العقل الإرهابي والتكنولوجيا

Page 1



‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫أدباء بغداد‪ ..‬وذوو الثياب السود‬ ‫َّ‬ ‫منتصف الشهر (صباح ‪ 17‬يونيو «حزيران»)‬ ‫مسلحون‪ ،‬عددهم نحو‬ ‫ِمن هذا العام هاجم‬ ‫ِّ‬ ‫الثياب ُّ‬ ‫ً‬ ‫السود‪َّ ،‬‬ ‫مقر‬ ‫مسلحا‪ ،‬يرتدون‬ ‫خمسني‬ ‫االتحاد‪ ،‬الكائن ببغداد – ساحة ًاألندلس‪ ،‬وهو مكانه‬ ‫َّ‬ ‫أماسي شعرية وأدبية‪ ،‬يرتاده أدباء‬ ‫األول‪ ،‬يوم كان ُيقيم‬ ‫ومثقفو ال�ع��راق‪ ،‬وك��ان قد تأسس ع��ام ‪ 1959‬واختار‬ ‫َّ‬ ‫الشاعر محمد مهدي الجواهري (ت ‪ )1997‬أول رئيس‬ ‫له‪ ،‬وقد لعبت األقدار بهذا االتحاد ِمن انقالب إلى آخر‪،‬‬ ‫وإذ نشط في الستينات والسبعينات‪ِ ،‬من القرن املاضي‪،‬‬ ‫كمؤسسة ثقافية تحول في الثمانينات‪ ،‬وم��ا بعدها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إلى مؤسسة حزبية ال روح فيها‪ ،‬شبعت بثقافة الحرب‬ ‫والتمجيد‪ ،‬وم��ع ذل��ك حافظت على وج��وده��ا على ِّ‬ ‫مر‬ ‫األزمان‪ ،‬مرة بمضمون واسم وأخرى اسم بال مضمون‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫إال أنه بعد سقوط النظام السابق وجد األدباء واملثقفون‬ ‫أنفسهم بال شأن وال دور‪ ،‬وحل على االتحاد ما حل‬ ‫على مؤسسات َّالدولة‪ ،‬وهذا أمر طبيعي يحدث ألي دولة‬ ‫تتعرض للزلزال الذي تعرض له العراق‪ .‬بعد وقف الحرب‬ ‫ع��اد األدب ��اء‪ِ ،‬م��ن ال��داخ��ل وال�خ��ارج‪ ،‬وشكلوا اتحادهم‪،‬‬ ‫وباملكان نفسه‪ ،‬وللظروف املريعة تحولت األماسي إلى‬ ‫ً‬ ‫وتجنبا لساعات منع‬ ‫صباحات‪ ،‬خشية من االغتياالت‬ ‫التجول ببغداد‪.‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬لم يعجب هذا التشكيل القوى الدينية‪،‬‬ ‫ال �ت��ي ه�ي�م�ن��ت ع �ب��ر م�ي�ل�ي�ش�ي��ات�ه��ا وال �خ �ط��اب ال� ِّ�دي �ن��ي‬ ‫السياسي‪ ،‬ال��ذي تعاظم شأنه بسبب رداءة األح��وال‪،‬‬ ‫الحروب والحصار ثم االجتياح‪ .‬دخلت هذه القوى‬ ‫بعد ً‬ ‫مجتاحة املجتمع العراقي‪ ،‬فأدخلها إلى البرملان ومنه إلى‬ ‫الحكومة‪ ،‬وها هي اثنا عشر ً‬ ‫عاما وأمر العراق بيدها‪،‬‬ ‫ما عدا املنطقة الكردية التي يحكمها أهلها عن طريق‬ ‫أحزابهم‪.‬‬ ‫األديب واملثقف نفسه‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬على الهامش‪،‬‬ ‫لذا وجد َّ‬ ‫انشغل بالشأن الثقافي‪ ،‬لكن دعونا ِمن املكابرة لنعترف‬ ‫ً‬ ‫أن العنف بالعراق لم يترك مكانا لقلم األديب‪ ،‬إنما القوة‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫سريعا‪ ،‬أما‬ ‫والفعل للسالح‪ ،‬وهو ال��ذي يعطي النتائج‬ ‫القلم فنتيجته مؤجلة‪ ،‬وهو بهذا الحال ك��زارع َّالنخلة‬ ‫األجداد‪ ،‬وللشاعر‬ ‫تعطي تمرها لألحفاد بعد أن‬ ‫يزرعها ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫فوة)‪« :‬يؤمل دنيا لتبقى له‬ ‫الجوزي‪َ ،‬‬ ‫(عن ابن َّ َ‬ ‫صفوة الص ً‬ ‫ُ‬ ‫املنية قبل األمل ‪ /‬حثيثا يروي أصول الفسيل‬ ‫‪ /‬فوافى‬ ‫‪ /‬فعاش الفسيل ومات َّ‬ ‫الرجل»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ي�ن�ت�م��ي ذو ال��ث �ي��اب ال � ُّ�س ��ود إل ��ى ص �ن��ف امل�ي�ل�ي�ش�ي��ات‪،‬‬ ‫التي تستعرض عالنية وي�ش��ارك ح��زب الحكومة في‬ ‫تأسس بدعم ِمن نوري املالكي‪،‬‬ ‫احتفاالتها‪ ،‬وبعضها َّ‬ ‫الشرقي لها باملال َّ‬ ‫والسالح‪ ،‬أما‬ ‫ناهيك بإمدادات الجار‬ ‫ِّ‬ ‫الرجال فليس أكثر من شباب العراق‪ .‬يمكن استعارة‬ ‫تعبير «بوليس َّ‬ ‫السماء» لهذه الجماعات‪ ،‬تلك التي أطلقها‬ ‫معروف َّ‬ ‫الرصافي (ت ‪ )1945‬على رجال دين ليس ِمن‬

‫في‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫رشيد الخيون‬

‫ُ‬ ‫الكتاب والفنانون‬ ‫ُّ‬ ‫والروائيون‬ ‫َّ‬ ‫والصحافيون‬ ‫واألكادمييون‬ ‫سيتحملون مهمة‬ ‫إعادة اإلعمار‬ ‫ُّ‬ ‫الروحي للعراق‬

‫‪82‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫ومنهم ِمن‬ ‫عمل لهم غير مراقبة ه��ذا وتصنيف ذاك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫«ال ي��دع مناسبة تمر إال وينبري ِّ‬ ‫للدفاع عن الشريعة‬ ‫ال�غ��راء» (ال�ع�م��ري‪َّ ،‬حكايات سياسية)‪ ،‬أم��ا دف��اع ذوي‬ ‫ُّ‬ ‫فهو غزو اتحاد األدباء‪ ،‬على‬ ‫الثياب السود عن الشريعة ُ‬ ‫َّ‬ ‫الرغم ِم��ن أن االتحاد ب��ادر قبيل ه�لال شهر رمضان‬ ‫وأقفل مكانه‪.‬‬ ‫يصعب إل�غ��اء أرب�ع��ة آالف ع��ام ِم��ن ت��اري��خ ال�ع��راق ككل‪،‬‬ ‫طبيعة بغداد‪ ،‬التي هي عليها منذ‬ ‫وأكثر صعوبة إلغاء‬ ‫ّ‬ ‫ألف وخمسمائة عام‪ ،‬إن قلت أو زادت‪ِ ،‬من تاريخها قبل‬ ‫التأسيس وبعده‪ .‬ليس لبغداد لون واحد أو طعم واحد‪ ،‬هي‬ ‫املختلفة واملتناقضة بهدنة أزلية بني متناقضاتها‪ ،‬عاش‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فيها الشريف الرضي (ت ‪406‬هـ) وأبو حيان التوحيدي‬ ‫(ت ‪414‬ه� �ـ)‪ ،‬وق��ال شاعرها أب��و ن��واس (‪198‬ه� �ـ) أنفس‬ ‫قصائده على أرضها‪ .‬ال تطيق بغداد خشونة ذوي الثياب‬ ‫السود‪ ،‬فهي كما قال شاعرها الحسني بن َ‬ ‫ُّ‬ ‫الح َّجاج (ت‬ ‫ُّ‬ ‫«وأنت‬ ‫عند انتصار أحد القواد على السلطة فيها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪391‬هـ) ُ‬ ‫َّ‬ ‫سألتك الحق وال تكذبي ‪ /‬وكنت‬ ‫يا بغداد قولي فقد ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫تخربي ‪ /‬يا َّ‬ ‫أخ�ب� ُ‬ ‫عدة‬ ‫�رت حاشاك يا ‪ /‬نظيرة الجنة أن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫حجب» (تكملة تاريخ‬ ‫ولة كم دعو ٍة ‪ /‬مجابة‬ ‫الد ِ‬ ‫فيك ولم ت ِ‬ ‫َّ‬ ‫الطبري)‪ .‬إنها نظيرة الجنة بتنوعها‪ ،‬ف��أدب��اء بغداد ال‬ ‫َّ‬ ‫بدماء الناس وأموالهم‪ ،‬شغلهم أن تبقى بغداد!‬ ‫شغل لهم ِّ‬ ‫الثياب ُّ‬ ‫السود‪ ،‬وهم تابعون مليليشيا معروفة‬ ‫يدعي ذوو‬ ‫َّ‬ ‫باالعتداء على الناس‪ ،‬فمن قبل ذبح بكواتم الصوت أكثر‬ ‫من عشرين امرأة ورجال بمنطقة زيونة‪ ،‬وذلك‪ ،‬حسب‬ ‫واجبا ً‬ ‫ادعاء َمن دافع عنها أنها قدمت ً‬ ‫دينيا‪ ،‬واملراد بهذا‬ ‫التبرير إلغاء دور َّالدولة‪ ،‬مثلما يحدث اآلن في مواجهة‬ ‫«داعش» بمحاولة إلغاء الجيش العراقي لصالح الجيش‬ ‫الرديف‪ ،‬الذي ال يستبعد أن يكون نواة للجيش الثوري‬ ‫أو في أحسن األحوال حزب الله آخر‪.‬‬ ‫ب�لا ش��ك أن ت�ك��رار االع �ت��داء‪ ،‬أم��ام أن�ظ��ار السلطة‪ ،‬على‬ ‫اتحاد األدب��اء ينبئنا ّ‬ ‫بعدة احتماالت‪ :‬إم��ا أن األح��زاب‬ ‫ال� َّ�دي �ن �ي��ة م �س ��رورة ل �ه��ذا ال �ف �ع��ل‪ ،‬ألن ��ه ي �ق��وي ِّ وج��وده��ا‬ ‫السياسي َّالديني ويضعف الخصوم‪ ،‬وفي كل األحوال‬ ‫ل��م ي�ك��ن األدب ��اء ِم��ن ال�ح��واش��ي أو األص��دق��اء‪ ،‬وإم ��ا أن‬ ‫ه��ذه ال�ج�م��اع��ات ه��ي ج��زء ِم��ن ت�ل��ك األح� � ِّ�زاب وتتحرك‬ ‫بتوجيهها‪ ،‬أو أن السلطة تخشى ذوي الثياب السود‬ ‫والعصائب‪ ،‬وهنا نقول على العراق َّ‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫أخيرا‪ ،‬لنا ّ‬ ‫ً‬ ‫عد شريحة األدباء بقية وجه العراق الحضاري‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫املفقود‪ ،‬فالكتاب والفنانون والروائيون والصحافيون‬ ‫واألكاديميون وحملة األقالم والفكر كافة‪ ،‬سيتحملون‬ ‫مهمة إعادة اإلعمار ُّ‬ ‫الروحي‪ ،‬الذي ال يبدو أن األحزاب‬ ‫َّ‬ ‫ال� ِّ�دي�ن�ي��ة ستتركه يتحقق‪ ،‬وال��س�ب��ب أن��ه سيقلص ِمن‬ ‫تأثيرها ووجودها‪ ،‬وتلك معادلة واضحة داخل العراق‬ ‫َّ‬ ‫اليوم تقول‪ :‬إنما العنف والتخلف آصرة َرحم! والبقاء‬ ‫لألسوأ حسب سياستهم <‬


‫بعد الجلسة التي تجريها اللجنة املنظمة لكأس العالم‬ ‫في سان بطرسبرغ ‪ 24‬يوليو الحالي‪.‬‬ ‫وس�ي�ش�ه��د أس �ب��وع ال�ق��رع��ة سلسلة م��ن األن�ش�ط��ة‬ ‫واالجتماعات العامة تبدأ مع فعالية خاصة بما يدور‬ ‫وراء الكواليس في ‪ 22‬يوليو وتقديم استراتيجية‬ ‫االس �ت��دام��ة ال�خ��اص��ة ب�ك��أس ال�ع��ال��م ‪ 2018‬ف��ي ‪23‬‬ ‫ي��ول �ي��و‪ ،‬وإط �ل�اق ب��رن��ام��ج م �ب��اري��ات ك ��أس ال �ق��ارات‬ ‫‪ 2017‬وكأس العالم ‪ 2018‬في ‪ 24‬يوليو بعد اجتماع‬ ‫اللجنة املنظمة‪ .‬وفي صباح ‪ 25‬يوليو‪ ،‬سيتم عقد‬ ‫أول ندوة للمنتخبات خاصة بالفرق التي ستخوض‬ ‫التصفيات القارية <‬

‫الرئيس بوتني يستعرض مهاراته في كرة القدم‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪81‬‬


‫يزاح الستار يوم ‪ 25‬يوليو (تموز) الحالي عن الحدث الرسمي األول املتعلق بكأس‬ ‫العالم ‪ .2018‬تعتبر هذه أكثر من مجرد مرحلة في التصفيات املؤهلة للعرس‬ ‫الكروي العاملي‪ ،‬فهو بمثابة أول ظهور للثقافة الروسية بالنسبة لجماهير اللعبة‬ ‫الجميلة حول العالم عبر عروض فنية تقليدية ومعاصرة يقدمها فنانون من‬ ‫الدولة الكبرى في العالم‪.‬‬

‫االنطالق الرسمي للعد التنازلي لكأس العالم املقبل‬

‫سان بطرسبرغ تستضيف القرعة‬ ‫التمهيدية ملونديال روسيا ‪2018‬‬ ‫ذلك»‪ .‬ومع حلول‬ ‫وجوام بمثابة مثالني عظيمني على‬ ‫لندن‪« :‬املجلة»‬ ‫ً‬ ‫موعد القرعة سيكون نحو ‪ 180‬فريقا ال يزالون‬ ‫منخرطني في التصفيات من أصل ‪ 209‬اتحادات‬ ‫قال رئيس اللجنة املنظمة املحلية لروسيا وطنية عضوة ّ‬ ‫سجلت لتلك الغاية‪.‬‬ ‫‪ 2018‬ف�ي�ت��ال��ي م��وت �ك��و‪« :‬ت�ن�ظ�ي��م ال�ق��رع��ة‬ ‫للعد‬ ‫التمهيدية يعني االن�ط�لاق الرسمي‬ ‫محور القرعة‬ ‫التنازلي لكأس العالم في روس�ي��ا‪ ،‬التي ينتظرها‬ ‫بحماسة بالغة الجمهور في بالدنا‪ .‬بدأنا التحضير ستكون ف�ك��رة «ال�ح�ل��م» ه��ي امل�ف�ه��وم املهيمن على‬ ‫لهذه القرعة قبل نحو عام‪ ،‬وبإمكاني اليوم أن‬ ‫مراسم حفل القرعة‪ ،‬التي ستنطلق في‬ ‫أعلن بثقة أن روسيا مستعدة للتألق في‬ ‫السادسة مساء بالتوقيت املحلي‬ ‫استضافة هذا الحدث الرائع»‪.‬‬ ‫(الثالثة بتوقيت غرينتش) وت��دوم‬ ‫سيستضيف قصر كونستانتني‪،‬‬ ‫لساعتني‪ .‬وسيتم ب� ّ�ث مجريات‬ ‫ال ��ذي ي�ع�ت�ب��ر ح��ال� ً�ي��ا م �ق� ً�را رس�م� ً�ي��ا‬ ‫الحفل ألكثر من مائة دولة حول‬ ‫الج � �ت � �م� ��اع� ��ات ك � �ب� ��ار امل � �س ��ؤول �ي�ن‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫وامل� �ن� �ت ��دي ��ات ال ��دول � �ي ��ة‪ ،‬ن �ح��و أل �ف��ي‬ ‫وق� � ��ال امل ��دي ��ر ال �ت �ن �ف �ي��ذي ل�ل�ج�ن��ة‬ ‫ش �خ��ص‪ .‬وإل� ��ى ج��ان��ب م�م�ث�ل�ين عن‬ ‫امل�ن�ظ�م��ة امل�ح�ل�ي��ة ل��روس �ي��ا ‪2018‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وطنيا‪ ،‬سيكون هناك‬ ‫اتحادا‬ ‫نحو ‪140‬‬ ‫أل �ك �س��ي س ��وروك�ي�ن‪« :‬س�ي�ت�ش��ارك‬ ‫أس��اط�ي��ر م��ن ع��ال��م ال �ك��رة وم�س��ؤول��ون‬ ‫جمهور كرة القدم من كل أنحاء‬ ‫رياضيون كبار وفنانون مشهورون‬ ‫ال�ع��ال��م ب��ال�ع��رس وال�ت��وق�ع��ات التي‬ ‫وش�خ�ص�ي��ات أخ� ��رى ش �ه �ي��رة‪ .‬وم��ن‬ ‫تجلبها القرعة التمهيدية‪ ،‬وذلك بفضل‬ ‫امل�ت��وق��ع وج��ود نحو ‪ 700‬ممثل عن‬ ‫البث املباشر ح��ول العالم‪ .‬والحفل‬ ‫وسائل اإلعالم من كل القارات لتغطية‬ ‫الذي تم التحضير له بالتعاون مع‬ ‫ال� �ح ��دث م ��ن امل� �ك ��ان ع �ي �ن��ه ف ��ي س��ان‬ ‫فرق إبداعية من القناة األول��ى في‬ ‫ّ‬ ‫بطرسبرغ‪.‬‬ ‫روس �ي��ا س�ي�م��ث��ل ف��رص��ة إلظ�ه��ار‬ ‫م��ن ج�ه�ت��ه‪ ،‬ق��ال أم�ي�ن ال�ف�ي�ف��ا ج�ي��روم‬ ‫غ �ن��ى ث �ق��اف��ة ب�ل�ادن ��ا وت �ق��ال �ي��ده��ا‪،‬‬ ‫ف��ال �ك��ي‪« :‬س �ت �ك��ون س ��ان ب�ط��رس�ب��رغ‬ ‫باإلضافة إلى تحضير الجميع ملا‬ ‫امل� �ك ��ان األم� �ث ��ل ل�لاح �ت �ف��ال ب��ال �خ �ط��وات‬ ‫سيكون بانتظارهم في كأس القارات سنة ‪2017‬‬ ‫الرمزية األولى على طريق طويل نحو نهائيات كأس وكأس العالم سنة ‪ .2018‬وبالنسبة لنا ُ‬ ‫سيولد الحلم‬ ‫ال�ع��ال��م امل�ق�ب��ل‪ ،‬حيث سيتم خ��وض أك�ث��ر م��ن ‪ 840‬بعد عام من اآلن في سان بطرسبرغ»‪ .‬وأضاف أن‬ ‫ّ‬ ‫مباراة إلى أن نعرف هوية الفرق التي ستنضم إلى تفاصيل أسماء الفنانني الروسيني املشاركني سيتم‬ ‫روسيا في البطولة النهائية‪ .‬يعني ذلك أكثر من ‪ 30‬اإلعالن عنها ً‬ ‫قريبا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫شهرا من اإلثارة والتشويق لجمهور كرة القدم في وستحدد القرعة التمهيدية الطريق الذي ستسلكه‬ ‫أرجاء القارات الست‪ ،‬وهو ما أظهرته أولى املباريات الفرق في التصفيات القارية ملحاولة الحصول على‬ ‫التمهيدية التي بدأت بالفعل‪ .‬وتعتبر كل من بوتان ‪ 31‬ت��ذك��رة مخصصة للنهائيات‪ ،‬بالنظر إل��ى أن‬

‫‪80‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫روسيا تتأهل بشكل تلقائي للبطولة كونها الدولة‬ ‫املستضيفة‪ُ .‬يذكر أن خمسة من أصل ستة اتحادات‬ ‫قارية ستشارك في القرعة التمهيدية باستثناء آسيا‬ ‫التي انطلقت بالفعل‪ .‬وبالتالي فإن أعضاء االتحاد‬ ‫اآلسيوي لن يكونوا ممثلني في القرعة التمهيدية‪.‬‬ ‫وبالنسبة إلى كونكاكاف‪ ،‬فإن التصفيات انطلقت‬ ‫بالفعل مع إجراء املرحلة األولى منها في ربيع هذا‬ ‫العام‪ ،‬وبالتالي ستكون القرعة مخصصة للمراحل‬ ‫التصفيات القارية‪ .‬وباإلجمال سيكون‬ ‫التالية من‬ ‫ً‬ ‫فريقا في القرعة التي ُ‬ ‫سيجريها األمني‬ ‫هناك ‪141‬‬ ‫العام جيروم فالكي‪ .‬وسيتم إعالن مراسم القرعة‬


‫إرهاق أو تعب‪ .‬وانتظرت حتى استعد املخرج لتصوير‬ ‫اللقطات املتبقية وأن��ا أك��اد أطير من السعادة ألنني‬ ‫سأقف مرة أخرى أمام الكاميرا‪.‬‬ ‫وانتهى اليوم األول للتصوير وهو يحمل في نهايته‬ ‫مفاجأة لي عندما طلب مني عاطف سالم الحضور في‬ ‫نفس املوعد في اليوم التالي‪ ،‬معنى هذا إنني سأقوم‬ ‫بالتزويغ من املدرسة مرة أخرى‪ ،‬املهم أنني لم أعترض‪،‬‬ ‫ورجعت إل��ى البيت وف��ور دخولي الشقة تجمع تعب‬ ‫الدنيا وحط على جسدي واتجهت فورا إلى غرفتي‬ ‫ورميت نفسي على سريري‪.‬‬ ‫وم��ا ك��دت ألتقط أنفاسي حتى دخلت أم��ي م��ن باب‬ ‫غرفتي لتطمئن علي وتسألني عن رحلتي إلى الفيوم‪،‬‬ ‫وما كادت تنظر إلى وجهني حتى قالت لي في صوت‬ ‫ص� ��ارم‪ :‬م��ا ه ��ذا ال ��ذي تضعينه ع�ل��ى وج �ه��ك؟ قمت‬ ‫بسرعة وتحسست وجهي بيدي‪ ،‬وهنا تذكرت أنني‬ ‫نسيت مسح «امل��اك�ي��اج» ال��ذي وض�ع��وه على وجهي‬ ‫قبل التصوير‪ .‬لقد كانت م��ادت��ه ح�م��راء تحتاج إلى‬ ‫وقت طويل إلزالتها‪ ،‬وحتى إذا تم ذلك فهي تترك أثرا‬ ‫واض� �ح ��ا‪ .‬ن �ه �ض��ت م ��ن ف��وق‬ ‫س ��ري ��ري ون� �ظ ��رت ف ��ي امل� ��رآة‬ ‫وك ��ان ع�ل��ي أن أخ�ت�ل��ق ع��ذرا‬ ‫س��ري�ع��ا أب ��رر ب��ه وض ��ع ه��ذه‬ ‫املساحيق على وجهي فقلت‬ ‫ألم��ي ع�ل��ى ال �ف��ور إن إح��دى‬ ‫زميالتي ق��د اش�ت��رت بعض‬ ‫أدوات املاكياج وأخذت تجربه‬ ‫علي وجهي‪ ،‬وقد نسيت أن‬ ‫أزي �ل��ه‪ ،‬ول �ك��ن أم ��ي عنفتني‬ ‫ب�ش��دة وك ��ان ل�ه��ا ال�ح��ق في‬ ‫ه ��ذا‪ ،‬ووج ��دت أن م��وض��وع‬ ‫«امل ��اك �ي ��اج» ق��د ت�س�ب��ب في‬ ‫ت ��وت ��ر األم � � ��ر ب �ي �ن��ي وب�ي�ن‬ ‫أم� ��ي‪ ،‬وب��ال �ت��ال��ي أي �ق�ن��ت أن‬ ‫مسألة ذه��اب��ي الستكمال‬ ‫التصوير في اليوم التالي‬ ‫مسألة في غاية الصعوبة‪.‬‬ ‫نبيلة عبيد‬ ‫فوالدتي لن تصدق أي عذر‬ ‫آخ ��ر‪ ،‬وح��اول��ت أن أل�ط��ف‬ ‫ال�ج��و بيني وب�ي�ن أم ��ي‪ ،‬وع�ن��دم��ا ه��دأت‬ ‫قليال عدت إلى غرفتي وطلبت صديقة لي ورجوتها أن‬ ‫تطلبني بعد قليل لتدعوني إلى عيد ميالدها‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه الزميلة في «املعادي» وفعال اتصلت بي صديقتي‬ ‫التي تعرفها أمي وطلبت منها أن تسمح لي بالذهاب‬ ‫إل��ى عيد م�ي�لاده��ا‪ .‬وتحت إل�ح��اح الزميلة وإلحاحي‬ ‫وافقت أمي‪ ،‬وذهبت إلى الحمام وأزلت كل آثار املاكياج‬ ‫من فوق وجهي وتناولت عشائي‪ ،‬أو فلنقل إفطاري‪،‬‬ ‫ودخ�ل��ت غرفتي ورم�ي��ت نفسي على س��ري��ري‪ ،‬ولم‬ ‫أتنبه إال في الساعة السابعة وأم��ي توقظني للذهاب‬ ‫إل��ى امل��درس��ة‪ ،‬وف��ي ه��ذه امل��رة ارت��دي��ت فستانا تحت‬ ‫م�لاب��س امل��درس��ة وخ��رج��ت أج��رى إل��ى مكتب حلمي‬ ‫رفلة للذهاب إل��ى االستوديو‪ .‬ووصلت في العاشرة‬ ‫صباحا‪ ،‬وم��ررت بنفس املراحل التي مررت بها في‬ ‫اليوم السابق‪ .‬ولكنني هذه املرة‪ ،‬وبعد أن انتهيت من‬ ‫تصوير مشاهدي‪ ،‬دخلت غرفة «امل��اك�ي��اج» ومكثت‬ ‫أكثر من ساعة أزي��ل آث��اره��ا من ف��وق وجهي‪ ،‬إال أن‬

‫اللون األحمر اللعني كان يأبى أن يزال تماما‪.‬‬ ‫وأث �ن��اء ان�ش�غ��ال��ي ف��ي ح �ج��رة «امل��اك �ي��اج» دخ ��ل علي‬ ‫املخرج عاطف سالم وأخبرني بأنني اليوم قد أنهيت‬ ‫كل املشاهد الداخلية‪ ،‬أي التي تصور داخل االستوديو‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ولم يتبق أمامي إال بعض اللقطات التي سوف تصور‬ ‫خ��ارج��ه‪ ،‬ولكن عاطف لم يحدد لي أماكن التصوير‬ ‫ال �خ��ارج��ي‪ ،‬وأخ�ب��رن��ي ب��أن��ه س��وف يتصل إلخ�ب��اري‬ ‫ع��ن األم��اك��ن‪ ،‬ث��م ت��رك�ن��ي وخ ��رج‪ ،‬وظ�ل�ل��ت أح ��اول مع‬ ‫«املاكياج» حتى تمكنت من إزالته تماما‪ ،‬وأحسست‬ ‫ب��راح��ة وس�ع��ادة النتهاء أي��ام التصوير‪ ،‬وف��ي الوقت‬ ‫نفسه كنت منهمكة جدا بمسألة التصوير الخارجي‬ ‫ولكنني تركتها للظروف‪.‬‬

‫القريب – الصديق‬ ‫مرت بعض األيام واتصل بي املخرج عاطف سالم ليقول‬ ‫إن أماكن التصوير الخارجي قد تحددت وستكون في‬ ‫مدينة بورسعيد‪ ،‬وسوف نسافر إلى بورسعيد بعد‬ ‫يوم واح��د‪ ،‬ودون أن أفكر قلت له‪« :‬وأن��ا سوف أكون‬ ‫ج� � ��اه� � ��زة ف��ي‬

‫امليعاد املحدد»‪.‬‬ ‫وان�ت�ه��ت امل�ك��امل��ة وأن ��ا ال أع ��رف ك�ي��ف س��أس��اف��ر إل��ى‬ ‫ب��ورس�ع�ي��د مل ��دة ي ��وم ك��ام��ل وم� ��اذا أق ��ول ألم ��ي‪ ،‬وإذا‬ ‫اض � �ط� ��ررت إل� ��ى امل �ب �ي��ت ه� �ن ��اك م � ��اذا س �ي �ح��دث؟ ل��م‬ ‫أج ��د ج��واب��ا واح� ��دا ي�ش�ف��ي غ�ل�ي�ل��ي‪ ،‬وف �ق��دت ت��وازن��ي‬ ‫وحاصرتني الهواجس‪ ،‬وأصبح تفكيري متأرجحا‬ ‫بني الرغبة في مفاتحة أمي في موضوع عملي‪ ،‬وبني‬ ‫السفر إلى بورسعيد دون علمها‪.‬‬ ‫وخرجت من هواجسي على صوت أمي وهي تطلب‬ ‫مني االس�ت�ع��داد ل�ل�خ��روج ل��زي��ارة بعض أق��ارب�ن��ا في‬ ‫العجوزة‪ ،‬وكنا قد انتقلنا لنسكن في حي «الدقي»‪.‬‬ ‫وفعال خرجنا لزيارة أقاربي الذين كانوا يسكنون‬ ‫في نفس البيت الذي يسكن فيه أهل الفنانة الكبيرة‬ ‫شادية‪ ،‬وك��ان لشادية شقيق اسمه طاهر يعمل في‬ ‫مكتب حلمي رفلة‪.‬‬ ‫وك ��ان ألق��ارب��ي اب�ن�ه��م ال��وح�ي��د رف�ع��ت وه��و ف��ي مثل‬

‫سني يهوى الغناء‪ ،‬ويتمنى أن يكون مطربا المعا‬ ‫مثلما أتمنى أنا أن أكون ممثلة المعة‪ ،‬ووجدت في ابن‬ ‫أقاربي الصديق الذي يمكنني االعتماد عليه‪ .‬فرويت‬ ‫له كل أسراري‪ ،‬وما كان مني مع املخرج عاطف سالم‪،‬‬ ‫فشجعني بحماس على أمل أن أفتح له الطريق في ما‬ ‫بعد في دنيا الغناء‪.‬‬ ‫ك��ان أق��ارب��ي ي�ع��رف��ون رغ�ب�ت��ي األك �ي��دة ف��ي أن أك��ون‬ ‫ممثلة‪ ،‬ولكنهم لم يفاتحوا أمي لعلمهم بأنها سوف‬ ‫ترفض هذا األمر إلى حني االنتهاء من دراستي‪.‬‬ ‫امل�ه��م ت�ك��ررت زي��ارات�ن��ا ل�ه��ؤالء األق ��ارب وك�ن��ا نجلس‬ ‫معهم لفترات طويلة‪ ،‬ث��م ن�خ��رج م��ن عندهم ونقطع‬ ‫الطريق مشيا على األقدام حتى بيتنا القريب منهم‪.‬‬ ‫وفي يوم‪ ،‬وبعد انتهاء زيارتنا لألقارب‪ ،‬عدنا إلى البيت‬ ‫ألج��د ب��واب عمارتنا يقترب مني ويهمس ف��ي أذن��ي‬ ‫ويقول مشيرا إلى رجل يقف أمام العمارة‪« :‬الراجل‬ ‫ده ينتظرك منذ أكثر من ثالث ساعات»‪ .‬واقترب مني‬ ‫ال��رج��ل فتعرفت عليه‪ .‬إن��ه أح��د العاملني م��ع املخرج‬ ‫عاطف سالم‪ .‬تقدم مني الرجل وأعطاني ورقة وهمس‬ ‫بعبارة‪ :‬أمر تصوير غدا في بورسعيد‪.‬‬ ‫ولكن أمي لم تترك األمور تسير بهذه البساطة‪ ،‬وقبل‬ ‫أن ي �م �ش��ي ال� ��رج� ��ل ال� ��ذي‬ ‫أع �ط��ان��ي ال ��ورق ��ة س��أل�ت�ن��ي‪:‬‬ ‫«ع ��اوز إي��ه ال��راج��ل ده وإي��ه‬ ‫ال� ��ورق� ��ة دي؟»‪ ،‬ف��أم�س�ك��ت‬ ‫ب��ال��ورق��ة ف��ي ي ��دي دون أن‬ ‫أع �ط �ي �ه��ا ألم� ��ي وق� �ل ��ت ل �ه��ا‪:‬‬ ‫ع�ن��دم��ا نصعد إل��ى شقتنا‬ ‫سوف أشرح لك األمر‪.‬‬ ‫وظننت أم��ي في ب��ادئ األمر‬ ‫أن ��ه م �ج��رد ع ��رض م ��ن أح��د‬ ‫امل �خ ��رج�ي�ن ألع� �م ��ل م �ع��ه ف��ي‬ ‫السينما‪ ،‬وقالت‪ :‬بالش كالم‬ ‫فارغ‪.‬‬ ‫وب �ك��ل ش �ج��اع��ة ش��رح��ت لها‬ ‫أب � �ع� ��اد امل� ��وق� ��ف م� ��ن ال� �ب ��داي ��ة‬ ‫إل��ى النهاية وق�ل��ت ل�ه��ا‪ :‬إذا لم‬ ‫أكمل تصوير الفيلم فسوف‬ ‫عاطف سالم‬ ‫ي �ط��ال �ب �ن��ي امل� �خ ��رج ب�ت�ع��وي��ض‬ ‫ثالثة آالف جنيه‪.‬‬ ‫وص��رخ��ت أم��ي عند سماعها‬ ‫للرقم الوهمي للتعويض‪ ،‬وألول مرة في حياتي أمي‬ ‫تخرج عن شعورها‪ .‬وتضامن معها إخوتي‪ .‬ووجدت‬ ‫نفسي في موقف ال أحسد عليه‪ ،‬وقبل أن يتطور األمر‬ ‫فتحت باب شقتنا وجريت على السلم ودموعي تغطي‬ ‫وج�ه��ي‪ ،‬واتجهت ف��ورا إل��ى بيت أق��ارب��ي بالعجوزة‪،‬‬ ‫ورويت لهم كل املوقف‪ ،‬وقلت لهم أيضا إنني إذا لم‬ ‫أستكمل الفيلم فسوف يطالبني املخرج بمبلغ ثالثة‬ ‫آالف جنيه كتعويض‪ ،‬وإذا ل��م تصدقوني فاسألوا‬ ‫ط��اه��ر شقيق ال�ف�ن��ان��ة ش��ادي��ة ال ��ذي يسكن فوقهم‪،‬‬ ‫فهو يعمل أيضا في شركة «دوالر فيلم» التي أمثل‬ ‫في الفيلم لحسابها‪ ،‬ورجوتهم وأن��ا أبكي بشدة أن‬ ‫ي�ح��اول��وا إق�ن��اع أم��ي باستكمال تصوير الفيلم غدا‬ ‫في بورسعيد <‬ ‫وإلی الحلقة القادمة‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪79‬‬


‫حكاييت مع الزمان‬ ‫«الحلقة الثالثة»‬ ‫في الخامسة من عمرها‪ ،‬قررت أن تصبح‬ ‫ممثلة سينمائية‪ ..‬وصارت‪ ..‬هبت‬ ‫الرياح بما «تشتهي»‪ ،‬فقد توفي «األب»‬ ‫وأصبحت األم حريصة كل الحرص على‬ ‫إرضاء أبنائها فكان كل الفضل في أن‬ ‫تتحول «نبيلة نور» الطالبة بمدرسة‬ ‫«كلية السالم» بحي العباسية إلى‬ ‫النجمة السينمائية نبيلة عبيد‪.‬‬ ‫ومشوار نبيلة عبيد إلى عالم األضواء‬ ‫والشهرة مشوار طويل بدأ من أمام باب‬ ‫دار سينما شعبية هي «شبرا باالس»‬ ‫بالقاهرة ليمر عبر دول كثيرة لم تكن‬ ‫نبيلة تعرف عنها شيئا سوى موقعها‬ ‫على الخريطة في كتاب الجغرافيا‬ ‫بالصف األول الثانوي‪.‬‬

‫خمس دقائق في فيلم مرت عليها كالدهر‬

‫نبيلة عبيد‪ :‬عاطف سالم منعني من النطق‬

‫القاهرة‪ :‬محمد طه‬ ‫«املجلة» التقت نبيلة عبيد لتروي ذكرياتها‬ ‫كيف ق��ررت أن تصبح ممثلة‪ ،‬وكيف بدأت‬ ‫أول��ى خطواتها داخ��ل ب�لات��وه��ات السينما‪.‬‬ ‫وتتذكر نبيلة وت��روي كيف ك��ان ساندويتش الجنب‬ ‫سببا في أن يبتسم لها الحظ من داخل سيارة تاونس‪.‬‬ ‫نبيلة عبيد تحكي لـ«املجلة» ذكرياتها وتجاربها من‬ ‫خالل أحداث حياتها الشخصية والفنية‪ ،‬وفي الحلقة‬ ‫السابقة (رق��م ‪ )2‬روت نبيلة عبيد كيف ابتسم لها‬ ‫الحظ من داخل السيارة «التاونس» حيث كان يجلس‬ ‫فيها املخرج عاطف سالم وكيف أصبح مستقبلها‬ ‫الفني مرهونا بالتزويغ من املدرسة‪ .‬وفي هذه الحلقة‬ ‫تتذكر نبيلة كيف بدأت الوقوف أمام الكاميرا في فيلم‬ ‫«م��اف�ي��ش ت�ف��اه��م» وك�ي��ف نجحت ف��ي إق�ن��اع والدتها‬ ‫بالغياب عن املنزل لعدة ساعات‪ ،‬وكيف كادت تفقد‬ ‫توازنها عندما طلب منها املخرج عاطف سالم السفر‬ ‫إلى مدينة بورسعيد الستكمال تصوير بقية لقطات‬ ‫الفيلم‪.‬‬ ‫‪78‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫وص� �ل ��ت إل� ��ى االس� �ت ��ودي ��و ف ��ي ال �ت��اس �ع��ة ص �ب��اح��ا‪،‬‬ ‫واس�ت�ق�ب�ل�ن��ي ع��اط��ف س��ال��م ب�ح�ف��اوة ش��دي��دة‪ ،‬وأخ��ذ‬ ‫ي�ع��رف�ن��ي ع�ل��ى ك��ل م��ن ي�ع�م�ل��ون ف��ي ال�ف�ي�ل��م‪ ،‬وك��ان��ت‬ ‫رعايته لي من منطلق أنه يقدم وجها جديدا ألول مرة‪،‬‬ ‫وبسرعة شرح لي عاطف سالم أبعاد دوري‪ ،‬وكان‬ ‫عبارة عن تلميذة تسكن في «البلكونة» املواجهة البن‬ ‫الجيران‪ ،‬وأثناء قيام التلميذة بأداء بعض التمرينات‬ ‫الرياضية الصباحية يشاهدها ابن الجيران فيعجب‬ ‫بها وي�ب��دأ ف��ي مطاردتها كلما ن��زل��ت م��ن البيت في‬ ‫طريقها إلى املدرسة‪ ..‬مجموعة من اللقطات ال يتعدى‬ ‫زمن عرضها أكثر من خمس دقائق مستقطعة‪.‬‬ ‫وأثناء شرح عاطف سالم قلت له‪ :‬أري��د أن أق��ول ولو‬ ‫جملة واحدة‪ ،‬ولو حتى «صباح الخير» ولكنه رفض‬ ‫وتركني ليواصل عمله داخ��ل االستوديو في ضبط‬ ‫الكاميرات واإلض ��اءة لالستعداد لتصوير مشاهد‬ ‫أخ��رى غير املشاهد التي أش�ت��رك فيها‪ .‬وألول مرة‬ ‫أشاهد الفنان العظيم الراحل حسني رياض‪ ،‬فقد كان‬ ‫ضمن أبطال الفيلم‪ ،‬وكذلك الفنان حسن يوسف‪ ،‬أما‬ ‫البطولة النسائية فقد كانت للفنانة سعاد حسني التي‬ ‫لم َأرها في هذا اليوم لعدم وجود مشاهد ستصور‬

‫لها‪ ،‬وتمر ساعة وراء أخ��رى حتى اقتربت الساعة‬ ‫م��ن الرابعة م�س��اء‪ .‬وأن��ا ل��م أص��ور ول��و لقطة واح��دة‪،‬‬ ‫وط��ول ه��ذه الفترة كنت أتنقل م��ن م�ك��ان إل��ى مكان‬ ‫أتعرف على االستوديو من الداخل‪ ،‬وأثناء التصوير‬ ‫أق��ف ملالحظة املمثلني كيف يعملون أم��ام الكاميرا‪،‬‬ ‫وأحفظ كل إرشادات املخرج عاطف سالم التي يقولها‬ ‫لغيري من املمثلني‪.‬‬ ‫ك��ل ه ��ذا ال��وق��ت ك ��ان ي�م��ر ع�ل��ي دون أن أض ��ع لقمة‬ ‫في فمي منذ السابعة صباحا‪ ،‬ول��و كانت لي دراي��ة‬ ‫بالعمل داخل االستوديوهات ألحضرت معي بعض‬ ‫«الساندويتشات»‪ ،‬ثم جاء دوري في التصوير وجاءني‬ ‫املخرج عاطف سالم ليقول لي تعليماته األخيرة‪.‬‬ ‫ووقفت أمام الكاميرا وأنا أكاد أسقط من طولي رعبا‬ ‫وج��وع��ا ووج��دت تشجيعا م��ن امل�خ��رج وم��ن ك��ل من‬ ‫ح��ول��ي م��ن الفنانني والفنيني فضاعت مني الهيبة‪،‬‬ ‫ون�س�ي��ت ت�ع�ب��ي‪ ،‬وأدي ��ت م�ش��اه��دي ب�ن�ج��اح‪ ،‬وعندما‬ ‫انتهيت ص�ف��ق ل��ي ال �ح��اض��رون وط�ل��ب م�ن��ي عاطف‬ ‫سالم االنتظار ألن هناك مشهدا آخر سوف أصوره‪.‬‬ ‫ك ��ان ال�ح�م��اس ق��د غ�م��رن��ي وت�م�ن�ي��ت أن أب �ق��ى واق�ف��ة‬ ‫أمام الكاميرا ولو ملدة شهر كامل‪ .‬لم أعد أشعر بأي‬


‫للقمر) ً‬ ‫ثناء على فكرته وتنفيذه‪ ،‬وكذلك فيلم (السعوديون‬ ‫في أميركا) لفهمي فرحات‪ ،‬وفيلم (عروس اآلثار والجبال)‬ ‫لفيصل العتيبي‪.‬‬ ‫وبشأن نوعية املادة الثقافية التي يشتغل عليها السينمائيون‬ ‫الشباب‪ ،‬يصف املخرج عبد الله آل عياف هذه التجارب بالقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫«غالبا فإن التركيز هو على القضايا الساخنة ومحاولة لفت‬ ‫أن �ظ��ار املجتمع ل�ع�ي��وب��ه‪ ،‬وه��و ب��ال�ت��ال��ي أح��د أه��م م��ا ت�ق��وم به‬ ‫السينما من توثيق ونقاش ومعالجة»‪ ،‬وقال‪« :‬أفالم السعوديني‬ ‫والسعوديات منذ بداياتها وهي تناقش مثل هذه النوعية من‬ ‫القضايا؛ كالتزمت الديني‬

‫وال�ص��وت�ي��ة‪ ،‬وس��اه��م اإلن�ت��رن��ت ف��ي إي�ص��ال أح��دث التقنيات‬ ‫والنظريات الفنية لكي يستعني بها الشباب في إعداد موادهم‪،‬‬ ‫وما كان ً‬ ‫حلما الوصول إليه قبل سنوات‪ ،‬أصبح اليوم حقيقة‬ ‫بفعل تقنية االتصال‪ ،‬أما االنتشار‪ ،‬فهو اآلخر استفاد من‬ ‫التقنيات املعاصرة‪ ،‬فأصبحت األفالم تنتقل ويجري تداولها‬ ‫ً‬ ‫سينمائيا ث� ً‬ ‫�ري��ا‪،‬‬ ‫عبر امل��واق��ع اإلل�ك�ت��رون�ي��ة‪ ،‬لتؤسس ف�ض� ً�اء‬ ‫تختمر داخله التجارب الهاوية للشباب السعوديني‪.‬‬ ‫وقد أبانت التجربة السينمائية السعودية عن إمكانات هذه‬ ‫الصناعة الفنية وقدرتها على التأثير في الرأي العام ومطاولة‬ ‫قضاياه الحساسة‪ .‬واأله��م م��ن حجم ونوعية األف�لام‬ ‫السينمائية السعودية‪ ،‬ما تطرحه من موقف من الفن‬ ‫ً‬ ‫محظورا‪ ،‬فإنه ينمو وينتشر‪،‬‬ ‫السابع‪ ،‬الذي رغم كونه‬ ‫ورغم عدم وجود صاالت عرض سينمائية فإنه يجتذب‬ ‫م��واه��ب ش�ب��اب�ي��ة م��ن ال�ج�ن�س�ين ات�ج�ه��ت ن�ح��و األف�ل�ام‬ ‫الوثائقية التي تتناسب وحجم اإلمكانات املتواضعة‬ ‫لهؤالء الشباب‪.‬‬ ‫وغ�ي��اب السينما ف��ي ال�س�ع��ودي��ة‪ ،‬ل��م يغيب االهتمام‬ ‫ب�ه��ا‪ ،‬فقبل أش�ه��ر أق�ي�م��ت ف��ي ال��دم��ام ال ��دورة الثانية‬ ‫من مهرجان أف�لام السعودية برعاية وزي��ر الثقافة‬ ‫واإلعالم ومشاركة ‪ 66‬فيلما‪ ،‬و‪ 34‬سيناريو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وس�ع��ى امل�ه��رج��ان ليكون م�ح��رك��ا لصناعة األف�لام‬ ‫ً‬ ‫ومعززا للحراك الثقافي في اململكة‪ ،‬وتوفير الفرص‬ ‫للمواهب السعودية من الشباب والشابات املهتمني‬ ‫ف��ي ص�ن��اع��ة األف �ل�ام‪ ،‬واالح �ت �ف��اء ب��أف�ض��ل األف�ل�ام‪،‬‬ ‫صناعة‬ ‫وخلق بيئة لتبادل األف�ك��ار ب�ين املبدعني ف��ي‬ ‫إبراهيم القاضي أبو السينما الهندية‬ ‫األف�لام‪ .‬واملهرجان برأي رئيس مجلس إدارة الجمعية‬ ‫السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي «هو‬ ‫جزء من البرنامج الوطني لصناعة األفالم الذي‬ ‫بدأ في ستة من فروع الجمعية وسيمتد ليغطي‬ ‫بقية الفروع خالل العام الحالي ويسعى إلى تبني‬ ‫الشباب وتعزيز قدراتهم الفنية في امتالك أدوات‬ ‫العمل على هذه الوسيلة االتصالية الهامة»‪.‬‬ ‫كانت ال��دورة األول��ى من ه��ذا املهرجان أقيمت في‬ ‫العام ‪ 2008‬وضمت ‪ 58‬فيلما قصيرا من مخرجني‬ ‫سعوديني شباب في مختلف املجاالت (الروائية‪،‬‬ ‫الوثائقية‪ ،‬والتحريكية)‪.‬‬ ‫وعلى املستوى الخليجي‪ ،‬قدم السعوديون عشرات‬ ‫التجارب السينمائية في مهرجان الخليج السينمائي‪،‬‬ ‫عبد الله املحيسن وعبد الله آل عياف‬ ‫ً‬ ‫بينها – مثال ‪ -‬فيلمان طويالن (صباح الليل) تأليف‬ ‫وبطولة راشد الشمراني‪ ،‬وإخراج مأمون البني‪ ،‬وهو‬ ‫فيلم كوميدي تاريخي‪ ،‬وفيلم (القرية املنسية) ملخرج‬ ‫فلسطيني (عبد الله أبو طالب) وهو فيلم رعب‪ .‬وقد حققت‬ ‫التجارب السينمائية السعودية ً‬ ‫نموا خاصة في مسابقات‬ ‫غياب السينما أصاب‬ ‫األفالم القصيرة عبر مهرجانات الخليج بنسبة تجاوزت ‪500‬‬ ‫في املائة‪.‬‬ ‫الذائقة الجمالية للمجتمع‬ ‫السينمائية‬ ‫التجارب‬ ‫بعض‬ ‫حققت‬ ‫�ي‪،‬‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫�دو‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الصعيد‬ ‫وعلى‬ ‫بأسره‪ً ،‬‬ ‫السعودية ً‬ ‫تماما كغياب‬ ‫نجاحا‪ ،‬يبرز من بينها فيلم هيفاء املنصور (نساء‬ ‫بال ظ��ل)‪ ،‬وفيلمها األخير «وج��دة»‪ .‬وكذلك فيلم عبد الله آل‬ ‫الفنون واملسرح‪ ،‬كله جعل‬ ‫عياف في فيلمه (إط��ار) وفيلمه اآلخ��ر (السينما ‪ 500‬كم)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عبوسا وأغلق‬ ‫وم��ن بني األف�لام املتميزة فيلم (مطر) آلل عياف ال��ذي حاز الحياة أكثر‬ ‫ً‬ ‫على تقدير النقاد‪ ،‬وحقق كل من املخرج محمد بازيد (القطعة‬ ‫أبوابا واسعة للثقافة‬ ‫األخيرة) ونايف فايز (خلف أنظار الكاميرا) شهادات تقدير‬ ‫تشيد بمستوى الفيلمني‪ ،‬وكذلك حاز فيلم (أبيض وأبيض)‬ ‫واملعرفة‬ ‫ل�ب��در ال�ح�م��ود اإلع �ج��اب ال�ن�ق��دي وال�ج�م��اه�ي��ري ف��ي مهرجان‬ ‫الخليج‪ ،‬ونال الفيلم األول للمخرج عبد الله األحمد (الهامس‬

‫‪,,‬‬

‫واإلره ��اب وق�ب��ول اآلخ��ر وال�ع�ن��ف ض��د امل ��رأة وال�ط�ف��ل وزواج‬ ‫املسيار والديمقراطية ومنع السينما وغيرها من القضايا»‪.‬‬

‫أزمة السينما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بولنديا‬ ‫ينقل املخرج السعودي عبد الله آل عياف أن صديقا‬ ‫اسمه كوبا ميكوردا وهو حاصل على الدكتوراه في الفلسفة‪،‬‬ ‫سأله ع��ن السعودية‪ ،‬فأخبره عنها وع��ن شعبها وعاداتها‬ ‫وتقاليدها‪ ..‬يقول آل العياف‪ :‬سألني‪ ،‬هل من املمكن تعطيني‬ ‫فيلما جيدا عن كل ذلك؟ فرددت‪ :‬سأهديك كتبا متخصصة!‬ ‫فقال‪ :‬ال أريد كتابا‪ ،‬فنحن في عصر الصورة‬ ‫وم��ا س��أق��رأه ف��ي أي ��ام أستطيع أن أش��اه��ده‬ ‫بعيني خالل دقائق‪.‬‬ ‫وهنا تبرز الخسارة املعرفية والثقافية في‬ ‫غياب أو تغييب السينما باعتبارها من أقوى‬ ‫الطرق لنشر الثقافة وتعزيزها في املجتمعات‬ ‫خاصة في عصر الصورة‪ .‬فالسينما ‪ -‬برأي‬ ‫الكاتب والروائي والسيناريست البحريني أمني‬ ‫ّ‬ ‫صالح ‪ -‬مكون رئيسي للمعرفة‪ ،‬وتعبير عن‬ ‫ال��روح الجمالية‪ .‬وأن مفهوم «السينما كوسط‬ ‫ترفيهي يسعى إل��ى إم�ت��اع املتفرج وتسليته»‬ ‫يتجاور مع مفهوم «السينما كنتاج فني يطرح‬ ‫الفنان من خالله رؤيته الفكرية والفلسفية عن‬ ‫ذاته وعامله»‪.‬‬ ‫في السعودية‪ً ،‬‬ ‫غالبا ما تبرز قضية السينما ‪-‬‬ ‫مثلها مثل الفنون األخرى ‪ -‬ضمن سياق الجدل‬ ‫بني التيارات الفكرية والدينية‪ ،‬حيث ال يزال هناك من‬ ‫ينظر للسينما على أنها ٌ‬ ‫«رجس من عمل الشيطان»‬ ‫تسعى من أجل تغريب املجتمع وتدمير بناه الثقافية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬فيما يراها آخرون ضرورة‪ ،‬كواحدة‬ ‫من أهم أدوات التعبير عن الرأي والتوجيه الفكري‬ ‫والتأثير في السلوك االجتماعي‪.‬‬ ‫وه��ي وسيلة إلنتاج ما يسميه الدكتور عبد الله‬ ‫ص��ادق دح�ـ�لان‪ ،‬الكاتب امل�ع��روف عضو مجلس‬ ‫الشورى السابق‪ ،‬بثقافة الشعب‪ ،‬فـ«دخول دور‬ ‫السينما للسوق السعودية سيسهم ف��ي نشر‬ ‫ث�ق��اف��ة ال�ش�ع��ب وس�ي�ع�م��ل ع�ل��ى ت��وج�ي��ه الشباب‬ ‫والشابات نحو الفكر اإلسالمي املعتدل وسيفتح‬ ‫أبوابا لنشر املعرفة ومعالجة قضايا اجتماعية‬ ‫هادفة»‪ .‬غير أن هذا الجدل يشهد تراجعا فهذا‬ ‫املحلية‪ّ ،‬قرب املسافة‬ ‫الحجم املتنامي من التجارب‬ ‫السينمائية ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منصبا على أصل السينما‪ ،‬وإنما‬ ‫كثيرا‪ ،‬فلم يعد الحديث اليوم‬ ‫على مضمونها‪ .‬يحدثنا بذلك الشاعر أحمد املال‪« :‬أصبحنا‬ ‫اليوم أقرب إلى التحاور بشأن املضامني‪ ،‬بعد أن انشغلنا مدة‬ ‫طويلة في مناقشة األساليب والوسائل‪ ،‬اليوم بات املثقفون‬ ‫أق��رب م��ا يمكن لكي يقسموا ال �ح��وار ب�ين سينما صالحة‪،‬‬ ‫وأخ ��رى ردي �ئ��ة‪ ،‬وب�ي�ن سينما ت�ق��وم ع�ل��ى ص�ن��اع��ة م�ت�ط��ورة‬ ‫نجاحا‪ً ،‬‬ ‫وأخرى لم تحقق ً‬ ‫تبعا للمضمون الذي تقدمه الصناعة‬ ‫السينمائية وليس املوقف (الكلي) من السينما»‪.‬‬ ‫والحظ املال‪ ،‬أن النقاش أثبت أن املجتمع متعدد حتى داخل‬ ‫ً‬ ‫اإلطار الواحد‪ ،‬فالفريق املؤيد للفن هو اآلخر بدأ مياال للتعبير‬ ‫ع��ن (م��ذاق��ات) متنوعة ت�ج��اه أش�ك��ال التعبير الفني ومنها‬ ‫السينما‪ .‬غياب السينما أص��اب ال��ذائ�ق��ة الجمالية للمجتمع‬ ‫بأسره‪ً ،‬‬ ‫تماما كغياب الفنون واملسرح‪ ،‬كله جعل الحياة أكثر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عبوسا‪ .‬وأغلق أبوابا واسعة للثقافة واملعرفة <‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪77‬‬

‫‪,,‬‬


‫هيفاء املنصور‬ ‫ال يمكن الحديث عن السينما السعودية‪ ،‬دون املرور بمحطة‬ ‫املخرجة هيفاء املنصور‪« :‬مواليد ‪ 10‬أغسطس (آب) ‪»1973‬‬ ‫وهي أول مخرجة سينمائية سعودية‪ ،‬تركت بصمة واضحة‬ ‫ً‬ ‫تحديدا‪.‬‬ ‫في السينما التي تتناول قضية املرأة‬ ‫وكان آخر أفالمها فيلم «وجدة» وهو من إخراجها وكتابتها‬ ‫ً‬ ‫أيضا صدر سنة ‪ .2012‬ويعتبر أول فيلم روائي طويل يتم‬ ‫تصويره بالكامل في السعودية‪ .‬وهو يتناول قضية‬ ‫املرأة بشكل رمزي‪ .‬وقد فاز ّ‬ ‫نص هذا الفيلم بجائزة‬ ‫ال�ش��اش��ة ف��ي م�ه��رج��ان أب��وظ�ب��ي السينمائي سنة‬ ‫‪.2009‬‬ ‫من أعمالها الفيلم الوثائقي «نساء بال ظل»‪ ،‬الذي‬ ‫ً‬ ‫أثار جدال ساخنا‪ ،‬وهو أول فيلم يعرض لها داخل‬ ‫السعودية (ع��رض في منزل القنصل الفرنسي‬ ‫ف��ي ج ��دة)‪ ،‬وي�ن��اق��ش ق�ض�ي��ة امل ��رأة ف��ي املجتمع‬ ‫السعودي‪ .‬كما قدمت قبله ثالثة أفالم سينمائية‬ ‫هي «م��ن؟»‪« ،‬الرحيل املر»‪ ،‬و«أنا واآلخ��ر»‪ ،‬الذي‬ ‫يعالج قضايا ال�ت�ع��دد ال�ف�ك��ري ف��ي السعودية‪،‬‬ ‫وحاز جائزتني دوليتني‪ :‬األول��ى جائزة «أفضل‬ ‫س �ي �ن��اري��و» ف��ي م�س��اب�ق��ة أف �ل�ام م��ن اإلم � ��ارات‬ ‫(م��ارس ‪ ،)2004‬والثانية ف��وزه بتنويه خاص‬ ‫في مهرجان روت��ردام للفيلم العربي بهولندا‬ ‫(يونيو (حزيران) ‪.)2004‬‬

‫تظاهرة السينما العربية بأمستردام في هولندا وفي األيام‬ ‫الثقافية السعودية بمصر في كل من القاهرة واإلسكندرية‪.‬‬

‫أحمد املال‬ ‫يعتبر الشاعر السعودي أحمد امل�لا‪« :‬م��ن مواليد األحساء‬ ‫ع��ام ‪ »1961‬من أكثر الحاملني ّ‬ ‫لهم السينما في السعودية‪،‬‬ ‫حيث عمل على توطني صناعة ّ‬ ‫الفن السابع وإيجاد حاضنات‬ ‫فنية ورسمية للمواهب الشابة في‬

‫قضية السينما‬

‫عبد الله آل عياف‬

‫‪76‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪,,‬‬

‫في السعودية‪ً ،‬‬ ‫غالبا ما تبرز‬ ‫قضية السينما ‪ -‬مثلها مثل‬ ‫الفنون األخرى ‪ -‬ضمن سياق‬ ‫الجدل بني التيارات الفكرية‬ ‫والدينية‪ ،‬حيث ال يزال هناك‬ ‫من ينظر للسينما على أنها‬ ‫ٌ‬ ‫«رجس من عمل الشيطان»‬

‫‪,,‬‬

‫م��ن أب ��رز ال��وج��وه ال�ش��اب��ة ال �ت��ي ح�م�ل��ت ه� ّ�م‬ ‫ال �س �ي �ن �م��ا ف ��ي ال� �س� �ع ��ودي ��ة‪ ،‬ي ��أت ��ي امل �خ��رج‬ ‫ال�س�ع��ودي عبد ال�ل��ه آل ع�ي��اف «ول��د ف��ي ‪31‬‬ ‫أكتوبر (تشرين األول) ‪ ،»1976‬قدم مجموعة‬ ‫أفالم بينها‪ :‬فيلم «السينما ‪ 500‬كم» الفائز‬ ‫بجائزة النخلة الذهبية ألفضل فيلم تسجيلي‬ ‫ م�س��اب�ق��ة أف�ل�ام ال �س �ع��ودي��ة ‪ ،2008‬وفيلم‬‫«إط� ��ار» ال�ح��ائ��ز ع�ل��ى ج��ائ��زة ل�ج�ن��ة التحكيم‬ ‫الخاصة بمسابقة أفالم من اإلم��ارات‪ ،‬القسم‬ ‫الخليجي ‪ .2007‬وفيلم «مطر» الفائز بجائزة‬ ‫النخلة الفضية للفيلم القصير ف��ي مسابقة‬ ‫أف�لام السعودية ‪ ،2008‬وفيلم «عايش» الفائز‬ ‫بجائزة أفضل فيلم قصير (املركز األول)‪ ،‬في‬ ‫م�ه��رج��ان الخليج السينمائي ‪ ،2010‬وج��ائ��زة املركز الثاني‬ ‫(ألف الفضية)‪ ،‬في مهرجان بيروت السينمائي الدولي ‪.2010‬‬ ‫ويختصر ملصق فيلم «السينما ‪ 500‬كم» للمخرج آل عياف‬ ‫قصة الشباب السعودي مع الفن السابع‪ .‬وك��ان ه��ذا الفيلم‬ ‫التسجيلي باكورة أعمال آل عياف‪ ،‬وهو يطرح فكرة جريئة‬ ‫تتمثل ف��ي مشكلة ال�ش�ب��اب ال�س�ع��ودي ال�ع��اش��ق للسينما‪..‬‬ ‫ويضع الفيلم عالمة استفهام حول عدم وجود صاالت عرض‬ ‫سينمائية بالبالد من خالل التعرض لرحلة شاب يهوى األفالم‬ ‫يضطر للسفر خارج البالد التي يحبها من أجل أن يحظى‬ ‫بتجربته األول��ى ف��ي مشاهدة فيلم ب��دار ع��رض سينمائي‪،‬‬ ‫واملثير أن هذا الشاب من محبي ومتابعي األفالم منذ سنوات‬ ‫عن طريق الفيديو والفضائيات مما جعل لهذه التجربة األثر‬ ‫الكبير عليه‪ .‬تم تصوير الفيلم في كل من الرياض والخبر‬ ‫والبحرين‪ ،‬وحظي بعرض ف��ي مسابقة أف�لام م��ن اإلم��ارات‬ ‫بأبوظبي وفي مهرجان بينالي السينما العربية بباريس وفي‬

‫التمثيل واإلخراج وكتابة السيناريو‪ .‬اشتغل أحمد املال على‬ ‫تنظيم مهرجان لألفالم السينمائية‪ ،‬تحت مظلة وزارة الثقافة‬ ‫واإلع�ل�ام ت��م خ�لال دورت�ي�ن ل��ه استقطاب ع�ش��رات التجارب‬ ‫ال�س�ي�ن�م��ائ�ي��ة‪ .‬ف��ي ال� ��دورة األول ��ى (‪ )2008‬ب�ل��غ ع��دد األف�ل�ام‬ ‫املشاركة نحو ‪ 58‬فيلما‪ .‬وفي الدورة الثانية (فبراير‪ /‬شباط‬ ‫‪ )2015‬بلغ عدد األفالم املشاركة ‪ 66‬فيلما‪ ،‬و‪ 34‬سيناريو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وك��ان الفتا حضور الفتيات السعوديات في هذه املسابقة‪،‬‬ ‫حيث حصلت ثالثة أعمال لشابات سعوديات على الجوائز‬ ‫وهو ما يمثل ‪ 25‬في املائة من جوائز املهرجان‪.‬‬ ‫شخص آخر يحمل ّ‬ ‫هم السينما في السعودية‪،‬‬ ‫ه��و امل�خ��رج السينمائي م�م��دوح س��ال��م امل�س��ؤول‬ ‫عن تنظيم مهرجان جدة للعروض املرئية‪ ،‬ولديه‬ ‫سجل من األع�م��ال بينها األف�ل�ام‪( :‬مهمة طفل)‪،‬‬ ‫و(ليلة البدر) و(انتماء)‪.‬‬ ‫شارك في تنظيم مهرجان جدة للعروض املرئية‪،‬‬ ‫على الساحل الغربي للسعودية ال��ذي أق��ام ثالث‬ ‫دورات على األقل ويبلغ عدد األف�لام املشاركة في‬ ‫املتوسط ‪ 70‬فيلما‪ ،‬روائية – وثائقية – وكرتونية‪.‬‬

‫ال توجد في السعودية صالة عرض سينمائية واحدة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫استهالكا ّ‬ ‫للفن‬ ‫لكن اململكة تعتبر م��ن أكثر ال��دول‬ ‫السابع س��واء عبر املشاهدة املنزلية‪ ،‬أو عبر السفر‬ ‫ً‬ ‫للدول املجاورة كالبحرين مثال ملتابعة آخر العروض‬ ‫السينمائية‪ .‬لكن السينما لم تكن غائبة في اململكة بهذا‬ ‫املعنى حتى مطلع العام ‪ 1980‬من القرن املاضي‪ ،‬فقد‬ ‫كانت تتخذ لها مكانا مهما في املدن الكبيرة كالظهران‬ ‫وجدة والطائف‪ ،‬وكان الناس يسيرون ببطء نحو دور‬ ‫السينما العفوية‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي كان أهالي الشرقية وخاصة موظفي‬ ‫ش ��رك ��ة أرام � �ك� ��و ي �ت �ع��رف��ون ع �ل��ى األف� �ل ��ام األج �ن �ب �ي��ة‬ ‫والبوليسية عبر صالتني للسينما ف��ي راس تنورة‬ ‫والظهران‪ ،‬عرف الناس في جدة وعلى امتداد سنوات‬ ‫طويلة تناهز األربعني ً‬ ‫عاما‪ ،‬العروض السينمائية التي‬ ‫كانت تقدم في أكثر من عشرة مواقع للعرض بعضها‬ ‫ال يتعدى أحواش أو صاالت وسط األحياء السكنية‪،‬‬ ‫وقيل بأن فؤاد جمجوم كان لديه محل خاص لتأجير‬ ‫أجهزة السينما في حي البغدادية سنة ‪.1960‬‬ ‫وح�ي�ن ان ��دث ��رت ص� ��االت ال �ع ��رض ال�س�ي�ن�م��ائ�ي��ة رغ ��م قلتها‬ ‫وبساطتها‪ ،‬ارت�ف��ع ف��ي ب��داي��ة الثمانينات بشكل (جنوني)‬ ‫مبيعات أفالم الفيديو العربية‪ ،‬وهي أفالم سينمائية مسجلة‬ ‫على أش��رط��ة‪ .‬وح�ين ع��رف ال�ن��اس أج�ه��زة االل�ت�ق��اط (ال��دش)‬ ‫كان السعوديون أكثر العرب إقباال على الصحون الالقطة‪،‬‬ ‫فأصبحت السينما اليوم ال تحضر في اململكة إال عبر القنوات‬ ‫الفضائية وأشرطة الفيديو وأقراص الكومبيوتر‪ ،‬وهي بحسب‬ ‫بعض ال�ت�ق��دي��رات م��ن أك�ب��ر األس ��واق استهالكا ل�لأف�لام في‬ ‫املنطقة العربية‪ ،‬في حني تستقبل البحرين نهاية األسبوع‬ ‫عددا كبيرا من الزائرين لالستمتاع بإنتاجات الفن السابع‪.‬‬ ‫ومع هذا االهتمام بالسينما برزت صناعة سينمائية سعودية‬ ‫وإن بشكل خجول‪ ،‬فلم يحتج الشباب السعوديون في طفرتهم‬ ‫نحو السينما سوى لبضعة برامج إلكترونية واتصال عبر‬ ‫الشبكة العنكبوتية لكي يلحقوا تجاربهم بركب الصناعة‬ ‫السينمائية في العالم‪ ،‬مستفيدين من تقنيات عصر الديجتال‬ ‫في التصوير واملونتاج واإلخراج وكذلك في املؤثرات البصرية‬


‫حققت بعض التجارب‬ ‫السينمائية السعودية‬ ‫ً‬ ‫نجاحا‪ ،‬يبرز من‬ ‫بينها فيلم هيفاء‬ ‫املنصور (نساء بال‬ ‫ظل)‪ ،‬وفيلمها األخير‬ ‫«وجدة»‪ .‬وكذلك فيلم‬ ‫عبد الله آل عياف في‬ ‫فيلمه (إطار) وفيلمه‬ ‫اآلخر (السينما ‪ 500‬كم)‬

‫‪,,‬‬

‫فيلمه «اغ�ت�ي��ال م��دي�ن��ة»‪ ،‬ت��م ع��رض الفيلم ع��ام ‪ 1977‬في‬ ‫مهرجان القاهرة السينمائي الثاني‪ ،‬وحصل على جائزة‬ ‫«نفرتيتي» ألحسن فيلم قصير‪ .‬سبقه الفيلم الوثائقي‬ ‫عن «تطور مدينة الرياض» وعرض سنة ‪ 1976‬في مؤتمر‬ ‫دول��ي أق�ي��م ف��ي مدينة «ف��ان�ك��وف��ر» ب�ك�ن��دا‪ ،‬وح�ص��ل الفيلم‬ ‫على شهادة تقدير خاصة من منظمة األمم املتحدة‪ .‬ومن‬ ‫أفالم املحيسن؛ فيلم «اإلسالم جسر املستقبل»‪ ،‬وهو فيلم‬ ‫تسجيلي أخرجه وأنتجه في عام ‪ ،1982‬وقد شارك املخرج‬ ‫بالفيلم في مهرجان القاهرة السادس ونال الجائزة الذهبية‪.‬‬ ‫وفيلم «الصدمة» عام ‪ .1991‬الذي تناول حرب الخليج الثانية‬ ‫واحتالل ثم تحرير الكويت‪.‬‬ ‫ويعتبر فيلم «ظ�لال الصمت»‪ ،‬سنة ‪ .2006‬أول فيلم روائي‬ ‫طويل للمخرج املحيسن‪ ،‬وه��و الفيلم ال��ذي اختارته اللجنة‬ ‫العليا ملهرجان روما السينمائي ضمن ‪ 15‬فيلما في املسابقة‬ ‫النهائية للتنافس على جوائز املهرجان‪ .‬وش��ارك الفيلم في‬ ‫مارس (آذار) ‪ 2007‬في مهرجان األفالم العربية في العاصمة‬ ‫اليابانية طوكيو‪ُ ،‬‬ ‫وعرض على هامش سوق الفيلم الدولي في‬ ‫الدورة األخيرة في مايو (أيار) ‪ 2006‬ملهرجان «كان»‪ ،‬واعتبره‬ ‫النقاد ن��واة لسينما سعودية متميزة‪ ،‬والفيلم ت��م تصويره‬ ‫في سوريا‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫هيفاء املنصور‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪75‬‬


‫رغم أسطورة «هوليوود» األميركية‪ ،‬فإن صناعة السينما الهندية تعتبر األكبر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سنويا‪.‬‬ ‫عامليا‪ ،‬فهناك في «بوليوود» يتم إنتاج ما بني ‪ 800‬إلى ‪ 1000‬فيلم‬ ‫بينما يصل إنتاج السينما األميركية نحو ‪ 650‬فيلما في السنة‪ .‬رغم أن‬ ‫ً‬ ‫تقدما في الدخل‪ ،‬حيث بلغ حجم صناعة السينما‬ ‫التقدم في اإلنتاج ال يوازيه‬ ‫الهندية عام ‪ 2012‬نحو ‪ 2.2‬مليار دوالر‪ ،‬مقارنة بنحو ‪ 9‬مليارات دوالر إيرادات‬ ‫السينما األميركية في العام ‪ .2014‬لكن أسطورة «هوليوود» التي يشاهد‬ ‫أفالمها اليوم أكثر من مليار نسمة فوق األرض‪ ،‬تنتسب في جزء كبير منها‬ ‫ّ‬ ‫إلى مهاجر سعودي ولد ونشأ هناك‪ ،‬وترك بصمة مؤثرة في مسيرة الفن‬ ‫واملسرح والسينما في ثاني أكبر دولة في العالم‪.‬‬

‫تجارب سينمائية سعودية تغزو العالم‬

‫السينما في السعودية‪ ..‬الرمز والقضية‬

‫إبراهيم القاضي ابن عنيزة الذي أصبح‬ ‫أحد صناع السينما واملسرح يف اهلند‬ ‫الرياض‪ :‬ميرزا الخويلدي‬ ‫إبراهيم بن حمد العلي القاضي أحد أبناء عنيزة في‬ ‫منطقة القصيم وسط اململكة تحديدا‪ ،‬الذي ولد ونشأ‬ ‫في الهند واعتبر أح��د كبار املخرجني املسرحيني‬

‫هناك‪.‬‬ ‫تعود قصة إبراهيم القاضي‪ ،‬ابن الرحالة التاجر الذي خرج‬ ‫من مدينة عنيزة‪ ،‬إلى مطلع القرن املاضي‪ ،‬حني هاجر والده‬ ‫من مدينته عنيزة في وس��ط السعودية‪ ،‬إل��ى ال�ق��ارة الهندية‪،‬‬ ‫حيث أرسله أعمامه إلى بومباي في الهند للبحث عن العمل‬ ‫واالستثمار‪ ،‬وبدأ حياته بالعمل لدى أحد أفراد عائلة البسام في‬ ‫تجارة الشاي قبل أن يشق طريقه في تجارة الشاي واألقمشة‬ ‫وغيرها‪ .‬وق��د استقر ف��ي الهند وفيها ول��د ابنه إبراهيم في‬ ‫مدينة «بونا» التي تبعد ما يقارب ‪ 150‬كيلومترا عن مدينة‬ ‫بومباي عام ‪.1925‬‬ ‫نشأ إبراهيم في مدينة بونا‪ ،‬ثم انتقل إلى بومباي للدراسة في‬ ‫كلية خافيير وفيها تعرف على سلطان بادامسي وهو أحد‬ ‫أساطير املسرح الهندي وكان هذا أحد أهم األسباب النخراط‬ ‫إب��راه�ي��م ف��ي م�ج��ال ال��درام��ا وامل�س��رح وم��ن ث��م ت��زوج إبراهيم‬ ‫بأخته‪.‬‬ ‫وفي العام ‪ 1947‬ذهب إلى إنجلترا لدراسة الفن‪ ،‬ودرس في‬ ‫األكاديمية امللكية للفنون املسرحية‪ ،‬حيث تلقى تدريبا في‬ ‫مسرح معترف به من قبل الجامعة البريطانية للعمل الدرامي‬ ‫ثم حصل على جائزة استحقاق من «بي بي سي» عام ‪.1950‬‬ ‫وجهت له وزارة التعليم الهندية دعوة لإلشراف على تأسيس‬

‫‪74‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫وإنشاء الكلية الوطنية للدراما التي أصبحت فيما بعد تقدم‬ ‫شهادات وتدريبا ملدة ثالث سنوات على مختلف فنون العمل‬ ‫املسرحي وجذبت طالبا من مختلف أنحاء العالم وساهم إنتاج‬ ‫الكلية في الثورة الثقافية في العاصمة دلهي وتأسيس مسرح‬ ‫وط�ن��ي حقيقي‪ .‬وحظيت مسرحياته بحضور شخصيات‬ ‫مجتمع بارزين أمثال رئيس الوزراء الهندي وزوار الدولة من‬ ‫رؤساء حكومات ومشاهير العالم‪ ،‬وقد أشرك كبار املمثلني‬ ‫الهنود في مسرحياته وبعضهم بدأ مسيرته من مسرحه‪.‬‬ ‫ويعود له الفضل في تأسيس أه��م حركة مسرحية عرفتها‬ ‫الهند‪ُ .‬ويعتبر امل��ؤس��س الحقيقي للمسرح الهندي بشكله‬ ‫األكاديمي الراقي املتطور‪ ،‬وعندما يذكر املسرح الهندي ِيرد‬ ‫اسم القاضي مباشرة على أذهان السامعني حيث ألف وأخرج‬ ‫أكثر من ‪ 50‬مسرحية لم يمل املشاهدون من حضورها ولم‬ ‫ينسوها رغم مرور الوقت‪ ،‬وقد تتلمذ على يديه أكبر املخرجني‬ ‫واملمثلني في الساحة الدرامية والسينمائية واملسرحية في‬ ‫الهند‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نجاحا ً‬ ‫باهرا في السينما‪ ،‬التي‬ ‫وكما نجح في املسرح‪ ،‬حقق‬ ‫انتقل إليها وق��د استحق إب��راه�ي��م القاضي ب�ج��دارة تبجيل‬ ‫العاملني في السينما الهندية «ب��ول�ي��وود» وتتلمذ بعض أهم‬ ‫ّرواد «بوليوود» على يديه حني دراستهم في مدرسة الدراما‬ ‫الوطنية التي أسسها وأدارها لخمسة عشر عاما‪.‬‬

‫ً‬ ‫في الغربة‪ ،‬والبعض اآلخر ما زال يحفر الصخر بأظافره إمعانا‬ ‫في اإلصرار على حق استخدام ّ‬ ‫الفن السابع كرافعة للتعبير‪.‬‬ ‫صالح فوزان‪ ،‬سعودي آخر «مواليد الرياض ‪ ،»1956‬اشتغل‬ ‫ب��اإلن�ت��اج السينمائي منذ منتصف الثمانينات حتى نهاية‬ ‫ً‬ ‫مخلفا نحو ‪ 34‬فيلما ً‬ ‫روائيا‬ ‫التسعينات من القرن املاضي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫طويال‪ .‬ونال أكثر من ‪ 30‬جائزة عربية ودولية أبرزها جائزة‬ ‫الشمال ل��دع��م أف�ل�ام الجنوب املقدمة م��ن امل��رك��ز السينمائي‬ ‫الفرنسي «ككاتب سيناريو»‪.‬‬ ‫وم��ن ه��ؤالء ال ��رواد عبد الله املحيسن «ول��د ف��ي مكة املكرمة‬ ‫عام ‪ »1947‬صاحب أول فيلم سعودي من إنتاج سينمائي‪،‬‬ ‫وهو الفيلم الوثائقي «اغتيال مدينة»‪ ،‬يعرف عبد الله املحيسن‬ ‫بشيخ السينمائيني السعوديني‪ ،‬وهو أول سعودي يتخصص‬ ‫في السينما‪ ،‬وأش��رف على إنتاج وإخ��راج ما يزيد على ‪212‬‬ ‫فيلما ناقشت مختلف القضايا اإلنسانية والوطنية والتنموية‬ ‫ب��رؤي��ة فنية م�ع��اص��رة‪ ،‬ك��ان م��ن بينها ثالثة أف�لام سياسية‬ ‫وثائقية‪ ،‬ابتدأت من فيلم «اغتيال مدينة»‪ )1977( ،‬الذي تناول‬ ‫نكبة بيروت في الحرب األهلية‪ً ،‬‬ ‫عبد الله املحيسن‬ ‫مرورا بفيلم «اإلسالم جسر‬ ‫املستقبل»‪ ،‬وصوال لفيلم «الصدمة» الذي يتناول غزو الكويت‬ ‫البصمة التي رسمها إبراهيم القاضي في السينما الهندية‪ .1990 ،‬انتهاء بالفيلم الروائي األخير «ظالل الصمت»‪ ،‬الذي‬ ‫تجد لها نماذج لسينمائيني سعوديني‪ ،‬بعضهم وجد طريقه يناقش قضية الصراع السياسي بني االستبداد والحرية‪.‬‬


‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫ضد فكرة االعتزال‪ .‬عملت مع عمالقة السينما فريد شوقي‬ ‫ورشدي أباظة وشادية وعادل إمام وغيرهم واستفدت منهم‪،‬‬ ‫لكنني أرى أن الجيل الجديد من الفنانني الشباب بارعون جدا‪،‬‬ ‫منهم‪ :‬أحمد حلمي وأحمد السقا وكريم عبد العزيز‪ ،‬وأحمد‬ ‫عز‪ ،‬ومنى زكي‪ ،‬ودنيا سمير غانم‪ ،‬وياسمني عبد العزيز‪ .‬ربما‬ ‫مشكلتي أنا وأبناء جيلي أننا اكتفينا من األدوار‪ ،‬فقد جسدنا‬ ‫كل أنواع الشخصيات‪ ،‬تعرض علي أعمال لكنني أراها غير‬ ‫مناسبة لتاريخي الفني‪ ،‬وحقيقة ال أعلم سر تجاهل كتاب‬ ‫السيناريو اآلن لكبار الفنانني ال بد من تناقل الخبرات بني‬ ‫األجيال كما تعلمنا نحن‪.‬‬ ‫> لديك شركة إنتاج سينمائي‪ ،‬فكيف ترى مستقبل‬ ‫السينما في ظل الظروف التي تمر بها مصر منذ عهد‬ ‫اإلخوان؟‬ ‫ أع�ت�ق��د أن �ه��ا س�ت�ق��ف م ��رة أخ ��رى ب�ف�ض��ل ج�ه��ود عدد‬‫كبير من الفنانني املخلصني لوطنهم الذين ينفقون‬ ‫م��ن جيوبهم للحفاظ على ه��ذه الصناعة‪ .‬ويجب‬ ‫أن نشكر الله على نعمة االس�ت�ق��رار التي حققها‬ ‫لنا الرئيس السيسي وحفاظه على هوية مصر‬ ‫التي أرادوا طمسها‪ .‬وعلينا أن نكون على يقني‬ ‫تام بأن مصر أقوى من اإلخوان واإلرهاب وحفنة‬ ‫امل �ت �ط��رف�ين‪ ،‬أن ��ا ع��اي�ش��ت م�ص��ر ت �ح��ت االح �ت�لال‬ ‫اإلنجليزي وأعلم جيدا قوة الشعب املصري الذي‬ ‫ي�ت�ح��دى أق�س��ى ال �ظ��روف‪ ،‬وأح��ب أن أؤك��د ل��ك أن‬ ‫اإلره ��اب ل��ن ي��ؤث��ر مطلقا على مصر ومصيره‬ ‫إلى زوال‪ ،‬وأقول لكل من يشارك في تلك األعمال‬ ‫اإلرهابية تجاه أبناء بلده‪ ،‬أنه ال يستحق العيش‬ ‫ب�ه��ا‪ ،‬جميعنا نعلم ح�ج��م امل��ؤام��رة ل�ك��ن مصر‬ ‫أقوى منها‪.‬‬ ‫> رغم أنك كنت في «فيكتوريا كوليدج»‬ ‫وربيت على النظام اإلنجليزي إال أنك لم‬ ‫تترك مصر مطلقا وكنت ممن قاوموا اإلنجليز؟‬ ‫ تعلمت العمل السياسي مبكرا أثناء املرحلة اإلعدادية على‬‫يد السياسي البارز «منصور حسن» زميلي في فيكتوريا‬ ‫كوليدج أيضا‪ ،‬كان يقرأ الجرائد ويتابع ما تفعله إنجلترا وكان‬ ‫يجتمع بنا ويحفزنا على نشر امللصقات املعادية لإلنجليز‬ ‫داخل املدرسة اإلنجليزية‪ ،‬مما أوقعه في مشكالت مع املدير‬ ‫اإلنجليزي أدت إلى رفته من املدرسة‪ ،‬رغم أن مناهج دراستنا‬ ‫كانت كالتي تدرس في كمبردج فإننا لم نتأثر ولم يحدث لنا‬ ‫غسيل مخ وظل انتماؤنا الوطني ملصر قويا‪.‬‬ ‫> هل كان لـ«فيكتوريا كوليدج» أثر على مسريتك‬ ‫الفنية؟‬ ‫ بالطبع‪ ،‬ولست أنا فقط فقد تخرج فيها أيضا يوسف شاهني‬‫وعمر الشريف وأحمد رم��زي وش��ادي عبد السالم وتوفيق‬ ‫صالح‪ .‬أذك��ر أن األس�ت��اذة اإلنجليز كانوا يدعوننا ملشاهدة‬ ‫األفالم العربية املأخوذة عن روايات أجنبية‪ .‬ومنها كان فيلم‬ ‫ليحيى ش��اه�ين وم��اج��دة ع��ن ج�ين آي��ر قصة إي�م��ي لوبرنتيه‬ ‫«مرتفعات وازرينج» كان اسمه «الغريب»‪ ،‬وكان زمان األفالم‬ ‫العربي عليها ترجمة فرنسي‪ .‬وكان يطلب مننا قراءة الرواية‬ ‫األصلية ومقارنة التغييرات التي تمت بها‪ ،‬فضال عن أنني كنت‬ ‫في جمعية التمثيل وكل أسبوع كنا نختار مسرحية ونمثلها‬ ‫أمام األساتذة وكان يشرف علينا ثالثة معلمني إنجليز أتذكر‬ ‫منهم مستر «هيل» شجعوني واكتشفوا موهبتي‪ .‬كان ملسرح‬ ‫فيكتوريا ك��ول�ي��دج ال ش��ك أث��ر ف��ي أن�ن��ي مثلت ع�ل��ى مسرح‬ ‫الجامعة‪ ،‬ثم لعبت أدوارا سينمائية مع العمالق فؤاد املهندس‪،‬‬

‫ومنها «أخطر رجل في العالم»‪ ،‬و«شنبو في املصيدة» ودور قامت ولم تقعد بسبب حلقتي التي سجلتها مع الفنانة فيفي‬ ‫في فيلم «اللص والكتاب»‪ ،‬وهو ما أفادني في حياتي العملية عبده التي قالت فيها إنها من قرية «ميت أب��و الكوم» القرية‬ ‫أن أعمل وأنا في سن مبكرة‪ ،‬بال شك تعليمي في فيكتوريا التي ول��د بها رئيس مصر وقتها ال�س��ادات‪ ،‬واعتقد البعض‬ ‫أن نظرتي للمخرج هي نظرة سخرية من الرئيس‪ ،‬مما دفع‬ ‫كان له الفضل في تكوين شخصيتي الفنية‪.‬‬ ‫> ربطتك عالقة قوية بالعندليب عبد الحليم حافظ‪ ،‬بوزير اإلعالم وقتها إلى إيقاف البرنامج‪ ،‬وصدمت في موقف‬ ‫زمالئي في البرنامج وقتها‪ ،‬ورغم أن الرئيس السادات أصدر‬ ‫وظلت حتى وفاته‪ ،‬هل تحدثنا عنها وكيف بدأت؟‬ ‫ بدأت عالقتي به عندما انتقلت مع والدي للعيش في الزمالك قرارا جمهوريا بعودة «النادي الدولي» فإنني لم أستطع دخول‬‫بعد انفصاله عن أمي‪ ،‬كان عمري وقتها ‪ 9‬سنوات ووجدت ماسبيرو مرة أخرى إال بعد عام كامل بسبب صدمتي‪.‬‬ ‫نفسي أقطن في نفس العقار ال��ذي يقطن به العندليب‪ ،‬كنا > حياتك الشخصية بعيدة جدا عن األضواء‪ ،‬ملاذا؟‬ ‫نقطن أس�ف��ل الطابق ال��ذي يقطنه عبد الحليم وك�ن��ت يوميا ‪ -‬ك�ن��ت أف�ض��ل ال�ع�م��ل ع��ن ال�ت�ح��دث ع��ن ح�ي��ات��ي الشخصية‪،‬‬ ‫أنتظره ف��ي «ال�ش��رف��ة» حتى أراه وه��و ي��دخ��ل ال�ع�م��ارة ليأخذ والدي كان لواء في الجيش املصري تعلمت منه الحزم والدقة‬ ‫األسانسير‪ ،‬كنت أنزل فورا حتى أمر أمامه على السلم وأتحدث وال�ن�ظ��ام وأي�ض��ا ح��ب ال�ح�ي��اة‪ .‬ت��زوج��ت م��رة واح ��دة فقط من‬ ‫معه وحتى علشان ألفت نظره أقنعته أنني أميركي الجنسية سيدة إنجليزية تدعى «مورين» كانت تعيش في مدينتي التي‬ ‫واسمي «بيتر» وظللنا سنة على هذا الحال وطلبت منه حضور ولدت فيها اإلسكندرية‪ ،‬كنت أدرس في قسم اللغة اإلنجليزية‬ ‫في كلية اآلداب بجامعة اإلسكندرية‪ ،‬وكان أستاذي آيرلندي‬ ‫الجنسية طلب مني أن أعمل معلما في‬ ‫كلية البنات اإلنجليزية وبالفعل عملت‬ ‫مل ��دة ش �ه��ر‪ ،‬ل�ك�ن�ن��ي ل ��م أح ��ب ال �ت��دري��س‬ ‫وف��ي ي��وم طلب مني أن أتحدث لصديقة‬ ‫ص��دي�ق�ت��ه ألخ�ب��ره��ا ب��أن��ه ي �ن��وي م �غ��ادرة‬ ‫م�ص��ر ن�ه��ائ�ي��ا‪ ،‬وك��ان��ت زوج �ت��ي م��وري��ن‬ ‫رحمها الله هي الوسيط بيننا‪ ،‬ثم نشأت‬ ‫ب�ي�ن��ي وب�ي�ن�ه��ا ق �ص��ة ح ��ب وك� ��ان ع�م��ري‬ ‫وقتها ‪ 19‬سنة‪ ،‬وكنت أدرس في الجامعة‬ ‫وأع� �م ��ل ف ��ي اإلذاع � � ��ة امل �ص��ري��ة ف ��ي إذاع ��ة‬ ‫الشرق األوسط والبرنامج األوروبي‪ ،‬أنهيت‬ ‫دراس �ت��ي وت��زوج��ت ب�ه��ا س ��را‪ ،‬وب�ع��د أرب��ع‬ ‫تكريم نوادي الليونز‬ ‫سنوات من الزواج انفصلنا بسبب شغفي‬ ‫للفنان سمير صبري‬ ‫الشديد بالفن‪ ،‬فأخذت ج�لال وس��اف��رت به‬ ‫باعتباره عضوا مميزا‬ ‫إلى لندن واستقرا هناك‪ .‬وكنت أزورهما من‬ ‫وقت آلخر حتى توفاها الله‪.‬‬ ‫> ومل � ��اذا ل ��م ت �ت ��زوج م ��رة أخ � ��رى‪ ،‬هل‬ ‫تعتقد أن الفن والزواج ال يتفقان؟‬ ‫برنامج «ماسبيرو» تتويج‬ ‫ فعال الفن والزواج ال يتفقان إال إذا تنازلت زوجة الفنان عن‬‫الكثير من حقوقها وتفهمت حياة الفنان وشواغله‪.‬‬ ‫ملسيرة ‪ 40‬سنة من الذكريات‬ ‫> لكنك أعلنت مؤخرا في حوار لك مع اإلعالمي مفيد‬ ‫والحكايات التي عاصرتها مع فوزي عن احتفاظك بدبلة خطوبة الفنانة سماح أنور؟‬ ‫فلماذا لم يتم الزواج؟‬ ‫نجوم الفن والثقافة واإلعالم‬ ‫ أحببت الفنانة سماح أنور حبا حقيقيا نما خالل تعاوننا معا‬‫في عدد من األفالم‪ ،‬لكن فارق السن كان يمنع أن ينتهي الحب‬ ‫بزواج‪ ،‬فقد كان الفارق تقريبا ‪ 20‬سنة‪ ،‬وكنت قد شاهدت في‬ ‫تصوير أحد أفالمه‪ .‬وقد صدق ذلك لطالقتي في اإلنجليزية‪ .‬الوسط الفني كيف أن فارق السن عامل في فشل الزواج وألنني‬ ‫عندها «زوغت» هربت من املدرسة وحضرت تصوير الفيلم ال أقبل الفشل على املستوى الشخصي أو العملي ففضلت أن‬ ‫وفي الوقت دا كنت أمثل مسرحيات املدرسة‪ .‬وبالطبع حصلت يتحول الحب إلى صداقة‪ ،‬وهي ما زالت مستمرة حتى اآلن‪.‬‬ ‫على عقاب كتابة جملة «مش حعمل كده تاني» ‪ 100‬مرة‪.‬‬ ‫> كيف تقضي وقتك عموما‪ ،‬وفي رمضان وهل تتابع‬ ‫التي‬ ‫> أنت تعشق التفاؤل فما هي أصعب املواقف‬ ‫األعمال الفنية التي تعرض فيه؟‬ ‫واجهتك في حياتك؟‬ ‫ ع��ودت نفسي ف��ي رم�ض��ان على االن�ف�ص��ال روح��ان�ي��ا عن‬‫األصدقاء‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫فقدان‬ ‫بسبب‬ ‫كثيرة‬ ‫ أصبحت تلك املواقف‬‫ش��واغ��ل العمل وع ��ادة أف�ض��ل ع��دم متابعة م��اراث��ون ال��درام��ا‬ ‫اآلخر‪،‬‬ ‫تلو‬ ‫الواحد‬ ‫يتساقطون‬ ‫أنهم‬ ‫أشعر‬ ‫ورحيلهم عن الحياة‬ ‫وأفضل أن أكون مع الله‪ .‬وعموما أفضل دوما القراءة واالستماع‬ ‫معرفتي‬ ‫هو‬ ‫موقف‬ ‫أصعب‬ ‫فكان‬ ‫العملي‬ ‫أم��ا على املستوى‬ ‫للموسيقى أنا مرتبط موسيقيا بأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد‬ ‫أثناء‬ ‫السادات‬ ‫عهد‬ ‫في‬ ‫الدولي»‬ ‫«النادي‬ ‫برنامجي‬ ‫خبر إيقاف‬ ‫الحليم حافظ وأشعر أنهم فعال الزمن الجميل‪ .‬وأحرص جدا‬ ‫بالصدفة‬ ‫التقيت‬ ‫حيث‬ ‫لندن‪،‬‬ ‫في‬ ‫يسرا‬ ‫مع‬ ‫مسلسل‬ ‫تصويري‬ ‫على ممارسة الرياضة يوميا‪ ،‬ووقتي مخصص ألصدقائي‬ ‫ملصر‬ ‫بالعودة‬ ‫ونصحني‬ ‫بذلك‬ ‫يخبرني‬ ‫ووجدته‬ ‫أمني‬ ‫مصطفى‬ ‫وزم�لائ��ي ف��ي العمل ول �ق��اءات زم�ل�اء ال��دراس��ة ف��ي فيكتوريا‬ ‫الدنيا‬ ‫ووجدت‬ ‫عدت‪،‬‬ ‫بالفعل‬ ‫ظهري‪،‬‬ ‫في‬ ‫طعنني‬ ‫من‬ ‫ومواجهة‬ ‫كوليدج‪ ،‬واألعمال الخيرية والتطوعية مع نادي الليونز <‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪73‬‬


‫الفنان سمير صبري‬

‫ً‬ ‫‪ :‬أنا ضد االعتزال‪ ..‬وكنت أول من أجرى حديثا مع السلطان قابوس‬

‫قال لـ‬

‫سمير صبري‪ :‬تعلمت السياسة وقاومت اإلنجليز في «فيكتوريا كوليدج»‬ ‫القاهرة‪ :‬داليا عاصم‬ ‫ف�ن��ان م�ت�ع��دد امل��واه��ب ق��دم للسينما امل�ص��ري��ة ما‬ ‫ي��زي��د ع�ل��ى ‪ 140‬ف�ي�ل�م��ا‪ ،‬ت�ن��وع��ت م��ا ب�ي�ن األك�ش��ن‬ ‫وال��روم��ان�س�ي��ة وال�ك��وم�ي��دي��ة واالس�ت�ع��راض�ي��ة‪ ،‬وهو‬ ‫محاور ب��ارع‪ ،‬فهو أحد أبزر اإلعالميني في تاريخ التلفزيون‬ ‫املصري واإلذاعة أيضا‪ .‬ترك رصيدا من البرامج التي ال تنسى‪،‬‬ ‫منها «النادي الدولي»‪ ،‬و«هذا املساء»‪ ،‬و«بدون كالم»‪ ،‬وأشهرها‬ ‫مؤخرا «لغز مقتل السندريال» سعاد حسني‪ .‬قدم الفوازير‬ ‫وم�س��رح�ي��ات غ�ن��ائ�ي��ة اس�ت�ع��راض�ي��ة‪ ،‬ول��ه رص�ي��د ض�خ��م من‬ ‫املسلسالت التلفزيونية‪ .‬ولد سمير صبري في ‪ 26‬ديسمبر‬ ‫(كانون األول) بمدينة اإلسكندرية ألسرة أرستقراطية‪ ،‬دخل‬ ‫عالم الفن في سن الطفولة وربطته صداقة بنجوم السينما‬ ‫املصرية جميعا نظرا للباقته وخفة ظله‪ ..‬دقيق في مواعيده‬

‫‪72‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫يحافظ على أسلوب حياة رياضي‪ ،‬ما زال يتمتع بخفة الظل‬ ‫وال يحرم املتصلني به منها‪ ،‬حيث تفاجأ به مقلدا صوت براد‬ ‫بيت يتحدث عن تبنيه هو وأنجلينا جولي لألطفال‪ ،‬يؤمن‬ ‫بأن الفنان نبع عطاء طول عمره لذا لم يتردد في قبول فيلم‬ ‫«بتوقيت ال�ق��اه��رة»‪ ،‬كما ع��اد ل�لإع�لام ببرنامج «ماسبيرو»‬ ‫ليروى ذكرياته‪ ،‬فإلى نص الحوار‪:‬‬ ‫> مل��اذا العودة اآلن إلى برامج التلفزيون مرة أخرى‬ ‫ببرنامج «ماسبيرو»؟‬ ‫ التلفزيون أو «الشاشة الصغيرة» بالنسبة لي طفلي الصغير‬‫املدلل‪ ،‬تربطني به ذكريات ال تنسى‪ ،‬منذ أن قدمت فيه برنامج‬ ‫«ال�ن��ادي ال��دول��ي» بعد أن انتقلت به من اإلذاع��ة‪ ،‬حقق لي هذا‬ ‫البرنامج ق��درا كبيرا من النجاح وأجريت فيه لقاءات مع أهم‬ ‫نجوم الفن في مصر‪ .‬وكنت أول من ذهب لخط بارليف وأول‬ ‫من أجرى حديثا مع السلطان قابوس وسجلت آخر سفرة ألم‬ ‫كلثوم في املطار‪ ،‬والتقيت الشاعر أحمد رامي والكاتب توفيق‬

‫الحكيم والكاتب فكري أباظة والكاتب يوسف إدريس وعميد‬ ‫املسرح يوسف وهبي وسيدة الشاشة فاتن حمامة وغيرهم‪.‬‬ ‫وأعتقد أنني أكثر من يعرف قيمة تراث ماسبيرو وضرورة‬ ‫االستفادة به اآلن وتعريف األجيال الجديدة به‪ .‬جاءت فكرة‬ ‫برنامج «ماسبيرو» لتسليط الضوء على ما يحتويه ماسبيرو‬ ‫من تراث نادر‪ .‬واخترت اسم «ماسبيرو» للبرنامج ليعبر عن‬ ‫طبيعته وفقراته التي تعرض روائع ما تتضمنه مكتبة التراث‬ ‫بماسبيرو‪ .‬وأعتبره تتويجا ملسيرة ‪ 40‬سنة من الذكريات‬ ‫والحكايات التي عاصرتها مع نجوم الفن والثقافة واإلعالم‪.‬‬ ‫> ع ��اودت أي�ض��ا ن�ش��اط��ك السينمائي وق��دم��ت فيلم‬ ‫«بتوقيت القاهرة» بعد انقطاع عن السينما‪ ،‬فهل هناك‬ ‫املزيد من األفالم؟‬ ‫ إذا وجدت شخصية تستفزني كما حدث في فيلم «بتوقيت‬‫القاهرة» لن أتردد في تجسيدها‪ ،‬الفنان كالنهر يجب أال يتوقف‬ ‫فهو نبع عطاء ال بد أال يبخل بخبرته عن األجيال الالحقة‪ ،‬أنا‬


‫يحاوالن التعافي من اإلدمان‪ .‬ويحظى مسلسل «حالة‬ ‫عشق» للفنانة مي عز الدين بمتابعة جيدة خاصة‬ ‫أنه ي��دور في إط��ار قصة حب رومانسية بني مذيعة‬ ‫في إحدى املحطات اﻹذاعية تنتمي في األصل لعائلة‬ ‫ارستقراطية ولكنها تعيش اآلن في حارة شعبية‪،‬‬ ‫وب�ي�ن ش ��اب ي��زام�ل�ه��ا ف��ي ال�ع�م��ل ف��ي ن�ف��س املحطة‬ ‫اإلذاع �ي��ة (ح ��ازم س�م�ي��ر)‪ ،‬ت �ت��زوج وال��دت�ه��ا الفنانة‬ ‫(ب��وس��ي) ب��رج��ل غني ينقل األس ��رة إل��ى مستوى‬ ‫آخ��ر وم��ا يستتبعه ذل��ك من تحوالت درام�ي��ة‪ .‬وقد‬ ‫عادت الفنانة بوسي من خالل هذا العمل بعد غياب‬ ‫سنوات طويلة عن الدراما‪.‬‬

‫نجوم السينما‬ ‫ينافس نجم الكوميديا والسينما عادل إمام‬ ‫بقوة بمسلسله «أستاذ ورئيس قسم» حيث‬ ‫ي�ت�ن��اول العمل ح�ي��اة أس�ت��اذ جامعي منخرط‬ ‫في الحياة السياسية‪ ،‬ويلقي الضوء على ثورة‬ ‫يناير مسلطا الضوء على فساد نظام مبارك‪،‬‬ ‫ويعيد املسلسل النجمة اإلعالمية نجوى إبراهيم‬ ‫إلى الدراما بعد غياب خمس سنوات‪.‬‬ ‫في حني لم يحظ مسلسل نجم السينما املصرية‬ ‫حسن يوسف «دنيا جديدة» بالدعاية الكافية‪،‬‬ ‫وال ��ذي ي�ش��ارك��ه ف�ي��ه ن�ج��م امل �س��رح أح�م��د ب��دي��ر‪،‬‬ ‫وي �ن��اق��ش أح � ��وال امل�ج�ت�م��ع امل �ص��ري ف��ي ال�ف�ت��رة‬ ‫األخيرة والتحوالت التي طرأت عليه‪.‬‬ ‫وتشتعل املنافسة بني نجوم السينما الشباب على‬ ‫رأسهم أحمد السقا ببطولة «ذهاب وع��ودة» الذي‬ ‫فاجأ جمهوره ب��أداء تمثيلي احترافي مغاير عن‬ ‫أفالمه ويتناول املسلسل قضية االتجار بالبشر‬ ‫واألع �ض��اء ال�ب�ش��ري��ة‪ .‬ي�ن��اف�س��ه ال�ن�ج��م ك��ري��م عبد‬ ‫العزيز بمسلسل «وش تاني» الذي فاجأ جمهوره‬ ‫بجرأة الدور الذي يقدمه بخالف أدواره السينمائية‬ ‫التي تندرج تحت اسم «السينما النظيفة»‪.‬‬ ‫وتعود النجمة منى زكي ألدوار البطولة الجماعية‬ ‫في مسلسل «استيفا» مع هند صبري وباسم‬ ‫السمرة وخالد النبوي وخالد الصاوي وعمرو‬ ‫ي��وس��ف‪ ،‬وت��دور أح��داث املسلسل ف��ي إط��ار من‬ ‫اإلث� ��ارة وال�غ�م��وض ح��ول ض��اب��ط ش��رط��ة يقوم‬ ‫بالتحقيق في مجموعة من الجرائم للوصول‬ ‫للجاني‪ ،‬املسلسل مكون من ‪ 30‬حلقة منفصلة‬ ‫وكل حلقتني تدوران حول جريمة واحدة‪.‬‬ ‫ويتألق النجم طارق لطفي في أول بطولة مطلقة‬ ‫له في مسلسل «بعد البداية» بعد مشوار فني‬ ‫طويل‪ ،‬ويلعب الفنان األردن��ي إي��اد نصار دور‬ ‫البطولة ف��ي مسلسل «ح��ارة اليهود» أم��ام منة‬ ‫شلبي‪ ،‬مجسدا شخصية ضابط مصري مسلم يحب فتاة‬ ‫يهودية يواجهان رف��ض املجتمع وظ��روف ال�ح��رب وتنتهي‬ ‫قصتهما بنهاية م��أس��اوي��ة‪ .‬ويتألق الفنان أمير ك��رارة في‬ ‫السباق الرمضاني ببطولته ملسلسل «حواري بوخارست»‬ ‫مع الفنانة عال غانم‪ ،‬وبدوره في مسلسل «ألف ليلة وليلة»‪،‬‬ ‫بينما يلعب عمرو يوسف بطولة مسلسل «ظ��رف أس��ود»‬ ‫مع الفنانة التونسية درة‪ ،‬التي تلعب أيضا دور البطولة في‬ ‫مسلسل «بعد البداية» مع طارق لطفي‪.‬‬ ‫ويواجه مسلسل «الكابوس» للفنانة غادة عبد الرازق منافسة‬

‫الدراما؛ حيث تتألق النجمة واملطربة املصرية‬ ‫شيرين عبد الوهاب في أول مسلسل لها في‬ ‫دور «دليلة» بمسلسل «طريقي» أمام النجمة‬ ‫س��وس��ن ب ��در وامل �ط��رب أح �م��د ف�ه�م��ي‪ ،‬وت ��دور‬ ‫قصته التي كتبها السيناريست الشهير تامر‬ ‫حبيب حول فتاة ّ‬ ‫تحب الفن وتكافح للوصول‬ ‫وت��واج��ه صعوبات لتتغلب عليها وتصل إلى‬ ‫النجاح والشهر‪ .‬كذلك يخوض النجم اللبناني‬ ‫ع��اص��ي ال�ح�لان��ي س�ب��اق ال��درام��ا ألول م��رة في‬ ‫مسلسل «العراب»‪ ،‬كما يخوض املطرب املصري‬ ‫حمادة هالل أولى تجاربه التمثيلية على شاشة‬ ‫التلفزيون في مسلسل «ولي العهد» مع الفنانة‬ ‫لوسي‪ .‬وتعود هيفاء وهبي لتطل مرة أخرى في‬ ‫رم�ض��ان ب��درام��ا رومانسية «م��ري��م» أم��ام النجم‬ ‫املصري خالد النبوي‪ ،‬في تجربة يبدو أنها تمثل‬ ‫ب��داي��ة ن�ض��ج ف�ن��ي ل�ه�ي�ف��اء ع�ل��ى م�س�ت��وى التمثيل‬ ‫واألداء‪ .‬كما يشارك املطرب خالد سليم في ثالث‬ ‫تجاربه الدرامية في بطولة مسلسل «بعد البداية»‬ ‫مع طارق لطفي ودرة‪.‬‬

‫النجم عادل إمام في مشهد من مسلسل «أستاذ ورئيس قسم»‬

‫نجوم غائبون عن الشاشة‬

‫أمير كرارة بطل مسلسل «حواري بوخارست» مع دينا وزينة‬

‫غاب النجم يحيى الفخراني عن الدراما التلفزيونية‬ ‫هذا العام‪ ،‬واكتفى بأدائه الصوتي في مسلسل‬ ‫كرتوني لألطفال «قصص اآلي��ات في ال�ق��رآن»‪،‬‬ ‫وعبر األثير بمسلسل «أح�لام شهرزاد»‪ ،‬وهو‬ ‫قصة األديب طه حسني وسيناريو مليس جابر‬ ‫وإخ��راج حسني إبراهيم‪ ،‬ويشارك في بطولته‬ ‫ح �ن��ان م �ط��اوع وأح �م��د ب��دي��ر وم�ح�م��د متولي‬ ‫ومحمد ال�ص��اوي‪ .‬كذلك غ��اب نجم الكوميديا‬ ‫محمد هنيدي عن مسلسالت رمضان مكتفيا‬ ‫بمسلسل إذاع ��ي «ي�خ�ل��ق م��ن ال�ش�ب��ه أرب �ع�ين»‪،‬‬ ‫وك��ذل��ك ال�ن�ج��م أش ��رف ع�ب��د ال�ب��اق��ي ال ��ذي يقدم‬ ‫م�س�ل�س�لا إذاع �ي ��ا ب��اس��م «امل �س �ي �ح��ات��ي»‪ ،‬ك��ذل��ك‬ ‫غابت النجمتني يسرا وإلهام شاهني عن الدراما‬ ‫الرمضانية هذا العام‪.‬‬

‫موجة تهديدات بوقف العرض‬

‫من مسلسل «حارة اليهود» بطولة إياد نصار ومنة شلبي‬

‫قوية تزعزع تربعها على ع��رش ال��درام��ا السنوات املاضية‪،‬‬ ‫وتدور أحداثه في سياق مختلف تماما عن أعمالها املاضية‪،‬‬ ‫وهو يحكي قصة امرأة تعيش في حي شعبي‪ ،‬وتفقد ابنها‬ ‫فجأة‪ ،‬وه��و ما يسبب لها ع� ً‬ ‫�ددا من املشكالت والتعقيدات‬ ‫ُ‬ ‫التي تدخلها ص��راع��ات طويلة وكثيرة على ام�ت��داد حلقات‬ ‫املسلسل‪.‬‬

‫أهل الطرب ينافسون أبطال الدراما‬ ‫ويشهد رمضان هذا العام خوض نجوم الطرب والغناء لعالم‬

‫مع عرض الحلقات األول��ى من املسلسالت‪ ،‬ظهرت‬ ‫في األفق تهديدات لعدد منها بوقف عرضها‪ ،‬على‬ ‫رأس �ه��ا ت�ه��دي��د رئ�ي�س��ة ال�ط��ائ�ف��ة ال�ي�ه��ودي��ة املصرية‬ ‫ماجدة ه��ارون بمقاضاة مسلسل «ح��ارة اليهود»‬ ‫إذا ما وجدت مزيدا من املغالطات الدينية واالجتماعية‬ ‫تخص يهود مصر تحت اسم «ازدراء األدي��ان» وبدأت‬ ‫تحصي املغالطات على صفحتها على موقع «فيسبوك»‪ ،‬حيث‬ ‫تدور أح��داث املسلسل في فترة زمنية حرجة من ‪ 1948‬إلى‬ ‫ع��ام ‪ 1956‬ح��ول حياة اليهود ف��ي تلك الفترة وتفاعلهم مع‬ ‫املجتمع املصري وردود فعلهم تجاه حرب فلسطني وما بعدها‪،‬‬ ‫ونظرة املجتمع املصري لهم‪ .‬كما وجهت هيئة علماء مصر‬ ‫انتقادات حادة ملسلسل النجم عادل إمام وطالبت قناة ‪MBC‬‬ ‫بوقف عرضه‪ ،‬نظرا العتراضهم على تشويه صورة األستاذ‬ ‫الجامعي في املسلسل بتردده على املالهي الليلية ومرافقه‬ ‫النساء ووصل األمر لرفع دعوى قضائية ضد العمل<‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪71‬‬


‫حالة من التنافس الحاد يشهدها‬ ‫سباق الدراما الرمضانية هذا العام‬ ‫بني النجوم وبني القنوات الفضائية‬ ‫وظهرت آثارها على الشوارع‬ ‫والطرق املصرية والعواصم العربية‬ ‫بكم هائل من الدعاية للمسلسالت‬ ‫وأبطالها أغرقت الكباري والطرق‬ ‫الرئيسية والصحراوية أيضا‪،‬‬ ‫بسبب التنوع الكبير الذي تشهده‬ ‫مسلسالت رمضان ‪2015‬؛ ما بني‬ ‫البطوالت الجماعية واملسلسالت‬ ‫الكوميدية واألكشن والبوليسية‬ ‫والرومانسية والفانتازيا‪.‬‬ ‫وتحفل الخريطة الدرامية لهذا‬ ‫العام بأكثر من ‪ 30‬مسلسال لكن من‬ ‫املالحظ عليها اختفاء املسلسالت‬ ‫التاريخية والدينية والست كوم‬ ‫لهذا املوسم‪ .‬وقد أثار عدد كبير من‬ ‫األعمال استياء وغضب الجمهور‬ ‫العربي بسبب عدم مالءمة املحتوى‬ ‫واملبالغة في مشاهد العري واأللفاظ‬ ‫الخارجة التي تتفاقم عاما بعد عام‪.‬‬

‫صورة دعائية لحلقات «ألف ليلة‬ ‫وليلة» على حافلة في الجزائر‬

‫رئيسة الطائفة اليهودية املصرية تهدد بمقاضاة مسلسل «حارة اليهود»‬

‫صناع الدراما املصرية يغرقون شوارع العواصم العربية‬ ‫بكم هائل من الدعاية ملسلسالتهم‬

‫القاهرة‪ :‬داليا عاصم‬ ‫ي�ب��دو ف��ي م�ق��دم��ة امل��اراث��ون ال��رم�ض��ان��ي مسلسلي‬ ‫«ألف ليلة وليلة» بطولة شريف منير ونيكول سابا‪،‬‬ ‫ومسلسل «ال�ع�ه��د» ال��ذي ينافسه باعتباره العمل‬ ‫الثالث للثنائي خالد مرعي ومحمد أمني راضي‪ ،‬كمخرج وكاتب‬ ‫سيناريو ويلعب بطولته عدد كبير من النجوم املصريني منهم‪:‬‬ ‫غادة عادل‪ ،‬وآسر ياسني‪ ،‬بوجودهما في منطقة خاصة تندرج‬ ‫تحت اسم الدراما الكالسيكية بتقنيات غرافيكية حديثة مبهرة‬ ‫أضفت على العملني تشويقا ومتعة بصرية للمشاهدين‪.‬‬ ‫لهفة‬ ‫ويحظى املسلسل الكوميدي «لهفة» للفنانة دنيا سمير غانم‬

‫‪70‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫بنسبة م�ش��اه��دة ع��ال�ي��ة ب ��دأت م��ؤش��رات�ه��ا م��ع إط�ل�اق ب��روم��و‬ ‫املسلسل عبر «ي��وت �ي��وب»‪ ،‬وي�ش��ارك�ه��ا بطولته وال��ده��ا نجم‬ ‫الكوميديا سمير غانم‪ ،‬وشقيقتها إيمي‪ ،‬ويطل فيه عدد ضخم‬ ‫من الفنانني املصريني الذي تلتقي بهم «لهفة» في سيبل سعيها‬ ‫للنجومية واقتحام عالم الفن‪.‬‬ ‫ويعتبر دور «لهفة» أول بطولة تلفزيونية مطلقة لدنيا التي‬ ‫انفصلت للمرة األولى عن النجم أحمد مكي بعد أربع سنوات‬ ‫من مشاركته بطولة املسلسل الكوميدي الناجح «الكبير أوي»‪،‬‬ ‫ويضعها في موضع مقارنة صعبة معه خاصة أن املسلسل‬ ‫ب�ن��اؤه ال��درام��ي ضعيف ويعتمد على ت�ك��رار امل��واق��ف‪ ،‬بينما‬ ‫يقدم أحمد مكي في الجزء الخامس من «الكبير أوي» عددا‬ ‫إضافيا م��ن الشخصيات يجسدها ه��و أي�ض��ا مستعرضا‬ ‫مهارات تمثيلية جديدة‪ .‬وفي تجربة ليست بالجديدة للنجمتني‬

‫فيفي عبده وسمية خشاب‪ ،‬تتشاركان البطولة في املسلسل‬ ‫الكوميدي «يا أنا يا أنتي»‪.‬‬ ‫وتدخل مضمار الكوميديا التلفزيونية الفنانة داليا البحيري‬ ‫بمسلسل «يوميات زوجة مفروسة»‪ ،‬وتخوض املطربة والفنانة‬ ‫مي كساب تجربة جريئة حيث تلعب بطولة مطلقة في «ملا تامر‬ ‫ساب شوقية» بعد اعتذار أحمد الفيشاوي‪.‬‬

‫تحت السيطرة‬ ‫وي��راه��ن ع ��دد ك�ب�ي��ر م��ن امل �ش��اه��دي��ن ع�ل��ى م�س�ل�س��ل «ت�ح��ت‬ ‫ال�س�ي�ط��رة» للنجمة نيللي ك��ري��م ال�ت��ي سطع نجمها وبهرت‬ ‫الجمهور بأدائها وتمثيلها الرائع خالل العامني املاضيني في‬ ‫مسلسلي «ذات»‪ ،‬و«سجن النسا»‪ .‬تدور قصته حول زوجني‬


‫الحالي‪ ،‬خصوصا مع تيارات التواصل االجتماعي‬ ‫ال�ج��ارف��ة‪ ،‬أم أنكم تعملون على بناء ق��اع��دة ثقافية‬ ‫تريدونها مرجعا تاريخيا للباحثني في املستقبل؟‬ ‫ إيماننا بما نقوم به راس��خ ونجني نتائجه‪ ،‬وف��ي ال��دورة‬‫التي أقمناها في البرملان األوروبي ببروكسل‪ ،‬قمنا بتشكيل‬ ‫هيئة دول�ي��ة ملتابعة التوصيات التي تصدر ع��ن املؤتمرات‬ ‫التي نعقدها‪ ،‬وذلك كي ال يكون عملنا مجرد عمل نظري‪.‬‬ ‫وتلمسنا الرغبة ذاتها في التقارب من خالل الشخصيات‬ ‫الفكرية والقيادية التي ندعوها إل��ى ندواتنا‪ ،‬وبذلك فنحن‬ ‫نؤسس لعمل ثقافي طويل األمد ستتفهمه الشعوب وتعمل‬ ‫على منواله في سبيل حياتها املطمئنة‪.‬‬ ‫> بشكل آخر‪ ،‬هل عملكم لليوم أم للغد؟‬ ‫ هذا السؤال مهم‪ ،‬فنحن نعمل ليس فقط للغد‪ ،‬بل ونعمل‬‫حتى للماضي واملستقبل‪ ،‬وس��أوض��ح فكرتي‪ ،‬فكثيرون‬ ‫ً‬ ‫ال�ي��وم يعتبرون أن ال�ت��اري��خ ب��أح��داث��ه امل��اض�ي��ة أص�ب��ح عبئا‬ ‫على الحاضر‪ ،‬وبسببه تقوم الحروب‪ ،‬ولذلك نحن نسعى‬ ‫لتصحيح هذا املفهوم‪ ،‬ونوضح أن التاريخ يجب أن ال يتكرر‬ ‫بأخطائه وحروبه‪ ،‬كما أن الصراعات الدائرة اليوم ليست فقط‬ ‫صراعات بسبب التاريخ‪ ،‬بل هي صراعات مصالح ترتكب‬ ‫باسم التاريخ‪ ،‬وهذا يعني أننا نعمل أيضا ألجل الغد باملفهوم‬ ‫والحرص ذاته على أن الغد يجب أن يكون أفضل وخاليا من‬ ‫ً‬ ‫تاريخيا‪.‬‬ ‫تبعات الصراعات التي دارت‬ ‫> ما رسالة املثقف العربي املسلم اليوم للعالم؟ وهل‬ ‫هناك أمل أن يستمع إليه أحد؟‬ ‫ هي أكثر من كونها رسالة‪ ،‬هي مبادئ وقيم إسالمية‬‫وعربية أوصلها كثيرون للغرب واستمع إليها كثيرون‬ ‫أيضا بدليل أن اإلسالم ينتشر في الغرب بنسب كبيرة‪،‬‬ ‫َوم��ن ال يريد أن يصغي إل��ى ه��ذه القيم فهو لديه تصور‬ ‫مسبق ونمطي ال يريد أن يتخلى عنه‪ ،‬وه��و ما سميناه‬ ‫قبل قليل بالفكر امل�ت�ط��رف م��ن الجميع‪ .‬وع�ل��ى الصعيد‬ ‫ال�ش�خ�ص��ي ش��ارك��ت ف��ي م��ؤت�م��ري��ن ع��امل�ي�ين م�ه�م�ين في‬ ‫الفترة األخيرة‪ ،‬وأوصلت هذه القيم مرة من خالل األمم‬ ‫املتحدة في ندوة حول تعزيز التسامح واملصالحة ومكافحة‬ ‫التطرف العنيف‪ ،‬وم��رة ف��ي ال��دورة السادسة والعشرين‬ ‫بمنتدى «كرانس مونتانا» السنوي‪ ،‬الذي عقد في العاصمة‬ ‫البلجيكية بروكسل‪ ،‬وغيري من العرب واملسلمني يفعل‬ ‫ً‬ ‫ذلك أيضا‪.‬‬ ‫> ت�ن�ظ��م م��ؤس�س�ت�ك��م م��ؤت �م��را ض�خ�م��ا ف��ي ج��ام�ع��ة‬ ‫أكسفورد بشراكة مع الجامعة‪ ،‬ما أهداف هذا املؤتمر؟‬ ‫ ه��ذا املؤتمر ينضم إل��ى سلسلة املؤتمرات التي سبق‬‫أقمناها ف��ي دول غربية أخ��رى‪ ،‬وه��ي ال��دورة الخامسة‬ ‫ع�ش��رة للمؤسسة‪ ،‬وت �ق��وم ع�ل��ى إي �ج��اد رؤي ��ة متقاربة‬ ‫للتصالح وال�ت�س��ام��ح ب�ين ال�ش�ع��وب‪ ،‬وه��ذه ال ��دورة تأتي‬ ‫ضمن سعي املؤسسة لتوجيه مسار عملها الثقافي‬ ‫ن �ح��و ت�ح�ق�ي��ق ف �ك��رة ح � ��وار ال� �ح� �ض ��ارات ال � ��ذي ت�ت�ب�ن��اه‬ ‫املؤسسة بحيث تدعو مئات املفكرين ورج��االت الدين‬ ‫واملثقفني من مختلف أرجاء العالم ومن شتى االتجاهات‬ ‫العقائدية والفكرية لاللتقاء والتحاور في قضايا التقارب‬ ‫بني الشعوب والتسامح بني األدي��ان‪ ،‬وإن مجلس أمناء‬ ‫املؤسسة أع��د ن��دوة ضخمة ستحاضر فيها نخبة من‬ ‫قادة الفكر واملجتمع بغرض التوعية ونشر فكرة تقبل‬ ‫اآلخر‪ ،‬وذلك ملواجهة التحديات التي تجتاح العالم اليوم‬ ‫وتشعل الحروب في شتى أرج��اء العالم‪ ،‬ما يستوجب‬ ‫تدخال إنسانيا قائما على ركائز ثقافية ألن الثقافة هي‬ ‫املوجه الحقيقي للمجتمعات <‬

‫نبذة عن ع‬

‫صورة تجمع الرئيس الجزائري عبد‬ ‫العزيز بوتفليقة وعبد العزيز البابطني‬

‫بد الع‬ ‫زيز سعود البابطني‬

‫> شاعر‬ ‫والص ومن رجال األعمال امل‬ ‫عر‬ ‫وف‬ ‫ني‬ ‫في‬ ‫ال‬ ‫كو‬ ‫يت‬ ‫وله نش‬ ‫ني‪ ،‬وال‬ ‫> أص شرق األوسط‪ ،‬وله استثمارات متنوعة في ع اط تجاري وصناعي با‬ ‫دد‬ ‫رز في أوروب��ا‪ ،‬وأميركا‪،‬‬ ‫در د‬ ‫من‬ ‫يو‬ ‫الد‬ ‫انه‬ ‫ول‬ ‫األ‬ ‫ول‬ ‫الع‬ ‫«ب‬ ‫ربية‪.‬‬ ‫> أصدر ديوانه الثا وح البوادي» عام ‪.1995‬‬ ‫ني «مسافر‬ ‫> عضو في عدد من املؤس في القفار» عام ‪.2004‬‬ ‫س‬ ‫ات‬ ‫وال‬ ‫روابط والجم‬ ‫> الرئيس الفخري لجمعية املكتبات واملعلوم عيات الثقافية واالدبية‪.‬‬ ‫> حا‬ ‫ات الكويتية‪.‬‬ ‫األوس صل على نحو ‪ 15‬دكتوراه‬ ‫فخ‬ ‫رية‬ ‫من‬ ‫مج‬ ‫مو‬ ‫عة‬ ‫من‬ ‫الجا‬ ‫مة واال‬ ‫معات الدولية املرموقة‪ ،‬ك‬ ‫ستحقاقات الثقافية‪ ،‬وج‬ ‫> أطلق اسم عبد العزيز سعود رى تكريمه من كثير من الهيئات واملؤسسات ما حصل على كثير من‬ ‫الث‬ ‫البا‬ ‫> كرمته جامعة ميتشيغان ( بطني على أطول شارع رئيسي في محافظة إم قافية واالجتماعية الدولية‪.‬‬ ‫آن‬ ‫بي‬ ‫آر‬ ‫ب‬ ‫ني‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ر)‬ ‫شمال جزر القمر‪.‬‬ ‫الحضارات‬ ‫بالواليات املتحدة األميركية تقد ً‬ ‫ير‬ ‫ا‬ ‫لج‬ ‫هو‬ ‫في ‪ 16‬والتفاهم بني الثقافات‪،‬‬ ‫ده‬ ‫وذ‬ ‫ال‬ ‫لك‬ ‫بن‬ ‫اءة‬ ‫في‬ ‫في‬ ‫اح‬ ‫تف‬ ‫مج‬ ‫ال‬ ‫ال‬ ‫كب‬ ‫ح‬ ‫ير‬ ‫وار‬ ‫‪.2012 / 4 /‬‬ ‫نظمه قسم الدراسات الش‬ ‫رق أوسطية لهذه املناسبة‬ ‫> اختارته‬ ‫األ‬ ‫مي‬ ‫الحسنة اللجنة ركية العرب‬ ‫ية‬ ‫مل‬ ‫كاف‬ ‫حة‬ ‫الت‬ ‫مي‬ ‫يز‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫وشخصية العام ‪ 2012‬تقد ً‬ ‫صري بالواليات املتحدة‬ ‫مجال التعليم وقيادته املثالية في يرا ملبادراته الثقافية العاملية ودعمه للفنون ا األميركية سف ًيرا للنوايا‬ ‫ب‬ ‫إلب‬ ‫ناء جسور بني الحضارات في جميع أنحاء العا داعية ومآثره الجليلة في‬ ‫لم‪.‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪69‬‬


‫أكد الشاعر عبد العزيز سعود‬ ‫البابطني رئيس مؤسسة عبد العزيز‬ ‫سعود البابطني الثقافية على أهمية‬ ‫دور الثقافة إليجاد رؤية متقاربة‬ ‫للتصالح والتسامح بني الشعوب‪،‬‬ ‫مشددا على أن الثقافة هي املوجه‬ ‫الحقيقي للمجتمعات‪.‬‬ ‫وحول عمل مؤسسته قال رجل‬ ‫األعمال والشاعر الكويتي إنه يسعى‬ ‫من خالل املهرجانات‪ ،‬واملؤتمرات‬ ‫التي ينظمها وكذلك دعمه للعلم‬ ‫والثقافة في شتى بلدان العالم‪،‬‬ ‫للتأسيس لعمل ثقافي طويل األمد‪،‬‬ ‫وترسيخ مبدأ حوار الحضارات‪.‬‬ ‫وخص رئيس مؤسسة جائزة‬ ‫البابطني لإلبداع الشعري «املجلة»‬ ‫َ‬ ‫بحوار‪ ،‬إليكم ن ُّصه‪:‬‬

‫قال لـ‬

‫الشاعر عبد‬ ‫العزيز البابطني‬

‫‪ :‬نعمل على إيجاد رؤية متقاربة للتصالح والتسامح بني الشعوب‬

‫عبد العزيز سعود البابطني‪ :‬نؤسس لعمل ثقافي طويل األمد‬ ‫لندن‪ :‬نادية التركي‬ ‫> اختياركم ملجال الثقافة في زمن الحروب‪،‬‬ ‫هل ما زالت صامدة رغم اإلعصار الذي تمر‬ ‫به املنطقة؟‬ ‫ نشاط املؤسسة بدأ قبل الحروب بشكلها الحالي واملؤسف‪،‬‬‫فقد انطلقت املؤسسة عام ‪1989‬م وكانت آخر حرب آنذاك هي‬ ‫حرب أكتوبر عام ‪ ،1973‬ولكنها كانت بني العرب وإسرائيل‪،‬‬ ‫وليس كما هي اليوم حروب عربية ‪ -‬عربية‪ ،‬بل وأحيانا هي‬ ‫حرب كونية ولكنها مجهولة األطراف‪ ،‬وال نعرف منها سوى‬ ‫أن العرب بكل طوائفهم وفئاتهم هم هدفها ووقودها‪ .‬لذلك‬ ‫وجدنا أن بقاءنا ووجودنا الثقافي في هذه املرحلة أهم وأجدى‬ ‫من أي مرحلة مضت‪ .‬ولسنا فقط صامدين في وجه هذه‬ ‫الحروب‪ ،‬بل إننا نطور أدواتنا الثقافية ملواجهتها بنشر ثقافة‬ ‫التسامح والتعددية الواجب احترامها بني الشعوب‪.‬‬ ‫> حرصكم على أهمية حوار الحضارات الذي ينعكس‬ ‫م��ن خ�ل�ال امل��ؤت �م��رات ال�ت��ي نظمتموها ف��ي أوروب ��ا‪،‬‬ ‫م��ا أه�م�ي��ة ال�ع�م��ل ع�ل��ى ه��ذا امل �ج��ال ف��ي ه��ذه املرحلة‬

‫‪68‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫التاريخية الحساسة التي يمر بها الوطن العربي؟‬ ‫ منذ ع��ام ‪2004‬م‪ ،‬حولنا دف��ة العمل الثقافي نحو ح��وار‬‫ال �ح �ض��ارات‪ ،‬وأق�م�ن��ا أول دورة ف��ي ق��رط�ب��ة ب��إس�ب��ان�ي��ا مهد‬ ‫األندلس‪ ،‬تلك الحقبة التي شهدت أكبر مجتمع متعايش على‬ ‫أرضية سلمية‪ ،‬ثم انتقلنا إلى باريس فسراييفو ثم بلجيكا‪،‬‬ ‫وسنتوجه ً‬ ‫قريبا إلى بريطانيا من خالل جامعة أكسفورد‪،‬‬ ‫ولوال يقيننا بالنتائج اإليجابية التي تحققت ملا أكملنا هذا‬ ‫ً‬ ‫مركزا لحوار الحضارات‬ ‫املشوار رغم صعوبته‪ ،‬بل أنشأنا‬ ‫ً‬ ‫ومعهدا لهذا الغرض‪ ،‬مع جامعة‬ ‫مع جامعة قرطبة بإسبانيا‪،‬‬ ‫روما الثالثة بإيطاليا‪ .‬وتكمن أهمية هذا العمل في أنه يجمع‬ ‫رج��االت دي��ن وفكر وق��ادة رأي ومجتمع م��ن شتى األدي��ان‬ ‫واالت�ج��اه��ات الفكرية املختلفة‪ ،‬ون�ح��اول من خ�لال الندوات‬ ‫املنعقدة أن نتوصل إلى رؤية مشتركة ملستقبل آمن‪ ،‬وليس‬ ‫بالضرورة أن يتفق الجميع‪ ،‬فاالختالف سنة الكون‪ ،‬ولكن‬ ‫على األق��ل أال تتقاتل شعوبهم‪ ،‬نحن نقرب وجهات النظر‬ ‫ون �خ��رج ب�ت��وص�ي��ات تفيد ه��ذه ال�ش�ع��وب ف��ي ن�ب��ذ الكراهية‬ ‫والتعصب‪.‬‬ ‫> هل يمكن ملثل هذه املؤتمرات أن تصحح الصورة‬ ‫عن اإلسالم واملسلمني‪ ،‬خصوصا مع اإلسالموفوبيا‪،‬‬

‫والحركات اإلرهابية وخصوصا «داعش» وما تقوم‬ ‫به؟‬ ‫ً‬ ‫ هي صححت فعال‪ ،‬ونحن ال نذهب إل��ى الغرب بصفتنا‬‫م��دان�ين‪ ،‬ب��ل نوضح أن اإلره��اب ال دي��ن ل��ه‪ ،‬والعنف ال يمثل‬ ‫أي دي��ن م��ن األدي��ان السماوية‪ ،‬فنحن نطرح ه��ذه القضايا‬ ‫باعتبارها عامال مشتركا لكل متطرف من أي دي��ن كان‪،‬‬ ‫وفكرة اإلسالموفوبيا هي صنيعة مغرضني‪ ،‬ألن اإلسالم هو‬ ‫دين التسامح واملحبة‪ ،‬وما يقوم به املتطرفون باسم اإلسالم‬ ‫يمكن أن يقوم به متطرفون باسم ديانات أخ��رى‪ ،‬ونشاهد‬ ‫اليوم اعتداءات على اآلخر ومقدساته من قبل أصحاب ديانات‬ ‫أخ��رى غير اإلس�ل�ام‪ ،‬فهذا ال يعني أن م��ن ق��ام بهذا العمل‬ ‫ً‬ ‫شخصيا‪ ،‬أو تنظيمه‬ ‫يمثل دي�ن��ه‪ ،‬ب��ل يمثل فكره املتشدد‬ ‫الذي ينتمي إليه‪ ،‬وقد يكمن وراء هؤالء األشخاص مصالح‬ ‫وأهداف سياسية وليست دينية‪ ،‬لذلك نحن نعمل من خالل‬ ‫ً‬ ‫هذه الندوات على تخليص األديان من الذين يقترفون أعماال‬ ‫إرهابية باسمها‪ ،‬ونضيء من خالل رجاالت الدين واملفكرين‬ ‫الجوانب الناصعة لنحيد املتطرفني ون�ف��وت عليهم فرصة‬ ‫استغالل األديان ألعمال إرهابية‪.‬‬ ‫> ه��ل ت��ؤم �ن��ون ب ��أن ع�م�ل�ك��م ف�ع�لا م�ف�ي��د ف��ي ال��وق��ت‬


‫كتاب يسلط الضوء على دور املنظمات اإلرهابية في نشر التطرف‬

‫سوسيولوجيا العنف واإلرهاب‬ ‫عرض‪ :‬عمار الجنيدي‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مباشرا لكل‬ ‫تهديدا‬ ‫بات اإلرهاب يشكل‬ ‫م�ظ��اه��ر ال�ح�ي��اة اإلن�س��ان�ي��ة واملجتمعات‬ ‫ً‬ ‫هاجسا‬ ‫والحضارات البشرية كونه أصبح‬ ‫يثير الخف والقلق وال��رع� ّ�ب‪ ،‬وه��و ظ��اه��رة عاملية‬ ‫إل��ى جانب أن��ه ظاهرة معقدة وخطيرة تسترعي‬ ‫دراستها والبحث في حيثياتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وس ��ل ��ط ال �ك��ات��ب إب ��راه �ي ��م ال� �ح �ي ��دري ف ��ي ك�ت��اب��ه‬ ‫«سوسيولوجيا العنف واإلره� ��اب» ال�ض��وء على‬ ‫ح�ي�ث�ي��ات ه ��ذه ال �ظ��اه��رة م��ن ج��وان�ب�ه��ا املختلفة‪،‬‬ ‫بنظرة حيادية منسجمة مع روح البحث العلمي‪،‬‬ ‫حيث سيجاوب الكتاب في فصوله الخمسة عن‬ ‫ّ‬ ‫أسئلة هذه الظاهرة العاملية املتفشية في ضمير‬ ‫املجتمعات قديمها وحديثها‪.‬‬ ‫في الفصل األول بحث املؤلف في سوسيولوجيا‬ ‫العنف من حيث التعريف واالتجاهات النظرية في‬ ‫ً‬ ‫تفسيره كما بحث في إشكالية اإلرهاب‪ :‬تعريفا‬ ‫ً‬ ‫وتاريخا وأسبابا‪ ،‬كونه ظاهرة عاملية ُّ‬ ‫يعم خطرها‬ ‫على املجتمعات املختلفة وعلى األفراد‪.‬‬ ‫ُم�ج� ً‬ ‫�اوب��ا ع��ن ال �س��ؤال اإلش�ك��ال��ي‪« :‬ه��ل اإلره��اب‬ ‫ظاهرة عاملية»؛ فيؤكد أن ظاهرة اإلرهاب «الزمت‬ ‫اإلنسان منذ أقدم العصور»‪ ،‬وذلك عندما لجأ‬ ‫اإلنسان إلى استخدام وسائل القوة والعنف ضد‬ ‫من ِّهو أضعف منه‪.‬‬ ‫وس��ل��ط ال�ض��وء على دور املنظمات اإلره��اب�ي��ة‬ ‫في نشر العنف واإلرهاب في العصر الحديث؛‬ ‫والذي بدأ مع مظاهر العوملة التي مزجت الكثير‬ ‫م��ن ّ الحركات السياسية املتطرفة وتنظيمها‬ ‫املعقد والدقيق والصارم‪ ،‬وعن قلق الجمعية‬ ‫العامة لألمم املتحدة من ّ‬ ‫تحول اإلره��اب إلى‬ ‫شكل أكثر خطرة خاصة مع تلك األعمال التي‬ ‫ّ‬ ‫التشدد والتطرف الديني‪ ،‬حيث‬ ‫ترتكب بدافع‬ ‫بلغ عدد املنظمات اإلرهابية الدولية أكثر من‬ ‫ستني منظمة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ك� �م ��ا ي �ب �ح ��ث ف � ��ي آراء ب� �ع ��ض امل �ص �ل �ح�ي�ن‬ ‫وال �ف�لاس �ف��ة وع �ل �م��اء االج �ت �م��اع ف��ي نظرتهم‬ ‫ملاهية ودور العنف في املجتمعات وتحليالتهم عن‬ ‫العالقة املعقدة بني الدولة والسلطة ورضيات العقد‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي الذي توافق عليه الكثير من ّ‬ ‫رواد مفكري‬ ‫ومدارس علماء االجتماع مثل‪ :‬الفارابي وابن خلدون‬ ‫وك��ارل ماركس وماكس فيبر وسيغموند فرويد‬ ‫وميشال فوكو وفرانس فانون وغيرهم‪.‬‬

‫وجاء الفصل الثاني ليعاين ً‬ ‫واحدا من أهم املشكالت‬ ‫السوسيولوجية في مجال اإلرهاب‪ ،‬وهو موضوع‬ ‫ّ‬ ‫«الثقافة والعنف»‪ ،‬وعن الدور والتأثير الذي يمثله‬ ‫التثقيف على شخصية الفرد وميوله نحو ّ‬ ‫ضديات‬ ‫مثل الحب والكراهية والعنف والتعاون واإلرهاب‬ ‫والتسامح‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫فشخصية الفرد في املجتمع ونموه وتطور سلوكه‬ ‫التعاوني أو العدواني ُت ّ‬ ‫حددها نشأته االجتماعية‬ ‫ُ‬ ‫وال�ت��رب��وي��ة املرتبطة ب�ن��وع الثقافة ال�ت��ي ت َو ِّجههم‬ ‫وينشأون عليها‪.‬‬ ‫ويعرج املؤلف في هذا الفصل على وجوه العنف‬ ‫ّ‬ ‫املتعدد كالعنف املضاد والعنف العرقي والعنف‬ ‫ّ‬ ‫الديني املقدس العنف الجنسي وغيرها‪ ،‬فالتاريخ‬ ‫اإلنساني مليء بأشكال العنف وما زال‬

‫> الكاتب‪ :‬إبراهيم الحيدري‬ ‫> الكتاب‪ :‬سوسيولوجيا العنف واإلرهاب‬ ‫> الناشر‪ :‬دار الساقي‪ ،‬بيروت‪2015 ،‬‬

‫ً‬ ‫يتخذ أشكاال وأساليب ووسائل متنوعة وهي في‬ ‫الغالب أساليب غير مشروعة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وعني الفصل الثالث بمفهوم األصولية في الشرق‬ ‫والغرب وارتباطاتها املباشرة بالحركات الدينية‬ ‫اإلس�لام �ي��ة وال �ي �ه��ودي��ة وامل�س�ي�ح�ي��ة وم��رج�ع�ي��ات‬ ‫ه��ذه ال�ح��رك��ات السلفية وع��ن ج��ذور العنف في‬ ‫املجتمع ال�ع��رب��ي م�ن��ذ ت��دوي�ن��ه (ق�ب��ل ‪ 500‬سنة)‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يضج بأشكال العنف املتمثلة‬ ‫واملجتمع العربي‬ ‫باملغزوزات واملعارك والحروب وعدم االستقرار‬ ‫املستمر‪ ،‬ف��وص��ف ال�ع��رب��ي ب��أن��ه‪« :‬ن� ّ�ه��اب ّ‬ ‫وه��اب»‬ ‫وفق ما تقتضيه طبيعة الصحراء التي ال تحتمل‬ ‫الضعيف‪.‬‬ ‫أم � � ��ا ال � �ف � �ص� ��ل ال� � ��راب� � ��ع ي� �ت� �ض � ّ�م ��ن دراس � � � � ��ة ع��ن‬ ‫س��وس�ي��ول��وج�ي��ا اإلره � ��اب وت��أث �ي��ر اإلره � ��اب على‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال� �ف ��رد وامل �ج �ت �م��ع ُم �ت �ض� ِّ�م��ن��ا ت�ح�ل�ي�لا‬ ‫ً‬ ‫سوسيولوجيا ع��ن العنف واإلره ��اب‬ ‫ّ‬ ‫ش� ً‬ ‫�ارح��ا ب�ع�ن��اي��ة ع��ن ال �ت��وس��ع ال�س��ري��ع‬ ‫والكبير ال��ذي حظي ب��ه تنظيم داع��ش‪،‬‬ ‫وم �س � ِ�ه � ً�ب ��ا ف ��ي ت �ح �ل �ي��ل س �ي �ك��ول��وج �ي��ا‬ ‫اإلرهاب؛ حيث ُي ّ‬ ‫قرر أن اإلرهابي ال يولد‬ ‫ً‬ ‫إرهابيا‪ ،‬بل إن هناك عوامل كثيرة تدفعه‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لتبني ال�ف�ك��ر اإلره��اب��ي ب ��دال ع��ن منهج‬ ‫التفكير‪ ،‬ثم يتناول بالتعليق على التيارات‬ ‫الفكرية الرئيسية املسيطرة ثم عن الحداثة‬ ‫والعنف ومشكالت التحديث التي ُيفرزها‬ ‫املجتمع الصناعي وع��ن أث��ر العوملة على‬ ‫واملسلمني‬ ‫اإلرهاب الدولي وموقف العرب ّ‬ ‫من الحداثة بوصفها حداثة معطلة وعن‬ ‫العنف والصورة املعادية لإلسالم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وي �ف��رد امل��ؤل��ف ال�ف�ص��ل ال�خ��ام��س بعنوان‬ ‫ث�ق��اف��ة ال�ت�س��ام��ح ب��اع �ت �ب��اره أح ��د امل�ف��اه�ي��م‬ ‫املستخدمة في وصف ممارسات ومواقف‬ ‫واتجاهات تنبذ العنف والتطرف وتحترم‬ ‫اآلخر املختلف في الفكر أو الدين أو العرق‬ ‫أو امل��وق��ف‪ ،‬ث��م ن�ش��أت��ه ف��ي ال �ت��اري��خ ون�ظ��رة‬ ‫ّ‬ ‫األدي��ان للتسامح واهتمامها به ورك��ز على‬ ‫اه�ت�م��ام املسيحية واإلس�ل��ام ب�م�ب��دأ «ق�ب��ول‬ ‫واح �ت��رام اآلخ ��ر» ب�م��ا يحمله ًم��ن معتقدات‬ ‫تخالف معتقداته‪ ،‬ووروده��ا لفظا في القرآن‬ ‫الكريم وعن دستور املدينة الذي وضعه الرسول‬ ‫الكريم والذي ينظم العالقة بني اليهود والنصارى‬ ‫والوثنيني واملسلمني‪ ،‬ومواقف مانديال وهابرماس‬ ‫وجيفارا ودريدا من التسامح وعن اإلعالن العاملي‬ ‫لحقوق اإلنسان وتعزيز قيمة التسامح <‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪67‬‬


‫منذ سنوات حكى لي صديقي الذي حصل‬ ‫على درجة الدكتوراه في التوثيق من فرنسا‪،‬‬ ‫عن حادثة وقعت له في باريس‪ ،‬وكنت‬ ‫كثيرا ما أستعيده ليحكيها بأسلوبه املميز‬ ‫في سهراتنا‪ ..‬وتتلخص الحكاية في أن‬ ‫صديقي ومجموعة من أصدقائه املصريني‬ ‫في باريس كانوا يقومون بتوصيل زميل‬ ‫مصري لهم إلى املطار بعد أن حصل على‬ ‫الدكتوراه في القانون‪ ،‬وكان هذا الدارس قد‬ ‫مكث في باريس نحو سبع سنوات‪ ..‬وفي‬ ‫أثناء توصيلهم له إلى املطار مروا بالسيارة‬ ‫على برج إيفل الشهير‪ ،‬فلوى الشاب عنقه‬ ‫ناظرا إلى برج إيفل وسأل أصدقاءه‪ :‬هل هذا‬ ‫هو برج إيفل الذي تحكون عنه؟‬

‫املسلمون في بالد الغرب‬ ‫بني االندماج والتعايش‬ ‫القاهرة‪ :‬هشام عبد العزيز‬ ‫منذ سنوات حكى لي صديقي ال��ذي حصل على‬ ‫درجة الدكتوراه في التوثيق من فرنسا‪ ،‬عن حادثة‬ ‫وق�ع��ت ل��ه ف��ي ب��اري��س‪ ،‬وك�ن��ت كثيرا م��ا أستعيده‬ ‫ليحكيها بأسلوبه املميز في سهراتنا‪ ..‬وتتلخص الحكاية‬ ‫في أن صديقي ومجموعة من أصدقائه املصريني في باريس‬ ‫كانوا يقومون بتوصيل زميل مصري لهم إلى املطار بعد أن‬ ‫حصل على الدكتوراه في القانون‪ ،‬وكان هذا الدارس قد مكث‬ ‫في باريس نحو سبع سنوات‪ ..‬وفي أثناء توصيلهم له إلى‬ ‫املطار م��روا بالسيارة على برج إيفل الشهير‪ ،‬فلوى الشاب‬ ‫عنقه ناظرا إلى برج إيفل وس��أل أصدقاءه‪ :‬هل هذا هو برج‬ ‫إيفل الذي تحكون عنه؟‬ ‫أي أن ه��ذا ال�ش��اب مكث ف��ي ب��اري��س ‪ -‬مدينة الجن واملالئكة‬ ‫كما سماها طه حسني ‪ -‬سبع سنوات في تسعينات القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬دون أن يفكر مرة واحدة في زيارة أحد أشهر املعالم‬ ‫الفرنسية بل أحد أشهر املزارات في العالم‪.‬‬

‫زكي مبارك‬ ‫الالفت أن شابا مصريا آخر زار باريس في عشرينات القرن‬ ‫نفسه ه��و الكاتب امل�ع��روف زك��ي م�ب��ارك وك��ان ان��دم��اج��ه في‬ ‫املجتمع الفرنسي شامال إن على املستوى العلمي األكاديمي‬ ‫أو على املستوى االجتماعي والثقافي‪ .‬وقد رصد زكي مبارك‬ ‫رحلته تلك في كتاب بعنوان «ذك��ري��ات باريسية»‪ ،‬ذك��ر فيه‬ ‫لحظة فراقه لباريس التي جاءت مختلفة تماما عن صاحبنا‬ ‫‪66‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫الذي لم يزر برج إيفل مرة واحد طوال سبع سنوات؛ حيث قال‬ ‫زكي مبارك‪« :‬تتمثل باريس في صور تلك الوجوه ِّ‬ ‫الصباح التي‬ ‫رأتها عيناي وألفها قلبي ثم أقصتني وأقصتها ض��رورات‬ ‫الحياة إلى حيث ال أمل في تراسل أو تالق‪ ،‬برغم ما قيدنا من‬ ‫العناوين‪ ،‬وما حددنا من املواعيد‪.‬‬ ‫يا أخت ناجية السالم عليكم قبل الرحيل وقبل عذل العذل‬ ‫لو كنت أعلم أن آخر عهدكم يوم الفراق فعلت ما لم أفعل‬ ‫تخيل أن زكي مبارك ابن مطلع القرن العشرين اندمج باملجتمع‬ ‫الفرنسي إلى هذا الحد‪ ،‬في الوقت الذي لم يحاول فيه رصيفه‬ ‫ابن آخر القرن العشرين حتى رؤية برج إيفل‪ .‬هل يكمن السبب‬ ‫في الفارق بني مصرين إحداهما ليبرالية وثانية تتجاذبها‬ ‫تيارات دينية وقومية؟‬ ‫كثيرا ما أتذكر حادثة صاحبنا دارس القانون ه��ذا خاصة‬ ‫عندما أس�م��ع ب�ح��ادث إره��اب��ي ق��ام ب��ه ع��رب��ي مسلم ف��ي بلد‬ ‫أج�ن�ب��ي‪ ،‬ع��ازي��ا املشكلة ف��ي لبها إل��ى مشكلة االن��دم��اج التي‬ ‫يعانيها العرب كلما اضطروا للعيش في بيئات تدين بديانات‬ ‫غير ديانتهم أو تتكلم لغة غير العربية‪.‬‬

‫رفاعة الطهطاوي‬ ‫ربما كان اختالف اللغة عامال مهما في قضية االندماج‪ ،‬وهو‬ ‫ما ينتهي سريعا بمجرد التمكن من االستخدام األولي للغة‬ ‫الذي يزيل الوحشة في التعامل اليومي‪ .‬لكن اختالف الديانة‬ ‫ك��ان في الغالب أس��اس قضية التعايش وه��و ما نلمحه منذ‬ ‫بواكير تسجيل حاالت االرتحال العربي اإلسالمي ألوروبا؛‬ ‫رفاعة الطهطاوي (‪ )1873 - 1801‬مثال الذي أشار في مقدمة‬ ‫تدوينه لرحلته (تخليص اإلبريز في تلخيص باريز) (‪)1825‬‬

‫الرئيس الجزائري‬ ‫األسبق الراحل أحمد‬ ‫بن بلة واحد من القادة‬ ‫الرئيسيني لحرب‬ ‫االستقالل الجزائرية‬ ‫ضد فرنسا‬ ‫(غيتي)‬

‫إلى نصيحة أستاذه حسن العطار‪ ،‬بالتنبيه على ما يقع في‬ ‫ه��ذه السفرة وعلى ما ي��راه وم��ا يصادفه من األم��ور الغريبة‬ ‫واألشياء العجيبة‪ .‬لكن اعتراف الطهطاوي بتقدم بالد الغرب‬ ‫عن بلده مصر ورغبته في نقل حياة الغرب إلى أبناء وطنه‬ ‫حتى يتشبهوا بهم ربما كان الخلل هنا ال يمنعه من االعتراف‬ ‫بالحسرة على بالده‪« :‬ولعمر الله إنني‪ ،‬مدة إقامتي بهذه البالد‪،‬‬ ‫في حسرة على تمتعها بذلك وخلو ممالك اإلسالم منه»‪.‬‬ ‫ولكن الشيخ األزهري يخشى من قارئه اإلنكار فيقول‪َّ :‬‬ ‫«وإياك‬ ‫ً‬ ‫خارجا عن عادتك‪ ،‬فيعسر عليك تصديقه‪،‬‬ ‫أن تجد ما أذكره لك‬ ‫فتظنه من باب الهذر والخرافات‪ ،‬أو من حيز اإلفراط واملبالغات‪،‬‬ ‫وبالجملة فبعض الظن إثم‪ ،‬والشاهد يرى ما ال يراه الغائب»‪.‬‬ ‫لم يكن رفاعة الطهطاوي ومن قبله زكي مبارك هما فقط من‬ ‫دون مالحظات الرحلة إلى بالد «أخرى»‪ ،‬فكثير من مفكرينا‬ ‫ومثقفينا كان هاجس نقل صورة الحياة في العوالم البعيدة‬ ‫مؤرقا ومهما‪ ،‬ومن أهمهم أحمد ف��ارس الشدياق (‪– 1804‬‬ ‫‪ ،)1887‬الذي سجل رحالته في كتابني متتاليني هما «الواسطة‬ ‫في معرفة أحوال مالطة» ثم «كشف املخبا عن فنون أوروبا»‪.‬‬ ‫وبعده املؤرخ واملفكر جورجي زيدان (‪ 21 - 1861‬يوليو ‪)1914‬‬ ‫الذي سافر هو وبعض صحبه إلى فرنسا وإنجلترا وسويسرا‬ ‫مطلع القرن العشرين‪ .‬وق��رر الرجل تدوين ما لفته في هذه‬ ‫الرحلة في كتاب نشره بعنوان «رحلة إلى أوروبا»‬ ‫أخيرا‪ ،‬ربما عانت مجتمعات الشرق نفسها من أزمة تعايش‬ ‫بني مكوناتها الطائفية أو املذهبية أو االجتماعية وذلك أن أزمة‬ ‫التعايش ليست تابعة ألزمة االندماج‪ ،‬فاالندماج يحتاج لدافع‬ ‫ولغة واح��دة‪ ،‬أم��ا التعايش فيحتاج إل��ى ما هو أكثر من ذلك‪،‬‬ ‫مثل التسامح والعدل االجتماعي والعدل الدولي وهي مفاهيم‬ ‫تكشف األحداث العاملية يوما بعد يوم أن العالم ما زال في طور‬ ‫اكتشاف كيفية تطبيقها <‬


‫ب��ال�ح�ي��اة‪ ،‬التقاليد ليست ص��ورة معلقة على ج��دار‬ ‫املنزل تتوارثها العائلة‪ ،‬بل هي فكرة العائلة نفسها‬ ‫وهي املنزل الذي يضمهم‪ ،‬توزيع مجالس الضيوف‬ ‫وسفر الطعام واألبواب الخارجية والنوافذ جميعها يتم‬ ‫توارثها‪ ،‬التقاليد مثلنا تعيش وتتغير تحت الظروف‬ ‫وتصارع ألجل البقاء‪ ،‬لكنها مثلنا أيضا تحتاج للعناية‬ ‫واالهتمام والثقة‪ ،‬فهل نثق حقا بتراثنا وبقدرته على‬ ‫البقاء حيا بديناميكية ذاتية‪ ،‬هل نترك للتراث إرادته‬ ‫في التغيير مثلما نترك ألنفسنا حرية التغيير‪ ،‬وهل‬ ‫نكف عن محاوالتنا اليائسة لتعريفه وللقبض عليه‬ ‫ف��ي ص ��ورة م �ح��دودة ج��ام��دة ف�ق��ط لنطمئن أن �ن��ا لم‬ ‫ننسه‪ ،‬هل نتدخل في مساراته الحية لنجمدها في‬ ‫شعارات وآراء تحمي نرجسيتنا وقلق ذواتنا؟ ثم إذا‬ ‫ما اقتنصنا فرصته في الحياة وتحول لعبء ثقيل‬ ‫علينا‪ ،‬أخذنا اللوم ألنفسنا أننا نهجر تراثنا بينما‬ ‫نحن في الحقيقة صادرنا حيويته بسعينا املمنهج‬ ‫للسيطرة عليه وبذريعة واهنة هي الخوف من اندثاره‪.‬‬ ‫األجوبة الكثيرة واملتنوعة لسؤال كيف نحافظ على‬ ‫تراثنا ليست بالقليلة‪ ،‬ربما نصادفها في مقاالت الرأي‬ ‫أو نسمعها ف��ي بعض خطب الجمعة‪ ،‬لكنها جميعا‬ ‫أجوبة مجمدة وتنظيرية ال تشفي قلقنا وال ترضي‬ ‫حبنا ل�ه��ذا ال �ت��راث ال ��ذي يمثلنا‪ ،‬وإن ك��ان م��ن ش��يء‬ ‫يجب أن نفكر فيه كسعوديني اليوم‪ ،‬هو الخدمة التي‬ ‫يمكن أن نقدمها لهذا ال�ت��راث بعيدا عن ص��راع ال��رأي‬ ‫والفتاوى‪ ،‬هناك حيث العمل الحي وامللموس الذي تقدمه‬ ‫الجمعيات واملؤسسات املتخصصة للعناية بالتراث‪،‬‬ ‫فوحدها الجهود العملية هي ال�ج��واب األكثر واقعية‪،‬‬ ‫ذل��ك ألن ال �ت��راث ه��و حقيقة وواق ��ع اإلن �س��ان املتصلة‬ ‫وليست ماضيه املنقطع‪ .‬وه��و‪ ،‬أي ال�ت��راث‪ ،‬ما يعيش‬ ‫فينا ونعيش فيه ومعه يوما بيوم نغير منه ويغير منا‬ ‫كأنداد يعرفون سبيلهم للبقاء أحياء <‬

‫‪,,‬‬ ‫ليس للتراث‬ ‫معركة مع‬ ‫الحديث‪ ،‬إال بقدر‬ ‫ما هي معركته‬ ‫مع الحياة للبقاء‬ ‫بأشكال جديدة‬

‫‪,,‬‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪65‬‬


‫التراث هو الكلمة التي من النادر أن تحضر دون أن يخطر في مقابلها الكلمة‬ ‫الند لها «الحداثة»‪ ،‬واألسئلة التي تتعلق دائما في أطراف هذه املعادلة تحمل في‬ ‫غالبيتها جوهرا واحدا‪ ،‬هو االستفهام القلق واملأزوم كيف يمكن أن نحافظ على‬ ‫تراثنا‪ ،‬في الرأي العام السعودي طاملا كان لهذا السؤال حضور دائما‪ ،‬من داخل‬ ‫بعض املساجد ومنابر خطب الجمعة إلى مقاالت الصحف‪ ،‬ليس من انشغال‬ ‫حقيقي وجاد في تناول هذا املوضوع‪ ،‬إال أنه يظل موضوعا عصبيا بالنسبة‬ ‫للكثيرين‪ ،‬وبعيدا عن الصراع في هذا املشهد من الفضاء العام‪ ،‬هناك حيث‬ ‫املواطن الذي يفكر في حياته الشخصية ويعيش ذاكرة خاصة به تمتلئ نفسه‬ ‫بمشاعر الحنني ملاضيه ويتجاذبه القلق على غياب تلك الذكريات الجميلة‪ ،‬هذا‬ ‫املواطن الذي يسأل بتلقائية وببساطة إن كان هذا التغيير الذي يعيشه يعني‬ ‫ً‬ ‫إلغاء ملاضيه وخسارة لهويته التي يحبها‪ ،‬يعيش الناس أيامهم مع هذه املشاعر‬ ‫واألسئلة بعيدا عن ذلك التشنج الذي يحمله املشهد العام بكل أشكاله‪ ،‬فال خطب‬ ‫الجمعة قادرة على اإلجابة وال مقاالت الرأي قادرة على خلق الطمأنينة بأن‬ ‫التقدم والتغيير لم ولن يعني خسارة التراث‪.‬‬

‫ثقافة أمة كاملة من املعتقدات والتقاليد واللغات واآلداب‬

‫السعوديون والتراث‬

‫العنصر األساسي‪ ،‬لكن األطعمة التي صرنا نجهزها‬ ‫الرياض‪ :‬ملياء سويلم‬ ‫اليوم منه قابلة للحفظ والتجميد على عكس السابقة‪،‬‬ ‫ألن الحاضر يفرض أن تكون األطعمة قابلة للتجهيز‬ ‫يتم تعريف التراث دائما بأنه ثقافة أمة كاملة بسرعة تناسب العصر‪ ،‬وعلى ذلك يمكن القياس في‬ ‫من املعتقدات والتقاليد واللغات واآلداب‪ ،‬فهل كل ما يشمله التراث من املعتقدات والقيم والسلوكيات‬ ‫مجرد القول بأن اللغة العربية هي لغتنا نكون واألفكار‪.‬‬ ‫بذلك عرفنا تراثنا اللغوي؟ بالطبع ليس كذلك‪ ،‬ألن التراث‬ ‫ليس اسما أو صفة محددة يمكن تسميتها أو وصفها روح الطاعة‬ ‫بالكلمات‪ ،‬بل هو كل ما ال يمكننا تسميته‪ ،‬التراث ليس‬ ‫هو القرى الشعبية فقط بل هو الطريقة التي نبني بها إن طريقة التفكير وفهم العالم من خالل منطق معني‬ ‫بيوتنا منذ كنا نسكن بيوت الطني حتى اللحظة التي يفرض نفسه على األجيال السعودية املتعاقبة‪ ،‬ودون أن‬ ‫مألنا شوارعنا بناطحات السحاب وما بعدها‪ ،‬التراث يكون الختالف األعمار ومضي الزمان أي أثر عميق في‬ ‫ليس مجرد الطعام ال��ذي نأكله بل هو أيضا طريقتنا تغيير ذلك‪ ،‬هو وجه من أوجه التراث التي نتطبع بها يوما‬ ‫في تناول ه��ذا الطعام وتحضيره وضيافته‪ ،‬هو ليس بعد آخر‪ ،‬الكثير من السعوديني يحافظون على فكرة‬ ‫مجموعة الكلمات واألمثلة والقصص التي نحفظها عن السمع والطاعة للوالدين‪ ،‬لم تختلف األجيال إال في طريقة‬ ‫أجدادنا وآبائنا‪ ،‬بل هو طريقة سردنا واستخدامنا لها تنفيذ أوامر العائلة العصرية بدال من تلك التقليدية‪ ،‬أي‬ ‫وما ينتج عنها من آراء وأحكام‪ ،‬ولهذا ليس من املجدي أن العائلة التي كانت تفرض على أبنائها العمل بحرفة‬ ‫أن نفكر بالتراث كإرث مادي أو معنوي نعرف تماما ما الوالد وك��ان األبناء يمتثلون لذلك بكل رض��ا‪ ،‬هم اليوم‬ ‫هو ونعرف كيف ومما يتشكل‪ ،‬ونحسب أننا نتوارثه يمتثلون أيضا ملا تفرضه العائلة للعمل في مؤسسة هذا‬ ‫بإرادة ووعي‪ ،‬ألننا في الحقيقة نعيش التراث ونضيف األب‪ ،‬روح األمر األبوية مستمرة مهما اختلفت صيغها‪،‬‬ ‫إليه بالقدر الذي نخسر منه‪ ،‬فإذا انقطعت أصناف معينة وروح الطاعة في األبناء تستمر في االمتثال وااللتزام‬ ‫من الطعام ولم تعد تحفل بها موائدنا‪ ،‬فنحن باملقابل باختالف األوامر‪.‬‬ ‫نحافظ بشكل ما على طريقة تحضير املائدة واستقبال ال �ت ��راث م�ن�ظ��وم��ة ن�ع�ي��ش ف�ي�ه��ا ون �ت��أث��ر ب�ه��ا أك �ث��ر مما‬ ‫ضيوفها بغض النظر عن أصنافها‪ ،‬كما أننا إذا كونا نؤثر بها‪ ،‬هو مجموعة من الصور والعالقات الرمزية‬ ‫أشكاال جديدة من نفس املواد الغذائية األولى فنحن نعيد ال�لان�ه��ائ�ي��ة‪ ،‬أح��ده��ا ه��ذا اإلن �س��ان ال�س�ع��ودي ال��ذي كان‬ ‫خلق تراثنا‪ ،‬دقيق البر الذي كان يشكل عنصرا أساسيا يمتطي الجمال وال�خ�ي��ول بثوبه وال�ي��وم يقود سيارته‬ ‫ف��ي صنع أطعمتنا منذ م��ائ��ة ع��ام ال ي��زال يشكل هذا‬ ‫‪64‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫بذات الثوب‪ ،‬اإلنسان الذي يحافظ على خصوصية بيته‬ ‫كسر‪ ،‬ال مجرد تفاصيل حياة يعيشها الجميع مثله‪،‬‬ ‫اإلنسان الذي يتوجس الغرباء دون أن يمنعه حذره من‬ ‫ضيافتهم لو أراد‪ ،‬التراث هو مجموعة اللهجات املحلية‬ ‫التي تتوالد كل يوم وال تنقص‪ ،‬هو الرقصات الشعبية‬ ‫التي تحافظ على شكلها ولو تغير الرتم املوسيقي لها أو‬ ‫زادت سرعته‪ ،‬هو الترانيم واأللحان املستمرة وإن تغيرت‬ ‫الكلمات التي يتم تركيبها عليها‪« ،‬الشيالت» التي كانت‬ ‫تتغنى باإلبل صارت تتغنى بأفخم أنواع السيارات‪ ،‬لم‬ ‫تمت اإلبل إنما انسحبت ملكان آخر من حياتنا‪ ،‬بينما‬ ‫نحن بطبعنا في الحركة وتقديرنا للمسافة والوقت ما‬ ‫زلنا نعتمد مالمح األرض من الطعس حتى لوح األملنيوم‪،‬‬ ‫م��ا زل�ن��ا نبني بيوتنا على أي ال�ج�ه��ات األرب ��ع ونبحث‬ ‫للنساء عن أبواب جانبية‪.‬‬

‫التقاليد وحرية التغيير‬ ‫ل�ي��س ل �ل �ت��راث م�ع��رك��ة م��ع ال �ح��دي��ث‪ ،‬إال ب �ق��در م��ا هي‬ ‫معركته م��ع ال�ح�ي��اة للبقاء ب��أش�ك��ال ج��دي��دة‪ ،‬املسألة‬ ‫ليست في التخلي عن القديم بل في إعطائه فرصته‬


‫ً‬ ‫أسرارا‬ ‫تمارا الداغستاني تروي لـ«املجلة»‬ ‫تنشر ألول مرة عن حياة فيصل الثاني‬ ‫بمناسبة الذكرى ‪ 57‬لـ‪ 14‬يوليو (املجلة)‬

‫ً‬ ‫ممازحا‪ :‬ال بأس‪ ،‬سأعطيها بيجامتي‪ ،‬تمارا أصبحت‬ ‫امللك‬ ‫بطولي‪ ...‬وافقت أمي على مضض»‪.‬‬ ‫وتمضي ال�س�ي��دة ال��داغ�س�ت��ان��ي ب�س��رد ذك��ري��ات�ه��ا وه��ي التي‬ ‫كانت تبلغ من العمر ‪ً 12‬‬ ‫عاما‪ .‬تقول‪« :‬كانت الكالب الخاصة‬ ‫بامللك واألمير تنبح بشكل غريب في تلك الليلة‪ ،‬وظلت تمشي‬ ‫وراءهما أينما ذهبا داخل القصر‪ .‬ضحك األمير من تصرفات‬ ‫الكالب هذه وقال إنها متأثر ألننا سنسافر ً‬ ‫غدا‪ .‬عادت أمي‬ ‫بعدها لتعتذر منهم وتطلب عودتي للمبيت في منزلنا حني‬ ‫وص��ل ال�س��ائ��ق ل�ي�ق��ل أخ��ي ت�ي�م��ور‪ ،‬خ�ص��وص��ا ب�ع��د أن رأت‬ ‫انشغالهم في التحضير للسفر إلى إسطنبول صباح اليوم‬ ‫التالي‪ .‬حني عادت أمي وخالتي في وقت متأخر من القصر‬ ‫ليلتها استغربوا من وجود الجيش والناقالت العسكرية في‬ ‫الطرقات مما أصابهم بالدهشة‪ ،‬فليس من املعتاد أن يوجدوا‬ ‫في العاصمة‪ .‬حني تعود والدتي بذاكرتها إلى تلك الليلة تقول‪:‬‬ ‫ال أعرف ما الذي جعلني أتكلم وأعتذر منهم بعد أن وافقت‬ ‫على مبيتك‪ ...‬ولوال هذا لكانت الطفلة تمارا واحدة من ضحايا‬ ‫هذه املجزرة البشعة‪ .‬حني وصلت السيارة لتقلنا إلى البيت‬ ‫قمت بتوديعهم وكأنها امل��رة األخ�ي��رة‪ ،‬ف��ردة فعلي على هذا‬ ‫الوداع كانت مؤثرة ً‬ ‫جدا‪ .‬وقلت ملربيتي التي استغربت كل هذا‬ ‫البكاء بأني لن أراهم مرة أخرى‪ .‬فقالت لي‪ :‬ال تبكي يا عزيزتي‪،‬‬ ‫سترينهم بعد عودتهم من السفر ً‬ ‫قريبا»‪.‬‬ ‫«صباح اليوم التالي أفقنا على صوت املذياع يعلن االنقالب‬ ‫َّ‬ ‫على القصر‪ .‬اتصلت والدتي بقصر الرحاب لكنها لم تتلق‬ ‫سوى الصمت‪ .‬اإلذاعة التي بثت الخبر لم تكن معروفة ألحد‪،‬‬ ‫واس �ت �م��رت ب��ال�ب��ث وه ��ي ت�ع�ل��ن أس �م��اء ال �ع��ائ�لات ال �ت��ي يجب‬ ‫تصفيتها‪ .‬بقينا مذهولني ال نصدق ما نسمع ونظن أنها إذاعة‬ ‫سرية تذيع اإلشاعات‪ .‬حني أتى سائق والدي أخبرته والدتي‬ ‫بما سمعت وه��ي تضحك على ما ي��ذاع من إش��اع��ات‪ ،‬فقال‬ ‫لها وهو في حالة مزرية‪( :‬هل أنت مجنونة؟ لقد قتلوا العائلة‬ ‫الحاكمة ونحن ال نعرف مكان الباشا)‪ .‬حينها كان جارنا‬ ‫محمد علي الجلبي ُيخرج عائلته من البيت وأخبر والدتي بأن‬ ‫علينا مغادرة املنزل ً‬ ‫فورا‪ .‬طلبت حينها سعاد العمري بنت‬ ‫أرشد العمري من والدتي عدم التنقل بسيارتنا ألنها معروفة‬ ‫مما قد يعرضنا للخطر وأعطتنا سيارتها‪ .‬أتذكر أن السيارة‬ ‫مشت بمعجزة إلهية ً‬ ‫نظرا لكثرة عدد البشر املوجودين في‬

‫الشارع والذين أمعنوا النظر لنا من النوافذ ليقرروا إذا كانوا‬ ‫يريدون سحلنا كما فعلوا بالعائلة املالكة أم ال‪ .‬ال أعرف كيف‬ ‫بقينا على قيد الحياة‪.‬‬ ‫استمرت والدتي بإخفاء الخبر عني ولم أكن أع��رف في ظل‬ ‫ه��ذه الفوضى ما حل بهم‪ .‬عشنا في بيت عمتي‪ ،‬أم��ي وأنا‬ ‫وأخي تيمور وأختي الصغرى وخالتي‪ .‬أتذكر جلوسي على‬ ‫باب املنزل ومرور أحد املارة بباص صغير وهو يصيح‪( :‬هذا‬ ‫إصبع عبد اإلله قطعته بيدي)‪.‬‬ ‫بعد الحادثة ُسجن والدي رغم أن اإلشاعات قالت حينها إنه‬ ‫هرب‪ .‬السائق الذي نقله من الكتيبة إلى بغداد لوزارة الدفاع‬ ‫ً‬ ‫أسيرا أنقذ حياته‪ ،‬عندما سار به في شارع مزدحم‪ .‬وحني‬ ‫استفسر وال��دي عن سبب م��روره في الزحام قال له‪( :‬باشا‬ ‫عبد السالم عارف أعطاني أمرا بأن أذهب بك في طريق يخلو‬ ‫من الناس وأقتلك وأقول إني قتلتك ألنك حاولت الهرب‪ .‬فعلت‬ ‫ه��ذا ألتحجج بزحمة الطريق وع��دم تنفيذ املهمة)‪ .‬مرضت‬ ‫حينها ولم يعرف أحد ما علتي‪ .‬لكني رأي��ت صور املجزرة‬ ‫وما حل باألسرة الحاكمة مما أثر في نفسيتي كثيرا ودخلت‬ ‫في حالة صدمة عجز األطباء عن معرفة دوائي‪ .‬كانت تردنا‬ ‫ات�ص��االت م��ن مجهولني يقولون لنا إنهم ُ سيعذبون وال��دي‬ ‫ويقتلونه‪ .‬كرهت نظام الحكم الجديد وكنت أعبر عن هذا الكره‬ ‫بعد التحاقي باملدرسة الجديدة‪ ،‬وأنا في حالة تمرد مستمرة‬ ‫على كل ما ُيطلب مني‪ .‬دخلت املعلمة في أول ي��وم دراس��ي‬ ‫وطلبت منا تمزيق أول صفحات من الكتاب‪ ،‬والتي احتوت على‬ ‫صور للملك ولألمير‪ .‬مما جعلني أجمع كل هذه الصور من‬ ‫الطالب ومنعتهم من رميها في سلة املهمالت‪ .‬أخبرتني املعلمة‬ ‫أن أنتبه لتصرفاتي ألن ابن أخت عبد الكريم قاسم يجلس‬ ‫أبال ملا قالت‪ .‬وفي وقت الطابور الصباحي‬ ‫بجانبي‪ ،‬لكني لم ِ‬ ‫كنت أرفض ترديد النشيد الذي يشيد بالزعيم الجديد مرددة‬ ‫(يسقط يسقط ال��زع�ي��م)‪ .‬ول��م أتقبل حتى ت�ح��ذي��رات مديرة‬ ‫املدرسة‪ ،‬التي لم َ‬ ‫تتوان عن حمايتنا بشجاعة حني هوجمت‬ ‫املدرسة من قبل بعض األفراد املطالبني بتسليم أطفال العهد‬ ‫البائد لقتلهم وسحلهم ولوالها ملا كنت على قيد الحياة اليوم‪.‬‬ ‫ذهبنا لزيارة والدي وهو معتقل لوداعه بعد أن قرر ووالدتي‬ ‫ب��أن أس��اف��ر وأخ��ي تيمور إل��ى لندن ل�ل��دراس��ة‪ .‬ف��ي ذل��ك اليوم‬ ‫قابلناه في غرفة خاصة وهو بكامل أناقته‪ ،‬رغبة منه بأن ال‬

‫نراه بمظهر غير أنيق العتقاده بأنها ستكون املرة األخيرة ألنه‬ ‫توقع إعدامه بأيه لحظة‪ ،‬إذ كانوا يجبرونهم على لبس مالبس‬ ‫ً‬ ‫النوم (البيجاما) خوفا من هروبهم من السجن‪.‬‬ ‫وصلت إلى املدرسة الداخلية في لندن‪ ،‬وعشت بقلق من سماع‬ ‫خبر إع��دام وال��دي في أي لحظة‪ .‬أتذكر حينها زي��ادة وزني‬ ‫بسبب قلقي من ‪ 45‬كيلو إلى ‪ 120‬كيلو خالل سنة‪ .‬لم أنعم‬ ‫بالراحة حتى صدر قرار العفو عنه من قبل عبد الكريم قاسم‪.‬‬ ‫ج��اء اإلف��راج عن وال��دي بفرحة كبيرة لكثيرين عبروا عنها‬ ‫ُ‬ ‫بطريقة لم تعجب عبد الكريم قاسم‪ ،‬فطلب والدي أن ُيسمح‬ ‫له بمغادرة العراق لاللتحاق بنا‪ ،‬وهو بذلك يدرك أن وجوده‬ ‫غير مريح لعبد الكريم قاسم‪ .‬فسافر إلى إنجلترا وبقي فيها‬ ‫حتى توفي وهو بعمر ‪ً 52‬‬ ‫عاما»‪.‬‬ ‫األميرة بديعة هي وزوجها وأوالده��ا وحدهم من بقوا على‬ ‫قيد الحياة‪ ،‬وه��ي تعيش اآلن مع ابنها في بريطانيا‪ .‬تؤكد‬ ‫السيدة الداغستاني أنها على تواصل مستمر معها‪ .‬وفي كل‬ ‫مرة تلتقي بها تستذكر األميرة خسارتها ألسرتها بطريقة‬ ‫بشعة في ليلة واحدة‪ .‬هي لم ولن تنسى املجزرة‪.‬‬ ‫مما ال ش��ك فيه أن الطريقة ال�ت��ي تمت بها تصفية العائلة‬ ‫الحاكمة في العراق جاءت بهدف القضاء على جذورها بشكل‬ ‫نهائي وبالتالي القضاء على الحكم امللكي في العراق‪ ،‬وهذا‬ ‫ما تؤكده السيدة الداغستاني التي تعتقد أن ما يحصل في‬ ‫العراق اآلن هو لعنة أصابت أرضه بسبب دماء األبرياء التي‬ ‫أهدرت فيه‪ .‬تعيش السيدة الداغستاني اآلن في األردن التي‬ ‫يحكمها الهاشميون وتؤكد أن «الحكم امللكي في العراق لو‬ ‫استمر لكنا اآلن ننعم باألمان الذي تعيشه األردن»‪ .‬وهي اآلن‬ ‫بصدد اإلش��راف على إقامة متحف يضم صور ومقتنيات‬ ‫العائلة املالكة في العراق بعد حصولها على املوافقات الرسمية‬ ‫من ال��دول��ة‪ ،‬وس��وف يتم جمعها من أرشيفها الخاص ومن‬ ‫أرش �ي��ف ب�ع��ض األص��دق��اء ال ��ذي ي�م�ل�ك��ون ص � ً‬ ‫�ورا تجمعهم‬ ‫بالعائلة وه��م مستعدون لوهب ما يقتنونه‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫ً‬ ‫مرجعا ه� ً�ام��ا‪ .‬وبحسب‬ ‫دائ��رة الوثائق بالعراق التي تعتبر‬ ‫م��ا ت��ؤك��ده ف��إن مقر املتحف ل��م يحسم ال�ق��رار بشأنه بعد‪.‬‬ ‫لكنها ترغب في أن يكون مقابل املقبرة امللكية‪ ،‬رغم وجود‬ ‫االعتراضات واالقتراحات التي تفضل بأن يقام في واحد من‬ ‫البيوت البغدادية القديمة<‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪63‬‬


‫تمارا الداغستاني تروي لـ‬

‫تفاصيل فجر ‪ 14‬يوليو الدامي الذي أنهى الحكم امللكي في العراق‬

‫أسرار الليلة األخيرة من حياة فيصل الثاني‬ ‫تعددت الروايات حول الليلة األخيرة من حياة األسرة امللكية الحاكمة في العراق‪ ،‬تلك التي سبقت الفجر‬ ‫الدامي الذي أنهى الحكم امللكي في ‪ 14‬يوليو (تموز) ‪ ،1958‬وأيضا الروايات التي تحكي عن حياتهم وصفات‬ ‫امللك فيصل الثاني واألمير عبد اإلله‪ ،‬آخرها املسلسل العراقي «آخر امللوك» املليء باملغالطات التاريخية‪ .‬لكن‬ ‫شهادة الطفلة «تمارا الداغستاني» ابنة الفريق غازي الداغستاني نائب رئيس أركان الجيش العراقي‪ ،‬والتي‬ ‫جمعتها وأسرتها عالقة متينة مع األسرة امللكية الحاكمة في العراق‬ ‫سجا العبدلي‬ ‫عن تلك الليلة وما سبقها كانت األنقى واألصدق‪،‬‬ ‫ففي كل مرة تعيش السيدة الداغستاني تفاصيل‬ ‫الليلة األخ�ي��رة م��ع امللك فيصل واألم�ي��ر عبد اإلل��ه‬ ‫والعائلة بنفس األلم والدمع الذي ال قدره لها على كبحه‪.‬‬ ‫في تلك الليلة التي وصفتها باملشؤومة اجتمعت العائلة من‬ ‫أجل االستمتاع بعرض مسرحي لساحر يقدم استعراضات‬ ‫َّ‬ ‫يتسن للطفلة تمارا حضوره حني ُعرض في القصر‬ ‫فنية ًلم‬ ‫مسبقا‪ ،‬فقرر األمير عبد اإلله إعادته من أجلها‪ ،‬وتم استدعاء‬ ‫ً‬ ‫خصيصا لها‪ ،‬فاجتمعت عائلة الداغستاني الصغيرة‬ ‫الساحر‬ ‫وأسرة امللك واألمير ينقصهم والدها‪.‬‬ ‫تقول السيدة ت�م��ارا‪« :‬جلست بجانب امللك ال��ذي ك��ان وجهه‬ ‫ً‬ ‫نورانيا ليلتها‪ ،‬وهو ما الحظه جميع الحاضرين‪ ،‬وحني بادروه‬ ‫بالسؤال عن سر هذا التوهج أج��اب على استحياء‪ :‬ال شيء‬ ‫سوى أنني قصصت شعري‪ .‬امللك الشاب الذي كان يستعد‬ ‫للسفر إلى إسطنبول لحضور اجتماع حلف بغداد ومن ثم‬ ‫إلى لندن للقاء خطيبته التركية لم يعلم أنها ليلته األخيرة»‪.‬‬ ‫وتضيف‪« :‬وفي أثناء حضورنا الستعراض الساحر في شرفة‬ ‫القصر وصلت سيارة إلى ساحة القصر التي كانت مكشوفة‬ ‫ً‬ ‫من املكان الذي جلسنا فيه وأتى أحد العاملني حامال رسالة‬ ‫ُ‬ ‫تمكنت من قراءة ما جاء فيها‪ ،‬وقد كتبت‬ ‫للملك‪ ،‬وحني فتحها‬ ‫ً‬ ‫باللغة اإلنجليزية وتحمل شعارا لم أميزة‪ ،‬وكتب فيها (احذروا‬ ‫هذه الليلة ‪.»)Beware tonight -‬‬ ‫وقبل أن تكمل سردها عدنا بالحديث إل��ى ذك��ري��ات ما قبل‬ ‫الليلة األخيرة وع��ن بداية عالقتها باألسرة الحاكمة‪ .‬تقول‪:‬‬ ‫«كنت أعتبرهم كعائلتي‪ ،‬معرفة أسرتي بهم ب��دأت من قبل‬ ‫أن آتي إلى هذه الدنيا‪ ،‬وذل��ك من خالل العالقة الوطيدة التي‬ ‫جمعت عائلة والدتي بهم‪ُ ،‬‬ ‫جئت إلى الحياة وكانوا هم جزءا من‬ ‫حياتي‪ .‬ما زلت أذكر تماسكهم كعائلة وطيبتهم وتواضعهم‬ ‫والتزامهم‪ .‬أما امللك فيصل فال أنسى طيبته وصوته الهادئ‪.‬‬ ‫ما ورد عنه وعن خاله في مسلسل (آخر امللوك) الذي سرد‬ ‫قصة حياته مهزلة ومن أسوأ ما يكون‪ ،‬تم تصوير األمير عبد‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫األمير في حالة ُسكر أبدا ولم‬ ‫اإلله بأنه شخص سكير‪ .‬لم أر ً‬ ‫ً‬ ‫أسمع من أهلي هذا األمر حتى الحقا‪ ،‬وأساسا ال يوجد في‬ ‫القصر أي مشروبات كحولية‪ .‬كانت والدة األمير متدينة ً‬ ‫جدا‬

‫‪62‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫وتواظب على الصالة‪ .‬هذا املسلسل شوه صورة األمير املتدين‬ ‫املتواضع وأظهره بصورة الشخص املتعجرف‪ ،‬الذي يجلس في‬ ‫حالة سكر في حضور والدته وهي تصلي‪ .‬كما أني لم أسمع‬ ‫أيا منهم يتعامل بفوقية حتى مع العاملني لديهم في القصر»‪.‬‬ ‫أنصف األمير عبد اإلله؟‬ ‫ولكن ماذا عن التاريخ؟ هل َ‬ ‫ولكنه أنصف امللك‪ .‬األمير‬ ‫ط‪،‬‬ ‫ق‬ ‫تقول‪« :‬التاريخ لم ينصف األمير‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫شخصا ً‬ ‫ً‬ ‫طيبا وبشوشا‪ .‬األمر الذي أخذ عليه حادثة إعدام‬ ‫كان‬ ‫الضباط‪ ،‬ولكن هذه العملية تمت في إطار الخيانة التي تعرض‬ ‫لها ً‬ ‫نظرا ملحاولتهم تغيير نظام الحكم آنذاك‪ ،‬وال يجب أخذها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مأخذا على إنسانيته‪ .‬ولو أني شخصيا ضد فكرة إعدام أي‬ ‫شخص‪ ،‬ولكن ما حصل هو خيانة عظمى وعقوبتها َاإلعدام»‪.‬‬ ‫زي��ارة عائلة ت�م��ارا الداغستاني للقصر ل��م تنقطع ق��ط‪ ،‬مما‬ ‫جعلها تشعر بجو األل�ف��ة والتماسك العائلي ف��ي م��ا بينهم‪.‬‬ ‫ومن أبرز ما تذكره عن تلك الفترة عالقة امللك بخاله األمير‬ ‫عبد اإلله املليئة بالحب واالحترام والتي وصفتها بالعالقة ما‬ ‫بني األب وابنه‪ ،‬فكان األمير يحبه ً‬ ‫كثيرا ودائم الخوف والقلق‬ ‫عليه‪ .‬أيضا عالقة فيصل املميزة بخالته األميرة عابدية‪ ،‬فهي‬ ‫التي ربته بعد أن فقد والدته‪ ،‬وكانت له بمثابة والدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تعتبر السيدة الداغستاني أن الشعب العراقي ك��ان بسيطا‬ ‫ً‬ ‫جدا وتم استغالله وقت الثورة‪ ،‬العراق حني حكمه امللك فيصل‬ ‫ُ‬ ‫األول كان يخلو من البنى التحتية‪ ،‬وعملية اإلعمار وبناء الدولة‬ ‫هو أمر بال شك يحتاج إلى وقت طويل وإلى ميزانيات عالية‬ ‫ُ‬ ‫وجميع املخططات التي نفذت على األرض ورأيناها في العراق‬ ‫ً‬ ‫الحقا ما هي إال مخططات كان من املقرر تنفيذها في فترة‬ ‫حكم امللك فيصل‪.‬‬ ‫وعن نوري باشا تقول‪« :‬ال أتذكر كثيرا عن نوري باشا‪ ،‬فلم‬ ‫ألتق به كثيرا‪ً ،‬‬ ‫علما بأن أبنه صباح تربى مع والدي ولكن لم‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫تسنح لي الفرص للقائه كثيرا‪ .‬نوري باشا عراقي ووطني لكن‬ ‫استمراره في ممارسة العمل السياسي ورفضه التقاعد كان‬ ‫ً‬ ‫سببا لفقدانه لحياته‪ .‬ربما تعددت االتهامات التي طعنت في‬ ‫وطنيته‪ ،‬أهمها عمالته لبريطانيا‪ ،‬لكن هذا لم يكن سوى تقرب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأخيرا حتى لو‬ ‫رآه خدمة ملصالح العراق‪ .‬كان همه العراق أوال‬ ‫تحالف مع اإلنجليز‪َ .‬ومن ِمن الحكام والقادة لم يتحالف مع‬ ‫الغرب من أجل مصلحة بالده؟!‪.‬‬ ‫ك��ان ل��دى األم�ي��ر ق��ائ�م��ة ب��أس�م��اء ال�ض�ب��اط ال��ذي��ن سيقومون‬ ‫باالنقالب‪ ،‬تسلمها من كل من امللك حسني‪ ،‬وأحمد مرعي‬ ‫رئيس االستخبارات العسكرية‪ ،‬وبهجت عطية‪ .‬أجرى والدي‬

‫دراس��ة م��ع حسيب الربيعي ب�ش��أن ال��وض��ع ف��ي ال �ع��راق‪ .‬وتم‬ ‫عرضها على األمير عبد اإلله وخرجت الدراسة بنتيجة مفادها‬ ‫أن امللك محبوب من قبل الشعب‪ ،‬ولكن وجود األمير ونوري‬ ‫باشا في الحكم يشكل ً‬ ‫خطرا عليه‪ .‬قوبلت الدراسة بإعجاب‬ ‫األمير واعتراض نوري باشا‪ .‬من األساس نوى األمير اعتزال‬ ‫العمل السياسي والذهاب إلى تركيا لترميم بيت جده والعيش‬ ‫فيه‪ .‬ك��ان أرش��د العمري من أع��ز أصدقاء األمير‪ ،‬وق��د تسلم‬ ‫مناصب مهمة في العراق ونال احترام األمير ومحبته‪ .‬سألته‬ ‫ً‬ ‫يوما عن ال��دراس��ة وم��ا آل��ت إليه ومل��اذا لم يتم تنفيذها‪ ،‬علما‬ ‫ب��أن األم�ي��ر س��اف��ر قبل وق��ت ال�ح��ادث��ة لالستقرار ف��ي تركيا‬ ‫ولكنه عاد‪ .‬ملاذا عاد؟ قال لي أرشد‪ :‬ذهبت لزيارة األمير في‬ ‫تركيا ووج��دت بيده رسالة‪ ،‬وب��دت على وجهه معالم الحزن‬ ‫فأخبرني أن فيصل يستدعي آخرته بيده‪ ،‬ألن وج��ودي في‬ ‫العراق سيشكل ً‬ ‫خطرا على حياته‪ ،‬ورغم تحذيراتي له فإنه لم‬ ‫ينصت لي‪ ،‬وأنا مضطر إلى العودة ألكون بجانبه‪ ...‬عاد األمير‬ ‫إلى العراق بسبب الرسالة التي أرسلها امللك ً‬ ‫طالبا منه العودة‬ ‫وكانت رسالة محملة بكثير من العواطف»‪.‬‬ ‫وب��ال �ع��ودة إل ��ى ال�ل�ي�ل��ة ال �ت��ي س�ب�ق��ت امل� �ج ��زرة‪ ،‬ت �ق��ول ال�س�ي��دة‬ ‫الداغستاني‪« :‬كثير من اإلشاعات خرج على أن الحفل ضم‬ ‫ع� ً‬ ‫�ددا ً‬ ‫كبيرا من الراقصات‪ ،‬لكن الحقيقة أن عائلتي وعائلة‬ ‫امل�ل��ك ف�ق��ط م��ن ك��ان��ت ه �ن��اك‪ .‬ال�غ��ري��ب أن ل�ح�ظ��ات ال �ف��رح التي‬ ‫عشناها في تلك الليلة شابها نوع من القلق وهالة من الكآبة‬ ‫لفت امل�ك��ان‪ .‬وصلنا ال�س��اع��ة الخامسة ع�ص� ً�را‪ ،‬وف��ي ليلتها‬ ‫تأخر امللك بالحضور إلى القصر‪ .‬وبجلوسي بجانبه رأيت‬ ‫س�ي��ارة توقفت على ب��اب القصر‪ ،‬ومنها ن��زل ال��رس��ول ال��ذي‬ ‫حمل الرسالة التحذيرية‪ .‬التي لم ُيعرف مصدرها‪ .‬قرأها ولم‬ ‫تظهر على مالمحه أي معالم لالرتباك والخوف‪ ،‬لكنه مررها‬ ‫لخاله الذي طلب منه في البداية إعطاء األوامر لتحضير طائرة‬ ‫(الهيلوكبتر)‪ ،‬وح�ين ذه��ب إلع�ط��اء األم��ر ب��ادره خاله األمير‬ ‫بالقول‪ :‬عد يا فيصل‪ ،‬ال تجعلنا أضحوكة‪ ،‬لقد سمعنا مثل‬ ‫كثيرا ولم تكن جدية ً‬ ‫هذه التحذيرات ً‬ ‫أبدا‪ ...‬أكملنا العرض وبعد‬ ‫انتهائه ذهب امللك في زيارة سريعة للقصر الذي من املفترض‬ ‫أن يعيش فيه بعد زواجه‪ ،‬والذي كان في مرحلة البناء‪ ،‬وقال‬ ‫حني عودته‪ :‬ال أصدق أنني سأرى اليوم الذي ينتهي فيه بناء‬ ‫هذا القصر وأعيش فيه أنا وخطيبتي بعد زواجنا‪.‬‬ ‫قبل موعد العشاء طلب امللك من والدتي أن تبقيني للمبيت في‬ ‫القصر‪ ،‬لكن أمي تعذرت له بأنني ال أملك مالبس النوم فأجابها‬


‫لقطات متنوعة من حي الحسني بالقاهرة‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪61‬‬


‫مقهى الفيشاوي الشهير‬

‫بائع العرقسوس‬

‫كتب‪ :‬ميرزا الخويلدي‬ ‫«ح��ي ال�ح�س�ين» ال ��ذي اش�ت��ق ش�ه��رت��ه م��ن مسجد‬ ‫اإلم��ام الحسني‪ ،‬ليس مجرد حي قديم مثل أحياء‬ ‫القاهرة التي تحيط به‪ ،‬كالجمالية‪ ،‬والباطنية‪ ،‬والدرب‬ ‫األحمر‪ ،‬والغورية‪ ،‬والقلعة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬بل هو مزيج مختلف من‬ ‫التاريخ يمثل الذاكرة املصرية‪ ،‬لحضارات وأحداث ّ‬ ‫مرت وتركت‬ ‫بصمتها هناك‪.‬‬ ‫هذا الحي الذي ما زال يفوح بالنكهة املصرية في بساطتها‪ ،‬هو‬ ‫ً‬ ‫نفسه الذي يقدم روائع ّ‬ ‫الفن الشعبي ً‬ ‫رسما وحياكة‪ ،‬ونقشا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على ال�ن�ح��اس‪ ،‬وتلوينا ل�ل��زج��اج‪ ،‬وأداء استعراضيا يمتزج‬ ‫فيه الفلكلور بالتصوف الديني‪ .‬وال�ط��راز املعماري بالشكل‬ ‫الهندسي القديم في تخطيط امل��دن‪ ،‬ضمن زخ��ارف بصرية‬ ‫رائقة‪ .‬ويختلط في هذا الحي األغنياء بالفقراء‪ ،‬والحرفيون‬ ‫باملتسكعني واملتسولني‪ ،‬وأب�ن��اء البلد بالسياح م��ن مختلف‬ ‫أرجاء العالم‪.‬‬ ‫وإذا كان هذا الحي ينبض بالحركة والعنفوان على مدار العام‪،‬‬ ‫فهو في ليالي شهر رمضان يعج بالنشاط على نحو مختلف‪،‬‬ ‫حيث تختلط أصوات املنشدين مع املطربني‪ ،‬وأنغام العود مع‬ ‫عزف منفرد على الناي‪ ،‬وتواشيح روحانية صوفية من تكية‬ ‫في الجوار مع موال يصدح في زاوية مقهى يرتاده السياح‪ ،‬كما‬ ‫‪60‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫بائع السميط‬

‫تصدح أصوات املرتلني‪ ..‬فال شيء يشبه الليالي الرمضانية‬ ‫في حي الحسني‪.‬‬ ‫منذ أكثر من ستة ق��رون‪ ،‬أقيم بجوار جامع الحسني‪ ،‬خان‬ ‫الخليلي ليصبح فيما بعد أشهر سوق شرقي لصناعة التحف‬ ‫والنحاسيات‪ ،‬والفضيات‪ ،‬والجواهر‪ ،‬واإلكسسوارات املختلفة‬ ‫ذات األش�ك��ال اإلسالمية والفرعونية‪ ،‬وأع�م��ال الفسيفساء‪،‬‬ ‫والعطور الشرقية‪ ،‬والكتب التراثية‪ ،‬وورق البردي‪ ،‬والخواتم‪،‬‬ ‫واملالبس‪ ،‬وأزياء الرقص‪.‬‬ ‫وب��اإلض��اف��ة ل �خ��ان ال�خ�ل�ي�ل��ي‪ ،‬ي�ض��م ح��ي ال�ح�س�ين ع� � ً‬ ‫�ددا من‬ ‫األسواق القديمة‪ ،‬كسوق التوابل‪ ،‬وسوق العطارين‪ ،‬والصابون‪،‬‬ ‫والنحاس‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫وه��ذا الحي يحتضن كذلك أشهر شربتلي في مصر‪ ،‬وهو‬ ‫«األمني» الذي تتوارث العناية به عائلة األمني منذ أكثر من قرن‬ ‫من الزمان ويتخصص املحل في صناعة أشهر املشروبات‬ ‫املصرية كالدوم والخروب والتمرهندي والعرقسوس والسوبيا‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫وي �ع��رف ح��ي ال�ح�س�ين ب��امل�ق��اه��ي الشعبية ال�ت��ي ت�ت��رام��ي بني‬ ‫أط��راف��ه مستقبلة ال � ��زوار وال �س �ي��اح وامل �ت �س��وق�ين‪ ،‬لتمنحهم‬ ‫ش�ع� ً‬ ‫�ورا ب��امل�ك��ان‪ ،‬وف��رص��ة ل�ت��ذوق ال�ط�ع��ام وال �ش��راب املصري‬ ‫بنكهته الشعبية التقليدية‪ .‬كمقهى «ولي النعم»‪ ،‬و«السكرية»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومقهى «خان الخليلي»‪ ،‬ومقهى «نجيب محفوظ»‪ ،‬لكن أشهر‬ ‫تلك املقاهي هو مقهى «الفيشاوي» ال��ذي أسسه علي فهمي‬

‫ً‬ ‫منفردا ذاكرة املكان واألرض‬ ‫الفيشاوي سنة ‪1797‬م‪ ،‬ويحمل‬ ‫وذاكرة البالد بأسرها‪ .‬فهذا املقهى شهد والدة أهم شخصية‬ ‫للروائي املصري نجيب محفوظ‪ ،‬وهي‬ ‫في رواية «الحرافيش»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شخصية «عاشور الناجي»‪ .‬بل إن الفيشاوي مؤسس املقهى‬ ‫كان هو اآلخر أحد فتوات الجمالية‪.‬‬ ‫وك �ع �ش��رات امل �ق��اه��ي ف��ي األزق� ��ة وال� �ج ��وار‪ ،‬ي �ق��دم ال�ف�ي�ش��اوي‬ ‫امل�ش��روب��ات الساخنة وال �ب��اردة‪ ،‬وأش�ه��ره��ا ال�ش��اي األخضر‪،‬‬ ‫والينسون‪ ،‬والقرفة‪ ،‬والقهوة‪ ،‬واألرجيلة‪ .‬ويستقبل الفنانني‬ ‫واملشاهير والسياح‪ ،‬وبني العب بطاولة الزهر‪ ،‬أو عازف على‬ ‫العود‪ ،‬أو متسامرين يستمعون الشعر والغناء‪ ،‬يقضي زوار‬ ‫الفيشاوي ليلتهم حتى يقترب الفجر‪.‬‬ ‫جميع القادة العسكريني والسياسيني واألدباء مروا بالفيشاوي‪،‬‬ ‫من الخديوي إسماعيل‪ ،‬حتى نابليون بونابرت قائد الحملة‬ ‫الفرنسية ‪ ،1798‬وم��ن جمال ال��دي��ن األفغاني ومحمد عبده‬ ‫وسعد زغلول‪ ،‬حتى أم كلثوم وسيد درويش وسالمة حجازي‬ ‫وبيرم التونسي وجمال عبد الناصر وأنور السادات‪.‬‬ ‫وك �ح��ال ك��ل زاوي ��ة وزق ��اق ف��ي ح��ي ال�ح�س�ين‪ ،‬ح��اف��ظ املقهى‬ ‫ال�ف�ي�ش��اوي على ص��ورت��ه القديمة حيث ال�ك��راس��ي الخشبية‬ ‫ملاض جميل‬ ‫واألزقة الضيقة واللمسات األصيلة التي تنتمي ٍ‬ ‫وساحر‪.‬‬ ‫ه��ل ي�م�ك��ن ل��زائ��ر م�ص��ر ال ��ذي يتلمس روح امل �ك��ان‪ ،‬أال ّ‬ ‫يمر‬ ‫بالحسني‪..‬؟ <‬


‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪59‬‬


‫روح املكان تتجلى في رمضان حيث تختلط التراتيل باألناشيد‬

‫حي «الحسني»‪ :‬الذاكرة املصرية‬ ‫إذا كانت مصر املحروسة تعرف في الشرق بأنها «أم‬ ‫الدنيا»‪ ،‬فإن قلبها ينبض في حي الحسني بالقاهرة‪،‬‬ ‫الحي القديم الذي يعج بالحركة والنشاط‪ ،‬وتنبعث من‬ ‫أرجائه رائحة التاريخ‪ ،‬وعبق التراث‪ ،‬ونكهة الحياة‬ ‫املصرية بعفويتها وبساطتها‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬


‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬

‫مسابقة الروبوتات‬ ‫تكشف عن مزايا وعيوب‬ ‫تكنولوجيا اآلليني‬

‫هل تتغلب لعبة االقتصاد على‬ ‫السياسة بني عمالق الجزيرة‬ ‫العربية والدب الروسي؟‬

‫بني الفنت واالنقسام والطائفية ‪ ..‬ماذا تفعل طهران في بالد العرب‬ ‫االنتخابات البرملانية املصرية‪ ..‬معضلة أمام الرئيس السيسي‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫اشرتك اآلن‬ ‫واحصل على‬ ‫نسختك الورقية‬

‫شهرية سياسية‬

‫خيارات صعبة‪:‬‬ ‫العدالة والتنمية‬ ‫بعد نكسة يونيو‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫«تويتر» خط املواجهة‪ ..‬وبقية املواقع معسكرات تجنيد رقمية‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬

‫‪07‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬ ‫‪‬‬

‫نساء لبنان يتركن «املوضة» لدخول البرملان‬ ‫‪www.majalla.com‬‬

‫‪Issue 1609- June 2015‬‬

‫‪‬‬

‫فورن أفيرز‪ /‬أيار‪ /‬مايو ‪57 - 2014‬‬

‫(مايو) ‪2015‬‬ ‫أيار‪(--‬يوليو)‬ ‫(يونيو)‬ ‫تموز‬ ‫حزيران‬ ‫‪1607‬‬ ‫‪1609‬‬ ‫‪1608‬‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬

‫‪69‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪51‬‬


‫وكان الدليل الوحيد الذي ما زال أمام الشرطة هو‬ ‫حقيقة أن الحامض النووي لداميانو جويرنوني‬ ‫مشابه للحامض النووي لـ«مجهول ‪.»1‬‬

‫قرية «جورنو»‬

‫جامبراسيو‪.‬‬ ‫وح��ت��ى ه���ذه ال��ل��ح��ظ��ة‪ ،‬ك���ان ال��ت��ح��ق��ي��ق يستخدم‬ ‫تقنيات حديثة وتحليال علميا رغم أن من يديره‬ ‫كان محققا من الطراز القديم‪.‬‬ ‫وك����ان م���ارش���ال ج��ي��وف��ان��ي م��وس��ي��ري��ن��و‪ ،‬ال����ذراع‬ ‫اليمنى لروجيري يعمل في املكتب املجاور لها‪.‬‬ ‫ق��ام موسيرينو باستجواب سائقي األتوبيس‬ ‫زم��ل�اء ج��وي��رن��ون��ي ال����ذي ك���ان أح��ده��م��ا ق���د ذه��ب‬ ‫بالفعل إلى الصحافة في مارس (آذار) ‪ 2013‬قائال‬ ‫إن جويرنوني ك��ان ق��د اع��ت��رف ب��وج��ود ام���رأة في‬ ‫حياته تعاني من «أزمة»‪.‬‬ ‫وف��ي يونيو (ح��زي��ران) ‪ .2014‬ق��ام مصدر‬

‫وب��ع��د ع���ام م��ن مقتل ي����ارا‪ ،‬ك���ان ف��ري��ق روج��ي��ري‬ ‫يتعرض لضغوط هائلة لكي يجد القاتل‪ ،‬وقررت‬ ‫روج����ي����ري أن ت���رك���ز ع��ل��ى األم�����ل ال���وح���ي���د أم��ام��ه��ا‬ ‫وه����و ال��ح��ام��ض ال���ن���ووي ل��ج��وي��رن��ون��ي‪ ،‬وم����ن ثم‬ ‫قضى فريقها شهورا يؤسس فيه لشجرة عائلة‬ ‫جويرنوني‪.‬‬ ‫وكانت جذور شجرة العائلة‬ ‫رجال األمن في إيطاليا‬ ‫ت����ع����ود إل������ى ق����ري����ة «ج�����ورن�����و»‬ ‫في مكان الحادث‬ ‫ال��ت��ي تبعد م��س��اف��ة ‪ 45‬دقيقة‬ ‫ب��ال��س��ي��ارة ش��م��ال «ب��رج��ام��و»‬ ‫نفسها مرورا بوادي سيريانا‬ ‫الضيق‪ .‬وتمكن فرق روجيري‬ ‫ب����س����رع����ة م������ن ب�����ن�����اء ص������ورة‬ ‫ل�����ج�����وس�����ي�����ب ج�����وي�����رن�����ون�����ي‬ ‫وع����ائ����ل����ت����ه‪ .‬ك�������ان ج���وس���ي���ب‬ ‫ي���ع���م���ل ك����س����ائ����ق أت���وب���ي���س‬ ‫وي��ل��ع��ب ع��ل��ى األك����وردي����ون‬ ‫في احتفاالت القرية‪ .‬وكان‬ ‫زواجه من لورا بولي يبدو‬ ‫زواج���������ا ت���ق���ل���ي���دي���ا‪ ،‬وك�����ان‬ ‫ل��دي��ه��م ث�لاث��ة أوالد‪ :‬بنت‬ ‫وولدان‪.‬‬ ‫وكانت لورا قد انضمت إلى شهود يهوه وبعد‬ ‫وف������اة زوج����ه����ا ان��ت��ق��ل��ت إل�����ى م���دي���ن���ة «ك���ل���وس���ون»‬ ‫املجاورة‪.‬‬ ‫في ‪ 16‬يونيو املاضي‬ ‫ونظرا ألن «مجهول ‪ »1‬كان رجال‪ ،‬ركز املحققون‬ ‫تم اعتقال بوسيتي‬ ‫جهودهم على ابنيها وهما بيرباولو ودييجو‪.‬‬ ‫وكان بيرباولو على غرار والدته من شهود يهوه‪،‬‬ ‫واتهامه بقتل يارا‬ ‫فيما كان دييجو يعاني من إدمان املخدرات‪ .‬ولم‬ ‫واكتشف املحققون‬ ‫ي��ك��ن ال��ح��ام��ض ال���ن���ووي ألي منهما ي��ت��ط��اب��ق مع‬ ‫الكثير من األدلة على‬ ‫«مجهول ‪ »1‬كما لم يكن ألي منهما أوالد‪.‬‬ ‫��اء‬ ‫ن‬ ‫��‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫���ن‬ ‫وإذا ك����ان «م���ج���ه���ول ‪ »1‬ح��ق��ا واح������دا م‬ ‫تورطه في الجريمة‬ ‫جوسيب جويرنوني‪ ،‬ف��إن التفسير الوحيد هو‬ ‫أن ه��ن��اك ط��ف�لا غ��ي��ر ش��رع��ي ف��ي م��ك��ان م���ا‪ .‬فتقول‬ ‫روجيري‪« :‬لقد أصبح تحقيقا من داخل تحقيق»‪.‬‬ ‫وأصبحت روجيري تطارد اآلن امرأة في منتصف‬ ‫موسيرينو بمنحه االس��م ال��ذي ك��ان يبحث عنه‪:‬‬ ‫العمر تقريبا أقامت عالقة غير شرعية من ‪ 30‬أو ‪40‬‬ ‫إستر أرزوفي‪ ،‬والتي كانت جارة لجويرنوني في‬ ‫عاما مع رجل متزوج‪ ،‬مات منذ فترة طويلة اآلن‪،‬‬ ‫«ب��ون��ت��ي سيلفا» ف��ي أواخ���ر الستينات‪ ،‬وبعدما‬ ‫وأنجبت منه ولدا قتل يارا جامبراسيو‪.‬‬ ‫أج����رى امل��ح��ق��ق��ون ت��ح��ق��ي��ق��ات ع��اج��ل��ة وف��ح��وص��ات‬ ‫وسرعان ما ذاع خبر إقامة جوسيب جويرنوني‬ ‫ح��ام��ض ن���ووي اكتشفوا أن أرزوف����ي ه��ي بالفعل‬ ‫لعالقة عاطفية مع امرأة يعتقد أنها أم قاتل يارا‬ ‫املرأة التي قضوا وقتا طويال يبحثون عنها‪ .‬فقد‬

‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫‪56‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫كانت هي أم «مجهول ‪.»1‬‬ ‫غ���ادرت أرزوف���ي «بونتي سيلفا» ف��ي ع��ام ‪1970‬‬ ‫ولكنها استمرت ف��ي عالقتها بجويرنوني وفي‬ ‫خريف ‪ 1970‬أنجبت توأما ولدا وبنتا‪ .‬الولد يدعى‬ ‫ماسيمو بوسيتي فيما ك��ان اس��م��ه األوس���ط هو‬ ‫جوسيب على اسم أبيه البيولوجي‪.‬‬

‫اعتقال بوسيتي‬ ‫وف���ي ‪ 16‬ي��ون��ي��و امل���اض���ي‪ ،‬ت��م اع��ت��ق��ال بوسيتي‬ ‫واتهامه بقتل يارا جامبراسيو‪ .‬واكتشف املحققون‬ ‫الكثير من األدلة على تورطه فقد كان بوسيتي دائم‬ ‫التردد على محيط منزل يارا وكان يركن سيارته‬ ‫ف���ي «ف��ي��ا دون س����اال» خلف‬ ‫ال���ص���ال���ة ال���ري���اض���ي���ة وك����ان‬ ‫ي��أك��ل ب��ي��ت��زا «ت��وس��ك��ان��اك��ي��ا»‬ ‫في نهاية الطريق‪.‬‬ ‫وأف�������ادت ال��ت��س��ج��ي�لات ب��أن‬ ‫ه����ات����ف����ه ك��������ان م�������وج�������ودا ف��ي‬ ‫«برمبيت دي س��وب��را» عشية‬ ‫اختفاء ي��ارا ولكنه ك��ان مغلقا‬ ‫ف����ي ال���ف���ت���رة م����ن ال���س���ادس���ة إال‬ ‫ال��رب��ع وح��ت��ى ال��ص��ب��اح ال��ت��ال��ي‬ ‫في السابعة والنصف وخمس‬ ‫دق���ائ���ق‪ .‬وب��ال��ن��س��ب��ة ل��روج��ي��ري‪،‬‬ ‫ك��ان إل��ق��اء القبض على املشتبه‬ ‫به هو ثمرة عملها في التحقيق‬ ‫في القضية ملدة أربعة أعوام‪.‬‬ ‫وب��ع��دم��ا ع��ان��ت م��ن االن��ت��ق��ادات‬ ‫واالت�����ه�����ام�����ات بعدم الكفاءة‪ ،‬حصلت على الثناء‬ ‫ن��ظ��را لبراعتها‪ .‬وم��ا زال بوسيتي ي��ؤك��د ب��راء ت��ه‬ ‫فيما يعتزم املحامون التشكيك في دليل الحامض‬ ‫النووي زاعمني بأن وجود الحامض النووي يثبت‬ ‫وجوده ولكنه ال يثبت مسؤوليته‪.‬‬ ‫وف��ي الوقت نفسه تعاني ث�لاث أس��ر من مأساة‬ ‫تلك القضية‪ .‬فقد فوجئت أرملة جويرنوني في‬ ‫خ��ري��ف ح��ي��ات��ه��ا ب���أن عليها ال��ت��ع��ام��ل م��ع خيانة‬ ‫زوجها وحقيقة وجود أطفال له‪.‬‬ ‫وف��ي ال��وق��ت نفسه‪ ،‬أص��ب��ح جيوفاني بوسيتي‬ ‫الذي تم تشخيصه بسرطان قاتل أشهر خائن في‬ ‫البالد فيما علم في الوقت نفسه كما علمت باقية‬ ‫البالد بأن أوالده الثالثة ليسوا أوالده في الحقيقة‪.‬‬ ‫وكشفت تسريبات من التحقيقات أن االبن الثالث‬ ‫إلستر أرزوفي‪ ،‬والذي يدعى فابيو له أب مختلف‪.‬‬ ‫والسؤال اآلن هو ما إذا كانت نتائج فحوصات‬ ‫الحامض النووي يمكنها أن تثبت حقا أن ماسيمو‬ ‫مذنب أم ال <‬


‫ي��ارا رس��ال��ة نصية ألح��د األص��دق��اء لترتيب لقاء‬ ‫بينهما خالل يوم األحد وكان ذلك آخر شيء سمع‬ ‫منها‪ .‬وك��ان ذل��ك ب��داي��ة بحث استمر ثالثة أشهر‬ ‫عن الفتاة‪ ،‬ورغم أنه لم يكن هناك ما يوحي بصلة‬ ‫عائلة يارا باختفائها فإن ذلك النوع من التحقيقات‬ ‫عادة ما يبدأ بالتحقيق مع أفراد العائلة؛ ومن ثم‪،‬‬ ‫وخالل األيام القليلة التالية‪ ،‬استجوبت روجيري‬ ‫وفريقها كافة أف��راد أس��رة جامبراسيو بحثا عن‬ ‫أي إشارات عن وجود خالفات أو أسرار سوداء‪.‬‬ ‫ول�ك��ن وال ��دي ي��ارا ك��ان��ا يتمتعان بسمعة طيبة‬ ‫ويحظيان باالحترام بني الناس؛ فأبوها هو فلفيو؛‬ ‫رج��ل ضخم ق��وي البنية ي��رت��دي ن�ظ��ارات سميكة‬ ‫ويعمل مهندسا فيما كان أبوه يعمل كرجل البريد‬ ‫املحلي خلفا لوالدته‪ .‬وكانت مورا‪ ،‬زوجة فالفيو‪،‬‬ ‫مدرسة بمدينة النجيلو القريبة‪ .‬وك��ان يبدو أن‬ ‫زواجهما مستقر فقد أنجبا أربعة أبناء‪ :‬فقد كان‬ ‫ليارا أخت كبرى هي كيبا‪ 15 ،‬عاما‪ ،‬وأخ��وان أقل‬ ‫من عشر سنوات هما ناتان وجيولي‪.‬‬

‫عندما جاءها اتصال يفيد بالعثور على الجثة‪،‬‬ ‫فأوصلت ابنتها على ال�ف��ور إل��ى امل�ن��زل واتجهت‬ ‫مباشرة إلى مسرح الجريمة‪.‬‬ ‫ورغم أن الجثة كانت في حالة تحلل‪ ،‬استطاعت‬ ‫روجيري التعرف على السترة السوداء التي تنتهي‬ ‫ب�ح��زام مطاطي وال��ذي ك��ان��ت ي��ارا ترتديه عندما‬ ‫غادرت املنزل في نوفمبر‪ ،‬كما كانت الجثة ترتدي‬ ‫قميصا عليه صورة «هللو كيتي»‪.‬‬ ‫ووج��د املحققون الذين كانوا يفحصون مسرح‬ ‫الجريمة جهاز األيبود ومفاتيح املنزل باإلضافة‬ ‫إل��ى شريحة هاتف «إل ج��ي» وبطاريته‪ ،‬فيما لم‬ ‫يكن الهاتف نفسه موجودا‪.‬‬ ‫وأجري التشريح على يد أشهر األطباء الشرعيني‬ ‫اإليطاليني وهي األستاذة كريستينا كاتانيو التي‬

‫بعد ثالثة أشهر من اختفاء يارا‬ ‫ومع اقتراب الشتاء‪ ،‬كانت «بيمبيت دي سوبرا»‬ ‫تشهد لغزا محيرا استحوذ على مخيلة ساكنيها‪،‬‬ ‫وك��ان��ت أس��رة جامبراسيو منزعجة ب�ش��دة نظرا‬ ‫للشهرة املفاجئة التي أحاطت بهم‪ ،‬فقد أصبحت‬ ‫ك��ام�ي��رات ال�ت�ل�ف��زي��ون دائ �م��ة ال�ت��واج��د ف��ي زقاقهم‬ ‫الهادئ‪ ،‬مما دفع أفراد األسرة إلى حبس أنفسهم‬ ‫بالداخل مغلقني نوافذهم حتى أنهم تخلوا عن‬ ‫ف �ك��رة ال �ق �ي��ام ب�م�س�ي��رة ب��امل �ش��اع��ل ل ��زي ��ادة ال��وع��ي‬ ‫بقضيتهم‪.‬‬ ‫وفي مساء ‪ 26‬فبراير (شباط) ‪ .2011‬وبعد ثالثة‬ ‫أشهر م��ن اختفاء ي��ارا‪ ،‬ك��ان رج��ل متوسط العمر‬ ‫يدعى إالري��و سكوتي يجرب طائرته الالسلكية‬ ‫في مدينة «كنوال دي إيزوال» الصغيرة التي تبعد‬ ‫‪ 10‬كيلومترات عن جنوب «برمبيت دي سوبرا»‪.‬‬ ‫ت�ق��ع ك�ن��وال وس��ط م�ن�ش��آت صناعية وأدغ� ��ال مما‬ ‫جعلها تبدو منطقة آمنة خالية من السكان تسمح‬ ‫لسكوتي بتجربة نموذجه من الطائرة الجديدة‪.‬‬ ‫على أي ح��ال‪ ،‬ل��م تكن الطائرة تعمل كما ينبغي‬ ‫ف��اض �ط��ر س �ك��وت��ي إل ��ى إن��زال �ه��ا وس ��ط األع �ش��اب‬ ‫ال�ط��وي�ل��ة‪ .‬وع�ن��دم��ا ذه��ب الل�ت�ق��اط�ه��ا‪ ،‬مل��ح مالبس‬ ‫ممزقة على مقربة من الطائرة‪ .‬في البداية ظن أن‬ ‫شخصا ما ألقى بقمامته ثم ملح الحذاء‪.‬‬

‫وج��دت آث��ار كلس ف��ي جهاز ي��ارا التنفسي وآث��ار‬ ‫أل �ي��اف ن�ب��ات ال �ج��وت ال�ت��ي تستخدم ف��ي صناعة‬ ‫الحبال‪ ،‬على مالبس يارا‪.‬‬ ‫وك�ش�ف��ت ف�ح��وص��ات ال �ط��ب ال �ش��رع��ي أن ي ��ارا لم‬ ‫تتعرض لالغتصاب وأنها تعرضت لعدة طعنات‬ ‫إثر سالح حاد اخترق مالبسها في عدة مناطق‪.‬‬ ‫ويبدو أنها تعرضت للهجوم ثم تركت لتموت في‬ ‫العراء‪.‬‬ ‫وتشير آثار الكلس والجوت إلى أن القاتل ربما‬ ‫يكون م��ن منطقة اإلن�ش��اءات املحيطة‪ ،‬واستطاع‬ ‫ف��ري��ق ال�ط��ب ال�ش��رع��ي ال�ح�ص��ول على عينتني من‬ ‫الحامض النووي‪ ،‬إحداهما من بطارية هاتف يارا‬ ‫واألخ��رى م��ن إصبعني المسا قفازيها األس��ودي��ن‬ ‫ول�ك��ن ل��م ت�ت�ط��اب��ق ال�ع�ي�ن�ت��ان م��ع أي م��ن العينات‬ ‫املسجلة لدى السلطات‪.‬‬ ‫وبعد ذلك بشهرين‪ ،‬وفي أبريل (نيسان)‪ ،‬اتصل‬ ‫رئيس قسم الطب الشرعي في «بارما» بروجيري‬ ‫وأخبرها أن لديها أخ�ب��ارا س��ارة‪« .‬ه��ذه الجريمة‬ ‫مسرح الجريمة‬ ‫تحمل توقيعا‪ .‬لقد وجدنا حامضا نوويا لرجل‬ ‫وكانت روجيري عائدة من يوم للتزلج مع ابنتها على املالبس الداخلية للضحية»‪ .‬فيبدو أن القاتل‬

‫ج ��رح أث �ن��اء م �ق��اوم��ة ال�ض�ح�ي��ة م �م��ا ج�ع�ل��ه ي�ت��رك‬ ‫حامضه النووي على املالبس الداخلية للضحية‪.‬‬ ‫وإث��ر ه��ذا االكتشاف‪ ،‬أطلقت روجيري وفريقها‬ ‫على املشتبه فيه اس��م «مجهول ‪ »1‬وب��دأت رحلة‬ ‫م �ط��اردة ال�ق��ات��ل‪ .‬أقيمت ج�ن��ازة ي��ارا ف��ي صبيحة‬ ‫ح ��ارة ف��ي أواخ ��ر م��اي��و (أي� ��ار) ‪ ،2011‬وف�ي�م��ا لفت‬ ‫التابوت األبيض املغطى بباقة كبرى من الزهور‬ ‫ال �ب �ي �ض��اء أن� �ظ ��ار ال �ح �ض ��ور‪ ،‬ك��ان��ت ع��رب��ة ال��دف��ن‬ ‫تتحرك ببطء تجاه الصالة الرياضية‪ ،‬حيث أقيمت‬ ‫الجنازة في الصالة الرياضية التي قضت يارا بها‬ ‫آخر سويعات حياتها‪.‬‬ ‫وأثناء الجنازة‪ ،‬أخذ‬ ‫املحققون آالفا من عينات الحامض النووي دون‬ ‫أن يكون لديهم أي خيوط لحل الجريمة‪.‬‬

‫ملهى «سابي موبيلي»‬ ‫وعلى مقربة من املنطقة التي عثر فيها على‬ ‫ج�ث��ة ي ��ارا ك ��ان ي��وج��د م�ل�ه��ى ل�ي�ل��ي ي�ط�ل��ق عليه‬ ‫«س��اب��ي م��وب �ي �ل��ي»‪ .‬وك��ان��ت روج �ي��ري ت ��درك أن‬ ‫القتلة يميلون عادة إلى ترك الجثث في مناطق‬ ‫يألفونها جيدا‪.‬‬ ‫وأخ �ي��را اس�ت�ط��اع��ت روج �ي��ري أن ت��أخ��ذ ف�ت��رة‬ ‫راحة‪ .‬فقد كانت إحدى العينات التي تم أخذها‬ ‫م��ن «س��اب��ي م��وب�ي�ل��ي» ت �ب��دو م�ش��اب�ه��ة إل ��ى حد‬ ‫ك�ب�ي��ر ل�ع�ي�ن��ة امل�ش �ت�ب��ه ف �ي��ه «م �ج �ه��ول ‪ »1‬وك ��ان‬ ‫الرجل صاحب العينة املشابهة يدعى داميانو‬ ‫جويرنوني‪ .‬ولكن سرعان ما تم استبعاده ألنه‬ ‫كان في أميركا الجنوبية يوم اختفاء ي��ارا وإن‬ ‫كان خبراء الطب الشرعي أكدوا أنه يجب أن يكون‬ ‫على صلة قرابة بالقاتل‪.‬‬ ‫وعندما بدأت روجيري وفريقها جمع معلومات‬ ‫عن أسرة جويرنوني توصلوا الكتشاف مذهل‪:‬‬ ‫وه��و أن أم دام �ي��ان��و ج��وي��رن��ون��ي‪ ،‬أوروا زان��ي‪،‬‬ ‫كانت قد عملت لعشر سنوات كخادمة في منزل‬ ‫ج��ام�ب��راس�ي��و‪ .‬وك��ان��ت تقطن ع�ل��ى م�ق��رب��ة منهم‬ ‫وتتردد على منزلهم مرتني في األسبوع طوال‬ ‫فترة طفولة يارا‪.‬‬ ‫وك��ان��ت زان ��ي ام ��رأة متوسطة ال�ع�م��ر تربطها‬ ‫ع�لاق��ات طيبة بأصحاب العمل‪ .‬فتذكرت زان��ي‬ ‫كيف كانت ي��ارا دائما ما تطلب منها مشاهدة‬ ‫أح��دث ح��رك��ات الجمباز ال�ت��ي تعلمتها وكانت‬ ‫تخبرها أن تتوخى الحذر كي ال تؤذي نفسها‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2011‬لم تعد تعمل لدى العائلة ولكنها‬ ‫أكدت أن عالقتها بوالدي يارا كانت عالقة ممتازة‪.‬‬ ‫وقالت زاني الحقا بأن التحقيق معها في مقتل‬ ‫يارا كان «أسوأ شيء حدث لها على اإلطالق»‪.‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪55‬‬


‫عندما اختفت يارا ذات الثالثة عشر ربيعا على مقربة من منزلها في عام ‪ .2010‬أسرت التحقيقات حول اختفائها خيال‬ ‫إيطاليا بأسرها؛ حيث مثل اختفاؤها مأساة كبرى في مدينة «برمبيت دي سبورا» الصغيرة التي تقع في شمالي إيطاليا‪،‬‬ ‫وأطلق عملية تحقيق مثيرة للجدل ألقت الضوء على الكثير من الخيانات الخفية وكشفت الكثير من األسرار حتى أن املحققني‬ ‫قاموا بما يمكن أن يكون أكبر عملية فحوص حامض نووي في التاريخ الجنائي‪.‬‬ ‫وأخيرا وبعد التوصل ملتهم يمثل للمحاكمة‪ ،‬وعد محامي الدفاع بتفجير مفاجأة جديدة زاعما أن لديه شاهدا سوف يقوض‬ ‫األسس التي بنيت عليها القضية‪.‬‬

‫القتيلة واملتهم بالجريمة‬

‫الجريمة التي استحوذت على اهتمام مدينة بأسرها ملدة ‪ 4‬سنوات‬

‫ً‬ ‫اختفاء اإليطالية يارا جامبراسيو يكشف ‪ 30‬عاما من األسرار‬ ‫لندن‪ :‬مينا الدروبي‬ ‫ب� � ��دأت ال �ق �ص��ة ع �ش �ي��ة ‪ 26‬م ��ن ن��وف�م�ب��ر‬ ‫(تشرين ال�ث��ان��ي)‪ ،2010 ،‬عندما غ��ادرت‬ ‫ي � ��ارا ج��ام �ب��راس �ي��و م� �ن ��زل أس ��رت �ه ��ا ف��ي‬ ‫ال�س��اع��ة الخامسة وال��رب��ع م�س��اء لكي ت��ذه��ب إلى‬ ‫صالة رياضية محلية لحضور تدريب الجمباز‬ ‫ك��امل�ع�ت��اد‪ .‬وك��ان��ت ت�ل��ك ال�ص��ال��ة ت�ق��ع ع�ل��ى مبعدة‬ ‫مسافة قصيرة للغاية من منزلها‪ .‬وعندما لم تعد‬ ‫‪54‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫ي��ارا إل��ى منزلها بحلول الساعة السابعة مساء‪،‬‬ ‫حاول والداها االتصال بها على هاتفها الجوال‬ ‫ولكن محاوالتهما باءت بالفشل‪ ،‬فقررا االتصال‬ ‫بالشرطة‪.‬‬ ‫ت��م تحويل املكاملة إل��ى مكتب النائب ال�ع��ام في‬ ‫وس��ط عاصمة املقاطعة «ب��رغ��ام��و» وه��ي مدينة‬ ‫تبعد ‪ 11‬كيلومترا شرقي «برمبيت دي سوبرا»‪.‬‬ ‫وكانت املأمور في ذلك الوقت هي ليتزيا روجيري‪،‬‬ ‫‪ 45‬عاما‪ ،‬وهي شرطية مخضرمة ذاع صيتها عبر‬ ‫قتال مافيا «ال�ك��وزا وس�ت��را» ف��ي صقلية‪ .‬وكانت‬

‫تعمل كمأمور ملدة تصل إلى نحو ‪ 15‬عاما وتعلم‬ ‫تماما ما يجب عليها عمله‪ .‬فخالل دقائق‪ ،‬كانت‬ ‫قد نشرت ضباط الشرطة وقوات الدرك والشرطة‬ ‫العسكرية في «برمبيت دي سوبرا»‪.‬‬

‫مدرب الجمباز‬ ‫وفي البداية‪ ،‬أفاد مدرب الجمباز بأن الفتاة أدت‬ ‫بعض التدريبات الخفيفة وغادرت في نحو الساعة‬ ‫السادسة‪ .‬وفي الساعة السابعة إال الربع‪ ،‬أرسلت‬


‫معهد «بوليتكنيك» ف��ي ورسيستر بماساتشوستس‪ ،‬إن‬ ‫مجموعته قررت أن الوقت املتاح سيسمح لهم بعمل محدود‬ ‫فقط‪ ،‬لذلك اختاروا التركيز على البرنامج والطرق التشغيلية‬ ‫التي يمكن أن تمنع الروبوت من السقوط‪ .‬ومما أسعد أتكيسون‬ ‫كانت آلتهم الوحيدة التي ال يمكنها التدحرج والتي استطاعت‬ ‫البقاء مستقيمة طوال املهمة على الرغم من أنها لم تتمكن من‬ ‫إتمام جميع املهام في أي يوم من أيام النهائيات‪.‬‬ ‫سوف يتغير األم��ر خالل عقد أو أكثر‪ .‬أحد األسباب التي‬ ‫جعلت فريق «معهد اإلدراك اإلنساني واآللي» يقدم أفضل‬ ‫أداء مع واح��د من روب��وت��ات «أطلس» السبعة‪ ،‬هو خبرتهم‬ ‫الكبيرة في التعامل مع اآللة ذات القدمني‪ .‬ينطبق األمر أيضا‬ ‫على فريق «هوبو»‪ ،‬وقد صمم جون هو أو‪ ،‬رئيس الفريق‬ ‫أول روبوت «هوبو» منذ أكثر من عشرة أعوام‪ .‬ولكن الخبرة‬ ‫ليست كل شيء‪ .‬يملك الباحثون اليابانيون خبرة في مجال‬ ‫الروبوتات أكبر من أي أشخاص آخرين على وجه األرض‪،‬‬ ‫ول�ك��ن ك��ان أداء فرقهم ضعيفا‪ .‬ي�ق��ول ال��دك�ت��ور ب��رات من‬ ‫«داربا» إن ذلك يرجع إلى عجزهم عن االختيار بني بديلني‪.‬‬ ‫حاول بعض منهم تصميم روبوتات جديدة للمسابقة‪ ،‬ولم‬ ‫يحققوا الكثير في ما يتعلق بالبرمجة‪ ،‬بينما اعتمد آخرون‬ ‫على روبوتات قديمة لم تكن على مستوى املهام املطلوبة‪.‬‬ ‫أشار أحد املراقبني إلى أن النتائج قد تعمل بالفعل لصالح‬ ‫معامل الروبوت اليابانية؛ فبعد أن ُهزمت أمام فريق كوري‬ ‫ج�ن��وب��ي‪ ،‬ف�س��وف تحفز ال�ش�ع��ور ب��ال�ف�خ��ر ال�ق��وم��ي وت��زي��د‬ ‫حجم التمويل‪ .‬وقد تشجع تلك الهزيمة أيضا على فكرة أن‬ ‫الروبوتات اليابانية‪ ،‬التي تعد عاملا في‬ ‫حد ذاتها‪ ،‬يمكن أن تتلقى دروسا من‬ ‫أماكن أخرى‪.‬‬

‫هدف املسابقة‬ ‫يقول جيري برات‪ ،‬قائد فريق «معهد اإلدراك اإلنساني واآللي»‬ ‫إن السير له مميزات هائلة‪ ..‬يستطيع اإلنسان بسهولة التقدم‬ ‫عبر مسار متقطع ال يزيد عرضه على قدم واحدة‪ ،‬متجاوزا‬ ‫بخطواته الواسعة عقبات كبيرة بما يكفي لعرقلة عجالت أي‬ ‫سيارة ليست وحشية‪ .‬ولكن كما ظهر في مسابقة «داربا»‪،‬‬ ‫ما زال البرنامج والهيكل الالزم المتالك هذه القدرة بعيدا‪ .‬في‬ ‫الوقت الحالي‪ ،‬يبدو أن أي روبوت مصمم لالستجابة للكوارث‬ ‫املقترحة على طريقة املسابقة‪ ،‬سيحتاج‪ ،‬على األرجح‪ ،‬بديال‬ ‫للساقني‪ .‬إحدى النقاط األخرى التي تهتم بها مسابقة «داربا»‬ ‫للروبوتات‪ ،‬استيعاب الوقت الذي يستغرقه تحقيق اإلنجاز‪.‬‬ ‫ي��رى ال��دك�ت��ور غيل ب ��رات‪ ،‬ال��ذي ي��دي��ر ال�ب��رن��ام��ج ف��ي «دارب ��ا»‪،‬‬ ‫(وهو ال يرتبط بصلة قرابة مع السيد برات من «معهد اإلدراك‬ ‫اإلنساني واآللي» ولكنه أشرف على بحث الدكتوراه الخاص‬ ‫به) أن تلك وسيلة لتحفيز التقدم في هذا املجال‪ ،‬ولكنها أيضا‬ ‫تساعد على قياس مدى السرعة املمكنة لتحقيق هذا التقدم‪.‬‬ ‫يتذكر جميع املعنيني في مسابقة «داربا» للروبوتات التحسن‬ ‫املذهل ال��ذي ح��دث في أول «تحديات (دارب��ا) الكبرى» والتي‬ ‫أقيمت للسيارات اآللية‪ُ .‬ويذكر أن تلك املسابقة شهدت في عام‬ ‫‪ 2004‬فوز سيارة باملركز األول بعد أن قطعت مسافة ‪11.8‬‬ ‫كيلومترا فقط في طريق يبلغ طوله ‪ 240‬كيلومترا‪ ،‬ولكن في‬ ‫عام ‪ ،2005‬استطاعت خمسة فرق قطع املسافة كاملة‪ .‬أدى‬ ‫هذا التأكيد على وجود إمكانات سريعة التوسع‪ ،‬دورا في إقناع‬ ‫الناس‪ ،‬أمثال مديري «غوغل»‪ ،‬بأن السيارات ذاتية القيادة فكرة‬ ‫ممكنة عمليا في املستقبل غير البعيد‪.‬‬ ‫جاء التقدم الذي تم إحرازه بني أولى تجارب مسابقة «داربا»‬

‫سقوط إنسان آلي على األرض‬ ‫خالل املسابقة (غيتي)‬

‫للروبوتات في عالم الواقع‪ ،‬في أواخر عام ‪ ،2013‬والنهائيات‬ ‫التي عقدت في الشهر الحالي‪ ،‬أق��ل إث��ارة للدهشة‪ .‬لم تصل‬ ‫الروبوتات الشبيهة باإلنسان إلى مرحلة االستعداد لالنطالق‬ ‫التي تمتعت بها السيارات ذاتية القيادة منذ ‪ 10‬أعوام‪ .‬وكانت‬ ‫الفرق التي تستخدم روبوتات «أطلس» تعلم أن فترة تقترب‬ ‫من العامني من العمل منحتهم فرصة لتنفيذ ما هو أكثر من‬ ‫ال�ق��درة البسيطة على السير‪ .‬ويقول أح��د الخبراء إن عملية‬ ‫تطوير حركة تنقل هائلة على األرض ومعالجتها‪ ،‬تحتاج إلى‬ ‫خمسة أعوام‪ .‬كذلك كانت هناك قيود بالنسبة لبنية الجهاز‪،‬‬ ‫فلم تكن ذراعا «أطلس» قوية بما يكفي لرفع وزنه البالغ ‪150‬‬ ‫كيلوغراما إذا تعرض للسقوط‪.‬‬

‫«هوبو» الفائز‬ ‫يقول كريس أتكيسون من «كارنيغي ميلون»‪ ،‬الذي كان ضمن‬ ‫أحد الفرق التي عملت على تشغيل روب��وت «أطلس» بقيادة‬

‫ل ��م ي �ق �ت �ص��ر ه� ��دف م �س��اب �ق��ة «دارب � � ��ا»‬ ‫للروبوتات على جمع مزيد من الباحثني‬ ‫املهتمني بالروبوتات الشبيهة باإلنسان‬ ‫في أميركا‪ ،‬بل شمل أيضا مساعدتهم‬ ‫ف ��ي م�ج�ت�م��ع ي �ش �ت��رك ف ��ي االه �ت �م��ام��ات‬ ‫والخبرات‪ .‬ومن خالل اإلرشاد إلى أفضل‬ ‫من يقومون بالعمل‪ ،‬كشفت العملية أيضا‬ ‫عمن سيستحوذ عليهم‪ .‬قام كل من الري‬ ‫بيج من «غوغل»‪ ،‬وإلون ماسك من «سبيس‬ ‫إك ��س وت �ي �س�لا»‪ ،‬وت��راف �ي��س ك��االن �ي��ك من‬ ‫«أوب��ر»‪ ،‬بزيارة املسابقة في مرحلتها النهائية‪ .‬وفي األشهر‬ ‫األخيرة استحوذت «أوبر» على عدد كبير من أصحاب املواهب‬ ‫من «مركز هندسة ال��روب��وت��ات الوطني»‪ ،‬وم��ن بينهم رئيس‬ ‫املركز وقائد فريق «تشيمب» توني ستينتز‪ .‬يقول الدكتور‬ ‫روز غيركي إنه سمع مؤخرا مسؤوال في هيئة حكومية أخرى‬ ‫تعمل على تمويل أبحاث الروبوت‪ ،‬يعرب عن مخاوفه من أن‬ ‫جمع كثير م��ن أص�ح��اب امل��واه��ب وعزلهم ف��ي مشروعات ال‬ ‫يستطيع املجتمع الناشئ متابعتها أو التعلم منها‪ ،‬قد يخلف‬ ‫وراءهم «صحراء بحثية»‪.‬‬ ‫ويعترف الدكتور برات في وكالة «داربا» بتلك املخاوف‪ ،‬ولكنه‬ ‫يقول إنه ال يوجد خطر حقيقي ما دامت املشروعات التي تتم‬ ‫في الخفاء تخرج إلى النور في نهاية األمر‪ .‬ومع انتهاء فعاليات‬ ‫املسابقة‪ ،‬يغادر الدكتور برات «داربا» متجها إلى ٍّ‬ ‫تحد جديد‪،‬‬ ‫على الرغم من أنه ال يملك الحديث عن هوية هذا التحدي‪ ،‬أو‬ ‫أين سيعمل على تنفيذه <‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪53‬‬


‫وقع اإلنسان اآللي األحمر الالمع ممددا أمام الباب‪ ،‬فيما يبدو أنه غير قادر على‬ ‫الحركة‪ .‬كان «تشيمب»‪ ،‬الذي صنع في املركز الوطني لهندسة الروبوتات في‬ ‫جامعة كارنيغي ميلون‪ ،‬قد نجح في قيادة سيارة عبر ممر متعرج بسيط قصير‬ ‫الطول‪ ،‬ثم خرج من السيارة‪ ،‬وإن لم يكن بسهولة‪ ،‬ثم توجه إلى باب ما وفتحه‪.‬‬ ‫ولكن بعد أن بدأ في الحركة عبر الباب‪ ،‬توقف «تشيمب» فجأة‪ ،‬وبسبب وزنه‬ ‫الكبير؛ حيث يزن ‪ 200‬كيلوغرام‪ ،‬وابتعاد مركز ثقله‪ ،‬سقط أرضا‪.‬‬

‫مسابقة الروبوتات تكشف عن مزايا وعيوب تكنولوجيا اآلليني‬

‫ليلة سقوط اإلنسان اآللي‬

‫لندن‪« :‬املجلة»‬ ‫لم يكن أول روب��وت يسقط‪ .‬ك��ان ذل��ك في مسابقة‬ ‫«داربا» للروبوتات‪ ،‬التي استغرقت ثالثة أعوام‪ ،‬حيث‬ ‫حاولت فرق الباحثني من عدة دول جعل الروبوتات‬ ‫تقوم بأشياء قد تكون ضرورية بعد وقوع كارثة مثلما حدث‬ ‫في مفاعل «فوكوشيما» النووي في اليابان عام ‪ .2011‬شهدت‬ ‫الجولة النهائية من املسابقة التي عقدت في بومونا بكاليفورنيا‬ ‫ف��ي ‪ 5‬و‪ 6‬يونيو (ح��زي��ران) الحالي‪ ،‬سقوط ال��روب��وت��ات بكل‬ ‫الطرق؛ فمنها ما سقط على وجهه‪ ،‬ومنها على ظهره‪ ،‬ومنها‬ ‫من تعثر كطفل دارج‪ ،‬أو انثني كبدالت رخيصة‪ ،‬ومنها ما‬ ‫سقط كأطنان م��ن ال�ط��وب‪ .‬تعرضت ال��روب��وت��ات النبعاجات‬ ‫وكسور وتقلصات وحتى نزف (أو على األقل فقدان كارثي‬ ‫للسوائل الهيدروليكية)‪ .‬ولم يتمكن أي منها من النهوض من‬ ‫جديد‪ ،‬ما عدا «تشميب»‪.‬‬

‫برمجة «تشيمب»‬ ‫لم يكن فريق مركز هندسة الروبوتات املشغل لـ«تشيمب» يملك‬ ‫أي خطط محددة للوضع الذي وضع فيه الروبوت‪ .‬وما زاد األمر‬ ‫سوءا أن «تشيمب» أسند رأسه عبر الباب‪ ،‬مما يعني أنه دخل‬ ‫ج��زءا في مسار املسابقة تم فيه تعمد إضعاف القدرة على‬ ‫االتصال بني الروبوت واملتحكمني به حتى تزداد حاجة الروبوت‬ ‫إلى العمل باستقاللية‪ .‬ولكن وضعت برمجة «تشيمب» عدة‬ ‫ط��رق تمكنه م��ن الحركة امللتوية‪ ،‬حتى استطاع ف��ي النهاية‬ ‫التمدد إلى وضع عرف من خالله كيفية النهوض‪ .‬وك��ان رد‬ ‫فعل الجمهور املشاهد عاصفا‪.‬‬ ‫ولكن مع ذلك‪ ،‬لم يفز «تشيمب» في النهائيات‪ ،‬التي كانت من‬ ‫نصيب «هوبو»‪ ،‬وهو روبوت أصغر حجما تم تطويره في‬ ‫«املعهد املتقدم للعلوم والتكنولوجيا» في كوريا الجنوبية‪.‬‬ ‫حصل «هوبو» على جائزة املركز األول التي تقدر بمليوني‬ ‫دوالر من «دارب��ا»‪ ،‬وهو مركز تكنولوجيا يخضع إلدارة‬ ‫البنتاغون وي�ق��وم بتنظيم املسابقة‪ .‬كانت تلك املسابقة‬ ‫وسيلة «داربا» لدفع أعمال تطوير الروبوتات القادرة على‬ ‫العمل ف��ي بيئة مصممة م��ن أج��ل البشر ولكنها تحمل‬ ‫خطورة كبيرة عليهم‪ ،‬لهذا تطلبت املسابقة قيادة الروبوت‬ ‫‪52‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫للسيارات‪ ،‬وفتح األبواب‪ ،‬واستخدام أدوات الطاقة‪ ،‬وتوصيل‬ ‫أو فصل الكابالت الكهربائية‪ ،‬وتسلق الدرج‪ ..‬وما إلى ذلك‪،‬‬ ‫تحت إشراف بشري‪ ،‬ولكن ليس بالضرورة تحت التحكم‬ ‫املباشر من البشر‪.‬‬ ‫ال يبدو هذا صعبا‪ .‬ولكن الروبوتات غبية؛ فتلك األجهزة‬ ‫التي لم تتم برمجتها ملهام محددة غالبا ما تكون صعبة‬ ‫املراس‪ ،‬وأحيانا ما تكون عنيدة‪ .‬كانت إخفاقات الروبوتات‬ ‫غريبة ومؤثرة بالنسبة للمتفرجني في بومونا؛ فقد أصابوا‬ ‫مصمميهم بإحباط بالغ‪ .‬وعندما ب��دأت مسابقة «دارب��ا»‬ ‫ل�ل��روب��وت��ات ف��ي ع��ام ‪ ،2012‬ل��م يكن ه�ن��اك آل�ي��ون ق��ادرون‬ ‫على القيام بجميع املهام املتصورة‪ ،‬ناهيك بفعلها مهمة‬ ‫تلو األخ��رى‪ .‬أحد مقاييس نجاح البرنامج هي أنه بحلول‬ ‫النهاية استطاع ثالثة متسابقني إتمام سلسلة من املهام‬ ‫النهائية في أقل من ساعة وه��م‪« :‬هوبو»‪ ،‬و«رانينغ مان»‬ ‫(ق��ام بتشغيله معهد فلوريدا ل�لإدراك اإلنساني واآلل��ي)‪،‬‬ ‫و«تشيمب» الذي حصل على املركز الثالث وجائزة قيمتها‬ ‫‪ 500‬ألف دوالر‪.‬‬ ‫على الرغم من أن «تشيمب» لديه أربعة أطراف‪ ،‬مثل معظم‬ ‫الروبوتات املشتركة في النهائيات‪ ،‬فإنه‪ ،‬على عكس معظم‬ ‫اآلالت األخرى‪ ،‬ال يمشي‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬يستخدم مسارات‬ ‫ج��رار ح��ول ما يمكن االعتقاد بأنه ذراع��اه وق��دم��اه‪ .‬كذلك‬ ‫يستطيع «تشيمب» الحركة في وضع مستقيم مما يترك‬ ‫للطرفني العلويني حرية القيام بأشياء مثل ثني الصمامات‬ ‫أو صنع الثقوب في الجدران‪ ،‬بينما يتولى الطرفان السفليان‬ ‫مهمة ال�ح��رك��ة‪ .‬عندما يحتاج ال��روب��وت إل��ى اجتياز أرض‬ ‫وعرة‪ ،‬يمكنه االنحناء على أطرافه األربعة في وضع يشبه‬ ‫السلحفاة‪ .‬ويظهر أن هذه القدرة التعددية مفيدة جدا‪.‬‬ ‫أم ��ا «ه ��وب ��و» ال �ف��ائ��ز‪ ،‬ف�ي�ت�م�ي��ز ب��أن��ه أك �ث��ر ش�ب�ه��ا ب��اإلن �س��ان‪،‬‬ ‫ويستطيع السير ج�ي��دا‪ .‬ولكنه أي�ض��ا يتمتع بمميزات غير‬ ‫بشرية في ما يتعلق بالحركة؛ إذ تسمح له العجالت املوجودة‬ ‫في قدميه وركبتيه باالنطالق بسرعة مع انثناء ساقيه تحته‪،‬‬ ‫مما يقدم بديال أسرع وأكثر استقرارا من السير‪ .‬في الواقع‬ ‫ليست م�ص��ادف��ة أن اث�ن�ين م��ن الفائزين ال�ث�لاث��ة يستخدمان‬ ‫وسائل متعددة في الحركة‪ .‬من بني ‪ 23‬روبوتا حضرت تجارب‬ ‫املسابقة‪ ،‬كان هناك ‪ 18‬آلة تسير في كل خطوة‪ ،‬بينما تمتع ‪6‬‬ ‫آخرون بالقدرة على التدحرج‪ ،‬وقد وصل ‪ 5‬من هؤالء الستة‬ ‫إلى املراكز الثمانية األولى‪.‬‬

‫مختصون يحملون إنسان إلى على نقالة لغرفة‬ ‫العناية الفائقة بعد سقوطه خالل نهائيات «تحدي‬ ‫الروبوتات» في بومونا بكاليفورنيا (غيتي)‬

‫روبوت شبيه باإلنسان‬ ‫لم تكن صعوبة السير خبرا جديدة بالنسبة للمصممني في‬ ‫املسابقة؛ بل كانت إحدى نقاط التدريب‪ .‬يفوق تطوير روبوت‬ ‫شبيه باإلنسان يملك قدرات عالية‪ ،‬من الصفر‪ ،‬إمكانات معظم‬ ‫املعامل الجامعية التي قد تملك أفكارا جيدة حول كيفية تحسني‬ ‫الروبوت‪ .‬ونظرا لالعتقاد بأن الروبوتات التي يمكنها السير‬ ‫تكنولوجيا مفيدة وقابلة للتحول‪ ،‬نظمت «داربا» املسابقة مع‬ ‫الحد من موانع االشتراك لتشجيع الباحثني الذين لم يتعاملوا‬ ‫من قبل مع تلك املشكالت‪.‬‬ ‫وف� ��ي س �ب �ي��ل ه� ��ذا ال � �غ ��رض‪ ،‬ط �ل �ب��ت ال ��وك ��ال ��ة م ��ن «ب��وس �ط��ن‬ ‫دايناميكس»‪ ،‬وهي شركة قامت بتصنيع روبوتات متنوعة‬ ‫يمكنها السير وال �ج��ري‪ ،‬لصالح ب��رام��ج عسكرية‪ ،‬تصنيع‬ ‫روب��وت ذي ساقني وذراع�ي�ن وط��ول��ه م�ت��ران يسمى «أط�ل��س»‪.‬‬ ‫وشهدت جولة ما قبل االختيار‪ ،‬التي أقيمت في منتصف عام‬ ‫‪ ،2013‬مشاركة أكثر من مائة فريق في تطوير برنامج للتحكم‬ ‫في «أطلس» في بيئة افتراضية‪ .‬وحصلت املجموعات التي‬ ‫حققت أفضل أداء‪ ،‬على «أطلس» حقيقي للعمل به‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إل��ى امل��ال لتشغيل فرقهم‪ .‬كما قامت «دارب��ا» بدعم تكاليف‬ ‫تطوير بعض املنافسني مثل «تشيمب»‪ .‬وفي املجمل‪ ،‬اقتربت‬ ‫تكاليف املسابقة من مائة مليون دوالر‪.‬‬ ‫أظهر روبوت «أطلس» «رانينغ مان»‪ ،‬الذي فاز من خالله فريق‬ ‫«معهد اإلدراك اإلنساني واآلل��ي» باملركز الثاني‪ ،‬م��دى قدرة‬ ‫ال��روب��وت ال��ذي بعد إتمامه جولته الفائزة تسبب ف��ي إح��راج‬ ‫مشغليه بسقوطه رغم نجاحه في إنجاز خطوات االنتصار‪.‬‬


‫رئيس االتحاد العاملي لألسمدة لـ‬

‫ً‬ ‫سنويا‬ ‫‪ :‬استهالك العالم من األسمدة ينمو بمتوسط ‪% 1.8‬‬

‫حجم االستثمار في مغذيات األراضي الزراعية‬ ‫بلغ ‪ 110‬مليارات دوالر أميركي‬ ‫القاهرة‪ :‬شريف اليماني‬ ‫قال عبد الرحمن جواهري‪ ،‬رئيس االتحاد‬ ‫ال �ع��امل��ي ل�لأس �م��دة‪ ،‬ف��ي ح ��وار م��ع مجلة‬ ‫«امل�ج�ل��ة» إن م��ن امل�ت��وق��ع أن ينمو الطلب‬ ‫العاملي على األسمدة بشكل مستمر خالل الفترة‬ ‫املقبلة‪.‬‬ ‫وتوقع الجواهري الذي يشغل أيضا منصب رئيس‬ ‫االتحاد العربي لألسمدة‪ ،‬والذي جرى انتخابه في‬ ‫مايو (أيار) رئيسا لالتحاد العاملي‪ ،‬أن يشهد الطلب‬ ‫ً‬ ‫العاملي على األسمدة ً‬ ‫نموا معتدال‪ ،‬وقال‪« :‬على املدى‬ ‫ُ‬ ‫استهالك األسمدة على مستوى‬ ‫املتوسط‪ ،‬يظهر ً‬ ‫العالم ً‬ ‫نموا متوسطا يبلغ ‪ 1.8‬في املائة ليصل إلى‬ ‫‪ 199.4‬مليون ط��ن بحلول ع��ام ‪.2018‬وإل� ��ى نص‬ ‫الحوار‪..‬‬ ‫> ف��ي البداية ن��ود معرفة أنشطة االتحاد‬ ‫ال �ع ��امل ��ي ل�ل�أس� �م ��دة‪ ،‬وح� �ج ��م ه� ��ذا االت� �ح ��اد‬ ‫والدور الذي يضطلع به على مستوى الوفاء‬ ‫باالحتياجات العاملية من األسمدة؟‬ ‫ يعتبر االت�ح��اد العاملي لألسمدة ‪ IFA‬املنظمة‬‫العاملية الوحيدة التي تمثل قطاع األس�م��دة حول‬ ‫العالم‪ ،‬وق��د تأسس في لندن ع��ام ‪ ،1927‬ويضم‬ ‫ً‬ ‫عضوا من ‪ 84‬بلدا‪ ،‬ويضم هذا االتحاد‬ ‫اليوم ‪540‬‬ ‫مصنعي األس �م��دة ب��اإلض��اف��ة إل��ى األع �ض��اء من‬ ‫امل�ت��داول�ين ف��ي بيع وش��راء األس�م��دة‪ ،‬وك��ذل��ك باعة‬ ‫امل�ع��دات إل��ى جانب أعضاء من منتسبي وسائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬أي أن االتحاد يغطي جميع األنشطة ذات‬ ‫العالقة بقطاع األسمدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مساهما ً‬ ‫كبيرا في استدامة‬ ‫ويعتبر االتحاد أيضا‬ ‫إنتاج الغذاء في العالم‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإنه ينفذ بعض‬ ‫األنشطة من خالل تعاون وثيق مع منظمة األغذية‬ ‫والزراعة لألمم املتحدة (الفاو)‪.‬‬ ‫> ما مجاالت النمو الرئيسية في صناعة‬ ‫األسمدة؟ وما االتجاهات التي يجب البحث‬ ‫عنها وتحديدها في األسواق العاملية؟‬ ‫ على مدى السنوات الخمس املقبلة‪ ،‬من املتوقع‬‫بشكل مطرد‪.‬‬ ‫أن ينمو الطلب العاملي على األسمدة‬ ‫ٍ‬ ‫ومن املتوقع أن يرتفع الطلب العاملي على املغذيات‬ ‫األساسية من النيتروجني والفوسفات والبوتاس‬ ‫بنسبة ‪ 2.6‬في املائة سنويا في املتوسط‪.‬‬ ‫ومعدل نمو الطلب على املغذيات الدقيقة يقرب من‬

‫ضعف معدل الطلب على املغذيات األساسية (أي‬ ‫‪ 4‬إلى ‪ 5‬في املائة) وأن نقص العناصر الغذائية في‬ ‫التربة هو الذي يقود هذا النمو‪.‬‬ ‫> األهم في مجال األسمدة هو نقص املواد‬ ‫ال�غ��ذائ�ي��ة ف��ي ال �ت��رب��ة‪ ،‬ف��إل��ى أي ح��د تعاني‬ ‫التربة الزراعية من هذا األمر؟‬ ‫ تعاني التربة م��ن نقص امل��واد الغذائية إل��ى حد‬‫كبير‪ ،‬ليس في االقتصادات النامية فحسب‪ ،‬بل‬ ‫أيضا في الدول املتقدمة‪ ،‬وال شك أن هذا القصور‬ ‫يتسبب ف��ي وق��وع الكثير م��ن املشكالت املتعلقة‬ ‫ب��األم��ن ال�غ��ذائ��ي (أي ليس م��ا يكفي م��ن ال �غ��ذاء)‪،‬‬ ‫وأمن املواد املغذية‪ ،‬أي ضمان أن الوجبات الغذائية‬ ‫تحتوي على املواد املغذية الكافية‪.‬‬ ‫> ما معدالت النمو الحالية واملستقبلية‬ ‫لصناعة األسمدة في العالم؟‬ ‫ً‬ ‫ يشهد الطلب العاملي على األسمدة ً‬‫نموا معتدال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫استهالك األس�م��دة‬ ‫وع�ل��ى امل��دى امل�ت��وس��ط‪ً ،‬يظهر ً‬ ‫على مستوى العالم نموا متوسطا يبلغ ‪ 1.8‬في‬

‫عبد الرحمن جواهري‬

‫املائة ليصل إلى ‪ 199.4‬مليون طن في عام ‪.2018‬‬ ‫وتظهر الزيادة لكل املغذيات الرئيسية الثالثة مع‬ ‫متوسط معدالت النمو السنوي البالغ ‪ 1.5‬في املائة‬ ‫للنيتروجني‪ ،‬و‪ 2‬في املائة للفوسفور‪ ،‬و‪ 2.9‬في املائة‬ ‫للبوتاسيوم‪ .‬ومن املتوقع أن يصل إجمالي املبيعات‬ ‫في األسمدة والقطاعات الصناعية في عام ‪2018‬‬ ‫إلى مستوى ‪ 263‬مليون طن‪ ،‬وهو ما يمثل زيادة‬ ‫بنسبة ‪ 12‬في املائة عن عام ‪.2013‬‬ ‫> ه � ��ل ت � �ل� ��ك ال � �ت� ��وق � �ع� ��ات ت� �ش� �ك ��ل ح ��اف� ��زا‬ ‫للمستثمرين لوضع خطط جديدة لزيادة‬ ‫اإلنتاج؟‬ ‫ يتوجب على الجهات املعنية في القطاع أن تكون‬‫على اس�ت�ع��داد لتوقع ف��رص ج��دي��دة واالستجابة‬ ‫لتلبية طلب املنتجات التي تتناسب مع احتياجات‬ ‫املستخدمني‪ ،‬فالدخول إلى أسواق جديدة هو تحد‬ ‫كبير يتطلب عمل أبحاث معمقة عن السوق إلدخال‬ ‫املنتج‪ ،‬وهنا يأتي دور الحكومات املتمثل في تقديم‬ ‫الدعم‪ ،‬بما في ذلك‪ :‬االستثمار واالبتكار والبحث‬ ‫والتطوير‪ ،‬والتنظيم الفعال‪ ،‬وحماية حقوق امللكية‬ ‫الفكرية‪ ،‬وبرامج التصدير‪ ،‬وذلك من أجل مساعدة‬ ‫ال �ش��رك��ات ع�ل��ى ف�ه��م األس � ��واق امل�ح�ت�م�ل��ة وإق��ام��ة‬ ‫عالقات‪ .‬وبصورة عامة‪ ،‬فإن الصناعة والحكومة‬ ‫بحاجة إلى العمل معا الغتنام الفرص الجديدة في‬ ‫األسواق املختلفة‪.‬‬ ‫> ما الخريطة االستثمارية الحالية لصناعة‬ ‫األسمدة في العالم؟‬ ‫ إن االستثمار ف��ي ط��اق��ات ج��دي��دة ف��ي صناعة‬‫األسمدة له آثار إيجابية تتمثل في إمدادات جديدة‬ ‫ل�ت��أم�ين ال�ط�ل��ب امل �ت��زاي��د ع�ل��ى األس �م��دة وال�ع�م��ال��ة‬ ‫ف��ي ق�ط��اع��ات ال�ص�ن��اع��ات التحويلية وال�ت�ع��دي��ن‪،‬‬ ‫وم��ن املتوقع أن يبدأ ما يقرب من ‪ 200‬مشروع‬ ‫توسعة في اإلنتاج خالل السنوات الخمس املقبلة‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى ‪ 30‬مشروعا تتعلق بالتعدين في‬ ‫صخر الفوسفات‪.‬‬ ‫وشهدت الطاقة العاملية ملنتجات األسمدة واملواد الخام‬ ‫ً‬ ‫ارتفاعا بمقدار ‪ 146‬مليون طن‪ ،‬أو ‪ 18‬في املائة‪ ،‬وذلك‬ ‫خالل العام املاضي ‪ ،‬بينما بلغ االستثمار في هذه‬ ‫املشاريع التطويرية ما يعادل ‪ 110‬مليارات دوالر‬ ‫أميركي‪ .‬وسيتم خلق ما يقرب من ‪ 40‬ألف فرصة‬ ‫عمل مباشرة و‪ 60‬أل��ف فرصة عمل غير مباشرة‬ ‫ملواكبة الطاقة اإلنتاجية ال�ج��دي��دة‪ ،‬وذل��ك م��ن خالل‬ ‫االستثمارات الحالية لصناعة األسمدة <‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪51‬‬


‫في األول من يونيو (حزيران) يوم وصوله‬ ‫إلى فيينا لم يجد وزير البترول السعودي‬ ‫علي النعيمي طريقة يصف بها حالته‬ ‫للصحافيني الذين سألوه عما إذا كان وضع‬ ‫ً‬ ‫األسعار والسوق مقلقا أفضل من قوله‪« :‬هل‬ ‫ً‬ ‫متوترا؟ أنا سعيد»‪.‬‬ ‫تروني‬ ‫ولكنه لم يكن في حالة مزاجية جيدة ملقابلة‬ ‫الصحافيني في صباح يوم الخامس من‬ ‫يونيو اليوم املقرر الجتماع وزراء منظمة‬ ‫البلدان املصدرة للبترول (أوبك)‪.‬‬

‫«أوبك» تؤجل القرارات‬ ‫الصعبة إلى ديسمبر املقبل‬

‫االجتماع السعيد‬

‫الخبر‪ :‬وائل مهدي‬ ‫ً‬ ‫غاضبا من بعض امل�ق��االت التي‬ ‫لقد ك��ان ال��وزي��ر‬ ‫يكتبونها قبيل االجتماع وهذه املرة بالتحديد كان‬ ‫ً‬ ‫منزعجا من مقال كتبته صحيفة «الوول ستريت‬ ‫جورنال» األميركية ذك��رت وصفته بالشخص الصلب في‬ ‫آرائ��ه‪ .‬وتجنب النعيمي الصحافيني في طريقه من الفندق‬ ‫إلى االجتماع في ذلك الصباح وفي داخل قاعة االجتماعات‬ ‫املفتوحة حيث يلتقي الوزراء بالصحافيني قبل كل اجتماع‪،‬‬ ‫عاتب النعيمي مراسلة صحيفة «ال��وول ستريت جورنال»‬ ‫على ذلك املقال أمام الصحافيني‪ .‬وبعد تلقيه بضعة أسئلة‬ ‫أظهر النعيمي ضيقه عندما قال للصحافيني‪« :‬لقد أجبتكم‬ ‫عن األسئلة واآلن ملاذا ال تذهبون لغيري»‪.‬‬ ‫وكعادته كان النعيمي أول ال��وزراء الخارجني من االجتماع‬ ‫وبعد خروجه من مقر املنظمة قال للصحافيني‪« :‬ال يمكن‬ ‫أن تتخيلوا إلى أي مدى كان االجتماع ً‬ ‫وديا»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سعيدا بل أن غالبية‬ ‫وليس النعيمي هو الوحيد الذي خرج‬ ‫الوزراء عبروا عن سعادتهم باالجتماع ونتيجته حيث قرروا‬ ‫أن يمددوا العمل بالسقف الحالي إلنتاج املنظمة والبالغ ‪30‬‬ ‫مليون برميل ً‬ ‫يوميا حتى االج�ت�م��اع املقبل ف��ي ال��راب��ع من‬ ‫ديسمبر (كانون األول)‪ .‬ووصف غالبية الوزراء هذا االجتماع‬ ‫بوصف «االجتماع السعيد»‪.‬‬ ‫إال أن هذا االجتماع السعيد ال يعني أن املنظمة نجحت في‬ ‫إدارة األوض��اع الحالية للسوق البترولية‪ .‬فمنذ أن اتخذت‬ ‫أوبك ً‬ ‫قرارا في نوفمبر (تشرين الثاني) املاضي بالدفاع عن‬ ‫ً‬ ‫حصتها السوقية بدال من الدفاع عن األسعار‪ ،‬والفائض في‬ ‫السوق لم يتراجع ً‬ ‫كثيرا‪ .‬وفي النصف األول من هذا العام‬ ‫يوجد فائض يقدر بنحو ‪ 2‬إلى ‪ 2.5‬مليون برميل ً‬ ‫يوميا من‬ ‫النفط الخام وهو كمية كبيرة تعادل كامل إنتاج دولة عضو‬ ‫في أوبك مثل نيجيريا‪.‬‬ ‫واع�ت�ب��ر النعيمي‪ ،‬أن ال�ت��راج��ع ال ��ذي ن ��راه ج��اء ف��ي االت�ج��اه‬ ‫‪50‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫الصحيح ولكنه تساءل هل هذا كاف إلصالح السوق؟ وأجاب‬ ‫قائال‪« :‬ال‪ ..‬إال إذا حدث شيء آخر»‪.‬‬ ‫وال تزال أسعار النفط عند ‪ 60‬دوالرا وهو حد أقل بكثير مما‬ ‫تحتاجه غالبية دول أوبك لتصحيح ميزانياتها‪ .‬وقبل بدء‬ ‫اجتماع أوبك‪ ،‬اقترح وزراء النفط من العراق وفنزويال وأنغوال‬ ‫سعرا يتراوح بني ‪ 75‬و‪ً 80‬‬ ‫ً‬ ‫كسعر منصف‪.‬‬ ‫دوالرا للبرميل‬ ‫ٍ‬ ‫وبانتعاش أسعار النفط أكثر من الثلث بعد أن سجلت أدنى‬ ‫مستوى في ست سنوات عندما بلغت ‪ 45‬دوالرا للبرميل‬ ‫في يناير (كانون الثاني) فإن املسؤولني املجتمعني في فيينا‬ ‫لم يروا مبررا لتعديل استراتيجية يبدو أنها أنعشت النمو‬ ‫الضعيف في استهالك النفط العاملي وكبحت طفرة النفط‬ ‫ال�ص�خ��ري ب��ال��والي��ات امل�ت�ح��دة‪ .‬وال ي��زال اإلن �ت��اج األميركي‬ ‫ً‬ ‫مرتفعا هذا العام ولكنه لم يشهد زيادة كبيرة كما في العام‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫ويؤجل قرار املنظمة األخير مناقشة عدد من األسئلة الصعبة‬ ‫املتوقع أن تثار في األشهر املقبلة مع استعداد أعضاء مثل‬ ‫إي��ران وليبيا إلع��ادة فتح الصنابير بعد سنوات من تراجع‬ ‫اإلنتاج‪ .‬وتعهد وزير البترول اإليراني بيجن زنغنه بالضغط‬ ‫على املنظمة للحصول على تأكيدات بأن األعضاء اآلخرين‬ ‫سيفسحون املجال أمام طهران لزيادة املعروض بما يصل‬ ‫إل��ى مليون برميل يوميا ف��ور تخفيف العقوبات الغربية‪.‬‬ ‫غير أن معظم ال��وزراء لم ي��روا ً‬ ‫مبررا يدفع طهران للدخول‬ ‫في عراك اآلن‪.‬‬ ‫ونقلت إح��دى امل�ج�لات اإلي��ران�ي��ة عقب االجتماع تصريحا‬ ‫لزنغنه أوض��ح فيه أن على ال��دول التي زادت إنتاجها بعد‬ ‫ال�ح�ظ��ر امل �ف��روض ع�ل��ى إي� ��ران ف��ي ع ��ام ‪ 2012‬أن تخفض‬ ‫إنتاجها‪ .‬وذكر أن من بني هذه الدول السعودية والعراق‪.‬‬ ‫وفي رده على الصحافيني تساءل الوزير النعيمي‪« :‬هل سبق‬ ‫أن قلنا إلي��ران م��اذا تنتج؟» وق��ال‪« :‬اإلن�ت��اج ح��ق س�ي��ادي‪..‬‬ ‫يمكنهم اإلنتاج بما يريدون»‪.‬‬ ‫وتجنب الوزراء في أوبك الحديث عن عودة إيران في االجتماع‬ ‫ً‬ ‫خصوصا أنها على وشك عقد اتفاق مع القوى العظمى لرفع‬

‫علي النعيمي‬

‫الحظر عنها مقابل السماح لهم باإلشراف ومتابعة برنامجها‬ ‫النووي‪ .‬وترك الوزراء كما يبدو املسألة لتحل نفسها بنفسها‬ ‫خاصة وأنه قد ال يحدث ذلك قبل ‪ 2016‬وفقا ملحللني كثيرين‬ ‫والذين يشككون في ق��درة طهران على الفوز برفع سريع‬ ‫للعقوبات سيسمح لها بتصدير مزيد من الخام‪.‬‬ ‫وتأمل ليبيا التي تعاني من صراع مسلح بزيادة اإلنتاج ملثليه‬ ‫إلى نحو مليون برميل يوميا في سبتمبر (أيلول) في حالة‬ ‫إعادة تشغيل موانئ رئيسية لكن الجهود السابقة لم تحقق‬ ‫تعافيا مستداما في الشحنات‪.‬‬ ‫ويقول روب�ين ميلز أح��د املحللني املقيمني في دب��ي وزميل‬ ‫غير مقيم فيّ معهد بروكينغز في الدوحة في تعليقه على‬ ‫االجتماع‪« :‬لعل االجتماع الذي عقدته منظمة أوبك األسبوع‬ ‫املاضي قد أظهر بعض التودد بني البلدان األعضاء‪ ،‬بيد أنه‬ ‫لم يخرج بأي اقتراحات ّ‬ ‫جدية»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬لم يتم خفض اإلنتاج وال حتى رفع سقف إنتاج‬ ‫املنظمة اإلج�م��ال��ي إق� ��رارا منها ب��ال��واق��ع‪ .‬وه ��ذا األم ��ر ليس‬ ‫ً‬ ‫مفاجأة‪ .‬أما ما كان الفتا لالنتباه فهو ظهور عالمات التكيف‬ ‫واقع جديد – وذلك‪ ،‬بعد تفكير ملدة عام‪ ،‬فالصدمة األولى‬ ‫مع ٍ‬ ‫لهبوط سعر النفط قد تالشت‪ .‬أما البلدان األعضاء األكثر‬ ‫ً‬ ‫أمنا على املستوى املالي ‪ -‬اململكة العربية السعودية والكويت‬ ‫واإلمارات العربية املتحدة وقطر ‪ -‬فقد أعربوا جميعهم عن‬ ‫ارتياحهم بأن تحسن السوق قد أظهر أن االستراتيجية التي‬ ‫اعتمدتها تعمل بالشكل الصحيح»‪.‬‬ ‫ولم يتطرق االجتماع السعيد إلى مسألة مهمة أخرى وهي‬ ‫اختيار أمني عام جديد للمنظمة خلف عبد الله البدري والذي‬ ‫ً‬ ‫س�ي�ت��رك منصبه ب�لا م�ح��ال��ة ع��اج�لا غ�ي��ر أج��ل إذ س�ب��ق له‬ ‫التجديد ألك�ث��ر م��ن م��رة بعد خ�لاف ب�ين ال ��دول على هوية‬ ‫األمني العام الجديد‪ .‬وما زالت السعودية والعراق تتنافسان‬ ‫على هذا املنصب‪.‬‬ ‫إذن لقد تم تأجيل كل األم��ور املهمة إل��ى اجتماع ديسمبر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سعيدا كاالجتماع‬ ‫اجتماعا‬ ‫املقبل والذي ال يبدو أنه سيكون‬ ‫السابق <‬


‫احتياطيات العالم املؤكدة الحالية‬ ‫ونعود لتقرير بريتش بيتروليم املعروفة باسم «بي‬ ‫ب��ي»‪ .‬ف��إذا أدرك �ن��ا أن ه�ن��اك ‪ 1.7‬تريليون برميل من‬ ‫االحتياطات املؤكدة في العالم ككل فما هي الصورة‬ ‫بالنسبة ل�ل�ب�ل��دان بشكل م�س�ت�ق��ل؟ ال �ص��ورة بالطبع‬ ‫تختلف م��ن دول��ة إل��ى أخ��رى‪ .‬ف��ال��والي��ات املتحدة التي‬ ‫هي اليوم أكبر منتج للنفط في العالم بحسب تقديرات‬ ‫ش��رك��ة «ب��ي ب��ي» لديها ‪ 48.5‬مليار برميل فقط من‬

‫‪,,‬‬

‫النعيمي‪ ..‬يطمئن‪ :‬يوجد تحت‬ ‫باطن األرض نحو ‪ 14‬تريليون‬ ‫من النفط الخام والتحدي‬ ‫الكبير هو كيفية استخراجه‬

‫‪,,‬‬

‫ووس��ط ه��ذا الضجيج وامل�خ��اوف خ��رج وزي��ر البترول‬ ‫السعودي علي النعيمي في عام ‪ 2006‬في العاصمة‬ ‫األميركية واشنطن لطمأنة العالم واملجتمع األميركي‬ ‫بالذات أن النفط لن ينتهي ً‬ ‫قريبا وما زال هناك الكثير‬ ‫من النفط‪ .‬وقال النعيمي حينها بأنه في تقديراته يوجد‬ ‫تحت باطن األرض نحو ‪ 14‬تريليون من النفط الخام‬ ‫والتحدي الكبير هو كيفية استخراجها ال عدم وجود‬ ‫موارد نفطية‪.‬‬ ‫وإجمالي حجم املوارد النفطية تحت األرض رقم كبير‬ ‫ً‬ ‫جدا عبر عنه نائب الرئيس الحالي في شركة أرامكو‬ ‫السعودية لهندسة البترول املهندس خالد بن عبد الله‬ ‫البريك في ن��دوة بجامعة امللك فهد للبترول واملعادن‬ ‫في الظهران شرقي اململكة في عام ‪ 2010‬عندما كان‬ ‫حينها يشغل منصب نائب الرئيس ألعمال الزيت في‬ ‫منطقة األع�م��ال الشمالية‪ .‬وك��رر البريك نفس الرقم‬ ‫املتعلق بحجم امل��وارد النفطية ال��ذي قاله النعيمي في‬ ‫ً‬ ‫مرجعا هذه التقديرات لعلماء الجيولوجيا في‬ ‫‪2006‬‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫ويقول البريك بأن هناك وفرة املخزون النفطي الهائل‬ ‫في باطن األرض‪ ،‬موضحا أن التحدي الحقيقي للعلماء‬ ‫واملهندسني واملختصني يكمن في ابتكار طرق جديدة‬ ‫للوصول إليه واستخراجه‪ .‬وفصل البريك حقيقة رقم‬ ‫‪ 14‬تريليون برميل الذي أعلن عنه الجيولوجيون‪ ،‬إذ ّتم‬ ‫حتى عام ‪ 2010‬استخراج ما يقارب التريليون برميل‬ ‫فقط من هذا املخزون منذ أن بدأ إنتاج النفط في العصر‬ ‫الحديث في نهاية القرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 2010‬كانت تقديرات احتياطي النفط الذي‬ ‫يمكن استخراجه بواسطة التقنيات املتوفرة نحو ‪1.2‬‬ ‫تريليون برميل مثبتة‪ ،‬وهو ما يعني أن املتبقي تحت‬ ‫األرض هو ‪ 11.8‬تريليون برميل من إجمالي ‪ 14‬تريليون‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حقيقيا أمام العلماء واملهندسني‬ ‫تحديا‬ ‫برميل‪ .‬تشكل‬ ‫واملختصني في ال��وص��ول إليها واستخراجها لتلبية‬ ‫احتياجات العالم ّ‬ ‫امللحة وامل�ت��زاي��دة للهيدروكربونات‬ ‫ً‬ ‫مستقبال‪ .‬وتوقع البريك حينها أن تقوم وسائل التقنية‬ ‫الحديثة في مجال استكشاف وإنتاج النفط بإضافة‬ ‫تريليوني ب��رم�ي��ل إل��ى كمية اح�ت�ي��اط��ي ال�ن�ف��ط املثبتة‬ ‫وه��ي كمية كافية لتلبية الطلب على النفط في العالم‬ ‫ملدة ‪ 300‬سنة على األقل‪ ،‬ولكن هناك ما يقارب الـ‪8.3‬‬ ‫تريليون برميل يصعب استخراجها بواسطة التقنيات‬ ‫املوجودة ً‬ ‫جهد أكبر من املختصني‬ ‫حاليا وتحتاج إلى ٍ‬ ‫ً‬ ‫وتقنيات متطورة جدا‪ .‬مما يعني‬ ‫البتكار طرق جديدة‬ ‫ٍ‬ ‫أنه ليس كل ٍ ال�ـ‪ 14‬تريليونا هي في متناول اليد ً‬ ‫نظرا‬ ‫ألن بعضها في مناطق صعبة االستخراج مثل القطب‬ ‫املتجمد الشمالي أو في أعماق سحيقة في املحيطات‬ ‫كما في البرازيل‪.‬‬

‫االح�ت�ي��اط�ي��ات امل��ؤك��دة أو «ال�ن�ف��ط ال�س�ه��ل» ول�ك��ن هذه‬ ‫االحتياطيات لن تكفي ألكثر من ‪ 12‬سنة من اآلن ً‬ ‫نظرا‬ ‫لكمية اإلنتاج الكبيرة ألميركا‪.‬‬ ‫وف��ي روس�ي��ا ه�ن��اك ‪ 103‬م�ل�ي��ارات برميل تكفي ملدة‬ ‫‪ 26.1‬سنة‪ .‬وهناك دول ستواجه مشاكل في اإلنتاج‬ ‫بعد عشر سنوات من اآلن مثل مصر أو البرازيل أو‬ ‫إندونيسيا‪.‬‬ ‫وي�ب��دو أن العالم ف��ي ال�س�ن��وات العشرين إل��ى الثالثني‬ ‫القادمة سيضطر لالعتماد على منطقة الشرق األوسط‬ ‫ودول أوب��ك في تلبية الطلب على النفط‪ ،‬وهنا يكمن‬ ‫بعض من اإلجابة على السؤال الثاني‪ .‬فال تزال منطقة‬ ‫الشرق األوس��ط هي صاحبة أكثر وأكبر احتياطيات‬ ‫نفطية في العالم تقدرها بي بي بنحو ‪ 810‬مليارات‬ ‫برميل تكفي ملدة ‪ً 77‬‬ ‫عاما من اإلنتاج املتواصل‪ .‬ويتزعم‬ ‫االحتياطيات في املنطقة السعودية بنحو ‪ 267‬مليار‬ ‫برميل تكفي ملدة ‪ 63‬سنة ويتزعم أوبك فنزويال بنحو‬ ‫‪ 298‬مليار برميل تكفي ألكثر من ‪ 100‬عام من اإلنتاج‬ ‫باملعدالت الحالية ولكن أغلب النفط الفنزويلي هو من‬

‫النوع الثقيل الصعب واملكلف إنتاجه على عكس اململكة‬ ‫أو العراق أو الكويت أو ليبيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وسيضطر العالم مستقبال للتوجه نحو إنتاج النفوط‬ ‫الصعبة والثقيلة ال�غ�ي��ر تقليدية ول �ه��ذا ال�س�ب��ب أصبح‬ ‫ً‬ ‫واضحا توجه دول مثل البرازيل إلى إنتاج النفط من املياه‬ ‫العميقة مقابل سواحلها في مناطق تغطيها طبقة سميكة‬ ‫من امللح‪ ،‬أو توجه الواليات املتحدة نحو النفط الصخري‬ ‫الذي يتطلب كميات هائلة من املاء إلنتاجه أو توجه روسيا‬ ‫إلى إنتاج النفط من املحيط املتجمد الشمالي‪.‬‬

‫مستقبل النفط بعد ‪ً 52‬‬ ‫عاما‬ ‫إذن ما هو مستقبل النفط بعد أن يتم استنزاف كل‬ ‫االحتياطيات املؤكدة والتي ستدوم لنحو ‪ 52.5‬سنة‬ ‫فقط؟ يجيب الخبير النفطي ونائب الرئيس السابق‬ ‫لهندسة البترول في شركة أرامكو عثمان الخويطر أن‬ ‫هذا معناه أن النفط سيكون أكثر تكلفة في املستقبل‬ ‫وأسعاره عالية‪.‬‬ ‫األم��ر الثاني هو أن دوال كثيرة ستواجه مشاكل في‬ ‫اإلنتاج بعد عشرين سنة من اآلن ألن زيادة اإلنتاج من‬ ‫النفوط السهلة لن يعوضه إنتاج النفوط غير التقليدية‬ ‫أو الصعبة‪ .‬ويضيف أن أرق��ام االحتياطيات بعضها‬ ‫تم تضخيمه من قبل الدول ألسباب مختلفة ولهذا قد‬ ‫ينتهي النفط السهل في العالم أسرع مما نظن ونضطر‬ ‫للبحث عن النفوط الصعبة‪ .‬وكما يقول الخويطر «يجب‬ ‫علينا االس �ت �ع��داد ج �ي� ً�دا ل�ه��ذا ال �ي��وم م��ن خ�ل�ال تنويع‬

‫مصادر دخلنا»‪.‬‬ ‫وال يختلف ك�لام الخويطر ع��ن ك�لام ال��دك�ت��ور س��داد‬ ‫الحسيني وهو نائب الرئيس التنفيذي السابق ألرامكو‬ ‫لإلنتاج واالستكشاف والذي عبر أيضا عن قلقه حيال‬ ‫مستقبل أسعار النفط‪ .‬واتفق الخويطر والحسيني‬ ‫حول نقطة واحدة وهي ً أن حجم االحتياطيات املؤكدة‬ ‫املعلن قد ال يكون دقيقا وقد يكون الحجم الحقيقي‬ ‫أقل من الحجم املعلن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وزاد الحسيني ف��ي ال �ش��رح ق��ائ�لا‪« :‬ه �ن��اك دول مثل‬ ‫فنزويال وكندا لديها ً احتياطيات هائلة من النفط ولكن‬ ‫ه��ذا النفط ليس نفطا في الحقيقة بل هو م��ادة أقرب‬ ‫إل��ى اإلسفلت ويحتاج إنتاجه إل��ى معالجة كيميائية‬ ‫لتحويله إلى سائل‪ .‬هذا النوع من النفوط لم‬ ‫وحرارية‬ ‫ً‬ ‫يكن يدخل سابقا في حسابات االحتياطيات املؤكدة‬ ‫ولكنه أصبح اآلن يدخل فيها وهذا يؤدي إلى عدم دقة‬ ‫حجم االحتياطيات العاملية»‪.‬‬ ‫واتفق الخبيران كذلك أن كمية اإلنتاج من حقول العالم‬ ‫س�ت�ق��ل ف��ي امل�س�ت�ق�ب��ل ك�ل�م��ا اق�ت��رب�ن��ا م��ن ن�ه��اي��ة عمر‬ ‫االحتياطيات املؤكدة والسبب في ذلك جيولوجي بحت‬ ‫إذ أن الضغط يقل في املكامن تحت األرض مع زيادة‬ ‫إنتاج النفط وكلما زاد اإلنتاج قل الضغط مما يعني‬ ‫أن كمية النفط التي ستتدفق للسطح ستكون أقل مما‬ ‫يعني أنه حتى يستمر اإلنتاج العاملي بنفس معدالته‬ ‫اليوم عند ‪ 92‬إلى ‪ 94‬مليون برميل فيجب أن يتم حفر‬ ‫املزيد من اآلبار واستكشاف املزيد من الحقول الجديدة‬ ‫لتعويض الكميات املفقودة من الحقول القائمة‪ .‬والحاجة‬ ‫إلى االستمرار في الحفر أصبح حقيقة ال مفر منها‬ ‫ً‬ ‫عبر عنها الوزير النعيمي أيضا مطلع الشهر الجاري‬ ‫ً‬ ‫سنويا ‪ 7.5‬مليون برميل‬ ‫في فيينا قائال‪ :‬إن العالم يفقد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تقريبا نتيجة معدل الهبوط الطبيعي في الحقول‬ ‫يوميا‬ ‫املصاحب لإلنتاج‪ .‬ولهذا السبب املزيد من اآلبار يجب‬ ‫أن تحفر لتعويض ه��ذه الكميات امل�ف�ق��ودة وال�ت��ي لن‬ ‫يسترجعها العالم‪.‬‬ ‫وكشف النعيمي أن معدل الهبوط الطبيعي في اإلنتاج‬ ‫ً‬ ‫سنويا‬ ‫م��ن الحقول السعودية ه��و ‪ 4‬إل��ى ‪ 6‬ف��ي امل��ائ��ة‬ ‫وه��و أق��ل بكثير م��ن متوسط امل�ع��دل ال�ع��امل��ي‪ .‬وتقوم‬ ‫أرام �ك��و بعمليات حفر مكثفة ف��ي ال�س�ن��وات األخ�ي��رة‬ ‫إلب �ق��اء إن�ت��اج�ه��ا ع�ل��ى م�س�ت��وي��ات�ه��ا ال�ح��ال�ي��ة وه ��و ما‬ ‫يفسر تزايد أعداد الحفارات النفطية ً‬ ‫حاليا عما كانت‬ ‫عليه قبل س�ن��وات‪ .‬وف��ي م��ارس (آذار) أوض��ح رئيس‬ ‫أرامكو املكلف الحالي أمني الناصر أن أعداد الحفارات‬ ‫العاملة في السعودية اآلن قرابة ‪ 255‬حفارة فيما كانت‬ ‫الحفارات قبل أكثر من عشر سنوات عند ‪ 50‬حفارة‪.‬‬ ‫وبالطبع ليس كل هذه الحفارات للنفط ولكن جزءا كبيرا‬ ‫منها للنفط فيما يذهب الباقي إلنتاج الغاز ولعمليات‬ ‫االستكشاف‪.‬‬ ‫إذن في املحصلة لن ينتهي عصر النفط بل سينتهي‬ ‫عصر النفط السهل وعلى العالم القبول بأسعار مرتفعة‬ ‫في املستقبل مع ارتفاع التكاليف أو أن يواصل العالم‬ ‫تطوير التقنيات الستخراجه من أماكن صعبة وبطرق‬ ‫صعبة‪.‬‬ ‫وقد ال ينتهي النفط ولكن قد تنتهي الحاجة إليه كما‬ ‫قال وزير البترول السعودي السابق الشيخ أحمد زكي‬ ‫يماني في مقولته الشهيرة‪« :‬إن العصر الحجري لم ينت ِه‬ ‫بسبب انتهاء الحجارة»<‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪49‬‬


‫في كل يوم تشرق فيه الشمس‪،‬‬ ‫يتسابق الكثير من الباحثني‬ ‫والشركات والدول لتطوير تقنيات‬ ‫مختلفة الهدف منها واحد وهو‬ ‫القضاء على عصر النفط‪ .‬وتختلف‬ ‫الدوافع بني تجارية لكسب املال‬ ‫أو بيئية لحماية البيئة وكوكب‬ ‫األرض من ظاهرة االحتباس‬ ‫الحراري أو سياسية بهدف إنهاء‬ ‫االعتماد على استيراد النفط من‬ ‫دول الشرق األوسط‪.‬‬

‫قلق عاملي بشأن مصادر‬ ‫السلعة األهم على كوكب‬ ‫األرض بعد املاء والغذاء‬

‫متى سينتهي النفط في العالم؟‬

‫الخبر‪ :‬وائل مهدي‬ ‫رغم كل املحاوالت القائمة للقضاء على عصر‬ ‫النفط ف��إن النفط ال ي��زال هو مصدر الطاقة‬ ‫الرئيسي على كوكب األرض وال يزال السلعة‬ ‫األهم بعد الغذاء واملاء بالنسبة للمجتمعات البشرية‪.‬‬ ‫أمرا ً‬ ‫غير أن هناك ً‬ ‫واحدا مؤكدا بالنسبة للنفط وهو أنه‬ ‫سلعة ناضبة ستنفد في يوم ما والسؤال املتبقي هنا‬ ‫هو متى ستنفد هذه السلعة؟‬ ‫في كل عام يطل علينا تقرير شركة بريتش بيتروليم‬ ‫السنوي اإلحصائي والذي يعد املصدر األول واألقدم‬ ‫لصناعة النفط عن كل تفاصيل الصناعة منذ الستينات‬ ‫وحتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫وأظ� �ه ��ر ت �ق��ري��ر ه ��ذا ال� �ع ��ام ال � ��ذي ص ��در م �ط �ل��ع شهر‬ ‫يونيو (ح��زي��ران)‪ ،‬ب��وض��وح أن ف��ي العالم حتى العام‬ ‫املاضي ‪ 2014‬كان هناك نحو ‪ 1.7‬تريليون برميل من‬ ‫النفط كاحتياطي مؤكد يمكن استخراجه بسهولة‪.‬‬ ‫ه��ذه االحتياطات تكفي مل��دة ‪ 52.5‬م��ن اآلن إذا م��ا تم‬ ‫استخراجها بنفس معدالت اإلنتاج الحالية للعالم والتي‬ ‫تبلغ نحو ‪ 92‬إلى ‪ 94‬مليون برميل ً‬ ‫يوميا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مروعا ج� ً�دا للقارئ إذ ما معنى‬ ‫وق��د يبدو ه��ذا الرقم‬ ‫أن اح�ت�ي��اط�ي��ات ال�ع��ال��م ال�ح��ال�ي��ة ال تكفي س��وى ‪52.5‬‬ ‫س�ن��ة ف �ق��ط!! ه�ن��اك أم��ر ي�ج��ب فهمه بالنسبة ملسألة‬ ‫االحتياطي املؤكد أو املثبت وإجمالي امل��وارد النفطية‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫منشأة نفطية‬ ‫كويتية تقع شمال‬ ‫حقل آل الروضتني‬ ‫ ‪ 80‬كم من مدينة‬‫الكويت (غيتي)‬

‫فاملوارد النفطية هي كل النفط الذي يوجد تحت باطن‬ ‫األرض وه��و يمثل ك��اف��ة م��ا يمكن لنا أن نمتلكه من‬ ‫نفط‪ .‬أما االحتياطي املؤكد فهو كمية النفط التي يمكن‬ ‫استخراجها من إجمالي املوارد النفطية تحت األرض‬ ‫بناء على التقنيات امل��وج��ودة اليوم واألس�ع��ار الحالية‬ ‫للنفط‪.‬‬

‫مصير النفط‬ ‫وبدأ قلق العالم حول مصير النفط والكميات املتبقية‬ ‫منه منذ مطلع العقد السابق عندما زاد الطلب العاملي‬ ‫على النفط بصورة مفاجئة مع النمو الهائل والسريع‬ ‫الذي شهدته االقتصاديات النامية مثل الصني والهند‬ ‫والبرازيل والتي تحولت إلى اقتصاديات ناشئة‪ .‬وزادت‬ ‫املخاوف حول هذا املوضوع في منتصف العقد عندما‬ ‫بدأت نظرية «ذروة النفط» في االنتشار على شكل واسع‬

‫في األع��وام ‪ 2003‬إلى ‪ 2005‬والتي على أثرها ارتفع‬ ‫ً‬ ‫دوالرا ف��ي بداية‬ ‫سعر النفط م��ن مستويات الثالثني‬ ‫العقد إلى السبعينات في منتصف العقد قبل أن تصل‬ ‫إلى ‪ 147‬بحلول عام ‪ .2008‬ودفع هذا القلق والصراع‬ ‫الكثير من الجهات الحكومية بالبحث والتقصي أكثر‬ ‫عن مصير النفط في العالم‪ .‬وظهرت الكثير من املؤلفات‬ ‫التي تناولت ذروة ون�ض��وب النفط وأصبحت غالبية‬ ‫عناوين الكتب تتكلم عن نهاية النفط ونهاية الحضارة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تأثيرا في هذا األمر هو كتاب كتبه‬ ‫ولعل أكثر الكتب‬ ‫مصرفي أميركي اسمه ماثيو سيمنز في عام ‪2005‬‬ ‫ت�ح��ت ع �ن��وان «م�غ�ي��ب ال�ش�م��س ف��ي ال �ص �ح��راء» وال��ذي‬ ‫تناول أن السعودية أوشكت على الوصول إل��ى ذروة‬ ‫إنتاجها النفطي ولن تكون ق��ادرة على مواكبة الطلب‬ ‫ً‬ ‫واسعا‬ ‫العاملي املستقبلي‪ .‬وأصدر هذا الكتاب صدى‬ ‫في الواليات املتحدة وصل مداه إلى وزارة البترول في‬ ‫السعودية وشركة أرامكو‪.‬‬


‫‪,,‬‬

‫إذا بدأت الشركات‬ ‫بالتفكير في أن ما‬ ‫يخرج من أبوابها‬ ‫يمكن أن يصبح‬ ‫بداية لدورة تجارية‬ ‫أخرى‪ ،‬يمكن أن‬ ‫تكشف الفرص‬ ‫الجديدة عن ذاتها‬

‫واملستهلكني‪ ،‬تستطيع ال�ش��رك��ات أن تستخدم‬ ‫التفكير التدويري لتعميق العالقة بما يعود بالنفع‬ ‫على كال الطرفني‪.‬‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬تملك شركات الهواتف الجوالة‬ ‫كميات هائلة من البيانات املتعلقة بكيفية استخدام‬ ‫العمالء ألجهزتهم‪ .‬وهكذا تستطيع التقدم بعرض‬ ‫للمستخدمني للحصول على هواتفهم القديمة‬ ‫سنويا‪ ،‬وتصمم خدماتها وفقا الحتياجات معينة‬ ‫مثل تقديم مساحة أكبر للذاكرة أو خيارات الدفع‬ ‫بالدقيقة‪ .‬يمكن استخراج قطع غيار من الهاتف‬ ‫ال �ق��دي��م أو ب�ي�ع��ه ف��ي س ��وق األج �ه��زة املستعملة‪.‬‬ ‫ويستطيع العمالء أن يحصلوا على هواتف جديدة‬ ‫وخ��دم��ات أف�ض��ل؛ وتحصل ال�ش��رك��ة على تدفق‬ ‫مستمر للمواد وعميل يعود إليها كل عام‪.‬‬ ‫ي �م �ك��ن أي� �ض ��ا أن ت ��وج ��د إم �ك��ان �ي��ة خ ��اص ��ة ف��ي‬ ‫التعامالت بني الشركات‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬يبيع‬ ‫الكثير م��ن مصنعي أج�ه��زة اإلض ��اءة املصابيح‬ ‫مل �ب��ان��ي م�ك�ت�ب�ي��ة‪ ،‬ول �ك��ن إذا ن �ظ��رت ع �ب��ر ع��دس��ة‬ ‫ال�ت��دوي��ر‪ ،‬ستجد أن بإمكانها بيع ال�ض��وء‪ .‬وه��ذا‬ ‫ما بدأت شركة «فيليبس» بتنفيذه بالفعل‪ .‬تملك‬ ‫الشركة امل�ع��دات‪ ،‬وألنها تبيع وح��دة ال��واط وليس‬ ‫املصابيح‪ ،‬أصبح لديها حافز كبير لتوفير الضوء‬ ‫بأكثر طريقة ّ‬ ‫فعالة‪ .‬وتستطيع فيليبس بصفتها‬ ‫مالكة املصابيح – وفي ظل وجود خط متدفق من‬ ‫املصابيح املعادة – إعادة استخدام أو تدوير القطع‪.‬‬ ‫يمكن التفكير ف��ي األم��ر ببساطة‪ :‬كيف يمكننا‬ ‫االحتفاظ باملستهلكني في سجالتنا‪ ،‬شهر في‬ ‫الوارد وشهر في الصادر؟ هذه هي الدائرية التي‬ ‫يستوعبها مجال األعمال‪.‬‬ ‫ف��ي م�ج��ال األدب‪ ،‬ال �خ��راف��ات ه��ي ال�ق�ص��ص التي‬ ‫تفسر ثقافة ما‪ .‬في مجال األعمال‪ ،‬الخرافات هي‬ ‫مبررات لعدم العمل‪ .‬تلمح تلك الخرافات الثالث‬ ‫إل��ى أن��ه عند الحديث ع��ن االقتصاد امل��دور‪ ،‬نجد‬ ‫أن ما ينقصه ليس سردا منطقيا‪ ،‬ولكن الخيال‬ ‫الالزم لتحقيقه <‬

‫‪,,‬‬ ‫عن م��واد كانت في السابق تدفع امل��ال للتخلص‬ ‫منها‪.‬‬ ‫في الكثير من الحاالت‪ ،‬ال يهتم املستهلكون بالفعل‬ ‫بشأن املنتج في حد ذاتها‪ ،‬بل َ يريدون فقط إنجاز‬ ‫مهمة ما‪ .‬لنأخذ مثاال آلة ِاملثقب البسيطة‪ .‬خارج‬ ‫دوائ��ر الحرفيني املتخصصني‪ ،‬يستخدم املثقب‬ ‫العادي لعدة دقائق فقط َسنويا‪ .‬وإذا ألقينا نظرة‬ ‫دائرية‪ ،‬يمكن تحويل ِاملثقب إلى خدمة عن طريق‬ ‫تأجيره أو إقراضه‪ ،‬بدال من أن يكون سلعة يتم‬ ‫شراؤها‪.‬‬ ‫الخرافة الثالثة‪ :‬إنشاء نموذج أعمال دائ��ري أمر‬ ‫شديد التعقيد‬ ‫لن يكون األمر مباشرا على الدوام‪ ،‬ولكن االستثمار‬ ‫في نماذج الخدمات ضرورة استراتيجية تتجاوز‬ ‫عامل� ��ات‬ ‫االق �ت �ص��اد ُامل� � � َ�د ِور‪ .‬ع�ن��دم��ا ت�ت�ش��اب��ك ال�ع�لاق��ة بني ال� � �ش � ��رك‬ ‫صيني في أحد مصانع الحديد والصلب‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪47‬‬


‫االقتصاد املدور هو االقتصاد القادر على تجديد نفسه‪ .‬وفي االقتصاد‬ ‫الدائري تعتبر حركة دورة املواد من نوعني‪ :‬العضوية‪ ،‬والتي يمكن إعادة‬ ‫دمجها في املحيط البيئي‪ ،‬وتلك التقنية‪ ،‬والتي تكون قابلة إلعادة التقييم‬ ‫دون التأثير على املحيط البيئي‪ .‬ويعتبر هذا التعريف األكثر شهرة‬ ‫واملقبول لفكرة االقتصاد املدور‪.‬‬

‫مسار جديد لجني األرباح‪ ..‬يخفض من استهالك املواد‬ ‫ويقلص من تكاليف اإلنتاج‬

‫‪ 3‬خرافات عن االقتصاد‬ ‫«املدور» تعيق االستثمارات‬ ‫لندن‪ :‬املجلة‬ ‫ي�م�ك�ن��ك أن ت�خ�ف��ض ال�ت�ك��ال�ي��ف ال� � ��واردة‪،‬‬ ‫وإن � � �ش� � ��اء م � � �س� � ��ارات رب� �ح� �ي ��ة ج� ��دي� ��دة‪،‬‬ ‫واالحتفاظ بالعمالء في سجالتك لفترة‬ ‫أطول‪ .‬كل ما تحتاج إليه هو قليل من الخيال‪.‬‬ ‫يحرز االقتصاد امل��دور تقدما في الوقت الحالي‪،‬‬ ‫ح �ي��ث أع �ل �ن��ت امل �ف��وض �ي��ة األوروب� �ي ��ة أن �ه��ا س��وف‬ ‫تقدم استراتيجية طموحة في االقتصاد امل��دور‬ ‫م��ع نهاية ع��ام ‪ ،2015‬وأن �ش��أت ال�ص�ين الجمعية‬ ‫الصينية لالقتصاد املدور املدعومة من الحكومة‬ ‫لتشجيع النمو الدائري‪ ،‬وتطبق اليابان هذا النموذج‬ ‫االقتصادي منذ عقود‪.‬‬ ‫ولكن التقدم الذي تم إحرازه نحو اقتصاد مدور أو‬ ‫حتى شبه مدور يواجه عقبات‪ .‬عندما أشرح مقدمة‬ ‫ف��ي االق�ت�ص��اد امل ��دور ل�لأش�خ��اص ال يندهشون‬ ‫كثيرا للفرص بقدر ما يذهلهم تجاهلنا الجماعي‬ ‫لها‪ .‬ملاذا؟ قوة الخمول لها دور مهم بالطبع‪ ،‬ولكني‬ ‫مررت أيضا بعدد من الخرافات املتعلقة باملسألة‪.‬‬ ‫وهنا أتطرق إلى أشهر ثالث خرافات‪.‬‬ ‫الخرافة األولى‪ :‬التحول إلى االقتصاد املدور سوف‬ ‫يفكك املبيعات القائمة‬ ‫يشير علم االقتصاد التقليدي إلى أن السيارات‬ ‫املستعملة تنافس السيارات الجديدة‪ .‬ولكن هذا‬ ‫ف �ق��ط إذا س�م�ح��ت ش��رك��ات ال �س �ي��ارات آلخ��ري��ن‬ ‫بتقديم املبيعات املقبلة‪ .‬ف��ي عصر اإلن�ت��رن��ت ال‬ ‫يمكن استمرار فكرة أن تكون األس��واق الثانوية‬ ‫هامشية‪ ،‬حيث أثبتت أس��واق اإلنترنت مثل (آي‬ ‫ب��اي) العكس‪ .‬وه�ك��ذا إذا نظرنا بطريقة دائ��ري��ة‪،‬‬

‫‪46‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫يمكن أن تصبح سوق السيارات املستعملة محور‬ ‫أرباح إضافية ملصنعي السيارات‪.‬‬ ‫توجد طريقة أخرى لتجنب تفكيك املبيعات وهي‬ ‫بيع السلع ال�ت��ي ت��م تجديدها إل��ى األس ��واق غير‬ ‫املناسبة‪ .‬تجمع شركة باتاغونيا املالبس وتبيع‬ ‫السلع املستخدمة في الدول التي ال تعرض سلعها‬ ‫الجديدة في أسواقها‪ ،‬وهكذا حصلت الشركة على‬ ‫م�س��ار ج��دي��د لجني األرب ��اح (وإن ك��ان صغيرا)‬ ‫م��ن خ�لال إص�لاح منتجاتها‪ .‬كذلك أيضا تقوم‬ ‫شركة السيارات الفرنسية «رينو» باالستثمار في‬ ‫إع��ادة تصنيع السيارات‪ ،‬باستخدام قطع ومواد‬ ‫من السيارات املهملة مرة أخ��رى (وأحيانا مرات‬ ‫أخرى)‪.‬‬ ‫ال يخفض منهج االقتصاد امل��دور من استهالك‬ ‫املواد فقط‪ ،‬بل ويقلص أيضا من تكاليف اإلنتاج‬ ‫كما في شركة «إتش أند إم»‪ .‬كشفت «ماكينزي»‬ ‫عن أنه طاملا يتم املحافظة على الجودة‪ ،‬يمكن أن‬ ‫تحقق األنظمة التي يتم تجديدها هوامش أعلى‬ ‫بكثير‪.‬‬ ‫إذا بدأت الشركات بالتفكير في أن ما يخرج من‬ ‫أبوابها يمكن أن يصبح بداية لدورة تجارية أخرى‪،‬‬ ‫يمكن أن تكشف الفرص الجديدة عن ذاتها‪ .‬هذا‬ ‫ليس تفكيرا بديال‪ ،‬بل هو تفكير تجاري‪.‬‬ ‫الخرافة الثانية‪ :‬يفضل عمالؤنا منتجات حديثة‬ ‫الصنع‬ ‫ي��ري��د أش�خ��اص معينون أح��دث ش��يء ويمكنهم‬ ‫اإلق��ام��ة ف��ي خيام لعدة أي��ام ف��ي سبيل الحصول‬ ‫ع �ل �ي��ه‪ .‬ول �ك �ن��ي اع �ت �ق��د أن ش��ري �ح��ة ج ��دي ��دة م��ن‬ ‫املستهلكني س��وف تظهر لتضم أف��راد يفضلون‬ ‫الخدمة على امللكية‪.‬‬

‫أح��د األمثلة على ذل��ك فكرة مشاركة السيارات‪.‬‬ ‫تكشف اإلحصائيات ع��ن أن الشباب ف��ي أملانيا‬ ‫وال� ��والي� ��ات امل �ت �ح��دة ال ي �ش �ت��رون ال� �س� �ي ��ارات أو‬ ‫يقودونها كما كان يفعل آباؤهم أو حتى أقاربهم‬ ‫األكبر سنا؛ إذ يرضون بالتكدس في سيارة تابعة‬ ‫لـ «زيبكار» عند الضرورة‪.‬‬ ‫إلى جانب ذلك ترجع فكرة القديم مقابل الجديد‬ ‫إل��ى أس�ل��وب تفكير م��ن ال�ق��رن العشرين‪ .‬أصبح‬ ‫اآلن من املمكن جدا إنتاج جودة عالية من أشياء‬ ‫قديمة‪ .‬صنعت منضدة املطبخ التي تحمل عالمة‬ ‫«إنفاينايت» من «كينغفيشر» كاملة من مخلفات‬ ‫الخشب ومنتجات صنعت في املنزل‪ .‬وهي أخف‬ ‫مقارنة بمنتجات شبيهة‪ ،‬ومصنوعة م��ن م��واد‬ ‫أك�ث��ر م�ق��اوم��ة ل�ل�م��اء ك��ان سيتم التخلص منها‪.‬‬ ‫وهكذا فتحت «كينغفيشر» بابا لألرباح الناتجة‬


‫الرئيس الروسي فالديمير بوتني يصافح ولي ولي‬ ‫العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء‬ ‫وزير الدفاع األمير محمد بن سلمان (غيتي)‬

‫للملف السوري‪ ،‬إذا لم تتخل موسكو عن حليفتها دمشق‪،‬‬ ‫فيما تدعم الرياض مساعي املعارضة السورية إلسقاط النظام‬ ‫في دمشق‪.‬‬

‫وزير الطاقة الروسي‬ ‫وعلى هامش ال��زي��ارة‪ ،‬أك��د وزي��ر الطاقة الروسي ألكسندر‬ ‫ن��وف��اك أن السعودية مهتمة بمشاريع الطاقة ف��ي روسيا‪،‬‬ ‫وأن البلدين سيستأنفان عمل اللجنة السعودية ‪ -‬الروسية‬ ‫املشتركة للتعاون التجاري واالقتصادي والعلمي التقني‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن جلسة اللجنة املذكورة ستنعقد في أكتوبر‬ ‫(تشرين األول) القادم بعد توقف عملها ‪ 5‬سنوات‪ .‬وأضاف‬ ‫نوفاك أن الجانبني مستعدان للتعاون في مجال النفط والغاز‬ ‫والبتروكيماويات وفي إنشاء بنية تحتية وصناعة األدوية‪.‬‬ ‫أما االتفاقية األبرز بني الجانبني‪ ،‬فقد كانت في مجال الطاقة‬

‫ً‬ ‫مفاعال ً‬ ‫نوويا لألغراض السلمية‪ ،‬ضمن خطة أعلن‬ ‫لبناء ‪16‬‬ ‫عنها في أبريل (نيسان) املاضي إلنشاء محطات نووية‬ ‫بتكلفة ‪ 80‬مليار دوالر ملواجهة تحديات الطاقة في اململكة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتوفر هذه االتفاقية ً‬ ‫قانونيا للتعاون بني الدولتني في‬ ‫أساسا‬ ‫املجال النووي على اتجاهات كثيرة‪ ،‬بينها إنشاء واستخدام‬ ‫وتفكيك املفاعالت النووية املخصصة إلنتاج الطاقة واألبحاث‬ ‫العلمية‪ ،‬وتقديم الخدمات املتعلقة بمعالجة الوقود النووي‬ ‫املستنفد‪ ،‬وإنتاج النظائر املشعة واستخدامها في الصناعة‬ ‫والطب والزراعة‪ ،‬وتأهيل الكوادر في مجال الطاقة النووية‪.‬‬ ‫أما موضوع النفط‪ ،‬فهو أحد امللفات الخالفية بني البلدين‪.‬‬ ‫فروسيا تتهم «أوبك»‪ ،‬ومن ورائها السعودية‪ ،‬بإغراق أسواق‬ ‫النفط‪ ،‬مما أدى إلى تراجع األسعار بشكل دراماتيكي‪ ،‬فيما‬ ‫تصر السعودية على أن املسألة قائمة على العرض والطلب‪.‬‬ ‫ولم يرشح عن االجتماع أي التزام سعودي بخفض اإلنتاج‪،‬‬ ‫إال أن ذل��ك ل��م يمنع وزي ��ري ال�ب�ت��رول ال�س�ع��ودي وال��روس��ي‬ ‫من مناقشة تعاون واس��ع النطاق في هذا السياق‪ .‬وتضخ‬

‫ال�س�ع��ودي��ة ال�ن�ف��ط بكميات قياسية مرتفعة م��ع تركيزها‬ ‫على حماية حصتها في السوق‪ ،‬بينما بلغ إنتاج روسيا‬ ‫أعلى مستوياته ملا بعد الحقبة السوفياتية مسجال ‪10.71‬‬ ‫ماليني برميل ً‬ ‫يوميا في أبريل املاضي‪ .‬ورغم وفرة املعروض‪،‬‬ ‫ارتفعت أسعار النفط إلى نحو ‪ 65‬دوالرا للبرميل في ‪2015‬‬ ‫بعد ن��زول�ه��ا ص��وب ‪ 45‬دوالرا ف��ي يناير (ك��ان��ون الثاني)‬ ‫املاضي بدعم طلب أقوى من املتوقع وعالمات تنبئ بانحسار‬ ‫تخمة املعروض‪.‬‬ ‫وقد تعثرت مشاريع الغاز بني البلدين بعد رواج معلومات‬ ‫عن انسحاب شركة لوك أوي��ل الروسية من السعودية بعد‬ ‫أن تسبب هبوط أسعار النفط في زوال الجدوى االقتصادية‬ ‫لعملياتها الخاصة بالتنقيب عن الغاز في اململكة‪ .‬وكانت‬ ‫«ل��وك أوي��ل» ه��ي آخ��ر م��ن واص��ل العمل ب�ين ش��رك��ات النفط‬ ‫العاملية التي دعتها السعودية في عامي ‪ 2003‬و‪ 2004‬في‬ ‫مساع كبرى للتنقيب عن الغاز في صحراء الربع الخالي‬ ‫إطار‬ ‫ٍ‬ ‫(جنوب شرقي اململكة)‪ .‬وتملك الشركة الروسية حصة أغلبية‬ ‫ف��ي ش��رك��ة ل��وك�س��ار‪ ،‬امل �ش��روع امل�ش�ت��رك م��ع ش��رك��ة أرام�ك��و‬ ‫السعودية‪ ،‬وال�ت��ي أسست للتنقيب ف��ي مكامن عميقة عن‬ ‫الغاز غير التقليدي‪ ،‬الذي يعرف باسم الغاز املحكم‪ ،‬هذا العام‬ ‫بعد بحث استمر أكثر من عشر سنوات في املكامن التقليدية‬ ‫دون جدوى‪ .‬ويبدو أن «لوكسار» تتالشى في ظل أنباء حديثة‬ ‫عن اهتمام «أرامكو» بزيادة حصتها في الشركة‪.‬‬ ‫وك��ال��ة ال�ف�ض��اء ال��روس�ي��ة وم��دي�ن��ة امل�ل��ك عبد ال�ع��زي��ز للعلوم‬ ‫والتقنية‬ ‫وفي جانب التعاون الفضائي‪ ،‬تخطط وكالة الفضاء الروسية‬ ‫«روس ك��وس�م��وس» بالتعاون م��ع مدينة امللك عبد العزيز‬ ‫للعلوم والتقنية لتنفيذ مشاريع مشتركة في مجال تطوير‬ ‫البنية التحتية الفضائية على أراض��ي السعودية وروسيا‪.‬‬ ‫وهناك ثمة أفكار تتعلق بإنشاء مطارات فضائية وتطبيق‬ ‫م�ش��اري��ع علمية وم �ش��اري��ع تتعلق ب��رح�لات ال �ف �ض��اء‪ ،‬إذ‬ ‫ج��رى ت��وق�ي��ع م��ذك��رة ال�ن�ي��ات ب�ين رئ�ي��س ال��وك��ال��ة ال��روس�ي��ة‬ ‫إيغور كوماروف ورئيس املدينة األمير تركي بن سعود بن‬ ‫محمد‪ ،‬في مجال استكشاف واستخدام املجال الفضائي‬ ‫ل�لأغ��راض السلمية؛ علما ب��أن ال�ت�ع��اون ب�ين الطرفني قديم‬ ‫ً‬ ‫نسبيا‪ ،‬إذ حملت الصواريخ الروسية في سبتمبر عام ‪2000‬‬ ‫ً‬ ‫صناعيا سعودياً‬ ‫إلى م��دارات الفضاء الخارجي ‪ 13‬قمراً‬ ‫تستخدم في مجال االتصاالت وسبر سطح األرض عن بعد‪.‬‬ ‫كما أثير نقاش خالل زي��ارة الوفد السعودي حول التعليم‬ ‫وسبل تعزيز الشراكة بني البلدين في هذا املجال‪ ،‬وإمكانية‬ ‫رفع عدد املبتعثني إلى روسيا إلى ‪ 500‬العام املقبل‪ ،‬فيما ال‬ ‫يتجاوز عدد الطالب السعوديني في روسيا العشرات ً‬ ‫حاليا‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي م�ج��ال االس�ت�ث�م��ار ال��زراع��ي‪ ،‬فتسعى روس �ي��ا إل��ى‬ ‫االس�ت�ف��ادة م��ن م �ب��ادرة االس�ت�ث�م��ار ف��ي امل�ش��اري��ع ال��زراع�ي��ة‬ ‫الخارجية لتحقيق األمن الغذائي‪ .‬إلى جانب تقديم خدمات‬ ‫ال �ت��دري��ب للفنيني ال �س �ع��ودي�ين‪ ،‬وم�س��اع��دت�ه��م ع�ل��ى العمل‬ ‫بوظائف عالية التقنية‪ ،‬واالستفادة من التقنية الروسية‪ ،‬مع‬ ‫تكييفها لتخدم احتياجات السوق املحلية بمساعدة رأس‬ ‫املال السعودي‪ ،‬وذلك بحسب تصريحات صحافية للسفير‬ ‫الروسي في الرياض أوليج أوزيروف قبل أيام‪.‬‬ ‫ويبقى تنفيذ تلك االتفاقات هو املحك الحقيقي الختبار رغبة‬ ‫البلدين في دف��ع العالقات االقتصادية‪ ،‬وكذلك السياسية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قدما نحو آفاق جديدة‪ .‬وبني سان بطرسبرغ ‪ 1932‬وسان‬ ‫بطرسبرغ ‪ ،2015‬قيادتان جديدتان وموقعان مختلفان‪.‬‬ ‫فهل تسفر تلك االتفاق عن تحالف جديد غير مسبوق بني‬ ‫عمالق الجزيرة العربية والدب الروسي؟ <‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪45‬‬


‫في مثل هذه األيام قبل ‪ً 83‬‬ ‫عاما‪ ،‬لبى نائب امللك ووزير خارجية اململكة الحجازية‬ ‫النجدية وملحقاتها آنذاك األمير فيصل بن عبد العزيز (ملك اململكة العربية‬ ‫ً‬ ‫السعودية الحقا) دعوة رسمية من الحكومة السوفياتية لزيارة موسكو بني ‪28‬‬ ‫مايو (أيار) و‪ 13‬يونيو (حزيران) عام ‪ ،1932‬التقى خاللها كبار املسؤولني هناك‪.‬‬ ‫وكان برفقته السفير السوفياتي املقيم في جدة عبد الحكيم كريموف‪ ،‬الذي كانت‬ ‫ً‬ ‫بالده أول دولة تعترف بتلك اململكة الوليدة عام ‪ ،1926‬والتي توحدت الحقا تحت‬ ‫مسمى اململكة العربية السعودية في ‪ 23‬سبتمبر (أيلول) ‪.1932‬‬

‫‪ً 83‬‬ ‫عاما بني زيارتي الفيصل ومحمد بن سلمان إلى سان بطرسبرغ‬

‫هل تتغلب لعبة االقتصاد‬ ‫على السياسة بني عمالق الجزيرة‬ ‫العربية والدب الروسي؟‬ ‫الرياض‪ :‬معتصم موسى‬

‫والتعاون في مجال الفضاء‪ ،‬إضافة إلى اتفاقيات تعاون في‬ ‫مجال اإلسكان والطاقة والفرص االستثمارية‪.‬‬

‫ً‬ ‫بعيدا عن األجندات السياسية للعالقات الثنائية‪ ،‬الوفد الرسمي السعودي‬

‫كانت األجندة االقتصادية حاضرة بقوة في تلك‬ ‫ال��زي��ارة‪ ،‬ف�ق��د ك��ان��ت اململكة ت�ع��ان��ي م��ن ضائقة‬ ‫اقتصادية ناتجة ع��ن ال�ك�س��اد الكبير ال��ذي ض��رب العالم‬ ‫عام ‪ 1929‬وامتدت آثاره إلى عقدي الثالثينات واألربعينات‬ ‫من القرن املاضي‪ ،‬مما أدى إل��ى تقلص ع��دد الحجاج إلى‬ ‫مكة املكرمة وانحسار إنفاقهم‪ .‬وج��رت مباحثات مطولة‬ ‫ل�ل�ح�ص��ول ع �ل��ى ق ��رض ت �ج��اري وع �ق��د م �ع��اه��دة ت�ج��اري��ة‬ ‫وزي ��ادة ع��دد الحجاج ال ��روس‪ ،‬ح��ال دون�ه��ا ش��روط صعبة‬ ‫كان يريد السوفيات فرضها على اململكة الوليدة‪ .‬ولم يمنع‬ ‫ذلك استمرار وص��ول بعض البضائع واملنتجات الزراعية‬ ‫السوفياتة إلى اململكة التي كان يطلق عليها «املوسكوبي»‪،‬‬ ‫وكان يشرف على وصولها السفير الراحل كريموف عبر‬ ‫ميناء جدة‪.‬‬ ‫وم��ن امل �ف��ارق��ات أن م��دي�ن��ة س��ان ب�ط��رس�ب��رغ ك��ان��ت ضمن‬ ‫محطات زيارة الفيصل إلى روسيا‪ ،‬التي وصل إليها بعد‬ ‫‪ 8‬عقود اب��ن أخيه ول��ي ول��ي العهد رئيس مجلس الشؤون‬ ‫االقتصادية والتنمية األمير محمد بن سلمان‪ ،‬ولكن بعد‬ ‫أن تغير العالم وأصبحت اململكة ً‬ ‫نظيرا لروسيا في عضوية‬ ‫مجموعة العشرين ألقوى اقتصادات العالم‪ .‬وبني الزيارتني‪،‬‬ ‫مرت العالقات الثنائية بقطيعة ووصال‪ ،‬إال أن الزيارة األخيرة‬ ‫في يونيو املاضي‪ ،‬توجت بتوقيع ‪ 6‬اتفاقيات استراتيجية‪،‬‬ ‫على رأسها اتفاقية تعاون في مجال االستخدام السلمي‬ ‫للطاقة النووية‪ ،‬وتفعيل اللجنة املشتركة للتعاون العسكري‬

‫‪44‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫وضم الوفد الرسمي السعودي الذي التقى الرئيس الروسي‬ ‫فالديمير بوتني وأرك��ان حكومته‪ ،‬كبار املسؤولني املعنيني‬ ‫بشؤون االقتصاد والطاقة والتجارة والخارجية أبرزهم وزير‬ ‫البترول والثروة املعدنية علي النعيمي‪ ،‬ووزير الخارجية عادل‬ ‫الجبير‪ ،‬ووزير اإلسكان املكلف عصام بن سعيد‪ ،‬إلى جانب‬ ‫محافظ الهيئة العامة لالستثمار املهندس عبد اللطيف العثمان‬ ‫ورئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبد الرحمن الزامل‪،‬‬ ‫ورئيس شركة سابك يوسف البنيان‪ ،‬وكذلك رئيس مدينة امللك‬ ‫عبد العزيز للعلوم والتقنية األمير تركي بن سعود بن محمد‪،‬‬ ‫ورئيس مدينة امللك عبد الله للطاقة الذرية واملتجددة الدكتور‬ ‫هاشم يماني‪ .‬كما ضم مسؤولني رفيعي املستوى في األجهزة‬ ‫العسكرية وإدارة االستخبارات العامة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويظهر أن هناك ضعفا في التبادل التجاري بني البلدين رغم‬ ‫وجود عدة محاوالت ملعالجة األمر‪ ،‬أهمها زيارة سابقة للرئيس‬ ‫الروسي بوتني إلى الرياض عام ‪ ،2007‬تم التوقيع فيها على‬ ‫كثير م��ن االتفاقيات الثنائية تتعلق بتفادي دف��ع الضريبة‬ ‫امل��زدوج��ة على املداخيل ورؤوس األم ��وال‪ .‬فقد أظهر تحليل‬ ‫حديث ص��ادر عن وح��دة التقارير االقتصادية في املطبوعة‬ ‫الشقيقة صحيفة «االقتصادية» لبيانات التبادل الرسمية‪ ،‬أن‬ ‫متوسط قيمة التبادل السنوية خالل السنوات العشر األخيرة‬ ‫بلغ نحو ‪ 3.6‬مليارات ريال‪ ،‬وهو ما ال يلبي طموحات البلدين‪.‬‬ ‫وشهد امل�ي��زان التجاري بني البلدين ً‬ ‫عجزا ط��وال تلك الفترة‬

‫ملصلحة الجانب ال��روس��ي‪ ،‬ليصل بذلك إل��ى أعلى مستوياته‬ ‫خ�لال ‪ ،2013‬حيث ق��در العجز ب �ـ‪ 6.2‬مليارات ري��ال‪ ،‬بعد أن‬ ‫كان عند ‪ 988‬مليون ري��ال خالل ‪ ،2004‬أي أن العجز شهد‬ ‫ً‬ ‫نموا ب�ـ‪ 5.2‬مليار ري��ال‪ .‬ويسعى الجانبان إل��ى زي��ادة التبادل‬ ‫ً‬ ‫التجاري إلى ‪ 10‬مليارات ريال سنويا حتى عام ‪ ،2025‬بحسب‬ ‫املتخصص في العالقات االقتصادية الروسية السعودية عبد‬ ‫العزيز الكريدس‪.‬‬ ‫وليس ذل��ك فحسب‪ ،‬فعدد التأشيرات املمنوحة للسعوديني‬ ‫ً‬ ‫لزيارة روسيا ال تزيد عن ‪ 16‬ألفا‪ ،‬وهو الرقم نفسه املمنوح‬ ‫للروس الزائرين للمملكة بغرض السياحة الدينية أو التجارة‪.‬‬ ‫وال يزيد عن املقيمني الروس في اململكة عن ‪ 2000‬شخص مع‬ ‫عدم وجود خط طيران مباشر بني البلدين‪ ،‬وكلها أمور تعيق‬ ‫تقدم العالقات بني الجانبني‪ .‬وكان السعوديون علقوا جلسات‬ ‫مجلس األعمال السعودي ‪ -‬الروسي‪ ،‬الذي تشكل بعد زيارة‬ ‫خادم الحرمني الشريفني امللك الراحل عبد الله بن عبد العزيز‬ ‫ً‬ ‫احتجاجا على مقاربة الروس‬ ‫لروسيا عام ‪ .2003‬وجاء ذلك‬


‫احتياطات النفط والغاز الروسية‬ ‫تسجل أكبر زيادة في العالم‬ ‫ل�ن��دن‪ :‬قالت شركة «ب��ي‪.‬ب��ي» النفطية الكبرى ف��ي مراجعتها‬ ‫السنوية إلحصاءات الطاقة العاملية إن روسيا سجلت أكبر زيادة‬ ‫في احتياطات النفط والغاز في العالم خالل العام األخير‪ ،‬بينما‬ ‫تفوقت عليها ال��والي��ات املتحدة لتصبح أكبر منتج للطاقة في‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫وأظهر تقرير «بي‪.‬بي» أن روسيا أضافت نحو ‪ 10‬مليارات برميل‬ ‫من االحتياطات‪ ،‬وهي كمية تكفي إلمداد العالم باحتياجاته ملا‬ ‫يزيد على ‪ 100‬يوم‪.‬‬ ‫وقفزت االحتياطات في روسيا متجاوزة ‪ 100‬مليار برميل‬ ‫للمرة األولى‪ ،‬إذ تقدر «بي‪.‬بي» االحتياطات املؤكدة بنحو ‪103‬‬ ‫ً‬ ‫مليارا في تقرير ‪.2013‬‬ ‫مليارات برميل ارتفاعا من ‪93‬‬ ‫وقفزت روسيا على قائمة االحتياطات العاملية‪ ،‬متجاوزة الكويت‬ ‫واإلم��ارات للمرة األول��ى‪ ،‬لتحتل املرتبة السادسة بعد فنزويال‬ ‫والسعودية وكندا وإيران والعراق‪.‬‬

‫توجه نحو رفع حظر تصدير النفط األميركي‬ ‫واشنطن‪ :‬قال رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب األميركي النائب الجمهوري فريد أبتون‬ ‫إنه يؤيد رفع حظر تصدير النفط األميركي املفروض منذ ‪ 40‬عاما في خطوة قد تعزز الدعم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مكسبا للشعب األميركي‬ ‫ملشروع قانون ينظره املجلس‪ ،‬مضيفا أن «صادرات النفط قد تكون‬ ‫ً‬ ‫ومكسبا لحلفائنا»‪.‬‬ ‫وقد يمهد تأييد أبتون السبيل لقيام نواب آخرين بتأييد مشروع قانون معروض أمام املجلس‬ ‫يهدف إلى رفع الحظر التجاري الذي سنه الكونغرس في السبعينات بعد حظر النفط العربي‪.‬‬ ‫عضوا بمجلس النواب املؤلف من ‪ً 435‬‬ ‫وينال املشروع حاليا تأييد ‪ً 40‬‬ ‫عضوا‪.‬‬

‫عودة التضخم إلى منطقة اليورو‬ ‫بروكسل‪ :‬أكد معهد إحصاءات االتحاد األوروبي (يوروستات)‬ ‫عودة اقتصاد منطقة اليورو إلى التضخم في مايو (أيار) املاضي‬ ‫مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والتبغ والخدمات‪ ،‬الذي طغى‬ ‫على تأثير انخفاض أسعار الطاقة‪.‬‬ ‫وقال يوروستات إن أسعار املستهلكني في الدول التسع عشرة‬ ‫األعضاء بمنطقة اليورو زادت ‪ 0.2‬في املائة على أساس شهري‬ ‫في مايو‪ ،‬بينما ارتفعت ‪ 0.3‬في املائة‪ ،‬مقارنة مع مستواها قبل‬ ‫عام ليؤكد بذلك تقديراته األولية‪.‬‬ ‫وارتفع معدل التضخم األساسي الذي يستبعد األسعار املتقلبة‬ ‫لألغذية غير املصنعة والطاقة بنسبة ‪ 0.1‬في املائة على أساس‬ ‫شهري و‪ 0.9‬في املائة على أساس سنوي‪.‬‬ ‫ويريد البنك املركزي األوروبي اإلبقاء على املؤشرات الرئيسية‬ ‫السنوية للتضخم عند أقل من ‪ 2‬في املائة في األمد املتوسط‪.‬‬ ‫ويتوقع أن يرتفع التضخم في منطقة اليورو إلى ‪ 1.5‬في املائة‬ ‫في ‪ ،2016‬و‪ 1.8‬في املائة في ‪.2017‬‬

‫نمو مفاجئ لالقتصاد التركي‬ ‫في الربع األول‬ ‫إس�ط�ن�ب��ول‪ :‬أظ �ه��رت ب�ي��ان��ات رس�م�ي��ة ن�م��و ال�ن��ات��ج املحلي‬ ‫اإلجمالي التركي بنسبة ‪ 2.3‬في املائة على أس��اس سنوي‬ ‫ً‬ ‫متجاوزا التوقعات بنمو نسبته ‪1.6‬‬ ‫في الربع األول من العام‪،‬‬ ‫في املائة‪ .‬ونما الناتج ‪ 1.3‬في املائة‪ ،‬مقارنة مع الربع السابق‬ ‫مع أخذ العوامل املوسمية واملتغيرات السياسية واإلقليمية‬ ‫في الحسبان‪.‬‬

‫االقتصاد األميركي ينمو بوتيرة «طفيفة» إلى «متوسطة»‬ ‫واشنطن‪ :‬قال مجلس االحتياطي االتحادي (البنك املركزي) األميركي إن النشاط االقتصادي‬ ‫في الواليات املتحدة نما في الفترة من أوائل أبريل (نيسان) إلى أواخر مايو (أيار) املاضيني‪،‬‬ ‫وإنه من املتوقع أن يستمر النمو بوتيرة تتراوح من «طفيفة» إلى «متوسطة» في ضوء تناقص‬ ‫االستثمارات في قطاع النفط والغاز‪.‬‬ ‫وأض��اف في تقريره عن أنشطة األعمال التي جمعها من مصادره في شتى أنحاء البالد أن‬ ‫ً‬ ‫مستقرا‬ ‫معظم بنوك االحتياطي االتحادي اإلقليمية أفادت بأن نشاط الصناعات التحويلية كان‬ ‫أو سجل ً‬ ‫نموا‪ ،‬لكنه كان ضعيفا بسبب الركود في قطاع النفط والغاز‪.‬‬

‫«التعاون االقتصادي» تخفض توقعات النمو العاملي‬ ‫باريس‪ :‬خفضت منظمة التعاون االقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو العاملي هذا‬ ‫العام إلى ‪ 3.1‬في املائة من ‪ 3.7‬في املائة في توقعات نوفمبر (تشرين الثاني) املاضي‪،‬‬ ‫لكنها قالت إنها تتوقع أن يسهم انخفاض أسعار النفط في التحسن التدريجي للنمو‪،‬‬ ‫حتى مع استمرار بواعث القلق الناتجة عن ضعف االستثمارات‪.‬‬ ‫وتكهنت املنظمة بزيادة الناتج اإلجمالي العاملي إلى ‪ 3.8‬في املائة في ‪ 2016‬مع تباطؤ‬ ‫للصني في السنوات األخيرة إلى ‪ 6.8‬في املائة في ‪ 2015‬و‪ 6.7‬في‬ ‫معدل النمو القوي ً‬ ‫املائة في ‪ ،2016‬هبوطا من ‪ 7.4‬في املائة العام املاضي‪.‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪43‬‬


‫اقتصاد ليبيا يقترب من االنهيار‬ ‫طرابلس‪ :‬قال مبعوث األمم املتحدة الخاص إلى‬ ‫ليبيا برنادينو ليون إن «ليبيا على حافة االنهيار‬ ‫االقتصادي واملالي»‪.‬‬ ‫وت�ت��داع��ى امل��ال�ي��ة ال�ع��ام��ة لليبيا تحت وط��أة هبوط‬ ‫ح ��اد ل �ع��ائ��دات ت�ص��دي��ر ال �ن �ف��ط‪ ،‬ف��اق��م م�ن��ه ص��راع‬ ‫على السلطة بني حكومتني متنافستني‪ .‬ودفعت‬ ‫األزمة السلطات في طرابلس إلى التخطيط لخفض‬ ‫دع��م البنزين وتأخير مدفوعات روات��ب املوظفني‬ ‫العموميني وفرض حظر على الواردات من السيارات‬ ‫إلى الصلب‪.‬‬ ‫واض �ط��رت ًاألزم ��ة امل �ص��رف امل��رك��زي ال ��ذي يتخذ‬ ‫ً‬ ‫موقفا دقيقا بني الحكومتني املتنافستني ويمول‬ ‫ال� �ب�ل�اد ب��ال �ك��ام��ل‪ ،‬إل� ��ى اإلف� � ��راط ف ��ي ال �س �ح��ب من‬ ‫احتياطيات النقد األجنبي‪ .‬وتحتاج ليبيا إلى ‪30‬‬ ‫مليار دوالر لتمويل ال ��واردات سنويا وتنفق في‬ ‫العادة ‪ 40‬مليار دوالر على ميزانيتها‪.‬‬ ‫وفقد الدينار الليبي ‪ 35‬في املائة من قيمته مقابل‬ ‫ال��دوالر منذ يناير (ك��ان��ون الثاني) امل��اض��ي‪ .‬وفي‬ ‫الوقت نفسه انخفض إنتاج النفط إل��ى ‪ 400‬ألف‬ ‫برميل يوميا أو ربع ما كان عليه قبل االنتفاضة‬ ‫التي أطاحت بمعمر القذافي عام ‪.2011‬‬

‫مصر تشتري ‪ 5.3‬مليون طن من القمح احمللي‬

‫خالد حنفي‬

‫القاهرة‪ :‬ق��ال وزي��ر التموين املصري خالد‬ ‫حنفي إن مصر اشترت ‪ 5.3‬مليون طن من‬ ‫القمح املحلي على مدار موسم التوريد الذي‬ ‫ب��دأ ف��ي منتصف أب��ري��ل (ن�ي�س��ان) امل��اض��ي‪.‬‬ ‫وي�ت�ج��اوز ه��ذا ال��رق��م بكثير ت��وري��دات موسم‬ ‫‪ 2014‬البالغة ‪ 3.7‬مليون طن‪ .‬ورصدت الدولة‬ ‫هذا العام ‪ 10‬مليارات جنيه (‪ 1.3‬مليار دوالر)‬ ‫لشراء القمح املحلي‪ ،‬وحددت السعر عند ‪42‬‬ ‫ً‬ ‫جنيها مصريا (‪ 55.05‬دوالر) لإلردب (نحو‬ ‫ً‬ ‫‪ 150‬كيلوغراما)‪.‬‬

‫االتحاد األوروبي يمدد‬ ‫العقوبات االقتصادية على روسيا‬

‫العراق يروج لسندات خزينة‬ ‫بخمسة مليارات دوالر لتغطية العجز‬ ‫دب��ي‪ :‬ق��ال وزي��ر املالية‬ ‫ال� � � �ع � � ��راق � � ��ي ه� ��وش � �ي� ��ار‬ ‫زيباري إن العراق يأمل‬ ‫االجتماع مع املستثمرين‬ ‫ب �ن �ه��اي��ة ي��ول �ي��و (ت �م��وز)‬ ‫ل � �ع� ��رض خ� �ط ��ط ب �ش��أن‬ ‫إص��دار س�ن��دات قيمتها‬ ‫‪ 5‬مليارات دوالر‪.‬‬ ‫واستعانت الحكومة العراقية بكل من «جيه‪ .‬بي‬ ‫مورجان» و«سيتي بنك» و«دويتشه بنك» لترتيب‬ ‫أول إصدار سندات لها في ‪ 9‬سنوات بهدف تغطية‬ ‫عجز امليزانية الناجم عن انخفاض أسعار النفط‬ ‫والصراع مع املسلحني‪.‬‬ ‫وق��ال زيباري إن مسؤولني عراقيني اجتمعوا مع‬ ‫البنوك الثالثة ومؤسستي التصنيف االئتماني‬ ‫فيتش وموديز في ‪ 16‬من يونيو (حزيران) املاضي‪.‬‬ ‫ويعتقد املحللون أن��ه ق��د يكون م��ن الصعب على‬ ‫السوق استيعاب ‪ 5‬مليارات دوالرات من السندات‬ ‫ال�ع��راق�ي��ة خ�ل�ال ف �ت��رة ق �ص �ي��رة‪ .‬وال �ح �ص��ول على‬ ‫تصنيف من مؤسسة كبرى سيكون خطوة نحو‬ ‫نيل القبول من السوق‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫بروكسل‪ :‬قالت مصادر دبلوماسية إن مبعوثي الدول الثماني والعشرين األعضاء في‬ ‫االتحاد األوروب��ي اتفقوا على تمديد العقوبات االقتصادية على روسيا ملدة ‪ 6‬أشهر‬ ‫حتى نهاية يناير (كانون الثاني) ‪.2016‬‬ ‫وفي يوليو (تموز) ‪ ،2014‬جرى فرض عقوبات على قطاعات الطاقة والدفاع واملالية‬ ‫الروسية ملدة عام بسبب ضم موسكو شبه جزيرة القرم‪ ،‬وما وصفه االتحاد األوروبي‬ ‫بدعمها لالنفصاليني في شرق أوكرانيا‪.‬‬


‫انخفاض احتياطيات مصر‬ ‫من النقد األجنبي‬ ‫القاهرة‪ :‬قال البنك املركزي املصري إن احتياطيات مصر من‬ ‫النقد األجنبي بلغت ‪ 19.56‬مليار دوالر في نهاية مايو (أيار)‪،‬‬ ‫مقابل ‪ 20.525‬مليار دوالر في نهاية أبريل (نيسان) السابق‪،‬‬ ‫رغم تلقيها ودائع بقيمة ‪ 6‬مليارات دوالر في أبريل من السعودية‬ ‫واإلمارات والكويت‪ .‬وبلغت االحتياطيات نحو ‪ 36‬مليار دوالر قبل‬ ‫انتفاضة ‪ 2011‬التي أطاحت بالرئيس األسبق حسني مبارك‪.‬‬

‫«هيرميس» تعتزم إطالق صندوق‬ ‫لالستثمار في األسهم السعودية‬ ‫الرياض‪ :‬تعتزم املجموعة‬ ‫املالية هيرميس السعودية‬ ‫إطالق صندوق لالستثمار‬ ‫في أسهم الشركات املدرجة‬ ‫في البورصة واملتوافقة مع‬ ‫الشريعة اإلسالمية‪ .‬وقال‬ ‫م��دي��ر إدارة األص ��ول ل��دى املجموعة م��اج��د ك�ب��ارة إن صندوق‬ ‫«حصاد» املرن لألسهم السعودية سيستثمر في أسهم الشركات‬ ‫امل��درج��ة املطابقة ملعايير س�ت��ان��درد آن��د ب��ورز للشريعة‪ ،‬وفي‬ ‫الطروحات األولية لألسهم السعودية‪ ،‬وسيبلغ حجمه األولي ‪50‬‬ ‫مليون ريال (‪ 13.3‬مليون دوالر)‪ .‬وأوضح أن الشركة حصلت‬ ‫على موافقة هيئة السوق املالية إلنشاء الصندوق في مايو (أيار)‬ ‫ً‬ ‫املاضي‪ ،‬وأنها ً‬ ‫استعدادا إلطالقه‬ ‫حاليا في مرحلة جمع التمويل‬ ‫بنهاية يونيو (حزيران)‪.‬‬

‫حكومات الخليج تخفض أسعار التجوال البينية ً‬ ‫تدريجيا‬ ‫دبي‪ :‬وافقت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الست خالل اجتماع اللجنة‬ ‫الوزارية للبريد واالتصاالت وتقنية املعلومات الخليجية في الدوحة في يونيو‬ ‫(ح��زي��ران) املاضي على خفض تدريجي ألسعار التجوال واملكاملات الهاتفية‬ ‫الصوتية والرسائل النصية في دول املجلس‪ ،‬ولكن دون تبيان حجم الخفض‪.‬‬ ‫وأعلن القرار بهدف دعم السياحة البينية‪.‬‬ ‫وتقرر أن يبدأ الخفض التدريجي لألسعار في األول من أبريل (نيسان) ‪ 2016‬على‬ ‫مدى ‪ 3‬سنوات‪ ،‬وسيكون الخفض للمكاملات املحلية ضمن بلد التجوال واملكاملات‬ ‫الواردة أثناء التجوال والرسائل النصية‪ .‬أما بالنسبة لخدمة البيانات أثناء التجوال‬ ‫في دول املجلس‪ ،‬فسيبدأ الخفض في الفترة نفسها‪ ،‬ولكن على مدار ‪ 5‬سنوات‪.‬‬

‫«بيجو» تخطط إلنشاء مصنع في املغرب البنك الدولي يوصي دول الخليج بخفض اإلنفاق العام‬

‫الرباط ‪ -‬باريس‪ :‬كشفت بيجو سيتروين عن خطط لبناء‬ ‫مصنع بقيمة ‪ 557‬مليون ي��ورو (‪ 630‬مليون دوالر) في‬ ‫املغرب مع سعي الشركة الفرنسية لصناعة السيارات لتقليل‬ ‫تكاليف اإلنتاج واالعتماد على أوروب��ا في زي��ادة املبيعات‪.‬‬ ‫وق��ال الرئيس التنفيذي لـ«بيجو» ك��ارل��وس ت��اف��اري��س بعد‬ ‫توقيع اتفاق االستثمار بالرباط إن املصنع الذي سيقام قرب‬ ‫مدينة القنيطرة الساحلية سيبدأ تجميع نماذج من السيارات‬ ‫املتوسطة والصغيرة الحجم للتصدير إلى أفريقيا والشرق‬ ‫األوسط في ‪.2019‬‬ ‫وستكون طاقته اإلنتاجية السنوية املبدئية ‪ 90‬ألف مركبة‪،‬‬ ‫ومن املتوقع أن ترتفع إلى ‪ 200‬ألف مع تسارع املبيعات‪.‬‬ ‫وت��أت��ي ه ��ذه ال �خ �ط��وة م��ن «ب �ي �ج��و» ب �ع��د ‪ 3‬س �ن��وات م��ن ق�ي��ام‬ ‫منافستها الفرنسية رينو بإنشاء مصنع منخفض التكلفة‬ ‫لتجميع ال�س�ي��ارات ف��ي طنجة باملغرب للتصدير إل��ى حوض‬ ‫البحر املتوسط وأوروبا‪.‬‬

‫لندن‪ :‬قال البنك الدولي إن انخفاض أسعار النفط أدى‬ ‫إل��ى إص�لاح��ات مرحب بها لبرامج ال��دع��م ف��ي دول‬ ‫املنطقة‪ ،‬لكن تلك ال��دول تحتاج بشدة إل��ى إيجاد‬ ‫س�ب��ل ج��دي��دة ل�ت��وزي��ع ث��روت�ه��ا النفطية وتقليص‬ ‫ال�ق�ط��اع ال �ع��ام ف�ي�ه��ا‪ .‬واع�ت�م��دت دول الخليج على‬ ‫إي��رادات النفط الخام لتمويل حكوماتها على مدى‬ ‫العقود املاضية‪ ،‬لكن كاهل امليزانيات يواجه ضغوطا‬ ‫بسبب تضخم القطاعات العامة واإلن�ف��اق السخي على‬ ‫ً‬ ‫دوالرا في يناير‬ ‫البرامج االجتماعية بعدما انخفضت أسعار النفط إلى نحو ‪45‬‬ ‫ً‬ ‫دوالرا للبرميل في‬ ‫(كانون الثاني) املاضي من مستويات قياسية بلغت ‪115‬‬ ‫فترات سابقة‪.‬‬ ‫وفي أبريل (نيسان) املاضي‪ ،‬قدر البنك الدولي أن انخفاض أسعار النفط قد‬ ‫يكلف دول مجلس التعاون الخليجي ‪ 215‬مليار دوالر أو نحو ‪ 14‬في املائة‬ ‫ً‬ ‫وبناء على ذلك‪ ،‬قد تسجل‬ ‫من إجمالي الناتج املحلي القتصاداتها هذا العام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عجزا ً‬ ‫قياسيا للمرة األولى في ‪ 4‬سنوات‪.‬‬ ‫ماليا‬ ‫املنطقة‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪41‬‬


‫اإلمارات تتجه لتسجيل‬ ‫أول عجز مالي منذ ‪2009‬‬ ‫دبي‪ :‬قال صندوق النقد الدولي بعد مشاوراته السنوية‬ ‫مع دولة اإلمارات العربية املتحدة إنه من املنتظر أن تسجل‬ ‫اإلمارات أول عجز للمالية العامة منذ عام ‪ 2009‬بسبب‬ ‫هبوط إي��رادات النفط‪ ،‬لكنها تستطيع تفادي أي ركود‬ ‫اقتصادي حاد‪ .‬وقال رئيس بعثة الصندوق إلى اإلمارات‬ ‫زين زيدان إنه من املتوقع أن تشهد دولة اإلمارات ً‬ ‫عجزا‬ ‫ف��ي املالية العامة يبلغ ‪ 2.3‬ف��ي امل��ائ��ة م��ن الناتج املحلي‬ ‫اإلجمالي في عام ‪ ،2015‬مقارنة مع فائض قدره ‪ 5‬في‬ ‫املائة العام املاضي‪ .‬ويتوقع الصندوق أن يتراجع نمو‬ ‫الناتج املحلي اإلجمالي في البالد إلى ‪ 3‬في املائة هذا العام‬ ‫من ‪ 4.6‬في املائة في ‪ 2014‬ليرتفع إلى ‪ 3.1‬في املائة العام‬ ‫املقبل‪ .‬ويحث الصندوق اإلمارات على دراسة إبطاء نمو‬ ‫اإلنفاق الحالي على األجور واملواد الخام وزيادة اإليرادات‬ ‫من خالل ضرائب جديدة‪.‬‬

‫«السعودية» علی وشك شراء ‪ 50‬طائرة إيرباص عمالقة‬

‫الكويت تقر خطة سنوية‬ ‫بمشروعات قيمتها ‪ 17‬مليار دوالر‬

‫باريس‪ :‬تجري شركة إيرباص األوروبية لصناعة الطائرات محادثات لبيع ما يصل إلى ‪ 50‬طائرة إلى‬ ‫الخطوط الجوية السعودية بقيمة تقارب ‪ 8.2‬مليار دوالر بحسب األسعار املعلنة‪ .‬وأتى ذلك على هامش‬ ‫معرض باريس الدولي للطيران الذي أقيم في يونيو (حزيران) املاضي‪ .‬وقد تشمل الصفقة ‪ 30‬طائرة‬ ‫‬‪ A330‬و‪‬.‬‭A320 - 20‬‬ ‫وكانت شركة الخطوط السعودية قد كشفت عن عزمها القيام بدعم أسطولها بـ‪ 100‬طائرة حديثة ليصل‬ ‫الكويت‪ :‬أقر مجلس األمة الكويتي الخطة السنوية‬ ‫‪ 200‬طائرة‪ ،‬فيما صرح مدير عام الخطوط السعودية املهندس صالح الجاسر‬ ‫التي قدمتها له الحكومة عن السنة املالية ‪ -2016‬عدد طائرات األسطول إلى ً‬ ‫في وقت سابق بأن هناك خططا جديدة لتدعيم أسطول «السعودية» بعدد كبير من الطائرات الستثمارها‬ ‫‪ ،2017‬متضمنة مشاريع تبلغ قيمتها ‪ 5.157‬مليار‬ ‫في تلبية الطلب املتزايد‪ ،‬وتوفير املزيد من املقاعد للرحالت الداخلية والدولية‪.‬‬ ‫دي��ن��ار (‪ 17.11‬م��ل��ي��ار دوالر)‪ .‬وق���ال األم�ي�ن ال��ع��ام‬ ‫للمجلس األعلى للتخطيط والتنمية هاشم الرفاعي‬ ‫إن عدد املشاريع التي تضمنتها الخطة ‪ ،309‬منها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مستمرا من الخطط السابقة و‪30‬‬ ‫مشروعا‬ ‫‪279‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مشروعا جديدا‪.‬‬ ‫الخبر‪ :‬قالت مصادر بقطاع النفط إن شركة النفط السعودية العمالقة‬ ‫«أرامكو» تدرس احتمال إغالق مصفاتها البالغة طاقتها ‪ 90‬ألف‬ ‫ً‬ ‫يوميا في جدة بعد بضع سنوات بسبب مخاوف تتعلق‬ ‫برميل‬ ‫بعمر املصفاة والبيئة‪.‬‬ ‫وتخدم املصفاة‪ ،‬التي بدأت التشغيل في عام ‪ ،1967‬معظم املنطقة‬ ‫الغربية ف��ي اململكة‪ ،‬فيما سيزيد إغ�لاق�ه��ا الطلب على املصافي‬ ‫تونس‪ :‬قالت الحكومة التونسية إنه من املتوقع أن‬ ‫السعودية األخرى‪.‬‬ ‫ينخفض محصول الحبوب في البالد ‪ 40‬في املائة‬ ‫وكانت «أرامكو» تدرس في األصل ما إذا كانت ستغلق املصفاة في عام ‪ ،2018‬لكن يبدو‬ ‫العام الحالي إلى ‪ 1.4‬مليون طن من ‪ 2.34‬مليون‬ ‫اآلن أنها ستؤجل اإلغالق إلى عام ‪ 2022‬على األرجح بسبب تنامي الطلب املحلي على‬ ‫ط��ن ع��ام ‪ ،2014‬وه��و م��ا يدفعها ل��زي��ادة ال���واردات‬ ‫املنتجات النفطية وتأجيل بناء مصفاة جديدة في جازان املطلة أيضا على ساحل البحر‬ ‫لتعويض نقص اإلنتاج املحلي الذي تضرر جراء‬ ‫األحمر (جنوب غربي السعودية) بعد خطط لتشغيلها بحلول عام ‪ 2018‬ألسباب منها‬ ‫ضعف هطول األمطار‪.‬‬ ‫وق��ال وزي��ر الفالحة (ال��زراع��ة) سعد الصديق إن‬ ‫مشكالت فنية تتعلق بإنشاء البنية التحتية في البحر‪.‬‬ ‫واردات الحبوب سترتفع إلى ‪ 2.3‬مليون طن هذا‬ ‫وقال تاجر في سنغافورة إن املصفاتني الجديدتني في الجبيل وينبع اللتني تديرهما‬ ‫املوسم‪.‬‬ ‫أرامكو وتوتال الفرنسية وسينوبك الصينية ستعوضان النقص في إنتاج البنزين الذي‬ ‫وبلغ متوسط إنتاج الحبوب في تونس ‪ 1.85‬مليون‬ ‫سينجم عن إغالق مصفاة جدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سنويا في السنوات الخمس السابقة‪.‬‬ ‫طن‬

‫«أرامكو السعودية» قد تغلق مصفاة جدة خالل ‪ 7‬سنوات‬

‫توقعات بانخفاض محصول‬ ‫الحبوب التونسي ‪% 40‬‬

‫‪40‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬


‫مقاتالت البيشمركة‬ ‫مجندتان عراقيتان كرديتان من مقاتلي البيشمركة‬ ‫حلظة التقاط إحداهما صورة سيلفي يف معسكر بمدينة‬ ‫أربيل عاصمة منطقة احلكم الذايت الكردية يف شمال‬ ‫العراق (غييت)‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪39‬‬


‫‪38‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬


‫حملة ترويجية ملرشح النتخابات‬ ‫‪ 2015‬في قرية بدواي في دلتا مصر‬

‫برملان لسد الفراغ‬ ‫لكن ما العمل إذا ج��اء البرملان الجديد ملجرد سد الفراغ‬ ‫أو تسبب في مشكالت‪ ،‬أو رفضه الشعب بعد انتخابه؟‬ ‫خصوصا أن الخوف من تجربة برملان «اإلخوان» ما زالت‬ ‫ماثلة للعيان‪ .‬تقول ال��دراس��ة الخاصة في املائة ي��وم التي‬ ‫أمضاها «اإلخوان» في الهيمنة على البرملان‪ ،‬إن أسوأ شيء‬ ‫في ه��ذه التجربة أن ن��واب «اإلخ ��وان» تغلبوا على تجربة‬ ‫حزب مبارك (الحزب الوطني الحاكم سابقا) في تحريم‬ ‫تقديم االستجوابات للسلطة التنفيذية تحت قبة البرملان‪،‬‬ ‫واالستخفاف بها‪ ،‬رغ��م أنها أداة رقابية مهمة على أداء‬ ‫الحكومة‪.‬‬ ‫كما أن البرملان السابق‪ ،‬وفقا للدراسة‪ ،‬ظهر دون أجندة‬ ‫تشريعية‪ .‬وال بوصلة‪ .‬وال جدول أعمال‪ .‬باستثناء بوصلة‬ ‫تمكني «اإلخ��وان» من مفاصل ال��دول��ة‪« ..‬ك��ان يتجه إللغاء‬ ‫املجلس ال�ق��وم��ي ل�ل�م��رأة واخ�ت�ص��ر ال�ح��رك��ة النسائية في‬ ‫مسائل الزواج‪ ،‬وبدال من إصالح جهاز الشرطة اختصر‬

‫‪,,‬‬

‫لم يعد يوجد تخوف‬ ‫من عودة «اإلخوان»‬ ‫أو غيرهم من التيار‬ ‫املعروف باسم «اإلسالم‬ ‫السياسي» للهيمنة على‬ ‫البرملان مرة أخرى‬

‫‪,,‬‬

‫التي تواجهنا «محاولة تشويه حركة األحزاب في وسائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬كما لو كانت برامج الدردشة في قنوات التلفزيون‬ ‫الفضائية تريد أن تكون بديال عن األح��زاب السياسية‪..‬‬ ‫يوجد ازدراء للحركة الحزبية رغم أنها هي صمام األمان‬ ‫الديمقراطي»‪.‬‬ ‫من اإلشكاليات املطروحة أمام البرملان املقبل أيضا الخوف‬ ‫من جيش املحامني الذين يحترفون تقديم الطعون الكبيرة‪،‬‬ ‫مثل الطعن في صحة انتخاب البرملان املقبل‪ ،‬للفت االنتباه‬ ‫وتحقيق الشهرة عبر وسائل اإلع�لام املتعطشة لإلثارة‪.‬‬ ‫ل�ه��ذا يمكن أن ت�لاح��ظ أن ع��دد امل��واف�ق�ين على «تحصني‬ ‫البرملان ض��د أي ح��ل‪ ..‬أو ض��د أي طعن عليه»‪ ،‬أكثر من‬ ‫املعارضني له‪.‬‬ ‫يقول أحد النواب السابقني‪« :‬تحصني البرملان املقبل من‬ ‫الحل ومن الطعون أمر ال بد منه‪ ..‬ال بد أن ندرك أننا ما زلنا‬ ‫في مرحلة انتقالية‪ .‬بعد أن ننتهي من هذه املرحلة يمكن أن‬ ‫نصوغ تشريعات جديدة مثالية‪ .‬اليوم نحن نريد استكمال‬ ‫خارطة الطريق دون معوقات أو عراقيل‪ ..‬هذا أمر مهم جدا»‪.‬‬

‫القضية في مناقشات عن حق العمل في وزارة الداخلية‬ ‫للضباط امللتحني من عدمه‪ .‬و(التكويش) على لجان البرملان‬ ‫بأسوأ مما كان يفعل نواب الحزب الوطني الذي كان لديهم‬ ‫قدر من املناورة‪ .‬كما أن برملان (اإلخوان) قام بالخلط بني‬ ‫عمله وعمل األج�ه��زة األخ ��رى‪ ،‬مثل املحكمة الدستورية‬ ‫والسلطة القضائية»‪.‬‬ ‫البرملان الجديد ال بد أن يليق بثورة الشعب املصري في‬ ‫‪ 30‬يونيو‪ .‬هكذا م��ا يؤكد عليه سيد عبد ال�ع��ال‪ ،‬رئيس‬

‫عصام شيحة عضو‬ ‫الهيئة العليا لحزب الوفد‬

‫حزب التجمع‪ .‬وهو يجيب بكل بساطة عن السؤال األكثر‬ ‫إلحاحا في مصر‪ :‬ملاذا ال يوجد برملان حتى اآلن؟ يقول‪:‬‬ ‫ألن ال�ق��وان�ين املنظمة للعملية االن�ت�خ��اب�ي��ة ت�ج��ري عليها‬ ‫تحسينات‪ ،‬في الوقت ال��راه��ن‪ ،‬حتى ال يطعن أح��د بعدم‬ ‫دستوريتها‪ .‬ومع هذا يرى مثل سياسيني كثيرين أن غياب‬ ‫البرملان يؤثر على مصر في الداخل والخارج‪ ،‬وأنه «ليس‬ ‫من الحكمة أال تستكمل مصر هذا اإلجراء»‪ ،‬خصوصا أنه‬ ‫يوجد تعهد باستكمال خارطة الطريق ومرحلتها الثالثة‬ ‫وهي انتخاب البرملان‪ ،‬من أجل رقابة الشعب على القوانني‬ ‫التي تصدر‪.‬‬ ‫ويتوقع عبد العال إجراء االنتخابات في شهر نوفمبر‬ ‫(ت�ش��ري��ن ال �ث��ان��ي) امل �ق �ب��ل‪ ..‬و«م �ت��وق��ع أن ت �ك��ون بنظام‬ ‫ال�ق��وائ��م املطلقة وال �ف��ردي‪ .‬ن�ح��ن ن��رى أن��ه ل�ي��س أفضل‬ ‫نظام‪ ،‬لكنه األنسب حاليا»‪ .‬وهو ال يخشى عودة «التيار‬ ‫اإلسالمي» بكثرة لشغل مقاعد في البرملان‪ .‬يقول إن‬ ‫دخول اإلسالميني احتمال وارد «لكن ليس بأعداد مؤثرة‪،‬‬ ‫وعلى أي حال موضوع املخاوف من مثل هذا النوع من‬ ‫النواب ليس السبب في تأخير إجراء انتخابات البرملان‪،‬‬ ‫كما يحلو للبعض أن يردد‪ ..‬في الحقيقة‪ ،‬السبب يرجع‬ ‫للقوانني‪ .‬نريد قوانني لتنظيم العملية االنتخابية تتماشى‬ ‫مع الدستور‪ ..‬أعتقد أن الدستور نفسه فيه مرونة ومطاط‬ ‫ويستوعب عمل قوانني في هذا االتجاه أو ذاك‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تجري تعديالت كثيرة حتى تخرج التشريعات بتوافق‬ ‫بني الجميع»‪.‬‬ ‫وعلى عكس كثير من الحزبيني ينظر محمد سامي‪،‬‬ ‫رئيس حزب الكرامة‪ ،‬لألمر بشكل مختلف‪ ،‬ويقول إن‬ ‫تأخير االنتخابات فيه «ريبة»‪ ،‬إذ إنه يشير إلى أن صياغة‬ ‫قانون االنتخابات‪ ،‬في البداية‪ ،‬ال��ذي جرى الطعن على‬ ‫بعض بنوده بعدم الدستورية‪ ،‬كان مبنيا على تقديرات‬ ‫لـ«مآرب لكي ال يكون هناك قوام سياسي معني للبرملان‬ ‫املقبل‪ ..‬وأن يكون في تركيبته نوعا من السيولة تمثل‬ ‫فيه األغلبية الساحقة‪ ،‬وأن هذا األم��ر كان الغرض منه‬ ‫حرمان األحزاب من أي تمثيل مؤثر في مجلس النواب»‪.‬‬ ‫ويرى سامي أن شروط االنتخاب بنظام القائمة «شروط‬ ‫تعجيزية» أمام األحزاب‪ ،‬قائال إن «وضع القائمة املطلقة‬ ‫في قانون االنتخابات وضع غير مسبوق في التاريخ‪،‬‬ ‫إال في أي��ام الحرب العاملية الثانية‪ ،‬أي في عهد الحزب‬ ‫الفاشيستي في إيطاليا الذي سن وقتها القائمة املطلقة‪..‬‬ ‫ط�ب�ع��ا ه ��ذا األم� ��ر م��ن امل �م �ك��ن ال �ط �ع��ن ع�ل�ي��ه دس �ت��وري��ا‬ ‫بسهولة»‪.‬‬ ‫ويتعجب رئيس حزب الكرامة من عدم اللجوء للخيار‬ ‫الخاص بحل هذه املشكلة‪ ،‬بدال من اللجوء إلى تحصني‬ ‫مجلس النواب من الطعن‪ .‬ويقول‪« :‬الغريب أنه بدال من‬ ‫حل املسألة بطريقة سلسلة‪ ،‬نجد األصوات تتعالى اآلن‬ ‫من أجل تحصني املجلس من الحل أو عدم الدستورية‬ ‫مستقبال»‪ .‬ويضيف أن من يريد أن يصور للرئيس أنه‬ ‫يمكن تحصني املجلس يعرضه ل��وزر أخطاء اآلخرين‬ ‫من حوله‪.‬‬ ‫وه��و ي�ق��ول إن السبب ال�ج��وه��ري ف��ي ت��أخ��ر انتخابات‬ ‫مجلس ال�ن��واب ع��دم خضوع العملية الحالية لنفس ما‬ ‫ح��دث م��ن اس�ت�ق��ام��ة وت��رت�ي��ب م��ع امل��رح�ل��ة ال�س��اب�ق��ة من‬ ‫خ��ارط��ة ال�ط��ري��ق‪ ،‬وه��ي ترشيح الرئيس وانتخابه التي‬ ‫تمت بشفافية كاملة وانتهت بنهاية طيبة‪ .‬ولذلك ال بد‬ ‫من إنجاز املرحلة الثالثة بنفس الشفافية واملنهج الذي‬ ‫جرت به انتخابات الرئاسة <‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪37‬‬


‫(آذار) وأبريل (نيسان) ‪ ،2011‬أي بعد الثورة بشهرين‪.‬‬ ‫وعلى ذلك لم يكن لدى معظم هذه األحزاب الجديدة حالة‬ ‫نضج‪ ،‬ولكنها‪ ،‬كما يقول كمال‪ ،‬أصبحت مجرد «أحزاب‬ ‫ورق� �ي ��ة‪ ،‬اع �ت �م��دت ف ��ي ت��وج �ه��ات �ه��ا ع �ل��ى ن �س��خ ب��رام�ج�ه��ا‬ ‫السياسية من برامج بعض‪ ،‬وبالتالي حني جرت انتخابات‬ ‫البرملان في ‪ 2011‬لم يدخلها املرشحون على أساس برامج‪،‬‬ ‫ولكن زاحم بعضهم بعضا بالشعارات والدعايات التي ثبت‬ ‫أمام الشعب أن أغلبها لم يكن إال وسيلة لدخول البرملان»‪.‬‬

‫خريطة الطريق‬

‫‪36‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫الفتة على واجهة شرفة في مدينة‬ ‫السادس من أكتوبر في غرب القاهرة‬ ‫ألحد الطامحني في الترشح النتخابات‬ ‫برملان ‪( 2015‬تصوير «املجلة»)‬

‫تيار برملاني أو حزبي موال للرئيس‬ ‫مسألة محظورة‬ ‫هنا‪ ،‬كما يقول بعض السياسيني‪ ،‬جرى تفسير األمر من‬ ‫جانب اإلعالم املندفع على أن الحديث بشأن تيار برملاني‬ ‫�وال للرئيس مسألة محظورة‪ ،‬وبثوا هذا على‬ ‫أو حزبي م� ٍ‬ ‫نطاق واسع في أوساط الرأي العام‪ ،‬مع أن هذا من األمور‬

‫‪,,‬‬

‫بعض من يعتزمون‬ ‫خوض االنتخابات‬ ‫يستغلون شهر رمضان‬ ‫للتواصل مع التجمعات‬ ‫السكنية ومنح‬ ‫العطايا للفقراء‬

‫‪,,‬‬

‫ويقول مسؤولون في الحكومة ورؤساء أحزاب أيضا‪ ،‬ممن‬ ‫التقوا السيسي في القصر الجمهوري األسابيع األخيرة‪ ،‬إن‬ ‫الرئيس يدفع في اتجاه إنجاز االنتخابات النيابية كخطوة‬ ‫مهمة م��ن خ�ط��وات خ��ارط��ة ال�ط��ري��ق‪ ،‬لكن املشكلة تتعلق‬ ‫بمسائل الصياغة القانونية حتى ال يتعرض البرملان املقبل‬ ‫للحل م��ن املحكمة الدستورية ف��ي ح��ال مخالفة القوانني‬ ‫املنظمة لالنتخابات ملواد الدستور‪.‬‬ ‫وواف� ��ق ال�ش�ع��ب ع�ل��ى ال��دس �ت��ور ب�ع��د ت�ع��دي�ل��ه ف��ي ‪،2014‬‬ ‫وتضمن مواد كثيرة تخص البرملان‪ ،‬لكن املشكلة تتعلق‬ ‫بأن هذه املواد مرنة إلى درجة كبيرة‪ ،‬بحيث تعطي مساحة‬ ‫من اللغط واألخذ والرد بخصوص الصياغات القانونية‪.‬‬ ‫بيد أن روح الدستور بشكل عام يظهر فيها أنها تراعي‬ ‫مشكلة ضعف األح��زاب‪ ،‬وه��ذا‪ ،‬لدى الكثير من األط��راف‪،‬‬ ‫ينبغي وضعه في قانون االنتخابات‪ ،‬حيث أعطى القانون‬ ‫ما نسبته ‪ 20‬في املائة فقط للقوائم الحزبية مقابل ‪ 80‬في‬ ‫املائة للمرشحني بالنظام الفردي‪.‬‬ ‫ه�ن��اك م��ن يتفهم ه��ذا األم��ر‪ ،‬وه�ن��اك م��ن ي��ري��د ل�لأم��ور أن‬ ‫تسير على أكمل وج��ه‪ .‬وبالنسبة للنائب السابق كمال‪،‬‬ ‫فهو ينظر إل��ى املرحلة الحالية على أس��اس أنها «مرحلة‬ ‫انتقالية‪ ،‬من أج��ل إعطاء األح��زاب فرصة‪ ،‬ف��األح��زاب هي‬ ‫األخرى وقعت في خطأ‪ ،‬وهو أنها حني أرادت أن تتنافس‬ ‫على مقاعد البرملان الجديد‪ ،‬وقعت في صراع على املقاعد‬ ‫ول��م تتصارع على ال�ب��رام��ج‪ .‬ك��ان يفترض بعد ال�ث��ورة أن‬ ‫تتغير خارطة األحزاب»‪.‬‬ ‫ال�ك��ل ك��ان ي��ردد ف��ي املنتديات وف��ي ال�ل�ق��اءات الحزبية أن‬ ‫مصر ف��ي حاجة إل��ى تكتلني أو ثالثة تكتالت حزبية ال‬ ‫غ�ي��ر‪ ،‬ب��دال م��ن ال �ج��زر امل�ن�ع��زل��ة ل�ع�ش��رات األح� ��زاب‪ .‬ح��دث‬ ‫هذا منذ نحو ستة أشهر‪ ..‬أي في خضم اإلع��داد للقوائم‬ ‫الحزبية والتربيطات الفردية حني كانت البالد تتهيأ إلجراء‬ ‫االنتخابات‪ ،‬قبل أن يتقرر تأجيلها بسبب مشكلة تقسيم‬ ‫الدوائر‪ .‬لكن املحصلة هي أن الكالم عن الحاجة لتكتالت‬ ‫حزبية تعتمد على توجهات سياسية‪ ،‬ظل مجرد كالم‪،‬‬ ‫ولم يتحول إلى واق��ع‪ ،‬وب��رزت املشاحنات والضرب تحت‬ ‫ال�ح��زام بني املتنافسني في ذل��ك ال��وق��ت‪ .‬ه��ذه قائمة فالن‪،‬‬ ‫وتلك قائمة عالن‪ ،‬وهذه دائرة العائلة الفالنية‪ ،‬وتلك دائرة‬ ‫املرشح العالني‪.‬‬ ‫أه��م امل��وض��وع��ات الشائكة ب�ش��أن ال�ب��رمل��ان املقبل ه��و من‬ ‫سيكون سندا للرئيس‪ .‬والسؤال هو‪ :‬على َمن ستعتمد‬ ‫السلطة التنفيذية لتمرير ما تريده من قوانني وتشريعات‬ ‫وقرارات؟ هنا تظهر موجة من النقد‪ .‬ملاذا يجب أن يكون‬ ‫للرئيس تكتل مساند له‪ .‬ومن املعروف أن الدستور الجديد‬ ‫ينص على شرط لم يكن موجودا في عهد مبارك وال في‬ ‫عهد السادات‪ ،‬وهو أن الرئيس ممنوع من ترؤس أي حزب‬ ‫سياسي أو االنتماء ألي حزب‪.‬‬

‫سيد عبد العال رئيس‬ ‫حزب التجمع‬

‫السياسية العادية في كل البلدان‪ ،‬حتى لو لم يكن الرئيس‬ ‫فيها منتميا لحزب بعينه‪ .‬املشكلة‪ ،‬كما يقول النائب كمال‪،‬‬ ‫مالحظة أن بعض املسؤولني أصبحوا هم أيضا يتجنبون‬ ‫الخوض في موضوع حاجة رئيس الدولة والحكومة لظهير‬ ‫سياسي في البرملان‪.‬‬ ‫وي�ض�ي��ف م��وض�ح��ا أن��ه ح�ت��ى ن�ظ��رة ال��دول��ة ل��وج��ود ح��زب‬ ‫�وال للرئيس أو للحكومة‪ ،‬أصبح وكأنه من املحرمات‪..‬‬ ‫م� ٍ‬ ‫«ال �ق��ول ال��ذي ي�ج��ري ب�ث��ه ب��أن السلطة التنفيذية ال تريد‬ ‫ظهيرا سياسيا لها‪ ،‬ليس صحيحا‪ ..‬بالعكس ه��ذا مهم‬ ‫ج��دا‪ .‬الكارثة التي نحن فيها اليوم هي وج��ود نقص في‬ ‫القيادات السياسية‪ ،‬من محافظني ووزراء‪ .‬ال تجد كوادر‬ ‫من األح��زاب التي هي أوعية رئيسية للقيادات السياسية‬ ‫في أي مجتمع‪ ،‬واملفترض أنها تضخ قيادات الصف الثاني‬ ‫والصف األول‪ .‬أي ال بد أن يكون هناك جسم سياسي مهيأ‬ ‫لضخ قيادات تسهم في إدارة الدولة»‪.‬‬ ‫ف��ي ص��ال��ون ي��دي��ره أح��د ال �ق �ي��ادات ال�س�ي��اس�ي��ة ف��ي وس��ط‬ ‫القاهرة تبدو هناك شكوى من جانب بعض الشخصيات‬ ‫الحزبية من موجة إعالمية تحاول الحط من قدر البرملان‬ ‫والتقليل من أهميته‪ ،‬مستغلة بذلك التجربة املريرة ملجلس‬ ‫النواب اإلخ��وان��ي سابقا‪ ،‬وك��أن البرملان املقبل سيتسبب‬ ‫في عرقلة عمل رئيس الدولة‪ .‬يقول هذا القيادي الحزبي‬ ‫طالبا عدم تعريفه تجنبا للحرج‪ ،‬ألن صالونه يقتصر على‬ ‫استضافة نخبة معينة من الساسة‪« :‬في الحقيقة البرملان‬ ‫دوره التشريع والرقابة‪ ،‬وهو لن يأتي ليدخل في مشكالت‬ ‫مع رئيس الدولة‪ .‬هذه النظرة التي يجري الترويج لها عن‬ ‫جهل‪ ،‬تحتاج ملراجعة‪ .‬أعتقد أن هذا من أسباب االرتباك‬ ‫في إنجاز االنتخابات حتى اآلن»‪.‬‬ ‫وتوجد في مصر العشرات من قنوات التلفزيون الفضائية‬ ‫التي يجري التقاط بثها مجانا‪ ،‬وتعتمد بشكل أساسي‬ ‫على برامج الدردشة التي تتناول كل صغيرة وكبيرة وتبني‬ ‫عليها القصص والحكايات‪ .‬وهذا كله يجري ضخه فيما‬ ‫بعد على امل��واق��ع اإلخ�ب��اري��ة اإللكترونية وعلى صفحات‬ ‫التواصل االجتماعي كحقائق مسلم بها‪.‬‬ ‫يقول النائب كمال الذي كان قد انتهى قبل قليل من املشاركة‬ ‫في مناقشات حزبية عن االنتخابات‪ ،‬إن إحدى املشكالت‬


‫في البرملان املقبل‪.‬‬ ‫الكثير من السياسيني يثقون في ق��درة الشعب املصري‬ ‫على انتخاب ب��رمل��ان ليس م��ن ن��وع ب��رمل��ان الكتاكيت التي‬ ‫تصوصو دون إح��داث تغيير‪ ،‬كما ك��ان أي��ام م�ب��ارك‪ ،‬وال‬ ‫ب��رمل��ان يناقش فقه النكاح وال�ج��دل الديني كما ك��ان أي��ام‬ ‫«اإلخوان»‪ .‬في ‪ ،2012‬حني تعرض جانب من مقر مجلس‬ ‫الشورى املجاور ملبنى مجلس النواب للحرق على يد بعض‬ ‫املتظاهرين‪ ،‬كانت املزحة التي يرددها جانب من املصريني‬ ‫الغاضبني من املستوى الضعيف لبرملان «اإلخ��وان»‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫«وملاذا لم تلتهم النيران باقي املبنى باملرة؟»‪ ،‬وفقا لرواية‬ ‫النائب في البرملان السابق‪ ،‬عبد الحميد كمال‪ ،‬ال��ذي أعد‬ ‫دراسة وافية عن الشكل الذي كان عليه مجلس النواب حني‬ ‫سيطر «اإلخوان» على األغلبية فيه‪.‬‬

‫اإلسالم السياسي‬

‫عبد الفتاح السيسي لدى اجتماعه بعدد من رؤساء‬ ‫األحزاب في وقت سابق بمقر رئاسة الجمهورية‬

‫النيابية ليست قرار السيسي‪ ،‬ولكن األمر يرجع إلى منظومة‬ ‫متكاملة مرتبطة بالتشريعات الخاصة بالعملية االنتخابية‬ ‫والبيئة السياسية التي ستجري فيها االنتخابات‪.‬‬ ‫في الطرقات وعلى الجدران يمكن أن تقرأ بعض األسماء‬ ‫ملرشحني يعتزمون خوض االنتخابات؛ هناك من يستغل‬ ‫شهر رم�ض��ان للتواصل م��ع التجمعات السكنية ومنح‬ ‫العطايا للفقراء‪ .‬حقيبة رمضان تحتوي عادة على زجاجة‬ ‫زي��ت وكيس سكر وكيس أرز‪ ،‬ودج��اج��ة وغ�ي��ره��ا‪ .‬طبعا‬ ‫ال أح��د يقول إن ه��ذه رش��ى للناخبني‪ ،‬لكن مجرد ظهور‬ ‫ش�خ�ص�ي��ات م�ت��أن�ق��ة وه��ي ت��وج��ه س �ي��ارات ت��وزي��ع السلع‬ ‫املجانية‪ ،‬يعني أنها تريد أن يتذكرها الناس في يوم اإلدالء‬ ‫باألصوات‪ .‬هذا اليوم يقترب‪ .‬قد تبدأ إجراءات االنتخابات‬ ‫بعد عيد الفطر مباشرة‪.‬‬ ‫ه��ذا بطبيعة ال�ح��ال ليس ل��ه عالقة ب��أي ضغوط خارجية‬

‫للبدء في االقتراع وإعادة البرملان للعمل‪ ،‬كما تروج بعض‬ ‫املواقع اإللكترونية ومحطات التلفزيون التي يديرها خصوم‬ ‫النظام املصري‪ .‬يقول شيحة‪« :‬بالطبع ليس األمر له عالقة‬ ‫بالخارج أو بمسألة استقبال السيسي من جانب رئيس‬ ‫الوزراء البريطاني‪ .‬لكن على الرئيس أيضا أن يمهد للبيئة‬ ‫السياسية إلجراء االنتخابات في مصر»‪.‬‬ ‫ويعتقد شيحة أن االنتخابات ستجري بعد العيد مباشرة‪..‬‬ ‫«يمكن أن تالحظ أنه جرى تغيير اللجنة العليا لالنتخابات‪،‬‬ ‫وأخطروا املوظفني في األحياء للتأهب لهذا األم��ر‪ ..‬يوجد‬ ‫عمل لوجيستي على األرض مفاده أن هناك اتجاها إلجراء‬ ‫االنتخابات بحد أقصى قبل نهاية هذه السنة»‪.‬‬ ‫إلى جانب الحركة البادية في الشوارع والحواري‪ ،‬ظهرت‬ ‫أيضا صفحات دعائية على مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫تروج للمرشحني وما يمكن أن يقوموا به لخدمة دوائرهم‬

‫لم يعد يوجد تخوف من ع��ودة «اإلخ ��وان» أو غيرهم من‬ ‫التيار املعروف باسم «اإلس�لام السياسي»‪ ،‬للهيمنة على‬ ‫البرملان مرة أخرى‪ .‬يقول النائب كمال إن تلك املزحة كانت‬ ‫تعبر ع��ن م��زاج امل�ص��ري�ين‪ ،‬وك��ان��ت تقول بكل بساطة إن‬ ‫الشعب حكم على البرملان في ذلك الوقت بالحل‪ ،‬حتى قبل‬ ‫أن يصدر ق��رار املحكمة الدستورية ال��ذي استند في حل‬ ‫البرملان وقتها على عوار قانوني مخالف للدستور‪.‬‬ ‫ح�ت��ى شيحة امل �ع��روف بتوجهاته الليبرالية ليست لديه‬ ‫مثل هذه املخاوف‪ .‬ويوضح بقوله‪« :‬عندي ثقة كبيرة في‬ ‫أن ال��وع��ي السياسي ل��دى امل�ص��ري�ين تغير إل��ى ح��د كبير‬ ‫ف��ي ال�س�ن��وات األخ �ي��رة‪ .‬ل��و ك��ان هناك وج��ود لإلسالميني‬ ‫فسيكون أمرا طبيعيا‪ ،‬لكن نسبتهم لن تتجاوز بأي حال‬ ‫من األحوال ‪ 10‬في املائة‪ ،‬وهو أمر مقبول في البرملان‪ .‬في‬ ‫النهاية التيار اإلسالمي موجود في الشارع وال نخترعه‪..‬‬ ‫املهم أن ُيمثل بقيمته الحقيقية أو بوزنه النسبي ال أكثر»‪.‬‬ ‫ومن جانبه‪ ،‬ال يخفي عبد الحميد كمال‪ ،‬الذي كان يشغل‬ ‫م�ق�ع� ً�دا م��ع ال�ت�ي��ار ال�ي�س��اري ف��ي ال�ب��رمل��ان ال�س��اب��ق‪ ،‬وج��ود‬ ‫مشكلة كبيرة تتعلق باستكمال االستحقاق الثالث من‬ ‫خارطة الطريق وهو إجراء االنتخابات البرملانية‪ ،‬مشيرا إلى‬ ‫أن غياب البرملان طوال كل هذه الفترة «يعكس وجود أزمة»‪،‬‬ ‫مقارنة بإنجاز االستحقاقات السابقة لخارطة الطريق‪،‬‬ ‫التي جرت بسالسة‪ ،‬وهي تعديل الدستور وانتخاب رئيس‬ ‫للدولة‪.‬‬ ‫ويضيف أن مشكلة تأخر إنجاز االنتخابات النيابية تتعلق‬ ‫منذ البداية بأخطاء من بينها ع��دم فتح ح��وار مجتمعي‬ ‫جيد للتمهيد إلص��دار القوانني الثالثة الخاصة بالعملية‬ ‫االنتخابية‪ ،‬سواء قانون مجلس النواب أو مباشرة الحقوق‬ ‫السياسية أو قانون تقسيم الدوائر‪ .‬ويضيف‪« :‬لقد جرى‬ ‫تجاهل دور األح��زاب»‪ .‬السبب كما يقول يرجع إلى حالة‬ ‫ال�ض�ع��ف ال�ع��ام��ة وامل��زم�ن��ة ال�ت��ي تعانيها غالبية األح ��زاب‬ ‫املصرية‪ ،‬سواء فيما يتعلق بأحزاب ما قبل ثورة ‪ 2011‬أو‬ ‫األحزاب التي تأسست بعد الثورة»‪.‬‬ ‫يتفق كثير من الحزبيني على أن أحزاب ما قبل ثورة يناير‬ ‫كانت قد تعرضت للحصار والتضييق عليها‪ ،‬في ظل مناخ‬ ‫كان يفتقر للديمقراطية‪ .‬ويقول كمال‪« :‬وبالتالي لم يبرز من‬ ‫بني الـ‪ 25‬حزبا من أحزاب ما قبل الثورة‪ ،‬إال ‪ 5‬أو ‪ 6‬أحزاب‪.‬‬ ‫أم��ا في حالة ما بعد ال�ث��ورة‪ ،‬وبالنظر لحالة ال�ف��وران الذي‬ ‫حدثت في الشارع وقتذاك‪ ،‬فقد أسفرت هذه املرحلة عن‬ ‫ظهور أكثر من ‪ 80‬حزبا‪ ،‬تأسست كلها في شهري مارس‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪35‬‬


‫في األيام الخوالي كان الجدل‬ ‫السياسي في مصر يرتبط بما يدور‬ ‫تحت قبة البرملان‪ .‬في الصحف‬ ‫القديمة مثل «املقطم»‪ ،‬كانت‬ ‫املانشيتات تحمل بالخط العريض‬ ‫عناوين عن أن النائب الفالني قال‬ ‫للوزير الفالني‪« :‬يا كذاب» مثال‪ .‬كان‬ ‫هذا يثير االنتباه‪ ،‬ويدفع الصحف‬ ‫لالنتشار والبيع‪ .‬بعد مرور كل هذه‬ ‫السنني‪ ،‬وبعد التطور الكبير في‬ ‫وسائل اإلعالم من قنوات تلفزيونية‬ ‫ومواقع إلكترونية وغيره‪ ،‬يمكن‬ ‫ً‬ ‫أن تجد لغطا من هذا النوع‪ ،‬يشمل‬ ‫شخصيات من مختلف القطاعات‪،‬‬ ‫سياسية وغير سياسية‪ ،‬لكن بطرق‬ ‫مغايرة وسطحية بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫إذن ما الحاجة لوجود برملان‪ ،‬ما‬ ‫دام الجدل منصوبا والتالسن على‬ ‫الهواء مباشرة ال يتوقف‪.‬‬

‫جدل حول أسباب غيابه ومصيره‬

‫برملان مصر‪ ..‬معضلة أمام السيسي‬

‫القاهرة‪ :‬عبد الستار حتيتة‬ ‫ه��ذا ط��رح مقلق يمكن أن تجده في صالونات السياسة‪،‬‬ ‫وتجد معه أيضا ال��رد‪ ،‬وهو التأكيد على أن مزاج الشعب‬ ‫تغير بعد قيامه بثورتني وزجه برئيسني في السجن‪ ،‬في‬ ‫أقل من ثالث سنوات‪ .‬عرف املصريون الحياة النيابية منذ‬ ‫عام ‪ .1866‬كان آخر برملان قد جرى انتخابه بعد عدة أشهر‬ ‫م��ن ث��ورة يناير ‪ ،2011‬إال أن املحكمة الدستورية العليا‬ ‫قررت حله في ‪ ،2012‬ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬حتى يومنا هذا‪ ،‬لم‬ ‫يلتئم البرملان املعروف في الدستور الجديد باسم «مجلس‬ ‫النواب»‪ ،‬رغم أن خارطة الطريق التي رسمها الشعب عقب‬ ‫ث��ورة يونيو ‪ 2013‬تضمنت ث�لاث نقاط رئيسية؛ تعديل‬ ‫الدستور‪ ،‬وانتخاب رئيس للدولة‪ ،‬والثالثة إجراء انتخابات‬ ‫‪34‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫مجلس النواب‪.‬‬ ‫إذن ملاذا ال يوجد برملان حتى اآلن؟ ما املشكلة؟ هل هي‬ ‫مماطلة من السلطة التنفيذية‪ ،‬أم عراقيل تتعلق بصياغة‬ ‫القوانني املنظمة للعملية االنتخابية‪ ،‬ما بني النظام الفردي‬ ‫ونظام القائمة وتقسيم الدوائر؟ أم هو عدم ثقة في األحزاب‪،‬‬ ‫أم ترتيبات للوصول لبرملان يشبه غرفة الكتاكيت التي‬ ‫تصوصو دون تأثير؟‬ ‫خرجت الكثير من النظريات والتكهنات‪ ،‬وج��رى تحميل‬ ‫األم��ر الكثير م��ن القصص م��ن بينها على سبيل املثال‬ ‫م�ط��ال�ب��ة ب�ع��ض ال�ج�ه��ات رئ �ي��س وزراء ب��ري�ط��ان�ي��ا‪ ،‬ديفيد‬ ‫كاميرون‪ ،‬بعدم استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي‪ ،‬ألن‬ ‫األول ينتمي لدولة لديها برملان والثاني من دولة بال برملان‪.‬‬ ‫وس�ب��ق أن ت�ع��رض ال�ب��رمل��ان امل�ص��ري للتعطيل ف��ي أوق��ات‬ ‫أزم��ات كبرى م��رت بها البالد‪ ،‬التي تشبه األزم��ة األخيرة‬

‫التي جرى فيها طرد «اإلخوان» من السلطة‪ ،‬بعد أن كانوا‬ ‫قد استحوذوا على البرملان‪ ،‬ثم رئاسة ال��دول��ة بعد يناير‬ ‫‪ .2011‬يقول عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد‪،‬‬ ‫إن البرملان سبق وتعطل بالفعل في عامي ‪ 1953‬و‪،1957‬‬ ‫وم��رت على البالد نحو ‪ 3‬سنوات دون برملان‪ ،‬مثلما هو‬ ‫الحال اليوم‪ ،‬مع الفارق‪.‬‬

‫البرملان ووضع مصر داخليا وخارجيا‬ ‫ومثلما ي��رى الكثير من السياسيني واملراقبني‪ ،‬ف��إن عدم‬ ‫وجود مجلس للنواب في البالد‪ ،‬يؤثر بالسلب على وضع‬ ‫مصر داخليا وخارجيا‪ .‬ويضيف شيحة بشأن ما قيل عن‬ ‫أن بريطانيا‪ ،‬ربما لم تكن لتستقبل الرئيس السيسي‪ ،‬ألن‬ ‫البالد ليس فيها برملان‪ .‬إن مسألة تأخر إجراء االنتخابات‬


‫ستريدا‬ ‫جعجع‬

‫نايلة‬ ‫تويني‬

‫‪,,‬‬

‫تتمثل املرأة في الحكومة‬ ‫اللبنانية الحالية بوزيرة‬ ‫واحدة وهي وزيرة املهجرين‬ ‫أليس شبطيني التي كانت‬ ‫تتولى رئاسة محكمة‬ ‫التمييز العسكرية‬

‫‪,,‬‬

‫ويدفع عدد كبير من الجمعيات النسائية وكذلك بعض‬ ‫األحزاب لكي يتضمن قانون االنتخابات الحالي العمل على‬ ‫كوتة نسائية تفوق ‪ 30‬في املائة‪ ،‬إال أن مبدأ فرض كوتة‬ ‫يعارضه قسم آخر من العاملني في مجال حقوق املرأة‬ ‫ّ‬ ‫واملجتمع املدني‪ ،‬باعتبار أنه ال ينطلق من مبدأ املساواة‬ ‫ب�ين الجنسني‪ ،‬كما ل��و أن امل��رأة تحتاج دوم��ا للمساعدة‬ ‫للوصول إلى مكان ما‪.‬وفي هذا السياق‪ ،‬تشير ليندا مطر‪،‬‬ ‫العضو في قيادة «االتحاد النسائي الديمقراطي العاملي»‬ ‫التي اختارتها املجلة الفرنسية «ماري كلير» عام ‪1995‬‬ ‫لتكون من بني مائة سيدة حركن العالم‪ ،‬إل��ى أن الكوتة‬ ‫التي ُيطالب بها «مؤقتة ومرحلية» وكحد أدن��ى ‪ 30‬في‬ ‫املائة ليتم االلتزام بها على مرحلتني انتخابيتني تماما‬ ‫كما حصل في فرنسا وأملانيا وغيرهما لتسهيل مهمة‬ ‫ال��دف��ع ب��امل��رأة للمشاركة بالحياة السياسية‪.‬وترد مطر‬ ‫في حديث لـ«املجلة» األسباب التي تدفعها لتأييد مبدأ‬ ‫الكوتة‪ ،‬إلى «عدم امتالك املرأة املعرفة الكافية حول كيفية‬ ‫الوصول إلى مراكز القرار‪ ،‬وكذلك عدم استعداد الرجل‬ ‫للمساهمة بوصولها فتصبح عنصرا أساسيا منافسا‬ ‫له»‪ .‬وال تتأخر مطر في تحميل املرأة اللبنانية جزءا كبيرا‬ ‫من املسؤولية في حضورها الخجول بالحياة السياسية‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن قوانني االنتخاب املعتمدة في لبنان عامل‬ ‫إضافي غير مسهل‪ .‬وتضيف‪« :‬ما نبحث عنه هو الشراكة‬ ‫مع الرجل‪ ،‬وليس أخذ دوره‪ ،‬لذلك من الواجب أن يكون‬ ‫طرفا مساعدا في مهمتنا»‪.‬‬ ‫وتشير املناضلة منذ عشرات السنوات في مجال حقوق‬ ‫امل��رأة‪ ،‬إلى أن ما تسعى وتطمح له «هو وص��ول امل��رأة إلى‬ ‫م��راك��ز ال �ق ��رار‪ ،‬ف�ل�ا ت �ك��ون م �ج��رد ع ��دد ف��ي ال�ح�ك��وم��ة أو‬ ‫مجلس النواب‪ ،‬بل تكون لها القدرة على إسماع صوتها‬ ‫والسير بقراراتها»‪.‬وتتحمل النساء ال�لات��ي ت��وال�ين على‬ ‫تبوؤ مناصب نيابية أو وزارية‪ ،‬مسؤولية كبيرة لجهة عدم‬ ‫تشكيلهن قدوة لباقي النساء أو عنصرا مشجعا لاللتحاق‬ ‫بالعمل السياسي‪ ،‬باعتبار أن معظمهن ورثن املقعد النيابي‬ ‫أو ال��وزاري عن أب أو زوج‪ ،‬فشاع القول بأن معظم نساء‬ ‫لبنان يدخلن الندوة البرملانية «متشحات بالسواد»‪.‬وتغيب‬ ‫النساء الـ‪ 4‬في مجلس النواب الحالي عن وسائل اإلعالم‬ ‫ب�ق��رار ذات��ي‪ ،‬وال يمكن الحديث ع��ن أي إن�ج��از لهن على‬ ‫مستوى العمل التشريعي‪ ،‬فجيلبرت زوي��ن‪ ،‬العضو في‬ ‫تكتل «التغيير واإلص�ل�اح» ال��ذي يتزعمه النائب ميشال‬ ‫عون‪ ،‬ال يعرفها معظم اللبنانيون وحتى من انتخبوها‪.‬‬ ‫أما النائب نايلة تويني‪ ،‬التي ورثت العمل السياسي عن‬ ‫جدها غسان تويني ووالدها جبران‪ ،‬والتي تندرج أيضا‬ ‫ب��إط��ار العنصر الشبابي ف��ي ال�ب��رمل��ان‪ ،‬ل��م تنجح ب��إب��راز‬ ‫نفسها قدوة ال للمرأة وال للشباب اللبناني بعدما قررت‬ ‫أن تنصرف لتشكيل أسرتها الخاصة بعيدا عن االهتمام‬ ‫بالشأن العام‪.‬وقد تكون ستريدا جعجع‪ ،‬زوج��ة رئيس‬ ‫حزب «ال�ق��وات» سمير جعجع‪ ،‬وبهية الحريري شقيقة‬ ‫الرئيس الراحل رفيق الحريري‪ ،‬أكثر نشاطا من زوين‬ ‫وت��وي�ن��ي‪ ،‬فهما ت�ط�لان ب�ين ال�ح�ين واآلخ��ر ف��ي مؤتمرات‬ ‫صحافية‪ ،‬كما تطلقان م��واق��ف سياسية حتى ول��و لم‬ ‫يكن بالقدر املطلوب‪.‬‬ ‫تختصر ال��دك �ت��ورة ف��ادي��ا ك �ي��وان‪ ،‬م��دي��رة معهد العلوم‬ ‫السياسية في جامعة القديس يوسف والناشطة في مجال‬ ‫حقوق امل��رأة على املستوى اللبناني والعربي وال��دول��ي‪،‬‬ ‫أسباب تأخر املرأة عن املشاركة في الحياة السياسية في‬

‫سببني؛ قانوني وثقافي‪ .‬األول ينطلق برأيها من «النظام‬ ‫السياسي ال��ذي‪ ،‬وعلى الرغم من أن ظاهره ديمقراطي‪،‬‬ ‫تأسس على قاعدة التوافق الطائفي الذي وزع اللبنانيني‬ ‫على مجموعات طائفية ومذهبية لكل منها خصوصياتها‬ ‫ومصالحها التي ال يمكن ّ‬ ‫املس بها‪ .‬فتعززت السلوكيات‬ ‫الطائفية‪ ،‬وتحولت الدولة من كيان قانوني عليه حماية‬ ‫املواطنني ورعاية شؤونهم مباشرة‪ ،‬إلى أداة في يد النخب‬ ‫ً‬ ‫مضطرا لالحتماء في كنف‬ ‫الطائفية‪ ،‬وأضحى املواطن‬ ‫الزعامات الطائفية للحصول على حقوقه الدنيا»‪ .‬وتعتبر‬

‫ك�ي��وان ّأن��ه «وب�م��ا أن ال�ق��واع��د الطائفية للعبة ه��ي ً‬ ‫حكما‬ ‫قواعد ذكورية تقليدية وكل القوانني االنتخابية اللبنانية‬ ‫ّ‬ ‫كرست على الدوام هذا الواقع‪ ،‬فمن هنا كان تأخر املرأة‬ ‫ّ‬ ‫في املشاركة بالحياة السياسية»‪ .‬وعن املعوق الثقافي‪،‬‬ ‫تقول كيوان إنه «بمحاذاة التركيبة الطائفية للنظام‪ ،‬ما زال‬ ‫ً‬ ‫كائنا ً‬ ‫تابعا لرجل‬ ‫التفكير الغالب في لبنان يعتبر املرأة‬ ‫ً‬ ‫يكون مسؤوال عنها‪ ،‬ما ّأدى إلى انعدام الثقة بإمكان تبوؤ‬ ‫املرأة مراكز قيادية»‪.‬‬ ‫ويرد مكتب السياسات والبرامج في هيئة األمم املتحدة‬ ‫للمرأة‪ ،‬املشاركة الخجولة بالحياة السياسية ف��ي دول‬ ‫ال�ع��ال��م ك�ك��ل إل ��ى «ال�ت�ح�ي��ز ل�ج�ن��س دون آخ ��ر‪ ،‬وال�ت�ف��رق��ة‬ ‫ف��ي املعاملة‪ ،‬والتوجهات الثقافية التي تنظر إل��ى امل��رأة‬ ‫باعتبارها أقل قدرا وغير جديرة بالقيادة‪ ،‬وتحدي جمع‬ ‫تمويل كاف للحمالت االنتخابية ومكافحة الفساد وشراء‬ ‫األص��وات وال��دع��م غير امل�لائ��م م��ن األح��زاب السياسية»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويحمل املعنيون «املنظومة التربوية التي يقوم عليها‬ ‫املجتمع جزءا كبيرا من مسؤولية عدم إشراك املرأة فعليا‬ ‫بالحياة السياسية‪ ،‬وبالتحديد مجموعة القيم التي ترعى‬ ‫مسألة تقاسم األدوار بني امل��رأة وال��رج��ل‪ ..‬فاملوقف من‬ ‫النساء ال تقرره القوانني أو التشريعات فحسب؛ بل هو‬ ‫مرتبط بمنظومة القيم األبوية التي تؤطر موقع املرأة في‬ ‫املجتمع‪ .‬والعالقات االجتماعية والعائلية هرمية؛ رأس‬ ‫العائلة‪ ،‬األب‪ ،‬رأس الدولة‪ ،‬رئيس الجمهورية‪ ،‬واملرأة هي‬ ‫ً‬ ‫دائما بكفالة ذكورية ما؛ ابنة ف�لان‪ ،‬زوج��ة ف�لان‪ ،‬وليس‬ ‫لها كيان خاص بها»‪.‬‬ ‫وق� ��د ع �ق��د م �ط �ل��ع ال �ش �ه��ر امل ��اض ��ي «ال �ت �ج �م��ع ال�ن�س��ائ��ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إقليميا في بيروت حول‬ ‫مؤتمرا‬ ‫الديمقراطي اللبناني»‬ ‫«تعزيز دور األح��زاب والنقابات في النهوض باملشاركة‬ ‫السياسية والعامة للنساء»‪ ،‬وذلك بمشاركة أكثر من مائة‬ ‫مشارك من خبراء وخبيرات وبرملانيات من دول عربية‪،‬‬ ‫تم خالله مناقشة قضايا ّ‬ ‫عدة تتعلق باملشاركة السياسية‬ ‫ّ‬ ‫للنساء في العالم العربي؛ أهمها التحديات الراهنة أمام‬ ‫ّ‬ ‫التحول الديمقراطي وتصاعد‬ ‫مشاركة النساء في ظل‬ ‫الحركات اإلره��اب�ي��ة‪ ،‬ودور اإلع�ل�ام واملجتمع امل��دن��ي في‬ ‫النهوض باملشاركة السياسية والعامة للنساء‪ ،‬والفرص‬ ‫املتاحة‪ ،‬وآفاق العمل املستقبلية‪.‬‬ ‫وأظهرت دراسة أعدتها دائرة اإلحصاء املركزي بعنوان‪:‬‬ ‫«واق��ع ا ّمل��رأة في لبنان ب��األرق��ام» وه��ي ال��دراس��ة الوحيدة‬ ‫التي ت��دل على اإلح�ص��اءات الرقمية الخاصة ب��امل��رأة‪ ،‬أن‬ ‫مشاركتها في الحياة االقتصادية ال تتعدى ‪ 23‬في املائة‪،‬‬ ‫على الرغم من التحاقها العالي بالتعليم‪ ،‬حيث تتقارب‬ ‫نسبة النساء الجامعيات ونسبة الرجال الحاصلني على‬ ‫مستوى تعليمي جامعي‪ .‬وأشارت الدراسة إلى أنه «من‬ ‫الالفت للنظر ارتفاع نسبة النساء األميات إلى ‪ 10.2‬في‬ ‫املائة‪ ،‬في حني أن نسبة الرجال األميني تساوي ‪ 5.6‬في‬ ‫املائة»‪ .‬وتعمل املرأة اللبنانية إجماال في قطاعي الخدمات‬ ‫والتجارة‪« ،‬إال أنها ال تتصدر املهن املصنفة كوادر عليا‪،‬‬ ‫بل تقوم إجماال باملهن اإلدارية واالختصاصية»‪ .‬ولفتت‬ ‫الدراسة إلى أن «فجوة الدخل بني املرأة والرجل تكبر في‬ ‫بعض قطاعات النشاط االقتصادي‪ ،‬وهي تصل أحيانا‬ ‫إلى ‪ 38‬في املائة في قطاع النقل واالتصاالت»‪ ،‬مضيفة‬ ‫أن «معدل البطالة عند النساء ينخفض مع العمر؛ حيث‬ ‫إن املرأة تتوقف عن البحث عن العمل لتصبح غير ناشطة‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا‪ ،‬على عكس الرجل» <‬

‫العدد ‪ 1608‬حزيران ‪( -‬يونيو) ‪2015‬‬

‫‪33‬‬


‫ال تعكس مشاركة املرأة اللبنانية في الحياة السياسية بأي شكل من األشكال وضعها في املجتمع الحالي بصفتها شريكة‬ ‫نشيطة في كل القطاعات وصاحبة كلمة أساسية في عائلتها ومحيطها‪ ،‬فالخجل الذي يطبع هذه املشاركة منذ عام ‪،1953‬‬ ‫ّ‬ ‫تاريخ نيلها حق الترشح والتصويت‪ ،‬تتحمل هي شخصيا مسؤوليته وكذلك الرجل الذي ال يشجعها على خوض مجال‬ ‫السياسة ملنافسته‪ ،‬باإلضافة إلى القوانني التي ال تشكل عامال مساعدا في هذه املسيرة‪.‬‬

‫‪ 10‬عضوات فقط منذ االستقالل‪ ..‬معظمهن نلن مقاعدهن بالوراثة‬

‫نساء لبنان يتركن «املوضة» لدخول البرملان‬ ‫بيروت‪ :‬بوال أسطيح‬ ‫ُ‬ ‫تعد ميرنا البستاني أول امرأة نجحت باختراق‬ ‫جدار الذكورية السياسية وأسوار مجلس النواب‬ ‫اللبناني في عهد رئيس الجمهورية الراحل فؤاد‬ ‫ش�ه��اب ف��ي ع��ام ‪ ،1963‬وم�ن��ذ ذل��ك ال�ت��اري��خ بقيت امل��رأة‬ ‫خ��ارج البرملان حتى انتخابات عام ‪ ،1992‬ليستمر بعد‬ ‫ذلك حضورها خجوال جدا في كل البرملانات والحكومات‬ ‫املتعاقبة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من إع�لان االتحاد البرملاني الدولي‪ ،‬وهيئة‬ ‫األم��م املتحدة للمرأة‪ ،‬العام املاضي ارتفاع نصيب امل��رأة‬ ‫من املقاعد البرملانية بأنحاء العالم ‪ 1.5‬نقطة مئوية ليصل‬ ‫إلى نسبة «قياسية» وهي ‪ 21.8‬في املائة‪ ،‬فإن لبنان يحتل‬ ‫املرتبة ‪ 136‬من حيث مشاركة امل��رأة‪ ،‬فيما تأتي روان��دا‬ ‫في املرتبة األول��ى‪ ،‬ولديها ‪ 51‬ام��رأة من أصل ‪ 80‬عضوا‬ ‫في مجلس ال�ن��واب‪ ،‬و‪ 10‬نساء من أص��ل ‪ 26‬عضوا في‬ ‫مجلس الشيوخ‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫العدد ‪ 1608‬حزيران ‪( -‬يونيو) ‪2015‬‬

‫واقتصرت مشاركة املرأة في البرملانات منذ قيام دولة لبنان‬ ‫على ‪ 10‬نساء ّ‬ ‫هن‪ :‬ميرنا البستاني‪ ،‬ونائلة معوض‪ ،‬وبهية‬ ‫ونهاد سعيد‪ ،‬وجيلبرت‬ ‫الحريري‪ ،‬ومهى الخوري أسعد‪ّ ،‬‬ ‫زوين‪ ،‬وصوالنج الجميل‪ ،‬وغنوة جلول‪ ،‬وستريدا جعجع‪،‬‬ ‫ونايلة تويني»‪ ،‬فيما شاركت في الحكومات املتعاقبة ‪7‬‬ ‫نساء فقط تولني مناصب وزارية غير أساسية ّ‬ ‫وهن‪ :‬ليلى‬ ‫الصلح ح�م��ادة‪ ،‬ووف��اء الضيقة‪ ،‬ونائلة م�ع��وض‪ ،‬وبهية‬ ‫الحريري‪ّ ،‬‬ ‫وريا الحسن‪ ،‬ومنى عفيش‪ ،‬وأليس شبطيني‪.‬‬ ‫الخجول بالحياة السياسية على‬ ‫وينسحب حضور املرأة‬ ‫ّ‬ ‫وظ��ائ��ف ال�ق�ط��اع ال �ع��ام؛ إذ ت�ت��ول��ى ‪ 14‬ام ��رأة مناصب في‬ ‫الفئة األول��ى ً‬ ‫حاليا م��ن أص��ل ‪ 160‬وظيفة‪.‬وتتمثل امل��رأة‬ ‫في الحكومة اللبنانية الحالية بوزيرة واحدة‪ ،‬وهي وزيرة‬ ‫املهجرين أليس شبطيني التي كانت تتولى رئاسة محكمة‬ ‫التمييز العسكرية‪.‬وقد ّ‬ ‫سمى رئيس الجمهورية السابق‬ ‫ميشال سليمان شبطيني ل �ل��وزارة‪ ،‬فيما ل��م يتكبد أي‬ ‫م��ن األح ��زاب السياسية عناء تسمية ام��رأة لتمثيله في‬ ‫مجلس ال��وزراء‪.‬وت�ع�ت�ب��ر شبطيني أن السبب الرئيسي‬ ‫وراء اقتصار تمثيل املرأة اللبنانية على وزيرة واحدة‪ ،‬هو‬

‫ّ‬ ‫«ذكورية» املجتمعني اللبناني والعربي‪ ،‬الفتة إلى أنها لو‬ ‫كانت رئيسة حكومة ألصرت على تسمية نصف أعضاء‬ ‫مجلس الوزراء من النساء‪.‬وتبدو شبطيني متفائلة لوجود‬ ‫«حراك قوي لدفع املرأة إلى مشاركة أكثر فاعلية بالحياة‬ ‫السياسية»‪ ،‬مشيرة إلى أن هناك كثيرا من املنظمات التي‬ ‫تعمل على تشجيع املرأة لخوض غمار العمل السياسي‪.‬‬ ‫وتقول شبطيني في حديث لـ«املجلة» عن تجربتها في‬ ‫مجلس ال��وزراء‪« :‬ال شك أن لدى ال��وزراء ميال لالستماع‬ ‫لباقي الرجال‪ ،‬أكثر من االستماع إلى امرأة‪ ،‬لكنني حرصت‬ ‫وخالل مشاركتي في الجلسات الوزارية على إبداء رأيي‬ ‫في أكثر من ملف‪ ،‬وق��د تم في معظم ال�ح��االت األخ��ذ به‬ ‫قبيل اتخاذ القرار»‪ .‬وتشدد على وجوب سعي املرأة إلثبات‬ ‫ذاتها فال تنتظر من الرجل أن يسألها عن رأيها‪.‬وليست‬ ‫الوزيرة اللبنانية من املتحمسات ملبدأ «الكوتة»‪ ،‬أي تحديد‬ ‫ّ‬ ‫مقاعد للنساء أو نسبة مئوية مشروطة‪ ،‬إال أنها تعتبر أنه‬ ‫قد تكون «عامال مشجعا لدفع النساء للترشح»‪ ،‬الفتة إلى‬ ‫أن «أكثر من دول أوروبية متطورة خاضت هذه التجربة‬ ‫التي أثبتت نجاحها»‪.‬‬


‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪31‬‬


‫بو‬

‫ر‬

‫تر‬

‫يه‬

‫إردوغان‪ ..‬فشل عملية إعادة دولة بني عثمان الجديدة‬

‫ال يا شيخ رجب!‬ ‫ُ‬ ‫رئيس الجمهورية التركية رجب طيب إردوغان‬ ‫‪ )1‬نعم‪ ،‬اعترف ّ‬ ‫ف��ي التلفزيون ب��أن��ه ك��ان طفال يبيع الكعك والبطيخ وعصير‬ ‫الليمون في شوارع إسطنبول كي يعاون والده الفقير في توفير‬ ‫قسم من مصروفات تعليمه‪.‬‬ ‫درس في مدارس «إمام خطيب» الدينية‪ ،‬ثم في كلية االقتصاد‬ ‫واألعمال في جامعة مرمرة‪ ،‬وال ينسى أنه كان العب كرة قدم‬ ‫شبه محترف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منجذبا إلى أفكار حزب نجم الدين‬ ‫‪ )2‬دخل املعترك السياسي‬ ‫أربكان اإلخواني‪ ،‬وصار رجب طيب إردوغان عمدة إسطنبول‪،‬‬ ‫أنشد‪:‬‬ ‫ولكن حني‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مآذننا ِح ّرابنا‪ /‬واملصلون‬ ‫نا‪ِ /‬قبابنا خوذاتنا‪/‬‬ ‫«مساجدنا ثكنات‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يحرس ديننا»‪ ،‬ات ِه َم بالتحريض‬ ‫املقدس‬ ‫جنودنا‪ /‬هذا الجيش‬ ‫عقوبته السجن‪ ،‬وه��ي تعني‬ ‫على الكراهية الدينية‪ ،‬وك��ان��ت‬ ‫ّ‬ ‫الحرمان من العمل الحكومي ومن الترشح لالنتخابات‪ ،‬وبعد‬ ‫َ‬ ‫حزب «العدالة والتنمية» الذي‬ ‫السجن سيؤسس مع عبد الله غل‬ ‫عن طريقه‪ ،‬سيصل إلى رئاسة الوزراء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ )3‬فكر‪ ،‬عندما كان رئيسا للوزراء‪ ،‬في قصر لرئاسة الحكومة‬ ‫ّ‬ ‫فكر‪ّ ،‬‬ ‫وقدر‪،‬‬ ‫في نظام برملاني‪ .‬وحني صار رئيسا للجمهورية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن رئاسة الجمهورية هي األجدر بالقصر األفخم‪ .‬وكي يرتاح‬ ‫مدة أطول في القصر‪ ،‬ال بد أن ّ‬ ‫َ‬ ‫النظام البرملاني إلى نظام‬ ‫يغير‬ ‫رئ��اس� ّ�ي‪ .‬ول�ك��ي يحصل ه��ذا التغيير ال ب��د م��ن إج ��راء عملية‬ ‫برملانية من خالل صندوق االنتخاب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ه��و يحتاج إل��ى أغلبية مقاعد برملانية ح��ت��ى ي��رك��ب حبالها‬ ‫الصوتية من أجل رئاسة طويلة اليد وحتى ّ‬ ‫يتفرغ‪ ،‬في القصر‪،‬‬ ‫لرسم صورة أمير «اإلخوان املسلمني» في تركيا والعالم‪.‬‬ ‫‪ )4‬ولكن‪ ..‬لم يحصل السيد الرئيس على ما يكفي إلجراء عملية‬ ‫تحويل البرملاني إلى رئاسي!‬ ‫فأين ذهبت األصوات التي كان يحلم بها إردوغان؟‬ ‫ْ‬ ‫جرت مياه كثيرة تحت الجسر‪ ،‬وكثرت األصوات الغاضبة‬ ‫لقد‬ ‫‪30‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫تنظر إل��ى إردوغ��ان وحزبه بعني الرضا‪ ،‬وك��ان ال‬ ‫الذين كانت‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يتجمهر في حزب الشعوب‬ ‫بد للغضب املشتت هنا وهناك أن‬ ‫الديمقراطي الكردي‪ ،‬وصارت اللعبة مع األكراد وباقي القوميات‬ ‫ُّ‬ ‫تتجاوز العطايا والهدايا التي يمن بها النظام على من يرضى‬ ‫عنه في ساعة الغفران‪.‬‬ ‫‪ )5‬لقد ع� ّ�ب��ر إردوغ� ��ان ع��ن مساندته امل�ي��دان�ي��ة‪ ،‬وغ�ي��ر املعلنة‪،‬‬ ‫«كوباني» ٌالكردية‪ ،‬فلم يدعم‬ ‫لتنظيم داعش مقابل خذالنه لبلدة‬ ‫ُ‬ ‫املقاتلني الذين استنجدوا به‪ ،‬فتشكلت غ ّصة في حلق األكراد‬ ‫املخذولني‪ ،‬وص��ار عليهم أن ّ‬ ‫يؤدبوا السيد الرئيس من خالل‬

‫جلده بحبالهم الصوتية في االنتخابات البرملانية التركية‪ ،‬فلن‬ ‫يمنحوها له‪ .‬وهكذا فشل إردوغ��ان في عملية تحويل النظام‬ ‫ّ‬ ‫املهمشني رأي ذو نبرة‬ ‫البرملاني إل��ى رئ��اس��ي‪ .‬وص��ار ل�ه��ؤالء‬ ‫تقرير املصير التركية‪.‬‬ ‫خصوصية‪ ،‬في جوقة‬ ‫ُ‬ ‫‪ )6‬نعم‪ ،‬اعترف الرئيس الكهل بأنه كان طفال يبيع كعكة السميط‬ ‫بالسمسم‪ ،‬وهي غير كعكة السلطة التي عليه أن يتقاسمها مع‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫وكانت نوايا التلميذ رجب طيب إردوغان طيبة عندما كان يبيع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عصر الليمون هو‬ ‫والعصر غير العصر‪ ،‬صار‬ ‫العصير‪ ،‬ولكن‪..‬‬ ‫عصر األصوات في البرملان التركي الذي ال يسهل تحويله‬ ‫غير‬ ‫ِ‬ ‫رئاسي‪.‬‬ ‫مشروب‬ ‫إلى‬ ‫ّ ْ ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأما كرة القدم التي مارسها فقد علمته أن الرياضة هي ترويض‬ ‫ّ‬ ‫الرئيس الجديد هو‬ ‫النفس على النصر وعلى الهزيمة‪ ،‬وأن‬ ‫ّ‬ ‫س�ت��ور‪،‬‬ ‫امل�ح�ب��وس ف��ي ملعب ال �ق��ان��ون‪ ،‬وامل�ح�ك��وم ب�ص��ف��ارة ال��د ُ‬ ‫وليس أميرا للمؤمنني‪ ،‬في دول��ة «اإلخ��وان املسلمني» املعيدة‬ ‫لساللة بني ّعثمان ًالجديدة‪َ .‬‬ ‫ّْ ّ ّ‬ ‫يجد ً‬ ‫ألنه لم ْ‬ ‫أحدا‬ ‫وقديما قيل إن فرعونا «لم يطغ ولم يتجبر إال‬ ‫ُ‬ ‫يقول له‪ :‬ال يا شيخ!»‪.‬‬

‫نص‪ :‬منصف املزغين‬ ‫ريشة‪ :‬علي املندالوي‬


‫‪ :‬ال أريد أن أفكر في بدائل خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي‬

‫الوزير األملاني املكلف الشؤون األوروبية لـ‬

‫مايكل روث‪ :‬اهلوية أعمق من الجنسية‬

‫لندن‪ :‬مينا الدروبي‬

‫مايكل روث‬

‫االتحاد األوروبي أم خارجه‪ .‬وما إذا كانوا يرغبون في‬ ‫التمتع باملزايا ويتقبلون في الوقت نفسه تحمل تكلفة‬ ‫التكامل األوروب ��ي أم ال‪ .‬وإذا م��ا ك��ان��وا يرغبون ف��ي أن‬ ‫يستمروا في املشاركة في مواجهة التحديات األوروبية‬ ‫أم ال‪.‬‬ ‫وتحتاج أملانيا إلى اململكة املتحدة في االتحاد األوروبي‬ ‫ألن�ن��ا «ن��واج��ه ت�ح��دي��ات مشتركة خ�ط�ي��رة؛ ف�ف��ي ال��وق��ت‬ ‫الراهن‪ ،‬هناك نطاق واسع من األزمات التي تضغط على‬ ‫االتحاد األوروب��ي‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬بيئة السياسات‬ ‫األمنية التي تمثل تحديا في أوروبا الشرقية والنشاطات‬ ‫اإلرهابية التي هددت مجتمعاتنا املفتوحة»‪.‬‬ ‫ومن الضروري جدا ملصلحة أوروبا أن نتحدث بصوت‬ ‫واحد في وقت األزمات‪ .‬فلكي يستطيع االتحاد األوروبي‬ ‫أن يعزز موقفه في العالم الدولي يجب أن يرسل «إشارة‬ ‫واضحة على القوة واإلصرار‪ ،‬ألن جميع هذه التحديات‬

‫‪,,‬‬

‫أملانيا بحاجة إلى‬ ‫استمرار اململكة املتحدة‬ ‫داخل االتحاد األوروبي‬ ‫للحصول على مزايا أكبر‬ ‫على املدى البعيد‬

‫‪,,‬‬

‫هل ستبقى اململكة املتحدة ج��زءا من االتحاد‬ ‫األوروب ��ي؟ أث��ار ذل��ك ال�س��ؤال ج��دال واسعا في‬ ‫البالد خالل األشهر القليلة املاضية‪ ،‬حيث كان‬ ‫رئيس وزراء اململكة املتحدة‪ ،‬ديفيد كاميرون‪ ،‬حازما‬ ‫في تأكيده أن بريطانيا يمكن أن تترك االتحاد األوروبي‬ ‫أو تبقى بشرط إجراء بعض اإلصالحات‪ .‬ولم يكشف‬ ‫ك��ام �ي��رون ح�ت��ى اآلن ع��ن ق��ائ�م�ت��ه ال�ن�ه��ائ�ي��ة م��ن طلبات‬ ‫التغيير‪ ،‬فيما أشار مستشاروه إلى الكثير من الخطب‬ ‫وبرنامج حزب املحافظني اللذين كانا يتضمنان أهدافا‬ ‫مثل تخليص بريطانيا من «االندماج السياسي األوسع»‪،‬‬ ‫ووض ��ع ق�ي��ود ع�ل��ى اس�ت�ح�ق��اق��ات ال��رع��اي��ة االجتماعية‬ ‫ملهاجري االتحاد األوروبي‪.‬‬ ‫وبصفة عامة‪ ،‬يسعى كاميرون لتحقيق أربعة مطالب‬ ‫رئيسية‪ :‬منع مهاجري االتحاد األوروبي من الحصول‬ ‫على استحقاقات الرعاية االجتماعية التي يطالبون بها‬ ‫ملدة أربعة أعوام‪ ،‬وتوفير حماية أكبر للدول التي تقع خارج‬ ‫منطقة اليورو لضمان عدم خسارتها في السوق أمام‬ ‫دول منطقة اليورو‪ ،‬ومنح بريطانيا فرصة لالنسحاب‬ ‫من التزام االتحاد األوروب��ي بـ«اندماج سياسي أوسع»‬ ‫مع شعوب أوروب��ا‪ ،‬ومنح البرملانات املحلية القدرة على‬ ‫الوقوف معا للحيلولة دون تشريع االتحاد األوروبي‪.‬‬ ‫وف��ي حديثه أم��ام كلية لندن لالقتصاد‪ ،‬تحدث الوزير‬ ‫األملاني املكلف بالشؤون األوروبية‪ ،‬مايكل روث (يعمل‬ ‫في هذا املنصب منذ عام ‪ )2013‬عن رؤيته بشأن رغبة‬ ‫بريطانيا إعادة تعريف دورها في أوروبا وما يمكن أن‬ ‫ينتج عن ذلك‪.‬‬ ‫وفي خطابه الحماسي‪ ،‬حذر الوزير األملاني رئيس الوزراء‬ ‫البريطاني ديفيد كاميرون من أن تغيير معاهدة االتحاد‬ ‫األوروبي يحتاج إلى وقت طويل وقدر كبير من التعاون‬ ‫وأرضية صلبة للتعديل‪ .‬وأض��اف ورث‪« :‬لقد استمرت‬ ‫آخر جولة من املفاوضات‪ ،‬التي أدت إلى معاهدة لشبونة‬ ‫نحو عشر سنوات»‪.‬‬ ‫وأطلق روث على محاضرته اسم «املريض اإلنجليزي»‪،‬‬ ‫وهو اسم فيلم بريطاني شهير‪ ،‬كان يصف حياة رجل‬ ‫يبحث ع��ن ه��وي�ت��ه ب�ع��دم��ا ت�ع��رض ل �ح��ادث جعله يفقد‬ ‫ذاكرته‪ ،‬حيث وجد روث أوجه تشابه بني الفيلم والوضع‬ ‫الحالي للمملكة امل�ت�ح��دة‪ .‬فيقول روث‪« :‬سيكون على‬ ‫املواطنني البريطانيني أن ي�ق��رروا ما إذا كانوا يرغبون‬ ‫في االستمرار كجزء من االتحاد األوروبي أم ال ويجب‬ ‫أن نتذكر أيضا أن الهوية أعمق من الجنسية»‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫«من نكون؟ وماذا نشعر؟ هي في األساس أسئلة تتعلق‬ ‫باملصالح والقيم املشتركة»‪ .‬فسيكون على املقترعني‬ ‫البريطانيني أن يقرروا ما إذا كان مستقبلهم يكمن داخل‬

‫ال يمكن التعامل معها بفعالية إال إذا وقفنا متحدين»‪.‬‬ ‫وي�ق�ت��رح روث أن «ال�ت�ح��رك معا س��وف يجعل االت�ح��اد‬ ‫األوروبي العبا فاعال في املجتمع الدولي»‪.‬‬ ‫وع�ل��ى ال��رغ��م م��ن أن االت�ح��اد األوروب ��ي ي��واج��ه تحديات‬ ‫خطيرة‪ ،‬فإنه ليس أمامه سوى «منظومة قيمه الرئيسية‬ ‫من الحرية والديمقراطية التي تعد عوامل مشتركة بني‬ ‫جميع الدول»‪ .‬ولكي يتم التغلب على التحديات‪ ،‬يجب على‬ ‫االتحاد األوروبي‪ ،‬وفقا لروث أن «يتنازل عن أشياء لكي‬ ‫تمضى األمور قدما»‪.‬‬ ‫وعندما سألته «املجلة» حول تداعيات قرار اململكة املتحدة‬ ‫بمغادرة االتحاد األوروبي بالنسبة ألملانيا‪ ،‬أجاب روث‬ ‫بصدق‪« :‬ال أريد أن أفكر في البدائل‪ ،‬فأنا أرغب فقط في‬ ‫توضيح مزايا استمرار اململكة املتحدة داخ��ل االتحاد‬ ‫األوروبي وليس املخاطر التي يمكن أن تحدث»‪.‬‬ ‫وأضاف روث‪« :‬إذا صوتت بال وأرادت االستمرار داخل‬ ‫االتحاد األوروب��ي فستكون هذه الفرصة الوحيدة أمام‬ ‫امل��واط��ن البريطاني لكي يحسن م��ن ح�ي��اة ال�ف�ق��راء في‬ ‫بالده»‪.‬‬ ‫وأض��اف الوزير األمل��ان��ي‪« :‬أحيانا يكون مفيدا أن تغير‬ ‫ً‬ ‫موضوعا ما على نحو أفضل‪.‬‬ ‫وجهة نظرك لكي تفهم‬ ‫وم��ن ال�ض��روري أن نتبادل وجهات النظر‪ ،‬ون�ح��اول أن‬ ‫نفهم مواقف شركائنا ولذلك جئت إلى لندن»‪.‬‬ ‫إن أوروب��ا هي حلم التنوع‪ ،‬ويأمل روث أن يذكر املواطن‬ ‫البريطاني نفسه في كل مرة ينتقد فيها االتحاد األوروبي‬ ‫بأن ينظر إلى املزايا ليس فقط املتعلقة بالنمو االقتصادي‪،‬‬ ‫ول �ك��ن «ض �م��ان اس �ت �م��رار ط��ري�ق�ت�ن��ا ال �ف��ردي��ة ف��ي ال�ح�ي��اة‬ ‫وضمانتنا في ذلك العصر املضطرب من العوملة» <‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪29‬‬


‫‪28‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫التصعيد الخارجي‬

‫قد يكون الوسيلة األخيرة التي يجرى التحضير لها‬ ‫عودة عبد الله غل‬ ‫حال فشل كل الخيارات واللجوء لسيناريو االنتخابات‬ ‫قد تدفع هذه التطورات بخيار االستعانة بـ«الشريك امل �ب �ك��رة‪ ،‬االن��دف��اع إل��ى خ �ي��ار تعبئة األص� ��وات عبر‬ ‫القديم» أو الرئيس التركي السابق عبد الله غل‪ ،‬وذلك التصعيد حيال أي من قضايا السياسة الخارجية‪،‬‬ ‫لكونه م��ن ناحية يحظى بعالقات ج�ي��دة م��ع أح��زاب قد يرتبط ذلك بالتصعيد العسكري حيال نظام بشار‬ ‫األسد في سوريا‪ ،‬بما يدفع إردوغان إلى إعالن حالة‬ ‫طوارئ ويتولى سلطات استثنائية كتلك‬ ‫التي يسعى لتحقيقها من‬ ‫تعديل الدستور‪.‬‬ ‫وقد شهدت تركيا تطورين‬ ‫مؤخرا يؤشران إلى احتماالت‬ ‫انتهاج هذا السيناريو‪ ،‬أولهما‬ ‫ت �م �ث��ل ف ��ي اج �ت �م��اع ال��رئ �ي��س‬ ‫ال � �ت� ��رك� ��ي ب ��رئ� �ي ��س ال� � � � ��وزراء‬ ‫ورئيس هيئة األركان للجيش‬ ‫والقوات املسلحة نجدت أوزال‬ ‫ووزي��ر ال��دف��اع عصمت يلماز‪،‬‬ ‫ب��اإلض��اف��ة إل��ى وزي��ر الداخلية‬ ‫ص�ب��اح ال��دي��ن أوزت ��رك ورئيس‬ ‫ه �ي �ئ��ة االس �ت �خ �ب ��ارات ال�ت��رك�ي��ة‬ ‫هاكان فيدان‪ ،‬حيث بحث معهم‬ ‫آخ��ر امل�س�ت�ج��دات ف��ي ت��ل أبيض‬ ‫ووض ��ع ال�لاج �ئ�ين ال��ذي��ن ن��زح��وا‬ ‫الرئيس التركي السابق عبد الله غل‬ ‫م��ن ت�ل��ك امل�ن�ط�ق��ة ب��ات �ج��اه املعبر‬ ‫أكد على ضرورة وجود برملان قوي‬ ‫الحدودي «أقجة قلعة»‪.‬‬ ‫وث ��ان �ي �ه �م ��ا‪ ،‬ت �م �ث��ل ف� ��ي اج �ت �م��اع‬ ‫إردوغ��ان مع نائب رئيس ال��وزراء‬ ‫التركي نعمان كورتوملوش ووزير الخارجية مولود‬ ‫جاويش أوغلو‪ ،‬باإلضافة إلى وزير الداخلية صباح‬ ‫قد تدفع التطورات األخيرة‬ ‫ال ��دي ��ن أوزت � � ��ورك إل ��ى ج��ان��ب رئ �ي��س ه�ي�ئ��ة اإلغ��اث��ة‬ ‫والطوارئ التركية (‪ )AFAD‬فؤاد أوكتاي‪ ،‬وذلك من‬ ‫االستعانة بـ«الشريك‬ ‫أجل التباحث بشأن آخر املستجدات الحاصلة على‬ ‫الساحة السورية وخصوصا في املناطق الشمالية‪،‬‬ ‫القديم» عبد الله غل الذي‬ ‫واتخاذ التدابير الالزمة ملنع توجه «املمر الشمالي»‬ ‫يحظى بعالقات جيدة مع‬ ‫املزمع إنشاؤه على طول الحدود السورية العراقية‬ ‫إلى تركيا‪ .‬ووفق كثير من التقارير قد تم اتخاذ عدة‬ ‫أحزاب املعارضة‬ ‫ق��رارات في االجتماع ال��ذي استمر ألكثر من ساعة‬ ‫ونصف‪ ،‬ومن ضمنها رفع حالة التأهب وأخذ التدابير‬ ‫الالزمة على طول الخط الحدودي بني تركيا وسوريا‪.‬‬ ‫ويمكن القول‪ ،‬إن مساعي إردوغان إلعادة التموضع‬ ‫املعارضة‪ ،‬ومن جهة أخرى لعالقاته الجيدة مع كثير على الساحة السياسية وتجاوز العثرة االنتخابية‬ ‫من دول الجوار‪ ،‬بما قد يشكل مقدمة الستعادة حزب األخيرة قد ال تكون باألمر الهني‪ ،‬ذلك أنه ما من حزب‬ ‫ال�ع��دال��ة والتنمية ح�ض��وره على الساحة السياسية‪ ،‬سياسي انخفضت شعبيته للحد ال��ذي ال يكفل له‬ ‫خصوصا حال إجراء انتخابات مبكرة‪ ،‬ستسمح في تشكيل الحكومة منفردا واستطاع العودة إلى سابق‬ ‫الوقت نفسه بعودة رفقاء عبد الله غل ورجال الحزب عهده سياسيا وشعبيا‪ ،‬بيد أن السمات الشخصية‬ ‫القدامى‪ ،‬وال��ذي��ن حالت قاعدة «ث�لاث دورات وكفى» إلردوغ � ��ان ك��زع�ي��م س�ي��اس��ي ع�ن�ي��د وم�ت�م��اس��ك من‬ ‫بموجب الئ�ح��ة ال�ح��زب ال��داخ�ل�ي��ة‪ ،‬دون ق��درت�ه��م على امل��رج��ح أن تدفعه للذهاب النتخابات مبكرة خالل‬ ‫خوض االنتخابات البرملانية‪ ،‬ويأتي في مقدمة هؤالء الشهور القليلة القادمة‪ ،‬وبصرف النظر عن تشكيل‬ ‫صانع تقدم االقتصاد التركي علي باباجان‪ ،‬وبوالند حكومة ائتالفية من عدمه <‬

‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫يوحي بأن خيارات إردوغان إلعادة تأهيل نفسه على‬ ‫الساحة السياسية التركية‪ ،‬وإعادة ترتيب األوضاع‬ ‫السياسية‪ ،‬ترتبط من ناحية بإتاحة املجال لنجاح‬ ‫مفاوضات تشكيل الحكومة‪ ،‬والتأكيد من ناحية‬ ‫أخرى على محورية دوره على الساحة السياسية‬ ‫التركية‪ ،‬وذل��ك وف��ق تكتيكات مربكة للمعارضة‪،‬‬ ‫كونها تحمل داخلها ً‬ ‫قدرا من التناقض‪.‬‬ ‫ب�ي��د أن ن�ج��اح ه��ذه االس�ت��رات�ي�ج�ي��ة ي�ص�ط��دم بكون‬ ‫أحد اشتراطات أحزاب املعارضة املسبقة لتشكيل‬ ‫ال�ح�ك��وم��ة يتمثل ف��ي تقيد إردوغ� ��ان بصالحياته‬ ‫ال��دس �ت��وري��ة‪ ،‬وع ��دم ت��دخ�ل��ه ف��ي ال�ع�م��ل ال�ح�ك��وم��ي‪،‬‬ ‫وإرسال الوزراء األربعة السابقون‬ ‫الذين وجهت لهم اتهامات فساد‬ ‫إلى محكمة الديوان العليا‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالوضع الخارجي‬ ‫تطالب أح ��زاب امل�ع��ارض��ة النأي‬ ‫بالنفس عن التورط في أحداث‬ ‫ال� � � ��دول امل � � �ج� � ��اورة‪ ،‬وم ��راج� �ع ��ة‬ ‫السياسات الخاصة باستضافة‬ ‫ال�لاج �ئ�ين ال �س��وري�ي�ن وب�ع��ض‬ ‫التيارات املعارضة لدول عربية‪،‬‬ ‫بما يسهم ف��ي االن�ف�ت��اح على‬ ‫كافة دول اإلقليم‪ ،‬بعيدا عن‬ ‫التحيزات املسبقة أو التدخل‬ ‫في شؤون الدول األخرى‪.‬‬ ‫وق� ��د ط ��ال ��ب ب �ع��ض رؤس� ��اء‬ ‫أح��زاب املعارضة باستقالة‬ ‫إردوغ � ��ان‪ ،‬وب� ��رزت ف��ي ه��ذا‬ ‫ال �ش��أن ت�ص��ري�ح��ات رئيس‬ ‫ح� � ��زب ال � �ح� ��رك� ��ة ال �ق��وم �ي��ة‬ ‫امل� �ع ��ارض‪ ،‬دول� ��ت بهجلي‪،‬‬ ‫والذي قال من خسر االنتخابات هو إردوغان‪ ،‬وعليه‬ ‫أن يستقيل من رئاسة الجمهورية‪.‬‬ ‫وق ��د ي�ش�ي��ر ذل ��ك ب ��وض ��وح إل ��ى أن م �ع��رك��ة إب �ع��اد‬ ‫إردوغ��ان‪ ،‬ستكون أهم معارك املعارضة مع حزب‬ ‫العدالة والتنمية‪ .‬وق��د عبر عن ذل��ك مؤخرا صالح‬ ‫الدين دميرطاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطي‬ ‫الكردي‪ ،‬حينما قال إن زمن ما وصفها بـ«غطرسة»‬ ‫الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد انتهى إلى‬ ‫غير رجعة‪ .‬وق��ال دميرطاش في كلمة بعد إعالن‬ ‫نتائج االن�ت�خ��اب��ات ال�ت��رك�ي��ة‪« :‬ن�ح��ن ح��زب الشعوب‬ ‫الديمقراطي سنجعل األسد الذي يزأر داخلك مجرد‬ ‫قطة صغيرة»‪ ،‬وربما كان الفتا أيضا مبادرته عقب‬ ‫إعالن النتائج مباشرة إلى القول إن االنتقال إلى نظام‬ ‫رئاسي أصبح من املاضي‪.‬‬ ‫في مقابل ذلك‪ ،‬يدرك حزب العدالة أن ثمة فخا ينصب‬ ‫له‪ ،‬من خالل طرح معادلة تشكيل الحكومة مقابل‬ ‫«تحييد» إردوغان‪ ،‬ولعل ذلك يفسر قول داود أوغلو‬ ‫إن «كل من يستهدف شخص رئيس الجمهورية‪،‬‬ ‫نعتبره استهدافا لنا»‪ ،‬بما يعني أن االختيار بني‬ ‫خياري تشكيل حكومة ائتالفية أو التسرع في إجراء‬ ‫انتخابات مبكرة سيرتبط بقبول أحزاب املعارضة‬ ‫بدور إردوغان كمحرك رئيسي للمشهد السياسي‬ ‫محليا ونمط التحرك خارجيا‪.‬‬ ‫وب�ي�ن�م��ا ق��د ي �ط��رح ذل ��ك إم�ك��ان�ي��ة ت�ش�ك�ي��ل حكومة‬

‫ائ �ت�لاف �ي��ة م �ق��اب��ل ت� �ن ��ازالت ك �ب��رى م ��ن ق �ب��ل ح��زب‬ ‫ال�ع��دال��ة على صعيد امل�ن��اص��ب ال��وزاري��ة‪ ،‬ف��إن ق��درة‬ ‫هذه الحكومة حال تشكيلها بسبب أدوار إردوغان‬ ‫املحتملة‪ ،‬على البقاء ملدة طويلة ستكون دائما ً‬ ‫أمرا‬ ‫غير محتمل‪.‬‬

‫أرن�ي��ج الخطيب امل�ف��وه وال��رج��ل املعتدل‪ ،‬وعبد القادر‬ ‫أكسو رجل الحزب القوي‪ ،‬هذا باإلضافة إلى نحو ‪70‬‬ ‫آخرين من القيادات املؤسسة له‪.‬‬


‫بسبب تجميد إردوغان لعملية السالم‪ ،‬فإن حزب‬ ‫ال �ح��رك��ة ال �ق��وم �ي��ة اس �ت �ف��اد م��ن ال�ت�ع�ب�ئ��ة التلقائية‬ ‫ألصوات الكتلة القومية للشروع في هذه «العملية»‬ ‫من األساس‪.‬‬

‫«أتاتورك محافظ» يحظى بصالحيات شبه مطلقه‪،‬‬ ‫بما من شأنه أن يعيد تركيا لطقوس وممارسات‬ ‫عقود خلت‪ ،‬في مجاالت حقوق اإلنسان وحرية‬ ‫ال� � ��رأي وال �ت �ع �ب �ي��ر وس�ل�ام ��ة واس� �ت� �ق ��رار ال�ع�م�ل�ي��ة‬ ‫الديمقراطية‪.‬‬ ‫من‬ ‫األكثر‬ ‫املتضرر‬ ‫التركي‪،‬‬ ‫الرئيس‬ ‫وبينما يبدو‬ ‫خيارات صعبة‬ ‫ن�ت��ائ��ج ه ��ذه االن �ت �خ��اب��ات ف��إن��ه م��ن ال��واض��ح أي�ض��ا‬ ‫أن ��ه ك ��ان امل�ت�س�ب��ب األك �ب��ر ف�ي�ه��ا‪ ،‬وذل� ��ك م��ن ج��راء لم يستطع إردوغان بناء على ما سبق إلقاء «خطاب‬ ‫ال�خ�ط��اب اإلق �ص��ائ��ي ال ��ذي تبناه‬ ‫أث� � �ن � ��اء ال � �ح � �م �ل�ات االن� �ت� �خ ��اب� �ي ��ة‬ ‫ح� �ي ��ال امل� �ع ��ارض ��ة‪ ،‬ف �ض�ل�ا ع��ن‬ ‫وق� ��ف م� �ف ��اوض ��ات ال� �س�ل�ام م��ع‬ ‫األك��راد‪ ،‬والدخول في سجاالت‬ ‫ومشاحنات علنية مع عناصر‬ ‫رئ�ي�س�ي��ة داخ� ��ل ح ��زب ال �ع��دال��ة‬ ‫والتنمية بسبب هذه القضية‪،‬‬ ‫ب � �م� ��ا أض � � �ع � ��ف م � � ��ن ص � � ��ورة‬ ‫ال � � �ح� � ��زب وت � �م� ��اس � �ك� ��ه ب �ن �ظ��ر‬ ‫مؤيديه ومعارضيه على حد‬ ‫س� � ��واء‪ ،‬ه� ��ذا ب ��اإلض ��اف ��ة إل��ى‬ ‫ارتفاع منسوب االستقطاب‬ ‫السياسي ف��ي املجتمع‪ ،‬بما‬ ‫رئيس الوزراء التركي أحمد‬ ‫أفضى إلى ما يمكن تسميته‬ ‫داود أوغلو وعقيلته سارة‬ ‫ب�ـ «ال�ن�ت��ائ��ج غير امل�ق�ص��ودة»‬ ‫يحييان مؤيدي العدالة‬ ‫ل�لان �ت �خ��اب��ات‪ ،‬ال �ت��ي أض��رت‬ ‫والتنمية من شرفة مقر الحزب‬ ‫إردوغان وحزب العدالة في‬ ‫بعد االنتخابات (غيتي)‬ ‫آن واحد‪.‬‬

‫ذل� ��ك أن امل �ع��ادل��ة ال �س �ي��اس �ي��ة ال �ت��ي أف��رزت �ه��ا ه��ذه‬ ‫االنتخابات تتمثل في معادلة «‪ 2‬مقابل ‪ ،»2‬وهى‬ ‫معادلة ارتبطت بصورة أساسية بتنامي االستقطاب‬ ‫القومي ‪ -‬الطائفي‪ ،‬بمعنى أن أكثر حزبني حصال‬ ‫على أص ��وات‪ ،‬هما ح��زب ال�ع��دال��ة والتنمية وح��زب‬ ‫الشعب الجمهوري قد خسرا في هذه االنتخابات‬ ‫على نحو غير مباشر‪ ،‬فحزب العدالة رغم حصوله‬ ‫على األغلبية النسبية إال عدد نوابه انخفض داخل‬ ‫البرملان من ‪ 327‬نائبا إلى ‪ 258‬نائبا‪ ،‬وخرج الشعب‬ ‫ال�ج�م�ه��وري ال��ذي ح��ل ثانيا خ��اس��را أي�ض��ا‪ ،‬حيث‬ ‫انخفض عدد نوابه من ‪ 138‬نائبا إلى ‪ 132‬نائبا‪.‬‬ ‫بينما زاد عدد نواب الحركة القومية من ‪ 50‬نائبا‬ ‫إلى ‪ 80‬نائبا‪.‬‬ ‫ومع أن حزب الشعوب الديمقراطية يعد أقل األحزاب‬ ‫حصدا لألصوات‪ ،‬غير أنه يمثل الحزب الفائز في‬ ‫هذه االنتخابات‪ ،‬ليس لزيادة مقاعد نوابه (دخلوا‬ ‫االنتخابات في عام ‪ 2011‬كمستقلني) من ‪ 36‬مقعدا‬ ‫إلى ‪ 80‬مقعدا فحسب‪ .‬ولكن لكونه من ناحية يمثل‬ ‫أول حزب كردي يتجاوز العتبة البرملانية (‪ 10‬في‬ ‫املائة)‪ ،‬ومن ناحية أخ��رى ارتباطا بأن الزيادة في‬ ‫أص��وات��ه ج ��اءت م��ن ك�ت�ل��ة ح ��زب ال �ع��دال��ة والتنمية‬ ‫التصويتية‪.‬‬ ‫وبينما ارتبطت هذه النتيجة باتجاه الكتلة الكردية‬ ‫للتصويت امل�ك�ث��ف ل�ح��زب ال�ش�ع��وب الديمقراطية‬

‫‪,,‬‬

‫أحمد داود أوغلو‪:‬‬ ‫حزب العدالة والتنمية‬ ‫فشل في االنتخابات‬ ‫البرملانية بسبب أصابته‬ ‫بالتسمم السلطوي والكبر‬ ‫والغرور والدالل‬

‫‪,,‬‬

‫‪ 2‬مقابل ‪2‬‬

‫ال�ش��رف��ة» أو «كلمة النصر» كما ج��رت ال�ع��ادة في‬ ‫ع �ش��رة اس�ت�ح�ق��اق��ات ان�ت�خ��اب�ي��ة محلية وب��رمل��ان�ي��ة‬ ‫ورئاسية سابقة‪ ،‬فضال عن استفتاءين شعبيني‬ ‫على تعديالت دستورية‪ ،‬بما دفع أحمد داود أوغلو‬ ‫إلى القول بشأن أسباب فشل حزب العدالة والتنمية‬ ‫في االنتخابات البرملانية التي أجريت في السابع من‬ ‫يونيو (ح��زي��ران) لقد «أصابنا التسمم السلطوي‬ ‫وال�ك�ب��ر وال �غ��رور وال� ��دالل»‪ .‬وعليه ف��إن ال �س��ؤال أو‬ ‫التحدي الكبير أم��ام إردوغ��ان‪ ،‬هو كيف سيحقق‬

‫ما خطط وتطلع إليه؟‪.‬‬ ‫ت�ش�ي��ر خ �ب��رة إدارة إردوغ � ��ان للقضايا الشائكة‬ ‫وص��راع��ات امل��راح��ل القلقة‪ ،‬إل��ى أن��ه يجيد التحرك‬ ‫ت�ح��ت ض�غ��ط‪ ،‬وأن ك��اف��ة خ�ط��ط ال��دف��اع ل��دي��ه تمثل‬ ‫مقدمة للهجوم السياسي‪ ،‬وأن استجابته للمواقف‬ ‫الطارئة ونمط تصريحاته يشير إلى أن ثمة من يريد‬ ‫في الداخل والخارج على حد سواء إفشال تجربته‬ ‫في حكم تركيا‪.‬‬ ‫وي �ب��دو م��ن ذل ��ك ت �ص��اع��د ح �ض��ور ن �م��ط التفكير‬ ‫باملؤامرة في الخطابات السياسية والتصريحات‬ ‫اإلع �ل��ام� � �ي � ��ة‪ ،‬خ �ص��وص��ا‬ ‫خ � �ل ��ال ال � � �ث� �ل��اث س � �ن� ��وات‬ ‫األخ� �ي ��رة‪ .‬وق ��د ش �ك��ل ذل��ك‬ ‫حالة معدية لكثير من قادة‬ ‫ح��زب العدالة وقاعدته‪ ،‬بما‬ ‫يطرح أف�ك� ً‬ ‫�ارا عبر نقاشات‬ ‫ت��واص�ل��ت داخ��ل ال�ح��زب من‬ ‫أج ��ل إع � ��ادة ت�ج�م�ي��ع خ�ي��وط‬ ‫ال �ل �ع �ب��ة ال �س �ي��اس �ي��ة ق �ب��ل أن‬ ‫ت �ت �غ �ي��ر ق � ��واع � ��ده � ��ا‪ ،‬ب� �م ��ا ال‬ ‫يحتمله أو يطيقه إردوغ ��ان‪،‬‬ ‫ال��ذي ال يجيد التعايش تحت‬ ‫وصاية سلطة أعلى أو في ظل‬ ‫شخص آخر‪.‬‬ ‫ول� �ع ��ل م� ��ا ق� ��د ي� �ع ��زز ذل � ��ك أن‬ ‫إردوغ��ان لن يستسلم للوضع‬ ‫الجديد ولن يتخلى عن تطلعاته‬ ‫ط��امل��ا ي �ش �غ��ل ق �ص��ره األب �ي��ض‬ ‫والذي بناه كرمز ملرحلة جديدة‬ ‫كان يتطلع إلى تحقيقها بحلول‬ ‫عام ‪ 2023‬والتي أطلق عليها اسم «تركيا الجديدة»‬ ‫أو «تركيا الكبرى»‪.‬‬

‫خطط إردوغان‬ ‫ب�ع��د إع�ل�ان ن�ت��ائ��ج االن�ت�خ��اب��ات خ�ص��ص إردوغ ��ان‬ ‫أولى لقاءاته بأي من ممثلي أحزاب املعارضة للقاء‬ ‫دينيز بايكال‪ ،‬الذي استقال من رئاسة حزب الشعب‬ ‫ال�ج�م�ه��وري ف��ي م��اي��و (أي� ��ار) ‪ ،2010‬إث��ر فضيحة‬ ‫جنسية‪ ،‬استخدمها إردوغ��ان كعادته في توظيف‬ ‫نقاط ضعف املعارضة ضد خلفه كمال كليجدار‬ ‫أوغلو‪.‬‬ ‫وتبدو شخصية بايكال مفتاحية ملا لديه من خبرة‬ ‫ف��ي ت��دش�ين االئ�ت�لاف��ات الحكومية‪ ،‬سيما أن��ه نجح‬ ‫من قبل في تشكيل «ائتالف الجمرك» عام ‪،1995‬‬ ‫حينما ت��م تعيني تانسو شيلالر رئيسة ل�ل��وزراء‬ ‫وبايكال نائبا لها‪ ،‬هذا باإلضافة إلى ال��دور الكبير‬ ‫ال��ذي لعبه سابقا عام ‪ 2002‬بالدفع نحو تعديالت‬ ‫دستورية للسماح إردوغان الذي كان محروما من‬ ‫العمل السياسي بدخول البرملان‪ ،‬بما شكل نقطة‬ ‫تحول في تاريخ الجمهورية التركية‪.‬‬ ‫ل �ق��اءات إردوغ � ��ان وت�ص��ري�ح��ات��ه ال �ت��ي ق�ل��ت نسبيا‬ ‫بشأن ت�ط��ورات ال��وض��ع السياسي املحلي‪ ،‬وتوالي‬ ‫تصريحاته ب�ش��أن ال��وض�ع�ين امل�ص��ري وال �س��وري‪،‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪27‬‬


‫زعيم حزب الشعب الجمهوري السابق والنائب‬ ‫املنتخب حديثا دنيز بايكال يلتقي الرئيس التركي‬ ‫رجب طيب إردوغان في أنقرة (غيتي)‬

‫األسئلة الحائرة تجتاح األوساط التركية حول مستقبل الدور السياسي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان‪ .‬ترتبط‬ ‫التساؤالت وتبدو أهمية اإلجابات متعلقة بنتائج االنتخابات البرملانية األخيرة التي لم تمنح حزب العدالة والتنمية الذي‬ ‫ً‬ ‫مقعدا من أصل‬ ‫حكم تركيا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ ،2002‬سوى ‪ 40.8‬في املائة من أصوات الناخبني أو ما يناهز ‪258‬‬ ‫‪ 550‬تمثل إجمالي مقاعد البرملان التركي‪ ،‬بما يعني من ناحية عدم القدرة على تشكيل الحكومة منفردا‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬ ‫إحباط طموحات إردوغان في تحويل النظام السياسي التركي من النظام البرملاني إلى الرئاسي‪ ،‬بما يعنيه ذلك من صعوبة‬ ‫ترحيل كل الصالحيات والسلطات السياسية إلى القصر األبيض حيث مقر اإلقامة الجديد للرئيس التركي‪.‬‬

‫االنتخابات التركية وأسئلة إردوغان املعلقة‬

‫خيارات صعبة‪ :‬العدالة والتنمية بعد نكسة يونيو‬ ‫أنقرة‪ :‬محمد عبد القادر خليل‬

‫مبكرة‪ ،‬وهى غير مضمونة النتائج بالنسبة ملختلف‬ ‫األح� ��زاب ال�س�ي��اس�ي��ة‪ ،‬وم��ن ضمنها ح��زب ال�ع��دال��ة‬ ‫والتنمية‪ ،‬أو تشكيل حكومية ائتالفية أثبتت التجربة‬ ‫التاريخية في تركيا أن أيا منها لم يستكمل مدته‬ ‫الدستورية‪ ،‬فيما أفضى البعض األخر إلى مشكالت‬ ‫سياسية واجتماعية وأمنية انتهت بتدخل الجيش‬ ‫في الحياة السياسية‪.‬‬

‫إشكاليات نتائج ه��ذه االنتخابات أنها لم‬ ‫تتجاوز ما حذر منه إردوغان حينما أشار‬ ‫إل��ى خ �ط��ورة ع��دم ال�ح�س��م ع�ب��ر صناديق‬ ‫االق� �ت ��راع‪ ،‬وال �ت��ي أوج� ��دت ح��ال��ة غ�ي��ر م�س�ب��وق��ة من‬ ‫الغموض السياسي بعد سنوات اليقني التي دامت‬ ‫يطرح‬ ‫ما يتجاوز الثالثة عشر عاما الخالية‪ ،‬بما بات‬ ‫مشهد مرتبك‬ ‫مسارين سياسيني ت�ت��راوح بشأنهما السجاالت‬ ‫والتكهنات‪ ،‬حيث التعجيل بإجراء انتخابات برملانية املشهد املرتبك ملا بعد االنتخابات البرملانية‪ ،‬جعل‬ ‫‪26‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫خيارات إردوغ��ان صعبة‪ ،‬فالزعيم املنتخب بنحو‬ ‫‪ 52‬في املائة من أصوات الناخبني قبل شهور قليلة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شعبيا كأول رئيس منتخب‬ ‫يعتبر أن لديه تفويضا‬ ‫مباشرة م��ن الشعب الستكمال مهامه‪ ،‬ويسعى‬ ‫للبقاء في الحكم حتى ع��ام ‪ ،2023‬حيث الذكرى‬ ‫املائة لتأسيس الدولة التركية املعاصرة‪.‬‬ ‫هذا بينما يعتبر معارضو إردوغان أن االنتخابات‬ ‫ج ��رت ع�ل��ى ق��اع��دة ال�ت�ص��وي��ت ح �ي��ال م�ش��روع��ات��ه‬ ‫وخططه‪ ،‬وق��د ك��ان ال��رف��ض قاطعا عبر صناديق‬ ‫االقتراع بنحو ‪ 60‬في املائة من الشعب التركي لهذه‬ ‫األط��روح��ات السياسية التي سعت لترسيخ حكم‬


‫‪,,‬‬

‫كيري‪« :‬نحن ال نركز‬ ‫اهتمامنا على محاسبة‬ ‫إيران على ما فعلته في‬ ‫مرحلة ما أو أخرى‪.‬‬ ‫فاألهم بالنسبة لنا أن‬ ‫ندرك أن هذه األنشطة‬ ‫ستتوقف في املستقبل‬

‫‪,,‬‬

‫يحتجون بأن الواليات املتحدة يمكنها التعايش مع إيران‬ ‫التي تمتلك سالحا نوويا‪ ،‬ذكر وولسي أن إيران يمكنها‬ ‫استخدام األسلحة النووية إليذاء الدولة التي تختارها دون‬ ‫أن تهاجمها مباشرة‪« :‬من املمكن خلق شيء يطلق عليه‬ ‫النبض الكهرومغناطيسي من خالل تفجير سالح نووي‬ ‫في امل��دار وخلق موجات رادي��و قوية للغاية‪ ..‬قد تخطط‬ ‫الحكومة اإليرانية – ونحن نعرف أنهم كانوا يتعاونون مع‬ ‫كوريا الشمالية لعمل ذلك ‪ -‬إلطالق بسيط لسالح نووي‬ ‫في املدار ثم يقومون بالتفجير في الوقت الذي يختارونه‪.‬‬ ‫وإذا ما كان األم��ر كذلك‪ ،‬يمكنهم إح��داث أثر هائل على‬ ‫الشبكة اإللكترونية للواليات املتحدة ويمكنني أن أضيف‬ ‫أن الشيء نفسه ينطبق على أي دولة أخرى ترغب إيران‬ ‫في فعل ذلك معها أيضا مثل اململكة العربية السعودية أو‬ ‫أوروبا الغربية أو غيرها»‪ .‬وأضاف وولسي أنه ليس لديه‬ ‫شك في أنه في حالة توقيع اتفاق وفقا للشروط املقترحة‪،‬‬ ‫فإنها سوف تتمكن من الحصول على سالح نووي قبل‬ ‫نهاية مدة العشر سنوات املقررة في االتفاق‪.‬‬

‫تراجع التأييد والذاكرة املؤسسية داخل‬ ‫معسكر أوباما‬ ‫على ال��رغ��م م��ن استمرار ظهور تفاصيل ج��دي��دة حول‬

‫باراك أوباما‬

‫التنازالت املحتملة أمام إيران‪ ،‬أصبح أيضا من املعروف‬ ‫أن أشخاصا رئيسيني يعتمد عليهم الرئيس في إدارة‬ ‫امل �ف��اوض��ات ق��د ت�خ�ل��وا ع��ن معسكره أو ت�م��ت إحالتهم‬ ‫للتقاعد‪.‬‬ ‫فمن جهة‪ ،‬تحدث عضو بارز سابق بفريق أوباما ضد‬ ‫سياساته‪ :‬فقد هاجم الجنرال مايكل فلني‪ ،‬الذي كان يعمل‬ ‫كمدير لوكالة االستخبارات العسكرية حتى العام املاضي‬ ‫سياسة الرئيس تجاه إيران في إفادة أمام الكونغرس في‬ ‫‪ 10‬يونيو‪ .‬فقد قال إن الصفقة اإلطارية بها الكثير من‬ ‫أوجه القصور الخطيرة – وأن جوهر الصفقة يعتمد على‬ ‫الثقة في أن طهران سوف تتخلى عن طموحاتها النووية‬ ‫بعد فترة العشر سنوات وهو تفكير حالم‪ .‬ويمكن في‬ ‫هذا السياق اإلشارة إلى مسودات التقرير االستخباراتي‬ ‫«تقييم املخاطر العاملية ‪ »2015‬إذ إنه لم يشر إلى إيران أو‬ ‫حزب الله باعتبارهما يمثالن خطرا إرهابيا عامليا‪ .‬وقد‬ ‫رد جيمس كالبر‪ ،‬مدير االستخبارات القومية األميركية‬ ‫في عجالة على ذل��ك مؤكدا أن ذل��ك اإلغ�ف��ال ك��ان مجرد‬ ‫خ�ط��أ‪ .‬وف��ي ال��وق��ت ن�ف�س��ه‪ ،‬ف��إن رح�ي��ل أح��د األش�خ��اص‬ ‫ال�ب��ارزي��ن ف��ي الفريق الدبلوماسي املختص ب��إي��ران في‬ ‫اإلدارة األميركية يمكن أن يؤثر تأثيرا سلبيا على العملية‪:‬‬ ‫فقد أعلنت وندي شيرمان‪ ،‬املفاوض الرئيسي حول امللف‬ ‫النووي اإليراني بإدارة أوباما عن عزمها مغادرة اإلدارة‪.‬‬ ‫وعندما تغادر اإلدارة‪ ،‬لن يتبقى أي مسؤولني من الفريق‬ ‫الذي كان يدير املفاوضات خالل العامني املاضيني وهو‬ ‫ما يمكن أن يصبح نقطة ضعف في الفريق الجديد من‬ ‫املفاوضني في مقابل نظرائهم اإليرانيني‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 17‬ي��ون�ي��و‪ ،‬تناقلت األخ �ب��ار أن اإلدارة تفكر في‬ ‫إط�ل�اق اس��م «ق�ي�ص��ر إي� ��ران« ع�ل��ى امل �ف��اوض��ات ال�ن��ووي��ة‬ ‫الحالية‪ .‬جدير بالذكر أن مصطلح «القيصر» يستخدم‬ ‫في املصطلحات السياسية األميركية لإلشارة إلى موقع‬ ‫خارج الهيكل البيروقراطي للخدمة املدنية املعينة مباشرة‬ ‫من قبل الرئيس للتركيز على مهمة واحدة ومحددة‪.‬‬

‫السياسات تجاه إي��ران‪ ،‬هناك سؤال رئيسي يحوم في‬ ‫األف ��ق ب�ش��أن م��ا إذا ك��ان��ت أي صفقة إي��ران �ي��ة س��وف‬ ‫تصمد بعد ان�ت�ه��اء إدارة أوب��ام��ا‪ .‬فعلى ال��رغ��م م��ن أن‬ ‫ه�ن��اك ت�ق�ل�ي��دا س�ي��اس�ي��ا ف��ي ال��والي��ات امل�ت�ح��دة يقضي‬ ‫بأن يحترم الرؤساء املعاهدات التي وقعها سابقوهم‪،‬‬ ‫أش��ارت مقالة مهمة كتبها ثالثة من كبار الخبراء في‬ ‫تلك املسألة – وكيل ال��وزارة للسياسات‪ ،‬ووكيل وزارة‬ ‫الخارجية للسيطرة على األسلحة وخبير إيراني بارز ‪-‬‬ ‫إلى وجود ثالث سوابق لخرق املعاهدات‪ .‬فقد قام الرئيس‬ ‫ري�ج��ان ف��ي ال�ن�ه��اي��ة ب��رف��ض «امل�ب��اح�ث��ات االستراتيجية‬ ‫الثانية للحد من األسلحة» والخاصة باألسلحة النووية‬ ‫االستراتيجية وال�ت��ي ت��م توقيعها ب�ين الرئيس األسبق‬ ‫جيمي كارتر واالتحاد السوفياتي‪ .‬ومن جانبه‪ ،‬تخلى‬ ‫الرئيس‪ ،‬جورج دبليو بوش‪ ،‬عن االتفاق اإلطاري ‪1994‬‬ ‫مع كوريا الشمالية‪ .‬ومن املرجح أن يقوم أي رئيس قادم‬ ‫بمراجعة أية اتفاقية مع إيران وقعها الرئيس أوباما وقد‬ ‫يقوم بإلغائها‪ .‬وف��ي ك��ل األح��وال فليس هناك ش��ك في‬ ‫أن الرئيس أو الرئيسة ال�ق��ادم��ة س��وف ي��واج��ه ضغوطا‬ ‫سياسية قوية لكي يفعل ذلك‪.‬‬

‫بعد القمة الخليجية‬

‫ف��ي ال��وق��ت ن�ف�س��ه‪ ،‬ظ �ه��رت امل��زي��د م��ن امل�ع�ل��وم��ات ح��ول‬ ‫سياسات اإلدارة فيما يتعلق بحلفائها التقليديني في‬ ‫الخليج – وسياسة الرئيس فيما يتعلق بالحرب اإليرانية‬ ‫بالوكالة ض��د الحكومة املنظمة دول�ي��ا ف��ي ال�ي�م��ن‪ .‬فقد‬ ‫كشف ج��ون ه��ان��ا‪ ،‬ال��ذي ك��ان يعمل كمستشار لألمن‬ ‫القومي لنائب الرئيس السابق ديك تشيني‪ ،‬معلومات‬ ‫حول تصريحات الرئيس أوباما ومالحظاته سواء خالل‬ ‫قمة الخليج بكامب ديفيد أو بعده – من مصادر ذات‬ ‫معرفة مباشرة باإلجراءات‪ .‬فمن جهة‪ ،‬قدم فريق عمل‬ ‫الرئيس عروضا مفصلة حول الفرص الجديدة للدعم‬ ‫املكثف ألمن الخليج بما في ذلك أنظمة دفاع الصواريخ‬ ‫الباليستية‪ .‬وقد أخبر أوباما نفسه زعماء الخليج بأن‬ ‫أم ��ن دول ال�خ�ل�ي��ج ي�م�ث��ل خ�ط��ا أح �م��ر ب��ال�ن�س�ب��ة إلدارت ��ه‬ ‫وبأنه مستعد لتقديم القوات األميركية للدفاع عنه في‬ ‫حالة تعرضهم لخطر مباشر‪ .‬وم��ن جهة أخ��رى‪ ،‬كان‬ ‫غامضا وغير واضح بشأن كيفية استجابته في حالة‬ ‫أن تمثل إي��ران تهديدا غير مباشر ل��دول الخليج عبر‬ ‫جماعات بالوكالة‪ .‬وقد أع��رب أوباما عن تأييده لقوات‬ ‫قتال سنية موحدة ملواجهة التهديدات اإليرانية ولكنه‬ ‫م��ا زال متناقضا بشأن الحكمة م��ن التدخل األجنبي‬ ‫من أي ن��وع – بما في ذل��ك تلك التدخالت التي يقودها‬ ‫العرب‪ .‬واملفارقة أنه يقال إن الرئيس أعرب عن اندهاشه‬ ‫م��ن حكمة اإلي��ران�ي�ين ف��ي تأسيس الجماعات بالوكالة‬ ‫للقتال على األراضي األجنبية وحث دول الخليج أن تحذو‬ ‫ح��ذوه��م‪ .‬ولكنه ل��م يكن م��ن ال��واض��ح م��اذا ك��ان يقصد‬ ‫بذلك تحديدا‪.‬‬ ‫وف��ي ال��وق��ت نفسه‪ ،‬وفيما يتعلق باليمن‪ ،‬تشير اآلراء‬ ‫املطلعة في الواليات املتحدة إلى أن الرئيس غير مرحب‬ ‫تماما بتقديم دعم للحملة التي تقودها السعودية لدفع‬ ‫املتمردين الحوثيني أبعد من التعاون املتواضع الذي يقدمه‬ ‫م��ن خلف الكواليس‪ .‬وفيما يتعلق بليبيا‪ ،‬م��ا زال غير‬ ‫رئيس أميركي جديد‬ ‫مستعد لتقديم قدر كبير من املوارد األميركية لحل النزاع‬ ‫بالنسبة للمنتقدين وخ �ص��وم ال��رئ�ي��س أوب��ام��ا بشأن بني الحكومتني الخصمني <‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪25‬‬


‫اقتضت املصلحة العامة في الواليات‬ ‫املتحدة مرة أخرى إيالء اهتمام خاص‬ ‫ملعالجة الرئيس أوباما للسياسة‬ ‫الخارجية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بامللف‬ ‫النووي اإليراني‪ ،‬وامليليشيات التابعة‬ ‫إليران في العالم العربي‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى النزاع بني مساعي الرئيس إلبرام‬ ‫اتفاق نووي من جهة والحفاظ على‬ ‫التحالفات التقليدية في الشرق‬ ‫األوسط من جهة أخرى‪ .‬وهناك‬ ‫مؤشرات على استعداد الرئيس الذهاب‬ ‫ً‬ ‫بعيدا لتهدئة املخاوف األمنية لدول‬ ‫الخليج في حالة ما إذا تم توقيع صفقة‬ ‫نووية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يوجه خصوم اإلدارة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مدعوما بأدلة جديدة‪،‬‬ ‫مستمرا‪،‬‬ ‫انتقادا‬ ‫بشأن قراءة الرئيس للنيات اإليرانية‬ ‫وبالتالي سلوكها املستقبلي‪ ،‬التي‬ ‫تبدو قراءة غير واقعية‪.‬‬

‫جون كيري‬

‫إستراتيجية أوباما ملواجهة القلق الخليجي‬

‫معالجة البيت األبيض للملف اإليراني تثير أزمة‬ ‫نيويورك‪ :‬جوزيف براودي‬ ‫خ�لال ال�ف�ت��رة ال�س��اب�ق��ة‪ ،‬أش ��ارت مجموعة من‬ ‫ت�ص��ري�ح��ات ال��زع �م��اء اإلي��ران �ي�ين إل��ى أن نظام‬ ‫طهران ينوي املطالبة باملزيد من التنازالت‪ .‬ففي‬ ‫‪ 7‬يونيو‪ ،‬قال نائب رئيس أركان القوات املسلحة اإليرانية‪،‬‬ ‫العميد مسعود جزائري‪ ،‬ردا على مطالب الغرب بعمليات‬ ‫تفتيش دقيقة‪ ،‬بالقطع‪ ،‬لن نسمح لألجانب بالدخول إلى‬ ‫امل��واق��ع العسكرية ب��أي ش�ك��ل م��ن األش �ك��ال‪ .‬وب�ع��د ذل��ك‬ ‫بخمسة أيام‪ ،‬وفي مؤتمر صحافي نادر على التلفزيون‬ ‫اإلي��ران��ي‪ ،‬ك��رر ال��رئ�ي��س حسن روح��ان��ي رف��ض تفتيش‬ ‫املواقع العسكرية وذهب إلى أبعد من ذلك عندما رفض‬ ‫مقابلة علماء النووي اإليرانيني ملمحا إلى اعتزام حكومته‬ ‫االستمرار في تخصيب اليورانيوم‪.‬‬ ‫ومن جانبها‪ ،‬أب��دت اإلدارة األميركية إش��ارات تدل على‬ ‫مواقف أكثر مرونة خ�لال الفترة نفسها‪ .‬ففي مؤتمر‬ ‫صحافي عقد مؤخرا‪ ،‬ملح وزير الخارجية األميركي‪ ،‬جون‬ ‫كيري إلى أنه قد يتم رفع العقوبات املفروضة على مبيعات‬ ‫ال�ب�ت��رول وال�ت�ح��وي�لات امل��ال�ي��ة قبل م��ا يتمكن املحققون‬ ‫الدوليون من تقديم إجابات على األسئلة املحورية حول‬ ‫التجارب العلمية اإليرانية التي قد تستهدف تطوير أسلحة‬ ‫‪24‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫نووية‪ .‬وتتضمن تلك األسئلة‪ ،‬على األرجح‪ ،‬زيارات املواقع‬ ‫العسكرية وااللتقاء بالعلماء وه��و ما استبعده الحكام‬ ‫اإليرانيون‪ .‬ووفقا ملا قاله كيري‪« :‬نحن ال نركز اهتمامنا‬ ‫على محاسبة إيران على ما فعلته في مرحلة ما أو أخرى‪.‬‬ ‫فاألهم بالنسبة لنا أن ندرك أن هذه األنشطة ستتوقف في‬ ‫املستقبل وأننا نستطيع أن نحاسبها على ذلك بطريقة‬ ‫شرعية‪ .‬ومما ال شك فيه أن هذا أحد البنود الرئيسية التي‬ ‫نرى أنها يجب تحقيقها للتوصل إلى اتفاق مشروع»‪.‬‬ ‫وكان رد فعل منتقدي اإلدارة في واشنطن على تصريح‬ ‫ك �ي��ري ع�ن�ي�ف��ا ح�ي��ث ارت � ��أوا أن ح��دي��ث ك �ي��ري ي�ع�ن��ي أن‬ ‫إي��ران هي من تقود املفاوضات‪ .‬ففي ‪ 15‬يونيو‪ ،‬أرسل‬ ‫السيناتور الجمهوري‪ ،‬بوب كوركر‪ ،‬رئيس لجنة العالقات‬ ‫ال�خ��ارج�ي��ة بمجلس ال�ش�ي��وخ رس��ال��ة ح��ادة إل��ى الرئيس‬ ‫أوب��ام��ا يشجب فيها امل ��دى ال ��ذي ت��راج�ع��ت إل�ي��ه ش��روط‬ ‫ال �ت �ف��اوض‪« :‬ت�ح��ت ق�ي��ادت��ك‪ ،‬سمحت س��ت م��ن أه��م دول‬ ‫العالم لدولة منعزلة تمارس سياسات متطرفة بأن تنتقل‬ ‫من احتمالية إنهاء برنامجها النووي إلى احتمالية إدارة‬ ‫انتشارها ال�ن��ووي‪ .‬وانتقل املفاوضون من اتفاق مدته‬ ‫عشرون عاما إلى اتفاق يصل في النهاية إلى ‪ 10‬سنوات‬ ‫ويسمح إلي��ران باالستئناف الفوري لتطوير برنامجها‬ ‫للصواريخ الباليستية املتطورة واالستمرار في األبحاث‬ ‫وتطوير أجهزة الطرد املركزي املتطورة‪ .‬ويسمح هذا أيضا‬

‫لالقتصاد اإليراني باستعادة عافيته من خالل مليارات‬ ‫الدوالرات التي ستعود إلى خزائن الدولة وهو التطور الذي‬ ‫يقر املسؤولون باإلدارة إلى أنه سوف يتم استخدامه في‬ ‫مرحلة ما لتصدير اإلرهاب إلى املنطقة»‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق باحتمالية التنازل عن التفتيش النووي‪،‬‬ ‫أض� ��اف‪« :‬ب��ال�ط�ب��ع ف��إن إدارت� ��ك وه� ��ؤالء امل �ش��ارك��ون في‬ ‫املفاوضات سوف يلتزمون بمعيار‪ ،‬في أي زم��ان وفي‬ ‫أي م�ك��ان‪ .‬ال لجان بيروقراطية‪ ،‬وال توجد م��واق��ع غير‬ ‫مسموح بدخولها»‪.‬‬ ‫وفي محاولة لفهم االستعداد الواضح إلدارة أوباما للتنازل‬ ‫عن بعض العناصر الرئيسية للصفقة كما تم تحديدها‬ ‫في البداية‪ ،‬يعتقد منتقدو أوباما أن ذلك يعود إلى رؤيته‬ ‫املتعلقة بأن تحقيق صفقة إيرانية سوف يعزز موقفه‬ ‫الشخصي و«إرثه» في التاريخ األميركي – وهو الطموح‬ ‫الذي لم يتنام إال في أعقاب االنتكاسات التي تعرض لها‬ ‫بشأن تشريع التجارة الحرة الذي حاول إقناع الكونغرس‬ ‫ب��ه ف��ي يونيو‪ .‬وي�ب��دو أن الحكومة اإلي��ران�ي��ة تفهم توجه‬ ‫الرئيس الشخصي في الصفقة وكانت تحاول استغالله‪.‬‬ ‫وف� ��ي ال ��وق ��ت ن �ف �س��ه‪ ،‬أص � ��در ال��رئ �ي��س ال �س��اب��ق ل��وك��ال��ة‬ ‫االستخبارات األميركية‪ ،‬جيمس وولسي‪ ،‬تصريحا غير‬ ‫اعتيادي يحذر فيه من مخاطر جديدة إليران التي تمتلك‬ ‫سالحا نوويا‪ .‬ففي رده على مؤيدي إدارة أوباما الذين‬


‫ال�ث�ق��اف��ة وال��دي��ن وامل ��ال ط�ب�ع��ا‪ .‬فمثال ف��ي تسعينات ال�ق��رن‬ ‫املاضي‪ ،‬فتحت اليمن أبوابها للشركات اإليرانية في مجاالت‬ ‫الكهرباء والبناء‪ ،‬فاستغلت إيران وجودها في اليمن‪ ،‬خاصة‬ ‫في حضرموت‪ ،‬من أجل تشييع وتسييس السكان‪ ،‬مما حدا‬ ‫بوزير الخارجية اليمني آن��ذاك عبد الرحمن الكربي لدعوة‬ ‫البلدين الحترام خصوصيتهما وعدم تخطي الخطوط الحمر‪.‬‬ ‫إيران استثمرت في الطوائف الشيعية كما في العراق مثال‪ ،‬أو‬ ‫لبنان‪ ،‬أو حتى اليمن وسوريا‪ ،‬وأقامت فيها نفوذا عسكريا‪،‬‬ ‫واقتصاديا‪ ،‬كما استثمرت في بعض الحركات املناهضة‬ ‫لألنظمة العربية القائمة‪ ،‬كحركة حماس‪ ،‬وأمدتها بالسالح‬ ‫واملال وحتى بتكنولوجيات حربية كتصنيع الصواريخ كما‬ ‫الحال في غزة‪ ،‬وكانت إيران ببساطة تحاول محاصرة أعدائها‬ ‫على حدودهم هم‪ ،‬وبعيدا عن حدودها هي‪ ،‬فيما تمضي قدما‬ ‫في العمل على تطوير صناعتها الحربية النووية‪.‬‬ ‫فإسرائيل‪ ،‬املعترض األول على البرنامج النووي اإليراني‪،‬‬ ‫باتت محاصرة من حماس وحزب الله عسكريا‪ ،‬وسياسيا‬ ‫من الواليات املتحدة األميركية التي تمانع ضرب املفاعالت‬ ‫اإلي ��ران �ي ��ة‪ .‬أم ��ا دول ال�خ�ل�ي��ج‪ ،‬خ�ص��وص��ا امل�م�ل�ك��ة ال�ع��رب�ي��ة‬ ‫السعودية‪ ،‬فإيران حاولت استنساخ تجربة حزب الله في‬ ‫اليمن مع الحوثيني‪ ،‬ومدهم بالصواريخ الطويلة املدى‪ ،‬التي‬ ‫تستطيع تهديد أم��ن اململكة القومي بها‪ .‬وإل��ى جانب كل‬ ‫ذلك‪ ،‬ال تتوانى إي��ران عن استعمال اإلره��اب أداة للتفاوض‬ ‫السياسي‪.‬‬

‫إيران والواقع العربي‬ ‫لبنانيون يمرون من أمام صور الخميني الزعيم الروحي‬ ‫لحزب الله وعلي خامنئي املرشد األعلى الحالي في إيران‬ ‫في حي حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (غيتي)‬

‫لم يعد يخفي على أحد‬ ‫أن التنسيق األميركي‬ ‫ اإليراني فيما خص‬‫أفغانستان والعراق كان‬ ‫قائما أقله في املرحلة األولى‬ ‫من االجتياح األميركي‬ ‫للمنطقة‬

‫‪,,‬‬

‫مل��واج�ه��ة الخميني ال�ت��وت��ر امل�ت��زاي��د بينه وب�ين معظم ال��دول‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة‪ ،‬ف��زار عبد الحليم خ��دام ط�ه��ران م��ن أج��ل تطوير‬ ‫العالقات بني البلدين‪ ،‬واجتمع مع وزير الخارجية إبراهيم‬ ‫يزدي‪ ،‬ورئيس ال��وزراء برزغان‪ ،‬كما اجتمع في قم باإلمام‬ ‫الخميني ليعلن بعدها أن «الثورة الخمينية هي أهم حدث في‬ ‫تاريخنا املعاصر»‪ ،‬مؤكدا أن «سوريا ساعدت القوى الثورية‬ ‫قبل اندالعها‪ ،‬وفي أثنائها‪ ،‬وعند انتصارها»‪.‬‬ ‫وبالفعل سوريا كانت أمنت انتقال القوى املعارضة اإليرانية‬ ‫إلى لبنان في أواخر السبعينات من القرن املاضي‪ ،‬وتحديدا‬ ‫إل��ى مخيمات ال�ت��دري��ب ال�ت��اب�ع��ة للجبهة الشعبية لتحرير‬ ‫فلسطني‪ ،‬التي ستصبح النواة التنظيمية لحزب الله‪.‬‬ ‫الحرب العراقية ‪ -‬اإليرانية أبطأت املد اإليراني‪ ،‬لكنها لم توقفه‪.‬‬ ‫وعلى هذا‪ ،‬قام «فيلق القدس» من أجل رد أعداء إيران وبسط‬ ‫نفوذها على الشرق األوسط‪ .‬وعام ‪ 1990‬قال خامنئي في‬ ‫أح��د خطاباته إن مهمة «فيلق ال�ق��دس» هي «إن�ش��اء خاليا‬ ‫(حزب الله) شعبية في جميع أنحاء العالم»‪.‬‬ ‫وعلى مدى ثالثة عقود قامت إي��ران ببناء النفوذ الشيعي‬ ‫أو م��ا وص �ف��ه امل �ل��ك ع�ب��د ال �ل��ه ال�ث��ان��ي ب �ـ«ال �ه�لال ال�ش�ي�ع��ي»‪،‬‬ ‫ال��ذي يمر عبر العراق وسوريا وص��وال إلى البحر األبيض‬ ‫املتوسط‪ .‬جنبا إلى جنب مع حلفائها في سوريا ولبنان‪،‬‬ ‫شكلت إي��ران ما سمته «محور املقاومة»‪ ،‬ال��ذي وق��ف ضد‬ ‫الغرب (قبل تفاهم أوباما – خامنئي) وضد القوى العربية‬ ‫السنية في املنطقة‪ ،‬فقام قاسم سليماني بتجنيد شباب‬ ‫عراقيني وتدريبهم‪ .‬وهكذا في لحظة سقوط صدام‪ ،‬كانت‬ ‫ل��دى سليماني مجموعة عسكرية ع��راق�ي��ة‪ ،‬بينها «فيلق‬ ‫بدر»‪ ،‬ساهمت هي األخرى في اإلطاحة بالنظام العراقي‪ .‬أما‬

‫‪,,‬‬

‫في لبنان‪ ،‬فاملؤسسات التي ترعى الطائفة الشيعية‪ ،‬والتي‬ ‫يديرها حزب الله‪ ،‬مثل «جهاد البناء» و«مؤسسة الشهيد»‪..‬‬ ‫وغيرها من البرامج اإلعالمية والتثقيفية‪ ،‬ممولة بالكامل‬ ‫من قبل إيران‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هم إيران االستراتيجي يقوم على هدفني‪ :‬الهدف األول يقوم‬ ‫على تأمني تحالف عربي ‪ -‬إيراني بوجه البلدان الخليجية‬ ‫والعربية املناهضة لسياساتها التوسعية‪ ،‬والهدف الثاني‬ ‫ال�ع�م��ل ع�ل��ى ت�م��دي��د ن �ف��وذه��ا وص ��وال إل ��ى ال�ب�ح��ر األب�ي��ض‬ ‫املتوسط‪.‬‬ ‫ولهذين الهدفني دخلت إي��ران املجتمعات العربية من خالل‬

‫تتمتع إيران بخطاب شعبوي موجه أساسا للشعوب العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬ويرتكز أساسا على القضية الفلسطينية‪ ،‬التي‬ ‫خصص لها الخميني «يوم القدس العاملي»‪ ،‬كما يرتكز على‬ ‫فكرة مناهضة الغرب والوقوف بوجه سياساته‪ ..‬هذا ضمن‬ ‫اإلطار النظري؛ فإيران حاربت إسرائيل من خالل أدواتها‬ ‫العسكرية ف��ي املنطقة؛ أي ح��زب ال�ل��ه‪ ،‬وح�م��اس‪ ،‬و«ح��رك��ة‬ ‫الجهاد اإلسالمي»‪ .‬أما على صعيد العداء للغرب‪ ،‬فهي ما‬ ‫انفكت تتعامل معه طوال فترة الثورة وحتى يومنا هذا‪ ،‬إن‬ ‫كان تجاريا‪ ،‬أو في الحقل التكنولوجي‪ ،‬أو حتى في املجال‬ ‫العسكري مثل فضيحة «إيران غيت» الشهيرة‪ ،‬على قاعدة‬ ‫«اآليديولوجية في خدمة املصالح االستراتيجية»‪.‬‬ ‫ه��ذا التضليل السياسي التي مارسته إي��ران ط��وال عقود‪،‬‬ ‫والذي صورت نفسها فيه على أنها رأس الحربة في املطالبة‬ ‫أو الدفاع عن حقوق املسلمني بكل أطيافهم‪ ،‬انفضح للرأي‬ ‫العام على األقل في العراق وسوريا‪ .‬في العراق‪ ،‬عمدت إيران‬ ‫إلى تأليف ما عرف بـ«فرق املوت»‪ ،‬ومهمتها األساسية كانت‬ ‫االنتقام من البعثيني‪ ،‬والتي انتهت إلى االنتقام من الطائفة‬ ‫السنية والتنكيل بها‪ ،‬وهذا األمر يعزوه بعض الباحثني إلى‬ ‫قيام «داع��ش»‪ .‬أما في سوريا‪ ،‬فدعم الرئيس بشار األسد‬ ‫ونظامه قائم على أساس مذهبي محض؛ فالدفاع عن نظام‬ ‫األسد ليس له ما يبرره سوى حماية أهم حلقة في «الهالل‬ ‫الشيعي»‪ .‬إيران تستفيد اليوم من الغطاء األميركي املقنع‪،‬‬ ‫ومن ظهور حركات مثل «النصرة» و«داعش»‪ ،‬التي اعتبرها‬ ‫املجتمع الدولي إرهابا يجب التخلص منه‪ ،‬من أجل التمدد‬ ‫في الشرق األوسط‪ .‬ولم تكن صدفة مطلقا تصريح الوزير‬ ‫اإلي��ران��ي السابق حيدر مصلحي ب��أن إي��ران تسيطر على‬ ‫أربع عواصم إيرانية‪ْ ،‬‬ ‫وقبال تصريحات مستشار الرئيس‬ ‫اإليراني لشؤون األقليات علي يونسي التي اعتبر فيها أن‬ ‫العراق «عاصمة إمبراطورية إيران الجديدة <‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪23‬‬


‫داخل غرفة اجتماعات في جنيف‪ ،‬أوائل أكتوبر (تشرين األول) عام ‪ ،2001‬وقف‬ ‫كبير املفاوضني اإليرانيني‪ ،‬ورمى بحزمة أوراق كان يمسك بها على الطاولة‬ ‫بعصبية‪ ،‬ونظر إلى الوفد األميركي املتفاجئ صارخا بوجوههم‪« :‬إن لم تبدأوا‬ ‫بالقتال الجدي على األرض‪ ،‬فلن يمكنكم تغيير الواقع‪ .‬لنتوقف عن هذا الجدل‬ ‫العقيم حول مستقبل العراق السياسي‪ .‬عندما تقررون الحديث عن الحرب‪ ،‬فأنتم‬ ‫تعرفون أين تجدونني»‪.‬‬

‫بني الفنت واالنقسام والطائفية‬

‫ماذا تفعل طهران في بالد العرب؟‬ ‫واشنطن‪ :‬إيلي فواز‬ ‫لم يعد يخفي على أحد أن التنسيق األميركي ‪-‬‬ ‫اإليراني فيما خص أفغانستان والعراق كان قائما‬ ‫أق�ل��ه ف��ي املرحلة األول��ى م��ن االج�ت�ي��اح األميركي‬ ‫للمنطقة‪ .‬وكان قاسم سليماني مسرور جدا من هذا التعاون‬ ‫على ما أسر به كبار املفاوضني اإليرانيني للسفير األميركي‬ ‫رايان كروكر‪.‬‬ ‫ف��اإلي��ران�ي��ون أع�ط��وا األميركيني معلومات قيمة ع��ن نقاط‬ ‫تمركز ق��وات طالبان‪ ،‬في أفغانستان‪ ،‬وهم ضمنوا وقوف‬ ‫الشيعة على الحياد في ال�ع��راق‪ .‬كذلك أعطى األميركيون‪،‬‬ ‫اإليرانيني معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بأمنهم‬ ‫الداخلي‪.‬‬ ‫اإلي��ران�ي��ون ك��ان لهم سببان أس��اس�ي��ان دفعاهم للتنسيق‬ ‫م��ع األم�ي��رك�ي�ين؛ األول التخلص م��ن ن�ظ��ام ال��رئ�ي��س ص��دام‬ ‫حسني م��ن أج��ل السيطرة على ال �ع��راق‪ ،‬ال�ع��ائ��ق األس��اس��ي‬ ‫ف��ي م�ن��ع اك�ت�م��ال ال �ه�لال الشيعي امل�م�ت��د م��ن إي ��ران م��رورا‬ ‫بسوريا وصوال إلى لبنان‪ .‬أما الدافع الثاني‪ ،‬فكان الخوف‬ ‫من توسع ح��دود االجتياح األميركي ليشمل إي��ران أيضا‪.‬‬ ‫أما الدبلوماسية األميركية‪ ،‬من جهتها‪ ،‬فافترضت وجود‬ ‫بعض القواسم املشتركة مع إي��ران حيال املنطقة‪ ،‬كالعداء‬ ‫للنظام العراقي‪ ،‬وطالبان‪ ،‬وقد تمكنه من تحويل نظام املاللي‬ ‫املعادي للغرب والواليات املتحدة خاصة‪ ،‬إلى صديق‪ .‬مع‬ ‫سقوط صدام حسني في العراق وتأكد املسؤولني اإليرانيني‬ ‫أن الواليات املتحدة ال تنوي توسيع خارطة االجتياح‪ ،‬بدأ‬ ‫العمل الجدي من قبل الحرس الثوري إلح��راج األميركيني‬ ‫من أجل إخراجهم من املنطقة‪ .‬وهكذا فوض قاسم سليماني‬ ‫أذرعته العسكرية في العراق‪ ،‬بمهاجمة الجيش األميركي‬ ‫وإنزال أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية فيه‪ ،‬مما قد‬ ‫يؤثر سلبا على الرأي العام في الواليات املتحدة ويحمله على‬ ‫الضغط على اإلدارة من أجل إعادة الجنود األميركيني إلى‬ ‫بالدهم‪ .‬وبالفعل كوفئ قاسم سليماني مع إعالن توصيات‬ ‫«لجنة بايكر هاميلتون» التي كانت مكلفة بتقييم الوضع في‬ ‫العراق والتي حددت عام ‪ 2008‬موعدا لسحب معظم القوات‬ ‫األميركية املوجودة في العراق‪.‬‬ ‫بعد انسحاب الواليات املتحدة من العراق عسكريا‪ ،‬وإبداء‬

‫‪22‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫رغبتها في االنكفاء السياسي عن الشرق األوسط‪ ،‬انتقلت‬ ‫إيران إلى املرحلة الثانية‪ ،‬وهي إقناع الواليات املتحدة بأهمية‬ ‫تحولها إلى الشريك في قرارات املنطقة والعامل األساسي‬ ‫في استقرارها‪ ،‬خاصة بعد أن خلق «الربيع العربي» فراغا‬ ‫على مستوى األنظمة والدول‪.‬‬ ‫هذه الرسالة اإليرانية تم إيصالها عبر القنوات الدبلوماسية‬ ‫املختلفة؛ ففي أحد تلك اللقاءات‪ ،‬في مدينة إسطنبول‪ ،‬دخل‬ ‫كيا طبطبائي‪ ،‬املدير العام السابق لوزارة الخارجية والسفير‬ ‫السابق لدى روسيا‪ ،‬على األميركيني مبتسما مادا يده‪ ،‬في‬ ‫إشارة إلى موافقته الضمنية على كالم الرئيس أوباما عن‬ ‫رغبته ف��ي التواصل م��ع إي��ران إن ه��ي تخلت ع��ن مواقفها‬ ‫العدائية تجاه الواليات املتحدة‪ .‬نظر إلى املجتمعني وقال لهم‪:‬‬ ‫«كفانا عداء»‪ ،‬مضيفا‪« :‬يجب علينا االلتقاء حول مصالحنا‬ ‫املشتركة وتحديد األهداف التي تهمنا في ما يتعلق بالقضايا‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬ومن ثم التعاون بني الحكومتني لتحقيقها‪ ،‬مما‬ ‫سيبني نوعا من ثقة سيؤدي طبيعيا للوصول إلى النقطة‬ ‫املركزية األهم‪ :‬العالقات اإليرانية ‪ -‬األميركية‪».‬‬ ‫طبعا مهمة إيران لم تكن بحاجة إلى جهد كبير لدى إدارة‬ ‫الرئيس أوباما‪ ،‬الذي قال للصحافي جيفري غولدبرغ‪ ،‬ردا‬ ‫على تساؤله إن كان يعي أن سياساته تجعل حلفاءه العرب‬ ‫مضطربني‪ ،‬إن «هناك تغييرات جذرية لسياسة الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وهي أخذت كثيرين على حني غرة‪ .‬التغيير غالبا ما‬ ‫يخيف»‪ .‬وهكذا صار؛ ففي عام ‪ 2009‬نزل الشعب اإليراني‬ ‫إل��ى ال �ش��وارع احتجاجا على النظام فيما ع��رف ب�ـ«ال�ث��ورة‬ ‫الخضراء»‪ .‬فرصة الواليات املتحدة في التدخل بقوة لصالح‬ ‫الشعب الشجاع الذي واجه القمع‪ ،‬والتأمل في إمكانية زعزعة‬ ‫نظام عدائي‪ ،‬لم تكن في عقل الرئيس أوباما ألهمية التقرب‬ ‫من خامنئي والحلم في بدء عصر جديد من العالقات الودية‬ ‫بعد عقود من املواجهة‪.‬‬ ‫ث��م اكتشف العالم أن األميركيني واإلي��ران�ي�ين ك��ان��وا عقدوا‬ ‫اجتماعا سريا في منتصف عام ‪ 2012‬حضره من الجانب‬ ‫األم �ي��رك��ي ج��اي��ك س��ال�ي�ف��ان م��دي��ر ال�ت�خ�ط�ي��ط ل�ل�س�ي��اس��ات‬ ‫ال�خ��ارج�ي��ة ف��ي ع�ه��د وزي ��رة ال�خ��ارج�ي��ة ه �ي�لاري كلينتون‪.‬‬ ‫بعد انتخاب الرئيس أوباما لدورة ثانية‪ ،‬عام ‪ 2013‬أصبح‬ ‫ك��ل أع�ض��اء إدارت ��ه منغمسني ف��ي اجتماعات م��ع نظرائهم‬ ‫اإلي��ران�ي�ين‪ :‬ويليام بيرنز نائب وزي��رة الخارجية‪ ،‬وبونيت‬ ‫تالوار من مجلس األمن القومي‪ ،‬ومستشار وزارة الخارجية‬

‫روبرت إينهورن‪ ،‬وسفيرة الواليات املتحدة لدى األمم املتحدة‬ ‫سوزان رايس‪ .‬تكللت تلك اللقاءات بمكاملة هاتفية تاريخية‬ ‫ب�ين الرئيس األم�ي��رك��ي وال��رئ�ي��س اإلي��ران��ي املنتخب حديثا‬ ‫حسن روح��ان��ي‪ .‬لم يخف الرئيس األميركي في مقابالته‬ ‫وخطبه وتصريحاته هدفه إدخ��ال إي��ران شريكة أساسية‬ ‫واستراتيجية في شؤون املنطقة‪ ،‬وإيجاد نوع من التوازن‬ ‫بني القوتني العربية والفارسية‪ ،‬أو السنية والشيعية‪ ،‬يفضي‬ ‫إلى أكثر من منافسة وأقل من حرب‪.‬‬

‫الثورة اإليرانية وأبعادها‬ ‫بعد رحيل الشاه ونجاح الخميني في االحتفاظ بالسلطة‪،‬‬ ‫دعا اإلمام إلى تصدير مبادئ الثورة إلى الجوار‪ ،‬وإسقاط‬ ‫األنظمة امللكية واستبدال جمهوريات إسالمية بها‪ ،‬ونادى‬ ‫ال�ش�ع��وب العربية إل��ى ال�ت�ح��رك م��ن أج��ل ال�ت�ح��رر م��ن الظلم‬ ‫االجتماعي والفساد والتأثير الغربي عليها‪ .‬فحاول الخميني‬ ‫تأجيج الشارع العراقي وتأليبه على نظامه بإحداث سلسلة‬ ‫من االنفجارات في الجامعة املستنصرية شبيهة بتلك التي‬ ‫سبقت القيام بالثورة اإليرانية‪ ،‬وتدهورت عالقات إيران مع‬ ‫البحرين على أثر توقيف الشيخ البحريني الشيعي محمد‬ ‫علي العكاري العائد من إي��ران‪ ،‬واتهم الخميني املسؤولني‬ ‫البحرينيني باضطهاد الشيعة‪ ،‬مما حمل اململكة العربية‬ ‫السعودية ومصر على التضامن مع البحرين‪.‬‬ ‫استغلت إيران فشل املحادثات السورية ‪ -‬العراقية‪ ،‬والكره‬ ‫املستفحل بني البعث وقاداته في فرعيه الشامي والبغدادي‪،‬‬ ‫وانفتحت على الرئيس األس��د‪ .‬وج��اء ه��ذا االن�ف�ت��اح حاجة‬


‫ً‬ ‫أكثر الروايات كذبا‪ :‬نظام األسد هو حامي األقليات‬ ‫لعل‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫طوني بدران‬

‫> يدرك الزعيم‬ ‫الدرزي اللبناني‬ ‫وليد جنبالط‬ ‫أن األسد وإيران‬ ‫يدفعان بالدروز‬ ‫نحو خيار انتحاري‬

‫أكثر الروايات كذبا التي تم ترويجها حول الحرب‬ ‫السورية هي أن نظام األسد هو حامي األقليات‪ .‬تبني‬ ‫مدى بعد هذا االدعاء عن الحقيقة في جنوب سوريا‪،‬‬ ‫حيث يحاول النظام وإيران دفع دروز السويداء لالنخراط في‬ ‫مشروع لن يعود عليهم إال بالخراب‪.‬‬ ‫يواجه النظام تراجعا حادا في عديد الجيش‪ ،‬وهو يحاول مع‬ ‫رع��ات��ه اإلي��ران�ي�ين تطويع مجندين ج��دد لتدعيم ق��واه املنهكة‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬مع تداعي مواقعه في الجنوب‪ ،‬يزداد الخطر على وضع‬ ‫النظام في العاصمة دمشق‪ .‬لذا‪ ،‬أدار األسد واإليرانيون أنظارهم‬ ‫نحو دروز جنوب سوريا‪ .‬منذ نحو السنة بدأ املجندون الدروز‬ ‫يرفضون الخدمة في الجيش النظامي خارج املناطق الدرزية‪ ،‬في‬ ‫ظاهرة عكست مطالب ومواقف أهالي ومشايخ الطائفة‪ .‬امتنع‬ ‫نحو ‪ 27‬ألف جندي درزي عن االلتحاق بالخدمة مفاقمني بذلك‬ ‫مشكلة النقص العددي في صفوف الجيش‪ .‬وإذ يواجه األسد‬ ‫صعوبة ف��ي تطويع حتى الشباب العلوي‪ ،‬يشكل استرجاع‬ ‫هؤالء املجندين الدروز مبتغى شديد األهمية لتدعيم جبهات‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫في ظل استمرار الرفض الدرزي‪ ،‬لجأ النظام إلى معاقبة الدروز‬ ‫والسويداء عبر سحب السالح الثقيل من املحافظة‪ ،‬وتهديد‬ ‫الدروز بتركهم وحدهم في مواجهة أي هجوم محتمل من تنظيم‬ ‫داعش من ناحية الشمال أو الشرق‪ .‬أتت حادثة «قلب لوزة» في‬ ‫محافظة إدلب لتزود النظام بمادة دسمة للدعاية‪ ،‬حيث قامت‬ ‫عناصر من «جبهة النصرة» تحت إمرة قيادي تونسي بقتل‬ ‫أكثر من ‪ 20‬رجال درزي��ا في املنطقة‪ .‬سارع النظام وحلفاؤه‬ ‫الستغالل الجريمة وإظهارها على أنها جزء من هجوم أوسع‬ ‫للمجموعات السنية املتطرفة ضد الدروز‪ ،‬ليس فقط في إدلب‬ ‫إنما أيضا في السويداء‪ .‬القت هذه الدعاية التخويفية صدى‬ ‫خصوصا عند ال ��دروز ف��ي إس��رائ�ي��ل ال��ذي��ن طالبوا الحكومة‬ ‫بالتدخل ملنع أي مجزرة ضد ال��دروز في جنوب سوريا‪ ،‬مما‬ ‫اضطر رئيس الحكومة اإلسرائيلية للتصريح بأنه يراقب الوضع‬ ‫عن كثب‪ ،‬وأنه سيتخذ اإلجراء املناسب إن اقتضت الحاجة‪ ،‬دون‬ ‫أن يعطي تفاصيل‪.‬‬ ‫إن�م��ا ف��ي الحقيقة‪ ،‬ليست فصائل «ال�ج�ي��ش ال�ح��ر» وال حتى‬ ‫«ال�ن�ص��رة» ف��ي ال�ج�ن��وب ف��ي وارد االع �ت��داء على ال ��دروز‪ .‬على‬ ‫العكس‪ ،‬بعد حادثة «قلب ل��وزة»‪ ،‬سارعت الفصائل وقيادات‬ ‫العشائر ف��ي الجنوب لتطمني جيرانهم ال ��دروز‪ .‬حتى قيادة‬ ‫«جبهة النصرة» أصدرت بيانا استنكرت فيه الحادث ووصفته‬ ‫بالخطأ غير املبرر الذي تم من دون علم القيادة‪.‬‬ ‫أكثر من ذلك‪ ،‬إن وضع الدروز في إدلب مختلف كليا عن وضع‬ ‫إخوتهم في الجنوب‪ .‬دروز إدلب أقل عددا بكثير‪ ،‬ويفتقدون‬ ‫إلى التماس مع لبنان‪ ،‬واألردن وإسرائيل‪ .‬بكالم آخر‪ ،‬لدى دروز‬ ‫السويداء رافعة سياسية ليست بصغيرة‪.‬‬ ‫كما أن اعتبارات «نصرة الجنوب» تختلف عن حسابات «نصرة‬ ‫الشمال»‪ .‬ال يستطيع التنظيم‪ ،‬بسبب بنيته في درعا‪ ،‬أن يتجاهل‬ ‫االعتبارات االجتماعية واألهلية (العشائرية والعائلية) التي تمتد‬

‫من سوريا إلى األردن‪ .‬كما أن الحسابات الجيوسياسية في‬ ‫الجنوب مختلفة جذريا‪ ،‬إذ على «النصرة» مراعاة اعتبارات‬ ‫الدولتني املحاذيتني ملسرح عملياتها‪ ،‬أي األردن وإسرائيل‪.‬‬ ‫يتم جذب الدروز في اتجاهني معاكسني‪ .‬يدرك الزعيم الدرزي‬ ‫اللبناني وليد جنبالط أن األسد وإيران يدفعان بالدروز نحو‬ ‫خيار انتحاري‪ .‬وق��د س��ارع جنبالط‪ ،‬ال��ذي يحافظ على قناة‬ ‫تواصل مع «النصرة»‪ ،‬الحتواء حادثة «قلب لوزة» وما انفك يحث‬ ‫دروز السويداء على التفاهم مع جيرانهم السنة في ح��وران‪.‬‬ ‫داخل السويداء تشارك حركة الشيخ وحيد بلعوس توجهات‬ ‫جنبالط‪ ،‬وتعارض االنخراط في حرب النظام ومشاريع إيران‪.‬‬ ‫ف��ي امل �ق��اب��ل‪ ،‬ت��زع��م ش�خ�ص�ي��ات درزي � ��ة م�ت�ح��ال�ف��ة م��ع األس��د‬ ‫واإليرانيني أن مصير الطائفة مرتبط باملحور اإلي��ران��ي الذي‬ ‫وحده يستطيع حماية الدروز‪ .‬في الحقيقة‪ ،‬هذا خيار كارثي‬ ‫ل �ل��دروز‪ ،‬إذ سيضعهم ف��ي م��واج�ه��ة ك��ل ج�ي��ران�ه��م‪ ،‬املحليني‬ ‫واإلقليميني على حد سواء‪.‬‬ ‫ما تريده إيران من الدروز أبعد من مجرد استعمالهم كدعائم‬ ‫لدفاعات دمشق‪ .‬انخراط مناطق الدروز في املشروع اإليراني‬ ‫يعني التحول إلى موقع متقدم إليران على الحدود مع إسرائيل‬ ‫واألردن‪ .‬بالفعل‪ ،‬فإن خطة إيران إلنشاء بنية تحتية في جنوب‬ ‫سوريا كانت تعتمد بشكل كبير على استعمال املناطق الدرزية‪.‬‬ ‫وقد تمكن اإليرانيون من تجنيد شباب دروز للقيام بعمليات‬ ‫ضد إسرائيل‪ .‬مثال‪ ،‬في أبريل (نيسان) املاضي‪ ،‬حاول شابان‬ ‫درزيان يعمالن لصالح حزب الله زرع متفجرات على السياج‬ ‫الحدودي في الجوالن‪ .‬كما تناولت تقارير في م��ارس (آذار)‬ ‫املاضي محاولة طهران إنشاء ميليشيا درزي��ة في السويداء‬ ‫على غرار ميليشيا «الحشد الشعبي» في العراق‪.‬‬ ‫رد األردن على هذا التغلغل اإليراني بدعم عمليات الجيش الحر‬ ‫ال�ت��ي أس�ف��رت ع��ن ط��رد اإلي��ران�ي�ين وميليشياتهم م��ن املناطق‬ ‫الحدودية‪ ،‬خصوصا في قرية بصرى الشام‪ .‬إذا نجحت إيران‬ ‫ف��ي ج��ذب ال��دروز إل��ى محورها ف��إن األردن�ي�ين واإلسرائيليني‬ ‫سيبدأون بالنظر إلى الطائفة ككل على أنها تمثل خطرا أمنيا‪،‬‬ ‫وذلك في لحظة تهاوي مواقع النظام في جنوب سوريا‪.‬‬ ‫لهذه األسباب‪ ،‬من غير املرجح أن ينتحر الدروز خدمة لألسد أو‬ ‫إيران‪ .‬بل سيتفاوضون سعيا لتحقيق توازن بني الضغوطات‬ ‫املمارسة عليهم‪ .‬مثال‪ ،‬من الجائز التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء‬ ‫متبادل مع الثوار‪ ،‬باإلضافة إلى ضمانات أمنية أخرى‪ .‬ويمكن‬ ‫قراءة حركة جنبالط نحو األردن وتركيا في هذا السياق‪.‬‬ ‫إن تبلور مثل هذا الحل‪ ،‬فإن النظام سيسعى لالنتقام‪ .‬إنما‬ ‫االنتقام لن يغير الواقع‪ ،‬ألن ما يطلبه األسد وإيران من الدروز هو‬ ‫ضرب من الجنون‪ .‬لدى الدروز غريزة بقاء قديمة ومجربة‪ ،‬وهم‬ ‫يدركون أن قوة األسد تنحسر في الجنوب السوري‪ .‬الحقيقة‬ ‫هي أن األسد ليس حامي الدروز‪ .‬ال بل إنه يطلب منهم أن يقفوا‬ ‫دروعا بشرية دفاعا عن نظامه وخدمة للمشروع اإليراني في‬ ‫املنطقة‪ .‬إذا تبع ال��دروز غريزتهم التاريخية‪ ،‬فسيعود األسد‬ ‫وإيران خائبني <‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪21‬‬


‫قارب يضم‬ ‫ً‬ ‫عددا من‬ ‫املهاجرين‬ ‫قبالة السواحل‬ ‫اإليطالية‬

‫قوارب الالجئني تفتح ثغرة في جدار أوروبا‬ ‫منحت ليبيا التنظيم ثغرة في جدار أوروبا عبر قوارب املوت‬ ‫التي تحولت إلى تهديد ألمن أوروب��ا وخاصة إيطاليا‪ .‬ردود‬ ‫فعل دول أوروب��ا ربما كانت داعمة للموقف اإليطالي األكثر‬ ‫تضررا من حرب «قوارب املوت»‪ .‬املوقف اإليطالي كان متصلبا‬ ‫وهدد بأكثر من مرة بالتدخل العسكري باإلضافة إلى بعض‬ ‫ال ��دول األوروب �ي ��ة‪ .‬املشكلة أن ال ��دول األوروب �ي��ة ت�ت�ف��اوت في‬ ‫سياساتها وفي فلسفتها الواحدة عن األخرى‪ .‬أوروبا تلتقي‬ ‫في سياساتها االقتصادية‪ ،‬لكنها اكتشفت أن سياساتها‬ ‫في مكافحة اإلرهاب والتعامل مع تهديد «املتطرفني» يختلف‬ ‫ال��واح��دة ع��ن األخ��رى‪ .‬دول االت�ح��اد األوروب ��ي وقفت عاجزة‬ ‫ملواجهة مشكلة تهديد «التطرف» من جانب وتهديد «قوارب‬ ‫ال�لاج�ئ�ين» م��ن ج��ان��ب آخ��ر‪ .‬اس�ت�خ�ب��ارات دول أوروب ��ا تنظر‬ ‫إل��ى ه��ذه ال�ق��وارب بأنها تحمل بعض مقاتلي تنظيم داعش‬ ‫والجماعات «املتطرفة»‪ .‬اعتمدت دول أوروبا سياسة احترازية‬ ‫باستقبال الالجئني‪ ،‬أبرزها أنه ال يحق تنقل الالجئني مسافات‬ ‫عن من بيوت أو معسكرات اللجوء إال بعد التأكد والتحقق من‬ ‫الهوية الشخصية‪ .‬الشرطة األملانية على سبيل املثال قامت‬ ‫ب�ج��والت تفتيش ف��ي ب�ي��وت الالجئني وف��ق معلومات وج��ود‬ ‫ت�س��رب مل�ق��ات�ل��ي «داع� ��ش» «خ�لاي��ا ن��ائ �م��ة»‪ .‬وش�ن��ت الشرطة‬ ‫األملانية خالل شهر مايو (أيار) ‪ 2015‬حملة تفتيش في مركز‬ ‫استقبال لالجئني في مدينة «مانهايم» و‪ 24‬مركزا آخر إليواء‬ ‫طالبي اللجوء ف��ي والي��ة «ب��ادن ‪ -‬فورتمبرغ» لالشتباه في‬ ‫االتجار باملخدرات‪ .‬إن موضوع ق��وارب الالجئني صعد من‬ ‫الخالفات داخل الدول األوروبية القائم على تقاسم استقبال‬ ‫الالجئني وعدم تمسك الدول األعضاء بقرار املفوضية بمقترح‬ ‫محاصصة الالجئني‪ .‬وتقدمت أملانيا على بقية الدول األوروبية‬ ‫باستقبال أكبر ع��دد من الالجئني‪ .‬وتتوقع مفوضية األمم‬ ‫املتحدة العليا لشؤون الالجئني وص��ول ع��دد الضحايا إلى‬ ‫‪ 10‬آالف قتيل خ�لال ع��ام ‪ 2015‬في ح��ال ع��دم التحرك ملنع‬ ‫ذلك‪ .‬وفي هذا السياق أوضحت الحكومة األملانية على سبيل‬ ‫امل�ث��ال‪ ،‬أن ع��دد األش�خ��اص املقدمني طلبات لجوء ف��ي أملانيا‬ ‫خالل شهر مارس (آذار) ‪ 2015‬ارتفع بنسبة ‪ ٪184.2‬مقارنة‬ ‫ً‬ ‫مع نفس الشهر من العام املاضي ‪ .2014‬وأفادت‪ ،‬أن ‪ 32‬ألفا‬ ‫ً‬ ‫شخصا قدموا طلبات لجوء إلى دائرة الهجرة واللجوء‬ ‫و‪54‬‬ ‫‪20‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫سياسات أوروبية جديدة ملكافحة اإلرهاب‬ ‫ج��اءت القوانني الجديدة في دول االتحاد األوروب��ي ملكافحة‬ ‫اإلره��اب في أعقاب‪ ،‬تسارع ح��دة التهديدات إل��ى أم��ن أوروب��ا‬ ‫خ�لال ع��ام ‪ 2014‬في أعقاب التحالف ال��دول��ي ضد «داع��ش»‬ ‫وحادثة «شارلي إبدو» ‪ 7‬يناير (كانون الثاني) ‪.2015‬‬ ‫داف ��ع وزي ��ر ال �ع��دل األمل��ان��ي ه��اي�ك��و م��اس ع��ن خ�ط��ط تشديد‬ ‫العقوبات ضد سفر الشباب الجهاديني إلى مناطق الصراع‬ ‫في الشرق األوس��ط‪ .‬وق��ال م��اس خ�لال شهر فبراير ‪2015‬‬ ‫في البرملان األملاني (بوندستاغ) إن تشديد القانون الجنائي‬ ‫ال��ذي واف��ق عليه مجلس ال��وزراء األمل��ان��ي ليس إج��راء مبالغا‬ ‫فيه‪ ،‬كما أنه لم يأت كرد فعل على الهجمات اإلرهابية األخيرة‬ ‫التي شهدتها أوروبا‪ .‬وأوضح ماس أن األمر يتعلق باألساس‬ ‫بتطبيق إج ��راءات دولية ك��ان مخططا لها منذ فترة طويلة‪.‬‬ ‫ويسمح ال�ق��ان��ون بتجريم ال��راغ�ب�ين ف��ي االن�ض�م��ام «للجهاد‬ ‫املتطرفا»‪ .‬وبموجبه يمكن مقاضاة أي شخص يخطط للسفر‬ ‫من أملانيا للمشاركة في جرائم عنف تعرض أمن الدولة لخطر‬ ‫جسيم في الخارج أو لالنضمام إلى أحد معسكرات التدريب‬ ‫على تنفيذ عمليات إره��اب�ي��ة‪ .‬وف��ي ذات السياق أك��د إدوي��ن‬ ‫سموال املتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق األوسط‬ ‫وش�م��ال أف��ري�ق�ي��ا‪ ،‬أن الحكومة البريطانية ط��رح��ت مشروع‬ ‫قانون جديد ملكافحة التطرف في ‪ 27‬مايو ‪ .2015‬وأك��د أن‬ ‫التشريع الجديد يشمل حظر املنظمات املتطرفة التي تسعى‬

‫‪,,‬‬

‫ألف مقاتل أجنبي في صفوف‬ ‫«داعش» إلى جانب أكثر من‬ ‫‪ 100.000‬مقاتل من املحليني‬ ‫غالبيتهم من العراقيني‬

‫‪,,‬‬

‫فرصة للوصول إلى الترسانة الكيماوية من النظام السابق‬ ‫وهو يعيد تجربته في العراق‪.‬‬

‫االتحادية خالل شهر فبراير ‪ 2015‬وأن عدد الطلبات ازداد‬ ‫بمقدار ‪ 5‬آالف و‪ 971‬طلبا‪ ،‬مقارنة بعدد الطلبات التي قدمت‬ ‫في شهر مارس (آذار) ‪ 2015‬أي بنسبة زيادة ‪.٪22.9‬‬

‫إل��ى تقويض الديمقراطية أو استخدام خطاب الكراهية في‬ ‫األماكن العامة‪ .‬شهدت املنطقة تدفقا غير مسبوق للمقاتلني‬ ‫األج��ان��ب من آسيا الوسطى ودول أوروب�ي��ة وغربية‪ ،‬لتحتل‬ ‫نسبة كبيرة داخ��ل التنظيم‪ .‬التقارير األممية ذك��رت بوجود‬ ‫‪ 25‬ألف مقاتل أجنبي إلى جانب أكثر من ‪ 100.000‬مقاتل‬ ‫من املحليني غالبيتهم من العراقيني‪ .‬وفي هذا السياق صدر‬ ‫تقرير لألمم املتحدة في ‪ 2‬أبريل (نيسان) ‪ 2015‬يقول إن‬ ‫ع��دد املقاتلني الذين غ��ادروا أوطانهم لالنضمام لـ«القاعدة»‬ ‫وتنظيم داعش في العراق وسوريا ودول أخرى بلغ أكثر من‬ ‫‪ 25‬ألف شخص وذلك من أكثر من ‪ 100‬دولة‪ .‬وأفاد التقرير‬ ‫الذي أعدته لجنة مراقبة نشاط تنظيم القاعدة في مجلس األمن‬ ‫الدولي‪ ،‬أن «عدد املقاتلني األجانب ارتفع بنسبة ‪ 71‬في املائة بني‬ ‫منتصف عام ‪ 2014‬وشهر مارس ‪ .»2015‬وأوضح التقرير‬ ‫أن «هذه املشكلة تفاقمت خالل السنوات الثالث املاضية‪ ،‬كما‬ ‫ً‬ ‫ارتفاعا لم يسبق له مثيل في‬ ‫أن تدفق املقاتلني األجانب شهد‬ ‫التاريخ»‪ .‬إن تغيير السياسات وتحجيم هذه الجماعات جاءت‬ ‫في أعقاب تنامي خطر «املتطرفني» العائدين من سوح القتال‪.‬‬ ‫وفي أي حال فإن أوروبا تتبع اآلن سياسة أكثر صرامة تجاه‬ ‫هذه الجماعات رغم تحديات مشكلة امليزانية والقوة البشرية‬ ‫داخ��ل االستخبارات واألم��ن‪ ،‬القانون ممكن أن يعرض دول‬ ‫أوروبا إلى انتقادات حول تضييق الحريات والشفافية‪ ،‬التي‬ ‫ك��ان��ت أوروب ��ا تهاجم بها حكومات املنطقة‪ .‬ن��اش��د االت�ح��اد‬ ‫األوروب � ��ي م�ج�ل��س األم ��ن ال��دول��ي ف��ي ‪ 11‬م��اي��و ‪ 2015‬دع��م‬ ‫خططه لوقف تدفق املهاجرين عبر البحر املتوسط‪ .‬في نفس‬ ‫الوقت تعهد األوروبيون بعدم إعادة األشخاص الذين يجري‬ ‫انتشالهم من البحر‪.‬‬ ‫وتتضمن الخطط األوروبية التي وافق عليها زعماء االتحاد‬ ‫خل��ال ش�ه��ر أب��ري��ل ‪ 2015‬ت�ح��دي��د ال�س�ف��ن املستخدمة في‬ ‫تهريب املهاجرين وضبطها قبل أن يستخدمها «مهربو‬ ‫البشر»‪ .‬ويريد االتحاد األوروبي تفويضا من األمم املتحدة‬ ‫لتنفيذ تلك العمليات‪ .‬واستبعد امل��راق�ب��ون أن يكون هناك‬ ‫تدخل عسكري إيطالي وشيك في ليبيا‪ .‬لقد نجح تنظيم‬ ‫داعش والجماعات «الجهادية» اإلسالموية األخرى‪ ،‬في القفز‬ ‫على حاجات بعض املكونات والجماعات كذلك نجح التنظيم‬ ‫أن يطرح ثقافة امل��وت أم��ام نقص وس��وء سياسيات بعض‬ ‫حكومات املنطقة وربما سياسات التهميش والتفرقة في‬ ‫أوروبا‪ .‬املنطقة اآلن بالفعل تعيش تحديا خطيرا يمثل تهديدا‬ ‫خطيرا للموروث الثقافي ل��دول املنطقة يستدعي تضافر‬ ‫الجهود ملواجهة هذا التهديد<‬


‫‪,,‬‬

‫تحولت أفكار وطروحات «داعش»‬ ‫إلى ثقافة أسرية «يكفر» عند بعض األبناء‬ ‫من الجيل الجديد بعضهم اآلخر بسبب‬ ‫التفسير الخاطئ لهذه الجماعة‬

‫األخرى ضربت بتداعياتها جدار أوروبا لتفتح ثغرة الجئي‬ ‫قوارب املوت عند إيطاليا‪ .‬أما املجموعات الشيعية فقد شهدت‬ ‫اندفاعا في سوريا متمثلة بحزب الله اللبناني وبامليليشيات‬ ‫الشيعية العراقية الداعمة لنظام األسد‪ .‬التطورات هذه ظهرت‬ ‫بإدلب وجسور الشغور وربما في تدمر والسويداء‪ .‬أما العراق‬ ‫فشهد تغييرا في مواقف الجماعات السنية لتتحول إلى «ثورة‬ ‫سنية» باسم العشائر ضد حكومة بغداد ذات األغلبية الشيعية‬ ‫بعد اختالفها مع الحكومة حول التسليح ومواجهة «داعش»‪.‬‬ ‫بعض الزعامات السنية بايعت «داع��ش» تحت باب الترغيب‬ ‫والترهيب‪ .‬امليليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانب الحكومة‬ ‫داخل «الحشد الشعبي» رفعت رايات مذهبية تؤكد فيه والءها‬ ‫للمذهب أكثر من العراق‪ .‬الوجود اإليراني أصبح أكثر انتشارا‬ ‫وعالنية في العراق‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫تطرف سني شيعي‬ ‫شكل التنافس السياسي بني الشيعة والسنة في العراق محور‬ ‫املواجهات الطائفية على األرض التي تحولت إلى مواجهات‬ ‫مسلحة‪ ،‬وكانت عملية تهجير ما بني الطائفتني أبرز معالم‬ ‫التغيرات في العراق ما بعد ‪ .2003‬بات العراق متورطا في‬ ‫األزمة السورية رغم ما يعانيه هذا البلد ما يكفي من العنف‬ ‫الطائفي واإلرهاب‪ .‬لتظهر حالة االشتباك «الجهادي» ما بني‬ ‫ال�ع��راق وس��وري��ا ف��ي الحركات «الجهادية املتطرفة» السنية‬ ‫والشيعية‪ ،‬فهنالك تنقالت وت�م��دد للحركات م��ا ب�ين العراق‬ ‫وس��وري��ا‪ .‬وأصبح نصب عني «الحركات املسلحة» في هذه‬ ‫املرحلة يقع على ال�ع��راق وس��وري��ا‪ ،‬أم��ا امليليشيات الشيعة‬ ‫فتقع أعينها على ضريح السيدة زينب في دمشق والعتبات‬ ‫املقدسة ف��ي ال�ع��راق‪ .‬لقد تغير مشهد التشابك «الجهادي»‬ ‫ما بعد اجتياح «داعش» مدينة املوصل ومدن عراقية أخرى‬ ‫شهر يونيو ‪ .2014‬لتنتقل امليلشيات الشيعية من سوريا إلى‬ ‫العراق‪ ،‬في أعقاب تهديد التنظيم على لسان متحدثه أبو محمد‬ ‫العدناني باحتالل بغداد والعتبات املقدسة‪ .‬فتنظيم داعش‬ ‫يرسم اآلن خريطة مذهبية جديدة بدل الخريطة السياسية ما‬ ‫بني العراق وسوريا‪ ،‬وهذا يرجح مستقبال قيام إقليم سني‬ ‫على غرار إقليم كردستان العراق في شمال العراق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أخيرا‬ ‫اثنان من أزواج الشقيقات البريطانيات الثالث الالتي التحقن‬ ‫بتنظيم داعش في سوريا مع أبنائهن التسعة يبكيان خالل مؤتمر‬ ‫صحافي عقد ‪ 16‬يونيو املاضي في برادفورد شمال إنجلترا (غيتي)‬

‫ال��دالالت التي ضخها‪ .‬القصة ليست اتهاما أو نبزا‪ ،‬بل هو‬ ‫توصيف محض‪ ،‬و«داع��ش» الثقافة م��وج��ودة في كثير من‬ ‫املجتمعات العربية واإلسالمية‪ .‬كانت «داع��ش» والجماعات‬ ‫«الجهادية» األخ��رى م��وج��ودة داخ��ل «االنتفاضات» العربية‬ ‫وبدأت تتوسع إلى املجموعات اإلسالموية من غير «الجهادية»‬ ‫لتعمل تحت مظلتها ضمن استراتيجية تخندق اإلسالميون‪.‬‬ ‫وفي سياق ثقافة املوت يقول الكاتب األملاني كيرسنت كنيب‬ ‫في دراسته‪ :‬إذ تفيد تقارير باختطاف التنظيم لألطفال من‬ ‫دور األيتام واعتقالهم في معسكرات تدريب معزولة بهدف‬ ‫تحويلهم إلى آالت للقتل (‪ .)..‬وهناك يتم إخضاعهم لغسيل‬ ‫دماغ وتعبئتهم بالفكر «املتطرف» وتدريبهم على استعمال‬ ‫السالح واملتفجرات‪ .‬وتتقارب عاملة اآلث��ار األملانية «زيمونه‬ ‫م��ول» م��ن ه��ذا ال�ط��رح بقولها ب��أن م��ا ي�ق��وم ب��ه «داع ��ش» هو‬ ‫تدمير للموروث الثقافي في العراق ودول أخرى وإن من خلفية‬

‫موقفها املنطلق من فكرة صراع الثقافات‪.‬‬

‫ارتداد «ثورات الربيع العربي»‬ ‫يبدو أن جماعة اإلخوان‪ ،‬هي أول الجماعات التي شهدت ارتدادا‬ ‫في اتجاه «ال�ث��ورات العربية» وهنا كانت ث��ورة يونيو ‪2013‬‬ ‫وع��زل مرسي الحجر األول في ارت��داد ال�ث��ورات‪ .‬لقد تغيرت‬ ‫نظرة الرأي العام إلى بعض التيارات التي كانت محسوبة على‬ ‫«اإلسالم املعتدل» عند السنة والشيعة‪.‬‬ ‫وشهد كالهما اختالال في موازين امل�س��ارات على مستوى‬ ‫الطروحات أو النشاط على األرض‪ .‬فاإلخوان املسلمون‪ ،‬انتقلوا‬ ‫من مرحلة السلم إلى إثارة الفوضى خاصة ما شهدته مصر‬ ‫من فوضى تهدد أمنها القومي‪ .‬ليبيا هي األخ��رى شهدت‬ ‫تطرفا في مواقف الجماعات اإلسالموية بكل درجاتها وهي‬

‫ملاذا «داعش» في ليبيا؟‬ ‫إن ظهور «داعش» في ليبيا احتل عناوين واهتمام وسائل‬ ‫اإلع�لام العربية والدولية في أعقاب إع�لان مبايعة تنظيم‬ ‫داعش من قبل إحدى الفصائل الليبية ضمن بيعة «مدوا‬ ‫األي��ادي» مطلع عام ‪ 2015‬وإع��دام ‪ 21‬قبطيا مصريا في‬ ‫ليبيا منتصف ش�ه��ر ف�ب��راي��ر (ش �ب��اط) ‪ .2015‬وظ�ه��رت‬ ‫مخاوف جدية من استيالء تنظيم داع��ش على ما تبقى‬ ‫من ترسانة األسلحة الكيمياوية‪ ،‬وما يصعد هذه املخاوف‬ ‫هو ع��دم انضباط ه��ذه الجماعة واستخدامها الكيماوي‬ ‫ف��ي مواجهاتها ف��ي ال�ع��راق وس��وري��ا‪ .‬التنظيم استهدف‬ ‫ليبيا‪ ،‬في أعقاب الفوضى وسيطرة امليليشيات الليبية‬ ‫على السلطة‪ ،‬ووج��وده��ا في ليبيا يحقق لها فتح جبهة‬ ‫جديدة تخفف الضغط على معاقل التنظيم في املوصل‬ ‫والرقة‪ .‬وجود «داعش» في ليبيا يعني انفتاحا على شمال‬ ‫أفريقيا والصحراء الغربية التي تعيش مناخا «جهاديا‬ ‫متطرفًا» منذ عقد التسعينات‪ .‬ف��إن ليبيا تمنح التنظيم‬ ‫التوسع ورم��زي��ة «ع��ومل��ة التطرف» ف��ي ذات ال��وق��ت تمنحه‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪19‬‬


‫إن فشل ربيع «الثورات العربية»‬ ‫التي اندلعت في املنطقة مطلع‬ ‫عام ‪ 2011‬ألحق الكثير من‬ ‫اإلحباط وضرب بتداعياته‬ ‫النفسية واالجتماعية املجتمعات‬ ‫التي شهدت هذه «الثورات»‬ ‫أبرزها مصر وليبيا وتونس‬ ‫وسوريا واليمن‪ .‬وكان ناتج هذه‬ ‫الثورات هي «الفوضى الخالقة»‬ ‫و«التوحش» عند هذه الجماعات‬ ‫اإلسالموية املتطرفة‪ .‬االهتزاز لم‬ ‫يضرب الدول التي شهدت هذه‬ ‫الثورات فحسب بل تمدد إلى‬ ‫دول الجوار‪ .‬تداعيات الفوضى‬ ‫وصلت مساحات جغرافية بعيدة‬ ‫عن معاقلها لتصل دول الغرب‪.‬‬

‫املجتمع العربي يعاني أزمات‬ ‫نفسية بعد فشل الربيع وتردي‬ ‫االقتصاد واهتزاز التيارات‬ ‫الدينية الوسطية‬

‫هل تحول «داعش» إلى آيديولوجية اجتماعية‬ ‫بغداد‪ :‬جاسم محمد‬ ‫ل �ق��د أث� � ��رت «داع � � � ��ش» س �ل �ب��ا ك �ث �ي��را ب��ال �ح��رك��ات‬ ‫اإلس�ل�ام ��وي ��ة وك ��ذل ��ك ع �ل��ى األف� � ��راد واألس� � ��رة في‬ ‫املجتمعات اإلسالموية وإن كانت تعيش في دول‬ ‫املهجر‪ .‬وتحولت أفكار وطروحات «داعش» إلى ثقافة أسرية‬ ‫«يكفر» عند بعض األبناء من الجيل الجديد يكفر بعضهم‬ ‫اآلخ��ر‪ ،‬بسبب التفسير الخاطئ لهذه الجماعة‪ .‬نجح تنظيم‬ ‫داعش بتوظيف التطرف داخل الفكر السني وتحويله إلى آلية‬ ‫عمل تخدم أه��داف التنظيم‪ ،‬القائمة على تفسير النصوص‬ ‫القرآنية وفق منظورها‪ .‬وصفت وكاالت االستخبار الغربية‬ ‫هذه الجماعة بأنها تنظيم يلبي الحاجات الغريزية والجنسية‬ ‫والسلوك الوحشي املتنامي عند بعض األف��راد والجماعات‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫علماء النفس واالجتماع فسروا تدفق أسر بكاملها أو أفراد‬ ‫من أوروب��ا أبرزها بريطانيا وفرنسا لاللتحاق بالقتال في‬ ‫سوريا والعراق‪ ،‬بنوع من أنواع فقدان الهوية والتشرد‪ .‬البعض‬ ‫فسر ذل��ك بأنه تلبية لحاجات مادية وغريزية‪ .‬تبقى دواف��ع‬ ‫الثأر من قبل بعض األفراد والجماعات في أوروبا التي تجد‬ ‫في «داعش» وغيره من التنظيمات «املخلص»‪ .‬تبقى «الدعاية‬ ‫ال�ج�ه��ادي��ة» ع��ام�لا مهما ف��ي استقطاب األف ��راد والجماعات‪،‬‬ ‫وال�ت��ي أصبحت وسيلة مهمة لتجنيد أع�ض��اء ف��ي التنظيم‪.‬‬ ‫وعقدت ورشة عمل عقدت في عمان يوم ‪ 16‬يونيو (حزيران)‬ ‫‪ 2015‬نظمتها مؤسسة «فريدريش إيبرت األملانية» وناقش‬ ‫مختصون وباحثون أردنيون وعرب «سر جاذبية (داعش)»‪.‬‬ ‫وخ�ل�ص��ت إل��ى أن ذل��ك ي �ع ��ود(‪ )..‬ب��ال��درج��ة األول ��ى إل��ى أزم��ة‬ ‫الشرعية التي تعاني منها بعض األنظمة العربية‪ ،‬واستغالل‬ ‫الشحن الطائفي‪ ،‬وان�ق�لاب بعض ال�ق��وى على ث��ورات الربيع‬

‫العربي‪ ،‬وع��ودة الحكم الشمولي في بعض البلدان العربية‪،‬‬ ‫وانتشار الحروب الطائفية في املنطقة‪ ،‬واضطهاد أهل السنة‬ ‫في العراق وسوريا‪ ،‬والتدخل اإليراني في املنطقة‪ ،‬والتحكم‬ ‫بالقرارات السيادية لبعض البلدان العربية(‪.)..‬‬

‫ثقافة صناعة العنف‬ ‫ي �ق��ول ال��دك �ت��ور ت��رك��ي ال��دخ�ي��ل ب �ع�ن��وان «ث�ق��اف��ة (داع � ��ش) ال‬ ‫تضيقوا في الوصف»‪ :‬إننا لو رجعنا إلى الوراء لوجدنا جماعة‬ ‫«ال�ح�ش��اش�ين» ال�ت��ي ت�ط��ور وص�ف�ه��ا واس�م�ه��ا ل�ت�ك��ون أيقونة‬ ‫وعالمة على ثقافة معينة «‪ »Assassi‬تحولت إلى لفظ متداول‬ ‫للداللة على القاتل املأجور‪ ،‬أو القاتل الخفي‪ ،‬واستخدمت في‬ ‫الثقافات «املافيوية» في أوروب��ا عموما وفرنسا خصوصا‪،‬‬ ‫بل وأصبحت هناك ألعاب فيديو تحمل نفس االسم تقدم ذات‬


‫فنون اإلدمان وجنونه‪ :‬صرعة املخدرات الرقمية‬

‫ملفات صوتية تؤثر على األعصاب وكهرباء الدماغ عبر محاكاة مفعول اخملدر‬ ‫املحرر السياسي‬ ‫ً‬ ‫إذا كان الجنون فنونا؛ فإن إدمان املخدرات‬ ‫والبحث ع��ن نشوة ع��اب��رة ب��ات اآلن يتخذ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تصورها أو تصديقها‬ ‫أشكاال من الصعب‬ ‫ق �ب��ل ال� �ث ��ورة امل �ع �ل��وم��ات �ي��ة ال �ت��ي ي �غ��رق ال �ع��ال��م في‬ ‫استخدامها واالعتياد عليها حد اإلدمان‪.‬‬ ‫املخدرات الرقمية واحدة من أزمات العصر بالنسبة‬ ‫لفئة ال�ش�ب��اب ص�غ��ار ال�س��ن الذين‬ ‫ي �ع �ي �ش��ون إي � �ق� ��اع ح� �ي ��اة س��ري �ع��ة‬ ‫وص��اخ �ب��ة وم �ن �ه��م م��ن ي �ق��ع تحت‬ ‫تأثير "م��اف�ي��ا" التطرف واإلره ��اب‬ ‫وه� ��ي م��رت �ب �ط��ة ب��ال �ت �ق �ن �ي��ة ب�ش�ك��ل‬ ‫أساسي‪.‬‬ ‫ت �ع��ود خ �ي��وط امل�ص�ط�ل��ح إل ��ى وق��ت‬ ‫م �ب �ك��ر ت ��اري� �خ � ً�ي ��ا وت � �ح� ��دي� � ً�دا ف��ي‬ ‫ع ��ام ‪ 1839‬ح�ي��ث اك�ت�ش��ف ال�ع��ال��م‬ ‫ال�ف�ي��زي��ائ��ي ‪Heinrich Wilhelm‬‬ ‫‪ Dove‬نظرية امل��زج ب�ين ال �ت��رددات‬ ‫الصوتية‪ ،‬والتي تقوم على فرضية‬ ‫أن��ه إذا سلطت ت��رددي��ن مختلفني‬ ‫ً‬ ‫قليال عن بعضهما لكل أذن‪ ،‬فإنك‬ ‫س��وف ت��درك ص��وت نبض سريع‪،‬‬ ‫ه��ذه ال�ظ��اه��رة سميت ب� � �ـ‪binaural‬‬ ‫‪ beats‬وشاع استخدامها في عالج‬ ‫مرضى نفسيني وآخرين مصابني‬ ‫باالكتئاب والقلق والخوف املرضي‬ ‫لكنهم يمتنعون عن أخذ أي أدوية‬ ‫أو عالجات تقليدية‪ ،‬فيقوم الطبيب‬ ‫ح�ي�ن�ئ��ذ إل ��ى ت �ع��ري��ض ال ��دم ��اغ إل��ى‬ ‫تذبذبات كهرومغناطيسية تؤدي‬ ‫ل �ف��رز م� ��واد م�ن�ش�ط��ة ك��ال��دوب��ام�ين‬ ‫وبيتا أن��دروف�ين والتي تساهم إذا‬ ‫أخ� � ��ذت ب� �ج ��رع ��ات م �ع �ي �ن��ة وت �ح��ت‬ ‫إش � � ��راف ط �ب �ي��ب م �ت �خ �ص��ص إل��ى‬ ‫تسريع معدالت التعلم وتحسني دورة النوم وتخفيف‬ ‫اآلالم وإعطاء إحساس بالراحة والتحسن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صوتيا‬ ‫نوعية املخدر الذي نتحدث عنه ليست إال ملفا‬ ‫ككل امللفات الصوتية التي نستخدمها في سماع‬ ‫املوسيقى واألغ��ان��ي إال أن�ه��ا هنا تترافق م��ع م��واد‬ ‫بصرية تعمل على الذبذبات وإيقاعات املوسيقى‬ ‫ّ‬ ‫التي تحفز عمل الدماغ وتقوم بتوحيد ترددات من‬ ‫األذنني للوصول إلى مستوى واحد بالتالي يصبح‬ ‫ً‬ ‫كهربائيا غير مستقر‪ ،‬وحسب نوع االختالف في‬ ‫كهربائية الدماغ يتم الوصول إلحساس معني يعتمد‬ ‫تكنيك امل�ح��اك��اة إلح�س��اس أح��د أن ��واع امل �خ��درات أو‬

‫املشاعر التي تود الوصول إليها كالنشوة‪ ،‬ويقول‬ ‫الخبراء أنك لو عرضت األذن اليمنى إلى موجة ‪325‬‬ ‫هرتز واليسرى إل��ى موجة ‪ 315‬هرتز ف��إن الدماغ‬ ‫س�ي�ع�م��ل ع�ل��ى م�ع��ال�ج��ة امل��وج �ت�ين لتشكيل ص��وت‬ ‫وموجة جديدة لتكون موجة ‪ 10‬هرتز وه��ي نفس‬ ‫املوجة التي ينتجها الدماغ أثناء االرتخاء والتأمل في‬ ‫جلسات اليوغا والرياضات الروحية‪.‬‬ ‫السوق الكبيرة لهذا النوع من املخدرات ليس في األزقة‬ ‫الضيقة أو الشوارع الجانبية بل على شبكة اإلنترنت‬

‫وعبر مواقع كثيرة تقدم الخدمة برسوم محدودة أو‬ ‫عبر مواقع أخرى مجانية‪ ،‬وكال النوعني يقدم هذه‬ ‫امللفات املخدرة وتقدمها على أنها موسيقى عالجية‬ ‫آمنة وقانونية‪.‬‬ ‫ورغ��م ع��دم وج��ود مستند قانوني ل�لآن يجرم هذا‬ ‫النوع من امللفات الصوتية‪ ،‬فإن انتشارها الكبير ال‬ ‫يمكن تفسيره إال بتسارع موجات العرض والطلب‬ ‫وأش �ك��ال اس�ت�خ��دام�ه��ا ب� � ً‬ ‫�دءا م��ن ال �ه��وات��ف ال�ج��وال��ة‬ ‫وحتى برامج تعمل على ويندوز وم��اك وكل أنظمة‬ ‫الحواسيب املنتشرة‪.‬‬ ‫امللفات تأتي مع شروحات لنظم تشغيلها وتأثيرها‬

‫وإم �ك��ان �ي��ة االس� �ت� �ف ��ادة ال �ق �ص��وى م �ن �ه��ا‪ ،‬وت �ن��وع‬ ‫ال �ج��رع��ات ال�ت��ي ت�ق��اس بحسب ال�ت��وق�ي��ت الزمني‬ ‫للمادة الواحدة والذي يتراوح ما بني ربع ساعة إلى‬ ‫ساعة كاملة‪ ،‬وتعتمد أغلب االس�ت�خ��دام��ات على‬ ‫تجارب اآلخرين الشخصية ومزاجهم في توليف‬ ‫مخدرات صوتية تالئم ذائقتهم‪ ،‬كما أن هناك مواقع‬ ‫أخرى تقدم ملفات ّ‬ ‫نصية تشرح طريقة استخدام‬ ‫هذا النوع من امللفات املوسيقية املخدرة‪ ،‬وتتفاوت‬ ‫أسعار هذه امللفات بحسب مقدمي الخدمة الذين‬ ‫ي �ش �ت �ه��رون ب �ح �س��ب ت�ف�ض�ي�لات‬ ‫الزبائن وتقييمهم للخدمة ويبلغ‬ ‫م �ت��وس��ط س �ع��ر امل �ل��ف م ��ا ب�ي�ن ‪3‬‬ ‫إل��ى ‪ 60‬دوالرا للجرعة ال��واح��دة‪،‬‬ ‫وتقدم بعض املواقع خدمة امللف‬ ‫الشخصي الخاص بالعميل بحيث‬ ‫يقوم خبراء عبر استبيان يقدم‬ ‫للزبون على إن�ت��اج ملف صوتي‬ ‫م�خ��در ي�خ��ص العميل ل�ق��اء ‪150‬‬ ‫دوالرا‪.‬‬ ‫التأثيرات الصحية لهذا ال�ن��وع من‬ ‫امللفات يختلف من شخص آلخر‬ ‫ويعتمد ع�ل��ى ن��وع�ي��ة امل �خ��در ال��ذي‬ ‫يحاكيه امللف الصوتي ويتفق أطباء‬ ‫متخصصون في كيمياء املخدرات‬ ‫والعالجات البديلة على أن تأثير هذا‬ ‫النوع من املخدرات هو مجرد إيحاء‬ ‫نفسي ليس أكثر‪.‬‬ ‫وغ � �ن� ��ي ع � ��ن ال� � �ق � ��ول أن ال �ح ��دي ��ث‬ ‫ع��ن امل� �خ ��درات ال��رق�م�ي��ة ال يتصل‬ ‫ب� ��وج� ��ود دور ك �ب �ي��ر ف� ��ي ال� �ع�ل�اج‬ ‫ب��امل��وس �ي �ق��ى ب ��دأ ي��أخ��ذ ح �ظ��ه من‬ ‫االن�ت�ب��اه وامل�م��ارس��ة فهناك ف��وارق‬ ‫كبيرة بني املوضوعني‪ ،‬حيث يقوم‬ ‫األول ع�ل��ى تحفيز سلبي للدماغ‬ ‫بذبذبات مصنوعة ومعالجة‪ ،‬بينما‬ ‫يقوم العالج باملوسيقى على رفع‬ ‫مستوى الحس وال��وع��ي ل��دى املريض بتذوق القيم‬ ‫الجمالية في املوسيقى التي تعتمد على روح االبتكار‬ ‫واإلبداع وتساهم تهدئة املريض وإراحته‪.‬‬ ‫ويجب القول إن ندرة الحديث عن الظاهرة في العالم‬ ‫العربي م� ّ‬ ‫�رده��ا إل��ى ح��داث��ة الظاهرة ف��ي املجتمعات‬ ‫العربية إضافة إلى وجود فجوة هائلة بني ممارسات‬ ‫واستخدامات الشباب اليوم وب�ين االختصاصيني‬ ‫االجتماعيني والنفسيني الذين بحاجة إل��ى تجديد‬ ‫مصادر التلقي عن مشاكل وإخفاقات شباب اليوم‬ ‫امل�ح��اص��ري��ن بأقانيم ووس��ائ��ل التقنية منذ لحظة‬ ‫استيقاظهم وطوال اليوم <‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪17‬‬


‫تكنيكاتهم النفسية ودوافعهم للتغيير‪ ،‬إضافة إل��ى وجود‬ ‫منتجات متعددة في شكل كتب وملفات رقمية وميديا عن‬ ‫كل ما يلزم الكادر اإلرهابي‪ ،‬وربما كانت حقيبة املجاهد التي‬ ‫تضم أكثر من ألف عنوان في مختلف املجاالت من أكثر امللفات‬ ‫ً‬ ‫تحميال على الشبكة وبأكثر من لغة‪ ،‬إضافة إل��ى أن كتابة‬ ‫تجارب املقاتلني منذ لحظة التجنيد وحتى ما بعد العمليات‬ ‫االن�ت�ح��اري��ة يساهم ف��ي ال��دع��اي��ة لفكرة التنظيم ال��ذي يلعب‬ ‫على مختلف الجبهات فهناك استغالل للداخل عبر توزيع‬ ‫تسجيالت وأقراص مدمجة تحتوي على أهم الكتب والخطب‬ ‫واملرئيات‪ ،‬إضافة إلى وجود مصورين متخصصني في كل‬ ‫أقاليم تنظيم الدولة لتوثيق األحداث والحديث عن تجربة القتال‬ ‫إضافة إلى تسجيالت تحمل تصريحات لألهالي عن دعمهم‬ ‫لـ«داعش»‪ ،‬بينما ينشط أعضاء التنظيم املختصون بالتواصل‬ ‫االجتماعي على الهاشتاغات الرياضية والدعائية وهاشتاغات‬ ‫املواسم التي يحضر فيها الشباب بكثافة‪.‬‬

‫ال�ج��ان��ب األم �ن��ي أي �ض��ا ال ي�ق��ل أه�م�ي��ة ب��ال�ن�س�ب��ة للتنظيمات‬ ‫اإلره��اب�ي��ة فهناك دورات حماية متخصصة تعطى ألف��راد‬ ‫التنظيم لتعليمهم كيفية تجنب مراقبتهم على اإلنترنت‪ ،‬وذلك‬ ‫وف��ق دراس��ة ق��ام بها «م��رك��ز مكافحة اإلره��اب ف��ي ال��والي��ات‬ ‫املتحدة» الذي أكد أن املجموعات اإلرهابية واملتعاطفني‬ ‫معها يستخدمون اإلن�ت��رن��ت لتنظيم ح��رك��ة املقاتلني‬ ‫األجانب حول العالم وكذلك لتعليمهم تقنيات تجنيد‬ ‫عناصر جديدة في التنظيم ومنها ما يسمى السالح‬ ‫اإللكتروني‪.‬‬ ‫وبحسب دراسة لشبكة «السكينة» السعودية املناهضة‬ ‫لإلرهاب ف��إن هناك تحريضا على التخريب والفتنة‬ ‫موجهة للمملكة بمعدل ‪ 90‬تغريدة في الدقيقة الواحدة‬ ‫يتقدمها ال�ت�غ��ري��دات امل�ح�س��وب��ة ع�ل��ى تنظيم داع��ش‬ ‫واملتعاطفني معه‪.‬‬ ‫اإلرهاب ال يستخدم التقنية فقط‪ ،‬لكنه أيضا يعاقبها‬ ‫بالهجمات على منصات التقنية ومنتجاتها وعلى‬ ‫رأسها شبكة اإلنترنت نفسها املستهدفة من قبل‬ ‫اإلرهابيني‪ ،‬وهناك مخاوف حقيقية أطلقتها عدد‬ ‫م��ن امل�خ��اب��رات األوروب �ي��ة ح��ول نية تنظيمات مثل‬ ‫«القاعدة في جزيرة ال�ع��رب»‪ ،‬و«داع��ش» إل��ى القيام‬ ‫ب��اع�ت��داءات إرهابية على شبكات الحاسب بسبب‬ ‫قدرة عناصر التنظيم ومعرفتهم الواسعة بمجال‬ ‫القرصنة اإللكترونية‪ ،‬وبالطبع تتم االستفادة من‬ ‫ج�م��اع��ات ال�ه��اك��رز وال�ج�ي�ي��ك املنتشرين ف��ي دول‬ ‫أوروب ��ا الشرقية وآس�ي��ا وامل�ن��اه�ض�ين للتقنية الحديثة عبر‬ ‫الهجوم عليها أله��داف اقتصادية وترويعية وأحيانا بهدف‬ ‫ال�ك�س��ب م��ن خ�ل�ال تنبيه ال �ش��رك��ات ال�ك�ب��رى م�ث��ل «غ��وغ��ل»‬ ‫و«ياهو» على الثغرات املوجودة في أنظمتهم‪.‬‬ ‫اإلره� ��اب اإلل�ك�ت��رون��ي اآلن ف��ي ت�ص��اع��د كبير ح�ي��ث يحظى‬ ‫بجاذبية ل��دى ّ‬ ‫شبان القادة و«داع��ش» بسبب تعدد مجاالت‬ ‫التقنية الذي يتطور بشكل يومي‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل تعززت مخاوف كبرى لدى بريطانيا خالل‬ ‫السنوات املاضية من قدرة تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة»‬ ‫على ام�ت�لاك تكنولوجيا ن��ووي��ة م��ن املمكن استخدامها في‬ ‫مهاجمة أه��داف غربية نوعية‪ ،‬وأك��دت ف��ي ه��ذا ال�ش��أن أليزا‬ ‫مانينغهام بولر م��دي��رة جهاز امل�خ��اب��رات الداخلي بإنجلترا‬ ‫ع�ل��ى أن��ه ت��م ال�ك�ش��ف ع��ن مخطط إلع ��داد ش�ب��اب بريطانيني‬ ‫‪16‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫(تحدث التقرير عن ‪ 1700‬عنصر) وتحويلهم إلى انتحاريني‬ ‫في داخل أوروبا تم استهدافهم من خالل منصات اإلنترنت‬ ‫وشبكات التواصل االجتماعي‪ .‬وينتشر مفهوم «اإلره��اب‬

‫تغريدات إرهابية محرضة على العنف‬

‫‪,,‬‬

‫التطور التقني لإلرهابيني‬ ‫قابله أيضا قيام وحدات‬ ‫مكافحة اإلرهاب في‬ ‫مختلف الدول املتقدمة‬ ‫على تطوير قدراتها‬ ‫الدفاعية‬

‫‪,,‬‬

‫شبكة «السكينة» السعودية‬

‫هذه الصورة للفتيات البريطانيات الثالث املفقودات تم‬ ‫الحصول عليها من خالل تسجيالت كاميرات املراقبة من‬ ‫قبل إدارة شرطة إسطنبول يوم ‪ 18‬فبراير ‪ 2015‬ويعتقد أن‬ ‫الفتيات هربن من إنجلترا لالنضمام إلى «داعش» (غيتي)‬

‫املعلوماتي» على نطاق واسع اآلن بسبب التطور الهائل في‬ ‫تكنولوجيا املعلومات ونظم االتصاالت وغيرها‪ ،‬والذي يرتكز‬ ‫على نمط سائد وه��و اخ�ت��راق نظم املعلومات عبر الشبكة‪،‬‬ ‫واخ�ت��راق الخصوصية‪ ،‬مما يجعل اإلره��اب�ي�ين على اط�لاع‬ ‫ت��ام بكل التفاصيل للبيئة املعلوماتية املستهدفة‪،‬‬ ‫ويتيح تدفق وانتشار املعلومات إلى حدوث انهيار في‬ ‫أنظمة السيطرة املدنية والعسكرية‪ ،‬بل هناك حديث‬ ‫عن تعطيل للمعدات الدفاعية وأنظمة حركة الطيران‬ ‫والنظم املصرفية‪ .‬وتعد صناعة الفيروسات وملفات‬ ‫ً‬ ‫انتشارا‬ ‫التجسس أكثر الجرائم اإلرهابية على الشبكة‬ ‫ً‬ ‫وتأثيرا والذي يتيح للمتجسس الدخول غير املصرح‬ ‫به إلى أجهزة أو شبكات حاسب آلي‪ ،‬وتتم كل عمليات‬ ‫االختراقات عن بعد‪ ،‬ويتبع هذا جرائم أخرى متصلة‬ ‫كانتحار الشخصية‪ ،‬وتزوير الوثائق‪ ،‬والدخول على‬ ‫حسابات البريد اإللكتروني‪.‬‬ ‫هناك حلقة مفقودة في ق��راءة اإلره��اب التي ع��ادة ما‬ ‫تكون ق��راءة الحقة وتالية بعد ت��ورط الكوادر العنفية‪،‬‬ ‫لكنها لم تقترب من لحظة التحول وغياب دور األسرة أو‬ ‫تجاهلها بحجة الخوف والقلق على املصلحة الشخصية‬ ‫لالبن ول��و بشكل متوهم‪ ،‬كما أن التجنيد اآلن انتقل‬ ‫من الطريقة الشبكية التي تحدث عنها خبراء اإلرهاب‬ ‫في بداياته إل��ى التجنيد ال�ف��ردي حيث ال يتم االلتحاق‬ ‫ملجموعات متطرفة بشكل تنظيمي هيكلي‪ ،‬ولذلك فإن‬ ‫التعرف عليهم يكون عسيرا في الغالب بسبب غياب السمات‬ ‫الشخصية أو العالمات الدالة وحرصهم على السرية والتكتم‬ ‫في خطواتهم التي يقدمون عليها‪ ،‬ومن طبيعة هؤالء املجندين‬ ‫الصغار غير املرتبطني هيكليا أن يحرصوا على االنضمام‬ ‫السريع إلى العراق أو اليمن أو سوريا عبر وسطاء في دول‬ ‫م�ج��اورة كما تحرص الجماعات املتطرفة على تجنيد هذه‬ ‫النوعية لسهولة التأثير عليها وإقناعها بالقيام بعمليات‬ ‫انتحارية من دون تفكير أو فحص للعواقب‪.‬‬ ‫إرهاب اليوم أنتج لنا متطرفني يحرصون على أخذ «سيلفي»‬ ‫م��ع ال�ض�ح�ي��ة ق�ب��ل أي ش��يء آخ ��ر‪ ،‬وه��ي ت�ف��اص�ي��ل ق��د تبدو‬ ‫صغيرة‪ ،‬لكنها تعطي م��ؤش��رات واض�ح��ة على التحول في‬ ‫ملف اإلرهاب بعد فشل الحرب عليه <‬


‫اجتماع سابق البن الدن والظواهري عقد عام ‪1998‬‬

‫اإلره� ��اب ف��ي مختلف ال ��دول امل�ت�ق��دم��ة ع�ل��ى ت�ط��وي��ر ق��درات�ه��ا‬ ‫أهم سالح تمتلكه «القاعدة»‬ ‫الدفاعية‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أجهزة كشف الرسائل املفخخة‪ ،‬وأجهزة‬ ‫هذه النخب املعوملة املقاتلة هي أهم سالح تمتلكه «القاعدة»‪ ،‬الكشف عن املواد الغازية واملعدنية‪.‬‬ ‫بسبب قدرتهم على استقطاب املزيد عبر آلة الدعاية القاعدية‪،‬‬ ‫املتفوقة على كل التنظيمات األخرى ألسباب تتعلق بشعاراتها ما بعد «داعش»‬ ‫وق��درت�ه��ا على النفاذ إل��ى قلوب الشباب ف��ي أوق��ات األزم��ات‬ ‫الكبرى واإلخفاقات النفسية‪ ،‬وأيضا في ظل غياب أي مقاومة اإلره��اب �ي��ون اآلن م��ا بعد «داع ��ش» لديهم ط��اق��م م��ن ال�ك��وادر‬ ‫ً‬ ‫فكرية منهجية رغم النجاحات األمنية‪.‬‬ ‫تكنولوجيا‪ ،‬فأغلبهم من أصحاب التعليم العالي وكثير‬ ‫املؤهلة‬ ‫م �ن��ذ ب ��داي ��ة ال �س �ب �ع �ي �ن��ات‪ ،‬واإلره � � ��اب ي �ش��ق ط��ري �ق��ه ليصبح منهم يحمل ش�ه��ادة جامعية ف��ي الهندسة وال�ط��ب واإلع�لام‬ ‫التهديد األكبر في العالم بعد أن أصبحت كل املصالح الغربية والتسويق‪ ،‬وأغلبهم لديه قدرة فائقة على التعامل مع منصات‬ ‫تحت مرمى نيران الجماعات املسلحة إلى أن ج��اءت مرحلة التواصل االجتماعي التي تقوم منظمات العنف ومنها «داعش»‬ ‫التسعينات ليبلغ في ‪ 1995‬أعلى معدل‪.‬‬ ‫باستغاللها بطريقة غير مسبوقة بهدف نشر الرعب وتوثيق‬ ‫عالقة اإلرهاب بالتكنولوجيات عالقة تاريخية ومعقدة‪ ،‬لكنه الجرائم امليدانية عبر مقاطع فيديو ممنتجة كسالح فعال في‬ ‫ارتبط باملنظمات اإلرهابية الغربية قبل أن تتحول «القاعدة» تجنيد املزيد من الكوادر اإلرهابية‪.‬‬ ‫لطورها ً الثاني نحو العاملية بعد تحالف الظواهري وبن الدن‪ ،‬ال�ت�ف��وق التقني أي�ض��ا م��ن ش��أن��ه إم ��داد امل�ن�ظ�م��ات اإلره��اب�ي��ة‬ ‫وتاريخيا استخدمت منظمة إرهابية أيرلندية للقنابل بهدف بالتمويل املادي‪ ،‬فسرقة بطاقات االئتمان والسطو على البنوك‬ ‫الهروب من السجن‪ ،‬وتتابعت األشكال التقليدية‬ ‫مثل استخدام املركزية والشبكات املصرفية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫البراميل املتفجرة عبر وضعها على عربات تجرها الخيول نشر مقاطع امل�ي��دي��ا ذات ال�ط��اب��ع العنفي س��اه��م ف��ي انتشار‬ ‫ً‬ ‫وص��وال إلى الزمن الحالي حيث برامج ومنصات إلكترونية التنظيمات وبسط نفوذها على األرض‪ ،‬فـ«داعش» في العراق‬ ‫وأس�ل�ح��ة كيميائية م �ت �ط��ورة‪ .‬وك �م��ا ي��ؤك��د ف��رن�س��وا يهبرج كانت تتعمد نشر مقاطع وحشية في القتل والتعذيب بهدف‬ ‫مدير معهد الدراسات االستراتيجية في لندن أن آالت الدمار حث األهالي الذين ال يشعرون باألمان في ظل ضعف حضور‬ ‫ال�ش��ام��ل أصبحت ف��ي م�ت�ن��اول أي إره��اب��ي بإمكانه تصنيع‬ ‫أسلحة بيولوجية متطورة وساهم تفكك االتحاد السوفياتي‬ ‫إلى زيادة زخم سوق السالح في العالم‪ ،‬وكل مسارات البنية‬ ‫التحتية للعنف التقني ب��داي��ة م��ن محطات البث التلفزيوني‬ ‫النخب املعوملة املقاتلة‬ ‫إلى شبكات اإلنترنت والهواتف الجوالة غير املراقبة املتصلة‬ ‫باألقمار الصناعية‪.‬‬ ‫هي أهم سالح تمتلكه‬ ‫من جهتها‪ ،‬أتاح التطور التقني الذي يعيشه العالم في تطوير‬ ‫«القاعدة»‪ ،‬بسبب قدرتهم‬ ‫ق ��درات اإلره��اب�ي�ين‪ ،‬فعلى سبيل امل�ث��ال ط��ورت «ال�ق��اع��دة في‬ ‫اليمن» من أدوات�ه��ا الهجومية فلجأت إل��ى استخدام ال��زوارق‬ ‫على استقطاب املزيد عبر‬ ‫املصنوعة من مواد ال يمكن اكتشافها بأجهزة الرادار‪ ،‬إضافة‬ ‫آلة الدعاية القاعدية‬ ‫إلى استخدامهم أحدث التقنيات في تزوير الجوازات والعمالت‬ ‫وبطاقات االئتمان‪.‬‬ ‫التطور التقني لإلرهابيني قابله أيضا قيام وح��دات مكافحة‬

‫‪,,‬‬

‫الجانب األمني من قبل الدولة إلى النزوح خارج مناطقهم مما‬ ‫ً‬ ‫يجعلها ً‬ ‫صيدا سهال بيد املتطرفني‪.‬‬ ‫في تقرير إحصائي‪ ،‬قام به أحد الباحثني في قضايا اإلرهاب‬ ‫تتبع الباحث ما يفوق أربعة ماليني تغريدة يحركها ما يفوق‬ ‫‪ 8000‬حساب في «تويتر» ينشط ج��زء منها بينما ينشط‬ ‫الباقي في حال توقف الحسابات أو حجبها على «تويتر»‪.‬‬ ‫ترافق التطور التقني لـ«داعش» مع حضورها اإلعالمي غير‬ ‫املسبوق بعدد من املنتجات بلغات عاملية أبرزها مجلة «دابق»‬ ‫تطبع بعدة لغات ورس��وم وص��ور معالجة وخ�ط��اب إعالمي‬ ‫متناسق للتأثير على شرائح مختلفة من الجمهور ومنهم‬ ‫األطباء واملهندسون واإلداريون ومشغلو األجهزة واملصارف‬ ‫التي يحتلها التنظيم‪.‬‬ ‫وف��ي ت�ق��ري��ر مل��وق��ع «‪ »bustle‬ع��ن «داع� ��ش» وص��ف التنظيم‬ ‫ً‬ ‫حضورا على وسائل‬ ‫بأنه واحد من أكثر املنظمات اإلرهابية‬ ‫ال�ت��واص��ل االجتماعي واستخدامها للتقنية مما ساهم في‬ ‫التسويق لها وت��راج��ع جماعات ال تقل عنها ح�ض� ً‬ ‫�ورا على‬ ‫األرض كـ«جبهة النصرة» ومجموعات «القاعدة» في الشام‬ ‫والعراق‪.‬‬ ‫األجيال الجديدة غير مرصودة بسبب عدم انتظامها في سلك‬ ‫فكري أو سياسي محدد‪ ،‬ولكن هذه الفئة هي محور التغيير‬ ‫ف��ي العالم العربي س��واء بمعناه املفاهيمي‪ ،‬حيث ت�ج��اوزت‬ ‫ّ‬ ‫والهوية الوطنية‪ ،‬أو حدود‬ ‫األجيال الجديدة ثنائيات التغريب‬ ‫االنتماء بسبب انخراطها في ّ‬ ‫هوية كبرى جامعة باعتبار أنهم‬ ‫ّ‬ ‫نتاج «العوملة» بما فرضته من هويات سائلة إلى الحد الذي نجد‬ ‫فيه شبانا من دول محافظة يتابعون آخر صيحات املوضة وما‬ ‫تقذفه امليديا الغربية من منتجات‪ ،‬وفي ذات الوقت نجد شبانا‬ ‫في أقاصي الدنيا يعرفون كل تفاصيل أزماتنا‪ ،‬بل وينخرطون‬ ‫في تنظيمات إرهابية كـ«داعش» و«القاعدة» قادمني من بلدان‬ ‫أوروبية كضحايا ملسألة االندماج‬ ‫ويشير ب��اح�ث��ون مختصون بتحليل خ�ط��اب اإلره ��اب على‬ ‫اإلنترنت إلى أسباب كثيرة إلقبال الشباب ال سيما في فئات‬ ‫سنية مبكرة على نصوص «داعش» ومتنها العنفي ومن ذلك‬ ‫تفرغ عناصر «داعش» للتفاعل والتجاوب مع املشاركني والرد‬ ‫عليهم في وقت قصير‪ ،‬وسهولة التغرير بالشباب عبر فهم‬ ‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪15‬‬

‫‪,,‬‬


‫اإلرهاب اليوم لم يعد ظاهرة‬ ‫عابرة مرتبطة بدين أو منطقة أو‬ ‫خلفية اجتماعية‪ ،‬بل ّ‬ ‫تحول إلى‬ ‫معضلة متجذرة تتعدد أسبابها‪،‬‬ ‫وتتنوع أدواتها لتصبح واحدة‬ ‫من أكبر التهديدات التي يواجهها‬ ‫العالم منذ ّ‬ ‫تفجر حالة الصدام‬ ‫ونشأة «اإلسالم‬ ‫في السبعينات‬ ‫ً‬ ‫السياسي» ثم الحقا انشقاق‬ ‫حركات عنفية تؤمن بالتغيير‬ ‫الجذري في محاولة منها إلى‬ ‫استبدال الواقع السياسي‬ ‫بمشاريع انقالبية ذات تأثير‬ ‫تقويضي على أمن املجتمعات‪.‬‬

‫«تويتر» خط املواجهة‪..‬‬ ‫و«يوتيوب» وبقية املواقع‬ ‫معسكرات تجنيد رقمية‬

‫العقل اإلرهابي والتكنولوجيا‬

‫جدة‪ :‬يوسف الديني‬

‫آليات التجنيد واالستقطاب‬

‫هناك أكثر م��ن مائة تعريف ل�لإره��اب بحسب‬ ‫باحثني متخصصني وهو يعكس تعقيد الظاهرة‬ ‫وخطورتها أكثر من صعوبة تحديد مالمحها‪،‬‬ ‫لكن الظاهرة تتلخص في كل عمل عنيف غير مشروع‬ ‫يهدف إل��ى ب��ث ال��رع��ب وال�ف��زع داخ��ل املجتمع أو اإلخ�لال‬ ‫باألمن بهدف إحراج األنظمة السياسية‪ .‬وتشير التقارير‬ ‫الصادرة في التسعينات ما قبل الحادي عشر من سبتمبر‬ ‫(أيلول) إلى أن ضحايا اإلرهاب والعنف املسلح في الشرق‬ ‫األوسط منذ منتصف السبعينات وحتى اآلن يزيد على‬ ‫مائة ألف ضحية وكان عام ‪ 1987‬أكثر األعوام من حيث‬ ‫ً‬ ‫الحوادث اإلرهابية حيث بلغ عددها ‪ 666‬حادثا‪ ،‬في حني‬ ‫ً‬ ‫بلغ ع��دد الضحايا في ‪ 1985‬أكثر من ‪ 635‬ح��ادث��ا كان‬ ‫أشهرها خطف السفينة اإليطالية أكيال الوروا في املياه‬ ‫املصرية‪.‬‬

‫أزمتنا في فهم «القاعدة»‪ ،‬هي النظر إليها فقط من زاوية‬ ‫سياسية‪ ،‬باعتبار أن ثمة مغررا بهم يجري استغاللهم‬ ‫من قبل منظمات مرتبطة بجهات خارجية ودول معادية‪،‬‬ ‫وهذا رغم صوابيته باعترافات القاعديني أنفسهم ‪( -‬على‬ ‫مدى شهور‪ ،‬كانت هناك سلسلة مراجعات في التلفزيون‬ ‫السعودي‪ ،‬حملت اعترافات مهمة جدا تساهم في فهم‬ ‫املرحلة ال�ج��دي��دة ل�ـ«ال�ق��اع��دة» واالس�ت�خ�ب��ارات) ‪ -‬يخفي‬ ‫الجانب األه��م م��ن الحقيقة‪ ،‬وه��و البناء التحتي لفكرة‬ ‫العنف‪ ،‬وهو أمر ثابت وليس التمظهر السياسي املتغير‬ ‫واملتحول‪.‬‬ ‫فهم كيف يتبنى ال�ش�ب��اب‪ ،‬ليس فقط أف�ك��ار «ال�ق��اع��دة»‬ ‫ال �ع��ام��ة‪ ،‬وإن �م��ا ق �ن��اع��ات وخ �ي ��ارات «ج�ب�ه��ة ال �ن �ص��رة» أو‬ ‫«داع��ش» التفصيلية ‪ -‬ه��ذا ال يمكن الوصول إليه ملن لم‬ ‫يعش التجربة ويعرف آليات التجنيد واالستقطاب والعزلة‬ ‫التي تفصل هذه الكوادر في امليدان عن الواقع بمالبساته‬

‫‪14‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫املختلفة‪ ،‬وهو األم��ر ال��ذي يؤكده مقتل عدد من الشباب‬ ‫في «النصرة» على يد كوادر «داعش» الذين ذهبوا بدافع‬ ‫واحد فضفاض ودعائي «نصرة املسلمني»‪ ،‬لينتهي بهم‬ ‫املطاف إلى أن يبادر كل منهم إلى قتل اآلخر‪ ،‬وربما من‬ ‫يقرأ تفاصيل مقتل نشطاء «القاعدة» لبعضهم البعض‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أحكاما بقتلهم يدرك‬ ‫واملحاكمات الشرعية التي تصدر‬ ‫حقيقة أن «القاعدة الفكرية» أخطر بما ال يقاس بـ«القاعدة‬ ‫العسكرية»‪ ،‬فأكبر التقديرات ال تؤكد وجود أكثر من ‪30‬‬ ‫أل��ف مقاتل ينتسبون إل��ى أكثر من ‪ 80‬دول��ة‪ ،‬في تأكيد‬ ‫ل��والدة تنظيم عاملي معولم على األرض بعد أن وجد في‬ ‫مخيلة ق��ادة التنظيم بن الدن وال�ظ��واه��ري وأب��و مصعب‬ ‫السوري املنظر الفكري األهم على مدى عقود‪ ،‬الذي كان‬ ‫يردد دائما أن «(القاعدة) ليست منظمة وال ينبغي لها أن‬ ‫تغدو منظمة»‪ ،‬وإنما هي «دع��وة ومرجعية ونهج»‪ ،‬وإذا‬ ‫كان هذا حجم اإلرهاب لتنظيم واحد‪ ،‬فيمكن ّ‬ ‫تخيل حجم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫انتشارا ونموا من‬ ‫وق��درة تنظيمات أخ��رى جديدة أكثر‬ ‫«القاعدة» مثل تنظيم داعش‪.‬‬


‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪13‬‬


‫مشاهدون فوق الشجرة‬ ‫مجموعة من املتفرجني يتابعون مباراة قتال‬ ‫بني الكالب من فوق شجرة عالية ملشاهدة‬ ‫أوضح في إحدى قرى إسالم آباد ومباريات‬ ‫القتال بني الحيوانات شائعة في باكستان‬ ‫وتجذب الكثيرين (غيتي)‬

‫‪12‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬


‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪11‬‬


‫إفطار جماعي يف مسجد‬ ‫اإلمام تركي بن عبد الله‬ ‫إفطار جماعي بعد صالة املغرب في أول‬ ‫أيام شهر رمضان املبارك بمسجد اإلمام‬ ‫تركي بن عبد الله في الرياض (غيتي)‬

‫‪10‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬


‫مراهقون يتعرضون لالبتزاز بعد نشرهم‬ ‫ً‬ ‫صورا غير الئقة هلم عبر اإلنترنت‬

‫عمر القويري أكد لـ‬

‫فتح مجاالت للتعاون الواسع مع روسيا‬

‫وزير اإلعالم الليبي‪ :‬نحذر أوروبا‬ ‫من دخول سواحلنا دون إذن مسبق‬

‫القاهرة‪ :‬عبد الستار حتيتة‬

‫يسري خوف متزايد في بريطانيا نتيجة الحملة التي تشنها الوكالة الوطنية‬ ‫ملكافحة الجريمة‪ ،‬على خلفية تعرض مراهقني بريطانيني لالبتزاز واالستغالل‬ ‫بسبب الصور غير املالئمة التي يشاركونها عبر اإلنترنت‪ .‬وأعلنت الوكالة‬ ‫الوطنية ملكافحة الجريمة أن ضباط حماية األطفال يتولون التحقيقات في‬ ‫قضية تورط فيها عدد من املراهقني بإرسال صور غير مالئمة يوميا‪ .‬لزم‬ ‫األم��ر التدخل لحماية املراهقني الذين يرسلون صورهم العارية على مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي أو برامج تبادل الرسائل‪ .‬أصبح هذا األمر «معتادا» بني‬ ‫املراهقني‪ ،‬ولكنه من املمكن أن يتركهم عرضة لالستغالل أو االبتزاز وفقا‬ ‫إلعالن الوكالة‪ .‬في املتوسط‪ ،‬يستقبل مركز الوكالة للتعامل مع اإلساءة ضد‬ ‫األطفال‪ ،‬قيادة حماية األطفال من االستغالل على اإلنترنت‪ ،‬بالغا واحدا يوميا‬ ‫لحماية األطفال في قضية متعلقة بصور‪ .‬تصل الصور إل��ى يد أشخاص‬ ‫يستغلونها في السعي إللحاق ضرر بالطفل بطريقة ما‪.‬‬ ‫وفي بعض الحاالت‪ ،‬يتم استهداف الصغار بواسطة غرباء يحاولون ابتزازهم‬ ‫ُ‬ ‫بالصور التي خدعوا بالتقاطها‪ .‬وشهدت قضايا أخرى قيام متلقي الرسائل‬ ‫الخاصة بتمريرها إلى آخرين‪ ،‬أو نشر املستخدمني صورا ألنفسهم على موقع‬ ‫أو وسيلة تواصل اجتماعي ذات إعدادات خصوصية منخفضة‪ .‬لذلك قامت‬ ‫الوكالة الوطنية ملكافحة الجريمة بشن حملة إلرشاد اآلباء بشأن كيفية التعامل‬ ‫إذا وقع أطفالهم في مثل هذا املوقف‪ .‬صرحت زو هيلتون‪ ،‬رئيسة فريق الحماية‬ ‫في قيادة حماية األطفال من االستغالل على اإلنترنت‪ ،‬بأن العاملني يتلقون‬ ‫بالغات عن مواقف «صعبة وأحيانا ما تكون مؤذية»‪ .‬وأضافت‪« :‬نتحدث عن‬ ‫قضايا تسبب فيها تبادل الصور العارية عبر الهواتف‪ ،‬في قضية حماية‬ ‫أطفال‪ .‬وهو ما بدأ بوصفه ممارسة معتادة من املراهقني‪ ،‬ولكنه لألسف تحول‬ ‫إلى قضية ويستدعي التدخل لحمايتهم»‪ .‬يتعامل املركز مع قضايا تشهد‬ ‫تورط فتيان وفتيات في عمر ‪ 13‬عاما أو أكبر‪.‬‬ ‫وترد البالغات عن طريق األطفال أنفسهم أو آبائهم أو املعلمني‪ .‬تهدف حملة‬ ‫الوكالة الوطنية ملكافحة الجريمة إلى مساعدة اآلباء في التعامل مع املشكلة‪،‬‬ ‫كما تضمنت عددا من أفالم الكرتون القصيرة التي تم إنتاجها بعد إجراء‬ ‫م�ش��روع بحثي ش��ارك��ت فيه جامعة أدن�ب��ره‪ .‬وص��رح��ت هيلتون قائلة‪« :‬في‬ ‫ظل وجود الهواتف الذكية واألجهزة اللوحية‪ ،‬وظهور تطبيقات جديدة طوال‬ ‫الوقت‪ ،‬أصبح هذا السلوك معتادا بني املراهقني‪ ،‬ولكنه يمكن أن يكون مزعجا‬ ‫لآلباء واألمهات الذين ال يعرفون كيف يمكنهم املساعدة عندما تتخذ األمور‬ ‫مسارا سيئا‪ .‬ونحن نريد أن نساعد اآلباء واألمهات والقائمني على الرعاية‬ ‫في الحديث مع األبناء بشأن كيفية الحد من املخاطر والتأكد من وجود الدعم‬ ‫الصحيح إذا ساءت األمور»‪.‬‬

‫أجرت «املجلة» اتصاال بوزير اإلعالم والثقافة‬ ‫واآلث��ار الليبي‪ ،‬عمر القويري‪ ،‬عبر الهاتف‪،‬‬ ‫خالل زيارته للعاصمة الروسية موسكو‪ ،‬التي‬ ‫تزامنت مع مخاوف في األوساط الليبية من‬ ‫تلويح دول االتحاد األوروبي باتخاذ إجراءات‬ ‫ضد مهربي البشر‪ ،‬حتى لو كان ذلك داخل‬ ‫املياه اإلقليمية الليبية‪.‬وإلى أهم ما جاء في هذا‬ ‫الحوار القصير‪..‬‬ ‫> هل توجد عالقة بني زيارتك ملوسكو‬ ‫واع � � �ت � ��زام األوروب � � �ي �ي ��ن االق � � �ت � ��راب م��ن‬ ‫السواحل الليبية؟‬ ‫ زيارتي ملوسكو تأتي في إطار دعم روسيا‬‫للحكومة الشرعية في ليبيا ومواجهة اإلرهاب‪.‬‬ ‫بالنسبة لالتحاد األوروب��ي‪ ،‬فإنني أق��ول إنه‬ ‫ً‬ ‫منفردا في ليبيا‪ .‬ويمنع على‬ ‫يجب أال يعمل‬ ‫أي قوة دخول مياهنا اإلقليمية دون تنسيق‬ ‫مع السلطات الليبية‪ ،‬وإال فستعتبر معتدية‬ ‫ويرد عليها بالقوة‪.‬‬ ‫> لكن األوروبيني يتخوفون من تزايد‬ ‫أع� ��داد امل �ه��اج��ري��ن غ�ي��ر ال�ش��رع�ي�ين من‬ ‫السواحل الليبية؟‬ ‫ ق �ب��ل ك ��ل ش ��يء ك ��ان ي �ج��ب ع �ل��ى االت �ح��اد‬‫األوروبي دعم الحكومة الليبية والجيش ورفع‬ ‫الحظر عن تسليحه‪ ،‬لكي نتمكن من حماية‬ ‫الحدود وإنهاء ملف الهجرة غير الشرعية من‬ ‫مصدره في جنوب الصحراء الليبية‪ ..‬ومثل‬ ‫هذا الجهد ﻻ يمكن لدولة مثل ليبيا القيام به‬ ‫منفردة‪ ،‬وكأنها تحرس حدود أوروبا‪ ،‬فليبيا‬ ‫دول��ة عبور للمهاجرين ومتضررة منهم‪ ،‬ﻻ‬ ‫دولة مستقر‪ ،‬فهدف املهاجرين أوروبا‪.‬‬ ‫> وما الهدف من زيارة روسيا في هذا‬ ‫التوقيت؟‬ ‫ نحن نسعى لتعاون كبير وواسع مع روسيا‬‫في املستقبل‪ .‬لقد التقيت مع كل من ميخائيل‬ ‫ب��وغ��دان��وف ن��ائ��ب وزي��ر ال�خ��ارج�ي��ة ال��روس��ي‬ ‫امل�ب�ع��وث ال �خ��اص للرئيس ف�لادي�م�ي��ر بوتني‬ ‫للشرق اﻷوس��ط وشمال أفريقيا‪ ،‬ومكسيم‬ ‫م�ك�س�ي�م��وف رئ �ي��س ق�س��م ال �ش��رق األوس ��ط‬ ‫وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الروسية‪.‬‬ ‫وب�ح�ث��ت معهما س�ب��ل ال �ح��ل ال�س�ي��اس��ي في‬

‫عمر القويري وزير اإلعالم والثقافة‬ ‫واآلثار الليبي (تصوير‪« :‬املجلة»)‬

‫ل�ي�ب�ي��ا وم �ح��ارب��ة اإلره� � ��اب‪ .‬وت �ط��رق �ن��ا ك��ذل��ك‬ ‫إل��ى اﻷوض��اع السياسية والعسكرية بليبيا‬ ‫ومقترحات املسودة الرابعة للمبعوث األممي‬ ‫إل ��ى ل�ي�ب�ي��ا ب��رن��اردي �ن��و ل �ي ��ون‪ ،‬وآف � ��اق ال�ح��ل‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫> هل توجد اتفاقات جديدة مع الجانب‬ ‫الروسي‪ ،‬خاصة في املجال العسكري؟‬ ‫ توجد اتفاقيات قديمة بني ليبيا وروسيا‬‫س �ي �ت��م ت�ف�ع�ي�ل�ه��ا ف� ��ور رف� ��ع ال �ح �ظ��ر ال��دول��ي‬ ‫امل�ف��روض على ب�لادن��ا منذ ع��ام ‪ ،2011‬كما‬ ‫أن روس �ي��ا دول ��ة داع �م��ة للحكومة الشرعية‬ ‫ف��ي ليبيا وداع �م��ة ل�لاس�ت�ق��رار فيها وداع�م��ة‬ ‫ملواجهة اإلره ��اب‪ ..‬وستعمل على مساعدة‬ ‫ليبيا والتنسيق مع دول املنطقة لتخرج ليبيا‬ ‫من أزمتها‪.‬‬ ‫> ما نوع املساعدات التي اتفقتم عليها‬ ‫بالفعل مع روسيا؟‬ ‫ ن��رت��ب م��ع م��وس�ك��و لتجهيز شحنة ط��ائ��رة‬‫م�س��اع��دات طبية م��ن روس�ي��ا للمستشفيات‬ ‫الليبية‪ ،‬واﻻتفاق على التنسيق وخلق تواصل‬ ‫م �ب��اش��ر ب�ي�ن امل �س��ؤول�ي�ن ال�ل�ي�ب�ي�ين وال � ��روس‪،‬‬ ‫وت��أس�ي��س جمعية ص��داق��ة روس �ي��ة ‪ -‬ليبية‪.‬‬ ‫وكذلك إنشاء مركز ثقافي روسي في إحدى‬ ‫املدن الليبية‪ ،‬وفي املقابل إنشاء مركز ثقافي‬ ‫ليبي في موسكو وذلك لتقوية التبادل الثقافي‬ ‫بني البلدين‪ .‬جرى االتفاق أيضا على فتح مكتب‬ ‫لقناة «روسيا اليوم» في شرق ليبيا‪ ،‬وفي غرب‬ ‫البالد أيضا‪ ،‬لتغطية األحداث وتوظيف ليبيني‬ ‫للعمل في القناة بعد تدريبهم في موسكو‪ ،‬إلى‬ ‫جانب تفعيل برنامج املنح الدراسية املقدم من‬ ‫الحكومة الروسية للطلبة الليبيني‪.‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪9‬‬


‫تعليقات حائز نوبل تيم هانت املثيرة ضد املرأة تعرض تاريخه املهني للخطر‬

‫السير‬ ‫تيم هانت‬

‫‪8‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫استقال السير تيم هانت‪ ،‬العالم املعروف‪ ،‬من منصبه بجامعة «كلية لندن»‬ ‫بعدما أدل��ى بتعليقات مثيرة للجدل ح��ول امل��رأة‪ .‬ول��م ُيقدم هانت ال��ذي حصل‬ ‫على جائزة نوبل عن أعماله في بيولوجيا الخلية في عام ‪ 2001‬على االستقالة‬ ‫فقط من منصبه بجامعة «كلية لندن» ولكنه استقال أيضا من «الجمعية امللكية‬ ‫للعلوم» واعتذر عن أي إساءة تسببت فيها تعليقاته بـ«املؤتمر العاملي للصحافيني‬ ‫العلميني» الذي أقيم بكوريا الجنوبية‪.‬‬ ‫وعن استقالته قال متحدث باسم الجامعة لـ «املجلة »‪« :‬تؤكد الجامعة أن السير‬ ‫تيم هانت استقال من منصبه كأستاذ فخري بكلية العلوم الحيوية بجامعة كلية‬ ‫لندن إثر تصريحات أدلى بها حول املرأة في املجال العلمي خالل املؤتمر العاملي‬ ‫للصحافيني العلميني في ‪ 9‬يونيو (حزيران)»‪.‬‬ ‫«وكانت جامعة كلية لندن هي أول جامعة في إنجلترا تعترف بأحقية الطالبات‬ ‫بحقوق متساوية مع الرجال وتؤمن الجامعة بأن هذه النتيجة تتوافق مع التزامنا‬ ‫باملساواة بني الجنسني»‪.‬‬ ‫ويقال إن هانت ق��ال أم��ام مؤتمر‪« :‬دعوني أخبركم عن مشكالتي مع النساء‪.‬‬ ‫هناك ثالثة أشياء تحدث عندما توجدون باملعمل‪ :‬تقع في غرامهن‪ ،‬أو يقعن في‬ ‫غرامك‪ ،‬وعندما تنتقدهن يبكني»‪.‬‬ ‫وكانت الجمعية امللكية التي كان هانت زميال لها منذ عام ‪ 1991‬قد نأت بنفسها‬ ‫عن تلك التعليقات‪ ،‬مما أثار حملة واسعة من االنتقادات على شبكة اإلنترنت‪.‬‬ ‫وفي دفاعه عن تصريحاته يقول هانت‪ « :‬كنت أمزح ولكني حقا أقصد الجزء‬ ‫املتعلق بوجود متاعب مرتبطة بوجود الفتيات‪ ،‬فصحيح أنني وقعت في حب‬ ‫بعضهن في املعمل‪ ،‬وبعضهن وقعن في حبي‪ ،‬وذلك أمر مزعج بالنسبة للعمل‬ ‫في املجال العلمي»‪.‬‬


‫وزير الخارجية اليمني‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ال «جنيف ‪ »2‬وال مبادرة عمانية‬

‫نفى وزير الخارجية اليمني رياض ياسني وجود مبادرة ُعمانية لحل األزمة‬ ‫اليمنية‪ ،‬كما كشف عن عدم الحاجة لتنظيم مؤتمر جديد في «جنيف»‪.‬‬ ‫يأتي ذلك بعد أن انتهت املشاورات بشأن األزمة اليمنية التي انعقدت في‬ ‫الفترة من ‪ 20 - 18‬يونيو (حزيران) املاضي بجنيف السويسرية تحت‬ ‫رعاية األمم املتحدة‪ ،‬دون تحقيق أي نجاح‪.‬‬ ‫وأشار ياسني في حوار أجرته معه الشقيقة «الشرق األوسط» إلى أن يوسف‬ ‫بن علوي‪ ،‬الوزير املسؤول عن الشؤون الخارجية العماني «أكد أنه ال توجد‬ ‫مبادرة عمانية في شأن اليمن‪ ،‬لكن هناك تعاونا إنسانيا وصحيا وإغاثيا»‪.‬‬ ‫وأشاد وزير الخارجية اليمني بالجهود العمانية في هذا الجانب اإلنساني‪.‬‬ ‫وقال ياسني إن الخطوات املقبلة بعد فشل املؤتمر التشاوري اليمني في‬ ‫جنيف‪ ،‬هي أن يكون هناك جهد مشترك مع املبعوث األممي بالتعاون مع‬ ‫جميع األط��راف الدولية إليجاد آلية تنفيذية للقرار ‪ ،2216‬حيث إن نجاح‬ ‫ً‬ ‫مشيرا إلى أن‬ ‫القرار بنسبة عالية‪ ،‬هو نجاح للمبعوث األممي واألمم املتحدة‪،‬‬ ‫سفراء الدول الـ‪ 16‬الذين التقى بهم في جنيف‪ ،‬أبلغوهم بأن قبول الحكومة‬ ‫الشرعية للدعوة والحضور في املوعد نفسه‪ ،‬هو نتاج البحث عن املصلحة‬ ‫والجدية في إنهاء األزمة باليمن‪.‬‬ ‫وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أكد أن وفد ميليشيا جماعة‬ ‫الحوثي والرئيس املخلوع علي عبد الله صالح وضع عراقيل أمام الجهود‬ ‫الدولية الرامية لتحقيق األمن واالستقرار في اليمن خالل مشاورات جنيف‪.‬‬ ‫وأوضح هادي خالل اجتماع في الرياض مع مستشاريه وعدد من الوزراء‬ ‫وقادة األحزاب السياسية‪ ،‬أن الحكومة ستظل تقدم كل ما في وسعها من‬ ‫أجل إعادة األمن واالستقرار وعودة األوضاع إلى طبيعتها في البالد‪ .‬وأشاد‬ ‫الرئيس اليمني بالتقدم الذي تحرزه املقاومة الشعبية والقوات املسلحة في‬ ‫معاركها مع ميليشيا الحوثي في عدد من محافظات البالد‪ .‬كما ّثمن الدور‬ ‫الوطني الذي جسده وفد الحكومة الشرعية املشارك في مشاورات جنيف‬ ‫وما بذله من جهود متجاوزا كل الصعوبات ومقدما كل التنازالت من أجل‬ ‫إيجاد حل سياسي يخرج اليمن من وضعه الراهن‪.‬‬

‫ّزغرودة حلوة‬ ‫رنت في بيتنا‬

‫للتفاعل مع الكاتب يرجى ارسال‬ ‫تعليقاتكم على الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪editorial@majalla.com‬‬

‫ال��زغ��رودة ف��ي مصر تعبير ع��ن أعلى درج��ات الفرحة‪.‬‬ ‫جاء في أغنية شهيرة تقول‪:‬‬ ‫وأجمل وصف ّللزغرودة ما ّ‬ ‫«زغرودة حلوة رنت في بيتنا‪ ..‬ملت حارتنا وبنات حارتنا»‪.‬‬ ‫وهو وصف دقيق ملا تصنعه الزغرودة‪ ،‬هي بالفعل أشبه‬ ‫بإعالن عن فرحة يطلب مشاركة الجيران فيها باملزيد‬ ‫من الزغاريد‪.‬‬ ‫منذ فترة طويلة لم أسمع زغاريد‪ ،‬ولكني قرأت عنها مؤخرا‬ ‫في صفحة الحوادث واستمعت إليها على شبكات التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬كانت زغ��اري��د فرحة م��ن ف�لاح��ات ف��ي قرية‬ ‫مصرية يعبرن بها عن فرحتهن بقتل أحد سكان القرية‪،‬‬ ‫هو شاب تمكن شاب آخر من سكان القرية من ربطه بحبل‬ ‫وتقييده بمساعدة عدد من فعلة الخير من سكان القرية‪،‬‬ ‫ثم ربطه إلى عمود كهرباء‪ ،‬ثم أخذ الشاب يشد الحبل بقوة‬ ‫بني زغاريد الفالحات وتكبير الفالحني إلى أن تم تنفيذ‬ ‫حكم اإلعدام فيه شنقا‪.‬‬ ‫أصل الحكاية أن الشاب املشنوق أطلق فرد خرطوش على‬ ‫ابن خالته فقتله‪ ،‬وذلك بسبب خالفات حول ميراث عشرة‬ ‫أمتار من األرض‪ ،‬أخو القتيل أخذ يبحث عنه لينتقم منه فلم‬ ‫يجده‪ ،‬ولكن أصحاب الخير من أهل القرية عرفوا بمكان‬ ‫وجوده فأسرعوا بإبالغه وبدأت الحكاية التي انتهت بشنق‬ ‫القاتل بني زغاريد الفرحة وصيحات التكبير‪.‬‬ ‫قد تتصور أن زغاريد الفرحة هنا‪ ،‬تحتفل باالنتقام الذي‬ ‫تحقق بقتل الشاب القاتل‪ ،‬الواقع أني أرى في هذه الفرحة‬ ‫ً‬ ‫شيئا آخر‪ ،‬وهو االحتفال بنهاية الدولة بمعناها املعاصر‪،‬‬ ‫هي عملية توفير للوقت‪ ،‬ال داعي لعمل الشرطة وال النيابة‬ ‫وال القضاء بدرجاته التي تضيع الوقت‪ .‬ما يسمى بالقانون‬ ‫أم��ر خ��اص بالبشر غير الجادين م��ن الكتاب واملفكرين‬ ‫وبقية هذه األن��واع من البشر غير العمليني‪ ..‬وباملناسبة‬ ‫هم على يقني أن أحدا لن يحاسبهم بسبب وجود عنصر‬ ‫الشيوع في الحادث‪.‬‬ ‫ولكن كل ما كتبته ليس موضوعي األساسي‪ ،‬أنا أشعر‬ ‫بالخوف مما أراه من إحساس واضح بالرغبة في االفتراس‬ ‫ع�ن��د ال�ش�ع��ب امل �ص��ري ك�ل��ه‪ .‬ه�ن��اك س�ق��وط ع�ن��د الجماعة‬ ‫امل�ص��ري��ة ل�غ��رائ��ز ال�ح�ي��اة‪ ،‬وه �ن��اك ارت �ف��اع واض ��ح لغريزة‬ ‫املوت‪ ،‬وهو ما يفسر كثرة حوادث السيارات إلى الدرجة‬ ‫ال�ت��ي جعلت ترتيبنا األول ف��ي ال�ع��ال��م‪ .‬ادرس ج�ي��دا دور‬ ‫البيروقراطية في تعطيل أعمال الناس‪ ،‬هي ليست بدافع‬ ‫الرغبة في التربح‪ ،‬بل تعبيرا عن رغبة حقيقية في اإليذاء‪،‬‬ ‫ادرس طريقة قيادة الناس لسياراتهم في شوارع القاهرة‬ ‫وكأنهم داخلون في مسابقة لتعطيل بعضهم البعض‪.‬‬ ‫لقد بحث سكان القرية عن الشاب املتهم بالقتل‪ ،‬وأبلغوا‬ ‫الشاب الذي سيشنقه‪ ،‬وساعدوه في العثور عليه‪ ،‬كل ذلك‬ ‫ت��م ب��داف��ع م��ن الرغبة ف��ي االستمتاع بالقتل وليس إق��رار‬ ‫العدل‪ ..‬وهذه الزغاريد كانت تعبيرا عن االستمتاع‪ ..‬أيها‬ ‫السادة‪ ..‬شيء من «داعش» تسلل إلى قلوبنا ونفوسنا‪.‬‬

‫وزير الخارجية اليمني رياض ياسني‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪7‬‬


‫وضع حجر األساس ملشروع «خري مكة»‬

‫خادم الحرمني‪ :‬اجملتمع السعودي مجبول على فعل الخير‬ ‫أك��د خ��ادم الحرمني الشريفني امللك سلمان‬ ‫ب��ن عبد العزيز‪ ،‬أن املجتمع ال�س�ع��ودي‪ ،‬يتميز‬ ‫بالتكافل والتراحم‪ ،‬وأنه مجبول على فعل الخير‪،‬‬ ‫وأن أهم ما يميز بالده‪ ،‬هو التالحم واالنصهار‬ ‫بني مواطنيها في سبيل الخير والتكافل‪.‬‬ ‫جاء ذلك ضمن كلمته التي ألقاها الخميس‬ ‫‪ 24‬ي��ون�ي��و (ح ��زي ��ران) امل��اض��ي ف��ي ح�ف��ل وض��ع‬ ‫حجر األساس ملشروع «خير مكة» االستثماري‬ ‫الخيري العائد لجمعية األط�ف��ال املعوقني‪ ،‬في‬ ‫قصر السالم بمدينة جدة‪ ،‬فيما قدم ً‬ ‫دعما قدره‬ ‫‪ 50‬مليون ريال إسهاما منه للجمعية‪.‬‬ ‫واستذكر امللك سلمان‪ ،‬في كلمته‪ ،‬رعايته‬ ‫الفتتاح دار جمعية األطفال املعوقني ومشروعها‬ ‫األول في الرياض قبل نحو ثالثني ً‬ ‫عاما‪ ،‬نيابة‬ ‫عن أخيه ًامللك الراحل فهد بن عبد العزيز رحمه‬ ‫الله‪ ،‬مبينا أنه أشار حينها إلى أن الدار تضيف‬ ‫لبنة إلى البناء الشامخ في مجال جهود الدولة‬ ‫في رعاية األطفال املعوقني‪ ،‬وأن أف��راد املجتمع‬ ‫دون تمييز أسهموا إلى جانب الدولة في دعم‬ ‫هذا املشروع ومساعدته‪.‬‬ ‫وك ��ان ال�ح�ف��ل ب ��دأ ب �ت�ل�اوة آي ��ات م��ن ال �ق��رآن‬ ‫الكريم تالها أح��د أط�ف��ال الجمعية‪ ،‬فيما ألقى‬ ‫األمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس‬ ‫م�ج�ل��س إدارة جمعية األط �ف��ال امل�ع��وق�ين كلمة‬ ‫خ��اط��ب فيها خ ��ادم ال�ح��رم�ين ال�ش��ري�ف�ين ق��ائ�لا‪:‬‬ ‫«ال �ي��وم نجني ث�م��ار غرسكم امل �ب��ارك على مدى‬ ‫ثالثني ً‬ ‫عاما لتعزيز قضية اإلعاقة عبر جمعية‬ ‫ُ‬ ‫األطفال املعوقني وجمعيات كثر في هذه البالد‬ ‫ال�ك��ري�م��ة ال �ت��ي وض�ع�ت��م ب��ذرت�ه��ا األول � ��ى؛ حيث‬

‫خادم الحرمني الشريفني خالل إلقاء كلمته في حفل وضع حجر األساس ملشروع «خير مكة» في قصر السالم (واس)‬

‫تنوعت إنجازاتها بني املبادرات الرائدة وبرامج‬ ‫رع ��اي ��ة‪ ،‬وت��أه �ي��ل‪ ،‬ودم � ��ج‪ ،‬وت �ن �م �ي��ة‪ ،‬وت ��دري ��ب‪،‬‬ ‫وت��وظ �ي��ف‪ ،‬وت��وع �ي��ة‪ ،‬ت�ق��دم�ه��ا جمعية األط�ف��ال‬ ‫املعوقني‪ ،‬وال��ذي استفاد منها مئات اآلالف من‬ ‫األطفال واملعوقني»‪.‬‬ ‫وأشار األمير سلطان بن سلمان في كلمته‬ ‫إلى أن املهتمني بالعمل الخيري والتطوعي في‬ ‫اململكة يلمسون إلى أي مدى يواكب جهود خادم‬ ‫ال�ح��رم�ين ال�ش��ري�ف�ين‪« :‬ك��ل ذل��ك ي��ؤك��د أن ب�لادن��ا‬ ‫ً‬ ‫وشعبا‪ ،‬تكرس العمل الخيري على أنه‬ ‫ق�ي��ادة‬ ‫رك��ن ع�ق��ائ��دي‪ ،‬وأخ�لاق��ي‪ ،‬وقيمي راس ��خ‪ ،‬األم��ر‬ ‫ال��ذي أب��رز مكانتها‪ ،‬كمملكة لإلنسانية‪ ،‬وتوج‬

‫ه ��ذا ال��وط��ن امل �ب ��ارك ب�م�ك��ان��ة م �ت �ف��ردة ب�ي�ن دول‬ ‫العالم»‪.‬‬ ‫وقام خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان‬ ‫ب ��ن ع �ب��د ال �ع ��زي ��ز ب �ت �س �ل �ي��م ش � �ه� ��ادات ال �ت �ك��ري��م‬ ‫ل �ل�أع � �ض ��اء امل� �ت� �ب ��رع�ي�ن مل � �ش � ��روع «خ � �ي� ��ر م �ك��ة»‬ ‫االس�ت�ث�م��اري ال�خ�ي��ري‪ ،‬ث��م ت�ش��رف بقية أعضاء‬ ‫جمعية األطفال املعوقني بالسالم عليه‪ ،‬بعدها‬ ‫وض��ع خ��ادم الحرمني الشريفني حجر األس��اس‬ ‫مل�ش��روع «خ�ي��ر م�ك��ة» االس�ت�ث�م��اري ال�خ�ي��ري ًمن‬ ‫خالل ملسة الشاشة اإللكترونية‪ ،‬وشاهد عرضا‬ ‫عن املشروع‪ ،‬واطلع على مجسم وصور للمشروع‬ ‫الذي يتكون من األبراج الخمسة‪.‬‬

‫زيارة ناجحة لولي ولي العهد السعودي إلى فرنسا تشهد توقيع ‪ 10‬اتفاقيات بني البلدين‬

‫اهتمام غير مسبوق لوسائل اإلعالم الفرنسية بزيارة األمير محمد بن سلمان لباريس‬

‫اهتمت الصحف الفرنسية بالزيارة الناجحة التي قام‬ ‫بها ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس‬ ‫ال��وزراء وزير الدفاع األمير محمد بن سلمان إلى فرنسا‬ ‫التقى خاللها الرئيس الفرنسي فرنسوا هوالند وشهد‬ ‫الجانبان توقيع ‪ 10‬اتفاقيات بني البلدين بقصر اإلليزيه‬ ‫واختتم األمير محمد بن سلمان زيارته الخميس ‪ 25‬يونيو‬ ‫بلقاء مع وزير الدفاع الفرنسي جان‬ ‫(حزيران) املاضي‪ٍ ،‬‬ ‫ايف لو دريان‪.‬‬ ‫وت�ص� ّ�درت ال��زي��ارة وسائل اإلع�لام الفرنسية التي أب��رزت‬ ‫االت�ف��اق�ي��ات وال�ن�ت��ائ��ج ال�ت��ي حملتها ال��زي��ارة وال�ش��راك��ات‬ ‫االستراتيجية حيث قالت‪ :‬إن زيارة ولي ولي العهد لفرنسا‬ ‫حدث استثنائي‪.‬‬ ‫قالت صحيفة «ل��و فيغارو» إن ال��زي��ارة تبني أن العالقات‬ ‫‪6‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫الفرنسية السعودية «وصلت إلى حالة من التميز خاصة‬ ‫م�ن��ذ ال��زي��ارة األخ �ي��رة ال�ت��ي ق��ام ب�ه��ا ال��رئ�ي��س ه��والن��د إل��ى‬ ‫السعودية»‪ .‬وترجع الصحيفة التقارب الشديد بني الطرفني‬ ‫ملواقفهما املتطابقة من بؤر التوتر في الشرق األوسط‪ ،‬وإلى‬ ‫«التمايزات» التي برزت في املواقف بني الرياض وواشنطن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خصوصا بشأن ملف إيران النووي‪ .‬وعرضت الصحيفة‬ ‫الفرنسية لتفاصيل العقود التي أبرمت بني الدولتني‪.‬‬ ‫وأف��ردت صحيفة «لو باريزيان» صفحة كاملة للعالقات‬ ‫السعودية الفرنسية معتبرة أن التوقيع على عقود تزيد‬ ‫على عشرة مليارات يورو في باريس خالل زيارة األمير‬ ‫محمد بن سلمان‪ ،‬يبني أنها تعيش «شهر عسل»‪ .‬ونوهت‬ ‫ال�ص�ح�ي�ف��ة ب��رغ �ب��ة ال �ع��اه��ل ال �س �ع��ودي امل �ل��ك س �ل �م��ان بن‬ ‫عبد العزيز ف��ي «اإلس ��راع» ف��ي ترجمة التقارب والعالقة‬

‫االستراتيجية التي يسعى إليها الطرفان إل��ى اتفاقيات‬ ‫وعقود‪.‬‬ ‫أم��ا صحيفة «لوموند» الفرنسية ّ‬ ‫فبينت أن ه��ذه الزيارة‬ ‫ه��ي ح ��دث م�ه��م وم�ت��اب�ع��ة ل�ل�ع�م��ل امل �ش �ت��رك ب�ي�ن ال�ب�ل��دي��ن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وخصوصا ف��ي امل�ج��االت االقتصادية وغيرها‪ ،‬مشيرة‬ ‫إلى أن قوة العالقات جاءت ثمرة الزيارة التي قام بها قبل‬ ‫شهر ونصف الرئيس فرنسوا هوالند إلى الرياض؛ حيث‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ضيفا ً‬ ‫خاصا على قمة مجلس التعاون الخليجي‪.‬‬ ‫حل‬ ‫وكانت إذاعة «مونت كارلو»‪ ،‬قد علقت على زيارة األمير محمد‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫استثنائيا‬ ‫بن سلمان لباريس‪ ،‬بأن هذه الزيارة تعتبر حدثا‬ ‫في تاريخ ومسار عالقات البلدين‪ ،‬مشيرة إل��ى أن فرنسا‬ ‫تسعى إلى إقامة عالقة شراكة استراتيجية غير مسبوقة مع‬ ‫السعودية ودول الخليج في مختلف املجاالت‪.‬‬


‫‪..‬‬ ‫رساله المحرر‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫سلمان بن يوسف الدوسري‬ ‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬ ‫‪Acting CEO of NASHR Co.‬‬

‫<‪Salman^¤ 7yG* Ò* ^d‬‬ ‫‪Aldossary‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬ ‫ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ‬

‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬

‫‪Editor-in-Chief‬‬ ‫‪¥E¢ 6^G* £ }H‬‬ ‫اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪Acting CEO‬‬ ‫ﺳﻜﺮﺗﲑ ‪of‬‬ ‫‪NASHR Co.‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬

‫هل تتغلب لعبة االقتصاد على‬ ‫السياسة بني عمالق الجزيرة‬ ‫العربية والدب الروسي؟‬

‫‪ǀżȤƾƪƵƴŽ‬‬ ‫‪Acting CEO‬‬ ‫‪of NASHR Co.‬‬

‫مسابقة الروبوتات‬ ‫تكشف عن مزايا وعيوب‬ ‫تكنولوجيا اآلليني‬

‫‪ΔϤϠϛ ϰϠϋ ΪϳΰΗ ϻ΃ ΐΠϳ ΕϻΎϘϤϟ΍ ϊϴϤΟ ΔχϮΤϠϣ HGLWRULDO#PDMDOOD FRP ϲϧϭήΘϜϟϹ΍ ΪϳήΒϟ΍ ϰϠϋ ΔϠγ΍ήϤϟ΍ ϰΟήϳ ˯΍έ΁ ϭ΃ ΕϻΎϘϣ ϝΎγέϹ‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬

‫سكرتري التحرير‬ ‫‪ ȝƾżȚǍƄŵȚ‬‬

‫‪ZZZ LVVXX FRP PDMDOOD ΔϴϧϭήΘϜϟϻ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ VXEVFULSWLRQV#PDMDOOD FRP ˰Α ϝΎμΗϻ΍ ϰΟήϳ ˬΔϴϤϗήϟ΍ ΔόΒτϟ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ‬‬ ‫‪ ϡΎψϧ ϱ΃ ϲϓ ΎϬϨϳΰΨΗ ϭ΃ ΎϬϨϣ ˯ΰΟ ϱ΃ ϭ΃ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϋΎΒσ ΓΩΎϋ· ϝ΍ϮΣϷ΍ Ϧϣ ϝΎΣ ϱ΄Α ίϮΠϳ ϻϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ΓΪΤΘϤϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϋ έΪμΗ ϲΘϟ΍ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϠΠϤϟ ΔχϮϔΤϣ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ‬‬ ‫‪ ϲϘϠΘϟ ˱ΎϳήϬη ΔϠΠϤϟ΍ έΪμΗϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϣ ϖΒδϣ ΢ϳήμΗ ϰϠϋ ϝϮμΤϟ΍ ϥϭΩ ϪΑΎη Ύϣ ϭ΃ ΎϬϠϴΠδΗ ϭ΃ ΎϫήϳϮμΗ ϭ΃ Δϴϟ΁ ϭ΃ ΔϴϧϭήΘϜϟ· ΔϠϴγϭ ϱ΃ ϭ΃ ΓέϮλ ϱ΄Α ΎϬϠϘϧ ϭ΃ ϲϋΎΟήΘγ΍‬‬ ‫‪ZZZ PDMDOOD FRP ΓέΎϳί ϰΟήϳ ˬϲϤϗήϟ΍ ϙ΍ήΘηϻ΍ Ε΍έΎδϔΘγ΍‬‬

‫‪ Ώ΁ βτδϏ΃ ΩΪόϟ΍‬‬

‫مصطفى الدسوقي‬

‫‪ϰμμΨΘϟ΍ ϊσΎϘΗ ΔϜϣ ϖϳήσ Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ νΎϳήϟ΍ ΎϬϟ κΧήϣ‬‬ ‫ ‪ ϥΪϨϟ ϒΗΎϫ νΎϳήϟ΍‬‬

‫‪ $ 0RQWKO\ 3ROLWLFDO 1HZV 0DJD]LQH‬‬

‫‪ZZZ PDMDOOD FRP HQJ‬‬

‫‪ ϲϧϼϋϹ΍ ϞϴϛϮϟ΍‬‬ ‫‪ΕΎϛ΍ήΘηϹ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ΔϋΎΒτϟ΍ ΰϛήϣ‬‬

‫للمشاركة‬

‫بني الفنت واالنقسام والطائفية ‪ ..‬ماذا تفعل طهران في بالد العرب‬ ‫االنتخابات البرملانية املصرية‪ ..‬معضلة أمام الرئيس السيسي‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫خيارات صعبة‪:‬‬ ‫العدالة والتنمية‬ ‫بعد نكسة يونيو‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫«تويتر» خط املواجهة‪ ..‬وبقية املواقع معسكرات تجنيد رقمية‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬

‫ ‪LVVXH $XJXVW‬‬ ‫‪ ++ 6DXGL 5HVHDUFK DQG 0DUNHWLQJ 8. /WG‬‬ ‫ ‪$UDE 3UHVV +RXVH +LJK +ROERUQ‬‬ ‫‪/RQGRQ :& 9 $3‬‬ ‫ [‪7HO )D‬‬

‫‪KT#DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ ˬZZZ DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ‬‬ ‫‪ ϝϭΪϟ΍ ϒϠΘΨϣ Ϧϣϭ ˬ ϥΪϨϟ ˬ βϳέΎΑ ˬ ϲΑΩ ˬ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϞΧ΍Ω Ϧϣ‬‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني‬ ‫‪ ϲϧΎΠϣ ϒΗΎϫ ˬZZZ DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ LQIR#DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ‬كلمة‬ ‫‪ editorial@majalla.com‬ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪800‬‬

‫‪ ˬ βϛΎϓ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ ΔϳΩϮόδϟ΍ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϲϓ ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ZZZ VDXGLGLVWULEXWLRQ FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ‬‬

‫اشتراكات‬

‫االتصال بـ‪subscriptions@majalla. :‬‬ ‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى‬ ‫�شركات ن�شر‬ ‫‪ com‬لالشتراك في االلكترونية‪www.issuu.com/majalla :‬‬

‫ ‪ZZZ KDODSULQWFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ βϛΎϓ ˬ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι‬‬

‫‪‬‬

‫‪áeÉ©dG äÉbÓ©dGh ¿ÓYEÓd á«é«∏ÿG‬‬

‫‪www.srpc.com‬‬

‫‪‬‬

‫حقوق النشر محفوظة ملجلة املجلة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة‬ ‫السعودية لألبحاث والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪.‬‬ ‫‪©ϡϼϋϹ΍ ΕΎϣΪΨϟ ϥϮϴΒϳήΗª Δϛήθϟ‬‬ ‫املجلة أو أي جزء‬ ‫وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫‪ ϲϧΎΠϤϟ΍ ϒΗΎϬϟ΍ ϰϠϋ ϝΎμΗϹ΍ ϰΟήϳ ˬΕΎϣϮϠόϤϟ΍ Ϧϣ ΪϳΰϤϟ΍ ϰϠϋ ϝϮμΤϠϟ‬‬ ‫‪ ©ΔϠΠϤϟ΍ª ΔμΧήϣ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϐϠϟΎΑ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ‬في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو‬ ‫منها أو تخزينها‬ ‫أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه‬ ‫دون الحصول على تصريح مسبق من الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر املجلة شهريًا‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬ ‫\‪6DXGL 6SHFLDOL]HG 3XEOLVKLQJ &RPSDQ‬‬

‫‪ ΔχϮϔΤϣ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ϊϳίϮΘϟ΍ ϕϮϘΣ‬‬

‫مرخص لها الرياض ‪ -‬حي املؤتمرات ‪ -‬طريق مكة ‪-‬‬ ‫تقاطع التخصصى‬ ‫الرياض‪ :‬هاتف ‪ - 4419933‬لندن‪+44 207 831 8181 :‬‬

‫الوكيل اإلعالني‬ ‫موقع إلكتروني‪،www.alkhaleejiah.com :‬‬ ‫بريد إلكتروني‪hq@alkhaleejiah.com :‬‬ ‫من داخل اململكة ‪ ،920 000 417 :‬دبي‪+ 9714 3 914440 :‬‬ ‫باريس‪ +00764 537 331 :‬لندن‪+44 207 404 6950 :‬‬ ‫ومن مختلف الدول ‪+966 11 441 1444 :‬‬

‫‪07‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪ΔϋϮϤΠϤϟ΍ ΕΎϛήη‬‬

‫‪www.sspc.com.sa‬‬

‫‪www.arabmediaco.com‬‬

‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫نساء لبنان يتركن «املوضة» لدخول البرملان‬ ‫‪www.majalla.com‬‬

‫‪Issue 1609- June 2015‬‬

‫‪‬‬

‫يرجى إرسال تعليقاتكم‬ ‫على الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪editorial@majalla.com‬‬

‫ً‬ ‫حضورا‬ ‫في تقرير ملوقع «‪ُ »bustle‬وص��ف «داع��ش» بأنه التنظيم األكثر‬ ‫وت��أث �ي� ً�را ف��ي وس��ائ��ل ال�ت��واص��ل االج�ت�م��اع��ي‪ ،‬وه��و م��ا س��اه��م ف��ي التسويق‬ ‫ل��ه وت��راج��ع جماعات ال تقل عنه ح�ض� ً‬ ‫�ورا على األرض كـ«جبهة النصرة»‬ ‫ومجموعات «القاعدة» في الشام والعراق‪.‬‬ ‫وف��ق ه��ذا ال�س�ي��اق‪ ،‬أك��د خ�ب��راء ف��ي ش��ؤون مكافحة اإلره ��اب‪ ،‬أن الجماعات‬ ‫ً‬ ‫نجاحا ً‬ ‫كبيرا في تطويع شبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬لتجنيد‬ ‫املتطرفة حققت‬ ‫املزيد من األفراد في صفوفها‪ .‬كما تمكنت من تجاوز أجهزة الرقابة والرصد‪.‬‬ ‫في هذا العدد من «املجلة»‪ ،‬وفي ملف بعنوان «العقل اإلرهابي والتكنولوجيا»‪،‬‬ ‫يشير الباحث السعودي يوسف الديني‪ ،‬إلى التطور التقني الذي يعيشه العالم‪،‬‬ ‫وم��دى مساهمته في تطوير ق��درات اإلرهابيني‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬طورت‬ ‫«القاعدة في اليمن» من أدواتها الهجومية حني لجأت إلى استخدام الزوارق‬ ‫املصنوعة من مواد ال يمكن اكتشافها بأجهزة الرادار‪ ،‬إضافة إلى استخدامها‬ ‫أحدث التقنيات في تزوير الجوازات والعمالت وبطاقات االئتمان‪.‬‬ ‫التطور التقني لإلرهابيني قابله أيضا اهتمام وحدات مكافحة اإلره��اب في‬ ‫مختلف ال��دول املتقدمة بتطوير قدراتها الدفاعية‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬تطوير أجهزة‬ ‫كشف الرسائل املفخخة‪ ،‬وأجهزة الكشف عن املواد الغازية واملعدنية‪.‬‬ ‫وفي امللف ذاته‪ ،‬وتحت عنوان «هل تحول (داعش) إلى آيديولوجيا اجتماعية»‪،‬‬ ‫ت�ح��دث ال�ك��ات��ب ال�ع��راق��ي الخبير ف��ي قضايا اإلره� ��اب‪ ،‬ج��اس��م محمد‪ ،‬عن‬ ‫التأثير السلبي لجماعات التطرف‪ ،‬وفي صدارتها «داعش»‪ ،‬على الحركات‬ ‫اإلسالموية‪ ،‬وكذلك على األفراد واألسر في هذه املجتمعات‪ ،‬وإن كانت تعيش‬ ‫ً‬ ‫ف��ي دول املهجر‪ ،‬ال سيما الشباب‪ .‬يقول الكاتب‪« :‬ش�ه��دت املنطقة تدفقا‬ ‫غير مسبوق للمقاتلني األجانب من آسيا الوسطى ودول أوروبية وغربية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لتحتل نسبة كبيرة داخل التنظيم‪ ..‬التقارير األممية ذكرت بوجود ‪ 25‬ألف‬ ‫مقاتل أجنبي إلى جانب أكثر من ‪ 100‬ألف مقاتل من املحليني غالبيتهم‬ ‫من العراقيني»‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذل��ك‪ ،‬تقدم «املجلة» مجموعة من املقاالت وامللفات والتحقيقات‬ ‫والتقارير السياسية واالقتصادية‪ ،‬كما تعرض معالجات متميزة ألبرز وأهم‬ ‫األحداث والقضايا الثقافية والفنية واالجتماعية والرياضية‪.‬‬ ‫في عدد هذا الشهر‪ ،‬ندعوك عزيزي القارئ ملتابعة هذه املوضوعات وغيرها‬ ‫الكثير على موقعنا «‪ ،»majalla.com‬كما نرحب دائما بآرائك وتعليقاتك‪ ،‬أو‬ ‫االتصال بنا إذا رغبت في التواصل معنا‪.‬‬

‫‪A Monthly Political News Magazine‬‬

‫‪www.majalla.com/eng‬‬ ‫‪HH Saudi Research and Marketing (UK) Ltd‬‬ ‫‪Arab Press House, 184 High Holborn, London WC1V 7AP‬‬ ‫‪Tel : +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310‬‬ ‫حقوق التوزيع لهذه املطبوعات محفوظة لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم»‬

‫وكيل اإلشتراكات‬ ‫بريد إلكتروني‪info@arabmediaco.com :‬‬ ‫موقع إلكتروني‪www.arabmediaco.com :‬‬ ‫هاتف مجاني‪2440076-800 :‬‬

‫حقوق النشر لهذه املطبوعات باللغة العربية مرخصة «املجلة»‬

‫شركات نشر‬ ‫‪Saudi Specialized‬‬ ‫‪Publishing‬‬ ‫املتخصص‬ ‫السعودية للنشر‬ ‫‪ Company‬الشركة‬

‫وكيل التوزيع‬ ‫وكيل التوزيع في اململكة العربية السعودية حي املؤتمرات ‪-‬‬ ‫ص‪.‬ب ‪ - 62116‬الرياض ‪ ،11585‬هاتف‪+966 11 4419933 :‬‬ ‫فاكس‪+ 966 11 2121774 :‬‬ ‫موقع إلكتروني‪www.saudidistribution.com :‬‬

‫للحصول على املزيد من املعلومات‪ ،‬يرجى اإلتصال على الهاتف املجاني ‪8002440014‬‬

‫‪www.majalla.com/eng‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫‪5‬‬


‫جدل حول أسباب غيابه ومصريه‬

‫برملان مصر‪..‬‬ ‫معضلة أمام السيسي‬

‫مسار جديد جلين األرباح‪ ..‬يخفض من‬ ‫استهالك املواد ويقلص من تكاليف اإلنتاج‬

‫نبيلة عبيد‪ :‬عاطف سالم منعين من النطق‬

‫‪78‬‬

‫‪ 3‬خرافات عن االقتصاد «املدور»‬ ‫تعيق االستثمارات‬ ‫«أوبك» تؤجل القرارات الصعبة‬ ‫إلى ديسمرب املقبل‬ ‫االجتماع السعيد‬ ‫املسلمون يف بالد الغرب بني االندماج والتعايش‬

‫‪66‬‬

‫ال يا شيخ رجب!‬

‫‪30‬‬

‫اجلرمية اليت استحوذت على اهتمام مدينة‬ ‫بأسرها طلية ‪ 4‬سنوات‬ ‫اختفاء اإليطالية يارا جامرباسيو‬ ‫يكشف ‪ً 30‬‬ ‫عاما من األسرار‬ ‫تفاصيل فجر‬ ‫متارا الداغستاني تروي لـ‬ ‫‪ 14‬متوز الدامي الذي أنهى احلكم امللكي يف العراق‬ ‫أسرار الليلة األخرية‬ ‫من حياة فيصل الثاني‬

‫سان بطرسربغ تستضيف القرعة التمهيدية ملونديال روسيا ‪80 2018‬‬

‫‪ :‬نعمل على إيجاد رؤية‬ ‫قال لـ‬ ‫متقاربة للتصالح والتسامح بني الشعوب‬

‫عبد العزيز سعود البابطني‪ :‬نؤسس‬ ‫لعمل ثقايف طويل األمد‬ ‫رئيسة الطائفة اليهودية املصرية تهدد‬ ‫بمقاضاة مسلسل «حارة اليهود»‬ ‫صناع الدراما املصرية يغرقون شوارع العواصم‬ ‫العربية بكم هائل من الدعاية ملسلسالتهم‬ ‫‪4‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬

‫حي «احلسني»‪ :‬الذاكرة املصرية‬

‫‪58‬‬

‫السينما في السعودية‪ :‬الرمز والقضية ‪74‬‬


‫داخل العدد‬

‫معاجلة البيت األبيض للملف‬ ‫اإليراني تثري أزمة‬

‫مايكل روث‪ :‬اهلوية أعمق‬ ‫من اجلنسية‬

‫‪24‬‬

‫‪29‬‬ ‫قصة الغالف‬

‫مىت سينتهي النفط‬ ‫يف العالم؟‬

‫‪48‬‬

‫هل تحول «داعش»‬ ‫إلى آيديولوجية اجتماعية؟‬

‫‪18‬‬

‫اجملتمع العربي يعاني أزمات نفسية بعد فشل الربيع‬ ‫وتردي االقتصاد واهتزاز التيارات الدينية الوسطية‬

‫‪9‬‬

‫السعوديون والرتاث‬

‫‪64‬‬

‫وزير اإلعالم الليبي‪:‬‬ ‫نحذر أوروبا من دخول سواحلنا دون إذن مسبق‬



‫مسابقة الروبوتات‬ ‫تكشف عن مزايا وعيوب‬ ‫تكنولوجيا اآلليني‬

‫هل تتغلب لعبة االقتصاد على‬ ‫السياسة بني عمالق الجزيرة‬ ‫العربية والدب الروسي؟‬

‫بني الفنت واالنقسام والطائفية ‪ ..‬ماذا تفعل طهران في بالد العرب‬ ‫االنتخابات البرملانية املصرية‪ ..‬معضلة أمام الرئيس السيسي‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫خيارات صعبة‪:‬‬ ‫العدالة والتنمية‬ ‫بعد نكسة يونيو‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫«تويتر» خط املواجهة‪ ..‬وبقية املواقع معسكرات تجنيد رقمية‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬

‫‪07‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 7 7 1 3 1 9 087013‬‬

‫العدد ‪ 1609‬تموز ‪( -‬يوليو) ‪2015‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫نساء لبنان يتركن «املوضة» لدخول البرملان‬ ‫‪www.majalla.com‬‬

‫‪Issue 1609 - June 2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.