علم وخيال العدد 22

Page 1


‫‪22‬‬

‫هو رقم‬ ‫هذا العدد‪،‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1822‬‬

‫هي السنة التي حل‬ ‫فيها لغز الكتابة الهريوغليفية‪،‬‬ ‫عن طريق حجر رشيد الذي‬ ‫نقشت عليه نصوص هريوغليفية‬ ‫وديموطيقية ويونانية‪ .‬وقام بذلك‬ ‫العالم الفرنيس جان فرانسوا‬ ‫شامبليون‪.‬‬

‫بني العلم والخيال‬ ‫بني أنياب جارجَ نتو‬ ‫املغناطيسية بني العلم والخيال‬

‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬

‫العلم الغريب‬ ‫عندما تقع الذرات يف الحب‬ ‫الطاقة الخرضاء‬

‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪18‬‬

‫مراجعات‬ ‫عالم هكسيل املخيف‬

‫‪22‬‬ ‫‪22‬‬

‫من الخيال العلمي‬ ‫الطريدة (الجزء الثاني)‬

‫‪24‬‬ ‫‪24‬‬

‫انفوجرافيك‬ ‫ماذا يحدث خالل النوم‬

‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬

‫نرجو منكم تقييم العدد بعد‬ ‫قراءته من هنا‬ ‫لالقرتاحات أو املشاركة يف األعداد‬ ‫القادمة‪:‬‬ ‫‪Yasser.abuelhassab@gmail.‬‬ ‫‪com‬‬ ‫الجروب الخاص باملجلة عىل‬ ‫الفيس بوك‬ ‫‪www.SciAndFimag.word‬‬‫‪press.com‬‬


‫‪2‬‬

‫بني أنياب‬ ‫َ‬ ‫جارجنتو‬ ‫م‪ .‬يارس أبوالحسب‬

‫‪Yasser.abuelhassab@gmail.com‬‬

‫«سوف نجد طريقة مناسبة يا بروفيسور‪ ..‬دائما‬ ‫ما نفعل»‪.‬‬ ‫فيلم «إنرتستيللر» ‪Interstellar‬‬


‫‪3‬‬ ‫لألسف الشديد‪ ،‬كان كوكب ميلر أقرب لـ‬ ‫جارجَ نتو ‪- Gargantau‬الثقب األسود الهائل‬ ‫الذي يدور حوله الكوكب (‪ - )1‬مما اعتقد أفراد‬ ‫املهمة‪ ،‬وبالتايل كان النزول عىل سطحه يعني‬ ‫مزيدا ً من التباطؤ الزمني بالنسبة لهم‪ .‬فكل‬ ‫ساعة يقضونها عىل الكوكب‪ ،‬ستعادل سبع‬ ‫سنوات من سنواتنا األرضية‪ .‬أضف إىل ذلك‬ ‫الوقت الذي سيقضونه يف مدار ميلر حيث‬ ‫سيكون هناك تمددا زمنيا بتأثري الجاذبية‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫اقرتح حينها «كوبر» أنه بدال من أن تدور‬ ‫السفينة األ ّم إندورانس ‪ Endurance‬يف مدار‬ ‫كوكب ميلر‪ ،‬فإنها ستأخذ مدارا أوسع حول‬ ‫جارجنتو نفسه بعيد عن منطقة االنزياح‬ ‫الزمني‪ ،‬وبالتايل يقل الوقت املستَهلك نوعا ما‪،‬‬ ‫لينزل بعضهم عىل سطح الكوكب‪ .‬محاولني‬ ‫أخذ د‪ .‬ميلر من الكوكب بأرسع ما يمكن‪.‬‬

‫بدأ أينشتاين العمل عىل نظريته الجديدة منذ‬ ‫عام ‪ 1907‬عندما كان عامال يف مكتب براءات‬ ‫االخرتاع‪ ،‬حتى وصل للنظرية ونرشها كاملة يف‬ ‫عام ‪.1916‬‬ ‫افرتض أينشتاين يف نظريته أن املكان والزمان‬ ‫متحدان يف نسيج كوني أطلق عليه الزمكان‬ ‫(‪ )Space-time‬هذا النسيج الكوني قابل‬ ‫لالنحناء بواسطة األجسام الثقيلة‪ ،‬فالشمس‬ ‫مثال تحني الزمكان حولها‪ ،‬وهذا االنحناء تقع‬ ‫فيه الكواكب التي تدور حولها‪ ،‬وهذا هو سبب‬ ‫الجاذبية برأيه‪ .‬فهي ليست كما قال نيوتن قوة‬ ‫بني جسمني‪ .‬بل هي مجال تكونه األجسام ذات‬ ‫الكتل الكبرية (‪ )Massive objects‬حولها‪،‬‬ ‫وتقع فيه األجسام األصغر‪ ،‬حتى الضوء نفسه‬ ‫ينحني عندما يمر شعاعه بتلك املناطق املنحنية‪.‬‬ ‫وبكلمات أخرى‪ ،‬الجاذبية هي ما يحدد شكل‬ ‫الفضاء‪.‬‬

‫قال أينشتاين نفسه بعد ذلك أن اكتشافه لتلك‬ ‫أينشتاين والجاذبية‬ ‫النظرية يعد «أعظم اكتشاف يف حياته»‪ ،‬وقال‬ ‫كانت نظرية النسبية الخاصة ألينشتاين العالم اإلنجليزي بول ديراك ‪ Paul Dirac‬عن‬ ‫(‪ )1955-1879‬يمكن تطبيقها يف عالم بدون ذات النظرية أنّها «ربما تعد أعظم اكتشاف‬ ‫(‪)3‬‬ ‫جاذبية‪ ،‬فال يوجد دور للجاذبية أو الكتلة يف عىل اإلطالق»‪.‬‬ ‫تلك النظرية‪.‬‬ ‫كانت نظرية الجاذبية الشهرية لنيوتن‬ ‫موجودة‪ ،‬إدنجتون وشهرزاد‬ ‫ولكن اتضح أنها تعد حالة خاصة من نظرية‬ ‫أن نظرية النسبية يف قصة «صباح الليلة األوىل بعد األلف»‪ ،‬يقول‬ ‫أعم‪ .‬لذا نستطيع القول ّ‬ ‫الخاصة ونظرية نيوتن للجاذبية هما حالتان مؤلفها الفرنيس أندريه ميكيل عىل لسان‬ ‫خاصتان عن نظرية أشمل البد من اكتشافها شهرزاد ‪« :‬كل ما يفهمه العقل األصيل يجب‬ ‫يوما ما (فالنسبية الخاصة تصلح للحاالت التي أن يكون شائعا‪ .‬فاملعرفة تنكر وجودها إن‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ال توجد بها جاذبية أو تعجيل‪ ،‬ونظرية نيوتن لم تُتقاسم»‪.‬‬ ‫تصلح للرسعات الصغرية بالنسبة لرسعة واملعرفة التي البد أن يتقاسمها البرش جميعهم‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫هي ما دفعت بعالم إنجليزي أن يحاول إثبات‬ ‫الضوء)‪.‬‬


‫‪4‬‬ ‫صحة كالم آخر أملاني –وهو أينشتاين‪ -‬بعد‬ ‫حرب عاملية طاحنة تخاصم فيها إنجلرتا وأملانيا‪،‬‬ ‫وقتّلوا مئات اآلالف من بعضهم البعض‪ .‬يف‬ ‫قصة يُرضب بها املثل يف تخطي العلم الحدود‬ ‫الوهمية بني البالد‪.‬‬ ‫يف عام ‪ ،1919‬وبعد أن تحدى العالم الربيطاني‬ ‫الشاب آرثر إدنجتون ‪Arthur Eddington‬‬ ‫الجمعية امللكية‪ ،‬أثبت صحة جزء مهم من‬ ‫نظرية النسبية العامة‪ ،‬وهو الخاص بانحناء‬ ‫الضوء حول األجسام الكبرية‪.‬‬

‫العالم اإلنجليزي «آرثر إدنجتون» (‪-1882‬‬ ‫‪)1944‬‬ ‫قبل أينشتاين‪ ،‬كان العلماء بالفعل يعتقدون ّ‬ ‫أن‬ ‫الجاذبية تجذب أشعة الضوء فتجعلها تنحني‬ ‫إذا مرت بجوارها‪ ،‬هذا بالطبع إن لم تكن‬ ‫كبرية كفاية لتجذب األشعة إليها فال تستطيع‬ ‫الخروج‪ ،‬كما رشحنا سابقا‪.‬‬ ‫لكن نظرية أينشتاين تنبأت بقيم جديدة للزوايا‬ ‫التي تصنعها األشعة املنحنية مع املسار االصيل‬ ‫لشعاع الضوء‪ .‬وهنا كان دور إدنجتون‪ ،‬حيث‬ ‫سافر إىل جنوب أفريقيا عام ‪ ،1919‬حيث كان‬

‫هناك كسوفا للشمس‪ ،‬ليحدد مواقع النجوم‬ ‫التي ستظهر له ويقارنها باملواقع األصلية لتلك‬ ‫النجوم‪ ،‬ويرى ما مدى االختالف بني املوقعني‬ ‫الذي سببته جاذبية الشمس‪ .‬واختار إدنجتون‬ ‫وقت الكسوف حتى ال يكون لضوء الشمس أي‬ ‫تأثري عىل قياساته‪ .‬وبالفعل كانت االنحرافات‬ ‫التي قاسها متطابقة مع ما قاله أينشتاين‬ ‫بنسبة خطأ ضئيلة جدا‪.‬‬

‫الثقوب السوداء تطل برأسها‬

‫أول من توقع وجود الثقوب السوداء هو العالم‬ ‫الجيولوجي اإلنجليزي جون ميشيل ‪John‬‬ ‫‪ ، Michell‬تحديدا يف عام ‪ ،1785‬وقدم –‬ ‫حينها‪ -‬توقعاته للجمعية امللكية يف لندن‪.‬‬ ‫وكانت فكرته تعتمد عىل «رسعة الهروب من‬ ‫الجاذبية» ‪.Escape Velocity‬‬ ‫بالنسبة لألرض‪ ،‬فإنه يلزم ألي شئ (صاروخ‬ ‫مثال) لكي يتحرر من جاذبيتها أن يتحرك‬ ‫برسعة ‪ 11‬كيلومرتا يف الثانية الواحدة تقريبا‪.‬‬ ‫بينما عىل القمر يكفي ما يزيد قليال عن ‪2‬‬ ‫كيلومرتا لكل ثانية‪ .‬أما الشمس فيلزمك ‪620‬‬ ‫كيلومرتا يف الثانية لكي تهرب من سعريها!‬

‫من هذه املعادلة يمكنك حساب رسعة الهروب‬ ‫من الجاذبية من أي نجم أو كوكب‪ ،‬حيث ‪G‬‬ ‫هي ثابت الجذب العام‪ M ،‬هي كتلة النجم‬ ‫أو الكوكب‪ ،‬و‪ r‬هي املسافة من مركز جاذبية‬ ‫النجم إىل الجسم‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫تساءل ميشيل‪ ،‬ما هي كتلة الجسم الذي لن ال يستطيع أن يعربها أي يشء للخارج‪ ،‬حتى‬ ‫يستطيع الضوء نفسه أن يهرب منها‪ .‬فالضوء الضوء!‬ ‫عنده (كما قال نيوتن قبله) كان عبارة عن‬ ‫جسيمات‪ ،‬وبالتايل يتأثر بالجاذبية‪ .‬ووجد يف‬ ‫النهاية أن نجما بحجم الشمس ‪ 500‬مرة ولكن‬ ‫بنفس كثافة الشمس‪ ،‬لن يستطيع الضوء أن‬ ‫يهرب منه‪ .‬وبالتايل لن يخرج أي ضوء منه‪،‬‬ ‫معادلة نصف قطر أفق الحدث‪ ،‬حيث ‪ R‬هو‬ ‫ألنه سيجذب شعاع الضوء للداخل‪ .‬وبالتبعية‬ ‫نصف قطر أفق الحدث‪ M ،‬كتلة النجم‪ G ،‬هي‬ ‫(‪)5‬‬ ‫سيبدو هذا النجم اسود!‬ ‫ثابت الجذب العام‪ c ،‬هي رسعة الضوء‪.‬‬ ‫لكن الثقوب السوداء بهذا الشكل ال تعدو أكثر‬ ‫من كونها نجوم كبرية فقط‪ ،‬وهو ما يخالف‬ ‫املعروف اآلن‪ ،‬إذ ّ‬ ‫أن لتلك الكيانات خصائص من املعادلة السابقة‪ ،‬الثقب األسود الذي بكتلة‬ ‫(‪)6‬‬ ‫الشمس‪ ،‬البد أن يكون مرتكزا يف ميلني فقط!‬ ‫أخرى غريبة سنعرفها بعد لحظات‪.‬‬ ‫عندما ينفذ‬ ‫عام ‪ ،1916‬واعتمادا عىل‬ ‫نظرية النسبية العامة‪ ،‬أوضح «كل ما يفهمه العقل األصيل يجب الوقود النووي‬ ‫من النجم‪،‬‬ ‫العالم األملاني «كارل شوارتز» أن يكون شائعا‪».‬‬ ‫فإنه ينهار‬ ‫أنه لو تركزت كتلة نجم كبري‬ ‫يف مكان صغري جدا‪ ،‬فإن ذلك النجم سيصنع عىل نفسه بفعل الجاذبية ويتضاءل حجمه‬ ‫مجاال جذبويا‪ ،‬ومكونا حوله يف نسيج الزمكان شيئا فشيئا‪ ،‬حتى يصل ‪-‬بعد عدة مراحل‪ -‬إىل‬ ‫(‪)7‬‬ ‫منطقة تسمى «أفق الحدث» ‪ ،Event horizon‬درجة الثقب األسود التي أوضحها شوارتز‪.‬‬


‫‪6‬‬ ‫لم يستسغ الفيزيائيون فكرة وجود الثقوب‬ ‫السوداء ساعتها بشكل كامل‪ ،‬إذ كانت تعد‬ ‫«تكوينات متطرفة من املادة» املوجودة يف الكون‬ ‫بالنسبة لهم‪ .‬حتى أينشتاين نفسه كتب ورقة‬ ‫علمية يف عام ‪ ،1939‬حاول فيها إثبات عدم‬ ‫إمكان تكون الثقوب السوداء من األساس‪ .‬لكن‬ ‫اليوم نحن نعرف –عن طريق التلسكوبات‪ّ -‬‬ ‫أن‬ ‫(‪)8‬‬ ‫هناك ماليني من تلك الثقوب يف الفضاء‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1974‬أثبت ستيفن هوكنج أن الثقوب‬ ‫السوداء ليست «سوداء» بالكامل‪ ،‬بل يصدر‬ ‫منها إشعاعات تسمى إشعاعات هوكنج‪.‬‬

‫عودة إىل إنرتستيلر‬

‫جارجنتو‪ ،‬صديقنا الجديد‪ ،‬تبلغ كتلته مقدار‬ ‫كتلة الشمس ‪ 100‬مليون مرة عىل األقل بحسب‬ ‫كيب ثورن (العالِم الذي شارك بالجانب العلمي‬ ‫من الفيلم‪ ،‬وهو املنتج املنفذ)‪ ،‬ويبلغ نصف‬ ‫قطره ‪ 150‬مليون كيلومرت (تساوي تقريبا‬ ‫املسافة من األرض للشمس)‪ .‬فكان له ذلك‬ ‫التأثري الرهيب عىل الوقت‪ .‬فعاد كوبر ليجد‬ ‫ابنته مورف قد شاخت واستبد بها الزمن‪ ،‬بينما‬ ‫هو ال يزال شابا لم يصل لألربعني بعد!‬ ‫ال يجب أن ننىس أن إنرتستيلر فيلم (ورواية‬ ‫الحقا) خيال علمي‪ ،‬يخضع كغريه لعوامل‬ ‫أخرى غري علمية لغرض اإلثارة والحبكة‬ ‫الدرامية‪ ،‬لذلك البد أن نجد بعض «السقطات‬ ‫العلمية»‪ ،‬كإمكانية الحياة داخل الثقب االسود‬ ‫كما فعل «كوبر»‪ ،‬إذ أن الجاذبية داخل الثقب‬

‫علمنا أن الكتل الكبرية تحني الزمكان حولها‪،‬‬ ‫ما يسبب الجاذبية‪ ،‬وهذا يعني أيضا أن الوقت‬ ‫يف تلك االنحناءات‬ ‫يتباطأ مرورة بالنسبة «لم يستسغ الفيزيائيون فكرة وجود الثقوب السوداء‬ ‫ملناطق التوجد بها تلك بشكل كامل‪ .‬حتى أينشتاين نفسه كتب ورقة علمية‬ ‫االنحناءات‪ .‬ويمكننا يف عام ‪ ،1939‬حاول فيها إثبات عدم إمكان تكون‬ ‫القول أن الساعات‬ ‫القريبة من األرض الثقوب السوداء من األساس»‪.‬‬ ‫مثال سيمر بها الوقت‬ ‫بطيئا بالنسبة للساعات األعىل من سطح األسود مريعة! وتتغري برسعة‪ ،‬إضافة لعدم‬ ‫(‪)1.‬‬ ‫األرض‪ .‬وهذا بسبب وجود جاذبية أعىل عندما إمكانية التواصل مع الخارج كذلك‪.‬‬ ‫وختاما‪ ،‬ربما كان الفيلم به كثري من التفاصيل‬ ‫نكون قريبني من سطح األرض‪.‬‬ ‫بالفعل قام بعض العلماء بتجربة يف جامعة العلمية‪ ،‬لكن البد لكل من شاهده أن تساءل‪..‬‬ ‫هارفارد عام ‪ ،1959‬محاولني قياس الفارق هل ستكون نجاة البرشية يف املستقبل البعيد‬ ‫يف تدفق الوقت بني قاعدة وقمة برج طوله ‪ 22‬يف خروجها من األرض؟ هل سنهجر وطننا‬ ‫مرت‪ ،‬فوجدوا فعال أن هناك فارقا بمقدار ‪ 1.6‬األزرق‪ ،‬لنتجه لكوكب آخر نكمل عليه مسرية‬ ‫جزء من تريليون جزء من الثانية بني القمة الحضارة البرشية؟ مجرد التفكري أنه يف يوم ما‬ ‫والقاعدة‪ .‬وبعد ذلك حُ سنت الدقة واألدوات سينظر أحفاد أحفادنا للسماء‪ ،‬محاولني تبني‬ ‫املستخدمة وأعيدت التجارب مرة أخرى لتثبت شكل كوكب األرض الذي ال يعرفون عنه شيئا‪،‬‬ ‫(‪)9‬‬ ‫مجرد التفكري بذلك يصيبني بالدوار!‬ ‫مرة بعد مرة تأثري الجاذبية عىل الوقت‪.‬‬


7 Sources And Notes ”‫ هو ثقب أسود فائق الكتلة يدور حوله كوكبا “ميلر‬،‫ جارجنتو يف فيلم انرتستيلر‬-1 ‫ يعتقد أنه أُخذ من رواية نرشت‬،‫ بالنسبة لالسم‬.‫ ونجم نيوتروني غري معروف‬،”‫و”مان‬ ‫يف القرن السادس عرش اسمها “حياة جارجنتو وبنتاجرويل” وتتحدث عن عمالقني هما‬ Francois Rab� ” ‫ ومؤلف الرواية هو “ف رانكويس رابياليس‬،‫جارجنتو وابنه بنتاجرويل‬ .elais Interstellar wiki, Gargantau, http://interstellarfilm.wikia.com/wiki/gargantau 2- Amir D. Aczel, God’s Equation, Dell Publishing, New York, 1999, p27,28 3- Lillian E. Forman, Einstein Physicist & Genius, 2009, ABDO Publishing, p60 ،96 ‫ كتاب العربي‬،‫ أحمد عثمان‬:‫ ترجمة‬،‫ صباح الليلة األوىل بعد األلف‬،‫ أندريه ميكيل‬-4 81‫ص‬ 5- Jim Alkhalili, Black Holes, worm holes and time machine, Institute of Physics Publishing- Bristol and Philadelphia, pg83, 84, 85 ‫ سلسلة‬،‫ مصطفى إب راهيم فهمي‬.‫ د‬:‫ ترجمة‬،‫ الكون يف قرشة جوز‬،‫ ستيفن هوكنج‬-6 105‫ ص‬،2003 ‫ مارس‬291 ‫عالم املعرفة العدد‬ ‫يمكنك معرفة الخطوات التفصيلية لتحوّ ل النجم إىل ثقب أسود بالرجوع إىل الكتاب‬ :86 ‫ و‬85 ‫ صفحات‬،‫التايل‬ Jim Alkhalili, Black Holes, worm holes and time machine 7- Michio Kaku, Physics of the Impossible, 2008, Doubleday publishing, New York, p.xiii 8- Kip Thorne, The Science of interstellar, W.W Norton & Company, p47 9- Jhonathan O’Callaghan, Five tings interstellar got wrong, and the points it got right, dailymail.com/sciencetech/article-2828836, 10-11-2014

”‫“ أي تقنية متقدمة كفاية ال يمكن تفريقها عن السحر‬ )‫آرثر كالرك (كاتب خيال علمي أمريكي‬


‫‪8‬‬

‫مفهوم املغناطيسية‬ ‫بني العلم واخليال‬

‫د‪ .‬سائر بصمة جي‬

‫‪saerbasmaji@gmail.com‬‬

‫«املغناطيسية ‪ MAGNETISM‬خاصية لوحظت للمرة‬ ‫األوىل يف ما يتصل بخامات الحديد»‬ ‫خصوصا األكسيد الذي سمي فيما بعد باملغنتيت (أكسيد الحديد األسود)‬ ‫الذي مارس قوة جذب عىل األشياء الحديدية األخرى‪.‬‬ ‫الخاصية كانت مألوفة لدى اليونانيني القدماء الذين سموها عىل نحو محتمل‬ ‫ألن هذه الخامات كانت تستخرج يف مقاطعة مغنيسيا‪ ،‬مع أن بلنيوس األكرب‬ ‫راع يدعى ماغنيس‪ ،‬لكن ال يبدو أنهم الحظوا أن القضيب‬ ‫نسب اكتشافه إىل ٍ‬ ‫الحديدي املمغنط إذا ترك له أن يدور عىل محور بحرية فإنه يرصف نفسه يف‬ ‫االتجاه شمال‪/‬جنوب‪.‬‬


‫‪9‬‬ ‫مع أن حجر املغناطيس هذا (يعني الحجر‬ ‫املوجّ ه) أشيع أنها كانت تستعمل يف الصني‬ ‫يف وقت مبكر يعود إىل القرن الثامن امليالدي‪،‬‬ ‫إال أن اإلشارات التاريخية األوربية األوىل إليها‬ ‫تؤرخ من القرن الثالث عرش‪.‬‬ ‫االستقصاء التجريبي األول لظاهرة (الحقل‬ ‫املغناطييس) وصف من قبل بيرتوس‬ ‫بريجينوس دي ماريكورت يف ‪1269‬م‪.‬‬ ‫أما إبرة البوصلة املمغنطة فقد أصبحت عىل‬ ‫نحو متزايد نافعة يف املالحة عندما ازداد مدى‬ ‫االستكشاف البحري‪ ،‬وقد طرحت لغزين‬ ‫مهمني يف ذاك السياق‪.‬‬ ‫فقد لوحظ أوال ً االختالف بني الشمال‬ ‫املغناطييس والشمال الحقيقي‪ ،‬والذي أظهر‬ ‫عىل البوصالت املالحية يف عام ‪1450‬م‪،‬‬ ‫ووجد يف آخر األمر أن العالقة كانت نفسها‬ ‫متغرية (وهو ما يسمى بالحدور املغناطييس‪:‬‬ ‫هو الزاوية املتشكلة بني الشمال املغناطييس‬ ‫والشمال الصحيح)‪.‬‬ ‫ولوحظ ثانيا ً أن إبرة البوصلة قد مالت بدال ً‬ ‫من أن تبقى أفقية‪ ،‬وأن امليل (أو االنحراف)‬ ‫كان أيضا ً متغرياً‪.‬‬ ‫أدوات لقياس امليل صنعت يف النصف‬ ‫األخري من القرن السادس عرش‪ ،‬عندما بدأت‬ ‫املحاوالت جدية لرسم خريطة لشذوذات يف‬ ‫سلوك البوصلة عىل أمل أنها يمكن أن تمدنا‬ ‫بوسائل لحساب خط الطول‪.‬‬ ‫الوصف الباقي األبكر للحدورات املغناطيسية‬ ‫للبوصلة يف اإلنكليزية هو (مقالة عن الحدور‬ ‫املغناطييس) عام ‪1581‬م لوليم بوروف‪،‬‬

‫لكن األهمية العسكرية والتجارية للمعلومات‬ ‫املالحية من املحتمل أنها أبقت عىل األوصاف‬ ‫األخرى رسية‪.‬‬ ‫لعل أول دراسة دقيقة للظاهرة كانت‬ ‫(املغناطيس) عام ‪1600‬م لوليم جيلربت‪،‬‬ ‫والتي بجلت حقيقة أن األرض يجب أن‬ ‫تملك حقالً مغناطيسيا ً يجعل إبرة البوصلة‬ ‫ترتاصف‪.‬‬ ‫الشمال املغناطييس حث إدموند هايل ليقرتح‬ ‫أن األرض يمكن أن تملك أربعة أقطاب‬ ‫مغناطيسية‪ ،‬اثنان واقعان عىل محور قرشة‬ ‫خارجية واثنان عىل محور قرشة داخلية‬ ‫ودورانهما كان متبايناً‪ ،‬وهي فرضية حثّت‬ ‫تأمل كثري بشأن البنية الداخلية للكوكب‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1698‬أعطي هايل قيادة‬ ‫(‪ )HMSParamore‬حتى يرسم خريطة‬ ‫للحدورات املغناطيسية للبوصلة يف املحيط‬ ‫األطلسني وقد نرش خريطته يف عام ‪1701‬م‬ ‫وأجريت قياسات مماثلة من قبل الرحالة‬ ‫االستكشافيني طوال القرن الثامن عرش‬ ‫والتاسع عرش املبكر‪ ،‬إىل أن أصبح ممكنا ً‬ ‫صنع قياسات دقيقة لخط الطول بواسطة‬ ‫الكرونومرتات‪.‬‬ ‫أرسار املغناطيسية جعلتها عىل نحو متعذر‬ ‫اجتنابه جذابة للسحرة واملنجمني مثل‬ ‫أثاناسيوس كريرش وروبرت فلود‪.‬‬ ‫نظرية أن املغناطيسية يمكن أن تملك تأثريات‬ ‫عالجية قابلة لالستعمال يف الطب ربما يكون‬ ‫باراسليوس هو الذي أنشأها‪ ،‬فقد كان مقتنعا ً‬ ‫بأن حجر الفالسفة يجب أن يكون نوع من‬


‫‪10‬‬ ‫املغناطيس‪.‬‬ ‫محاوالت مثرية أكثر أجريت لوضع النظرية يف‬ ‫التطبيق من قبل جيمس غراهام الذي أسس‬ ‫مبنى الصحة والزواج الشهري يف لندن يف أواخر‬ ‫القرن الثامن عرش‪ ،‬وأنتوني مسمر الواضع‬ ‫الريادي لنظرية (املغناطيسية الحيوانية)‬ ‫وهي نظرية ثبت أنها تملك تأثريا ً أدبيا ً أعظم‬ ‫بكثري من الظاهرة الفعلية نفسها‪ ،‬مع أن‬ ‫السلوك املكتنف باألرسار لحجر املغناطيس‬ ‫قد ورد كثريا ً كلغز وقامت البوصالت بدور‬ ‫رئيس يف روبنسوناد‪.‬‬

‫أن اللب املغناطييس للكوكب يمكن أن يكون‬ ‫سائل‪.‬‬ ‫بعد محاوالت كثرية تم الوصول إىل القطب‬ ‫املغناطييس الشمايل يف النهاية عام ‪1831‬م‬ ‫من قبل جيمس كالرك روس‪ ،‬وهي محاولة‬ ‫بطولية أكملها يف عام ‪1839‬م ببدء رحلة إىل‬ ‫القطب املغناطييس الجنوبي‪.‬‬ ‫البعثات املؤدية إىل هذه االنجازات احتفل بها‬ ‫عىل نحو واسع يف األدب املعارص‪ ،‬وتتضمن‬ ‫القصيدة امللحمية (مستكشفو القطب‬ ‫الشمايل) عام ‪1818‬م إلليانور آن برودن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مكتنفة‬ ‫مع أن خاصية املغناطيسية بقيت‬ ‫ً‬ ‫سحرية عىل نحو مؤثر‬ ‫باألرسار‪ ،‬إال أنها بدت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واضحة مع أنواع‬ ‫صالت‬ ‫وبدا وكأنها تملك‬ ‫أخرى من الجذب الخارق للطبيعة‪ ،‬لم يكن‬ ‫مسمر عىل اإلطالق امتدادها الوحيد إىل العلم‬ ‫الزائف‪.‬‬

‫يف عام ‪1785‬م اكتشف تشارلز كولوم أن‬ ‫الحقول املغناطيسية تكون خاضعة لقانون‬ ‫الرتبيع العكيس مثل حقول الجاذبية‪.‬‬ ‫ويف عام ‪1802‬م اكتشف غيان دومنيوك‬ ‫رومانو أن التيارات الكهربائية تولد حقوال ً‬ ‫مغناطيسية‪ ،‬لكن االكتشاف أهمل إىل أن أعاده‬ ‫هانس أورستد ً يف عام «أرسار املغناطيسية جعلتها عىل نحو متعذر‬ ‫‪1820‬م ممهدا السبيل‬ ‫الكتشاف مايكل فاراداي اجتنابه جذابة للسحرة واملنجمني مثل أثاناسيوس‬ ‫للـــحث الكـهرطييس‪ ،‬كريرش وروبرت فلود»‪.‬‬ ‫وللتوحـــيد النـهائي‬ ‫للمجمـوعتني االثــنتني من الظاهرات يف هالتها من الغموض بقيت قوية عىل نحو‬ ‫ٍ‬ ‫كاف حتى أواخر القرن التاسع عرش لحمل‬ ‫نظرية الكهرطيسية لجيمس كالرك ماكسويل‬ ‫التي لخصت يف كتابه (رسالة يف الكهرباء جول فرين عىل حل املشكالت الضمنية يف‬ ‫النهاية املفتوحة لـ(حكاية آرثر جوردون‬ ‫واملغناطيسية) عام ‪1873‬م‪.‬‬ ‫يف الوقت نفسه فإن فرضيات جديدة تحاول بيم) عام ‪1838‬م إلدغار ألن بو باالستشهاد‬ ‫تفسري التقلبات التي يصعب تعليلها يف بسفينكس مغناطييس يف تكملته (سفينكس‬ ‫مغناطيسية األرض قدمت من قبل جني الحقول الجليدية ورس القطب الجنوبي) عام‬ ‫بابتيست بيو وألكسندر فون هامبلدوت ‪1897‬م (السفينكس هو كائن خرايف)‪.‬‬ ‫وكارل غاوص‪ ،‬مع أنه ال أحد منهم اعتقد املتعاون السابق باسكال غروستت مع فرين‬


‫‪11‬‬

‫الذي استعمل مغانط ضخمة لسحب القمر‬ ‫إىل الغالف الجوي لألرض يف (فتح القمر)‬ ‫عام ‪1887‬م‪.‬‬ ‫تقلب الحقل املغناطييس لألرض تم إيواؤها يف‬ ‫خيال النكبة يف قصص مثل (عندما ارتجفت‬ ‫القمة) عام ‪1936‬م لفيكتور إندرسباي‪،‬‬ ‫لكن مدى ذاك التغري لم يدرك تماما ً حتى‬ ‫‪1963‬م عندما لوحظ أن مغنطة الصخور‬ ‫عىل قاع البحر‪ ،‬حيث الصفائح التكتونية‬ ‫كانت تنفصل‪ ،‬وتتبع نموذجا ً من انقالبات‬ ‫غري منتظمة‪ ،‬والذي يدل ضمنا عىل أن قطبية‬ ‫الحقل كانت تعكس عند فرتات فاصلة‬ ‫يبلغ معدلها حوايل نصف مليون سنة (وأن‬ ‫االنعكاس التايل هكذا هو متأخر)‪.‬‬ ‫نتائج كارثية متنوعة لهذا االنعكاس تقدر‬ ‫استقرائيا ً يف أعمال مثل (أيتام فاراداي) عام‬ ‫‪1998‬م ليل وود‪ ،‬و(هجينان) عام ‪2003‬م‬

‫لروبرت ساوير‪.‬‬ ‫الحقل املغناطييس للشمس يقوم بانقالبات‬ ‫تامة من هذا النوع كل أحد عرش سنة بدون‬ ‫أي تأثري واضح عىل الجنس البرشي‪ ،‬لكن‬ ‫حتى الضعف املهم لحقل األرض يمكن أن‬ ‫يثبت أنه كارثي ألن الحقل يحرف اإلشعاع‬ ‫الشميس الخطر‪ .‬هذا السيناريو يصور‬ ‫بطريقة مرسحية يف فلم (الجزء املركزي) عام‬ ‫‪2003‬م‪ ،‬مع أنه بالكاد يذكر يف الكتاب الذي‬ ‫بني عىل أساسه الفلم عىل نحو مزعوم (الجزء‬ ‫املركزي) عام ‪1993‬م لباول بريوس‪.‬‬ ‫قصص نكبة أخرى تستخدم املغناطيسية‬ ‫تتضمن (القوة الثالثة) عام ‪1960‬م لهيو‬ ‫ماثيسون‪ ،‬وفيها فإن املغناطيسيات تُبْطل‬ ‫تأثرياتها‪ ،‬وأوصاف متنوعة لـ(نبضات‬ ‫كهرطيسية) مثل (تبدالت التقدم) عام‬ ‫‪1993‬م لجريي أولتيون‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫عندما تقع‬

‫الذ ّرات‬ ‫يف احلب !‬

‫م‪ .‬عبدالحفيظ العمري‬

‫‪fb.com/abdulhafeed.alamri‬‬


‫‪13‬‬ ‫الحب ما هو الحب؟‬ ‫وهل نستطيع وصفه؟‬ ‫إنه ذلك الشعور السامي الذي كلنا شعرنا‬ ‫ومازلنا نشعر به وسنظل نشعر به حتى آخر‬ ‫العمر‪..‬‬ ‫مشاعر نبيلة قد فقدناها يف هذا العرص‬ ‫املمزوج برتابة اآللة الصماء التي جعلت الناس‬ ‫مثلها‪ ،‬فأصبحوا مجرد كائنات حية خالية من‬ ‫أي مشاعر نبيلة باستثناء ما يتصنّعوه لنيل‬ ‫أوطارهم‪ ،‬فتجيء تلك املشاعر مثل الورود‬ ‫الصناعية خالية من أي رائحة وروح !‬ ‫فالحب ذلك الشعور الجامع لجمال اإلنسانية‬ ‫يف أبهى صورها‪..‬‬ ‫إنه شعور تنبثق منه كل املشاعر الفياضة‬ ‫األخرى كاإليثار والتضحية والعطاء إىل غريها‬ ‫من مشاعر الكمال اإلنساني‪.‬‬ ‫فالحب ليس مجرد كلمة عابرة يقولها مراهق‬ ‫ملعشوقته كما تصوره أفالمنا ومسلسالتنا‬ ‫وحتى قصائدنا (الرومانسية)‪ ،‬بل هو أسمى من‬ ‫ذلك بكثري‪ ،‬ألنه يشمل حبنا ألنفسنا وألوطاننا‬ ‫وألقربائنا ولكل من له فضل علينا من معلمينا‬ ‫وشيوخنا وأصحاب القدوة العظمى لدينا ‪..‬‬ ‫الحب كذلك يشمل حبنا ألبنائنا ‪ -‬مشاريع‬ ‫االمتداد من بعدنا‪ -‬ولكل من حولنا يف‬ ‫مجتمعاتنا‪ ،‬فمن الظلم أن نكبس كل هذه‬ ‫املعاني السامية للحب يف حب مراهق غري‬ ‫ناضج أو نزوة عابرة يروم صاحبها من وراءها‬ ‫قضاء وطره وافراغ رغبة مدفونه‪ ،‬ولكن ال‬ ‫يُفهم من كالمي هذا أنني أقف حائال ضد كل‬ ‫حب رشيف بني شاب وفتاة بهدف الزواج‪ ،‬لكن‬ ‫ليكن هذا الحب مكفوال ضمن ثقافة املجتمع‬ ‫وعاداته وقيمه ‪..‬‬

‫إن أسمى مراتب الحب هي العبادة‪ ،‬فالعابد‬ ‫يهيم يف حب معبوده‪ ،‬فال تكن العبادات‬ ‫مجرد حركات وهمهمات وشعائر معدومة‬ ‫الوجدان بل هي التعبري الصادق عن حبنا‬ ‫وشكرنا لخالقنا يف صورة صلوات وتسبيحات‬ ‫وسلوكيات صالحة تجاه مجتمعاتنا الخاصة‬ ‫منها أو االنسانية ‪..‬‬ ‫هذا هو الحب كما أفهمه‪ ،‬ودعونا نرتل جميعا‬ ‫قوله تعاىل ‪ -‬عىل لسان نبيه الكريم محمد صىل‬ ‫الله عليه وسلم ‪ُ -‬‬ ‫«ق ْل إ ِ ْن ُكنْتُ ْم تُحِ ب َ‬ ‫ُّون ال َّل َه‬ ‫َفاتَّ ِبعُ ونِي يُحْ ِببْ ُك ُم ال َّل ُه َوي َْغفِ ْر َل ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم‬ ‫وَال َّل ُه َغ ُفو ٌر َرحِ ي ٌم [آل عمران‪]31:‬‬ ‫وقد تتساءلون وأين العلم يف كل هذا ؟‬ ‫دعونا ندخل عا َلم كيمياء الفيمتو لنعرف !‬

‫عا َلم كيمياء الفيمتو‬

‫منذ أن عرف االنسان الذرة وهو يغوص يف‬ ‫معرفة ماهيتها‪ ،‬حتى استطاع أن يصل إىل‬ ‫ِ‬ ‫يكتف بذلك فمع‬ ‫الرتكيب الداخيل للذرة‪ ،‬لكنه لم‬ ‫التقدم التكنولوجيا بدأ البحث عن التفاعالت‬ ‫الكيميائية كيف تتم؟ وما هي آلية التفاعل؟‬ ‫ما نعرفه عن التفاعالت الكيميائية أن عىل‬ ‫املواد الداخلة يف التفاعل أن تتسلق جبال من‬ ‫الطاقة لكي تصل إىل نواتج التفاعل وكأن‬ ‫املواد الداخلة يف التفاعل يف واد واملواد الناتجة‬ ‫يف واد آخر ويفصل بينهما جبل الطاقة هذا‬ ‫الذي يجب أن تعربه املواد الداخلة يف التفاعل‬ ‫ولتحقيق ذلك يجب أن تمر يف مرحلة تسمى‬ ‫املرحلة االنتقالية ‪ transition state‬وهو‬ ‫تعبري مجازي لنوع من املركبات الوسيطة‬ ‫التي تتشكل كخطوة وسطى بني املواد االصلية‬


‫‪14‬‬ ‫الداخلة يف التفاعل والنواتج النهائية؛ ويف هذه‬ ‫املرحلة تنكرس الروابط الكيميائية لتكوين‬ ‫روابط جديدة ويعرب الجزيء الحالة االنتقالية‬ ‫بنفس رسعة حركة الذرات يف الجزيء وهي‬ ‫رسعة عالية تصل إىل ألف مرت يف الثانية‬ ‫والزمن الالزم لحركة الذرات يف الجزيء ضئيل‬ ‫جدا يقدّر بعرشة فيمتو ثانية ‪femtosecond‬‬ ‫( فيمتو ثانية =‪ 15-10‬ثانية) والفيمتو ثانية‬ ‫بالنسبة للثانية كمثل الثانية بالنسبة لحقبة‬ ‫زمنية قدرها ‪ 32‬مليون سنة‪ ،‬إذ أن الفيمتو‬ ‫ثانية هو واحد عىل مليون من بليون من الثانية‪.‬‬

‫ورسعة هذه التفاعالت تزداد بزيادة الحرارة‬ ‫التي تجعل الحركة الجزيئية للذرات أكثر‬ ‫عنفا وكان العالم سفانت ارهينيوس ‪Svante‬‬ ‫‪ Arrhenius‬قد قدّم يف عام ‪1889‬م رشحا‬ ‫للتغري يف رسعة التفاعالت الكيميائية بالتغري يف‬ ‫درجة الحرارة عن طريق معادلة توضح ذلك‬ ‫وقد منح جائزة نوبل لعام ‪1903‬م واستمرت‬ ‫معادلته تستخدم ألكثر من قرن من الزمان‪.‬‬ ‫كل هذا لم يتم رصده بشكل معاينة بل تحليال‬

‫وتخمينا نظرا لضآلة الزمن الذي تستغرقه‬ ‫العملية (خصوصا املرحلة االنتقالية) وكان‬ ‫حلما رؤية هذه العمليات عيانا حتى جاء‬ ‫الدكتور‪ /‬أحمد زويل‪.‬‬

‫أرسع كامريا يف العالم‬

‫قدّم الدكتور‪ /‬أحمد زويل كامريا تقوم بتصوير‬ ‫الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي (خصوصا‬ ‫املرحلة االنتقالية) وقد بنيت هذه الكامريا عىل‬ ‫تقنية ليزر جديد بومضات ضوئية يف بضع‬ ‫عرشات فيمتو ثانية؛ فبعد إدخال املواد املكونة‬ ‫للتفاعل إىل مطياف جهاز الفيمتو ثانية عىل‬ ‫شكل حزم من املواد الجزيئية يف غرفة تفريغ‬ ‫يقوم ليزر فائق الرسعة ‪femtoscopy laser‬‬ ‫بإدخال نبضتني‪ :‬األوىل قوية تصدم الجزيئات‬ ‫وتثريها إىل حالة من الطاقة العالية‪ ،‬فتتأرجح‬ ‫كل الجزيئات يف آن واحد تحت تأثري الرتابط‬ ‫الجزيئي بينها وكأنها صفوف منضبطة يف‬ ‫كتيبة عسكرية‪ ،‬والنبضة الثانية هي نبضة‬ ‫جس ضعيفة ‪ probe pulse‬يتم اختيارها‬ ‫يف طول موجي مناسب الكتشاف الجزيء أو‬ ‫صورة معدلة منه‪.‬‬ ‫وسبب نجاح هذه التقنية أن النبضة األوىل‬ ‫هي إشارة البدء للتفاعل بينما النبضة الثانية‬ ‫تفحص كل ما يجري يف التفاعل من حركة‬ ‫بطريقة سرتوبوسكوبية ‪Spectroscopy‬‬ ‫(أي رؤية الجسم املتحرك بنفس رسعة دوران‬ ‫الجهاز نفسه وكأن الجسم املتحرك ساكن)‬ ‫وكأننا نوقف حركة صورة الذرات اللتقاطها‬ ‫وتسمى هذه العملية الفيمتو سكوبي‬ ‫‪. femtoscopy‬‬ ‫والفاصل الزمني بني النبضتني يمكن فيه‬


‫‪15‬‬

‫يف نهاية الثمانينات قام أحمد زويل ومعاونوه‪ ،‬بسرب مراحل التفاعل الجاري بني يوديد الهيدروجني‬ ‫ﺍﻟﻬﻳﺩﺭﻭﺟﻳﻥ‬ ‫وأحادي ﺑﻳﻥ‬ ‫ﺍﻟﺗﻔﺎﻋﻝ ﺍﻟﺟﺎﺭﻱ‬ ‫اليودﺑﺳﺑﺭ ﻣﺭﺍﺣﻝ‬ ‫ﻣﻌﺎﻭﻧﻭﻩ‪،‬‬ ‫وتسجيله‪،‬ﺯﻭﻳﻝ ﻭ‬ ‫ﺍﻟﺛﻣﺎﻧﻳﻧﺎﺕ ﻗﺎﻡ ﺃﺣﻣﺩ‬ ‫وتم‬ ‫ﻳﻭﺩﻳﺩالكربون‬ ‫أكسيد‬ ‫والهيدروكسيد‬ ‫لتشكيل‬ ‫ﻧﻬﺎﻳﺔ الكربون‬ ‫وثنائي ﻓﻲأكسيد‬ ‫ﻭﺛﻧﺎﺋﻲ ﺃﻛﺳﻳﺩ ﺍﻟﻛﺭﺑﻭﻥ ﻭﺗﺳﺟﻳﻠﻪ‪ ،‬ﻟﺗﺷﻛﻳﻝ ﺍﻟﻳﻭﺩ ﻭﺍﻟﻬﻳﺩﺭﻭﻛﺳﻳﺩ ﻭﺃﺣﺎﺩﻱ ﺃﻛﺳﻳﺩ ﺍﻟﻛﺭﺑﻭﻥ ﻭﺗﻡ ﺍﻟﺗﻔﺎﻋﻝ ﻓﻲ‬ ‫التفاعل يف ‪ 200‬فيمتو ثانية‪ .‬وقد تمكن الباحثون‪ ،‬باستخدام نبضات ليزرية المتناهية يف قرصها‬ ‫‪ 200‬ﻓﻳﻣﺗﻭ ﺛﺎﻧﻳﺔ‪ .‬ﻭﻗﺩ ﺗﻣﻛﻥ ﺍﻟﺑﺎﺣﺛﻭﻥ‪ ،‬ﺑﺎﺳﺗﺧﺩﺍﻡ ﻧﺑﺿﺎﺕ ﻟﻳﺯﺭﻳﺔ ﻻﻣﺗﻧﺎﻫﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﺻﺭﻫﺎ ﻭﻻ ﺣﺻﺭ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻥ‬ ‫الذرات‬ ‫حركة‬ ‫املختلفة‪.‬ﺍﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬ ‫والجزيئاتﻭﺍﻟﺟﺯﻳﺋﺎﺕ‬ ‫ﺣﺭﻛﺔ ﺍﻟﺫﺭﺍﺕ‬ ‫ﻭﻣﺭﺍﻗﺑﺔ‬ ‫ومراقبة‪(4 -‬‬ ‫التفاعلﺍﻟﺗﻔﺎﻋﻝ )‪1‬‬ ‫مراحل ﻣﺭﺍﺣﻝ‬ ‫تتايل ّﺑﻊ ﺗﺗﺎﻟﻲ‬ ‫وال حرص لها‪ ،‬من تتبّع ﺗﺗ‬

‫َ‬ ‫مشاهد ألحداث هذا التفاعل وبهذه‬ ‫إىل واقع‬ ‫الكامريا العمالقة يمكننا رصد أي تفاعل‬ ‫كيميائي ولهذا السبب منح الدكتور‪ /‬أحمد‬ ‫زويل جائزة نوبل يف الكيمياء لعام ‪1999‬م‬ ‫؛ كما جاء يف تقرير جائزة نوبل‪« :‬استخدمت‬ ‫تقنية (زويل) فيما يمكن وصفه بأرسع كامريا‬ ‫يف العالم والذي استخدمت فيها ومضات‬ ‫ليزر فائقة القرص إىل الحد الذي توصلنا فيه‬ ‫إىل املقياس الزمني الذي تقع فيه التفاعالت‬ ‫الكيميائية بالفعل ‪ ..‬واآلن فإنه يمكننا أن نرى‬ ‫تحركات الذرة املفردة كما نتخيلها وبالتايل لم‬ ‫تعد هذه الذرات أشياء غري مرئية‪».‬‬ ‫عودة إىل الحب …‬

‫مالحظة مدى رسعة التحول واألوضاع الجديدة‬ ‫التي يأخذها الجزيء عند إثارته واجتيازه‬ ‫للمرحة االنتقالية (يقدر بزمن عرشة فيمتو‬ ‫ثانية) ويمكن زيادة هذا الفاصل الزمني‬ ‫بجعل نبضة الجس (النبضة الثانية) تدور‬ ‫دورة بواسطة مرايا ‪.‬‬ ‫والصور التي تظهر للجزيء أثناء إثارته ترتك‬ ‫لها أطياف – وكأنها بصمات اصابع – يمكن‬ ‫رؤيتها عىل الشاشة‪ ،‬وبتتابع النبضات والصور‬ ‫نحصل عىل فيلم (إن صح التعبري) يعرض‬ ‫حركة الجزيئات يف أهم رحلة من مراحل‬ ‫التفاعل الكيميائي وهي املرحلة االنتقالية‬ ‫(تكسرّ الروابط) عىل شكل خطوات بطيئة‬ ‫متالحقة‪ ،‬وكأننا نشاهد إعادة بطيئة لهدف يف‬ ‫الحب عىل مستوى الذ ّرات‬ ‫رمى كرة قدم؟!‬ ‫بظهور هذه التقنية ولد علم جديد هو علم إذا كان الحب بني البرش من أسمى املشاعر‪ ،‬لن‬ ‫كيمياء الفيمتو ‪ ،femtochemistry‬والذي نعدم وجود هذه املشاعر خارج نطلق البرش؛‬ ‫غري نظرتنا للتفاعالت الكيميائية‪ ،‬فمن التخيل فقد وجد علماء العلوم الطبيعية الحب يف املادة‬


‫‪16‬‬ ‫الشيئني يف وقت واحد‪ ،‬وهي التجاذب والتنافر‬ ‫أو الحب والكراهية وذلك يف أثناء إقامة عالقات‬ ‫أو روابط جديدة‪ ،‬وفسخ أو تحطيم الروابط أو‬ ‫العالقات القديمة‪».‬‬ ‫حتى أن د زويل يُسمّ ي لحظة ارتباط ذرتني‬ ‫معً ا بالقِ ران السعيد ‪! happy marriage‬‬

‫الصماء‪ ،‬بل يف أصغر جزئياتها وهي الذ ّرات!‬ ‫وهذا ليس كالم بدون حيثيات‪ ،‬جاء يف كتاب‬ ‫(رحلة عرب الزمن) للعالِم الكبري د أحمد زويل‪،‬‬ ‫عندما تحدث عن آلية التفاعل بني الذ ّرات يف‬ ‫املرحلة االنتقالية حيث تفكك املواد الداخلة‬ ‫يف التفاعل وتمتزج مع بعض لتكون نواتج‬ ‫التفاعل؛ حيث يقول ‪ « :‬ومن عجائب الذ ّرات أن‬ ‫بعضها يجذب بعضا وتقع تلك الذ ّرات عندئذ وأخرياً‪:‬‬ ‫يف حب عميق «برئ الحب ‪َ »a potential well‬هنِيئًا لِمَ ن ع َّلمُوا األبجديَّة‬ ‫ُ‬ ‫كيف تُ‬ ‫َ‬ ‫ضيف إىل الحا ِء بَا ْء!‬ ‫بينما تصد بعض الذ ّرات بعضا‪ ،‬وتنفر كل‬ ‫واحدة من األخرى وتظل تلك الذ ّرات متنافرة‬ ‫الشاعر الكبري‪ /‬أحمد بخيت‬ ‫أبدا‪ ،‬ويبدو أن الذ ّرات مثل البرش‪ ،‬تكون‬ ‫منضبطة يف عالقاتها أو تفاعالتها بقوتني‬ ‫متعارضتني‪ :‬التجاذب والتنافر‪ ،‬أو الحب‬ ‫والكراهية‪ ،‬والكثري منا نحن البرش‪ ،‬والذ ّرات‬ ‫أيضا‪ ،‬يسلك كال املسلكني معً ا‪ ،‬أو يفعل‬

‫‪Sources And Notes‬‬

‫‪ -1‬زويل ‪ ،‬أحمد حسن‪ .‬رحلة عرب الزمن‪ ،‬ط‪( 1‬القاهرة‪ :‬مركز األه رام للنرش والرتجمة‪،‬‬ ‫‪.)2003‬‬ ‫‪ -2‬زويل ‪ ،‬أحمد حسن ‪“ .‬والدة الجزيئات”‪ ،‬مجلة العلوم ‪ ،‬عدد ( الكوي ت ‪ :‬سبتمرب‬ ‫‪.)1992‬‬ ‫‪ -3‬زويل ‪ ،‬أحمد حسن ‪ “ .‬جوائز نوبل لعام ‪ ،”1999‬مجلة العلوم ‪،‬عدد ( الكوي ت ‪:‬‬ ‫ف رباير ‪.)2000‬‬ ‫‪ -4‬العمري ‪ ،‬عبدالحفيظ أحمد ‪ “ .‬كام ريا أحمد زويل “‪ ،‬امللحق العلمي ملجلة العربي‪،‬‬ ‫العدد ‪( ،606‬الكوي ت‪ :‬مايو ‪.)2009‬‬ ‫‪5- Zewail, Ahmed, Femtochemistry: Atomic-Sclae Dynamics of the‬‬ ‫‪Chemical Bond, 2000, J. Phys.Chem. A, 104, 5660-5694‬‬ ‫‪6- Noble prize report , 1999‬‬



‫‪18‬‬

‫الطاقة‬ ‫الخضراء‬ ‫فيصل املالكي‬

‫‪twitter: @KSA_al_malki‬‬

‫«مع التقدم الصناعي و التقني العايل و مع زيادة اعداد‬ ‫السكان يف كثري من الدول يزداد رصفية الفرد من الطاقه و‬ ‫بهذا يزداد الطلب أكثر فأكثر عىل الطاقه و يصل الحال يف‬ ‫بعض األحيان اىل إنقطاع يف الطاقه الكهربائيه و لم يحصل‬ ‫هذا فقط يف املنطقه العربيه فحسب بل سبق أن حصل‬ ‫كذلك يف دول متقدمه و كبريه»‬


‫‪19‬‬ ‫مشكالت الطاقه و الكهرباء ‪:‬‬ ‫تشتكي اغلب دول العالم من ضعف و انقطاع‬ ‫الطاقه الكهربائيه و بعض األحيان يكون‬ ‫ألسباب بيئية و بعض االحيان يكون لعدم‬ ‫القدره عىل تغطية اإلحتياج ‪،‬و هنا نستعرض‬ ‫بعض أحداث إنقطاعات الكهرباء حول العالم‪:‬‬ ‫‪ -1‬يف أمريكا و كندا‪:‬‬ ‫يف أغسطس ‪ 2003‬انقطع التيار الكهربي يف‬ ‫شمال رشق الواليات املتحدة األمريكية وعدد من‬ ‫املدن الكندية‪ ،‬واستمر حوايل ‪ 30‬ساعة بسبب‬ ‫نشوب حريق يف محطة توليد طاقة نووية يف‬ ‫بنسلفانيا‪ ،‬وتوقفت حركة املرتو يف نيويورك‬ ‫وأونتاريو يف كندا‪ ،‬وانقطعت االتصاالت الهاتفية‬ ‫وأغلقت ‪ 6‬مطارات يف البلدين و‪ 7‬محطات‬ ‫نووية يف أمريكا‪ ،‬مما أسفر عن خسائر وصلت‬ ‫إىل ‪ 35‬مليار دوالر‪ ،‬األمر الذي وصلت خطورته‬ ‫لدفع الرئيس األمريكي السابق جورج بوش‬ ‫للظهور عىل شاشات التليفزيون يقدم تفسريًا‬ ‫للرأي العام حول انقطاع الكهرباء‪.‬‬

‫املياه كذلك وتتوقف عن العمل مع شبكات‬ ‫االتصاالت‪.‬‬ ‫‪ -3‬الصني أطول فرتة إنقطاع‪:‬‬ ‫تسببت عواصف ثلجية وانخفاض درجات‬ ‫الحرارة يف يناير ‪ 2008‬يف هالك الشبكة‬ ‫الكهربائية جنوب الصني ليترضر ‪ 27‬مليون‬ ‫شخص و‪ 7‬ماليني أرسة يف ‪ 99‬محافظة من‬ ‫انقطاع الكهرباء الذي استمر ملدة أسبوعني مما‬ ‫دفع املواطنني الستخدام الفحم واألخشاب بحثا‬ ‫عن الدفء‪ ،‬ونجحت مقاطعتان يف استئناف‬ ‫إمداد الطاقة بعد مرور ‪ 20‬يومً ا من العمل‬ ‫املستمر الذي شارك فيه ‪ 40‬ألف شخص مات‬ ‫منهم أكثر من ‪ 11‬فنيًا‪.‬‬

‫‪ -4‬إيطاليا‪:‬‬ ‫يف عام ‪ 2003‬انقطعت إمدادات التيار الكهربي‬ ‫عن جميع أنحاء إيطاليا وسويرسا لـ ‪ 18‬ساعة‬ ‫متصلة لسقوط خطوط الضغط العايل التي‬ ‫تنقل الكهرباء من فرنسا وسويرسا إىل األرايض‬ ‫اإليطالية لسوء األحوال الجوية‪ ،‬فأطلق رئيس‬ ‫الحكومة اإليطالية أمره بالعمل فو ًرا عىل إنشاء‬ ‫مفاعالت نووية لتوليد الكهرباء لتحل محل‬ ‫‪ -2‬مرص و اإلنقطاع املتكرر‬ ‫شهدت معظم محافظات مرص انقطاعً ا للتيار محطات توليد الكهرباء التقليدية‪.‬‬ ‫الكهربائي أول سبتمرب العام املايض ‪2014‬‬ ‫استمر قرابة ‪ 17‬ساعة استقبله املرصيون يف ‪ -5‬أملانيا‪:‬‬ ‫ساعات الصباح األوىل بعد الكشف عن مناورة قامت رشكة الكهرباء األملانية بتوليد كميات‬ ‫لتحميل الكهرباء التي يضخها “خط ‪ ″500‬كبرية من الكهرباء لتيسري مرور السفن‬ ‫الرئييس من السد العايل والذي يمد جميع أنحاء السياحية فوق نهر كروكودايل عام ‪ 2006‬مما‬ ‫الجمهورية‪ ،‬إىل خط آخر لحماية الخط الرئييس تسبب يف انقطاع التيار الكهربي وترضر ‪10‬‬ ‫من التلف والذي لم يخضع للصيانة منذ ‪ 20‬ماليني مواطن يف كل من أملانيا وفرنسا وايطاليا‬ ‫عامً ا‪ ،‬ثم تفشل املناورة وتفقد محطات التوزيع وأسبانيا‪.‬‬ ‫قدرتها عىل توفري الكهرباء‪ ،‬مما يرض بشبكات‬


‫‪20‬‬ ‫‪ -6‬الهند‪:‬‬ ‫يف ‪ 2001‬انقطعت الكهرباء عن ‪ 200‬مليون‬ ‫شخص يف الجزء الشمايل من الهند بعد عطل يف‬ ‫محطة التوليد الرئيسية يف والية أوتار براديش‪،‬‬ ‫ليعاد نفس األمر عىل نطاق أوسع عام ‪2012‬‬ ‫وتنقطع الكهرباء عن نصف سكان الهند –‬ ‫حوايل مليار نسمة – بسبب تعطل الشبكات‬ ‫التي تمد ‪ 12‬والية بالطاقة ليومني متتاليني‬ ‫تأثرت فيهما املستشفيات‪.‬‬

‫حلول الكهرباء و الطاقه‪:‬‬

‫سبب يف إنخفاض استهالك الوقود األحفوري‬ ‫املستخرج مثل الفحم و الغاز و النفط و يكون‬ ‫بهذا األعتماد االكرب عىل املصادر املتجدده ‪،‬‬ ‫ففي أمريكا يثقفون بأن ذلك سيزودهم بمنافع‬ ‫اقتصادية أيضا ويمكن أن يحسن أمن طاقة‬ ‫الوطني يف بالدهم‪,‬حيث أوجدوا موقعا للمخترب‬ ‫الوطني للطاقة عىل الوب‪ ,‬لرشح األبعاد اإلضافية‬ ‫ملنافع الطاقة املتجددة‪ ,‬كما تم أعادة هيكلة‬ ‫بعض رشكات توليد الطاقة الكهربائية عىل‬ ‫أساس ذلك وفتح باب املنافسة عىل مرصاعيه‪.‬‬ ‫هذا وألول مرة تدخل السياسة األمريكية بتثقيف‬ ‫أشبه ما يكون بالتثقيف األيديولوجي املوجه مع‬ ‫مواطنيها بهدف تخفيض اعتمادهم عىل طاقة‬ ‫املنتجة من النفط املستورد ووجوب التحول إىل‬ ‫الوقود األقل تلويثا للبيئة‪.‬‬

‫لقد لجئت بعض الدول و خصوصا بعد حصول‬ ‫مشاكل و صعوبات طويله لها إىل إنشاء محطات‬ ‫توليد طاقه نوويه كهربائيه ألنها ارسع و أقوى‬ ‫والكن مشكلة محطات توليد الطقه النوويه‬ ‫عىل البيئه أكثر من منافعها لهذا اصبح إنشاء مشاريع الطاقه الخرضاء يف‬ ‫مشاريع الطاقه الخرضاء أحد أهم الحلول‬ ‫املستدامه التي تخدم البيئه و املجتمع و تحافظ املنطقه العربيه‪:‬‬ ‫عليهما من أرضار اإلشعاعات و الحراره و‬ ‫التلوث البيئي ‪،‬ننتقل لنوضح أكثر حول الطاقه ‪ -1‬يف السعوديه ‪:‬‬ ‫الخرضاء‪.‬‬ ‫اعلن الرئيس التنفيذي للرشكة السعودية‬ ‫للكهرباء املهندس زياد الشيحة عن طرح‬ ‫ماهي الطاقه الخرضاء‪:‬‬ ‫الكهرباء ألكرب مرشوعاتها إلنتاج الطاقة‬ ‫يوحي مصطلح (الطاقه الخرضاء) اىل الكهرباء الكهربائية من الطاقة الشمسية يف السعودية‬ ‫دائما و هو عباره عن تجهيز و استخدام لطاقه سمي « ضباء الخرضاء « ينتج ‪ 50‬ميجا وات‬ ‫متجدده يمكن استغالل الطبيعه إلنتاجها مثل من الطاقة الشمسية الحرارية لتدمج مع طاقة‬ ‫الحراره و الرياح و الطاقه املائيه و الطاقه الغاز لتنتج طاقة متكاملة نظيفة من أفضل‬ ‫الشمسيه و اشكال مختلفه اخرى من الكتله تكاليف طاقة موجودة ‪.‬‬ ‫العضويه ‪.‬‬ ‫وأفاد تقرير للمنتدى السعودي للمباني‬ ‫الخرضاء بأن ميزانية االستثمار يف مرشوعات‬ ‫ملاذا أستعمل منتجات الطاقه الخرضاء؟‬ ‫املباني الخرضاء يف السعودية تقدر بنحو ‪26‬‬ ‫برشائك ملنتجات تدعم الطاقه الخرضاء تكون مليار دوالر مو ّزعة عىل ‪ 76‬مرشوعا‪.‬‬


‫‪21‬‬ ‫وتتضمن هذه املشاريع مركز امللك عبدالله‬ ‫املايل‪ ،‬الذي يوصف بأنه أضخم مرشوع توسع‬ ‫للمباني الخرضاء يف العالم‪ ،‬إذ يقوم عىل مساحة‬ ‫تزيد عىل ‪ 1.6‬مليون مرت مربع‪.‬‬ ‫وتملك السعودية ‪ 15‬باملئة من مرشوعات املباني‬ ‫الخرضاء يف منطقة الرشق األوسط‪ ،‬حيث تضم‬ ‫أكثر من ‪ 300‬مرشوع صديق للبيئة‪ ،‬يف حني‬ ‫تضم منطقة الرشق األوسط نحو ألفي مرشوع‬ ‫من ذلك النوع‪.‬‬

‫مجموعة الخياط الدولية إن قطر تتجه بقوة‬ ‫نحو تنفيذ املرشوعات العقارية الخرضاء‪،‬‬ ‫وهي املرشوعات الخالية من العنارص امللوثة‬ ‫للبيئة بحيث يظهر ذلك يف تقليل التأثري السلبي‬ ‫للمباني عىل البيئة‪ ،‬إىل جانب تقليل تكاليف‬ ‫إنشائية وتشغيلية‪.‬‬ ‫وأوضح أنه “يجري تنفيذ مرشوع مدينة‬ ‫لوسيل والتي تقدر تكلفتها بنحو ‪ 5.5‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬وتمثل هذه املدينة نقلة نوعية للتخطيط‬ ‫الحرضي والعمراني يف الخليج”‪.‬‬ ‫وأضاف أن “مدينة لوسيل من أكرب املدن يف‬ ‫العالم التي تستخدم مفهوم املباني الخرضاء‬ ‫ومراعاة االستدامة‪ ،‬كما تطبق معايري ترشيد‬ ‫استخدام الطاقة واملحافظة عىل البيئة كونها‬ ‫مدينة صديقة للبيئة بامتياز“‪.‬‬

‫‪ -2‬يف اإلمارات‪:‬‬ ‫تتصدر أبوظبي الجهود اإلقليمية والعاملية يف‬ ‫مجال املشاريع الصديقة للبيئة حيث تتوىل‬ ‫رشكة أبوظبي لطاقة املستقبل (مصدر) إدارة‬ ‫تلك املشاريع يف جميع أنحاء العالم‪.‬‬ ‫وتعد مدينة مصدر يف إمارة أبوظبي أول مدينة‬ ‫هناك نمو متزايد يف بعض البلدان العربيه يف‬ ‫عاملية ال تنتج أي أرضار عىل البيئة‪.‬‬ ‫هذا املجال ولكن تحتاج اىل استمرار و رسعه و‬ ‫دعم لهذه املشاريع ‪.‬‬ ‫‪ -3‬قطر ‪:‬‬ ‫قال محمد معتز الخياط رئيس مجلس إدارة‬

‫‪Sources And Notes‬‬

‫‪ -1‬غريو ريرت‪ /‬عيل املخاليف‪ ،‬رصاع محتدم بني الوقود األحفوري والطاقة الخ رضاء‪،‬‬ ‫‪www.dw.com/ar/a-17297443، 15.12.2013‬‬ ‫‪ -22‬زه راء مجدي‪ ،‬أطول ‪ 9‬حوادث النقطاع الكهرباء يف العالم‪sasapost.com/cit� ،‬‬ ‫‪ies-in-darkness، 11/9/2014‬‬ ‫‪ -3‬الدكتور مجد جرعتيل‪ ،‬الطاقة الخ رضاء حل وحيد ملشاكل عديدة‪،31/10/2011 ،‬‬ ‫‪/http://green-studies.com/2011/10‬الطاقة‪-‬الخرضاء‪-‬حل‪-‬وحيد‪-‬ملشاكل‪-‬‬ ‫عديدة‬ ‫‪ -4‬صحيفة العرب‪ ،‬اإلمارات تقود مشاريع املباني الخ رضاء يف منطقة الخليج‪،‬‬ ‫‪ ،24/03/2015‬العدد‪ ،9866 :‬ص(‪)11‬‬


‫‪22‬‬

‫ُ‬ ‫عامل هكسلي املخيف!!‬ ‫محمد خريي‬

‫‪fb.com/muhammad.khairy.946‬‬

‫“البناء منخفض متني‪ ،‬رمادي‬ ‫اللون‪ ،‬يتكون من أربعة وثالثني‬ ‫ً‬ ‫طابقا فحسب‪ .‬وقد ُكتبت عىل مدخله‬ ‫الرئييس هذه العبارة‪( :‬مركز لندن‬ ‫للتفريخ والتكييف)”‪.‬‬ ‫هكذا تبدأ رواية (العالم الطريف) بحسب‬ ‫ترجمة األستاذ «محمود محمود» أو(عالم جديد‬ ‫شجاع) ‪ ،Brave New World‬والتي كتبها «أولدس‬ ‫هكسيل» عام ‪ ،1932‬مستمدًا عنوانها من مرسحية‬ ‫(العاصفة) ﻟ»وليم شكسبري»‪ ،‬ليضع فيها تصوراته‬ ‫عن الحياة يف املستقبل‪ ،‬وما سيكون عليه عاملنا بعد‬ ‫أكثر من خمسة قرون‪.‬‬ ‫وهذا املبنى املنخفض ألنه يتكون من أربعة‬ ‫ً‬ ‫طابقا فحسب‪ ،‬هو‪( :‬املقر املركزي للتفريخ‬ ‫وثالثني‬ ‫والتكييف)‪ ،‬وال تدع كلمة (تفريخ) تخدعك فتظن‬ ‫أن لألمر عالقة بإنتاج البيض أو الدجاج‪ ،‬فما يتم‬ ‫إنتاجه يف هذه املنشأة‪ ،‬هو البرش أنفسهم!!‬ ‫فخالل خمسة قرون وتحديدًا يف عام ‪2540‬‬ ‫بالتقويم امليالدي‪ ،‬ومع التقدم العلمي الرسيع‬ ‫الخطى‪ ،‬توصلت التكنولوجيا املتقدمة إىل ضبط‬ ‫حركة الوالدة لتصبح عملية فقس بيض يف مراكز‬ ‫خاصة لذلك‪ ،‬فلم تعد األطفال تولد بالطرق الطبيعية‪،‬‬ ‫بل يُصنعون يف أنابيب اختبار ويُش َّكلون تبعً ا‬ ‫الحتياجات املجتمع‪ ،‬عىل طبقات أو رشائح اجتماعية‬ ‫تحمل أرقامً ا‪ ،‬ألفا‪ ،‬بيتا‪ ،‬جاما‪ ،‬دلتا‪ ،‬آبسلون‪ .‬حتى‬

‫نُيس العرص الذي كانت تحمل فيه النساء وتلد‪،‬‬ ‫وأصبحت كلمة األم ال تعني شيئًا بالنسبة للكثرة‬ ‫الساحقة من سكان هذا العالم‪ ،‬وتحمر لها وجوههم‬ ‫كما يحمر وجهك خجلاً عندما تسمع كلمة نابية‬ ‫غري مهذبة‪ .‬وقد تحرر الناس من إنجاب األطفال‪،‬‬ ‫وأصبحت املمارسة الجنسية غري معقدة مادامت‬ ‫غري مرتبطة بشخص بالذات‪ ،‬وال تؤدي إىل ارتباط‬ ‫عاطفي أو عالقة شخصية بني األفراد‪.‬‬ ‫كما انمحى من عالم املستقبل ً‬ ‫أيضا املرض‬ ‫والرصاع االجتماعي‪ ،‬وتم استئصال الحرب والفقر‬ ‫نهائيًا‪ ،‬ولم يعد هناك اكتئاب أو جنون أو وحشة أو‬


‫‪23‬‬ ‫كرب عاطفي‪ .‬فالعالم الجديد وجد عالجً ا لهذا كله‪،‬‬ ‫وأصبح كل إنسان يحصل عىل ما يحتاج إليه‪ ،‬بل‬ ‫وهناك بالحكومة وزارة تضمن أن تكون الفرتة ما‬ ‫بني ظهور الرغبة وإشباعها‪ ،‬أقرص ما يمكن‪.‬‬ ‫لكن هذا العالم الذى يبدو مثاليًا من حيث الظاهر‪،‬‬ ‫يخفي وراءه وجهً ا آخر قاتمً ا مروعً ا لعالم آيل‪ ،‬جُ ِّرد‬ ‫سكانه من إنسانيتهم تجريدًا كاملاً ‪ ،‬وحُ وِّلوا إىل‬ ‫مجرد آالت وكائنات روبوتية متشابهه‪ ،‬تعيش حالة‬ ‫من السعادة البلهاء‪ ،‬وتبحث باستمرار عن الرتفيه‬ ‫واملتع التافهة‪ ،‬ولتحقيق تلك الغاية‪ ،‬تم التضحية‬ ‫بالفردية وحرية اإلرادة واملشاعر اإلنسانية‪ ،‬كما‬ ‫تم تقليص دور العلم والدين والفلسفة‪ ،‬ومنع الفن‬ ‫واألدب‪ ،‬فلم يعد هناك مكان ملثل هذه األشياء‪ ،‬املهم‬ ‫هو السعادة واللذة‪ ،‬وتجنب كل ما يعكر صفو املزاج‪.‬‬ ‫ىف املقابل مثلت شخصيات الرواية االتجاه املضاد‬ ‫لهذا العالم‪ ،‬بعدم توافقها مع الطريقة التي يُدار‬ ‫بها‪ ،‬و فشلها ىف االنسجام معه‪ ،‬وشعورها بالغربة‬ ‫وعدم االنتماء‪ ،‬ومن ثَم اختيارها للعزلة‪ .‬فكلها‬ ‫شخصيات حملت الفكر املشاكس عىل املجتمع الذى‬ ‫تركته وركضت وراء فرديتها‪ ،‬متمسكة بحقها يف‬ ‫معرفة الله والحب والخري والحرية وكل تلك األشياء‬ ‫التي تحدد أهم قيمنا األساسية ونربطها تقليديًا‬ ‫ببرشيتنا‪.‬‬ ‫والحال أن رواية (العالم الطريف) إنما ُكتبت‬ ‫عىل ضوء أحداث الحرب العاملية األوىل‪ ،‬التي كانت‬ ‫«بريطانيا» العظمى ـ بلد أولدس هكسيل ـ قد‬ ‫خرجت منها محطمة وفاقدة لجزء كبري من روحها‪،‬‬ ‫وخرج منها اإلنسان بشكل عام وقد صار رهينة لآللة‬ ‫وللعلم ىف أسوأ تطبيقاته‪ ،‬لذلك كانت لدى «هكسيل»‬ ‫أسباب قوية للتشاؤم والتخوف‪ ،‬إزاء التقدم املرعب‬ ‫للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬وإحتمالية أن تهدد التقنية ـ‬ ‫لو خرجت عن حدود السيطرة ـ الحرية‪ ،‬من خالل‬ ‫تأثريها عىل الخصوصية الفردية‪ .‬وهو ىف ذلك يحذو‬ ‫ً‬ ‫ومستبقا «جورج‬ ‫حذو «ﻫربرت جورج ويلز»‪،‬‬ ‫أورويل» ىف رواية (‪ )1984‬و»راي برادبوري» ىف‬ ‫رواية (‪ 451‬فهرنهايت) وغريهما من الكتّاب الذين‬

‫نظروا إىل التقدم العلمي نظرة شديدة التشاؤم‪.‬‬ ‫وكم كان «أولدس هكسيل» ثاقب الرؤية وبعيد‬ ‫النظر عندما أدرك هذه الحقيقة بهذه الدرجة من‬ ‫الوضوح وكتب عنها ىف مطلع الثالثينيات‪ ،‬فأكثر‬ ‫توقعاته عن التقدم التقني واألخالق ىف املستقبل‬ ‫قد تحقق أو يف طريقه للحدوث‪ ،‬فمثلاً نحن اآلن‬ ‫مهوسون بحبوب السعادة‪ ،‬املرشوعة منها‪ ،‬وغري‬ ‫املرشوعة‪ ،‬وتغمرنا تقنية التسلية من كل جانب‬ ‫لح ٍد لم يتصوره حتى «هكسىل» نفسه‪ .‬يعرتينا‬ ‫خوف الشيخوخة ولهذا نتصابى‪ ،‬وأتخمت ثقافتنا‬ ‫بالجنس‪ ،‬وأصبح التسوق هو مكان التنزه الوحيد‪.‬‬ ‫نعيش الحارض و شعارنا ال نؤجل متعة اليوم إىل‬ ‫الغد‪ ،‬طغت الثقافة الهابطه عىل الثقافة الراقية ىف‬ ‫كل مكان‪ ،‬وتناىس الناس املايض‪ ،‬ورصنا نتعقب‬ ‫السعادة حتى القرب‪.‬‬ ‫وما تنبأ به يف العلم حدث ما يماثله يف السياسة‬ ‫واإلعالم‪ ،‬ففي عالم السياسة‪ ،‬ساهمت الثورة‬ ‫التكنولوجية ىف ترسيع فرص السيطرة والتحكم‬ ‫أكثر مما ساهمت ىف رفع سقف الحريات‪ ،‬كما أصبح‬ ‫اإلعالم ً‬ ‫أيضا ال يكف عن تكرار األخبار امللفقة‪،‬‬ ‫وغسيل أدمغة الناس وتشكيلها وتوجيها نحو‬ ‫اتجاهات معينة‪.‬‬ ‫ورغم مرور أكثر من سبعني عامً ا عىل صدور‬ ‫الطبعة األوىل‪ ،‬نجد أن ذكر هذه الرواية يتكرر‬ ‫بمعدل متزايد واالهتمام بها يشتد‪ ،‬وهى الوحيدة‬ ‫بني روايات وكتب «هكسيل» التي تحظى برواج يف‬ ‫الوقت الحارض‪ .‬وعندما توىف «أولدس هكسيل» يف‬ ‫عام ‪ ،1963‬كان اسمه قد اقرتن اقرتانًا ال ينفصم‬ ‫باسم روايته (عالم جديد رائع) وأصبح يتكرر‬ ‫ذكر االسمني‪ ،‬كلما حدث ما يثري الخوف مما يمكن‬ ‫أن يأتي به املستقبل‪ ،‬ويزداد تكرار السؤال‪ :‬هل‬ ‫العالم يقرتب من الصورة التي رسمها «هكسيل»‬ ‫للمستقبل‪ ،‬وهل كان محق يف تنبوءه بهذه الصورة‬ ‫املخيفة للعالم؟‬ ‫ـ صدرت للرواية طبعة جديدة ضمن سلسلة‬ ‫(كالسيكيات فرين)‪ ،‬ونرشت هذا العام‪.‬‬


‫‪24‬‬

‫الطريدة‬ ‫ّ‬

‫محمد ولد عبدو‬

‫‪medabdou150@gmail.com‬‬

‫الجزءالثاتي‬

‫‪-3‬‬‫«نجح وينربغ وعبد السالم وشلدون غالشكو يف تفجري اللغز‬ ‫األول يف دمج القوى الجديدة يف عالم املعرفة ‪ :‬القوة الضعيفة‬ ‫والكهرومغناطيسية «الكهروضعيفة»‪ ،‬لقد كانوا مجرد حلقة من‬ ‫مسلسل الجوع الكبري للمعرفة والذي يزداد دائما»‪.‬‬ ‫كانت الدكتورة زينب ذات األربعني ربيعا‬ ‫أكرب حاملة يف عرصها حني بدأت تفكر‬ ‫بطريقة جديدة وغريبة إثر مرشوعها املهتم‬ ‫بلوغاريتميات الدماغ البرشي ‪ ..‬وكلفها اإليغال‬ ‫يف املرشوع واإلرصار عليه سمعة غريبة بني‬ ‫زمالئها يف الطبقة العلمية كمهووسة بالشذوذ‬ ‫العلمي واخرتاع مواضيع غريبة ال عالقة لها‬ ‫بالعلم بالنسبة لهم ‪ ..‬كما تلقت الدكتورة يف‬ ‫نفس السياق إنذارات كثرية من إدارة الجامعة‬ ‫العاملة فيها‪.‬‬ ‫قاتلت الدكتورة فرتات كثرية بفضل تصميمها‬ ‫وإرادتها ثم بالدعم القليل الذي حظيت به من‬ ‫قبل بعض األوجه العلمية الغريبة املشابهة لها‬ ‫وكان من بينهم الدكتور مصطفى الذي يجري‬

‫أبحاثه الخاصة بتمويله الخاص واستغالال‬ ‫للعقارات واملنشآت التي ورثها عن أبيه‪.‬‬ ‫***‬ ‫يف اليوم املوايل كانت الدكتورة يف شقتها الواقعة‬ ‫يف عمارة وسط املدينة ويبدو أن ‪ 6‬ساعات‬ ‫مضت عليها وهي يف حوار شاق مع لوحة‬ ‫التطبيقات التي تطور عليها تصوراتها يف‬ ‫اللوغاريتمات التي تعمل عليها ‪ ،‬كانت جالسة‬ ‫وتتحسس الكمبيوتر ثم خاطبته بقرارها‪:‬‬ ‫‪ 221221‬لقد اخرتت فريقي للمهمة‬ ‫ ‬‫التي تطلبها األرض عام ‪ 2221‬وهذا يمكن‬ ‫اعتباره إشعارا بموافقتي عىل التعاون ‪ ..‬اآلن‬ ‫أخربني ما ملطلوب‪.‬‬ ‫طبعا‪ ..‬لنبدأ من النهاية ‪ :‬إن تأثر‬ ‫‪ -‬‬


‫‪25‬‬ ‫الطبقة املركزية لألرض املكونة من الحديد‬ ‫والنيكل املنصهران يف قلب األرض فإن نقصان‬ ‫كميتها يخلق مجاال مغناطيسيا غري مستقر‬ ‫يدور يف دوامة من توالد املجاالت الكهربائية‬ ‫واملغناطيسية بطريقة متناوبة ‪ ..‬األمر الذي‬ ‫سيجعل درع األرض غري مستقر فتزداد قوته‬ ‫إىل أقىص درجة ثم تتناقص إىل أدنى درجة يف‬ ‫وقت وجيز وأحيانا يصل الوقت لساعتني ‪..‬‬ ‫يبدو إذا أن األرض ستنقذها فقط تكنولوجية‬ ‫تضبط التغريات وتعيد مجاال مغناطيسيا ثابتا‬ ‫لألرض لحمايتها وبنفس قوة مجالها السابق‪.‬‬ ‫يبدو يل األمر ممكنا إن تم حساب‬ ‫ ‬‫التغريات بشكل دقيق ثم تطبيق املجاالت‬ ‫املعاكسة باألسلوب الجيبي املعهود ــ قالت‬ ‫الدكتورة ــ‬ ‫طبعا‪ ،‬يبدو هذا حال ظرفيا وقد تم العمل‬ ‫ ‬‫عليه لكنه ليس نهائي فليس هناك من الطاقة‬ ‫اآلمنة ما يكفي إلبقاء املجال ثابتا بالطريقة‬ ‫الجيبية التناسبية مع التغريات اليومية‪ ،‬هناك‬ ‫دائما أرضار بالحياة وباألرض‪.‬‬ ‫ماذأ نفعل إذا ؟ !‬ ‫ ‬‫طبعا‪ ،‬عليك أن تحاويل التفكري معنا ‪.‬‬ ‫ ‬‫ الطاقة املظلمة ‪ ،‬ال شك أن التكنولوجيا‬‫عندكم صارت تستخدمها بشكل كبري وآمن‪.‬‬ ‫نعم لكن يف نطاقات قليلة‪ ،‬نحن‬ ‫ ‬‫نستخدمها يف الصناعات املحدودة‪ .‬فقد أكدت‬ ‫حساباتنا إن استخدامها يف صناعة مجال‬ ‫مغناطييس ثابت لألرض سيجعل األرض تلتطم‬ ‫بالشمس بعد أربعني ألف سنة من لحظة بداية‬ ‫التجربة‪.‬‬ ‫إذا نحتاج تكنلوجيا مستقبلية ربما نعثر‬ ‫ ‬‫عليها عن طريق اللوغارتمات الدماغية‪ ،‬فهي‬ ‫قد تؤمن يل فهما أوسع بما قد تفكر يف األجيال‬

‫القادمة بشكل أكثر دقة ‪ ..‬إنها محاولة للتفاعل‬ ‫املنعش مع العقول املستقبلية‪ ،‬سأحتاجك‬ ‫وستعمل معي ربما ‪ 3‬أسابيع لوضع التصور‬ ‫النهائي إلكمال املرشوع وسأساعدكم يف املقابل‪.‬‬ ‫عادت الدكتورة للغرق يف تفكريها وهي بانتظار‬ ‫الزائرين الذين ضمتهما لفريقها يف إنقاذ عالم‬ ‫‪ ،2221‬ودخل الصديقان محمود ومصطفى‬ ‫وقد ظهرت عىل األخري عالمات اإلعياء الشديد‬ ‫وحاول كفاحه بالبدء يف املطبخ حيث أعد قهوة‬ ‫مركزة‪.‬‬ ‫أوضحت الدكتورة ببساطة للصديقني أنها‬ ‫كانت مخطئة يف ظنها السابق وعن عزمها‬ ‫عىل مساعدة العالم يف املستقبل‪ ..‬ثم همست يف‬ ‫صوت خفيت‪:‬‬ ‫لقد استخدمت تحليال انطباعيا مترسعا‬ ‫ ‬‫ربما ألني أكره عبارة «حسنا» ـ ثم ابتسمت ـ‬ ‫كان عليها التأكد من أن فريقها الذي اقرتحته‬ ‫عىل الكمبيوتر ‪ 221221‬مستعد للميض قدما‬ ‫وبعد أن سمعت املوافقة منهم كان عليها أن‬ ‫توضح لكل منهما ما عليه عمله ‪.‬‬ ‫كان عىل مصطفى أن يعود للتجارب حول‬ ‫محاوالته تصميم فراغ كامل مسحوب الطاقة‬ ‫وأن يحرض تلك الحجرية يف ظرف اسبوع أو‬ ‫اثنني ‪ ،‬وكان عليها أن تكمل مرشوعها حيث‬ ‫تتوقع أن يساعدها يف ذلك ‪ .. 221221‬ولم‬ ‫يبقى عىل محمود إال أن يبقي فمه مطبقا بشكل‬ ‫كامل لكنه حاز إيماءة غري مفهومة من الدكتورة‬ ‫التي أعطته ذلك االعتبار الرمزي الخادع كمنقذ‬ ‫للعالم ‪ ،‬وطبعا ما كانت لترتكه يجد اإلحساس‬ ‫بال أهميته يف املوضوع فقد اقرتحت مهمات‬ ‫جديدة غري مفيدة ـ كما توقعت ـ كجمع‬ ‫الجرائد التي تنرش أخبار الطقس يف السنوات‬ ‫األخرية‪.‬‬


‫‪26‬‬ ‫‪-4‬‬‫«• اللوغاريتمة األوىل كانت تتعلق بملكة التمييز بني األشياء عىل‬ ‫مر العصور ومن هناك انطلق العلم ‪ ،‬القدرة عىل التمييز‬ ‫• اللوغاريتمة الثانية كانت حول القدرات العاطفية عىل مر‬ ‫العصور ومن هنا انطلقت الحضارة املركبة ‪ ،‬القدرة عىل إبداع أنواع‬ ‫الرتابط والتشارك‬ ‫• اللوغاريتمة الثالثة كانت تدرس التفكري املنطقي الذي طور‬ ‫العلم وكشف خبايا الكون عىل ورافق بينها عىل مر العصور‬ ‫• اللوغارتمة الرابعة كانت تستنتج مفاتيح الدماغ وإمكانات‬ ‫الولوج إليه ‪ ،‬عىل مر العصور»‪.‬‬ ‫مر يومان ‪ ..‬ثالثة أيام ‪ ..‬أربعة ‪ ...‬أسبوعان‪،‬‬ ‫وانتهى كل يشء ‪.‬‬ ‫كانت الدكتورة تفكر ‪:‬‬ ‫«إذا فالعالم ليس مترضرا يف العام ‪ 2221‬عىل‬ ‫الوجه الذي ذكره ‪ .. 221221‬فإما أنهم وصلوا‬ ‫للطريقة املثىل إلنقاذه أو أنه لم يهدد يوما بتلك‬ ‫الطريقة ‪ ..‬يف كال الحالتني هناك استغفال‬ ‫وتشويه للحقائق هناك !»‬ ‫جمعت الدكتورة جميع امللفات التي تحوي‬ ‫كل ما كتبته عىل مدى أسبوعني ثم وزعتهما‬ ‫عىل املنضدة بعد توزيعهما عىل اربع ملفات يف‬ ‫اللحظة التي كان الكمبيوتر يعيد قراءة كل يشء‬ ‫‪ ،‬ختمت الدكتورة كل ملف برقم من األرقام ‪ 1‬و‬ ‫‪ 2‬و ‪ 3‬و ‪ .. 4‬كانت عالمات اإلعياء الشديد بادية‬ ‫عىل وجهها فهي لم تسرتح إال ساعتني من كل‬ ‫يوم عىل مر األسابيع املاضية‪.‬‬ ‫عادت للتفكري ‪:‬‬ ‫« ليس هناك ما يجعل التفكري مختلفا كثريا يف‬ ‫عام ‪ 2221‬فأساسيات املنطق البرشي تتغري‬

‫بالتناسب مع التطور البيولوجي ‪ :‬أي بشكل‬ ‫بطيء جدا ‪ ..‬وذلك لن ينتج اختالفا كبريا يف‬ ‫األسس املنطقية يف هذه الفرتة القصرية «‪»200‬‬ ‫عام‪.‬‬ ‫لكن الكثري من املتغريات قد حدثت بمعزل عن‬ ‫التطور البيولوجي ‪ ..‬يشبه األمر تغري منطقنا –‬ ‫العلمي ‪ -‬بشكل ملحوظ بعد النظرية النسبية‬ ‫‪ ..‬ثم بشكل أكرب بعد ميكانيكا الكم ‪ ..‬وأخريا‬ ‫بعد «النظرية ‪»M‬‬ ‫بدأت يف كتابة يشء ما عىل ورقة واستمرت‬ ‫وكأنها وجدت شيئا جديدا يف ركام االفكار كانت‬ ‫تبحث عنه‪ ،‬ويف هذه اللحظة دخل مصطفى‬ ‫وقد أكد اكتمال التجربة بنجاح ‪ ، %80‬ناولت‬ ‫الدكتورة مصطفى ورقة كتب عليها‪:‬‬ ‫«ضع الكمبيوتر يف الحجرية وأغلقاها بإحكام‬ ‫ثم فرغاها بالنسبة التي تستطيع من املادة و‬ ‫الطاقة ‪ ..‬لقد حللت اللغز»‪.‬‬ ‫وضع مصطفى الكمبيوتر يف الحجرية وجلسا‬ ‫يحملقان يف شاشة عرض قريبة منهما تنقل ما‬


‫‪27‬‬ ‫يحدث مبارشة يف الحجرية ‪ ..‬كل يشء طبيعي‬ ‫والكمبيوتر يف مكانه ‪.‬‬ ‫***‬ ‫اجتمع الصديقان قرب الدكتورة وقد ضاقت‬ ‫بهما الغرفة والزمن وقد شعرا بمرور كل‬ ‫ثانية كما لو كانت ساعة كاملة ‪ ،‬نظرت إليهما‬ ‫وسحبت نفسا عميقا وبدأت بإلقاء ما يف جعبتها‬ ‫يف أيديهم ‪:‬‬ ‫ملاذا يرغب العالم يف املستقبل وهو‬ ‫ ‬‫متقدم جدا يف مساعدة مني أو من آنشتاين أو‬ ‫من غرينا ‪ ..‬وكل القائمة التي شاهدت هي من‬ ‫العلماء النظريني ؟!‬ ‫لقد ارسلوا كمبيوترا بإمكانه لوحده تدمري عاملنا‬ ‫كله والتالعب به فكيف يرغبون بمساعدتنا‬ ‫يف أمور لها عالقة ماسة بحياتهم ولديهم من‬ ‫القدرة ما ال يمكن أن نتخيله ‪ ،‬هذا اذا اعتربنا‬ ‫أن الكمبيوتر الذي بني يدينا اليوم ليس سوى‬ ‫نموذجا بسيطا عن ما عندهم ؟!‪.‬‬ ‫لقد ظننت بسذاجة سابقا أن بإمكان مجال‬ ‫مغناطييس مرتدد يصدر نبضات قوية أن‬ ‫يوقف كمبيوترا خارقا‪.‬‬ ‫ويظن مصطفى اآلن أن غرفة فارغة من املادة‬ ‫والطاقة ستوقفه ‪ ..‬انظروا ايها السادة إىل هذه‬ ‫امللفات األربعة املطروحة عىل املنضدة‪.‬‬ ‫كانت امللفات مطروحة بانتظام ومرقمة ويف‬ ‫تلك االثناء اختفى واحد منها وبالتحديد رقم‬ ‫‪ 4‬بشكل مفاجئ ورسيع كأنه تبخر ‪ ..‬حينها‬ ‫أمسك محمود باملنضدة وصاح يف خوف فيما‬ ‫ظل مصطفى مركزا نظره عليها وامللفات‬ ‫الثالثة مطروحة بانتظام دون أن يتأثر أي‬ ‫منها ‪ .. .‬عادت الدكتورة للحديث وأشارت إىل‬ ‫شاشة العرض القريبة منها ‪:‬‬ ‫انظرا اآلن إىل الحجرية املفرغة التي‬ ‫‪ -‬‬

‫وضعنا الكمبيوتر داخلها ‪ ..‬ال أثر له‪.‬‬ ‫لقد خدعني الكمبيوتر يف املرة األوىل حني بحثت‬ ‫عن ثغرات فيه وهو خطأ لم يتكرر بعد ذلك‬ ‫ألنني ركزت الحقا عىل خروقات العقل الذى‬ ‫مصممه‪ ،‬لذلك أخطأت يف املرة أوىل ونجحت يف‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫كان الجهاز مصمما بتكنلوجيا قادرة عىل‬ ‫امتصاص النبضات املغناطيسية وهو أمر لم‬ ‫أتوقعه يف لحظة السذاجة السابقة ‪« ..‬طبعا»‬ ‫‪ ..‬كيف لم أفكر يف هذا االمر حينها فسالح‬ ‫النبضات املغناطيسية هو سالح تقليدي جدا‬ ‫بالنسبة لهم كما الفأس بالنسبة لنا اليوم ‪.‬‬ ‫كيف كنت واثقة أنه كاذب رغم أن أسباب‬ ‫ ‬‫الشكوك كانت غري قوية ؟! ــ قال محمودــ‬ ‫لقد ارتكب الكمبيوتر أكرب خطأ كارثي‬ ‫ ‬‫يمكن أن يرتكبه أحد‪ ..‬لقد قدم معلومتني‬ ‫متضاربتني‪ ،‬فأثناء عرضه آلنيشتاين يف املرة‬ ‫املاضية قال أن التاريخ كان ‪ 13‬يوليو ‪1945‬‬ ‫يف الوقت الذي تناول آنيشتاين الصحيفة‬ ‫والتي كتب عىل غالفها خرب عريض عن اسقاط‬ ‫القنبلة النووية األمريكية واستسالم اليابان‪ ،‬أي‬ ‫بالتأكيد بعد ‪ 6‬أغسطس‪.‬‬ ‫تابعي ــ أشار مصطفى ــ‬ ‫ ‬‫لقد اكتشف الكمبيوتر أنني كشفته‬ ‫ ‬‫يف الكلمة املفتاحية املربمجة للخداع وهي‬ ‫«حسنا» لذلك استبدلها بكلمة قريبة منها وقعا‬ ‫«طبعا» ‪ ..‬وقد رصحت أمامكم أنني مقتنعة‬ ‫تماما بصدق روايته وهو ترصيح متعمد فهو‬ ‫لن يصدقه بشكل كامل وهنا تبدأ الثغرات‬ ‫واالخفاقات البرشية يف الظهور عىل اآللة التي‬ ‫صنعوها‪ ..‬فقد قررت أن اتوقف عن مطاردة‬ ‫حقيقته وقمت بتبديل األسلوب ‪ ..‬فرصت أنا‬ ‫الطريدة !‪.‬‬


‫‪28‬‬ ‫كنت راغبة يف شغل بعض تفكريه بالشكوك‬ ‫حول تصديقي من عدمه‪.‬‬ ‫سألت نفيس لعدة ليايل عن ماذا يبحثون ؟!‪..‬‬ ‫فإسهامي الوحيد – امللفت ‪ -‬يف ميدان العلم كان‬ ‫يف الهندسة الدماغية املنبوذة علميا‪ ،‬وكنت أوشك‬ ‫عىل انهاء اللوغاريتمة الثانية وكان الكمبيوتر‬ ‫مهتما بمتابعتها معي ‪ ..‬وأتت «طبعا» مرة‬ ‫أخرى حني قال يل أنه مهتم بانهائي لعميل كي‬ ‫اصفي البال ملساعدتهم عن طريق نظريتي‬ ‫العظيمة ‪ -‬ثم ابتسمت يف سخرية ‪ ، -‬إذا ‪..‬‬ ‫كان يريد شيئا له عالقة باللوغاريتمات التي‬ ‫أعمل عليها ‪ ..‬وقد اتضح يل أن ادراكهم متقدم‬ ‫حول عميل غري أنهم يجدون ثغرات فيه‪ ،‬فربما‬ ‫قمت بإنجاز تلك النظريات يف املستقبل غري أن‬ ‫ملفاتها تدمرت أو اختفت من زمنهم ‪ ،‬لذلك‬ ‫عادوا للبحث عنها ‪ ..‬وهنا كانت اللوغاريتمة‬ ‫الثالثة قد اكتملت تماما بمساعدة كبرية من‬ ‫الكمبيوتر‪ ،‬بدأت باستخدام اللوغاريتمات‬ ‫الثالثة مع تحديد متغري الزمن عند ‪2221‬‬ ‫وكانت النتيجة رائعة ‪ ..‬لقد أعطتني دائما نتائج‬ ‫متوقعة وحقيقية‪ ..‬لكن من بني ما أعطتني هو‬ ‫قدرتهم عىل تصميم نظام الكرتومغناطييس‬ ‫للسيطرة عىل بعض السلوك البرشية يف تخفيف‬ ‫الجريمة وزيادة االنتاج لكنها تبقى ناقصة‬ ‫فهي تعمل عن طريق ممارسة ألعاب عاطفية‬ ‫تزيد السعادة مما يقلل من العنف ‪.‬‬ ‫لكن ماذا لو اكتملت هذه التكنلوجيا ؟ ! ماذا‬ ‫لو صاغت نظاما يمكنه السيطرة الكاملة عىل‬ ‫دماغ اإلنسان ؟ !‬ ‫«لو تم إرسال هذا الكمبيوتر إيل فهو يف سبيل‬ ‫يشء كهذا» ‪ ..‬لذلك قررت القيام بنرش ورقة‬ ‫تعريفية بأبحاثي وركزت فيها عىل اللوغاريتمة‬ ‫الرابعة التي ابتكرتها ذلك الوقت مبارشة‪ ،‬لكن‬

‫الكثري من الحديث عنها والقليل من العمل‬ ‫عليها لم يكن ليكون مقنعا ‪ ..‬لذلك بدأت يف‬ ‫العمل عليها بجهد دؤوب وقد نجحت ‪ ..‬لقد‬ ‫صغت لوغاريتمية بإمكانها اخضاع دماغ‬ ‫اإلنسان بشكل كامل لو حظيت بالتكنلوجيا‬ ‫الالزمة‪ ،‬وهذا ما كان يريده الرجل الجالس‬ ‫خلف الكمبيوتر‪ :‬لوغاريتمة كاملة عن طريقها‬ ‫وبواسطة بعض التكنلوجيا املتقدمة نسبيا يف‬ ‫االلكرتومغناطيسية يمكنك إدارة مدينة كاملة‬ ‫من البرش عن طريق لوحة املفاتيح ‪.‬‬ ‫إذا سلمتهم سالحا للسيطرة عىل عقول‬ ‫ ‬‫الناس ـ صاح محمود ـ‬ ‫ليس األمر كذلك ‪ -‬تابعت الدكتورة ‪.. -‬‬ ‫ ‬‫لقد سلمته نسخة تحوي الكثري من الثغرات‬ ‫التثويرية‪ ،‬لن يكتشف الثغرات التي فيها‬ ‫إال بعد فرتة حني تبدأ األوامر التحكمية بأداء‬ ‫عكيس‪ ..‬سيظن أنه فريوس دخل عىل النظام‬ ‫ثم سيحاول تصليح الخلل من خالل الطرق‬ ‫األمنية يف اغتيال وتصفية أي برش يتمتع بالوعي‬ ‫لكن حينها سيكون كل يشء قد بلغ النهاية ‪...‬‬ ‫ستتحطم التكنلوجيا الخاصة به تماما وسيجد‬ ‫نفسه أمام شعب غاضب واع بالخدعة التي‬ ‫كان تحتها‪.‬‬ ‫هل تعرفني من هو ؟‬ ‫ ‬‫ال ‪ ...‬لكنني أعرف أنه رشير جدا ‪ ..‬جدا!‬ ‫‪ -‬‬

‫تمـــّت‬


SciAFiMag@gmail.com


‫كانت تفكر يف املدارس العتيقة عندما كان‬ ‫جدها طفال‪ ،‬كان الصبية يرصخون ويلعبون‬ ‫يف الفناء ويعودون معا للبيت يف نهاية اليوم‪.‬‬ ‫حينما كان املد ِّرسون برشا وكان يمكن للتالميذ‬ ‫الحديث عن الواجب املنزيل معا‪ ..‬البد ّ‬ ‫أن التالميذ‬ ‫أحبّوا املدرسة يف تلك األيام ‪ ..‬كانت تفكر يف‬ ‫املتعة التي فازوا بها‪.‬‬ ‫ قصة الخيال العلمي “املتعة التي فازوا بها”‬‫‪ -‬أسحق أسيموف‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.