ذاكرة غانياتي الحزينات
غابرييل غارسيا ماركيز ترجمة صالح علماني
"الفصل اللول
في السنة التسعين من سنلوات حياتي ،رغبت في أن أهدي إلى نفسي ليلة حب مجنلون ،مع مراهقة عذراء .تذكرت رلوسا كباركاس ،صاحبة بيت سري ،اعتادت أن تتصل بزبائنها الجيدين ،عندما يكلون تحت تصرفها جديد جاهز .لم أستسلم قط لهذا الغراء ،ألو لي لواحد آخر من إغراءاتها الفاحشة،
لولكنها لم تكن تؤمن بنقاء مبادئي .فكانت تقلول بابتسامة خبيثة :الخل قق مسألة زمن أيضا ،لولسلوف
ترى .كانت أصغر مني بعض الشيء ،لولم تعد لدي أخبار عنها منذ سنلوات طلويلة ،بحيث يمكن أن
تكلون قد ماتت .لولكنني ،منذ الرنين اللول ،تعرفت على صلوتها في الهاتف ،لوبادرتها دلون مقدمات:
-اليلوم ،أجل .فتنهدت قائلة :آه ،يا عالمي الحزين ،تختفي عشرين عاما ،لوتعلود لتطلب مستحيلت
فقط .لوفلورا ،استعادت السيطرة على فنها ،لوعرضت علي ستة من الخيارات الشهية ،لولكن عليك أن
تعلم ،جميعهن مستعملت .ألححت عليها أن ل ،لويجب أن تكلون عذراء ،لوأريدها هذه الليلة بالذات. فسألت مفزعة :ما الذي تريد أن تجربه؟ ل شيء ،أجبتها مهانا ،حيث تسبب الهانة لي أكبر ألم ،فأنا
أعرف جيدا ما أستطيعه لوما ل أستطيعه .فردت دلون تأثر بأن العلماء يعرفلون كل شيء ،لولكن ليس
كل شيء :فاللوحيدلون الخذلون بالبقاء من ملواليد برج العذراء هم أنتم أناس آب .لماذا لم تطلب مني
ذلك قبل بعض اللوقت؟ فأجبتها :ال لقهام ل يعطي إنذا ار مسبقا .لولكن ،ربما أستطيع ،انتظر ،قالت ذلك ،لوهي أكثر علما على الدلوام من أي رجل ،لوطلبت مني ،لوللو يلومين ،لتتقصى السلو ق بعم ق.
فرددت عليها بجد أنه في صفقة مثل تلك ،لوفي مثل عمري ،تكلون كل ساعة سنة .قالت هي دلون مجال للشك :ليس ممكنا إذن ،ثم أضافت :لولكن ل يهم ،فالمر هكذا أكثر إثارة ،يا للعنة ،سأتصل بك
بعد ساعة.
ل حاجة لن أقلول ذلك ل نقه يمكن تمييزي عن بعد فراسخ :أنا قبيح خجلول ،لومن زمن مضى .لكنني
لعدم رغبتي في أن أكلون كذلك ،رحت أتصنع العكس تماما ،حتى شمس هذا اليلوم ،الذي قررت فيه أن أرلوي لنفسي كيف أنا ،بمشيئتي الحرة لوالخاصة ،لوللو لمجرد طمأنة ضميري .لقد بدأت بمكالمتي غير
المأللوفة مع رلوسا كاباركاس ،لن تلك المكالمة ،لوأنا أنظر إليها اليلوم ،كانت بداية حياة جديدة ،في
سن يكلون فيها معظم البشر الفانين قد ماتلوا.
إنني أعيش في بيت من الطراز الكلوللونيالي ،على رصيف شمس حديقة سان نيكلولس ،حيث أمضيت كل أيام حياتي ،بل امرأة لوبل ثرلوة ،لوحيث عاش لومات أبلواي ،لوحيث قررت أن أملوت لوحيدا ،على
السرير نفسه الذي لولدت فيه ،لوفي يلوم أرغب أن يكلون بعيدا ،لوبل ألم .لقد اشترى أبي البيت في مزاد علني ،في ألواخر القرن التاسع عشر ،فأجر الطاب ق الرضي ،كمتاجر فاخرة لشركة يملكها إيطاليلون،
لواحتفظ لنفسه بهذا الطاب ق الثاني ،ليعيش سعيدا مع ابنة أحد ألولئك اليطاليين ،فللورينا دي ديلوس
كارغامنتلوس ،عازفة ماهرة لملوسيقى ملوزارت ،لومتعددة اللغات ،لوغاريبالدية ،لوالمرأة ال كقثر جمال لوالفضل ملوهبة بين كل من عرفتهن المدينة على الطل قق :إنها أمي.
نطا ق البيت لواسع لومنير ،فيه أعمدة من المرمر ،لوأرضيات شطرنجية من الملوزاييك الفللورنسي، لوأربعة من أبلواب زجاجية تتفتح على شرفة بارزة حيث كانت تجلس أمي في ليالي آذار ،لتردد أغنيات حب مع بنات عملومتها اليطاليات .لومن هناك ،ترى حديقة سان نيكلولس ،لومعها الكاتدرائية لوتمثال
كريستلوف كلوللومبس ،إلوالى اللوراء منها حانات المرسى النهري ،لوالف ق الفسيح لنهر مجدالينا الكبير، على بعد عشرين فرسخا من مصبه .الشيء اللوحيد غير اللطيف في البيت ،هلو أن الشمس تنتقل من نافذة إلى أخرى خل لق النهار ،لويتلوجب إغلقها جميعها من أجل محالولة نلوم القيللولة في العتمة
الحارقة .عندما بقيت لوحيدا ،لوأنا في الثانية لوالثل ثقين من عمري ،انتقلت إلى ما كان مخدع أبلوي، لوفتحت بابا للمرلور إلى غرفة المكتبة لوبدأت أبيع في المزاد كل ما يفيض عن حاجتي لكي أعيش، لوانتهى المر بما يفيض عن حاجتي إلى أن يكلون كل شيء باستثناء الكتب لوأرغن اللفافات.
لقد كنُت طلوال أربعين سنة ،مصحح البرقيات في جريدة دياريلو ل باث ،لوهي مهمة تتلخص في ترميم أخبار العالم التي نتلقفها من الفضاء الفلكي ،على الملوجات القصيرة ألو من رملوز شفرة ملورس، لواستكمالها بنثر محلي .لوأنا اليلوم أعيش بين بين ،على معاشي التقاعدي من تلك المهنة المنقرضة؛
لوأعيش بقدر أقل على تقاعدي كأستاذ نحلو قشتالي لول تقيني ،لول أكاد أكسب شيئا تقريبا من عملود يلوم
الحد الذي أكتبه للجريدة دلون تلوقف ،منذ أكثر من نصف قرن ،لول أكسب شيئا على الطل قق من تعليقاتي الملوسيقية لوالمسرحية التي ينشرلونها مجانا في المرات الكثيرة التي يأتي فيها عازفلون
بارزلون .لم أفعل شيئا قط غير الكتابة ،لولكنني ل أمتلك ملوهبة الرلوائي لول مزيته ،لوأجهل تماما قلوانين
التأليف الدرامي ،إلواذا كنت قد لورطت نفسي في هذا المشرلوع ،فل نقني أث ق بنلور الكثير الذي قرأته في الحياة .لوهذا يعني ،بلغة رلومانس فجة ،أنني نهاية سل لقة بل مزايا لول بري ق ،ليس لديه ما يلورثه لحيائه سلوى هذه اللوقائع التي أتهيأ لرلوايتها كيفما أمكن ،في هذا الستذكار للحب الكبير.
تذكرت يلوم إكمالي تسعين سنة ،كالعادة ،في الخامسة صباحا .لوكان التزامي اللوحيد ،لن اليلوم جمعة،
هلو كتابة عملودي الصحفي الذي يحمل تلوقيعي ،لوينشر أيام الحاد في ريلو دي ل باث .كان يمكن
لعراض الفجر أن تكلون مل ئقمة تماما ل نقعدام السعادة :فقد كانت تؤلمني عظامي منذ الصباح الباكر،
لوهناك حرقة في شرجي ،لوكان هناك رعد عاصفة ،بعد ثل ثقة شهلور من الجفاف .استحممت فيما كانت القهلوة تسخن ،تنالولت فنجانا محلى بعسل النحل ،لومعه قرصان من الكاثابيه ،لولبست أفرهلولي البيتي
الكتاني الفضفاض.
ملوضلوع مقالتي لذلك اليلوم ،لوكيف ل ،هلو سنلواتي التسعلون .لم أفكر قط في السن على أنها ثقب في
السقف يقطر الماء منه ،لينبه أحدنا إلى كمية الحياة الخذة بالتبقي له .لقد سمعت منذ طفلولتي
المبكرة أن القمل الذي يتكاثر في الشعر يهرب مذعلو ار على اللوسائد ،عندما يملوت الشخص ،مسببا
الحرج لوالخجل للسرة .لوكان هذا عبرة ل تقجنب ذلك المصير ،فسمحت بقص شعر رأسي كله عندما
ذهبت إلى المدرسة ،لوما زلت أغسل خصلت الشعر القليلة المتبقية لي ،بصابلون الكلب الشكلور .هذا
يعني ،لوأقلوله الن ،إن حس الحياء الجتماعي كان ،منذ طفلولتي المبكرة ،أفضل تكلونا لدي من حس الملوت.
لقد احتطت منذ شهلور ،كيل يكلون مقالي في ذكراي ،مجرد حسرة على السنلوات الذاهبة ،إلوانما العكس تماما :تمجيد للشيخلوخة .بدأت بالتساؤل ،متى بدأت أعي أنني صرت عجلوزا ،لوأظن أن المر حدث قبل لوقت قصير جدا من ذلك اليلوم .ففي الثانية لوالربعين من عمري لجأت إلى الطبيب ل لقم في
ظهري ،سبب لي ضيقا في التنفس ،فلم يلول الطبيب أهمية للمر ،لوقال لي :إنه ألم عادي في مثل
سنك .فقلت له - :غير العادي إذن ،في هذه الحالة ،هي سني.
ابتسم لي الطبيب ابتسامة مشفقة ،لوقال :أرى أنك فيلسلوف .كانت تلك هي المرة اللولى التي فكرت
فيها بسني ،بمعايير الشيخلوخة لولكنني سرعان ما نسيت ذلك .اعتدت على الستيقاظ كل يلوم بألم
مختلف ،يبدل ملوضعه لوأسللوبه مع مرلور السنلوات ،فهلو يبدلو أحيانا كمخلب الملوت ،لوفي اليلوم التالي
يزلول .لوقد سمعت ،في تلك الفترة من يقلول إن ألول أعراض الشيخلوخة هلو بدء المر بالتشابه مع
أبيه .ل بد أنني محكلوم بالشباب البدي .هذا ما فكرت فيه آنذاك ،لن برلوفيلي الحصاني ليس فيه أي
شبه على الطل قق بالبرلوفيل الكاريبي الخام الذي كان عليه أبي ،لول برلوفيل أمي الرلوماني
المبراطلوري ،لوالحقيقة هي أن ألول التبدلت تكلون شديدة البطء ،ل تكاد تلحظ ،لويلواصل أحدنا العيش،
بينه لوبين نفسه ،مثلما كان على الدلوام ،إل أن الخرين يلحظلون التبدلت من الخارج.
في العقد الخامس ،بدأت أتخيل ما هي الشيخلوخة ،عندما انتبهت إلى ألولى فجلوات الذاكرة .كنت أذرع
البيت بحثا عن النظارة ،ثم اكتشفت أنني أضعها على عيني ،ألو أدخل بها تحت مرشة الستحمام ،ألو
أضع نظارة القراءة دلون أن أنزع نظارة بعد البصر .لوفي أحد اليام تنالولت الفطلور مرتين ،ل نقني نسيت
المرة اللولى منهما ؛ لوتعلمت التعرف إلى ضي ق أصدقائي عندما ل يجرؤلون على تنبيهي إلى أنني
أرلوي لهم الحكاية نفسها التي رلويتها السبلوع الفائت .في ذلك الحين ،كانت هناك في ذاكرتي قائمة
لوجلوه معرلوفة ،لوقائمة أخرى باسم كل لواحد من أصحاب تلك اللوجلوه ،لولكنني في لحظة تبادل التحية،
ل أتلوصل إلى المطابقة بين اللوجلوه لوالسماء.
عمري الجنسي لم يقلقني قط ،لن قدراتي الجنسية ل تعتمد علي أنا نفسي بقدر ما تعتمد عليهن،
لوهن يعرفن كيف يفعلن ذلك لوماذا يفعلن ،عندما يشأن .إنني أضحك اليلوم من الفتيان الذين في
الثمانين ،ممن يستشيرلون الطبيب مذعلورين من هذه التبدلت المفاجئة دلون أن يدرلوا أنها ستكلون أسلوأ في التسعين ،لولكنها ل تهم :إنها مخاطر بقاء المرء حيا .لوما يمكن اعتباره نص ار للحياة،
بالمقابل أن ذاكرة المسنين تضيع في الملور غير الجلوهرية ،لولكنها ناد ار ما تخطئ في الملور التي تهمنا حقا .لوقد ألوضح شيشرلون ذلك بجرة قلم :ل لوجلود لمسن ينسى أين خبأ كنزه.
بهذه الفكار ،لوأخرى عديدة أنهيت المسلودة اللولى لمقالتي ،عندما اندلعت شمس آب من بين أشجار الللوز في الحديقة :لودخلت سفينة البريد النهرية ،المتأخرة أسبلوعا بسبب الجفاف ،في قنال المرفأ لوهي
تجأر .فكرُت :ق إلى هنا لوصلت سنلواتي التسعلون .لن أعرف السبب أبدا .لولست أسعى إلى معرفته، لولكن المر كان تعلويذة للتعزيم على ذلك الستذكار المدمر ،عندما قررت ال تقصال هاتفيا برلوسا
كاباركاسن كي تساعدني في تكريم ذكراي بليلة ماجنة .كنت قد أمضيت سنلوات في سلم مقدس مع
جسدي مكرسا نفسي لعادة قراءة غير منتظمة للكلسيكيين الذين أفضلهم ،لولبرامج ملوسيقاي
الخاصة المنتقاة ،غير أن رغبتي في ذلك اليلوم كانت ملحة ،حتى إنها بدت لي رسالة من الرب .بعد
المكالمة ،لم أستطع ملواصلة الكتابة علقت أرجلوحة النلوم في ركن المكتبة ،حيث ل تصل شمس
الصباح ،لواستلقيت بصدر منقبض بلهفة ال نقتظار.
لقد كنت طفل مدلل لب متعدد الملواهب قضى عليه السل لوهلو في الخمسين ،لومتمسك بالشكليات لم
يعرف له خطأ قط ،لوطلع عليه الصباح ميتا في فراش ترمله ،في يلوم تلوقيع معاهدة نيرل نقدا التي لوضعت حدا لحرب ال لقف يلوم ،لوحرلوب القرن الماضي الهلية الكثيرة .لقد بدل السلم المدينة في اتجاه لم يكن متلوقعا لول مرغلوبا .فقد أغنى حشد من النساء المتحررات ،حتى الهذيان ،الحانات
القديمة ،في شارع أنتشا الذي تحلول بعد ذلك إلى ممر آبييلو ،لوهلو الن جادة كلوللومبس ،في مدينة
رلوحي هذه التي يقدرها المقربلون لوالغرباء لطيب طباع ناسها لوصفاء ضلوئها.
لم أضاجع امرأة قط دلون أن أدفع لها! لوالقليلت الللواتي لم يكن من نساء المهنة ،أقنعتهن بالحجة ألو
بال كقراه ،بأن يأخذن النقلود لوللو لمجرد رميها في القمامة .منذ العشرين من عمري بدأت بلوضع سجل
بالسم ،لوالسن ،لوالمكان ،لوبملوجز تذكيري بالظرف لوالسللوب .فكّن حتى الخمسين من عمري خمسمائة لوأربع عشرة امرأة ،ضاجعت كل لواحدة منهن مرة لواحدة على القل .ألوقفت تلك القائمة عندما لم يعد الجسد قاد ار على الكثير ،لولواصلت الحساب بل ألورا ق .لقد كانت لي أخلقياتي الخاصة.
فأنا لم أشارك قط في عربدة جماعية ،لول في معاشرات عامة ،لولم أشاطر أحدا السرار ،لول رلويت
لحد مغامرة من مغامرات الجسد ألو الرلوح .فقد أدركت منذ شبابي أنه ل يمكن لي من ذلك كله أن
يمر دلون حساب.
العلقة الغريبة اللوحيدة هي تلك التي أقمتها لسنلوات ،مع داميانا اللوفية .لقد كانت طفلة تقريبا ،شبه
هندية ،لوقلوية لوبدائية ،كلمها قليل لوحاسم ،تتنقل حافية كيل تزعجني لوأنا أكتب .أتذكر أنني كنت أق أر
)النضارة ال نقدلسية( في أرجلوحة النلوم في الردهة ،لورأيتها مصادفة تنحني على حلوض غسل الثياب،
بتنلورة قصيرة جدا ،تكشف تكلوراتها الغضة .لومدفلوعا بحمى ل تقالوم ،رفعتها من لوراء ،أنزلت لها
سرلوالها الداخلي حتى الركبتين ،انقضضت بالمقللوب .فقالت هي ،بآهة كئيبة :آي ،يا سيدي ،هذا لم
يخل ق للدخال إلوانما للخراج .زلزلة عميقة هزت جسدها لولكنها ظلت ثابتة .لولحساسي بالمهانة، ل نقني امتهنتها ،أردت أن أدفع لها ضعف ما كانت تتقاضاه أغلهّن آنذاك ،لولكنها لم تقبل لول فلسا لواحدا .فكان علي أن أزيد راتبها بقيمة مضاجعة كل شهر ،لودلوما لوهي تغسل الملبس ،لودائما في
ال تقجاه المعاكس.
لقد فكرت في بعض الحيان بأنه يمكن لسجلت الفراش تلك ،أن تكلون دعامة لقصة عن بؤس حياتي الضائعة ،لونزل علي العنلوان من السماء )ذاكرة غانياتي الحزينات( ،حياتي العامة بالمقابل ،تخللو مما
هلو مشلو ق لومثير للهتمام :يتيم الب لوالم ،أعزب بل مستقبل ،صحفي متلوسط المكانيات ،لومتلوصل
أربع مرات إلى التصفية النهائية في مسابقات كارتاخينا دي إندياس الشعرية ،لوالشخص المفضل لرسم الكاريكاتير بسبب قبحي النملوذجي .هذا يعني :حياة ضائعة بدأت ،بصلورة سيئة ،مساء اليلوم الذي
أخذتني فيه أمي من يدي ،لوأنا في التاسعة عشرة من عمري ،إلى صحيفة )دياريلو دي ل باث( لترى إن كان بإمكانها التلوصل إلى نشر عرض عن الحياة المدرسية ،كنت قد كتبته لمادة اللغة القشتالية
لوالخطابة .لوقد نشر يلوم الحد ،مع تقديم تشجيعي كتبه مدير الجريدة .لوبعد مرلور سنلوات ،حين
عرفت أن أمي قد دفعت مقابل نشره ،لومقابل نشر مقال تقي السبع التالية كذلك ،كان اللوقت قد فات
للشعلور بالخجل ،إذ كان عملودي الصحفي السبلوعي يحل ق بجناحيه الخاصين ،لوكنت قد سرت فلو ق
ذلك مصحح البرقيات ،لوناقدا ملوسيقيا.
منذ حصلولي على شهادة الثانلوية بدرجة امتياز ،بدأت بإعطاء درلوس في اللغة القشتالية لوالل تقينية،
في ثلث مدارس عامة ،في اللوقت نفسه .كنت أستاذا سيئا بل ميلول ،لوبل أي شفقة على ألولئك
الطفال المساكين الذين يذهبلون إلى المدرسة ،باعتبارها أسهل الطر ق للهرب من طغيان آبائهم.
الشيء اللوحيد الذي استطعت عمله لهم ،هلو إبقاؤهم تحت رعب مسطرتي الخشبية ،لكي يحفظلوا عني
على القل ،قصيدتي المفضلة) :هذي التي تراها الن يا فابيلو ،لويا لل لقم ،مجرد حقلول عزلة لوربلوة
ذالوية كانت في زمن مضى إيتاليكا الشهيرة( .لوفي شيخلوختي فقط عرفت مصادفة اللقب الخبيث الذي
أطلقه علي التلميذ من لوراء ظهري :الستاذ ربلوة ذالوية .هذا هلو ما منحتني إياه الحياة ،لولم أفعل
شيئا لستخلص منها المزيد .كنت أتنالول الغداء لوحيدا ،في الستراحة بين حصة لوأخرى .لوفي الساعة
السادسة مساء أصل إلى مكاتب تحرير الجريدة ،ل تقصيد الخبار عن الفضاء الفلكي .لوفي الحادية
عشرة ليل عند إغل قق الطبعة تبدأ حياتي الحقيقية.
كنت أنام في الحي الصيني مرتين ألو ثلث مرات كل أسبلوع ،مع رفقة شديدة التنلوع ،حتى إنني تّلو جقت
مرتين بلقب )زبلون السنة( ،فبعد العشاء في مقهى رلوما القريب ،أختار أّيا من الملواخير دلون تعيين، لوأدخل خفية من بلوابة الفناء الخلفي .كنت أدخل من هناك بدافع المتعة ،لولكن المر تحلول إلى جزء
من مهنتي ،بفضل خفة لسان كبار ثرثاري السياسة ،ممن يقدملون لعشيقات ليلة عابرة ،ما لديهم من
أسرار الدلولة ،دلون أن يخطر ببالهم أن الرأي العام يسمع أصلواتهم من خل لق الجدران الكرتلونية .عن
هذه الطري ق ،لوكيف ل ،اكتشفت أيضا أنهم يعزلون عزلوبتي التي ل عزاء لها ،إلى ميلول للوطية ليلية
أشبعها مع أطفال أيتام في شارع دي ل كقريمن .لوقد حالفني الحفظ بنسيان ذلك ل نقني إضافة إلى أسباب طيبة أخرى ،عرفت أيضا الشياء الجيدة التي كانت تقال عني ،لوقدرتها بما تستح ق.
لم يكن لي أصدقاء حميملون قط ،لوالقلة الذين تمكنلوا من القتراب مني ،هم الن في نيلويلورك .هذا
يعني أنهم ميتلون .لن ذلك هلو المكان الذي أفترض أن الرلواح المحزلونة تذهب إليه ،كيل تتمثل
حقيقة حياتها الماضية .منذ تقاعدي لم يعد لدي إل القليل لعمله ،اللهم إل حمل ألوراقي إلى الجريدة
أيام الجمعة مساء ،ألو القيام بمساع أخرى على شيء من الهمية :حضلور حفلت ملوسيقية في قاعة الفنلون الجميلة ،ألو معارض رسم في المركز الفني ،لوأنا عضلو مؤسس فيه؛ ألو محاضرة تمدنية بين حين لوآخر في جمعية الصلح العام؛ ألو حدث كبير مثل ملوسم فابريغاس في مسرح أبلوللو.
في شبابي ،كنت أذهب إلى صالت السينما غير المسقلوفة ،حيث يمكن أن يفاجئنا خسلوف قمري ،ألو
نزلة صدرية مزدلوجة ،بفعل لوابل مطر في غير ألوانه ،لولكنني لم أكن أهتم بالفلم قدر اهتمامي
بعصفلورات الليل الللواتي يضاجعن بثمن تذكرة الدخلول ،ألو يقدمن ذلك مجانا ألو بالدين .فالسينما ليست
من ميلولي .لوكان العجاب الداعر بشيلي تيمبل هلو القطرة التي طفحت بها الكأس.
الرحلت اللوحيدة في حياتي ،هي أربع رحلت إلى المسابقات الشعرية في كارتاخينا دي إندياس ،قبل
بللوغي الثل ثقين ،لوليلية خبيثة في مركب ذي محرك ،بدعلوة من سكرامينتلو ملونتييل إلى افتتاح ماخلور
له في مدينة سانتا مارتا .أما بشأن حياتي المنزلية فأانا قليل ال كقل لوغير متطلب .عندما هرمت
داميانا ،لولم تعد تطبخ لي في البيت صارت لوجبتي النظامية اللوحيدة منذ ذلك الحين عجة البطاطا في
مقهى رلوما بعد إغل قق الجريدة.
لولهذا ظللت عشية إكمالي التسعين سنة دلون غداء ،لولم أستطع التركيز على القراءة ،بانتظار أخبار
من رلوسا كاباركاس .كانت الزيزان تصفر حد التقزز في قيظ الساعة الثانية ،لوقد أجبرني دلوران
الشمس على النلوافذ المفتلوحة على أن أبدل مكان أرجلوحة النلوم ثلث مرات .لقد بدا لي على الدلوام أن أيام ذكرى ميلدي هي الشد ح ار طلوال العام ،لوقد تعلمت تحمل ذلك ،غير أن مزاجي في ذلك اليلوم لم يتح لي التحمل كثيرا .ففي الساعة الرابعة بعد الظهر ،حالولت أن أهدئ نفسي بسماع مقطلوعات
التشيللو المنفرد الست ،لجان سبستيان باخ ،في نسختها النهائية لدلون بابللو كاسالس .إنني أرى فيها
ما تتضمنه الملوسيقى كلها من حكمة .لولكنها بدل أن تهدئني كالعادة خلفتني في أسلوأ حالت اللوهن. غفلوت مع السلوناتا الثانية منها ،لوهي تبدلو لي متكاسلة بعض الشيء .لوفي الحلم اختلط علي أنين
التشيللو بأنين سفينة حزينة مضت .لوعلى الفلور تقريبا أيقظني الهاتف ،لوأعاد لي الحياة صلوت رلوسا كاباركاس الصدئ :إن لك حظا مجنلونا ،قالت لي ،ثم أضافت :لوجدت لك لواحدة أفضل مما أردته أنت،
لولكن هناك مشكلة :إنها تكاد ل تتجالوز الرابعة عشرة .قلت لها مازحا دلون أن أفهم مسلوغاتها :ليس لدي مانع في تبديل حفاظات .فقالت هي :المر ل يتعل ق بك ،لولكن من الذي سيدفع عني ثلث
سنلوات سجن؟
لن يكلون هناك من يدفعها ،لوهي نفسها أقل من أي شخص آخر بالطبع .فهي تجني محصلولها من
بين قاصرات السن الللواتي يعرضن أنفسهن في محلها ،فتدربهّن لوتعتصرهن ،إلى أن ينتقلن إلى أسلوأ حياة عاهرات مجازات ،في ماخلور إلوفيميا الزنجية التاريخي .لم تدفع أي غرامة قط ،لن بيتها هلو
منتدى السلطات المحلية ،ابتداء من المحافظ لوحتى أصغر ملوظف في مقر المحافظة ،لولم يكن ممكنا تصلور أن صاحبة المحل تنقصها القدرات على ارتكاب المخالفات على هلواها .لوهكذا فإنه ل هدف من
لوسالوسها ،في اللحظة الخيرة سلوى جني منفعة أكبر من خدماتها :فالخدمة أغلى ثمنا كلما كانت
أكثر عرضة للعقاب .تمت تسلوية الخلف بإضافة بيزلوين اثنين إلى الخدمة .لواتفقنا على أن أكلون في بيتها الساعة العاشرة ليل لومعي خمسة بيزلوات نقدا لومقدما .لول دقيقة لواحدة قبل ذلك ،لن الطفلة يجب أن تقدم الطعام لخلوتها الصغار لوتنلومهم ،لوتنلوم أمها المقعدة بفعل الرلوماتيزم.
كانت ل تزال هناك أربع ساعات ،لوفي أثناء انقضائها كان قلبي يمتلئ بزبد حامض يعي ق تنفسي.
بذلت مجهلودا عقيما لمضي اللوقت بإجراءات اللباس .ل جديد في الحقيقة ،فحتى داميانا تقلول إنني
أرتدي ملبسي بطقلوس سيد مطران .جرحت نفسي بشفرة الحلقة ،لوكان علي أن أنتظر إلى أن يبرد
ماء الدش الذي سخنته الشمس في ال نقابيب .لومجرد الجهد البسيط في تجفيف جسدي بالمنشفة
جعلني أتعر ق من جديد .لبست ما يتلواف ق مغامرة الليلة :بدلة الكتان البيضاء ،لوالقميص ذا الخطلوط
الزر ق ،لوالياقة المقساة بالنشاء ،لوربطة العن ق الحريرية الصينية ،لوالحذاء المستعاد الشباب لوالملمع
بالزنك لوالساعة الذهبية ذات السلسلة المثبتة بعرلوة الياقة .لوبعد ذلك طلويت طرفي ساقي البنطال إلى
الداخل كيل يلحظ أني تقلصت شبرا.
يشاع عني أنني بخيل ،ل نقه ليس هناك من يتصلور أنني فقير إلى هذا الحد ،لوأنا أسكن حيث أسكن،
لوالحقيقة أن ليلة مثل تلك الليلة كانت أكبر بكثير من ملواردي .أخرجت من صندلو ق مدخراتي الملوضلوع تحت السرير بيزلوين اثنين لستئجار الغرفة ،لوأربعة لصاحبة البيت ،لوثل ثقة للصبية ،لوخمسة احتياطية لعشائي لونفقات ضئيلة أخرى .أي الربعة عشر بيزلوا التي تدفعها لي الجريدة مقابل شهر من مقالت
يلوم الحد ،خبأتها في جيب سري في الحزام ،لوتعطرت بمرشة ماء فللوريدا من صنع ل نقمان أند
كيمب -باركلي أند كلومباني .عندئذ أحسست بمخلب الذعر ،لومع قرع ناقلوس الساعة الثامنة اللول
نزلت متلمسا طريقي على الدرج المظلم ،متعرقا من الخلوف ،لوخرجت إلى ليلة عشية ذكراي السنلوية المشعة.
كان الجلو قد برد .جماعات من الرجال المتلوحدين يتجادللون صارخين حلول كرة القدم في جادة كلوللومبس ،بين سيارات الجرة المتلوقفة صفا في منتصف الشارع .جلوقة نحاسية تعزف فالسا فاترا،
تحت أشجار الحلور المزهرة .إحدى العاهرات البائسات الللواتي يصطدن زبائن معدمين في شارع )الكتبة العملوميين( طلبت مني السيجار المعهلودة لوأجبتها الجلواب الدائم نفسه :تركت التدخين منذ ثل ثقة
لوثل ثقين عاما لوشهرين لوسبعة عشر يلوما .لولدى المرلور أمام "السلك الذهبي" نظرت إلى اللواجهات المضاءة لولم أر نفسي مثلما أشعر بها ،إلوانما أكثر شيخلوخة لوأسلوأ ملبسا. قبل العاشرة بقليل ركبت سيارة أجرة لوطلبت من السائ ق أن يلوصلني إلى المقبرة الكلونية ،كيل يعرف إلى أين أنا ذاهب في اللواقع ،نظر إلي من خل لق المرآة لوقال لي :ل تخفني بهذه الملور أيها السيد
العالم ،أرجلو من ال أن يبقيني بمثل حيلويتك .نزلنا معا من السيارة قبالة المقبرة ،ل نقه لم يكن يملك نقلودا فكة ،لوكان علينا أن نصرف النقلود في )القبر( ،لوهي حانة بائسة يبكي فيها سكارى الفجر على ملوتاهم .عندما صفينا الحساب قال لي السائ ق بجد :كن حذ ار يا دلون ،فبيت رلوسا كاباركاس لم يعد
لوللو مجرد خيال لما كان عليه ،فلم أستطع إل أن أشكره مقتنعا مثل الجميع بأنه ل لوجلود لي سر
تحت السماء يخفى على سائ ق جادة كلوللومبس.
تلوغلت في حي فقراء ل علقة له بالذي عرفته في أزمنتي .كانت الشلوارع الفسيحة ذات الرمال
الساخنة نفسها ،ببيلوت أبلوابها مشرعة ،لوجدران من خشب غير مصقلول ،سقلوف من السعف المر،
لوأفنية مفرلوشة بالحصى .لكن ناسها فقدلوا الطمأنينة .لوكانت هناك في معظم البيلوت حفلت جمعة،
يرتد صخبها لوأطباقها في الحشاء .يمكن لي كان أن يدخل بخمسين سنتافلو إلى الحفلة التي ترلوقه
أكثر ،إنما يمكنه كذلك أن يظل يرقص مجانا على الرصفة .كنت أمشي متلهفا أن تبتلعني الرض
داخل أبهتي المزركشة ،لكن أحدا لم يلتفت إلّي باستثناء خلسي نحيل كان يجلس متنالوما عند بلوابة بيت جماعي .صرخ من كل قلبه: -لوداعا يا دكتلور .لوأتمنى لك ضربا سعيدا.
لوماذا يمكنني أن أفعل سلوى شكره؟ كان علي أن أتلوقف ثلث مرات كي ألتقط أنفاسي ،قبل أن أبلغ
المنحدر الخير ،لومن هناك رأيت القمر النحاسي الضخم الذي يرتفع في الف ق ،لوأحسست بتسرع غير متلوقع في البطن .جعلني أخشى على مصيري ،لولكنه مر مرلو ار عابرا .لوفي نهاية الشارع ،حيث
يتحلول الحي إلى غابة أشجار مثمرة ،دخلت إلى حانلوت رلوسا كاباركاس.
لم تكن تبدلو هي نفسها .لقد كانت فيما مضى أكثر القلوادات تكتما ،لوبالتالي أكثرهن شهرة .امرأة
ضخمة الحجم ،كنا نريد تتلويجها رقيب إطفائيين ،سلواء لضخامتها ألو لفعاليتها في إطفاء شب ق رجال
المدينة .لكن اللوحدة قلصت جسدها ،لوجعدت جلدها ،لوشحذت صلوتها ببراعة شديدة .بدت معها كما
للو أنها طفلة مسنة .لم يب ق لها مما كانت عليه في الساب ق إل أسنانها الدقيقة ،مع لواحد منها غلفته
بالذهب للتجمل .لوكانت تحتفظ بحداد صارم على زلوجها الميت ،بعد خمسين سنة من الحياة
المشتركة ،لوقد زادت على ثياب الحداد قلنسلوة سلوداء لملوت ابنها اللوحيد الذي كان يساعدها في إساءاتها .لم يب ق حيا فيها سلوى عينيها الصافيتين لوالقاسيتين لومنهما عرفت أن طبيعتها لم تتغير.
هناك في الحانلوت مصباح شاحب ،يتدلى من السقف ،لوليس في خزائن الدكان أي شيء للبيع ،حتى أنه ل ينفع أحيانا كغطاء لتجارة يعرفها الجميع ،لولكن ل أحد يعترف بها .كانت رلوسا كاباركاس
تتحدث إلى زبلون عندما دخلت على رؤلوس أصابع قدمي .لست أدري إذا ما كانت لم تتعرف علي حقا ،أم أنها تظاهرت بذلك للحفاظ على الشكليات .جلست على مقعد ال نقتظار ريثما تنتهي ،لوحالولت
أن أعيد في ذاكرتي ترميم ما كانت عليه .فأكثر من مرتين عندما كنا كل نقا كاملين ،أخرجتني هي من الرهبة .أظن أنها قرأت أفكاري ،ل نقها التفتت إلي لوتفحصتني بتمعن منذر بالخطر .ثم تنهدت بأسى:
الزمن ل يؤثر عليك .فأردت مجاملتها :أما أنت فيؤثر عليك ،لولكن إلى الحسن .لوقالت هي :بجد، حتى إن لوجه الحصان الميت الذي لك يبدلو لوقد انبعث .فقلت بخبث :ربما ل نقني بدلت المذلود.
لوتحمست هي لوقالت لي :كان لك ،على ما أذكر ،نبلوت عبد تجديف .كيف حاله الن؟ تملصت من السؤال بمهارة :الشيء اللوحيد المختلف منذ لم نعد نلتقي هلو أنني أشعر بحرقة في الشرج أحيانا.
لوكان تشخيصها فلوريا :بسبب عدم الستعمال .فقلت لها :ل أستعمله إل لما صنعه الرب من أجله.
لولكنه كان يحرقني حقا منذ زمن ،لودائما عندما يكلون القمر بدرا .بحثت رلوسا في درج منضدتها الذي
مثل درج الخياط لوفتحت علبة مرهم أخضر ،له رائحة مرهم نبتة العطاس .قل للطفلة أن تدهنها لك
بإصبعها هكذا ،محركة سبابتها بقلوة لوبدلون خجل .فأجبتها بأنني ما زلت بحمد ال قاد ار على القيام
بلواجبي دلون مراهم شعلوذات شعبية .فقالت ساخرة :آي أيها المعلم ،عذ ار للحياة .لوانتقلت إلى ملوضلوعها.
الطفلة في الغرفة منذ العاشرة ،قالت لي؛ إنها جميلة ،نظيفة ،لوحسنة التربية ،لولكنها تكاد تملوت
خلوفا ،لن صديقة لها هربت مع حمال سفن من غايرا ،قد نزفت خل لق ساعتين .لوأقرت رلوسا :لولكن المر مفهلوم ،لن رجال غاي ار مشهلورلون بأنهم يجعللون البغلت تلوللول .لوعادت إلى المساك بخيط حديثها :يا لها من مسكينة ،لوعليها فلو ق ذلك أن تعمل طلوال النهار في تثبيت ال زقرار في أحد
المصانع .لم تبد لي خياطة ال زقرار عمل شاقا .فردت هي :هذا ما يظنه الرجال ،لولكنه أسلوأ من العمل في تكسير الحجار .لواعترفت لي كذلك بأنها أعطت الطفلة مشرلوبا من البرلوملور مع الفاليريانا ،لوأنها
نائمة الن .خشيت أن تكلون شفقتها مجرد حيلة أخرى لزيادة السعر ،لولكن ل ،قالت هي ،فكلمتي من ذهب .بقلواعد ثابتة :كل شيء يدفع على حدة ،بنقلود نظيفة ،لومقدما .لوهذا ما كان.
لحقت بها عبر الفناء مشفقا على ذبلول بشرتها ،لوسلوء مشيتها بساقيها المتلورمتين لوراء جلورب
القطن الطبي .كان للون القمر المكتمل يقترب من منتصف السماء ،لوتبدلو الدنيا كما للو أنها غارقة في
ماء أخضر .كان هناك بالقرب من الدكان سقيفة من سعف النخل ،لحفلت الدارة العامة ،مع كثير من الكراسي الجلدية التي بل مساند ،لوأراجيح النلوم المعلقة إلى الدعائم .لوفي الفناء الخلفي ،حيث
تبدأ غابة الشجار المثمرة ،هناك رلوا ق يضم ست غرف نلوم ،مبنية من اللبن غير المجصص ،بنلوافذ مزلودة بشباك إضافية للحماية من البعلوض .الغرفة اللوحيدة المشغلولة كانت نصف مضاءة ،لوتلونيا الزنجية تغني من المذياع أغنية غرامية خبيثة .استنشقت رلوسا كاباركاس الهلواء لوقالت :ألحان
البلوليرلو هي الحياة .لوكنت متفقا معها في الرأي ،لولكنني لم أتج أر على كتابة ذلك حتى اليلوم .دفعت
الباب ،دخلت هنيهة ،ثم عادت للخرلوج لوقالت :ل تزال نائمة .تحسن صنعا بتركها تستريح كل اللوقت الذي يتطلبه جسدها ،فليلَُك أطلول من ليله .كنت مبهلورا ،لوسألتها :ما الذي علي عمله برأيك؟ فقالت هي بلوداعة في غير محلها :أنت تعرف ما عليك عمله ،فلسبب ما أنت عالم .دارت على عقبيها، لوتركتني لوحيداً مع الرعب.
لم يكن ثمة مفر .دخلت إلى الحجرة بقلب مزعزع ،لورأيت الطفلة النائمة عارية لوعزلء على سرير اليجار الفسيح ،مثلما لولدتها أمها .ترقد على جانبها ،لولوجهها إلى الباب ،مضاء من البهلو ،بنلور
كثيف ل يغفل تفصيل منها ،جلست أتأملها من حافة السرير ،بافتتان حلواسي الخمس .كانت سمراء
لودافئة .لوكانلوا قد أخضعلوها لعملية تنظيف لوتجميل لم تهمل حتى زغب عانتها المستجد .لوقد جعدلوا شعرها ،لوكان على أظفار يديها لوقدميها طلء ذلو للون طبيعي ،أما بشرتها التي بللون دبس القصب
فتبدلو خشنة لوفي حالة مزرية .النهدان حديثا البرلوز ل يزالن يبدلوان كما للو أنهما لطفل ذكر ،لولكن
يبدلو أنهما يتحفزان بقلوة سرية تلوشك أن تتفجر .أفضل ما في جسدها هما القدمان الكبيرتان اللتان
تمشيان بخطلوات متكتمة ،بأصابعهما الطلويلة لوالحسية كما في أيد أخرى .كانت مبللة بعر ق فسفلوري
لمع بالرغم من المرلوحة ،لوكانت لوطأة الحر الذي ل يطا ق تزداد مع تقدم الليل .كان من المستحيل
تخيل كيف هلو اللوجه المطلي بالصبغة لوبطبقة كثيفة من بلودرة مسحلو ق الرز ،مع لطختين حمرالوين
على الخدين ،لوكانت الرملوش الصطناعية لوالحاجبان لوالجفنان كما للو أنها مدّخ نقة بهباب أسلود،
لوالشفتان مضخمتان بطلء لمع من الشلوكل تقة .لولكن لم تستطع الخر ق لول الصبغة أن تخفي
شخصيتها :ال نقف المتكبر ،الحاجبين المتصلين ،الشفتين الممتلئتين .لوفكرت :ثلور مصارعة رقي ق.
في الساعة الحادية عشرة ذهبت للقيام بإجراءات رلوتينية في الحمام ،حيث كانت ملبسها كفقيرة
مطلوية على كرسي بعناية غنية ،فستان مطّبع برلوسلوم فراشات ،سرلوال داخلي أصفر ،لوصندل من القنب ،لوكان هناك فلو ق الملبس سلوار رخيص ،لوقلدة رفيعة جدا ،مع ميدالية لرسم العذراء ،لوعلى
رف المغسلة محفظة يدلوية لوقلم شفاهن لوعلبة أصبغة تجميل ،لومفتاح لوقطعة نقدية صغيرة .كل شيء
بالغ الرخص ،لومستهلك من كثرة الستعمال ،إلى حد لم أستطع تصلور من هلو أفقر منها.
خلعت ملبسي لولوضعت كل قطعة منه بأفضل ما استطعت على المشجب كيل أفسد حرير القميص لوكّي الك ّتان ،تبلولت في المرحاض ذي السلسلة جالسا ،مثلما علمتني فللورينا دي ديلوس منذ طفلولتي، ف مقعد المرحاض ،كان بلولي ل يزال يندفع ،لولندع التلواضع جانبا ،في دفقة فلورية كيل ألّلو ثق حلوا ّ لومتلواصلة مثل مهر جملوح ،لوقبل أن أخرج نظرت إلى مرآة المغسلة .الحصان الذي نظر إلي من
الجانب الخر ،لم يكن ميتا إلوانما كئيبا ،لوله غبب تحت ذقنه كغبب البابا ،لوجفنان منتفخان ،لوناصية الملوسيقي التي كانت له قد تهدلت .فقلت له: -خراء ،ماذا يمكنني أن أفعل إذا كنت ل تحبني.
لوفي محالولة مني لعدم إيقاظها ،جلست عاريا على السرير ،بنظرات اعتادت على خدع الضلوء
الحمر ،لوتفحصتها شب ار شبرا .مررت بطرف سبابتي انزلقا على قفا عنقها المبلل ،فارتعشت كلها من الداخل ،مثل لوتر قيثارة ،لوانقلبت باتجاهي بهمهمة ،لوأحاطتني بجلو أنفاسها الحامضة .ضغطت أنفها
بين إبهامي لوسبابتي ،فاهتزت ،لوأبعدت رأسها ،لوألولتني ظهرها دلون أن تستيقظ .حالولت مباعدة
ساقيها بركبتي ،في إغلواء مفاجئ .فقالومت ذلك في المحالولتين اللوليين ،بفخذيها المتصلبين .غنيت
في أذنها) :سرير ديلغادينا ،محاط بالمل ئقكة( فاسترخت قليل .صعد تيار دافئ في عرلوقي ،لواستيقظ
حيلواني البطيء المتقاعد من سباته الطلويل.
ديلغادينا ،يا رلوحي ،تلوسلت إليها متلهفا ،ديلغادينا .فأطلقت أنة كئيبة ،لوابتعدت عن فخذي .أدارت لي
ظهرها .لوتكلورت على نفسها مثل حلزلون في قلوقعته .ل بد أن مشرلوب الفاليريانا كان فعال معي كفعاليته معها ،لن شيئا لم يحدث لها لول لحد .لولكن ذلك لم يهمني .تساءلت عن الفائدة من
إيقاظها لوأنا ذليل لوحزين مثلما كنت ،لوبارد مثل أرنب صغير مذعلور.
د ّلو ىق عندئذ ،لواضحا لومؤكدا ،قرع نلواقيس الثانية عشرة ليل ،لوبدأ فجر التاسع لوالعشرين من آب ،يلوم استشهاد القديس يلوحنا المعمدان .أحد كان يبكي صارخا في الشارع .لوليس هناك من يهتم به.
صليت من أجله ،إذا ما كان ذلك ينفعه ،لوكذلك من أجلي ،في شكر للرب على المنافع التي تلقيتها: )ل يخدعن أحد نفسه ،ل ،مفك ار في أن ما ينتظره سيدلوم أكثر مما رآه( .تألوهت الطفلة في حلمها،
فصليت من أجلها أيضا) :فكل شيء سينقضي بهذه الطريقة( .ثم أطفأت بعد ذلك المذياع لوالنلور ،كي
أنام.
استيقظت فج ار دلون أن أدري أين أنا .كانت الطفلة ل تزال نائمة ،ملولية إلي ظهرها ،في لوضع جنيني. رالودني إحساس مبهم بأنني سمعتها تنهض في الظلم ،لوبأنني سمعت ماء سيفلون الحمام ،لولكن
يمكن لذلك أن يكلون حلما .كان المر جديدا بالنسبة لي .فأنا أجهل نزلوات الغلواء .لوكنت أختار
عرلوساتي لليلة لواحدة بالمصادفة ،لوباهتمام بالسعر أكثر من المفاتن .لونمارس دلون حب ،لونحن
بنصف ملبسنا في معظم الحيان .لودلوما في الظلم .كي يتخيل كل منا الخر أفضل مما هلو عليه.
في تلك الليلة اكتشفت المتعة التي ل تصد ق .في تأمل جسد امرأة نائمة .دلون تسرع الشهلوة ألو
علوائ ق الحياء.
نهضت في الخامسة .قلقا لن مقالتي ليلوم الحد ،يجب أن تكلون على منضدة التحرير قبل الساعة
الثانية عشرة .قمت بتغلوطي في ملوعده الدقي ق ،لوكانت حرقة القمر البدر ل تزال ملوجلودة ،لوعندما
شددت سلسلة الماء ،أحسست أن أحقاد ماضّي قد ذهبت في المجاري .لوحين رجعت منتعشا لومرتديا ملبسي إلى غرفة النلوم ،كانت الطفلة تنام على ظهرها ،على ضلوء الفجر المهادن ،معترضة السرير من جانب إلى آخر ،لوذراعاها مفتلوحان في صليب لوسيدة قلت لها :فليحمك الرب .لوكل النقلود المتبقية معي .نقلودها لونقلودي .لوضعتها على اللوسادة ،لولودعتها إلى البد ،بقبلة على جبينها .كان البيت مثل
كل الملواخير عند الفجر ،أقرب ما يكلون من الفردلوس .خرجت من البلوابة المطلة على البستان ،كيل
ألتقي بأحد .لوتحت شمس الشارع اللسعة ،بدأت أشعر بلوطأة سنلواتي التسعين ،لوأعد دقيقة فدقيقة، دقائ ق الليالي التي تفصلني عن الملوت.
الفصل الثاني أكتب هذه الذكريات ،في القليل المتبقي من المكتبة التي كانت لبلوي ،لورفلوفها على لوشك أن تنهار بسبب العث .لوأنا في نهاية المطاف ،من أجل ما تبقى علي عمله في هذه الدنيا .تكفيني معاجمي
التي من كل نلوع ،مع المجملوعتين اللوليين من )المراحل اللوطنية( لدلون بينيتلو غالدلوس ،لورلواية
)الجبل السحري( التي علمتني فهم تقلب أجلواء أمي بسبب السل.
خلفا لقطع ال ثقاث الخرى ،لوخلفا لي أنا بالذات ،تبدلو المنضدة التي أكتب عليها في أحسن صحة
مع مرلور الزمن ،لن من صنعها من أخشاب ثمينة هلو جدي لبي ،لوكان نجار سفن .لوحتى عندما ل يكلون علي أن أكتب فإنني أهيئها كل صباح بالصرامة المتكاسلة التي تسببت في فقداني غراميات
كثيرة.
ي في متنالول يدي ،كتبي المتلواطئة :مجلدْي )المعجم المصلور اللول( لل كقاديمية الملكية ،طبعة لولد ّ 1903م :لو)كنز اللغة القشتالية ألو السبانية( لدلون سيبستيان دي كلوفارلوبياسح لو)نحلو دلون أندرييس بيلو( .إذا ما اعترضتني شكلوك في مدللول لفظة ما ،بالصرامة الل زقمة .لو)المعجم
اليديلوللوجي( المستجد لدلون خلوليلو كاساريس ،لولسيما بسبب مترادفاته لوأضداده :لو)مفردات اللغة اليطالية( لنيكلول زينغاريلي ،ليكلون علونا لي في لغة أمي التي تعلمتها من المهد ،لومعجم اللغة
الل تقينية ،ل نقها أم لغتين أخريين أعتبرهما لغة ملولدي.
إلوالى يسار المنضدة أحتفظ على الدلوام برزم اللور ق الخمس .ذات الحجم الرسمي ،من أجل كتابة عملودي ليام الحاد ،لوقرن مسحلو ق تنشيف الرسائل الذي أفضله على لوسائد لور ق النشاف المحدثة. إلوالى اليمين هناك دلواة حبر لوحمالة رياش كتابة من خشب البالسلو الخفيف ،لوالريشة الذهبية ،فأنا ما زلت أكتب بيدي ،بالخط الرلومنطيقي الذي علمتني إياه فللورينا دي ديلوس ،كيل أعتاد على الكتابة بالخط الرسمي لزلوجها الذي كان كاتبا بالعدل ،لومحاسبا محلفا .حتى نفسه الخير .منذ زمن فرض
علينا في الجريدة أن نكتب على اللة الكاتبة ،من أجل تقدير حسابي أفضل لحجم النص في رصاص اللينلوتيب .لودقة أكبر في الخراج ،لولكنني لم أتف ق قط مع هذه العادة السيئة .لواصلت الكتابة يدلويا،
لواستنساخ ما أكتبه على اللة الكاتبة ،بنقر دجاجة شا ق ،بفضل المتياز المزعج ،باعتباري أقدم
الملوظفين .لوأنا اليلوم ،متقاعد لولكن غير مهزلوم ،أنعم بالمتياز المقدس بالكتابة في البيت ،لوالهاتف
مفصلول كيل يزعجني أحد ،لودلون رقيب يرصد ما أكتبه من فلو ق كتفي.
أعيش بل كلب لول طيلور لول خدم ،باستثناء داميانا اللوفية التي أخرجتني من مآز ق ل تخطر على بال ،لوهي تلواصل المجيء مرة كل أسبلوع ،لترى إذا كان ثمة ما يجب عمله ،حتى لوهي في حالتها
الراهنة ،ضعيفة البصر لوالعقل .لقد تلوسلت إلّي أمي ،لوهي على فراش الملوت أن أتزلوج لوأنا شاب من امرأة بيضاء ،لوأن ننجب ثل ثقة أبناء على القل ،بينهم طفلة تحمل اسمها الذي كان اسم أمها لوجدتها .كنت حريصا على الستجابة لتلوسلها ،إنما كانت لدي فكرة شديدة المرلونة عن الشباب ،لم يبد لي معها قط أن اللوقت قد تأخر .حتى ظهيرة يلوم بالغ القيظ ،أخطأت فيه بباب البيت الذي كان
يملكه آل باللوماريس دي كاسترلو في برادلومار ،لوفاجأت البنة الصغرى خيمنتا ألورتيث عارية لوهي
تنام القيللولة في الغرفة المجالورة .كانت مستلقية لوظهرها إلى الباب ،لوالتفتت لتراني من فلو ق كتفها،
بحركة سريعة جدا ،لم تتح لي اللوقت للهرب .آي اعذرني ،تلوصلت إلى قلول ذلك لورلوحي في فمي.
فابتسمت هي لواستدارت نحلوي بحركة غزال ،لوأظهرت لي جسدها كامل .بدت الحجرة كلها مترعة
بحميميتها ،لم تكن عارية تماما ،فقد كانت على أذنها زهرة سامة ،بتل تقها مائلة إلى الللون البرتقالي
مثل )ألولمبيا( مانيه ،لوكانت تضع أيضا سلوا ار ذهبيا في معصمها اليمن ،لوعقد لؤلؤ حباته دقيقة .لم أتخيل قط أنه يمكن لي رؤية شيء أشد إثارة لل رقتباك فيما تبقى لي من الحياة ،لويمكنني اليلوم أن
أؤكد أنني كنت على صلواب.
أغلقت دفعة لواحدة ،خجل من بلدتي ،لومصمما على نسيانها .لكن خيمينا ألورتيث حالت دلون ذلك،
فقد راحت ترسل إلي رسائل شفهية مع أصدقاء مشتركين لوبطاقات غرام استفزازية لوتهديدات قاسية، فيما هي تنشر الشاعة بأننا نحب أحدنا الخر ،دلون أن نكلون قد تبادلنا كلمة لواحدة .كانت المقالومة
مستحيلة ،فقد كانت لها عينا قطة متلوحشة ،لوجسد بالغ ال ثقارة ،بالملبس لومن دلونها ،لوشعر غزير
من ذهب هائج .زهلوها كامرأة يدفعني إلى البكاء غيظا على اللوسادة .كنت أعرف أن ذاك لن يصل أبدا لن يكلون حبا ،لكن الغلواية الشيطانية التي مارستها علي كانت شديدة الحرا ق ،أحالول تهدئتها مع
أي غانية خضراء العينين أصادفها في طريقي ،لم أستطع قط إخماد نار ذكراها في سرير برادلومار، لوهكذا سلمتها أسلحتي بطلب يديها رسميا ،لوبتبادل خلواتم لوالعل نق عن حفلة زفاف كبرى قبل عيد
العنصرة.
انفجر الخبر في الحي الصيني بقلوة أكبر مما في ال نقدية الجتماعية .في البدء بسخرية لولكنه تحلول
إلى معارضة أكيدة لبعض ال كقاديميات المحترفات الللواتي يرين أن الزلواج حالة مضحكة أكثر منها
مقدسة .تقيدت خطلوبتي بكل طقلوس الخل قق المسيحية ،على شرفة أزهار اللوركيدا المازلونية
لوالسراخس المعلقة في بيت خطيبتي ،كنت أصل إلى هناك في الساعة السابعة مساًء ،مرتديا بذلة
كاملة من الكتان البيض ،لوحامل أي هدية من مشغلولت الخرز التقليدية ألو الشلوكل تقة السلويسرية. فنتبادل الحديث ،نصفه بالرملوز لونصفه بجد ،حتى الساعة العاشرة ،تحت حراسة أرخينديا التي كانت
تغفلو مع ألول طرفة عين ،مثل الرقيبات ذلوات القلنسلوات في رلوايات ذلك العهد.
كانت خيمنتا تزداد شراهة كلما صار تعارفنا أفضل ،فهي تتخلص من حمالت الصدر لوالتنانير كلما
ازدادت لوطأة حر حزيران ،لوكان من السهل تصلور القدرة الهدامة الطاغية التي تمتلكها في العتمة. بعد شهرين من الخطلوبة ،لم يعد لدينا ما نتحدث عنه ،لوطرحت هي ملوضلوع البناء ،دلون أن تقلول
مباشرة ،إلوانما بحياكة أخفاف صلوف خام بالسنارة ،لطفال حديثي اللولدة .لوتعلمت أنا الخطيب الشهم الحياكة معها ،لوهكذا صارت الساعات غير المجدية المتبقية لحفل الزفاف ،تمضي لوأنا أحلوك الخفاف الزرقاء للملواليد الذكلور ،لوهي تحلوك الخفاف اللوردية لل نقاث ،لنرى من منا سيصيب ،إلى أن صارت الخفاف تكفي لخمسين ابنا .لوقبل أن تد ق نلواقيس الساعة العاشرة كنت أركب عربة تجرها أحصنة،
لوأذهب إلى الحي الصيني لعيش ليلتي في سلم الرب.
كانت حفلت لوداع العزلوبية الصاخبة التي يقيملونها لي في الحي الصيني تمضي في طري ق معاكس
لسهرات النادي الجتماعي ثقيلة اللوطأة لوالمضجرة .لوهلو تناقض أفادني في أن أعرف أي العالمين هلو عالمي الحقيقي ،لوقد ألوهمت نفسي بأنهما عالماي على السلواء ،لولكن كل منهما في ساعاته
المحددة .فمن أي لواحد منهما ،كنت أرى الخر يبتعد بالزفرات المؤثرة التي تتباعد بها سفينتان، إحداهما عن الخرى ،في عرض البحر .الحفلة الراقصة عشية يلوم زفافي ،في ماخلور )إلبلودير دي
ديلوس( تضمن طقسا أخي ار ل يمكن له أن يخطر إل لخلوري غاليسي متلورط في لوحلول الشهلوة ،ألبس جميع العاملت ال نقاث طرحات زفاف لوأكاليل زهر برتقال ،كيف يتزلوجن جميعهن مني ،في طقس ديني
جماعي .كانت ليلة تدنيس عظيمة للمقدسات ،أقسمت فيها اثنتان لوعشرلون منهن على الحب لوالطاعة ،لوأجبتهن بقسم اللوفاء لوالعالة إلى ما بعد القبر.
لم أستطع النلوم بسبب نذير أمر ل خلص منه .لومنذ الفجر بدأت أعد مرلور الساعات على دقات نلواقيس الكاتدرائية ،حتى دقات الناقلوس السبع المرهلوبة التي يتلوجب علي عندها أن أكلون في
الكنيسة .بدأ جرس الهاتف بالرنين في الثامنة؛ طلويل لجلوجا بل لين ،طلوال أكثر من ساعة .لولم أكتف بعدم الرد عليه لوحسب ،إلوانما بعدم التنفس أيضا .لوقبل العاشرة بقليل طرقلوا علي الباب ،بقبضة اليد في البدء ،ثم بصرخات أصلوات معرلوفة لومستنكرة .خشيت أن يحطملوه اعتقادا منهم بحدلوث مكرلوه خطير ،لولكن في حلوالي الحادية عشرة ساد البيت صمت متلوتر كالذي يلي الكلوارث الكبرى.
عندئذ بكيت من أجلها لومن أجلي ،لوصليت من أعما ق قلبي متلوسل أل ألتقي بها في حياتي ،مطلقا
إلوالى البد .لول بد أن قديسا ما سمعني نصف استماع ،لن خيمينا ألورتيث غادرت البلد ،في تلك الليلة بالذات ،لولم ترجع إل بعد مرلور عشرين عاما ،لوكانت قد تزلوجت لوصار لها سبعة أبناء ،كان يمكن لهم أن يكلونلوا أبنائي.
تكلفت جهدا في الحفاظ على ملوقعي لوعملودي السبلوعي في )الدياريلو دي ل باث( ،بعد تلك الساءة
الجتماعية .لولكنها لم تكن السبب في إبعاد عملودي الصحفي إلى الصفحة الحادية عشرة ،إلوانما السبب هلو ال نقدفاع الهلوج الذي دخل به القرن العشرلون .فقد تحلول التقدم إلى أسطلورة المدينة .كل شيء تبدل .طارت الطائرات ،لوألقى رجل مبادرات كيس رسائل من طائرة "جنكر" مخترعا بذلك البريد
الجلوي.
الشيء اللوحيد الذي بقي على حاله هلو أعمدتي في الصحيفة .انقضت الجيال الجديدة عليها في
هجمات مضادة ،مثلما تنقض على ملومياء من الماضي يجب تدميرها؛ لولكنني حافظت على مقال تقي، بالنبرة نفسها ،دلون تنازل ،في ملواجهة رياح التجديد .صممت أذني عن كل شيء .لوكانت مقال تقي قد
أكملت أربعين سنة ،لكن المحررين الشبان كانلوا يسملونها )ملودا ار النغل( .استدعاني مدير ذلك الزمن إلى مكتبه ،ليطلب مني أن أجاري نبرة ال تقجاهات الجديدة .لوقال لي بلهجة لوقلورة ،كما للو أنه اخترع
ذلك للتلو :العالم يتقدم .فقلت له :أجل إنه يتقدم لولكن بالدلوران حلول الشمس .أبقى على عملودي
ألحدي ،ل نقه لم يجد مصحح برقيات آخر .لوأنا أعرف اليلوم أنني كنت على ح ق ،لوأعرف السبب.
فمراهقلو جيلي النهملون للحياة نسلوا ألوهام المستقبل رلوحا لوجسدا ،إلى أن علمهم اللواقع بأن المستقبل
ليس كما يحلملون به ،لواكتشفلوا الحنين.
لوهناك كانت أعمدتي ألحدية مثل لقية أثرية بين أنقاض الماضي ،لوانتبهلوا إلى أنها ليست للشيلوخ
فقط ،إلوانما هي كذلك للشباب الذين لم يخافلوا أن يشيخلوا .لوعندئذ رجع عملودي إلى صفحة الفتتاحيات ،لوحتى الصفحة اللولى في بعض المناسبات الخاصة. كل من يسألني أجيبه دلوما بالحقيقة :العاهرات لم يتحن لي اللوقت ل تقزلوج .لومع ذلك يجب أن أعترف بأنني لم أجد هذا التفسير قط ،حتى يلوم إكمال سنلواتي التسعين ،عندما خرجت من بيت رلوسا
كاباركاس ،مصمما على عدم العلودة مطلقا إلى استفزاز القدر .كنت أشعر أنني شخص آخر .انقلب
مزاجي من جماعات الناس الذين رأيتهم متكئين على السلور الحديدي المحيط بالحديقة العامة .لوجدت داميانا مقرفصة في الصالة تمسح الرضية فأثار في شباب فخذيها لوهي في هذه السن ،رعشة أزمنة أخرى .ل بد أنها أحست بذلك ،ل نقها غطت نفسها بالتنلورة .لولم أستطع كبح الغراء بسؤالها:
أخبريني يا داميانا :ما الذي تتذكرينه؟ فقالت :لم أكن أتذكر شيئا ،لولكن سؤالك ذكرني .أحسست
بضي ق في الصدر .قلت لها :لم أعرف الحب قط .فردت هي على الفلور :أنا بلى ،عرفته .لولواصلت قائلة .لودلون أن تتلوقف عن عملها :بكيت اثنتين لوعشرين سنة من أجلك.
أحسست بقلبي يطفر من مكانه .فقلت لها ،باحثا عن مخرج مشرف :كان يمكن لنا أن نكلون ثنائيا جيدا .فقالت :إنك تسيء إلي بقلول هذا الن ،ل نقه لم يعد ينفعني لوللو كعزاء .لوبينما هي تغادر البيت،
قالت لي بطريقة أكثر طبيعية :أنت لن تصدقني لولكنني ما زلت عذراء ،لوالحمد ل.
اكتشفت بعد قليل أنها تركت لورلودا حمراء في كل أنحاء البيت ،لوبطاقة على اللوسادة) :أتمنى لك بللوغ
المئة( .بهذا المذا ق الكريه جلست لملواصلة كتابة عملودي الذي لم أكمله في اليلوم الساب ق .أنهيته في نفس لواحد ،لوخل لق أقل من ساعتين ،لوكان علي أن أللوي عن ق البجعة لخرجها من أحشائي دلون أن يظهر علي البكاء .لوبنفحة إلهام متأخرة قررت أن أنهي هذا المقال بلوضع حد سعيد ،لحياة صحفية
طلويلة لوجديرة دلون الخضلوع لشرط ملوتي البغيض.
كنت أنلوي ترك المقال في استعلمات الجريدة ،لوالعلودة إلى البيت .لولكنني لم أستطع .فالعامللون كلهم كانلوا بانتظاري للحتفال بعيد ميلدي .كانت هناك لورشة ترميم في البناء ،مع سقالت لوأنقاض باردة
في كل مكان ،لولكنهم ألوقفلوا أعمال البناء من أجل الحتفال .لوعلى منضدة نجار كانت مشرلوبات
ال نقخاب لوالهدايا الملفلوفة بلور ق مبهرج .لوبينما أنا مشلوش بلوميض آلت التصلوير ،استجبت لكل ما
طلب من صلور للذكرى.
أسعدني أن أجد هناك صحفيين من الذاعة ،لومن جرائد المدينة الخرى .من جريدة )لبرنسا(
الصباحية المحافظة ،لوجريدة )الهيرالدلو( الصباحية الليبرالية ،لو)الناثيلونال( المسائية شديدة التأثير،
التي تحالول التخفيف من تلوترات النظام العام برلوايات عاطفية مسلسلة .لم يكن غريبا أن يكلونلوا معا،
فضمن رلوح المدينة كان هناك تقبل حسن للحفاظ على سلمة الصدقات بين الجنلود ،بينما الماريشات يخلوضلون حرلوب الفتتاحيات.
لوكان هناك أيضا ،خارج ألوقات دلوامه ،الرقيب الرسمي دلون خيرلونيملو ألورتيغا ،الذي كنا نسميه رجل الساعة التاسعة البغيض ،ل نقه يصل بدقة في هذه الساعة من الليل ،بقلمه الدملوي كعاهل قلوطي.
لويبقى هناك إلى أن يتأكد من عدم لوجلود أي حرف لم ينل جزاءه من طبعة الصباح .كان لديه نفلور شخصي تجاهي ،لعجرفتي النحلوية ،ألو ل نقني أستخدم كلمات إيطالية ،عندما تبدلو لي أكثر قدرة على
التعبير من الكلمة القشتالية ،دلون أن أضمنها في أقلواس ألو أكتبها بخط مائل ،لوهلو استخدام يجب أن يكلون مشرلوعا بين لغات من أصل لواحد .لوبعد أن عانينا منه أربع سنلوات انتهينا إلى تقبله ،باعتباره
ضميرنا الخبيث.
حملت السكرتيرات إلى القاعة قالب حللوى بلودين ،عليه تسعلون شمعة مشتعلة ،لواجهتني للول مرة
بعدد سنلوات حياتي .لوكان ل بد لي من ابتلع الدملوع ،عندما غنلوا النخب ،لوتذكرت الطفلة دلون أي مبرر .لم تكن خبطة حقدن إلوانما شفقة متأخرة على المخللوقات التي لم أكن آمل بالعلودة إلى تذكرها. لوريثما انقضى مرلور المل كق ،كان أحدهم قد لوضع في يدي سكينا من أجل تقطيع الحللوى .لولم يتج أر أحد على ارتجال خطبة ،خلوفا من السخرية .لوكنت أفضل الملوت على الرد على مثل تلك الخطب. لول نقهاء الحفلة عمد رئيس التحرير الذي لم أشعر نحلوه قط بتعاطف كبير ،إلى إعادتنا إلى اللواقع
الفظ .فقد قال :لوالن ،أيها التسعيني اللمع ،أين هي مقالتك؟
الحقيقة أنني كنت أشعر بها تحرقني ،طلوال ما بعد الظهر ،مثل جمرة في جيبي ،غير أن التأثر كان قد
تغلغل عميقا ،على حد لم يطالوعني معه قلبي على إفساد الحفلة باستقالتي .فقلت :إنها غير ملوجلودة
هذه المرة .استاء رئيس التحرير لهذا الخطأ الذي لم يكن تصلوره ممكنا منذ القرن الساب ق .فقلت له: تفهم المر مرة لواحدة ،لقد أمضيت ليلة شاقة ،لواستيقظت مشلوشا .فقال هلو بمزاجه الذي كالخلب:
كان عليك إذن أن تكتب هذا ،فالقراء يحبلون أن يعرفلوا من صاحب العلقة مباشرة كيف هي الحياة في التسعين .فتلوسطت إحدى السكرتيرات ،ربما هناك سر لذيذ ،قالت ذلك لونظرت إلي بخبث :أم أن المر ليس كذلك؟ أحرقت لوجهي هبة ملتهبة ،لوفكرت :يا للعنة ،كم هلو جاحد الحياء .فأشارت أخرى،
مشرقة ،إلي بإصبعها :يا للرلوعة! ما زالت لديه أناقة الحساس بالحياء .فاستثارت في لوقاحتها حياء
آخر فلو ق الحياء .لوقالت السكرتيرة اللولى :ل بد أنها كانت ليلة انقضاض ،أشعر بالحسد! لوقبلتني قبلة ظلت مرسلومة على لوجهي .ازداد المصلورلون ضرالوة .لوبإحساس بالختنا ق سلمت المقالة إلى رئيس التحرير لوقلت له إن ما قلته سابقا كان مزاحا ،لوهاهي ذي ،لوهربت في جلبة نلوبة التصفي ق
الخيرة ،كيل أكلون حاض ار عندما يكتشفلون أنها رسالة استقالتي ،بعد نصف قرن من عبلودية
التجديف.
استمر الجزع طلوال تلك الليلة ،فيما أنا أفتح الهدايا في بيتي .عمال اللينلوتيب جانبلوا الصلواب بإهدائي
آلة صنع قهلوة كهربائية ،مثل اللت الثلث التي قدمت لي في أعياد ميلد سابقة .لوقدم لي
الطباعلون تفلويضا باستلم قط أنغلو ار من الحظيرة البلدية للحيلوانات .لوقدمت لي الدارة زيادة نقاط
رمزية .لوأهدت إلي السكرتيرات ثل ثقة سرالويل داخلية حريرية ،عليها آثار قبلت مطبلوعة ،لوبطاقة
يعرضن فيها علي خلع السرالويل عني .خطر لي إن إحدى مفاتن الشيخلوخة هي الستف اززات التي
تسمح الصديقات الشابات ل نقفسهن بها ل نقهن يعتقدن أننا خارج الخدمة.
لم أعرف قط من الذي أرسل لي اسطلوانة تضم افتتاحيات شلوبان الربع لوالعشرين ،بتلوزيع ستيفان
اسكيناس .لوأهدى إلي معظم المحررين كتبا رائجة .لم أكن قد انتهيت من فتح الهدايا ،عندما اتصلت بي رلوسا كاباركاس هاتفيا ،لوبادرتني بالسؤال الذي ل أريد سماعه :ما الذي جرى لك مع الطفلة؟ ل
شيء ،قلت دلون أن أفكر بالمر .فقالت رلوسا كاباركاس :أيبدلو لك ل شيء أنك لم تجرب مجرد
إيقاظها؟ ل يمكن لمرأة أن تتسامح قط مع رجل يزدري تدشينها .فتعللت بأنه ل يمكن للطفلة أن تكلون مستنفدة إلى ذلك الحد لمجرد أنها تركب أز اررا ،لوربما كانت تتصنع النلوم خلوفا من خطلورة
اللحظة .فقالت رلوسا :المر اللوحيد الخطير هلو أنها تظن حقا أنك لم تعد تنفع ،لول أحب أن تذيع عنك
ذلك في الرياح الربع.
لم أمنحها متعة مفاجأتي .لوقلت لها :حتى للو كان المر كذلك فإن حالتها يرثى لها ،لول يمكن
العتماد عليها ،سلواء أكانت نائمة أم مستيقظة ..إنها لحم مستشفى .أخفضت رلوسا كاباركاس من نبرتها :المشكلة في التسرع الذي تم به ال تقفا ق ،لولكن هناك علج ،لولسلوف ترى .تعهدت لي بأن
تجعل الطفلة تعترف ،لوأن تجبرها إذا كان المر كما أقلول على إعادة النقلود ،ما رأيك؟ فقلت لها :دعي المر عند هذا الحد ،فهنا لم يحدث شيء ،لولكنه أفادني بالمقابل كدليل على عدم صلحيتي لهذه الملور .لوبهذا المعنى تكلون الطفلة على ح ق :فانا لم أعد أنفع .أغلقت الهاتف ،مفعما بإحساس
بالتحرر لم أعرفه في حياتي ،لوبمنجى ،أخيرا ،من مهانة أبقتني تحت نيرها منذ كنت في الثالثة عشرة
من عمري.
في الساعة السابعة مساء كنت ضيف شرف على كلونشيرتلو جاك ثيبلول لوألفرد كلورتلو في قاعة الفنلون
الجميلة ،في عزف مجيد لسلوناتا الكمان لوالبيانلو لسيسر فرانك ،لوقد أخذني المعلم بيدرلو بيافا،
ملوسيقينا العظيم ،بما يشبه الجرجرة ،إلى الكلواليس ،ليقدمني إلى العازفين .شعرت بانبهار شديد ،حتى
أنني هنأتهما على سلوناتا لشلومان لم يعزفاها ،فصحح لي أحدهم خطأي أمام المل ،لوبصلورة خبيثة. ال نقطباع بأنني خلطت بجهل بسيط بين السلوناتتين ،ظل مغرلوسا في الجلو المحلي ،لوزاد من الحرج أنني حالولت ترقيع المر ،بتلوضيح أرعن ،في تعليقي النقدي على الكلونشيرتلو يلوم الحد التالي.
أحسست للول مرة في حياتي الطلويلة بأنني قادر على قتل أحدهم .رجعت إلى البيت معذبا بهذا
الشيطان الصغير الذي يهمس في الذن بالجابات المفحمة التي لم ترد إلى ذهني في اللوقت
المناسب ،لولم تخفف القراءة لول الملوسيقى من غضبي .لحسن الحظ أن رلوسا كاباركاس أخرجتني من
ذلك الهذيان بصرخة أطلقتها عبر الهاتف :إنني سعيدة بالجريدة ل نقني لم أكن أظن انك أكملت التسعين إلوانما المئة .فأجبتها مغتاظا :أبمثل هذا التهالك رأيِتني؟ فقالت هي :بالعكس ،فما فاجأني هي رؤيتك في أحسن حال .لويا لرلوعة أنك لست من المسنين المتصابين الذين يزيدلون عمرهم ،ليراهم
الخرلون في حالة حسنة .ثم غيرت الملوضلوع دلون تمهيد :لقد أعددت لك هديتك .فاجأتني بذلك حقا:
لوما هي؟ فقالت :الطفلة.
لم أتريث لحظة لواحدة للتفكير ،لوقلت :شكرا ،فهذا المر انتهى .لكنها لواصلت الكلم ،متجالوزة ما قلته:
سأرسلها إليك في بيتك ،ملفلوفة بلور ق صيني ،لومسللوقة مع علود صندل على البخار ،لوكل هذا مجانا. بقيت متشبثا بملوقفي ،لوانهمكت هي في تفسير علويص ،بدا لي مخلصا .قالت إن الطفلة كانت في
حالة بالغة السلوء في يلوم الجمعة ذاك ،ل نقها أنجزت خياطة مئتي زر بالبرة لوالكشتبان .لوصحيح أنها كانت خائفة من الغتصاب الدملوي ،لولكنها دربت الن للتضحية .لوأنها استيقظت في ليلتي معها،
لتذهب إلى الحمام ،لولوجدتني أغط في نلوم عمي ق ،فأشفقت أن تلوقظني ،لوعندما استيقظت ثانية في
الصباح كنت قد غادرت .غضبت لما بدا لي أنه كذب بل طائل .فلواصلت رلوسا كاباركاس :حسن ،حتى
للو كان المر كذلك فإن الطفلة نادمة .يا لها من مسكينة .إنها هنا أمامي .أتريد التكلم معها؟ فقلت لها :ل ،بال عليك.
كنت قد بدأت الكتابة ،عندما اتصلت سكرتيرة الجريدة .لوكانت الرسالة هي أن المدير يريد رؤيتي في اليلوم التالي ،الساعة الحادية عشرة صباحا .ذهبت في الملوعد الدقي ق .كانت جلبة ترميم البناء ل
تحتمل ،فالهلواء مخلخل بضربات مطار ق لوغبار أسمنتي ،لورائحة قطران ،لولكن المحررين كانلوا قد اعتادلوا على التفكير لوسط رلوتين الفلوضى .أما مكاتب المدير بالمقابل ،فكانت باردة لوهادئة ،إنها في
بلد مثالية ليست بلدنا.
نهض ماركلو تلوليلو الثالث لواقفا بهيئته المراهقة حين رآني أدخل ،لودلون أن يقطع محادثة هاتفية ،شد
على يدي من فلو ق منضدة المكتب ،لوألومأ إلي بأن أجلس .تلوصلت إلى التفكير في أنه ل لوجلود لحد في الجانب الخر من الخط ،لوأنه يقلوم بهذه المهزلة لبهاري ،لولكنني سرعان ما تبينت أنه يتكلم مع
المحافظ ،لوكان حلوا ار صعبا في الحقيقة ،بين عدلوين حميمين .لوأظن أنه فلو ق ذلك ،كان يسعى إلى أن يبدلو حازما أمامي ،مع أنه ظل لواقفا لوهلو يتكلم إلى السلطة.
كانت تبدلو عليه رذيلة العناية بحسن هندامه .فقد أكمل التاسعة لوالعشرين من عمره ،لولديه أربع لغات ،لوثلث شهادات خبرة دلولية ،على عكس الرئيس اللول مدى الحياة ،جده لبيه ،الذي صار
صحفيا تجريبيا بعد أن جمع ثرلوة من تجارة الرقي ق البيض .إنه لطيف في التعامل ،مشهلور بأنه أني ق
لوهادئ ،لوالصلوت اللوحيد الذي يعرض مهابته للخطر هي نبرة زائفة في صلوته .يرتدي سترة رياضية
على ياقتها زهرة ألوركيدا حية ،لوكل شيء فيه يلوحي بأنه جزء من كيانه الطبيعي ،لولكن ليس فيه ما
هلو مخللو ق لجلواء الشارع ،إلوانما لربيع مكاتبه لوحسب .لوأنا الذي أنفقت قرابة الساعتين لكي أرتدي ملبسي أحسست بخزي الفقر لوتفاقمت حدة غضبي. لومع ذلك فقد كان السم القاتل في صلورة بانلورامية جماعية للعاملين في الجريدة ،ملتقطة في الذكرى
الخامسة لوالعشرين لتأسيسها ،مشا ار فيها بصليب فلو ق رؤلوس من ماتلوا .كنت أنا الثالث إلى اليمين
في الصلورة ،بقبعة قش مسطحة الحلواف لوربطة عن ق ذات عقد كبيرة ،مع لؤلؤة في المشبك ،لوشاربي اللول الشبيه بشارب كلوللونيل مدني ،لوالذي كان لي حتى سن الربعين ،لونظارة طالب معهد ديني
معدنية لم أعد أحتاجها بعد تجالوزي نصف القرن .لقد رأيت هذه الصلورة من قبل معلقة في مكاتب
عديدة ،لولكنني لم أتحسس رسالتها إل في تلك اللحظة :من الثمانية لوأربعين ملوظفا الصليين لم يب ق
سلوى أربعة على قيد الحياة .لوأصغرنا يقضي عقلوبة بالسجن عشرين سنة لجريمة قتل متعدد.
أنهى المدير المكالمة لوفاجأني لوأنا أنظر على الصلورة فابتسم قائل :الصلبان لم أضعها أنا ،لوأظن أنها
مزعجة .جلس إلى المكتب لوبدل نبرة صلوته :اسمح لي أن أقلول لك إنك أكثر الرجال الذين عرفتهم
تهلورا .لوحيال مفاجأتي قال مستبقا كل شيء :أقلول هذا بسبب استقالتك .لوتمكنت من أن أقلول له:
إنها حياة كاملة .فرد هلو بان هذا بالضبط هلو السبب في عدم كلون الستقالة هي الحل المناسب .فقد
بدت له المقالة رائعة ،لوكل ما تقلوله عن الشيخلوخة هلو من أفضل ما قرأه على الطل قق لوليس هناك
من معنى ل نقهائها بقرار يبدلو أشبه بإعل نق ملوتي مدنيا .لوقال :لحسن الحظ أن )رجل الساعة التاسعة
البغيض( قرأها ،بعد أن كانت صفحة الفتتاحية مخرجة ،لوبدت له غير مقبلولة .لودلون أن يبحث المر مع أحد شطبها من أعلها إلى أسفلها بقلمه التلوركيمادي ،لوعندما علمت بالمر هذا الصباح أرسلت
ملحظة احتجاج إلى مكتب المحافظ .هذا هلو لواجبي ،لولكن يمكنني أن أقلول لك بيننا إنني شاكر جدا لتعسف الرقيب .مع أنني لم أكن مستعدا لن ألواف ق على شطبه المقالة .لوقال :أتلوسل إليك من أعما ق رلوحي .ل تغادر السفينة في عرض البحر .ثم أنهىا بأسللوب بديع :ما زال لدينا الكثير لقلوله في
الملوسيقى.
رأيت أنه مصمم جدا ،فلم أتج أر على زيادة حدة الختلف بحجة مسلية .المشكلة في اللواقع هي أنني لم أجد آنذاك أيضا سببا محترما لمغادرة الناعلورة ،لوقد أرعبتني فكرة القلول له نعم مرة أخرى ،لمجرد
كسب اللوقت .لوكان علي أن أكبح نفسي كيل يبدلو علي التأثر اللعين الذي يستعجل الدملوع .لومرة أخرى كالعادة ظللنا على ما كنا علي ،بعد كل تلك السنلوات الطلويلة.
في السبلوع التالي ،لوبينما أنا ضحية حالة هي أقرب إلى التشلوش منها إلى السعادة ،مررت بمتجر الحيلوانات لخذ الهر الذي أهداه إلي الطباعلون .ليس لدي ميل طبيعي إلى الحيلوانات ،لوهلو الحساس نفسه الذي أشعر به تجاه الطفال قبل أن يبدؤلوا التكلم ،ل نقهم يبدلون لي بكم الرلوح .لست أكرههم،
لولكنني ل أستطيع تحملهم ،ل نقي لم أتعلم التعامل معهم .يبدلو لي أم ار مخالفا للطبيعة أن يتمكن رجل
من التفاهم مع كلبه أكثر من تفاهمه مع زلوجته ،فيعلمه ال كقل لوعدم ال كقل في ملواعيد محددة ،لوالرد
على أسئلته لومشاطرته أحزانه .لولكن امتناعي عن أخذ هر الطباعين ،يمكن له أن يكلون كارثة .أضف إلى ذلك :أنه قط أنغلو ار بديع ،له لوبر لوردي مصقلول ،لوعينان لمعتان ،لويبدلو ملواؤه كما للو أنه على
لوشك أن يكلون كلما .قدملوه لي في سلة من الخيزران ،مع شهادة لسل لقته ،لوكراس استخدام مثل
الذي يقدم مع الدراجات لتركيبها.
كانت هناك دلورية عسكرية تدق ق في لوثائ ق إثبات شخصية العابرين قبل السماح لهم بالمرلور عبر
حديقة سان نيكلولس .لم أر قط شيئا مماثل ،لول يمكنني أن أتصلور شيئا أشد تثبيطا للعزيمة كعلمة
على شيخلوختي .كانت دلورية من أربعة شرطيين ،يقلودها ضابط يكاد يكلون مراهقا .كان الشرطيلون
رجال من المناط ق الباردة ،قساة صامتين ،لولهم رائحة إسطبل ،لوكان الضابط يراقبهم جميعها بخديه
ال نقديزيين المحرلوقين على الساحل .بعد تفحص بطاقة هلويتي لوبطاقة اعتمادي الصحفية سألني عما أحمله في السلة .فقلت له :هر .أراد رؤيته .فرفعت غطاء السلة بكل حذر ،خلوفا من أن يهرب ،لولكن
شرطيا أراد أن يرى إذا لم يكن هناك شيء آخر ،في قاع السلة ،فلوجه إليه القط ضربة من مخالبه.
تدخل الضابط قائل :إنه هر أنغلو ار ثمين .لوداعبه بينما هلو يتمتم بشيء ،فلم يهاجمه القط ،لولكنه لم
يلوله اهتمامه أيضا .سألني :كم سنة عمره؟ فقلت له :ل أدري ،لقد أهدي إلي للتلو .قال :إنني أسأل
ل نقه يبدلو مسنا جدا ،ر بما عمره عشر سنلوات .أردت أن أسأله كيف يعرف ذلك لوأشياء كثيرة أخرى، لولكن غيظي من أسللوبه المهذب ،لوطريقته المتدفقة في الكلم ،أشعرتني بأنه ليس لدي معدة لتحمل
التحدث إليه .لوقال :يبدلو لي أنه هر مهجلور ،تبادله أناس كثيرلو .لن تجعله يتكيف معك ،إلوانما أنت الذي ستتكيف معه .اتركه على هلواه ،إلى أن تكسب ثقته .أطب ق غطاء السلة ،لوسألني :ماذا تشتغل
حضرتك؟ صحفي .منذ متى؟ فقلت له :منذ نحلو قرن .شد على يدي لولودعني بعبارة يمكن لها أن تكلون نصيحة طيبة ألو تهديدا على السلواء - :انتبه لنفسك.
فصلت الهاتف عند الظهيرة كي أللوذ بالملوسيقى في برنامج بديع :رابسلودية كل رقينيت لوألوركستا
لفاغنر ،لوساكسيفلون لديبلوس ،لوالخماسي اللوتري لبرلوكنر ،لوهذه الخيرة هي سكينة عدنية في كارثية
أعماله .لولوجدت نفس محاطا بظلمة المكتب .أحسست بشيء ينسل تحت طالولتي ،لم يكن جسدا حيا إلوانما حضلو ار خارقا للطبيعة احتّك بقدمي ،فقفزت صارخا .كان الهّر بذيله اللوبري البديع ،لوتثاقله الغامض ،لوسل لقته السطلورية ،لولم أستطع كبح قشعريرة إحساسي بأنني لوحيد في البيت ،مع كائن غير بشري.
عندما دقت الساعة السادسة في الكاتدرائية ،كانت هناك نجمة لوحيدة لونظيفة في السماء ذات الللون اللوردي ،أطلقت سفينة صفير لوداع محزلون ،لوأحسست في حلقي بعقدة من المستحيل حلها ،لكل
الغراميات التي كان يمكن له أن تكلون لولم تكن .لم أستطع تحمل المزيد .رفعت سماعة الهاتف لوقلبي في فمي ،لوأدرت الرقام الربعة ببطء شديد كيل أخطئ ،لولدى الرنين الثالث تعرفت على الصلوت.
حسن يا امرأة ،قلت لها بزفرة ارتياح ،لوتابعُت :ق اعذريني على نزقي هذا الصباح .فقالت بهدلوء :ل تقل ق ،كنت أنتظر مكالمتك ،فنبهتها :أريد أن تنتظرني الطفلة مثلما ألقى ال بها إلى الدنيا ،لودلون أصبغة على لوجهها .ضحكت هي ضحكة مجلجلة ،لوقالت :كما تشاء ،لولكنك ستفقد متعة تعريتها
قطعة فقطعة ،مثلما يفتتن المسّنلون ،لولست أدري السبب .فقلت :أما أنا فأعرفه :ل نقهم يشيخلون أكثر فأكثر .لواعتبرت هي المر ناجزا .فقالت -:حسن ،هذه الليلة إذن ،في العاشرة تماما ،قبل أن تبرد
السمكة.
الفصل الثالث كيف يمكن أن يكلون اسمها؟ صاحبة المحل لم تخبرني به .عندما حدثتني عنها لم تكن تسميها إل: "الطفلة" .لوقد حلولته أنا إلى اسم شخصي ،كما هي طفلة العينين ]بؤبؤ العين[ ،ألو السفينة الطفلة
]أصغر سفن كلوللومبس الثلث[ .لورلوسا كاباركاس تضع لفتياتها ،فلو ق ذلك ،اسما مختلفا مع كل
زبلون .لوقد كنت أستمتع بتخمين أسمائهن من خل لق ملمح لوجلوههن .لومنذ البدء كنت متأكدا من أن للطفلة اسما طلويل ،مثل فيللومينا ،ألو ساتلورنينا ،ألو نيكلولسا .كنت مستغرقا في التفكير في هذا المر عندما انقلبت هي نصف دلورة ،في السرير ،لوصارت تلوليني ظهرها ،بدا لي كما للو أنها قد خلفت ،في
حركتها ،بركة دم لها حجم جسدها لوشكله .كانت مفاجأة آنية ،إلى أن أدركت أنه بلل العر ق على
الملءة.
كانت رلوسا كاباركاس قد نصحتني بأن أعاملها بحرص ،لن خلوف المرة اللولى ما زال مسيط ار عليها.
بل أكثر من ذلك ،أظن أن مهابة هذا الطقس قد فاقمت من خلوفها ،لوكان عليها أن تزيد لها جرعة
الفاليريانا المهدئة .ل نقها كانت تنام بلوداعة ،يبدلو من المحزن معها إيقاظها دلون تهديل .لوهكذا رحت
أمسح عرقها بالمنشفة ،لوأنا أغني لها هامسا أغنية دليغادينا ،ابنة الملك الصغرى ،التي جاهر أبلوها بحبها .لوكلما مسحت مكانا ،كانت تكشف لي جانبا آخر متعرقا ،على إيقاع أغنيتي) :ديلغادينا ،أنت
ستكلونين محبلوبتي العزيزة( .كانت متعة بل حدلود ،فقد كان أحد جانبيها يتعر ق من جديد ،عندما
أنتهي من مسح الجانب الخر ،كيل تنتهي الغنية أبدا .لوغنيت في أذنها) :انهضي يا ديلغادينا،
لوالبسي تنلورتك الحريرية( .لوأخي ار عندما لوجدها خدم الملك ميتة من العطش في فراشها ،بدا لي أن طفلتي على لوشك أن تستيقظ لوهي تسمع السم :إنها هي إذن :ديلغادينا.
رجعت إلى السرير بسرلوالي الداخلي المطبع بالقبلت ،لواستلقيت بجانبها .نمت حتى الخامسة على
هدهدة تنفسها الهادئ .ارتديت ملبسي بأقصى سرعة دلون أن أغتسل ،لوعندئذ فقط رأيت الكتابة ،بقلم
أحمر الشفاه ،على مرآة المغسلة) :النمر ل يأكل بعيدا( .أعرف أن هذه الكتابة لم تكن ملوجلودة في الليلة السابقة ،لوأنه ل يمكن أن يكلون أحد قد دخل الغرفة ،فاعتبرتها معلقة الشيطان .فاجأني عند
الباب رعد مرعب ،لوامتلت الحجرة برائحة التراب المبلل المنذرة .لم أجد اللوقت الكافي للهرب سليما. فقبل أن أعثر على سيارة أجرة هطل لوابل عظيم .من تلك المطار التي تنشر الفلوضى في المدينة بين
شهري أيار لوتشرين اللول .فشلوارع الرمل الملتهب التي تنحدر باتجاه النهر ،تحلولت إلى سيلول تجرف كل ما تجده في طريقها .يمكن لمياه أيللول الغريبة تلك بعد ثل ثقة أشهر من الجفاف ،أن تكلون آتية
من العناية ال لقهية ألو مدمرة على السلواء.
منذ أن فتحت باب البيت ،خرج للقائي إحساس مادي بأنني لست لوحدي .تمكنت من رؤية نذر الهر
الذي قفز عن الصلوفا لوتلوارى في الشرفة .كانت ل تزال هناك في طبقه بقايا طعام لم أقدمه أنا إليه. لوكانت رائحة بلوله الزنخ لوبرازه الساخن تللوث كل شيء .كنت قد عكفت على دراسته ،مثلما درست
اللغة الل تقينية .الكراس المرجعي يقلول إن القطط تحفر في الرض ،لخفاء برازها ،لوفي البيلوت التي ليس فيها فناء مثل هذا البيت يفعل القط ذلك في أصص نباتات الزينة ،ألو في ركن خفي آخر ،لوالحل
المناسب هلو أن يؤمن له .منذ اليلوم اللول صندلو ق ممللوء بالرمل ،لتلوجيه عاداته ،لوهذا ما فعلته.
لويقلول الكراس أيضا إن ألول ما تفعله القطط في بيت جديد ،هلو تحديد مجالها الخاص ،بالتبلول في كل
ال نقحاء ،لوربما كان هذا هلو اللوضع الذي ألواجهه .لولكن الكراس ل يشير إلى كيفية معالجة ذلك.
تتبعت آثاره كي أتآلف مع عاداته الصلية ،لولكنني لم أصل إلى مخابئه السرية لوأماكن راحته ،لوأسباب
تقلب أهلوائه ،أردت تعليمه ال كقل في ملواعيد محددة لواستعمال صندلو ق الرمل على الشرفة لوعدم
الصعلود إلى سريري لوأنا نائم ،لوعدم تشمم الطعمة على المائدة ،لولم أتمكن من جعله يفهم أن هذا
البيت له كح ق شرعي لوليس كغنيمة حرب .لولهذا تركته على هلواه.
عند الغرلوب لواجهت لوابل المطر ،لوكانت رياحه العصارية تهدد باقتلع البيت .عانيت من نلوبة
عطاس متتال ،لوأصبت بألم في رأسي لوبحمى ،لولكنني كنت أشعر بامتل كق قلوة لوتصميم لم أمتلك
مثلهما في أي مرحلة عمرية أخرى ،لول في سبيل أية قضية .لوضعت قدلو ار على الرض ،ل لقتقاط الماء المتسرب من ثقلوب السقف ،لوانتبهت إلى أن هناك ثقلوبا أخرى قد ظهرت منذ الصيف الفائت .أكبرها
بدا يغر ق الجانب اليمن من المكتبة .سارعت إلى إنقاذ الكّتاب الغري ق لوالل تقينيين الذين يعيشلون في ذلك الجانب ،لولكنني ما إن رفعت الكتب حتى لوجدت تدف ق ماء عالي الضغط ،يخرج من أنبلوب مكسلور داخل الجدار .خففت من التدف ق بِخرق ق ،قدر استطاعتي ،كي اتيح لنفسي اللوقت ل نققاذ الكتب .ازداد صخب الماء لوعلويل الريح في الحديقة .لوفجأة مل بر ق شبحي لورعده المراف ق الجلو برائحة كبريت
قلوية .هشمت الريح زجاج الشرفة .لوكسرت عاصفة البحر العاتية القفال لودخلت إلى البيت .لومع ذلك لوقبل انقضاء عشر دقائ ق ،تلوقف المطر فجأة .جففت شمس بديعة الشلوارع الممتلئة بأنقاض جانحة،
لورجع الحر.
عندما انقطع لوابل المطر ،كنت ل أزال على إحساسي بأنني لست لوحيدا في المنزل .تفسيري اللوحيد
هلو أنه مثلما هناك لوقائع لواقعية تنسى ،فإن هناك أيضا لوقائع لم تحدث قط ،لويمكن لها أن تظل في الذاكرة ،كما للو أنها حدثت فعل .لوالمسألة أنني عندما أستذكر التعجل الذي تصرفت به خل لق لوابل
المطر ،فإنني ل أرى نفسي لوحيدا في البيت ،إلوانما برفقة ديلغادينا على الدلوام .شعرت بها قريبة جدا مني في تلك الليلة ،حتى أنني أحسست بإيقاع أنفاسها في غرفة النلوم ،لوبنبض خدها على لوسادتي،
لوهكذا فقط أدركت كيف أمكن لنا أن نفعل أشياء كثيرة في مثل ذلك اللوقت الكثير .أتذكر نفسي لوأنا
أقف فلو ق مقعد المكتبة الذي بل مسند ،لوأتذكرها مستيقظة بفستانها المطبع بأزهار تتلقى الكتب مني لتضعها في مكان آمن .أراها تركض من جانب إلى آخر في البيت ،لوهي تصارع العاصفة ،مبللة
بالمطر لوبماء ال نقابيب .أتذكر كيف أعدت في صباح اليلوم التالي فطلو ار لم يكن قط ،لوكيف رتبت المائدة لوأنا أمسح الماء من أرضية الغرف ،لوأرتب البيت الغار ق .لم أنس قط نظرتها المكفهرة ،لونحن نتنالول الفطلور :لماذا تعرفت إلي لوأنت عجلوز؟ لوأجبتها بالحقيقة :ليست السن هي ما بلغه أحدنا من
العمر ،بل ما يشعر به.
منذ ذلك الحين صارت ملوجلودة في ذاكرتي ،بلوضلوح يمكنني معه أن أفعل بها ما أشاء .أبدل للون
عينيها حسب حالتي المعنلوية :للون الماء عند الستيقاظ ،للون قطر القصب حين تضحك ،للون
الضلوء عندما أعارضها .لوألبسها حسب السن لوالظرلوف التي تتلءم مع تبدلت مزاجي :ثياب عرلوس محبة في العشرين ،لوعاهرة صاللون في الربعين ،لوملكة بابلية في السبعين ،لوقديسة في المئة .نغني
ثنائيات حب على ملوسيقى بلوتشيني ،لوألحان بلوليرلو للوغسطين لرا ،لوأغنيات تانغلو لكارللوس غارديل،
لونبرهن لنفسينا مرة أخرى أن من ل يغنلون ل يمكنهم أن يتصلورلوا ،مجرد تصلور ،ما هي سعادة
الغناء .اليلوم أعلم أن ذلك لم يكن أضغاث أحلم ،إلوانما معجزة أخرى من معجزات حب حياتي اللول، لوأنا في التسعين. عند ال نقتهاء من ترتيب البيت ،اتصلت برلوسا كاباركاس ،فهتفت حين سمعت صلوتي :يا للرب
المقدس! ظننت أنك قد غرقت .لولم يكن بإمكانها تفهم كيف أنني عدت لقضاء ليلة أخرى مع الطفلة،
دلون أن ألمسها .لك كامل الح ق في أل تعجبك ،لولكن عليك أن تتصرف كراشد .حالولت أن ألوضح لها
لولكنها بدلت الملوضلوع دلون تمهيد :لقد لوجدت لك على أي حال لواحدة أخرى ،أكبر قليل ،جميلة
لوعذراء كذلك .أبلوها يريد استبدالها ببيت لولكن يمكننا المسالومة على تخفيض .تجمد قلبي .لم يكن ينقصني إل هذا ،اعترضت مذعلو ار دلون إخفا ق كالعادة لودلون مشاجرات لودلون ذكريات سيئة .ساد
الصمت خط الهاتف ،لوأخي ار جاء الصلوت المذعن الذي قالت به كما للو أنها تكلم نفسها :حسن ،ل بد
أن هذا هلو ما يسميه الطباء عته الشيخلوخة.
ذهبت في العاشرة ليل ،مع سائ ق معرلوف بفضيلة عدم تلوجيه أسئلة غريبة .أخذت معي مرلوحة نقالة ،لوللوحة للورل نقدلو ريفيرا ،العزيز )فيغلوريتا( ،لومطرقة لومسما ار لتعلي ق الللوحة .تلوقفت في الطري ق
لشراء فرشاة أسنان لومعجلون لوصابلون معطر ،لوماء كلوللونيا ،لوأقراص عر ق سلوس .لوأردت أن آخذ كذلك مزهرية جيدة ،لوباقة أزهار صفراء لطرد بلهة ال زقهار اللورقية ،لولكنني لم أجد محل مفتلوحا،
فاضطررت إلى أن أسر ق من حديقة خاصة ،باقة أزهار أسترلوميل حديثة التفتح.
لوبناء على تعليمات صاحبة المحل ،صرت أدخل من ذلك اليلوم من الشارع الخلفي ،من جهة المجرى
المائي ،كيل يراني أحد داخل من البلوابة المطلة على البستان .لوقد حذرني السائ ق :حذار أيها العالم. ففي هذا البيت يقتللون .لوأجبته :ليس مهما ،إذا كان القتل قتل بدافع الحب .كان الفناء مظلما ،إل أنه
كانت هناك أنلوار حياة في النلوافذ ،لوصخب ملوسيقى في الحجرات الست .لوفي حجرتي ،بصلوت أعلى من الخريات ،ميزت الصلوت الدافئ لبيدرلو بارغاس ،تينلور أميركا ،في لحن بلوليرلو لميغل
ماتاملورلوس .أحسست أنني سأملوت .دفعت الباب بأنفاس مقطلوعة ،لورأيت ديلغادينا في السرير ،مثلما
هي في ذكرياتي :عارية لونائمة في سلم مقدس على جانب قلبها.
لوقبل أن أستلقي في السرير رتبت خلوان الزينة ،لولوضعت المرلوحة الجديدة محل الصدئة ،لوعلقت الللوحة حيث يمكنها رؤيتها من السرير .استلقيت إلى جلوارها ،لوتفحصتها شب ار فشبرا .إنها هي نفسها
التي كانت تجلوب أنحاء بيتي :اليدان نفسيهما اللتان تتعرفان إلي باللمس في الظلم ،القدمان
نفسيهما بخطلواتهما الخفيفة التي يمكن الخلط بينها لوبين خطلوات القط ،رائحة العر ق نفسها التي
تفلوح من ملءاتي ،لوأصبع الكشتبان .أمر ل يصد ق :فأنا أراها لوألمسها لوهي من لحم لوعظم فتبدلو لي أقل لواقعية مما هي عليه في ذكرياتي.
قلت لها :تلوجد للوحة على الجدار المقابل ،رسمها فيغلوريتا ،لوهلو رجل أحببناه كثيرا ،لوأفضل راقص
ملواخير لوجد على الطل قق ،لوطيب القلب إلى حد أنه كان يشف ق على الشيطان ،رسمها بلورنيش
السفن على كتان محتر ق الطراف ،من طائرة انفجرت في جبال سيي ار نيفادا ،بالقرب من مدينة سانتا
مارتا ،لوبرياش صنعها بنفسه من لوبر كلب.
المرأة المرسلومة هي راهبة اختطفها من دير لوتزلوجها .إنني أترك الللوحة هنا لتكلون ألول شيء ترينه
عندما تستيقظين.
لم تكن قد بدلت لوضعها عندما أطفأت النلور في اللواحدة بعد منتصف الليل ،لوكان تنفسها خفيفا إلى
حد أنني أمسكت معصمها ،لجس نبضها لوأتأكد من أنها حية .كانت الدماء تنساب في عرلوقها بتدف ق
أغنية تتفرع حتى أكثر الركان خفية في جسمها ،لوتعلود إلى القلب المطهر بالحب.
لوقبل أن أغادر عند الفجر رسمت خطلوط راحة يدها على لورقة ،لوقدمتها إلى العرافة ديفا ساهبي
لمعرفة رلوحها .فكانت هكذا :إنها خطلوط يد شخصية ل تقلول إل ما تفكر فيه .لوهي مؤهلة تماما
للعمال اليدلوية .كانت لها اتصالت مع شخص مات ،لوهي تنتظر مساعدة منه ،لولكنها مخطئة:
فالمساعدة التي تبحث عنها في متنالول يدها .لم تقم أي ارتباط لولكنها ستملوت متقدمة في السن
لومتزلوجة .لديها الن رجل أسمر ،لن يكلون رجل حياتها .لوسيكلون بإمكانها أن تنجب ثمانية أبناء،
لولكنها ستقتصر على ثل ثقة فقط .في الخامسة لوالثل ثقين من عمرها ستفعل ما يمليه عليها القلب
لوليس العقل ،لوسيكلون لديها مال كثير ،لوفي الربعين ستتلقى ميراثا .ستسافر كثيرا .لها حياة مزدلوجة
لوحظ مزدلوج ،لويمكن لها أن تؤثر على قدرها .تحب أن تجرب كل شيء بدافع الفضلول ،لولكنها ستندم إذا لم تأخذ بتلوجيهات قلبها.
لومعذبا بالحب قمت بإصلح الضرار التي سببتها العاصفة لوانتهزت الفرصة لجراء ترميمات كثيرة كنت أؤجلها منذ سنلوات ،لعدم القدرة على تكاليفها ألو بسبب الهمال لوالتراخي .أعدت تنظيم المكتبة،
لوف ق الترتيب الذي قرأت فيه الكتب .لوأخي ار بعت الرغن الميكانيكي في مزاد ،كتحفة تاريخية ،مع
لفافاته الملوسيقية الكلسيكية التي تزيد على مئة لواشتريت فلونلوغرافا مستعمل ،لكنه أفضل من الذي لدي ،مع مكبرات صلوت عالية الدقة ،ضخمت أجلواء البيت .فصرت على حافة الفلس ،لولكن مع
تعلويض جيد ،بمعجزة بقائي حيا لوأنا في هذه السن .كان البيت يلولد من رماده ،لوأنا أبحر في حب
ديلغادينا بزخم لوسعادة لم أعرفهما قط في حياتي السابقة .لوبفضلها تلواجهت ألول مرة مع كياني
الطبيعي فيما سنتي التسعلون تمضي .اكتشفت أن لوسلواسي بأن يكلون كل شيء في مكانه لوكل مسألة في لوقتها لوكل كلمة بأسللوبها ليس المكافأة المستحقة لذهن مرتب ،بل هلو على العكس من ذلك،
نظام تصنع ابتدعته نفسي لملواراة فلوضاء الطبيعية .اكتشفت أنني لست منضبطا بدافع الفضيلة إلوانما كرد فعل على تهالوني لوتقصيري؛ لوأنني أبدلو سخيا لكي ألواري خستي ،لوأنني أتظاهر بالتعقل لوالحذر ل نقني سيئ الظنلون ،لوأنني أميل إلى المصالحة كيل أنقاد لنلوبات غضبي المكبلوحة ،لوأنني دقي ق في
ملواعيدي لمجرد أل يعرف مدى استهانتي بلوقت الخرين .لواكتشفت أخي ار أن الحب ليس حالة رلوح إلوانما هلو علمة برلوج فلكية. صرت شخصا آخر .حالولت قراءة الكلسيكيين الذين لوجهلوني في صباي فلم أستطع ذلك .أغرقت
نفسي في الداب الرلومانسية التي نفرت منها عندما أرادت أمي فرضها علي بالقلوة .لومنها تلوصلت
إلى أن أعي أن القلوة الغلبة التي دفعت العالم قدما ،ليست في الغراميات السعيدة ،إلوانما في الغراميات المعاكسة .لوعندما تعرض ذلوقي الملوسيقي ل زقمة اكتشفت كم أنا متأخر لوهرم ،لوفتحت قلبي لمتع
المصادفات.
إنني أتساءل كيف أمكن لي أن أرزح تحت لوطأة هذا الدلوار البدي الذي أسببه أنا نفسي لوأخشاه.
كنت أطفلو بين غيلوم تائهة ،لوأكلم نفسي قبالة المرآة ،سعيا إلى اللوهم الباطل بمعرفة من أنا .لوبلغ
هذياني حدا في إحدى المظاهرات الطلبية بالحجارة لوالزجاجات ،أن استجمعت قلوة من ضعفي كيل
أتصدر المظاهرة بلفتة تكرس حقيقتي ) :إنني مجنلون بالحب(.
لومغشي علي باستذكار ديلغادينا النائمة ،دلون هلوادة ،بدلت دلون أدنى خبث رلوح مقال تقي في أيام الحاد .فصرت أكتبها لها ،أيا كانت المسألة التي أطرحها .كنت أضحك في مقال تقي ألو أبكي من
أجلها لوفي كل كلمة منها تستنفد حياتي .لوبدل من صيغة التعلي ق المحلي التقليدي التي كانت عليه
منذ ال زقل ،صرت أكتبها كرسائل حب ،يمكن لي كان أن يعتبرها له .اقترحت على الجريدة أل يطبع النص بحرلوف اللينلوتيب الطباعية ،إلوانما بخطي المنم ق .لوبدا المر لرئيس التحرير ،كيف ل ،مجرد إفراط آخر في غرلور الشيخلوخة ،لكن المدير العام أقنعه بجملة ما زالت تمضي طليقة في قاعة التحرير -:ل تخطئ :فالمجانين اللوديعلون يستبقلون المستقبل.
لوكان الرد الشعبي فلوريا لوحماسيا ،في الكثير من رسائل القراء العاشقين ،لوبعض السطلور في نشرات
الخبار المستعجلة لخر ساعة .لواستنسخت منها نسخا بمحاكاة الخط يدلويان ألو باستخدام لور ق
الكربلون ،لوكانت تباع مثل السجائر المهربة على نلواصي شارع سان بلس .كان جلّيا منذ البداية، أنها تستجيب للهفتي في التعبير عن حالتي ،لولكنني تعلودت على أخذ ردلود الفعل تلك بالعتبار لوأنا
أكتب ،لودائما بصلوت رجل في التسعين من عمره ،لم يتعلم التفكير كعجلوز هرم .أبدى اللوسط الثقافي، كما هي عادته ،الفزع لوال نققسام :لوحتى خبراء الخطلوط الذين ل يخطرلون على بال أحد ،عقدلوا
مناظرات حلول التحاليل الخاطئة لخطي .لوكانلوا هم من قسملوا التلوجهات الحماسية لوأحملوا النقاش،
لوجعللوا من الحنين ملوضة رائجة.
قبل انتهاء السنة كنت قد رتبت مع رلوسا كاباركاس من أجل البقاء في الغرفة على المرلوحة الكهربائية لومستحضرات التجميل على خلوان الزينة ،لوما سألواصل إحضاره إليها في المستقبل ،لجعلها
صالحة للمعيشة .كنت أصل في العاشرة على الدلوام حامل شيئا جديدا لها ،ألو مناسبا لذلوقنا نحن
ال ثقنين ،لوأكرس بضع دقائ ق لخراج الشياء المخّبأة ،لوترتيب مسرح ليالينا ،لوقبل أن أغادر ،ليس بعد الخامسة على الطل قق ،أعلود لحفظ كل شيء لوتأمينه لوراء قفل .فتصير الحجرة عندئذ هزيلة ،مثلما كانت في الصل ،للغراميات الحزينة للزبائن العابرين .
في صباح أحد اليام سمعت أن ماركلوس بيريث ،ألوسع الصلوات شعبية في الذاعة منذ الفجر ،قد قرر قراءة مقالتي الحدية في برنامجه الخبارية أيام ال ثقنين .لوعندما تمكنت من كبح غثياني قلت
متفاجئا :أنت تعرفين يا ديلغادينا ،الشهرة سيدة بدينة ل تنام مع المرء ،لولكنه حين يستيقظ يجدها
تنظر إليه قبالة السرير.
في لواحد من تلك اليام بقيت لتنالول الفطلور مع رلوسا كاباركاس ،لوكانت قد بدأت تبدلو لي أقل هرما على الرغم من الحداد الصارم لوالقلنسلوة السلوداء التي تصل حتى حاجبيها .كانت لوجبة الفطلور التي
تعدها مشهلورة برلوعتها ،مع شحنة من الفلفل الحار أنزلت دملوعي .لومع لقمة النار الحارقة اللولى،
قلت لها مستحما بالدملوع :لن أحتاج هذه الليلة إلى قمر مكتمل كي أصاب بحرقة في شرجي .فقالت
هي :ل تتذمر ،إذا كان يحرقك فل نقه ل يزال ملوجلودا لديك ،بحمد ال.
أبدت استغرابها عندما ذكرت أمامها اسم ديلغادينا .فقالت :هذا ليس اسمها .لن اسمها .فقاطعتها :ل
تخبريني به ،فهي ديلغادينا بالنسبة لي .هزت كتفيها :حسن ،إنها لك في نهاية المطاف ،لولكنه يبدلو لي اسما مدّرا للبلول .أخبرتها بعبارة النمر التي كتبتها الطفلة على المرآة .فقالت رلوسا :ل يمكن أن تكلون هي من فعلت ذلك ،ل نقها ل تعرف القراءة لوالكتابة .من كتبها إذن؟ فهزت كتفيها :يمكن أن يكلون شخصا قد مات في الغرفة.
كنت أنتهز جلسات الفطلور تلك لفرج عن نفسي ،لوافتح قلبي لرلوسا كاباركاس ،لوألتمس منها تقديم
خدمات ضئيلة ،من أجل راحة ديلغادينا لوحسن مظهرها .لوكانت تمنحني تلك الخدمات دلون أن تفكر فيها ،بشيطنة تلميذة .لوقد قالت لي في تلك اليام :يا له من أمر مضحك! أشعر كما للو أنني أطلب
يدها .لوخطرت لها الفكرة :لوبالمناسبة ،لماذا ل تتزلوجها؟ أصبت بالتجمد .فألحت هي :بجد ،سيكلون
ذلك أرخص لك .لولمشكلة في سنك هذه ،في نهاية المطاف ،هي إن كنت تنفع أم ل ،لوقد أخبرتني بأن هذه المشكلة محللولة .فاعترضتها :الجنس هلو العزاء الذي يلجأ إليه المرء عندما ل يحصل على
الحب.
أفلتت هي ضحكتها :آي ،يا عالمي ،لقد كنت أعرف على الدلوام أنك رجل ،لوقد كنت كذلك دلوما،
لويسعدني أنك ما زلت ،بينما يسلم أعداؤك أسلحتهم .إنهم محقلون بال كقثار من الحديث عنك .هل
سمعت ماركلوس بيريث؟ فقلت لها ،لقطع الملوضلوع :الجميع يستمعلون إليه .لولكنها ألحت :لوكذلك
البرلوفلوسلور كاماتشلو كانلو ،قال بالمس ،في برنامج "ساعة لقليل من كل شيء" ،إن العالم لم يعد
مثلما كان ،ل نقه لم يب ق فيه رجال كثيرلون من أمثالك.
في نهاية ذلك السبلوع ،لوجدت دليغادينا مصابة بالحمى لوالسعال .أيقظت رلوسا اكاباركاس كي تعطيني
دلواء بيتيا ما ،فحملت إلي ،في الغرفة ،صيدلية إسعافات ألولية .بعد يلومين من ذلك كانت صحة
ديلغادينا ل تزال لواهنة ،لولم تستطع العلودة إلى عملها الرلوتيني في تركيب ال زقرار .كان الطبيب قد
لوصف لها علجا بيتيا من زكام عادي ،يخف خل لق أسبلوع ،لولكنه ذعر لحالة سلوء تغذيتها العامة. تلوقفت عن رؤيتها لوأحسست أنني أفتقدها ،فانتهزت الفرصة لرتب الغرفة في غيابها.
حملت إلى هناك أيضا رسما بالقلم لسيسيليا بلوراس ،رسمته من أجل )جميعنا في ال نقتظار( ،كتاب
قصص قصيرة ل لقفارلو سبيدا .لوأخذت أيضا الجزاء السبعة من رلواية "جلوان كريستلوفر" لرلومان رلولن، كي أرعى سهراتي .لوعندما استطاعت ديلغادينا العلودة إلى الغرفة ،لوجدتها جديرة بسعادة مستقرة:
الهلواء المنقى بمضاد حشرات معطر ،جدران مطلية بللون لوردي ،مصابيح خافتة ،أزهار جديدة في المزهريات ،كتبي المفضلة ،أفضل للوحات أمي معلقة بطريقة أخرى ،لوف ق ذلو ق هذه اليام .لوكنت قد استبدلت المذياع القديم بآخر ذي ملوجة قصيرة ،أبقيته متزامنا مع برنامج ملوسيقى راقية ،كي تتعلم
ديلغادينا النلوم على رباعيات ملوزارت .لولكنني لوجدته في إحدى الليالي على محطة متخصصة
بأغنيات البلوليرلو الرائجة .إنه ذلوقها دلون شك ،فتقبلته دلون ألم ،فأنا أيضا عنيت بالبلوليرلو من قلبي
في أفضل أيامي .لوقبل أن أرجع إلى البيت ،في اليلوم التالي ،كتبت على المرآة بقلم أحمر الشفاه:
)إننا لوحيدان في العالم يا طفلتي(.
في هذه الفترة رالودني إحساس غريب بأنها تكبر قبل ملوعدها .تحدثت في المر مع رلوسا كاباركاس،
لوبدا لها ذلك طبيعيا .فقد قالت لي :ستكمل الخامسة عشرة من عمرها في الخامس من كانلون اللول
القادم .إنها نملوذج كامل لبرج القلوس ،لوأقلقني أنها لواقعية إلى حد أن لها عيد ميلد .ماذا يمكنني أن
أهدي إليها؟ فقالت رلوسا كاباركاس :دراجة .فعليها أن تجتاز المدينة مرتين كل يلوم ،من أجل الذهاب لتثبيت ال زقرار .لوأرتني في مستلودع الدكان الخلفي ،الدراجة التي تستخدمها ،لوقد بدت لي في
الحقيقة ،خردة غير جديرة بامرأة محبلوبة مثلها .لولكن لوجلود الدراجة أقنعني ،مع ذلك بالدليل الململوس ،بأن ديلغادينا ملوجلودة في الحياة اللواقعية.
عندما ذهبت لشراء أفضل دراجة لها ،لم استطع مقالومة إغلواء تجربتها .لوقمت ببعض الجلولت
العارضة على منصة المتجر المائلة .البائع الذي سألني عن سني أجبته بتدلل الشيخلوخة .سأكمل اللواحدة لوالتسعين .فقال الملوظف ما كنت ألود سماعه بالضبط :إنك تبدلو اصغر بعشرين سنة .أنا
نفسي لم أفهم كيف ما زلت أحتفظ بممارسات المدرسة ،لوأحسست أنني مترع بمتعة مشعة .بدأت
أغني .غنيت ألول بيني لوبين نفسي ،بصلوت خافت ،لوبعد ذلك بملء صدري ،بزهلو كارلوسلو العظيم،
لوسط المتاجر المزركشة ،لوحركة المرلور المجنلونة في السلو ق العام .كان الناس ينظرلون إلي بمرح، لويصرخلون بي ،لويحثلونني على المشاركة في مسابقة "اجتياز كلوللومبيا" على الدراجات .فكنت ألوجه
إليهم بيدي تحية ملح سعيد ،دلون أن ألوقف الغنية .في هذا السبلوع ،تكريما لكانلون اللول كتبت
مقالة جريئة أخرى) :كيف تكلون سعيدا على دراجة لوأنت في التسعين(.
في ليلة عيد ميلدها غنيت لديلغادينا أغنية أعياد الميلد كاملة ،لوقبلتها في كل أنحاء جسمها ،إلى
أن انقطعت أنفاسي :ألعملود الفقري فقرة فقرة ،حتى الردفين الهزيلين ،لوالخاصرة ذات الشامة ،في جهة قلبها الذي ل يكل لول يستنفد .لوكلما تماديت في تقبيلها ازدادت حرارة جسدها لوأطل ق عبقا لوحشيا لوقد
ردت علي بارتعاشات جديدة في كل بلوصة من بشرتها ،لوفي كل بلوصة كنت أجد دفئا مختلفا ،لوطعما خاصا ،لوأنة جديدة ،لورنت كلها من الداخل في دلوزان ملوسيقي ،لوتفتحت حلمتا نهديها كزهرتين دلون
لمسهما .بدأت أغفلو في الفجر عندما سمعت ما يشبه جلبة حشد في البحر ،لوهلع أشجار اختر ق قلبي .عندئذ ذهبت إلى الحمام ،لوكتبت على المرآة ) :لقد جاءت نسائم أعياد الميلد يا ديلغادينا
حياتي(.
أحد أكثر ذكرياتي سعادة هلو تشلوش أحسست به في صباح مثل ذاك ،لدى خرلوجي من المدرسة.
ماذا جرى لي؟ فقالت لي المعلمة ببلهة :آي ،أيها الصغير ،أل ترى أنها النسائم؟ بعد ثمانين سنة من ذلك ،عدت أشعر الشعلور نفسه ،عندما استيقظت في سرير ديلغادينا ،لوكان كانلون اللول نفسه
الذي يرجع دقيقا في ملوعده ،بسمائه الصافية ،لوعلواصفه الرملية لوزلوابع ال زققة التي تنزع سقلوف البيلوت ،لوترفع تنانير التلميذات.
المدينة تكتسب عندئذ رنينا شبحيا .في ليالي النسيم ،يمكن أن تسمع صرخات السلو ق العام ،حتى في
أكثر الحياء ارتفاعا ،كما للو أنها عند المنعطف .لولم يكن غريبا عندئذ أن تتيح لنا هبات كانلون
اللول العثلور على أصدقائنا المبعثرين في ملواخير نائية من خل لق أصلواتهم.
لومع ذلك ،فقد لوصلني مع النسائم أيضا ،الخبر التعس بأن ديلغادينا ل تستطيع قضاء أعياد الميلد
معي ،إلوانما مع أسرتها ،إذا كان هناك ما أمقته في العالم ،فهي العياد الجبارية التي يبكي فيها الناس من السعادة ،لوال لقعاب النارية ،لوأهازيج عيد الميلد الغبية ،لوأكاليل لور ق الكلورنيش التي ليست لها أي علقة بطفل لولد منذ ألفي عام ،في إسطبل فقير .لومع ذلك لم أستطع عندما جاءت ليلة
الميلد ،أن أقالوم الحنين ،فذهبت إلى الغرفة من دلونها، .نمت جيدا لواستيقظت إلوالى جانبي دب من فرلو ،يمشي على قائمتين كما للو كان ديا قطبيا ،لوبطاقة تقلول :إلى بابا القبيح .كانت رلوسا قد أخبرتني بأن ديلغادينا بدأت تتعلم القراءة من درلوسي المكتلوبة على المرآة ،لوقد بدا لي خطها ال نقي ق
رائعا .لولكن رلوسا نفسها خيبت ظني ،بخبر أسلوأ حين قالت ،إن الدب هدية منها .لوهكذا ،لم أب ق في ليلة الميلد في بيتي منذ الساعة الثامنة ليل ،لونمت دلون مرارة .كنت سعيدا ،فمع دقات الساعة الثانية عشرة ،لولوسط قرع النلواقيس الهائجة ،لوصفارات المصانع لوعربات الطفاء ،لوأنين السفن،
أحسست أن ديلغادينا قد دخلت على رؤلوس أصابعها لواستلقت إلى جانبي ،لوقبلتني .كانت لواقعية إلى
حد ظلت معه رائحة عر ق السلوس المنبعثة من فمها ،عالقة بفمي. الفصل الرابع
في بداية العام الجديد ،بدأنا التعرف أحدنا على الخر ،كما للو أننا نعيش معا ،مستيقظين .فقد
تلوصلت إلى العثلور على نبرة صلوت حذر تسمعه هي دلون أن تستيقظ ،لوترد علي بلغة طبيعية من جسدها .كانت حالتها المعنلوية تتبدى من خل لق طريقتها في النلوم .فمن حالة ال نقهاك لوالنفلور التي
بدت عليها في البدء ،راحت تتحلول إلى حالة سلم داخلي تجمل لوجهها لوتثري أحلمها .صرت أرلوي لها قصة حياتي ،لوأق أر في مسمعها مسلودات مقال تقي ليلوم الحد ،لوكانت هي ،لوهي لوحدها ،ملوجلودة
فيها دلون أن أقلول ذلك.
في هذه الفترة تركت لها على اللوسادة قرطين من الزمرد كانا لمي .فلوجدتها تضعهما في أذنيها في
الملوعد التالي ،لولم يكلونا مناسبين لها .فحملت لها بعد ذلك قرطين آخرين ،أكثر ملءمة لللون
بشرتها .لوألوضحت لها :القرطان اللولن اللذان جئتك بهما ل يتناسبان مع شخصيتك لوقصة شعرك.
هذان يناسبانك أكثر .فلم تضع أيا منهما في الملوعد التاليين ،لولكنها لوضعت في الملوعد الثالث اللذين
أشرت إليهما .لوهكذا بدأت أفهم أنها ل تنصاع للوامري ،لولكنها تتحين الفرص لرضائي .لوفي تلك
اليام ،أحسست أنني قد اعتدت على ذلك النمط من الحياة المنزلية ،فلم أعد أنام عاريا ،بل صرت أرتدي بيجامة من الحرير الصيني كنت قد تلوقفت عن استخدامها ،ل نقه لم تعد هناك من تنتزعها
عني.
بدأت أق أر لها )المير الصغير( لسانت إكزلوبري ،المؤلف الفرنسي الذي يقدره العالم بأسره أكثر من
الفرنسيين .كان الكتاب اللول الذي أمتعها دلون أن يلوقظها ،فكان علي أن أذهب يلومين متتاليين كي أنهي قراءاته لها لولواصلنا بقراءة )حكايات بيرلول( لوقصص )التاريخ المقدس( لو)ألف ليلة لوليلة( في طبعة مهذبة للطفال .لوبسبب الختلفات بين كتاب لوآخر انتبهت إلى أن لنلومها درجات متفالوتة من
العم ق ،حسب اهتمامها بالقراءات .لوعندما كنت أشعر أنها لم تعد قادرة على تقبل المزيد ،أطفئ النلور
لوأنام لوأنا أحتضنها إلى أن تصيح الديكة.
كنت أشعر بسعادة غامرة تدفعني إلى تقبيل رملوشه ،برقة شديدة ،لوحدث في إحدى الليالي ،مثل نلور
من السماء ،أن ابتسمت للول مرة .لوبعد ذلك لودلون أي سبب ،انقلبت في السرير لوألولتني ظهره،
لوقالت باستياء :إيزابيل هي التي أبكت الحلزلونات .لومبتهجا بلوهم إقامة حلوار ،سألتها بالنبرة نفسها:
لولمن كانت الحلزلونات؟ فلم تجب .كان لصلوتها أثر عامي ،كما للو أنه ليس صلوتها إلوانما صلوت شخص غريب تحمله في داخلها.لوعندئذ تلشت كل ظل لق الشك من رلوحي :إنني أفضلها نائمة. كانت مشكلتي اللوحيدة هي الهر .فقد كان ضعيف الشهية لونفلورا ،لومضى عليه يلومان دلون أن يرفع
رأسه في ركنه المعهلود ،لوقد لوجه إلي ضربة مخلب ضارية عندما أردت لوضعه في سلته الخيزرانية،
كي تأخذه داميانا إلى البيطري .لم تتمكن من السيطرة عليه إل بصعلوبة ،لوحملته لوهلو يرفس في كيس من القنب .لوبعد قليل ،اتصلت بي من متجر الحيلوانات ،لتقلول لي إنه ل لوجلود للوسيلة أخرى سلوى
التضحية به ،لوهم يريدلون ملوافقتي على ذلك .لماذا؟ فقالت داميانا :ل نقه هرم جدا .لوفكرت غاضبا في
أنهم قد يشلولونني حيا أنا أيضا ،في فرن لحرا ق القطط .أحسست بأني أعزل بين نارين :فأنا لم أتعلم حب القط بعد ،لولكن ليس لدي قلب كذلك ،للواف ق على قتله ،لمجرد أنه هرم لوحسب .أين يقلول
الكراس ذلك؟
أثر في الحادث بعم ق ،حتى أنني كتبت مقالة ليلوم الحد بعنلوان مسرلو ق من نيرلودا) :هل القط نمر
صاللونات مصغر؟( لوتسببت المقالة في حملة جديدة ،فسمت القراء ،مرة أخرى ،إلى مؤيدين
لومعارضين للقطط .لوخل لق خمسة أيام تغلبت الطرلوحة القائلة بمشرلوعة التضحية بقط ،لسباب لها
علقة بالصحة العامة ،لولكن ليس ل نقه هرم.
بعد ملوت أمي كان يؤرقني الرعب من أن هناك من يلمسني لوأنا نائم .لوذات ليلة أحسست بها ،لكن
صلوتها أعاد إلي الطمأنينة ،لوهي تقلول لي باليطالية .Figlio mio poveretto :لوعدت إلى
الحساس به في فجر أحد اليام ،في غرفة ديلغادينا ،فتللويت من البهجة ،معتقدا أنها قد لمستني.
لولكن ل :كانت رلوسا كاباركاس في الظلم .لوقالت لي :ارتد ملبسك ،لوتعال معي ،لدي مشكلة جديدة. لوقد كانت كذلك فعل ،بل أكثر جديا مما استطعت تخيله .فأحد كبار زبائن المحل قتل مطعلونا في الغرفة اللولى من الجناح .كان القاتل قد هرب .لوالجثة الضخمة العارية ،باستثناء الحذاء ،كانت
شاحبة شحلوب فرلوج على البخار ،في سرير مضمخ بالدم .عرفته على الفلور :إنه خ .م .ب .مصرفي كبير ،مشهلور بلوجاهته لولطفه لوتأنقه في الملبس ،لوقبل ذلك بجمال منزله .كان هناك في عنقه
جرحان بنفسجيان ،مثل شفتين ،لوفجلوة في البطن لم تتلوقف عن النزيف بعد .لوما أثر في أكثر من
الجراح هلو اللواقي الذكري الذي بدا أنه لم يستعمل بعد ،على العضلو المنكمش بفعل الملوت.
لم تكن رلوس كاباركاس تعرف مع من كان في الغرفة ،ل نقه كان يتمتع كذلك بامتياز الدخلول من
البلوابة المطلة على البستان .لولم تستبعد الشكلوك في أن من كان برفقته هلو رجل آخر .الشيء اللوحيد الذي كانت صاحبة المحل تريده مني ،هلو مساعدتها في إلباس الجثة ثيابها .بدت لواثقة من نفسها. حتى أنني أحسست بالقل ق من فكرة أن الملوت في نظرها ل يعدلو أن يكلون مسألة مطبخ .قلت لها:
ليس هناك ما هلو أصعب من إلباس ميت ثيابه .فردت هي :لقد فعلت ذلك كثيرا .لوالمر سهل إذا كان
هناك سيثبت لي الميت .فلفت نظرها :هل تتصلورين أن هناك من سيصد ق الحديث عن جسد ممز ق بالطعنات داخل بدلة جنتلمان إنكليزي سليمة؟
ارتعدت خلوفا على ديلغادينا فقالت لي رلوسا كاباركاس :من الفضل أن تأخذها أنت من هنا .فقلت لها
بلعاب متجمد :أفضل الملوت قبل ذلك .لوانتبهت هي إلى حالتي ،لولم تستطع ملواراة ازدرائها :إنك
ترتجف! فقلت :خلوفا عليها ،لولكن قلولي لم يكن سلوى نصف الحقيقة .لوأضفت قائل :اطلبي منها أن
تغادر قبل أن يأتي أحد .فقالت :حسن ،أما أنت فلن يحدث لك شيء باعتبارك صحفيا .لوأنت أيضا لن
يحدث لك شيء ،قلت لها بشيء من الحن ق ،فأنت الشخصية الليبرالية اللوحيدة التي تأمر لوتنهى في هذه الحكلومة.
المدينة المشتهاة ،لطبيعتها السلمية ،لوأمنها الفطري ،كانت تجرجر في كل سنة نكبة عملية قتل
فاضحة لومرلوعة .لكن عملية القتل تلك لم تكن لواحدة منها .فالخبر الرسمي الذي ظهر بعنالوين بارزة
لوتفاصيل لوفيرة يقلول إن المصرفي الشاب تعرض للعتداء لوالقتل طعنا ،عرى طري ق برادلومار ،لسباب
غير معرلوفة .ل نقه ليس له أعداء .لويشير بيان الحكلومة ،كقتلة مزعلومين ،مزعلومين إلى لجئين من مناط ق البلد الداخلية ،كانلوا يقلوملون بملوجة جرائم غريبة عن الرلوح الملواطنية لسكان المدينة .لوقد
جرى خل لق الساعات اللولى اعتقال أكثر من خمسين شخصا.
هرعت مستشيطا من الغيط مع المحرر القضائي ،لوهلو صحفي نملوذجي من صحفيي سنلوات
العشرينيات ،يضع لواقية شمس من السيللويللويد الخضر ،لوربطتين على كميه ،يتبجح بأنه يسب ق
اللوقائع .لومع ذلك لم يكن يعرف إل نسالت متفرقة عن الجريمة ،فأكملتها له بقدر ما يتيحه لي
الحذر .لوهكذا كتبنا معا خمس صفحات لخبر ينشر على ثمانية أعمدة في الصفحة اللولى ،منسلوب
إلى الشبح البدي الذي نسميه :مصادر تستح ق ثقتنا الكاملة .لولكن يد رجل الساعة التاسعة البغيض
–الرقيب -لم ترتجف لفرض الرلواية الرسمية القائلة إنه اعتداء قطاع طر ق ليبراليين .فغسلت ضميري
بتقطيبة حزن ،في أشد جنازات القرن صفاقة لوألوسعها حضلورا.
عندما رجعت إلى البيت في تلك الليلة ،اتصلت برلوسا كاباركاس لستفسر عما حدث لديلغادينا لولكنها
لم ترد على الهاتف طلوال أربعة أيام .في اليلوم الخامس ،ذهبت إلى البيت لوأنا أضغط على أسناني.
كان الباب مختلوما ،لولكن ليس من الشرطة إلوانما من قبل مصلحة الصحة .لولم يكن هناك في الجلوار من يعرف شيئا .لودلون أن يكلون لدي أي مؤشر لمكان لوجلود ديلغادينا انطلقت في بحث ضا ٍر ،ق
لومضحك أحيانا ،خلفني لهثا .أمضيت أياما بطلولها أراقب الفتيات راكبات الدراجات ،من مقاعد حديقة
معفرة بالغبار ،حيث الطفال يلعبلون بتسل ق تمثال مقشر لسيملون بلوليفار .كنت أرى مرلورهن على
الدراجات كالغزالت؛ جميلت ،جاهزات ،مستعدات لن يمسك بهن في لعبة الدجاجة العمياء .لوعندما نفدت آمالي لجأت إلى سلم ألحان البلوليرلو .كنت أشبه بمخملور مسمم :كل كلمة كانت )هي( .لقد كنت أحتاج إلى الصمت دائما ،من أجل الكتابة ،لن عقلي يلتفت إلى متابعة الملوسيقى أكثر من
الكتابة .لولكن المر انقلب آنذاك :لم أعد أستطيع الكتابة إل في ظل لق ألحان البلوليرلو .امتلت حياتي بها .المقالت التي كتبتها في ذينك السبلوعين كانت نماذج مشفرة لرسائل الحب .فطلب مني رئيس
التحرير المعارض لذلك السيل من الردلود أن أخفف من الحب ريثما نفكر في طريقة نلواسي بها كل ألولئك القراء العاشقين.
انعدام السكينة أجهز على صرامة أيامي .كنت أستيقظ في الخامسة ،لولكنني أظل في عتمة الغرفة، متخيل ديلغادينا في حياتها الل لوقاقعية ،لوهي تلوقظ إخلوتها ،لوتلبسهم ملبسهم المدرسية ،لوتقدم لهم
الفطلور ،إن لوجد ،لوتجتاز المدينة على الدراجة لتقضي محكلوميتها بخياطة ال زقرار .تساءلت مذهلول ما
الذي تفكر فيه امرأة لوهي تخيط ال زقرار؟ تراها تفكر في؟ هل تبحث هي أيضا عن رلوسا كاباركاس
لتلتقي بي؟ أمضيت أسبلوعا دلون أن أخلع أفرهلول المميكانيكي ،في الليل لوالنهار ،لودلون أن أستحم،
لودلون أن أحل ق ذقني ،لودلون أن أنظف أسناني ،لن الحب علمني في لوقت متأخر جدا ،أن المرء
يتهندم من أجل احد ،يلبس لويتعطر من أجل أحد ،لوأنا لم يكن لدي قط من أفعل ذلك من أجله .ظنت
داميانا أنني مريض عندما لوجدتني عاريا في أرجلوحة النلوم في الساعة العاشرة صباحا .رايتها بعينين
معكرتين بالجشع ،لودعلوتها للتقلب معي لونحن عاريان .فقالت لي بازدراء: -لوهل فكرت فيما ستفعله ،إذا قلت لك نعم؟
هكذا عرفت إلى أي حد أفسدتني المعانة .لم أكن أتعرف على نفسي في ألمي المراه ق .لولم أعد أخرج
من البيت كيل أبتعد عن رصد الهاتف .فصرت اكتب دلون أن افصله لولدى ألول رنين أقفز إليه مفك ار
في أنها قد تكلون رلوسا كاباركاس .لوأقطع أياما بطلولها إلى أن أدركت أنه هاتف بل قلب.
لولدى علودتي إلى البيت في مساء أحد اليام ،لوجدت القط متقلوقعا على نفسه عند أدراج البلوابة .كان
متسخا لومزريا ،لوفي حالة من اللوداعة مثيرة للشفقة .ألوضح لي الكراس أنه مريض ،لواتبعت تعليماته ليستعيد عافيته .لوفجأة بينما أنا أتنالوم في إفاءة قيللولة ،أيقظتني فكرة أنه يمكن أن يقلودني إلى بيت
ديلغادينا .حملته في كيس مشتريات حتى حانلوت رلوسا كاباركاس ،فكان ل يزال مختلوما ،لوبل أي إشارة إلى لوجلود حياة فيه ،لولكن القط تقلب في الكيس باندفاع شديد .تمكن معه من الهرب .قفز
حاجز البستان ،لواختفى بين الشجار .طرقت البلوابة بقبضتي ،فسألني صلوت عسكري ،دلون أن يفتح:
من هناك؟ أناس مسالملون ،قلت ذلك كيل أكلون أقل منه ،لوأضفت :إنني أبحث عن صاحبة المحل.
فقال الصلوت :ل تلوجد صاحبة المحل .فألححت :افتح لي كي آخذ القط على القل .قال :ل يلوجد قط.
سألته :لومن تكلون أنت؟ ل أحد ،قال الصلوت.
لقد أعتقد على الدلوام ،أن الملوت حبا ليس إل لوسيلة شعرية .لولكنني في ذلك المساء ،بينما أنا عائد
إلى البيت ،من دلون القط ،لومن دلونها ،تأكدت من أن الملوت حبا ليس ممكنا لوحسب ،إلوانما أنا نفسي، العجلوز الذي ليس لديه أحد آخذ بالملوت حبا .لولكنني انتبهت أيضا إلى أن الحقيقة المعاكسة تنطب ق علي :ل يمكن لي أن أستبدل بغمي كل متع الدنيا .كنت قد أضعت ما يقارب الخمس عشرة سنة ،في
محالولة ترجمة أغنيات ليلوباردي ،لوفي تلك المسية فقط أحسست بها بعم ق) :آه لحالي ،إذا كان حبا فكم هلو معذب(.
دخلولي إلى الجريدة بالفرهلول ،لوبذقن غير حليقة ،أيقظ بعض الشكلوك حلول حالتي الذهنية .المبنى المرمم ،مع كبينات فردية من الزجاج ،لوأنلوار سمتية ،بدا كأنه مستشفى أملومة لوتلوليد .فالجلو الصامت
لوالمريح بتصنع يغري بالتحدث همسا لوالمشي على رؤلوس الصابع .في ردهة المدخل ،لومثل نلواب
ملك ملوتى ،كانت الصلورة الزيتية للمديرين الثل ثقة مدى الحياة ،لوالصلور الفلوتلوغرافية للزائرين
المشهلورين .لوكان يتصدر القاعة الرئيسة الهائلة صلورة ضخمة لهيئة التحرير الحالية ،التقطت في مساء عيد ميلدي .لم أستطع تفادي المقارنة الذهنية مع الصلورة الخرى ،الملتقطة لوأنا في الثل ثقين.
لوتأكدت مرة أخرى بذعر أن المرء يشيخ في الصلور أكثر ،لوبصلورة أسلوأ ،مما هلو في اللواقع.
السكرتيرة التي قبلتني في مساء يلوم عيد ميلدي ،سألتني إذا ما كنت مريضا .لوأسعدني أن أجيبها
بالحقيقة كيل تصدقني :إنني مريض بالحب .فقالت هي :مؤسف أنه ليس هياما بي! فرددت إليها المجاملة :ل تكلوني لواثقة إلى هذا الحد.
خرج المحرر القضائي من كبينته صارخا بأن هناك جثتي فتاتين مجهلولتي الهلوية في المشرحة
البلدية .سألته مذعلورا :ما هي سنهما؟ فقال هلو :إنهما شابتان .يمكن أن تكلونا لجئتين من المناط ق الداخلية ،طاردهما قتلة النظام إلى هنا .زفرت براحة .لوقلت :اللوضع يداهمنا بصمت مثل بقعة دم.
فصرخ المحرر القضائي لوقد صار بعيدا: -ليس مثل بقعة دم يا معلم ،بل براز.
شيء أسلوأ من ذلك حدث لي بعد أيام ،عندما لمحت بصلورة خاطفة فتاة تحمل سلة مثل سلة القط،
مرت كأنها قشعريرة قبالة مكتبة ملوندلو .لحقت بها أش ق طريقي بمنكبي بين حشد في زحام الساعة الثانية عشرة ظهرا .كانت جميلة جدا ،خطلواتها لواسعة لوانسيابية في ش ق طري ق لنفسها بين الناس،
مما كلفني جهدا في اللحا ق بها .لوأخي ار تجالوزتها ،لونظرت إليها ملواجهة .فأبعدتني جانبا بيدها ،دلون
أن تتلوقف لودلون استئذان .لم تكن من ظننتها ،لولكن كبرياءها آلمني كما للو كانت هي .عندئذ أدركت
أنني لن أكلون قاد ار على التعرف على ديلغادينا لوهي مستيقظة لومرتدية ملبسها ،لول يمكن لها هي أن تعرف من أنا ل نقها لم ترني قط .لوفي تصرف جنلوني ،قمت خل لق ثل ثقة أيام بحياكة اثني عشر زلوجا
من الخفاف الصغيرة الزرقاء لواللوردية لطفال حديثي اللولدة ،محالول بذلك منح نفسي الشجاعة على عدم سماع ألو غناء ألو تذكر الغنيات التي تذكرني بها.
الحقيقة أني لم أكن قاد ار على تحمل رلوحي ،لوبدأت أعي الشيخلوخة من هلواني في الحب .لوجاءني
دليل آخر أشد درامية ،عندما صدمت حافلة نقل عامة فتاة على دراجة ،في لوسط مركز المدينة
التجاري .كانلوا قد حمللوها للتلو في سيارة إسعاف ،لوكان يمكن تقدير حجم المأساة من الخردة التي تحلولت إليها الدراجة فلو ق بركة من الدم الطازج .لولكن تأثري لم يكن كبير بسبب تهشم الدراجة ،إلوانما بسبب ماركتها ،لوملوديلها ،لوللونها .ل يمكن لها إل أن تكلون الدراجة نفسها التي أهديتها أنا نفسي إلى
ديلغادينا.
اتف ق من شهدلوا الحادث على أن صاحبة الدراجة الجريحة ،شابة فتية ،طلويلة القامة لونحيلة ،لها
شعر قصير لوأجعد ،لوبارتباك ركبت ألول سيارة أجرة مرت من هناك لوطلبت أخذي إلى مستشفى
الحسان ،لوهلو بناء قديم ،لجدرانه للون أمغر قاتم ،يبدلو كأنه سجن جانح على شط رملي .احتجت إلى نصف ساعة من أجل الدخلول ،لونصف ساعة أخرى للخرلوج من فناء يعب ق برائحة أشجار مثمرة ،حيث
اعترضت امرأة مدعية طريقي ،نظرت إلى عيني لوهتفت: -أنا هي من تبحث عنها.
عندئذ فقط تذكرت أن ذلك المكان يعيش فيه ،طليقين ،نزلء مشفى المجانين اللوديعلون .كان ل بد لي
من التعريف بنفسي كصحفي ،أمام إدارة المستشفى ،كي يقلودني ممرض إلى قسم السعاف .لوجدت المعللومات عن الفتاة في سجل الدخلول :رلوسالبا ريلوس ،ستة عشر عاما ،بل مهنة معرلوفة.
لوالتشخيص :ارتجاج في الدماغ .التلوقعات :تحفظ .سألت رئيس القسم إذا كان بإمكاني رؤيتها ،لوأنا
آمل في أعماقي أن يقال لي ل .لكنهم أخذلوني إليها بسعادة ،على أمل أن أكتب شيئا عن حالة الهمال المزرية في المستشفى.
اجتزنا قاعة تعب ق برائحة حمض فينيك نفاذة ،لوالمرضى فيها مكلوملون على السرة .لوفي العم ق في حجرة منفردة كانت من نبحث عنها ممددة على عربة نقالة .كان رأسها ملفلوفا بالضمادات ،لولوجهها
الذي ل يمكن تفسيره مشلوها لونغطى بكدمات زرقاء داكنة ،لولكن رؤية قدميها كانت كافية لعرف أنها ليست هي .لوعندئذ فقط ،خطر لي أن أسأل نفسي :ما الذي كنت سأفعله للو أنها هي؟
لوبينما أنا ل أزال متلورطا في شبكة عنكبلوت الليلة السابقة لوجدت الشجاعة للذهاب ،في اليلوم التالي،
إلى مصنع القمصان حيث أخبرتني رلوسا كاباركاس ،ذات مرة أن الطفلة تعمل فيه ،لوطلبت من
صاحبة المصنع أن يرينا منشآته ،لتكلون نملوذجا لمشرلوع قاري ستقيمه المم المتحدة .كان لبنانيا سميك الجلد ،لوقليل الكلم ،فتح لنا أبلواب مملكته ،على أمل أن تصبح نملوذجا عالميا.
ثل ثقمائة فتاة يرتدين بللوزات بيضاء ،لورماد الربعاء على جباههن ،يخطن أز ار ار في القاعة الفسيحة
المنيرة ،عندما رأيننا ندخل انتصبن لواقفات كتلميذات ،لونظرن إلينا بطرف عيلونهن ،لوالمدير يشرح لنا
لويلوضح مساهماته في فن تثبيت ال زقرار العري ق .كنت أتفحص لوجه كل لواحدة منهن ،خائفا أن
أكتشف لوجلود ديلغادينا مرتدية ثيابها لومستيقظة .غير أن لواحدة منهن هي التي اكتشفتني ،بنظرتها
الخائفة من الدارة التي ل ترحم:
-قل لي يا سيدي ،ألست أنت من يكتب رسائل الحب في الجريدة؟
لم أتخيل قط أنه يمكن لطفلة نائمة أن تحدث مثل هذا الخراب .هربت من المصنع دلون أن ألودع، لوحتى دلون أن أفكر في أن من أبحث عنها هي لواحدة من عذ ارلوات المطهر ألولئك ،عندما خرجت من هناك ،كان الشعلور اللوحيد الذي تبقى لي في الحياة ،هلو الرغبة في البكاء.
اتصلت بي رلوسا كاباكاس بعد شهر ،بتفسير ل يصد ق:
لقد ذهبت في استراحة مستحقة ،إلى كارتاخينا دي إندياس ،بعد مقتل المصرفي .لم أصدقها بالطبع، لولكنني هنأتها على حسن حظها لوتركتها تتمادى في كذبتها قبل أن ألوجه السؤال الذي يفلور في قلبي:
-لوهي؟
استغرقت رلوسا كارباكاس في صمت طلويل ،ثم قالت أخيرا :إنها ملوجلودة ،لولكن صلوتها صار متهربا
لوهي تقلول :ل بد من ال نقتظار لبعض اللوقت .كم؟ ليست لدي أي فكرة ،سلوف أخبرك لحقا .أحسست أنها ستفلت مني ،فألوقفتها بجفاء :انتظري أعطيني نلو ار ما؟ فقالت :ل لوجلود لي نلور ،لوانتهت إلى
القلول :كن حذرا ،يمكن لك أن تلح ق الضرر بنفسك ،لوأن تسبب لها ضر ار أكبر .لم أكن مستعدا لمثل هذا النلوع من التمنع .تلوسلت إليها لوللو مجرد فرصة لتقريبي من الحقيقة ،لوقلت لها إننا في نهاية
المطاف شركاء في التلواطؤ .لولكنها لم تقم بأي خطلوة إضافية .بل قالت :اهدأ ،الطفلة بخير ،لوتنتظر أن أستدعيها ،لولكن ليس هناك ما يمكن عمله الن ،لولن أقلول المزيد .لوداعا.
ظللت ممسكا الهاتف بيدين دلون أن أدري من أين سألواصل ،فقد كنت أعرفها جيدا ،لوبما يكفي لن
أفكر في أنني لن أستطيع الحصلول على أي شيء منها إل بالحسنى .بعد الظهر قمت بجلولة
اضطرارية باتجاه بيتها ،لواضعا ثقتي في المصادفة أكثر من العقل ،لولوجدت الباب ل يزال مقفل لوعليه
ختم مصلحة الصحة .فكرت في أن رلوسا كاباركاس قد اتصلت بي من مكان آخر ،لوربما من مدينة
أخرى .لومجرد الفكرة مل تقني بنذر عكرة .لومع ذلك ،في الساعة السادسة مساء ،لوحين لم أكن أنتظر ذلك ،لوجهت إلي عبر الهاتف ،كلمة السر نفسها التي كنت قد قلتها لها من قبل:
-حسن ،الن أجل.
في الساعة العاشرة ،لوكنت أرتجف لوأعض شفتي كيل أبكي ،ذهبت محمل بعلب شلوكل تقة سلويسرية، لوحللوى للوز لوسكاكر ،لوسلة أزهار متلوقدة لغطي بها السرير .كان الباب ملواربا ،لوال نقلوار مضاءة،
لوكانت تنساب من المذياع بصلوت متلوسط الرتفاع ،سلوناتا الكمان لوالبيانلو اللولى لبراهمز .لوكانت
ديلغادينا في السرير مشعة لومختلفة إلى حد تكلفت جهدا في التعرف إليها.
كانت قد كبرت ،لولكن ذلك لم يبد في طلول قامتها ،إلوانما في نضلوجها المندفع الذي جعلها تبدلو أكبر بسنتين ألو ثلث سنلوات ،لوكانت أكثر عريا من أي لوقت آخر .لوجنتاها المرتفعتان ،لوالبشرة المحمصة بشملوس بحر مائج ،لوالشفتان الدقيقتان لوالشعر القصير لوالمجعد ،كلها كانت تضفي على لوجهها بري ق
)أبلو للو( براكستليس خنثى .لولكن لم يكن ثمة مجال للخطأ ،لن نهديها قد كبرا ،حتى أن كفي لم تعد
تتسع لهما ،لواكتمل تشكل ردفيها لوتناسقهما للتلو .فتنتني دقة الطبيعة الصائبة تلك ،لولكن حيل الزينة
بلبلتني :الهداب الصطناعية ،أظفار اليدين لوالقدمين المطلية بللون صدفين لوالعطر الرخيص الذي
ليست له أي علقة بالحب .لومع ذلك فإن ما أثار حفيظتي هي الثرلوة التي تتزين بها :قرط ذهبي
مرصع بالزمرد ،لوعقد من اللؤلؤ الطبيعي ،لوسلوار ذهبي يتخلله بري ق ألماس ،لوخلواتم بأحجار ثمينة في
كل أصابعها .على الكرسي كان فستانها كبنت ليل ملوشى بالخرز لوالتطريز ،لوكان هناك أيضا حذاؤها
المخملي ،صعد رعب غريب من أعماقي لوصرخت: -عاهرة.
فقد همس الشيطان في اذني بفكرة مشؤلومة .لوكانت كما يلي :ل بد أن رلوسا كاباركاس لم تجد ،في ليلة الجريمة اللوقت لول صفاء الذهن الل زقمين لتنبه الطفلة ،فلوجدتها الشرطة في الغرفة لوحدها ،قاصر
لوفي مسرح الجريمة .ليس هناك من هي مثل رلوسا كاباركاس في استغل لق مثل ذلك اللوضع :باعت
بكارة الطفلة إلى أحد زبائنها المتنفذين الكبار ،مقابل أن يخرجلوها نظيفة من الجريمة .لوكان ألول ما
فعلته طبعا هلو الختفاء ريثما تهدأ الفضيحة .يا للرلوعة! شهر عسل لثل ثقة .هما ال ثقنان في الفراش، لورلوسا كاباركاس على شرفة فاخرة ،تستمتع بنجاتها السعيدة من العقاب .أعماني غضب أهلوج،
لورحت أهشم على الجدران كل شيء في الغرفة :المصابيح ،المذياع ،المرلوحة ،المرايا ،المزهريات،
الكؤلوس .فعلت ذلك دلون تسرع ،لولكن دلون تلوقف أيضا ،لوبضجة كبيرة ،لوبنشلوة منهجية أنقذت
حياتي .طفرت الطفلة في مكانها لدى الفرقعة اللولى ،لولكنها لم تنظر إلي ،إلوانما تكلورت مديرة ظهرها لي ،لوظلت على تلك الحال ،مع تشنجات عضلية ل إرادية ،إلى أن انتهت الضجة لوزادت دجاجات الفناء لوكلب الفجر من الجلبة .لوبلوضلوح الغضب المبهر جاءني ال لقهام الخير بإضرام النار في
البيت ،في اللوقت الذي ظهرت فيه رلوسا كارباكاس هادئة عند الباب بقميص النلوم .لم تقل شيئا.
جردت بنظرها أضرار الكارثة ،لوتأكدت من أن الطفلة التي تتقلوقع على نفسها مثل حلزلون لورأسها مخبأ بين ذراعيها ،مرلوعة لولكنها سليمة.
رباه ،هتفت رلوسا كاباركاس ،ما الذي لم أكن مستعدة لتقديمه مقابل حب كهذا؟تأملت كامل قامتي بنظرة مشفقة ،لوقالت لي آمرة :هيا بنا .تبعتها إلى بيتها .قدمت لي كأس ماء
بصمت ،لوألومأت لي أن أجلس قبالتها ،لوطالبتني بالعتراف .قالت لي :حسن ،تصرف الن كراشد، لوأخبرني :ما الذي أصابك؟
أخبرتها بما أرى أنه حقيقة بينة .استمعت إلي رلوسا كاباركاس بصمت ،دلون استغراب ،لوأخي ار بدت
مشرقة .قالت لي :يا للرلوعة ،لقد كنت أقلول على الدلوام ،إن الغيرة تعرف أكثر مما تعرفه الحقيقة.
لوأخبرتني عندئذ بالحقيقة دلون تحفظ .قالت إنها في ذهلول ليلة الجريمة نسيت الطفلة بالفعل نائمة
في إحدى الغرف .لوقد قام أحد زبائنها لوهلو محامي القتيل في اللوقت نفسه ،بتلوزيع الهبات لوالرشى
بسخاء ،لودعا رلوسا إلى فند ق استجمام في كارتاخينا دي إندياس ،ريثما تتلشى ضجة الجريمة.
لوقالت رلوسا :لم أتلوقف طلوال هذا اللوقت لحظة لواحدة عن التفكير بك لوبالطفلة .لوقد رجعت ألول أمس،
لوكان ألول ما فعلته هلو ال تقصال بك هاتفيا .لولكن أحدا لم يرد ،أما الطفلة فجاءت فلو ار لوكانت في حالة
مزرية جدا حتى إنني حممتها لك لوألبستها لوأرسلتها إلى صاللون التجميل ،طالبة أن يجمللوها كملكة، لوقد رأيت كيف هي :على أكمل حال .الملبس الفاخرة؟ إنها من الفساتين التي أؤجرها إلى فتياتي
الفقيرات ،عندما يكلون عليهن الذهاب إلى حفلت راقصة مع الزبائن .المجلوهرات؟ إنها مجلوهراتي،
لويكفي أن تلمسها لتتبين أنها الماس من الزجاج ،لوحلي من الصفيح .لوانتهت إلى القلول :لوهكذا كفاك
إزعاجا ،هيا اذهب ليقاظها لوالعتذار منها ،لوتلول مسؤلوليتها نهائيا .ليس هناك من هلو أح ق منكما
بالسعادة.
بذلت جهدا خارقا لصدقها ،لولكن الحب كان أقلوى من العقل .عاهرات! قلت لها معذبا بالنار المتأججة
التي تحرقني من الداخل .لوصرخت :هذه هي حقيقتكن :عاهرات براز! ل أريد أن أعرف أي شيء عنك ألو عن أي عاهرة أخرى في العالم ،لوخاصة هي .ألومأت إليها من الباب بإشارة لوداع إلى البد ،لولم
يخامر رلوسا كاباركاس الشك في جديتي.
-ليكن الرب معك –قالت لي بتكشيرة حزن ،ثم عادت إلى حياتها اللواقعية لتقلول -:على كل حال،
سأرسل إليك فاتلورة بالضرار التي أحدثتها في الغرفة.
الفصل الخامس: بينما أنا أق أر )إيدلوس مارس( لوجدت جملة مشؤلومة ينسبها المؤلف إلى يلوليلوس قيصر ) :من
المستحيل أل ينتهي المرء إلى أن يكلون مثلما يظنه الخرلون( .لم أستطع التأكد من الصل الحقيقي للجملة في كتابات يلوليلوس قيصر ،لول في أعمال كتاب سيرته ،ابتداء من سيتلونيلو حتى كاركلوبينلو،
لولكن معرفتها تستح ق العناء ،فانطبا ق قدريتها على مسار حياتي في الشهلور الخيرة التالية هلو ما منحني التصميم الذي أحتاج إليه ،ليس من أجل كتابة هذه الذاكرة فقط ،إلوانما لبدأها حياء بحبي لديلغادينا. لم أكن أجد لحظة من الراحة ،لوكنت ل أكاد آكل شيئا ،لوفقدت كثي ار من لوزني حتى أن بناطيلي لم تعد
تثبت على خصري .اللم المتنقلة استقرت في عظامي ،لوكان مزاجي يتبدل دلون سبب .أقضي الليالي في حالة انبهار ،ل تسمح لي بالقراءة ،لول سماع الملوسيقى ،لواقضي النهار بالمقابل ،لورأسي يتثاقل
في إغفاءات بلهاء ،ل تنفع للنلوم.
نزلت علي الراحة من السماء ،ففي جندلول للوما فريسكا المزدحم همست في أذني جارة في المقعد ،لم
أنتبه إليها حين صعدت :هل ما زلت تضاجع؟ كانت كاسيلدا أرمينتا .إنها حب قديم من غراميات ثل ثقة
بخمسة ،تحملتني كزبلون ملواظب منذ كانت صبية متكبرة .لوبعد تقاعدها ،لوهي نصف مريضة لوليس
لديها فلس لواحد ،تزلوجت من بستاني صيني منحها اسما لودعما ،لوربما القليل من الحب .كان ل يزال
لها الللون نفسه ،لوهي في الثالثة لوالسبعين من عمرها ،لول تزال جميلة لوقلوية الشخصية لوتحتفظ بتدف ق المهنة لوطلقة اللسان.
أخذتني إلى بيتها في بستان صنيين على رابية في الطري ق على البحر .جلسنا على كراسي الشاطئ،
على شرفة ظليلة ،ما بين سراخس لوشجيرات أسترلومليا لوارفة ،لوأقفاص طيلور معلقة بأفاريز السقف. لوعلى سفح الرابية ،كان البستانيلون الصينيلون يظهرلون بقبعاتهم المخرلوطية ،لوهم يزرعلون
الخضرلوات تحت الشمس المحرقة ،لويظهر لنا كذلك البحر الرمادي عند بلوكاس دي ثينيثا ،مع سدين
من الصخلور يحددان ضفتي النهر ،لعدة فراسخ داخل البحر.
لوبينما نحن نتبادل الحديث رأينا عابرة محيطات بيضاء تدخل مصب النهر ،لوتتبعناها صامتين على أن
سمعنا خلوار الثلور الكئيب الذي أطلقته في المرفأ النهري .فتنهدت هي :أتتذكر؟ منذ أكثر من نصف
قرن ،هذه هي المرة اللولى التي ل أستقبلك فيها في الفراش .فقلت :لقد صرنا آخرين .لولواصلت هي
دلون أن تسمعني :كلما قاللوا شيئا عنك في المذياع ،يمتدحلونك للمحبة التي يكنها الناس لك،
لويسملونك معلم الحب ،تصلور ،أفكر في انه ليس هناك من عرف ظرافاتك لونزلواتك مثلما عرفتها أنا.
لوقالت :بجد ،ما كان يمكن لحد أن يتحملك خي ار مني.
لم أستطع المقالومة أكثر .لوانتبهت هي إلى ذلك ،رأت عيني المضمختين بالدملوع ،لول بد أنها اكتشفت
عندئذ فقط أنني لست الشخص الذي كنته .حدقت فيها بجرأة لم أتصلور قط أنني قادر عليها ،لوقلت
لها :المسألة هي أنني آخذ بالهرم .فتنهدت هي :بل إننا هرمنا .لوالمسألة هي أن أحدنا ل يشعر بذلك
في داخله ،فيما الجميع يرلونه من الخارج.
كان مستحيل أل افتح لها قلبي ،لوهكذا أخبرتها بقصة ما يحرقني من الداخل كاملة ،منذ مكالمتي
اللولى مع رلوسا كاباركاس ،عشية بللوغي التسعين ،لوحتى الليلة التراجيدية التي حطمت فيها الغرفة، لولم أرجع بعدها .استمعت إلي لوأنا أفرج عن نفسي ،كما للو أنها تعيش ما أرلويه ،ثم قلبته لوفكرت فيه
بتمهل شديد ،لوأخي ار ابتسمت ،لوقالت لي:
-افعل ما تشاء ،لولكن ل تضيع هذه المخللوقة .فليس هناك نكبة أسلوأ من ملوت المرء لوحيدا.
ذهبنا إلى بلويرتلو كلوللومبيا ،في القطار الصغير الشبيه بلعبة أطفال ،لوالبطيء مثل حصان .تنالولنا
الغداء قبالة المرسى الخشبي المنخلور الذي دخل منه الجميع إلى البلد ،قبل أن يتم تجريف مصب
بلوكاس دي ثينيثا .جلسنا تحت مظلة من سعف النخيل ،حيث تقدم النساء الزنجيات السمينات ،سمكا
مقليا مع رز جلوز الهند ،لوشرحات الملوز الخضر .غفلونا في قيظ الساعة الثانية الشديد ،لولواصلنا
الحديث إلى أن غطست الشمس الملتهبة الضخمة في البحر .بدا لي اللواقع لوهميا .انظر إلى أين
تحق ق شهر عسلنا ،قالت هي ساخرة ،لولكنها تابعت بجد :إنني أنظر اليلوم إلى اللوراء ،لوأرى صفلوف
آلف الرجال الذين مرلوا على فراشي ،لوأقدم رلوحي ل نقني بقيت لوللو مع السلوأ منهم ،الحمد ل أنني
عثرت على صيني في اللوقت المناسب .إنني كمن هي متزلوجة من عقلة الصبع ،لولكنه لي لوحدي.
نظرت إلى عيني لتقدر رد فعلي على ما حدثتني به للتلو ،لوقالت لي :اذهب الن فلورا ،للبحث عن هذه
المخللوقة البائسة ،حتى إلوان كان صحيحا ما تقلوله لك الغيرة ،لولتكن ما تكلون ،فما حدث ل يمكن لحد أن يبدله .لولكن دلون رلومانسيات جد عجلوز ،أيقظها ،ضاجعها حتى من أذنيها بعضلو الحمار هذا الذي كافأك به الشيطان ،بسبب نذالتك لوخستك .لوانتهت إلى القلول من أعما ق رلوحها :بجد ،إياك أن
تملوت قبل أن تجرب رلوعة المضاجعة عن حب.
كانت يدي ترتجف ،في اليلوم التالي ،عندما أدرت رقم الهاتف ،سلواء بسلواء تلوتري من العلودة للقاء مع ديلغادينا ،ألو من تشككي من الطريقة التي سترد بها علي رلوسا كاباركاس ،كنا قد اختلفنا في نزاع
جدي ،بسبب تعسفها في تقلويم الضرار التي أحدثت في غرفتها .لوكان علي أن أبيع للوحة محببة من للوحات أمي ،تقدر قيمتها بثرلوة كبيرة ،لولكنني في ساعة الحقيقة لم أحصل لوللو على عشر ألوهامي.
فزدت المبلغ بما تبقى من مدخراتي ،لوحملته إليها بعبارة ل تقبل الستئناف :إما أن تأخذي المبلغ ألو
تتخلي عنه .كان تصرفا انتحاريا ،ل نقه يمكن لها ببيع سر لواحد من أسراري أن تقلوض اسمي
لوسمعتي .لولكنها لم تتأثر بل احتفظت بالللوحات التي كانت قد أخذتها كرهن ،في ليلة النزاع كنت
الخاسر المطل ق في لعبة لواحدة :فقد لوجدت نفسي من دلون ديلغادينا لومن دلون رلوسا ،لومن دلون آخر مدخراتي ،لومع ذلك سمعت رنين الهاتف مرة مرتين ثل ثقا ،لوأخي ار جاء صلوتها :نعم؟ لم يخرج صلوتي.
لوأعدت سماعة الهاتف .استلقيت في أرجلوحة النلوم محالولة استعادة هدلوئي بشعر زهدي غنائي
لساتيه ،لوتعرقت إلى حد تبلل معه قماش الرجلوحة .لولم أجد الشجاعة لل تقصال حتى اليلوم التالي.
-حسن يا امرأة – قلت بصلوت حاسم -اليلوم أجل.
لوكانت رلوسا كاباركاس ،لوكيف ل ،قد تجالوزت كل شيء ،تنهدت بحماسها الذي ل يهزم :آي يا
عالمي الحزين ،تختفي شهرين لوتأتي لتطلب ألوهاما لوحسب .أخبرتني أنها لم تر ديلغادينا منذ أكثر من شهر ،لوبدا لها أنها قد استعادت تلوازنها من الرعب الذي سببه لها تحطيمي للغرفة ،حتى إنها لم
تتحدث عن تلك الضرار ،لولم تسأل عني .لوكانت سعيدة جدا بعمل جديد أكثر راحة لوأفضل أج ار من خياطة ال زقرار .أحرقت ملوجة نار متقدة أعماقي .لوقلت :ل يمكن لهذا العمل إل أن يكلون الدعارة.
فردت علي رلوسا كاباركاس دلون أن يرف لها جفن :ل تكن فظا ،للو أنها عملت عاهرة لكانت هنا.
فأين يمكن لها أن تكلون أفضل؟ سرعة جلوابها المنطقي زادت من شكلوكي :لوكيف أعرف أنها ليست
عندك؟ فأجابت هي :في هذه الحالة ،من الفضل لك أل تعرف شيئا ،أليس كذلك؟ كرهتها مرة أخرى. لوتعهدت هي ،متجالوزة الضغائن ،بتتبع أثر الطفلة .لولكن دلون أمل كبير ،لن هاتف الجارة ،حيث
كانت تتصل بها ،ل يزال مقطلوعا لوليس لديها أدنى فكرة عن مكان إقامتها .لوقالت :لولكن هذا ل يعني
أن تستسلم للملوت ،يا للعنة ،سأتصل بك خل لق ساعة.
كانت ساعة من ثل ثقة أيام ،لولكنها عثرت على الطفلة مستعدة لوسليمة .رجعت خجل ،لوقبلتها شب ار
شبرا ،كتكفير ،منذ الثانية عشرة ليل حتى صياح الديكة .اعتذار طلويل عاهدت نفسي على ملواصلة تكراره إلى البد ،لوكان ذلك كالعلودة في كل مرة للبدء من الصفر .كانت الغرفة خربة ،لوكان سلوء
التصرف قد أجهز على كل ما لوضعته فيها .لقد تركت رلوسا الغرفة على هذه الحال ،لوقالت لي إن أي
تحسين يجب أن أقلوم به بنفسي ،مقابل ما أنا مدين لها به .لومع ذلك فإن لوضعي المادي كان يلمس
القاع .فنقلود التقاعد ل تكفي إل لشياء أقل في كل مرة.لو الشياء القليلة القابلة للبيع مما تبقى في
البيت –باستثناء مجلوهرات أمي المقدسة -تخللو من أي قيمة تجارية ،لوليس هناك ما هلو قديم جدا
ليباع على أنه أثري .ففي أزمنة أفضل من هذه قدم لي المحافظ عرضا مغريا ،لشراء كامل ما لدي من مؤلفات الكتاب الكلسيكيين الغريقيين لوالل تقينيين لوالسبان ،من أجل مكتبة المقاطعة ،لولكن قلبي لم يطالوعني على بيعها .لوفيما بعد مع التبدلت السياسية لوتردي العالم ،لم يعد هناك في الحكلومة من
يفكر في الفنلون ألو الداب .لومتعبا من البحث عن حل مشرف ،لوضعت في جيبي المجلوهرات التي كانت ديلغادينا قد أعادتها إلي لوذهبت لرهنها في شارع شؤم يؤدي إلى السلو ق العام .ذرعت عدة
مرات ،بهيئة عالم ساه ،زقا ق اللوكار ذاك المزحلوم بحانات سيئة السمعة ،لومحلت بيع كتب قديمة، بيلوت رهلونات ،لكن كرامة فللورينا دي ديلوس ،سدت الطري ق أمامي :لم أمتلك الجرأة ،عندئذ قررت أن
أبيعها برأس مرفلوع ،في أقدم محل مجلوهرات لوأرسخها مكانة.
لوجه إلي الملوظف بعض السئلة لوهلو يفحص المجلوهرات بنظارة الملونلوكل .كان له سللوك لوأسللوب
لورهبة الطبيب .ألوضحت له أنها مجلوهرات ملورلوثة عن أمي .لوكن يلواف ق على كل تلوضيح مني بهمهمة .لوأخي ار نزع الملونلوكل عن عينه لوقال:
-آسف لولكنه مجرد زجاج من قلوارير.
لوحيال مفاجأتي ألوضح لي بعذلوبة مشفقة :لحسن الحظ أن الذهب ذهب لوالبل تقين بل تقين .لمست
جيبي ل تقأكد من لوجلود إيصالت الشراء معي لوقلت دلون إساءة:
-لقد اشتريت المجلوهرات من هذا المتجر السامي نفسه ،قبل أكثر من مئة سنة.
لم يسبب له ذلك أي ارتباك .لوقال :يحدث عادة في المجلوهرات الملورلوثة أن تأخذ أثمن الحجار
بالختفاء مع مرلور الزمن؛ لوتستبدل على يد ضالين من السرة ألو على يد صائغين لصلوص .لول تكتشف الخدعة إل عندما يحالول أحد بيعها .لولكن اسمح لي بثانية لواحدة ،قال ذلك ،لوحمل
المجلوهرات عبر الباب الذي في العم ق .لورجع بعد دقائ ق ،لودلون أن يقدم أي تلوضيح ،ألومأ لي بان
أجلس على كرسي ال نقتظار ،لولواصل عمله .تفحصت لمتجر .كنت قد جئت إليه مع أمي عدة مرت، لوأتذكر كلمة كانت تتكرر) :ل تخبر أباك( .لوفجأة خطرت لي فكرة جعلت بدني يقشعر :أل تكلون رلوسا كاباركاس لوديلغادينا ،في اتفا ق مشترك ،قد باعتا الحجار الثمينة الصلية ،لوأعادتا لي المجلوهرات
بأحجار مزيفة؟
كنت تأجج في الشكلوك ،عندما دعتني سكرتيرة لمرافقتها عبر الباب نفسه الذي في العم ق ،إلى مكتب
صغير ،فيه خزانة طلويلة تضم مجلدات ضخمة .نهض بدلوي بدين من لوراء المنضدة التي في صدر
الغرفة ،لوصافحني قائل على سبيل التحية دلون كلفة ،لوبتدف ق أصدقاء قدماء :لقد درسنا الثانلوية معا.
كان من السهل علي تذكره ،فقد كان أفضل لعب كرة قدم في المدرسة ،لوبطل ملواخيرنا اللولى .كنت
قد تلوقفت عن اللقاء به في لحظة غير مؤكدة ،لول بد أنه رآني هرما جدا فخلط بيني لوبين أحد زملء الطفلولة.
كان هناك على زجاج منضدته مجلد مفتلوح ،من مجلدات أرشيف المحل ،حيث سجل مجلوهرات أمي، سرد دقي ق ،بالتلواريخ لوالتفاصيل ،يبين أنها هي نفسها من طلبت استبدال أحجار جيلين من نساء آل كارغامينتلوس الجميلت لواللوقلورات لو باعت الحجار الصلية إلى المتجر نفسه .حدث هذا عندما كان
أبلو المالك الحالي يدير متجر المجلوهرات ،لوكنا أنا لوهلو تلميذين في المدرسة ،لولكنه طمأنني ،فمثل تلك الحيل كانت شائعة بين العائلت الكبيرة المنكلوبة ،من أجل حل حاجة مستعجلة للمال ،دلون
التضحية بشرفها .لوحيال الحقيقة الفجة ،فضلت الحتفاظ بالمجلوهرات كذكرى من فللورينا دي ديلوس
أخرى لم أعرفها قط.
في ألوائل شهر تملوز ،أحسست بالبعد الحقيقي للملوت ،فقد قلبي لوزنه ،لوبدأت أرى نذر النهاية
المؤكدة ،لوأشعر بها في كل مكان .لوكان أكثر تلك النذر لوضلوحا ،الحفلة الملوسيقية في قاعة الفنلون الجميلة .فقد تعطلت أجهزة التكييف ،لوكان صفلوة رجال الفنلون لوالداب ُيطهلون بعرقهم في القاعة المكتظة ،لولكن سحر الملوسيقى كان جلوا سمالويا .لوفي النهاية ،عند عزف Allegretto poco ، mossoهزني الكشف المبهر بأنني أستمع إلى آخر كلونشيرتلو يتيحه لي القدر قبل أن أملوت ،لم
أشعر بألم لول بخلوف ،إلوانما بتأثر جارف ،بأنني تمكنت من الملواصلة إلى أن انتهيت من سماع الكلونشيرتلو.
لوعندما تمكنت في النهاية من ش ق طريقي لوأنا مبلل بالعر ق لوسط المعانقات لوالصلور ،لوجدت نفسي
لوجها للوجه مع خيمينا ألورتيث ،مثل ربة عمرها مئة سنة ،على كرسي متحرك ،مجرد حضلورها فرض
نفسه علي مثل خطيئة مميتة .كانت ترتدي عباءة حريرية ،لوتضع عقد لؤلؤ أصلي من ثلث لفات،
لوكان شعرها الذي بللون الصدف مقصلوصا على ملوضة سنلوات العشرينات ،مع طرف منه على خدها، كجناح نلورس ،لوعيناها اللواسعتان الصف ارلوان تزدادان تألقا بالظل الطبيعي الذي يحيط بهما .كل شيء
فيها يناقض ما يشاع عن أن عقلها قد مسح لوصار بياضا ،بفعل تآكل الذاكرة الذي ل مفر منه. لوجدت نفسي متجمد لوبل مهرب في ملواجهتها ،فتغلبت على هبة النار التي صعدت إلى لوجهي
لوحييتها بصمت ،بانحناءة فرسائية .فابتسمت مثل ملكة ،لوأمسكت يدي ،لوانتبهت عندئذ أنها هي أيضا
مستهدفة من القدر ،لولم أضيع الفرصة كي انتزع شلوكة تؤرقني منذ ال زقل ،فقلت لها :لقد حلمت
سنلوات طلويلة بهذه اللحظة .بدا عليها أنها لم تفهمني ،لوقالت :صحيح! لومن تكلون أنت؟ لم أدر قط،
إذا كانت قد نسيتني حقا أم أنه انتقام حياتها الخير.
أما اليقين بأنني خالد بالمقابل ،ففاجأني قبل قليل من بللوغي الخمسين ،في مناسبة كتلك ،في ليلة كرنفال ،رقصت فيه تانغلو أباتشي مع امرأة عجيبة ،لم أر لوجهها قط ،أضخم جسدا مني بما يقارب
الربعين ليبرة ،لوأطلول قامة بشبرين تقريبا ،لوتتيح أن تحمل مع ذلك مثل ريشة في مهب الريح .كنا نرقص متلصقين جدا ،حتى إنني أحسست بدلوران دمها في عرلوقها ،لولوجدت نفسي كالمنلوم تلذذا
بأنفاسها اللهثة ،لورائحة أملونياك عرقها لوثدييها اللذين كثديي منجمة عندما هزني للول مرة جؤار
الملوت ،لوكاد يطرحني أرضا .كان ذلك على شكل نبلوءة فظة في الذن :افعل ما تشاء ،ففي هذه
السنة ألو بعد مئة سنة ستكلون ميتا إلى أبد البدين .ابتعدت المرأة عني مذعلورة :ماذا أصاباك؟ ل
شيء ،قلت لها ذلك لوأنا أحالول تثبيت قلبي ،لوأضفت: -إنني أرتعش هياما بك.
منذ ذلك الحين ،بدأت أقيس الحياة بالعقلود لوليس بالسنين ،فخمسينياتي كانت حاسمة ،ل نقني لوعيت فيها أن الجميع تقريبا ،أصغر مني سنا ،لوسنلوات ستينات حياتي كانت ال كقثر زخما بسبب شكلوكي
بأنه لم يب ق لي متسع من اللوقت للخطأ .لوكانت سنلوات السبعينات مرهلوبة بسبب خلوفي من أن تكلون
الخيرة .لومع ذلك عندما استيقظت حيا في صباح اليلوم اللول من سنلوات تسعيناتي في سرير
ديلغادينا السعيد ،اخترقتني الفكرة السارة بأن الحياة ليست شيئا يمضي مثل نهر هيراقليط .إلوانما فرصة لوحيدة لقلبنا على الشلواية لوملواصلة شلوائنا جانبنا الخر لتسعين سنة أخرى.
صرت سهل الدمع ،فأي إحساس له علقة بالحنان ،يسبب لي عقدة في حلقي ل أتمكن دلوما من التحكم بها ،لوفكرت في التخلي عن متعة السهر على نلوم ديلغادينا ،ليس ذلك لعدم يقينية ملوتي ،بقدر
ما هلو ألم من تصلورها من دلوني في بقية حياتها .لوفي أحد أيام ال لقتباس تلك رحت أجلوب ساهيا
شارع )الكتبة بالعدل( بالغ النبل ،لوفلوجئت بأنه لم يعد يلوجد هناك إل أنقاض فند ق الغراميات القديم،
حيث أدخلت ُ عنلوة ً إلى عالم فنلون الحب ،قبل قليل من بللوغي الثانية عشرة من عمري .لقد كان
منزل لصحاب شركة ملحة ،ل يضاهيه في الرلوعة إل قلة من البيلوت في المدينة ،بأعمدة مغطاة
بصفائح المرمر .لوأفاريز ملمعة بماء الذهب ،يقلوم حلول فناء داخلي ذي قبة زجاجية من سبعة أللوان، تشع ببري ق دفيئ .في الطاب ق السفلي ذي البلوابة القلوطية المطلة على الشارع كانت هناك ل كقثر من
قرن مكاتبة تلوثي ق العقلود الستعمارية ،حيث عمل لوالدي لوازدهر لوأفلس على امتداد حياة كاملة من الحلم الخيالية .راحت العائلت التاريخية تهجر ،شيئا فشيئا ،الطلواب ق العليا التي انتهت إلى أن
يشغلها جيش من بنات الليل المنكلوبات الللواتي يصعدن لوينزلن حتى الفجر ،مع زبائن يصطدنهم،
ببيزلو لونصف ،من حانات المرفأ النهري القريب.
في الثانية عشرة من عمري لوكنت لم أزال أرتدي بنطالي القصير لوجزمة المدرسة البتدائية ،لم أستطع مقالومة إغلواء التعرف على الطلواب ق العليا ،فيما لوالدي يجادل في لواحد من اجتماعاته التي ل تنتهي،
فلوجدت نفسي في مشهد سمالوي ،النساء الللواتي يهدرن أجسادهن حتى الفجر يتنقلن في البيت منذ الحادية عشرة صباحا ،عندما يشتد حر قبة الزجاج المللون بصلورة ل تطا ق ،لويكلون عليهن ممارسة حياتهن المنزلية بالتنقل عاريات في كل أنحاء البيت ،لوهن يتبادلن الحديث بأصلوات صارخة عن
مغامراتهن الليلية .لوقفت مرعلوبا .لوالشيء اللوحيد الذي خطر لي هلو الهرلوب من حيث دخلت ،لولكن احتضنتني من الخلف إحدى العاريات .كانت متينة اللحم ،تعب ق برائحة صابلون ريفي .لوحملتني إلى
حجرتها كرتلونية الجدران ،دلون أن أتمكن من رؤيتها لوسط صراخ لوتصفي ق النزيلت العرايا .ألقت بي
على ظهري فلو ق سريرها الذي يتسع لربعة أشخاص ،لونزعت بنطالي بحركة بارعة ،لوامتطتني ،لكن
الهلع الجليدي الذي كان يبلل جسدي حال دلون أن أتلقاها كرجل .في تلك الليلة لوأنا مؤر ق في فراشي
في بيتنا ،من خجل ذلك ال نققضاض .لم أستطع النلوم أكثر من ساعة ،لوأنا متلهف للعلودة لرؤيتها. لولكنني في صبح اليلوم التالي ،فيما أهل السهر ل يزاللون نائمين ،صعدت مرتجفا إلى حجرتها،
لوأيقظتها لوأنا أبكي بصلوت عال ،في حب مجنلون استمر على أن عاثت به دلون شفقة رياح الحياة
اللواقعية .كان اسمها كاستلورينا ،لوكانت ملكة المحل.
كانت غرفة الفند ق تؤجر ببيزلو لواحد للغراميات العابرة ،لولكن قلة هم الذين يعرفلون أن قضاء أربع
لوعشرين ساعة ،يكلف السعر نفسه .أضف على ذلك أن كاستلورينا أدخلتني في عالمها التعس ،حيث
اعتادت النزيلت دعلوة الزبائن الفقراء إلى فطلور احتفالي ،إلواعارتهم الصابلون ،لومعالجة آلم أسنانهم، لوفي بعض الحالت المستعجلة ،يقدمن لهم الحب إحسانا. لولكن في أمسيات شيخلوختي الخيرة لم يعد هناك من يتذكر كاستلورينا الخالدة ،الميتة منذ لوقت ل
يعرفه أحد ،لوالتي ارتقت من نلواصي المرفأ النهري البائسة لتصل إلى العرش المقدس للقلوادة الم
الكبرى ،بعصبة قرصان على عينه المفقلودة في نزاع حانة .لوكان حاميها الخير المنالوب زنجيا سعيدا من كاماغلوي ،يسملونه يلونس المجذف ،لوقد كان عازف ترلومبلون من الكبار في هافانا ،إلى أن فقد
البتسامة الكاملة في كارثة قطارات.
لدى خرلوجي من تلك الزيارة المرة ،أحسست بلوخزة في القلب لم أستطع التخفيف منها ،طلوال ثل ثقة
أيام ،بكل أنلواع مشرلوبات النباتات البيتية المغلية .الطبيب الذي لجأت إليه على عجل ،لوهلو فرد من سل لقة أطباء مشهلورين ،كان حفيدا للذي فحصني لوأنا في الثانية لوالربعين ،لوقد أفزعني شبهه به،
فقد كان هرما جدا مثل جده السبعيني ،بفعل صلعة مبكرة ،لونظارة قصر نظر ل علودة عنه ،لوكآبة ل عزاء لها .أجرى لي فحص دقيقا لجسدي بكامله ،بتركيز ِ صائغ ٍ ،تنصت إلى صدري لوظهري ،لوفحص ضغطي الشرياني ،لوحركة ركبتي ال نقعكاسية ،لوعم ق عيني ،لوللون الجفن السفلي .لوخل لق اللوقفات لوأنا
أبدل لوضعي على منضدة الفحص ،كان يلوجه إلي أسئلة شديدة البهام ،لوبسرعة يكاد ل يتيح لي
معها المجال للجابة .لوبعد ساعة من الفحلوص نظر إلي بابتسامة سعيدة لوقال :حسن ،أظن أنه ليس لدي ما أفعله لك .ما الذي تعنيه حضرتك؟ أعني أن لوضعك في أحسن حال في سنك هذه .فقلت له:
يا للغرابة ،لقد قال لي جدك الشيء نفسه ،حين كنت في الثانية لوالربعين من عمري ،يبدلو كما للو أن الزمن ل ينقضي .فقال :سلوف تجد دلوما من يقلول لك الشيء نفسه ،ل نقه ستكلون لك سن ما في كل
مرة .فحالولت أنا استفزازه لصدار حكم مرعب بالقلول له :السن اللوحيدة الحاسمة هي الملوت .فقال هلو :أجل ،لولكن ليس من السهل اللوصلول إليه في حال جيدة مثل حالتك .يؤسفني حقا أنني ل
أستطيع خدمتك.
لقد كانت ذكريات نبيلة .لولكنني في عشية التاسع لوالعشرين من آب ،أحسست بالثقل الهائل للقرن
الذي ينتظرني ،لوأنا أصعد بخطلوات حديدية أدراج بيتي .لوعندئذ عدت لرى مرة أخرى فللورينا دي
ديلوس ،أمي ،في سريري الذي كان سريرها حتى ملوتها .لومشلوشا بالتأثر ،فهمت تلك الذكرى على أنها ال نقذار الخير ،فاتصلت برلوسا كاباركاس كي تستدعي لي الطفلة ،في تلك الليلة بالذات ،خلوفا من أل يتحق ق ملوتي بالبقاء على قيد الحياة حتى النفس الخير من سنلواتي التسعين .لوعدت لل تقصال بها
في الساعة الثامنة ،فكررت لي مرة أخرى ،أن ذلك غير ممكن .فصرخت بها مرعلوبا :يجب أن يكلون ممكنا بأي ثمن .أغلقت الهاتف دلون لوداع ،لولكنها عادت لل تقصال بعد خمس عشرة دقيقة:
-حسن ،هاهي هنا.
لوصلت في العاشرة لوعشرين دقيقة ليل ،لوقدمت إلى رلوسا كاباركاس آخر ألورا ق حياتي ،مع ترتيباتي
بشأن الطفلة بعد نهايتي الرهيبة .ظنت هي أنني قد تأثرت للتجريح ،لوقالت لي بمزاج ساخر :إذا كنت
تريد الملوت فل تفعل ذلك هنا ،تصلور .لولكنني قلت لها :قلولي إن قطار بلويرتلو كلوللومبيا ،ذلك الخردة
البائس المحزن غير القادر قتل أحد ،قد صدمني ،لومستعدا لكل شيء في تلك الليلة ،استيقظ على ظهري بانتظار ال لقم النهائي ،في اللحظة اللولى من سنتي اللواحدة لوالتسعين .سمعت قرع نلواقيس
نائية ،لوشممت شذا رلوح ديلغادينا النائمة على جنبها .سمعت صرخة في الف ق ،لونحيب أحد ربما
يكلون قد مات قبل قرن ،فقي الغرفة نفسها .لوعندئذ أطفأت النلور بالنفس الخير ،لوشبكت أصابعي
بأصابعها كي أقتادها من يدها ،،لوعددت ال ثقنتي عشرة دقة التي أعلنت الثانية عشرة لوبدملوعي
ال ثقنتي عشرة الخيرة إلى أن بدأت الديكة تصيح ،لودلوت على الفلور نلواقيس الغبطة السمالوية ،لوفرقعة السهم النارية في الحفلة التي كانلوا يقيملونها فرحا بتجالوزي التسعين من حياتي سليما ألو معافى.
كانت كلماتي اللولى ملوجهة إلى رلوسا كاباراكاس :أنا مستعد لشراء البيت منك ،كله ،مع الحانلوت
لوالبستان ،فقالت هي :فلنتلوصل إلى رهان مسنين :من يبقى منا حيا يستحلوذ على كل ما يملكه
الخر ،لونلوقع على ذلك أمام كاتب بالعدل .ل لست ملوافقا ل نقني إذا مت أريد أن يصير كل شيء
إليها .فقالت رلوسا كارباكاس :لوهذا ما أريده أنا .فسلوف أتلولى أمر الطفلة ،لوأترك لها بعد ذلك كل شيء ،ممتلكاتك لوممتلكاتي؛ فليس لي أحد سلواها في هذا العالم .لوفي أثناء ذلك فلنعد ترميم غرفتك
لوترتيبها بحمام جديد لوجهاز تكييف هلواء ،لوبكتبك لوملوسيقاك. -أتظنين أنها ستلواف ق؟
فقالت كاباركاس لوهي تكاد تملوت من الضحك: -آي يا عالمي الحزين ،أفهم أنك عجلوز ،لولكن ليس أبله .هذه المخللوقة المسكينة لوفية في حبها
لك .خرجت إلى الشارع المشع ،لوللول مرة تعرفت على نفسي في الف ق البعيد لقرني اللول في الحياة. كان بيتي الصامت لوالمرتب ،في الساعة السادسة لوالربع ،قد بدأ ينعم بأللوان فجر سعيد .كانت داميانا
تغني بأعلى صلوته في المطبخ ،لوالقط الذي استعاد الحياة ،حك ذيله بكعبي ،لولواصل المشي معي حتى
منضدة كتابتي .لوهناك كانت مرتبة ألوراقي الذابلة لودلواة الحبر ،لوريشة البجعة ،في اللوقت الذي اندلعت
فيه الشمس بين أشجار الللوز في الحديقة ،لودخلت سفينة البريد النهرية ،المتأخرة أسبلوعا بسبب
الجفاف ،إلى قنال المرفأ لوهي تطل ق الجؤار .إنه الحياة اللواقعية أخيرا ،بقلبي الناجي لوالمحكلوم بالملوت
في حب طيب ،في الحتضار السعيد لي يلوم بعد بللوغي المئة.