علم وخيال العدد 25

Page 1


‫‪Science And Fict‬‬ ‫املحتويات‬

‫‪9‬‬

‫ابتكارات مصرية قديمة‪..‬‬ ‫يف أغلب فروع العلوم‪ ،‬ابتكر وأبدع‬ ‫قدماء املرصيني العديد من األشياء التي‬ ‫نستخدمها اليوم‪ .‬سنعرف بعضا من‬ ‫تلك االخرتاعات يف هذا اإلنفوجرافيك‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫خاطرة عن الفيزياء والجمال‬ ‫يرى الكثري من العلامء أ ّن الجامل‬ ‫يُع ّد طريقا من طرق اكتشاف لحقائق‬ ‫الفيزيائية والعلمية بوجه عام‪ .‬سنعرف‬ ‫تلك اآلراء يف خاطرة صغرية‪.‬‬

‫عىل الغالف‬

‫‪12‬‬

‫تُعد نظرية كل يشء شغل علامء الفيزياء الشاغل لتوحيد كل‬ ‫قوانني الكون‪ ،‬فالتفتيش عن نظرية للطبيعة التي من شأنها‬ ‫توحيد الكبري جدً ا فيها مع الصغري جدً ا كان سب ًبا وجي ًها لألمل‪،‬‬ ‫ألن العظامء واملبدعني كانوا مهتمني بذلك‪ .‬هل ميكن فعال‬ ‫الوصول لتلك النظرية التي مات أينشتاين وهو يحاول الوصول‬ ‫لها؟‬

‫‪16‬‬

‫الصفر ليس مستحيال‬ ‫رياضيا واحتامليا‪ ،‬هل ميكن اعتبار‬ ‫الصفر هو حد استحالة حدوث حدث‬ ‫ما؟‬ ‫أم أن هناك من له رأي آخر؟‬

‫‪18‬‬

‫تاريخ العلم‪ :‬مراجعة‬ ‫كتاب رائع جدا يتجول بنا يف أروقة العلم‬ ‫املختلفة من منتصف األلفية السابقة حتى‬ ‫مطلع األلفية الجديدة‪ .‬نعرض لكم تقد ًميا‬ ‫لهذا الكتاب الرائع املكون من جزأين‪.‬‬

‫الصاروخ يف الخيال العلمي‬ ‫‪Credits: NASA‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫‪4‬‬

‫بداية من اخرتاع الصينيني ‪-‬كام يُعتقد‪ -‬للصواريخ إىل عرص الفضاء‬ ‫رحلة مليئة باملجهودات‪ ..‬وكان الخيال العلمي كام تعودنا محركًا‬ ‫لكثري من تلك املجهودات خصوصا يف القرنني األخريين‪.‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪1‬‬


‫تبلغ كتلة الكون المنظور‬ ‫حوالي ‪ 55 10*3‬جرام‪ ..‬وتبلغ‬ ‫كثافته ‪ 30- 10* 3‬جرام لكل‬ ‫سنتيمتر مكعب‪.‬‬ ‫‪What is the mass of the Universe?, http://curious.astro.cornell.edu‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫م‪ .‬يارس أبوالحسب‬

‫الجروب الرسمي للمجلة‬ ‫‪FB/groups/sience.and.‬‬ ‫‪fiction‬‬ ‫املوقع الرسمي للمجلة‬ ‫‪sciandfimag.wordpress.‬‬ ‫‪com‬‬ ‫للمراسالت‬ ‫‪Sciafimag@gmail.com‬‬ ‫لتقييم األعداد ولالقرتاحات‬ ‫‪http://bit.ly/S_F_Raing‬‬

‫يُظلم العلم لو اعتُرب فقط كمجموعة‬ ‫من املعلومات التي تصف الظواهر‪،‬‬ ‫فالعلم هو ‪-‬إضافة لذلك‪ -‬طريقة‬ ‫للتفكري‪ ،‬به نتعلم التجرد والحيادية تجاه‬ ‫الظواهر الطبيعية‪ .‬والثقافة العلمية‬ ‫دورها يكمن يف إضفاء تلك الصفات عىل‬ ‫تفكري الشخص العادي حتى لو كان من‬ ‫غري املشتغلني يف العلم‪.‬‬

‫وكيف أثر الخيال العلمي عىل مسار‬ ‫تطوره‪.‬‬ ‫ثم إنفوجرافيك ‪-‬مبناسبة أسبوع‬ ‫العلوم املرصي‪ -‬عن ابتكارات مرصية‬ ‫حاولت فيه التنويع بني مجاالت‬ ‫قدمية‬ ‫ُ‬ ‫كثرية برع فيها األجداد‪.‬‬ ‫ثم الجامل‪ ،‬ودوره يف حياة العلامء‬ ‫وطريقة تفكريهم للوصول إىل الحقائق‬ ‫والنظريات العلمية يف خاطرة رسيعة‪.‬‬ ‫ثم املقال الرئييس للعدد عن نظرية‬ ‫أرقت جفون العلامء‪ ،‬وهي نظرية كل‬ ‫يشء ونظرة حولها وحول الصعوبات‬ ‫التي تواجههم يف سبيل الوصول لها‪.‬‬ ‫ومقال ريايض صغري‪ ،‬أعرتف أنه يحتاج‬ ‫منك تركي ًزا حتى تستطيع أن تهضمه‬ ‫بشكل جيد‪ ،‬ولكنه ممتع جدا‪ ..‬فالصفر‬ ‫ليس مستحيال‪.‬‬ ‫ونختم كالعادة بعرض لكتاب مهم‬ ‫ج ًدا‪ ،‬وهو كتاب تاريخ العلم بجزأيه‪.‬‬

‫يف هذه الفرتة يُقام حدث فريد عىل‬ ‫أرض مرص‪ ،‬وهو أسبوع العلوم املرصي‪،‬‬ ‫والذي مبناسبته أصدرنا هذا العدد‬ ‫الخامس والعرشين‪ -‬من مجلتكم‬‫املحبوبة‪.‬‬ ‫الحدث عبارة عن مجموعة من‬ ‫األحداث الفرعية يف محافظات شتى‬ ‫يف مرص‪ .‬من خاللها يُقدم العلم للناس‬ ‫بطريقة مبسطة وسهلة‪ ،‬وهي محاولة‬ ‫لكرس الحاجز الكبري بني الناس والعلم يف‬ ‫بالدنا‪ .‬أضف لذلك الكثري من األحداث‬ ‫التي سيكون اإلنرتنت مرسحها‪ .‬مجالت‪،‬‬ ‫ومقاالت وفيديوهات كلها ستكون إذا‪ ،‬تخيلوا‪ .‬وليكن خيالكم رشيقا‬ ‫علمية ننشد من خاللها نفس الهدف‪ .‬مهذبا كام هو حال “الخيال العلمي”‪.‬‬ ‫عددنا ‪-‬أصدقايئ‪ -‬يبدأ مبقال عن واتخذوا العلم طريقة للتفكري يف‬ ‫الصاروخ يف الخيال العلمي‪ ،‬ومحاولة حيواتكم‪ ،‬وانتظروا الفارق‪.‬‬ ‫لتقيص بداياته وصوال لعرص الفضاء‬ ‫رئيس التحرير‬


Sc i AFiM ag@ gmai l . c om


‫الصـ ـ ــاروخ‬

‫في الخيال العلمي‬

‫“‬

‫تص َّوروا أننا سنرتك األرض يف آلة مسدودة سداً محكامً‪،‬‬ ‫وأننا سنخرتق الفضاء سائرين من كوكب إىل كوكب‪.‬‬ ‫برسعة مل يُتح مثلها إلنسان من قبل‪ ،‬وأننا سوف نرى‬ ‫يف أثناء رحلتنا هذه ما عىل سطح القمر من املشاهد‪،‬‬ ‫وخصوصاً ما عىل سطحه املحجوب عن األرض‪ ....‬أي‬ ‫خيال يستطيع أن يبدع لنا رحلة أمتع للعقل وأشد إذكا ًء‬ ‫للخيال!”‬


‫أطلق الكتّاب العلميون العرب املحدثون عىل الصاروخ اسم (السفن‬ ‫السهمية)‪ ،‬وقد حملت عنوان مقالة يف مجلة املقتطف يف عددها الصادر‬ ‫يف آذار‪/‬مارس من عام ‪ ،1931‬أي قبل ‪ 26‬سنة من دخول البرشية لعرص‬ ‫الفضاء‪ ،‬ونحن بدورنا نقتطف ما قالته يف مطلعها‪“ :‬تص َّوروا أننا سنرتك‬ ‫األرض يف آلة مسدودة سدا ً محكامً‪ ،‬وأننا سنخرتق الفضاء سائرين من‬ ‫كوكب إىل كوكب‪ .‬برسعة مل يُتح مثلها إلنسان من قبل‪ ،‬وأننا سوف نرى‬ ‫يف أثناء رحلتنا هذه ما عىل سطح القمر من املشاهد‪ ،‬وخصوصاً ما عىل‬ ‫سطحه املحجوب عن األرض‪ ....‬أي خيال يستطيع أن يبدع لنا رحلة أمتع‬ ‫للعقل وأشد إذكا ًء للخيال!”‪ .‬وحسبنا أن ما قالته قد تحقق ما هو أبعد‬ ‫منه‪.‬‬ ‫الصاروخ قذيفة مدفوعة ‪ -‬بحسب القانون الثالث يف الحركة ‪ -‬برد‬ ‫فعلها امليكانييك عىل دفق الغاز املنفوث من طرفها الخلفي‪ .‬ويعد البعض‬ ‫الصاروخ بأنه نوع من املحركات التي تنتج طاقة أكرث من مثيالتها ذات‬ ‫الحجم نفسه أو أي محرك آخر‪ .‬حيث يستطيع الصاروخ أن ينتج طاقة‬ ‫تقدر بأكرث من ‪ 3000‬ضعف طاقة محرك السيارة‪ .‬ميكن استعامل كلمة‬ ‫صاروخ كذلك لوصف املركبة التي تساق بوساطة محرك الصاروخ‪.‬‬

‫د‪ .‬سائر بصمة جي‬

‫باحث علمي سوري‪ ،‬له العديد من‬ ‫الكتابات واألبحاث حول العلوم‬ ‫والخيال العلمي‪ ،‬ومخترع‪.‬‬

‫‪Saerbasmaji@gmail.com‬‬


‫‪tion‬‬

‫‪27‬كغ ويحلق إىل ارتفاع ‪2.5‬كم‪ .‬وقد استعملت القوات‬ ‫الربيطانية صاروخ كونجريف ضد جيش الواليات املتحدة‬ ‫خالل حرب عام ‪1812‬م‪ .‬كذلك طورت كل من روسيا والنمسا‬ ‫وبعض األقطار األخرى الصواريخ الحربية خالل أوائل القرن‬ ‫التاسع عرش امليالدي‪.‬‬

‫يعتقد العلامء أن الصينيني هم الذين اخرتعوا الصواريخ‪،‬‬ ‫لكن ال أحد يعلم متى كان ذلك‪ .‬ويصف لنا املؤرخون‬ ‫أسهم الحرب الطائرة عىل أنها كانت صواريخ استعملت يف‬ ‫الجيوش الصينية عام ‪1232‬م‪ .‬هذه الصواريخ األوىل كانت‬ ‫تحرق مادة تسمى املسحوق األسود‪ ،‬الذي يتكون من فحم‬ ‫نبايت ونرتات البوتاسيوم وكربيت‪ .‬لكن لعدة مئات من السنني‬ ‫أما تلك التي استعملت يف هجوم عىل فورت هرني يف‬ ‫كان استعامل الصواريخ يف عروض األلعاب النارية يفوق يف عام ‪ 1814‬فقد حثت اإلشارة إىل الوهج األحمر للصاروخ يف‬ ‫األهمية استخدامها يف املجال العسكري‪.‬‬ ‫(الراية املرصعة بالنجم) حيث شهد مؤلفها املعركة‪.‬‬ ‫انترش استعامل الصواريخ يف القرن الرابع عرش امليالدي‬ ‫من ناحية ثانية‪ ،‬عندما تحسنت مدفعية امليدان‪ ،‬يف عام‬ ‫يف آسيا وأوروبا‪ .‬حيث اقتبس األوربيون هذه الفكرة‪ ،‬إال أن ‪ 1898‬كتب العامل الرويس قسطنطني تسيلكوفسيك مقالة‬ ‫القذائف ذات الدفع الصاروخي‬ ‫عن «سرب الفضاء بوساطة‬ ‫تم التخيل عنها عىل نطاق واسع “تص َّوروا أننا سنرتك األرض يف آلة مسدودة سداً األجهزة النفاثة» التي‬ ‫لصالح البنادق واملسكيتات محكامً‪ ،‬وأننا سنخرتق الفضاء سائرين من كوكب وصلت إىل الطبع يف ‪،1903‬‬ ‫(بنادق قدمية الطراز خاصة‬ ‫لقد حاول تبسيط الفكرة‬ ‫إىل كوكب‪ .‬برسعة مل يُتح مثلها إلنسان من قبل‪،‬‬ ‫بجند املشاة)‪.‬‬ ‫يف الرواية التعليمية (‪1916‬‬ ‫وأننا سوف نرى يف أثناء رحلتنا هذه ما عىل سطح‬ ‫كتاب موسع ‪ 1920‬ترجمت‬ ‫يع ُّد (وان ُهو) بطل أسطورة‬ ‫ً‬ ‫سطحه‬ ‫عىل‬ ‫ما‬ ‫ا‬ ‫وخصوص‬ ‫املشاهد‪،‬‬ ‫من‬ ‫القمر‬ ‫بعنوان‪ :‬وراء كوكب األرض‬ ‫صينية يف القرن الخامس عرش‪،‬‬ ‫أن‬ ‫يستطيع‬ ‫خيال‬ ‫أي‬ ‫األرض‪....‬‬ ‫عن‬ ‫املحجوب‬ ‫أو خارج األرض)‪.‬‬ ‫حيث ربط صواريخ إىل كريس‬ ‫وانطلق إىل املجهول‪ ،‬وقد يبدع لنا رحلة أمتع للعقل وأشد إذكا ًء للخيال!”‬ ‫أما املهندس األمرييك‬ ‫استعمل جهاز مامثل له ثالثة‬ ‫روبرت غودارد املتحمس‬ ‫مجموعات من الصواريخ معدة لتشتعل عىل مراحل كان لقصة (حرب العوامل) (‪ )1898‬لويلز‪ ،‬فقد بدأ التجريب عىل‬ ‫قد اخترب عىل نحو غري ناجح كوسائل للسفر الفضايئ من الصواريخ عام ‪ 1911‬عامالً من أجل تطوير صاروخ ذي مراحل‬ ‫قبل بطل الرواية لسريان ودي بريغراك يف الجزء األول من يعمل بالوقود السائل ‪-‬الذي أعلنت عن إمكانيته كوسائل‬ ‫‪ L›autre monde‬عام ‪.1657‬‬ ‫للسفر بني الكوكبي يف (رحلة إىل الزهرة) عام ‪ 1897‬لجون‬ ‫أصبحت األسلحة الصاروخية مطابقة للزي الحديث ثانية مونرو‪ -‬حيث أطلق صاروخه األول املزود بالوقود السائل يف‬ ‫عندما استعملت ضد الربيطانيني يف الهند عند نهاية القرن ‪.1926‬‬ ‫الثامن عرش‪ .‬إن إمكانية استعاملها كوسائل للنقل دفعت‬ ‫أسس تسيلكوفسيك وفريدريش زاندر ويوري كوندراتيك‬ ‫كالود روجر عىل نحو مزعوم لريسل الفرئان عالياً يف صاروخ جمعية سوفيتية لدراسات السفر بني الكواكب يف عام‬ ‫عام ‪ ،1806‬معيدا ً إياها بأمان إىل األرض بواسطة مظلة‪.‬‬ ‫‪ .1924‬وقريباً بعد ذلك فإن رائد الصواريخ األملاين هريمان‬ ‫كام طور وليم كونجريف‪ ،‬يف بداية القرن التاسع عرش أوبريث ‪-‬مؤلف كتاب (صواريخ نحو الكواكب) عام ‪-1921‬‬ ‫امليالدي‪ ،‬وهو ضابط يف الجيش الربيطاين الصواريخ التي ومتحمسني آخرين مثل أوتو غايل وماكس فالريي ووييل يل‬ ‫تحمل متفجرات‪ .‬وكان وزن بعض هذه الصواريخ يصل إىل وفرينر فون براون شكلوا جمعية مامثلة يف أملانيا‪.‬‬

‫“‬

‫‪6‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And Fict‬‬ ‫يف عام ‪ 1928‬قدمت الفرصة ألوبرث لبناء صاروخ من قبل‬ ‫رشكة أفالم سينامئية أملانية والتي استخدمته كمرشد تقني‬ ‫لفيلم (الفتاة يف القمر) عام ‪ .1929‬وقد افرتض أن يطلق‬ ‫قبل البدء بالعرض األول للفيلم كدعاية مثرية إال أن املرشوع‬ ‫أخفق‪.‬‬

‫التقاين املقبل‪.‬‬ ‫الجمعية بني الكوكبية الربيطانية ـ التي أسست من قبل‬ ‫يب‪.‬كلياتور مؤلف (الصواريخ عرب الفضاء) عام ‪ 1936‬ـ كان‬ ‫فيها آرثر كالرك ووليم متبل وآي‪ .‬لو بني أعضائها‪ ،‬جميعهم‬ ‫واصلوا استعامل الخيال العلمي كدعاية لعرص الفضاء الذي‬ ‫اقرتضوا أن يكون وشيكاً‪.‬‬

‫‪ .1931‬وقد جند رئيس الجمعية إدوارد بندراي وعضو زميل‬ ‫هو الورنس ماننغ ليكتبا ملجموعة (املعجزة)‪ .‬حيث وصف‬ ‫ماننغ الطريانات األوىل لصاروخ ذي وقود سائل يف (رحلة‬ ‫الكويكب) عام ‪ .1932‬عضو آخر يف الجمعية أصبح كاتب‬ ‫خيال علمي ذي موضوعات مثرية هو ناتران شاشرن‪.‬‬

‫فون بروان وزمالئه الجدد طوروا صاروخ جوبرت‪ ،‬الذي‬ ‫أطلق أول قمر صنعي يف أمريكا يف عام ‪ ،1958‬ثم صاروخ‬ ‫ساتورن الذي استعمل يف برنامج أبولو‪ ،‬الذي حمل الرجال‬ ‫األوائل إىل القمر يف ‪.1969‬‬

‫إن فالريي وغايل ـ الذين أصبحا أول شخصني أصيبا يف‬ ‫نرش كالرك مقالة عنوانها (نحن نستطيع أن ننتقل بصاروخ‬ ‫حادثة مهلكة يف بحوث الصاروخ يف عام ‪ 1930‬ـ كالهام‬ ‫استعامل الخيال لتبسيط مهمته؛ فغايل نرش (طلقة إىل إىل القمر ـ اآلن) عام ‪ 1939‬يف مجلة املوضوعات املثرية‬ ‫الالنهاية) عام ‪ 1925‬وفالريي يف (رحلة جسورة إىل املريخ) للخيال العلمي األوىل يف بريطانيا (حكايات املعجزة)‪.‬‬ ‫عام ‪.1928‬‬ ‫إن أوبرث ومساعدوه نجحوا يف إطالق عدد من الصواريخ‬ ‫أما يل وفون براون فقد التحقا يف وقت أحدث‪ ،‬حيث أصبح يف عام ‪ ،1931‬إال أن املرشوع تم التخيل عنه عندما انهار‬ ‫يل مسهامً يف املوضوعات املثرية للخيال العلمي يف الواليات االقتصاد األملاين‪ .‬فذهب يل إىل الواليات املتحدة عندما نجح‬ ‫املتحدة يف ثالثينيات القرن العرشين املتأخرة‪ ،‬والرواية النازيون يف السيطرة عىل الحكم‪ ،‬إال أن فون براون التحق‬ ‫القصرية التعليمية لفون براون (الرجال األوائل إىل القمر) مبرشوع تطوير صاروخ أقامه الجيش األملاين‪ .‬والذي اكتسب‬ ‫عام ‪ 1960‬نرشت عىل نحو متسلسل يف (هذا األسبوع) قبل مركز بحث ضخم عىل الجزيرة البلطية يف عام‪.1937‬‬ ‫أن تظهر عىل شكل كتاب‪.‬‬ ‫يف حني قىض روبرت غودارد الحرب العاملية الثانية يف‬ ‫جمعيات بني كوكبية مامثلة للجمعيات األملانية والسوفيتية تطوير الصواريخ ملساعدة طائرات أسطول الواليات املتحدة‬ ‫أسست رسيعاً يف بريطانيا والواليات املتحدة‪ ،‬صانع ًة صالت يف اإلقالع من حامالتها؛ فإن فون براون ومساعدوه طوروا‬ ‫مامثلة مع الدعاة واملبسطني املمكنني‪ .‬ديفيد ال كان عضو القنابل الصاروخية ف‪ 1‬وف‪.2‬‬ ‫سرّ‬ ‫وعندما انتهت الحرب استسلم فون براون لألمريكيني‬ ‫رئيس يف جمعية الصاروخ األمريكية‪ ،‬وقد استخدم من قبل‬ ‫هوغو غرنسباك ليحرر (قصص معجزة العلم) وأخواتها‪ ،‬ومىض للعمل لصالح برنامج البحث األمرييك‪ ،‬الذي ازداد‬ ‫محتفالً بتعيينه مبقالة يف عدد ‪ 1929‬كانون األول عنونت متويله عىل نحو مثري عندما ازدادت حدة املنافسة مع الربامج‬ ‫بـ (الصاروخ يأيت إىل الصفحة األمامية)‪ .‬حيث ض ّمن السرّ الروسية بعد إطالق القمر الصنعي الفضايئ سبوتنيك‪ 1-‬يف‬ ‫وصفاً خيالياً لرحلة إىل القمر يف كتابه (فتح الفضاء) عام عام ‪.1957‬‬

‫يف الوقت نفسه أخذ استعامل الخيال العلمي كدعاية‬ ‫القوة الدافعة التي أمد بها هؤالء الدعاة نشطت رسيعاً للسفر الصاروخي بني الكوكبي بالتصاعد‪ .‬الفيلم الواقعي عىل‬ ‫من قبل كتّاب خيال علمي آخرين الذين بدؤوا بدمج نحو مفرتض (القمر املقصود) عام ‪ 1950‬وضع مخطوطته‬ ‫صواريخ الفضاء يف محاوالت إلنتاج صور واقعية للتطوير روبرت هاينالين‪ ،‬مع أن تخيالت مقنعة أكرث أمد بها كتّاب‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪7‬‬


‫‪tion‬‬

‫خيال علمي فوق واقعي‪ ،‬مثل آرثر كالرك يف (مقدمة إىل وأربعينيات القرن العرشين كانت عيونهم مركزة عىل النجوم‪،‬‬ ‫الفضاء) عام ‪ ،1951‬ويل كو ّري يف (رجال الصاروخ) عام كام صور ذلك بيري بول يف (الحديقة عىل القمر) عام ‪.1964‬‬ ‫‪ ،1955‬و(الصاروخ املحرم قانونياً) عام ‪.1956‬‬ ‫إن الداللة األسطورية للصواريخ منحت انعطافاً جديدا ً يف‬ ‫كان راي برادبري‪ ،‬الرائد األول للخيال العلمي فوق املعتدل‪،‬‬ ‫مفتتناً بصورة متساوية بالصواريخ ورمزيتها وممجدا ً مكانتها‬ ‫يف (ملك الفضاءات الرمادية) عام ‪ ،1947‬ويعرف أيضاً بـ «آر‬ ‫هي للصاروخ»‪ .‬و(أنا‪ ،‬صاروخ) عام ‪ ،1944‬و(السطح الخارجي‬ ‫للصاروخ) عام ‪ ،1946‬و(صيف الصاروخ) عام ‪ ،1947‬و(منبوذ‬ ‫النجوم) عام ‪( 1950‬يعرف أيضاً «بالصاروخ»)‪.‬‬

‫لقد أصبحت السفينة الصاروخية الرمز األيقوين األسايس‬ ‫للخيال العلمي يف خمسينيات القرن العرشين‪ .‬حيث أن‬ ‫لحظة انطالقها تغلف أهداف عرص الفضاء ومتد بزخم‬ ‫ميلودرامي عىل نحو مالئم لقصص التحرر العنيف من‬ ‫القيد الكوين‪ .‬وقد يتضمن النرش البارز للموضوع (اإلقالع)‬ ‫عام ‪ 1952‬ليس‪.‬أرنوبلوث‪ ،‬و(األضواء يف السامء هي نجوم)‬ ‫عام ‪ 1953‬لفريدريك براون (يعرف أيضاً بإظهار خصائص‬ ‫املشرتي)‪.‬‬ ‫لقد وصلت إمكانية الصاروخ بوصفه رمزا ً إىل ذروتها يف‬ ‫هذه الفرتة‪ ،‬حيث أثرت املرافقة املحكمة لبحوث الصاروخ‬ ‫بالخيال العلمي عىل نحو محتمل يف التعليق الذي ذهب‬ ‫إليه الفليك املليك الربيطاين ريتشارد ووليل عام ‪ 1956‬عىل‬ ‫واقع أن كل الكالم عن السفر يف الفضاء كان «هرا ًء مطلقاً»‬ ‫إال أن الظهور األول لسبوتنيك‪ 1-‬يف السنة التالية جعله يبدو‬ ‫ساذجاً‪.‬‬

‫(قوس قزح الجاذبية) عام ‪ 1973‬لتوماس بينشورن‪ ،‬حيث‬ ‫أن شخصيته املحورية تستغرق يف أحالم اليقظة من أجل أن‬ ‫تصبح رجل صاروخ بالطريقة نفسها مثل األبطال الطموحني‬ ‫لراي برابوري وبطل أغنية (رجل الصاروخ) عام ‪ 1972‬إللتون‬ ‫جون‪.‬‬

‫إن رائد صناعة الصواريخ هو الشخصية الرئيسة يف التاريخ‬ ‫البديل يف (أبناء غودارد) آللن ستييل‪ ،‬ويف قصص أخرى يصور‬ ‫غودراد وفون براون كشخصيات يف التاريخ البديل لكريستوفر‬ ‫ميكرتيك يف (متهيد الطريق للمعركة الفاصلة الكربى) عام‬ ‫‪ .1995‬رومانسيات بحث الصاروخ الهاوي تم االحتفال به‬ ‫يف خياالت مثل (الهواة) عام ‪ 1996‬لتوم ليغور‪ ،‬والسلسلة‬ ‫التلفزيونية يف قناة ‪( BBC‬رجل الصاروخ) التي بدأت ‪.2005‬‬

‫الهوامش والمراجع‬ ‫ املوسوعة العربية العاملية‪ ،‬مؤسسة أعامل املوسوعة‪،‬‬‫الرياض‪.2004 ،‬‬ ‫‪- Stableford, Brian, Science Fact and Science Fic‬‬‫‪tion : An Encyclopedia, Taylor & Francis Group,‬‬ ‫‪New York, 2006.‬‬

‫ال يوجد تسلسل تقاين آخر لألحداث تتضافر فيه الحقيقة ‪- D’Ammassa, Don, Encyclopedia of Science Fic-‬‬ ‫والخيال عىل نحو حميم إىل هذا الحد‪ .‬الشهادة التي أجمع‬ ‫‪tion, Facts On File, Inc. New York NY, 2005.‬‬ ‫عليها تقريباً علامء الصواريخ أن تحريضهم األول جاء من ‪- G. Swedin, Eric, Science in the contemporary‬‬ ‫الخيال العلمي‪ ،‬بدت كأنها دليل حقيقي عىل إمكانية النوع ‪world : an encyclopedia, Santa Barbara, Califor-‬‬ ‫ليؤثر يف شكل املستقبل‪ ،‬يف حني ال يزال مقبوالً أن الصواريخ‬ ‫‪nia, 2005.‬‬ ‫كانت متتلك حقاً اإلمكانية لتستهل عرص الفضاء‪.‬‬ ‫مع أن متويل أبحاثهم أىت من القناة العسكرية‪ ،‬إال أنه‬ ‫يبدو من مرجح متاماً أن علامء الصواريخ يف أواخر ثالثينيات‬

‫‪8‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬



tion


‫‪Science And Fict‬‬ ‫خاطرة عن‬

‫الفيزياء واجلمال‬

‫يارس أبوالحسب‬

‫«وجود الجامل يف معادالت العامل أهم من جعل‬ ‫هذه املعادالت تنطبق عىل التجربة»‬

‫ ‬

‫بول ديرك‬

‫الجامل‪ ..‬ما غريه يستطيع أن ينتزع م ّنا اآلهات‪ ،‬ويصيبنا‬ ‫بأحاسيس نتمنى لو الزمتنا أبد الدهر؟ هو منتهى كل الرغبات‪،‬‬ ‫وغاية الفنون ووسيلتها‪ .‬وكذلك –وال تعجب‪ -‬هو محرك أسايس‬ ‫من محركات االكتشافات الفيزيائية‪.‬‬

‫والجامل الذي نقصده إمنا هو جامل التناسق والتامثل‬ ‫املوجود يف الطبيعة والذي يُضفَى عىل النظريات التي تصف‬ ‫أحداثها وتربطها ببعضها البعض‪.‬‬ ‫يف مقابلة مع الفيزيايئ األمرييك «فرانك ويلكزك» ‪Frank‬‬ ‫‪ Wilkzec‬مع جريدة ديرشبيجل األملانية‪ ،‬يتحدث الرجل‬ ‫الحاصل عىل نوبل يف عام ‪ 2004‬عن الفيزياء والجامل‪ ،‬فيقول‬ ‫أن البحث عن الجامل يف النظريات التي عمل عليها ساعده‬ ‫كثريا يف أبحاثه‪ .‬وإجابة عىل سؤال‪« :‬ما الجميل يف الفيزياء؟»‬ ‫يرد الرجل بقول‪« :‬أال تجد أنه من املثري لالنتباه أن نالحظ‬ ‫أن القوانني التي تحكم اآلالت املوسيقية تُشابه إىل حد كبري‬ ‫تلك التي تصف األحداث داخل الذرة مثال»‪ ،‬وهذا التناسق‬ ‫بني مكونات الطبيعة وعدم الشذوذ‪ ،‬يدفع دوما ملزيد من‬ ‫(‪)3‬‬ ‫االكتشافات‪.‬‬ ‫وأختم لكم مبقولة لـ «رشودنجر» عن نظرية النسبية العامة‪:‬‬ ‫«إن نظرية أينشتاين املذهلة يف الجاذبية ال يتأىت اكتشافها إال‬ ‫(‪)4‬‬ ‫إحساسا عميقا ببساطة األفكار وجاملها»‪.‬‬ ‫لعبقري رزق‬ ‫ً‬

‫عندما كان يف السادسة والعرشين من عمره‪ ،‬ويف عامه امل ُعجِز‬ ‫‪ ،1905‬صاغ أينشتاين واحدة من النظريات الفيزيائية األعظم‬ ‫الهوامش والمراجع‬ ‫(‪)1‬‬ ‫عىل مدى تاريخ البرشية وهي نظرية النسبية الخاصة‬ ‫وقال بخصوصها‪:‬‬ ‫‪ -1‬نظرية النسبية بشقيها –العامة والخاصة‪ -‬تعد من أعظم النظريات‬ ‫«لقد صيغت النسبية بسبب التناقضات العميقة والخطرية الفيزيائية كونها سببت تغيريات عميقة يف فهمنا للزمن والفضاء‪ .‬فهي‬ ‫يف النظرية القدمية (يقصد نظرية نيوتن)‪ ،‬والتي بدا أنه ال أكرب من مجرد نظرية تصف حادثة طبيعية‪ ،‬بل تعدت تأثرياتها الفلسفية‬ ‫مهرب منها‪ .‬قوة النظرية الجديدة (أي النسبية) تأيت من ما للنظريات األخرى من نصيب‪ ،‬اللهم إال لو كانت الكوانتم شقيقتها‪.‬‬ ‫اتساقها وبساطتها يف حل كل تلك الصعوبات باستخدام عدد ‪2- A. Einstein and L. Infeld, The Evolution of Physics, New‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫‪York, Simon and Schuster, 1961‬‬ ‫قليل من الفرضيات البسيطة واملقنعة»‪.‬‬ ‫فالبحث عن «الجامل» يف النظرية الفيزيائية أصبح شيئًا ‪3- Nobel Physicist Frank Wilczek: ‹The World is a Piece of‬‬ ‫أساسيًا تصبح به النظرية صحيحة أو خاطئة‪ ،‬فـ «الجامل هو ‪Art›, Spiegel online international, www.spiegel.de/interna-‬‬ ‫الفيصل» كام يقول جورج طومسون ‪tional/physicist-frank-wilczek-interview-about-beauty-in- George Thomson‬‬ ‫‪physics-a-1048669.html‬‬ ‫صاحب نوبل يف الفيزياء‪.‬‬ ‫وأينشتاين دامئا كان يرى أن النظرية العلمية البد أن تكون ‪ -4‬اعتمدت يف بعض مقوالت العلامء بخصوص الجامل يف العلم عىل‬ ‫بسيطة وأنيقة «وجميلة» يف افرتاضاتها ليك تكون صحيحة‪ ،‬كتاب «العلم يف منظوره الجديد»‪ ،‬روبرت أجروس وجورج ستانيو‪،‬‬ ‫ويتفق مع دي برويل الذي يقول‪« :‬كان اإلحساس بالجامل يف سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬كتاب رقم ‪ ،134‬املجلس الوطني للثقافة والفنون‪-‬‬ ‫الكويت‪.‬‬ ‫كل عرص من تاريخ العلوم دليال يهدي العلامء يف أبحاثهم»‪.‬‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪11‬‬


‫الكون غير التام‬ ‫نظرية كل شيء ‪...‬وداعا‬

‫“‬

‫يقول النقاد إن أينشتاين وغريه من عاملقة‬ ‫الفيزياء يف القرن العرشين (مبا يف ذلك‬ ‫ولفجانج باويل وأروين رشودنجر وفرينر‬ ‫هايزنربج) فشلوا بسبب أن مناذجهم مل‬ ‫تشمل جميع جسيامت املادة وتفاعالتها‬ ‫األساسية‪ ،‬فهي مل تؤخذ يف حسبانهم وهم‬ ‫يتناقشون‪ ،‬لكننا اليوم لدينا فرصة أفضل‬ ‫ترجمة‪:‬‬ ‫بكثري يف النجاح‪ ،‬توجد أحالم النظرية‬ ‫م‪ .‬عبدالحفيظ العمري‬ ‫النهائية (كام عنون الحائز عىل نوبل كاتب ومترجم علمي يمني له العديد من‬ ‫ستيفن واينربج كتابه) أقوى من أي وقت الكتب المترجمة والمقاالت المنشورة‪.‬‬ ‫‪Facebook.com/abdulhafeed.alamri‬‬ ‫مىض‪.‬‬


‫ت ُعد نظرية كل يشء ‪theory of everything‬‬ ‫شغل علامء الفيزياء الشاغل لتوحيد كل قوانني‬ ‫الكون‪ ،‬فالتفتيش عن نظرية للطبيعة التي من‬ ‫شأنها توحيد الكبري ج ًدا فيها مع الصغري ج ًدا‬ ‫كان سب ًبا وجي ًها لألمل‪ ،‬ألن العظامء واملبدعني‬ ‫كانوا مهتمني بذلك‪ ،‬حتى أينشتاين الذي أدرك‬ ‫أن فهمنا للواقع غري كامل بالرضورة‪ ،‬قد قىض‬ ‫آخر عرشين سنة من حياته يف البحث عن نظرية‬ ‫الحقل املوحد ‪ unified field theory‬التي من‬ ‫شأنها أن تصف القوتني الرئيسيتني التي نراهام‬ ‫تعمالن من حولنا ‪ -‬الجاذبية والكهرومغناطيسية‬ ‫ كمظاهر لقوة واحدة‪ .‬بالنسبة له متثل هذه‬‫النظرية الرياضية التعبري املحض واألكرث أناقة‬ ‫للطبيعة واالنجاز األعىل للفكر البرشي‪.‬‬ ‫خمسة وخمسون سنة بعد وفاة أينشتاين‬ ‫والبحث عن نظرية الحقل املوحد املراوغة ال‬ ‫يزال مستم ًرا‪ .‬سيكون العثور عىل نظرية كل يشء‬ ‫بالنسبة لعالِم الفيزياء ستيفن هوكينج وآلخرين‬ ‫غريه كُثرُ مبثابة معرفة “عقل اإلله” ‪mind of‬‬ ‫‪God‬إنها استعارة ليس من قبيل الصدفة‪.‬‬ ‫يقول النقاد إن أينشتاين وغريه من عاملقة‬ ‫الفيزياء يف القرن العرشين (مبا يف ذلك ولفجانج‬ ‫باويل وأروين رشودنجر وفرينر هايزنربج) فشلوا‬ ‫بسبب أن مناذجهم مل تشمل جميع جسيامت‬ ‫املادة وتفاعالتها األساسية‪ ،‬فهي مل تؤخذ يف‬ ‫حسبانهم وهم يتناقشون‪ ،‬لكننا اليوم لدينا‬ ‫فرصة أفضل بكثري يف النجاح‪ ،‬توجد أحالم‬ ‫النظرية النهائية (كام عنون الحائز عىل نوبل‬ ‫ستيفن واينربج كتابه) أقوى من أي وقت مىض‪.‬‬

‫هل ميكن االعتقاد يف نظرية فيزيائية التي‬ ‫تو ّحد أرسار العامل املادي ‪“ -‬رموز خفية ” �‪hid‬‬ ‫‪den code‬للطبيعة ‪ -‬تكون املكافئ العلمي‬ ‫للمعتقد الديني يف الوحدانية الذي يحمل‬ ‫املليارات من الناس عىل الذهاب إىل الكنائس‬ ‫واملساجد واملعابد اليهودية كل يوم؟‬ ‫حتى قبل وجود ما نسميه اآلن الفيزياء‪ ،‬فقد‬ ‫فكر فالسفة اليونانية القدماء ما إذا كان تنوع‬ ‫الطبيعة ميكن أن يأيت من مصدر واحد‪ ،‬مادة‬ ‫اولية‪ .‬فقد اقرتح طاليس‪ - Thales‬الذي يعتربه‬ ‫أرسطو الفيلسوف األول يف العرف اليوناين ‪ -‬أن‬ ‫كل يشء مصنوع من املاء‪ ،‬وهي مادة يعتقد أنها‬ ‫متثل جوهر الطبيعة الديناميكية‪ .‬يف وقت الحق‬ ‫اعتقد فيثاغورث وأتباعه أن الطبيعة كانت لغ ًزا‬ ‫رياض ًيا مح ًريا شيدت من خالل النسب واألمناط‬ ‫التي تجمع بني األعداد الصحيحة‪ ،‬وأن علم‬ ‫الهندسة هو مفتاح فك رموزها‪.‬‬

‫عادت فكرة الرياضيات كمدخل أسايس ألرسار‬ ‫الطبيعة للظهور مرة أخرى خالل عرص النهضة‬ ‫وضح كال من جاليليو جالييل‬ ‫املتأخر‪ .‬فقد ّ‬ ‫ورينيه ديكارت ويوهانس كيبلر واسحق نيوتن‬ ‫أن الوصف الريايض للطبيعة ينجح فقط من‬ ‫خالل التطبيق الجاد للمنهج العلمي حيث يتم‬ ‫اختبار الفرضيات من خالل التجارب واملالحظات‬ ‫وبعد ذلك تُقبل أو تُرفض‪ .‬أصبح علم الفيزياء‬ ‫يدور يف “كيف”‪ ،‬وترك “ملاذا” للفلسفة والدين‪.‬‬ ‫وعندما ُسئل نيوتن ملاذا املادة تجذب املادة بقوة‬ ‫التي تضعف مع مربع املسافة‪ ،‬أجاب بأين “ما‬ ‫اختلقت أي فرضيات”‪ ،‬وكان كاف ًيا لتقديم وصف‬ ‫ْ‬ ‫كمي لهذه الظاهرة‪ .‬مع ذلك تلك نصف القصة‬ ‫ولكن هل نصبح أقرب حقًا؟‬ ‫فقط‪ ،‬بالنسبة لنيوتن فاإلله هو عالِم رياضيات‬ ‫هل نتجرأ أن نسأل ما إذا كان البحث عن سامي والقوانني الرياضية للطبيعة هي مخطط‬ ‫الخلق‪.‬‬ ‫نظرية كل يشء مضلِالً؟‬


‫‪tion‬‬

‫“‬

‫علامء الفيزياء املشاركون يف مؤمتر سولفاي الخامس للفيزياء سنة ‪1927‬م يف بروكسل‬

‫جورجي ‪ ،Howard Georgi‬من‬ ‫تالشت فكرة أن اإلله تد ّخل‬ ‫بشكل واضح يف الظواهر أعتقد اآلن أن فكرة النظرية النهائية ذاتها جامعة هارفارد‪ ،‬وشيلدون جالشو‬ ‫الطبيعية مع تقدم العلم‪ ،‬خاطئة‪ ،‬فحتى لو نجحنا يف توحيد القوى التي ‪ ، Sheldon Glashow‬وهو اآلن يف‬ ‫ولكنها ليست فكرة أن رموز نعرفها‪ ،‬ميكننا االدعاء فقط بتحقق توحيد جزيئ‪ ،‬جامعة بوسطن‪.‬‬ ‫الطبيعة املخفية تكمن يف فأجهزتنا محدود‪ .‬وكذلك نظ ًرا ألن معرفة الواقع أما النظرية الثانية‪ ،‬النسخة األكرث‬ ‫نظرية رياضية مهيمنة؛ فإله املادي يعتمد عىل ما ميكننا قياسه‪ ،‬فنحن لن طموحا‪ ،‬تسعى لتضمني الجاذبية‬ ‫أينشتاين كان بعي ًدا كل نعرف أبدا كل ما هناك ملعرفته‪.‬‬ ‫يف إطار التوحيد‪ ،‬إنها نظرية األوتار‬ ‫البعد عن إله نيوتن عندما‬ ‫الفائقة ‪ Superstring‬التي تحاول‬ ‫قال هذا األول جملته املشهورة ‪« :‬أنا أؤمن بإله سبينوزا القيام بذلك عن طريق التخيل عن النموذج القديم الذي‬ ‫‪ Spinoza‬الذي يكشف عن نفسه يف االنسجام املنظم ملا يجعل املادة مصنوعة من لبنات صغرية غري قابلة للتجزئة‪،‬‬ ‫هو موجود»‪ .‬وكان بحثه يف نظرية الحقل املوحد كث ًريا هو واستبدالها بأوتار مهتزة التي توجد يف فضاءات بعدية عليا‪.‬‬ ‫بحث عن جوهر هذا اإلله الطبيعي‪.‬‬ ‫مثل كل النظريات الفيزيائية الجيدة‪ ،‬تق ّدم نظريات‬ ‫تأيت التجسيدات الحديثة لنظريات الحقل املوحد يف التوحيد الكربى تنبؤات‪ ،‬واحدة من هذه التنبؤات أن‬ ‫نظريتني‪ :‬النظرية األوىل هي النسخة األكرث تقليدية‪ ،‬وهي الربوتون ‪-‬الجسيمة التي توجد يف كل األنوية الذرية ‪ -‬غري‬ ‫ما تسمى النظرية التوحيد الكربى ‪ Grand Unified‬مستقر‪.‬‬ ‫‪ )Theory (GUT‬وتسعى لوصف الكهرومغناطيسية لعقود من الزمان بحثت التجارب ذات الحساسية العالية‬ ‫والقوى النووية الضعيفة والقوية كقوة واحدة‪ .‬وكان عن انحالل الربوتونات وفشلت يف العثور عليه‪ ،‬ونتيجة‬ ‫أول من اقرتح هذه النظريات يف عام ‪1974‬م هو هاوارد لذلك ُع ّدلت النامذج بحيث أن انحالل الربوتونات من الندرة‬

‫‪14‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And Fict‬‬ ‫ليكون خارج نطاق الوصول الحايل للكشف‪ ،‬نجح التنبؤ‬ ‫اآلخر لكن بشكل غري جيد ‪ :‬حقول التفاعل املحزومة التي‬ ‫سميت األقطاب املغناطيسية ‪ magnetic monopoles‬مل‬ ‫يتم العثور عليها‪.‬‬ ‫يف األوتار الفائقة الحالة أكرث سو ًءا‪ ،‬فعىل الرغم من أناقتها‬ ‫الرياضية‪ ،‬فالنظرية بعيدة ج ًدا عن الواقع املادي‪ ،‬ألنه من‬ ‫الصعب للغاية تحديد ما هو أثر األوتار القابل للقياس‪.‬‬ ‫أعتقد اآلن أن فكرة النظرية النهائية ذاتها خاطئة‪ ،‬فحتى‬ ‫لو نجحنا يف توحيد القوى التي نعرفها‪ ،‬ميكننا االدعاء فقط‬ ‫بتحقق توحيد جزيئ‪ ،‬فأجهزتنا محدود‪ .‬وكذلك نظ ًرا ألن‬ ‫معرفة الواقع املادي يعتمد عىل ما ميكننا قياسه‪ ،‬فنحن لن‬ ‫نعرف أبدا كل ما هناك ملعرفته‪.‬‬ ‫م ْن الذي يقول أنه ال توجد سوى أربع قوى أساسية؟‬ ‫العلم ميلء باملفاجآت‪،‬‬ ‫األفضل بكثري تقبلنا أن معرفتنا للواقع املادي غري مكتملة‬ ‫بالرضورة‪ ،‬يكون العلم بهذه الطريقة مفهو ًما كمرشوع‬ ‫اإلنسان ويكون «عقل اإلله» منزه باملرة وإىل األبد‪.‬‬ ‫منذ اكتشاف انتهاك التناظر يف القوة النووية الضعيفة‬ ‫(التفاعل الضعيف) ‪parity violation in the weak‬‬ ‫‪ interaction‬قبل أكرث من ‪ 50‬عاما أظهرت التجارب يف‬ ‫فيزياء الجسيامت أن آمالنا لتحقيق الكامل ليست سوى‬ ‫آمال‪ ،‬فإن التناظر منت َهك يف كل اتجاه يف الطبيعة‪ ،‬عىل‬ ‫خالف قصيدة جون كيتس ‪ John Keats‬الشهرية؛ فالجامل‬ ‫ليس دامئًا حقيقة‪.‬‬ ‫لكن هناك املزيد‪ ،‬أعتقد أن عدم التناظرات ‪asymmetries‬‬ ‫األساسية هي جزء رضوري من عاملنا‪ ،‬أنها تحدد وجودنا‬ ‫ذاته‪ ،‬ضع يف اعتبارك ما ييل‪ :‬إن الكون كان يجب أن تكون‬ ‫له خصائص خاصة للحفاظ عىل التوسع ملدة ‪ 14‬مليار سنة‪،‬‬ ‫وكان عىل جزيئات املادة السيطرة عىل تلك املادة املضادة‬ ‫مبارشة بعد االنفجار العظيم وإال فالكون كان سيتألف يف‬ ‫معظمه من اإلشعاع‪.‬‬ ‫الحياة نفسها هي نتاج االختالالت؛ من التباين املكاين يف‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫األحامض األمينية إىل حدوث طفرات خالل التكاثر‪ ،‬فقد‬ ‫شكّل عدم التناظرات مسارا طويال ومعقدا وشاذا ابتداء‬ ‫من الجسيامت إىل الذرات إىل الخاليا؛ ومن خاليا االحياء‬ ‫املجهرية البسيطة بدون أنويه خاليا ‪ prokaryotic‬إىل‬ ‫وأيضا من كائنات حية‬ ‫الخاليا األكرث تطورا ‪ً ،eukaryotic‬‬ ‫أحادية الخلية ‪ unicellular‬إىل الكائنات املتعددة الخاليا‬ ‫‪.multicellular‬‬ ‫تاريخ الحياة متشابك بعمق مع التغيريات البيئية لكوكب‬ ‫األرض‪ ،‬من زيادة توافر األكسجني إىل ظهور الصفائح‬ ‫التكتونية ‪ plate tectonics‬التي تساعد عىل تنظيم ثاين‬ ‫أكسيد الكربون‪.‬‬ ‫ناهيك عن الذكاء‪ ,‬فالحياة التي تعرفنا عليها يف االشكال‬ ‫املعقدة والخارقة للعادة تعترب نادرة نوعا ما‪ ،‬هي ناتج عن‬ ‫التناظر واالختالالت والصدف‪.‬‬ ‫يف النهاية التخيل عن النظرية النهائية لن يجعل عمل‬ ‫الفيزياء ‪ -‬أو العلم ‪ -‬أقل إثارة‪ ،‬فالطبيعة لديها الكثري من‬ ‫األرسار إلبقائنا مشغولني لفرتة طويلة ج ًدا‪.‬‬

‫الهوامش والمراجع‬ ‫مصدر املقال األصيل ‪:‬‬ ‫‪The imperfect universe: Goodbye, theory of‬‬ ‫‪everything, http://www.newscientist.com/ar‬‬‫‪ticle/mg20627591.200-the-imperfect-universe‬‬‫‪goodbye-theory-of-everything.html, 5 May 2010‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪15‬‬


‫المستحيل‬ ‫ليس صف ًرا !‬ ‫جوجول هو رقم يساوي عرشة أس مائة ‪ ( ..‬واحد بجوارها‬ ‫مائة صفر )‪ ،‬ممكن نشطح أكرث و نقول ‪ :‬جوجول بليكس =‬ ‫عرشة أس جوجول ‪ ( ..‬واحد بجوارها مائتني صفر )‪.‬‬ ‫هل هناك أشياء يف الكون وصلت إىل هذا الحد من األرقام؟‬ ‫عدد املجرات يف الكون حوايل تريليون مجرة ‪( ..‬واحد بجوارها‬ ‫‪ 12‬صفرا ) يعني رقم تافه بالنسبة لجوجول ‪..‬‬ ‫لنحاول أن نبحث عن وحدة أخرى تعطي لنا رقامً أكرب‪ ،‬حتى‬ ‫نحاول أن نصل إىل رقم جوجول عىل األقل ‪ ..‬عدد النجوم التي يف‬ ‫املجرات كلها مجتمعة حوايل تريليون تريليون نجمة ‪ ( ..‬واحد‬ ‫بجوارها ‪ 24‬صفرا ) ‪..‬ال زلنا إزاء أرقام تافهة بالنسبة لجوجول ‪..‬‬ ‫لننجز أكرث و لنتعرف عىل كتلة مادة الكون أي عدد‬ ‫الكيلوجرامات من الوجود املادي يف الكون‪ ،‬نجد أنه يساوي‬ ‫عرشة أس ‪ ( .. 60‬واحد بجوارها ‪ 60‬صفر )‪.‬‬ ‫آخر محاولة نستطيع عملها‪،‬هي أن نورد عدد الجسيامت ما‬ ‫دون الذرية يف الكون‪ ،‬مثل اإللكرتونات و الكواركات‪ ،‬وليس‬ ‫عدد الذرات‪ ،‬نجد أن عدد الجسيامت ما دون الذرية يساوي‬

‫م‪ .‬أكرم محمود‬

‫‪fb.com/ Akram77777‬‬


‫عرشة أس ‪ ( 80‬واحد بجوارها ‪ 80‬صفرا )‪.‬‬ ‫يف دراسة اإلحتامالت ‪ ..‬نجد أن احتامل وقوع حادثة =‬ ‫عدد عنارص الحادثة مقسوماً عىل عدد عنارص كل الحوادث‪.‬‬ ‫مثال ‪ :‬احتامل ظهور عدد زوجي من رمية نرد‪:‬‬ ‫عدد عنارص تلك الحادثة = ‪ ( 3‬ظهور ‪ 2‬أو ‪ 4‬أو ‪) 6‬‬ ‫عدد عنارص كل الحوادث = ‪ ( 6‬ظهور ‪ 1‬أو ‪ 2‬أو ‪ 3‬أو ‪4‬‬ ‫أو ‪ 5‬أو ‪) 6‬‬ ‫لذلك اإلحتامل = ‪ = 6/3‬نصف‪.‬‬ ‫و نقول عىل الحدث أنه مؤكد إن كان احتامله يساوي‬ ‫الواحد الصحيح‪ ،‬ونقول عىل الحدث أنه مستحيل إن كان‬ ‫إحتامله يساوي الصفر‪.‬‬ ‫و نقول عىل الحدث محتمل إن كان إحتامله ما بني‬ ‫القيمتني‪ ،‬فهناك الحوادث التي يحتمل حدوثها بشكل كبري‬ ‫لو كان مثال احتاملها تسعة من عرشة ‪ ..‬و هناك الحوادث‬ ‫التي يحتمل حدوثها بشكل ضعيف‪ ،‬مثل التي احتاملها‬ ‫واحد من عرشة ‪ ...‬ألخ ‪..‬‬ ‫نجد أن وليام دميسيك له رأي آخر‪ ،‬فهو يرى أن االحتامل‬ ‫لو وصل إىل الرقم واحد مقسوم عىل عرشة أس مائة و‬ ‫خمسني‪ ،‬ألصبح الحدث مستحيل‪ .‬وال يحتاج أن يصل إىل‬ ‫الصفر ليك نحكم عىل استحالته ‪ ..‬ملاذا ؟؟‬ ‫كام بينا سابقًا أن احتامل حدوث أي حادثة يساوي عدد‬ ‫عنارص الحادثة عىل عدد عنارص كل الحوادث املمكنة‪.‬‬ ‫واعترب أن الحوادث املمكنة هي كل الحوادث الكونية‪ .‬و‬ ‫حسبها بطريقة معجزة رائعة‪..‬‬ ‫أوالً ‪ ..‬سبق أن ذكرنا أن عدد الجسيامت ما دون الذرية‬ ‫يساوي عرشة أس ‪ 80‬جسيم‪ ،‬و لنفرض أنهم جميعاً سيصدر‬ ‫منهم حوادث‪.‬‬ ‫ثانياً ‪ ..‬كم حادثة تصدر من كل جسيم دون ذري؟‬ ‫نجد أن زمن بالنك يساوي تقريباً عرشة أس سالب ‪45‬‬ ‫ثانية ‪ /‬حادثة‪ .‬أي أنه ال توجد أي حادثة يف الكون تحدث‬ ‫أرسع من هذا الزمن الحقري الصغري‪ .‬و بالتايل فإننا لو تأملنا‬ ‫مقلوب زمن بالنك لوجدنا أنه ‪ :‬عرشة أس ‪ 45‬حادثة ‪/‬‬ ‫ثانية‪ .‬هكذا توصلنا إىل أن كل جسيم سيصدر منه‪ ،‬عرشة‬ ‫أس ‪ 45‬حادثة يف الثانية الوحدة عىل األكرث‪ .‬أي أن عدد‬

‫الحوادث الكونية املمكنة يف الثانية الواحدة = عرشة أس‬ ‫‪( 80‬جسيم) × عرشة أس ‪ ( 45‬حادثة ‪ /‬ثانية )= عرشة أس‬ ‫‪ 125‬حادثة‪ /‬ثانية‪ .‬ولو رضبنا هذا الرقم يف بليون ضعف‬ ‫عمر الكون‪ ،‬و الذي يساوي بالثواين عرشة أس ‪ 25‬ثانية‪.‬‬ ‫سنجد أن عدد األحداث التي ميكن أن تحدث يف الكون‬ ‫عرشة أس ‪ ( 125‬حادثة ‪ /‬ثانية ) × عرشة أس ‪25‬‬ ‫(ثانية) = عرشة أس ‪ 150‬حادثة كونية ميكن أن تحدث‪.‬‬ ‫كل هذا بفرض أن كل جسيم من العرشة أس ‪ 80‬سيصدر‬ ‫منه عرشة أس ‪ 45‬حادثة يف الثانية‪ .‬و منه نستنتج أن فضاء‬ ‫العينة الكوين يساوي عرشة أي ‪ 150‬حادثة‪ ،‬و هذا هو أكرب‬ ‫رقم واقعي ممكن تصوره مع أنه مل يحدث‪ .‬لكن ال يوجد‬ ‫أي معدود يف الكون يتعدى هذا الرقم‪.‬‬ ‫فهو مبثابة املا النهاية ‪..‬‬ ‫وبالتايل فإن أصغر إحتامل يف الكون سيكون لحادثة عدد‬ ‫عنارصها واحد بالنسبة لفضاء عينة الكون ليكون الناتج‬ ‫واحد عىل عرشة أس ‪ .150‬ولو كان اإلحتامل أصغر من هذا‬ ‫ألصبح مستحيل‪.‬‬ ‫لذلك دميسيك يعترب أن هذا الرقم هو مبثابة الصفر‪.‬‬

‫الهوامش والمراجع‬ ‫‪1- http://www.esa.int/Our_Activities/Space_Sci‬‬‫‪ence/How_many_stars_are_there_in_the_Uni‬‬‫‪verse‬‬ ‫‪2- http://www.hypertextbook.com/facts/2006/‬‬ ‫‪KristineMcPherson.shtml‬‬ ‫‪3- http://en.wikipedia.org/wiki/Universal_prob‬‬‫‪ability_bound‬‬


‫مراجـعات‬

‫‪tion‬‬ ‫تاريخ العلم‬ ‫جون جريبين‬

‫م‪ .‬عبدالحفيظ العمري‬

‫“‬

‫إن تاريخ العلم‪ ،‬وليس تاريخ العروش‬ ‫والتيجان والحروب واملؤامرات‪ ،‬هو التاريخ‬ ‫الحقيقي لإلنسان‪ ،‬وصلب قصة الحضارة يف تطورها‬ ‫الصاعد‪.‬‬ ‫تعب د مينى طريف الخويل عن تاريخ العلم وأهميته‬ ‫هكذا رّ‬ ‫يف كتابها « فلسفة العلم يف القرن العرشين «‪ ،‬لذا ال غرابة‬ ‫أن تكون هناك كتب وموسوعات ترشح تاريخ العلم‬ ‫وتطوره عرب العصور ‪.‬‬ ‫وبني يدينا واحد من أحدث الكتب حول هذا املوضوع؛‬ ‫إنه كتاب «تاريخ العلم» الذي ترجمته سلسلة عامل املعرفة‬ ‫عام ‪2012‬م يف جزأين ملؤلفه جون جريبني؛ الذي يعد‬ ‫واحد من كبار الك ّتاب املعنيني بتبسيط العلم وله مؤلفاته‬ ‫واسعة االنتشار‪ ,‬التي أثارت االعجاب بقدرته الفائقة عىل‬ ‫تبسيط أعقد االفكار مع إثارة حس الدهشة بغرابة الكون‬ ‫دون االخالل بدقة املعلومات العلمية الجوهرية‪ ،‬فهو‬ ‫ليس مجرد هاوي بل عالِم فيزياء فلكية بجامعة كامربيدج‬

‫ولديه مشاركات يف العلم أشار لها يف هذا الكتاب‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And Fict‬‬

‫يقع الكتاب يف جزأين؛ الجزء األول يبدأ مبقدمة املرتجم مقصودا لجهود الرشق ؟‬ ‫االستاذ شوقي جالل الذي ع ّرف تاريخية العلم وأورد بعضا نعم !‬ ‫من خصائصه؛ كعاملية العلم وأنه ال توجد حقيقة مطلقة وسنجد ذلك أيضا يف ثنايا الكتاب‪..‬‬ ‫وال يقني مطلق وأ ّن الحقيقة العلمية عىل املحك دامئًا‪ ،‬وأن‬ ‫الرصاع مل يكن رصا ًعا بني الدين يف ذاته والعلم كام يحلو الجزء األول‬ ‫للبعض أ ْن يقول‪ ،‬بل بني الجمود والتجديد‪ ،‬بني اإلبداع‬ ‫قسم املؤلف عمله إىل ‪ 5‬أقسام رئيسية أطلق عىل كل‬ ‫ّ‬ ‫وحياة السكون والتحجر الفكري‪.‬‬ ‫قسم اسم كتاب‪ ،‬وكل كتاب يشمل عدد فصول مغطيا‬ ‫ويشري املرتجم إىل سبب االهتامم بنرش تاريخ العلم الفرتة من عام ‪1543‬م وحتى عام ‪2001‬م‪.‬‬ ‫والعلامء وذلك «باعتباره ذاكرة برشية عن أهم قوى دافعة الكتاب األول (الخروج من عصور الظالم)‪ ،‬فصله األول‬ ‫لبناء الحضارات وعن عبقرية اإلنسان‪ ،‬وقدرته عىل النفاذ (رجال عرص النهضة) يتحدث عن جهود كوبرنيكس حول‬ ‫إىل أعامق الكون األعظم والكون األصغر الستيعاب قوانني مركزية الشمس وكتابه (عن دوران االجسام الساموية)‬ ‫الحياة الطبيعية‪ ،‬مبا يف ذلك حياة اإلنسان يف صورة نظريات ويعرج عىل قضية برونو الذي تم إحراقه‪ ،‬ليفاجئنا املؤلف‬ ‫متجددة‪ ،‬إذ يؤكد التاريخ دينامية البحث العلمي املتطورة بقوله « كثريا ما ذهب البعض إىل أن برونو تم حرقه بسبب‬ ‫نظرياً وتطبيقياً‪ ،‬مؤكدا ً أن كل مرحلة سبقتها مراحل أو دعمه لنموذج كوبرنيكس وحقيقة األمر أنه كان بالفعل‬ ‫مركز أو مجتمعات علمية تنتسب إىل حضارات عدة منها زنديقا «مهرطقا» وتم حرقه بسبب معتقداته الدينية «!‬ ‫العربية والبابلية واآلشورية‪ ،‬واالزتيك واملايا وغريها ‪ ،‬ولكن ثم يعرض املؤلف جهود عامل الترشيح اندرياس فيساليوس‬ ‫اليشء اليقيني أن اإلنسان رهن الفعالية النشطة»‪.‬‬ ‫صاحب كتاب «عن بنية جسم االنسان» وكذلك وليام هاريف‬ ‫ويورد تفاسري تطور العلم بني الرتاكمية التطورية – التي صاحب اكتشاف الدورة الدموية ‪.‬‬ ‫يعتمدها مؤلف الكتب‪ -‬والثورية املرتبطة بفيلسوف العلم يف الفصل الثاين (آخر األلغاز ) يكاد يفرده لعاملني فلكيني‬ ‫توماس كون‪.‬‬ ‫هام تيشو براهي وكبلر صاحب القوانني الثالثة يف حركة‬ ‫ثم يبدأ مؤلف الكتاب جون جريبني مبدخل يوضح الكواكب‪ ،‬أما فصله الثالث (العلامء األوائل) فيعرض لجهود‬ ‫ملاذا اختار عام ‪1543‬م منطلقا لرشح تاريخ العلم‪ ،‬وذلك وليام جيلربت الذي تأيت أهميته أنه مؤسس املنهج التجريبي‬ ‫«بسبب بداية البحث البيولوجي لدراسة جسم اإلنسان يف العلم‪ ،‬وحدد موقفه منذ البداية األوىل يف مقدمة كتابه‬ ‫والتي متثلت يف صدور كتاب يحيك عن بنية جسم اإلنسان (عن املغناطيسية) إذ قال‪« :‬عند اكتشاف األمور امللغزة‪،‬‬ ‫أي يف العام ذاته الذي أصدر كوبرنيكس كتابه عن دوران وعند بحث األسباب الخافية‪ ،‬نهتدي إىل أقوى األسباب‬ ‫األجرام الساموية‪ ،‬معتربا ً أن هذا التوافق العريض يف العام عن طريق التجارب املؤكدة والحجج املدعومة بالربهان‪،‬‬ ‫ذاته معلم مميز ومالئم ملطلع الثورة العلمية التي أدت وليس عن طريق تخمينات محتملة‪ ،‬أو آراء رهن تأمالت‬ ‫إىل تحول أوروبا ثم العامل من بعدها‪ .‬رغم قوله «إن اختيار فلسفية» ‪.‬‬ ‫نقطة زمنية لتكون بداية لتاريخ العلم إمنا هو اختيار وكذلك جهود العامل املشهور جاليليو – الذي سامه املؤلف‬ ‫تعسف» وهذا األمر س ّوغ له حرص بحثه يف نطاق جغرايف (العامل األول) – الذي انترص للمنهج العلمي كام فقد كتب‬ ‫ويف حدود املدى الزمني لهذا العرض‪ ،‬بهدف تحديد معامل جاليليو رأيه بشأن إميانه بنموذج كوبرنيكس‪ ،‬ولكن عند‬ ‫تطور العلم الغريب بداية من عرص النهضة وصوالً بشكل سؤاله عام إذا كان ذلك يتعارض مع النص املقدس‪ ،‬أجاب‬ ‫تقريبي إىل نهاية القرن العرشين‪ ،‬هذا اإلهامل هل كان جاليليو‪« :‬عندما يثار خالف يف الرأي بشأن ظواهر طبيعية‪،‬‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪19‬‬


‫‪tion‬‬

‫يتعني علينا حينئذ اال نبدأ مبرجعية النص املكتوب بل الكهرباء عىل يد فرانكلني وكولومب ومليكانيكا بعد نيوتن‬ ‫مبرجعية التجربة الحسية والرباهني الرضورية التي تثبت عىل يد البالس وكذلك الحرارة والجيولوجيا‪.‬‬ ‫صحة ذلك»‪.‬‬

‫الجزء الثاين‬

‫وف ّند املؤلف األساطري التي كُتبت عن جاليليو وأشهرها‬ ‫عبارة « لكنها تدور» التي يقول عنها املؤلف « ليس من يفتتح الجزء الثاين بالكتاب الرابع (الصورة الكربى) شامال‬ ‫دليل عىل اإلطالق أنه متتم قائال عبارته الشهرية» !‬ ‫الفصل التاسع (الثورة الداروينية) التي خصصها املؤلف‬ ‫الكتاب الثاين (اآلباء املؤسسون) يبدأ من الفصل الرابع للحديث عن نظرية التطور وجذورها التاريخية أتساقا‬ ‫(العلم يقف عىل قدمني) الذي رشح املؤلف فيه جهود مع منهجه الرتاكمي يف تطور العلم‪ ،‬ليفرد هذا الفصل‬ ‫ديكارت (لعل أهمها الهندسة التحليلية التي ربطت الجرب لكل من داروين و واالس وال مارك‪ ،‬ويف الفصل العارش‬ ‫بالهندسة) وهوجينز يف البرصيات والنظرية املوجية للضوء (الذرات والجزيئات) يدور حول تطور مفهوم الذرة عىل‬ ‫وروبرت بويل (الذي ميثل الضوء الهادي والرائد لتأسيس يد دالتون والكيمياء الكهربائية عىل يد همفري‪ ،‬وترتيب‬ ‫املنهج العلمي يف إنجلرتا)‪.‬‬ ‫الجدول الدوري عىل يد مندلييف‪ ،‬والتفت املؤلف لتطور‬ ‫يف الفصل الخامس (الثورة النيوتنية) عرض املؤلف جهود الداينميكا الحرارية عىل يد جول وكالفن وبولتزمان‪ ،‬مع‬ ‫نيوتن بالتفصيل؛ حيث يعترب وفند املؤلف األساطري التي كُتبت عن اإلشارة ألعامل آينشتاين عىل‬ ‫ّ‬ ‫املؤلف عام ‪1687‬م ‪ -‬وهو العام جاليليو وأشهرها عبارة « لكنها تدور» التي الحركة الربوانية‪.‬‬ ‫الذي نرش نيوتن كتابه امللحمي يقول عنها املؤلف « ليس من دليل عىل يف الفصل الحادي عرش‬ ‫(برينكيبيا ماتيامتيكا أو املبادئ‬ ‫(لنسمح بالضوء) عرض املؤلف‬ ‫اإلطالق أنه متتم قائال عبارته الشهرية» !‬ ‫الرياضية) ‪ -‬عاما مهام بل مفصليا‬ ‫جهود فارادي وماكسويل يف‬ ‫يف تاريخ العلم‪ ،‬فقد أرىس فيه‬ ‫الكهرباء واملغناطيسية‪ ،‬تلك‬ ‫نيوتن أسس الفيزياء برمتها‪ ،‬التي‬ ‫الجهود التي مهدت للنسبية‬ ‫عرب عنها البابا اسكندر وقتها بقوله‪« :‬غمر النور كل يشء»‪ .‬الخاصة آلينشتاين التي عرضها املؤلف أيضا‪ ،‬ثم يأيت الفصل‬ ‫وعرض املؤلف أيضا جهود هوك وهايل‪.‬‬ ‫الثاين عرش (ختام نشوة العلم الكالسييك) ليعرض املؤلف‬ ‫يف الفصل السادس (اآلفاق تتسع) استكمل املؤلف جهود العامل ألفرد فيجرن حول حركة القارات وقصة عصور‬ ‫أعامل هايل‪ ،‬ثم التفت إىل علم األحياء ليعرض جهود كارل الجليد‪.‬‬ ‫لينايوس يف تصنيف وتسمية الكائنات الحية وجورج كوفيري الكتاب الخمس واألخري (العصور الحديثة) يبدأ بالفصل‬ ‫عن االنقراض وأعامل المارك عن التطور‪ ،‬وكذلك يف علم الثالث عرش (الفضاء الداخيل) ليغوص املؤلف يف عامل الذرة‬ ‫األرض يتحدث عن جهود كونت دي فون وجني فوريييه عارضا تطور نظرية الكم أو الكوانتم من اخرتاع االنبوب‬ ‫عن عمر األرض‪.‬‬ ‫املف َّرغ حتى بدايات نظرية االوتار‪ ،‬مارا عىل االكتشافات‬ ‫الكتاب الثالث (التنوير) ويشمل الفصل السابع (طفرة املثرية لجسيامت الذرة من النيرتون وااللكرتون والبوزيرتون‬ ‫الكيمياء) شارح املؤلف فيه جهود بريستيل وكافنديش وغريها‪.‬‬ ‫والفوازييه يف ترسيخ علم الكيمياء الحديث‪ ،‬وكذلك الفصل يف الفصل الرابع عرش (عامل الحياة) يعود املؤلف لتطورات‬ ‫الثامن (التقدم عىل جميع الجهات) عرض املؤلف دراسة علم األحياء من مندل عام ‪1865‬م وقوانينه املشهورة‬

‫“‬

‫‪20‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And Fict‬‬ ‫حتى مرشوع الجينيوم البرشي ‪2001‬م‪ ،‬مرورا بدراسات‬ ‫الكروموسومات عىل يد توماس مورجان عام ‪1915‬م‬ ‫وأعامل لينوس بولينج واكتشاف تركيب رشيط د ن ا عام‬ ‫‪1953‬م ‪.‬‬ ‫يف الفصل الخامس عرش واألخري (الفضاء الخارجي)‬ ‫عرض املؤلف الجهود التي بذلت يف علم الكونيات والفلك‬ ‫الحديث‪ -‬مجال تخصص املؤلف – حيث رشح النسبية‬ ‫العامة آلينشتاين وأعامل هابل يف اكتشاف تباعد املجرات‬ ‫وقضية توسع الكون ونظرية االنفجار العظيم‪..‬‬ ‫ويف الختام (متعة اكتشاف حقائق األشياء) يعرض املؤلف‬ ‫عدد من األمور حول تاريخ العلم بعد هذه الرحلة املضنية‬ ‫التي يقول أنها ‪ »:‬إنني ال أزعم أن الكتاب هو القول الفصل‬ ‫يف تاريخ العلم‪ ،‬إذ ال يوجد كتاب كهذا»‪.‬‬ ‫ويقول « عىل الرغم من أن عملية إنجاز العلم هي نشاط‬ ‫شخيص‪ ،‬فإن العلم ذاته يف جوهره إنجاز ال شخيص‪ .‬إنه‬ ‫يتضمن حقائق مطلقة وموضوعية»‪.‬‬ ‫ولعل أهم ما يؤكد عليه املؤلف يف ثنايا كتابه رفضه‬ ‫لنظرية توماس كون حول تفسري تطور العلم بالثورية ‪،‬‬ ‫هذا الرفض يقول به رصيحا يف الختام « والجدير بالذكر أن‬ ‫أهم رؤية أقمها هنا وآمل أن أكون قد عرضتها واضحة‪ ،‬هي‬ ‫رفيض فكرة توماس كون عن «الثورات» يف العلم‪ ،‬وعندي أن‬ ‫تطور املوضوع تراكمي يف جوهره‪ ،‬خطوة تتلوها خطوة»‪.‬‬ ‫يحدثنا توماس كون ‪ Thomas Kuhn‬فيلسوف العلوم يف‬ ‫كتابه «بنية الثورات العلمية» أن أي نظرية علمية تخضع‬ ‫لرباديم ‪ Paradigm‬وهو منوذج إرشادي تتحرك ضمنه‪ ،‬فإذا‬ ‫مل يصمد هذا الرباديم للنتائج الجديدة والظواهر الطارئة‬ ‫ننتقل إىل براديم جديد يستوعب هذا التغري وتسمى هذه‬ ‫النقلة ثورة علمية ‪. Scientific Revolutions‬‬

‫لكنني أحب أن أشري إىل تحيز املؤلف للعلامء الغرب؛ بدا‬ ‫هذا واضحا من اختياره لعام ‪1543‬م بداية انطالق العلم‬ ‫وكأنه طارحا جهود الحضارات الرشقية جانبا مركزا عىل‬ ‫أنجاز الغرب‪ ،‬وهل هناك علم رشقي وآخر غريب ؟‬ ‫العلم تراث اإلنسانية جمعاء‪ ،‬وكل حضارة شاركت بجزء‬ ‫يف هذا املعامر الشامخ‪..‬‬ ‫وصورة أخرى من تحيزه للغرب وعلامئه وهي عدم‬ ‫إشارته مطلقا للعامل العريب أحمد زويل يف كتابه رغم أن‬ ‫أعامل زويل هي تطوير مهم ألعامل لينوس بولينج لطبيعة‬ ‫الرتابط الكيميايئ‪ ،‬بل وقد شغل زويل كريس لينوس عام‬ ‫‪1993‬م !‬ ‫ومن قصور الكتاب أيضا أن املؤلف مل يتطرق لتطور‬ ‫دراسات الخاليا الجذعية وال تقنية االستنساخ رغم تطرقه‬ ‫ألغلب إنجازات علم األحياء‪.‬‬ ‫أقترص املؤلف عىل العلم الطبيعي فقط ؛ فهو مل يتناول إال‬ ‫علوم الفيزياء والفلك والكيمياء واألحياء واألرض والترشيح‪،‬‬ ‫وليته ضم الرياضيات مع هذه العلوم من باب أنها مرتكز‬ ‫لعلوم كثرية منها ‪..‬‬ ‫أخريا أقدم التحية للمرتجم القدير االستاذ ‪ /‬شوقي‬ ‫جالل عىل ترجمته الرائعة لهذا الكتاب‪ ،‬ومثلها املقدمة‬ ‫التي بدأ بها الكتاب ( تاريخية العلم ‪..‬املعنى والداللة)‪،‬‬ ‫ولعله أكرث الذين يعرفون رفض املؤلف لفكرة توماس كون‬ ‫عن «الثورات» يف العلم‪ ،‬فهو من ترجم كتاب كون «بنية‬ ‫الثورات العلمية» إىل اللغة العربية ضمن سلسلة عامل‬ ‫املعرفة – كام أشار هو يف سياق تقدميه‪..‬‬

‫عىل الهامش‪:‬‬ ‫لـ جون جريبني موقع عىل شبكة اإلنرتنت يحتوي عىل‬ ‫تعقيب‬ ‫كانت رحلة ممتعة رحل بنا املؤلف يف تاريخ العلم‪ ،‬ذلك آخر أخبار كتبه‪ ،‬وبعض من قصصة الخيال‪-‬علمية‪ ،‬عنوان‬ ‫التاريخ املجهول للكثري منا‪ ،‬لكنه املحيط الذي انبثقت منه املوقع‪:‬‬ ‫‪http://www.johngribbinbooks.com/‬‬ ‫درر العلم ملن نالها‪..‬‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫علم وخيال العدد الرابع والعرشون (يناير ‪)2016‬‬

‫‪21‬‬


‫“‬

‫نحن نحاول أن نُثبت أننا عىل خطأ بأرسع ما ميكننا‪،‬‬ ‫ألنه فقط بهذه الطريقة ميكن أن نُحقق تقدما‪.‬‬ ‫ريتشارد فاينمان‬

‫‪FB/groups/sience.and.fiction‬‬ ‫‪sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪Sciafimag@gmail.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.