علم وخيال العدد 27

Page 1


‫‪Science And‬‬ ‫املحتويات‬ ‫‪9‬‬

‫الحاسوب من العلم للخيال‬ ‫العلمي‬ ‫ظهر الحاسوب يف قصص الخيال العلمي‬ ‫بكثافة شديدة‪ ،‬نحاول من خالل هذا‬ ‫املقال إلقاء الضوء عىل ذلك الظهور‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫ومضات‪ ..‬الجزء الثاني‬ ‫نستكمل ومضات النور التي أتت بعض‬ ‫العلامء عىل شكل أفكار ثورية ساهموا‬ ‫بها يف تغيري وجهة نظرنا عن العامل‬ ‫حولنا‪.‬‬

‫عىل الغالف‬

‫‪4‬‬

‫أضفت عىل‬ ‫هناك الكثري من املفاهيم والتأثريات ْ‬ ‫“نظرية النسبية” بُع ًدا غرائب ًيا ملن يسمع عنها أ ّو َل مرة‪.‬‬ ‫خصوصا يف الوقت األخري‪ -‬أعداد من يريد أن‬‫ومن َْت‬ ‫ً‬ ‫يعرف أكرث عن النظرية بشقيها‪ ،‬لذلك حاولنا أن نُبني‬ ‫خريطة أو طريقة لدراسة منظمة للنظرية‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫مراجعة لكتاب مبدأ الريبة‪..‬‬ ‫أينشتاين‪ ،‬بور‪ ،‬هاينبرج (‪)1‬‬ ‫عرض لواحد من الكتب الشهرية ج ًدا‬ ‫والجميلة كذلك‪ ،‬وهو يتحدث عن‬ ‫الكوانتم وتأثرياتها الفلسفية‪ ،‬والتي‬ ‫سببت واحدة من أشهر الجداالت‬ ‫الفلسفية العلمية يف بدايات القرن‬ ‫العرشين‪.‬‬

‫الضوء‪ :‬أ ّول الرحالة واملؤرخني‬ ‫‪Credits: NASA‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫‪20‬‬

‫نحاول يف هذا املقال أن نرتصد تاريخ التفكري يف الضوء بني‬ ‫وصول إىل نظرية‬ ‫ً‬ ‫العلامء‪ ،‬مرورا بابن الهيثم وتأثريه الكبري‬ ‫النسبية‪ ،‬درة تاج أعامل ألربت أينشتاين‪.‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪1‬‬


‫‪23‬‬

‫‪6.02 x10‬‬

‫عدد أفوجادرو (نسبة للعامل اإليطايل أفوجادرو)‪ :‬هو عدد الجزيئات املوجودة يف واحد مول من‬ ‫املادة‪ .‬لتتخيل ضخامة الرقم‪ ،‬ميكنك أن تحوله لعدد من البنسات وتوزعه عىل سكان العامل‪ ،‬ليصبح‬ ‫كل واحد عىل سطح الكرة األرضية مليونري‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫يارس أبوالحسب‬ ‫شارك يف التدقيق اللغوي‬ ‫عمر رشيف‬

‫الجروب الرسمي للمجلة‬ ‫‪FB/groups/sience.and.‬‬ ‫‪fiction‬‬ ‫املوقع الرسمي للمجلة‬ ‫‪sciandfimag.wordpress.‬‬ ‫‪com‬‬ ‫للمراسالت‬ ‫‪Sciafimag@gmail.com‬‬ ‫لتقييم األعداد ولالقرتاحات‬ ‫‪http://bit.ly/S_F_Raing‬‬

‫مازالت رحلة الخيال العلمي والعلوم‬ ‫مستمرة يف العدد الذي يحمل رقم ‪،27‬‬ ‫وحاولنا كام نفعل دامئًا‪ ،‬أن يكون متنو ًعا‬ ‫وجذابًا يف محتواه‪.‬‬ ‫عىل خالف أغلب األعداد السابقة‬ ‫بدأتُ ‪-‬يارس أبوالحسب‪ -‬العدد مبقال عن‬ ‫نظرية النسبية الخاصة‪ ،‬النظرية العجيبة‬ ‫التي ألهمت الكثري الروايات الخيال‬ ‫علمية‪ ،‬ودليل بسيط ملحاولة لفهم أكرث‬ ‫ُعمقًا لها‪.‬‬ ‫نعود بعده للخيال العلمي‪ ،‬شغلنا‬ ‫الشاغل وحبيبنا املخلص‪ ،‬يف مقال عن‬ ‫الحاسوب ووجوده وتطوره يف قصص‬ ‫الخيال العلمي‪ ،‬بواسطة د‪ .‬سائر بصمة‬ ‫جي‪.‬‬ ‫ويستكمل م‪ .‬عبدالحفيظ ال َع ْمري‬ ‫ومضاته التي بدأها العدد السابق‪،‬‬ ‫ويستعرض ومضات جديدة لعلامء جدد‬ ‫كانت سب ًبا يف تغيري نظرتنا للعامل من‬ ‫حولنا‪.‬‬ ‫ويعود بعد ذلك أ‪ .‬جوان حسني‪ ،‬بعد‬ ‫غياب عن الكتابة يف علم وخيال‪ ،‬مبقال‬ ‫جميل ج ًدا عن الضوء‪ ،‬ذلك الرحالة الذي‬ ‫ال يكل‪ ،‬ورحلة جديدة من رحالته يف عامل‬ ‫الضوء وتاريخه‪.‬‬ ‫ثم يُنهي أ‪ .‬زكريا عبداملطلب العدد كام‬

‫العادة مبراجعة لكتاب جميل ج ًدا وعرض‬ ‫لواحد من الكتب الشهرية والذي يتحدث‬ ‫عن الكوانتم وتأثرياتها الفلسفية‪ ،‬والتي‬ ‫سببت واحدة من أشهر الجداالت الفلسفية‬ ‫العلمية يف بدايات القرن العرشين‪ .‬وننوه‬ ‫أن هذا هو الجزء األ ّول من املراجعة‪،‬‬ ‫ويأتيكم الجزء الثاين يف العدد القادم‪.‬‬ ‫أخ ًريا أحب أن أوضح نقطة أثارت بعض‬ ‫التساؤل لدى ق ّراء علم وخيال‪ ،‬وهي أن‬ ‫هناك الكثري من املقاالت التي تُعرض عىل‬ ‫عددين يف جزأين‪ .‬إذا ملاذا نفعل ذلك؟‬ ‫اإلجابة هي أن أجيال اإلنرتنت أصبحت‬ ‫ال تهوى التطويل يف املقاالت‪ .‬وعن تجربة‪،‬‬ ‫لو دخل أحدهم عىل مقال ووجده عرشة‬ ‫صفحات سيهمل قراءته متا ًما‪ ،‬لهذا كان‬ ‫موضوع التقسيم هذا‪ ،‬إضافة ملزيد من‬ ‫التنويع داخل العدد الواحد‪ ،‬ما يسهم يف‬ ‫أن يقرأ القاريء أكرب كم ممكن من العدد‪.‬‬ ‫إذا‪ ،‬تخيلوا‪ .‬وليكن خيالكم رشيقا مهذبا‬ ‫كام هو حال “الخيال العلمي”‪ .‬واتخذوا‬ ‫العلم طريقة للتفكري يف حيواتكم‪،‬‬ ‫وانتظروا الفارق‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬


S ciAFiMa g@ gm a i l .c o m


‫دليلك لفهم‬

‫ّ‬ ‫نظرية النسبيةالخاصة‬

‫“‬

‫لقد أثبت أينشتاين يف نظرية النسبية الخاصة‪ ...‬أن مشا ِه َدين مختلفني‪،‬‬ ‫يف حالتي حرك ٍة مختلفتني‪ ،‬يشهدان حقائق مختلفة‪.‬‬

‫ليونارد سسكيند‬

‫ياسر أبوالحسب‬

‫كاتب خيال علمي ورئيس تحرير مجلة علم وخيال‬

‫‪Yasser.abuelhassab@gmail.com‬‬


‫ال ميكن أن نزعم أن نظرية النسبية بشقيها الخاصة‬ ‫تغيا جذريًا يف‬ ‫والعامة أللربت أينشتاين مل تسبب ُّ ً‬ ‫فهمنا لكثري من املفاهيم التي اعتاد عليها البرش عىل‬ ‫طول تاريخهم‪ ،‬فالوقت‪ ،‬واألطوال‪ ،‬والكتل أصبحوا‬ ‫نسبيني غري مطلقني‪ ،‬تعتمد قيمهم عىل الراصد‬ ‫الذي يرصدهم من إطاره املرجعي‪ ،‬والجاذبية (التي‬ ‫اشتملت عليها نظرية النسبية العامة) أصبحت تؤثر‬ ‫يف الوقت فتطيله وتقرصه‪.‬‬ ‫أضفت عىل “نظرية‬ ‫كل تلك املفاهيم والتأثريات ْ‬ ‫النسبية” بُع ًدا غرائب ًيا ملن يسمع عنها أ ّو َل مرة‪ .‬ومن َْت‬ ‫خصوصا يف الوقت األخري‪ -‬أعداد من يريد أن يعرف‬‫ً‬ ‫متخصصا‬ ‫أكرث عن النظرية بشقيها‪ ،‬حتى لو مل يكن‬ ‫ً‬ ‫يف دراسة الفيزياء؛ لذلك فقد حاولت بكتابة هذا‬ ‫املقال أن أبني تجربتي الشخصية يف تعلم نظرية‬ ‫النسبية الخاصة ذات ًيا‪ ،‬ولن تحتاج يف تلك الخطوات‬ ‫سوى عقل شغوف واتصال إنرتنت وورقة وقلم وآلة‬ ‫حاسبة‪.‬‬ ‫اعيت يف كتابة املقال أن يكون الدارس ال يعرف‬ ‫وقد ر ُ‬ ‫أي يشء عن النظرية؛ فالبداية ستكون من الصفر‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للجدول الزمني‪ ،‬فهو يعتمد عىل الشخص‬ ‫نفسه‪ ،‬وبالتأكيد سيختلف من شخص آلخر‪ ،‬وإن‬ ‫كنت أرى أن ثالثة أشهر إىل أربعة ستكون مدة‬ ‫جيدة إلكامل الخطوات‪ .‬وتذكر أنك ال تلتزم بأي مدة‬ ‫أو كم معني‪ ،‬فمتعة التعلم الذايت تكمن يف أننا نفعله‬ ‫بحريتنا‪ ،‬بدون ضغط أو محددات‪.‬‬ ‫ملحوظة أخرية قبل أن نبدأ‪ ،‬وهي أن ما سأذكره من‬ ‫عنارص (كتب أو كورسات) ميكن استبداله مبا يشابهها‬ ‫يف املحتوى‪ ،‬وسأحاول أن أوضح أكرث من بديل يف كل‬ ‫مرحلة ليكون األمر أسهل‪.‬‬ ‫إذًا‪ ،‬فلنبدأ‪..‬‬

‫لنلق نظرة عامة‬ ‫الخطوة األوىل‪ِ :‬‬

‫ومبا أن دليلنا هذا يصلح ملن ال يعرف عن النسبية‬ ‫سوى اسمها‪ ،‬وسوى أنها يشء غريب مريب؛ فال بد‬ ‫من اإلحاطة ولو بشكل سطحي غري ريايض باملبادئ‬ ‫العامة للنظرية‪ .‬وليك تفعل ذلك؛ فهناك كتابان‬ ‫اعيت‬ ‫أنصح بهام‪ ،‬سيقومان باملهمة عىل وجه رائع‪ ،‬ر ُ‬ ‫يف اختيارهام السهولة والسالسة يف عرض املحتوى‪،‬‬ ‫إضافة إىل سهولة التوافر‪.‬‬ ‫الكتاب األول‪ :‬النسبية‪ ..‬مقدمة قصرية جدً ا‪ ،‬راسل‬ ‫ستاندارد‬ ‫الكتاب متوفر مجانًا من مؤسسة هنداوي‪ ،‬ضمن‬ ‫سلسلة مقدمة قصرية ج ًدا‪ ،‬من هذا الرابط‪:‬‬ ‫‪http://www.hindawi.org/books/74950625‬‬ ‫والكتاب عبارة عن فصلني‪ ،‬أحدهام عن النسبية‬ ‫الخاصة‪ ،‬واآلخر عن النسبية العامة‪ .‬وما يهمنا هنا‬ ‫جزء النسبية الخاصة‪ .‬وهو كتاب صغري ج ًدا (‪100‬‬ ‫صفحة)‪ ،‬إضافة لوجود عدد كبري من الكتب يف نهاية‬ ‫الكتاب ينصح بها الكاتب لالستزادة‪ ،‬وأغلبها كام‬ ‫رأيت كتب مبسطة ليست أكادميية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وبرصاحة‪ ،‬مل أر كتابًا يبدأ مع القارئ من أبسط‬ ‫البديهيات لينطلق به إىل رحابة النظرية أكرث من‬ ‫هذا الكتاب الرائع‪ .‬بداية من املبادئ التي اعتدنا‬ ‫عليها يف حياتنا‪ ،‬مرو ًرا برسعة الضوء وعالقته باملبادئ‬ ‫وصول إىل النتائج‬ ‫ً‬ ‫التي قامت عليها نظرية النسبية‪،‬‬ ‫الغريبة للنظرية مثل متدد الزمن وغريها‪ .‬والكتاب‬ ‫لألمانة به بعض الرياضيات‪ ،‬ولكنها قليلة ج ًدا‬ ‫و ال تتجاوز بحال من األحوال رياضيات املرحلة‬ ‫اإلعدادية‪.‬‬


‫‪d Fiction‬‬

‫للرتجمة يف أكرث من طبعة آخرها من حوايل ثالثة شهور من‬ ‫تاريخ كتابة هذا املقال‪.‬‬

‫الكتب الثالثة السابقة تحدثت عن نظرية النسبية الخاصة‬ ‫كنت أفضل أن يكون‬ ‫والعامة‪ ،‬ما يهمنا هو‬ ‫الخاصة‪ ،‬وإن ُ‬ ‫ّ‬ ‫عندك فكرة عن نظرية النسبية العامة حتى تستطيع أن‬ ‫أيضا ملاذا ال‬ ‫تلم بسبب وجودها من األساس‪ ،‬ولتعرف ً‬ ‫تصلح نظرية النسبية الخاصة يف بعض الحاالت‪.‬‬

‫“النسبية‪ ..‬مقدمة قصرية ج ًّدا”‪ ،‬راسل ستاندارد‬ ‫الكتاب الثاين‪ :‬أينشتاين والنسبية‪ ،‬د‪ .‬مصطفى محمود‬ ‫كتاب شهري ج ًدا للدكتور مصطفى محمود الكاتب املرصي‬ ‫املعروف‪ ،‬يتناول املباديء األساسية للنظرية ولكن بطريقة‬ ‫فلسفية كام يغلب علىى كتابات دكتور مصطفى محمود‪،‬‬ ‫وهذا ال مينع من أن الكتاب يصلح كخطوة أوىل نحو فهم‬ ‫النظرية‪ .‬والكتاب طُبع أكرث من طبعة عىل مدار عرشات‬ ‫السنوات‪ ،‬وستجده بسهولة عىل شبكة اإلنرتنت‪.‬‬

‫نسخة بنجوين لكتاب النسبية‪ ..‬النظرية الخاصة‬ ‫والعامة أللربت أينشتاين‬

‫يتميز الكتاب األول (النسبية‪ ..‬مقدمة قصرية ج ًدا) عن هذا‬ ‫الكتاب برتكيزه عىل املفاهيم العلمية دون التطرق ملفاهيم املدة املتوقعة للخطوة األوىل‪ :‬أسبوع واحد لو قرأت كتابني‬ ‫من ثالثة‪ ،‬وأسبوعان عىل األكرث لو قرأت الثالثة كتب‪،‬‬ ‫فلسفية إال بشكل عابر ج ًدا‪.‬‬ ‫تختلف من شخص آلخر‪.‬‬ ‫رمبا نستطيع أن نرشح كتابًا ثالثًا‪ ،‬وهو كتاب ألربت أينشتاين‬ ‫نفسه ( النسبية‪ ..‬النظرية الخاصة والعامة)‪ ،‬ولكن الكتاب‬ ‫به جرعة أكرب من الرياضيات‪ ،‬وإن كانت امليزة األكرب كام الخطوة الثانية‪ :‬نحو عمق ريايض‬ ‫ترى هي أن الكتاب من كتابة مبدع النظرية ذاته‪ .‬وإن كنت بعد الخطوة األوىل رصنا نعرف املبادئ العامة للنظرية‪،‬‬ ‫أمتنى ممن يقرأ هذا الكتاب أن يقرأه باللغة اإلنجليزية؛ لكن مل نعرف الكثري عن الرياضيات التي هي أساس كل‬ ‫حتى يعتاد املفاهيم اإلنجليزية‪ ،‬والتي سيحتاجها الحقًا النظريات الفيزيائية‪ .‬وقبل الدخول يف تفاصيل الخطوة‬ ‫يف قراءة املقاالت واملراجع اإلنجليزية يف املستوى املتقدم‬ ‫أحب أن أنوه عىل أن الرياضيات تُسهم يف صقل التصورات‬ ‫ّ‬ ‫من الخطوات التالية‪ .‬أما النسخة العربية فأصدرتها الهيئة واإلحساس أكرث بنتائج النظرية‪ ،‬إضافة أنها بعد كل يشء‬ ‫أي من النتائج تطبيقًا عمل ًيا‪ ،‬وهذا‬ ‫املرصية العا ّمة للكتاب عام ‪ ،1999‬وأصدرها املركز القومي الزمة ملحاولة تطبيق ٍّ‬

‫‪6‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And‬‬

‫يشمل كل النظريات الفيزيائية‪ .‬فكتب تبسيط العلوم وإن وميكنك التسجيل يف هذا الكورس من هنا‪:‬‬ ‫كانت جيدة إال أنها ت ُعطى نظرة عا ّمة ج ًّدا ّ‬ ‫عم تتحدث ‪http://www.worldscienceu.com/courses/univer-‬‬ ‫عنه من نظريات‪ ،‬وال تصلح ملن يريد أن يفهم النظريات‬ ‫‪sity/special-relativity‬‬ ‫فهام حقيقيًا‪.‬‬

‫وأفضل طريقة ألن تفعل ذلك‪ ،‬هي الكورسات األونالين‪،‬‬ ‫طب ًعا‪ ،‬عامل الكورسات األونالين أصبح زاخ ًرا مبا لذ وطاب‬ ‫واخرتت لك لكم واح ًدا من أفضل تلك الكورسات‪ ،‬وهو‬ ‫من الكورسات حول النسبية وغريها من موضوعات الفيزياء‬ ‫كورس‪:‬‬ ‫املختلفة‪ ،‬رمبا تستطيع أن تُفاضل بينها لتختار األنسب لك‪،‬‬ ‫‪ Special Relativity, a math based introduction,‬وإن كان هذا الكورس هو أفضل اختيارايت‪.‬‬ ‫‪Brain Green‬‬ ‫كورسا‬ ‫املدة املتوقعة للخطوة الثانية‪ :‬شهران‪ ،‬إال لو اخرتت ً‬ ‫النسبية الخاصة‪ ،‬مقدمة رياضية‪ ،‬براين جرين‬ ‫آخر محدو ًدا بوقت معني أقل أو أكرث من الشهرين‪.‬‬ ‫أعتقد أ ّن براين جرين يعد واح ًدا من أفضل شارحي الفيزياء‬ ‫مؤخ ًرا‪ .‬وذلك لقدرته الكبرية عىل التبسيط‪ ،‬وهذا الكورس‬ ‫الخطوة الثالثة‪ :‬املراجع‬ ‫يعد فرصة ذهبية ملن يريد أن يتعلم مقدمة رياضية‬ ‫عن النظرية‪ .‬ويحتوي عىل مئات املسائل املحلولة وغري يف هذه الخطوة بالذات‪ ،‬تحديد مراجع معينة سيكون‬ ‫املحلولة‪ ،‬ويتطلب درجة معينة حتى تستطيع الحصول ُمجحفًا إىل حد كبري؛ ألن تنوع املراجع املوجودة يف النسبية‬ ‫بفرعيها ال يسعه مقال‪ ،‬وال ميكن أن أحدد بنا ًء عىل تجربتي‬ ‫عىل شهادة إمتام الكورس‪.‬‬ ‫الصغرية أيها أصلح‪ ،‬وإن كنت سأذكر املرجع الذي ذاكرت‬ ‫إضافة إىل براعة الربوفسيور جرين يف الرشح‪ ،‬واستخدام‬ ‫منه وهو‪:‬‬ ‫الوسائل التفاعلية‪ ،‬واملسائل‪ ،‬فإن هذا الكورس يتميز بأنّه‬ ‫‪Modern physics.. third Edition‬‬ ‫غري محدد بوقت معني‪ .‬تستطيع أن تستمع للمحارضات‬ ‫يف أي وقت‪ ،‬وتحل الواجبات يف أي وقت‪ ،‬فال موعد محدد‬ ‫‪Serway, Moses, Moyer‬‬ ‫لبدايته‪ ،‬وال موعد محدد لنهايته‪ .‬فقط استمع ودون‬ ‫املالحظات وحل املسائل واستمتع‪.‬‬ ‫ما يهمنا هنا الفصل األول والثاين الخاصني بالنسبية الخاصة‬ ‫ما عدا الجزء األخري من الفصل الثاين وهو الخاص بالنسبية‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫الكتاب سلس ج ًدا يف الرشح‪ ،‬وبه رسومات توضيحية جيدة‪،‬‬ ‫وبه أمثلة محلولة‪ ،‬والكثري من املسائل غري املحلولة‪.‬‬ ‫ميكن أن تُذاكر من املرجع يف نفس الوقت الذي تذاكر‬ ‫فيه الكورسات‪ ،‬يف الخطوة الثانية‪ ،‬لكنني مل أفعل ذلك أل ّن‬ ‫ترتيب النقاط اختلف وقد يسبب يل هذا تشوشً ا‪.‬‬ ‫براين جرين‪ ،‬وروعة الرشح‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫املدة املتوقعة للخطوة الثالثة‪ :‬شهر‪..‬‬ ‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪7‬‬


‫‪d Fiction‬‬

‫ما الذي تنتظره إذًا؟ أين كشكولك اللطيف‪ ،‬وآالتك الحاسبة‬ ‫الجميلة‪ ،‬وقلمك الرشيق؟‬ ‫فلتبدأ اآلن‪ ..‬من قد يرتك متعة مثل هذه تفوته؟‬

‫ملحوظات رسيعة‪:‬‬ ‫‪ .1‬ميكن أن تضيف يف الخطوة األوىل كورس يقدمه براين‬ ‫جرين يف ذات املوضوع ولكنه ال يحتوى عىل رياضيات‪.‬‬ ‫ستحصل منه فقط عىل معلومات عامة عن النظرية‪ .‬عىل‬ ‫نفس املوقع‪ ،‬ميكنك التسجيل من هنا‪:‬‬ ‫رشح سلس ورسومات توضيحية يف املرجع الجميل‬

‫‪http://www.worldscienceu.com/courses/univer‬‬‫‪sity/space-time-and-einstein‬‬

‫‪ .2‬بكل تأكيد لو أردت أن تحرتف النظرية‪ ،‬فهناك قراءة‬ ‫هذه الخطوات الثالثة السابقة كفيلة بأن ت ُعطيك نظرة األبحاث الحديثة واألوراق العلمية ملواكبة التطورات حولها‪.‬‬ ‫رياضية ونظرية عىل “النسبية الخاصة” تلك النظرية التي ثم بعد ذلك تستطيع أن تدخل مجال البحث‪ ..‬نعم‪ ،‬يكون‬ ‫أعادت تشكيل عدة مفاهيم‪ ،‬وساهمت يف دفع الفيزياء لك أوراقك العلمية وأفكارك حول النظرية‪.‬‬ ‫خطوات كبرية نحو املستقبل‪.‬‬

‫سديم ‪،LDN‬‬ ‫عىل بعد ‪ 1000‬سنة ضوئية‬ ‫‪Courtsy: @NASA‬‬

‫‪8‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫الحاسوب‬ ‫من العلم إلى الخيال العلمي‬ ‫مل يعد بإمكان أي شخص متمدن اليوم أن‬ ‫يستغني عن الحاسوب‪ ،‬فقد بات جزءاً ال يتجزأ‬ ‫من حياتنا‪ ،‬كام أنه حقق نجاحات فاقت خيال‬ ‫مخرتعيه األوائل‪ .‬وكثرية هي االخرتاعات التي‬ ‫كان للخيال العلمي فيها الفضل‪ ،‬لكن األمر كان‬ ‫مختلفاً يف حالة الحاسوب‪ ،‬فقد تم اخرتاعه ثم‬ ‫انطلق به الخيال مجنحاً نحو آفاق املستقبل‪.‬‬ ‫الحاسوب آلة تقوم بأداء العمليات الحسابية‬ ‫استجابة لربنامج مصمم لهدف محدد‪ .‬وقد‬ ‫تضمنت املحاوالت األوىل لبناء هذه اآللة أجهزة‬ ‫كانت نظم برمجتها ترتكز إىل البطاقات املثقبة‬ ‫التي تحدد األشكال يف األنوال املدارة بقدرة آلية‪.‬‬ ‫اخرتع تشارلز باباج بعض األجهزة البسيطة‬ ‫من هذا النوع لكن محاولته ‪ -‬لتطوير أداة‬ ‫ميكانيكية تحليلية يف ثالثينات القرن التاسع‬ ‫عرش كانت فعالة برفقة إدا لوفيالس ابنة اللورد‬ ‫بايرون‪ -‬أحبطت لعدم مالمئة اآلالت امليكانيكية‬ ‫املعارصة‪.‬‬

‫كثرياً ما عملت اآلالت الحاسبة امليكانيكية‬ ‫تحت وطأة النظام العرشي‪ ،‬ويف ثالثينات القرن‬ ‫العرشين فإن فكرة تطوير حاسبات متثل فيها‬ ‫األرقام الثنائية مبفاتيح كهربائية (تشغيل‪/‬‬ ‫إطفاء) مهدت الطريق لجيل جديد من اآلالت‬ ‫باستعامل متابعات ميكانيكية كهربائية‪.‬‬ ‫ومع أن قلة من األدمغة امليكانيكية املوصوفة‬ ‫عىل نحو غري واضح والتي تهب اإلنسان اآليل‬ ‫ذكاء صنعي‪ ،‬قد صورت يف خيال القرن التاسع‬ ‫عرش مل توصف اآلالت والعمليات الرياضياتية‬ ‫التي تحمل أي شبه لنظام الحوسبة الحديث‬ ‫حتى األيام املبكرة من الخيال العلمي ذي‬ ‫املوضوعات املثرية‪.‬‬

‫د‪ .‬سائر بصمة جي‬

‫باحث علمي سوري‪ ،‬له العديد من الكتابات‬ ‫واألبحاث حول العلوم والخيال العلمي‪ ،‬ومخترع‪.‬‬

‫‪Saerbasmaji@gmail.com‬‬


‫‪Science And‬‬ ‫وقد تضمنت األمثلة األبكر روايات مثل (العبث)‬ ‫عام ‪ 1929‬لــ إس‪ .‬ميك‪ ،‬وهي رواية مبكرة عن التحليل‬ ‫التنبؤي والجهاز االبتكاري رياضياتياً الذي صور يف (عندما‬ ‫أخفقت الذرات) عام ‪ 1930‬لجون كامبيل‪.‬أما (الحكومة‬ ‫امليكانيكية) عام ‪ 1932‬مليلز بريفر فقد تطلعت إىل اليوم‬ ‫الذي يقوم فيها الدماغ امليكانييك بحيث يؤمتن عىل مهمة‬ ‫حكم العامل‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1936‬تخيل ألن تورينغ (آلة تورينغ) وهي منشأ‬ ‫افرتايض محدد رياضياتياً قام باخرتاعه إليضاح نظرية‬ ‫الحساب امليكانييك ووضع األسس املنهجية للعمل الذي‬ ‫نفذ يف ميدان بلتشييل خالل الحرب العاملية الثانية‪ ،‬والذي‬ ‫تضمن إنشاء حاسوب بدايئ هو كولوسوس املخصص ملهمة‬ ‫حل رموز شفرة (اللغز) املستعملة من قبل األملان‪.‬‬ ‫أسطول وجيش الواليات املتحدة أقاما مرشوعات‬ ‫مامثلة خاصة بهام‪ ،‬وقد كان أول حاسوب إلكرتوين تم‬ ‫كشف النقاب عنه للشعب يف عام ‪ 1945‬واسم إينياك‪ ،‬إذ‬ ‫شيد للجيش يف مدرسة مور للهندسة الكهربائية يف جامعة‬ ‫بنسلفانيا‪ .‬وقد بني جون فون نيومان كيف أن تصميم‬ ‫إينياك ميكنه من استعامله للربامج املخزنة إلكرتونياً‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي شيدت فيه آلة إدفاك يف مور عام‬ ‫‪ ،1949‬فإن واحدة مامثلة كانت تشيد يف بريطانيا‪.‬‬ ‫العب آخر دخل بشكل مبكر إىل السوق التجاري وهو‬ ‫(بوروس أطلس) هذه الحاسبات الكبرية املبكرة مألت‬ ‫غرفة ضخمة واحتاجت لصيانة متواصلة لتقاوم مشكلة‬ ‫الصاممات املفرغة الحامية أكرث مام ينبغي‪ .‬وقد كانت‬ ‫املعلومات تخزن وتزود من بطاقات مثقبة‪ ،‬مع أنها كانت‬ ‫تستبدل تدريجياً بأجهزة رشيط مغناطييس التي استبدلت‬ ‫بعدئذ تباعاً بسواقات القرص الصلب التي سوقت بشكل‬ ‫ابتدايئ من قبل رشكة ‪ IBM‬عام ‪.1957‬‬ ‫لقد أيقظت والدة إينياك كُتـ َّــاب الخيال العلمي عىل‬ ‫نحو مفاجئ إىل إمكانية الحاسبات‪ ،‬وقد كانت صورة‬ ‫الضخم ونسيالته هي التي سيطرت عىل مفهومهم بشأن‬ ‫كيف كانت الحاسبات وماذا ميكن أن تصبح‪.‬‬ ‫أما الروايات عن الثورة البرشية ضد ذكاء اآللة فقد‬

‫كانت سابقاً يشء مألوفاً وإن حلول الحاسبات الفعلية‬ ‫فقد اعتربت بشكل واسع كمصادقة عىل هذه املخاوف‪.‬‬ ‫إسحق أسيموف الذي كان سابقاً منهمكاً يف مقاومة عقدة‬ ‫فرانكتشتاين (وهو بطل رواية شهرية يلم به الخراب عىل‬ ‫يد مارد صنعه هو بنفسه) كان واحدا ً من قلة استطلعوا‬ ‫ذاك التيار الصاعد من القلق يف القصص مثل (الرصاع‬ ‫املمكن اجتنابه) عام ‪ .1950‬أما يف (الجواب) املوجز عام‬ ‫‪ 1954‬لفريدريك براون؛ وفيه فإن حاسوباً جديدا ً يطرح‬ ‫عليه سؤال‪ :‬ما إذا كان يوجد رب؟ فيجيب‪ :‬نعم اآلن‬ ‫يوجد رب‪.‬‬ ‫إ ّن الدفاع الذي أع ّد ضد جنون االضطهاد الرائج بوساطة‬ ‫قطع أدبية منشورة عىل سبيل الدعاية مثل (سيكونوا يف‬ ‫الواقع منصفني) عام ‪( 1957‬يعرف أيضاً باسم آلة إىل األبد)‬ ‫بقلم فرانك راييل ومارك كليفتون الذي أظهر يأسهام يف‬ ‫إرسافهام الجديل‪ .‬لقد قرصت صور االضطهاد الحاسويب‬ ‫املحتمل نادرا ً نفسها عىل اسرتاتيجيات تقدير استقرايئ‬ ‫معتدلة يف (الحرف ‪ Z‬والغشاء) عام ‪ ،1951‬وفيها فإن‬ ‫عامل حاسوب وإبداعه يقعان يف أيدي السوفييت‪ .‬و(سام‬ ‫هول) عام ‪1953‬‬ ‫لباول أندرسون‪ ،‬أما الروايات عن الثورة‬ ‫التي اقرتحت طرائق البرشية ضد ذكاء اآللة‬ ‫ميكن أن تخدم فقد كانت سابقاً يشء‬ ‫األغراض السياسية مألوفاً وإن حلول الحاسبات‬ ‫لالستبداد البرشي‪ ،‬الفعلية فقد اعتربت بشكل‬ ‫وقد تقدمت إىل واسع كمصادقة عىل هذه‬ ‫درجات قصوى من املخاوف‪ .‬إسحق أسيموف‬ ‫الهيمنة السياسية كان واحداً من قلة استطلعوا‬ ‫االستبدادية‪.‬‬ ‫ذاك التيار الصاعد من القلق‬ ‫انتقل يف القصص‪.‬‬ ‫ثم‬ ‫أندرسون برسعة‬ ‫ليتصور مجتمعاً مستقبلياً يحكمه مبارشة (تيكرون)‬ ‫عمالق يف (الهدف طويل الطريق) عام ‪ ،1955‬وقد أظهرت‬ ‫األوجه املخفية لتلك اإلمكانية عىل نحو غزير يف خياالت‬ ‫جامحة إخطارية (أي تثري املخاوف وتنبه إىل الخطر من‬ ‫غري داع) منوعة مثل‪:‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫‪10‬‬

‫“‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬


‫(الغد أحياناً يأيت) عام ‪ 1951‬لفرانسيس راير‪ ،‬و(املغامرة‬ ‫‪ )2115‬عام ‪ 1954‬يعرف أيضاً (مبلك ميكانييك) لــ‬ ‫إي‪.‬توب‪ ،‬و(املرتاب توماس) عام ‪ 1956‬لوينستون بربرن‪،‬‬ ‫و(مطرقة فولكانو) عام ‪ 1956‬لفليب ديك‪ ،‬و(أكرب من‬ ‫الحياة) عام ‪ 1960‬لدينو بوزايت‪ ،‬و(رائد الفضاء اذهب‬ ‫إىل الوطن) عام ‪ 1962‬مليلتون ليسيه‪ ،‬و(ماتريكس) عام‬ ‫‪.1970‬‬ ‫يف استجابة لهذا السيل من القلق فإن جواب أسيموف‬ ‫األكرث شهرة يف (السؤال األخري) عام ‪ 1956‬مل يكن لينكر‬ ‫إمكانية الحاسوب ألن يصبح سيدا ً‪ ،‬وال يجد مانعاً أن يصري‬ ‫طاملا أنه سيكون سيدا ً صالحاً‪ ،‬لكن هذا الجواب مل يهدئ‬ ‫من روعة القلق الكبري‪.‬‬ ‫قصص مثل (عربة السعادة) عام ‪ 1958‬آلرثر هاديل‪،‬‬ ‫وفيها حاسوب يعمل لصالح رئاسة أمريكا‪ ،‬و(حكاية‬ ‫الحاسوب الضخم) عام ‪ 1966‬ألولوف جوهانسون‪ ،‬الذي‬ ‫ُح ِّدث عن مناقشة لـــ (كتاب اآلالت) لصموئيل بتلر‪،‬‬ ‫كلها جسدت اإلحساس نفسه بالتهديد يف أطرافها القامتة‬ ‫الدقيقة‪.‬‬ ‫إن منوذج تطور الحاسوب املستقبيل الذي تخيله‬ ‫الخيال العلمي يف خمسينات وستينات القرن العرشين‬ ‫كان غري متأثر نسبياً باستبدال الصاممات اإللكرتونية‬ ‫بالرتانزستورات‪ ،‬لكن دمر عىل نحو مفاجئ بالتطور الجديد‬ ‫الحاسم الذي أجاز ألعداد ضخمة من الرتانزستورات أن‬ ‫تطبع يف طبقات من رقاقة السيليكون وتصبح املعالج‬ ‫املكروي الذي طرح يف السوق باسم إنتل ‪ 4004‬عام ‪.1971‬‬ ‫الحاسبات املحمولة عىل منت سلسلة رحالت أبولو‬ ‫القمرية‪ ،‬استعملت يف الهبوط عىل القمر عام ‪ ،1969‬وقد‬ ‫صنعت من أجزاء مركزية من الحديد‪ -‬نيكل ومنسوجة‬ ‫عىل نحو متصل بأسالك مغطاة بالبالستيك‪ ،‬حيث بدت‬ ‫فجأة غري بارعة أبدا ً‪.‬‬ ‫عندما حلت الرقاقات ‪ 8080‬و‪ 8008‬عام ‪ 1974‬محل‬ ‫الرقاقة ‪ ،4004‬أصبح واضحاً أن حاسبات املستقبل سوف‬ ‫تصبح أصغر مفضلة ذلك عىل أن تصبح أضخم‪ ،‬وأن‬ ‫القدرة الحسابية ألطلس سوف تصبح رسيعاً متاحة عىل‬

‫‪11‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪d Fiction‬‬

‫الحاسبات املكتبية وكل أنواع اآلالت ستوظف قريباً مع‬ ‫الحاسبات اإلدارية ذات التعقيد املتفاوت‪.‬‬ ‫لقد سوقت الحاسبات الشخصية بشكل ابتدايئ كأطقم‬ ‫تجمع ذايت مثل ‪ Altai 8800‬الذي طرح عام ‪،1975‬‬ ‫لكن تطوير نظام التشغيل ‪ CP/M‬وطرح رشكة أبل‪II‬‬ ‫بشا بعهد جديد ثبت عندما طرحت ‪IBM‬‬ ‫عام ‪1977‬؛ َّ‬ ‫حاسوبها الشخيص األول ومستعملة نظام التشغيل ‪MS/‬‬ ‫‪ DOS‬مليكروسوفت عام ‪ .1981‬ثم لحقتها أبل بنظام‬ ‫مكنتوش عام ‪ 1984‬املزود بواجهة رسومية للمستخدم‪.‬‬ ‫وقد لوحظ رسيعاً أن قصة الخيال العلمي الوحيدة يف‬ ‫أربعينات القرن العرشين التي تخيلت أي يشء من بعد‬ ‫يشبه الحاسوب الشخيص كانت (منطق يدعى جوي) عام‬ ‫‪ 1946‬لويل جينكس‪ .‬قلة من هذه اآلالت أبرزت جنباً إىل‬ ‫جنب مع عاملقة خمسينات القرن العرشين‪ ،‬إن (يوماً‬ ‫ما) عام ‪ 1956‬إلسحق أسيموف تخيلت حاسوباً مكتبياً‬ ‫استعمل إلنتاج قصص لألطفال‪ ،‬يف حني أن (اللهو الذي‬ ‫قاموا به) عام ‪ 1957‬استعمل أداة مامثلة يف التثقيف‬ ‫الرسمي‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬بإمكان املرء أن يجد تخيالت طموحة‬ ‫أكرث يف األجزاء اإلعالنية للمجالت املعارصة‪ ،‬فقد نرشت‬ ‫مجلة (املجرة) عام ‪ 1956‬إعالنات ملجموعة تركيب (دماغ‬ ‫كهربايئ) والذي عىل نحو مزعوم ألف املوسيقى وحسب‬ ‫ولعب األلعاب‪.‬‬ ‫ومع أن كتاب خيال علمي أكرث استثمروا يف املنتج؛‬ ‫فإن عددا ً أقل رمبا دهشوا متاماً بالتقدمات الرسيعة يف‬ ‫بواكر سبعينات القرن العرشين‪ ،‬يف حني تلكأت تخيالتهم‬ ‫بوضوح وراء الدراسات املستقبلية امليلودرامية مثل‬ ‫(مكتبة الحاسوب‪ /‬آالت الحلم) عام ‪ 1974‬لتيد نيلسون‪،‬‬ ‫و(الصغري الجبار) عام ‪ 1979‬لكريستوفر إيفان‪.‬‬ ‫مع قرب حدوث ثورة الحاسوب الشخيص عام ‪1974‬‬ ‫احتفل بها يف عدد أيار من مجلة (النظري) يف مقالة ستيفن‬ ‫كاليس عن (الحاسبات املصغرة) فإن خيال املجلة كان‬ ‫بطيء اإلجابة‪ .‬حتى أسيموف كان ال يزال يصوغ قطعاً‬ ‫أدبي ًة للدعاية مثل (الحياة وأوقات مالتيفاك) عام ‪،1975‬‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And‬‬ ‫يف مصطلحات تقليدية يف منتصف العقد‪ ،‬وأن الحاسبات‬ ‫العمالقة املستبدة استمرت يف متثيل دور مهم يف أعامل‬ ‫مثل (بحث رعاة بقر الـ ‪ )DNA‬عام ‪ 1976‬مليك فارين‪.‬‬ ‫مع أن تضخيم تلك الرواية الخيايل لنزعتها الواضحة سابقاً‬ ‫نحو الجنون عكس حقيقة أن الفكرة الكاملة قد أصبحت‬ ‫إىل حد ما خارج السيطرة‪.‬‬ ‫االستكشاف الخيايل للطيف الجديد من اإلمكانيات‬ ‫املستقبلية بدأ ‪ -‬من ناحية ثانية‪ -‬عىل نحو كفؤ يف (راكب‬ ‫موجة الصدمة) عام ‪ 1975‬لجون برونر‪ ،‬الذي كان توقعه‬ ‫بنا ًء عىل الوفرة الضخمة من الحاسبات املربوطة يف‬ ‫شبكة تضمن التطوير الفوري املحتمل لديدان وفريوسات‬ ‫الحاسوب‪ .‬كام تخيل الفوىض الشديدة التي ميكن أن‬ ‫تحدثها هذه الكينونات الربمجية‪.‬‬ ‫الزيادة الهندسية يف قدرة املعالجة سببت رسيعاً‬ ‫والدة قانون مور الذي الحظ أن قدرة التقانة الحاسوبية‬ ‫كان تتضاعف كل مثانية عرش شهر‪ ،‬وهي عالقة اعتربت‬ ‫صحيحة طوال املراحل النهائية من القرن العرشين‪ .‬يف‬ ‫ذاك الوقت فإن إمكانية اعتبارها صحيحة سوف يستمر‬ ‫كان باعثاً عىل نظرية أن الصعود األيس للمنحني سوف‬ ‫يحدث تفردا ً تقانياً‪.‬‬ ‫صور املستقبل الغني بالحاسوب أصبحت شيئاً مألوفاً‬ ‫جدا ً إىل حد أن الفكرة نادرا ً ما احتاجت ألن توضع بصورة‬ ‫عناوين مثل (عامل الحاسوب) عام ‪ 1983‬إليفان فوغت‪،‬‬ ‫حيث بدا أنه ال توجد حاجة للتقديرات االستقرائية‬ ‫الخيالية العلمية ألفكار مثل فن الحاسوب عندما متكنت‬ ‫الحاسبات الشخصية البسيطة من تشغيل برامج تنتج‬ ‫صورا ً كسورية (فراكتلية) بواسطة رياضيات الشواش‪.‬‬ ‫لقد نزع كتاب الخيال العلمي ألن يهملوا األنواع املعتدلة‬ ‫من التطبيق التي ركزت عليها النصوص املستقبلية‪ ،‬وأن‬ ‫يتقدموا برسعة إىل الحدود القصوى‪.‬‬ ‫يف منقلب القرن العرشين فإن تأمالت عن املستقبل‬ ‫القريب مثل (األوقات املواتية يف فايرمونت هاي) عام‬ ‫‪ 2001‬الذي يصف التبني العريض للفرص التقانية الجديدة‬ ‫من قبل املراهقني و(التوتات الصغرية جدا ً) عام ‪2003‬‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫لريتشارد لوفيت‪ ،‬التي تدرس مشكلة الرسائل املزعجة يف‬ ‫الربيد االلكرتوين بدت مدهشة يف تحفظها املتواضع‪.‬‬ ‫لقد بجل الخيال العلمي السيرببونك يف مثانينات‬ ‫وتسعينيات القرن العرشين تطور الذكاء الصنعي اإلفرادي‬ ‫يف الحاسبات الصغرية نسبياً‪ ،‬لكنه حافظ أيضاً عىل تعهده‬ ‫بفكرة أن شبكة عاملية النطاق من الحاسبات الصغرية‬ ‫ستكون مجرد رحم فيه‪ ،‬فإن هذه الذكاءات ستواصل‬ ‫بحثها عن السيطرة السياسية االستبدادية والسيادية‬ ‫الفعلية‪.‬‬ ‫لقد رفض الحاسوب الفائق تسليم خلفيته البعيدة‬ ‫التخيلية متاماً لقوى الفوضوية لكن ببساطة عدل تركيبه‬ ‫البنيوي األسايس ليالئم البيئة التخيلية الجديدة‪ .‬مثة‬ ‫تركيب بنيوي بديل إضايف ظهر يف حاسبات فائقة مثل‬ ‫الذي أبرز يف سلسلة (كالكولور) لسيان ماك مولني التي‬ ‫استهلت بشكل أويل بـــ (أصوات الضوء) عام ‪.1994‬‬ ‫التواريخ الخيارية التي تتساءل كيف ميكن ملحرك باباج‬ ‫أن يحول العامل فيام لو كان ممكن صنعه وقد ظهرت يف‬ ‫(بلد العميان) عام ‪ 1987‬مليشل فالين‪ ،‬و(محرك التمييز)‬ ‫عام ‪.1990‬‬ ‫إن (جيورجيا يف ذاكريت) عام ‪ 1993‬لتشارلز شفيلد‬ ‫تلتفت بأفكارها إىل املايض إلنشاء ‪( DEUCE‬اختصارا ً‬ ‫لـ‪ :‬املحرك الحاسب الشامل اإللكرتوين الرقمي) ‪1958‬‬ ‫وتفرتض البحث عن املحرك التحلييل املفقود لباباج‪.‬‬ ‫ومنحت إدا لوفالس دورا ً أكرث شهرة يف (همس األقراص)‬ ‫عام ‪ 2002‬لجون مياين‪.‬‬ ‫املقتطفات األدبية املختارة للو أندريس (حياة بدون‬ ‫شبكة) عام ‪ 2003‬تتصور عوامل بديلة بدون إنرتنت وهي‬ ‫فكرة أصبحت سابقاً متحدية اقل بعرشين سنة بعد أن‬ ‫بدا ورود الظاهرة إعجازي تقريباً‪.‬‬ ‫وال يزال الحاسوب مبا امتلكه وسيمتلكه من قدرات‪،‬‬ ‫يدفع بالخيال العلمي قدماً نحو عوامل جديدة‪ ،‬رمبا تبرصنا‬ ‫أكرث بجوهر العالقة التي ستكون عليها بني اإلنسان واآللة‪.‬‬ ‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪12‬‬


‫ومضات‬

‫“‬

‫النور‪..‬‬

‫(الجزء الثاني)‬

‫مل أكن راض ًيا عن نظرية النسبية الخاصة؛ ألنها كانت محدودة‬ ‫باألطر املرجعية التي تتحرك برسعة ثابتة مقارنة بعضها ببعض‪،‬‬ ‫ومن ثم مل تكن قابلة للتطبيق عىل الحركة العامة لألطر‪ .‬وصارعت‬ ‫يف سبيل إزالة هذا القصور‪ ،‬وأردت صياغة املشكلة يف الحالة‬ ‫األعم‪.‬‬ ‫م‪ .‬عبدالحفيظ العمري‬ ‫كاتب ومترجم علمي يمني له العديد من الكتب المترجمة والمقاالت المنشورة‪.‬‬

‫‪facebook.com/atomsandequations‬‬


‫أسعد خاطرة يف حيايت‬ ‫ويف الفيزياء يقابلنا العامل املشهور ألربت آينشتاين‬ ‫‪ )Albert Einstein (1879-1955‬بخاطرته التي قال‬ ‫عنها أنها (أسعد خاطرة يف حيايت)!‬ ‫والتي يرويها بنفسه قائال ‪ “ :‬مل أكن راض ًيا عن نظرية‬ ‫النسبية الخاصة؛ ألنها كانت محدودة باألطر املرجعية‬ ‫التي تتحرك برسعة ثابتة مقارنة بعضها ببعض‪ ،‬ومن‬ ‫ثم مل تكن قابلة للتطبيق عىل الحركة العامة لألطر‪.‬‬ ‫وصارعت يف سبيل إزالة هذا القصور‪ ،‬وأردت صياغة‬ ‫املشكلة يف الحالة األعم‪.‬‬ ‫يف عام ‪١٩٠٧‬م‪ ،‬طلب مني يوهانز ستارك كتابة مقال‬ ‫عن نظرية النسبية الخاصة يف جريدة «جاهربش دير‬ ‫راديواكتيفيتات»‪ .‬وأثناء كتابته‪ ،‬بدأت أدرك أن كل‬ ‫قوانني الطبيعة ما عدا قانون الجاذبية ميكن دراستها يف‬ ‫إطار النسبية الخاصة‪ .‬وأردت أن أكتشف السبب وراء‬ ‫ذلك‪ ،‬لكني مل أستطع بكل بساطة‪ .‬كانت أقل النقاط‬ ‫إرضاء يل هي التالية‪ :‬عىل الرغم من أن النظرية تعطي‬ ‫بوضوح العالقة بني السكون والطاقة‪ ،‬فإن العالقة بني‬ ‫السكون والكتلة أو طاقة مجال الجاذبية مل تكن تظهر‬ ‫بوضوح‪ .‬وشعرت بأن هذه املشكلة لن تحل يف إطار‬ ‫نظرية النسبية الخاصة‪.‬‬ ‫جالسا‬ ‫يوم ما‪ ،‬فجأة حدثت االستنارة‪ .‬كنت‬ ‫ويف ٍ‬ ‫ً‬ ‫عىل مقعد يف مكتبي مبكتب براءات االخرتاع ببرين‪،‬‬ ‫وفجأة خطرت يل فكرة‪ :‬إذا سقط رجل سقوطًا ح ًّرا‪،‬‬ ‫فلن يشعر بوزنه‪ .‬جلست مرتبكًا‪ ،‬لقد تركت َّيف هذه‬ ‫التجربة الذهنية أث ًرا كب ًريا وقادتني إىل نظرية للجاذبية‬ ‫األرضية‪.‬‬ ‫هذه الخاطرة كانت مبدأ التكافؤ ‪Equivalence‬‬ ‫‪ principle‬؛ حيث تكون قوة الجاذبية – بشكل‬ ‫محيل – مساوية لقوة التسارع ‪ ،‬والذي قاد بعد ذلك‬

‫للنظرية النسبية العامة ‪.‬‬

‫ألربت أينشتاين‬ ‫وحتى ال نذهب بعيدا عن آينشتاين ؛ فكلنا نذكر‬ ‫الخطاب الذي أرسله إىل الرئيس األمرييك روزفلت‬ ‫يستحثه عىل االهتامم ببحوث الذرة خوفا من توصل‬ ‫أملانيا النازية – آنذاك – إىل السالح الذري قبل الحلفاء‪.‬‬ ‫الذي كان وراء هذه الخطاب هو العامل املجري ليو‬ ‫زيالرد ‪ )Leo Szilard (1898 - 1964‬هذا الرجل لديه‬ ‫قصة حول الخاطرة التي حول التفاعالت املتسلسل‬ ‫للنيوترونات يذكرها لويس وولربت يف كتابه (طبيعة‬ ‫العلم غري الطبيعية) ‪ ”:‬يف عام ‪ 1933‬نرشت جريدة‬ ‫التاميز مقولة عىل لسان عامل الطبيعيات لورد راذرفورد‬ ‫يقول مبقتضاها – بعد أن حطّم الذرة ‪ “ : -‬إن كل من‬ ‫ينتظر أن يصبح تحطيم الذرات مصدرا للطاقة هو‬ ‫مخرف”‪.‬‬ ‫قرأ املقال ليو زيالرد الذي قال عن املقال فيام‬


‫بعد “ إن هذا جعلني أتساءل – وأنا أسري يف شوارع‬ ‫لندن‪ ،‬وأذكر أين توثقفت عن عالمة مرور حمراء يف‬ ‫شارع ساوثهامبيتون – عام إذا كان من املمكن إثبات‬ ‫خطأ لورد راذرفورد ‪ ،‬ويف هذه اللحظة بالذات وردت‬ ‫لخاطري فكرة التفاعالت املتسلسل للنيوترونا ت �‪Neu‬‬ ‫‪ ، tron chain reaction‬وكانت هذه نقطة حاسمة يف‬ ‫تاريخ القنبلة الذرية‪”.‬‬ ‫الخاطرة كانت “ إذا أطلق عىل الذرة نيوترونا واحدا‬ ‫وأدى ذلك إىل انشطارها وانطالق نيوترونني‪ ،‬فسيكون‬ ‫لدينا رد فعل متسلسل‪ ”.‬وسجل براءة اخرتاع لتلك‬ ‫الفكرة عام ‪1934‬م‪.‬‬ ‫نلتقي مع فتى الفيزياء املشاكس – كام سميته‬ ‫مجلة العلوم األمريكية ‪ -‬ليونارد سسكيند ‪Leonard‬‬ ‫‪ ) Susskind(1940‬استاذ الفيزياء النظرية يف جامعة‬‫ستانفورد ‪ ،‬الذي لديه خاطرة حول اكتشاف نظرية املبدأ‬ ‫الهولوجرامي ‪holographic principle‬‬ ‫عندما طُلب منه عام ‪1981‬م استضافة مؤمتر علمي‬ ‫عن الفيزياء‪ ،‬فدعا سسكيند العامل االنجليزي ستيفن‬ ‫هوكينج ‪ Stephen Hawking‬الذي ألقى محارضة عن‬ ‫الثقوب السوداء ذكر فيها أنه عند تاليش الثقب األسود‬ ‫تتالىش معلومات األجسام التي ابتلعها غائبة بشكل‬ ‫تدريجي‪ ،‬وهنا كان الجدل ألن هذه الفكرة تنتهك‬ ‫إحدى املبادئ األساسية يف الفيزياء وهي أن املعلومات‬ ‫ال ميكن أن تتالىش!‬ ‫لكن هذا الجدل ُحسم بعد ‪ 12‬عاما بخسارة هوكينج‬ ‫النقاش الذي اعرتف أن معلومات الثقب األسود مطبوعة‬ ‫عىل أفق الحدث ‪ -event horizon‬الذي يحدد حدود‬ ‫الثقب األسود‪ -‬فتهرب تلك املعلومات عندما يتبخر‬ ‫الثقب األسود‪.‬‬ ‫هذا قاد الفيزيائيني النظريني ليونارد سسكيند‬ ‫وجرياردت هوفت ‪ Gerard’t Hooft‬القرتاح أن كامل‬

‫‪15‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪d Fiction‬‬

‫أيضا يف حدوده ‪-‬‬ ‫الكون ميكن أن يحمل معلومات ً‬ ‫بالنتيجة تلك‪ ،‬فواقعنا ميكن أن يكون إسقاط تلك‬ ‫املعلومات يف الفضاء ضمن الحدود‪ .‬وهو ما يعرف‬ ‫باملبدأ الهولوجرايف ‪holographic principle‬‬

‫الفيزيايئ املشاغب سسكيند‬ ‫أما كيف جاءت لسسكيند هذه الفكرة‪ ،‬فيحدثنا عنها‬ ‫قائال ‪ “ :‬البصرية التي صارت تعرف مببدأ الهولجرايف‬ ‫جاءتني ببساطة يف يوم ما ] يف عام ‪1993‬م[عندما كنت‬ ‫اتسكع يف قسم الفيزياء ومررت بصورة هولوجرام‪،‬‬ ‫التي ملا رأيتها تبادر إىل ذهني أن هناك فرقا كبريا جدا‬ ‫بني صورة الهولوجرام والصورة العادية؛ عندما ترى‬ ‫هولوجرام تستطيع النظر حولها ورؤية ما يوجد وراء‬ ‫رأس املرأة التي يف الصورة ‪ ،‬وليس رؤية السطح فحسب‬ ‫‪ ،‬بل ستطيع رؤية ما وراءها‪.‬‬ ‫هناك منطق يف كونها تسطري حقا عىل األبعاد الثالثة‬ ‫الكاملة‪ ،‬فعندما مررت بجانبها قلت لنفيس مازحا لعل‬ ‫أفق الثقب األسود يشء من قبيل الصورة الهولوجرامية‪،‬‬ ‫فاملواد التي تقع يف أرس الثقب األسود هي ثالثية األبعاد‪،‬‬ ‫أما مادة األفق فهي ثنائية األبعاد ‪ ،‬لكن رمبا بطريقة‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And‬‬ ‫أو بأخرى مادة األفق كالهولوجرام تستحوذ عىل األبعاد‬ ‫الثالثة كاملة للمواد التي تقع يف الثقب األسود‪”.‬‬

‫وقريب من الصورة الهولوجرامية نلتقي مع دنيس‬ ‫جابور – الذي التقيناه سابقا يف املقدمة – حصل عىل‬ ‫جائزة نوبل يف الفيزياء يف عام ‪١٩٧١‬م‪ ،‬الخرتاعه طريقة‬ ‫التصوير التجسيمي (الهلوجرامي) لألشياء بأشعة الليزر‬ ‫ومساهمته يف تطويرها‪ .‬يف األصل‪ ،‬كان جابور يرغب‬ ‫يف تطوير املجهر اإللكرتوين يف سبيل رؤية الشبكات‬ ‫الذرية‪ ،‬بل حتى الذرات منفردة‪ .‬مل يكن األمر عبارة عن‬ ‫تحسني منظور اآلالت وإمنا كيفية استخراج قدر أكرب من‬ ‫املعلومات من الصورة التي يعطيها الجهاز‪.‬‬ ‫وقد روى جابور بنفسه قصة اكتشافه الذي يرجع إىل‬ ‫عام ‪١٩٤٨‬م قائال ‪ ”:‬كانت نقطة االنطالق يف اكتشايف‬ ‫هي رغبتي يف تحسني املجهر اإللكرتوين ‪.‬‬ ‫كنت أفكر فيه وأدركت أنه كان يتوقف عند حدود‬ ‫انفصال الشبكات الذرية أو عند ظهور ذرة منعزلة‪ .‬كام‬ ‫أنه كان من الصعب تصنيع عدسة ذرية جيدة‪ ،‬ففكرتُ‬ ‫ملاذا ال أصنع عدسة سيئة ثم آخذ صورة سيئة وأعمل‬ ‫عىل تحسينها‪ .‬واستلزم هذا الحصول عىل صورة تحتوي‬ ‫عىل معلومات كاملة‪ .‬كانت الصور العادية خالية من أي‬ ‫أطوار‪ .‬وكانت فكريت هي إضافة طور منطي‪ .‬كانت فكرة‬ ‫واضحة لكونها قابلة للتنفيذ‪.‬‬ ‫جاءتني الفكرة البسيطة بإعادة تكوين الصورة األصلية‬ ‫يف يوم عيد الفصح منذ حوايل خمسة وعرشين عا ًما‪،‬‬ ‫جالسا باملدرجات يف انتظار بدء مباراة تنس‪.‬‬ ‫كنت ً‬

‫دنيس جابور‬

‫داروين نفسه يطلب رأيه فيها !‬ ‫إنه العامل ألفريد راسل واال س �‪Alfred Russel Wal‬‬ ‫‪ ،)١٩١٣–١٨٢٣( lace‬الذي كان عام ‪١٨٥٨‬م‪ ،‬يف جزيرة‬ ‫مولوك لجمع الفراشات والخنافس‪ ،‬ومن هناك يحدثنا‬ ‫عن ومضة النور التي أرشدته لفكرة التطور قائال‪“ :‬‬ ‫كنت أعاين من حمى شديدة ومتقطعة‪ ،‬وكل يوم كان‬ ‫يل أن أستلقي عدة ساعات بسبب حاالت السخونة‬ ‫ع َّ‬ ‫والربودة الحادة‪ .‬يف ذلك الوقت‪ ،‬مل يكن لدي ما أفعله‬ ‫سوى التفكري يف أكرث ما يثري اهتاممي‪.‬‬ ‫يوم ما تذكرت كتاب «مبدأ السكان» ملالتوس‪،‬‬ ‫ويف ٍ‬ ‫الذي كنت قرأته قبل عرشين عا ًما‪ .‬وظللت أفكر يف‬ ‫وصفه ملعطالت النمو‪ :‬املرض‪ ،‬والحوادث‪ ،‬والحروب‪،‬‬ ‫واملجاعة‪ ،‬وغريها؛ التي كانت تبقي عدد سكان األجناس‬ ‫املتوحشة يف مست ًوى متوسط أقل بكثري من معدل‬ ‫الشعوب املتحرضة‪ .‬وعىل الفور خطرت يل فكرة أن‬ ‫وللطب واألحياء نصيب‬ ‫أيضا دون توقف يف عامل‬ ‫هذه العوامل أو مثيالتها تعمل ً‬ ‫ال تذكر نظرية التطور إال ويذكر العامل تشارلز داروين الحيوان‪.‬‬ ‫‪)١٨٨٢–١٨٠٩( Charles Darwin‬‬ ‫فلامذا ميوت بعضها‪ ،‬بينام يعيش البعض اآلخر؟ كانت‬ ‫رغم أن هناك من أبدع الفكرة نفسها ‪ ،‬بل وراسل بها اإلجابة واضحة‪ :‬يف املجمل‪ ،‬ميتلك األكرث جدارة القدرة‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪16‬‬


‫‪d Fiction‬‬

‫عىل البقاء‪ .‬فينجو األوفر صحة من املرض‪ ،‬واألقوى أو حالة أي مرض شبه ٍ‬ ‫معد‪ ،‬لكنه كان مير دون عدوى‪ .‬كان‬ ‫األرسع أو األوسع حيلة ينجو من األعداء‪ ،‬ويتغلب عىل املرىض املجاورون ملريض التيفوس ال يلتقطون مرضه‪،‬‬ ‫املجاعة األكرث قدرة عىل الصيد أو من ميتلك قدرة أكرب لكن بشكل شبه يومي يف أوقات تفيش الوباء‪ ،‬كنت ألحظ‬ ‫انتشار العدوى يف البيوت ويف أحياء العاصمة واملدينة‪،‬‬ ‫عىل الهضم‪ ،‬وهكذا دواليك‪.‬‬ ‫وبدا يل فجأة أن هذه العملية التي تنظم األنواع من وحتى بني موظفي املستشفى املخصص الستقبال املرىض‪.‬‬ ‫شأنها بالرضورة تحسني الساللة‪ .‬ففي كل جيل‪ ،‬تضمحل كان األطباء واملمرضات يصابون باملرض يف ريف تونس‪،‬‬ ‫العنارص األَقل‪ ،‬وال يبقى سوى العنارص األرقى؛ أي ال لكن ليس يف قاعات املستشفى‪.‬‬ ‫يف صباح أحد األيام — مثل أي يوم — أردت وأنا‬ ‫ينجح يف البقاء سوى األصلح …‬ ‫وظللت أنتظر عىل أحر من الجمر انتهاء الحمى ألدون مأخوذ بالتفكري يف لغز كيفية انتقال عدوى حمى‬ ‫التيفوس دون أن أفكر فيه بصورة واعية (أؤكد ذلك)؛‬ ‫مقال يف هذا األمر‪”.‬‬ ‫برسعة هذه املالحظات ألكتب ً‬ ‫أن أ ْعرب باب املستشفى عندما استوقفني جسد إنسان‬ ‫ود ّون تلك الفكرة وبلورها وأرسلها إىل داروين‪ ،‬وذلك ملقى عىل الدرجات‪.‬‬ ‫لتوصيلها إىل الجيولوجي اإلنجليزي الشهري سري تشارلز كان مشه ًدا معتا ًدا أن نرى فقراء من السكان الوطنيني‬ ‫مصابني بحمى التيفوس يف حالة هذيان وحمى‪ ،‬يسريون‬ ‫اليل ‪!)١٨٧٥–١٧٩٧( Charles Lyell‬‬ ‫تلك األفكار نفسها التي كانت تراود داروين من قبل ‪ ،‬كاملجانني حتى يجدوا ملجأً يتساقطون عليه منهكني‪.‬‬ ‫فكان طلب واالس مفاجأة له ‪ ،‬لكنه حفّزه لينرش أفكاره كالعادة‪ ،‬عربت فوق الجسد املسجى‪ ،‬ويف تلك اللحظة‬ ‫فظهر كتاب داروين «أصل األنواع» يف الرابع والعرشين بالتحديد داهمتني لحظة االستنارة‪ .‬وعندما دخلت‬ ‫حل للمشكلة‪.‬‬ ‫من أكتوبر ‪١٨٥٩‬م‪ .‬وأقر واالس نفسه بأسبقية داروين املستشفى يف اللحظة التالية‪ ،‬كنت أملك ًّ‬ ‫كنت أعرف‪ ،‬دون أدىن شك‪ ،‬أنه هذا هو الحل وليس‬ ‫لفكرة التطور‪.‬‬ ‫غريه‪ .‬ففجأة أظهر يل هذا الجسد املمدد والباب الذي‬ ‫ارمتى أمامه الحاجز الذي ميكن‬ ‫نذهب إىل الطب حيث يروي‬ ‫عامل البكترييا الفرنيس شارل وظللت أنتظر عىل أحر من الجمر أن يتوقف عنده التيفوس‪ .‬فليك‬ ‫نيكول ‪ Charles Nicolle‬انتهاء الحمى ألدون برسعة هذه يتوقف هذا املرض‪ ،‬وهو مرض‬ ‫ٍ‬ ‫معد يف كل أرجاء البالد‪ ،‬يف‬ ‫ً‬ ‫مقال يف هذا‬ ‫(‪ )١٩٣٦–١٨٦٦‬كيفية اكتشافه املالحظات ألكتب‬ ‫العاصمة نفسها ليصبح غري مرض‬ ‫لعامل انتقال حمى التيفوس األمر”‪.‬‬ ‫مبجرد عبور باب املستشفى‪،‬‬ ‫أثناء عمله مدي ًرا ملعهد باستري‬ ‫كان ال بد من أن العامل املسبب‬ ‫يف تونس قائال ‪ “ :‬كل يوم‪،‬‬ ‫كل من تردد سنوات عديدة عىل املستشفى للعدوى ال يتجاوز هذا املكان؛ إذن ما الذي يحدث يف‬ ‫شأين شأن ٍّ‬ ‫اإلسالمي بتونس‪ ،‬كنت أرى يف القاعات مرىض التيفوس هذه املرحلة؟ خلعنا ثياب املريض ومالبسه الداخلية‬ ‫نامئني بجوار مرىض آخرين مصابني بأمراض أخرى‪ .‬مثل وحلقنا له وحممناه‪ .‬ال بد أن ما يسبب له املرض يشء‬ ‫من سبقوين‪ ،‬كنت أشاهد يوم ًّيا ودون اهتامم هذا غريب عليه‪ ،‬يشء يحمله يف مالبسه الداخلية‪ ،‬عىل‬ ‫الوضع الغريب‪ ،‬خاصة يف ظل هذا االختالط املرفوض يف جلده‪ .‬لن يكون سوى القمل‪ ،‬كان السبب هو القمل‪.‬‬

‫“‬

‫‪17‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And‬‬ ‫وأخ ًريا انكشف يل ما كنت أجهله‪ ،‬األمر الذي مل يالحظْه‬ ‫أي من الذين بحثوا يف مرض التيفوس منذ بداية التاريخ‬ ‫ٌّ‬ ‫(فالتيفوس مرض يعود إىل العصور السحيقة لإلنسانية)‪،‬‬ ‫انكشف يل الحل القاطع املثمر لطريقة انتقال املرض‪”.‬‬ ‫وقد حصل عىل جائزة نوبل يف الطب عام ‪1928‬م عن‬ ‫هذا االكتشاف‪.‬‬

‫وأخريا نختم بقصة اكتشاف التكاثر العذر ي �‪Parthe‬‬ ‫‪ – nogenesis‬شكل من أشكال التكاثر الالجنيس وهو‬ ‫التناسل عن طريق بويضة غري مخصبة يوجد يف اناث‬ ‫يتطور فيها الجنني أو البذرة بدون إخصاب من الذكور‪،‬‬ ‫وهذه الظاهرة تالحظ يف النحل وتنتج حرشة تشبه‬ ‫النحل وتظهر بني ذكور النحل أو عند بعض النباتات‪-‬‬ ‫إن اكتشاف هذا النوع من التكاثر قدمه العامل الفرنيس‬ ‫يوجني باتايون ‪ )Eugène Bataillon (1864-1953‬الذي‬ ‫يحيك قصته قائال ‪ “ :‬يف صباح يوم أحد بشهر مارس عام‬ ‫متأمل‬ ‫‪١٩١٠‬م‪ ،‬وقفت مسلوب اللب أمام عدسة املجهر ً‬ ‫لوحة مبهرة‪ :‬حضانة بيض متعدد املني للكالميت (نوع‬ ‫من الضفادع) مكسوة بالحيوانات املنوية للسمندل‪،‬‬ ‫وكان البيض مغطًى بهذه العنارص الذكورية الغريبة‬ ‫ذات الرؤوس الكبرية التي ظهرت عىل األلواح وكأنها‬ ‫رءوس إبر جراح‪.‬‬ ‫وفجأة وردت إىل ذهني فكرة أن أي صدمة طفيفة‪،‬‬ ‫كوخزة رفيعة من زجاج أو معدن‪ ،‬قد يكون لها نفس‬ ‫األثر الذي للحرارة أو لفرط التوتر العضيل‪ .‬لكن بالطبع‬ ‫مل يكن لدي سوى عامل جديد من التكاثر العذري‬ ‫الفاشل‪ .‬وعىل الفور‪ ،‬أعددت سلسلة من أنابيب االختبار‬ ‫الزجاجية وقمت بتوزيع بيض أنثى بالغة عىل األنابيب‪.‬‬ ‫ووجدت أن البيض املوضوع جافًّا أصبح مغطًى باملاء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ جاوزت نتائجها‬ ‫إنها تجربة كالسيكية اآلن لكن‬ ‫كل اآلمال‪.‬‬ ‫يا ترى ما هو العامل الرباين املسبب لهذه النتيجة غري‬ ‫العادية التي طاملا سعى إليها الناس دون جدوى؟‬ ‫طويل للوصول إىل الحل‪”.‬‬ ‫قىض باتايون وقتًا ً‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫‪18‬‬

‫وحتى ال نذهب بعيدا عن نيكول وعن الطب ‪ ،‬فقصة‬ ‫اكتشافه التشخيص املناعي للتيفوئيد الذي قدمه فرناند‬ ‫فيدال ‪ )Fernand Widal (1862-1929‬يرويها العامل‬ ‫شارل نيكول قائال ‪ “ :‬كان فرناند فيدال— أثناء مروره‬ ‫بالقسطنطينية — يتحدث مع أخيه موريس حول‬ ‫مسألة التحام امليكروبات‪ ،‬كام كانت معروفة يف ذلك‬ ‫الوقت استنا ًدا إىل مالحظات هربرت درهام وماكس‬ ‫جروبر‪ .‬أثبت هذان العاملان أن دم الحيوانات املصاب‬ ‫ببعض أنواع امليكروبات يكتسب خاصية التجمع يف‬ ‫مجموعات تلتحم مبيكروبات من نوع واحد‪ .‬ونحن‬ ‫مدينون ألعاملهم بالقدرة عىل التعرف عىل ميكروب‬ ‫من آخر مجاور ومشابه له بطريقة محددة ومناسبة‪.‬‬ ‫ويكون املصل املحدد هو الكاشف عن امليكروب‪.‬‬ ‫وفجأة يقلب فيدال األمر يف ذهنه‪ ،‬فبدا له أنه مبا أننا‬ ‫نستطيع التعرف عىل امليكروب بفضل املصل املحدد‪،‬‬ ‫فإنه ميكن — عن طريق زرع امليكروب — اكتشاف‬ ‫وجود الخواص املحددة داخل مصل املريض‪ .‬ومن ثم‬ ‫فإن ميكروب حمى التيفوئيد سيلتحم مبجرد إضافة‬ ‫نقطة من مصل دموي مأخوذ من شخص مصاب بهذا‬ ‫املرض‪ .‬ولن يكون ألي مصل آخر نفس رد الفعل‪.‬‬ ‫عاد فيدال برسه هذا إىل باريس‪ ،‬ومىض يجري التجارب‬ ‫الالزمة التي أكدت فرضيته‪ .‬ومن هنا تأسست طريقة هذا غيض من فيض القصص التي تتحدث عن ومضات‬ ‫التشخيص املناعي (املصيل) لألمراض التي أصبحت النور التي تسطع كمصباح متوهج يف ظالم البحث عن‬ ‫شائعة االستعامل ومفيدة عىل املستوى اليومي‪.‬‬ ‫الحل‪.‬‬ ‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬


‫الهوامش والمراجع‬ ‫• اإلبداع يف الفن والعلم‪ ،‬د‪.‬حسن أحمد عيىس‪،‬‬ ‫العدد‪( 24‬الكويت‪ :‬سلسلة عامل املعرفة ‪ ،‬يناير ‪.)1979‬‬ ‫• ارتقاء اإلنسان‪ ،‬جاكوب برونفسيك‪ ،‬ترجمة ‪ :‬د‪.‬‬ ‫موفق شخاشريو‪ ،‬العدد‪(39‬الكويت‪ :‬سلسلة عامل املعرفة‬ ‫‪ ،‬مارس ‪.)1981‬‬ ‫• بول ديراك وجامل الفيزياء‪ ،‬مجلة العلوم‬ ‫األمريكية‪ ،‬عدد أغسطس ‪ -‬سبتمرب‪.1995‬‬ ‫• تاريخ العلم‪ ،‬جون جريبني‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شوقي جالل‬ ‫‪ ،‬ج‪ ،2‬العدد ‪( 390‬الكويت‪ :‬سلسلة عامل املعرفة ‪ ،‬يوليو‬ ‫‪.)2012‬‬ ‫• تاريخ العلوم ‪ ،‬كلود برزنسيك‪ ،‬ترجمة ‪ :‬سارة‬ ‫رجايئ يوسف ‪ ،‬ط‪(1‬القاهرة‪ :‬مؤسسة هنداوي للتعليم‬ ‫والثقافة ‪.)2015،‬‬ ‫• طبيعة العلم غري الطبيعية ‪ ،‬لويس وولربت ‪،‬‬ ‫ترجمة ‪ :‬د‪.‬سمري حنا صادق (القاهرة‪ :‬املركز القومي‬ ‫للرتجمة ‪.)2001،‬‬ ‫• العقل والحاسوب وقوانني الفيزياء ‪ ،‬روجر برنوز‪،‬‬ ‫ترجمة ‪ :‬محمد وائل االتايس وبسام املعرصاين‪،‬ط‪(1‬دمشق‪:‬‬ ‫دار طالس‪. )1998،‬‬ ‫• فلسفة الكوانتم‪ ،‬روالن أومنيس ‪ ،‬ترجمة‬ ‫‪ :‬د‪.‬أحمد فؤاد باشا و د‪.‬مينى طريف الخويل ‪ ،‬العدد‬ ‫‪(350‬الكويت‪ :‬سلسلة عامل املعرفة ‪ ،‬إبريل ‪.)2008‬‬ ‫• كون أنشتاين ‪ ،‬ميشو كاكو ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شهاب‬ ‫ياسني‪ ،‬ط‪(2‬القاهرة‪ :‬مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة‬ ‫‪.)2012،‬‬ ‫• ما هو الواقع؟ ‪ ،‬فيلم وثائقي عرضته قناة البي يب‬ ‫يس الرابعة بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪2011‬م‪.‬‬

‫‪d Fiction‬‬

‫حلقات زحل كما تبدو من المركبة‬ ‫كاسيني‪.‬‬ ‫‪Image Credit: NASA/JPL-Caltech/Space‬‬ ‫‪Science Institute‬‬

‫‪19‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫الضوء‬ ‫أول الرحالة والمؤرخين‬ ‫ّ‬

‫“‬

‫لكنه رحالة ومؤرخ من نوع آخر غري ذلك النوع الذي‬ ‫اعتدناه يف منط الرحالة واملؤرخني‪ .‬إنه خازن ذاكرة األيام‬ ‫بصورتها الحقيقية‪.‬‬

‫أ‪ .‬جوان حسين‬

‫سوري‪ ،‬إجازة في العلوم الفيزيائية والكيميائية من جامعة حلب‪ ،‬سوريا‪ .‬مقيم في‬ ‫اسطنبول‪ ،‬تركيا‪.‬‬

‫‪Gwan79@yahoo.com‬‬


‫زمن آلخر‪.‬‬ ‫فعل أينشتاين كام قلت “تحدث أشياء مسلية‬ ‫ً‬ ‫عند رسعة الضوء”؛ ففي الفيزياء مهام حاولت‬ ‫لن تصل برسعتك إىل رسعة الضوء‪ ،‬فأقرب األشياء‬ ‫التي تصل رسعتها قريبة من رسعة الضوء تصل‬ ‫إىل رسعة ‪ 99.9%‬من رسعة الضوء كأشعة غاما‪،‬‬ ‫وللضوء حاجز كالصوت‪ ،‬بوسع تقنياتنا الحديثة‬ ‫أن تخرتق مجال الصوت لكن مل تتمكن بعد‬ ‫القدرة العلمية البرشية من اخرتاق حاجز الضوء‬ ‫وأغلب الظن أنها لن تتمكن من ذلك هذا ما‬ ‫يراه بعض العلامء من املسلّامت الكونية (قانون‬ ‫ثابت) كام هي قوانني الجاذبية‪ ،‬الجاذبية ذلك‬ ‫الجبار الذي يتحكم بكل الساموات‪ .‬وقد الحظ‬ ‫دارسو الضوء أنه ينتقل بكل رسعته و البالغة‬ ‫‪ 3x108‬مرت يف الثانية الواحدة بغض النظر عن‬ ‫رسعة أو بطء املنبع الضويئ‪ .‬أشار إمبدوقليس‬ ‫اإلغريقي إىل أن رسعة الضوء محدودة‪ ،‬ولكن‬ ‫أرسطو عارض ذلك وقال أن الضوء هو تعبري عن‬ ‫يشء ساكن‪.‬‬ ‫عند الصينيني القدماء الحظ الفيلسوف (مو‬ ‫تزو) أنه ميكن تسخري الضوء لرسم صورة داخل‬ ‫غرفة مغلقة متا ًما وكان ذلك أول وصف للكامرية‬ ‫قليل ما وصل من كتابات ذلك الفيلسوف؛‬ ‫لكن ً‬ ‫ألن األمرباطور (تشني) التي سميت الصني عىل‬ ‫اسمه أحرق كتبه وكتب غريه من الفالسفة‪ .‬يف‬ ‫العامل اإلسالمي القديم بداي ًة وافق الفالسفة‬ ‫املسلمون املبكرون عىل وجهة نظر أرسطو يف‬ ‫أن رسعة الضوء غري محدودة‪.‬‬

‫بعد تكرار خسائر الورشة التي أنشأها والد‬ ‫ألربت أينشتاين السيد “هريمان أينشتاين” يف‬ ‫ميونخ‪ ،‬انتقلت عائلته عام ‪ 1894‬إىل مدينة‬ ‫بافيا يف إيطاليا‪ ،‬واستغل ألربت أينشتاين الذي‬ ‫كان حينها يف الخامسة عرشة من عمره الفرصة‬ ‫لالنسحاب من املدرسة التي كان يدرس فيها‬ ‫يف مدينة ميونخ التي كره فيها النظام الصارم‬ ‫والروح الخانقة وهناك من يدعي أنه كان طال ًبا‬ ‫قليل االستيعاب وقد رسب يف مادة الرياضيات‪.‬‬ ‫أمىض بعدها أينشتاين سن ًة مع والديه يف‬ ‫مدينة ميالنو حتى تبني أن من الواجب عليه‬ ‫تحديد طريقه يف الحياة فأنهى دراسته الثانوية‬ ‫يف مدينة آروا السويرسية‪ ،‬وتق َّدم بعدها إىل‬ ‫امتحانات املعهد االتحادي السويرسي للتقنية‬ ‫يف زيورخ عام ‪ ،1895‬وقد أحب أينشتاين طرق‬ ‫التدريس فيه‪ ،‬وكان كث ًريا ما يقتطع من وقته‬ ‫ليدرس الفيزياء مبفرده‪ ،‬أو ليعزف عىل كامنه‪،‬‬ ‫إىل أن اجتاز االمتحانات وتخ َّرج يف عام ‪،1900‬‬ ‫لكن ُمد ِّرسيه مل يُرشِّ حوه للدخول إىل الجامعة‪.‬‬ ‫تقول الحكاية إن والد أينشتاين أعطى ابنه‬ ‫بوصلة عندما كان هذا الطفل يف الخامسة من‬ ‫عمره‪ .‬تفحصها الصغري باندهاش و أدرك حينها‬ ‫أن مثّة قو ًة يف الفضاء تؤث ّر يف إبرة البوصلة‬ ‫وتح ّركها‪.‬‬ ‫“أعط الطفل كتابًا فإنه سيغري الكون” وهذا‬ ‫ما حدث مع ألربت أينشتاين‪.‬‬ ‫حني كان ياف ًعا أخذته أفكاره خالل أحالم‬ ‫يقظته تسأل (كيف سيبدو العامل لو سافرت‬ ‫برسعة الضوء؟)‪ .‬مع األيام سافر أينشتاين يف عام ‪ ،1021‬نرش الفيزيايئ ابن الهيثم كتاب‬ ‫برسعة الضوء من خالل أفكاره وكتب لنا البرصيات‪ .‬عاش سيد الضوء ابن الهيثم يف مدينة‬ ‫نظريتَ ْيه النسبية الخاصة والعامة ليصل علم البرصة وكان لديه رغبة عميقة يف فهم الطبيعة‪.‬‬ ‫الفيزياء لقوانني ال تتغري من شعب آلخر أو من كان يطرح عىل نفسه سؤال “كيف نرى؟”‪ .‬يف‬


‫كتابه البرصيات استخدم تجارب لدعم نظرية الولوج‬ ‫يف اإلبصار‪ ،‬حيث ينتقل الضوء من جرم إىل العني‬ ‫مستخد ًما آالت مثل كامريا أو بسكيورا (صندوق‬ ‫مظلم)‪ .‬األمر الذي أدى بابن الهيثم ألن يقرتح أن‬ ‫حتم رسعة محددة وأن رسعة الضوء‬ ‫للضوء لذلك؛ ً‬ ‫تتغري إذ تنقص يف األجسام األكرث كثافة‪ .‬وقد جادل‬ ‫بأن الضوء هو “مادة محسوسة” يتطلب انتشارها‬ ‫وقتًا حتى لو كان مخف ًيا عن حواسنا ‪ .‬كام أن ابن‬ ‫الهيثم خالف فكرة من سبقوه يف أن العني هي من‬ ‫ترسل شعا ًعا نرى عىل إثر ذلك األشياء؛ إذ قال إن‬ ‫النجوم بعيدة ج ًدا ع ّنا وال ميكننا أن نطلق من أعيننا‬ ‫الضوء إليها‪ .‬وتقول كتب التاريخ إن ابن الهيثم أول‬ ‫من اكتشف أن الضوء يتحرك بخطوط مستقيمة‪.‬‬

‫“‬

‫‪d Fiction‬‬

‫الكيلومرتات ليصل األرض‪ .‬و يف مطلع القرن السابع‬ ‫عرش‪ ،‬آمن يوهانس كپلر أن رسعة الضوء غري‬ ‫محدودة ألن الفراغ ليس فيه معوقات للضوء‪ ،‬وجادل‬ ‫فرانسيس بيكون أن رسعة الضوء مل تكن بالرضورة‬ ‫غري محدودة؛ إذ إن شيئًا يوجد ميكنه السفر برسعة‬ ‫أعىل من أن ندركها‪ .‬وقد جادل رينيه ديكارت بأنه‬ ‫لو كانت رسعة الضوء محدودة‪ ،‬فإن الشمس واألرض‬ ‫والقمر سيظهران عىل غري خط واحد أثناء الخسوف‬ ‫القمري‪ .‬وألننا ال نشاهد عدم االتّساق هذا؛ فقد‬ ‫استنتج ديكارت أن رسعة الضوء غري محدودة‪ .‬كام‬ ‫وقد حاول غاليليو قياس رسعة الضوء لكنه فشل‪.‬‬ ‫املوجة الضوئية ذو طبيعة ثنوية (ثنائية)‪ ،‬فهو‬ ‫عبارة عن طبيعتني موجية و ُج َسيمية وهو عىل خالف‬

‫تقول الحكاية إن والد أينشتاين أعطى ابنه بوصلة عندما كان هذا‬ ‫الطفل يف الخامسة من عمره‪ .‬تفحصها الصغري باندهاش و أدرك‬ ‫حينها أن مثّة قو ًة يف الفضاء تؤثّر يف إبرة البوصلة وتح ّركها‪.‬‬ ‫“أعط الطفل كتا ًبا فإنه سيغري الكون” وهذا ما حدث مع ألربت‬ ‫أينشتاين‪.‬‬

‫وعىل إثر ذلك أجرى تجاربه يف الحجرة املظلمة ليبني‬ ‫كيف يك ّون الضو ُء الصورةَ‪ ،‬واستطاع تشكيل صورة‬ ‫من كان يقف خارج الحجرة عىل الجدار الداخيل‬ ‫للحجرة من خالل ثقب صغري‪.‬‬ ‫يف القرن الحادي عرش‪ ،‬قال أبو الريحان البريوين‬ ‫أن الضوء له رسعة محددة والحظ أن رسعة الضوء‬ ‫تكون أعىل من رسعة الصوت‪ .‬ويف عام ‪ 1574‬وافق‬ ‫الفليك العثامين والفيزيايئ تقي الدين بن معروف مع‬ ‫ابن الهيثم عىل أن رسعة الضوء ثابتة‪ ،‬ولكنها تتغري‬ ‫يف األجسام األكثف‪ ،‬واقرتح أن الضوء سيستغرق‬ ‫طويل للوصول من النجوم التي تبعد ماليني‬ ‫ً‬ ‫وقتًا‬

‫‪22‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫األمواج الصوتية ال يحتاج ملادة ينتقل عربها‪ .‬ميتلك‬ ‫خواص ال يشبهه فيها يشء؛ فالجسم األسايس‬ ‫الضوء‬ ‫َّ‬ ‫للضوء (الطبيعة الجسمية) يسمى الفوتو ن �‪PHO‬‬ ‫‪ TON‬وهو جسيم أويل عديم الكتلة وهذا ما يسمح‬ ‫بتأثريه وتفاعله ملسافات طويلة‪ .‬أدرجه العلامء يف‬ ‫عائلة بوزون ضمن مجموعة بوزون قيايس‪ ،‬واكتشفه‬ ‫العامل ماكس بالنك‪ .‬ففي عام ‪ 1900‬وصف الفيزيايئ‬ ‫ماكس بالنك الضوء وكل أشكال الطاقة اإلشعاعية‬ ‫كمت وكل كم من‬ ‫بأنها تيارات من جسيامت تسمى ّ‬ ‫الطاقة حزمة وال ميكن تقسيمها‪ ،‬والفوتون كم من‬ ‫الطاقة الكهرومغناطيسية‪ .‬عام ‪ ،1902‬الحظ العامل‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And‬‬ ‫الفيزيايئ فيليب أنتون لينارد أن كمية الطاقة املعطاة‬ ‫إللكرتون اعتمدت فقط عىل لون الضوء الذي سطع‬ ‫عىل القطب الكهربايئ‪ .‬ويف عام ‪ 1905‬توصل العامل‬ ‫الفيزيايئ ألربت أينشتاين إىل أن طاقة الفوتون تعتمد‬ ‫عىل طولها املوجي أو ترددها؛ فمثال فوتون الضوء‬ ‫البنفسجي له طاقة أعىل من فوتون الضوء األحمر‬ ‫ألن ضوء البنفسجي له تردد أعىل مام للضوء األحمر‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1922‬اكتشف العامل الفيزيايئ آرثر كومبتون‬ ‫دليل قويًّا‬ ‫ظاهرة عرفت بتأثري كومبتون‪ ،‬الذي كان ً‬ ‫عىل أن الفوتونات هي يف الواقع جسيامت فعندما‬ ‫تصطدم فوتونات األشعة السينية مع اإللكرتونات‬ ‫ينحرف كال الجسيمني عن مسارهام املبديئ ويعطي‬ ‫فوتون األشعة السينية بعض طاقته لإللكرتون؛ ونتيجة‬ ‫لذلك يسقط فوتون األشعة السينية عىل تردد أقل‪.‬‬ ‫إن عمر الكون وحجمه‪ ،‬ومادة النجوم‪ ،‬وقوانني‬ ‫الزمان واملكان مدونة بالضوء‪ ،‬فالضوء يحمل سرية‬ ‫ذاك اليشء‪ .‬تلك األشياء موجودة منذ القدم لكننا مل‬ ‫نكن نعرف كيف نحدد ماهيتها إىل أن متكن العلامء‬ ‫من اكتشاف طريقة لرؤية أرسار الكون من خالل‬ ‫الشفرة املخبأة يف الضوء‪.‬‬ ‫وليم هرشل هو أول من فهم أن املنظار هو آلة‬ ‫الزمن‪ .‬فبالنظر إىل السامء نرى املايض‪ ،‬الضوء القادم‬ ‫من النجوم هو صورة النجم عندما أطلق ذلك الضوء‬ ‫يف ذلك الوقت‪ .‬قد يكون النجم بعي ًدا عن زماننا‬ ‫ماليني السنني‪ .‬القمر يبعد عنا ثانية ضوئية واحدة‪،‬‬ ‫أما الضوء القادم من الشمس فيحتاج ملا يقارب مثاين‬ ‫دقائق ضوئية ليصل إلينا‪ ،‬مع مالحظة أننا نستخدم‬ ‫قياس الساعة الضوئية ضمن مجال األرض والشمس‪،‬‬ ‫أما بعد الشمس نستخدم قياس السنة الضوئية‪.‬‬ ‫أقدم ضوء وصل إلينا حتى تاريخ كتابة هذه‬ ‫الكلامت كان قاد ًما من مجرات تبعد عنا ‪13.4‬‬ ‫مليار سنة ضوئية‪ ،‬والتقطه تلسكوب هابل‪ .‬يرى‬

‫الفيزيائيون أن لحظة خروج ذلك الضوء من منبعه‬ ‫قبل ‪ 13.4‬مليار سنة ضوئية مل تكن مجرة درب التبانة‬ ‫التي ينتسب كوكبنا األرض لها موجودة بعد‪.‬‬ ‫كان نيوتن يف العرشينات من عمره عندما متكن‬ ‫كأول شخص من فك لغز قوس قزح فقد توصل‬ ‫إىل ما نعرفه اليوم بأن الضوء األبيض هو مزيج من‬ ‫ألوان الطيف (طيف قوس قزح) وقد أطلق نيوتن‬ ‫عبارة طيف عىل ألوان قوس قزح وجاء بهذه الكلمة‬ ‫من كلمة يونانية تعني الشبح (أو الظهور)؛ حيث‬ ‫يُعد نيوتن هو من ابتكر املوشور من خالل دراسته‬ ‫لظاهرة انكسار الضوء‪ .‬وتوقف هنا يف بحثه هذا‬ ‫حتى عام ‪ 1800‬أي بعد ‪ 150‬سنة من اكتشاف نيوتن‬ ‫أللوان الطيف ليتعرث صدفة العامل ِول َيم هرشل عىل‬ ‫عوامل غري مرئية تعيش معنا‪ .‬تساءل هرشل‪ ،‬هل كل‬ ‫لون من ألوان الطيف يحمل الحرارة ذاتها؟أم لكل‬ ‫لون حرارة مختلفة؟ فقام ليجيب عن تساؤله هذا‬ ‫بالتجربة التالية‪ .‬وض َع صفحة بيضاء أسقط عليها‬ ‫ألوان الطيف الناتجة عن مرور الضوء عرب املوشور‬ ‫وثبت عىل كل لون ميزان حرارة فتوصل إىل نتيجة‬ ‫مفادها أن للون األحمر درجة حرارة أدىن من درجة‬ ‫حرارة اللون األزرق‪ .‬لكن ما أذهله أن امليزان الذي‬ ‫كان موضو ًعا بجانب اللون األحمر عىل الورقة البيضاء‬ ‫دل عىل درجة حرارة أعىل‪ .‬وبهذا استشعر هرشل‬ ‫نو ًعا جدي ًدا من الضوء هو األشعة تحت الحمراء‬ ‫أعيننا ال تراها لكن جلدنا يتحسس حرارتها‪.‬‬ ‫عندما يتحرك الضوء يف الفراغ يكون محاطًا بالظالم‪،‬‬ ‫والضوء عىل خالف األمواج الصوتية ال يحتاج إىل مادة‬ ‫(وسط) تركبه املوجة الضوئية لتنتقل من خاللها مع‬ ‫العلم أن طول موجة الضوء أقرص من طول املوجة‬ ‫الصوتية بكثري‪ .‬عند حركة الضوء األبيض يف الفراغ‬ ‫فإن كل ألوانه املرافقة له تتحرك بنفس الرسعة إال‬ ‫أنه عندما يصطدم بالزجاج بزاوية ما (املوشور)‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫‪23‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬


‫‪d Fiction‬‬

‫فرانهوفر يرشح (املطياف) السبكرتوسكوب ‪Spectroscope‬‬ ‫تتباطأ رسعة الضوء ويغري اتجاهه داخل املوشور‬ ‫ليخرج الضوء بألوانه التي نعرفها‪ .‬هذا هو مبدأ‬ ‫عمل املوشور اختالف يف الرسعة وإرسال املوجات‬ ‫قليل‪.‬‬ ‫باتجاهات مختلفة ً‬ ‫أول من قام بتجارب املوشور هو جوزيف فرانهوفر‬ ‫حيث نظر إىل الضوء القادم عرب املوشور من خالل‬ ‫منظار فالحظ وجود خطوط طول سوداء بني األلوان‪.‬‬ ‫هذه الخطوط السوداء بني األلوان هي شفرة من‬ ‫الكون سميت بطيف فرانهوفر وكان هذا االكتشاف‬ ‫هو السبب يف نشأة فيزياء الفلك‪ .‬لكن ما الرسالة‬ ‫التي حملتها تلك الخطوط السوداء؟‬ ‫اللون هو الطريقة التي تدرك بها أعيننا كم تحوي‬ ‫األمواج الطولية من طاقة وللعلم أن املوجة ذات‬ ‫الطول األعىل تحمل طاقة أقل‪ .‬تنشأ تلك الخطوط‬ ‫أمواج طولية معينة لهذا اللون‬ ‫السوداء عندما تُ تص‬ ‫ٌ‬ ‫ويحدث يف مستوى أصغر بكثري من العامل الذي نعمل‬ ‫به إذ يحدث يف مستوى الذرات‪ .‬فهذه الخطوط‬ ‫السوداء ناتجة عن انتقال اإللكرتون من مداره ملدار‬ ‫آخر يف نفس النواة فاإللكرتون عندما يهبط من مداره‬ ‫ملدار أقل منه يصدر طاقة عىل هيئة إشعاع يتبعرث‬ ‫ذلك اإلشعاع وال يصل إلينا منه يشء فتدل عليه تلك‬ ‫الخطوط السوداء كظل‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫هذا الكون مختبئ يف املادة املظلمة ال يصدر‬ ‫عنها أي ضوء وهذه املادة املظلمة ال متتص الضوء‬ ‫وال تعكسه‪ ،‬هذه املادة املظلمة موجودة بسبب‬ ‫جاذبيتها فقط و التي تجذب املجرات جمي ًعا وتتحرك‬ ‫النجوم داخلها‪ .‬ولو كانت هذه املادة املظلمة متتص‬ ‫الضوء‪ ،‬ما وصل إلينا يشء منه‪.‬‬

‫الهوامش والمراجع‬ ‫‪ -1‬أساسيات الفيزياء لـ فريدريك ج يوش ‪ ..‬و ‪...‬‬ ‫دتفيد أ ‪ .‬جريد‬ ‫‪ -2‬أرسع من رسعة الضوء لـ جواو ماكيو يجو‬ ‫‪ -3‬تاريخ املوجز للزمن لـ ستيفن هنوكنج‬ ‫‪ -4‬قصة الفيزياء لـ لويد فرن ‪ ..‬و ‪ ..‬جيفرسون هني‬ ‫ويفر‬ ‫‪ -5‬موسوعة الفلك و الكون إعداد إلفانا مصطفى‬ ‫حمود‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪And Fiction‬‬

‫مراجـعات‬

‫م ـ ـ ــبدأ الري ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫أينشتاين‪ ،‬هايزنبرج‪ ،‬بور والصراع من أجل روح العلم‬

‫“‬

‫دافيد لندلي‬

‫يف سن السادسة والعرشين‪ ،‬وبعد مرور‬ ‫زكريا عبدالمطلب‬ ‫ُمعلم مصري‪.‬‬ ‫سنوات أربع منذ حصول ذلك الشاب األملاين‬ ‫‪ zakariaahmad123@hotmail.com‬عىل الدكتوراة يف الفيزياء من جامعة ميونخ‪ ،‬قرر‬ ‫بجرأة يُحسد عليها أن يدق املسامر األخري يف نعش‬ ‫الفيزياء الكالسيكية وأن يعلن عن قيام رصح جديد‬ ‫للعلم تتوارى معه مبادئ السببية والحتمية‪ ،‬التي‬ ‫سادت لقرون طوال؛ ليسود مبدأ الريبة (مبدأ عدم‬ ‫التحديد) أو (عدم التأكد) الذي يعد لبنة أساسية‬ ‫الكم الجديدة التي يعد‬ ‫يف بناء ما يسمى نظري َة ّ‬ ‫رشودنغر من روادها األوائل مع أقرانه بورون وبول‬ ‫ديراك‪.‬‬ ‫تلك النظرية التي احتاجت لرياضيات من نوع‬ ‫جديد فظهرت مصفوفات هايزنربغ جن ًبا إىل جنب‬ ‫كل بطريقته‬ ‫رس ٌّ‬ ‫مع معادلة رشودنغر املوجية ليف َ‬ ‫سلوك اإللكرتونات كام مل يفعل أحد من قبل‪ ،‬وإن‬ ‫كان رشودنغر قد وضع معادلته لتفرس سلوك جسم‬ ‫تقليدي من وجهة نظره وأيده يف ذلك أينشتني الذي‬ ‫تحدى وجهة النظر االحتاملية عند هايزنربغ‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science A‬‬

‫ورصح بقوله الشهري (إن الله ال يلعب الرند)‪ ،‬فإن هايزنربغ‬ ‫مىض بنظرية الكم إىل آخر الشوط ليعلنها رصيحة ومبساندة‬ ‫من أستاذه بور وأعلن رصاحة عن مبدئه الخالد «تستطيع‬ ‫أن تقيس رسعة الجسم‪ ،‬وقد تستطيع أن تحدد موضعه‪،‬‬ ‫لكن ال ميكنك أن تنجز املهمتني م ًعا بدقة‪ ،‬فكلام زادت‬ ‫دقتك يف تحديد أحدهام‪ ،‬قلت دقتك يف تحديد اآلخر»‬ ‫إذن هي الريبة والعجز عن املعرفة التامة واإلحاطة‬ ‫بالعامل من حولنا‪.‬‬ ‫عجز ليس مرده إىل القصور البرشي أو إىل عيوب آالت‬ ‫القياس‪ ،‬بل يعود إىل طبيعة الجسم نفسه‪ ،‬وعند هذه‬ ‫النقطة بالذات بدأ الرصاع‪.‬‬ ‫وألن امليدان مل يكن خال ًيا لهايزنربغ وحده؛ فقد توالت‬ ‫االعرتاضات عىل أفكاره الثورية ولعل أهمها ما جاء به‬ ‫أينشتني ومساعدوه‪ ،‬بودلسيك وروزن يف تجربتهم الذهنية‬ ‫الشهرية (ا ب ر)‪.‬‬ ‫واعرتاضات رشودنغر يف تجربته الذهنية بدورها‪ ،‬تجربة‬ ‫القطة الشهرية (قطة رشودنغر الحبيسة وحدها مع قنينة‬ ‫السم واملادة املشعة‪ ،‬تلك القطة التي وضع هايزنربغ ح ًّدا‬ ‫ملعرفتنا التامة مبصريها‪ ،‬وما زالت القطة املسكينة إىل اليوم‬ ‫شاهد ًة عىل ذلك الرصاع املحتدم حول روح العلم‪.‬‬ ‫ذلك الرصاع الذي يأخذنا الكتاب موضع العرض اليوم إىل‬ ‫حلباته متنقلني عىل بساط الزمن ما بني لندن ومانشسرت‬ ‫وميونخ وغونتغن وكوبنهاغن وباريس وكاليفورنيا)‪.‬‬ ‫كتابنا اليوم يأيت تحت عنوان «مبدأ الريبة‪ ،‬هايزنربغ وبور‬ ‫وأينشتني‪ ،‬والرصاع من أجل روح العلم»‪.‬‬ ‫ومؤلف الكتاب هو ديفيد لنديل‪ ،‬املحرر العلمي والحائز‬ ‫عىل الدكتوراة يف الفيزياء الفلكية‪.‬‬ ‫بينام توىل مهمة نقله للعربية الدكتورنجيب املحجوب‬ ‫الحصادي‪ ،‬الحاصل عىل الدكتوراة يف فلسفة العلوم من‬ ‫جامعة ويسكنسن‪.‬‬ ‫يتصدر الكتاب مقدمة وافية للدكتور الحصادي بني فيها‬ ‫ما يعنيه مبدأ الريبة من إنكار للمبدأ الحتمي الذي طاملا‬ ‫فرض هيمنته عىل الفكر اإلنساين‪.‬‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫كام بني أهمية مبدأ الريبة من حيث إنه يضع قي ًدا لـقدرة‬ ‫اإلنسان عىل التوصل إىل فهم حقيقي للعامل الفيزيايئ من‬ ‫حوله‪ ،‬فكل ما هنالك مجرد احتامالت‪ ،‬كام مثن املرتجم يف‬ ‫مقدمته جهود املؤلف يف عرضه ملحتوى الكتاب يف إطار‬ ‫رسدي ملحمي حيث يأخذنا يف رحلة أوديسية عرب تخوم‬ ‫العلم لنلتقي ببرش من لحم ودم يخوضون رصا ًعا من أجل‬ ‫روح العلم‪.‬‬ ‫فالكتاب يتناول رصا ًعا ضاريًا‪ ،‬أو يف حقيقة األمر معركة‬ ‫فكرية جبارة بني عقول متميزة صنع أصحابها مج ًدا تلي ًدا‬ ‫حتى أنه ال يخلو كتاب علمي يف العامل من ذكر أسامئهم‬ ‫وال يزال طالب العلم حول العامل يلهجون بأسامء هايزنربغ‬ ‫وس َمرفيلد وماكس بورون‬ ‫ورشودنغر وباويل ودي برويل ُ‬ ‫ومن قبلهم بور وأينشتني‬ ‫يف هذا الكتاب سوف نقرتب من هذه الشخصيات كام مل‬ ‫نفعل من قبل‪ ،‬سوف نعيش مع عباقرة تتصارع عقولهم‬ ‫وتتالقى أجسادهم يف أروقة الجامعات ومعاهد العلم‬ ‫حول العامل تجمعهم املؤمترات العلمية لكنهم يف النهاية‬ ‫برش‪ ،‬يحبون ويكرهون‪ ،‬لهم نزواتهم وتؤثر فيهم ظروف‬ ‫املجتمع‪ ،‬وحني تصبح ضغوط املجتمع فوق االحتامل‬ ‫يهجرون األوطان بحثًا عن مناخ يوفر لهم حرية البحث‬ ‫العلمي‪.‬‬

‫وبدأ تراب أيب الهول يف الحركة‬

‫يف الفصلني األول والثاين من الكتاب نعود بالزمن مع‬ ‫الكاتب إىل عام ‪ 1827‬لندخل إىل معمل العامل الكبري‬ ‫حبوب لقاح‬ ‫(روبرت براون) حيث نراقبه يف أثناء فحصه‬ ‫َ‬ ‫نبات ‪ Clarke pulchella‬تحت امليكروسكوب‪ ،‬ونرى‬ ‫مدى حريته يف تفسري الحركة الدائبة لحبوب اللقاح يف‬ ‫املاء‪ ،‬ثم نرى عالمات الحرية تزداد عىل وجهه حني استبدل‬ ‫مساحيق غري‬ ‫بحبوب اللقاح فتاتًا من لحاء األشجار‪ ،‬ثم‬ ‫َ‬ ‫عضوية ومن ضمنها مسحوق من قطعة صخرية من متثال‬ ‫قيم عىل املتحف الربيطاين‪،‬‬ ‫أيب الهول حصل عليها بصفته ً‬ ‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪26‬‬


‫‪d Fiction‬‬

‫وكاد الرجل يفقد عقله‪ ،‬فهاهو الفتات الصخري يتحرك ‪ ،‬وماذا يحدث داخل ذلك الكيان العجيب املس ّمى الذرة؟‬ ‫خالل املاء يف رعشات محمومة‪ ،‬وت َذكّر ما سبق أن علمه مع وهنا يظهر الرجل املناسب يف الوقت والزمان املناسبني‬ ‫السيد باي ووتر من ليفربول الذي الحظ ذلك الهياج من متا ًما‪ ،‬جاء إرنست رذرفورد من نيوزلندا ليدرس عىل يد‬ ‫جي جي تومسون‪ ،‬الرجل‬ ‫وأجيال‬ ‫ً‬ ‫قبل‪ .‬ويبدو أن عاملنا الكبري‬ ‫من بعده ستكتفي بالحرية‪ ،‬أمام سوف نعيش مع عباقرة تتصارع عقولهم الذي أثبت أن أشعة الكاثود‬ ‫وتتالقى أجسادهم يف أروقة الجامعات هي سيل من اإللكرتونات‬ ‫لغز تلك الرعشات املحمومة‪.‬‬ ‫وبوفاة براون دون أن يكشف رس ومعاهد العلم حول العامل تجمعهم املؤمترات ليحصد جائزة نوبل ويضع‬ ‫الحركة التي سميت باسمه‪ ،‬رأينا العلمية لكنهم يف النهاية برش‪ ،‬يحبون منوذ ًجا للذرة ُعرف باسمه‬ ‫العلم يويل ظهره لتلك الحركات ويكرهون‪ ،‬لهم نزواتهم وتؤثر فيهم ظروف (ذرة تومسون) حيث‬ ‫الغامضة ونأى العلامء بأنفسهم املجتمع‪.‬‬ ‫تتحرك اإللكرتونات بشكل‬ ‫ما يف ٍ‬ ‫وسط هالمي موجب‪.‬‬ ‫عنها‪ ،‬حتى جاء األملاين (كريستيان‬ ‫فايرن) باقرتاح يرجع تلك الحركة إىل الصدمات بني‬ ‫الجسيامت املادية الدقيقة وجزيئات املاء‪ ،‬ومييض بنا قطار كيف يقرر اإللكرتون‬ ‫الزمان لنحط الرحال يف عام ‪ 1905‬لنتابع جهود الشاب بوصول نيلز بور إىل كامربدج يف سبتمرب ‪ ،1907‬يف سن‬ ‫ذي الستة والعرشين عا ًما حينها‪ ،‬ألربت أينشتني وهو يضع السادسة والعرشين‪ ،‬كان عىل موعد مع القدر‪ ،‬فقد‬ ‫التفسري الصحيح للحركة الرباونية ليبدأ معها عهد الدراسات كانت مناوشاته مع جي جي تومسون والصعوبات التي‬ ‫اإلحصائية ويتعاظم دور الرياضيات يف وصف العامل الذري‪ .‬واجهها يف التعود عىل أسلوب الحياة اإلنجليزية‪ ،‬داف ًعا‬

‫“‬

‫غموض موضع حرية عظيمة‬

‫القرن التاسع عرش عىل وشك االنتهاء‪ ،‬والعامل يحفل‬ ‫بالعديد من الذرات‪ ،‬فلِعلامء الفيزياء ذراتهم التي تشبه‬ ‫كرات البليارد‪ ،‬وتحكمها قوانني الحرارة‪ ،‬أما علامء الكيمياء‬ ‫فلهم ذراتهم التي تتفاعل م ًعا‪ ،‬لتتجمع يف شكل جزيئات‪،‬‬ ‫وال يبدو يف األفق من يشء يجمع بني نوعي الذرات‪.‬‬ ‫ثم كانت الصدمة التي أصابت الجميع حني اكتشف هرني‬ ‫بيكريل النشاط اإلشعاعي‪ ،‬تزام ًنا مع توصل رونتغن صدف ًة‬ ‫إىل اكتشاف أشعة غري مرئية تنبعث من أنابيب التفريغ‬ ‫الكهريب سميت األشع َة السينية أو أشعة إكس (وإن ظل‬ ‫األملان يطلقون عليها إىل اليوم أشعة رونتغن تكر ًميا له)‪.‬‬ ‫ثم تأيت بعد ذلك جهود ماري كوري وزوجها يف مجال‬ ‫النشاط اإلشعاعي لتضع عىل عاتق العلامء عبئًا جدي ًدا‪،‬‬ ‫فالسؤال اآلن يفرض نفسه‪ :‬من أين تنبعث تلك األشعة‬ ‫املادية (أشعة الكاثود)‪ ،‬والكهرومغناطيسية (أشعة إكس)‬

‫‪27‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫نحو تغيري مساره إىل مانشسرت حيث التقى مع رذرفورد‬ ‫العائد لتوه من كندا‪ ،‬وعىل العكس من تومسون فقد‬ ‫كان ودو ًدا لطيفًا‪ ،‬كام أن بور بفطنته الثاقبة أدرك أن‬ ‫الزمن القادم هو زمن رذرفورد‪ ،‬وأن عهد ذرة تومسون‬ ‫ول وغربت شمسه‪ ،‬فيقرر بور أن يظل بجواره‬ ‫قد ّ‬ ‫ليتعلم التجريب يف النشاط اإلشعاعي‪ ،‬وليكون شاه ًدا‬ ‫عىل مرحلة بالغة األهمية يف تاريخ العلم؛ حيث بدأ‬ ‫عم يبدو أنه الرتكيب الحقيقي‬ ‫رذرفورد كشف اللثام ّ‬ ‫للذرة‪ .‬وهنا يأخذنا الكاتب إىل معمل رذرفورد‪ ،‬لنتابعه‬ ‫وقد بدأ يف نقض مفاهيم أستاذه طومسون‪ ،‬واح ًدا تلو‬ ‫اآلخر‪ ،‬فبعد توصله مع فريدرك سودي إىل نظرية التحلل‬ ‫اإلشعاعي لتفسري اإلشعاع املنبعث من الذرة‪ ،‬كان عىل‬ ‫موعد مع التاريخ حني صمم وأجرى مع تالميذه غيغر‬ ‫ومارسدن ما عرف بتجربة رذرفورد‪ ،‬التي وضعتنا أمام‬ ‫تصور جديد للذرة تبدو فيه النواة كشمس صغرية تدور‬ ‫حولها اإلكرتونات كام الكواكب يف فضاء شاسع‪.‬‬ ‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬


‫‪Science And‬‬

‫فذرة رذرفورد التي منحته جائزة نوبل كانت يف‬ ‫معظمها فراغًا‪ ،‬وإلكرتوناتها تدور بطريقة فشلت نظريات‬ ‫امليكانيكا وقتها يف تفسريها‪.‬‬ ‫وهنا يظهر بور من خلف الستار ليقرر أن اإلكرتونات‬ ‫ال ميكنها حمل أي قدر تريده من الطاقة‪ ،‬بل إن لكل‬ ‫كم محد ًدا من الطاقة وحسب يتحدد من خالل‬ ‫إلكرتون ًّ‬ ‫املدار املوجود فيه‪.‬‬ ‫كمت الطاقة ليست جديدة فقد ولدت عىل‬ ‫فكرة ّ‬ ‫يد رائد الكم القديم ماكس بالنك حني فرس بها إشعاع‬ ‫الجسم األسود ليدق بذلك املسامر األول يف نعش‬ ‫كل‪ ،‬فهو كام يخربنا‬ ‫الفيزياء الكالسيكية رغم إرادته‪ّ ،‬‬ ‫الكاتب مل يكن مقتن ًعا بوجود مربر فيزيايئ يجعل الطاقة‬ ‫الكهرومغناطيسية تظهر يف صورة كامت‪ ،‬لكن ذلك كان‬ ‫رضوريًا لتفسري التجارب العملية؛ ولذا ظل إىل نهاية حياته‬ ‫يحاول التخلص من تلك الكامت دون جدوى ويضع اللبنة‬ ‫األوىل لنظرية الكم‪.‬‬ ‫وملا جاء بور ليطبق املبدأ نفسة عىل اإللكرتونات‪ ،‬مل‬ ‫أيضا مرب ًرا فيزيائ ًيا‪ ،‬لكن ذلك بدا فكرة صائبة‪،‬‬ ‫يكن ميلك ً‬ ‫وإن كان رذرفورد بتجربته الشهرية قد بدأ عهد الفيزياء‬ ‫النووية‪ ،‬فإن بور اآلن عىل وشك بدء عهد جديد للفيزياء‬ ‫الذرية‪ ،‬وبنجاحه يف تفسري طيف ذرة الهيدروجني بدا‬ ‫منوذج بور الذي تدور فيه اإللكرتونات يف مدارات محددة‬ ‫حول نواة مركزية كام لو كان النموذج األمثل للرتكيب‬ ‫الذري‪ ،‬وإن ظل تساؤل رذرفورد لتلميذه بور يرتدد دو ًما‬ ‫من حوله (كيف يقرر اإللكرتون تردده وكيف يتنقل من موعدنا إن شاء الله تعاىل مع عرض لبقية الكتاب يف‬ ‫العدد القادم‪ ،‬وشك ًرا‪.‬‬ ‫حالة سكون ألخرى)‪.‬‬ ‫إذن هي تلقائية االنحالل اإلشعاعي عند رذرفورد‪ ،‬تعود‬ ‫مرة أخرى يف صورة تلقائية انتقال اإللكرتونات يف ذرة الكتاب‪ :‬مبدأ الريبة‪ ،‬أينشتني وبور وهايزنربغ‪ ،‬والرصاع‬ ‫من أجل روح العلم‬ ‫بور‪ ،‬مرة أخرى سببية الفيزياء الكالسيكية عىل املحك‪.‬‬ ‫املؤلف‪ :‬د‪ .‬ديفيد لنديل‬ ‫املرتجم‪ :‬د‪ .‬نجيب املحجوب الحصادي‬ ‫مدرسة العباقرة‬ ‫حينام بدأت ذرة بور يف الرتنح إثر فشلها يف تفسري أطياف النارش‪ :‬دار العني للنرش‪ ،‬أبو ظبي‬ ‫رجل عظيام أعاد تاريخ الصدور ‪2009 :‬‬ ‫العنارص ما بعد الهيدروجني‪ ،‬قيض الله لها ً‬ ‫تصميمها لتصبح قادرة عىل الصمود يف وجه املشككني‪ ،‬كان‬ ‫هذا الرجل هو آرنولد سمرفيلد‪ ،‬ذلك العامل األملاين الذي‬ ‫قسم الفيزياء بجامعة ميونخ وشاء القدر‬ ‫رئيس ِ‬ ‫كان حينها َ‬ ‫أن يدرس عىل يديه مؤسسو نظرية الكم الحديثة باويل‬ ‫وهايزنربغ‪.‬‬ ‫و مييض بنا الكاتب يف أروقة جامعة ميونخ لنشهد والدة‬ ‫الذرة الكمومية التي سميت ذرة بور‪-‬سمرفيلد‪ .‬الذرة‬ ‫التي جاءت نتا ًجا لتعاون العاملني الكبريين؛ فمقدرة بور‬ ‫املحدودة يف عامل الرياضيات عوضها عقل سمرفيلد الريايض‬ ‫واملدرب جي ًدا عىل نظريات امليكانيكا والكهرومغناطيسية‪،‬‬ ‫وهكذا تحولت اللمحات العبقرية لبور حول تركيب الذرة‬ ‫حدسا يأتيه ‪-‬كام قال هايزنربغ‪ -‬عىل‬ ‫التي كانت يف معظمها ً‬ ‫هيئة صور إىل بناء ريايض محكم عىل يد سمرفيلد‪.‬‬ ‫قصصا من حياة سمرفيلد وتالميذه‬ ‫ومن خالل رسده ً‬ ‫ومحاولة هايزنربغ األوىل مع نظرية الكم التي عرفت مببدأ‬ ‫نصف الكم؛ حيث اقرتح عد ًدا كم ًّيا يحكم دوران اإللكرتونات‬ ‫حول النواة يكون نصفه لدى اإللكرتون والنصف اآلخر لدى‬ ‫النواه‪ ،‬يقربنا الكاتب تدريج ًّيا من الرصاع املنتظر حول‬ ‫روح العلم؛ فالتفسريات الجديدة لسلوك اإللكرتونات كام‬ ‫تقدمها ميكانيكا الكم تبتعد بنا دو ًما عن عامل الفيزياء‬ ‫الكالسيكية املعهود‪ ،‬مرة أخرى نجحت ذرة بور يف تفسري‬ ‫النتائج املعملية ولكن ما زالت أداء تساؤالت رذرفورد‬ ‫ترتدد‪« :‬كيف يقرر اإللكرتون؟»‬

‫‪www.Sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪FB/groups/Science.and.Fiction.Magazine‬‬

‫علم وخيال العدد السابع والعرشون (نوفمرب ‪)2016‬‬

‫‪28‬‬


‫“‬

‫مبجرد أن يعرف البرش أن هناك شي ًئا ممكن الحدوث‪،‬‬ ‫فلن يهدأ لهم بال حتى يفعلوه‪.‬‬ ‫فرانك هربرت‪ ،‬قصة “وقف إطالق النار” ‪1958‬‬

‫‪FB/groups/sience.and.fiction‬‬ ‫‪sciandfimag.wordpress.com‬‬ ‫‪Sciafimag@gmail.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.