ماذا تبقى من ١١ سبتمبر؟

Page 1



‫عبد الله العسكر‪ :‬االنحياز آفة التاريخ‬ ‫كان‬

‫ُّ‬ ‫الخيون‬ ‫بقلم‪ :‬رشيد‬

‫‪120‬‬

‫للمؤرخ السعودي عبد الله ب��ن إبراهيم‬ ‫ٌ‬ ‫موعد مع القدر‪ ،‬أن يرحل بحادث‬ ‫العسكر‬ ‫مروري‪ ،‬لم يعلم سائق السيارة أنه صار‬ ‫ّ‬ ‫سببا لوقف أحالم هذا املوثق النابه في كتابة التاريخ‪،‬‬ ‫رحل وفي باله مهمة الكشف عن فترة غامضة من‬ ‫ت��اري��خ ب�ل�اده ن �ج��د‪ ،‬ت�م�ن��ى أن ي�ن�ج��زه��ا ق�ب��ل م�م��ات��ه‪.‬‬ ‫أفصح ع��ن ذل��ك ف��ي مقابلة أج��ري��ت معه قبل تسعة‬ ‫أع��وام‪« :‬أحالمي البحثية والعلمية كثيرة‪ ،‬وال أظنها‬ ‫ّ‬ ‫تنتهي إال بموتي‪ ،‬والشاعر يقول‪ :‬ما أضيق العيش‬ ‫لوال فسحة األمل‪ ،‬وأنا أحلم بأن أقوم أو أشرف على‬ ‫بحث معمق يتناول ت��اري��خ منطقة نجد‪ ،‬م��ن القرن‬ ‫َّ‬ ‫الثالث الهجري إلى القرن الثاني عشر الهجري‪ ،‬وهي‬ ‫حقبة شبه ظلماء‪ ،‬ومغرية للباحثني مع كونها صعبة‬ ‫املراس‪ ،‬وهي مهمة ملعظم تاريخ الجزيرة العربية‪ ،‬وما‬ ‫ُ‬ ‫كتب عنها ال يشفي الغليل» (ال�ح�ي��اة‪ ،‬ح��وار أج��راه‬ ‫خالد الباتلي‪ ،‬تاريخ‪ .)2007-3-6 :‬وها هي األحالم‬ ‫ً َ‬ ‫كئيبا ملن تقلقه قلة‬ ‫قد توقفت في ذلك اليوم‪ ،‬وكان‬ ‫املوثقني واملنصفني في كتابة التاريخ من مستوى‬ ‫الراحل عبد الله العسكر‪.‬‬ ‫تعرفت إلى املؤرخ العسكر قبل أكثر من ثمانية أعوام‪،‬‬ ‫ف��ي ن��دوة ُع�ق��دت بالكويت اشتركنا فيها م� ً�ع��ا‪ ،‬ومن‬ ‫ُ‬ ‫حينها نسجت بيننا أواصر املودة والفائدة في الوقت‬ ‫نفسه‪ .‬كان أحد املشجعني أو الداعمني الستخدامي‬ ‫املصدر واملعلومة في مقاالتي‪ ،‬وال�ح��رص على ِذكر‬ ‫سنة الوفاة‪ ،‬بعد معاناة مع الصحف‪ ،‬وما شكا منه‬ ‫م�ح��ررون ال تهمهم األم��ان��ة ف��ي النقل؛ ل��ذا ال يجدون‬ ‫حاجة إلى التوثيق‪ ،‬حتى ُ‬ ‫كدت أتوقف عن النشر بسبب‬ ‫ِّ‬ ‫ذل��ك‪ .‬ليست معاندة بقدر ما هو رد جميل صاحب‬ ‫املعلومة‪ ،‬وح��ق القارئ في ع��دم استغفاله‪ ،‬وم��ن هنا‬ ‫ُ‬ ‫بدأت أثق فيما يكتبه العسكر‪ ،‬وأبادله الرأي واالطمئنان‪.‬‬ ‫ال ي �ت��وق��ف اإلع� �ج ��اب ب��ال�ع�س�ك��ر ألن ��ه ح��ري��ص على‬ ‫املعلومة وتوثيقها فحسب؛ إنما تجده املؤرخ املحايد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫دينيا‬ ‫ال يهتم ب��ال��رأي العاطفي‪ ،‬مهما ك��ان مصدره‬ ‫ً‬ ‫طائفيا‪ ،‬وب�ه��ذه ال ��روح كتب ع��ن تاريخ‬ ‫أو ق��وم� ً�ي��ا أو‬ ‫ُ‬ ‫اليمامة‪ ،‬وع��ن شخصية مسيلمة (قتل ‪12‬ه �ـ)‪ .‬وقد‬ ‫أجاب على َمن اعترض عليه‪« :‬أنا ال أدافع عن مسيلمة‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫كتبت عنه‬ ‫بن حبيب الحنفي‪ .‬كل ما في األمر أنني‬ ‫وعن قرآنه املزعوم‪ .‬كما أنني أعدت قراءة تاريخ بني‬ ‫حنيفة برمته‪ ،‬وهذا العمل ال يرضي بعض املؤرخني‬ ‫أو املثقفني بسبب ِّ‬ ‫ردة بني حنيفة‪ ،‬تحميل ما أقوم به‬ ‫من عمل أكاديمي صارم شحنات دينية‪ ،‬أو التشكيك‬ ‫في النوايا»‪.‬‬ ‫ت�ح��دث ع��ن العلمانية ف��ي ن ��دوة ق��ادت��ه ال�ص��دف��ة إل��ى‬ ‫منصتها‪ ،‬فكان أحد حضور ندوة الخميسية (مجلس‬ ‫حمد ال�ج��اس��ر) بحي ال ��ورود ف��ي ال��ري��اض‪ ،‬ولغياب‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ُ‬ ‫امل�ح��اض��ر محمد علي ال �ب��ار ك�ل��ف العسكر بتقديم‬ ‫ال��ورق��ة نيابة‪ ،‬ليصطدم بشخصيات عربية غطاها‬ ‫ً‬ ‫مشيرا إلى‬ ‫تراب الحراك اإلسالمي‪ ،‬لكنه قال كلمته‪،‬‬ ‫خال من الكهنوت‪ ،‬يفصل بني السياسة‬ ‫أن اإلسالم‬ ‫ٍ‬ ‫والدين‪ ،‬وهذه العلمانية ببساطة‪.‬‬ ‫لم يطعن‪ ،‬كعادة الكثير ِمن املؤرخني العرب املسلمني‪،‬‬ ‫ب��امل �س �ت �ش��رق�ي�ن‪ ،‬وي ��أخ ��ذه ��م ب� �ج ��ري ��رة ال �ت �ج �س��س‪،‬‬ ‫فصالحهم وطالحهم ُيبان ِمن فائدة ما كتبه‪َّ ،‬‬ ‫ورب‬ ‫ومكتشف‪ ،‬ناسيا املهمة‬ ‫باحث‬ ‫جاسوس تحول إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التي أتى ألجلها‪ ،‬وال يحمل العسكر الغرب مصائبنا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ولننظر العيب فينا أوال‪ ،‬وإذا سئل عن املرأة ودورها‬ ‫ُ‬ ‫في التاريخ أجاب «ضعفها يعود إلى طغيان ذكورية‬ ‫مجتمعاتنا‪ ،‬وليس لسبب آخر»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫كان عاملا وحاملا‪ ،‬يصعب أن تكون له مشكلة مع من‬ ‫بأب ال يتعصب‪،‬‬ ‫خالفه الرأي‪ ،‬وما أكثرهم‪ ،‬فحظوته ٍ‬ ‫وما استفاده ِمن جامعة كاليفورنيا‪ّ ،‬أهلته أن يقبل‬ ‫ً‬ ‫بعلم التاريخ‪،‬‬ ‫الرأي اآلخر‪،‬‬ ‫شاكيا من قلة املحترفني ِ‬ ‫وهنا ال يقصد العدد بقدر ما يقصد نوعية املؤرخ‪ ،‬في‬ ‫العلم‪ ،‬وهو القائل‪« :‬ما‬ ‫زمن كثر الهواة الوالجون هذا َّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كان يجب أن نجعل التمذهب والطائفية يتحكمان فيما‬ ‫ً‬ ‫يجب أن ننظر فيه وما ال يجب»‪ً .‬‬ ‫عراقيا‪،‬‬ ‫ذاكرا أستاذا‬ ‫درسه في جامعة امللك سعود التاريخ األخميني‪ ،‬حبذه‬ ‫بدراسة تاريخ الشرق‪ .‬حتى كان على أبواب السفر إلى‬ ‫أصفهان للدراسة في جامعتها‪ ،‬بعد أن حصل على‬ ‫َّ‬ ‫القبول منها‪ ،‬ولكن اندالع الثورة اإلسالمية منع ذلك‪.‬‬ ‫يرى العسكر هناك قصورا في دراسة تاريخ الشرق‬ ‫ِمن إيران إلى أفغانستان والصني والهند وباكستان‪.‬‬ ‫عندما تسأل العسكر َّ‬ ‫عما وصل إليه من منزلة علمية‬ ‫م��رم��وق��ة‪ ،‬ف��ي دراس��ة ال�ت��اري��خ‪ ،‬يقص عليك الصدفة‬ ‫ال�ت��ي ق��ادت��ه إل��ى ول��وج ه��ذا ال� ِ�ع�ل��م‪ ،‬وإال ك��ان يفكر أن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫إعالميا‪ ،‬أو ما يفتح له الحظ باب مهنة أخرى‪،‬‬ ‫يكون‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ويعبر عن ذلك بعبارة «الدفع الذاتي»‪ ،‬أي ال تخطيط وال‬ ‫ً‬ ‫توقع‪ ،‬بعد أن أراد له والده أن يكون موظفا في مدينته‬ ‫«املجمعة» البعيدة عن الرياض‪.‬‬ ‫ترك مؤرخنا ثروة غزيرة من املؤلفات والتحقيقات‬ ‫ً‬ ‫والترجمات والتالميذ أيضا‪ ،‬فأهم ما كتب في التاريخ‪:‬‬ ‫«ت�ح�ق�ي��ب ال �ت��اري��خ اإلس�ل�ام ��ي»‪ ،‬ال ��ري ��اض (‪،)2008‬‬ ‫و«ت��اري��خ اليمامة في ص��در اإلس�لام محاولة للفهم»‬ ‫واألخير أطروحة الدكتوراه‪ ،‬صدر باإلنجليزية‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا عن دار «جداول»‪ .‬كان القدر يرصده‪،‬‬ ‫بالعربية‬ ‫وه ��و ف��ي ع�ن �ف��وان ع�ط��ائ��ه ال�ع�ل�م��ي‪ ،‬خ�ت��م ح�ي��ات��ه في‬ ‫ً‬ ‫مراجعة ملكتبة اإلسكندرية بحثا عن الوثيقة‪ ،‬ليؤكد‬ ‫عبرها‪« :‬االنحياز آفة ِعلم التاريخ»‪ ،‬رحل وهو في ِسن‬ ‫َّ‬ ‫عاما) ً‬ ‫الشباب (‪ً 64‬‬ ‫قياسا بأعمار املؤرخني‪ ،‬وقد أكلت‬ ‫سنونهم أوراق املاضني وخطوطهم املبهمة <‬


‫الجواهري‪ :‬خطأ‬ ‫فادح دفعت ثمنه‬

‫وأكرمني كثيرا‪ .‬وكان عبد الكريم قاسم يحاول البقاء معي نظر إلي ً‬ ‫مليا وأجابني‪« :‬أهذا عذر؟ ألغ الحجز»‪ .‬فكان جوابي‪:‬‬ ‫أطول مدة ممكنة‪ .‬ورغم أنه أكرمني ً‬ ‫كثيرا لكن لم أكن أعرف يجب أن أعود إلى بغداد‪ ،‬وفي أقصى سرعة‪.‬‬ ‫اس �م��ه‪ .‬وي ��وم ف�ج��ر «ث ��ورة ت �م��وز» ل��م أع��رف��ه إال م��ن ص��وره‪ .‬ولدى وداعه قال‪« :‬لقد كتبت لصالح جبر‪ ،‬رئيس الوزراء آنذاك‪،‬‬ ‫بخصوص النيابة»‪.‬‬ ‫وللحديث عن عبد الكريم صلة في ما بعد‪.‬‬ ‫وأثناء وجودي في لندن كتب إلي صادق البصام رسالة يقول‬ ‫فيها‪« :‬أبو فرات‪ ،‬ملاذا العناد وكأنك صنعت من خشب؟ يجب في النيابة‬ ‫أن تتحلى باللني والنعومة»‪ .‬وكان جوابي‪ :‬ما قلته لألمير حول‬ ‫ً‬ ‫النيابة لم يكن مجرد كالم‪ .‬واآلن‪ ،‬كل ما أتمناه هو أن أرسل وبالفعل انتخبت نائبا ف��ي املجلس النيابى‪ .‬وك��ان ذل��ك في‬ ‫في بعثة دراسية حيث أرتاح وأكسب لغة جديدة‪ .‬وثق أن كسب أواخ ��ر ع��ام ‪ .1947‬ب�ع��د ف�ت��رة ب�س�ي�ط��ة‪ ،‬أع�ل��ن ع��ن «م�ع��اه��دة‬ ‫لغة أحلى وأجمل من كل النيابات‪.‬‬ ‫بورتسموث» وقامت قيامة الجماهير ضد الحكومة والحكم‪.‬‬ ‫شقيق‬ ‫الحسني‪،‬‬ ‫بن‬ ‫زيد‬ ‫األمير‬ ‫وأثناء وجودي في لندن‪ ،‬أقام‬ ‫وقامت املظاهرات وامل�ع��ارك حيث استشهد أخ��ي جعفر في‬ ‫استقبال‬ ‫حفل‬ ‫لندن‪،‬‬ ‫في‬ ‫آنذاك‬ ‫العراق‬ ‫امللك فيصل األول وسفير‬ ‫معركة الجسر الباسلة‪.‬‬ ‫يلقب‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫كورنواس‬ ‫بينهم‬ ‫ومن‬ ‫دعا إليه كبار اإلنجليز‬ ‫وج��ن جنوني‪ .‬ول��م أع��د أميز بني األبيض واألس ��ود‪ .‬ونظمت‬ ‫املتوج‪.‬‬ ‫في العراق بامللك غير‬ ‫قصيدتي الشهيرة وهي رثاء ألخي جعفر (راجع القصيدة في‬ ‫إلي‬ ‫قدمه‬ ‫جليل‬ ‫شخص‬ ‫ومعه‬ ‫زيد‬ ‫باألمير‬ ‫وأثناء الحفل إذ‬ ‫مكان آخر) ثم قدمت استقالتي من املجلس النيابي‪:‬‬ ‫وبكل‬ ‫العربية»‪.‬‬ ‫القضية‬ ‫أبو‬ ‫ماكماهون‬ ‫السير‬ ‫قائال‪« :‬أقدم لك‬ ‫بعد االستقاالت في املجلس النيابى‪ ،‬حل املجلس وب��دأت‬ ‫العربية‬ ‫القضية‬ ‫أبا‬ ‫أن‬ ‫أعرف‬ ‫أنا‬ ‫سيدي‬ ‫له‪:‬‬ ‫قلت‬ ‫الوطني‬ ‫شعوري‬ ‫معارك االنتخابات من جديد‪.‬‬ ‫هو والدكم‪ .‬عندها قال لى‪« :‬دع والدي ووالدك ً‬ ‫ا»‪.‬‬ ‫جانب‬ ‫واش�ت��د ال �ص��راع ب�ين اإلنجليز واألم �ي��رك��ان‪ .‬واإلنجليز لم‬ ‫وخالل إقامتي في لندن‪ ،‬قيل لى إن األمير عبد اإلله يريدني‪ .‬تكن لديهم الرغبة في عودتي إل��ى املجلس النيابي عكس‬ ‫لكني لم أهتم باملوضوع إلى أن جاءني أحد الضباط يقول لي األميركان‪ .‬ودخل األمير عبد اإلله املعركة‪ .‬لقد كان األمير‬ ‫إن األمير ينتظرني في فندق «الكالريدج»‪ .‬فقلت له‪ :‬سأذهب يخطط لشيء آخ��ر‪ .‬كان يريد أن يكسبني ويكسب معي‬ ‫فيما بعد‪ .‬قال‪ :‬األوامر صدرت إلينا أن نحملك – إذا اقتضى جماهير غفيرة‪.‬‬ ‫األمر – حمال إلى الفندق‪.‬‬ ‫وبإنصاف أق��ول‪ :‬كان عبد اإلله من القالئل الذين يعتزون‬ ‫وتعال‬ ‫حوائجك‬ ‫هات‬ ‫أنت؟‬ ‫«أين‬ ‫األمير‪:‬‬ ‫وفي الفندق‪ ،‬قال لي‬ ‫بكرامتهم‪ ،‬وكان يعتبر أنه أمير بحق ويجب أن يمارس دوره‬ ‫ً‬ ‫بالحرج‪.‬‬ ‫وشعرت‬ ‫بيننا»‪.‬‬ ‫إلى هنا لتقيم‬ ‫في اإلمارة‪ .‬كان األمير صلبا‪.‬‬ ‫معنى‬ ‫فما‬ ‫العراق‪،‬‬ ‫في‬ ‫الجماهير»‬ ‫«معبود‬ ‫الوقت‬ ‫أنا في ذلك‬ ‫وك��ان يعرف أن اإلنجليز ي��ري��دون مقاسمته السلطة في‬ ‫حجزت‪.‬‬ ‫لقد‬ ‫آسف‪..‬‬ ‫أنا‬ ‫له‪:‬‬ ‫قلت‬ ‫براءة‬ ‫وبكل‬ ‫األمير؟‬ ‫مع‬ ‫رجوعي‬ ‫ب �ل��اده‪ .‬وه �ن��اك ح�ق�ي�ق��ة س�ي�ك�ش�ف�ه��ا امل�س�ت�ق�ب��ل‪ ،‬وه ��ي أن‬

‫اإلنجليز هم أول من عمل على إزاحة عبد اإلله‪ ،‬ألنه – كما‬ ‫قلت – كان عنيدا وقويا وذا كرامة‪.‬‬ ‫وال ينسى أنه أمير وابن امللك علي بن الحسني وأن السلطان‬ ‫عبد الحميد كان عندما يحضر إلى مجلس امللك يقبل يد‬ ‫جده الحسني ألنه شريف مكة‪.‬‬ ‫وح��اول األمير‪ ،‬كما قلت‪ ،‬إدخالي إلى املجلس النيابي‪ .‬وفي‬ ‫أحد األيام قال لي‪« :‬مهدي‪ .‬لقد فرغ مكان في املجلس النيابي‬ ‫فاستعد لذلك»‪ .‬وبدل أن أشكره على عرضه‪ .‬كان ردي ً‬ ‫نابيا‪ .‬إذ‬ ‫قلت له‪ :‬ال أريد نيابة عن طريقك بل أريدها عن طريق الشعب‪.‬‬ ‫لقد تصرفت مع األمير التصرف غير الالئق‪ .‬وما زلت حتى‬ ‫اآلن نادما على تصرفي ذاك‪ .‬ورفضي للنيابة كان رفضا غير‬ ‫الئق ودفعت ثمن ذلك غاليا‪.‬‬ ‫من أعلى املراكز طلب مني أن أكون في املجلس‪ .‬والجماهير‬ ‫كانت تطالب بي ألمثلها‪ .‬واألمير عبد اإلله يخوض معركة مع‬ ‫اإلنجليز من أجلي‪ .‬وأنا! حضرتي أرفض عرض األمير‪ .‬ملاذا؟‬ ‫وما هي األسباب التي من أجلها أرفض النيابة؟ نعم ألنني أريد‬ ‫الوصول عبر الشعب‪ .‬وليس بمؤازرة األمير‪.‬‬

‫خطأ فادح‬ ‫صحوت على نفسي بعد خمسة أيام‪ .‬فوجدت أنني أخطأت‬ ‫الخطأ الفادح‪ .‬وبالطبع دفعت ثمن غلطتي – كما قلت – غاليا‪:‬‬ ‫عشر سنوات‪ .‬من عام ‪ 1948‬إلى عام ‪.1958‬‬ ‫كنت خالل هذه الفترة شبه جائع‪ .‬كما أنني لم أستطع أن أخدم‬ ‫شعبى وال حتى كلمتي‪ .‬هذه من أخطائي الكبرى‪ .‬وال أغفرها‬ ‫لنفسي حتى اليوم <‬ ‫في العدد املقبل‪ :‬الحلقة األخيرة‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪119‬‬


‫في الحلقة السابقة من ذكريات محمد مهدي الجواهري روى الشاعر العراقي الكبير ‪ ،‬جانبا من معاركه السياسية مع السلطة في ظل‬ ‫انقالب وقع عام ‪ 1936‬وثورة رشيد علي الكيالني والثورة املضادة‪ .‬وروى الجواهري في هذا اإلطار تجاذب الفرقاء السياسيني له من‬ ‫خالل إغرائه بإصدار صحف تؤيد هذا الجانب أو ذاك من السياسيني العراقيني آنذاك‪ .‬ولعل أطرف ما تضمنته الحلقة السابقة زيارته‬ ‫لفلسطني عام ‪ 1944‬التي اعتبرها أجمل بلد في الدنيا‪ .‬وفي الحلقة التاسعة من ذكريات الجواهري يروي جانبا من معاركة االنتخابية‪.‬‬

‫مذكرات أبى فرات (‪)9‬‬

‫الجواهري‪ :‬في األربعينات حملت املاء والنار في يد واحدة‬ ‫براغ ‪ -‬هدى املر‬ ‫فى األربعينات بدأ غزل الحاكمني وغزل املحكومني‪.‬‬ ‫فإذا ما كنت قد مشيت في الشارع تدافعت الناس‬ ‫نحوي تعبيرا عن حبها لي‪ .‬وإذا رآنى األمير عبد‬ ‫اإلله وجماعته تراكضوا نحوي يعرضون خدماتهم وحبهم لى‪.‬‬ ‫وأل �ط��ف ع�ه��د ف��ي ح�ي��ات��ي ك��ان ف��ي األرب �ع �ي �ن��ات‪ :‬ح��ب ال�ن��اس‬ ‫وت�ل�ه�ف�ه��م ع�ل��ي م��ن ج �ه��ة‪ ،‬وم��ن ج�ه��ة أخ ��رى ح��ب الحاكمني‬ ‫ألنفسهم وكيف أنهم كانوا يعتبروننى قماشة جيدة لواجهة‬ ‫وطنية حلوة‪ .‬كنت أجمع بني حب الجماهير العاجزة عن إنقاذي‬ ‫ساعة أقع‪ ،‬وبني سعي الحاكمني لكسبي كواجهة وطنية‪ .‬علما‬ ‫أن الحكام يعرفون كيف يبرزون حبهم‪.‬‬ ‫وأستطيع ال�ق��ول إن��ه م��ا م��ن إن�س��ان جمع ب�ين ه��ذا التناقض‬ ‫العجيب‪ :‬حب الحاكمني واملحكومني في آن واحد‪ .‬وهل هناك‬ ‫أجمل من ذلك؟ املاء والنار في يد واحدة‪.‬‬ ‫امل��رة األول��ى ال�ت��ي ترشحت فيها لالنتخابات ك��ان��ت ف��ي عام‬ ‫‪ .1936‬يومها كنت املرشح األول في بغداد والعراق‪ .‬وكان من‬ ‫غير املمكن أن ال أفوز‪ .‬وفى اليوم الذي كانت ستصدر نتائج‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وقع انقالب بكر صدقي‪.‬‬

‫مرشح الكرخ‬ ‫وفي العام ‪ 1946‬ابتدأ االستعداد لالنتخابات‪.‬‬ ‫وكنت يومها مرشحا عن منطقة الكرخ مع‬ ‫عبد الرحمن البزاز وشخص آخر لم أعد أذكر‬ ‫من اسمه سوى عائلته وهي الوسواسي‪.‬‬ ‫وك� � ��ان م� ��ن ال �ط �ب �ي �ع��ي أن ي �ت ��م ال � �ف� ��وز ف��ي‬ ‫االنتخابات عبر الحكومة وم��ن تساندهم‪.‬‬ ‫ورغ� � ��م أن ال �ج �م��اه �ي��ر ك ��ان ��ت م �ع �ن��ا‪ ،‬ل�ك��ن‬ ‫الحكومة كانت ف��ي واد آخ��ر م��ع مرشحها‬ ‫الذي اعتمدته‪.‬‬ ‫وقد كنت ً‬ ‫رافعا علم املعارضة العنيفة ضد‬ ‫الحاكمني من ناحيتني‪ً :‬‬ ‫شعرا وآراء بواسطة‬ ‫«الرأي العام» التي كانت تعبر عن الجماهير‪.‬‬ ‫ورغ��م ذل��ك ك��ان��ت ال��دول��ة ت��رس��ل إل��ي أحيانا‬ ‫دعوة لحضور حفل ميالد أو تتويج‪ .‬وهذه‬ ‫الدعوات ال ترسل إلى كل الصحف بل إلى‬ ‫قلة قليلة من الصحافيني‪.‬‬ ‫قبل تلك االنتخابات (‪ )1946‬بنحو أسبوع‪،‬‬ ‫وصلتنى دع��وة لحضور حفلة تحييها أم‬ ‫كلثوم بمناسبة ذكرى التتويج‪ .‬وأثناء الحفلة‬

‫‪118‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ً‬ ‫مستفسرا‬ ‫ص��ادف جلوسي – عن غير قصد – ق��رب األمير عبد اإلل��ه‪ .‬اضطرني إلى االقتراب منه‪ .‬فسألني عن أحوالي‬ ‫ً‬ ‫بعد لحظات عرفت أن األمير عبد اإلله يومئ إلي‪ .‬وفي بادئ عما إذا كنت سألقي شيئا في الحفلة‪ .‬فشكرته على اهتمامه‬ ‫األم��ر تجاهلت املوضوع‪ ،‬لكن اإللحاح في ذلك أخجلني مما بي‪ ،‬وأبلغته أنني غير مستعد إللقاء أية قصيدة‪.‬‬ ‫معركة االن�ت�خ��اب��ات ك��ان��ت حامية‪ .‬تذكرت‬ ‫عبد اإلل��ه‪ ،‬وكيف أن��ه ح��اول استمالتي إليه‬ ‫أثناء الحفلة‪ .‬ومن املعروف آنذاك أن الكلمة‬ ‫األول��ى واألخيرة كانت له‪ .‬كما أن النيابات‬ ‫والحكومات كلها يتم تعيينها عبره‪.‬‬ ‫من هنا خطر لى الذهاب إليه في الديوان‪.‬‬ ‫دق��ائ��ق ودخ �ل��ت مل�ق��اب�ل��ة األم �ي��ر‪ ،‬فاستهل‬ ‫ح��دي �ث��ة ق ��ائ�ل�ا‪« :‬ك � ��ان ع �ل �ي �ن��ا إح� �ض ��ار أم‬ ‫كلثوم ك��ي ن��راك؟ م��ا ه��و مطلبك؟»‪ .‬فقلت‬ ‫ل��ه‪ :‬لقد كونا جبهة شعبية ون��ري��د خوض‬ ‫االن �ت �خ��اب��ات‪ .‬ل�ك��ن م��رش��ح ح�ك��وم�ت��ك معه‬ ‫م �س��دس��ات وخ �ن ��اج ��ر‪ ،‬وه � ��ذه ل �ي �س��ت من‬ ‫عاداتنا‪ ،‬فنحن لسان حال الناس والشعب‬ ‫ال أك�ث��ر وال أق��ل‪ .‬عندها ق��ال األم �ي��ر‪« :‬ه��ذا‬ ‫الشخص ال��ذي ذكرته ص��ارت رج�لاه على‬ ‫حافة القبر‪ .‬ما له وللنيابة؟ سامحك الله يا‬ ‫مهدي‪ .‬ألم تستطع الحضور قبل اآلن؟ ومع‬ ‫ذل��ك‪ ،‬ف��اذه��ب م��ن قبلي إل��ى امل�ت�ص��رف في‬ ‫الجواهري ومعه سعد قاسم حمودي عام ‪1974‬‬ ‫محافظة النجف»‪.‬‬ ‫كانت املعركة حامية‪ ،‬دخل فيها نوري السعيد من جهة واألمير‬ ‫عبد اإلله من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وفي األخير استدعاني ظاهر القيسي – رحمه الله – رئيس‬ ‫بلدية النجف وق��ال‪« :‬مل��اذا ال تحل املوضوع مع هذين اللذين‬ ‫فوق؟ فاألمير عبد اإلله يهتف لى من أجلك‪ ،‬ثم نوري السعيد‬ ‫يهتف من أجل اآلخر‪ .‬قل لهما أن يتفقا»‪.‬‬

‫العزلة في املنزل‬

‫الجواهري يستعد إللقاء كلمة عام ‪1974‬‬

‫ومن كثرة األخذ والرد‪ ،‬اشمأزت نفسي ولم أعد أغادر املنزل‪.‬‬ ‫إلى أن دعيت مع وفد صحافي إلى لندن‪ ،‬مما اضطرني إلى‬ ‫وداع األمير قبل املغادرة من قبيل البروتوكول‪ .‬وما إن رأني‬ ‫حتى بادرني قائال‪« :‬وم��ا الخطب إذا تأخر الواحد ً‬ ‫شهرا أو‬ ‫شهرين لكي يدخل املجلس النيابى؟»‪ .‬وكان ردي‪ :‬سمو األمير‪،‬‬ ‫صدقنى وبأمانة‪ ..‬كان عندي هوس في النيابة‪ ،‬ولكن اآلن عفت‬ ‫نفسي كل النيابات وحضوري إلى هنا‪ ،‬هو من أجل استئذانكم‬ ‫بالسفر إلى لندن فقط‪.‬‬ ‫وفي لندن‪ ،‬تعرفت على عبد الكريم قاسم‪ ،‬ويومها كان ضابطا‬ ‫في امللحقية العسكرية في السفارة العراقية‪ .‬وقد احترمني‬


‫النهاية‪ ،‬قررت من حاصرت الضحية أن‬ ‫األخرى هي من يجب أن تنفذ الهجوم‪.‬‬ ‫وأذعنت الفتاة وقامت بطعن الضحية‬ ‫نحو ‪ 19‬طعنة في الذراعني‪ ،‬والرجلني‪،‬‬ ‫وال �ب �ط��ن ب�س�ك�ين م�ط�ب��خ ك�ب�ي��ر‪ ،‬وك��ان��ت‬ ‫طعنتان م��ن تلك الطعنات ق��د أصابتا‬ ‫شريانا رئيسيا‪.‬‬ ‫وأوشكت إحدى الطعنتني على إصابة‬ ‫ال�ق�ل��ب ح�ي��ث اب �ت �ع��دت ع�ن��ه ب �م �ق��دار أق��ل‬ ‫م��ن ميليمتر‪ ،‬ف�ي�م��ا م��رت األخ� ��رى عبر‬ ‫ال� �ح� �ج ��اب ال� �ح ��اج ��ز واخ� �ت ��رق ��ت ال �ك �ب��د‬ ‫واملعدة‪ .‬وبعد الهجوم‪ ،‬طلبت الفتاتان‬ ‫من الضحية التي كانت ال تزال واعية أن‬ ‫تلتزم الهدوء ووعدتاها بأن تأتيا لها‬ ‫باملساعدة‪.‬‬ ‫وك��ان��ت ال�ف�ت��ات��ان تعتزمان ال��ذه��اب‬ ‫بعد الهجوم إلى منزل «سليندرمان»‬ ‫ال � � ��ذي ت� �ع� �ت� �ق ��دان أن � ��ه ي� �ق ��ع ب �ح��دي �ق��ة‬ ‫ن �ي �ك��ول�ي��ت ال �ق��وم �ي��ة ب��وي�س�ك��ون�س��ن‪.‬‬ ‫ومن املقرر أن تكون جلسة االستماع‬ ‫القادمة في أكتوبر (تشرين األول)‪.‬‬

‫املتهمتان بقتل صديقتهما‬

‫جدير بالذكر أن «سليندرمان» هو‬ ‫شخصية خيالية ظهرت في مسابقة‬ ‫«ف ��وت ��وش ��وب» أج ��راه ��ا م �ن �ت��دى على‬ ‫اإلنترنت يطلق عليه «شيء بشع» في‬ ‫‪ 2009‬بهدف تصميم شخصيات مفارقة‬ ‫للطبيعة‪ .‬ويتم تصوير السليندرمان‬ ‫كرجل طويل من دون وجه يرتدي بدلة‬

‫س ��وداء وت�خ��رج امل�ج�س��ات م��ن ظهره‪.‬‬ ‫ووف �ق��ا ألس �ط��ورة س�ل�ي�ن��درم��ان‪ ،‬فإنه‬ ‫يستطيع أن يتسبب في فقدان الذاكرة‬ ‫ون��وب��ات م��ن السعال وس�ل��وك رهابي‬ ‫ل��دى األف��راد‪ .‬كما يتم تصويره دائما‬ ‫باعتباره شخصا مختبئا في الغابات‬ ‫أو يطارد األطفال <‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪117‬‬


‫وقعت جريمة «سليندرمان» يوم السبت ‪ 31‬مايو (أيار)‪ 2014 ،‬في ووكيشا‪ ،‬بويسكونسن عندما قامت فتاتان في‬ ‫الثانية عشرة من عمرهما باستدراج فتاة في نفس العمر إلى الغابة وطعنها ‪ 19‬مرة بزعم رغبتهما في إرضاء‬ ‫الشخصية الخيالية؛ «سليندر مان»‪.‬‬

‫متهمتان بقتل صديقتهما إلرضاء «سليندرمان»‬

‫الخيال يقود فتاتني الرتكاب جريمة‬ ‫لندن ‪ -‬مينا الدروبي‪:‬‬

‫وبعدما تعرضت للطعن‪ ،‬زحفت‬ ‫ال�ف�ت��اة إل��ى ال�ط��ري��ق واستلقت‬ ‫على األرض حيث وجدها أحد‬ ‫رك� ��اب ال ��دراج ��ات واس �ت��دع��ى س�ي��ارة‬ ‫اإلس� � �ع � ��اف‪ .‬ت� ��م ن �ق �ل �ه��ا ب �س ��رع ��ة إل ��ى‬ ‫املستشفى ووف�ق��ا ل�ل��دع��وة الجنائية‬ ‫فإنها ك��ان��ت على وش��ك امل ��وت‪ .‬ظلت‬ ‫الفتاة في املستشفى ملدة ستة أيام ثم‬ ‫تعافت وعادت إلى املدرسة‪.‬‬ ‫وقد مثلت إحدى الفتاتني املتهمتني‬ ‫بمحاولة قتل زميلتهما؛ قبل عامني؛‬ ‫أم ��ام امل�ح�ك�م��ة ي ��وم ال�ج�م�ع��ة امل��اض��ي‬ ‫والتمست ال �ب��راء ة مدعية إصابتها‬ ‫بالجنون‪ .‬وك��ان��ت م��ورغ��ان جيسير‪،‬‬ ‫‪ 14‬ع ��ام ��ا‪ ،‬ق ��د ق��دم��ت ال �ت �م��اس��ا بعد‬ ‫م �ح��اول �ت �ه��ا االن �ت �ح��ار خ�ل�ال م��ؤت�م��ر‬ ‫بمحكمة مقاطعة ووكيشا‪.‬‬ ‫وكان القاضي مايكل بوهرن قد عني‬ ‫طبيبني لفحصها وأف��ادا ب��أن الفتاة‬ ‫ت �ع��ان��ي م� ��ن م � ��رض ال �ش �ي��زوف��ري �ن �ي��ا‬ ‫و«اض � �ط ��راب ال �ت �ح��دي االع �ت��راض��ي»‬ ‫وأن � �ه� ��ا ب��ال �ت��ال��ي ت �ق �ي��م ع �ل�اق� ��ات م��ع‬ ‫شخصيات خيالية‪ .‬وقال بوهرن إنه‬ ‫يسعى لتحديد ميعاد املحاكمة في‬ ‫مارس (آذار) أو في أسرع وقت مناسب‬ ‫لكل من املدعني ومحامي الفتاة‪.‬‬ ‫ووفقا ملحامي الفتاة فإنه إذا ما تمت‬ ‫إدانة جيسر‪ ،‬فإن االلتماس ببراء تها‬ ‫ب�ن��اء ع�ل��ى حالتها العقلية يقتضي‬ ‫إجراء محاكمة أخرى لتحديد حالتها‬ ‫العقلية وقت ارتكاب الجريمة‪.‬‬ ‫وإذا ق��ررت املحكمة أنها تعاني من‬ ‫‪116‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫خلل عقلي‪ ،‬فسيتم إيداعها بمستشفى‬ ‫لألمراض العقلية‪ ،‬أما إذا قررت أنها‬ ‫عاقلة فإنها س��وف تقضي ‪ 40‬عاما‬ ‫بالسجن وعشرين عاما تحت املراقبة‪.‬‬ ‫وكانت الفتاة األخرى‪ ،‬أنيسا ويير‪ ،‬التي‬ ‫تبلغ ‪ 14‬عاما حاليا‪ ،‬قد حاولت االنتحار‬ ‫أيضا‪ ،‬وقدمت التماسا بالبراءة‪ .‬ويقول‬ ‫ب � ��وه � ��رن إن� � ��ه ي �س �ع ��ى ل� �ت� �ح ��دي ��د م��وع��د‬ ‫ملحاكمتها في مارس أيضا‪.‬‬

‫«سليندرمان» هو شخصية خيالية ظهرت في‬ ‫مسابقة «فوتوشوب» أجراها منتدى على اإلنترنت‬ ‫يطلق عليه «شيء بشع» في ‪ 2009‬بهدف تصميم‬ ‫شخصيات مفارقة للطبيعة‬

‫وم��ن امل �ع��روف أن أي ش�خ��ص يزيد‬ ‫ع �م��ره ع �ل��ى ع �ش��ر س� �ن ��وات وي �ح��اول‬ ‫االنتحار يتم التعامل معه باعتباره‬ ‫بالغا بموجب قانون الوالية‪ .‬وعلى أي‬ ‫ح��ال‪ ،‬فقد قضت محكمة االستئناف‬ ‫خالل الشهر املاضي بأن تظل القضية‬ ‫منظورة أم��ام محاكم البالغني نظرا‬ ‫ألن ال�ج��ري�م��ة ت��م التخطيط ل�ه��ا كما‬ ‫أنها كانت تتسم بالعنف‪.‬‬ ‫ويجعل ذلك املحكمة العليا هي أمل‬ ‫الفتاتني األخ�ي��ر؛ حيث إن بإمكانها‬ ‫نقلهما إل ��ى م�ح��اك��م األح � ��داث ول�ك��ن‬ ‫محامي جيسر أفاد يوم الجمعة بأنه‬ ‫لن يطلب من املحكمة العليا النظر في‬ ‫قضية جيسر ألن�ه��ا ال تمثل مسألة‬ ‫قانونية جديدة‪.‬‬ ‫ف� � ��ي أع � � �ق� � ��اب ال� � �ه� � �ج � ��وم‪ ،‬ش� ��وه� ��دت‬ ‫املتهمتان وهما تسيران على مقربة‬ ‫من الطريق السريع‪ ،‬كما عثرت الشرطة‬ ‫على السكني في حقيبة إحداهما‪.‬‬ ‫وك��ان��ت الفتاتان ق��د خططتا لطعن‬ ‫صديقتهما أث�ن��اء ليلة قضتاها في‬ ‫ب�ي��ت جيسر أث �ن��اء احتفالهما بعيد‬ ‫م �ي�ل�اده��ا‪ .‬ح �ي��ث ق� ��ررت ال �ف �ت��ات��ان أن‬ ‫ترتكبا الجريمة في اليوم التالي في‬ ‫حديقة قريبة منهما‪.‬‬ ‫خططت الفتاتان الرتكاب الجريمة‬ ‫ف��ي ص �ب��اح ال �ي��وم ال �ت��ال��ي ف��ي ح�م��ام‬ ‫إحدى الحدائق املحلية‪ .‬ولكنهما في‬ ‫الحقيقة نفذتا الهجوم في غابة قريبة‬ ‫فيما كن تلعنب لعبة الغميضة‪.‬‬ ‫وأث � �ن� ��اء ال �ل �ع ��ب‪ ،‬ح ��اص ��رت إح��داه �م��ا‬ ‫الضحية‪ ،‬فيما اختلفت الفتاتان حول من‬ ‫يجب عليه أن ينفذ عملية الطعن‪ .‬وفي‬


‫بعض الصور التي التقطت خالل دورة األلعاب األوملبية ريو لعام ‪ 2016‬في ريو دي جانيرو لالعبني عرب حصلوا على ميداليات بالدورة (غيتي)‬

‫ك�م��ا ن�ج�ح��ت ك�ث�ي��ر م��ن ال� ��دول األخ� ��رى ف��ي ت�ح�ق�ي��ق كثير‬ ‫من امليداليات مثل جامايكا ‪ 11‬ميدالية ومنها ‪ 6‬ذهبيات‬ ‫وكازاخستان ‪ 17‬ميدالية وإيران ‪ 8‬ميداليات‪ .‬وحققت دول‬ ‫كثيرة مفاجآت م��دوي��ة مثل فيجي وك��وس��وف��و‪ ،‬وكلتاهما‬ ‫فازتا بذهبية‪ ،‬وهي املشاركة األولى لدولة كوسوفا ثم فضية‬ ‫وبرنزية ملنغوليا وفضية لغرينادا والفلبني وبرونزية لكل من‬ ‫مولودوفا وترينداد وتوباجو وأستونيا وفنلندا‪.‬‬ ‫وعلى املستوى العاملي‪ ،‬فإن أميركا حققت في ريو فقط ‪119‬‬ ‫ميدالية وهو أكثر مما حققه العرب عبر التاريخ‪ .‬وحققوا ‪43‬‬ ‫ذهبية‪ ،‬ثالثة أضعاف ما حققه العرب هذا املوسم‪.‬‬

‫أسماء تاريخية‬ ‫وعبر اإلنجازات قد ظهرت أسماء بأرقام وإنجازات فريدة‬ ‫م�ث��ل ال�ب��ري�ط��ان��ي محمد ف��رح بذهبيتي ‪ 10000‬و‪5000‬‬ ‫متر ع��دو‪ .‬واألميركية أليسون فيليكس بست ميداليات‬ ‫ف��ي ث�لاث دورات متتالية‪ .‬كما واص��ل السباح التاريخي‬ ‫فيليبس حصده امليداليات في السباحة حاصدا خمس‬ ‫ذهبيات «أفضل من ثالثية العرب» وفضية ليرفع الرصيد‬ ‫إلى ‪ 28‬ميدالية منها ‪ 23‬ذهبية‪ .‬والعداء التاريخي الجامايكي‬ ‫يوسني بولت الذي حقق ثالث ميدالية في ريو في سباقات‬ ‫‪ 100‬و‪ 200‬و‪ 400×4‬متر تتابع على غرار ما فعله في آخر‬ ‫دورتني ليحقق ‪ 9‬ميداليات‪.‬‬ ‫وإذا ك��ان��ت بعض ال ��دول العربية اع�ت�ب��رت نفسها حققت‬ ‫إنجازا‪ ،‬فإن دوال أخ��رى قد حزنت بسبب عدم حصولها‬ ‫على ما تستحقه مثل الجزائر‪.‬‬ ‫أما في مصر فإن الجميع قد استشاط غضبا بسبب البعثة‬ ‫الكبيرة وقوامها ‪ 124‬العبا وصرفت ما يقرب من ‪130‬‬ ‫مليون جنيه ثم جاءت بثالث برونزيات‪.‬‬

‫املصارعة املصرية إيناس مصطفى في نصف نهائي مصارعة السيدات (غيتي)‬

‫وتعليقا على ذل��ك‪ ،‬ق��ال ال�ل��واء محمود أحمد علي‪ ،‬رئيس‬ ‫اللجنة األوملبية املصرية األسبق‪ ،‬إن مستوى أبطال مصر‬ ‫ال يتعدى املنافسة األفريقية‪.‬‬ ‫وإنهم يحتاجون لكثير من التنظيم واملتابعة واإلعداد بما‬ ‫يليق بحجم البطولة وليس من الضروري أن تشارك مصر‬ ‫بكل هذه البعثة ولكن عليها أن تفكر فيمن يستطيع تحقيق‬ ‫اإلنجاز والحصول على ميدالية‪.‬‬ ‫أما محمد رشوان‪ ،‬البطل املصري الذي فاز بأول فضية في‬ ‫الجودو قبل أن تكون اللعبة أوملبية رسميا‪ ،‬فقال إن الالعبني‬

‫ف��ي م�ص��ر ي�ت�ع��رض��ون ل�ض�غ��وط ك�ب�ي��رة ق�ب��ل امل �ش��ارك��ة‪،‬‬ ‫خصوصا من جانب اإلع�لام‪ ،‬لذلك تأتي النتائج مخيبة‪.‬‬ ‫وق��ال إن االه�ت�م��ام غير ك��اف ب��األب�ط��ال وك�ث��رة املشاركني‬ ‫تسبب التشتت‪.‬‬ ‫وأكد أيمن سعد‪ ،‬خبير السباحة الدولي وعضو اللجنة الفنية‬ ‫باالتحاد الدولي للسباحة (فينا) واملدير التنفيذي لالتحاد‬ ‫اإلم��ارات��ي‪ ،‬أن السباحة العربية تحتاج ملنظومة يمكن من‬ ‫خاللها نقل املواهب واملهارات من طور املشاركة والتمثيل‬ ‫املشرف إلى مرحلة املنافس<‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪115‬‬


‫بمشاركة ‪ 486‬العبا يمثلون ‪ 18‬دولة عربية حصل أبطال العرب على ‪ 16‬ميدالية متنوعة كانت من نصيب ‪ 9‬دول‬ ‫فقط خالل أوليمبياد ريو دي جانيرو ‪ ،2016‬في حني خرجت باقي الدول بال رصيد من امليداليات‪ 16 .‬ميدالية فقط‬ ‫من بني مئات امليداليات التي تقاسمها العرب فيما بينهم في مشهد بات يثير كثيرا من التساؤالت حول الفشل‬ ‫الذي يخرج به العرب من هذا املحفل العاملي الذي يقام كل أربعة أعوام ويتسابق فيه أبطال العالم من كل شبر على‬ ‫وجه البسيطة في محاولة للفوز بلقب أو ميدالية واقفني على منصة التتويج ورافعني أعالم بالدهم ليصبحوا‬ ‫خير سفراء لها‪.‬‬

‫‪ً 486‬‬ ‫العبا‪ ..‬والنتيجة‪ 3 :‬ميداليات ذهبية فقط و‪ 4‬فضيات و‪ 9‬برونزيات‬

‫العرب في «أوملبياد ريو»‪ ..‬التقدم بطريقة السلحفاة‬

‫القاهرة‪ :‬خالد العشري‬ ‫ف��ي ك��ل ع��ام تظهر ق��وى ج��دي��دة تقتحم السباق‬ ‫وتصارع الكبار وتتحدى الصعوبات رافعة شعار‬ ‫الفوز فقط دون االستسالم ألي ظ��روف‪ ..‬وهناك‬ ‫العبون تهزمهم هذه الصعوبات التي قد تكون أقوى منهم‬ ‫فعال بفعل فاعل أو برغم أنف الجميع‪.‬‬ ‫اجتهد البعض وفاز‪ ..‬واجتهد البعض اآلخر وخسر‪ .‬وهناك‬ ‫من لم يبذل قطرة ع��رق‪ .‬ليس أثناء البطولة فقط ولكن في‬ ‫طريق االستعداد لها‪ ..‬فقد ظهر بعض األبطال في صورة‬ ‫مخزية وهم يودعون السباق بشكل مهني‪ ،‬وكأنه كان في‬ ‫سبات عميق خالل السنوات األربع املاضية حتى استيقظ‬ ‫فجأة على املنافسة‪ .‬وشاهدنا ذلك مع أكثر من العب مصري‪،‬‬ ‫خصوصا العب الجودو إس�لام الشهابي في مباراته أمام‬ ‫العب إسرائيل‪ .‬وخالل السطور التالية نرصد موقف العرب‬ ‫بالنتائج واألرقام‪.‬‬

‫املنتخبات املشاركة وأفرادها وامليداليات‬ ‫شارك العرب بـ‪ 18‬دولة هي‪ :‬األردن ‪ 8‬العبني‪ ..‬ذهبية‬

‫‪114‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫التايكوندو‪ .‬والكويت‪ ،‬شاركت باسم «املستقلون األوملبيون»‪ ،‬ومثلهم لتونس وواحدة لكل من املغرب واإلمارات‪.‬‬ ‫‪ 9‬العبني‪ ..‬ذهبية الرماية لفهيد الدحياني وفضية الرماية‬ ‫لعبد الله الرشيدي‪ .‬أم��ا البحرين فعدد املشاركني ك��ان ‪ 35‬التاريخ والحاضر‬ ‫العبا‪ ..‬ذهبية ‪ 3000‬متر موانع لران جبيث وفضية املاراثون‬ ‫ألوينس جبكيروي‪ .‬والجزائر ‪ 65‬العبا‪ ..‬فضيتا ‪ 800‬و‪ 1500‬ومنذ أول حصد عربي مليداليات عام ‪ 1928‬عن طريق مصر‬ ‫متر لتوفيق املخلوفي‪.‬‬ ‫التي فازت بذهبيتي رفع األثقال واملصارعة الرومانية وفضية‬ ‫برشم‪.‬‬ ‫ملعتز‬ ‫الطويل‬ ‫الوثب‬ ‫فضية‬ ‫العبا‪..‬‬ ‫قطر شاركت بـ‪39‬‬ ‫وبرونزية الغطس‪ ،‬وحتى قبل ‪ .2016‬ك��ان حصاد العرب‬ ‫سمير‬ ‫�ارة‬ ‫�‬ ‫س‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫�ال‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫�‬ ‫ث‬ ‫األ‬ ‫�ع‬ ‫�‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫برونزيتا‬ ‫�ا‪..‬‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ومصر ‪ 124‬الع�‬ ‫‪ 94‬ميدالية متنوعة‪ ..‬بـ‪ 24‬ذهبية و‪ 23‬فضية و‪ 47‬برونزية‬ ‫‪61‬‬ ‫وتونس‬ ‫مالك‪.‬‬ ‫لهداية‬ ‫التايكوندو‬ ‫وبرونزية‬ ‫ومحمد إيهاب‬ ‫ليصبح الرصيد العربي اآلن ‪ 110‬ميداليات بـ‪ 27‬ذهبية و‪27‬‬ ‫والتايكوندو‬ ‫العمري‬ ‫ملروة‬ ‫املصارعة‬ ‫برونزيات‪..‬‬ ‫العبا‪ ..‬و‪3‬‬ ‫فضية و‪ 56‬برونزية‪ ..‬وزاد العرب من ميداليات ألعاب القوى‬ ‫املغرب‬ ‫البوبكري‪.‬‬ ‫إليناس‬ ‫الشيش‬ ‫وسالح‬ ‫الوسالتي‬ ‫ألسامة‬ ‫‪ 5‬ميداليات و‪ 2‬لرفع األثقال والرماية وواحدة في املصارعة‬ ‫ملحمد‬ ‫�ة‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫ك‬ ‫�لا‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫�ة‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫�ز‬ ‫�‬ ‫ن‬ ‫�رو‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�دت‬ ‫�‬ ‫ص‬ ‫�‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫�ا‪..‬‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ـ‪51‬‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�ت‬ ‫ش��ارك�‬ ‫واملالكمة والسيف‪ ..‬بجانب اثنتني في التايكوندو وواح��دة‬ ‫الجودو‬ ‫برونزية‬ ‫�ا‪..‬‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫‪13‬‬ ‫�ارات‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫واإل‬ ‫ربيعي‪.‬‬ ‫للجودو ألول مرة منذ أدرجت اللعبتان أوملبيا‪ ..‬وكان رصيد‬ ‫لسرجيو توما‪.‬‬ ‫العرب في باقي األلعاب صفرا مثل السباحة والتنس وكرة‬ ‫واملستقلني‬ ‫لألردن‬ ‫ذهبيات‬ ‫‪3‬‬ ‫النهائية‬ ‫املحصلة‬ ‫املاء وكرة القدم واليد والسلة والطائرة والدراجات والخماسي‬ ‫وثالثة‬ ‫للجزائر‬ ‫اثنتان‬ ‫فضيات‪..‬‬ ‫و‪4‬‬ ‫والبحرين‪..‬‬ ‫والعشاري‪.‬‬ ‫ملصر‬ ‫‪3‬‬ ‫برونزيات‪،‬‬ ‫و‪8‬‬ ‫لقطر‪..‬‬ ‫والرابعة‬ ‫للبحرين‬ ‫وتبقى مصر األعلى رصيدا حتى اآلن بني العرب ولها ‪29‬‬ ‫ميدالية متنوعة ثم املغرب ‪ 23‬والجزائر ‪ 17‬وتونس ‪ 13‬وقطر‬ ‫‪ 5‬ولبنان ‪ 4‬والسعودية وسوريا واإلمارات والكويت والبحرين‬ ‫‪ 3‬والسودان والعراق واألردن ميدالية‪ ،‬وهي التي حققتها في‬ ‫البرازيل‪ .‬في حني تظل لبنان وعمان وفلسطني واليمن من‬ ‫دون رصيد‪ .‬وعلى مدار تاريخ مشاركات العرب فإن ما حققه‬ ‫العرب هذا املوسم هو األفضل في العدد‪.‬‬ ‫مقارنة أفريقية عاملية‬ ‫حقق األفارقة هذا العام فقط ‪ 36‬ميدالية منها ‪ 10‬ذهبيات‬ ‫و‪ 16‬فضية و‪ 10‬برونزيات أي أكثر من ضعف ميداليات‬ ‫ال �ع��رب‪ .‬وح�ق�ق��ت كينيا ب�م�ف��رده��ا ‪ 13‬ميدالية‬ ‫أق��ل بثالث ميداليات عن العرب‬ ‫وق��د شاركت ب�ـ‪ 80‬متسابقا‬ ‫أي رب ��ع امل �ش��ارك�ي�ن ال �ع��رب‪.‬‬ ‫وح �ص��دت كينيا ‪ 6‬ذهبيات‬ ‫ضعف ما حققه العرب‪.‬‬ ‫وج��اءت جنوب أفريقيا ب �ـ‪ 140‬متسابقا وعشر ميداليات‬ ‫منافسة مصرية يابانية‬ ‫وإث�ي��وب�ي��ا ‪ 38‬م�ت�س��اب�ق��ا و‪ 8‬م�ي��دال�ي��ات وس��اح��ل ال �ع��اج ‪12‬‬ ‫على برونزية التايكوندو‬ ‫متسابقا ف�ق��ط وم�ي��دال�ي�ت�ين‪ .‬ح�ت��ى ب��ورون��دي ش��ارك��ت ب�ـ‪9‬‬ ‫للسيدات (غيتي)‬ ‫متسابقني والنيجر بـ‪ 6‬وحصدتا ميدالية ثم نيجيريا بـ‪74‬‬ ‫متسابقا وذهبية‪.‬‬


‫صورة توضح كيف تؤثر املياه‬ ‫البيضاء على اإلبصار‪ ،‬يصبح‬ ‫اإلبصار الطبيعي (على اليسار)‬ ‫ً‬ ‫مشوشا عندما تتكون املياه‬ ‫البيضاء (على اليمني)‬

‫جزءا ً‬ ‫رعاية خاصة‪ ،‬حيث تصبح ً‬ ‫دائما من عينيك‪.‬‬ ‫تتوفر مجموعة متنوعة من العدسات املنزرعة داخل‬ ‫مقلة العني‪ ،‬ولكل منها ميزات مختلفة‪ .‬تكون بعض‬ ‫العدسات املنزرعة داخل مقلة العني من البالستيك‬ ‫الصلب‪ ،‬ويجري زرعها من خالل شق يتطلب عدة‬ ‫غرز إلغالقه‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فهناك كثير من العدسات املرنة من تلك‬ ‫العدسات التي يتم زرعها داخ��ل مقلة العني مما‬ ‫ُ‬ ‫يسمح بعمل شقوق أصغر تتطلب بضع غرز أو قد‬ ‫ُ‬ ‫ال تتطلب أي غرز‪ .‬في هذا النوع املرن من العدسات‪،‬‬ ‫يطوي الجراح العدسة ويقوم بإدخالها في املحفظة‬ ‫الفارغة‪ ،‬حيث كانت العدسة الطبيعية موجودة‪.‬‬ ‫وبمجرد دخولها في العني‪ ،‬تنفرد العدسة املطوية‬ ‫املنزرعة داخل مقلة العني‪ ،‬وتمأل املحفظة الفارغة‪.‬‬ ‫تعمل بعض أنواع العدسات املنزرعة داخل مقلة‬ ‫العني على حجب األشعة فوق البنفسجية‪ .‬وتعمل‬ ‫بعض أنواع العدسات املنزرعة داخل مقلة العني‬ ‫بطريقة تشبه ال�ن�ظ��ارات ثنائية ال�ب��ؤر لتوفير‬ ‫ال��رؤي��ة ال�ق��ري�ب��ة وال�ب�ع�ي��دة م� ً�ع��ا‪ ،‬ف��ي ح�ين يوفر‬ ‫بعضها ال��رؤي��ة البعيدة فقط أو ال��رؤي��ة القريبة‬ ‫فقط‪ .‬بالنسبة لبعض األشخاص‪ ،‬يمكن اختيار عدسة لتوفير‬ ‫الرؤية البعيدة إلح��دى العينني وعدسة أخ��رى لتوفير الرؤية‬ ‫القريبة للعني األخرى‪.‬‬ ‫ناقش ميزات ومخاطر األنواع املختلفة من العدسات املنزرعة‬ ‫داخل مقلة العني مع جراح العيون لتحديد األفضل لحالتك‪.‬‬ ‫بعد جراحة املياه البيضاء‬ ‫بعد جراحة املياه البيضاء‪ ،‬توقع حدوث تحسن في اإلبصار‬ ‫لديك في غضون أيام قليلة‪ .‬قد تكون الرؤية مشوشة وغائمة‬ ‫في البداية‪ ،‬بينما تتماثل عينك للشفاء وتنضبط الرؤية‪.‬‬ ‫ستزور الطبيب عادة بعد إجراء الجراحة بيوم أو يومني‪ ،‬في‬ ‫األسبوع التالي‪ ،‬ثم مرة أخرى بعد شهر ملراقبة االلتئام‪.‬‬ ‫ومن الطبيعي أن تشعر بالحكة وانزعاج خفيف لبضعة أيام‬ ‫بعد الجراحة‪ .‬تجنب فرك عينك أو الضغط عليها‪ .‬وقد يطلب‬ ‫واق في يوم إجراء‬ ‫منك الطبيب ارتداء الصقة العني أو غطاء ٍ‬ ‫العملية الجراحية‪ .‬كذلك‪ ،‬قد يوصي الطبيب بارتداء الصقة‬ ‫العني لبضعة أيام بعد الجراحة والغطاء الواقي عند النوم خالل‬

‫ رسم توضيحي يستعرض خطوتني من خطوات جراحة‬‫ً‬ ‫شيوعا‬ ‫املياه البيضاء أثناء استحالب العدسة‪ ،‬وهو النوع األكثر‬ ‫لجراحة املياه البيضاء‪ ،‬تقوم الرأس سريعة االهتزاز ملسبار املوجات‬ ‫فوق الصوتية باستحالب املياه البيضاء بما يساعد في انحاللها‪،‬‬ ‫ثم يمتصها الجراح (الجزء العلوي)‪ُ .‬‬ ‫ويترك الجزء الخارجي للمياه‬ ‫ً‬ ‫عموما في موضعها‪ .‬بعد إزالة املادة‬ ‫البيضاء (محفظة العدسة)‬ ‫التي تم استحالبها‪ ،‬يقوم الجراح بإدخال العدسة املنزرعة في‬ ‫ً‬ ‫موجودا فيه‬ ‫املساحة الفارغة داخل املحفظة وهي املكان الذي كان‬ ‫العدسة الطبيعية (الجزء السفلي)‪.‬‬

‫فترة التعافي‪ .‬قد يصف الطبيب قطرة للعني أو أدوية أخرى‬ ‫ملنع العدوى‪ ،‬وتقليل االلتهاب‪ ،‬والسيطرة على ضغط العني‪.‬‬ ‫بعد بضعة أيام‪ ،‬يختفي معظم الشعور باالنزعاج‪ً .‬‬ ‫وغالبا‪ ،‬ما‬ ‫يتم الشفاء التام في غضون ثمانية أسابيع‪.‬‬ ‫اتصل بالطبيب ً‬ ‫فورا إذا كنت تعاني من أي مما يلي‪:‬‬ ‫ فقد البصر‬‫‪ -‬استمرار الشعور باأللم على الرغم من استخدام مسكنات‬

‫األلم املتاحة دون وصفة طبية‬ ‫ زيادة احمرار العني‬‫ ظهور وم�ض��ات ض��وء أو بقع ج��دي��دة متعددة‬‫(أجسام طافية) أمام عينك‬ ‫ الغثيان أو القيء أو السعال املفرط‬‫يحتاج معظم الناس إلى ارتداء نظارات‪ ،‬على األقل‬ ‫لبعض الوقت‪ ،‬بعد إج��راء جراحة املياه البيضاء‪.‬‬ ‫وس�ي�خ�ب��رك ال�ط�ب�ي��ب ب��ذل��ك ع�ن��دم��ا ت�ت�م��اث��ل عينك‬ ‫للشفاء بما يكفي للحصول على قياس طبي نهائي‬ ‫للنظارات الطبية‪.‬‬ ‫إذا كنت تعاني من املياه البيضاء في كلتا العينني‪،‬‬ ‫فسوف يحدد الطبيب في الغالب جراحة ثانية بعد‬ ‫ش�ه��ر أو ش�ه��ري��ن إلزال ��ة امل �ي��اه ال�ب�ي�ض��اء م��ن العني‬ ‫ً‬ ‫األخ��رى‪ .‬ويتيح ه��ذا وقتا لشفاء العني األول��ى قبل‬ ‫إجراء الجراحة للعني الثانية‪.‬‬ ‫النتائج‬ ‫تعمل جراحة املياه البيضاء على استعادة الرؤية‬ ‫بنجاح ملعظم األشخاص الذين قاموا بإجرائها‪.‬‬ ‫قد يعاني بعض األشخاص ممن خضعوا لجراحة‬ ‫امل �ي ��اه ال �ب �ي �ض��اء م ��ن إح� ��دى امل �ض��اع �ف��ات ال�ش��ائ�ع��ة‬ ‫وامل �ع��روف��ة ب��اس��م ع�ت��ام��ة امل�ح�ف�ظ��ة الخلفية أو امل�ي��اه‬ ‫البيضاء الثانوية‪ .‬ويحدث هذا عندما يصبح الجزء الخلفي‬ ‫من محفظة العدسة‪ ،‬وهو الجزء الذي لم يتم استئصاله من‬ ‫العدسة أثناء الجراحة والذي يدعم اآلن العدسة املنزرعة‪ً ،‬‬ ‫غائما‬ ‫ويعوق رؤيتك‪.‬‬ ‫ت�ت��م م�ع��ال�ج��ة ع�ت��ام��ة امل�ح�ف�ظ��ة ال�خ�ل�ف�ي��ة دون أل ��م ع��ن ط��ري��ق‬ ‫إج��راء جراحة في العيادة الخارجية تستغرق خمس دقائق‬ ‫ُ‬ ‫وتعرف باسم بضع املحفظة باستخدام ليزر مخدر اإليتريوم‬ ‫األلومنيوم العقيق‪ .‬ويستخدم بضع املحفظة باستخدام ليزر‬ ‫ً‬ ‫شعاعا من الليزر إلحداث‬ ‫مخدر اإليتريوم األلومنيوم العقيق‬ ‫صاف يمكن‬ ‫فتحة صغيرة في املحفظة الغائمة لتوفير مسار‬ ‫ٍ‬ ‫للضوء أن يمر من خالله‪.‬‬ ‫بعد ه��ذا اإلج ��راء‪ ،‬تبقى ع��ادة ف��ي ع�ي��ادة الطبيب مل��دة ساعة‬ ‫ً‬ ‫تقريبا للتأكد من ع��دم زي��ادة ضغط العني‪ .‬ن� ً‬ ‫�ادرا ما تحدث‬ ‫مضاعفات أخ��رى‪ ،‬ولكنها ق��د تتضمن زي��ادة ضغط العني‬ ‫وانفصال الشبكية <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪113‬‬


‫جراحة املياه البيضاء هي إجراء الستئصال عدسة العني واالستعاضة عنها‪ ،‬في‬ ‫معظم الحاالت‪ ،‬بعدسة صناعية‪ .‬يتم استخدام جراحة املياه البيضاء لعالج ضبابية‬ ‫العدسة التي تكون صافية ً‬ ‫تماما في حالتها الطبيعية (املياه البيضاء)‪.‬‬

‫نظرة عامة تتناول مخاطر هذه الجراحة في العني ومضاعفاتها ونتائجها‬

‫جراحة املياه البيضاء‬ ‫مايو كلينيك‬ ‫ي �ق��وم ط�ب�ي��ب ال �ع �ي��ون (أخ �ص��ائ��ي ال��رم��د) ب��إج��راء‬ ‫جراحة املياه البيضاء في العيادات الخارجية‪ ،‬مما‬ ‫يعني أن��ك ل��ن ت�ح�ت��اج للبقاء ف��ي املستشفى بعد‬ ‫الجراحة‪ .‬تعد جراحة املياه البيضاء شائعة ج� ً�دا‪ ،‬كما أنها‬ ‫إجراء آمن بوجه عام‪.‬‬

‫دواعي اإلجراء‬ ‫يتم إجراء جراحة املياه البيضاء ملعالجة إعتام عدسة العني‪.‬‬ ‫وتتسبب امل�ي��اه البيضاء ف��ي تشويش ال��رؤي��ة وزي ��ادة توهج‬ ‫األضواء‪ .‬فإذا أدت املياه البيضاء إلى مواجهة أي صعوبة في‬ ‫تنفيذ األنشطة الطبيعية‪ ،‬فقد يشير عليك الطبيب بإجراء‬ ‫جراحة املياه البيضاء‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬عندما تؤثر املياه البيضاء على ع�لاج مشاكل العني‬ ‫األخ��رى‪ ،‬فقد يوصي الطبيب بجراحة املياه البيضاء‪ .‬فعلى‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬قد يوصي األطباء بجراحة املياه البيضاء إذا‬ ‫واجه طبيب العيون صعوبة في فحص الجزء الخلفي من العني‬ ‫ملراقبة أو عالج مشاكل العني األخرى مثل الضمور الشبكي‬ ‫املرتبط بتقدم العمر أو اعتالل الشبكية السكري‪.‬‬ ‫ف��ي معظم ال �ح��االت‪ ،‬ل��ن يسبب ان�ت�ظ��ار إج ��راء ج��راح��ة املياه‬ ‫البيضاء ض� ً‬ ‫�ررا لعينيك‪ ،‬وبذلك يكون لديك الوقت للنظر في‬ ‫ً‬ ‫الخيارات املتاحة أمامك‪ .‬إذا كان إبصارك ال ي��زال جيدا إلى‬ ‫حد م��ا‪ ،‬فقد ال تحتاج إلج��راء جراحة املياه البيضاء ألع��وام‬ ‫كثيرة‪ ،‬إن لم يكن لألبد‪.‬‬ ‫عند التفكير في إج��راء جراحة املياه البيضاء‪ ،‬ضع األسئلة‬ ‫التالية في اعتبارك‪:‬‬ ‫ هل يمكنك أن ترى بالدرجة الكافية ألداء عملك وكذلك قيادة‬‫السيارة بأمان؟‬ ‫ هل تواجه مشاكل في القراءة أو مشاهدة التلفاز؟‬‫ هل من الصعب عليك الطهي أو التسوق أو العمل في فناء‬‫املنزل أو صعود الساللم أو تناول األدوية؟‬ ‫ هل تؤثر مشاكل اإلبصار على درجة استقالليتك؟‬‫ هل تعاني من صعوبة في رؤية الوجوه بوضوح؟‬‫ هل تؤدي األضواء الساطعة إلى الشعور بمشقة في الرؤية؟‬‫املخاطر‬ ‫من غير الشائع حدوث مضاعفات بعد جراحة املياه البيضاء‪،‬‬ ‫ويمكن عالج معظمها بنجاح‪.‬‬ ‫تتضمن مخاطر جراحة املياه البيضاء ما يلي‪:‬‬ ‫ االلتهاب‬‫‪ -‬العدوى‬

‫‪112‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ النزيف‬‫ التورم‬‫ انفصال الشبكية‬‫ املياه الزرقاء‬‫ املياه البيضاء الثانوية‬‫ فقدان الرؤية‬‫يزداد خطر حدوث مضاعفات إذا كنت تعاني من مرض آخر‬ ‫في العني أو حالة طبية خطيرة تؤثر على أي جزء من جسمك‪.‬‬ ‫في بعض األحيان‪ ،‬تفشل جراحة املياه البيضاء في تحسني‬ ‫اإلب�ص��ار بسبب وج��ود ض��رر بالغ ف��ي العني نتيجة لحاالت‬ ‫طبية أخرى‪ ،‬مثل املياه الزرقاء أو الضمور الشبكي؛ لذا‪ ،‬إن كان‬ ‫ً‬ ‫ممكنا‪ ،‬قد يكون من املفيد تقييم وعالج مشاكل العني األخرى‬ ‫قبل اتخاذ قرار إجراء جراحة املياه البيضاء‪.‬‬ ‫كيفية التحضير‬ ‫من أجل التحضير إلج��راء جراحة املياه البيضاء‪ ،‬قد ُيطلب‬ ‫منك ما يلي‪:‬‬ ‫ الخضوع الختبارات‪ .‬قبل أسبوع أو نحو ذلك من الجراحة‪،‬‬‫ُي�ج��ري الطبيب اخ�ت�ب� ً�ارا غير مؤلم باملوجات ف��وق الصوتية‬ ‫لقياس حجم وشكل العني‪ .‬ويساعد هذا االختبار في تحديد‬ ‫النوع الصحيح من العدسة املزروعة (العدسة املنزرعة داخل‬ ‫مقلة العني)‪.‬‬ ‫ التوقف عن تناول أدوية معينة‪ .‬قد ينصحك الطبيب بالتوقف‬‫ً‬ ‫مؤقتا عن تناول أي دواء يمكن أن يزيد من خطورة التعرض‬ ‫لنزيف أثناء إجراء العملية‪.‬‬ ‫ استخدام قطرات العني للحد من مخاطر اإلصابة بالعدوى‪.‬‬‫يمكن وصف قطرات عني كمضاد حيوي لالستخدام قبل يوم‬ ‫واحد أو يومني من إجراء الجراحة‪.‬‬ ‫ الصوم قبل إج��راء الجراحة‪ .‬قد ُيطلب منك عدم تناول أي‬‫طعام أو شراب قبل ‪ 12‬ساعة من إجراء العملية‪.‬‬ ‫ التحضير للتعافي‪ .‬عادة يمكنك العودة إلى املنزل في يوم‬‫الجراحة نفسه‪ ،‬ولكنك لن تتمكن من القيادة‪ ،‬لذلك رتب أمر‬ ‫ّ ً‬ ‫عودتك إلى املنزل‪ .‬ورتب أيضا أمر مساعدتك في جميع أنحاء‬ ‫املنزل‪ ،‬إذا ل��زم األم��ر‪ ،‬ألن الطبيب س��وف يقيد األنشطة التي‬ ‫يمكنك القيام بها‪ ،‬مثل االنحناء وحمل األشياء‪ ،‬لنحو أسبوع‬ ‫بعد الجراحة‪.‬‬ ‫ما يمكنك توقعه‬ ‫يستغرق إجراء جراحة املياه البيضاء‪ ،‬التي عادة ما تتم في‬ ‫العيادات الخارجية‪ ،‬ساعة أو أقل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ ،‬يضع الطبيب قطرات العني داخ��ل عينك‪ ،‬وذل��ك لتوسيع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تخديرا موضعيا لتخدير املنطقة‪ ،‬وقد‬ ‫حدقة العني‪ .‬وستتلقى‬ ‫ً‬ ‫ملساعدتك في االسترخاء‪ .‬إذا تم إعطاؤك‬ ‫يتم إعطاؤك مسكنا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مسكنا‪ ،‬فقد تظل مستيقظا‪ ،‬ولكنك ستشعر بالترنح أثناء‬

‫إجراء الجراحة‪.‬‬ ‫وأثناء جراحة املياه البيضاء‪ ،‬يتم استئصال العدسة الغائمة‪،‬‬ ‫وع��ادة م��ا يتم زرع عدسة صناعية صافية‪ .‬وم��ع ذل��ك‪ ،‬فقد‬ ‫يتم‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬استئصال املياه البيضاء دون زرع‬ ‫عدسة صناعية‪.‬‬ ‫تتضمن الطرق الجراحية املستخدمة إلزالة املياه البيضاء ما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫ اس�ت�خ��دام مسبار يعمل ب��امل��وج��ات ف��وق الصوتية لتفتيت‬‫العدسة من أجل إزالتها‪ .‬أثناء الخضوع إلجراء ُيعرف باسم‬ ‫استحالب العدسة‪ ،‬يقوم الجراح بعمل شق صغير في الجزء‬ ‫األمامي من العني (القرنية) ُويدخل مسبار إبرة ً‬ ‫رفيعا في مادة‬ ‫العدسة حيث ّ‬ ‫تكونت املياه البيضاء‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬يستخدم الجراح املسبار‪ ،‬الذي يرسل موجات فوق‬ ‫صوتية‪ ،‬لتفتيت (استحالب) املياه البيضاء وشفط الشظايا‬ ‫للخارج‪.‬‬ ‫ويبقي الجزء الخلفي البعيد من العدسة (محفظة العدسة)‬ ‫ً‬ ‫سليما ليتم استخدامه كمكان لوضع العدسة االصطناعية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يمكن استخدام غرز أو عدم استخدامها إلغالق الشق الصغير‬ ‫في القرنية عند االنتهاء من إجراء الجراحة‪.‬‬ ‫ عمل شق في العني واستئصال العدسة‪ .‬هناك إج��راء أقل‬‫ً‬ ‫شيوعا ُيعرف باسم «سحب املياه البيضاء خارج املحفظة»‪،‬‬ ‫حيث يتطلب عمل شق أكبر من الشق املستخدم في استحالب‬ ‫العدسة‪ .‬من خالل هذا الشق الكبير‪ ،‬يستخدم الجراح أدوات‬ ‫جراحية إلزال��ة املحفظة األمامية للعدسة وال�ج��زء الغائم من‬ ‫العدسة الذي ّ‬ ‫تكونت عليه املياه البيضاء‪.‬‬ ‫ويبقي الجزء الخلفي البعيد من العدسة ً‬ ‫سليما ليتم استخدامه‬ ‫كمكان لوضع العدسة االصطناعية‪.‬‬ ‫يمكن تنفيذ هذا اإلجراء إذا كنت تعاني من بعض املضاعفات‬ ‫في عني محددة‪ .‬وبسبب اتساع حجم الشق‪ ،‬فإنه يلزم عمل‬ ‫ُ‬ ‫غرز إلغالقه‪.‬‬ ‫بمجرد إزالة املياه البيضاء‪ ،‬إما عن طريق استحالب العدسة‬ ‫وإما استخراجها خارج املحفظة‪ ،‬يتم زرع عدسات اصطناعية‬ ‫صافية في محفظة العدسة الفارغة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويتم صنع هذه العدسة‪ ،‬التي تسمى بالعدسة املنزرعة داخل‬ ‫مقلة العني (‪ ،)IOL‬من البالستيك أو اإلكريليك أو السيلكون‪.‬‬ ‫لن تكون ً‬ ‫قادرا على رؤية العدسة أو الشعور بها‪ .‬وال تتطلب أي‬


‫هيئة نقل لندن‬ ‫تصدر خريطة جديدة‬ ‫ملترو األنفاق‬ ‫لندن‪ :‬لكي تخفف الضغط على مترو‬ ‫لندن‪ ،‬ولكي يتمكن سكان لندن من‬ ‫الخروج من املترو والتحرك بسالسة‬ ‫ب�ين امل�ح�ط��ات املختلفة‪ ،‬أص ��درت «هيئة نقل‬ ‫لندن» خريطة تظهر أن كثيرا من املناطق بها‬ ‫محطتان تفصل بينهما فقط ‪ 1000‬خطوة‪.‬‬ ‫وق � ��ال ع �م��دة ل �ن��دن ص� ��ادق خ � ��ان‪« :‬ن ��ري ��د أن‬ ‫نجعل الحركة في لندن أكثر سهولة ومتعة‪.‬‬ ‫وس��وف تشجع املحطات الجديدة كثيرا منا‬ ‫على أن يسيروا ملسافات قصيرة‪ ،‬وهو أفضل‬ ‫لصحتنا‪ ،‬كما أنه يساعد املشروعات الصغيرة‬ ‫بلندن‪ .‬وأوضحنا التزامنا بالتعامل مع تلوث‬ ‫الهواء والتشجيع على السير وركوب الدراجات‬ ‫في لندن»‪ ،‬وهو ما يعد ممتعا وطريقة عملية‬ ‫ملساعدة سكان لندن املشغولني الذين يرغبون‬ ‫أن يسيروا أكثر يوميا‪.‬‬

‫خريطة مترو األنفاق‬

‫ماكينات الطعام الساخن‬

‫قريبا في لندن‪ ..‬ماكينات لبيع الطعام الساخن من البيتزا إلى البورغر‬ ‫لندن‪ :‬باتت ماكينة البيع هي الوسيلة املثالية لتقديم الطعام من دون مجهود في التواصل مع أي كائن بشري‪ .‬لهذا قررت جامعة كزافييه وضع آلة بيع بيتزا‬ ‫في الكافتيريا خاصتها‪ ،‬وكانت مثار انتباه الزوار ومصدر إثارة لهم‪ .‬لكن ماكينة بيع البيتزا ليست املاكينة األغرب في العالم‪ .‬فهناك قائمة طويلة بماكينات‬ ‫البيع الغريبة حول العالم والتي من املتوقع ادخالها األسواق البريطانية قريبا‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬هناك ماكينة لبيع األسماك الساخنة في الصني‪ ،‬وهناك‬ ‫ماكينة لبيع البرغر بالجبنة في إسبانيا‪ ،‬وواحدة مثلها في أمستردام‪ ،‬وواحدة لبيع الكافيار في بيفرلي هيلز بوالية كاليفورنيا‪ ،‬وواحدة لبيع الخبز الفرنسي‬ ‫(‪ )baguettes‬الطازج بفرنسا‪ ،‬وواحدة لبيع الجعة‪ ،‬وأخرى لبيع النقانق بأملانيا‪ ،‬وواحدة لبيع فطيرة الجوز بسيدار كريك بوالية تكساس‪ ،‬وأخرى لبيع البطاطا املقلية‬ ‫في أنحاء الواليات املتحدة‪ ،‬وغيرها الكثير‪.‬‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪111‬‬


‫االحتفال بالعيد الخمسني ملهرجان‬ ‫«نوتنج هيل» بلندن‬ ‫لندن‪ :‬احتفل مهرجان «نوتنج هيل»‪ ،‬أكبر مهرجانات الشوارع بأوروبا‪،‬‬ ‫بالعيد الخمسني في ‪ 28‬و‪ 29‬أغسطس (آب)‪ ،‬حيث من املتوقع أن ينزل‬ ‫إلى الشوارع مئات اآلالف من األشخاص من جميع األعمار بغرب لندن‬ ‫لالحتفال بالثقافة والتقاليد البريطانية ‪ -‬الكاريبية‪ .‬وكانت الشوارع تمتلئ بأصوات‬ ‫فرق الشوارع واألل��وان املبهجة للراقصات الالتي يرتدين الريش‪ .‬وترجع جذور‬ ‫مهرجان «نوتنج هيل» إلى املهرجانات الكاريبية في القرن التاسع عشر التي كانت‬ ‫تحتفي بإنهاء العبودية وتجارة العبيد‪ .‬وكما هي الحال كل عام‪ ،‬كانت هناك بعض‬ ‫حاالت العنف‪ ،‬واعتقاالت تتعلق باملخدرات‪ ،‬حيث أفادت شرطة لندن بأنها اعتقلت‬ ‫‪ 401‬شخص خالل يومي املهرجان‪ ،‬فيما تم نقل ‪ 74‬شخصا إلى املستشفى‪.‬‬

‫احتفاالت مهرجان نوتنغ هيل بلندن‬

‫املعجبون بهاري بوتر يدفعون ما يزيد على ‪ 8‬آالف‬ ‫جنيه إسترليني ليشاهدوا ً‬ ‫جزء ا من العرض‬

‫إصدارات هاري بوتر في لندن‬

‫‪110‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫لندن‪ :‬ينفق املعجبون بهاري بوتر ما يزيد على ‪ 8‬آالف جنيه إسترليني من‬ ‫خالل موقع إصدار التذاكر‪ ،‬لكي يروا نصف املسرحية املكونة من جزأين‬ ‫«ه��اري بوتر والطفل امللعون» بمسرح قصر لندن‪ .‬وك��ان األشخاص من‬ ‫جميع أنحاء العالم يسافرون إلى لندن لكي يروا العرض الذي حطم األرقام القياسية‬ ‫ألعلى املبيعات‪ ،‬ويعد أكبر رقم في تاريخ مبيعات املسرحيات منذ بداية سجل األرقام‬ ‫القياسية‪ .‬وتم إخبار العاملني باملسرح أال يقبلوا دخول األشخاص الذين لديهم تذاكر‬ ‫مبيعة للمرة الثانية‪ ،‬كما هاجم منتجو العرض فريدمان‪ ،‬وكالندر‪ ،‬املواقع اإللكترونية‬ ‫التي تحاول أن تتربح من املعجبني بالعرض‪« .‬إن السوق الثانوية للتذاكر تمثل لعنة‬ ‫بالنسبة لتلك الصناعة‪ ،‬وهو أمر نتعامل معه كمنتجني بجدية بالغة‪ .‬فأولويتنا األولى‬ ‫هي حماية جميع عمالئنا‪ ،‬ونحن نفعل كل ما نستطيعه ملجابهة تلك القضية»‪.‬‬


‫ذلك كافيا بالنسبة لك‪ ،‬اقطع مسافة تسعة أميال وصوال إلى‬ ‫مدينة «وييد» املجاورة بكاليفورنيا‪.‬‬ ‫ورغم أن مدينة «سامرتاون» بتينيسي ليست موطنا للهيبيني‪،‬‬ ‫فإنها موطن لـ«مجتمع املزرعة» وهو مجتمع تم تأسيسه في‬ ‫‪ 1971‬على يد مدرس مبدع من سان فرانسيسكو وأتباعه؛‬ ‫حيث تحولت تلك املزرعة التي تبلغ مساحتها ألف فدان من‬ ‫مدينة بسيطة تعتمد على الزراعة املحلية إلى مستوطنة منظمة‬ ‫بها حكومة محلية تفرض مشاركة الجميع في البنية التحتية‪.‬‬ ‫ويمتلك امل��واط��ن��ون بها اآلن نحو ‪ 4000‬ف��دان تحتوي على‬ ‫مدرسة شمسية‪ .‬ورغم أنها ال تعد مدينة هيبية تماما‪ ،‬فإنها‬ ‫أفضل نموذج لشكل من أشكال الحضارة الصغرى املوجودة‬ ‫في الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وهناك الكثير من الهيبيني في مدينة «سولت ليك» بأوتاوا‪.‬‬ ‫وبالطبع هناك الكثير من كل شيء في تلك املدنية؛ نظرا‬ ‫ألنها أكثر مكان تنوعا في تلك الوالية التي يهيمن عليها‬ ‫امل��ورم��ون‪ .‬ولكن فيما يتعلق بنموذج حياة الهيبيني فال‬ ‫ي��وج��د م��ك��ان ي��ع��ل��و ع��ل��ى «م�����واب»‪ ،‬وه���ي م��دي��ن��ة خ��ض��راء‬ ‫تحتوي على أقواس الصخور الحمراء‪ ،‬باإلضافة إلى متنزه‬ ‫«كانيونالندز» الوطني <‬

‫آبي ريتش خالل مهرجان للروك بحفل الهيبز في والية تكساس مايو ‪( 2016‬غيتي)‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪109‬‬


‫عاد الهيبيون‪ ،‬ذوو الشعور الطويلة‪ ،‬الذين كانوا يمثلون رمز الثقافة املضادة املحبة‬ ‫للسالم في ستينيات القرن املاضي إلى الظهور مرة أخرى في املجتمع األميركي‪ .‬ولكن‬ ‫في الوقت الحالي‪ ،‬أصبح من الصعب وضع تعريف واضح للهيبيني‪.‬‬

‫ً‬ ‫عودة اهليبز مجددا‪ ..‬ولكن بطريقة عصرية‬

‫جزيرة «ماوي» تعج بالفنانني واحملال وموسيقيي الشوارع‬

‫لندن‪ :‬مينا الدروبي‬

‫جزر «بايا» بهاواي‬ ‫وتمثل جزر «بايا» بهاواي؛ مجموعة من الجزر االستوائية‬ ‫املنعزلة وس��ط املحيط ال �ه��ادئ؛ بالنسبة للهيبيني م��ا كانت‬ ‫أط�ل�ال امل�ن��اط��ق ال�ح�ض��ري��ة تمثله بالنسبة ملحبي موسيقى‬ ‫الجاز‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فيمكنك أن تشير بإصبعك إلى أي مدينة في‬ ‫هاواي وستجد تجمعا للهيبيني‪ .‬ولكن ثقافة الطبيعة واليوغا‬ ‫والطعام الطبيعي تتجلى بوضوح أكثر في جزيرة «م��اوي»‬ ‫التي تطل على الساحل الشمالي؛ وهي مدينة تعج بالفنانني‬ ‫واملحال وموسيقيي الشوارع والهيبيني العجائز الذين يمألون‬ ‫الشوارع وصوال إلى املحيط‪ .‬كما تشتهر املدينة أيضا بمحل‬ ‫«مانا ف��وودز» وهو أفضل متجر يبيع األطعمة الطبيعية في‬ ‫الجزيرة‪ .‬وال يخجل مشاهير الهيبيني‪ ،‬مثل ول��ي نيلسون‪،‬‬

‫‪108‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫لوحات الهيبز على سيارة في جزيرة إيبيزا بأسبانيا (غيتي)‬

‫من أن يظهروا في املناطق املحلية ويلقوا بالتحية على املارة‪،‬‬ ‫حيث يدرك معظم الناس أننا جميعا خلقنا من الغبار الكوني‪.‬‬ ‫وأصبحت مدينة «إيثاكا» بنيويورك أق��رب لكونها موطنا‬ ‫للسائحني الهيبيني أكثر م��ن كونها مدينة حقيقية‪ .‬على‬ ‫أي ح��ال‪ ،‬تحتوي مدينة إيثاكا على أكبر رم��ز للسالم في‬ ‫العالم‪ ،‬وأكبر جامعتني‪ ،‬كما صنع سكانها عملتهم الخاصة‬ ‫املعروفة باسم «إيثاكا أورز» التي يتم تداولها بني املواطنني‬ ‫على غرار ال��دوالر‪ .‬كما أنها موطن للكثير من «املجتمعات‬ ‫البيئية» التي يعمل بعضها بالطريقة القديمة بينما يتشارك‬ ‫البعض اآلخر املساكن‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫في املاضي كانوا رمزا‬ ‫للثقافة املضادة التي‬ ‫كان معتنقوها يتعاطون‬ ‫املخدرات ويقودون عربات‬ ‫«فولكس فاجن» ويحتجون‬ ‫كلما سنحت لهم الفرصة‬

‫‪,,‬‬

‫في املاضي‪ ،‬كانوا رمزا للثقافة املضادة التي كان‬ ‫معتنقوها يتعاطون املخدرات ويقودون أتوبيسات‬ ‫«ف��ول�ك��س ف��اج��ن»‪ ،‬وي�ح�ت�ج��ون كلما سنحت لهم‬ ‫الفرصة‪ .‬ولكن في الوقت الحالي‪ ،‬فإنهم يراوحون بني مجرد‬ ‫أرواح ح ��رة ه��ائ�م��ة ف��ي ال �ح��رم ال�ج��ام�ع��ي ت�ع�ي��ش ف��ي أج ��واء‬ ‫الستينيات‪ ،‬ومواليد فترة طفرة املواليد في الواليات املتحدة‬ ‫الذين تحولوا إلى هيبيني مولعني باقتناء القطع الفنية باهظة‬ ‫الثمن‪ .‬وأصبح اآلن في كل والية أميركية مكان مختلف يتجمع‬ ‫فيه الهيبيون‪ ،‬سواء كان ذلك منتجعا بمزرعة في ميسوري أو‬ ‫تجمعا للفنانني في امليسيسيبي‪ .‬وهذه قائمة باملدن األميركية‬ ‫التي لديها مجموعات من الهيبيني‪:‬‬ ‫تبعد مدينة «بيسبي» ب��أري��زون��ا‪ ،‬ع�ش��رة أم�ي��ال ع��ن ال�ح��دود‬ ‫املكسيكية‪ ،‬وكانت من قبل مدينة تعدين تعج بذلك النوع من‬ ‫الرجال الذين يتذمرون من الهيبيني‪ .‬واآلن أصبح لدى هذه‬ ‫املدينة مركز ملون يمتلئ بـ«السيارات الفنية»‪ ،‬وشخصيات‬ ‫تعج بالحياة قررت أن تتخلى عن كل شيء وتذهب للعيش في‬ ‫الصحراء‪ .‬وف��ي فلوريدا‪ ،‬ربما ال تكون مدينة «ك��ي ويست»‬ ‫موطنا للهيبيني التقليديني الذين يعشقون جون لينون‪ .‬وذلك‬ ‫حيث إن هيبيي فلوريدا مختلفون إل��ى حد كبير عن باقي‬ ‫الهيبيني األم�ي��رك�ي�ين؛ ف�ه��م ي��رت��دون ال�ش�ب��اش��ب وال�ش��ورت��ات‬ ‫ويعيشون في جزر غير مأهولة‪ ،‬وليس لديهم طموحات أكبر‬ ‫من رحلة الصيد القادمة‪ .‬ومن جهة أخ��رى‪ ،‬تجذب «فلوريدا‬ ‫كيز»‪ ،‬التي تعد امتدادا من الجزر جنوب ميامي تصطف على‬ ‫شواطئها املقاهي املطلة على املياه ومحال الغطس‪ ،‬الهيبيني‬ ‫شبه العراة من كل مكان من أنحاء العالم‪.‬‬

‫عرض موسيقي لعضوة بفرقة‬ ‫للهيبز في شيكاغو (غيتي)‬

‫من جهة أخ��رى‪ ،‬فإن مدينة «أوليمبيا» بواشنطن هي موطن‬ ‫كلية هيبية ل�ل�غ��اي��ة‪ ،‬وه��ي «ك�ل�ي��ة ال��دول��ة ال �خ �ض��راء»‪ .‬م��ا أه��م‬ ‫إسهاماتها في التعليم العالي األميركي؟ كلية من دون درجات‬ ‫علمية‪ .‬أجل‪ ،‬هذا صحيح‪ ،‬حيث تشجع تلك الكلية الطالب على‬ ‫أن يذهبوا للتعلم فقط‪ ،‬من دون أي أساليب كمية لتقييمهم‪.‬‬ ‫كما تقع أوليمبيا على مقربة كبيرة من «جبل رينييه» الذي‬ ‫يحتوي على أنشطة ترفيهية ال نهائية‪ .‬ورغم وجود مشرعني‬ ‫وأنصار لهؤالء املشرعني في تلك املدينة‪ ،‬فإن وجود ذلك العدد‬ ‫الكبير من الطالب يجعلها ذات طابع مختلف‪.‬‬ ‫من الضروري أن نذكر أيضا أنه رغم أن سان فرانسيسكو‬ ‫رب�م��ا ت �ك��ون امل��وط��ن األص �ل��ي ل�ل�ث��ورة ال�ه�ي�ب�ي��ة‪ ،‬ف��إن «م��اون��ت‬ ‫شاستا» هي املكان الذي تنطلق فيه حاليا األرواح الحرة نظرا‬ ‫لسمعتها بني الشباب باعتبارها «مركز الشاكرا في العالم»‪.‬‬

‫الهيبيون في مدينة «سولت ليك»‬ ‫ونظرا ألنها تحتوي على دوام��ة طاقة تعمل مدخال ملستوى‬ ‫أع�ل��ى م��ن ال��وع��ي‪ ،‬فإنها تعد منطقة تجمع مركزية للجميع‬ ‫من الصوفيني واملعلمني إلى أنصار البيئة والرهبان البوذيني‪.‬‬ ‫اجمع كريستاالتك وتأمل في الطبيعة املحيطة‪ /‬أو إذا لم يكن‬


‫يشبهها؛ كونها سائدة في العالم كله آنذاك‪.‬‬ ‫ف ��ي ال �ص�ي�ن وح ��ده ��ا ت� ��رى ال� �ن ��اس ي� �ش ��وون ال� �خ� �ض ��راوات‪،‬‬ ‫وي�س�ل�ق��ون�ه��ا‪ ،‬وي�ق�ل��ون�ه��ا ح �س��ب م��ا ي�ب�غ��ي ال ��زب ��ون‪ ،‬حتى‬ ‫ً‬ ‫الكراث‪ ،‬يعلقونه على الشيش‪ ،‬ويشونه قليال ثم يأكلونه‪،‬‬ ‫رأيتهم يسلقون ويشوون الفول السوداني‪ ،‬قبل استخراجه‬ ‫من قشره‪ ،‬وكذلك يفعلون مع اللحوم وامل�ح��ار والروبيان‬ ‫واألسماك‪ ،‬ولعل املائدة الصينية أغنى مائدة طعام في العالم‬ ‫بما تحتويه من أنواع اللحوم والطيور وما يعيش في البحر‪،‬‬ ‫من سمك‪ ،‬وق��واق��ع‪ ،‬وس��رط��ان��ات‪ ،‬وأخطبوطات متنوعة إلخ‪،‬‬ ‫عال بذائقة‬ ‫وهذا يدل على عراقة بالتحضر واملدنية‪ ،‬وتطور ٍ‬ ‫فائقة‪ .‬ال ي��دل التنوع على سعة املطبخ الصيني حسب‪ ،‬بل‬ ‫على فوائده الصحية كذلك؛ فمعظم األك�لات تقدم خالية أو‬ ‫شبه خالية من امللح‪.‬‬ ‫أج�م��ل م��ا ف��ي بكني أطفالها ون�س��اؤه��ا؛ ف��األط�ف��ال يرفلون‬ ‫بالشوارع واألزقة بمالبس زاهية‪ ،‬نظيفة‪ ،‬تبرق بشكل أخاذ‪.‬‬ ‫يتبتخترون كدمى فائقة الجمال تتهادى على األرض‪ ،‬تلمع‬ ‫عيونهم صحة وعافية‪ ،‬وتتورد خدودهم البيضاء الناصعة‬ ‫مشكلة م��ع س ��واد ش�ع��وره��م ل��وح��ات فنية يعجز عباقرة‬ ‫الفنانني على إنجازها‪ ،‬يجذبون أنظارك فال تستطيع عنهم‬ ‫ً‬ ‫فكاكا‪ .‬بشرة الصينيني‪ ،‬وبخاصة النساء إما بيضاء ناصعة‬ ‫مشربة بحمرة قانية‪ ،‬يكاد الدم ينبثق منها‪ ،‬أو سمراء كضوء‬ ‫الفجر معجون بعصير ال��ر ًم��ان‪ ،‬بتقاطيع متناسقة تجعل‬ ‫م��ن ابتسامتهن ف�ج� ً�را مشرقا‪ ،‬م��ع أج�س��اد رشيقة معتدلة‬ ‫متناسقة‪ ،‬أم��ا سيقانهن فمصبوبة بقوالب ف��ري��دة تنساب‬ ‫بتناسق متميز يشع جاذبية وإثارة‪ ،‬وأي مقارنة بني النساء‬ ‫واألطفال في أميركا والصني‪ ،‬في الجمال واألناقة ترجح كفة‬ ‫الصينيني؛ إذ إن لهن مقدرة فائقة ال ت�ط��اول‪ ،‬على تنسيق‬ ‫األل��وان في املالبس وال�ت�لاؤم بينها‪ ،‬ومما يزيد جمال امل��رأة‬ ‫الصينية أن الطبيعة حبتها شعرا ينساب كخيوط الحرير‬ ‫ليصل إلى خاصرتها‪ ،‬يتماوج تحت أشعة الشمس في كل‬ ‫حركة تتحرك بها‪ ،‬ويبدو أن الطبيعة وضعت عبقريتها كلها‬ ‫في إبداع جمال املرأة ًالصينية؛ إذ توقفت بعدئذ‪ ،‬ولم تستطع‬ ‫خلق أجمل منها إطالقا‪ ،‬ولعلي لست الوحيد الذي يطري ما‬ ‫ف��ي ال�ص�ين‪ ،‬فقد شاركني القزويني ف��ي ذل��ك «كثيرة املياه‪،‬‬ ‫كثيرة األشجار‪ ،‬كثيرة الخيرات واف��رة الثمرات‪ ،‬من أحسن‬ ‫ب�لاد الله وأنزهها‪ ،‬وأهلها أحسن الناس ص��ورة‪ ،‬وأحذقهم‬ ‫بالصناعات الدقيقة‪ ،‬لكنهم قصار ال�ق��دود عظام ال��رؤوس‪،‬‬ ‫لبأسهم الحرير‪ ،‬إلخ»‪.‬‬ ‫حضرنا حفلة في الجامعة‪ ،‬توالى فيها راقصون وراقصات‪،‬‬ ‫ومغنون كثر‪ ،‬ومما يلفت االنتباه أن الصينيني يعزفون بآلة‬ ‫شبيهة بالعود العربي‪ ،‬يسمونها «بيبا» يعزفون بها بأناملهم‪،‬‬ ‫من دون ريشة‪ ،‬وعندهم نوعان من القانون‪ ،‬أحدهما مربع‬ ‫ضخم‪ ،‬يحمله اثنان ويضعانه على منضدة أم��ام العازف‪،‬‬ ‫وال �ن��وع اآلخ ��ر ب�ط��ول م�ت��ر ون�ص��ف امل�ت��ر ت�ق��ري� ً�ب��ا‪ ،‬بيضاوي‬

‫ً‬ ‫ال�ش�ك��ل‪ ،‬وي�ع��زف��ون عليه ب��األن��ام��ل أي��ض��ا‪ ،‬وصوتهما شبيه‬ ‫بصوت آلة القانون لدينا‪ .‬وألحانهما جميلة‪ ،‬أقرب إلى ذائقتنا‬ ‫من األلحان الغربية‪ ،‬والصينيون يشبهوننا ليس بآالت العزف‪،‬‬ ‫بل حتى بالعادات‪ ،‬فهم يساومون البائع عندما يشترون‪ ،‬ولقد‬ ‫قضت الدليلة التي رافقتنا إلى زيارة سور الصني ربع ساعة‬ ‫تحذرنا من شراء أي شيء من دون مساومة‪.‬‬ ‫ك ��ان ض�م��ن خ�ط��ة امل��ؤت�م��ر أن ن�ت�ع��رف إل ��ى أرب �ع��ة ش�ب� ً�اب‪،‬‬ ‫يدرسون اللغة العربية‪ ،‬أحدهم يجيد العربية‪ ،‬كتابة ونطقا‪،‬‬ ‫كمن حصل على ش�ه��ادة ال��دك �ت��وراه ب�ه��ا‪ .‬لكنه ف��ي بداية‬ ‫دراس �ت��ه ل�ل�م��اس�ت��ر‪ ،‬م�ت�خ�ص� ً�ص��ا ف��ي أح ��د أص �ع��ب حقول‬ ‫ال �ع��رب �ي��ة‪« :‬ال� �ع ��روض وال �ت �ف �ع �ي�لات»‪ ،‬أم ��ا ال �ث�لاث��ة اآلخ ��رون‬ ‫فما زال��وا في السنة الثالثة من التعليم الجامعي‪ ،‬وهم في‬ ‫وضعهم الحالي يعادلون الطالب العرب في املرحلة نفسها؛‬ ‫إذ يستطيعون القراءة‪ ،‬والكالم‪ ،‬والكتابة بشكل جيد وكأن‬ ‫العربية لغتهم األم‪ ،‬لكنهم يفوقون أمثالهم الذين درس��وا‬ ‫العربية في الواليات املتحدة للمدة نفسها بما يعجز اللسان‬ ‫عن وصفه‪ .‬كيف تأتى لهم ذلك؟ لكي يصل األميركي إلى‬ ‫املستوى نفسه عليه أن يدرس اللغة العربية مدة سبع سنني‬ ‫على األقل‪ ،‬مع مكوث سنة أو أكثر في أحد البلدان العربية‬ ‫كمصر‪ ،‬واملغرب‪ ،‬واألردن‪ .‬فلماذا نجح تدريس اللغة العربية‬ ‫في الصني‪ ،‬وفشل في الواليات املتحدة؟‬ ‫إذا استبعدنا الذكاء الشخصي‪ ،‬واالهتمام‪ ،‬واملثابرة عند‬ ‫الطالب‪ ،‬وتشابه املناهج وم��واد الدراسة؛ ألنها متماثلة في‬ ‫جميع األم�ك�ن��ة وال �ب �ل��دان‪ ،‬ب�ف��روق ال ت�ك��اد ت��ذك��ر‪ ،‬عندئذ ال‬ ‫يبقى س��وى احتماالت أخ��رى علينا التفكير فيها‪ .‬حسب‬ ‫رأي��ي‪ ،‬يعود إتقان اللغات األجنبية في الصني إلى القدرات‬ ‫املكتسبة التعليمية لدى الطالب من بيئتهم‪ ،‬ملاذا؟ لكي يتعلم‬ ‫الطلبة الصينيون لغتهم‪ ،‬كتابة وقراءة عليهم أن يحفظوا في‬ ‫ذاكرتهم‪ ،‬نحو ألفي مقطع في املرحلة االبتدائية‪ ،‬ونحو ستة‬

‫آالف مقطع في املرحلة اإلع��دادي��ة أو الثانوية‪ ،‬يعني‬ ‫أن التلميذ في الصني يحفظ في دماغه مقاطع لغة‬ ‫تعادل ‪ 71‬مرة أكثر من حروفنا العربية‪ ،‬وطالب‬ ‫املرحلة اإلع��دادي��ة‪ ،‬يحتفظ ف��ي ذاك��رت��ه‪ ،‬بمقاطع‬ ‫تعادل ‪ 214‬مرة‪ ،‬أكثر مما يحفظ طالبنا؛ ولذلك‬ ‫فعندما ُي�ق� ِ�دم الصيني على تعلم لغة أجنبية ال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تزيد حروفها على ‪ 28‬حرفا‪ ،‬أو أقل أو أكثر قليال‪،‬‬ ‫فهو يعتبر نفسه ف��ي ن��زه��ة تعليمية‪ ،‬كشخص‬ ‫يطلب منه أن يطفر مسافة نصف متر‪ ،‬بينما هو‬ ‫معتاد على طفر سبعة أمتار‪ ،‬كل يوم مئات امل��رات‪.‬‬ ‫إن ميكانيكيا اعتاد أن يتعامل مع ستة آالف آلة معقدة‪،‬‬ ‫طيلة اثنتي عشرة سنة‪ ،‬ليسهل عليه التعامل مع ‪ 28‬آلة‬ ‫مهما صعب استعمالها‪ ،‬فهو يبذل ً‬ ‫جهدا أقل سبعني مرة‬ ‫ً‬ ‫من بذله لتعلم لغته‪ ،‬أي أنه ال يكاد يتعب نفسه تقريبا‪ .‬وهنا‬ ‫يسقط تباهينا وتباهي غيرنا‪ ،‬الذي يرافقنا طيلة حياتنا؛‬ ‫كوننا نستعمل أبجدية سهلة تقل حروفها على الثالثني‪.‬‬ ‫ترى متى سيعترف العالم بجدوى القيمة التعليمية للكتابة‬ ‫املقطعية‪ ،‬ودوره��ا في تنمية املهارات وال��ذك��اء؟ أع��رف أحد‬ ‫رؤساء تحرير صحيفة عراقية‪ ،‬قال لي‪ :‬إنني أضع أمامي‬ ‫جدولني للكلمات التي تحوي الظاء‪ ،‬والضاد‪ ،‬عندما أحرر‬ ‫ما يردني‪ .‬فضحكت على بالهته وشر البلية ما يضحك‪،‬‬ ‫لكن مأساة هذا ال تقارن بمأساة وزير عراقي‪ ،‬حاصل على‬ ‫الدكتوراه في الذرة‪ ،‬وكتابه مليء باألخطاء اإلمالئية‪.‬‬

‫القاعدة الفكرية‬ ‫ويبدو أن إتقان الصينيني لهذه األبجدية كانت القاعدة الفكرية‬ ‫الرئيسة لقادة الصني‪ ،‬فقد تمكنوا من تقليص الهوة الثقافية‬ ‫والعلمية والصناعية الجبارة التي كانت تفصلهم عن أوروبا‬ ‫والواليات املتحدة‪ ،‬والتي ستمكنهم من تجاوزها كلية بعد‬ ‫فترة قصيرة‪ ،‬ليقودوا العالم برمته‪.‬‬ ‫كلمة بيجني «بكني» تعني العاصمة الشمالية؛ ألن هناك أكثر‬ ‫من عاصمة قديمة في الصني‪ ،‬وكلمة الصني تعني املركز‪ ،‬أي‬ ‫مركز العالم‪ ،‬ومرت الصني كأي دولة بفترات رخاء وأخرى‬ ‫عجاف‪ ،‬ويجمع الصينيون على أن أتعس أزمنتها هي سنوات‬ ‫«الثورة الثقافية»‪ ،‬كانت انتكاسة حضارية ال مثيل لها‪ ،‬لكنها‬ ‫ً‬ ‫لحسن الحظ انتهت بتسلم دينج شياو ينج القيادة خلفا ملاو‬ ‫تسي تونغ‪ .‬استطاع دينج وم��ن ج��اء بعده‪ ،‬من دف��ع الصني‬ ‫إلى األمام‪ ،‬ووضعها في الطريق الصحيح‪ ،‬في وقت قياسي‪،‬‬ ‫‪ 38‬سنة مقابل ‪ 247‬سنة قضتها أوروبا‪ .‬لتنطلق البالد نحو‬ ‫املستقبل‪ ،‬من دون توقف‪ ،‬وال شك أننا سنرى الصني ً‬ ‫غدا‪ ،‬في‬ ‫موقع الصدارة من دول العالم أجمع‪ ،‬لتصبح مركز العالم‪ ،‬كما‬ ‫يعنيه اسمها «املركز»‪ ،‬وليس الغد لناظره بعيد<‬ ‫* باحث عراقي‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪107‬‬


‫صور متنوعة من بكني‬

‫الشعب الصينية‪ ،‬وك��ان يسمي نفسه «سليل الحضارتني‬ ‫العربية الصينية»‪ ،‬وسبقه آالف ال�ج�ن��ود ال �ع��رب‪ ،‬أرسلهم‬ ‫الخليفة املنصور لنجدة اإلمبراطور الصيني‪ ،‬وال بد ومن‬ ‫عشاق الجمال‪ ،‬وال بد أن جمال نساء الصني‪ ،‬وحسن‬ ‫املعاملة شدهم‪ ،‬ففضلوا اإلقامة‪ ،‬وتزوجوا من الصينيات‪.‬‬ ‫ويقال‪ :‬إنهم اآلن يشكلون قومية (الهوي)‪.‬‬ ‫وكتب «شو– جو – كوا» وهو موظف في جمارك ميناء‬ ‫ً‬ ‫كانتون‪ ،‬مصنفا في القرن الثالث عشر امل�ي�لادي‪ ،‬عن‬ ‫القادمني إلى امليناء‪ ،‬وحياتهم‪ ،‬ويبدو أنه يعرف العربية‪،‬‬ ‫واستطاع جمع أخبارهم‪ ،‬من خالل املعلومات التي كانوا‬ ‫تاجرا ً‬ ‫يدلون بها‪ .‬ومن أخباره أن ً‬ ‫عربيا‪ ،‬أحب الصني‪ ،‬وقدم‬ ‫إلى كانتون‪ ،‬واستقر بها‪ ،‬وكان ذا طلعة بهية‪ ،‬مهيبة‪ ،‬فاحتفى‬ ‫ً‬ ‫وحزاما فضة‪ ،‬وأنه‬ ‫به اإلمبراطور وأكرمه‪ ،‬ومنحه رداء حرير‬ ‫عاش حتى بلغ املائة والثالثني‪.‬‬ ‫بكني بالغة العمر‪ ،‬عتيقة‪ ،‬لكنها نشيطة كأي شابة‪ ،‬تستيقظ‬ ‫ً‬ ‫صباحا‪ ،‬وفي الثامنة تكون في أوج نشاطها‪ ،‬بينما‬ ‫في السابعة‬ ‫عواصم عدة في العالم كنيودلهي والقاهرة ال تزاالن تغطان‬ ‫في نومهما‪ ،‬ولعل هذا أحد أسباب تمكن الصني من تجاوز‬ ‫التخلف‪ ،‬والسير في طريق التفوق الذي يشهد عليه العالم كله‪.‬‬ ‫في بكني نحو ستة ماليني عجلة‪ ،‬بني سيارة فاخرة كالسيارات‬ ‫األمل��ان�ي��ة‪ ،‬وس�ي��ارات ع��ادي��ة كالسيارات ال�ك��وري��ة‪ ،‬إض��اف��ة إلى‬ ‫سيارات العجالت الثالث بأنواع يعجز املرء على إحصائها‪،‬‬ ‫متراوحة بني بدائية خشب‪ ،‬وفائقة التطور‪ ،‬مع دراجات نارية‬ ‫متنوعة وأخرى هوائية‪ ،‬لكن انسياب املرور مع هذا العدد الهائل‬ ‫من العجالت يبقى ج� ً‬ ‫�اري��ا‪ ،‬مع اختناقات قليلة ال تزيد على‬ ‫اختناقات ش��وارع شيكاغو على سبيل املثال‪ ،‬وربما وجود‬ ‫جسور للمشاة‪ ،‬تقطع شوارع بكني بني مسافة وأخرى‪ ،‬يخفف‬ ‫الكثير من املعاناة للمشاة‪ ،‬وهذا ما ينعدم في مدن كشيكاغو‬ ‫ونيويورك وواشنطون ونيودلهي‪ ،‬والكثير من م��دن العالم‪،‬‬ ‫إضافة إلى أنك ال ترى ما يعرقل السير كعربات تدفع باليد‪ ،‬أو‬ ‫تجرها الحيوانات كما في نيودلهي والقاهرة على سبيل املثال‪،‬‬ ‫ولعل مما يسهل التنقل وجود عدد هائل من سيارات األجرة‪،‬‬ ‫زهيدة التكاليف‪ ،‬رغم أن الصني دولة مستوردة للنفط‪ ،‬مقارنة‬ ‫بمثيالتها في بغداد ودول الخليج املنتجة للنفط‪ ،‬وهذه النقطة‬ ‫تحسب لصالح بكني من وجهة النظر اإلنسانية‪.‬‬ ‫وإن كنت تسير في شوارع بكني فال شك أنك ستدهش للنظافة‬ ‫الفائقة التي تتمتع بها هذه املدينة العمالقة‪ ،‬وفي هذا الحقل‬ ‫تفوق جميع املدن التي رأيتها إال بعض أحياء بون‪.‬‬

‫ال �ع �م��ارات ال �ف��اخ��رة‪ ،‬أن �ه��ار بكني‬ ‫لجميع الناس‪ ،‬مصانة‪ ،‬غير‬ ‫م�ل��وث��ة‪ ،‬ك��أن�ه��ار ماليزيا‬ ‫والعراق ومصر‪ ،‬فعلى‬ ‫الشاطئ جدار يمنع‬ ‫س �ق��وط األوس� ��اخ‬ ‫في املاء حني تهب‬ ‫ال��ري��اح؛ ل��ذا يبقى‬ ‫ال �ن �ه��ر ص��اف� ً�ي��ا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ن �ظ �ي ��ف ��ا ي�ع�ك��س‬ ‫أش � �ع� ��ة ال �ش �م��س‬ ‫بصفاء‪.‬‬ ‫ي �ع �ج �ب �ن ��ي ف � ��ي أي‬ ‫م ��دي �ن ��ة أص � ��ل إل �ي �ه��ا‪،‬‬ ‫ال� �ت� �م� �ش ��ي ف � ��ي ال � � � ��دروب‬ ‫ال�خ�ل�ف�ي��ة وال� �ش ��وارع الضيقة‬ ‫ال �ت��ي ت�ت�ي��ح ل��ي رؤي� ��ة ال �ن��اس على‬ ‫حقيقتهم‪ ،‬ولعل هذا أحد أسباب إعجابي‬ ‫ببكني‪ .‬بعد السابعة من مساء كل يوم‪ ،‬تسكعت في شوارع‬ ‫كثيرة شبه خالية‪ ،‬ال تكاد تمر فيها سيارة‪ ،‬يبدو أن أصحابها‬ ‫رجعوا إلى بيوتهم للراحة‪ ،‬وركنوا سياراتهم أم��ام أبوابهم‪،‬‬ ‫لكنهم لم يمكثوا في البيوت‪ ،‬خرجوا ً‬ ‫جميعا إلى الدرب الضيق‪،‬‬ ‫ف��ي ب��داي��ة ك��ل ط��ري��ق ه�ن��اك غير محل ل�ل�ش��واء‪ ،‬والصينيون‬ ‫يحبون الشواء في مطاعم الطرق الصغيرة‪ ،‬تراها تنبت في‬ ‫جمال األنهار‬ ‫أي مكان‪ ،‬وكأن مطعم الدرب جزء من هذه البيوت‪ ،‬أو ملحق‬ ‫ً‬ ‫ف��ي بكني ت��رى األن�ه��ار شعبية‪ ،‬ب��إم�ك��ان أي إن�س��ان يتمشى بها‪ ،‬يجلسون فيها ً‬ ‫أزوجا ومجموعات‪ً ،‬‬ ‫نساء ورجاال‪ ،‬يلعبون‬ ‫على رجليه التمتع بجمالها ورون�ق�ه��ا‪ ،‬عكس أن�ه��ار أميركا ال��ورق‪ ،‬ونوعا من «ال��دام��ا» انقرض في بلداننا‪ ،‬يشارك غير‬ ‫املحجوبة بالبنيات‪ ،‬ال يراها إلى رواد الفنادق الفخمة‪ ،‬وسكان واحد في اللعبة أو يتفرج عليها‪ ،‬وهم يدردشون‪ ،‬يضحكون‪،‬‬

‫‪106‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫يأكلون‪ ،‬يحتسون املشروبات‪ .‬ه��ذا املنظر جعلني أح��س أن‬ ‫ً‬ ‫طقوسا‬ ‫الناس في بكني أشبه بعائلة واح��دة‪ ،‬يمارسون‬ ‫جليلة وبحميمية بالغة تظللها سعادة فائقة‪.‬‬ ‫شاهدت مثل هذه املطاعم في بغداد والقاهرة ودمشق‬ ‫ً‬ ‫وكثيرا من مدن الشرق‬ ‫وعمان وال��دار البيضاء‪ ،‬إل��خ‪،‬‬ ‫وامل�غ��رب العربي‪ ،‬وإسبانيا‪ ،‬لكنها هناك ب��اردة ميتة‬ ‫ال ح�ي��اة فيها‪ ،‬ت�ج��ري عملية ت�ن��اول الطعام م��ن دون‬ ‫طقوس حيوية‪ ،‬تخلو من التواشج واملرح‪ ،‬يتم فيها ملء‬ ‫املعدة كما يعبأ خزان السيارة بالوقود‪ ،‬ال بهجة‪ ،‬وال‬ ‫مرح‪ ،‬يزدرد فيها املرء لقيمات‪ ،‬بشكل ميكانيكي‪ ،‬كأي‬ ‫ً‬ ‫غريب‪ ،‬يمر وال يتوقف‪ ،‬ثم يتالشى‪ً .‬‬ ‫وغريبا‬ ‫غريبا جاء‪،‬‬ ‫رحل‪ .‬لكني في بكني وأنا أسمع الدردشة وضحكات النساء‬ ‫وال��رج��ال‪ ،‬وحماسهم وصخبهم‪ ،‬وص�ي��اح األط�ف��ال‪ ،‬شعرت‬ ‫�رح��ا ً‬ ‫طقسا م� ً‬ ‫بأنهم يعيشون ً‬ ‫مقدسا‪ ،‬تفيض بهجته إل��ي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فكأني واحد منهم رغم أنني زائر أوال‪ ،‬وال أعرف اللغة ثانيا‪.‬‬ ‫كل هذا في جانب وآثار الصني العمالقة في جانب؛‬ ‫فثنايا املدينة املقدسة وممراتها تجبرك على‬ ‫تذكر قصر وساحات وحدائق وممرات‬ ‫فرساي الباريسية‪ ،‬فهناك تشابه‬ ‫ف ��ي ال �ع �ظ �م��ة وال �ج �م ��ال واآلث � ��ار‬ ‫ت��رج��ع ب��ك إل��ى أع�م��اق التاريخ‪،‬‬ ‫وح�ي�ن زرت م�ت�ح��ف ب�ك�ين ذا‬ ‫الطوابق األربع تذكرت رغمي‬ ‫فرنسا م��رة ثانية‪ ،‬ومتحف‬ ‫بومبيدو للفن الحديث؛ فهو‬ ‫ً‬ ‫من أرب��ع طوابق أيضا‪ ،‬لكنه‬ ‫مختلف ت�م��ام االخ�ت�لاف في‬ ‫م �ع��روض��ات��ه‪ ،‬ف�م�ت�ح��ف بكني‬ ‫خ��اص ب��آث��اره��ا منذ أن ُسكنت‬ ‫أول م��رة قبل أكثر من ثالثة آالف‬ ‫سنة وإلى اآلن‪ .‬أما أعظم ما في الصني‬ ‫إل��ى ج��ان��ب شعبها‪ ،‬فهو ال�س��ور العظيم‪،‬‬ ‫ً ك�ن��ت أح�ل��م ب��زي��ارت��ه طيلة ح�ي��ات��ي‪ ،‬ول��ن أنسى‬ ‫مطلقا ما صرح به أحد رائ� َ�دي الفضاء اللذين نزال على‬ ‫القمر‪ ،‬للمرة األول��ى‪ ،‬يوم ‪ 21‬يوليو (تموز) ‪ ،1969‬أن الشيء‬ ‫الوحيد الذي أقامه اإلنسان‪ ،‬ويمكن أن تراه العني املجردة من‬ ‫القمر هو س��ور الصني العظيم‪ .‬منذ ذل��ك الوقت أخ��ذت أحلم‬ ‫ً‬ ‫إنجازا يفوق الخيال‪ .‬ترى كم‬ ‫برؤيته‪ ،‬وعندما شاهدته رأيت‬ ‫مليون إنسان ساهم في بنائه؟ وأي جهد بذلوا؟ وأي تضحية‬ ‫ق��ام��وا بها؟ إن��ه عمل يظهر عظمة وم�ه��ارة وف��ن ه��ذا الشعب‬ ‫العريق‪ ،‬لكنه يكشف وطنيته قبل كل شيء؛ فمثل هذا البناء‬ ‫الضخم الجبار‪ ،‬ال يمكن أن يتم ً‬ ‫بناء على أوامر سلطة حسب‪،‬‬ ‫بل على حب كل من ساهم به لوطنه‪ ،‬ورغبة في صيانته ليعيش‬ ‫ً‬ ‫حرا وينعم بالسالم‪ ،‬وإن كان هذا ال يعني وجود سخرة أو ما‬


‫‪,,‬‬

‫يعود إتقان اللغات األجنبية‬ ‫في الصني إلى القدرات‬ ‫املكتسبة التعليمية لدى‬ ‫الطالب من بيئتهم‬

‫‪,,‬‬

‫ال أحد يستطيع أن يحدد متى بدأت التجارة بني الصني والعرب‪،‬‬ ‫لكنها ازدادت بعد اإلس�ل�ام‪ ،‬وبخاصة من عمان والبصرة؛‬ ‫إذ يرد اسم التجار «أبو عبيدة» و«عبهرة الربان» وغيرهما‪،‬‬ ‫وذكر الطبري‪ ،‬والقاضي الرشيد بن زبير أن ملك الصني أرسل‬ ‫رسالة إلى معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬مع هدية «كتاب في العلوم»‪،‬‬ ‫والرسالة من أطرف الرسائل في التاريخ‪« :‬من ملك امللوك الذي‬ ‫تخدمه بنات ألف ملك‪ ،‬والذي بنيت داره بلنب الذهب‪ ،‬والذي في‬ ‫مربطه ألف فيل‪ ،‬والذي له نهران يسقيان العود والكافور‪ ،‬الذي‬ ‫ً‬ ‫يوجد ريحه من عشرين ميال‪ .‬إل��ى ملك العرب ال��ذي يتعبد‬ ‫الله وال يشرك به شيئا»‪ .‬ويقال‪ :‬إن كتاب العلوم ورثه حفيد‬ ‫معاوية خالد بن يزيد‪ ،‬ليكون أول خطوة في بدء‪ ،‬تاريخ العلوم‬ ‫عند العرب‪ .‬ثم توالت عالقات العرب مع الصني‪ ،‬فقد استقبل‬ ‫عمر بن عبد العزيز وفدا صينيا سنة ‪ ،726‬ثم سنة ‪ 757‬حني‬ ‫طلب إمبراطور الصني (هاسو تسينغ) من الخليفة املنصور‬ ‫مساعدته‪ ،‬ملواجهة ثورة عارمة كادت تعصف بحكمه‪ .‬فأرسل‬ ‫املنصور جيشا عربيا كان في خراسان‪ ،‬استطاع استرجاع‬ ‫العاصمة آنذاك «سينغو» (‪ ،)Si - mqan – fu‬ومدينة أخرى‪:‬‬ ‫ننفو (‪ ،)Ho - nan - fu‬وتثبيت حكم اإلمبراطور‪ ،‬ولعل أهم‬ ‫لقاء يبرز حكمة ملوك الصني‪ ،‬وسعة تفكيرهم‪ ،‬ورغبتهم‬ ‫في رعاية شعبهم وع��دم تعريضهم للمخاطر‪ ،‬هو تصرف‬ ‫إم�ب��راط��ور الصني م��ع قتيبة ب��ن مسلم الباهلي‪ ،‬ال��ذي توغل‬ ‫في الصني بجيشه‪ ،‬حيث أنهى الصراع قبل أن يبدأ‪ ،‬بإقناع‬ ‫قتيبة بالسالم‪ ،‬ونبذ الحرب‪ ،‬وتبدو حكمة إمبراطور الصني‬

‫في حادثة أخرى‪ ،‬فقد طلب وهب بن األسود القرشي‪ ،‬مقابلة‬ ‫اإلمبراطور مدعيا‪ ،‬أنه من عائلة النبي‪ ،‬عليه الصالة والسالم‪،‬‬ ‫فأكرمه هذا‪ ،‬لكنه طلب من معاونيه‪ ،‬استقصاء األمر من العرب‬ ‫املوجودين في املدينة‪ ،‬وعندما تأكدوا من ذلك بالغ في احترامه‪.‬‬ ‫ولكثرة زيارة املثقفني العرب للهند والصني‪ ،‬فقد كتبوا عنهما‬ ‫الكثير‪ ،‬وقارنوا أوضاع البلدين‪ ،‬مركزين على الثقافة؛ كونها‬ ‫األسلوب العام لحياة الجماعة‪ ،‬وتشمل كل ما يرتبط بالحياة‬ ‫االجتماعية أو الفردية بالبيئة االجتماعية‪ ،‬كالعادات واملعتقدات‬ ‫وال�ط�ق��وس واآلداب‪ ،‬ون�ظ��ام الحكم‪ ،‬وع ��ادات ال�ك�لام والطعام‬ ‫والنظافة والعقائد والطب‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬وعلم النجوم‪ ،‬وبناء املدن‬ ‫وتحصينها‪ ،‬واألخ�لاق‪ ،‬ولعل أطرف ما ورد في هذا املجال‪،‬‬

‫ما ذكره السيرافي‪« :‬وبالد الصني أصح وأقل أمراضا وأطيب‬ ‫ً‬ ‫هواء‪ ،‬ال يكاد ُيرى بها أعمى وال أعور وال ذي عاهة‪ ،‬وهذا كثير‬ ‫في بالد الهند» وتصديقا لهذا‪ ،‬فأنا لم أر في تجوالي أي أعمى‬ ‫أو أعور أو ذي عاهة‪ ،‬لكني رأيت أحول ً‬ ‫واحدا‪ ،‬وال أعتبر ذلك‬ ‫ً‬ ‫عيبا‪ ،‬فعيني اليمنى تحول بني حني وآخر‪.‬‬

‫غرام بكني‬ ‫املدينة أنثى‪ ،‬تقع بغرام امرأة لسبب ال تدريه‪ ،‬تهيم بها وأنت‬ ‫ذاهل‪ ،‬بينما ترى كثيرات فتعافهن‪ ،‬وبكني تدخل القلب كما‬ ‫لو كانت امرأة جميلة من دون استئذان‪ ،‬فتحبها‪ ،‬وكم ندمت‬ ‫ألني لم أجعل زيارتي تمتد ثالثة أسابيع أخرى على األقل‪،‬‬ ‫رغم أنني أعتقد أن ً‬ ‫شهرا فيها أقل من القليل‪ ،‬فما السبب؟‬ ‫يبدو أنني لست العربي األول الذي يقع في غرام بكني‪ ،‬فقد‬ ‫سبقني ع��راق��ي آخ��ر «ج�لال الحنفي»‪ ،‬وه��و أسعد مني؛ إذ‬ ‫بقي نحو أربع سنني‪ ،‬وتزوج امرأة عراقية كانت تعيش فيها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وسبقني أيضا الصديق املشهور هادي العلوي‪ ،‬الذي يعتبر‬ ‫أهم من ّ‬ ‫عرف القارئ العربي على الصني والحضارة الصينية‪،‬‬ ‫وأهميتهما‪ ،‬وعمقها الفكري‪ ،‬ومنجزاتها الجبارة‪ ،‬بكتابات‬ ‫ك�ث�ي��رة‪ ،‬أهمها «امل�س�ت�ط��رف ال�ص�ي�ن��ي»‪ ،‬ال��ذي ات�خ��ذ ل��ه اسما‬ ‫صينيا هو «الو هاي»‪ ،‬كما ذكر األستاذ املبرز «البروفسور»‬ ‫د‪.‬شوي تشينغ قوه‪ ،‬عميد كلية الدراسات العربية في جامعة‬ ‫ال��دراس��ات األجنبية‪ ،‬في بكني‪ ،‬في مقالة رائ�ع��ة‪ ،‬في جريدة‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪105‬‬


‫ً‬ ‫كانت الساعة في حدود ّ العاشرة ليال عندما رأيت في أحد شوارع بكني‪ ،‬امرأة شابة أمامها بسطة عليها أنواع اللحوم‪ ،‬وإلى‬ ‫ً‬ ‫حام؟ أال تخاف؟ يا‬ ‫جانبها منقل شواء‪ .‬تلفت أبحث عن مرافق لها أو شريك‪ ،‬فلم أجد‪ ،‬لم أصدق عيني‪ .‬وحدها ليال من دون‬ ‫ْ‬ ‫وسحبت إلى زاوية مستترة‪ ،‬واغتصبت‪ ،‬ثم سرقت‪ ،‬وإن ٍ ْ‬ ‫لشجاعتها! لو كانت هذه املرأة في شيكاغو لكممت ُ‬ ‫قتلت‪ ،‬ولو‬ ‫قاومت‬ ‫كانت في بغداد ألخذت رهينة من قبل إحدى العصابات‪ ،‬ليدفع أهلها مئات آالف الدوالرات‪ ،‬أو بقيت سنني ال حصر لها‪ ،‬في‬ ‫سجون سرية خاصة ال يعرفها غير أصحابها‪ ،‬تغتصب فيها الفتيات‪ ،‬ليل نهار‪ ،‬وال من منقذ‪ ،‬وال من نهاية لها إال املوت‪.‬‬

‫التمشي في الدروب الخلفية والشوارع الضيقة التي تتيح للزائر رؤية الناس على حقيقتهم‬

‫بكني‪ ..‬جوهرة الصني‬

‫ً‬ ‫خرجت شابة من حانة ليال‪ ،‬في شيكاغو‪ ،‬لكنها‬ ‫أوقفت من قبل شرطيني اثنني‪ ،‬وعندما عرفا أنها‬ ‫راجعة إلى بيتها عرضا عليها توصيلها‪ ،‬حماية‬ ‫لها‪ ،‬لكنهما اغتصباها‪ ،‬ولم يقتالها ألنها لم تقاومهما‪ .‬وهكذا‬ ‫يصبح حاميها «حراميها» ً‬ ‫جانيا في أق��وى دول��ة في العالم‪،‬‬ ‫في هذا العصر‪.‬‬ ‫قبل زيارتي للصني بيوم واحد زارني صديق «تايواني األصل»‬ ‫ليودعني‪ ،‬وأثناء تناولنا الشاي‪ ،‬حذرني أال أحمل معي أكثر من‬ ‫ً‬ ‫بضعة دوالرات ليال‪ ،‬فقد ازدادت الجريمة في اآلونة األخيرة‪،‬‬ ‫قتل أك�ث��ر م��ن ع�ش��رة أش�خ��اص ف��ي أق��ل م��ن أس�ب��وع‪ ،‬بسبب‬ ‫السرقة‪ .‬عندئذ تذكرت ما كتبه ابن بطوطة قبل سبعة قرون‬ ‫عن الصني‪ .‬يقول الرحالة‪« :‬وبالد الصني أأمن البالد وأحسنها‬ ‫ح��اال للمسافر‪ ،‬ف��إن اإلنسان يسافر منفردا مسيرة تسعة‬ ‫أشهر وت�ك��ون معه األم ��وال الطائلة ف�لا يخاف عليها‪ ،‬إل��خ»‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬فاملحافظة على األمن واألمان ً‬ ‫قديما في الصني‪ ،‬توارثها‬ ‫ً‬ ‫الصينيون جيال بعد جيل‪ ،‬حتى أصبحت املحافظة على األمن‬ ‫مسؤولية الجميع‪ ،‬وم�ي��زة وطنية‪ ،‬وخصلة يرثها اإلن�س��ان‪،‬‬ ‫وش�ع� ً‬ ‫�ورا يجري م��ع ال��دم��اء ف��ي ال�ش��راي�ين‪ ،‬وسمة تمتاز بها‬ ‫هذه البالد الشاسعة‪.‬من نافلة القول‪ ،‬أن نذكر أن كلمة الصني‬ ‫تأتي بالعربية مرادفة للصناعة‪ ،‬والعلم‪ ،‬ساد ذلك في لغتنا‬ ‫منذ القدم‪ ،‬وينسب إلى الرسول محمد‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪،‬‬

‫‪104‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫استقبل عمر بن عبد العزيز‬ ‫وفدا صينيا سنة ‪ ،726‬ثم سنة‬ ‫‪ 757‬حني طلب إمبراطور الصني‬ ‫(هاسو تسينغ) من الخليفة‬ ‫املنصور مساعدته‪ ،‬ملواجهة ثورة‬ ‫عارمة كادت تعصف بحكمه‬

‫‪,,‬‬

‫بكني‪ :‬محمود سعيد*‬

‫قوله‪« :‬اطلبوا العلم ولو في الصني»‪ ،.‬وكتب الجاحظ (‪– 775‬‬ ‫‪« :)868‬ميزة سكان الصني‪ ،‬الصناعة‪ ،‬فهم أصحاب السبك‪،‬‬ ‫والصياغة‪ ،‬واألفراغ‪ ،‬واإلذابة‪ ،‬واألصباغ العجيبة‪ ،‬وهم أصحاب‬ ‫ال �خ��رط‪ ،‬وال�ن�ح��ت‪ ،‬وال�ت�ص��اوي��ر‪ ،‬وال�ن�س��ج»‪ ،‬وق��ال اب��ن بطوطة‬ ‫ً‬ ‫إحكاما للصناعات‪،‬‬ ‫(‪ :)1368 – 1304‬أهل الصني أعظم األمم‬ ‫ً‬ ‫وأشدهم إتقانا فيها‪ .‬وذك��رت في مقالة لي في التسعينات‪،‬‬ ‫أن العراق في العهد العباسي كان يستورد من الصني اثنتني‬ ‫وأربعني مادة‪ ،‬منها الحرير‪ ،‬والحبر والورق‪ ،‬واألقمشة املطرزة‪،‬‬ ‫واألق�ف��ال الحديد والفرند‪ ،‬والكيمخت (أي الحرير املشجر)‬

‫واملسك‪ ،‬والعود‪ ،‬والسروج‪ ،‬والغضار‪ ،‬والفلفل‪ ،‬وال��دار فلفل‪،‬‬ ‫والنارجيل‪ ،‬والهرنوة‪ ،‬والقاقلة‪ ،‬وال��دار صيني‪ ،‬والخولجان‪،‬‬ ‫والبسباسة‪ ،‬واإلهليلجيات‪ ،‬واألب �ن��وس‪ ،‬وال��ذب��ل‪ ،‬وال�ك��اف��ور‪،‬‬ ‫والجوزبوا‪ ،‬والقرنفل‪ ،‬والكبابة املتخذة من الحشيش‪ ،‬والثياب‬ ‫العظيمة املخملة‪ ،‬وأنياب الفيلة‪ ،‬وال��رص��اص القلعي‪ ،‬والقنا‪،‬‬ ‫والخيزران الخ‪ ،‬ويبدو أننا ما زلنا نستورد بعضها إلى حد‬ ‫اآلن‪ ،‬وحسبما يذكر هادي العلوي أننا في العراق أخذنا اسم‬ ‫الرز‪ ،‬من الصني «التمن»‪ .،‬وأي سوق كبيرة أو صغيرة تدخلها‬ ‫في الواليات املتحدة‪ ،‬أوروبا‪ ،‬في أي مكان في العالم تجد ً‬ ‫عددا‬ ‫ال يحصى من املنتجات الصينية‪.‬‬

‫الصالت التجارية بني العرب والصني‬ ‫بدأت الصالت التجارية بني العرب والصني منذ عهود قديمة‪،‬‬ ‫فيذكر امل��ؤرخ املسعودي غير م��رة‪« :‬ك��ان البحر حينئذ في‬ ‫املوضع املعروف اليوم بالنجف وكانت تقوم (ترسو) هناك‬ ‫سفن الصني والهند» التي تنقل البضائع‪.‬‬ ‫أما الصالت الرسمية بني العرب والصني فبدأت ‪ 1400‬سنة‪،‬‬ ‫وكانت بداية الحوار الحضاري بني األمتني؛ إذ أرسل الخليفة‬ ‫عثمان بن عفان مبعوثني إلى الصني ملقابلة إمبراطور أسرة‬ ‫تانغ‪« :‬قاو تسونغ في تشانغآن» (شيآن حاليا) في أغسطس‬ ‫(آب) عام ‪ 651‬ميالدية‪ ،‬وسجلت هذه املقابلة رسميا في املجلد‬ ‫الرابع من «كتاب أسرة تانغ القديم»‪.‬‬


‫> أك�ث��ر م��ن فنانة ق��دم��ت دور محامية ه��ذا العام‬ ‫م �ث��ل غ� ��ادة ع� ��ادل وس �ل�اف ف��واخ��رج��ي وف� ��ردوس‬ ‫عبد الحميد‪ .‬أل��م تخشي من تكرار الشخصيات‬ ‫في موسم واحد ووجود حالة من التشويش لدى‬ ‫املشاهد؟‬ ‫ في النهاية كل فنان يجتهد لتقديم عمل متميز‪ ،‬وجميعنا‬‫نقدم أعماال بها جزء كبير من الحقيقة والواقعية وجزء من‬ ‫الفانتازيا‪ .‬وعندما أعمل أفكر في أنني أؤدي عملي بشكل‬ ‫مضبوط‪ .‬وال نضحك على املشاهد‪ .‬ونريد خلق طاقة جيدة‬ ‫للمجتمع من خالل الدراما‪ .‬وهذه رسالة العمل التي تصل عن‬ ‫طريق املؤلف واملخرج‪ .‬والرأي في النهاية لن يكون للمحامني‬ ‫فقط‪ ،‬ولكن سيكون للجمهور‪ ،‬ألنني ال أؤدي العمل للمحامني‪.‬‬ ‫كما أن فكرة تجسيد أكثر من شخصية عن املحاماة تأتى‬ ‫بالصدفة‪ .‬فكل فنان يجسد الشخصية على حسب رؤيته‪.‬‬ ‫> هل تعتقدين أن كثرة األعمال تزيد من قوة املنافسة‬

‫> كيف كان التعاون مع املخرج الكبير يسرى نصر‬ ‫الله الذي تقدمني معه أول عمل يجمع بينكما؟‬ ‫ ه��و إن �س��ان جميل وم �خ��رج رائ ��ع وأت��اب��ع أع�م��ال��ه دائ�م��ا‬‫ونلتقي كثيرا رغم عدم التعاون من قبل‪ .‬وهو من أفضل‬ ‫املخرجني الذين تعاملت معهم ويعامل الكبير والصغير‬ ‫> تقدمني هذا العام للسينما فيلم «املاء والخضرة ب��اح�ت��رام ويعطي ك��ل شخص حقه ويظهر املمثل معه‬ ‫والوجه الحسن» ال��ذي تعودين به إلى السينما‪ .‬بشكل مختلف وأتوقع لهذا العمل نجاحا كبيرا خاصة‬ ‫فما الذي جذبك إلى العمل؟‬ ‫بعد إشادة الرقابة به وكذا إشادة كل من شاهده‪.‬‬ ‫ العمل مع املخرج الكبير يسري نصر الله متميز للغاية‪،‬‬‫> يشاركك بطولة الفيلم النجمة منة شلبي‪ .‬هل‬ ‫تعتبرينها منافسة من نوع خاص؟‬ ‫ منة شلبي موهوبة وجميلة ومجتهدة‪ .‬وتجمعني بها‬‫منة شلبي موهوبة وجميلة‬ ‫عالقة صداقة‪ .‬وقدمت دورا متميزا في الفيلم‪ .‬وهي تبادلني‬ ‫نفس الحب والتقدير‪ .‬وأيضا يشاركني البطولة النجم باسم‬ ‫ومجتهدة وتجمعني بها‬ ‫سمرة‪ ،‬وهو فنان موهوب وكانا دائما مصدر سعادة لي‬ ‫باإلضافة إل��ى يسرى نصر ال�ل��ه‪ ،‬وق��د أعجبني سيناريو‬ ‫عالقة صداقة‬ ‫الفيلم‪ ،‬لذا كنت سعيدة جدا بالعمل معهم وأيضا الفنانة‬ ‫صابرين وفريق عمل الفيلم <‬

‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫جمهوري ال بد أن احترمه‬ ‫قوية وتاريخ طويل بيني وبني ً‬ ‫وأحافظ عليه ولذلك ال أبحث مطلقا عن البطولة املطلقة‬ ‫ب �ق��در ب�ح�ث��ي ع��ن ع�م��ل ج�ي��د ي�ض�ي��ف ل��رص�ي��دي ال�ف�ن��ي‪.‬‬ ‫وباملناسبة هذا العام رفضت أعماال كثيرة بطولة مطلقة‬ ‫لتقديم «هي ودافنشي»‪ ،‬وكل من ش��ارك في العمل قدم‬ ‫دور البطولة‪ .‬في النهاية املسلسل عبارة عن حكاية كل‬ ‫من شارك قدم دورا رئيسيا ال يمكن االستغناء عنه‪.‬‬

‫أم أنها تشتت املشاهد بني األعمال املختلفة؟‬ ‫ كل نجم وله جمهوره الذي يفضل متابعته‪ .‬كما أن العمل‬‫الجيد يفرض نفسه بقوة‪ .‬ومعروف أن شهر رمضان‬ ‫موسم الدراما التلفزيونية‪ ،‬وانشغالي بتصوير أحداث‬ ‫املسلسل جعلني متابعة غير جيدة لألعمال التي تعرض‬ ‫في املوسم‪ ،‬ولكن بشكل عام أرى أن هناك ردود أفعال‬ ‫جيدة عن املوسم وه��ذا في مصلحة الجميع‪ ،‬ألن نجاح‬ ‫جميع األعمال يصب في مصلحة الدراما املصرية‪ ،‬ويزيد‬ ‫من قوة اإلنتاج ويفتح أبوابا جديدة للرزق ويكون سببا‬ ‫في الكشف عن عدد كبير من الوجوه الجديدة‪.‬‬

‫وأعماله يكون لها تقدير عند الجمهور‪ .‬كما أن الفيلم جيد‬ ‫وجريء وسيثير ضجة‪ .‬ويحمل حسا كوميديا كبيرا‪ .‬وال‬ ‫أريد القول إنه قضية جريئة بقدر أنه يمثل الحالة الطبيعية‬ ‫عند الناس بشكل رقيق ونرصد خالله الكثير من الظواهر‬ ‫التي طرأت على املجتمع في شكل كوميدي‪.‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪103‬‬


‫ينظر كثيرون إلى النجمة ليلى علوي على أنها ما زالت تمثل عنوانا للفن الراقي الذي يبحث عن املضمون أكثر من البحث عن‬ ‫اإلثارة‪ .‬لها مكانة متميزة على شاشة السينما والتلفزيون‪ .‬فمع كل عمل جديد تزداد تألقا ونجومية وتوهجا‪ .‬ويضاف في‬ ‫رصيدها الفني صفحات من اإلشادة واإلعجاب من النقاد والجمهور‪ .‬خالل مشوار طويل من العمل والتألق استطاعت ليلى‬ ‫علوي أن تصنع لنفسها ماركة مسجلة باسمها تقول إن كل عمل تقدمه مختلف عن اآلخرين‪ .‬أطلت على جمهورها هذا العام‬ ‫بمسلسل «هي ودافنشي» الذي القى إعجابا من النقاد والجمهور‪ .‬وتربعت به على عرش أفضل األعمال التي عرضت على‬ ‫الشاشة الصغيرة خالل شهر رمضان‪ .‬في السطور القادمة نعرف من النجمة ليلى علوي ملاذا «هي ودافنشي»‪ ،‬وهل كانت تتوقع‬ ‫هذا النجاح الكبير‪ .‬وتتحدث أيضا عن أعمالها خالل الفترة املقبلة وأشياء أخرى كثيرة‪ ،‬في حوار مع «املجلة»‪..‬‬

‫قالت إن فيلم «املاء والخضرة والوجه الحسن» سيثير ضجة بسبب جرأته‬

‫‪ :‬مسلسل «هي ودافنشي»‬ ‫ليلى علوي لـ‬ ‫نقلة مهمة في تاريخي الفني‬ ‫من مرحلة‪ ،‬باإلضافة إل��ى الخط الرومانسي في العمل‬ ‫القاهرة‪ :‬عصام الدين راضى‬ ‫الذي جذب الكثير من املشاهدين‪ .‬كما أنها شخصية غير‬ ‫> ملاذا اخترت مسلسل «هي ودافنشي» من متوقعة‪ .‬واملرض النفسي ليس له عالقة نهائيا بشخصية‬ ‫بني كل األعمال التي عرضت عليك؟‬ ‫«كرمة سليم»‪ .‬فقد ك��ان مدخال فقط للتعريف ببعض‬ ‫الضغوط التي أحاطت بها وأث��رت في نفسيتها لتتضح‬ ‫ لقد عرضت علي أعمال أخرى كثيرة وفضلت تجسيد الشخصية للمشاهد‪‬.‬‬‫دور كرمة سليم في «ه��ي وداف�ن�ش��ي»‪ .‬ورفضت أعمال‬ ‫أخ��رى ألن الشخصية أعجبتني بالتحدي ال��ذي يميزها > تتحدثني عن العمل بحب شديد‪ .‬هل تعتبرينه‬ ‫والصراع الذي يدور بداخلها حول تساؤالت كثيرة منها نقطة مهمة في مشوارك الفني؟‬ ‫هل ستكمل الطريق لتحصل على املكاسب املالية والشهرة ‪ -‬هذه حقيقة‪ .‬أنا وقعت في غرام هذا العمل‪ ،‬حيث كان حالة‬ ‫أم تظل إنسانة سوية ومتوازنة ولديها ضمير وتحافظ خاصة‪ .‬أرى في هذا العمل إضافة كبيرة لي وملشواري‬ ‫على القيم‪ .‬وق��د جذبني أك�ث��ر ف��ي ال��دور أن��ه ملحامية‪ ،‬الفني‪ .‬وأشكر الله أنه نال إعجاب الجمهور في النهاية‪.‬‬ ‫فمهنة امل �ح��ام��اة مهمة ج ��دا‪ .‬ووج ��دت أك�ب��ر ت�ح��د في وحقق ص��دى طيبا وأرى أن الجمهور‪ ،‬عند مشاهدته‬ ‫العمل وفي دوري بالتحديد هو صحوة الضمير للعمل‪ ،‬يشعر بالجهد الكبير املبذول في املسلسل‪ ،‬وهذا‬ ‫والحفاظ على القيم‫التي نفتقدها كثيرا خالل أكثر شيء يسعد الفنان‪.‬‬ ‫السنوات األخيرة وليست الحياة كلها شهرة‬ ‫وأم ��واال ونجاحا ومكاسب‪ ،‬فهناك شيء > كيف تنظرين لتجربة العمل م��ع الفنان خالد‬ ‫أهم من كل هذا وهو الرضا بما قسمه صالح الذي شاركك البطولة؟‬ ‫ خالد الصاوي فنان متميز وله جمهور كبير بعد نجاحه‬‫وتألقه خ�لال الفترة األخ�ي��رة‪ .‬وخالد يتمتع بقدر كبير‬ ‫م��ن املوهبة الفطرية‪ .‬وتجمعني ب��ه ص��داق��ة قوية منذ‬ ‫س �ن��وات‪ ،‬فنحن ن�ح��اول أن نترجم صداقتنا وعالقة‬ ‫األخ��وة والصداقة إل��ى كيمياء عمل ناجحة‪ .‬وك��ل منا‬ ‫يعلم مكانته عند اآلخر واستمتعنا بالعمل سويا‪.‬‬ ‫ال�ل��ه والضمير‬ ‫واإلخ� � � �ل� � � ��اص‬ ‫ك �م��ا أع�ج�ب�ن��ي‬ ‫ف � ��ي ش �خ �ص �ي��ة‬ ‫«ك� � ��رم� � ��ة» أي �ض ��ا‬ ‫أن� � � �ه � � ��ا ش� �خ� �ص� �ي ��ة‬ ‫م �ت �ل��ون��ة وت �م ��ر ب��أك�ث��ر‬

‫‪102‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫> مسلسل «هي ودافنشي» بطولة جماعية‪ .‬بعد‬ ‫هذا التاريخ الطويل ألم تتخوفي من تقديم بطولة‬ ‫جماعية؟‬ ‫ قدمت على مدار مشواري الفني الطويل كثيرا من أعمال‬‫البطولة املطلقة ول��ذل��ك ل��ن أبحث عنها ال�ي��وم فالجمهور‬ ‫ي�ع��رف مكانتي ل��دي��ه‪ .‬امل�ه��م بالنسبة ل��ي املضمون ال��ذي‬ ‫أقدمه للجمهور‪ ،‬ألنني وصلت ملكانة ال يمكنني الظهور‬ ‫فقط أو البحث عن الوجود على الشاشة‪ ،‬فهناك عالقة‬


‫مدير املهرجان لـ«اجمللة»‪ :‬يترأس لجنة تحكيم املسابقة الرسمية‬ ‫في أكتوبر املقبل اخملرج املوريتاني عبد الرحمان سيساكو‬

‫عروض ومسابقات واحتفاالت و تكريم‬ ‫يوسف شاهني بمناسبة مرور ‪ 50‬سنة‬ ‫على تأسيس أيام قرطاج السينمائية‬ ‫فيلم «صابر جوجل» كما يبدو‬ ‫على ملصقات الترويج‬

‫تونس‪ :‬بوبكر بن عمر‬

‫أفيش دعاية لفيلم «البس عشان خارجني»‬

‫والفيلم ي��ت��ن��اول قصة س��اح��ري��ن يجهزان‬ ‫لخطة إلخراج والدهما من السجن‪.‬‬ ‫وينضم للمنافسة في هذه املجموعة فيلم‬ ‫«كلب بلدي» وه��و من بطولة أحمد فهمي‬ ‫وأك��رم حسني الشهير بشخصية «سيد‬ ‫أب���و ح��ف��ي��ظ��ة»‪ ،‬وع����دد م��ن ن��ج��وم «م��س��رح‬ ‫مصر»‪ .‬الفيلم من تأليف شريف نجيب‬ ‫وأحمد فهمي وإخراج معتز التوني‪ ،‬والعمل‬ ‫يدور في إطار كوميدي فانتازي‪ .‬ويضم‬ ‫الفيلم ً‬ ‫عددا ً‬ ‫كبيرا من املشاهد املصنوعة‬ ‫بتقنية الجرافيك‪ ،‬ومجموعة م��ن الخدع‬ ‫البصرية‪.‬‬ ‫وخرج من املنافسة الكثير من النجوم‪.‬‬ ‫وت����م ت��أج��ي��ل ع����رض أع��م��ال��ه��م ضمن‬ ‫ه���ذا امل���وس���م ألس���ب���اب مختلفة منها‬ ‫عدم اكتمال التصوير وأخرى بسبب‬ ‫خشية امل��ن��اف��س��ة‪ .‬وم��ن أب���رز النجوم‬ ‫الذين غابوا عن موسم العيد‪ ،‬محمد‬ ‫هنيدي وأحمد رزق وأحمد آدم‬ ‫وغيرهم‬ ‫واملطرب مصطفى قمر‬ ‫<‬

‫«جواب اعتقال» فيلم يدخل املنافسة‬ ‫في املوسم الجديد‬

‫تحتضن تونس خالل الفترة من ‪ 28‬أكتوبر (تشرين األول)‬ ‫املقبل إلى ‪ 5‬نوفمبر (تشرين الثاني) املقبل الدورة السابعة‬ ‫والعشرين ملهرجان أيام قرطاج السينمائية وتتزامن هذه‬ ‫الدورة مع الذكرى الـ‪ 50‬على تأسيس هذا املهرجان السينمائي العاملي‬ ‫الذي ينعقد كل عامني‪.‬‬ ‫وق��ال إب��راه��ي��م لطيف‪ ،‬مدير امل��ه��رج��ان ل��ـ «امل��ج��ل��ة»‪ ،‬إن��ه ت��م إل��ى اآلن‬ ‫ضبط رؤس��اء لجان تحكيم املسابقات‪( ،‬سيترأس لجنة تحكيم‬ ‫املسابقة الرسمية امل��خ��رج السينمائي امل��وري��ت��ان��ي امل��ع��روف عبد‬ ‫الرحمان سيساكو)‪ ،‬كما انتهت لجنة اختيار األف�لام من تحديد‬ ‫قائمات األفالم املشاركة في املسابقات باستثناء األفالم التونسية‬ ‫التي ستحدد الحقا‪.‬‬ ‫وأفاد إبراهيم لطيف أن مسابقة األفالم الطويلة سيشارك فيها ‪12‬‬ ‫شريطا في مسابقة العمل األول و‪ 18‬شريطا في مسابقة األفالم‬ ‫القصيرة‪ ،‬كما سينظم املهرجان ألول مرة مسابقة قرطاج للسينما‬ ‫الواعدة‪ ،‬وهي خاصة باملبتدئني وستشارك فيها ‪ 36‬دولة‪.‬‬ ‫كما سيكرم مهرجان أيام قرطاج السينمائية هذه السنة عددا من‬ ‫املخرجني واملنتجني السينمائيني املعروفني على الساحة العاملية‪،‬‬ ‫وم���ن ب��ي��ن��ه��م امل���خ���رج ال��س��ي��ن��م��ائ��ي امل���ص���ري ي��وس��ف ش���اه�ي�ن‪ ،‬كما‬ ‫سيخصص املهرجان حيزا مهما للسينما الروسية والصينية‪،‬‬ ‫وستشهد دورة هذه السنة من أيام قرطاج السينمائية عرض أشرطة‬ ‫سينمائية في ‪ 14‬مدينة داخل الجمهورية‪ ،‬باإلضافة إلى عروض‬ ‫في ستة سجون وع��دد من م��دارس األم��ن والجيش وإح��داث قاعة‬ ‫سينما مفتوحة في الهواء الطلق في شارع الحبيب بورقيبة بتونس‬ ‫العاصمة لفائدة العموم‪.‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪101‬‬


‫تستقبل دور العرض السينمائي‬ ‫املصرية خمسة أعمال فنية تنافس‬ ‫جمعيها على كعكه إيرادات موسم عيد‬ ‫األضحى‪ .‬ويتنوع مضمونها ما بني‬ ‫«الكوميدي» و«الدراما االجتماعية»‪.‬‬

‫أغلبها ذات صبغة كوميدية‬

‫خمسة أعمال‬ ‫سينمائية‬ ‫مصرية تنافس‬ ‫في موسم العيد‬ ‫محمد رجب وسارة‬ ‫سالمة في فيلم‬ ‫«صابر جوجل»‬

‫القاهرة‪ :‬سها الشرقاوي‬

‫حسن الرداد وإيمي‬ ‫سمير غانم‬ ‫في فيلم «البس‬ ‫عشان خارجني»‬

‫‪100‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ي��أت��ي ف��ي م �ق��دم��ة ه ��ذه األع� �م ��ال ف�ي�ل��م «ج ��واب‬ ‫اع�ت�ق��ال» للفنان محمد رم �ض��ان‪ .‬ي ��دور ح��ول‬ ‫إرهابي يقع في غرام فتاة تقلب حياته ً‬ ‫رأسا على‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شخصيته وما تكشفه‬ ‫عقب‪ ،‬وكيف تؤثر عالقته بها على‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األيام عن طريقة تفكيره واتجاهاته النفسية واالجتماعية‪.‬‬ ‫العمل من تأليف وإخراج محمد سامي ويشارك رمضان‬ ‫البطولة األردني إياد نصار ودينا الشربيني وصبري فواز‬ ‫وسيد رج��ب‪ .‬ومن األف�لام األخ��رى التي ستنافس بقوة‬ ‫فيلم «البس عشان خارجني»‪ ،‬بطولة حسن الرداد وإيمي‬ ‫سمير غانم‪ ،‬وتدور أحداثه في إطار اجتماعي كوميدي‬ ‫حول شاب يقع في حب فتاة ويرتبط بها عاطفيا‪ ،‬لكنهما‬ ‫يواجهان ضغوطات وصعوبات توقعهما ف��ي مشاكل‬ ‫كثيرة‪ ،‬ويشاركهما البطولة بيومي فؤاد‪ ،‬وطاهر أبو ليلة‪،‬‬ ‫وحنان سليمان‪ ،‬ومحمد علي رزق‪ ،‬ومصطفى محمود‬ ‫وعدد من ضيوف الشرف‪ .‬العمل من تأليف‪ ،‬أحمد عزت‪،‬‬ ‫وإخراج خالد الحلفاوي‪.‬‬ ‫ويعيد فيلم «حنكو في املصيدة» الفنان محمد سعد‬ ‫من جديد لألعمال السينمائية‪ .‬العمل من تأليف وليد‬

‫يوسف‪ ،‬وإخ��راج سميح النقاش وي�ش��ارك في البطولة‬ ‫منة فضالي وحسن حسني ولطفي لبيب‪ .‬وتدور أحداثه‬ ‫في إطار كوميدي يظهر خالله بطل العمل بشخصيتني‬ ‫ت ��وأم‪ ،‬األول يجسد فيها شخصية اللمبي الشهيرة‪،‬‬ ‫والثانية يظهر فيها بشخصية جديدة مختلفة عما قدمه‬ ‫سعد من قبل‪ .‬ويصاب هذا الشخص في حادث قطار‪،‬‬ ‫وبتصاعد األحداث يترافع عن عدد من الوزراء املتهمني‬ ‫في قضايا فساد‪ ،‬ويربح القضية وتتحول حياته إلى‬ ‫النعيم‪ .‬ويدخل السباق الفنان محمد رجب بفيلم «صابر‬ ‫جوجل»‪ .‬ويشاركه البطولة سارة سالمة وراندا البحيري‬ ‫ولطفي لبيب‪ ،‬ومن تأليف محمد سمير مبروك‪ ،‬وإخراج‬ ‫محمد ح�م��دي‪ .‬ت��دور أح��داث الفيلم ف��ي إط��ار اجتماعي‬ ‫ك��وم�ي��دي ح��ول ش��اب م�ص��ري بسيط م �ع��روف بذكائه‬ ‫وق��درت��ه الفائقة ف��ي اس�ت�خ��دام التكنولوجيا واإلن�ت��رن��ت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ونظرا لظروف معينة يقرر أن يهاجر إلى دولة أوروبية‬ ‫لكي يحقق طموحاته والنجاح ال��ذي يحلم به ويتعرض‬ ‫للكثير من املشاكل حتى يحقق نجاحه ويثبت نفسه‪.‬‬ ‫كما ينافس في هذا املوسم أيضا فيلم «القرد يتكلم» الذي‬ ‫يقوم ببطولته أحمد الفيشاوي ويشاركه البطولة عمرو‬ ‫واك��د وري�ه��ام حجاج وم��ن تأليف وإخ ��راج بيتر ميمي‪،‬‬


‫الفنان يحيى الفخراني في مشهد‬ ‫من مسرحية «ليلة من ألف ليلة»‬

‫إقبال الجمهور يغري نجوم الشاشة بخوض التجربة‬

‫املسرح العربي يزدهر من جديد‬ ‫القاهرة‪ :‬سها الشرقاوي‬ ‫ي�ح��اول امل�س��رح امل�ص��ري ال�ع��ودة لكي ي��زده��ر من‬ ‫ج��دي��د كما ك��ان‪ .‬وي�غ��ري ش�ب��اك اإلي ��رادات نجوم‬ ‫الشاشة لخوض التجربة‪ .‬وتعد مسارح القاهرة‬ ‫واإلسكندرية من أقدم وأعرق املسارح العربية‪ ،‬إال أنها دخلت‬ ‫في أزمة خالل السنوات األخيرة تمثلت في عزوف الجماهير‬ ‫عن ارتياد املسارح‪ ،‬كما ابتعد الفنانون أيضا بعد أن جذبتهم‬ ‫الدراما التلفزيونية‪ ،‬مما عرض مجموعة كبيرة من مسارح‬ ‫القطاع الخاص للغلق والدمار‪.‬‬ ‫وفي اآلون��ة األخيرة شهد املسرح بداية حالة من االنتعاش‬ ‫واالزدهار مره أخرى‪ ،‬بعد محاوالت كثيرة من مسرح الدولة‬ ‫والقطاع الخاص‪ ،‬حيث نجحت محاولة الفنان أشرف عبد‬ ‫الباقي بتقديم «م�س��رح مصر» ال��ذي حقق نجاحا وجعل‬ ‫الجمهور يعود إلى املسرح من جديد على نطاق ضيق‪ ،‬وهي‬ ‫التجربة التي شجعت كثيرا من النجوم للتفكير في تقديم‬ ‫عروض مسرحية‪ .‬على رأس هؤالء الفنان محمد رمضان‪.‬‬ ‫وال ت ��زال م�س��رح�ي��ة محمد رم �ض��ان‪ ،‬وه��ي ب�ع�ن��وان «أه�لا‬ ‫رم�ض��ان»‪ ،‬ت��واص��ل عروضها منذ نحو ‪ 3‬أش�ه��ر‪ .‬وتعتبر‬ ‫ث��ان��ي ت�ج��رب��ة م�س��رح�ي��ة ل��رم �ض��ان ال ��ذي ق ��دم ق�ب��ل ع��ام�ين‬ ‫مسرحية بعنوان «رئ�ي��س جمهورية نفسه» على مسرح‬ ‫ال��دول��ة‪ .‬وحققت «أه�لا رم�ض��ان» إي ��رادات وحطمت األرق��ام‬ ‫القياسية في عرضها األول‪ ،‬واستطاعت ج��ذب الجمهور‪،‬‬ ‫وهو ما يراهن عليه نقاد ومسرحيون من أجل عودة انتعاش‬ ‫الحركة املسرحية وعودة جيل جديد من الفنانني للمسرح‪.‬‬ ‫ويشارك في بطولة «أهال رمضان» الفنانون‪ :‬روجينا‪ ،‬وأحمد‬ ‫فؤاد سليم‪ ،‬وشيماء سيف‪ ،‬وحسام داغر‪ .‬وهي من تأليف‬ ‫وليد يوسف‪ ،‬ومن إخراج الدكتور خالد جالل‪ ،‬الذي تحدث‬

‫عن نجاح املسرحية قائال‪« :‬الحمد لله على النجاح وعلى‬ ‫ردود األفعال اإليجابية حول العرض‪ ،‬وأشكر فريق العمل‬ ‫الذي بذل مجهودا كبيرا لكي يظهر بهذه الصورة التي تليق‬ ‫بالجمهور‪ ،‬وأشكر أيضا الجمهور على اإلقبال»‪.‬‬ ‫وأضاف جالل أن هذا النجاح يشجع املنتجني لإلقبال مرة‬ ‫أخرى على اإلنتاج املسرحي‪ ،‬كما أبدى تفاؤله للفترة املقبلة‬ ‫بعودة قوية للمسرح‪ .‬وتحدث عن مضمون مسرحية «أهال‬ ‫رمضان» قائال إن العمل ي��دور في إط��ار كوميدي ساخر‪،‬‬ ‫ويحمل إسقاطا على الواقع ال��ذي نعيشه واملشكالت التي‬ ‫نواجهها في الحياة‪.‬‬ ‫ورمضان هو اس��م الشخصية التي يقدمها الفنان محمد‬ ‫رمضان‪ ،‬وهو رجل مصري بسيط وحكيم يعمل لدى رجل‬ ‫أع�م��ال كبير يجسد شخصيته الفنان أحمد ف��ؤاد سليم‪،‬‬ ‫ويساعده على تجميع أوالده بمنزله مرة أخرى بعدما تفرقوا‪.‬‬ ‫ومن جانبه عاد الفنان يحيى الفخراني الستكمال عرض‬ ‫مسرحيته «ليلة من ألف ليلة»‪ ،‬التي بدأها منذ فترة زمنية‬ ‫وذلك على خشبة املسرح القومي‪ .‬وتتناول املسرحية قصة‬ ‫متسول يصطحب ابنته ف��ي ال �ش��وارع‪ ،‬ويكسب رزق��ه من‬ ‫خ�ل�ال ال�غ�ن��اء‪ ،‬ف��ي ال��وق��ت ال ��ذي ي�ت��ول��ى ف�ي��ه الخليفة الحكم‬ ‫ف��ي س��ن صغيرة بعد مقتل أب�ي��ه‪ ،‬وي�ق��ع الخليفة ف��ي حب‬ ‫ابنة املتسول‪ ،‬بعد أن يتنكر في شخصية اب��ن الجنايني‪،‬‬ ‫وتقع الفتاة في حبه دون أن تعرف حقيقة منصبه الكبير‪.‬‬ ‫واستطاعت املسرحية تحقيق إي��رادات عالية‪ .‬يشارك في‬ ‫ب�ط��ول��ة امل�س��رح�ي��ة‪ ،‬امل �ط��رب محمد م�ح�س��ن‪ ،‬وه�ب��ة م�ج��دي‪،‬‬ ‫ولطفي لبيب‪ ،‬وضياء عبد الخالق‪ ،‬وسلمى غريب‪ .‬ومن تأليف‬ ‫بيرم التونسي‪ ،‬وإخراج محسن حلمي‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق يقول الفنان فتوح أحمد‪ ،‬الرئيس السابق‬ ‫للبيت الفني للمسرح‪ ،‬إن املسرح بدأ بالفعل في االنتعاش‬

‫بعد أن كان معرضا لالختفاء‪ ،‬وكان شيئا محزنا للغاية‪،‬‬ ‫لكن توافد الجمهور عليه وبخاصة خالل العام املاضي يدل‬ ‫علي شعورهم باألمن واألمان‪ ،‬وهذا يؤكد أن املسرح سيحقق‬ ‫ازدهارا كبيرا في الفترة املقبلة‪.‬‬ ‫وأوض��ح فتوح أن مسرح الدولة له دور في ع��ودة الجمهور‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬ببذله مجهودا كبيرا لتوفير اإلمكانات املتاحة‪،‬‬ ‫م��ع ع ��ودة كثير م��ن األس �م��اء امل�ه�م��ة ف��ي ال�ع�م��ل امل�س��رح��ي‪،‬‬ ‫كاملخرج أحمد اإلبياري‪ ،‬والفنان محمد نجم‪ ،‬واملخرج جالل‬ ‫الشرقاوي‪.‬‬ ‫ويؤكد فتوح أن امل�ح��اوالت التي قدمها الفنان أش��رف عبد‬ ‫الباقي على «م�س��رح مصر» وال�ت��ي الق��ت نجاحا‪ ،‬لها دور‬ ‫أيضا في إعادة الجمهور‪ .‬وتتوالى مثل هذه التجارب التي‬ ‫جرى تنفيذها واألخرى التي ال تزال قيد التحضير‪ ،‬كتفكير‬ ‫شركة «العدل جروب» في تقديم عروض مسرحية منافسة‪.‬‬ ‫وأشاد فتوح بتجربة مسرحية «أهال رمضان» التي تعرض‬ ‫حاليا على مسرح الهرم‪ ،‬قائال إن التجربة رائعة و«أتمنى‬ ‫التوفيق لكل فريق العمل‪ ،‬ومحمد رمضان فنان موهوب‪،‬‬ ‫ويريد إرس��ال رسالة لجمهوره ومتابعيه بأنه ممثل لديه‬ ‫قدرات تمثيلية كبيرة‪ ،‬واملسرح هو الوحيد الذي يؤكد ذلك‬ ‫ويكشف قدرات املمثل إذا كان قويا أو ضعيفا»‪.‬‬ ‫وي �ق��ول ال�ن��اق��د امل�س��رح��ي ب��اس��م ص� ��ادق‪ ،‬إن ��ه ك��ان��ت ه�ن��اك‬ ‫محاوالت‪ ،‬في الفترة املاضية‪ ،‬من جانب الدولة لعودة املسرح‪،‬‬ ‫وبالفعل نجح البعض من هذه املحاوالت‪.‬‬ ‫ويوضح ص��ادق أال أحد ينكر أن الفضل يرجع إلى الفنان‬ ‫عبد الباقي الذي جذب الجمهور مرة أخرى للرجوع للمسرح‬ ‫بتقديمه العروض املسرحية بمجموعة من الشباب املوهوبني‪،‬‬ ‫و«نتفق أو نختلف مع املوضوعات التي تقدم‪ ،‬لكنهم جعلوا‬ ‫الجمهور متشوقا ملزيد من األعمال املسرحية» <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪99‬‬


‫مؤلفه يكشف لـ‬

‫عن تفاصيل العمل ويتحدث عن شخصياته الجديدة‬

‫وحيد حامد‪ :‬الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة»‬ ‫لن يتطرق لفترة حكم «اإلخوان»‬

‫القاهرة‪ :‬سها الشرقاوي‬ ‫يستعد املؤلف املصري وحيد حامد لتقديم جزء‬ ‫ث��ان من مسلسل «الجماعة» بعد م��رور نحو ‪6‬‬ ‫سنوات على تقديم الجزء األول‪ ،‬الذي قام ببطولته‬ ‫األردن��ي إي��اد نصار‪ ،‬وحقق ردودا متباينة وقت عرضه‪،‬‬ ‫حيث إن املسلسل يتناول جماعة اإلخوان املسلمني املثيرة‬ ‫للجدل في كثير من دول املنطقة والعالم‪ .‬ويعد الجزء الثاني‬ ‫ املقرر عرضه العام املقبل ‪ -‬استكماال ألحداث الجزء األول‪،‬‬‫الذي تطرق لتاريخ «اإلخوان»‪ ،‬كما يتناول العمل تفاصيل‬ ‫ع�لاق��ات كثير م��ن الشخصيات بجماعة اإلخ ��وان كامللك‬ ‫فاروق وجمال عبد الناصر‪.‬‬ ‫وعن التحضيرات األولية للمسلسل‪ ،‬يقول حامد لـ«املجلة»‪:‬‬ ‫«أق��وم اآلن بعقد جلسات عمل مكثفة مع املخرج شريف‬ ‫ال�ب�ن��داري ل�لان�ت�ه��اء م��ن ك��ل التفاصيل ال�خ��اص��ة بالعمل‪،‬‬ ‫تمهيدا لبدء التصوير في أقرب وقت ممكن‪ .‬وقد أوشكنا‬ ‫على االنتهاء من املعاينات الخاصة بأماكن التصوير وبناء‬ ‫الديكور الخاص بفترة الخمسينات‪ ،‬نظرا لبدء أحداث العمل‬ ‫م��ن سنة ‪ 1950‬حتى اغتيال الرئيس أن��ور ال�س��ادات عام‬ ‫‪ .»1981‬ونفى أن يتطرق الجزء الثاني لعام حكم «اإلخوان»‬ ‫ملصر عقب ثورة ‪.2011‬‬ ‫ويضيف‪« :‬حتى اآلن لم يتم ترشيح أبطال العمل بشكل‬ ‫نهائي‪ ،‬فالجزء الثاني من العمل ال يضم أي ممثل قام بدور‬ ‫رئيسي في الجزء األول‪ ،‬وسنعتمد على ممثلني آخرين‪،‬‬ ‫وبخاصة أن الجزء الثاني يدور في حقبه زمنية مختلفة‪،‬‬ ‫وبالفعل ق��ام امل�خ��رج بعمل (كاستينج) لبعض الفنانني‬ ‫الشباب وطالب معهد السينما والفنون املسرحية الختيار‬ ‫بعضهم لألدوار الثانوية»‪.‬‬ ‫وأكد حامد أنه انتهى من كتابة السيناريو الذي‬ ‫أكمل فيه تاريخ الجماعة‪ .‬والفكر الذي تدور عليه‬ ‫أح��داث املسلسل هو فكر واحد بداية من الجزء‬ ‫األول حتى الثاني‪ ،‬ولكن بأحداث مختلفة نتيجة‬ ‫لألحداث الزمنية الطويلة التي يتناولها املسلسل‪.‬‬ ‫واس �ت �ط��رد ق��ائ�ل�ا‪« :‬ي �ت �ن��اول ال �ج��زء ال �ث��ان��ي من‬ ‫م�س�ل�س��ل ال �ج �م��اع��ة م��رح �ل��ة م�ه�م��ة ف��ي ت��اري��خ‬ ‫م�ص��ر‪ ،‬وه��ي ف�ت��رة الخمسينات وال�س�ت�ي�ن��ات‪،‬‬ ‫من خالل شخصية سيد قطب‪ ،‬ال��ذي يكشف‬ ‫ال�ع�م��ل م��راح��ل ح�ي��ات��ه وت�ط��وره��ا وص��دام��ه مع‬ ‫ال �ن �ظ��ام ح�ت��ى إع��دام��ه ع ��ام ‪ .1966‬وذل ��ك بعد‬ ‫تناول الجزء األول من املسلسل نشأة الجماعة‬ ‫على يد حسن البنا‪ .‬وسيشهد الجزء الثاني‬ ‫أيضا ظهور كثير من الشخصيات الجديدة‬ ‫التي ش��ارك��ت ف��ي الحياة السياسية م��ن اإلخ��وان‬ ‫‪98‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫صورة دعائية للجزء األول من مسلسل «الجماعة»‬

‫خالل تلك الحقبة‪ ،‬مثل حسن الهضيبي وعمر التلمساني‬ ‫ومحمد أبو النصر»‪.‬‬ ‫وبسؤاله عما إذا كان الجزء الثاني سيحمل هجوما على‬ ‫«اإلخوان»‪ ،‬كما رأى البعض أثناء عرض الجزء األول‪ ،‬أجاب‬ ‫قائال‪« :‬هناك خطأ كبير لدى البعض‪ ،‬وانطباع غير دقيق‬ ‫بأن الجزء األول حمل هجوما على اإلخوان‪ ،‬فلقد رصدت‬ ‫ت��اري�خ��ا وح�ق��ائ��ق ال يمكن إن�ك��اره��ا ع��ن ت��اري��خ الجماعة‪،‬‬ ‫وظ� ��روف ن�ش��أت�ه��ا وت��أس�ي�س�ه��ا وامل �ن �ه��ج ال ��ذي ي�ت�ب�ع��ون��ه‪،‬‬ ‫وجمعيها حقائق مثبتة وال يمكن إنكارها‪ ،‬وعلى الجانب‬ ‫اآلخر كانت هناك حقائق إيجابية كانت مع اإلخوان وفي‬ ‫صالحهم وذكرتها ف��ي املسلسل‪ ،‬ومنها أف�ع��ال ق��ام بها‬ ‫مرشدهم حسن البنا وأبرزتها‪ ،‬مثل سعيه إلغالق بيوت‬ ‫البغاء املشبوهة‪ .‬وفي الجزء الثاني مستمر في رصد هذا‬

‫املؤلف وحيد حامد‬

‫التاريخ بنفس املنهج وبمنتهى الحيادية‪ ،‬ولم أنل منهم أو‬ ‫أقوم بالهجوم عليهم وال يصح فعل ذلك ولست معنيا بهذا»‪.‬‬ ‫وكشف املؤلف حامد عن نيته تقديم جزء ثالث للمسلسل‪،‬‬ ‫إذا أعطاه الله العمر والصحة‪ ،‬موضحا أن «قماشة املوضوع‬ ‫تحتمل ج��زءا آخ��ر»‪ ،‬وأح ��داث الجماعة ممتدة ومستمرة‬ ‫حتى وقتنا هذا‪ ،‬ويوجد من املعلومات والتفاصيل املهمة‬ ‫ما يحتمل تقديم جزء جديد‪.‬‬ ‫وعن اختياره ملخرج سنة أولى دراما‪ ،‬كما يقال‪ ،‬بعد اعتذار‬ ‫املخرج خالد مرعي النشغاله بتصوير عمل سينمائي‪،‬‬ ‫أوضح أن «شريف بنداري مخرج موهوب‪ ،‬وأنا دائما أدعم‬ ‫الوجوه الشابة‪ ،‬وأتواصل دائما مع خريجي معهد السينما‪،‬‬ ‫وم�ت��اب�ع��ة امل�ت�م�ي��زي��ن م�ن�ه��م واالط �ل��اع ع�ل��ى م�ش��روع��ات�ه��م‬ ‫واالحتفاظ بهم في ذاكرتي حتى تحني الفرصة املناسبة»‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬كشف وحيد حامد عن أنه ينوي العودة‬ ‫إلى تقديم أعمال سينمائية من خالل كتابة‬ ‫فيلم سينمائي جديد‪ ،‬من املقرر أن ينتهي‬ ‫منه خالل أيام قليلة‪ ،‬مبينا أنه يدور في إطار‬ ‫اجتماعي وطني عن حياة الجندي املصري‪،‬‬ ‫ويمثل ه��ذا العمل ع��ودت��ه للسينما‪ ،‬بعد أن‬ ‫كان آخر أعماله فيلم «قط وفار»‪ ،‬الذي عرض‬ ‫بدور العرض بداية عام ‪ ،2015‬وقام ببطولته‬ ‫محمود حميدة ومحمد فراج‪.‬‬ ‫ُيذكر أن الجزء األول من مسلسل «الجماعة»‬ ‫ق ��دم ف��ي رم �ض��ان ع��ام ‪ ،2010‬وش ��ارك فيه‬ ‫الفنان عزت العاليلي‪ ،‬وإي��اد نصار‪ ،‬وحسن‬ ‫الرداد‪ ،‬ويسرا اللوزي‪ ،‬وعصام ماهر‪ ،‬وأحمد‬ ‫عزمي‪ ،‬وكريم قاسم‪ ،‬وشهد ظهورا خاصا‬ ‫لبعض الفنانني‪ ،‬منهم أح�م��د حلمي‪ ،‬وكريم‬ ‫عبد العزيز‪ ،‬ومنى زكى‪ ،‬وأشرف على إخراجه‬ ‫محمد ياسني <‬


‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬

‫اشرتك اآلن‬ ‫واحصل على‬ ‫نسختك الورقية‬

‫دينيس روس‪ :‬ال يمكن أن‬ ‫ً‬ ‫تصبح إيران شريكا في الصراع‬ ‫ضد «داعش»‬

‫عائالت ضحايا جرائم إعدامات‬ ‫نظام املاللي‪ :‬عهد روحاني‬ ‫أشد عذ ًابا‬

‫ليلى علوي‪ :‬مسلسل‬ ‫«هي ودافنشي» نقلة‬ ‫مهمة في تاريخي الفني‬

‫«حزب الله» يستثمر أمواله في شارع الحمرا بحانات ومقا ٍه ومال ٍه ليلية‬ ‫مجلة العرب الدولية‬ ‫تأسست في لندن عام ‪ 1980‬شهرية سياسية‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمرب (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪Issue 1623-September 2016‬‬

‫كيف حافظت املصارف السعودية على نموها في عصر النفط الرخيص؟‬

‫بعد ‪ 15‬عامًا من وقوعها‪ ..‬مسؤولون أميركيون يرفعون الستار عن األحداث‬

‫ماذا تبقى من ‪ ١١‬سبتمبر؟‬

‫‪09‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫فورن أفيرز‪ /‬أيار‪ /‬مايو ‪57 - 2014‬‬

‫(مايو) ‪2015‬‬ ‫أيار‪(--‬يوليو)‬ ‫(يونيو)‬ ‫تموز‬ ‫حزيران‬ ‫‪1607‬‬ ‫‪1609‬‬ ‫‪1608‬‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬

‫‪69‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪51‬‬


‫«علم النفس السياسي»‪ :‬كيف يمكن فهم السلوك السياسي؟‬ ‫القاهرة‪ :‬مروة حسني لبيب ‪ -‬املجلة‬ ‫ص��در ع��ن سلسلة عالم املعرفة الكويتية مؤخرا‬ ‫كتاب بعنوان «علم النفس السياسي‪ ..‬رؤى نقدية»‬ ‫ملؤلفه كريستيان تيليغا‪ ،‬املحاضر في قسم علم‬ ‫النفس االجتماعي ومدير برنامج بجامعة لوفبره البريطانية‪..‬‬ ‫ونقل الكتاب إلى العربية املترجم والصحافي املصري املخضرم‬ ‫أس��ام��ة ال �غ��زول��ي رئ �ي��س امل��ؤس�س��ة ال�ع��رب�ي��ة ل�ل�ه�ج��رة وح ��وار‬ ‫الثقافات بالقاهرة‪ .‬وتكمن أهمية الكتاب بداية في اهتمامه‬ ‫األس��اس��ي بمحاولة فهم وتحليل طبيعة م��ا يسميه املؤلف‬ ‫«السلوك السياسي» بمفهوم علم النفس‪ ،‬وهو ما يرى املؤلف‬ ‫أنه يتعني النظر إليه باعتباره مسألة قائمة بذاتها‪ ،‬ومعالجة هذا‬ ‫«السلوك السياسي» باعتباره حقال ناشئا ومتحوال من حقول‬ ‫النشاطات واملمارسات االجتماعية‪ ،‬ويتعني تسجيل تمظهراته‬ ‫الرمزية واالتصالية واالجتماعية التفاعلية التي تجري إقامتها‬ ‫وهدمها في العالقات االجتماعية بني الناس‪ .‬كما يناقش الكتاب‬ ‫أيضا األحكام االجتماعية وااللتزامات واملواقف السياسية‪،‬‬ ‫والدالالت الذاتية التي يسبغها الناس على السلوك السياسي‪..‬‬ ‫كما يقيم الكتاب مقاربات م��ع مفاهيم ش��دي��دة التعقيد من‬ ‫مثل‪ :‬الرأي العام والقيم اإلنسانية في ضوء عمليات التحول‬ ‫االجتماعي والدمقرطة‪ .‬وفي هذا السياق يطرح الكاتب تعبيرا‬ ‫مهما وهو «الكفاءة الديمقراطية» لألمم‪ ،‬كما يحض املشتغلني‬ ‫بعلم النفس السياسي على مقاومة إغ��راء تطهير السلوك‬ ‫السياسي من املعضالت وااللتباسات والتناقضات الظاهرة‪.‬‬ ‫يطرح الكتاب أيضا مقاربة ملفهوم «التحيز» أو «الالتسامح»‬ ‫وبتعبيرنا نحن «ال�ت�ع�ص��ب»‪ ،‬باعتباره محصلة اجتماعية‬

‫غالف كتاب «علم النفس السياسي‪ ..‬رؤى نقدية»‬

‫ودراس��ة لخطاب نزع الشرعية ونزع اإلنسانية عن جماعات‬ ‫األقليات العرقية‪ ..‬كما يشير في أحد فصول الكتاب إلى أن‬ ‫الحقيقة االجتماعية والسياسية ال تملك ممرا سلسا ومباشرا‬ ‫للمعرفة‪ ،‬فهي ب��األح��رى تنتقل عبر التمثيالت االجتماعية‬

‫باعتبارها موارد ومؤسسات ثقافية لدى املجتمعات املفكرة‪.‬‬ ‫وي ��رى ال �ك��ات��ب وف ��ق ه ��ذه ال �ط��روح��ات أن م�ه�م��ة ع�ل��م النفس‬ ‫السياسي الرئيسية هي تحليل الطبيعة االجتماعية للهويات‬ ‫وملمارسات الجماعات‪ .‬وهو يذهب إلى أن الهويات ال يجري‬ ‫تنشيطها فحسب بل ب��األح��رى هي تستدعى وتعدل بفعل‬ ‫السياق االجتماعي ال��ذي تكتسب فيه م�غ��زاه��ا‪ ،‬وب�ن��اء عليه‬ ‫فليست هوية الفرد أو األمة – في نظر املؤلف هنا ‪ -‬مؤشرا يعتد‬ ‫به حول السلوك واملواقف والقيم‪ ،‬على عكس ما يرى كثيرون‪.‬‬ ‫ويطرح الكتاب في أحد فصوله مقاربة لفكرة «الذاكرة الجمعية»‬ ‫واتصالها بـ«السرديات السياسية» وتأثيرها عليها‪ ..‬ويذهب‬ ‫إلى دفع املشتغلني بعلم النفس السياسي إلى دراسة «الذاكرة‬ ‫الجمعية ب��اع�ت�ب��اره��ا منتوجا اجتماعيا وث�ق��اف�ي��ا‪ ،‬ودراس ��ة‬ ‫ال�ت��ذك��ر وال�ن�س�ي��ان ف��ي امل�ج�ت�م�ع��ات ب��اع�ت�ب��اره�م��ا ممارستني‬ ‫اجتماعيتني وثقافيتني‪ .‬وي��وس��ع الكتاب ف��ي فصله السابع‬ ‫م��ن مفهوم «ال�س�ل��وك السياسي» لتشمل مفاهيم «الخطاب‬ ‫السياسي»‪ ،‬وعمليات «االتصال السياسي» والعالقة التبادلية‬ ‫بني «الخطاب»‪ ،‬و«السياسة»‪ .‬ويذهب إلى أن األفعال الخطابية‬ ‫ه��ي تأسيس اجتماعي للظروف االجتماعية‪ ،‬وأن الحقائق‬ ‫االجتماعية والسياسية واملمارسات الخطابية على تنوعها‬ ‫تعيد إن�ت��اج رؤى ال�ن��اس واملجتمع وال�س�ي��اس��ات‪ .‬كما يؤكد‬ ‫على أن الخطاب السياسي يجب أن يدرس باعتباره نشاطا‬ ‫اجتماعيا‪ .‬وفي الفصل األخير يشير الكاتب إلى «االتصال‬ ‫السياسي» والسياسات املستندة إلى إعالم جماهيري‪ ..‬ويرى‬ ‫أن االتصاالت السياسية يتعني النظر فيها باعتبارها خطابا‬ ‫جرى إنتاجه بعناية‪ .‬ويشير الكاتب هنا إلى أهمية علم النفس‬ ‫السياسي في دراسات امليديا واالتصال والخطاب‪.‬‬

‫«األوقاف املصرية» تصدر كتابا ملواجهة أفكار الجماعات التكفيرية‬ ‫القاهرة‪ :‬أحمد سالم‬ ‫أص � ��درت وزارة األوق� � ��اف وامل �ج �ل��س األع �ل��ى‬ ‫للشؤون اإلس�لام�ي��ة بمصر ك�ت��اب «مفاهيم‬ ‫يجب أن تصحح» والذي يعتبر الجزء الثاني‬ ‫ف��ي خ �ط��وات �ه��ا ن �ح��و ت �ج��دي��د ال �خ �ط��اب ال��دي �ن��ي‪ .‬وأع��د‬ ‫ه��ذا الكتاب ع��دد م��ن علماء املجلس األع�ل��ى للشؤون‬ ‫اإلس�لام�ي��ة وذل��ك بعد ن�ج��اح ال�ج��زء األول ال��ذي صدر‬ ‫الشهر املاضي بعنوان «حماية الكنائس في اإلسالم»‬ ‫وتمت ترجمته إلى عدد من اللغات األجنبية‪.‬‬ ‫ي�ف�ن��د ال �ك �ت��اب ال �ج��دي��د امل �ف��اه �ي��م ال �ت��ي ت�ع�ت�م��د عليها‬ ‫ال�ج�م��اع��ات اإلره��اب �ي��ة امل�ت�ط��رف��ة ل�ت�ب��ري��ر أع �م��ال القتل‬ ‫والعمليات اإلرهابية التي يقومون بها في جميع الدول‬ ‫إلثارة الفزع في قلوب املواطنني املدنيني حيث يتحدث‬ ‫الدكتور محمد مختار جمعة‪ ،‬وزير األوقاف املصري‪،‬‬ ‫في مقدمة الكتاب حول ضرورة إظهار عظمة اإلسالم‬ ‫وإظ �ه��ار أخ�ط��اء بعض املنتسبني إل�ي��ه واالع�ت�م��اد في‬ ‫ه��ذا على توصيات املؤتمر ال��دول��ي ال��راب��ع والعشرين‬ ‫للمجلس األعلى للشؤون اإلسالمية ب��وزارة األوق��اف‬

‫‪96‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫لتصحيح بعض األفكار الخاطئة واملنحرفة والتي قد‬ ‫تؤدي إلى بعض الشطط أو الغلو أو التوجه نحو التكفير‬ ‫أو التطرف‪.‬‬ ‫وأك��د الدكتور عبد الله النجار‪ ،‬عضو مجمع البحوث‬ ‫اإلسالمية ورئيس لجنة تفكيك الفكر املتطرف باملجلس‬ ‫األع�ل��ى ل�ل�ش��ؤون اإلس�لام�ي��ة‪ ،‬أن ال�ك�ت��اب فند مفاهيم‬ ‫الخالفة والتكفير والحاكمية ودار الحرب‪ ،‬مشيرا إلى أن‬ ‫الجماعات املتطرفة والتكفيرية وظفت تلك املصطلحات‪،‬‬ ‫وهذا األمر فيه إساءة لإلسالم‪.‬‬ ‫وأوضح الدكتور محمد سالم أبو عاصي‪ ،‬عميد كلية‬ ‫الدراسات العليا بجامعة األزهر‪ ،‬أن من املفاهيم املغلوطة‬ ‫التي حرص الكتاب على توضيحها والتي تستخدمها‬ ‫الجماعات املتطرفة مفهوم «الحاكمية» حيث أكد أنها‬ ‫االلتزام بما نزل من شرع الله‪ ،‬مؤكدا أن هذا ال يمنع‬ ‫احتكام البشر إلى قوانني يضعونها ً في إطار مبادئ‬ ‫التشريع ال�ع��ام��ة وق��واع��ده الكلية وف��ق��ا لتغير ال��زم��ان‬ ‫واملكان وال يكون االحتكام لتلك التشريعات الوضعية‬ ‫ً‬ ‫مخالفا لشرع الله ما دام يحقق املصالح العامة للدول‬ ‫والشعوب واألفراد واملجتمعات‪.‬‬

‫غالف كتاب «مفاهيم يجب أن تصحح»‬


‫الفيلسوف‬ ‫الفرنسي‬ ‫جاك دريدا‬

‫قتلوا عقب أح��داث ‪ 11‬سبتمبر ف��ي امل�ع��ارك التي‬ ‫خاضتها ال��والي��ات املتحدة على ص��دى ح��دث ‪11‬‬ ‫سبتمبر في العراق وأفغانستان واليمن والتي راح‬ ‫فيها من الجنود أضعاف ضحايا ‪ 11‬سبتمبر‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن تلك الحروب لم تخل من أعداد كبيرة‬ ‫من الضحايا املدنيني‪ ،‬وبالتالي ف��إن الحرب على‬ ‫اإلرهاب على طريقة القمع واالنتقام الجمعي‪ ،‬وإن‬ ‫ً‬ ‫أظ�ه��رت ن�ص� ً�را مؤقتا تخفي تحت ردائ�ه��ا كثيرا‬ ‫من األعراض املرضية التي تفشل كل السياسات‬ ‫العاملية في حلها أو إيجاد دواء حاسم لها‪.‬‬

‫حرب إلكترونية‬ ‫يؤكد دري��دا وه��و يخوض ف��ي تحليل ال�ح��دث من‬ ‫زاوي �ت��ه األل�س�ن�ي��ة والفلسفية ل�ي�ع��رج ع�ل��ى شعار‬ ‫ً‬ ‫معتبرا إياه يتسم بغموض‬ ‫«الحرب على اإلرهاب»‪،‬‬ ‫وأل� �غ ��از ش ��دي ��دة‪ ،‬م�س�ت�ش�ه� ً�دا ب��أح��ادي��ث ال��رئ�ي��س‬ ‫ال �س��اب��ق وم �ه �ن��دس ال �ح��رب ع�ل��ى اإلره � ��اب ج��ورج‬ ‫ً‬ ‫ومعتبرا أن كل تسجيالته وتصريحاته‬ ‫بوش االبن‪،‬‬ ‫ح��ول الحرب على اإلره��اب ال يمكن معها تحديد‬ ‫ع��دو واض��ح بسب التباس املفهوم وع��دم تعريفه‬ ‫حتى اآلن بشكل واضح ودقيق‪ ،‬فمفهوم اإلرهاب‬ ‫ً‬ ‫وفقا لدريدا يعاني من تشويش في الحقل الداللي‬ ‫للكلمات والتعابير املستعملة وت�ع��دد ال�ت��أوي�لات‬

‫والرؤى ما بني تبرير اإلرهاب بأنه ردة فعل تجاه‬ ‫عنف ال��دول العظمى‪ ،‬وبني األبرياء الذين يذهبون‬ ‫ضحايا اإلرهاب واإلرهاب املضاد له‪.‬‬ ‫ال �ك �ت��اب ي�ت�خ�ط��ى ال �ح��دث ب��ال�ح��دي��ث ع��ن ت��أث�ي��رات��ه‬ ‫املستقبلية وهنا يقدم الفيلسوف دري��دا تنبؤات‬ ‫حول حروب العالم القادمة‪ ،‬فاإلرهاب لن يقتصر‬ ‫ع�ل��ى ح��رب ال �ش��وارع وال �ط��ائ��رات أو االن�ت�ح��اري�ين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ب��ل سيتخذ أش �ك��اال أك�ث��ر ح��داث��ة ك�م��ا ه��و ال�ح��ال‬ ‫ً‬ ‫مع تطور العالم تقنيا‪ ،‬وم��ن هنا يمكن القول إن‬ ‫حرب العالم القادمة هي حرب إلكترونية من خالل‬ ‫تعطيل األنظمة التي يعتمد البشر عليها في تسيير‬ ‫حياتهم اليومية‪.‬‬ ‫وال ينسى الكاتب أن يعرج على التغييرات الكبيرة‬ ‫التي أث��ر عليها عوملة الحدث كحدث كوني على‬ ‫الحياة اليومية لألمريكان‪ ،‬حيث تغيرت مفاهيم‬ ‫متعددة على املستوى الداخلي لألفراد العاديني‬ ‫داخل أميركا وخارجها‪ ،‬وأكثر التغييرات طرأت‬ ‫على الجالية املسلمة ف��ي أم�ي��رك��ا وأوروب� ��ا التي‬ ‫ت�ح��ول��ت ف �ج��أة إل ��ى أك �ب��ر اه�ت�م��ام��ات املجتمعات‬ ‫ال �غ��رب �ي��ة ب�س�ب��ب ت �ص��اع��د م �م��ارس��ات ال�ك��راه�ي��ة‬ ‫وأعمال العنف التي تصل أحيانا إلى درجة جرائم‬ ‫القتل‪ ،‬كما أن تغييرات كثيرة ط��رأت على العالم‬ ‫تحت مسمى اإلج ��راءات واالحتياطيات األمنية‪،‬‬ ‫وكيف أثر ذلك على الحريات الشخصية وسهل‬

‫لالنتهاكات املباشرة حتى في أع��رق دول العالم‬ ‫ديمقراطية‪.‬‬ ‫يتساءل الفيلسوف الفرنسي‪ :‬هل من الضروري‬ ‫أن يكون اإلرهاب هو إرهاب املوت فقط؟ وهل يعد‬ ‫ترك اآلخر يموت‪ ،‬إرهابا‪ ،‬كما يحدث عندما نترك‬ ‫مئات املاليني من البشر يموت من الجوع والبرد‬ ‫واملرض؟‬ ‫وي��ذه��ب ف��ي أسئلته ال�ن�ق��دي��ة إل��ى أب�ع��د م��ن ذل��ك‬ ‫باعتبار أن استراتيجية اإلرهاب ليس قتل العالم‬ ‫البعيد الغربي بل وتقويض العالم األكثر ً‬ ‫قربا من‬ ‫خالل حرب داخلية أهلية وبطريقة ال تقل ضراوة‬ ‫عن الهجوم على العدو الرئيسي‪ ،‬ومن هنا من‬ ‫الخطأ الفصل بني العاملني وال��ذي دفع بكثيرين‬ ‫إل��ى تعامل متحيز فيما يخص اإلس�ل�ام أو ما‬ ‫يتعلق بالعالم اإلسالمي باعتباره كينونة موحدة‬ ‫أو وح ��دة م�ت�ن��اس�ق��ة وه ��و ل�ي��س ك��ذل��ك‪ ،‬فالعالم‬ ‫اإلسالمي من وجهة نظر دريدا ليس اآلخر املطلق‬ ‫الذي لم يعد في وسع الغرب أن يفهمه‪ ،‬فهم تعلموا‬ ‫وتدربوا وتسلحوا على الطريقة الغربية وبأيدي‬ ‫الغرب الذي اخترع كلمة اإلره��اب‪ ،‬ويجب رصد‬ ‫التمايزات واالختالفات داخ��ل العالم اإلسالمي‬ ‫نفسه‪ ،‬حيث تتنازعه الصراعات والتناقضات‬ ‫الجوهرية التي أدت إلى ذات التدمير الذاتي الذي‬ ‫حدث في الغرب <‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪95‬‬


‫عن دار توبقال نشرت الترجمة العربية الوحيدة لكتاب الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا‬ ‫‪ )2004 - 1930( Jacques Derrida‬بعد عامني من وفاة املؤلف في عام ‪ 2004‬بعنوان تساؤلي كما هو حال التداول‬ ‫الفلسفي لألشياء «ما الذي حدث في حدث ‪ 11‬سبتمبر؟»‪.‬‬

‫التعاطي الفلسفي مع الحدث‪ :‬جاك دريدا ً‬ ‫نموذجا‬

‫حدث ‪ 11‬سبتمبر‬

‫جدة‪ :‬يوسف الديني‬ ‫فكرة الكتاب قائمة على إدان��ة تحويل‬ ‫ه��ذا ال�ح��دث اإلره��اب��ي ال��ذي ه��ز العالم‬ ‫إلى نقطة تاريخية فاصلة وتحول يتم‬ ‫التأريخ عبره‪ ،‬فهناك ما قبل وما بعد الحادي‬ ‫عشر من سبتمبر كما درجت كثير من األقالم‬ ‫على هذا التمييز‪ ،‬محاولة دريدا تأتي في سياق‬ ‫ت �ج��اوز ال �ق��راءات املنمطة واالس�ت�ه�لاك�ي��ة كما‬ ‫ً‬ ‫معتبرا أن الحدث يتميز‬ ‫هو الطرح اإلعالمي‪،‬‬ ‫بميزة مهمة أساسية يتم إغفالها وهي «بداهة‬ ‫القطيعة والشك في املعنى» فاألهم من الحدث‬ ‫هو ما يقوله لنا الحدث وهو أمر يخص العلوم‬ ‫االجتماعية أكثر من أي طرف آخر‪.‬‬ ‫دري� ��دا ي��ؤك��د ب��داي��ة أن ‪ 11‬سبتمبر ح ��دث ال‬ ‫يمكن نسيانه أو محوه ببساطة من األرشيف‬ ‫امل �ش �ت��رك ل �ت��اري��خ ع ��امل ��ي‪ ،‬ل �ك��ن ه� ��ذا ال �ح��دث‬ ‫بالتحديد فرض على العالم سطوته من بني‬ ‫كل الحوادث املشابهة له بسبب وسائل اإلعالم‬ ‫التي بالغت في تعظيمه عبر آلية التكرار القهري‬ ‫في الحديث عنها‪ ،‬وتحويل هذا اليوم إلى يوم‬ ‫عظيم بمجرد ذكر رقم اليوم والشهر وبغض‬ ‫النظر عن أي شيء آخر عدا ‪ 11‬سبتمبر‪.‬‬

‫بداية الحدث‬ ‫هذا االنطباع بعظمة الحدث هو نتيجة هيمنة اللغة‬ ‫ووس��ائ��ل اإلع�ل�ام ال�ت��ي ق��ام��ت بتضخيم ص��ورت��ه‪.‬‬ ‫وف��رض الحدث سلطة االس��م والتسمية من خالل‬ ‫النفوذ اإلعالمي الكبير للقنوات األميركية‪ ،‬فالحدث‬ ‫بحسب دريدا يأخذ قيمته الحقيقة عبر ما يزلزله‬ ‫من عالقات تقليدية مرتبطة باملعنى‪ ،‬بقدر ما تتغير‬ ‫العالقات بني ال��ذات ومعانيها‪ ،‬بني اإلنسان وبقية‬ ‫الشبكات التي ارتبط بها وارتبطت به‪ .‬فحني يكون‬ ‫ً‬ ‫زلزاال على املستوى البصري‪ ،‬فإنه ّ‬ ‫يحرك‬ ‫الحدث‬ ‫املجتمعات ويؤثر فيها من خالل إلحاح الصورة‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬فالحدث له عالقتان إحداهما متصلة‬ ‫بالرؤية البصرية واألخرى بالرؤية الثقافية‪.‬‬ ‫وم��ع ب��داي��ة ال�ح��دث يمكن إدراك قيمته عبر زاوي��ة‬ ‫النظر إليه‪ ،‬فعلى سبيل املثال يذكر دريدا مالحظة‬ ‫تأملية مهمة في حديثه عن ردة فعل بلدان أخرى‬

‫‪94‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫غالف الكتاب‬

‫غير معنية بالخطاب األميركي‪ ،‬مثل الصني التي‬ ‫أصرت في خطابها على أن تقلل من امتدادات هذا‬ ‫الحدث‪ ،‬فحصرته في زاوية الحدث املحلي األميركي‬ ‫على خلفية العالقات املتوترة بني القوتني العامليتني‬ ‫ف��ي ذل��ك ال��وق��ت‪ ،‬ث��م غ�ي��رت بعد ذل��ك نظرتها عبر‬ ‫دخولها في التحالف الدولي ملكافحة اإلرهاب‪.‬‬

‫عملية أوكالهوما‬ ‫ً‬ ‫الحدث العظيم وفقا لدريدا يجب أن يقدم اشتراطات‬ ‫مفاهيمية وانطباعية معينة‪ ،‬فعليه أن يكون طارئا‬ ‫ومباغتا إلى درجة أنه يؤدي إلى اهتزاز أفق املفهوم‬ ‫نفسه‪ ،‬ومن شأنه التشويش على جوهر التعرف‬ ‫على ذات الحدث باعتباره حدثا‪ ،‬وم��ن هنا يجب‬

‫التمييز بني مسارين في االشتباك بالحدث‪،‬‬ ‫ف�ه�ن��اك م �س��ار إن �س��ان��ي ي�ت�م�ث��ل ف��ي واج��ب‬ ‫ال�ت�ع��اط��ف واألل ��م ع�ل��ى ال�ض�ح��اي��ا ت�ج��اه تلك‬ ‫املجزرة املثيرة للحزن والنقمة ومن هنا يجب‬ ‫إدان�ت�ه��ا دون ش��رط أو ق�ي��د‪ ،‬وامل�س��ار اآلخ��ر‬ ‫يكمن في االنطباع املسؤول تجاه الحدث الذي‬ ‫تشكل إعالميا بصورة مغايرة عن الحدث‬ ‫ذات ��ه‪ ،‬وه��ذا ال�س�ي��اق اإلع�لام��ي للحدث قابل‬ ‫للتأويل والتفكيك‪ ،‬أي ه��ذا التقييم الخاص‬ ‫ل�ل�ش��روط‪ ،‬وال ��ذي ي �ح��اول أن يجعلنا نؤمن‬ ‫ب ��أن ه �ن��اك ح��دث��ا عظيما ح�ص��ل وال يكفي‬ ‫في تعظيمه هو تعظيم أبعاده املادية كحجم‬ ‫البرجني الشاهقني أو عدد الضحايا الذي لم‬ ‫يتم إح�ص��اؤه بتلك ال��دق��ة ف��ي أح��داث سابقة‬ ‫وأم��اك��ن مختلفة م��ن ال�ع��ال��م‪ ،‬بمعنى آخ��ر أن‬ ‫ال�ح��دث تعرض إلع��ادة إن�ت��اج آل�ي��ات تاريخية‬ ‫وسياسية وإع�لام�ي��ة معقدة‪ ،‬وهنا يستعني‬ ‫للحدث الذي يصفه حدث‬ ‫بقراءة تشومسكي‬ ‫ً‬ ‫ق��دم ضحايا أك�ب��ر الح��ق��ا بفضل م��ا وصفه‬ ‫ب� ��إره� ��اب ال� ��دول� ��ة ف ��ي ت�ع�ل�ي�ق��ه ع �ل��ى ض�ح��اي��ا‬ ‫الضربات األميركية ألفغانستان ثم العراق أو‬ ‫بحسب وصفه‪« :‬لم يعد يكفي قتل ما يناهز‬ ‫‪ 4000‬شخص م��ن امل��دن�ي�ين ف��ي ع��دة لحظات‬ ‫باستعمال التكنولوجيا املتطورة لخلق حدث‬ ‫عظيم»‪.‬‬ ‫وب��إزاء عدد الضحايا أو الخسائر املادية‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫دري ��دا أي��ض��ا ي��رف��ض وص��ف ال�ح��دث ب��ال�ف��رادة‬ ‫م��ن زاوي ��ة أن��ه ح��دث ال م�ت��وق��ع أو م�ف��اج��ئ ل��درج��ة‬ ‫االستحالة‪ ،‬وهناك مؤشرات كثيرة من وجهة نظره‬ ‫على إمكانية ت�ع��رض منشآت أميركية لهجمات‬ ‫إرهابية ال سيما بعد عملية أوكالهوما‪ ،‬وتعرض‬ ‫ال�ب��رج�ين ل�ه�ج��وم ب��امل�ف��رق�ع��ات ق�ب��ل ع��دة س �ن��وات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فضال عن كثير من املصالح األميركية بالخارج‪،‬‬ ‫هذا التوقع هو الذي يفسر التنديد بالفشل الذريع‬ ‫لجهازي املخابرات األميركية ‪ CIA‬و‪.FBI‬‬ ‫يجب التفكير ف��ي ح��دود م��ا سماه دري��دا «زمنية‬ ‫الصدمة» وذلك للخروج بتصور واضح لألسباب‬ ‫التي أدت إل��ى ذل��ك ال�ح��دث‪ ،‬وبالتالي يمكن تخيل‬ ‫امل�خ��اط��ر الغامضة ال�ت��ي يحملها املستقبل تجاه‬ ‫اإلره��اب وال�ح��رب عليه بما يفوق الحرب ال�ب��اردة‪،‬‬ ‫ويدلل على ذل��ك بأعداد الجنود األميركيني الذين‬


‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪93‬‬


‫بو‬

‫ر‬

‫تر‬

‫يه‬

‫خبرة بيل كلينتون‪ ..‬وتأييد أوباما يدعمان عودتها للبيت األبيض‬

‫هيالري تدخل الحلبة‬

‫‪ - 1‬هيالري كلينتون املحامية األميركية‪ ،‬زوجة املحامي الرئيس كلينتون‬ ‫وساكنة البيت األبيض على مدى ثمان سنوات‪ ،‬أحست بالحنني إلى ذلك‬ ‫البيت فاستعدت لالنتخابات الرئاسية ممثلة عن الحزب الديمقراطي‬ ‫ُ‬ ‫وحسابات حزبهما الديمقراطي‪.‬‬ ‫فهزمها النجم باراك أوباما‬ ‫‪ - 2‬لم يهدأ بال هيالري‪ ،‬ولم يقر قرارها إال بعد أن أع� ّ�د ْت نفسها من‬ ‫تكتف بكونها‬ ‫جديد‪ ،‬ل�لأض��واء‪ ،‬ولالنتخابات الرئاسية القاسية‪ ،‬ول��م‬ ‫ِ‬ ‫زوجة الرئيس األميركي بيل كلينتون‪ ،‬لقد مثلت نوعا آخر من النساء‬ ‫يرى أن على املرأة أن تأخذ فرصتها في قيادة العالم‪ ،‬وال بد للرجل أن‬ ‫يمنحها الفرصة‪ ،‬وال ّ‬ ‫مفر من أن تفتك برجل حتى ولو كان اسمه دونالد‬ ‫ترامب‪ .‬وعليها أن تدخل الحلبة لتمنع النوم من تكحيل جفن السيدة‬ ‫ترامب في سرير بالبيت األبيض رغم أن هيالري وبيل حضرا حفل‬ ‫الزفاف بني دونالد وميالنيا وتمنيا لهما السعادة والتوفيق و‪...‬إلخ ‪ -‬ولكن‬ ‫ليس في البيت األبيض‬ ‫‪ - 3‬هل كانت هيالري سيدة حديدية عندما كانت ُّ‬ ‫تعض قلبها‪ ،‬وتتجاهل‬ ‫الفضيحة املدوية لورطة زوجها مع املتدربة مونيكا لوينسكي‪ ،‬وتنسى‬ ‫الغيرة النسائية التقليدية وهي تعلم أن زوجها وقع في املحظور وتناولته‬ ‫ُ‬ ‫واألفواه واألنياب (قبل ظهور فيسبوك) وجعلت من أسرة كلينتون‬ ‫األقالم‬ ‫وليمة إخبارية وفرقعة إعالمية كادت تزلزل استقرارها كزوجة لرئيس‬ ‫وحلمها بالرئاسة في املستقبل‪.‬‬ ‫‪ - 4‬لم تفهم نساء العالم‪ .‬موقف الزوجة البارد من خيانة زوجها الحارة‪،‬‬ ‫وحاولت هيالري أن تكون أكبر من زوجة تغار‪ ،‬ألنها برمجت نفسها‬ ‫للحظة أخرى‪ّ ،‬‬ ‫وأعدت خطة أخرى هي الدخول من جديد‪ ،‬وبنفسها‪ ،‬ودون‬ ‫وساطة أو تبعية إلى البيت األبيض‪ ،‬ويعود زوجها إلى املكان الخلفي‪،‬‬ ‫وينقلب الدور‪ ،‬واملثل املأثور ليصير على النحو التالي‪« :‬وراء كل امرأة‬ ‫عظيمة رجل»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ًْ‬ ‫لعلها قصة ثأر‪ ،‬وتريد أن ّ‬ ‫دينا سابقا عندما‪ .‬عاشت تحت‬ ‫ترد لزوجها‬ ‫ظالله سيدة أولى‪.‬‬ ‫ وهل سوف يشعر بيل كلينتون بالحرج من لقب السيد األول؟‬‫‪ -‬أم أنه سوف يدخل عقده الثامن في البيت األبيض ويردد ما قاله الشاعر‬

‫‪92‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ّ‬ ‫خريف‪:‬‬ ‫التونسي مصطفى‬ ‫َ ُ‬ ‫انبسطت ُ‬ ‫هل َّم ّ‬ ‫ْ‬ ‫يده‪ُ.‬‬ ‫ُ‬ ‫نجد ُد ُه ‪ /‬فالدهر قد‬ ‫العهد‬ ‫‪ - 5‬ها هي هيالري‪ ،‬تتقدم واثقة الخطوة في حلبة املنافسة مع خصم‬ ‫ّ‬ ‫وثري‪ ،‬وذي صلف استثنائي‪ ،‬وله من سالطة اللسان ما يجعله‬ ‫شرس‪،‬‬ ‫يحكي وال يلوك كالمه في فمه‪ ،‬ويحاول في حربه الكالمية أن يمتص من‬ ‫عزم منافسته‪ ،‬وينادي بفضائحها فيما سمي بقضية البريد اإللكتروني‪،‬‬ ‫ويتهمها بأنها عاجزة عن التحكم في زوجها‪ ،‬فكيف تحكم أميركا؟‬ ‫‪ - 6‬إن املؤكد هو أن هيالري مصابة بالحنني إلى البيت األبيض‪ ،‬والعناد‬ ‫الذي ال يلني من أجل دخول البيت األبيض‪ ،‬وليس لدخول كتاب «غينيس»‬ ‫لألرقام القياسية كأول امرأة رئيسة‪.‬‬ ‫‪ - 7‬هيالري اآلن في حلبة السباق الرئاسي‪ ،‬األميركي‪ ،‬إنها تتذكر هذا‬ ‫الرجل الذي ّ‬ ‫تزوج عارضة أزياء وتخيلها هيالري وهي ترى قدها في‬ ‫مرايا البيت األبيض‪ ،‬هيالري اآلن في حلبة السباق الرئاسي‪ ،‬دخلتها‬ ‫ّ‬ ‫واألم‪ ،‬فهل س��وف تدخلها ه��ذه امل��رة‪ ،‬م��ن باب‬ ‫م��ن ب��اب السيدة األول��ى‬ ‫ّ‬ ‫والجدة؟‬ ‫الرئيسة‬ ‫‪ - 8‬هل تخفي االنتخابات األميركية مفاجآت الصناديق في العالم الثالث‪..‬‬ ‫عشر؟‬ ‫ّ‬ ‫أم أن اإلدارة أو ش�ع��ب املنتخبني س��وف ي�ف��ض��ل ام� ��رأة م�ث��ل ه�ي�لاري‬ ‫ويفضلها على رجل دونالد؟‬ ‫أم أن اإلدارة هي اإلدارة‪ ،‬والرئاسة في أميركا ليست ذكرا وال أنثى وال‬ ‫ّ‬ ‫الشم‬ ‫يعنيها تسجيل األرقام القياسية قدر أن يكون الرئيس موهوبا في‬ ‫لكل املصالح األميركية العابرة للجنس‪ ،‬كما تجاوزت لون البشرة مع‬ ‫باراك أوباما الذي لم يخف رعبه من إمكانية صعود دونالد العنصري‬ ‫رئيسا‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫الحل َبة‪.‬‬ ‫‪ -‬ولقد هدد أوباما بقرار الهجرة إذا سقطت هيالري‪ ،‬ونزلت عن‬

‫نص‪ :‬منصف املزغين‬ ‫ريشة‪ :‬علي املندالوي‬


‫دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﻨﻔﻂ‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻤﻼﻳﲔ اﻟﺒﺮاﻣﻴﻞ ‪ /‬ﻳﻮم‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪7‬‬

‫ﻳﻨﺎﻳﺮ‬

‫‪8‬‬

‫ﻳﻮﻧﻴﻮ‬

‫‪9‬‬

‫أﻛﺘﻮﺑﺮ‬

‫‪11‬‬

‫ﻓﱪاﻳﺮ‬

‫‪12‬‬

‫ﻳﻮﻟﻴﻮ‬

‫‪13‬‬

‫ﻧﻮﻓﻤﱪ‬

‫‪15‬‬

‫أﺑﺮﻳﻞ‬

‫غراف يوضح كيف استطاع منتجو النفط األميركيون عبر تكنولوجيا التشقيق زيادة إنتاجهم بمقدار أربعة ماليني ونصف املليون برميل في غضون سبع سنوات بداية من عام ‪ .2007‬ويشير الغراف إلى تواريخ اإلنتاج‬

‫ذات النفاذية املتدنية‬ ‫تبني هذه التكنولوجيا أدى إلى زي��ادة إنتاج الواليات‬ ‫املتحدة من النفط إلى أكثر من ‪ 5‬ماليني برميل يوميا‬ ‫أو أكثر من ‪ 5‬في املائة من اإلن�ت��اج العاملي‪ ،‬كما تبني‬ ‫الصورة رقم ‪ .6‬تتميز اآلبار التي يتم تشقيق املكامن‬ ‫ذات النفاذية املتدنية فيها «باملنحنى النزولي السنوي»‬ ‫املرتفع لهذه اآلبار‪ ،‬أي أن عمر اإلنتاج من البئر صغير‬ ‫نسبيا‪ ،‬فإن وتيرة حفر اآلبار املرتفعة هو ما يحافظ‬ ‫متنام أو ثابت‪.‬‬ ‫على معدل اإلنتاج عند مستوى‬ ‫ٍ‬ ‫على مدى عمر إنتاج النفط‪ ،‬ساهم التقدم التكنولوجي‬ ‫في إنتاج النفط في تشكيل «دورات االقتصادية ألسعار‬ ‫النفط»‪ .‬يرجع ذلك إلى سلوك منتجي النفط الحذر‪ ،‬فعند‬ ‫تكون املنحنى الصاعد لسعر النفط يسارع املنتجون‬ ‫إلى تبني تكنولوجيات حديثة‪ ،‬ذات جدوى اقتصادية‬ ‫عند مستوى عال نسبيا من سعر النفط‪ ،‬إلنتاج النفط‬ ‫ل��زي��ادة اإلن�ت��اج‪ .‬يساعد ارت�ف��اع النفط في تطوير هذه‬

‫‪,,‬‬

‫في ‪ 1982‬تم االنتهاء من‬ ‫حفر أول بئر أفقية في بحر‬ ‫الشمال وكان إنتاج منصة‬ ‫اإلنتاج مشجعًا‬

‫‪,,‬‬

‫إنتاج النفط من تشقيق املكامن‬

‫التقنيات وتقليل تكلفة تبنيه في استخراج النفط‪ ،‬وعند‬ ‫هبوط سعر النفط تكون تكلفتها أكثر تنافسية‪ .‬يمكن‬ ‫املالحظة‪ ،‬أيضا‪ ،‬بأن التقدم التكنولوجي في مجال إنتاج‬ ‫النفط ساهم على النفط بصفته مصدرا موثوقا للطاقة‬ ‫بالتغلب على صعوبات الجيولوجيا وظ��روف الحفر‬ ‫اإلنتاج‪ .‬وأن املحافظة على املوثوقية في اإلنتاج تتطلب‬ ‫مواصلة البحث والتطوير في هذا املجال‪.‬‬

‫ساهم وما زال إيمان املطورين بصناعة النفط بأهميته‬ ‫في املحافظة على هذه املوثوقية؛ لذلك ال يزال النفط يمثل‬ ‫عنصرا مهما في االقتصاد‪ .‬وهنا جانب من صناعة‬ ‫النفط ال بد من اإلشارة إليه‪ ،‬فإنه عندما كانت صناعة‬ ‫النفط وال�غ��از تركز على زي��ادة اإلنتاجية‪ ،‬ك��ان هناك‬ ‫جانب إيجابي للتقدم التكنولوجي يتعلق بالبيئة‪ ،‬وذلك‬ ‫بتقليل البصمة البيئية‪ ،‬والعمل بأمان أكثر في البيئات‬ ‫الحساسة‪ ،‬وزيادة األمان في عمليات الحفر واإلنتاج‪.‬‬ ‫من التحديات التي تواجه صناعة النفط والغاز هو كبح‬ ‫انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة من استخدام الوقود‬ ‫األحفوري‪.‬‬ ‫وال� �س ��ؤال امل �ل��ح ه �ن��ا‪ ،‬ك�ي��ف ي�م�ك��ن أن ي�س��اع��د ال�ت�ق��دم‬ ‫التكنولوجي في املحافظة على أهمية النفط بصفته‬ ‫مصدرا أساسيا للطاقة في القرن الواحد والعشرين‪،‬‬ ‫وفي خفض انبعاثات الغازات الدفيئة؟ لإلجابة عن هذا‬ ‫ال�س��ؤال ال بد لصناعة النفط ال��دخ��ول في ط��ور جديد‬ ‫يعنى بالبحث والتطوير في تكنولوجيات تساهم في‬ ‫امتصاص انبعاثات ال �غ��ازات الدفيئة‪ ،‬وال�ح�ف��اظ على‬ ‫القيمة االقتصادية للنفط <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪91‬‬


‫االستثمار في قطاع اإلنتاج النفطي‬ ‫أصبح االستثمار في إنشاء وزيادة السعة في قطاع إنتاج‬ ‫النفط أكثر كثافة في رأس املال‪ ،‬وهندسيا أكثر تعقيدا‪،‬‬ ‫وأص�ب�ح��ت امل��وازن��ة ب�ين القيمة االق�ت�ص��ادي��ة وامل�خ��اط��رة‬ ‫أكثر تحديا؛ وذلك ألن استخرج الخام أصبح من مكامن‬ ‫ذات ظروف أكثر تحديا من الناحية الجيولوجية‪ ،‬وتحت‬ ‫ظروف طبيعية أكثر قسوة‪ .‬وغدا رأس املال في الشركات‬ ‫املشغلة الكبرى أق��ل نزعة لالستثمار ف��ي املشروعات‬ ‫ع��ال�ي��ة امل �خ��اط��رة‪ .‬وألن األب �ح��اث وال�ت�ط��وي��ر ف��ي اإلن�ت��اج‬ ‫امل�ع��زز واملكامن غير التقليدية يتطلب س�ن��وات كثيرة‪،‬‬ ‫نزعت الشركات الكبيرة على االستثمار في املشروعات‬ ‫ال�ك�ب�ي��رة ذات امل� ��ردود ال�ث��اب��ت وامل �ض �م��ون‪ .‬والس�ت�غ�لال‬ ‫الفرص االستثمارية في املشروعات ذات الخطورة العالية‪،‬‬ ‫نشأ إث��ر ذل��ك مجموعة كبيرة م��ن املنتجني املستقلني‬ ‫في الواليات املتحدة وكندا أكثر تقبال ملستوى الخطورة‬ ‫امل��رت �ف��ع‪ ،‬اس �ت �ط��اع��وا ت �ط��وي��ر م �ك��ام��ن ال �غ��از ال�ص�خ��ري‬ ‫ومكامن النفط ذات النفاذية املتدنية ج��دا‪ .‬ساعد على‬ ‫ذلك تحول شركات خدمات النفط إلى مستثمرين في‬ ‫مجال األبحاث والتطوير لقطاع إنتاج النفط بشكل أكبر‬ ‫من الشركات الكبيرة منذ بداية التسعينات من القرن‬ ‫املاضي‪ .‬إن االستثمار في التكنولوجيا وشراء الشركات‬ ‫الصغيرة الرائدة في التكنولوجيا ساهم في نمو شركات‬ ‫خدمات النفط ّ‬ ‫وحولها إلى شركات ذات مردود اقتصادي‬ ‫عال ج��دا‪ ،‬وجعل استغالل التكنولوجيا املطورة لديها‪،‬‬ ‫التي لم تصبح حكرا على الشركات املشغلة الكبيرة‪ ،‬من‬ ‫قبل الشركات املستقلة والصغيرة أكثر إمكانية‪.‬‬ ‫م��ن ط��رف آخ��ر‪ ،‬ال يتسنى لشركات النفط املستثمرة‬ ‫في قطاع اإلنتاج االستعداد لنمو الطلب على النفط في‬ ‫املستقبل لصعوبة التنبؤ بسعر النفط كما أشير سابقا‪،‬‬ ‫ففي الغالب يكون االستثمار متأخرا مما ّ‬ ‫يكون فجوة بني‬ ‫العرض والطلب كما حدث في بداية هذا القرن‪.‬‬

‫حتى تتحول االستثمارات‬ ‫الجديدة إلى إنتاج تلعب‬ ‫احتياطيات اإلنتاج في الدول‬ ‫املنتجة دورًا جوهرياص في‬ ‫الحفاظ على توازن سوق‬ ‫النفط وسد الفجوة‬ ‫بني العرض والطلب‬

‫‪,,‬‬

‫كثافة استهالك النفط للفرد‪ ،‬وتتناقص كثافة استهالك‬ ‫إذا ما انتقل االقتصاد من الصناعة إلى الخدمات‪ ،‬كما‬ ‫يحدث حاليا في كثير من االقتصاديات املتقدمة‪ .‬وقد‬ ‫يكون التغير عن طريق تشريعات مباشرة على استهالك‬ ‫الوقود األحفوري كتشريعات التغير املناخي‪ ،‬أو باختراع‬ ‫بديل اقتصادي للنفط‪ ،‬ككهربة قطاع النقل‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫وتطويرها‪ .‬غالبا ما تكون هذه التكنولوجيات اقتصادية‬ ‫عند سعر مرتفع نسبيا للنفط‪ ،‬ويتم تطويرها أثناء‬ ‫املنحنى ال�ص��اع��د وتصبح اق�ت�ص��ادي��ة عند سعر أق��ل‪،‬‬ ‫في وقت الحق‪ .‬حتى تتحول االستثمارات الجديدة إلى‬ ‫إنتاج‪ ،‬تلعب احتياطيات اإلنتاج في ال��دول املنتجة دورا‬ ‫جوهريا في الحفاظ على توازن سوق النفط وسد الفجوة‬ ‫بني العرض والطلب‪ .‬وتكتمل الدورة االقتصادية لسعر‬ ‫النفط عندما يتباطأ ذلك االقتصاد املؤثر ليكمل دورته‬ ‫االقتصادية‪ ،‬يبدأ منحنى األس�ع��ار ف��ي الهبوط نتيجة‬ ‫انخفاض الطلب‪ ،‬ونتيجة كذلك لوفرة املعروض من النفط‪،‬‬ ‫الناتج من زي��ادة االستثمارات وانخفاض تكلفة إنتاج‬ ‫النفوط الحديثة اإلنتاج‪ ،‬يكون االنخفاض سريعا‪.‬‬ ‫وساهم املنحنى الصاعد ألسعار النفط في السبعينات‬ ‫وب��داي��ة ال�ث�م��ان�ي�ن��ات م��ن ال �ق��رن امل��اض��ي ف��ي االس�ت�غ�لال‬ ‫االق �ت �ص��ادي مل �ك��ام��ن ب �ح��ر ال �ش �م��ال ع��ن ط��ري��ق زي ��ادة‬ ‫االستثمارات وتبني التقدم‪ ،‬في حينه‪ ،‬في تقنيات الحفر‬ ‫األف�ق��ي‪ ،‬وس��اه��م‪ ،‬ك��ذل��ك م��ع ع��وام��ل أخ ��رى‪ ،‬ف��ي تشكيل‬ ‫ح��دة املنحنى ال�س�ع��ري ال �ن��ازل ف��ي ال ��دورة االقتصادية‬ ‫للسعر النفط‪ .‬في الوقت الحاضر‪ ،‬تساهم تقنيات حديثة‬ ‫كتشقيق املكامن ذات النفاذية املتدنية في الواليات املتحدة‬ ‫األم�ي��رك�ي��ة وال�ح�ف��ر العميق ل�لآب��ار ال�ب�ح��ري��ة ف��ي ت�ك��رار‬ ‫السيناريو املتداول‪.‬‬

‫الدورة االقتصادية لسعر النفط‬

‫تكنولوجيا منصات الحفر البحرية‬ ‫والحفر األفقي‬

‫يمكن إجمال ما سبق بأنه عندما تنشأ دورة اقتصادية في‬ ‫اقتصاد رائد ومؤثر‪ ،‬مثال‪ ،‬يسوق معه مجموع األسواق‬ ‫العاملية‪ ،‬املترابطة فيما بينها‪ ،‬إلى دورات اقتصادية جزئية‬ ‫خاصة بكل سوق على حدة‪ .‬تنشأ ال��دورة االقتصادية‬ ‫للنفط نتيجة ت�ك� ّ�ون طلب أك�ب��ر م��ن امل�ت��وق��ع‪ ،‬وال يمكن‬ ‫تلبيته على امل��دى القريب؛ مما ي��ؤدي إلى ضغوط على‬ ‫سعر النفط ليرتفع ويكون منحنى صاعدا‪ .‬الستغالل‬ ‫الفرص االستثمارية في قطاع إنتاج النفط الناتجة من‬ ‫ارتفاع سعر النفط‪ ،‬تزيد االستثمارات في قطاع اإلنتاج‬ ‫الستغالل القيمة االقتصادية املستجدة للنفط‪ ،‬ويتم‬ ‫ذل��ك ع��ن ط��ري��ق ال�ب�ح��ث ع��ن م�ك��ام��ن ذات جيولوجيات‬ ‫يمكن استخراج النفط منها بتبني تكنولوجيات جديدة‬

‫يمكن إرجاع القدرة على استغالل نفط بحر الشمال إلى‬ ‫التقدم التكنولوجي في كل من منصات الحفر واإلنتاج‬ ‫البحرية املالئمة للظروف املناخية الصعبة‪ ،‬والحفر األفقي‪.‬‬ ‫في سنة ‪ ،1964‬ولتخفيض االعتماد على الفحم الحجري‬ ‫في بريطانيا‪ ،‬بدأ التفكير جديا في استغالل نفط مكامن‬ ‫بحر الشمال من الجانب البريطاني عبر قانون يتيح الحفر‬ ‫فيها‪ ،‬وذلك بعد الكشف عن نتائج سيسمولوجية تشير‬ ‫إل��ى وج��ود آث��ار هيدروكربونية ف��ي ال�ص�خ��ور الرملية‪.‬‬ ‫على الفور‪ ،‬بدأ الحفر االستكشافي‪ ،‬ولم تكن‪ ،‬حينها‪،‬‬ ‫النتائج مشجعة إال في عام ‪ 1969‬حني اكتشفت شركة‬ ‫فيلبس النفط في حقل إيكفيست بكميات تجارية‪ ،‬وذلك‬ ‫م��ن الجانب النرويجي م��ن بحر ال�ش�م��ال‪ .‬ت��وال��ت بعدها‬

‫‪90‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫االكتشافات املهمة واملؤثرة ملكامن النفط والغاز في بحر‬ ‫الشمال‪ ،‬وساعد عن ذلك تبادل الخبرات بني الشركات‬ ‫املشغلة وتراكمها عن طريق تكوين تحالفات استراتيجية‬ ‫مشتركة في مجال بناء منصات الحفر واإلنتاج البحرية‪،‬‬ ‫وت�ح�ل�ي��ل امل�ع�ل��وم��ات ال�س�ي�س�م�غ��راف�ي��ة وال�ج�ي��وف�ي��زي��ائ�ي��ة‬ ‫املتجاورة‪ ،‬وطرق الحفر واإلنتاج‪ .‬ولكن لم تكن الطريق‬ ‫س�ه�ل��ة‪ ،‬ف�ق��د ع��رف��ت ب��داي��ة ت�ط��وي��ر ن�ف��ط ال�ش�م��ال بكثرة‬ ‫اإلصابات الناتجة من عدم مالءمة تكنولوجيا منصات‬ ‫الحفر ومنصات اإلنتاج القائمة لطبيعة الطقس واملناخ‬ ‫الصعبة في بحر الشمال‪ ،‬وأيضا‪ ،‬لم تكن أسعار النفط‬ ‫مشجعة لالستثمار ف��ي تطوير وإن�ت��اج منصات حفر‬ ‫ومنصات إنتاج بحرية قادرة على تحمل بيئة التشغيل‬ ‫الصعبة لبحر ال�ش�م��ال‪ ،‬ولكن م��ع ارت�ف��اع أس�ع��ار النفط‬ ‫الكبير بداية من منتصف السبعينات‪ ،‬بدأ تزايد اإلنفاق‬ ‫على التطوير الهندسي ملنصات الحفر واإلنتاج لتصبح‬ ‫أكثر مالءمة لظروف املناخ‪.‬‬ ‫في ‪ 1982‬تم االنتهاء من حفر أول بئر أفقي في بحر‬ ‫الشمال‪ ،‬وكان إنتاج منصة اإلنتاج مشجعا جدا‪ .‬بشكل‬ ‫عام‪ ،‬اآلبار األفقية تحفر لزيادة اإلنتاج اآلني واملتراكم؛‬ ‫مما يزيد القيمة االستثمارية لبئر اإلنتاج‪ .‬وأيضا‪ ،‬هنالك‬ ‫ظروف تتعلق بجيولوجيا املكمن تؤدي إلى جدوى الحفر‬ ‫األفقي‪ ،‬كأن يكون املكمن ضعيف السمك‪ ،‬أو متشققا‬ ‫طبيعيا‪ ،‬أو لتجنب االرتفاع السريع ملستوى املاء أو نزول‬ ‫مستوى الغاز في البئر‪ ،‬أو ل��زي��ادة كفاءة حقن املكمن‬ ‫ب��امل��اء أو ال�غ��از‪ .‬س��اع��د على انتشار الحفر األف�ق��ي في‬ ‫الثمانينات ابتكار وتطوير تكنولوجيا «‪ »Top Drive‬التي‬ ‫تساعد على تسيير الحفر من حيث االتجاه والقوة من‬ ‫منصة الحفر‪ ،‬وأيضا تكنولوجيا «القياس أثناء الحفر»‬ ‫ال�ت��ي يتم ع��ن طريقها معرفة م�ك��ان الحفر ب��دق��ة عالية‬ ‫متناهية‪ ،‬وكذلك درج��ة ال�ح��رارة أثناء الحفر‪ ،‬والضغط‬ ‫الساكن املتحكم فيه عن طريق الطفلة‪ .‬ساهم هذا التقدم‬ ‫التكنولوجي‪ ،‬حينها‪ ،‬في جعل الحفر أسرع وأكثر أمانا‬ ‫وموثوقية‪.‬‬

‫إنتاج بحر الشمال من النفط‬ ‫بدأ إنتاج النفط من بحر الشمال بكميات تجارية بداية‬ ‫من عام ‪ 1975‬والنمو املطرد في اإلنتاج حتى أصبحت‬ ‫نسبة إنتاج النفط أكثر من ‪ 8‬في املائة من اإلنتاج العاملي‬ ‫ف��ي سنة ‪ .1986‬بينما تأثر تكنولوجيا الحفر األفقي‬ ‫بداية من عام ‪.1987‬‬ ‫ويشترك ك��ل م��ن ال�غ��از الصخري والنفط امل��وج��ود في‬ ‫املكامن ذات النفاذية املتدنية في تقنية استخراجهما‪.‬‬ ‫فكالهما يحتاج إلى حفر أفقي وتشقيق متعدد املراحل‬ ‫الستخراجهما بجدوى اقتصادية‪ .‬وهنا ال بد من التذكير‬ ‫بأنه يصاحب الغاز الصخري مكثفات بترولية ذات قيمة‬ ‫اقتصادية كبيرة تساهم في زيادة إنتاج النفط‪ .‬وجدير‬ ‫ذكره‪ ،‬فإنه ألكثر من ‪ 50‬عاما كانت تكنولوجيا «التشقيق‬ ‫باملاء املخفض الكمية والعالي اللزوجة» معروفة‪ ،‬ولكنها‬ ‫كانت ذات تكلفة مرتفعة جدا‪ .‬في منتصف التسعينات‬ ‫من القرن املاضي‪ ،‬تم في ح��وض برنيت في دال��س في‬ ‫والي��ة تكساس في الواليات املتحدة تجريب «التشقيق‬ ‫باملاء العالي الكمية واملنخفض اللزوجة على مراحل»‬ ‫ببئر أفقي‪ ،‬وكانت النتيجة مبهرة بإنتاج كميات كبيرة‬ ‫واقتصادية من الغاز الصخري‪.‬‬


‫األسهم‪ .‬وهنا نذكر أن السعر اآلني‪ ،‬الذي يتم بيع معظم‬ ‫النفط املستخرج على أساسه‪ ،‬يحدد على أساس السعر‬ ‫املستقبلي للخام تسليم شهر من لحظة تحديده‪ ،‬علما‬ ‫بأن الصفقات املستقبلية ال يتم تسليم إال أقل من ‪ 5‬في‬ ‫املائة منها فقط‪.‬‬ ‫لكي يستطيع املستثمرون تحديد هذا السعر‪ -،‬وهو على‬ ‫مستويات مختلفة ‪ -‬ال بد من توافر حزمة كبيرة جدا من‬ ‫املعلومات عن العرض والطلب وما يؤثر فيهما‪ ،‬والقدرة‬ ‫على تحليلها والخروج بمحددات على املستويات املختلفة‪.‬‬ ‫بسبب أن املعلومات واملعطيات األساسية لتحديد سعر‬ ‫النفط‪ ،‬كاالقتصاد الكلي والتكنولوجيا‪ ،‬ال تتوفر بشكل‬ ‫يومي‪ ،‬وكذلك يصعب التنبؤ بها‪ ،‬ونتيجة لذلك؛ ي��زداد‬ ‫التنبؤ بسعر الخام صعوبة كلما زادت الفترة الزمنية‪.‬‬ ‫فعلى امل��دى القريب ج��دا‪ ،‬أي من يوم آلخر ومن أسبوع‬ ‫آلخ��ر‪ ،‬يبرز تأثير األح��داث السياسية وظ��روف الطقس‬ ‫الشديدة‪ ،‬وتغير صرف ال��دوالر مع العمالت الرئيسية‪،‬‬ ‫وتغير السياسات النقدية كمعدل سعر الفائدة‪ ،‬والتأثير‬ ‫املتبادل بني املضاربات في األسواق املالية وأسواق املواد ديناميكية الطلب العاملي‬ ‫ال �خ��ام‪ ،‬وامل�ع�ل��وم��ات ال �ج��دي��دة ف��ي ت��ذب��ذب أس �ع��ار ال�خ��ام‬ ‫ويتم تقليل التذبذب‪ ،‬ع��ادة‪ ،‬عن طريق التحكم في بيع كيف يتفاعل الطلب مع املنحنى الصاعد لسعر النفط؟‪..‬‬ ‫وشراء كميات محدودة من املخزون االستراتيجي للدول لكي نفهم التفاعل بني سعر النفط والتقدم التكنولوجي ال‬ ‫املستهلكة أو باستغالل السعة االحتياطية للدول املنتجة‪.‬‬ ‫أما على املدى القريب‪ ،‬أي من سنة ألخرى‪ ،‬فإن العالقة‬ ‫املتبادلة بني الطلب على النفط واالقتصاد الكلي‪ ،‬التي‬ ‫تحدد عبر القدرة لزيادة العرض على زيادة االستثمار في‬ ‫السعة اإلنتاجية بالتكنولوجيا املستخدمة‪ ،‬تؤثر في مدى‬ ‫ثبات سعر النفط‪ .‬على املدى البعيد‪ ،‬يبرز تأثير متغيرات‪:‬‬ ‫كالتحول البنيوي لالقتصاديات الرائدة واملؤثرة‪ ،‬ومعدل‬ ‫الزيادة السكانية العاملية وتوزيع دخول األفراد الحقيقية‬ ‫على مستوى العالم‪ ،‬وزيادة على السعة اإلنتاجية للنفط‬ ‫عن طريق التقدم التكنولوجي‪ ،‬وم��دى نضوب املكامن‬ ‫الكبيرة والكبيرة جدا‪ ،‬كلها أمور قادرة على تشكيل ما‬ ‫يسمى ب�ـ«ال��دورة االقتصادية للنفط»‪ ،‬وه��و محور هذه‬ ‫املقالة‪ .‬وأخيرا‪ ،‬ويبرز على املدى البعيد جدا تأثير ندرة‬ ‫النفط كونه مصدرا ناضبا وإيجاد البديل االقتصادي‬ ‫من جهة‪ ،‬ومدى تفاعل االقتصاد العاملي مع هذه العالقة‪،‬‬ ‫من جهة أخرى‪.‬‬

‫بد أوال من توضيح ديناميكية الطلب العاملي على النفط‪،‬‬ ‫فسعر النفط ظاهرة «طلبية»‪ ،‬أي أنها تتفاعل مع معدل‬ ‫نمو االقتصاد العاملي بشكل جوهري‪ ،‬فعلى النقيض‪،‬‬ ‫تعتبر املنتجات الزراعية‪ ،‬مثال‪ ،‬ظاهرة «عرضية» حيث‬ ‫تتأثر بمستوى العرض أكثر من مستوى الطلب‪ .‬وتعتبر‬ ‫مرونة الطلب على النفط لسعره منخفضة جدا على املدى‬ ‫القريب‪ ،‬مقارنة مع بعض املواد الخام كالنحاس‪ ،‬وتصبح‬ ‫أكثر مرونة على املدى البعيد‪ ،‬وينطبق ذلك‪ ،‬أيضا‪ ،‬على‬ ‫مرونة الطلب على النفط ملستوى الدخل‪ .‬لذلك؛ فإن الرتفاع‬ ‫سعر النفط آث��ار تظخمية على امل��دى القريب‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يوفر انخفاض سعر النفط للمستهلك العاملي مصدرا‬ ‫للدخل لإلنفاق على مناح أخرى في االقتصاد‪.‬‬ ‫إن سرعة ارتفاع سعر بيع النفط وسرعة انخفاضه غير‬ ‫متناظرتني؛ فزيادة معدل نمو االقتصاد العاملي تؤدي‪ ،‬بال‬ ‫شك‪ ،‬إلى ارتفاع سعر النفط‪ ،‬وهي تعتمد‪ ،‬بشكل أساسي‪،‬‬ ‫ع�ل��ى م��رون��ة ال �ع��رض ع�ل��ى ال�ن�ف��ط ل�س�ع��ره‪ ،‬بينما يكون‬ ‫االنخفاض بمعدل أسرع إذا ما تباطأ النمو نتيجة لوفرة‬ ‫املعروض‪ .‬أما التغيرات البنيوية في االقتصاد‪ ،‬فإن دراسة‬ ‫تأثيرها في سعر النفط تعتمد على كثافة استهالك النفط‬ ‫للفرد في االقتصاد‪ .‬فعندما ينتقل االقتصاد من الزراعة‬ ‫إلى الصناعة‪ ،‬كما يحدث حاليا في الصني والهند‪ ،‬تزيد‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪89‬‬


‫مع تسارع وتيرة الطلب العاملي على الطاقة‪ ،‬تتزايد أهمية التقدم التكنولوجي‬ ‫لتوفير الطاقة عند تكلفة اقتصادية وبموثوقية عالية‪ .‬إن التقدم التكنولوجي‬ ‫ال يختص بمصدر واحد للطاقة وتغير التنافسية لكل مصدر طاقة من خالل‬ ‫تقليل تكلفة اإلنتاج لكل وحدة حرارية‪ ،‬ومدى مالءمته ألنماط االستهالك‪ ،‬من‬ ‫األمور التي تطور خريطة االستهالك العاملي للطاقة بشكل دائم‪ .‬وكذلك صناعة‬ ‫النفط والغاز معنية بمواصلة تبني التقدم التكنولوجي ملواجهة التحديات‬ ‫الجيولوجية والزيادة املطردة للطلب العاملي على النفط‪.‬‬

‫يوفر بيانات جيوفيزيائية تزيد من موثوقية قرار االستثمار وتوقيته‬

‫التقدم التكنولوجي في إنتاج النفط‬ ‫يشكل ديناميكية األسعار‬

‫جدة‪ :‬نظمي الخميس‬ ‫ي�ل�ع��ب ال �ت �ق��دم ال�ت�ك�ن��ول��وج��ي امل �ت �س��ارع أدوارا‬ ‫أساسية في استكشاف النفط وإنتاجه‪ ،‬فمثال‬ ‫أدى التقدم التكنولوجي في السيسموجرافي‬ ‫الثالثي والرباعي األبعاد واستخدام الحسابيات فائقة‬ ‫القدرة لتحليل املعلومات إلى أن يكون قرار االستكشاف‬ ‫أك�ث��ر دق��ة‪ ،‬وأك�ث��ر استهدافا لالحتياطيات ذات اإلن�ت��اج‬ ‫األعلى‪ ،‬ويقلل حفر اآلب��ار إلى أدن��ى معدل‪ .‬وألن التقدم‬ ‫التكنولوجي غير مرئي أو محسوس‪ ،‬ويتكون من مراحل‬ ‫صغيرة متراكمة‪ ،‬وق��د يأتي م��ن خ��ارج صناعة النفط‬ ‫والغاز‪ ،‬فإن تحديد هذه األدوار ليس أمرا سهال‪.‬‬ ‫هناك نمط يكاد يكون م�لازم��ا لصناعة النفط وال�غ��از‪،‬‬ ‫وهو أن تبني معطيات التقدم التكنولوجيا وتطويرها في‬ ‫زيادة سعة اإلنتاج يكون في الغالب أثناء نشوء املنحنى‬ ‫الصاعد لسعر النفط‪ .‬إن هذا النمط أدى إلى عدم تلبية‬ ‫الطلب على النفط عندما يتكون منحنى تصاعديا للنمو‬ ‫لالقتصاديات املؤثرة‪ ،‬ووفرته عندما يبدأ نمو االقتصاد‬ ‫في التباطؤ‪ ،‬وعادة ما يطلق املختصون على هذا النمط من‬ ‫الغير السعري «الدورة االقتصادية ألسعار النفط»‪ .‬تعيد‬ ‫استخدام تكنولوجيات منصات الحفر واإلنتاج البحرية‬ ‫وال�ح�ف��ر األف �ق��ي ف��ي ب�ح��ر ال�ش�م��ال ف��ي ال�ث�م��ان�ي�ن��ات من‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬وتكنولوجيا التشقيق املكامن منخفضة‬ ‫النفاذية ف��ي ال��والي��ات املتحدة األميركية أح��د أب��رز هذه‬ ‫األمثلة‪ .‬ال�ه��دف م��ن ه��ذا التقرير توضيح كيف يساهم‬ ‫التقدم التكنولوجي في إنتاج النفط في تشكيل ال��دورة‬ ‫االقتصادية ألسعار النفط‪.‬‬ ‫كيف يتفاعل كل من التقدم التكنولوجي في مجال إنتاج‬ ‫النفط مع ارتفاع أس�ع��اره؟ ‪ ..‬تلعب تكنولوجيات إنتاج‬ ‫ال�ن�ف��ط املستحدثة دورا أس��اس�ي��ا ف��ي ت��أخ�ي��ر النضوب‬

‫‪88‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫االقتصادي‪ ،‬وفي رسم ديناميكية منحنى أسعار النفط‬ ‫العاملية على املستويني املتوسط والطويل‪ .‬فهي تساهم‬ ‫في زي��ادة اإلنتاج‪ ،‬وتقليل تكلفة االستخراج؛ مما توفر‬ ‫اإلمكانية لزيادة عامل كفاءة اإلنتاجية في الحقول القائمة‪،‬‬ ‫وتتيح إمكانية استكشاف واستغالل مكامن جديدة ذات‬ ‫م��واص�ف��ات جيولوجية‪ ،‬ك��ان��ت عصية بالتكنولوجيات‬ ‫السابقة‪ ،‬وأيضا تساهم في تقليل مخاطر االستثمار‬ ‫عن طريق توفير بيانات جيوفيزيائية تزيد من موثوقية‬ ‫قرار االستثمار وتوقيته‪.‬‬

‫مهندس تحليل املكونات‬ ‫الكيميائية لعينة من‬ ‫النفط الصخري في‬ ‫مختبر باملركز الرئيسي‬ ‫العلمي والتقني بفرنسا‬ ‫لشركة توتال (غيتي)‬

‫آنيا‪ .‬بطبيعة الحال‪ ،‬يتم تحديث منحنى توافر املعروض‬ ‫ً‬ ‫النفط مصدر ناضب‬ ‫بناء على مدى قدرة التقدم التكنولوجي على التغلب على‬ ‫الصعوبات الجيولوجية املتعاظمة مع تراكم اإلنتاج في‬ ‫يقصد من مفهوم مصدر ناضب بأن وجوده غير متجدد املجموعات املختلفة‪ ،‬أو التي لم يستخرج منها بكميات‬ ‫وليس كاملياه الحلوة واملنتجات الزراعية املتجددة؛ فوجوده تجارية من قبل‪.‬‬ ‫في الكرة األرضية محدود‪ .‬أيضا‪ ،‬ويمكن استخراج النفط‬ ‫ف��ي ظ��روف جيولوجية مختلفة وخصائص كيميائية أسعار النفط على املستويات املختلفة‬ ‫وف�ي��زي��ائ�ي��ة م�ت�م��اي��زة ت�ب��اع��ا‪ .‬وق��د أدى ه��ذا ال�ت�م��اي��ز في‬ ‫الظروف إلى تباين تكلفة االستخراج في املكامن املختلفة‪ ،‬عند ال�ح��دي��ث ع��ن م��دى تأثير التكنولوجيا ف��ي أسعار‬ ‫واختالف عامل كفاءة اإلنتاجية لكل مكمن‪ .‬يلعب التقدم النفط‪ ،‬ال بد من توضيح كيف يحدد سعر النفط‪ ،‬وكذلك‬ ‫التكنولوجيا دورا جوهريا في تخفيض تكلفة االستخراج امل��ؤث��رات األخ ��رى على امل�س�ت��وي��ات املختلفة لكي نفرق‬ ‫وزي��ادة عامل كفاءة اإلنتاجية بمرور الوقت‪ .‬لهذا؛ نرى بني السعر اآلني ومعرفة كيف يتشكل التأثير املتبادل‬ ‫قوائم النفط القابل لالستخراج تتغير بني حني وآخ��ر‪ .‬ب�ين س�ع��ر ال�ن�ف��ط وج�م�ل��ة امل��ؤث��رات‪ .‬ي�ح��دد ال�س�ع��ر اآلن��ي‬ ‫لذلك؛ يستخدم املختصون مفهوم «النضوب االقتصادي» للنفط على أساس تداول الخامات القياسية في األسواق‬ ‫للداللة على إمكانية استخراج املصدر الناضب «إجماال» العاملية‪ :‬وهي الخامات التي يتم تحديد أسعار الخامات‬ ‫عند توفر مصدر بديل بتكلفة تنافسية‪.‬‬ ‫األخرى املشتركة في رقعة جغرافية معينة على أساس‬ ‫يتبنى املنظرون للمصادر النابضة مفهوما أكثر تفصيال كثافتها‪ ،‬ونسبة احتوائها على غاز الكبريت كخام برنت‬ ‫من مفهوم «النضوب االقتصادي» هو «منحنى توافر في سوق لندن‪ ،‬وخام غرب تكساس املتوسط في سوق‬ ‫املعروض من النفط»‪ .‬فهذا يحدد مدى الجدوى االقتصادية نيويورك‪ .‬تحاول هذه األسواق عن طريق حضور فئتني‬ ‫الستخراج مئات املاليني من براميل النفط ملجموعة من متميزتني من املستثمرين‪ ،‬هما املضاربون واملتحوطون‬ ‫املكامن ذات خصائص مشتركة بالتكنولوجيا املتوفرة لتحديد سعر الخام القياسي بتوريقه كما في أس��واق‬


‫إنه يعتقد أن «هناك فروقا طفيفة في التكلفة» بني دولة‬ ‫وأخرى في إنتاج الرقائق التي يتم تصنيع الشرائح منها‪.‬‬ ‫وأضاف بونينج أن «تكلفة العمالة تمثل هامشا ضئيال‬ ‫للتكلفة مقارنة ب��امل�ع��دات وامل�ن�ش��آت ال�ت��ي تتكلف عدة‬ ‫مليارات من الدوالرات»‪ .‬وكما يقول أليكس كينج‪ ،‬مدير‬ ‫«معهد امل��واد الحيوية» ال��ذي يقع مقره بـ«معمل أميس‬ ‫بوزارة الطاقة»‪ ،‬تصبح مصانع أشباه املوصالت عتيقة‬ ‫الطراز عقب عدة سنوات من إنشائها‪ .‬وهو ما يعني أن‬ ‫«مع كل جيل جديد من أشباه املوصالت‪ ،‬يصبح هناك‬ ‫احتمال إلنشاء مصنع جديد ألشباه املوصالت في أي‬ ‫مكان بالعالم بما في ذلك الواليات املتحدة»‪ ،‬وما زالت‬ ‫معظم املاكينات التي تستخدم في تلك املصانع تصنع‬ ‫داخل الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫هل يمكن تحقيق ذلك على نحو اقتصادي بالنسبة إلى‬ ‫الشرائح املختلفة وغيرها م��ن املكونات التي تدخل في‬ ‫تكوين اآليفون؟ وفقا لتقديرات ديدريك وزمالئه فإن إنتاج‬ ‫مكونات اآليفون في الواليات املتحدة يمكنه أن يضيف ‪30‬‬ ‫أو ‪ 40‬دوالرا إضافية إلى تكلفة الجهاز‪ .‬ويضيف ديدريك‬ ‫أنه على األقل في البداية‪« :‬ستكون املصانع األميركية غير‬ ‫قادرة على املنافسة كما أنها ستبدأ على نطاق ضيق‪ ،‬مما‬ ‫يعزز من الفارق بينها وبني آسيا»‪ .‬ولكنه يقول إنه وفقا‬ ‫لذلك السيناريو س��وف يصبح الهاتف أغلى بنحو ‪100‬‬ ‫دوالر‪ ،‬وذلك إذا ما افترضنا أن املواد الخام التي تدخل في‬ ‫تصنيع املكونات تم شراؤها من األسواق العاملية‪.‬‬

‫السيناريو الثالث‬

‫متجر آبل بروكلني الجديد خالل معاينة وسائل‬ ‫اإلعالم له في حي وليامز ‪ 28‬يوليو املاضي‬ ‫بنيويورك (غيتي)‬

‫‪,,‬‬

‫املرشحون السياسيون‬ ‫املعارضون للتجارة‬ ‫الحرة ‪ :‬يجب على شركة‬ ‫«آبل» أن تصنع هواتفها‬ ‫بالواليات املتحدة‬

‫‪,,‬‬

‫تصنيع أجزاء أجهزة اآليفون‪ ،‬اآليباد‪ ،‬واملاك) في الصني‪.‬‬ ‫بينما يتمركز نحو ‪ 126‬ف��ي ال�ي��اب��ان‪ ،‬و‪ 69‬ف��ي ال��والي��ات‬ ‫املتحدة و‪ 41‬في تايوان‪.‬‬ ‫يتم تصنيع واج�ه��ة اآلي�ف��ون م��ن زج��اج ال�ج��وري�لا ال��ذي‬ ‫أنتجته شركة كورنينج‪ ،‬وتعمل تلك الشركة على تصنيع‬ ‫الزجاج في مصانع بكنتاكي‪ ،‬وكوريا الجنوبية‪ ،‬واليابان‪،‬‬ ‫وتايوان‪ .‬ويتم تصنيع شاشة اللمس من ذلك الزجاج فيما‬ ‫تعد شرائح الحاسوب التي تقع خلف الشاشة واحدة من‬ ‫أكثر عناصر الهاتف تكلفة؛ حيث تبلغ تكلفتها نحو‬ ‫‪ 20‬دوالرا ف��ي أج�ه��زة «اآلي �ف��ون إس إي» وفقا لشركة‬ ‫«آي إت��ش إس»‪ .‬وي�ع��د ث��ان��ي أك�ث��ر العناصر تكلفة هو‬ ‫معالج الحاسوب‪ ..‬جدير بالذكر أن شركة آبل هي التي‬ ‫صممت تلك الشريحة في جهازي «إس إي»‪ ،‬و«‪ 6‬إس»‪،‬‬ ‫ولكنها قامت بتعهيد التصنيع الفعلي للشريحة لشركة‬ ‫«سامسونج» وشركة «تي إس إم سي» التايوانية‪ .‬كما‬ ‫أن امل��ودم الخلوي ف��ي جهاز «إس إي» صممته شركة‬ ‫«كوالكوم» ويتكلف نحو ‪ 15‬دوالرا وفقا لتقديرات شركة‬ ‫«أي إتش إس»‪ .‬وتتكلف ذاكرتي «ناند»‪ ،‬و«درام» نحو ‪15‬‬ ‫دوالرا إضافية‪ ،‬فيما تتكلف شرائح إدارة الطاقة ‪6.50‬‬ ‫دوالر‪ ،‬وتتكلف مكبرات ومستقبالت الصوت نحو ‪15‬‬ ‫دوالرا أخرى‪.‬‬

‫وم��ن جهة أخ ��رى‪ ،‬م��ن الصعب معرفة م�ك��ان تصنيع‬ ‫الكثير من تلك الشرائح على وجه التحديد‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬تنتج شركة «جلوبال فوندريز»‪ ،‬وهي من كبرى‬ ‫ال�ش��رك��ات‪ ،‬تلك ال��رق��ائ��ق لشركات مثل «ك��وال�ك��وم» في‬ ‫أملانيا‪ ،‬وسنغافورة‪ ،‬ونيويورك‪ ،‬وفرمونت‪ .‬ويقول ديوين‬ ‫بونينج‪ ،‬أستاذ هندسة الكهرباء بمعهد ماساتشوستس‬ ‫للتكنولوجيا واملتخصص في تصنيع أشباه املوصالت‪،‬‬

‫لكي نفهم تماما أهمية التجارة في اقتصاد التكنولوجيا‪،‬‬ ‫ي �ج��ب أن ن�ت�خ�ي��ل س �ي �ن��اري��و ي �ت �ج��اوز ح �ت��ى م ��ا ط��رح��ه‬ ‫املرشحون‪ :‬ماذا إذا ما حاولت آبل أن تصنع اآليفون من‬ ‫«الذرات األميركية»‪ ،‬ومن ثم ال تصبح الواليات املتحدة في‬ ‫حاجة إل��ى الحكومات األجنبية لكي تحصل على امل��واد‬ ‫الضرورية؟‬ ‫وفقا لكينج من معمل أميس‪ ،‬فإن جهاز اآليفون يحتوي‬ ‫على ‪ 75‬عنصرا‪ ،‬أي ثلثي الجدول ال��دوري‪ .‬فحتى الجزء‬ ‫ال�خ��ارج��ي م��ن ج�ه��از اآلي�ف��ون ‪ -‬مصنوع م��ن األلومنيوم‬ ‫وال��زج��اج ‪ -‬يعتمد ع�ل��ى امل ��واد غ�ي��ر امل�ت��اح��ة ت�ج��اري��ا في‬ ‫ال��والي��ات املتحدة‪ ،‬حيث يأتي األلومنيوم من البوكسيت‬ ‫الذي ال يتوفر في املناجم األميركية‪.‬‬ ‫كما يجب أن يتم جلب معظم العناصر األرضية النادرة‬ ‫(ليست شديدة الندرة ولكنها يصعب استخراجها) من‬ ‫الصني‪ ،‬التي تنتج ‪ 85‬في املائة من موارد العالم‪ .‬ومن‬ ‫تلك العناصر عنصر الهافنيوم الضروري لترانزستور‬ ‫اآلي�ف��ون‪ ،‬وعنصر النيودميوم املستخدم في تصنيع‬ ‫املغناطيس امل��وج��ود ف��ي امل��وت��ور ال��ذي يجعل الهاتف‬ ‫يهتز وف��ي امليكروفون ومكبرات ال�ص��وت‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى عنصر اللينثانوم املستخدم في تصنيع عدسات‬ ‫الكاميرا‪.‬‬ ‫وبمعنى آخ��ر‪ ،‬وكما يقول ديفيد إب��راه��ام‪ ،‬مؤلف كتاب‬ ‫«عناصر ال�ق��وة» ال��ذي يتمحور ح��ول العناصر األرضية‬ ‫ال� �ن ��ادرة‪« :‬ال ي�م�ك��ن إن �ت��اج م�ن�ت��ج ت�ك�ن��ول��وج��ي م��ن املنجم‬ ‫للتجميع في دولة واحدة»‪ .‬وأخيرا فإن جهاز اآليفون هو‬ ‫رمز البراعة األميركية‪ ،‬ولكنه أيضا دليل حي على حقائق‬ ‫االقتصاد العاملي التي ال مهرب منها <‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪87‬‬


‫قال املرشحون السياسيون‬ ‫املعارضون للتجارة الحرة‬ ‫إنه يجب على شركة «آبل»‬ ‫أن تصنع هواتفها بالواليات‬ ‫املتحدة‪ ..‬دعونا نر ماذا‬ ‫سيحدث في هذه الحالة‪.‬‬ ‫قال دونالد ترامب إنه إذا ما‬ ‫أصبح رئيسا سوف يجعل‬ ‫«شركة آبل تعمل على تصنيع‬ ‫حواسبها وهواتفها على‬ ‫أراضينا‪ ،‬وليس في الصني»‪،‬‬ ‫كما دعا أيضا برني ساندرز‬ ‫شركة آبل إلى تصنيع جانب‬ ‫من أجهزتها في الواليات‬ ‫املتحدة بدال من الصني‪.‬‬

‫األسباب وراء عدم تصنيع الشركة هواتفها في بلدها األصلي‬

‫ً‬ ‫قريبا‪ ..‬آيفون أميركي الصنع‬ ‫واشنطن‪ :‬كونستانتني كاكيس‬

‫السيناريو األول‬

‫وال يستطيع أي م��ن امل��رش��ح�ين أن يحقق ذلك‬ ‫على الفور‪ ،‬فكما أخبر ستيف جونز ذات مرة‬ ‫الرئيس األميركي عندما سأله عن سبب عدم‬ ‫تصنيع شركة آبل هواتفها في بلدها األصلي‪ ،‬ال تستأجر‬ ‫الشركة املصانع في الصني فقط‪ ،‬ألن العمالة أرخص بها‪،‬‬ ‫ولكن الصني تقدم باإلضافة إلى العمالة املاهرة‪ ،‬واملصانع‬ ‫املرنة‪ ،‬موردي قطع الغيار الذين يمكنهم‪ ،‬وفقا ملا تعتقده‬ ‫آبل‪ ،‬إعادة تنظيم أنفسهم أسرع مما يستطيعه نظراؤهم‬ ‫األميركيون‪.‬‬ ‫ننح ذلك جانبا اآلن‪ ،‬ونتخيل أن شركة‬ ‫دعونا‬ ‫ولكن‬ ‫ِ‬ ‫آب��ل تمكنت م��ن إق��ن��اع أح��د املصنعني الصينيني أن‬ ‫يفتح مصانعه في الواليات املتحدة أو أنها فعلت ذلك‬ ‫بنفسها‪ .‬هل يمكن أن ينجح ذل��ك؟ تستطيع شركة‬ ‫آبل أن تنتج هواتف آيفون‪ ،‬وتحقق أرباحا جيدة في‬ ‫أم��ي��رك��ا‪ ،‬كما تفعل ف��ي إن��ت��اج بعض حواسيب ماك‬ ‫َّ‬ ‫ولكن هناك‬ ‫املتطورة‪ ،‬من دون أن تصبح أغلى كثيرا‪،‬‬ ‫عقبة تعرقل حجة ترامب وس��ان��درز‪ ،‬التي يمكن أن‬ ‫تصبح واضحة تماما إذا تتبعت معنا السيناريوهات‬ ‫املقبلة‪.‬‬

‫يعمل حاليا متعهدو شركة آبل على تجميع أجهزة اآليفون‬ ‫في سبعة مصانع؛ ستة في الصني وواح��د في البرازيل‪.‬‬ ‫فإذا قامت آبل بتجميع اآليفون في الواليات املتحدة رغم‬ ‫أنها ما زالت تحصل على املكونات من أنحاء مختلفة من‬ ‫العالم‪ ،‬فكيف سيؤثر ذلك في سعر الجهاز؟‬ ‫وفقا لشركة تحليل األس��واق «آي إتش إس»‪ ،‬فإن تكلفة‬ ‫مكونات جهاز «آيفون ‪ 6‬إس بالس»‪ ،‬الذي يباع بمبلغ ‪749‬‬ ‫دوالرا تصل إلى نحو ‪ 230‬دوالرا‪ ،‬بينما يتم بيع «أيفون‬ ‫إس إي»‪ ،‬وهو أحدث منتجات أبل‪ ،‬في مقابل ‪ 399‬دوالرا‪،‬‬ ‫وهو يحتوي على مكونات تبلغ تكلفتها ‪ 156‬دوالرا وفقا‬ ‫لتقديرات «أي إتش إس»‪.‬‬ ‫ووفقا لتقديرات «أي إتش إس»‪ ،‬فإن تجميع تلك املكونات‬ ‫ف��ي جهاز اآلي��ف��ون يتكلف نحو ‪ 4‬دوالرات‪ ،‬فيما تشير‬ ‫ت��ق��دي��رات ج��ي��س��ون دي���دري���ك‪ ،‬األس���ت���اذ بكلية «دراس����ات‬ ‫امل��ع��ل��وم��ات» بجامعة «س��ي��راك��ي��وز» إل��ى أن تكلفة تجميع‬ ‫تلك املكونات تصل إلى ‪ 10‬دوالرات‪ .‬ويعتقد ديدريك أن‬ ‫إجراء تلك املهمة في الواليات املتحدة سوف يضيف ‪30‬‬ ‫إلى ‪ 40‬دوالرا إلى التكلفة‪ ،‬وهو ما يرجع في جانب منه‬ ‫الرتفاع تكلفة العمالة في الواليات املتحدة‪ ،‬ولكنه يرجع في‬

‫‪86‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫الجانب األكبر منه إلى التكلفة اإلضافية للنقل واملصروفات‬ ‫اللوجستية التي سوف ترتفع‪ ،‬نظرا إلى اضطرار الشركة‬ ‫إل��ى شحن امل��ك��ون��ات ول��ي��س املنتج النهائي إل��ى ال��والي��ات‬ ‫املتحدة‪ .‬ويعني هذا أنه بفرض أن جميع عناصر التكلفة‬ ‫األخرى ظلت كما هي‪ ،‬فإن السعر النهائي لجهاز «آيفون‬ ‫‪ 6‬إس بالس» ربما يرتفع بنسبة ‪ 5‬في املائة‪.‬‬ ‫ما املزايا التي يمكن أن يحققها ذلك بالنسبة إلى الواليات‬ ‫املتحدة؟ تقول شركة آبل إن مورديها يشغلون أكثر من‬ ‫‪ 1.6‬مليون عامل‪ .‬ولكن عملية التجميع النهائية للهواتف ال‬ ‫تحتاج إال إلى نسبة ضئيلة من ذلك العدد‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فحتى‬ ‫إذا ما تمكنت شركة آبل من إقناع شركة «فاكسكون» أو‬ ‫غيرها من املوردين بتجميع أجهزة اآليفون في الواليات‬ ‫املتحدة من دون أن تتأثر أرباحها إلى حد كبير‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫لن يمثل فارقا جذريا كما يدعي كل من ترامب وساندرز‪.‬‬

‫السيناريو الثاني‬ ‫م���اذا إذا م��ا قمنا بتصنيع امل��ك��ون��ات أي��ض��ا ف��ي ال��والي��ات‬ ‫املتحدة؟‬ ‫يتمركز نحو نصف موردي شركة آبل الذين يبلغ عددهم‬ ‫‪ - 766‬تحديدا ‪( - 346‬وذل���ك بإضافة م��ن يعملون على‬


‫ماذا عن السعودية؟‬ ‫أطلقت إح��دى ش��رك��ات األث��اث السويدية العاملة ف��ي اململكة‬ ‫«‪ »IKEA‬تطبيقها على الهواتف الذكية واألج�ه��زة اللوحية‪،‬‬ ‫ال��ذي يتيح اختيار أي قطعة أث��اث مدرجة في التطبيق‪ ،‬وهي‬ ‫نفسها املوجودة في املتجر‪ ،‬ووضعها في إحدى غرف املنزل‬ ‫بكل تفاصيلها‪ ،‬ومعاينتها ً‬ ‫جيدا وتحديد مدى مالءمتها للون‬ ‫الجدران وبقية األثاث أو حتى فرش الغرفة من الصفر‪.‬‬ ‫اإللكتروني والتعليم عن بعد‪ ،‬بجامعة‬ ‫كما تتيح عمادة التعلم‬ ‫ً‬ ‫امللك عبد العزيز في جدة تطبيقا باسم «‪ ،»Aurasma‬وهو دليل‬ ‫إرشادي لخدمة الطالب الجامعي يوظف تقنية الواقع املدمج‪ ،‬إال‬

‫متسوق يختار مشرياته من متجر «‪ »Yihaodian‬االفتراضي‬ ‫في ساحة فارغة بالصني‬

‫التجزئة‪ ،‬ويقسمها إلى شقني‪:‬‬ ‫األول متعلق باملستهلك الذي سيتمكن من خدمة نفسه في‬ ‫جو من املرح وبطريقة تفاعلية‪ ،‬األمر الذي يساعد على اتخاذ‬ ‫قرار الشراء بشكل أسرع وأكثر ثقة‪ ،‬وبالتالي الحد من معدالت‬ ‫االسترجاع بالنسبة للمنتجات‪.‬‬ ‫والثاني متعلق باملتجر نفسه‪ ،‬إذ يشمل ذلك توفير مساحات‬ ‫التخزين باملتجر والكثير م��ن التجهيزات الخاصة بعرض‬ ‫املنتجات‪ ،‬إل��ى جانب تخفيف وق��ت وع��دد موظفي املبيعات‬ ‫املسؤولني عن شرح خصائص املنتج‪.‬‬ ‫أم��ا الفوائد األمنية‪ ،‬فتتمثل في التقليل من مخاطر تضرر‬ ‫ً‬ ‫أو نشل املنتجات في غرف قياس املالبس مثال‪ .‬كما أن دقة‬ ‫اختيار املستهلك ودخوله في تجربة ممتعة‪ ،‬يزيد من نسب‬ ‫املبيعات بشكل تلقائي‪.‬‬

‫‪ 1000‬متجر في ليلة واحدة!‬ ‫ً‬ ‫تقريبا‪ ،‬أطلقت شركة صينية تعمل في مجال‬ ‫قبل ‪ 3‬أعوام‬ ‫تجارة التجزئة اإللكترونية تعرف باسم «‪1000 »Yihaodian‬‬ ‫متجر «افتراضي» بني عشية وضحاها‪ ،‬فيما تبلغ مساحة‬ ‫املتجر االفتراضي الواحد ‪ 1200‬متر مربع‪ .‬وتقع تلك املتاجر‬ ‫ف��ي املساحات الفارغة م��ن املدينة ف��ي أشهر أن�ح��اء الصني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأحيانا في مواقف السيارات املقابلة ملنافسيهم‪ .‬هذه املتاجر‬ ‫ليس لها أي مبنى أو رفوف أو مستودعات‪ ،‬إنما هي متاجر‬ ‫افتراضية تعتمد على استخدام تطبيق يوظف تقنية الواقع‬ ‫املدمج‪ ،‬يعمل على الهواتف الذكية أو األجهزة اللوحية‪ .‬يقوم‬ ‫املستخدم بتشغيل التطبيق وتحديد أقرب فرع «افتراضي»‬

‫تطبيق «‪ »IKEA‬أثناء تجربة وضع قطعة أثاث افتراضية في غرفة حقيقية‬

‫والنظر إلى شاشة جهازه لرؤية املوقع والدخول إليه والتجول‬ ‫في متجر افتراضي والتسوق بني آالف من املنتجات املختلفة‪،‬‬ ‫والتي يتم توصيلها مباشرة إلى املنزل بمجرد طلب الشراء‪.‬‬ ‫ويقول رئيس مجلس إدارة «‪ »Yihaodian‬يو غانغ إن املستفيد‬ ‫األول م��ن ت�ل��ك امل�ت��اج��ر االف�ت��راض�ي��ة ه��و ال�ع�م�ي��ل؛ ألن توفير‬ ‫تكاليف اإليجار واملوظفني والطاقة سوف ينعكس على سعر‬ ‫املنتجات‪ ،‬إضافة إلى املتعة التي يشعر بها العميل أثناء عملية‬ ‫التسوق كما لو أنه داخل لعبة افتراضية‪.‬‬

‫أن ذلك ال يقع ضمن النطاق التجاري لتلك التقنية‪.‬‬ ‫وف��ي ظ��ل اك�ت�س��اح تقنية ال��واق��ع امل��دم��ج ل�ق�ط��اع ال�ت�ج��زئ��ة في‬ ‫الغرب وحتى الصني وال�ي��اب��ان‪ ،‬يتساءل الدكتور قناوي عن‬ ‫سر تقصير وكالء العالمات التجارية الغربية في السعودية‬ ‫والعالم العربي‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬في نشر هذه التقنية وتعميمها‪،‬‬ ‫سيما أن البنية التحتية‪ ،‬التي تشمل اإلنترنت عالي السرعة‬ ‫وشيوع استخدام األجهزة الذكية‪ ،‬متوفرة ومتفوقة في كثير‬ ‫من األحيان على كثير من دول العالم <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪85‬‬


‫لحظة مزعجة هي تلك التي يصل فيها صندوق األحذية أو املالبس أو حتى‬ ‫خزانة مالبس األطفال التي طلبتها من أحد املتاجر اإللكترونية؛ لتجد أن شكل‬ ‫الحذاء أعجبك وقت الشراء‪ ،‬لكنه ال يناسب ذوق��ك وقت ارتدائه أو أن مقاس‬ ‫القميص أكبر من حجم جسمك أو أن خزانة املالبس تبدو باهتة‪ ،‬وليس كما‬ ‫تخيلتها «إضافة» لطيفة إلى باقة األثاث تسعد بها أطفالك في غرفتهم!‬

‫ثورة ابتكارية في قطاع التجزئة بقيادة «الواقع املدمج»‬

‫تطبيقات خدمة التسوق االفتراضي في السعودية‬

‫جدة‪ :‬معتصم الفلو‬ ‫كل خيبات األمل تلك تعرض لها شخص منا مرة‬ ‫واح ��دة على األق��ل ف��ي ح�ي��ات��ه‪ ،‬وق��د ي�ك��ون مصير‬ ‫القطع املشتراة‪ ،‬إما تخزينها في إحدى زوايا البيت‬ ‫املهملة أو إه��داؤه��ا ألح��د م��ا أو ال��دخ��ول ف��ي رحلة اإلع��ادة أو‬ ‫االستبدال‪ .‬م��اذا لو ابتعدنا عن تلك اللحظات غير السعيدة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ابتكارا للتسوق؟ مثال‪ ،‬الذهاب إلى‬ ‫وفكرنا في تجارب أكثر‬ ‫وكالة السيارات وتحديد نوع السيارة املرغوبة‪ ،‬ثم رؤيتها بكل‬ ‫«األلوان» املتاحة بينما تسير على طرقات حقيقية والتحكم في‬ ‫مسارها وكأنها لعبة فيديو؛ دون الحاجة إلى مغادرة الصالة‬ ‫واختيار اللون األجمل بالنسبة لك من بني ‪ 10‬أل��وان متوفرة‬ ‫لتك السيارة‪ .‬وقد يقفز الخيال بنا إلى رؤية رفوف افتراضية‬ ‫وبضائع افتراضية ثالثية األبعاد في إحدى الساحات العامة‬ ‫ً‬ ‫إلكترونيا‪ ،‬وتسلم املشتريات‬ ‫وإت� ًم��ام عملية ال�ش��راء وال��دف��ع‬ ‫الحقا! ألجل تفادي خيبات األمل ومنح املتسوق تجربة أكثر‬ ‫ً‬ ‫إمتاعا‪ ،‬بدأت بعض شركات قطاع التجزئة في توظيف تقنية‬ ‫«ال��واق��ع املدمج» أو «ال��واق��ع املعزز» (‪.)Augmented Reality‬‬ ‫صحيح أن هذه التقنية لها تطبيقات كثيرة‪ ،‬عسكرية وترفيهية‬ ‫وعلمية‪ ،‬إال أن تطبيقاتها في قطاع التجزئة آخذة في االتساع‪.‬‬ ‫وقد تأخذ تلك التطبيقات بعض الوقت حتى تصل إلى العالم‬ ‫ً‬ ‫تدريجيا ريثما تجد بنيتها‬ ‫العربي‪ ،‬إال أنها ب��دأت بالتسلل‬ ‫التحتية املالئمة واستساغة املتسوقني لها‪.‬‬

‫ما هو «الواقع املدمج»؟‬ ‫يقول الباحث في تقنية الواقع املدمج واألستاذ في كلية الفنون‬ ‫التطبيقية بجامعة ح �ل��وان امل�ص��ري��ة ال��دك�ت��ور رام ��ي ق�ن��اوي‬ ‫في حديث إل��ى «املجلة»‪« :‬هناك ع��دة تعريفات علمية للواقع‬ ‫املدمج‪ ،‬لعل أشملها إثراء وتعزيز الواقع الحقيقي بمجموعة‬ ‫من العناصر االفتراضية التي يتم دمجها معه‪ .‬وتضم تلك‬ ‫ً‬ ‫العناصر‪ ،‬مجتمعة أو بعضا منها‪ ،‬الصوت والصورة واألجسام‬ ‫واملعلومات الرقمية‪ ،‬إذ إنها تستند على تطوير وتحديث الواقع‬ ‫مع إضافة املزيد من الخصائص االفتراضية له‪ ،‬وخلق حالة‬ ‫تفاعلية بني املستخدم والعناصر االفتراضية املضافة‪ ،‬التي‬ ‫ت��واك��ب وتتأثر بالتغيرات الحقيقية للبيئة الحقيقية ضمن‬ ‫الوقت الحقيقي‪ ،‬أي في اللحظة ًذاتها بالضبط»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويضيف أن هناك تعريفا مبسطا للواقع املدمج هو «التوسع في‬ ‫الواقع املوجود أمامنا عن طريق إضافة طبقات من املعلومات‬

‫‪84‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫التي ولدت عن طريق الكومبيوتر إلى البيئة الحقيقية»‪.‬‬ ‫أم ��ا ب��داي��ات ال��واق��ع امل��دم��ج ف�ت�ع��ود إل ��ى ع ��ام ‪ 1968‬م��ع ع��ال��م‬ ‫الكومبيوتر األم�ي��رك��ي إي�ف��ان س�ي��زرالن��د ال��ذي صمم خ��وذة‬ ‫ل �ل��رأس ب��رؤي��ة ث�لاث�ي��ة األب �ع��اد‪ .‬أم��ا ع��ال��م ال�ط�ي��ران ف��ي شركة‬ ‫ب��وي�ن��غ األم�ي��رك�ي��ة ت��وم ك ��ودل‪ ،‬ف�ه��و أول م��ن ص��اغ مصطلح‬ ‫«‪( »Augmented Reality‬الواقع املدمج) عام ‪ .1990‬واستمر‬ ‫تطوير التقنية ألغراض عسكرية وفضائية‪ .‬وأثناء العقد األول‬ ‫لأللفية الثالثة‪ ،‬ب��دأت تظهر التطبيقات التجارية لتلك التقنية‬ ‫ً‬ ‫شيئا فشيئا حتى جاء عام ‪ 2014‬الذي أطلقت فيه شركات‬ ‫غوغل وتوشيبا وغيرها نظارات ثالثية األبعاد توظف الواقع‬ ‫املدمج ألغراض الطب واألبحاث والترفيه‪.‬‬ ‫نموذج ملرآة‬ ‫املستثمرة‬ ‫األموال‬ ‫فإن‬ ‫وبحسب موقع «‪،»digi - capital.com‬‬ ‫تبديل املالبس‬ ‫في تطوير تقنيتي الواقع املدمج واالفتراضي تبلغ نحو ‪1.1‬‬ ‫مليار دوالر فقط في الشهرين األولني من العام الحالي‪ ،‬وهي‬ ‫ً‬ ‫�وال إل��ى ‪ 120‬مليار دوالر فهي شاشة ذكية تثبت على أحد جدران املتجر‪ ،‬يقف أمامها‬ ‫مؤهلة لتحقيق طفرة هائلة‪ ،‬وص�‬ ‫ال��زب��ون‪ ،‬ثم يختار بكفه قطعة املالبس التي يريد تجربتها‪،‬‬ ‫بحلول ‪.2020‬‬ ‫ً‬ ‫مرتديا تلك‬ ‫ولونها ومقاسها؛ ليشاهد الزبون بعدها نفسه‬ ‫القطعة‪ ،‬دون أن يرتديها بالفعل‪ ،‬إل��ى أن يقع اختياره على‬ ‫تطبيقات عملية‬ ‫املالبس التي ً يود شراءها‪ .‬وفي سياق مشابه‪ ،‬طورت شركة‬ ‫لعل أحد أهم التطبيقات التي تقدمها تقنية الواقع املدمج هي ‪ eBay‬تطبيقا للهاتف الذكي تحت اسم «‪،»eBay Fashion‬‬ ‫تحويل شراء املالبس أو األحذية عبر اإلنترنت إلى تجربة أشبه يمكن املشتري من تجربة باقة من النظارات الشمسية عبر‬ ‫بالحقيقة أو توفير الوقت الالزم الستبدال املالبس وتغييرها الهاتف الذكي واختيار أنسبها وإت�م��ام عملية ال�ش��راء؛ دون‬ ‫ّ‬ ‫زيارة أي متجر‪ .‬أما شركة «‪ »Sally Hansen‬املصنعة ملنتجات‬ ‫أثناء الوجود الفعلي في املتاجر‪.‬‬ ‫ومثال ذلك شركة «‪ »FXGear‬الكورية التي تنتج غرف تبديل العناية باألظافر في الواليات املتحدة‪ ،‬فقد أنتجت تطبيق «‪Mani‬‬ ‫ّ‬ ‫مالبس باسم «‪ ،»FXMirror‬ولكنها ال تشبه الغرف العادية‪ »Match ،‬الذي يمكن الزبونات من تجربة أكثر من ‪ 200‬درجة‬ ‫لون على أظافرهن قبل الشراء‪ ،‬حيث تصور الزبونة أصابع‬ ‫ً‬ ‫افتراضيا‬ ‫اليد من خالل الهاتف الذكي وتضع طالء األظافر‬ ‫بكل سهولة‪ .‬كما أن التطبيق ي�ق��دم اق�ت��راح��ات ل�لأل��وان التي‬ ‫تالئم لون بشرة اليد؛ بما يتالءم مع طبيعة وحساسية الجلد‬ ‫ولونه‪ .‬كما قامت شركتا «‪ »Volvo‬و«‪ »Audi‬بإطالق تطبيقني‪،‬‬ ‫كل على ح��دة وليس بالتزامن‪ ،‬يتيحان للعمالء استعراض‬ ‫السيارات املوجودة في املعارض من خالل األجهزة اللوحية أو‬ ‫الهواتف الذكية‪ ،‬ورؤيتها بألوان مختلفة مع التفاصيل األخرى‬ ‫التي يمكن تغييرها واختيارها مثل ألوان الصالون الداخلي‬ ‫واإلط ��ارات‪ .‬وك��ل ذل��ك ضمن قوائم خ�ي��ارات تفاعلية‪ ،‬يسهل‬ ‫ً‬ ‫التعامل معها‪ ،‬مما يجعل قرار الشراء أكثر ثباتا‪.‬‬

‫فوائد لقطاع التجزئة‬ ‫د‪ .‬رامي قناوي‬

‫ي�ش��رح ال��دك�ت��ور ق�ن��اوي ف��وائ��د ال��واق��ع امل��دم��ج بالنسبة لقطاع‬


‫تأثير تقرير الوظائف على االحتياطي الفيدرالي‬ ‫في‬

‫بقلم‪ :‬محمد العريان *‬

‫أغ�ل��ب األوق� ��ات‪ ،‬ي�ك��ون م��ن الحماقة‬ ‫الشديدة االعتقاد بأن صدور بيانات‬ ‫ما حول عنصر واحد من عناصر‬ ‫االقتصاد باستطاعته تحديد القرارات التي‬ ‫يتعني على االحتياطي الفيدرالي اتخاذها‪.‬‬ ‫وب��وج��ه ع��ام‪ ،‬يفتخر م�س��ؤول��و االحتياطي‬ ‫الفيدرالي (أعضاء مجلس إدارة أو رؤساء‬ ‫إق�ل�ي�م�ي�ين أو م �س��ؤول�ين رف�ي�ع��ي امل�س�ت��وى)‬ ‫ب��أن �ه��م ي �ح��رص��ون ع �ل��ى دراس � ��ة م�ج�م��وع��ة‬ ‫واسعة من األرقام والنماذج متعددة األبعاد‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن تقرير الوظائف عن أغسطس‬ ‫(آب) املاضي‪ ،‬قد يقترب للغاية من أن يصبح‬ ‫ً‬ ‫استثناء على هذا الصعيد‪.‬‬ ‫وم ��ع ظ �ه��ور ب �ي��ان��ات اق�ت�ص��ادي��ة أق ��وى مما‬ ‫ً‬ ‫خصوصا فيما يتعلق بسوق‬ ‫سبق توقعه‪،‬‬ ‫العمالة‪ ،‬أشارت جانيت يلني‪ ،‬رئيسة مجلس‬ ‫م�ح��اف�ظ��ي االح �ت �ي��اط��ي ال �ف �ي��درال��ي‪ ،‬إل ��ى أن‬ ‫«الحجة الدافعة باتجاه زيادة معدل األموال‬ ‫الفيدرالية زادت قوة خالل الشهور األخيرة»‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لم تصبح هذه الزيادة ً‬ ‫محسوما‬ ‫أمرا‬ ‫بعد‪ ،‬على األقل لسببني‪ :‬أولهما أن الصورة‬ ‫االقتصادية العامة على الصعيد الداخلي ال‬ ‫تزال مختلطة‪ً .‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اإلطار الدولي يتسم إلى‬ ‫حد ما بالهشاشة والترقب‪.‬‬ ‫وفي ظل هذه الخلفية‪ ،‬فإن البيانات الجديدة‬ ‫املتعلقة بالتوظيف ق��د ت�ت��رك ت��أث�ي� ً�را ً‬ ‫مهما‬ ‫على طبيعة القرار الذي سيتخذه االحتياطي‬ ‫ال �ف �ي��درال��ي‪ ،‬ب �خ �ص��وص م ��ا إذا ك ��ان ي��رف��ع‬ ‫معدالت الفائدة للمرة الثانية فقط في غضون‬ ‫‪ 10‬سنوات خالل اجتماع اللجنة الفيدرالية‬ ‫للسوق املفتوحة املقبل املقرر عقده منتصف‬ ‫سبتمبر (أيلول) الجاري‪ ،‬أو االنتظار حتى‬ ‫�ال (االح �ت �م��ال األك �ب��ر في‬ ‫ان�ع�ق��اد اج�ت�م��اع ت � ٍ‬ ‫األول»)‪.‬‬ ‫ديسمبر «كانون‬ ‫ً‬ ‫ولتسليط الضوء على العناصر الفاعلة حقا‬ ‫ه�ن��ا دع��ون��ا ن�ف�ت��رض أن ال�ل�ج�ن��ة ال�ف�ي��درال�ي��ة‬ ‫ل�ل�س��وق امل�ف�ت��وح��ة‪ ،‬ال �ت��ي ت�ع��د أع �ل��ى ال�ل�ج��ان‬ ‫املعنية بإقرار السياسات داخل االحتياطي‬ ‫ال �ف �ي��درال��ي‪ ،‬ال�ت�ق��ت ذات ي��وم ص ��دور تقرير‬ ‫الوظائف‪.‬‬ ‫ف��ي إط ��ار ه ��ذا ال�س�ي�ن��اري��و أق �ت��رح أن ي�ق��دم‬ ‫االحتياطي الفيدرالي على‪:‬‬

‫> رفع أسعار الفائدة بمعدل ‪ 25‬نقطة إذا‬ ‫ما تضمنت البيانات الشهرية خلق ‪ 180‬ألف‬ ‫وظيفة أو أكثر خالل أغسطس‪ ،‬ووجود زيادة‬ ‫مستمرة في معدالت نمو األج��ور‪ ،‬ومعدل‬ ‫مشاركة عمال إذا لم يتغير أو تحرك نحو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ملموسا‬ ‫تغييرا‬ ‫األعلى من دون أن يحدث‬ ‫على معدل البطالة البالغ ‪ 4.9‬في املائة‪.‬‬ ‫> تجنب زي��ادة امل�ع��دالت إذا م��ا ك��ان خلق‬ ‫ال��وظ��ائ��ف دون م�س�ت��وى ‪ 120‬أل��ف وظيفة‪،‬‬ ‫وتجمد معدل نمو األجور أو تراجع وحدثت‬ ‫زي� ��ادة حقيقية ف��ي م �ع��دل امل �ش��ارك��ة تنبئ‬ ‫بتباطؤ سوق العمالة‪.‬‬ ‫أما حال اإلعالن عن نتائج تقع في مساحة‬ ‫وسطى بني هذين السيناريوهني‪ ،‬وتتضمن‬ ‫ت� �ط ��ورات م�ت�ن��اق�ض��ة ب �م �ج��ال ن �م��و األج ��ور‬ ‫ً‬ ‫تعقيدا‬ ‫والوظائف‪ ،‬فإن هذا قد يزيد األم��ور‬ ‫أمام مسؤولي االحتياطي الفيدرالي‪.‬‬ ‫وف��ي الوقت ال��ذي أقترح ض��رورة أن يميلوا‬ ‫نحو اتخاذ خطوات صغيرة باتجاه تطبيع‬ ‫معدالت السياسة النقدية‪ ،‬إال إذا كانت بيانات‬ ‫ال�ت�ق��ري��ر ال�ج��دي��د ضعيفة ع�ل��ى ن�ح��و الف��ت‪،‬‬ ‫فإنني أشك ًفي أن البيانات املختلطة ستكون‬ ‫أكثر احتماال ألن تدفعهم نحو األطراف من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫على أرض الواقع‪ ،‬ستلتقي اللجنة الفيدرالية‬ ‫للسوق املفتوحة قبل نهاية الشهر الجاري‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬ستكون أم��ام االحتياطي الفيدرالي‬ ‫مجموعة كبيرة إضافية من البيانات املحلية‬ ‫وال��دول �ي��ة مل��راج �ع �ت �ه��ا‪ .‬وع �ل �ي��ه‪ ،‬ف ��إن ت�ق��ري��ر‬ ‫دورا ً‬ ‫ال��وظ��ائ��ف ألغ�س�ط��س س�ي�ل�ع��ب ً‬ ‫مهما‬ ‫لكن غير حاسم في القرارات التي سيستقر‬ ‫عليها املسؤولون‪.‬‬ ‫وفي تلك األثناء‪ ،‬ومثلما سبق أن دعوت في‬ ‫‪ 26‬أغسطس املاضي‪ ،‬فإنه ينبغي على بقيتنا‬ ‫املضي في محاولة توسيع نطاق النقاشات‬ ‫املرتبطة بالسياسات االقتصادية مل��ا وراء‬ ‫املصارف املركزية‪ ،‬بحيث تركز بدرجة أكبر‬ ‫بكثير على ما يمكن‪ ،‬بل وينبغي‪ ،‬لوكاالت‬ ‫حكومية أخرى فعله لتعزيز النمو االقتصادي‬ ‫الشامل واالستقرار املالي الحقيقي <‬ ‫* باالتفاق مع «بلومبيرغ»‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪83‬‬


‫«الصندوق» وطموح املصريني‬ ‫لكن هل يحقق االتفاق مع صندوق النقد الدولي طموح الشعب‬ ‫املصري؟ وه��و السؤال ال��ذي يحسم القضية‪ ،‬خصوصا أن‬ ‫ثورة ‪ 25‬يناير ‪ 2011‬و‪ 30‬يونيو (حزيران) ‪ 2013‬قد رفعت‬ ‫م��ن طموحات الشعب‪ .‬اإلج��اب��ة وامل�ص��ارح��ة ه��ي التي تحدد‬ ‫قبول أو رفض البرنامج؟ وبحسب الدكتور حازم الببالوي‪،‬‬ ‫رئيس الوزراء املصري األسبق واملستشار في صندوق النقد‬ ‫الدولي‪ ،‬فقد قال في تصريحات صحافية إن «توقيع الحكومة‬ ‫املصرية على ق��رض مع صندوق النقد الدولي ش��يء جيد‪..‬‬ ‫ولكنه غير كاف لتحقيق آمال وطموحات الشعب املصري»‪.‬‬ ‫وأض��اف‪« :‬الوضع الحالي به صعوبة‪ ،‬ولكن االتفاق الذي تم‬ ‫مع صندوق النقد الدولي سيعطي شهادة ثقة بأن االقتصاد‬ ‫امل�ص��ري وال�س�ي��اس��ات امل��وض��وع��ة حاليا مشجعة وتطمئن‬ ‫الجميع على أن مصر تسير في الطريق الصحيح من خالل‬ ‫إصالحات حقيقية وضعتها الحكومة»‪.‬‬ ‫وأش��ار الببالوي إل��ى أن «ن�ج��اح البرنامج مسؤولية ك��ل من‬ ‫الحكومة والشعب‪ ،‬فالحكومة إذا وضعت برامج ال يستجيب‬ ‫لها ال�ش�ع��ب‪ ،‬ف��إن��ه م��ن الصعب تحقيق أي ت�ق��دم‪ ،‬ك��ذل��ك فإن‬ ‫الشعب إذا ل��م يجد حكومة تفتح ل��ه آف��اق��ا ج��دي��دة ف��ي النمو‬ ‫والتشغيل فإنه لن يكتب ألي برامج النجاح»‪.‬‬ ‫تقرير آخر أش��ار إلى أن مصر تحتاج إلى أمرين‪ ،‬اإلصالح‬ ‫االقتصادي واملساعدة املالية‪ ،‬بحسب مركز األبحاث األميركي‬ ‫البارز «املجلس األطلنطي»‪ ،‬مشيرا إلى أن حاجة مصر إلى‬ ‫االقتراض من صندوق النقد ليس مؤشرا على أن االقتصاد‬ ‫س�ل�ي��م‪ ،‬ب��ل ع�ل��ى النقيض ف��إن��ه يعكس ال��وض��ع االق�ت�ص��ادي‬ ‫الصعب في أحسن األحوال‪.‬‬ ‫ف��امل��أزق بالنسبة ملصر يتعلق بكيفية ال�خ��روج م��ن الواضع‬ ‫ً‬ ‫الراهن‪ ،‬بالحد األدنى من الضرر‪ ،‬حيث سيتحمل السكان عبئا‬ ‫ً‬ ‫فالتركيبة السكانية في مصر ليست مشجعة في هذا‬ ‫صعبا؛ ً‬ ‫الصدد‪ ،‬ووفقا لبرنامج األمم املتحدة اإلنمائي‪ ،‬يعيش أكثر من‬ ‫‪ 26‬في املائة من السكان في مصر تحت خط الفقر‪ ،‬بينما‪،‬‬ ‫بحسب اإلحصاءات الرسمية للحكومة‪ ،‬يمكن لهذا الوصف‬ ‫أن ينطبق على نحو نصف الشعب املصري‪.‬‬ ‫وبينما ستعالج اإلصالحات االقتصادية التي يشترطها‬ ‫صندوق النقد‪ ،‬فإن هناك قضية أكثر أهمية على املدى‬ ‫البعيد وهي ما يتعلق بإصالح التعليم‪ ،‬فمصر لن تكون‬ ‫قادرة على توفير قوى عاملة مؤهلة لسوق العمل من‬ ‫دون إصالح تعليمي‪.‬‬ ‫وأش� ��ار ال�ت�ق��ري��ر إل ��ى أن ت�ن�ف�ي��ذ أي إص�ل�اح��ات في‬

‫‪82‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫تعويم الجنيه وخفض دعم‬ ‫املحروقات والخصخصة‬ ‫والقيمة املضافة أبرز بنود‬ ‫االتفاق‪ ..‬و‪ 12‬مليار دوالر‬ ‫من الصندوق و‪ 6‬مليارات‬ ‫دوالر من املؤسسات الدولية‬ ‫و‪ 3‬مليارات دوالر سندات‬ ‫لتمويل البرنامج‬

‫‪,,‬‬

‫والحفاظ على مخصصات التأمني والغذاء ملحدودي الدخل‪،‬‬ ‫ودع��م أل�ب��ان وأدوي ��ة األط �ف��ال‪ ،‬ووض��ع خطة لتحسني برامج‬ ‫الوجبات املدرسية‪ ،‬والتأمني الصحي لألطفال واملرأة املعيلة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫والتدريب املهني للشباب‪ .‬وستعطى أولوية أيضا لالستثمار‬ ‫في البنية التحتية‪.‬‬ ‫وستهدف السياسة النقدية وال�ص��رف التي ينتهجها البنك‬ ‫امل��رك��زي إل��ى رف��ع ك�ف��اءة أداء س��وق النقد األج�ن�ب��ي‪ ،‬وزي��ادة‬ ‫االحتياطيات األجنبية‪ ،‬وخفض التضخم إل��ى خانة اآلح��اد‬ ‫أث�ن��اء فترة البرنامج‪ .‬ويتيح االنتقال إل��ى نظام م��رن لسعر‬ ‫الصرف‪ ،‬تعزيز القدرة التنافسية‪ ،‬ودعم الصادرات والسياحة‪،‬‬ ‫وجذب االستثمار األجنبي املباشر‪ .‬ومن شأن ذلك أن يدعم‬ ‫النمو وفرص العمل ويخفض احتياجات التمويل‪ .‬وستهدف‬ ‫اإلص�لاح��ات الهيكلية إل��ى تحسني م�ن��اخ األع �م��ال‪ ،‬وتعميق‬ ‫أسواق العمل‪ ،‬وتبسيط اللوائح‪ ،‬وتشجيع املنافسة‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫مصر يتطلب ً‬ ‫قدرا من القيادة واإلرادة السياسية؛ فاألمر ال‬ ‫يتعلق بمجرد القرار األولي‪ ،‬ولكن املتابعة واإلصرار وااللتزام‬ ‫بتنفيذ هذه اإلصالحات رغم قسوتها‪ ،‬كما ستحتاج مصر‬ ‫إلى التزام سياسي داخلي من أعلى املستويات في الدولة لدفع‬ ‫هذه التدابير‪.‬‬ ‫وخلص التقرير إلى أن الحكومات املصرية املتعاقبة وحتى‬ ‫الحالية تعرف أن أي م�ح��اوالت إص�لاح اقتصادي سترهق‬ ‫ً‬ ‫القطاعات الفقيرة أوال‪ ،‬وطاملا عملت على تأخير البدء في‬ ‫هذه اإلصالحات‪ ،‬حيث أجلت األمر الذي ال مفر منه؛ لذا فإن‬ ‫الوضع أصبح أس��وأ مع م��رور الوقت‪ .‬وأض��اف أن أفضل ما‬ ‫يمكن ملصر أن تأمله هو الحد من صعوبة وتداعيات تطبيق‬ ‫هذه اإلصالحات االقتصادية وتقصير مدتها‪.‬‬

‫كريستني الغارد‬

‫أدوات تجميل‬ ‫اعتبرت «وكالة بلومبيرغ» أن السياسات املصرية األخيرة كان‬ ‫لها دور رئيسي في الضغوط التي يعاني منها االقتصاد في‬ ‫هذا البلد في الوقت الحالي‪ ،‬نافية أن تكون الحوادث اإلرهابية‬ ‫التي ضربت قطاع السياحة هي وحدها املسؤولة عن مشكالت‬ ‫االقتصاد‪ .‬وقالت الوكالة إن حزمة التمويل املوجهة ملصر‬ ‫التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي مؤخرا‪ ،‬تمثل مساعدة‬ ‫ض��روري��ة لالقتصاد ف��ي ظ��ل م��ا يعانيه م��ن تباطؤ وارت�ف��اع‬ ‫ملعدالت البطالة والتضخم‪.‬‬ ‫وبلغ معدل البطالة خالل الربع الثاني من العام الحالي ‪ 12.5‬في‬ ‫املائة من قوة العمل‪ ،‬فيما وصل التضخم في يوليو (تموز)‬ ‫املاضي إلى ‪ 14.8‬في املائة‪ ،‬وفقا للبيانات الرسمية‪ .‬وأشارت‬ ‫الوكالة إلى أنه رغم تلقي حكومات الرئيس السيسي مساعدات‬ ‫سابقة م��ن الخليج‪ ،‬فإنها ل��م تحسن م��ن وض��ع االقتصاد‪،‬‬ ‫حيث وصل عجز املوازنة إلى ‪ 12‬في املائة من الناتج املحلي‬ ‫اإلجمالي‪ ،‬في الوقت ال��ذي يقتصر فيه العجز في دول��ة مثل‬ ‫تونس التي عايشت ظروفا مماثلة ملصر عند ‪ 4.4‬في املائة‪.‬‬ ‫وكان محمد العريان‪ ،‬الخبير االقتصادي العاملي‪ ،‬قد كتب في‬ ‫مقال على شبكة بلومبيرغ األميركية قبيل املؤتمر االقتصادي‬ ‫في شرم الشيخ أن الهدف ليس فقط إرساء استقرار االقتصاد‪،‬‬ ‫ولكن أيضا إطالق اإلمكانات الكبيرة غير املستغلة في البالد‪.‬‬ ‫فبرغم أن مصر لديها أصول بشرية ومادية كبيرة‪ ،‬غير أن تلك‬ ‫اإلمكانات تراجعت مرارا وتكرارا بسبب العوامل السياسية‬ ‫والجمود البيروقراطي‪.‬‬ ‫وألج��ل تحقيق تلك الغاية‪ ،‬ف��إن اإلج ��راءات الفورية لتحقيق‬ ‫اس�ت�ق��رار االق�ت�ص��اد تصحبها ث�لاث رك��ائ��ز ي�ع��زز بعضها‬ ‫بعضا م��ن أج��ل إص�لاح اقتصادي دائ��م‪ .‬أول��ى ه��ذه الركائز‬ ‫تتمثل في تعزيز النمو الفعلي واملحتمل وتوفير فرص العمل‪،‬‬ ‫بما في ذلك قانون جديد لالستثمار للحد من أوجه القصور‬ ‫وزيادة حماية االستثمار وتقديم حوافز مستهدفة‪ ،‬وإصالح‬ ‫الدعم من أجل دعم مستهدف للقطاعات األكثر ضعفا في‬ ‫املجتمع‪.‬‬ ‫واألم��ر الثاني يتحدد في تشجيع البرامج التي تركز على‬ ‫قطاعات محددة بالتأكيد على مجاالت اقتصادية واجتماعية‬ ‫م�ه�م��ة‪ ،‬م�ث��ل التعليم وال�ص�ح��ة واإلس �ك��ان وال�ط��اق��ة والبنية‬ ‫التحتية وتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ .‬أما األمر الثالث‪،‬‬ ‫فهو خلق إطار لالقتصاد الكلي الذي يستهدف تحقيق النمو‬ ‫الشامل املستدام ويتم مشاركة فوائده مع الشعب على نطاق‬ ‫واسع‪ ،‬مع تأكيد خاص على حماية القطاعات الضعيفة‪.‬‬ ‫وقال العريان‪ :‬إن هناك أربعة تحوالت مهمة لبناء اقتصاد أكثر‬ ‫ازدهارا‪ ،‬أولها تحسني تنفيذ السياسات لضمان أن تصميم‬ ‫ال�ب��رام��ج يشمل تنفيذا ي�ق��وم بالتعديل ف��ي ال��وق��ت املناسب‪،‬‬ ‫وفقا للتطورات التي تحدث في اقتصاد عاملي متقلب بشكل‬ ‫مستمر‪ .‬وثانيا‪ :‬إبعاد التنمية االقتصادية عن االعتماد على‬ ‫النمو ال��ذي ت�ق��وده ال��دول��ة‪ ،‬ونحو ن�م��وذج أكثر شموال يكمل‬ ‫مشروعات وطنية عامة مع وج��ود شراكات بني القطاعني‬ ‫العام والخاص‪.‬‬ ‫وثالثا‪ :‬إعادة هيكلة املؤسسات املحلية لكي تكون أكثر‬ ‫كفاءة وشفافية ومساءلة وشموال‪ ،‬وأن تلبي احتياجات‬ ‫ك��ل ال�ش�ع��ب امل �ص��ري ول�ي�س��ت ق�ل��ة تحظى ب��ام�ت�ي��ازات‪.‬‬ ‫ورابعا‪ :‬توسيع الدعم الخارجي لإلصالحات الداخلية‬ ‫التي تقوم بها مصر من شركاء قليلني إلى مجموعة‬ ‫أك �ب��ر م��ن امل��ان �ح�ين‪ ،‬ب�م��ا ف��ي ذل��ك م��ؤس�س��ات إقليمية‬ ‫ومتعددة األطراف<‬


‫سكان منطقة جزيرة الوراق املصرية يحاولون إنقاذ أنفسهم من الغرق وهي جزيرة تعاني الفقر املدقع كيلومترات فقط من وسط القاهرة (غيتي)‬

‫األجنبية وتباطؤ النمو‪ ،‬وأصبح االقتصاد يعانى نوعني من على الدخل ويعاد العمل بالضريبة على األرب��اح الناتجة من برنامج الصندوق‬

‫برنامج بديل‬ ‫أما البرنامج البديل الذي طرحته القوى السياسية فيتمثل في‬ ‫تطبيق برنامج جاد للتقشف لتقليل الطلب الكلي‪ ،‬وإجراءات‬ ‫لدفع عجلة اإلن�ت��اج ل��زي��ادة ال�ع��رض الكلي‪ ،‬وإع��ادة النظر في‬ ‫اإلنفاق الحكومي غير الضروري‪ ،‬ومراجعة قائمة املشروعات‬ ‫الكبرى وتأجيل بعضها وإلغاء البعض اآلخر‪ ،‬مثل مشروع‬ ‫ً‬ ‫العاصمة الجديدة‪ .‬والعمل على تشغيل املصانع املعطلة‪ .‬وبدال‬ ‫من ضريبة القيمة املضافة‪ ،‬يؤخذ بنظام الضريبة التصاعدية‬

‫‪,,‬‬

‫الحكومة ترى في القرض‬ ‫ضرورة الستعادة الثقة‬ ‫وتحقيق اإلصالح االقتصادي‪..‬‬ ‫واملعارضة تحذر من تكرار‬ ‫«انتفاضة الخبز» وزيادة‬ ‫الديون ورفع األسعار‬

‫‪,,‬‬

‫العجز هما‪ :‬عجز داخلي وعجز خارجي‪ ،‬نتج منهما مستويات‬ ‫خطيرة للدين العام‪ ،‬وارتفاع معدالت التضخم بنسبة ‪ 14‬في‬ ‫املائة سنويا‪ ،‬وانخفاض االحتياطي من النقد األجنبي إلى ‪15.5‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬وزعزعة قيمة الجنيه‪.‬‬ ‫وجوهر برنامج الصندوق تقليص دعم الطاقة (برفع أسعار‬ ‫الكهرباء للمنازل بمتوسط ‪ 42‬في املائة وإلغاء دعمها للمصانع‬ ‫ت�م� ً�ام��ا)‪ ،‬وتجميد األج ��ور‪ ،‬وف��رض ضريبة القيمة املضافة‪،‬‬ ‫والخصخصة‪ ،‬وتخفيض الجنيه‪ ،‬ومزيد من االقتراض الداخلي‬ ‫والخارجي‪.‬‬ ‫وج�ه��ة النظر األخ ��رى ل��دى بعض ال�ق��وى السياسية ت��رى أن‬ ‫برنامج الصندوق من الناحية االقتصادية قد يحقق بعض‬ ‫اإليجابيات‪ ،‬مثل جذب استثمارات أجنبية إلى البورصة‪ ،‬لكن‬ ‫سلبياته ستكون أكثر‪ ،‬وسيولد موجة غ�لاء شديدة تؤدي‬ ‫إلى إفقار متزايد للطبقات الدنيا والوسطى وتضر بالعدالة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ولن يعيد لالقتصاد املصري توازنه املفقود‪ ،‬وقد‬ ‫ينتهي بزعزعة االستقرار االجتماعي والسياسي‪.‬‬

‫معامالت البورصة‪ .‬ووضع سقف معلن للدين العام ال يمكن‬ ‫تجاوزه لحماية األجيال املقبلة‪ ،‬ومحاربة الفساد‪ ،‬ووضع حد‬ ‫أقصى لزيادة كمية النقود بمعدل يساوي زيادة اإلنتاج لضمان‬ ‫ً‬ ‫إعماال لحقوق‬ ‫االستقرار النقدي ووضع قيود على الواردات‬ ‫ً‬ ‫مصر بصفتها عضوا في منظمة التجارة العاملية طبقا للمادة‬ ‫‪ - 18‬بـمن اتفاق ال�ج��ات‪ ،‬وتغيير نظام سعر الصرف بربط‬ ‫ً‬ ‫بدال من املعمول به ً‬ ‫حاليا وهو‬ ‫الجنيه املصري بسلة عمالت‬ ‫الربط بالدوالر األميركي فقط‪ .‬وإص��دار تشريعات لتحقيق‬ ‫الكفاءة والعدالة‪ :‬بالذات تعديل قانون إيجارات العقارات القديمة‬ ‫وقانون العالقة اإليجارية لألراضي الزراعية‪.‬‬

‫يهدف برنامج صندوق النقد إلى تحسني عمل أسواق النقد‬ ‫األج�ن�ب��ي‪ ،‬وتخفيض عجز امليزانية وال��دي��ون‪ ،‬وزي ��ادة معدل‬ ‫النمو‪ ،‬كما يتضمن البرنامج تعزيز شبكة األمان االجتماعي‬ ‫لحماية الفقراء ومحدودي الدخل‪ .‬وتمثل الحماية االجتماعية‬ ‫حجر زاوية في هذا البرنامج‪ .‬ويهدف االتفاق أيضا إلى دعم‬ ‫برنامج الحكومة لإلصالح االقتصادي من خ�لال «تسهيل‬ ‫ال�ص�ن��دوق امل �م��دد» ال��ذي يغطي ث�لاث س �ن��وات‪ .‬وي��رت�ه��ن هذا‬ ‫االتفاق بموافقة املجلس التنفيذي للصندوق‪.‬‬ ‫وستكون ركيزة سياسة املالية العامة للحكومة هي وضع الدين‬ ‫العام على مسار نزولي واضح نحو مستويات مستدامة‪ ،‬من‬ ‫املتوقع أن ينخفض دين الحكومة العامة من نحو ‪ 98‬في املائة‬ ‫من إجمالي الناتج املحلي في ‪ 2016-2015‬إلى نحو ‪ 88‬في‬ ‫املائة من إجمالي الناتج املحلي في ‪.2019-2018‬‬ ‫وتستهدف السياسة املالية خفض عجز امل��وازن��ة من خالل‬ ‫زي��ادة اإلي��رادات وترشيد اإلنفاق بهدف إتاحة امل��وارد العامة‬ ‫لالستخدام في اإلنفاق على البنية التحتية والصحة والتعليم‬ ‫وال�ح�م��اي��ة االج�ت�م��اع�ي��ة‪ .‬وس�ت�ق��وم ال�ح�ك��وم��ة بتطبيق ق��ان��ون‬ ‫ضريبة القيمة املضافة بعد موافقة مجلس النواب‪ ،‬وترشيد‬ ‫دعم الطاقة‪ ،‬وستعمل على تحقيق تقدم في تنفيذ اإلصالحات‬ ‫الهيكلية للمساعدة في زيادة االستثمار وتعزيز دور القطاع‬ ‫الخاص‪.‬‬ ‫وبحسب البرنامج‪ ،‬سيتم توجيه جانب من وف��ورات املوازنة‬ ‫امل�ت�ح�ق�ق��ة م ��ن اإلج� � � ��راءات اإلص�ل�اح �ي��ة ن �ح��و اإلن� �ف ��اق على‬ ‫التحويالت النقدية االجتماعية‪ ،‬وبالتحديد في مجاالت دعم‬ ‫ال �غ��ذاء وال �ت �ح��وي�لات االج�ت�م��اع�ي��ة امل��وج�ه��ة إل��ى املستحقني‪،‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪81‬‬


‫ّ‬ ‫ما بني األمل في تطوير اقتصادي حقيقي‪ ..‬ومخاوف من تدهور املؤشرات االقتصادية وعودة اإلضرابات الشعبية‪ ..‬وقعت‬ ‫مصر اتفاقا جديدا مع صندوق النقد الدولي إلقراضها ‪ 12‬مليار دوالر على مدى ثالث سنوات‪.‬‬

‫ً‬ ‫خبراء يرون أن خطة اإلصالح قد تكون صعبة‪ ..‬لكنها تعطي أمال في تصحيح املسار االقتصادي‬

‫ً‬ ‫قرض «صندوق النقد» يثير جدال‬ ‫بني الحكومة املصرية والقوى السياسية‬

‫القاهرة‪ :‬حسني البطراوي‬ ‫االت������ف������اق ش���ه���د م����ع����ارض����ة ك���ب���ي���رة وج��������دال ب�ين‬ ‫االق��ت��ص��ادي�ين م��ا ب�ين ال��ق��ب��ول وال���رف���ض؛ م��م��ا دع��ا‬ ‫صندوق النقد الدولي إلى إصدار نشرة – ألول مرة‬ ‫في تاريخه ‪ -‬يجيب فيها عن التساؤالت املثارة حول االتفاق‬ ‫مع الصندوق في محاولة لتهدئة الرأي العام املصري‪ ،‬الرافض‬ ‫لشروط الصندوق‪ ،‬خصوصا أن مشروع قانون الخدمة املدنية‪،‬‬ ‫وه��و أح��د ش��روط الصندوق خ�لال م��ش��اورات ع��ام ‪ 2015‬قد‬ ‫تم رفضه في مجلس النواب‪ ،‬بعد أن شهدت البالد مظاهرات‬ ‫عارمة رافضة للقانون‪ ،‬لكن حكومة الدكتور شريف إسماعيل‪،‬‬ ‫الحالية‪ ،‬أصرت على املشروع وتم تعديله‪ ،‬واملوافقة عليه بعد‬ ‫جدل عنيف في البرملان ورفع العالوة الدورية من ‪ 5‬في املائة‬ ‫إلى ‪ 7‬في املائة‪.‬‬ ‫أم���ا م��ش��روع ال��ق��ان��ون ال��ث��ان��ي‪ ،‬ال���ذي ي��دخ��ل ف��ي إط���ار االت��ف��اق‬ ‫م��ع ال��ص��ن��دوق‪ ،‬فهو التحول إل��ى القيمة امل��ض��اف��ة‪ ،‬ال��ذي أع��ده‬ ‫الصندوق‪ ،‬وشهد جدال عنيفا في أروق��ة البرملان وتحذيرات‬ ‫من موجة تضخمية عند تطبيق القانون‪ ،‬وارت��ف��اع األسعار‬ ‫بنحو ‪ 4‬في املائة في املتوسط؛ مما يرفع من معدل التضخم‬ ‫الذي وصل إلى ‪ 12.5‬في املائة الشهر املاضي‪.‬‬ ‫وت��س��ت��ن��د امل���ع���ارض���ة الت���ف���اق ال���ص���ن���دوق‪ ،‬خ��ص��وص��ا ال��ق��وى‬ ‫اليسارية‪ ،‬إلى تاريخ الصندوق في مصر وال��ذي أدى تطبيق‬ ‫مشروطيته إلى معاناة الشعب‪ ،‬وانتشار الفساد واالحتكارات‬ ‫والبطالة‪ ،‬وقد أطلق بعض املصريني على صندوق النقد الدولي‬ ‫وصف «صندوق النكد الدولي»‪.‬‬

‫تاريخ من األزمات‬ ‫لم تلجأ مصر إل��ى صندوق النقد ال��دول��ي س��وى ث�لاث مرات‬ ‫فقط‪ ،‬مرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات‪ ،‬ومرتني في‬ ‫عهد الرئيس األسبق حسني مبارك‪ .‬رغم انضمام مصر إلى‬ ‫عضوية صندوق النقد ال��دول��ي في ديسمبر (ك��ان��ون األول)‬ ‫عام ‪ .1945‬ولجأت مصر لالقتراض من الخارج ألول مرة في‬ ‫تاريخها في عهد ال��س��ادات‪ ،‬حيث اتفقت مع صندوق النقد‬ ‫ال��دول��ي على ق��رض بقيمة ‪ 185.7‬مليون دوالر لحل مشكلة‬ ‫املدفوعات الخارجية املتأخرة وزيادة التضخم‪.‬‬ ‫وبعد االت��ف��اق على القرض واملوافقة على ش��روط الصندوق‬

‫‪80‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫خرج رئيس املجموعة االقتصادية لحكومة السادات عبد املنعم‬ ‫القيسوني ف��ي ‪ 17‬يناير (ك��ان��ون الثاني) ‪ 1977‬ليعلن أم��ام‬ ‫مجلس الشعب قيام الحكومة باتخاذ مجموعة من القرارات‬ ‫االقتصادية التي وصفها آنذاك بـ«الضرورية والحاسمة»‪ ،‬التي‬ ‫أدت إلى ارتفاع أسعار السلع األساسية مثل الخبز والبنزين‬ ‫والبوتاجاز والسكر واألرز‪ ،‬وغيرها من السلع بزيادة تتراوح‬ ‫بني ‪ 30‬و‪ 50‬في املائة‪.‬‬ ‫وب��دأ ال��ص��دام وق��ت��ذاك ب�ين الحكومة والشعب ال��ذي خ��رج في‬ ‫مظاهرات عارمة‪ ،‬وسادت حالة من الفوضى في البالد‪ ،‬وهي‬ ‫املظاهرات التي أطلق عليها السادات «انتفاضة الحرامية»‪ ،‬في‬ ‫حني أطلقت عليها القوى السياسية «انتفاضة الخبز»؛ وهو‬ ‫ما دفع السادات إلى فرض حالة حظر التجول وأم��ر الجيش‬ ‫بالنزول إلى الشارع للسيطرة على املظاهرات‪ .‬وسرعان ما‬ ‫تراجعت الحكومة عن هذه القرارات لتفادي مزيد من التوتر‬ ‫واملظاهرات الشعبية في البالد‪.‬‬ ‫أما االقتراض الثاني‪ ،‬فكان في عهد مبارك أثناء حكومة عاطف‬ ‫صدقي‪ ،‬حيث اقترضت مصر حينها ‪ 375.2‬مليون دوالر‬ ‫لسد عجز امليزان التجاري‪ ،‬بعد تدهور املؤشرات االقتصادية‬ ‫كافة‪ ،‬وهو ما عرف بـ«اإلصالح االقتصادي»‪ ،‬وشمل البرنامج‬ ‫التثبيت وال��ت��ك��ي��ف الهيكلي‪ ،‬واس��ت��ط��اع رئ��ي��س وزراء مصر‬ ‫األسبق‪ ،‬صدقي‪ ،‬استغالل هذا القرض لعمل إصالح اقتصادي‬ ‫حقيقي في البالد‪ ،‬حيث قام بتحرير سعر الصرف وإفساح‬ ‫املجال ملشاركة القطاع الخاص‪.‬‬ ‫وق��ام صدقي آن��ذاك بإنعاش س��وق امل��ال والبورصة‪ ،‬وتعديل‬ ‫القوانني املنظمة لالقتصاد وتقليص دور القطاع العام‪ ،‬وفي‬ ‫تلك الحقبة الزمنية زاد االحتياطي النقدي وانخفض معدل‬ ‫التضخم واستقرت أسعار السلع‪.‬‬ ‫ل��ك��ن ال��ح��ك��وم��ة رك����زت ع��ل��ى ال��ق��ط��اع امل��ال��ي ف��ق��ط‪ ،‬دون إع���ادة‬ ‫هيكلة االق��ت��ص��اد‪ ،‬وأدى تطبيق ب��رن��ام��ج الخصخصة ال��ذي‬ ‫فرضته املفاوضات مع صندوق النقد والبنك الدوليني إلى بيع‬ ‫أح��د بنوك القطاع العام «بنك اإلسكندرية»‪ ،‬وخلق البرنامج‬ ‫حاالت احتكارية في السوق املصرية‪ ،‬خصوصا في مجاالت‬ ‫صناعات اإلسمنت واملواد الغذائية‪ ،‬فضال عن إهمال تطبيق‬ ‫شبكة الضمان االجتماعي التي اقترحها الصندوق‪ ،‬والتوسع‬ ‫في اإلحالة للمعاش املبكر لتسريع الخصخصة؛ مما زاد من‬ ‫معدالت البطالة‪.‬‬ ‫امل��رة الثالثة التي لجأت فيها مصر لالقتراض من صندوق‬

‫النقد‪ ،‬كانت في عام ‪ ،1996‬حيث طلبت مصر قرضا بقيمة‬ ‫‪ 434.4‬مليون دوالر‪ ،‬ول��م تسحب مصر قيمة ه��ذا القرض‬ ‫واعتبر الغيا‪ ،‬ولكنه شكل إطارا سمح ملصر بالحصول على‬ ‫إلغاء لـ‪ 50‬في املائة من ديونها املستحقة لدى الدول األعضاء‬ ‫في نادي باريس االقتصادي‪.‬‬

‫مرحلة جديدة للتعامل مع «الصندوق»‬ ‫ط��ال��ب��ت م��ص��ر ب��ال��ح��ص��ول ع��ل��ى ق���رض م��ن «ال��ص��ن��دوق» في‬ ‫عهد املجلس العسكري‪ ،‬عقب سقوط حكم مبارك‪ ،‬وطلبته‬ ‫م��رت�ين ف��ي عهد الرئيس األس��ب��ق محمد م��رس��ى‪ ،‬ك��ان��ا أق��رب‬ ‫إل��ى حصول مصر عليها‪ ،‬فقد تمت امل��واف��ق��ة على القرض‪،‬‬ ‫كما طالبت بزيادته من ‪ 3.2‬إلى ‪ 4.7‬مليار دوالر‪ ،‬ولكن رفض‬ ‫مرسي تنفيذ الكثير من اإلصالحات التي تم اإلع�لان عنها‬ ‫أدى إلى تعليق املفاوضات‪.‬‬ ‫وب��ع��د ال��ت��وق��ي��ع م��ع ال��ص��ن��دوق أخ��ي��را ب��امل��واف��ق��ة ع��ل��ى حصول‬ ‫مصر على ‪ 12‬مليار دوالر‪ ،‬طالب عدد من القوى السياسية‬ ‫والشخصيات ال��ع��ام��ة ال��رئ��ي��س عبد ال��ف��ت��اح السيسي بوقف‬ ‫إجراءات الحصول على القرض‪ ،‬وقالت قوى سياسية عدة إن‬ ‫السلطة التنفيذية اتخذت إجراءات مالية واقتصادية بالغة الحدة‬ ‫والقسوة على أغلبية الشعب وشرعت فيها قبل اإلعالن عن‬ ‫تلك املفاوضات في تجاهل للشعب بنقاباته واتحاداته وقواه‬ ‫السياسية‪ .‬وأن السلطة التنفيذية قامت بالتنسيق مع البنك‬ ‫ً‬ ‫تمهيدا لتعويم كلي‬ ‫املركزي بتعويم جزئي للجنيه املصري؛‬ ‫ً‬ ‫امتثاال لشروط صندوق النقد الدولي‪.‬‬ ‫وحذر البعض اآلخر من فريق الرافضني من أن تطبيق برنامج‬ ‫الصندوق سيؤدي إل��ى زي��ادة الدين الخارجي بنحو ‪ 50‬في‬ ‫املائة‪ .‬ويبلغ حجم الدين الخارجي حاليا ‪ 53.5‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫خصوصا أن االتفاق مع الصندوق يتطلب أيضا حصول مصر‬ ‫على قروض تصل إلى ‪ 7‬مليارات دوالر‪ ،‬فضال عن إصدار‬ ‫صكوك بالدوالر في أسواق املال العاملية بنحو ‪ 3‬مليارات دوالر‪،‬‬ ‫لتوفير األموال الالزمة لتنفيذ االتفاق مع الصندوق‪.‬‬ ‫وط��رح��ت ق��وى سياسية متشككة ف��ي ت��داع��ي��ات االت��ف��اق مع‬ ‫صندوق النقد الدولي برنامجا لإلصالح االقتصادي بعيدا عن‬ ‫االتفاق مع الصندوق‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن االقتصاد املصري تلقى عددا‬ ‫من الصدمات الخارجية السلبية أدت إلى انخفاض إي��رادات‬ ‫السياحة وتحويالت العاملني بالخارج وتراجع االستثمارات‬


‫االئ�ت�م��ان العاملية‪ ،‬وانخفضت أس�ع��ار النفط آن��ذاك وأفلست‬ ‫بنوك كثيرة‪ ،‬فاتخذت كثير من دول العالم سياسة انكماشية؛‬ ‫باستثناء السعودية التي خالفت ذلك االتجاه وأطلقت سياسة‬ ‫توسعية وتعهد بضخ ‪ 400‬مليار دوالر في شرايني االقتصاد‪،‬‬ ‫وه��و م��ا يعرف بعكس ال ��دورات االق�ت�ص��ادي��ة‪ .‬ووص�ف��ت تلك‬ ‫الخطوة بأنها «اندفاع»‪ ،‬إال أنها أدت إلى املحافظة على النمو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وجنبت القطاع املصرفي السعودي االنعكاسات‬ ‫السلبية لتلك األزمة العاملية‪.‬‬

‫يصف حافظ قرار «ساما» رفع تلك النسبة إلى ‪ 90‬في املائة‬ ‫بالحكيم واملتعقل وامل��دروس ويمثل سياسة ناجحة‪ ،‬إذ إنه‬ ‫تدابير السيولة‬ ‫منح املصارف فرصة للتوسع واإلقراض والتمويل‪ ،‬وبخاصة‬ ‫في فبراير (شباط) املاضي‪ ،‬سمحت «ساما» للبنوك بتجاوز أن اململكة بدأت تعيش ورشة عمل في جميع القطاعات املالية‬ ‫نسبة القروض إلى الودائع من ‪ 85‬في املائة إلى ‪ 90‬في املائة والخدمية والصناعية منذ مطلع األلفية‪ ،‬وهي مستمرة في ذلك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫علما بأن ذلك تدبير «مؤقت»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫علما بأنها كانت في حدود ‪ 83‬في املائة آنذاك‪ .‬ويتم احتساب‬ ‫تلك النسبة بتقسيم القيمة اإلجمالية للقروض على إجمالي‬ ‫توقعات النصف الثاني‬ ‫الودائع‪.‬‬ ‫كما أن «ساما» تقوم بإيداعات مباشرة لدى املصارف لدعم‬ ‫مستويات السيولة‪ ،‬في حني يأتي مصدرها من االحتياطي لحظت نتائج النصف األول من العام الحالي انخفاض ودائع‬ ‫النقدي الهائل املوجود لديها‪ ،‬إلى جانب إيداعات املؤسسات العمالء بنحو ‪ 13‬مليار دوالر‪ ،‬إال أن األمني العام للجنة اإلعالم‬ ‫والتوعية املصرفية باملصارف السعودية يؤكد أن ً‬ ‫جزءا من‬ ‫الحكومية‪.‬‬

‫طلعت حافظ‬

‫ت�ل��ك األم� ��وال ل��م ي��ذه��ب إل ��ى خ ��ارج ال�ن�ظ��ام امل�ص��رف��ي‬ ‫السعودي‪ ،‬بل تحول إلى «ودائع زمنية» (‪.)Time Deposits‬‬ ‫كما أنه إذا قارنا الودائع الحالية بالسابق‪ ،‬فسنجد أنها ضعف‬ ‫ما كانت عليه عام ‪ .2011‬ولم ينعكس ذلك على وضع السيولة‬ ‫الجيد ً‬ ‫نظرا لقوة املالءة املالية للبنوك‪ .‬وتعرف الودائع الزمنية‬ ‫على أنها تلك التي يودعها األف��راد والهيئات لدى املصارف‬ ‫ملدة محدودة يتفق عليها الطرفان‪ ،‬وال يجوز السحب منها‬ ‫جزئيا قبل انقضاء األج��ل املحدد‪.‬وحول توقعات النصف‬ ‫ال�ث��ان��ي‪ ،‬ي�ق��ول إن��ه يتوقع اس�ت�م��رار األداء اإلي�ج��اب��ي للبنوك‬ ‫ً‬ ‫السعودية؛ رغم التحديات القائمة‪ ،‬مقرونا بالنتائج اإليجابية‬ ‫في النصف األول‪ .‬ويعتقد أن النمو سيستمر مع تحسن‬ ‫مستويات الربحية وقوة القطاع <‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪79‬‬


‫في الوقت ال��ذي تنخفض فيه مدخوالت النفط لدى كبار املنتجني العامليني‪،‬‬ ‫ومنهم السعودية بالطبع‪ ،‬يزيد الضغط على قطاع املصارف؛ بوصفه القطاع‬ ‫الذي يستوعب الفوائض واإليداعات الحكومية وحتى تلك املرتبطة بالشركات‬ ‫واملؤسسات ذات الصفة التعاقدية مع املشاريع الحكومية‪ ،‬إلى جانب أموال‬ ‫القطاع الخاص‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن منطق األمور يؤدي إلى نقصان السيولة‬ ‫والحد من اإلقراض وزيادة املخصصات للقروض املشكوك في تحصيلها‪.‬‬

‫طلعت حافظ‪ :‬كفاءة رأس املال ال تزال عند حدود ‪% 18‬‬

‫كيف حافظت املصارف السعودية‬ ‫على نموها في عصر النفط الرخيص؟‬

‫خفضت وك��ال��ة م��ودي��ز للتصنيف االئتماني في‬ ‫مايو (أيار) املاضي تصنيف ‪ 9‬بنوك سعودية‪ ،‬في‬ ‫حني كان أهم املبررات التي ساقتها الوكالة‪ ،‬تراجع‬ ‫السيولة‪ ،‬األمر الذي قد يحد من القدرة على تقديم الدعم للبنوك‬ ‫وقت حاجتها إليها‪ ،‬إلى جانب الظروف التشغيلية للمصارف‬ ‫التي تفرض بعض التحديات على غالبية املصارف من حيث‬ ‫ربحيتها وزيادة ديونها املتعثرة‪ ،‬إال أن الوقائع أثبتت أن األمور‬ ‫اتخذت مسارات أخرى كما ستبني النتائج واألرقام‪.‬‬ ‫أم��ا علة العلل فيشرحها تقرير لوكالة الطاقة الدولية صدر‬ ‫في يونيو (حزيران) املاضي‪ ،‬قائال إن متوسط سعر البرميل‬ ‫ً‬ ‫في ‪ 2016‬كامال سيكون في ح��دود ‪ 43.03‬دوالر للبرميل‪،‬‬ ‫هبوطا من ‪ 52.32‬دوالر ع��ام ‪ 2015‬و‪ 98.89‬دوالر للبرميل‬ ‫الواحد عام ‪.2014‬‬

‫أداء النصف األول‬ ‫رغ��م كل تلك الضغوط القاسية على القطاع املصرفي‪ ،‬فقد‬ ‫تمكنت املصارف السعودية من اجتياز اختبار النصف األول‬ ‫بنجاح ولم تستجب لألخبار السلبية‪ ،‬وذلك بتحقيقها ً‬ ‫أرباحا‬ ‫بلغت ‪ 23.32‬مليار ريال (‪ 6.22‬مليار دوالر)‪ ،‬مقابل ‪23.14‬‬ ‫مليار ريال (‪ 6.17‬مليار دوالر) في النصف األول من ‪.2015‬‬ ‫أي بنمو بلغ نحو ‪ 0.75‬في املائة‪.‬‬ ‫كما نما إجمالي م��وج��ودات املصارف السعودية ليصل إلى‬ ‫‪ 2223‬مليار ريال (‪ 592.8‬مليار دوالر) بنهاية النصف األول‬ ‫من ‪ 2016‬بنسبة نمو بلغت ‪ 2‬في املائة ً‬ ‫قياسا بالفترة نفسها‬ ‫من العام املاضي‪ .‬وفي األشهر الستة األولى من العام الحالي‪،‬‬ ‫ارتفعت ال�ق��روض املجمعة املقدمة من القطاع املصرفي إلى‬ ‫‪ 1440‬مليار ري��ال (‪ 384‬مليار دوالر)‪ ،‬بنسبة بلغت ‪ 8‬في‬ ‫املائة ً‬ ‫قياسا بالفترة ذاتها من العام السابق‪ ،‬في حني تراجعت‬ ‫ودائع العمالء بنهاية الفترة عند ‪ 1661‬مليار ريال (‪ 443‬مليار‬

‫‪78‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫متانة رغم املتغيرات‬ ‫ف��ي ح��دي��ث إل��ى «امل �ج �ل��ة»‪ ،‬ي ��ورد األم�ي�ن ال �ع��ام للجنة اإلع�ل�ام‬ ‫والتوعية املصرفية باملصارف السعودية‪ ،‬طلعت حافظ‪ ،‬بعض‬ ‫األرقام التي تظهر مدى متانة القطاع املصرفي التي تعكسها‬ ‫مؤشرات السالمة املالية‪ ،‬إذ إن كفاءة رأس املال ال تزال عند‬ ‫حدود ‪ 18‬في املائة‪ ،‬وهي نحو ضعفي متطلبات معاهدة بازل ‪1‬‬

‫‪,,‬‬

‫رغم كل تلك الضغوط القاسية‬ ‫على القطاع املصرفي فقد‬ ‫تمكنت املصارف السعودية‬ ‫من اجتياز اختبار النصف‬ ‫األول بنجاح ولم تستجب‬ ‫لألخبار السلبية‬

‫‪,,‬‬

‫جدة‪ :‬معتصم الفلو‬

‫دوالر)‪ً ،‬‬ ‫قياسا بـ‪ 1703‬مليارات ريال (‪ 454.13‬مليار دوالر)‬ ‫في نهاية النصف األول من ‪.2015‬‬ ‫أم��ا بالنسبة للقروض التي تقدمها امل�ص��ارف لبرنامج دعم‬ ‫املنشآت الصغيرة واملتوسطة «ك�ف��ال��ة»‪ ،‬وه��ي ق��روض ل��رواد‬ ‫األعمال السعوديني ومنشآتهم الصغيرة واملتوسطة بضمانة‬ ‫حكومية‪ ،‬فقد ق�ف��زت بنسبة ‪ 9.3‬ف��ي امل��ائ��ة م��ن ‪ 1.65‬مليار‬ ‫ري��ال (‪ 440‬مليون دوالر) في النصف األول من ‪ 2015‬إلى‬ ‫‪ 1.77‬مليار ريال (‪ 472‬مليون دوالر) في القترة املقابلة من‬ ‫العام الحالي‪.‬‬

‫البالغة ‪ 8‬في املائة‪ ،‬إلى جانب جودة أصول محفظة اإلقراض من‬ ‫حيث النوع‪ ،‬فحجم الديون املتعثرة ال يتجاوز ‪ 1.2‬في املائة من‬ ‫إجمالي الديون‪ ،‬وهي نسبة متدنية‪ ،‬مع توفر السيولة ملواصلة‬ ‫اإلقراض؛ رغم انخفاض أسعار النفط ً‬ ‫حاليا بنحو ‪ 70‬في املائة‬ ‫مما كانت عليه قبل عامني‪.‬‬ ‫ويرى حافظ أن متانة القطاع املصرفي السعودي تستند إلى‬ ‫عدة اعتبارات على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬أساسات مالية متينة تتصف بالديمومة واالستقرار‪.‬‬ ‫‪ - 2‬يعمل القطاع املصرفي تحت مظلة اقتصاد قوي رغم وجود‬ ‫جملة متغيرات اقتصادية وث�ب��ات الطلب العاملي على النفط‬ ‫واملشكالت التي يعاني منها االقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ال��دور الرقابي واإلش��راف��ي الدقيق ملؤسسة النقد العربي‬ ‫السعودي «ساما»‪ ،‬وهي البنك املركزي السعودي‪ ،‬فيما يتعلق‬ ‫باملخاطر املالية‪ ،‬وبالتالي انعكاس ذلك ً‬ ‫إيجابا على األداء‪.‬‬ ‫‪ - 4‬ال�ك��وادر املصرفية التي تدير القطاع من مجالس إدارات‬ ‫ورؤس��اء وإدارات تنفيذية‪ ،‬إذ تضم خبرات مصرفية عريقة‬ ‫تحسن توجيه االستثمارات واتخاذ القرارات في أيام االزدهار‬ ‫ً‬ ‫مع مواكبة املتغيرات‪ ،‬رافضا وصف الحالة القائمة بـ«الكساد‬ ‫االقتصادي»‪.‬‬ ‫وي�ع��ود حافظ بحديثه إل��ى ال�ع��ام ‪ 2008‬عندما اندلعت أزم��ة‬


‫«يوتيكو» اإلماراتية تستثمر‬ ‫‪ 185‬مليون دوالر ملضاعفة‬ ‫طاقة التحلية‬ ‫أب� ��وظ � �ب� ��ي‪ :‬ق ��ال ��ت «ي ��وت� �ي� �ك ��و ال� �ش ��رق‬ ‫األوس� � � ��ط»‪ ،‬ش ��رك ��ة امل ��راف ��ق ال��وح �ي��دة‬ ‫اململوكة للقطاع الخاص في اإلمارات‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة امل �ت �ح��دة‪ ،‬إن �ه��ا ستستثمر ن�ح��و ‪185‬‬ ‫مليون دوالر لزيادة طاقتها لتحلية املياه ألكثر‬ ‫من مثليها خالل عامني‪ ،‬حيث تأمل في تقليص‬ ‫هيمنة املنافسني الحكوميني‪.‬‬ ‫وم � ��ن امل� �ت ��وق ��ع أن ي �ن �م��و ال �ط �ل ��ب ع �ل ��ى امل �ي ��اه‬ ‫وال�ك�ه��رب��اء ف��ي اإلم ��ارات م��ن ‪ 5‬إل��ى ‪ 6‬ف��ي املائة‬ ‫ً‬ ‫سنويا ف��ي السنوات القليلة املقبلة م��ع زي��ادة‬ ‫السكان والنشاط الصناعي بحسب تقديرات‬ ‫ش��رك��ات امل��راف��ق امل�م�ل��وك��ة ل�ل��دول��ة‪ ،‬ال�ت��ي تسهم‬ ‫بطاقة تحلية املياه وتوليد الكهرباء بأكملها‬ ‫ت�ق��ري�ب��ا ف��ي ال �ب�ل�اد‪ ،‬ت��ارك��ة ل�ـ«ي��وت�ي�ك��و» حصة‬ ‫صغيرة للغاية من السوق‪.‬‬ ‫ولدى «يوتيكو» ‪ 600‬عميل من بينهم شركات‬ ‫صناعية ومشغلو م��وان��ئ وم�ن�ش��آت حكومية‬ ‫باإلمارات الصغيرة في الدولة وفنادق وقصور‬ ‫ومحاجر وكيانات خاصة‪ ،‬لكن طاقتها الحالية‬ ‫تبلغ ‪ 31‬مليون ج��ال��ون ي��وم� ً�ي��ا فقط م��ن املياه‬ ‫امل �ح�ل�اة م��ن ‪ 4‬م �ح �ط��ات ب ��إم ��ارة رأس ال�خ�ي�م��ة‬ ‫الشمالية‪.‬‬

‫هبوط أرباح «إتش إس بي سي» في النصف األول‬ ‫هونغ كونغ ‪ -‬لندن‪ :‬أعلن بنك «إتش إس بي سي» أن صافي أرباحه للنصف األول من العام تراجع ‪ 29‬في املائة لينزل‬ ‫عن التوقعات‪ ،‬بسبب تأثر إيرادات أكبر بنوك أوروبا بتباطؤ النمو االقتصادي في أسواقه الرئيسية في بريطانيا‬ ‫وهونغ كونغ‪.‬‬ ‫وقال البنك في بيان إن األرباح قبل خصم الضرائب في األشهر الستة األولى التي انتهت في يونيو املاضي تراجعت إلى ‪9.7‬‬ ‫مليارات دوالر أميركي‪ ،‬مقارنة مع أرباح الفترة نفسها قبل عام والبالغة ‪ 13.6‬مليار دوالر‪.‬‬

‫«ستاندرد أند بورز» ترفع تقييم‬ ‫تركيا إلى «عالي اخملاطر»‬

‫إسطنبول‪ :‬قالت وكالة «ستاندرد أند‬ ‫ب ��ورز» للتصنيفات االئ�ت�م��ان�ي��ة إنها‬ ‫رف �ع��ت ت�ق�ي�ي�م�ه��ا مل �خ��اط��ر ت��رك �ي��ا إل��ى‬ ‫«عالي املخاطر» من «عالي املخاطر باعتدال»‪،‬‬ ‫وذلك إثر املحاولة االنقالبية الفاشلة في ‪ 15‬و‪16‬‬ ‫يوليو املاضي‪.‬‬ ‫وتأتي الخطوة بعد أن خفضت «ستاندرد أند‬ ‫بورز» تصنيفها للديون السيادية لتركيا إلى‬ ‫نطاق عديمة القيمة وغيرت نظرتها املستقبلية‬ ‫لها إلى «سلبية»‪ ،‬قائلة إن االنقسام السياسي‬ ‫ت�ف��اق��م م�ن��ذ امل �ح��اول��ة االن�ق�لاب�ي��ة ال�ت��ي ق��ام بها‬ ‫فصيل داخل الجيش‪.‬‬ ‫وكانت الوكالة قالت قبل شهرين إن االستقطاب‬ ‫السياسي أدى إلى مزيد من التآكل في الضوابط‬ ‫وال� �ت ��وازن ��ات ف ��ي إش � ��ارة إل ��ى ح�م�ل��ة ال�ت�ط�ه�ي��ر‬ ‫ال�ك��اس �ح��ة ب �ح��ق م��دب��ري االن �ق�ل�اب وداع�م�ي�ه��م‬ ‫بالقضاء والجيش والتعليم والجهاز الحكومي‪.‬‬ ‫وك� ��ان ال��رئ �ي��س ال �ت��رك��ي رج ��ب ط �ي��ب إردوغ � ��ان‬ ‫وبعض الوزراء قد أدانوا قرار خفض التصنيف‪.‬‬

‫عقود النفط اإليرانية ال تزال غير مالئمة لالستثمار‬ ‫فيينا‪ :‬قال الرئيس التنفيذي ملجموعة «أو إم في» النمساوية للطاقة راينر سيلي إن عقود النفط اإليرانية ال‬ ‫تزال غير مالئمة بالنسبة لشركته لالستثمار في مشروعات في إيران التي تأمل في جذب استثمارات أجنبية‬ ‫لتحديث بنيتها التحتية النفطية القديمة‪ .‬ووقعت «أو إم في» في مايو (أيار) املاضي مذكرة تفاهم مع شركة‬ ‫النفط الوطنية اإليرانية بشأن عدة مشروعات بعد ‪ 4‬أشهر من رفع معظم العقوبات الدولية املفروضة على إيران بعدما‬ ‫وافقت على تقليص برنامجها النووي‪ .‬وقال سيلي إن املحادثات حول نموذج عقود للشركات األجنبية لم يحالفها‬ ‫ً‬ ‫النجاح بعد‪ ،‬مضيفا‪« :‬ال يمكننا اتخاذ قرار بشأن االستثمار إال عندما نعرف إطار العمل والشروط بشكل حقيقي»‪.‬‬ ‫وقالت وسائل إعالم رسمية إيرانية إن مجلس الوزراء وافق يوم األربعاء على مسودة عقود جديدة للنفط والغاز تتضمن ‪150‬‬ ‫ً‬ ‫تغييرا عن نموذج العقود السابقة‪.‬‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪77‬‬


‫«القطرية» ترفع حصتها‬ ‫في الشركة املالكة للخطوط‬ ‫البريطانية إلى ‪% 20‬‬ ‫ل�ن��دن‪ :‬رف�ع��ت ال�خ�ط��وط ال�ج��وي��ة القطرية‬ ‫حصتها ف��ي شركة «آي إي��ه ج��ي» املالكة‬ ‫للخطوط الجوية البريطانية بنحو ‪4.34‬‬ ‫في املائة إلى ‪ 20‬في املائة‪ ،‬وقالت إنها ال تنوي زيادة‬ ‫حصتها أكثر‪.‬‬ ‫وبلغت قيمة األسهم التي اشترتها الشركة القطرية‬ ‫نحو ‪ 375‬مليون إسترليني (‪ 496.61‬مليون) فيما‬ ‫وصفته بفرصة شراء مغرية‪.‬‬ ‫وف �ق ��دت أس �ه��م «آي إي ��ه ج ��ي» ن �ح��و رب ��ع قيمتها‬ ‫منذ اقتراع بريطانيا لصالح الخروج من االتحاد‬ ‫األوروبي في يونيو املاضي‪.‬‬ ‫كما انخفضت قيمة الشركات البريطانية بني ‪10‬‬ ‫و‪ 15‬في املائة للمشترين من الخارج نتيجة تراجع‬ ‫قيمة اإلسترليني منذ االستفتاء البريطاني‪.‬‬ ‫وقالت الخطوط الجوية القطرية إنها رفعت حصتها‬ ‫ً‬ ‫تماشيا مع‬ ‫إلى ‪ 20.01‬في املائة من ‪ 15.67‬في املائة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ما أعلنته ً‬ ‫مرارا بشأن نيتها رفع حصتها تدريجيا‪.‬‬ ‫وك��ان أول استثمار ف��ي الشركة ف��ي يناير (كانون‬ ‫الثاني) ‪.2015‬‬ ‫وق� ��ال أك �ب��ر ال �ب��اك��ر ال��رئ �ي��س ال�ت�ن�ف�ي��ذي ل�ل�خ�ط��وط‬ ‫الجوية القطرية‪« :‬القيمة السوقية لواحدة من أكبر‬ ‫مجموعات ش��رك��ات ال�ط�ي��ران ف��ي العالم ف��ي اآلون��ة‬ ‫األخ�ي��رة تتيح م��ا نعتقد أن��ه فرصة مغرية لزيادة‬ ‫حصتنا في (آي إيه جي)»‪.‬‬

‫«تويوتا» تعلن تراجع أرباحها الفصلية‬ ‫طوكيو‪ :‬أعلنت شركة «تويوتا موتور» اليابانية لصناعة السيارات انخفاض أرباحها التشغيلية ‪ 15‬في املائة في‬ ‫الربع األول من السنة املالية التي بدأت في أبريل املاضي‪ ،‬بسبب صعود الني وخفضت توقعاتها ألرباح العام بأكمله‬ ‫وإن كانت نتائجها قد فاقت التوقعات‪ .‬وذكرت أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم من حيث القيمة السوقية أن‬ ‫أرباحها التشغيلية بلغت ‪ 642‬مليار ين (نحو ‪ 6.3‬مليارات دوالر) في الفترة بني أبريل ويونيو املاضيني‪.‬‬ ‫وخفضت «تويوتا» تقديراتها ألرباح التشغيل للسنة بأكملها متوقعة هبوطها ‪ 44‬في املائة عن مستواها قبل عام كما تتوقع‬ ‫الشركة اليابانية تعرضها لضرر أكبر من ارتفاع الني‪.‬‬

‫حيازات أسهم أوروبا للصناديق‬ ‫السيادية ‪ 4‬أمثال ما كان يعتقد‬ ‫لندن‪ :‬أفادت دراسة بأن حيازات صناديق‬ ‫ال�ث��روة السيادية من األسهم أكبر بكثير‬ ‫مما كان يعتقد في السابق‪ ،‬وأنها تعادل‬ ‫ما ال يقل عن ‪ 6‬أو ‪ 7‬في املائة في املتوسط من كبرى‬ ‫الشركات األوروبية املدرجة‪.‬‬ ‫وخلصت الدراسة التي أجرتها «ناسداك كوربريت‬ ‫س��ول��وش�ن��ز» إل��ى أن ب�ع��ض ال�ص�ن��ادي��ق الحكومية‬ ‫الخليجية تملك على األرجح من األسهم األوروبية‬ ‫أربعة أمثال ما تعتقده إدارات الشركات‪.‬‬ ‫ورص � ��دت ال ��دراس ��ة م�ل�ك�ي��ة األس �ه ��م ف ��ي ‪ 20‬ش��رك��ة‬ ‫أوروبية كبرى من ‪ 5‬دول وقطاعات مختلفة‪ .‬وأشار‬ ‫التقرير إلى أن الصناديق‪ ،‬ال سيما الخليجية منها‪،‬‬ ‫تستعني ب�م��دي��ري أص ��ول خ��ارج�ي�ين الس�ت�ث�م��ارات‬ ‫األسهم‪ ،‬مما يخفي حجم حيازاتها األجنبية‪.‬‬ ‫وق��ال امل��دي��ر امل�ش��ارك للخدمات االستشارية في‬ ‫«ن��اس��داك» وأح ��د ك�ت��اب ال�ت�ق��ري��ر س�ك��وت ي��ون��ج‪:‬‬ ‫«ال �ص �ن��ادي��ق ال �س �ي��ادي��ة ت�م�ل��ك أك �ث��ر ب�ك�ث�ي��ر مما‬ ‫تظهره أي بيانات علنية‪ .‬قد تصل ملكيتها إلى‬ ‫‪ 6‬أو ‪ 7‬في املائة على األقل في الشركات األوروبية‬ ‫الكبيرة»‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫نيويورك أكثر مدن العالم ً‬ ‫جذبا لالستثمار العقاري‬ ‫نيويورك‪ :‬انتزعت نيويورك من لندن عرش أكبر املدن العاملية ً‬ ‫جذبا لالستثمارات األجنبية في العقارات التجارية‪ ،‬بسبب‬ ‫املخاوف من أن يقوض تصويت بريطانيا لصالح الخروج من االتحاد األوروبي صورة الدولة كمركز مالي عاملي‪.‬‬ ‫وتشير بيانات بشأن املعامالت العقارية عبر الحدود إلى تزايد قلق املستثمرين قبل االستفتاء الذي أجري في ‪23‬‬ ‫من يونيو املاضي‪ .‬وانخفضت التدفقات الرأسمالية األجنبية على عقارات لندن ‪ 44‬في املائة في الشهور الستة األولى من العام‬ ‫الحالي‪ ،‬مقارنة مع الفترة نفسها في ‪ 2015‬وفقا لبيانات لشركة الوساطة «جونز النج السال»‪.‬‬ ‫وقال صندوق الثروة السيادي النرويجي‪ ،‬أحد أكبر املستثمرين األجانب في بريطانيا‪ ،‬إنه خفض قيمة محفظة عقاراته في‬ ‫اململكة املتحدة ‪ 5‬في املائة بسبب االستفتاء‪.‬‬


‫«املركزي املصري» يغلق ‪ 53‬شركة صرافة بدعوى التالعب‬ ‫شرم الشيخ‪ :‬قال نائب محافظ البنك املركزي املصري جمال‬ ‫نجم إنه تم إغالق ‪ 53‬شركة صرافة منذ بداية العام لتالعبها‬ ‫في أسعار بيع العملة الصعبة ومخالفات أخرى‪.‬‬ ‫ويأتي تحرك املركزي بعد القفزات الكبيرة التي شهدها سعر الدوالر‬ ‫في السوق املوازية خالل األشهر القليلة املاضية ليبلغ مستوى ‪13.50‬‬ ‫ً‬ ‫جنيها في يوليو (تموز) املاضي قبل أن يتراجع إلى مستويات أقل‪.‬‬ ‫وقال نجم للصحافيني على هامش مؤتمر مصرفي في شرم الشيخ‪:‬‬ ‫«عدد شركات الصرافة التي تم إغالقها منذ بداية العام وحتى اآلن‬ ‫ً‬ ‫نهائيا و‪ 27‬شركة تم إغالقها ما‬ ‫‪ 53‬شركة منها ‪ 26‬شركة تم إغالقها‬ ‫بني ‪ 3‬أشهر وعام»‪.‬‬ ‫وواف��ق مجلس النواب املصري في وق��ت سابق على مشروع قانون‬ ‫لتغليظ العقوبة على من يتعاملون في العملة األجنبية خارج القنوات‬ ‫الرسمية‪ ،‬وذلك في تصعيد لحملة البنك املركزي على السوق السوداء‬ ‫التي يقول إنها تزعزع استقرار العملة املحلية‪.‬وتتضمن التعديالت‬ ‫تغليظ العقوبات على من يخالفون القانون لتشمل الحبس ملدة ال‬ ‫تقل عن ‪ 6‬أشهر وال تزيد عن ‪ 3‬سنوات وغرامة تتراوح بني مليون و‪5‬‬ ‫ماليني جنيه (بني ‪ 115‬ألفا و‪ 565‬ألف دوالر)‪.‬وتمنح التعديالت ملحافظ‬ ‫البنك املركزي سلطة تعليق ترخيص أي شركة للصرافة ملدة عام عالوة‬ ‫على فرض غرامة مماثلة في حالة مخالفة القواعد‪ .‬ويكون للبنك في‬ ‫حال تكرار املخالفة الحق في إلغاء ترخيص الشركة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مرتفعا بشكل مصطنع منذ خفض‬ ‫ويبقي البنك املركزي على الجنيه‬ ‫قيمة العملة في مارس (آذار) املاضي إلى ‪ 8.78‬للدوالر من ‪ 7.73‬وأعلن‬ ‫عن سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف‪.‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪75‬‬


‫إيطاليا تغرم «فولكس‬ ‫فاغن» ‪ 5.5‬مليار دوالر‬ ‫بسبب االنبعاثات‬

‫«أرامكو» السعودية تعني رئيس صندوق سيادي ً‬ ‫عضوا بمجلس اإلدارة‬ ‫الخبر‪ :‬عينت شركة النفط الوطنية العمالقة أرامكو السعودية ياسر الرميان املدير‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عضوا بمجلس اإلدارة في‬ ‫وهو التنفيذي ألكبر صندوق للثروة السيادية في اململكة‪،‬‬ ‫مؤشر على أن املؤسستني تعتزمان التعاون عن كثب إلعادة هيكلة االقتصاد في حقبة‬ ‫أسعار النفط املنخفضة‪ .‬وحدثت أرامكو موقعها اإللكتروني ليظهر الرميان كعضو جديد بمجلس‬ ‫ً‬ ‫تفسيرا لهذا التغيير‪.‬‬ ‫اإلدارة‪ ،‬لكنها لم تقدم‬ ‫ويرأس الرميان صندوق االستثمارات العامة الذي تستهدف الحكومة زيادة حجمه إلى تريليوني‬ ‫دوالر كي يستثمر في الخارج ويساعد في توسعة القطاعات غير النفطية باململكة‪.‬‬ ‫وباعتبارها أكبر شركة سعودية تضطلع أرامكو بدور رئيسي في الخطة االقتصادية‪ ،‬إذ توفر‬ ‫األموال والخبرة وتدريب العمال لتطوير قطاعات مثل بناء السفن‪.‬‬

‫تونس تصدر سندات بقيمة ‪ 500‬مليون دوالر بضمان أميركي‬ ‫واشنطن‪ :‬قالت وزارة الخزانة األميركية إن تونس أصدرت سندات سيادية بقيمة ‪500‬‬ ‫مليون دوالر بضمان كامل من الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وأضافت الوزارة في بيان‪« :‬ضمان القرض يدعم تونس مع مضيها قدما في إصالحات‬ ‫اقتصادية مهمة من أجل بناء أساس لنمو اقتصادي قوي ويعزز في الوقت نفسه قدرة الدولة على‬ ‫الوصول إلى أسواق رأس املال العاملية»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقالت الوزارة إن ًالواليات املتحدة كانت قد قدمت أيضا ضمانات لسندات تونسية في ‪ 2012‬و‪.2014‬‬ ‫وذكرت الوزارة أيضا أن عائد كوبون السندات البالغ أجلها ‪ 5‬سنوات يبلغ ‪ 1.416‬في املائة‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫روم��ا‪ :‬قالت هيئة مكافحة االحتكار‬ ‫اإليطالية إنها غرمت «فولكس فاغن»‬ ‫األملانية لصناعة السيارات ‪ 5‬مليارات‬ ‫ي��ورو (‪ 5.54‬مليار دوالر) بسبب تضليل‬ ‫م �ش �ت��ري ال� �س� �ي ��ارات ف �ي �م��ا ي�ت�ع�ل��ق ب�ن�ت��ائ��ج‬ ‫انبعاثات الديزل‪.‬‬ ‫وقالت الهيئة الرقابية اإليطالية إنها ستفرض‬ ‫أعلى غرامة ممكنة على «فولكس فاغن» التي‬ ‫ق��ال��ت إن�ه��ا س��وق��ت س �ي��ارات تعمل بالديزل‬ ‫خ �ض �ع��ت الخ� �ت� �ب ��ارات االن �ب �ع ��اث ��ات امل �ل��وث��ة‬ ‫ب��اس �ت �خ��دام ت�ط�ب�ي��ق ب��رم �ج��ي أع �ط��ى ن�ت��ائ��ج‬ ‫متدنية بشكل مصطنع‪.‬‬ ‫وت� �م ��ر أض� �خ ��م ش ��رك ��ة أوروب � �ي� ��ة ل�ص�ن��اع��ة‬ ‫السيارات بأكبر فضيحة لها على اإلطالق‬ ‫وت ��واج ��ه ت�ح�ق�ي�ق��ات ج �ن��ائ �ي��ة ف ��ي ال ��والي ��ات‬ ‫املتحدة وكوريا الجنوبية ودول أخرى بشأن‬ ‫مزاعم أنها غشت في مثل تلك االختبارات‪.‬‬

‫الصني تبدي استعدادها‬ ‫لبحث اتفاقية تجارة حرة مع بريطانيا‬ ‫ب � �ك�ي��ن‪ :‬ق ��ال ��ت‬ ‫وزارة التجارة‬ ‫ال �ص �ي �ن �ي��ة إن‬ ‫ال �ص�ين منفتحة على‬ ‫توقيع اتفاقية تجارة‬ ‫ح � � ��رة م � ��ع ب ��ري �ط ��ان �ي ��ا‬ ‫وم�س�ت�ع��دة ل��دراس�ت�ه��ا‪.‬‬ ‫وب� � � � � �ع � � � � ��د ت � � �ص� � ��وي� � ��ت‬ ‫البريطانيني في يونيو املاضي لصالح خروج بالدهم من االتحاد األوروبي‪،‬‬ ‫اضطرت بريطانيا إلى إعادة النظر في روابطها مع بقية العالم بعدما ظلت‬ ‫لعقود تتفاوض على اتفاقاتها التجارية من خالل االتحاد األوروب��ي‪ ،‬لكن‬ ‫إبرام صفقات جديدة قد يكون صعبا في الوقت الذي تتغير فيه عالقتها‬ ‫مع االتحاد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إيجابيا‬ ‫تلميحا‬ ‫وأبدى املتحدث باسم وزارة التجارة الصينية شني دانيانغ‬ ‫ً‬ ‫ح�ي��ال م��وق��ف ال�ص�ين م��ن إب��رام اتفاقية ت�ج��ارة ح��رة م��ع بريطانيا‪ ،‬ق��ائ�لا‪:‬‬ ‫«الصني مستعدة إلقامة تعاون في مجالي التجارة واألعمال‪ ،‬وهي منفتحة‬ ‫على مناقشة وتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع بريطانيا ومستعدة لدراسة‬ ‫ذلك معها»‪ .‬وتواجه العالقات بني الدولتني اختبارا بعد قرار رئيسة وزراء‬ ‫بريطانيا الجديدة تيريزا ماي إعادة النظر في محطة كهرباء رئيسية تعمل‬ ‫بالطاقة النووية من املفترض أن تساهم الصني في االستثمار فيها‪.‬‬


‫مؤسسة النقد السعودية تؤكد‬ ‫التزامها بسياسة سعر الصرف الحالية‬ ‫ال � � ��دوح � � ��ة‪ :‬أك � � ��د م� �ح ��اف ��ظ م��ؤس �س��ة‬ ‫ال�ن�ق��د ال�ع��رب��ي ال�س�ع��ودي (البنك‬ ‫امل� ��رك� ��زي) أح �م ��د ال �خ �ل �ي �ف��ي أن‬ ‫اململكة ملتزمة باإلبقاء على ربط الريال‬ ‫بالدوالر األميركي وأن لديها «األدوات‬ ‫الكافية» ل��دع��م سياسة سعر الصرف‬ ‫الحالية‪ .‬وقالت املؤسسة في بيان على‬ ‫م��وق�ع�ه��ا اإلل �ك �ت��رون��ي‪« :‬ص ��رح م�ح��اف��ظ‬ ‫مؤسسة النقد العربي السعودي أنه إشارة‬ ‫إل��ى م��ا تناقلته بعض وس��ائ��ل اإلع�ل�ام حول‬ ‫سياسة سعر صرف الريال‪ ،‬فإن املؤسسة تؤكد التزامها باستمرار‬ ‫سياسة سعر صرف الريال الحالية عند ‪ 3.75‬مقابل الدوالر األميركي»‪.‬‬ ‫وأض ��اف‪« :‬امل�ض��ارب��ات ال�ت��ي ت�ح��دث على ال��ري��ال ب�ين وق��ت وآخ��ر في‬ ‫ال�س��وق اآلج��ل مصدرها تكهنات غير دقيقة‪ ،‬وس�ب��ق للمؤسسة أن‬ ‫أكدت في مناسبات مختلفة االستمرار في سياسة سعر صرف الريال‬ ‫الحالي‪ ،‬وأن لديها األدوات الكافية لدعم سعر صرف الريال‪ .‬إن سياسة‬ ‫سعر الصرف الثابت واملتبعة منذ أكثر من ‪ 3‬عقود كانت وال تزال رافدا‬ ‫ً‬ ‫مهما لدعم اقتصاد اململكة»‪ .‬وتشير أسعار الصرف في أسواق العقود‬ ‫اآلجلة في الداخل والخارج إلى أن معظم ذلك الضغط الذي وقع على‬ ‫العملة في بداية العام تالشى‪ .‬وتشير التعامالت اآلجلة في األسواق‬ ‫ً‬ ‫الخارجية إلى انخفاض لقيمة الريال بنسبة تزيد قليال عن واحد في‬ ‫املائة فقط أمام الدوالر في األشهر االثني عشر املقبلة‪.‬‬

‫الكويت ترفع أسعار البنزين‬ ‫الكويت‪ :‬قرر مجلس الوزراء الكويتي رفع أسعار‬ ‫البنزين في البلد العربي الخليجي الغني بموارد‬ ‫ً‬ ‫اعتبارا من مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي‪.‬‬ ‫الطاقة‪،‬‬ ‫وقالت وكالة األنباء الكويتية (كونا) إن��ه تقرر أن تكون‬ ‫أسعار البنزين الجديدة لفئة البنزين املمتاز ‪ً 85‬‬ ‫فلسا (‪28‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بدال من ‪ً 60‬‬ ‫فلسا‪ ،‬والخصوصي ‪ 105‬فلوس‬ ‫سنتا) للتر‬ ‫فلسا من ‪ً 95‬‬ ‫فلسا‪ ،‬واأللترا ‪ً 165‬‬ ‫من ‪ً 65‬‬ ‫فلسا‪.‬‬ ‫ويأتي هذا في إطار خطوات تهدف لتقليص الدعم ضمن‬ ‫خطة متوسطة املدى اعتمدتها الحكومة الكويتية ملواجهة‬ ‫هبوط أسعار النفط الذي يسهم بأكثر من ‪ 90‬في املائة‬ ‫من موارد امليزانية العامة للدولة‪.‬‬ ‫وق��ال مجلس ال��وزراء إن الكويت «ه��ي آخ��ر دول مجلس‬ ‫ال�ت�ع��اون الخليجي ف��ي إع ��ادة هيكلة أس �ع��ار ال�ب�ن��زي��ن»‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مضيفا أن «أسعار البنزين في الكويت بعد إجراء التعديل‬ ‫س��وف تبقى م��ن ب�ين األدن ��ى ف��ي دول مجلس ال�ت�ع��اون‬ ‫ً‬ ‫وعامليا»‪.‬‬ ‫وقال املتحدث باسم شركة البترول الوطنية الكويتية خالد‬ ‫العسعوسي إن القرار لن يؤثر على الشركة ألنه يتعلق‬ ‫بتخفيض دعم الوقود‪ ،‬وهو أمر تختص به وزارة املالية‪.‬‬ ‫وت�ق��وم شركة البترول الوطنية الكويتية الحكومية من‬ ‫خالل مصافيها الثالث بتكرير النفط الكويتي وتحويله‬ ‫إلى منتجات‪ ،‬من ضمنها البنزين‪.‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪73‬‬


‫السعودية تسمح للمؤسسات‬ ‫األجنبية بشراء األسهم‬ ‫في عمليات الطرح األولي‬ ‫ال � � ��ري � � ��اض‪ :‬س� �ت� �س� �م ��ح ال� �س� �ع ��ودي ��ة‬ ‫للمستثمرين األجانب من املؤسسات‬ ‫بشراء األسهم مباشرة في عمليات‬ ‫ال �ط��رح ال �ع��ام األول� ��ي ف��ي خ �ط��وة ق��د تساعد‬ ‫ال� �ح� �ك ��وم ��ة ع� �ل ��ى ب� �ي ��ع ح� �ص ��ص ب �م �ل �ي ��ارات‬ ‫ال� � � ��دوالرات ف ��ي ش ��رك ��ات م �ث��ل ع �م�ل�اق ال�ن�ف��ط‬ ‫أرامكو السعودية‪.‬‬ ‫وي�ب��دأ تنفيذ ال�ق��واع��د ال�ج��دي��دة ال�ت��ي أعلنتها‬ ‫هيئة السوق املالية مطلع العام املقبل‪ ،‬وتتضمن‬ ‫إدراج املستثمرين األجانب املؤهلني ضمن فئات‬ ‫املؤسسات املسموح لها باملشاركة في عملية‬ ‫ب�ن��اء س�ج��ل أوام ��ر االك�ت�ت��اب ال�ت��ي يستخدمها‬ ‫م �ت �ع �ه��دو ال �ت �غ �ط �ي��ة ف ��ي ت�س�ع�ي��ر وت�خ�ص�ي��ص‬ ‫األسهم بعمليات الطرح العام األولي‪.‬‬ ‫ك��ان��ت هيئة ال �س��وق ق��ال��ت ف��ي وق��ت س��اب��ق إن��ه‬ ‫سيسمح للمستثمرين م��ن امل��ؤس�س��ات بشراء‬ ‫األسهم مباشرة في عمليات الطرح العام األولي‬ ‫ف�ق��ط ع�ل��ى أس ��اس ك��ل ح��ال��ة ع�ل��ى ح ��دة‪ ،‬لكنهم‬ ‫ق��د ي �ش��ارك��ون م �ب��اش��رة م��ن خ�ل�ال ق �ن��وات مثل‬ ‫صناديق الطرح العام األولي املحلية‪.‬‬ ‫وبموجب إصالحات اقتصادية كاسحة أعلنت‬ ‫ه��ذا العام وتهدف إل��ى الحد من اعتماد اململكة‬ ‫على إي��رادات ص��ادرات النفط‪ ،‬تخطط الحكومة‬ ‫ف��ي األع � ��وام امل�ق�ب�ل��ة ل �ط��رح أس �ه��م ف��ي مجموعة‬ ‫ك�ب�ي��رة م��ن ال�ش��رك��ات م��ن بينها م��ا ي�ص��ل إل��ى ‪5‬‬ ‫في املائة من أسهم أرامكو التي قد تبلغ قيمتها‬ ‫عشرات املليارات من الدوالرات‪.‬‬

‫تراجع عدد الليالي السياحية‬ ‫الفرنسية ‪% 10‬‬ ‫باريس‪ :‬قال وزير السياحة الفرنسي ماتياس‬ ‫فيكل إن ع��دد الليالي ال�ت��ي قضاها السياح‬ ‫األجانب في الفنادق الفرنسية تراجع ‪ 10‬في‬ ‫املائة في يوليو املاضي‪ ،‬مقارنة مع الفترة نفسها من‬ ‫العام املاضي‪ ،‬بسبب الهجمات التي شنها تنظيم داعش‬ ‫اإلرهابي في الفترة األخيرة‪.‬‬ ‫وعانت السياحة الفرنسية‪ ،‬وهي محرك مهم لالقتصاد‪،‬‬ ‫منذ قتل مسلحون تابعون لتنظيم داعش اإلرهابي ‪130‬‬ ‫ً‬ ‫شخصا في هجوم بباريس العام املاضي‪ .‬وتلقى القطاع‬ ‫ضربات أخرى في يوليو عندما قتل عنصر من «داعش»‬ ‫ً‬ ‫شخصا بأن صدم بشاحنة حشودا في مدينة نيس‬ ‫‪85‬‬ ‫بمنطقة الريفيرا‪ .‬بعد ذلك بأسبوعني قتل رجالن قسا‬ ‫في بلدة صغيرة بنورماندي‪.‬‬ ‫وقال الوزير ماتياس فيكل في مقابلة مع صحيفة «لو‬ ‫جورنال دو ديمانش» إن الهجمات أثنت بشكل خاص‬ ‫الزائرين األثرياء من الواليات املتحدة وآسيا والخليج‪.‬‬ ‫وقال إن السياح القادمني من دول أوروبية أخرى الذين‬ ‫يشكلون نحو ‪ 80‬في املائة من الزائرين ما‬زالوا يتوافدون‬ ‫على فرنسا‪ ‬‬‬.‬وأبلغ الصحيفة أن األشهر الستة األولى من‬ ‫ً‬ ‫العام شهدت أيضا تراجع عدد الليالي السياحية ‪ 10‬في‬ ‫املائة على أساس سنوي‪.‬‬

‫تراجع البطالة املغربية‬

‫الخطوط التركية تخسر ‪224‬‬ ‫مليون دوالر في الربع الثاني‬ ‫إس �ط �ن �ب��ول‪ :‬س�ج�ل��ت ش��رك��ة ال�خ�ط��وط‬ ‫ال �ج��وي��ة ال�ت��رك�ي��ة خ �س��ارة ب�ل�غ��ت ‪656‬‬ ‫مليون ليرة (‪ 224.02‬مليون دوالر) في‬ ‫الربع الثاني من العام الحالي‪ ،‬مقارنة مع ربح‬ ‫صاف قدره ‪ 661‬مليون ليرة في الفترة نفسها‬ ‫من العام املاضي‪.‬‬ ‫وقالت الشركة في بيان إلى بورصة إسطنبول‬ ‫إن مبيعاتها في الربع الثاني ارتفعت إلى ‪7.1‬‬ ‫مليار ليرة من ‪ 6.8‬مليار في الربع الثاني من‬ ‫‪.2015‬‬ ‫وعدلت الخطوط الجوية التركية الرقم املستهدف‬ ‫لعدد الركاب في نهاية العام بالخفض إلى ‪63.4‬‬ ‫مليون راكب من ‪ 72.4‬مليون‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ال��رب��اط‪ :‬أظ �ه��رت األرق� ��ام ال��رس�م�ي��ة ت��راج��ع معدل‬ ‫البطالة في املغرب إلى ‪ 8.6‬في املائة في الربع الثاني‬ ‫من العام الحالي مقارنة مع ‪ 8.7‬في املائة في الفترة‬ ‫ذاتها قبل عام مع تركز نمو التوظيف في قطاعي اإلنشاءات‬ ‫والخدمات‪.‬‬ ‫وق��ال��ت املندوبية السامية للتخطيط إن قطاعات الخدمات‬ ‫وال�ب�ن��اء والصناعة أض��اف��ت ‪ 149‬أل��ف وظيفة ج��دي��دة‪ ،‬مما‬

‫ساعد في تعويض فقد ‪ 175‬ألف وظيفة في القطاع الزراعي‬ ‫من جراء الجفاف الحاد‪ .‬وتتوقع الحكومة تراجع محصول‬ ‫تراجعا ً‬ ‫ً‬ ‫حادا بعد محصول قياسي العام‬ ‫الحبوب في ‪2016‬‬ ‫املاضي بلغ ‪ 11‬مليون طن‪ ،‬وذلك بسبب الطقس السيئ‪ ،‬ومن‬ ‫املتوقع فقدان مزيد من الوظائف بالقطاع الزراعي في ‪.2016‬‬ ‫وتفرض متاعب القطاع ضغوطا إضافية على حكومة املغرب‬ ‫التي تواجه بالفعل احتجاجات على إجراءات التقشف‪.‬‬


‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪71‬‬


‫ميركل تستضيف «اليوم املفتوح» في برلني‬ ‫صورة سيلفي ملواطن أملاني مع املستشارة األملانية أنجيال ميركل خالل يوم‬ ‫مفتوح يقام سنويا عقد في ‪ 28‬أغسطس ‪ 2016‬في برلني (غيتي)‬

‫‪70‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬


‫> اخملرج اإليراني نيما سرفستاني‪ :‬أسعى إلى توثيق جرائم النظام اإليراني وتدويل‬ ‫قضية شعب يعايش املوت وطرحها في محكمة دولية تقاصص النظام اجملرم الذي حرم‬ ‫أمي من احتضان أخي رستم وحرم أمهات إيران من العيش في أمان‬

‫املخرج اإليراني سرفستاني أمام مقبرة أخيه رستم (املجلة)‬

‫السني‪ ،‬وتتهمهم بأنهم وهابيون وسلفيون جهاديون‪ ،‬وهذا‬ ‫مخالف ملذهبهم‪ ،‬وهناك اتهام بأنهم تجار ومهربو مخدرات»‪،‬‬ ‫مضيفا أن��ه «كثيرا ما تتهمهم بأنهم ينتمون إل��ى جماعات‬ ‫وم�ن�ظ�م��ات إره��اب�ي��ة كجماعة ج�ي��ش ال �ع��دل وج�ي��ش النصر‬ ‫والفرقان»‪ .‬ويشير البلوشي إلى أن أغلب اإلعدامات تتم في‬ ‫السجون السرية‪ ،‬وبعضها تتم في الساحات العامة أمام املأل‪،‬‬ ‫وال توجد محاكم مدنية محايدة‪ ،‬فبالتالي السجان واملسؤولون‬ ‫املعنيون في جهاز األمن الداخلي (باسيج) ومن أفراد الحرس‬ ‫الثوري هم من يقررون‪ ،‬طبعا بعد التعذيب وتشويه أجسادهم‪،‬‬ ‫يتم تنفيذ الحكم وأحيانا يتم تسليم الرفات»‪.‬‬ ‫ويكشف أنه «عاد يتم إخافة ذوي الضحايا خاصة من السجناء‬ ‫السياسيني‪ ،‬ويتم إسكاتهم عن طريقة اإلعدامات التي نفذت‬

‫بحق أبنائها‪ ،‬وأنه في حال كشفهم ذلك سيكون مصيرهم‬ ‫مصير م��ن سبقوهم م��ن ذوي�ه��م‪ ،‬ه��ذا منتشر بشكل ع��ام‪،‬‬ ‫وهناك منظمات وأحزاب موجودة خارج إيران وخصوصا في‬ ‫أوروبا تعمل جاهدة لتوصيل صوت الضحايا إلى منظمات‬ ‫دولية لحقوق اإلنسان وبالخصوص في سويسرا وبريطانيا»‪.‬‬

‫تحدي املوت‬ ‫وكل ما سلف جعل إيران في املركز الثاني عامليا‪ ،‬من حيث‬ ‫عدد حاالت اإلعدام حول العالم‪ ،‬واألولى بحسب نسبة السكان‪،‬‬ ‫واستمرار النظام في نهجه اإلجرامي جعل نيما سرفستاني‬ ‫واآلالف مثله من اإليرانيني من ذوي ضحايا املجازر اإليرانية‬

‫بحق السياسيني يواجهون التعتيم والتكتيم‪ ،‬وصمت املجتمع‬ ‫الدولي‪ ،‬وعدم مواجهة النظام ألي رد فعل دولي أرسل رسالة‬ ‫أدركها نظام املاللي جيدا‪ ،‬وهي أن باستطاعته ارتكاب الجرائم‬ ‫بأبشع وأفظع الطرق وعدم املحاسبة تجاهها‪.‬‬ ‫«النظام قد َّ‬ ‫جرب عدم جدية املجتمع الدولي في محاسبته‬ ‫حيال أي انتهاكات وخ��روق للقوانني الدولية‪ ،‬ألنه رأى‬ ‫ّأن بعد ارتكاب املجازر بحق آالف السجناء السياسيني‬ ‫لم يثر معارضة قوية وإدانة دولية جادة‪ ،‬مع أن جميع‬ ‫املتورطني في هذا الجريمة الكبرى ال يزالون يتربعون على‬ ‫املناصب القيادية في النظام‪ ،‬وجميع كبار املسؤولني في‬ ‫السلطة القضائية هم الذين كانوا متورطني مباشرة في‬ ‫هذه الجريمة»‪ ،‬والكالم لنيما سرفستاني‪ .‬سرفستاني‬ ‫خاطر وتسلل إلى إيران‪ ،‬وأجرى حوارا في عام ‪2005‬‬ ‫م��ع حسني علي منتظري‪ ،‬رج��ل ال��دي��ن امل�ع��روف ال��ذي‬ ‫انتخب نائبا للولي الفقيه بعد ال�ث��ورة‪ ،‬ولكن ت��م عزله‬ ‫بسبب معارضته لإلعدامات في إيران عام ‪ ،1988‬وفي‬ ‫عام ‪ 1999‬حكم عليه باإلقامة الجبرية في منزله بمدينة‬ ‫قم اإليرانية‪ ،‬بسبب نقده الالذع للمرشد الحالي إلى أن‬ ‫رفعت عنه بعد خمسة أعوام‪.‬‬ ‫ونجح سرفستاني في توثيق بعض من جرائم النظام من‬ ‫خالل فيلم وثائقي تحت عنوان «أولئك الذين قالوا ال للماللي»‪،‬‬ ‫الذي وثق الجرائم التي ارتكبها النظام في إي��ران بعد إعالن‬ ‫قيام الجمهورية اإلسالمية عام ‪ 1979‬وفتوى الخميني حول‬ ‫إع��دام عشرات آالف النشطاء السياسيني في السجون إبان‬ ‫الثمانينات من القرن املاضي‪.‬‬ ‫وصور في ظروف بالغة الخطورة‪ ،‬حيث استطاع أن يصور‬ ‫شهادة أحد الرجال في مقبرة خ��اوران حول مشاركته في‬ ‫طمر رفات ضحايا إعدامات ‪.1988‬‬ ‫ويختم املخرج اإليراني نيما سرفستاني حواره مع «املجلة»‪،‬‬ ‫في مساعيه إلى توثيق جرائم هذا النظام وتدويل قضية‬ ‫شعب يعايش املوت وطرحها في محكمة دولية تقاصص‬ ‫النظام املجرم ال��ذي ح��رم أم��ي من احتضان رستم وحرم‬ ‫أمهات إي��ران من العيش بسعادة‪ .‬ويذكر أن الفيلم أحرز‬ ‫الجائزة األولى في مهرجان براغ الوثائقي لحقوق اإلنسان‬ ‫الذي أقيم خالل الشهر الحالي‪ .‬ويتضمن «أولئك الذين قالوا‬ ‫ال للماللي» إفادات ‪ 25‬شاهدا رئيسيا ممن سجنوا وعذبوا‪،‬‬ ‫وم�م��ن ف�ق��د أق��ارب �ه��م ف��ي مسلسل ال�ت�ع��ذي��ب واإلع ��دام ��ات‪،‬‬ ‫واختيرت هذه الشهادات من بني مائة شهادة أخ��رى‪ .‬كما‬ ‫يعرض الفيلم وثيقة «الفتوى السرية» التي أصدرها الخميني‬ ‫بخط يده‪ ،‬وقضت بإعدام املتهمني املصنفني بأعداء الله‪.‬‬ ‫ويرصد الفيلم مصائر الذين أشرفوا على إجراءات التحقيق‬ ‫وتنفيذ عمليات اإلعدام‪ ،‬ويقوم بتعقب البعض منهم بالكاميرا‪،‬‬ ‫فنكتشف أن�ه��م ت��رق��وا ف��ي م��راك��ز ال�ح�ك��م‪ ،‬ويشغلون حاليا‬ ‫مناصب رفيعة‪ ،‬حتى إن أحدهم مثل بالده في مؤتمر لحقوق‬ ‫اإلنسان في طوكيو<‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪69‬‬


‫> السلطات اإليرانية قامت بإعدام الشاعر األحوازي هاشم شعباني واملعلم األحوازي‬ ‫هاشم راشدي في العام ‪ 2014‬بتهمة القيام بأعمال عنف بينما كانا ناشطني بمنظمة‬ ‫الحوار الثقافية في مدينة الخلفية شرق إقليم عربستان األحواز‬ ‫الكرد واألحوازيني والبلوش‪ ،‬ما تعتبره الحركات التحريرية‬ ‫لهذه الشعوب جزءا من املمارسات القائمة على القمع والتنكيل‬ ‫ومحاوالت إخضاع الشعوب للنظام الجائر‪.‬‬ ‫ال �ب��اح��ث وال �ك��ات��ب األح� � ��وازي ي��وس��ف ع��زي��زي ب �ن��ي ط��رف‪،‬‬ ‫وفي ح��وار مع «املجلة» يؤكد أن «العقوبات التي تطبق على‬ ‫األحوازيني والكرد والبلوش هي أشد من ما يطبق على الفرس‬ ‫لتهم مماثلة‪ ،‬تستخدم السلطات اإليرانية ذرائع مختلفة مثل‬ ‫أنشطة راديكالية أو أعمال مسلحة ملجموعات خاصة‪ ،‬لتتهم‬ ‫بتلك الجرائم عدة مجموعات أخرى تعمل في مجال سلمي‬ ‫دعوي أو سياسي أو ثقافي‪ ،‬وهذا ما شاهدناه في عملية إعدام‬ ‫الداعية الكردي شهرام أحمدي ال��ذي أع��دم مع رفاقه مؤخرا‬ ‫ف��ي إي ��ران‪ ،‬أو م��ا ش��اه��دن��اه سابقا م��ن إع ��دام بحق الشاعر‬ ‫األحوازي هاشم شعباني‪ ،‬واملعلم األحوازي هاشم راشدي‪،‬‬ ‫حيث قامت السلطات اإلي��ران�ي��ة بإعدامهما ف��ي ال�ع��ام ‪2014‬‬ ‫بتهمة القيام بأعمال عنف فيما كانا ناشطان ثقافيان يعمالن‬ ‫في إطار منظمة الحوار الثقافية في مدينة الخلفية شرق إقليم‬ ‫عربستان األحواز»‪.‬‬ ‫ويكشف قائال‪« :‬إذا كانت إيران األول في عدد اإلعدامات في‬ ‫العالم‪ ،‬ف��إن إقليمي كردستان وعربستان ُي�ع��دان األول في‬ ‫عدد املعدومني سنويا في إيران بعد العاصمة طهران طبعا‪،‬‬ ‫يليهما إقليم بلوشستان ذات األغلبية السنية»‪ ،‬مستأنفا‪:‬‬ ‫«الشعب العربي األح��وازي يتعرض لعمليات تطهير عرقي‬ ‫ثقافي وسياسي‪ ،‬بل جسدي منذ الحكم امللكي وحتى الحكم‬ ‫اإلسالمي الحالي‪ .‬فعالوة على التصفيات الجسدية خارج‬ ‫السجون‪ ،‬التي تتم بسبب ح��وادث سيارات مصطنعة يقتل‬ ‫فيها نشطاء عرب‪ ،‬هناك نشطاء يتم اغتيالهم تحت التعذيب‬ ‫في السجون أو بالتسمم وما شابه ذلك من اغتياالت لم يبق‬ ‫فيها أثر مشهود للقتلة»‪.‬‬ ‫ويعتبر أن «اإلع��دام في الساحات العامة سياسة ينتهجها‬ ‫النظام االستبدادي في إيران لترهيب الناس وخاصة الشعوب‬ ‫غير الفارسية»‪ ،‬منوها إلى أن «قمع النظام املستمر للشعوب‬ ‫اإليرانية وأه��ل السنة واألقليات الدينية واملذهبية األخ��رى‪،‬‬ ‫وارتكاب املجازر بحق املعارضني منها إع��دام نحو ‪ 33‬ألفا‬ ‫و‪ 700‬شخص ف��ي ع��ام ‪ 1988‬حسب م��ا ذك��ره رض��ا ملك‪،‬‬ ‫النائب السابق ل��وزارة االستخبارات اإلي��ران�ي��ة‪ ،‬ال��ذي قضى‬ ‫عدة سنوات في السجن ويقيم حاليا في طهران‪ ،‬فيما يذكر‬ ‫املنتظري عدد ضحايا مذبحة السجون هذه ب�ـ‪ 3000‬قتيل‪،‬‬ ‫وه�ن��اك إح �ص��اءات أخ��رى ت�ت��أرج��ح ب�ين ‪ 5000‬إل��ى ‪ 31‬ألف‬ ‫ُ‬ ‫شخص‪ ،‬وتعد إيران األولى دوليا في عدد اإلعدامات قياسا‬ ‫تنتم‬ ‫لنسمتها‪ ،‬وه��ي مستمرة ف��ي ه��ذا األم��ر م��ا دام��ت ل��م ِ‬ ‫أخالقيا إلى األس��رة الدولية ولم تلتزم بالقوانني واملعاهدات‬ ‫الدولية التي وقعتها بشأن حقوق اإلنسان‪ ،‬وسوف يستمر‬ ‫النظام اإليراني بسياساته هذه ما دام يحكمه رج��ال الدين‬ ‫وحلفائهم من الحرس الثوري‪ ،‬ولم يردعه رادع على املستوى‬ ‫الدولي»‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫يعبر بني طرف عن رأيه باإلصالحيني قائال‪« :‬هم ولدوا من رحم‬ ‫هذا النظام‪ ،‬في حقبة الثمانينات لم يكن شيء اسمه إصالحي‬ ‫ومحافظ‪ ،‬ب��ل ك��ان ال�ص��راع ب�ين ال�ق��وى اليسارية والليبرالية‬ ‫املعارضة من جهة والنظام الديني الشمولي من جهة أخرى‪،‬‬ ‫حيث كان اإلصالحيون جزءا ال يتجزأ من الهيئة الحاكمة في‬ ‫إيران‪ ،‬وقد كان سعيد حجاريان منظر اإلصالحات في عهد‬ ‫خاتمي (‪ )2005 - 1997‬من مؤسسي وزارة االستخبارات‪،‬‬ ‫وأول نائب لوزيرها عند تأسيسها في العام ‪ ،1983‬كما كان‬ ‫محمد خاتمي الذي أصبح رئيسا للجمهورية في ‪ 1997‬وزيرا‬ ‫في عهد هاشمي رفسنجاني (‪ ،)1997 - 1989‬ويمكن أن‬ ‫أشير إلى العشرات من اإلصالحيني املشاركني في عمليات‬ ‫القمع التي طالت املعارضة في الثمانينات من القرن املاضي ‪-‬‬ ‫وعلى رأسها مجزرة السجون في العام ‪ - 1988‬الذين أصبحوا‬ ‫فيما بعد وزراء ومسؤولني كبارا في عهد خاتمي وكذلك في‬ ‫عهد حسن روحاني»‪.‬‬ ‫ويستدرك أن «القليل منهم مثل مصطفى ت��اج زادة ‪ -‬نائب‬ ‫وزارة الداخلية في عهد خاتمي ‪ -‬طالب النظام اإليراني مؤخرا‬ ‫ب��االع�ت��ذار ع��ن أس��ر ضحايا امل�ج��زرة وإع ��ادة االع�ت�ب��ار لهم‪،‬‬ ‫غير أن املتشددين وبعض املعتدلني مثل أحفاد الخميني لم‬ ‫يستجيبوا لهذا الطلب‪ ،‬بل أكدوا على صواب ما قام به الخميني‬ ‫واملسؤولون آنذاك من مجازر وإعدامات في السجون اإليرانية‬ ‫حتى ض��د ال��ذي��ن ك��ان��وا يقضون ف�ت��رات حكمهم»‪ ،‬مضيفا‬ ‫أن «ال��ذي��ن ك��ان��وا ضمن اللجنة القضائية الثالثية الخاصة‬ ‫باإلعدامات (املعروفة بلجنة املوت) ونفذوا تلك املذبحة املروعة‬ ‫في السجون اإليرانية في صيف عام ‪ 1988‬بأمر من الخميني‬ ‫هم يتولون مسؤوليات مهمة حاليا‪ ،‬منهم رئيس لجنة املوت‪،‬‬ ‫حسني علي ن�ي��ري‪ ،‬وه��و حاليا نائب رئيس املحكمة العليا‬ ‫للبالد وزعيم العتبة الرضوية (أي مسؤول ال�ش��ؤون املالية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية لضريح اإلمام الثامن للشيعة أي‬ ‫اإلم ��ام ال��رض��ا ف��ي مشهد) وم��رش��ح لخالفة علي خامنئي‪،‬‬ ‫ومصطفى بورمحمدي الذي يتولى وزارة العدل في حكومة‬ ‫روحاني‪ ،‬ومرتضى إشراقي يدير مكتب محاماة في طهران»‪.‬‬

‫إعدامات بالجملة‬ ‫وكانت دعت ‪ 22‬منظمة حقوقية إيرانية‪ ،‬املجتمع الدولي ومنظمة‬ ‫األمم املتحدة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق حول‬ ‫اإلعدامات السياسية املتزايدة‪ ،‬في بيان مشترك‪ ،‬إلى أنه ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 915‬سجينا سياسيا يقبعون حاليا في السجون‬ ‫اإليرانية‪ ،‬وأن العشرات منهم محكومون باإلعدام وعلى رأسهم‬ ‫نشطاء القوميات من الكرد وعرب األحواز والبلوش‪ ..‬وأنه منذ‬ ‫بداية أغسطس ‪ 2016‬وبناء على شواهد موثوقة نفذت إيران‬ ‫عقوبة اإلع��دام بشكل سريع واعتباطي ض��د العشرات من‬ ‫السجناء السياسيني من أبناء القوميات‪ ،‬فيما حذرت منظمة‬ ‫حقوق اإلنسان في أغسطس ‪ 2016‬إيران من إعدام ‪ 7‬سجناء‬

‫كانوا قاصرين وقت ارتكاب الجريمة ويتوزعون ً‬ ‫حاليا في‬ ‫سجون كل من م��دن سقز‪ ،‬وب��وك��ان‪ ،‬ومياندواب‪ ،‬وسنندج‪،‬‬ ‫بينما هناك ‪ 160‬سجينا قاصرا ينتظرون حكم اإلعدام في‬ ‫إي��ران‪ ،‬وف��ق تقرير سابق ملنظمة العفو الدولية (أمنستي)‪.‬‬ ‫ويذكر في عام ‪ 2015‬بلغت اإلعدامات في إيران أكثر من أي‬ ‫مكان آخر في العالم‪.‬‬ ‫وف��ي بلوشستان فقد أع��دم النظام ك��ل ال��ذك��ور البالغني في‬ ‫إحدى القرى الواقعة في جنوب إيران‪ ،‬بتهم تتعلق باالتجار‬ ‫باملخدرات‪.‬‬ ‫الكاتب والباحث شاهني البلوشي يقول في حوار مقتضب مع‬ ‫«املجلة» يقول‪« :‬إن الحكومة اإليرانية لديها أسباب عدة حول‬ ‫اإلع��دام��ات منها مذهبية ودينية‪ ،‬وك��ون البلوش من املذهب‬


‫> سجني‪ :‬يستخدم الحرس الثوري يوميًا شاحنات التبريد اخملصصة لتوزيع اللحوم‬ ‫في نقل رفاة من يتم إعدامهم رميًا بالرصاص‪ ..‬فيما يتولى الحراس تنظيف املكان‬ ‫استعدادًا لليوم التالي‬

‫جزار الثورة‬ ‫وأول أحكام اإلعدام التي أصدرتها الجمهورية اإلسالمية في‬ ‫إي��ران‪ ،‬كانت بعد يومني فقط من انتصار الثورة في فبراير‬ ‫(شباط) ‪ .1979‬وأول األشخاص الذين تمت محاكمتهم وتم‬ ‫تنفيذ حكم اإلع��دام في حقهم كانوا كال م��ن‪ :‬رئيس جهاز‬ ‫السافاك نعمة الله ناصري‪ ،‬وقائد القوات الجوية منوتشهر‬ ‫خ �س��روداد‪ ،‬والحاكم العسكري ف��ي أصفهان رض��ا ناجي‪،‬‬ ‫والحاكم العسكري في طهران والقائد العام للشرطة في البالد‬ ‫مهدي رحيمي بأمر مباشر من الخميني‪.‬‬ ‫وب��رز آن��ذاك اسم ص��ادق خلخالي بعد الثورة اإلسالمية في‬ ‫إيران بوصفه «القاضي الشرعي» الذي يمارس دور قاضي‬ ‫املحاكم الثورية التي نصبت بعد انتصار الثورة ملحاكمة رموز‬

‫أكراد إيرانيون شمال مدينة أربيل الكردية بالعراق خالل احتجاج على إعدام ذويهم في إيران (غيتي)‬

‫نظام الشاه السابق‪ ،‬محمد رضا بهلوي‪ ،‬وقام بإصدار أحكام‬ ‫فورية ورادعة بحق عدد منهم في محاكم لم تعطهم فرصة‬ ‫للدفاع عن أنفسهم‪ ،‬وال يتعني بها أي من معايير الشفافية‪،‬‬ ‫واستهل خلخالي مهام منصبه بإصدار أحكام إع��دام على‬ ‫‪ 2000‬مسؤول من النظام السابق‪.‬‬ ‫وبحسب كارباسي ف��إن «خلخالي ك��ان يجوب ك��ل املناطق‬ ‫واألقاليم في إيران ويقيم املحاكم فيها ضد من يعارض النظام‬ ‫وتمت ترقيته فيما بعد ليصبح أول مدع عام في جمهورية‬ ‫إي��ران‪ ،‬وأطلق عليه اإليرانيون ج��زار الثورة‪ ،‬وقبل وفاته في‬ ‫‪ 2003‬أجرت بعض وسائل اإلعالم املحلية واألجنبية مقابلة‬ ‫معه تحدث فيها عن عمله في السلطة القضائية‪ ،‬وأكد أنه ال‬

‫‪,,‬‬

‫دعت ‪ 22‬منظمة حقوقية إيرانية‬ ‫في بيان مشترك املجتمع‬ ‫الدولي ومنظمة األمم املتحدة‬ ‫إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق‬ ‫للتحقيق حول اإلعدامات‬ ‫السياسية املتزايدة‬

‫‪,,‬‬

‫اغتصابها بعقد زواج متعة لشرعنة االغ�ت�ص��اب‪ ،‬ناهيكم‬ ‫عن حاالت اغتصابات للذكور واإلن��اث من اإلصالحيني في‬ ‫سجن كهريزاك جنوب العاصمة اإليرانية‪ ،‬واملعروف باسم‬ ‫غوانتانامو طهران‪ ،‬الذين اعتقلوا خالل االحتجاجات عقب‬ ‫إع�لان نتائج االنتخابات الرئاسية بفوز أحمدي نجاد على‬ ‫املرشح اإلصالحي مهدي كروبي‪ ،‬معتبرين ح��دوث تزوير‬ ‫في االنتخابات»‪.‬‬ ‫ويتابع كارباسي قائال‪« :‬كما أن اإلعدامات السياسية في إيران‬ ‫عهد روح��ان��ي ليس أق��ل بطشا م��ن سابقيه ب��ل أش��د عذابا‪،‬‬ ‫فاإلعدامات في إيران سياسية وغير سياسية هي مستمرة‪،‬‬ ‫منذ انتصار الثورة ع��ام ‪ ،1979‬م��رورا بمجزرة املعارضني‬ ‫مع نهاية الحرب العراقية ‪ -‬اإلي��ران�ي��ة‪ ،‬وص��وال إل��ى إعدامات‬ ‫العامني املاضيني التي أظهرت وجها آخر للحكومة برئاسة‬ ‫حسن روحاني‪ ،‬التي توصف باإلصالحية واملعتدلة‪ ،‬مقارنة‬ ‫بسلفه محمود أحمدي نجاد املحسوب على التيار األصولي‬ ‫املتشدد‪ ،‬وما زال هناك استهداف لألقليات وما زال النظام‬ ‫يضع العقوبات في إطار تهم (محاربة الله ورسوله)‪( ،‬التآمر‬ ‫على الثورة) أو (اإلفساد في األرض) تهما جاهزة ملعارضيه»‪.‬‬ ‫ويشير إلى أنه في «عهد روحاني لم يتغير شيء حتى فيما‬ ‫يخص العلماء الذي يقضون حياتهم وهم مالحقون ومتهمون‬ ‫عند الطلب»‪ ،‬ويقول بهذا الخصوص‪« :‬إن إعدام العالم النووي‪،‬‬ ‫ش�ه��رام أم�ي��ري‪ ،‬ج��اء بأمر مباشر م��ن امل��رش��د األع�ل��ى‪ ،‬علي‬ ‫خامنئي‪ ،‬وأميري عالم كردي في مجال النووي في جامعة‬ ‫مالك أشتر من مواليد كرمانشاه غرب إيران‪ ،‬بقي ‪ 10‬سنوات‬ ‫بسجن انفرادي حتى إعدامه‪ ،‬أي أعدم بعد عشر سنوات ومن‬ ‫بني الحاالت األخرى املماثلة التي تعامل معها النظام اإليراني‪،‬‬ ‫مع العلماء قضية عالم الفيزياء‪ ،‬أوميد كوكبي‪ ،‬الذي يصارع‬ ‫م��رض السرطان في سجن (إي�ف�ين)‪ ،‬بطهران‪ ،‬بعد م��رور ‪6‬‬ ‫سنوات من اعتقاله»‪ ،‬مؤكدا أن «روحاني عاجز عن التصرف‪،‬‬ ‫فهو تحت رحمة املرشد األعلى علي خامنئي‪ ،‬والحرس الثوري‬ ‫اإليراني واملحاكم الثورية في البالد»‪.‬‬

‫يشعر بأسف على الكم الهائل من أحكام اإلعدام التي أصدرها‪،‬‬ ‫وتمنى أيضا أنه لو أعدم املزيد» ما يعتبره كارباسي األساس‬ ‫الدموي الذي بني عليه القضاء اإليراني‪.‬‬

‫إعدامات على الهوية‬ ‫األساس الدموي لعملية اإلعدام في إيران تمر بمراحل تعذيب‬ ‫مختلفة وحتى قبل تنفيذ اإلعدام وخالله يتم تعذيب السجني‬ ‫املحكوم باإلعدام‪ ،‬حيث أكد ذوو السجناء الكرد السنة الذين‬ ‫أعدمتهم إيران بشكل جماعي في ‪ 2‬أغسطس (آب) من العام‬ ‫الحالي أن عناصر االستخبارات قامت بتعذيب أبنائهم بشكل‬ ‫وحشي وتهشيم أجسامهم قبل أن تنفذ اإلعدام بهم شنقا‪.‬‬ ‫وبحسب منظمات حقوقية كردية في سنندج‪ ،‬مركز محافظة‬ ‫كردستان‪ ،‬ف��إن ‪ 36‬شخصا من النشطاء السنة الكرد في‬ ‫سجن رجايي شهر في مدينة كرج غربي طهران تم اقتيادهم‬ ‫م��ن قبل عناصر مقنعني تابعني ل�ل��وح��دات الخاصة لألمن‬ ‫اإليراني‪ ،‬إلى مكان مجهول‪ ،‬حيث انتشر خبر إعدام ‪ 25‬منهم‪،‬‬ ‫مشيرة إل��ى أن ال�ع��وائ��ل كلها شكت م��ن آث��ار التعذيب على‬ ‫أجساد أبنائهم‪ ،‬لكن االستخبارات قامت بتهديدهم باالعتقال‬ ‫إذا ما تحدثوا لإلعالم عما شاهدوه‪ ،‬وبحسب املنظمة فإن‬ ‫أج�ه��زة االستخبارات اإلي��ران�ي��ة ح��اول��ت تلفيق التهم ووص��م‬ ‫نشاطات هؤالء السجناء بتنظيمات متطرفة كـ «داعش» رغم‬ ‫أنهم كانوا معتقلني منذ عام ‪ 2009‬بتهم الدعاية ضد النظام‪.‬‬ ‫وتفاقمت ظاهرة اإلع��دام��ات املتكررة في الشوارع في إيران‬ ‫ض��د األق�ل�ي��ات غير ال�ف��ارس�ي��ة‪ ،‬بحق ع��دد م��ن امل�ق��اوم�ين من‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪67‬‬


‫> سياسي كردي‪ :‬العالم النووي شهرام أميري بقي ‪ 10‬سنوات بسجن انفرادي حتى‬ ‫إعدامه بأمر مباشر من خامنئي‪ ..‬وعالم الفيزياء أوميد كوكبي يصارع املرض في سجن‬ ‫«إيفني» بطهران بعد مرور ‪ 6‬سنوات من اعتقاله‬

‫إيراني كردي يحمل صورة أخيه الذي أعدمته السلطات اإليرانية (املجلة)‬

‫‪66‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫عهد روحاني أشد عذابا‬

‫‪,,‬‬

‫وال يمر يوم في إيران دون أن تشهد تنفيذ حكم إعدام‪ ،‬حيث‬

‫عام ‪ 2005‬أصدر أحمدي نجاد‬ ‫بصفته رئيس الجمهورية‬ ‫مرسومًا لتهديم شواهد‬ ‫القبور لبعض السجناء‬ ‫السياسيني الذين أعدموا‬ ‫في مجازر جماعية‬

‫‪,,‬‬

‫فترة وجيزة يأتي ح��ارس آخ��ر معه قائمة أخ��رى باألسماء‬ ‫يتلوها وي��أخ��ذ أصحابها‪ ،‬وخ�لال يومني أو ثالثة أي��ام كان‬ ‫يتم إف��راغ ال��زن��زان��ات تقريبا»‪ ،‬الفتا إل��ى أن��ه «سمع م��ن أحد‬ ‫املساجني الذين كانت في زنزانته نافذة صغيرة تطل على‬ ‫ساحة السجن‪ ،‬ب��أن املساجني ك��ان��وا ي��ؤخ��ذون ف��ي حافالت‬ ‫صغيرة وبعد ساعة كانت تعود ال�ح��اف�لات ف��ارغ��ة‪ ،‬وأن��ه لم‬ ‫ير أولئك املساجني مرة أخرى‪ ،‬أما الحراس فكانوا يختفون‬ ‫من املهجع عند أخذ السجناء‪ ،‬وكانوا يعودون قبل الفجر»‪،‬‬ ‫مضيفا‪« :‬عرفت فيما بعد أنه كانت تستخدم شاحنات التبريد‬ ‫الكبيرة‪ ،‬املخصصة لتوزيع اللحوم‪ ،‬كانوا يستخدمونها في‬ ‫نقل رف��اة م��ن يتم إع��دام�ه��م رم�ي��ا ب��ال��رص��اص م��ن السجناء‬ ‫وكانت تحمل ‪ 60‬جثة في الليل ممن يتم رميهم بالرصاص‬ ‫فيما يتولى الحراس تنظيف املكان استعدادا لليوم اآلخر»‪.‬‬ ‫ويلفت قائال‪« :‬حتى اللحظة األخيرة أصدقاؤنا الذين وضعت‬ ‫حبال املشنقة ح��ول رقابهم ل��م يعلموا السبب‪ ،‬حيث كانت‬ ‫كل األسئلة مبنية على الخداع‪ ،‬فمثال كانوا يطرحون أسئلة‬ ‫على أع�ض��اء مجاهدي خلق تقود إل��ى اإلج��اب��ة بأنهم كانوا‬ ‫يقاتلون الخير لهذا تم إعدامهم‪ ،‬وكان السؤال األساسي إلى كل‬ ‫املاركسيني هل أنت مسلم أم ماركسي وكانت اإلجابة تحدد‬ ‫سواء سيبقى حيا أم سيموت‪ ..‬كل الذين دافعوا عن معتقدهم‬ ‫السياسي هم اآلن موتى في (خاوران)»‪.‬‬ ‫و«خ��اوران» مكان املقبرة الجماعية الواقعة غرب طهران‪،‬‬ ‫التي تضم رفاة أكثر من ‪ 30‬ألف سجني سياسي أعدمهم‬ ‫النظام ع��ام ‪ ،1988‬وح��اول النظام أك�ث��ر م��ن م��رة تدمير‬ ‫مقبرة خاوران‪ ،‬التي تعتبر أهم وثيقة تثبت وقوع املجزرة‬ ‫الجماعية التي ارتكبها‪ ،‬والتي أخفاها إلى أن تم اكتشاف‬

‫مكانها من قبل ذوي الضحايا‪ ،‬والتوجيهات صدرت ألول‬ ‫مرة عن خامنئي شخصيا‪ ،‬وتم وضعها في جدول أعمال‬ ‫أحمدي نجاد عندما كان يرأس أمانة طهران‪ ،‬واضطروا‬ ‫إلى تجميد العملية إثر احتجاج عوائل الضحايا‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪ 2005‬أص��در أح�م��دي نجاد بصفته رئيس الجمهورية‬ ‫م��رس��وم��ا ل �ت �ه��دي��م ش ��واه ��د ال �ق �ب��ور ل �ب �ع��ض ال �س �ج �ن��اء‬ ‫السياسيني الذين أعدموا ضمن مجزرة عام ‪.1988‬‬

‫يرى املحلل السياسي اإليراني فه رزين كارباسي‪ ،‬أن إيران ال‬ ‫يحكمها أي دستور أو قانون؛ ألنهم يعتبرون أنهم ما زالوا في‬ ‫ثورة وأن الثورة اإليرانية اإلسالمية ما زالت مستمرة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يجعل صالحية محاكم الثورة أبدية الصالحية‪ ،‬وال يرى أنه‬ ‫هناك أي اختالف بني ما كان يجري بعد الثورة أي بني عامي‬ ‫‪ 1981‬و‪ 1988‬والحاضر‪.‬‬ ‫ويوضح وجهة نظره في ح��وار مع «املجلة» قائال إن��ه «فقط‬ ‫ثالثة مدعني عامني ورئيس األم��ن في الدولة كانوا ينظمون‬ ‫عملية القتل الجماعي في تلك األعوام‪ ،‬فلقد صمم النظام آنذاك‬ ‫على تنفيذ هدفني األول تدمير النظام القضائي واستبداله‬ ‫بنظامهم‪ ،‬والثاني أن يكون (آية الله الخميني) الولي الفقيه مما‬ ‫يجعله يتخطى القانون والدستور في األشهر األولى من الثورة‬ ‫اإلسالمية ع��ام ‪ ،1979‬بقوانني مدرجة في قانون الشريعة‬ ‫ومنها تعريف محاربة (معاداة) الله وقانون مفسد في األرض‪،‬‬ ‫ففي حني ي��رد تعريف لـ«معاداة» بقانون العقاب اإلسالمي‬ ‫ويتضمن الجرائم التي ترتكب ضد النظام الحالي‪ ،‬لكن مصطلح‬ ‫مفسد أو الفساد في األرض ال يملك أي تعريف مقبول في‬ ‫القانون‪ ،‬ويعود تفسيره إلى القضاة وتحديد تعريفه يتم من‬ ‫خالل ‪ 4‬أنواع من العقوبات وهي‪ :‬املوت‪ ،‬والصلب‪ ،‬وبتر اليد‬ ‫اليمنى والقدم اليسرى‪ ،‬والنفي‪ ،‬التي فسروها بالسجن ملا ال‬ ‫يقل عن سنة واحد لتعليق التوبة التي يقبلها قاضي الشريعة‬ ‫من السجني‪ ،‬التي يمكن أن تمتد سنوات عدة من السجن‪ ،‬وفي‬ ‫القانون نفسه يسمح باإلدانة الجماعية لألشخاص معتمدين‬ ‫على فتوى للخميني‪ ،‬التي تقول‪ :‬لو حاربت منظمة ما النظام‬ ‫ال�ح��ال��ي فكل األش �خ��اص املرتبطني ب��ذل��ك أو ال��داع�م�ين أو أي‬ ‫شركاء سيعتبرون جميعا مسؤولني عن جرائم تلك املنظمة‪،‬‬ ‫وه��ذا يعني أن أي ف��رد ينتمي إل��ى مجموعات تغطيها هذه‬ ‫الفتوى يمكن إعدامه من دون أي استجواب إضافي»‪ .‬ويتابع‬ ‫قائال‪« :‬باملقارنة بني األمس واليوم‪ ،‬في األمس أقامت السلطات‬ ‫القضائية اإليرانية محاكمات صورية مجددة لعدد كبير من‬ ‫السجناء السياسيني الذين كان أغلبهم قد حكموا وصدرت‬ ‫عليهم األحكام بالسجن‪ ،‬وكانوا يقضون مدد سجنهم‪ ،‬ولكن‬ ‫غالبيتهم أعدموا خالل املحاكمات الجديدة‪ ،‬وهذا ما يحدث‬ ‫ال�ي��وم م��ن خ�لال إع��دام��ات لسجناء يقضون محكوميتهم‪،‬‬ ‫ومنهم إعدام الكرد السنة بتهم السلفية مع أنه ألقي القبض‬ ‫عليه حتى قبل ظهور (داع��ش»)‪ ،‬مستأنفا‪« :‬طبعا لم تتغير‬ ‫ممارسات النظام؛ ألن جميع املتورطني في ه��ذا الجريمة ال‬ ‫يزالون يتربعون على املناصب القيادية في النظام‪ ،‬وجميع‬ ‫كبار املسؤولني في السلطة القضائية هم الذين كانوا متورطني‬ ‫مباشرة في هذه الجريمة»‪ ،‬مضيفا‪« :‬هناك طرق يتبعها النظام‬ ‫تؤدي في النتيجة إلى انتحار السجناء‪ ،‬وتوفر لهم أدوات من‬ ‫خاللها يتمكنون من وضع حد لحياتهم‪ ،‬بل تشجعهم على‬ ‫االنتحار داخل السجن‪ ،‬وفيما يخص النساء فإن السجينات‬ ‫العذارى يتم اغتصابهن قبل تنفيذ حكم اإلعدام انطالقا من‬ ‫اعتقاد في املذهب الشيعي بأن العذراء تدخل الجنة‪ ،‬لذا يتم‬


‫اعتقلوا باعتبارنا يساريني‪ ،‬فيما تمكنت أختي وأخي‬ ‫اآلخ��ر م��ن ال�ه��روب قبل مجيء ال�ح��رس ال�ث��وري مداهما‬ ‫منزلنا بلحظات»‪ ،‬مضيفا‪« :‬سقنا إلى سجن عادل آباد‬ ‫بمدينة شيراز‪ ،‬وبما أن حكمي كان يعتبر مخففا مقارنة‬ ‫مع حكم رستم فقد طلبوا من أهلي دف��ع ‪ 15‬أل��ف ريال‬ ‫لتخيف الحكم»‪ ،‬مضيفا‪« :‬قاومنا فلم نشأ أن نمنحهم‬ ‫كل شيء بسهولة‪ ،‬كنا نطالب بكل شيء بطريقة سلمية‬ ‫عبرنا عن مطالبنا‪ ،‬ولكن جوبهنا بالعنف‪ ،‬وكان قرارهم‬ ‫إنزال أشد العقاب ملن يخالفهم‪ ،‬واإلعدام كان أسهل الطرق‬ ‫لزرع الخوف والرعب في املجتمع‪ ،‬لتغدوا سجونهم إيفني‪،‬‬ ‫وكوهر دشت‪ ،‬وغزيل هيسار‪ ،‬وكهريزاك‪ ،‬وعادل آباد‪،‬‬ ‫وغيرها عبارة عن أبواب للموت»‪.‬‬ ‫رغ��م م ��رور ‪ 37‬ع��ام��ا ع�ل��ى ذل ��ك‪ ،‬ف�م��ا زال ��ت آث ��ار ج��رائ��م‬ ‫اإلع��دام��ات التي طالت أف ��رادا وجماعات م��ن املناهضني‬ ‫لنظام املاللي تؤرق الناجني وذوي الضحايا‪ ،‬وليس نيما‬

‫سرفيستاني الوحيد الذي يعيش آالم ما تعرض له‪ ،‬فهناك‬ ‫اآلالف‪.‬‬

‫خاوران مقبرة الضحايا‬ ‫أحد السجناء الذي فضل عدم ذكر اسمه‪ ،‬حيث إنه طاوع‬ ‫النظام مقابل اإلف��راج عنه‪ ،‬يعود بذاكرته إلى مجزرة عام‬ ‫‪ 1988‬املعروفة ل��دى اإلي��ران�ي�ين ب�ـ (‪ ۱۳۶۷:‬إع��دام زندانیان‬ ‫سیاسی در تابستان) ب��دأت من ‪ 19‬يوليو (تموز) ‪1988‬‬ ‫وإل ��ى خ�م�س��ة أش�ه��ر الح�ق��ة ت��م خ�لال�ه��ا إع ��دام اآلالف من‬ ‫السجناء السياسيني في جميع أنحاء إيران‪ ،‬وكان السجناء‬ ‫من مؤيدي وأنصار حركة مجاهدي خلق وأنصار الفصائل‬ ‫اليسارية‪ ،‬وحرصت السلطات على أن تتم عمليات اإلعدام‬ ‫بتكتم وسرية تامة‪ ،‬وأن تنكر ذلك الحدث‪ ،‬ولكن لوسع نطاق‬ ‫العملية وبشاعتها تمكن الناجون ممن بقوا على قيد الحياة‬

‫أن يدلوا بكلمتهم حول هذه الواقعة‪.‬‬ ‫ويكشف السجني ل�ـ«امل�ج�ل��ة» ق��ائ�لا‪« :‬ك��ان��ت مساومتنا بأن‬ ‫نبرهن لهم توبتنا؛ ألنه ال يكفي أن تتظاهر بالندم‪ ،‬بل عليك‬ ‫أن تنفذ ما يثبت أنك تائب حقيقي‪ ،‬وكانوا يسألون هل أنت‬ ‫مستعد إلعدام أحدهم من الذين قررت املحكمة إعدامهم‪ ،‬في‬ ‫البداية يبدو ال�س��ؤال مخادعا وت�ح��اول ب��دورك أن تخادعهم‬ ‫وتقول نعم مستعد لفعل ذلك‪ ،‬أخذا في االعتبار احتمالية أن‬ ‫يكون طوق النجاة بالنسبة إليك‪ ،‬وتنجو من املوت املحتم‪ ،‬ولكن‬ ‫ال ينتهي األمر بمجرد إعالنك االستعداد لفعل ما يطلب منك‪،‬‬ ‫بل تفاجأ أنه عليك تنفيذ ذلك واقعا فهو ليس مجرد اختبار»‪،‬‬ ‫معتذرا عن ذكر تفاصيل ما قام به مقابل اإلفراج عنه‪.‬‬ ‫ويتابع واصفا ما كان يجري في السجن الذي أودع فيه إذا‬ ‫أنهم والكالم للسجني‪« :‬وضعوا مجاهدي خلق في زنزانات‬ ‫منفصلة عن زنزانات اليساريني‪ ..‬كان يأتي حارس في وقت‬ ‫متأخر من الليل يقرأ قائمة أسماء ويصطحبهم معه‪ ،‬وبعد‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪65‬‬


‫عائالت ضحايا جرائم إعدامات نظام املاللي لـ‬

‫‪ :‬عهد روحاني أشد عذاباً‬

‫إيران‪ ..‬سجن كبير‬ ‫ومعبر للموت‬

‫> سجناء سابقون‪ :‬كانت مساومتنا بأن نبرهن للنظام توبتنا أن نتظاهر بالندم‬ ‫و دفع مبالغ مالية طائلة لتخفيف األحكام أو اهلروب من حكم اإلعدام‬ ‫> السياسي اإليراني كارباسي‪ :‬ال يحكم إيران أي دستور‪ ..‬وقوانني الثورة‬ ‫اإليرانية ما زالت مستمرة ومحاكم الثورة أبدية الصالحية‬ ‫> حاول نظام خامنئي أكثر من مرة تدمير مقبرة خاوران التي تعتبر أهم‬ ‫وثيقة تثبت وقوع اجملزرة الجماعية التي ارتكبها‪ ،‬والتي أخفاها إلى أن تم‬ ‫اكتشاف مكانها من قبل ذوي الضحايا‬ ‫> «خاوران» مكان املقبرة الجماعية الواقعة غرب طهران التي تضم رفاة‬ ‫أكثر من ‪ 30‬ألف سجني سياسي أعدمهم نظام الخميني عام ‪1988‬‬ ‫> عمل نظام املاللي من الخميني إلى خامنئي على تدمير القضاء‬ ‫واستبداله بنظام الولي الفقيه‬ ‫رستم حي لم يمت أحيانا‪ ..‬أحسده ألننا نكبر في العمر ونصبح مسنني‪ ،‬بينما هو ال‬ ‫يكبر أبدا‪ ..‬يبقى في الثامنة عشرة من العمر‪ ..‬حيث اعتلى منصة اإلعدام‪ ،‬حتى أنه‬ ‫ما زال يعيش معي ومع أمي التي لم يسمح لها الباسدران (الحرس الثوري اإليراني)‬ ‫أن تحضنه‪ ،‬فقد دفعوها وأسقطوها أرضا‪ ،‬بينما القاضي ينطق حكم اإلعدام‪ ،‬قامت‬ ‫وتوسلت إليه لتخفيف حكمه على رستم‪ ،‬لكنهم أخذونا نحن االثنني‪ ...‬هو محكوم‬ ‫باإلعدام وأنا بالسجن ‪ 15‬عاما‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫مهاباد‪ :‬روشن قاسم‬ ‫ع��ائ��دا ب��ذاك��رت��ه إل ��ى ع ��ام ‪ ،1981‬ي �ت��اب��ع نيما‬ ‫سرفستاني‪« :‬كل من كان معنا في سجن عادل‬ ‫آباد لن ينسى ذلك اليوم‪ ،‬حيث كان رستم يقف‬ ‫في الطابق األرضي متهيئا لتنفيذ حكم اإلعدام ركضت‬ ‫نحوه‪ ،‬كنت مدركا أنها املرة األخيرة‪ ..‬كان صوتي يرتجف‬ ‫وكان يحاول هو إظهار تماسكه‪ ،‬لحظات وجاء الباسدار‬ ‫حضنته ولم أستطع قول أي شيء‪ ،‬فقط قلت له ال تخف‪..‬‬ ‫هز برأسه حسنا وابتسم والباسدران اقتادوه بعيدا»‪.‬‬ ‫ويقول سرفستاني‪ ،‬املخرج اإليراني‪ ،‬خالل حوار أجرته‬ ‫معه «املجلة» في استوكهولم‪« :‬بعد إعالن قيام الجمهورية‬ ‫اإلسالمية عام ‪ 1979‬وفتوى الخميني حول إعدام عشرات‬ ‫آالف النشطاء السياسيني في السجون إبان الثمانينات‬ ‫من القرن املاضي‪ ،‬كنا أنا ورستم من ضمن اآلالف الذين‬


‫ال��ذي ي�ق��وم ب��ه ال�ن�ظ��ام‪ ،‬أج��اب املعلم ب��أن��ه يمكنه أن يقوم‬ ‫بالشيء نفسه إث��ر ممارسات ال��والي��ات املتحدة في «أبو‬ ‫غريب» وغوانتانامو‪ .‬وفي الوقت الذي كان فيه املسؤولون‬ ‫األميركيون يحتفون باألسد‪ ،‬ال��ذي كان يبدو أكثر ميال‬ ‫ل�لإص�لاح م��ن أب�ي��ه‪ ،‬أث��رت امل��زاع��م املتعلقة بالتعذيب في‬ ‫مصداقية واشنطن ون�ف��وذه��ا ف��ي املنطقة‪ .‬وف��ي الصني‪،‬‬ ‫والهند‪ ،‬وس��وري��ا‪ ،‬لم تكن االتهامات املتعلقة بازدواجية‬ ‫الواليات املتحدة مجرد كالم‪ :‬فقد كانت إشارة إلى تراجع‬ ‫نفوذ الدبلوماسية األميركية‪.‬‬

‫دفاع ضعيف‬

‫سجناء في معتقل غوانتانامو‬

‫مضيعة للوقت وخسارة للموارد‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬لعب‬ ‫االع �ت��راف ال��زائ��ف دورا حيويا ف��ي ال�ق��رار ال�ك��ارث��ي بغزو‬ ‫ال�ع��راق‪ ،‬وه��و ال�ق��رار ال��ذي كلف ال��والي��ات املتحدة ما يزيد‬ ‫على ‪ 3‬تريليونات دوالر واآلالف من القتلى األميركيني‬ ‫والعراقيني‪.‬‬

‫كسول وغبي وعنيد‬ ‫خالل األزمات‪ ،‬عادة ما يجد الزعماء أنفسهم تحت ضغط‬ ‫شديد لصنع السياسات التي يمكنها أن تحمي األشخاص‬ ‫املكلفني بحمايتهم‪ .‬وق��د تحدث املسؤولون األميركيون‬ ‫ح��ول كيف كانوا في الشهور املرعبة التي تلت هجمات‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر يخشون بشدة من التعرض‬

‫‪,,‬‬

‫يلعب التعذيب األميركي دورًا‬ ‫مهمًا في الدعاية لخليفة تنظيم‬ ‫القاعدة في العراق‪ ..‬ويجبر‬ ‫مقاتلو «داعش» السجناء على‬ ‫ارتداء بذالت برتقالية مشابهة‬ ‫لتلك التي يرتديها املحتجزون‬ ‫في غوانتانامو‬

‫‪,,‬‬

‫في السنوات الالحقة على الكشف عن برنامج االستخبارات‬ ‫األميركية لالستجواب واالحتجاز والترحيل‪ ،‬كانت الوكالة‬ ‫تحاول بشراسة الدفاع عن ممارساتها‪ .‬ففي رد فعلها‬ ‫على تقارير التعذيب التي أصدرها مجلس الشيوخ‪ ،‬زعمت‬ ‫االستخبارات األميركية أن‪« :‬املعلومات التي تم الحصول‬ ‫ع�ل�ي�ه��ا م��ن االس �ت �ج��واب��ات ال �ت��ي أج��رت �ه��ا االس �ت �خ �ب��ارات‬ ‫األميركية كانت تتضمن معلومات استخباراتية فريدة‬ ‫س��اع��دت ال��والي��ات املتحدة على إح�ب��اط امل��ؤام��رات وإل�ق��اء‬ ‫القبض على اإلرهابيني‪ ،‬وفهم العدو والحيلولة دون وقوع‬ ‫هجمات كبرى أخ��رى‪ ،‬وأنقذت حياة الناس»‪ .‬وفي الوقت‬ ‫نفسه‪ ،‬لم تجب االستخبارات األميركية عن س��ؤال‪« :‬هل‬ ‫كان يمكن الحصول على املعلومات التي تم الحصول عليها‬ ‫من املحتجزين الذين تعرضوا لتقنيات االستجواب املكثف‬ ‫عبر وسائل أخرى أو عبر أفراد آخرين؟‪.....‬ستظل اإلجابة‬ ‫عن هذا السؤال غير معروفة»‪.‬‬ ‫وب ��إص ��راره ��ا ع �ل��ى ت �ل��ك ال �ح��ال��ة م ��ن ال� �غ� �م ��وض‪ ،‬أث� ��ارت‬ ‫االستخبارات األميركية ج��دال ح��ول اإلجماع العريق بني‬ ‫اختصاصيي االستجواب بأن طريقة جمع وبناء العالقات‬ ‫أكثر إنسانية وفاعلية حتى عند التعامل مع اإلرهابيني‬ ‫العتاة‪ .‬وك��ان ه��ذا خالصة خبرة العميل الخاص بمكتب‬ ‫التحقيقات الفيدرالي‪ ،‬علي صوفان‪ ،‬الذي استخدم بنجاح‬ ‫تلك الطرق الستجواب اإلرهابي املشتبه به زبيدة في تايالند‬ ‫قبل أن يصبح محتجزا لدى االستخبارات األميركية‪ .‬كما‬ ‫أن هذه الطرق هي التوصيات الرئيسية الثنني من الدراسات‬ ‫التي أجرتها هيئة العلوم االستخباراتية على مدار سنوات‬ ‫طويلة‪ .‬كما أن ذلك التركيز على الغموض يعد عامل تشتيت‬ ‫أيضا‪ ،‬حيث إنه يجذب االنتباه إلى الفاعلية التقنية للتعذيب‬ ‫بدال من عواقبه االستراتيجية‪ ،‬كما أنه يضع عبء تقديم‬ ‫الدليل على عاتق من يعارضون التعذيب بدال من أن يضعه‬ ‫ع�ل��ى ع��ات��ق م��ن ي��داف�ع��ون ع��ن ان�ت�ه��اك ال�ق��ان��ون األم�ي��رك��ي‬ ‫والقانون الدولي‪.‬‬ ‫وح �ت��ى إن أن �ت��ج ال�ت�ع��ذي��ب ف��ي ب�ع��ض األح �ي��ان معلومات‬ ‫اس �ت �خ �ب��ارات �ي��ة م �ف �ي��دة‪ ،‬ف��إن��ه ي �ض �ل��ل ص �ن��اع ال�س�ي��اس��ة‬ ‫األم �ي��رك �ي�ي�ن‪ .‬ف �ف��ي ن��وف�م�ب��ر ‪ ،2001‬اع�ت�ق�ل��ت ال�س�ل�ط��ات‬ ‫الباكستانية ابن الشيخ الليبي‪ ،‬الزعيم املحتمل ملعسكر‬ ‫تدريب القاعدة فيما ك��ان يفر من أفغانستان‪ .‬وق��د زعم‬ ‫أن العراق دربت أعضاء «القاعدة» على استخدام األسلحة‬ ‫الكيماوية والبيولوجية‪.‬‬ ‫ورغ��م أن االس�ت�خ�ب��ارات األم�ي��رك�ي��ة نفت ش�ه��ادة الليبي‪،‬‬ ‫فإن إدارة بوش استشهدت بها كونها دليال على العالقة‬ ‫بني ص��دام حسني وتنظيم القاعدة في الشهور السابقة‬ ‫على الغزو األميركي للعراق‪ .‬وع��ادة ما يحذر املحققون‬ ‫املحترفون م��ن أن الحصول على اع�ت��راف��ات زائ�ف��ة يمثل‬

‫لهجوم آخ��ر‪ ،‬وكانوا يشعرون بمسؤولية كبيرة ملنع أي‬ ‫حادث آخر‪ .‬ويمكن أن تغري مثل تلك املخاوف السياسيني‬ ‫بأن يضعوا حتى أكثر الخيارات سوءا على الطاولة‪ ،‬وهو‬ ‫ما فعلوه في تلك الحالة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن هذه األوقات هي أكثر األوقات التي يجب‬ ‫فيها على القيادات أن تمارس أكبر قدر من ضبط الذات‪.‬‬ ‫وع�ن��دم��ا يتخذ ص�ن��اع السياسة ق ��رارا ب�ش��أن ض��رورة‬ ‫اللجوء للتعذيب‪ ،‬ال يجب عليهم أن يفكروا فقط فيما‬ ‫إذا كان التعذيب سينتج معلومات مفيدة أم ال‪ ،‬بل يجب‬ ‫عليهم أن يقيموا العواقب املحتملة لتلك السياسة بعيدا‬ ‫ع��ن غ��رف االس �ت �ج��واب‪ .‬وف��ي جميع ال �ح��االت‪ ،‬أخفقت‬ ‫االستخبارات األميركية ووزارة الدفاع وإدارة بوش في‬ ‫أن تفكر في تكلفة االنتهاكات التي تعرض لها املساجني‪،‬‬ ‫ومن ثم رفضوا االعتراف بتلك املثالب بعدما أصبحت‬ ‫واضحة‪.‬‬ ‫ولكننا لم نتعلم سوى القليل منذ ذلك الوقت‪ .‬ففي يونيو‬ ‫(حزيران)‪ ،‬وبعد العملية االنتحارية التي أسفرت عن مقتل‬ ‫‪ 41‬شخصا بمطار إسطنبول‪ ،‬كرر ترامب دعمه للوسائل‬ ‫نفسها التي عرضت الواليات املتحدة لتلك املصاعب منذ‬ ‫عقد ماضي‪ .‬فيقول ترامب أثناء مسيرة في أوهايو‪« :‬يجب‬ ‫أن تحارب النار بالنار»‪ ،‬وأضاف أنه بالنسبة لتقنية اإليهام‬ ‫بالغرق‪« :‬أحبها كثيرا‪ ،‬وال أعتقد أنها قاسية بما يكفي»‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن التعذيب ليس الحل‪ ،‬فبعيدا عن كونه سالحا‬ ‫ق��وي��ا‪ ،‬فإنه أثبت أن��ه ع��بء استراتيجي‪ ،‬وط��ري��ق متسرع‬ ‫يستخدمه ه��ؤالء األكثر عجلة من أن يقوموا بالتحليل‬ ‫املناسب والذين ال يمكنهم رؤية العواقب املحتملة‪ .‬وبحسب‬ ‫ت�ع�ب�ي��ر ج ��ون ه��اس �ت��ون‪ ،‬األدم� �ي ��رال امل�ت�ق��اع��د بالبحرية‬ ‫األم�ي��رك�ي��ة‪« :‬إن التعذيب ه��و خ�ي��ار الكسالى واألغ�ب�ي��اء‪،‬‬ ‫والقساة»‪ .‬ونحن نستطيع ‪ -‬ويجب ‪ -‬علينا أن نفعل ما‬ ‫هو أحسن من ذلك<‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪63‬‬


‫مسيرة في واشنطن تندد بمعتقل غوانتانامو‬

‫ً‬ ‫نموذجا‬ ‫أن تصبح‬ ‫ك��ان��ت السياسة الخارجية األميركية دائ�م��ا ت��دع��م تطور‬ ‫القانون الدولي وحقوق اإلنسان؛ نظرا ألن ذلك يعزز السالم‬ ‫واألم��ن وسيادة القانون بالخارج؛ حيث يشجع ذلك على‬ ‫انتشار الديمقراطية وحشد الدعم الشعبي للقيم األميركية‪.‬‬ ‫وم��ن ال��واض��ح أن اس�ت�خ��دام التعذيب يعرقل تحقيق تلك‬ ‫األهداف؛ مما يجعل الواليات املتحدة أقل نفوذا وأقل أمنا‪.‬‬ ‫وح �ت��ى ق�ب��ل أن ت�ن�ك�ش��ف االن �ت �ه��اك��ات األم �ي��رك �ي��ة‪ ،‬ك��ان��ت‬ ‫ال �ح �ك��وم��ات األخ � ��رى ق ��د ب� ��دأت ت�س�ت�ش�ه��د ب��امل �م��ارس��ات‬ ‫األميركية لتبرير انتهاكاتها لحقوق اإلنسان في الحرب‬ ‫على اإلره��اب‪ .‬ففي يناير (كانون الثاني) ‪ ،2002‬ووفقا‬ ‫للبرقيات ال�ت��ي س��رب�ه��ا م��وق��ع ويكيليكس‪ ،‬تلقت وزارة‬ ‫الخارجية معلومات استخباراتية تفيد بأن روسيا «تدرس‬ ‫بعناية املعاملة األميركية للمحتجزين بحثا عن سوابق‬ ‫مفيدة لتبرير معاملتها للسجناء الشيشان»‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ ،2003‬تبنى الرئيس الكولومبي‪ ،‬ألفارو أوريبي‪ ،‬املفهوم‬ ‫األميركي «املقاتلني غير الشرعيني» لكي يؤكد أن بعض‬ ‫املتمردين الكولومبيني غير خاضعني للحماية بموجب‬

‫‪62‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫اجل البرملان الفنلندي التصديق‬ ‫على املعاهدة بني الواليات املتحدة‬ ‫واالتحاد األوروبي بشأن تسليم‬ ‫املجرمني والتعاون القانوني من‬ ‫أواخر ‪ 2005‬وحتى ‪2007‬؛ نظرًا‬ ‫لوجود مخاوف من استخدام‬ ‫الواليات املتحدة للعنف‬

‫‪,,‬‬

‫بوش‪ .‬وبعدما كانوا يديرون الدولة األكثر نفوذا في العالم‪،‬‬ ‫أصبحوا ال يستطيعون حاليا السفر إلى الدول التي تعزز‬ ‫السلطة القضائية على أفعال التعذيب مثل فرنسا‪ ،‬وأملانيا‪،‬‬ ‫وإسبانيا وسويسرا من دون التعرض لخطر االحتجاز‬ ‫واملحاكمة‪ .‬وربما نظرا لتلك املخاوف‪ ،‬قطع رامسفيلد رحلة‬ ‫إلى فرنسا في عام ‪ 2007‬وألغى بوش رحلة إلى سويسرا‬ ‫في عام ‪ .2011‬وما زاد الطني بلة‪ ،‬هو أن روسيا وضعت‬ ‫مرات عدة قيودا على سفر املسؤولني السابقني في إدارة‬ ‫بوش؛ نظرا ملشاركتهم في «عمليات تعذيب كالتي جرت‬ ‫في القرون الوسطى»‪.‬‬

‫القانون الدولي‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فحتى إذا ما كان التعذيب قد أسفر في بعض‬ ‫األحيان عن معلومات مفيدة‪ ،‬فإنه وضع صناع السياسة‬ ‫األميركيني في موقف صعب‪.‬‬ ‫كما أدى التعذيب األميركي للمحتجزين إلى ما هو أكثر‬ ‫من توفير طريقة مالئمة للحكومات األخ��رى لكي تبرر‬ ‫ممارستها السيئة‪ :‬فقد وفر للدول األخرى مجموعة من‬ ‫املمارسات املحددة التي يمكنها محاكاتها‪ .‬وتظهر أبحاثنا‬ ‫أن ‪ 54‬حكومة من الحكومات التي ساعدت االستخبارات‬ ‫األم�ي��رك�ي��ة على عمليات اخ�ت�ط��اف‪ ،‬وت��رح�ي��ل اإلره��اب�ي�ين‬ ‫املحتملني وتعذيبهم‪ ،‬ب��دأت في تبني سياسات مشابهة‬ ‫ف��ي ال ��داخ ��ل‪ ،‬ح �ي��ث ع��رض��ت م��واط�ن�ي�ه��ا ل �ع��دد م��ن أس��وأ‬ ‫انتهاكات حقوق اإلن�س��ان‪ .‬ففي ع��ام ‪ ،2008‬أف��اد تقرير‬

‫ملنظمة «هيومان رايتس ووتش» بأن إثيوبيا وكينيا تبنتا‬ ‫سياسات التسليم االستثنائي للمقاتلني الصوماليني‪.‬‬ ‫وت�ع��د غامبيا ن�م��وذج��ا آخ ��ر؛ ف�ف��ي ع��ام ‪ ،2002‬س��اع��دت‬ ‫الحكومة الغامبية امل�س��ؤول�ين األم�ي��رك�ي�ين على عمليات‬ ‫التسليم االستثنائية‪ ،‬حيث سلمت اثنني من اإلرهابيني‬ ‫املشتبه بهم‪ ،‬وهما بشير ال��راوي‪ ،‬وجميل البنا‪ ،‬إلى أحد‬ ‫سجون االستخبارات األميركية السرية في أفغانستان‪.‬‬ ‫وبعد ذلك بأربعة أع��وام‪ ،‬وفي أعقاب املحاولة االنقالبية‪،‬‬ ‫اع �ت �ق �ل��ت ال �ح �ك��وم��ة ال �غ��ام �ب �ي��ة ع �ل��ى األق � ��ل ‪ 28‬ش�خ�ص��ا‪،‬‬ ‫واحتجزتهم في سجون سرية وعرضت بعضهم للتعذيب‪.‬‬ ‫وفي يوليو (تموز) ‪ ،2006‬ووفقا لبرقية مسربة من وزارة‬ ‫الخارجية‪ ،‬التقت ليندا توماس جرينفيلد‪ ،‬التي كانت في‬ ‫ذلك الوقت نائبة وزير الخارجية للشؤون األفريقية ببليندا‬ ‫بيدويل‪ ،‬رئيسة البرملان الجامبي‪ ،‬وأعربت عن اعتراضها‬ ‫على انتهاكات حقوق اإلنسان في غامبيا‪ .‬وأجابت بيدويل‬ ‫بأن «العالم أصبح مختلفا منذ هجمات الحادي عشر من‬ ‫سبتمبر‪ ،‬وظهور تنظيم القاعدة وعندما يتعلق األمر باألمن‬ ‫القومي وأم��ن السكان‪ ،‬يجب ات�خ��اذ إج ��راءات استثنائية‬ ‫من وقت إلى آخر»‪ .‬ثم قارنت بني أوضاع املحتجزين في‬ ‫غامبيا واملشتبه بهم املحتجزين بغوانتانامو مشيرة‪ ،‬وفقا‬ ‫للبرقية‪ ،‬إلى «أن مثل تلك األشياء حدثت في الدول املتقدمة‬ ‫أيضا»‪.‬‬ ‫كما قدمت أيضا سياسات االستجواب األميركية مبررا‬ ‫سهال ل�ل��دول ك��ي تستهني باملؤسسات التي تعمل على‬ ‫حماية حقوق اإلنسان مثل األمم املتحدة‪ .‬فقد استشهد‬ ‫الرئيس السوداني عمر البشير باملمارسات األميركية أثناء‬ ‫تبريره رفضه السماح لقوات حفظ السالم التابعة لألمم‬ ‫املتحدة بالدخول إلى دارفور في ‪2006‬؛ حيث قال‪« :‬ال نريد‬ ‫(أبو غريب) أخرى في دارف��ور؛ وال نريد أن تذهب بالدنا‬ ‫إلى غوانتانامو»‪ .‬ووفقا لدبلوماسيني أوروبيني‪ ،‬فإن رفض‬ ‫الواليات املتحدة أن تمنح املقرر الخاص لألمم املتحدة القدرة‬ ‫على دخول غوانتانامو «عزز موقف» الدول األخرى التي‬ ‫كانت تسعى ملنعهم من الدخول أيضا‪.‬‬ ‫ك�م��ا س�م�ح��ت ال�س�ي��اس��ات األم�ي��رك�ي��ة أي �ض��ا ل �ل��دول التي‬ ‫اشتهرت بانتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬مثل الصني‪ ،‬وكوبا‪،‬‬ ‫وإي ��ران‪ ،‬وك��وري��ا الشمالية ب��أن ت��رف��ض اإلدان ��ات الغربية‬ ‫باعتبارها شكال من أشكال االزدواجية‪ .‬فعلى سبيل املثال‪،‬‬ ‫وبعدما أصدر مجلس الشيوخ تقاريره بشأن التعذيب في‬ ‫‪ ،2014‬نشرت وكالة األنباء الرسمية الصينية (شينخوا)‬ ‫قصة بعنوان «إلى متى تستطيع الواليات املتحدة أن تدعي‬ ‫أنها مدافع عن حقوق اإلن �س��ان؟»‪ .‬وف��ي ‪ ،2006‬وعندما‬ ‫أع��رب املسؤولون األميركيون عن مخاوفهم بشأن عدم‬ ‫وجود محاسبة عن أعمال الشغب التي وقعت بني الهندوس‬ ‫واملسلمني في والية «غوجارات» الهندية قبل أربع سنوات‪،‬‬ ‫شن نرندرا مودي‪ ،‬الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫حملة مضادة متهما الواليات املتحدة بأنها‪« :‬متورطة في‬ ‫انتهاكات مروعة لحقوق اإلن�س��ان‪ ،‬وم��ن ثم فليس لديها‬ ‫أساس أخالقي تعتمد عليه في مناقشة مثل تلك األمور»‪.‬‬ ‫وفي ديسمبر (كانون األول) ‪ .2007‬زار كل من السيناتور‬ ‫الجمهوري األميركي في ذلك الوقت‪ ،‬أرلني سبكتر‪ ،‬والنائب‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬باتريك كيندي دمشق لاللتقاء بشار األسد‬ ‫ووزي��ر خارجيته‪ ،‬وليد املعلم‪ .‬وف��ي ك�لا اللقاءين‪ ،‬أع��رب‬ ‫ك�ي�ن��دي ع��ن م �خ��اوف��ه ب �ش��أن س�ج��ن ال�ح�ك��وم��ة ال�س��وري��ة‬ ‫للشخصيات امل�ع��ارض��ة‪ .‬وع�ن��دم��ا ه��دد كيندي بالدعوة‬ ‫ملبادرة سياسية عامة احتجاجا على االحتجاز السياسي‬


‫عمليات االستجواب تضمنت التعذيب‪.‬‬

‫كيف تخسر األصدقاء وتقصي الناس؟‬

‫سجني في غوانتانامو (فورن أفيرز)‬

‫أو أي م �ك��ان آخ� ��ر»‪ .‬وس��أل �ه��م‪« :‬أل �ي��س ذل ��ك ص�ح�ي�ح��ا؟»‪.‬‬ ‫وخ�لال االجتماع‪ ،‬تعهد ماكني ب��أن ينقل مخاوف أهرن‬ ‫إلى إدارة بوش ويبرز «أهمية أال تكذب أميركا أب��دا على‬ ‫أحد األصدقاء أو الحلفاء املقربني»‪( .‬رغم أنه ال يوجد دليل‬ ‫على أن املحتجزين كانوا على منت الرحالت التي مرت عبر‬ ‫شانون‪ ،‬فإن الكثير من الرحالت التي توقفت هناك قامت‬ ‫الحقا بنقل املحتجزين إلى أماكن أخرى)‪.‬‬ ‫ول ��م ت �ك��ن س ��وى م �س��أل��ة وق ��ت ح �ت��ى أص �ب �ح��ت ال��والي��ات‬ ‫املتحدة نفسها هدفا لإلجراءات القانونية األجنبية‪ .‬ففي‬ ‫ع��ام ‪ ،2005‬فتح املدعون السويسريون تحقيقا جنائيا‬ ‫في استخدام الواليات املتحدة للمجال الجوي السويسري‬ ‫لعمليات نقل املساجني االستثنائية‪ .‬وفي الفترة بني عام‬

‫‪,,‬‬

‫تحدث املسؤولون األميركيون‬ ‫حول كيف كانوا في الشهور‬ ‫املرعبة التي تلت هجمات‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر‬ ‫يخشون بشدة من التعرض‬ ‫لهجوم آخر‪ ،‬وكانوا يشعرون‬ ‫بمسؤولية كبيرة ملنع أي‬ ‫حادث آخر‬

‫‪,,‬‬

‫على مستوى ال�ع��ال��م‪ ،‬أدت الفضائح ال�ت��ي تضمنت «أب��و‬ ‫غريب»‪ ،‬وسجون االستخبارات األميركية السرية‪ ،‬ومعتقل‬ ‫غوانتانامو إلى تعزيز املواقف املناهضة للواليات املتحدة‬ ‫بصفة ع��ام��ة؛ وذل��ك ب��اإلض��اف��ة إل��ى ال�ض��رر ال��ذي ك��ان قد‬ ‫لحق بها إثر غزو العراق في ‪ .2003‬وقد وجد استطالع‬ ‫رأي أج��راه مركز بيو لألبحاث في ‪ ،2006‬بعد األخذ في‬ ‫االعتبار آراء املجيبني عن االستطالع بشأن حرب العراق‪،‬‬ ‫كانت آراء الناس في األردن‪ ،‬باكستان‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬واململكة‬ ‫املتحدة – جميع حلفاء الواليات املتحدة في الحرب على‬ ‫اإلره� ��اب ‪ -‬أق��ل تفضيال ل�ل��والي��ات امل�ت�ح��دة إذا م��ا ك��ان��وا‬ ‫يعلمون ب�ش��أن االن�ت�ه��اك��ات األم�ي��رك�ي��ة ف��ي «أب ��و غ��ري��ب»‬ ‫وغوانتانامو‪ ،‬وغيرهما‪.‬‬ ‫م��ن ج �ه��ة أخ � ��رى‪ ،‬دف �ع��ت ال �ح �ك��وم��ات ال �ت��ي س��اع��دت في‬ ‫برنامج االحتجاز واالستجواب الذي أجرته االستخبارات‬ ‫األميركية ثمنا قانونيا‪ .‬فبعدما تم الكشف عن انتهاكات‬ ‫حقوق اإلنسان في أبو غريب‪ ،‬أجرى املسؤولون الكنديون‬ ‫واألوروبيون تحقيقات في تورط حكوماتهم في تعذيب‬ ‫املحتجزين لدى الواليات املتحدة‪ .‬وتضمن ذلك تحقيقات‬ ‫ع��ام��ة ف��ي ك �ن��دا‪ ،‬وأمل��ان �ي��ا‪ ،‬وإي�ط��ال�ي��ا‪ ،‬وإس�ب��ان�ي��ا‪ ،‬واململكة‬ ‫املتحدة‪ ،‬باإلضافة إلى البرملان األوروبي ومجلس أوروبا‪.‬‬ ‫كما رفع ضحايا التعذيب قضايا أمام «املحكمة األوروبية‬ ‫لحقوق اإلنسان» ضد إيطاليا وليتوانيا ومقدونيا وبولندا‬ ‫ورومانيا‪ ،‬محتجني بأن استضافة هذه ال��دول للسجون‬ ‫السرية لالستخبارات األميركية يمثل انتهاكا للمادة ‪3‬‬ ‫م��ن «االتفاقية األوروب �ي��ة لحقوق اإلن �س��ان»‪ ،‬التي تحظر‬ ‫التعذيب‪ .‬وفي ‪ ،2012‬حكمت املحكمة ضد مقدونيا بدفع‬ ‫‪ 60‬ألف يورو عن األضرار التي وقعت على خالد املصري‪،‬‬ ‫امل��واط��ن األمل��ان��ي اللبناني ال��ذي اختطفته شرطة مقدونيا‬ ‫وسلمته ل�لاس�ت�خ�ب��ارات األم�ي��رك�ي��ة‪ ،‬وب�ع��د ذل��ك بعامني‪،‬‬ ‫حكمت ضد بولندا‪ ،‬بأن تدفع لإلرهابيني املشتبه بهم‪ ،‬أبو‬ ‫زبيدة‪ ،‬وعبد الرحيم النشيري‪ ،‬اللذين كانا محتجزين في‬ ‫«املواقع السوداء» لالستخبارات األميركية في بولندا‪130 ،‬‬ ‫ألف يورو‪ ،‬و‪ 10‬آالف يورو على التوالي‪ .‬وفي عام ‪،2016‬‬ ‫حكمت املحكمة ضد إيطاليا بأن تدفع ‪ 115‬ألف يورو لرجل‬ ‫الدين املصري حسن مصطفى أسامة نصر (املعروف بأبو‬ ‫عمر) وزوجته نبيلة غالي‪ .‬وما زالت القضايا ضد ليتوانيا‬ ‫ورومانيا قيد النظر‪ ،‬لكن األحكام التي صدرت حتى اآلن‬ ‫أرسلت رسالة واضحة لحلفاء الواليات املتحدة مفادها أن‬ ‫للتواطؤ عواقب‪.‬‬ ‫وبنهاية إدارة ب��وش‪ ،‬كانت املصداقية الدولية لواشنطن‬ ‫ق��د انخفضت ب�ش��دة حتى أص�ب��ح م��ن ال��واض��ح أن أق��رب‬ ‫حلفائها قد فقدوا الثقة بها‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬ووفقا‬ ‫للبرقيات املسربة‪ ،‬أعرب رئيس الوزراء اآليرلندي‪ ،‬بيرتي‬ ‫أهرن‪ ،‬في اجتماع في ‪ 2004‬مع السيناتور األميركي ماكني‪،‬‬ ‫والسيناتور ليندسي ج��راه��ام‪ ،‬عن مخاوفه من أن تنقل‬ ‫الواليات املتحدة السجناء عبر آيرلندا‪ ،‬رغم أن املسؤولني‬ ‫األميركيني كانوا قد أكدوا أنهم لن يفعلوا‪ .‬وأخبر ماكني‬ ‫وجراهام بأنه ال يرغب في أن يبدو مغفال بعد دفاعه عن‬ ‫استخدام الجيش األميركي آليرلندا محطة انتقالية أمام‬ ‫البرملان على أس��اس «التطمينات األميركية بأن املقاتلني‬ ‫األعداء لن يمروا بمطار شانون في طريقهم إلى غوانتانامو‪،‬‬

‫‪ ،2004‬وع��ام ‪ ،2009‬رف��ع «م��رك��ز ال�ح�ق��وق ال��دس�ت��وري��ة»‬ ‫و«املركز األوروبي للحقوق الدستورية واإلنسانية» قضايا‬ ‫في فرنسا‪ ،‬وأملانيا‪ ،‬وإسبانيا ضد دونالد رامسفيلد الذي‬ ‫كان وزيرا للدفاع األميركي حتى نهاية عام ‪ ،2006‬وغيره‬ ‫م��ن املسؤولني األميركيني؛ نظرا لجرائم ال�ح��رب التي تم‬ ‫ارتكابها في «أبو غريب» وغوانتانامو‪ .‬كما تم رفع أيضا‬ ‫قضايا ضد رامسفيلد في األرجنتني في عام ‪ ،2005‬وفي‬ ‫السويد ف��ي ع��ام ‪ .2007‬وخ�لال ال�ع��ام الحالي‪ ،‬استدعت‬ ‫محكمة فرنسية جيفري ميلر‪ ،‬الجنرال األميركي الذي‬ ‫كان يدير منشأة احتجاز غوانتانامو الستجوابه في إطار‬ ‫تحقيق عن دوره في تعذيب ثالثة من املواطنني الفرنسيني‪.‬‬ ‫(جدير بالذكر أن ميلر لم يمثل أمام القضاء)‪.‬‬ ‫ورغم أن معظم تلك القضايا لم تسفر عن اتهامات رسمية‪،‬‬ ‫ف ��إن ب�ع�ض�ه��ا أس �ف��ر‪ .‬ف�ف��ي ع ��ام ‪ ،2005‬أج� ��رت إي�ط��ال�ي��ا‬ ‫تحقيقا في اختطاف االستخبارات األميركية عالم دين‬ ‫مسلما ونقله من ميالنو في ‪ .2003‬وأسفرت اإلجراءات‬ ‫الجنائية الالحقة عن إدان��ة ‪ 23‬مسؤوال أميركيا غيابيا‪.‬‬ ‫ورغم أن الواليات املتحدة ما زالت ترفض طلبات إيطاليا‬ ‫بتسليمهم‪ ،‬أس �ف��رت ال�ق�ض�ي��ة ع��ن تقييد ح��رك��ة ه��ؤالء‬ ‫امل�س��ؤول�ين‪ .‬ففي ع��ام ‪ ،2013‬وب�ن��اء على طلب السلطات‬ ‫اإليطالية‪ ،‬احتجزت شرطة بنما أحدهم لفترة وجيزة‪ ،‬وهو‬ ‫رئيس وحدة االستخبارات األميركية في ميالنو‪ ،‬روبرت‬ ‫سلدون ليدي‪ .‬وفي أبريل (نيسان)‪ ،‬اعتقلت السلطات في‬ ‫البرتغال مسؤولة سابقة باالستخبارات األميركية متهمة‬ ‫في القضية وهي سابرينا دي سوزا‪ ،‬وتتخذ حاليا إجراءات‬ ‫ترحيلها إل��ى إيطاليا‪ .‬وه�ن��اك مخاطر قانونية مشابهة‬ ‫ت��ؤث��ر ف��ي ح��رك��ة الكثير م��ن ك�ب��ار امل�س��ؤول�ين األميركيني‬ ‫السابقني بمن فيهم الرئيس األميركي السابق جورج دابليو‬ ‫بوش‪ ،‬ونائب الرئيس السابق‪ ،‬ديك تشيني‪ ،‬ورأمسفيلد‪،‬‬ ‫وجون يو‪ ،‬الذي كان مستشارا قانونيا رئيسيا في إدارة‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪61‬‬


‫صورة أرشيفية لنشطاء أمام البيت األبيض في واشنطن لدعم إغالق معتقل غوانتانامو (غيتي)‬

‫الدولة املنبوذة‬ ‫في الوقت الذي كان فيه لجوء الواليات املتحدة إلى التعذيب‬ ‫ملهما للمتطرفني في الشرق األوس��ط‪ ،‬فإنه ك��ان يعرقل‬ ‫ال�ت�ع��اون ف��ي م��واج�ه��ة اإلره ��اب ب�ين واش�ن�ط��ن وحلفائها‪.‬‬ ‫فلنأخذ على سبيل املثال هولندا؛ فوفقا لبرقيات وزارة‬ ‫ال�خ��ارج�ي��ة األم�ي��رك�ي��ة ف��ي ‪ ،2003‬أرادت ق �ي��ادة الجيش‬ ‫ال �ه��ول �ن��دي إرس � ��ال ج �ن��ود ل�لان �ض �م��ام إل ��ى ال� �ق ��وات ال�ت��ي‬ ‫تقودها الواليات املتحدة في أفغانستان‪ .‬ولكن املعارضة‬ ‫الجماهيرية الشديدة للتعذيب دفعت القيادات السياسية‬ ‫الهولندية للتخوف من التعرض النتقادات محلية شديدة إذا‬ ‫ما ساعد جيشهم على اعتقال أعضاء بالقاعدة أو طالبان‪،‬‬ ‫وانتهي بهم الحال في سجن غوانتانامو‪ .‬وساعدت تلك‬ ‫املخاوف على تأجيل املوافقة البرملانية على نشر القوات‬ ‫الهولندية حتى ب��داي��ة ‪ .2006‬وف��ي حديثه أم��ام املجلس‬ ‫التشريعي الهولندي في نوفمبر (تشرين الثاني) ‪،2005‬‬ ‫حذر وزير الخارجية برنارد بوت من أن الواليات املتحدة‬ ‫إذا لم تصبح صريحة بشأن سياسات التعذيب‪ ،‬ربما ال‬ ‫ترسل هولندا قواتها إلى أفغانستان‪ .‬ولم يوافق البرملان‬ ‫الهولندي على إرس��ال ال�ق��وات إال بعدما قدمت ال��والي��ات‬ ‫املتحدة ضمانات إضافية فيما يتعلق بمعاملة السجناء‬ ‫األفغان‪.‬‬ ‫وعرقلت مخاوف مشابهة التعاون بني قوات دول التحالف‬ ‫نفسها‪ .‬ففي ‪ ،2005‬أخبر محام عسكري أميركي أحدنا‬ ‫(ألبرتو مورا‪ ،‬كان في ذلك الوقت املستشار العام للبحرية‬ ‫األم �ي��رك �ي��ة) ب ��أن ال�ج�ي��ش ال�ب��ري�ط��ان��ي اع�ت�ق��ل م�ق��ات�لا من‬ ‫صفوف األع��داء في البصرة بالعراق‪ ،‬لكنه أطلق سراحه‬

‫‪60‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫أصدر أوباما عام ‪ 2009‬القرار‬ ‫التنفيذي رقم ‪ 13491‬الذي‬ ‫يحظر استخدام الحكومة‬ ‫األميركية للتعذيب‪ ..‬وكان‬ ‫قراره بمثابة إدانة إلدارة بوش‬ ‫التي خولت لالستخبارات‬ ‫والجيش أستخدام التعذيب‬ ‫بعد هجمات سبتمبر‬

‫‪,,‬‬

‫الصعب العثور على املصادر االستخباراتية الضرورية‬ ‫لتحديد املتمردين واستهدافهم‪.‬‬

‫ألن ��ه ل��م ي�ك��ن ل��دي��ه م�ن�ش��آت اح �ت �ج��از م�ن��اس�ب��ة‪ ،‬ول ��م يكن‬ ‫يثق ب��أن تعامله ال�ق��وات األميركية أو العراقية بإنسانية‬ ‫(املساعدة أو التحريض على التعذيب تعد جريمة بموجب‬ ‫ال �ق��ان��ون ال �ب��ري �ط��ان��ي)‪ .‬والح� �ق ��ا‪ ،‬وف ��ي ‪ ،2005‬ت��واص��ل‬ ‫املحامون العسكريون لكل من أستراليا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬وكندا‪،‬‬ ‫ونيوزيلندا مع م��ورا في مؤتمر عسكري برعاية القيادة‬ ‫األم�ي��رك�ي��ة ف��ي املحيط ال �ه��ادئ وأوض �ح��وا ل��ه ب��أن تعاون‬ ‫بلدانهم مع الواليات املتحدة «في نطاق األنشطة العسكرية‬ ‫واالستخباراتية‪ ،‬وأنشطة تعزيز القانون في الحرب على‬ ‫اإلره��اب ستتراجع» إذا ما استمرت واشنطن في اللجوء‬ ‫إلى العنف‪.‬‬ ‫وقد امتدت املشكلة إلى ما بعد أفغانستان والعراق‪ .‬فقد‬

‫آخر البرملان الفنلندي التصديق على املعاهدة بني الواليات‬ ‫املتحدة واالتحاد األوروبي بشأن تسليم املجرمني والتعاون‬ ‫ال�ق��ان��ون��ي م��ن أواخ ��ر ‪ 2005‬وح�ت��ى ‪2007‬؛ ن�ظ��را لوجود‬ ‫مخاوف من أن استخدام الواليات املتحدة للعنف وعمليات‬ ‫تسليم املجرمني – وه��ي العملية التي ترعاها الحكومة‬ ‫وتقوم من خاللها بخطف اإلرهابيني املشتبه بهم ونقلهم‬ ‫من بلد إلى بلد آخر؛ لكي يتم احتجازهم واستجوابهم من‬ ‫دون رقابة قضائية ‪ -‬ربما تنتهك الفقرة ‪ 7‬من الدستور‬ ‫الفنلندي‪ ،‬الذي يحظر التعذيب‪ ،‬ويحدد أن «ليس من حق‬ ‫أي أح��د بخالف املحاكم ح��رم��ان آخ��ر م��ن حريته»‪ .‬وفي‬ ‫ع��ام ‪ ،2008‬ب��دأت الحكومة البريطانية ال�ت��ي تخشى أن‬ ‫تنقل الواليات املتحدة املشتبه بهم إلى سجون سرية عبر‬ ‫املطارات البريطانية‪ ،‬في أن تطلب من السفارة األميركية‬ ‫بلندن أن تطلب إذن��ا قبل إن��زال أي طائرات عسكرية في‬ ‫اململكة املتحدة‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه تقريبا‪ ،‬عرض استخدام الواليات املتحدة‬ ‫للتعذيب قدرتها على دخول مطار شانون بآيرلندا للخطر‪،‬‬ ‫الذي كان يمثل خطوة حيوية للمعارك العسكرية العابرة‬ ‫لألطلسي‪ .‬فوفقا إلحدى برقيات «ويكيليكس»‪« :‬بالنسبة‬ ‫لقطاع من الجمهور اآليرلندي‪ ،‬فإن ظهور القوات األميركية‬ ‫بمطار شانون يجعل من املطار رم��زا للتورط اآليرلندي‬ ‫في األخ�ط��اء األميركية في الشرق األوس��ط»‪ .‬وق��د دفعت‬ ‫تلك املخاوف الحكومة اآليرلندية لفرض «متطلبات إشعار‬ ‫غ��ري�ب��ة» على ال�ط��ائ��رات العسكرية األم�ي��رك�ي��ة ملنع م��رور‬ ‫ضحايا التعذيب عبر األراضي اآليرلندية‪ ،‬ومنع الواليات‬ ‫املتحدة من نقل الذخيرة إلى إسرائيل عبر شانون أثناء‬ ‫ال �ن��زاع اإلس��رائ�ي�ل��ي م��ع ل�ب�ن��ان ف��ي ‪ ،2006‬وم�ن��ع عمليات‬ ‫الترحيل األميركية عبر شانون؛ خوفا من وجود أي التباس‬ ‫بشأن الوضع القانوني للسجناء‪.‬‬ ‫كما أثارت معاملة الواليات املتحدة للسجناء أيضا حفيظة‬ ‫امل�ح��اك��م األج�ن�ب�ي��ة‪ .‬حيث أم��ر ال�ق�ض��اة ف��ي ك�ن��دا واململكة‬ ‫املتحدة‪ ،‬رغم معارضة قياداتهم السياسية الذين كانوا ال‬ ‫يرغبون في الحد من التعاون االستخباراتي مع الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬حكوماتهم بإطالق سراح معلومات سرية تتعلق‬ ‫باستجواب مواطنيهم في املعتقالت األميركية‪ .‬وفي ‪،2010‬‬ ‫تفيد التقارير بأن الحكومة البريطانية دفعت مبالغ كبيرة‬ ‫(وس��ري��ة) تعويضا للكثير م��ن ضحايا عمليات تسليم‬ ‫املطلوبني االستثنائية‪ ،‬بدال من أن تتعرض لخطر اإلفصاح‬ ‫ع��ن ت�ف��اص�ي��ل ال �ت��ورط ال�ب��ري�ط��ان��ي ف��ي ع�م�ل�ي��ات التعذيب‬ ‫األميركية أمام املحاكم‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬ألغت املحكمة العليا اإلسبانية عقوبة‬ ‫بالسجن لست س�ن��وات ألح��د اإلره��اب�ي�ين امل��دان�ين‪ ،‬حامد‬ ‫أحمد؛ نظرا ألن جزءا من الدليل الذي قدمه االدعاء اإلسباني‬ ‫تم الحصول عليه أثناء وجود أحمد في غوانتانامو‪ .‬وقضت‬ ‫املحكمة بأنه ال يمكن االعتماد على تلك املعلومات؛ ألنها‬ ‫ت��م الحصول عليها ف��ي ظ��ل ظ��روف «يصعب تفسيرها‬ ‫أو تبريرها»‪ .‬وفي عام ‪ ،2010‬وكمثال آخر على التأثير‬ ‫بالسلب الستخدام التعذيب على محاكمة املتهمني‪ ،‬تمت‬ ‫تبرئة أحمد خلفان غيالني من ‪ 284‬تهمة من بني ‪285‬‬ ‫تهمة موجهة له بالتآمر والقتل في التفجيرات اإلرهابية‬ ‫التي تعرضت لها السفارات األميركية في نيروبي وكينيا‬ ‫ودار السالم وتنزانيا في ‪ ،1998‬بعدما منع قاض فيدرالي‬ ‫أميركي امل��دع�ين م��ن اس�ت�خ��دام ش�ه��ادة رئيسية حصلت‬ ‫عليها الحكومة أثناء استجواب غيالني وهو محتجز لدى‬ ‫االستخبارات األميركية – حيث زعم محامو غيالني بأن‬


‫معتقل غوانتانامو‬

‫يجب علينا أال نأخذ في اعتبارنا فقط امل��زاي��ا التكتيكية‬ ‫املفترضة له‪ ،‬ولكن أيضا التأثيرات االستراتيجية‪.‬‬ ‫وق��د أج��رى فريقنا من الباحثني بمركز «ك��ار لسياسات‬ ‫حقوق اإلنسان» بكلية كيندي لإلدارة الحكومية بجامعة‬ ‫هارفارد أولى هذه املراجعات‪ ،‬ووجدنا أن استخدام واشنطن‬ ‫للتعذيب أثر تأثيرا سلبيا كبيرا في األمن القومي؛ حيث‬ ‫عزز التطرف في الشرق األوسط‪ ،‬وعرقل التعاون مع حلفاء‬ ‫الواليات املتحدة ّ‬ ‫وعرض املسؤولني األميركيني للمساءالت‬ ‫القانونية‪ ،‬وأث��ر في الدبلوماسية األميركية‪ ،‬وق��دم مبررا‬ ‫مقنعا للحكومات األخرى لكي تمارس انتهاكات لحقوق‬ ‫اإلن�س��ان‪ .‬والعبرة واض�ح��ة‪ :‬ال�ع��ودة إل��ى التعذيب ستكون‬ ‫خطأ مكلفا‪.‬‬

‫أعظم أدوات التجنيد‬ ‫في عام ‪ ،2004‬ظهرت تقارير تفيد بأن الجنود األميركيني‬ ‫عذبوا وأذلوا املساجني بسجن «أبو غريب» الذي يقع على‬

‫بعد ‪ 20‬ميال غرب بغداد وي��أوي ‪ 3800‬محتجزا‪ .‬ووفقا‬ ‫لتحليلنا األولي‪ ،‬دفعت تلك التقارير‪ ،‬باإلضافة إلى املزاعم‬ ‫املتعلقة بعمليات تعذيب املحتجزين في مركز االحتجاز‬ ‫األميركي بغوانتانامو بكوبا‪ ،‬املتطرفني األجانب لالنضمام‬ ‫إلى حركات التمرد في أفغانستان والعراق‪ ،‬واملشاركة في‬ ‫أعمال العنف في كال البلدين‪.‬‬ ‫ووفقا لبرقيات وزارة الخارجية التي سربتها «ويكيليكس»‪،‬‬ ‫اجتمع عدد من كبار املسؤولني األميركيني في ربيع ‪2006‬‬ ‫ملناقشة كيفية كبح جماح تدفق املقاتلني األج��ان��ب على‬ ‫العراق‪ .‬وك��ان االستنتاج ال��ذي توصلوا له مبهرا‪ :‬وهو أن‬ ‫سوء معاملة املحتجزين في «أبو غريب» وغوانتانامو كانا‬ ‫«أكثر العوامل املحفزة» في إقناع الجهاديني األجانب على‬ ‫املشاركة في الحرب‪ .‬وتوصل السيناتور األميركي‪ ،‬جون‬ ‫ماكني‪ ،‬إل��ى استنتاج مشابه في ‪ 2008‬عندما س��أل أحد‬ ‫زعماء «ال�ق��اع��دة» املعتقلني عما مكن الجماعة من وضع‬ ‫قدمها في العراق‪ .‬ووفقا للبرقية األميركية‪ ،‬فإن السجني‬ ‫أجاب «شيئان‪ :‬العنف الذي أعقب الغزو في البداية‪ ،‬وأداة‬

‫التجنيد العظيمة‪( :‬أبو غريب)»‪.‬‬ ‫وم��ن جهته‪ ،‬أك��د روب��رت بيبي‪ ،‬أس�ت��اذ العلوم السياسية‬ ‫بجامعة شيكاغو‪ ،‬ذلك من خالل اإلشارة إلى فيديوهات ‪26‬‬ ‫انتحاريا يذكرون فيها التعذيب في «أبو غريب» باعتباره‬ ‫الدافع وراء هجماتهم‪.‬‬ ‫ورغ��م أن إجمالي ع��دد املقاتلني األج��ان��ب ف��ي ال�ع��راق ظل‬ ‫منخفضا إلى حد ما طوال فترة الحرب – أقل من ‪ 10‬في‬ ‫املائة من املتمردين كافة كانوا من األجانب‪ ،‬وفقا لدراسة‬ ‫أجراها مدير استخبارات الدفاع األميركية في ‪ – 2007‬فقد‬ ‫منحتهم وحشيتهم نفوذا غير متناسب مع شكل النزاع‪.‬‬ ‫ووفقا للمسؤولني األميركيني والعراقيني‪ ،‬أجرى املقاتلون‬ ‫األجانب أكثر من ‪ 90‬في املائة من التفجيرات االنتحارية‬ ‫في العراق في الفترة ما بني ‪ 2003‬و‪2005‬؛ مما أسفر عن‬ ‫مقتل اآلالف‪.‬‬ ‫كما أن املعلومات املتعلقة بسوء املعاملة في «أبو غريب»‬ ‫وغوانتانامو سهلت مهمة املتشددين في تصوير الواليات‬ ‫امل �ت �ح��دة ب��اع �ت �ب��اره��ا ال �ش �ي �ط��ان؛ ح �ي��ث أص �ب �ح��ت ص��ور‬ ‫األميركيني الذين يعذبون السجناء هي النمط الرئيسي في‬ ‫دعايتهم التي تستخدم لتبرير استهداف وخطف وقطع‬ ‫رؤوس الشيعة واألك��راد‪ ،‬وأي شخص آخر يشتبه في أنه‬ ‫يتعاون مع الواليات املتحدة وحلفائها‪ .‬وعندما قطع أبو‬ ‫مصعب الزرقاوي في ‪ ،2004‬الذي كان وقتها زعيم تنظيم‬ ‫القاعدة في العراق‪ ،‬رأس متعهد أميركي يدعى نيكوالس‬ ‫برج ‪ -‬أول عملية قطع رأس تحدث في هذا النزاع ‪ -‬زعمت‬ ‫جماعته أنه قام بذلك انتقاما من االنتهاكات التي حدثت‬ ‫في «أبو غريب»‪ .‬وحتى اليوم‪ ،‬يلعب التعذيب األميركي دورا‬ ‫مهما في الدعاية لخليفة تنظيم القاعدة في العراق‪ ،‬أو ما‬ ‫يطلق عليه تنظيم داعش‪ .‬وذلك حيث يجبر مقاتلو «داعش»‬ ‫دائما السجناء على ارتداء بذالت برتقالية مشابهة لتلك التي‬ ‫يرتديها املحتجزون في غوانتانامو‪ ،‬كما تفيد التقارير‬ ‫بأنهم كانوا يستخدمون تقنية «اإليهام بالغرق» لتعذيب‬ ‫أسراهم‪ .‬ورغ��م أن املتشددين العراقيني كانوا سيلجأون‬ ‫لتقنيات وحشية حتى إذا لم تكن الواليات املتحدة قد عذبت‬ ‫السجناء‪ ،‬فإن الواليات املتحدة ساعدت على منح مثل تلك‬ ‫التقنيات الشرعية من خالل السماح لإلرهابيني بتصويرها‬ ‫على أنها أشكال مشروعة لالنتقام‪ .‬ومن خالل خفضها‬ ‫س�ق��ف ال �ت��وق �ع��ات ال �خ��اص��ة ب��ال�س�ل��وك امل �ق �ب��ول‪ ،‬أص ��درت‬ ‫الواليات املتحدة إش��ارة بأنه في الحرب على اإلره��اب‪ ،‬لم‬ ‫تعد معايير املعاملة اإلنسانية تهم‪.‬‬ ‫كما أن الكشف عن عمليات التعذيب جعل من الصعب على‬ ‫الواليات املتحدة أن تستقطب الحلفاء العراقيني املحتملني‪.‬‬ ‫فقد كانت استراتيجية الجيش األميركي تعتمد في جانب‬ ‫منها على إقناع السكان املحليني بأنه سيكون من األفضل‬ ‫لهم أن ينحازوا للجنود األميركيني وليس املتمردين‪ .‬ولكن‬ ‫بعد صور االنتهاكات التي تعرض لها املساجني في «أبو‬ ‫غريب»‪ ،‬فقد الكثير من العراقيني الثقة في الواليات املتحدة‬ ‫وأصبحوا يرفضون عروض املساعدة‪ .‬وكما أقر الجنرال‬ ‫ستانلي م��اك��ري�س�ت��ال‪ ،‬ال�ق��ائ��د ال�س��اب��ق ل�ق�ي��ادة العمليات‬ ‫الخاصة املشتركة في حوار أجريناه معه في ‪ :2013‬بأن‬ ‫«أكثر شيء يؤذينا في حرب العراق هو (أبو غريب)؛ فقد‬ ‫شعر الشعب العراقي أن ذلك كان دليال على أن األميركيني‬ ‫يفعلون الشيء نفسه الذي كان صدام حسني يفعله ‪ -‬كما‬ ‫كان دليال على أن كل األشياء السيئة التي يعتقدونها بشأن‬ ‫األميركيني كانت صحيحة»‪ .‬ومن دون قدر أكبر من التعاون‬ ‫مع السكان املحليني‪ ،‬اكتشفت قوات التحالف أنه أصبح من‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪59‬‬


‫منذ سبع سنوات أصدر الرئيس‬ ‫األميركي‪ ،‬باراك أوباما‪ ،‬القرار‬ ‫التنفيذي رقم ‪ ،13491‬الذي يحظر‬ ‫استخدام الحكومة األميركية‬ ‫للتعذيب‪ .‬وكان قرار أوباما بمثابة‬ ‫إدانة إلدارة بوش التي خولت‪،‬‬ ‫في السنوات التي تلت هجمات‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪،‬‬ ‫االستخبارات األميركية والجيش‬ ‫األميركي باستخدام «تقنيات‬ ‫االستجواب املكثف» في استجواب‬ ‫اإلرهابيني املشتبه بهم؛ حيث‬ ‫تم تقييد بعض املحتجزين في‬ ‫أوضاع مؤملة‪ ،‬أو حبسهم في‬ ‫صناديق بأحجام األكفان وإبقاؤهم‬ ‫مستيقظني من دون نوم ملا يزيد على‬ ‫‪ 100‬ساعة في املرة الواحدة‪ ،‬ووضع‬ ‫رؤوسهم في املياه فيما عرف بتقنية‬ ‫اإليهام بالغرق‪.‬‬

‫كيف يؤذي «االستجواب املكثف» الواليات املتحدة ؟‬

‫التكلفة االستراتيجية للتعذيب في أميركا‬ ‫واشنطن‪ :‬دوغالس إيه جونسون‬ ‫وألبرتو مورا وأفيريل شميدت‬ ‫ذه� ��ب امل �س �ت �ج��وب��ون ف ��ي ب �ع��ض األح� �ي ��ان إل��ى‬ ‫أب�ع��د بكثير م�م��ا ص��رح��ت ب��ه واش�ن�ط��ن‪ ،‬حيث‬ ‫ك��ان��وا ي�غ�ت�ص�ب��ون امل�ح�ت�ج��زي��ن ب � ��أدوات ح ��ادة‪،‬‬ ‫ويهددونهم باغتصاب أفراد أسرهم وكانوا‪ ،‬على األقل في‬ ‫إحدى الحاالت‪ ،‬يجمدون املتهم حتى املوت‪ ،‬وذلك بتقييده‬ ‫بالسالسل ووضعه على أرضية مثلجة طوال الليل‪.‬‬ ‫وع�ن��دم��ا وص��ل أوب��ام��ا إل��ى منصبه‪ ،‬ك��ان م��ن ال��واض��ح أن‬ ‫االستخبارات األميركية كانت قد تخلت عن أكثر أساليب‬ ‫التعذيب عنفا‪ .‬وكان أوباما حريصا على أن يتأكد من أن‬ ‫الواليات املتحدة قد طوت تلك الصفحة نهائيا‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫يفكر الكثير من األميركيني حاليا في انتخاب رئيس يرغب‬ ‫في إعادة مثل تلك االنتهاكات‪ .‬ففي مناظرة فبراير (شباط)‬ ‫بني املرشحني الرئاسيني الجمهوريني‪ ،‬تعهد دونالد ترامب‬ ‫ب��إع��ادة التعذيب بما ف��ي ذل��ك م�م��ارس��ات يمكن أن تكون‬

‫‪58‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫«جحيما أسوأ بكثير من تقنية اإليهام بالغرق»‪ .‬وعندما‬ ‫سئل في برنامج حواري أجري الحقا عما إذا كان ما زال‬ ‫متمسكا بكالمه؟ أج��اب ترامب‪« :‬لن يضايقني ذلك على‬ ‫اإلط�لاق»‪ .‬وال تعد هذه الرؤية هامشية‪ :‬فوفقا الستطالع‬ ‫رأي أجرته «الواشنطن بوست» و«اإليه بي سي» في ‪،2014‬‬ ‫يعتقد أغلبية األميركيني اآلن أن استخدام االستخبارات‬ ‫األميركية للتعذيب كان مبررا‪.‬‬

‫لجنة االستخبارات بمجلس الشيوخ‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ ،2014‬أص ��درت لجنة االس�ت�خ�ب��ارات بمجلس‬ ‫الشيوخ سلسلة من التقارير في إطار تحقيق مدته خمسة‬ ‫أع ��وام ح��ول ب��رن��ام��ج االح�ت�ج��از واالس �ت �ج��واب ال��ذي تقوم‬ ‫به االستخبارات األميركية‪ .‬وقالت األغلبية الديمقراطية‬ ‫باللجنة‪ ،‬باإلضافة إلى العضوة الجمهورية‪ ،‬سوزان كولينز‪،‬‬ ‫إن استخدام التعذيب لم يؤد إلى تقديم معلومات فريدة‪ .‬فيما‬ ‫زعمت األقلية الجمهورية بأنه أسهم في تقديم معلومات‬

‫جديدة‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬أنشا عدد من كبار املسؤولني‬ ‫السابقني باالستخبارات األميركية موقعا إلكترونيا بعنوان‬ ‫«االستخبارات األميركية أنقذت حياة الناس» أعلنوا من‬ ‫خالله أن برنامج االستجواب بالوكالة ساهم في إحباط‬ ‫مخططات إرهابية‪ ،‬وساعد الواليات املتحدة على العثور‬ ‫على قيادات تنظيم القاعدة والقبض عليهم‪.‬‬ ‫ورغم اختالفاتهم‪ ،‬يشترك الجميع في افتراض رئيسي‪:‬‬ ‫وهو أن مسألة ما إذا كان التعذيب جيدا أم سيئا تعتمد‬ ‫ع �ل��ى م ��ا إذا ك ��ان «ف ��اع�ل�ا» – أي ه ��ل أس �ف��ر ع ��ن ن�ت��ائ��ج‬ ‫أنقذت حياة الناس أم ال؟‪ ..‬وإذا ما نحينا جانبا العواقب‬ ‫اإلنسانية والقانونية للتعذيب‪ ،‬يجب على أي تقييم شامل‬ ‫أن يستكشف التداعيات األوسع لتلك السياسة بما في ذلك‬ ‫كيف شكل مسار ما يطلق عليه الحرب على اإلرهاب‪ ،‬وكيف‬ ‫غير العالقة بني الواليات املتحدة وحلفائها‪ ،‬وكيف أثر في‬ ‫مساعي واشنطن لتحقيق أه��داف محورية أخ��رى‪ ،‬مثل‬ ‫الترويج للديمقراطية وحقوق اإلنسان بالخارج‪ .‬ولتقييم‬ ‫التأثير الشامل للتعذيب في األمن القومي للواليات املتحدة‪،‬‬


‫بعد ‪ 10‬سنوات‪ ..‬ما إرث حرب لبنان ‪2006‬؟‬ ‫مرت‬

‫بقلم‪ :‬تالي هلفونت *‬

‫«حزب الله» ّ‬ ‫حول‬ ‫لبنان إلى دولة تابعة‬ ‫إليران ّ‬ ‫ووجه سالحه‬ ‫نحو مواطنيه وورط‬ ‫بالده يف النزاع‬ ‫السوري‬

‫عشر سنوات على الحرب الضروس بني‬ ‫إس��رائ�ي��ل و«ح��زب ال�ل��ه»‪ .‬ول�ه��ذه ال�ح��رب –‬ ‫التي يعرفها املجتمع الدولي باسم حرب‬ ‫لبنان ‪ ،2006‬ويعرفها اللبنانيون وإخ��وت�ه��م باسم‬ ‫ح��رب يوليو (ت �م��وز)‪ ،‬ويعرفها اإلسرائيليون باسم‬ ‫الحرب اللبنانية الثانية ‪ -‬إرث متباين كأسمائها‪ .‬فهل‬ ‫حطمت تلك الحرب «أسطورة الجيش اإلسرائيلي الذي‬ ‫ال يقهر» وهو الخطاب الذي تبنته الجماعة اإلرهابية‬ ‫الشيعية اللبنانية في أعقاب النزاع‪ ،‬وانتشر منذ ذلك‬ ‫الحني وبخاصة على لسان اإليرانيني؟ أم هل مكنت‬ ‫تلك الحرب إسرائيل في النهاية من تحقيق الردع الذي‬ ‫امتد لعقد كامل ضد أخطر األعداء الذين يعملون من‬ ‫داخل جارتها الشمالية؟‬ ‫دعونا نفكر في إرث آخر‪ ،‬وهو إرث يحمل ميزة اإلدراك‬ ‫املتأخر من دون أن نحمل املاضي كثيرا من املتغيرات‬ ‫اإلقليمية الحالية‪ .‬لقد ك��ان��ت ح��رب لبنان ‪ 2006‬هي‬ ‫الحدث الذي يعد بداية التدهور البطيء لشرعية «حزب‬ ‫الله»‪ ،‬ومن ثم وضعه في العالم العربي‪ .‬فبعدما شن‬ ‫هجوما قاتال على القوات اإلسرائيلية واختطف اثنني‬ ‫م��ن الجنود‪ ،‬إي�ه��ود ج��ول��دواس��ر وإل ��داد ريجيف‪ ،‬شن‬ ‫«حزب الله» حربا غير ضرورية استمرت ملدة ‪ 34‬يوما‬ ‫ضد إسرائيل‪ ،‬أسفرت عن تدمير قطاعات واسعة من‬ ‫لبنان ومقتل أكثر من ألف لبناني‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن إسرائيل تعرضت ملئات الصواريخ‪،‬‬ ‫كما فقدت نحو ‪ 165‬جنديا ومدنيا إسرائيليا‪ ،‬ولكن‬ ‫املقارنة واضحة تماما‪ .‬فقد قامر «حزب الله» من دون‬ ‫مبرر‪ ،‬بأراضي وحياة أبناء بالده لكي‪:‬‬ ‫(أ) يثبت أنه القوة الوحيدة ذات املصداقية والقادرة على‬ ‫الوقوف في وجه إسرائيل‪.‬‬ ‫(ب) للمضي قدما في تنفيذ أجندة راعيته‪ ،‬إيران‪ ،‬في‬ ‫حربها بالوكالة ضد إسرائيل‪.‬‬ ‫وأدانت السعودية ومصر واألردن «مغامرة» حزب الله‪،‬‬ ‫ووصفت الرياض في بيان ممارسات الجماعة بأنها‬ ‫خارجة تماما عن خطاب املقاومة‪ ،‬ويشكك في شرعية‬ ‫املشاركة في أنشطة من ذل��ك النوع‪ ،‬من دون الرجوع‬ ‫للدولة اللبنانية‪:‬‬ ‫«ننظر بقلق شديد لألحداث الدموية واملؤملة التي تحدث‬ ‫ح��ال�ي��ا ف��ي فلسطني ول�ب�ن��ان‪ ،‬وف��ي ه��ذا اإلط ��ار أعلنت‬ ‫ض ��رورة التمييز ب�ين امل�ق��اوم��ة امل�ش��روع��ة وامل�غ��ام��رات‬ ‫امل�ت�س��رع��ة ال �ت��ي ت�ن�ف��ذه��ا ع�ن��اص��ر داخ ��ل ال��دول��ة وم��ن‬ ‫يقفون وراءهم من دون التشاور مع السلطة الشرعية‬ ‫ف��ي ب�لاده��م‪ ،‬وم��ن دون التشاور والتنسيق م��ع ال��دول‬ ‫العربية‪ ،‬وهو ما يخلف وضعا خطيرا للغاية يعرض‬ ‫جميع ال��دول العربية وإنجازاتهم للدمار من دون أن‬ ‫يكون لهذه الدول رأي»‪.‬‬

‫وس��رع��ان ما أعلن املصريون واألردن �ي��ون وكثير من‬ ‫دول الخليج أن ممارسات حزب الله «غير متوقعة وغير‬ ‫مالئمة وغير مسؤولة»‪ ،‬وذلك في اجتماع قمة عقدته‬ ‫الجامعة العربية في القاهرة في ‪ 15‬يوليو ‪.2006‬‬ ‫وما بدأ فعال فجا ومستهترا قام به أحد األطراف‬ ‫داخل الدولة‪ ،‬سرعان ما أصبح كارثة كبرى بالنسبة‬ ‫للبنان بأسرها‪ .‬ولكن هنا تكمن املفارقة‪ ،‬فما يخبرنا‬ ‫به التاريخ هو أن األم�ين العام لـ «حزب الله»‪ ،‬حسن‬ ‫نصر الله‪ ،‬ومهندس ما أطلق عليه أفعال التحدي‪،‬‬ ‫كان هو مشعل الحريق واإلطفائي في الوقت نفسه‪.‬‬ ‫فقد كان هو من ورط لبنان في تلك الحرب الدموية‬ ‫التي أدت إل��ى خسارة ذل��ك القدر الكبير من الدماء‬ ‫وال �ث��روات‪ ،‬وم��ع ذل��ك ف��إن��ه ه��و م��ن ق��اد حملة إع��ادة‬ ‫إع �م��ار امل �ن��ازل وال�ب�ن�ي��ة التحتية‪ .‬ف�ف��ي ‪ 18‬نوفمبر‬ ‫(تشرين الثاني) ‪ ،2007‬ذكرت وكالة «أسوشييتد‬ ‫برس» أن «جماعة (حزب الله) الشيعية املسلحة بدأت‬ ‫مشروعا ضخما إلعادة إعمار جنوب بيروت التي‬ ‫تعرضت للدمار في حرب العام املاضي مع إسرائيل‪،‬‬ ‫حيث تحمل جانبا كبيرا من تكلفة البناء‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى تبرعات املتبرعني الدوليني التي تستهدف تعزيز‬ ‫أكبر خصومه وهي الحكومة اللبنانية»‪ .‬وما يخبرنا‬ ‫به ذلك التقرير هو أن إراقة الدماء على أبواب لبنان‬ ‫كانت هي ما يحتاجه نصر الله لكي يحكم هيمنة‬ ‫ميليشياته والدولة الراعية له على لبنان إلى األبد‪.‬‬ ‫ما الذي حدث إذن منذ حرب ‪2006‬؟ ما الذي كشفته‬ ‫لنا السنوات العشر املاضية؟ وفقا مل��ا طرحه مقال‬ ‫نشرته «عرب تايمز»‪ ،‬فإن «حزب الله»‪ ،‬الذي كان يتمتع‬ ‫بشعبية ساحقة في العالم العربي في وقت من األوقات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«حول لبنان إلى دولة تابعة إليران‪ ،‬ودفعها للحرب مع‬ ‫إسرائيل ّ‬ ‫ووجه سالحه نحو مواطنيه‪ ،‬وورط بالده في‬ ‫النزاع السوري»‪ .‬كما اتضح أن ذريعة الدفاع عن القدس‬ ‫وتحرير األراضي املحتلة ووضع املصالح اللبنانية في‬ ‫قمة األول��وي��ات‪ ،‬ما هي إال مجرد مهزلة مسرحية»‪.‬‬ ‫ونظرا لتلك القائمة من التجاوزات (وغيرها) صنف‬ ‫«م�ج�ل��س ال �ت �ع��اون ال�خ�ل�ي�ج��ي»‪ ،‬و«ال�ج��ام�ع��ة ال�ع��رب�ي��ة»‬ ‫و«منظمة ال�ت�ع��اون اإلس�لام��ي»‪« ،‬ح��زب ال�ل��ه» تنظيما‬ ‫إرهابيا في ‪ ،2016‬وهي الصفة التي تحملها الجماعة‬ ‫املسلحة في كثير من العواصم في جميع أنحاء العالم‬ ‫منذ عدة عقود‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬ما العبرة النهائية التي يمكن التوصل إليها بالنظر‬ ‫لحرب لبنان ‪2006‬؟ هي أن «حزب الله» ليس موجودا‬ ‫لخدمة لبنان أو فلسطني‪ ،‬بل إنه موجود لخدمة إيران‬ ‫ولخدمة نفسه <‬ ‫* مديرة «برنامج الشرق األوسط»‬ ‫بمعهد السياسات الخارجية بفيالدلفيا‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪57‬‬


‫النشاطات العسكرية‬ ‫نظرا ألن أغلب حدود إيران برية‪ ،‬ما عدا بحر قزوين‬ ‫املغلق‪ ،‬كان تركيزها على املنافذ البحرية‪ ،‬ملا تتمتع‬ ‫به من سهولة النقل والحماية الدولية‪ ،‬فاتجهت نحو‬ ‫شواطئها الجنوبية على الخليج العربي‪ ،‬فعملت منذ‬ ‫ق ��رون ع�ل��ى ب�س��ط سيطرتها ع�ل�ي��ه‪ ،‬ون�ج�ح��ت حينا‬ ‫وأخفقت م��رات‪ .‬وملا كانت طموحات إي��ران أكبر من‬ ‫مجرد الحصول على م�م��رات تجارية‪ ،‬م��دت نظرها‬ ‫إلى أبعد‪.‬‬ ‫كل ق��ارات العالم محاطة باملاء من كل جانب‪ ،‬إال‬

‫‪56‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫مجموعة من الشباب األفريقي خالل احتفال بذكرى عاشوراء بغينيا‬

‫أن الوضع في أفريقيا يختلف‪ ،‬فموقعها املشرف‬ ‫على محيطني وممرين مائيني تتحكم في أهم طرق‬ ‫ال�ت�ج��ارة والنشاطات العسكرية‪ ،‬جعل لها أهمية‬ ‫ً‬ ‫اقتصادية وعسكرية ال ت�ض��ارع‪ .‬ه��ذا فضال عن‬ ‫إحاطة هذه املساحة الهائلة من السواحل بالنقطة‬ ‫األساسية في السياسة العسكرية اإليرانية‪ ،‬فالبحر‬ ‫األح �م��ر وال�خ�ل�ي��ج ال �ع��رب��ي وب �ح��ر ع �م��ان وامل�ح�ي��ط‬ ‫الهندي تطوق الجزيرة العربية‪ ،‬واألطلسي والبحر‬ ‫املتوسط يطوقان دول الشمال والغرب األفريقي‪،‬‬ ‫بما في هذه املناطق من دول إسالمية تعدها إيران‬

‫‪,,‬‬

‫عملت طهران على إقامة‬ ‫مراكز ثقافية غير رسمية‪،‬‬ ‫تقوم بنشر عقيدتها والثورة‬ ‫اإليرانية ورموزها مع توفير‬ ‫ترجمات لبعض أدبياتها‬ ‫إلى لغات أفريقية‬

‫‪,,‬‬

‫من أهم ما تحرص إيران على التغلغل‬ ‫فيه املؤسسات التعليمية؛ من خالل‬ ‫ت�خ�ص�ي��ص األرض واألم � � ��وال ل�ه��ذه‬ ‫املؤسسات‪ ،‬ومن أهم األمثلة البارزة‬ ‫ف��ي ذل ��ك غ ��ان ��ا‪ ،‬ح �ي��ث ذك ��ر ال�ب��اح��ث‬ ‫يوسف عمر جلو أن إي��ران أسست‬ ‫الجامعة اإلسالمية ف��ي غ��ان��ا‪ ،‬وأنها‬ ‫ً‬ ‫تمتلك أرض��ا إلن�ش��اء كلية للبترول‬ ‫والبنزين‪ ،‬و«كلية أهل البيت» لتدريب‬ ‫امل�م��رض��ات‪ ،‬وكلية العلوم والتقنية‪،‬‬ ‫وك �ل �ي��ة ال �ل �غ��ات ال �ح��دي �ث��ة‪ ،‬و«م �ع �ه��د‬ ‫أه � ��ل ال� �ب� �ي ��ت» ل �ع �ل ��وم االت � �ص � ��االت‪،‬‬ ‫و«مركز أهل البيت» للبحوث العلمية‬ ‫وال�ص�ي��دل�ي��ة‪ .‬وك��ذل��ك إن�ش��اء أقسام‬ ‫متخصصة في الدراسات اإليرانية‬ ‫بعدد من الجامعات األفريقية‪.‬‬ ‫ك�م��ا ت�خ�ص��ص إي� ��ران ق �ن��وات لبث‬ ‫ال �ع �ق �ي��دة ال �ش �ي �ع �ي��ة ع �ب��ر األق� �م ��ار‬ ‫ال�ص�ن��اع�ي��ة ف��ي أف��ري �ق �ي��ا‪ ،‬وت�ع�م��ل‬ ‫على شراء أوقات بث في اإلذاعات‬ ‫وال� �ق� �ن ��وات ال �ت �ل �ف��زي��ون �ي��ة امل�ح�ل�ي��ة‪،‬‬ ‫وم��ن أمثلة ذل��ك محاولة السيطرة‬ ‫على ق�ن��وات تلفزيونية ف��ي غانا‪،‬‬ ‫وم� �ح ��اول ��ة إن� �ش ��اء ق� �ن ��اة خ��اص��ة‬ ‫تابعة لها هناك‪ .‬كما تعمل على‬ ‫ن�ش��ر ص�ح�ف�ه��ا‪ ،‬م�س��رب��ة عبرها‬ ‫سياستها وعقيدتها في القارة‬ ‫السمراء‪ ،‬وم��ن األمثلة على ذل��ك في‬ ‫السنغال؛ «كيهان العربي» و«الوحدة‬ ‫اإلس�ل�ام �ي ��ة» وه ��ي ع��رب �ي��ة ش�ه��ري��ة‪،‬‬ ‫و«صوت الثورة اإلسالمية في العراق»‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫«ال��رس��ال��ة» الناطقة بالفرنسية‪ .‬إض��اف��ة إل��ى النشاط‬ ‫الكبير على مواقع التواصل االجتماعي؛ اآللة اإلعالمية‬ ‫الخارقة في الوصول إلى األهداف املطلوبة‪.‬‬ ‫وال ي�م�ك��ن ت�ج��اه��ل ال �ج��وان��ب ال�خ��دم�ي��ة ال�خ�ي��ري��ة في‬ ‫مجتمعات ترزح تحت مطرقة الفقر والجهل واملرض‪،‬‬ ‫فكانت املؤسسات الخدمية من أهم وسائل االتصال‬ ‫اإليراني بالجماهير والتأثير عليهم في الدولة املراد‬ ‫اخ �ت��راق �ه��ا‪ ،‬م �ث��ل امل��ؤس �س��ات ال �ط �ب �ي��ة‪ ،‬وت��وف �ي��ر امل��اء‬ ‫وال�ك�ه��رب��اء للمناطق امل�ع��زول��ة‪ ،‬كما ي�ح��دث ف��ي غانا‬ ‫والسنغال وموريتانيا‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬ف��إن بعض‬ ‫الحكومات تغض الطرف عن هذه النشاطات لتعويض‬ ‫التقصير الحاصل من جانبها نحو مجتمعاتها‪.‬‬

‫ضمن إمبراطوريتها السابقة‪ ،‬أو على األقل مناطق‬ ‫نفوذها‪.‬‬ ‫كما أن العديد من دول أفريقيا تنام على احتياطات‬ ‫كبيرة من «الخام املرعب» الذي تسعى إيران من خالله‬ ‫إلى تهديد كل جيرانها‪ ..‬اليورانيوم‪ ،‬الذي تمتلك جنوب‬ ‫أف��ري�ق�ي��ا وال�ن�ي�ج��ر وم � ��االوي ون��ام�ي�ب�ي��ا وزي�م�ب��اب��وي‬ ‫وأوغندا احتياطات كبيرة جدا منه‪.‬‬ ‫وت�ع��د أف��ري�ق�ي��ا م��ن أك�ب��ر أس ��واق ال �س�لاح ف��ي ال�ع��ال��م‪،‬‬ ‫في ظل ما تموج به من حركات مسلحة تعمل إيران‬ ‫على تغذيتها بالسالح ال��ذي يوفر ً‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا‪،‬‬ ‫عائدا‬ ‫وفي الوقت نفسه يهيئ لها ً‬ ‫جوا من عدم االستقرار‬ ‫تستطيع معه اختراق هذه الدول لنشر آيديولوجيتها‪.‬‬ ‫كل هذا جعل إيران تنتقل من مراحل بسط النفوذ‬ ‫اآلي��دي��ول��وج��ي‪ ،‬إل ��ى االق �ت �ص��ادي‪ ،‬إل ��ى ‪ -‬م��ؤخ��را –‬ ‫ال�ع�س�ك��ري‪ ،‬ع�ب��ر ج�م��اع��ات م�ت�ق��ارب��ة معها ف�ك� ً‬ ‫�ري��ا‪،‬‬ ‫ما لبثت أن حولتها إلى معتقدها‪ .‬كما عملت على‬ ‫إنشاء قواعد عسكرية لها في إريتريا وجيبوتي‬ ‫تزود عبرها ذراعها في اليمن والجماعات املسلحة‬ ‫ف��ي دول الشمال األف��ري�ق��ي ب��أح��دث األس�ل�ح��ة‪ ،‬مما‬ ‫أدى ب��دول في الشمال األفريقي إلى إنشاء إدارات‬ ‫أمنية ضمن مهامها مكافحة التشيع‪ ،‬كما حدث في‬ ‫الجزائر‪ ،‬كما لم تسلم دول الغرب والوسط األفريقي‬ ‫م��ن تهريب ال�س�لاح اإلي��ران��ي إل��ى جماعات محلية‬ ‫مسلحة هناك <‬ ‫* خبير في الشؤون اإليرانية‬


‫شيخ معمم أفريقي خالل احتفال ديني في نيجيريا وإلى جواره صورة خامنئي‬

‫الجاليات من أهم مجددات الوجود الشيعي في القارة‪،‬‬ ‫خ �ص��وص��ا ف��ي ال �غ��رب األف��ري �ق��ي‪ ،‬وأه �م �ه��ا ال�ج��ال�ي��ة‬ ‫اللبنانية الشيعية‪ .‬وق��د ع�م��ل رج��ل ال��دي��ن الشيعي‬ ‫اللبناني موسى الصدر على القيام بجوالت متكررة‬ ‫في ستينات القرن املاضي إلى دول أفريقيا‪ ،‬لتوحيد‬ ‫وإيجاد وسائل اتصال بني أفراد الجاليات‪ ،‬وتنصيب‬ ‫ق�ي��ادات دينية لها‪ ،‬والتوجيه نحو إق��ام��ة مؤسسات‬ ‫دينية وثقافية الخ�ت��راق ال��دول ك��اف��ة‪ .‬وع�م��دت إي��ران‬ ‫– كما فعلت في لبنان واليمن والبحرين وغيرها ‪-‬‬ ‫إلى استخدام شخصيات لها ثقلها الديني وتأثيرها‬ ‫الشعبوي عبر استخدام خطاب يتماس مع احتياجات‬ ‫ك��ل مجتمع ح�س��ب ظ��روف��ه‪ ،‬وي�ل�ع��ب ب��األس��اس على‬ ‫وت��ر امل�ظ�ل��وم�ي��ة املجتمعية‪ .‬وف��ي ال�ق�ل�ي��ل ت�ك��ون ه��ذه‬ ‫ال�ش�خ�ص�ي��ات أج�ن�ب�ي��ة ه��اج��رت إل��ى ت�ل��ك املجتمعات‬ ‫ً‬ ‫تحديدا‪ ،‬وف��ي األغلب تكون شخصيات‬ ‫لهذا الهدف‬ ‫محلية؛ إما شيعية العقيدة في األساس‪ ،‬أو تعمل إيران‬ ‫تشييعها‪ ،‬وم��ن ث��م ترسلهم إل��ى ح��وزات�ه��ا في‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫إيران‪ ،‬لتلقي استراتيجية العمل الجديدة‪ .‬ومن األمثلة‬ ‫على ال�ن��وع األول عبد املنعم ال��زي��ن‪ ،‬وه��و أح��د رج��ال‬ ‫الدين الشيعة اللبنانيني‪ ،‬وقد أرسله موسى الصدر‬ ‫للعمل على نشر العقيدة الشيعية في غرب أفريقيا‬

‫‪,,‬‬

‫تحدد إيران عالقتها بالعالم‬ ‫الخارجي في دستوره‬ ‫الذي تراه ُ«ي ّ‬ ‫عد الظروف»‬ ‫الستمرارية «ثورتها» في‬ ‫«داخل البالد وخارجها»‬

‫‪,,‬‬

‫الجاليات ورجال الدين‬

‫ً‬ ‫م�ن�ط�ل��ق��ا م��ن ال �س �ن �غ��ال‪ ،‬وم�س�ت�ع�ي�ن��ا ب�م��ن ح��ول��ه من‬ ‫الجالية اللبنانية هناك‪ ،‬ولم يتورع عن إعالن دوره في‬ ‫استقطاب الشباب لالنضمام ملدارس العقيدة الشيعية‬ ‫ُ‬ ‫في السنغال ولبنان وجامعة قم‪ ،‬حتى نصب «الخليفة‬ ‫العام لطائفة أهل البيت» بوثائق رسمية مهرت بتوقيع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫روحيا لشيعة‬ ‫زعيما‬ ‫وزي��ر الداخلية‪ ،‬وأصبح الزين‬ ‫غرب أفريقيا‪.‬‬ ‫وم��ن أمثلة ال��زع�م��اء املحليني املستخدمني‪ ،‬إبراهيم‬ ‫الزكزاكي ال��ذي يسمى «نصر الله النيجيري» والذي املؤسسات الثقافية والعلمية واإلعالمية‬

‫وصل به األمر إلى حد تدبير محاولة الغتيال رئيس‬ ‫ً‬ ‫األرك��ان النيجيري‪ .‬ومنهم أيضا بكار ولد بكار في‬ ‫موريتانيا‪ ،‬ومحمد دار الحكمة في غينيا كوناكري‪،‬‬ ‫ومحمد شريف في السنغال‪ ،‬وف��ي جمهورية جزر‬ ‫القمر برز محمود عبد الله إبراهيم‪ ،‬وعبد الله سامبي‬ ‫الذي وصل إلى سدة الرئاسة هناك خالل الفترة من‬ ‫‪ 2006‬إلى ‪.2011‬‬

‫عملت إيران على إقامة مراكز ثقافية غير رسمية‪ ،‬تقوم‬ ‫ً‬ ‫بنشر ثقافتها وعقيدتها‪ ،‬مستخدمة صحفا إيرانية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وكتبا ع��ن العقيدة الشيعية وال�ث��ورة‬ ‫وم��واد فيلمية‬ ‫اإليرانية ورموزها‪ ،‬مع توفير ترجمات لبعض أدبيات‬ ‫العقيدة الشيعية إلى لغات أفريقية عدة؛ منها بالطبع‬ ‫العربية واإلنجليزية‪ .‬وك��ذا تقديم منح دراس�ي��ة في‬ ‫الجامعات واملعاهد اإليرانية املتخصصة في الجانب‬ ‫العقدي الشيعي واللغة الفارسية على وجه الخصوص‪،‬‬ ‫وإقامة مؤتمرات في حوزات شيعية بإيران تدعو إليها‬ ‫ً‬ ‫ضيوفا من أتباع عقيدتها‪ ،‬ومن غير األتباع‪ ،‬مع توفير‬ ‫نفقات السفر واإلقامة واالنتقاالت والهدايا‪ ،‬وتكثيف‬ ‫االحتفاالت باملناسبات املرتبطة بالعقيدة الشيعية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫جنبا إلى جنب تلك املرتبطة بالحضارة الفارسية‪.‬‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪55‬‬


‫تحدد إي��ران عالقتها بالعالم الخارجي ف��ي دس�ت��وره��ا‪ ،‬ال��ذي ت��راه ُ‬ ‫«ي�ع� ّ�د ال�ظ��روف» الستمرارية «ث��ورت�ه��ا» ف��ي «داخ��ل البالد‬ ‫وخارجها»‪ ،‬وفق ما ورد في مقدمة هذا الدستور‪ ،‬عبر بناء شبكة من العالقات مع «كل الحركات اإلسالمية والشعبية» بال‬ ‫الرسمية‪ ،‬ويرى مرشد «ثورتها» أن «العرب حكموا املسلمني‪ ،‬وكذلك األتراك‪ ،‬وحتى‬ ‫استثناء‪ ،‬وليس مع الحكومات واملؤسسات‬ ‫ً‬ ‫األكراد‪ ،‬فلماذا ال يحكم الفرس‪ ،‬وهم أعمق تاريخا وحضارة من كل هؤالء؟!»‪ .‬وقد تنوعت األبعاد التفصيلية واملرحلية إليران‬ ‫في سياستها الخارجية‪ ،‬وتعددت اآلليات‪ ،‬وفق ظروف كل منطقة من املناطق التي تريد الوصول إليها‪.‬‬

‫لدى طهران سفارات في أكثر من ‪ 30‬دولة أفريقية مكنتها من إقامة شبكة عالقات قوية بالقارة السوداء‬

‫بعد «اهلالل الشيعي»‪ ..‬إيران و«الطوق اإلفريقي»‬

‫كتب‪ :‬محمد علي *‬ ‫تمتلك إيران سفارات في أكثر من ‪ 30‬دولة‬ ‫إفريقية‪ ،‬مكنتها من إقامة شبكة عالقات‬ ‫ق��وي��ة دع �م��ت م��وق�ف�ه��ا ال�س�ي��اس��ي ال�ع��امل��ي‪،‬‬ ‫خصوصا في ملفها النووي‪ ،‬وانضمت إلى عضوية‬ ‫ع��دد م��ن امل�ج�م��وع��ات وامل�ن�ظ�م��ات األف��ري�ق�ي��ة‪ ،‬ووص��ل‬ ‫األم��ر إل��ى حصول إي��ران على صفة العضو املراقب‬ ‫في االتحاد األفريقي‪ ،‬وعملت على توسيع نفوذها في‬ ‫منظمة التعاون اإلسالمي عبر دولها األفريقية‪ ،‬كما‬ ‫عملت على إقامة املؤتمرات وتبادل زيارات القمة‪ ،‬مع‬ ‫هذه الدول وغيرها‪ .‬وهي تمتلك بعثات دبلوماسية في‬ ‫هذه الدول‪ ،‬تعمل جميعها على توفير الغطاء املشروع‬ ‫لنشاطاتها اآليديولوجية ونشر العقيدة الشيعية‪.‬‬ ‫يبلغ الناتج املحلي اإلجمالي في أفريقيا نحو تريليوني‬ ‫دوالر‪ ،‬مما شجع إيران على مد استثماراتها إلى القارة‪،‬‬ ‫وقد تبنت إيران خطة لتطوير عالقاتها مع دول فاعلة‬ ‫ً‬ ‫أفريقيا؛ ال سيما جنوب أفريقيا ونيجيريا‪ ،‬للنفاذ‬ ‫ملجموعة الـ‪ ،77‬إحدى كبرى املجموعات االقتصادية‬ ‫على مستوى العالم‪ ،‬كما تبنت خطة لتطوير العالقات‬ ‫املصرفية مع عدد من أهم البنوك واملراكز املصرفية‪،‬‬ ‫وم��ع ع��دد من كبرى الشركات األفريقية‪،‬‬ ‫خ� �ص ��وص ��ا ف� ��ي م � �ج� ��االت م� �ث ��ل ال �ط��اق��ة‬ ‫والتعدين وصناعة السيارات‪.‬‬ ‫يصعب إحصاء العقائد الدينية بدقة في‬ ‫أفريقيا‪ ،‬ن�ظ� ً�را لحساسية امل��وض��وع في‬ ‫ً‬ ‫عرقيا‬ ‫مجتمعات تتسم بالتنوع الشديد‬ ‫وث �ق��اف� ً�ي��ا ودي� �ن � ً�ي ��ا‪ ،‬ل �ك��ن ح �س��ب ب�ع��ض‬ ‫التقديرات‪ ،‬تتوزع الديانات في أفريقيا بني‬ ‫اإلسالم واملسيحية والديانات األفريقية‬ ‫التقليدية ب��واق��ع ‪ 45‬و‪ 40‬وأق��ل م��ن ‪15‬‬ ‫في املائة على التوالي‪ ،‬والباقي لليهودية‬ ‫والبهائية والهندوسية‪ ،‬على اختالف في‬ ‫نسبتي اإلسالم واملسيحية‪.‬‬ ‫وي�ت�س��م أص �ح��اب ال��دي��ان��ات األف��ري�ق�ي��ة‬ ‫التقليدية بالتسامح النسبي في تقبل‬ ‫اآلخ��ر املختلف ع�ق� ً‬ ‫�دي��ا‪ ،‬مما يسهل –‬ ‫ح�س��ب ال�ت��وج��ه اإلي��ران��ي – اخ�ت��راق�ه��م‬ ‫ً‬ ‫بعض املتخصصني يرى‬ ‫دينيا‪ ،‬رغم أن‬ ‫ً‬ ‫في ذلك الواقع عائقا أمامها‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫وه � ��ذا ال ��واق ��ع ي �ع��د م �ث��ال� ً�ي��ا ل ��دول ��ة م �ث��ل إي � ��ران تضع‬ ‫التوسع العقدي والسياسي واالقتصادي على رأس‬ ‫استراتيجيتها الخارجية‪.‬‬ ‫وتتسم أه��داف وآل�ي��ات التوسع اإلي��ران��ي بالشمولية‬ ‫والتزامن‪ ،‬وهي ذات عالقة تبادلية؛ فما هو هدف يصبح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أحيانا آل�ي��ة‪ ،‬واآلل�ي��ة ق��د تصبح ه��دف��ا‪ ،‬حسب طبيعة‬ ‫الظروف املحيطة‪ .‬ولعل من الصعوبة بمكان استقصاء‬ ‫كل األهداف واآلليات اإليرانية في استراتيجيتها هذه‪،‬‬ ‫وذلك راجع بالدرجة األولى لطبيعة الهدف؛ «التوسع»‪،‬‬ ‫من ناحية‪ ،‬وللمبدأ األساسي في العقيدة الشيعية؛‬ ‫«التقية»؛ من ناحية أخرى‪ .‬وبما ال ينفي أهمية األخرى‪،‬‬ ‫يمكن إجمال أهم األبعاد فيما يلي‪:‬‬

‫اآليديولوجيا‬ ‫اآليديولوجيا أبرز أبعاد السياسة الخارجية اإليرانية‪،‬‬ ‫وفي طريقها لبث آيديولوجيتها‪ ،‬ال تستثني أتباع أي‬ ‫ديانة أو مذهب أو ثقافة؛ فتعمل على نشر عقيدتها‬ ‫بني غير املسلمني‪ ،‬وبني املسلمني السنة؛ خصوصا‬ ‫ً‬ ‫ذوي امليول الصوفية‪ ،‬بما يحقق هدفني؛ أوال الخصم‬ ‫ً‬ ‫وثانيا اإلض��اف��ة إلى‬ ‫من الرصيد السني في ال�ق��ارة‪،‬‬

‫الرئيس النيجيري بوهاري خالل استقباله وزير الخارجية اإليراني‬ ‫جواد ظريف في مقر الرئاسة في أبوجا‪ 25 ،‬يوليو ‪( 2016‬غيتي)‬

‫الرصيد الشيعي‪.‬‬ ‫يرجع الوجود الشيعي في أفريقيا إلى عدة قرون‪،‬‬ ‫مع رحالت التجار املسلمني من وسط وشرق آسيا‬ ‫ً‬ ‫عبر املحيط الهادي‪ ،‬وصوال إلى السواحل الجنوبية‬ ‫والجنوبية الشرقية للقارة‪ ،‬وقد استقر بعض ممن‬ ‫كانوا يعتنقون العقيدة الشيعية في كينيا وتنزانيا‪،‬‬ ‫وتركزوا في جنوب أفريقيا‪ ،‬ورغم أعدادهم القليلة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تجارا عوض هذا‬ ‫فإن وزنهم االقتصادي بصفتهم‬ ‫ال�ن�ق��ص ال�ن�س�ب��ي‪ ،‬وم��ا زال ��وا ح�ت��ى ال �ي��وم يتمتعون‬ ‫بوزن اقتصادي نسبي‪ .‬إضافة إلى جلب االستعمار‬ ‫ً‬ ‫األوروبي أيضا مجموعات من اآلسيويني‪ ،‬كان بينهم‬ ‫بعض من معتنقي العقيدة الشيعية‪ ،‬ال سيما من‬ ‫ال�ه�ن��د‪ ،‬إل��ى امل�س�ت�ع�م��رات ال�ب��ري�ط��ان�ي��ة ف��ي أف��ري�ق�ي��ا‪.‬‬ ‫وعملت ال��دول��ة اإلي��ران�ي��ة على تعويض ه��ذا النقص‬ ‫ال �ع��ددي ف��ي أع� ��داد ال�ش�ي�ع��ة ف��ي ال �ق��ارة‪ ،‬ع��ن طريق‬ ‫ً‬ ‫خصوصا في جنوب‬ ‫م�ح��اوالت تشييع املسلمني‪،‬‬ ‫أفريقيا التي يتمتع فيها املسلمون بثقل سياسي‬ ‫معتبر رسخته مناهضتهم القوية حكومة بريتوريا‬ ‫إب� ��ان ح�ق�ب��ة ال �ح �ك��م ال �ع �ن �ص��ري‪ ..‬ه ��ذا ف��ي ال �ش��رق‬ ‫والجنوب األفريقيني‪.‬‬ ‫وعلى الساحل الغربي للقارة‪ ،‬وإن كانت الدولة العبيدية‬ ‫ذات ال�ع�ق�ي��دة الشيعية‪ ،‬سقطت ف��ي امل �غ��رب العربي‬ ‫وال�ش�م��ال األف��ري�ق��ي منذ ق��رون‪،‬‬ ‫فإنها تركت خلفها بعض األتباع‬ ‫الذين ترى فيهم إيران نبتة قابلة‬ ‫للتغذية من جديد تمتد بها على‬ ‫طول الساحل الشرقي لألطلسي‬ ‫والجنوبي للبحر املتوسط‪ ،‬فازداد‬ ‫نشاطها في غينيا وساحل العاج‪،‬‬ ‫وتركز في السنغال ونيجيريا‪ ،‬ولم‬ ‫ينقطع في مصر وتونس والجزائر‬ ‫وبعض املحاوالت في موريتانيا‪.‬‬ ‫هذا الوضع القائم شجع إيران منذ‬ ‫بداية «ثورتها» على العمل الحثيث‬ ‫نحو استغالله‪ ،‬وهو العمل الذي بدا‬ ‫أنه قد تعطل إبان الحرب العراقية –‬ ‫اإليرانية‪ ،‬ثم عاد إلى التحرك بكثافة‬ ‫من جديد فور انتهائها‪ ،‬عبر وسائل‬ ‫عدة اتسمت بالدأب واملرونة‪.‬‬


‫كبيرة‪ ،‬فإنها «ت��درس وتتدرب مل��دة ثالثة أشهر أو نحو ذلك‬ ‫قبل أن تتزوج»‪ .‬وكما هو الحال مع عائشة‪ ،‬فإن تلك النساء‬ ‫ال �ش��اب��ات‪ ،‬ي�ت��م وض�ع�ه��ن ف��ي م �ن��ازل منعزلة ويتلقني إع��ادة‬ ‫تأهيل واس��ع النطاق‪ .‬فبعض م��ن ه��ذه الفتيات مسيحيات‪،‬‬ ‫بينما األخريات مسلمات؛ بغض النظر عن ذلك‪ ،‬فإنهن ً‬ ‫جميعا‬ ‫يخضعن لبرنامج إعادة التعليم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم أعضاء الجماعة‬ ‫ً‬ ‫«بدعوة الفتيات ً‬ ‫وتكرارا إلجبارهن على فهم آيديولوجية‬ ‫مرارا‬ ‫املتمردين وأهدافهم»‪ ،‬وذلك حسبما ذكرت فالتا‪ .‬وعقب إتمام‬ ‫التدريب‪ ،‬الذي تتراوح شدته بحسب مدى تقبل الفتيات وتقييم‬ ‫معلميهم‪ ،‬تبدي الفتيات رغبة في ال��زواج من أعضاء جماعة‬ ‫«بوكو حرام»‪.‬‬

‫الجريمة والعقاب‬

‫ُ‬ ‫ولكن يبدو أن عائشة لم تظهر أي نوع من الندم على أن ذلك‬ ‫ُ‬ ‫السالح الذي كانت تنظفه وتحمله قد قتل كثيرين‪ .‬وعندما‬ ‫ُ‬ ‫سألتها عن االنتحاريات الالتي كن ُيستخدمن من ُقبل جماعة‬ ‫«بوكو ح��رام»‪ ،‬ذك��رت قائلة إنهن كن متطوعات يقلن «إنهن‬ ‫يرغنب في القيام بمهمة»‪ ،‬وذل��ك بعد حصولهن على تدريب‬ ‫ملدة ثالثة أشهر كي تتمكن قيادة «بوكو ح��رام» من «التأكد‬ ‫من إخالصهم»‪ .‬تستطرد عائشة قائلة إن معظم املتطوعات‬ ‫كن أرامل أو أنهن يذهنب في مهمة مع أزواجهن‪ .‬وعند الضغط‬ ‫عليها بشأن استغالل األطفال االنتحاريني‪ ،‬ردت عائشة قائلة‬ ‫إن هذه الهجمات كانت بهدف «االنتقام»‪« .‬فإذا فجرت فتاة تبلغ‬ ‫من العمر سبعة أعوام نفسها‪ ،‬فإنه من املحتمل أنها تفعل ذلك‬ ‫ُ‬ ‫ألن والدتها قد توفيت‪ ،‬لذلك فإنها ترغب في االنتقام من الجيش‬ ‫النيجيري الذي قتل والدتها»‪.‬‬ ‫أما عن زينب‪ ،‬زوجة أخرى من زوجات محاربي «بوكو حرام»‬ ‫ً‬ ‫التي كانت تعيش ببلدة والس��ة أي��ض��ا‪ ،‬فقد قدمت تفاصيل‬ ‫للمسؤولني االج�ت�م��اع�ي�ين ح��ول األع �م��ال ال��داخ�ل�ي��ة للجماعة‬ ‫املتمردة‪ ،‬ولكن ً‬ ‫تماما مثلما هو الحال مع عائشة‪ ،‬فإنه يبدو أنها‬ ‫تتفادى األسئلة الخاصة بعنف الجماعة‪ .‬وببساطة‪ ،‬استطردت‬ ‫قائلة‪« :‬حيث إنني امرأة‪ ،‬فإنني ال أعلم شيئا عن الجهاد‪ .‬جدير‬ ‫ً‬ ‫بالذكر أن زينب أيضا كانت متزوجة من أحد أعضاء جماعة‬ ‫«بوكو ح��رام» على أم��ل الحصول على معاملة أفضل‪ ،‬التي‬ ‫ذكرت أنها تلقتها بالفعل باعتبارها زوجة أحد املتمردين‪.‬‬

‫التعليم‬ ‫وعلى الرغم من أن عائشة تمتعت ببعض املميزات‪ ،‬خصوصا‬ ‫تلك املتعلقة بالنساء األخريات في يان أوا‪ ،‬فقد كان عليها أن‬ ‫ُ‬ ‫ُتعد الطعام وتنظف املنزل لزوجها‪ .‬وك��ان على كل النساء‪،‬‬ ‫بغض النظر عن أعمارهن أو حالتهن االجتماعية‪ ،‬حضور‬

‫دروس ل�ل �ق��رآن‪ ،‬ي�ق��دم�ه��ا أع �ض��اء ال�ج�م��اع��ة ل�ك��ل م��ن النساء‬ ‫والرجال كل على حدة خالل خمسة أو ستة أيام باألسبوع‪.‬‬ ‫وأص ��رت زي�ن��ب على أن التعليم ال��ذي تلقته عندما انضمت‬ ‫ً‬ ‫ألول مرة لـ«بوكو حرام» كان مماثال ملا تلقته بمدرسة القرآن‬ ‫عندما كانت طفلة صغيرة‪ .‬وتتذكر قائلة إن «التغيير األكثر‬ ‫أهمية» فيما تعلمته عندما كانت طفلة «هو أنه كان علي تغطية‬ ‫جسدي بالكامل»‪ .‬تقضي جماعة «بوكو حرام» بارتداء النساء‬ ‫النقاب‪ .‬وذكرت عائشة أن أحد أعضاء جماعة «بوكو حرام»‬ ‫أخبرها بأن جسدها «إذا رآه العالم‪ ،‬فهو حرام»‪ ،‬لذلك ينبغي‬ ‫عليها وعلى السيدات األخريات «تغطية جميع أجزاء جسدهن‬ ‫باستثناء العينني»‪.‬‬ ‫وف�ي�م��ا يتعلق بالتغيير اآلخ��ر امل�ل�ح��وظ ف��ي دور زوج��ات‬ ‫أعضاء جماعة «بوكو حرام» هو أنه من املمنوع عملهن في‬ ‫الفالحة واإلب�ق��اء عليهن في عزلة ق��در اإلم�ك��ان‪ ،‬وذل��ك من‬ ‫أجل استمرار البردة أو «عزل الزوجة» ذلك املبدأ الذي تدعو‬ ‫إليه بعض الجماعات اإلسالمية‪ .‬أما بالنسبة لفالتا‪ ،‬فإن‬ ‫هذا الحكم قد حسن من حياتها ً‬ ‫كثيرا‪ .‬فقد ذكرت‪ ،‬وعلى‬ ‫وجهها ابتسامة‪ ،‬أن��ه عندما كانت تعيش مع ابنها ببلدة‬ ‫والسة‪« :‬لم يكن هناك عمل شاق‪ ،‬حيث إنها كانت تشارك‬ ‫في إع��داد الطعام وأعمال التنظيف فحسب‪ .‬أم��ا من قبل‪،‬‬ ‫فكان ينبغي علينا القيام بأعمال الفالحة لجمع الحطب‪،‬‬ ‫ولكن في ظل تبني مفهوم العقيدة‪ ،‬كانت النساء هن سيدات‬ ‫املنزل»‪ .‬فهي تعتقد أن عددا من النساء انضممن إلى جماعة‬ ‫«بوكو ح��رام» ألنهن سمعن عن «املعاملة الجيدة» الالتي‬ ‫تلقينها على يد أعضاء الجماعة‪.‬‬ ‫وبالطبع‪ ،‬لم تنضم كل نساء الجماعة عن طيب خاطر‪ .‬فقد‬ ‫أنه تحت قيادة زوجها‪ ،‬كانت هناك سياسة‬ ‫اعترفت عائشة ُ‬ ‫تنص على أنه «إذا أعجب مقاتل بامرأة‪ ،‬يجوز له أخذها»‪ .‬وإذا‬ ‫كانت صغيرة للغاية‪« :‬فإنه يتزوجها على الفور»‪ .‬وإذا كانت‬

‫ول�ك��ن بالنظر إل��ى «ب��وك��و ح��رام» ف��إن أسلوبها ف��ي الجريمة‬ ‫ً‬ ‫مستخدما في القرون‬ ‫والعقاب هو األسلوب املروع الذي كان‬ ‫الوسطى‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن ف��امل��ات��ا‪ ،‬البالغة م��ن العمر ‪ 16‬ع� ً�ام��ا‪ ،‬ال�ت��ي كانت‬ ‫متزوجة من أحد املتمردين وتعيش في الوقت الحالي في‬ ‫مخيم تابع للحكومة بعد أن أخذتها قوات الجيش خالل‬ ‫غ��ارة شنتها على معسكرها ال�س��اب��ق‪ ،‬فإنها ت��ذك��ر لنا‬ ‫العقوبات بالتفصيل‪ .‬ففي ماسا‪ ،‬حيثما كانت تعيش مع‬ ‫املتمردين ملدة خمسة أشهر‪ ،‬كان أحد أحكامهم ينص على‬ ‫أن أي شخص يحصل على راتب حكومي ينبغي أن ُيقتل‪.‬‬ ‫وعقب إحكام سيطرتهم على البلدة‪« :‬كانت هناك كثير‬ ‫من جرائم الجلد»‪ ،‬وذلك حسبما أكدت عليه فاملاتا‪« .‬كما‬ ‫ً‬ ‫اعتقادا منهم أن‬ ‫أنهم كانوا يجلدون متعاطي املخدرات‪،‬‬ ‫ذلك سوف ُيعيد تأهيلهم»‪ .‬وكلما ازدادت خطورة املخالفة‪،‬‬ ‫ازدادت وحشية العقوبة‪ .‬وع��ن الهاربني الذين ف��روا من‬ ‫الجماعة‪« :‬فقد كانوا ُيؤخذون إلى مشارف املدينة ُويطلق‬ ‫عليهم النار»‪.‬‬ ‫سعى املتمردون ملنع االنشقاقات من خالل تنفيذ تلك العقوبات‬ ‫الوحشية‪ ،‬باإلضافة إلى حملة دعائية تهدف إلى زرع الخوف‬ ‫من جنود الجيش والشرطة النيجيرية‪ .‬كما قيل للنساء إن‬ ‫قوات األمن النيجيرية‪ ،‬هي قوات وحشية وغير إسالمية‪ ،‬وإنها‬ ‫سوف تقتلهن إذا لذن بالفرار‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تذكر فالتا أن ابنها حذرها قائال‪« :‬إذا سمعت أي شيء عن‬ ‫الجنود‪ ،‬ينبغي عليك الجري واالختباء منهم في األدغ��ال»‪.‬‬ ‫أخبرني حجازي أنه عندما يتم أخذ الزوجات من املعسكرات‬ ‫في أقصى الشمال الشرقي بنيجيريا إلى مدينة مايدوجوري‪،‬‬ ‫عاصمة والية بورنو‪ ،‬فإنهن ُيفاجأن بأن األشخاص بمدينة‬ ‫مايدوجوري ُيصلون‪ ،‬وذلك ألنه قد تم إخبارهن بأن كل من‬ ‫في املدينة كفار وليسوا مسلمني‪.‬‬ ‫حتى إن كان من اليسير تبديد تلك األسطورة‪ ،‬فإن تحسني‬ ‫سمعة الدولة النيجيرية وسمعة جنودها أمر صعب‪ .‬فحاالت‬ ‫االنتهاكات الجنسية والتعديات التي تتم حيال النساء النازحات‬ ‫على يد قوات الشرطة والجيش النيجيرية هي حاالت شائعة‬ ‫ُ‬ ‫بمدينة مايدوجوري‪ .‬فهذه االنتهاكات تؤكد ادعاءات الطائفة‬ ‫حول املمارسات الشاذة للحكومة ُليصبح من الصعب عدم‬ ‫تكذيب دعاية «بوكو حرام»‪ .‬فالرواية املشهورة التي تذكر أن‬ ‫جميع النساء لدى «بوكو حرام» هن نساء مخطوفات هي رواية‬ ‫ُمثيرة في وضوحها األخالقي‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإنه من‬ ‫أجل محاربة املتمردين‪ ،‬من املهم للغاية إدراك السبل التي دفعت‬ ‫عبرها الدولة النيجيرية هؤالء النساء للسعي للحصول على‬ ‫حياة أفضل مع «بوكو حرام» <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪53‬‬


‫تحكي لنا عائشة‪ ،‬تلك املرأة البارعة وساحرة الجمال‪ ،‬البالغة من العمر ‪ً 25‬‬ ‫عاما‪،‬‬ ‫من بلدة بانكي‪ ،‬التي تقع على الحدود مع دول��ة الكاميرون‪ ،‬كيف أتى أعضاء من‬ ‫جماعة «بوكو حرام» إلى بلدتها في عام ‪ 2012‬وبدأوا وعظ أشخاص البلدة تحت‬ ‫اسم الراديكالية املتشددة‪.‬‬

‫النساء الالتي تزوجن ً‬ ‫طوعا من أفراد الجماعة املتشددة‬

‫يوميات عائشة زوجة قائد خلية بجماعة «بوكو حرام»‬

‫أبوجا (نيجيريا) ‪ :‬هيالري ماتفيس‬ ‫اتجه املتمردون نحو بعض من النساء ليسألوهن‬ ‫عما ت�ن��اول��وه م��ن ط�ع��ام‪ .‬وعندما أج��اب��وا بأنهم لم‬ ‫يتناولوا س��وى األرز‪ ،‬ق��ام��وا بعقد صفقة ُمذهلة‬ ‫معهم تتمثل ف��ي منحهم مبلغا منتظما يبلغ ‪ 5000‬نيرة‬ ‫وطعاما أفضل في مقابل الزواج منهن‪ ،‬وذلك حسبما ذكرته‬ ‫عائشة التي كانت مفتونة للغاية بتلك الصفقة‪ ،‬حتى إنها‬ ‫طلبت الطالق من زوجها فيما بعد لكي تحصل عليها‪ُ .‬ينفق‬ ‫ً‬ ‫شهريا على األرجح‪ ،‬وهو مبلغ ال ُيصدق‪ ،‬مع الوضع‬ ‫هذا املبلغ‬ ‫في االعتبار أن ‪ 80‬في املائة من األشخاص الذين يعيشون‬ ‫في ريف نيجيريا ُينفقون أقل من ‪ 400‬نيرة ً‬ ‫يوميا‪ .‬أوضحت‬ ‫عائشة ذلك األمر الواقعي‪ ،‬قائلة‪« :‬إنني تعبت من زوجي وأريد‬ ‫رج�لا ً‬ ‫غنيا‪ ...‬وأن��ا أعلم أن هناك كثيرا من ال��رج��ال األغنياء‬ ‫بجماعة (بوكو حرام)»‪.‬‬

‫قوات األمن النيجيرية‬ ‫وعلى الرغم من سوء سمعتها إثر انتهاكاتها الجسيمة لحقوق‬ ‫اإلنسان؛ خصوصا النساء والفتيات‪ ،‬يبدو أن مكانة «بوكو‬ ‫حرام» بني النساء الالتي توددن لهن للزواج منهن أقل سوءا‪.‬‬ ‫فمن ب�ين ال�ن�س��اء السبع ال�لات��ي تحدثت معهن ف��ي معسكر‬ ‫خاص بمدينة مايدوجوري‪ ،‬الذي يضم نحو عشرين زوجة من‬ ‫زوجات مسلحي جماعة «بوكو حرام» الالتي أنقذهن الجيش‬ ‫ُ‬ ‫النيجيري خالل غارات شنت على معسكرات «بوكو حرام»‪،‬‬ ‫ذكرت معظمهن أنهن قد تزوجن من أعضاء بجماعة «بوكو‬ ‫حرام» عن طيب خاطر‪ .‬وتحت قيادة مؤسس الجماعة‪ ،‬محمد‬ ‫يوسف‪ ،‬والقائد الحالي لها‪ ،‬أبو بكر الشوكي‪ ،‬الذي تولى قيادة‬ ‫الجماعة عقب إعدام محمد يوسف بال محاكمة في عام ‪2009‬‬ ‫على يد ق��وات األم��ن النيجيرية‪ ،‬شاركت الجماعة في تنظيم‬ ‫الزيجات بني األعضاء‪ .‬وكجزء من هذه العملية‪ ،‬عملية الوعظ‬ ‫وتحويل األشخاص إلى اإلس�لام التي تبنتها جماعة «بوكو‬ ‫ح��رام» التي تعد ج��زءا من استراتيجيتها لتجنيد األعضاء‪،‬‬ ‫ومن بينهم عدد من النساء‪.‬‬

‫امرأة مطلقة‬ ‫بعد أن ت��رك��ت عائشة زوج �ه��ا‪ ،‬انضمت إل��ى جماعة «بوكو‬ ‫ح��رام» باعتبارها «ام��رأة ُمطلقة» وظلت في دار الضيافة مع‬ ‫نساء أخريات مثلها‪ ،‬حيث كانت تتلقى معاملة جيدة وغذاء‬ ‫أفضل‪ .‬وحسبما ذكرت‪ ،‬فإن «الرجال كانوا يأتون إليها ً‬ ‫واحدا‬

‫‪52‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫تلو اآلخر ُليقنعوها بالزواج منهم»‪ .‬وبعد مرور ثالثة أشهر‪،‬‬ ‫اختارت عائشة محمد األمير أو قائد خلية «بوكو حرام» ببلدة‬ ‫«والس��ة» ب��والي��ة ب��ورن��و الشمالية‪ .‬وأث�ن��اء وصفها ل��ه ولحفل‬ ‫زفافها‪ ،‬انتابها الحنني بصورة ملحوظة قائلة إنه «كان رجال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ووسيما وحنونا»‪ .‬وبفخر‪ ،‬ذك��رت عائشة أن مهرها‬ ‫طويال‬ ‫كان ً‬ ‫كبيرا للغاية حيث بلغ مائة ألف نيرة (أي ما يعادل ‪312‬‬ ‫دوالرا أم�ي��رك�ي��ا)‪ ،‬وأن�ه��ا حصلت على األم ��وال م�ب��اش��رة ولم‬ ‫يأخذها والدها‪ .‬جدير بالذكر أن جماعة «بوكو حرام» كانت‬ ‫تدعو لدفع مهر العروس مباشرة للعروس ذاتها‪ ،‬تماشيا مع‬ ‫ً‬ ‫التشريعات الدينية األكثر اعتداال التي تنص على أن املهر هو‬ ‫أوضح لي أحد نشطاء املجتمع املدني‬ ‫ملك العروس‪ .‬وحسبما‬ ‫ً‬ ‫بمدينة مايدوجوري‪ ،‬فإنه وفقا للتعاليم الدينية‪« :‬ال ُيفترض‬ ‫أن يحصل ال��وال��دان على مهر ال�ع��روس»‪ .‬وكما ذك��رت أغلبية‬ ‫السيدات الالتي تحدثت معهن وال�لات��ي تزوجن من أعضاء‬ ‫طوعا أو ً‬ ‫بجماعة «بوكو ح��رام» ‪ -‬سواء ً‬ ‫كرها ‪ -‬فإنهن أكدن‬ ‫أنهن تلقني مهرهن‪ ،‬حيث تراوحت مهورهن بني ألف نيرة إلى‬ ‫‪ 5000‬نيرة (أي ما يعادل ‪ 156 - 31‬دوالرا أميركيا)‪.‬‬ ‫تستطرد عائشة‪ ،‬التي كانت تعيش مع زوجها في مخيم «بوكو‬ ‫ح��رام» قبل أن تنقلها ق��وات الجيش النيجيري إل��ى معسكر‬ ‫خاص بمدينة مايدوجوري حيثما تعيش في الوقت الحالي‪،‬‬ ‫قائلة إن الحياة زوجة قائد كانت «جميلة للغاية‪ ..‬فقد تلقيت‬ ‫ُ‬ ‫معاملة أفضل بنسبة مائة في املائة عندما كنت زوجة لقائد‬ ‫بجماعة (بوكو حرام)»‪ .‬عددت ُعائشة أسباب سعادتها للعيش‬ ‫مع زوجها على أصابع يديها املزينتني بالحناء قائلة‪« :‬لقد كان‬ ‫ً‬ ‫أسبوعيا لشراء األحذية والحقائب‬ ‫زوجي يعطيني ‪ 5000‬نيرة‬ ‫وجميع أنواع املاكياج من كريم أساس وأحمر الشفاه وظالل‬ ‫العيون‪ .‬كما كان ُيعطيني الهدايا ويمنحني الطعام الشهي»‪.‬‬ ‫تتذكر عضوات أخريات بجماعة «بوكو ح��رام»‪ ،‬حتى هؤالء‬ ‫ُ‬ ‫ال�لات��ي ت��زوج��ن أو ك��ن على صلة بضباط ذوي مرتبة أق��ل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫املعاملة الجيدة التي تلقينها عندما كن بجماعة «بوكو حرام»‪.‬‬ ‫فقد كن يطلنب أي شيء من أزواجهن ‪ -‬املالبس أو اللحم أو‬ ‫األغ��راض املنزلية ‪ -‬ليشن ال��رج��ال غ��ارات لجلب تلك األم��ور‪.‬‬ ‫ذكرت سيدة منهن رفضت اإلفصاح عن اسمها قائلة‪« :‬لقد‬ ‫تزوجت أحد أعضاء (بوكو ح��رام) برغبتي»‪ .‬فعندما كانت‬ ‫عضوا ً‬ ‫مراهقة‪ ،‬تزوجت صديق أخيها‪ ،‬الذي كان ً‬ ‫بارزا بجماعة‬ ‫«بوكو حرام»‪ .‬واآلن‪ ،‬فهي تبلغ من العمر ‪ 21‬سنة وتعيش في‬ ‫مخيم للمشردين بمدينة مايدوجوري مع طفلها الصغير‪ .‬فقد‬ ‫تركت «بوكو ح��رام» مصطحبة ابنها بعد أن اختار زوجها‬ ‫الزواج من امرأة أخرى وشعرت حينها أنها ال تحظى بالقدر‬ ‫ً‬ ‫الكافي من االهتمام‪ .‬كما أرادت أيضا العودة إلى أهلها الذين‬ ‫لم تتواصل معهم كثيرا خالل الفترة التي قضتها مع جماعة‬

‫الجئة نيجيرية في‬ ‫معسكر الدرك التشادي‬ ‫قرب إنجامينا بعد‬ ‫تحريرها من جماعة‬ ‫بوكو حرام (غيتي)‬

‫«ب��وك��و ح ��رام» نتيجة ت�ب��اع��د األم��اك��ن وال �ق��واع��د ال�ت��ي كانت‬ ‫تفرضها «بوكو ح��رام» على أعضائها‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬ال تزال‬ ‫تؤكد أن زوجها «لم ُيسئ معاملتها قط»‪.‬‬ ‫أما عن فالتا‪ ،‬تلك السيدة الكبيرة البالغة من العمر ‪ 58‬عاماً‬ ‫التي اتبعت ابنها في التمرد‪ ،‬فقد أكدت أن «بعض الرجال كانوا‬ ‫يعاملون السيدات على نحو جيد قبل اتباعهم العقيدة‪ ،‬ولكنهم‬ ‫أصبحوا يعاملوهن معاملة خاصة بعد اتباعهم العقيدة‪ ،‬وبدأ‬ ‫الرجال جميعهم في معاملة النساء معاملة أفضل»‪ .‬كما أكد‬ ‫الباحث آدم حجازي‪ ،‬بمركز «ال��دراس��ات األفريقية» بجامعة‬ ‫كامبريدج ذلك‪ .‬فقد أخبرني أن «(بوكو حرام) كانت تؤكد في‬ ‫مواعظها أن الرجال للنساء» وأنه ينبغي على األزواج توفير‬ ‫كل ما ترغب فيه الزوجات»‪ .‬وعلى الرغم من أن فالتا تعيش‬ ‫في الوقت الحالي في مخيم تابع للحكومة بمدينة مايدوجوري‪،‬‬ ‫فإنها عبرت عن رغبتها في العودة مرة أخرى للتمرد والبنها‪.‬‬

‫زوجة القائد‬ ‫ً‬ ‫(وغالبا ما كان ُيطلق‬ ‫وبحسب مكانتها باعتبارها زوجة القائد‬ ‫عليها اسم «األميرة»)‪ ،‬ذكرت عائشة أنها كانت تنتقل من باب‬ ‫لباب لكي تمنح الهدايا ألعضاء جماعة «بوكو ح��رام» الذين‬ ‫يطلق عليهم «يان أوا الذي يعني نحن ً‬ ‫جميعا شخص واحد»‪،‬‬ ‫ذكرته زوجات املسلحني الذين كانوا يعيشون‬ ‫وذلك حسبما ُ‬ ‫ببلدة والسة‪ .‬كما طلب من بعض النساء حمل أسلحة أزواجهن‬ ‫أثناء انتقالهم إلى معسكر مختلف أو ذهابهم إلى املعركة‪ .‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫كانت عائشة فخورة بذلك‪ .‬كما كانت تنظف بندقية زوجها‬ ‫ً‬ ‫أيضا‪ .‬وتتذكر عائشة ذلك‪ ،‬في حني تهز رأسها قائلة‪« :‬قطعاً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫قطعا»‪ ،‬مشيرة إلى مدى تعقيد تلك البندقيات وكيف أنها كانت‬ ‫ُ‬ ‫تفكك السالح قطعة قطعة وتنظف كل مكوناته ومن ثم تعيد‬ ‫تجميعه مرة أخرى‪.‬‬


‫ﺗﻄﺒﻊ ﻓﻲ‬

‫‪18‬‬

‫ﻣﻮﻗﻌ ًﺎ‬

‫ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ‬

‫اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮ ًا‬ ‫اﻟﺮﻳﺎض ‪ -‬اﻟﺪﻣﺎم ‪ -‬ﺟﺪة ‪ -‬اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ‪ -‬اﻟﻘﺎﻫﺮة ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪ -‬دﺑﻲ ‪ -‬ﻟﻨﺪن ‪ -‬ﻧﻴﻮﻳﻮرك ‪ -‬ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻴﺲ‬ ‫ﻋﻤﺎن ‪ -‬إﺳﻄﻨﺒﻮل‬ ‫واﺷﻨﻄﻦ ‪ -‬ﺑﺎرﻳﺲ ‪ -‬ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت ‪ -‬ﺟﻮﻫﺎﻧﺴﺒﻴﺮغ ‪ -‬اﻟﺨﺮﻃﻮم ‪ -‬أرﺑﻴﻞ ‪ّ -‬‬ ‫‪scan me‬‬

‫‪www.aawsat.com‬‬ ‫‪@aawsat_News‬‬

‫‪ASHARQALAWSAT‬‬

‫‪asharqalawsat‬‬


‫خ��ارج البالد‪ ،‬حيث تغيرت طبيعة املفاوضات‪ ،‬وتحولت إلى‬ ‫العمل على إشراك البرملان السابق بنوابه‪ ،‬وقياداته‪ ،‬في منظومة‬ ‫الحكم الجديدة‪ ،‬وأنه «ال بد من تقاسم السلطة» رغم أن البرملان‬ ‫السابق أسقطه الليبيون في االنتخابات‪.‬‬

‫حكومة الثني‬ ‫وتبنى قادة سياسيون في مصراتة هذا الطريق‪ .‬ودعم املسار‬ ‫الجديد دول غربية على رأسها الواليات املتحدة األميركية‪.‬‬ ‫وبدال من العمل على تقوية الجيش والبرملان وحكومة الثني‪،‬‬ ‫بدأ العمل على قدم وساق إلشراك منظومة الحكم التي لفظها‬ ‫الليبيون‪ ،‬في مستقبل ليبيا‪ .‬وس��ار ح��وار «الصخيرات»‪،‬‬ ‫وهي بلدة تقع في دولة املغرب‪ ،‬بني الليبيني على هذا املنوال‪.‬‬ ‫وشعر البرملان الجديد (في طبرق) وحكومته (في البيضاء)‬ ‫والجيش الذي يدعمه بقيادة حفتر (في بنغازي)‪ ،‬بأن األمم‬ ‫املتحدة ودول غربية أخرى تسير في طريق مختلف‪ .‬وأنه‬ ‫من الصعب املوافقة على مثل هذه األمور‪.‬‬ ‫حل مارتن كوبلر محل ليون‪ .‬وقام كوبلر بزيارات مكوكية‬ ‫إلى كل من رئيس البرملان املستشار عقيلة صالح‪ ،‬وحفتر‪،‬‬ ‫إلقناعهما باملوافقة على مخرجات حوار الصخيرات‪ ،‬الذي‬ ‫تضمن أن ي�ك��ون رئ�ي��س امل�ج�ل��س ال��رئ��اس��ي‪ ،‬ه��و املختص‬ ‫ب��ات�خ��اذ م��ا ي ��راه ف��ي ش��أن ال�ج�ي��ش وامل �خ��اب��رات واألج �ه��زة‬ ‫األمنية‪ .‬ه��ذه النقطة معروفة باسم «امل��ادة الثامنة»‪ .‬وهي‬ ‫تتعارض م��ع بنود م��وج��ودة ف��ي اإلع�ل�ان ال��دس�ت��وري ال��ذي‬ ‫يجري العمل به منذ سقوط نظام القذافي‪ .‬وهي تنزع أيضا‬ ‫املسؤولية عن الجيش من يد رئيس البرملان صالح‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يكون وجود حفتر مستقبال في خطر‪.‬‬ ‫وبينما املفاوضات تجري بني القادة الليبيني‪ ،‬كانت مراكب‬ ‫األسلحة واملقاتلني تتدفق على امليليشيات التي تحارب حفتر‬ ‫والبرملان‪ ،‬تحت سمع وبصر الخصوم الليبيني في الغرب‪،‬‬ ‫وتحت سمع وبصر املجتمع الدولي‪ .‬كانت شوكة تنظيم داعش‬ ‫تزداد قوة في درنة وبنغازي‪ ،‬في مواجهة الجيش الذي يقوده‬ ‫حفتر املحروم من السالح‪ ..‬جيش مفروض عليه حظر تسليح‬ ‫م��ن األم��م امل�ت�ح��دة‪ ،‬وي�ع��ان��ي م��ن ض�ع��ف اإلم�ك��ان��ات عموما‪،‬‬ ‫ويواجه فوق كل هذا عمليات عسكرية عدائية من ميليشيات‬ ‫يهيمن عليها ق��ادة من مصراتة وطرابلس‪ ،‬س��واء في غرب‬ ‫البالد أو في الجنوب على يد ما يعرف باسم «القوة الثالثة»‪.‬‬ ‫ومع ذلك تمكن الجيش من التماسك ومن تحقيق انتصارات‬ ‫أيضا في درنة وبنغازي‪ ،‬مما دفع تنظيم داعش إلى الفرار من‬ ‫درنة وتمركز جانب منه في بنغازي وجانب آخر في سرت‪.‬‬ ‫واستغل «داع��ش س��رت» الفوضى واملماحكات السياسية‬ ‫بي��ن ال �خ �ص��وم ل�ك��ي ي��زي��د م��ن ق��وت��ه‪ .‬وب ��دأ ق ��ادة ط��راب�ل��س‪،‬‬ ‫خصوصا أولئك الذين لهم ارتباطات قديمة بتنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫ف��ي جلب املقاتلني األج��ان��ب ب�غ��رض ال��وق��وف ض��د الجيش‬ ‫الوطني والبرملان‪ ،‬وفرض السيطرة على منابع النفط ومرافئ‬ ‫التصدير ونقاط الحدود‪ .‬لكن غالبية هؤالء املقاتلني األجانب‬ ‫كانوا يتوجهون إلى سرت ويوالون «داع��ش» بعد الوصول‬ ‫إلى ليبيا‪.‬‬ ‫وبسبب قرب سرت من مصراتة‪ ،‬ب��دأت هذه األخيرة تشعر‬ ‫بالقلق‪ ،‬خصوصا بعد أن هدد قادة التنظيم في سرت بمهاجمة‬ ‫مصراتة‪ ،‬وزادت هذه التهديدات بمرور الوقت‪ ،‬ووصلت إلى‬ ‫ذروت�ه��ا قبيل وص��ول املجلس الرئاسي إل��ى طرابلس‪ .‬ومنذ‬ ‫مايو املاضي بدأت الحرب ضد «داعش سرت»‪ .‬لكن التحالفات‬ ‫كانت تتفكك ويعاد تركيبها بطريقة محيرة‪ .‬حلفاء مصراتة‬ ‫في «فجر ليبيا»‪ ،‬خصوصا قادة في «الجماعة املقاتلة» في‬

‫‪50‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫نائب رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني أحمد معيتيق‪ ،‬خالل مؤتمر صحافي عقد في طرابلس في ‪ 23‬يوليو (غيتي)‬

‫طرابلس‪ ،‬بدأوا يشعرون بأنهم يتعرضون للتهميش بعد اتفاق‬ ‫الصخيرات‪ .‬ونأوا بأنفسهم عن املشاركة في قتال «داعش»‪.‬‬ ‫ومن جانبها‪ ،‬قامت حكومة اإلنقاذ بقيادة الغويل‪ ،‬بالتراجع‬ ‫عن موقفها املؤيد للسراج‪ ،‬وأعلنت في املقابل عن استمرارها‬ ‫في ممارسة أعمالها‪ .‬وأخذت امليلشيات في طرابلس تشعر‬ ‫بأنها األول��ى بالسيطرة على املدينة من ميليشيات مصراتة‬ ‫املنشغلة في الحرب في سرت‪.‬‬ ‫أما الجيش الوطني الليبي‪ ،‬الذي كان يلوح بأنه سيشن حربا‬ ‫على «داعش سرت»‪ ،‬فقد اكتفى بالسيطرة على منابع النفط‬ ‫في املنطقة الوسطى من شمال البالد‪ ،‬وهي منطقة تحوي‬ ‫ن�ح��و ‪ 60‬ف��ي امل��ائ��ة م��ن ال�ن�ف��ط ال�ل�ي�ب��ي‪ .‬ت�ح��رك ال�ج�ي��ش في‬ ‫اتجاه سرت بالفعل‪ .‬وكان يريد أن يبدأ الحرب هناك‪ ،‬لكن‬ ‫السراج ال��ذي ب��ادر بإعالن نفسه قائدا عاما للجيش‪ ،‬دون‬ ‫انتظار ملوافقة البرملان‪ ،‬أو تعديل «امل��ادة الثامنة» من اتفاق‬ ‫الصخيرات‪ ،‬أو حتى الحصول على ثقة البرملان لحكومته‪،‬‬ ‫سبقه إلى هناك على رأس عملية «البنان املرصوص»‪.‬‬ ‫تتكون غالبية قوات «البنيان املرصوص» من قادة عسكريني‬ ‫ومدنيني ما زالوا يطلقون على أنفسهم لقب «ثوار»‪ ،‬للتذكير‬ ‫بأنهم يقفون على طول الخط ضد النظام السابق وضد أي‬ ‫محاولة لعودته‪ .‬ويوجد في مصراتة كلية حربية ومطار‬ ‫ع �س �ك��ري‪ .‬وغ��ال �ب �ي��ة م�ق��ات�ل��ي «ال �ب �ن �ي��ان امل ��رص ��وص» غير‬ ‫مدربني جيدا‪ .‬وسقط من بينهم عشرات القتلى في األيام‬ ‫األولى للحرب في سرت‪ .‬وأثناء التوغل داخل سرت يوم ‪28‬‬ ‫أغسطس (آب) املاضي سقط ‪ 23‬قتيال في ساعات الظهر‪،‬‬ ‫كان من بينهم ‪ 21‬من أبناء مصراتة‪ ،‬ومقاتل واحد تعود‬ ‫أصوله ملدينة طرابلس‪ ،‬وآخر تعود أصوله إلى سرت‪.‬‬ ‫وب��دخ��ول أم�ي��رك��ا ع�ل��ى ال �خ��ط‪ ،‬م��ن خ�ل�ال ال�ق�ص��ف ال�ج��وي‬ ‫وبعض العناصر على األرض‪ ،‬لدعم قوات السراج‪ ،‬أصبحت‬ ‫الحرب مكشوفة‪ ..‬فالغرب لن يدعم حفتر‪ .‬وبمجرد اإلعالن‬ ‫رسميا ع��ن تحقيق االن�ت�ص��ار على «داع��ش س��رت»‪ ،‬تظل‬ ‫األسئلة املطروحة هي‪ :‬إلى أين؟ وماذا بعد؟ وهل سيكون هذا‬ ‫االنتصار خطوة للتوافق السياسي؟ أم إنه سيكون محطة‬ ‫جديدة النطالق عمليات قتالية في هذا البلد النفطي‪ .‬وفي‬ ‫حال االتجاه للجلوس على طاولة املفاوضات بني الفرقاء‪،‬‬ ‫فإن املعطيات الجديدة تبدو معقدة‪ ،‬مثلها مثل الخيار اآلخر‬

‫الخاص بالحرب‪ ..‬فاملجلس الرئاسي وحكومته‪ ،‬يعاني من‬ ‫نقص في شرعيته بعد أن رف��ض البرملان الشهر املاضي‬ ‫منحه الثقة‪ .‬ومن الجانب اآلخر‪ ،‬ال يمكن للبرملان أن يتجاهل‬ ‫االنتصار الذي تحقق في سرت على يد «حكومة السراج»‪.‬‬

‫خطر الدواعش لم ينته في ليبيا‬ ‫وفي املقابل‪ ،‬ال يعني االنتصار في سرت أن خطر الدواعش‬ ‫انتهى في ليبيا؛ فهناك من يرى أن غالبية مقاتلي «داعش»‬ ‫انتشروا في باقي البالد‪ ،‬خصوصا مناطق الجنوب والغرب‪.‬‬ ‫ومن جانبها‪ ،‬تضغط دول الجوار‪ ،‬ودول غربية أخرى‪ ،‬من‬ ‫أجل إيجاد صيغة جديدة يمكن من خاللها إنجاز حكومة‬ ‫وح��دة وطنية حقيقية‪ ،‬وجيش موحد‪ ،‬للقضاء على خطر‬ ‫«داع ��ش» وإن�ه��اء وج��ود امليليشيات املتطرفة األخ��رى في‬ ‫بنغازي ودرنة وصبراتة وحتى طرابلس نفسها‪ .‬لكن املهمة‬ ‫لن تكتمل إال إذا كانت هناك صيغة مرضية لحفتر‪.‬‬ ‫وأخ�ي��را يظل خطر نشوب ح��روب أخ��رى قائما‪ .‬هناك من‬ ‫ي��رى في ح��رب «البنيان امل��رص��وص» على «داع��ش س��رت»‪،‬‬ ‫إنهاكا ملقاتلي مصراتة‪ ،‬وبالتالي يمكن ط��رد عناصرها‬ ‫م��ن طرابلس بسهولة‪ ،‬خصوصا أن هناك ق��وات م��ا زال��ت‬ ‫تحتفظ بأسلحتها ولم تدخل منذ نحو عامني في حروب‬ ‫ول��م تتعرض ل�لإره��اق‪ ،‬مثل ق��وات الزنتان وق��وات القبائل‪،‬‬ ‫باإلضافة إل��ى الجيش الوطني الليبي نفسه‪ .‬كما أن نقل‬ ‫الحرب إلى طرابلس يمكن أن يكون فرصة لدى بعض الدول‬ ‫الغربية ف��ي القضاء على بقايا تنظيم «ال�ق��اع��دة» وخاليا‬ ‫«داع��ش» النائمة‪ ،‬س��واء بمواصلة تعضيد ق��وات «البنيان‬ ‫املرصوص»‪ ،‬أو من خالل إيجاد تحالف جديد تشارك فيه‬ ‫قوات الجيش الوطني وقوات الزنتان والقبائل‪.‬‬ ‫ال�خ�ي��ار األخ �ط��ر أن ت�ت��وج��ه ق ��وات «ال �ب �ن��ان امل��رص��وص»‪،‬‬ ‫تحت الشعور بزهوة النصر‪ ،‬إلى الشرق لشن حرب على‬ ‫ال�خ�ص��وم ه �ن��اك‪ ،‬أي ض��د ق ��وات ال�ج�ي��ش ال��وط�ن��ي‪ ،‬وض��د‬ ‫البرملان وضد حكومة الثني‪ .‬في هذه الحالة يمكن أن تتعقد‬ ‫األمور أكثر من أي وقت سابق‪ ،‬ويمكن أن يتحول الخوف‬ ‫من تقسيم البالد بني شرق وغرب من مجرد هواجس إلى‬ ‫واقع على األرض <‬


‫عناصر من قوات الوفاق الوطني باألسلحة الثقيلة والخفيفة في مدينة سرت الليبية خالل مواجهات مع «داعش» (غيتي)‬

‫ال يخفى على أحد أن القوى التي هيمنت على إدارة البالد «الجماعة الليبية املقاتلة»‬ ‫بعد مقتل ال�ق��ذاف��ي‪ ،‬س��واء م��ن خ�لال البرملان (ك��ان يعرف‬ ‫ب��اس��م «امل��ؤت �م��ر ال��وط�ن��ي ال �ع ��ام») أو م��ن خ�ل�ال ال�ح�ك��وم��ة‪ ،‬املوالية لتنظيم القاعدة‬

‫كانت ع�ب��ارة ع��ن تشكيلة غير متجانسة وتفتقر للخبرة‬ ‫في اإلدارة والسياسة‪ .‬غالبية الوجوه كانت آتية من املنافي‬ ‫األوروبية واألميركية‪ ،‬والوجوه األخرى كانت قادمة من جبال‬ ‫أفغانستان‪ ،‬أو خارجة حديثا من سجون القذافي بعد أن‬ ‫كانت مدانة بتهم االنتماء لتنظيم القاعدة أو متهمة في قضايا‬ ‫لها صلة باإلرهاب‪.‬‬ ‫وال يخفى على أحد أيضا أن بعض القوى كانت لها ارتباطات‬ ‫ب��دول تدعمها وت��دع��م توجهاتها داخ��ل ليبيا‪ .‬ل�ه��ذا ب��دأت‬ ‫املصالح تتقاطع‪ .‬في ذلك الوقت كانت ميليشيات مصراتة‬ ‫ترابط على أب��واب طرابلس الشرقية‪ ،‬أي على ال�ح��دود بني‬ ‫املدينتني‪ ،‬بينما كانت ميليشيات الزنتان تراقب األمر على‬ ‫بوابات العاصمة من ناحية الغرب‪ ،‬فيما كان الليبيون من‬ ‫س�ك��ان امل ��دن ي�ش�ع��رون بالقلق م��ن امل�س�ت�ق�ب��ل‪ .‬ل�ق��د انتهز‬ ‫ال�ن��اخ�ب��ون أول ف��رص��ة إلج ��راء ان�ت�خ��اب��ات برملانية ج��دي��دة‪،‬‬ ‫وقاموا بعملية إقصاء لكل النواب ذوي التوجهات املتشددة‬ ‫واملتعصبة وغيرهم من وكالء امليليشيات وأنصار املجاميع‬ ‫املسلحة‪ .‬ولم يكن تنظيم داعش قد ظهر في ليبيا بعد‪.‬‬ ‫هذا كان يحدث دون أن يكون هناك جيش نظامي حقيقي‬ ‫أو وزارة داخلية ذات سلطة تذكر‪ .‬وبمرور الوقت‪ ،‬بدأ كل‬ ‫طرف يتحفز ضد اآلخر في اتجاه العاصمة‪ ،‬إلى أن وقعت‬ ‫ال�ح��رب امل�ع��روف��ة باسم «ح��رب مطار ط��راب�ل��س» ف��ي ‪2014‬‬ ‫التي انتصرت فيها ميليشيات مصراتة وانسحبت فيها‬ ‫ميليشيات الزنتان‪ ،‬وجرى خاللها حرق املطار بما فيه من‬ ‫طائرات‪ .‬وظلت خزانات الوقود الضخمة مشتعلة لعدة أيام‬ ‫وخسرت البالد مليارات الدوالرات في غمضة عني‪.‬‬

‫ميليشيات م�ص��رات��ة‪ ،‬أث�ن��اء عملية السيطرة الكاملة على‬ ‫ط��راب�ل��س وأث �ن��اء ال�ح��رب ض��د ال��زن�ت��ان‪ ،‬ك��ان��ت متحالفة مع‬ ‫ميليشيات أخرى من جماعة «اإلخوان» ومن «الجماعة الليبية‬ ‫املقاتلة» املوالية لتنظيم القاعدة‪ .‬وظل هذا التحالف يحمل اسم‬ ‫«قوات فجر ليبيا» لفترة من الوقت‪ .‬لكن بعد معركة مطار‬ ‫طرابلس وبعد تشكيل البرملان الجديد‪ ،‬دبت الخالفات داخل‬ ‫التحالف امليليشياوي‪ ،‬خصوصا بعد أن تمكن نحو عشرين‬ ‫نائبا من املتشددين من الفوز في االنتخابات‪ .‬كان السؤال‪:‬‬ ‫هل سيشاركون في اجتماعات البرملان الجديد أم سيقفون‬ ‫ض��ده كما ي��ري��د ق��ادة جماعة «اإلخ� ��وان» وق ��ادة «الجماعة‬ ‫الليبية املقاتلة» املتحصنني في طرابلس ومصراتة‪ .‬وكان‬ ‫الخيار الكارثي‪ ،‬كما وصفه البعض‪ ،‬هو مقاطعة البرملان‪،‬‬ ‫ومهاجمته أيضا‪ ،‬مما دفع غالبية النواب إلى االنتقال بعيدا‪،‬‬ ‫وعقد الجلسات في مدينة طبرق في أقصى شرق البالد‪.‬‬ ‫اتخذ البرملان من فندق «السالم» في تلك املدينة الصغيرة‬ ‫مقرا له‪ ،‬وشكل حكومة لليبيا برئاسة عبد الله الثني‪ ،‬أطلق‬ ‫عليها «الحكومة املؤقتة»‪ .‬وردت امليليشيات على السلطات‬ ‫ال�ج��دي��دة املنتخبة م��ن الليبيني‪ ،‬بعنف‪ ،‬وج��رى تهديد من‬ ‫يشارك من النواب في أعمال البرملان بالقتل‪ .‬وب��دأت أكبر‬ ‫حملة ميليشياوية لقتل املنتسبني للجيش والشرطة‪ ،‬حتى‬ ‫وصل عدد من جرى تصفيتهم خالل عام واحد لنحو ‪700‬‬ ‫ضابط وجندي وغيرهم‪ ،‬بمن فيهم العسكريون الذين لم‬ ‫يعودوا إلى الخدمة منذ سقوط نظام القذافي‪.‬‬ ‫وبينما األم��ور تجري على ه��ذه الشاكلة‪ ،‬ك��ان الفريق أول‬ ‫خليفة حفتر يعقد اجتماعات علنية في فنادق العاصمة‬

‫ط��راب �ل��س‪ ،‬ب�ح�ث��ا ع��ن م �خ��رج‪ ،‬ل�ك��ن ج ��رى ات �ه��ام��ه م��ن قبل‬ ‫امليليشيات املدعومة من البرملان السابق بأنه يريد أن يدبر‬ ‫انقالبا وأن يفرض حكما عسكريا‪ ،‬وإع��ادة تجربة حكم‬ ‫ال�ق��ذاف��ي‪ .‬ن�ع��م‪ ..‬فالبرملان السابق (امل��ؤت�م��ر الوطني العام)‬ ‫استغل انتصار تحالف ميليشيات «فجر ليبيا» في معركة‬ ‫مطار طرابلس‪ ،‬وأعلن أنه مستمر في مباشرة أعماله‪ ،‬وشكل‬ ‫أيضا حكومة أطلق عليها اسم «حكومة اإلنقاذ» برئاسة‬ ‫خليفة الغويل‪ ،‬ما زالت تعمل في العاصمة حتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫وزادت األم��ور تعقيدا حني أص��در ق��ادة في طرابلس أوام��ر‬ ‫بالقبض ع�ل��ى حفتر ملحاكمته‪ ،‬وه�ن��ا رد حفتر بخبرته‬ ‫العسكرية الطويلة‪ ،‬وق��ام ب��إع��ادة تنظيم ص�ف��وف الجيش‬ ‫الذي كان قد تعرض للتفكك واالنهيار تحت ضربات حلف‬ ‫الناتو املدمرة‪ .‬ووق��ف ضد حفتر تحالف واس��ع من جميع‬ ‫امليليشيات ذات ال�ت��وج�ه��ات امل�ت�ش��ددة تقريبا إض��اف��ة إلى‬ ‫ميليشيات قطاع الطرق واللصوص‪ .‬وأعلن تنظيم «أنصار‬ ‫الشريعة» في كل من بنغازي ودرنة مواالته لتنظيم داعش‬ ‫ألول م��رة‪ ،‬وب��دأ تدفق املقاتلني األج��ان��ب‪ ،‬م��ن البحر والبر‪،‬‬ ‫لتعضيد قوات امليليشيات في استهداف الجيش والبرملان‪.‬‬ ‫وظهرت املراكب التي تأتي من شواطئ طرابلس ومن شواطئ‬ ‫مصراتة‪ ،‬محملة باملقاتلني واألسلحة إلى سواحل بنغازي‬ ‫ودرنة‪.‬‬ ‫هنا شعرت األمم املتحدة والدول الغربية ودول الجوار الليبي‬ ‫بالخطر‪ .‬وجرى إرسال مندوب من األمني العام للمنظمة الدولية‬ ‫إلصالح ذات البني بني الليبيني‪ .‬وعقد لهذا الغرض أول اجتماع‬ ‫داخل ليبيا اسمه «اجتماع غدامس»‪ ،‬برئاسة املبعوث األممي‬ ‫برناردينيو ليون‪ .‬الهدف األممي كان‪ ،‬في البداية‪ ،‬محاولة إقناع‬ ‫ن��واب املنطقة الغربية من املتشددين‪ ،‬بالعمل ضمن البرملان‬ ‫الجديد‪ ،‬لكن األمور انقلبت رأسا على عقب بنقل الحوار إلى‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪49‬‬


‫«القائد املنتصر في الحرب ال يعود إلى البيت»‪ ،‬عادة‪ ،‬لكنه يبحث عن مقعد سياسي‪،‬‬ ‫أو يواصل القتال في جبهات أخ��رى‪ .‬فما الخطوة التالية التي ستقوم بها قوات‬ ‫«البنيان املرصوص» الليبية‪ .‬لقد تمكنت من دحر تنظيم داعش في سرت حتى اآلن‪.‬‬ ‫دفعت ثمنا باهظا‪ .‬وصل عدد القتلى‪ ،‬منذ بدء الحملة في مايو (أيار) املاضي‪ ،‬حتى‬ ‫نهاية الشهر املاضي‪ ،‬إلى نحو ‪ ،500‬والجرحى إلى أكثر من ألفني‪.‬‬

‫ما يعنيه انتصار «البنيان املرصوص» على «داعش سرت»‬

‫ليبيا بني خياري السالم ومواصلة «االحتراب األهلي»‬ ‫القاهرة‪ :‬عبد الستار حتيتة‬ ‫أغلب مقاتلي عملية «البنيان املرصوص» ينتمون‬ ‫ملدينة مصراتة التي يحلو للبعض أن يطلق عليها‪،‬‬ ‫بعد ع��ام ‪« ،2011‬م��دي�ن��ة ال �ح��رب»‪ .‬وتعمل هذه‬ ‫القوة‪ ،‬اسميا‪ ،‬في الوقت الراهن‪ ،‬تحت سلطة فايز السراج‬ ‫رئيس املجلس الرئاسي ومقره طرابلس‪.‬‬ ‫في ليبيا‪ ،‬توجد عدة قوات عسكرية وشبه عسكرية أخرى‪،‬‬ ‫ال تنظر بارتياح للسراج وحكومته‪ ،‬وال إل��ى «ميليشيات‬ ‫م�ص��رات��ة» املندفعة بآلياتها الحربية املنهوبة م��ن مخازن‬ ‫جيش القذافي‪ .‬ولم تشارك القوى الليبية األخرى مصراتة‬ ‫في الحرب على «داعش سرت»‪ ..‬فمن هذه القوى‪ ،‬وماذا يمكن‬ ‫أن تفعله في مستقبل البالد‪ ،‬وما نظرة األطراف الدولية لها‪،‬‬ ‫خصوصا الواليات املتحدة األميركية التي يبدو أنها اختارت‬ ‫أن توجه ضربات جوية لسرت فقط‪ ،‬تاركة باقي القوى الليبية‬ ‫تحارب وحدها باقي الدواعش في مناطق أخرى من البالد‪،‬‬ ‫خصوصا في بنغازي ودرنة والجنوب؟‬ ‫عرفت مصراتة الواقعة على الرمال البيضاء للبحر املتوسط‬ ‫على بعد نحو مائتي كيلومتر إل��ى ال�ش��رق م��ن طرابلس‬ ‫العاصمة‪ ،‬بأنها مدينة تجارية وصناعية‪ .‬وكانت محببة إلى‬ ‫قلب القذافي الذي درس فيها املرحلة الثانوية قبل أن يلتحق‬ ‫بالكلية الحربية ف��ي بنغازي ف��ي ستينات ال�ق��رن املاضي‪.‬‬ ‫وف��ي ال�ث��ورة املسلحة التي دعمها حلف الناتو قبل خمس‬ ‫سنوات‪ ،‬انتفضت مصراتة ضد القذافي‪ ،‬وتعرضت للحصار‬ ‫والقصف من قواته‪ ،‬وتلقت املدد من أجل املقاومة من مدن‬ ‫الشرق عبر مراكب كانت تنطلق من ميناء بنغازي محملة‬ ‫باألسلحة واملقاتلني‪.‬‬ ‫املشكلة دائما تتعلق بالخطوة التالية‪ .‬حني بدأ حكام ليبيا‬ ‫ال�ج��دد ف��ي إدارة أم��ور ال�ب�لاد ف��ي ‪ 2012‬و‪ ،2013‬لوحظ أن‬ ‫ق �ي��ادات م�ص��رات��ة ت�ن��أى بنفسها ع��ن ال�ظ�ه��ور على خشبة‬ ‫امل�س��رح ال�س�ي��اس��ي‪ ،‬وتفضل م��واص�ل��ة اإلم �س��اك بالسالح‬ ‫على األرض‪ ،‬خصوصا أنها كانت في ذلك الوقت قد تمكنت‬ ‫من االستيالء على امل�ع��دات العسكرية الثقيلة من مخازن‬ ‫الجيش الليبي‪ ..‬دبابات وصواريخ‪ ..‬وغيرها‪ ..‬معدات كان‬ ‫أغلبها مكدسا في مقرات تابعة ل��وزارة الدفاع‪ ،‬خصوصا‬ ‫في منطقة الجفرة القريبة من ناحية الجنوب من مدينتي‬ ‫مصراتة وسرت‪.‬‬ ‫منذ ذلك الوقت‪ ،‬أصبح العالم يسمع ألول مرة عن مصطلح‬

‫‪48‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ليبي يبرز صورة البنه الذي قتل الشهر املاضي خالل مشاركته القوات املوالية للحكومة في املعركة ضد «داعش» (غيتي)‬

‫«امليليشيات الليبية»‪ ،‬وكانت مصراتة هي صاحبة العدد‬ ‫القوي من هذه التشكيالت شبه العسكرية وغير املنضبطة‪.‬‬ ‫وظهرت على السطح ميليشيات منافسة آتية من منطقة‬ ‫ال��زن�ت��ان القريبة م��ن طرابلس م��ن ناحية الجنوب الغربي‪.‬‬ ‫وظ �ه��رت ف��ي ش ��وارع ال�ع��اص�م��ة ف��ي ع�ه��د ح�ك��وم��ة ال��دك�ت��ور‬ ‫علي زي��دان‪ ،‬منافسة محمومة بني هذه امليليشيات لفرض‬ ‫السيطرة على طرابلس‪ ،‬والقيام في الوقت نفسه بابتزاز‬ ‫الحكومة‪ .‬وحاول زيدان وضع خطة لنزع أسلحة امليليشيات‬ ‫وتأسيس جيش وطني وشرطة‪ ،‬لكن امليليشيات عرقلت هذه‬ ‫الخطة‪ ،‬واختطفته ونكلت به إلى أن ترك موقعه‪.‬‬

‫رواتب امليليشيات الليبية‬ ‫يحصل املقاتلون املنخرطون في امليليشيات الليبية على‬ ‫روات ��ب م��ن خ��زان��ة ال��دول��ة‪ ،‬ت�ح��ت اس��م ت��أم�ين ح ��دود ال�ب�لاد‬ ‫وحراسة املقار الحكومية والرسمية‪ ،‬وجرى صرف األلوف‬ ‫م��ن م�لاي�ين ال� � ��دوالرات ل �ق��ادة وع �ن��اص��ر ف��ي امل�ي�ل�ي�ش�ي��ات‪.‬‬

‫وعلى ه��ذا‪ ،‬ب��دأت كل مجموعة تريد الحصول على أم��وال‪،‬‬ ‫ف��ي تشكيل ميليشيا مسلحة‪ ،‬وت�ق��دي��م ك�ش��وف بأسماء‬ ‫منتسبيها من أجل تكليفها بالحراسة‪ ،‬واألهم صرف مقابل‬ ‫مادي لهذا العمل‪ .‬ظل األمر يسير على هذا املنوال رغم أن‬ ‫الحكومات التي جاءت بعد القذافي كان فيها وزير للدفاع‬ ‫وآخر للداخلية يقومان بكل شيء‪ ،‬ما عدا محاولة االقتراب‬ ‫من عالم امليليشيات‪.‬‬ ‫وخ�ل�ال ت�ل��ك امل��رح�ل��ة ج��رى ق�ت��ل السفير األم�ي��رك��ي ل��دى‬ ‫ليبيا وثالثة من مساعديه أثناء وجودهم بمقر القنصلية‬ ‫في بنغازي‪ .‬بدأت الفوضى تدب في الدولة‪ .‬وشعر العالم‬ ‫بالخطر‪ .‬وب��دأت ميليشيات منافسة تطل برأسها على‬ ‫سواحل بنغازي ودرنة وغيرهما‪ ،‬وهي تسعى للحصول‬ ‫على نصيبها من املاليني التي تنفقها الدولة على املجاميع‬ ‫امل�س�ل�ح��ة‪ .‬وإذا ت��أخ��ر ص ��رف األم � ��وال ألي س �ب��ب‪ ،‬تقوم‬ ‫امليليشيا بالهجوم على مقر البنك املركزي أو أحد فروعه‬ ‫أو اعتراض سيارات نقل األموال الخاصة برواتب موظفي‬ ‫الدولة والشركات‪.‬‬


‫زعيم حركة النهضة راشد‬ ‫الغنوشي في مكتبه‬

‫‪,,‬‬

‫«النداء» وعندما أصبحنا الكتلة‬ ‫األولى في البرملان لم نسارع‬ ‫للمطالبة بأن يكون لنا نصيب‬ ‫أكبر في الحكومة‬

‫‪,,‬‬

‫السياسي‪ ،‬أو ما سميتموه مسألة «التخصص»‪ ،‬لكن‬ ‫إل��ى ح��د اآلن ل��م يتم تجسيم ذل��ك الخيار على أرض‬ ‫الواقع؛ فما تصوركم للعملية؟‬ ‫ لقد تحدثنا ع��ن التمايز ب�ين امل �ج��االت‪ ،‬ول��م نتحدث عن‬‫فصل فلسفي؛ فالعقل النهضوي ليس عقال منشطرا بني‬ ‫األرض والسماء والدين والدنيا‪ ،‬وهو عقل موحد وله مركز‬ ‫واحد هو مركز التوحيد‪ ،‬ومثلما يطوف الحاج حول الكعبة‬ ‫نحن نطوف ح��ول ص��راط التوحيد ف��ي العملية السياسة‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فنحن ليس لدينا مشكل معرفي‬ ‫ولم نتحدث عن نظرية في املعرفة بل نظرية في العمل وكيف‬ ‫نؤدي واجباتنا اإلسالمية؛ هل في وعاء واحد أم ال‪ ،‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫مطلوبا في بعض الدول ذات‬ ‫كانت له ظروفه‪ ،‬وربما ما زال‬ ‫األنظمة الشمولية‪ ،‬لكن لم يعد له مجال في عهد الثورة حيث‬ ‫ُ‬ ‫املناشط كلها ت�م� َ�ارس بشكل قانوني‪ ،‬فالسياسة ليست‬ ‫محتاجة إلى أن تتخفى وراء النقابي أو السينمائي أو الديني‬ ‫أو حتى الرياضي كما كان األمر في السابق‪ ،‬وتستطيع أن‬ ‫تخرج بوجهها الحقيقي‪ ،‬والفن بوجهه الحقيقي‪ ،‬والنقابة‬ ‫بوجهها الحقيقي‪ ،‬والرياضة بوجهها الحقيقي‪ ،‬وال حاجة‬ ‫ً‬ ‫إلخفاء نشاط تحت آخر‪ .‬وبالتالي أصبح مسيئا للدين أن‬ ‫يتهم بأنه موظف ألغراض سياسية فاإلمام الذي يترشح‬ ‫ملهام نيابية معرض ألن يتهم بأنه يوظف املنبر لصالح‬ ‫طموحه السياسي‪ ،‬لذلك قلنا لالئمة الذين معنا أن يختاروا‬ ‫بني الوظيفة السياسية النيابية والوظيفة الدينية‪ ،‬وأقررنا في‬ ‫الدستور عدم تحزيب املساجد‪ ،‬ألنها مجال عام فاملساجد‬ ‫لله‪ .‬وعلى هذا األساس فهناك أعضاء استقالوا من مجلس‬ ‫الشورى وآخرون في طريقهم لذلك حتى يتفرغوا للشؤون‬ ‫الدعوية والجمعيات الخيرية والثقافية والرياضية‪ ،‬ويمكن أن‬ ‫يظلوا أعضاء في «النهضة» لكن دون أن تكون لهم مناصب‬ ‫قيادية فيها‪ ،‬وه��ذا أق��وم للدين وأق��وم للسياسة‪ ،‬حتى ال‬ ‫يشوه اإلسالم ويتهم اإلسالميون باستغالل الدين ألغراض‬ ‫سياسية‪.‬‬

‫> يرى البعض أن موقفكم هذا يؤكد أن بورقيبة ثم في إط��ار الدستور التونسي وقراراتنا مستقلة عن أي جهة‬ ‫بن علي كانا محقني عندما اعتبرا أنه من الضروري أخرى‪.‬‬ ‫فصل الدين عن السياسة‪.‬‬ ‫ لو أن بورقيبة أو بن علي اعترفا بنا لسارت البالد في اتجاه > في زيارتكم األخيرة إلى امللكة العربية السعودية‬‫آخر‪ ،‬وملا احتاجت لهذه املواجهات والدماء‪ ،‬وهذا يدل على أن في يونيو (حزيران) املاضي؛ هل حصلت على وعود‬ ‫«النهضة» حركة بريئة‪ ،‬لو تعاملوا معها بمرونة لكفوا البالد ب��دع��م س �ع��ودي ل�ت��ون��س خ�ص��وص��ا أن�ه��ا مقبلة على‬ ‫شر ما آلت إليه بسبب تعصبهم؛ فـ«النهضة» منذ ظهرت على تنظيم مؤتمر استثماري كبير في نوفمبر (تشرين‬ ‫الساحة دقت باب القانون وأعلنت أنها مستعدة ألن تنخرط الثاني) املقبل؟‬ ‫في إط��ار القانون‪ ،‬لكنهم خرجوا عليها بالعصي وهي تدق ‪ -‬لقد سبقنا رئيس الدولة الباجي قائد السبسي في زي��ارة‬ ‫باب القانون‪ ،‬فاملشكلة في الطرف اآلخر‪ ،‬وليست في النهضة‪ .‬اململكة‪ ،‬وتلقى وع� ً‬ ‫ً‬ ‫وتشجيعا ً‬ ‫كبيرا من خادم‬ ‫�ودا صريحة‬ ‫الحرمني الشريفني لدرجة أنه أمر بإرسال بعثة من كبار رجال‬ ‫> عالقاتكم باإلخوان املسلمني ظلت محل شك وريبة الدولة واملختصني في الشؤون املالية واالقتصادية إلى تونس‬ ‫للتعرف على حاجاتها والعمل على تلبيتها‪ .‬وبالنسبة لزيارتي‬ ‫في تونس‪ ،‬لو توضح لنا شكل تلك العالقة اآلن؟‬ ‫ عالقتنا ب� �ـ«اإلخ ��وان» م�ث��ل عالقتنا باملسلمني والعاملني فقد ك��ان��ت مهمة ألن آخ��ر ل�ق��اء ل��ي ب�م�س��ؤول س�ع��ودي بهذا‬‫لإلسالم في كل مكان‪« .‬إنما املؤمنون إخ��وة»‪ ،‬هذا من حيث املستوى يعود إلى سنة ‪ ،1991‬في سياق حرب الخليج‪ .‬هي‬ ‫العقيدة والثقافة والحضارة فنحن إخ��وة للمؤمنني في كل زيارة إذن تاريخية بعد ربع قرن‪ ،‬وجاءت لتفعيل هذه العالقة‬ ‫مكان‪ ،‬من إندونيسيا إلى مصر إلى السنغال إلى كل العالم‪ .‬بني «النهضة» ودولة القبلة‪ ،‬وهذا مهم ليس لـ«النهضة» وحدها‪،‬‬ ‫بقي أن لكل مجموعة إسالمية أوضاعها القطرية ونحن نعمل وإنما مهم بالنسبة لتونس أن تكون عالقة حزب كبير جيدة مع‬ ‫أكبر دولة‪ ،‬وأهم دولة في الخليج‪ ،‬بل أهم دولة عربية وإسالمية‬ ‫ال�ي��وم‪ ،‬ل��ذل��ك نحن نتوقع أن ي�ك��ون إس�ه��ام اململكة ً‬ ‫كبيرا في‬ ‫مؤتمر االستثمار الذي سينعقد في نوفمبر املقبل‪ ،‬ونعتبر‬ ‫أنها ستكون املسؤول األول عن نجاحه إن شاء الله‪.‬‬ ‫> لم نتورط في خالفات‬ ‫> كلمة أخيرة تتوجهون بها إلى الشعوب العربية‬ ‫واإلسالمية‬ ‫ أقول لهم‪ :‬ثقوا في تونس‪ ،‬فهي آمنة ومستقرة وتنتظر من‬‫إخوانها العرب واملسلمني أن يقفوا معها ويسهموا في إنجاح‬ ‫هذا النموذج‪ ،‬نموذج التعايش بني كل التيارات اإلسالمية وغير‬ ‫اإلس�لام�ي��ة‪ .‬فنجاح ت��ون��س ليس خ�ي� ً�را لتونس ف�ق��ط‪ ،‬ب��ل هو‬ ‫خير للعرب وللمسلمني ولذا ننتظر إسهامكم في االستثمار‬ ‫والسياحة‪ .‬تعرفوا على تونس <‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪47‬‬


‫حني دخلنا مكتب راش��د الغنوشي زعيم حركة النهضة في مقر حزبه بضاحية مونبليزير في العاصمة تونس‪ ،‬استقبلنا‬ ‫بحفاوة بالغة‪ ،‬وخطر له أن يذكرنا في بداية اللقاء بالحوار املطول الذي أجرته معه «املجلة» قبل أكثر من ثالثني ً‬ ‫عاما من اآلن‪،‬‬ ‫قبل أن يستغرق في اإلجابة عن أسئلتنا حول آخر املستجدات بخصوص تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في بالده‪،‬‬ ‫ومسألة إعادة ترتيب البيت الداخلي لـ«النهضة»‪ ،‬وقضية الفصل بني الديني والسياسي‪ ،‬باإلضافة إلى ًزيارته األخيرة إلى‬ ‫اململكة العربية السعودية التي قال عنها إنها «زيارة تاريخية ومهمة» ليس لـ«النهضة» فقط‪ ،‬بل لتونس أيضا‪ ،‬ملا للمملكة من‬ ‫دور ووزن في منطقة الخليج والعالم العربي‪ .‬وفيما يلي النص الكامل للمقابلة‪:‬‬

‫قال لـ‬

‫‪ :‬زيارتي للسعودية تاريخية‪ ..‬و نتوقع أن يكون إسهام اململكة ً‬ ‫كبيرا في مؤتمر االستثمار في نوفمبر املقبل‬

‫راشد الغنوشي‪ :‬الحكومة الجديدة فرصة‬ ‫لتونس‪ ..‬والتوافق محل إجماع داخل «النهضة»‬

‫تونس‪ :‬نزار بن عبد الكريم‬ ‫> بداية أردت أن أعرف هل نناديك الشيخ أم‬ ‫األستاذ أم (كما كتب أحد الصحافيني العرب‬ ‫قبل مدة) سيادة الرئيس القادم؟‬ ‫ األف�ض��ل أن نتعامل م��ع ال��واق��ع‪ .‬وال��واق��ع أنني رئيس حركة‬‫النهضة‪.‬‬ ‫> ل�ن�ب��دأ م��ن قضية ال�س��اع��ة ف��ي ت��ون��س‪ ،‬أي حكومة‬ ‫ال��وح��دة ال��وط�ن�ي��ة ال�ت��ي قلتم ق�ب��ل التشكيل النهائي‬ ‫للحكومة إنكم ترهنون مشاركتكم فيها بجملة من‬ ‫الشروط وترغبون في أال يكون حضوركم فيها ً‬ ‫رمزيا‬ ‫وغير مؤثر‪ ،‬كما كان األمر في حكومة الحبيب الصيد‪.‬‬ ‫لو توضح لنا هذا األمر؟‬ ‫ بداية أحيي عبر هذه الدورية املهمة ّقراءها وأهلنا في دولة‬‫القبلة‪ .‬لقد ذكرنا وتعدد ذكر ذلك على لسان املتحدثني باسم‬ ‫«النهضة» أن املشاركة في حكومة يوسف الشاهد‪ ،‬خدمة للبالد‬ ‫ً‬ ‫وإسهاما في االستقرار‪ ،‬إال أن هذه املشاركة ينبغي أن تكون‬ ‫فاعلة وم��ؤث��رة وليست مجرد مشاركة رم��زي��ة‪ .‬فمشاركتنا‬ ‫ً‬ ‫سابقا كان يغلب عليها الرمزية‪ ،‬وكان الهدف منها هو تطبيع‬ ‫العالقة مع ح��زب «ن��داء ت��ون��س»‪ ،‬فقد كانت العالقة في أشد‬ ‫حاالت التوتر‪ ،‬ال سيما من قبل «النداء» الذي تأسس من أجل‬ ‫غاية أساسية وهي إقصاء «النهضة» وإبعادها‪ ،‬فأن تتطور‬ ‫العالقة فيما بعد إلى لقاء‪ ،‬فقد احتاج األم��ر إلى جهد كبير‬ ‫من الطرفني‪ ،‬والرئيس السابق للنداء الباجي قائد السبسي‬ ‫كان له إسهام كبير في عملية التطبيع‪ ،‬وبالتالي قبلنا حينها‬ ‫بمشاركة رمزية ألن الهدف كان تطبيع العالقة وقد تم الوصول‬ ‫لذلك الهدف‪ ،‬وصارت العالقة اليوم عادية بني الحزبني الكبيرين‪،‬‬ ‫ونحن لم نتورط في خالفات «ال �ن��داء»‪ ،‬ول��م نمارس االبتزاز‬ ‫ملحاولة االستفادة من الخالفات‪ ،‬وحتى عندما أصبحنا الكتلة‬ ‫األول��ى في البرملان لم نسارع للمطالبة بأن يكون لنا نصيب‬ ‫أكبر في الحكومة‪ ،‬وأن ننتزع حق تشكيل الحكومة واملطالبة‬ ‫بإقالتها‪ ،‬وتصرفنا برصانة وقلنا إننا ال ن��زال محكومني‬ ‫بنتائج االنتخابات األخيرة التي وضعت «النداء» في املقدمة‪،‬‬

‫‪46‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ووضعتنا في الصف الثاني‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫فالحساب ال بد أن يكون على نتائج االنتخابات التي ال تتغير‬ ‫إال بانتخابات بعدها وليس على تغيرات ظرفية ف��ي حجم‬ ‫الكتل النيابية‪ .‬أما االعتبار الثاني الذي جعلنا نطالب بمشاركة‬ ‫فعالة تتناسب مع حجمنا فهو مصلحة البالد ومصلحة نجاح‬ ‫خيار االنتقال الديمقراطي‪ ،‬وتلك املصلحة هي أن تكون السلطة‬ ‫السياسية عاكسة ل�لإرادة الشعبية‪ .‬فالديمقراطية هي حكم‬ ‫األحزاب‪ ،‬وما تعبر عنه صناديق االقتراع‪ .‬وبسبب عدة ظروف‬ ‫تعبيرا ً‬ ‫ً‬ ‫وافيا‪،‬‬ ‫فقد قامت حكومة ال تعبر عن اإلرادة الشعبية‬ ‫فأصبح نصف الحكومة «تكنوقراط»‪ ،‬من دون تمثيل سياسي‪،‬‬ ‫مما جعل حزب «اإلدارة» هو الحزب األول في الحكومة‪ ،‬وهذا‬ ‫وضع غير طبيعي؛ فالوضع الطبيعي هو أن تكون الحكومة‬ ‫تعبر عن اإلرادة الشعبية ونتائج االنتخابات حتى يكون الوزير‬ ‫ً‬ ‫محميا بالسياسة‪ .‬فأصبحت حكومة الحبيب الصيد‬ ‫فيها‬ ‫في عزلة؛ ال «النداء» يدافع عنها‪ ،‬ألنه ال يعتبر أنها تمثله‪ ،‬وال‬ ‫ً‬ ‫تمثيال ً‬ ‫قويا‪ ،‬فتركت لنفسها‪،‬‬ ‫«النهضة» تشعر أنها ممثلة فيها‬ ‫لذلك نريد لحكومة السيد يوسف الشاهد أن تتالفى ذلك الخطأ‪،‬‬ ‫وأن تعبر عن اإلرادة السياسية‪.‬‬ ‫واليوم قد ترأس الحكومة قيادي في حزب النداء‪ ،‬فقد تغير‬ ‫الوضع‪ .‬وملا تنازلنا في املرة املاضية وقبلنا بمشاركة رمزية‪،‬‬ ‫فألن الطرف املقابل تنازل بدوره عن رئاسة الحكومة‪ ،‬وهي من‬ ‫حقه‪ ،‬وتنازل عن وزارات السيادة‪ ،‬أما وقد عاد «النداء» ملوقع‬ ‫الصدارة‪ ،‬كان من الطبيعي أن تعود «النهضة» لتطالب بحقها‬ ‫في أن تكون الحزب الثاني‪ ،‬وليس العاشر‪.‬‬ ‫>ملاذا إذن بقيتم طوال أكثر من سنة صامتني ومؤيدين‬ ‫لحكومة الحبيب الصيد؟‬ ‫ كان ال بد من إعطاء الفرصة للحكومة وأظن أن سنة ونصف‬‫السنة م��دة كافية ل��ذل��ك‪ ،‬وواض��ح أن نتائج االخ�ت�ب��ار ل��م تكن‬ ‫لصالحها وليست هي وحدها مسؤولة عن ذلك‪ ،‬ولكن السياسة‬ ‫نتائج‪ ،‬والنتائج ليست مرضية‪ ،‬وبالتالي الحكومة تحتاج إلى‬ ‫نفس ج��دي��د‪ ،‬وك��ان م��ن الطبيعي أن ي�ب��ادر رئيس ال��دول��ة من‬ ‫موقعه الرمزي واالعتباري إلى الدعوة إلى حوار وطني أنتج‬ ‫«وثيقة قرطاج» املتضمنة لبرنامج حكومة الوحدة الوطنية‪.‬‬

‫> ب �ص��راح��ة‪ ،‬ه��ل ت �ش��اور ال��رئ�ي��س معكم ق�ب��ل إط�لاق‬ ‫مبادرته وهل فوجئتم بها؟‬ ‫ ال‪ ،‬ل��م ي�ت�ش��اور م�ع�ن��ا‪ ،‬وف��وج�ئ�ن��ا ب�ه��ا‪ ،‬ل�ك��ن تعاملنا معها‬‫بإيجابية‪ ،‬وأعتبرها خطوة مهمة أعطت نفسا جديدا للسياسة‪،‬‬ ‫وهي اآلن تبشر بظهور جيل جديد من السياسيني الشبان‪.‬‬ ‫> في العالقة بهذا الجيل من الشباب‪ ،‬كيف تنظرون‬ ‫إلى رئيس الحكومة املكلف وهو شاب ال يملك تجربة‬ ‫سياسية واسعة؟‬ ‫ إن��ه يمثل ف��رص��ة أخ ��رى ل�ت��ون��س سنعمل ع�ل��ى إنجاحها؛‬‫فالنماذج السابقة لم تنجح‪ ،‬ومن الطبيعي أن نبحث عن فرصة‬ ‫ج��دي��دة للنجاح‪ .‬فالثورة تبحث ع��ن فرصة ج��دي��دة للنجاح‪،‬‬ ‫والشباب ُينتظر منهم تقديم فرص للتجديد واإلبداع‪ .‬لقد رد‬ ‫الشاهد على نقص الخبرة‪ ،‬وقال إننا ال نملك بالفعل الخبرة‬ ‫في تزييف االنتخابات وتهريب األموال والرشوة‪ ،‬فنحن جدد‪.‬‬ ‫وم��ن صنعوا ال�ث��ورة ل��م تكن لديهم ال�خ�ب��رة‪ ،‬فما ه��و منتظر‬ ‫م��ن شريحة الشباب ه��و التجديد وال�خ��روج م��ن القالب ومن‬ ‫الصندوق التقليدي‪ ،‬فنحن نحتاج إلى حلول غير تقليدية‪.‬‬ ‫> ما الذي تقصدونه بالحلول «غير التقليدية»؟‬ ‫ إعطاء الفرص للشباب‪ ،‬فتونس ال تنقصها اإلمكانات‪ ،‬ولكن‬‫أمامها تحديات كبيرة‪ ،‬وهي تحتاج إلى اإلبداع‪ ،‬وإلى حلول غير‬ ‫تقليدية منتظرة أكثر من فئة الشباب الذين لم تتجمد خالياهم‪،‬‬ ‫ولم يندمجوا في املنظومة القديمة ولم تأسرهم القيم التقليدية‬ ‫واملنظومة األممية بسردياتها وقوالبها املعروفة‪.‬‬ ‫هل تتوقعون ذلك من رئيس الحكومة املكلف؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صريحا‬ ‫وخطابا‬ ‫ نتوقع منه إبداعات وحلوال غير تقليدية‬‫يتوجه به إلى الشعب‪ ،‬حتى يكشف له حقائق األمور ويحمله‬ ‫ويحمل األح ��زاب والنخب واإلع�ل�ام والجميع مسؤولياتهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مشروعا‪ ،‬ويبادر ويخاطب الشباب ويخاطب‬ ‫ويطرح عليهم‬ ‫الجهات الداخلية‪.‬‬ ‫> أق��ررت��م ف��ي م��ؤت�م��رك��م األخ �ي��ر ف�ص��ل ال��دع��وي عن‬


‫رئيس الوزراء اإليطالي ماتيو رينزي ونظيرته‬ ‫البريطانية تيريزا ماي بعد انتهاء مؤتمر صحافي‬ ‫مشترك في روما بإيطاليا يوم ‪ 27‬يوليو ‪( 2016‬غيتي)‬

‫‪,,‬‬

‫أسئلة مهمة أمام كل من‬ ‫اململكة املتحدة واالتحاد‬ ‫األوروبي ككل والتي من‬ ‫شأنها أن تؤرق القارة‬ ‫لسنوات قادمة‬

‫‪,,‬‬

‫ل�ل��زي��ارات رفيعة املستوى‪ .‬فقد ب��دأت تيريزا م��اي وبوريس‬ ‫جونسون سلسلة من االجتماعات في العواصم األوروبية‬ ‫ملناقشة ال�خ�ط��وات ال�ق��ادم��ة؛ كما التقت ميركل وه��والن��د مع‬ ‫بعضهما البعض وكذلك مع يونكر وتاسك‪.‬‬ ‫وال �س��ؤال ال ��ذي يخيم ع�ل��ى ك��ل ه��ذه امل�ن��اق�ش��ات ه��و‪ :‬إل��ى أي‬ ‫مدى يتوجب على االتحاد األوروب��ي أن يصبح متشددا في‬ ‫املفاوضات مع بريطانيا؟ يرى أنصار الخروج البريطاني مثل‬ ‫جونسون وزعيم حزب املحافظني السابق إيان دنكان سميث‬ ‫أن��ه م��ن مصلحة الجميع أن يتسم خ��روج بريطانيا وإقامة‬ ‫عالقات تجارية جديدة ومرضية بأكبر قدر من السالسة‪،‬‬ ‫ويرغب اًفي أن تبدأ املفاوضات اآلن‪ .‬بينما تبدو تيريزا ماي‬ ‫أقل تفاؤل بشأن موقف بريطانيا من املفاوضات‪ ،‬وملحت إلى‬ ‫ضرورة معرفة معالم أي اتفاق قبل بدء أية محادثات رسمية‪.‬‬ ‫إال أن��ه ف��ي ب��روك�س��ل وال �ع��واص��م األوروب �ي ��ة األخ� ��رى‪ ،‬هناك‬ ‫م�خ��اوف حقيقية م��ن أن ي��ؤدي التساهل م��ع بريطانيا إلى‬ ‫تشجيع املتشككني في االتحاد األوروب��ي في أماكن أخرى‪.‬‬ ‫فعلى أية حال‪ ،‬إذا لم يكن للخروج من االتحاد األوروب��ي أية‬ ‫ع��واق��ب وخيمة‪ ،‬فلم ال ترغب دول أخ��رى ف��ي القيام بنفس‬ ‫الشيء؟ وإذا كانت عضوية االتحاد األوروبي ذات قيمة‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫التخلي عنها ينبغي أن يكون مكلفا‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإنه ليس‬ ‫من الواضح على صعيد القانون الدولي أنه يمكن لبريطانيا‬ ‫أن تبدأ في التفاوض لعقد اتفاقيات تجارية جديدة بما أنها‬ ‫ليست ً‬ ‫عضوا في االتحاد األوروبي بعد اآلن‪ ،‬وهو ما يعني أن‬

‫آمال رئيسة الحكومة‪ ،‬ماي‪ ،‬في أن تعرف نهاية الرحلة قبل‬ ‫أن تبدأ قد تكون غير مجدية‪.‬‬ ‫في جميع أنحاء القارة العجوز‪ ،‬نرى الجهود الرامية لتحقيق‬ ‫ال�ت��وازن بني االع�ت��راف ب��أن التصويت بخروج بريطانيا أمر‬ ‫تاريخي ومهم وب�ين األم��ل ف��ي تقليل األض��رار طويلة امل��دى‬ ‫بالنسبة للقارة وأعضائها‪ .‬وقد أبدت أنجيال ميركل بعض‬ ‫التعاطف مع رغبة ماي في إبطاء عملية التفاوض‪ ،‬كما أعربت‬ ‫عن إيمانها بأن العالقات بني بريطانيا وشركائها السابقني‬

‫ً‬ ‫دائم‪،‬‬ ‫في االتحاد األوروب��ي ينبغي أال تتأثر سلبا على ًنحو ً‬ ‫حتى ولو كان التصويت بخروج بريطانيا يمثل «كسرا عميقا»‬ ‫في التاريخ األوروبي‪ .‬كما صرح بوريس جونسون‪ ،‬منذ لحظة‬ ‫إعالن نتائج الخروج من االتحاد األوروبي‪ ،‬بأن بريطانيا قد‬ ‫تغادر االتحاد األوروبي‪ ،‬ولكنها لن تدير ظهرها ألوروبا‪ .‬اً‬ ‫ك��ل م��ا س �ب��ق ي�ع�ت�ب��ر م �ش��اع��ر ن�ب�ي�ل��ة‪ ،‬وك �ل �ه��ا ت �م��س س ��ؤال‬ ‫ج��وه� ً‬ ‫�ري��ا دون إج��اب��ة‪ ،‬ب��ل ورب�م��ا ق��د ال يمكن اإلج��اب��ة عليه‪.‬‬ ‫ما ال��ذي ينبغي أن تكون عليه العالقة بني االتحاد األوروب��ي‬ ‫كمؤسسة وأوروب ��ا كساحة تاريخية وسياسية وثقافية؟‬ ‫فعلى مدى السنوات الستني املاضية‪ ،‬اتسمت عملية التمييز‬ ‫بني االثنني بعدم ال��وض��وح‪ .‬عندما نتحدث عن أوروب��ا‪ ،‬فقد‬ ‫ال نعني بذلك ال�ق��ارة ف��ي أغلب األح�ي��ان‪ ،‬ب��ل املؤسسة‪ .‬وهو‬ ‫األمر الذي رحب به أنصار التكامل األوروب��ي‪ .‬بالنسبة لهم‪،‬‬ ‫كان الغرض األساسي من االتحاد األوروبي هو تقديم تعبير‬ ‫ملموس ملفهوم مبهم عن التضامن األوروب��ي‪ .‬وبينما أعرب‬ ‫املتشككون ف��ي االت�ح��اد األوروب ��ي م��ن اليمني وال�ي�س��ار عن‬ ‫انتقاداتهم لسياسات محددة خاصة باالتحاد‪ ،‬على سبيل‬ ‫املثال ال الحصر‪ ،‬فإنها أضعفت السيادة الوطنية وأنشأت‬ ‫طبقة غليظة من اللوائح املربكة والغبية‪ .‬ولكنهم كانوا أقل‬ ‫براعة في شرح رؤيتهم ألوروبا فيما بعد االتحاد األوروبي‪.‬‬ ‫فقد رحب بعضهم بالعودة إلى النظام الفوضوي التقليدي‬ ‫للدول ذات السيادة الكاملة كما ك��ان الحال في أوائ��ل القرن‬ ‫الـ‪ ،20‬وذلك على الرغم من وجود أدلة على إمكانية انهيار ذلك‬ ‫النظام إلى حروب وأعمال إبادة جماعية‪ .‬بينما يحلم البعض‬ ‫اآلخر بنوع من التعاون االشتراكي الغامض بني املجتمعات‬ ‫الصغيرة‪ ،‬على الرغم من واقع املنافسة االقتصادية العاملية‬ ‫والتهديدات الدولية‪ .‬قد يكون أنصار الخروج البريطاني من‬ ‫ً‬ ‫االتحاد األوروبي قد قدموا ً‬ ‫صحيحا للمزاج العام‪ ،‬ولكن‬ ‫قياسا‬ ‫مناشداتهم العاطفية «إلرسال رسالة إلى النخب في بروكسل»‬ ‫تجاوزت العواقب العملية الواقعية لعملية التصويت‪ .‬حتى أشد‬ ‫املتحمسني ألوروب��ا واملناصرين لها عليهم أن يعترفوا بأن‬ ‫االتحاد األوروبي لم يحقق بعد‪ ،‬كل ما كان يهدف إلى تحقيقه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫واضحا بما فيه الكفاية للتعبير عما‬ ‫في الواقع‪ ،‬لم يكن حتى‬ ‫يريد تحقيقه‪ .‬كما تعامل املتحمسون ألوروبا واملناصرون لها‬ ‫مع تلك املخاوف بتأكيد متعجرف على أن التكامل األوروبي‬ ‫طريق ذو اتجاه واحد‪ ،‬وأن قوى التاريخ ستعمل على تسيير‬ ‫األمور إلى األمام‪ .‬إن التصويت بخروج بريطانيا من االتحاد‬ ‫األوروب ��ي ه��و تذكير ص��ارخ ب��أن��ه ال ي��وج��د ط��ري��ق ذو اتجاه‬ ‫واح��د‪ .‬وطاملا استمر الناس في إنشاء املؤسسات‪ ،‬ستكون‬ ‫لديهم ال�ق��درة على تغييرها بل وحتى تدميرها‪ .‬كما فشل‬ ‫مناصرو البقاء في االتحاد األوروبي في بريطانيا‪ ،‬وأنصار‬ ‫االتحاد األوروب��ي بشكل ع��ام‪ ،‬في تقديم ش��يء إيجابي بما‬ ‫يكفي لكسب جمهور الناخبني‪ .‬في الوقت ال��ذي تجري فيه‬ ‫املفاوضات بني بريطانيا وشركائها بشأن الخروج من االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬سيكون أمام األوروبيني من تالني الى دبلن الفرصة‬ ‫للنظر في مستقبل االتحاد األوروب��ي‪ ،‬ورسم طريق التقدم‪.‬‬ ‫وينبغي سؤال أولئك الراغبني في الهدم عما ينوون بناءه على‬ ‫األن�ق��اض‪ .‬كما يلزم على أول�ئ��ك ال��ذي��ن ي��ري��دون اإلص�ل�اح أن‬ ‫يكونوا واضحني بشأن كل من محتوى اإلصالحات والغرض‬ ‫منها‪ .‬حيث ستشكل إجاباتهم على ه��ذه األسئلة مصائر‬ ‫الباقني واملغادرين على حد سواء <‬ ‫* مدير مركز دراسات أميركا والغرب بمعهد‬ ‫أبحاث السياسات الخارجية بفالدلفيا‬ ‫ومدير األبحاث بمعهد لودر بجامعة بنسلفانيا‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪45‬‬


‫وعلى الرغم من ذل��ك‪ ،‬فقد أدت املخالفات فى ف��رز األص��وات‬ ‫الغيابية إلى قيام هوفر بالطعن على نتيجتها‪ ،‬وأمرت املحكمة‬ ‫بإعادة إجراء االنتخابات في خريف هذا العام‪ ،‬تاركة مستقبل‬ ‫النمسا السياسي إلى جانب عضويتها في االتحاد األوروبي‬ ‫ً‬ ‫منفتحا على كل االحتماالت‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن حركة التشكك في االتحاد األوروب��ي لم‬ ‫تضرب جذورها فقط في الدول الصغيرة في االتحاد األوروبي‪،‬‬ ‫بل إن أصوات التذمر تتردد حتى في قلب االتحاد‪ .‬فقد ناقشت‬ ‫مارين لوبان أمر «خروج فرنسا» من االتحاد األوروبي‪ ،‬ولكنها‬ ‫تسعى مل��ا ه��و أك�ب��ر م��ن م�ج��رد استفتاء رم ��زي‪ .‬م��ن املقرر‬ ‫إجراء االنتخابات الرئاسية الفرنسية في ‪ ،2017‬وترى لوبان‬ ‫فرصة حقيقية لالستفادة من اإلحباط الذي أصاب الشعب‬ ‫الفرنسي من عدم كفاءة الرئيس االشتراكي فرنسوا هوالند‪،‬‬ ‫لاً‬ ‫فض عن مخاوفهم من وقوع مزيد من الهجمات اإلرهابية‪،‬‬ ‫لتركب املوجة الشعبية مباشرة إلى قصر اإلليزيه‪ .‬ومن هناك‪،‬‬ ‫سيكون من األسهل بكثير أن تعمل إدارة تابعة للوبان على‬ ‫مواصلة مساعيها املتشككة تجاه االتحاد األوروبي على أعلى‬ ‫املستويات‪ ،‬وهو األمر الذي سيكون بمثابة انقالب تاريخي‬ ‫للبلد الذي كان من أولى الدول التي سعت للوحدة األوروبية‪.‬‬

‫حركة «النجوم الخمس»‬

‫‪44‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫خاصة شريكها في مقاطعة بافاريا‪ ،‬عن قلقه إزاء تخليها‬ ‫عن تقاليد املصلحة الوطنية عبر سياساتها املتعلقة بالهجرة‪.‬‬ ‫وعلى الجانب اليميني‪ ،‬يأمل البديل الشعبي ألملانيا أن يصبح‬ ‫النسخة األمل��ان�ي��ة م��ن ح��زب االس�ت�ق�لال ف��ي اململكة املتحدة‪،‬‬ ‫عبر حشد جمهور الناخبني الساخطني من امل��دن الصغيرة‬ ‫في شرق البالد عن طريق برنامج بني على الكبرياء الوطني‬ ‫ورفض الهجرة والتنديد بالتهديد اإلسالمي‪ .‬أما من جانب‬ ‫ال�ي�س��ار‪ ،‬فتتعرض ميركل لالنتقاد بسبب دعمها لفرض‬

‫‪,,‬‬

‫التوابع والصدمات‬ ‫املستقبلية‪ ..‬تداعيات‬ ‫الخروج البريطاني‬ ‫بعد مرور شهرين‬ ‫من نتائج االستفتاء‬

‫‪,,‬‬

‫وف ��ي اإلط� ��ار ذات� ��ه‪ ،‬ت�ع��ان��ي إح ��دى ال� ��دول األخ� ��رى امل��ؤس�س��ة‬ ‫لالتحاد األوروبي‪ ،‬وهي إيطاليا‪ ،‬من تبعات التصويت بخروج‬ ‫بريطانيا‪ .‬بدأت حركة «النجوم الخمس»‪ ،‬وهو تنظيم شعبي‬ ‫يدعم التشكك تجاه االتحاد األوروب��ي بقيادة بيبي غريللو‪،‬‬ ‫وهو فنان كوميدي ومدون‪ ،‬في ممارسة دور الناقد اليساري‬ ‫لسياسات االت�ح��اد األوروب��ي التقشفية بهدف دع��م اليورو‪،‬‬ ‫وأعلنت الحركة تضامنها مع حركة سيريزا الشعبية اليسارية‬ ‫املشابهة في اليونان‪ .‬ومن خالل برنامجها الذي يدين العوملة‬ ‫وسلطة البنك املركزي األوروبي‪ ،‬تبدو حركة النجوم الخمس‬ ‫لديها القليل م��ن ال�ق��واس��م املشتركة م��ع مشاعر التعاطف‬ ‫اليمينية لكل من ف��اراج أو فيلدر‪ ،‬ولكن التنديدات املشتركة‬ ‫للنخبة األوروبية ساعدت على طمس الخطوط اآليديولوجية‬ ‫ً‬ ‫نجاحا ً‬ ‫كبيرا في‬ ‫القديمة‪ .‬كما حققت حركة النجوم الخمس‬ ‫االنتخابات املحلية األخيرة في إيطاليا‪ ،‬بما في ذلك انتخاب‬ ‫صاحبة الـ‪ً 37‬‬ ‫عاما‪ ،‬فيرجينيا رادجي‪ ،‬عمدة لروما‪ .‬كما يسهم‬ ‫التردي االقتصادي في إيطاليا في مضاعفة األزمة السياسية‪،‬‬ ‫حيث تدعو املخاوف بشأن البنوك اإليطالية والنزاع حول حزمة‬ ‫إن�ق��اذ محتملة إل��ى التشكيك ف��ي استمرار عضوية إيطاليا‬ ‫في االت�ح��اد األوروب ��ي‪ .‬وعلى الرغم من أن «خ��روج إيطاليا»‬ ‫من االتحاد األوروب��ي ال يبدو وشيكا‪ ،‬فإن األزم��ة املصرفية‬ ‫والخروج من اتحاد العملة املوحدة قد يمثل كارثة في حد ذاته‪.‬‬ ‫وال تقتصر القواسم املشتركة بني كل املتشككني في االتحاد‬ ‫األوروبي على احتقار بروكسل فحسب‪ ،‬بل تمتد إلى رفض‬ ‫الهيمنة االقتصادية والسياسية األملانية املتنامية داخل االتحاد‬ ‫األوروبي كذلك‪ .‬في الواقع‪ ،‬كانت املستشارة األملانية أنجيال‬ ‫داعما ً‬ ‫ميركل وال تزال ً‬ ‫قويا لالتحاد األوروب��ي‪ ،‬وتمثل القوة‬ ‫الدافعة وراء السياسات األكثر إثارة للجدل في االتحاد‪ ،‬من‬ ‫التقشف لحماية اليورو إلى مزيد من االنفتاح على الهجرة‪.‬‬ ‫وقد ظهرت شعبية ميركل منذ فترة طويلة كشيء مسلم به‬ ‫ً‬ ‫ترحيبا بني الناخبني‪.‬‬ ‫حيث القت صورتها الثابتة والهادئة‬ ‫ولكن أملانيا تنتظر انتخابات وطنية في عام ‪ ،2017‬وتتعرض‬ ‫م�ي��رك��ل ل�ه�ج��وم س�ي��ا ًس��ي م�ت�ص��اع��د‪ .‬وق��د أع ��رب ب�ع��ض من‬ ‫زمالئها األك�ث��ر تحفظا ف��ي ال�ح��زب الديمقراطي املسيحي‪،‬‬

‫عقوبات على روسيا والتقشف في املوازنة‪ .‬كما أن املشهد‬ ‫الحزبي األملاني مجزأ كما كان عليه الحال منذ عام ‪ ،1949‬مع‬ ‫وجود ما يصل إلى ستة أحزاب تمتلك فرصة جيدة للوصول‬ ‫إل��ى مجلس ال �ن��واب االت �ح��ادي (ال�ب��ون��دس�ت��اج) ف��ي الخريف‬ ‫املقبل‪ .‬مما يزيد م��ن صعوبة بناء تحالف حاكم مستقر‪،‬‬ ‫حتى بالنسبة لسياسية محنكة مثل أنجيال ميركل‪ ،‬التي‬ ‫تمر بحالة م��ن الضعف ف��ي وق��ت غير مناسب ً‬ ‫تماما على‬ ‫ُ‬ ‫املستوى املحلي‪ ،‬س��واء ك��ان ذل��ك لألفضل أو لألسوأ ينظر‬ ‫إليها باعتبارها الزعيم الفعلي ألوروبا‪.‬‬ ‫مع تعرض هذا العدد الكبير من الدول األعضاء إلى تحديات‬ ‫سياسية داخلية‪ ،‬ليس من املستغرب أن يبدو االتحاد األوروبي‬ ‫كمؤسسة ضعيفة في استجابته للتصويت بخروج بريطانيا‪.‬‬ ‫فقد حاول كل من رئيس املفوضية األوروبية جان كلود يونكر‪،‬‬ ‫وكذلك رئيس املجلس األوروبي‪ ،‬دونالد تاسك‪ ،‬التشجيع على‬ ‫منح ثقة أكبر في مستقبل االتحاد األوروبي‪ .‬كما أن الدعوة‬ ‫إلى إجراء إصالحات في االتحاد األوروبي لتحسني مكانته‬ ‫الديمقراطية ولجعل نظامه البيروقراطي أكثر بساطة وكفاءة‬ ‫وإلعادة تأكيد دوره على املستوى العاملي قد عفا عليها الزمن‬ ‫وباتت مكررة‪ ،‬كما ال يوجد جدول زمني محدد أو أجندة ألي‬ ‫يطلقا‬ ‫منها‪ .‬كما أن حقيقة وجود رجلني فقط يجوز لهما أن لاً‬ ‫على أنفسهما لقب رئيس أوروبا (وهو موضوع يتطلب مقا‬ ‫لاً‬ ‫كام بمفرده)‪ ،‬هي في حد ذاتها دليل قوي على عدم وجود‬ ‫ً‬ ‫موسما‬ ‫قيادة واضحة في االتحاد‪ .‬وسيكون الخريف املقبل‬


‫تيريزا ماي‬

‫إذا كانت رئيسة الوزراء ماي ترغب في ترك األحداث تتحرك حقيقة أن اسكتلندا صوتت بقوة للبقاء في االتحاد األوروبي‪،‬‬ ‫ببطء‪ ،‬فلن يتم حثها على اإلسراع من قبل األحزاب الرئيسية ولكن تهديداته ب��إج��راء استفتاء جديد على االستقالل في‬ ‫األخ��رى في بريطانيا‪ ،‬حيث يواجه كل منهم أزمته الخاصة اسكتلندا تضاءلت بفعل تراجع عائدات النفط‪.‬‬ ‫بعد خروج بريطانيا‪ .‬فحزب املعارضة الرئيسي‪ ،‬حزب العمال‪،‬‬ ‫حزب‬ ‫ال ي��زال يسعى لتثبيت أق��دام��ه‪ .‬وق��د ت��م انتخاب زعيم‬ ‫حزب االستقالل في اململكة املتحدة‬ ‫العمال جيرمي كوربن قبل عام كجزء من التمرد اليساري‬ ‫ضد الوسطيني في حزب العمال الجديد‪ ،‬أتباع توني بلير‪ .‬كان إن ال�ط��رف الوحيد ال��ذي يستطيع أن يدعي أن��ه حصل على‬ ‫بلير من األنصار املتحمسني لالتحاد األوروبي‪ ،‬ولكن كوربن ما يريد من عملية االنتخاب‪ ،‬هم املتشددون املتشككون في‬ ‫يعكس شكوك الجيل األقدم تجاه االتحاد األوروب��ي بوصفه االت�ح��اد األوروب ��ي داخ��ل ح��زب االس�ت�ق�لال باململكة املتحدة‬ ‫منظمة رأسمالية‪ .‬وبالتالي وعلى الرغم من تأييد حزب العمال (‪ .)UKIP‬وم��ع ذل ��ك‪ ،‬ي�ق��ع ال �ح��زب نفسه ف��ي خ�ض��م أزم��ات��ه‬ ‫ً‬ ‫رسميا للبقاء‪ ،‬فلم يقدم كوربني نفسه سوى دعم فاتر‪ .‬وادعى الداخلية الخاصة‪ .‬كما واصل زعيم حزب االستقالل باململكة‬ ‫كثير من ناخبي حزب العمال عدم علمهم باملوقف الرسمي املتحدة نايغل فاراج صخبه عن مدى نجاحه في حياته العملية‬ ‫ً‬ ‫عنصرا‬ ‫لحزبهم‪ ،‬ول�ك��ن حتى وإن علموا‪ ،‬ل��م يكن ذل��ك ليمنعهم من عبر خطبه التي يلقيها من لندن (حيث كان وال يزال‬ ‫ً‬ ‫أساسيا في كل البرامج الحوارية السياسية) ً‬ ‫التوصيت بأعداد مفاجئة لصالح خروج بريطانيا‪.‬‬ ‫مرورا بالبرملان‬ ‫ً‬ ‫مسرورا بتحصيل راتبه واالحتفاظ‬ ‫كما أدت الخالفات حول كيفية تعامل الحزب مع االستفتاء إلى األوروبي (حيث ال يزال‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا على املنصة‬ ‫اندالع خالفات جديدة على القيادة داخل الحزب‪ .‬قد يحتفظ بمنصبه) إلى الواليات املتحدة (حيث ظهر‬ ‫ك��ورب��ن بمنصبه‪ ،‬ولكن االستطالعات داخ��ل ال�ح��زب ج��اءت م��ع دون��ال��د ت��رام��ب)‪ .‬وف��ي ال��وق��ت ذات��ه‪ ،‬وعلى ال��رغ��م م��ن ذل��ك‪،‬‬ ‫سيئة للغاية‪ ،‬وه��ذا يعني أن الحزب ليس في عجلة من أمره أعلن عن استقالته من منصبه القيادي‪ .‬كما أن ق��راره بترك‬ ‫التفاصيل العملية ملرحلة ما بعد خ��روج بريطانيا لآلخرين‬ ‫للمطالبة بإجراء انتخابات وطنية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بينما حرص أعضاء الحزب الديمقراطي الليبرالي‪ ،‬قبل بضع يمثل برهانا آخر على ضعف قناعاته السياسية أكثر مما‬ ‫سنوات فقط وكجزء من االئتالف الوطني الحاكم‪ ،‬على تقديم يمثل تصوره عن ضبط النفس‪ ،‬وكان أنصار املغادرة ًقد بدأوا‬ ‫أنفسهم باعتبارهم الحزب الوحيد الذي يؤيد البقاء في االتحاد بالفعل في التراجع عن بعض وعودهم األكثر إشراقا‪ ،‬ومن‬ ‫األوروب ��ي ت��أي�ي� ً�دا ال لبس ف�ي��ه‪ .‬وم��ع ان�ق�ض��اء خمس سنوات املرجح أن يتلقوا ً‬ ‫مزيدا من الشكاوى من مؤيديهم الذين خاب‬ ‫كشريك أصغر للمحافظني من أتباع كاميرون وجد الحزب أملهم مع اتضاح التكلفة الحقيقية لخروج بريطانيا بشكل‬ ‫ً‬ ‫ومتهما باالنتهازية واالفتقار إلى أكبر‪ .‬يخوض املتنافسون على قيادة حزب االستقالل غمرة‬ ‫نفسه في غاية الضعف‬ ‫وجود مبدأ‪ .‬كما حاول الحزب الوطني االسكتلندي استغالل شجار سياسي عنيف‪ ،‬بينما نجح فاراج في االبتعاد عن ذلك‬

‫املشهد على أمل أال يخضع للمساءلة عما يحدث سواء لحزبه‬ ‫أو بالده في املفاوضات املنتظرة‪ .‬ولكن ما مدى تأثير كل ذلك‬ ‫على باقي دول االتحاد األوروبي؟‬ ‫يرغب أنصار خروج بريطانيا في أال تقتصر عملية التصويت‬ ‫على بريطانيا فحسب‪ .‬ف��ي الفترة التي سبقت التصويت‪،‬‬ ‫أعرب حزب االستقالل على وجه الخصوص عن تضامنه مع‬ ‫املتشككني في االتحاد األوروبي في أماكن أخرى في أوروبا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مصرحا ب��أن رف��ض بريطانيا لالتحاد األوروب ��ي ينبغي أن‬ ‫يكون إش��ارة لآلخرين للقيام باملثل‪ .‬حيث أعربت مجموعة‬ ‫ً‬ ‫خيرت فيلدرز في‬ ‫متنافرة من ً القوميني الشعبيني‪ ،‬بدءا من لاً‬ ‫هولندا‪ ،‬مرورا بمارين لوبان في فرنسا‪ ،‬وصو إلى أطراف أقل‬ ‫ً‬ ‫تأثيرا في الدنمارك وجمهورية التشيك وإيطاليا عن تضامنها‬ ‫الطموحات اإلقليمية والسياسية الروسية‬ ‫مع قرار خروج بريطانيا‪ .‬وقد تلقوا الدعم املادي واملعنوي من‬ ‫مختلف الجهات الدولية‪ ،‬سواء من حكومة فالديمير بوتني في‬ ‫روسيا‪ ،‬الذي يأمل أن تسفر أوروبا أكثر ً‬ ‫تجزءا عن معارضة‬ ‫أضعف للطموحات اإلقليمية والسياسية الروسية‪ ،‬بل وحتى‬ ‫من قبل املحافظني في الواليات املتحدة‪ ،‬الذين يتهمون االتحاد‬ ‫ً‬ ‫األوروبي باعتباره ً‬ ‫اشتراكيا للسيادة الوطنية‪ .‬وقد تلقت‬ ‫عدوا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫السياسية الفرنسية مارين لوبان‪ ،‬ترحيبا حارا في موسكو‪،‬‬ ‫كما حصل حزبها (ح��زب الجبهة الوطنية) على مساعدات‬ ‫مالية كبيرة من البنوك الروسية‪ .‬كما أن ظهور نايغل فاراج‬ ‫مؤخرا في والية ميسيسيبي مع املرشح الرئاسي الجمهوري‬ ‫دونالد ترامب‪ ،‬التي أعقبت إعالن ترامب أنه كان يقود حملة‬ ‫مماثلة م �ض��ادة للنخبة وأن ��ه ينبغي أن ُي�ط�ل��ق عليه «زع�ي��م‬ ‫الخروج» جراء جهوده في هذا الشأن‪ ،‬ما هو إال التعبير األكثر‬ ‫عالنية الذي يدل على تأييد اليمني األميركي لخروج بريطانيا‪.‬‬ ‫سارع خيرت فيلدرز بعد التصويت بخروج بريطانيا باإلعالن‬ ‫ع��ن رغبته ف��ي تنظيم استفتاء ح��ول «خ��روج ه��ول�ن��دا» على‬ ‫الفور‪ .‬ولكن سرعان ما أخمدت الحكومة الهولندية هذه الفكرة‪،‬‬ ‫وأظهرت استطالعات الرأي أن الغالبية العظمى من الناخبني‬ ‫الهولنديني ال ت��زال ت��رى منفعة أكبر م��ن البقاء ف��ي االتحاد‬ ‫األوروبي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬واصل فيلدرز دعواته للسيادة الوطنية عبر‬ ‫اإلفصاح عن مخاوفه من الهجرة واإلرهاب اإلسالمي بهدف‬ ‫الحشد ضد االتحاد األوروبي‪ ،‬ومن غير املرجح أن يكف عن‬ ‫الحديث عن هذه القضية‪.‬‬ ‫وقد نشأت حالة مماثلة في النمسا‪ ،‬على خلفية أزمة الهجرة‬ ‫ال �ت��ي ح��دث��ت ال�ص�ي��ف امل��اض��ي‪ .‬ف�ف��ي االن �ت �خ��اب��ات ال��رئ��اس�ي��ة‬ ‫النمساوية التي جرت في وقت سابق من هذا العام‪ ،‬تم إلقاء‬ ‫اللوم من قبل الناخبني على الحزبني السياسيني الرئيسيني‬ ‫لكونهما يفتقران إلى التخيل وتفصلهما مسافة شاسعة عن‬ ‫إخفاقهما في الوصول إلى الجولة‬ ‫العالم املعاصر‪ ،‬مما أدى إلى لاً‬ ‫الحاسمة من االنتخابات‪ .‬وبد من ذلك‪ ،‬أعرب الناخبون عن‬ ‫ال��وض��ع املناهض للمؤسسات الحاكمة عبر اختيار مرشح‬ ‫ح��زب ال�ح��ري��ة ال�ن�م�س��اوي (‪ )FPÖ‬ن��ورب��رت ه��وف��ر‪ ،‬والزعيم‬ ‫السابق لحزب الخضر ألكسندر فان دير بيلني‪ .‬ولم يقتصر‬ ‫برنامج حزب الحرية النمساوي على تشديد القيود الحدودية‬ ‫فحسب‪ ،‬بل وإمكانية الترحيل من االتحاد األوروب��ي كذلك‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن ترشيح هوفر أثار قلق املراقبني داخل وخارج‬ ‫النمسا‪ ،‬الذين كانوا يخشون من انتخاب مرشح يميني بهذا‬ ‫الوضوح‪ .‬ومن ثم سرعان ما قامت املؤسسات الحاكمة في‬ ‫لاً‬ ‫النمسا بالحشد لصالح ألكسندر فان دير بيلني أم في وقف‬ ‫تقدم هوفر‪ ،‬وبالفعل نجحت مساعيهم حيث فاز السياسي‬ ‫املخضرم والزعيم السابق لحزب الخضر بأغلبية ضئيلة‪.‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪43‬‬


‫مر شهران منذ أن فاجأ جمهور الناخبني البريطانيني العالم عبر التصويت بمغادرة‬ ‫االت�ح��اد األوروب ��ي‪ .‬ومنذ ذل��ك الحني‪ ،‬تفرغ مراقبو الساحة األوروب�ي��ة لالستعداد‬ ‫الستقبال التوابع املتوقعة‪.‬‬

‫تنظيم عملية انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي خطوة ضرورية للخروج رسميا‬

‫خطة تيريزا ماي لـ «البريكست»‬

‫فالدلفيا‪ :‬رونالد جي غرانييري*‬

‫املتحمسون لخروج بريطانيا‬

‫على الفور تراجعت قيمة الجنيه اإلسترليني كما‬ ‫ش �ه��دت أس � ��واق األس �ه��م ال��رئ�ي�س�ي��ة ان�خ�ف��اض��ات‬ ‫مماثلة‪ ،‬وانتشرت روايات عن ندم بعض الناخبني‬ ‫ممن صوتوا لصالح «خروج بريطانيا»‪ ،‬مما أدى الندالع موجة‬ ‫من ال��رواي��ات تنذر باشتعال أزم��ة فورية‪ .‬ومع م��رور الوقت‪،‬‬ ‫تالشت تلك امل�خ��اوف اللحظية حيث ه��دأت ح��دة املوقف مع‬ ‫اقتراب موسم العطلة الصيفية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال تزال هناك أسئلة‬ ‫هامة أم��ام ك��ل م��ن اململكة املتحدة واالت�ح��اد األوروب ��ي ككل‬ ‫والتي من شأنها أن تؤرق القارة لسنوات قادمة‪ .‬ففي بريطانيا‬ ‫ذاتها‪ ،‬أفسحت الدراما املرتبطة بالتصويت واأليام األولى من‬ ‫األزمة املجال أمام شعور مضطرب بعدم اليقني‪ .‬كما ال تزال‬ ‫السياسة البريطانية تحاول إع��ادة إرس��اء ن��وع من التوازن‬ ‫الفعال‪ ،‬حيث ال يقتصر التكيف مع نتائج التصويت وآثاره‬ ‫على مستقبل بريطانيا على الحكومة فحسب‪ ،‬بل إنه يمتد‬ ‫إلى األحزاب املعارضة كذلك‪.‬‬

‫«خروج‬ ‫وتكمن مشكلة حكومة ماي في أنها عندما تقول إن ً‬ ‫بريطانيا يعني خروج بريطانيا»‪ ،‬فإنه ال أحد يعرف حقا ما‬ ‫الذي يعنيه ذلك‪ .‬كما قضى أنصار البقاء في االتحاد األوروبي‬ ‫معظم الوقت أثناء حملة االستفتاء في التحذير من أن بريطانيا‬ ‫قد تجد نفسها في وضع سيئ على الصعيدين االقتصادي‬ ‫والسياسي دون ام�ت�ي��ازات عضوية االت�ح��اد األوروب ��ي‪ ،‬وقد‬ ‫تجد صعوبة في العمل على عقد أي صفقات أقل ما توصف‬ ‫ب��ه أن�ه��ا ج�ي��دة الق�ت�ص��اد بريطانيا‪ .‬وق��د أع��رب املتحمسون‬ ‫لخروج بريطانيا‪ ،‬جونسون وفوكس وديفيس‪ ،‬عن ثقتهم‬ ‫في أن بريطانيا تمثل شريكا تجاريا مهما وأنها لن تواجه‬ ‫أي��ة مشكالت في التفاوض لعقد صفقات تصب في صالح‬ ‫بريطانيا مستقلة‪ .‬حتى وإن تبني فيما بعد أن هذه الصفقات‬ ‫لاً‬ ‫ً‬ ‫رائعة‪ ،‬فمع ذلك سيستغرق األمر وقتا طوي للتفاوض على‬ ‫تفاصيل الصفقات‪.‬‬ ‫امل��ادة ‪ 50‬وانقضاء فترة العامني املخصصة لعملية خ��روج‬ ‫بريطانيا‪ .‬وهذا يطرح إمكانية أن تكون االنتخابات ً‬ ‫نوعا من‬ ‫االستفتاء على االستفتاء‪ ،‬وكذلك إم��ا مكافأة حكومة ماي‬ ‫إجراءات االنفصال عن االتحاد األوروبي‬ ‫أو معاقبتها‪.‬‬ ‫توجد إجراءات رسمية لالنفصال عن االتحاد األوروبي‪ً ،‬‬ ‫بناء‬ ‫ُ‬ ‫لاً ً‬ ‫على املادة رقم ‪ 50‬من معاهدة لشبونة‪ ،‬التي تحدد جدو زمنيا عضوية االتحاد األوروبي‬ ‫ملدة عامني إلتمام مغادرة إحدى الدول األعضاء‪ ،‬ولكنها ال تقدم‬ ‫ضمانات على اكتمال أي من الترتيبات الجديدة بحلول ذلك أم��ا األم��ر غير امل��رج��ح‪ ،‬فهو أن يحصل ال�ب��رمل��ان أو جمهور‬ ‫املوعد‪ .‬وبالتالي فإن أي مفاوضات ستكون من شقني‪ ،‬وهما الناخبني البريطانيني على فرصة ثانية التخاذ ق��رار بشأن‬ ‫اكتمال عملية االنفصال ً‬ ‫عمليا والعمل على تفاصيل العالقة عضوية االتحاد األوروبي‪ .‬حيث تكهن العديد من املعلقني‪ ،‬مثل‬ ‫في املستقبل‪ .‬ولتقديم مثال على مدى صعوبة األمر األخير‪ ،‬ماكس فيشر من صحيفة «نيويورك تايمز»‪ ،‬بشأن الكيفية‬ ‫يعمل كل من االتحاد األوروبي وكندا على اتفاقية اقتصادية التي قد تتمكن بها بريطانيا من «الهروب من الخروج» عبر‬ ‫تجارية شاملة (‪ )CETA‬منذ ع��ام ‪ .2008‬وت��م االنتهاء من بعض املناورات في اللحظات األخيرة‪ ،‬ربما من خالل وساطة‬ ‫املفاوضات في عام ‪ ،2014‬ولكن لم يتم التصديق عليها بعد حكومة اسكتلندا املؤيدة لالتحاد األوروبي‪ ،‬أو عبر استخدام‬ ‫من قبل جميع الدول األعضاء في االتحاد األوروبي‪ .‬وإذا‬ ‫كانت ح��ق الفيتو م��ن مجلس ال �ل��وردات ال�ب��ري�ط��ان��ي‪ ،‬أو حتى عبر‬ ‫ً‬ ‫بريطانيا تأمل في عقد اتفاق مشابه‪ ،‬فقد يستغرق ذلك وقتا ق��رار من مجلس العموم لرفض التصديق على أي اتفاقيات‬ ‫لاً‬ ‫طوي ‪.‬‬ ‫رسمية لخروج بريطانيا‪ .‬في الوقت الحالي‪ ،‬ال تبدو أي من هذه‬ ‫وب�م��ا أن ه��ذه ه��ي امل��رة األول ��ى ال�ت��ي ت�ق��وم فيها إح��دى ال��دول الخيارات قابلة للتنفيذ‪ .‬وبغض النظر عن رأي النخبة السياسية‬ ‫األعضاء باالحتكام إلى املادة ‪ ،50‬فليس من املستغرب عدم البريطانية في جمهور الناخبني‪ ،‬فمن الصعب تصور استعداد‬ ‫وجود أي إرش��ادات واضحة عن متى يجب على الحكومة أو‬ ‫األمر‬ ‫أي زعيم بريطاني إثارة أزمة دستورية من خالل رفض ً‬ ‫متى سيجب عليها اإلعالن عن تفعيلها‪ .‬كما لم يتضح بعد صراحة‪ .‬فقد ارتكب رئيس الوزراء األسبق‪ ،‬كاميرون‪ ،‬خطأ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتاريخيا ً‬ ‫الدور الذي يمكن أو ينبغي أن يلعبه البرملان البريطاني في هذه‬ ‫فادحا بالدعوة إلى االستفتاء‪ ،‬واآلن‪ ،‬ومع‬ ‫سياسيا‬ ‫املفاوضات‪ .‬وبما أن حزب املحافظني تمكن من االتفاق على ذلك‪ ،‬فإن البريطانيني مضطرون لتقبل النتيجة‪ .‬إن قرار ماي‬ ‫ً‬ ‫رسميا للمادة ‪ 50‬إلى وقت ما من عام ‪2017‬‬ ‫رئيس‪ ،‬فليست هناك حاجة‪ ،‬كما كان يخشى البعض‪ ،‬إلجراء بتأجيل االحتكام‬ ‫انتخابات مبكرة‪ .‬وبما أنه لن يتم إجراء االنتخابات الوطنية لن يؤدي لحل املشكالت أو تبديد كل الشكوك‪ ،‬ولكنه قد يتيح‬ ‫املقبلة قبل عام ‪ ،2020‬فإن ذلك يعني أنها ستكون بعد تفعيل الوقت الكافي لكي تهدأ املوجات السياسية‪.‬‬

‫بوريس جونسون ومايكل جوف‬ ‫وقد ج��اءت استجابة رئيس ال��وزراء‪ ،‬ديفيد كاميرون‪ ،‬على‬ ‫هزيمته املفاجئة بإعالن استقالته من منصبه‪ .‬وبعد أسابيع‬ ‫قليلة مثيرة من التآمر داخل الحزب‪ ،‬تمكن أنصار الخروج‬ ‫البريطاني الرئيسيون ب��وري��س ج��ون�س��ون وم��اي�ك��ل جوف‬ ‫من القضاء على فرص بعضهم البعض لخالفة كاميرون‪،‬‬ ‫بينما برز اسم تيريزا ماي‪ ،‬وزيرة الداخلية‪ ،‬كمرشحة حزب‬ ‫املحافظني لشغل منصب رئيسة الحزب ورئيسة الوزراء على‬ ‫حد سواء‪ .‬ومن املنتظر أن يتم التصديق على تلك القرارات‬ ‫خ�لال مؤتمر ح��زب املحافظني في أوائ��ل سبتمبر (أيلول)‪.‬‬ ‫في هذه األثناء‪ ،‬طمأنت رئيسة الوزراء ماي‪ ،‬التي كانت من‬ ‫املعتدلني للبقاء في االتحاد األوروبي‪ ،‬حزبها بأنها‬ ‫املؤيدين‬ ‫ً‬ ‫تعتزم العمل وفقا إلرادة الناخبني‪ ،‬على الرغم من عدم وضوح‬ ‫التفاصيل‪.‬‬ ‫كما عينت م��اي أن�ص��ار ال �خ��روج البريطاني الرئيسيني في‬ ‫املناصب الرئيسية في حكومتها ‪ -‬بوريس جونسون ً‬ ‫وزيرا‬ ‫للخارجية‪ ،‬وليام فوكس ً‬ ‫وزيرا للتجارة‪ ،‬وديفيد ديفيس ملنصب‬ ‫وزي��ر ال��دول��ة ل�ش��ؤون م �غ��ادرة االت �ح��اد األوروب ��ي املستحدث‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا ‪ -‬وقد قضى كل من هؤالء السياسيني الطموحني الثالثة‬ ‫أسابيعهم األولى في الحكومة في التنافس على املواقع‪ ،‬حيث‬ ‫يدعي كل منهم أنه املحرك الرئيسي للمفاوضات املستقبلية‬ ‫الخاصة بخروج بريطانيا‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬


‫الحوار بتلك األحداث باعتبارها «تغيرا جذريا» في األسابيع‬ ‫األخيرة لصالح روسيا‪.‬‬

‫تراجع سمعة الواليات املتحدة في روسيا‬

‫مواطنة روسية تحمل صحيفة (غيتي)‬

‫الرسمي ب��اس��م وزارة ال��دف��اع ال��روس�ي��ة نفيه السريع‬ ‫لتلك االن�ت�ق��ادات األميركية حينما ق��ال‪« :‬ع ��ادة ليس‬ ‫من واجبنا أن نقدم النصح لقيادة وزارة الخارجية‬ ‫األميركية‪ ...‬ولكننا يجب أن نقول لهم هنا‪ ،‬أن عليهم أن‬ ‫يتحققوا من معلوماتهم حول قرار مجلس األمن التابع‬ ‫لألمم املتحدة رق��م (‪ ،)2231‬ال��ذي يشير إل��ى الحاجة‬ ‫إلى الحصول على إذن من مجلس األمن التابع لألمم‬ ‫املتحدة بشأن (بيع) أو (نقل) أو (استخدام) الطائرات‬ ‫املقاتلة (داخ��ل إي��ران)‪ ،‬وم��ن ثم فال يوجد أي انتهاك‬ ‫حقيقي للقرار من خ�لال استخدام روسيا للقاعدة‬ ‫الجوية العسكرية اإلي��ران�ي��ة»‪ .‬ويشبه ه��ذا التصريح‬ ‫رد وزي��ر الخارجية الروسي الف��روف عن االنتقادات‬ ‫نفسها ع�ن��دم��ا ن�ف��ى ب�ك�ل�م��ات م�ش��اب�ه��ة م�س��أل��ة ع��دم‬ ‫شرعية االتفاق الروسي اإليراني‪.‬‬ ‫وفي مقال آخر بصحيفة «روسيسكايا جازيتا»‪ ،‬احتفت‬ ‫الصحيفة ب�ق��رار إي��ران بالعمل م��ع روس�ي��ا ف��ي سوريا‬ ‫ووصفته بأنه «قرار تاريخي»‪ .‬ووفقا للمقال‪ ،‬ربما يلعب‬ ‫هذا القرار «دورا حيويا في هزيمة اإلرهابيني في سوريا»‪.‬‬

‫وف��ي نسختها اإلن�ج�ل�ي��زي��ة‪ ،‬جمعت «روس �ي��ا ال�ي��وم»‬ ‫الرسائل الرئيسية للتغطية اإلعالمية باللغة الروسية‬ ‫بشأن األنشطة الروسية في سوريا‪ :‬لقد كان التحالف‬ ‫الذي تقوده الواليات املتحدة يفتقر إلى الحسم والفاعلية‬ ‫في سوريا‪ ،‬بينما تمكنت روسيا من تحقيق النتائج‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬أصبحت األطراف األخرى كافة اآلن ترغب في‬ ‫العمل مع روسيا بدال من الواليات املتحدة‪ .‬فقد انضمت‬ ‫كل من تركيا‪ ،‬وإيران‪ ،‬والصني لروسيا فيما ال يمكن‬ ‫وصفه إال بأنه «تغير في التوازنات في املنطقة»‪.‬‬ ‫ون �ش��رت «روس �ي��ا ال �ي��وم» ال�ت��ي ت�ش�ج��ع ق��راءه��ا ع�ل��ى «أن‬ ‫ي�ط��رح��وا امل��زي��د م��ن األس �ئ �ل��ة»‪ ،‬ح ��وارا (م��ن ب�ين ح ��وارات‬ ‫عدة بشأن املوضوع نفسه) مع معلق سياسي في بداية‬ ‫أغسطس (آب‪.‬‬ ‫وان�ت�ه��ى ال �ح��وار م��ع املعلق السياسي ج��ون واي��ت إل��ى أن‬ ‫«ش��راك��ة روس�ي��ا ال�ج��دي��دة م��ع إي ��ران ه��ي ن�م��وذج للتعاون‬ ‫العسكري ال��ذي ك��ان ال�غ��رب يفتقر إل�ي��ه حتى اآلن فيما‬ ‫يتعلق بالنزاع السوري‪ ،‬كما أنه يمثل نوع املمارسات التي‬ ‫نحتاج إليها للقضاء على تهديد تنظيم داعش»‪ .‬واحتفى‬

‫م ��ن ج �ه��ة أخ � � ��رى‪ ،‬ك �ت �ب��ت ص �ح �ي �ف��ة «م��وس �ك��وف �س �ك��ي‬ ‫كومسوموليتس» مؤخرا‪ ،‬أن الواليات املتحدة تحاول «على‬ ‫غ��رار الفيلم األميركي (ذي��ل الكلب) (‪ ،)1997‬استخدام‬ ‫ال �ح��رب ف��ي س��وري��ا ع�ل��ى ن�ح��و ت��رف�ي�ه��ي‪ ،‬ب��اإلض��اف��ة إل��ى‬ ‫استخدامها للفت انتباه األميركيني لألحداث في سوريا‬ ‫وتشتيت انتباههم بعيدا عن املشكالت األكبر في الداخل‪.‬‬ ‫وعادة ما كان املحللون الغربيون يستخدمون تلك الحجة‬ ‫نفسها أثناء محاوالتهم تبرير مغامرات بوتني بالخارج»‪.‬‬ ‫ووفقا الستطالع أجري في مايو (أيار) ‪ ،2016‬فإن ‪70‬‬ ‫في املائة من الروس لديهم رؤى سلبية بشأن الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬بينما لدى ‪ 62‬في املائة من الروس آراء سلبية‬ ‫بشأن االتحاد األوروبي‪.‬‬ ‫ويعتبر الروس أن أكبر حلفائهم هم روسيا البيضاء‪،‬‬ ‫وك ��ازاخ� �س� �ت ��ان‪ ،‬وال� �ص�ي�ن‪ ،‬ب�ي�ن�م��ا ي �ض �ع��ون ال ��والي ��ات‬ ‫املتحدة على قمة قائمة ال��دول املعادية لروسيا‪ .‬ووفقا‬ ‫لالستطالع‪ ،‬فإن ترتيب أميركا تراجع بمعدل الضعف‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ ،2014‬اعتبر ‪ 38‬في املائة من الروس أميركا‬ ‫دول��ة معادية‪ ،‬بينما وص��ل ه��ذا الرقم إل��ى ‪ 72‬في املائة‬ ‫في ‪.2016‬‬ ‫وأخذا في االعتبار تركيز «روسيا اليوم» على الثغرات‬ ‫في الديمقراطية الليبرالية الغربية في تغطيتها اليومية‪،‬‬ ‫والتدفق اليومي لقصص املؤامرات األميركية الذي تبثه‬ ‫وس��ائ��ل اإلع�ل�ام ال��روس�ي��ة للشعب ال��روس��ي‪ ،‬ف��إن ذل��ك‬ ‫االستطالع ال يمثل مفاجأة‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يبدو أن الروس يثقون في السلطات‬ ‫فيما يتعلق باألمن الداخلي‪ .‬فبينما ق��ال نحو ‪ 67‬في‬ ‫املائة من الروس إنهم قلقون بشأن احتمالية تعرضهم‬ ‫لهجمات إرهابية‪ ،‬قال ‪ 59‬في املائة منهم إنهم يعتقدون‬ ‫أن وزارة الداخلية ال��روس�ي��ة واالس�ت�خ�ب��ارات الروسية‬ ‫ق��ادرون على حماية روسيا من أي هجمات إرهابية‪.‬‬ ‫إلى أي حد تتأثر هذه الثقة بصورة روسيا القوية التي‬ ‫تالحق اإلرهابيني في سوريا؟ من األفضل أن نقول‪ :‬إن‬ ‫هذا يعد أحد عوامل الطمأنة الرئيسية بالنسبة للروس‪.‬‬ ‫وأخ �ي��را‪ ،‬وعندما ُسئلوا ع��ن رؤيتهم لترتيب أول��وي��ات‬ ‫السياسة الخارجية للسلطات الروسية‪ ،‬أج��اب ‪ 57‬في‬ ‫املائة من الروس بأنها يجب أن تضطلع بمهمة «ضمان‬ ‫الوجود السلمي واآلم��ن لروسيا»‪ ،‬فيما يعتقد ‪ 51‬في‬ ‫املائة من الروس بأن األولوية األولى هي «أن تعود روسيا‬ ‫مرة أخرى من أكثر الدول نفوذا في العالم‪ ،‬التي ال يمكن‬ ‫أن يتم اتخاذ قرار جوهري من دون الرجوع إليها»‪.‬‬ ‫ويبدو أن هذه أمنية الكثيرين إذا ما نظرنا إلى وسائل‬ ‫اإلعالم الناطقة باللغة الروسية‪.‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬فإن قيادة روسيا «غير األنانية في الشرق‬ ‫األوسط تمثل تغيرا جذريا في املنطقة»‪ ،‬يمكنه أن ينجح‬ ‫في هزيمة «داعش»<‬ ‫* هي زميل الباحثني ومنسق برنامج الشؤون األوروآسيوية بمعهد‬ ‫أبحاث السياسة الخارجية‪ ..‬حصلت على درجة املاجستير في العوملة‬ ‫والتنمية والتحوالت من جامعة ويستمنستر بلندن مع التركيز على‬ ‫التحوالت التي شهدتها الدول بعد سقوط األنظمة السلطوية‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪41‬‬


‫منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم‪ ،‬وشنت حربا في ش��رق أوكرانيا‪ ،‬وب��دأت‬ ‫دعم نظام بشار األسد في سوريا‪ ،‬أصبحت منعزلة إلى حد كبير عن معظم أنحاء‬ ‫العالم‪ .‬كما دخلت العام الثاني من الركود االقتصادي الشديد؛ نظرا للعقوبات التي‬ ‫فرضها الغرب على روسيا‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬فإن معدالت شعبية بوتني بالداخل وصلت‬ ‫إلى ‪ 82‬في املائة‪.‬‬

‫تحتفي بقدرة بوتني على حشد إيران وتركيا والصني هلزيمة «داعش»‬

‫توجهات وسائل اإلعالم الروسية بشأن سوريا‬ ‫دراسة‪ % 68 :‬من الروس يؤيدون تدخل بالدهم العسكري في سوريا‬ ‫موسكو‪ :‬مايا أوتراشفيلي *‬ ‫وف �ق��ا ل�ب�ح��ث أج� ��راه م��ؤخ��را م��رك��ز «ل �ي �ف��ادا»‬ ‫لألبحاث‪ ،‬يوافق ‪ 68‬في املائة من الروس على‬ ‫التدخل العسكري الروسي في سوريا‪ .‬كما‬ ‫تعتقد أغلبية الروس (‪ 77‬في املائة) أن الروس ال يمثلون‬ ‫أي خطر على األم��ن القومي للبلدان األخ��رى‪ .‬وعندما‬ ‫ُسئلوا عما إذا كانت الواليات املتحدة تمثل خطرا على‬ ‫األمن القومي للبلدان األخرى حاليا‪ ،‬أجاب ‪ 59‬في املائة‬ ‫من الروس باإليجاب‪.‬‬ ‫مل��اذا يوجد ه��ذا القدر من التناقض بني رؤي��ة الحكومة‬ ‫الروسية من الداخل ومن الخارج؟ في مقالي السابق‪،‬‬ ‫الذي تم نشره في عدد يوليو (تموز) من املجلة‪ ،‬قمت‬ ‫بتحليل قوة آلة البروباجندا اإلعالمية الروسية التي كانت‬ ‫تخلق بفاعلية الفوضى‪ ،‬وتنشر الغموض في الرأي العام‬ ‫خ��ارج روس�ي��ا‪ ،‬خصوصا في وس��ط وشرقي أوروب��ا‪.‬‬ ‫ولكن إلقاء نظرة أكثر عمقا على البروباجندا اإلعالمية‬ ‫الروسية املوجهة ص��وب املواطن الروسي تكشف عن‬ ‫صورة مشابهة‪ ،‬ولكنها أكثر حدة‪ .‬وذلك حيث تساعد‬ ‫الرسائل التي ترسلها وسائل اإلعالم املحلية بالتزامن‬ ‫مع استطالعات الرأي العام الحكومة على الحصول على‬ ‫الدعم الشعبي ملمارساتها التي ال تحظى بشعبية في‬ ‫الخارج‪.‬‬

‫ماذا تفعل روسيا في سوريا؟‬ ‫أث��ار التدخل العسكري ال��روس��ي ف��ي س��وري��ا حالة من‬ ‫الجدل في معظم أنحاء العالم‪ ،‬حيث احتج املشككون‬ ‫بأن روسيا تحاول الوقوف أمام املصالح األميركية في‬ ‫سوريا من خالل دعم نظام األسد واملشاركة في الحرب‬ ‫األهلية السورية‪ ،‬فيما يعتقد آخ��رون أن روسيا لديها‬ ‫مصالح ه��ي األخ ��رى ه�ن��اك ‪ -‬ب��داي��ة م��ن الطاقة واألم��ن‬ ‫إلى املحاوالت الحقيقية لتعزيز التحالفات في الشرق‬ ‫األوس��ط‪ .‬ويظهر تاريخ املشاركة الروسية في سوريا‬ ‫حتى اآلن أن جميع ما سبق صحيح؛ فرغم أن روسيا‬ ‫تحاول بالفعل أن تخدم مصالحها في الدولة التي مزقتها‬

‫‪40‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫الحرب‪ ،‬فإن ممارساتها أثرت أيضا على نحو مباشر في‬ ‫مساعي التحالف الذي تقوده الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ملاذا تتدخل روسيا في سوريا؟ وفقا الستطالع حديث‪،‬‬ ‫يعتقد ‪ 58‬في املائة من الروس أنه يجب على روسيا أن‬ ‫تحاول «تحييد والقضاء على خطر األفعال العسكرية‬ ‫التي يقوم بها الراديكاليون اإلسالميون واإلرهابيون‬ ‫الذين يتدفقون على روسيا»‪ .‬ويذهب ‪ 27‬في املائة من‬ ‫ال��روس أبعد من ذلك في تأييدهم للتدخل الروسي في‬ ‫س��وري��ا‪ ،‬حيث أض��اف��وا أن على روس�ي��ا أن «ت��داف��ع عن‬ ‫نظام بشار األسد لكي تحول دون سلسلة من (الثورات‬ ‫امللونة) التي دفعتها الواليات املتحدة في جميع أنحاء‬ ‫العالم»‪.‬‬ ‫ويبدو أن دور روسيا بصفتها «مدافعا عن سوريا»‬ ‫(ترتبط سوريا في معظم الوقت مباشرة ببشار األسد‬ ‫وحكومته الشرعية)‪ ،‬قد تحقق على األق��ل من وجهة‬ ‫نظر وسائل اإلعالم الروسية‪ ،‬كما تتوافر التقارير التي‬ ‫تتحدث ع��ن شجاعة روس�ي��ا ف��ي س��وري��ا ف��ي القنوات‬ ‫التلفزيونية واملجالت الروسية بداية من «روسيا اليوم»‬ ‫و«فيستي» وصوال إلى «روسيسكايا جازيتا»‪.‬‬ ‫وذل��ك حيث ي�ق��دم ال�ع�ن��وان الرئيسي لوكالة أن�ب��اء «ري��ا‬ ‫نوفوستي» للقارئ ملحة عن كيف كانت وسائل اإلعالم‬ ‫الروسية تضخم أصوات الزعماء الروس الذين ينظرون‬ ‫إل��ى سلوكيات روسيا في سوريا باعتبارها بطولية‪.‬‬ ‫فقد ك��ان العنوان يقول إن روس�ي��ا أن�ق��ذت س��وري��ا من‬ ‫‪ 624‬هجمة بصواريخ كروز من حلف شمال األطلسي‪.‬‬ ‫مل ��اذا ت��دخ�ل��ت روس �ي��ا ف��ي س��وري��ا م�ن��ذ ال �ب��داي��ة؟ وفقا‬ ‫ل��وس��ائ��ل اإلع�ل�ام ال��روس �ي��ة‪ ،‬ف��إن��ه م��ن خ�ل�ال ال�ع�م��ل مع‬ ‫س��وري��ا واملجتمع ال��دول��ي والتخطيط لتدمير األسلحة‬ ‫الكيماوية في سوريا‪ ،‬ساعدت روسيا العالم على تجنب‬ ‫الحرب‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬لم تكن روسيا تقاتل «داعش» فقط‬ ‫في سوريا‪ ،‬ولكنها كانت تساعد أيضا في الدفاع عن‬ ‫املصالح السورية ضد أفعال الغرب «الخاطئة وغير‬ ‫املنظمة»‪.‬‬ ‫وتقدم أحدث عناوين األخبار لوسائل اإلعالم الناطقة‬ ‫بالروسية روس�ي��ا باعتبارها منظما للمجتمع عبر‬

‫قدرتها على العمل الجماعي بخالف ق��وات التحالف‬ ‫ال��ذي تقوده ال��والي��ات املتحدة‪ ،‬ال��ذي يحارب «داع��ش»‬ ‫حاليا ف��ي س��وري��ا‪ .‬وم��ن ث��م‪ ،‬تحتفي وس��ائ��ل اإلع�لام‬ ‫الروسية بقدرة الرئيس بوتني على حشد إيران وتركيا‬ ‫والصني للقتال معا في سوريا‪.‬‬ ‫ففي مقال حديث نشر ف��ي صحيفة «روسيسكايا‬ ‫جازيتا» بعنوان «إي��ران للمساعدة» يفحص الكاتب‬ ‫ّ‬ ‫طبيعة التدخل الروسي اإليراني‪ ،‬الذي‪ ،‬وفقا له‪ ،‬مكن‬ ‫روسيا من استخدام القاعدة العسكرية اإليرانية لكي‬ ‫تشن هجماتها الجوية على نحو أكثر كفاءة وفاعلية‬ ‫ف��ي س��وري��ا ‪ -‬ك�م��ا يشير ال�ك��ات��ب إل��ى أن امل�س��ؤول�ين‬ ‫بالحكومة األم�ي��رك�ي��ة ان�ت�ق��دوا ه��ذه الصفقة املميزة‬ ‫ووصفوها بأنها غير شرعية‪« :‬يجب أن نذكر أن فكرة‬ ‫أن إيران سمحت لروسيا باستخدام قاعدتها الجوية‬ ‫لم تعجب الجميع»‪ .‬مضيفا‪« :‬كما اتهم ممثلو وزارة‬ ‫الخارجية األميركية جيشنا بانتهاك ق��رار مجلس‬ ‫األمن التابع لألمم املتحدة»‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا ال �س �ي��اق‪ ،‬ن�ق��ل امل �ق��ال ع�ل��ى ل �س��ان امل�ت�ح��دث‬


‫قوائم انتظار بأحد البنوك في اليونان لدفع‬ ‫املعاشات املتأخرة للمتقاعدين (غيتي)‬

‫و«امل��ؤس�س��ة املشتركة ب�ين األج �ي��ال» ف��ي جميع أنحاء‬ ‫ً‬ ‫القارة‪ .‬وترتكز أنظمة دفع استحقاقات التقاعد أوال بأول‬ ‫على عهد بني األجيال‪ :‬يمول العاملون اليوم معاشات‬ ‫آبائهم وأمهاتهم ف��ي ح�ين يتوقعون أن تمول ذريتهم‬ ‫معاشاتهم في املقابل‪ .‬ولكن هذا النظام هش للغاية‪ ،‬وال‬ ‫يزدهر إال شريطة أن يتوقع كل جيل من العمال أن يعيش‬ ‫ف��ي املستوى نفسه ال��ذي يعيش فيه جيل املتقاعدين‬ ‫الذين يدفع له‪ .‬ولكن لم يعد هذا هو الوضع‪ ،‬حيث يتزايد‬ ‫اإلغراء لوقف املساهمة في هذا النظام املالي غير الصالح‪.‬‬ ‫وإذا م��ا ت��زاي��د ع��دد املشككني ف��ي ه��ذا النظام فإنه من‬ ‫املمكن أن ينهار‪.‬‬ ‫ولتجنب هذه النتيجة‪ ،‬ينبغي على الحكومات األوروبية‬ ‫أن تحقق التوازن بني ثالثة مبادئ ً‬ ‫غالبا ما تكون غير‬ ‫متوافقة وهي االستدامة املالية والتضامن بني األجيال‬ ‫واإلن�ص��اف ب�ين األج�ي��ال‪ ،‬وه��و م��ا يطلق عليه معضلة‬ ‫التقاعد ثالثية األبعاد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جذريا في‬ ‫يدعو مبدأ االستقرار املالي إلى إعادة النظر‬ ‫االمتيازات التي يتمتع بها أصحاب املعاشات الحالية‪ .‬إذ‬ ‫ينبغي تخفيض االستحقاقات‪ ،‬ورفع سن التقاعد إلى‬ ‫مستويات تتماشى مع الزيادة املستمرة في متوسط‬ ‫العمر املتوقع‪ .‬هذا من شأنه مواءمة أنظمة التقاعد في‬ ‫أوروب��ا مع توصيات «املفوضية األوروبية» و«صندوق‬ ‫النقد الدولي»‪ ،‬وستكون خطوة مهمة نحو االستدامة‪.‬‬ ‫وكما أظهرت األزمة اليونانية‪ ،‬قد يحل خفض املعاشات‬ ‫املالية‪ ،‬ويضع بدال منها‬ ‫وتأجيل سن التقاعد املشكالت ً‬ ‫كارثة اجتماعية‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬ووفقا ملبدأ التضامن بني‬ ‫األج�ي��ال‪ ،‬ينبغي على الحكومات أن تسمح بقدر من‬ ‫املرونة‪ .‬فال يجب أن تتناسب املعاشات التقاعدية فقط‬ ‫مع املساهمات التي يتم دفعها مدى الحياة‪ ،‬ولكنها يجب‬ ‫أن تكون كافية لضمان حياة الئقة‪ .‬فمن أجل تحقيق‬

‫يتمتعون بصحة جيدة‪ ،‬ينبغي أن تصبح املزايا التي‬ ‫يتمتعون بها مشروطة بالعمل في املؤسسات العامة‪.‬‬ ‫وينبغي أن يشمل هذا العمل املهارات املكتسبة طوال‬ ‫فترة املسار املهني للمتقاعدين‪ :‬املعلمون املتقاعدون‬ ‫بإمكانهم ال�ت�ط��وع ف��ي امل� ��دارس؛ األط �ب��اء املتقاعدون‬ ‫بإمكانهم التطوع في املستشفيات‪ .‬وكانت قد وجهت‬ ‫انتقادات إلى اللورد ريتشارد‪ ،‬الرئيس السابق لوكالة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫االستحقاقات البريطانية‪ ،‬القتراحه شيئا مماثال في‬ ‫عام ‪ ،2012‬إال أن هذه السياسات التقاعدية النشطة‬ ‫من شأنها تخفيف تعثر توفير األموال العامة‪ ،‬وزيادة‬ ‫الثقة بالنفس لدى كبار السن‪ ،‬وجعل نظام املعاشات‬ ‫ً‬ ‫أكثر قبوال لدى الشباب‪.‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬فمن أجل تحقيق أي من هذه اإلصالحات‪،‬‬ ‫س�ي�ك��ون م��ن ال �ض ��روري إض �ع��اف ال�س�ل�ط��ة السياسية‬ ‫ً‬ ‫لألجيال األكبر سنا‪ .‬وتشمل التدابير املقترحة خفض‬ ‫ً‬ ‫سن االق�ت��راع إل��ى ‪ 16‬ع��ام��ا‪ ،‬وتحديد الحد األدن��ى لسن‬

‫املزارعون اليونانيون يشاركون في احتجاج ضد إصالح نظام التقاعد املثير للجدل الذي‬ ‫هو جزء من خطة اإلنقاذ االقتصادي الصعب في البالد ‪ -‬يناير ‪( 2016‬غيتي)‬

‫االستقرار املالي للنظام‪ ،‬يمكن للحكومات أن تفرض‬ ‫ضريبة التضامن على أعلى مستويات الدخل وإعادة‬ ‫ً‬ ‫ونظرا ألن‬ ‫توزيع العائدات بني أفقر املتقاعدين‪ .‬وباملثل‪،‬‬ ‫حتى أكثر العمال املهرة يفتقرون إلى املهارات الالزمة‬ ‫مل��واك�ب��ة التغير التكنولوجي امل��دم��ر‪ ،‬فينبغي السماح‬ ‫للعمال املتضررين من التشغيل اآللي بالتقاعد املبكر‬ ‫إذا لزم األمر‪ .‬ولكن في مقابل خروجهم من سوق العمل‬ ‫الصعب‪ ،‬ينبغي أن يساهموا بشيء في املقابل‪.‬‬ ‫يرتبط هذا باملبدأ الثالث وهو اإلنصاف بني األجيال‪.‬‬ ‫ففي ظل تباطؤ النمو وتقلص القوى العاملة‪ ،‬لم يعد‬ ‫بإمكان االقتصادات املتقدمة احتمال تقاعد كبار السن‬ ‫ً‬ ‫دون أن يقدموا شيئا‪ .‬ولذلك ينبغي على كبار الناس‪،‬‬ ‫خاصة أولئك الذين يتقاعدون في وقت مبكر‪ ،‬املساهمة‬ ‫بنشاط في رفاهة مجتمعاتهم‪ .‬وطاملا أن املتقاعدين‬

‫عاما‪ ،‬ووقف سن الترشح عند ‪ً 65‬‬ ‫الترشح إلى ‪ً 18‬‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫ولزيادة معدالت اإلقبال املنخفضة بني الناخبني الشباب‪،‬‬ ‫يتعني على ال�ح�ك��وم��ات أن تستثمر ف��ي ب��رام��ج تثقيف‬ ‫الناخبني م��ن خ�لال امل��دارس والحمالت اإلع�لام�ي��ة‪ .‬كما‬ ‫ينبغي أن تتطلب االستفتاءات التي يتم إج��راؤه��ا على‬ ‫القضايا التي تحدد مستقبل األم��م‪ ،‬مثل ت��رك االتحاد‬ ‫األوروب��ي تصويت األغلبية العظمى خاصة في البلدان‬ ‫التي يمثل فيها كبار السن األغلبية‪.‬‬ ‫ت�ح�ت��اج أوروب � ��ا إل ��ى ت�ف�ك�ي��ر ج��دي��د مل�ع��ال�ج��ة التكاليف‬ ‫االق�ت�ص��ادي��ة والسياسية املرتبطة بسكانها املسنني‪.‬‬ ‫وي�ج��ب على ال�ح�ك��وم��ات أن تختار ال�ح�ل��ول ال�ت��ي تعزز‬ ‫ال�ت�ع��اون ب�ين األج �ي��ال‪ ،‬وتتجنب اإلغ� ��راءات االنتخابية‬ ‫ق�ص�ي��رة ال �ن �ظ��ر‪ .‬ع�ن��ده��ا ف�ق��ط ب��إم�ك��ان�ه��م ح��ل مشكلة‬ ‫التقاعد ثالثية األبعاد <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪39‬‬


‫منذ ان ��دالع أزم��ة ال��دي��ون األوروب �ي��ة‪ ،‬أص�ب��ح امل�ت�ق��اع��دون ال�ي��ون��ان�ي��ون كبش ال�ف��داء‬ ‫للمشكالت املالية والسياسية للقارة بأكملها‪.‬‬

‫الفجوة بني أجيال أوروبا‬

‫ُ‬ ‫كيف يهدد املتقاعدون مستقبل القارة العجوز ؟‬ ‫أثينا‪ :‬إدواردو كامبانيال‬ ‫ش �ع��ر ال ��دائ �ن ��ون ال ��دول �ي ��ون ب��ال�غ�ض��ب ح�ي��ال‬ ‫نظام التقاعد اليوناني السخي ال��ذي يسمح‬ ‫للموظف العام بالتقاعد في سن مبكرة قبل‬ ‫سن الخمسني‪ ،‬وطالبوا بإجراء إصالحات جذرية في‬ ‫مقابل الحصول على أموال خطة اإلنقاذ‪ .‬وقد حصلوا‬ ‫على ما أرادوه‪ ،‬فاليوم أصبحت معاشات املتقاعدين‬ ‫باليونان أقل بنسبة ‪ 50‬في املائة عما كانت عليه في عام‬ ‫‪ .2010‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يتلقى ‪ 45‬في املائة من املتقاعدين‬ ‫اليونانيني شيكات شهرية دون حد الفقر الرسمي‪.‬‬ ‫ولكن القسوة التي ًيتعرض لها املتقاعدون اليونانيون‬ ‫قسوة غير عادية وفقا للمعايير األوروبية‪ .‬فعملية اتخاذ‬ ‫ال�ق��رار ب��ال�ق��ارة تميل بشكل كبير لصالح كبار السن‬ ‫والحفاظ على امتيازات املتقاعدين حتى في مواجهة‬ ‫ركود النمو وانهيار الوضع املالي العام والزيادة املطردة‬ ‫ف��ي معدل البطالة ب�ين الشباب‪ .‬ولكن ف��ي ظ��ل تهميش‬ ‫الشباب باملجتمع‪ ،‬لم ُيصبح حكم املسنني بأوروبا ً‬ ‫أمرا‬ ‫ال يمكن تحمله من الناحية املالية فحسب‪ ،‬بل ال يمكن‬ ‫ً‬ ‫تحمله من الناحية األخالقية أيضا‪ .‬فتحقيق التوازن‬ ‫بني املصالح املتضاربة لكبار السن والشباب هو أمر‬ ‫ضروري لدرء التوترات الصاعدة بني األجيال‪.‬‬

‫قوة املسنني‬ ‫يعد املتقاعدون قوة مؤثرة للغاية في السياسة األوروبية؛‬ ‫فبإمكان املتقاعدين‪ ،‬الذين يصل عددهم إلى ‪ 130‬مليون‬ ‫متقاعد‪ ،‬أي أنهم يمثلون ما يقرب من ربع سكان االتحاد‬ ‫األوروب��ي‪ ،‬تغيير نتائج أي انتخابات‪ .‬ولكن نفوذهم ال‬ ‫ً‬ ‫يعتمد فقط على عددهم‪ ،‬حيث يعد املتقاعدون أيضا أحد‬ ‫ً‬ ‫سياسيا في أوروبا‪.‬‬ ‫أكثر املجموعات النشطة‬ ‫ويعد استفتاء خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي‬ ‫أب��رز م�ث��ال على ذل��ك‪ .‬فعلى ال��رغ��م م��ن أن التصويت‬ ‫ك��ان يخص مستقبل اململكة امل�ت�ح��دة‪ ،‬ل��م ي��ذه��ب من‬ ‫البريطانيني الذين تتراوح أعمارهم ما بني ‪ 18‬إلى ‪24‬‬ ‫ً‬ ‫عاما إل��ى صناديق االق�ت��راع غير ‪ 36‬في املائة‪ ،‬وذلك‬ ‫م�ق��ارن��ة بنسبة ‪ 83‬ف��ي امل��ائ��ة م��ن البريطانيني الذين‬ ‫تتجاوز أعمارهم ‪ً 65‬‬ ‫عاما‪ .‬وذلك حيث كانت األغلبية‬ ‫ال�س��اح�ق��ة م��ن ال �ش �ب��اب ت��ؤي��د ال �ب �ق��اء ض�م��ن االت �ح��اد‬ ‫األوروب� ��ي وإذا ك��ان��وا ق��د ذه �ب��وا للتصويت‪ ،‬ل��م تكن‬ ‫بريطانيا لتغادر االتحاد األوروب��ي‪( .‬وم��ع ذل��ك‪ ،‬يتهم‬ ‫البعض اآلن من جيل األلفية آبائهم وأمهاتهم وليس‬

‫‪38‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫أقرانهم بحرمانهم من مستقبل مشرق)‪.‬‬ ‫وف��ي جميع أن �ح��اء أوروب� ��ا‪ ،‬تشير ال�ن�ت��ائ��ج السياسية‬ ‫إل��ى تحيز مماثل ص��وب م��ا يفضله كبار ال�س��ن‪ .‬ففي‬ ‫عام ‪ ،2014‬كافأت املستشارة األملانية‪ ،‬أنجيال ميركل‪،‬‬ ‫املواطنني األملان كبار السن من خالل تقديمها هبات ما‬ ‫بعد التقاعد‪ ،‬إثر دعمهم إلعادة انتخابها للمرة الثالثة‪.‬‬ ‫ووعد رئيس الوزراء البريطاني‪ ،‬ديفيد كاميرون‪ ،‬خالل‬ ‫حملة إعادة انتخابه‪ ،‬بحماية حقوق املتقاعدين الذين‪،‬‬ ‫على ح��د ق��ول��ه «ج�ع�ل��وا (اململكة امل�ت�ح��دة) ب�ل� ً�دا عظيمًا‬ ‫كما هي عليه اليوم»‪ .‬ويسير رئيس ال��وزراء اإليطالي‪،‬‬ ‫ماتيو رينزي‪ ،‬في الوقت الحالي على النهج نفسه بشأن‬ ‫اس �ت �خ��دام ب�ط��اق��ة إص�ل�اح ال�ت�ق��اع��د ول��م ي �ب��ذل ال��رئ�ي��س‬ ‫الفرنسي‪ ،‬فرنسوا ه��والن��د‪ ،‬ج�ه� ً‬ ‫�ودا تذكر في معالجة‬ ‫العجز في املعاشات التقاعدية الذي من املتوقع أن يصل‬ ‫إلى ‪ 23‬مليار دوالر في عام ‪.2020‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تمت حماية كبار السن من آثار األزمة‬ ‫امل��ال�ي��ة‪ .‬ف�ف��ي اململكة امل�ت�ح��دة‪ ،‬ع�ل��ى سبيل امل �ث��ال‪ ،‬أدت‬ ‫إجراءات التقشف التي تبناها أول مجلس وزراء برئاسة‬ ‫كاميرون إلى تخفيض متوسط دخل األسر بنحو ‪750‬‬ ‫ً‬ ‫دوالرا‪ ،‬في حني انخفض متوسط دخل األسرة املكونة‬ ‫ً‬ ‫دوالرا ف �ق��ط‪ .‬وحتى‬ ‫م��ن م�ت�ق��اع��دي��ن اث �ن�ين ب�ن�ح��و ‪36‬‬ ‫اإلص�لاح��ات التي تم تبنيها بني عامي ‪ 2010‬و‪2014‬‬ ‫أثرت بشكل كبير في حقوق املتقاعدين في املستقبل‪.‬‬ ‫فقد رفعت إيطاليا سن التقاعد وربطت إسبانيا بني‬ ‫ً‬ ‫االس�ت�ح�ق��اق��ات ال�ت��ي ت��دف��ع مستقبال وم�ت��وس��ط العمر‬ ‫املتوقع‪ ،‬وزادت فرنسا النسبة التي تدفعها الشركات‬ ‫والعمال‪ .‬وقد عملت تلك اإلجراءات ًعلى حماية معاشات‬ ‫ً‬ ‫املتقاعدين بالفعل‪ .‬ويعتبر هذا نمطا مألوفا في أوروبا‪:‬‬ ‫فعندما تتعارض وعود التقاعد غير الواقعية مع واقع‬ ‫القارة التي تعاني من الشيخوخة‪ ،‬يلقي السياسيون‬ ‫بالعبء على عاتق األجيال القادمة‪ .‬وفي بعض الحاالت‬ ‫املتطرفة كما هو الحال في إيطاليا‪ ،‬ما زالت استحقاقات‬ ‫التقاعد تزيد بنسبة الضعف أو الثالثة أض�ع��اف عن‬ ‫املساهمات التي تم تقديمها‪ .‬أما من سيتقاعدون في‬ ‫املستقبل‪ ،‬الذين هم شباب اليوم‪ ،‬فإنهم سوف يحصلون‬ ‫بالكاد على ما ساهموا به‪.‬‬ ‫وإلى جانب السلطة السياسية‪ ،‬يسيطر املتقاعدون على‬ ‫ق��در غير متناسب من ال�ث��روة؛ حيث تنفق الحكومات‬ ‫األوروبية في املتوسط ‪ 15‬في املائة من إنتاجها املحلي‬ ‫اإلجمالي على املعاشات التقاعدية‪ ،‬في حني تنفق ‪ 7‬في‬ ‫املائة فقط على سياسات التعليم واألسرة‪ .‬كما يساوي‬ ‫متوسط دخل املتقاعد األوروب��ي متوسط دخل العامل‬

‫النشط‪ ،‬وفي بعض البلدان يكون دخل املتقاعد أعلى‪.‬‬ ‫خالصة القول إن احتمال تعرض املتقاعدين لخطر الفقر‬ ‫أو االستبعاد االجتماعي هو احتمال أقل مقارنة ببقية‬ ‫السكان‪ .‬ولم يكن هذا هو الحال ً‬ ‫دائما‪ :‬ففي الستينات‪،‬‬ ‫ك��ان البريطانيون الذين تتراوح أعمارهم بني ‪ 65‬و‪70‬‬ ‫ً‬ ‫عاما في أسفل هرم توزيع الدخل في البالد بنسبة ‪25‬‬ ‫في املائة‪ ،‬أما اآلن فهم في قمة الهرم بنسبة ‪ 40‬في املائة‪.‬‬

‫معضلة التقاعد ثالثية األبعاد‬ ‫منذ وقت ليس ببعيد‪ ،‬كان الشباب األوروب��ي يحلمون‬ ‫ب��اس�ت�ح�ق��اق��ات ال�ت�ق��اع��د ال�س�خ�ي��ة نفسها ال �ت��ي يتمتع‬ ‫بها آباؤهم وأمهاتهم‪ .‬وفي عام ‪ ،2011‬انضم الطالب‬ ‫الفرنسيون إلى التظاهرات ضد اقتراح الرئيس الفرنسي‬ ‫نيكوال ساركوزي برفع سن املعاش‪ .‬ولكن الوضع اآلن‬ ‫قد تغير؛ حيث تتزايد الشكوك حول مستقبل دولة الرفاه‪.‬‬ ‫وقد ذكر تيتو بويري‪ ،‬رئيس إدارة الضمان االجتماعي‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا أن اإليطاليني الذين ولدوا بعد عام ‪1980‬‬ ‫اإليطالي‪،‬‬ ‫عاما أي ‪ 15‬عاماً‬ ‫سيعملون إلى أن يصلوا إلى سن ‪ً 75‬‬ ‫أطول من عمال اليوم‪ .‬وفي حالة وقوع أسوأ االحتماالت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ستدفع األجيال الصاعدة ثمنا أعلى نظير األخطاء التي‬ ‫ارتكبها كبار السن‪ .‬وتتراوح التزامات الديون املحتملة‬ ‫الناتجة عن املعاشات التقاعدية غير املمولة من ‪ 70‬في‬ ‫املائة إلى ‪ 360‬في املائة من الناتج املحلي اإلجمالي في‬ ‫جميع أنحاء أوروبا‪.‬‬ ‫وتشهد ال�ف�ج��وة ال�ك�ب��رى ب�ين األج �ي��ال ال�ت��ي تجلت في‬ ‫استفتاء انفصال بريطانيا عن االتحاد األوروب��ي إلى‬ ‫ت�ن��ام��ي ال�س�خ��ط ع�ل��ى ه ��ذا ال �ن �ظ��ام‪ .‬وم ��ن ث ��م‪ ،‬ان�ت�ش��رت‬ ‫م��ؤس�س��ات م�ث��ل م��ؤس�س��ة «ح �ق��وق األج �ي��ال ال�ق��ادم��ة»‬


‫مخاطر الشراكة الروسية ـ اإليرانية‬ ‫خالل‬

‫بقلم‪ :‬طوني بدران‬

‫يجب أن نتخلص‬ ‫من بعض احلجج‬ ‫املضللة يف تفسري‬ ‫عالقة طهران‬ ‫بموسكو‬

‫الشهر املاضي‪ ،‬نشرت روسيا طائرات‬ ‫مقاتلة وقاذفات بعيدة املدى في القاعدة‬ ‫ال�ج��وي��ة «ه �م��دان» ف��ي إي ��ران‪ .‬واستخدم‬ ‫الروس القاعدة الجوية إلطالق قاذفاتهم ضد أهداف في‬ ‫سوريا‪ .‬وبينما يحمل االنتشار في إيران مزايا عملية‬ ‫محددة لروسيا‪ ،‬تكمن أهميته فيما يكشفه عن الشراكة‬ ‫الروسية ‪ -‬اإليرانية بصفة عامة‪ .‬ويجب أن تجعلنا تلك‬ ‫الخطوة نفكر ب��وض��وح‪ ،‬ونتخلص م��ن بعض الحجج‬ ‫املضللة التي كانت قد انتشرت خالل العام املاضي‪.‬‬ ‫فمنذ أن قامت روسيا بالتدخل املباشر في سوريا في‬ ‫سبتمبر (أيلول) املاضي‪ ،‬كانت هناك مزاعم محددة‪،‬‬ ‫روجتها إدارة أوباما والتابعون لها‪ ،‬حول تداعيات قرار‬ ‫موسكو باإلضافة إلى العالقة بني روسيا وإي��ران في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫وعندما أعلنت روسيا في البداية عن دخولها سوريا‪،‬‬ ‫أعلن البيت األبيض أنها خطوة حمقاء من جانب الروس‬ ‫وأن تلك الخطوة ستجعلهم يغرقون في املستنقع دون‬ ‫أن يحققوا أي شيء‪ .‬وقد قاد الرئيس أوباما ذلك التوجه‬ ‫بنفسه‪ ،‬مؤكدا أن «محاوالت روسيا وإيران لدعم األسد‪..‬‬ ‫سوف تجعلهم يعلقون في املستنقع ولن تفلح»‪ .‬كما‬ ‫ً‬ ‫قال الرئيس أيضا‪« :‬ليست دليل قوة‪ ،‬فهي ليست خطوة‬ ‫استراتيجية ذكية من جانب روسيا»‪.‬‬ ‫وس��رع��ان م��ا ردد كثير م��ن ك�ب��ار امل�س��ؤول�ين ب ��اإلدارة‬ ‫األم �ي��رك �ي��ة ك�ل�ام ال��رئ �ي��س‪ .‬وع �ل��ى ال �ف��ور‪ ،‬ق ��ام امل��وال��ون‬ ‫ل�ل�ب�ي��ت األب �ي��ض ف��ي وس��ائ��ل اإلع�ل��ام ب��ال�ت�ق��اط ال�ف�ك��رة‬ ‫الرئيسية وقدموا تحليالتهم وكانوا في بعض األحيان‬ ‫يستشهدون بمسؤولني سابقني في إدارة أوباما والذين‬ ‫يعملون حاليا كخبراء بمراكز األب�ح��اث لدعم موقف‬ ‫البيت األبيض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وهناك إحدى الحاالت الجديرة بالذكر نظرا ألنها تعكس‬ ‫التضليل األساسي فيما قاله البيت األبيض‪ .‬ففي حوار‬ ‫أجري في أكتوبر (تشرين األول) ‪ ،2015‬نعت أحد املوالني‬ ‫للبيت األب�ي��ض‪ ،‬وال ��ذي ك��ان يعمل م��ن قبل ف��ي اإلدارة‬ ‫األميركية التدخل الروسي بأنه «غبي» و«مدمر»‪ .‬وعلى‬ ‫غرار أوباما‪ ،‬أكد أن ذلك النوع من «املواقف الذكورية» ‪ -‬في‬ ‫وصفه للخطوة التي اتخذتها روسيا ‪« -‬ليس له أي معنى‬ ‫في العالقات الدولية ولن تكون له نتائج»‪.‬‬ ‫مما ال شك فيه أن التدخل الروسي كانت له نتائج مهمة‬ ‫للغاية وجلية‪ ،‬سواء على الساحة السورية أو ما بعدها‪.‬‬ ‫وفي الحقيقة‪ ،‬وبعد ثالثة أشهر فقط‪ ،‬غير ذلك املؤلف‬ ‫نبرته وتحدث عن املزايا التي حصلت عليها موسكو‬ ‫م��ن التدخل ف��ي س��وري��ا‪ .‬فقد أصبح امل�س��ؤول السابق‬ ‫باإلدارة األميركية يقول اآلن‪« :‬يجب أن نقر بأن روسيا‬ ‫تسيطر على امل��وق��ف»‪ .‬وم��ن ث��م‪ ،‬فإنه اق�ت��رح أن ننحي‬ ‫ً‬ ‫جانبا «مسألة مستقبل بشار األسد عديمة الجدوى»‪،‬‬

‫حتى وإن كان ذلك يعني «اإلذعان إلى استراتيجية األسد‬ ‫وال��روس» ويعكس جانب كبير من ذلك «التحليل»‪ ،‬في‬ ‫الواقع‪ ،‬ما يراه البيت األبيض حاليا‪.‬‬ ‫وخالل عدة شهور‪ ،‬تحول حديث املوالني للبيت األبيض‬ ‫ح��ول التدخل ال��روس��ي من نعته بأنه مستنقع غبي إلى‬ ‫الحديث عن أن موسكو هي من تدير دفة األم��ور وتملي‬ ‫شروط نهاية اللعبة في سوريا‪ .‬ولم يكن هذا تحليال جادا‬ ‫بل كان حملة اتصاالت استراتيجية يقودها البيت األبيض‪.‬‬ ‫وقد نشرت تلك الحملة رؤية مضللة أخرى‪ .‬فقد زعمت‬ ‫اإلدارة وحلفاؤها أن الروس الذين غرقوا في مستنقع‬ ‫ً‬ ‫روس �ي��ا‪ ،‬ك��ان��وا أي��ض��ا على خ�لاف م��ع اإلي��ران �ي�ين‪ .‬فقد‬ ‫تحدث أحد كبار املسؤولني باإلدارة األميركية والذي لم‬ ‫يفصح عن هويته عن «تزايد التوتر بني روسيا وإيران‬ ‫بشأن مسألة مستقبل سوريا»‪ .‬ولألسف‪ ،‬أصبح ذلك‬ ‫ً‬ ‫االتجاه رائجا بني املعلقني العرب أيضا‪.‬‬ ‫وقد استخدمت اإلدارة ذلك التوجه لكي تروج لسياستها‬ ‫ً‬ ‫ف��ي س��وري��ا‪ .‬ووف��ق��ا مل��ا ط��رح��وه ف ��إن روس �ي��ا وإي ��ران‬ ‫مختلفون ح��ول مستقبل األس��د‪ .‬وم��ن ث��م‪ ،‬أقنع البيت‬ ‫األبيض وسائل اإلعالم بأن سياسته تسعى الستغالل‬ ‫ذل��ك ال �خ�لاف ل�ك��ي ت�ق�ن��ع ال� ��روس ب��ال�ع�م��ل ع�ل��ى تسوية‬ ‫سياسية يمكنها أن تحافظ على ما يطلق عليه «الدولة»‬ ‫ال �س��وري��ة‪ .‬وأض��اف��وا أن ال ��روس ليسوا ملتزمني تجاه‬ ‫األسد‪ .‬وأنه من الضروري أن يذهب الحلفاء ويتحدثوا‬ ‫ً‬ ‫مع الروس أيضا‪.‬‬ ‫والحقيقة هي أن ال��روس واإليرانيني يعملون في نفس‬ ‫ً‬ ‫االت�ج��اه ف��ي س��وري��ا ويعتمدان على بعضهما بعضا‪.‬‬ ‫واألهم من ذلك أن سياستهما تعتمد على تقديم الدعم‬ ‫ال�ك��ام��ل ل�لأس��د‪ .‬وق��د ع�م��ل ف�ت��ح ق��اع��دة «ه �م��دان» على‬ ‫تعزيز ذل��ك التحالف‪ .‬ول��م يكن ذل��ك س��وى دليل جديد‬ ‫على التعاون العسكري املتنامي بني موسكو وطهران‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كما يجب علينا أيضا أن نتذكر أن روسيا تدخلت في‬ ‫املفاوضات النووية في فيينا العام املاضي لدعم موقف‬ ‫إيران بشأن رفع الحظر على تطوير الصواريخ وحظر‬ ‫السالح‪.‬‬ ‫كما تعد إيران‪ ،‬من خالل أقمارها الصناعية في العراق‬ ‫وسوريا‪ ،‬أحد األعمدة الرئيسية لعودة روسيا مرة أخرى‬ ‫إلى املنطقة لكي تمأل الفراغ الذي خلفته الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وتعد سوريا هي البوابة‪ .‬كما أن نجاح روسيا في سوريا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نجاحا إليران‪.‬‬ ‫يعد أيضا‬ ‫وعندما سئل أوباما العام املاضي عن التدخل الروسي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ساخرا‪« :‬إنها ليست مسابقة شطرنج بني القوى‬ ‫نفى ذلك‬ ‫العظمى‪ .‬وأي شخص ينظر لها على ذلك النحو ال يعرف‬ ‫حقيقة م��ا ي��دور على رقعة الشطرنج»‪ .‬وبعد ذل��ك بعام‪،‬‬ ‫أصبح من الواضح أن أوباما يشعر باالرتياح تجاه تسليم‬ ‫رقعة الشطرنج السورية بكاملها لروسيا وإيران<‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪37‬‬


‫> مل ��اذا ق ��ررت م �غ��ادرة إي � ��ران؟ ف��ي وق ��ت ظ��روف��ك في‬ ‫ح�ك��وم��ة روح��ان��ي أف�ض��ل م��ن ال�س��اب��ق (ف �ت��رة رئ��اس��ة‬ ‫أحمدي نجاد؟‬ ‫ بعد خروجي من السجن في ‪ 2015‬لم أكن أن��وي مغادرة‬‫البالد لكني بمشاورة وتعاون بعض من زمالئي كنا نحاول‬ ‫النشاط في مركز أبحاث ودراسات خاص في مجال السياسة‬ ‫الخارجية‪ .‬قدمنا بمقدماته وكلفنا ميزانية كبيرة‪ .‬لكني علمت‬ ‫أن وزارة املخابرات ومخابرات الحرس الثوري أعدوا قضيتني‬ ‫ضدي في محكمة أوي��ن وأص��دروا ق��رارا باعتقالي‪ ،‬في تلك‬ ‫الحالة أجبرت على مغادرة إيران‪.‬‬ ‫> هل تعتقد أنك تحظى بدعم الشخصيات اإلصالحية‬ ‫في داخل إيران؟‬ ‫ اإلص�ل�اح �ي ��ون ع ��دة أط �ي ��اف ل��دي �ن��ا إص�ل�اح �ي��ون ش��رف��اء‬‫ووطنيون هاجسهم الحرية والديمقراطية واملصالح القومية‬ ‫اإليرانية وهم يشاطروننا الرأي لكن البعض اآلخر يتالعبون‬ ‫بادعائهم من اإلصالحيني وفقط من أجل أال يسحب الكرسي‬ ‫من تحت أقدامهم يرتدون قناع اإلصالحية وأنا أعارض هؤالء‬ ‫املمثلني اإلصالحيني‪.‬‬

‫> كيف كان تعامل الدول األخرى معك؟‬ ‫ حتى اآلن لم يكن لي تعامل مع الدول األوروبية حتى أقيم‬‫كيفية تعاملهم معي‪ ،‬عالقتي الوحيدة مع ال��دول األوروبية‬ ‫ك��ان��ت عبر م��راك��ز األب�ح��اث وال��دراس��ات وإع�ل�ان استعدادي‬ ‫للتعاون معهم‪ .‬وفور االنتهاء من مشروع بحثي أعمل عليه‬ ‫الوقت الحاضر على صعيد السياسة الخارجية والعالقات‬ ‫اإليرانية التركية والذي أتابعه في تركيا سأتفرغ للتعاون مع‬ ‫مراكز أبحاث أوروبية‪.‬‬ ‫> ه��ل تحب الكتاب وم�ش��اه��دة األف�ل�ام؟ م��ا ه��و آخر‬ ‫فيلم شاهدته وماذا كان موضوعه؟ ما هو آخر كتاب‬ ‫توقفت عنده؟‬ ‫ نعم أحب مشاهدة األفالم وقراءة الكتب كثيرا لكن لألسف‬‫انشغالي بالعمل لم يترك لي مجاال ملشاهدة فيلم في السينما‪..‬‬ ‫لكني أتابع على الدوام أخبار الدول املختلفة‪ .‬آخر فيلم شاهدته‬ ‫هو فيلم ‪ 300‬وذلك بسبب الضجة التي أثارها بني اإليرانيني‬ ‫أعتقد تمر عشر سنوات على إنتاجه‪ .‬آخر كتاب قرأته من‬ ‫تأليف رحمن قهرمانبور تحت ع�ن��وان «ال�ه��وي��ة والسياسة‬ ‫الخارجية في إيران والشرق األوسط» و«رواية األزمة النووية‬ ‫اإليرانية» من تأليف حسني موسويان (زميل دادخ��واه في‬ ‫الفريق املفاوض النووي) وخالل هذه الفترة لم أكن متفرغا‬ ‫وكنت منشغال بتحضير كتابي «العمق االستراتيجي اإليراني‬ ‫في املنطقة» وآمل في الحصول على رخصة نشره في داخل‬ ‫إيران‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫شاهني دادخواه في مكتبه‬

‫> سؤالي األخير عن صديقتك اإلسرائيلية السابقة؟ ملكة جمال الكون‪.‬‬ ‫هل هذا صحيح؟ أم أنها إشاعة هل قدمت توضيحا‬ ‫> ماذا عن مصير زمالئك في الفريق النووي الذين‬ ‫بهذا الشأن؟‬ ‫ لألسف في إيران إن لم يعثروا على وثائق للمتهم فإنهم اعتقلوا بتهمة التجسس؟‬‫يحفرون في حياته الشخصية أو يختلقون تهما وهمية‪ - .‬مع األسف كل أعضاء الفريق املفاوض النووي في حكومة‬ ‫هذه السيدة التي تشيرون إليها وبعض وسائل اإلعالم خاتمي دخلوا السجن وتعرضوا لضغوط والتهديد عبر تلفيق‬ ‫أثارت أسئلة وعالمات استفهام حول عالقة صداقة تعود قضايا وتهم وهمية م��ن قبل معارضي االت�ف��اق ال��ذي كان‬ ‫إلى زمن دراستي الطالبية في فترة الدكتوراه وكانت بيننا محتمال والبعض منهم قدم استقالته سرا وتقاعد‪.‬‬ ‫عالقات أسرية‪ .‬هي يهودية من أصل إيطالي وألنها كانت ه��ؤالء ال��ذي��ن يملكون خبرة كبيرة منذ ب��داي��ة املفاوضات‬ ‫يهودية كانت تعتبر إسرائيلية وفي عام ‪ 1998‬اختيرت لم تتغير أوضاعهم في فترة رئاسة روحاني ألن األيادي‬ ‫األخطبوطية للمتطرفني ل��م تنقطع بشكل ت��ام م��ن مجال‬ ‫التأثير على اتخاذ القرار‪ .‬إنها األيدي املتبقية التي منعت‬ ‫إع � ��ادة وم �ش��ارك��ة أع �ض ��اء ال �ف��ري��ق ال� �ن ��ووي ال �س��اب��ق في‬ ‫الحرس الثوري‬ ‫مفاوضات ‪ .1+5‬يجب التنويه أن االتفاق الذي حصل قبل‬ ‫عام هو متابعة االستراتيجية التي وضعها الفريق املفاوض‬ ‫والجماعات الراديكالية‬ ‫في زمن الرئيس خاتمي‪ .‬بصورة أكثر وضوحا أسس هذا‬ ‫التوافق أنشئت ذلك الحني‪ .‬لكن دالئل كثيرة منعت وصوله‬ ‫التابعة للمرشد تمكنوا من‬ ‫إلى مرحلة التطبيق‪ .‬ال يمكن اآلن تقديم مزيد من التفاصيل‬ ‫ضمن هذا الحوار‪.‬‬ ‫إنشاء جهاز مخابرات مواز‬

‫‪,,‬‬

‫وتحويل وزارة املخابرات‬ ‫إلى جهاز سياسي‬

‫‪,,‬‬

‫> بعد م�غ��ادرة إي ��ران ه��ل ق��دم��ت ال�ل�ج��وء؟ كيف هو‬ ‫مسار تقديمك لطلب اللجوء؟‬ ‫ ال أنوي تقديم طلب اللجوء وال أريد أن أعيش خارج البالد‬‫إلى األبد‪ .‬لكنهم وضعوني تحت ظروف أجبرتني على مغادرة‬ ‫إيران رغم تمسكي الشديد في البقاء‪.‬‬ ‫في الوقت الحاضر نظرا لدراستي ومجال تخصصي أتعاون‬ ‫مع عدد من مراكز األبحاث على صعيد السياسة الخارجية‬ ‫في املنطقة‪ .‬وأي وقت أشعر بالعودة مرة أخرى تقديم خدماتي‬ ‫إلى وطني وشعبي وكانت الظروف مواتية لتقديم الخدمات‬ ‫من املؤكد سأعود‪.‬‬

‫> انتشرت أخبار عن اعتقال عضو جديد في الفريق‬ ‫املفاوض النووي ماذا تعتقد؟‬ ‫ على ح��د علمي ل��م يعتقل عضو ف��ي الفريق امل�ف��اوض‬‫ال�ن��ووي لكن بعض التيارات تعرضوا للمساءلة وه��ددوا‬ ‫باملوت وهذا ال يليق بالبرملان<‬


‫ريب لو ال حاجة إيران إلى األموال املحتجزة وموافقة شخص‬ ‫املرشد علي خامنئي‪ ،‬لكانت ه��ذه املجموعات بنفوذها في‬ ‫هيكل النظام وجهت تهما خطيرة إلى الفريق املفاوض النووي‬ ‫في حكومة حسن روحاني‪ .‬وربما وجهوا خالل هذه الفترة‬ ‫بعضا من تلك التهم‪ .‬ال حصانة ألي أح��د في إي��ران سوى‬ ‫للمرشد وحاشيته‪.‬‬ ‫> ج ��رت م �ف��اوض��ات ب�ين إي� ��ران وال �ط��رف األم�ي��رك��ي‬ ‫واإلس��رائ �ي �ل��ي‪ .‬وف ��ق م��ا ق �ل��ت إن �ه��ا س��اب �ق��ا ف��ي أح��د‬ ‫ت�ص��ري�ح��ات��ك أن�ه��ا ك��ان��ت تحظى بتأييد امل�س��ؤول�ين‬ ‫اإليرانيني‪ .‬هل كنت حضرت املفاوضات تحت عنوان‬ ‫وف ��د إي��ران��ي رس �م��ي؟ م��ا ه��ي غ��اي��ة ال �ن �ظ��ام م��ن تلك‬ ‫املفاوضات؟‬ ‫ منذ بداية الثورة جرت مفاوضات من هذا النوع بمستويات‬‫م�خ�ت�ل�ف��ة ب�ي�ن ب�ع��ض ال� ��دول وك��ان��ت امل �ف��اوض��ات بمعرفة‬ ‫وت��أك �ي��د ق� ��ادة ال �ن �ظ��ام‪ .‬أي بلد‬ ‫ف��ي إط��ار مصالحه القومية‬ ‫واألم�ن�ي��ة ال يستغني عن‬ ‫م � �ف� ��اوض� ��ات س ��ري ��ة م��ع‬ ‫الدول في املنظومة الدولية‬ ‫وك��ان��ت م �ف��اوض��ات �ن��ا مع‬ ‫ال� �ج ��ان ��ب م ��ن األم �ي��رك��ي‬ ‫واإلس ��رائ � �ي � �ل ��ي م� ��ن ه ��ذا‬ ‫امل �ن �ط �ل��ق وب �ت ��أك �ي ��د ك �ب��ار‬ ‫املسؤولني في النظام‪.‬‬

‫شاهني دادخواه‬

‫> كيف كان استجوابكم؟ أي نوع من االعترافات كنتم‬ ‫مطالبني بتقديمها؟ هل أجبرتم على االعتراف؟‬ ‫ أكثر االعترافات كانت بيد مخابرات الحرس الثوري ووزارة‬‫املخابرات في إطار واضح وغاية واحدة هو ملاذا خبراء وزارة‬ ‫املخابرات التي كانت قضيتي بني أيديهم كانوا بتوصية من‬ ‫الحرس الثوري وكال الطرفني يتبعون غاية واحدة‪ .‬األول يقوم‬ ‫بدور الشرطي السيئ والثاني الشرطي الجيد وفي املجموع‬ ‫ك��ان ال�ه��دف ان �ت��زاع االع �ت��راف��ات ف��ي ال�ق�ض��اي��ا ال�ن��ووي��ة حتى‬ ‫يتمكنوا من توظيفها سياسيا في إطار ما ذكرت سابقا‪.‬‬ ‫> االتهام بالتجسس واحد من التهم الثقيلة لكنه سائد‬ ‫في إيران ضد الصحافيني والنشطاء السياسيني‪ .‬إلى‬ ‫أي حد تلك التهم صحيحة؟ يمكننا مالحظة توجيه‬ ‫تلك التهم إل��ى أف ��راد م��ن م��زدوج��ي الجنسيات مثل‬ ‫جيسون رضائيان وأمير حكمتي‪..‬؟ عن ماذا يبحث‬ ‫النظام اإليراني بتوجيه التهم السياسية؟‬ ‫ بعد أح ��داث ‪ 2009‬وزارة امل�خ��اب��رات أق��دم��ت على تدشني‬‫تهمة التجسس من أج��ل توجيه أدائها الضعيف الناتج من‬ ‫مشروع الحرس الثوري بهدف االنقسام في وزارة املخابرات‬ ‫مواز هو جهاز مخابرات‬ ‫على حساب دعم جهاز مخابراتي ٍ‬ ‫الحرس الثوري‪.‬‬ ‫آنذاك اعتقل كثيرون على يد وزارة املخابرات بتهمة التجسس‪.‬‬ ‫أي من املعتقلني لم تكن بحوزته معلومات حساسة أو سرية‬

‫وإنما كان تضخيم االعتقاالت‬ ‫ت�غ�ط�ي��ة ع �ل��ى أداء امل �خ��اب��رات‬ ‫الضعيف لدى الرأي العام‪.‬‬ ‫م��ن ج�ه��ة ث��ان�ي��ة اع �ت �ق��ال جيسون‬ ‫رضائيان وأمير حكمتي كان مختلفا‬ ‫وال يمكن مقارنة االثنني في مجال واحد‪.‬‬ ‫في املجموع النظام اإليراني يحاول خلق‬ ‫أجواء أمنية في الداخل لتبرير سياساته‬ ‫األصولية واملعادية التي تقررها جماعات من‬ ‫املتشددين في هرم السلطة‪.‬‬ ‫> ذكرت في تصريحات لك أن التوافق مع الغرب‬ ‫في فترة رئاسة محمد خاتمي أدى إلى اتهامك‬ ‫بالتجسس‪ .‬هل تعتقد أن حكومة روحاني في‬ ‫املستقبل بتغيير الحكومة من املمكن أن تواجه‬ ‫التهم املوجهة إلى الفريق املفاوض النووي في‬ ‫زمن حكومة خاتمي؟‬ ‫ كثير من األج�ه��زة والجماعات السياسية املتشددة‬‫واملتطرفة في إيران مصالحها السياسية واالقتصادية‬ ‫م��ره��ون��ة ف��ي ال �ع �ق��وب��ات االق �ت �ص��ادي��ة‪ .‬ب��رف��ع ال�ع�ق��وب��ات‬ ‫تعرضت مصالحهم إلى مخاطر جدية وانتهت‪.‬‬ ‫ل�ل�أس��ف أص �ح ��اب امل �ن��اص��ب وال� �ق ��وة ف ��ي إي � ��ران ك�ث�ي��رون‬ ‫وبإمكانهم خلق املشكالت للحكومة على أي صعيد‪ .‬بال‬

‫لينور إبرجيل‬ ‫ملكة جمال‬ ‫إسرائيل‬ ‫والعالم عام‬ ‫‪1998‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪35‬‬


‫التقت «املجلة» في حوار مطول شاهنی دادخواه املستشار السابق في املجلس األعلى لألمن القومي عضو الفريق النووي اإليراني‬ ‫عندما كان روحاني في فترة رئاسة محمد خاتمي مسؤوال عن امللف النووي‪.‬‬ ‫في سجل دادخواه حضور املفاوضات اإليرانية األميركية في أفغانستان وكذلك املفاوضات اإليرانية األميركية في العراق برئاسة‬ ‫السفير اإليراني في بغداد كاظمي قمي‪ ،‬فضال عن التعاون مع مركز األبحاث االستراتيجية في الخارجية اإليرانية‪ .‬لكنه اعتقل‬ ‫على يد املخابرات في ديسمبر (كانون األول) ‪ 2010‬بتهمة التعاون مع دول متخاصمة‪ .‬أمضى دادخواه ‪ 14‬شهرا في الزنزانة‬ ‫االنفرادية قبل نقله إلى القسم ‪ 350‬في سجن أيفني قبل إطالق سراحه في ديسمبر ‪ .2015‬خالل رسائل وجهها دادخ��واه إلى‬ ‫خارج السجن نفى التهم املوجهة إليه‪ .‬وبعد خروجه من سجن أيفني غادر األراضي اإليرانية‪.‬‬

‫شاهني دادخواه‪ :‬ال أنوي طلب اللجوء في الواليات املتحدة ونظام خامنئي أجبرني على مغادرة طهران‬

‫مستشار روحاني السابق يكشف في حوار لـ‬ ‫الحرب الخفية في دوائر السلطة اإليرانية‬

‫كانت «املجلة» نشرت في األع��داد الثالثة السابقة‬ ‫أعترافات دادخواه إلذاعة «صوت أميركا» ‪ ،‬تحدث‬ ‫من خاللها حول بعض األعمال السرية للجمهورية‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬بما في ذلك إجراء مفاوضات سرية مع مسؤولني‬ ‫إسرائيليني بشأن حماس‪ ،‬واملنافسة املحتدمة حول السلطة‬ ‫داخل الحكومة بني الثوريني الراديكاليني بقيادة مكتب املرشد‬ ‫األعلى والثوريني البراغماتيني بقيادة الرئيس السابق‪ ،‬علي‬ ‫أكبر رفسنجاني‪ ،‬والرئيس الحالي‪ ،‬حسن روحاني‪ .‬واطلع‬ ‫القارئ من خالل الحلقات الثالث على تفاصيل مثيرة كشف‬ ‫فيها دادخواه بعض ما يدور في أروقة النظام اإليراني‪ ،‬كما‬ ‫تحدث عن قيامه بزيارات إلى إسرائيل بتكليف من املجلس‬ ‫األعلى لألمن القومي‪ ،‬عندما كان حسن روحاني أمينا عاما‬ ‫للمجلس في مهمة خاصة من املخابرات اإليرانية‪ ،‬وهو ما‬ ‫يمكن تفسيره على أنها كانت بإشراف مباشر من املرشد‬ ‫األعلى‪ ،‬وفق ما ذكر املفاوض النووي السابق‪.‬مجلة «املجلة»‬ ‫أجرت مع شاهني دادخواه ‪ -‬موالید ‪ - 1971‬الحوار التالي‪:‬‬ ‫> اعتقلت ف��ي ديسمبر (ك��ان��ون األول) ‪ 2010‬حتى‬ ‫نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ 2015‬في سجن أوين بتهمة‬ ‫التجسس؟ التجسس على ماذا ولصالح من؟ بعيدا‬ ‫عن انتقاداتكم لسياسة أحمدي نجاد ما هي الوثائق‬ ‫التي كانت تدينكم؟‬ ‫ قبل ه��ذا أك��دت ع��دة م��رات أن التهم املوجهة ض��دي وضد‬‫زمالئي في املجلس األعلى لألمن القومي واألمانة العامة ملركز‬ ‫األبحاث االستراتيجية كانت تهما سياسية‪ .‬لم تقدم وزارة‬ ‫املخابرات في زمن الوزير حيدر مصلحي ومخابرات الحرس‬ ‫الثوري أدلة ضدنا إلى املحكمة‪ .‬دبرت قضية ضد فريقنا بناء‬ ‫على تحليل خبراء جهاز أمني وسياسي خاص وفي فترة‬ ‫زمنية محددة بضغوط من جهة خاصة على دائرة مكافحة‬ ‫التجسس ووزارة املخابرات‪.‬‬ ‫ه ��ؤالء ك��ان��وا يتبعون ع��دة أه ��داف ف��ي ال�ت�ه��م امل��وج�ه��ة إلينا‬

‫‪34‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫لندن‪ :‬منصورة فراهاني‬

‫يمكنني اإلش��ارة إل��ى القضايا التالية أوال تبرير سياسات‬ ‫حكومة أحمدي نجاد واألمني العام ملجلس األمن القومي آنذاك‬ ‫سعيد جليلي ألننا في مركز األبحاث االستراتيجية كنا نعد‬ ‫تقارير استراتيجية لكبار املسؤولني وفضال عن اإلشارة إلى‬ ‫السياسات املتبعة كنا نقدر حجم تبعاتها ونحذر من وقوعها‪.‬‬ ‫ث��ان�ي��ا‪ ،‬ح��اول��وا بتلفيق ال�ت�ه��م ض��دن��ا أن يمنعوا م��ن دخ��ول‬ ‫حسن روحاني من التنافس في االنتخابات الرئاسية‪ .‬كما‬ ‫هو معروف وافقت لجنة صيانة الدستور على ترشح روحاني‬ ‫لالنتخابات بفارق صوت واحد وذلك فقط بسبب استبعاد‬ ‫رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني‬ ‫من التنافس االنتخابي‪ .‬بذلك لم تتمكن لجنة صيانة الدستور‬ ‫م��ن رف��ض أهلية امل��رش�ح�ين م�ع��ا‪ .‬دخ��ول هاشمي للتنافس > جرى اعتقالك بيد وزارة املخابرات لكن تعرضت‬ ‫االنتخابي في ‪ 2013‬أفسد مخطط املتشددين ولم يتمكنوا لالستجواب على يد مخابرات الحرس الثوري؟ هل‬ ‫يوجد تنسيق بني وزارة املخابرات ومخابرات الحرس‬ ‫من رفض ترشيح روحاني‪.‬‬ ‫الثوري؟ ملاذا مخابرات الحرس الثوري أكثر نشاطا‬ ‫> ذك��رت سابقا أن املحكمة ال�ت��ي أقيمت لكم كانت وقوة من وزارة املخابرات اإليرانية؟‬ ‫ع �ب��ارة ع��ن م�س��رح�ي��ة ه��ل س�م�ح��وا ل�ك��م ب��ال��دف��اع عن ‪ -‬منذ ‪ 2005‬الحرس الثوري ومعه مجموعة من الجماعات‬ ‫أنفسكم تجاه التهم املوجهة إليكم هل كان يحق لك األصولية التابعة للمرشد ب��دأوا مشروعا بهدف تضعيف‬ ‫محام اختاره وزارة املخابرات حتى يتمكنوا من إنشاء جهاز مخابرات‬ ‫محام بنفسك أو أجبرتم على‬ ‫تسمية‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫م��وازي��ا لكنه ق��وي مثل م�خ��اب��رات ال�ح��رس ال�ث��وري ونجحوا‬ ‫األمن؟‬ ‫ الشخص الذي كان مسؤوال عن محاكمتنا لم يكن مطلعا في بلوغ الغاية إلى حد بعيد‪ .‬وتمكنوا من إبعاد املخابرات‬‫م��ن م�ج��ال تخصصها وتحويلها إل��ى ج�ه��از سياسي في‬ ‫فترة رئاسة أحمدي نجاد وتحولت وزارة املخابرات على يد‬ ‫املجموعات املتطرفة إلى جهاز ابتزاز املنافسني السياسيني‪.‬‬ ‫االغ�ت�ي��االت الكثيرة التي شهدناها ف��ي تلك السنوات كانت‬ ‫عالقة أسرية بيني‬ ‫نتيجة تلك اإلجراءات‪ .‬في تلك الفترة تحولت وزارة املخابرات‬ ‫إل��ى الباحة الخلفية ملخابرات ال�ح��رس ال�ث��وري وحتى جرى‬ ‫وبني ملكة جمال إسرائيل‬ ‫تعيني كبار قادة الوزارة من قبل الحرس الثوري‪.‬‬ ‫ك ��ان ال �ه��دف األس ��اس ��ي ال ��ذي س �ع��وا وراءه ان �ق �س��ام وزارة‬ ‫وصداقتي بها تعود‬ ‫املخابرات وسلب صالحيات ومهام هذه ال��وزارة وتسليمها‬ ‫إلى زمن دراستي الطالبية‬ ‫إل��ى الحرس الثوري وبلغوا تلك الغايات إل��ى حد بعيد‪ .‬وإن‬ ‫كان ذلك يعارض الدستور وقوانني البرملان التي تخص وزارة‬ ‫املخابرات‪.‬‬ ‫على تفاصيل امللف وكما ذكرت سابقا لم يكن لديه أي دليل‬ ‫على تسرب املعلومات السرية بواسطتنا من البلد وتقديمها‬ ‫لألجانب القاضي صلواتي بنفسه ق��ال لنا إن «ه��ذا الحكم‬ ‫ب�س�ب��ب م�ع��ارض�ت�ك��م م��ع س �ي��اس��ات س�ع�ي��د ج�ل�ي�ل��ي‪ ،‬عليك‬ ‫بتحسني العالقات معه»‪.‬‬ ‫ب�ص��ورة ع��ام��ة ف��ي ه��ذا ال�ن��وع م��ن املحاكم املحامي ال يمكن‬ ‫التأثير على مسار املحكمة‪ .‬عمليا يمنع املحامي من الوصول‬ ‫إلى معلومات امللف‪ .‬القاضي أيضا مجبر على اتباع اإلطار‬ ‫املرسوم من قبل الخبراء األمنيني ويتخذ القرار‪ .‬وال خيار لهم‬ ‫في امللفات‪ ،‬خاصة أننا في قضيتنا يد القاضي مقيدة أكثر‪.‬‬


‫مقهى ومشروع لـ«حزب الله» وسط بيروت‬

‫ويتلقى ال�ح��زب ال�ق��وم��ي دع�م��ه العسكري م��ن إي ��ران ومن‬ ‫الجيش العربي السوري‪ ،‬وفي سياق تبادل املصالح سمح‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‬ ‫القوميني للحزب باالستثمار في شارع الحمرا‪،‬‬ ‫في األح�ي��اء التي يسيطر عليها ك�ـ«ش��ارع مقدسي» عبر‬ ‫استثمار حانات ومقاه تستقبل فئات مختلفة من الزائرين‪.‬‬ ‫وعند النظر إل��ى موقع ش��ارع مقدسي امل��وص��ول بمنطقة‬ ‫«عني املريسة» فإن الحزب يكون عبر هذه االستثمارات التي‬ ‫ ستحول في لحظات الخطر الحقيقية إلى نقاط عسكرية ً ‪-‬‬‫قد قطع الطريق على أي محاولة لضربه مرة أخرى انطالقا‬ ‫من أحياء بيروت املجاورة‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬يوجد رأسماليون تابعون للحزب أنجزوا مشاريع في‬ ‫مجال البناء كمشروع «مديار السكني»‪ ،‬ويأتي املشروع على‬ ‫شكل مدينة سكنية تقع على رأس جبل في منطقة الدرهمية‬ ‫املجاورة ملنطقة الدامور ويطل «مديار» على مشارف الشوف‬ ‫وعدد من القرى السنية‪ .‬ولم تتضح حتى اآلن أسباب إنشاء‬ ‫م�ش��روع ضخم ف��ي ه��ذا الحجم ف��ي منطقة تتمتع بسمة‬ ‫استراتيجية‪ ،‬ولكن ما هو مؤكد منه أن «م��دي��ار» يمتلكه‬ ‫رجل من آل تاج الدين املقرب ً‬ ‫جدا للحزب‪.‬‬ ‫عبر هذه املشاريع االستثمارية‪ ،‬يخلق ما يسمى «حزب الله»‬ ‫خريطة استراتيجية تجعل الخط الساحلي املمتد من بيروت‬ ‫إلى املناطق الواقعة قبل مدينة صيدا في ع��داد «الساقطة‬ ‫ً‬ ‫طرف لبناني أو مجموعة مسلحة‬ ‫عسكريا» في حال أراد أي ً‬ ‫تفجير نزاع مسلح معه انطالقا من هذه املناطق‪.‬‬

‫أن تركيبة الحزب الصارمة تمنع غير الشيعة من االنتساب‬ ‫للحزب‪ ،‬فأسس عماد مغنية القائد العسكري في الحزب‬ ‫وال� ��ذي اغ�ت��ال�ت��ه إس��رائ �ي��ل ع ��ام ‪ 2008‬ف��ي دم �ش��ق‪ ،‬كيانا‬ ‫عسكريا حمل اسم «سراي املقاومة اللبنانية»‪ ،‬وتفرغ عدد‬ ‫من املسيحيني والدروز والسنة في السراي‪.‬‬ ‫واستثمر «حزب الله» شبان الكيان العسكري الجديد في‬ ‫عمليات استطالعية يقومون بها داخل الحانات واملقاهي‬ ‫املختلطة‪ ،‬ذلك أن شبان السرايا ال يخضعون لتدريبات دينية‬ ‫وليس من ش��روط انتسابهم أن يتلقوا دروس��ا دينية كما‬ ‫شبان «حزب الله»‪ ،‬وبالتالي ال يوجد محرمات دينية عليهم‬ ‫عند دخول الحانات واملالهي الليلية واملقاهي املختلطة‪.‬‬ ‫وألن شارع الحمرا يكتظ بالسوريني الالجئني الذين ينتمي‬ ‫بعضهم إل��ى ال �ث��ورة ال �س��وري��ة ال�ت��ي يتهمها «ح ��زب ال�ل��ه»‬ ‫بالتكفير‪ ،‬جند الحزب أولئك الشبان غير امللتزمني في مهام‬ ‫مراقبة استخباراتية‪ .‬والجدير ذكره أن عددا من اإلشكاالت‬ ‫حصلت بني شبان سراي املقاومة في مناطق إقليم الخروب‬ ‫والسعديات وبربور والطريق الجديدة في بيروت‪.‬‬

‫توتر األجواء املذهبية‬

‫ورغم تهديد إسرائيل املستمر بتوجيه ضربة عسكرية‬ ‫ت�ط��ال جميع م��راك��زه وم�ع��اق�ل��ه امل�ن�ت�ش��رة ع�ل��ى األراض ��ي‬ ‫اللبنانية فإن شيئا من هذا لم يحدث بعد اتفاق ال�ـ‪1701‬‬ ‫عدا عدد قليل من الغارات نفذها الطيران اإلسرائيلي على‬ ‫معاقله املستحدثة القنيطرة والجوالن‪.‬‬ ‫شارع الحمرا‬ ‫بعد توتر األجواء املذهبية بني السنية ‪ -‬الشيعية على خلفية‬ ‫ب�ع��د «ح ��رب ت �م��وز» ت�ه��اف��ت ع ��دد ك�ب�ي��ر م��ن غ�ي��ر الشيعة انغماس الحزب في الحرب السورية ومساندة الحزب لنظام‬ ‫لالنضواء في «حزب الله» من أجل محاربة إسرائيل‪ ،‬غير أوغ��ل يديه في دم الطائفة السنية من جهة‪ ،‬وغير عابئ‬

‫بأثمان قيامه على مرأى السنة في العالم بحمالت التهجير‬ ‫الجماعية للعائالت السنية في محافظة حمص والزبداني‬ ‫ً‬ ‫ومؤخرا مدينة داري��ا من جهة أخ��رى‪ ،‬فإن ارت��داد الحرب‬ ‫ً‬ ‫الطائفية املشتعلة ف��ي س��وري��ا ق��د تجد متنفسا لها في‬ ‫أساسا وهو ما يعتبره ً‬ ‫املجتمع اللبناني املنقسم ً‬ ‫حاليا ما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تهديدا رئيسيا له‪.‬‬ ‫يسمى «حزب الله»‬ ‫في تجربة سابقة‪ ،‬ح��اول الشيخ أحمد األسير التصدي‬ ‫وقطع الطريق بوجه توسع ما يسمى «ح��زب الله» داخل‬ ‫وفي محيط مدينة صيدا‪ .‬فقام األسير بتسليح شبان من‬ ‫مدينة عبرة‪ ،‬وكذلك فضح األسير أسماء عدة مراكز أمنية‬ ‫ً‬ ‫تحمل أسماء وهمية وتتخفى أحيانا بمشاريع استثمارية‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ 2013‬حصلت «معارك عبرة» بني الجيش اللبناني‬ ‫ومجموعة األس �ي��ر‪ ،‬وف��ي أق��ل م��ن ‪ 24‬س��اع��ة سقط حلم‬ ‫األس�ي��ر ال �ه��ادف إل��ى تحرير املنطقة م��ن ال �ح��زب‪ ،‬وتقدم‬ ‫الجيش اللبناني مشهد االن�ت�ص��ارات على األس�ي��ر‪ ،‬بعد‬ ‫أن كان األخير قد جاهر أكثر من مرة بعدائه للمؤسسة‬ ‫العسكرية األولى في لبنان‪ ،‬وأملحت بعض التقارير األمنية‬ ‫يسمى «حزب الله» خالل‬ ‫إلى وجود «غطاء ناري» أمنه ما ً‬ ‫عملية ال�ه�ج��وم على األس�ي��ر ان�ط�لاق��ا م��ن ال�ع�ق��ارات التي‬ ‫امتلكها‪ ،‬ورأى الحزب في انتصار الجيش على مجموعة‬ ‫األسير انتصارا له بوجه املجموعات اإلسالمية املعارضة‬ ‫له‪.‬‬ ‫وال �ي��وم‪ ،‬وف��ي ان�ت�ظ��ار ت��داع�ي��ات ح��رب س��وري��ا على لبنان‪،‬‬ ‫يستمر ما يسمى «ح��زب الله» في إغ�لاق نقاط حساسة‬ ‫في بيروت وأطراف الجنوب عبر مشاريع متعددة األوجه‪،‬‬ ‫وبكل األح��وال حتى لو لم يحصل ن��زاع داخلي في لبنان‪،‬‬ ‫فإن ما يتوجب فهمه هو أن وضع ما يسمى «ح��زب الله»‬ ‫في لبنان أفضل بكثير من وضعه في سوريا <‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪33‬‬


‫مقهى بشارع الحمرا‬

‫يدفعنا ما يسمى «حزب الله» بعد خمس سنوات من مشاركته في الحرب في سوريا إلى التساؤل‪ ،‬هل أنهكت قوى‬ ‫الحزب أم أنه ما زال ً‬ ‫قادرا على إعادة ترتيب أوراقه الداخلية خاصة‪ .‬ويفرض سؤاال أهم‪ :‬ماذا أنجز ما يسمى «حزب‬ ‫الله» داخل لبنان خالل فترة مشاركته في القتال إلى جانب بشار األسد؟‬

‫تكثر في األحياء التي يسيطر عليها الحزب كـ«شارع مقدسي»‬

‫«حزب الله» يستثمر أمواله في شارع الحمرا‬ ‫بحانات ومقا ٍه ومال ٍه ليلية‬

‫بيروت‪ :‬هال أحمد‬ ‫ل��م ول��ن ي�ه��دأ ت��وس��ع م��ا يسمى «ح��زب ال�ل��ه» في‬ ‫لبنان عبر االستثمارات واملشاريع العمرانية‪ .‬وهو‬ ‫مخطط أطلقه بعد أحداث «‪ 7‬أيار» ‪ 2008‬عندما‬ ‫ً‬ ‫عسكريا في العاصمة بيروت بالتعاون مع أحزاب‬ ‫توغل‬ ‫لبنانية على رأسها الحزب السوري القومي االجتماعي‪.‬‬ ‫بعد أحداث «‪ 7‬أيار» تأكد ما يسمى «حزب الله» من إمكانية‬ ‫ان��دالع حرب مذهبية بني الطائفة السنية والشيعية في أي‬ ‫لحظة‪ ،‬وبطبيعة ال�ح��ال ف��إن املناطق ال�ت��ي تشكل خطورة‬

‫‪32‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫محورية على وج��وده وكيانه ليست مناطق البقاع الغربي‬ ‫وال�ج�ن��وب إنما تلك التي تتداخل فيها الطائفتان السنية‬ ‫والشيعية بشكل كبير‪.‬‬ ‫وقدمت «‪ 7‬أي��ار» نموذجا مصغرا للحرب األهلية وكانت‬ ‫امتحانا واضحا له‪ ،‬فصبت قيادة الحزب جميع جهودها‬ ‫ب�ع��د ان �ت �ه��اء «‪ 7‬أي� ��ار» ل�ل�ب�ح��ث ف��ي ال �ث �غ��رات وال�ص�ع��وب��ات‬ ‫التي واجهتها خ�لال عملية حسم معارك بيروت والجبل‬ ‫وس�م�ح��ت اإلم�ك��ان�ي��ات امل��ال�ي��ة امل�ق��دم��ة ل�ه��ا م��ن الجمهورية‬ ‫اإليرانية بتنفيذ مشاريع استثمارية قابلة للتحول إلى مراكز‬ ‫أمنية وعسكرية‪.‬‬

‫عام ‪ 2008‬شهد شارع بعلبك في الحمرا مواجهة عسكرية‬ ‫بني الحزب القومي السوري ومسلحني منضوين في تيار‬ ‫املستقبل‪ ،‬وإذا عدنا إلى نتائج معركة ‪ 2008‬في بيروت‪،‬‬ ‫فإن ما يسمى «حزب الله» وثق بشكل كبير في قيادة حزب‬ ‫السوري التي خاضت أغلب معارك شارع الحمرا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من هنا‪ ،‬ف��إن الثقة القوية بني الحزبني تأسست أوال بعد‬ ‫مساندة القوميني للحزب الشيعي في «حرب تموز» ً‬ ‫وثانيا‬ ‫بعد مبادرة مجموعة «نسور الزوبعة» ‪ -‬الجناح العسكري‬ ‫للحزب القومي ‪ -‬بزج عدد كبير من مقاتليه للقتال إلى جانب‬ ‫ما يسمى «حزب الله» في سوريا‪.‬‬


‫الشيعة األفغان‬ ‫خالل ذكرى‬ ‫عاشوراء بشهر‬ ‫محرم في كابل‬ ‫بأفغانستان‬ ‫(غيتي)‬

‫‪,,‬‬

‫يزعم فلكي أن «الفاطميني»‬ ‫لديهم «عدة ألوية» من بينها‬ ‫«اإلخوان املسلمون» ووفقا‬ ‫لقائد لواء «الفاطميني» تتضمن‬ ‫امليليشيا ما بني ‪ 12‬ألفًا‬ ‫إلى ‪ 14‬ألف مقاتل‬

‫‪,,‬‬

‫الغربيني بأنه انسحاب من سوريا‪ .‬ولكن الحرس الثوري‬ ‫لم يكن قد توقف عن القتال‪.‬‬ ‫وزعم فلكي أن الهجوم على شمالي حلب سهل استعدادات‬ ‫االس�ت�ي�لاء عليها‪ .‬ويشير ذل��ك إل��ى أن ال�ح��رس الثوري‬ ‫ربما يكون قد فكر وخطط لقطع أكبر خطوط إم��دادات‬ ‫املعارضة إلى تركيا في الخريف؛ حيث إن االستحواذ‬ ‫على املناطق التي يسيطر عليها املتمردون في شرقي‬ ‫حلب فيما ال يزال خط اإلمدادات مفتوحا سيكون مكلفا‬ ‫وصعبا للغاية‪ ،‬وستكون فرص إخفاقه كبيرة للغاية‪.‬‬ ‫ومن ثم شن الحرس الثوري وحلفاؤه هجوما جديدا في‬ ‫شمالي حلب في فبراير (شباط) ‪.2016‬‬ ‫ونشر الحرس م��رة أخ��رى ع��ددا كبيرا من قواته البرية‬ ‫أثناء الهجوم‪ .‬واستمروا في نشر مجموعات من القوات‬ ‫البرية على األقل خالل شهر مايو (أيار)‪ .‬وفي ذلك الشهر‬ ‫قام تحالف «جيش الفتح» بحصار القرية بخان طومان‬ ‫ب�ج�ن��وب غ��رب��ي ح�ل��ب‪ ،‬واالس �ت �ي�لاء عليها م��ن ال�ح��رس‬ ‫الثوري والقوات الشيعية مما أسفر عن مقتل ما يزيد عن‬ ‫عشرة من قوات الحرس الثوري وعشرات من امليليشيات‬ ‫الشيعية‪ .‬وك��ان��ت معظم الخسائر ب�ين ص�ف��وف وح��دة‬ ‫ال�ق��وات البرية املتمركزة ف��ي شمالي إي ��ران‪ .‬وت�ص��درت‬ ‫أخبار الهزيمة وسائل اإلعالم اإليرانية‪ ،‬وتعهدت قوات‬ ‫الحرس الثوري باالنتقام‪.‬‬

‫وكان نشر الحرس الثوري ألعداد كبيرة من القوات البرية‬ ‫في الفترة ما بني أكتوبر (تشرين األول) ومايو (أي��ار)‬ ‫يشير إلى تحول الحرس الثوري إلى قوات عمل بالخارج‪.‬‬ ‫ومنذ تلك الهزيمة‪ ،‬لم ينشر الحرس الثوري قواته البرية‬ ‫العادية بأعداد كبيرة‪.‬‬ ‫وف��ي ح�ص��اره الناجح لحلب ف��ي أواخ��ر يوليو (ت�م��وز)‪،‬‬ ‫قتل عدد من كبار ضباط الحرس الثوري‪ ،‬باإلضافة إلى‬

‫أعداد كبيرة من األفغان والباكستانيني‪ .‬وبعدما كسرت‬ ‫املعارضة حصار حلب في أغسطس (آب)‪ ،‬تفيد التقارير‬ ‫بأن الحرس الثوري قام بتدريب ميليشيات «حزب الله»‬ ‫وامليليشيات العراقية لتعزيز الجبهة املوالية للنظام هناك‪.‬‬ ‫ويعتمد الحرس على نموذجه املفضل‪ :‬ضباط الحرس‬ ‫الثوري يديرون العمليات فيما تعمل التنظيمات التابعة‬ ‫له في ميدان املعركة‪ .‬فيقول فلكي‪« :‬نحن نبحث عن‬ ‫رج��ال يستطيعون أن ي��درب��وا وي�ن�ظ�م��وا‪ ..‬ويسافروا‬ ‫إلى سوريا»‪ ،‬مضيفا أن تلك هي أوامر كبار القيادات‬ ‫األمنية ف��ي ط�ه��ران‪ .‬ويمكن لتدريب وتنظيم ال�ق��وات‬ ‫املحلية أن يسفر ع��ن نشر أع ��داد كبيرة م��ن ال�ق��وات‬ ‫اإلي��ران�ي��ة النظامية التي تفتقر إل��ى الخبرة والتدريب‬ ‫الالزمني للنجاح في مواجهة بعض جماعات املعارضة‬ ‫التي شحذها القتال‪.‬‬ ‫وب��ال�ف�ع��ل‪ ،‬أب��رز فلكي دور ال�ح��رس ال �ث��وري ف��ي تدريب‬ ‫وتعزيز القوات السورية‪ ،‬وهو ما جعل «من غير الضروري‬ ‫بالنسبة إلينا أن نرسل جيشا إلى هناك»‪ .‬وزع��م قائد‬ ‫الحرس الثوري‪ ،‬محمد علي جعفري‪ ،‬أن الحرس الثوري‬ ‫ق��ام بتدريب نحو ‪ 100‬أل��ف م��ن «ق��وات ال��دف��اع الوطنية‬ ‫ال�س��وري��ة»‪ ،‬التي تعمل تنظيما تابعا لـ«الجيش العربي‬ ‫السوري»‪ ،‬الذي ما زال يفتقر إلى القوة البشرية‪ .‬وتشير‬ ‫تقديرات املصادر املستقلة أيضا إلى أن تقديرا مشابها‬ ‫لعدد «قوات الدفاع الوطنية السورية» أيضا‪ .‬ويزعم فلكي‬ ‫«ربما نكون قادرين على القضاء على احتالل األع��داء‬ ‫ف��ي س��وري��ا بعد فترة م��ن ال��وق��ت كما فعلنا ف��ي ع��ام أو‬ ‫اثنني في كردستان»‪ ،‬ولكن «السيطرة على نفوذ األعداء‬ ‫تعتمد عليهم»‪ ،‬وه��و ما يعني أن الحرس ال�ث��وري يعي‬ ‫تماما معضلة التمرد والصعوبات التي تواجه أي جيش‬ ‫أجنبي‪ .‬ففي النهاية‪ ،‬كان الحرس الثوري في مقدمة من‬ ‫يساعدون املتمردين ويعززونهم كما كان الحال في لبنان‬ ‫والعراق‪ .‬ولكن النزاع السوري جعل األمور تختلف‪.‬‬ ‫ورب �م��ا ت�ش�ي��ر ت�ص��ري�ح��ات ال �ج �ن��رال ف�ل�ك��ي إل ��ى تفكير‬ ‫بعض كبار قيادات الحرس الثوري في عملية انتشار‬ ‫واسعة النطاق في سوريا رغم أن التطورات على األرض‬ ‫وال�ت�ص��ري�ح��ات ال�ت��ي أدل��ت بها ق �ي��ادات ال�ح��رس ال�ث��وري‬ ‫تشير إلى عدم رغبة الحرس الثوري في انتشار واسع‬ ‫النطاق والتركيز على تطوير القوات املحلية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لن‬ ‫يتردد الحرس الثوري في نشر قواته البرية في سوريا‬ ‫إذا اقتضى املوقف ذلك كما فعلوا في الفترة بني أكتوبر‬ ‫(تشرين األول) ‪ 2015‬وحتى‪ ،‬على األق��ل‪ ،‬مايو (أي��ار)‬ ‫‪ ،2016‬وذلك حيث إن الحرب األهلية السورية تعد أمرا‬ ‫«وج��ودي��ا» بالنسبة إل��ى كبار ال�ق�ي��ادات وص�ن��اع القرار‬ ‫في طهران؛ إذ إنها تهدد تحالف «محور املقاومة» الذي‬ ‫يتكون من الجمهورية اإلسالمية وحلفائها‪.‬‬ ‫وي �خ��دم ت�ط��وي��ر امل�ي�ل�ي�ش�ي��ات األج�ن�ب�ي��ة امل�ص��ال��ح بعيدة‬ ‫املدى للحرس الثوري‪ ،‬ويمكنه أن يعمل «كجيش تحرير‬ ‫شيعي» ويمد ذراع الحرس الثوري في املنطقة‪ .‬ويمكن‬ ‫أن تعود تلك القوات إلى دولها األصلية وتتحول ألصول‬ ‫إي��ران�ي��ة ه�ن��اك‪ .‬ورغ��م أن فلكي ربما يبالغ ف��ي تصوير‬ ‫اإلمكانات الحالية كجزء من البروباجندا اإليرانية‪ ،‬فإن‬ ‫الحرس الثوري يعمل على تعزيز إمكاناته في سوريا‬ ‫والعراق ويتطلع لتطوير وح��دات أجنبية قوية‪ .‬ومما ال‬ ‫شك فيه أن الحرب في سوريا سوف تصبح البوتقة التي‬ ‫تستطيع عبرها بعثات الحرس الثوري تصدير الثورة‬ ‫وتعزيز نفوذها في الشرق األوسط <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪31‬‬


‫‪30‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫عمالء فيلق القدس‬ ‫ُ‬ ‫وف��ق��ا لفلكي‪ ،‬ط��ل��ب م��ن املجموعة املكونة م��ن القيادات‬ ‫السابقة بالحرس الثوري أن تذهب إلى العراق الستعادة‬ ‫سد املوصل في أواخ��ر يوليو (تموز) ‪ ،2014‬ورغ��م أن‬ ‫فلكي رف��ض ألن «ال��ع��م��ل ك��ان متعجال»‪ ،‬شنت ال��ق��وات‬ ‫ال��ع��راق��ي��ة‪ ،‬وامليليشيات ال��ت��ي يدعمها ال��ح��رس ال��ث��وري‪،‬‬ ‫و«البيشمركة» الكردية‪ ،‬والقوات الجوية األميركية العملية‬ ‫الستعادة السد في بداية أغسطس (آب)‪ ،‬وتمكنت من‬ ‫السيطرة عليه في ‪ 19‬أغسطس‪ .‬وأف��اد مصدر مقرب‬ ‫من العمليات الخاصة األميركية بأن عمالء فيلق القدس‬ ‫كانوا موجودين ميدانيا أثناء العملية‪.‬‬ ‫انتظر فلكي حتى أواسط ‪ 2015‬عندما زاد عدد القوات‬ ‫اإليرانية لكي يبدأ هجوما واسعا في محافظة «حلب»‬ ‫بالتزامن مع تدخل الجيش الروسي في سبتمبر (أيلول)‪.‬‬ ‫وفي ظل «عملية محرم» (حيث تزامنت تلك العملية مع‬ ‫شهر م��ح��رم امل��ق��دس ل��دى الشيعة)‪ ،‬ش���ارك اآلالف من‬ ‫القوات البرية للحرس الثوري وامليليشيات التي يدعمها‬ ‫��وال للنظام في جنوبي حلب‪ ،‬وتمكنوا من‬ ‫في هجوم م ٍ‬ ‫السيطرة على مناطق واسعة في خان طومان‪ ،‬وعفرين‪،‬‬ ‫والحيدرية‪.‬‬ ‫وبحلول منتصف ‪ ،2015‬ك��ان بشار األس��د قد أصبح‬ ‫م���ع���رض���ا ل���خ���ط���ر االن����ه����ي����ار ف����ي أع����ق����اب س��ل��س��ل��ة م��ن‬ ‫االن��ت��ص��ارات ال��ت��ي حققها امل��ع��ارض��ون‪ .‬وك���ان الجيش‬

‫‪,,‬‬

‫شارك األفغان في الحرب‬ ‫السورية منذ بداية ‪2012‬‬ ‫وكانت أول دفعة تتضمن‬ ‫‪ 25‬فردا معظمهم من املقاتلني‬ ‫املخضرمني الذين قاتلوا ضمن‬ ‫«لواء أبو ذر الغفاري»‬

‫‪,,‬‬

‫باكستانية و«الحيدريني» من العراق‪.‬‬ ‫وكانت قيادات الحرس الثوري ووسائل اإلعالم اإليرانية‬ ‫تطلق باستمرار اسم «لواء الحيدريني» على امليليشيات‬ ‫العراقية في سوريا منذ ‪ ،2015‬وأطلقت الجماعة العراقية‬ ‫في سوريا على نفسها اسم «لواء أبي الفضل العباس»‪،‬‬ ‫وكانت تمثل قوة قتالية كبرى في الفترة ما بني ‪2012‬‬ ‫و‪ .2014‬وفي أعقاب هجمات تنظيم داعش في العراق في‬ ‫أواسط عام ‪ 2014‬تم استدعاء معظم الوحدات‪ ،‬وما زالت‬ ‫امليليشيات العراقية التي يدعمها الحرس الثوري فاعلة‬ ‫في سوريا‪ ،‬حيث شاركت «منظمة بدر» و«حركة النجباء»‬ ‫في العمليات التي قادها الحرس الثوري مؤخرا في حلب‪.‬‬ ‫وأع���اد فلكي تأكيد ه��دف تدمير إس��رائ��ي��ل ق��ائ�لا‪« :‬إن‬ ‫تشكيل ال��ن��واة األول��ى لجيش التحرير يستهدف‪ ،‬بإذن‬ ‫الله‪ ،‬أال يكون لدينا شيء يدعى إسرائيل بعد ‪ 23‬عاما»‪.‬‬ ‫وزعم املرشد األعلى خامنئي في عام ‪ 2015‬أن إسرائيل‬ ‫لن تكون موجودة بعد ‪ 25‬عاما‪ ،‬وأكد فلكي أن الوحدات‬ ‫التي تقودها إيران تقف بالفعل على الحدود اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وأن «الفاطميني وضعوا أسس تلك املعركة»‪.‬‬ ‫وأض��اف فلكي‪« :‬ال تستهدف القوات اإليرانية أن تضم‬ ‫ك���ل ذل����ك ال��ج��ي��ش ال����دول����ي»؛ ح��ي��ث ي��خ��ل��ق ت��رك��ي��ز ق���وات‬ ‫الحرس الثوري على إنشاء قوات محلية أساسا حيويا‬ ‫من الدعم واملساعدة لنشر الثورة في األراضي العربية‬ ‫واإلسالمية‪ .‬ويأمل الحرس الثوري أن يبدو كأنه يدعم‬ ‫السكان املحليني رغم اعتماد عمليات التجنيد التي يقوم‬ ‫على الهوية الشيعية‪ .‬ويعمل تعزيز الطائفية والعنف على‬ ‫كحام للشيعة‪ .‬باإلضافة‬ ‫تأصيل صورة الحرس الثوري‬ ‫ٍ‬ ‫إلى أن وجود فيلق أجنبي مشارك في كثير من الحروب‬ ‫بالخارج يثير ق��درا أق��ل من املعارضة والشكاوى ضد‬ ‫إي����ران‪ ،‬ويقلل تأثير اإلص��اب��ات والقتلى على املجتمع‬ ‫اإليراني‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬إن إحدى الجبهات التي يقاتل فيها هذا الجيش‬ ‫ه��ي س��وري��ا‪ ،‬واألخ����رى ف��ي ال��ع��راق‪ ،‬وال��ي��م��ن»‪ .‬ورغ���م أن‬ ‫الجبهتني األوليتني معروفتان‪ ،‬فإن الزعم بشأن اليمن‬ ‫يعكس أن الهدف النهائي للحرس الثوري يتجاوز الحقائق‬ ‫على األرض‪ .‬فمن املعروف أن الحوثيني يحصلون على‬ ‫ال��دع��م العسكري والسياسي للحرس ال��ث��وري رغ��م أن‬ ‫ال��ح��رس ال ي��م��ارس هيمنة ك��ام��ل��ة ع��ل��ي��ه��م‪ .‬ويستهدف‬ ‫الحرس الثوري استخدام الحوثيني كذريعة لوضع قدمه‬ ‫في شبه الجزيرة العربية وعلى الحدود الجنوبية للمملكة‬ ‫العربية السعودية‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فليس الحوثيون أتباعا للحرس الثوري‪ ،‬مثل‬ ‫الفاطميني وامليليشيات العراقية‪.‬‬ ‫وي���م���ارس ال��ح��وث��ي��ون ش��ك�لا م���ن أش���ك���ال االس��ت��ق�لال‪،‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬يقول األكاديميون اليمنيون‪ ،‬إنه من الواضح‬ ‫أن الحوثيني ليسوا مستعدين في الوقت الراهن للعمل‬ ‫كأتباع للحرس الثوري في قتاله املستمر ضد الخليج‪.‬‬ ‫والحقيقة امل��ؤك��دة هي أن استراتيجية الحرس الثوري‬ ‫تعتمد ع��ل��ى م��ح��اول��ة اس��ت��غ�لال ال��ح��رب ف��ي ال��ي��م��ن لكي‬ ‫تصبح شوكة في جسد اململكة العربية السعودية‪ .‬وهم‬ ‫يريدون الترويج لفكرة أن الحوثيني تابعون تماما إليران‬ ‫لكي يدفعوا السعودية التخاذ مواقف أكثر حدة؛ حيث‬ ‫يأمل الحرس الثوري أن يترك استمرار النزاع الحوثيني‬ ‫م��ن دون خ��ي��ار آخ���ر س���وى ال��ق��ت��ال وال��خ��ض��وع ال��ك��ام��ل‬ ‫للحرس الثوري لكي يضمنوا البقاء‪.‬‬ ‫وعندما ص��دم تنظيم داع��ش في ال��ع��راق وس��وري��ا‪ ،‬كان‬

‫يحمل ذلك االسم في ذلك الوقت‪ ،‬العالم باجتياحه للعراق‬ ‫في يونيو (حزيران) ‪ ،2014‬تطوع فلكي ومجموعة من‬ ‫‪ 50‬متقاعدا م��ن ق��ي��ادات ال��ح��رس ال��ث��وري املخضرمني‬ ‫(ك���ان أق��ل منصب بينهم ه��و ق��ائ��د كتيبة) باالنضمام‬ ‫للجهود الحربية كمستشارين‪ .‬وقال فلكي إنهم أرادوا‬ ‫أن يكتشفوا إل��ى ح��د يمكنهم أن يصبحوا «ف��اع��ل�ين»‪.‬‬ ‫ذهب فلكي إلى املطار ولكن رحلته في ذلك اليوم ولعدة‬ ‫أيام الحقة كان يتم إلغاؤها‪ .‬وأكد فلكي أن قرار تأجيل‬ ‫السفر ك��ان ي��أت��ي م��ن ال��ق��ي��ادات العليا‪ ،‬وه��و م��ا يعكس‬ ‫حالة الفوضى والغموض التي كانت تحيط بالتطورات‬ ‫امليدانية في أعقاب توسع تنظيم داعش في العراق‪ .‬فقد‬ ‫كان املسؤولون الحكوميون والقادة يهرولون للرد على‬ ‫املكاسب السريعة التي تحققها «داع��ش»‪ ،‬التي سرعان‬ ‫ما وصلت إلى بوابات بغداد‪ ،‬وأصبحت على مقربة من‬ ‫الحدود اإليرانية‪.‬‬

‫السوري قد أصبح مرهقا ويفتقر إلى القوى البشرية‪،‬‬ ‫كما كانت إي��ران تستخدم التنظيمات التابعة لها هناك‬ ‫ومن ثم لم يعد أمامها خيار سوى نشر قواتها البرية‬ ‫ف��ي محاولة إلن��ق��اذ األس���د‪ .‬كما أنها كانت بحاجة إلى‬ ‫املزيد من الذخيرة‪ .‬وكانت القيادات اإليرانية والروسية‬ ‫تعقد اجتماعات سرية رفيعة املستوى منذ بداية ‪2015‬‬ ‫للتخطيط ل��ل��ت��دخ��ل‪ .‬وف���ي أع��ق��اب ال��ص��ف��ق��ة ال��ن��ووي��ة في‬ ‫يوليو (تموز)‪ ،‬سافر قاسم سليماني إلى موسكو‪ ،‬وفقا‬ ‫للتقارير‪ ،‬لكي يوقع االتفاق بنفسه‪ .‬وقد وافق الكرملني‪،‬‬ ‫مستغال الفرصة لوضع قدمه في الشرق األوسط‪ ،‬ومد‬ ‫نفوذه االستراتيجي هناك مما يوفر له فرصة تقليص‬ ‫حرية أميركا في الحركة‪ .‬ونجحت طهران وموسكو في‬ ‫الحد من زخم املتمردين‪ ،‬والقضاء على فرصة خلع األسد‬ ‫باألساليب العسكرية‪.‬‬ ‫وأض��ع��ف��ت الحملة امل��وال��ي��ة ل��ن��ظ��ام األس���د إل���ى ح��د كبير‬ ‫املعارضة في جنوبي حلب‪ ،‬ولكنها لم تكن حاسمة‪ ،‬ومن‬ ‫ثم توقف الهجوم بحلول ديسمبر (كانون األول) ‪.2015‬‬ ‫وك��ان��ت خسائر ال��ح��رس ال��ث��وري ق��د تضاعفت بما في‬ ‫ذلك فقدانه نحو ‪ 100‬رجل من الحرس الثوري‪ ،‬معظمهم‬ ‫من الضباط بما في ذلك الجنرال حسني حمداني‪ ،‬قائد‬ ‫العمليات في سوريا‪ .‬وقلص الحرس الثوري قواته في‬ ‫ديسمبر (كانون األول) ‪ ،‬وهو ما فسره بعض املسؤولني‬


‫قائد فيلق القدس في الحرس الثوري‬ ‫اإليراني‪ ،‬قاسم سليماني‪ ،‬خالل حضوره‬ ‫االحتفاالت بمناسبة الذكرى الـ‪ 37‬للثورة‬ ‫اإلسالمية في ‪ 11‬فبراير ‪ 2016‬بطهران (غيتي)‬

‫موقف رجال الدين األفغان‬ ‫من الصراع في سوريا‬ ‫وأث��ن��اء مناقشته لتجنيد األف��غ��ان‪ ،‬أب��دى فلكي أسفه لعدم‬

‫‪,,‬‬

‫تأسيس لواء «الفاطميني»‬ ‫سهل «تشكيل جيش التحرير‬ ‫الشيعي الذي يقوده قاسم‬ ‫سليماني زعيم فيلق القدس‬

‫‪,,‬‬

‫في اإلعالن عن حقيقة ما تقدمه للمقاتلني األجانب‪ ،‬نظرا ملا‬ ‫يعانيه االقتصاد اإليراني وبالتالي املواطن اإليراني العادي‪.‬‬ ‫ويستشهد فلكي بنموذج تجنيد األقليات خ�لال الحرب‬ ‫اإليرانية العراقية لتعزيز قضية تجنيده لالجئني األفغان‪.‬‬ ‫ف��ي��ق��ول‪« :‬خ�ل�ال ال��ح��رب اإلي��ران��ي��ة ال��ع��راق��ي��ة‪ ،‬كنا مسؤولني‬ ‫عن تحويل كل األعراق‪ ..‬وكل القبائل إلى وحدات مقاتلة»‪.‬‬ ‫وأضاف محاوال إضفاء نظرة عاملية على الحرس الثوري‪:‬‬ ‫«ل��م نكن نجرؤ أن نعلن عن ع��دد اإلخ��وة السنة أو اإلخ��وة‬ ‫األفغان الذين كانوا يشاركون في تلك الحرب»‪ .‬وخالل تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬طور الحرس الثوري بنجاح نموذجه بالوكالة في‬ ‫لبنان‪« :‬حزب الله»‪.‬‬ ‫ومل��ح فلكي إل��ى تجربة تجنيد األقليات اإليرانية في قوات‬ ‫الحرس الثوري في الحرب ضد العراق‪ .‬وتماهيا مع الطبيعة‬ ‫املتنوعة للحرس الثوري‪ ،‬فإن ذلك يعد عنصرا رئيسيا من‬ ‫جهوده للتوسع؛ وذلك حيث تتضمن استراتيجية الحرس‬ ‫الثوري تجنيد موالني للنظام من السكان املحليني واستغالل‬ ‫وتعزيز الصدع بني املجتمعات املختلفة‪.‬‬

‫مشاركة الكثير من رجال الدين في القتال‪ .‬فيقول‪« :‬لدينا‬ ‫السيد حسن نصر الله في لبنان‪ ،‬ولكن من بني كل رجال‬ ‫الدين الثوريني والنشطاء‪ ،‬لم نعرف قائدا واحدا في ميدان‬ ‫املعركة من رج��ال الدين‪ ،‬ولم نتمكن من تنظيم تلك القوة‬ ‫الهائلة»‪ .‬ورغم مقتل مجموعة من رجال الدين اإليرانيني‬ ‫ف��ي س��وري��ا‪ ،‬ال يبدو أن رج��ال ال��دي��ن األف��غ��ان ق��د انضموا‬ ‫للصراع‪ .‬ويتمنى فلكي وجود شخص معادل لزعيم «حزب‬ ‫الله» في لواء «الفاطميني» يمكنه أن يعمل كقائد سياسي‬ ‫وروح���ي وعسكري للميليشيا وي��دي��ن ب��ال��والء ف��ي الوقت‬ ‫وربما‬ ‫نفسه للمرشد األعلى علي خامنئي ووالية الفقيه‪.‬‬ ‫جيش التحرير الشيعي‬

‫تشير تصريحات فلكي أيضا إلى وجود حالة من االستياء‬ ‫من عدم مشاركة طبقة رجال الدين بنسبة كبيرة في الحرب‪.‬‬ ‫فقد تأسس الحرس الثوري لحماية دور رجال الدين خاصة‬ ‫دور املرشد األعلى‪ ،‬ولكن جيل الحرس الثوري بمن فيهم‬ ‫فلكي‪ ،‬الذين قاتلوا في تلك الحرب املطولة واملدمرة‪ ،‬الحرب‬ ‫اإليرانية ‪ -‬العراقية‪ ،‬عادوا إلى بلدهم لكي يجدوا أن طبقة‬ ‫رج��ال الدين أصبحت تتمتع بالثراء والنفوذ فيما يعاني‬ ‫الحرس الثوري ويالت الحرب الدموية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬زعم فلكي أن تأسيس لواء «الفاطميني»‬ ‫س��ه��ل «ت��ش��ك��ي��ل ج��ي��ش ال��ت��ح��ري��ر ال��ش��ي��ع��ي ال����ذي ي��ق��وده‬ ‫قاسم سليماني‪ ،‬زعيم فيلق ال��ق��دس بالحرس الثوري‬ ‫اإلي���ران���ي»‪ .‬وأض���اف أن مقاتلي ال��ح��رس ال��ث��وري خلقوا‬ ‫«الوحدة بني األقليات» و«الوحدة بني األمم»‪ .‬ووفقا لفلكي‪:‬‬ ‫«يدين الفاطميون بالوالء إلى املرشد األعلى للجمهورية‬ ‫اإلس�لام��ي��ة‪ ،‬ع��ل��ي خ��ام��ن��ئ��ي»‪ .‬وب��ال��ف��ع��ل‪ ،‬يشكل ال��ح��رس‬ ‫الثوري والتنظيمات التابعة له شبكة جهاد عاملية تخضع‬ ‫لطهران‪.‬‬ ‫وأوض��ح القائد أن القوات التي تقاتل تحت راي��ة الحرس‬ ‫الثوري في سوريا تضم لواء «الزينبيني»‪ ،‬وهي ميليشيا‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪29‬‬


‫أجرى قائد سابق بالحرس الثوري اإليراني كان يعمل بسوريا حوارا مطوال مع إحدى وسائل اإلعالم املتشددة‪ ،‬الشهر‬ ‫املاضي‪ ،‬حول عمليات الحرس الثوري في سوريا‪ .‬وأثنى الجنرال محمد علي فلكي‪ ،‬الذي عمل مع لواء «الفاطميني»‪،‬‬ ‫بشدة على امليليشيا‪ .‬ووصف مجموعات القوات التي يدعمها الحرس الثوري‪ ،‬التي تقاتل في سوريا والشرق األوسط‬ ‫بأنها جيش موحد‪ ،‬لديه هدف واحد‪ ..‬على ما يبدو هو القضاء على إسرائيل‪.‬‬

‫قراءة في خطاب القيادي بالحرس الثوري فلكي بشأن طهران وامليليشيا األفغانية وجيش التحرير الشيعي‬

‫نافذة على بروباغندا الحرس الثوري‬ ‫واشنطن‪ :‬أمير توماج‬

‫أو مثيري شغب أو عمال بناء»‪.‬‬

‫وي �ع��د ال �ح��وار م��ع ال �ج �ن��رال ف�ل�ك��ي ن��اف��ذة على الغزو األميركي ألفغانستان‬

‫بروباغندا الحرس الثوري؛ فرغم أن الجمهور‬ ‫اإلي��ران��ي ه��و الجمهور األس��اس��ي لهذا ال�ح��وار‪،‬‬ ‫تضمن ال �ح��وار أي�ض��ا رس��ائ��ل م��وج�ه��ة للعالم ال�خ��ارج��ي‪.‬‬ ‫وأوصى محاور فلكي «من يريدون أن ينظروا إلى شجاعة‬ ‫الفاطميني‪ ..‬من زاوية مختلفة» أن يشاهدوا الحوار‪ .‬وبمعنى‬ ‫آخر‪ ،‬يعد الحوار ردا على املفاهيم السيئة حول األفغان الذين‬ ‫تم تجنيدهم باإلكراه في تلك امليليشيا ويتطرق إلى الحروب‬ ‫األكبر في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫ك ��ان ف�ل�ك��ي م��ن امل�ق��ات�ل�ين امل�ح�ن�ك�ين ف��ي ال �ح��رب اإلي��ران �ي��ة‬ ‫العراقية‪ ،‬ثم ترقى حتى أصبح قائدا للواء ميكانيكي بفرقة‬ ‫املشاة‪ .‬وفي أعقاب الحرب‪ ،‬تقاعد وكان يشارك في كثير‬ ‫من األنشطة «الثقافية» بما في ذلك مشاركته في جماعة‬ ‫للمحاربني ال�ق��دام��ى‪ .‬وأب��دى فلكي أسفه على ع��دم تقديم‬ ‫إي ��ران ال��دع��م ال�ك��اف��ي لالجئني األف �غ��ان؛ فهناك نحو ثالثة‬ ‫ماليني الجئ أفغاني في إيران ‪ -‬معظمهم‬ ‫من الشيعة الهزارة ‪ -‬والتمييز الذين‬ ‫يتعرضون له موثق تماما‪.‬‬ ‫فيقول فلكي‪« :‬نحن نذهب إلى‬ ‫جنوب لبنان ونساند الشيعة‬ ‫هناك‪ ،‬وننفق كثيرا من األموال‬ ‫على دعم الشيعة في كل مكان‪.‬‬ ‫ولكننا في بعض األحيان ننظر‬ ‫إل �ي �ه��م (األف � �غ� ��ان) ب��اع �ت �ب��اره��م‬ ‫م�ج��رم�ين وت �ج��ار م �خ��درات‪،‬‬

‫ش��ارك امل��واط�ن��ون األف�غ��ان ف��ي ال�ح��رب ال�س��وري��ة منذ بداية‬

‫‪ ،2012‬ووفقا للحوارات مع القيادات‪ ،‬كانت أول موجة من لواء «الفاطميني»‬

‫إيران تتضمن ‪ 25‬فردا معظمهم من املقاتلني املخضرمني‬ ‫ال��ذي��ن قاتلوا تحت إش��راف ال�ح��رس ال�ث��وري خ�لال الحرب‬ ‫اإليرانية العراقية ضد ص��دام حسني ضمن «ل��واء أب��و ذر‬ ‫الغفاري»‪ ،‬وفي مواجهة السوفيات وطالبان كجزء من «فيلق‬ ‫محمد»‪ ،‬الذي تم حله في أعقاب الغزو األميركي ألفغانستان‬ ‫في ‪ 2001‬وفر أعضاؤه إلى إيران‪ .‬ثم أصبح هؤالء املقاتلون‬ ‫املحنكون الحقا من كبار قيادات لواء «الفاطميون»‪ .‬ووفقا‬ ‫للميليشيا‪ ،‬لم ُ‬ ‫ينج أي من أفراد الجيل األول لقيادة الفاطميني‪.‬‬ ‫وقبل إنشاء وحدة مستقلة في سوريا‪ ،‬كان األفغان الشيعة‬ ‫يقاتلون تحت لواء امليليشيات العراقية‪ .‬وتؤكد تصريحات‬ ‫القيادات التحليالت السابقة املتعلقة بعدد القتلى قبل بداية‬ ‫تشكيل «الفاطميون» في أواخ��ر ‪ :2013‬حيث تم وضع‬ ‫القتلى األفغان ضمن أعضاء الجماعة العراقية في‬ ‫سوريا «لواء أبو الفضل العباس»‪.‬‬ ‫وعندما تزايد العدد‪ ،‬ساعد «فيلق القدس» التابع‬ ‫للحرس الثوري على تأسيس وتنظيم وتدريب‬ ‫وتمويل وحدة منفصلة من األفغان الشيعة‪.‬‬ ‫ج��دي��ر بالذكر أن ل��واء «ال�ف��اط�م�ي��ون» يحمل‬ ‫اسم ابنة النبي محمد فاطمة‪ .‬وقد جاء معظم‬ ‫املجندين به من الشتات في إي��ران‪ ،‬وبعضهم‬ ‫جاء من أفغانستان فيما جاء عدد محدود من‬

‫الجنرال محمد علي فلكي‬

‫‪28‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫سوريا‪ .‬وتفيد التقارير بأن مصدرا لم يصرح باسمه بلواء‬ ‫«الفاطميون» كان قد أخبر وسائل اإلع�لام اإليرانية العام‬ ‫املاضي برفع تصنيف امليليشيا من «لواء» إلى «فرقة»‪ ،‬وهو‬ ‫ما يعني أنها أصبحت تضم أكثر من عشرة آالف مقاتل‪.‬‬

‫ويزعم فلكي أن «الفاطميون» لديهم «عدة لواءات» تتضمن‬ ‫«اإلخوان املسلمون»‪ ،‬ووفقا لقائد لواء «الفاطميون» املقتول‪،‬‬ ‫محمد حسن الحسيني (املكنى بسيد حكيم)‪ ،‬تتضمن‬ ‫امليليشيا ما بني ‪ 12‬ألف إلى ‪ 14‬ألف مقاتل‪ .‬وتزعم وسائل‬ ‫اإلعالم اإليرانية وجود أكثر من ‪ 20‬ألف مقاتل تحت مظلة‬ ‫«الفاطميون»‪ .‬ويعتقد املحللون واملحققون أن هذه األرقام‬ ‫مبالغ فيها‪ ،‬وأن الرقم الفعلي ربما ال يتجاوز ع��دة آالف‪.‬‬ ‫وق��د أخبر أح��د املقاتلني السابقني بـ«الفاطميون» منظمة‬ ‫«هيومان رايتس ووتش» بأن هناك نحو ‪ 3000‬إلى ‪4000‬‬ ‫مقاتل نشطني حاليا في سوريا‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أنكر فلكي «مزاعم األعداء» بأن املقاتلني‬ ‫األفغان مرتزقة يقاتلون لصالح من يدفع‪ ،‬وأضاف‪« :‬إنهم‬ ‫يقاتلون في سوريا؛ ألنهم مؤمنون باإلسالم وبالشيعة‪،‬‬ ‫وليس بسبب العرق»‪ .‬وص��رح فلكي‪« :‬لقد أثبتت دماؤهم‬ ‫أن لدينا ثالثة ماليني أفغاني في هذه األرض‪ ،‬وأننا يجب‬ ‫أن ننظر إليهم على نحو إيجابي»‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تشير روايات‬ ‫األعضاء الناجني من لواء «الفاطميون» وشهود العيان بأن‬ ‫وجود املقاتلني األفغان غير مؤثر‪.‬‬ ‫ويزعم فلكي أن األفغان يحصلون على رات��ب ‪ 100‬دوالر‬ ‫شهريا في مقابل مشاركتهم في القتال‪ .‬ولكن املقاتلني‬ ‫بـ«الفاطميون» أنفسهم ينفون ذلك‪ .‬فقد أخبر أحد املقاتلني‬ ‫األف�غ��ان «صحيفة وول ستريت ج��ورن��ال» في ع��ام ‪2014‬‬ ‫أن رواتبهم تصل إلى ‪ 500‬دوالر شهريا‪ ،‬فيما قال القائد‬ ‫السابق‪ ،‬سيد حكيم‪ ،‬ألحد وسائل اإلع�لام اإليرانية‪ ،‬قبل‬ ‫مقتله‪ ،‬إن املقاتلني األف�غ��ان يتلقون ‪ 450‬دوالرا شهريا‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أفاد بعض املواطنني األفغان املقيمني في‬ ‫إيران في حديثهم مع صحيفة «لوس أنجليس تايمز» في‬ ‫ع��ام ‪ 2016‬ب��أن بعض املقاتلني يتلقون نحو ‪ 800‬دوالر‬ ‫شهريا‪ .‬ووفقا لصحيفة «الجارديان»‪ ،‬يحصل املجندون‬ ‫من أفغانستان على تصاريح إقامة في إيران وراتب شهري‬ ‫يصل إلى ‪ 500‬دوالر شهريا‪ .‬وال ترغب قوات الحرس الثوري‬


‫املتحدة واملجتمع الدولي»‪.‬‬ ‫وتقوم ه��ذه املجموعات بنشاطات مختلفة منها‪:‬‬ ‫إقامة ن��دوات‪ ،‬وإص��دار دراس��ات‪ ،‬وعقد مؤتمرات‪،‬‬ ‫ونشر مقاالت في صحف أميركية متنوعة‪ ،‬وإقامة‬ ‫صداقات مع باحثني وخبراء أميركيني‪.‬‬ ‫الغالبية العظمى من تمويل هذا اللوبي تأتي من دعم‬ ‫املجتمع املحلي‪ ،‬بينما يأتي جزء من املؤسسات‪،‬‬ ‫م �ث��ل ص� �ن ��دوق ب�ل�اوش� �ي ��رز‪ ،‬ال� �ت ��ي أن� �ف ��ق م�لاي�ين‬ ‫الدوالرات للتأثير في سياسة الواليات املتحدة تجاه‬ ‫إي��ران‪ ،‬وه��ذا ما فعلته إي��ران ليس فقط من خالل‬ ‫تبييض وتلميع صورتها ل��دى ال��رأي العام‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬ ‫أيضا من خالل التهجم على خصومها في املنطقة‬ ‫خاصة اململكة العربية السعودية من خالل تسويق‬ ‫فكرة وقوف األخيرة وراء تمويل «اإلرهاب»‪.‬‬

‫حمالت إعالمية‬

‫طاولة محادثات يديرها تيم روسيرت حول «التحقيقات املشتركة‬ ‫للمخابرات» الخاصة بلجنة سبتمبر مع النائب بورتر غوس‪،‬‬ ‫والنائبة نانسي بيلوسي عضوة مجلس الشيوخ‪ ،‬وبوب غراهام‪،‬‬ ‫والسيناتور ريتشارد شيلبي‪ ،‬في استوديوهات «بي بي سي»‬ ‫بواشنطن العاصمة عام ‪( 2002‬غيتي)‬

‫وكان اسم عمر البيومي تزامن في الواليات املتحدة األميركية‪ .‬ويضيف أن منظمات مثل بلوفشير‬ ‫م��ع ن�ش��ر ت�ق��ري��ر ل�ج�ن��ة ال�ت�ح�ق�ي��ق ف��ي ال�ك��ون�غ��رس ساعدت بالفعل على نشر وجهة نظر البيت األبيض‬ ‫األميركي حول هجمات ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬في محاولة في اإلعالم‪.‬‬ ‫للربط بني تبرعات خيرية قدمتها السعودية وبني‬ ‫باستجواب‬ ‫تمويل الهجمات‪ .‬ولكن قام األميركيون‬ ‫اللوبي اإليراني‬ ‫ال �ب �ي��وم��ي ن�ف�س��ه ق �ب��ل أن ي�ط�ل�ق��وا س ��راح ��ه‪ .‬وق��ام‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫البريطانيون أي��ض��ا باستجوابه م�ج��ددا ليعودوا بعض الدراسات تقول إن إيران تصرف على اإلعالم‬ ‫ً‬ ‫سنويا‪ ،‬من أجل‬ ‫وي�ط�ل�ق��وا س��راح��ه ل �ع��دم ت��واف��ر أدل ��ة ح ��ول ت��ورط��ه األميركي قرابة ‪ 950‬مليون دوالر‬ ‫بأحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ .‬وقبال قامت اململكة العربية تشويه دول الخليج‪ ،‬وتحسني صورتها لدى الرأي‬ ‫ً‬ ‫هي األخرى باستجوابه ولم تجد ما يدينه‪.‬‬ ‫العام األميركي‪ .‬وهذا فعال ما أكده وزير الخارجية‬ ‫ً ً‬ ‫السعودي‬ ‫عاما أيضا أكد وزير الخارجية‬ ‫وقبل ‪12‬‬ ‫اإلي��ران��ي‪ ،‬ج��واد ظ��ري��ف‪ ،‬ح�ين ق��ال ف��ي مقابلة مع‬ ‫لديها‬ ‫ليس‬ ‫بالده‬ ‫«أن‬ ‫الفيصل‬ ‫سعود‬ ‫األمير‬ ‫الراحل‬ ‫التلفزيون اإليراني‪« :‬لدينا جالية كبيرة ومتعلمة‬ ‫اململكة‬ ‫«تؤمن‬ ‫بل‬ ‫لحجبه»‪،‬‬ ‫تسعى‬ ‫أو‬ ‫تخفيه‬ ‫شيء‬ ‫في أميركا‪ .‬يجب اعتبار هؤالء بمثابة ثروة إليران‪،‬‬ ‫لم‬ ‫التي‬ ‫والعشرين‬ ‫الثماني‬ ‫الصفحات‬ ‫نشر‬ ‫ب��أن‬ ‫حيث إنهم يستطيعون الدفاع عن مصالح بالدهم‪.‬‬ ‫بصورة‬ ‫مزاعم‬ ‫أي‬ ‫على‬ ‫الرد‬ ‫من‬ ‫سيمكنها‬ ‫تنشر‪،‬‬ ‫بالد أمهاتهم وآبائهم‪ .‬يتوجب عليهم أال يسمحوا‬ ‫واض �ح��ة وم��وث��وق��ة‪ ،‬وإزال� ��ة أي ش�ك��وك ح��ول دور ب�ف��رض ال�ن�ظ��رة ال�ع��دائ�ي��ة ض��د إي ��ران ف��ي ال��والي��ات‬ ‫اململكة الحقيقي في الحرب ضد اإلرهاب والتزامها‬ ‫تجاه ذلك»‪.‬‬ ‫االتهامات التي صدرت بحق اململكة ليست بجديدة‪،‬‬ ‫ولكنها جرت دحضها ببيانات رسمية مستمرة‬ ‫إيران تنفق على اإلعالم‬ ‫م��ن ال��رئ �ي��س ب ��وش وم �س��ؤول�ين ك �ب��ار ف��ي اإلدارة‬ ‫ً‬ ‫األميركي قرابة ‪ 950‬مليون‬ ‫خصوصا وأن أولئك ك��ان لهم معرفة‬ ‫األميركية‪،‬‬ ‫بالحقائق‪ ،‬وأش� ��ادوا باململكة العربية السعودية‬ ‫ً‬ ‫دوالر سنويا من أجل‬ ‫كحليف نشط وقوي في الحرب ضد اإلرهاب»‪.‬‬ ‫بن‬ ‫بالتزامن م��ع ه��ذه الحملة على اململكة كشف‬ ‫تحسني صورتها وتشويه‬ ‫رودز‪ ،‬أحد أقرب املستشارين للرئيس أوباما‪ ،‬أن‬ ‫إدارة البيت األبيض عملت مع بعض مع املنظمات‬ ‫دول الخليج‬ ‫غير الحكومية وخبراء االنتشار ال�ن��ووي‪ ،‬وحتى‬ ‫ص�ح��اف�ي�ين ل�ح�ش��د ال��دع��م ع �ل��ى االت� �ف ��اق ال �ن��ووي‬ ‫بني إي��ران وال��دول السبع بقيادة ال��والي��ات املتحدة‬

‫‪,,‬‬

‫بموازاة الحمالت اإلعالمية املوجهة ضد اململكة قام‬ ‫الكونغرس األميركي بتمرير قانون ينتظر موافقة‬ ‫مجلس ال�ن��واب ح��ول تمكني ع��ائ�لات ضحايا ‪11‬‬ ‫سبتمبر م��ن مطالبة اململكة ال�ع��رب�ي��ة السعودية‬ ‫بتعويضات‪ ،‬وه��و س�لاح إضافي في يد الرئيس‬ ‫األم �ي��رك��ي أوب ��ام ��ا (ال � ��ذي ي�س�ت�ط�ي��ع وق ��ف ال�ع�م��ل‬ ‫بالقانون)‪ ،‬في ظ��رف تبدو عالقة البلدين معقدة‬ ‫ً‬ ‫جدا‪ .‬فالخالف ليس ً‬ ‫قائما فقط حول االتفاق النووي‬ ‫اإليراني‪ ،‬إنما يشمل امللف السوري‪ ،‬ودور التحالف‬ ‫اإلس�لام��ي التي ت�ق��وده اململكة العربية السعودية‬ ‫في اليمن‪.‬‬ ‫قلة قليلة ف��ي ال��والي��ات املتحدة على سبيل املثال‬ ‫تعرف الدور الذي لعبته اململكة العربية السعودية‬ ‫في محاربة اإلره��اب‪ ،‬وكيف تعاونت مع الواليات‬ ‫املتحدة من أجل إحباط وتوقيف متطرفني كانوا‬ ‫ينوون القيام بأعمال إرهابية‪.‬‬ ‫ف��ي ه��ذا اإلط ��ار أع�ل��ن رئ�ي�س��ا لجنة التحقيق في‬ ‫الكونغرس األميركي حول هجمات ‪ 11‬سبتمبر‪،‬‬ ‫الحاكم السابق لوالية نيوجيرسي توم كني وعضو‬ ‫مجلس ال�ن��واب السابق ل��ي هاميلتون‪ ،‬أن اململكة‬ ‫ال �ع��رب �ي��ة ال �س �ع��ودي��ة ه��ي واح � ��دة م��ن أه ��م أه ��داف‬ ‫امل�ن�ظ�م��ات اإلره��اب �ي��ة‪ ،‬ول ��ذا ك��ان��ت امل�م�ل�ك��ة العربية‬ ‫ً‬ ‫ال�س�ع��ودي��ة حليفا ل�ل��والي��ات امل�ت�ح��دة ف��ي مكافحة‬ ‫اإلرهاب؛ وقتل الكثير من األمنيني السعوديني في‬ ‫معاركهم مع عناصر «القاعدة»‪.‬‬ ‫ل��م ي �خ��ف ي� ً‬ ‫�وم��ا ال��رئ �ي��س أوب ��ام ��ا ان �ح �ي��ازه ل�ل��دول��ة‬ ‫اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وهو كما اإليرانيون يستعملون‬ ‫ك��ل ال��وس��ائ��ل م��ن أج ��ل ت �ش��وي��ه ص� ��ورة امل�م�ل�ك��ة‪،‬‬ ‫وجعلها تتبنى وجهة نظر الرئيس أوباما الغريبة‪:‬‬ ‫إن�ش��اء ن��وع م��ن ت��وازن ب�ين ال�ك��ون السني واملكون‬ ‫الشيعي يفضي إل��ى تنافس م��ن دون أن يقوض‬ ‫إلى حرب‪ .‬نظرية فاشلة حتى اليوم في تأمني هذا‬ ‫التنافس املرجو‪ ،‬فاملنطقة كلها غارقة في حروب‬ ‫ال تبدو نهايتها قريبة‪.‬‬ ‫لذا يبدو من املنطقي االستنتاج بأن سر الحمالت‬ ‫اإلعالمية ض��د اململكة العربية السعودية هدفها‬ ‫ح�م�ل�ه��ا ال �ج �ل��وس إل ��ى ط��اول��ة امل �ف��اوض��ات‪ ،‬ول�ك��ن‬ ‫بشروط إيرانية <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪27‬‬

‫‪,,‬‬


‫ً‬ ‫أخيرا‬ ‫نشر الكونغرس‬ ‫الصفحات السرية لتقرير‬ ‫هجمات ‪ 11‬سبتمبر(أيلول)‪.‬‬ ‫التي مرت عليها الصحافة‬ ‫العاملية بكثير من الالمباالة‪،‬‬ ‫أما الصحافة العربية فيمكن‬ ‫القول إنها تجاهلتها‪ .‬وقد‬ ‫يبدو للمتابع أن الصفحات‬ ‫السرية أدت مهمتها اإلعالمية‬ ‫قبل النشر‪ ،‬وهي محاولة‬ ‫تشويه صورة اململكة العربية‬ ‫السعودية‪ ،‬وممارسة الضغوط‬ ‫عليها من قبل البيت األبيض‪،‬‬ ‫من أجل حملها على تغيير‬ ‫سياستها في الشرق األوسط‪.‬‬

‫ّ‬ ‫واشنطن تسترت على دليل براءة الرياض من ‪11‬سبتمبر للضغط على العرب‬

‫اللوبي األميركي اإليراني يفشل في تسويق‬ ‫تورط السعودية في اهلجمات اإلرهابية‬

‫واشنطن‪ :‬إيلي فواز‬ ‫في املحصلة تلك الصفحات السرية لخص‬ ‫مضمونها مدير ال��ـ (إف ب آي) موللر في‬ ‫ج��ل��س��ة اس���ت���م���اع س���ري���ة ف���ي ال���ت���اس���ع من‬ ‫أكتوبر (تشرين األول) ‪ ،2002‬حني قال إنه يملك‬ ‫ً‬ ‫محذرا من القفز إلى‬ ‫أسئلة أكثر بكثير من األجوبة‪،‬‬ ‫االستنتاجات قبل «أن نعرف أكثر»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫طبعا تبني فيما بعد أن كل األسئلة التي طرحت‬ ‫في حينها‪ ،‬كلها إيحاءات عن وجود عالقة ما بني‬ ‫اململكة والقاعدة لم يكن لها أساس‪.‬‬ ‫من دون شك أن الرئيس أوباما كان يعرف ً‬ ‫تماما أن‬ ‫استنتاجات املخابرات األميركية أكدت أن الحكومة‬ ‫السعودية ليس لها عالقة بالعملية اإلرهابية التي‬ ‫استهدفت برجي التجارة العاملية في ‪ 11‬سبتمبر‬ ‫عام ‪.2001‬‬ ‫ولكنه على الرغم من ذلك استعمل الرئيس األميركي‬

‫‪26‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ن��ف��وذه ف��ي اإلع�ل�ام م��ن أج��ل زرع ب���ذور ال��ش��ك في‬ ‫عقول األميركيني والعالم‪ ،‬حتى حول عالقة اململكة‬ ‫العربية السعودية باإلرهابيني الذين نفذوا العملية‪.‬‬ ‫ساعد الرئيس أوباما في تغذية تلك األسطورة في‬ ‫حني كان هو يعيد اعتبار الجمهورية اإليرانية بعد‬ ‫عقود من عزلها من قبل املجتمع العاملي بضغط‬ ‫أميركي‪.‬‬ ‫قصة الضغوطات األميركية على اململكة العربية‬ ‫السعودية في قضية الصفحات السرية الثماني‬ ‫ً‬ ‫والعشرين ب��دأت أوال في تقرير بثته قناة ال��ـ‪CBS‬‬ ‫في برنامجها ال��ذائ��ع الصيت «‪ 60‬دقيقة» توحي‬ ‫بأن الصفحات الثماني والعشرين من تقرير لجنة‬ ‫التحقيق في الكونغرس األميركي حول هجمات ‪11‬‬ ‫سبتمبر واملحفوظة لدواعي األمن القومي األميركي‬ ‫ت��ش��ي��ر إل����ى ض���ل���وع امل��م��ل��ك��ة ال��ع��رب��ي��ة ال��س��ع��ودي��ة‬ ‫بالهجمات اإلرهابية التي ضربت الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتزامن هذا التقرير التي بثته القناة األميركية أيضا‬

‫مع حكم من محكمة في مدينة نيويورك برئاسة‬ ‫القاضي جورج دانيلز‪ ،‬والتي قضت بتغريم إيران‬ ‫‪ 10.7‬مليار دوالر لتورطها في أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪،‬‬ ‫ل���ت���ص���رف ك���ت���ع���وي���ض���ات ل���ص���ال���ح أس�����ر ض��ح��اي��ا‬ ‫الهجمات‪ ،‬وشركات التأمني املتضررة‪.‬‬ ‫املسؤولون في إدارة الرئيس أوباما أملحوا إلى أن‬ ‫الرئيس سيمنع في األشهر األخيرة املتبقية له في‬ ‫الحكم نشر تلك الصفحات الثماني والعشرين من‬ ‫أجل حماية اململكة العربية السعودية‪ ،‬فيما الرئيس‬ ‫بوش كان برر عدم نشر تلك الصفحات ألسباب‬ ‫ً‬ ‫مؤكدا أن نشرها يساعد‬ ‫تتعلق باألمن القومي‪،‬‬ ‫التنظيمات اإلرهابية‪ .‬ومبدأ «حماية اململكة» من قبل‬ ‫الرئيس استعمل عن سابق تصور وتصميم من‬ ‫أجل اإليحاء بأن للمملكة على عالقة ما باإلرهابيني‪.‬‬ ‫التقرير نفسه وقبل اثني عشر ً‬ ‫عاما أكد أنه لم يعثر‬ ‫على أي��ة أدل��ة تشير إل��ى أن الحكومة السعودية أو‬ ‫كبار املسؤولني قاموا بتمويل فردي ملنظمة القاعدة‪.‬‬


‫> ما الخطوات التي تعتقد أنها يمكن أن تساعد على‬ ‫تحقيق ذلك‪ ،‬وما الدور الذي يمكن أن تلعبه «مبادرة‬ ‫السالم العربية»؟‬ ‫ أع�ت�ق��د أن��ك ي�ج��ب أن تعمل ع�ل��ى م�س�ت��وي��ات م�ت�ع��ددة‪،‬‬‫ف�ف�ي�م��ا ي�ت�ع�ل��ق ب��ال �ع�لاق��ات ال�ث�ن��ائ�ي��ة ب�ي�ن اإلس��رائ�ي�ل�ي�ين‬ ‫والفلسطينيني‪ ،‬تحتاج اإلدارة املقبلة للعمل بهدوء مع‬ ‫كليهما للمساعدة على تغيير األوضاع على األرض حتى‬ ‫تستعيد اإلحساس باإلمكانية‪ .‬ولكننا نحتاج أيضا إلى‬ ‫«مظلة عربية»‪ ..‬لسببني‪ :‬أوال ألن الفلسطينيني يجدون‬ ‫صعوبة في أن يفعلوا األشياء بمفردهم‪ ،‬فهم يحتاجون‬ ‫إل��ى غ�ط��اء ع��رب��ي‪ .‬وث��ان�ي��ا ألن اإلسرائيليني يحتاجون‬ ‫إل��ى «غ �ط��اء ع��رب��ي»‪ ،‬ألن ال�ج�م�ه��ور اإلس��رائ�ي�ل��ي ال يثق‬ ‫بالفلسطينيني حتى أنهم يعتقدون أنهم إذا ما قدموا‬ ‫تنازال للفلسطينيني فإنهم لن يحصلوا على شيء في‬ ‫مقابله‪ .‬وفي ظل غطاء عربي‪ ،‬ربما تستطيع إسرائيل‬ ‫إذا ما قدمت تنازال للفلسطينيني أن تحصل على شيء‬ ‫من املنطقة‪ .‬وهنا تصبح مبادرة السالم العربية مهمة‬ ‫للغاية؛ ألنها تمثل مظلة عربية‪ ،‬ويمكن أن تصبح قاطرة‬ ‫ملساعدة كال الطرفني‪.‬‬

‫صورة أرشيفية لهيالري كلينتون ودنيس روس عام ‪( 2000‬غيتي)‬

‫‪,,‬‬

‫كنت أعتقد أن «حزب الله»‬ ‫أحد األطراف اللبنانيني‬ ‫ً‬ ‫أوال وأنه يمثل ثانيًا إحدى‬ ‫أدوات طهران ‪ ..‬ولكن ما‬ ‫حدث في سوريا أثبت أنهم‬ ‫مجرد أداة لإليرانيني‬

‫‪,,‬‬

‫من عمره وهو يعمل على هذه القضية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فبالنسبة‬ ‫َّ‬ ‫إلي‪ ،‬إنها أقرب إلى الرسالة‪ .‬وأعتقد أنه من الخطأ أن تعمل‬ ‫بالدبلوماسية من منطلق الخيارات القطبية‪ ..‬إما أن تحل‬ ‫كل شيء أو ال تحل شيئا على اإلطالق؛ ألنك إذا ما فكرت‬ ‫في املعادلة على ذلك النحو‪ ،‬لن تفعل شيئا‪ .‬وذلك ينطبق‬ ‫على الدبلوماسية اإلسرائيلية الفلسطينية‪ ،‬ف��إذا ما كان‬ ‫الخيار إما أن تحلها اآلن أو ال تفعل شيئا على اإلطالق‪،‬‬ ‫واتضح أنك ال تستطيع أن تحلها اآلن‪ ،‬فإن الحال سينتهي‬ ‫بك ب��أال تفعل شيئا على اإلط�ل�اق‪ .‬وتصبح النتيجة هي‬ ‫الفراغ ال��ذي يمأله اليأس وفقدان األم��ل‪ ،‬وم��ن ثم تستمد‬ ‫العناصر امل��وج��ودة ل��دى ك�لا الطرفني‪ ،‬التي تتغذى على‬ ‫اليأس وفقدان األمل قوة جديدة‪ .‬وذلك ما يحدث حاليا بني‬ ‫اإلسرائيليني والفلسطينيني‪ ،‬فلم يحدث شيء يذكر منذ‬ ‫أخفقت مساعي كيري في ‪ ،2014‬وبالتالي فليس مفاجئا‬ ‫أن يفقد كال الطرفني أي أمل في إمكانية إحراز تقدم‪ .‬ولكن‬ ‫نموذج إجراء مفاوضات ثنائية حاسمة بني اإلسرائيليني‬ ‫والفلسطينيني ليس النموذج الذي يمكنه أن ينجح في تلك‬ ‫الحالة‪ .‬فالفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون حاليا حتى‬ ‫أنهم أصبحوا ينظرون إل��ى املفاوضات باعتبارها نوعا‬ ‫من التنازل الذي ال يستطيعون تقديمه‪ .‬فهم أصبحوا في‬

‫حالة م��ن الشلل‪ ..‬توقف ال��زم��ن‪ ،‬حتى أنهم ي�ع��ودون إلى‬ ‫أشياء مثل «دعونا نذهب لألمم املتحدة»‪ .‬وذل��ك لن يحل‬ ‫أي شيء‪ .‬وبالتالي يجب عليك أن تفكر فيما يمكنك عمله‬ ‫لتغيير تلك الحقائق‪.‬‬

‫> وفقا لخبرتك كمفاوض للسالم بني اإلسرائيليني‬ ‫والفلسطينيني في إدارة كلينتون‪ ..‬كيف ترى البعد‬ ‫اإلقليمي في الحلول املحتملة؟‬ ‫ قبل قمة كامب ديفيد‪ ،‬لم نفعل الكثير إلش��راك املنطقة‬‫العربية في املفاوضات اإلسرائيلية الفلسطينية‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫فعندما ق��ام الرئيس كلينتون بتقديم بعض االقتراحات‬ ‫في القمة‪ ،‬وجد صعوبة في إقناع املصريني أو األردنيني‬ ‫ب�ت�ش�ج�ي��ع ع ��رف ��ات؛ ألن �ه��م ل ��م ي �ك��ون��وا ي �ش �ع��رون ب��أن�ه��م‬ ‫موجودون في تلك املقترحات‪ ،‬ولم يكونوا على علم باملدى‬ ‫الذي يمكننا أن نذهب إليه‪.‬‬ ‫وف��ي كامب ديفيد‪ ،‬قدمنا مقترحات فقط بشأن الحدود‬ ‫والقدس‪ ،‬ولكن ذلك تغير في ديسمبر (كانون األول) ‪2000‬‬ ‫بعد ط��رح «معايير كلينتون» لحل ال �ن��زاع‪ ،‬وه��و م��ا جعل‬ ‫املقترحات ت��دور حول كل القضايا املحورية بما في ذلك‬ ‫قضية الالجئني‪ .‬وق��د طرحنا تلك املعايير على ع��دد من‬ ‫القادة العرب حتى قبل أن نطرحها على عرفات‪ ،‬بل حتى‬ ‫قبل أن نطرحها على رئيس ال��وزراء في ذلك الوقت إيهود‬ ‫باراك‪.‬‬ ‫وبعدما عرضنا تلك املعايير على فريقي التفاوض‪ ،‬أخبر‬ ‫الرئيس كلينتون الرئيس مبارك وتناقش معه أيضا‪ .‬فقد‬ ‫كنا نحاول أن نخلق حالة واسعة من التأييد العربي‪ .‬ولكن‬ ‫ما أتحدث عنه اآلن ليس «دعما عربي» فقط‪ ،‬ولكن أن يصبح‬ ‫للعرب دور في العملية إلى جانب الفلسطينيني أنفسهم‪.‬‬ ‫> ما دور املناقشات الجماهيرية في إسرائيل والعالم‬ ‫العربي أثناء مساعي التفاوض على التسوية؟‬ ‫ أحد الدروس التي استفدناها من املاضي هي أنه عندما‬‫ال تكون هناك حالة وعي جماهيري بالسالم‪ ،‬يصبح‬ ‫من الصعب التفاوض عليه‪ .‬فليس كافيا أن تكون هناك‬ ‫عالقات قوية وخاصة بني املفاوضني فيما توجد حالة‬ ‫عداء شعبية في الخارج‪ .‬فيجب على جميع األطراف أال‬ ‫تركز على كيفية توجيه االتهامات‪ ،‬ولكن على محاولة‬ ‫خلق مناخ يجعل تحقيق السالم أسهل‪ .‬فمن السهل أن‬ ‫نبرز املثالب املتعلقة بالطرف اآلخر‪ ،‬ولكن عندما يحدث‬ ‫شيء إيجابي علينا إبرازه<‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪25‬‬


‫> تنظر بعض األص ��وات السياسية األم�ي��رك�ي��ة إلى‬ ‫إي��ران باعتبارها الحليف املحتمل في ال�ص��راع ضد‬ ‫«داعش»‪ .‬ما رؤيتك؟‬ ‫ لقد قلت مكررا وعالنية أن إيران ال يمكن أن تصبح شريكا‬‫ف��ي ال�ص��راع ض��د «داع ��ش»‪ ،‬وذل��ك ال يعني أن�ه��م ال يقاتلون‬ ‫«داعش» في بعض األماكن رغم أن املكان الوحيد الذي يقاتلون‬ ‫فيه فعليا هو بالتعاون مع بعض امليليشيات في العراق وحتى‬ ‫هناك‪ ،‬فإنهم يفعلون ذلك على نحو يؤذي باستمرار الحكومة‬ ‫املركزية العراقية‪ .‬ولذلك ال يمكنهم أن يصبحوا شركاء في‬ ‫الصراع ضد «داعش»‪ .‬فبعدما تنتهي «داعش»‪ ،‬سوف نحتاج‬ ‫إلى حوكمة سنية‪ ،‬ألن «أبناء (داعش)» سوف يظهرون إذا ما‬ ‫استمر إقصاء السنة وإنكار حقوقهم‪ ،‬وإذا ما استمرت حقيقة‬ ‫أن امليليشيات الشيعة تهيمن على املناطق السنية‪ .‬وهذا هو‬ ‫ما يجعلنا نحتاج إلى الشراكة مع السنة وليس مع اإليرانيني‪.‬‬ ‫وكان جزء من االنتقادات املوجهة لإلدارة يتعلق بأنه ما دمنا‬ ‫لن نتعامل مع التهديد املحتمل إليران كما تتعامل معه دول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬فسيصبح من الصعب أن نقنع‬ ‫السنة بالدور الذي نرغب أن يلعبوه‪ .‬ولذلك فأنا أرى أننا يجب‬ ‫أن نفعل املزيد ملواجهة اإليرانيني‪ ،‬وهو ما سيجعلنا نصبح‬ ‫في وضع أفضل ملواجهة «داعش» وهزيمتها في النهاية‪.‬‬ ‫> في رأي��ك‪ ..‬كيف ينظر السعوديون إلى إي��ران على‬ ‫نحو مختلف عما يفعله صناع السياسة األميركيون؟‬ ‫ مما الشك فيه أن السعوديني ينظرون إلى إيران باعتبارها‬‫تهديدا ملنطقة الخليج؛ فهم ينظرون إلى ما تفعله إي��ران في‬ ‫املنطقة الشرقية السعودية‪ ،‬والبحرين‪ ،‬وال�ع��راق‪ ،‬وس��وري��ا‪،‬‬ ‫واليمن باعتبارها جهودا للتطويق‪ .‬وبالتالي فليس مفاجئا‬ ‫بالنسبة َّ‬ ‫إلي أن يشعر السعوديون بالحاجة إلى فرض الحدود‬ ‫بأنفسهم في ظل وجود مخاوف بشأن عدم وضع الواليات‬ ‫املتحدة حدودا إليران‪ .‬وبالتالي فإننا نرى ما يحدث في اليمن‬ ‫باعتباره جزءا صغيرا من محاوالت اململكة العربية السعودية‬ ‫إلظهار أنها تستطيع أن تضع خطوطا حمراء‪.‬‬ ‫> م��ا رأي��ك ف��ي إش��ارة الرئيس أوب��ام��ا ف��ي ح��واره مع‬

‫‪24‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫صحافي أميركي إل��ى أن اململكة العربية السعودية‬ ‫«يجب أن تشارك إيران الجوار»؟‬ ‫ إذا كان الرئيس يقول إن إيران قوة إقليمية‪ ،‬وإنه يجب أن يتم‬‫قبولها كقوة إقليمية‪ ،‬وإن على باقي املنطقة أن تتفهم ذلك‪،‬‬ ‫يمكنني أن أق��ول في ه��ذا اإلط��ار إن فكرة التعايش منطقية‬ ‫شريطة أال يكون من تحاول التعايش معه معتديا‪ .‬وربما كان‬ ‫من األفضل أن يقول الرئيس إنه عندما تظهر إيران لجيرانها‬ ‫أنها لم تعد تمثل تهديدا‪ ،‬يصبح من املمكن دمج اإليرانيني‬ ‫في البنية اإلقليمية‪ .‬فهم لديها مصالح يمكن تفهمها إذا لم‬ ‫تكن تعني الهيمنة اإلقليمية‪ .‬وبالتالي فأعتقد أنه كان يجب‬ ‫على الرئيس أن يصيغ األمر على هذا النحو‪ ،‬ويؤكد ضرورة‬ ‫أال تستخدم إيران امليليشيات وسيلة للحد من سلطة الدولة‪.‬‬ ‫وي�ب��دو أن الجميع ي��رك��زون على «داع��ش» باعتبارها املهدد‬ ‫الرئيسي لسلطة ال ��دول‪ .‬ول�ك��ن ان�ظ��ر إل��ى ال�س�ل��وك اإلي��ران��ي‪،‬‬ ‫فـ«حزب الله» يحكم سيطرته على لبنان‪ .‬وفي بغداد‪ ،‬ورغم‬ ‫أنهم تمكنوا من تحرير املوصل بعد الفلوجة والرمادي‪ ،‬فإن‬ ‫دخ��ول امليليشيات الشيعية وت ��ورط بعضهم ف��ي التعذيب‬ ‫وعمليات السرقة يعزز االنقسام الطائفي‪ .‬باإلضافة إلى أن‬ ‫اإليرانيني في العراق ما يزالون يستغلون النفوذ الذي يتمتعون‬ ‫به ملنع أي مقاربة شاملة للحوكمة التي تعد املطلب األكثر‬ ‫أهمية‪ .‬وبالتالي فهم ال يساندون الحوثيني عبثا‪ .‬ويمكننا أن‬ ‫نراهم وهم يستخدمون ذلك النوع من األدوات في كل مكان‬ ‫للحد من سلطة الحكومة نفسها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإذا ما كانت هناك‬ ‫مقاربة مختلفة للتعامل مع إيران باعتبارها جزءا من املنطقة‪،‬‬ ‫يجب على إي��ران أن تظهر أنها مستعدة لالعتراف بمصالح‬ ‫اآلخرين وليس بتهديدهم‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫خطة طوارئ بالتعاون مع‬ ‫الدول الرئيسية باملنطقة‬ ‫ملواجهة استخدام اإليرانيني‬ ‫للميليشيات الشيعية‪..‬‬ ‫ويجب أن نظهر أننا‬ ‫نستطيع مواجهتهم‬

‫‪,,‬‬

‫> في ظل بقاء أق��ل من نصف ع��ام على انتهاء إدارة‬ ‫أوباما‪ ،‬ما مخاوفك بشأن استغالل إيران وحلفائها‬ ‫ملا يطلق عليه «رئاسة البطة العرجاء»؟‬ ‫ أعتقد أن جانبا مما يحدث اآلن في حلب هو أن بوتني واألسد‬‫واإليرانيني يريدون أن يتأكدوا أنهم سوف يستعيدون حلب‬ ‫لخلق واق��ع مختلف على األرض أم��ام البيت األبيض املقبل‪.‬‬ ‫وأش��ك أن اإلدارة س��وف تفعل املزيد لكي تحصل على دعم‬ ‫م��ادي على األرض ملن يقاتلون النظام في حلب؛ فنظرا ألن‬ ‫جبهة النصرة هي جزء ممن يقاتلون‪ ،‬فإن اإلدارة مترددة في‬ ‫أن تفعل ذلك‪ .‬ورغم أنني أتفهم تلك املخاوف‪ ،‬فإنهم يتشاطرون‬ ‫معظم الجزء املتبقي مع املعارضة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فعندما يضرب‬ ‫الروس جبهة النصرة‪ ،‬فإننا نمنحهم بفاعلية التصريح لكي‬ ‫يقولوا‪« :‬نحن نضرب جبهة النصرة فقط»‪ .‬وفي الوقت نفسه‪،‬‬ ‫هناك مستوى من التعاون مع بعض أصدقائنا في املنطقة‬ ‫فيما يتعلق باالستخبارات وبعض القضايا األمنية األوسع‪،‬‬ ‫ولكن ليس فيما يتعلق باملواجهة الفعالة إلي��ران‪ .‬لقد قمنا‬ ‫بعملية اعتراض واحدة لسفينة كانت تنقل األسلحة لليمن‪.‬‬ ‫ورغم أنني أرغب في أن نفعل املزيد‪ ،‬فإنني ال أعتقد أن إدارة‬ ‫أوباما سوف تفعل أكثر من ذلك‪.‬‬

‫عندما تظهر إيران لجيرانها‬ ‫أنها لم تعد تمثل تهديدًا‬ ‫يصبح من املمكن دمج‬ ‫اإليرانيني في البنية‬ ‫اإلقليمية‬

‫‪,,‬‬

‫طبيعة التهديد وأننا نعد الخيارات ملواجهته‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫> أص�ب��ح ينظر إل��ى «ح��زب ال�ل��ه» اآلن إل��ى ح��د كبير‬ ‫في املنطقة باعتباره تنظيما تابعا إليران‪ .‬هل يتفق‬ ‫صناع السياسة األميركيون مع ذلك الرأي؟‬ ‫ أعتقد ذلك‪ ،‬فأنا شخصيا غيرت موقفي‪ .‬فقد كنت أعتقد‬‫أن «حزب الله» أحد األطراف اللبنانيني أوال‪ ،‬وأنه يمثل‪ ،‬ثانيا‪،‬‬ ‫إح��دى األدوات اإلي��ران�ي��ة‪ ،‬ولكن س��وري��ا أثبتت العكس‪ ،‬فهو‬ ‫مجرد أداة لإليرانيني‪ .‬فما فعله في سوريا لم يكن في مصلحة‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكنه ك��ان في مصلحة إي��ران‪ .‬وف��ي وق��ت الحرب مع‬ ‫إس��رائ �ي��ل ف��ي ‪ ،2006‬ت��م ال�ن�ظ��ر إل��ى ن�ص��ر ال�ل��ه ف��ي املنطقة‬ ‫باعتباره على نحو ما بطال من أبطال «مقاومة» إسرائيل‪،‬‬ ‫وامل�ف��ارق��ة ه��ي أن وزي��ر الخارجية السعودي ف��ي ذل��ك الوقت‬ ‫أعلن أن «حزب الله» هو من أثار تلك الحرب‪ ،‬واعتبرها نوعا‬ ‫من أن��واع «امل�غ��ام��رة»‪ .‬وف��ي الحقيقة‪ ،‬ف��إن «ح��زب الله» فرض‬ ‫الحرب على لبنان بأسرها‪ .‬وتعرضت البنية التحتية واملساكن‬ ‫ألضرار كبيرة‪ ،‬نظرا إلى أن «حزب الله» متغلغل في املناطق‬ ‫املدنية‪ .‬واآلن فإن مصداقية «حزب الله» باعتباره طرفا لبنانيا‬ ‫تقلصت إلى حد كبير بما فعله في سوريا‪ .‬فقد جلب الحرب‬ ‫وكذلك الالجئني إلى العتبات اللبنانية‪ ،‬ورغم أنه أنكر مشاركته‬ ‫في البداية فإنه أصبح يتحدث عن ذلك صراحة اآلن‪.‬‬ ‫> بحسب معلوماتك‪ ..‬هل يحظى «حزب الله» بدعم‬ ‫الشيعة اللبنانيني؟‬ ‫ ال نستطيع أن نقول إن «حزب الله» ال يحظى بدعم الشيعة‬‫داخ��ل لبنان‪ ،‬ولكن مؤخرا تزايدت إش��ارات وج��ود حالة من‬ ‫اإلحباط بني الشيعة داخل لبنان بشأن ما فرضه «حزب الله»‬ ‫عليهم جميعا‪ ،‬فباإلضافة إلى استطالعات الرأي التي تشير‬ ‫إلى تزايد الرؤية السلبية تجاه «ح��زب الله»‪ ،‬كان هناك قدرا‬ ‫معقوال من التقارير التي تشير إلى أن التنظيم أصبح يلجأ إلى‬ ‫تجنيد مجندين أصغر وأصغر ‪ 16 -‬و‪ 17‬عاما ‪ -‬وأنه يحاول‬ ‫أن يستخدم الحوافز املادية لكي يدفعهم إلى القتال‪ .‬ومن ثم‬ ‫فهناك أيضا أدلة موضوعية على تزايد حاالت اإلحباط وعدم‬ ‫االرتياح والسخط‪.‬‬ ‫> م��ا الخطوات التي يمكن اتخاذها لهزيمة «ح��زب‬ ‫الله»؟‬ ‫ أوال‪ ،‬اإلساءة لسمعته‪ ،‬فقد تبنت حاليا دول الخليج ما كانت‬‫تفعله أميركا م��ن ق�ب��ل‪ ،‬وه��و تصنيف «ح��زب ال�ل��ه» تنظيما‬ ‫إرهابيا‪ ،‬ففي الواليات املتحدة‪ ،‬نركز على حقيقة أنهم يعملون‬ ‫بغسل األم��وال واالتجار في املخدرات‪ ،‬وهو ما يساعد على‬ ‫اإلضرار بسمعته‪ ،‬ويمكن أن تصبح املقاربة الجماعية فعالة‬ ‫في ذلك اإلطار‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬تأسيس تعاون أوسع في املنطقة بني من لديهم معلومات‬ ‫استخباراتية بشأن «حزب الله»‪ ،‬فيجب أن تتواصل الواليات‬ ‫املتحدة مع جميع شركائنا في املنطقة‪ .‬كما يجب أن يكون‬ ‫هناك خطط ط��وارئ تضع خيارات ثنائية وثالثية ومتعددة‬ ‫األطراف‪ ،‬ويتعلق ذلك أيضا بكيفية التعامل مع إيران‪ .‬فهناك‬ ‫كثير من اإلمكانات في هذه املنطقة وإذا ما تمكنت من جمعها‪،‬‬ ‫فإنك سوف تخلق قوة مضاعفة‪ .‬فهناك مصالح مشتركة بني‬ ‫كثير من األط��راف املختلفة في املنطقة‪ ،‬ويجب أن نفكر في‬ ‫أفضل طريقة لالستفادة من ذلك سواء فيما يتعلق باألمن‪،‬‬ ‫أو االستخبارات‪ ،‬أو مواجهة اإلرهاب أو غيرها‪.‬‬ ‫> كيف تفسر ركود التقدم اإلسرائيلي الفلسطيني في‬ ‫التوصل إلى تسوية؟‬ ‫‪ -‬كما تعرف‪ ،‬أنت تتحدث إلى شخص قضى ثالثني عاما‬


‫خادم الحرمني الشريفني لدى استقباله دينس روس في مكتبه بقصر السالم بجدة ‪ 24‬أغسطس املاضي (واس)‬

‫> إذن‪ ..‬أوضح لنا مقاربتك من الناحية العملية‪.‬‬ ‫ أوال‪ ،‬يجب أن نبدأ خطة طوارئ بالتعاون مع الدول الرئيسية‬‫ف��ي مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬باإلضافة إل��ى اإلسرائيليني‬ ‫للتركيز على كيفية مواجهة استخدام اإليرانيني للميليشيات‬ ‫الشيعية؛ ألن تلك هي أداتهم الرئيسية‪ .‬فيجب أن نظهر أننا‬ ‫نستطيع مواجهتهم كما يجب أن نطرح خيارات لتحقيق ذلك‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬يجب أن نفعل املزيد في سوريا‪ ،‬لكي نرفع التكلفة التي‬ ‫يتحملها الروس واإليرانيون وامليليشيات الشيعية نظير ما‬ ‫يفعلونه‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫بوتني واألسد واإليرانيون‬ ‫يريدون التأكد من‬ ‫استعادة حلب لخلق واقع‬ ‫مختلف على األرض أمام‬ ‫اإلدارة األميركية املقبلة‬

‫‪,,‬‬

‫املصممة الستهالك الخارج؟‬ ‫ أعتقد أن هناك ما هو أكثر من الخالف في األس�ل��وب بني‬‫الطرفني‪ ،‬فأنا ال أصف روحاني بأنه «معتدل»‪ ،‬ولكنني أعتقد‬ ‫أن��ه برجماتي‪ ،‬فروحاني يؤمن بمواقف أق��ل ميال للمواجهة‬ ‫صوب العالم الخارجي واملنطقة‪ .‬وذلك يمكن أن يكون شيئا‬ ‫ط�ي�ب��ا‪ ،‬وه ��ذا يعني أن��ه أق��ل رغ�ب��ة ف��ي اس�ت�خ��دام امليليشيات‬ ‫الشيعية إلضعاف الحكومات السنية‪ .‬ومن ثم يجب علينا أن‬ ‫نوضح أن إيران ستتحمل تكلفة مرتفعة إذا ما فعلت ذلك‪ .‬وإذا‬ ‫ما تحكمت في سلوك إيران‪ ،‬من املحتمل أن يعود ذلك بالفائدة‬ ‫على روحاني‪ .‬وأختلف مع اإلدارة في أنهم يرغبون في تمكني‬ ‫دائرة روحاني‪ ،‬ويعتقدون أنهم إذا لم يقوموا بأفعال مستفزة‬ ‫ بأال نتخذ رد فعل تجاه كل سلوك يسلكه اإليرانيون ‪ -‬فإن‬‫ذلك سيعزز الدائرة املقربة من روحاني‪ .‬ويخشون أنهم إذا‬ ‫ما فعلوا أشياء يمكن أن تبدو مستفزة‪ ،‬فإن ذلك سوف يعزز‬ ‫نفوذ الحرس الثوري‪.‬‬

‫> هل تعني الخيار العسكري؟‬ ‫ ال يوجد سبيل إلنتاج أي نوع من النتائج السياسية في ظل‬‫الظروف الحالية‪ .‬لديك قرار رقم ‪ 2254‬ملجلس األمن التابع‬ ‫لألمم املتحدة‪ ،‬الذي يعتمد على وقف األعمال العدائية وبدء‬ ‫املفاوضات والتحول السياسي‪ .‬وقد وافق الروس على ذلك‬ ‫ولكن ما ال��ذي يفعلونه اآلن؟ مؤخرا‪ ،‬عبروا مرحلة مهمة‬ ‫للغاية‪ :‬فقد كانت قاذفات القنابل الروسية تنطلق من القواعد‬ ‫اإليرانية لكي تضرب حلب وغيرها من األهداف في سوريا‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإنهم ما زال��وا يتفاوضون مع الواليات‬ ‫املتحدة ملشاركة املعلومات االستخباراتية وإلنشاء مركز‬

‫عمليات للتنسيق املشترك لتنسيق الضربات الجوية‪ .‬إنهم‬ ‫يضربون جماعات املعارضة التي فتحت ممرا لكسر حصار‬ ‫ح�ل��ب‪ .‬وي�ت�ع��ارض ذل��ك تماما م��ع نظرية «مل��اذا يفترض أن‬ ‫نتفاوض معهم»‪ .‬بالنسبة إلي فإن ذلك يصل إلى التعاون‬ ‫االستراتيجي بني روسيا وإيران‪ .‬ربما ال يصل إلى املناحي‬ ‫األخرى ولكن عندما يتعلق األمر بسوريا‪ ،‬فإن روسيا وإيران‬ ‫لديهما هدف مشترك‪ .‬فربما يسعد الروس بتقسيم سوريا‪.‬‬ ‫ففي النهاية‪ ،‬إذا ما تم تقسيم سوريا فإنهم سيحصلون‬ ‫على سوريا الغربية من الشمال للجنوب‪ ،‬وم��ن ثم سوف‬ ‫يكون لنظام األسد الهيمنة على معظم السكان‪ ،‬ولكن على‬ ‫نسبة ضئيلة من األرض‪ .‬وذلك مقبول من وجهة نظر األسد‪،‬‬ ‫ومن وجهة نظر بوتني‪ ،‬ومن وجهة النظر اإليرانية‪ .‬فما يهم‬ ‫اإليرانيني هو أن يصبحوا قادرين على الحفاظ على نفوذ‬ ‫«ح��زب ال�ل��ه»‪ .‬إذن وبالعودة لسؤالك‪ ،‬أعني أن��ه يجب علينا‬ ‫أن نوضح للروس أننا مستعدون لاللتزام بالقرار ‪،2254‬‬ ‫ولكنهم إذا لم يفعلوا الشيء نفسه‪ ،‬فإننا س��وف نبدأ في‬ ‫العمل على تغيير م��وازي��ن ال�ق��وى على األرض‪ .‬ويجب أن‬ ‫نوضح للروس أنه لن يكون هناك ناتج سياسي ما دام األسد‬ ‫موجودا‪ ،‬فلن يكون هناك إال املزيد من الالجئني واملزيد من‬ ‫االضطرابات‪ ،‬وذلك ليس مقبوال بالنسبة إلينا‪.‬‬ ‫إذن فعندما يرغب األسد في املرة املقبلة أن يسقط البراميل‬ ‫املتفجرة‪ ،‬سوف نستخدم الضربات املضادة لتدمير املطارات‬ ‫التي تنطلق منها تلك الطائرات‪ .‬وسوف يرسل ذلك‪ ،‬على سبيل‬ ‫امل�ث��ال‪ ،‬رسالة إل��ى اإليرانيني وإل��ى أصدقائنا بأننا نعني ما‬ ‫نقول‪ .‬كما أن خطة الطوارئ ترسل رسالة مفادها أننا ندرك‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪23‬‬


‫عمل دينيس روس مبعوثا للواليات املتحدة في الشرق األوس��ط في إدارة الرؤساء‪ :‬جيمي كارتر‪ ،‬ورونالد ريغان‪ ،‬وجورج‬ ‫دبليو بوش‪ ،‬وبيل كلينتون‪ ،‬وباراك أوباما‪ .‬وكان محركا رئيسيا ملعظم املبادرات األميركية لدعم مبادرات السالم اإلقليمية‬ ‫بما في ذلك «مؤتمر السالم في الشرق األوسط»‪ ،‬الذي عقد في العاصمة اإلسبانية مدريد في ‪ ،1991‬و«قمة السالم في الشرق‬ ‫األوسط» التي انعقدت في كامب ديفيد في عام ‪ ،2000‬وكان يعمل مستشارا في شؤون الخليج‪ ،‬حيث عمل مستشارا خاصا‬ ‫لوزيرة الخارجية األميركية هيالري رودهام كلينتون لشؤون الخليج العربي وجنوب غربي آسيا‪ ،‬ثم عمل مساعدا للرئيس‬ ‫باراك أوباما في إدارة «مجلس األمن القومي»‪ ،‬حيث كان يضطلع باملسؤولية الكاملة عن السياسات املتعلقة بالشرق األوسط‪،‬‬ ‫والخليج‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬وباكستان‪ ،‬وجنوب آسيا‪ .‬ومنذ أن ترك إدارة أوباما في ‪،2011‬وهو يعرب عن انتقاداته لعدد من سياسات‬ ‫الرئيس خاصة مقاربته صوب إيران‪.‬‬

‫تنظيما ً‬ ‫قال‪ :‬تبنت دول الخليج ما كانت تفعله أميركا من قبل وهو تصنيف «حزب الله» ً‬ ‫إرهابيا‬

‫دينيس روس‪ :‬ال يمكن أن تصبح إيران‬ ‫ً‬ ‫شريكا في الصراع ضد «داعش»‬

‫واشنطن‪ :‬جوزيف براودي‬ ‫في الحوار الذي أجرته معه «املجلة»‪ ،‬تحدث روس‬ ‫عن نتائج الصفقة النووية اإليرانية‪ ،‬وأوضح مسارا‬ ‫بديال يمكن ات�خ��اذه حيال إي��ران‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫حديثه عن الصراع مع التنظيمات التابعة لها في لبنان وسوريا‬ ‫وغيرها‪ .‬كما عمل على تقييم إرث حرب إسرائيل ‪« -‬حزب الله»‬ ‫بعد مرور عشر سنوات على انتهائها وآفاق وضع استراتيجية‬ ‫إقليمية إلضعاف تنظيم «حزب الله» في الوقت الراهن‪ .‬كما‬ ‫ت�ح��دث ع��ن «م �ب��ادرة ال�س�لام ال�ع��رب�ي��ة» ودوره ��ا ال�ح�ي��وي في‬ ‫مساعي التغلب على العقبات ال�ت��ي تقف أم��ام التوصل إلى‬ ‫تسوية إسرائيلية ‪-‬فلسطينية‪.‬‬

‫مضطر إلى أن يبرر ما فعله‪ ،‬وذلك حيث إن عقد صفقة مع‬ ‫الواليات املتحدة يثير التساؤالت‪ .‬وفي أعقاب عقد الصفقة‪،‬‬ ‫توقعت أنه سيكون عليه أن يثبت أن شيئا لم يتغير‪ ،‬من خالل‬ ‫تحدي أميركا ومصالحها ومصالح أصدقاء أميركا بقوة أكبر‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬ما زال سلوك إيران في املنطقة عدوانيا‪ .‬فهم يعتقدون‬ ‫أن لديهم الحق في الهيمنة على املنطقة؛ ألنهم يتعالون على‬ ‫العرب ويعتقدون أن لديهم ثقافة أسمى‪ ،‬وينظرون إلى الواليات‬ ‫املتحدة باعتبارها العقبة الكئود في طريقهم‪ .‬واآلن بدأنا نجد‬ ‫حالة من عدم االرتياح بني األصدقاء التقليديني ألميركا في‬ ‫املنطقة؛ ألن�ه��م أص�ب�ح��وا يعتقدون أن ال��والي��ات امل�ت�ح��دة أقل‬ ‫استعدادا للمواجهة أو للتعامل مع العنف اإليراني في املنطقة‪.‬‬

‫> يعتقد بعض الحلفاء التقليديني ألميركا في الشرق‬ ‫> ل�ق��د م��ر ع ��ام ع�ل��ى ت��وق�ي��ع «خ �ط��ة ال�ع�م��ل امل�ش�ت��رك��ة األوسط أن إدارة أوباما تسعى إلى تأسيس تحالف مع‬ ‫الشاملة» مع الحكومة اإليرانية‪ .‬كيف ت��رى النتائج إيران على حسابهم‪ .‬هل هم محقون في ذلك؟‬ ‫حتى اآلن؟ وهل هناك ما يدهشك بها؟‬ ‫ في الحقيقة‪ ،‬لم يدهشني أي شيء حدث خالل العام املاضي‪،‬‬‫ُ‬ ‫فدائما كان من مصلحة إيران أن ترفع العقوبات‪ .‬وفي املقابل‪،‬‬ ‫كانت قيادة إيران مستعدة لتعليق طموحاتها النووية وليس‬ ‫التخلي عنها‪ .‬ورغم أن اإليرانيني تعهدوا ضمن بنود «االتفاقية‬ ‫الشاملة للبرنامج النووي اإليراني» أال يسعوا أو يحصلوا على‬ ‫أسلحة نووية‪ ،‬فإنهم يستطيعون بناء قواعد صناعية نووية‪.‬‬ ‫وبعد م��رور ‪ 15‬عاما‪ ،‬س��وف يصبح خيار امتالك األسلحة‬ ‫النووية متاحا أمامهم؛ حيث إنهم يحتفظون باإلمكانات ومن‬ ‫ثم سيحتفظون بالخيار‪ .‬وما حصلنا عليه في املقابل هو‬ ‫أننا اشترينا ال��وق��ت م��ن ‪ 10‬أع��وام إل��ى ‪ 15‬عاما‪،‬‬ ‫ولكنني عندما أق��ول إنني ل��م أن��ده��ش هنا‪،‬‬ ‫ف��أن��ا أع�ن��ي أن�ن��ي أي�ض��ا ك�ن��ت أت��وق��ع أن‬ ‫تصعد إيران ممارساتها السيئة في‬ ‫املنطقة‪ .‬وأنا أدرك ذلك ألنني أعي أن‬ ‫دينيس روس‬ ‫املرشد األعلى للجمهورية اإلسالمية‬

‫‪22‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫ الحقيقة ه��ي أن اإلدارة ترغب ف��ي أن ت��رى تغيرا أساسيا‬‫في العالقة األميركية – اإليرانية‪ ،‬وهي تدرك أنها ال تستطيع‬ ‫تحقيق ذلك في الوقت الحالي‪ ،‬ولكنها ال ترغب في أن تتصرف‬ ‫على نحو يمكنه أن يعزز املتشددين في إيران‪ .‬ورغم أنني أتفهم‬ ‫موقف اإلدارة فإنني ال أتفق معه‪ .‬ويرجع السبب في ذلك إلى‬ ‫املنطق الذي أسفر عن املفاوضات مع اإليرانيني بشأن القضية‬ ‫النووية ‪ -‬وقد كنت مشاركا فيه ‪ -‬الذي يعتمد على ممارسة‬ ‫الضغوط على اإليرانيني مع ترك مخرج لهم‪ .‬وأعتقد أن املنطق‬ ‫نفسه يجب أن يتم تطبيقه على السلوك اإلقليمي إليران‪ ،‬فقد‬ ‫قالت إي��ران مكررا إنها لن تتفاوض على برنامجها النووي‬ ‫ما دامت خاضعة للعقوبات‪ ،‬ومع ذلك فقد دخلت املفاوضات‪.‬‬ ‫وعندما أصبح من الواضح أن سالمة الجمهورية اإلسالمية‬ ‫نفسها في خطر‪ ،‬كان عليهم تغيير مقاربتهم بشأن القضية‬ ‫النووية‪ ،‬ومن ثم فقد اشترينا فترة من ‪ 10‬سنوات إلى ‪ 15‬سنة‪.‬‬ ‫ومن ثم فعندما تمارس الضغوط عليهم ثم تترك لهم مخرجا‪،‬‬ ‫فإنهم يفهمون أن��ه لكي ال تتأثر مصالحهم‪ ،‬عليهم تعديل‬ ‫سلوكهم‪ .‬وما أقترحه هو أنه عندما تتم ممارسة الضغوط على‬ ‫اإليرانيني كرد فعل على سلوكهم اإلقليمي‪ ،‬فإن ذلك لن يعمل‬ ‫على تعزيز املتشددين‪ ،‬ولكنه سيعمل على إضعافهم؛ ألنك‬ ‫بذلك ستوضح التكلفة التي ستتحملها إيران إثر ممارساتهم‬ ‫السيئة‪ .‬فمن الذي تريد أن تراه ناجحا‪ ..‬قاسم سليماني أم‬ ‫روحاني؟ يميل الحرس الثوري والباسيج صوب املواجهة‪ ،‬فيما‬ ‫تميل الدائرة املقربة من روحاني صوب التطبيع‪ .‬ومن ثم فأنا‬ ‫أقترح أنك إذا أردت أن تؤثر في توازن القوى بينهما‪ ،‬فال يجب‬ ‫أن تذعن ملا يفعله سليماني في املنطقة‪ ،‬ولكن عليك أن ترفع‬ ‫الكلفة التي تتحملها إيران إثر أفعال سليماني‪.‬‬ ‫> يترتب على ه��ذا التحليل اف �ت��راض أن‬ ‫هناك مقاربتني مختلفتني داخ��ل القيادة‬ ‫اإلي ��ران� �ي ��ة‪ ،‬م �ت �ع��ارض �ت�ين‪ ،‬ب �خ�ل�اف لعبة‬ ‫«ال �ش��رط��ي ال �ط �ي��ب‪ ،‬وال �ش��رط��ي ال �ش��ري��ر»‬


‫تدشن موقعها الجديد باللغة اإلنجليزية على اإلنترنت‬

‫‪.com‬‬

‫‪The View From The East‬‬ ‫األفكار خلف األخبار‬

‫نافذة باللغة اإلنجليزية على السياسة العربية والشرق أوسطية‬ ‫يكتبها ويحررها نخبة من أبرز الكتاب الغربيني‪.‬‬

‫> هيكلة جميع األقسام في املوقع لتسهيل عملية تصفحه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫> خدمات جديدة جعلت املوقع أكثر تفاعال مع زائريه‪.‬‬ ‫خدمة صوتية ومرئية لألخبار العاجلة وتقارير‬ ‫> ‪Live‬‬ ‫وحوارات بالصوت والصورة من قلب الحدث‪.‬‬ ‫> نقل آخر وأهم التغريدات العاملية املؤثرة‪ ،‬والتفاعل معها عبر املوقع‪.‬‬ ‫> أعمق التحقيقات والتقارير الحصرية‪ ،‬وأدق التحليالت وأبرز‬ ‫ً‬ ‫التعليقات وأكثرها واقعية وتميزا‪.‬‬

‫شؤون سياسية < قضايا < حتقيقات < تقارير < ثقافة < آراء ووجهات نظر < مقابالت < فنون < أحداث مصورة < بروفايل < سيلفي < صحة وطب بديل < مذكرات < فنون < رياضه < ذاكرة املكان‬


‫امل�خ��رج م��ن مثل ه��ذه األزم ��ة ه��و اج �ت��راح «ط��ري��ق ثالث»‬ ‫خارج عسكرة قضية اإلرهاب التي هي قضية آيديولوجية‬ ‫ثقافية بالدرجة األولى‪.‬‬

‫حروب اقتصادية‬

‫أخطاء املعالجة‬ ‫في املعركة مع اإلرهاب والتطرف ال يمكن تصور الكمال؛ هناك‬ ‫أخطاء وهناك نقص‪ ،‬وهناك كثير من العمل والتحديات التي‬ ‫استشرفها خادم الحرمني الشريفني مبكرا منذ بداية املعركة‪،‬‬ ‫ووصفها بأنها طويلة ومستمرة‪ ،‬وإذا كانت هناك إشكالية في‬ ‫توصيف بعض الحاالت‪ ،‬مثل القضايا املتعلقة باملغرر بهم‬ ‫وصغار السن الذين يريدون االنتقال ملناطق التوتر أو السفر‬ ‫للقتال‪ ،‬فإنه يجب التأكيد على وج��ود عناصر لم تستجب‬ ‫أبدا لبرامج املناصحة‪ ،‬كما أن مجموعات أخرى تورطت في‬ ‫الدم وقضايا جنائية وتم الحكم عليها‪ ،‬وهناك فئة أخرى لم‬ ‫تستجب لبرامج املناصحة‪ ،‬وأصرت على تبني أفكار «القاعدة»‬ ‫والدفاع عنها‪.‬‬ ‫وال �ح��ق ي �ق��ال‪ ،‬إن ال�ع��ال��م ب��أس��ره‪ ،‬وامل�ج�ت�م��ع ال��دول��ي‪ ،‬م��ا زال‬ ‫يعاني من إشكالية كبرى تتصل بمرض اإلرهاب الذي يشبه‬ ‫ال�س��رط��ان‪ ،‬م��ن حيث ف��رص التشخيص وال �ع�لاج والتعامل‬ ‫األم�ث��ل‪ ،‬ه�ن��اك كثير م��ن الحلقات امل�ف�ق��ودة ت�ب��دأ م��ن تعريف‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وحتى صياغة الئحة قانونية تفصيلية له‪ ،‬إضافة‬

‫‪20‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫احتجاج ألسر الضحايا بالقرب من برجي التجارة في ذكرى الهجمات اإلرهابية (غيتي)‬

‫إلى ترسيخ ما يشبه االتفاقية الدولية ملكافحته والتعامل معه‪،‬‬ ‫وربما ك��ان إسهام اململكة في ه��ذا املجال كبيرا ج��دا؛ نظرا‬ ‫للخبرة الطويلة التي اكتسبتها وزارة الداخلية في التعامل مع‬ ‫هذا املرض العضال‪.‬‬

‫ّ‬ ‫متحيزة‬ ‫رؤى‬ ‫ويقابل هذين نظرة غربية إلى اإلسالم من خالل أطروحات‬ ‫اس�ت�ش��راق�ي��ة ه��زي�ل��ة ك��ان��ت نتيجة رؤى م�ت�ح�ي��زة ض��د قيم‬ ‫اإلسالم وأصوله‪ ،‬لكنها ما زالت مهيمنة على النسق الغربي‬ ‫في تعامله مع تلك القيم واملبادئ‪ .‬إن هذه الحرب املتمثلة في‬ ‫استدعاء الثنائيات الحدية التي تحاول الزج بالعالم وعقالئه‬ ‫في ردود فعل تنتج خسائر مدمرة على املستويات السياسية‬ ‫االجتماعية دون أن تساهم ف��ي ال�خ��روج ب��األزم��ة م��ن النفق‬ ‫املظلم‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫الحماسة تجاه ذكرى الحادي‬ ‫عشر من سبتمبر تراجعت من‬ ‫اعتبارها أزمة العصر والحدث‬ ‫األكثر تراجيديا إلى اعتباره‬ ‫نقطة تحول الخطاب العنفي‬ ‫من املحلية واإلقليمية‬ ‫إلى العاملية‬

‫‪,,‬‬

‫في الجانب املالي تأثرت «القاعدة» كثيرا بالحرب االقتصادية‬ ‫عليها‪ ،‬حيث أصابت استراتيجيتها املالية تحوالت كثيرة‪ ،‬من‬ ‫أبرزها أنها انتقلت من طريقة الشبكات التمويلية إلى طلب‬ ‫التبرع برسائل عامة محفوفة بمخاطر أمنية؛ وهو ما يؤكد‬ ‫الفشل في إيجاد مصادر تمويل غير تقليدية كمشروعات‬ ‫مستقلة ضخمة ذات عوائد مستمرة‪ ،‬واالعتماد على التبرعات‬ ‫الفردية أو التحويالت الصغيرة نابع من اليقظة التي يعيشها‬ ‫العالم وتحول اإلره��اب إل��ى ظاهرة عاملية‪ ،‬حيث أصبح نقل‬ ‫األم� ��وال أك�ث��ر خ �ط��ورة وأش ��د ص�ع��وب��ة‪ ،‬وال سيما أن هناك‬ ‫قوائم متجددة بالكيانات واألف��راد التي تقدم مساعدة مالية‬ ‫للتنظيمات اإلرهابية‪ ،‬للتذكير فقط‪ :‬في السنة التي تلت أحداث‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر تم في الواليات املتحدة تجميد ما‬ ‫يزيد على ‪ 150‬مليون دوالر مرتبطة بأعمال مشبوهة ذات‬ ‫صلة باإلرهاب‪.‬‬ ‫م�ن��ذ ال�ل�ح�ظ��ات األول ��ى ل�ل�ح��دث‪ ،‬وح�ت��ى ق�ب��ل اإلع�ل�ان عن‬ ‫الحملة العسكرية ضد اإلرهاب الضباب‪،‬ي الذي لم يسعفه‬ ‫الحظ في أن يتفق على تعريفه وتحديد هويته‪ ،‬وصافرة‬ ‫البدء‪ ،‬أعلن عن حرب الثنائيات‪ ،‬فإما أن يكون العالم مع‬ ‫أم�ي��رك��ا ف��ي حملتها أو ي�ق��ف ف��ي ص��ف اإلره � ��اب‪ ،‬وف��ي‬ ‫الضفة األخرى ليس ثمة إال فسطاطان‪ ،‬إما أن تكون مع‬ ‫ثقافة العنف وتبرير قتل األبرياء‪ ،‬أو أنك وقعت في شرك‬ ‫العمالة والتبعية والنفاق‪ ،‬وعلى املستوى الفكري فالحدث‬ ‫ال يعدو أن يكون نتيجة حتمية ملقولة صدام الحضارات‬ ‫ونهاية التاريخ التي ال يسعك فيها إال أن تكون بني سندان‬ ‫فقدان الهوية واالنتماء‪ ،‬كما في التعبير الفكري النخبوي‪،‬‬ ‫ومطرقة االتصاف بهشاشة اإليمان بالنبوءات ونصوص‬ ‫الوعد املحتوم‪ ،‬كما في التعبير الديني الغيبي ال��ذي بدأ‬ ‫يوظف على نحو خطير‪ ،‬حيث يستمد من الظن والتخرص‬ ‫ومحض الدعوى جذوته وأواره‪.‬‬

‫اآلن‪ ،‬وبعد مرور كل هذه السنوات‪ ،‬نحن في حاجة إلى‬ ‫ح��وار مع ال��ذات أكثر من أي وق��ت مضى؛ فالخطابات‬ ‫املتطرفة املتعاطفة مع فكر «ال�ق��اع��دة» ال��ذي ب��ات فكرا‬ ‫م �ع��ومل��ا ي �ج��د م �ح��اض �ن��ه ف ��ي أزق � ��ة ال� �غ ��رب وش ��وارع ��ه‬ ‫وض��واح�ي��ه أك�ث��ر م��ن ال�ب�ل��دان اإلس�لام�ي��ة‪ ،‬م��ا زال��ت تلك‬ ‫ال�خ�ط��اب��ات ت �ح��اول اس �ت �غ�لال األح � ��داث ل�ل�ض�غ��ط على‬ ‫الواليات املتحدة باتجاه قضايا معينة في منطق خاسر‬ ‫يقول‪ :‬القتل والتخريب والتدمير مبرر ما دام هناك أزمات‬ ‫شرق أوسطية عالقة!‬ ‫ما يقوله اإلرهاب لنا هو إنه بال لون أو جنسية أو دين‪ ،‬وهذا‬ ‫ما ستؤكده األيام املقبلة بغض النظر عن الفاعل؛ ذلك أن كل‬ ‫عملية إرهابية تضرب بفوضاها عالم اليوم ترسخ االعتقاد‬ ‫أن التطرف والعنف حالة مستقرة تنتظر مسبباتها وليس‬ ‫مجرد احتقان أو موجة عابرة‪ ..‬تختلف املرجعيات وتتباين‬ ‫َ‬ ‫متشابهني‪ ،‬حيث‬ ‫الدوافع‪ ،‬لكن يظل املحرك والخطاب النظري‬ ‫التعصب ال دين له وال مذهب‪.‬‬ ‫تغيرت األوض ��اع كثيرا خ�لال عقد ونصف م��ن ال��زم��ان في‬ ‫عاملنا العربي واإلس�لام��ي‪ ،‬وه��و األم��ر ال��ذي يضع مسؤولية‬ ‫كبيرة أمام الواليات املتحدة في طريقة إدارتها للعالقات الدولية‬ ‫واستراتيجية الحوار مع هذه املتغيرات الجديدة‪ ،‬ليس فقط‬ ‫على شكل برغماتي يحاول التواصل مع الخطابات الغالبة أو‬ ‫املهيمنة بقدر حاجتها املاسة إلى إعادة كشف حساباتها في‬ ‫املنطقة على أساس تلك املتغيرات‪ ،‬وما أحدثته من مستجدات‬ ‫على مستوى الخطاب الثقافي واالجتماعي‪ ،‬وليس السياسي‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫والحال أنه بعد إح��دى عشرة مناسبة للحدث أيلول ‪،2001‬‬ ‫يمكن القول وداعا زمن ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬نحن اآلن في زمن العنف‬ ‫واإلره��اب الذي يطال البلدان اإلسالمية بدولها واستقرارها‬ ‫ورموزها ومقدساتها وثقافتها‪ ،‬ومن هنا استحال السؤال‬ ‫األم�ي��رك��ي عقب ‪ ١١‬سبتمبر «مل��اذا يكرهوننا؟» إل��ى س��ؤال‬ ‫األسئلة‪« :‬ملاذا يكرهون الحياة وأنفسهم!»<‬


‫التعذيب وإساءة املعاملة التي ال يمكن تبريرها بالتصرفات‬ ‫الفردية‪.‬‬ ‫بإزاء نقد هذه االنتهاكات الحقوقية ركزت املنظمة على معضلة‬ ‫حقوق اإلنسان في العالم العربي على مستوى العالقات الدولية‬ ‫والثقل الدولي‪ ،‬وكان من الالفت جدا آنذاك الحديث عن اآلثار‬ ‫الخطيرة الناجمة عن معالجة ملف اإلره��اب من زاوي��ة أمنية‬ ‫فقط‪ ،‬من دون إعطاء األولوية للجوانب الفكرية والثقافية؛ وهو‬ ‫األمر الذي ظل منذ رفع شعار الحرب على اإلرهاب مقتصرا‬ ‫على النخب الثقافية التي لم يتم اإلصغاء إلى صوتها كثيرا‪،‬‬ ‫بل وقعت بني فكي كماشة‪ .‬فهي من وجهة نظر اإلرهابيني‬ ‫واملتعاطفني معهم طابور خامس يكتفي بنقد معضلة التطرف‬ ‫واإلرهاب املسلح من ناحية الحجج الدينية لهذا الخطاب‪.‬‬ ‫هذا من جهة اإلرهابيني واملتعاطفني معهم‪ ،‬وهي من وجهة‬ ‫نظر الذهنية العسكرية في اإلدارة األميركية ال تنظر إلى قضية‬ ‫اإلرهاب بحجمها الحقيقي‪.‬‬

‫انحسار التعاطف‬ ‫لم ينته حضور «القاعدة» الشعبي فقط‪ ،‬بل انحسر في املقابل‬ ‫التعاطف العام مع ح��دث ال�ح��ادي عشر من سبتمبر كأزمة‬ ‫كبرى وحدث درامي أقرب للخيال؛ فالواقعية فرضت نفسها‬ ‫ف��ي النهاية بسبب تطرف خطاب «ال�ق��اع��دة» وس��وء معالجة‬ ‫اإلدارة األم�ي��رك�ي��ة مل�ل��ف ال �ح��رب ع�ل��ى اإلره � ��اب‪ ،‬ح�ي��ث كانت‬ ‫تقتات على كارثية ‪ 11‬سبتمبر بشكل يجعلها تتجاوز األطر‬ ‫الحقوقية والقانونية التي قامت عليها ديمقراطيتها‪.‬‬

‫صورة بن الدن على الشاشة خالل عرض موسيقي باملؤتمر الوطني الديمقراطي‬ ‫في شارلوت بوالية نورث كارولينا بذكرى سبتمبر عام ‪( 2012‬غيتي)‬

‫وهذا ما انعكس سلبا حتى على املؤيدين لها في حربها‬ ‫على اإلره��اب‪ ،‬وانتهاكها سيادة دول كثيرة كباكستان‬ ‫واليمن وأفغانستان والصومال؛ لضرب أهداف متوهمة‪،‬‬ ‫ه��و أح��د امل��ؤش��رات الخطيرة على ذل��ك التوظيف السلبي‬ ‫مللف مكافحة اإلره��اب‪ ،‬وه��و األم��ر ال��ذي قوبل بكثير من‬ ‫االستهجان الشعبي ال��ذي ب��دأ يتعملق وي��رى ع��دم وجود‬ ‫ف��روق��ات ك�ب�ي��رة ب�ين اإلره� ��اب وم ��ن ي �ح��ارب��ه! ه ��ذا إذا ما‬ ‫استثنينا في املقابل شرائح غير قليلة داخ��ل املجتمعات‬ ‫العربية واإلسالمية ال تنظر إلى املسألة برمتها بشكل جدي‬

‫في ظل جمود امللفات السياسية العالقة التي تزداد تعقيدا‬ ‫وتشابكا يوما بعد يوم‪.‬‬ ‫إن املستفيد األول واألخير من هذا التصعيد العسكري‬ ‫غير املتزن هو اإلرهاب املحارب‪ ،‬فهو يزداد قوة ومنعة في‬ ‫ظل اكتساب املزيد من األنصار الذين أصبح استقطابهم‬ ‫س�ه�لا م��ا دام ��ت امل��واج �ه��ة ب��ال�ن�س�ب��ة إل�ي�ه��م ت�ح��ول��ت إل��ى‬ ‫«فسطاطني» ال ثالث لهما‪ ،‬فاألخطاء في حرب كهذه يتم‬ ‫ترجمتها ع��ادة إل��ى مواقف حدية منفعلة تنتظر لحظة‬ ‫الغليان التي يغيب معها أي حديث عن املنطق والعقل‪.‬‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪19‬‬


‫أكثر من عقد ونصف من الزمان منذ حدث األحداث آنذاك الذي ّ‬ ‫تحول إلى مناسبة‬ ‫سنوية إلعادة التفكير بشأن هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الدامية‪ ،‬التي‬ ‫تضاءل االهتمام بها سنة تلو أخرى خارج السياق األميركي الخاص بسبب تحول‬ ‫اإلرهاب إلى حدث يومي وأسبوعي‪ ،‬حيث ال تخلو بقعة من األرض إال واستهدفها‬ ‫العنف الفوضوي‪.‬‬

‫«بن الدن قتل‪ ..‬و(جنرال موتورز) باقية»‬

‫ماذا تبقى من ‪ ١١‬سبتمبر؟‬ ‫جدة‪ :‬يوسف الديني‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا منذ تسنم الرئيس الذي‬ ‫السنوات األخيرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يستعد للرحيل باراك أوباما‪ ،‬شهدت تراجعا ً‬ ‫كبيرا‬ ‫في نفوذ الواليات املتحدة وإمبراطوريتها العظمى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وهوى معها أيضا نفوذ العدو اللدود تنظيم القاعدة بعد مقتل‬ ‫زعيمه‪ ،‬الذي يعده أوباما اإلنجاز السياسي واألمني األكبر في‬ ‫واليته‪ ،‬إال أن ذلك لم يكن يعني نهاية حقبة العنف واإلرهاب‬ ‫والعمليات االنتحارية‪ ،‬بل ظهرت تنظيمات جديدة تجاوزت‬ ‫عنف القاعدة ً‬ ‫نوعا ً‬ ‫وكما‪ ،‬وآخرها تنظيم داعش الذي يعيش‬ ‫فترة حرجة على مستوى قواعده األساسية في مناطق التوتر‪،‬‬ ‫بينما ينتعش ويجترح ربيعه الخاص عبر خالياه اليقظة في‬ ‫أوروبا‪ ،‬وذئابه املنفردة في كل مكان‪.‬‬

‫تبسيط مخل‬ ‫ومع تبسيط مسألة النجاح أو الفشل في الحرب على اإلرهاب‬ ‫على الطريقة األميركية‪ ،‬إال أن آثار الحرب التي لحقت أحداث‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر ما زالت تلقي بظاللها على العالم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا هذه البقعة املنكوبة منها الشرق األوسط‪ ،‬وكان حجر‬ ‫أساس الفوضى في املنطقة انهيار العراق ونظامه ومؤسساته‪،‬‬ ‫وتفكيك جيشه وب�ن��اه‪ ،‬إض��اف��ة إل��ى محاكمة النظام وإع��دام‬ ‫ً‬ ‫صدام حسني‪ ،‬ثم تمكني النفوذ اإليراني في العراق‪ ،‬وصوال‬ ‫ً‬ ‫مجددا‪ ،‬ليس عبر‬ ‫إلى االتفاق النووي وصعود املوجة اإليرانية‬ ‫تصدير الثورة فحسب‪ ،‬بل عبر زرع كيانات تقويضية داخل‬ ‫الدول على طريقة ما يسمى «حزب الله»‪ ،‬إضافة إلى التأثير في‬ ‫الجماعات اإلرهابية املسلحة‪ ،‬ودفعها باتجاه تهديد استقرار‬ ‫الدول‪ ،‬ومنها دول الخليج‪ .‬وفي كل مرة يتسنى تذكر الحادي‬ ‫عشر من سبتمبر يرافق ذلك نقد كبير للسلوك األميركي عقب‬ ‫الحادثة‪ ،‬الذي يمكن نعته باالندفاع األهوج في ملف الحرب على‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬يقابله ممانعة ورفض من قبل املؤسسات واملنظمات‬ ‫الحقوقية كمنظمة هيومن رايتس‪ ،‬التي رص��دت االنتهاكات‬ ‫األميركية‪ ،‬كما حرص املحللون والنقاد في إعادة قراءة مسألة‬ ‫الحرب على اإلرهاب من زوايا غير أمنية ومنح األولوية للقراءات‬ ‫الثقافية والفكرية‪.‬‬

‫تراجع القاعدة‬ ‫وب ��إزاء ت��راج��ع تنظيم ال�ق��اع��دة‪ ،‬ف��إن الحماسة تجاه ذك��رى‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر قد تراجعت من اعتبارها أزمة‬

‫‪18‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫العصر والحدث األكثر تراجيديا إلى اعتباره نقطة تحول‬ ‫الخطاب العنفي من املحلية واإلقليمية إلى العاملية‪ ،‬بفضل‬ ‫الفشل في التعامل مع ملف اإلرهاب‪ ،‬وتجاوز كل السياقات‬ ‫واالش�ت��راط��ات الحقوقية والقانونية وان�ت�ه��اك س�ي��ادة دول‬ ‫كثيرة كالعراق وأفغانستان وباكستان واليمن والصومال‬ ‫عبر ض��رب األه ��داف ال�ت��ي ال تصيب ف��ي ك��ل م��رة‪ ،‬وتلحق‬ ‫الضرر بمدنيني وأبرياء بسبب استخدام تقنية الطائرات بال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عكسيا‪،‬‬ ‫طيار‪ ،‬وقد أدت هذه الضربات العشوائية مفعوال‬ ‫ت�م�ث��ل ف��ي ت�ع��اط��ف ش�ع�ب��ي ك�ب�ي��ر م��ع اإلره��اب �ي�ي�ن‪ ،‬ك�م��ا أن‬ ‫مظلومية األب��ري��اء الذين قضوا في عمليات كهذه تحولت‬ ‫إلى خطاب دعائي مؤثر للتنظيمات اإلرهابية في استقطاب‬ ‫ال�ش�ب��اب وت�ج�ن�ي��ده��م‪ ،‬وب��ال�ت��ال��ي يمكن ال �ق��ول إن «املعالجة‬ ‫الخاطئة مللف الحرب على اإلرهاب ساهمت في منحه القوة‬ ‫واملناعة وإعادة ترتيب الصفوف»‪ ،‬وهو ما يفسره التصريح‬ ‫الذكي ّ‬ ‫واللماح لنائب الرئيس األميركي «جو بايدن» في أحد‬ ‫مؤتمرات الحزب الديمقراطي‪« :‬أسامة بن الدن مات‪ ،‬و(جنرال‬ ‫م��وت��ورز) م��وج��ودة»‪ ،‬وه��و م��ا يعني نهاية حقبة اإلره��اب‬ ‫وتماسك االقتصاد األميركي‪ ،‬ال��ذي تشكل شركة جنرال‬ ‫مؤشرا ً‬ ‫ً‬ ‫مهما على مستوى عافية االقتصاد‪.‬‬ ‫ب�ع��د م��رور ع�ق��د م��ن ال��زم��ان ع�ل��ى أح ��داث ال �ح��ادي ع�ش��ر من‬ ‫سبتمبر يمكن القول‪ :‬إن السنوات القليلة املاضية من عهد‬ ‫الرئيس أوب��ام��ا لم تكن لتأتي باألفضل على مستوى نفوذ‬ ‫وسطوة الواليات املتحدة في الخارج‪ ،‬حتى مع تراجع عمليات‬ ‫«ال�ق��اع��دة» وان�ه�ي��ار بنائها التنظيمي؛ ف��اآلث��ار املترتبة على‬ ‫مرحلة الحرب على اإلره��اب والتدخل األميركي في املنطقة‬ ‫ما زالت تلقي بظاللها‪ .‬يكفي أن نتذكر أن الواليات املتحدة قد‬ ‫منيت بأزمتني اقتصاديتني حادتني جدا‪ ،‬إضافة إلى أفول نظم‬ ‫عربية كانت تصنف بأنها حليفة ألميركا‪ ،‬وأخرى كانت تقف‬ ‫على الضفة األخ��رى‪ ،‬تلك األنظمة املوالية واملعادية لم تتغير‬ ‫معادالتها السياسية بتدخل مباشر من الواليات املتحدة‪ ،‬وهو‬ ‫ما يدل على تراجع نفوذها السياسي‪ ،‬واملرجح أن يتزايد هذا‬ ‫االنكماش في ال��دور األميركي في املنطقة في حال استقرار‬ ‫تلك الدول‪ ،‬واستطاعتها أن تعيد بناء نظامها السياسي وفقا‬ ‫لدوافع ومحركات داخلية‪.‬‬ ‫األكيد أن اإلدارة األميركية الجديدة لم تستطع الخروج بنجاح‬ ‫من اإلرث الفاشل لإلدارة األميركية السابقة سيئة الذكر‪ ،‬التي‬ ‫ارتكبت ك��وارث كثيرة‪ ،‬حيث فشلت في التعامل مع امللفات‬ ‫الحساسة التي تمس العاملني العربي واإلس�لام��ي‪ ،‬من خالل‬ ‫ارتجالها غير املدروس في مسألة الحرب على اإلرهاب‪ ،‬بدءا‬

‫املركز التذكاري الوطني في شانكسفيل‬ ‫بوالية بنسلفانيا الذي افتتح العام‬ ‫املاضي تكريما لضحايا ‪( 9 /11‬غيتي)‬

‫بملف أفغانستان‪ ،‬وم��رورا بالعراق فالصومال‪ ،‬وه��و األم��ر‬ ‫ال��ذي ّ‬ ‫جيش الشارعني العربي واإلس�لام��ي ض��د سياساتها‬ ‫الخارجية‪ ،‬وخلق خطابا مضادا عبر األدوات الخطابية املؤثرة‬ ‫نفسها‪ ،‬واالتكاء على مفعول الكلمات الساحرة‪.‬‬

‫أزمة ممارسات‬ ‫األزمة في املمارسة السياسية األميركية ذات جذر ثقافي بالدرجة‬ ‫األول ��ى‪ ،‬وليست نتيجة رد فعل ت�ج��اه ك��ارث��ة ال�ح��ادي عشر من‬ ‫سبتمبر‪ ،‬فقد خفت ص��وت وحماسة التعدد الثقافي ال��ذي بلغ‬ ‫ذروت��ه في ‪ 1994‬طبقا ملايكل توماسكي‪ ،‬املفكر الليبرالي الذي‬ ‫عزا أفول الحركة التقدمية إلى سياسات التعدد الثقافي؛ ما أدى‬ ‫إلى عجز الديمقراطيني عن مخاطبة األميركيني جميعا في ظل‬ ‫االنقسامات والتشظي ح��ول مفهوم الوطنية األميركية‪ ،‬ليجد‬ ‫السياسيون أنفسهم ف��ي نهاية امل�ط��اف م��دف��وع�ين إل��ى تسويق‬ ‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان بما يشبه االستنبات في أرض غير‬ ‫مهيأة ثقافيا لذلك‪.‬‬ ‫من املهم في سياق كشف الحساب ملرحلة الحادي عشر‬ ‫من سبتمبر‪ ،‬القول إن ثمة خطابات كانت تحاول التوازن‬ ‫بني االندفاع األميركي في ملف الحرب على اإلرهاب حيث‬ ‫وقفت منظمات حقوقية أميركية ودولية مواقف مشرفة‬ ‫في التحذير من خطورة التعامل مع اإلره��اب خ��ارج أطر‬ ‫الشرعية الدولية والحقوق العامة‪ ،‬هناك الكثير من البيانات‬ ‫ال�ت��ي ص ��درت م��ن «ه�ي��وم��ن راي �ت��س» ض��د س�ي��اس��ة ب��وش‬ ‫في حملته ضد اإلره��اب‪ ،‬التي اعتمدت على استراتيجية‬


‫ضابط االستخبارات األميركي املتقاعد ديفيد شيد لـ‬

‫‪:‬‬

‫بعد تقارب واشنطن مع طهران‪ ..‬تراجع النفوذ األميركي‬ ‫وتزايد نفوذ السعودية عامليًا‬ ‫نيويورك‪ :‬جوزيف براودي‬ ‫ي �ع ��د دي �ف �ي ��د ش �ي ��د واح � � � � ً�دا م� ��ن أك� �ث ��ر ض �ب��اط‬ ‫االستخبارات األميركية نفوذا في عصر ما بعد‬ ‫‪ 11‬س�ب�ت�م�ب��ر‪ .‬وخ�ل�ال ع�ه��د ال��رئ�ي��س األم�ي��رك��ي‬ ‫السابق‪ ،‬ج��ورج ب��وش‪ ،‬وعندما ك��ان يعمل بمجلس األمن‬ ‫القومي‪ ،‬ثم ً‬ ‫نائبا ملدير االستخبارات الوطنية للسياسات‬ ‫والخطط‪ ،‬أج��رى إص�لاح��ات استخباراتية جذرية ووضع‬ ‫«استراتيجية استخباراتية وطنية» جديدة‪ .‬وفي عهد إدارة‬ ‫أوباما‪ ،‬وفي أغسطس (آب) ‪ ،2010‬أصبح نائبا ملدير وكالة‬ ‫استخبارات الدفاع‪ ،‬ثم بعد ذلك بأربع سنوات أصبح املدير‬ ‫الفعلي لعدة أشهر قبل أن يتقاعد من مجال العمل العام‪.‬‬ ‫يقول ديفيد شيد‪ :‬ل��م تحقق ال��دول الغربية األع�ض��اء في‬ ‫دول «الخمسة زائد واحد» التي وقعت على االتفاق النووي‬ ‫اإليراني لبلدانها أي نوع من الحماية من اإلرهاب الذي ترعاه‬ ‫إيران‪ .‬والدليل واضح على أن التزام إيران بدعم االضطرابات‬ ‫في الشرق األوسط على وجه الخصوص لم يتزعزع‪ .‬كما أن‬ ‫القدس‪ ،‬والحرس الثوري‪ ،‬وقاسم سليماني أصبحوا‬ ‫فيلق‬ ‫ً‬ ‫أكثر نشاطا من أي وقت سابق‪ ،‬سواء كان ذلك من خالل‬ ‫حضورهم النشط في العراق أو في سوريا واليمن‪ .‬ونحن‬ ‫ال نرى أي تراجع على أي مستوى ناهيك عن التخلي عن‬ ‫االل�ت��زام باالستعانة بالجماعات األق��رب لكونها جماعات‬ ‫إرهابية أو اإلرهاب الفعلي كأداة للقوة الوطنية بعد عام من‬ ‫االتفاقية‪ .‬فال يوجد دليل من أي نوع‪ ،‬ناهيك عن الخطاب‬ ‫السياسي العدائي واملواجهة بني القوارب اإليرانية السريعة‬ ‫واملدمرات األميركية في مضيق هرمز خالل ال�ـ‪ 5 - 4‬أيام‬ ‫املاضية‪.‬‬ ‫وب �ش��أن ال �ت �ع��اون اإلي ��ران ��ي م��ع م��ا ي�ط�ل��ق ع�ل�ي��ه ج�م��اع��ات‬ ‫َّ‬ ‫«املتطرفني السنة» يقول شيد‪ :‬أعتقد أنه‪ ،‬إذا كان ذلك يتفق‬ ‫مع األهداف التي يرغبون في تحقيقها‪ ،‬فإنهم سوف يعززون‬ ‫عالقاتهم م��ع الجماعات اإلره��اب�ي��ة لكي يستفيدوا منها‪.‬‬ ‫وأعتقد أن إيران سوف تستخدم كل العوامل املتاحة لديها‬ ‫لدعم نظامها‪ ،‬وهو ما يمكن أن يتضمن دعم مجموعات‬ ‫م��ن العناصر اإلره��اب�ي��ة‪ .‬وبمعنى آخ��ر‪ ،‬فإنهم إذا وج��دوا‬ ‫عناصر ف��ي البحرين تستطيع تحفيز االض�ط��راب��ات بني‬ ‫األغلبية الشيعية‪ ،‬ول��م تكن ه��ذه العناصر س��وى عناصر‬ ‫مناهضة للنظام‪ ،‬فإنهم سوف يدعمونهم‪ .‬وفي لبنان‪ ،‬أعتقد‬ ‫أن تأثيرهم على االتجاه التكتيكي لـ«حزب الله» اللبناني‬ ‫ونصر الله يتراجع مع الوقت‪ ،‬أكثر مما يرغبون‪ .‬ولكن ذلك‬ ‫يعني أنهم س��وف يستمرون في دع��م جميع من يؤيدون‬ ‫قضيتهم لتحقيق مصالحهم الخاصة وأهدافهم الشيعية‪.‬‬ ‫ومن أجل تعزيز االضطرابات في قطاع غزة أو في الضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬ال أعتقد أنهم سوف يقصرون دعمهم على الشيعة‬

‫ديفيد شيد‬

‫فقط‪ ،‬إذا ما كان ذلك سيساعدهم على مواجهة أو مناهضة‬ ‫إسرائيل‪.‬‬ ‫و بشأن الوضع الراهن للعالقة األميركية‪-‬السعودية وآفاق‬ ‫املستقبل يقول شيد‪ :‬أصبحت اململكة العربية السعودية‬ ‫متشككة في مصداقية العالقة مع الواليات املتحدة فيما‬ ‫يتعلق باملنطقة بصفة عامة وفيما يتعلق بشكل التقارب‬ ‫مع إيران عبر الصفقة النووية بصفة خاصة‪ .‬وبمعنى آخر‪،‬‬ ‫فإنها أصبحت تنظر للعالم باعتباره لعبة ال رابح فيها‪ ،‬إلى‬ ‫درجة أنها تعتقد أنه حتى إذا زعمت الواليات املتحدة واإلدارة‬ ‫األميركية أنهما لن تدعما إيران‪ ،‬وأنهما سوف تعمالن فقط‬ ‫على تحقيق األهداف املشتركة فيما يتعلق بامللف النووي مع‬ ‫ً‬ ‫إيران‪ ،‬فإن ذلك يعني أيضا أن اإلدارة األميركية أصبحت أقل‬ ‫مصداقية كحليف حالي ومستقبلي في املنطقة‪ .‬وأنت ترى‬ ‫ً‬ ‫متجليا في أماكن مثل ليبيا التي التزمت فيها السعودية‬ ‫ذلك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بأن تتخذ مسارا مختلفا على نحو ما‪ .‬ولكن اململكة العربية‬ ‫السعودية ليست وحدها في ذل��ك‪ .‬وم��ن جهة أخ��رى‪ ،‬فإن‬ ‫اإلم��ارات‪ ،‬وقطر‪ ،‬وتركيا‪ ،‬ومصر ليسوا في قلب الجهود‬ ‫املركزية فيما يتعلق بليبيا حاليا‪ .‬وأعتقد أن ذلك يعد مظهرا‬ ‫واضحا لضعف النفوذ األميركي وتزايد نفوذ اململكة‪ ،‬وهو‬ ‫ما يقودنا للجانب اآلخر من القضية‪ ،‬هل تستطيع اململكة‬ ‫أن تثق في الواليات املتحدة؟! فعلى الرغم من تقلص قدرة‬ ‫ال��والي��ات املتحدة على التأثير ف��ي ق��رارات اململكة العربية‬ ‫السعودية‪ ،‬فإنها تدعمها‪ ،‬بالطبع‪ ،‬فيما يمكن أن نطلق عليه‬ ‫املصالح املشتركة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬أعتقد أن الوضع الحالي للعالقة‬ ‫بني الواليات املتحدة واململكة العربية السعودية هو موضع‬ ‫تساؤل وال توجد نهاية واضحة في األفق‪ .‬خصوصا إذا‬ ‫استأنفت اإلدارة األميركية ال�ج��دي��دة السياسات القديمة‬ ‫ذاتها‪ ،‬ليس فقط في التعامل مع اململكة العربية السعودية‬ ‫ولكن مع دول مجلس التعاون الخليجي برمتها‪.‬‬

‫وع��ن توقعه استمرار السياسات األميركية الحالية تجاه‬ ‫إيران ودول مجلس التعاون الخليجي خالل اإلدارة املقبلة‬ ‫قال شيد‪:‬‬ ‫إن ذلك مجرد تقييم من جانبي‪ ،‬ولكنني أعتقد أن كلينتون‬ ‫س��وف ت�ح��اف��ظ إل��ى ح��د ب�ع�ي��د ع�ل��ى رؤي ��ة اإلدارة الحالية‬ ‫للمنطقة فيما يتعلق بامللف النووي اإليراني‪ ،‬أي أنها لن تعيد‬ ‫فتحه أو إلغاءه‪ .‬ومن ثم فإنها سوف تجعل الواليات املتحدة‬ ‫تسير إلى حد كبير في املسار ذاته الذي كانت تسير عليه‪،‬‬ ‫ليس فقط في عيون اململكة العربية السعودية ولكن بالنسبة‬ ‫لكثير من الدول العربية األخرى‪ ،‬في ظل تقاربها مع إيران‪.‬‬ ‫ولكن في حالة ف��وز ت��رام��ب‪ ،‬سيمثل ذل��ك معضلة‪ .‬ليست‬ ‫لدي أدن��ى فكرة عما يمكن أن يفعله‪ .‬فهو يتحدث بشكل‬ ‫قوي للغاية بشأن العالقة بني الواليات املتحدة وإسرائيل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫منفتحا بخصوص ما يمكن أن يفعله‪،‬‬ ‫ولكن ذلك يجعلني‬ ‫فهل سيفسد االتفاقية النووية‪ ،‬وكيف ستكون العالقة مع‬ ‫اململكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي؟‬ ‫أعتقد أن التحدي ال��ذي يواجه الواليات املتحدة‪ ،‬هو إعادة‬ ‫موازنة العالقة مع الدول العربية فيما تعترف بأن لها واقع‬ ‫يجب عليها التعامل معه فيما يتعلق بإيران‪ .‬وهو ما يعني إن‬ ‫ً‬ ‫كنت مشاركا في اإلدارة الجديدة‪ ،‬أنك يجب أن تقر في البداية‬ ‫بأن النفوذ الحقيقي الذي كنت تمتلكه في مواجهة إيران هو‬ ‫العقوبات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العودة إلى نظام العقوبات في تلك‬ ‫ً‬ ‫املرحلة من املستبعد أن يكون فعاال‪ ،‬ألنك في هذه الحالة‬ ‫ستحاول إعادة الجني إلى الزجاجة أو معجون األسنان إلى‬ ‫أنبوبته‪ ،‬وهو ما ال يستطيع حلفاؤنا األوروبيون أو مجموعة‬ ‫«الخمسة زائد واحد» قبوله‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن مقدار النفوذ الذي‬ ‫تمتلكه فيما يتعلق بإيران يتمحور إلى حد كبير حول إعادة‬ ‫مناقشة االتفاقية‪ .‬وبالتالي يصبح السؤال هو هل هناك ما‬ ‫يمكن وما يجب عمله فيما يتعلق باإلرهاب واملرتبط إلى‬ ‫حد كبير بتلك القضية؟ كيف تتعامل إيران مع الـ‪ 100‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬وما نسبة ما يذهب منها إلى فيلق القدس؟!‬ ‫ببساطة ال أعرف‪ ،‬ولكنني أعتقد أن اململكة العربية السعودية‬ ‫تعد من أبرز أصدقائنا وحلفائهم في دول مجلس التعاون‬ ‫الخليجي‪ .‬سوف يبحثون عن «اإلشارات التي لدينا بشأن‬ ‫إعادة موازنة الواليات املتحدة لألمور باتجاههم»‪ .‬وقد تكون‬ ‫هناك أشياء أخرى يمكنها أن تعزز إعادة التوازن من خالل‬ ‫مبيعات السالح واالتفاقيات العسكرية وتدريبهم‪ .‬يجب أن‬ ‫أفحص ذلك بالتفصيل‪ ،‬ولكن يمكن أن تكون هناك أشياء‬ ‫يمكنها أن تظهر االلتزام الحقيقي تجاههم‪ .‬وهي أشياء قد‬ ‫تراها إيران بأنها لعبة ال رابح فيها من جانبها‪.‬‬ ‫وع��ن ت�ط��ور التحالفات ب�ين ال�ب�ل��دان ف��ي املنطقة ف��ي ضوء‬ ‫التغير في السياسات األميركية قال شيد‪ :‬أعتقد أن األطراف‬ ‫اإلقليمية عززت شراكتها مع بعضها <‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪17‬‬


‫> روبرت جوزيف‪ :‬إيران حصلت على «امتيازات نقدية» من توقيع االتفاق النووي‬ ‫تستطيع أن تستخدمها في تمويل اإلرهاب‬

‫لي هاملتون يسارا ويمني الصورة توم كيم‬

‫روبرت جوزيف‬

‫ُّ‬ ‫والتنبه يتم‬ ‫وفي الوقت الراهن‪ ،‬هناك قدر كبير من االهتمام‬ ‫إيالؤه لـ«التحالف اإلسالمي ملواجهة اإلرهاب» الذي يقوده ولي‬ ‫ولي العهد األمير محمد بن سلمان‪ُ .‬وينظر ملقاربته متعددة‬ ‫األطراف‪ ،‬التي تجمع العشرات من الدول اإلسالمية في جبهة‬ ‫م��وح��دة ض��د ال��ك��ارث��ة ال��ع��اب��رة ل��ل��ق��وم��ي��ات‪ ،‬ب��اع��ت��ب��اره��ا إط���ارا‬ ‫محتمال للتنسيق بني العواصم العربية واإلسالمية الرئيسية‬ ‫ً‬ ‫موضوعا‬ ‫والحلفاء الغربيني‪ .‬وكان تقدم التحالف اإلسالمي‬ ‫لالهتمام املكثف في يوليو بـ«قاعدة أندروز الجوية»‪ ،‬عندما‬ ‫انضم األمير محمد بن سلمان ل��وزراء دفاع ‪ 30‬دولة أخرى‬ ‫في اللقاء السنوي الثاني لـ«التحالف الدولي ضد (داعش)»‪.‬‬

‫التهديد اإليراني يمتد‬ ‫تتزامن ال��ذك��رى الخامسة عشرة لهجمات ال��ح��ادي عشر‬ ‫م��ن سبتمبر م��ع م��رور ع��ام على توقيع االتفاقية النووية‬ ‫اإليرانية التي احتفى بها مؤيدو اتخاذ خطوات درامية نحو‬ ‫ً‬ ‫شرق أوسط أفضل وأكثر أمنا‪ .‬ولألسف‪ ،‬أعرب كثير من‬ ‫املسؤولني األميركيني الحاليني والسابقني عن مخاوفهم‬ ‫بشأن كون االتفاقية أتت بنتائج عكسية‪ .‬ففي هذا التقرير‬ ‫ال��خ��اص‪ ،‬تحدثت «املجلة» مع روب��رت ج��وزي��ف‪ ،‬ال��ذي عمل‬ ‫ً‬ ‫م��ب��ع��وث��ا ل��ل��والي��ات امل��ت��ح��دة ب��درج��ة س��ف��ي��ر مل��ن��ع االن��ت��ش��ار‬ ‫ً‬ ‫النووي‪ .‬وقبل أن يصل إلى هذا املنصب‪ ،‬كان يعمل وكيال‬ ‫ل����وزارة الخارجية ل�لأم��ن ال��دول��ي وال��ح��د م��ن التسلح‪ ،‬وهو‬ ‫املنصب ال��ذي ك��ان يحتله حتى ‪ 24‬يناير (ك��ان��ون الثاني)‬ ‫‪ .2007‬وفي حوار سابق مع «املجلة» حذر جوزيف من أن‬ ‫إيران حصلت على «عالوات نقدية» من توقيع االتفاق النووي‬ ‫تستطيع أن تستخدمها في تمويل اإلره��اب‪ .‬وفي حوارنا‬ ‫الثاني معه‪ ،‬ركز جوزيف على كيف تطور خطر اإلره��اب‬ ‫اإليراني‪ .‬لقد بدأنا بسؤال جوزيف عما إذا كان يشعر بأن‬ ‫دول «خمسة زائ��د واح���د» التي وقعت االتفاقية النووية مع‬ ‫ً‬ ‫إيران أصبحت أكثر أمنا من التعرض لهجمات إرهابية برعاية‬

‫‪16‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫القاضي‪ ،‬جورج دانيالز‬

‫إيران على أراضيها‪ .‬فقال‪« :‬لقد كان هناك تغير أساسي في‬ ‫سياسات إي��ران بصفة عامة‪ ،‬ولكن دعمها لإلرهاب عميق‬ ‫ومكثف كما كان عليه ً‬ ‫دائما‪ .‬فقد أوضح آية الله منذ توقيع‬ ‫االتفاقية أن تلك االتفاقية لن تغير السياسات اإليرانية ودعمها‬ ‫للمنظمات اإلرهابية التي كانت تدعمها في املاضي‪ .‬ولم َأر أي‬ ‫دليل يشير إلى تراجع املخططات اإلرهابية ضد الغرب خاصة‪،‬‬ ‫عبر املنظمات اإلره��اب��ي��ة التي تمولها إي���ران‪ .‬وأص��ب��ح لديهم‬ ‫قدرة أكبر على الوصول إلى املزيد من املوارد ً‬ ‫نظرا لالتفاقية‬ ‫النووية‪ .‬فقد حصلت إيران على عشرات املليارات من الدوالرات‬ ‫ً‬ ‫التي تستطيع أن توزعها على حلفائها س��واء كانوا دوال أم‬ ‫ال‪ .‬انظر إلى موقف إيران من الواليات املتحدة‪ .‬هل تغير؟ ال‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فأخيرا‪ ،‬كانت وحدات‬ ‫بل إنني أعتقد أنه أصبح أكثر عنفا‪.‬‬ ‫البحرية التابعة للحرس الثوري تتحرش بالسفن األميركية‪.‬‬ ‫وما زلنا بالنسبة لهم «الشيطان األعظم»‪ ،‬ومن ثم فال أعرف‬ ‫ملاذا يمكن ألحد أن يعتقد أنه سيحدث أي تغيير هناك‪ .‬أعتقد‬

‫آشتون كارتر‬

‫العكس هو ما سيحدث»‪.‬‬ ‫وأك��د ج��وزي��ف إيمانه ب��أن إي���ران ليس لديها أي ت��ردد حيال‬ ‫تمويل تنظيمات مثل القاعدة‪« :‬أعتقد أن هناك عناصر واضحة‬ ‫ فيلق القدس‪ ،‬وغيرها من العناصر داخل املؤسسة اإليرانية‬‫ والنخبة الحاكمة ‪ -‬التي أظهرت استعدادها لتمويل وتقديم‬‫املساعدات التقنية للجماعات اإلرهابية السنية»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وسألنا جوزيف عما إذا كان يرى ً‬ ‫خطرا محتمال فيما يتعلق‬ ‫بمنح إي��ران امل��واد النووية للتنظيمات اإلرهابية‪ .‬فأجاب بأنه‬ ‫رغ��م ع��دم وج���ود دل��ي��ل على أن ال��ن��ظ��ام فعل ذل��ك حتى اآلن‪،‬‬ ‫فالسؤال هو «هل لديهم القدرة على تقديم امل��واد أو القنابل‬ ‫النووية لهذا النوع من املنظمات؟ بالطبع‪ .‬ولكن هل سيفعلون‬ ‫ذل���ك؟ ال أع���رف‪ .‬وع��ل��ى ال��رغ��م م��ن أن��ن��ي ل��م أج��د دل��ي�لا يشير‬ ‫إلى أنهم قد فعلوا ذلك بالفعل‪ ،‬أتخيل أن تكون هناك بعض‬ ‫العناصر داخ��ل املؤسسة اإليرانية التي يمكن أن ترغب في‬ ‫عمل ذلك»<‬


‫> شهود عيان يؤكدون تورط الحكومة اإليرانية وحزب الله في تدريب وتمويل ودعم‬ ‫تنظيم القاعدة لشن هجمات سبتمبر وتفجير سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا وعملية‬ ‫التفجير االنتحاري للمدمرة األميركية «يو إس إس كول» وتفجير أبراج «الخبر» في الرياض‬ ‫ً‬ ‫وراعيا لإلرهاب في خمس‬ ‫لزعزعة استقرار املنطقة العربية‬ ‫ً‬ ‫ق��ارات‪ .‬ويؤكد أيضا تصريح كيان ‪ -‬هاميلتون ‪ -‬ورسالته‬ ‫املركبة ‪ -‬أن «اململكة العربية السعودية كانت حليفا للواليات‬ ‫املتحدة في مكافحة اإلره��اب‪ ،‬حيث قتل كثير من املوظفني‬ ‫السعوديني في معاركهم مع عمالء تنظيم القاعدة»‪.‬‬

‫املساهمات السعودية في الحرب العاملية‬ ‫ضد اإلرهاب‬

‫السعوديني كأفراد‪ ،‬قدموا الدعم لهجمات الحادي عشر من‬ ‫سبتمبر‪ ..‬وق��د فحصت لجنة ال�ح��ادي عشر م��ن سبتمبر‬ ‫بعمق تلك املزاعم املتعلقة بتورط الحكومة السعودية وتوصلت‬ ‫إلى أنه ال يوجد دليل على أن الحكومة السعودية كمؤسسة‬ ‫أو أن ًأي��ا م��ن كبار املسؤولني السعوديني ك��أف��راد ق��د قدموا‬ ‫الدعم لهجمات الحادي عشر من سبتمبر»‪ .‬وأضاف رئيس‬ ‫االستخبارات أنه «من املفيد» أن يتم «إط�لاق س��راح» تقرير‬ ‫الـ«‪ 28‬صفحة»‪.‬‬ ‫وبعد عدة أسابيع من حوار برينان‪ ،‬وتحديدا في ‪ 15‬يوليو‬ ‫(تموز)‪ ،‬أص��در كل من الحاكم السابق لوالية نيوجيرسي‪،‬‬ ‫توم كيان‪ ،‬والنيابي السابق‪ ،‬لي هاميلتون‪ ،‬ال��ذي كان يعمل‬ ‫رئ�ي� ً�س��ا ون��ائ� ً�ب��ا ل��رئ�ي��س ل�ج�ن��ة ال �ح��ادي ع�ش��ر م��ن سبتمبر‬ ‫تصريحات فيما يتعلق بالـ«‪ 28‬صفحة»‪ .‬في البداية‪ ،‬وضعت‬ ‫تصريحاتهما الوثيقة في سياقها‪ ،‬مشيرين إلى إساءة فهم‬

‫محتواها‪« :‬اعتمدت ك��ل م��ن وثيقة ال �ـ(‪ 28‬صفحة) م��ن عام‬ ‫‪ ،2002‬وخطة العمل في يونيو ‪ 2003‬تماما على مواد خام‬ ‫لم يتم تنقيحها أت��ت إل��ى مكتب التحقيقات الفيدرالي‪ .‬وقد‬ ‫تم تدوين تلك امل��واد في ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي‬ ‫باعتبارها وثائق أساسية بحاجة إل��ى تحقيقات إضافية‪.‬‬ ‫وبحلول يونيو ‪ ،2003‬لم تكن أي من تلك الوثائق قد خضعت‬ ‫للتحقيق‪ .‬ومن ثم فإن تلك الوثائق هي أقرب إلى املالحظات‬ ‫األولية لقوات إنفاذ القانون»‪.‬‬ ‫وأخذا في االعتبار مجمل تصريح هاميلتون ‪ -‬كيان‪ ،‬أصبح‬ ‫من املمكن اإلقرار بأن اململكة السعودية كانت تعتبر نفسها‬ ‫من املقاتلني األش��داء في مواجهة التنظيمات اإلرهابية على‬ ‫ً‬ ‫ال�س��اح��ة ال�ع��امل�ي��ة‪ .‬وي�ج��ب أي��ض��ا اإلق ��رار ب��ذل��ك على الصعيد‬ ‫الدولي‪ .‬كما أصبح من املمكن إظهار أن بعض خصوم اململكة‬ ‫ً‬ ‫(خصوصا إي��ران) ما زال��وا يمثلون قوة‬ ‫العربية السعودية‬

‫في وقت من التخبط الدولي بشأن الحرائق واملآسي في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬وشمال إفريقيا‪ ،‬حشدت اململكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫تحت قيادة خ��ادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبد‬ ‫العزيز‪ ،‬مواردها‪ :‬ففي ظل تزايد الحضور اإليراني ودخول‬ ‫البيت األبيض في حالة نكران للواقع‪ ،‬تقود اململكة صراعا‬ ‫عربيا ض��د التنظيمات املتطرفة التابعة إلي ��ران ف��ي اليمن‪،‬‬ ‫والعراق‪ ،‬وسوريا‪ ،‬ولبنان‪ ،‬باإلضافة إلى تنظيم داعش‪ .‬كما‬ ‫تعمل على حماية االستقرار في مصر والدول غير البترولية‪،‬‬ ‫فيما تدعم دفاعات جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي‪.‬‬ ‫وتقود اململكة تلك امل�ن��اورات املكلفة في ظل انخفاض سعر‬ ‫البترول إلى مستوى تاريخي‪ ،‬وبينما تتحمل االنتقادات من‬ ‫قطاع بالطبقة السياسية في واشنطن‪.‬‬ ‫وع �ل��ى ال��رغ��م م��ن ت��زاي��د وت �ي��رة ج �ه��ود امل�م�ل�ك��ة ال�ع��رب�ي��ة‬ ‫ال�س�ع��ودي��ة ف��ي م�ك��اف�ح��ة اإلره� ��اب م�ن��ذ ت�ف��اق��م الهجمات‬ ‫اإلره��اب �ي��ة ف��ي أع �ق��اب اض �ط��راب��ات ‪ ،2012 - 2011‬ف��إن‬ ‫التزامها بمجابهة جماعات مثل «القاعدة» ليس باألمر‬ ‫الجديد‪ .‬ففي حرب اململكة العربية السعودية ضد تنظيم‬ ‫القاعدة خ�لال الفترة من ‪ 2003‬إل��ى ‪ ،2006‬ك��ان رئيس‬ ‫االستخبارات األميركية ف��ي ذل��ك ال��وق��ت‪ ،‬ج��ورج تينيت‪،‬‬ ‫دائما ما يطلب املساعدة من وزير الداخلية في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫األمير محمد بن نايف‪.‬‬ ‫وي�ت��ذك��ر امل�س��ؤول ال�س��اب��ق ب��االس�ت�خ�ب��ارات األم�ي��رك�ي��ة‪ ،‬ال��ذي‬ ‫ً‬ ‫يعمل حاليا بمعهد بروكنغز‪ ،‬بروس ريدل‪ ،‬تلك الفترة قائال‪:‬‬ ‫«أصدرت وزارة الداخلية قوائم بأبرز إرهابيي تنظيم القاعدة‬ ‫املطلوبني‪ ،‬ثم بدأت مالحقتهم‪ .‬وعندما كان يتم إلقاء القبض‬ ‫على األسماء املوجودة في القائمة في الكمائن أو املعارك‪ ،‬كانت‬ ‫ال��وزارة ّ‬ ‫تحدث القائمة بأسماء املجموعة التالية من مقاتلي‬ ‫(القاعدة) املطلوبني‪ ..‬وعلى الرغم من أن استراتيجية األمير‬ ‫بن نايف كانت ّفعالة‪ ،‬فإنه ك��ان حريصا على ع��دم الدخول‬ ‫ً‬ ‫أضرارا جانبية‪ .‬فقد‬ ‫في عمليات مزعجة يمكنها أن تتضمن‬ ‫كانت املطاردات التي يقوم بها محددة ومنتقاة‪ ،‬وكان يتجنب‬ ‫إص��اب��ة امل��دن�ي�ين وال�ع�ن��ف‪ ،‬وه��و ال��ذي م� ّ�ي��ز عمليات مكافحة‬ ‫اإلرهاب في الجزائر في التسعينات وفي العراق حاليا‪ .‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫ثم‪ ،‬تمكنت قيادات وزارة الداخلية من مطاردة اإلرهابيني دون‬ ‫ّ‬ ‫إث��ارة انتقادات ‪ ،‬فقد كان األمير يقدر الحاجة إلى التناسب‬ ‫والحذر في محاربة اإلرهاب تحت األرض»‪.‬‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪15‬‬


‫> سياسيون‪ :‬تقود السعودية صراعًا عربيًا ضد التنظيمات املتطرفة التابعة إليران‬ ‫في اليمن والعراق وسوريا ولبنان باإلضافة إلى تنظيم داعش‪ ..‬كما تعمل على حماية‬ ‫االستقرار في مصر والدول غير البترولية‬ ‫تصريحات املسؤولني الحاليني والسابقني باإلدارة األميركية‬ ‫والنواب املنتخبني فيما يتعلق بالعالقات السعودية ‪ -‬األميركية‪،‬‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬وفي إطار هجمات الحادي عشر من سبتمبر‬ ‫بصفة خاصة‪ ،‬بما في ذلك كثير من التصريحات التي حصلت‬ ‫عليها «املجلة» حصريا‪ .‬كما يراجع التقرير سجل اإلسهامات‬ ‫السعودية في الصراع ضد اإلره��اب‪ ،‬التي يقر بها كثير من‬ ‫صناع السياسة األميركيني‪ .‬ثم ينقل املخاوف التي أعرب عنها‬ ‫البعض بشأن تنامي الدعم اإليراني لإلرهاب‪ ،‬وهو ما يجعل‬ ‫هناك ضرورة الستعادة جبهة موحدة بني الواليات املتحدة‬ ‫واململكة العربية ال�س�ع��ودي��ة وجميع حلفائهم ف��ي مواجهة‬ ‫العدوان اإليراني‪.‬‬

‫تنظيم القاعدة‪ ..‬هجمات الحادي عشر‬ ‫من سبتمبر‪ ..‬الدعم اإليراني املادي‬ ‫لم يتم تداول قصة الحكم القضائي املستعجل ضد حكومة‬ ‫دعما ً‬ ‫إيران‪ ،‬نظرا لتقديمها ً‬ ‫ماديا لتنظيم القاعدة قبل هجمات‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر‪ ،‬على نحو واسع في وسائل اإلعالم‬ ‫األم�ي��رك�ي��ة‪ .‬ففي قضية رفعها ضحايا ال �ح��ادي عشر من‬ ‫سبتمبر وشركات التأمني ضد إي��ران‪ ،‬أي��د القاضي‪ ،‬جورج‬ ‫دان�ي��ال��ز‪ ،‬م��ن املنطقة الجنوبية ب�ن�ي��وي��ورك ش �ه��ادات شهود‬ ‫العيان بأن الحكومة اإليرانية وحزب الله كانا يقدمان التدريب‬ ‫والتمويل وال��دع��م اللوجيستي لتنظيم القاعدة‪ ،‬مما مكنهم‬ ‫م��ن ش��ن الهجمات على م��رك��ز ال�ت�ج��ارة العاملي والبنتاغون‬ ‫وواشنطن العاصمة (شانكفيل ببنسلفانيا) ‪ -‬باإلضافة إلى‬ ‫هجمات أخرى‪ ،‬بما في ذلك تفجير السفارات األميركية في‬ ‫كينيا وتنزانيا في ‪ ،1998‬وعملية التفجير االنتحاري للمدمرة‬ ‫األميركية «يو إس إس كول» على مقربة من اليمن في ‪2000‬‬ ‫وتفجير أبراج «الخبر» في الرياض‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى النتائج النهائية التي توصل إليها ضد نظام‬ ‫طهران وتنظيم حزب الله التابع له‪ ،‬توصل القاضي دانيالز‬ ‫ً‬ ‫أيضا إل��ى أن املرشد األعلى آي��ة الله خامنئي نفسه‪ ،‬ضمن‬ ‫ع��دد آخ��ر من كبار املسؤولني اإليرانيني واملسؤولني بحزب‬ ‫الله يتحمل مسؤولية مباشرة عن عملية الحادي عشر من‬ ‫سبتمبر‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من وجود بعض األسئلة املشروعة حول بعض‬ ‫ت�ل��ك االت �ه��ام��ات‪ ،‬ال ي��وج��د س��وى ع��دد م �ح��دود م��ن ال�خ�ب��راء‬ ‫بالوسط السياسي بواشنطن حاليا ينفي أن إي��ران قدمت‪،‬‬ ‫على األقل‪ ،‬درجة معقولة من الدعم املادي للتنظيم‪.‬‬ ‫وتوجد كثير من األمثلة التي تؤكد التعاون القوي بني إيران‬ ‫وتنظيم القاعدة‪ ،‬التي يرجع تاريخها إلى ‪ 1993‬عندما كان‬ ‫أسامة بن الدن يقيم في الخرطوم‪.‬‬ ‫ففي السنوات التالية لهجمات ال�ح��ادي عشر من سبتمبر‪،‬‬ ‫ظهر دل�ي��ل م�ط��ول وثقته صفحات «امل�ج�ل��ة» يثبت أن إي��ران‬ ‫استمرت في مساعدة تنظيم القاعدة في صراعه ضد الواليات‬

‫‪14‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫�رارا وت�ك� ً‬ ‫املتحدة وحلفائها م� ً‬ ‫�رارا‪ .‬فقد كانت إي��ران تساعد‬ ‫تنظيم القاعدة في العراق في حملته ضد القوات األميركية‬ ‫والعراقية وغيرها من قوات التحالف في أعقاب خلع صدام‬ ‫حسني في ‪ .2003‬فقد رأت إيران أن املتطرفني األجانب لديهم‬ ‫ممر حر للحركة عبر سوريا يمكنهم من دخول العراق‪ ،‬ومن‬ ‫ثم فبإمكانهم االنضمام للصراع‪ .‬كما ساعدت إي��ران أفراد‬ ‫تنظيم القاعدة على الفرار من أفغانستان بعد الغزو الذي قادته‬ ‫ال��والي��ات املتحدة على البالد‪ .‬كما اتضح أنها كانت تساعد‬ ‫تنظيم القاعدة وحركة طالبان في مساعيهم املستمرة للقضاء‬ ‫على القوات األميركية في البالد‪.‬‬ ‫وأخ�ي��را‪ ،‬في بداية شهر يونيو (ح��زي��ران) ‪ ،2016‬أك��د موقع‬ ‫كان‬ ‫إيراني محافظ أن زعيم طالبان السابق‪ ،‬أختر منصور‪ً ،‬‬ ‫يقيم في إيران ملدة شهرين‪ ،‬وأنه وقع خالل تلك الفترة اتفاقا‬ ‫لتأمني امل�س��اع��دات م��ن امل�س��ؤول�ين اإلي��ران�ي�ين بعد مباحثات‬ ‫مكثفة‪ ،‬رغم إنكار وزارة الخارجية اإليرانية املتكرر ملجرد‬ ‫وجوده بالبالد‪.‬‬ ‫وك�م��ا ق��ال أس��ام��ة ب��ن الدن نفسه ف��ي م��راس�لات خ��اص��ة تم‬ ‫االستيالء عليها من مسكنه بأبوت بباكستان‪ ،‬فإن إيران «هي‬ ‫الشريان الرئيسي للتمويل واألفراد واالتصاالت»‪ .‬كما أوصى‬ ‫أتباعه بوضوح ب��أن «يحجموا عن شن هجمات على إي��ران‬ ‫ّ‬ ‫ويكرسوا إمكاناتهم الكاملة‪ ..‬لقتال الصليبيني واملرتدين»‪.‬‬ ‫وف��ي ت�ق��ري��ر غ�ي��ر س ��ري‪ ،‬ق��دم��ت مكتبة ال�ك��ون�غ��رس عرضا‬ ‫مفصال للمساعدات التي قدمتها وزارة االستخبارات اإليرانية‬ ‫للجماعات املتطرفة في العراق‪ .‬ويشير التقرير إلى «التعاون»‬ ‫امل�ك�ث��ف ب�ين إي ��ران وتنظيم ال�ق��اع��دة ن�ظ��را ل�ـ«اش�ت��راك�ه��م في‬ ‫معارضة الهيمنة األميركية في املنطقة»‪.‬‬ ‫وقد شاركت وزارة االستخبارات اإليرانية والحرس الثوري‬ ‫في الهجمات اإلرهابية من األرجنتني إلى لبنان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كما رص��دت «امل�ج�ل��ة» أي��ض��ا وج��ود أدل��ة إض��اف�ي��ة مهمة في‬ ‫انتظار اإلدارة األميركية املقبلة‪ ،‬حيث لم يتم إط�لاق سراح‬ ‫الغالبية العظمى م��ن وث��ائ��ق ب��ن الدن التي تبلغ نحو مليون‬ ‫وثيقة‪ ،‬تتضمن ملفات وبيانات ومقاطع فيديو‪ ،‬لتكون متاحة‬ ‫أمام اإلعالم أو حتى الباحثني بوكالة استخبارات الدفاع‪ ،‬الذين‬ ‫كانوا يرغبون في اختبار فهمهم لطبيعة تنظيم القاعدة‪ .‬وكما‬ ‫أخبر بعض هؤالء املسؤولني «املجلة»‪ ،‬فإنهم يعتقدون أنهم‬ ‫ُمنعوا من اإلط�لاع على تلك الوثائق ألسباب سياسية‪ :‬ففي‬ ‫أثناء مساعي البيت األبيض لترويج االتفاقية النووية اإليرانية‬ ‫للجمهور املتشكك‪ ،‬ربما أراد كبار امل�س��ؤول�ين أن يتجنبوا‬ ‫إطالق سراح بعض املعلومات التي يمكنها أن تشير إلى ّ‬ ‫تورط‬ ‫إيران في أكبر املآسي التي تعرضت لها أميركا منذ هجمات‬ ‫«بيرل هاربور» التي تزامنت مع دخول أميركا الحرب العاملية‬ ‫الثانية‪ .‬ويقول املسؤول السابق باستخبارات الدفاع األميركية‪،‬‬ ‫مايكل برجنت‪ ،‬إن ذلك األرشيف لن يطلق سراحه في عهد‬ ‫إدارة أوباما «ألنها تفعل كل ما تستطيعه لكي تتأكد من أال‬ ‫تنهار الصفقة اإليرانية قبل أن يترك الرئيس مكتبه»‪.‬‬

‫صورة أرشيفية لوزير الدفاع األميركي األسبق وليام‬ ‫بيري خالل تفقده حطام أبراج الخبر في الظهران‬ ‫باململكة العربية السعودية ‪ 29‬يونيو ‪( 1996‬غيتي)‬

‫إطالق سراح الـ«‪ 28‬صفحة» وتصريحات‬ ‫قياديني أميركيني حول معناها‬ ‫كانت وثيقة ال �ـ«‪ 28‬صفحة» سيئة السمعة وال�ت��ي تتضمن‬ ‫ُ‬ ‫م�ع�ل��وم��ات س��ري��ة‪ ،‬ت �خ� ّ�ي��م ك�س�ح��اب��ة س� ��وداء ع�ل��ى ال�ع�لاق��ات‬ ‫السعودية األميركية منذ السنوات األول��ى التي تلت مأساة‬ ‫هجمات الحادي عشر من سبتمبر‪ .‬وكان يتم دفع الجمهور‬ ‫ألن يعتقد بأنها تشير إلى دور الحكومة السعودية املزعوم‬ ‫في ذلك الهجوم الدموي‪.‬‬ ‫وف��ي ي��ون�ي��و م��ن ه��ذا ال �ع��ام‪ ،‬وق�ب��ل ف�ت��رة وج �ي��زة م��ن إط�لاق‬ ‫س ��راح وث��ائ��ق ال �ح��ادي ع�ش��ر م��ن س�ب�ت�م�ب��ر‪ ،‬ص � َّ�رح رئ�ي��س‬ ‫وك��ال��ة االستخبارات املركزية األميركية‪ ،‬ج��ون برينان‪ ،‬في‬ ‫حوار حصري مع «العربية»‪« :‬لم يكن هناك دليل يشير إلى‬ ‫أن ال�ح�ك��وم��ة ال�س�ع��ودي��ة ك�م��ؤس�س��ة‪ ،‬أو أن ك�ب��ار امل�س��ؤول�ين‬


‫صورة أرشيفية لبرجي مركز التجارة العاملي بعد الهجوم‬ ‫اإلرهابي في ‪ 11‬سبتمبر ‪( 2001‬غيتي)‬

‫نيويورك ‪ -‬جوزيف براودي‪:‬‬ ‫إن تطور السياسة الخارجية األميركية في الشرق‬ ‫األوسط خالل اإلدارات الرئاسية املتتالية‪ ،‬أسفر عنه‬ ‫تغير منهجي من جانب البيت األبيض خالل إدارة‬ ‫ّ‬ ‫تمثل في سياسات أميركية جديدة أث��رت ً‬ ‫سلبا على‬ ‫أوباما‬ ‫التحالف التاريخي بني البلدين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وروج� � � ْ�ت وس��ائ��ل اإلع�ل��ام امل��وال �ي��ة ل �ل��إدارة األم �ي��رك �ي��ة لتلك‬ ‫السياسات‪ ،‬التي لم تكن تتمتع بشعبية في املجتمع األميركي‪،‬‬ ‫ع�ل��ى ن�ح��و أض ��ر ب��ال�ع�لاق��ة ب�ين ال�ب�ل��دي��ن‪ .‬ف�ق��د ع�م�ل��ت امل�ن��اب��ر‬ ‫اإلع�لام�ي��ة امل��وال�ي��ة ل �ل�إدارة ع�ل��ى ت�ص��وي��ر ال�ح�ك��وم��ة اإلي��ران�ي��ة‬ ‫باعتبارها حكومة معتدلة فيما تم تصوير الحكومة السعودية‬ ‫باعتبارها تتجاهل أو تخفي وجود أدلة على العكس في كلتا‬ ‫الحالتني‪.‬‬ ‫ولكن رغم هذين االتجاهني املتناقضني‪ ،‬ووسط املعاناة غير‬ ‫املسبوقة التي ترزح تحت وطأتها كثير من الدول العربية‪ ،‬بدأت‬ ‫تفاهمات وتحالفات إقليمية جديدة في الظهور في الشرق‬ ‫ْ‬ ‫ترددت أصداؤها في الواليات املتحدة‪ .‬وبإمكان تلك‬ ‫األوسط‬ ‫التحالفات إع��ادة وإص�لاح التحالف السعودي األميركي في‬ ‫السنوات املقبلة‪ .‬ودفعت االستراتيجية السعودية الحيوية إلى‬ ‫التقارب مع ال��والي��ات املتحدة من خ�لال إط��ار «رؤي��ة ‪»2030‬‬ ‫تلك التطورات املبشرة‪ .‬جدير بالذكر أن تلك االستراتيجية‬ ‫يحتضنها ول��ي ول��ي العهد األم�ي��ر محمد ب��ن سلمان‪ ،‬ال��ذي‬ ‫ق��ام ب�ج��ول��ة م�ك��وك�ي��ة ن��اج�ح��ة ل�ل�غ��اي��ة ف��ي امل��راك��ز السياسية‬ ‫واالق �ت �ص��ادي��ة وال�ث�ق��اف�ي��ة وامل��ال�ي��ة األم�ي��رك�ي��ة خ�ل�ال الصيف‬ ‫املاضي‪ .‬باإلضافة إلى أن ولي العهد محمد بن نايف استعاد‬

‫علي خامنئي‬

‫سمعته كصديق قوي للمؤسسة األمنية األميركية من خالل‬ ‫ق��درت��ه ع�ل��ى ال �ت��واص��ل م��ع ال�ش�خ�ص�ي��ات ال�ق�ي��ادي��ة ف��ي إط��ار‬ ‫مساعيه لتحقيق املصالح األمنية واالستخباراتية املشتركة‪.‬‬

‫الذكرى الخامسة عشرة لهجمات‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر‬ ‫ت��أت��ي ال��ذك��رى الخامسة ع�ش��رة لهجمات ال�ح��ادي عشر من‬ ‫ً‬ ‫سبتمبر أيضا بعد عام واحد من االتفاقية النووية اإليرانية‪.‬‬ ‫وتعرب حاليا كثير من األصوات املهمة في السياسة األميركية‬ ‫عن عدم رضاها عن االتفاقية‪ .‬ويدق كثير منهم جرس اإلنذار‬

‫بشأن تعزيز االتفاقية إليران وتقويتها‪ ،‬مشيرين إلى أن إيران‬ ‫أصبحت أكثر عنفا في دعمها لإلرهاب الدولي‪ .‬وفي الوقت‬ ‫ذات��ه‪ ،‬لم َير األميركيون دليال على تحقيق ذلك االتفاق ملزايا‬ ‫اقتصادية أو لجعله إي��ران حليفا أميركيا‪ .‬وبعدما أصبحت‬ ‫ت�ل��ك ال�ح�ق��ائ��ق واض �ح��ة‪ ،‬ت��زاي��دت األص ��وات ال�ت��ي ت�ط��ال��ب اآلن‬ ‫بإعادة النظر في االتجاه املناهض للمملكة العربية السعودية‬ ‫في السياسة الخارجية األميركية‪ ،‬والبحث عن فرص جديدة‬ ‫للشراكة معها‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا التقرير ال�خ��اص‪ ،‬تفحص «امل�ج�ل��ة» سجل الوقائع‬ ‫املتعلقة بهجمات ال �ح��ادي ع�ش��ر م��ن سبتمبر‪ ،‬والعمليات‬ ‫التي نفذها تنظيم القاعدة في أعقاب الهجوم‪ .‬كما تفحص‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪13‬‬


‫ما اإلرث الذي خلفته املأساة فيما يتعلق بالتحالف السعودي ـ األميركي؟‬

‫بعد عقد ونصف من وقوعها‪ ..‬سياسيون‬ ‫واستخباريون أميركيون يرفعون الستار عن هجمات ‪11‬سبتمبر‬

‫صناع السياسة األميركية لـ‬ ‫سجل حافل من اإلسهامات السعودية‬ ‫في الصراع ضد اإلرهاب خالل ‪ 15‬عاماً‬ ‫> أبرز املستجدات‪ :‬براءة السعودية من وهم ضلوعها في األحداث‪..‬‬ ‫وثبوت تورط إيران و«حزب الله»‬ ‫> دفعت االستراتيجية السعودية الحيوية للتقارب مع الواليات املتحدة‬ ‫من خالل إطار «رؤية ‪»2030‬‬ ‫> ضرورة استعادة جبهة موحدة بني الواليات املتحدة واململكة العربية السعودية‬ ‫وجميع حلفائهما في مواجهة العدوان اإليراني‬ ‫ً‬ ‫كثيرا من النتائج الواقعية التي تتعلق بأحداث الحادي عشر من سبتمبر‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫شهد العقد والنصف املاضي‬ ‫قبل القيادة السعودية‬ ‫من‬ ‫الجيوسياسي‬ ‫اإلخالص‬ ‫يظهر‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫بعدها‪،‬‬ ‫أو‬ ‫قبلها‬ ‫سواء‬ ‫القاعدة‬ ‫الهجمات األخرى لتنظيم‬ ‫ً‬ ‫للواليات املتحدة‪ ،‬وخطأ بعض االتهامات التي تم توجيهها في البداية للمملكة‪ .‬كما أظهر الزمن أيضا أنه في الوقت‬ ‫الذي تكرس فيه اململكة العربية السعودية قواتها املسلحة وأجهزتها األمنية واالستخباراتية للحفاظ على النظام األمني‬ ‫اإلقليمي الذي كانت السياسة الخارجية األميركية تعتمد عليه طوال الوقت‪ ،‬يصر النظام اإليراني على أجندته التوسعية في‬ ‫العالم العربي ويدير خاليا إرهابية على الصعيد العاملي‪ .‬وعليه فقد أدلى كثير من صناع السياسة األميركيني خالل الشهور‬ ‫املاضية بتصريحات قوية يطالبون من خاللها بإحياء وتعزيز التحالف السعودي ‪ -‬األميركي التاريخي‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬


‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪11‬‬


‫سوكوتو يستقبل كيري‬ ‫باملزمار النيجيري‬ ‫جون كيري‪ ،‬وزير الخارجية األميركي‪،‬‬ ‫ي �ج �ل��س إل� ��ى ج � ��وار م �ح �م��د س �ع��د أب��و‬ ‫بكر‪ ،‬سلطان سوكوتو والرئيس العام‬ ‫للمجلس األعلى للشؤون اإلسالمية في‬ ‫نيجيريا‪ ،‬ف��ي قصر سلطان سوكوتو‬ ‫ال� � � ��ذي أس �ت �ق �ب �ل ��ه أس� �ت� �ق� �ب ��اال ش �ع �ب �ي��ا‬ ‫باملوسيقى واملزمار النيجيري الشهر‬ ‫املاضي‪ .‬وقد هنأ كيري نيجيريا على‬ ‫ن �ج ��اح ��ات ع �س �ك��ري��ة ح �ق �ق �ت �ه��ا أخ �ي��را‬ ‫ضد جماعة بوكو ح��رام‪ ،‬لكنه حذرها‬ ‫م��ن م��واج �ه��ة ن�ت��ائ��ج ع�ك�س�ي��ة ف��ي ح��ال‬ ‫استخدمت قوة مفرطة في حملتها ضد‬ ‫الجماعة املتطرفة‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬


‫مجلة «أميركان إنترست» نقلت عن « املجلة»‬ ‫تحقيقها بشأن يحيى الحوثي‬

‫حول قيادات التنظيم‪ ،‬من خالل االتصال املشترك‬ ‫مع القيادي املنشق العميد أبو أيوب‪ .‬وتلقت «املجلة»‬ ‫إشادات عدة من مسؤولني باإلدارة األميركية حول‬ ‫كشفها ق �ي��ادات «داع � ��ش»‪ .‬وي��ذك��ر أن ال�ع�م�ي��د أب��و‬ ‫أيوب كشف خالل اعترافاته عن القيادي أبو محمد‬ ‫العدناني‪ ،‬الذي نجحت الواليات املتحدة في تصفيته‬ ‫في حلب شمال سوريا بعد نشر اعترافات أبو أيوب‬ ‫بيوم واحد فقط‪ .‬وأعلن تنظيم داعش مقتل املتحدث‬ ‫باسم التنظيم والقيادي ال�ب��ارز فيه‪ ،‬العدناني‪ ،‬في‬ ‫بيان نشره التنظيم عبر ذراعه اإلعالمي وكالة أنباء‬ ‫«أعماق»‪ُ .‬‬ ‫ويشار إلى أنه من غير مسبوق لـ «داعش»‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وجناحه اإلعالمي نشر مثل تلك البيانات‪ ،‬كما يشار‬ ‫إلى أن العدناني ُيعد من أبرز قادة التنظيم اإلرهابي‬ ‫وأرفعهم مستوى حتى اآلن‪.‬‬ ‫وكشف القيادي أب��و أي��وب أس��رارا مثيرة عن نشأة‬ ‫«داع��ش» وعالقته بطهران وم��ا يسمى «ح��زب الله»‬ ‫وال �ن �ظ��ام ال �س��وري‪ .‬وق ��ال إن «ل�ج�ن��ة رب��اع �ي��ة» تقود‬ ‫التنظيم برئاسة العقيد م��ازن نهيري وكنيته «أبو‬ ‫صفاء الرفاعي»‪ ،‬وهو عقيد سابق في نظام صدام‪،‬‬ ‫ويعد خليفة الحاج بكر مؤسس التنظيم‪ .‬وأكد املنشق‬ ‫الداعشي في اعترافاته‪ ،‬أن أبو بكر البغدادي زعيم ِظل‬ ‫وال يقود «داعش»‪ ..‬وأن إيران أبرز الداعمني للتنظيم‬ ‫بتخطيط من حسني سالمي رجل الحرس الثوري‬ ‫اإليراني‪.‬‬ ‫وأه� ��م م��ا ج ��اء ع �ل��ى ل �س��ان أب ��و أي � ��وب‪ ،‬أن «ج�م��اع��ة‬ ‫أه��ل العقد وال�ح��ل» أكثر أهمية م��ن ال�ب�غ��دادي‪ ،‬وهي‬ ‫م��ن ت��دي��ر ال�ت�ن�ظ�ي��م‪ ،‬وه��م م��ن ي�ش��رف ع�ل��ى هيكلته‬ ‫بالكامل وال��دواوي��ن وال��والي��ات‪ .‬وك��ان أه��م القادة في‬ ‫(اللجنة املفوضة) خالل السنوات السابقة هم سبعة‬ ‫أشخاص‪ ،‬أبرزهم حجي بكر‪ ،‬ثم أبو عالء العفري‪،‬‬ ‫ثم أب��و مسلم التركماني‪ ،‬ونعمة عبد نايف‪ ،‬ثم أبو‬ ‫عبد الرحمن البيالوي‪،‬وأبو مهند السويداوي‪ ،‬وأبو‬

‫تغريدة مركز أبحاث السياسة‬ ‫الخارجية األميركي بصفحته الرسمية‬

‫تعليق معهد واشنطن لدراسات الشرق األدنى‬ ‫يشيد بتحقيق مبادرة السالم العربية‬

‫تغريدة السياسي االميركي ماثيو ليفيت‬

‫الصفحة الرئيسية ملركز أبحاث السياسة الخارجية األميركي يشيد بتحقيق املجلة‬

‫أحمد العلواني‪ ..‬وكلهم قتلوا وحل محلهم أبو محمد وأش ��ادت ك��ذل��ك م��واق��ع إعالمية أميركية وشخصيات‬ ‫العدناني التي قتل بعد نشر التحقيق‪ ،‬وأب��و محمد سياسية بارزة بتحقيق «املجلة» في العدد املاضي عن‬ ‫الشمالي‪ ،‬وصالح حيفا‪ ،‬وإي��اد الجميلي وه��م على مبادرة السالم العربية والتحركات املصرية اإلسرائيلية‬ ‫قيد الحياة»‪.‬‬ ‫األخيرة الرامية لحل القضية الفلسطينية <‬ ‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪9‬‬


‫بشأن هرب يحيى الحوثي من أملانيا واعترافات القيادي الداعشي أبو أيوب الحصرية ومبادرة السالم العربية‬

‫اإلعالم األميركي يشيد‬ ‫في العدد املاضي‬ ‫بتحقيقات‬ ‫‪ ..‬قيادي «داعشي»‬ ‫منشق‪ :‬البغدادي زعيم ِظل‪..‬‬ ‫والعقيد نهيري «الرجل األول»‬

‫ً‬ ‫أسرارا‬ ‫عشي» ينشق عن التنظيم ويكشف لـ‬ ‫قيادي «دا‬ ‫و«حزب الله» والنظام السوري‬ ‫نشأة «داعش» وعالقته بطهران‬ ‫مثيرة عن‬

‫تأسست في‬

‫العدد ‪ 1622‬أغسطس (آب) ‪2016‬‬

‫دخوله برلني‬

‫هروب يحيى الحوثي من أملانيا‬ ‫إلى سويسرا بـ ‪ 4‬ماليني يورو‬

‫اعمني للتنظيم بتخطيط من حسني سالمي رجل الحرس الثوري‬ ‫إيران أبرز الد‬ ‫للتنظيم اختارت البغدادي لحاجتهم إلى رجل دين‬ ‫قيادات املؤسسة‬ ‫> ال يكون في الواجهة وللحصول على دعم أهالي األنبار‬

‫كنيته «أبو صفاء الرفاعي» عقيد سابق في‬

‫الرجل األول وزعيم‬

‫نظام صدام وخليفة الحاج بكر مؤسس التنظيم‬

‫«داعش» الخفي‪ ..‬القيادي العسكري مازن نهيري‬

‫مازن نهيري (أبو صفاء الرفاعي)‪،‬‬ ‫م��ن م��وال �ي��د ع�ق��د ال�س�ب�ع�ي�ن��ات من‬ ‫ال �ع �ق��د امل ��اض ��ي‪ ،‬ع �س �ك��ري ب��رت�ب��ة‬ ‫السابق‪ ،‬ما قبل ‪ ،2003‬عام احتالل العراق‪.‬‬ ‫عقيد في النظام‬ ‫التنظيم ال�ث��الث��ة إل��ى ج��ان��ب أب��و بكر‬ ‫ه��و م��ن م��ؤس�س��ي‬ ‫الزعيم الحقيقي للتنظيم و القائد‬ ‫البغدادي‪ ،‬ويعد اآلن‬ ‫حيا من القيادة العسكرية املؤسسة‬ ‫ما زال‬ ‫الوحيد الذي بكر (مؤسس التنظيم) عام ‪ 2014‬في‬ ‫بعد مقتل الحاج‬ ‫علي البيالوي‪ ،‬قائد عمليات التنظيم‬ ‫سوريا ومقتل أبو‬

‫‪ 2014‬ف ��ي أس �ب ��وع واح� ��د م ��ن اج�ت�ي��اح‬ ‫�ام‬ ‫ال� ��ذي ق �ت��ل ع � يونيو (حزيران) ‪ .2014‬وتبرز أهمية‬ ‫«داع��ش» املوصل‬ ‫بعد مقتل أبو مسلم التركماني وعبد‬ ‫أيضا‬ ‫مازن نهيري اللذين يمثالن الخط الثاني من القيادات‪.‬‬ ‫الرحمن القادولي‬ ‫مكتب االستخبارات منذ البدء على‬ ‫أسس مازن نهيري‬ ‫استخبارات األنظمة الشمولية‪ ،‬أي ال‬ ‫أجهزة‬ ‫غرار فكرة منظومة من دون حماية‪ ،‬على أساس هذه‬ ‫يوجد نظام أو املكتب‪ ،‬وأول��ى الخطوات التي ق��ام بها‬ ‫الفكرة تم إنشاء‬ ‫مفارز للتنظيم تقوم باالستطالع‬ ‫املكتب‪ ،‬هي تشكيل‬

‫وتكمن مسؤولية مازن نهيري ومكتب‬ ‫وجمع املعلومات‪.‬‬ ‫في حماية قيادات التنظيم‪.‬‬ ‫االستخبارات شخصية تعمل وراء الستار ول��م يظهر‬ ‫م��ازن نهيري‪ ،‬قيادات التنظيم من الخط الثاني‪ ،‬وترتبط‬ ‫أبدا حتى إلى‬ ‫الستخبارات العمليات السرية االنتحارية في‬ ‫بمكتب ا‬ ‫االنتحارية‪ ،‬وهو املسؤول األول عنها‪.‬‬ ‫الخاليا‬ ‫الخارج‪ ،‬أي نهيري خليفة الحاج بكر باستمرار عالقة‬ ‫ويعتبر مازن‬ ‫عراقيني يعملون مستشارين إلى‬ ‫التنظيم م��ع ض�ب��اط‬ ‫نظام بشار األسد‪.‬‬ ‫العدد ‪ 1622‬أغسطس (آب) ‪2016‬‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪ 1622‬أغسطس (آب) ‪2016‬‬

‫‪08‬‬

‫صورة من تحقيق «املجلة» في عددها املاضي حول اعترافات العميد أبو أيوب الحصرية‪..‬‬ ‫وصورة من غالف العدد الذي يشير إلى هروب الحوثي من أملانيا إلى سويسرا‬

‫لندن‪« :‬املجلة»‬ ‫ي��واص��ل اإلع�ل��ام األم �ي��رك��ي اه�ت�م��ام��ه منذ‬ ‫ال �ش �ه��ر امل ��اض ��ي‪ ،‬ب�م�ت��اب�ع��ة ورص� ��د مجلة‬ ‫«املجلة» تحركات ونشاطات يحيى الحوثي‬ ‫في أملانيا‪ ،‬واعترافات القيادي الداعشي املنشق العميد‬ ‫أبو أيوب الحصرية عن القيادات املسؤولة عن عمليات‬ ‫التنظيم اإلرهابية‪ ،‬وتحقيق مبادرة السالم العربية‪.‬‬ ‫وبشأن تحقيق يحيى الحوثي‪ ،‬نشرت «املجلة» في‬ ‫العددين السابقني‪ ،‬يوليو (تموز) وأغسطس (آب)‪،‬‬ ‫تقارير حول تحركات شقيق زعيم التمرد املريبة في‬ ‫أملانيا ووضعه القانوني واملالي‪ ،‬وعالقاته بالسفير‬ ‫اإليراني لدى أملانيا‪ ،‬ومقابالته ببعض السياسيني‬ ‫وال �ب��رمل��ان �ي�ين األمل � ��ان‪ ،‬رغ ��م ث �ب��وت دخ��ول��ه األراض ��ي‬ ‫األمل��ان �ي��ة ب �ج��واز س�ف��ر ب��اط��ل‪ .‬وب �ع��د ن�ش��ر «امل�ج�ل��ة»‬ ‫تقريرها األول في عدد يوليو املاضي غادر الشقيق‬ ‫ً‬ ‫األكبر لزعيم االنقالب عبد امللك الحوثي برلني؛ خوفا‬ ‫من املالحقة القضائية‪ّ ،‬‬ ‫فارا بأكثر من أربعة ماليني‬

‫‪8‬‬

‫لندن عام ‪ 1980‬شهرية سياسية‬

‫‪Issue 1622 - August 2016‬‬

‫خوفًا من مالحقات قضائية بعد كشف‬ ‫بجواز سفر «باطل» ورصدها تحركاته املشبوهة‬

‫العميد أبو أيوب العراقي‪ :‬البغدادي زعيم ِظل‬ ‫وال يقود «داعش»‬

‫‪18‬‬

‫املالئكة و‬ ‫الشياطني و«العدالة الناجزة» دراما املظلومية واإلرهاب‬ ‫الثورة ا‬ ‫ملالية‬ ‫اال‬ ‫بتكارية ‪ ..‬التمويل مقابل النجاح‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫قال إن «لجنة رباعية» تقود التنظيم برئاسة‬ ‫مازن نهيري ضابط اخملابرات السابق في نظام صدام‬ ‫العقيد‬

‫بغداد‪ :‬جاسم محمد ‪:‬‬ ‫ـرارا جديدة عن نشأة «داعــش»‬ ‫ـ«املجلة» أسـ ً‬ ‫ـي» ينشق عن التنظيم يــروي ل‬ ‫بنظام صــدام وقيادي «داعـشـ‬ ‫الثاني في التنظيم وأنه ليس‬ ‫ضابط سابق القدس وحزب الله والنظام السوري‪.‬‬ ‫أن أبو بكر البغدادي هو الرجل‬ ‫وعالقته بفيلق‬ ‫باألدلة والتسجيالت الصوتية‬ ‫للتضليل‪ ،‬حيث أعلن التنظيم‬ ‫يكشف‬ ‫كانت‬ ‫العميد أبو أيوب ويقول إن البيعة التي عقدت له في أواخر يونيو(حزيران) ‪ 2014‬مكان‪ ،‬ودعا الفصائل املتشددة في‬ ‫إماما وخليفة للمسلمني في كل‬ ‫الحقيقي‪..‬‬ ‫البغدادي ً‬ ‫زعيم التنظيم ـ«الخالفة اإلسالمية» وتنصيب‬ ‫قيام ما وصفها ب‬ ‫مازن نهيري وكنيته «أبو صفاء‬ ‫مختلف أنحاء العالم إلى مبايعته‪.‬‬ ‫وليس سنيا وال رجل دين‪ ،‬يدعى‬ ‫الحالي بعثي‬ ‫وزعم العميد أبو أيوب أن قائد «داعش» وزعيمه خليفة الحاج بكر مؤسس التنظيم‪.‬‬ ‫من يشرف على هيكلية التنظيم‬ ‫عقيد سابق في نظام صدام ويعد‬ ‫أكثر أهمية من البغدادي وهم‬ ‫الرفاعي» وهو‬ ‫أن «جماعة أهل العقد والحل»‬ ‫وأهم ما جاء على لسان أبو أيوب‬ ‫معنويات املقاتلني كرجل دين‪.‬‬ ‫لرفع‬ ‫بالكامل والدواوين والواليات‪.‬‬ ‫الخبرة العسكرية وال يدير املعارك‪ ،‬وحضر مرتني إلى األنبار فقط «الدولة اإلسالمية»‪ ،‬وهو أول زعيم‬ ‫قائال إن الحاج بكر‪ ،‬هو عراب‬ ‫وقال إن البغدادي ال يمتلك‬ ‫املنشق عن حقيقة نشأة التنظيم‬ ‫كما تحدث العميد العراقي‬ ‫‪ ،2010‬قتل في سوريا عام ‪.2013‬‬ ‫«القاعدة» والظواهري حتى عام ‪،2013‬‬ ‫أبو عمر الزرقاوي‬ ‫عندما كان التنظيم مرتبطا بـ‬ ‫تبني نظام بشار األسد تنظيم‬ ‫للتنظيم‪ ،‬بعد مقتل عالقة إيران وسوريا مع «داعش»‬ ‫لحقيقة‬ ‫وكشف أبو أيوب عن‬ ‫عن «داعش» ثم إعالن «داعش» دولته‪ .‬وقدم عرضا سريعا الثائرة في سوريا‪ .‬وكشف كذلك في‬ ‫وبعد انشقاق جبهة النصرة‬ ‫املعارضة والجماعات اإلسالمية‬ ‫‪ ،2003‬ودعم «داعش» ملواجهة‬ ‫ما بعد‬ ‫القاعدة في العراق عن أسرار مثيرة تنشر ألول مرة‪.‬‬ ‫هذا امللف الحصري‬

‫أسرار مفاوضات «سجن اهلضبة»‬ ‫الليبي بني أنصار تنظيم «القاعدة»‬ ‫وقادة من عهد «القذافي»‬

‫درة التونسية ‪:‬‬ ‫لن أترك الفن‬ ‫من أجل الزواج‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫يورو‪ ،‬هي ثمن ما كان يملكه في بون‪ .‬وهو املبلغ الذي‬ ‫يتناقض وما يصرح به زعماء الحوثي ليل نهار من‬ ‫شعارات املعاناة والكوارث‪ ..‬فها هو شقيق زعيمهم‬ ‫ً‬ ‫يعيش متنقال بني عواصم أوروب��ا‪ ،‬وبمساعدة من‬ ‫أكبر دول االتحاد‪.‬‬ ‫كتبت مجلة «أميركان إنترست» واسعة االنتشار في‬ ‫ً‬ ‫تقريرا أش��ادت من خالله بتحقيق‬ ‫ال��والي��ات املتحدة‪،‬‬ ‫«امل�ج�ل��ة» م �ح��ذرة‪ ،‬م��ن وج��ود إره��اب�ي�ين على أراض��ي‬ ‫بعض الدول الغربية‪ ،‬وحصولهم على اللجوء السياسي‪،‬‬ ‫وأش��ارت إل��ى انفراد «املجلة» برصد تحركات يحيى‬ ‫الحوثي املتهم باإلرهاب في أملانيا‪ ،‬ودخوله بجواز سفر‬ ‫أمل��ان��ي مؤقت وب��اط��ل إل��ى أراضيها ق� ً‬ ‫�ادم��ا م��ن اليمن‪،‬‬ ‫في انتهاك صارخ لقوانني اللجوء‪ .‬وغردت «أميركان‬ ‫إنترست» على صفحتها الرسمية بـ«تويتر» بشأن‬ ‫التحقيق‪ .‬واه�ت��م م��رك��ز أب�ح��اث السياسة الخارجية‬ ‫األميركي بالتحقيق‪ ،‬وأشار إليه في موقعه اإللكتروني‪.‬‬ ‫وغ��رد املركز كذلك على صفحته الرسمية‪ ،‬وأش��ادت‬ ‫التغريدة بتحقيق هرب الحوثي‪.‬‬

‫واه�ت��م ك��ذل��ك بنفس التحقيق‪ ،‬ماثيو ليفيت‪ ،‬ال��ذي‬ ‫تولى منصب مساعد نائب وزير الخزانة األميركي‬ ‫ً‬ ‫للمخابرات والتحليل‪ ،‬ولعب ً‬ ‫مركزيا في الجهود‬ ‫دورا‬ ‫الرامية إلحباط قدرة اإلرهابيني‪ ،‬خاصة اإليرانيني‪،‬‬ ‫على تمويل الهجمات املهددة لألمن القومي األميركي‪،‬‬ ‫وت��رك ليفيت على صفحته الرسمية‪ ،‬راب��ط املجلة‬ ‫(ال�ن�س�خ��ة اإلن�ج�ل�ي��زي��ة) م��ن خ�ل�ال ت�غ��ري��دة ل��ه أش��اد‬ ‫من خاللها بتحقيق هرب الحوثي‪ .‬وكانت «املجلة»‬ ‫ح �ص �ل��ت‪ ،‬ح �ص� ً‬ ‫�ري��ا‪ ،‬ع �ل��ى م �ع �ل��وم��ات م��ن م �ص��ادر‬ ‫موثوقة أك��دت مغادرة يحيى الشقيق األكبر لزعيم‬ ‫الحوثيني إلى أملانيا نهاية يوليو املاضي متجها إلى‬ ‫جنيف‪.‬‬ ‫وفيما يخص اعترافات القيادي الداعشي املنشق‬ ‫العميد أبو أي��وب الحصرية لـ «املجلة» املنشورة في‬ ‫ع��دد أغسطس امل��اض��ي‪ ،‬أب��دت صحيفة «واشنطن‬ ‫بوست» اهتماما كبيرا بالتحقيق‪ ،‬وطالبت في خطاب‬ ‫رسمي إلدارة تحرير «املجلة» نشر التحقيق على‬ ‫صفحاتها‪ ،‬والتعاون في كشف املزيد من األسرار‬


‫األنبا بوال‪ :‬صيغة توافقية مع البرملان والحكومة لحل األزمة‬

‫رئيس الطائفة اإلنجيلية‪ :‬قانون بناء‬ ‫الكنائس يجنب املصريني الطائفية‬ ‫السفير السعودي لدى العراق ثامر السبهان‬

‫صحف عربية تشيد بموقف‬ ‫السفير السعودي في بغداد‬ ‫القاهرة‪ :‬أش��ادت صحف عربية بموقف‬ ‫ال �س �ف �ي��ر ال� �س� �ع ��ودي ف ��ي ب � �غ� ��داد‪ ،‬ث��ام��ر‬ ‫السبهان‪ ،‬التي دفعت الخارجية العراقية‬ ‫إلى مطالبة الرياض باستبداله‪.‬‬ ‫وقت سابق‬ ‫في‬ ‫بتصريحات‬ ‫وكان السبهان قد أدلى‬ ‫ٍ‬ ‫أش��ار فيها إلى تدخل إي��ران في العراق‪ ،‬ومحاولة‬ ‫اغ�ت�ي��ال��ه م��ن ق�ب��ل ق ��وات ال�ح�ش��د ال�ش�ي�ع��ي امل��وال�ي��ة‬ ‫لطهران‪.‬‬ ‫ف��ي «ال ��وط ��ن» ال�ك��وي�ت�ي��ة‪ ،‬أش ��اد أح �م��د ب��ودس�ت��ور‬ ‫بالسفير السعودي في بغداد ثامر السبهان‪ ،‬الذي‬ ‫«أبلى ً‬ ‫بالء حسنا في مهمته في العراق في مواجهة‬ ‫التنظيمات والقوى السياسية التابعة إليران لدرجة‬ ‫أنه يلقب بالدبلوماسي الثائر»‪.‬‬ ‫وأض � � ��اف ب� ��ودس � �ت� ��ور‪« :‬إذا ك ��ان ��ت ال �ت �ح��رك��ات‬ ‫ال��دب�ل��وم��اس�ي��ة للسفير ال�س�ع��ودي ف��ي ب �غ��داد قد‬ ‫أزعجت وأوجعت النظام اإليراني‪ ،‬وضغطت على‬ ‫ال�ح�ك��وم��ة ال�ع��راق�ي��ة ﻻس �ت �ب��دال��ه؛ ف �ه��ذا دل �ي��ل على‬ ‫ض�ع��ف ه��ذا ال�ن�ظ��ام‪ ،‬وع ��دم ق��درت��ه ع�ل��ى مقارعة‬ ‫ال�ح�ج��ة ب��ال�ح�ج��ة‪ ،‬وم��واج �ه��ة امل ��واق ��ف ال�ش�ج��اع��ة‬ ‫للسفير بمواقف مثلها‪ ،‬وأيضا يدل على أن نظام‬ ‫ال��ول��ي الفقيه ه��و نمر م��ن ورق يتمدد ف��ي ال��دول‬ ‫امل�ن�ه��ارة وال�ف��اش�ل��ة‪ ،‬م�ث��ل ال �ع��راق وس��وري��ا‪ ،‬وه��و‬ ‫ظ��اه��رة صوتية أكثر منها ق��وة عسكرية فعلية‬ ‫على أرض الواقع»‪.‬‬ ‫أما صالح القالب في «الرأي» األردنية‪ ،‬فرأى أن كل‬ ‫ذن��ب سفير اململكة العربية السعودية ف��ي بغداد‬ ‫«أنه عربي الوجه واليد واللسان والوجدان والقلب‬ ‫ً‬ ‫أيضا»‪ ،‬وأنه «لم يحتمل ما بقي يشاهده ً‬ ‫يوميا وفي‬ ‫كل لحظة من تجاوزات إيرانية على سيادة الدولة‬ ‫العراقية وع�ل��ى ال�ع��راق�ي�ين‪ ،‬إن م��ن خ�لال عشرات‬ ‫التشكيالت املذهبية التابعة لحراس ال�ث��ورة‪ ،‬وإن‬ ‫مباشرة من قبل أجهزة مخابرات النظام اإليراني‬ ‫التي غدت تسيطر على كل شيء في العراق‪ ،‬ومن‬ ‫القمة حتى القاعدة»‪.‬‬

‫القاهرة‪ :‬محمد عبد الرءوف‬ ‫بإحالة قانون بناء وترميم الكنائس إلى البرملان‬ ‫املصري‪ ،‬تكون الحكومة قد أتمت الخطوة قبل‬ ‫األخيرة في طريق حل أزمات طائفية تطل برأسها‬ ‫على الساحة املصرية بني وقت وآخر‪ ،‬مخلفة تبعات سلبية‬ ‫واقتصاديا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأمنيا‪.‬‬ ‫اجتماعيا‬ ‫وأعلن مجلس الوزراء املصري أواخر الشهر املاضي موافقته‬ ‫ً‬ ‫على مشروع قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس‪ ،‬قائال في‬ ‫بيان ل��ه إن ال�ق��رار ج��اء «ف��ي ض��وء أح�ك��ام ال��دس�ت��ور‪ ،‬وبعد‬ ‫التوافق الكامل عليه مع ممثلي مختلف الكنائس املصرية»‪.‬‬ ‫وسبق التوافق على مشروع القانون خالفات بني الكنائس‬ ‫املصرية الثالث (األرثوذكسية واإلنجيلية والكاثوليكية) من‬ ‫جهة‪ ،‬والحكومة من جهة أخرى‪ ،‬بسبب تعديالت أدخلتها‬ ‫ال�ح�ك��وم��ة ورف�ض�ت�ه��ا ال�ك�ن��ائ��س‪ .‬وق��ال��ت م �ص��ادر كنسية‬ ‫لـ«املجلة» إن مشروع القانون يتضمن ‪ 8‬مواد؛ منها ‪ 5‬مواد‬ ‫رئيسية‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 3‬مواد لإلصدار‪ ،‬وكان االعتراض‬ ‫على مادة تنص على إزالة الصلبان من على قباب الكنائس‪،‬‬ ‫وعدم املوافقة على بناء الكنائس إال بعد العرض على الجهات‬ ‫املختصة‪ ،‬دون تحديد هذه الجهات‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إلى‬ ‫تعطيل تطبيق القانون‪.‬‬ ‫وأشارت املصادر إلى أن الحكومة استجابت لطلبات الكنائس‬ ‫وعدلت مواد مشروع القانون‪ ،‬لتنص على احتفاظ الكنائس‬ ‫بشكلها املكون من (قبة وصليب ومنارة)‪ ،‬وحددت الجهات‬ ‫املختصة بالجهات األمنية‪ .‬األنبا بوال‪ ،‬أسقف طنطا‪ ،‬املسؤول‬ ‫عن ملف قانون بناء الكنائس‪ ،‬قال لـ«املجلة» إنه «تم حذف‬ ‫جميع امل��واد التي تحفظت عليها الكنيسة‪ ،‬وه��ي النصف‬ ‫الثاني من املادة الثانية‪ ،‬حول تحديد مساحة الكنيسة املراد‬ ‫إنشاؤها‪ ،‬ألنه ال يجوز لقرار وزاري أن ُيقيد حق تحديد‬ ‫املساحة التي تراها الطائفة مناسبة لخدمة رعاياها»‪.‬‬ ‫وأضاف بوال أنه «تم حذف مادة أخرى كانت‬ ‫تنص على طلب التصريح عند إقامة أي‬ ‫نشاط رياضي أو ثقافي داخل الكنائس‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى حذف املواد من ‪ 8‬إلى ‪17‬‬ ‫بالكامل‪ُ ،‬وه��ي خاصة بتقنني أوض��اع‬ ‫الكنائس املقامة ً‬ ‫حاليا دون ترخيص‪،‬‬ ‫وت��م ال�ت��واف��ق ع�ل��ى م ��ادة بديلة‬ ‫ل�ه��ا رق�م�ه��ا ‪ ،8‬وه ��ي امل ��ادة‬ ‫األخيرة في القانون»‪.‬‬ ‫�ة‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫س‬ ‫وق � � � � ��ال � � � � ��ت ال � �ك � �ن � �ي � �‬ ‫األنبا بوال‬ ‫األرث��وذك �س �ي��ة ف��ي بيان‬

‫لها إنه «في إطار املناقشات واملقابالت التي تمت مع الرئيس‬ ‫عبد الفتاح السيسي واملهندس شريف إسماعيل رئيس‬ ‫مجلس الوزراء واملستشار مجدي العجاتي وزير الشؤون‬ ‫القانونية‪ ،‬وبعد طرح مواد القانون للمناقشة بني الحضور‬ ‫(في جلسة خاصة للمجمع املقدس للكنيسة) والتعديالت‬ ‫التي تمت ً‬ ‫أخيرا وإجابة التساؤالت واالستفسارات‪ ،‬وبعد‬ ‫التشاور والتوافق مع ممثلي الكنائس‪ ،‬يعلن املجمع املقدس‬ ‫وب�ن�ي��ة خ��ال�ص��ة ال�ت��وص��ل إل��ى صيغة ت��واف�ق�ي��ة م��ع ممثلي‬ ‫ً‬ ‫تمهيدا للعرض على مجلس ال ��وزراء وتقديمه‬ ‫الحكومة‬ ‫ملجلس ال �ن��واب»‪ .‬وأض��اف ال�ب�ي��ان‪« :‬رغ��م أن أي ق��ان��ون هو‬ ‫بمثابة نصوص جامدة‪ ،‬فإنها تحتاج إلى فكر منفتح في‬ ‫التطبيق العملي وليس الحرفي وبصورة واعية في املجتمع‬ ‫من أجل سالمته ووحدته وصيانة عالقات املودة بني جميع‬ ‫املصريني في حياة مشتركة نحو غد أفضل‪ ،‬فيه العدل‬ ‫واملساواة»‪.‬‬ ‫وأكد البيان أن «الكنائس بنيت على أرض مصر منذ القرون‬ ‫األولى للميالد‪ ،‬وفيما بعد القرن السابع امليالدي تجاورت‬ ‫م�ن��ارات الكنائس وامل��آذن ف��ي محبة وم��ودة‪ ،‬ويشهد بذلك‬ ‫بالدنا العظيمة وجغرافية أرضنا الفريدة‪ ،‬مما جعل‬ ‫تاريخ ً‬ ‫�ذاق��ا خ� ً‬ ‫�اص��ا وش �ه��ادة حية ع��ن أص��ال��ة املصريني‬ ‫ملصر م�‬ ‫وحياتهم وطبيعتهم وحضاراتهم»‪.‬‬ ‫وي� �ع ��د امل �ج �م��ع امل� �ق ��دس أع� �ل ��ى ه �ي �ئ��ة داخ � ��ل ال�ك�ن�ي�س��ة‬ ‫األرثوذكسية ويدير شؤونها‪ ،‬ويرأسه البابا تواضروس‬ ‫الثاني بابا اإلسكندرية بطريرك الكرازة املرقسية‪ .‬ويتبع‬ ‫الكنيسة األرثوذكسية أكثر من ‪ 90‬في املائة من املسيحيني‬ ‫املصريني‪ ،‬تليها الكنيسة اإلنجيلية ثم الكاثوليكية‪ .‬من‬ ‫حيث عدد األتباع‪ .‬وفيما تغيب أي إحصائيات رسمية‬ ‫عن أع��داد املسيحيني املصريني‪ ،‬قدر البابا تواضروس‬ ‫الثاني ع��دده��م ف��ي ‪ 2013‬بنحو ‪ 15‬ف��ي امل��ائ��ة م��ن عدد‬ ‫س �ك��ان م�ص��ر ال �ب��ال��غ أك �ث��ر م��ن ‪ 90‬م�ل�ي��ون ن�س�م��ة‪ .‬من‬ ‫جانبه‪ ،‬قال الدكتور القس أندريه زكي‪ ،‬رئيس الطائفة‬ ‫اإلنجيلية بمصر‪ ،‬إن الكنائس الثالث توافقت‬ ‫حول مشروع القانون‪ً ،‬‬ ‫معربا عن أمله‬ ‫في أن يقره البرملان ليخرج إلى النور‬ ‫ف��ي أس��رع وق��ت‪ .‬وق��ال لـ«املجلة»‬ ‫إن «القانون هو مؤشر إيجابي‬ ‫ً‬ ‫خصوصا في أزمات إنشاء‬ ‫ال �ك �ن ��ائ ��س وت��رم �ي �م �ه��ا‪،‬‬ ‫وه ��و م ��ا ق ��د يجنبنا‬ ‫ك �ث �ي� ً�را م ��ن األح � ��داث‬ ‫الطائفية»‪.‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪7‬‬


‫منتدى «مستقبل اإلعالم» بجامعة أكسفورد‪ :‬هل تغيرت املعادلة‬ ‫وتحالف اإلعالم التقليدي مع الجديد؟‬ ‫أكسفورد‪ :‬هبة البيتي‬ ‫ناقش منتدى «مستقبل اإلعالم وإعالم املستقبل»‪،‬‬ ‫ال��ذي استضافته جامعة أك�س�ف��ورد ‪ 22‬أغسطس‬ ‫(آب) املاضي ونظمته املجموعة السعودية لألبحاث‬ ‫ممثلة في «توق» لألبحاث ‪ -‬وهي إحدى شركات املجموعة التي‬ ‫أسستها مؤخرًا والتي تعتبر الذراع البحثي لها ‪ -‬التحديات التي‬ ‫يواجهها اإلعالم التقليدي في مواكبة اإلعالم الجديد وضرورة‬ ‫تطبيق استراتيجيات التسويق اإللكتروني الحديثة‪.‬‬ ‫وقد عرض املنتدى رؤية جديدة لإلعالم الحديث باعتبار دوره‬ ‫تكميليا ل��دور اإلع�لام التقليدي‪ ،‬بعكس ما ُي َ‬ ‫صور عنه على‬ ‫َ‬ ‫أنه تهديد لإلعالم التقليدي‪ .‬وقد ركز املتحدثون على أهمية‬ ‫توظيف وسائل اإلعالم الجديدة لخدمة وتعزيز وسائل اإلعالم‬ ‫التقليدية‪ ،‬باإلضافة إلى االستفادة من تجربة اإلعالم التقليدي‬ ‫ومحاولة تطبيق وتفعيل أسباب نجاحه‪ .‬وقد بدأ املنتدى بكلمة‬ ‫ترحيبية م��ن ق�ب��ل امل��دي��ر التنفيذي االس�ت��رات�ي�ج��ي للشركة‬ ‫السعودية لألبحاث والتسويق الدكتور عبد القادر الفنتوخ الذي‬ ‫ّ‬ ‫تحدث عن تراجع مبيعات وسائل اإلعالم التقليدية والصحف‬ ‫الورقية بشكل خ��اص‪ ،‬حيث أكد أن هناك انحدارا كبيرا في‬ ‫إيرادات اإلعالن في الصحف الورقية بنسبة ‪٪41‬‏‪ .‬كما توقع‬ ‫املزيد من التغيرات الدراماتيكية في إيرادات مشاهدة اإلعالم‬ ‫التقليدي واإلعالن فيه في السنوات القليلة القادمة‪.‬‬ ‫واحتوى املنتدى على جزأين رئيسيني‪ :‬األول بعنوان «تحديات‬ ‫اإلع�لام ّ‬ ‫وتغيره»‪ ،‬والثاني بعنوان «إع�لام املستقبل» ّ‬ ‫تضمنا‬ ‫خمس جلسات متنوعة‪ .‬وت�ن��اول��ت الجلسة األول��ى تحديات‬ ‫اإلع�ل�ام التقليدي وتغير توقعات ودور املتلقي ف��ي العصر‬ ‫ال�ح��دي��ث‪ ،‬وق��د ت�ح��دث عنها ال�ب��روف�س��ور س�ع��د ب �ك��ري‪ ،‬وه��و‬ ‫بروفسور في جامعة امللك سعود بالرياض‪ .‬ومتحدثا عن دور‬ ‫الثورة املعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة في تطور اإلعالم‪ ،‬قال‬ ‫البروفسور سعد بكري‪« :‬لم يحدث ّ‬ ‫تغير في اإلعالم إال بسبب‬ ‫ّ‬ ‫تغير التكنولوجيا»‪ .‬كما ناقش تبادل األدوار ما بني صانع‬ ‫الخبر أو املنتج اإلعالمي واملتلقي أو املستهلك اإلعالمي‪ ،‬لكنه‬ ‫ّ‬ ‫أكد أن التكنولوجيا هي «الالعب األهم» في الصناعة اإلعالمية‬ ‫الحديثة‪ .‬وعلى صعيد آخر تحدث عن مزايا اإلع�لام الجديد‬ ‫كتوفير تكاليف املواصالت وال��ورق ومساحة العمل والوقت‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى إشكالياته كفبركة املعلومات والسرقة العلمية‬ ‫والخصوصية واملصداقية‪.‬‬ ‫أما الجلسة الثانية فقد ناقشت كيفية توظيف نجاح بعض‬ ‫وس��ائ��ل اإلع�ل�ام التقليدية وق��د ت� ّ‬ ‫�رأس�ه��ا كبير الباحثني في‬ ‫امل�ج�ل��س ال�ب�ح�ث��ي وال�ت�ق�ن��ي ل�ل�ع�ل��وم وال�ت�ك�ن��ول��وج�ي��ا بجامعة‬ ‫أكسفورد الدكتور حميد الشجني‪ .‬وقد عزا الدكتور الشجني‬ ‫أهم أسباب نجاح وسائل اإلع�لام التقليدي إلى االتساق في‬ ‫ال��رؤي��ة واستراتيجية العمل م��ن أج��ل تحقيق االس�ت�م��راري��ة‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫شدد على أهمية توظيف وسائل اإلعالم الجديدة لتقدم‬ ‫املجتمعات العربية وتحقيق أسباب ازدهارها‪ .‬كما أنه أشار‬ ‫إلى دور اإلعالم الجوهري في رفع مستوى الوعي املجتمعي‬ ‫في قضايا بيئية مصيرية كأزمة املياه وغيرها‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫د‪ .‬عبد القادر الفنتوخ املدير التنفيذي لالستراتيجية في «املجموعة السعودية لألبحاث والتسويق»‬ ‫أثناء إلقاء كلمته في افتتاح املنتدى (تصوير‪ :‬جيمس حنا)‬

‫كما جاءت الجلسة الثالثة في الجزء الثاني من املنتدى والتي‬ ‫تحدثت عن تطور التسويق الخاص ب��اإلع�لام االجتماعي‪،‬‬ ‫حيث تحدث داني واتمو‪ ،‬مدير شركة ويبر شاندويك للعالقات‬ ‫العامة‪ ،‬عن التحديات التي تواجه املؤسسات اإلعالمية في‬ ‫تسويق محتواها في عالم بات تحت أصابعنا على شاشات‬ ‫الهواتف الذكية‪ .‬لهذا فقد ش� ّ�دد على أهمية العناية بجودة‬ ‫املحتوى بغض النظر عن القالب اإلعالمي الذي سيقدم فيه‬ ‫أو الجهاز الذي سيعرض عليه‪ .‬لكنه ّ‬ ‫أكد أن الهاتف الذكي هو‬ ‫املسيطر على املشهد‪ ،‬ولهذا ال بد الستراتيجيات التسويق‬ ‫أن تستهدف وسائل اإلعالم االجتماعي وتطبيقات الهواتف‪.‬‬ ‫على صعيد آخ��ر‪ ،‬كانت الجلسة الرابعة ح��ول تأثير اإلع�لام‬ ‫االجتماعي على تطور واستهالك اإلعالم في املنطقة العربية‬ ‫التي ّقدمها فادي سالم وهو باحث في كلية بالفاتنيك بجامعة‬ ‫أك�س�ف��ورد‪ .‬وق��د ط��رح الباحث أسئلة مهمة ع��ن نمو اإلع�لام‬ ‫االجتماعي خالل السنوات األخيرة ودوره في إعادة صياغة‬ ‫الواقع العربي على الصعيدين االجتماعي والسياسي‪ .‬كما‬ ‫أش��ار إل��ى ارتفاع ع��دد مستخدمي موقع «فيسبوك» من ‪18‬‬ ‫مليون مستخدم ‪ -‬تقريبا ‪ -‬في عام ‪ 2010‬إلى ‪ 125‬مليونا‬ ‫في مايو (أيار) ‪ ،2016‬ناهيك عن أن معظم مستخدمي موقع‬ ‫«فيسبوك» في العالم العربي هم من الذكور‪ ،‬الشيء الذي يثير‬ ‫الكثير من األسئلة واإلشكاليات فيما يتعلق بفاعلية دور املرأة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واألبوية‪.‬‬ ‫بالذكورية‬ ‫في املجتمعات العربية التي تتسم‬ ‫من جهة أخرى تحدثت أليسا دي كاربونيل الصحافية بوكالة‬ ‫«رويترز» في برسل عن الجانب السلبي لإلعالم الجديد في‬ ‫الجلسة الخامسة واألخ�ي��رة التي ناقشت الواقع االفتراضي‬ ‫في املشهد اإلعالمي املتغير‪ .‬ومن خبرتها الصحافية تقول‬ ‫أليسا إن الوجه املظلم لتبني اإلعالم الجديد يتمثل في فبركة‬ ‫املعلومات وتزييف الحقائق وانتشار اإلشاعات خاصة في‬

‫أوق��ات الحروب والصراعات‪ .‬ومن أهم التحديات التي ّ تواجه‬ ‫الصحافي في عصر الهاتف الذكي هو صعوبة التحقق من‬ ‫املعلومات والحقائق وشمولية املهارات من أجل مواكبة املهام‬ ‫املتعددة املتطلبة منه‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة تدريب الصحافي‬ ‫على استخدام كل التطبيقات الجديدة التي يمكن أن تساعده‬ ‫في تغطية األخبار من قلب الحدث‪.‬‬ ‫وأث �ن��اء ال�ن�ق��اش امل�ف�ت��وح م��ع امل�ت�ح��دث�ين س��أل�ن��اه��م ع��ن ظهور‬ ‫مصطلحات مختلفة كـ«اإلعالم البديل» و«اإلعالم اإللكتروني»‬ ‫وعن أهمية تحديد ما يشير إليه مصطلح «اإلعالم الجديد»‪.‬‬ ‫وقد اتفق املتحدثون على أن تحديد املصطلح يعني قسره على‬ ‫جانب واح��د دون آخر وتقييده بمعنى ضيق‪ ،‬فمن األفضل‬ ‫تركه مفتوحا‪ .‬وق��د ق��ال البروفسور بكري إن��ه من األفضل‬ ‫التركيز على تأثير اإلعالم وتوظيف هذا التأثير لخدمة وتطوير‬ ‫ّ‬ ‫املجتمعات ألنه «سيكون هناك إعالم جديد دائما»‪ .‬وقد أكد‬ ‫على كالمه الدكتور الفنتوخ حيث قال‪« :‬ال يمكن وضع خط‬ ‫فاصل بني اإلعالم التقليدي والجديد»‪ .‬كما وافق داني واتماو‬ ‫على أن الحواجز والفروقات بني وسائل اإلعالم الجديدة تزول‬ ‫شيئا فشيئا وأن التصنيفات اإلعالمية لن تكون ذات أهمية‪،‬‬ ‫فمشاهد املسلسل التلفزيوني بات يشاهده على هاتفه على‬ ‫موقع «يوتيوب» ومستمتع اإلذاعة بات يسمع برامجه املفضلة‬ ‫من لوحه الرقمي وهلم جرا‪..‬‬ ‫وإن ك��ان م��ن الصعب التنبؤ بشكل اإلع�ل�ام خ�لال السنوات‬ ‫القادمة إال أن إثارة األسئلة ومحاولة البحث عن أجوبة عنها‬ ‫ت �ع��ززان عملية تحليل امل�ش�ه��د اإلع�ل�ام��ي ال�ح��ال��ي وم�ح��اول��ة‬ ‫االس�ت�ف��ادة م��ن أخ�ط��اء وت�ج��ارب اإلع�ل�ام التقليدي‪ .‬وك��ل ذلك‬ ‫ّ‬ ‫يصب في حراك بحثي لتطوير اإلعالم وتوظيفه لخدمة عقلية‬ ‫املتلقي في عصر الهاتف الذكي‪ ،‬وهو بالتحديد ما تهدف إليه‬ ‫مثل هذه املنتديات‪.‬‬


‫ووقع ولي ولي العهد السعودي ونائب رئيس‬ ‫ال� ��وزراء الصيني ع�ل��ى ات�ف��اق�ي��ة إن �ش��اء لجنة‬ ‫مشتركة سعودية ‪ -‬صينية رفيعة املستوى‪،‬‬ ‫ومحضر أعمال ال��دورة األول��ى للجنة‪ ،‬بينما‬ ‫ُوقعت ‪ 17‬اتفاقية ومذكرة تفاهم بني حكومتي‬ ‫اململكة العربية السعودية وجمهورية الصني‬ ‫الشعبية‪.‬‬ ‫وال�ت�ق��ى األم�ي��ر محمد ب��ن س�ل�م��ان‪ ،‬ول��ي ولي‬ ‫العهد‪ ،‬في بكني أيضا‪ ،‬مجموعة من مسؤولي‬ ‫البنوك الصينية‪ ،‬وهي بنك الصني‪ ،‬وبنك الصني‬ ‫لالتصاالت‪ ،‬والبنك اآلسيوي لالستثمار في‬ ‫البنية التحتية‪ .‬وتناول اللقاء مجاالت الشراكة‬ ‫والفرص املتاحة لالستثمار في السعودية‪.‬‬ ‫م��ن ج��ان��ب آخ ��ر‪ ،‬وق �ع��ت م��ذك��رة ت�ف��اه��م بني‬ ‫ش��رك��ة «أرام �ك��و ال �س �ع��ودي��ة» وب �ن��ك ال�ص�ين‪،‬‬ ‫تتصل بالشراكات املستقبلية بني الجانبني‪،‬‬ ‫وذلك بعد اللقاء الذي عقده الدكتور إبراهيم‬ ‫العساف‪ ،‬وزي��ر املالية السعودي‪ ،‬مع رئيس‬ ‫مجلس إدارة بنك ال�ص�ين ت�ي��ان‪ ،‬بمشاركة‬ ‫الدكتور محمد آل الشيخ‪ ،‬وزير الدولة عضو‬ ‫مجلس ال��وزراء‪ ،‬وياسر بن عثمان الرميان‪،‬‬ ‫املشرف على صندوق االستثمارات العامة‪،‬‬ ‫وم��دي��ر ال �خ��زي �ن��ة ف��ي «أرام� �ك ��و ال �س �ع��ودي��ة»‬ ‫صالح الحريقي‪.‬‬ ‫واس �ت �ع��رض االج �ت �م��اع ال��رؤي��ة االق�ت�ص��ادي��ة‬ ‫والتنموية للمملكة «رؤي��ة السعودية ‪،»2030‬‬ ‫ومبادرة «الحزام االقتصادي لطريق الحرير‬ ‫وامل�ش��اري��ع العمالقة»‪ ،‬التي تنوي السعودية‬ ‫ت �ن �ف �ي��ذه��ا‪ ،‬وم� �ش ��ارك ��ة ال� �ش ��رك ��ات وال �ب �ن��وك‬ ‫الصينية فيها‪ ،‬وس�ب��ل ال�ت�ع��اون ف��ي الفرص‬ ‫االستثمارية األخرى‪.‬‬ ‫كما التقى األمير محمد بن سلمان‪ ،‬ولي ولي‬ ‫العهد‪ ،‬في مقر إقامته‪ ،‬نائب رئيس مؤسسة‬ ‫االستثمار الصينية «ك��اب�ي�ت��ال» ج��وو يمني‪،‬‬ ‫وع ��ددا م��ن امل�س��ؤول�ين ف��ي امل��ؤس�س��ة‪ ،‬وبحث‬ ‫ال �ل �ق��اء‪ ،‬ال� �ف ��رص االس �ت �ث �م��اري��ة ف ��ي ال�ب�ل��دي��ن‬ ‫ومجاالت الشراكة‪.‬‬ ‫واج �ت �م��ع ول ��ي ول ��ي ال�ع�ه��د م��ع م�ج�م��وع��ة من‬ ‫مسؤولي أهم الشركات الصينية‪ .‬وفي ختام‬ ‫ج��ول �ت��ه ال �ن��اج �ح��ة‪ ،‬ت��وج��ه األم �ي��ر م�ح�م��د بن‬ ‫سلمان إل��ى ال�ي��اب��ان ف��ي زي ��ارة رسمية ً‬ ‫بناء‬ ‫على توجيه خادم الحرمني واستجابة لدعوة‬ ‫الحكومة اليابانية‪.‬‬ ‫وكان في استقبال ولي ولي العهد السعودي‬ ‫لدى وصوله املطار في العاصمة اليابانية‬ ‫ط��وك�ي��و وزي ��ر ال��دول��ة ل�ل�ش��ؤون ال�خ��ارج�ي��ة‬ ‫ك �ي �ن �ت��ارو س� ��ون� ��وؤرا‪ ،‬وال �س �ف �ي��ر ال�ي��اب��ان��ي‬ ‫ف��ي ال�س�ع��ودي��ة نوريهيكو‪ ،‬وسفير خ��ادم‬ ‫الحرمني الشريفني لدى اليابان أحمد البراك‪،‬‬ ‫وعدد من املسؤولني في الحكومة اليابانية‪،‬‬ ‫وأعضاء سفارة خادم الحرمني الشريفني‬ ‫في طوكيو‪.‬‬

‫حينما‬

‫ننظر لحالة املنطقة ودولها أجد أنها تستأهل منا نظرة فاحصة وناقدة‬ ‫في آن واحد؛ النظرة الفاحصة ستعني بالنسبة للواقع أن اململكة العربية‬ ‫السعودية في حالة توازن اقتصادي ومالي وتطور صناعي متفوق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عصريا يستحق التقدير واإلعجاب في‬ ‫وإذا نظرنا إلى دولة اإلم��ارات سنجد مستوى‬ ‫األداء ومستوى املعيشة والعلوم الحديثة‪ ،‬ويمكن أن نقول الشيء ذاته بالنسبة للكويت‬ ‫والبحرين‪.‬‬ ‫وإذا نظرنا إلى الشقيقة مصر فسنجد أنه رغم مشكالتها االقتصادية‪ ،‬فإن استقرارها‬ ‫األمني نابع من الدور املتميز والحازم لقواتها املسلحة التي استطاعت في املرحلة األخيرة‬ ‫واإلرهاب في ًسيناء‪.‬‬ ‫أن تضرب بيد من حديد على التطرف‬ ‫ً‬ ‫وإذا توجهنا إل��ى ب�لاد املغرب فسنجد عاملا مختلفا من ناحية الطبيعة والجغرافيا‪،‬‬ ‫املغرب يتميز بطبيعة باهرة جاذبة بقوة للسائح والزائر‪ ،‬ونظافة املوقع‪ .‬وبجانبه تونس‬ ‫التي بدأت بعد الهدوء األمني الذي عاد إليها أن يعود إليها السائح الذي كان في الغالب‬ ‫ً‬ ‫فرنسيا‪ ،‬وفى الشهور األخيرة بدأ الروس يتعودون التمتع بجمالها ودماثة خلق معاملتها‬ ‫للسائح واألجانب‪.‬‬ ‫أما الجزائر فمن ينظر إلى جبالها الشاهقة وجمال الطبيعة فيها‪ ،‬فالالفت للنظر هو‬ ‫قدرتها بنجاح على كسر جناح التطرف والعنف واإلرهاب‪ ،‬ونحن نعلم مدى قوة وصرامة‬ ‫قوات األمن ُلديها‪ُ .‬‬ ‫أما ليبيا فقد أرهقت وأضر باألمن لديها بعد سقوط العقيد الراحل القذافي‪ ،‬وقتله بعنف‬ ‫ثم تقسيم الدولة وسيطرة «داعش» على جزء مهم منها‪ .‬إذن ليس هناك من أمل كبير‬ ‫في أن يستعيد هذا البلد وحدته واستقراره‪.‬‬ ‫وماذا بعد هذه النظرة إلى العالم العربي شرقا وغربا‪..‬؟! هناك صور إيجابية لدول هذه‬ ‫املنطقة‪ ،‬ولكن هناك ما كان يجب وما يجب اآلن لتحسني األوضاع بنظرة جديدة ومتطورة‬ ‫للعالقات االقتصادية بالذات بني هذه الدول وبعضها‪.‬‬ ‫ل�ي��س امل�ط�ل��وب تحقيق وح ��دة ع��رب�ي��ة باملعنى ال�ك��ام��ل‪ ،‬ول�ك��ن دع��م التنسيق وال�ت�ع��اون‬ ‫االقتصادي بيننا‪ ،‬وليتنا نضع نموذج الوحدة االقتصادية األوروبية نصب أعيننا‪.‬‬ ‫التكامل بني دور وإمكانيات الدول العربية ممكن ً‬ ‫جدا‪ ،‬فنستطيع أن نقول إن اململكة العربية‬ ‫السعودية واإلمارات مثال تتفردان بإمكانيات مالية ضخمة تسمح بتمويل مشروعات‬ ‫كثيرة لدول عربية مثل مصر وسوريا وليبيا‪.‬‬ ‫ومصر بالذات بتجربتها في مجال الصناعة والزراعة طرف رئيسي لوحدة اقتصادية‬ ‫قوية مع دول غنية برؤوس أموالها مثل السعودية واإلمارات‪.‬‬ ‫ولكن كل ذلك يفترض وجود تعاون قوي بني هذه الدول بعقيدة قوية؛ بأنها تخدم هدفا‬ ‫استراتيجيا موحدا لصالح شعوبها‪.‬‬ ‫أن نجاح فكرة هذا التكامل والتعاون يفترض حملة إعالمية قوية توضح للرأي العام‬ ‫العربي األهمية القصوى لهذا التعاون االقتصادي ملصلحة الرأي العام وأن يكون وعي‬ ‫اإلنسان املصري والعربي ً‬ ‫قادرا على أن يدعم حكوماتهم‪ ،‬ودفعها بالتوجه بإرادة صلبة‬ ‫إلى مستقبل اقتصادي تستفيد منة جميع الشعوب العربية‪.‬‬ ‫كيف يمكن لنا أن نجد ف��ي مستقبل لغة األرق ��ام عندما تندمج م�ش��روع��ات التعاون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حقيقيا لألمل‪ ،‬وأن يرتفع مستوى املعيشة لها؟!‬ ‫مصدرا‬ ‫للتفاعل مع الكاتب يرجى ارسال االقتصادي بني الدول العربية‬ ‫تعليقاتكم على الربيد اإللكرتوني نحن نعلم أن الظروف االقتصادية ملعظم الدول العربية تعاني بسبب انخفاض أسعار‬ ‫‪ editorial@majalla.com‬البترول‪ ،‬وبالتالي ال حرج من جانب األشقاء في اململكة العربية السعودية واإلمارات إذا‬ ‫كان هناك تردد في تقديم القروض واملعونة ملصر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وال حرج أيضا في أن املسؤولية الكبرى لدعم االقتصاد املصري تقع على عاتق دولة‬ ‫مصر وشعبها لتضع نصب عينها أن األولية املطلقة هي دعم اإلنتاج‪ ،‬وأن يتنبه اإلنسان‬ ‫املصري لواجب مقدس‪ ،‬هو العمل‪ ..‬ثم العمل‪ ..‬ثم العمل‪ !!..‬واالرتفاع بمستوى األداء‪ ،‬ألن‬ ‫نوعية اإلنتاج والتعليم هي بيت القصيد لدعم دخل الفرد وإيرادات الدولة‪ ،‬وبالتالي يقل‬ ‫إمكاناتها املادية‪.‬‬ ‫اعتماد مصر على دعم الدول الغنية ‪ ،‬حينما تقل‬ ‫ُ‬ ‫ولكن عودة إلى البداية‪ ،‬لنقول‪ :‬هناك فرص ممكنة حينما تعقد اتفاقيات بني الدول العربية‬ ‫دولة‪.‬‬ ‫تقيم التكامل بني اقتصاداتها‪ ،‬وأن تبني مشروعات تربط تخصص كل ً‬ ‫التكامل‬ ‫أن‬ ‫مثال‬ ‫وحينما‪ ،‬كما قلت‪ ،‬نتذكر املثل املقارن لدول الوحدة األوروبية سنجد‬ ‫ً‬ ‫بني االقتصادين األمل��ان��ي والفرنسي دع��م إمكانيات الدولتني في حني أن هناك فروقا‬ ‫سياسية كبيرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وإذا ذهبنا إلى عالقة فرنسا وأملانيا بإيطاليا االقتصادية‪ ،‬أيضا‪ ،‬سنجد أن التعاون‬ ‫مثمر بالنسبة لألطراف كلها‪.‬‬ ‫إذن حينما تنظر ال��دول العربية إلى النموذج األوروب��ي ستجد أن هناك أم ً�لا ً‬ ‫كبيرا في‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪.‬‬ ‫أن التكامل االقتصادي والصناعي واملالي العربي سيكون باب خير وبركة لنا‬

‫نظرة فاحصة‬ ‫وناقدة‪ ..‬لحالة‬ ‫أمتنا العربية‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪5‬‬


‫ولي ولي العهد السعودي األمير محمد بن سلمان والرئيس الصيني شي جني بينغ خالل اجتماعهما بقصر ضيافة الدولة في ‪ 31‬أغسطس ‪ 2016‬في بكني (غيتي)‬

‫جولة مثمرة لولي ولي العهد السعودي في باكستان والصني واليابان‬ ‫لندن‪ :‬بدأ األمير محمد بن سلمان‪ ،‬ولي‬ ‫ولي العهد‪ ،‬النائب الثاني لرئيس مجلس‬ ‫الوزراء وزير الدفاع السعودي‪ ،‬جولة ‪28‬‬ ‫أغسطس (آب) املاضي‪ ،‬شملت باكستان والصني‬ ‫وال �ي��اب��ان‪ ،‬وال �ت �ق��ى ف��ي م�س�ت�ه��ل ال �ج��ول��ة رئ�ي��س‬ ‫الوزراء الباكستاني‪ ،‬نواز شريف‪ ،‬في إسالم آباد‪.‬‬ ‫جرى خالل اللقاء استعراض العالقات الثنائية‬ ‫املتينة بني السعودية وباكستان‪ ،‬وسبل مواصلة‬ ‫تطويرها في مختلف املجاالت‪.‬‬ ‫وفي الصني‪ّ ،‬توج االجتماع األول للجنة السعودية‬ ‫‪ -‬الصينية املشتركة رفيعة املستوى‪ ،‬الذي عقد‬

‫‪4‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫في العاصمة بكني‪ ،‬بتوقيع جملة من االتفاقيات‬ ‫ومذكرات التفاهم والبرامج التنموية واالقتصادية‬ ‫والتجارية‪.‬‬ ‫ورأس االج�ت�م��اع م��ن ال�ج��ان��ب ال�س�ع��ودي األمير‬ ‫محمد بن سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬ومن الجانب‬ ‫الصيني نائب رئيس الوزراء الصيني تشانغ قاو‬ ‫لي‪ ،‬وحضر عدد من املسؤولني في البلدين‪.‬‬ ‫وسبق اجتماع اللجنة لقاء ثنائي عقده ولي ولي‬ ‫العهد مع نائب رئيس ال��وزراء الصيني‪ ،‬وشهد‬ ‫اللقاء استعراض الجهود التنسيقية املشتركة‬ ‫املبذولة لتعزيز التعاون بني اململكة والصني في‬

‫مختلف املجاالت «بما يتالءم ورؤية البلدين في‬ ‫تعزيز مكانتهما الدولية‪ ،‬واستثمار املوارد املتاحة‬ ‫في كال البلدين بما يحقق املصالح املشتركة»‪،‬‬ ‫فيما شدد األمير محمد بن سلمان على التطلع‬ ‫لتطوير التعاون االستراتيجي الثنائي‪ ،‬بما يحقق‬ ‫طموحات قيادتي البلدين‪.‬‬ ‫ف��ي ح�ي�ن أك ��د اج �ت �م��اع ال�ل�ج�ن��ة امل �ش �ت��رك��ة على‬ ‫ال�ع�لاق��ات االستراتيجية‪ ،‬وال �ف��رص املستقبلية‬ ‫لتعزيز ال�ش��راك��ة القائمة ب�ين اململكة وال�ص�ين‪،‬‬ ‫والسعي من خالل اللجنة لتحقيق األهداف التي‬ ‫يطمح لها البلدان الصديقان في مختلف املجاالت‪.‬‬


‫‪..‬‬ ‫رساله المحرر‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫سلمان بن يوسف الدوسري‬ ‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬ ‫‪Acting CEO of NASHR Co.‬‬

‫<‪Salman^¤ 7yG* Ò* ^d‬‬ ‫‪Aldossary‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬ ‫ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ‬

‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬

‫‪Editor-in-Chief‬‬ ‫‪¥E¢ 6^G* £ }H‬‬ ‫اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪Acting CEO‬‬ ‫ﺳﻜﺮﺗﲑ ‪of‬‬ ‫‪NASHR Co.‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬

‫دينيس روس‪ :‬ال يمكن أن‬ ‫ً‬ ‫تصبح إيران شريكا في الصراع‬ ‫ضد «داعش»‬

‫‪ǀżȤƾƪƵƴŽ‬‬ ‫‪Acting CEO‬‬ ‫‪of NASHR Co.‬‬

‫‪ΔϤϠϛ ϰϠϋ ΪϳΰΗ ϻ΃ ΐΠϳ ΕϻΎϘϤϟ΍ ϊϴϤΟ ΔχϮΤϠϣ HGLWRULDO#PDMDOOD FRP ϲϧϭήΘϜϟϹ΍ ΪϳήΒϟ΍ ϰϠϋ ΔϠγ΍ήϤϟ΍ ϰΟήϳ ˯΍έ΁ ϭ΃ ΕϻΎϘϣ ϝΎγέϹ‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬

‫سكرتري التحرير‬ ‫‪ ȝƾżȚǍƄŵȚ‬‬

‫«حزب الله» يستثمر أمواله في شارع الحمرا بحانات ومقا ٍه ومال ٍه ليلية‬

‫‪ZZZ LVVXX FRP PDMDOOD ΔϴϧϭήΘϜϟϻ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ VXEVFULSWLRQV#PDMDOOD FRP ˰Α ϝΎμΗϻ΍ ϰΟήϳ ˬΔϴϤϗήϟ΍ ΔόΒτϟ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫تأسست في لندن عام ‪ 1980‬شهرية سياسية‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمرب (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪ ϡΎψϧ ϱ΃ ϲϓ ΎϬϨϳΰΨΗ ϭ΃ ΎϬϨϣ ˯ΰΟ ϱ΃ ϭ΃ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϋΎΒσ ΓΩΎϋ· ϝ΍ϮΣϷ΍ Ϧϣ ϝΎΣ ϱ΄Α ίϮΠϳ ϻϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ΓΪΤΘϤϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϋ έΪμΗ ϲΘϟ΍ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϠΠϤϟ ΔχϮϔΤϣ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ‬‬ ‫‪ ϲϘϠΘϟ ˱ΎϳήϬη ΔϠΠϤϟ΍ έΪμΗϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϣ ϖΒδϣ ΢ϳήμΗ ϰϠϋ ϝϮμΤϟ΍ ϥϭΩ ϪΑΎη Ύϣ ϭ΃ ΎϬϠϴΠδΗ ϭ΃ ΎϫήϳϮμΗ ϭ΃ Δϴϟ΁ ϭ΃ ΔϴϧϭήΘϜϟ· ΔϠϴγϭ ϱ΃ ϭ΃ ΓέϮλ ϱ΄Α ΎϬϠϘϧ ϭ΃ ϲϋΎΟήΘγ΍‬‬ ‫‪ZZZ PDMDOOD FRP ΓέΎϳί ϰΟήϳ ˬϲϤϗήϟ΍ ϙ΍ήΘηϻ΍ Ε΍έΎδϔΘγ΍‬‬

‫‪ Ώ΁ βτδϏ΃ ΩΪόϟ΍‬‬

‫مصطفى الدسوقي‬

‫‪ϰμμΨΘϟ΍ ϊσΎϘΗ ΔϜϣ ϖϳήσ Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ νΎϳήϟ΍ ΎϬϟ κΧήϣ‬‬ ‫ ‪ ϥΪϨϟ ϒΗΎϫ νΎϳήϟ΍‬‬

‫‪ $ 0RQWKO\ 3ROLWLFDO 1HZV 0DJD]LQH‬‬

‫‪ZZZ PDMDOOD FRP HQJ‬‬

‫‪ ϲϧϼϋϹ΍ ϞϴϛϮϟ΍‬‬ ‫‪ΕΎϛ΍ήΘηϹ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ΔϋΎΒτϟ΍ ΰϛήϣ‬‬

‫للمشاركة‬

‫عائالت ضحايا جرائم إعدامات‬ ‫نظام املاللي‪ :‬عهد روحاني‬ ‫أشد عذ ًابا‬

‫ليلى علوي‪ :‬مسلسل‬ ‫«هي ودافنشي» نقلة‬ ‫مهمة في تاريخي الفني‬

‫ ‪LVVXH $XJXVW‬‬

‫‪Issue 1623-September 2016‬‬

‫كيف حافظت املصارف السعودية على نموها في عصر النفط الرخيص؟‬

‫بعد ‪ 15‬عامًا من وقوعها‪ ..‬مسؤولون أميركيون يرفعون الستار عن األحداث‬

‫ماذا تبقى من ‪ ١١‬سبتمبر؟‬

‫‪ ++ 6DXGL 5HVHDUFK DQG 0DUNHWLQJ 8. /WG‬‬ ‫ ‪$UDE 3UHVV +RXVH +LJK +ROERUQ‬‬ ‫‪/RQGRQ :& 9 $3‬‬ ‫ [‪7HO )D‬‬

‫‪KT#DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ ˬZZZ DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ‬‬ ‫‪ ϝϭΪϟ΍ ϒϠΘΨϣ Ϧϣϭ ˬ ϥΪϨϟ ˬ βϳέΎΑ ˬ ϲΑΩ ˬ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϞΧ΍Ω Ϧϣ‬‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني‬ ‫‪ ϲϧΎΠϣ ϒΗΎϫ ˬZZZ DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ LQIR#DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ‬كلمة‬ ‫‪ editorial@majalla.com‬ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪800‬‬

‫‪ ˬ βϛΎϓ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ ΔϳΩϮόδϟ΍ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϲϓ ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ZZZ VDXGLGLVWULEXWLRQ FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ‬‬

‫اشتراكات‬

‫االتصال بـ‪subscriptions@majalla. :‬‬ ‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى‬ ‫�شركات ن�شر‬ ‫‪ com‬لالشتراك في االلكترونية‪www.issuu.com/majalla :‬‬

‫ ‪ZZZ KDODSULQWFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ βϛΎϓ ˬ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι‬‬

‫‪09‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫‪ΔϋϮϤΠϤϟ΍ ΕΎϛήη‬‬

‫‪áeÉ©dG äÉbÓ©dGh ¿ÓYEÓd á«é«∏ÿG‬‬

‫‪www.srpc.com‬‬

‫‪www.sspc.com.sa‬‬

‫‪www.arabmediaco.com‬‬

‫حقوق النشر محفوظة ملجلة املجلة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة‬ ‫السعودية لألبحاث والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪.‬‬ ‫‪©ϡϼϋϹ΍ ΕΎϣΪΨϟ ϥϮϴΒϳήΗª Δϛήθϟ‬‬ ‫املجلة أو أي جزء‬ ‫وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫‪ ϲϧΎΠϤϟ΍ ϒΗΎϬϟ΍ ϰϠϋ ϝΎμΗϹ΍ ϰΟήϳ ˬΕΎϣϮϠόϤϟ΍ Ϧϣ ΪϳΰϤϟ΍ ϰϠϋ ϝϮμΤϠϟ‬‬ ‫‪ ©ΔϠΠϤϟ΍ª ΔμΧήϣ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϐϠϟΎΑ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ‬في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو‬ ‫منها أو تخزينها‬ ‫أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه‬ ‫دون الحصول على تصريح مسبق من الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر املجلة شهريًا‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬ ‫\‪6DXGL 6SHFLDOL]HG 3XEOLVKLQJ &RPSDQ‬‬

‫‪ ΔχϮϔΤϣ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ϊϳίϮΘϟ΍ ϕϮϘΣ‬‬

‫مرخص لها الرياض ‪ -‬حي املؤتمرات ‪ -‬طريق مكة ‪-‬‬ ‫تقاطع التخصصى‬ ‫الرياض‪ :‬هاتف ‪ - 4419933‬لندن‪+44 207 831 8181 :‬‬

‫يرجى إرسال تعليقاتكم‬ ‫على الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪editorial@majalla.com‬‬

‫ماذا بعد ‪ 11‬سبتمبر؟‬ ‫أو باألحرى‪ :‬ماذا بقي من ‪ 11‬سبتمبر؟‬ ‫بعد عقد ونصف لم يعد باقيًا من تفجيرات غيرت وجه السياسة العاملية سوى‬ ‫مثل هذا التساؤل املحير‪ ،‬وربما بقيت أيضا بعض األالعيب التي تمارسها بعض‬ ‫اللوبيات اإليرانية مع بعض الدوائر السياسية في أميركا‪ ،‬في محاولة بائسة إللصاق‬ ‫«تهمة سبتمبر» إن صح التعبير‪ ،‬باململكة العربية السعودية‪..‬‬ ‫لم ّ‬ ‫يجد جديد بشأن «تهمة سبتمبر» تلك سوى اإلفراج عن «تقرير لجنة سبتمبر»‬ ‫الذي أكد براءة السعودية من وهم ضلوعها في األحداث‪ ،‬وأثبت القضاء األميركي‬ ‫دعما ً‬ ‫تورط إي��ران وما يسمى «حزب الله»‪ ،‬لتقديمهما ً‬ ‫ماديا ولوجستيا لتنظيم‬ ‫القاعدة قبيل الهجمات‪ ،‬وهو ما أكدته أوراق القضية التي رفعها ضحايا «سبتمبر»‬ ‫وش��رك��ات التأمني ضد إي��ران‪ ،‬حيث حكم القاضي ج��ورج دانيالز ب��أن الحكومة‬ ‫اإليرانية و«حزب الله» كانا يقدمان التدريب والتمويل والدعم اللوجيستي لتنظيم‬ ‫القاعدة‪ ،‬لشن هجمات على مركز التجارة العاملي والبنتاغون وواشنطن العاصمة‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى هجمات أخرى‪ ،‬بما في ذلك تفجير سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا‬ ‫في ‪ ،1998‬وعملية التفجير االنتحاري للمدمرة األميركية «يو إس إس كول» على‬ ‫مقربة من اليمن عام ‪ 2000‬وتفجير أب��راج «الخبر» في الرياض‪ .‬هذا باإلضافة‬ ‫إلى ما صرح به القاضي دانيالز من أن املرشد األعلى آية الله علي خامنئي نفسه‬ ‫ضمن عدد آخر من كبار املسؤولني اإليرانيني واملسؤولني في «حزب الله» يتحمل‬ ‫مسؤولية مباشرة عن تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر‪.‬‬ ‫في هذا العدد من «املجلة» نقترب أكثر من سجل «الحادي عشر من سبتمبر»‪،‬‬ ‫لنفهم طبيعة التعاطي األميركي مع ملف العالقات السياسية‪ ،‬خاصة ما يتصل‬ ‫بالعالقات السعودية‪-‬األميركية بصفة عامة‪ ،‬وفي إطار هجمات سبتمبر بصفة‬ ‫خاصة‪ ،‬بما في ذلك التصريحات التي حصلت عليها «املجلة» حصريا‪ .‬كما يراجع‬ ‫التقرير سجل اإلسهامات السعودية في الصراع ضد اإلرهاب‪ ،‬التي يقر بها كثير‬ ‫من السياسيني األميركيني‪.‬‬ ‫مواز حاورت «املجلة» السياسي األميركي املخضرم دينس روس‪ ،‬الذي‬ ‫وفي سياق ٍ‬ ‫تحدث عن نتائج الصفقة النووية اإليرانية‪ ،‬وأوضح مسارا بديال يمكن اتخاذه حيال‬ ‫إيران‪ ،‬باإلضافة إلى حديثه عن الصراع مع التنظيمات التابعة لها في لبنان وسوريا‬ ‫وغيرهما‪ .‬كما تحدث عن «مبادرة السالم العربية» ودورها الحيوي في مساعي‬ ‫التغلب على العقبات التي تقف أمام التوصل إلى تسوية إسرائيلية‪-‬فلسطينية‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬تقدم «املجلة» مجموعة من املقاالت وامللفات والتحقيقات والتقارير‬ ‫السياسية واالق�ت�ص��ادي��ة‪ ،‬كما ت�ع��رض معالجات متميزة ألب��رز وأه��م األح��داث‬ ‫والقضايا الثقافية والفنية واالجتماعية والرياضية‪.‬‬ ‫في عدد هذا الشهر‪ ،‬ندعوك عزيزي القارئ ملتابعة هذه املوضوعات وغيرها الكثير‬ ‫على موقعنا «‪ ،»majalla.com‬كما نرحب ً‬ ‫دائما بآرائك وتعليقاتك‪ ،‬أو االتصال بنا‬ ‫إذا رغبت في التواصل معنا‪.‬‬

‫الوكيل اإلعالني‬ ‫موقع إلكتروني‪،www.alkhaleejiah.com :‬‬ ‫بريد إلكتروني‪hq@alkhaleejiah.com :‬‬ ‫من داخل اململكة ‪ ،920 000 417 :‬دبي‪+ 9714 3 914440 :‬‬ ‫باريس‪ +00764 537 331 :‬لندن‪+44 207 404 6950 :‬‬ ‫ومن مختلف الدول ‪+966 11 441 1444 :‬‬

‫وكيل اإلشتراكات‬ ‫بريد إلكتروني‪info@arabmediaco.com :‬‬ ‫موقع إلكتروني‪www.arabmediaco.com :‬‬ ‫هاتف مجاني‪2440076-800 :‬‬

‫‪A Monthly Political News Magazine‬‬

‫‪www.majalla.com/eng‬‬ ‫‪HH Saudi Research and Marketing (UK) Ltd‬‬ ‫‪Arab Press House, 184 High Holborn, London WC1V 7AP‬‬ ‫‪Tel : +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310‬‬ ‫حقوق التوزيع لهذه املطبوعات محفوظة لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم»‬ ‫حقوق النشر لهذه املطبوعات باللغة العربية مرخصة «املجلة»‬

‫شركات نشر‬

‫وكيل التوزيع‬ ‫وكيل التوزيع في اململكة العربية السعودية حي املؤتمرات ‪-‬‬ ‫ص‪.‬ب ‪ - 62116‬الرياض ‪ ،11585‬هاتف‪+966 11 4419933 :‬‬ ‫فاكس‪+ 966 11 2121774 :‬‬ ‫موقع إلكتروني‪www.saudidistribution.com :‬‬

‫‪Saudi Specialized‬‬ ‫‪Publishing‬‬ ‫املتخصص‬ ‫السعودية للنشر‬ ‫‪ Company‬الشركة‬

‫للحصول على املزيد من املعلومات‪ ،‬يرجى اإلتصال على الهاتف املجاني ‪8002440014‬‬

‫‪www.majalla.com/eng‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪3‬‬


‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪Issue 1623-September 2016‬‬

‫تنظيم عملية انسحاب بريطانيا من االتحاد األوروبي‬ ‫خطوة ضرورية للخروج رسميا‬

‫خطة تيريزا ماي لـ «البريكست»‬ ‫ما يعنيه انتصار «البنيان املرصوص» على «داعش سرت»‬

‫ليبيا بني خياري السالم ومواصلة‬ ‫«االحتراب األهلي»‬

‫‪32‬‬ ‫التقدم التكنولوجي يف إنتاج النفط يشكل ديناميكية األسعار ‪88‬‬

‫إقبال الجمهور يغري نجوم الشاشة بخوض التجربة‬

‫املسرح العربي يزدهر من جديد‬

‫هيالري تدخل احللبة‬

‫‪92‬‬

‫نظرة عامة تتناول مخاطر هذه الجراحة‬ ‫في العني ومضاعفاتها ونتائجها‬

‫جراحة املياه البيضاء‬ ‫توجهات وسائل اإلعالم الروسية بشأن سوريا‬

‫‪40‬‬ ‫‪32‬‬

‫مقاالت الرآي‬ ‫نظرة فاحصة وناقدة‪..‬‬ ‫حلالة أمتنا العربية‬ ‫بقلم‪ :‬علي السمان‬

‫مخاطر الشراكة الروسية ـ اإليرانية‬ ‫بقلم‪ :‬طوني بدران‬

‫بكني‪ ..‬جوهرة الصني‬

‫‪104‬‬

‫بعد ‪ 10‬سنوات‪..‬‬ ‫ما هو إرث حرب لبنان ‪2006‬؟‬ ‫بقلم‪ :‬تالي هلفونت‬

‫تأثري تقرير الوظائف على‬ ‫االحتياطي الفيدرالي‬ ‫بقلم‪ :‬محمد العريان‬

‫عبد الله العسكر‪ :‬االنحياز‬ ‫آفة التاريخ‬ ‫بقلم‪ :‬رشيد ُّ‬ ‫اخليون‬

‫‪2‬‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمبر (أيلول) ‪2016‬‬

‫العرب يف «أوملبياد ريو»‪ ..‬التقدم بطريقة السلحفاة ‪114‬‬

‫خمسة أعمال سينمائية مصرية تنافس في موسم العيد‬

‫‪100‬‬


‫داخل العدد‬

‫نافذة على بروباغندا‬ ‫احلرس الثوري‬

‫‪28‬‬

‫قصة الغالف‬

‫يوميات عائشة زوجة قائد خلية‬ ‫بجماعة «بوكو حرام»‬

‫‪52‬‬

‫‪26‬‬

‫اللوبي األميركي اإليراني يفشل‬ ‫في تسويق تورط السعودية في اهلجمات اإلرهابية‬

‫ً‬ ‫قريبا‪ ..‬آيفون أمريكي الصنع‬

‫‪86‬‬

‫عودة اهليبز ً‬ ‫مجددا‪..‬‬ ‫ولكن بطريقة عصرية‬

‫عائالت ضحايا جرائم إعدامات نظام املاللي‬ ‫‪ :‬عهد روحاني أشد ً‬ ‫لـ‬ ‫عذابا‬

‫‪108‬‬

‫إيران‪ ..‬اإلعدام شنقًا أو قهرًا‬

‫‪64‬‬



‫دينيس روس‪ :‬ال يمكن أن‬ ‫ً‬ ‫تصبح إيران شريكا في الصراع‬ ‫ضد «داعش»‬

‫عائالت ضحايا جرائم إعدامات‬ ‫نظام املاللي‪ :‬عهد روحاني‬ ‫أشد عذ ًابا‬

‫ليلى علوي‪ :‬مسلسل‬ ‫«هي ودافنشي» نقلة‬ ‫مهمة في تاريخي الفني‬

‫«حزب الله» يستثمر أمواله في شارع الحمرا بحانات ومقا ٍه ومال ٍه ليلية‬ ‫مجلة العرب الدولية‬ ‫تأسست في لندن عام ‪ 1980‬شهرية سياسية‬

‫العدد ‪ 1623‬سبتمرب (أيلول) ‪2016‬‬

‫‪Issue 1623-September 2016‬‬

‫كيف حافظت املصارف السعودية على نموها في عصر النفط الرخيص؟‬

‫بعد ‪ 15‬عامًا من وقوعها‪ ..‬مسؤولون أميركيون يرفعون الستار عن األحداث‬

‫ماذا تبقى من ‪ ١١‬سبتمبر؟‬

‫‪09‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.