق عمر ‪65‬‬ ‫عاما ‪ 21‬في املائة من إجمالي سكان إي��ران‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫وقف برامج تنظيم األس��رة املستمرة منذ فترة طويلة في‬ ‫جميع أنحاء البالد‪.‬‬ ‫كذلك حاولت حكومات مختلفة أيضا معالجة قضية تزويج‬ ‫الشباب‪ .‬في حكومة روحاني‪ ،‬أعلنت وزارة الشباب والرياضة‬ ‫عن تدشني موقع للتزويج بالتعاون مع «تبيان» وه��ي بوابة‬ ‫شبابية دينية على اإلن�ت��رن��ت‪ .‬م��ن املنتظر أن يعمل امل��وق��ع‪،‬‬ ‫ب�ط��ري�ق��ة م�ش��اب�ه��ة مل�ك��ات��ب ال �ت��زوي��ج‪ ،‬ع�ل��ى ت��وص�ي��ل األزواج‬ ‫املحتملني عبر «وس�ط��اء زواج مخلصني»‪ .‬بيد أن��ه ال يوجد‬ ‫حماس كبير لهذا املشروع سوى بني وسائل اإلعالم الحكومية‪.‬‬

‫الزواج املؤقت‬

‫مكاتب «التزويج املؤقت»‬ ‫وفترات الخطبة الطويلة‬ ‫وسائل للتكيف مع‬ ‫األعراف املتغيرة‬

‫استمر زواج املتعة (أو الزواج املؤقت) محال ملناقشات ساخنة‪.‬‬ ‫يمكن أن تتم إج��راءات زواج املتعة بوجود طرفي الزواج فقط‬ ‫من دون حضور للشهود أو موافقة والد امل��رأة‪ ،‬الذي تتطلبه‬ ‫إجراءات الزواج الدائم‪ .‬لذلك تتم اإلشارة إلى هذا النوع من الزواج‬ ‫على أنه تصريح ديني ‪ -‬في املذهب الشيعي ‪ -‬بالجنس‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أنه يتضمن تحمل الطرفني ملسؤوليات صورية‪ .‬وإذا‬ ‫أثمرت العالقة عن أطفال‪ ،‬يجب على األب تحمل النفقات املالية‪.‬‬ ‫ولكن ال يوجد قانون يجبر على توثيق زواج املتعة‪ ،‬وغالبا ما‬ ‫ال يتم توثيقه‪ .‬ولكن ال تعني هذه التعهدات الدينية شيئا إذا لم‬


‫راشد الغنوشي‬

‫واإلقليمية والدولية‪ .‬املبدأ األساسي الذي يوجهنا ويحكمنا‬ ‫هو مصلحة بالدنا واستقرارها‪ ،‬ومن أجل هذا مستعدون‬ ‫لتقديم التضحيات والتنازالت املؤملة‪ .‬أما عن الخيارات التي‬ ‫اتخذناها فلم تكن خيارات شخصية ولكنها خيارات شارك‬ ‫في صنعها والتصويت عليها مؤسسات الحركة‪ ،‬إذن هي‬ ‫قرارات جماعية‪.‬‬

‫> األوضاع األمنية في تونس‪ ،‬كيف تقيمونها وهل أنتم‬ ‫متفائلون خاصة مع ما يحدث في ليبيا؟‬

‫ هناك تنسيق جيد مع السلطات الجزائرية للقضاء على‬‫هذه املجموعات‪ .‬وتبقى ليبيا مصدر قلق لكل دول املنطقة‬ ‫بما فيها من اضطراب وانتشار للسالح‪ .‬لذا من مصلحة‬ ‫ليبيا ومن مصلحة دول جوارها أن يتوصل الفرقاء الليبيون‬ ‫إل��ى ح��ل سياسي يجمع األط��راف املختلفة ويحقق األم��ن‬ ‫ويبني دولة مستقرة تحقق الرفاه لشعبها‪ .‬أما أن يحسم‬ ‫ط��رف املعركة عسكريا ضد ط��رف آخ��ر فهذا غير ممكن‬ ‫وسيقود إل��ى امل��زي��د م��ن ع��دم االس�ت�ق��رار وإل��ى إط��ال��ة هذه‬ ‫الحرب‬

‫> ه��ل ت��رون فعال أن ال��دواع��ش على أب��واب ت��ون��س‪ ،‬وأن‬ ‫خ �ط��ره��م س�ي�ط��ال�ه��ا أم أن م ��ا ي� �ت ��ردد ف �ق��ط ض �غ��وط��ات‬ ‫سياسية لخدمة أجندات معينة؟‬

‫ اإلرهاب املبني على فهم خاطئ ومتطرف للدين موجود‪،‬‬‫سميه ما شئت‪« :‬أنصار الشريعة»‪« ،‬داعش»‪« ،‬القاعدة» أو‬ ‫أي اسم آخر‪ .‬الحل الوحيد هو الوصول إلى حل سياسي بني‬ ‫األطراف األخرى الليبية في برملان طبرق واملجلس الوطني‬

‫وه��ذا سيقود إلى عزل هذه الفئة الشاذة من الخوارج في نفس االت�ج��اه‪ .‬وال ن��رى أن هناك إمكانية لحل خ��ارج هذا‬ ‫خطوة أولى‪ ،‬ثم تليها خطوة مواجهتهم والقضاء عليهم‪ .‬الخيار وهذا ما أكد عليه مجلس األمن‪ .‬وقد دعونا وندعو‬ ‫> ت�ت�ص��اع��د األزم� � ��ات ف ��ي امل�ن�ط�ق��ة ب�ش�ك��ل س ��ري ��ع‪ ،‬مما أشقاءنا الليبيني من األط��راف األساسية إلى االن��دراج في‬ ‫استدعى تحالفات دول�ي��ة وعربية خ��اص��ة ح��ول الشأن مبادرة األمم املتحدة والعمل على إنجاحها في أقرب وقت‬ ‫الليبي‪ ،‬أين تونس من كل هذا؟‬ ‫ومهما كانت الصعوبات‪.‬‬ ‫ دعمنا املوقف الرسمي التونسي ال��ذي عبر عنه رئيس > ه��ل ي�م�ك��ن اع �ت �ب��ار ت��ون��س ن �م��وذج��ا مختلفا م�ق��ارن��ة‬‫الدولة والذي نادى بعدم التدخل العسكري في ليبيا وإلى ب��ال�ب�ل��دان ال�ت��ي ش�ه��دت ت�غ�ي��رات م�ن��ذ ‪ .2011‬وه��ل فعال‬ ‫البحث ع��ن ح��ل سياسي ب�ين األط ��راف األس��اس�ي��ة الليبية ال�ت�ج��رب��ة ال��دي�م�ق��راط�ي��ة ف��ي ت��ون��س ت��وف�ق��ت؟ رغ��م غياب‬ ‫دون االنحياز إلى طرف ضد ط��رف‪ .‬ونحن ندعم مبادرة الرضا والتفاؤل عن الشارع التونسي؟‬ ‫الحوار لألمم املتحدة التي يشرف عليها صديقنا السيد ‪ -‬بفضل الله حققت تونس إنجازات مهمة على املستوى‬ ‫برناردينو ليون‪ ،‬وكذلك م�ب��ادرة الجزائر التي تتوجه في السياسي وتمكنت م��ن إن�ج��اح مرحلة مهمة م��ن مراحل‬ ‫االنتقال الديمقراطي تمثلت ف��ي إص��دار دس�ت��ور توافقي‬ ‫ي�ج�س��د ه��وي��ة ال �ب�ل�اد ون �ظ��ام �ه��ا ال �س �ي��اس��ي ال��دي�م�ق��راط��ي‬ ‫املبدأ األساسي الذي يوجهنا وي��ؤس��س للحريات وال�ح�ق��وق‪ ،‬وتمكنت تونس أيضا من‬ ‫تنظيم انتخابات برملانية ورئاسية أنهت املرحلة املؤقتة‬ ‫وأدخلتنا في مرحلة جديدة‪.‬‬ ‫ويحكمنا هو مصلحة بالدنا‬ ‫يعتبر هذا نجاحا إذا ما نظرنا إلى البلدان العربية األخرى‬ ‫التي مرت بظروف شبيهة بظروفنا ولكنها لسبب أو آخر‬ ‫واستقرارها ومن أجل هذا‬ ‫لم تتمكن من تجاوز صعوباتها وانزلقت في الطريق أما‬ ‫مستعدون لتقديم التضحيات باتجاه الفوضى أو باتجاه الحكم العسكري‪.‬‬ ‫قناعتنا أنه رغم الصعوبات في بقية البلدان ولكن ال يمكن‬ ‫والتنازالت املؤملة‬ ‫إع��ادة عقارب الساعة إلى ال��وراء وأن الحل الوحيد هو في‬ ‫تبني مبدأ ال��وف��اق‪ ،‬ه��ذا امل�ب��دأ ال��ذي حفظ تونس وق��اد إلى‬ ‫نجاحها النسبي <‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪59‬‬


‫حوار‬

‫‪ :‬املتطرفون «خوارج» وفئة شاذة‬ ‫قال لـ‬ ‫يجب عزلهم قبل مواجهتهم والقضاء عليهم‬

‫الغنوشي‪ :‬دعمنا أوصل الحكومة‬ ‫الحالية للسلطة‪ ..‬و«النهضة»‬ ‫ليست من يدير تونس‬ ‫أكد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة اإلسالمية التونسية أنه لوال دعم‬ ‫«النهضة» ملا مرت الحكومة التونسية الحالية في البرملان‪ ،‬وأن هذا يأتي رغم‬ ‫مشاركة حركته «الرمزية التي ال تعكس حجمنا في البرملان»‪.‬‬ ‫كما نفى الغنوشي في حوار أجرته معه «املجلة» ما يتداوله السياسيون‬ ‫واملتابعون ألوضاع تونس بأن «النهضة» هي فعليا من يدير البالد‪.‬‬ ‫وتحدث زعيم «النهضة» عن خطورة التحديات األمنية التي تواجهها تونس‪،‬‬ ‫وأن موقف حركته تجاه ما يحدث في ليبيا‪ ،‬هو نفس املوقف الرسمي لتونس‬ ‫وهو ضد أي تدخل خارجي عسكري‪ ،‬ويرى أن الحل السياسي هو األنسب‪.‬‬ ‫حوار‪ :‬نادية التركي‬ ‫> ما تقييمكم لعمل الحكومة الجديدة؟ وه��ل تركيبتها‬ ‫معقولة وتمثل الشعب التونسي؟‬

‫ ما زال الوقت مبكرا لتقييم عمل الحكومة الجديدة ولكن‬‫نأمل أن تنجح هذه الحكومة في مواجهة التحديات الكبرى‬ ‫االقتصادية واألمنية ألن في نجاحها نجاحا لتونس‪ .‬دعونا‬ ‫قبل االنتخابات لحكومة وحدة وطنية تحظى بدعم سياسي‬ ‫واس��ع يمكنها م��ن مواجهة التحديات الكبرى ال�ت��ي تواجه‬ ‫البالد ومن إجراء اإلصالحات الضرورية‪ .‬لم نتحصل على‬ ‫حكومة وح��دة وطنية إذ رفضت بعض األط��راف املشاركة‪،‬‬ ‫ولكن الحكومة الحالية تقترب من أن تكون حكومة وحدة‬ ‫وطنية وقد تجلى ذلك في نسبة مصادقة البرملان عليها إذ‬ ‫تحصلت على ما دعم ما يقارب ثلثي أعضاء البرملان‪ ،‬لذا‬ ‫فهي حكومة تتمتع بدعم سياسي واسع‪.‬‬ ‫> ما نسبة مشاركة حركة النهضة وتأثيرها في قرارات‬ ‫الحكومة؟‬

‫ «النهضة» شريك في هذه الحكومة‪ ،‬ولوال دعم «النهضة» ملا‬‫مرت الحكومة في البرملان‪ .‬ولكن مشاركتنا مشاركة رمزية‬ ‫وال تعكس حجمنا في البرملان الذي يصل إلى ثلث األعضاء‬ ‫بينما نشارك بوزير واح��د و‪ 3‬كتاب دول��ة‪ .‬مل��اذا قبلنا لهذه‬ ‫املشاركة؟ لقد ضحينا مرة أخرى من أجل املصلحة الوطنية‬ ‫التي اقتضت أن نثبت مبدأ مشاركة الجميع بغض النظر عن‬ ‫‪58‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫حجم املشاركة‪ .‬أردن��ا تثبيت وتدعيم مبدأ ومسار التوافق‬ ‫الذي حفظ تجربة تونس من االنهيار كما حصل في بلدان‬ ‫أخرى‪ .‬وقد بني هذا املسار على التضحيات املتبادلة وعلى‬ ‫اللقاء بني خصوم األمس من أجل مصلحة تونس وحفظها‬ ‫من العودة إلى الديكتاتورية أو السقوط في الفوضى‪ .‬إذن مرة‬ ‫أخرى قبلنا التضحية والتنازل من أجل تونس‪ ،‬وفي نفس‬ ‫الوقت ال ننكر أن الطرف الرئيسي اآلخر قدم تنازالت حيث‬ ‫قبل رئيس حكومة مستقال وقبل التنازل عن عدد من وزارات‬ ‫السيادة لتسند إلى مستقلني‪ .‬املحصلة أن تونس تحقق مرة‬ ‫أخرى االستثناء بتحقيق التوافق للمضي إلى األمام‬

‫> ي��ردد متابعون للوضع التونسي أن «النهضة» تلعب‬ ‫دورا أك �ب��ر م �م��ا ي �ب��دو ف ��ي ال �ح �ك��وم��ة‪ ،‬وه ��ي ال �ت��ي ت��دي��ر‬ ‫فعليا ال�ب�لاد وه��ذا ي�ع��ود لصفقات سياسية ف��ي مرحلة‬ ‫االنتخابات؟‬

‫ «النهضة» ال تدير ال�ب�لاد ونحن ال نعقد صفقات وإنما‬‫نبحث ع��ن مصلحة ب�لادن��ا وع��ن مصلحة تجربة انتقالنا‬ ‫الديمقراطي في أوضاع هشة داخليا وإقليميا‪ .‬ولكن مشاركة‬ ‫«النهضة» مهمة ألنها الحزب الثاني في البرملان وال تبعد كثيرا‬ ‫عما تحصل عليه الحزب األول وهي الحزب األكثر تنظيما‬ ‫وانتشارا في البالد‪ .‬نعم تساهم «النهضة» في هذه الحكومة‬ ‫من داخلها وتدعمها في البرملان‪ ،‬وقد ساهمت «النهضة»‬ ‫مساهمة كبيرة مع بقية شركائنا في الوطن‪ ،‬ساهمت في‬ ‫حفظ تونس من االنحدار إلى نفس األوضاع التي تشهدها‬ ‫بلدان عربية أخرى من انقسام وتحارب وإقصاء متبادل‪.‬‬

‫> منذ ع��ودة حركتكم إلى تونس لم يتوقف الحديث عن‬ ‫الدعم القطري لها سياسيا وماليا‪ ،‬وفي الفترة األخيرة‬ ‫تطرح الكثير من املنابر السياسية التحدث عن أن قطر‬ ‫تضخ مبالغ ضخمة لتدعم العمل القاعدي للحركة‪ ،‬ما‬ ‫مدى صحة هذا الكالم؟‬

‫ نعم توجه بعض وسائل اإلعالم هذه االتهامات‪ .‬في تونس‬‫لم نقرر مقاضاة وسائل اإلعالم هذه ألننا في بداية مرحلة‬ ‫نريد تثبيت مبدأ حرية الصحافة والتعبير‪ .‬ولكن عندما‬ ‫وجهت هذه االتهامات من بعض وسائل اإلع�لام في بلدان‬ ‫أوروبية مثال في فرنسا وبريطانيا قدمنا ضدهم قضايا‬ ‫وفزنا في جميعها‪ ،‬لذا هذه األكاذيب ال تصمد في محاكم‬ ‫بلدان ديمقراطية عريقة‪ .‬أما عن قطر‪ ،‬فقد دعمت تونس قبل‬ ‫الثورة وتواصل دعمها لتونس بعد الثورة مشكورة ونحن‬ ‫ندعوها وندعو كل أشقائنا في الخليج‪ ،‬في اململكة والكويت‬ ‫وبقية البلدان إل��ى دع��م تونس وإل��ى االستثمار فيها وإل��ى‬ ‫زيارتها للسياحة‪.‬‬

‫> الح��ظ متابعون تغيرا في مواقف الحركة‪ ،‬وليونة لم‬ ‫يتقبلها حتى أعضاء الحزب‪ ،‬وانتقدها قياديون منه هل‬ ‫ه��ذا يعكس ق��درة الحركة على إج��ادة اللعبة السياسية‪،‬‬ ‫وأن�ه��ا تعمل بمبدأ أن السياسة تتغير حسب املصالح‬ ‫وليست مواقف ثابتة؟‬

‫ السياسة مبنية على املبادئ وعلى تقدير املصلحة وفهم‬‫موازين القوى‪ .‬أم��ا املبادئ فهي ثابتة ال تتغير‪ ،‬أم��ا تقدير‬ ‫املصلحة وموازين القوى فجب أن يراعي املتغيرات الداخلية‬


‫بر‬ ‫و‬ ‫فا‬

‫يل‬

‫ثاني أغنى أغنياء العالم بثروة تبلغ ‪ 65.6‬مليار دوالر‬

‫وارن بافت‪ ..‬من سمسار إلى أشهر مستثمر في بورصة نيويورك‬

‫املحرر األقتصادي ‪:‬‬ ‫وارن بافت (‪ 30‬أغسطس‪ /‬آب ‪ ) - 1930‬رجل أعمال وأشهر‬ ‫مستثمر أميركي في بورصة نيويورك رئيس مجلس إدارة‬ ‫شركة بيركشير هاثاواي وهو ثاني أغنى أغنياء العالم لعام‬ ‫‪ 2014‬حسب مجلة «فوربس» األميركية بثروة ‪ 65.6‬مليار‬ ‫دوالر أميركي بعد أن كان أغنى رجل بالعالم لعام ‪ 2009‬بثروة‬ ‫‪ 40‬مليار دوالر أميركي‪.‬‬ ‫اشتهر بافت بعشقه للقراءة‪ ،‬حيث ك��ان في بداية مسيرته‬ ‫املهنية يقرأ ‪ 1000 - 700‬صفحة كل يوم‪ ،‬وفي حديث أجرته‬ ‫معه إحدى املجالت صرح أنه ما زال إلى حد اآلن ورغم كبر‬ ‫سنه يقضي ‪ 80‬في املائة من وقته في القراءة‪.‬‬ ‫ولد وارن بافت عام ‪ 1930‬في أوماها بوالية نبراسكا‪ ،‬كانت‬ ‫عائلته تدير متجرا للبقوليات في أوماها في الفترة الواقعة بني‬ ‫عامي ‪ 1869‬و‪ ،1969‬وكان والده هاوارد سمسارا في سوق‬ ‫األسهم وعضوا في مجلس النواب عن الحزب الجمهوري‪،‬‬ ‫وكانت أمه ليلي ستال ربة منزل‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1941‬عندما أص�ب��ح وارن ب��اف��ت ف��ي س��ن الحادية‬ ‫عشرة‪ ،‬ب��دأ يعمل في بيت السمسرة ال��ذي ك��ان يديره وال��ده‬ ‫حيث اشترى أسهمه األولى‪ .‬وعندما أصبح في الرابعة عشرة‬ ‫من عمره (‪ )1945‬كان يجني ‪ 175‬دوالرا في الشهر من توزيع‬ ‫صحيفة «واشنطن بوست»‪ .‬كما اشترى أرضا زراعية في‬ ‫نبراسكا مساحتها ‪ 40‬آر مقابل ‪ 1200‬دوالر‪.‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1949-1947‬التحق بكلية وارت��ون التابعة لجامعة‬ ‫بنسلفانيا‪ ،‬ثم انتقل إلى جامعة نبراسكا وتخرج منها‪ .‬وفي‬ ‫ع��ام ‪ 1950‬ح��از درج��ة ب�ك��ال��وري��وس ف��ي ال�ع�ل��وم م��ن جامعة‬ ‫نبراسكا‪ ،‬وفيما كان في السنة األكاديمية الرابعة‪ ،‬قرأ كتاب‬ ‫املستثمر الذكي (باإلنجليزية‪)The Intelligent Investor :‬‬ ‫لبنيامني غراهام‪ ،‬والذي ينصح بتجنب األسهم التي سرعان ما‬ ‫تختفي وبشراء األسهم التي تعرض بأسعار تقل عن قيمتها‬ ‫الحقيقية‪ُ .‬رفض طلبه لاللتحاق بكلية هارفارد للتجارة‪ ،‬ولذلك‬ ‫التحق بكلية التجارة بجامعة كولومبيا حيث درس كتاب‬ ‫غراهام‪ .‬وتخرج من جامعة كولومبيا عام ‪ .1951‬بعد تخرجه‬ ‫من جامعة كولومبيا ذهب لكي يعمل في وول ستريت‪ ،‬مخالفا‬ ‫نصيحة والده ونصيحة غراهام‪ .‬ثم عاد بعد ذلك إلى أوماها‬ ‫ليصبح سمسارا في مؤسسة والده ومدرسا ملادة التجارة في‬ ‫الصفوف املسائية‪ .‬في عام ‪ 1954‬حصل على وظيفة براتب‬ ‫‪ 12‬ألف دوالر في السنة في نيويورك حيث كان يساعد في‬ ‫إدارة شركة غراهام املتضامنة لالستثمار‪.‬‬ ‫في عام ‪ 1956‬عاد بافت إلى أوماها ‪ -‬بعد أن تقاعد غراهام‬ ‫وحل شركته ‪ -‬ليؤسس بافت أسوشيتس املحدودة برأس‬ ‫مال ‪ 105‬آالف دوالر جمعه من األصدقاء وأف��راد العائلة‪،‬‬ ‫إضافة إلى مساهمته بمبلغ ‪ 100‬دوالر‪ .‬ثم أسس في وقت‬ ‫الح��ق شركتني متضامنتني ليدمج ال�ش��رك��ات ال�ث�لاث في‬ ‫نهاية األم ��ر‪ .‬ووض��ع لنفسه ه��دف��ا ب��أن يتغلب على ال��داو‬ ‫بمقدار ‪ 10‬نقاط مئوية كل عام‪ .‬وبعد ‪ 5‬سنوات (‪)1962‬‬ ‫أصبحت ال�ش��رك��ة املتضامنة ت�س��اوي ‪ 7.2‬مليون دوالر‪.‬‬

‫الرئيس األميركي‬ ‫باراك أوباما يمنح‬ ‫وارن بافت وسام‬ ‫الحرية عام ‪2012‬‬ ‫(رويترز)‬

‫امللياردير وارن بافت يتلقى دروسا في رياضة اليوغا‬

‫وزادت ثروة بافت عن مليون دوالر‪ .‬وفي نفس العام تم دمج‬ ‫كافة الشركات املتضامنة في بافت بارتنر شيبس املحدودة‬ ‫التي بدأت تشتري أسهم ‪ Berkshire Hathaway‬بيركشاير‬ ‫هاثواي‪ ،‬نيو بيدفورد املتعثرة‪ ،‬وماس تيكستايل ميل مقابل‬ ‫أق��ل من ‪ 7.6‬دوالر للسهم ال��واح��د‪ .‬كما استخدم رأسمال‬ ‫بيركشاير في االستثمار في القطاعات التجارية األخرى‬ ‫مثل ق�ط��اع ال�ت��أم�ين‪ .‬م��ع ح�ل��ول ع��ام ‪ 1963‬أصبحت بافت‬ ‫بارتنر شيبس املحدودة أكبر مالك لألسهم في بيركشاير‪.‬‬ ‫وسيطر عليها في عام ‪ .1965‬وفي عام ‪ 1967‬فاقت ثروة‬ ‫بافت الصافية ‪ 10‬ماليني دوالر‪ ،‬وفي تلك السنة اشترت‬

‫بيركشاير هاثواي شركة ناشيونال إندمنتي للتأمني مقابل‬ ‫‪ 8.6‬مليون دوالر‪ .‬لكن في عام ‪ 1969‬تم حل الشركة بعد‬ ‫أن حققت عائدات سنوية متراكبة بلغت نسبتها ‪ 29.5‬في‬ ‫املائة مقابل ‪ 7.4‬للداو‪ .‬وه��ذا ما دف��ع بافت إل��ى االستنتاج‬ ‫ب��أن الكثير ج��دا من األسهم تعرض بأسعار تفوق كثيرا‬ ‫قيمتها الحقيقية‪ .‬تضمنت األرص��دة التي جرى توزيعها‬ ‫ع�ل��ى ال�ش��رك��اء أس�ه��م ش��رك��ة بيركشاير ه��اث��واي‪ .‬وب��ات��ت‬ ‫ثروة بافت تقدر بنحو ‪ 25‬مليون دوالر‪ .‬ثم توالت صفقاته‬ ‫ونجاحاته إلى أن بات أهم مستثمر في بورصة نيويورك‪،‬‬ ‫وثاني أغنياء العالم‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪57‬‬


‫رأي‬ ‫‪..‬‬

‫فوائد تراجع أسعار النفط‪ ..‬ومخاوف من حدوث انكماش اقتصادي‬ ‫اململكة العربية السعودية وال��دول الكبرى األخرى‬ ‫املنتجة للنفط‪ ،‬بما فيها ال��والي��ات املتحدة األميركية‪،‬‬ ‫من بإمكانه تحمل انخفاض أسعار النفط ألطول فترة‬ ‫ممكنة وذلك قبل تخفيض اإلنتاج‪ .‬واآلن‪ ،‬دعونا نرى‬ ‫كيف يمكن أن تسير األمور‪.‬‬ ‫بداية مع الرابحني في هذا النزاع‪ ،‬ومنهم الواليات املتحدة‬ ‫األميركية بصورة عامة ‪ -‬فإن الدولة ال تزال تستورد أكثر‬ ‫من ربع احتياجاتها من الطاقة ‪ -‬وخاصة املستهلكني‬ ‫األم�ي��رك�ي�ين‪ .‬ج��دي��ر ب��ال��ذك��ر أن ت��راج��ع أس �ع��ار ال��وق��ود‬ ‫بنسبة ‪ 40‬في املائة‪ ،‬بعد أن وصلت إلى ذروتها الحالية‬ ‫التي بلغت ‪ 3.70‬دوالر أميركي للغالون الواحد خالل‬ ‫شهر أبريل (نيسان) عام ‪ 2014‬قد عزز القوة الشرائية‬ ‫بنسبة ‪ 1.7‬في املائة‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬تم الحفاظ على معظم‬ ‫ما تحقق‪ ،‬رغم احتمالية زي��ادة إنفاق املستهلكني في‬ ‫حالة ما إذا استمر انخفاض أسعار النفط‪.‬‬ ‫ق��د تكون ش��رك��ات ال�ط�ي��ران ه��ي األك�ث��ر ت��أث��را بأسعار‬ ‫النفط‪ ،‬حيث ُيمثل ال��وق��ود أكبر بند مكلف لها‪ .‬ذكر‬ ‫مسؤولون رفيعو املستوى في شركات «الخطوط الجوية‬ ‫األميركية» و«كونتيننتال» و«دلتا» أن انخفاض تكلفة‬ ‫الوقود إلى النصف سوف تؤدي في النهاية إلى استفادة‬ ‫املساهمني وتوفير التمويل الالزم إلعادة شراء األسهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي الوقت ذاته‪ ،‬تخطط شركة «ساوث ويست» للخطوط‬ ‫الجوية لزيادة نموها في حالة استمرار انخفاض أسعار‬ ‫النفط‪ .‬ومنذ شهر أكتوبر (تشرين األول)‪ ،‬شهدت أسهم‬ ‫شركات الطيران الرئيسية ارتفاعا كبيرا في قيمتها‪.‬‬ ‫ورغم ذلك‪ ،‬فمن املحتمل أن يكون ركاب الخطوط الجوية‪،‬‬ ‫وليس املساهمون بها‪ ،‬هم الرابحني في النهاية‪ ،‬وذلك‬ ‫نتيجة للعالقة الوثيقة بني أسعار النفط وتذاكر السفر‪.‬‬ ‫ب��اإلض��اف��ة إل��ى ذل ��ك‪ ،‬ف��إن ال �ي��اب��ان وغ�ي��ره��ا م��ن ال��دول‬ ‫اآلسيوية املستوردة للطاقة سوف تستفيد من انخفاض‬ ‫األسعار‪ .‬وكذلك األمر بالنسبة للدول املستوردة بغرب‬ ‫أوروبا‪ ،‬باإلضافة إلى تركيا وباكستان ومصر والهند‪.‬‬ ‫ف��ي امل �ق��اب��ل‪ ،‬ي�ت��م تسعير ال�ن�ف��ط ب��ال��دوالر األم�ي��رك��ي‪،‬‬ ‫لذلك ف��إن ت��راج��ع قيمة معظم العمالت مقابل ال��دوالر‬ ‫األميركي سوف يؤدي إلى تعويض بعض اآلثار الناجمة‬ ‫عن هبوط أسعار النفط الخام‪ .‬وفي ظل تراجع أسعار‬ ‫الطاقة‪ ،‬نجد أن اليابان زادت من الضرائب املفروضة‬ ‫على النفط املستخدم لصناعة السيارات‪ ،‬لذلك لم تتراجع‬ ‫أسعار البنزين هناك سوى بنسبة ‪ 15‬في املائة فحسب‪.‬‬ ‫وفي الوقت ذاته‪ ،‬استغلت البرازيل تراجع أسعار الطاقة‬ ‫ب��اع�ت�ب��اره م��دخ��ل لخفض ال��دع��م ع�ل��ى ال��وق��ود وزي ��ادة‬ ‫الضرائب‪ .‬أما عن الصني‪ ،‬فهي تستورد نحو ‪ 60‬في‬ ‫املائة من حجم النفط الذي تستخدمه يوميا والذي يبلغ‬ ‫‪ 9.6‬مليون برميل‪ ،‬ولكن تراجع أسعار النفط وسلع‬ ‫أخ��رى أدى إل��ى اإلض��رار بصناعات الطاقة والتعدين‬ ‫ومعالجة املعادن بالبالد في ظل تراجع إنفاق رؤوس‬ ‫األموال‪.‬‬ ‫أما عن املتضررين نتيجة هبوط أسعار النفط‪ ،‬فنجد‬ ‫أن من بينهم الشركات املنتجة للنفط ُ‬ ‫ومقدمي الخدمات‬

‫‪56‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫أ‪ .‬غاري شيلينغ *‬ ‫النفطية ب��ال��والي��ات امل�ت�ح��دة األم�ي��رك�ي��ة‪ ،‬وخ��اص��ة تلك‬ ‫الشركات التي تكبدت نسبة ضخمة من ال��دي��ون ذات‬ ‫ال�ع��ائ��د امل��رت�ف��ع خ�ل�ال االن�ت�ع��اش ال ��ذي ش�ه��دت��ه أس�ع��ار‬ ‫ُ‬ ‫النفط‪ .‬تمثل شركات الطاقة ‪ 17‬في املائة من السندات‬ ‫املستحقة عالية املخاطر‪ ،‬لذا تشهد األوراق املالية تراجعا‬ ‫ملحوظا في ظل انخفاض األسعار وارتفاع العائدات‬ ‫وزي��ادة ال�ف��وارق السعرية مقابل سندات الخزانة‪ .‬ولم‬ ‫تصدر أي س�ن��دات عالية املخاطر س��وى بقيمة ‪13.4‬‬ ‫مليار دوالر خالل شهر يناير (كانون الثاني) مقارنة‬ ‫بنظيرتها في العام املاضي التي بلغت قيمتها ‪22.7‬‬ ‫مليار دوالر‪.‬‬ ‫تبلغ نسبة اإلنفاق الرأسمالي ذو الصلة بالنفط والغاز‬ ‫‪ 1‬في املائة فقط من الناتج املحلي اإلجمالي األميركي‪،‬‬ ‫ول�ك��ن تمر الصناعة بتخفيض فعلي ف��ي التكاليف‪.‬‬ ‫ش �ه��دت ن�س�ب��ة ال �ت��وظ �ي��ف ف��ي ص �ن��اع��ة ال�ن�ف��ط وال �غ��از‬ ‫بالواليات املتحدة األميركية قفزة بلغت نسبتها ‪ 29‬في‬ ‫املائة منذ نهاية الركود الذي حل في عام ‪ .2009‬لتتفوق‬ ‫تلك النسبة على إجمالي الزيادة في نسبة الوظائف التي‬ ‫بلغت ‪ 8.6‬في املائة بواقع ‪ 3‬أضعاف‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬سوف‬ ‫يكون تقليص النفقات بالصناعة مؤملا للغاية‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن أسهم شركات التنقيب وإنتاج النفط‬ ‫تراجعت بنسبة ‪ 40‬في املائة منذ فصل الصيف املاضي‪،‬‬ ‫بينما هبطت أسهم شركات الطاقة العمالقة ‪« -‬رويال‬ ‫داتش شل» و«إكسون موبيل» و«شيفرون» و«بي بي»‬ ‫ بنسبة الربع‪ .‬تعد تكاليف اإلنتاج والتنقيب منخفضة‪،‬‬‫تتراوح ما بني ‪ 20‬إلى ‪ 30‬دوالرا أميركيا للبرميل الواحد‪،‬‬ ‫وتستفيد األذرع املسؤولة عن التكرير والتوزيع في تلك‬ ‫الشركات الكبرى من تراجع أسعار النفط الخام‪ .‬كما أنها‬ ‫تفضل أن تضع آفاقا زمنية تمتد إلى ‪ 20‬عاما أو أكثر‬ ‫للمشروعات‪ .‬وتقوم جميعها بتخفيض النفقات للحفاظ‬ ‫على التدفق النقدي وحصص األرب��اح‪ ،‬مما يشير إلى‬ ‫أن تلك الشركات ترى أن انخفاض أسعار النفط سوف‬ ‫يستمر ملدة زمنية طويلة‪ .‬وكان روبرت دودلي الرئيس‬ ‫التنفيذي لشركة «بي بي» قد صرح مؤخرا بأن إنتاج‬ ‫ال��والي��ات امل�ت�ح��دة األم�ي��رك�ي��ة للنفط ال�ح�ج��ري وت��راج��ع‬ ‫أسعار النفط يمثالن تحوال هيكليا ُيجبره على «إعادة‬ ‫ضبط أساس التكاليف الكلية للشركة»‪.‬‬ ‫ومن بني الدول األكثر تضررا نجد تلك الدول التي تعتمد‬ ‫على النفط في كثير من عائداتها الحكومية وتعرضت‬

‫ألزمة مالية قبل انخفاض األسعار‪ .‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫تكبدت فنزويال وشركتها النفطية الحكومية ديونا‬ ‫تفوق أي دول��ة نامية أخ��رى بني عامي ‪ 2007‬و‪.2011‬‬ ‫وع �ل �ي��ه ت ��راج ��ع ت�ص�ن�ي��ف ف �ن��زوي�ل�ا إل ��ى أدن � ��ى م��رت�ب��ة‬ ‫ليصل إلى ‪ ،CCC‬وذلك حسب ما ذكرته وكالة فيتش‬ ‫للتصنيفات‪ ،‬بينما أوضحت عملية تأمني الديون ضد‬ ‫مخاطر التعثر في السداد وجود احتمال تصل نسبته‬ ‫إلى ‪ 61‬في املائة لتعثر فنزويال في سداد الديون خالل‬ ‫العام املقبل‪ ،‬و‪ 90‬في املائة خالل األعوام الخمس املقبلة‪.‬‬ ‫ع�لاوة على ذل��ك‪ ،‬ف��إن االنخفاض ال�ح��اد ال��ذي تشهده‬ ‫أسعار النفط يعصف بالدول األفريقية املصدرة للنفط‬ ‫مثل غانا وأنغوال ونيجيريا‪ ،‬حيث يمول النفط ‪ 70‬في‬ ‫املائة من ميزانية الحكومة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أما عن روسيا‪ ،‬فهي إحدى الدول املتضررة‪ ،‬حيث تمثل‬ ‫العقوبات الغربية املفروضة بسبب أزمة أوكرانيا إضافة‬ ‫إلى انخفاض أسعار النفط تهديدا كبيرا‪ ،‬وقد تتعثر‬ ‫البالد في س��داد الديون تماما مثلما حدث خالل عام‬ ‫‪ .1998‬كما ت�ع��رض ال��روب��ل ال��روس��ي النخفاض حاد‬ ‫بلغت نسبته ‪ 43‬في املائة في ع��ام ‪ .2014‬بينما أدت‬ ‫العقوبات املفروضة على روسيا إلى منع البنوك الروسية‬ ‫من االقتراض لسداد ديونها األجنبية‪ .‬لذلك‪ ،‬رفع البنك‬ ‫املركزي الروسي أسعار الفائدة لتصل نسبتها إلى ‪17‬‬ ‫في املائة وذل��ك ملواجهة التضخم‪ ،‬ال��ذي وص��ل إل��ى ‪15‬‬ ‫في املائة‪ ،‬ولكن كان عليه خفضها إلى ‪ 15‬في املائة في‬ ‫محاولة ملنع حدوث ركود كبير‪.‬‬ ‫بشكل ع ��ام‪ ،‬رب�ح��ت ال ��دول املستهلكة ل�ل�ط��اق��ة‪ ،‬بينما‬ ‫خ�س��رت ال ��دول املنتجة وامل �ص��درة ل�ه��ا‪ .‬ول�ك��ن ال ي��زال‬ ‫هناك سؤاالن مهمان‪ .‬هل سيمتد ذلك االنكماش الناجم‬ ‫عن أسعار الطاقة‪ ،‬الذي تتعرض له نحو نصف الدول‬ ‫املتقدمة البالغ عددها ‪ ،34‬إلى األسعار بصورة عامة؟‬ ‫إذا صح األمر‪ ،‬هل سيؤدي ذلك إلى تشجيع املشترين‬ ‫املحتملني على توقع مزيد من االنخفاض في األسعار‬ ‫في دوامة تعزز يسفر عنها املزيد من االنكماش وتراجع‬ ‫النمو االقتصادي‪ ،‬إن وج��د‪ .‬في العالم املعاصر‪ ،‬الذي‬ ‫يوجد فيه عدد كبير من األنظمة االقتصادية الضعيفة‬ ‫واملتعثرة‪ ،‬من املرجح أن تقع حالة من االنكماش العام‬ ‫واملزمن‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬هل ستؤدي تداعيات تخفيض الديون في صناعة‬ ‫الطاقة على مستوى العالم إل��ى إح��داث صدمة هائلة‬ ‫وح��ال��ة م��ن ال��رك��ود ال�ع��امل��ي م��ن ش��أن�ه��ا ت�ح��وي��ل مناخ‬ ‫االستثمارات من «امليل إلى املخاطرة» إلى «العزوف عن‬ ‫املخاطرة»؟ وفي ظل التجاوزات املالية التي كشف عنها‬ ‫انهيار صناعة العقارات من املحتمل أن تكون عملية‬ ‫الرفع املالي أكبر بكثير بني الشركات املتصلة بمجال‬ ‫الطاقة والدول مقارنة بما يظهر في الوقت الحالي‪ .‬وكما‬ ‫قال واري��ن بافيت من قبل‪« :‬لن تعلم من يسبح عاريا‬ ‫حتى ينحسر املد»‪.‬‬ ‫* محلل مالي أمريكي خدمة (بلومبيرغ)‬


‫الحالي ألع��داد الحفارات «ف��ي نظرنا» ليس كافيا كي يهبط‬ ‫اإلن�ت��اج األميركي ب�ص��ورة كبيرة تعيد ال�ت��وازن إل��ى السوق‪.‬‬ ‫وأضاف غولدمان ساكس أن شركات النفط األميركية بدأت‬ ‫في التحوط بشكل كبير في األسابيع األخيرة وخفضت أعداد‬ ‫الحفارات التي يتم استئجارها بشكل مؤقت بدال من الحفارات‬ ‫ذات العقود الطويلة‪ ،‬كما أن بعض الشركات بدأت في البحث‬ ‫عن تمويل من خالل إصدار أسهم ال من خالل الديون‪ ،‬وكل‬ ‫هذا في نظر املصرف قد يؤخر تباطؤ اإلنتاج األميركي قليال‬ ‫وبالتالي يؤخر إعادة توازن السوق‪.‬‬ ‫أما مصرف باركليز فقد أوضح في تقرير مماثل أن ضعف‬ ‫الطلب سيبقي السوق ضعيفا في الربع الثاني ولهذا لن تصعد‬ ‫أسعار النفط كثيرا وسيبقى الفائض عند مستوى ‪ 1.5‬مليون‬ ‫برميل يوميا‪ .‬وأض��اف املصرف أن بناء املخزونات بصورة‬ ‫كبيرة في النصف األول قد يمنع تعافي األسعار بسرعة في‬ ‫النصف الثاني من العام‪.‬‬

‫خفض االستثمارات واملشاكل املالية‬ ‫ولكن السوق النفطية ليست بهذه البساطة حتى تبني كافة‬ ‫توقعاتها على أع ��داد ال�ح�ف��ارات وح�س��ب‪ ،‬ب��ل إن ه�ن��اك أم��را‬ ‫آخ��ر س��اه��م ف��ي تغيير قناعاتها ح��ول ات�ج��اه األس�ع��ار وهو‬ ‫االستثمارات املالية إلنتاج النفط‪ ،‬فمن دون االستثمار في‬ ‫التنقيب والحفر واإلنتاج لن يكون هناك ما يكفي لتعويض‬ ‫اإلنتاج الفائت وبالتأكيد لن يكون هناك ما يكفي لزيادة اإلنتاج‬ ‫املستقبلي‪ .‬فعلى صعيد شركات النفط الصخري فإن العديد‬ ‫منها وبخاصة صغيرة الحجم تعاني من مشاكل مالية كبيرة‬ ‫مع هبوط أسعار النفط‪ .‬ومشكلة شركات النفط الصخري أن‬ ‫أغلبها إن لم تكن كلها مديونة‪ ،‬حيث أظهرت دراسة أعدتها‬ ‫وكالة بلومبيرغ أن غالبية الشركات استدانت أمواال للحفر أكثر‬

‫من حجم إيراداتها املتوقعة‪.‬‬ ‫وبدأت بعض شركات النفط الصخري إعالن إفالسها بسبب‬ ‫عدم قدرتها على تسديد الديون‪ ،‬حيث أعلنت إحدى الشركات‬ ‫ال�ص�غ�ي��رة امل�ن�ت�ج��ة للنفط ال�ص�خ��ري ف��ي ت�ك�س��اس واسمها‬ ‫(‪ )WBH energy‬عن تقدمها بطلب اإلفالس نظرا ألن الدائنني‬ ‫رفضوا تقديم قروض جديدة للشركة‪ ،‬وال تستطيع الشركة‬ ‫اآلن ‪ -‬مع انخفاض أسعار النفط ‪ -‬تسديد ديونها التي تتراوح‬ ‫بني ‪ 10‬و‪ 50‬مليون دوالر‪ ،‬بحسب صحيفة «وول ستريت‬ ‫ج��ورن��ال»‪ .‬وي�ت��وق��ع م��وق��ع «زي ��رو ه��دج» أن تتقدم امل��زي��د من‬ ‫شركات النفط الصخري بطلبات لإلفالس‪ ،‬إذ إن الشركات‬ ‫األميركية زادت ديونها بنحو ‪ 55‬في املائة منذ ‪ 2010‬ليصبح‬ ‫إجمالي الديون على هذه الشركات اآلن نحو ‪ 200‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫وإضافة إلى الديون فهناك احتمالية كبيرة بانخفاض املبالغ‬ ‫املرصودة لالستثمار في عمليات التنقيب والحفر هذا العام‬ ‫من قبل شركات النفط الصخري‪ ،‬إذ قالت شركة كونتننتال‬ ‫ري �س��ورز أك�ب��ر ش��رك��ة منتجة للنفط ال�ص�خ��ري ف��ي منطقة‬ ‫الباكن في والية نورث داكوتا والتي تعد أحد أكبر ثالث مناطق‬ ‫للنفط الصخري في الواليات املتحدة‪ ،‬إنها تريد تقليص املبالغ‬ ‫املرصودة لإلنتاج واالستكشاف بنحو ‪ 48‬في املائة هذا العام‬ ‫لتصبح ‪ 2.7‬مليار دوالر ب��دال م��ن ‪ 5.2‬مليار دوالر بسبب‬ ‫انخفاض أس�ع��ار النفط‪ .‬وت�ن��وي ش��رك��ات ع��دة أخ��رى إلنتاج‬ ‫النفط الصخري تقليص اإلنفاق بنحو ‪ 20‬في املائة على األقل‬ ‫هذا العام‪.‬‬ ‫ولن يكون خفض اإلنفاق حكرا على منتجي النفط الصخري‪،‬‬ ‫بل إن الشركات العاملية الكبرى لديها نفس التوجه‪ .‬وأعلن‬ ‫مؤخرا عمالق النفط شركة بيريتيش بتروليوم أو «بي بي»‬ ‫البريطانية خفض نفقاتها الرأسمالية ‪ 13‬في املائة إل��ى ‪20‬‬ ‫مليار دوالر في ‪.2015‬‬ ‫وسبق إعالن «بي بي» إعالن آخر لشركة «شيفرون» األميركية‬

‫والتي تنوي خفض اإلنفاق الرأسمالي ‪ 13‬في املائة هذا العام‬ ‫إلى ‪ 35‬مليار دوالر‪ .‬وكانت «شل» من أوائل الشركات الكبرى‬ ‫التي أعلنت تخفيض نفقاتها إذ إنها تعتزم تقليص اإلنفاق‬ ‫الرأسمالي بنحو ‪ 15‬مليار دوالر على مدى ‪ 3‬سنوات مقبلة‪.‬‬ ‫أما توتال الفرنسية فستنفق نحو ‪ 23‬مليار دوالر هذا العام‬ ‫بانخفاض ‪ 10‬في املائة عن العام املاضي‪.‬‬ ‫وفي دافوس في يناير املاضي أوضح كبير اقتصاديي وكالة‬ ‫الطاقة الدولية التركي فتيح بيرول أن بقاء أسعار النفط عند‬ ‫‪ 45‬دوالرا للبرميل أمر لن يدوم طويال وأنها ال بد أن ترتفع‬ ‫في النصف الثاني من العام الحالي‪ .‬وأضاف أن هبوط األسعار‬ ‫الحالي سيؤثر سلبا على االس�ت�ث�م��ارات النفطية وال�ت��ي قد‬ ‫تتراجع بنحو ‪ 100‬مليار دوالر ه��ذا العام أي ما يعادل ‪15‬‬ ‫في املائة مقارنة بالعام املاضي‪ .‬وسيشهد قطاع النفط كذلك‬ ‫تسريح آالف العمال هذا العام حيث إن شركة شلمبيرجير‬ ‫أكبر شركة لخدمات حقول النفط وال�غ��از ف��ي العالم‪ ،‬تنوي‬ ‫تسريح ما ال يقل عن ‪ 9‬آالف وظيفة وستقوم شركة هاليبرتون‬ ‫بتسريح اآلالف أيضا‪.‬‬ ‫ورغم كل هذه املؤشرات فمن الصعب التكهن بماذا ستحمله‬ ‫األيام املقبلة ومدى السرعة التي ستتوازن فيها السوق‪ .‬ولكن‬ ‫ما زال هناك إجماع على أن اإلنتاج سينخفض في األشهر‬ ‫املقبلة وتحديدا في النصف الثاني من العام الحالي‪ .‬ويتوقع‬ ‫املحلل الكويتي محمد الشطي أن يصبح الفائض في النصف‬ ‫الثاني نحو ‪ 600‬ألف برميل يوميا أي ما بني نصف إلى ثلث‬ ‫الفائض الحالي بالسوق‪.‬‬ ‫وق��د تعود األس�ع��ار إل��ى الصعود ه��ذا ال�ع��ام وق��د يستغرق‬ ‫الصعود أكثر من ذلك ولكن املؤكد أن هناك تغييرا كبيرا‬ ‫ق��ادم��ا‪ .‬وحتى نهاية النصف األول م��ن ال�ع��ام الحالي فإنه‬ ‫من الصعب التكهن بما ستكون عليه األم��ور في النصف‬ ‫الثاني من العام <‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪55‬‬


‫اقتصاد‬

‫في الكويت وتحديدا يوم ‪ 16‬فبراير (شباط) املنصرم ‪ ،‬تم عقد مؤتمر دولي عن السالمة في القطاع النفطي‪ ،‬حضره‬ ‫العديد من املسؤولني عن السالمة والبيئة في شركات النفط العاملية أو املحلية‪ .‬وبالنسبة للصحافيني ومراسلي القنوات‬ ‫التلفزيونية املجتمعني في رواق قاعة مؤتمرات فندق الريجنسي املطل على البحر فإن ما يهمهم لم يكن معرفة آخر‬ ‫تطورات أنظمة السالمة أو كيفية مقاومة الحوادث النفطية بل كانوا في انتظار خروج وزير النفط الكويتي علي العمير‬ ‫لسؤاله عن رأيه في أسعار النفط وتطورات السوق‪.‬‬

‫القناعات حول النفط الصخري بدأت تتغير‬

‫انخفاض أسعار النفط ‪ ..‬هل يجبر املنتجني‬ ‫على وقف أعمال الحفر والتنقيب؟‬ ‫الخبر‪ :‬وائل مهدي‬

‫لم يخف الوزير علي العمير الذي كان متوجها إلى سيارته‬ ‫على عجل لحضور جلسة مجلس الوزراء‪ ،‬تفاؤله بما يحدث‬ ‫ألسعار النفط؛ حيث أخبر الصحافيني وهم يقفون على بضع‬ ‫خطوات من سيارته أن ارتفاع األسعار إلى ‪ 60‬دوالرا كان أمرا‬ ‫مفاجئا‪ .‬وقال العمير‪« :‬كل املالحظات كانت تتكلم عن تحسن‬ ‫في النصف الثاني‪ ..‬نحن اآلن نشهد هذا التحسن في النصف‬ ‫األول م��ن ‪ ..2015‬إن ش��اء الله تعالى يستمر ه��ذا التحسن‬ ‫ونشهد م��زي��دا م��ن االس�ت�ق��رار وال�ط�ل��ب ال�ع��امل��ي»‪ .‬وف��ي نفس‬ ‫اليوم وفي عاصمة خليجية أخرى‪ ،‬وهي الدوحة‪ ،‬شارك وزير‬ ‫خليجي آخر وهو الدكتور محمد السادة وزير الطاقة القطري‪،‬‬ ‫تفاؤله مع اإلعالم بعد صعود أسعار برنت إلى مستويات ‪60‬‬ ‫دوالرا بعد أن كانت حتى أواخر شهر يناير (كانون الثاني)‬ ‫تتداول في مستوى قريب من ‪ 45‬دوالرا للبرميل‪.‬‬ ‫وم ��ن ح��ق ال � ��وزراء ال �ت �ف��اؤل‪ .‬ف�م�ن��ذ أن ال �ت �ق��وا ف��ي ال�ع��اص�م��ة‬ ‫النمساوية فيينا لحضور اجتماع منظمة البلدان املصدرة‬ ‫للبترول (أوب��ك) في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين‬ ‫ال�ث��ان��ي) امل��اض��ي وات�ف�ق��وا على أن ال يخفضوا سقف إنتاج‬ ‫املنظمة عن مستوى ‪ 30‬مليون برميل يوميا‪ ،‬وأسعار النفط‬ ‫لم تعرف اتجاه الصعود‪.‬‬

‫حقول النفط الصخري‬ ‫وفي الحقيقة‪ ،‬بدأ االنخفاض منذ يونيو (حزيران) املاضي‬ ‫بعد أن المست أسعار النفط مستوى ‪ 115‬دوالرا ثم هبطت‬ ‫مدفوعة بارتفاع اإلنتاج من خارج «أوبك» أو حتى من داخل‬ ‫«أوبك» في الوقت الذي كان فيه الطلب على النفط مخيبا لآلمال‬ ‫والتوقعات العام املاضي‪ .‬هذه الظروف أدت إلى تكون فائض‬ ‫اختلفت التقديرات حوله ما بني مليون كحد أدنى إلى مليوني‬ ‫برميل يوميا كحد أقصى‪.‬‬ ‫ولكن ما الذي جعل أسعار النفط تحول مسارها من الصعود‬ ‫إلى الهبوط في األسابيع األخيرة؟ اإلجابة على هذا السؤال‬ ‫‪54‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫ليست عند «أوب ��ك» أو أي م��ن وزرائ �ه��ا ب��ل ف��ي ح�ق��ول النفط‬ ‫ال�ص�خ��ري ف��ي ال��والي��ات امل�ت�ح��دة وف��ي أروق ��ة ش��رك��ات النفط‬ ‫العاملية من أمثال بريتيش بتروليوم أو رويال دتش شل وتوتال‬ ‫الفرنسية في أوروبا أو شيفرون وإكسون موبيل وكونوكو‬ ‫فيليبس في الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫فالذي جعل أسعار النفط تواصل هبوطها طيلة هذا الوقت هو‬ ‫أن السوق لم تكن متأكدة أن إنتاج الواليات املتحدة بصورة‬ ‫خاصة أو إنتاج النفط من خارج «أوبك» بصورة عامة سيهبط‬ ‫ه��ذا ال�ع��ام حتى يقل ال�ف��ائ��ض ف��ي ال�س��وق ويستعيد ميزان‬ ‫العرض والطلب توازنه‪ .‬وكانت هناك قناعة بأن النفط الصخري‬ ‫لن يقهر بسهولة وسيظل صامدا أم��ام مخطط «أوب��ك» بعد‬ ‫خفض إنتاجها والذي سعت من ورائه لخفض أسعار النفط‬ ‫حتى تخرج ج��زءا كبيرا من النفط الصخري أو نفط خارج‬ ‫«أوبك» من السوق‪.‬‬ ‫إال أن القناعات حول النفط الصخري بدأت تتغير في األسابيع‬ ‫الثالثة األخيرة‪ .‬وبدأت الشقوق والتصدعات تظهر في جدار‬ ‫النفط الصخري منذ أن هبطت أسعار النفط عامليا تحت ‪50‬‬ ‫دوالرا للبرميل أواخ��ر شهر يناير (كانون الثاني) املاضي‪.‬‬ ‫هذه التصدعات والشقوق هي ما جعلت السوق تبدأ في تغيير‬ ‫قناعاتها وتؤمن بأن توازن العرض والطلب سيحدث الحقا هذا‬ ‫العام ويتخلص الجميع من الفائض املتراكم الذي ال يزال يظهر‬ ‫جليا في امتالء صهاريج تخزين النفط في كل الدول في العالم‬ ‫وبخاصة في الواليات املتحدة والتي وصلت مخزونات النفط‬ ‫فيها األسبوع ما قبل املاضي إلى مستوى غير مسبوق عند‬ ‫‪ 420‬مليون برميل والزيادة مستمرة‪.‬‬

‫تناقص أعداد الحفارات‬ ‫وم��ن أول ال�ع�لام��ات التي دعمت ارت�ف��اع أس�ع��ار النفط حاليا‬ ‫تراجع أعداد منصات حفر النفط في الواليات املتحدة‪ .‬حيث‬ ‫أظهرت آخر بيانات شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية نهاية‬ ‫االس�ب��وع الثالث من الشهر املاضي أن ع��دد منصات الحفر‬ ‫الباحثة عن النفط الخام في الواليات املتحدة انخفض بواقع‬ ‫‪ 83‬منصة لتهبط إلى ‪ 1019‬منصة وهو أدنى مستوى لها منذ‬

‫‪ 3‬سنوات على األقل‪.‬‬ ‫وشهدت أع��داد الحفارات التي تحفر بصورة أفقية تناقصا‬ ‫كبيرا في الفترة األخيرة حيث تم إيقاف ما ال يقل عن ‪80‬‬ ‫حفارة أفقية بحسب البيانات األسبوعية التي تصدرها شركة‬ ‫بيكر هيوز األميركية‪ .‬والحفر األفقي هو الطريقة التي يتم‬ ‫بها حفر آبار النفط الصخري ولهذا فإن أغلب حفارات الحفر‬ ‫األفقي في الواليات املتحدة تعمل في حقول النفط الصخري‪.‬‬ ‫وتظهر ب�ي��ان��ات بيكر ه�ي��وز أن م�ع��دل ال�ت��راج��ع ف��ي ح�ف��ارات‬ ‫الحفر األفقي هو أعلى مستوى له منذ أن انطلقت ثورة النفط‬ ‫الصخري قبل ‪ 6‬سنوات‪ .‬وفقدت الواليات املتحدة عددا كبيرا‬ ‫جدا من منصات الحفر منذ ديسمبر (كانون األول) املاضي إذ‬ ‫بلغ إجمالي املنصات التي توقفت عن حفر النفط أكثر من ‪556‬‬ ‫حفارة‪ ،‬بحسب البيانات‪ .‬وكلما تناقصت أعداد الحفارات فإن‬ ‫هذا يعني تناقص كمية النفط املنتج مستقبال‪ ،‬وهو ما يعني أن‬ ‫أسعار النفط مرشحة للصعود كما يقول خبير اإلنتاج الدكتور‬ ‫سداد الحسيني الذي سبق وأن كان نائب الرئيس التنفيذي‬ ‫لالستكشاف والتطوير في شركة أرامكو السعودية‪ .‬ويعتقد‬ ‫الحسيني أن أع��داد الحفارات سيهبط إلى نحو ‪ 600‬حفارة‬ ‫أسبوعيا بنهاية النصف األول من العام الحالي من املستوى‬ ‫الحالي وال��ذي ي�ت��راوح بني ما يزيد قليال على ‪ 1019‬حفارة‬ ‫والذي كان يتجاوز ‪ 1500‬حفارة حتى أواخر العام املاضي‪.‬‬ ‫ولم يتوقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬بل إن بعض شركات النفط‬ ‫ال�ص�خ��ري ب ��دأت ف��ي إل �غ��اء ال�ع�ق��ود ال�ط��وي�ل��ة األج ��ل بالنسبة‬ ‫للحفارات‪ .‬وفي الشهر املاضي قالت شركة هليمريتش آند‬ ‫باين أكبر شركة لتشغيل الحفارات في أميركا إن ‪ 4‬عقود حفر‬ ‫طويلة األجل تم إلغاؤها فيما قالت شركة بيونير إنيرجي إنها‬ ‫خسرت ‪ 4‬عقود كذلك‪.‬‬ ‫ورغم الهبوط في أعداد الحفارات فإن بعض املصارف الكبرى‬ ‫مثل باركليز ومورغان ستانلي وغولدمان ساكس ال تعتقد أن‬ ‫اإلنتاج األميركي سيهبط بشكل كبير جدا هذا العام وبالتالي ال‬ ‫يكفي لخفض الفائض في السوق بكمية كبيرة‪ .‬وال زال اإلنتاج‬ ‫األميركي عاليا عند أعلى مستوياته منذ أكثر من ‪ 3‬عقود عند‬ ‫ما يقارب ‪ 9.3‬مليون برميل يوميا‪.‬‬ ‫وقال مصرف غولدمان ساكس في تقرير حديث إن االنخفاض‬


‫اإلبل تحمل أخش‬

‫اب خط للسكة الحد‬

‫خط‬

‫وط للسكك الحديد‬

‫يد في الخرطوم‬ ‫بالسودان عام ‪1950‬‬

‫ية‬ ‫أعدت للربط بني‬

‫(صورة‬

‫أرشيفية ‪ -‬غيتي)‬

‫بعض د‬ ‫ول القارة (غيتي)‬

‫مشروع سكة حديد يربط شمال‬ ‫السودان بجنوبه (غيتي)‬

‫الخط أنشأ على ي��د ال��ل��ورد كتشنر خ�لال الحروب‬ ‫املهدية عام ‪ .1897‬ويعيب هذا املحور اختالف املسافة‬ ‫بني القضبان بني الجزء املصري والجزء السوداني‪،‬‬ ‫حيث إن املسافة بني القضيبني في مصر ‪ 1.435‬متر‪،‬‬ ‫أما في الجزء السوداني فهو ‪ 1.067‬متر‪.‬‬ ‫كما أن جزءا كبيرا من السكك الحديدية في جنوب‬ ‫السودان دمر خالل الحروب األهلية‪.‬‬ ‫املرحلة الثانية‪ :‬سكك حديد أوغندا‬ ‫تنطلق من جنوب السودان حتى دار السالم‪ ،‬لكن هذا‬ ‫الجزء يعاني من املشاكل السياسية ويدار بأكثر من‬ ‫شركة خاصة‪ ،‬كما أن املسافة بني القضيبني تختلف‬ ‫عن مصر والسودان إذ تبلغ مترا واحدا فقط‪.‬‬ ‫املرحلة الثالثة‪ :‬الخطوط التنزانية الزامبية‬ ‫الخطوط التنزانية الزامبية تم بناؤها في ‪ 6‬أع��وام‬ ‫بواسطة الصني الشعبية وانتهى العمل فيها عام‬

‫‪ 1976‬بغرض نقل املعادن بني زامبيا ووسط أفريقيا التحديات التي تواجه املشروع‬ ‫إل���ى امل��ح��ي��ط ال��ه��ن��دي دون امل����رور ب��ج��ن��وب أفريقيا‬ ‫لتجنب تحكم الحكومة العنصرية وقتئذ في ثروات ‪ -1‬املوضوعات الهندسية املرتبطة باملشروع‪.‬‬ ‫‪ -2‬املوضوعات السياسية التي تؤثر على املشروع‪.‬‬ ‫أفريقيا‪.‬‬ ‫‪ -3‬التمويل وجهة التنفيذ‪.‬‬ ‫املرحلة الرابعة‪ :‬محور كيداتو‬ ‫بالنسبة للموضوعات الهندسية‪ ،‬فإن الثورة الهندسية لعالم‬ ‫امل���واص�ل�ات تمكن اآلن م��ن التغلب ع��ل��ى أي ص��ع��وب��ات‪ .‬أم��ا‬ ‫تم بناؤه عام ‪ 1998‬لتقصير املسافة بني جنوب تنزانيا املوضوعات السياسية فهي الخالفات السياسية بني الدول‬ ‫ومحور تازارا ‪.‬‬ ‫األفريقية وأخطرها الحروب األهلية في السودان التي ستعالج‬ ‫وي��م��ر ه��ذا ال��خ��ط ال��ح��دي��دي عبر منطقة شاسعة غير بالتنمية االقتصادية‪ .‬ويبقى التمويل عصب أي مشروع؛ لذا‬ ‫م��أه��ول��ة‪ ،‬لكنه شهد تنمية صناعية على ط��ول��ه البالغ فاملؤمل ه��و قيام كونستريوم بعملية التمويل مقابل حق‬ ‫‪ 1860‬كيلومترا‪.‬‬ ‫االنتفاع باألراضي املحيطة بالسكك الحديدية إلنشاء مشاريع‬ ‫إنتاجية‪.‬‬ ‫املرحلة الخامسة‪ :‬املحور الجنوبي‬ ‫نخلص من ذلك بأن فوائد املشروع خليط من املنافع السياسية‬ ‫م��ن ك��ي��ب ت����اون إل���ى م��ح��ور ت�����ازارا م����رورا ببيتسوانا واالقتصادية والتنموية التي ال خالف عليها وستعطي العالم‬ ‫وزيمبابوي إلى زامبيا وكوبري شالالت فيكتوريا إلى العربي دور الريادة في القارة البكر وسيتم تعظيم االستخدام‬ ‫كوبري مبوشي حيث التحويلة إلى تازارا حيث عرض األمثل ملوقع الدول العربية الجغرافي متمثال في مصر التي‬ ‫ستكون بحق البوابة العربية للعبور إلى أفريقيا <‬ ‫قضبان السكك الحديدية ‪ 1.067‬متر‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪53‬‬


‫اقتصاد‬

‫يجب أن ال ننظر إلى األمن القومي العربي من الزاوية العسكرية؛ فنظريات األمن الحديثة تغطي البعد االقتصادي‬ ‫واالجتماعي قبل العسكري‪ ،‬بل أصبح األمن الغذائي أهم من األمن الحربي؛ فمن ال يملك غذاءه ال يملك إرادته؛‬ ‫لذا تلعب أفريقيا دور االحتياطي االستراتيجي لسلة الغذاء العربي‪ ،‬لوجود عدد كبير من الدول العربية في‬ ‫الشمال األفريقي‪ ،‬لهذا يجب على العرب النظر بعني اقتصادية للعمق األفريقي‪ ،‬حتى يمكن ضمان تدفق الغذاء‬ ‫للشعوب العربية‪ .‬وألن أفريقيا أرض بكر وتتمتع بميزات نسبية في تكلفة االستثمار‪ ،‬عكس أوروبا وأميركا‬ ‫اللتني شاختا وارتفعت فيهما تكلفة االستثمار‪ ،‬فقد اتجهت الدول العربية إلى أفريقيا عبر البوابة املصرية‬

‫سكك حديد أفريقيا‪ ..‬مشروع هام لم يكتمل واستحوذ على اهتمام البريطانيني‬

‫قطار التنمية العربي في أفريقيا عبر البوابة املصرية‬ ‫لندن‪ :‬جمال عبد املعبود‬ ‫ف��ي أض��اب�ي��ر أرش �ي��ف وزارة امل�س�ت�ع�م��رات البريطانية‬ ‫ترقد دراسة مستفيضة ملشروع هام لم يكتمل ولكنه‬ ‫استحوذ على اهتمام البريطانيني‪ ،‬وهو خط سكك حديد‬ ‫القاهرة ‪ -‬كيب ت��اون‪ ،‬وهو املشروع ال��ذي كان سيربط‬ ‫أفريقيا طوليا‪ .‬وبالتزامن ك��ان االستعمار الفرنسي‬ ‫يقوم ببعثة استكشافية إلنشاء خط سكة حديد يربط‬ ‫أفريقيا عرضيا من السنغال غرب أفريقيا إلى جيبوتي‬ ‫الفرنسية شرق أفريقيا وقد اصطدمت البعثة الفرنسية‬ ‫بالحامية امل�ص��ري��ة ب�ف��اش��ودة ج�ن��وب ال �س��ودان وال�ت��ي‬ ‫كانت تابعة للمملكة املصرية وقتئذ‪ ،‬األم��ر ال��ذي أث��ار‬ ‫أزمة دبلوماسية عام ‪ 1897‬بعد مواجهة عسكرية في‬ ‫نقطة ف��اش��ودة ال�ح��دودي��ة‬

‫والتي أدت إلى إجالء البعثة الفرنسية وتوقف األعمال‬ ‫االستكشافية للمشروع الفرنسي ولم يكن الفرنسيون‬ ‫وحدهم الذين يفكرون في إنشاء السكك الحديدية‪ ،‬بل‬ ‫إن االستعمار البرتغالي ح��اول إنشاء الخط الحديدي‬ ‫القرمزي لربط مستعمراته‪ ،‬وهكذا نجد أن االستعمار‬ ‫ب�ك��اف��ة أن��واع��ه ات�ف��ق ع�ل��ى أه�م�ي��ة رب��ط ال ��دول األفريقية‬ ‫ألسباب أمنية واقتصادية‪.‬‬ ‫تأكيد الدور املصري‬ ‫وبعد أكثر من قرن لم تضعف هذه األسباب بل زادت‬ ‫ق��وت�ه��ا‪ .‬وبالنسبة ملصر ب��اإلض��اف��ة ل�لأس�ب��اب األمنية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬هناك سبب سياسي‪ ،‬وهو تأكيد زعامة‬ ‫م�ص��ر ل�ل�ق��ارة ال �س��وداء وع��ودت�ه��ا ف��ي أهميتها لحقبة‬ ‫الستينات ثم سبب اقتصادي سيساعد على تحويل‬ ‫م�ي��اه ن�ه��ر ال�ك��ون�غ��و ح�ي��ث ي�م�ك��ن اع�ت�ب��ار س�ك��ك حديد‬

‫أفريقيا «مقدم محبة» وصداقة بني الشعوب األفريقية‬ ‫وخ �ط��وة أول ��ى ف��ي ص��رح ال �س��وق األف��ري�ق�ي��ة املشتركة‬ ‫التي ل��ن تبنى باألغاني وال النية الطيبة ب��ل باملصالح‬ ‫االق�ت�ص��ادي��ة للشعوب األف��ري�ق�ي��ة‪ .‬وألن ع��روب��ة مصر‬ ‫ال خ�لاف عليها ف��إن مصر ستلعب دور ب��واب��ة العرب‬ ‫ألفريقيا وستكون أفريقيا هي البعد االقتصادي للعرب؛‬ ‫فقبل الحرب العاملية األول��ى أوق��ف ص��راع املستعمرين‬ ‫املشروع‪ ،‬وحادثة فاشودة خير مثال على هذا الصراع‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى عدم استقرار الحكم البريطاني لجنوب‬ ‫أفريقيا حتى ح��رب ال�ب��ور الثانية ب��اإلض��اف��ة الحتالل‬ ‫أملانيا لجزء هام شرق أفريقيا لم يساعد بريطانيا على‬ ‫إنشاء هذا الخط حتى هزيمة أملانيا في الحرب العاملية‬ ‫األولى (‪ .)1918 – 1914‬أما بعد الحرب العاملية األولى‪،‬‬ ‫فكان االقتصاد هو العامل الحاسم في توقف املشروع‪.‬‬ ‫أضف إلى ذلك أن املصاعب الجغرافية واملناخية وطرق‬ ‫امل��واص�لات كانت تعطي صعوبة إضافية الستكمال‬ ‫املشروع‪ ،‬أما مع تقدم التكنولوجيا ووصول اإلنسان إلى‬ ‫القمر‪ ،‬فقد أصبحت معظم هذه الصعوبات تدرس في‬ ‫علم التاريخ‪ .‬وال يغيب عن املتأمل أن معظم الصراعات‬ ‫األفريقية ناتجة عن غياب التنمية وقلة املوارد املتاحة‪،‬‬ ‫على الرغم من وجود مساحات شاسعة من األرض التي‬ ‫يمكن زراعتها لتوفر املياه‪ ،‬فقط تحتاج إلى االستثمارات‬ ‫امل��ال �ي��ة وال�ع�ل�م�ي��ة وال�ه�ن��دس�ي��ة وب�ن�ي��ة ت�ح�ت�ي��ة وخ�ط��وط‬ ‫مواصالت لنقل وسائل اإلنتاج وسهولة تصريف اإلنتاج‬ ‫للعالم الخارجي‪.‬‬ ‫الوضع الحالي لخط القاهرة ‪ -‬كيب تاون‬ ‫نظريا يمكن التنقل بالسكك الحديدية من اإلسكندرية‬ ‫إلى كيب تاون عن طريق ‪ 5‬مراحل‪:‬‬ ‫املرحلة األولى‪ :‬املحور الشمالي‬

‫مواطنة مصرية تستعد الستقالل قطار اإلسكندرية ‪ -‬أسوان املعروف‬ ‫بقطار (النوم) الذي يقطع مسافات سفر طويلة (غيتي)‬

‫‪52‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫س�ك��ك ح��دي��د م�ص��ر ال �ت��ي تعتبر ث��ان��ي أق ��دم سكك‬ ‫حديد في العالم تم إنشاؤها ‪ 1854‬وتتم الرحلة من‬ ‫اإلسكندرية إلى جنوب أسوان حيث يمكن االنتقال‬ ‫ب��ال�س�ف��ن إل ��ى وادي ح�ل�ف��ا ب��ال �س��ودان ث��م االن�ت�ق��ال‬ ‫بالسكك الحديد حتى جنوب السودان ومعظم هذا‬


‫دام أكثر من ‪ 6‬أشهر منذ تولي الرئيس السيسي حكم مصر‪ ،‬وانخفضت قيمة‬ ‫الجنيه بنحو ‪ 5‬في املائة‪ ،‬وسمحت للبنوك بتداول الجنيه في نطاق أوسع حول‬ ‫السعر الرسمي ووضعت حدا للدوالرات التي يمكن إيداعها في البنوك العامة‬ ‫والخاصة والبنك املركزي‪ .‬وفي يوليو (تموز) املاضي قلصت مصر دعم الطاقة‬ ‫الذي طاملا أثر سلبا على املالية العامة بما أدى إلى ارتفاع األسعار لكنه أظهر‬ ‫استعداد الحكومة التخاذ قرارات صعبة‪.‬‬ ‫وتستهدف مصر ن��م��وا ب�ين ‪ 4.0‬و‪ 5.8‬ف��ي امل��ائ��ة خ�لال ال��س��ن��وات ال���ـ‪ 3‬املقبلة‬ ‫والوصول بمعدل العجز في املوازنة في األم��د املتوسط إلى نحو ‪ 8‬في املائة‬ ‫وب��ال��دي��ن املحلي إل��ى م��ا ب�ين ‪ 80‬و‪ 85‬ف��ي امل��ائ��ة م��ن ال��ن��ات��ج املحلي اإلجمالي‬ ‫انخفاضا من ‪ 98 - 97‬في املائة حاليا‪.‬‬

‫ما بعد املؤتمر‬ ‫املؤتمر يركز على الترويج لالستثمار ووضع مصر على خريطة االستثمار‬ ‫العاملية‪ ،‬وبالتالي تسعي مصر لجذب االستثمارات األجنبية ملساعدة االقتصاد‬ ‫املصري على النهوض سريعا‪ ،‬وم��ن القطاعات التي تسعي مصر للترويج‬ ‫لالستثمار فيها قطاع الكهرباء‪.‬‬ ‫فمصر تسعي إليجاد حل ملشكلة الطاقة‪ ،‬خصوصا بعد أن عانى قطاع الطاقة‬ ‫م��ن اإله��م��ال وغ��ي��اب الصيانة لسنوات طويلة مما أث��ر على شبكة الكهرباء‬ ‫وتعرض البالد لظالم‪ ،‬خصوصا في فصل الصيف‪ ،‬كما أصبح توفير الطاقة‬ ‫إحدى الصعوبات التي تواجه املستثمرين‪ ،‬األمر الذي أثر سلبيا على معدالت‬ ‫االستثمار في مصر‪ .‬لذا عملت الحكومة املصرية على فتح باب االستثمار في‬ ‫الطاقة أمام القطاع الخاص املصري واألجنبي‪ ،‬وعدلت من أسعار الطاقة الجديدة‬ ‫واملتجددة‪ ،‬التي كانت من أهم العقبات أم��ام االستثمار في هذا القطاع‪ ،‬كما‬ ‫وضعت خطة للوصول بأسعار الكهرباء إلى األسعار العاملية خالل السنوات‬ ‫الـ‪ 5‬املقبلة‪ ،‬وأعدت قانونا لتنظيم العالقة بني شركات الكهرباء واملستهلكني‪،‬‬ ‫لفتح الباب أم��ام املستثمرين للدخول في مجال الطاقة‪ ،‬وهي أحد القطاعات‬ ‫التي كانت الدولة تحتكرها‪.‬‬

‫املقاوالت‬ ‫ي��ع��د م��ش��روع «واح����ة أك��ت��وب��ر» ال��ت��ي أع��ل��ن��ت ع��ن��ه ال��ح��ك��وم��ة امل��ص��ري��ة م��ؤخ��را‬ ‫نموذجا للمشروعات الحكومية الجديدة‪ ،‬وألول م��رة تطرح مصر مشروع‬ ‫مدينة متكاملة‪ ،‬وهو األكبر بني املشروعات التي سيتم طرحها خالل مؤتمر‬ ‫القمة االقتصادية‪ ،‬فاملشروع بحسب التصريحات الحكومية سيغير من وجه‬ ‫املشروعات االستثمارية الحكومية خالل املرحلة املقبلة‪.‬‬ ‫يقع املشروع بمنطقة التوسعات الجنوبية بمدينة ‪ 6‬أكتوبر‪ ،‬بتكلفة استثمارية‬ ‫‪ 150‬مليار جنيه‪ ،‬وعائد اقتصادي يتراوح بني ‪ 25‬إلى ‪ 30‬في املائة‪ ،‬على مساحة‬ ‫تصل إلى ‪ 10‬آالف فدان (‪ 42‬مليون متر مربع)‪ ،‬بمنطقة التوسعات الجنوبية‬ ‫بمدينة ‪ 6‬أكتوبر‪ ،‬ويهدف املشروع إلى رفع كفاءة استغالل األرض‪ ،‬وزيادة‬ ‫الطاقة اإلنتاجية واالستثمارية‪ ،‬مما يساعد على تنمية املدينة‪ ،‬فاملشروع يعد‬ ‫مدينة عمرانية متكاملة‪ ،‬إضافة إل��ى توفير مشروعات تساعد على تدعيم‬ ‫مركز املدينة اإلقليمي‪ .‬ويضم املشروع في مكوناته عناصر إدارية وتجارية‬ ‫ّ‬ ‫وسيعد عصبا ماليا وتجاريا وترفيهيا وسكنيا متميزا‪،‬‬ ‫وسكنية وفنادق‪،‬‬ ‫وعالمة مميزة لجذب االستثمارات في غرب القاهرة‪.‬‬

‫محور قناة السويس‬ ‫يعد مشروع محور تنمية قناة السويس هو املشروع األهم ملصر بعد مشروعها‬ ‫القومي بتوسيع قناة السويس‪ ،‬وال���ذي يتم افتتاحه أغسطس (آب) املقبل‪،‬‬ ‫وتسعي مصر لالستفادة من املؤتمر االقتصادي لوضع املخطط االستثماري‬ ‫لهذا املشروع الضخم الذي سيحول مصر إلى مركز لوجيستي واستثماري‬ ‫عاملي‪ ،‬إذ تعرض مصر القانون الخاص بهذه املنطقة ليكون نواة للمناقشة عند‬ ‫طرح املشروعات الخاصة بهذه املنطقة‪ ،‬خصوصا مشروعات تمويل السفن‬

‫البورصة املصرية‬

‫والخدمات اللوجيستية والصناعات الخاصة ببناء السفن‪.‬‬ ‫وحددت الخطة ‪ 28‬مشروعا آخرين رئيسيني لتنمية إقليم قناة السويس‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫منطقة التجارة واللوجيستي شرق بورسعيد‪ ،‬املنطقة الحرة برفح‪ ،‬منطقة‬ ‫التجارة واللوجيستي شرق اإلسماعيلية‪ ،‬منطقة التجارة واللوجيستي شمال‬ ‫شرقي السويس‪ ،‬منطقة التجارة واللوجيستي بالعاشر من رمضان‪ ،‬املنطقة‬ ‫الحرة جنوب السويس‪ ،‬التنمية السياحية والعمرانية للمنطقة بني العريش‬ ‫والشيخ زويد‪ ،‬التنمية السياحية والعمرانية للمنطقة بني الطور ورأس محمد‪،‬‬ ‫إقامة قرى ومنتجعات سياحية بشرم الشيخ‪ ،‬إقامة قرى ومنتجعات سياحية‬ ‫جنوب محمية نبق‪ ،‬إقامة قرى ومنتجعات سياحية بدهب‪ /‬نويبع‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫إقامة قرى ومنتجعات سياحية بنويبع ‪ /‬طابا‪ ،‬ومجمع صناعي للبتروكيماويات‬ ‫باملنطقة الصناعية باملساعيد‪ ،‬ومجمع صناعي للبتروكيماويات باملنطقة‬ ‫الصناعية شمال غربي خليج السويس‪ ،‬ومجمع صناعي للصناعات الغذائية‬ ‫باملنطقة الصناعية بالشيخ زويد‪ ،‬ومجمع صناعي ملنتجات األسماك باملنطقة‬ ‫الصناعية بالسويس‪ ،‬ومجمع صناعي ملنتجات األسماك باملنطقة الصناعية‬ ‫ب��ش��رق ب��ور سعيد‪ ،‬ومجمع للصناعات امليكانيكية والكهربائية باملنطقة‬ ‫الصناعية بشمال غ��رب��ي خليج ال��س��وي��س‪ ،‬ومجمع للصناعات امليكانيكية‬ ‫والكهربائية باملنطقة الصناعية شرق بورسعيد‪ ،‬ومجمع للصناعات التعدينية‬ ‫ومواد البناء بمنطقة شمال سيناء‪ ،‬ومجمع للصناعات التعدينية ومواد البناء‬ ‫باملنطقة الصناعية بأبو رديس‪.‬‬ ‫أيضا إقامة مجمع للصناعات التعدينية ومواد البناء باملنطقة الصناعية بشمال‬ ‫غربي خليج السويس‪ ،‬ومجمع صناعي لبناء وإصالح السفن باملنطقة الصناعية‬ ‫شرق بور سعيد‪ ،‬ومجمع صناعي للغزل والنسيج باملنطقة الصناعية بشرق‬ ‫بورسعيد‪ ،‬ومثله بالشرقية‪ ،‬عالوة على مجمع لصناعات األسمدة باملنطقة‬ ‫الصناعية بالشرقية‪ ،‬ومجمع للصناعات الغذائية بوسط سيناء‪ ،‬ومجمع‬ ‫صناعي ملنتجات السخانات الشمسية بوسط سيناء‪ .‬واستثمار طريق العائلة‬ ‫املقدسة من خالل مشروع قومي متكامل‪ ،‬وإقامة جامعة تكنولوجية بمنطقة‬ ‫وادي التكنولوجيا باإلسماعيلية‪ ،‬وإقامة مدارس فندقية باملنطقة املحصورة‬ ‫بني العريش والشيخ زويد‪ ،‬وإنشاء مدينة للطب والعلوم بالتعاون مع جامعات‬ ‫دولية بشرق بورسعيد‪ ،‬وإنشاء محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية قدرة‬ ‫‪ 2500‬ميجاوات‪ ،‬واستصالح ‪ 400‬ألف فدان بشمال سيناء عبر ترعة السالم‪،‬‬ ‫ومشروع استصالح ‪ 50‬ألف فدان على مياه السيول بوديان البروك‪ ،‬ومشروع‬ ‫استصالح ‪ 1.659‬مليون فدان بسهل وادي العريش<‬

‫اإلمارات كلفت‬ ‫إحدى املؤسسات‬ ‫العاملية‬ ‫لالستشارات‬ ‫املالية بإعداد‬ ‫دراسة لتطوير‬ ‫االقتصاد‬ ‫املصري‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪51‬‬


‫اقتصاد‬

‫رصدت مجلة «املجلة» مشروعات تبلغ قيمتها مليارات الدوالرات ُيتوقع تنفيذها في مصر بعد مؤتمر شرم الشيخ‬ ‫االقتصادي‪ ،‬تسبقها إجراءات إصالحية على املستوى املالي واالستثماري‪ ،‬وتهيئة املناخ العام في البالد للقبول‬ ‫بشروط االنطالقة االقتصادية املتوقعة‪ ،‬بما في ذلك مواصلة عمليات بسط األمن واالستقرار‪.‬‬

‫انطالقة اقتصادية تسبقها إجراءات إصالحية على املستوى املالي واالستثماري‬

‫مصر‪ :‬مشروعات واعدة بمليارات الدوالرات‬ ‫القاهرة‪:‬‬ ‫حسني البطراوي‬

‫استراتيجية‬ ‫املبادرة‬ ‫السعودية‬ ‫تنقل الدعم‬ ‫العربي ملصر من‬ ‫املساعدات إلى‬ ‫االستثمار‬

‫‪50‬‬

‫بعد ‪ 4‬سنوات من ع��دم اليقني السياسي واالق�ت�ص��ادي في أعقاب ث��ورة ‪ 25‬خالل فعالياته‪ ،‬والتي نتوقع أن تكون كثيرة‪ ،‬ولكن األهم هي الرسالة التي‬ ‫يناير (كانون الثاني)‪ ،‬بدأ االقتصاد املصري في التعافي مرة أخرى‪ ،‬وعاودت نريد إبالغها للعالم‪.‬‬ ‫مؤشرات االقتصاد االرتفاع‪ ،‬بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة‬ ‫املاضي‬ ‫الجمهورية في أعقاب اإلطاحة بنظام اإلخوان‪ .‬وعملت مصر خالل العام‬ ‫‪ 3‬محاور‬ ‫على إصالح مسار االقتصاد باتخاذ كثير من اإلجراءات اإلصالحية التي أشاد‬ ‫بها صندوق النقد والبنك الدوليني في الفترة األخيرة‪ .‬وتعقد مصر اآلمال على للمؤتمر اهتمام ‪ 3‬محاور‪ ،‬املحور األول‪ :‬تقديم رؤية الحكومة وشرح سياساتها‬ ‫نتائج مؤتمر شرم الشيخ االقتصادي لوضع البالد مرة أخرى على خارطة واإلجراءات اإلصالحية التي تتم على أرض الواقع على املستوى املالي والنقدي‬ ‫االستثمارات األجنبية واالقتصاد العاملي‪ .‬املؤتمر بمثابة واجهة لعرض خطط واالستثماري‪ .‬واملحور الثاني‪ :‬عرض عدد من املشروعات في ‪ 10‬قطاعات تم‬ ‫كبرى للنهوض بمحور تنمية صناعية ولوجيستية قرب قناة السويس‪ ،‬فضال اختيارها‪ .‬أما املحور الثالث فيركز على الترويج لالستثمار ووضع مصر على‬ ‫عن تطوير منطقة تعدين في جنوب شرقي مصر‪.‬‬ ‫خريطة االستثمار العاملية‪ .‬ويقول محللون اقتصاديون إن الحكومة تعمل على‬ ‫االقتصاد‬ ‫لدعم‬ ‫مبادرة‬ ‫أطلق‬ ‫كان امللك عبد الله بن عبد العزيز ‪-‬رحمه الله‪ -‬قد‬ ‫تهيئة املناخ العام لإلعداد لالنطالقة االقتصادية املتوقعة بما في ذلك مواصلة‬ ‫لدعم‬ ‫استمرارا‬ ‫ملصر‪،‬‬ ‫رئيسا‬ ‫املصري في أعقاب انتخاب عبد الفتاح السيسي‬ ‫عمليات بسط األمن واالستقرار‪ ،‬وبث الطمأنينة للمستثمرين والسياح‪ ،‬إذ يعد‬ ‫للمانحني‬ ‫مؤتمر‬ ‫عقد‬ ‫املبادرة‬ ‫السعودية وال��دول العربية للقاهرة‪ ،‬وتضمنت‬ ‫قطاع السياحة من أهم موارد الدخل القومي وتضرر بشدة منذ ثورة يناير‪.‬‬ ‫ف��ي ال�ق��اه��رة‪ ،‬غير أن امل �ب��ادرة تحولت إل��ى مؤتمر اق�ت�ص��ادي ع��امل��ي لعرض‬ ‫املشروعات املصرية لجذب املستثمرين‪ ،‬بعد تحول استراتيجية الدعم‬ ‫العربي خطوة على الطريق‬ ‫من املساعدات إلى االستثمار‪ .‬وتلقت مصر مليارات الدوالرات من املساعدات‬ ‫العربية وشكلت املساعدات طوق النجاة لالقتصاد‪ ،‬وتم تأجيل املؤتمر الذي كان وتنظر الحكومة املصرية إلى املؤتمر كخطوة على طريق طويل لجذب االستثمارات‬ ‫من املقرر عقده نهاية العام املاضي لتزامنه مع االحتفاالت الصينية ولضمان األجنبية‪ ،‬وليس كحدث سينتهي مع جلسته الختامية‪ ،‬فاملشروعات التي ال‬ ‫مشاركة الصني في املؤتمر‪.‬‬ ‫تعرض خالل فعاليات املؤتمر ستعرض بعده‪ ،‬خصوصا مشروعات تنمية‬ ‫محور قناة السويس التي من املتوقع االنتهاء من املخطط التنفيذي لها خالل‬ ‫األشهر املقبلة‪ .‬تعرض مصر على خلفية املؤتمر االقتصادي فرصا استثمارية‬ ‫الدعم العربي‬ ‫في ‪ 10‬قطاعات أساسية‪ ،‬من بينها الطاقة والتعدين والزراعة والسياحة وقطاع‬ ‫ل��م يقتصر ال��دع��م ال�ع��رب��ي مل�ص��ر ع�ل��ى امل �ش��ارك��ة ف��ي امل��ؤت�م��ر االق �ت �ص��ادي‪ ،‬االتصاالت وتكنولوجيا املعلومات والنقل واللوجيستيات‪ ،‬إضافة إلى االهتمام‬ ‫فدولة اإلم��ارات كلفت إحدى املؤسسات املالية العاملية‪ ،‬وهي شركة «الزارد» املتوقع أكثر من السابق بشأن مشروعات تنمية إقليم قناة السويس‪ ،‬خصوصا‬ ‫لالستشارات املالية بإعداد دراسة لتطوير االقتصاد املصري وتحملت تكلفة أنه يجري تقديم التخطيط الشامل للمنطقة لتحديد عدد من ورش العمل لتقديم‬ ‫هذه الدراسة‪ ،‬وطبقت مصر كثيرا من االقتراحات التي طالبت بها «الزارد» املشروعات التي ستقام بإقليم قناة السويس‪ ،‬على سبيل املثال مشروعات‬ ‫إلصالح األوضاع االقتصادية‪ ،‬خصوصا في ما يتعلق بدعم الطاقة وخفض مدينة السويس‪ ،‬ومشروعات اإلسماعيلية‪.‬‬ ‫عجز امل��وازن��ة العامة للدولة‪ .‬وشرعت الحكومة في تنفيذ إص�لاح��ات سعيا‬ ‫لتحقيق التوازن بني استعادة النمو مع السيطرة على التضخم وكبح عجز جهود مصرية‬ ‫املوازنة‪.‬‬ ‫وتعمل مصر على عدة محاور إلنجاح مخرجات املؤتمر وتوصياته وتحقيق‬ ‫جذب االستثمار‬ ‫املأمول منه‪ ،‬منها إصدار تشريعات جديدة تتالءم مع طبيعة املرحلة لتهيئة‬ ‫املناخ االستثماري لجذب االستثمارات األجنبية‪ ،‬التي تعرضت لالنخفاض في‬ ‫وزيرة التعاون الدولي الدكتورة نجالء األهواني‪ ،‬أكدت أن املؤتمر االقتصادي أعقاب ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬منها قانون االستثمار الجديد‪ ،‬وقانون الثروة املعدنية‪،‬‬ ‫هو إح��دى األدوات املهمة لجذب االستثمار‪ ،‬وتوصيل رسالة للعالم بأن وقانون التمويل متناهي الصغر‪ ،‬وقانون تسعير الكهرباء‪ ،‬وقانون املنافسة‪،‬‬ ‫مصر تسير على الطريق االقتصادي والسياسي الصحيح‪ ،‬وأن مصر وقانون حماية املنتج املحلي‪ ،‬وكلها لها انعكاس إيجابي على مناخ االستثمار‪،‬‬ ‫لديها رؤي��ة إصالحية شاملة س��واء على املستوى املالي أو االقتصادي‪ ،‬وحاليا يتم مناقشة قانون الكهرباء‪ ،‬وقانون املناطق االقتصادية الخاصة الذي‬ ‫فهناك فرص استثمار واعدة‪ ،‬وقالت‪« :‬نهتم بنجاح توصيل هذه الرسالة سيحكم بالدرجة األولى تنمية منطقة قناة السويس‪ .‬واملحور الثاني الذي تعمل‬ ‫للمستثمرين في الداخل والخارج‪ ،‬فإننا نعتبر أن املؤتمر قد نجح‪ ،‬فليس الحكومة عليه هو تسوية منازعات االستثمار ومواجهة ملفات لتحقيق حق‬ ‫املهم عدد املشروعات التي ستقدم أو عدد الصفقات التي سيتم توقيعها املستثمر والدولة‪ .‬كما خفضت مصر من قيمة عملتها املحلية بعد استقرار‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬


‫كبيرة من البيض‪ .‬ولم يتم اإلعالن عن هذا الكشف قبل‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫وصرح أوليفر بيرمان‪ ،‬مسؤول االتصاالت في مكتب‬ ‫مفوضية األط�ف��ال لـ«املجلة»‪« :‬تشير األدل��ة ال��واردة من‬ ‫روثرهام إلى أنه في تلك املنطقة تحديدا وقع استغالل‬ ‫جنسي لألطفال ارتكبه في األس��اس جناة من أصول‬ ‫باكستانية»‪.‬‬ ‫وأكد بيرمان أن تحقيق مكتب املفوضية في استغالل‬ ‫األطفال في العصابات والجماعات توصل إلى «أن هناك‬ ‫على األق��ل ‪ 13‬نمطا مختلفا من استغالل األطفال في‬ ‫إنجلترا‪ ،‬أحدها يتعلق برجال ذوي أصل باكستاني»‪.‬‬ ‫وح��ذرت وزي��رة الداخلية البريطانية تريزا م��اي من أن‬ ‫تكون قضايا مثل قضية روث��ره��ام التي تعرض فيها‬ ‫مئات األط�ف��ال لالستغالل الجنسي مجرد «قمة جبل‬ ‫الجليد»‪.‬‬ ‫وقد أعلنت الحكومة البريطانية في يوليو (تموز) املاضي‬ ‫أنها سوف تفتح تحقيقا بعد أن أذاعت وسائل اإلعالم‬ ‫ادعاءات بوجود دائرة من مستغلي األطفال جنسيا في‬ ‫وستمنستر منذ الثمانينات‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن مثل تلك التقارير تحظى بالتصديق التحديات التي تواجهها بريطانيا‪.‬‬ ‫ب�س�ب��ب ت �ن��اث��ر ال �ش��ائ �ع��ات ب �ش��أن ص �ح��ة م ��ا ورد عن‬ ‫اإلع�لام��ي التلفزيوني البريطاني جيمي سافيل (ال��ذي زعيم العمال‪ :‬الحزب‬ ‫توفي عام ‪.)2011‬‬ ‫دفع ذلك السيدة ماي إلى إطالق تحقيق جديد في جريمة خذل الناس في روثرهام‬ ‫استغالل جنسي قديمة‪ ،‬إال أن�ه��ا وج��دت صعوبة في‬ ‫صرح زعيم حزب العمال إد ميليباند‪ ،‬في مطلع الشهر‬ ‫العثور على ق��اض غير متصل باملؤسسة البريطانية‬ ‫املاضي (فبراير)‪ ،‬بأن حزبه «خذل الناس في روثرهام»‬ ‫لرئاسة التحقيقات‪.‬‬ ‫في فضيحة االستغالل الجنسي لألطفال‪ .‬وأعرب أيضا‬ ‫وف ��ي م�ط�ل��ع ش�ه��ر ف �ب��راي��ر‪ ،‬أع�ل�ن��ت وزي� ��رة ال��داخ�ل�ي��ة أن‬ ‫عن أسفه العميق بسبب ما حدث في املدينة الواقعة في‬ ‫التحقيقات سوف يرأسها القاضي لويل غودارد‪ ،‬الذي‬ ‫يوركشاير‪ ،‬مضيفا أنه من املهم أن يتعلم حزب العمال‬ ‫يترأس املحكمة العليا في نيوزيلندا‪ ،‬وس��وف يحصل‬ ‫مما حدث في روثرهام‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫على سلطات جديدة حاسمة إلجبار الشهود على املثول‬ ‫كانت بريطانيا تعرف بأنها مكان آمن يخلو من الفضائح‬ ‫أمامه‪.‬‬ ‫املفزعة مثل تلك التي وقعت في روثرهام وغيرها حول‬ ‫ويأتي تعيني القاضي الجديد بعد تنحي الشخصيتني‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫السابقتني اللتني اختارتهما الوزيرة ماي عن املنصب‬ ‫ولكن منذ ذلك الحني تغيرت آراء الشعب البريطاني تجاه‬ ‫بسبب وجود صالت بينهما وبني املؤسسة‪ ،‬وتأخر البدء‬ ‫حقيقة األمن في ب�لاده‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬يجب أن تتخذ‬ ‫في التحقيقات ملدة سبعة أشهر‪.‬‬ ‫ال��دول��ة تحقيق السيدة م��اي بجدية ش��دي��دة‪ ،‬فليس في‬ ‫وبهذا تصبح قضية استغالل األطفال غير مقصورة‬ ‫استطاعتها تحمل مزيد من االتهامات بسبب أسلوب‬ ‫على املدينة الواقعة في شمال البالد‪ ،‬بل هي من أكبر‬ ‫التعامل مع مثل تلك القضايا بالغة األهمية <‬

‫وسط مدينة روثرهام وفي اإلطار صور بعض الجناة‬ ‫الباكستانيني الذين سجنوا الرتكابهم جرائم جنسية ضد‬ ‫فتيات في ‪ 2010‬وهم من اليمني إلى اليسار‪ :‬محسن (‪21‬‬ ‫عاما) ورضوان (‪ 30‬عاما) عادل (‪ 20‬عاما) وظفران (‪21‬‬ ‫عاما) وعمر (‪ 24‬عاما) (الشرطة البريطانية)‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪49‬‬


‫‪..‬‬

‫رأي عام‬ ‫قضيه‬ ‫‪..‬‬

‫هل تتستر اململكة املتحدة على جرائم االستغالل الجنسي لألطفال؟‬

‫فضائح جنسية تهز عرش بريطانيا‬ ‫‪ :‬يجب دائما إجراء تحقيق شامل في اإلساءات الجنسية‪ ،‬أيا كان املجتمع‬ ‫روب بويالند لـ‬ ‫الذي يقع فيه ذلك‪ .‬ويجب أال تعوق الحساسيات الثقافية سبيل حماية األطفال‬ ‫انتشرت ادعاءات كثيرة بوقوع جرائم استغالل جنسي ضد األطفال في‬ ‫اململكة املتحدة منذ عدة أعوام‪ ،‬تتعلق بوجود مستغلني لألطفال في مراكز‬ ‫ومؤسسات ذات نفوذ في البالد‪ .‬ولكن يستمر تعرض األطفال للخطر نظرا‬ ‫ألن السلطات في لندن فضلت عدم الكشف عن هذه القضايا للعامة بغض‬ ‫النظر عن قضية روثرهام البارزة التي تصاعدت في الصيف املاضي‪.‬‬ ‫لندن‪ :‬مينا الدروبي‬ ‫في الرابع من فبراير (شباط) املاضي‪ ،‬صدر عن لجنة‬ ‫تحقيق مستقلة في قضية استغالل األطفال تقرير حول‬ ‫ادعاءات بوقوع جرائم استغالل جنسي ضد ‪ 1400‬طفل‬ ‫في مدينة روثرهام بمقاطعة يوركشاير‪.‬‬ ‫أدى ذل��ك إل��ى استقالة مجلس اإلدارة املحلية بالكامل‪،‬‬ ‫ودف��ع الحكومة املركزية ف��ي لندن إل��ى تولي مسؤولية‬ ‫املجلس‪ .‬وف��ي ال�ي��وم ذات��ه فتحت الحكومة تحقيقا في‬ ‫مزاعم بارتكاب إساءات ضد األطفال في منطقة قريبة‬ ‫ف ��ي وس�ت�م�ن�س�ت��ر‪ .‬ت �ع��د ه ��ذه االدع � � ��اءات ق��دي �م��ة حيث‬ ‫ترجع إلى السبعينات‪ ،‬مما يشير إلى صعوبات ضبط‬ ‫الجرائم الجنسية التي تواجهها املؤسسة البريطانية‪.‬‬ ‫أكد التقرير ال��ذي تناول قضية روث��ره��ام‪ ،‬وكتبته لويز‬ ‫ك��اي�س��ي امل �س��ؤول��ة ف��ي وزارة ش ��ؤون امل�ج�ت�م�ع��ات في‬ ‫الحكومة البريطانية‪ ،‬على أن��ه في ما بني عامي ‪1997‬‬ ‫و‪ 2013‬تعرض نحو ‪ 1300‬طفل إلساءات في روثرهام‬ ‫في الغالب على يد رجال باكستانيني‪.‬‬ ‫وق ��د ت �ع��رض األط �ف��ال ف��ي ع�م��ر ‪ 11‬ع��ام��ا لالغتصاب‬ ‫واالختطاف واالتجار بهم في مدن أخرى‪.‬‬ ‫وكشف تقرير السيدة كايسي عن أن موظفي املجلس‬ ‫في روثرهام لم يقوموا باإلبالغ عن الجرائم‪ ،‬حيث كانوا‬ ‫يخشون من أن توجه لهم اتهامات بالعنصرية‪ .‬وقالت‬ ‫الكاتبة في التقرير «عندما فشل مجلس روثرهام في‬ ‫ات�خ��اذ إج��راء ض��د املجرمني ذوي األص��ل الباكستاني‬ ‫الذين ارتكبوا اإلساءات ضد األطفال في منطقته اإلدارية‪،‬‬ ‫أث��ار مسؤولوه عن غير قصد غضب اليمني املتشدد‪،‬‬ ‫وسمحوا بتنامي التوترات العنصرية»‪.‬‬ ‫وأض��اف التقرير‪« :‬إن ذلك ألحق ض��ررا كبيرا بالجالية‬ ‫ذات األصل الباكستاني وسكان روثرهام الصالحني»‪.‬‬ ‫كما أشار إلى أن الجالية الباكستانية تشكل ‪ 3‬في املائة‬ ‫من عدد سكان روثرهام‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫األصول العرقية للجناة‬ ‫وع�لاوة على ذل��ك‪ ،‬كشف تقرير كايسي عن أن «العديد من‬ ‫العاملني أعربوا عن غضبهم من الكشف عن األصول العرقية‬ ‫للجناة خوفا من أن ُيظن أنهم عنصريون‪ ،‬وذكر آخرون تلقيهم‬ ‫توجيهات مباشرة من مديريهم بعدم الكشف عن ذلك»‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن املجلس تلقى مرارا معلومات بشأنهم‬ ‫من مكتب خدمة الشباب التابع ّله‪ ،‬ولكن كان التصرف الوحيد‬ ‫ال��ذي اتخذه هو غلق املكتب‪ .‬اطلع املحققون املشاركون في‬ ‫التقرير على سبعة آالف وثيقة وقابلوا أكثر من ‪ 200‬شخص‬ ‫من بينهم أعضاء حاليون وسابقون في املجلس وضحايا‬ ‫وأولياء أمور‪.‬‬ ‫وكشفت النتائج التي توصلوا إليها عن أن كثيرا من التفاصيل‬ ‫املتعلقة ب��اإلس��اءات كانت «حقائق غير قابلة للنزاع»‪ ،‬إال أن‬ ‫أعضاء مجلس روثرهام «نفوا أن تكون هناك مشكلة‪ ،‬أو أن‬ ‫تكون كبيرة كما يقال‪ ،‬إن وجدت»‪.‬‬

‫بني عامي ‪ 1997‬و‪2013‬‬ ‫تعرض نحو ‪ 1300‬طفل‬ ‫إلساءات في روثرهام‬ ‫وقد تعرض األطفال في‬ ‫عمر ‪ً 11‬‬ ‫عاما لالغتصاب‬ ‫واالختطاف واالتجار بهم‬ ‫في مدن أخرى‬

‫الجمعية الوطنية‬ ‫ملنع القسوة ضد األطفال‬ ‫صرح روب بويالند‪ ،‬املتحدث اإلعالمي باسم الجمعية‬ ‫الوطنية ملنع القسوة ضد األط�ف��ال‪ ،‬لـ«املجلة» قائال‪« :‬لم‬ ‫يكن األطفال في روثرهام يجدون من يصدقهم على الدوام‬ ‫عندما كانوا يخبرون الناس بما كان يحدث‪ .‬في املاضي‪،‬‬ ‫كانت الشرطة تتعامل معهم بصفتهم جزءا من املشكلة‬ ‫ومثيرين للمتاعب‪ ،‬وليسوا ضحايا»‪ .‬وأكد بويالند أيضا‪:‬‬ ‫«يجب دائما إجراء تحقيق شامل في اإلساءات الجنسية‪،‬‬ ‫أي��ا ك��ان املجتمع ال��ذي يقع فيه ذل��ك‪ .‬وال يجب أن تعوق‬ ‫الحساسيات الثقافية سبيل حماية األطفال»‪.‬‬ ‫ت��م إن�ش��اء «م�ك�ت��ب مفوضية األط �ف��ال» ف��ي ع��ام ‪،2011‬‬ ‫وهو هيئة وطنية تحقق في جرائم االستغالل الجنسي‬ ‫لألطفال على يد العصابات والجماعات‪ .‬ومنذ ذلك الحني‪،‬‬ ‫نشر املكتب ستة تقارير تحتوي على ‪ 37‬توصية لحماية‬ ‫األطفال من التعرض لالستغالل الجنسي‪.‬‬ ‫نشر املكتب مؤخرا دراسة جديدة (في ‪ 17‬فبراير) تتناول‬ ‫التقدم الذي تم إح��رازه في معالجة القضية في إنجلترا‬ ‫منذ بدء التحقيق‪ .‬تعتمد الدراسة على استبيانات للتقييم‬ ‫ال��ذات��ي والتي ق��ام بملئها جميع أف��راد الشرطة ومجلس‬ ‫حماية األطفال املحلي و‪ 36‬في املائة من مجالس الصحة‬ ‫والرفاهية‪.‬‬ ‫أشار التقرير إلى إحراز تقدم على املستوى االستراتيجي‬ ‫وليس امليداني‪ .‬كذلك يوجد العديد من االستراتيجيات‬ ‫الجديدة التي يستغرق تنفيذها بعض الوقت‪.‬‬ ‫ص��رح نائب مفوض األطفال في إنجلترا ورئيس لجنة‬ ‫التحقيق في استغالل األطفال لـ«املجلة»‪« :‬توجد فجوة‬ ‫بني االستراتجيات وما يتم تنفيذه ميدانيا‪ .‬وأن��ا أشعر‬ ‫بالقلق من أن بعض املناطق مستمرة في التركيز على‬ ‫نمط واح��د م��ن االن�ت�ه��اك��ات‪ ،‬وذل��ك ف��ي تجاهل لألطفال‬ ‫الضحايا والجناة الذين يندرجون تحت أنماط أخرى من‬ ‫االستغالل الجنسي كشفت عنها تحقيقاتنا»‪.‬‬

‫وزيرة داخلية بريطانيا تحذر‬ ‫وأوضحت الدراسة أيضا أن فضيحة روثرهام نفذها‬ ‫عدد من الرجال الباكستانيني‪.‬‬ ‫وذك��ر تقرير مكتب مفوضية األط �ف��ال أن األدل ��ة التي‬ ‫قدمتها الشرطة فيما بني أبريل (نيسان) ع��ام ‪2013‬‬ ‫وم ��ارس (آذار) ع��ام ‪ 2014‬كشفت ع��ن وج��ود غالبية‬


‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫اشرتك اآلن‬ ‫واحصل على‬ ‫نسختك الورقية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪:‬‬ ‫الغنوشي لـ‬ ‫املتطرفون «خوارج» وفئة‬ ‫شاذة يجب عزهلم قبل‬ ‫مواجهتهم والقضاء عليهم‬

‫العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫االنتحاريون الصغار ‪..‬‬ ‫إرث تنظيم داعش ولألمد البعيد‬

‫انخفاض أسعار النفط ‪..‬‬ ‫هل يجبر املنتجني على‬ ‫وقف أعمال الحفر ؟‬

‫خاص من بنغازي‪:‬‬ ‫ما وراء دماء‬ ‫املصريني في ليبيا‬

‫بني السياسة واألوسكار‪..‬‬ ‫هزيمة هوليوودية‬ ‫لفيلم « قناص أميركي »‬

‫‪Issue 1605 - March 2015‬‬ ‫‪‬‬

‫قصة أغرب من الخيال ‪ « :‬أبو شجاع » محرر اإليزيديات من عقر والية البغدادي‬ ‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬

‫‪‬‬

‫‪03‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫‪‬‬

‫فورن أفيرز‪ /‬أيار‪ /‬مايو ‪57 - 2014‬‬

‫فضائح االستغالل‬ ‫الجنسيلألطفال‬ ‫تهزعرش بريطانيا‬ ‫‪www.majalla.com‬‬


‫لسان الحال‬

‫وراء الخصام الحاد والعلني بني الرئيس األميركي باراك أوباما‪ ،‬ورئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو؟‬ ‫يتبع كثير من املعلقني مقولة البيت األبيض إن املسألة هي عداوة شخصية بني الرجلني‪ ،‬بينما يركز البعض‬ ‫اآلخر على الشرخ االستراتيجي حول مسألة البرنامج النووي اإليراني‪ .‬إنما حقيقة هذا الشرخ أعمق بكثير‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى كل املسائل املذكورة‪ ،‬يقف أوباما في املوقف النقيض لنتنياهو حول دور إيران في املنطقة‪ .‬تبعا‪ ،‬تقع سوريا‬ ‫في صلب خالفهما‪.‬‬ ‫الشهر الفائت‪ ،‬شنت قوات الحرس الثوري اإليراني و«حزب الله» هجوما في ريفي درعا والقنيطرة جنوب سوريا‪ .‬والالفت‬ ‫أن إيران والحزب تبجحا علنا بدورهما القيادي‪ ،‬وبذلك بينا أن جنوب سوريا أصبح مسرح عمليات لطهران‪ .‬كما أنهما‬ ‫أكدا ما كان معروفا منذ زمن‪ ،‬وهو أن نظام األسد وقواته مجرد توابع خاضعة إليران‪.‬‬ ‫ال تستطيع إسرائيل تجاهل هذه التطورات‪ .‬دخول إيران إلى الجوالن يفرض على إسرائيل اتخاذ قرارات صعبة‪ ،‬ليس في‬ ‫ما يتعلق بسياستها في سوريا‪ ،‬إنما أيضا حول كيفية معالجة الشرخ الواسع في العالقة مع إدارة أوباما‪.‬‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬اتسمت السياسة اإلسرائيلية في سوريا بالوقوف جانبا‪ ،‬والرد على أي خرق على الحدود‪ ،‬دون التدخل مباشرة‬ ‫في مسار الحرب‪ ،‬وإن كانت العمليات اإلسرائيلية في سوريا تضرب أهدافا إيرانية وأسدية حصرا‪ .‬ورغم كل الكالم عن‬ ‫الخطر الداهم من تنظيم داعش‪ ،‬فإن الضربة اإلسرائيلية في القنيطرة في ‪ 18‬يناير (كانون الثاني)‪ ،‬التي استهدفت قياديني‬ ‫كبارا في الحرس الثوري و«حزب الله»‪ ،‬والحملة العسكرية اإليرانية في جنوب سوريا‪ ،‬قد أبرزتا حقيقة أن التهديد األساسي‪،‬‬ ‫االستراتيجي والداهم‪ ،‬يأتي من إيران‪.‬‬ ‫كشف التصميم اإليراني على التقدم إلى جنوب سوريا ضعف سياسة الجلوس جانبا واالنتظار اإلسرائيلية‪ .‬فحتى إن‬ ‫أرادت إسرائيل أن تنأى بنفسها عن الحرب السورية‪ ،‬فإن إلي��ران أفكارا أخ��رى‪ ،‬خصوصا إذ تلحظ ضوءا أخضر من‬ ‫واشنطن‪ .‬كل هذه العوامل تدفع إسرائيل إلى مراجعة خياراتها‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬كتب خبيران إسرائيليان مخضرمان‬ ‫مقالتني مهمتني عن طبيعة هذه الخيارات‪ .‬تقدم الخبيران‪ ،‬السفير السابق لدى واشنطن‪ ،‬إيتامار رابينوفيتش‪ ،‬واألستاذ‬ ‫إفرايم عنبار‪ ،‬مدير مركز بيغن السادات‪ .‬بالخالصة نفسها‪ :‬الرد على خطط إيران واستفزازاتها في الجوالن يكون عبر‬ ‫استهداف األسد‪« .‬الخيار األفضل»‪ ،‬كتب رابينوفيتش‪ ،‬هو في إفهام طهران أن الرد اإلسرائيلي سيكون ضد األسد بطريقة‬ ‫«تؤثر على مسار الحرب األهلية السورية»‪ .‬تابع السفير السابق‪« :‬إن هذا القرار‪ ،‬سوف تضطر القيادة اإلسرائيلية التخاذه‪،‬‬ ‫إن بقيت التطورات التي شهدناها في يناير سائرة في االتجاه نفسه»‪.‬‬ ‫طبعا‪ ،‬هذه االتجاهات اإليرانية ستستمر‪ ،‬وستأتي ساعة القرار اإلسرائيلي‪ .‬إنما‪ ،‬كما يدرك رابينوفيتش وعنبار في‬ ‫مقالتيهما‪ ،‬ستكون لهذا القرار تبعات مهمة على العالقة املتوترة مع واشنطن‪ .‬يريد البيت األبيض أن يبقى الكل مركزا‬ ‫على «داع��ش»‪ ،‬بينما يبني سياسته على التعاون مع طهران والتكيف مع مصالحها‪ .‬ال يخفي البيت األبيض معارضته‬ ‫ضرب نظام األسد‪ .‬ال‪ ،‬بل أرسل الرئيس أوباما رسالة إلى علي خامنئي ليطمئنه بأن التحالف‬ ‫لن يمس األسد‪ .‬كما وترى إسرائيل أن أوباما بات يعترف بمناطق النفوذ اإليرانية في املنطقة‪.‬‬ ‫ومنذ بروز الخطة اإليرانية لتأسيس بنية عسكرية في الجوالن‪ ،‬لم يصدر عن اإلدارة األميركية‬ ‫أي بيان يعلن أن التوسع اإليراني في الجوالن غير مقبول‪.‬‬ ‫على العكس‪ ،‬كل ما فعلته اإلدارة هو دعوة إسرائيل لتفادي التصعيد‪ .‬في الواقع‪ ،‬يعتبر البيت‬ ‫األبيض سوريا منطقة نفوذ إيرانية‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬سيكون من املستحيل على إسرائيل العمل‬ ‫بنصيحة رابينوفيتش وأن تحرص على أن «يتوافق» خيارها العتيد باستهداف األس��د «مع‬ ‫السياسة األميركية في سوريا والعراق»‪ .‬فالواقع هو أن السياسة األميركية في سوريا تتعارض‬ ‫تماما مع مصالح إسرائيل وأمنها القومي‪.‬‬ ‫وربما خير دليل على ذلك تصريحات مسؤول عسكري أميركي لصحيفة «وول ستريت جورنال» الشهر املاضي‪ .‬في‬ ‫سياق الحديث عن إمكانية تدريب بعض الثوار السوريني ليساعدوا في الحملة ضد «داعش»‪ ،‬كشف املسؤول العسكري‬ ‫أن اإلدارة األميركية قلقة من أن يقوم هؤالء الثوار بأي خطوة ضد األسد‪ ،‬ألن ذلك قد يؤدي إلى أن تستهدف امليليشيات‬ ‫العراقية التابعة إليران الجنود األميركيني املوجودين حاليا في العراق‪ .‬أضاف املسؤول‪« :‬إذا انتهكت خطا أحمر في سوريا‪،‬‬ ‫تكون قد تعديت على ما تعتبره إيران مصالحها بعيدة املدى‪ ،‬وعندها قد تنتقل هذه امليليشيات الشيعية إلى املقلب اآلخر»‪.‬‬ ‫هذا االعتراف املذهل بمصالح إيران في سوريا يدعو لطرح عدة أسئلة‪ .‬هل تنطبق املعايير املفروضة على الثوار أيضا على‬ ‫إسرائيل؟ هل يخطئ نتنياهو إذا استخلص أن أوباما سينظر إلى أي عمل إسرائيلي ينتهك الخطوط الحمر اإليرانية في‬ ‫سوريا على أنه يخاطر بحياة الجنود األميركيني؟ فعلى سبيل املثال‪ ،‬لقد أوضح البيت األبيض أنه يرى الدعم اإلسرائيلي‬ ‫لفرض الكونغرس عقوبات على إيران على أنه عمل يدفع بالواليات املتحدة إلى الحرب مع إيران‪.‬‬ ‫األمر األكيد هو أن إيران ستسعى الختبار حدود الدعم األميركي الضمني‪ .‬ويأتي اإلعالن عن دورها القيادي في الجنوب‬ ‫السوري في هذا السياق‪ ،‬إذ تعلم طهران‪ ،‬كما كتب إفرايم عنبار‪ ،‬أن سوريا أصبحت «مسألة خالفية إضافية» بني إسرائيل‬ ‫وأميركا‪.‬‬ ‫بينما ينظر البيت األبيض إلى إيران على أنها‪ ،‬في الواقع‪ ،‬شريك في حربه على «داع��ش»‪ ،‬تعتبر إسرائيل إيران تهديدا‬ ‫وجوديا‪ .‬ولردع طهران‪ ،‬قد تقرر إسرائيل أن توجه ضربة لألسد‪ .‬لكن‪ ،‬هذا سيعني أنها ستمضي ضد واشنطن‪ ،‬التي‬ ‫تقف اآلن في املقلب اآلخر في سوريا‪ .‬هذه الحقيقة بدأت اآلن تتضح لإلسرائيليني‪.‬‬

‫ماذا‬

‫بقلم‪ :‬طوين بدران‬

‫إيران‪ ..‬واعتراف مذهل‬ ‫ملسؤول عسكري أميركي‬

‫‪46‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬


‫أر‬

‫ش‬ ‫يف‬

‫ميليشيا اخللخالي «جزار إيران»‬ ‫اقتحمت «املجلة» العالم ّ‬ ‫السري للحمالت االنتخابية التي استهدفت اختيار أعضاء البرملان اإليراني (املجلس) عام ‪ ،1988‬وكشفت‬ ‫عن الصراع السياسي في البالد بني أنصار الخميني واملجموعات املناهضة لوالية الفقيه‪ ،‬التي أتاحت ملرشد الثورة اإليرانية فرض‬ ‫سيطرته التامة على السلطات التشريعية للبرملان‪ .‬كما كشفت «املجلة» عن عصابات وجماعات وميليشيات متطرفة استخدمها‬ ‫املرشحون إلثارة الرعب في نفوس منافسيهم‪ ،‬ومن أبرزهم ميليشيا صادق خلخالي الذي عرف بـ«جزار إيران»‪ ،‬وهو أول َّ‬ ‫مد ٍع عام‬ ‫في إيران بعد انتصار الثورة اإليرانية‪ ،‬وكان يشتهر باملواقف الحاسمة تجاه من يوصفون باملجرمني‪ .‬ينسب إلى خلخالي بعض‬ ‫اإلعدامات التعسفية التي جرت في إيران بعد الثورة‪« .‬املجلة» العدد ‪ - 418‬فبراير (شباط) ‪1988‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫ًّ‬ ‫سوريا في‬ ‫نتنياهو يصافح جريحا‬ ‫مستشفى إسرائيلي في الجوالن املحتل‬

‫كثير من األوراق العسكرية‪ .‬قيادة األسد العسكرية شعرت أن‬ ‫األمور تتجه إلى سقوط مدينة درعا بالكامل في أيدي الثوار‪،‬‬ ‫فوجهت حملة عسكرية كبيرة الستعادة السيطرة على القرية‬ ‫في معركة سميت بمعركة «جسر حوران» استمرت نحو ‪3‬‬ ‫أشهر تقريبا لم يستطع خاللها جيش النظام السوري الدخول‬ ‫مترا واحدا في أراضي هذه القرية‪ .‬ولكن مع نفاد الذخيرة‪ ،‬لكن‬ ‫من أيدي الثوار‪ ،‬لم يلق الثوار أي دعم عسكري من قبل املجلس‬ ‫العسكري‪ ،‬وظلوا يطالبون بالذخيرة ألكثر من شهرين من‬ ‫دون وصول أي دعم‪ ،‬مما يعني أن الدول املجاورة‪ ،‬أي األردن‪،‬‬ ‫لم يشارك في تقرير مصير هذه املعركة‪ ،‬بدليل إحجامها عن‬ ‫مد الثوار بالسالح‪ ،‬مما يعني أن دوال مثل األردن وإسرائيل‬ ‫تأقلمت مع التطورات اآلتية من سوريا‪ ،‬ولو عنى هذا األمر‬ ‫التعامل مع قوى األمر الواقع املوجودة على حدودها‪.‬‬ ‫في هذا الصدد يقول الخبير االستراتيجي املقيم في العاصمة‬ ‫األميركية عمري سيرين إنه «كان من غير املمكن إلسرائيل‬ ‫البقاء بعيدا عن الصراع السوري إلى األب��د‪ ،‬فبنهاية املطاف‬ ‫اث �ن��ان م��ن ال�لاع�ب�ين ال�ث�لاث��ة امل �ش��ارك�ين ف��ي ال �ح��رب ‪ -‬إي��ران‬ ‫و«داعش» ‪ -‬يدعوان صراحة إلى إزالة الدولة اإلسرائيلية من‬ ‫الوجود‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي م��ا يتعلق بمساندة إس��رائ�ي��ل للمعارضة السورية‪،‬‬ ‫فيقول سيرين إنه «ليس من املمكن معرفة ألي مدى يساعد‬ ‫اإلسرائيليون املعارضة السورية املعتدلة‪ .‬ولكننا كمتابعني‬ ‫نعرف على األقل أمرين‪ :‬أوال‪ ،‬أن اإلسرائيليني ومنذ أن سيطرت‬ ‫امل�ع��ارض��ة على ج�ن��وب س��وري��ا‪ ،‬سعت لفتح ق�ن��وات تواصل‬ ‫معها بحيث أمنت مراكز طبية لعالج الجرحى من املدنيني‬ ‫ومقاتلي املعارضة‪ .‬وهذا األمر ما زال مستمرا‪ ،‬وقد شاهد‬ ‫العالم العربي صور األطباء واملمرضات اإلسرائيليني يعالجون‬

‫‪44‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫األطفال السوريني‪ .‬ثانيا‪ ،‬في األسابيع األخيرة دعت املعارضة‬ ‫إسرائيل إلى بذل جهود أكبر تساعدها في التغلب على األسد‪،‬‬ ‫في اعتراف واضح من قبل املعارضة بدور إسرائيلي ما في‬ ‫الحرب السورية»‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬برز رأيني في هذا اإلطار؛ األول من قبل الباحث‬ ‫ال�ب��ارز أف��راي��م ان�ب��ار‪ ،‬والثاني للسفير إيتامار رابينوفيتش‪،‬‬ ‫تناوال الخيارات املطروحة أمام إسرائيل على ضوء التطورات‬ ‫األخيرة في الجوالن‪ ،‬وخلص الكاتبان إلى استنتاجات مماثلة‪:‬‬ ‫من أجل إفشال مخططات إيران في الجوالن‪ ،‬على إسرائيل أن‬

‫مع اشتداد الحملة العسكرية‬ ‫واإلعالمية حول منطقة‬ ‫الجوالن تتالت التساؤالت عن‬ ‫دور إسرائيل املحتمل في دعم‬ ‫املعارضة السورية املوجودة‬ ‫في منطقة الجوالن ودرعا وعن‬ ‫مدى أهمية تلك املنطقة‬ ‫لألطراف املتخاصمة‬

‫تضرب األسد‪ .‬تدخل إسرائيل إلى جانب املعارضة في الحرب‬ ‫السورية يأتي بعد أن سيطرت إي��ران على أج��زاء كبيرة من‬ ‫سوريا‪ ،‬وهو ما تعتبره إسرائيل أمرا ممنوعا من الصرف ملا‬ ‫يشكل األمر من «خطر وجودي»‪ ،‬حسب اإلسرائيليني‪ .‬ويأتي‬ ‫تدخل إسرائيل أيضا في الحرب السورية على ضوء التباعد‬ ‫اإلسرائيلي ‪ -‬األميركي في مقاربة الحرب السورية‪.‬‬ ‫ويأتي تدخل إسرائيل أيضا إلى جانب املعارضة فيما يشهد‬ ‫العالم العربي ح��زب الله يرتكب مجازر مروعة في سوريا‪،‬‬ ‫وح�م��اس تغذي اإلره��اب ف��ي سيناء‪ ،‬وامليليشيات الشيعية‬ ‫ت�ن�خ��رط ف��ي ح��رك��ة تطهير ع��رق��ي ف��ي ال �ع��راق‪ ،‬أم��ا ال�ق��اس��م‬ ‫امل�ش�ت��رك ب�ين ك��ل تلك األح ��زاب واألح ��داث ف��ي املنطقة‪ ،‬فهي‬ ‫إي��ران التي تتفاخر بالسيطرة على ‪ 4‬عواصم عربية‪ ،‬وهي‬ ‫تماما مثل «داعش» تحارب االعتدال العربي‪.‬‬ ‫في املقابل أيضا يشهد العالم العربي على أن إسرائيل هي‬ ‫الدولة الوحيدة التي تحارب حماس وحزب الله واألسد‪ ،‬بينما‬ ‫دول فاعلة مثل تركيا ال تتجرأ على التدخل بشكل مباشر‬ ‫في الحرب‪ ،‬وذلك على الرغم من إسقاط األسد طائرة حربية‬ ‫تركية فوق أراضيها‪.‬‬ ‫إن��ه زم��ن التحوالت الكبرى بالفعل‪ .‬إن التوسع اإلي��ران��ي في‬ ‫املنطقة على حساب العرب‪ ،‬يدفع روي��دا روي��دا باتجاه إقامة‬ ‫تحالفات جديدة تكون إسرائيل في قلبها‪ ،‬والحقا قيام دولة‬ ‫فلسطينية‪ ،‬وإقامة سالم عادل في املنطقة على أساس مبادرة‬ ‫امللك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز التي أطلقها‬ ‫من بيروت‪ 15 .‬طفال اعتقلهم األمن السوري في درعا على‬ ‫خلفية كتابتهم شعارات على جدار مدرستهم في درعا تطالب‬ ‫بالحرية وتطالب بإسقاط النظام‪ ،‬قد يكونون سبب تحول‬ ‫منطقة الشرق األوسط <‬


‫نصر الله ليتهم إسرائيل بمساعدة فصائل الثوار املرابضة‬ ‫على ال�ج��والن‪ .‬وق��ال إن وج��ود جبهة النصرة و«داع ��ش»‪ ،‬ال‬ ‫يشكل مصدر قلق إلسرائيل‪ ،‬واتهمها برعاية ه��ذا الوجود‬ ‫وتغطيته جويا وفتح الحدود لجرحاه لدخول املستشفيات‪،‬‬ ‫وق��ال إن نتنياهو يذهب شخصيا ويتفقد ه��ؤالء الجرحى‪.‬‬ ‫وبعدها بأسبوعني عاد أمني عام حزب الله ليؤكد في «مهرجان‬ ‫الشهادة والوفاء» أن إسرائيل ال تعتبر أن «داعش» و«النصرة»‬ ‫يشكالن خطرا عليها‪.‬‬ ‫أما الرئيس السوري فسارع هو اآلخر في مقابلة مع «فورين‬ ‫أفيرز» باتهام إسرائيل بتقديم الدعم للجماعات املسلحة في‬ ‫بالده‪ ،‬معتبرا أن سالح الجو اإلسرائيلي يشكل القوة الجوية‬ ‫الخاصة بهذه الجماعات‪ .‬وأض��اف‪« :‬كلما حققنا تقدما في‬ ‫مكان ما‪ ،‬يقوم اإلسرائيليون بالهجوم من أجل التأثير على‬ ‫فعالية الجيش السوري»‪.‬‬ ‫من الطبيعي أن اتهام إسرائيل كان دائما حاضرا في أدبيات‬ ‫املمانعة‪ ،‬تبريرا للفظائع املرتكبة بحق الشعب السوري‪ ،‬وحتى‬ ‫وقت مضى كان بعض املوالني للمعارضة السورية يتهمون‬ ‫تل أبيب بدعم الرئيس األسد بكل الوسائل املمكنة على الرغم‬ ‫من نشر تقرير لقوة مراقبة فض االشتباك «اندورف» تؤكد‬ ‫فيه تسليم املعارضة السورية الجيش اإلسرائيلي جرحى‬ ‫من أجل املعالجة‪.‬‬ ‫الالفت للنظر أن حملة االتهامات األخيرة من قبل حزب الله‬ ‫والنظام ال�س��وري إلسرائيل بدعمها املعارضة السورية في‬ ‫الجنوب‪ ،‬ترافقت مع حملة عسكرية عنيفة شنتها قوات األسد‬ ‫وحزب الله على مناطق درعا والقنيطرة‪.‬‬ ‫ومع اشتداد الحملة العسكرية واإلعالمية حول منطقة الجوالن‬ ‫تتالت التساؤالت عن دور إسرائيل املحتمل في دعم املعارضة‬ ‫السورية املوجودة في منطقة الجوالن ودرعا‪ ،‬وعن مدى أهمية‬

‫تلك املنطقة لألطراف املتخاصمة‪.‬‬ ‫سارع الكتاب املقربون من حزب الله باإلضاءة على األهمية‬ ‫االستراتيجية لتلك املنطقة بالنسبة للحزب‪ ،‬فأكد جان عزيز‬ ‫ل�ـ«م��ون�ي�ت��ور»‪ ،‬ال�ج��ري��دة اإللكترونية اململوكة ل��رج��ل األع�م��ال‬ ‫جمال دانيال‪ ،‬املقرب من الرئيس بشار األس��د‪ ،‬أن «أي تقدم‬ ‫أو تسلل للمتشددين من القنيطرة نحو الشمال أو الشمال‬ ‫ال�ش��رق��ي‪ ،‬حيث تقع ال�غ��وط��ة‪ ،‬س�ي��ؤدي إل��ى تحول ف��ي ميزان‬ ‫القوى العسكري في ال�ص��راع ال�س��وري»‪ .‬وتابع أن مثل هذه‬ ‫ال�ت�ط��ورات تسمح لعناصر «ال�ن�ص��رة» وال�ج�م��اع��ات املتمردة‬ ‫األخ��رى بتحقيق هدفني‪ :‬قطع الطريق بني دمشق وبيروت‪،‬‬ ‫طريق اإلم��داد بني حزب الله والجيش السوري‪ ،‬وبالتالي هذا‬ ‫يمثل تهديدا خطيرا لدمشق ألول م��رة منذ ان��دالع ال�ح��رب‪.‬‬ ‫وثانيا‪ ،‬بما أن منطقة الحدود اإلسرائيلية ‪ -‬السورية تشكل‬ ‫امتدادا جغرافيا طبيعيا إلى الجنوب الغربي من منطقة الحدود‬ ‫اللبنانية اإلسرائيلية‪ ،‬فإن أي مكاسب من قبل جماعات سنية‬ ‫متشددة معارضة لحزب الله في هذا املجال‪ ،‬هي جبهة جديدة‬ ‫لحزب الله في جنوب لبنان‪.‬‬ ‫أم��ا إبراهيم األم�ي�ن‪ ،‬فكتب ف��ي صحيفة «األخ �ب��ار» نقال عن‬ ‫حزب الله‪ ،‬عن معركة الجوالن أنه «من املفيد اإلشارة إلى أن‬ ‫قرار منع وقوع جنوب سوريا في أيدي عمالء إسرائيل أكثر‬ ‫استراتيجية من أي قرار آخر‪ ،‬وهو يضاهي بأهميته قرار منع‬ ‫سقوط دمشق في أي��دي العمالء أنفسهم‪ ،‬وق��د تقرر توفير‬ ‫كل مستلزمات تحول هذا القرار إلى نتائج على األرض‪ ،‬وكل‬ ‫مستلزمات أي نوع من أنواع التصعيد املباشر أو غير املباشر‬ ‫الذي قد يحصل في تلك املنطقة‪ ،‬بما في ذلك احتمال تورط‬ ‫العدو اإلسرائيلي في أعمال عدوانية جديدة»‪.‬‬ ‫م��ع ت�ط��ور ال�ح��رب األه�ل�ي��ة ف��ي س��وري��ا وع��دم ق��درة أي فريق‬ ‫على الحسم‪ ،‬ب��دأت مالمح التقسيم الحربي القسري تتأكد‬

‫وتظهر للعلن‪ ،‬وبدأت قوى عسكرية تفرض نفسها على مدى‬ ‫نطاق سوريا الجغرافي‪ ..‬فمن جهة‪ ،‬ظلت قوات الرئيس األسد‬ ‫محافظة على سيطرتها على العاصمة دم�ش��ق‪ ،‬واس�ت��ردت‬ ‫حمص‪ ،‬وهي تقاتل في حلب من أجل السيطرة على املدينة‪.‬‬ ‫قواته منتشرة على الساحل من الالذقية وصوال إلى طرطوس‪.‬‬ ‫ق��وات «داع ��ش»‪ ،‬م��ن جهتها‪ ،‬تسيطر على املناطق الشرقية‬ ‫والشمالية الشرقية من سوريا‪ ،‬ال سيما دي��ر ال��زور والرقة‪،‬‬ ‫فيما يسعى األكراد إلى حماية مناطق وجودهم‪ ،‬وهم يحاربون‬ ‫الستعادة عني العرب من أي��دي «داع��ش» بمساعدة عناصر‬ ‫الجيش السوري الحر‪ .‬أما قوات املعارضة األخرى‪ ،‬ال سيما‬ ‫«جبهة ال�ن�ص��رة»‪ ،‬فهي تنشر ق��وة ف��ي مناطق إدل��ب بشكل‬ ‫أساسي وشمال حماه‪ ،‬فيما توجد بقوة في درعا والجوالن‪.‬‬ ‫على هذا األساس تعاملت الدول املجاورة مع واقع الحال‪ ،‬خاصة‬ ‫أن الرئيس األسد فقد السيطرة على كثير من املناطق الحدودية‬ ‫مع الدول املجاورة‪.‬‬ ‫يقول طوني ب��دران‪ ،‬الكاتب والباحث في مؤسسة الدفاع عن‬ ‫الديمقراطيات‪« :‬الخريطة الجغرافية العسكرية التي خلصت‬ ‫إليها س��وري��ا ليست بسبب ت��دخ��ل ال��دول امل �ج��اورة بالحرب‬ ‫ل�ص��ال��ح امل �ع��ارض��ة ال �س��وري��ة‪ ،‬ب��ل ه��و ب�س�ب��ب تقهقر ال�ن�ظ��ام‬ ‫العسكري ال�س��وري ف��ي املناطق ال�ت��ي فقد السيطرة عليها‪،‬‬ ‫وبالتالي أصبح لزاما على تلك الدول التعامل مع واقع الحال»‪.‬‬ ‫يتابع ط��ون��ي ب ��دران‪ ،‬أن س�ق��وط خ��رب��ة غ��زال��ة ف��ي أي��دي ق��وات‬ ‫األسد منتصف عام ‪ ،2013‬خير دليل على عدم تدخل دول‬ ‫م�ج��اورة بالحرب األهلية السورية لترجيح كفة املعارضني‬ ‫على النظام‪ .‬وخربة غزالة قرية تقع على الطريق الواصل بني‬ ‫دمشق والحدود األردنية‪ ،‬وتعتبر في غاية األهمية من الناحية‬ ‫العسكرية لكل م��ن جيش النظام ال�س��وري وامل�ع��ارض��ة على‬ ‫ال �س��واء‪ ،‬فمن يمسك ب��زم��ام األم ��ور فيها يتمكن م��ن فرض‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪43‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫الحرب السورية‪ :‬إيران ـ ـ إسرائيل‪ ..‬والتحوالت الكبرى‬

‫اتصاالت ومصالح مشتركة‬ ‫بني نتنياهو و«جبهة النصرة»‬ ‫كتب عبد الرحمن الراشد في «الشرق األوسط» قبل نحو شهر مقاال بعنوان‪« :‬كيف صرنا نصفق إلسرائيل»‪ ،‬بعد‬ ‫العملية اإلسرائيلية في القنيطرة التي استهدفت موكبا لقياديي حزب الله والحرس الثوري اإليراني‪ ،‬والتي القت‬ ‫تعاطفا من قبل كثيرين على مواقع التواصل االجتماعي حتى من متعاطفني مع الجماعات اإلسالمية‪ .‬وفيه يقول‬ ‫الكاتب إنه «إن وقعت مجددا مواجهة بني إسرائيل وحزب الله‪ ،‬أو مع إيران‪ ،‬فإن الكثيرين من العرب سيبتهلون داعني‬ ‫بهزيمة ميليشيات الحزب وجنراالت حليفه اإليراني»‪ .‬يتساءل الكاتب عن سر هذا التحول في املزاج الشعبي العربي‪،‬‬ ‫الذي يؤسس لتحوالت كبرى في املنطقة‪ .‬وتكمن أهمية هذا املقال في تناوله دورا إسرائيليا كان ال يزال غامضا‬ ‫وملتبسا للبعض في الحرب األهلية السورية لجهة دعمه جهة ما على حساب أخرى‪ .‬وملحاولة اإلضاءة على هذه‬ ‫القضية‪ ،‬يجب علينا العودة قليال إلى الوراء‪.‬‬ ‫بيروت ‪ -‬واشنطن‪ :‬إيللي فواز‬ ‫فالقصة تبدأ من سوريا‪ ،‬وبالتحديد يوم قبل الرئيس بشار‬ ‫األسد أن يخلف والده في قيادة النظام البعثي‪ .‬كان النتخابه‬ ‫ترحيب غربي مميز‪ ،‬حيث علقت عليه آمال كبرى كونه شابا‬ ‫درس في الغرب‪ ،‬ومن املفترض أن يكون تشرب من تلك الثقافة‬ ‫الديمقراطية مما يجعله يريد تطبيقها في بلده سوريا عند‬ ‫أول فرصة متاحة له‪.‬‬ ‫سرعان ما بدد الرئيس األسد من خالل ممارساته في الحكم‬ ‫تلك اآلمال‪ ،‬وفهم البعض أن التغيير اآلتي إلى سوريا هو إلى‬ ‫األسوأ‪ ،‬ليكتشف كثر أنه قبل وراثة النظام الذي أرساه والده‬ ‫بكل مساوئه دون أي نية في اإلصالح‪ ،‬وكانت القناعة ترسخت‬ ‫لدى من قابله من رؤساء في بداية عهده أمثال الرئيس الروسي‬ ‫فالديمير بوتني والرئيس الفرنسي جاك شيراك‪ ،‬إذ ترك لديهم‬ ‫انطباعات سلبية جدا‪ .‬وفي هذا املجال‪ ،‬كان الرئيس الفرنسي‬ ‫جاك شيراك أسر للبطريرك املاروني مار نصر الله بطرس‬ ‫صفير الذي زاره في اإلليزيه أن الرئيس بشار األسد «يشبه‬ ‫والده ما عدا الحنكة والدهاء»‪.‬‬ ‫حدث االجتياح األميركي للعراق‪ ،‬ولم يكن أحد يعرف إن كان‬ ‫سيكتفي الرئيس األم�ي��رك��ي ج��ورج ب��وش ب��ال�ع��راق أم يتابع‬ ‫طريقه نحو «قصر املهاجرين» إلسقاط األس��د‪ .‬قلق األسد‬ ‫جعله يقترب أكثر من إيران‪ ،‬ويبتعد أكثر عن محيطه العربي‪،‬‬ ‫فشهدت عالقاته بدول الخليج الكثير من التقلبات‪.‬‬ ‫بالفعل افتقد الرئيس ال�س��وري االب��ن حنكة وال ��ده‪ ،‬ال��ذي‬ ‫أورث ��ه نظاما ع��رف كيف ي ��وازي ب�ين تحالفاته اإلقليمية‬ ‫من جهة‪ ،‬وعالقاته العربية من جهة أخرى‪ .‬فشل الرئيس‬ ‫بشار األسد في املحافظة على هذه التوازنات‪ ،‬خاصة بعد‬

‫‪42‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫انسحابه من لبنان على أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪،‬‬ ‫ومواجهته أوضاعا اقتصادية داخلية صعبة‪ .‬باإلضافة إلى‬ ‫ذلك اتخذ الرئيس السوري سلسلة ق��رارات جعلت الدول‬ ‫الغربية تتوجس منه وتتابع مساره السياسي بقلق‪ ،‬ومن‬ ‫بينها محاولته بناء مفاعل نووي سرا بمساعدة الكوريني‬ ‫الشماليني على الحدود السورية ‪ -‬العراقية‪ ،‬ثم تمرير السالح‬ ‫عبر أراضيه إلى حزب الله بشكل يضمن كسر املوازين‬ ‫في الداخل اللبناني لصالح الحزب‪ ،‬ومساعدة حماس في‬ ‫تحويل غزة إلى مقاطعة إيرانية‪ ،‬وإيواؤها ورعاية قيادتها‬ ‫ف��ي قلب العاصمة دم�ش��ق‪ ،‬م��ن دون أن ننسى الشبهات‬ ‫التي دارت حوله ف��ي اغتيال رئيس وزراء لبنان الرئيس‬ ‫رفيق الحريري‪.‬‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ 2011‬ب��دأ ال�ح��راك الشعبي ض��ده‪ .‬لم يكن الرئيس‬ ‫ال�س��وري يتوقع قيام ث��ورة شعبية ض��ده‪ ،‬بنتيجة «تالحم»‬ ‫القيادة البعثية مع الشعب حسب ما أك��د قبل أي��ام من قيام‬ ‫الثورة‪ ،‬لصحافي أميركي سأله عن تأثير الربيع العربي في‬ ‫كل من تونس ومصر وليبيا على سوريا‪.‬‬

‫الحرب األهلية السورية‬ ‫أربكت كل الدول املجاورة‬ ‫وإن كانت بعض الدول العربية ومعها تركيا عملت منذ البدء‬ ‫على السعي لإلطاحة بنظام األس��د من خ�لال مد املعارضة‬ ‫باملال والسالح‪ ،‬فالجواب اإليراني كان جاهزا‪ :‬ممنوع سقوط‬ ‫األس� ��د‪ ..‬م�م�ن��وع ت��داع��ي ال �ه�لال ال�ش�ي�ع��ي ال ��ذي س�ع��ت ال��دول��ة‬ ‫اإلسالمية ف��ي إي��ران إل��ى بنائه على م��دى ع�ق��ود‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫األساس مدت نظام األسد أول األمر بالسالح الذي كان يأتيه‬ ‫محمال بالطائرات‪ ،‬ثم دفعت بحزب الله إلى األتون السوري‪،‬‬

‫كما بدا جليا في معركة السيطرة على القصير‪ .‬بعدها بدأت‬ ‫إيران بإرسال ميليشيات شيعية عراقية‪ ،‬وصوال إلى إرسال‬ ‫قوات من الحرس الثوري اإليراني من أجل املشاركة في القتال‬ ‫واملساعدة على اإلدارة االستراتيجية العسكرية‪.‬‬ ‫في املقابل‪ ،‬عمد كل من األردن وإسرائيل في بدايات الثورة‬ ‫السورية إل��ى مراقبة األح��داث عن كثب من دون أخ��ذ موقف‬ ‫واضح من أطراف الصراع‪ ،‬خاصة أن السؤال عمن يمكن أن‬ ‫يخلف نظام األسد لم يكن ليلقى أي جواب مقنع لدى قيادات‬ ‫هذان البلدان‪.‬‬ ‫ه��ذا األم��ر لم يمنع إسرائيل من العمل على منع نقل سالح‬ ‫استراتيجي إلى لبنان‪ ،‬ومنع النظام السوري من بناء مفاعل‬ ‫نووي ألغراض حربية‪ .‬ومع بداية عام ‪ 2013‬بدأ سالح الجو‬ ‫اإلسرائيلي باستهداف مواقع ومواكب تخزن وتنقل أسلحة‬ ‫تعتبرها خطرا على أمنها‪ .‬هذه االستهدافات كانت جزءا من‬ ‫الحرب الخفية الدائرة بني إسرائيل وإيران‪ ،‬قبل اندالع الثورة‬ ‫ال�س��وري��ة ب��أع��وام على خلفية نقل تقنية تصنيع ص��واري��خ‬ ‫قصيرة وطويلة املدى إلى أذرعها العسكرية في كل من لبنان‬ ‫وغزة‪.‬‬ ‫مع مرور الوقت أدركت إسرائيل ومعها األردن وبلدان كثيرة أن‬ ‫الرئيس األسد لن يستطيع السيطرة على سوريا مجددا‪ ،‬وأنه‬ ‫بات ضعيفا إلى حد أصبح قراره مرهونا بإيران والحاج قاسم‬ ‫سليماني بالكامل‪ .‬وأدرك��ت إسرائيل أيضا أن استراتيجية‬ ‫الرئيس أوباما تقوم على مراعاة مصالح إي��ران في املنطقة‪،‬‬ ‫في عصر انفتاح البلدين كل منهما على اآلخر‪ ،‬وبالتالي غض‬ ‫النظر ع��ن تحول الرئيس األس��د دمية ف��ي ي��د إي��ران‪ ،‬الحاكم‬ ‫الفعلي في سوريا‪.‬‬ ‫بعد عملية القنيطرة التي استهدفت فيها إسرائيل موكبا يقل‬ ‫قياديني من حزب الله والحرس السوري اإليراني‪ ،‬أطل حسن‬


‫وتطوير مشاريعها وتدخل الجميع في مأزق سياسي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬ثقافي‪،‬‬ ‫وتؤدي إلى تصلب الهويات وإلى التطرف‪ ،‬وتسهم في تقويض الدول»‪.‬‬

‫الصعود اإلسالمي‬ ‫تقع الكويت في مرمى العاصفة اإلقليمية‪ ،‬فهي تتأثر بالصراعات في منطقة‬ ‫الخليج‪ ،‬وقد دفعت البالد ثمنا باهظا نتيجة وقوعها كدولة ثرية وضعيفة في‬ ‫مرمى الدول املحيطة‪ ،‬كان أبرز مثال على ذلك تهديدات العراق بضم الكويت‬ ‫في الستينات‪ ،‬واجتياحها بالكامل وتشريد أهلها في عام ‪ ،1990‬وتلعب‬ ‫هذه التجاذبات دورا في تأجيج الوضع الداخلي‪ ،‬مثلما تمثل عامل قلق دائم‬ ‫للحكومة في أن ترتفع وتيرة الصراعات الداخلية بشكل تقحم الخارج في‬ ‫األوضاع الداخلية لإلمارة الصغيرة‪ .‬يتوقف أستاذ العلوم السياسية بجامعة‬ ‫الكويت‪ ،‬الدكتور إبراهيم الهدبان‪ ،‬أمام التحديات االجتماعية التي تواجهها‬ ‫الكويت‪ ،‬ويقول‪« :‬إن التغيرات االجتماعية في دول الخليج‪ ،‬بما يشمل الصراع‬ ‫بني ما هو تقليدي ومحافظ وبني الحداثي‪ ،‬خلقت إشكاال تعاني منه الكويت‬ ‫كغيرها م��ن دول مجلس ال�ت�ع��اون‪ ،‬وخصوصا ال�ق��درة على التوفيق بني‬ ‫الفكرين املختلفني بطريقة حضارية وديمقراطية»‪.‬‬ ‫تغيرت إل��ى حد كبير خارطة القوى السياسية واالجتماعية في الكويت‪،‬‬ ‫منذ الستينات حتى اليوم‪ ،‬فقبل صعود التيارات اإلسالمية لواجهة املشهد‬ ‫السياسي في الكويت‪ ،‬كانت التيارات القومية والليبرالية تتصدر الحياة‬ ‫السياسية وكانت فترة السبعينات الفترة الذهبية لهذه التيارات‪ .‬مفكر قومي‬ ‫كويتي بارز يعد أحد رموز تلك املرحلة‪ ،‬عن قراءته للصعود اإلسالمي‪ ،‬قال‬ ‫(في حديث سابق)‪ ،‬إنه ال يقرأه على أنه مؤشر سيئ بالضرورة‪ .‬بل ربما‬ ‫مثل «فرصة» لتقعيد األفكار الطوباوية والنزول بها إلى الواقع‪.‬‬ ‫وبحسب الدكتور أحمد الخطيب‪ ،‬وهو من قيادات العمل القومي في العالم‬ ‫العربي منذ الخمسينات‪ ،‬وكان نائبا لرئيس املجلس التأسيسي ‪ 1961‬وأحد‬ ‫واضعي دستور الكويت‪ ،‬وأبرز األصوات املعارضة في مجلس األمة خالل‬ ‫الفترة من ‪ ،1992 - 1963‬فإن «التيار الديني سيجد نفسه معنيا بتنزيل‬ ‫األفكار من عليائها إلى أرض الواقع‪ ،‬وربما التعامل ببراغماتية»‪.‬‬ ‫تعرض التيار الليبرالي في الكويت لضربات عنيفة منذ السبعينات‪ ،‬سواء‬ ‫عبر االنقسامات الداخلية التي واجهته‪ ،‬أو بسبب تداعيات خسارته في‬ ‫االنتخابات‪ ،‬كما أن التحالف الحكومي مع التيارات الدينية أسهم في تفتيت‬ ‫هذه الحركة‪ ،‬فالكويت شأن كثير من الدول العربية التي صعد فيها التيار‬ ‫الديني بتحالف ودعم الحكومة ليحتل مراكز في التعليم واألوقاف واإلعالم‬ ‫والتلفزيون‪ ،‬وكان ذلك على حساب التيارات األخرى وبينها التيار الليبرالي‪.‬‬

‫حساسية املشكل الطائفي»‪.‬‬ ‫خطر ال �ص��راع الطائفي على دول��ة صغيرة مثل ال�ك��وي��ت‪ ،‬تقع ف��ي مرمى‬ ‫التجاذبات اإلقليمية‪ ،‬يراه مفكر قومي عريق هو الدكتور أحمد الخطيب أبعد‬ ‫من صراعات سياسية‪ ،‬فهو قال لي (في لقاء سابق)‪« :‬أشعر بالخوف على‬ ‫الكيان الكويتي‪ ،‬ألن الصراع الطائفي السني‪ /‬الشيعي حاد للغاية‪ .‬والكويت‬ ‫تحت خط الجذب اإلقليمي‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فإن هذا الصراع حني يصل إلى نهايته‪ ،‬قد يؤدي إلى تقسيم املنطقة‬ ‫جغرافيا على أساس طائفي‪ ،‬وأمام هذه التحدي فإن الدول الكبيرة كالعراق‬ ‫وسوريا لديها القدرة على تحمل مثل هذه التقسيمات‪ ،‬أما الدول الصغيرة‬ ‫كالكويت ال تتحمل التقسيم‪ .‬وهذا النوع من الصراع قد يؤدي لزوال الكيان‪،‬‬ ‫ولذلك أشعر بالخوف عليه»‪.‬‬

‫صراع النخبة‬ ‫يعول الكويتيون على الدولة التي مرت بامتحانات صعبة أهمها الغزو العراقي‬ ‫للكويت أغسطس (آب) ‪ ،1990‬لكي تأخذ مسؤولياتها في الحفاظ على وحدة‬ ‫بيت الحكم من جهة ومنع االنقسام أن يمتد للشارع‪.‬‬ ‫ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور إبراهيم الهدبان‪:‬‬ ‫«صراعات بيت الحكم تؤثر على الشارع وتمثل تحديا لدور الدولة»‪ ،‬ويضيف‪:‬‬ ‫«أعتقد اآلن أن الدولة في مرحلة إع��ادة الحسابات‪ ،‬حيث تحاول أن تعود‬ ‫اآلن مرة أخرى لتفرض الهيبة والقانون واللجوء للقضاء‪ ،‬وتظهر نفسها‬ ‫كمسيطرة على األحداث‪ ،‬وأن تلعب دورا فاعال مرة أخرى‪ ،‬وتعيد االعتبار‬ ‫لسلطة الدولة وهيبتها التي تعرضت للتحدي أثناء ما عرف بفترة الحراك»‪.‬‬ ‫ويقول الكاتب الدكتور صالح الفضلي‪( ،‬ماجستير فلسفة‪ ،‬ودكتوراه نظم‬ ‫معلومات في جامعة الكويت) لـ«املجلة»‪ ،‬إن مشروع الدولة في الكويت ما‬ ‫زال متراجعا‪ ،‬فـ«مفهوم الحكم غالب على مفهوم ال��دول��ة»‪ ،‬وينعكس ذلك‬ ‫بالضرورة على الشارع‪ ،‬ف«توازنات الحكم تستدعي التقريب واإلبعاد»‪.‬‬ ‫وب��رأي الفضلي‪ ،‬ف��إن ص��راع��ات النخبة الحاكمة في الكويت‪ ،‬تشكل قلقا‬ ‫رئيسيا‪ ،‬ويمكن أن تمثل تهديدا حقيقيا على الكيان‪ .‬وإلى جانب هذا الصراع‬ ‫يأتي صراع آخر ال يقل أهمية يتمثل في صراع املصالح الذي يمثله التجار‬ ‫والطبقة االقتصادية في البالد<‬

‫مع احتدام‬ ‫األزمات‬ ‫االقتصادية‬ ‫تبرز مشكلة من‬ ‫شأنها أن تهدد‬ ‫االستقرار الذي‬ ‫ً‬ ‫طاملا ظل مرتبطا‬ ‫بالرفاة‬

‫القبيلة والطائفة‬ ‫يتحدث الكويتيون عن استفحال دور القبيلة والطائفة على حساب الدولة‬ ‫منذ الغزو العراقي للكويت‪ ،‬لكن الدكتور شفيق الغبرا‪ ،‬يقرأ واقع القبيلة في‬ ‫الكويت بنحو مختلف‪ ،‬فهو قال لي إن القبيلة في الكويت هي «منتج حديث‪،‬‬ ‫وهي إفراز آلليات املجتمع الحديث»‪ ،‬حيث جاءت القبائل لالستقرار ولكنها‬ ‫وج��دت «غربة في املدينة» ووج��دت أنها «ال تمتلك ذات العالقات والوسائط‬ ‫واألدوات التي يمتلكها ابن املدينة األصلي‪ ،‬فالتجأت إلى القبيلة كوسيلة من‬ ‫وسائل الحماية وبمجرد ما تطور الدولة آلياتها تصبح القبلية أقل تأثيرا»‪،‬‬ ‫وي��رى الغبرا أن القبيلة‪ ،‬كما الطائفة‪ ،‬هي ج��زء من الوطن ونشأت بنشوء‬ ‫الكويت الحديثة‪ .‬جانب آخر من الصراع االجتماعي يراه الدكتور أحمد الخطيب‬ ‫مصدرا للتهديد وهو االنقسام الحضري‪ /‬القبلي‪ ،‬أو بني الداخل والخارج‪،‬‬ ‫وهو صراع حاد جدا‪.‬‬

‫الصراع الطائفي‬ ‫قال الدكتور إبراهيم الهدبان إن معظم دول الخليج تعاني من وجود أزمة‬ ‫طائفية‪« ،‬وعلى دول الخليج أن تحتاط ملثل هذه األم��ور‪ ،‬وأن تراعي كثيرا‬

‫مشروع الدولة‬ ‫في الكويت ما‬ ‫ً‬ ‫متراجعا ألن‬ ‫زال‬ ‫مفهوم الحكم‬ ‫غالب على‬ ‫مفهوم الدولة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪41‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫كويتيتان تأخذان «سيلفي» خالل‬ ‫الجلسة االفتتاحية للفترة البرملانية‬ ‫الجديدة في مدينة الكويت في ‪ 28‬أكتوبر‬ ‫العام املاضي (غيتي)‬

‫هل يفسر تنامي‬ ‫ظاهرة التشدد‬ ‫في الكويت أن‬ ‫الديمقراطية فيها‬ ‫لم تنجح في كبح‬ ‫جماح التطرف في‬ ‫حني يسود االعتقاد‬ ‫أن أفكار التشدد‬ ‫تنمو في بيئات‬ ‫القمع واالنغالق؟‬

‫‪40‬‬

‫هو متأثر سلبيا من التجربة البرملانية العربية‪ ،‬لكن الحقيقة أن املعضلة هي‬ ‫«أننا ذهبنا إلى الدولة قبل أن نبني أركانها وأهم تلك األركان هي املواطنة»‪.‬‬ ‫وبرأي الدكتور شفيق الغبرا‪ ،‬فإن الكويت تمر بمخاض مرتبط أساسا بعملية‬ ‫تنظيم وإعادة تنظيم الحياة السياسية الكويتية‪ .‬واملخاض هناك مرتبط بكون‬ ‫الكويت التي تمتلك نصف ديمقراطية‪ ،‬قد وصلت إلى مرحلة ال تستطيع‬ ‫من خاللها أن تعالج ديمقراطيتها الناقصة إال بمزيد من الديمقراطية‪ .‬يقول‬ ‫الغبرا‪« :‬الكويت اليوم وصلت إلى منعطف يجعلها غير قادرة على معالجة‬ ‫نصف ديمقراطيتها التي تمتلكها إلى بمزيد من الديمقراطية»‪.‬‬

‫صراع الهويات‬ ‫ب��رأي الدكتور شفيق الغبرا‪ ،‬أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت‪،‬‬ ‫فإن التحدي األهم هو املقدرة على الحفاظ على املساحة السياسية العامة‪،‬‬ ‫ومساحة الخالف السياسي‪ ،‬ومساحة النقاش السياسي التي تسمح بتوسط‬ ‫كل اآلراء والتعبير عن كل االتجاهات‪ ،‬ومع هذا التحدي التعامل مع الهويات‬ ‫املتنوعة التي يزخر بها املجتمع الكويتي‪ ،‬فهناك هويات متعددة‪ ،‬ومتنوعة‪،‬‬ ‫وهويات فرعية‪ ،‬بعضها هويات سياسية‪ ،‬وبعضها هويات فئوية‪ ،‬ودينية‪،‬‬ ‫واجتماعية‪ ،‬وثقافية‪ ،‬يزخر بها املجتمع‪.‬‬ ‫ويمضي بالقول‪« :‬إن ع��دم ال�ق��درة على خلق الصياغة التي تدمج الفئات‬ ‫الجديدة وتعقلن العالقة بني الهويات املختلفة ضمن الحالة الوطنية األوسع‬ ‫من شأنه أن يفاقم الصراع بينها»‪.‬‬ ‫لكن هل يملك مشروع الدولة اإلمكانية والقدرة عن أن ينهض بهذه املهمة‪..‬؟‬ ‫يجيب الدكتور الغبرا قائال‪« :‬الدولة تستطيع أن تتعامل مع هذه الهويات‬ ‫املتعددة‪ ،‬وهي ق��ادرة على أن تدمج باحترام وإيجابية هذه الهويات‪ ،‬وهذا‬ ‫حتما يتطلب تطويرا آلليات الدولة من حيث مشروعها ومساءلتها وقوانينها‬ ‫ومن حيث قدرتها على التعامل مع البناء مع املساحة العامة‪ ،‬كقضايا العدالة‬ ‫االجتماعية والحريات وغيرها»‪.‬‬ ‫ويشدد الغبر على أنه ليس املطلوب أن تندمج أو تنصهر الهويات املتعددة‪،‬‬ ‫ل�ك��ن امل�ط�ل��وب ه��و ال��وع��ي ب��وج��وده��ا واالس �ت �ع��داد للتعامل ال�ب�ن��اء وال �ع��ادل‬ ‫واإليجابي بما يسمح بتحويل قوتها ووجودها إلى طاقة إيجابية لصالح‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫املشروع الوطني األوسع‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ما هو املشروع الوطني األوس��ع ال��ذي يستحق أن تبذل الدولة جهدا‬ ‫لتآلف الهويات التي يشي واقعها بالتفتت والتصارع؟ يجيب الدكتور الغبرا‪:‬‬ ‫«مشروع الهوية الوطنية‪ ،‬هو مشروع بناء الدولة‪ ،‬وحني نتحدث عن الكويت‬ ‫وهي دولة صغيرة بمجتمع صغير وعدد سكان صغير فهي تحتاج إلى‬ ‫تلك الصياغة تخلق االطمئنان متوسط وطويل األمد لكل القوى ولكل أنواع‬ ‫النسيج االجتماعي املتنوع في املجتمع»‪.‬‬ ‫وحني سألناه عن استفحال الهويات الفرعية منذ عام ‪ ،1990‬أج��اب‪« :‬إن‬ ‫الهويات الفرعية تكبر وتستفحل حني تفشل الدولة في بناء املشروع الوطني‬ ‫وعندما تخفق الدولة في التعامل معها‪ ،‬أو عندما تتراجع املساحة العامة‪،‬‬ ‫وال تبنى املؤسسات الالزمة لعمليات االستيعاب والدمج للفئات الجديدة‪،‬‬ ‫وعندما يكون هناك ضعف في التنمية السياسية وفي املأسسة السياسية‬ ‫وفي التعبيرات السياسية‪ ،‬ينتج عنه حتما تنامي الهويات الفرعية وتقويتها‬ ‫وتتحول وكأنها بديل عن الهوية الوطنية»‪.‬‬ ‫لكن هل هناك أسباب اجتماعية الشتعال الهويات؟‬ ‫يجيب الدكتور الغبرا‪« :‬إن االمتيازات والتمايزات بني الناس تؤدي الشتعال‬ ‫الهويات‪ ،‬وهي شكل آخر من التحديات االجتماعية‪ ،‬فهذه االمتيازات بني‬ ‫الناس تخلق أنواعا من التحزبات التي تنشأ من شعور بعض الناس بأنهم‬ ‫يمتلكون امتيازات أقل من فئة أخرى»‪.‬‬ ‫ويقول‪« :‬االمتيازات والتمايزات هي تلك الفروقات س��واء أكانت طبقية أو‬ ‫عرقية أو اجتماعية التي تجعل الناس تتحزب‪ .‬فكلما زادت االمتيازات لفئات‬ ‫اجتماعية أو مجموعات على حساب فئات ومجموعات أخ��رى يحدث ما‬ ‫نسميه باشتعال الهويات»‪.‬‬ ‫ويدعو الغبرا للوعي بإشكالية االمتيازات داخل الكويت وخارجها‪ ،‬يمكن أن‬ ‫يحد من املشكلة‪ ،‬ألنه «مع االمتيازات والتمايزات تنشأ مشكلة العنصرية‬ ‫وهو ما يفسر بروز الظواهر املتطرفة‪ ،‬وهو يتطلب وعيا ووقتا»‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬هذه التمايزات واالمتيازات هي جوهر النظام الرأسمالي‪ ،‬وهي واقع‬ ‫املجتمعات الخليجية‪ ،‬فكيف تصبح أحد التحديات املقبلة؟ يجيب الدكتور‬ ‫الغبرا بالقول‪« :‬قد تصبح أحد التحديات‪ ،‬ألننا ندخل في مرحلة تكون فيها‬ ‫هذه التمايزات واالمتيازات تصبح عصية على تطوير البالد وتطوير الدولة‬


‫وزير الكهرباء واملاء ووزير األشغال العامة املهندس عبد العزيز اإلبراهيم‬ ‫يتحدث بجوار وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية يعقوب الصانع والنائب‬ ‫مبارك الخرينج خالل جلسة ساخنة للبرملان بشأن انقطاع الكهرباء الذي‬ ‫ضرب معظم املدينة في فبراير (شباط) املاضي (غيتي)‬

‫يستند الكويتيون إلى الشيخ عبد الله السالم الصباح‪ ،‬رجل االستقالل‪ ،‬الذي‬ ‫أرسى التجربة الديمقراطية الفتية في الكويت‪ .‬وفي عهده تم إقرار الدستور‪،‬‬ ‫أول وثيقة من نوعها في الخليج‪ ،‬ويطلق اسمه اليوم على قاعة مجلس األمة‪،‬‬ ‫الغرفة التشريعية األكثر سخونة وجدال في املنطقة‪ .‬وصدر الدستور الكويتي‬ ‫الحالي بعد االستقالل‪ ،‬في ‪ 11‬نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ ،1962‬وبدأ العمل‬ ‫به رسميا في ‪ 29‬يناير (كانون الثاني) ‪ ،1963‬ويتبنى الدستور الكويتي‬ ‫النظام الديمقراطي‪ ،‬حيث تنص املادة السادسة بأن‪« :‬نظام الحكم في الكويت‬ ‫ديمقراطي‪ ،‬السيادة فيه لألمة مصدر السلطات جميعا»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن التجربة النيابية والتشريعية في الكويت ضاربة في القدم‪،‬‬ ‫فإنها بقيت على الدوام معرضة لالمتحان‪ ،‬بني الديمقراطية واالستقرار‪.‬‬ ‫ال��دك�ت��ور إب��راه�ي��م ال�ه��دب��ان‪ ،‬ي�ق��ول ل�ـ«امل�ج�ل��ة»‪ ،‬دائ�م��ا ه�ن��اك ح��اج��ة مل��زي��د من‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬لكن م��ا ح��دث م��ن ت�ط��ورات ف��ي ظ��ل م��ا ب��ات يعرف بـ«الربيع‬ ‫ال�ع��رب��ي» وم��ا صاحبه م��ن ارت �ف��اع م��وج��ات اإلره ��اب وص�ع��ود التنظيمات‬ ‫املسلحة‪ ،‬شهدنا تضييقا على امل�س��ار الديمقراطي خشية م��ن أن يساء‬ ‫استخدام هذه الديمقراطية‪.‬‬ ‫وأض ��اف‪ :‬ه��ذا ال�ص�ع��ود للعنف ط��رح ت�ح��دي��ا م��ن ن��وع مختلف‪ ،‬وه ��و‪ :‬هل‬ ‫أن��ت بصدد املزيد من الديمقراطية‪ ،‬أم بصدد التضييق من أج��ل الضبط‬ ‫«كونترول» حتى ال تسمح ه��ذه الديمقراطية باالنفالت وتفشي اإلره��اب‬ ‫والفوضى‪ .‬وهناك حاجة للموازنة‪ ،‬ألن املزيد من الديمقراطية دون نظام‬ ‫يضبطها يؤدي فعال إلى الفوضى‪ ،‬وإذا سمحت للجميع أن يتكلم ويعبر عن‬ ‫وجهة نظره‪ ،‬فعليك أن تعي أن هناك مجتمعات في األصل غير متجانسة‬ ‫(ومنها املجتمع الكويتي) مما يفتح الباب أمام املناوشات واالنقسامات على‬ ‫أي أساس كانت‪ ،‬قبلية أو طائفية‪ ،‬التي ينبغي أن يتدخل القانون لضبطها‪.‬‬

‫املعضلة الدستورية‬ ‫الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي‪ ،‬قال لـ«املجلة»‪ :‬بالنسبة للكويت‪،‬‬ ‫فإن التحدي املقبل هو في تطوير النظام البرملاني‪ ،‬ويقول في حديثه لـ«املجلة»‬

‫إن «النظام البرملاني الكويتي كما وضع سنة ‪ 1962‬كان نظاما يقبل بوضع‬ ‫ويطمح لوضع آخ��ر‪ .‬فقد ك��ان يقبل بحياة برملانية ضيقة‪ ،‬ويطمح لحياة‬ ‫برملانية واسعة‪ .‬وما نراه اليوم مما يشبه حالة «الطلق» وما يصاحبها من‬ ‫آالم في السجال الدائر بني القوى السياسية هي بالتحديد تعود لهذه املسألة‪،‬‬ ‫وهي املعضلة الدستورية‪ .‬فهناك من يحس بأن القليل من الحياة البرملانية‬ ‫هي الخيار املناسب للدولة‪ ،‬بينما يرى آخرون بأن تطوير الحياة السياسية‬ ‫ال يتم إال عبر زيادة رقعة املساحة البرملانية‪.‬‬ ‫ويمضي الفيلي بالقول إن «الدستور الكويتي الحالي‪ ،‬اختار نظاما برملانيا‬ ‫ضيقا إلى حد ما‪ ،‬ألنه يجعل الحياة البرملانية تسير من دون أحزاب سياسية‪،‬‬ ‫وع��دم وج��ود أح��زاب سياسية يقود إل��ى ع��دم وج��ود حكومة أغلبية داخل‬ ‫البرملان‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن العرف جرى أن يقوم رئيس الدولة (األمير) بتعيني‬ ‫رئيس الوزراء بعد استشارة البرملان‪ ،‬ألنه ال توجد أغلبية برملانية‪ ،‬وال يوجد‬ ‫تنظيم للحياة السياسية»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬هناك وضع آخر ويمكن أن يتوافق مع الدستور ينتج عنه حكومة‬ ‫ناتجة عن أغلبية برملانية‪ ،‬وبالتالي يصبح للناخب دور من خالل اختيار‬ ‫األغلبية»‪ .‬وما يحدث حاليا برأي الخبير الدستوري الكويتي‪ ،‬أنه «ال البرملان‬ ‫نجح في تنظيم قانوني للحياة السياسية‪ ،‬وال الناخب يميل إلفراز أغلبية‬ ‫برملانية على أساس سياسي»‪.‬‬ ‫ويرى الفيلي أن «الكويتيني مقبلون على تحديات حقيقية ومتشعبة‪ ،‬بينها‬ ‫انخفاض أسعار النفط وغيرها من التحديات التي تجعل من وجود حكومة‬ ‫منتخبة وذات غالبية برملانية وتتحمل املسؤولية صمام أمان للمرحلة املقبلة»‪.‬‬ ‫لم يجرب الكويتيون حكومة منتخبة‪ ،‬ومن املبكر الجزم بأن هذه الحكومة‬ ‫يمكنها أن تضع حلوال للتحديات الراهنة واملقبلة‪ ،‬لكن غيرهم من الدول‬ ‫العربية وبينها العراق التي تقع على مرمى حجر من الكويت جربت منذ عام‬ ‫‪ 2003‬نظاما برملانيا تنبثق عنه حكومة تقود البالد‪ ،‬لكن التجربة العراقية ال‬ ‫تغري كثيرا ليس فقط‪ ،‬ألنها لم تنجح في تطوير الحياة السياسية‪ ،‬ولكنها‬ ‫أصبحت تراكم املشكالت وأدت النعدام األمن وفقدان التنمية‪ .‬وحني نقلت هذه‬ ‫االنطباعات للخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي‪ ،‬أجاب‪ :‬هناك بالفعل من‬

‫د‪ .‬إبراهيم الهدبان‪:‬‬ ‫الرخاء يصاحبه‬ ‫االستقرار وإذا حدث‬ ‫تراجع في الثروة‬ ‫واالقتصاد فقد‬ ‫يعرض االستقرار‬ ‫للخطر‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪39‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫في عيدها الـ ‪ 54‬تبدو الكويت التي عبرت ‪ 3‬سنوات صعبة من السجال السياسي وصل حد االشتباك‪ ،‬أكثر‬ ‫تماسكا واستقرارا‪ ،‬لكن شعورا عميقا بالتحديات املحدقة بالبالد‪ ،‬بعضها من الخارج وأكثرها من الداخل‪،‬‬ ‫تضع البالد في فوهة البركان‪ .‬فالكويت تعاني من انقسامات حادة في الداخل‪ ،‬يصل بعضها لبيئة الحكم‪،‬‬ ‫وينعكس فورا على الشارع‪ ،‬وتعاني من انقسام اجتماعي‪ ،‬وطائفي‪ ،‬وطبقي‪ ،‬كما تعاني كغيرها من الدول‪،‬‬ ‫من إفرازات الربيع العربي وما أنتجه من صعود ملوجة اإلرهاب‪ .‬لكن خبراء وأكاديميني كويتيني تحدثت معهم‬ ‫«املجلة» يشخصون التحديات من زوايا مختلفة‪ ،‬وهم يقولون إن الكويت اليوم أمام مفترق طرق صعب‪ ،‬وهي‬ ‫تواجه تحديات ال تتعلق بالصراعات اليومية التي تألفها الحياة الديمقراطية‪ ،‬بل هي تحديات تضرب في‬ ‫العمق وتصيب أصل الكيان‪.‬‬

‫في عيدها الـ ‪ ..54‬الكويت إلى أين؟‬

‫ما الذي يشغل الكويتيني في عصر الدواعش‬ ‫الكويت‪:‬‬ ‫ميرزا الخويلدي‬

‫د‪ .‬شفيق الغبرا‪:‬‬ ‫مشروع الهوية‬ ‫الوطنية هو مشروع‬ ‫بناء الدولة‪..‬‬ ‫والكويت تحتاج‬ ‫إلى صياغة لهوية‬ ‫وطنية تخلق‬ ‫االطمئنان لكل القوى‬ ‫ولكل أنواع النسيج‬ ‫االجتماعي املتنوع‬

‫‪38‬‬

‫ف��ي ن��ظ��رة فاحصة على ال��خ��ارط��ة الكويتية ت��ب��دو رق��ع��ة جغرافية صغيرة‬ ‫يعيش فوقها عدد قليل من السكان‪ ،‬وسط محيط ملتهب‪ ،‬لكنها تستعر‬ ‫بالصراعات البينية والسجاالت التي تكشف أيضا عن فائض قوة ال يمكن‬ ‫تصريفه محليا‪ .‬ومع احتدام األزمات االقتصادية تبرز مشكلة أخرى من‬ ‫شأنها أن تهدد االستقرار‪ ،‬الذي طاملا ظل مرتبطا بالرفاة‪.‬‬ ‫في ‪ 25‬فبراير (شباط) احتفلت الكويت بعيدها ال��ـ‪ ،54‬وه��ي مناسبة أقل‬ ‫صخبا من األعوام التي سبقتها رغم الحديث عالي النبرة عن قضايا الفساد‬ ‫واالتهامات املتبادلة‪ .‬وفي هذه املناسبة يتحدث لـ«املجلة» عدد من األكاديميني‬ ‫والخبراء الكويتيني عن التحديات املقبلة للبالد‪ ،‬وسبل مواجهتها‪.‬‬

‫األمن أوال‬ ‫في البدء يتحدث لـ«املجلة» الدكتور إبراهيم الهدبان‪ ،‬أستاذ العلوم السياسية‬ ‫بجامعة الكويت‪ ،‬عن تأثير األزم��ة االقتصادية على االستقرار‪ ،‬قائال إن‬ ‫«التحديات التي تواجهها الكويت‪ ،‬شبيهة بالتحديات التي تواجهها دول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬فبعض هذه التحديات لها طابع اقتصادي‪ ،‬بما‬ ‫يشمل قضية التوظيف‪ ،‬وإيجاد ف��رص عمل للخريجني‪ ،‬وكما تعلم‪ ،‬فإن‬ ‫دول مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬وبينها الكويت‪ ،‬تكفلت بإيجاد فرص عمل‬ ‫ملواطنيها»‪ ،‬وه���ذا م��ا راك���م أع���داد الخريجني ال��ذي��ن يضغطون على سوق‬ ‫الوظائف التي توفرها الحكومات‪ .‬وبرأي الهدبان‪ ،‬فإن العامل االقتصادي‬ ‫يمثل التحدي األكبر لدول مثل الكويت‪ ،‬وقال إن «التراجع األخير في أسعار‬ ‫البترول أعطى درس��ا ل��دول الخليج‪ ،‬وللكويت‪ ،‬ب��أن الرخاء االقتصادي لن‬ ‫يستمر إلى األبد‪ ،‬إذا لم توجد بدائل لهذا املصدر»‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ملاذا يعتبر العامل االقتصادي التحدي األكبر للكويت؟ يجيب الدكتور‬ ‫الهدبان بالقول‪« :‬ألن الرخاء يصاحبه االستقرار ع��ادة‪ ،‬وإذا حدث تراجع‬ ‫في موضوع الثروة واالقتصاد فقد يؤدي إلى تذمر ومن شأنه أن يعرض‬ ‫االستقرار للخطر»‪.‬‬ ‫وأك��ث��ر م��ن مفكر كويتي ق��ال إن املخاطر األمنية املحدقة بالكويت‪ ،‬تمثل‬ ‫التحدي األكبر‪ .‬ومعلوم أن الكويت تقع في مرمى العاصفة خاصة وهي‬ ‫تجاور العراق البلد الذي تعيث فيه التنظيمات اإلرهابية فسادا‪ ،‬لكن الدكتور‬ ‫صالح الفضلي (ماجستير فلسفة‪ ،‬ودكتوراه نظم معلومات جامعة الكويت)‪،‬‬ ‫قال لـ«املجلة» إن «التحدي األمني ال يأتي بالضرورة من الخارج فقط»‪ .‬ويقول‪:‬‬ ‫«عند الحديث عن التحدي األمني ال بد من الحديث عن الخاليا النائمة‪ ،‬وأعني‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫بها قوى التطرف والتشدد في الداخل‪ ،‬فهناك نحو مائتي عنصر كويتي‬ ‫انتموا لتنظيم داعش اإلرهابي قتل منهم نحو ‪ 60‬شخصا‪ ،‬ويمثل الباقون‪،‬‬ ‫ومن ينتمي ألفكارهم خاليا نائمة تهدد السلم واالستقرار في البالد»‪.‬‬ ‫وأمام صعود موجة التشدد في الكويت‪ ،‬أسوة بكثير من الدول العربية‪ ،‬ال‬ ‫يرى الفضلي وج��ودا ألي استراتيجية وطنية ملكافحة الفكر املتشدد في‬ ‫البالد‪ ،‬ويقول‪« :‬رغم وجود مركز للوسطية منذ أكثر من ‪ 10‬سنوات‪ ،‬إال‬ ‫أنه قدم مردودا عكسيا‪ ،‬فبدل أن يساعد على نشر الوسطية أصبح يساعد‬ ‫أكثر على نشر التطرف»‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ملاذا تنمو أفكار التطرف في الكويت‪ ،‬وهي املعروفة بـ«دولة الرفاة»؟‪،‬‬ ‫يجيب ال��دك��ت��ور الفضلي ب��ال��ق��ول‪« :‬إن الفكر امل��ت��ط��رف واف���د على الكويت‬ ‫ومستورد»‪.‬‬ ‫وما يقوله الفضلي‪ ،‬يقوله كثير من النخبة الفكرية والسياسية في الكويت‪،‬‬ ‫أسوة ببقية الدول العربية التي ترمي تبعات التشدد إلى منابت وحواضن‬ ‫خارجية‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬أال يفسر وجود تنامي في ظاهرة التطرف في الكويت‪ ،‬أن الديمقراطية‬ ‫الكويتية لم تنفع في كبح جماح التطرف والتشدد‪ ،‬في حني أن القول السائد‬ ‫إن أفكار التشدد تنمو في بيئات القمع واالنغالق؟ يجيب الفضلي نفسه‬ ‫ب��ال��ق��ول‪« :‬االن��ف��ت��اح ل��م ي��وف��ر حصانة ض��د التشدد حتى ف��ي ال���دول األكثر‬ ‫انفتاحا وهي أوروبا والواليات املتحدة‪ ،‬التي أظهرت التقارير وجود اآلالف‬ ‫من أبنائها ضمن عناصر التنظيمات األكثر دموية في الشرق األوس��ط»‪.‬‬ ‫وب��رأي الفضلي أن هناك بيئة للتشدد تركت لتنمو وتتمدد‪ ،‬وهي تتغذى‬ ‫فكريا من املناهج واملساجد واملراكز الدينية‪ ،‬وتتغذى سياسيا من حالة‬ ‫الضعف التي تعاني منها الدولة‪.‬‬ ‫وال يختلف املحلل السياسي الكويتي ال��دك��ت��ور ع��اي��د امل��ن��اع‪ ،‬ب��ش��أن تلك‬ ‫املخاوف‪ ،‬وهو يقول لـ«املجلة» إن «هذا الكيان يواجه خطرا حقيقيا ما لم‬ ‫تتعاون السلطتان التنفيذية والتشريعية‪ ،‬ولم تظهر السلطة التنفيذية القدرة‬ ‫على لجم املتطرفني‪ ،‬ولم تخلص هذه السلطة في كبح جماح املتطرفني»‪.‬‬

‫الديمقراطية واالستقرار‬ ‫عرفت الكويت أول دستور مكتوب ومجلس شورى في عام ‪ ،1921‬وكان‬ ‫الكويتيون أول شعب خليجي يشكل مجلسا تشريعيا باالنتخاب وذلك في‬ ‫عام ‪ ،1938‬كما عرفت الكويت بنظامها البرملاني‪ ،‬وفي تجربتهم الديمقراطية‪،‬‬


‫همسة في أذن بوتني من روحاني‬

‫العربية‪ ،‬فقد ك��ان اليمن‪ ،‬وقبل ث��ورة ع��ام ‪ ،1962‬ثاني دولة‬ ‫ع��رب�ي��ة تقيم ع�لاق��ات دب�ل��وم��اس�ي��ة م��ع االت �ح��اد السوفياتي‬ ‫السابق بعد اململكة العربية السعودية‪ ،‬وقدمت موسكو لإلمام‬ ‫حميد الدين دعما سياسيا واقتصاديا كبيرا‪ ،‬ربما نكاية‬ ‫في خصومه البريطانيني الذين اقتطعوا منه جنوب اليمن‬ ‫وأق��ام��وا فيه قاعدة بحرية كبيرة في ع��دن منذ ع��ام ‪،1839‬‬ ‫وك��ان��ت ملوسكو ع�لاق��ات وثيقة بجنوب اليمن ف��ي سنوات‬ ‫ال�ح��رب ال �ب��اردة بعد استقاللها ع��ن بريطانيا ف��ي ستينات‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬وحصلت على تسهيالت بحرية في ميناء‬ ‫عدن بالقرب من املحيط الهندي‪ ،‬والتي قال عنها األدميرال‬ ‫الروسي الشهير جورشكوف‪« :‬سأعطي نصف أسطول في‬ ‫املحيط الهندي مقابل هذه القاعدة»‪ .‬وفي الوقت الحالي تسعي‬ ‫موسكو إلى استعادة نفوذها في اليمن وبالقرب من خليج‬ ‫عدن وباب املندب املمر الحيوي نحو املحيط الهادي‪ ،‬فالطريق‬ ‫املؤدي إلى الشرق األقصى الروسي من البحر األسود عبر‬ ‫قناة السويس أقصر بكثير منه حول أفريقيا‪ ،‬ومن الطبيعي‬ ‫أن تحرص روس�ي��ا على وج��ود تسهيالت بحرية على هذا‬ ‫الطريق البحري الطويل‪ ،‬خصوصا أن «مبدأ ب��وت�ين»‪ ،‬الذي‬ ‫أصدره عقب توليه السلطة في الكريملني عام ‪ ،2000‬يهدف‬ ‫إلى استعادة روسيا ملكانتها العاملية عبر العودة إلى أماكن‬ ‫نفوذها السابقة والتي انسحبت منها في التسعينات املاضية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها القواعد البحرية في الشرق األوس��ط‪ ،‬وجنوب‬ ‫آسيا وأميركا الوسطى‪.‬‬ ‫وك��ان��ت األم ��م امل�ت�ح��دة ق��د ط�ل�ب��ت‪ ،‬ف��ي منتصف سبتمبر‬ ‫(أي�ل��ول) امل��اض��ي‪ ،‬وقبل نحو أس�ب��وع م��ن سيطرة جماعة‬ ‫الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء‪ ،‬من روسيا التدخل‬ ‫والضغط بصورة عاجلة على إي��ران لحل األزم��ة اليمنية‬ ‫الراهنة‪ ،‬إذ التقي مبعوث األمم املتحدة الخاص جمال بنعمر‬ ‫مسؤولني في سفارة روسيا بصنعاء وأبلغهم أن املنظمة‬

‫ال��دول�ي��ة ت��دع��و ال�ق�ي��ادة ال��روس�ي��ة بأهمية االت �ص��ال ب��إي��ران على الرئيس السابق علي عبد الله صالح في عام ‪2011‬‬ ‫إلي�ج��اد ح��ل مشترك ملعالجة األزم��ة اليمنية‪ ،‬التي أخ��ذت بمقتضى املبادرة الخليجية‪.‬‬ ‫تطورا وبعدا إقليميا‪ ،‬وأن إيران من دون شك ضالعة وتلعب‬ ‫دورا كبيرا في عملية تأجيج الوضع السياسي واألمني تداعيات واحتماالت‬ ‫باليمن عبر جماعة الحوثيني‪ .‬وجاء هذا االتصال بموافقة‬ ‫واتفاق بقية سفراء الدول العشر الذين أقروا بأنه ال «يمكن إن دخ��ول روس�ي��ا على خ��ط األزم��ة اليمنية‪ ،‬سيعيد ترتيب‬ ‫التوصل إلى حل ينزع فتيل األزمة اليمنية املتصاعدة من أوراق األزمة اليمنية بشكل قد يرجح كفة الحوثيني‪ ،‬وفي شأن‬ ‫دون تدخل روسي يشرع بالوساطة اإليرانية مع الحوثيني»‪ ،‬التعويل على موقف موسكو‪ ،‬قال املتحدث باسم «أنصار الله»‪،‬‬ ‫خصوصا أن روسيا عضو في مجموعة العشرة‪ ،‬التي محمد عبد السالم‪ ،‬إن الجماعة تثمن املوقف (الفيتو) الروسي‪،‬‬ ‫تضم (دول الخليج عدا قطر ‪ +‬الدول الخمس دائمة العضوية مؤكدا أن التواصل مع «اإلخوة الروس» مستمر‪ ،‬موضحا أن‬ ‫في مجلس األم��ن)‪ ،‬وهي ال��دول نفسها التي تشرف على الجماعة تعول على موقف أي دولة تمتلك نظرة مغايرة للنظرة‬ ‫م�س��ار االن�ت�ق��ال السلمي للسلطة ف��ي ال�ي�م��ن م�ن��ذ ال�ث��ورة األميركية تجاه العالم‪ ،‬قائال إن روسيا تفهم جيدا الهيمنة‬ ‫التي تعرض لها اليمن وم�ح��اوالت االس�ت�ف��راد‪ .‬لقد أث��ار هذا‬ ‫املوقف (الفيتو) الروسي قلقا كبيرا لدى دول الخليج العربية‪،‬‬ ‫فالخليجيون الذين كانوا ينظرون لليمن بعد وصول الحوثيني‬ ‫املتحدث باسم «أنصار الله»‪:‬‬ ‫الجماعة ّ‬ ‫على أنها حاملة طائرات إيرانية رابضة عند حدودهم الجنوبية‪،‬‬ ‫تعول على موقف أي‬ ‫باتوا يشعرون أن األمر أبعد من ذلك‪ ،‬فحاملة الطائرات اإليرانية‬ ‫دولة تمتلك نظرة مغايرة للنظرة‬ ‫بإمكانهم إجبارها على اإلقالع‪ ،‬لكن قد يكون من الصعوبة‬ ‫إج�ب��ار ال�ب��وارج الروسية التي تمخر عباب البحرين األحمر‬ ‫األميركية تجاه العالم‪..‬‬ ‫والعربي والخليج العربي من املغادرة‪.‬‬ ‫وتواصلنا‬ ‫ويبدو أن مشاريع القرارات الخليجية في مجلس األمن بشأن‬ ‫األزمة اليمنية‪ ،‬ستصطدم بهذا الرفض الروسي في كل مرة‪.‬‬ ‫مع «اإلخوة‬ ‫ولن تمر املقاربة الخليجية لحل األزمة اليمنية التي تؤكد فيها‬ ‫الروس»‬ ‫على ض��رورة احترام مبادرتها السابقة‪ ،‬عبر بوابة مجلس‬ ‫األمن إال في إطار تفاهمات دولية شاملة بني روسيا من جهة‪،‬‬ ‫مستمر‬ ‫وبني الدول األخرى حول عدد من امللفات والقضايا‪ ،‬فأسباب‬ ‫الرفض الروسي لهذه القرارات تأتي في إطار مفاوضاتها حول‬ ‫ملفات أخرى‪ ،‬ولن ترضى بتقديم أي تنازل في اليمن من دون‬ ‫الحصول على مكاسب حيوية في أماكن أخرى <‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪37‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫للمرة الثانية خالل يومني‪ ،‬أوقف الفيتو الروسي في مجلس األمن الدولي مشروعني دوليني يهدفان إلى وضع اليمن‬ ‫تحت البند السابع‪ ،‬والخاص باستعمال القوة إلعادة األمور إلى مسارها الصحيح في اليمن قبل االنقالب الحوثي‪،‬‬ ‫الذي بدأ بسيطرة جماعة أنصار الله الحوثية (الزيدية) على صنعاء في ‪ 21‬سبتمبر (أيلول) املاضي‪ ،‬ثم إجبارهم‬ ‫الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح على االستقالة في أواخر يناير (كانون الثاني) املاضي‪،‬‬ ‫وإصدارهم إعالنا دستوريا يحصن انقالبهم في ‪ 6‬فبراير (شباط) املاضي‪.‬وذلك قبل فرار الرئيس اليمني إلى عدن‬ ‫وعدوله عن استقالته‪.‬‬

‫إيران وروسيا‪ ..‬حجر عثرة في وجه دول الخليج إلنقاذ اليمن من االنقالب الحوثي‬

‫ملاذا تغضب الرياض من موسكو؟‬ ‫عدن‪ :‬أحمد دياب‬ ‫املشروع األول تقدمت به دول الخليج العربية في ‪ 13‬فبراير‬ ‫املاضي‪ ،‬واملشروع الثاني تقدمت به كل من بريطانيا واألردن‬ ‫بعد يومني فقط من املشروع الخليجي‪ ،‬وال تزال روسيا ترفض‬ ‫إص��دار أي ب�ي��ان م��ن املجلس يحمل الحوثيني مسؤولية ما‬ ‫يجري في اليمن‪ ،‬وإبطال مفعول التغييرات التي جرت في اليمن‬ ‫بقوة السالح‪ ،‬وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الذي تم التوصل‬ ‫إليه عشية استيالء الحوثيني على العاصمة صنعاء‪ .‬بل وأعرب‬ ‫بيان وزارة الخارجية الروسية في ‪ 13‬فبراير امل��اض��ي‪ ،‬عن‬ ‫اع�ت�ق��اد روس�ي��ا أن تعزيز ال�ض�غ��وط ال�خ��ارج�ي��ة على أط��راف‬ ‫العملية السياسية الداخلية‪ ،‬بما في ذلك فرض عقوبات‪ ،‬سيقود‬ ‫إلى نتائج عكسية‪ ،‬وفي وقت سابق أشارت السفارة الروسية‬ ‫في صنعاء إلى أنها ال تخطط إلغالق أبوابها‪ ،‬على خلفية موجة‬ ‫من إغالق السفارات األجنبية في العاصمة اليمنية‪.‬‬ ‫ه��ذا الفيتو ال��روس��ي ي�ط��رح ت �س��اؤالت ك�ث�ي��رة ب�ش��أن ماهية‬ ‫أبعاد ودالالت املوقف الروسي تجاه األزم��ة اليمنية الراهنة‪،‬‬ ‫وخصوصا أن روسيا ال تملك ‪ -‬حاليا ‪ -‬مصالح حيوية في‬ ‫اليمن؟! وفي الواقع‪ ،‬فإن املوقف الروسي من األزم��ة اليمنية‬ ‫الرئيس اليمني‬ ‫ثالثي األبعاد؛ يتعلق األول منها بطبيعة العالقات الروسية‬ ‫– السعودية (والخليجية)‪ ،‬والثاني يتعلق بنوعية العالقات عالقات نوعية بني موسكو وطهران‬ ‫الروسية ‪ -‬اإليرانية‪ ،‬فيما يتمثل البعد الثالث بطموحات وأهداف‬ ‫وف��ي امل�ق��اب��ل‪ ،‬ث�م��ة ت �ع��اون وتنسيق متناميان ب�ين موسكو‬ ‫روسيا بشأن األزمة اليمنية الحالية‪.‬‬ ‫وطهران بشأن الكثير من القضايا وامللفات الشرق أوسطية‪،‬‬ ‫وقد قام وزير الدفاع الروسي‪ ،‬سيرغي شويغو‪ ،‬بزيارة إلى‬ ‫العالقات السعودية ‪ -‬الروسية‬ ‫طهران في ‪ 21 - 19‬يناير املاضي‪ ،‬وقع في أثنائها مذكرة تفاهم‬ ‫لقد تراجعت العالقات السعودية ‪ -‬الروسية خالل السنوات لتعزيز التعاون العسكري والدفاعي الثنائي مع نظيره اإليراني‪،‬‬ ‫حسني دهقان‪ ،‬وهي الزيارة األولى لوزير دفاع روسي منذ عام‬ ‫القليلة املاضية على خلفية عدد من امللفات والقضايا‪:‬‬ ‫على الجانب السعودي‪ ،‬حدث أمران كبيران أغضبا الرياض ‪ .2002‬وهي تعد بمعنى ما خطوة نحو زيارة متوقعة للرئيس‬ ‫من موسكو‪ :‬أولهما‪ ،‬األزمة السورية‪ ،‬وثانيهما‪ ،‬امللف النووي الروسي فالديمير بوتني إليران للدفع باتجاه مزيد من العمل‬ ‫اإلي��ران��ي‪ ،‬وف��ي كال األم��ري��ن تلعب روسيا دورا أساسيا في املشترك‪ ،‬على خلفية تصاعد املواجهة مع الغرب األطلسي‬ ‫ت�ط��ورات�ه�م��ا وم�س��اره�م��ا‪ .‬أم��ا ع�ل��ى ال�ج��ان��ب ال��روس��ي‪ ،‬فثمة ومخاطر تنظيم داعش الزاحف على حدود الدولتني‪ .‬وتنص‬ ‫ه��واج��س وش �ك��وك ك�ب�ي��رة خيمت ع�ل��ى م��وس�ك��و م�ن��ذ زي��ارة املذكرة على توسيع التعاون العسكري بني البلدين في مجال‬ ‫الرئيس األميركي باراك أوباما إلى الرياض نهاية مارس (آذار) التدريب‪ ،‬وتنظيم م�ن��اورات مشتركة‪ ،‬ودع��م األم��ن اإلقليمي‬ ‫‪ ،2014‬وما تمخض عنها من تكهنات باحتمال معاقبة روسيا والدولي‪ ،‬ومكافحة «اإلره��اب والتطرف وامليول االنفصالية»‪.‬‬ ‫وذهبت وسائل إع�لام محسوبة على إي��ران‪ ،‬أو قريبة منها‪،‬‬ ‫على موقفها من األزمتني السورية واألوكرانية‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫إلى الحديث عن نشوء تحالف استراتيجي بني الطرفني‪ .‬وفي‬ ‫املقابل‪ ،‬حاولت وسائل إع�لام روسية إضفاء أهمية كبيرة‬ ‫على تلك ال��زي��ارة ال�ت��ي ج��اءت ف��ي ظ��روف حساسة ودقيقة‪،‬‬ ‫عبر الحديث عن مصالح مشتركة كثيرة تجمع بني الطرفني‪.‬‬ ‫وي��ذك��ر م��دي��ر م��رك��ز تحليل االس�ت��رات�ي�ج�ي��ات ف��ي موسكو‪،‬‬ ‫روس�ل�ان ب��وخ��وف‪ ،‬ص��راح��ة ه��ذه املصالح‪ ،‬ق��ائ�لا‪« :‬إن إي��ران‬ ‫الشيعية تقف‪ ،‬مثل روسيا‪ ،‬ضد الحركات اإلسالمية السنية‬ ‫املتطرفة في الشرق األوسط»‪ ،‬معتبرا أن «إيران‪ ،‬كما روسيا‪،‬‬ ‫من مصلحتها ارتفاع أسعار النفط‪ ،‬ويكفي العامل األخير‬ ‫وحده لجعل العالقات بني البلدين تتطور في املنحى اإليجابي‪،‬‬ ‫فضال ع��ن ال��وض��ع املتوتر ح��ول روس�ي��ا ف��ي أوروب ��ا‪ ،‬بسبب‬ ‫أوكرانيا‪ ،‬وفي الشرق األوسط حول إيران والعقوبات الغربية‬ ‫املفروضة عليهما»‪.‬‬

‫اليمن ساحة جديدة للتعاون‬ ‫وم��ع أن��ه ال يخفى وج��ود تنسيق إيراني ‪ -‬روس��ي في األزم��ة‬ ‫السورية بشأن دعم استمرار نظام الرئيس بشار األسد‪ ،‬لكن‬ ‫الجديد في األمر بروز مؤشرات على وجود تنسيق روسي ‪-‬‬ ‫إيراني في األزمة اليمنية‪ ،‬والسبب الرئيسي هو رغبة الطرفني‬ ‫في مساومة الخليج والضغط عليه‪.‬‬ ‫ومن منظور أوسع‪ ،‬ترى موسكو أن استيالء الحوثيني على‬ ‫صنعاء‪ ،‬وتنامي نفوذهم في عموم اليمن‪ ،‬يخدم مصالحها‬ ‫على املدى البعيد؛ إذ تنظر موسكو إلى الحوثيني بوصفهم‬ ‫ج ��زءا م��ن امل �ح��ور ال�ش�ي�ع��ي ال ��ذي ت�ج��د ن�ف�س�ه��ا ف��ي تحالف‬ ‫موضوعي معه‪ ،‬في مواجهة القوى السنية في املنطقة‪ ،‬سواء‬ ‫أك��ان��ت دوال أم تنظيمات‪ ،‬وال�ت��ي تعدها تهديدا استراتيجيا‬ ‫لها وملصالحها‪ ،‬خاصة في القوقاز وآسيا الوسطى‪ .‬ويبرر‬ ‫هذا املوقف أن الحوثيني هم خصوم القاعدة الرئيسيون في‬ ‫اليمن؛ لذلك‪ ،‬نجد أن معظم سالحهم معدات روسية تنقلها‬ ‫سفن إيرانية‪ ،‬وتشمل صواريخ «سام ‪ »2‬و«سام ‪ »3‬املضادة‬ ‫للطائرات‪.‬‬

‫النفوذ الروسي في اليمن‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تري موسكو في األزمة الراهنة في اليمن‬ ‫فرصة تسمح لها بعودة نفوذها إل��ى جنوب شبه الجزيرة‬


‫وزارة الخارجية املصرية وه��ي ت��واص��ل تكثيف اتصاالتها‬ ‫لحماية رعاياها هناك‪ ،‬رغ��م ع��دم وج��ود سفارة أو قنصلية‬ ‫ملصر منذ نحو سنة في ليبيا‪.‬‬ ‫ي�ع�م��ل م �س��ؤول��و ال�خ��ارج�ي��ة بتنسيق م��ع خ�ل�ي��ة أزم ��ة ج��رى‬ ‫تشكيلها لهذا الغرض من ممثلي ال��وزارات واألجهزة املعنية‬ ‫بمصر لالطمئنان على تسهيل إج��راءات عبور الراغبني في‬ ‫العودة‪ .‬ودعا السفير بدر عبد العاطي‪ ،‬املتحدث باسم الوزارة‪،‬‬ ‫املصريني لالبتعاد الكامل عن مناطق االشتباكات والتوتر‬ ‫واللجوء إلى مناطق أكثر أمنا داخل ليبيا‪.‬‬ ‫وت�س�ب�ب��ت ت �ح��رك��ات وزي ��ر ال �خ��ارج �ي��ة‪ ،‬س��ام��ح ش �ك��ري‪ ،‬في‬ ‫نيويورك أواخر الشهر املاضي‪ ،‬في ارتباك أطراف دولية تزعم‬ ‫محاربتها لإلرهاب خاصة محاربة تنظيم داعش في العراق‬ ‫وسوريا‪ .‬تحاول دول غربية على رأسها أميركا فرض اإلخوان‬ ‫بالقوة‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬على الشعب الليبي‪ ،‬وهو أمر ال يرفضه‬ ‫غالبية الليبيني فقط‪ ،‬ب��ل ترفضه مصر أي�ض��ا‪ .‬لهذا ضغط‬ ‫شكري بقوة على الدول الغربية املنحازة لإلخوان‪ ،‬على هامش‬ ‫جلسة األم��م املتحدة بشأن ليبيا قبل أي��ام‪ ..‬استخدم نظرية‬ ‫تقول إن من يريد أن يحارب اإلره��اب فعليه أن يحاربه على‬ ‫أنه حزمة واحدة‪.‬‬ ‫مصر ترى أنه ال يمكن أبدا االقتناع بأن اإلرهاب موجود في‬ ‫ال�ع��راق وس��وري��ا فقط ويقتصر على تنظيم «داع ��ش» فقط‪،‬‬ ‫بينما حني يأتي الحديث عن التنظيمات املتطرفة في ليبيا‪ ،‬بما‬ ‫فيها تنظيم «داع��ش»‪ ،‬نجد بعض ال��دول‪ ،‬في إش��ارة ألميركا‬ ‫وحلفائها‪ ،‬تتجاهل هذا الواقع‪ ،‬وبدال من أن تشارك في الحرب‬ ‫على اإلرهاب الذي يضرب في ليبيا ومصر‪ ،‬نجدها تقول إنه‬ ‫ال بد من اللجوء إل��ى الحل السياسي والجلوس على طاولة‬ ‫الحوار‪« ..‬ف��أي ح��وار مع اإلره��اب والتطرف؟!»‪ .‬يشعر كثير‬ ‫من املصريني بعد أن قطعوا مئات الكيلومترات للوصول إلى‬ ‫منفذ السلوم‪ ،‬بالفخر للضربة التي وجهها الطيران املصري‬ ‫بالتعاون مع الجيش الليبي‪ ،‬ملعاقل «داع��ش» في درنة وقرب‬ ‫سرت‪ .‬ويقول جمال‪ ،‬وهو عامل بناء من مركز قلني بمحافظة‬ ‫كفر الشيخ‪« :‬أنا وكل من معي نشعر بالسعادة ألن الرئيس‬ ‫السيسي لم ينتظر كثيرا ورد لنا اعتبارنا فورا‪ ..‬نعم الضربة‬ ‫الجوية ردت لنا كرامتنا‪ .‬املصريون والليبيون ضد (داعش)‪،‬‬ ‫وسنتعاون للقضاء عليه‪ ،‬ونعود إلى أعمالنا في ليبيا»‪.‬‬ ‫ويتعاون الجيش املصري مع الجيش الليبي منذ جمع شتاته‬ ‫على يد حفتر مطلع العام املاضي‪ .‬ويقول اللواء عبد الرزاق‬

‫الناظوري‪ ،‬رئيس أركان الجيش الليبي‪ ،‬في مقابلة سابقة مع‬ ‫«املجلة»‪ ،‬إن ضربات حلف الناتو أي��ام الحرب ضد القذافي‬ ‫دمرت نحو ‪ 90‬في املائة من قدرات الجيش‪.‬‬ ‫ومع ذل��ك‪ ،‬تمكنت اتفاقات التعاون بني البلدين من تسريع‬ ‫وتيرة بناء القوات املسلحة الليبية‪ .‬ويوجد تنسيق وتبادل‬ ‫للمعلومات‪ .‬ووف�ق��ا مل�ص��ادر عسكرية ف��ي ب�ن�غ��ازي‪ ،‬قامت‬ ‫ال �ق��وات ال�ج��وي��ة ال�ل�ي�ب�ي��ة بتمهيد األرض ودك ��ت امل �ض��ادات‬ ‫األرضية لـ«داعش»‪ ..‬كان التنظيم ينصب مجموعة من مدافع‬ ‫عيار ‪ 23‬مللم و‪ 14‬مللم فوق أسطح عدة عمارات مجاورة‬ ‫ملنطقة املعسكرات جنوب درن��ة‪ .‬وك��ان يستعد الستخدام‬ ‫صواريخ أرض جو أيضا‪ .‬ويضيف املصدر العسكري الليبي‪:‬‬ ‫«قمنا بخمس غ��ارات متتالية دمرنا فيها ه��ذه امل�ض��ادات‪..‬‬ ‫وبعد دقائق أكمل املصريون املهمة‪ ،‬ودكوا حصون الدواعش‬ ‫على من فيها»‪.‬‬ ‫وفي كلمته أخيرا كشف السيسي عن أن الضربة العسكرية‬ ‫املصرية استهدفت ‪ 13‬موقعا بعد أن جرى تحديدها بدقة‪،‬‬ ‫داعيا إلى تشكيل قوة عربية موحدة ملواجهة اإلرهاب‪.‬‬ ‫ويقول املستشار القانوني للقوات املسلحة الليبية‪ ،‬صالح‬ ‫الدين عبد الكريم‪ ،‬لـ«املجلة» إن املصريني والليبيني عائلة واحدة‬ ‫في الضراء والسراء‪« ..‬كلنا نقف معا في مواجهة التطرف‪..‬‬ ‫ال�ل�ي�ب�ي��ون ش �ع��روا ب��ال�ص��دم��ة م��ن س�ل��وك (داع� ��ش)‪ .‬جميعنا‬ ‫نشعر بالحزن‪ ،‬ولهذا نتعاون مع أشقائنا املصريني من أجل‬ ‫مساعدتنا في القضاء على هذه اآلفة املتعطشة للدماء‪ .‬األمن‬ ‫القومي الليبي جزء من األمن القومي املصري‪ ..‬ولن نسمح ليد‬ ‫اإلرهاب بأن تفرق بيننا أو نتركها لتهدد مصيرنا املشترك‬ ‫ومستقبلنا الواحد»‪ .‬يضيف املستشار عبد الكريم أن حادث‬ ‫تفجير «داعش» سيارات مفخخة في مدينة القبة‪ ،‬سقط فيه‬ ‫‪ 47‬من املواطنني الليبيني وعدد من املصريني‪« ..‬لقد اختلطت‬ ‫دماء الضحايا‪ ،‬فاإلرهاب ال يفرق بني مصري وليبي ومسلم‬ ‫ومسيحي‪ .‬أشعر بالحزن العميق وأواسي أسر الضحايا من‬ ‫البلدين‪ ،‬وسننتصر على هؤالء الظالميني في نهاية املطاف»‪.‬‬

‫رهانات على املستقبل‬ ‫تحتاج ليبيا ملساعدات ضخمة من أجل القضاء على‬ ‫اإلره ��اب وعلى «داع ��ش»‪ .‬منذ مقتل القذافي ال يوجد‬ ‫في هذا البلد جهاز مستقل للمخابرات العامة (بدال من‬

‫عبء كبير يقع على وزارة‬ ‫الخارجية املصرية وهي‬ ‫تواصل تكثيف اتصاالتها‬ ‫لحماية‬ ‫رعاياها‬ ‫في ليبيا‬ ‫مندوب ليبيا في‬ ‫الجامعة العربية‬ ‫عاشور أبو راشد‬

‫الجهاز الحالي الذي يسيطر اإلخوان على مكاتبه) وال‬ ‫توجد مخابرات عسكرية‪ ،‬وال أم��ن داخ�ل��ي (مثل أمن‬ ‫الدولة)‪ ،‬وال جهاز لألمن القومي‪ .‬كما يعاني الجيش من‬ ‫نقص األسلحة بسبب الحظر الدولي املفروض عليها‬ ‫منذ ‪ .2011‬ومن مقر إقامته في القاهرة‪ ،‬يبدو السفير‬ ‫عاشور أبو راشد‪ ،‬مندوب ليبيا لدى الجامعة العربية‪،‬‬ ‫غاضبا من حادثي ذبح املصريني ومن تفجيرات القبة‪،‬‬ ‫ومن خطر اإلرهاب في بالده واملنطقة‪ .‬يقول في مقابلة‬ ‫مع «املجلة»‪ ،‬إن «املنطقة كلها أصبحت مهددة‪ ،‬ويبدو‬ ‫أننا أصبحنا أم��ام مؤامرة علينا أن نستيقظ لها‪ ،‬وال‬ ‫يكتفى بأن يتم إلقاء العبء على دولة دون غيرها‪ ،‬ألن‬ ‫هذا املوضوع ال يخص دولة بذاتها‪ ،‬ولكنه يخص الجميع‪،‬‬ ‫واألم��ر أخطر بكثير مما يظهر على السطح»‪ .‬يضيف‬ ‫أن العرب يجب أن يستيقظوا بشكل ج��اد‪ ،‬ألن��ه توجد‬ ‫مخاطر كبيرة بشأن املستقبل إذا لم يلتئموا كوحدة‬ ‫واح��دة ويتركوا خالفاتهم‪ ،‬فالتهديد ل��م يعد يقتصر‬ ‫على الدول التي تشهد اإلرهاب اآلن فقط‪ ،‬إنما هو يمس‬ ‫كل الدول العربية حتى املستقرة منها‪« ..‬نعلم جيدا أن‬ ‫هناك خاليا نائمة في تلك الدول‪ ،‬وتتحني الفرص حني‬ ‫تتاح لها‪ ،‬إلظهار أجندتها‪ ..‬األمر خطير جدا ويستدعي‬ ‫بالفعل توافقا عربيا كامال‪ ،‬وال ينبغي ترك األمر ملصر‬ ‫وح��ده��ا وال ل�لإم��ارات وح��ده��ا وال لليبيا وح��ده��ا‪ ،‬في‬ ‫مواجهة اإلرهاب‪ ..‬هذه املواجهة يجب أال تتحملها دولة‬ ‫وحدها»‪.‬‬ ‫وي �ش��دد أب��و راش ��د ع�ل��ى أن ال�خ�ط��ر أص�ب��ح «ي�م��س عقيدتنا‬ ‫اإلس�لام �ي��ة ب��ال��درج��ة األول � ��ى‪ ،‬وي �م��س أس ��س ه ��ذه ال�ع�ق�ي��دة‪،‬‬ ‫ول�لأس��ف ل��م يتصد أح��د ل�ه��ذا األم ��ر‪ ،‬وأن��ا أح�م��ل املسؤولية‬ ‫املرجعيات اإلس�لام�ي��ة والعربية؛ الدينية ب��ال��ذات‪ ،‬ألن��ه يجب‬ ‫عدم ترك األمر للمواجهة األمنية‪ ،‬ألنها وحدها ال تكفي رغم‬ ‫أهميتها»‪.‬‬ ‫وتقدم أبو راشد‪ ،‬بالتعازي‪ ،‬مثل كثير من القادة الليبيني‪ ،‬في‬ ‫ضحايا تفجيرات القبة وذبح املصريني في سرت‪ ،‬قائال إنه‬ ‫رغم هذه الحوادث البشعة‪ ،‬فإن صمت املجتمع الدولي تجاه‬ ‫األزمة الليبية يبدو مريبا‪ ،‬داعيا إلى «فضح هذا املخطط ضد‬ ‫ال��وط��ن ال�ع��رب��ي‪ ،‬ألن��ه إذا نجح املخطط ف��ي ليبيا‪ ،‬فلن تسلم‬ ‫منه باقي الدول‪ ..‬لكن حتى لو تركنا وحدنا فسنظل نواجه‬ ‫اإلرهاب للنهاية»‪.‬‬ ‫وعن املوقف األميركي تجاه األزمة الليبية‪ ،‬يقول إنه «موقف‬ ‫غامض جدا» ألنه كان يبدو‪ ،‬من القراءة العامة‪ ،‬أن األميركيني‬ ‫ما زالوا يراهنون على جماعة اإلخوان وأن يكون لها دور في‬ ‫مواجهة التطرف‪ ،‬و«هذه قراءة خاطئة تماما‪ ،‬ألنهم ال يدركون‬ ‫أن هؤالء جميعا في سلة واحدة»‪.‬‬ ‫ويشير إلى أن األميركيني ما زالوا يراهنون على ما يسمى‬ ‫«اإلس�لام السياسي» بعد الربيع العربي‪ ،‬على خ�لاف إرادة‬ ‫شعوب املنطقة‪« ..‬الربيع العربي بعث برسالة واضحة؛ هي أنه‬ ‫ال يمكن أن ينتهج هذا املنهج العنيف وأنه يبحث عن الحرية‬ ‫ويبحث عن اإلس�لام الحقيقي»‪ .‬ويقول إن «مخطط الرهان‬ ‫على اإلخوان يجري في ليبيا باعتبار أن فيها فراغا أمنيا‪..‬‬ ‫اإلخ��وان هم من يتحملون املسؤولية التاريخية عما يجري‪،‬‬ ‫ألنهم هم من بدأوا قضية التكفير‪.‬‬ ‫هم إقصائيون بطبيعتهم‪ ،‬وكل التنظيمات التي خرجت نابعة‬ ‫أساسا من فكر اإلخ ��وان‪ ..‬كل األس�م��اء التي تسمعها من‬ ‫(القاعدة) حتى وصلت إل��ى (داع��ش) اآلن‪ ،‬كلها مصدرها‬ ‫اإلخوان‪ ..‬أنا على يقني من أن هؤالء على باطل‪ ..‬كيف يعطون‬ ‫ألنفسهم الحق في القتل؟!» <‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪35‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫طاغوت ومن يناصرونه طواغيت‪.‬‬ ‫وم�م��ا ق��ال��ه «م�ح��رم» أي�ض��ا أن��ه ل��م ي��أت م��ن درن��ة إل��ى إجدابيا‬ ‫بالسيارة التي نفذ بها العملية‪ ،‬بل إن عناصر «داعش» الذي‬ ‫يعمل م�ع��ه‪ ،‬ه��ي ال�ت��ي أت��ت ب��ه م��ن درن ��ة ع�ب��ر ط��ري��ق بنغازي‬ ‫حتى سلمته ل��رج��ل آخ��ر ف��ي إج��داب�ي��ا ي��دع��ى «خ��ال��د الليبي»‬ ‫في األربعينات من العمر ومعه السيارة املفخخة‪ .‬يضيف أنه‬ ‫ركب بجوار خالد حتى وصل إلى مسافة ‪ 5‬كيلومترات قبل‬ ‫«بوابة االستيقاف»‪ ،‬وهناك سلمه السيارة ليتولى تفجيرها‬ ‫في البوابة‪.‬‬ ‫وربما لقلة خبرته في تفجير املفخخات لم يتمكن من تنفيذ‬ ‫املهمة على ال��وج��ه األك�م��ل‪ ،‬حيث وق��ع االن�ف�ج��ار قبل البوابة‬ ‫وأصيب في ذراعه ووجهه‪ .‬وألقي القبض عليه‪ ،‬وتم إسعافه‬ ‫تمهيدا ملحاكمته‪.‬‬ ‫لم تكن ليبيا تعرف كل هذا العنف خالل مدة حكم القذافي‪ .‬كان‬ ‫يعمل فيها نحو مليوني مصري‪ .‬تراجع هذا العدد إلى مئات‬ ‫األلوف‪ ..‬لكن أعمال التفجيرات واالختطاف ووجود مصريني‬ ‫في أوس��اط املتطرفني‪ ،‬دفع آالف العمال للعودة إلى بالدهم‪،‬‬ ‫خاصة بعد مجزرة ذبح املصريني في سرت‪.‬‬

‫مسلمون يحمون املسيحيني‬ ‫من دواعش سرت‬ ‫كان املصريون السبعة الذين ألقت عناصر «داع��ش» القبض‬ ‫عليهم أوال‪ ،‬في طريقهم لإلقامة في املجمع السكني نفسه‬ ‫ال��ذي يضم عشرات املصريني من املسلمني واملسيحيني في‬ ‫تلك املدينة التي تعرضت ألكبر عملية تخريب بقذائف املدفعية‬ ‫وقصف الطيران أثناء محاصرة القذافي فيها‪.‬‬ ‫يقول مصدر أمني ليبي إنه يبدو أن عناصر «داعش» مارسوا‬ ‫بحق أولئك املصريني السبعة صنوفا من التعذيب لكي يكشفوا‬ ‫لهم عمن يريدون الذهاب إليهم في املجمع السكني‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫وبعد نحو ‪ 5‬أيام من التنكيل‪ ،‬توجهت سيارات سوداء تحمل‬ ‫شعارات تنظيم «داعش» إلى املجمع الذي هو عبارة عن عمارة‬ ‫من ‪ 3‬طوابق في قلب املدينة‪.‬‬ ‫كانت الساعة الثانية والنصف فجرا حني سمع ميالد ناجح‪،‬‬ ‫أحد املصريني املسيحيني من سكان املجمع‪ ،‬خبطا على باب‬ ‫الغرفة املجاورة لغرفته‪ ..‬وصوتا ذا لهجة مصرية يقول آمرا‪:‬‬ ‫«افتح يا عاطف»‪.‬‬ ‫املجمع السكني هو في الحقيقة مجموعة من الشقق‪ ..‬تتكون‬ ‫ك��ل شقة م��ن ‪ 5‬غ��رف‪ .‬ويقيم ف��ي ك��ل غرفة م��ن ‪ 3‬إل��ى ‪ 6‬من‬ ‫ال �ع �م��ال‪ ..‬يعيشون بعضهم م��ع ب�ع��ض دون ت�ف��رق��ة ب�ين من‬ ‫هو مسيحي وم��ن هو مسلم‪ .‬يخرجون في الصباح الباكر‬ ‫ويتوزعون على أعمالهم في أرجاء املدينة‪ ..‬هذا يرص الطوب‪،‬‬ ‫وذاك ي��وص��ل ال�ك�ه��رب��اء‪ ،‬وه ��ذا ي�خ�ل��ط اإلس �م �ن��ت‪ ،‬وذاك يمد‬ ‫مواسير املياه‪ ..‬وغيرها من أعمال البناء‪ .‬في املساء يعودون‬ ‫مع لسعات برد الشتاء ليريحوا أبدانهم من يوم عمل شاق‪.‬‬ ‫يقول ميالد ناجح‪ ،‬وهو مسيحي ونجا بأعجوبة من املذبحة‪:‬‬ ‫«كنت مع ‪ 3‬من زمالئي في غرفة واح��دة من غ��رف الشقة‪..‬‬ ‫حني سمعت الطرق غير املعتاد في هذا الوقت من الليل‪ ،‬على‬ ‫ال�غ��رف��ة امل �ج��اورة‪ ،‬أدرك ��ت أن ه�ن��اك خ�ط��را م��ا‪ ..‬كنت الوحيد‬ ‫املستيقظ‪ ..‬نظرت من أسفل الباب‪ ،‬فرأيت أحذيتهم الغريبة‬ ‫ومواسير بنادقهم‪ .‬كتمت أنفاسي وانتظرت‪ .‬بدأوا الطرق من‬ ‫جديد وأخذوا ينادون على األسماء وكأنهم يقرأونها من ورقة‬ ‫مكتوبة معهم‪ .‬نادوا أوال على سكان الغرفة املجاورة لغرفتي‪..‬‬ ‫كان فيها زمالئي ومنهم عاطف‪ .‬ألقوا القبض على من فيها»‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫ث��م‪ ،‬كما ي�ق��ول م�ي�لاد ن��اج��ح أي�ض��ا‪ ،‬دخ��ل عناصر «داع��ش»‬ ‫للشقة املجاورة وطرقوا على غرفة صاحبي حنا وغرفة زميلي‬ ‫بيشوي‪ ..‬كان معه شقيقه ومعه أيضا عدد من أوالد عمنا‪.‬‬ ‫كان عدد املجموعة في غرفة بيشوي ‪ 6‬أشخاص‪ ،‬منهم مالك‬ ‫الذي فتح الباب وفوجئ بمشهد الزوار‪.»..‬‬ ‫أجسام ضخمة مجللة بالسواد في هيئة غريبة في مثل هذا‬ ‫ال��وق��ت م��ن ال�ل�ي��ل‪ ،‬ف�ص��رخ م��ن ال�ه�ل��ع‪ ..‬استيقظ ب��اق��ي سكان‬ ‫الغرف‪ .‬هنا بدأت عناصر «داعش» في البحث عن املسيحيني‬ ‫باالسم واألوص��اف والقبض عليهم وقيادتهم إلى السيارات‬ ‫التي كانت تنتظر في الشارع املهجور في مثل هذا الوقت من‬ ‫بعد منتصف الليل‪.‬‬ ‫نجا من املذبحة ‪ 10‬مسيحيني من بينهم يوسف ذكري‪ ،‬أحد‬ ‫سكان املجمع الذي يتذكر قائال‪« :‬حني جاءوا أخذوا يسألون‬ ‫أين األقباط الذين هنا؟ كانت أسماؤنا معهم‪ .‬كنت مع اثنني‬ ‫آخ��ري��ن ف��ي غ��رف��ة م �ج��اورة‪ ..‬ب��دأن��ا نسمع ص��وت ش��د أج��زاء‬ ‫األسلحة التي معهم وهم ينادون على أسماء األقباط ويهددون‬ ‫من يرفض فتح الباب‪ ..‬لم أفتح رغم أنه كان بابا غير محكم‬ ‫الغلق‪ .‬وك��ذا رف��ض زم�لاء آخ��رون فتح أب��واب غرفهم‪ ،‬إل��ى أن‬ ‫ان�ص��رف��وا بمن أخ��ذوه��م‪ .‬ي�ب��دو أن انصرافهم ك��ان بمواعيد‬ ‫محددة سلفا‪ ،‬ألنه لو كان لديهم مزيد من الوقت ألخذوا كل‬ ‫املسيحيني الباقني»‪.‬‬ ‫وعقب رحيل ال��دواع��ش‪ ،‬خرج املصريون املسلمون وجمعوا‬ ‫زمالءهم املسيحيني ووزعوهم في غرفهم لحمايتهم من أي‬ ‫هجمة جديدة للقبض عليهم‪ .‬يقول ذكري‪« :‬خوفا من أن يعود‬ ‫الخاطفون م��رة أخ��رى العتقالنا‪ ،‬وزع املسلمون املسيحيني‬ ‫على غرفهم‪ .‬ك��ل غرفة آوت واح��دا أو اثنني م��ن املسيحيني‪.‬‬ ‫وبقينا نترقب في رعب إلى أن أشرقت الشمس مع السادسة‬ ‫صباحا‪ ..‬خرجنا ووزعنا أنفسنا على املدينة‪ ..‬كل واحد في‬ ‫مكان حتى ال يتم اختطافنا‪ ،‬وقبل حلول املساء كنا في طريقنا‬ ‫إلى مصر»‪.‬‬

‫مصريون يتطلعون للعودة بعد الوداع‬ ‫أدت واق�ع��ة ذب��ح امل�ص��ري�ين ال�ع�ش��ري��ن وال �س��ودان��ي ال��ذي ك��ان‬ ‫معهم‪ ،‬لغضب في مصر وليبيا واملنطقة والعالم‪ .‬لقد أقدم‬ ‫«داعش» على اإلعدام الجماعي لجنود في العراق وسوريا رميا‬ ‫بالرصاص‪ ،‬كما نفذ عمليات ذبح لصحافيني هناك بشكل‬

‫مصادر أمنية ليبية‪ :‬املئات‬ ‫من عناصر جماعة اإلخوان‬ ‫ومتطرفني مصريني آخرين‬ ‫فروا عقب ثورة يونيو إلى‬ ‫ليبيا وانخرطوا‬ ‫في صفوف‬ ‫امليليشيات‬ ‫مستشار الجيش‬ ‫الليبي صالح الدين‬ ‫عبد الكريم‬

‫الرئيس عبد الفتاح‬ ‫السيسي يصافح جنوده‬ ‫قبل توجههم لعملية قصف‬ ‫مواقع داعش في ليبيا‬

‫فردي‪ ،‬وأحرق الطيار األردني‪ ،‬لكن هذه هي املرة األولى التي‬ ‫يقوم فيها بذبح جماعي لعمال بسطاء ال عالقة لهم باألمور‬ ‫السياسية أو غير السياسية‪ ..‬يسعون فقط‪ ،‬كما قال الرئيس‬ ‫السيسي‪ ،‬لكسب الرزق وأكل العيش‪.‬‬ ‫انتشرت على محطات التلفزيون ومواقع اإلنترنت أنباء الواقعة‬ ‫البشعة‪ .‬بعد عدة ساعات من بث شريط الفيديو للذبح الذي بدا‬ ‫أنه جرى على أحد السواحل الواقعة بني سرت ومصراتة‪ ،‬ردت‬ ‫مصر بقصف معسكرات ملعقل «داعش» في درنة‪ .‬انطلقت من‬ ‫القاهرة دعوات تلح على املصريني العاملني في ليبيا بالعودة‪.‬‬ ‫بدأ عدة ألوف في التوجه عبر الصحراء الليبية إلى منفذ راس‬ ‫اجدير التونسي من جهة الحدود الغربية وإلى منفذ السلوم‬ ‫املصري من جهة الحدود الشرقية‪.‬‬ ‫برز وجه شاب يدعى محمود من محافظة البحيرة بمصر‪،‬‬ ‫وهو عائد وسط مجموعة من الشبان الذي وصلوا توا إلى منفذ‬ ‫السلوم‪ .‬يقول إنه كان يعمل في مدينة البيضاء وإن الليبيني‬ ‫«يعاملوننا أحسن معاملة‪ ..‬املشكلة في املتطرفني ال غير‪ ،‬وهم‬ ‫خطر علينا وعلى الليبيني أنفسهم»‪.‬‬ ‫حتى الوضع االقتصادي الليبي الذي كان يجتذب املصريني‬ ‫للعمل هناك‪ ،‬تدهور إلى حد كبير‪ ،‬كما يقول العامل محمد‬ ‫إبراهيم‪ ،‬وهو من مركز رشيد قرب محافظة اإلسكندرية‪« :‬كنا‬ ‫ننتظر الحصول على أجورنا‪ ..‬منذ االشتباكات بني الجيش‬ ‫الليبي واملتطرفني التي اشتعلت بداية من أكتوبر املاضي في‬ ‫بنغازي‪ ،‬ونحن نعمل بال أجر‪ ،‬ألن أصحاب األعمال أنفسهم‬ ‫ليست معهم أم��وال ف��ي ال��وق��ت ال�ح��ال��ي»‪ .‬ويضيف‪« :‬ك�ن��ا مع‬ ‫الليبيني ننتظر أن تهدأ األح��داث وتعود األم��وال للبنوك‪ .‬لقد‬ ‫خسرت أجرتي عن الشهور الخمسة املاضية‪ ،‬ومع ذلك رجعت‬ ‫ألنني ال أري��د أن أخسر رقبتي أيضا على أي��دي املتطرفني‪.‬‬ ‫سأنتظر حتى تهدأ األوضاع وأرجع مرة أخرى‪ .‬هكذا اتفقت‬ ‫مع صاحب العمل وهو يودعني في موقف سيارات األجرة»‪.‬‬ ‫ويمر من أمام اللواء محمد متولي‪ ،‬مدير منفذ السلوم البري‪،‬‬ ‫ألوف املصريني وهم يحملون حقائبهم على أكتافهم عائدين‬ ‫ألرض ال��وط��ن‪ .‬ك��ان ع��دد م��ن ع�ب��روا إل��ى داخ��ل م�ص��ر حتى‬ ‫أواخر الشهر املاضي يزيد على ‪ 12‬ألفا‪ .‬يقول اللواء متولي إن‬ ‫إج��راءات وصول املصريني العائدين تمضي بشكل طبيعي‪.‬‬ ‫ويزيد‪« :‬ال توجد مشكلة‪ .‬لم نصل ملرحلة النزوح الجماعي‬ ‫للمصريني من ليبيا»‪.‬‬ ‫بسبب أوضاع املصريني في ليبيا‪ ،‬أصبح يقع عبء كبير على‬


‫أهالي ضحايا املصريني األقباط يرفعون صورهم (أ‪.‬ف‪.‬ب)‬

‫من اكتشف أنهم مسيحيون وعدهم صيدا ثمينا‪ ،‬وقام على وإعالميني في عموم ليبيا‪.‬‬ ‫الفور باإلبالغ بخط سير الضحايا دون أن ي��دروا أن أيامهم‬ ‫فتنة إخوانية بحجة موقف بابا األقباط‬ ‫في الدنيا أصبحت معدودة‪.‬‬ ‫وعليه انتظر الدواعش سيارة املصريني في كمني نصبوه لهم‬ ‫في منطقة صحراوية مهجورة على الطريق السريع‪ ،‬أي قبل نغمة استهداف املسيحيني‪ ،‬كما يقول محمد زعلوك‪ ،‬الناشط‬ ‫الحقوقي في بنغازي‪ ،‬اقترنت أساسا بخسارة اإلخ��وان في‬ ‫مدخل مدينة سرت بنحو ‪ 50‬كيلومترا‪.‬‬ ‫وجرت العملية الثانية الختطاف باقي املصريني وعددهم ‪ ،13‬مصر الحكم‪ ،‬وإشاعة جماعة اإلخوان في كل من مصر وليبيا‬ ‫قبيل الفجر في الغرف التي كانوا يستأجرونها ضمن مجمع أن البابا ت��واض��روس بابا األق�ب��اط املصريني ك��ان على رأس‬ ‫سكني في مدينة سرت يقيم فيه مسلمون ومسيحيون‪ .‬تشير الداعمني لخارطة الطريق التي أعلنها رئيس مصر عبد الفتاح‬ ‫امل�ص��ادر إل��ى أن أي��ا م��ن أب�ن��اء س��رت‪ ،‬أو املصريني املسلمني‪ ،‬السيسي حني كان وزيرا للدفاع‪.‬‬ ‫لم يتورط في اإلب�لاغ عن املصريني املسيحيني‪ ،‬ألنهم كانوا يضيف زع�ل��وك قائال لـ«املجلة» إن «ه��ذه عملية خبيثة لبث‬ ‫ي�ع�م�ل��ون ل��دى ع��ائ�لات ب��امل��دي�ن��ة ل��دي�ه��ا م��وق��ف راف ��ض لحكم الكراهية ضد قطاع من املصريني‪ ،‬رغم أن املاليني من الشعب‪،‬‬ ‫املتطرفني أو وجودهم في سرت مسقط رأس القذافي ومكان مسلمني ومسيحيني‪ ،‬خرجوا في الشوارع وامليادين ليعلنوا‬ ‫رفضهم لحكم اإلخوان كما رأينا على شاشات التلفزيون يوم‬ ‫مقتله في خريف ‪.2011‬‬ ‫يقول مينا عادل‪ ،‬أحد أقارب الضحايا‪« :‬عملت من قبل في ‪ 30‬يونيو (حزيران) ‪ .2013‬وال تنس أن شيخ األزهر وأحزابا‬ ‫سرت‪ ،‬في س�لام‪ ..‬أنا مسيحي‪ ،‬والعائلة الليبية التي كنت كثيرة أعلنت تأييدها لتحرك الجيش وقتها لحماية الثورة‬ ‫أقوم ببناء بيت لها في جنوب املدينة من قبيلة (فرجان)‪ ..‬والدولة من خطر الفوضى»‪.‬‬ ‫تقول مصادر أمنية ليبية إن املئات من عناصر جماعة اإلخوان‬ ‫قبيلة مسلمة ككل القبائل الليبية‪.‬‬ ‫كانوا يعاملونني مثل أي ليبي ومثل أي مسلم‪ ،‬رغم وجود ومتطرفني مصريني آخرين فروا عقب ثورة يونيو إلى ليبيا‪،‬‬ ‫إعالنات على الجدران تطالب بالوشاية عنا مقابل أموال‪ ..‬وانخرطوا في صفوف امليليشيات في درنة وبنغازي وسرت‬ ‫ما بني ‪ 5‬آالف و‪ 15‬ألف دينار للرأس الواحدة‪ .‬كنت أشعر وط��راب�ل��س وغ�ي��ره��ا‪ .‬ال تستبعد ه��ذه امل�ص��ادر أن ي�ك��ون من‬ ‫أنني في حماية أهلي وكنت مطمئنا‪ ،‬إلى أن رجعت إلى مصر ب�ين ه ��ؤالء امل�ت�ط��رف�ين ج��واس�ي��س‪ ،‬م�ث��ل «أب ��و س �ع��د»‪ ،‬يشون‬ ‫لزيارة أسرتي‪ .‬حني علمت بخبر املذبحة قلت إنهم ليسوا بأبناء وطنهم الذين يعملون في ليبيا‪ ،‬ويفتحون الطريق أمام‬ ‫ليبيني وليسوا من أهل سرت‪ .‬أعتقد أن هؤالء القتلة الذين امليليشيات لتنفيذ عمليات قتل ضدهم انتقاما م��ن حكام‬ ‫مصر الجدد‪.‬‬ ‫يخفون وجوههم أعداء لليبيني واملصريني أيضا»‪.‬‬ ‫ملاذا املسيحيون املصريون؟ في الحقيقة املذابح طالت كذلك قوات قبلية ألقت القبض على ‪ 6‬من دواعش درنة أواخر العام‬ ‫ليبيني م��ن املسلمني ال��ذي ق��اده��م حظهم العاثر لتقاطعات املاضي وكان من بينهم اثنان من املتطرفني املصريني‪ ..‬جرى‬ ‫الطرق التي يسيطر عليها املتطرفون‪ .‬جرى إعدام مصريني تسليمهم للجيش الليبي الذي اضطر ملبادلتهم بعشرات من‬ ‫مسلمني في ملعب الكرة في وسط درنة أواخر العام املاضي أبناء طبرق ممن كانوا رهائن ل��دى «داع��ش» في درن��ة‪ .‬كما‬ ‫على ي��د «أن �ص��ار ال�ش��ري�ع��ة» قبل أن تتحول إل��ى «داع ��ش»‪ .‬أن مفجر السيارة املفخخة في مدينة البيضاء قبل ‪ 3‬أشهر‬ ‫كما نفذ املتطرفون عمليات اغتيال باملتفجرات والسيارات مصري الجنسية‪.‬‬ ‫املفخخة والقنص بحق رج��ال جيش وش��رط��ة وسياسيني آخ��ر من ج��رى القبض عليهم من املصريني املتطرفني رجل‬

‫يدعى مجدي محرم‪ ،‬عندما قاد سيارة مفخخة لضرب «نقطة‬ ‫االستيقاف» التابعة للجيش الليبي في بلدة إجدابيا‪ .‬انفجرت‬ ‫السيارة قبل النقطة وأصيب وجرى إسعافه قبل إحالته إلى‬ ‫التحقيق لدى السلطات املختصة‪.‬‬

‫محضر التحقيق‪:‬‬ ‫استجواب «داعشي» مصري‬ ‫محضر التحقيق م��ع «م �ح��رم»‪ ،‬ال��ذي أج��راه عسكريون من‬ ‫السرية املقاتلة لـ«كتيبة الجوارح» شرق ليبيا‪ ،‬يقول إنه يبلغ‬ ‫من العمر ‪ 27‬عاما‪ ،‬ومن مواليد مركز «إطسا» بمحافظة الفيوم‬ ‫الواقعة جنوب القاهرة‪ ،‬وإنه انضم لـ«داعش» في درنة بعد أن‬ ‫فر إليها متسلال عبر الحدود املصرية ‪ -‬الليبية‪ .‬أقام في منطقة‬ ‫«املخازن» على أبواب درنة قبل أن يلتحق بالتنظيم املتطرف‬ ‫الذي حول املدينة إلمارة ترفرف عليها األعالم السوداء‪.‬‬ ‫ قال له املحقق‪ :‬أين كنت تقيم في درنة؟‬‫ فأجاب‪ :‬في معسكر داخل مزرعة في جنوب املدينة‪.‬‬‫ ومن كان معك؟‬‫ فقال‪ :‬أنا كنت ضمن مجموعة تتكون من ‪ 10‬آخرين بينهم‬‫مصريون‪ ،‬لكن املعسكر فيه مجموعات أخرى لم نكن نختلط‬ ‫بها‪.‬‬ ‫ ومن املسؤول عنك؟‬‫ أج��اب‪ :‬أب��و حبيب الليبي‪ .‬هو أمير الجماعة وامل�س��ؤول عن‬‫املعسكر‪.‬‬ ‫ ومن كان يدربكم؟‬‫ فقال‪ :‬مصري اسمه أبو حمزة كان يدربنا على استخدام‬‫السالح‪ .‬األسلحة التي تدربت عليها الكالشنكوف والـ«آر بي‬ ‫جي»‪ ،‬لكن لم أستكمل التدريب على أعمال التفجير‪.‬‬ ‫ ومن كلفك بالقيام بعملية تفجير نقطة إجدابيا؟‬‫ أجاب‪ :‬األمير أعلن عن أنه سيجري تنفيذ عملية ضد الجيش‬‫في نقطة إجدابيا‪ ..‬وأنا كتبت اسمي للقيام بالعملية‪ ،‬ألن النقطة‬ ‫تتبع اللواء خليفة حفتر ومن يقفون فيها يتبعونه‪ ،‬ألن حفتر‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪33‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫«‪ 10‬آالف دينار ملن يرشد عن مكان مصري مسيحي»‪ .‬هذه عبارة كتبها متطرفون في ليبيا على جدران مبان بمدينة‬ ‫سرت وجدران بعض الضواحي في بنغازي‪ ..‬وفي درنة التي شهدت أول إعالن لتأييد «داعش» على البحر املتوسط‪.‬‬ ‫رغم وجود عشرات األلوف من املصريني املسلمني واملسيحيني يعملون في هذا البلد الذي يشهد فوضى واقتتاال داخليا‪،‬‬ ‫فإن عدد من جرى اإلرشاد عنهم للحصول على ذلك املبلغ الذي يزيد قليال على ستة آالف دوالر‪ ،‬لم يزد على ‪ 30‬شخصا‬ ‫خالل األشهر الخمسة األخيرة‪.‬‬ ‫ويقول صالح الدين عبد الكريم‪ ،‬املستشار القانوني للجيش الليبي لـ«املجلة» إن املصريني والليبيني أشقاء بغض النظر عن‬ ‫أي شيء آخر‪ .‬ال يمكن لليبي أن يتاجر في حياة املصري‪ ،‬باستثناء املتطرفني الذين يعيثون في األرض فسادا ويقتلون‬ ‫الجميع‪ ،‬مستنكرا ذبح «داعش» للمصريني الواحد والعشرين قبل أسبوعني‪ ،‬ويضيف أن التفجيرات التي شهدتها مدينة‬ ‫القبة األسبوع املاضي‪ ،‬ونفذها تنظيم «داعش» أيضا‪ ،‬اختلطت فيها دماء الليبيني املصريني‪.‬‬

‫مذبحة «داعش» بحق األقباط تفتح الباب ملرحلة جديدة‬

‫ما وراء دماء املصريني في ليبيا‬

‫بنغازي‪ :‬عبد الستار حتيتة‬

‫املتشددين بعد أن زاد نفوذهم وأصبحوا يهددون مستقبل‬ ‫الدولة الليبية‪.‬‬

‫هزت عملية الذبح الوحشية الرأي العام املصري والليبي‪ .‬يقول لغز «أبو سعد» وبوابة «قاريونس»‬

‫السفير عاشور أبو راشد‪ ،‬مندوب ليبيا لدى الجامعة العربية‪،‬‬ ‫إن األم��ر أصبح يتطلب تكاتفا عربيا ملواجهة ه��ذه الهجمة‪،‬‬ ‫ألن اإلره���اب إذا نجح ف��ي ليبيا فسيواصل طريقه إل��ى دول‬ ‫أخرى ولن يستثني أحدا‪ .‬وقدم في حديث مع مجلة «املجلة»‬ ‫تعازيه في الضحايا املصريني والليبيني الذي سقطوا على يد‬ ‫«داع���ش» في س��رت وف��ي القبة‪ ،‬وج��اءت التعزية تحت عنوان‬ ‫يلخص كثيرا من املعاني‪« :‬الصمت املريب للمجتمع الدولي‬ ‫تجاه األزمة الليبية»‪.‬‬ ‫منذ أكتوبر (تشرين األول) املاضي‪ ،‬بدأت «املجلة» جولة على‬ ‫م��راح��ل ف��ي ال��داخ��ل الليبي‪ ،‬ول��وح��ظ ازدي���اد صعوبة الحركة‬ ‫بني امل��دن وعلى الطرق السريعة بسبب عنف املواجهات بني‬ ‫ميليشيات املتطرفني والجيش الشرعي ال���ذي ي��ق��وده ال��ل��واء‬ ‫خليفة حفتر‪.‬‬ ‫ع��ل��ى ش��ب��ك��ة ال��ط��رق ال��ط��وي��ل��ة ال��ت��ي ي��ص��ع��ب تأمينها تنصب‬ ‫ميليشيات املتطرفني واللصوص الحواجز لتوقيف املسافرين‬ ‫وقتل الخصوم وسرقة األموال واملمتلكات‪ ..‬وما دمت أعزل من‬ ‫السالح‪ ،‬فلن يساعدك أحد‪.‬‬ ‫ف��ي س���وق م��دي��ن��ة ط��ب��رق ت��ج��د م��ع ك��ل طلعة ش��م��س ع��ش��رات‬ ‫املصريني ممن عبروا الحدود وجاءوا إلى هنا‪ ،‬حيث أول محطة‬ ‫لنقل العمال إلى باقي املدن الليبية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كما يقول محمد‬ ‫زينهم‪ ،‬وهو صاحب مطعم مصري في هذه املدينة التي تبعد‬ ‫عن الحدود املصرية بنحو ‪ 150‬كيلومترا فقط‪« :‬نحن نطمئن‬ ‫إلخوتنا الليبيني‪ .‬هم أهلنا‪ ..‬كلنا هنا ضد املتطرفني»‪.‬‬ ‫وعلى عكس امل��دن التي تسيطر عليها امليليشيات املسلحة‪،‬‬ ‫توجد على جدران امل��دارس واملصالح الحكومية في «طبرق»‬ ‫و«ال��ب��ي��ض��اء» و«ش���ح���ات» و«ك��م��ب��وت»‪ ،‬وب��اق��ي م���دن ال��ش��رق‪،‬‬ ‫شعارات باأللوان السوداء والحمراء والبيضاء تدعو الرئيس‬ ‫امل���ص���ري ع��ب��د ال��ف��ت��اح ال��س��ي��س��ي ل��ل��ت��دخ��ل م���ن أج���ل م��ح��ارب��ة‬ ‫‪32‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫كيف تمكن تنظيم «داعش» من اصطياد املصريني املسيحيني‬ ‫الذين ذبحهم فيما بعد على أحد الشواطئ الليبية‪ ..‬كانوا ‪20‬‬ ‫مصريا وسودانيا واحدا‪ .‬العملية جرت على مرحلتني؛ األولى‬ ‫القبض على ‪ 7‬مصريني مسيحيني‪ ،‬واملرحلة الثانية القبض‬ ‫على ‪ 13‬آخرين‪ ..‬ال توجد تفاصيل عن الطريقة التي جرى بها‬ ‫اقتناص الرجل السوداني ببشرته السوداء الذي ظهر وسط‬ ‫املصريني أثناء اقتيادهم للنحر أمام ساحل أزرق مهجور‪.‬‬ ‫تقول معلومات من مصادر في بنغازي‪ ،‬عن عملية التوقيف‬ ‫األول��ى‪ ،‬إن بوابة يسيطر عليها عناصر من تنظيم «أنصار‬

‫تسببت تحركات‬ ‫سامح شكري في ارتباك‬ ‫أطراف دولية‬ ‫تزعم محاربتها‬ ‫لإلرهاب‬ ‫على‬ ‫رأسها أميركا‬ ‫سامح شكري‬ ‫وزير خارجية مصر‬

‫الشريعة»‪ ،‬واسمها «نقطة قاريونس»‪ ،‬تقع على الطريق بني‬ ‫بنغازي وإجدابيا‪ ،‬هي من رصدت سيارة األج��رة‪ ..‬السيارة‬ ‫كانت قادمة أساسا من طبرق متوجهة إلى سرت عبر املحور‬ ‫الجنوبي لبنغازي‪ .‬ومن بني العناصر الخمسة التي تقف في‬ ‫البوابة‪ ،‬متطرف مصري يكني «أبو سعد»‪ ،‬وكان ينتمي في‬ ‫السابق لجماعة اإلخوان املسلمني بمصر‪.‬‬ ‫تنظيم «أنصار الشريعة» في ليبيا ظهر أصال قبل سنتني‪ ،‬حني‬ ‫انسلخ عن كتيبة يترأسها مجموعة من املتشددين‪ ،‬اسمها‬ ‫«كتيبة راف الله السحاتي»‪ .‬وه��ذه الكتيبة األخيرة سبق أن‬ ‫انشقت أيضا عن كتيبة أسسها «إخوان ليبيا» أثناء االنتفاضة‬ ‫املسلحة ضد حكم معمر القذافي‪ ،‬واسمها «كتيبة ‪ 17‬فبراير»‪.‬‬ ‫أصبحت «أنصار الشريعة» وغيرها من جماعات متطرفة‪،‬‬ ‫تعمل بالتنسيق مع قادة في «اإلخوان» الذين كانوا يحكمون‬ ‫ليبيا في عامي ‪ 2012‬و‪.2013‬‬ ‫وب��ع��د خ��س��ارة ال��ج��م��اع��ة وأن��ص��اره��ا ل�لان��ت��خ��اب��ات ال��ن��ي��اب��ي��ة‪،‬‬ ‫وتضييق الجيش الخناق على املتشددين‪ ،‬أعلن فرع «أنصار‬ ‫الشريعة» في درنة الواقعة على بعد نحو ‪ 300‬كيلومترا إلى‬ ‫ال��غ��رب م��ن ال��ح��دود املصرية‪ ،‬م��واالت��ه ل��ـ«داع��ش» أواخ���ر العام‬ ‫املاضي‪ .‬بدأ التنظيم‪ ،‬منذ ذلك الوقت‪ ،‬في استقطاب مجموعات‬ ‫أخرى من املتطرفني لرفع رايته‪ ،‬من بينها مجموعة سرت التي‬ ‫قامت بذبح املصريني املسيحيني‪.‬‬ ‫ف��ي م��ا يتعلق بتفاصيل ال��واق��ع��ة‪ ..‬حصل التنظيم أوال على‬ ‫أسماء املصريني السبعة من بوابة «قاريونس»‪ ،‬وال أحد يعرف‬ ‫إن كانت عناصر البوابة قد تقاضت مبالغ مالية أم إنها تعمل‬ ‫أساسا مع هذا التنظيم الذي كان قد بدأ ينتشر غربا‪ ،‬حيث‬ ‫سبق أن نفذ عملية ذب��ح لطبيب مصري وأس��رت��ه في سرت‬ ‫نفسها‪ ،‬وق���ام أي��ض��ا بعملية إره��اب��ي��ة ف��ي ف��ن��دق بالعاصمة‬ ‫طرابلس‪.‬‬ ‫تضيف معلومات استقتها «املجلة» من مصادر مختلفة من‬ ‫بينهم رجال أمن ليبيون وشخصيات من زمالء املختطفني‬ ‫وعدد من ذويهم‪ ،‬أن عناصر من «داعش» حصلوا من «بوابة‬ ‫قاريونس» على تفاصيل الرحلة‪ ،‬وأن «أبو سعد» املصري هو‬


‫بهاء موسى مع عائلته‬

‫امل �م��ارس��ات غ �ي��ر امل �ش��روع��ة ‪ -‬امل��زع��وم��ة ‪ -‬ال�ت��ي‬ ‫تعرضوا لها على يد القوات البريطانية‪ .‬أي شهادة‬ ‫متعلقة بالجيش األميركي أو العراقي ال تهمهم‬ ‫ألبتة‪ ،‬ويتم تجاهلها‪.‬‬ ‫كما يشير ويليامز ف��ي تقرير ن�ش��ره ف��ي مجلة‬ ‫«ن�ي��وزوي��ك» حديثا‪ ،‬إل��ى أن استحضار ذكريات‬ ‫التعذيب املزعوم يؤدي إلى انهيار بعض الشهود‬ ‫وال�ض�ح��اي��ا‪ ،‬خ��اص��ة منهم ال��ذي��ن ع��ان��وا م��ن ه��ذه‬ ‫املمارسات وهم أطفال‪ .‬ويسمح لهؤالء بالتجول‬ ‫في أرج��اء موقع االستجواب مع أف��راد عائالتهم‬ ‫لفترة قصيرة‪.‬‬ ‫يذكر أن عملية االستجواب بدأت في مارس (آذار)‬ ‫‪ ،2013‬والتقى فريق التحقيق مع ‪ 83‬عراقيا على‬ ‫األقل منذ بدايتها‪ .‬أما محكمة العدل العليا فأعلنت‬ ‫أن عدد حاالت القتل وسوء املعاملة تجاوزت األلف‪،‬‬ ‫وأن ح��االت ج��دي��دة يكشف عنها ك��ل ي��وم‪ ،‬وفقا‬ ‫ملعلومات تلقتها من الحكومة ومحامي الضحايا‪.‬‬

‫بيروقراطية اإلجراءات القانونية‬ ‫تؤجل العقاب والكشف عن الحقيقة‬ ‫ص��رح وي�ل�ي��ام��ز ل �ـ «امل �ج �ل��ة» أن أح��د ال��دواف��ع التي‬ ‫شجعته على تأليف الكتاب ومتابعة التحقيق هو‬ ‫ضبابية اإلجراءات القانونية وتعقيدها‪ ،‬وبالتالي‬ ‫صعوبة فهم مالبسات ما حدث وحقيقة االتهامات‪.‬‬

‫يقول بهذا الصدد‪« :‬تعمل وزارة الدفاع بدرجة‬ ‫كبيرة من السرية واالنغالق‪ ،‬وتفضل التحفظ‬ ‫ع�ل��ى ن�ت��ائ��ج ال�ت�ح�ق�ي�ق��ات األول �ي ��ة‪ ،‬ن �ظ��را مل��ا قد‬ ‫تتضمنه م��ن عناصر م��ؤث��رة على اإلج��راءات‬ ‫املستقبلية»‪.‬‬ ‫م ��ن ج �ه��ة أخ � ��رى‪ ،‬ي ��رى وي �ل �ي��ام��ز أن ال�ن�ظ��ام‬ ‫املؤسساتي واإلداري والحكومي البريطاني‬ ‫يعاني من خلل داخلي أسفر عن ممارسات‬ ‫بشعة‪ ،‬كتلك التي أودت بحياة بهاء موسى‬ ‫وآخرين غيره‪.‬‬ ‫يوضح ويليامز‪« :‬ال أعتقد أن هذا الخلل أتى‬ ‫من فراغ‪ ،‬وإنما هو مرتبط بعوامل أخرى ال‬ ‫عالقة لها بالقوات البريطانية في العراق‪.‬‬ ‫يتعلق األم ��ر بقضايا مجتمعية تعكس‬ ‫م �ش �ك�لات أخ�ل�اق �ي��ة راس� �خ ��ة ف ��ي بعض‬ ‫ج� ��وان� ��ب ال� �ح� �ي ��اة ال� �ع ��ام ��ة وال � �ت� ��ي ال ت�ت��م‬ ‫معالجتها بفعالية‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق بهذه القضية بالذات‪ ،‬فإني‬ ‫أظ��ن أن وزارة ال��دف��اع‪ ،‬ووح��دات التحقيق‬ ‫وامل ��ؤس� �س ��ة ال �ع �س �ك��ري��ة وض� �ع ��وا ع ��ددا‬ ‫كبيرا من الحواجز التي تعطل محاوالت‬ ‫ال��وص��ول إل��ى الحقيقة وتحقيق العدالة‬ ‫لكل من عانى من ممارسة التعذيب الال‬ ‫ إنسانية املزعومة‪ ..‬املشكل ليس مشكل‬‫نية حسنة‪ ،‬بل مشكل ثقافة» <‬

‫غالف كتاب آندرو ويليامز‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪31‬‬


‫تحقيق‬

‫آندرو ويليامز‪ :‬النظام املؤسساتي واإلداري والحكومي البريطاني‬ ‫ً‬ ‫يعاني خلال داخليًا أسفر عن ممارسات بشعة‬ ‫قضى آن ��درو وي�ل�ي��ام��ز‪ ،‬أس�ت��اذ ق��ان��ون ف��ي جامعة‬ ‫ورويك البريطانية‪ 8 ،‬سنوات في البحث والتحقيق‬ ‫في قضايا تعذيب وقتل مدنيني عراقيني من طرف‬ ‫القوات البريطانية خالل فترة االحتالل األميركي بني‬ ‫‪ 2003‬و‪ .2008‬وحاز الكتاب الذي نشره ويليامز‬ ‫بهذا الشأن عام ‪ ،2012‬بعنوان‪« :‬جريمة بريطانية‬ ‫للغاية‪ :‬مقتل بهاء م��وس��ى»‪ ،‬على جائزة «أروي��ل»‬ ‫للكتابات السياسية في ‪ ،2013‬بوصفه أحد أفضل‬ ‫األعمال االستقصائية التي قدمت دالئل جديدة في‬ ‫قضية مقتل مدني عراقي (بهاء موسى) على يد‬ ‫عسكريني بريطانيني‪.‬‬ ‫وف ��ي ح�ين ب��اش��رت محكمة ال �ع��دل ال�ع�ل�ي��ا دراس ��ة‬ ‫مئات امللفات الشبيهة بقضية مقتل بهاء موسى‪،‬‬ ‫عبر ويليامز في حديثه مع «املجلة» عن تشاؤمه‬ ‫ال�ش��دي��د ح�ي��ال فعالية ه��ذه اإلج� ��راءات وإنصافها‬ ‫لجل الضحايا في األمد القريب (واملتوسط) بسبب‬ ‫بيروقراطية املساطر القانونية وتعقيدها‪.‬‬ ‫م ��ن ج �ه��ة أخ� � ��رى‪ ،‬ل ��م ي �ت��وص��ل ف��ري��ق االدع � � ��اءات‬ ‫التاريخية العراقية‪ ،‬الذي يحقق في نحو ‪ 140‬ملفا‬ ‫منفصال ح��ول ح��االت تعذيب ج�س��دي وجنسي‬ ‫ومعنوي ملدنيني عراقيني‪ ،‬إلى أي نتيجة ملموسة‬ ‫منذ تأسيسه من ط��رف الحكومة البريطانية عام‬ ‫‪.2010‬‬

‫قضية بهاء موسى‬

‫الثاني والثالث (الحق في الحياة وحظر التعذيب)‪.‬‬ ‫وبينما كان موقف الحكومة البريطانية واضحا بأن‬ ‫ممارسات بعض الجنود والضباط «خ��رق خطير‬ ‫لالنضباط» وأنها حاالت منعزلة ال يجوز تعميمها‬ ‫على جل الوحدات العسكرية البريطانية في العراق‪،‬‬ ‫يرى آندرو ويليامز أنه من غير الواقعي حصر هذه‬ ‫املمارسات في حاالت منعزلة وأن املشكل أعمق من‬ ‫ذلك بكثير‪.‬‬

‫ممارسات تعذيب ممنهجة‬

‫آندرو ويليامز‪ ،‬أستاذ قانون في جامعة ورويك البريطانية‬

‫الرئيسي كان االختناق‪ ،‬لكنها لم تنكر أن جروحا‬ ‫وكسورا على مستوى األضالع واألنف وغيرها قد‬ ‫ساهمت في تدهور حالة املعتقل‪.‬‬ ‫أف� ��ادت ت �ق��اري��ر أخ� ��رى‪ ،‬أه �م �ه��ا ت�ح�ق�ي��ق ال�ح�ك��وم��ة‬ ‫البريطانية ف��ي القضية وك�ت��اب ويليامز‪ ،‬أن بهاء‬ ‫ع��ان��ى م ��ن «ال� �ح ��رم ��ان م ��ن األك� ��ل وال� �ش ��رب‪ ،‬وم��ن‬ ‫درجات حرارة مرتفعة‪ ،‬واإلرهاق الشديد‪ ،‬والخوف‪،‬‬ ‫واالعتداء الجسدي واإلهانة» خالل فترة اعتقاله‪.‬‬ ‫كما أن الشاب ذو الـ‪ 26‬ربيعا قضى نحو ‪ 24‬ساعة‬ ‫من إجمالي ‪ 36‬ساعة هي مدة اعتقاله‪ ،‬مكمما‪.‬‬

‫حازت قضية مقتل بهاء موسى على تغطية إعالمية الحكومة البريطانية تنفي تورط‬

‫واسعة في الغرب‪ ،‬إال أن سرية التقارير‬ ‫وضبابية املؤسسة العسكرية في التعذيب‬ ‫التسريبات جعلت القضية صعبة االستيعاب من‬

‫طرف املتتبع العادي‪.‬‬ ‫نتيجة لذلك قرر آندرو ويليامز تجميع كل املعلومات‬ ‫القانونية وامليدانية املتاحة حول قضية بهاء موسى‪،‬‬ ‫وتحدث مع مسؤولني بريطانيني مهتمني بالقضية‬ ‫ومحاميي الضحية بغرض كشف حقيقة ما وقع‪.‬‬ ‫اعتقل أفراد وحدة «النكاشر» العسكرية البريطانية‬ ‫‪ 10‬أفراد في فندق «الهيثم» في مدينة البصرة في‬ ‫‪ 14‬سبتمبر (أيلول) إثر عثورهم على أسلحة ومواد‬ ‫متفجرة ف��ي ال�ف�ن��دق‪ .‬ك��ان ب�ه��اء م��وظ��ف استقبال‬ ‫ف��ي الفندق وأح�ي��ل ل�لاس�ت�ج��واب‪ ،‬إال أن��ه م��ات بعد‬ ‫يومني فقط‪.‬‬ ‫أف��اد تقرير رسمي ص��در ع��ام ‪ 2011‬بمقتل بهاء‬ ‫موسى‪ ،‬املواطن العراقي‪ ،‬على أيدي جنود بريطانيني‬ ‫في البصرة عام ‪ .2003‬لقي بهاء حتفه إثر تعرضه‬ ‫للضرب املبرح الذي أسفر عن أكثر من ‪ 93‬جرحا‬ ‫خطيرا‪ .‬وأشارت التقارير الطبية إلى أن سبب املوت‬

‫‪30‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫في حني لم تنكر املحكمة العسكرية ووزارة الدفاع‬ ‫البريطانية فظاعة أساليب التعذيب الذي تعرض لها‬ ‫الشاب العراقي‪ ،‬واصفة إياها بأنها «مخزية ال يمكن‬ ‫تبريرها»‪ ،‬وبأنها «حلقة م��روع��ة م��ن العنف غير‬ ‫املبرر»‪ ،‬إال أنها لم تعاقب إال الكوربورال دونالد باين‬ ‫بسنة سجن واحدة وبطرده من املؤسسة العسكرية‬ ‫بعد اعترافه بممارسة التعذيب على املعتقل‪.‬‬ ‫كما أكدت الحكومة البريطانية في تعليق لها على‬ ‫القضية أن أكثر من ‪ 100‬ألف عسكري بريطاني‬ ‫خ��دم��وا ب��ال�ع��راق‪ ،‬وأن س�ل��وك معظمهم ك��ان جيدا‬ ‫ويتسم بالشجاعة واملهنية في ظروف صعبة للغاية‪.‬‬ ‫يذكر أن تقنيات االستجواب وممارسات التعذيب‬ ‫التي ثبتت في حالة بهاء موسى والعراقيني التسعة‬ ‫الذين اعتقلوا معه‪ ،‬والتي لم تثبت رسميا بعد في‬ ‫مئات ال�ح��االت األخ��رى‪ ،‬لم تحترم اتفاقية جنيف‬ ‫واالتفاقية األوروب�ي��ة لحقوق اإلن�س��ان في بنديها‬

‫اع�ت�م��د ال �ج �ن��ود ال�ب��ري�ط��ان�ي��ون م �م��ارس��ات تعذيب‬ ‫خ��اص��ة‪ ،‬ارت�ك��زت على إخ�ض��اع املعتقلني إلهانات‬ ‫ج �س��دي��ة ت�م�ث�ل��ت ف ��ي ال� �ض ��رب امل� �ب ��رح وال �ت �ج��وي��ع‬ ‫والتكبيل والحرمان من النوم والتعري والتعريض‬ ‫ل��درج��ات ال �ح��رارة املرتفعة؛ وإه��ان��ات جنسية من‬ ‫خ�لال إجبار املعتقلني على اتخاذ أوض��اع مهينة‬ ‫وتصويرهم ع��اري�ين؛ وإه��ان��ات معنوية عبر سوء‬ ‫معاملة القرآن الكريم ومحاوالت اإلعدام الترهيبية‬ ‫والتهديد باغتصاب أفراد عائلة املعتقل‪.‬‬

‫عملية «مينسا»‬ ‫لم يتوقف ويليامز عند نشر الكتاب االستقصائي‬ ‫حول مقتل بهاء موسى‪ ،‬بل تابع التحقيق في عدد‬ ‫من االنتهاكات التي ارتكبها أفراد الجيش البريطاني‬ ‫في حق مدنيني عراقيني‪.‬‬ ‫كشف ويليامز أن الحكومة البريطانية ال تزال تحقق‬ ‫في املئات من امللفات املتعلقة بممارسات وحدات‬ ‫الجيش البريطاني خالل وجوده في العراق‪ .‬ويفيد‬ ‫ويليامز‪« :‬يعقد فريق االدعاءات التاريخية العراقية‬ ‫سلسلة من الجلسات التحقيقية في موقع سري‬ ‫بمدينة تقع جنوب شرقي أوروبا‪ ،‬حيث يستجوب‬ ‫ضحايا أو أقارب أو شهود عيان حول القتل املزعوم‬ ‫واالعتداء التعسفي على رجال ونساء عراقيني على‬ ‫يد القوات البريطانية بني ‪ 2003‬و‪.»2008‬‬ ‫يسافر أعضاء من فريق االدعاءات التاريخية العراقية‬ ‫إلى هذا املوقع كل شهر‪ ،‬برفقة طبيب نفسي وأفراد‬ ‫يقدمون الدعم النفسي للشهود‪ ،‬ملتابعة سلسلة‬ ‫االستجوابات خالل أسبوعني كاملني‪ .‬كما ينضم‬ ‫إلى هذا الفريق مترجمون محليون يجيدون العربية‪،‬‬ ‫ومحام بريطاني يمثل بعض الضحايا‪.‬‬ ‫أما الضحايا العراقيون (وأفراد عائالتهم أحيانا)‪،‬‬ ‫فيتم إحضارهم جوا من العراق إلجراء التحقيق‪.‬‬ ‫ي ��وض ��ح وي �ل �ي��ام��ز أن ال � �ه� ��دف ال ��وح� �ي ��د م� ��ن ه��ذه‬ ‫االستجوابات هو تجميع شهادات الضحايا حول‬


‫عناصر من انصار مقتدى الصدر تستقبل قوات بريطانية‬

‫كبيرا سابقا بالجيش البريطاني ُيدعى الكولونيل جورج‬ ‫ميندوسا‪ ،‬إذ ق��ال التقرير ال��ذي أع��ده القاضي املتقاعد‬ ‫ويليام جيج‪« :‬إنه مسؤول إلى حد كبير عن املأساة»‪.‬‬

‫فشل وتسويف التحقيقات البريطانية‬

‫جنديان بريطانيان يعتقالن مجموعة من املشتبه بهم‬

‫األمانة العامة العملية التي تتنافى مع الشرائع السماوية‬ ‫والقوانني الدولية وخاصة مع اتفاقية جنيف الرابعة لعام‬ ‫‪ ،1949‬املتعلقة بحماية املدنيني تحت االحتالل التي تنص‬ ‫بوضوح على حظر استخدام الضغوط الجسدية أو انتزاع‬ ‫املعلومات بالقوة وحظر املعاملة املهينة‪.‬‬ ‫وأعلنت هيئة علماء املسلمني السنة في العراق أن عمليات‬ ‫التعذيب التي يتعرض لها العراقيون تشكل جريمة حرب‪.‬‬ ‫ودع ��ت الهيئة ف��ي ب�ي��ان ل�ه��ا امل�ن�ظ�م��ات ال�ع��امل�ي��ة لحقوق‬ ‫اإلنسان للقيام بوجباتها في إج��راء تحقيقات حيادية‬ ‫ومستقلة وعلنية في قضايا املعتقلني في كل السجون‬ ‫العراقية‪ ،‬واعتبار هذه االنتهاكات جرائم حرب‪.‬‬ ‫وأدانت الجامعة العربية اإلساءة البالغة واالمتهان لكرامة‬ ‫املعتقلني العراقيني من جانب قوات التحالف األميركية‬ ‫والبريطانية على النحو ال��ذي ات�ض��ح م��ن ال�ص��ور التي‬ ‫تناقلتها وسائل اإلعالم الدولية‪ .‬وأعرب املتحدث باسم‬ ‫األم�ي�ن ال�ع��ام للجامعة العربية ع��ن ش�ع��ور األم�ي�ن العام‬ ‫للجامعة ب��االش�م�ئ��زاز وال�ص��دم��ة إزاء م��ا عكسته هذه‬ ‫ال�ص��ور املشينة م��ن امتهان لكرامة اإلن�س��ان وألبسط‬ ‫ح �ق��وق امل�ع�ت�ق�ل�ين امل �ك �ف��ول��ة ب �م��وج��ب ال �ق��ان��ون ال��دول��ي‪،‬‬ ‫وبشكل خاص اتفاقيات جنيف املتعلقة بمعاملة املدنيني‬ ‫واألسرى تحت االحتالل‪.‬‬

‫صرح الكاتب البريطاني جوناثان أوين في ‪ 9‬نوفمبر (تشرين‬ ‫الثاني) ‪ 2009‬قائال‪ :‬إن عائالت الضحايا العراقيني الذين‬ ‫تعرضوا مل�م��ارس��ات وحشية وانتهاكات جسيمة ارتكبها‬ ‫بحقهم الجنود البريطانيون خالل فترة االحتالل األميركي‬ ‫البريطاني للعراق قد ينتظرون عقودا طويلة من الزمن‪ ،‬قبل‬ ‫العدالة وإنصاف أقاربهم وأوالدهم الذين‬ ‫أن يشهدوا تحقيق‬ ‫ُ‬ ‫قضوا تحت التعذيب‪ ،‬أو قتلوا بشكل مباشر على يد القوات‬ ‫البريطانية‪ .‬وفي إش��ارة واضحة إلى فشل التحقيقات التي‬ ‫تزعم الحكومة البريطانية إج��راءه��ا بشأن ارت�ك��اب قواتها‬ ‫انتهاكات خطيرة ترقى إل��ى مستوى ج��رائ��م ح��رب‪ ،‬أوض��ح‬ ‫«أوي ��ن» ف��ي م�ق��ال نشرته صحيفة «إن��دب�ن��دن��ت» البريطانية‬ ‫أن فريق االدع��اءات التاريخية العراقية الذي يتابع ‪ 140‬حالة‬ ‫منفصلة حول انتهاكات ارتكبها عسكريون بريطانيون خالل‬ ‫فترة االحتالل األميركي للعراق لم يحقق أي نتيجة حتى اآلن‬ ‫منذ إنشائه من قبل وزارة الدفاع البريطانية عام ‪ ،2010‬وهو‬ ‫يعاني منذ سنوات عدة من نقص في عدد املوظفني كما‬ ‫أنه مدنيون أبرياء يدفعون ثمن سوء‬ ‫متأخر جدا في األعمال والتحقيقات التي كان عليه إجراؤها‪.‬‬ ‫ُيشار إلى أن تعبير استراتيجية التعذيب الذي جرى العمل بها‪ ،‬سياسات قوات االحتالل‬ ‫يوضح أهمية الدعوى‪ ،‬ألن يختفي وراءها أسماء مسؤولني‬ ‫إن امل�م��ارس��ات الخاطئة للقوات البريطانية‪ ،‬وسبقتها‬ ‫بريطانيني كبار كانوا على علم بهذه االستراتيجية‪.‬‬ ‫أي�ض��ا ال �ق��وات األم�ي��رك�ي��ة‪ .‬وي�ض��اف لها ش��رك��ات األم��ن‬

‫ردود أفعال‬ ‫قالت منظمة العفو الدولية إنها حذرت سلطات االحتالل في‬ ‫العراق من أن األسرى واملعتقلني لديها يتعرضون ملعاملة‬ ‫سيئة‪ .‬وقال نيل دوركني من منظمة العفو باملنظمة إنه تحدث‬ ‫إلى سجناء سابقني قالوا‪ :‬إنه عندما تم احتجازهم ُو ِض َعت‬ ‫أغطية على رؤوسهم‪ ،‬وتعرضوا للضرب في بعض األحيان‬ ‫مل��رات كثيرة‪ ،‬كما تعرضوا ف��ي بعض املناسبات لتعذيب‬ ‫نفسي‪ ،‬فضال عن إرغامهم على القيام بأفعال مهينة‪.‬‬ ‫وأعربت األمانة العامة ملجلس التعاون لدول الخليج العربية‬ ‫عن عميق صدمتها إلساءة معاملة املعتقلني العراقيني‬ ‫م��ن ق�ب��ل ال �ق��وات ال�ب��ري�ط��ان�ي��ة واألم �ي��رك �ي��ة‪ .‬واس�ت�ن�ك��رت‬

‫طريقة تعذيب فريدة لعناصر‬ ‫الجيش البريطاني وهي‬ ‫إجبار السجناء على الرقص‬ ‫لساعات طويلة على طريقة‬ ‫موسيقى البوب‬

‫الخاصة ومجموعات حماية املسؤولني في العراق‪ ،‬تعكس‬ ‫أن العراق دخل في فوضى مفتوحة ما بعد ‪ ،2003‬أي‬ ‫تفكيك ال��دول��ة العراقية بالكامل‪ .‬ال�ق��وات العسكرية في‬ ‫العراق وكذلك شركات األمن الخاصة لم يحكمها قانون‬ ‫وال دستور‪.‬‬ ‫التحقيقات كشفت ع��ن ع��زم ق ��وات االح �تل��ال وش��رك��ة‬ ‫«بالك ووتر» إطالق الرصاص الحي عشوائيا في جميع‬ ‫االت �ج��اه��ات ع�ل��ى امل��دن �ي�ين‪ ،‬ف��ي األم��اك��ن ال �ع��ام��ة عندما‬ ‫يتعرضون إلى املضايقات‪.‬‬ ‫أم ��ا دب��اب��ات ق ��وات االح� �ت�ل�ال‪ ،‬ف�ك��ان��ت ت��ده��س س �ي��ارات‬ ‫املدنيني‪ ،‬وفي داخلها أن��اس أبرياء من املدنيني‪ ،‬وبينهم‬ ‫نساء وأطفال‪.‬‬ ‫أما نقاط التفتيش فكثيرا ما شهدت إطالق نار عشوائيا‬ ‫وقتل أبرياء ربما لعدم فهم التعليمات‪.‬‬ ‫الحكومات العراقية هي األخ��رى تتحمل هذه املسؤولية‬ ‫القانونية واألخالقية‪ ،‬إن لم تكن‬ ‫ه��ي األخ ��رى م�ت��ورط��ة ف��ي ح ��االت ت�ع��ذي��ب للمدنيني في‬ ‫سجونها‪ ،‬ويأتي تورط املسؤولني العراقيني على مستوى‬ ‫الحكومة والبرملان‪ ،‬لسكوتهم على مثل هذه املمارسات‬ ‫وعدم الكشف عنها‪ ،‬وهذا ما يجعل أصابع االتهام ُت َّ‬ ‫وجه‬ ‫ضد الحكومات والبرملانات العراقية منذ عام ‪ 2003‬وإلى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫التحقيقات حول جرائم الجيش البريطاني ضد املدنيني‬ ‫ال�ع��راق�ي�ين أخ ��ذت وق�ت��ا ط��وي�لا‪ ،‬ول�ك��ن ل�ح��د اآلن ل��م يتم‬ ‫حسمها‪ ،‬ومن املتوقع أن تأخذ زمنا أطول‪ ،‬وهذا ما يثير‬ ‫الكثير من اإلح�ب��اط عند عوائل الضحايا‪ ،‬وكذلك عند‬ ‫الرأي العام‪.‬‬ ‫إن إط��ال��ة ال�ت�ح�ق�ي�ق��ات دون ن�ت��ائ��ج ت�ع�ن��ي ت�س��وي��ف إل��ى‬ ‫القضية‪ ،‬وف��ي ال��وق��ت نفسه تعد ازدواج �ي��ة ف��ي مواقف‬ ‫ب��ري�ط��ان�ي��ا وت�ع��ارض�ه��ا م��ع م �ب��دأ ال��دي�م�ق��راط�ي��ة وح��ري��ة‬ ‫الشعوب‪.‬‬ ‫التحقيقات ما زال��ت مرتبطة باملحاكم العسكرية أكثر‬ ‫من القضاء املدني‪ ،‬وهذا يمثل نقطة أخرى تتعارض مع‬ ‫الشرعية والقضاء العادل‪.‬‬ ‫وينبغي على وزارة حقوق اإلنسان في العراق‪ ،‬متابعة‬ ‫القضية من ناحية قضائية‪ ،‬وأن يكون هناك ممثل عن‬ ‫ع��وائ��ل الضحايا يتحدث ب��اس��م امل�ج�م��وع��ة‪ ،‬وأن تكون‬ ‫هناك بالفعل لجنة تنسيق ومتابعة للقضية‪ .‬هذا الفشل‬ ‫األميركي البريطاني في العراق لم يكن فشال استراتيجيا‬ ‫فقط‪ ،‬بل كان كارثة قانونية وأخالقية‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪29‬‬


‫تحقيق‬

‫جندي بريطاني اثناء تعذيبه سجينًا بالبصرة‬

‫في فندق بالبصرة وأوسعته ضربا‪ ،‬قبل أن يتوفى تحت‬ ‫التعذيب ف��ي سبتمبر ع��ام ‪ .2003‬وت��واج��ه وزارة الدفاع‬ ‫البريطانية املئات من االتهامات بتورط جنود بريطانيني‬ ‫في تعذيب وإس��اءة معاملة مدنيني عراقيني‪ .‬ومن ضمن‬ ‫ُ‬ ‫األدلة والشواهد كان فيلم يتضمن صورا تظهر ارتكاب‬ ‫القوات البريطانية في العراق أنواعا مختلفة من التعذيب‬ ‫في حق األسرى العراقيني‪ ،‬خاصة ممارسة اللواط معهم‪.‬‬

‫طمس الحقائق‬ ‫كان والد موسى ومدنيني عراقيني آخرين قد اعتقلوا‬ ‫في سجون تديرها القوات البريطانية حضروا في لندن‬ ‫اإلج��راءات القانونية‪ُ .‬يشار إل��ى أن جثة موسى كانت‬ ‫تحمل آثار ‪ 93‬جرحا‪ ،‬وبعد محاكمة ‪ 7‬جنود متورطني‬ ‫في العملية اكتفت املحكمة بإدانة واحد منهم باملعاملة‬ ‫غير اإلنسانية‪ .‬ول��م توجه له تهمة القتل‪ ،‬وحكم عليه‬ ‫بالسجن عاما واحدا‪ .‬وقد أدان وزير العدل البريطاني‬ ‫لورد سكوت بيكر وزارة الدفاع العتمادها السرية وطمس‬ ‫الحقائق بشأن التحقيقات بهذه االتهامات‪ ،‬وإص��دار‬ ‫بيانات كاذبة في جانب كبير منها‪ .‬وذكرت تصريحات‬ ‫محامي الضحايا‪ ،‬أن أدلة جديدة برزت حاليا تؤكد وقوع‬ ‫عمليات تعذيب في السجون التي كانت تديرها القوات‬ ‫البريطانية في مدينة البصرة جنوب ال�ع��راق‪ ،‬مشيرا‬ ‫إلى تعرض املعتقلني لصدمات كهربائية وحرمان من‬ ‫املرافق الضرورية لقضاء الحاجات‪ ،‬ومنعهم من النوم‬ ‫ل�ف�ت��رات ط��وي�ل��ة‪ ،‬وال �ض��رب امل�ت�ك��رر بوحشية وق�س��وة‪،‬‬ ‫مشيرين إلى أن هذه األساليب ال بد أن تكون قد أخذت‬ ‫الضوء األخضر من قادة عسكريني ذوي رتب عالية‪،‬‬ ‫أو مسؤولني رفيعي املستوى في الوزارة‪.‬‬

‫فتح تحقيقات جديدة‬ ‫من قبل املحكمة العليا في بريطانيا‬ ‫وق ��د واف �ق��ت امل�ح�ك�م��ة ال�ع�ل�ي��ا ف��ي ب��ري�ط��ان�ي��ا ع �ل��ى فتح‬ ‫تحقيقات بشأن تعرض أكثر من مائة عراقي للتعذيب‪،‬‬ ‫بواسطة الكهرباء والحرمان من النوم والعزل لفترة طويلة‬ ‫والتحرش الجنسي في مراكز احتجاز في جنوب شرقي‬ ‫ال �ع��راق‪ ،‬ب�ين أب��ري��ل (ن�ي�س��ان) ‪ 2003‬وديسمبر (ك��ان��ون‬ ‫األول) ‪ .2008‬وسمحت املحكمة بفتح تحقيق بشأن ما‬ ‫‪28‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫اسرة العراقي منتصر قاسم‪ 28 ،‬عاما الذي قتلته غارة جوية‬ ‫وطفليه (‪2‬و‪ 3‬سنوات) في مدينة البصرة بجنوب العراق في أبريل ‪2008‬‬

‫العراق قد تؤدي إلى اتهامات للقوات البريطانية التي سكتت‬ ‫عن التعذيب والقتل املتعمد للمدنيني‪ .‬وظهر فيل شاينر‬ ‫مدير مجموعة «محامون للخدمة العامة» إلى جانب مؤسس‬ ‫ويكيليكس أسانج‪ ،‬في مؤتمر صحافي بلندن‪ ،‬وق��ال إن‬ ‫بعض التقارير تظهر تورط القوات البريطانية‪ ،‬وقد تؤدي إلى‬ ‫محاكمات داخل بريطانيا‪ .‬وقال شاينر إن تقارير «لوغس»‬ ‫العراقية تشير إل��ى أن ك�لا م��ن األميركيني والبريطانيني‬ ‫تجاهلوا أدلة عن وجود ممارسات تعذيب داخل السجون‬ ‫العراقية تخالف القوانني الدولية‪.‬وقال إن بعض الوفيات الت‬ ‫ي حصلت في داخل السجون التي تشرف عليها الحكومة‬ ‫العراقية تعد مسؤولية القوات البريطانية‪ ،‬ألنها حدثت أثناء‬ ‫ممارسة البريطانيني سيطرة شاملة على املناطق الخاضعة‬ ‫ملسؤوليتهم‪ .‬وبعيدا عن التجاهل للتعذيب تظهر تقارير‬ ‫م�م��ارس��ة ج�ن��ود بريطانيني أش�ك��اال م��ن االن�ت�ه��اك��ات ضد‬ ‫املدنيني‪ ،‬منها تقرير يعود إلى ‪ 23‬يونيو ‪.2008‬‬

‫أورده ‪ 102‬سجني سابق من اتهامات مرفقة بأدلة مادية‬ ‫قاطعة‪ ،‬فيما ُيعد انتصارا قضائيا للمجموعة التي لجأت‬ ‫إلى املحكمة بعد رفض وزارة الدفاع فتح تحقيق‪ ،‬بدعوى‬ ‫أن هناك تحقيقات عامة أخرى تجري حول عمل القوات‬ ‫البريطانية ف��ي ال �ع��راق‪ .‬واعتبر أح��د محامي العراقيني‬ ‫أن ق��رار املحكمة العليا ي��دل على أن حجة وزارة الدفاع‬ ‫التي تقول إن هذه الوقائع تعود لبعض املعلومات البالية‪،‬‬ ‫ضعيفة‪ .‬وشدد على أنه ينبغي أن تجري استجوابات في‬ ‫إطار عام‪ ،‬وليس في جلسات مغلقة داخل ال��وزارة‪ .‬وتم‬ ‫تشكيل لجنتي تحقيق خاصتني تتعلقان بتصفيات‬ ‫جسدية نسبت إلى القوات البريطانية‪.‬‬ ‫واستهدفت األول ��ى عسكريني ت�م��رك��زوا ف��ي ‪ 2003‬في‬ ‫مدينة ال�ب�ص��رة ج�ن��وب ال �ع��راق‪ ،‬ال�ت��ي ك��ان��ت آن ��ذاك تحت‬ ‫السيطرة البريطانية‪ ،‬متهمني بأعمال عنف مارسوها ضد‬ ‫‪ 10‬عراقيني‪ .‬ووافقت وزارة الدفاع البريطانية في يوليو‬ ‫(تموز) ‪ 2008‬على دفع ‪ 3.29‬مليون يورو‪ .‬ولعائالت بهاء‬ ‫موسى و‪ 9‬عراقيني آخرين أسيئت معاملتهم‪ .‬وكلفت تورط الحكومة العراقية‬ ‫لجنة ثانية بكشف املالبسات املتعلقة بظروف مقتل ‪20‬‬ ‫عراقيا وتعذيب آخرين في قاعدة للجيش البريطاني في في عمليات تعذيب‬ ‫شمال البصرة في مايو (أيار) ‪.2004‬‬ ‫وكشفت ال��وث��ائ��ق‪ ،‬وع��دده��ا بالتحديد ‪ 391.832‬وثيقة‪،‬‬ ‫ممارسات تمت في الفترة ما بني ‪ 2004‬و‪ 2009‬للقوات‬ ‫تسريب وثائق عن طريق‬ ‫البريطانية واألميركية والحكومة العراقية املنصبة من‬ ‫كليهما‪.‬وأهم مالمح التقارير هي ممارسات قوات األمن‬ ‫موقع «ويكيليكس»‬ ‫العراقية وتعذيب املعتقلني والقتل واالغتصاب‪.‬‬ ‫ق��ال محامون بريطانيون إن ال��وث��ائ��ق التي نشرها موقع ال�ت�ق��اري��ر ك��ان��ت م�ث�ي��رة ل�ت��ؤك��د م��ا س�ب��ق م��ن م�م��ارس��ات‬ ‫«ويكيليكس» في أكتوبر (تشرين األول) ‪ 2010‬عن حرب األط ��راف امل�ش��ارك��ة ف��ي العملية ال�س�ي��اس�ي��ة؛ ف�ه��ي تؤكد‬ ‫التعذيب والحرق والضرب‪ .‬وتعطي التقارير انطباعا عن‬ ‫أن املحققني استخدموا األس�لاك الكهربائية والحديدية‬ ‫وأعمدة خشبية وأسالكا كهربائية مشحونة بصعقات‬ ‫الضحايا العراقيون‬ ‫لتعذيب املعتقلني‪ .‬وف��ي ل�ن��دن‪ ،‬ق��ال املحامي فيل شينر‬ ‫على أيدي القوات البريطانية ممثل منظمة الدفاع عن الحقوق املدنية «بابليك إنترست‬ ‫ل��وي��رز» م��ن ج�ه�ت��ه‪ ،‬خ�ل�ال م��ؤت�م��ر ص�ح��اف��ي إن ال �ق��وات‬ ‫البريطانية في العراق يمكن أن تكون متورطة في كثير‬ ‫في ‪ 2003‬يفوق عدد ضحايا‬ ‫من التجاوزات املوثقة قد تبرر مالحقة عناصرها أمام‬ ‫‪ 11‬سبتمبر وحادثة‬ ‫املحاكم البريطانية‪.‬‬ ‫وباالستناد إل��ى وثائق اطلع عليها‪ ،‬ف��إن فريق التحقيق‬ ‫«شارلي إيبدو»‬ ‫املذكور قد يستغرق سنوات طويلة الستكمال عمله على‬ ‫جميع القضايا املتعلقة بانتهاكات القوات البريطانية في‬ ‫ال�ع��راق‪ .‬وأدان تقريرا أع��د ح��ول وف��اة بهاء موسى قائدا‬


‫كشف حقائق جديدة‬ ‫عن أساليب التعذيب‬

‫أساليب تحقيق‬ ‫مدعومة بالتعذيب‬

‫��ام يمثل امل��دن��ي�ين ال��ع��راق��ي�ين‪ ،‬تقريرا‬ ‫ق���دم ش��اي��ن��ر م��ح ٍ‬ ‫رسميا إلى وزارة الدفاع البريطانية ‪ -‬الشرطة العسكرية‪،‬‬ ‫يفيد بأن االتهامات افتراضية وليست وقائع حتمية‪،‬‬ ‫والتحقيق سيجري للتأكد من صحتها قبل املحاكمة‬ ‫العلنية‪« ،‬لنتيقن من األمر ونتخذ التدابير ألجل عدم‬ ‫تكراره»‪.‬‬ ‫وكشف الكاتب الصحافي البريطاني باتريك كوكبورن‬ ‫خالل مقال له بصحيفة «إندبندنت» أن التعذيب الذي‬ ‫شهدته سجون ال��ع��راق خ�لال االح��ت�لال األميركي قد‬ ‫أسفر عن سقوط قتلى عددهم يفوق من سقطوا في‬ ‫هجمات سبتمبر عام ‪.2001‬‬ ‫وقال امليجور ماثيو أليكساندر‪ ،‬الذي حقق مع أكثر‬ ‫من ‪ 300‬سجني في العراق إن من أهم األسباب التي‬ ‫دفعت املقاتلني األجانب لالنضمام إلى «القاعدة»‬ ‫االنتهاكات التي يتعرض لها األسرى واملشتبه بهم‬ ‫ُ‬ ‫في السجون التي تدار من قبل الجيش األميركي‪،‬‬ ‫وهذا التصريح يمكن أن ينطبق أيضا على القوات‬ ‫البريطانية‪.‬‬

‫كشفت شهادات الضحايا‪ ،‬النقاب عن طريقة‬ ‫ُ‬ ‫تعذيب فريدة كانت تمارس من قبل عناصر‬ ‫جيش االح��ت�لال البريطاني جنوب ال��ع��راق‪،‬‬ ‫وهي إجبار السجناء على الرقص لساعات‬ ‫طويلة على طريقة موسيقى البوب‪.‬‬ ‫ونقلت وسائل اإلع�لام عن املستشار في‬ ‫محكمة االستئناف في لندن سير ويليام‬ ‫غيج‪ ،‬ال��ق��ول إن ج��ن��ودا بريطانيني أجبروا‬ ‫سجناء عراقيني في سجن بمدينة البصرة‬ ‫على الرقص مثل املغني مايكل جاكسون‪،‬‬ ‫ول��س��اع��ات ط��وي��ل��ة م��ت��واص��ل��ة م��ن ال��ض��رب‬ ‫والحرمان من النوم‪ .‬ذلك عام ‪.2003‬‬ ‫وأض��اف غيج أن بضعة مدنيني عراقيني‬ ‫وقعوا ضحية منافسة بني عدد من الجنود‬ ‫البريطانيني ملعرفة من يمارس أقوى رفسة‬ ‫بحق السجناء‪ .‬وكان غيج قد فتح تحقيقا‬ ‫الحقا في حادثة وف��اة املواطن العراقي بهاء‬ ‫موسى‪ ،‬الذي قبضت عليه القوات البريطانية‬

‫توني بلير يلقى خطاب أمام جنود الجيش البريطاني‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪27‬‬


‫تحقيق‬

‫محكمة بريطانية تتسلم وثائق تعذيب الجنود‬ ‫البريطانيني للعراقيني في البصرة‬

‫‪ 2003‬ـ ‪2008‬‬ ‫سنوات الضياع‬ ‫بغداد‪ :‬جاسم محمد‬ ‫لندن‪ :‬نجالء حبريري‬

‫كشفت التقارير والتحقيقات تورط القوات البريطانية في العراق في تعذيب مدنيني‬ ‫عراقيني‪ ،‬وتحقق وزارة الدفاع البريطانية بالتهم املوجهة إلى فريق االستخبارات‬ ‫املتقدمة املشترك بشأن مسؤوليته عن ارتكاب انتهاكات لحقوق السجناء العراقيني‪،‬‬ ‫واستغاللهم على نطاق واسع في الفترة من ‪ 2003‬إلى ‪ .2008‬وكان هناك ما‬ ‫يقارب الـ ‪ 14‬شكوى جديدة إضافية ُرفعت أخيرا ضد القوات البريطانية‪ ،‬التي كانت‬ ‫تتمركز في قاعدة «الشعيبة للخدمات اللوجستية» الواقعة على بعد نحو ‪ 15‬كلم‬ ‫من مدينة البصرة جنوب العراق‪ .‬وتشمل االتهامات ارتكاب أعضاء الفريق املذكور‬ ‫أعمال تعذيب بحق السجناء‪ ،‬واإلساءة للمعتقلني جسديا وجنسيا‪ .‬وفي لندن‪،‬‬ ‫قال املحامي فيل شينر ممثل منظمة الدفاع عن الحقوق املدنية «بابليك إنترست‬ ‫لويرز»‪ ،‬إن القوات البريطانية في العراق يمكن أن تكون متورطة «في كثير من‬ ‫التجاوزات املوثقة‪ ،‬مما قد يبرر مالحقة عناصرها أمام املحاكم البريطانية»‪ .‬وأعلن‬ ‫محامون بريطانيون في يونيو (حزيران) ‪ 2011‬أنهم حركوا إجراءات قضائية أمام‬ ‫ُ‬ ‫املحكمة العليا في لندن بالنيابة عن ‪ 3‬عائالت عراقية قتل أبناؤها برصاص القوات‬ ‫البريطانية بصورة غير قانونية في العراق‪.‬‬ ‫وفي إطار منفصل‪ ،‬ستدرس محكمة االستئناف في لندن إمكانية فتح تحقيق‬ ‫علني حول إساءة معاملة املئات من املحتجزين العراقيني من قبل القوات البريطانية‬ ‫خالل فترة وجودها في العراق‪.‬‬ ‫يتم التحقيق مع الشهود بعد وصولهم إلى بريطانيا من‬ ‫قبل رجال قانون تابعني إلى القوات البريطانية‪ ،‬في إحدى‬ ‫قواعد سالح الجو امللكي البريطانية في «نورثولت»‪ ،‬غرب‬ ‫لندن‪ ،‬ويعد أندرو كيللي رئيس هيئة النيابة املعنية بمحاكمة‬ ‫جميع الجرائم التي يرتكبها أفراد القوات املسلحة‪ .‬وينضم‬

‫‪26‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫إلى الهيئة مجموعة من املترجمني ومحام ٍبريطاني يمثل‬ ‫بعض الضحايا‪ ،‬ويتم االستماع إلى الشهادات الواحدة تلو‬ ‫األخرى ويتم نقلهم إلى غرفة خاصة لغرض االستجواب‪.‬‬ ‫ويمكن أن تستغرق الشهادات هناك أياما عدة‪ ،‬ويتم رصد‬ ‫األدلة عن طريق الدوائر التلفزيونية املغلقة في غرفة أخرى‪.‬‬

‫وقد أجريت منذ مارس (آذار) ‪ ،2013‬ما يقارب ‪ 83‬مقابلة‬ ‫مع عوائل الضحايا‪ُ ،‬يشار إلى أن التقارير األخيرة كشفت‬ ‫عن وجود ما يقارب ألف شكوى ضد القوات البريطانية‬ ‫من قبل عوائل الضحايا من العراقني‪.‬‬ ‫وقد تضاعفت الشكاوى ضد سوء املعاملة‪ ،‬من املدنيني‬ ‫العراقيني املحتجزين لدى الجيش البريطاني في السنوات‬ ‫األخيرة حيث كانت القوات البريطانية تلقي القبض على‬ ‫اآلالف م��ن ال�ن��اس واعتقالهم والتحقيق معهم‪ .‬شهادة‬ ‫الشهود تتحدث عن الضرب واالعتداء الجنسي‪ ،‬والحرمان‬ ‫الحسي وامل��واد الغذائية‪ ،‬وتقنيات االستجواب القاسية‬ ‫ويقول الكثير من الضحايا إنهم كانوا محتجزين في‬ ‫هذه الظروف لسنوات دون أي تفسير آخر‪.‬‬ ‫ُوي�ع��د اللفتنانت كولونيل ن�ي�ك��والس ميرسر واح ��دا من‬ ‫املوظفني القانونيني الكبار في بريطانيا‪ ،‬الذين خدموا في‬ ‫العراق عام ‪ ،2003‬وقدم أدلة في قضية بهاء موسى‪ .‬وقدم‬ ‫شهادته عام ‪ 2010‬عن أحد املعسكرات البريطانية‪ ،‬حيث‬ ‫َّدون مشاهدة ‪ 40‬سجينا جالسا بطريقة القرفصاء في‬ ‫الرمال‪ ،‬مع تقييد الذراعني خلف الظهر‪ ،‬مع أكياس على‬ ‫رؤوس�ه��م‪ .‬وبعد تقديم شكوى خطية ج��اء ال��رد ب��أن ذلك‬ ‫وفقا لعقيدة الجيش البريطاني! علما بأن اللجنة الدولية‬ ‫للصليب األحمر زارت املعسكر ع��ام ‪ ،2003‬واعترضت‬ ‫أيضا على تلك األساليب واملمارسات القاسية ضد املدنيني‪.‬‬


‫رسمة أحد أطفال ضحايا «داعش» (املجلة)‬

‫من الدول لحد ‪ 12‬أسبوعا وحتى في بعض األديان ال‬ ‫تعتبره حمال بمعناه الروحي وهناك إجراءات روتينية‬ ‫ح�ت��ى ف��ي أوروب� ��ا ال ي�ت��م اإلج �ه��اض ب�ش�ك��ل اعتباطي‬ ‫وباإلمكان االستفادة من قوانني مدنية ال تتناقض مع‬ ‫جوهر الدين السمح»‪ ،‬مشددا في الوقت ذاته على «عدم‬ ‫ذكر أي حالة بعينها مع تأكيدي على وجودها»‪.‬‬ ‫وي�ك�ش��ف م �ي��رزا ف��ي ج��ان��ب آخ��ر أن «ع ��دد اإلي��زي��دي�ين‬ ‫املحررين هو ‪ 830‬من بينهم ‪ 130‬رجال وما تبقى أطفال‬ ‫ونساء وأكثر من ‪ 4000‬ما يزالون تحت قبضة داعش‬ ‫منهم نحو ‪ 1500‬ط�ف��ل»‪ ،‬مضيفا أن «عملية تحرير‬ ‫اإليزيديات املختطفات مستمرة رغم أنها عمليات فردية‬ ‫وتجري بجهود شخصية‪ ،‬وع��دد املحررين حتى اآلن‬ ‫ه��و ‪ 800‬إي��زي��دي وم��ا زال هناك أكثر م��ن ‪ 4‬آالف في‬ ‫قبضة داع��ش»‪ .‬وانتقد ميرزا بشدة تخاذل الحكومة‬ ‫العراقية إزاء ملف اإليزيديات وعدم التحرك لتحريرهن‪،‬‬ ‫أو مساعدة الناجيات أو حتى تحريك ملفهن في محكمة‬ ‫الجنايات الدولية‪ ،‬مشيرا إلى أنه «لحد اآلن ليس لديهم‬ ‫أي برنامج ملساعدة الضحايا‪ ،‬املجلس األعلى لشؤون‬ ‫امل ��رأة ولجنة ش��ؤون امل ��رأة ف��ي ب��رمل��ان ك��ردس�ت��ان وفي‬ ‫العراق وزارة املرأة ووزارة حقوق اإلنسان‪ 5 ،‬أو ‪ 6‬هيئات‬ ‫حقوقية حكومية في بغداد وأربيل وال أحد منها حرك‬ ‫ساكنا تجاه معاناة هؤالء الضحايا»‪.‬‬ ‫ويلفت إلى أن «برملان االتحاد األوروبي كان أصدر أواخر‬ ‫نوفمبر (تشرين الثاني) املاضي مشروع قرار ّ‬ ‫عد فيه‬ ‫جرائم داع��ش ضد اإليزيديني‪ ،‬جرائم ضد اإلنسانية‪،‬‬ ‫داعيا الحكومة العراقية إلى االنضمام لالتفاقية الدولية‬ ‫ملالحقة املجرمني في العراق‪ ،‬كما طالب الدول األعضاء‬ ‫في االتحاد واملنظمة العليا لالتحاد األوروب��ي بتقديم‬ ‫مساعدات للمخطوفات اللواتي تحررن من داع��ش‪ ،‬إال‬ ‫أن العراق لم ينضم بعد وهذا سيؤخر تحريك امللف»‪،‬‬ ‫حسب م�ي��رزا‪ .‬ويضيف أن «ال ��دول األع �ض��اء ل��م تقدم‬ ‫بعد أي شيء لضحايا داع��ش‪ ،‬وأنه ليس لهم عالقة أو‬ ‫اتصال مع أي منظمة دولية أو محلية وأن أملانيا فقط‬ ‫ق��ررت معالجة اإلي��زي��دي��ات املعنفات على ي��د عناصر‬ ‫داعش‪ ،‬وأن أكثر من لجنة حكومية أملانية زارت مخيمات‬ ‫اإلي��زي��دي�ين ف��ي ال �ع��راق لتحديد آل�ي��ات االخ�ت�ي��ار وع��دد‬ ‫الناجيات من قبضة داع��ش اللواتي سيتم معالجتهن‬ ‫في إحدى الواليات األملانية»‪ ،‬مضيفا «هناك مساع لحث‬ ‫االتحاد األوروبي على تبني مشروع مساعدة الضحايا‪،‬‬ ‫م��ن ال�ي��وم األول أدرك��ت أننا ل��ن نحصل على أي شيء‬

‫محليا»‪ ،‬مستأنفا «بعد املؤتمر الدولي حقوق اإلنسان‬ ‫الذي حضرناه فقد تقرر تشكيل لجنة تقصي الحقائق‬ ‫من األمم املتحدة ملتابعة جرائم داعش وستنهي تقريرها‬ ‫خالل األيام القليلة القادمة وسيصدر التقرير النهائي‬ ‫منتصف الشهر الثالث ونحن نعتقد أن الجرائم بحق‬ ‫اإليزيديني هي جريمة إبادة جماعية وأتمنى من التقرير‬ ‫أن يدعم هذا التوجه»‪.‬‬ ‫وي�س�ت��ذك��ر دن��اي��ي «ق�ص��ة ال�ف�ت��اة زه ��ور (‪ 20‬ع��ام��ا)‬ ‫التي فقدت جميع أفراد عائلتها‪ ،‬وكانت مختطفة‬ ‫لدى داعش اشتراها أبو أسامة (خليجي) من‬ ‫تنظيم داع ��ش مل�ع��اش��رت�ه��ا‪ ،‬وق ��ام ب��إش�ع��ال‬ ‫ال�ن��ار ف��ي جسدها بعد رش�ه��ا بالبنزين‪،‬‬ ‫وتركها تواجه املوت‪ ،‬إال أنه بعد مغادرته‬ ‫ت ��م ن�ق�ل�ه��ا م ��ن ق �ب��ل أح� ��د األه ��ال ��ي إل��ى‬ ‫امل�ش�ف��ى وت ��م االت �ص��ال ب��ذوي �ه��ا وب�ع��د‬ ‫تهريبها من قبل مجموعة أبو شجاع‬ ‫ف ��ي ح �ل��ب ال �س��وري��ة ل�ف�ظ��ت زه ��ور‬ ‫أنفاسها في مشفى مالطيا‪،‬‬ ‫والزم��ت زه��ور ف��ي املشفى‬ ‫وك� �ن ��ا أن� �ج ��زن ��ا ك ��ل أوراق‬ ‫نقلها إلى أملانيا للعالج في‬ ‫مدينة شتوتغارت‪ ،‬وبرعاية‬ ‫رئاسة وزراء مقاطعة بادن‬ ‫ف��ورت�ن�ب�ي��رك‪ ،‬لكن ي��د القدر‬ ‫ك��ان��ت أط ��ول وف��ارق��ت زه��ور‬ ‫الحياة»‪.‬‬ ‫وارتكب «داعش» مجازر بشعة‬ ‫بحق اإليزيديني بعد سيطرتهم‬ ‫ع �ل��ى ق �ض��اء س �ن �ج��ار صيف‬ ‫ال �ع��ام امل��اض��ي ح�ي��ث قتلوا‬ ‫مئات األشخاص‪.‬‬ ‫واس � �ت � �ع ��ادت ال� �ق ��وات‬ ‫ال � � � � � �ك � � � � ��ردي � � � � ��ة ف� ��ي‬ ‫األش� � �ه � ��ر األخ � �ي� ��رة‬ ‫غ ��ال � �ب � �ي ��ة امل� �ن ��اط ��ق‬ ‫ال � � �ت� � ��ي خ� �س ��رت� �ه ��ا‬ ‫ف � ��ي ال� �ص� �ي ��ف م��ن‬ ‫ض � �م � �ن � �ه ��ا م �ع �ظ��م‬ ‫م � � �ن � ��اط � ��ق ق � �ض� ��اء‬ ‫س � � �ن � � �ج� � ��ار ال � � � ��ذي‬

‫يعتبر معقل اإليزيدية‪ .‬واإليزيديون هم مجموعة دينية‬ ‫يعيش أغلب أفرادها قرب املوصل ومنطقة جبال سنجار‬ ‫في العراق‪ ،‬ويقدر عددهم بنحو ‪ 600‬ألف نسمة‪ ،‬وتعيش‬ ‫مجموعات أصغر في تركيا‪ ،‬سوريا‪ ،‬إيران‪ ،‬جورجيا‪،‬‬ ‫أرمينيا‪.‬‬ ‫وبحسب باحثني‪ ،‬تعد ال��دي��ان��ة اإلي��زي��دي��ة م��ن الديانات‬ ‫الكردية القديمة‪ ،‬وتتلى جميع نصوصها في مناسباتهم‬ ‫وطقوسهم الدينية باللغة الكردية‪.‬‬ ‫أبو شجاع لم يتمكن بعد من الوفاء بما وعد به خالته‬ ‫ويقول‪« :‬لم أستطع حتى اآلن تحرير بنات خالتي فآخر‬ ‫املعلومات أنهن في منبج ولكن ال أعرف بالضبط أين هن‪،‬‬ ‫وهناك معلومات أنهن بالقرب من حلب‪ ،‬ورغم خسارتي‬ ‫املادية‪ ،‬فإن البحث أكسبني تجربة وأصبحت مرجعية‬ ‫ملن يريد تحرير إحدى قريباته»‪.‬‬ ‫ويختم ح ��واره م��ع «امل�ج�ل��ة» ق��ائ�لا «ل�ك��ل م�ح��ررة قصة‬ ‫تشبه قصص ألف ليلة وليلة‪ ..‬آخرهن ضحية رفضت‬ ‫أن نكون الضحية خ�لال محاوالتنا إن�ق��اذه��ا وأنقذت‬ ‫حياتنا واستمرت في األسر‪ ،‬تحياتي واحترامي لها‪..‬‬ ‫أعاهدها عهد الرجال أني سأفك أسرها حتى لو لم يبق‬ ‫من عمري إال ثانية واحدة»<‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪25‬‬


‫قصة الغالف‬

‫تكشف‬ ‫عن وقوع عمليات‬ ‫إجهاض أجريت‬ ‫للضحايا اللواتي‬ ‫حملن نتيجة‬ ‫اغتصابهن من قبل‬ ‫عناصر اإلرهاب‪..‬‬ ‫و‪ 5‬فتيات رمني‬ ‫أنفسهن في نهر‬ ‫الفرات خشية‬ ‫الفضيحة‬ ‫‪24‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫عدد من أعضاء برملان كردستان طالب بتشريع قانون برملانيني خطا أحمر فيما يرى ناشطون إيزيديون أن‬ ‫يفسح املجال أمام إجراء عمليات اإلجهاض االستثنائية‪ ،‬مساعدة ضحايا اإليزيديني تصطدم بحواجز ثقافية‬ ‫من دون التعرض للمالحقة القانونية‪ ،‬خاصة أن القانون تمنع منحهم الخالص األخير‪.‬‬ ‫العراقي‪ ،‬واألمر يجري على اإلقليم‪ ،‬يحظر القيام بذلك‬ ‫النوع من العمليات‪.‬‬ ‫املجلس األعلى لحقوق املرأة يرفض‬ ‫وتضمنت املادة (‪ )417‬من قانون العقوبات العراقي رقم‬ ‫‪ 111‬لسنة ‪:1969‬‬ ‫اإلجابة عن أسئلة «املجلة»‬ ‫‪ - 1‬يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على سنة وبغرامة ال‬ ‫تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتني العقوبتني كل امرأة ورغم اتصال «املجلة» املتكرر مع رئيسة لجنة حقوق‬ ‫أجهضت نفسها بأي وسيلة كانت أو مكنت غيرها من امل��رأة في برملان إقليم كردستان وأعضاء من املجلس‬ ‫ذلك برضاها‪.‬‬ ‫األع �ل��ى ل�ح�ق��وق امل� ��رأة‪ ،‬ل�ت��وج�ي��ه أس�ئ�ل��ة «امل �ج �ل��ة» ح��ول‬ ‫‪ - 2‬ويعاقب بالعقوبة ذاتها من أجهضها عمدا برضاها‪ ،‬مشروع الهيئتني بخصوص مساعدة ضحايا «داعش»‬ ‫وإذا أفضى اإلجهاض أو الوسيلة التي استعملت في من اإليزيديات ورغم وعودهم فإن الهيئتني تخلفتا وبعد‬ ‫إح��داث��ه ول��و ل��م يتم اإلج�ه��اض إل��ى م��وت املجني عليها وعود متكررة لنا لم يجيبا «املجلة»‪.‬‬ ‫من جهته يبدو ميزا دنايي‪ ،‬رئيس منظمة(‪Luftbrücke‬‬ ‫فتكون العقوبة الحبس مدة ال تزيد على ‪ 7‬سنوات‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ويعد ظرفا مشددا للجاني إذا كان طبيبا أو صيدليا ‪ )Irak e. V‬غير متفائل بمستقبل ضحايا اإليزيديني‬ ‫في بلد ثقافته نتاج حروب متعددة ومستمرة‪ ،‬ورغم كل‬ ‫أو كيميائيا أو قابلة أو أحد معاونيهم‪.‬‬ ‫‪ - 4‬ويعد ظرفا قضائيا مخففا إجهاض املرأة نفسها ما أنجزه يصف الواقع بالسلبي ويؤكد على أن «الفتيات‬ ‫اتقاء للعار إذا كانت قد حملت سفاحا‪ .‬وكذلك األمر اللواتي نجون من قبضة داعش لم يتم التعامل معهن‬ ‫في هذه الحالة بالنسبة ملن أجهضها من أقربائها إلى بالشكل الصحيح ويقتصر األمر على مراجعة الطبيب‬ ‫الدرجة الثانية‪.‬‬ ‫أو ما شابه‪ ،‬في حني أنهن بحاجة إلى مساعدات أكثر‬ ‫أما حكم اإلجهاض في الشريعة اإلسالمية وعلى لسان من الكثير من الجهات‪ ،‬وال سيما الجهات الحكومية‬ ‫رئيس اتحاد علماء الدين اإلسالمي الكردستاني عبد ف��ي ال �ع��راق وإق�ل�ي��م ك��ردس �ت��ان»‪ ،‬مضيفا أن «الفتيات‬ ‫الله شيخ سعيد ال��ذي ت�ن��اول قضية النساء والفتيات اإلي��زي��دي��ات املختطفات م��ن قبل داع��ش تعرضن إلى‬ ‫اللواتي اغتصنب من قبل عصابات «داعش»‪ ،‬بما يتوافق شتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي‪ ،‬والكثيرات منهن‬ ‫مع تعاليم الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فيقول في تصريحات تعرضن لالغتصاب حتى القاصرات منهن»‪.‬‬ ‫له إنه ال يمكن إغفال أن هؤالء األطفال يجيئون بطريقة وفي موضوع اإلجهاض يقول ميرزا إن «هناك طبيبات‬ ‫غ�ي��ر ش��رع �ي��ة‪ ،‬ل�ك��ن ه ��ذا ال ي�خ��ول�ن��ا أن ن �ق��وم بقتلهم‪ ،‬يستغللن القانون ويبتززن النساء فيجرين العمليات‬ ‫مقابل مبلغ خيالي يبدأ من ألف دوالر ليصل في بعض‬ ‫فاإلسالم ال يقبل ذلك‪.‬‬ ‫وم ��ع رف ��ض رج ��ال ال��دي��ن ف��ي إق�ل�ي��م ك��ردس �ت��ان فكرة ال �ح��االت إل��ى ‪ 4‬اآلالف دوالر‪ ،‬ول��و ك��ان ه�ن��اك تشريع‬ ‫«اإلج�ه��اض» بدعوى مخالفته لتعاليم الشريعة‪ ،‬يبدو رسمي كان باإلمكان التعامل مع الحاالت االستثنائية‬ ‫امل��وض��وع لعدد م��ن املنظمات الحقوقية املدنية وحتى خالل شهر أو شهرين وهي الفترة املسموحة في كثير‬


‫زهور (‪ 20‬عاما)‬ ‫فقدت جميع أفراد‬ ‫عائلتها وكانت‬ ‫مختطفة لدى‬ ‫داعش اشتراها أبو‬ ‫أسامة من التنظيم‬ ‫وعاشرها ثم أشعل‬ ‫النار في جسدها‬ ‫الفتاة زهور في مشفى مالطيا (املجلة)‬

‫وه��و رج��ل ف��ي الثالثينات م��ن العمر م��ن أص��ل لبناني‬ ‫يعيش مع ابن عمه عمر بمنزل في طابقني منفصلني‪،‬‬ ‫وكان أبو الزرقاوي وعمر اشتريا ‪ 5‬إيزيديات ومع قدوم‬ ‫جليلة وإح ��دى قريباتها أص�ب��ح ع��دده��ن ‪ 7‬إي��زي��دي��ات‬ ‫تتعرف هناك على إيفلني وهي إيزيدية في ربيع العمر‪،‬‬ ‫سماها أخوها تيمنا بمعلمته املسيحية في املدرسة‪،‬‬ ‫ذكية تم شراؤها من قبل أبو الزرقاوي‪.‬‬ ‫ايفلني تتابع فصول خالصها وجليلة قائلة «لقد تمكنت‬ ‫م��ن الحصول على هاتف ج��وال ألح��د ال��دواع��ش الذين‬ ‫كانوا يترددون على املنزل واستطعت أن أتصل بأحد‬ ‫أقربائي الذي بدوره اخبر أبو شجاع وبدأ يشرح لنا كيف‬ ‫يمكننا الهرب واألشخاص الذين سيأخذوننا بمجرد‬ ‫توفر الظروف لذلك»‪ ،‬مضيفة «زوجة أبو الزرقاوي وبعد‬ ‫توسالتنا املتكررة سمحت لي بالخروج مرة وعندها‬ ‫صورت املكان وجميع الالفتات واإلشارات التي تعطي‬ ‫معلومات كافية ودقيقة عن موقع املنزل وهكذا وبعد ‪4‬‬ ‫أشهر في جحيم داعش استطعنا الفرار»‪.‬‬

‫كابوس لن ينتهي‬ ‫إن ال�ف�ت�ي��ات ال�ن��اج�ي��ات م ��ررن بتجربة م��ري��رة‪ ،‬آث��اره��ا‬ ‫السلبية تظهر بشكل ج�ل��ي‪ ،‬وه��ن بحاجة إل��ى رعاية‬ ‫طويلة األمد من قبل مؤسسات مختصة وتم تشكيل‬ ‫ع��دة لجان ومديريات تهتم بشؤون ضحايا «داع��ش»‬ ‫من اإليزيديني‪.‬‬ ‫غصون (‪ 15‬عاما)‪ ،‬طالبة في الثالث متوسط‪ ،‬إحدى من‬ ‫حررهن أبو شجاع لم يبق من عائلتها أحد تم شراؤها‬ ‫م��ن قبل خليجي وبقيت ‪ 4‬أش�ه��ر إل��ى أن تمكنت من‬ ‫االتصال بأبو شجاع لكن فصول معاناتها لم تنته ولن‬ ‫تنتهي فصول معاناة الناجيات وامل �ح��ررات‪ ،‬غصون‬

‫تعاني من أزمة نفسية وصغر سنها لن يكفل لها نسيان‬ ‫ما تعرضت له فهي لم تلق الدعم املناسب‪ ،‬وتقول‪« :‬أتمنى‬ ‫الرحيل عن هنا ال أشعر باألمان أبي جريح وشبه معاق‬ ‫وإخوتي قتلوا لم يبق لي هنا سوى التعاسة»‪.‬‬ ‫وعند سؤالها عن رغبتها بإكمال الدراسة والعودة إلى‬ ‫مقاعدها ال تؤكد تلك الرغبة‪.‬‬ ‫ماملي ناشط مدني إيزيدي منسق طوعي في ديرية‬ ‫شؤون اإليزيديني في محافظة دهوك بإقليم كردستان‬ ‫العراق‪ ،‬يقول بهذا الصدد لـ«املجلة» إنه «تم تشكيل لجنة‬ ‫طوعية ملساعدة الضحايا وب��دأت العمل والتنسيق في‬ ‫متابعة شؤون اإليزيديني الذين اختطفهم داعش وكذلك‬ ‫مساعدتهم على الفرار‪ ،‬واللجنة تشكلت في بداية شهر‬ ‫سبتمبر (أيلول) من مجموعة من النشطاء الطوعيني‪،‬‬ ‫وباشرت عملها ملتابعة تحرير الفتيات‪ ،‬واستطعنا خالل‬ ‫‪ 3‬أشهر مساعدة أكثر من ‪ 500‬امرأة وطفل ورجل في‬ ‫الخالص من داع��ش وفيما بعد تم تحويل اللجنة إلى‬ ‫مديرية الشؤون اإليزيدية ولكن العمل ملساعدة الضحايا‬ ‫في اللجنة مستمر إضافة إلى منظمات ولجان مدنية‬ ‫وحكومية»‪ ،‬كاشفا «أن��ا حاليا أت��اب��ع ش��ؤون ع��دد من‬ ‫ال�ن�س��اء امل��وج��ودات ف��ي مناطق يسيطر عليها داع��ش‬ ‫حتى أساعدهن على تفهم واقعهن ومتابعة شؤونهن‬ ‫وقريناتهن»‪ ،‬معبرا عن أسفه لتقصير اللجان الحكومية‬ ‫وخاصة املجلس األعلى لشؤون املرأة ولجنة حقوق املرأة‬ ‫في برملان إقليم كردستان‪ ،‬قائال‪« :‬لألسف لم يتصل بنا‬ ‫مجلس املرأة مباشرة في تلك الفترة التي كنت فيها في‬ ‫اللجنة‪ ،‬بل إنهم كانوا على تواصل مع نشطاء آخرين ال‬ ‫تتوفر لديهم معلومات كافية»‪.‬‬ ‫وي� �ك� �ش ��ف م ��ام� �ل ��ي أن «ع � � ��دد ال � �ن� ��ازح �ي�ن اآلن وف �ق��ا‬ ‫للتقديرات أك�ث��ر م��ن ‪ 400‬أل��ف إي��زي��دي غالبيتهم من‬ ‫سنجار وغالبيتهم يوجدون في ده��وك وبعدها أربيل‬

‫والسليمانية ومخيم نوروز في ديرك ومخيمات أخرى‬ ‫ف��ي تركيا وت�ق��در األع ��داد هناك بنحو ‪ 12‬ألفا وهناك‬ ‫نحو ‪ 5‬آالف في بلغاريا وجورجيا»‪ ،‬مستأنفا «نحن‬ ‫نعمل على مساعدة الناجيات للحصول على العالج‬ ‫وتقدمه املديرية العامة لصحة دهوك مجانا حيث يتم‬ ‫عقد الجلسات النفسية للواتي يطلبنه أو نحن نقدمهن‬ ‫على أس��اس أن�ه��ن بحاجة ل��ه‪ ،‬وفيما يخص األم��راض‬ ‫ال�ج�س��دي��ة ف��إن�ن��ي ش��اه��دت ال�ك�ث�ي��ر م��ن األط �ف��ال ك��ان��وا‬ ‫مصابني ب��أم��راض جلدية وال�ع�لاج يقدم لهم مباشرة‪،‬‬ ‫األم��راض هي نفسها عند األطفال والنساء وقبل أيام‬ ‫أوصلت امرأة في الخامسة والثالثني ملركز العالج كانت‬ ‫مصابة بمرض جلدي وتعاني ضغطا نفسيا كبيرا‬ ‫رغم أنها تحررت منذ أكثر من شهر وكانت تعاني مما‬ ‫يشبه حالة من الهستيريا والخوف»‪ ،‬مضيفا‪« :‬في أربيل‬ ‫والسليمانية نعمل بني فترة وأخرى على نجدة فتيات‬ ‫من قبل نشطاء وعوائل مكتب اللجنة التي تعمل اآلن‬ ‫بإشراف املديرية العامة للشؤون اإليزيدية على تأمني‬ ‫مساعدة مادية لكل امرأة تنجو من داعش‪ ،‬وبخصوص‬ ‫الخارج ال أعتقد أن هناك نساء نجون وذه�بن للخارج‬ ‫مباشرة»‪.‬‬ ‫ويكشف عن عمليات إجهاض أجريت للضحايا الالتي‬ ‫ح�م�ل��ن نتيجة اغ�ت�ص��اب�ه��ن م��ن ق�ب��ل م�ق��ات�ل��ي التنظيم‬ ‫وأن عمليات اإلج�ه��اض التي أقيمت أجريت بعيدا عن‬ ‫اإلجراءات الرسمية وفي عيادات أهلية خاصة‪.‬‬

‫خطوط حمر‬ ‫إال أن م��دي��ري��ة ش� ��ؤون اإلي��زي��دي��ة ف��ي ح �ك��وم��ة إق�ل�ي��م‬ ‫ك��ردس�ت��ان نفت وج��ود ح��االت إج�ه��اض أو حمل لدى‬ ‫النساء الالتي عدن من احتجاز إرهابيي «داعش»‪ ،‬وكان‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪23‬‬


‫قصة الغالف‬

‫جهودهم ذاتية وأن تكاليف التحرير يتم تأمينها من‬ ‫تبرعات بعض ميسوري الحال من اإليزيديني‪.‬‬

‫الخالص‬

‫وفد أملاني في زيارة مخيمات إيزيدية مع أطفال محررين (املجلة)‬

‫إال أننا لم ننلهم ذلك»‪.‬‬ ‫وال ينفي أبو شجاع وجود حوامل بني الفتيات أو النساء‬ ‫اللواتي تم تحريرهن« إال أنه يتم التعامل مع هذه الحاالت‬ ‫الحرجة من خالل طبيبات وقابالت يتولني في كثير من‬ ‫األحيان التخلص من الجنني إن لم يكن تجاوز الحمل ‪8‬‬ ‫أشهر وليس لدي تفاصيل بهذا الخصوص»‪.‬‬ ‫ويكشف ع��ن ع��دد كبير م��ن ح��االت االن�ت�ح��ار وي�ق��ول‪:‬‬ ‫«ق �ب��ل أي ��ام ‪ 5‬ف�ت�ي��ات رم�ي�ن أن�ف�س�ه��ن ف��ي ن�ه��ر ال �ف��رات‬

‫قرابة ‪4000‬‬ ‫إيزيدي ما يزالون‬ ‫تحت قبضة «داعش»‬ ‫منهم نحو ‪ 1500‬طفل‪..‬‬ ‫والناجون مروا بتجربة‬ ‫مريرة وبحاجة‬ ‫إلى رعاية من قبل‬ ‫مؤسسات مختصة‬ ‫‪22‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫بالرقة‪ ،‬وفي حالة أخرى هجمت إحدى الضحايا على‬ ‫سائق داعشي كان ينقل ‪ 11‬إيزيدية من الرقة إلى دير‬ ‫الزور وأمسكت باملقود وحرفته عن مساره‪ ،‬والنتيجة‬ ‫ك��ان��ت مقتل ال�س��ائ��ق و‪ 5‬ض�ح��اي��ا إي��زي��دي��ات وج��رح ‪6‬‬ ‫أخ��ري��ات ونقلن إل��ى املشفى وال نعرف م��اذا ح��ل بهن‬ ‫بعد ذلك»‪.‬‬ ‫ونفى أبو شجاع وجود أي دعم مادي أو لوجستي لهم‬ ‫من قبل أي منظمات دولية أو إقليمية أو محلية وأكد أن‬

‫بحسب إحصاءات منظمات حقوقية فإنه هناك نحو ‪5‬‬ ‫آالف من النساء اإليزيديات وقعن في قبضة مسلحي‬ ‫تنظيم داع��ش‪ ،‬وأن ع��ددا ممن حالفهن الحظ ونجون‬ ‫ب�ف�ض��ل أب ��و ش �ج��اع ال ي �ت ��رددن ف��ي ال �ح��دي��ث ع��ن تلك‬ ‫اللحظات التي تواصلن خاللها مع الرجل املنقذ الذي‬ ‫جدد لهن األمل بالخالص‪.‬‬ ‫ج�ل�ي�ل��ة‪ )30( ،‬ع��ام��ا‪ ،‬إح ��دى م��ن ح��رره��ن أب ��و ش�ج��اع‬ ‫ت��روي لـ«املجلة» فصول رحلتها التي عنونتها برحلة‬ ‫الجحيم‪ ،‬وتقول‪« :‬إنني وأخواتي وأم��ي أسرنا في ذلك‬ ‫اليوم املشؤوم‪ ،‬من قبل إرهابيي داعش الذين هاجموا‬ ‫قريتنا كوجو‪ ،‬وبعد قتلهم جميع رجال القرية تم نقلنا‬ ‫مع آالف اإليزيديني بعد فصل الفتيات والنساء الشابات‬ ‫واألطفال عن الرجال الذين قتلوا كما أسلفت‪ ،‬وتم نقل‬ ‫النساء م��ن سنجار إل��ى تلعفر ث��م إل��ى سجن ب��ادوش‬ ‫حيث جرى هناك فصل النساء الكبيرات في السن ثم‬ ‫األطفال من عمر ‪ 6‬سنوات فما فوق‪ ،‬والبنات الصغار‬ ‫والشابات العازبات واملتزوجات ثم تم نقلنا إلى املوصل‬ ‫ومنها إل��ى ال��رق��ة»‪ ،‬مضيفة «قاموا باغتصاب الفتيات‬ ‫الصغيرات بعد تخديرهن‪ ،‬وك��ان��وا يضربون الفتيات‬ ‫اللواتي يرفضن الذهاب معهم وفي كثير من األحيان‬ ‫يأخذون الفتيات وفي اليوم التالي يعيدونهن لبيعهن‬ ‫مجددا ولكن بعد أن يكن أبرحن ضربا»‪.‬‬ ‫جليلة كانت تجيد العربية عكس البقية اللواتي ال يعرفن‬ ‫التحدث سوى باللغة الكردية وهذا ما جعل أبو محمد‬ ‫األمير العراقي الجنسية يختارها كمترجمة بني املعنفات‬ ‫واألطباء الذين يشرفون على الحاالت الحرجة الجسدية‬ ‫أو النفسية‪ ،‬إلى أن تم بيعها إلى أبو الزرقاوي األسترالي‬

‫كبار السن الذين أفرج عنهم «داعش»‬ ‫قبل نحو الشهر ونصف (املجلة)‬


‫أبو شجاع مع فتيات تم تحريرهن‬

‫هوية أحد الضحايا في مقبرة جماعية‬

‫عمق مناطق سيطرة التنظيم ويعرفون حتى الغرف‬ ‫التي تنام فيها الفتيات وهناك ط��رق مختلفة لتحرير‬ ‫املختطفني وبعد عملية التحرير يتم نقل الضحايا إلى‬ ‫العراق إما عن طريق تركيا أو عن طريق املعبر الحدودي‬ ‫السوري العراقي»‪.‬‬ ‫«التنظيم نصب عدة مرات كمائن لنا ولكننا استطعنا‬ ‫في وقت مبكر اكتشاف الكمني‪ ،‬فبعض الدواعش أوهموا‬ ‫الفتيات أنهم ذاهبون إلى القتال وأنهم سيغيبون أليام‬

‫أبو شجاع يرشد‬ ‫عبر‬ ‫عن أماكن وجود‬ ‫سبايا البغدادي‬ ‫في سوريا‬ ‫والعراق‬

‫عدة عن املنزل ويعطون الفتيات هواتف جوالة للحديث‬ ‫مع ذويهن ويبقون يراقبون الفتيات اللواتي بدورهن‬ ‫يتصلن بذويهن ويطلنب املساعدة ويتم االت�ص��ال بنا‬ ‫ونتحدث معهن إلعطائنا املعلومات الكاملة عن مكان‬ ‫احتجازهن أو اختطافهن إال أن�ن��ا م��ن ناحيتنا وبعد‬ ‫معرفة املكان نراقب املكان عن كثب واكتشفنا أن هناك‬ ‫كمينا نصب لنا حيث يتوزع قناصون على سطح األبنية‬ ‫القريبة من مكان االحتجاز ومرة كادوا ينالون مرامهم‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪21‬‬


‫قصة الغالف‬

‫تلتقي دنايي «أبو شجاع» مخلص اإليزيديات من عقر والية البغدادي‬

‫قصة أغرب من اخليال‪:‬‬

‫أبو شجاع‬

‫أربيل ‪ -‬دهوك‪ :‬روشن قاسم‬ ‫أب��و شجاع القلق امل�ت��وت��ر‪ ،‬حربه م��ع «داع ��ش» علمته‬ ‫أشياء كثيرة ولكنها أبعدت عنه الهدوء والراحة‪ ،‬خالل‬ ‫اتصاالته التي يرسم من خاللها طريق النجاة إلحدى‬ ‫الضحايا التي وصلت قبل ي��وم م��ع طفلها الحديث‬ ‫ال� ��والدة‪ ،‬إل��ى سيمالكا املعبر ال �ح��دودي ب�ين سوريا‬ ‫وال �ع ��راق‪ ،‬ول�ك��ن س��اع��ات ط��وي�ل��ة ستقضيها ع��ام��رة‬ ‫وطفلها لالنتهاء م��ن التحقيق معها م��ن قبل ق��وات‬ ‫حماية الشعب ال�ك��ردي��ة وذات ال�ش��يء سيتكرر بعد‬ ‫ع�ب��وره��ا إل��ى ال �ط��رف ال �ع��راق��ي‪ ،‬س�ت�ط��رح عليها عني‬ ‫األسئلة وسيكون عليها إع��ادة س��رد قصتها‪ ،‬فهي‬ ‫في النهاية أسيرة حرب شنتها قوى ظالمية وقوانني‬ ‫الحرب ال تفرق بني أسرى مقاتلني وأسرى سبايا‪.‬‬ ‫بعد االطمئنان على آخر الناجيات يمكن ألبو شجاع‬ ‫أن ي�ه��دأ وي�ب��دأ ال �ح��وار م��ع «امل�ج�ل��ة»‪« :‬ك��ارث��ة شنكال‬ ‫غيرت مسار غالبية أبناء شنكال‪ ،‬وجدنا أنفسنا في‬ ‫مواجهة عدو غاشم يريد إبادتنا‪ ،‬وكان ال بد منا الدفاع‬ ‫عن أرضنا وعرضنا ومقدساتنا»‪ ،‬يقول اإليزيدي‪،‬‬ ‫أوصمان حسن أغا دنايي‪ 40( ،‬عاما) واملعروف بـ«أبو‬ ‫ش�ج��اع»‪ ،‬ال��ذي ح��رر املئات من بينهم أكثر من مائة‬ ‫امرأة وفتاة من يد «داعش»‪ ،‬ويعتبر طوق نجاة يحاول‬ ‫اآلالف ممن بقوا عند «داعش» االتصال به‪.‬‬ ‫ي�ض�ي��ف «أب ��و ش �ج��اع» وج ��دت ن�ف�س��ي أم ��ام اخ�ت�ب��ار‬ ‫صعب عندما لجأت خالتي إلينا وطلبت مني استعادة‬ ‫بناتها الثالث اللواتي سباهن «داعش» مع اآلالف من‬ ‫اإليزيديات‪ ،‬وخالل رحلة بحثي عنهن بدأت في تحرير‬ ‫اإليزيديات واألطفال من عقر والية البغدادي‪.‬‬ ‫ويكشف أبو شجاع عن إحصائية حول عدد اإليزيديني‬ ‫وأماكن توزعهم حسب املعلومات التي استطاع الحصول‬

‫‪20‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫ذهب لتحرير بنات خالته‬ ‫اللواتي سباهن «داعش»‬ ‫فحرر أكثر من ‪ 100‬فتاة‬ ‫عليها من خالل بحثه ومتابعته ومالحقته للمختطفني‬ ‫لدى «داعش» ويقول بهذا الصدد «ليست هناك إحصائية‬ ‫دقيقة حول الضحايا اإليزيديني املختطفني لحد اآلن لدى‬ ‫(داعش) فالكثير منهم قتلوا أو جرحى وحاالت الكثير‬ ‫منهم حرجة ل��ذا ال نستطيع إع�ط��اء إحصائية دقيقة‬ ‫عن اإليزيديات واألطفال وكبار السن املختطفني لدى‬ ‫(داع ��ش)‪ ،‬وي�ك��اد ال يمر أس�ب��وع حتى نكتشف مقبرة‬ ‫جماعية‪ ،‬تضم ف��ي أحسن األح��وال ‪ 15‬إيزيديا قتلوا‬ ‫على أيدي التنظيم وتصل في أحيان كثيرة إلى ‪ 40‬و‪50‬‬ ‫وحتى مئات»‪ ،‬مستأنفا «لكن هناك أرقام تقريبية قريبة‬ ‫من الواقع إلى حد كبير وهو ما استطعنا أن نوثقه من‬ ‫أعداد وأماكن اإليزيديات واألطفال لدى داعش»‪ ،‬وحسب‬ ‫إحصائية أبو شجاع ويبدأ من العراق ويفيد بوجود ما‬ ‫يقارب من ‪ 1700‬إيزيدي يوجد داخل تلعفر (تبعد عن‬ ‫املوصل ‪ 70‬كلم) وبالتحديد في حي الخضراء وهم من‬ ‫الفتيات والنساء وكبار السن واألطفال‪.‬‬ ‫أما في داخل مدينة املوصل (هي مركز محافظة نينوى)‪،‬‬ ‫في قاعة كاالكسي بالقرب من فندق «اكلو» فيوجد ‪600‬‬ ‫إي��زي��دي وه��م ع��وائ��ل‪ ،‬وح��رر منهم قبل أكثر من شهر‬ ‫‪ 197‬إيزيديا غالبيتهم من كبار السن‪ ،‬وهناك أكثر من‬ ‫‪ 200 - 150‬من الفتيات تم توزيعهن على أمراء «داعش»‬ ‫امل��وص��ل وق �ض��اء ال �ش��رق��اط‪ ،‬ف��ي م��دي�ن��ة ال�ب�ع��اج (غ��رب‬ ‫املوصل جنوبي جبل سنجار) هناك ‪ 15‬فتاة من الفتيات‬ ‫اللواتي أخذن واغتصنب وما زلن محتجزات لدى التنظيم‬ ‫هناك‪ ،‬وتوجد أعداد منهن في قرى متفرقة ونحو ‪10‬‬ ‫فتيات بالحويجة (قضاء تابع ملحافظة كركوك) ومثلهن‬ ‫في عانة‪ ،‬أما في قضاء حديثة (غرب األنبار)‪ ،‬فيتراوح‬ ‫العدد من ‪ 650‬إلى ‪ 700‬إيزيدي‪.‬‬ ‫وف��ي س��وري��ا يكشف أب��و ش�ج��اع ع��ن وج ��ود م��ا يزيد‬ ‫على ‪ 250‬إيزيديا بينهم فتيات محتجزين في منطقة‬ ‫الشدادي التابعة ملحافظة الحسكة السورية وبالتحديد‬

‫بالقرب من استراحة حقول النفط وهم عائالت بينهم‬ ‫نساء تم اغتصابهن أم��ا في داخ��ل ال�ش��دادة فهناك ما‬ ‫يقرب من ‪ 60‬فتاة في بيوت عائالت داعشية‪ ،‬وفي دير‬ ‫الزور هناك نحو ‪ 350‬غالبيتهم من األطفال والنساء أما‬ ‫في الرقة ففي بداية الهجوم على شنكال تم نقل ‪400‬‬ ‫فتاة بكر حصة عاصمة «داعش» من السبايا وتم نقلهن‬ ‫من املوصل ووضعن في قاعة كبيرة‪ ،‬الحقا تم بيعهن‬ ‫إلى مقاتلي التنظيم‪ ،‬منوها «حررنا عددا كبيرا منهن‪،‬‬ ‫ولكن مؤخرا تم نقل عوائل إيزيدية إل��ى الرقة وارتفع‬ ‫العدد مجددا ووصل إلى ‪ 500‬إيزيدي ‪ 350‬منهم فتيات‬ ‫ونساء ومن تبقى أطفال»‪ ،‬مضيفا‪« :‬بالقرب من الرقة‬ ‫هناك ‪ 150‬محتجزا في الطبقة (تابعة ملحافظة الرقة)‬ ‫منهم ‪ 60‬إيزيدية ف��ي بيوت ع��ائ�لات دواع��ش وف��ي تل‬ ‫أبيض هناك ‪ 70‬طفال حررنا أكثر من ‪ 10‬أطفال منهم‬ ‫وك��ان��وا ف��ي معسكر داع��ش لتجنيد األط�ف��ال وت�ت��راوح‬ ‫أع �م��اره��م م��ن ‪ 7‬إل ��ى ‪ 10‬أع� ��وام‪ ،‬وي�خ�ض�ع��ون ل ��دورات‬ ‫تدريس الشريعة إضافة إلى ‪ 15‬امرأة كن يقمن بالطبخ‬ ‫وأعمال التنظيف‪ ،‬أما في محافظة حلب في أطراف مدينة‬ ‫حلب التي يسيطر عليها التنظيم فوصلتنا معلومات أن‬ ‫هناك ما يتراوح بني ‪ 40‬إلى ‪ 50‬إيزيدية وفي ريف حلب‬ ‫في مدينة الباب هناك ما يقارب ‪ 90‬إيزيدية و‪ 70‬في‬ ‫منبج‪ ،‬كان هناك عوائل‪ ،‬أما في محافظة حماه وحمص‬ ‫فقد حررنا عددا من اإليزيديات من هناك»‪.‬‬ ‫ويلفت إلى أنه ومجموعته «استطعنا تحرير ما يزيد‬ ‫على ‪ 400‬إيزيدي وإيزيدية‪ ،‬ونحو ‪ 40‬طفال‪ ،‬وبفضل‬ ‫شبكة عالقتنا ف��ي س��وري��ا وال�ع��راق استطعنا تحرير‬ ‫هذا العدد ولم يتم دفع أي فدية بل تم تهريبهم من بني‬ ‫م�خ��ال��ب ال��داع�ش�ي�ين‪ ،‬وع�م�ل�ي��ة ال�ت�ح��ري��ر ت�ت��م م��ن خ�لال‬ ‫أشخاص في مناطق سيطرة داعش وال يمكنني إعطاء‬ ‫املزيد من التفاصيل حول عمليات التحرير لحساسية‬ ‫املوقف»‪ ،‬مضيفا «هناك في املجموعة من وصلوا إلى‬


‫واتس‪ :‬االرهاب يرشد االمهات «املتطرفات» إلى كيفية تنشئة أطفالهن‬

‫أشبال اخلالفة يبايعون البغدادي‬ ‫يقول كلينت واتس‪ ،‬وهو عضو بارز في معهد لألبحاث‬ ‫الخارجية‪ّ ،‬إن «التنظيم بحاجة لجذب أطفال‬ ‫عن السياسة ّ‬ ‫إلى صفوفه في ظل قلة اليد العاملة واألطفال أكثر عرضة‬ ‫لالنصياع»‪ .‬ويسعى «داعش» من أجل السيطرة على أوسع‬ ‫رقعة من األراضي وال يملك عددا كافيا من املقاتلني لتحقيق‬ ‫ذلك الهدف‪ .‬وهناك تراجع بعدد املنتمني إليه‪ .‬ومما يشير‬ ‫إل��ى ارت�ف��اع درج��ة ال�ي��أس ل��دي��ه اس�ت�خ��دام األط �ف��ال‪ .‬يحاول‬ ‫ّ‬ ‫التنظيم زرع فكرة ل��دى العالم بأسره أن��ه الجماعة األكثر‬ ‫خطورة‪ُ ،‬ويحاول ّ‬ ‫بث الرعب والصدمة لدى املتلقني عندما‬ ‫ّ‬ ‫ينفذ عمليات إع��دام‪ ،‬واآلن يوصل فكرة مفادها أن بعض‬ ‫العمليات التي يراها العالم عنيفة ومعقدة ليست سوى لعبة‬ ‫أطفال بالنسبة لـ«داعش»‪.‬‬ ‫وظهر على املواقع املتطرفة اإلعالمية مثل موقع «الفرقان»‬ ‫دليل إرش��ادي يشرح لألمهات «املتطرفات» كيفية تنشئة‬ ‫أطفالهن وه��ذا ما يصعد من درج��ة التحذير من مخاطر‬ ‫ت��راث تجنيد األطفال التي تسمى أيضا «أشبال الخالفة»‬ ‫وهي تسمية باتت معروفة عند األنظمة الشمولية بعسكرة‬ ‫املجتمع‪ .‬ويضخ الكتيب أفكاره السلبية بعنوان «دور األخت‬ ‫في (الجهاد)» بعرض املواقع املتطرفة على األطفال وقراءة‬ ‫ق�ص��ص ع�م��ا يسمونه «ال �ج �ه��اد» ع�ن��دم��ا ي�خ�ل��دون للنوم‪،‬‬ ‫وتشجيعهم على ممارسة ألعاب رياضية‪ ،‬مثل الرماية‪ ،‬من‬ ‫أجل تحسني قدرتهم على التصويب‪.‬‬

‫تهجير السكان املحليني‬ ‫من سوريا‬ ‫أع� �ل� �ن ��ت ل �ج �ن ��ة األم� � � ��ن ال � �ق� ��وم� ��ي ف��ي‬ ‫ك � ��ازاخ � �س � �ت � ��ان ي � � ��وم ‪ 20‬ن��وف �م �ب��ر‬ ‫(ت�ش��ري��ن ال �ث��ان��ي) ‪ 2014‬ع��ن وج��ود‬ ‫أكثر من ‪ 300‬شخص من مواطنيها‬ ‫ي�ق��ات�ل��ون إل ��ى ج��ان��ب ت�ن�ظ�ي��م داع��ش‬ ‫ف��ي ال �ع��راق وس��وري��ا‪ .‬وق��ال��ت اللجنة‬ ‫في بيان صحافي إن أع��دادا كبيرة‬ ‫م� ��ن ك ��ازاخ� �س� �ت ��ان ي �ق ��ات �ل ��ون إل ��ى‬ ‫ج��ان��ب ت�ن�ظ�ي��م داع � ��ش ف ��ي ال �ع��راق‬ ‫وسوريا‪ ،‬وإن نصف عدد املقاتلني‬ ‫ال�ك��ازاخ�س�ت��ان�ي�ين ال��ذي��ن ي�ح��ارب��ون‬ ‫إل��ى ج��ان��ب «داع ��ش» اإلره��اب��ي هم‬ ‫م ��ن ال� �ن� �س ��اء‪ .‬وأظ � �ه� ��رت أش��رط��ة‬ ‫فيديو وصور مشاركة األطفال من‬

‫كازاخستان وآسيا الوسطى في معسكرات التنظيم بعمر‬ ‫أقل من ‪ 10‬سنوات وهم يرددون «البيعة» إلى زعيم التنظيم‪.‬‬ ‫اع�ت�م��د ال �ب �غ��دادي م��ؤخ��را ف��ي إدارة ش ��ؤون التنظيم على‬ ‫األجانب‪ ،‬أبرزهم من الشيشان وكذلك من آسيا الوسطى‬ ‫ب��اس��م «ج�ه��اد ال�ع��ائ�لات» ب��اإلض��اف��ة إل��ى األوروب �ي�ين الذين‬ ‫يمثلون صلب النشاط اإلع�لام��ي للتنظيم‪ ،‬أم��ا الشيشان‬ ‫وآس�ي��ا ال��وس�ط��ى‪ ،‬ف�ع��رف��وا ب�ش��دة ال�ق�ت��ال وال�ح�م��اس‪ .‬وإل��ى‬ ‫جانب ال��داف��ع «ال�ع�ق��ائ��دي» ف��إن تنظيم داع��ش يدفع روات��ب‬ ‫ومستحقات إل��ى املقاتلني في سوريا وال�ع��راق ال تقل عن‬ ‫‪ 600‬دوالر شهريا للشخص الواحد‪ ،‬كحد أدنى مع امتيازات‬ ‫أخ��رى م��ن «الغنائم» وتكاليف ال��زواج والسكن والزعامة‪.‬‬ ‫التقارير من داخل سوريا كشفت أن عوائل وأطفال املقاتلني‬ ‫األجانب ينعمون بحياة مترفة مقارنة بأطفال سوريا‪ .‬إن‬ ‫الطريقة التي يظهر بها «داعش» من أسلوب الحوكمة واإلدارة‬ ‫داخل والياته رغم وحشيته في القتال‪ ،‬تشجع وتستقطب‬ ‫مقاتلني جددا لالنضمام إلى التنظيم على شاكلة الهجرة‪،‬‬ ‫رغم تصاعد حدة املواجهات املسلحة‪ .‬التنظيم يعمل على‬ ‫تهجير السكان املحليني وجلب «مهاجرين» لفرض سيطرته‬ ‫وتغير خارطة املنطقة السكانية ورفع الحدود‪.‬‬

‫«مدارس» بعقيدة داعشية‬ ‫قال كريستوف بوليارك املتحدث باسم منظمة اليونيسيف‬ ‫في ‪ 19‬ديسمبر (كانون األول)‬

‫لقطة من حلقات مدارس أشبال الخالفة‬

‫إن ع��ام ‪ 2014‬شهد وق��وع نحو ‪ 35‬هجوما على امل��دارس‬ ‫في سوريا خالل األشهر التسعة األولى من العام‪ .‬وأضاف‬ ‫بوليارك في مؤتمر صحافي في جنيف‪ ،‬إن تلك الهجمات‬ ‫أدت إلى مقتل أكثر من مائة طفل‪ .‬وعن األزمات األخرى قال‬ ‫بوليارك‪« :‬في العراق يعتقد أن ‪ 700‬طفل قد تعرضوا للقتل‬ ‫والتشويه واإلعدام خالل ذات العام»‪.‬‬ ‫وكشفت منظمة األمم املتحدة للطفولة (يونيسيف) أن نحو‬ ‫‪ 670‬ألف طفل في سوريا حرموا من التعليم بعد أن أغلق‬ ‫عناصر تنظيم داع��ش مدارسهم إل��ى حني تغيير املناهج‬ ‫وفقا لعقيدة التنظيم اإلرهابي وأعلنت منظمة يونيسيف‬ ‫في ‪ 6‬يناير (كانون الثاني) ‪ 2015‬أن نحو ‪ 670‬ألف طفل‬ ‫ف��ي س��وري��ا ق��د ح��رم��وا م��ن التعليم بعد أن أغ�ل��ق عناصر‬ ‫تنظيم داعش املدارس‪.‬‬ ‫وفي نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ 2014‬أغلق التنظيم املدارس‬ ‫ف��ي امل�ن��اط��ق ال �ت��ي ي�س�ي�ط��ر ع�ل�ي�ه��ا ف��ي ش ��رق س��وري��ا إل��ى‬ ‫حني مراجعة املناهج من منطلق يتطابق مع فهمه الديني‪.‬‬ ‫وبحسب اليونيسيف ف��إن م��ا ب�ين ‪ 1.3‬و‪ 1.6‬مليون طفل‬ ‫سوري ال يمكنهم الذهاب إلى املدارس بسبب انعدام األمن‪.‬‬ ‫ما يحصل في العراق وسوريا‪ ،‬كارثة إنسانية ضحيتها‬ ‫املدنيون خاصة من فئة األطفال والنساء والشيوخ‪ ،‬واملجتمع‬ ‫الدولي واألمم املتحدة واملنظمات يبدو أنها أصبحت عاجزة‬ ‫على تغيير ال��وض��ع اإلن�س��ان��ي ه�ن��اك وف��ي مناطق ص��راع‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫األط�ف��ال ه��م أكثر الفئات السكانية تعرضا ملمارسات‬ ‫هذه الجماعات املتطرفة‪ ،‬وهي سياسات‬ ‫مقصودة من هذه الجماعات‬ ‫ل� �ت� �ع� �م� �ي ��ق ج� � � � � ��ذور ال� �ع� �ن ��ف‬ ‫وآي��دي��ول��وج�ي�ت�ه��ا ال��رادي�ك��ال�ي��ة‬ ‫ول �ي �ك��ون األط� �ف ��ال ه ��م إرث �ه��م‬ ‫ول�لأم��د ال�ب�ع�ي��د‪ .‬رس��ال��ة الطفل‬ ‫أس � � �ي� � ��د ب� � ��ره� � ��و إل � � � ��ى أط � �ف � ��ال‬ ‫ال �ع��ال��م وال �ت��ي خ��ص ب�ه��ا مجلة‬ ‫«امل �ج �ل��ة» ه ��ي‪« :‬أن �ص ��ح أط �ف��ال‬ ‫العالم باالبتعاد عن الجماعات‬ ‫اإلره��اب�ي��ة وع��دم االن�ض�م��ام إلى‬ ‫صفوفها وإني نادم على التحاقي‬ ‫بـ(داعش)‪ ،‬وأن ال يصدقوا دعاية‬ ‫هذا التنظيم‪ ،‬فمن يلتحق به سوف‬ ‫يكتشف حقيقته وسوف يشعر‬ ‫بالندم قبل أن يخسر حياته»‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪19‬‬


‫قصة الغالف‬

‫لقطة من معسكر‬ ‫«داعش» بالرقة‬

‫نتيجة خضوعهم إلى الغسيل الدماغي‪.‬‬ ‫الطفل أسيد برهو تحدث بتفاصيل كثيرة حول أساليب‬ ‫وطرق تجنيد األطفال بني ‪ 10‬و‪ 16‬سنة‪ .‬التنظيم يتخذ من‬ ‫مدينة الرقة مركزا لعملياته أبرزها في الطبقة الواقعة غرب‬ ‫املدينة السورية التي يوفد إليها األطفال من مدن سوريا‬ ‫وكذلك العراق ضمن سياسة عزل األطفال عن عوائلهم‪.‬‬ ‫وذك��ر أس�ي��د ب��أن��ه عندما سيطر التنظيم اإلره��اب��ي على‬ ‫مدينته منبج شمال حلب‪ ،‬أجبر عن االلتحاق بمعسكر‬ ‫التدريب والعمل في صفوفه‪ ،‬ثم تجهيزه لتنفيذ عملية‬ ‫انتحارية‪.‬‬ ‫وي �خ �ض��ع األط � �ف ��ال ل �ل �ت��دري��ب ف ��ي م �ع �س �ك��رات م �ع��زول��ة‬ ‫ومغلقة‪ ،‬ينعزل األطفال عن ذويهم وتقطع االتصاالت بهم‬ ‫ويخضعون ل��دورات تدريبية مكثفة وعنيفة على فنون‬ ‫القتال واستخدام السالح وإنما أيضا على إعداد املفخخات‬ ‫واملتفجرات والتدريب على العمليات االنتحارية‪.‬‬ ‫وي��ؤك��د املتحدث الرسمي ل��وزارة الداخلية العراقية الذي‬ ‫يلتقي بالطفل أسيد وغيره من املتورطني‪ ،‬إن هذا التنظيم‬ ‫اإلرهابي يساوم األطفال داخل املعسكرات على عوائلهم‬ ‫باالغتصاب أو القتل‪.‬‬

‫تشكيل معسكرات األطفال‬ ‫ذك��رت مصادر املعلومات واعترافات املعتقلني أن عملية‬ ‫تجنيد األطفال في املناطق التي يسيطر عليها «داع��ش»‬ ‫واملجموعات املسلحة أن التنظيم كان في البداية يستفيد‬ ‫م��ن األط �ف��ال بنقل ال�ج��رح��ى أو استخدامهم ف��ي تهريب‬ ‫األسلحة‪ ،‬كما استغلت هذه املجموعات األطفال إعالميا‬ ‫وصورتهم كضحايا بغية اس�ت��دراج التدخل الخارجي‪،‬‬ ‫باإلضافة إل��ى استخدامهم ك��دروع بشرية‪ ،‬أم��ا اآلن فبدأ‬ ‫يزجهم في عمليات قتالية وأخرى انتحارية‪ ،‬وربما يعود‬ ‫ذلك إلى النقص في املصادر البشرية بسبب توسع التنظيم‬ ‫أفقيا وعلى مساحة واسعة‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫وقالت مصادر محلية من محافظة األنبار إن «تنظيم داعش عمليات قطع رؤوس داخل املعسكرات‬

‫اإلره��اب��ي ق��ام بفرض التجنيد اإلل��زام��ي على األطفال من‬ ‫‪ 10‬إل��ى ‪ 15‬سنة ف��ي مدينة ال��رط�ب��ة ال�ت��ي يسيطر عليها‬ ‫التنظيم منذ أشهر‪ .‬وبحسب تقرير ف��إن «داع��ش» يقوم‬ ‫بتدريب أولئك األطفال على القتل واإلج��رام الستخدامهم‬ ‫كانتحاريني من خالل تدريبهم في أحد معسكراته بسوريا‬ ‫وذلك لقطع عالقاتهم بأهلهم‪.‬‬

‫> أسيد برهو (‪ 13‬سنة)‪:‬‬ ‫تم تجنيدي في‬ ‫سورياوتعلمت القتال في‬ ‫مدارس «داعش»‬ ‫> سمعت صوت األذان‬ ‫فقررت نزع الحزام الناسف‬ ‫وتسليمه للشرطة‬ ‫> املتحدث باسم الشرطة‬ ‫العراقية‪ :‬الطفل سلم الحزام‬ ‫الناسف للشرطة قبل‬ ‫تفجيره بدقائق‬ ‫وطلب الحماية‬

‫وف��ي ه��ذا ال�س�ي��اق ق��ال��ت صحيفة «ال �ك��رون��ة تسايتونغ»‬ ‫النمساوية إن تنظيم داعش فتح معسكرات خاصة للشبان‬ ‫القاصرين دون ‪ 16‬عاما بعد تجنيدهم في مدينتي الرقة‬ ‫واملوصل؛ حيث يتلقون من قبل أعضاء التنظيم دروسا‬ ‫عسكرية وأفكارا متطرفة وآيديولوجية تكفيرية ويتعلمون‬ ‫أبشع أساليب التعذيب والقتل والتنكيل بكل من يعارض‬ ‫أفكارهم أو يحاربها وأن أكثر من ‪ 400‬قاصر من الشبان‬ ‫لن يحصلوا على «شهادة تخرج» في تلك الدورات التأهيلية‬ ‫ما لم يمارس وينفذ عملية قطع الرأس بعد أن أصبح ذلك‬ ‫جزءا من الحياة اليومية إلى جانب مشاهداتهم لعمليات‬ ‫الجلد وقطع أجزاء الجسم واإلعدامات العلنية‪.‬‬ ‫ويقول «تشارلي وينتر» املتحدث باسم مؤسسة «كويليام‬ ‫البحثية البريطانية» في تعليقه على مقطع فيديو أوردته‬ ‫صحيفة «الديلي ميل» حول تجنيد وتدريب األطفال عند‬ ‫«داع��ش» ب��أن ذل��ك دليل على امل�م��ارس��ات التي يقوم بها‬ ‫تنظيم داع��ش من خ�لال سعيه لتلقني األطفال الصغار‬ ‫وفي سن مبكرة جدا أفكاره املتطرفة‪ ،‬وذلك في محاولة‬ ‫لتشديد قبضته على املنطقة ويعكس ذل��ك حقيقة أن‬ ‫إرث تنظيم داع��ش اإلره��اب��ي سيكون طويل األم��د حتى‬ ‫لو انهار التنظيم غ��دا‪ .‬وفي هذا السياق كشفت تقارير‬ ‫إع�لام�ي��ة غ��رب�ي��ة أخ ��رى ق�ي��ام التنظيم بتجنيد األط�ف��ال‬ ‫األبرياء وإجبارهم على حضور جرائم قطع الرؤوس في‬ ‫معسكرات التدريب بغرض إن�ش��اء جيل جديد يتغذى‬ ‫على العنف واإلرهاب‪.‬‬

‫أبرز معسكرات األطفال‬ ‫ أشبال ّ‬‫العز ‪ -‬الرقة‬ ‫ الطبقة غرب الرقة ‪ -‬معسكر الزرقاوي‬‫‪ -‬معسكر األشبال ‪ -‬معسكر الطالئع‪.‬‬


‫وسائل تجنيد األطفال‬

‫أسيد برهو الذي كاد يتحول‬ ‫إلى طفل انتحاري سلم نفسه‬ ‫إلى قوات األمن العراقية في‬ ‫ديسمبر املاضي‬

‫رسالة الطفل أسيد برهو إلى‬ ‫‪:‬‬ ‫أطفال العالم عبر‬ ‫«أنصح أطفال العالم باالبتعاد‬ ‫عن الجماعات اإلرهابية وعدم‬ ‫االنضمام إلى صفوفها وأن ال‬ ‫يصدقوا دعاية «داعش» ومن‬ ‫يلتحق به يخسر حياته»‬ ‫يوضع أمام حسينية شيعية في مدينة البياع‪ ،‬غير أنه بدل أن‬ ‫يفجر نفسه مع سماع األذان سلم نفسه إلى حارس الحسينية‬ ‫عند الباب بعد أن سلم مسدسه وأخ�ب��ره بأنه يرتدي حزاما‬ ‫مفخخا يزن ‪ 25‬كلغم‪.‬‬ ‫وبحضور استخبارات الداخلية العراقية اعترف أسيد بأنه كان‬ ‫خاضعا للترهيب والضغط من تنظيم داعش منذ األيام األولى‬ ‫اللتحاقه بـ«دروس تعلم القرآن» ومعسكرات التدريب‪ ،‬ولم تكن‬ ‫عنده أي نية لتنفيذ العملية االنتحارية وإن كلفته حياته‪ .‬إن‬ ‫قضية أسيد كشفت الظروف التي يعيش تحتها األهالي في‬ ‫املناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم داعش خاصة في سوريا‪،‬‬ ‫مثل الرقة معقل التنظيم‪.‬‬ ‫املتحدث الرسمي للداخلية العراقية العميد‪ ،‬سعد معن قال لـ‬ ‫«املجلة» ‪« :‬إن تنظيم داعش و(القاعدة)‪ ،‬يركزان على موضوع‬ ‫األطفال بني سن ‪ 17 - 13‬لعدة اعتبارات‪ ،‬أبرزها سهولة إخضاع‬ ‫األطفال في هذه الفئة العمرية لغسيل الدماغ‪ ،‬خاصة أن أعدادا‬ ‫كبيرة من هؤالء األطفال فقدوا ذويهم خالل الحرب والدمار‪،‬‬ ‫وما يزيد األمر تعقيدا هو عدم وجود مراقبة‪ .‬ويستهدف تنظيم‬ ‫داعش األطفال‪ ،‬ألنهم يكسبون تعاطف عامة الناس وال يثيرون‬ ‫الشكوك خالل تحركاتهم وتنقالتهم في املجتمع‪ .‬وأن أغلب‬ ‫ه��ؤالء األط�ف��ال يستخدمهم «داع ��ش» ف��ي مهمات نقل وزرع‬ ‫العبوات الناسفة‪ ،‬ورصد ومراقبة ونقل املعلومات‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى تنفيذ العمليات االنتحارية‪.‬‬ ‫وكان مصطلح طيور أو عصافير الجنة معروفا عند تنظيم‬ ‫ال �ق��اع��دة م��ن ق�ب��ل إش� ��ارة إل ��ى األط �ف��ال االن �ت �ح��اري�ين‪ ،‬وال �ي��وم‬

‫يعيده «داع ��ش»‪ .‬وأض ��اف العميد ال��دك�ت��ور سعد معن قائال‪:‬‬ ‫«إن توظيف األطفال عند (داع��ش) يأتي ضمن سياسة ملء‬ ‫الفجوات ويتعرض األطفال داخ��ل املعسكرات إلى االعتداءات‬ ‫الجنسية واملساومة والتمثيل بعوائلهم في حالة ال�ه��روب أو‬ ‫مغادرة املعسكر لسد أبواب العودة أمام األطفال‪ .‬وهذه واحدة‬ ‫من أهم أسباب استمرار األطفال باملعسكر رغم رفضهم تلك‬ ‫امل�م��ارس��ات‪ .‬وتعتبر حالة الطفل أسيد برهو واح��دة من هذه‬ ‫الحاالت»‪.‬‬

‫عمليات غسيل الدماغ‬ ‫ذك��رت شهادات بعض سكان مناطق الرقة والطبقة ومناطق‬ ‫أخ��رى‪ ،‬أن التنظيم لديه بيانات وأرش�ي��ف حصل عليهما من‬ ‫النظام ال�س��وري بعد ف��رض سيطرته على ه��ذه املناطق‪ ،‬هذه‬ ‫البيانات الخاصة بالتربية والتعليم والتحاق األطفال باملدارس‪،‬‬ ‫مكنت التنظيم من تعقب البيوتات والعوائل الذين لم يرسلوا‬ ‫أب�ن��اءه��م إل��ى م ��دارس «داع� ��ش»‪ .‬امل��راق �ب��ون ل�ل��وض��ع التعليمي‬ ‫هناك‪ ،‬أك��دوا أن ما يجري من تعليم في م��دارس «داع��ش» هو‬ ‫البدء بـ«تحفيظ» القرآن الكريم ثم االنتقال إلى فتاوى التنظيم‬ ‫التكفيرية بعيدا عن أي علوم أخرى‪.‬‬ ‫ش�ه��ادات أخ��رى إل��ى أول�ي��اء بعض األط�ف��ال م��ن داخ��ل سوريا‬ ‫بأن هنالك عملية خطف علني لألطفال‪ ،‬باسم املدارس الدينية‬ ‫ودورات تدريبية خاللها يقطع األطفال عالقتهم بعوائلهم وتمنع‬ ‫الزيارات وبات عدد كبير من األطفال يرفضون اللقاء بعوائلهم‬

‫تعتبر امل��دارس ومعاهد ودور التعليم أب��رز مصادر‬ ‫استقطاب األطفال وتجنيدهم‪ .‬ومن أبرز الوسائل التي‬ ‫يتبعها التنظيم في تجنيد األطفال‪:‬‬ ‫> منح األطفال مخصصات مالية محدودة مستغال‬ ‫العوز وصعوبة الحياة عند عوائلهم‪ ،‬فبعض العوائل‬ ‫كانت مضطرة إل��ى إرس��ال أبنائها نتيجة العوز إلى‬ ‫جانب الترهيب‪.‬‬ ‫> منح األط�ف��ال حظوة بني أقرانهم من األط�ف��ال من‬ ‫خالل حمل السالح والزي العسكري‪.‬‬ ‫> مصاحبة األطفال لقيادات «داعش» في بعض املهام‬ ‫وحملهم السالح وتنفيذ عمليات إعدام أو رجم نساء‬ ‫وحضور طقوس قطع الرؤوس‪ .‬بعض التقارير كشفت‬ ‫أحد مقاتلي «داعش» يحمل الجنسية األسترالية ومن‬ ‫أصول عربية‪ ،‬أظهرته يقطع الرؤوس وابنه خلفه يقوم‬ ‫بجمعها‪ ،‬وف��ي «ي��وت�ي��وب» فيديو آخ��ر يظهر أطفاال‬ ‫م��ن أب�ن��اء ق�ي��ادات «داع ��ش» تضرب ال ��رؤوس بالقدم‪،‬‬ ‫باعتبارها جزءا من ترويض األطفال من وجهة نظر‬ ‫التنظيم وكسر حاجز الخوف‪.‬‬ ‫> التشبه بقيادات التنظيم والجماعات املتطرفة بمنح‬ ‫األلقاب ألطفال في سن ال تتجاوز ‪ 16‬عاما‪ ،‬مثل لقب‬ ‫أبو القعقاع وأبو طلحة‪.‬‬ ‫> حمل الرايات واالستماع إلى األناشيد الحماسية‪.‬‬ ‫> عزل االطفال عن ذويهم في معسكرات بعيدة عن‬ ‫مناطقهم‪.‬‬ ‫> نشر الطائفية‪ ،‬باعتبار انضمامهم إل��ى التنظيم‬ ‫ج��زءا من دفاعهم عن الدين من وجهة نظر التنظيم‬ ‫اإلرهابي‪.‬‬ ‫> إع ��ادة تفسير اآلي ��ات ال�ق��رآن�ي��ة م��ن ق�ب��ل التنظيم‬ ‫بطريقة تخدم سياساتهم والتركيز على باب «الجهاد»‪.‬‬

‫أسباب تجنيد األطفال‬ ‫عند «داعش»‬ ‫> ترك إرث دموي عنيف وإلى األمد البعيد‪.‬‬ ‫> األطفال مادة سهلة‪ ،‬يمكن إخضاعهم إلى الغسيل‬ ‫الدماغي أكثر من البالغني‪.‬‬ ‫> استخدام األطفال والصبية في عمليات حراسة‬ ‫وخ��دم��ة ق �ي ��ادات ت�ن�ظ�ي��م داع� ��ش‪ ،‬ك ��ون والئ �ه��م غير‬ ‫مشكوك فيه‪.‬‬ ‫> فقد التنظيم ثقته ببعض قياداته ومقاتليه بسبب‬ ‫االنشقاقات‪ ،‬فهو يستخدم األطفال في عملية الحماية‬ ‫الشخصية والتجسس وجمع املعلومات في بعض‬ ‫املناطق‪ ،‬كونهم ال يثيرون الشكوك‪.‬‬ ‫> األطفال يستطيعون النفوذ في أماكن ال يستطيع‬ ‫وصول الكبار إليها بتنفيذ عمليات انتحارية‪.‬‬ ‫> التمويه والخداع‪ ،‬كون األطفال يكسبون التعاطف‬ ‫من قبل عامة الناس وال يثيرون الشكوك بالتحرك‬ ‫والتنقل‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪17‬‬


‫قصة الغالف‬

‫إرث تنظيم داعش ولألمد البعيد‬ ‫طفل سوري يروي لـ‬

‫قصة تراجعه عن تفجير نفسه في بغداد‬

‫االنتحاريون الصغار ‪ ..‬عصافير جهنم‬ ‫يعتمد تنظيم داعش أساليب الغسيل اآليديولوحي الفكري إلى جانب العامل املادي‪ ،‬ولديه أساليب‬ ‫حديثة ومتطورة في مخاطبة األطفال والقاصرين والشباب في أعمار مبكرة‪ ،‬كونهم الفئة األكثر‬ ‫استهدافا إلى تنظيمه‪ .‬فهو يستهدف تجنيد االنتحاريني بصورة خاصة من أطفال وشباب‬ ‫تتراوح أعمارهم بني ‪ 10‬و‪ 22‬سنة‪ ،‬وهو العمر الذي يتصف باالندفاع‪ ،‬وعادة ما يجري تحريف‬ ‫تعاليم الدين اإلسالمي وعقد ندوات تعبئة دينية يشرح فيها أهمية ما يسمونه «الجهاد»‬ ‫والطريق إلى الجنة والحور العني‪ ،‬وهذا ما أكدته دراسة من إعداد الباحثة هناء عليان‪.‬‬ ‫وفي تكرار لتجربة «القاعدة» في أفغانستان وسوريا‪ ،‬سعى التنظيم اإلرهابي إلى‬ ‫التركيز على األطفال‪ ،‬في محاولة لزرع جذوره املتطرفة بني الشباب واألطفال بعد‬ ‫إخضاعهم إلى غسيل الدماغ أو الترهيب وإجبارهم على العمل داخل التنظيم على‬ ‫مستوى العمليات االنتحارية‪.‬‬ ‫بغداد‪ :‬جاسم محمد‬ ‫يستهدف تنظيم داعش تجنيد األطفال وهم في سن العاشرة‬ ‫في الوقت ال��ذي يقف فيه أهالي األطفال أم��ام ه��ذا األم��ر بال‬ ‫حول وال قوة‪.‬‬ ‫يخضع التنظيم أول�ئ��ك األط �ف��ال إل��ى دورات خ��اص��ة تحت‬ ‫اسم «دورات األشبال» وذل��ك للتأثير فيهم وتغيير طريقة‬ ‫تفكيرهم لكي تتقبل القتل والتكفير‪ .‬وم��ن القضايا التي‬ ‫عرضت أكثر من م��رة على مجموعات من صغار السن في‬ ‫التنظيم بعض حاالت اإلرهاب النسائي ملعتقالت عرفن بدعم‬ ‫أو تمويل التنظيم؛ حيث يقوم التنظيم بعرض تلك القضايا‬ ‫على صغار السن وإقناعهم بضرورة التحرك لنصرتهن وتم‬ ‫تسجيل ح��االت كثيرة من تجنيد األط�ف��ال األي�ت��ام تحت اسم‬ ‫«ط�ي��ور ال�ج�ن��ة»‪ .‬وأك��د امل�ت�ح��دث ب��اس��م وزارة ح�ق��وق اإلن�س��ان‬ ‫العراقية أن تنظيم داعش والتنظيمات اإلرهابية األخرى تواصل‬ ‫تجنيد األطفال واستغالل براءتهم لتنفيذ عمليات انتحارية‬ ‫نّ‬ ‫وبي أن أكثر من ‪ 200‬طفل وحدث من الجنسني محتجزون‬ ‫في سجن األحداث بتهمة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وعن وضع الطفل السوري أسيد برهو أكدت السلطات العراقية‬ ‫أنها تأخذ بنظر االعتبار أن أسيد طفل استغل من قبل «داعش»‬ ‫وقام بتسليم نفسه طواعية‪ ،‬مشيرا إلى أن أسيد يتمتع بصحة‬ ‫ج�س��دي��ة ونفسية ج�ي��دة ك�م��ا ب��دا ذل��ك واض�ح��ا ف��ي امل�ق��اب�لات‬ ‫التلفزيونية التي ظهر فيها‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫بيعة أطفال «داعش» إلى أبو بكر البغدادي‬ ‫خبراء علم النفس استعرضوا أساليب «داعش» بتجنيد الشباب‬ ‫ومنها ت��داول بيعة األط�ف��ال إل��ى التنظيم‪ ،‬حيث أظهرت بعض‬ ‫مشاهد الفيديو أطفاال يقومون بإعطاء البيعة إلى التنظيم علنا‬ ‫وه��و ي��ردد ع�ب��ارات ال يفقهها ال م��ن الناحية اللغوية وال من‬ ‫الناحية الفقهية والشرعية‪ .‬العبارات التي يرددها األطفال ربما‬ ‫تكون صعبة الحفظ والتفسير والفهم حتى على الكبار‪ .‬إعطاء‬ ‫البيعة للتنظيم يعني إع�لان االستعداد للتضحية وامل��وت من‬ ‫أجل «داع��ش»‪ .‬إن الطريقة التي يتم تعرض بها هذه املواد تتم‬ ‫بطريقة أخرى عكس الصورة الوحشية الدموية للتنظيم‪ ،‬وهو‬ ‫ما يدفع األطفال للتفاؤل‪.‬‬ ‫يشار إلى أن التحقيقات أيضا كشفت أن بعض العوائل ال يوجد‬ ‫لديهم خيار غير إرس��ال أطفالهم إلى حلقات تجنيد األطفال‬ ‫ومعسكراتهم‪.‬‬

‫قضية الطفل االنتحاري أسيد برهو‬ ‫كشفت تحقيقات وزارة الداخلية العراقية‪ ،‬أن تنظيم داعش أرسل‬ ‫الطفل أسيد برهو من «والية» الرقة لتنفيذ عملية انتحارية في‬ ‫العراق‪ .‬ووفقا العترافات أسيد برهو فإنه أمضى مع مجنديه‬ ‫رحلة استغرقت أسابيع‪ ،‬من بلدته منبج شمال حلب إلى املوصل‬ ‫وصوال إلى بغداد‪ ،‬بعد أن مر بعدد من املالذات من سوريا عبر‬ ‫املوصل وكركوك واألنبار ‪ -‬الفلوجة ليصل إلى مالذات بغداد ثم‬


‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪15‬‬


‫أحداث‬ ‫مصورة‬

‫األمري تشارلز‬ ‫وقرينته‬ ‫يحتفالن‬ ‫بالسنة الصينية‬ ‫اجلديدة‬ ‫األمير تشارلز أمير ويلز‬ ‫وولي عهد اململكة املتحدة‪،‬‬ ‫وقرينته كاميال دوقة‬ ‫كورنوول‪ ،‬أثناء مشاهدة‬ ‫رقصة األسد التقليدية في‬ ‫زيارتهما للحي الصيني‬ ‫وسط العاصمة لندن‬ ‫بمناسبة السنة الصينية‬ ‫الجديدة في ‪ 19‬فبراير‬ ‫املاضي (غيتي)‬

‫‪14‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬


‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪13‬‬


‫أحداث‬ ‫مصورة‬

‫مشروع قطار‬ ‫السعودية‬ ‫اخلليج‬ ‫سعوديون يحتفلون‬ ‫في محطة للقطارات‬ ‫بالعاصمة الرياض‬ ‫بعد توقيع مجموعة‬ ‫سركو‪ ،‬شركة الخدمات‬ ‫الدولية‪ ،‬عقدا مع الشركة‬ ‫السعودية للخطوط‬ ‫الحديدية (‪ )SAR‬لتوفير‬ ‫اإلدارة والدعم الفني‬ ‫للعمليات في مشروع‬ ‫قطار يربط بني الشمال‬ ‫والجنوب ‪ 23‬فبراير‬ ‫املاضي (غيتي)‬

‫‪12‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬


‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪11‬‬


‫أحداث‬ ‫مصورة‬

‫اهلرم «خفرع»‬ ‫بني يدي‬ ‫وزير الدفاع‬ ‫الفرنسي‬ ‫وزير الدفاع الفرنسي‬ ‫جان إيف لودريان‬ ‫يزور هضبة أهرامات‬ ‫الجيزة‪ ،‬جنوب القاهرة‪،‬‬ ‫بعد توقيعه مع مصر‬ ‫اتفاقا لبيع ‪ 24‬من‬ ‫الطائرات املقاتلة رافال‬ ‫‪ 17‬فبراير (شباط)‬ ‫املاضي (غيتي)‬

‫‪10‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬


‫السيسي‪ :‬لن ننسى مواقف امللك سلمان املشرفة منذ تطوعه ضد العدوان الثالثي‬

‫الرئيس املصري‪ :‬نتشاور مع أشقائنا بشأن إنشاء قوة عربية مشتركة‬ ‫حوار موسع أجراه سلمان الدوسري رئيس تحرير‬ ‫ال�ش�ق�ي�ق��ة «ال� �ش ��رق األوس� � ��ط» وم�ج�ل�ت��ي «امل �ج �ل��ة»‬ ‫و«الرجل» الجمعة ‪ 27‬فبراير (شباط) املاضي مع‬ ‫الرئيس املصري في مكتبه بالقاهرة‪ ،‬قال عبد الفتاح السيسي‬ ‫إن عالقات بالده مع السعودية ركيزة لألمن واالستقرار في‬ ‫منطقة الشرق األوسط‪ ،‬وإن املسؤولني في البلدين مدركون‬ ‫لهذا األمر املستقر «واملتفق عليه منذ عهد امللك عبد العزيز‬ ‫آل سعود‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬الذي أدرك بحسه االستراتيجي أهمية‬ ‫وضرورة دعم هذا التوجه»‪.‬‬ ‫وأكد السيسي في حديثه لـ«الشرق األوسط» قبل يومني من‬ ‫زي��ارت��ه األخ�ي��رة للرياض أن مصر ل��ن تنسى م��واق��ف خ��ادم‬ ‫الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبد العزيز املشرفة «منذ‬ ‫أن تطوع في الجيش املصري في حرب العدوان الثالثي‪ ،‬وكذا‬ ‫مواقفه العروبية املساندة والداعمة ملصر في حرب أكتوبر‬ ‫(ت �ش��ري��ن األول) ‪ ،»1973‬م�ب�ي�ن��ا أن م�ص��ر ح��ري�ص��ة على‬ ‫استكمال مسيرة العالقات املتميزة مع العاهل السعودي‪.‬‬ ‫واعتبر السيسي أن سقوط مصر هو سقوط للمنطقة بأكملها‬ ‫ل�ـ‪ 50‬سنة على األق��ل‪ ،‬معترفا بأنه في الوقت ال��ذي استطاع‬ ‫فيه املصريون تغيير وضع سياسي في بالدهم واالنتقال‬ ‫لخطوات ديمقراطية عبر ثورتني‪« ،‬كان ال بد من ثمن اقتصادي‬ ‫وأمني دفعه ال �ـ‪ 90‬مليون م�ص��ري»‪ ،‬مشيرا إل��ى أن ب�لاده لم‬ ‫تصمد إال بوقفة السعودية واإلمارات والكويت‪.‬‬

‫في‬

‫الرئيس املصري عبد الفتاح السيسي لدى لقائه رئيس التحرير سلمان الدوسري (تصوير‪ :‬أحمد فؤاد)‬

‫وحول تشكيل قوة عربية ملكافحة اإلرهاب قال السيسي إنه‬ ‫حريص على التحرك الجماعي «وأعني دورا عربيا مشتركا ال‬ ‫يقتصر على الدور السعودي واملصري واإلماراتي»‪ ،‬مضيفا‪:‬‬ ‫«نحن نتشاور مع أشقائنا بشأن قوة عربية مشتركة»‪.‬‬ ‫وردا على سؤال حول عودة جماعة اإلخوان املسلمني للمشهد‬ ‫املصري من جديد‪ ،‬قال الرئيس السيسي‪« :‬هذا السؤال يوجه‬ ‫للمصريني ول�ل�ش��ارع امل�ص��ري ول�ل��رأي ال�ع��ام‪ .‬وم��ا يرتضيه‬

‫ويوافق عليه سوف أق��وم بتنفيذه ف��ورا»‪ ،‬مضيفا أن «هناك‬ ‫بالفعل حالة غضب وألم مصرية منهم (اإلخوان)»‪.‬‬ ‫وح ��ول ع�لاق��ات ب�ل�اده م��ع ق �ط��ر‪ ،‬ق ��ال‪« :‬أن ��ا أس��أل��ك‪ :‬ق ��دم لي‬ ‫تصريحا رسميا واح��دا ص��در منا فيه إس��اءة ض��د أي من‬ ‫الدولتني‪ ،‬قطر أو تركيا‪ .‬بكل تأكيد لن تجد تصريحا سلبيا‬ ‫واحدا»‪ ،‬مستدركا أن القاهرة ال تزال ملتزمة باتفاق الرياض‬ ‫التكميلي‪« ،‬وذلك تقديرا للسعودية ودورها العربي الكبير»‪.‬‬

‫عضو بالكونغرس‪:‬‬

‫التهديد العاملي الذي تشكله إيران أكثر دموية من داعش‬ ‫في تصرح خاص لعضو بالكونغرس براد شيرمان (الديمقراطي من والية كاليفورنيا) قال ‪ :‬يتحدث الجميع عن داعش‪ ،‬وينشرون مقاطع فيديو عن‬ ‫الشر ليظهروا أنهم في مواجهة جرائم ال يمكن وصفها‪ .‬ولكن في الحقيقة إن التحالف الشيعي الذي تقوده إيران أكثر دموية بكثير من داعش‪ ،‬في سوريا‬ ‫فقط قتلوا حوالي مائتي ألف شخص‪ ،‬ومن املؤكد أنهم قتلوا مزيد من األميركيني بداية من ثكنات املارينز في بيروت عام ‪ .1983‬وتابع شيرمان «التحالف الشيعي أخطر من‬ ‫داعش‪ .‬الذي يطمح في توجيه هجمات ضد الغرب ولكنه حتى اآلن لم يثبت قدرته على ذلك‪ .‬أما إيران وحلفاؤها فقتلوا أشخاصا في جميع القارات فيما عدا القارة القطبية الجنوبية»‪.‬‬ ‫وأضاف» قبل أن نشن حربا مكثفة ضد داعش‪ ،‬يجب أن نسأل من الذي سيمأل هذه املساحة‪ .‬لن نسعى إلضعاف عدو للتحالف الشيعي بدون أن نالحظ أن ذلك التحالف يمثل تهديدا‬ ‫أكبر لنا من داعش»‪.‬‬ ‫براد شيرمان‬

‫مصدر امني أميركي ‪:‬‬

‫تكبيل يد إيران ملدة عشرة أعوام حتى يتولى جيل جديد السلطة‬ ‫قال مصدر أمني اميركي أن شتاينتز‪ ،‬املسؤول عن إستراتيجية إيران في حكومة نتنياهو‪ ،‬اكد له بأنه يتفهم رغبة الواليات املتحدة في تكبيل‬ ‫يد إيران ملدة عشرة أعوام حتى يتولى جيل جديد السلطة هناك‪ .‬ولكنه حذر قائال‪« :‬تقولون إنه في غضون ‪ 10‬أو ‪ 12‬عام قد تكون إيران دولة مختلفة‪».‬‬ ‫ولكن هذا «خطير» ألنه يتجاهل أن إيران «تفكر وكأنها قوى عظمى قديمة الطراز‪».‬‬

‫شتاينتز‬

‫مصادر يمنية مطلعة ‪:‬‬

‫الحوثيون تمكنوا من إقناع االقتصادي عبد العزيز الترب بترؤس حكومة يحضرون إلعالنها قريبا‬

‫عبد العزيز الترب‬

‫علمت «املجلة» من مصادر يمنية مطلعة أن الحوثيني تمكنوا من إقناع شخصية جنوبية اقتصادية بترؤس حكومة يحضرون إلعالنها قريبا‪،‬‬ ‫وقالت املصادر إن «الشخصية الجنوبية هو البروفسور عبد العزيز الترب‪ ،‬وهو خبير اقتصادي دولي‪ ،‬وتجري التحضيرات والترتيبات لتسمية أعضاء الحكومة‪ ،‬بعد رفض‬ ‫أعضاء الحكومة املستقيلة قرار ما تسمى اللجنة الثورية العليا تكليف الحكومة بتصريف األعمال إلى حني تشكيل حكومة انتقالية»‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪09‬‬


‫األسبوع الخامس‬

‫رسالة إلى العالم من املؤتمر العاملي «اإلسالم ومحاربة اإلرهاب» بمكة املكرمة‬

‫خادم الحرمني الشريفني‪ :‬جرائم اإلرهاب املتأسلم جاوزت حدود عاملنا اإلسالمي‬ ‫خ��ادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن‬ ‫عبد العزيز‪ ،‬تصدي السعودية «بكل حزم»‬ ‫وعلى كل األصعدة لإلرهاب؛ أمنيا وفكريا‬ ‫وإعالميا‪ ،‬ومن خالل الحوار‪.‬‬ ‫وقال امللك سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬في كلمة ألقاها نيابة‬ ‫عنه األمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار‬ ‫خ��ادم الحرمني الشريفني أمير منطقة مكة املكرمة‪،‬‬ ‫في افتتاح املؤتمر العاملي «اإلسالم ومحاربة اإلرهاب»‬ ‫ال ��ذي اخ�ت�ت��م أع �م��ال��ه األرب� �ع ��اء ‪ 25‬ف �ب��راي��ر (ش �ب��اط)‬ ‫املاضي ونظمته رابطة العالم اإلسالمي في مقرها‬ ‫بمكة املكرمة‪ ،‬إن األجهزة األمنية السعودية «تصدت‬ ‫َ‬ ‫يتوان رجالها البواسل عن‬ ‫لإلرهابيني بال هوادة‪ ،‬ولم‬ ‫مالحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخالياهم في مهدها‪،‬‬ ‫وبذلوا أرواحهم في سبيل ذلك‪ ،‬وكذا تشارك قواتنا‬ ‫الجوية في التحالف الدولي ملواجهة اإلرهاب»‪.‬‬ ‫وشدد خادم الحرمني الشريفني على أن تغول اإلرهاب‬ ‫املتأسلم «بالقتل والغصب والنهب وألوان شتى من‬ ‫العدوان اآلثم‪ ،‬أمر جلل يهدد أمتنا اإلسالمية والعالم‬ ‫أج�م��ع بعظيم ال�خ�ط��ر»‪ ،‬مبينا أن ج��رائ�م��ه «ج��اوزت‬ ‫ح��دود عاملنا اإلس�لام��ي‪ ،‬متمترسا ب��راي��ة اإلس�لام‬ ‫زورا وبهتانا وهو منه براء»‪ .‬وأشاد خادم الحرمني‬ ‫الشريفني بإسهامات الباحثني في الجامعات بتقديم‬

‫أكد‬

‫نيابة عن خادم الحرمني الشريفني األمير خالد الفيصل يفتتح مؤتمر اإلسالم ومحاربة اإلرهاب بمكة املكرمة (واس)‬

‫ب �ح��وث ودراس � � ��ات رص �ي �ن��ة ع ��ن ظ ��اه ��رة اإلره � ��اب‪،‬‬ ‫وتحليل أهدافها‪ .‬كما أثنى على دور «مؤسساتنا‬ ‫اإلعالمية املتنوعة بتعرية اإلرهاب وتسليط الضوء‬ ‫ع�ل��ى ج��رائ�م��ه وت�ن�ظ�ي�م��ات��ه وش�خ�ص�ي��ات��ه‪ ،‬وكشفت‬ ‫للناس عن سلوكهم وأهدافهم وأساليبهم في إغواء‬

‫األغرار واستقطابهم»‪.‬‬ ‫ومن مكة املكرمة وجه املؤتمر اإلسالمي العاملي في‬ ‫اختتام أعماله‪ ،‬رسالة إلى العالم ومؤسساته وشعوبه‪،‬‬ ‫مفادها أن التطرف ظاهرة عاملية‪ ،‬واإلرهاب ال دين له‬ ‫وال وطن‪ ،‬وأن اتهام اإلسالم به ظلم وزور‪.‬‬

‫كتاب سيناريو ومخرجون سينمائيون محترفون‬

‫مخرج سينمائي لـ‬ ‫ف��ي ت�ص��ري��ح ح �ص��ري ل �ـ«امل �ج �ل��ة» ق ��ال مخرج‬ ‫س �ي �ن �م��ائ��ي ع� ��اد ن �ه��اي��ة ال �ش �ه��ر امل ��اض ��ي م��ن‬ ‫«كوباني» بعد إجرائه عدة لقاءات مع عناصر‬ ‫«داع��ش» قبل وأثناء تحرير املدينة من التنظيم اإلرهابي‬ ‫وذلك في إطار إعداده إلخراج فيلم سينمائي عن مأساة‬ ‫كوباني‪ ،‬قال املخرج املعروف الذي طلب عدم ذكر اسمه‬ ‫ألس �ب��اب أم �ن �ي��ة‪« :‬الح �ظ��ت أن ت�ن�ظ�ي��م داع ��ش ل��دي��ه ك�ت��اب‬ ‫سيناريو ومخرجون سينمائيون محترفون‪ ،‬إذ تتحسن‬ ‫ج��ودة املحتويات التي يذيعونها‪ ،‬حتى أنها تقترب من‬ ‫مستوى هوليوود»‪.‬‬ ‫وأضاف املخرج سوري الجنسية «إذا استطعت مشاهدة‬ ‫أول مقاطع يبثونها ومقارنتها ب��ال�ج��دي��دة‪ ،‬س��وف تجد‬ ‫تحسنا في الجودة والتقنيات واإلضاءة واملؤثرات الصوتية‬ ‫ولقطات الكاميرا والصوت‪ ،‬ال يتمكن من صناعة فيديوهات‬ ‫بهذا املستوى سوى املحترفني‪ ،‬وأنا أعتقد شخصيا أن‬ ‫معهم محترفني متخصصني في مجال السينما»‪.‬‬ ‫وتابع السينمائي الشهير الذي مكث في كوباني مدة ‪23‬‬ ‫يوما متنكرا «أن غالبية مقاتلي (داعش) جاءوا من خلفيات‬ ‫مهنية مختلفة وأنهم ذوو مهارات جيدة ‪ -‬أتحدث هنا عن‬ ‫مجال السينما وكيف كان أداؤهم في مقاطع الفيديو في‬ ‫سينجار وكوباني واملوصل ‪ -‬إنهم يركزون على نشر‬

‫‪08‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪ :‬سينما «داعش» على مستوى هوليوود‬

‫مقاطع لهم ويتمتعون باحترافية على طريقة هوليوود‪ .‬إذا‬ ‫كنت تعمل في ميدان معركة‪ ،‬سيكون من الصعب للغاية أن‬ ‫تخرج مثل تلك الفيديوهات‪ .‬كما أرى أنهم يملكون معدات‬ ‫عالية الجودة إضافة إلى املوهبة التي تمكنهم من إخراج‬ ‫مثل هذه املقاطع املفزعة بأسلوب جيد»‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن تنظيم داعش نشر أخيرا فيديو جديد يظهر‬ ‫قناصا ينفذ سلسلة م��ن عمليات االغتيال مقلدا الدعاية‬

‫التي تقوم بها هوليوود حول الفيلم الذي يجسد قصة حياة‬ ‫أكثر القناصني قتال في تاريخ الواليات املتحدة‪ .‬وقد اتهم‬ ‫البعض التنظيم أنه يحاول منافسة الفيلم الذي رشح لجائزة‬ ‫األوس � � �ك� � ��ار ح� �ي ��ث ي �ح �ك��ي ق�ص��ة‬ ‫ال �ق �ن��اص األم �ي��رك��ي األك �ث��ر فتكا‬ ‫ك��ري��س ك��اي��ل ح�س�ب�م��ا ورد في‬ ‫صحيفة «ديلي ميل» البريطانية‪.‬‬


‫‪..‬‬ ‫رساله المحرر‬ ‫كثيرا ما سمعنا وقرأنا وتغزلنا في عصافير الجنة‪ ،‬فهل يمكن أن تلد جهنم هي‬ ‫األخرى عصافير؟ كيف؟! وملاذا؟!‬ ‫الشهر؛ حيث نستعرض معا ‪ -‬عزيزي‬ ‫هذه هي القضية األبرز في عدد «املجلة» هذا‬ ‫ُ‬ ‫القارئ ‪ -‬عمليات استهداف تنظيم داعش ألطفال ق ّصر‪ ،‬وتجنيدهم عبر إخضاعهم‬ ‫لدورات خاصة سماها «دورات األشبال»!‪ ،‬بهدف تغيير طريقة تفكيرهم لكي‬ ‫تتقبل القتل والتكفير‪ .‬في هذا امللف «عصافير جهنم» تستعرض «املجلة» «بيعة»‬ ‫األطفال لقائد «داعش»‪ ،‬وإعالنهم‪ ،‬عن جهل قطعا‪ ،‬االستعداد للتضحية واملوت‬ ‫من أجل التنظيم وقائده‪ .‬وفي هذا امللف الذي أعده من بغداد الباحث في قضايا‬ ‫االستخبارات واإلرهاب جاسم محمد‪ ،‬تتبع الكاتب أساليب الغسل اآليديولوجي‬ ‫الفكري إلى جانب ما يمتلكه التنظيم من أساليب حديثة ومتطورة في مخاطبة‬ ‫األطفال واملراهقني والشباب في أعمار مبكرة‪ ،‬باعتبارهم الفئة األكثر استهدافا من‬ ‫قبل هذا التنظيم اإلرهابي‪.‬‬ ‫وفي ملف ذي صلة‪ ،‬التقت الصحافية روشن قاسم في دهوك (كردستان)‬ ‫أوصمان حسن أغا دنايي املعروف بـ«أبو شجاع» الذي اقتحم والية البغدادي في‬ ‫عقرها تنفيذا الستغاثة من خالته تطالبته بتحرير بناتها الثالث الالتي سباهن‬ ‫«داعش»‪ ،‬فحررهن وحرر معهن أكثر من ‪ 100‬امرأة وفتاة‪ .‬ثم أرشد عبر «املجلة»‬ ‫عن أماكن وجود سبايا البغدادي في سوريا والعراق‪ ،‬في قصة أغرب من الخيال‪..‬‬ ‫وفي امللف الليبي يواصل الزميل عبد الستار حتيتة استقصاءه من بنغازي ملذبحة‬ ‫«داعش» بحق األقباط بعنوان‪« :‬ما وراء دماء املصريني في ليبيا»‪ .‬كاشفا عن‬ ‫رصد التنظيم «‪ 10‬آالف دينار ملن يرشد عن مكان مسيحي مصري»‪ .‬وكيف‬ ‫انتشرت هذه العبارة التي كتبها متطرفون على جدران مدينة سرت وجدران بعض‬ ‫الضواحي في بنغازي‪.‬‬ ‫أما في امللف االقتصادي‪ ،‬فقد رصدت «املجلة» مشروعات بمليارات الدوالرات‬ ‫يتوقع تنفيذها في مصر بعد مؤتمر شرم الشيخ االقتصادي‪ ،‬تسبقها إجراءات‬ ‫إصالحية لتهيئة املناخ العام في البالد‪ ،‬بما في ذلك مواصلة عمليات بسط األمن‬ ‫واالستقرار‪.‬‬ ‫وفي موضوع آخر‪ ،‬كتب الصحافي السعودي وائل مهدي بشأن انخفاض أسعار‬ ‫النفط العاملية‪ ،‬وأجاب عن السؤال املهم‪ :‬هل يجبر تراجع األسعار املنتجني على‬ ‫وقف أعمال الحفر والتنقيب؟‬ ‫وبمناسبة احتفال دولة الكويت بعيدها الرابع والخمسني‪ ،‬تساءل الصحافي‬ ‫السعودي ميرزا الخويلدي في هذا العدد عن «‪ ..‬الكويت إلى أين؟»‪ ،‬محاوال رصد‬ ‫أهم ما يشغل بال الكويتيني في عصر «الدواعش»‪.‬‬ ‫وتقدم «املجلة» في هذا العدد أيضا ملفا خاصا عن انتهاكات القوات البريطانية‬ ‫في العراق بني أعوام ‪ 2003‬إلى ‪ .2008‬وكذلك مجموعة من أهم القضايا السياسية‬ ‫واالقتصادية والثقافية والفنية واالجتماعية‪ .‬باإلضافة إلى مقاالت رأي متميزة‪،‬‬ ‫ومواد مترجمة باالتفاق مع مجلة «فورين أفيرز» األميركية‪ ،‬التي تسلط الضوء‬ ‫على أهم األحداث اإلقليمية والعاملية‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ ملتابعة هذه املوضوعات وغيرها الكثير على موقعنا‬ ‫‪ .majalla.com‬ونرحب دائما بآرائك كما ندعوك للتعليق على املوضوعات أو‬ ‫االتصال بنا إذا رغبت في التواصل معنا‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫‪7‬‬


‫محتويات العدد‬

‫فوائد تراجع أسعار النفط‪..‬‬ ‫ومخاوف من حدوث‬ ‫انكماش اقتصادي‬ ‫بقلم‪ :‬أ‪ .‬غاري شيلينغ‬

‫انطالقة اقتصادية تسبقها إجراءات إصالحية‬

‫مصر‪ :‬مشروعات واعدة تبلغ‬ ‫قيمتها مليارات الدوالرات‬ ‫سكك حديد أفريقيا‪ ..‬مشروع هام لم يكتمل‬ ‫واستحوذ على اهتمام الربيطانيني‬

‫قطار التنمية العربي يف أفريقيا‬ ‫عرب البوابة املصرية‬ ‫مكاتب «التزويج املؤقت» وفرتات اخلطبة الطويلة‬ ‫وسائل للتكيف مع األعراف املتغرية‬

‫مصادر أمنية عراقية وبريطانية‬ ‫وشهود عيان يكشفون النقاب لـ‬

‫يوم «الفالنتني» اإليراني‬

‫انتهاكات القوات الربيطانية يف العراق‬

‫عن‪:‬‬

‫إيران وروسيا ‪ ..‬حجر عثرة يف وجه دول اخلليج‬ ‫إلنقاذ اليمن من االنقالب احلوثي‬

‫ملاذا تغضب الرياض من موسكو؟‬ ‫يف عيدها الـ‪ .. 54‬الكويت إلى أين؟‬

‫‪6‬‬

‫ثقافة‪ :‬اإلرهاب والرتاث السوري‬ ‫يقتسمان أغلفة الكتب‬

‫ما الذي يشغل الكويتيني يف عصر الدواعش‬

‫«داعش» وسوريا يطالن‬ ‫من دور النشر العربية‬

‫سوريا ـ إيران ـ إسرائيل ‪ ..‬والتحوالت الكربى‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1605‬مارس ‪ ( -‬آذار ) ‪2015‬‬

‫اتصاالت ومصالح مشرتكة‬ ‫بني نتنياهو و«جبهة النصرة»‬


‫رسمة‪ :‬علي املندالوي‬



‫رئيس التحرير‬

‫�سلمان بن يو�سف الدو�سري‬ Salman Aldossary Editor-in-Chief

ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē +y:a ` 3x3Na - M k 1fM

:‫سكرتري التحرير‬

‫الد�سوقي‬ ‫م�صطفى‬ Omar A. Alshaikh

Acting CEO of NASHR Co.

‫ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ‬

ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē ‫للمشاركة‬ ‫ كلمة‬800 ‫ جميع المقاالت يجب أال تزيد على‬:‫ملحوظة‬ editorial@majalla.com ‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى المراسلة على البريد اإللكتروني‬ +y:a ` 3x3Na - M k 1fM

^¤ 7yG* Ò* ^d<

‫اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē Acting CEO of ‫ﺳﻜﺮﺗﲑ‬ NASHR Co. ‫اشتراكات‬ Omar A. Alshaikh +y:a ` 3x3Na - M k 1fM www.issuu.com/majalla :‫لالشتراك في االلكترونية‬ subscriptions@majalla.com :‫ يرجى االتصال بـ‬،‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‬

¥E¢ 6^G* £ }H

ǀżȤƾƪƵƴŽ Acting CEO of NASHR Co.

‫أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام‬ΔϤϠϛ ϰϠϋ ΪϳΰΗ ϻ΃ ΐΠϳ ΕϻΎϘϤϟ΍ ϊϴϤΟ ΔχϮΤϠϣ HGLWRULDO#PDMDOOD FRP ϲϧϭήΘϜϟϹ΍ ΪϳήΒϟ΍ ϰϠϋ ΔϠγ΍ήϤϟ΍ ϰΟήϳ ˯΍έ΁ ϭ΃ ΕϻΎϘϣ ϝΎγέϹ ‫ وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة المجلة أو‬.‫ التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (المملكة المتحدة) شركة محدودة‬2009 ‫حقوق النشر محفوظة لمجلة المجلة‬ Omar A. Alshaikh ‫ لتلقي‬.ً‫ وتصدر المجلة شهريا‬.)‫على تصريح مسبق من الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة‬ ‫استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون الحصول‬ ȝƾżȚǍƄŵȚ www.majalla.com ‫ يرجى زيارة‬،‫استفسارات االشتراك الرقمي‬

ZZZ LVVXX FRP PDMDOOD ΔϴϧϭήΘϜϟϻ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ VXEVFULSWLRQV#PDMDOOD FRP ˰Α ϝΎμΗϻ΍ ϰΟήϳ ˬΔϴϤϗήϟ΍ ΔόΒτϟ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ

ϡΎψϧ ϱ΃ ϲϓ ΎϬϨϳΰΨΗ ϭ΃ ΎϬϨϣ ˯ΰΟ ϱ΃ ϭ΃ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϋΎΒσ ΓΩΎϋ· ϝ΍ϮΣϷ΍ Ϧϣ ϝΎΣ ϱ΄Α ίϮΠϳ ϻϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ΓΪΤΘϤϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϋ έΪμΗ ϲΘϟ΍ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϠΠϤϟ ΔχϮϔΤϣ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ Issue 1605 - March 2015 2015 ) ‫ ( آذار‬- ‫ مارس‬1605 ‫العدد‬ ϲϘϠΘϟ ˱ΎϳήϬη ΔϠΠϤϟ΍ έΪμΗϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϣ ϖΒδϣ ΢ϳήμΗ ϰϠϋ ϝϮμΤϟ΍ ϥϭΩ ϪΑΎη Ύϣ ϭ΃ ΎϬϠϴΠδΗ ϭ΃ ΎϫήϳϮμΗ ϭ΃ Δϴϟ΁ ϭ΃ ΔϴϧϭήΘϜϟ· ΔϠϴγϭ ϱ΃ ϭ΃ ΓέϮλ ϱ΄Α ΎϬϠϘϧ ϭ΃ ϲϋΎΟήΘγ΍ HH Saudi Research and Marketing (UK) Ltd ZZZ PDMDOOD FRP ΓέΎϳί ϰΟήϳ ˬϲϤϗήϟ΍ ϙ΍ήΘηϻ΍ Ε΍έΎδϔΘγ΍ ‫ تقاطع التخصصى‬- ‫ طريق مكة‬- ‫ حي المؤتمرات‬- ‫الرياض‬ ‫مرخص لها‬

Arab Press House, 184 High Holborn, London WC1V 7AP$XJXVW LVVXH Tel: +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310

A Monthly Political News Magazine +44 207 831 8181 :‫ لندن‬- 4419933 ‫ هاتف‬:‫الرياض‬

Ώ΁ βτδϏ΃ ΩΪόϟ΍

www.majalla.com/eng

++ 6DXGL 5HVHDUFK DQG 0DUNHWLQJ 8. /WG ϰμμΨΘϟ΍ ϊσΎϘΗ ΔϜϣ ϖϳήσ Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ νΎϳήϟ΍ ΎϬϟ κΧήϣ hq@alkhaleejiah.com :‫ بريد إلكتروني‬،www.alkhaleejiah.com :‫موقع إلكتروني‬ $UDE 3UHVV +RXVH +LJK +ROERUQ ‫الوكيل اإلعالني‬ ϥΪϨϟ ϒΗΎϫ νΎϳήϟ΍ $ 0RQWKO\ 3ROLWLFDO 1HZV 0DJD]LQH +966 11 441 1444 : ‫الدول‬ ‫مختلف‬ ‫ومن‬ ، +44 207 404 6950 :‫لندن‬ ، +331 537 764 00 :‫باريس‬ ، +9714 3 914440 :‫دبي‬ ،920 000 417 : ‫من داخل المملكة‬ /RQGRQ :& 9 $3 ZZZ PDMDOOD FRP HQJ 7HO )D[ 800-2440076 :‫ هاتف مجاني‬،www.arabmediaco.com :‫ موقع إلكتروني‬، info@arabmediaco.com :‫بريد إلكتروني‬

KT#DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ ˬZZZ DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ϝϭΪϟ΍ ϒϠΘΨϣ Ϧϣϭ ˬ ϥΪϨϟ ˬ βϳέΎΑ ˬ ϲΑΩ ˬ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϞΧ΍Ω Ϧϣ

،+966 11 2121774 :‫ فاكس‬+966 11 4419933 :‫ هاتف‬،11585 ‫ الرياض‬- 62116 ‫ب‬.‫ ص‬- ‫وكيل التوزيع في المملكة العربية السعودية حي المؤتمرات‬ www.saudidistribution.com :‫موقع إلكتروني‬

ϲϧΎΠϣ ϒΗΎϫ ˬZZZ DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ LQIR#DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ

‫شركات نشر‬

‫وكيل اإلشتراكات‬

ϲϧϼϋϹ΍ ϞϴϛϮϟ΍ ‫وكيل التوزيع‬

ΕΎϛ΍ήΘηϹ΍ Ϟϴϛϭ

ˬ βϛΎϓ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ ΔϳΩϮόδϟ΍ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϲϓ ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ ZZZ VDXGLGLVWULEXWLRQ FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ Saudi Specialized Publishing ‫املتخصص‬ ‫السعودية للنشر‬ ‫ الشركة‬Company

ZZZ KDODSULQWFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ βϛΎϓ ˬ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι

‫�شركات ن�شر‬

ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ ΔϋΎΒτϟ΍ ΰϛήϣ

‫حقوق التوزيع لهذه المطبوعات محفوظة‬

ΔϋϮϤΠϤϟ΍ ΕΎϛήη

»‫لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم‬

8002440014 ‫ يرجى اإلتصال على الهاتف المجاني‬،‫للحصول على المزيد من المعلومات‬ www.arabmediaco.com

www.sspc.com.sa

áeÉ©dG äÉbÓ©dGh ¿ÓYEÓ»‫«المجلة‬ d á«é«∏ÿG‫حقوق النشر لهذه المطبوعات باللغة العربية مرخصة‬ www.srpc.com

6DXGL 6SHFLDOL]HG 3XEOLVKLQJ &RPSDQ\



‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪:‬‬ ‫الغنوشي لـ‬ ‫املتطرفون «خوارج» وفئة‬ ‫شاذة يجب عزهلم قبل‬ ‫مواجهتهم والقضاء عليهم‬

‫العدد ‪ 1605‬مارس ‪( -‬آذار) ‪2015‬‬

‫االنتحاريون الصغار ‪..‬‬ ‫إرث تنظيم داعش ولألمد البعيد‬

‫انخفاض أسعار النفط ‪..‬‬ ‫هل يجبر املنتجني على‬ ‫وقف أعمال الحفر ؟‬

‫خاص من بنغازي‪:‬‬ ‫ما وراء دماء‬ ‫املصريني في ليبيا‬

‫بني السياسة واألوسكار‪..‬‬ ‫هزيمة هوليوودية‬ ‫لفيلم « قناص أميركي »‬

‫‪Issue 1605 - March 2015‬‬ ‫‪‬‬

‫قصة أغرب من الخيال ‪ « :‬أبو شجاع » محرر اإليزيديات من عقر والية البغدادي‬ ‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬

‫‪03‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫فضائح االستغالل‬ ‫الجنسيلألطفال‬ ‫تهزعرش بريطانيا‬ ‫‪www.majalla.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.