Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﯿﻦ اﻟﻜﺎﺗﺒﯿﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻧﻮر اﻟﺪﯾﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻖ- اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺘﮭﺎﻣﻲ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻮﻛﯿﻠﻲ اﻟﺮﯾﺸﺔ اﻟﺬھﺒﯿﺔ
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
}ﺑﺎﺳﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ھﻞ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺪھﺮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺷﯿﺌﺎ ﻣﺬﻛﻮرا * إﻧﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻧﻄﻔﺔ أﻣﺸﺎج ﻧﺒﺘﻠﯿﮫ ﻓﺠﻌﻠﻨﺎه ﺳﻤﻌﯿﺎ ﺑﺼﯿﺮا * إﻧﺎ ھﺪﯾﻨﺎه اﻟﺴﺒﯿﻞ إﻣﺎ ﺷﺎﻛﺮا وإﻣﺎ ﻛﻔﻮرا*{ )اﻵﯾﺔ (3،2،1 ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻹﻧﺴﺎن
ﻣﺆﺳﺴﺔ دار اﻷﻋﻤﺎق اﻟﺮﺑﺎط
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
4
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻛﻞ ﻇﺎھﺮ ﻇﺎھﺮي ﻣﻮﺟﻮد إﻻ وﻟﮫ ﺑﺎﻃﻦ ﻓﻲ ﻇﺎھﺮ اﻟﻮﺟﻮد ،واﻟﺒﺎﻃﻦ أﺳﺎس اﻟﻈﺎھﺮ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﺑﻜﻮن اﻟﺒﺎﻃﻦ .ﻓﺎﻟﻜﻮن ﻛﻮﻧﺎن ﻓﻲ ﻛﻮن واﺣﺪ ﻇﺎھﺮ وﺑﺎﻃﻦ .ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻈﺎھﺮ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ إدراك ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻤﻌﺰول ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﮫ اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺪرك ﻓﻲ وﺟﻮده ،إﻧﮫ ﺳﻜﻨﻰ اﻟﻌﻘﻞ ﯾﻌﺮف ﺑﮭﺎ اﻷﺷﯿﺎء ،ﻓﮭﻮ ﻣﺮآة اﻟﻈﺎھﺮ .واﻟﻈﺎھﺮ ﯾﻌﺮف ﺑﮫ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﺑﺎﻃﻦ ، واﻟﻈﺎھﺮ ھﻮ ﻇﺎھﺮ ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ إﻻ إن ﺗﻮﻓﺮ ﻋﻠﻢ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﻣﺪرك ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ ﯾﺒﯿﻦ ﺻﻠﺔ اﻟﻈﺎھﺮ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وأﺻﻞ اﻟﻮاﻗﻊ وأﺳﺎس اﻟﻌﺪم ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﻜﻮن ،و ﻗﺪ ﯾﺨﻄﺄ اﻹﻧﺴﺎن إذا ﻣﺎ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻇﻮاھﺮ اﻟﻈﺎھﺮ دون ﺑﺤﺖ ﺟﺪي ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺑﻊ أﺻﻮل اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻹﺛﺒﺎت ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻈﺎھﺮ اﻟﻈﺎھﺮي أو اﻟﻈﺎھﺮ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﻣﺎ أﻋﺠﺐ أﻣﺮ اﻹﻧﺴﺎن إذ ﻻ ﯾﻌﺠﺐ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﺠﺒﺎ وﺟﻮدﯾﺎ ﯾﺆﻛﺪه ﺑﺎﻃﻦ اﻟﻈﺎھﺮ ﺑﺄن ھﻨﺎك ﻣﺎ وراء ﻛﻞ ﻇﺎھﺮ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ .ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﻇﺎھﺮ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﺮى اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﮫ اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﮫ اﻟﻜﻮﻧﻲ إذا ﻣﺎ ﺗﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻤﺎ ﯾﺮاه اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻘﻮى اﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻟﺪﯾﮫ ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن ﻣﺎ ﯾﻌﺮﻓﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻇﺎھﺮ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ إدراﻛﮫ إﻻ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ .ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻋﺮف اﻹﻧﺴﺎن ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻦ ﻛﻮن وﺟﻮدي ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﺮﻓﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ دون أن ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮح واﻗﻊ اﻟﻈﺎھﺮ واﻟﺒﺎﻃﻦ دون اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺑﻞ ﺑﺎﻧﻔﺮاد ﻋﻠﻤﻲ ﻣﻔﮭﻮم ﻓﻲ ﻓﮭﻤﮫ دون إدراﻛﮫ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﮫ .وﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻌﺮﻓﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ ﻛﻮن ﻣﻮﺟﻮد وﺟﻮدﯾﺎ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﯾﻌﺮﻓﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﮫ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﻲ وﺟﻮدھﺎ ﺑﻞ ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﮭﺎ ،وأول ﻣﺜﻞ ھﻮ أن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻗﺪ ﯾﻌﯿﺶ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺛﺎﻧﯿﺎ ﯾﺤﺴﺒﮫ أﻧﮫ ﻋﺎﻟﻢ وراء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﯿﻨﻤﺎ ذاك اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺻﻮرة ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻤﻜﺎن ﻣﻌﯿﻦ ﻓﻮق اﻷرض . واﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ھﺬه ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺧﻄﺄ ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ ﻋﻠﻢ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ – وأول ﺳﺆال ﯾﻄﺮح ھﻮ ﻣﺎ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ؟ وﻛﯿﻒ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﯿﮫ ،ﺛﻢ ﻣﺎ ھﻲ أﺧﻄﺎره وﻓﻮاﺋﺪه ؟ وﻻﺑﺪ ﻣﻦ إدﺧﺎل ﻋﻠﻮم اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻷﻧﮫ ﯾﺸﻜﻞ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻦ ،رف اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺘﮫ أن ھﻨﺎك ﺳﺮا ﺧﻔﯿﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻇﺎھﺮا ﻓﻲ اﻷﺣﻼم واﻟﺨﯿﺎل اﻟﻤﺘﺒﻨﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﺟﺎﻋﻼ ﻃﺒﯿﻌﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻣﺘﻄﻮرة أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ،إﻻ أﻧﮫ ﻟﻮﻻ اﻟﻈﺎھﺮ ﻟﻤﺎ ﻋﺮﻓﺖ ھﺬه اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ واﻟﻤﺴﻤﺎة ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻈﺎھﺮي ،إن اﻷﺣﻼم ھﻲ أول ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻟﻠﺒﺤﻮث اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،واﻟﺨﯿﺎل ھﻮ ﺛﺎﻧﻲ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﻤﺘﻄﻮرة ﺑﺎﻟﻈﺎھﺮ .وأول ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﺪرج ﺑﮫ اﻟﻔﮭﻢ ھﻮ أن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺘﺨﯿﻞ ﺑﻌﻘﻠﮫ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ھﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺻﻮري ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻤﺎ رآه اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺸﮫ .إﻧﻤﺎ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﯾﻄﻮر ﻋﺎﻟﻤﮫ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ﻓﯿﺼﺒﺢ واﺳﻌﺎ ﺟﻤﯿﻼ أو ﻗﺒﯿﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎن واﻛﺘﺴﺎﺑﺎﺗﮫ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ .وﻧﺠﺪ أن اﻟﺬي ﻋﺎش ﻓﻲ وﺳﻂ أرﺿﻲ ﺻﺤﺮاوي وﻟﻢ ﯾﺮ ﻗﻂ ﻣﻜﺎﻧﺎ آﺧﺮ ﻣﻐﺎﯾﺮا ﻟﻠﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻔﻘﺪ ﻗﻮة ﻛﺒﯿﺮة ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ ،وھﺬا ﯾﺆﺛﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻷﺣﻼم .ﻓﻤﺜﻞ ﺷﺨﺺ ﯾﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺻﺤﺮاوي وﻟﻢ ﯾﺮ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺬي ھﻮ ﻋﻜﺲ ﻣﻜﺎن اﺳﺘﻮﻃﺎﻧﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﺨﯿﻞ اﻟﺒﺤﺮ وﺑﺼﻔﺔ أﺧﺮى ﻣﻐﺎﯾﺮة ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟـﺬي 5
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻓﯿﺼﺒﺢ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﯾﻘﺎرن ﺗﻼل اﻟﺮﻣﻞ ﺑﺄﻣﻮاج اﻟﺒﺤﺮ و ھﯿﺠﺎن اﻟﺮﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﺑﻌﺎﺻﻔﺔ ﺑﺤﺮﯾﺔ ھﻮﺟﺎء دون أن ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺻﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺮؤﯾﺎه اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ . إن أول ﻣﺎ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﻤﺘﺎز ﺑﮫ ھﻮ رؤﯾﺔ ﻛﻞ ﻣﻞ ﯾﻤﻜﻦ رؤﯾﺘﮫ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ . ﻓﻜﺎن اﻟﺴﯿﺮ ﻓﻲ اﻷرض ﻣﻦ أول ﻣﺎ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻛﺘﺴﺎب ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﺗﻌﺮﻓﮫ ﺑﻮاﻗﻌﮫ اﻟﻈﺎھﺮي اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺸﮫ ﻛﻞ ﻣﻌﻠﻢ ﻟﻠﻄﺮق اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﺄﺳﺎﻟﯿﺒﮭﺎ وإﻣﻜﺎﻧﯿﺎﺗﮭﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﯾﺮﺷﺪ ﺑﺎدي اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ،وإذا ﻣﺎ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻧﻘﺼﺎن أو ﻋﺪم إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﺠﻮال ﻓﺈن ﻣﻦ ﯾﺮﺷﺪ إﻟﻰ اﻟﻄﺮق اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﯾﻈﮭﺮ ﻟﻠﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ أن ﯾﻔﺘﺢ ﻣﺠﺎل اﻟﺨﯿﺎل وذﻟﻚ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺪروﺳﺔ .ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﻟﻢ ﯾﺮ ﻧﻤﺮا أو أﺳﺪا ﺑﺼﻔﺔ ﻧﮭﺎﺋﯿﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻤﻌﻠﻢ ﯾﺄﻣﺮه ﺑﺄن ﯾﺘﺨﯿﻞ اﻟﻘﻂ ﻛﺒﯿﺮا ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺒﺢ ﻣﺜﻼ ﻟﻠﻨﻤﺮ، وأﺳﺪ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺨﯿﺎﻟﯿﺔ ﺑﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﻜﻠﺐ ﺻﻮرﯾﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺒﺢ ﻣﺮآة ﻟﻠﺴﺒﻊ .وھﻜﺬا ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻌﻘﻠﻲ ﺑﻘﻮاه اﻟﺨﯿﺎﻟﯿﺔ اﻟﺼﻮرﯾﺔ اﻟﻤﺘﺸﺎﺑﮭﺔ ﻟﻸﺻﻞ ﺑﺼﻔﺔ ﺗﻘﺮﯾﺒﯿﺔ ﯾﻤﻜﻦ اﺳﺘﺪراج ﻛﻮﻧﯿﺔ ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي .وﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﯾﻜﺘﺴﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻗﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺻﻮرﯾﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﺨﯿﺎل وذﻟﻚ ﺑﺘﻮﺳﯿﻊ ﻣﻊ ﺟﻌﻞ أﺷﯿﺎء ﺗﻘﺮﯾﺒﯿﺔ ﺗﻌﻮض ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺺ اﻷول . ﻛﺄن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﻮان وأﺷﺠﺎر وﺟﺒﺎل وأودﯾﺔ ، وھﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﻻ ﯾﻼﺣﻈﮫ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻟﻜﻦ إذا ﻣﺎ أراد ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻛﺘﺴﺎﺑﺎﺗﮫ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﯾﻈﮭﺮ ﻟﮫ ﻧﻘﺼﺎﻧﮫ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ .إن ھﺬا اﻟﻨﻘﺼﺎن اﻟﺼﻮري اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ اﻟﺬي ﻧﺠﺪه ﻋﻨﺪ اﻟﻜﺜﯿﺮ ،ﻟﮫ أﺛﺮ ﻓﻌﺎل ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺣﻼم .ﻓﺎﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺮ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻄﻠﻘﺎ وﺑﻌﺪھﺎ ﯾﻘﺎل ﻟﮫ إن ﻓﻲ اﻷرض ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﯿﺎه ﻛﺜﯿﺮة ﺗﻤﻮج وﻣﺨﯿﻔﺔ ﯾﺘﺨﯿﻞ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻛﻼﻣﻲ وﯾﺤﺎول أن ﯾﺮﺟﻌﮫ ﺻﻮرﯾﺎ ،وﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ ﯾﺤﺎول أن ﯾﺠﺪ اﻟﺼﻮرة اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟﻠﺒﺤﺮ .وﻓﻲ ﺣﻠﻤﮫ إذا ﺑﮫ ﯾﺤﻠﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ .وﯾﻈﮭﺮ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺮوي ﻣﻀﻤﻮن ﺣﻠﻤﮫ وﻛﺄن اﻟﺒﺤﺮ أﺻﺒﺢ ﺷﯿﺌﺎ آﺧﺮ ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻊ إﻻ ﺑﺼﻔﺔ ﺗﻘﺮﯾﺒﯿﺔ ﻛﺎن أﺻﻞ ﻗﺮاﺑﺘﮭﺎ ﻣﻤﺎ أﻋﻄﻲ ﻟﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﮭﻢ .وﻟﻌﻞ ھﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ أن ﻧﺘﺨﺬه ﻣﺜﻼ ﻟﮫ ﺻﺒﻐﺔ أﺧﺮى ﻟﻔﮭﻢ واﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻣﺤﺎوﻟﯿﻦ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن إﻋﻄﺎء اﻟﻔﮭﻢ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻈﺎھﺮي ﺑﻜﻼم ﻣﻜﺘﻮب ،وﻛﻞ ﻛﻼم ﻓﻤﻨﻄﻘﮫ ﻟﻦ ﯾﻜﻮن إﻻ ﺻﻮرة ﻓﻜﺮﯾﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﺤﺎول ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ أن ﯾﺘﺨﯿﻞ اﻟﻈﻮاھﺮ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺘﺨﯿﻞ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺮ اﻟﺒﺤﺮ ،ﺻﻮرة ﺗﻘﺮﯾﺒﯿﺔ ﻟﻠﺒﺤﺮ وذﻟﻚ ﺑﻤﺎ أﻋﻄﻲ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻓﮭﻢ .ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻌﺮف ﻋﻦ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ إﻻ إن ﻛﺎن ھﻨﺎك اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﺮى اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻨﻔﺴﮫ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻗﺪ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي .وأول ﻓﺮق ﻧﻮﺿﺤﮫ ھﻮ اﻟﺨﯿﺎل ﯾﺘﺤﻜﻢ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺼﻮري اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي وإرﺟﺎﻋﮫ ﺻﺒﻐﺔ ﻟﻮاﻗﻊ ﺛﺎن ﺻﻮري ﺧﯿﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .أﻣﺎ اﻟﺼﻮرة اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﻼ ﯾﺘﺤﻜﻢ ﻓﯿﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻄﻠﻘﺎ إﻻ ﺑﻘﻮة ﺟﺴﺪﯾﺔ إن ﺗﻮﻓﺮت ،واﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻘﺪﻣﺎء وﺳﺎﺋﻞ ﻛﺜﯿﺮة ﻟﺠﻌﻞ ﻓﺮق ﻣﻔﮭﻮم ﺑﯿﻦ اﻷﺣﻼم واﻟﺨﯿﺎل واﻟﺒﺎﻃﻦ .ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﺴﻮه ﺻﺒﻐﺔ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻟﻈﺎھﺮ ﻟﻨﺎ ﻟﺬا ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻃﻨﺎ ،وﻷن ﻟﮫ ﺣﻘﯿﻘﺔ أﺧﺮى ،وﻓﯿﮫ ﻣﺮاﺣﻞ ﻛﺜﯿﺮة ودرﺟﺎت ﯾﺼﻌﺐ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﯿﮭﺎ .واﻷﺣﻼم
6
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺎ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل ﻛﻤﺎ أن اﻟﺨﯿﺎل ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ .أﻣﺎ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻼ اﺗﺼﺎل ﻟﮫ ﺑﺎﻷﺣﻼم وﻻ اﻟﺨﯿﺎل إﻻ إن ﻛﺎن ھﻨﺎك اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﺼﺒﺢ ﺧﯿﺎﻻ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ واﻷﺣﻼم أﺣﻼم ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ . إن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ وﻣﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻧﻮﻋﯿﻦ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺧﺎﺻﯿﺘﮫ ،وﻟﻜﻞ ھﺬا أھﻤﯿﺔ ﻛﺒﺮى ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ،ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺘﻄﻮر ﺣﻘﯿﻘﺔ إﻻ إن اﻛﺘﺴﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻇﺎھﺮﯾﺔ أوﻟﻮﯾﺔ ،وﻋﻠﻢ ھﻮ أﺻﻞ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ﺑﺎﻛﺘﺴﺎب ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﯾﻜﻮن ﺑﮭﺎ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﺤﻜﻤﺎ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺪرﻛﺔ ﻛﻠﯿﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ .إن اﺧﺘﻼط اﻟﻔﮭﻢ ﻻ ﯾﺆدي أﺑﺪا إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺻﻠﯿﺔ واﻗﻌﯿﺔ ﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ إدراك ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮ واﻟﺒﺎﻃﻦ .واﻟﻄﺮق اﻷﺻﻠﯿﺔ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ أوﻟﻰ ، وذﻟﻚ ﻟﮫ أﻧﻮاع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺎت اﻟﻤﺘﻮﻓﺮة ﻟﺪى اﻟﻤﻌﻠﻢ واﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ . وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻛﺜﯿﺮة ،وﻗﺒﻞ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮاھﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻹﻣﻌﺎن واﻟﻔﺮز اﻟﺘﻔﻜﯿﺮي وذﻟﻚ ﺑﻔﮭﻢ اﻷﺷﯿﺎء وﻛﻤﺎ ھﻲ ﻓﻲ أﺻﻠﮭﺎ ،وﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﯾﻌﻄﻰ ﻟﻠﻤﺘﻌﻠﻢ أﺷﯿﺎء ﺑﺴﯿﻄﺔ ﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺈﻣﻌﺎن وﻓﺮز ﺗﻔﻜﯿﺮي ﻣﺤﺎوﻻ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻟﺪﺧﻮل اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ . إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﯿﺲ ﺑﺄﻣﺮ ﺳﮭﻞ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﯿﮫ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،وﻻﺑﺪ ﻟﮫ ﻣﻦ ﺗﻤﮭﯿﺪ أول ﯾﻜﻮن ﻓﻜﺮﯾﺎ اﻋﺘﻘﺎدﯾﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﺈﺛﺒﺎت ﻣﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪه اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻤﺎ ھﻮ ﺣﻖ ﻟﺰم إﺛﺒﺎﺗﮫ .ﺛﻢ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧﯿﻦ ﯾﺠﺐ اﺗﺒﺎﻋﮭﺎ دون ﺗﻐﯿﯿﺮ ،ووﺳﺎﺋﻞ ﯾﺠﺐ اﺗﺨﺎذھﺎ ﺑﺎﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﮫ ﺗﻄﺒﯿﻘﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ دﯾﻨﯿﺔ أو ﻏﯿﺮ دﯾﻨﯿﺔ ،إﻻ أن ﻟﮫ ﻓﺮﻗﺎ ﻛﺒﯿﺮا ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﻮﺟﮭﯿﻦ .ﺛﻢ إن ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻻﺑﺪ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﯾﻌﺮف أﺻﻮل ﻋﻠﻢ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وأﺳﺲ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ ﻣﻊ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺼﻮاب ،وﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ دون أن ﯾﻜﻮن ﻓﺮﯾﺴﺔ ﻟﻸﺷﯿﺎء اﻟﻤﺘﺸﺎﺑﮭﺔ .إن اﻟﻔﺮق ﻛﻠﮫ ﻛﺎﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻣﻮارد ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ،وﻗﻮة أﺧﺮى ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ،ﺑﻞ ﻟﮭﺎ أﺻﻮل وﻗﺪ ﯾﺠﮭﻠﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ .ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺷﯿﺌﺎ ﺟﺪﯾﺪا وﻻ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺸﺨﺺ ﻣﻌﯿﻦ أﻇﮭﺮه ﻟﻠﻨﺎس ،إﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك ﺑﺤﻮث ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ وﻃﺮق ﻋﺮﻓﺖ ﻟﮭﺎ أھﻤﯿﺔ ﻟﻮﺟﻮد ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻟﮭﺎ أﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن .وﻛﺎﻧﺖ أﻏﻠﺐ اﻟﻄﺮق ھﺪﻓﮭﺎ اﻷول ھﻮ اﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮة وﺳﯿﻄﺮة ﻛﻠﯿﺔ ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أو ﻋﻠﻰ ﻗﻮى ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ .واﺧﺘﻼف اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻄﺮق ﺟﻌﻞ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮا ﺑﯿﻨﮭﻢ ﺳﺎق ﻛﺜﯿﺮ اﻷﻣﻢ إﻟﻰ اﻟﺤﺮوب أو اﻟﺼﺮاع اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻤﻌﺮوف ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ .وﺣﻘﺎ إن اﻹﻧﺴﺎن ﻟﯿﻈﻦ أن اﻟﺤﺮب ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ أﻏﻠﺐ اﻟﺤﺮوب ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،واﻟﺬﯾﻦ ﯾﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻢ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻛﺎن أوﻟﻰ أن ﯾﺒﺤﺜﻮا ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .إن اﻷﻣﺮ ﻟﺼﻌﺐ ﻟﻠﻔﮭﻢ ،وﻟﻜﻨﮫ أﻣﺮ واﻗﻌﻲ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﻌﺮﻓﮫ ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ .إن اﻟﺬﯾﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮭﻢ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﯾﻤﻜﻨﮭﻢ إﺷﻌﺎل ﻧﺎر ﺣﺮب ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﻻ ﯾﺪرك أﺻﻠﮭﺎ ﻣﻦ ھﻮ ﯾﻌﯿﺶ ﻋﯿﺸﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮه راﺿﯿﺔ .وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل إن ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ ﺗﺮﺗﯿﺐ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻟﺤﺮب ﻇﺎھﺮﯾﺔ .ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﮫ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﻗﻠﺐ اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺤﯿﻄﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﯾﻜﻮن ﻣﺠﺮﻣﺎ أو ﻣﻠﺤﺪا ،ﺑﻠﻰ إن ھﻨﺎك ﻃﺎﺋﻔﺘﯿﻦ ﻣﺘﺼﺎرﻋﺘﯿﻦ ﯾﻌﺮف ﺑﻌﻀﮭﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ .ﻓﺎﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪﯾﻤﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺤﺮب اﻵﻟـﮭﺔ ،و 7
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﺟﻮد أﺷﺨﺎص ﻧﺴﺒﻮا ﻷﻧﻔﺴﮭﻢ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﻛﺎن اﻟﺼﺮاع ﺑﯿﻨﮭﻢ ﺳﻌﯿﺎ ﻟﻜﺴﺐ أﻛﺜﺮ ﻗﻮة ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ .وھﺬا اﻟﺼﺮاع ﻛﺎن ﯾﺠﻠﺐ اﻟﺒﻼء ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻇﺎھﺮﯾﺎ، ﻟﺬا ﺳﻤﯿﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮوب ﺑﺤﺮب اﻵﻟﮭﺔ ,ﻛﺎن ﯾﻌﺘﻘﺪ أن ﻻ وﺟﻮد ﻷﺳﺎس ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻇﺎھﺮﯾﺔ ،وأن ﻣﺎ ﯾﺤﻜﻰ ﻋﻦ اﻟﺬﯾﻦ اﻛﺘﺴﺒﻮا اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺧﺮاﻓﺎت أو أﺳﺎﻃﯿﺮ .وﻟﻨﻔﻜﺮ ﻗﻠﯿﻼ ،إن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﮫ ﺑﻘﻮى ﻋﻘﻠﮫ وﯾﺘﺤﺮك ﻛﯿﻒ ﯾﺸﺎء ،وإذا ﻣﺎ ﻃﻮر اﻹﻧﺴﺎن ھﺬا اﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺪروﺳﺔ ،ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﻣﺤﯿﻄﺔ ﺑﮫ أو ﺑﻌﯿﺪة ﻋﻨﮫ . وﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺗﻌﺮف ﻋﻨﺪ أﺷﺨﺎص ﻛﺜﯿﺮﯾﻦ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻨﻮﯾﻢ اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺴﻲ أو ﺗﺤﺮﯾﻚ أﺷﯿﺎء ﺻﻐﯿﺮة ﻣﻦ أﻧﻮاع ﻛﺜﯿﺮة ،وﻟﻮ ﻃﻮروا اﻛﺘﺴﺎﺑﮭﻢ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﯾﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة وﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ،ﻓﮭﺬا ﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ اﻟﻜﺜﯿﺮ ،وﻗﺪ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺘﺴﺨﯿﺮ اﻟﺠﺎن ،وذﻟﻚ ﻟﻠﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻄﺮة اﻟﻜﻠﯿﺔ ﻟﻤﺎ ﯾﺴﻌﻮن إﻟﯿﮫ .وﻛﻞ اﻷﻣﻢ ﻋﺮﻓﺖ ﻃﺮﻗﺎ ووﺳﺎﺋﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣﻤﯿﺘﺔ ﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ ﺟﻠﺐ اﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ أو اﻻﺳﺘﯿﻼء ﻋﻠﻰ ﻗﻮى ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻷرض . وھﺬا ﻛﻠﮫ ﯾﻜﻮن ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن .ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺠﺎذﺑﯿﺔ اﻷرﺿﯿﺔ أﻣﺮا ﺣﺎﻟﯿﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪ ،ﺑﻞ اﻟﻘﺪﻣﺎء أﯾﻀﺎ ﻓﻜﺮوا ﻓﻲ ذﻟﻚ واﺳﺘﻨﺘﺠﻮا اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﻛﺜﯿﺮة وﻃﺒﻘﺖ ،وﺑﻠﻐﻮا إﻟﻰ ﻗﻮة ﻛﺒﯿﺮة ﺑﺬﻟﻚ .وﻣﺎ أﻛﺜﺮ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻻﻛﺘﺴﺎب اﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ، ﻣﻨﮭﺎ اﻟﯿﻮﻏﺎ واﻟﻄﺮق اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺤﺮوب اﻷﺳﯿﻮﯾﺔ ،وﻛﺬا اﻟﺘﺼﻮف اﻟﺬي ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﻜﺮ ﺳﻄﻮﺗﮫ .واﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﻤﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﻟﯿﺲ ذﻛﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻣﻊ ﺑﯿﺎن أﺳﻤﺎﺋﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮة ،ﺑﻞ اﻟﮭﺪف ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺤﺚ ھﻮ إﻇﮭﺎر ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻷﺻﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﺬي ﻟﮫ ھﺪف ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯿﺎء أﻧﮫ ﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺈن اﻟﻜﺜﯿﺮ اﺗﺼﺎﻟﮭﻢ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ اﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ دون اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ .ﻗﺪ ﻧﺠﺪ ﻛﺘﺒﺎ ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻻ ﺗﻈﮭﺮ واﻗﻌﺎ أﺳﺎﺳﯿﺎ ﯾﺠﻌﻞ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ وإﻇﮭﺎر اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺬي ﯾﻌﺘﺒﺮ اﺗﺼﺎﻻ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺣﻘﯿﻘﯿﺎ .ﻓﺎﻟﻘﺪﻣﺎء ﺣﺎرﺑﻮا ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ وﻇﺎھﺮﯾﺎ واﻛﺘﺴﺒﻮا ﻣﻼ ﯾﻤﻜﻦ اﻛﺘﺴﺎﺑﮫ اﻟﯿﻮم ﻣﻦ ﻗﻮة وﺳﯿﻄﺮة ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺤﻮث اﻷوﻟﻰ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﺟﻤﯿﻌﺎ ودراﺳﺔ اﻟﻘﻮة ﻣﻊ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﮫ واﻟﻌﻘﻞ .واﺧﺘﻠﻄﺖ اﻷﻣﻮر ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺣﺘﻰ ﻓﻘﺪت اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻷﺻﻞ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﻗﻮة إدراﻛﮫ وﺑﻠﻮغ ﻋﻠﻮﻣﮫ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﯾﺘﻐﯿﺮ ،واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺑﺎﻗﯿﺔ ﻏﯿﺮ ﻓﺎﻧﯿﺔ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻣﻨﻌﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻦ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮭﺎ .ﻓﺎﻟﺬﯾﻦ ﻣﻨﻌﻮا اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا إﻻ ﺧﺎﺋﻔﯿﻦ وأﺣﺒﻮا أن ﯾﻨﻔﺮدوا ﺑﻤﺎ ﺑﻠﻐﻮا إﻟﯿﮫ .ﻓﺎﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻛﺎن ﯾﻨﻔﺮد ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﯾﻌﺘﺒﺮ أﺻﻠﮫ ﻣﻦ أﺻﻞ إﻟﮭﻲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺰﻋﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ .واﻟﺪﯾﻦ ﻛﻠﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺟﺎﻋﻞ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ ﺧﺎص وﻋﺎم ، ﺑﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ .وﻛﻞ ﻣﻦ ﻗﺎل ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ إﻻ وﯾﻘﻮﻟﮫ ﻛﻠﻐﺰ ﯾﺼﻌﺐ ﺣﻠﮫ ،وﯾﻘﻮل إن اﻟﻌﻠﻢ ﻟﮫ أھﻠﮫ .ﻛﻤﺎ أن أﻛﺜﺮ اﻟﻄﺮق ﺗﻔﺮض ﻓﯿﮭﺎ رﯾﺎﺿﺔ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺟﺴﻤﯿﺔ ﺻﻌﺒﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺮك اﻟﻄﻌﺎم ﻟﻤﺪة ،واﺧﺘﯿﺎر ﻣﻜﺎن ﻟﻠﻌﺰﻟﺔ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ھﺬا إﻻ ﺗﺸﻮﯾﮭﺎ ﻟﻠﻮاﻗﻊ واﻧﺤﺮاﻓﺎ ﻋﻦ اﻷﺻﻞ .ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺠﮭﻮد ﻣﺜﻞ ھﺬا وﻻ إﻟﻰ ﺧﻠﻮة ﻃﻮﯾﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﮫ ﺷﺮوط ،وﺷﺮوﻃﮫ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ،ﻻ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﺒﮭﻢ أو ﻧﻜﺮ . 8
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﺷﯿﺌﺎ ،إﻧﻤﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺒﺪأ اﻧﺤﺮاف ﺗﺎم ﻋﻦ اﻷﺻﻞ اﻟﺬي ﻛﺎد ﯾﻔﻘﺪ وﻻ ﯾﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ .إن أﻏﻠﺐ اﻟﻄﺮق ﻣﻮروﺛﺔ ،وﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﻷوﻟﻮن ،ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ اﻵﺧﺮون دون ﺳﻌﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻷﺻﻠﯿﺔ .وإن ﻗﯿﻞ ﺷﻲء ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﯾﻜﻮن اﻟﺮد أن ﻟﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ،واﻟﻔﻌﺎﻟﯿﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﻏﺮت اﻟﻜﺜﯿﺮ .إن أﻏﻠﺐ اﻟﻄﺮق ﻛﺎﻧﺖ دراﺳﺘﮭﺎ وﺗﺮﺗﯿﺐ وﺳﺎﺋﻠﮭﺎ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻜﻞ أﺛﺮ ﯾﻌﺜﺮ ﻋﻠﯿﮫ إﻣﺎ ﺑﺤﺜﺎ أو ﻣﺼﺎدﻓﺔ .واﻟﻌﻠﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﺑﺤﺚ أو ﻣﺼﺎدﻓﺔ .ﺑﻞ اﺗﺒﺎع إﻟﻰ أن ﯾﺒﻠﻎ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ،إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻮردا ﻟﻠﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻛﺘﺴﺎﺑﮭﺎ ،ﺑﻞ وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻠﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻋﻠﻮم ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻘﻮة ﻓﻠﮭﺎ أﺻﻞ آﺧﺮ وﻣﻮرد ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻨﮫ . ﻗﻮة اﻟﺠﺴﻢ ﻟﮭﺎ أﺛﺮھﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﻌﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﻮغ واﻟﺼﻌﻮد اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻌﻘﻠﻲ .وﻃﺒﻘﺖ ﻃﺮق ﻋﺪﯾﺪة ﺗﮭﺘﻢ ﺑﺘﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﯾﺔ ﻗﻮى اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ وﺗﻮﺳﯿﻊ اﻟﺨﯿﺎل وإدراك اﻟﻤﺒﺎىء واﻷﺣﻜﺎم .وﻛﻞ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻟﮭﺎ ﻣﺒﺪأ ﺗﻮﺟﯿﮭﻲ إﻻ وﯾﻜﻮن أﺻﻞ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺤﻜﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻟﻤﺒﺪأ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻓﯿﮫ .وﻟﻨﻌﻄﻲ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ھﺬا ،ﻓﺎﻟﺬي ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﺗﻜﻮن ﻧﮭﺎﯾﺘﮫ ﺑﺄن ﯾﺪﻋﻲ ﺑﮭﺎ .وﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ أھﺪاﻓﮫ ھﻲ اﻟﺨﻼص اﻟﺮوﺣﻲ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺪﻋﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻧﮫ ﯾﺪرك اﻟﺮوح ،وﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﻘﻮة اﻟﺠﺴﻤﺎﻧﯿﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﻮل إن اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ ﺷﻲء واﺣﺪ ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ،أﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﻌﻮن إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺸﺮي اﻹﻟﮭﻲ ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إن اﷲ ﯾﺤﻞ ﻓﻲ أﺟﺴﺎﻣﮭﻢ ،وﻟﻮ أﻟﻘﯿﻨﺎ ﻧﻈﺮة أوﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻜﻞ ﻟﻔﮭﻤﻨﺎ أن ﻓﯿﮫ اﺧﺘﻼﻃﺎ ﻋﻈﯿﻤﺎ ،وﻟﻨﺬﻛﺮ أﺳﺎس اﻟﻤﺸﻜﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﯾﺔ أﻧﮫ إﻟﮫ ﺛﻢ اﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺮوح ﻟﮭﺎ ﺧﻼص ﺛﻢ ﻓﻜﺮ أن اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ ﺳﻮاء ،ﺛﻢ ﻇﻦ أﻧﮫ أدرك أن ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ .ﻓﺎﻟﺒﺤﻮث اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻓﻲ ھﺬا ،وﻛﻞ ھﺬه اﻟﻤﺒﺎدئ ﺗﺸﻜﻞ ﻗﺴﻤﺎ واﺣﺪا ،واﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ دﯾﻨﻲ ،وﻣﻦ ھﻨﺎ ﯾﻨﻄﻠﻖ اﻟﺼﺮاع اﻟﺪﯾﻨﻲ ﺿﺪ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻛﻠﮭﺎ واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ أن ﻟﮭﺎ أﺻﻼ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻋﻠﻤﯿﺎ ﻇﺎھﺮا وﺑﺎﻃﻨﺎ .ﻓﺎﻟﻘﺴﻢ اﻷول أﺳﺎس اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻧﺠﺪ ﻓﯿﮫ ﺻﺮاﻋﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮫ ﺛﻢ ﺿﺪ اﻟﺪﯾﻦ ،أﻣﺎ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ دﯾﻨﻲ ﻓﻼ ﺻﺮاع ﻓﯿﮫ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮫ ،وﺻﺮاﻋﮫ ﻣﺮﻛﺰ ﺿﺪ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ وﺣﺪھﺎ .ﻓﻜﺎن اﻟﺼﺮاع ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﺑﺎﻟﺤﺮوب اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﺿﺪ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ،ﺛﻢ ﺣﺮب ﺛﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻧﻔﺴﮭﺎ وﺿﺪ اﻟﺪﯾﻦ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﺪﯾﻦ ﯾﺼﺤﺢ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺗﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻦ .اﻟﺼﺮاع اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ھﻮ ﺻﺮاع وﺣﺮب ﺿﺪ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ .و ﺻﺮاع اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ھﻮ ﺻﺮاع ﺿﺪ اﻟﺪﯾﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ .إن اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ أﺳﺒﺎﺑﮫ ﺑﺤﺚ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﻷﺟﻞ ﻛﺴﺐ ﻗﻮى ﺟﺴﻤﺎﻧﯿﺔ وﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﯿﻄﺮة أو اﻟﺨﻠﻮد .ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺪﯾﻦ ﯾﺒﻌﺪ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻋﺒﺎدة اﻟﺨﺎﻟﻖ دون ﺟﻌﻞ اﺗﺼﺎل إﻧﺴﺎﻧﻲ إﻟﮭﻲ ﻣﺰﻋﻮم أو ﻓﺮض إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﺧﻼص اﻟﺮوح أو ﺟﻤﻊ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ .ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ : دﯾﻨﻲ وﻋﻘﺪي ،وﻛﻼھﻤﺎ ﻟﮫ ﺗﺸﺎﺑﮫ ﺑﺎﻵﺧﺮ ﯾﺼﻌﺐ ﻓﯿﮫ اﻟﺘﻤﯿﯿﺰ إن ﻟﻢ ﯾﺘﻮﻓﺮ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ، ﻓﺎﻟﺸﺒﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻌﺠﺰات واﻟﻜﺮاﻣﺎت .ﻟﺬا ﻛﺎن اﻟﺬي ﻟﮫ ﻗﻮة ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﻻ ﯾﺜﻖ ﺑﺎﻟﻤﻌﺠﺰات ، واﻟﻘﻮة ھﻲ أﺳﺎس ﻏﺮور اﻹﻧﺴﺎن .وإن أﻏﻠﺐ ﻣﻦ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﺎﻃﻦ إﻧﻤﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ إدراك ﻋﻠﻮم ﯾﺠﻌﻠﮭﺎ أﺳﺎﺳﺎ ﻻﻛﺘﺴﺎب اﻟﻘﻮة .وإن ﻛﺎن اﻟﺴﻌﻲ ھﻮ ﻣﻦ أﺟﻞ ھﺬا اﻟﮭﺪف ﻓﺈن اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ ﺗﻜﻮن ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ،وﺗﺸﻤﻞ ﻛﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻌﺬﯾﺒﯿﺔ .أﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﮭﺪف ھﻮ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ
9
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ .واﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﯾﺨﻄﻮھﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﺠﺎه ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل ھﻲ أﺳﺎس ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﻷن اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﺗﻈﮭﺮ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻤﺴﺄﻟﺔ أﺧﺮى ﻓﯿﮭﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺼﻮاب .
10
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
11
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
إن اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ ﻗﻮاﻋﺪ اﻻﺧﺘﻼط ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻷﻣﺮ ﺻﻌﺐ ،ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻄﺮح ﻣﺸﻜﻼ ﺣﺎﻟﯿﺎ ،ﺑﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻛﺜﯿﺮة أﺻﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻟﺘﻲ ورﺛﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﯿﻮم . وﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ إﻻ وﯾﺜﺒﺖ اﻟﺨﻄﺄ وﯾﺤﺮف اﻟﺼﻮاب ،وﻛﺄن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﻄﻤﺌﻦ إﻻ ﻟﻼﻧﺤﺮاف ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻋﺮﻓﺖ أﺳﺒﺎب اﻻﺧﺘﻼف ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﺗﻌﺮف أﺳﺒﺎب اﻻﻧﺤﺮاف ،وﻟﺴﻨﺎ ﻧﺪري ﻟﻤﺎذا ﯾﻀﺮب اﻟﻤﺜﻞ ﺑﺎﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﯾﻀﺮب ﺑﺎﻟﺮﺳﻞ واﻷﻧﺒﯿﺎء .ﻟﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ ﻋﺐء ﺛﻘﯿﻞ ﯾﻠﺰﻣﮫ ﻃﺎﻋﺔ ﺧﺎﻟﻘﮫ ،ﻓﯿﻄﻤﺌﻦ إﻟﻰ اﻟﺘﺠﻤﻊ اﻟﺒﺸﺮي ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﺪأ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ أو ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﻧﻔﯿﮫ ﺑﻔﺮض أﺳﺎس آﺧﺮ ﻣﺘﺸﺎﺑﮫ ﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﺘﺒﯿﻦ اﻟﺨﻄﺄ ﻓﯿﮫ ،ﻻﺳﯿﻤﺎ إن وﺟﺪت ﻗﻮة ﻣﻐﺮﯾﺔ أو ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻟﮭﺎ أﺛﺮ .وﻗﺪ ﯾﻘﺒﻞ اﻹﻧﺴﺎن اﻻﻧﺤﺮاف واﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻣﺎداﻣﺖ ھﻨﺎك ﻗﻮة ﯾﻜﺴﺒﮭﺎ ﯾﺴﯿﻄﺮ ﺑﮭﺎ أو ﯾﻘﻀﻲ ﺑﮭﺎ أﻏﺮاﺿﮫ وﺣﺎﺟﯿﺎﺗﮫ ،وﻗﺪ ﺻﻌﺐ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أوﻻﺋﻚ ﻟﻤﺎ ﺟﺎءھﻢ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻈﮭﺮا ﻟﻠﺨﻄﺄ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﯿﮫ .ﻓﺎﻻﻋﺘﻘﺎد ھﻮ إﺛﺒﺎت اﻟﻮﺿﻊ وﺑﮫ ﺗﻜﻮن اﻟﺴﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وأھﻢ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ھﻮ إﻓﺮاغ ﻛﻞ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺒﯿﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﻻ أﺳﺎس ﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ .ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻐﯿﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺳﯿﺮﺗﮫ ﺑﻤﺤﺎوﻟﺔ اﺗﺨﺎذ ﺳﯿﺮة اﺳﺘﻘﺎﻣﯿﺔ ، وھﺬا ﺻﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،واﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﺳﯿﻠﺔ ﻣﺤﻮ اﻷﻓﻜﺎر ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺮﻛﯿﺰ اﻟﻔﻜﺮة ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻣﻊ ﺗﺨﯿﻞ ﻧﺎر ﻣﻠﺘﮭﺒﺔ ﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﺤﻂ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺨﺒﯿﺜﺔ .ﻧﺠﺪ أن اﻟﺨﯿﺎل ھﻮ اﻷﺳﺎس اﻷول ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .وﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎل ﻗﺪ ﯾﺪوم أﯾﺎﻣﺎ أو ﺷﮭﻮرا ورﺑﻤﺎ أ ﻋﻮاﻣﺎ وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻛﻞ ﻓﺮد . إن ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ذﻛﺮه ﯾﻮﺟﺐ ﻃﺮح اﻟﺴﺆال ن ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎل .وﻋﺮف اﻟﻘﺪﻣﺎء أن أول ﺷﻲء وﺟﺐ إدراﻛﮫ ھﻮ اﻟﺨﯿﺎل ،وﺛﺎﻧﻲ ﺷﻲء ھﻮ اﻟﻤﻨﺎم ،وﺑﮭﺬﯾﻦ اﻻﺛﻨﯿﻦ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ، وإن ﻧﺴﯿﺎ دور ﻗﻮة اﻟﺠﺴﻢ وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﻻ ﯾﺘﻢ إﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻗﻠﯿﻠﺔ ،ﻓﻘﺪﯾﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮوى اﻟﺤﻜﺎﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ وﯾﻨﺼﺖ إﻟﯿﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﯿﺘﻄﻮر اﻟﺨﯿﺎل ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺪروﺳﺔ ﺗﻤﻜﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻷﺣﻼم وﺑﮭﺎ ﯾﺘﻢ اﻟﺪﺧﻮل ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وھﻨﺎك ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻮ ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل واﻷﻓﻜﺎر ﺛﻢ ﻣﺤﻮ اﻟﺼﻮر اﻟﻤﺴﺠﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎغ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وھﻨﺎك ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻦ وﺑﯿﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .ﻓﺈن اﻟﺬﯾﻦ اﻋﺘﻤﺪوا ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻮ اﻷﻓﻜﺎر وﻗﻮى اﻷﺣﻼم ﯾﺪﺧﻠﻮن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮭﻢ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﯿﮫ و ﻻ ﯾﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،واﻟﺬﯾﻦ ﻃﻮروا اﻟﺨﯿﺎل وﻗﻮى اﻷﺣﻼم وﺗﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻔﻘﺪون اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي وﯾﻌﯿﺸﻮن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﻮم ﻻ ﺑﺎﻟﯿﻘﻈﺔ .إن ھﺬا ﻟﮭﻮ اﻟﻔﺮق اﻷول وﻛﻞ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻟﮭﺎ ﺻﺒﻐﺘﮭﺎ وأﺻﻠﮭﺎ .إﻧﻤﺎ ﻧﺸﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﯿﺸﻮن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﺘﻤﻜﻨﻮن ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻﺤﻮ ﻛﺎﻣﻞ وإدراك ﺗﺎم ﻓﻲ اﻟﯿﻘﻈﺔ . ﺑﯿﻨﻤﺎ أھﻞ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮭﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ارﺗﯿﺎح ،وﯾﻤﻜﻨﮭﻢ وﺿﻊ اﻷﺳﺌﻠﺔ وأﺧﺬ اﻟﺠﻮاب واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،ﻓﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﺨﻠﻮة اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة و اﻟﻌﺰﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺎس وﺷﺮوﻃﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ،واﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ .
12
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻟﻜﻞ إﻧﺴﺎن أھﺪاﻓﮫ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﮫ وأﻏﺮاﺿﮫ .ﻓﺎﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺧﺎص ﺑﮫ ،وﻏﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل آﺧﺮ ﻣﺘﺸﺎﺑﮫ ﺑﺎﻷول إﻻ أﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ .وﻗﺒﻞ أن ﻧﺬﻛﺮ ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ وﻏﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ،ﻻﺑﺪ أن ﻧﺬﻛﺮ أن ﻣﻤﻦ دﺧﻠﻮا اﻟﺨﻠﻮة أﻧﺎﺳﺎ اﻋﺘﺰﻟﻮا اﻟﻨﺎس وأﺻﺮوا ﻋﻠﻰ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ وذﻟﻚ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻛﺜﯿﺮة ،ﻓﺈن ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﻘﻮل إﻧﮫ رأى ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲء .وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل إﻧﮫ ﻣﺘﺼﻞ ﻣﻊ اﷲ ،ﻓﮭﺆﻻء ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﯾﺘﺼﻠﻮا ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ، ﻇﺎھﺮ أﻧﮭﻢ اﺗﺼﻠﻮا ﺑﺄﺷﯿﺎء أﺧﺮى أﻋﻤﺖ ﻟﮭﻢ اﻟﺒﺼﯿﺮة .وﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ إﻻ ﺧﻄﺄ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ .ﻓﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻟﮭﺎ اﻷھﻤﯿﺔ ﻛﻠﮭﺎ إذ ﺑﮭﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ .وﻟﻘﺪ ﺗﺴﺮب إﻟﯿﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺠﮭﻠﻲ دون ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻠﻢ وﻣﻌﺮﻓﺔ ،وﻟﻜﻞ ﺷﻲء أﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ،و ھﻨﺎك أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟﯿﺎ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻼﺷﻌﻮري .وھﺬا اﻻﺗﺼﺎل ﯾﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮا ﺟﺴﻤﯿﺎ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﯾﺠﻌﻞ ﺻﺮاﻋﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺻﻌﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﮭﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﻋﻠﻮﻣﮫ .أﻣﺎ أﺛﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻈﮭﺮ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﮭﻢ و ﻗﻠﻘﮭﻢ واﻧﺰﻋﺎﺟﮭﻢ و ﯾﻔﻘﺪون ﺻﺒﻐﺔ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﻠﯿﺎ ،وﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻼﺷﻌﻮري ﯾﻜﺜﺮ اﻟﻔﺴﺎد واﻹﺟﺮام .وﻛﺎن اﻟﺤﻜﻤﺎء ﻗﺪﯾﻤﺎ ﯾﻨﺼﺤﻮن ﺑﻌﺪم اﻟﺘﺨﯿﻞ وﻛﺜﺮة اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ھﺪى .وﻧﻈﮭﺮ أن أﺑﻮاب اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺸﻌﻮري ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﺗﯿﺤﮭﺎ إﻻ اﻻﻧﻄﻼق ﻓﻲ اﻟﺨﯿﺎل .ﻟﺬا اﻋﺘﺒﺮ اﻟﺨﯿﺎل أﻧﮫ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻧﺤﻮ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ إن ﺗﻤﯿﺰ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﮭﺪف اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ .أﻣﺎ اﻟﺘﺨﯿﻞ اﻟﻤﺠﺮد ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﻨﻰ ﻓﻤﺎ ھﻮ إﻻ أﺳﺎس ﻟﺠﻠﺐ ﻛﻞ ﻣﮭﻠﻜﺔ وﺷﺮ وﻋﺪم اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ . إن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺘﺠﺮد ﻣﻦ اﻟﺨﯿﺎل ،وﻟﻜﻦ ﻟﯿﻜﻦ ﺧﯿﺎﻟﮫ واﻗﻌﯿﺎ وﻟﮫ أﺻﻞ ،ﻓﺈﻧﮫ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻻ ﯾﺼﺒﺢ اﻟﺨﯿﺎل ﺧﯿﺎﻻ ،ﺑﻞ ﺗﻔﻜﯿﺮا ﺻﻮرﯾﺎ ﻓﻜﺮﯾﺎ ﯾﺘﻢ ﺑﮫ ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،وﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد أھﻢ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎل ،وﻟﺘﻜﻦ أﻓﻜﺎرﻧﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ أن ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،أﻣﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ ﻏﯿﺮ واﻗﻌﯿﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻼزم اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﺑﻞ وﺟﺐ ﺗﺤﻄﯿﻤﮭﺎ .ﻓﺎﻟﺨﯿﺎل ﯾﺘﻀﺎرب ﻣﻊ ﺑﻌﻀﮫ اﻟﺒﻌﺾ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻄﺮق اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﺠﻠﺲ أﻣﺎﻣﮫ ﻣﻦ ﯾﺴﻌﻰ ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﯾﺄﻣﺮه ﺑﺄن ﯾﻐﻤﺾ ﻋﯿﻨﯿﮫ وﯾﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﯾﺘﺨﯿﻞ .ﻓﺈن ﻗﺎل اﻟﻤﺘﺨﯿﻞ ﻣﺜﻼ إﻧﮫ رأى ﻓﺄرا ﻓﺈن اﻟﻤﻌﻠﻢ ﯾﺄﻣﺮه ﺑﺄن ﯾﺘﺨﯿﻞ ﻗﻄﺎ ھﺠﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺄر ﻓﺄﻛﻠﮫ ،ﺛﻢ ﺑﺄن ﻛﻠﺒﺎ ھﺠﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻂ ﻓﻘﺘﻠﮫ ،وﺟﺎء ﻧﻤﺮ ﻗﺘﻞ اﻟﻜﻠﺐ ،ﺛﻢ ﺳﺒﻊ ﻗﺘﻞ اﻟﻨﻤﺮ ،ﺛﻢ ﯾﺄﺗﻲ دور ﻧﺴﺮ ﻛﺒﯿﺮ ﯾﮭﺠﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺪ ﻣﻦ ﺣﯿﻦ ﻵﺧﺮ إﻟﻰ أن ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻷﺳﺪ ﻓﻘﺘﻠﮫ . ﻟﺬا ﻛﺎن رﻣﺰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻗﺪﯾﻤﺎ ھﻮ اﻟﻨﺴﺮ ،وﻧﺠﺪ رﺳﻤﮫ ﻓﻲ ﺗﻤﺎﺛﯿﻞ ﻛﺜﯿﺮة ﻋﺮﻓﺖ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ،واﺗﺨﺬ اﻟﻨﺴﺮ إﻟﮭﺎ ،واﻋﺘﺒﺮ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻏﺎﻟﺐ ﻟﻜﻞ ﺣﯿﻮان ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎن ﻛﺒﺮه ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﻜﻒ ﻧﺴﺮ واﺣﺪ ﻓﻨﺴﻮر ﻛﺜﯿﺮة ،وھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻓﻲ أﻟﻮھﯿﺔ اﻟﻨﺴﺮ ﻛﺎن ﻣﺒﺪأ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺼﺤﺢ اﻋﺘﻘﺎده وأﺻﻮل أﻓﻜﺎره ،وﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﯾﻜﻮن اﻻﻧﺤﺮاف واﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ . اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ اﻟﻨﺎر ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺘﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺘﺤﻄﯿﻢ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ أﻓﻜﺎرا ﺧﺒﯿﺜﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺨﯿﻞ ،أوراق ﻛﺜﯿﺮة ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗﻠﺘﮭﻤﮭﺎ اﻟﻨﺎر .أو ﺑﺘﺨﯿﻞ دار أو دﯾﺎر أو ﺣﺪاﺋﻖ اﻟﺘﮭﻤﺘﮭﺎ اﻟﻨﯿﺮان ، واﻟﻐﺮض ھﻮ ﻣﺤﻮ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ أﻧﮭﺎ ﺣﺎﺟﺰا ﻟﻠﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﻔﻜﺮي وﺗﻘﻮﯾﺔ ﻟﻠﺮﻏﺒﺎت اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ،
13
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وﻧﻌﻄﻲ ﻣﺜﻼ ﻟﮭﺬا ھﻮ أن اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﯾﻘﻮل ﻟﻤﻌﻠﻤﮫ إﻧﮫ ﯾﺘﺨﯿﻞ دارا ﺟﻤﯿﻠﺔ ﯾﺴﻜﻨﮭﺎ ﻓﯿﻘﻮل اﻟﻤﻌﻠﻢ ﺗﺨﯿﻞ أن ﻧﺎرا ﺗﻠﺘﮭﻤﮭﺎ واﺣﺘﺮﻗﺖ ،واﻟﺒﺴﺘﺎن ﺣﻮﻟﮭﺎ ﺟﺎءه إﻋﺼﺎر ﻓﯿﮫ ﻧﺎر ﻓﺤﻄﻤﮫ .ﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ اﻋﺘﺒﺮت اﻟﻨﺎر ﻛﺬﻟﻚ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﻌﻘﻠﻲ وﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻏﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ رﻏﺒﺎت اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺤﻄﻤﺔ ﻟﮭﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪﯾﻤﺎ أﻏﻠﺐ اﻟﺸﻌﻮب ﺗﺤﺮق أﺟﺴﺎد اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻃﮭﺎرﺗﮭﺎ ،إﻻ أن ھﺬا ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ واﻧﺤﺮاف ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ .ﻷن واﻗﻊ اﻟﺒﺤﻮث اﻷﺻﻠﯿﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻠﺰم ﻛﻞ ھﺬا ،واﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ وﺳﺎﺋﻞ أﺧﺮا\ى ﻟﻠﺘﺤﻄﯿﻢ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ﺑﺘﺨﯿﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﻗﻮى اﻟﻤﺎء ،ﻓﺘﺨﯿﻞ اﻹﻧﺴﺎن أن اﻟﻤﯿﺎه ﺟﺎءت ﻛﺜﯿﺮة ﻛﺎﻟﻄﻮﻓﺎن وﺣﻄﻤﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻤﻨﺎه ،ﻓﺤﺼﺮ ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل ﻻزم و اﻧﻄﻼق اﻟﺨﯿﺎل ﯾﻌﺘﺒﺮ ﺣﺎﺟﺰا ﯾﻤﻨﻊ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻷن اﻟﺨﯿﺎل ﻋﺎﻟﻢ ﺻﻮري ﯾﻌﯿﺸﮫ اﻟﻌﻘﻞ و ﻻ ﯾﺤﺼﺮه ﺷﻲء .ﻓﺈن ﺑﻘﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺘﺠﻮﻻ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺨﯿﺎل ،ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻦ ﯾﺪﺧﻞ أﺑﺪا ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺸﻌﻮري أو اﻟﻼﺷﻌﻮري ﺑﻘﻮى اﻷﺣﻼم .أﻣﺎ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﻠﮭﺎ ﺧﺎﺻﯿﺘﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﯿﺪان . إﻻ أن ھﻨﺎك ﺗﺸﺎﺑﮭﺎ ﺑﯿﻦ ﻃﺮق اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ .وھﺬا اﻟﺘﺸﺎﺑﮫ ھﻮ أﺳﺎس ﻛﻞ اﺧﺘﻼط واﺧﺘﻼف ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻷن اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻃﺮﻗﮭﺎ ﺗﻜﻮن أﻏﻠﺐ أﺻﻮﻟﮭﺎ ﻣﻦ أﺳﺲ دﯾﻨﯿﺔ ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ وﻣﻐﯿﺮة وﻧﻌﻄﻲ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻤﻦ أراد أن ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وذﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎل وﺳﺎﺋﻞ اﻷوراد اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﯿﺔ ﻟﺴﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن وھﻲ ھﺬه .
)ﺑﺎﺳﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ( ﯾﺎ ﺣﻲ ﯾﺎ ﻗﯿﻮم أﺟﺐ ﯾﺎ روﻗﯿﺎﺋﯿﻞ ﺳﻤﯿﻌﺎ ﻣﻄﯿﻌﺎ أﻧﺖ وﺧﺪاﻣﻚ ﻣﺬھﺐ ﺑﺤﻖ اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ وﺑﺤﻖ اﻟﺤﻲ اﻟﻘﯿﻮم وﺑﺤﻖ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺮش أﺑﺠﺪ )اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ( ﯾﺎ رؤوف ﯾﺎ ﻋﻄﻮف أﺟﺐ ﯾﺎ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم أﻧﺖ وﺧﺪاﻣﻚ أﺑﯿﺾ ﺑﺤﻖ اﻟﺮﺣﯿﻢ وﺑﺤﻖ اﻟﺮؤوف اﻟﻌﻄﻮف وﺑﺤﻖ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم وﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺮش ھﻮ زخ )ﻣﺎﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﺪﯾﻦ( ﯾﺎ ﻣﻘﻠﺐ اﻟﻘﻠﻮب واﻷﺑﺼﺎر ﯾﺎﺳﻤﺴﻤﺎﺋﯿﻞ ﺳﻤﯿﻌﺎ ﻣﻄﯿﻌﺎ أﻧﺖ وﺧﺪاﻣﻚ أﺣﻤﺮ ﺑﺤﻘﻤﺎﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﺪﯾﻦ وﺑﺤﻖ ﻣﻘﻠﺐ اﻟﻘﻠﻮب واﻷﺑﺼﺎر وﺑﺤﻖ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ و ﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺮش ﻃﯿﻜﻞ )إﯾﺎك ﻧﻌﺒﺪ وإﯾﺎك ﻧﺴﺘﻌﯿﻦ( ﯾﺎ ﺳﺮﯾﻊ ﯾﺎ ﻗﺮﯾﺐ أﺟﺐ ﯾﺎ ﻣﯿﻜﺎﺋﯿﻞ ﺳﻤﯿﻌﺎ ﻣﻄﯿﻌﺎ أﻧﺖ وﺧﺪاﻣﻚ ﺑﺮﻗﺎن ﺑﺤﻖ اﻟﺴﺮﯾﻊ اﻟﻘﺮﯾﺐ وﺑﺤﻖ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ و ﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺮش ﻣﻨﺴﻊ )اھﺪﻧﺎ اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ( ﯾﺎ ﻗﺎدر ﯾﺎ ﻣﻘﺘﺪر أﺟﺐ ﯾﺎ ﺳﺮﻓﯿﺎﺋﯿﻞ ﺳﻤﯿﻌﺎ ﻣﻄﯿﻌﺎ أﻧﺖ وﺧﺪاﻣﻚ ﺷﻤﮭﺮوش وﺑﺤﻖ اھﺪﻧﺎ اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ وﺑﺤﻖ اﻟﻘﺎدر وﺑﺤﻖ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺮش ﻓﺼﻘﺮ )ﺻﺮاط اﻟﺬﯾﻦ أﻧﻌﻤﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ( ﯾﺎ ﻋﻠﯿﻢ ﯾﺎ ﺣﻜﯿﻢ أﺟﺐ ﯾﺎ ﻋﻨﯿﺎﺋﯿﻞ ﺳﻤﯿﻊ ﻣﻄﯿﻌﺎ أﻧﺖ وﺧﺪاﻣﻚ زوﺑﻌﺔ ﺑﺤﻖ اﻟﺬﯾﻦ أﻧﻌﻤﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ وﺑﺤﻖ اﻟﻌﻠﯿﻢ اﻟﺤﻜﯿﻢ وﺑﺤﻖ ﺳﯿﺪاﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺮش ﺷﺘﻨﺜﺞ )ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ( ﯾﺎ ﻗﺎھﺮ ﯾﺎ ﻋﺰﯾﺰ أﺟﺐ ﯾﺎ ﻛﺴﻔﯿﺎﺋﯿﻞ ﺳﻤﯿﻌﺎ ﻣﻄﯿﻌﺎ أﻧﺎ وﺧﺪاﻣﻚ ﻣﯿﻤﻮن ﺑﺤﻖ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ وﺑﺤﻖ اﻟﻘﺎھﺮ اﻟﻌﺰﯾﺰ وﺑﺤﻖ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻌﺮش ذﺿﻈﻎ أﻗﺴﻤﺖ ﻋﻠﯿﻜﻢ ﯾﺎ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﺮوﺣﺎﻧﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮﯾﺎت واﻟﺴﻔﻠﯿﺎت وﯾﺎ ﺧﺪام ﻓﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب أﺟﯿﺒﻮا وأﻣﺪوﻧﻲ وأﻋﯿﻨﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻣﻮري أﻟﻮﺣﺎ أﻟﻮﺣﺎ اﻟﻌﺠﻞ اﻟﻌﺠﻞ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﺤﻖ اﻟﺴﺒﻊ اﻟﻤﺜﺎﻧﻲ واﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ وﺑﺤﻖ اﻷﺳﺮار واﻟﺒﺮﻛﺎت ﻓﯿﮭﻤﺎ وﺑﺤﻖ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪوﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻤﺔ واﻟﺒﺮھﺎن وﺑﺤﺮﻣﺔ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺳﺨﺮ ﻟﻲ ﻋﺒﺪك اﻟﺮﻓﺮق اﻷﺧﻀﺮ إﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﯾﺮ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﯾﺎ أرﺣﻢ اﻟﺮاﺣﻤﯿﻦ .
14
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻛﺎن اﻟﺸﯿﻮخ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﯾﺄﻣﺮون ﺑﻘﺮاءة ھﺬه اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ أو ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ أو ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة .وﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﯾﻮم اﻷﺣﺪ وذﻟﻚ ﺑﺘﻜﺮار اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة وﺳﺘﻤﺎﺋﺔ ﻣﺮة ، وﺗﻜﺮار اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﯾﻮم اﻻﺛﻨﯿﻦ ﺗﺴﻊ وﺳﺘﻤﺎﺋﺔ ﻣﺮة ،وﯾﻮم اﻟﺜﻼﺛﺎء ﺗﻜﺮار ﻣﺎﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﺪﯾﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ وأرﺑﻌﯿﻦ وﻣﺎﺋﺘﻲ ﻣﺮة ،وﯾﻮم اﻷرﺑﻌﺎء إﯾﺎك ﻧﻌﺒﺪ وإﯾﺎك ﻧﺴﺘﻌﯿﻦ ﺳﺘﺎ وﺧﻤﺴﯿﻦ وﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ﻣﺮة ،وﯾﻮم اﻟﺨﻤﯿﺲ ﺗﻜﺮار اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ ﺳﺒﻌﯿﻦ أﻟﻒ ﻣﺮة ،وﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺗﻜﺮار ﺻﺮاط اﻟﺬﯾﻦ أﻧﻌﻤﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺳﺒﻌﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ وﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ وأﻟﻒ ﻣﺮة ،وﯾﻮم اﻟﺴﺒﺖ ﺗﻜﺮار ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﺛﻼﺛﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ وأرﺑﻌﺔ آﻻف ﻣﺮة . إن ھﺬا ﻓﻲ أول وھﻠﺔ ﯾﺒﺪو وﻛﺄﻧﮫ دﻋﺎء ﯾﻜﻮن ﺑﮫ اﻟﻔﺘﺢ اﻻﺗﺼﺎﻟﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ھﻲ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ،ﻷن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﺗﻐﯿﺮت ﺳﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وأﺻﺒﺤﺖ ﻣﺨﻠﻄﺔ ﺑﺄﺳﻤﺎء أﺧﺮى ﺗﻌﺘﺒﺮ روﺣﺎﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻻدﻋﺎء ،وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻮﺿﯿﺢ ﻧﻈﮭﺮ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺴﻤﺖ ﺑﮭﺎ ﺳﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺘﺎﻟﻲ :
اﻷﯾﺎم
اﻷﺣﺪ
اﻻﺛﻨﯿﻦ
اﻟﺜﻼﺛﺎء
اﻷرﺑﻌﺎء
اﻟﺨﻤﯿﺲ
اﻟﺠﻤﻌﺔ
اﻟﺴﺒﺖ
آﯾﺎت ﺳﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ
ﺑﺎﺳﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﻠﻤﯿﻦ ﯾﺎ ﺣﻲ ﯾﺎ ﻗﯿﻮم
اﻟﺮﺣﻤﺎن اﻟﺮﺣﯿﻢ
ﻣﺎﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﺪﯾﻦ
إﯾﺎك ﻧﻌﺒﺪ وإﯾﺎك ﻧﺴﺘﻌﯿﻦ
أھﺪﻧﺎ اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ
ﺻﺮاط اﻟﺪﯾﻦ أﻧﻌﻤﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ
ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ
ﯾﺎ رؤوف ﯾﺎ ﻋﻄﻮف
اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ
روﻗﺎﺋﯿﻞ
ﺟﺒﺮﯾﻞ
ﯾﺎ ﻣﻘﻠﺐ اﻟﻘﻠﻮب واﻷﺑﺼﺎر ﺳﻤﺴﻤﺎﺋﯿﻞ
ﯾﺎ ﺳﺮﯾﻊ ﯾﺎ ﻗﺮﯾﺐ
ﯾﺎ ﻗﺎدر ﯾﺎ ﻣﻘﺘﺪر
ﯾﺎ ﻋﻠﯿﻢ ﯾﺎ ﺣﻜﯿﻢ
ﯾﺎ ﻗﺎھﺮ ﯾﺎ ﻋﺰﯾﺰ
ﻣﯿﻜﺎﺋﯿﻞ
ﺳﺮﻓﯿﺎﺋﯿﻞ
ﻋﻨﯿﺎﺋﯿﻞ
ﻛﺴﻔﯿﺎﺋﯿﻞ
اﻟﺨﺪام
ﻣﺬھﺐ
أﺑﯿﺾ
أﺣﻤﺮ
ﺑﺮﻗﺎن
ﺷﻤﮭﺮوش
زوﺑﮭﺔ
ﻣﯿﻤﻮن
اﻟﺤﺮوف
أبجد
هوزح
طيطل
منسع
فصقر
شتثخ
ذضظغ
ﻋﺪد ﺗﻜﺮار اﻵﯾﺎت
216
619
242
856
70000
1837
4233
أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ
ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ ﻇﺎھﺮ أن اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ ﻗﺴﻤﺖ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻣﺪروﺳﺔ ،وﺟﻤﻌﺖ ﻣﻌﮭﺎ أﺳﻤﺎء ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ذﻛﺮ ﻓﻲ ھﺬا ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ،ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺬﻛﺮ ﯾﻜﻮن ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ،أﻣﺎ اﻟﺨﺪام اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻣﺎ ھﻢ إﻻ ﻣﻠﻮك ﺣﻜﻤﻮا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﻋﺮﻓﺖ ﻟﮭﻢ ﻛﺮاﻣﺎت وﻗﻮة وﺳﯿﻄﺮة ،واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻻ دﺧﻞ ﻟﮭﻢ ﻓﻲ ھﺬا ،وﻛﺬا ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻌﺮش اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ،واﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﻣﺎ ﻛﺎن
15
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ھﺬا إﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮا وإﻟﺤﺎدا .أﻣﺎ اﻟﺤﺮوف اﻟﻤﻘﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم ﻓﻼ ﺗﻌﻨﻲ إﻻ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷرﺑﻌﺔ :اﻟﻤﺎء اﻟﮭﻮاء اﻟﺘﺮاب واﻟﻨﺎر .وھﺬه اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت ﻋﺮﻓﺖ ﻟﮭﺎ أھﻤﯿﺔ ﻗﺼﻮى ﻟﻮﺟﻮد ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ وﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻨﺪ ﻗﺮاءﺗﮭﺎ وﺗﻜﺮار ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎص ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ، وﻗﺪ ﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻣﻐﯿﺮ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،وذﻟﻚ ﻟﻮﺟﻮد أﺳﻤﺎء أﺷﺨﺎص ﺗﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﺘﻜﺮار ،وھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت ھﻮ اﻟﺬي ﯾﺆدي إﻟﻰ اﻻﻧﺤﺮاف ،وﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺬﻛﺮ ھﺬا ﺣﺘﻰ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻻﺗﺼﺎﻟﯿﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﯿﻦ وإﻇﮭﺎر ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،ﻓﮭﺬه اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻤﻦ ﯾﺮﺑﻮن ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻟﯿﻔﮭﻢ اﻟﻮﺿﻊ ،ﻓﺈن ﻣﻦ ﯾﻜﺮر أﺳﻤﺎء ﻟﯿﺲ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻣﺒﯿﻦ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺼﺒﺢ ﻣﺸﺮﻛﺎ ﺑﺎﷲ ﺑﺈدﺧﺎل ﺗﻠﻚ اﻷﺳﻤﺎء ﻣﻊ آﯾﺎت اﷲ ،وھﺬا ﯾﻌﺘﺒﺮ ﺗﻐﯿﯿﺮا ﻛﺎﻣﻼ ﯾﺠﻌﻞ أﺳﺎس اﻟﻜﻔﺮ ،وﺣﻘﺎ ﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﺑﻤﺎ رﺗﺐ ﻓﻲ ﻣﺎ ذﻛﺮ .ﻓﺎﻟﻤﮭﻢ ھﻮ أن ھﺬا ﻻ ﯾﺆدي إﻻ إﻟﻰ اﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻊ ﻗﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ، وﺑﮭﺬا ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أﺑﺪا ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻷن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻻ ﯾﺮى إﻻ أﺷﺨﺎﺻﺎ ذﻛﺮ اﺳﻤﮭﻢ وﻛﺄﻧﮫ ﻧﺎداھﻢ ،وﻷن ﻗﻮى ﻋﻘﻮﻟﮭﻢ ﻣﺎزاﻟﺖ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﻤﺪوﻧﮫ ﺑﻘﻮة ﻻ ﺗﺰﯾﺪه إﻻ ﻛﻔﺮا وادﻋﺎء ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺻﻮاﺑﺎ ،ﻛﻤﺎ اﻋﺘﻤﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﯿﻮخ ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻘﯿﻦ اﻟﺬﻛﺮ ﺑﺄن ﯾﺄﻣﺮوا اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻘﺮاءة ﺳﻮرة اﻹﺧﻼص ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ،وذﻟﻚ أﻟﻒ ﻣﺮة ﯾﻮﻣﯿﺎ دون أن ﯾﻘﻮل ﺑﺎﺳﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﺎن اﻟﺮﺣﯿﻢ ،ﻓﮭﺬا ﺗﻐﯿﯿﺮ أﯾﻀﺎ ﻷن اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن وإن ﻟﻢ ﺗﺬﻛﺮ ﻓﻜﺄن ﻣﺎ ﻗﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻮرة ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻤﻐﯿﺮ أﺳﺎﺳﮫ ھﻮ ﺗﻐﯿﯿﺮ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ .
16
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
أﻣﺎ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺬھﺒﯿﺔ ﻓﮭﻲ ھﺬه : ﺑﺎﺳﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ .إن اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻧﺤﻤﺪه وﻧﺴﺘﻌﯿﻨﮫ ﻣﻦ ﯾﮭﺪه اﷲ ﻓﻼ ﻣﻀﻞ ﻟﮫ وﻣﻦ ﯾﻀﻠﻞ ﻓﻼ ھﺎدي ﻟﮫ وأﻧﺎ اﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ وأن ﻣﺤﻤﺪا ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ .أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻨﺴﺄﻟﻚ اﻟﻠﮭﻢ وﻧﺘﻮب إﻟﯿﻚ وﻧﺘﻤﺴﻚ وﻧﺘﻮﺳﻞ وﻧﺘﻮﺟﮫ وﻧﺘﻀﺮع وﻧﺘﺤﻔﻆ وﻧﺘﺤﺼﻦ وﻧﺴﺘﺸﻔﻲ وﻧﺘﺸﻔﻊ وﻧﺘﻌﻠﻢ وﻧﺘﻔﮭﻢ وﻧﺘﺬﻛﺮ و ﻧﺘﻔﻜﺮ و ﻧﺘﺮﺑﺺ وﻧﺘﺮﻓﻊ و ﻧﺘﻮﺻﻞ وﻧﺘﻘﺮب ﺑﺄﺳﺮارك اﻟﻤﻮدﻋﺎت وأﻧﻮار ﺗﺠﻠﯿﺎﺗﻚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت واﻟﻤﻘﺮﺑﺎت ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻄﺮق اﻟﻌﻠﯿﺔ وﺑﺒﺮﻛﺎت اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺴﯿﺪﻧﺎ وﻣﯿﺰاب ﻓﯿﻮﺿﺎﺗﻨﺎ و ﻣﺠﺮى اﻟﺤﻜﻤﺔ وأﺳﺮارﻧﺎ اﻟﺴﯿﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻘﻲ اﻟﻨﺎزﻟﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ اﻟﺠﻠﯿﻞ اﻟﺤﻠﻤﻲ أوده ﻣﺸﻰ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺎن ﻣﻜﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺪھﻠﻮي ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻧﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﺳﯿﻒ اﻟﺪﯾﻦ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻌﺼﻮم ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ أﺣﻤﺪ اﻟﻔﺎروق اﻟﺴﺮ ھﻨﺪي ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ اﻟﻤﻮﻟﻰ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ دروﯾﺶ ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺰاھﺪ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﯾﻌﻘﻮب اﻟﺠﺮﺟﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﮭﺎء اﻟﺪﯾﻦ اﻷﯾﺴﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ أﻣﯿﺮ ﻛﻼل ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﺑﺎه ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﻮد ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﺧﻮاﺟﺔ ﻋﺎرف ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﻐﺪواﻧﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ اﻟﺨﻀﺮ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﮭﻤﺪاﻧﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺨﺮﻗﺎﻧﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ أﺑﻲ ﯾﺰﯾﺪ اﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺼﺎدق ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺎﻗﺮ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﯾﻦ ﻗﺪس اﷲ ﺳﺮه وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ اﻟﺤﺴﯿﻦ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﺳﻠﯿﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﻨﺒﻊ اﻟﻌﻠﻢ واﻷﺳﺮار وﻣﺨﺰن اﻟﻔﯿﺾ واﻷﻧﻮار وﻣﻠﺠﺄ اﻷﻣﺔ واﻷﺑﺮار وﻣﮭﺒﻂ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر وﺣﺒﯿﺐ اﷲ اﻟﺴﺘﺎر اﻟﺬي أﻧﺰل ﻋﻠﯿﮫ أﻓﻀﻞ اﻟﻜﺘﺐ اﻷﺳﻔﺎر وﺳﯿﺪﻧﺎ وﻣﻮﻻﻧﺎ ﺷﻔﯿﻌﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﻋﻠﻰ آﻟﮫ وأﺻﺤﺎﺑﮫ اﻷﺧﯿﺎر وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ ﻣﯿﻜﺎﺋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم وﺑﺴﯿﺪﻧﺎ إﺳﺮاﻓﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،إﻟﮭﻲ أﻧﺖ ﻣﻘﺼﻮدي ورﺿﺎك ﻣﻄﻠﻮﺑﻲ أﻋﻄﻨﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ و ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ ﻓﻨﺴﺄﻟﻚ اﷲ ﺑﻌﺰﺗﻚ وﺟﻼﻟﻚ وﺟﻤﺎﻟﻚ وﻗﺪرﺗﻚ وﻛﺒﺮﯾﺎﺋﻚ وﻋﻈﻤﺘﻚ ﺑﺴﺮ ﺳﺮ ﺳﺮ أﺳﺮار اﻟﻌﻈﺎم وأﻧﺒﯿﺎﺋﻚ اﻟﻜﺮام وأوﻟﯿﺎﺋﻚ اﻟﻔﺨﺎم وﻣﻼﺋﻜﺘﻚ اﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم وﺑﺤﻖ ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﷲ وﺑﺤﻖ ھﺬا اﻻﺳﻢ اﻟﻌﻈﯿﻢ اﷲ اﷲ اﷲ .
17
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إن ھﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺬھﺒﯿﺔ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻷﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ذﻛﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﺳﻢ اﷲ واﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم وﻛﺬا ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ، ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﻻ ﯾﺨﻠﻮ ﻣﻦ وﺟﻮد أﺷﺨﺎص ﺗﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎﺋﮭﻢ ﻣﻤﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻠﻨﺎس ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻦ ﺣﺠﺔ إﻻ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮭﻢ ﻛﺮاﻣﺎت أﻇﮭﺮوھﺎ ﻟﻠﻨﺎس وﻓﺘﻨﻮا ﺑﮭﺎ .وھﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻛﺎن اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﯾﺄﻣﺮون ﺑﺘﻜﺮارھﺎ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة ،اﻟﺬاﻛﺮ ﺑﮭﺬه اﻟﺼﻔﺔ إﻧﻤﺎ ﯾﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎء ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن ،ﻓﮭﻲ وﺳﯿﻠﺔ ﺷﺮك وﻋﺒﺎدة ﻟﻸﺷﺨﺎص دون اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻋﺒﺎدة اﷲ ،وﻗﺪ ﻏﺮت اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻷن ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻇﺎھﺮﯾﺔ ،وﻛﺎن اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﯾﺤﺘﻔﻈﻮن ﺑﮭﺎ و ﯾﺄﻣﺮون ﺑﺄن ﻻ ﯾﻔﺸﻮھﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ أﯾﺪي اﻟﺴﻔﮭﺎء ،وﻟﻜﻦ ھﺆﻻء ﻛﺎﻧﻮا ﺣﺴﺐ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ھﻢ اﻟﺴﻔﮭﺎء ،ﻷﻧﮭﻢ ﻧﺸﺮوا ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻨﺰل ﺑﮫ اﷲ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن ،ﻓﺎﻷوراد اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ إﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮا ﻟﻸﺻﻮل اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،وﻃﺮق اﻟﺘﺼﻮف ﻛﺜﯿﺮة وﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﺻﻞ اﻟﻤﻮﺿﻮع إﻻ إﻇﮭﺎرا ﻷﻧﻮاع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎن اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻲ ﻻ ﺗﻮﺻﻞ إﻻ إﻟﻰ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺬﻛﻮرة أﺳﻤﺎؤھﻢ دون اﺗﺼﺎل ﺣﻘﯿﻘﻲ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ . اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻧﻮﻋﺎن ،اﻷول أﺳﺎﺳﮫ اﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ أو ﻗﻮى اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﯾﻦ ﻋﺮﻓﻮا ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺎت ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻻ أﺳﺎس ﻓﯿﮫ ﻟﮭﺬا ،وھﻮدﯾﻨﻲ ﻣﺤﺾ ﻻ دﺧﻞ ﻟﻘﻮة ﻓﯿﮫ ،واﻟﻈﺎھﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل أن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻨﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﺰم ﻟﻠﺠﺴﻢ ﻗﻮة ،و ﻷﺟﻞ ھﺬا اﻟﻐﺮض ﻧﺠﺪ أن اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﻣﺜﻼ ﯾﺄﻣﺮون ﺑﺮﯾﺎﺿﺔ أﺳﺎﺳﮭﺎ اﻟﺴﮭﺮ وﻗﻠﺔ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻌﺰﻟﺔ ودﺧﻮل اﻟﺨﻠﻮة ﯾﻮﻣﯿﺎ ﻻ ﯾﺄﻛﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺮﯾﺪ ﺷﯿﺌﺎ ،وﻧﺠﺪ ھﺬا اﻟﻤﺜﻞ أﯾﻀﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﮭﻨﻮد اﻟﻤﻄﺒﻘﯿﻦ ﻟﻄﺮق اﻟﯿﻮﻏﺎ ،وھﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﻮن ﻧﻔﺲ اﻟﺸﻜﻞ وﯾﺬﻛﺮون أﺳﻤﺎء أﺷﺨﺎص ﻧﺴﺒﺖ ﻟﮭﻢ اﻷﻟﻮھﯿﺔ وﻋﺮﻓﻮا ﺑﻘﻮة ﻇﺎھﺮﯾﺔ ،وﻧﺠﺪ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺼﯿﻨﯿﯿﻦ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻢ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺘﻌﺬﯾﺒﯿﺔ ﻟﯿﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻛﺜﯿﺮ وﻣﺨﺘﻠﻒ ،واﻟﻤﮭﻢ ﻓﯿﮫ ھﻮ اﻟﺸﺒﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،وﻛﻞ ھﺆﻻء اﻟﻤﻄﺒﻘﯿﻦ ﺑﻌﯿﺪون ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻣﺸﻘﺔ ﻓﯿﮫ وﻻ ﻋﻨﺎء وﻻ ﻋﺰﻟﺔ وﻻ ﺗﻌﺬﯾﺐ ﻟﻠﺠﺴﻢ ﻓﺄﺻﺤﺎب اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ إن ﺗﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻣﺎ ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻛﺬﻟﻚ .ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﯿﮫ ﻗﻮﺗﺎن ﺗﺸﻜﻼن ﻧﻮﻋﯿﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل ،إﺣﺪى اﻟﻘﻮﺗﯿﻦ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻮرا واﻷﺧﺮى ﻇﻠﻤﺎت ،ﻓﺎﻟﻤﻐﯿﺮ ﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ﻻ ﯾﺘﺼﻞ إﻻ ﺑﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،واﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﻘﻮى اﻟﻨﻮراﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ، وھﻜﺬا ﯾﺘﻀﺢ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻻﺗﺼﺎﻟﯿﻦ إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ﯾﻌﺘﺒﺮ اﺗﺼﺎﻟﮫ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﺗﺼﺎﻻ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ واﻗﻌﯿﺎ واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻘﻮى اﻟﻨﻮر ﯾﻌﺘﺒﺮ اﺗﺼﺎﻟﮫ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺣﻘﯿﻘﯿﺎ واﻗﻌﯿﺎ . إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻣﻌﻨﺎه ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎل واﺳﺘﻮﺳﺎط ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻗﻮﺗﮫ وﯾﺸﻌﺮ ﻛﺄﻧﮫ ﯾﻌﯿﺶ واﻗﻌﺎ ﻟﮫ أﺻﻞ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﺧﯿﺎل ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺨﯿﺎل اﻟﺨﯿﺎل ، وھﺬا اﻻﺗﺼﺎل ﺗﻜﻤﻦ ﻓﯿﮫ ﻗﻮة ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن أن اﷲ ﯾﺤﻞ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﮫ أو أﻧﮫ ﺷﺒﮫ ﻣﻠﻚ أو أن اﻟﺮوح ﯾﻤﺴﻜﮭﺎ أو ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺄن اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻌﻘﻞ ﺷﻲء واﺣﺪ ،وﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل أﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب ﻣﮭﻤﺎ أﻧﮫ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺪﯾﮫ ﻗﻮة ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺎت ،وھﺬه اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﻣﺎ ھﻲ إﻻ
18
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻗﻮة ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ أﺷﺨﺎص ﺗﻮﺻﻠﻮا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ إﻟﻰ اﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮى اﺳﺘﺨﺮﺟﮭﺎ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﻤﺎ ﺳﻌﻮا إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ .ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ إﻧﻤﺎ ﻣﻌﻨﺎه ﻛﺎﻣﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل اﻟﻤﻨﻘﺴﻤﺔ إﻟﻰ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻗﺴﺎم ،ﯾﻌﯿﺸﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻘﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ دون أن ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،وﺗﻌﺘﺒﺮ ھﺬه اﻟﻘﻮة ﻗﻮة دﺧﺎﻧﯿﺔ ﺳﻤﯿﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻷن اﻟﺬﯾﻦ اﺳﺘﺨﺮ ﺟﻮھﺎ ﯾﻌﺘﻤﺪون ﻓﻲ ﺗﻄﺒﯿﻘﺎﺗﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮوﻗﺎت أو ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﺒﺎﺧﯿﺮ ،ﻓﮭﻲ دﺧﺎﻧﯿﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮭﺎ ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ ﻛﺄن اﻟﺪﺧﺎن ﯾﺘﺸﻜﻞ ﻓﺘﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﺻﺒﻐﺔ ﺻﻮرﯾﺔ ﺣﺴﯿﺔ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﯿﻌﯿﺶ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺻﻮرﯾﺎ ﺣﺴﯿﺎ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ﯾﺸﺒﮫ اﻟﻮاﻗﻊ ،واﻟﻘﻮة اﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ھﻲ اﻟﻌﺰﻟﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﻈﻦ أﻧﮫ ﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﻗﻮة ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ وھﻲ اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﻧﺠﺪھﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﯾﻌﺒﺪ اﻷﺻﻨﺎم ﻛﺬﻟﻚ ،أو ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻃﺮﻗﺎ ﺗﻌﺬﯾﺒﯿﺔ ﯾﻨﺎل ﺑﮭﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ،وﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﺗﺴﻤﻰ ھﺬه اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﺑﺴﺤﺮ ﻷن أﺳﺎﺳﮭﺎ وﻣﻨﻄﻠﻘﮭﺎ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ أﻧﺰل ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﮭﺎ ﻗﻮة وﻛﺮاﻣﺎت ﻋﻨﺪ ﻣﻄﺒﻘﻲ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﻸن ھﺬه اﻟﺸﻌﻮب ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ھﻲ أﯾﻀﺎ أﺳﺎس دﯾﻨﻲ ﺗﻐﯿﺮ ﻋﻦ أﺻﻠﮫ واﺗﺨﺬ ﺻﺒﻐﺔ أﺧﺮى ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺑﮭﺎ اﻟﻘﻮة ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل إن اﻟﺬي ﯾﻈﮭﺮ ﻛﺄﻧﮫ ﻣﺘﺪﯾﻦ ﻓﮭﻮ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب ﻷن وﺟﻮد اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ و اﻻﻧﺤﺮاف ﯾﻨﻔﻲ ھﺬا ،أﻣﺎ اﻟﺮﺳﻢ ﻟﻘﻮى اﻟﺨﯿﺎل اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﮭﺎ ﻓﮭﻮ ھﺬا :
اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ درﺟﺎت ﻟﻘﻮى اﻟﺨﯿﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ 19
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺧﯿﺎل ﻋﺎدي ﯾﻜﻮن ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺼﻮري . اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ھﻲ ﺧﯿﺎل ﻓﻮق اﻟﺨﯿﺎل اﻟﻌﺎدي ﻷن اﻟﻤﺘﺨﯿﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎل ﻻ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﻤﻦ ﯾﻜﻠﻤﮫأو ﺑﻤﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﮫ . اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻮق اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ واﻷوﻟﻰ ،ﻷن اﻟﺨﯿﺎل ﺗﺼﺒﺢ ﺻﻮره واﺿﺤﺔ أﻛﺜﺮ ،وﻧﺠﺪاﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎل ﯾﻌﺘﺰل اﻟﻨﺎس وﯾﺤﺐ اﻟﺨﻠﻮة وﻛﺄﻧﮫ ﯾﺤﻠﻢ ،وﯾﻜﺜﺮ ﻋﻨﺪه اﻟﻘﻠﻖ و اﻟﺤﺰن واﻟﯿﺄس . اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﯾﺒﺪأ اﻻﺧﺘﻼط اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺼﻮري ،وﻛﺄﻧﮫ اﻟﻤﺘﺨﯿﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﯾﺮىأﺷﯿﺎء ﻻ ﯾﺮاھﺎ اﻵﺧﺮون ،وﯾﺴﻮد وﺟﮭﮫ وأﻋﺼﺎﺑﮫ ﺗﺘﻮﺗﺮ ﺑﺴﮭﻮﻟﺔ . اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻟﮭﺎ أھﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻂ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ﺑﺎﻷﺣﻼم ،ﻷن اﻟﺒﺎﻟﻎ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﯾﻨﺰﻋﺞﻛﺜﯿﺮا ﻓﻲ أﺣﻼﻣﮫ ،وﺗﻜﺜﺮ ﻋﻨﺪه رؤﯾﺔ اﻷﺷﺒﺎح ،وﯾﺨﺎف ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻈﻼم واﻟﺮﻋﺪ واﻟﺒﺮق إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ،ﺛﻢ ﯾﻜﺜﺮ ﻋﻨﺪه اﻟﻨﺴﯿﺎن ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ . اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ھﻲ أﺧﻄﺮ ،ﻷن اﻟﺒﺎﻟﻎ إﻟﯿﮭﺎ ﯾﺼﺒﺢ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ أو ﯾﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦأﺷﺨﺎص ﯾﺮاھﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ،وﻗﺪ ﯾﻌﯿﺶ واﻗﻌﺎ آﺧﺮ وﺗﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﻃﺮق ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ ،ﯾﻈﻦ أﻧﮫ ﯾﻜﺘﺴﺒﮭﺎ ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻲ ﺗﻤﻠﻰ ﻟﮫ ﻣﻤﻦ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﮫ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﻗﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻣﻊ ﻗﻮى ﻋﻘﻞ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﮫ . اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،ﯾﻜﻮن اﻟﺒﺎﻟﻎ إﻟﯿﮭﺎ ﯾﺘﺤﺮك ﺑﻘﻮة ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻓﯿﮫ ﻗﺪ اﺳﺘﻤﺪھﺎ و ﻻ ﺗﻜﻮن ﻇﺎھﺮﯾﺔﺑﺼﻔﺔ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﺸﺎء . أﻣﺎ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻓﮭﻲ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﻛﺎن ﻣﻨﻄﻠﻘﮫ ﺧﯿﺎﻻ ﻓﯿﺼﺒﺢ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻟﮭﺬهاﻟﺪرﺟﺔ ﯾﻨﺎل ﻗﻮى ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ وﻟﯿﺲ ﻟﮭﺎ أﺳﺎس أﺻﻠﻲ ،ﻓﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ھﻲ اﻟﻤﺴﻤﺎة ﺑﺨﯿﺎل اﻟﺨﯿﺎل ،ﻷﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ ﺧﻠﻂ ﺻﻮري ﻓﻜﺮي ﺑﺎﻷﺣﻼم واﻟﺨﯿﺎل . أﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ اﻋﺘﻤﺪوا ﻓﻲ ﻃﺮﻗﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻮ ﻗﻮى اﻷﻓﻜﺎر وﻗﻮى اﻟﺼﻮر اﻟﻤﺴﺠﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎغ ،ﻓﺈن ﺗﺮﻛﯿﺰ ﺗﻄﺒﯿﻘﺎﺗﮭﻢ ﯾﻜﻮن اﻋﺘﻤﺎده ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺗﻄﺒﯿﻘﻲ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﺘﻨﻔﺴﻲ ،ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﺮوف ﻓﻲ ﻃﺮق اﻟﯿﻮﻏﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺄن ﻻ ﯾﻔﻜﺮ اﻟﻤﻄﺒﻖ ﻓﻲ ﺷﻲء إﻻ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻔﺲ ،وﺑﻌﺪ ﺳﺘﺔ أﺷﮭﺮ ﻗﺪ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮة أوﻟﻰ ﻇﺎھﺮﯾﺔ .أﻣﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻌﻮد اﻟﻔﻜﺮي ﻓﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮ اﻻﺗﺼﺎل ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل دﺧﺎﻧﯿﺎ ﺑﻞ ھﻮاﺋﯿﺎ ﻷن اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ھﺬا ﯾﺸﻌﺮ ﻛﺄﻧﮫ ھﻮاء أو ﯾﺴﺒﺢ ﻓﻲ 20
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﮭﻮاء .وﻟﮭﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺛﻤﺎﻧﻲ درﺟﺎت ﻛﺬﻟﻚ ،إﻻ أﻧﮭﺎ ﻗﻮﺗﮭﺎ ﺗﺤﺮق ﺑﻘﻮى اﻟﺠﺴﻢ وﯾﺘﻢ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ،وﻣﮭﻤﺎ أن ھﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻜﻞ درﺟﺎت ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل ﻓﻼ ﯾﺨﻠﻮ اﻟﻮﺿﻊ ﻣﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﺎ ﺑﺎﻷول .وﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻓﺼﺒﺢ اﻟﻘﻮة ﻧﺎرﯾﺔ ﻻ ھﻮاﺋﯿﺔ أو دﺧﺎﻧﯿﺔ .أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺸﻌﺮ ﻛﺄﻧﮫ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺜﯿﺮ زﻟﺰاﻻ أو أن ﯾﺤﻄﻢ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﻌﯿﻨﺎ ﻓﻲ اﻷرض أو ﺑﻨﯿﺎﻧﺎ ،وﻗﺪ ﺑﻠﻎ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻘﻮة ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻤﻦ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﮭﻢ ﻛﺮاﻣﺎت .أﻣﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺎﺋﯿﺔ ﻓﺈن اﻟﺒﺎﻟﻎ إﻟﯿﮭﺎ ﯾﺸﻌﺮ ﻛﺄﻧﮫ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ أو أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺎه ﺑﺘﮭﯿﯿﺞ ﻣﯿﺎه اﻟﻮدﯾﺎن .وﻗﺪ ﻋﺮف ھﺬا ﻛﺜﯿﺮا ،ﻓﻠﻨﻘﺴﻢ ﻣﺎ ذﻛﺮ ،ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ واﻟﻮاﻗﻌﻲ أﺳﺎﺳﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ،واﻟﺮﺳﻢ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻗﺪ ﯾﻌﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﮭﻢ : اﻟﺨﯿﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻤﺎء
اﻟﺨﯿﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻨﺎر
اﻟﺨﯿﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﺪﺧﺎن
اﻟﺨﯿﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﮭﻮاء
اﻟﺨﯿﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﺘﺮاب
ﻓﺎﻟﺨﯿﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﺪﺧﺎن ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ اﻷرﺑﻊ ﻗﻮات ،وھﻲ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ .أﻧﻤﺎ ﻗﻮات اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﺘﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﺛﻼث ﻓﻘﻂ ،اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺬي ﯾﻜﻮن أﺳﺎﺳﮫ ﻗﻮى دﺧﺎﻧﯿﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﻘﺪﻣﺎء ھﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﺗﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ ﻓﻲ درﺟﺎﺗﮫ واﺳﺘﻌﻤﺎل ﻗﻮاه اﻷرﺑﻊ ،وذﻟﻚ ﻇﺎھﺮ ﻓﻲ ﻧﻮﻋﯿﺔ اﻟﻜﺮاﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﻮا إﻟﯿﮭﺎ ﻷﻧﮭﻢ ﺗﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﻮى ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ﺗﻈﮭﺮ ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺎﺋﯿﺔ وذﻟﻚ ﺑﺘﺤﺮﯾﻚ اﻟﻤﺎء أو اﻟﻤﺸﻲ ﻓﻮﻗﮫ ،ﻛﻤﺎ ،ﺗﻈﮭﺮ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﺑﻄﻲ اﻷرض ،وﺗﻈﮭﺮ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ اﻟﻘﻮة اﻟﻨﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻟﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺮ أو اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ وﺳﻂ 21
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻨﺎر دون اﺣﺘﺮاق ،أﻣﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﮭﻮاﺋﯿﺔ ﻓﻜﺎﻟﻄﯿﺮان ﻓﻲ اﻟﮭﻮاء ،وھﺬه ﻣﺜﻞ ﻟﻠﻜﺮاﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﺗﺼﺎل ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ .وﻗﺪ أﻇﮭﺮﻧﺎ ﺑﮭﺬا أن اﻟﻜﺮاﻣﺎت أﺳﺎﺳﮭﺎ ﻗﻮى ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وﻛﺎن اﻟﻐﺮض ﻗﺪﯾﻤﺎ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ھﻮ ﺟﻠﺐ ﻗﻮى اﻟﻜﺮاﻣﺎت ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﺪﻓﮫ ﻋﻠﻤﺎ ﯾﺆﺧﺬ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻟﯿﻔﮭﻢ ﺑﮫ ﻣﺎ وﺟﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻇﺎھﺮي .أﻣﺎ اﻟﺘﺼﺪﯾﻖ ﺑﻮﺟﻮد ﻛﺮاﻣﺎت أو اﻟﻘﻮى اﻟﺴﺤﺮﯾﺔ ،ﻓﮭﺬا أﻣﺮ ﯾﺨﺺ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻧﻔﺴﮫ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﯾﺮى اﻹﻧﺴﺎن أﺷﯿﺎء ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﻮع ،وﯾﻜﻔﻲ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻤﻦ ﻋﺮف ﺑﮭﺬا ،وﻗﺪ ﻧﻘﺼﺖ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﻛﻤﺎ ﻗﻞ أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ ،وذﻟﻚ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ،إذ اﻵﻟﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻠﺖ ﻣﻜﺎن اﻟﺠﺴﻢ واﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﻘﻮة ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﻣﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ ، واﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﮭﺎ ﺻﺤﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﻌﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺘﺤﻤﻞ ﺗﻄﺒﯿﻘﺎﺗﮭﺎ وﻻ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ وﺳﺎﺋﻠﮭﺎ ،وذﻟﻚ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ،أﻣﺎ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻓﻤﻌﻨﺎه ھﻮ أن ﯾﺠﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﯿﮫ ﻗﻮة ﯾﺘﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ دﺧﻮل اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻗﺪ ﻧﺠﺪ ﺷﯿﻮﺧﺎ ﯾﻠﻘﻨﻮن اﻷوراد ﻟﻠﻤﺮﯾﺪﯾﻦ ، وذﻟﻚ ﻣﻌﻨﺎه أﻧﮭﻢ ﯾﻤﺪوﻧﮭﻢ ﺑﻘﻮة ﺟﻠﺒﻮھﺎ ھﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ أﺷﺨﺎص آﺧﺮﯾﻦ ،وﯾﺴﻤﻰ ھﺬا ﺑﺎﻟﺘﻠﻘﯿﻦ ، وﺣﻘﺎ ﺗﻈﮭﺮ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺘﺼﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺸﯿﺦ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﮫ ﻗﻮة ،وﺗﺪﺧﻞ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻄﺒﻖ ﻣﺎ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﮫ اﻟﺸﯿﺦ ،وأول ﻣﺎ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺜﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﺮأس ﻓﯿﮫ ﻟﺬة ،وﯾﺴﻤﻰ ھﺬا ﺑﺎﻟﺴﻜﺮ اﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻓﯿﺼﺒﺢ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﺤﺖ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ذﻟﻚ اﻟﺴﻜﺮ ،وﯾﻌﺠﺒﮫ ذﻟﻚ ، ﻻﺳﯿﻤﺎ إن ﺳﺎﻋﺪه اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﺬي ﯾﻤﺎرﺳﮫ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ،وﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﯿﮫ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻐﻤﺾ ﻋﯿﻨﯿﮫ ،وﺗﺘﺮاءى ﻟﮫ أوﺟﮫ ﻛﺜﯿﺮة ﻻ ﯾﻌﺮﻓﮭﺎ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻮﺟﻮه ﻣﺎ ھﻲ إﻻ وﺟﻮه اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎءھﻢ ،ﻛﻤﺎ ﯾﻈﮭﺮ ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ ﻓﻲ ھﺬا اﻻﺗﺼﺎل وﺟﮫ ﺷﯿﺨﮫ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺄﻣﺮ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻤﺮﯾﺪ ﺑﺘﻌﻈﯿﻤﮫ ،ﻓﺈذا ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﯾﺼﺒﺢ ﺗﺤﺖ ﺳﯿﻄﺮة ﺷﯿﺨﮫ وﯾﺄﻣﺮه ﺑﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪه ،ﺛﻢ ﺗﻀﺎف إﻟﯿﮫ ﻗﻮة أﺧﺮى أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ ،وﯾﺴﻤﻰ ھﺬا ﺑﺴﻠﺐ اﻟﻌﻘﻮل ،ﻷن ﻋﻘﻞ اﻟﻤﺮﯾﺪ ﯾﺴﻠﺐ ﺑﺴﻠﺐ ﻗﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﺳﺘﺨﺎرﺗﮭﺎ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﻟﺠﻠﺐ ﻗﻮى أﺧﺮى ،وھﺬا اﻷﻣﺮ ﺷﻲء واﻗﻌﻲ ،وﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺋﻞ إﻻ أن ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺰواﯾﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮة ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﺻﺤﺔ اﻟﻘﻮل ،وﻟﻜﻦ ﻟﺘﻔﺎدي ﻛﻞ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻻ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺷﻲء واﻗﻌﻲ أﺻﻼ ،ﻓﺄﻧﺎ ﻧﻘﻮل إن ذﻟﻚ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ اﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻗﻮى ﺑﺸﺮﯾﺔ اﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺘﻲ رﻛﺰت ﻟﮭﺎ ﻗﺪﯾﻤﺎ أﺻﻨﺎم ﺳﺠﻨﺖ ﻓﯿﮭﺎ وﺳﺨﺮت ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻇﻦ اﻹﻧﺴﺎن أن اﻷﺻﻨﺎم ﻻ أﺳﺎس ﻟﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﺪ ﻗﺪﯾﻤﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻘﻮل ﻻ أﺳﺎس ﻟﮫ ،ﻷن اﻷﺻﻨﺎم ﻣﺎزال ﯾُﻌﺘﻨﻰ ﺑﮭﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮب وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮭﻢ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻨﮭﺎ ﻷن ﻟﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ وﯾﺸﻌﺮون ﺑﻮﺟﻮد ﻗﻮة اﺳﺘﻤﺪادﯾﺔ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻻ ﯾﻌﻨﻲ ھﺬا أن اﻷﻣﺮ ﯾﮭﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﻌﻮب وﺣﺪھﺎ ﺑﻞ ﯾﮭﻢ اﻟﺸﺮ ﻛﻠﮫ ،ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻀﺮ ﺑﮫ ،وﻟﻮ ﺗﺤﻄﻤﺖ اﻷﺻﻨﺎم ﻛﻠﮭﺎ واﻟﺘﻤﺎﺛﯿﻞ ﻟﺘﻐﯿﺮ اﻷﻣﺮ ،ﺛﻢ ﻟﻦ ﯾﺒﻘﻰ أﺛﺮ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻤﺰﯾﻒ وﻟﻦ ﺗﻈﮭﺮ ﻛﺮاﻣﺎت أﺑﺪا . وﺻﺤﺔ اﻟﻘﻮل أن ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﻛﺮاﻣﺔ ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ ﻛﯿﻒ ﺷﺎء ،ﻣﺎ ﻛﺎن أﺳﺎﺳﮭﺎ إﻻ ﻣﻦ أﺻﻨﺎم ﻣﻮﺟﻮدة أو ﻣﺒﺎن أﻗﺎﻣﮭﺎ اﻟﻘﺪﻣﺎء ،وﻟﯿﻜﻦ ﺣﺬر اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ وراء ﺑﺤﺚ ﻋﻠﻤﻲ اﺗﺼﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،وإﻧﺎ ﻟﻨﺠﺪ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ زواﯾﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷﺟﻨﺎس ﻟﮭﺎ ﻃﺮق ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺠﻠﺐ إﻟﯿﮭﺎ ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﺗﻔﺴﺪ ﻋﻘﻮﻟﮭﻢ ﻓﯿﻄﻠﺒﻮن اﻟﻌﺰﻟﺔ وﯾﺘﺨﻠﻮن ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﻓﺎﻟﺘﺨﺪﯾﺮ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﮫ أﺛﺮ ﻓﻌﺎل ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺘﻰ ﺗﻢ اﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى ﺑﺸﺮﯾﺔ ورﺛﺖ ﻗﻮاھﺎ ﻣﻦ ﻗﻮى ﻃﺒﯿﻌﯿـﺔ ،و
22
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﺠﻠﺐ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻗﻮة ﻣﺎ ،وﻻ ﯾﻔﺮض ﻓﯿﮫ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻷھﻞ وﻻ اﻟﻌﺰﻟﺔ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ أو اﻻﻧﺤﺮاف ﻋﻦ اﻟﺤﻖ وﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ اﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻗﻮى اﻷﺻﻨﺎم أو ﻣﻦ ﻗﻮى ﺑﺸﺮﯾﺔ أو ﻗﻮى ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ،وﻧﺠﺪ ﻧﻮﻋﺎ آﺧﺮ ﻗﺪ ﯾﺆدي إﻟﻰ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺼﻔﺔ أﺧﺮى ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ ﻣﺠﮭﻮدات ﻛﺜﯿﺮة ﻟﯿﺼﻠﻮا إﻟﻰ ھﺪﻓﮭﻢ ،وأﺳﺎس ھﺬا اﻟﻨﻮع ھﻮ ﺣﻤﻞ ﻃﻼﺳﻢ ﺟﻌﻠﺖ ﺑﺪراﺳﺔ ﻣﻌﯿﻨﺔ ،وﺟﻤﻌﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻗﻮة ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ أﺷﺨﺎص وأﺻﻨﺎم ،وھﺬه اﻟﻄﻼﺳﻢ ﯾﻮﻓﻖ ﻗﻮاھﺎ ﺷﯿﺦ اﻣﺘﺎز ﺑﻜﺮاﻣﺎت ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺤﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻄﻼﺳﻢ ،ﻗﺪ ﯾﺼﻞ ﻓﻌﻼ ﺑﺄﺷﯿﺎء أﺧﺮى ﻻ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻧﻈﮭﺮ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻼﺳﻢ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﻤﺜﺎل ﻓﻘﻂ ،ﻷن ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻛﺜﯿﺮ وﻣﺎ زال ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟﯿﺎ ،واﻟﻄﻠﺴﻢ ھﻮ ھﺬا :
ﻗﯿﻞ إن ھﺬا اﻟﻄﻠﺴﻢ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﮫ و ﺣﻤﻠﮫ ﻧﺎل اﻟﻘﻮة واﻟﻨﺼﺮة و اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت ﻣﻦ اﻟﻐﯿﺐ واﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﻐﺮاﺋﺐ واﻷﺳﺮار . اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻄﻼﺳﻢ ،واﻟﮭﺪف اﻷول ﻣﻨﮭﺎ ھﻮ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وإذا ﻣﺎ ﻻﺣﻈﻨﺎ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻊ ﺑﮭﺎ اﻟﻄﻠﺴﻢ ،ﻧﺠﺪ أﻧﮫ ﻣﺮﻛﺐ ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ آﯾﺔ ﻗﺮآﻧﯿﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﺣﺮوﻓﮭﺎ ﺗﺘﻀﺎرب ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﺎ ،وأﺿﯿﻔﺖ اﻷرﻗﺎم ﻓﻲ ھﺬا ھﻲ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷرﺑﻌﺔ ،وﺟﻌﻞ اﺳﻢ ﻣﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ واﺳﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻘﻠﻮﺑﺔ
23
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وھﺬا ﯾﻌﺪ ﺗﻐﯿﯿﺮا ﻛﺎﻣﻼ ﻓﯿﮫ ﺷﺮك ،وﺣﻘﺎ ﻗﺪ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮫ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﯿﺎل اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻛﻤﺎ ﻓﺴﺮﻧﺎه ،إﻧﻤﺎ ﻣﺠﺮد ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻄﻠﺴﻢ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ،ﻷﻧﮫ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﺗﺒﮫ أن ﺗﻜﻮن ﻟﮫ ﻗﻮة ﻓﻲ ﺟﺴﻤﮫ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻗﻮة ﺷﺒﮫ ﻣﻐﻨﺎﻃﯿﺴﯿﺔ ﻟﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ،وھﻲ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺘﻢ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى أﺷﺨﺎص ﻣﻌﯿﻨﯿﻦ أو أﺻﻨﺎم أو ﻗﻮى ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ،ﻓﺎﻟﺴﺮ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ،ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻜﺎﺗﺐ .وﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﯾﻌﺘﺒﺮ ھﺬا ﺗﻐﯿﯿﺮا وإﻟﺤﺎدا وﺷﺮﻛﺎ ﺑﺎﷲ ،وﻛﻞ ھﺬا ﯾﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﺗﺼﺎل ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﻲ ،أﻣﺎ اﻟﻄﻠﺴﻢ ﻓﯿﺴﻤﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮﺟﻮد ﻗﻮة ﻓﯿﮫ ﺗﺴﺘﺨﺮج ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺬي أﺳﺎﺳﮫ ﻇﻠﻤﺎت ، وﻗﺪ ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻨﺎس أن ھﺬا ﺣﻖ ﻟﻮﺟﻮد آﯾﺔ ﻗﺮآﻧﯿﺔ ﻓﯿﮫ ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻟﻶﯾﺔ ،أﻣﺎ اﻷرﻗﺎم ﻓﻠﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ وﺧﺎﺻﯿﺘﮭﺎ ،وﯾﻌﻄﻰ ﻟﻜﻞ ﺣﺮف ﻋﺪد ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻟﻘﻮى ،واﻟﻄﻠﺴﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﯾﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻗﻮة ﺳﻮرة اﻹﺧﻼص ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻣﺮة وﻟﮭﺬا اﻟﻨﻮع دراﺳﺔ وﻗﯿﺎس واﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻮاﻛﺐ واﻷﺑﺮاج وﻟﯿﻜﻮن اﻟﻔﮭﻢ واﺿﺤﺎ ﻓﺄﺳﺎس ﻛﻞ ﻇﻠﻤﺎت ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻟﻤﺎ أﻧﺰل ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ،واﻟﺸﻌﻮب اﻷﺧﺮى ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯿﯿﺮ ،وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﻢ اﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮة ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺎت ،ﻟﮭﺬا ﻻ ﻧﺠﺪ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ وﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺘﻘﺪ أن أﺳﺎس ﻋﻤﻠﮭﻢ ھﻮ دﯾﻨﻲ ،وإذا ﻣﺎ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﮭﻢ وأﻗﻮاﻟﮭﻢ ﻧﺠﺪ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ واﺿﺤﺎ ، وﺑﮫ ﯾﻨﺎﻟﻮن ﻣﺎ ﻧﺎﻟﻮا ﻣﻦ ﻗﻮة أﻇﮭﺮوھﺎ واﻋﺘﺒﺮوھﺎ ﺧﺎرﻗﺔ ﻟﻠﻌﺎدة ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺬه اﻷﺷﯿﺎء أﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ . إن اﻟﺘﺄﻣﻞ واﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻣﻦ أھﻢ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻗﺪ اﻋﺘﻤﺪ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﺧﺺ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺎت أو إﻟﻰ ﺻﻨﻢ اﻋﺘﺒﺮت ﻟﮫ ﻗﻮة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ،ﻓﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ھﻨﺎ ﻟﮫ أھﻤﯿﺔ ﻷﻧﮫ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻈﺮ ﻻ ﺗﺘﻢ اﻟﻔﻌﺎﻟﯿﺔ .أﻣﺎ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻓﻜﺮﯾﺎ ﺑﺘﺮﻛﯿﺰ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﻌﯿﻦ ﻓﯿﮫ رﺳﻢ أو ﻃﻠﺴﻢ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻛﺬﻟﻚ .وﻛﺎن اﻟﺸﯿﻮخ ﯾﺄﻣﺮون اﻟﻤﺮﯾﺪ ﺑﺄن ﯾﺘﺨﯿﻠﮭﻢ وﯾﺮﻛﺰ ﻓﻜﺮه ﻓﯿﮭﻢ ،وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﻢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ،وﻛﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﻓﺎﻻﺳﺘﻤﺪاد ھﻮ أھﻢ ﺷﻲء ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺘﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل .أﻣﺎ ﻟﺘﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻷﺣﻼم ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻃﺮق ﺷﺘﻰ ﻣﻨﮫ ﺻﻠﻮات و أوراد ﻓﯿﮭﺎ أﺷﺨﺎص ،ﻛﺄن اﻟﺬاﻛﺮ ﯾﻄﻠﺒﮭﻢ ﻟﯿﺮاھﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﮫ ،وذﻟﻚ ﻷﺟﻞ اﻻﺳﺘﻤﺪاد واﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ .وﻣﺖ ﻛﺜﺮت ھﺬه اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت إﻻ ﻷن اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﯿﺪان ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﯾﻌﻠﻤﻮن ﺷﯿﺌﺎ ﻛﺜﯿﺮا اﺣﺘﻔﺎﻇﺎ ﺑﻤﺎ ﯾﻜﺘﺴﺒﻮن ﻣﻦ ﻗﻮة ، واﻟﺮاﻏﺒﻮن ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭﻢ إﻻ أن ﯾﺠﺪوا ﻃﺮﻗﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﻢ وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرب واﻟﺒﺤﺚ ،وإذا ﻣﺎ اﺗﺼﻞ أﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﻄﻮر ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وذﻟﻚ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ،ﻓﯿﺨﻠﻂ ﺑﯿﻦ اﻷﺷﯿﺎء وﯾﻌﻄﯿﮭﺎ ﻟﻤﻦ ﯾﺸﺎء ،وﻋﻨﺪ ﻛﻞ اﻷﻣﻢ وﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ،ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺳﮭﻼ اﺗﺨﺎذ ﺷﯿﺦ ﻣﻌﻠﻢ ﻷﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻟﮭﺪف ،ﻓﻨﺠﺪ أن ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺠﻠﺴﻮن أﻣﺎم اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ واﻟﺰواﯾﺎ ﯾﻨﺘﻈﺮون أن ﯾﻘﺒﻠﻮا ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻮخ ،وﻻ ﯾﻌﻄﻰ ﻟﮭﻢ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺒﺤﻮا ﺧﺪاﻣﺎ ﯾﺨﺪﻣﻮن اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻤﺮﺑﻲ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﺎل ،وﻣﺜﻞ ھﺆﻻء ﻛﻤﺜﻞ اﻟﺬﯾﻦ اﺗﺨﺬوا اﻷﺻﻨﺎم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ آﻟﮭﺔ ﻓﺨﺪﻣﻮھﺎ .
24
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﺴﺘﻠﺰم أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة وﻃﺮﻗﺎ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻣﻨﮭﺎ :اﻟﺬﻛﺮ ،وﻋﺮﻓﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ أذﻛﺎر ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻷوراد ،وأﻏﻠﺒﮭﺎ ﺗﺮﺗﯿﺒﺎت ﻣﺸﺎﯾﺦ ،وھﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮﯾﺔ ﺗﻜﺮر ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺬه اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت ﻣﻦ ﺑﯿﻨﺔ ،وﻣﺎ اﺗﺨﺬھﺎ اﻟﻨﺎس إﻻ ﻷن أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ ﻋﺮﻓﻮا ﺑﻜﺮاﻣﺎت ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إﻻ ﻓﺘﻨﺔ ﺑﯿﻨﮭﻢ .أﻣﺎ اﻷذﻛﺎر ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ﻓﻨﺠﺪ أﻧﮭﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻐﯿﺮة ﻋﻦ اﻷﺻﻞ ،وﻣﺜﻼ ﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ،ﺑﻞ ﯾﺼﺒﺢ إدﻣﺎﺟﺎ وﺧﻠﻄﺎ ﻟﻠﺤﺮوف ﻓﯿﻜﻮن اﻟﻨﻄﻖ )ﻟـﻠﻠّﮫ( ،وھﻜﺬا ﯾﺪﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﯿﺪاﻧﺎ ﻓﯿﮫ ﺗﻐﯿﯿﺮ دون ﺷﻌﻮر ﻣﻨﮫ ، ﻻﺳﯿﻤﺎ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻤﺮﺑﻲ ﯾﻘﻮل ﻟﻠﻤﺮﯾﺪ أن ﻻ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﺄﺣﺪ إﻻ ﺑﺸﯿﺨﮫ ،وﻻ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ، ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻦ ذات ،ﺑﻞ ﺟﺴﻢ ﻓﻘﻂ ،واﻟﺬي ﯾﻘﻮل إن ﻟﮫ ذاﺗﺎ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﯾﻌﻨﻲ ﺑﺄن اﷲ ﯾﺤﻞ ﻓﯿﮫ ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻟﮫ ذات إﻟﮭﯿﺔ ،ﺑﻞ ھﻮ اﷲ ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﮫ ﺷﻲء وھﻮ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ ،واﻟﺬﻛﺮ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ﻷﻧﮭﻢ ﯾﻌﺮﻓﻮن أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ﺑﻠﻐﺘﮭﻢ ،وذﻟﻚ ﻣﻤﺎ أﻧﺰل ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﺸﻌﻮب ،إﻻ أﻧﮭﺎ ﺣﺮﻓﺖ ﻋﻦ أﺻﻠﮭﺎ ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﺸﺄن ﻓﻲ ذﻛﺮﻧﺎ ،ﻓﺎﻟﺘﻐﯿﯿﺮ إذا ھﻮ أﺳﺎس اﻟﺨﻄﺄ واﻻﻧﺤﺮاف . ﯾﻌﺘﺪ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻋﻠﻰ ھﯿﺄة اﻟﺠﻠﻮس ﻛﺬﻟﻚ ،و اﻟﺠﻠﻮس ﻟﮫ دور ھﺎم ﻟﻠﺒﻠﻮغ ،وﻗﺪ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ ھﯿﺂت ﺟﻠﻮس ﻣﺘﻌﺒﺔ وﻣﺆﻟﻤﺔ ،وذﻟﻚ ﻟﻘﻠﺐ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺨﺬ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺳﯿﺮة أﺧﺮى ،وﻓﻲ اﻟﺠﻠﻮس أﺻﻞ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﻔﻜﺮي أوﻻ واﻟﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ﺛﺎﻧﯿﺎ ،أم اﻷﺣﻼم ﻓﺴﺮھﺎ ﯾﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﻨﻮم ،ﻧﺠﺪ أن ﻟﻜﻞ ﺷﻲء أﺛﺮا ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن وﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮫ ،و إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺮﻛﺎﺗﮫ ﺻﺤﯿﺤﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻦ ﯾﻜﻮن ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺣﻘﯿﻘﻲ أﺑﺪا . إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﯿﺲ اﺧﺘﯿﺎرﯾﺎ ﺑﻞ ھﻮ ﺷﻲء ﻣﻮﺟﻮد ﻟﮫ أﺻﻞ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮده ھﻮ وﺟﻮد اﻟﺨﯿﺎل واﻷﺣﻼم ﻋﻨﺪ ﻹﻧﺴﺎن ،وﯾﺠﮭﻞ اﻹﻧﺴﺎن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻷن اﻟﺨﯿﺎل ﯾﻤﻨﻌﮫ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻷن اﻟﺨﯿﺎل ھﻮ ﻇﺎھﺮ اﻟﺒﺎﻃﻦ و اﻷﺣﻼم ھﻲ ﺑﺎﻃﻦ ﻇﺎھﺮ اﻟﺒﺎﻃﻦ .أﻣﺎ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﮭﻮ ﺑﺎﻃﻦ ﻛﻞ ھﺬا ،أﻣﺎ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻤﺴﺄﻟﺔ أﺧﺮى ﻏﯿﺮ ھﺬا ﻛﻠﮫ ،وأﺑﻮاﺑﮫ ﻗﺪ ﯾﺠﺪھﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻐﻠﻘﺔ إذا ﻟﻢ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻓﮭﻢ أﺻﻮل اﻟﻌﻠﻢ ،و اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ، ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ھﻮ اﺗﺼﺎل ﻗﻮى ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻧﻔﺴﮫ ،واﻟﻌﻘﻞ ﯾﻌﯿﺶ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﯾﻮﺻﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﻘﻮة ﺻﻮرﯾﺔ ھﻲ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻗﺪ ﺗﻈﮭﺮ ﻓﻲ اﻷﺣﻼم أو ﻓﻲ اﻟﺨﯿﺎل اﻟﻼإرادي ،واﻟﺨﯿﺎل اﻟﻼإرادي ﻣﺜﻠﮫ ھﻮ أن ﯾﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ وﯾﻔﻜﺮ ﺑﺄن رآه ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﮭﺬا اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻛﺎن اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﺗﺠﻮال إدراﻛﻲ أﻋﻄﻲ ﺑﮫ ﻟﻠﺮاﺋﻲ ﺻﻮرة ﻣﺎ رآه وﻋﺮف ﺑﺄﻧﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ . واﻟﻤﻔﮭﻮم اﻷول ﻓﻲ ھﺬا ،ھﻮ أن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ھﻮ اﺗﺼﺎل ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻧﻔﺴﮫ ،أﻣﺎ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﮭﻮ اﺗﺼﺎل اﻟﻌﻘﻞ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﻣﻊ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﮭﻨﺎ ﻓﺮق ﻛﺒﯿﺮ ،واﻟﺮﺳﻢ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻈﮭﺮ واﻗﻊ اﻟﻔﮭﻢ :
25
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺤﻮاس
اﻟﺨﯿﺎل
اﻷﺣﻼم
ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ إن ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺗﺸﻤﻞ اﻟﺤﻮاس واﻷﺣﻼم واﻟﺨﯿﺎل ،وإن ﺗﻄﻮرت اﻟﺤﻮاس و اﻷﺣﻼم واﻟﺨﯿﺎل ﺗﺼﺒﺢ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻗﻮة واﺣﺪة ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،واﻟﺮﺳﻢ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻈﮭﺮ ذﻟﻚ :
26
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺗﺼ ﺎﻋﺪ ﻗ ﻮى اﻟﻌﻘ ﻞ إﻟ ﻰ اﻟﻌﻘ ﻞ
اﻟﻌﻘﻞ
ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ
وإذا ﻣﺎ ﺗﻢ اﺗﺼﺎل ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﯾﺼﺒﺢ اﻟﻌﻘﻞ ﻟﮫ ﻗﻮى ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻷﻧﮫ ﺑﻌﺪ ھﺬا اﻻﺗﺼﺎل أﺻﺒﺢ اﻟﻌﻘﻞ ﺷﺎﻣﻼ ﻟﻘﻮى اﻟﺨﯿﺎل واﻷﺣﻼم واﻟﺤﻮاس ،وإذا ﺗﻮﻓﺮ ھﺬا اﻻﺗﺼﺎل ﯾﺼﺒﺢ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ إدراﻛﯿﺔ ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ .وﺗﻌﻄﻰ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﺻﻮرة ﻟﺠﺴﻤﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻟﻘﻮاه اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ،وھﻨﺎ ﯾﻜﻤﻦ دور اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن إذ ﯾﺼﺒﺢ ﯾﺘﺠﻮل ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،واﻟﻌﻘﻞ ھﻮ اﻟﺬي ﯾﻮﺻﻞ ﻟﻠﺪﻣﺎغ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﺻﻮرﯾﺔ ﻣﺪرﻛﺔ ،وﯾﺒﻘﻰ اﻻﺗﺼﺎل ﺗﺎﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن وﯾﺸﻜﻼن اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .
27
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻌﻘﻞ
اﻟﺒﺎﻃﻦ
اﻟﻈﺎھﺮ
اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن
اﻟﺠﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ
ﻓﺎﻟﻌﻘﻞ ﯾﻤﺪ ﻛﻞ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وھﺬا اﻷﺧﯿﺮ ﯾﻤﺪھﺎ ﻟﻠﺪﻣﺎغ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻻ دﻣﺎغ ﻓﯿﮫ ﺑﻞ ھﻮ ﺻﻮرة ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻦ ، وھﻮ ﻣﻈﮭﺮ ﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،وﻗﺪ ﯾﺸﻌﺮ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ أﻧﮫ ﻋﻤﻼق ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺘﮫ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ،وإﻧﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻗﻮى إﺣﺴﺎﺳﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﻌﺪ اﻻﺗﺼﺎل ،واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻜﺒﺮ واﻟﺼﻐﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﯾﻜﺘﺴﺒﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻗﺪ ﯾﻨﺴﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻧﻔﺴﮫ وﯾﻌﯿﺶ أﺟﻮاء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﯿﺮى ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﺑﺮؤﯾﺎ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺻﻮرﯾﺎ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ،ﺑﻞ واﻗﻌﺎ ﻓﻮق اﻟﺨﯿﺎل ،وھﻮ ﺻﻮرة ﻣﺸﺎﺑﮭﺔ ﻟﻠﻈﺎھﺮ ،ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﯾﺘﻌﺮف ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺼﻔﺔ ﺗﺪرﯾﺠﯿﺔ وﯾﺪﺧﻠﮭﺎ ﻛﻠﻤﺎ اﺣﺘﺎج أن ﯾﻌﺮف ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ .
28
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ
-4
-3
اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ
-2
اﻷﺣﻼم
-1
اﻟﺨﯿﺎل
إن اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ وﻟﻘﻮى اﻷﺣﻼم وﻟﻠﺨﯿﺎل ،أﻣﺎ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ﻓﮭﻮ ﺗﻄﻮر ﺑﻘﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ وأﺻﺒﺢ ﻛﺎﻷﺣﻼم ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﻄﻦ اﻟﺨﯿﺎل ﻻ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻌﺘﺒﺮه ﻣﺘﺼﻼ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻲ ﯾﺄﺧﺬھﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن واﻗﻌﯿﺔ ﻓﻲ واﻗﻌﮭﺎ ،ﺑﻞ واﻗﻌﯿﺔ ﻓﻲ ﺧﯿﺎﻟﮭﺎ ،إﻧﻤﺎ اﻟﻔﻌﺎﻟﯿﺔ ﺗﻜﻮن ﻇﺎھﺮﯾﺔ ،إن اﻟﻘﻮة ﺳﺒﺐ اﻹﻏﺮاء واﻟﻜﺮاﻣﺎت أﺳﺎس اﻷﺧﻄﺎء ،واﻹﻧﺴﺎن داﺋﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻘﻮة ﻛﯿﻔﻤﺎ ﻛﺎن أﺻﻠﮭﺎ ،ﻷن ھﺪﻓﮫ ھﻮ اﻟﺴﯿﻄﺮة . إن اﻟﺨﯿﺮ دﻟﯿﻞ وﺟﻮد اﻟﺸﺮ واﻟﻠﯿﻞ دﻟﯿﻞ وﺟﻮد اﻟﻨﮭﺎر ،ﻓﺎﻟﺸﺮ ﯾﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻗﻮة ﺷﺮﯾﺮة واﻟﻠﯿﻞ ﯾﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻇﻠﻤﺎت ،ﻛﺬا اﻟﺨﯿﺎل واﻷﺣﻼم ﯾﻌﺒﺮان ﻋﻦ وﺟﻮد ﺑﺎﻃﻦ ﻟﻠﻈﺎھﺮ ،وإن ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﺼﺪق ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺼﺪق ﺑﻮﺟﻮد ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺨﯿﺎل ،ﻷن اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻔﻜﺮ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﺨﯿﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻔﻜﺮ ﻓﯿﮫ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﻔﻜﺮ دون ﻗﻮة ﺻﻮرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎغ ،ﺗﺸﺒﮫ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل اﻟﻤﺪﻣﺞ ﺑﺎﻷﺣﻼم ﻟﯿﺼﺒﺢ اﺗﺼﺎﻻ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،وﻗﺪ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﮭﺮ ﻷﻧﮫ إدﻣﺎج اﻟﺨﯿﺎل ﺑﺎﻷﺣﻼم،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﻻ ﯾﻜﻮن اﻻﺗﺼﺎل إﻻ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ،
29
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺒﻠﻎ إﻟﯿﮫ ﺑﻘﻮة ﻓﺎرﺿﺔ إﺟﺒﺎرﯾﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل ،ﺑﻞ ھﻮ ﺷﻲء ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﯿﮫ ﺑﺎﺣﺘﺮام ﻗﻮاﻧﯿﻨﮫ وﺗﻠﺒﯿﺔ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﮫ وﺗﻄﺒﯿﻖ أﺻﻮﻟﮫ ،أﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺬﯾﺐ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺒﻠﻎ إﻻ إﻟﻰ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺧﯿﺎﻟﻲ ﯾﻜﺘﺴﺐ ﺑﮫ ﻗﻮة ﻻ ﯾﻌﺮف ﻣﺼﺪرھﺎ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،واﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﮫ ﻧﻮﻋﺎن آﺧﺮان ،اﻷول ﻣﻨﮭﻤﺎ ھﻮ أن ﻻ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﺪﻣﺎغ ،وﺑﺎﻟﺨﯿﺎل اﻟﻤﻄﻮر ﺑﺎﻟﻄﺮق ﯾﻤﻜﻦ رؤﯾﺔ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ،وھﺬه اﻷﺷﯿﺎء ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﻞ ھﻲ ﻣﺘﺮﻛﺰة ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎغ ﻧﻔﺴﮫ ﯾﻌﺮﻓﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ أو اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﻗﺪ ﺗﺘﺼﻞ ﻗﻮى ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻘﻮة أﺧﺮى ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎغ ،وﯾﺮى اﻹﻧﺴﺎن ﺻﻮرا ﻟﻢ ﯾﺮھﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وھﺬا أﯾﻀﺎ ﻟﯿﺲ اﺗﺼﺎﻻ ﺗﺎﻣﺎ ﺑﻞ اﻟﺘﺤﺎم ﻗﻮة ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،أﻣﺎ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﮭﻮ اﻷﺻﻠﻲ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﯾﺸﻌﺮ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﻧﮫ ﯾﺒﺘﻌﺪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻤﺪة ،ﺛﻢ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﯾﺘﺼﻞ ﺑﮫ ،وﺑﮭﺬه اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ اﻻﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﯾﻌﺮف اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺼﻮاب ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ،ﺛﻢ ﯾﻌﺮف اﻟﺨﯿﺎل وﻗﻮى اﻷﺣﻼم ،وﯾﻌﺮف ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ أﺻﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﺗﺼﻼن :ﻇﻠﻤﺎت وﻧﻮر ،ﺧﯿﺮ وﺷﺮ ،ﺧﯿﺎل وواﻗﻊ واﻗﻌﻲ ، واﻟﺘﻤﯿﯿﺰ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺻﻌﺐ ،واﻟﻄﺮق اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ھﻲ اﻟﻤﻈﮭﺮة ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ ،وﻟﯿﻜﻦ ﺑﺤﺚ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ واﻗﻊ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ وﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ھﻤﺎ أﺳﺎس اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ،وإن ﻓﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻔﻜﯿﺮا ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﻲ ،ﻓﺈن ﻗﻮى ﻋﻘﻠﮫ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﮭﺎ ﺳﯿﺮة ﻋﻜﺴﯿﺔ ﻣﻀﺎدة ﻟﻸﺻﻞ ،وﺗﻜﻮن اﻟﺴﯿﺮة اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ اﻟﻔﻜﺮي ،إن ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻟﮭﻢ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺷﻌﻮري أو ﻻ ﺷﻌﻮري ﺑﺈرادة أو ﺑﻐﯿﺮ إرادة وﺑﺈدراك أو ﺑﻐﯿﺮ إدراك ،ﺛﻢ ﺻﻮرﯾﺎ أو ﻓﻜﺮﯾﺎ ﺣﺴﯿﺎ أو ﺷﻌﻮرﯾﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل إن اﻷﻣﺮ ﻻ ﯾﮭﻢ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﯾﮭﻢ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎ ،ﻷن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎدي ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺨﯿﻞ ﺑﻔﻜﺮه ﺷﯿﺌﺎ ﻓﺈن ﻗﻮى ﻋﻘﻠﮫ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﮭﺎ ﺳﯿﺮة اﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﺑﺄﺷﯿﺎء ﻣﺒﮭﻤﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ دﻣﺎﻏﮫ أو ﺧﺎرﺟﮫ ،واﻟﻜﻞ ﯾﻌﺮف أن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن ﯾﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺷﺨﺺ ﻣﻌﯿﻦ وإذا ﺑﮫ ﯾﺤﻀﺮ ،ﺛﻢ إن ﻛﺜﯿﺮا ﯾﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﯿﺒﺔ ﯾﺨﺎف أن ﯾﺼﺎب ﺑﮭﺎ ،وإذا ﺑﮫ ﯾﺼﺎب ﺑﻤﺎ ﺧﺎف ﻣﻨﮫ ،وھﺬا ﻛﻠﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﺷﻌﻮري ،ﻓﺎﻟﺤﺪس دﻟﯿﻞ ﻟﻮﺟﻮد اﺗﺼﺎل ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺒﮭﻤﺔ ،واﻻﺗﺼﺎل ﯾﺼﺒﺢ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻣﻔﮭﻮﻣﺎ إذا ﻣﺎ ﻃﻮر اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﺪس واﻟﺨﯿﺎل ،أﻣﺎ اﻟﻨﻮم ﻓﮭﻮ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻻﺗﺼﺎل اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻷن ﻗﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﺘﺮﻛﺰة ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮭﺎ وﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻌﺎﻟﻤﮫ ھﻮ اﻟﺒﺎﻃﻦ إﻣﺎ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ أو اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،وﻛﻞ ﺷﻲء ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ أﺻﻠﮫ ﻓﻲ ﺳﯿﺮﺗﮫ واﻧﺘﻘﺎﻟﮫ وﻋﻠﻮﻣﮫ اﻟﻤﺴﺘﻮردة ،وﯾﻈﮭﺮ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎد . وﻟﯿﻌﺘﻘﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺎ ھﻮ ﺻﺤﯿﺤﺎ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺑﺨﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲء ،وﻣﺎ ﻛﺎن اﷲ ﻟﯿﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﺑﺸﺮ إﻻ وﺣﯿﺎ أو ﻣﻦ وراء ﺣﺠﺎب ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺤﺠﺎب ﻣﻌﻨﺎه ﺣﺠﺎﺑﺎ ﺑﺸﻲء ﯾﻜﻮن وراءه اﷲ ،ﺑﻞ إن اﻟﻤﻌﻨﻰ ھﻮ أن اﷲ إن ﻛﻠﻢ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ وراء ﺣﺠﺎب ﻓﺒﻄﺮﯾﻘﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻔﮭﻮﻣﺔ وﻻ ﻣﺪرﻛﺔ ،وإذ ﻗﺎل اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻠﺒﺸﺮ أﻟﺴﺖ ﺑﺮﺑﻜﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﻠﻰ ،ﻓﮭﺬا ﻛﻼم ﺑﺼﻔﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺪرﻛﺔ وھﻲ ﻣﺜﻼ ﻟﻠﺤﺠﺎب .أﻣﺎ اﻟﻮﺣﻲ ﻓﺸﻲء آﺧﺮ ﯾﻜﻠﻢ ﺑﮫ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﯾﻮﺣﻰ إﻟﯿﮫ
30
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻣﺴﻤﻮﻋﺔ أو ﻣﻔﮭﻮﻣﺔ .أﻣﺎ اﻟﻤﺴﻤﻮﻋﺔ ﻓﮭﻲ ﻛﻼم دون وﺟﻮد ﻧﻄﻖ إﻟﮭﻲ ﺑﻠﺴﺎن ﺑﻞ وﺣﯿﺎ ،واﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﻔﮭﻮﻣﺔ ﺗﻜﻮن ﻗﻮة ﯾﺪرك ﻓﮭﻤﮭﺎ ﺑﻘﻮى اﻟﻮﺣﻲ وإدراك اﻟﻌﻘﻞ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻘﺎل ﻋﻨﮫ إﻧﮫ ﯾﻮﺣﻰ إﻟﯿﮫ ﺷﻲء ،ﺑﻞ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺧﻠﻘﮫ اﷲ وﺟﻌﻞ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي إﻧﻤﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﻧﺮى اﻷﺷﯿﺎء ﻛﺄﺷﯿﺎء ﻣﺎدﯾﺔ ﻣﺜﻼ ،وﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻧﺮى ﻧﻔﺲ اﻷﺷﯿﺎء ،ﻻ ﻛﺄﺷﯿﺎء ﻣﺎدﯾﺔ ﺑﻞ ﻟﮭﺎ ﻗﻮة وﺷﻜﻠﮭﺎ ﺻﻮري ،واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﯾﻌﯿﺶ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي . ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ أھﺪاف وأﻏﺮاض ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺗﻠﻚ اﻷﻏﺮاض ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺧﻠﻂ اﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﻐﻼﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ ،وﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ رﺗﺒﺖ ﻛﻞ أﺻﻮل اﻟﻌﻠﻢ أو اﻟﺴﺤﺮ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ إن ﻛﺎن اﺗﺼﺎﻟﮫ ﻇﻠﻤﺎﻧﯿﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒﺤﺚ داﺋﻤﺎ ﻋﻦ اﻛﺘﺸﺎف ﻣﻨﺎﺑﻊ اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻜﻨﻮز اﻟﻤﺪﻓﻮﻧﺔ وﺗﺒﺪﯾﻞ اﻟﻤﻌﺎدن ،إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺮى ﻓﯿﮫ ﻣﺼﻠﺤﺘﮫ وﻧﺰاھﺘﮫ ﺑﺎﻻﺳﺘﻜﺜﺎر ،ﻛﻤﺎ أن أﻏﻠﺐ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﺑﻨﯿﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ھﻨﺪﺳﺔ ﻣﻌﻤﺎرﯾﺔ اﺳﺘﺨﺮﺟﺖ أﺻﻮﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻘﺪﯾﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺪور اﻷول ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﯾﻨﻘﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ أو ﻣﻤﺎ ﯾﻜﺘﺐ ﻓﻲ أﻟﻮاح ﺧﺸﺒﯿﺔ أو ﺣﺠﺮﯾﺔ أو ﻃﯿﻨﯿﺔ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ .وأﻏﻠﺐ اﻟﻌﻠﻮم ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﯾﺠﻌﻞ ﺑﮭﺎ ﻣﺴﺘﺨﺮﺟﻮھﺎ ﻃﺮﻗﺎ ﻣﺘﻌﺪدة وأﺻﻮﻻ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻏﯿﺮ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻓﯿﮭﺎ ﻟﻮﺟﻮد ﻗﻮة ﯾﺴﺘﻤﺪھﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎ ﺛﻢ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ ،وﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻄﻼﺳﻢ وﺗﺮﺗﯿﺒﺎت اﻟﺠﺪاول واﻷوﻓﺎق وﻋﺮﻓﺖ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻷرﺿﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﻗﻮة ﻛﺒﯿﺮة وﺑﻨﯿﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺪن أو ﻣﻌﺎﺑﺪ ﻷﺟﻞ اﺳﺘﻌﻤﺎل ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة ،وإﻟﻰ ﺣﺪ اﻵن ﻣﺎزاﻟﺖ ﻧﻔﺲ اﻻﻋﺘﻘﺎدات واﻟﺒﺤﻮث ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﯿﺪان ،وﻻ ﻧﻨﺴﻰ أن ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ دور ھﺎم ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻄﻮرات اﻟﺸﻌﻮب وﺣﻀﺎراﺗﮭﻢ ،ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ أﺧﺮى ﻓﻮق اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ وﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻤﻮﺗﻰ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻗﻮاھﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ،أو إرﺟﺎع أﺣﺪاث ﺳﺒﻘﺖ أو اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﻟﻢ ﯾﻄﻠﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻟﻮ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﯿﺎة ﻛﻞ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺘﺨﺮﺟﻮن أﺳﺲ ﻣﺼﺎﻧﻊ آﻟﯿﺔ ﻧﺠﺪ أن ﻟﮭﻢ اﺗﺼﺎل ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ ،وﻗﺪ وﺻﻒ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل ﻣﻊ اﻟﻤﻮﺗﻰ وأﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺮون ﻧﻮرا ﻓﻲ ﺧﻠﻮﺗﮭﻢ ،وھﺬا ﺷﻲء ﻣﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻄﻠﻌﯿﻦ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺎﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﮭﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﯿﻮم ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺠﺮد اﺣﺘﻤﺎل ﻓﻄﺮي أو أﺻﻞ ﺻﺪﻓﺔ ﺑﻞ ﺗﻤﺖ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﺨﻔﯿﮫ ﻛﻞ ﻣﻜﺘﺸﻒ وﻻ ﯾﺒﺪي ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻨﮫ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻵﺧﺮون ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮫ أو ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺧﺎﺻﯿﺔ أﻣﺔ دون أﺧﺮى ،ﺑﻞ ﻣﺠﺎﻟﮫ ﻛﺎن ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻟﻜﻞ راﻏﺐ ﻓﯿﮫ ،إﻧﻤﺎ ھﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻗﺪ اﺣﺘﻠﮫ ﻣﻦ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ و اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻣﻦ رؤوس اﻷﻣﻢ اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﯿﺪان ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻻ ﯾﻨﻜﺮ أھﻤﯿﺘﮫ ،واﻟﺪﯾﻦ ھﻮ اﻷﺳﺎس اﻷول اﻟﻤﻈﮭﺮ ﻟﻮﺟﻮد ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،أﻣﺎ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻟﻄﺮق اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺎ ھﻲ إﻻ ﻣﺠﺎل ﺻﺮاع ﻋﻨﯿﻒ ، وﺗﻘﻠﺒﺎت ﻛﺜﯿﺮة ﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ ﺧﻠﻂ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،ﻓﺎﻟﻤﺘﺪﯾﻦ وﺣﺪه ھﻮ اﻟﺬي ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻻ ﯾﺘﻢ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل إﻻ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ، واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ دﯾﻨﯿﺔ أﺻﻠﯿﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﯿﺶ واﻗﻌﺎ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﺤﯿﺎة ﻛﺒﺎﻗﻲ
31
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻨﺎس وزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﯿﺶ واﻗﻌﺎ ﺛﺎﻧﯿﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﯾﺠﺪه ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ وﺻﺮاع ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﻨﺤﺮف ﻋﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﺣﺘﻼل ﻛﻞ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﺗﺼﺎل اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ إﻻ اﺗﺼﺎﻻ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ﻓﺈﻧﺎ ﻧﺠﺪ أﻧﮫ ﯾﻤﻨﻊ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻟﻠﻤﺘﺪﯾﻨﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ ھﺪﻓﮫ ، ﻷﻧﮫ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ھﺬا أن اﻟﺨﯿﺎل ھﻮ أول ﺑﺎب ﻟﻠﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،و اﻟﺤﺮوب اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ واﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻛﻤﺎ ھﻲ ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑﻞ أﻛﺜﺮ واﻗﻌﺎ وﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ،ﻷن ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻗﺼﻮى ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻈﺎھﺮي ،واﻟﻤﺘﺪﯾﻨﻮن اﻟﯿﻮم ﻗﻞ ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻟﮫ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﮭﻢ اﻧﺤﺮﻓﻮا ﻋﻦ اﻷﺻﻮل اﻟﻤﻈﮭﺮة ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻇﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮭﻢ أن اﻟﺪﯾﻦ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﯿﮫ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ إﻻ ﻷن اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﯿﻦ ﻃﻮروا ﺗﻄﺒﯿﻘﺎﺗﮭﻢ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻗﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻠﻮن ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،واﻟﯿﻮم إذا ﻣﺎ أراد اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺮﺟﻮع ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻤﺘﺪﯾﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠﺪ اﻷﻣﺮ ﺻﻌﺒﺎ ﯾﺘﻄﻠﺐ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺘﻄﻠﺒﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﻟﯿﺴﮭﻞ اﻷﻣﺮ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﺗﻐﯿﯿﺮي ﻟﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺎل اﻟﯿﻮم ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ھﻨﺪﺳﯿﺔ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ واﺳﺘﻘﺮار اﻟﺴﻜﺎن ،ﻷن اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻷرﺿﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﯿﮫ ﻗﻮة ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻗﺪ ﻟﺰم ﺟﻌﻞ أﺳﺲ ﻓﺮﻗﮭﺎ ﯾﻜﻮن أﺻﻠﮭﺎ ﻋﻠﻤﺎ دﯾﻨﯿﺎ ﻟﺘﻀﻌﻒ اﻷﻣﻢ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ وﯾﻔﺸﻞ ﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﻘﻮى اﻻﺣﺘﻼﻟﯿﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ﻧﺠﺪھﺎ ﺗﺤﺖ ﺳﯿﻄﺮة اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ إﻻ ﻟﻮﺟﺪھﺎ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﻗﻮى ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﻃﻮرﺗﮭﺎ اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺧﺮى وأرادت ﺑﺘﻄﺒﯿﻘﺎﺗﮭﺎ ﻣﺤﻮ اﻟﻤﻮارد اﻻﺳﺘﻤﺪادﯾﺔ ﻟﻠﺪﯾﻦ وﺟﻌﻞ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وإن أھﻢ ﻣﻮرد ﻟﻼﺳﺘﻤﺪاد ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻓﺈﻧﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻧﺠﺪه ﯾﺜﺒﺖ وﺟﻮد ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﯾﻄﺒﻘﮭﺎ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻟﯿﺠﻌﻠﮭﺎ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻣﺤﻜﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﻷن ﻗﻮى ﻋﻘﻞ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺗﺼﻞ أوﻻ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻣﻨﮭﺎ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻤﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺮ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻠﻮس ﯾﺸﻌﺮ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﻛﺄﻧﮫ ﯾﺴﯿﺮ ﺑﻘﻮة ﻋﻠﻰ أن ﯾﺒﻠﻎ ﻣﻜﺔ وﯾﺮى اﻟﻜﻌﺒﺔ أﻣﺎﻣﮫ وﯾﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺑﺎﺑﮭﺎ ،ﺛﻢ ﯾﺠﺪ ﻛﮭﻔﯿﻦ وﻣﻨﮭﻤﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وإذا ﻣﺎ ﻛﺜﺮت اﻟﻘﻮة اﻟﻤﻀﺎدة ﻓﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺳﯿﻔﻘﺪ ﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺣﻘﯿﻘﻲ وﯾﻀﯿﻊ ﻣﻨﮫ ﻣﺎ اﺣﺘﻔﻆ ﺑﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﻓﺒﻞ وﺣﺎرﺑﻮا ﻣﻦ أﺟﻠﮫ ،ﻷﻧﮫ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ، ﻓﺎﻟﺪﯾﻦ ھﻮ اﻟﺬي ﻟﮫ اﻟﺨﺎﺻﯿﺔ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﯾﺰﻋﻤﮫ اﻟﻜﺜﯿﺮ أن اﻟﺪﯾﻦ ﻻ ﻣﺠﺎل ﻓﯿﮫ ﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻃﻨﻲ ،واﻟﺬﯾﻦ ﯾﺒﺘﻌﺪون ﻋﻦ اﻟﺪﯾﻦ وﯾﻨﺪﻣﺠﻮن ﻣﻊ ھﯿﺂت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺪﯾﻨﺔ ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣﺎ ﻛﺎن اﺑﺘﻌﺎدھﻢ ھﺬا إﻻ اﺑﺘﻌﺎدا ﻋﻦ اﻟﺤﻖ وﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ،وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮق ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ ﻻﺗﺒﻌﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﺎن أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﻓﺎﻻﻧﺤﺮاف اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ اﻧﺤﺮاف دﯾﻨﻲ .أم اﻟﺪﯾﻦ ﻓﺈن ﻋﻠﻮم وﺳﺎﺋﻞ اﺗﺼﺎﻟﯿﺘﮫ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮭﺎ ، وﻣﺎزاﻟﺖ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ أﺳﺴﮭﺎ ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺜﺮت اﻟﺸﻌﻮذة وﻃﺮق اﻟﺘﺼﻮف اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮه ،وﻛﻞ راﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻣﺎ ﻋﻠﯿﮫ إﻻ أن ﯾﺒﺤﺚ ﺑﻮﺳﺎﺋﻠﮫ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﯾﺼﺤﺢ ﻛﻞ اﻋﺘﻘﺎد ﻓﻜﺮي ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ اﻟﻮﺻﻞ . إن ﻣﺎ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ وإدراﻛﮫ ﻓﻲ ﻓﮭﻤﮫ ﺑﻌﻠﻢ ﺛﺎﺑﺖ ،ھﻮ أن اﷲ ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﮫ ﺷﻲء وھﻮ
32
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ ،ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﯾﺤﻞ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻣﺮئ ﻣﺎ ،وﻟﯿﺲ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﺗﺼﺎل ﺑﺎﷲ ﻻ ﺟﺰﺋﯿﺎ وﻻ ﻧﺴﺒﯿﺎ راﺟﻌﺎ ﻟﻘﻮة ،وﻻ ﯾﺪﺧﻞ ﺟﺴﻢ ﻧﺒﻲ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ أﺑﺪا ،وإن ﻟﻢ ﯾﺜﺒﺖ ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد وﯾﺼﺒﺢ إﯾﻤﺎﻧﺎ ﻓﻼ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺣﻘﯿﻘﻲ ،وإن اﻋﺘﻘﺪ أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺮى ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻜﻮن اﺗﺼﺎﻟﮫ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ﻓﻲ ﻗﻮاه وﯾﺘﺼﻞ ﺑﻜﻞ ﺷﺨﺺ ادﻋﻰ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﺗﻠﺘﺤﻢ ﻗﻮاه ﺑﻘﻮى اﻟﺸﺨﺺ وﯾﺪﻋﻲ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﺎ ادﻋﻰ ﺑﮫ اﻷوﻟﻮن ، وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻓﻲ ﺧﻼص اﻟﺮوح ،ﺑﻞ ﺧﻼص اﻟﻨﻔﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ وﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ رﺑﮭﺎ راﺿﯿﺔ ﻣﺮﺿﯿﺔ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ أن اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ ﺷﻲء واﺣﺪ ،وإن اﻃﻤﺌﻦ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ھﺬا ،ﻓﻠﯿﻜﻦ ﺟﻠﻮﺳﮫ اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ،وﻟﯿﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ وﻟﯿﻄﺒﻖ ﻣﺎ أﻣﺮ ﺑﮫ اﷲ وﻻ ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﺑﺸﻲء ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻌﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﺬﻛﺮ ،وإﻧﻤﺎ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ھﻲ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺴﯿﺮ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻧﻄﻮر اﻟﺨﯿﺎل ﺑﺼﻔﺔ ﻏﯿﺮ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﺈن اﻟﻘﺮآن ﺗﺬﻛﺮ ﻓﯿﮫ أوﺻﺎف ﻟﻠﺠﻨﺔ ، وﺑﮭﺬا ﯾﺘﻤﻜﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎل ﻓﯿﺼﺒﺢ ﺣﻘﯿﻘﺔ واﻗﻌﯿﺔ ،وﻟﯿﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض وإﻧﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﺨﻠﻖ ﺑﺎﻃﻼ وﻻ ﻋﺒﺜﺎ وﻟﯿﺴﺘﻘﻢ ﻛﻤﺎ أﻣﺮ . ﻛﻞ ﺟﻠﻮس اﻹﻧﺴﺎن أﺳﺎﺳﮫ ھﻮ ھﺪف اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻزم أن ﯾﻜﻮن ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺴﺘﻘﯿﻤﺔ وﺑﺘﺮك اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ﻣﻔﺘﻮﺣﺘﯿﻦ ﻟﻤﺪة ﺣﺘﻰ ﯾﻤﻸ اﻟﺠﺴﻢ ﺑﻘﻮة أﺻﻠﮭﺎ راﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﯾﺘﻠﻘﺎه اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻐﯿﺐ دون ﺷﺮط اﻹﯾﻀﺎح واﺳﺘﻔﺴﺎر واﻷدﻟﺔ ،وﺑﻌﺪ ھﺬا ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻀﻐﻂ ﻓﻲ اﻟﺠﺒﮭﺔ ﻛﺄﻧﮫ ﻗﻮة ﺗﺮﯾﺪ أن ﺗﺴﺪ ﻋﯿﻨﯿﮫ ،ﻓﻔﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﻓﻘﻂ ﯾﻤﻜﻦ ﻏﻤﺾ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ وﺗﺒﺪأ اﻻﻧﻄﻼﻗﺔ ﻧﺤﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺠﮭﻮل ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ . إن اﻟﺨﯿﺎل ﻷول ﺣﺎﺟﺰ ﻟﻠﺒﻠﻮغ ،ﻷن اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻠﻤﺎ اﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺧﯿﺎﻟﻲ وﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﻲ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺨﯿﺎل وﻻ ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮫ ،وﻣﺘﻰ ﻏﯿﺮ إدراك ﻓﮭﻮﻣﮫ وأوﺳﻊ ﻣﯿﺪان اﻟﻘﺪرة اﻹﻟﮭﯿﺔ ﻓﺈن ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﮭﺎ ﺳﯿﺮة ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ وﺗﺪﺧﻞ ﻣﯿﺪان اﻷﺣﻼم ،ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ﻓﺈن اﻷﺣﻼم ﺗﻜﺜﺮ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻣﺰﻋﺠﺔ وﻏﯿﺮ ﻣﺰﻋﺠﺔ وﺗﻨﻘﻄﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﻤﺪة ،ﻓﺈذا اﻧﻘﻄﻌﺖ ﻓﻠﯿﻜﻦ اﻟﺠﻠﻮس اﺳﺘﻤﺮارﯾﺎ ﻟﻤﺪة أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﻌﺘﺎد ﻋﻠﯿﮫ .ﻓﺘﻈﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺻﻮر ﻻ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻻ ﯾﻜﻮن ﻇﮭﻮرھﺎ اﺳﺘﻤﺮارﯾﺎ ﺑﻞ ﻣﺘﻘﻄﻌﺔ ،وﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ھﻮ أن ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺗﺘﺼﻞ وﺗﻨﻔﺼﻞ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد ﺗﺤﻜﻢ ﻓﯿﮭﺎ ،وﺑﻌﺪ أن ﯾﺘﺤﻜﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻗﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ،ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺼﺤﺢ ﻣﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻇﮭﺮت ﺻﻮرة ﻣﺎ وﺗﻤﻜﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﻣﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺻﻮرة ﻟﺨﯿﺎل ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎغ ،أﻣﺎ إن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ أن ﯾﻐﯿﺮھﺎ وﺑﻘﯿﺖ ﻛﻤﺎ ﻇﮭﺮت ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﻗﺪ ﺗﻢ ،وﻋﻨﺪھﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻠﺼﻮر ﺣﺮﻛﺔ وﺗﺮى اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻤﺒﺎن ﺑﺠﻮارھﺎ ،ﻷن ﻗﻮﺗﮭﺎ ﺗﻐﻄﯿﮭﺎ ﻓﻼ ﺗﻈﮭﺮ ،وﯾﺘﻢ اﻟﺴﯿﺮ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺸﻌﻮر إﻟﻰ أن ﯾﺪﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻟﻦ ﯾﻌﺮف ﺑﻌﺪ ﻛﯿﻒ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺠﮭﻮل ﻟﻢ ﯾﺴﺒﻖ ﻟﮫ أن ﻋﺮﻓﮫ أو وﺻﻒ ﻟﮫ .
33
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﮭﺬه اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ﻻ ﯾﻔﻘﺪ اﻟﺸﻌﻮر ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﺮوف ،ﺑﻞ ﯾﺒﻘﻰ ﺑﻜﺎﻣﻞ وﻋﯿﮫ ،وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺘﺤﺪث ﻣﻊ أﺣﺪ ﺑﺠﻮاره أو ﯾﻤﻠﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻠﻤﺎ ﻣﺴﺘﺨﺮﺟﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ . أم ﺑﺎﻟﻨﻮم ﻓﺎﻻﺑﺘﻌﺎد ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ أﺳﮭﻞ ﻣﻦ اﻟﯿﻘﻈﺔ ،ﻷﻧﮫ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻓﻘﺪان وﻋﻲ ﻋﻨﺪ اﻻﺗﺼﺎل ،ﻓﺎﻟﻨﻮم ﯾﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﻓﻘﺪان اﻟﺸﻌﻮر ،وﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺑﻔﻘﺪان اﻟﺸﻌﻮر ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﺘﺒﺮ اﺗﺼﺎﻻ ﻣﻨﺤﺮﻓﺎ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،وﻣﻤﺎ ﯾﺴﺘﺨﺮﺟﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺼﻮاب ﻓﻲ اﻟﻄﺮق اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻄﺒﻘﺔ واﻟﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،أﻣﺎ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺎت اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﻜﺜﯿﺮة ،واﻟﻤﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ ھﻮ أن ﻧﺬﻛﺮ أن اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﻌﺮف اﻟﻐﯿﺐ أو ﯾﺘﻨﺒﺄ ﺑﮫ إﻻ إن وﺟﺪ ﻋﻠﻢ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﺂﻧﺬاك ﻻ ﯾﺼﺒﺢ ﻏﯿﺒﺎ ﺑﻞ ﻋﻠﻤﺎ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ ﻛﺬﻟﻚ أن ﯾﺪﺧﻞ ﺑﯿﺘﺎ دون أن ﯾﺆذن ﻟﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ﻷﻧﮫ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺎم ﺣﺪود اﷲ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻓﺈن وﺟﻮﺑﮭﺎ ﯾﺄﺧﺬ ﻧﻔﺲ اﻟﺼﺒﻐﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،إﻻ إن وﺟﺪ ھﻨﺎك إذن ﻣﻦ ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻛﻤﺎ أن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﯾﻀﺮ اﻹﻧﺴﺎن أو أن ﯾﻐﯿﺮ ﻗﻮة ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﺎﻟﻤﺘﺼﻞ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﻔﻌﻞ ھﺬا ﻣﮭﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﻗﻮﺗﮫ إﻻ إن أﻣﺮ ﺑﺬﻟﻚ ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ رﻓﺾ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻠﺰم ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ دون أن ﯾﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ،ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺴﺘﺨﺮج اﻟﻜﻨﻮز اﻟﺘﻲ ﯾﻌﺜﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ أو ﯾﺪل أﺣﺪا آﺧﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﻗﻮة ﻷﻏﺮاﺿﮫ ﻛﺠﻠﺐ اﻟﻤﺎل أو اﻻﻧﺘﻘﺎم ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﮫ ﺣﺪود ﯾﺘﻌﻠﻤﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﺑﮭﺎ ﺣﺪود اﷲ وإﺗﺒﺎع ﻣﺎ أﻧﺰل ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ،أﻣﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺣﻖ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﺼﺮف ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺼﻞ إﻟﯿﮫ وﯾﺒﻠﻎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻗﻮة ،وﯾﻨﺒﺊ اﻟﻨﺎس ﺑﻤﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻵﺧﺮون ﻓﻲ ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ ،وﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎرق أو اﻟﻘﺎﺗﻞ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻤﻠﻚ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﻻ ﯾﺒﺪي ﻣﻨﮫ ﺷﯿﺌﺎ ،ﻷن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﮫ اﻷﻣﺮ ﻛﻠﮫ واﻟﻘﻮة ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺣﻖ ﻓﺈﻧﮫ ﺳﯿﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﯿﮫ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﻌﻞ ﺷﯿﺌﺎ ﺧﺺ ﺑﮫ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ،وﻻ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺳﯿﻄﺮة أو ﺣﻜﻢ ﺑﻞ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ وﺧﻼص اﻟﻨﻔﺲ وﻋﺒﺎدة اﷲ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ دﯾﻨﯿﺎ أن ﯾﻤﺸﻲ ﻓﻮق اﻟﻤﺎء أو أن ﯾﻄﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﮭﻮاء أو أن ﯾﺴﺘﺨﺮج ﻛﺮاﻣﺎت ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﮭﺎ ، إﻻ إذا أﻋﻄﻲ ﻗﻮة واﺳﺘﻌﻤﻠﺖ دون إرادﺗﮫ ﺑﻞ ﺑﺈرادة اﷲ . ﻗﺪ ﺳﻌﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻘﻮة ﻟﻠﺒﻠﻮغ إﻟﻰ أھﺪاف أﺧﺮى ﻏﯿﺮ أھﺪاف اﻟﻌﻠﻢ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺨﻠﻮد ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄي ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺎھﺮﯾﺔ أو ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﺲ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ إﻻ ﺳﻌﯿﺎ ﻟﻠﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺳﺒﺎب اﻟﺨﻠﻖ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺨﻠﻮد ،ﻻ ﯾﺨﻠﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ وﻻ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻘﺪﻣﺎء وﺳﺎﺋﻞ ﻛﺜﯿﺮة اﺑﺘﻐﺎء اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺨﻠﻮد ﺑﺘﻄﻮﯾﺮ أﺳﺲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وذﻟﻚ ﺑﺠﻌﻞ ﻣﺒﺎن ﺿﺨﻤﺔ وأﺻﻨﺎم ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻛﺜﯿﺮة ﺳﺠﻨﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻞ ﻗﻮة ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﯿﮭﺎ وﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ھﻮ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺬي ﯾﺨﻮﺿﻮن ﻓﯿﮫ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮاﻃﻦ ﻗﻮاھﻢ ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ واﻟﺬي ﻟﮫ واﻗﻊ ﺻﻮري ﻻ وﺟﻮد ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﯿﮫ ﺑﻞ ﻟﻸوھﺎم ﻓﻘﻂ ،أوھﺎم ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻜﺮﯾﺔ ﺑﻞ ﻗﻮة ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ أرض اﻟﻈﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ أﺳﺴﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻋﻈﻢ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺴﺤﺮﯾﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰة ﻓﻲ اﻷﺻﻨﺎم واﻷﺣﺠﺎر واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﻀﺨﻤﺔ ،ﻓﺎﻟﻤﺘﺼﻞ
34
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺣﻖ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻗﻮى ﻋﻘﻠﮫ ﻓﻲ أرض ﻣﺤﺠﻮﺑﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ أﺻﻠﮭﺎ ﻇﺎھﺮ وﻗﻮاھﺎ ﺟﺎﻟﺒﺔ ﻟﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻧﺠﺪ ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ أﯾﻀﺎ ﻣﻜﻠﻔﻲ ﺑﻤﺎ ﯾﺄﺧﺬه اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻗﻮة أو ﻣﻌﺮﻓﺔ ﯾﻤﻜﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ أو اﺳﺘﻐﻼﻟﮭﺎ ،إن اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻻﺗﺼﺎﻟﯿﻦ واﺿﺢ ،ﻓﺎﻟﺬي ﻋﻠﻰ ﺣﻖ وﻋﻠﻢ ﯾﻜﻮن اﺗﺼﺎﻟﮫ ﺑﻨﻮر ،واﻟﺬي ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺣﻖ ﯾﻜﻮن اﺗﺼﺎﻟﮫ ﺑﻈﻠﻤﺎت ،وﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻈﻠﻤﺎت ﯾﻜﻮن اﺗﺼﻼ واﺳﺘﻤﺪادا ﻣﻦ أرض اﻟﻈﻠﻤﺎت ،واﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻨﻮر ﯾﻜﻮن ﻣﻦ أرض اﻟﻨﻮر وﻣﻨﮭﺎ ﯾﻜﻮن اﻻﻧﻄﻼق اﻻﺗﺼﺎﻟﻲ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻦ واﻟﺘﻲ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻌﺪدھﺎ ،إﻧﻤﺎ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻹﻧﺴﺎن ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﯿﺪان أو ﺑﺎﺧﺘﺼﺎص ﻓﻲ ﺷﻲء .
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻷول ﻟﻠﻌﻘﻞ
اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻘﻮى اﻟﺤﻮاس
اﻟﻤﻌﺮاج اﻷول ﻟﻠﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻘﻮى اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻠﺼﻮر
أرض اﻟﻨﻮر
إن ھﺬه اﻷرض وﺟﻮدھﺎ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﻓﻮق اﻷرض ،اﺗﺼﺎﻟﮭﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﻣﻊ ﻗﻮى اﻟﻜﻌﺒﺔ ، وﻣﻨﮭﺎ ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،ﺗﺘﺼﻞ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺑﻘﻮى أرض اﻟﻨﻮر وﯾﺘﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺛﻢ ﯾﺮﺟﻊ اﻟﻤﺘﺼﻞ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻣﻨﮭﺎ ﯾﺼﻌﺪ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮ ﯾﺪرك ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﻇﺎھﺮي ،ﯾﺘﻢ اﻟﺒﺎﻃﻦ إﻟﻰ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻣﻮاﻃﻦ ﻋﻠﻢ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ إﻻ أن اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺴﺒﻌﺔ ﻣﻮاﻃﻦ اﻷﺧﺮى ،ﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﯾﺴﺘﺪرج ﺑﮭﺎ اﻟﻔﮭﻢ ،واﻟﻔﮭﻢ اﻟﺼﻮري أﺻﻌﺐ ﺷﻲء أم اﻟﻔﮭﻢ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮي ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺸﻌﺮ أن أﻓﻜﺎرا ﺟﺪﯾﺪة ﯾﻜﺘﺴﺒﮭﺎ وأﺳﺌﻠﺔ ﻛﺜﯿﺮة ﯾﻄﺮﺣﮭﺎ ،وﻗﻮى اﻟﺤﻮاس ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل ﺗﺼﺒﺢ ﻗﻮة ﺷﻌﻮرﯾﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﺒﻞ اﻻﺗﺼﺎل ،وإن ﻛﺎن اﻻﺗﺼﺎل ﺗﺎﻣﺎ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺸﻌﺮ ﻛﺄن أﺣﺪا أو ﻗﻮة ﺗﺼﺤﺢ ﺟﻠﻮﺳﮫ ،وﻣﻦ ھﻨﺎ ﯾﻌﺮف اﻟﺠﻠﻮس اﻟﺼﺤﯿﺢ ،وﻟﻜﻞ ﻣﻮﻃﻦ ﺑﺎﻃﻨﻲ اﺧﺘﺼﺎص ﻋﻠﻤﻲ ،وﻣﻦ اﻟﻤﺘﺼﻠﯿﻦ ﻣﻦ
35
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﯾﺨﺘﺺ ﺑﻌﻠﻮم ﻣﻌﯿﻨﺔ وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺻﻮل اﻟﻌﻠﻢ ﻛﻠﮭﺎ دون إدراك ﺣﻘﯿﻘﺘﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻛﺜﯿﺮة ،وإﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﯾﮫ أﺳﺲ ﻣﻤﯿﺰة ﻟﻜﻞ ﻋﻠﻢ ،وﻣﻤﺎ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ أن ﯾﺘﻔﺎداه ھﻮ اﻟﻐﻀﺐ أﺛﻨﺎء اﻟﺠﻠﻮس اﻻﺗﺼﺎﻟﻲ أو اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺤﺎدة أو اﻟﺠﺪل اﻟﺬي ﻟﯿﺲ وراءه إﻻ ﻋﺪم اﻋﺘﺒﺎر ﻟﻠﻌﻠﻢ ،وإذا ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ذا ﺑﺴﺎﻃﺔ ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﺳﮭﻞ وﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﺒﻠﻮغ ،وإذا ﻣﺎ أﻋﻄﯿﺖ أواﻣﺮ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن أﺑﺪا ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻔﺲ إﻻ وﺳﻌﮭﺎ ،وﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ أن ﯾﻘﺒﻞ ﻛﻞ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻋﻠﻤﻲ ﯾُﻌﻄﻰ ﻟﮫ ، ﻷن اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ ﺗﻜﻮن اﺳﺘﺪراﺟﺎ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ،واﻹﻧﺴﺎن ﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺒﺪل اﻋﺘﻘﺎده ،ﻟﺬا ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﺮك ﻓﻲ اﻋﺘﻘﺎد ﻣﻌﯿﻦ ﺧﺎﻃﺊ ،وﺑﻌﺪ أن ﺗﻌﻄﻰ ﻟﮫ ﻋﻠﻮم ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺜﺒﺖ اﻟﺨﻄﺄ ،ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن ﯾﻘﺒﻞ ﻛﻞ ﺟﺪﯾﺪ ﯾﻨﻔﻲ اﻋﺘﻘﺎدا ﻗﺪﯾﻤﺎ ،ﻓﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﻄﻰ ﺟﻤﻠﺔ وﻻ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﺴﺮع ﻓﻲ اﻷﺳﺌﻠﺔ ،ﺑﻞ اﻟﺼﺒﺮ ھﻮ أول ﺷﻲء ﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺒﺎﺣﺚ أن ﯾﻤﺘﺎز ﺑﮫ ،وإذا ﻣﺎ ﺗﻢ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ أن ﯾﺮﺣﻞ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ ﻛﺜﯿﺮة ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻠﺰم ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺘﺮك ﻧﻔﺴﮫ ھﺎدﺋﺎ ﻛﺄﻧﮫ ﯾﺆﺧﺬ إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﻣﻌﯿﻦ ﻻ ﯾﻌﺮﻓﮫ ،أﻣﺎ إذا ﺣﺎول أن ﯾﺴﯿﺮ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﻨﻘﻄﻊ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ أن ﯾﺴﯿﺮ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ إﻻ إذا ﻋﺮف ﻛﻞ ﻣﺪاﺧﻞ وﻣﺨﺎرج ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﺤﯿﻨﮭﺎ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺘﺼﻞ ﺑﻤﺴﺆول ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻣﺘﺎز ﺑﻌﻠﻢ ﻣﻌﯿﻦ دون آﺧﺮ ،وإذا ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺤﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ دﺧﻮل اﻟﺠﻨﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ أو أن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻷن ھﺬا ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷراﺿﻲ اﻟﺴﺒﻊ أو إﻟﻰ ﺳﺪرة اﻟﻤﻨﺘﮭﻰ أو إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﻜﻮن اﻟﻈﺎھﺮي ،واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻛﻠﮫ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﺣﺠﺎب أرﺿﻲ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻠﺼﻮرة اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ اﻟﻮاﻗﻌﯿﺔ واﻟﺘﻲ أﻋﻄﯿﺖ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻋﻠﻮم ﻋﻨﮭﺎ ،وﻟﯿﻌﺮف اﻟﻤﺘﺼﻞ أﻧﮫ ﻣﺎ ﺷﻌﺮ أﻧﮫ ﺻﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎوات ،أن اﻷﻣﺮ ﻟﯿﺲ واﻗﻌﯿﺎ ﻓﻲ واﻗﻌﮫ ،ﺑﻞ ﺗﺼﺎﻋﺪه اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﻘﻂ واﻟﺬي ﻓﯿﮫ ﺻﻮرة ﻟﻠﻜﻮن اﻟﻈﺎھﺮي .أﻣﺎ اﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎوات ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﻻ ب اﻹﺳﺮاء ،وﯾﺠﺐ أن ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻂ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ھﺬا ﻷن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎدي اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن درﺟﺘﮫ ﻛﺪرﺟﺔ اﻷﻧﺒﯿﺎء وﻟﯿﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻟﯿﺮﺷﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،و ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺳﯿﻜﻠﻤﮫ أو ﯾﺘﺼﻞ ﺑﮫ أو ﯾﺨﺼﮫ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻘﻮل إﻧﮫ اﺧﺘﺺ ﺑﻌﻠﻢ دون اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎ ،ﻷن ﻣﺎ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮫ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺣﯿﻦ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﻌﻘﻠﻲ أن ذاك ﺗﺼﺎﻋﺪ روﺣﻲ ،ﺑﻞ إﻧﮫ ﻣﺠﺮد ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻻ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ اﻟﺬات اﻹﻟﮭﯿﺔ ،ﻓﮭﺬه ﻛﻠﻤﺔ دﺧﯿﻠﺔ ،ﺑﻞ ﷲ أوﺻﺎف وﺻﻒ ﺑﮭﺎ ﻧﻔﺴﮫ ،وﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﻜﺘﻔﻲ ﺑﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎﺋﮫ اﻟﺤﺴﻨﻰ ،أﻣﺎ أﺻﻮل اﻟﺬﻛﺮ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﺒﻠﻮغ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ، أﻣﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎدي ﻓﻠﯿﻜﻦ دﻋﺎؤه ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن دون اﻋﺘﺒﺎر ﺗﺮﺗﯿﺒﺎت اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ واﻷوراد اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﺻﻞ أﺑﺪا إﻻ إﻟﻰ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﯾﻦ رﺗﺒﻮھﺎ .
36
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ أﻣﺮ ﺑﺴﯿﻂ إذا ﻟﻢ ﯾﻌﻘﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻜﺮه واﻋﺘﻘﺎده ،وﻟﻢ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺷﻲء آﺧﺮ دون اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وإﺗﺒﺎع اﻟﺼﺮاط اﻟﻘﻮﯾﻢ ،ﻓﺎﻟﻤﻨﻄﻠﻖ اﻟﻔﻜﺮي ھﻮ ﻣﻔﺘﺎح اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ، وﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﻨﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﻘﺎد أﺳﺎﺳﮫ ﻣﺜﻼ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺴﯿﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ ﺧﯿﺎﻟﻲ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ﺷﯿﺌﺎ ،ﺑﻞ ﯾﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻣﯿﺪان ﺧﺎﻟﻄﻲ ﻓﻜﺮي اﻋﺘﻘﺎدي ﺗﺨﺘﻠﻂ ﻓﯿﮫ اﻟﺼﻮر اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ واﻟﻘﻮى اﻟﻤﺮﺗﻜﺰة ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ .واﻟﻌﻠﻢ ھﻮ وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻠﺒﻠﻮغ ،ﻓﺒﺎﻟﻌﻠﻢ ﯾﺼﻞ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ ،وﺑﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺗﻜﻤﻞ أﺻﻮل اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ﻓﺘﺼﺒﺢ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ وﺛﺎﺑﺘﺔ ، وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺼﺪق اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻞ اﻷﻗﻮال ﺣﻮل اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ دون ﺗﻤﯿﯿﺰ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﻣﻈﮭﺮ ﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ذﻟﻚ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﺴﺘﺨﺮج ،ﻓﺈن ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ دﻻﺋﻞ ﺗﺪل ﻋﻠﯿﮫ ،ﻧﻌﻄﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻐﻨﻲ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺬي ﯾﺘﻨﺎول ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻗﻮال أو اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻜﺜﯿﺮة ،إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﮫ ﻣﻈﺎھﺮ وﻇﻮاھﺮه ،ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ أن ﯾﺘﺒﯿﻨﮭﺎ ﻟﺘﻔﺎدي اﻟﺨﻄﺄ اﻟﺬي ﯾﺼﻌﺐ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮫ ،ﻓﻌﻨﺪ اﺗﺼﺎل ﺗﻈﮭﺮ داﺋﺮة ﺻﻔﺮاء اﻟﻠﻮن واﺿﺤﺔ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺻﻮرة ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺒﻘﻰ أﻣﺎم اﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ، وإذا ﻓﺘﺤﺖ اﻟﻌﯿﻦ ﺗﺒﻘﻰ اﻟﺼﻮرة ﻇﺎھﺮﯾﺔ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ آﺧﺮ أن ﯾﺮاھﺎ أﺑﺪا إﻻ إذا ﺗﻮﻓﺮت ﻟﺪﯾﮫ ﻗﻮة اﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ .وھﺬه اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء اﻟﻠﻮن ﺗﺸﺒﮫ اﻟﺸﻤﺲ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ وﺿﻌﮭﺎ أو اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻗﻮة ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ وﻗﺪ ﯾﺨﺎف ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ .وﺑﻌﺪھﺎ ﺗﻈﮭﺮ داﺋﺮة ﺑﯿﻀﺎء ﺗﺸﺒﮭﮭﺎ وﻛﺄﻧﮭﺎ ﻗﻤﺮ .واﻟﺪاﺋﺮﺗﺎن ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﮭﻤﺎ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ وﺗﻌﺘﺒﺮان ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻘﻮﺗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ﯾﺘﻢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻨﮭﻤﺎ .وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ أﺛﻨﺎء اﻟﺠﻠﻮس أن ﺳﺎﻛﻨﺎ ،وإذا ﺷﻌﺮ ﺑﻘﻮة ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻓﻼ ﯾﻠﺰم ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻨﻔﺬھﺎ .أﻣﺎ إذا أراد ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ،ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﻨﻘﻄﻊ وﺗﺬھﺐ اﻟﻘﻮة ﻛﺬﻟﻚ وﯾﺼﻌﺐ اﻻﺗﺼﺎل ﻣﻦ ﺑﻌﺪ .وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﻮة ﺑﻞ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ .إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﺘﺴﺐ ﻗﻮة ﻓﻲ ﺟﺴﻤﮫ وﯾﺮى اﻟﻨﻮر اﻟﻤﺤﯿﻂ ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء وﯾﻌﺮف اﻟﻘﻮة اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻜﺴﻮ ﺑﺎﻟﻨﻮر ﻛﻞ ﺷﻲء ﯾﺮى ﻓﯿﮫ ﻇﻠﻤﺎت وﯾﺼﺎرع ﻛﻞ ﻣﻦ اﻛﺘﺴﺐ ﻗﻮة اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وإذا أﻋﻄﯿﺖ ﻟﮫ ﻃﻼﺳﻢ وأوﺿﺎع ﻛﺎﻟﺠﺪاول واﻷوﻓﺎق ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺴﺘﺨﺮﺟﮭﺎ وﯾﻨﻘﻠﮭﺎ ﻛﻤﺎ ھﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺛﻢ ﯾﺤﻄﻤﮭﺎ ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻣﻦ ﻧﻮر وﯾﺤﺮﻗﮭﺎ ﻟﺘﻨﻘﺺ ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ ،وﺑﮭﺬا ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺒﻠﻎ ﻛﺜﯿﺮا ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ واﻟﺘﻲ ﻟﮭﺎ ﺛﻤﺎﻧﻲ درﺟﺎت . واﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺗﻮﻓﺮ إﻣﻜﺎﻧﯿﺎت ﻛﺒﯿﺮة ﻷن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل أن ﯾﻤﺘﺎز ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺪرﺟﺎت اﻷﺧﺮى .وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ أن ﻻ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﻷن ھﺬا ﺷﻲء ﻣﻀﺎد ﻟﻤﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ،وﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻇﻠﻤﺎت وﯾﻌﺮف ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ . وﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﻜﺴﻰ اﻟﺠﺴﺪ ﺑﻨﻮر ﻗﺪ ﯾﺮى ﻇﺎھﺮﯾﺎ وﻻ ﯾﻜﻮن ﻇﮭﻮره اﺳﺘﻤﺮارﯾﺎ .إﻧﻤﺎ ﯾﻌﺒﺮ ﻋﻦ وﺟﻮد ﻧﻮر ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ .ﻓﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﯾﻈﻦ أﻧﮫ ﯾﻔﻘﺪه إذا ﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،وﻣﺎ ﺗﻠﻚ إﻻ وﺳﯿﻠﺔ ﯾﻌﻠﻢ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ . إن اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮ ﻓﯿﮫ ﻗﻮاﻧﯿﻦ وأﺣﻜﺎم وﻓﯿﮫ ﻛﻔﺮ وإﯾﻤﺎن ،وﺳﻠﻢ وﺣﺮب ،وﻧﻈﺎﻣﮫ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻣﻐﺎﯾﺮا ﻟﻨﻈﺎم اﻟﻈﺎھﺮ ،وﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﯿﮫ ھﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻤﻜﺎﻧﺘﮭﻢ ﻇﺎھﺮﯾﺎ .وﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ واﻟﺪﺧﻮل إﻟﯿﮫ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﻤﻦ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ
37
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻖ واﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ .أﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﮭﻢ زﯾﻎ وﯾﺴﻌﻮن ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﺨﻮﺿﻮن ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺎﻃﻨﻲ آﺧﺮ ﺧﺼﮫ اﷲ ﻟﮭﻢ ﻟﯿﻔﺴﺪوا ﻓﯿﮫ ،وھﻮ ﻣﺘﺸﺎﺑﮫ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﻠﻒ ﻓﯿﮫ ﻣﺎ ھﻢ إﻻ أﺋﻤﺔ اﻟﻜﻔﺮ ﻏﯿﺮوا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻲ أﺻﻠﮫ .وﻟﯿﺴﺄل ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻦ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻣﻦ أﺷﺨﺎص ﻓﺈﻧﮭﻢ إن أﻛﺜﺮ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﯾﻨﻔﺮون .أﻣﺎ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺴﺄل ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﯾﻈﮭﺮ أﻣﺎﻣﮫ وﯾﻄﻠﺐ اﺳﻤﮫ .ﻓﺈن ﻛﺎن ﻧﺒﯿﺎ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺴﻤﻊ اﺳﻢ ذﻟﻚ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﺬي أﻣﺎﻣﮫ ،وﯾﺸﻌﺮ ﺑﻘﻮة ﺗﺸﺪه إﻟﻰ اﻷرض وﯾﺄﺗﯿﮫ ﺧﻮف وﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻜﺬﯾﺐ ،ﻷن ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻨﻮر وﺳﺎﺋﻞ ﻗﻮة ھﻲ ﻟﻺﺛﺒﺎت ﺗﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺣﺘﻰ ﯾﻌﺮف اﻟﺤﻖ .ﻓﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺮﺳﻞ رﺳﻮﻻ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﻄﯿﮫ آﯾﺎت أو ﻣﻌﺠﺰات ﻹﺛﺒﺎت ﻣﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺆﺧﺬ أﺧﺬا وﯾﻌﺬب ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ وﯾﺴﻤﻊ اﻟﻘﺮآن ﯾﺘﻠﻰ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺪق أن اﺗﺼﺎﻟﮫ ﺣﻖ وﻣﺎ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ھﻮ ﺣﻖ وﻣﻄﺎﺑﻖ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ،ﻟﯿﺼﺒﺢ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﯿﺶ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺻﻮرﯾﺎ ﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﯾﺜﺒﺖ ﺑﮭﺎ ﺗﻔﺴﯿﺮا أو ﻋﻠﻤﺎ ،وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ ﺑﻼغ ﻟﻠﻨﺎس ،ﻷن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﮭﻢ ﺑﺎﻟﺮﺳﻞ ،ووﺟﻮد اﻟﻘﺮآن ھﻮ دﻋﻮى ﻟﻺﺳﻼم ،وﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ إﻻ أن ﯾﻘﻮل ﻗﻮﻟﮫ ﺑﻌﻠﻢ دون ﺧﻮف ،وﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻨﺎس ﺑﻐﯿﺮ ﺣﻖ ﻓﺤﻖ اﻟﻘﻮل ﻟﺪﯾﮫ ﺑﺄن ﯾﻘﻮل ﻣﺎ ھﻮ ﺣﻖ دون إﺟﺒﺎر ﻟﻺﺗﺒﺎع ،ﻷن ھﺬا أﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف وﻧﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ،ﻓﮭﻮ إﺟﺒﺎر دﯾﻨﻲ .أﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﻢ ﯾﺜﺒﺖ ﻟﺪﯾﮭﻢ أﺻﻞ اﺗﺼﺎﻟﮭﻢ ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن .إن اﻟﺮوح ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺑﺎﻃﻨﻲ ،واﻹﻧﺴﺎن ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ ، واﻟﻌﻘﻞ ﻟﯿﺲ ھﻮ اﻟﺪﻣﺎغ واﻷرض ﻟﯿﺴﺖ ﻛﻤﺎ ھﻲ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،ﺑﻞ ھﻨﺎك ﺣﻘﯿﻘﺔ أﺧﺮى ﯾﺠﮭﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﯾﺄﻣﻦ ﻣﻜﺮ اﷲ ،وﻏﺬ اﷲ ھﻮ ﺧﯿﺮ اﻟﻤﺎﻛﺮﯾﻦ ،ﻣﻜﺮه ﺑﺤﻖ ﻷﻧﮫ ﺟﻌﻞ اﻟﺤﻖ ،وﻣﺎ اﻟﻨﺎس ﺑﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ﻓﻲ ﺷﻲء واﷲ ﯾﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﻮن ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ اﻧﺘﺸﺮت ﻛﺘﺐ ﻛﺜﯿﺮة ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻷﺻﻞ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﻓﺈن ﻣﻦ واﺟﺐ ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ أن ﯾﻨﺸﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﻋﻠﻤﺎ أﺻﻠﮫ دﯾﻦ .وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ھﻲ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،ﺑﻞ اﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻜﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﻋﻠﻢ ،وﻓﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﻜﻔﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء وﯾﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﺑﺠﮭﻞ ﻓﻲ أﺷﯿﺎء ﻣﺠﮭﻮﻟﺔ ،وإن اﺗﺒﻌﻨﺎ أھﻮاء اﻟﻨﺎس ﺳﻨﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺠﺎھﻠﯿﻦ .واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻘﻮل إن ﻟﻮ اﺗﺒﻊ أھﻮاء اﻟﻨﺎس ﻟﻔﺴﺪت اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ،ﻓﻜﯿﻒ ﺑﻨﺎ ﻧﺤﻦ إذا اﺗﺒﻌﻨﺎ أھﻮاءھﻢ ؟ إن ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ أﻏﻠﺐ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ،أو ﻣﻄﺒﻘﻲ ﻃﺮق اﻟﯿﻮﻏﺎ أو ﻧﻤﺎذج اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻛﻔﻠﺴﻔﺎت اﻷﻣﻢ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ﺟﻤﻌﺎء ،واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻗﺪﯾﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻷن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻛﺬﻟﻚ ﯾﺮون ﻧﻮرا ﻓﻲ ﺧﻠﻮﺗﮭﻢ ،ﻓﺎﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻛﺎﻧﻮا أﻧﺎﺳﺎ ﯾﺪﻋﻮن اﻟﻨﺎس ﻟﻤﺒﺪأ ﻣﻀﺎد ﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،وﻣﺜﻠﮭﻢ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺮاء ﯾﺘﺒﻌﮭﻢ اﻟﻐﺎوون ،وﻣﻦ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻤﺜﻠﮭﻢ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﺬي اﺳﺘﻮﻗﺪ ﻧﺎرا ﻓﻠﻤﺎ أﺿﺎءت ﻣﺎ ﺣﻮﻟﮫ ،ذھﺐ اﷲ ﺑﻨﻮرھﻢ وﺗﺮﻛﮭﻢ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺎت ﻻ ﯾﺒﺼﺮون .وﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺣﻖ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ واﻟﺸﻌﺮاء ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺮون ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻧﺎرا ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء،وﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎر ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺷﺄن اﻟﻨﺎر ﺿﻮؤھﺎ ﻛﺪاﺋﺮة ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺮة واﻟﺤﻤﺮة ﻟﮭﺎ أﻟﻮان ﻋﺸﺮة .وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﺮؤﯾﺎ إﻻ
38
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إﻋﻼﻧﺎ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ أن اﻷﻟﻮان اﻟﻌﺸﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺎرج اﻟﻨﺎر .وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺸﯿﻄﺎن وﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺮﺟﻊ ﻋﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ ،وإذا ﻟﻢ ﯾﺮﺟﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻤﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ،ﻓﺈﻧﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻮان اﻟﻌﺸﺮة وﯾﺸﻌﺮ ﺑﺤﺮارة ﻛﺄﻧﮫ دﺧﻞ ﻧﺎرا ،وذﻟﻚ دﻟﯿﻞ ﯾﻌﻄﻰ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺻﻮرﯾﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﻌﺮف اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﻮع أن ﺳﻌﯿﮫ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﯾﺪﺧﻠﮫ إﻟﻰ ﺟﮭﻨﻢ إذا ﻟﻢ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﺼﻮاب ،ﻟﺬا ﯾﻘﻮل اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ إن اﻟﺠﺴﻢ ﯾﺤﺘﺮق ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ وﯾﻘﻮل اﻟﯿﻮﻏﯿﻮن إن اﻟﻨﺎر ھﻲ اﻟﻤﻄﮭﺮة ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ذﻟﻚ إﻻ إﻇﮭﺎرا ﻹﺗﺒﺎع ﺧﺎﻃﺊ ،واﻟﻤﺘﺒﻊ اﻟﻤﺼﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﯾﺪﺧﻞ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪﺧﺎﻧﻲ ،ﻛﺄن ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎر ﻟﮭﺎ دﺧﺎن ،ﻓﯿﻌﯿﺶ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ﻛﺎﻟﺪﺧﺎن ،ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻓﯿﮫ ﺻﻮر ﻛﻠﮭﺎ ﺑﺸﻌﺔ ،وﯾﻘﻮل اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ إﻧﮭﻢ ﯾﺮون اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻓﻲ ﺻﻮر ﺑﺸﻌﺔ ،وﻟﯿﺠﺪوا ﺣﻼ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﮭﻢ ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﯾﻈﮭﺮ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺑﺸﻊ اﻟﺼﻮرة ﻷﻧﮫ ﻛﻤﺮآة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﺬﻧﺐ ﻣﺨﻄﺊ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﺨﺒﺚ ،وﻗﺎﻟﻮا إن ھﺬا ھﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺼﻮرﯾﺔ اﻟﺒﺸﻌﺔ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﺬا ﺻﺤﯿﺤﺎ ﻷن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ﻓﻲ أﺣﺴﻦ ﺻﻮرة وﺗﺤﯿﻂ ﺑﮭﻢ داﺋﺮة ﻣﻦ ﻧﻮر ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺮة واﻟﺒﯿﺎض ،وﻟﯿﻜﻮن اﻷﻣﺮ واﺿﺤﺎ ﻓﺈن اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺮون اﻷﻧﺒﯿﺎء ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺑﺸﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن اﺗﺼﺎﻟﮭﻢ إﻻ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت وﯾﻈﮭﺮ ﻟﮭﻢ ﻣﻦ ادﻋﻰ اﻟﻨﺒﻮة ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻧﺒﻲ ﻟﯿﺮى ﻛﻤﺎ ذﻛﺮوه ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى اﻻﺛﻨﯿﻦ ﻣﻌﺎ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ ،وذﻟﻚ ﻟﯿﻌﻠﻢ أن ھﻨﺎك ﺗﺸﺎﺑﮭﺎ ،وﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻄﻤﺌﻦ ﻟﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ وﯾﺜﻖ ﺑﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻤﮫ ،وﯾﺆﺗﻰ أﺣﺴﻦ ﺗﻔﺴﯿﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﺗﻌﺮض ﻋﻠﯿﮫ ﺻﻮر اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻘﺪﻣﺎء وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﻌﺮاء وﯾﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻨﺎم واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أھﺪاف ﺑﻨﯿﺎﻧﮭﺎ ﺳﺤﺮا ﻛﺎﻷھﺮام ،وﯾﺘﻌﻠﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ھﺬا ﻟﯿﻌﺮف اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﺗﺼﺎل اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن وﺑﯿﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﻮر ،واﻟﺸﻌﺮ ﻛﺎن ﻗﺪﯾﻤﺎ وﺳﯿﻠﺔ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ،وذﻟﻚ ﺑﺤﻔﻆ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ وﺗﻜﺮارھﺎ وأﻋﻄﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻛﺎﻵﯾﺎت ،ﻟﺬا ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﯾﻘﻮﻟﻮن إن اﻷﻧﺒﯿﺎء ﺷﻌﺮاء ﻣﺠﺎﻧﯿﻦ ،وذﻟﻚ ﻷﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻌﺮﻓﻮن أن اﻟﺸﻌﺮ ﻛﺎن وﺳﯿﻠﺔ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ إﻻ أن ذﻟﻚ اﻻﺗﺼﺎل ﻛﺎن ﻛﻠﮫ ﻣﻨﺤﺮﻓﺎ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ . ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﺟﺮﻣﺎ ﺻﻐﯿﺮا ﯾﻨﻄﻮي ﻓﯿﮫ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﮫ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺴﯿﺮ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ أو أن ﯾﺰﯾﺪ ﻓﻲ رزق اﻟﺨﻠﻖ أو أن ﯾﻐﯿﺮ ﻣﺼﯿﺮ اﻟﺒﺸﺮ ،أو ﯾﻄﻮف اﻟﻜﻮن .ﺛﻢ إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﯾﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻛﻮﻧﻲ وﺟﻮدي ﻇﺎھﺮي أو ﺑﺎﻃﻨﻲ ،وﻻ ﯾﻈﮭﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ أو ﻋﺮش ﻣﻦ ﻧﻮر ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻮرا ﯾﺮى، وﻻ ﯾﺘﺸﻜﻞ ﻓﻲ أي ﺻﻮرة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﮭﻢ ،ﺑﻞ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﷲ ﻋﻤﺎ ﯾﺸﺮك اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻮا ﻛﺒﯿﺮا ،إن اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﷲ وﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺼﻌﻮد ﺑﺎﻟﺮوح ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎوات ،ﺑﻞ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺻﻮري ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻠﻈﺎھﺮ اﻟﻤﻌﻠﻮم ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ،وھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﺳﺘﻘﺮاره ﻓﻮق اﻷرض ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻟﺜﺎﻣﻦ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﺣﺚ أن ﯾﻤﯿﺰ ﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﮫ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻟﯿﻈﮭﺮ ﻟﻨﻔﺴﮫ ھﺪﻓﮫ ﻟﻠﺒﻠﻮغ ﻟﻤﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ،ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﮭﺪف ھﻮ اﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮة ﻓﻠﯿﻌﻠﻢ أن اﻟﻘﻮة ﷲ ﺟﻤﯿﻌﺎ .وإن ﻛﺎن اﻟﮭﺪف ﻋﻠﻤﺎ ودﯾﻨﺎ واﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻓﺈن اﻷﺑﻮاب ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ،وﻛﻞ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﺴﺘﺨﺮﺟﺔ
49
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻠﻮم ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻋﻄﯿﺖ ﻟﻸﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ،وﯾﺘﻌﻠﻤﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻓﮭﻮم ﺻﻮرﯾﺔ أو ﺑﻌﻠﻢ ﻣﻜﺘﻮب وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ أن ﯾﺴﺘﺨﺮج ﻋﻠﻮﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻨﺪ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺣﻰ إﻟﯿﮫ .وﺑﮭﺬا ﻓﺈﻧﮫ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻌﻠﻢ ﻟﺪﻧﻲ ﻣﻌﻨﺎه ﻋﻠﻢ ھﻮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،وﻻ ﯾﺤﻖ ﻟﻜﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ أن ﯾﻘﻮل ﺑﺄﻧﮫ أوﺣﻲ إﻟﯿﮫ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻮح إﻟﯿﮫ ﺷﻲء ،وﻣﻦ أﻇﻠﻢ ﻣﻤﻦ اﻓﺘﺮى ﻋﻠﻰ اﷲ ﻛﺬﺑﺎ ، إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺷﻲء ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺮؤﯾﺎ اﻟﻤﺴﻤﺎة ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي وﯾﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .أﻣﺎ اﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻓﮭﻲ رؤﯾﺎ ﯾﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن أﺛﻨﺎءھﺎ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻣﻐﻤﺾ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ وﯾﺮى ﺻﻮرا ﻣﻌﺮوﺿﺔ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻤﺜﻞ ﻋﺮض ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ ،وﯾﺘﻌﻠﻢ ﺑﮭﺬه اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ دون أن ﯾﻜﻮن ﻟﻠﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ دور ﻓﻲ اﻟﺘﺠﻮال اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﺎھﺪة ھﻲ أول اﻟﻤﺮاﺗﺐ ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻟﻌﻞ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﺆدي ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاﺗﺐ اﻷوﻟﻰ اﻟﻤﻈﮭﺮة ﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻘﻮل :
ﻗﻮى اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ
اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻤﺸﺎھﺪة
40
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺨﯿﺎل
اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ
اﻟﻈﺎھﺮ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ
ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ
إن اﻟﺤﻮاس اﻟﺨﻤﺲ ھﻲ أﺳﺎس ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،ﺛﻢ إن ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ أﺳﺎس ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ،واﻟﺘﻔﻜﯿﺮ أﺳﺎس ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎل و اﻷﺣﻼم وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻟﮫ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وإذا ﺗﻄﻮر اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وﻣﻦ ﻗﻮاه ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺸﺎھﺪة ﺛﻢ ﺑﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﻤﺸﺎھﺪة ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ وﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎن اﻟﺨﯿﺎل ،ﻛﻤﺎ ﺗﻄﻮر اﻟﺨﯿﺎل ﯾﻠﺰم ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺮؤﯾﺎ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ،إﻻ أن ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻻ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻷن اﻟﺨﯿﺎل ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺎھﺪة ھﻮ أول اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻟﮫ دور ﻓﻌﺎل ﻷن ﺑﮫ ﯾﺘﺤﺮك اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺘﻄﻮر اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺤﺮك ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،وإذا ﺗﻄﻮرا ﯾﻜﻮن اﺗﺼﺎل ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ وﺗﻘﺎﺑﻞ ﻓﻲ ﻗﻮﺗﯿﮭﻤﺎ ﻓﯿﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ وﺟﮫ . أﻣﺎ إن ﻛﺎن ﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ،ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻐﯿﺮ ﻋﻠﻢ ﻻ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺬي ھﻮ ﺻﻮرة ﺟﺴﻤﮫ اﻟﻈﺎھﺮي ،ﺑﻞ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﻘﻮى ﻋﻘﻞ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ھﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ،وھﻜﺬا ﯾﻜﻮن اﻻﺧﺘﻼط ﻓﻲ اﻟﻘﻮى ،ﻟﺬا ﻧﮭﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄن ﻻ ﯾﻔﻌﻞ ﺷﯿﺌﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ ﺑﮫ ﻋﻠﻢ ،إن ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻋﺎد ﻟﻢ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﯿﺰ ﻗﻮى ﻋﻘﻠﮫ ﻓﺈن ﺟﺴﻤﮫ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ 41
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ،وﯾﺠﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ ،وذﻟﻚ ﻟﻮﺟﻮد ﻗﻮى ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ، وأﻣﺎ اﻟﻤﺴﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ ﻓﺈن ﺟﺴﻤﮫ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺗﻜﻮن ﻟﮫ ﺳﯿﺮة اﺳﺘﻘﺎﻣﯿﺔ ،وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﺪرﻛﮫ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻨﮫ ،ﻧﺠﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت ﻋﻨﺪ أﺷﺨﺎص ﻣﻌﯿﻨﯿﻦ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻗﻮى ﻋﻘﻞ آﺧﺮ وﺗﻠﺘﺤﻢ ﺑﻘﻮى أﺟﺴﺎﻣﮭﻢ ،ﻓﯿﺼﺎﺑﻮا ﺑﺤﺎﻻت ﺟﻨﻮﻧﯿﺔ وﺗﻐﯿﺮات ﻇﺎھﺮﯾﺔ ،وﯾﻘﺎل ﻋﻨﮭﻢ إن اﻟﺠﻨﺔ أﺻﺎﺑﺘﮭﻢ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﺗﺠﻮال ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﺮﻛﺰ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﯾﻌﺎﻟﺞ ھﺆﻻء ﺑﻘﻮة ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻤﯿﻦ اﻟﻤﻠﺘﺤﻤﯿﻦ ،وﯾﺴﻤﻰ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺟﺴﻤﺎ رﻏﻢ أﻧﮫ ﺻﻮرة ﻟﻠﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،ﻷﻧﮫ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ اﻟﻈﮭﻮر ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،وﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ إذا ﺗﻄﻮر ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺼﻞ ﻏﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﻠﻮم و ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء واﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ، ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺼﺮع ﻛﻞ ﻣﺼﺎب اﻟﺘﺤﻤﺖ ﻗﻮاه اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ﺑﻘﻮاه اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ ﺟﻌﻞ أﺳﺲ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺗﻌﯿﻦ ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺄن ﯾﻜﺘﺴﺐ ﻋﻠﻮﻣﺎ أﺧﺮى ،واﻷﺳﺲ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻗﻮة ﺗﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻓﻲ اﻷرض وﺗﺤﺘﻞ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻘﻮى اﻷرﺿﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺼﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﻗﻮى ﻣﻀﺎدة ﻟﮭﺎ ،وﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ واﻟﺴﺤﺮة ﯾﻀﻌﻮن أﺻﻮل ﻃﻼﺳﻢ ﻛﺜﯿﺮة ﯾﻨﺸﺮوﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻇﻨﺎ ﻣﻨﮭﻢ أﻧﮫ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر ،وﻧﺠﺪ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺘﺪﯾﻦ ﯾﻀﻊ ﻗﻮى أﺧﺮى ﺗﻀﺎد ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺣﺘﻰ ﺗﺴﯿﻄﺮ .وﻗﺪ ﻗﻞ ﻋﺪد اﻟﻤﺘﺼﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻤﻦ ﻟﮭﻢ اﺗﺼﺎل ﻣﻦ ﻧﻮر . ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺜﺮ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﮭﻢ اﺗﺼﺎل ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ،وھﺬا ﯾﻈﮭﺮ ﻛﺜﺮة اﻻﻧﺤﺮاف ،وﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﻟﮫ ﺻﻠﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ اﻟﻤﺘﺼﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﯿﻦ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺗﻌﺎون ﻓﻲ ﺗﺮﻛﯿﺰ اﻟﻘﻮى إﻻ أن أﻏﻠﺒﮭﻢ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺪﯾﮭﻢ إﻣﻜﺎﻧﯿﺎت ﺟﻌﻞ ﻣﺮاﻛﺰ ﻗﻮﯾﺔ ﺗﻀﺎد اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ واﻟﺘﻲ أﺳﺎﺳﮭﺎ ﻗﻮى ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ، وﻛﻞ ھﺆﻻء ﻟﮭﻢ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل ،وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮭﻢ اﻟﺘﺠﻤﻊ ﻷن اﻟﺪﯾﻦ ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ ﺗﻜﻮﯾﻦ أﺣﺰاب دﯾﻨﯿﺔ ﺗﻌﺰل ﻣﺒﺎدﺋﮭﺎ أو ﻗﻮاھﺎ .أﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﮭﻢ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻓﻜﺜﯿﺮون ،وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﻠﻘﻮى ،واﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﺺ ﺑﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ،إﻻ أن اﺗﺼﺎﻟﮭﻢ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻗﺼﻮى ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺷﻲء ،ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﻄﻮﯾﺮ وﺗﺼﺤﯿﺢ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻛﻞ ﻣﺘﺪﯾﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ دون ﻋﻨﺎء ،ﻷﻧﮫ ﺷﻲء ﻗﺪ اﺧﺘﺺ ﺑﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ،وﻣﺎ ﺻﻌﺐ اﻷﻣﺮ إﻻ ﻟﻮﺟﻮد ﻓﺘﻨﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ اﻧﺘﺸﺎرھﺎ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺴﻌﻰ ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ .وﻗﺪ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎدئ ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ واﻋﺘﻘﺎدات ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ واﻗﻊ ﺣﻘﯿﻘﻲ ،ﻓﺎﻟﻤﺸﻜﻞ أﺻﻠﮫ اﻧﺤﺮاف ﻧﺤﻮ اﻟﺨﻄﺄ ﺑﺎﻟﺨﻄﺄ .وﻇﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ أن اﻟﺪﯾﻦ ﻻ ﯾﺘﻮﻓﺮ ﻓﯿﮫ ﻛﻞ اﻟﺸﺮوط اﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺔ .ﻓﺎﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ﺗﺤﺎول اﻟﺴﯿﻄﺮة ﺳﻮاء ﻇﺎھﺮﯾﺎ أو ﻣﺒﺪﺋﯿﺎ وﺗﻨﺘﺸﺮ اﻋﺘﻘﺎدات ﻗﺪ ﯾﺜﻖ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻷن ھﺬه اﻟﺸﻌﻮب أﻇﮭﺮت ﺳﯿﻄﺮة آﻟﯿﺔ ،واﻷﻏﻠﺐ ﯾﺜﻖ ﺑﺎﻟﻤﻈﺎھﺮ ،وﻋﻠﻤﺎء اﻟﺪﯾﻦ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻗﻮﻟﮭﻢ ﺧﺎﻟﯿﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺎﺋﺪة ﻷﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻌﻠﻤﻮن ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺻﻨﻊ آﻻت ، أو ﯾﺴﻌﻮن إﻟﻰ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻻﻛﺘﺴﺎب اﻟﻤﺎدي ،ﻓﮭﺬا ﻣﻮﺿﻮع آﺧﺮ إﻻ أن ﻟﮫ ﺻﻠﺔ ﺑﻮاﻗﻊ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،وﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﺣﺮ ﻓﻲ اﻋﺘﻘﺎده وﻣﺒﺎدﺋﮫ ﻷﻧﮫ ﺳﯿﺴﺄل ﻋﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ووﺟﻮب اﻟﻌﻘﺎب ھﻮ اﻟﺬي أﻋﻄﯿﺖ ﺑﮫ ﺣﺮﯾﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﺣﺮ ﻷﻧﮫ ﺳﯿﻌﺎﻗﺐ وﻣﺨﯿﺮ ﻓﻲ اﻹﯾﻤﺎن أو اﻟﻜﻔﺮ ﻷن ﻟﮫ وﻗﺘﺎ ﯾﺴﯿﺮ ﻓﯿﮫ دون اﺧﺘﯿﺎر أن ﻛﻔﺮ ،إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ دﯾﻨﯿﺔ ﻻ ﯾﺤﺎول أﺑﺪا أن ﯾﻐﯿﺮ ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻤﺎ أﺛﺒﺖ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻻ ﯾﺤﺎول أن ﯾﺴﯿﻄﺮ أو أن ﯾﺒﺪل ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﯾﺠﻌﻞ ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻣﺤﺒﺔ أو ﻛﺮاھﯿﺔ ،ﺑﻞ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ أﺻﻞ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ اﻻﻋﺘﻘﺎدﯾﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ .وإن ﻏﯿﺮ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت إﻟﻰ ﻧﻮر ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻨﺘﻈﺮ ﺟﺰاء أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،وھﺆﻻء ﻛﺎﻧﻮا داﺋﻤﺎ ﻣﺠﮭﻮﻟﯿﻦ ﻻ ﯾﻌﺮف ﻋﻨﮭﻢ ﺷﻲء ﻷﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻈﮭﺮون ﻛﺮاﻣﺎت ﺷﺒﮫ ﻣﻌﺠﺰات ،وﻻ 42
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﯾﻔﺘﺤﻮن زواﯾﺎ ﻣﻌﺰوﻟﺔ ،وﻻ ﯾﺠﻌﻠﻮن ﻃﺮﻗﺎ دﯾﻨﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ﺛﻢ إﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻔﺮﺿﻮن ﻋﻠﻤﺎ ﯾﻌﺮﻓﻮﻧﮫ ،وﻻ ﯾﺄﻣﺮون ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎد ﻓﯿﮭﻢ أو ﺗﺨﯿﻞ ﺻﻮرھﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻠﻮس ،وﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮون أﻧﻔﺴﮭﻢ ﺷﯿﻮﺧﺎ ﻛﺎﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ،وﻻ ﯾﺬﻛﺮ اﺳﻤﮭﻢ ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ،وﻻ ﯾﺴﺘﻤﺪون ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ،ﻟﮭﻢ ﺧﺎﺻﯿﺘﮭﻢ وﯾﻌﺮﻓﻮن ﺣﺪودھﻢ ،وﻧﺬﻛﺮ ھﺬا ﻋﻨﮭﻢ ﻷن اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﯾﺘﻌﻠﻤﻮن ﺑﮭﺎ ﺷﺮوط اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ . ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ وﺳﯿﻠﺔ ﻋﻠﻢ دون ﻟﺰوم ﺗﻌﺬﯾﺐ اﻟﻨﻔﺲ أو ﺷﺮط اﻟﻌﺰﻟﺔ ،وﺷﺮﻃﮫ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻐﯿﺐ ،وإﻗﺎﻣﺔ ﺣﺪود اﷲ واﻟﺨﻀﻮع ﻷواﻣﺮه ﻛﻠﮭﺎ ،وھﺬا ﺷﺮط دﯾﻨﻲ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺧﯿﺎﻻ أو وھﻤﺎ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻌﺮف اﻟﺨﯿﺎل وﯾﻌﺮف اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﯾﻤﯿﺰ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻘﻞ وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وﯾﺼﺤﺢ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﯾﻨﺒﮫ ﻋﻠﻰ أﺧﻄﺎﺋﮫ وﯾﺮﺷﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮاب ،وﻛﻞ ﻣﺘﺪﯾﻦ إﻻ وﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﯿﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﯾﻘﯿﻦ ،وﻟﻜﻦ وﺟﻮد اﻟﺘﺤﺮﯾﻒ واﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﺟﻌﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﯾﻨﻔﻘﺪ .ﻓﺎﻟﺬﻛﺮ ﻟﮫ أﺻﻮل ،واﻟﺼﻼة ﻟﮭﺎ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ ،وﻣﻦ ﯾﻘﻮل إن اﻟﻨﯿﺔ أﺳﺎس اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺻﻮاب ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﻠﯿﺒﻠﻎ ﻟﻤﺎ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻨﮫ ، ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻟﮭﺎ ﺷﺮوط وﻗﯿﻢ وﺗﺼﺤﯿﺢ ﻟﺤﺮﻛﺎﺗﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ إﺛﺒﺎﺗﺎ ﻟﻘﻮة ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ، وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻟﮭﺎ أﺻﻞ أﯾﻀﺎ ،ﻷن اﻟﻘﺮآن ﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﺪ ﺣﺴﻦ ﻇﻦ اﻟﻌﺒﺪ ﺑﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻈﻦ ﺑﮫ اﻟﻌﺒﺪ ﻣﺎ ﺷﺎء ،ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻈﻦ ﺑﮫ اﻟﻌﺒﺪ ﻣﺎ ﺷﺎء ،ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻈﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﷲ ﻣﺎ ﺷﺎء ،ﺑﻞ وﺟﺒﺖ ﻋﺒﺎدة اﷲ ﻛﻤﺎ أﻣﺮ اﷲ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻐﯿﺮ ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻦ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،وﻧﻘﻮل إﻧﻤﺎ ﻧﯿﺘﻨﺎ ﺣﺴﻨﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﯿﺔ اﻟﻘﺪﻣﺎء أن اﻷﺻﻨﺎم ﺗﻘﺮﺑﮭﻢ ﷲ زﻟﻔﻰ ،ﻓﻤﺎ أﻏﻨﻰ ﻋﻨﮭﻢ ﻇﻨﮭﻢ ﺑﺎﷲ إذ ﻇﻨﻮا ﺑﻤﺎ ﻇﻨﻮا أﻧﮫ اﻟﺤﺴﻨﻰ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﯿﺘﮭﻢ ﻟﺘﻨﻔﻌﮭﻢ ﺷﯿﺌﺎ وھﻢ ﻣﺨﻄﺌﻮن .إن اﷲ ﻃﯿﺐ ﻻ ﯾﻘﺒﻞ ﻃﯿﺒﺎ ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻘﻮل إﻧﮫ ﻣﺎ ﯾﺆﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﷲ إﻻ وھﻢ ﻣﺸﺮﻛﻮن ،ﻗﺪ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء ،وﺣﺴﺒﻮا أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ھﯿﻨﺔ ،وھﻲ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﻈﯿﻤﺔ .إن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﻮﺟﻮد إﻻ وﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ودون اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ﻧﺠﺪ ﻣﻮاﻧﻊ أﺧﺮى ﺗﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ھﻲ أﺷﯿﺎء ﯾﻌﺘﻨﻲ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﺤﯿﻂ ﺑﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﻗﻮة ﻣﻀﺎدة ﻟﻠﻨﻮر ،ﻷن ﺗﻠﻚ اﻷﺷﯿﺎء ﻛﺎﻧﺖ أﺳﺴﺎ ﻟﻠﻈﻠﻤﺎت وﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻨﮭﺎ وﺟﺎﻟﺒﺔ ﻟﮭﺎ ،ﯾﻌﺘﺰ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﯾﻔﺘﺨﺮ ﺑﮭﺎ .ﯾﻜﺜﺮ ﻣﻨﮭﺎ وﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮭﺎ ﻇﻨﺎ أﻧﮭﺎ أﺷﯿﺎء ﺗﻔﯿﺪ ،وﻻ ﺗﻔﯿﺪ ﻓﻲ ﺷﻲء إﻻ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﻓﺎﺋﺪة ،وﻣﺎ أﻋﻈﻢ ﻏﺮور اﻹﻧﺴﺎن ﺗﺮك اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ واﺗﺒﻊ ﺣﻀﺎرة ﻣﺰﯾﻔﺔ ،ﻟﻦ ﺗﻐﻨﻲ ﺷﯿﺌﺎ ،وﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ اﻟﻤﻨﻄﻮﯾﺔ ﺑﮭﺎ ﻻ ﺗﻈﮭﺮ واﻗﻌﺎ وﻻ ﺗﺜﺒﺖ أﺻﻼ وﻻ ﺣﻘﯿﻘﺔ ،ﻟﻌﻞ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻛﺜﯿﺮة واﻟﻮﻗﺖ ﻗﺼﯿﺮ ،وﻟﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺴﮭﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺎل ،وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺴﮭﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﯾﻦ .ھﻞ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻌﺴﺮ ﻓﻲ ﺳﻌﻲ اﻹﻧﺴﺎن وﯾﻮﺟﺪ ﻋﺴﺮ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،ﺑﻠﻰ إن اﻷﻣﺮ واﺿﺢ واﻟﻮاﻗﻊ ﻇﺎھﺮ ،ﯾﺤﺐ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺎل ﺣﺒﺎ ﺟﻤﺎ وﯾﻨﻘﺾ ﻟﻠﮭﻮ ،واﻟﻐﺮﯾﺐ أﻧﮫ ﯾﻨﺘﻈﺮ اﻟﺨﯿﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ .إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ وﺳﯿﻠﺔ اﻣﺘﯿﺎز ﻟﺠﻠﺐ ﻣﺎل ،وﻣﺎ ﻛﺎن ھﺪف أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ إﻻ ﻷﺟﻞ اﻛﺘﺴﺎب ﻗﻮة ﻣﺴﯿﻄﺮة أو ﻧﯿﻞ ﻛﺮاﻣﺎت أو ﺟﻠﺐ اﻟﺨﯿﺮات ﺑﻘﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺎت .وﻧﺠﺪ ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻮف ﻛﺎﺗﺐ ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺷﯿﺌﺎ ﻗﻠﯿﻼ إﻻ وﯾﺄﻣﺮ اﻟﺒﺎﻟﻎ إﻟﻰ ﺳﺮ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﮫ ﺑﺄن ﯾﺄﻣﺮ اﻟﺨﺎدم
43
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ ﺑﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﮫ ،وﻟﯿﺘﺴﺎءل اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﻦ ھﻢ اﻟﺨﺪام ؟ ﻣﺬھﺐ وﻣﺮة واﻷﺣﻤﺮ وﺑﺮﻗﺎن وﺷﻤﮭﺮوش واﻷﺑﯿﺾ وﻣﯿﻤﻮن .إن ﻣﺜﻠﮭﻢ ﻛﻤﺜﻞ ﻋﺎد وﺛﻤﻮد وﻓﺮﻋﻮن وھﺎﻣﺎن ،ﻛﻠﮭﻢ أﻧﺎس ﻋﺮﻓﻮا ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺎت واﻟﻘﻮة وﻛﻠﮭﻢ ﻣﻤﻦ ﻛﻔﺮ ﺑﺎﷲ ،وﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﮭﻢ ﯾﻤﺪوﻧﮫ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮭﻢ ﻗﻮة وﯾﻌﯿﻨﻮﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺴﺎد ،وﻟﻮ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻣﺎ ﻗﯿﻞ ﻓﻲ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎه ﺷﯿﺌﺎ ﻛﺜﯿﺮا ،واﻟﻤﮭﻢ ﻓﯿﮫ ھﻮ أﻧﮫ ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺨﺪام اﻟﺮوﺣﺎﻧﯿﯿﻦ ﻣﮭﺎم ﻛﺜﯿﺮة وﺗﺼﺮﻓﺎت ﻛﺘﮭﺰﯾﻢ اﻟﺠﯿﻮش وﻓﺘﺢ اﻟﻜﻨﻮز وﺗﻐﻮﯾﺮ اﻟﻤﯿﺎه وﻃﻲ اﻷرض واﻟﻄﯿﺮان ﻓﻲ اﻟﮭﻮاء ،وﻟﻮ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻗﻠﯿﻼ ﻓﻲ أﺳﻤﺎء ﯾﻨﻄﻖ ﺑﮭﺎ اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ ذﻛﺮ ﻛﻤﺜﻞ :ﺷﻤﻮل ،ﺳﺎر ،ﺷﺒﮭﺔ ،ھﯿﺪوﻛﺔ ،ﺑﻘﺮش ، ﯾﻐﻤﻮك ،ھﺎﻟﻮك ،دﯾﻮ ،ﺷﺎﺣﺮ ،إﻟﻰ ﻣﺎ ھﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﻓﻲ ﻗﻮاھﺎ وﻣﻤﺎ أﻧﺰل ﻓﻲ اﻟﺘﻮراة واﻹﻧﺠﯿﻞ واﻟﺰﺑﻮر ،وﻣﻤﻦ ﯾﻌﺘﺒﺮون ﺧﺪاﻣﺎ روﺣﺎﻧﯿﯿﻦ ﻛﺬﻟﻚ ،وﯾﺬﻛﺮون ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻋﺪﯾﺪة ﺑﻨﻮﻏﯿﻼن وأوﻻد ﻣﯿﻤﻮن ،وﺑﻨﻮ اﻷﺣﻤﺮ ،إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﯿﻖ ذﻛﺮه ،وﻣﺎ ﻧﺬﻛﺮ ھﺬا إﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ،ﻓﺈن ھﺆﻻء اﻟﺬﯾﻦ ذﻛﺮھﻢ أﻣﻢ ﻋﺬﺑﮭﺎ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻷﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺤﺮ ﻓﻲ أﻣﻮرھﺎ ،وإذا ﺗﺴﺎءل اﻹﻧﺴﺎن ﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺴﺨﯿﺮ ھﺆﻻء ، ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﺑﺴﯿﻂ ،ﻷن ﻗﻮى ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﺒﻘﻰ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت وﺗﺴﺨﺮ ﺑﻘﻮة ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﮫ ﻻ ﯾﺒﻘﻰ ﻟﮫ ﻗﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺴﺨﯿﺮھﺎ أو اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ،وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺬﯾﻦ ذﻛﺮت أﺳﻤﺎؤھﻢ أﺣﯿﺎء ﻣﻤﻦ اﻋﺘﺒﺮوا روﺣﺎﻧﯿﯿﻦ ﻟﻤﺎ ﺗﻤﻜﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﺴﺨﯿﺮھﻢ ،وﻧﺬﻛﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺜﺎﻻ آﺧﺮ ﯾﺘﻢ ﺑﮫ اﺳﺘﺤﻀﺎر ﺷﻤﺲ اﻟﻘﺮاﻣﯿﺪ ﺑﻨﺖ اﻟﻤﻠﻚ اﻷﺑﯿﺾ ﻛﻤﺎ ﻗﯿﻞ ،وﻷﺟﻞ ھﺬا اﻟﻐﺮض ﻗﯿﻞ إن ﻣﻦ أراد اﺳﺘﺤﻀﺎرھﺎ ﯾﺼﻮم ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺧﺎل ﺑﻌﯿﺪ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات واﻟﻌﻤﺎرة وﻻ ﯾﻔﻄﺮ إﻻ ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺰ اﻟﺸﻌﯿﺮ وزﯾﺖ اﻟﻌﻮد وﻻ ﯾﻔﺎرق اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم واﻟﺒﺨﻮر وﻗﺮاءة اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ دﺑﺮ ﻛﻞ ﺻﻼة ﺳﺒﻌﯿﻦ ﻣﺮة ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﻀﺮ ﺑﻨﺖ اﻟﻤﻠﻚ اﻷﺑﯿﺾ ﯾﺘﺰوﺟﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﮭﺎ وﺗﻌﻄﯿﮫ ﻣﺎﻻ وﺗﺠﻌﻞ ﻟﮫ ﻗﺒﻮﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻟﻮ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ إذا ﻣﺎ أراد أﻧﺎس ﻛﺜﯿﺮون اﺳﺘﺤﻀﺎرھﺎ ﻓﮭﻞ ﺳﯿﺘﺰوﺟﻮﻧﮭﺎ أﺟﻤﻌﻮن واﻟﺬﯾﻦ اﺳﺘﺤﻀﺮوھﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﺰوﺟﻮھﺎ أﯾﻀﺎ ﻓﮭﻞ ھﻲ ﺧﺎﻟﺪة أم ﻛﯿﻒ اﻷﻣﺮ ؟ ﻗﺪ ﯾﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﺻﻌﺒﺎ اﻟﻔﮭﻢ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻣﻦ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى ﺷﻤﺲ اﻟﻘﺮاﻣﯿﺪ ھﺬه دون اﺳﺘﺤﻀﺎرھﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﺘﺰوﺟﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﺻﻮرة ﻻﻣﺮأة ﻋﺎﺷﺖ وﻣﺎﺗﺖ وﺑﻘﯿﺖ ﻗﻮى ﻋﻘﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻘﻂ وﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻻﺗﺼﺎل ﺑﮭﺎ ﺑﻘﻮة ﺳﺎﺟﻨﺔ ﻟﻘﻮى ﺻﻮرة ﺟﺴﻤﮭﺎ وﻗﻮى ﻋﻘﻠﮭﺎ ، ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺒﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮت ﺻﺎﺣﺒﮫ ودﻓﻦ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي، ﻟﺬا اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻘﺪﻣﺎء أن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ اﻟﺨﻠﻮد ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﻤﯿﻞ ،وﻛﺄن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﮫ اﻟﻘﻮل ھﻮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻧﻼﺣﻆ أن ﻓﻲ ﺗﻄﺒﯿﻘﺎت اﻟﯿﻮﻏﺎ ﯾﺘﺨﻠﻰ اﻟﻤﻄﺒﻖ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮق ﻋﻦ ﺟﺴﻤﮫ وﯾﺪﺧﻞ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﯿﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ ،وﻧﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺑﻨﺖ اﻷﺑﯿﺾ إذ ﯾﺆﻣﺮ اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺰواج ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺎﻟﺼﻼة وذﻛﺮ ﻋﺰﯾﻤﺔ ﺑﻌﺪھﺎ وھﺬا ﯾﻈﮭﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻇﺎھﺮة دﯾﻨﯿﺔ ،واﻟﺬﯾﻦ وﺻﻠﺖ إﻟﯿﮭﻢ ھﺬه اﻟﻤﻘﺎﻻت ﻋﻦ اﻟﻄﮭﺎرة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻤﺮأة ﻇﻨﻮا ذﻟﻚ واﻗﻌﺎ دﯾﻨﯿﺎ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ أﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،ﻓﺎﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻻ ﯾﻌﻨﻲ ﺑﮭﺎ أﺻﻼ أﻧﮭﺎ ﻇﺎھﺮة واﻗﻊ دﯾﻨﻲ ﺷﺎﻣﻞ ﻹﯾﻤﺎن ،ﻷن ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺎھﺮة اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﻋﻦ اﻷﺻﻞ وﻣﻐﯿﺮة ﻟﮫ ،وﻟﯿﻜﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ ذا
44
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺣﻜﻤﺔ وﯾﺠﺘﻨﺐ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻔﯿﺪ ﺷﯿﺌﺎ ،ﺑﻞ ﺗﺠﻠﺐ ﻛﻞ ﺷﺮ ،وﻻ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺬﻛﺮ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻜﻼم ﻣﻔﮭﻮم ،أو أﺳﻤﺎء ﺳﻤﯿﺖ دون أن ﯾﻮن ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن ، وأﻧﻮاع اﻟﻄﺮق ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﺜﯿﺮة ،واﻟﺨﻄﺄ ﻓﯿﮭﺎ ھﻮ أن ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﺷﺨﺎص ﻛﯿﻒ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﮭﻢ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ دﯾﻨﯿﺔ ﺗﺜﺒﺖ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﺠﻮم أو اﻟﻤﻨﺎزل ﻟﻸﺑﺮاج أو ﺳﯿﺮة اﻟﻜﻮاﻛﺐ ،ﺛﻢ ﻻ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻟﯿﺬﻛﺮ اﺳﻤﮫ أو ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﺳﺘﺤﻀﺎر ﻗﻮى أﺷﺨﺎص ،واﻟﻘﺮآن ھﻮ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﻟﻠﺒﻠﻮغ وﻓﻲ ﻗﺮاءﺗﮫ أﺣﻜﺎم وﻃﺮﯾﻘﺔ أﺻﻠﯿﺔ دﯾﻨﯿﺔ دون ﺗﺤﺮﯾﻒ أو ﻧﻘﺼﺎن ﻓﻲ اﻟﻠﻔﻆ أو ﺗﻌﺠﯿﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺮاءة ،وإذا ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى ﻧﻮرا ﻓﻲ اﻟﺤﺮوف وذﻟﻚ أول دﻟﯿﻞ ﻟﺒﺪاﯾﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،وﻓﺘﺤﺎ ﻟﻄﺮﯾﻖ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .
إن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،واﺳﺘﻘﺮاره ﻓﻮق اﻷرض ﻟﮫ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﺣﺠﺐ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﺗﻨﻘﺴﻢ ﻋﻨﮫ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻣﻮاﻃﻦ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ،واﻟﻌﺪد اﻷول أرﺑﻊ وﺳﺘﻮن ﻣﻮﻃﻨﺎ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ، وﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺠﺐ ﺻﻮرة واﻗﻌﯿﺔ ﻟﻠﻜﻮن اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﺟﺘﯿﺎز ھﺬه اﻟﺤﺠﺐ ﻛﻠﮭﺎ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ،إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﯿﺲ وﺳﯿﻠﺔ ﺳﻌﻲ وراء اﻟﺨﻠﻮد ،وأﻏﻠﺐ اﻟﻤﺘﺼﻠﯿﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﯾﺴﻌﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﻨﺎزﻻت ﺑﺎﻟﻤﻮت ﻷﺟﻞ إدراك ﻗﻮى اﻟﺤﯿﺎة ﻟﯿﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻮد اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻗﺪ ﻧﺠﺪ ﻣﻦ اﻟﺮاﻏﺒﯿﻦ ﻣﻦ ﯾﻌﯿﺶ ﻗﺮوﻧﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺗﻄﺒﯿﻘﯿﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ذﻟﻚ وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻇﮭﺮ ﻟﻠﻨﺎس أﻧﮫ ﺣﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﻗﺮون ﻓﺈن ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ ھﻮ أن ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮭﺎ أن ﺗﺒﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ وﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﮫ ﺣﯿﺎة ، ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ اﻧﻔﻘﺪت ،وھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة ﻏﺮت ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻤﻦ اﻋﺘﻤﺪوا أن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺗﻔﺎدي اﻟﻤﻮت ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ وﺑﺘﻄﺒﯿﻘﺎت ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ،واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻻ وﺟﻮد ﻓﯿﮫ ﻟﮭﺬا اﻟﺘﻨﺎزل إﻟﻰ ﻗﻮى اﻟﻤﻮت أو ﺗﺤﺪي أﺣﻜﺎم اﷲ اﻟﻔﺎرﺿﺔ ﻟﻠﻤﻮت ﻓﻲ أﺟﻞ ﻣﺴﻤﻰ ﻻ ﺗﺄﺧﯿﺮ ﻓﯿﮫ وﻻ ﺗﻘﺪﯾﻢ ،وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻻﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ،وﻟﻄﺒﻘﻮا اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ .إن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺐ ﻟﺒﻠﻎ اﻟﺴﻤﺎوات أو اﻷراﺿﻲ اﻟﺴﺒﻌﺔ .وﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ أن اﻟﺤﺠﺐ اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﺻﻮرة ﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻜﻮن ،
45
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻷن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺸﻌﺮ ﻛﺄﻧﮫ ﯾﺼﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎب اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻷول ﻣﻦ اﻷرض وﻟﻢ ﯾﺘﺠﺎوز ﺣﺪود اﻟﺤﺠﺐ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﺳﯿﻠﺔ ﻋﻠﻢ ﻓﻘﻂ ﯾﻌﺮف ﺑﮫ أﺻﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻈﮭﺮ ﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻜﻮن اﻟﺬي وﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﻌﺮﻓﮫ . إن اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻮاس وﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﺰم ذﻟﻚ ﻻ ﺗﻔﯿﺪ ﺷﯿﺌﺎ ،ﻷن اﻟﻮاﻗﻊ ﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﺬﻛﺮ أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﯾﻦ اﻋﺘﻤﺪوا ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ دﯾﻨﯿﺎ ،وﻗﺪ أﺧﻄﺄ اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺮﺟﻤﻮا ﻓﻠﺴﻔﺎت اﻹﻏﺮﯾﻖ واﻟﮭﻨﻮد إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻛﺎن اﻟﺨﻄﺄ ﻋﻈﯿﻤﺎ ﻟﻤﺎ اﻧﺘﺸﺮت اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ وﻃﺒﻘﺖ ،وﻣﺎ ﺟﺎء اﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻻ ﻟﯿﻨﻔﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ وﯾﺤﺎرب أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪﯾﻦ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻓﺄﺻﺒﺢ اﻟﻤﺜﻞ ﯾﻀﺮب ﺑﺴﻘﺮاط وﻓﻼﺳﻔﺔ اﻋﺘﺒﺮوا ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎء اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﮭﻢ ﻋﻈﻤﺔ ﻓﻲ ﺷﻲء وﻻ أھﻤﯿﺔ ،وﻧﺠﺪ ﻣﻦ اﻟﻐﺮاﺑﺔ أن ﯾﻀﺮب ﺑﮭﻢ اﻟﻤﺜﻞ وﻻ ﯾﻀﺮب ﺑﺎﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ، ﻓﺒﺪﻻ أن ﯾﻘﻮل اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،أو ﻗﺎل اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،إذا ﺑﮫ ﯾﻘﻮل ﻗﺎل ﻓﻼن وﻗﺎل اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻟﻔﻼﻧﻲ ،وھﺬه ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺒﺎدئ ﺣﻜﻤﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ،وﻛﻞ ﻓﯿﻠﺴﻮف ﻣﺎ آﻣﻦ ﺑﺎﷲ واﺳﺘﺴﻠﻢ ﻟﻮﺟﮫ اﷲ وأﻗﺮ ﻋﺒﺎدة اﷲ ،ﻓﺈن ﻛﻞ أﻗﻮاﻟﮫ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺳﻔﺎھﺔ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻇﮭﺮت ﻓﯿﮭﺎ أﺻﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ،ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻘﻮل إﻧﺴﺎن ﺣﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﻗﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم أو ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﷲ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ھﻮ اﻟﺬي ﯾﺆﺗﻲ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﯾﺸﺎء، ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎدئ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺸﻤﻠﮭﺎ اﻋﺘﻘﺎد ﻓﻲ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﻤﺸﺎﯾﺦ ،ﻓﺈن اﺗﺼﺎﻟﮭﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ اﺗﺼﺎﻻ ﺑﺄﻟﺌﻚ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻓﯿﮭﻢ ،وﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎدئ اﻋﺘﻘﺎده اﻗﺘﺪاء ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ وﻣﺜﺎﻻ ﻟﻸﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ،ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﺘﻢ ﺑﻤﻦ ﺟﻌﻞ اﷲ ﺑﺤﻖ وﺟﻌﻠﮭﻢ أﺋﻤﺔ ﯾﺮﺷﺪون ﻟﺪﯾﻦ اﻟﺤﻖ ،وﻟﯿﻜﻦ اﻟﺤﺬر ﺷﺪﯾﺪا أن اﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﯿﻨﺎ وﺳﮭﻼ ،وﻛﻞ اﺳﺘﺼﻐﺎر ﯾﺆدي إﻟﻰ اﻧﺤﺮاف ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻧﺘﺎﺋﺠﮫ وﺧﯿﻤﺔ ،ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ أﻇﮭﺮ اﻟﺤﻖ وﻟﺰم اﻹﺗﺒﺎع ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﺑﺎﷲ أوﻟﯿﺎء أو ﻧﻘﻮل إﻧﮭﻢ أھﺪى ﺳﺒﯿﻼ ، أﻣﺎ ﻣﻦ أﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﻋﺘﻘﺎد ،ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻦ ﯾﺘﻤﻜﻦ أﺑﺪا ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻟﮫ أھﻤﯿﺔ ، ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﮫ ﺷﺮوط ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،إﻧﻤﺎ ﺷﺮوﻃﮫ ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ وﺟﮫ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪه ﺣﺴﻦ اﻟﺨﻠﻖ ،إن اﻟﺠﻠﻮس ﻋﻨﺪ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﻜﻮن ﺑﻄﮭﺎرة ،وﻣﺎ اﺗﺒﻊ اﻟﻨﺎس ﻃﺮق اﻟﯿﻮﻏﺎ إﻻ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻔﺮض ﻃﮭﺎرة ﻛﻤﺎ ﯾﻔﺮﺿﮭﺎ اﻟﺪﯾﻦ ، وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﯿﻮﻏﺎ ﺗﻔﺮض ﻃﮭﺎرة ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻔﺮض ﻓﯿﮭﺎ أﺷﯿﺎء ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ أﺻﻞ ﺛﺎﺑﺖ ﻛﻌﺪم اﻟﺰواج واﻟﻌﺰﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺎس واﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﯿﺔ .أﻣﺎ اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻼ ﻓﺮق ﻓﯿﮫ ﺑﯿﻦ أﺑﯿﺾ وأﺳﻮد إﻻ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮى .واﻟﺰواج ﻻزم اﻋﺘﺮاﻓﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﷲ ﺑﺎﻟﺤﻖ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻻ رھﺒﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم .إن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا أﻧﺒﯿﺎء أو ﻣﺮﺳﻠﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﻌﺘﺮف ﺑﺄﻗﻮاﻟﮭﻢ وﻣﺒﺎدﺋﮭﻢ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا إﻻ ﻣﻐﯿﺮﯾﻦ ﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،وﻣﻌﺮﻓﺘﮭﻢ ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﻋﻨﮭﻢ ﺷﯿﺌﺎ ،وﯾﺤﺸﺮون ﻣﻊ أﺗﺒﺎﻋﮭﻢ أﻧﮭﻢ أﺋﻤﺔ اﻟﻜﻔﺮ ﻻ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮭﻢ إﻻ ﻣﻦ أﺣﺐ اﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﯾﻤﺎن ،ﻓﺈن أول وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ھﻲ أن ﯾﺘﻔﺎدى اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻛﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻠﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن أو ﻗﻮﻻ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم وﻻﺑﺪ أن ﯾﻨﺴﻰ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ﻛﻞ
46
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﺳﻢ ﻣﻌﺮف ﺑﺸﺨﺺ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺒﺎدﺋﮫ دﯾﻨﺎ وﻻ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ ﻋﻠﻤﺎ ﯾﺮﺟﻊ أﺻﻠﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ أﺛﺒﺖ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ،واﻟﻘﺮآن ھﻮ ﻣﻔﺘﺎح ﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ دﯾﻨﻲ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻓﯿﮫ ھﻮ وﺳﯿﻠﺔ ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،وﻣﺎ دون اﻟﻘﺮآن ﻓﻼ ﯾﻠﺰم ذﻛﺮه أو اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﮫ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ . وﻻ ﺑﺪ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻣﺜﺎﻻ آﺧﺮ رﺗﺒﮫ اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وذﻟﻚ ﺑﺬﻛﺮ اﺳﻢ اﷲ اﻟﻮھﺎب ﻋﺸﺮﯾﻦ أﻟﻒ ﻣﺮة ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ وﺛﻤﺎﻧﯿﺔ آﻻف ﻛﻞ ﯾﻮم ﻣﺪة أﺷﮭﺮ وأﻋﻮام ﺑﺸﺮط ﺻﯿﺎم اﻟﺪھﺮ ،وﯾﻘﺎل إن ﺑﻌﺪ ﻣﺪة ،ﯾﻔﺘﺢ ﺑﺎب ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ وﯾﺸﺎھﺪ أھﻞ اﷲ ﯾﻘﻔﻮن ﻟﮫ وﻗﻮﻓﺎ ﺗﺎﻣﺎ ، ﻓﯿﻘﺎل ﯾﺎ ﻓﻼن أﻧﺖ أﺣﻖ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن اﻟﻔﻼﻧﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻓﯿﮫ زاوﯾﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻛﯿﻦ ﯾﺮد ﺑﺤﺮك اﻟﻘﻮي واﻟﻀﻌﯿﻒ وﯾﺸﺮب ﻣﻦ ﯾﻨﺒﻮﻋﻚ ﻛﻞ ﻣﺤﺐ زاﺋﺮ وﯾﻨﻔﺘﺢ ﺑﺴﺮك ﻛﻞ ﺻﺤﯿﺢ وﺳﻘﯿﻢ ،وﯾﺒﺎح ﻟﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺴﺮ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺤﺴﻨﻰ وﯾﻔﺘﺢ ﻟﻚ ﻛﻨﻮز ﻣﻌﺎدﻧﮭﺎ وﺟﻮاھﺮھﺎ ،ﻓﺘﺬﻛﺮ ﻛﻞ ﻣﺮﯾﺪ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﯿﻖ وﯾﻮﺻﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻻه ،وﺗﺸﺮﻓﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎزن اﻟﺰﻛﯿﺔ ﻓﺘﺄﺧﺬ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻮم ﺑﺪاﺋﺮﺗﻚ ، وﺗﻤﻜﻦ ﻛﻞ ﺿﻌﯿﻒ وﻣﺤﺘﺎج ﺑﻤﻮاﻛﺐ ﻋﻨﺎﯾﺘﻚ ،ﻓﺘﻜﻮن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻨﻊ واﻟﻌﻄﺎء . ﻧﻼﺣﻆ ﻓﻲ ھﺬا ﻛﺄن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﮭﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﯾﺼﺒﺢ ﻣﺴﺆوﻻ ﻋﻦ رزق اﻟﺨﻠﻖ ﯾﻌﻄﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﺷﺎء وﯾﻤﻨﻊ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﺷﺎء ،وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻨﺎس ﻣﺨﺎزن اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻷﻣﺴﻜﻮا ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺘﻘﺪ ھﺬا ﺑﺄن ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺰﯾﺎدة واﻟﻨﻘﺼﺎن ﻓﻲ اﻟﺮزق ،أﻣﺎ اﻟﻌﺪد اﻟﻤﺮﺗﺐ ﻟﻠﺬﻛﺮ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ أﺻﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ أن ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻢ اﷲ دون إدﺧﺎل ھﺪف ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺬﻛﺮ ﯾﻜﻮن دون اﻟﻌﺒﺎدة ،إن ھﺬه اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت ﻻ أﺳﺎس ﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ ، ﻓﮭﻲ ﻃﺮق اﻟﺘﺼﻮف اﻟﺘﻲ ﺷﻮھﺖ ﺑﺄﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،واﻟﺠﺎھﻞ ﯾﺤﺴﺒﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﻷن ﻓﯿﮭﺎ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ،ﻓﺎﻟﯿﻮﻏﺎ أﯾﻀﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿﮭﺎ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﺴﺮﯾﺎﻧﯿﺔ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻄﺒﻘﻮھﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ وھﺬا اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ واﻟﺘﺤﺮﯾﻒ ﺑﺎﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﺷﻲء ﻧﮭﻲ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ وﻣﻦ أراد أن ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻌﻠﯿﮫ أن ﯾﺬﻛﺮه دون إرﻏﺎم ﻟﺼﯿﺎم اﻟﺪھﺮ أو اﻟﻌﺰﻟﺔ أو ﻓﺮض ﻟﻌﺪد ﻓﻮق اﻟﻄﺎﻗﺔ ،ﻓﮭﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺬي أﻇﮭﺮﻧﺎه ﻓﯿﻤﺎ ذﻛﺮ ﻟﯿﺲ ھﺪﻓﮫ ھﻮ ﻋﺒﺎدة اﷲ ﺑﻞ ھﺪﻓﮫ ھﻮ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺼﺮﯾﻒ ﻗﻮة ﻇﻨﺎ أن ﺑﮭﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺮزق ،وأﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﮭﺎ ﺧﺎﺻﯿﺔ إﻻ ﻟﻠﺪﻋﺎء ﺑﮭﺎ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ ﺧﺪام ﯾﺴﺨﺮون ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻈﻦ ،وﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﯾﻈﮭﺮ أﺛﻨﺎء اﻟﺬﻛﺮ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺷﺨﺺ ﺗﺨﻠﻖ ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ وﻧﺴﺒﮭﺎ إﻟﯿﮫ ،وھﺆﻻء ﯾﻌﺘﻘﺪون أﻧﮭﻢ أﺟﺰاء ﻣﻦ اﷲ ،وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻋﻤﺎ ﯾﺸﺮك اﻟﻨﺎس ،ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻈﮭﺮ أﺣﺪ ﺣﯿﻦ اﻟﺬﻛﺮ ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ،ﻷن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﮫ ﺷﻲء وھﻮ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ دون إرﺟﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻮﺻﻒ إﻟﻰ اﺳﻢ اﷲ ،ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل ﺑﺎﻟﺘﻜﺮار اﻟﻮھﺎب ،اﻟﻮھﺎب ،دون إﺛﺒﺎت اﺳﻢ اﷲ اﻟﻮھﺎب ﺑﺈرﺟﺎﻋﮫ إﻟﻰ اﺳﻢ اﷲ ،ﻓﺎﻟﺬﻛﺮ اﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن ﻧﻘﻮل اﷲ اﻟﻮھﺎب ،وھﺬا ﻻزم ﻋﻨﺪ ذﻛﺮ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ﻛﻠﮭﺎ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻠﺰﻣﮫ اﻟﺬﻛﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻐﻤﺾ ﻋﯿﻨﯿﮫ ،وإذا أراد اﻟﺬﻛﺮ ﻓﯿﻠﺰﻣﮫ أن ﯾﻔﺘﺢ ﻋﯿﻨﯿﮫ ،وﺑﻌﺪ اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺘﻐﻤﯿﺾ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ،ﻷن اﻟﺮؤﯾﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷوﻗﺎت وﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ،وﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﻜﺴﻰ اﻟﺠﺴﻢ ﺑﻨﻮر أﺻﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﯿﻤﻨﻰ وﺑﺎﻟﻨﻮر اﻷﺑﯿﺾ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﯿﺴﺮى ،وﯾﻤﻜﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻘﻮﺗﯿﻦ ﻓﻲ 47
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻣﮭﺎم ﻛﺜﯿﺮة ﺗﻜﻮن ﻛﻠﮭﺎ ﺿﺪا ﻟﻠﻈﻠﻤﺎت ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﻄﻮر .ﯾﺮى اﻟﻨﻮر ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻓﻲ أﺷﻜﺎل ﻋﺪﯾﺪة ﻛﻠﮭﺎ ﻟﮭﺎ ﻣﻌﺎن ﺗﺮﻣﺰ إﻟﯿﮭﺎ ،ﻓﺮؤﯾﺔ اﻟﻨﻮر اﻷزرق ﯾﻌﻨﻲ داﺋﻤﺎ وﺟﻮد ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﯾﺮى ﻓﯿﮫ ،واﻟﻨﻮر اﻷﺣﻤﺮ ﯾﻈﮭﺮ داﺋﻤﺎ وﺟﻮد ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﺳﺎﺟﻨﺔ ﻟﺸﻲء ﻣﻌﯿﻦ أو ﻷﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة .أﻣﺎ اﻟﺘﺤﺎم اﻟﻨﻮر اﻷزرق واﻷﺣﻤﺮ ﻓﻤﻌﻨﺎه وﺟﻮد ﻗﻮة ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﺪم ﻛﺎﻟﺤﺮوب ﻣﺜﻼ أو اﻹﺟﺮام ،واﻟﻨﻮر اﻷﺧﻀﺮ ﯾﻌﻠﻦ ﻋﻦ وﺟﻮد اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻀﺮاء وھﻲ ﻗﻮة ﺧﺒﯿﺜﺔ أﺳﺎﺳﮭﺎ ﺳﺤﺮ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﮫ ﻗﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ،واﻟﻨﻮر اﻷﺑﯿﺾ ﻓﺈﺷﺎرة ﻟﻠﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ دون ﺧﻮف ﻣﻦ ﻗﻮة أﺧﺮى ﻣﻀﺎدة ،واﻟﻨﻮر اﻷﺻﻔﺮ ﯾﻌﻨﻲ ﻧﻮرا ﺳﺎﺟﻨﺎ ﻟﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺤﺮﯾﻚ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮر ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻛﻞ ﻗﻮة ﺧﺒﯿﺜﺔ .
48
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻨﻮر اﻷﺻﻔﺮ اﻟﻠﻮن
اﻟﻨﻮر اﻷﺑﯿﺾ اﻟﻠﻮن
اﻟﻨﻮر اﻷﺣﻤﺮ اﻟﻠﻮن
49
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
: ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﻗﻮات اﻟﻨﻮر ﺗﻨﺸﻖ رﻣﻮز داﻟﺔ ﻋﻠﯿﮭﺎ وھﻲ
50
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
وﻋﺮﻓﺖ ھﺬه اﻟﺮﻣﻮز ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻈﮭﺮ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،وﯾﺘﺸﻜﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻨﻮر ﻓﻲ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻗﻮات ﺿﺪ اﻟﻈﻠﻤﺎت ، وﺗﺮى ھﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ وﺗﺘﺤﺮك ﺑﻨﻔﺴﮭﺎ وﺗﺤﺮك ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وھﻲ ﺳﻼح ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﻜﻮن ﺿﺪ ﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت . وﻻ وﺟﻮد ﻟﻘﻮات أﺧﺮى ﻏﯿﺮھﺎ ،واﺳﺘﻌﻤﻠﮭﺎ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻗﺪﯾﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﯿﺎن وﻛﻞ ﺣﺎﺟﯿﺎﺗﮭﻢ اﻟﺼﻨﻌﯿﺔ ،وھﺬه اﻟﺮﻣﻮز ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻛﻞ رﻣﺰ ﻓﻲ اﻟﻘﻮى إذ ﻻ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ،ﺑﻞ ﯾﻜﻔﻲ رﺳﻤﮭﺎ واﻟﻨﻮر ﯾﻠﺘﺤﻖ ﺑﮭﺎ ،ﺛﻢ إن ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ ﻻ ﺗﻀﻤﺤﻞ أﺑﺪا ، وﻧﻈﮭﺮ ھﺬا ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻌﺘﻤﺪ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺗﯿﺐ رﻣﻮز ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﮭﺎ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ ﻧﻮر ﺑﻞ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ،وﻧﻌﻄﻲ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻠﺮﻣﻮز اﻟﺘﻲ أﺳﺎﺳﮭﺎ ﻇﻠﻤﺎت ھﺬه :
وﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻘﻮات ﻛﺜﯿﺮة وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃﻼﺳﻢ وﺿﺮرھﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﻌﮭﺎ .
51
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
52
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
53
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
إن ھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس اﻟﺴﺎﺑﻖ إﻇﮭﺎرھﺎ ھﻲ أول ھﯿﺌﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﯿﻮﻏﺎ ھﻲ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻜﻞ أﻧﻮاع اﻟﺤﺮﻛﺎت واﻟﺠﻠﻮس ،ﺑﻞ اﻟﺪﯾﻦ ھﻮ اﻟﻤﻈﮭﺮ ﻟﺴﺮ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎت اﻹﻧﺴﺎن، واﻟﺪﯾﻦ ھﻮ أﺻﻞ ﻛﻞ ﻋﻠﻢ ﺣﻘﯿﻘﻲ وﻣﺎ ﻃﺮق اﻟﯿﻮﻏﺎ إﻻ ﺗﺤﺮﯾﻔﺎ ﻟﻘﻮى اﻟﺠﺴﻢ وﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ، واﻟﺴﺮ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ أو ﻓﻲ اﻟﺠﻠﻮس ،ﺑﻞ اﻟﺴﺮ ﻛﻠﮫ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺪاد .ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﺠﺴﻢ اﺳﺘﻤﺪاده ﻣﻦ ﻧﻮر ﻓﺈن ھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس أو اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ أﺳﺎﺳﮫ ﻧﻮر ،أﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺮﺟﻊ أﺻﻠﮫ إﻟﻰ ﻇﻠﻤﺎت ،وﺑﻨﻔﺲ اﻟﮭﯿﺌﺔ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻈﻠﻤﺎت واﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻨﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ اﻟﻨﻮر . ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﺈن اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻟﺘﻲ أﻇﮭﺮﻧﺎھﺎ ﻟﻠﺠﻠﻮس اﻷول ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺸﻤﻞ ﺗﻐﯿﯿﺮا وﻻ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺧﺒﯿﺚ ،ﺑﻞ ھﻲ ھﯿﺌﺔ ﺟﻠﻮس ﺧﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ آدم ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،وﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ھﺬه اﻟﮭﯿﺌﺔ ﻟﻠﺬﻛﺮ ﺑﻞ ھﺪﻓﮭﺎ ھﻮ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ،أﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﮭﺪف ھﻮ اﻟﺬﻛﺮ ﻓﺈن اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮﺳﯿﺔ ﺗﻜﻮن ﻛﮭﯿﺌﺔ ﺟﻠﻮس اﻟﺼﻼة ،وﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺑﻌﺪ اﻧﺘﮭﺎء اﻟﺼﻼة ﯾﺒﻘﻮن ﻓﻲ ھﯿﺌﺔ ﺟﻠﻮس اﻟﺼﻼة وﯾﺬﻛﺮون اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻤﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﺘﺨﺬون ھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس اﻷوﻟﻰ وﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،واﺗﺨﺎذ ﺟﻠﻮس اﻟﺼﻼة ﻻزم ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻠﻮس اﻷول ،إذ ﺑﺠﻠﻮس اﻟﺼﻼة وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن أو اﻟﺪﻋﺎء ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ﯾﻜﻮن اﻻﻧﻄﻼق ﻟﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﻄﻰ ھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس اﻷول ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺑﻞ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ وﻗﺖ ﻛﺎف ﻟﻼﺳﺘﻤﺪاد ،وﯾﻜﺴﻰ اﻟﺠﺴﻢ ﺑﺎﻟﻨﻮر اﻟﻼزم ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻏﻤﺾ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،أﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺗﺼﺎل اﻷول ﻓﻼ ﯾﻠﺰم ذﻟﻚ ،وﻓﻲ اﻟﺠﻠﻮس اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﻐﻤﺾ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ،ﻓﻠﯿﺘﺒﯿﻦ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ھﺬا ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻂ اﻷﻣﺮ ،وﻟﻮﻻ اﺧﺘﻼﻃﮫ ﻟﻜﺎن اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ھﺪى ﻣﻦ رﺑﮭﻢ ،وﻣﺎ اﻋﺘﻤﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ إﻇﮭﺎر ھﺬا ﻛﻠﮫ إﻻ ﻷن اﻟﻨﺎس اﺗﺠﮭﻮا اﺗﺠﺎھﺎ آﺧﺮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﺻﻠﮫ دﯾﻨﯿﺎ ،وﺧﻠﻄﻮا ﺑﯿﻦ اﻟﺤﻖ واﻟﺒﺎﻃﻞ ،وﻛﺎن اﻟﺪﯾﻦ أوﻟﻰ ﺣﻜﻤﺔ وأﺻﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ وأﺛﺒﺖ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﺗﻄﺒﯿﻘﺎ .إن اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻻ ﯾﺘﻄﻠﺐ ﺷﺮوﻃﺎ ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻞ ﯾﻜﻔﻲ أن ﯾﻄﺒﻖ اﻟﺪﯾﻦ ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺐ وﯾﺴﺘﻘﯿﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻤﺎ أﻣﺮ اﷲ .أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﮫ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺑﺠﮭﺎﻟﺔ ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﯾﺼﻌﺐ ﺷﯿﺌﺎ ﻣﺎ وﻗﺪ ﯾﺼﻌﺐ ﻛﺜﯿﺮا ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﻌﻘﺪة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ .وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﻓﺈن ﻣﺪة ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻻ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﺛﻼث ﺳﺎﻋﺎت واﺳﮭﺮ ﻗﻠﯿﻼ .وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻨﻮم ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ،ﺛﻢ ﯾﻠﺰم اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻜﺜﺮة ،واﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ ذﻛﺮ اﷲ ﻗﺒﻞ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ وﻗﺒﻞ ﻏﺮوﺑﮭﺎ ،وﻗﺮاءة ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﻔﺠﺮ ،وﯾﻠﺰم اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻜﻞ ﺻﻼة ،وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻣﻦ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺬي ﯾﻌﺮف أن ﻟﺪﯾﮫ ﻧﻘﺼﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ واﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﻓﺈن ﻣﻦ واﺟﺒﮫ أن ﯾﺠﻠﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﺳﺎﻋﺎت ﯾﻮﻣﯿﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ ﻟﮫ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻧﻮر ،دون ھﺬا ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أﺑﺪا ﻣﺎ دان اﻟﺠﺴﻢ اﺳﺘﻤﺪاده ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ راﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل ودون ﻗﻮى اﻷﺣﻼم . إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ وأﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ .وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ھﺬه اﻷﺷﯿﺎء
54
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻣﻀﺎدة ﻟﻘﻮى اﻟﻨﻮر ،وﻣﺎﻧﻌﺔ ﻟﺘﺼﺎﻋﺪ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﻻ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ،ﻓﺈن اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺬي ﯾﻜﺜﺮ ﻓﯿﮫ اﻷﺛﺎث ﻻ ﯾﺘﺮك ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ أن ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺎ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮫ اﻻﺗﺼﺎل ،واﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ ﯾﺘﺠﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻗﺒﻠﺔ وأﻣﺎﻣﮫ ﺧﺰاﻧﺔ أو ﻣﺮآة ،ﻓﺈن اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺎ اﻧﻌﻜﺎس ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻼ ﯾﻜﻮن اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ إﻻ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ،إن اﻟﻤﻮاﻧﻊ ﻛﺜﯿﺮة ،ﻟﺬا ﻧﺠﺪ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ اﻟﯿﻮم ﻻ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ ﺷﻲء ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻋﻠﻤﺎ أو اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ وﻻ ﯾﻌﺮف ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻦ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر وﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وﻻ ﺑﺪ أن ﻧﻘﻮل أن اﻟﻘﺪﻣﺎء اﺳﺘﻌﻤﻠﻮا اﻟﻤﺮآة ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ ﻟﻌﺒﺎدة اﻟﻨﻔﺲ وﺟﻠﺐ اﻟﻘﻮة ،واﺳﺘﻌﻤﻠﻮا ﻃﺮﻗﺎ ﻛﺜﯿﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮﯾﻔﺎ وﺗﻐﯿﯿﺮا ﻟﻠﺪﯾﻦ وإﻟﺤﺎدا ﻓﻲ أﺳﻤﺎء اﷲ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﺮآة أن ﯾﻘﻮل إﻧﻤﺎ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿﺎت ،ﻓﺈن ھﺬا اﺳﺘﮭﺰاء واﺳﺘﺼﻐﺎر ﻷواﻣﺮ اﷲ ،ﻷن ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ إذا اﺳﺘﻘﺒﻠﺖ اﻟﻤﺮآة ،واﻟﺴﺎﺟﺪ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﯾﺴﺠﺪ ﻟﻨﻔﺴﮫ وﻟﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﷲ .وﺑﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﺈن أول ﺷﻲء ﯾﺘﻌﻠﻤﮫ اﻹﻧﺴﺎن ھﻮ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء واﻟﺮﻣﻮز واﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ،وإن ﻟﻢ ﯾﺼﺪق اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮﺟﻮد ﻗﻮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﻓﻼ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﻼة وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻷن اﻟﻌﺒﺎدة ﺳﺘﺼﺒﺢ ﻣﻜﺎء وﺗﺼﺪﯾﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل وﯾﺼﺒﺢ اﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﻓﺎﺋﺪة ﻓﯿﮫ وﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ﻷﻧﮭﻢ ﺳﯿﻜﻮﻧﻮن ﻓﻲ ﺟﮭﻞ ﺗﺎم ،وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻣﺔ واﺣﺪة ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺟﮭﻞ إﻟﻰ أن ﺟﺎء اﻟﻨﺒﯿﺌﻮن واﻟﻤﺮﺳﻠﻮن وأﻇﮭﺮوا ﺑﻤﺎ أﻧﺰل ﻋﻠﯿﮭﻢ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ وﺻﺤﺔ اﻟﻌﺒﺎدة ،وﻣﺎ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس إﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺳﺘﺨﺮﺟﺖ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺧﺮى دﻋﻮاھﺎ ﻧﻜﺮان اﻟﺤﻖ ،وأھﺪاﻓﮭﺎ اﻟﺒﻐﻲ واﻟﻌﻠﻮ ﻓﻲ اﻷرض ﺑﻐﯿﺮ اﻟﺤﻖ ،وﻟﻜﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺷﺪﯾﺪ اﻟﻤﺤﺎل ﯾﺤﻜﻢ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ھﻢ ﻓﯿﮫ ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن . وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﺟﺎﻋﻠﺔ إﺟﺒﺎر اﻹﯾﻤﺎن واﻻﻋﺘﻘﺎد ﻣﻊ ﻓﺮض اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،ﺑﻞ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺗﻄﺮح ﻓﯿﮫ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻌﻠﻮم ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮض اﻟﺴﻠﻊ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ،وﻛﻞ ﯾﺄﺧﺬ ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ أھﺪاﻓﮫ وأﻏﺮاﺿﮫ ،ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﮭﺪف دﯾﻨﯿﺎ ،ﻓﺈن ﺷﺮوط اﻟﺪﯾﻦ ﻇﺎھﺮة وھﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺸﺮوط ﻟﻠﺒﻠﻮغ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ .وﻣﻦ ﻛﺎن ھﺪﻓﮫ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻗﻮة ﻣﻌﯿﻨﺔ ﻓﻌﻠﯿﮫ أن ﯾﺨﺘﺎر ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻃﺒﻘﮫ اﻟﺬﯾﻦ اﺧﺘﺼﻮا ﺑﺬﻟﻚ ،وﻟﻦ ﯾﻨﺎل أﻋﺰ ﻣﻤﺎ ﻧﺎﻟﮫ اﻷوﻟﻮن ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻧﺎﻟﻮا ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﻣﺎ أﺻﯿﺒﻮا ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻨﮭﺎ ،وﻧﻌﻄﻲ ﻣﺜﻼ ﻟﻠﺬﯾﻦ ﯾﺴﻌﻮن وراء اﻟﻘﻮة ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،إذ ﯾﺆﻣﺮ اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ أن ﯾﺬﻛﺮ اﺳﻢ اﷲ اﻟﻘﺎﺑﺾ ﻋﺸﺮة آﻻف ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ ،وﻻ ﯾﺄﻛﻞ ذا روح أو ﻣﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ روح ﻟﻤﺪة ﻋﺎﻣﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺮﻓﻊ ﻋﻨﮫ ﺣﺠﺎب أھﻞ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺮﺑﺎﻧﯿﺔ ،وﯾﺄﺗﯿﮫ ﻣﻠﻚ ﺑﻜﺮﺳﻲ إن ﺟﻠﺲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻏﻠﯿﮫ ﻇﮭﺮت ﻋﻠﯿﮫ آﺛﺎر اﻟﻘﺒﺾ ﺣﺘﻰ إﻧﮫ ﻟﻮ ﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﻃﺎﺋﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﻮ ﻧﻈﺮة ﻟﺨﺮ ﻣﯿﺘﺎ ،وﻣﻦ رﻓﻊ ﺻﻮﺗﮫ ﻓﻮق ﺻﻮﺗﮫ ھﻠﻚ ،وﻟﻮ ﺗﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ ﻻﻧﻔﻠﻖ أو ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺖ ﻟﻘﺎم ،وھﻨﺎك ﻣﻦ ﻗﺎل أﻧﮫ ﻟﻮ أﻟﻘﻰ ﺳﺮه ﻓﻲ ﺟﺒﺎل ﻟﺪﻛﺖ وﻟﻮ أﻟﻘﻰ ﺳﺮه ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺎر ﻟﻐﺎرت وزاﻟﺖ وﻟﻮ أﻟﻘﻰ ﺳﺮه ﻓﻮق ﻣﯿﺖ ﻟﻘﺎم ،ﻣﺎ ﯾﻈﻦ ھﺆﻻء ﺑﺎﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،وﻟﻌﻠﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن إﻧﮭﻢ ﺳﯿﻨﻔﺨﻮن ﻓﻲ اﻟﺼﻮر ﻓﺘﻘﻮم اﻟﺴﺎﻋﺔ ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ أرﺳﻞ اﻟﺮﺳﻞ وأﯾﺪھﻢ ﺑﻤﻌﺠﺰات أﻇﮭﺮوھﺎ ﺑﺈذن اﷲ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﮭﻢ إرادة ﺣﺮة ﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ . وﻟﻮ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻌﺬﺑﻮا ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﻔﺮ دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺟﮭﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﷲ ،وﻛﻢ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ
55
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻏﻠﺒﺘﮭﺎ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮم اﻟﻜﺎﻓﺮﯾﻦ ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﻮط ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ذا ﻗﻮة إرادﯾﺔ ﻟﻌﺬب ﻗﻮﻣﮫ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻔﺮوا وﻃﻐﻮا وأﻛﺜﺮوا اﻟﻔﺴﺎد .وﻛﻢ ﻣﻦ ﻗﻮة ﯾﺤﺴﺐ اﻹﻧﺴﺎن أﻧﮫ ﯾﻤﻠﻜﮭﺎ وﺣﯿﻦ ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ﻻ ﺗﻨﻔﺬ ،ﻷن ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻗﻮة ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ ﯾﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺤﻖ ﻣﺘﻰ ﻇﮭﺮ ،وﻣﺎ ھﻲ إﻻ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎ ﺗﻐﺮ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ،وﯾﺪﻟﯿﮫ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﺑﻐﺮور أن ھﻨﺎك ﻣﻠﻜﺎ ﻻ ﯾﺒﻠﻰ وھﻨﺎك ﺧﻠﻮدا ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﻮر ﯾﺮى اﻟﺸﯿﻄﺎن وﯾﻌﺮف ﻃﺮﻗﮫ ووﺳﺎوﺳﮫ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺤﺬر ﻣﻨﮫ ﻷﻧﮫ ﻋﺪو ﻣﺒﯿﻦ ،وﯾﻠﺰم ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻢ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺘﻔﺎدي ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﺨﻄﺄ وﯾﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺼﻮاب . إن إﻣﻜﺎﻧﯿﺎت اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﺜﯿﺮة ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺣﺼﺮھﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل .إﻧﻤﺎ اﻷھﻢ ھﻮ أن ﯾﻌﺮف اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺎ ﯾﻔﯿﺪه ﻟﺘﻔﺎدي ﻛﻞ ﺧﻄﺄ ﯾﺆدي إﻟﻰ ﺗﻮرط ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺣﺼﺮھﺎ أﯾﻀﺎ وﯾﺼﻌﺐ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮭﺎ ،واﻟﺴﺒﺐ ھﻮ وﺟﻮد ﻗﻮات ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﺎ ،ووﺟﻮد أﻧﺎس اھﺘﻤﻮا ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﯾﺴﻌﻮن إﻟﻰ ﺗﺤﻄﯿﻢ ﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻧﻮر ،وﻟﻨﻌﻄﻲ ﻣﺜﻼ ﺑﻄﺮق اﻟﯿﻮﻏﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺨﯿﻂ اﻟﻔﻈﻲ اﻟﺬي ھﻮ ﻧﻮر ﻣﺘﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي إﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ إذا ﻣﺎ اﻧﻘﻄﻊ ﺑﻘﻮة أﺧﺮى ، ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺮﺟﻮع ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ دﺧﻮل ﺟﺴﻤﮫ اﻟﻈﺎھﺮي ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ وﺟﻮد ﻟﮭﺬا اﻟﺤﺎدث ﻷن اﻟﺨﯿﻂ ﺑﯿﻦ اﻟﺠﺴﻤﯿﻦ ﯾﻜﻮن أﺻﻔﺮ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻗﻄﻌﮫ ﺑﺄي ﻗﻮة ﻛﺎﻧﺖ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺨﺎف ﻣﻦ ﺣﺎدث ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ ،وإن اﻟﻄﺮق اﻟﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﯾﺴﮭﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ وﯾﺼﻌﺐ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﯿﮫ ،واﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ﺗﺆﻟﻢ ﻛﺜﯿﺮا ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻻ وﺟﻮد ﻷﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﻮع وﯾﺘﻢ ﻋﻠﻰ أﻛﻤﻞ وﺟﮫ ،ﺛﻢ إن اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﯾﺒﻘﻰ ﻓﯿﮫ ﺷﻌﻮر ﺗﺎم وإدراك دون دﺧﻮل إﻟﻰ ﻏﯿﺒﻮﺑﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة .وھﺬا اﻟﻔﺮق ﺣﻘﯿﻘﻲ ﯾﻈﮭﺮ اﻻﻣﺘﯿﺎز اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﺑﺎﻟﻨﻮم ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﺜﯿﺮا دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻠﻮس .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺮق اﻟﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻜﻮن ﺗﺎﻣﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ،ﻟﺬا ﯾﺤﺘﺎج ذﻟﻚ إﻟﻰ اﺳﺘﻤﺮارﯾﺔ ﻟﺘﻤﺎﺳﻚ اﻟﻘﻮى اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﯾﻼﺣﻆ أن ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﯾﺴﮭﻞ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،ﻓﮭﻨﺎك ﻗﻮة ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﻮة ﺗﻔﻘﺪ ﺻﻮاﺑﮫ أو ﺗﻔﻘﺪ وﻋﯿﮫ ،واﺗﺼﺎﻟﮫ ﯾﻜﻮن دوﻣﺎ ﺑﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ ﺧﺼﺼﻮا ﻟﺬﻟﻚ ﯾﺮﺷﺪون ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺳﻮاء ﻇﺎھﺮﯾﺎ أو ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،وإذا ﻣﺎ ﺗﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺐ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﻻ ﯾﻨﺎم أﯾﺎﻣﺎ وﻻ ﯾﺄﻛﻞ ﻓﯿﮭﺎ دون أن ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺠﮭﻮد ﻓﻮق اﻟﻄﺎﻗﺔ وﻻ ﯾﺤﺎول أن ﯾﺪﻓﻊ ﻋﻨﮫ اﻟﻨﻮم ،ﺑﻞ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺪﯾﮫ ﻗﻮة ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎ أن ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻨﻮم ﻛﻤﺎ أن ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﮫ ﺑﺎﻷﻛﻞ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﻻ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ھﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﯿﺴﺘﻐﻨﻲ ﺑﮭﺎ ﺑﻞ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻛﻞ ،وﻋﻨﺪ اﻟﻀﺮورة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﮭﺮ ،وﻗﺪ ﯾﻌﯿﺶ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻤﺮه ﻛﻠﮫ دون أن ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﺗﻤﺎم اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ وﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ ﻣﻊ إدراك ﻋﻠﻮﻣﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻻ ﯾﺴﻌﻰ أﺑﺪا أن ﯾﺰﯾﺪ ﻓﻲ ﻋﻤﺮه أو أن ﯾﺠﻠﺐ اﻷﻣﻮال أو أن ﯾﺴﺘﺨﺮج اﻟﻜﻨﻮز ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻀﺮورة ،ﺛﻢ إﻧﮫ ﻻ ﯾﺴﻌﻰ أن ﯾﺆذي ﺑﻤﺎ ﻛﺴﺒﮫ ﻗﻮة ﻣﻌﻄﺎة ،أو أن ﯾﻨﺘﻘﻢ ﻟﻨﻔﺴﮫ رﻏﻢ أن اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ،وﻟﻜﻦ ھﻨﺎك ﻇﺮوف أﺧﺮى ﺑﺄﺣﻜﺎم ﺷﺮﻋﯿﺔ ﻗﺪ ﯾﺘﻐﯿﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ،
56
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وﯾﺼﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﻟﮫ ﺻﺒﻐﺔ أﺧﺮى ﺗﻨﻔﺬ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﻣﺎ ﯾﺘﻤﻜﻦ دﻓﻊ ﻛﻞ ﺧﻄﺮ وﺿﺮر . إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﯾﺸﻌﺮ داﺋﻤﺎ ﺑﺄﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ،وﻗﺪ ﯾﺘﻐﯿﺮ وﺟﮭﮫ وﺗﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﺻﻮرة ﺑﺸﻌﺔ إذا ﻟﻢ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻗﻮاه واﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ ﻗﺪ اﺗﺼﻞ ﺑﮭﺎ ،ﻓﮭﻮ ﻣﮭﺪد ﻓﻲ أﺧﻄﺎﺋﮫ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻓﺈن أﺧﻄﺎءه ﻓﻲ اﻟﺠﻠﻮس ﻻ ﺗﺆدي إﻟﻰ أﻟﻢ ﻋﻀﺎل وﻻ إﻟﻰ أوﺟﺎع ﻓﻲ اﻟﺮأس ،وﻻﺑﺪ أن ﻧﺸﯿﺮ أن ﻣﻦ ﺳﺒﻖ ﻟﮫ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻗﺪ ﯾﺠﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﻷن اﻟﻨﻮر اﻟﺬي ﯾﺘﺼﻞ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ ﯾﺠﺪ ﻗﻮة أﺧﺮى ﻣﻀﺎدة ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺒﻖ ،ﻓﯿﺼﺎب ﺑﺄﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺮأس وﻗﺪ ﻻ ﯾﻨﺎم ﻣﺮﺗﺎﺣﺎ وﺗﻜﺜﺮ رؤﯾﺔ اﻷﺷﺒﺎح ﻟﺪﯾﮫ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻮم ، وھﺬا ﻻ ﯾﻄﻮل ﻛﺜﯿﺮا إﻧﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﻄﮭﺮ اﻟﺠﺴﻢ وﯾﺘﻢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وﻛﻞ ﺗﺄﺧﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل ﻟﺪى اﻟﺮاﻏﺐ ﯾﺮﺟﻊ ﺳﺒﺒﮫ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻗﻮة ﻣﻀﺎدة ﻟﻢ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤﻄﺒﻖ ﻟﻠﺪﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻃﺮدھﺎ ،وإن ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻃﺎل رﻏﻢ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼث ﺳﻨﯿﻦ ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺒﺎﺣﺚ أن ﯾﮭﺘﻢ ﺑﺄﻣﺮه ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل وﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﯾﻜﻮن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﻤﺪ ﺑﺪوره ﻗﻮى اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻢ اﻻﻧﻄﻼﻗﺔ .أﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻋﺎدﯾﺎ ﻟﻢ ﯾﺘﻮرط ﻓﻲ ﻗﻮى ﺧﺒﯿﺜﺔ ،ﻓﺈن ﺑﻌﺪ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺑﺎﺗﺨﺎذ اﻟﺠﻠﻮس اﻷول ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻲ ﻇﺮف ﻻ ﯾﻘﻞ أﺑﺪا ﻋﻦ ﺛﻼث أﺷﮭﺮ ،ﻓﯿﻜﻮن اﻻﺗﺼﺎل ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺗﻈﮭﺮ ﻓﯿﮫ اﻟﺼﻮر ﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﺤﺖ ﺿﻮء ﻗﻤﺮ ،وﺑﻌﺪ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﺷﮭﺮ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﺤﺖ ﻧﻮر اﻟﺸﻤﺲ ،وﺑﻌﺪ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﻨﻮر أﺣﻤﺮ ﻗﻮي ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻸﻟﻮان وﻛﺄن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺮى اﻟﺼﻮر واﺿﺤﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺮى ﻓﯿﻠﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ ،وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ آﻧﺬاك أن ﯾﺴﺘﺨﺮج ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﺐ وﯾﺮﻏﺐ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ و ﻣﻌﺮﻓﺔ ، وﻗﺪ ﺗﻌﻠﻢ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺼﻮرﯾﺔ وﻗﺮاءة اﻟﺮﻣﻮز وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺻﻮل اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء وﺗﻘﻠﺒﺎﺗﮭﺎ ،واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﻤﻜﻦ إﻻ إذا ﺑﻠﻎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻛﺎﻓﯿﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﺻﻮل اﻟﻜﻼم اﻟﻤﻨﻄﻮق واﻟﻤﻜﺘﻮب ،واﻟﺘﻲ ﻗﺎﻧﻮﻧﮭﺎ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﯿﺮا ﻋﻦ اﻟﻨﺤﻮ ﻓﻲ أﺻﻮﻟﮫ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،وذﻟﻚ ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﺸﺮك ﻧﻄﻘﻲ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن وراءه ﻣﻔﮭﻮم آﺧﺮ ،ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻜﻮن ﻟﮫ أﺻﻞ آﺧﺮ ﯾﺘﻢ ﺑﮫ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﺘﺄﻣﻞ واﻟﻔﮭﻢ اﻟﻤﻮﺿﺢ ﻟﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ أن ﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ ﻋـﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﮫ أﻧﮫ راﺟﻊ إﻟﯿﮫ ،ﺑﻞ راﺟﻊ ﻟﻌﻠﻮم دﯾﻨﯿﺔ ﻋﻠﻤﮭﺎ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻸﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻮﺣﻲ .واﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻔﻜﺮ أﺑﺪا ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻜﺘﺐ ﻟﯿﺼﺤﺢ ﻇﺎھﺮ اﻷﺧﻄﺎء ﺑﻞ ﯾﺮى ذﻟﻚ ﻣﻜﺘﻮﺑﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،وﻣﺎ ﻋﻠﯿﮫ إﻻ أن ﯾﻨﻘﻞ ﻣﺎ ﯾﺮاه ﻓﯿﻜﺘﺒﮫ ﻟﯿﻈﮭﺮ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﻜﺎﺗﺐ أﺑﺪا وﻻ ﯾﺨﻠﺪ اﺳﻤﮫ وﻻ ﯾﻨﺴﺐ إﻟﯿﮫ ﺷﻲء ﻣﻤﺎ ﯾﻄﻠﻊ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻨﺎس ،ﺑﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻛﻠﮫ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم أوﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻟﺬا ﻻ وﺟﻮد ﻟﻌﻠﻢ ﻟﺪﻧﻲ ﻧﻌﺘﺒﺮه ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﻮﺟﻮد ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،وﯾﻤﻜﻦ ﺑﮫ اﺳﺘﺮﺟﺎع أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺒﻠﻎ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ رﻏﻢ أﻧﮭﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﯿﮭﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻛﺜﺮة اﻟﺘﻔﺴﯿﺮات ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺣﺎﺟﺰا ﻟﻠﻔﮭﻢ اﻟﺼﺤﯿﺢ ،وإذا ﻗﯿﻞ ﻟﻤﺎذا ﯾﺄﺗﻲ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ رﻏﻢ أﻧﮫ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﺳﺘﺮﺟﺎع أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ؟ ﻓﮭﺬا أﻣﺮ ﻗﺪ ﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻓﮭﻤﮫ اﻟﻜﺜﯿﺮ ، واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﻓﯿﮫ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ،ﻷن ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻐﯿﺮت أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ اﻧﺤﺮف أﺻﻞ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،وﻻ
57
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﯾﻤﻜﻦ ﺑﺬﻟﻚ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﺣﯿﻦ ﻻ ﯾﻌﺮف اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻤﻮﺻﻞ ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ ﯾﺄﺗﻲ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ﻣﺠﺪدﯾﻦ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ،واﻟﯿﻮم ﻧﺤﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﻐﻔﻠﺔ أﺿﺎﻋﺖ اﻷﺻﻮل اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ اﻟﻤﻮﺻﻠﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،إﻻ أن اﻷﺑﻮاب ﻣﺎزاﻟﺖ ﻟﻢ ﺗﺴﺪ ﻓﻲ أوﺟﮫ اﻟﺮاﻏﺒﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،وذﻟﻚ ﺳﺒﺒﮫ وﺟﻮد اﻟﻘﺮآن ﻟﻢ ﯾﻐﯿﺮ ،وھﻮ ﻣﻔﺘﺎح ﻛﻞ دﺧﻮل ﺑﺎﻃﻨﻲ وﻛﻞ اﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻧﻮر ،وﻟﻜﻦ ﻛﻠﻤﺎ اﺗﺨﺬ اﻟﻘﺮآن ﻣﮭﺠﻮرا إﻻ وﯾﻀﻌﻒ اﻟﻨﻮر اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﯿﮫ .وإذا ﻣﺎ ﺿﻌﻒ ﺗﻘﻮت اﻟﻈﻠﻤﺎت وﺳﺪت اﻷﺑﻮاب ،وﺑﻌﺪھﺎ ﻟﻦ ﯾﺘﻤﻜﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺠﮭﻮده واھﺘﻤﺎﻣﮫ وﺗﻄﺒﯿﻘﮫ ،ﻓﺈن اﻟﺴﺮ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻮر اﻟﺬي أﻧﺰل ﻟﻠﻨﺎس ، وإﻧﮫ ﻟﺨﻄﺮ أن ﻻ ﯾﮭﺘﻢ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﺨﻄﺮ أن ﯾﮭﻤﻞ أﻣﻮره ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،وﻻ ﯾﺘﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل إن اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻻ وﺟﻮد ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﻷن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﯿﮫ ﺻﻮرة اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻈﺎھﺮي ،وﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﺘﺮﻛﺰة ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺮى ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﺑﻞ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ﻟﺬا ﻓﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻷﺧﺬ اﻟﻌﻠﻢ أوﻻ وﻟﻤﻀﺎدة ﻛﻞ ﻗﻮة ﺧﺒﯿﺜﺔ ﺗﮭﺪد اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻓﯿﮭﺎ أﺻﻼ ﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻨﺠﯿﻢ وﻻ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻄﻼﺳﻢ أو اﻟﺠﺪاول واﻷوﻓﺎق ،وﻟﻜﻦ ﻓﯿﮫ دراﺳﺔ ﻗﻮى ﻗﺪ ﯾﻈﮭﺮھﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻛﺘﺎﺑﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ دراﺳﺘﮭﺎ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮﺗﮭﺎ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻲء واﻟﻤﮭﺪدة ﻟﻠﻨﻮر ،ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺤﺮﻗﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃﻼﺳﻢ أو ﺗﺴﺘﻨﻜﺮ ﺑﺠﮭﺎﻟﺔ ،وھﺬا ﻛﻠﮫ ﯾﺘﻌﻠﻤﮫ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﯾﺒﯿﻨﮫ إﻟﻰ ﺣﺴﻦ اﻟﺴﯿﺮة واﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،وﯾﺬﻛﺮ ﺑﻤﺎ ﯾﻨﺴﻰ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﻊ اﻟﮭﺪى. ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﺻﻠﮫ إﻻ دﯾﻨﺎ ،ودﻟﯿﻠﮫ أﻧﮫ ﯾﺮﺟﻊ اﻟﻤﺘﺼﻞ إﻟﻰ اﺗﺒﺎع ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن وﯾﻈﮭﺮ أﺳﺲ اﻟﺨﻄﺄ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮاب .إن ﻓﻲ اﻟﻄﺮق اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺣﻜﻤﺔ وﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺗﻌﻄﻰ أﻣﺜﻠﺔ ﺻﻮرﯾﺔ وﻗﺼﺺ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻻ ﯾﻌﯿﺶ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺧﯿﺎﻻ وﻻ ﯾﺤﺎول ﺗﻨﻔﯿﺬا ،وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أوﻟﻰ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﺟﮭﺎﻟﺔ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻜﺜﯿﺮة أو اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺜﯿﺮة إﻻ إذا أﻣﺮ ﺑﺸﻲء ﻣﻌﯿﻦ وراءه ﺣﻘﯿﻘﺔ أﺧﺮى ﯾﻌﯿﺸﮭﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،وﻛﻢ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﻛﺘﺒﺖ وﻋﻨﺪ ﻣﺮاﺟﻌﺘﮭﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﯾﺠﺪ اﻟﻤﺘﺼﻞ أن ﻟﮭﺎ واﻗﻌﺎ آﺧﺮ وﺻﺒﻐﺔ أﺧﺮى .ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺘﻢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻗﻠﺐ اﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ أﺳﺎﺳﮭﺎ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ،ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺮض ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺴﻠﯿﻂ ﻣﺮض ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ،إﻻ إن ﻛﺎن ھﻨﺎك واﻓﺮ ﻋﻠﻢ و أﺣﻜﺎم ،ﻓﻼ ﯾﺴﻠﻂ اﻟﻤﺮض ﺑﻞ ﯾﻀﺮب ﺑﺎﻟﻨﻮر اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻌﯿﻦ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﺷﻔﺎء ﻣﺮﯾﺾ إﻻ إذا ﻛﺎن ھﻨﺎك إذن ﻣﻦ اﻟﻤﺆوﻟﯿﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﻨﺎس ﺑﻐﯿﺮ ﺣﻖ ،أﻣﺎ اﻟﻤﻮاﻧﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ﻓﻼﺑﺪ أن ﻧﺬﻛﺮھﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ وﺿﻊ اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ .إن اﻟﻤﺪﺧﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺪﺧﻞ واﺣﺪ وھﻮ ﻛﮭﻒ أول ﻻ ﯾﻌﺮف اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻛﮭﻒ ،ﻷن ﻇﻼﻣﺎ ﯾﻜﺴﻮه وﺷﺒﮫ ﺿﺒﺎب ،وﻟﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫ ﯾﺴﯿﺮ ﺳﯿﺮة أﻣﺎﻣﯿﺔ وﻛﺄﻧﮫ دﺧﻞ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﺨﯿﻔﺎ ،ﻓﮭﺬا اﻟﻜﮭﻒ ھﻮ ﻓﺞ أول ﻓﻲ اﻷرض ﯾﺘﻢ ﺑﮫ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻷول وذﻟﻚ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻟﮭﺬا اﻟﻔﺞ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻃﻮﯾﻠﺔ ،وﺑﻌﺪ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮫ ﺗﻮﺟﺪ ﺳﺒﻊ ﻓﺠﺎج أﺧﺮى ﺗﻈﮭﺮ ﻛﮭﻮﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺒﺎل ﺑﻌﯿﺪة ،وﻟﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﮭﺎ ﯾﺘﻄﻠﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮى ﺣﺎﺟﺰو ﻟﺬﻟﻚ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ ﺻﺮاع ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻓﻘﻂ ،وﻛﻞ ﺳﺆال ﯾﻄﺮح ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺟﻮاب ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ،وﺑﻌﺪ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ
58
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻛﮭﻮف ﯾﺘﻢ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮭﺎ ﻟﻠﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﻛﻞ اﻟﺼﻮر ﻓﯿﮫ ﺗﻈﮭﺮ ﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﺤﺖ ﺿﻮء اﻟﻘﻤﺮ ،وﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﯾﺘﻢ اﻟﺨﺮوج إﻟﻰ اﻟﺤﺠﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﺘﻈﮭﺮ اﻟﺸﻤﺲ واﺿﺤﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻟﺘﻈﮭﺮ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء ،وﻣﻦ ھﻨﺎ ﯾﻨﻄﻠﻖ اﻟﻤﺘﺼﻞ وﻗﺪ ﺗﻢ ﻟﮫ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،أﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﻔﺞ اﻷول ﻓﺎﻟﻤﻮاﻧﻊ اﻻﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﻛﻠﮭﺎ أﺳﺎﺳﮭﺎ أﺧﻄﺎء اﻻﻋﺘﻘﺎد .
2
3
4
5
6 7
1
ﺧﻂ اﻟﺤﺎﺟﺰ اﻟﻔﺞ اﻷول
1إﻟﻰ :7اﻟﻜﮭﻮف
إن اﻟﺮﺳﻢ واﺿﺢ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﻻﺑﺪ ﻟﮫ ﻣﻦ رؤﯾﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺣﻮﻟﮭﺎ ﺷﻲء إﻻ ﺷﺨﺺ واﺣﺪ وھﻮ اﻟﻤﺴﺆول اﻷول ،ﯾﺘﻌﺮف ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻤﺴﺆول ﯾﻌﺮﻓﮫ ،وﻣﻌﮫ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﺠﻮل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻌﻤﺮ ﻛﻠﮫ ،وﯾﻄﻠﻊ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﯾﻌﻠﻤﮫ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﯿﻤﮫ ﻇﺎھﺮﯾﺎ إﻻ ﺑﻮﺟﻮد ﻧﺒﻲ أو ﻣﺮﺳﻞ . إن ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﻛﺎن رﺟﺎل ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻣﺘﺼﻮﻓﺔ ﺑﻞ ﻣﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻄﺒﻘﯿﻦ ﻟﻄﺮق اﻟﺪﯾﻦ ،وﻛﺎﻧﻮا ﯾﻨﮭﻮن ﻋﻦ ﺗﻄﺒﯿﻖ ﺗﺮﺗﯿﺒﺎت اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ ،وﻧﺠﺪ وﺻﺎﯾﺎھﻢ ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻋﺪﯾﺪة ،وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﻜﻞ
59
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ھﻮ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺻﺎﯾﺎ أﺧﺬت وﻧﻘﻠﺖ وﺟﻌﻠﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ دون ذﻛﺮ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ ﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت ،ﻓﺄﺻﺒﺢ اﻟﻨﺎس ﯾﻈﻨﻮن أن اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺘﺒﻊ ﺗﺮﺗﯿﺒﺎ ﻟﺬﻛﺮ أﺧﺬ ﻋﻦ ﺷﯿﺦ إﻻ وﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺸﯿﺦ ﻓﻘﻂ ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺸﯿﺦ اﻟﺬي أﻣﺪ اﻟﺸﯿﺦ ،وﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻓﺈن أول ﻣﺎ ﯾﺮاه اﻟﻤﺘﺼﻞ ھﻮ ﺷﯿﺨﮫ ،وﯾﺄﻣﺮ اﻟﺸﯿﺦ ﺑﺘﺮﻛﯿﺰ اﻟﺼﻮرة أﻣﺎم اﻟﻤﺮﯾﺪ وﯾﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ،وھﺬا ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺘﺒﺮ ﺻﺤﯿﺤﺎ ﻷن اﻟﺬاﻛﺮ ﯾﺼﺒﺢ ذاﻛﺮا ﻟﻠﺸﯿﺦ اﻟﺬي ﺗﺮﻛﺰت ﺻﻮرﺗﮫ أﻣﺎﻣﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ﻓﯿﺼﺒﺢ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺸﺮﻛﺎ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،وﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﯿﺎل ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮف وﺗﻄﻮﯾﺮه ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺨﯿﻞ ﺻﻮرة اﻟﺸﯿﺦ دون اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﺎ ھﻮ ﺳﻮاه ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ،إن ھﺬا ھﻮ ﻣﺠﻠﺒﺔ اﻷﺧﻄﺎر واﻷﺧﻄﺎء ،واﻟﺸﯿﻮخ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﺗﻀﺎف ﻟﮭﻢ ﻗﻮة ﻷﻧﮭﻢ ﯾﻌﺒﺪون ،وﯾﻌﺒﺪھﻢ اﻟﻤﺮﯾﺪ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻌﺮف ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪ . إن أﻋﻈﻢ وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﺻﻮل اﻟﻌﻠﻢ ﺗﻜﻮن ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﺑﺎﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ رؤﯾﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺮاه ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،واﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﺳﺘﻘﺮارھﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺒﮭﺔ ،ﺗﻜﺴﻮ اﻟﺠﺒﮭﺔ داﺋﺮة ﺻﻔﺮاء ﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،واﻟﻄﺮق اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺪﯾﺜﺔ ،ﺑﻞ ﻛﻠﮭﺎ ﻃﺮﯾﻘﺔ دﯾﻨﯿﺔ واﺣﺪة وذﻟﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻗﺪ ﯾﻔﮭﻢ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻹﻧﺴﺎن ﻋﺎدي أن ﯾﻔﮭﻤﮫ ،ﻓﺎﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﻔﻜﺮي ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﯾﺘﯿﺢ ﻓﮭﻤﺎ ﻷﺻﻮل اﻷﺷﯿﺎء وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮاھﺎ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﯿﮭﺎ ، وﻧﻮم اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻨﻮم إﻧﺴﺎن ﻋﺎدي ،ﻷﻧﮫ ﯾﻨﺎم ﻧﻮﻣﺎ ﻣﺤﻜﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﯾﺘﻢ ﺑﮫ اﺳﺘﻤﺮارﯾﺔ اﻻﺗﺼﺎل ،وﻗﺪ ﯾﻨﺎم ﻧﻮﻣﺎ ﻋﻤﯿﻘﺎ وﺑﻌﺪ اﻟﯿﻘﻈﺔ ﯾﺠﺪ ﻋﻨﺪه ﻓﮭﻤﺎ وﺣﻼ ﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻛﺜﯿﺮة ، ﻛﻤﺎ أن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ أن ﯾﻌﺮف ﻣﺎ ﯾﻔﻜﺮ ﻓﯿﮫ اﻵﺧﺮون إن ﻛﺎن ﺳﻮء ،ﻓﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻟﮭﺎ اﺗﺼﺎل ﺑﻜﻞ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻮل ،وﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﺮوف ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺸﺨﺺ ﺑﻌﯿﺪ وﻣﻜﺎﻟﻤﺘﮫ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻓﻜﺮﯾﺔ ﺻﻮرﯾﺔ ،وﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻧﺎﺋﻤﺎ وﯾﻮﻗﻈﮫ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﯾﺮﯾﺪ اﻻﺗﺼﺎل ﻣﻌﮫ ، وھﻨﺎك وﺳﺎﺋﻞ ﻛﺜﯿﺮة وﻣﮭﺎم ،واﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﺴﺘﺤﻀﺮ ﺷﺨﺼﺎ ﺑﻤﻌﻨﻰ إﻇﮭﺎره . أﻣﺎ اﻟﻄﺮق اﻟﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﺈن ﻣﻄﺒﻘﯿﮭﺎ ﯾﺴﻌﻮن إﻟﻰ اﺳﺘﺤﻀﺎر ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻮل ﻷﺷﺨﺎص أﺣﯿﺎء أو أﻣﻮات ،ﻛﻤﺎ أﻧﮭﻢ ﯾﻌﺘﻘﺪون ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ،واﺳﺘﺤﻀﺎر ﺻﻮرة ﺷﺨﺺ ﻣﯿﺖ ﺷﻲء ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﻋﻠﻤﺎ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻻ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﻨﻔﺴﮫ ،ﺑﻞ ﯾﻌﯿﻨﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وإذا رﻓﻀﻮا ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ،وﻛﻞ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت اﻟﺤﺮة ﻻ ﺗﺆدي إﻻ اﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻟﺤﻖ واﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻘﻮﯾﻢ . إﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ أن ﯾﺮى ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ، ﻓﺎﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺣﻘﺎ وﯾﺪﻋﻮن ﺑﺄن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ إذا داوم ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﺘﺰج ﻋﻮاﻟﻤﮫ اﻟﺤﺴﯿﺔ ﻣﻊ اﻟﺬﻛﺮ ﯾﺴﻤﻊ اﻟﮭﺎﺗﻒ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﯾﺨﺎﻃﺒﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﻓﺎﻣﻨﻦ أو أﻣﺴﻚ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﺴﺎب ،ﺛﻢ ﺗﺘﻘﺪم ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ اﻷﻛﻮان ﻗﺎﺋﻠﺔ ﻧﺤﻦ ﺑﺄﻣﺮ اﷲ ﻋﻨﺪ أﻣﺮك ﻓﺎﻓﻌﻞ ﺑﻨﺎ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ وﺧﺬ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ،إﻧﮫ ﻻ أﺳﺎس ﻟﮭﺬا ،وﻟﻨﺬﻛﺮ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم إذ ﻗﺎل ﻟﺮﺑﮫ رب ارﻧﻲ ﻛﯿﻒ ﺗﺤﯿﻲ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،وذﻟﻚ ﻟﯿﻄﻤﺌﻦ ﻗﻠﺒﮫ ،وﻧﺬﻛﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم إذ ﻗﯿﻞ ﻟﮫ ھﺬا ﻋﻄﺎؤﻧﺎ ﻓﺎﻣﻨﻦ أو
60
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
أﻣﺴﻚ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﺴﺎب ،ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك أﺳﺎس ﻟﻮﺟﻮد اﻷﻗﻄﺎب واﻷﺑﺪال أو اﻟﻨﺠﺒﺎء ،ﺑﻞ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﻛﻠﮭﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮن ،وﻻ ﯾﺨﺘﺺ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺸﻲء اﺧﺘﺺ ﺑﮫ اﻷﻧﺒﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻷﺣﺪ أن ﯾﺴﺨﺮ ﻟﮫ اﻟﺠﻦ واﻹﻧﺲ ،وﻻ ﯾﺘﺸﻜﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﻲ رھﻂ أراده ﻛﺄن ﯾﺼﺒﺢ ﻓﺄرا أو ﺳﺒﻌﺎ، وإن ﻛﺎن ھﺬا ﻋﻨﺪ ﺷﺨﺺ ﻓﺈﻧﮫ ﺳﺤﺮ ﻛﺎﻣﻞ وﻇﻠﻤﺎت ﺗﺎﻣﺔ وﻛﻔﺮ وﺷﺮك ﺑﺎﷲ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى أن ھﺆﻻء ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺿﻼل ﻣﺒﯿﻦ ،واﻟﺴﺤﺮة ﻗﺪﯾﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻐﯿﺮون ﺻﻔﺎﺗﮭﻢ وﯾﺘﻨﻘﻠﻮن ﻣﻦ ﺟﺴﻢ إﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﺴﻢ ﺣﯿﻮان ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ﯾﺘﺸﻜﻠﻮن ﺑﻤﺜﻞ ھﺬا ،وﻟﻢ ﺗﻈﮭﺮ أﯾﺔ ﻣﻌﺠﺰة ﺗﺜﺒﺖ أن ھﺬا ﻟﮫ أﺻﻞ ،وﺣﻘﺎ أﻧﮫ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﺨﻠﻖ ﺑﻌﺎﻣﻞ اﻟﺴﺤﺮ ،وھﺬا ﺷﻲء ﻣﻌﺮوف وﻣﺎ زال ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﻋﻨﺪ اﻟﮭﻨﻮد اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ﻓﻲ ﺗﻄﺒﯿﻘﺎت اﻟﯿﻮﻏﺎ ،وﯾﻘﻮل اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ إن اﻟﺬاﻛﺮ إذا أراد ﺷﯿﺌﺎ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ أﺳﺮع وﻗﺖ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﺬا ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻷﻧﺒﯿﺎء أﻧﻔﺴﮭﻢ ،ﺑﻞ اﻷﻣﺮ ﷲ إذا أراد أﻣﺮا ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﻮل ﻟﮫ ﻛﻦ ﻓﯿﻜﻮن ،وﻟﯿﺘﺒﯿﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ھﺬا ،ﻓﺈن ﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت وﺑﻌﯿﺪ ﻋﻦ اﻟﮭﺪى ودﯾﻦ اﻟﺤﻖ ،إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻠﻢ ﻣﻮﺳﻰ ﺗﻜﻠﯿﻤﺎ ،وﻻ ﯾﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﺑﺸﺮ إﻻ وﺣﯿﺎ أو ﻣﻦ وراء ﺣﺠﺎب ،وﺗﻠﻚ ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻷﻧﺒﯿﺎء ،ﻓﻜﯿﻒ أن ﯾﺴﻤﻊ اﻟﺬاﻛﺮ اﻟﮭﺎﺗﻒ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ وﯾﺴﻤﻊ ﻛﻼم اﷲ ،إن اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻘﻮﻟﻮن إﻧﮭﻢ ﺑﺪﻻء وأﺧﯿﺎر ﻣﺎ ھﻢ إﻻ أﻧﺎس اﺗﺒﻌﻮا ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻮ اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻚ ﺳﻠﯿﻤﺎن وﻣﺎ أﻧﺰل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﻜﯿﻦ ﺑﺒﺎﺑﻞ ھﺎروت وﻣﺎروت .ﻓﺈن اﻟﺬاﻛﺮ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﻖ ﯾﺪﺧﻞ ﺑﻘﻮى ﻋﻘﻠﮫ أرض ﺑﺎﺑﻞ وھﻲ ﻓﻲ ﺣﺠﺎب وﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﯿﺎل ﻣﺎ ﯾﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻮة ﺳﺤﺮﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻐﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻏﺮورا ﻋﻈﯿﻤﺎ ،وﻻ ﻧﻨﺴﻰ دور اﻟﻤﻠﻜﯿﻦ ھﺎروت وﻣﺎروت .إن ﻗﻮى اﻟﺴﺤﺮ أﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﺒﺎﺑﻞ ،وﻣﺎ ﯾﻌﻠﻤﺎن ﻣﻦ أﺣﺪ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻮﻻ إﻧﮭﻤﺎ ﻓﺘﻨﺔ وﯾﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮭﻤﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺎ ﯾﻔﺮق ﺑﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺮء وزوﺟﮫ وﻣﺎ ﯾﻀﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺣﺪ إﻻ ﺑﺈذن اﷲ .وإن ﻃﺮق اﻟﺘﺼﻮف ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻼﻟﺔ ،واﺗﺼﺎﻟﮭﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ ﻓﯿﮫ ﺑﺄن ﯾﺸﻌﺮ أﻧﮫ إﻟﮫ أو أﻧﮫ ﻣﻠﻚ اﻷرض ،وﻻ ﯾﻨﺘﻈﺮ أن ﺗﺴﺨﺮ ﻟﮫ اﻟﺮﯾﺎح أو ﯾﺮى ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض وﻻ ﯾﺴﻌﻰ أن ﯾﻜﻠﻤﮫ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﯾﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻤﮫ اﻵﺧﺮون ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻜﯿﻦ ﺑﺒﺎﺑﻞ ھﺎروت وﻣﺎروت ،ﺛﻢ اﻟﻤﺘﺼﻞ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﻻ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﺎﻷرواح اﻟﻌﻠﻮﯾﺔ وﻻ اﻷرواح اﻟﺴﻔﻠﯿﺔ ،وﻣﺎ أﺳﮭﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﯾﻜﻔﻲ ﻟﻠﺒﺎﻟﻎ ﻓﯿﮫ أن ﯾﺘﺼﻞ ﻓﯿﺮى ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻀﻼﻟﺔ وﻋﺎﻟﻢ اﻟﺤﻖ ،وﯾﻌﺮف ﻛﯿﻒ ﯾﻜﻮن اﻻﺳﺘﻤﺪاد ،وﻛﺬﻟﻚ أﺳﺒﺎب اﻟﺸﻘﺎء ،وﯾﺘﻌﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﺬﻛﺮ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺨﺴﺮ ﻧﻔﺴﮫ ،إن اﻻﺗﺼﺎل اﺗﺼﺎﻻن :ﻧﻮر وﻇﻠﻤﺎت ،وﻟﯿﻜﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﺎﻗﻼ ﯾﺴﻌﻰ وراء ﻣﺎ ھﻮ ﻣﻌﻘﻮل دون أن ﯾﺘﻠﻔﺖ إﻟﻰ أﻗﻮال ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺒﻠﻎ إﻻ إﻟﻰ ﻗﻮى ﺳﺤﺮﯾﺔ ﺿﺎﻟﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن .إن ﻃﺮق اﻟﺘﺼﻮف ﻛﺜﺮت واﺗﺨﺬھﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﺳﯿﻠﺔ ﻋﺒﺎدة دون اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،وذﻟﻚ ﻟﺴﺒﺐ واﺣﺪ ھﻮ ﻇﻦ اﻟﻨﺎس أن ﻻ وﺟﻮد ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻣﮭﻤﺎ أن اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ،ﻷن اﻟﺬﻛﺮ ﻟﮫ ﻃﺮق ﻣﺤﻜﻤﺔ ،وإذا ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﯾﺼﺒﺢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻻ ﻣﻦ ﻧﻮر ،وﻟﻨﻌﻂ ﻣﺜﻼ ،ﻓﺈن ﻓﻲ ﻃﺮق اﻟﺘﺼﻮف ﯾﺄﻣﺮ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻤﺮﯾﺪ ﺑﻘﺮاءة ﺳﻮرة اﻹﺧﻼص دون اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﯿﮭﺎ ،وھﺬا ﺗﺤﺮﯾﻒ وﺗﻐﯿﯿﺮ ﻷن اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﺣﻜﻤﺔ اﻟﻘﻮل أن اﻟﺴﻮرة ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ،وﻛﻠﻤﺎ ﺗﻐﯿﺮ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن إﻻ وﯾﻨﻘﻠﺐ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎه وﯾﺼﺒﺢ اﻟﺬاﻛﺮ ﻣﺸﺮﻛﺎ ﺑﺎﷲ ﺑﺎﻟﻨﻄﻖ ،وﯾﻮﺟﺪ ﻣﺜﻞ آﺧﺮ ﻟﺨﻠﻂ اﻵﯾﺎت
61
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وھﻮ ھﺬا :ﻛﻤﺎ أﻧﺰﻟﻨﺎه ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﺑﮫ ﻧﺒﺎت اﻷرض ﻓﺄﺻﺒﺢ ھﺸﯿﻤﺎ ﺗﺬروه اﻟﺮﯾﺎح ، وﻛﺎن اﷲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﻘﺘﺪرا ھﻮ اﷲ اﻟﺬي ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﯿﺐ واﻟﺸﮭﺎدة ،ھﻮ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ،ﯾﻮم اﻵزﻓﺔ إذ اﻟﻘﻠﻮب ﻟﺪى اﻟﺤﻨﺎﺟﺮ ﻛﺎﻇﻤﯿﻦ ﻣﺎ ﻟﻠﻈﺎﻟﻤﯿﻦ ﻣﻦ ﺣﻤﯿﻢ و ﻻ ﺷﻔﯿﻊ ﯾﻄﺎع ، ﻋﻤﻠﺖ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ أﺣﻀﺮت ﻓﻼ أﻗﺴﻢ ﺑﺎﻟﺨﻨﺲ اﻟﺠﻮار اﻟﻜﻨﺲ واﻟﻠﯿﻞ إذا ﻋﺴﻌﺲ واﻟﺼﺒﺢ إذا ﺗﻨﻔﺲ واﻟﻘﺮآن ذي اﻟﺬﻛﺮ ﺑﻞ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻔﺮوا ﻓﻲ ﻋﺰة وﺷﻘﺎق . إن اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎه اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﺧﻤﺲ آﯾﺎت ﺑﺨﻠﻂ ﺑﯿﻨﮭﻢ ،وﺑﮭﺬا اﻟﺨﻠﻂ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ،واﻟﺬﯾﻦ رﺗﺒﻮا ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة وﺟﻌﻠﻮھﺎ أورادا ﯾﺬﻛﺮون ﺧﺎﺻﯿﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻟﻤﺘﺨﺬﯾﮭﺎ ،واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن ﻛﻞ إدﻣﺎج ﻛﮭﺬا ﻻ ﻓﺼﻞ ﻓﯿﮫ ﺑﯿﻦ اﻵﯾﺎت ﯾﺠﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻇﻠﻤﺎت ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻧﻮر ،وھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻂ ﻛﺜﯿﺮ ،واﻟﮭﺪف ﻛﻠﮫ ﻛﺎن وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﻖ وﺳﻌﯿﺎ وراء اﻟﻘﻮة ، وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ھﺬه اﻵﯾﺎت اﻟﺨﻤﺲ ﻷﺟﻞ اﻻﺧﺘﻔﺎء .وﻛﻞ ﻗﺮاءة ﻟﻠﻘﺮآن ﻻ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن وراءھﺎ ﺳﻌﻲ ﻟﺠﻠﺐ ﻗﻮة ﻣﺴﺘﻨﻜﺮة ،واﻟﻘﺮآن وﺳﯿﻠﺔ ذﻛﺮ ﻟﻤﻦ آﻣﻦ ﺑﺎﷲ ،واﻟﺬاﻛﺮ ﺑﮫ ﯾﻔﯿﺾ ﻋﻠﯿﮫ ﻧﻮر ﻣﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن دون أن ﯾﺤﺘﺎج ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺒﮫ إﻟﯿﮫ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ .ﻟﮭﺬا ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﺗﺨﺎذ ﺗﺮﺗﯿﺒﺎت اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ دون ﻋﻠﻢ ،وﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﺴﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮوة اﻟﻮﺛﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﻻ اﻧﻔﺼﺎم ﻟﮭﺎ ، وﻋﻠﯿﮫ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻘﺮآن دون إدﺧﺎل ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ ﺑﮫ ﻋﻠﻢ ﻓﯿﻀﻞ ،وﺑﮭﺬا ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،وﻻﺑﺪ أن ﻧﺬﻛﺮ أن اﻷﺧﻄﺎء ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺼﻼة ﺗﺆدي ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺸﻜﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ذﻛﺮه ، وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺧﻄﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ،وإذا اﻋﺘﺒﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﺪم وﺟﻮد اﻷﺧﻄﺎء ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻨﻮر ﯾﻨﻔﻠﺖ ﻣﻨﮫ ،وﺣﯿﺚ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ اﻟﻨﻮر ﻓﺈن اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺗﺤﻞ ﻣﻜﺎﻧﮫ ﻓﯿﺼﺒﺢ ذﻟﻚ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﺷﺎﻣﻼ ﻷﺳﺲ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ .إن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﯿﮫ ﺧﻄﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن أﺣﺪھﻤﺎ ﻧﻮر ،واﻵﺧﺮ ﻇﻠﻤﺎت ،وﻓﯿﮭﻤﺎ ﺗﺸﺎﺑﮫ ﯾﺼﻌﺐ اﻟﻔﺮق ﻓﯿﮫ ،وﻗﻮى اﻷﺟﺴﺎم ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﺳﺘﻤﺪادھﺎ ﻣﻦ ﻧﻮر ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﺳﺘﻤﺪادھﺎ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت .ﻓﺎﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻘﻮل ﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ .ﻟﺬا ﯾﻮﺟﺪ اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﻮﺟﻮدة ،واﻟﻤﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻﺑﺪ أن ﯾﺘﺒﯿﻦ اﺗﺠﺎھﮫ ھﻞ إﻟﻰ ﻇﻠﻤﺎت أم إﻟﻰ ﻧﻮر ،وھﺬا ﺳﮭﻞ ،ﻓﺎﻟﺬي ﯾﺮى اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء ﻓﯿﮭﺎ ﻧﻮر وﯾﻈﮭﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﺨﺺ ﻛﺄن ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ﻟﺜﺎم ﻓﺈن اﺗﺼﺎﻟﮫ ﻣﻦ ﻧﻮر ،وﯾﺮى اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،واﻟﺬي ﻻ ﯾﺮى اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء وﯾﺮى داﺋﺮة ﻛﺄﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﻧﺎر وﻟﮭﺎ ﺣﺮارة ﻓﺈن اﺗﺼﺎﻟﮫ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ،وﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻐﯿﺮ اﺗﺠﺎھﮫ ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ وﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد .
62
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻮﺣﻲ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﻣﻊ ﻗﻮى اﻟﻤﻌﺠﺰان
اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻣﻦ
اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ
اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ
اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ
ﻣﻘﺎم اﻷﻗﻄﺎب
اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺴﺎدس ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻟﺴﺎدس
اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ
ﻣﻘﺎم اﻷوﺗﺎد
اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻟﺨﺎﻣﺲ
اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ
ﻣﻘﺎم اﻟﻨﻘﺒﺎء
ﺧﻂ اﻟﻈﻠﻤﺎت
ﺧﻂ اﻟﻨﻮر اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻟﺮاﺑﻊ
اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ
ﻣﻘﺎم اﻟﺒﺪﻻء
اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ
ﻣﻘﺎم اﻟﻐﻮث
اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ
ﻣﻘﺎم اﻟﻨﺠﺒﺎء
اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻷول ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎب اﻷرﺿﻲ اﻷول
اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ
اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻘﻮى اﻟﻨﻮر
اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء
اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻜﺮاﻣﺎت
ﻣﻘﺎم اﻷوﻟﯿﺎء
اﻟﻤﺜﻠﺚ
اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ
اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت
63
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﺛﻤﺎﻧﻲ درﺟﺎت ،أﻣﺎ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻓﻼ ، وھﻨﺎك ﺣﺎﺟﺰ ﺑﻌﺪه اﻟﻮﺣﻲ وﻗﻮى اﻟﻤﻌﺠﺰات ،وھﺬا ﻟﻸﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ واﻟﺴﻼم ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أﺑﺪا ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ أن ﯾﺪﺧﻞ ھﺬه اﻟﻘﻮة ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﺗﻌﺮف ﻟﮫ ﻛﺮاﻣﺎت ، واﻻﺳﺘﻤﺪاد ﯾﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺜﻠﺚ اﻟﻨﻮر . أﻣﺎ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻠﻄﺮق اﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وﺑﮭﺎ ﯾﻨﺎل اﻟﻜﺮاﻣﺎت وﯾﺪﻋﻲ اﻟﻨﺒﻮة أو اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﻗﺪ رﺗﺒﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺗﻮﺿﯿﺤﺎ ﻟﺨﻄﻰ اﻟﻨﻮر واﻟﻈﻠﻤﺎت ،واﻟﻈﻠﻤﺎت اﺳﺘﻤﺪادھﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻠﺚ اﻟﻈﻠﻤﺎت اﺗﺼﺎﻻ ﺑﺄرض اﻟﻈﻠﻤﺎت وﺑﺒﺎﺑﻞ ﻓﻲ آن واﺣﺪ ،وأرض اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻜﺮاﻣﺎت ،وﻣﻦ أرض ﺑﺎﺑﻞ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻗﻮى اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ . إن اﻟﺘﺼﻮف ﻛﺎﻟﯿﻮﻏﺎ ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻔﺎن إﻻ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺬﻛﺮ اﻟﻤﻐﯿﺮ ﻋﻦ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،واﻟﯿﻮﻏﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿﮭﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺴﺮﯾﺎﻧﯿﺔ ،وھﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﻋﻦ أﺻﻮل اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ،وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﺎ ﻟﺰم ذﻛﺮه ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﯿﺪان ﻟﺠﻌﻞ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر وﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ،واﻟﻔﮭﻢ واﺿﺢ ،ﻓﺈن ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻣﺎ أﻧﺰل اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ھﻮ أﺻﻞ ﻛﻞ ﻇﻠﻤﺎت وأﺳﺎس ﻛﻞ ﺳﺤﺮ ،وﺑﺎﻟﺘﻐﯿﯿﺮ واﻹﻟﺤﺎد ﺗﻜﺘﺴﺐ اﻟﻘﻮة واﻟﻜﺮاﻣﺎت اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ،وﻛﻞ اﺗﺒﺎع ﻟﻠﺤﻖ ﺟﺎﻟﺐ ﻟﻠﻨﻮر وﻣﺒﻌﺪ ﻟﻠﻈﻠﻤﺎت ،وﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﺻﻮل اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻋﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻟﺤﺎد وﻃﺮﻗﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﺬي ﻟﺰم اﻟﺴﯿﺮ ﻓﯿﮫ .وإن اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻓﯿﮭﺎ ﻗﻮى ﺗﺼﺎرع أﺧﺮى ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت وﻓﯿﮭﺎ ﺗﻀﺎرب ﺑﯿﻨﮭﺎ ،وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻤﻦ ﺑﻠﻎ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎت وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ اﻟﺮﺟﻮع ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺑﺪا ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﺟﺎءه ﻧﺒﻲ ﻣﺮﺳﻞ .إن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﻜﻠﻒ أﺑﺪا ﺑﺮزق اﻟﻌﺒﺎد ،وﻻ ﯾﻔﻌﻞ ﻓﯿﮭﻢ ﻣﺎ ﺷﺎء ،ﺛﻢ إن اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺑﻌﯿﺪة ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ واﻗﻊ اﻟﺨﯿﺎل ، واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ھﻮ أﺳﺎس ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻟﻤﺜﺒﺘﺔ ﻷﺻﻮل ﻋﻠﻮم اﻟﺪﯾﻦ ،وﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺗﻌﺮف ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وﻻ ﯾﻌﺮف اﻟﻌﻘﻞ أﺑﺪا وﻻ اﻟﺮوح وﻻ ﺳﺮ اﻟﺤﯿﺎة ،واﻟﺬﯾﻦ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﮭﻢ زﯾﻎ ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﺘﺨﺬون ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺑﮫ ﻓﻲ آﯾﺎت اﷲ اﺑﺘﻐﺎء اﻟﻔﺘﻨﺔ واﺑﺘﻐﺎء ﺗﺄوﯾﻞ ﻣﺎ أﻧﺰل اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻻ ﯾﺄﻣﻦ ﻣﻜﺮ اﷲ ،ﻓﺈن اﷲ ﺟﻌﻞ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﯾﻦ اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ ﺗﺆزھﻢ أزا ،وﺟﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻣﻦ ﯾﺠﻌﻞ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﮭﺎ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫ إﻟﮫ وﺑﺄن اﻟﻜﻮن ﻣﻠﻚ ﯾﺪﯾﮫ ،وﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ھﻲ أﺳﺎس ﻛﻞ ﻏﺮور ،وﻟﯿﺤﺬر اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻤﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ ﻛﻞ أﻋﻤﺎﻟﮫ ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻦ ﯾﺨﻠﻒ وﻋﺪه ،وإﻧﮫ ﺳﺮﯾﻊ اﻟﺤﺴﺎب ،ﻓﻤﻦ ﻛﺎن ﯾﺒﺘﻐﻲ ﻣﺮﺿﺎة اﷲ ﻓﺈن اﷲ ﺳﯿﮭﺪﯾﮫ ﺳﺒﻠﮫ ،وﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺮﯾﺪ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﷲ ﯾﻀﻞ ﻣﻦ ﯾﺸﺎء وھﻮ ﻓﻌﺎل ﻟﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪ ذو ﺑﻄﺶ ﺷﺪﯾﺪ ، ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻟﮫ ﺷﺮوط دﯾﻨﯿﺔ ﻻزﻣﺔ وﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،وﻟﯿﻌﺮف اﻟﺒﺎﺣﺚ أن اﻟﺨﯿﺎل ھﻮ أول ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ،وھﻮ ﺣﺎﺟﺰ ﻟﻠﺒﻠﻮغ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ واﻟﺘﻔﻘﮫ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺎﻟﺨﯿﺎل ﻛﻞ ﻗﻮاه ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﻘﻮى ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄرض ﺑﺎﺑﻞ ،ﻓﺎﻟﺘﺨﯿﻞ ﻛﺜﯿﺮا ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻻ ﯾﺆدي إﻟﻰ ﺧﯿﺮ أو ﯾﺠﻠﺐ ﻧﻮرا ،وﻟﯿﺠﺘﺎز اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺨﯿﺎل ،ﻋﺮﻓﺖ ﻃﺮق دﯾﻨﯿﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ أوﻟﮭﺎ ﻗﺮاءة
64
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻘﺮآن وﺗﺨﯿﻞ اﻟﺠﻨﺔ ،ﻓﮭﺬا ﺧﯿﺎل واﻗﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ،وأوﺻﺎف اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ،وأول ﻣﺎ ﯾﺠﺐ ﺗﻔﺎدﯾﮫ ھﻮ ﺗﺨﯿﻞ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻟﯿﻜﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎد أن اﷲ ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﮫ ﺷﻲء وھﻮ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ ،وﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ھﺬه ﯾﺘﻄﻮر اﻟﺨﯿﺎل ﺗﻄﻮﯾﺮا ﺑﻠﯿﻐﺎ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺬﻛﻮرة وﯾﺘﻢ اﺗﺼﺎل ﻻﺷﻌﻮري ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺑﺄرض اﻟﻨﻮر واﻟﺘﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻧﻮر ،وھﺬه اﻷراﺿﻲ ھﻲ ﻓﻲ ﺣﺠﺐ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إدراك ﻣﻮﻗﻌﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ دﺧﻮل أرض اﻟﻈﻠﻤﺎت دون أن ﯾﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﮭﺎ ،وذﻟﻚ ﻟﻮﺟﻮد ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﯾﻌﯿﻨﻮه ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﯿﻦ أﺻﻞ اﻟﻀﻼﻟﺔ ،ﻛﻤﺎ أم ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ ﺑﺎﺑﻞ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﺻﻮل اﻟﺴﺤﺮ ،وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺘﺒﻊ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻌﻮد ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﺸﺮ ،وﯾﻌﺮف اﻟﻤﺘﺼﻞ أﺻﻞ ﻗﻮة ﻛﻞ آﻟﺔ ﺻﻨﻌﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،وﺗﺴﺘﺮﺟﻊ ﻟﮫ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﮭﻢ ﻋﻠﻤﯿﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺻﺤﯿﺤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﻓﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ھﻲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،واﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﻟﻢ ﯾﺄﺗﮫ ﯾﻘﯿﻦ ﯾﺜﺒﺖ ﺻﺤﺔ ﻋﻤﻠﮫ ،ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﮫ ﻣﻦ ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻋﺘﻘﺎده ،وﻣﻦ ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،اﻋﺘﻘﺎد ﻛﻞ أﺻﻞ ﻋﻠﻤﻲ دﯾﻨﻲ ،ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﯾﺮى ﻻ ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ وﻻ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ وﻻ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم ،إن اﷲ ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﮫ ﺷﻲء وھﻮ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ ،وﻣﻦ اﺗﻀﺢ ﻟﮫ اﻟﻘﻮل ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺳﮭﻞ ﻻ ﯾﺴﺘﻠﺰم ﻋﺰﻟﺔ وﻻ دﺧﻮل ﺧﻠﻮة وﻻ ﺗﺮك زواج وﻻ ﻃﻌﺎم ،وﻻ داﻋﻲ ﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻣﻢ أﺧﺮى ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺪﯾﻨﺔ ﺗﺤﺎول ﺟﻠﺐ اﻟﻨﺎس إﻟﯿﮭﺎ وإﺗﺒﺎع أھﻮاﺋﮭﻢ واﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﻢ ،ﻓﺈن ﻃﺮق اﻟﺸﻌﻮذة ﻛﺜﯿﺮة ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪﯾﻨﻲ واﺣﺪ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻓﯿﮫ ﻃﺮاﺋﻖ وﻃﻮاﺋﻒ ﻣﺘﺒﻌﺔ ﻟﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺗﺠﻌﻞ ﺗﻔﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ واﻧﻘﺴﺎﻣﺎ ﺷﯿﻌﺎ ،ﻓﯿﺼﺒﺢ ﻛﻞ ﺣﺰب ﺑﻤﺎ ﻟﺪﯾﮭﻢ ﻓﺮﺣﯿﻦ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺄي ﺷﯿﺦ ﻛﺎن ،ﻓﺈن اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﻢ ﯾﺆﻣﺮ إﻻ ﺑﺎﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﷲ وﺑﺎﻟﺮﺳﻞ وﺑﻤﺎ أﻧﺰل ﺑﺎﻟﺤﻖ وﺑﺈﺗﺒﺎع اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺠﺪال ﻣﻊ أھﻞ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻷﻧﮭﻢ ﯾﺠﺎدﻟﻮن ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ وﻛﺄﻧﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻔﻌﻠﻮن ،ھﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺠﯿﺐ ﻛﻞ ﻣﻠﺤﺪ ﺑﻤﻄﻠﻖ ﺑﺎﻃﻨﻲ . وﻟﻨﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻷھﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﺳﺎس ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺨﯿﺎل ﺑﺎﺗﺨﺎذ اﻟﺠﻠﻮس ا ﻷول و اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،وﺑﻌﺪھﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺼﺒﺢ واﻗﻌﯿﺔ ﻟﮭﺎ ﺣﺮﻛﺘﮭﺎ ﺑﻨﻔﺴﮭﺎ ، وھﺬه ﻃﺮﯾﻘﺔ ﺳﮭﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺬي ﺑﻠﻎ ﺧﯿﺎﻟﮫ إﻟﻰ درﺟﺔ ﯾﺼﻌﺐ ﻓﯿﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻨﻮر ،أﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﺳﻠﯿﻤﺎ وﻣﺘﺪﯾﻨﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺬﻟﻚ.إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﺳﯿﻠﺔ ﺳﯿﺮ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﯾﻌﯿﺸﮫ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ھﻮ أﺳﺎس ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي وﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﺈن إﻣﻜﺎﻧﯿﺎت ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﮭﺎ ﻣﺮﺗﺒﺔ أﺧﺮى ،ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﺗﻜﺴﻮه ﻗﻮى ﻧﻮر اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء ،واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺗﻜﺴﻮه ﻗﻮى ﻧﻮر اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺒﯿﻀﺎء ،وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﺒﯿﻘﯿﺔ ﻟﻄﺮق دﯾﻨﯿﺔ ﺗﻌﺮف ﺑﻌﻠﻮم ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺗﻜﻮن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻘﻮى اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺗﺜﺎﻗﻼ ﻛﺒﯿﺮا ،وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺪة ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻠﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ
65
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺣﺮﻛﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﯾﻜﻮن اﻻﺗﺼﺎل ﺑﯿﻦ اﻟﺠﺴﻤﯿﻦ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وﻛﻞ إﺣﺴﺎس اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺿﺮب ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺑﻘﻮى ﻧﻮر أو ﻇﻠﻤﺎت،ﻓﺈن اﻹﺣﺴﺎس واﻟﺸﻌﻮر ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،وﺑﻌﺪ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﻘﻮى اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ أﺧﺮى ﻏﯿﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺑﮭﺎ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،ﻓﺈن اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﺳﺮﻋﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻘﻞ وﻗﻮة ﻓﻲ اﻟﺼﺮاع ﺿﺪ اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وھﻨﺎك إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ أﺧﺮى ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﯿﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﺟﻠﻮس ﺣﺮ ﻣﺴﺘﻤﺮ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﻣﻨﻜﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﺸﻐﺎﻻت أﺧﺮى ﺗﺰﯾﺪ اﻣﺘﯿﺎزا ﺛﺎﻟﺜﺎ وذﻟﻚ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﯾﻤﻜﻦ دﺧﻮل ﺑﺎﻃﻦ آﺧﺮ وﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ اﻷول ،وھﻜﺬا إﻟﻰ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﺮﺣﺎل ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻦ إﻟﻰ ﺑﺎﻃﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﺟﺴﺎم ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ،واﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﺷﺎﻣﻞ ﻟﮭﺎ ،وﺗﺼﺒﺢ أﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ أﻛﺒﺮ وﺿﻮﺣﺎ واﻟﻌﻠﻮم أﻛﺜﺮ ﺗﻮﺳﻌﺎ وﺗﻔﺴﯿﺮا .ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ إذا ﻓﯿﮫ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ،وﻟﻨﻌﻂ ﻣﺜﻼ ﻟﻠﻔﮭﻢ ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم ﻗﺪ ﯾﺤﻠﻢ أﻧﮫ ﯾﺤﻠﻢ ،ﻓﮭﺬه ﻣﺮاﺣﻞ ﻓﻲ ﻗﻮﺗﯿﻦ دون اﻟﻈﺎھﺮ . 8 7 6 5 4 3 2
9 اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻷول اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺴﺎدس اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻷول
اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺴﺎﺑﻊ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ 1إﻟﻰ : 8اﻷﺟﺴﺎم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ . : 9اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﻊ اﻷﺟﺴﺎم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ
66
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺑﺎﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﻮن ﺑﺼﻔﺔ ﺻﻮرﯾﺔ دون اﻟﺘﻤﻜﻦ أﺑﺪا ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﯿﮫ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ واﻗﻌﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﻠﮫ واﻗﻊ ﺻﻮري ﯾﻤﻜﻦ ﺑﻊ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﻮن دون اﻟﺪﺧﻮل إﻟﯿﮫ أو اﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﻜﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﯾﻘﻮل إﻧﮫ ﺻﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎوات ﻓﺈﻧﮫ ﻣﺨﻄﺊ ﻛﻞ اﻟﺨﻄﺄ ،ﻷن اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻻ ﯾﻌﺮف إﻻ ﺑﺎﻹﺳﺮاء واﻟﻤﻌﺮاج ،وﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﺑﻘﻮى اﻟﺠﺴﺎم اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﺑﺎﻃﻨﻲ واﺣﺪ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ، ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷول ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻠﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺷﺎﻣﻞ أﯾﻀﺎ ﻟﻤﺮاﺣﻞ أﺧﺮى ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ واﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﻧﻈﮭﺮھﺎ ھﻨﺎ .
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻷول
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻷول
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ
.
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺴﺎدس
اﻟﻌﺮش اﻷول
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺮاﺑﻊ
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﺎﻣﺲ
وﺑﻌﺪ اﻟﺒﻠﻮغ ﻓﻲ ھﺬا ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻌﺮش اﻷول ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺜﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋﺮوش ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻮاﻟﻢ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ وﻣﺮاﺣﻞ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ وﻣﻮاﻃﻦ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ،واﻟﻌﺮوش ﺑﻌﻮاﻟﻤﮭﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ھﻲ ھﺬه :
67
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻌﺮش اﻷول
اﻟﻌﺮش اﻟﺜﺎﻧﻲ
اﻟﻌﺮش اﻟﺜﺎﻣﻦ
اﻟ اﻟﻌﺮش اﻟﺴﺎﺑﻊ
ﻜﺮ ﺳﻲ
اﻟﻌﺮش اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻟﻌﺮش اﻟﺮاﺑﻊ
اﻟﻌﺮش اﻟﺴﺎدس
اﻟﻌﺮش اﻟﺨﺎﻣﺲ
وﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﺮوش اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﻮاﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮاﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻤﺮاﺣﻞ و اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻤﻈﮭﺮ ﻟﻠﻜﺮﺳﻲ ،واﻟﺮﺳﻢ اﻟﻤﻈﮭﺮ ﻟﺬﻟﻚ ھﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :
68
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺴﻤﺎوات و اﻷرض
اﻟﻜﺮﺳﻲ
إن ھﺬه اﻟﺮﺳﻮم ﻛﻠﮭﺎ واﻗﻊ ﺑﺎﻃﻨﻲ ،واﻟﺬي ﯾﻌﺮﻓﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أﻧﮫ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮭﺎ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻇﺎھﺮﯾﺔ ﻷن ﻛﻞ ھﺬا ﻻ ﯾﺨﺮج ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻦ اﻟﺤﺠﺎب اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻷول اﻟﺬي ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻮق اﻷرض . وﺑﻌﺪ ھﺬا ﻛﻠﮫ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫ رﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻟﻢ ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮭﺎ أﺑﺪا ،وھﺬا ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﺮ اﻟﻜﻮن ﻛﻠﮫ وﻛﺄﻧﮭﺎ ﻋﺎﻟﻢ ﻛﺒﯿﺮ ،وﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺘﻌﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎن أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺠﮭﻮل ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺨﺮوج إﻻ ﺑﺎﻹﺳﺮاء واﻟﻤﻌﺮاج ،ﻓﮭﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ،ﻓﻜﯿﻒ ﯾﻘﻮل اﻟﺬي ﯾﻈﻨﻮن أﻧﮭﻢ ﺑﻠﻐﻮا ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﻤﺰﻋﻮم إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻟﺒﻌﯿﺪ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن ؟ إن اﻟﻌﺮش واﻟﻜﺮﺳﻲ ﻻ ﯾﻌﻨﯿﺎن ﺷﯿﺌﺎ ﯾﺠﻠﺲ ﻋﻠﯿﮫ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﺗﻌﺎﻟﻰ اﷲ ﻋﻤﺎ ﯾﺸﺮك اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻮا ﻛﺒﯿﺮا ،ﻓﺈن اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻛﻮن وھﻮ ﻣﺮﻛﺰ اﺳﺘﻮاﺋﻲ ﻟﻠﻌﺮش ﻓﻲ اﻟﻜﻮن . أﻣﺎ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ أﺳﺎس ﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،وﻣﻨﮭﺎ ﯾﺘﻢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻟﻜﻞ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر ،إن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﻦ ﯾﻌﺮف ﺑﻤﺠﺮد اﻟﻮﺻﻒ ،ﺑﻞ وﺟﺐ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ واﻟﺪﺧﻮل إﻟﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،وﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺘﺼﻼ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺛﻢ ﯾﻨﻔﺼﻞ ،وإذا وﻗﻊ ﻋﻨﺎك اﻧﻔﺼﺎل ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻧﻮرا ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻨﻮر ﻻ ﯾﻜﻮن ﺣﺘﻰ ﯾﻘﺒﻞ إﯾﻤﺎن اﻟﻤﺮء ،وﻛﻞ ﻧﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﻮر ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺴﺘﺨﺮج ﻋﻠﻮﻣﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﻀﺎدة ﻟﺒﻌﻀﮭﺎ
69
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺒﻌﺾ ،ﻷن اﻟﺪﯾﻦ واﺣﺪ واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻛﺬﻟﻚ ،وإذا ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﻣﺘﺼﻠﯿﻦ ﻓﺈﻣﺎ أﺣﺪھﻤﺎ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻈﻠﻤﺎت وإﻣﺎ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻟﻔﮭﻢ ﻏﯿﺮ واﺿﺢ ﻧﺴﺒﯿﺎ ﻷﺣﺪھﻤﺎ ،ﻟﺬا ﻓﺎﺳﺘﺨﺮاج اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﻤﻨﻊ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﺘﺼﻞ ذا ﻋﻠﻢ ﺻﺤﯿﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﮭﻢ واﻹدراك اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺼﻮري وﻓﮭﻢ اﻟﻘﻮة ﻛﺬﻟﻚ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻓﻲ ﻗﻮاه ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء ،ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﻌﺮف اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺨﺒﯿﺜﺔ وﯾﻌﺮف أﺻﻮل اﻟﻄﻼﺳﻢ وذﻟﻚ ﺑﺎﻧﻘﻄﺎع اﻟﻨﻮر ،واﻟﻨﻮر ﯾﺮى ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﮫ وﺗﻘﻠﺒﺎﺗﮫ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺼﺤﺢ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺼﻼة ﺑﺮؤﯾﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﻈﮭﺮة ﻟﻠﻨﻮر اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن .وإذا أﺧﻄﺄ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى أﻣﺎﻣﮫ ﻧﻮرا أزرق ﻛﺎﻟﺒﺮق ﻣﻌﻠﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ،واﻟﻨﻮر اﻷﺑﯿﺾ ﯾﻌﻠﻦ ﻋﻦ وﻗﻮف ﻻزم ﻋﻨﺪ آﯾﺔ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻨﻮر اﻷﺣﻤﺮ ﯾﻌﻠﻦ ﻋﻦ وﺟﻮب رﺑﻂ ﺑﯿﻦ آﯾﺔ وأﺧﺮى ﻋﻨﺪ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن .ﻓﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻟﮭﺎ أﺻﻞ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ،وﻣﻦ واﺟﺐ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ أن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﯾﺰداد ﻋﻠﻤﺎ .ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻛﺎن ﻣﯿﺰة ﻛﻞ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻟﺬي ﯾﻌﺮف اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻓﺎﻷﻣﻲ أﯾﻀﺎ ﯾﻤﻜﻨﮫ اﻻﺗﺼﺎل ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻓﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﮫ أن ﯾﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن ،وﺑﻌﺪ اﺗﺼﺎﻟﮫ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﯾﻜﻔﯿﮫ وﻣﺎ ﯾﻠﺰﻣﮫ دون زﯾﺎدة .وﻧﺠﺪ أﯾﻀﺎ أن ﻛﻞ اﻷﺟﻨﺎس ﯾﻤﻜﻨﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ إذا ﻛﺎن ھﻨﺎك إﺳﻼم ،وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﻓﺈن اﻟﻤﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻠﻐﺔ أﺟﻨﺒﯿﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ، ﻓﻜﻞ ﻹﻧﺴﺎن ﯾﻔﮭﻢ وﯾﺨﺎﻃﺐ ﺑﻠﻐﺘﮫ وھﺬا ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻓﻘﻂ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﻌﻠﻢ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ وﯾﺆﻣﺮ ﺑﺄن ﯾﺘﻌﻠﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺬي ﯾﻌﺮف اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻠﻐﺔ أﺧﺮى، ﻓﺎﻟﺪارﺟﺔ ﻟﻐﺔ ﻣﺮﻓﻮﺿﺔ رﻓﻀﺎ ﺗﺎﻣﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺮﻓﺾ ﻛﻞ ﻟﻐﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ أﺻﻞ ،واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ھﻲ أﺳﺎس ﻛﻞ ﻧﻄﻖ ﺑﺎﻃﻨﻲ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻛﺬﻟﻚ ،وﺗﻌﻄﻰ ﻣﮭﻤﺎت ﻛﺜﯿﺮة ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﺎﺳﺘﺨﺮاج اﻟﻄﻼﺳﻢ وﺣﺮﻗﮭﺎ ﻣﻊ ﺟﻌﻞ رﻣﻮز ﻣﻦ ﻧﻮر ﻓﻮﻗﮭﺎ ﻟﺘﺘﺤﻄﻢ ،ﺗﺴﺘﺨﺮج اﻷذﻛﺎر ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،وإذا أراد اﻟﻤﺘﺼﻞ اﻟﺴﮭﺮ ﻛﺜﯿﺮا ﺑﺼﻔﺔ ﻓﻮق اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﻨﻘﻄﻊ وﯾﺆﻣﺮ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﻮم ، وﻛﺬﻟﻚ إذا ﻧﺎم ﻛﺜﯿﺮا ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻮﻗﻆ ،وﻗﺪ ﯾﺘﺤﺴﻦ ﺣﺎل اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺷﯿﺌﺎ ﻓﺸﯿﺌﺎ ،وﯾﮭﺪأ وﺗﻘﻞ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ وﯾﻨﻘﺺ ﻏﻀﺒﮫ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻜﻲ ﯾﺼﻞ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﯿﺪان ،ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺴﻌﻰ ﺳﻌﯿﺎ ﻣﺸﻜﻮرا ،وﯾﺤﻮل أن ﯾﻌﺮف ﻣﺎ ﻟﺰم ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ وﯾﻌﺘﻨﻲ ﺑﻨﻔﺴﮫ اﻋﺘﻨﺎء دﯾﻨﯿﺎ ،واﻟﺪﯾﻦ ﺷﺮوﻃﮫ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،ﻟﺬا ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻼزم ذﻛﺮھﺎ ،وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ وﻧﻈﮭﺮ اﻷﺻﻞ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﻟﺬي ﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻟﮫ ،وﻗﺪ ﯾﺴﻌﻰ اﻹﻧﺴﺎن وﻻ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻷن ﺳﻌﯿﮫ ﻗﺪ ﻻ ﯾﻜﻮن ﺣﻘﯿﻘﯿﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﻠﻢ ودﯾﻦ .ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﺳﯿﻠﺔ إﻋﺎﻧﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ووﺳﯿﻠﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺻﻮل اﻟﻌﺒﺎدة ،ﺛﻢ إﻧﮫ وﺳﯿﻠﺔ ﺗﻌﻠﯿﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ،ﻻ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﷲ ﻧﻔﺴﮫ ،أو ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﻔﺲ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن إﻧﺴﺎن ﺧﻠﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﺒﺎدة ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﻌﺒﺎدﺗﮫ ﻇﺎھﺮﯾﺎ وﺑﺎﻃﻨﯿﺎ .إن اﻟﻤﻠﻚ ﷲ . إﻧﮫ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ھﻨﺎك ﺳﻮرة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﯾﻤﻜﻦ إﻋﻄﺎؤھﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﺑﻞ اﻟﻘﺮآن ﻛﻠﮫ ﻟﺰﻣﺖ ﻗﺮاءﺗﮫ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻧﻌﯿﻦ ﻣﻦ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ أﺳﻤﺎء ﯾﻜﺘﺴﺐ ﺑﮭﺎ
70
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻌﻠﻢ أو اﻟﻘﻮة ،ﺑﻞ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ﻛﻠﮭﺎ ﻟﺰم اﻟﺪﻋﺎء ﺑﮭﺎ ،وإﻧﻤﺎ ھﻨﺎك أﺻﻮل اﻟﺬﻛﺮ ﺟﺎﻋﻠﺔ اﻟﺤﺪ ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻗﺪ ﯾﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻜﺘﺐ ﻷﻧﮫ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ .أﻣﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻻ ﯾﻤﺘﺎز ﺑﺸﻲء دﯾﻨﻲ ﻋﻠﻤﻲ ﺻﺤﯿﺢ ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﯾﮭﻤﮫ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻟﻜﻲ ﯾﻮﻓﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﮫ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﮫ أن ﯾﺴﺄل أھﻞ اﻟﺬﻛﺮ إن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ،ﻓﺎﻟﻔﺘﻨﺔ اﻟﯿﻮم ﻓﺘﻨﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﺷﻤﻠﺖ ﻛﻞ اﻟﻔﺘﻦ ،وﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﮭﻞ أن ﯾﺘﺨﺬ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺻﺎرﻣﺎ أﻣﺎم وﺿﻊ ﻻ ﯾﻌﺮف ﻣﻨﮭﺎﺟﮫ ،واﻟﺪﯾﻦ أﺧﺬ ﺻﺒﻐﺔ أﺧﺮى ﻣﻠﺒﻮﺳﺔ ،وھﺬا ﺷﻲء ﻟﻢ ﯾﺘﻮﻗﻌﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ،أﺋﻤﺔ اﻟﺪﯾﻦ ﺣﺎﻟﯿﺎ ﺻﻌﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻷﻣﺮ ،وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮا ﺣﻼ ﻟﻠﻮﺿﻊ ﻟﻜﺜﺮة اﻟﺠﺪل و اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﻨﻔﻜﺔ ﻋﻦ اﻷﺻﻞ ،وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﺣﺚ أن ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺣﻞ واﺣﺪ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮫ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﯿﻘﺔ وﺿﻊ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﯿﻮم ،وﻟﯿﻌﺮف أن ھﻨﺎك إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﺪراﺳﺔ ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن ، وﺗﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﮫ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ واﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﻠﮭﺎ .واﻟﺪﯾﻦ ﻟﮫ إﻣﻜﺎﻧﯿﺘﮫ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﻟﻲ وﺿﻌﮫ ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻌﺠﺰا ﻟﻠﺪﯾﻦ ،ﻷن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻗﺪ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺄرض أﺧﺮى ﻣﺴﻜﻮﻧﺔ وﻣﺤﺠﻮﺑﺔ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻣﻨﮭﺎ أرض ﯾﺴﻜﻨﮭﺎ ﺑﺸﺮ آﺧﺮون ﺑﻠﻐﻮا ﻓﻲ اﻵﻻت ﻣﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﺴﻜﺎن اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻧﻌﯿﺶ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﮭﺎ أن ﯾﺒﻠﻎ ﻓﯿﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮫ اﻟﺒﺸﺮ اﻵﺧﺮون .وﻗﺪ ﯾﻄﻠﻊ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﺠﻦ ﻟﺘﻜﺸﻒ ﻟﮫ ﺣﻀﺎرات أﺧﺮى ،وﻛﻞ ﻣﺠﺎﻻﺗﮭﺎ وﻗﻮاﻧﯿﻨﮭﺎ ﻓﻮق ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧﯿﻦ . وھﺬا ﻛﺎن ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ .أﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻤﺒﻠﻐﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﻊ ﻣﺎ ه إﻻ ﺷﻲء ﺣﺪﯾﺚ ھﻮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻄﻮﯾﺮ . ﻓﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﯾﻤﻨﺢ ﻛﻞ ﻣﺘﺪﯾﻦ ﻋﻠﻮﻣﺎ و ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج ﺑﻌﺪھﺎ أن ﯾﺴﻌﻰ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻄﻮرات واﻟﺘﻘﻠﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن .واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﯾﺴﺘﻐﻨﻰ ﺑﮭﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ أﺻﻞ ،واﻟﺪﯾﻦ ﯾﻌﺮف ﻋﻦ ﻛﻞ واﻗﻊ ،وﻛﻞ أﺳﺎس ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ .إﻻ أن ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻌﺮف اﻟﻐﯿﺐ ،وﻻ ﯾﻌﺮف ﻣﺎ وراء اﻟﻜﻮن وﻻ ﯾﻌﺮف ﺧﺎﻟﻖ اﻟﻜﻮن ،ﻓﻤﺠﺎل اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻔﺘﻮح وﻣﺎ وراءه ﻓﻼ ،وﺣﯿﺚ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺸﺮق أو ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻓﺈن اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﺣﺪة ،ﻷن اﻟﻘﺒﻠﺔ واﺣﺪة ،وﺳﮭﻞ أن ﯾﺘﺄﻛﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ھﺬا ،وﻣﺎ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﺘﺼﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﮫ وﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﺒﺎدئ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وﯾﺘﺮددون داﺋﻤﺎ ﻓﻲ إﻇﮭﺎر ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﻢ ،ﻷن ﺟﻞ اﻟﻨﺎس اﺳﺘﻐﻨﻰ ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،وﻛﺄن اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪ اﺧﺘﺎر ﻣﺼﯿﺮه اﻟﯿﻮم . وﻟﻜﻦ ﻣﮭﻤﺎ أن ھﻨﺎك ﻣﻦ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ وﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻮل اﻟﺼﺮاع وﻣﻮاﺟﮭﺔ ﻛﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻓﯿﮭﺎ إﻟﺤﺎد وﺗﻐﯿﯿﺮ ﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ .إن ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺄن اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺧﻔﻘﺎن ﻟﻤﺪة ﻗﺼﯿﺮة ،وﺑﻌﺪھﺎ ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺄن ﺑﺮودة ﺗﻨﺴﺎب ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻛﻠﮫ ،وﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺮﻃﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻠﺪ وإﺣﺴﺎس ﻏﺮﯾﺐ ﻛﺄن أﺣﺪا ﯾﺮﻗﺒﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﯾﺄﺗﻲ ﺧﻮف ﻷن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺨﺎف اﻟﻤﺠﮭﻮل ،وﻛﻞ ﻣﺠﮭﻮل ﻻ ﯾﻌﻄﻲ اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ،وﺑﻌﺪ ھﺬا ﯾﺬھﺐ ﻛﻞ ﺷﻌﻮر ،ﻗﺪ ﻛﻤﻠﺖ اﻟﻘﻮة اﻷوﻟﻰ ،وﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﺠﻠﻮس ﻻ ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﺎ ﺷﻌﺮ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،ﺑﻞ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﻘﻮة ﻓﻲ ﺟﺒﮭﺘﮫ وﻛﺄن اﻟﺮأس ﯾﻤﺲ ﺑﻘﻮة ﻣﺠﮭﻮﻟﺔ ،وﻗﺪ ﯾﺆﻟﻢ ذﻟﻚ إذا وﺟﺪت ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت .وھﻜﺬا ﯾﺘﻢ اﻟﺴﯿﺮ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﺑﮭﺬا ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﺣﻘﯿﻘﻲ وﺛﺎﺑﺖ وﻣﺮﻛﺰ ،وﺑﻌﺪ ﻣﺪة ﻣﻦ اﻟﺠﻠﻮس ﺗﻈﮭﺮ داﺋﺮة ﺻﻔﺮاء ،إﻧﮭﺎ أھﻢ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ
71
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إن ﻣﮭﻤﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺻﻌﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة ،وﻛﻞ ﺷﻲء ﯾﺪﻋﻮا إﻟﻰ اﻟﻠﮭﻮ ،واﻷﻣﻞ ﯾﻠﮭﻲ ،وﻛﺄن اﻟﻨﺎس اﻃﻤﺌﻨﻮا ﻟﻠﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ورﺿﻮا ﺑﮭﺎ ،وﻟﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﯾﻔﻜﺮ ﻗﺪ ﯾﺠﺪ ﺣﺪودا ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ ،ﻷن اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ﻻ ﺗﻔﺘﺢ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﺘﻔﻜﯿﺮ واﺳﻊ ﯾﺸﻤﻞ ﻣﺎ ﯾﻌﺮف اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺎ ﯾﺠﮭﻠﮫ ،وﻛﻢ ﯾﺴﺘﺼﻐﺮ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻜﻮن ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،وﯾﺘﺠﮫ ،ﺗﻔﻜﯿﺮه ﻧﺤﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ھﻮ ﺧﯿﺎﻟﻲ ﺑﻌﯿﺪ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،ﻓﺎﻟﺨﯿﺎل ﻗﻮة اﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﺑﻘﻮى اﻟﺨﯿﺎل ﺗﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﻗﻮى ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن دون أن ﯾﺘﺮك ﻟﮭﺎ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﻔﮭﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻃﻮرﻧﺎ اﻟﺨﯿﺎل ﻟﯿﺼﺒﺢ واﻗﻌﺎ ﻻ ﻧﺪرﻛﮫ ،ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺼﺒﺢ ﺳﮭﻼ وﻓﻲ اﻟﻤﺘﻨﺎول . إن اﻟﺨﯿﺎل ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن ﺧﯿﺎﻻ ﻓﺈن ﻟﮫ واﻗﻌﺎ ﻏﯿﺒﯿﺎ وھﻮ ﺻﻮرة ﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺠﮭﻮل .ﻟﺬا ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﺠﻌﻠﮫ اﻹﻧﺴﺎن وﯾﺤﺎول أن ﯾﺒﻠﻎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﻊ وﺗﺮف ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺳﻌﻲ ﻟﺠﻌﻞ ﺟﻨﺔ ﻓﻲ اﻷرض ،ﻓﻜﺎن ﻣﺎ ﯾﺼﻨﻌﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺻﻮرة ﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻣﺠﮭﻮل ﻟﻺﻧﺴﺎن ،ﻓﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﻔﮭﻮم ﯾﺼﺒﺢ ﺧﯿﺎﻻ وﻟﻜﻦ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﺬا ﻛﺎن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻤﻨﺤﺮف ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺄﻧﮫ ﯾﻌﯿﺶ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﺻﻠﻲ ،وﻛﺄﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻼ ﺗﺮى ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،وﻛﻞ ﺑﺎﻟﻎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ إذا ﻋﺮف ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﺮﻓﮫ ﺑﺼﻔﺔ ﺻﻮرﯾﺔ داﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﻤﺠﮭﻮل .ﻓﺼﻮرة اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻲ اﻷرض ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ وﻏﯿﺮ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻷﺻﻠﻲ ،ﻷﻧﮫ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻷﺻﺒﺤﺖ اﻷرض ﺟﻨﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷرض ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺷﺒﮫ ﻣﻨﻌﻜﺲ ﻟﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ،ﯾﺘﻤﺘﻊ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺘﻤﺘﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺑﺪا .إن ﻣﻦ واﺟﺐ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﮭﺪى ودﯾﻦ اﻟﺤﻖ وﻻ ﯾﺒﻐﯿﮭﻤﺎ ﻋﻮﺟﺎ ،وإن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺨﯿﺎل. واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﻮﺟﻮد ،واﻟﺨﯿﺎل ﻧﻮع ﻣﻨﺤﺮف ﻋﻦ واﻗﻊ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﺎﻟﺨﯿﺎل ﻋﺎﻟﻢ أﯾﻀﺎ ﯾﺪﺧﻠﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،واﻟﯿﻮم ﻓﺈن أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻣﺘﺼﻠﻮن ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل ﻓﻲ واﻗﻊ ﺧﯿﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮫ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻮاﻗﻊ اﻷﺻﻠﻲ ،وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺤﺎول أن ﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺨﯿﺎل ﻓﺈﻧﮫ ﺳﯿﺒﻘﻰ ﻓﯿﮫ .وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﺮف اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﺮف اﻟﺨﯿﺎل ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل . واﻟﺬﯾﻦ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺧﯿﺎل ﻓﻤﺎ ﻋﻠﯿﮭﻢ إﻻ أن ﯾﺘﺨﯿﻠﻮا أﻧﮭﻢ ﺑﺸﺮا ،ﻷن ھﺬا ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ،ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﯾﻌﯿﺶ واﻗﻌﺎ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ﻣﺎدﯾﺎ ﯾﻔﺴﺪ ﻓﯿﮫ ،واو ﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻮاﻗﻊ واﻗﻊ أﺻﻠﻲ ﻟﻤﺎ ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮه ،ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺨﯿﺎل ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺗﻐﯿﯿﺮه ،ﻷن ﻛﻞ ﻣﺘﺨﯿﻞ ﯾﺘﺨﯿﻞ ﻣﺎ ﺷﺎء ، أﻣﺎ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺪﺧﻠﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﻐﯿﺮ ﻓﯿﮫ ﺷﯿﺌﺎ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻈﮭﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻦ ﺻﻮر أﻣﺎم ﻋﯿﻨﯿﮫ ﻓﮭﻮ واﻗﻊ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮه .ﻟﺬا ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺷﻲء ﺣﻘﯿﻘﻲ ،وﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﯾﻨﻜﺮ ھﺬا اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن ھﺪﻓﮫ إﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ رﻏﻢ أن اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﺗﺘﻐﯿﺮ أﺑﺪا وأوﻟﺌﻚ ﯾﺨﺎﻓﻮن أن ﺗﻔﻮﺗﮭﻢ ﻧﻌﻤﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻮن ﻗﺎدرﯾﻦ أن ﯾﻌﻠﻤﻮا ﺑﺸﺮوﻃﮭﺎ ،ﻷن ﺷﺮوﻃﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ دﯾﻨﯿﺔ ﺗﺠﺒﺮ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻐﯿﺐ ،وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻤﻦ ﻻ ﯾﺼﺪق ﺑﻮاﻗﻊ اﻷﺣﻼم ﻷن أﺣﻼﻣﮫ ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ رﻏﻢ أﻧﮭﺎ ﺗﻜﺘﺴﻲ ﺻﺒﻐﺔ ﻣﻦ واﻗﻊ اﺗﺼﺎﻟﻲ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﯾﺮﺷﺪ ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﯿﺴﻌﻰ ﺑﺤﺜﺎ وراء اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺤﻘﺔ وﺗﺮك اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺰاﺋﻔﺔ ،ﻓﺎﻟﺨﯿﺎل واﻷﺣﻼم دﻟﯿﻼن ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻷن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﮫ ﺷﺒﮫ
72
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺑﮭﻤﺎ ،ﻋﺎﻟﻤﮫ ﺻﻮري ﻣﻦ ﺻﻮرة اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن .إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺮﻏﺐ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻋﻠﻢ وﯾﻄﺮﺣﮫ ﻣﻦ ﺳﺆال إﻻ وﯾﻮﺟﺪ ﻟﮫ ﺟﻮاب ﺑﺎﻃﻨﻲ ،وﻣﺎ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻟﮫ ﺟﻮاب ﻓﺈن ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺗﻈﮭﺮ ﺣﺪوده ،ﻷن ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﮭﺎ ﺣﺪود ،ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺪود ﻹدراﻛﮫ ،وﻻ ﯾﻈﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻘﻮل ﻣﻈﮭﺮ ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ ،إﻧﻤﺎ اﻟﺤﻖ ﻟﮫ ﻇﻮاھﺮ ﻛﻈﻠﻢ ،وﻣﺎ أﻇﻠﻢ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﻞ ﻟﻜﻨﮫ ﻻ ﯾﺮى ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻞ ﺟﮭﻼ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﺟﮭﻞ .إن اﻟﺼﻮاب ﯾﺒﻘﻰ ﺻﻮاﺑﺎ ،واﻟﺤﻖ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻣﮭﻤﺎ ﺗﻜﻠﻒ اﻷﻣﺮ ،واﻹﻧﺴﺎن ﯾﺤﺐ أن ﯾﻌﯿﺶ اﻟﻮھﻢ ،ﻓﮭﻮ ﻓﻲ وھﻢ ﻣﺎدام ﻻ ﯾﮭﻤﮫ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻮھﻢ واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺠﮭﻞ واﻟﻌﻠﻢ واﻟﺼﻮاب واﻟﺨﻄﺄ وﺑﯿﻦ اﻹﻧﺴﺎن وﺧﺎﻟﻘﮫ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﮭﻞ وإدراك اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺨﺎﻟﻖ واﻟﻤﺨﻠﻮق ،وﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺘﺒﯿﻦ اﻹﻧﺴﺎن أﻧﮫ ﻣﺨﻠﻮق ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ھﻨﺎك اﺗﺼﺎل ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ﺧﺎﻟﻘﮫ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺟﺰء ﻣﻨﮫ ،وﻻ ﯾﺪرك ھﺬا ﺑﻤﺠﺮد ﻓﮭﻢ وﻛﻼم ،ﺑﻞ ﯾﺪرك ﺑﻘﻮة ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻛﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﻤﺮ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﯾﻔﻘﺪ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻮازﻧﮫ أو ﯾﻔﻘﺪ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﻌﻮره وإدراﻛﮫ ،ﻷن ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺘﻌﻠﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ وﯾﻌﯿﺸﮭﺎ ،وﯾﺘﻌﻠﻢ أن اﻟﻌﻘﻞ ﺷﻲء واﻹﻧﺴﺎن ﺷﻲء وﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺻﻠﺔ وﯾﺘﻌﻠﻢ أن ھﻨﺎك ﻓﺮﻗﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺪﻣﺎغ وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ،وأن ھﻨﺎك ﻗﻮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﺠﻌﻞ اﻷﺷﯿﺎء أﺷﯿﺎء ،إن اﻟﻌﻠﻢ أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﻞ ،واﻟﻮاﻗﻊ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﯿﺎل وﻟﻤﺎذا ﺿﺎع اﻟﻮﻗﺖ ﻓﯿﻜﻞ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ وﺗﺮك ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺻﻞ اﻟﻔﺎﺋﺪة وﻧﻤﻮذج اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻛﻞ ﻗﻮل ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل دﻋﻮى ،ﺑﻞ إﻇﮭﺎر ﻟﻮﺟﻮد واﻗﻊ وﺧﯿﺎل وإﻇﮭﺎر ﻟﻮﺟﻮد أﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ و ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ، وﻟﻮ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﻨﺎ ﻛﻞ أﺻﻮل اﻟﺴﺤﺮ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻟﻜﺎن اﻷﻣﺮ أﺧﻄﺮ ﻣﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ ،وﻟﻜﻦ وﺟﻮد اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﺼﻮر ﻛﺎن ﯾﺠﻌﻞ ﺣﺪا ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ واﻧﻄﻼﻗﺎ ﻟﻠﺤﻖ ،وﻟﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﻌﻮد ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﻨﮭﻲ ﻋﻠﯿﮫ وھﺬا أﺳﺎس اﻟﻤﺸﻜﻞ ،ﻟﺬا ﻟﻢ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﻠﻨﺎس أن ھﻨﺎك أﻣﺮﯾﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﯿﻦ ﻧﻮر و ﻇﻠﻤﺎت ، واﻟﺤﺬر ﻻ ﯾﻜﻔﻲ إذا ﻟﻢ ﯾﺘﻮﻓﺮ اﻟﻌﻠﻢ .واﻟﻌﻠﻢ وﻻ ﯾﻜﻮن إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك ﻋﺒﺎدة اﷲ .واﻟﻌﺒﺎدة ﻟﮭﺎ ﺣﻘﯿﻘﺔ وأﺻﻮل ،وھﺬه اﻷﺻﻮل إذا ﻣﺎ ﻏﯿﺮت ﻓﺈن اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ،وﻟﻮ ﺟﻤﻌﻨﺎ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻜﺜﯿﺮة ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻓﯿﮭﺎ وﻟﻤﺎ ﺗﺒﯿﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،ودون أن ﻧﺠﻤﻊ ﺷﯿﺌﺎ ، ﻓﺈن ﻛﺘﺎب اﷲ ﻣﺎزال ﻣﻮﺟﻮدا ،ﻓﺎﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺣﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس وﻣﻦ آﯾﺎت اﷲ ﻣﻨﺎﻣﮭﻢ ﺑﺎﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ، إن ﻃﮭﺎرة اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ واﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ أﺳﺎس اﻟﻌﺒﺎدة .وﻗﺪ ﯾﺼﻌﺐ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ھﻨﺎك ﻗﻮة ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻇﺎھﺮة ﻓﻲ ﻧﻮر ﯾﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﮫ ،وﻧﺠﺪ أن ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻧﻮر ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﻮﺻﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻧﻮر إﻟﻰ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﻟﯿﻤﻜﻨﮫ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮاه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ھﻮ اﻵﺧﺮ .وﻧﺠﺪ ﻛﺬﻟﻚ أن ھﻨﺎك ﺗﻌﻮﻧﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺼﻠﯿﻦ ،وﻻﺳﯿﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﮭﺪف ھﻮ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت .وﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻄﻔﻞ أن ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺴﺘﻮاه اﻟﻌﻘﻠﻲ وﻗﻮاه اﻟﺠﺴﻤﯿﺔ ،إﻻ أن اﻟﻄﻔﻞ ﯾﺴﮭﻞ ﻋﻨﺪه اﻻﺗﺼﺎل ،ﻷن ﺗﻔﻜﯿﺮه ﺧﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻘﯿﺪ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﯾﺘﺠﺎوز ﻋﻤﺮه أرﺑﻌﯿﻦ ﺳﻨﺔ ،ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﺼﻌﺐ ﺑﻜﺜﯿﺮ ،ﻷﻧﮫ ﺑﻘﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺻﺒﺎه ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻓﺘﺮة ﻋﻤﺮه ﺛﻢ ﯾﻜﻮن اﻻﻧﻄﻼق وھﺬا ﯾﺘﻄﻠﺐ ﻣﺪة .إن اﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اھﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺪﻣﺎء أﺷﺪ اھﺘﻤﺎم ﻷھﺪاف وأﻏﺮاض ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ، واﻟﻤﺘﺪﯾﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻗﺪ ﻻ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻌﺮف وﺟﻮده ،وﺑﺎﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﯾﻔﺎﺟﺄ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ،وأﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻛﺎن ﻟﮭﻢ ھﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻷن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻟﻤﺎ ﺳﺌﻠﻮا ﻋﻦ
73
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وﺳﺎﺋﻠﮭﻢ اﻟﻤﻌﻤﻮل ﺑﮭﺎ واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻠﺒﻠﻮغ أﺟﺎﺑﻮا ﺑﻌﺪم وﺟﻮد أﯾﺔ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﺼﻼة وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن وأﻧﮭﻢ ﻓﻮﺟﺌﻮا ﺑﻤﺎ ﺑﻠﻐﻮا إﻟﯿﮫ .واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺷﯿﺦ ﻣﺮﺑﻲ، وﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻌﯿﺪا ﻋﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﯾﻨﺘﺸﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻌﻠﻢ ،وﺑﺎﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﯾﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل .وﻣﻦ ﺗﻮﺿﯿﺤﺎت اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﻋﻠﻮم ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﮭﻨﺪﺳﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﯾﺔ ﻛﺄن ﺗﻜﻮن اﻟﺒﯿﻮت ﻣﻜﻌﺒﺔ وأﺑﻮاﺑﮭﺎ ﻗﺒﻠﺔ دون ﺟﻌﻞ ﻃﺒﻘﺎت ﻋﻠﯿﮭﺎ وھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺒﯿﻮت ﯾﻜﻮن ﺟﺎﻟﺒﺎ ﻟﻠﻨﻮر ﺑﺼﻔﺔ ﻗﻮﯾﺔ ﯾﺴﮭﻞ ﺑﮭﺎ ﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻛﻤﺎ أن اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺘﺮﻛﺰة ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻀﺎد ﻛﻞ اﻟﻈﻠﻤﺎت وھﻨﺎك أﺷﯿﺎء أﺧﺮى ﻣﮭﻤﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺧﺎﺻﺎ ﺑﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻠﮭﺎ ،إﻧﻤﺎ ﻧﺸﯿﺮ إﻟﻰ أن ﺻﻔﺔ اﻟﺒﻨﯿﺎن ﻟﮫ أﺛﺮ ﻛﺒﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺨﺺ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر ودون وﺟﻮد ﻧﻮر ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﯾﻜﻮن ﺻﻌﺒﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﻈﺎھﺮ اﻷﻣﺮ أن ھﻨﺎك ﺷﺮوﻃﺎ دﯾﻨﯿﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺨﺺ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺨﺺ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺎﻟﻠﺒﺎس ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻓﯿﮫ ﻗﻮة ﻗﺪ ﺗﻌﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر أو ﺗﻜﻮن ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻟﮭﺎ ﺟﺎﻟﺒﺔ ﻟﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ،واﻟﻠﺒﺎس اﻷﺑﯿﺾ ﻛﺎن ﻣﻦ اﺧﺘﯿﺎر اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ .أﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺠﻠﻮس ﻓﺸﺮوﻃﮫ ھﻲ ﻧﻔﺲ ﺷﺮوط ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺼﻼة ، ﻃﮭﺎرة اﻟﻤﻜﺎن ورﻗﺔ اﻟﻔﺮاش وﻗﻠﺔ اﻷﺻﻮات اﻟﻤﺰﻋﺠﺔ وﺧﻠﻮ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻦ ﻛﻞ أﺛﺎث ﺟﺎﻟﺐ ﻟﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻛﺎﻟﺘﻤﺎﺛﯿﻞ واﻟﺮﺳﻮم .وإذا ﻟﻢ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺗﻮﻓﯿﺮ ﻣﺎ ھﻮ ﻻزم ﻓﺈن اﻟﺒﯿﺖ ﯾﻜﺴﻰ ﺟﺪاره داﺧﻠﯿﺎ ﺑﺮداء ﻣﻦ ﺛﻮب ﻻ رﺳﻮم ﻓﯿﮫ ،أﻣﺎ اﻟﻠﻮن ﻓﻔﯿﮫ ﺣﺮﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﯿﺎر . وﺑﮭﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﯾﺼﺒﺢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﺳﮭﻼ وﯾﻌﻢ اﻟﺒﯿﺖ ﻧﻮرا ﯾﺮى ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ھﺬا ﯾﮭﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻛﻞ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﺒﺘﺪى ،أﻣﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى اﻟﻨﻮر اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ ﺗﻐﯿﯿﺮ وﺿﻌﮭﺎ ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻗﻮاھﺎ .واﻻﺗﺼﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﯿﮫ ﺷﺮوط اﻟﻤﻜﺎن .أﻣﺎ اﻟﺰﻣﺎن ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﺮف وﻗﺖ ﻟﻼﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﯾﻜﻮن اﻟﺠﻠﻮس ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة أﻗﻮى وﻻﺳﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ .ﻛﻤﺎ أن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﺴﮭﻞ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ﺑﻌﺪ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ،وإذا ﻣﺎ ﺗﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﻓﺈن اﻷوﻗﺎت ﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﺮوﻃﺎ .وﻟﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﻘﻮى اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﻛﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻼزﻣﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﻌﻠﻢ .وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﻼ وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻛﺘﺸﺎف ﻣﺮاﻛﺰھﺎ ،ﻓﺒﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺮاھﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ وﯾﻌﺮف ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ وﻗﻮﺗﮭﺎ وﯾﻤﻜﻨﮫ ﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺪروﺳﺔ ﺑﻞ ﻣﺘﻌﻠﻤﺔ ،ﻷن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﻌﺮف اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺤﻄﻤﺔ ﻟﻘﻮة أﺧﺮى دون ﻋﻠﻢ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻇﺎھﺮي ،ﻓﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻣﺘﺮﻛﺰة ﻓﻲ ﻣﻜﺎن إﻻ وﯾﺼﻌﺐ ﺗﺮﺣﺎﻟﮭﺎ أو ﺗﺤﻄﯿﻤﮭﺎ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ذﻟﻚ إﻻ إذا ﺗﻮﻓﺮت ھﻨﺎك ﻗﻮة ﻣﻦ ﻧﻮر ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﻮة ﺷﺨﺺ واﺣﺪ ﻓﯿﻠﺰم اﺛﻨﯿﻦ أو ﺛﻼﺛﺔ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ إذا اﻗﺘﻀﻰ اﻷﻣﺮ . واﻟﺼﱠﺮْعُ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻠﺰم ﻓﯿﮫ ﺷﺮوط وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت .ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺼﺎﺑﻮن ﺑﺨﻠﻂ ﻓﻲ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﮭﻢ ﺑﻌﻠﻢ ﻟﻄﺮق اﻟﺼﺮع .ھﺬا إن ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﻜﺎﺳﯿﺔ ﻟﺠﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺼﺎب ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﻼج ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺼﺮع ،ﻓﺎﻟﻌﻼج ﻟﮫ وﺳﺎﺋﻠﮫ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ إﻻ أن ھﻨﺎك ﻋﻼﺟﺎت ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ إن ﻛﺎن اﻟﻤﺮض ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻣﺘﺮﻛﺰة ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ، ﻓﺎﻟﻤﯿﺪان واﺳﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺠﺎل ،وﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ اﺧﺘﯿﺎره ﻣﻦ اﻷﻛﻞ وﻣﺎ ﯾﺠﺐ
74
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﺟﺘﻨﺎﺑﮫ ،ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﯿﻒ ﯾﻨﻔﻖ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺴﺮف ،وﺗﺼﺤﺢ ﺣﺮﻛﺎﺗﮫ وﺗﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﺷﺨﺼﯿﺔ أﺧﺮى وأﻓﻜﺎر أﺧﺮى وﺗﺼﺮﻓﺎت ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻏﺮﯾﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺬي ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ﺷﯿﺌﺎ . ﻟﻮ ﻓﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺤﻠﻤﮫ ﻻﻛﺘﺸﻒ أﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮة ﺗﮭﻤﮫ ،وﻟﻮ اھﺘﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﺮاه ﻛﻞ ﯾﻮم ﻷدرك ﻛﺄن ﻛﻞ ﺷﻲء ﯾﻜﻠﻤﮫ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﮭﺘﺪي وﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺼﻮاب وﯾﺘﺠﻨﺐ اﻟﺨﻄﺄ ، ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻌﻘﻞ دﻟﯿﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﺮﺷﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻨﻔﺴﮫ ،ﻷن ﻛﻞ ﻣﺎ ھﻮ ﻣﻌﺮوف إﻧﻤﺎ ﻋﺮف ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﺮوف وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮫ ﺧﻄﺄ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .ﻟﻦ ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن أﺑﺪا أن ﯾﺪرك ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻷﺷﯿﺎء ﺑﺎﻟﻈﻦ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ أﺷﯿﺎء ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺸﻲء ﻣﻌﻘﻮل ﯾﺘﻘﺒﻠﮫ اﻟﻌﻘﻞ ،وﻣﺎ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻘﺒﻠﮭﺎ إﻻ أﺷﯿﺎء ﺗﻘﺒﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ أھﻮاء اﻟﻨﺎس ،أﻣﺎ إن وﺟﺪ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻣﺪرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﮭﻢ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﺘﻘﺒﻠﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺄﺣﻜﺎم اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻣﺠﺎل ﻓﯿﮭﺎ ﻻﻋﺘﺒﺎر أﻧﮭﺎ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﯾﺘﻘﺒﻠﮭﺎ اﻟﻌﻘﻞ ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﻨﺎس ﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮون أن أﺣﻜﺎم اﷲ أﺣﻜﺎم ،ﻷﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﺮون ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ھﻮ ﻣﻌﻘﻮل ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﺗﺠﺎه ﻧﺤﻮ اﻟﺼﻮاب ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،ﻓﺄﺣﻜﺎم اﷲ ھﻲ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أﻧﮫ ﯾﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ھﻮاه ،إﻧﮫ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺛﺎﺑﺖ ﻷﺟﻞ اﻟﺜﺒﺎت .وﻟﻮ وﺟﮭﻨﺎ ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ أن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺘﺨﺒﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ ، وﻛﺄن ﺑﻌﺾ اﻷﺷﯿﺎء ﻇﮭﺮت ﻓﻲ ﺻﺒﻐﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻻ ﯾﻌﺮف ﻓﯿﮭﺎ أﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،وﻟﻜﻦ ھﻨﺎك اﻟﻤﻮرد اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺬي ﻋﺎﻟﻤﮫ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻜﻞ وﺿﻊ ﻗﺪﯾﻢ أو ﺣﺪﯾﺚ ،ﻷﻧﮫ ﺑﮫ ﯾﻈﮭﺮ واﻗﻊ اﻷﺷﯿﺎء ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻇﻠﻤﺎت ﻓﮭﻮ ﻣﺤﺮم ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻧﻮر ﻓﮭﻮ ﺻﻮاب ،وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﻮة اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء ھﻲ اﻟﻤﻈﮭﺮة ﻷﺳﺎس أﺻﻮل اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .وﻟﻮ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺣﺎﻟﯿﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮارد اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻟﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﮭﻤﮭﻢ ﻓﻲ ﻋﺼﺮھﻢ ھﺬا ،وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻓﯿﮫ ﺻﻌﻮﺑﺔ ،ﻷﻧﮫ ﯾﺘﻄﻠﺐ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻘﻮة ،واﻹﻧﺴﺎن ﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﮭﻤﮫ ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﻟﯿﺴﺖ ﻟﮫ أھﻤﯿﺔ ،وﻣﺎ دﻓﺎﻋﮫ ﻋﻦ ﻣﺒﺎدﺋﮫ إﻻ ﺳﺨﺎﻓﺔ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﮫ ،وﻟﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻻ ﯾﻌﻠﻤﻮن أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﻮن ،وﻛﻢ ﻣﻦ أﺷﯿﺎء ﯾﺴﺄل ﻋﻨﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺮﺷﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ إذا ﺑﺎﻟﺠﻮاب ﯾﻜﻮن أﻏﻠﺒﮫ أن اﻷﻣﺮ ﻣﺸﻜﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ وﻟﻢ ﯾﺮد ﻋﻨﮫ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻻ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ .إن ﻇﻦ ھﺆﻻء أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺄﻧﮫ ﺳﯿﻜﻮن ﻋﺼﺮ ھﻮ ﻋﺼﺮﻧﺎ ،ﺑﻠﻰ إن اﷲ ﺟﻌﻞ أﺻﻮل أﺣﻜﺎﻣﮫ ﻣﻨﺘﺸﺮة ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ وﺑﺎﻟﻈﺎھﺮ واﻟﺒﺎﻃﻦ .ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻧﺠﺪ أﻧﮫ ﺗﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﮫ ﻛﻞ اﻷﺣﻜﺎم وأن ﺣﻠﻮﻻ ﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻛﻞ اﻟﻌﺼﻮر ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﻌﺠﺰ ﷲ .وأﺣﻜﺎم اﷲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻇﺎھﺮﯾﺎ وﻏﯿﺒﯿﺎ ،واﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﯿﻌﺎ إﻻ وﻛﻞ واﺣﺪ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ،ﻓﺈﻣﺎ ﺷﻌﻮري ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ ،وإﻣﺎ ﻻ ﺷﻌﻮري ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﺘﺨﺬ اﻹﺳﻼم دﯾﻨﺎ ،وﻛﻞ ﻣﺴﺆول ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ إﻻ وﻟﮫ ﻃﺮﻗﺎ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﻹﻟﮭﺎم اﻟﻼﺷﻌﻮري ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻌﻤﻞ ﺳﻮءا ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺄن ھﻨﺎك ﻣﻦ ﯾﺆﻧﺒﮫ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﮫ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﯿﮫ اﺳﺘﻤﺮارﯾﺔ رﺳﺎﻻت اﷲ وأﺣﻜﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﺼﻮر ،وﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻧﺠﺪ أن ﻛﻞ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻈﺎھﺮة ﻓﻲ اﻟﺼﻨﻊ اﻵﻟﻲ اﺗﺨﺬ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﺎس ﻣﺼﺎﻧﻊ ﻟﻌﻠﮭﻢ ﯾﺨﻠﺪون ،ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻘﺮآن ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻌﺼﺮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﯿﮫ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻮل اﻹﻧﺴﺎن إن أﺣﻜﺎم اﷲ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﮫ ﻟﻨﺎ
75
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
. وﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن إﻻ ﻣﻘﺘﺴﻤﯿﻦ ﺟﻌﻠﻮا اﻟﻘﺮآن ﻋﻀﯿﻦ، ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻋﺼﺮﻧﺎ
76
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
77
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
إن اﻷھﻤﯿﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﯾﻢ وﻻ زاﻟﺖ ﺗﺨﺺ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﮫ ،وﻛﻞ ﺳﻌﻲ وراء اﻟﺤﻖ إﻻ وھﻮ ﺳﻌﻲ وراء اﻟﻨﺠﺎة واﻟﺨﻼص ،ﻻ ﺧﻼص اﻟﺮوح ﻛﻤﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪ ،وﻻ اﻟﺨﻼص اﻻﺗﺼﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ ،إن اﻷﻣﺮ واﺿﺢ أن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﺪﻓﮫ ھﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺮوح أو ﺧﻼﺻﮭﺎ ،ﺑﻞ اﻟﮭﺪف اﻷول ھﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﺘﻄﮭﯿﺮ اﻟﻨﻔﺲ وﺧﻼﺻﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺮ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ رﺑﮭﺎ راﺿﯿﺔ ﻣﺮﺿﯿﺔ .وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﮭﺪف ھﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﻔﺲ ،ﺑﻞ اﻟﮭﺪف اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ. ﻓﺎﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﺗﻌﺮف ،واﻹﻧﺴﺎن ﻟﻦ ﯾﻌﺮف ﻧﻔﺴﮫ ،ﻷﻧﮫ ﺧﻠﻖ وﻟﻢ ﯾﺸﮭﺪه اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻠﻘﮫ . إن اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،ﻓﻠﯿﺘﺒﯿﻦ اﻟﻔﺮق ،ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﯾﺤﻞ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺈن اﻟﻨﺎس ﺟﻌﻠﻮا ﻣﻦ ﻋﺒﺎد اﷲ ﺟﺰءاً ،وﻓﺮﻗﻮا دﯾﻨﮭﻢ ﻓﻜﺎﻧﻮا ﺷﯿﻌﺎ ،واﺗﺨﺬوا ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﻢ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ أو ﺑﯿﻨﺔ .إن ﻣﻄﺒﻘﻲ اﻟﻄﺮق اﻟﻐﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻟﯿﻘﻮﻟﻮن ﻋﻠﻰ اﷲ ﻛﺬﺑﺎ ،أﻧﮫ ﯾﻮﺣﻲ إﻟﯿﮭﻢ ﻋﻠﻤﺎ ﻟﺪﻧﯿﺎ ،وأﻧﮫ اﺻﻄﻔﺎھﻢ ﻛﺄﻧﮭﻢ اﺗﺨﺬوا ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﮭﺪا .وﻣﻦ أﻇﻠﻢ ﻣﻤﻦ ﻛﺬب ﻋﻠﻰ اﷲ ،وﻗﺎل إﻧﮫ ﯾﻜﻠﻤﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺗﻜﻠﯿﻤﺎ وأﻧﮫ ﯾﺮاه ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم ﺷﺨﺼﺎ .إن اﻟﺬﯾﻦ ﻧﺸﺮوا ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ أﺻﻼ ،ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺄﻧﮭﻢ رأوا ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض وأن ﻛﺮاﻣﺎﺗﮭﻢ ﻛﺎﻧﺖ دﻟﯿﻼ .واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺿﺮب ﻟﻠﻨﺎس ﻣﺜﻼ ﻟﻌﺎد وﺛﻤﻮد ،إذ ﻛﺎﻧﻮا أﺷﺪ اﻟﻨﺎس ﻗﻮة وﺑﻄﺸﺎ ، وﺿﺮب ﻣﺜﻼ ﺑﺴﺤﺮة ﻓﺮﻋﻮن إذ أﻇﮭﺮوا ﺳﺤﺮا ﻣﺒﯿﻨﺎ .ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك ﺗﺼﺎﻋﺪا ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ روﺣﯿﺎ ، ﺑﻞ ﻛﻞ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺗﻄﻮر ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺤﻮاس ﺑﺎﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ، واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﺬا ھﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻠﻖ أﺟﻤﻊ ،ﻷن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺻﻮرة ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ھﻮ ﺻﻮرة ﻟﻠﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،إﻧﻤﺎ ﺗﻜﺴﻮه ﻗﻮة ﻟﮭﺎ ﺻﻠﺔ ﺑﻘﻮة اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي .إن اﻷﻣﺮ ﺑﺴﯿﻂ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺒﺎﺣﺚ أن ﯾﺘﺼﻞ ﻟﯿﻌﺮف اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺨﺺ ادﻋﺎءات اﻹﻧﺴﺎن .وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻟﻤﺎ ﺟﺎء اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم .واﻹﻧﺴﺎن ﻛﻠﮫ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺳﻮاء ﺑﺈرادة أو ﺑﻐﯿﺮ إرادة ،وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﺮف ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﺑﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،واﻟﺬي ﻟﯿﺲ ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺷﻌﻮري ،ﻓﺈن اﻟﻘﻮل ﯾﺼﻞ إﻟﯿﮫ إﻟﮭﺎﻣﯿﺎ ﻻ ﺷﻌﻮرﯾﺎ ،وﯾﻮم ﺗﺰوج اﻟﻨﻔﻮس ﺗﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ أﺣﻀﺮت .ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﻛﺄن ﻓﯿﮫ اﻟﻨﻔﺲ اﻷوﻟﻰ واﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻛﺄن ﻓﯿﮫ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،ﻓﻮاﺣﺪة أﻟﮭﻤﮭﺎ اﷲ ﻓﺠﻮرھﺎ واﻷﺧﺮى أﻟﮭﻤﮭﺎ ﺗﻘﻮاھﺎ واﻟﻨﻔﺴﯿﻦ ﻧﻔﺲ واﺣﺪة ﻟﮭﺎ اﺗﺼﺎل ﺑﯿﻦ ﻗﺴﻤﯿﮭﺎ .ﻟﺬا ﺗﺰوج اﻟﻨﻔﻮس ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﻟﺘﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ أﺣﻀﺮت .آﻧﺬاك ﯾﺘﺒﯿﻦ اﻹﻧﺴﺎن أن ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻛﺎن ﯾﺒﻠﻎ إﻟﯿﮫ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﯿﺮﻓﻀﮫ ،وﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻛﺎن ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﺮﻓﻀﮫ ،إﻻ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا وﺻﺪﻗﻮا ﺑﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﷲ ،ﻓﻼ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﯿﮭﻢ إذ ﻻ ﺧﻮف ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ ھﻢ ﯾﺤﺰﻧﻮن ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻹﻧﺴﺎن إﻻ وﯾﺴﺄل ﻋﻨﮫ ،ﻓﺎﻟﻤﻔﺴﺪ ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﻣﻔﺴﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،واﷲ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﺟﺘﻨﺎب اﻟﻔﻮاﺣﺶ ﻣﺎ ﻇﮭﺮ ﻣﻨﮭﺎ وﻣﺎ ﺑﻄﻦ .ﻓﺈن اﻟﺬي ﯾﺘﺨﯿﻞ ﻣﻮاﺿﻊ ﻓﺤﺸﺎء ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻨﻔﺬھﺎ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻟﺬا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺨﯿﺎل ﺧﯿﺎﻻ ﺑﻞ ﺷﯿﺌﺎ واﻗﻌﯿﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،إن اﻟﺨﯿﺎل ﻻ وﺟﻮد ﻟﮫ ﻛﺨﯿﺎل ﻷن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻢ ﯾﺠﻌﻞ ﺷﯿﺌﺎ ﻋﺒﺜﺎ ،واﷲ إﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎوات وﻓﻲ اﻷرض ،ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ واﻟﺒﺎﻃﻦ ،ودﻟﯿﻞ ھﺬا ھﻮ أن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﻮﺟﻮد ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺠﺴﻤﮫ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وإن ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺮوح ﻓﻠﯿﻌﻠﻢ أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ
78
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﯾﻘﻮل أﻧﮫ ﯾﺘﻮﻓﻰ اﻷﻧﻔﺲ ﺣﯿﻦ ﻣﻨﺎﻣﮭﺎ وﯾﺄﺧﺬ اﻟﺮوح إﻟﯿﮫ ،وﻟﯿﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻷﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﺣﯿﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻧﺎﺋﻤﺎ .واﷲ ﯾﻘﻮل ﺑﺄﻧﮫ رﻓﻊ اﻟﺮوح إﻟﯿﮫ ،وﻓﻲ ھﺬا ﺣﻜﻤﺔ ﻻ ﯾﺪرﻛـﮭﺎ إﻻ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻟﮫ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ دﯾﻨﻲ .ورﻏﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻓﺈن أﺑﻮاب اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻐﻠﻮﻗﺔ وإﻧﻤﺎ ﻧﻘﻮل أن ﻣﻔﺘﺎﺣﮭﺎ ﻣﻮدﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن وﻛﺄﻧﮭﺎ ﻣﻔﺎﺗﯿﺢ ﻷﺑﻮاب اﻟﺠﻨﺔ وﻟﻠﺒﺎﻃﻦ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﺑﻮاب ﻓﯿﮭﺎ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﺳﻤﺎء ﻣﻦ أﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ ،ورﺳﻢ اﻷﺑﻮاب ھﻮ ھﺬا :
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻷول
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺮاﺑﻊ
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺴﺎدس
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﺎﻣﺲ
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ
اﻟﺒﺎب اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺜﺎﻣﻦ
وأﺑﻮاب اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻲ ﺳﺒﻌﺔ ،ﻋﺪد أﺑﻮاب ﺟﮭﻨﻢ ،ﻷﻧﮭﺎ أﺑﻮاب اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮ وأﺻﻮل ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺴﺤﺮ ،ورﺳﻤﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ :
ﻣﺬھﺐ
ﻣﺮة
ﺑﺮﻗﺎن
أﺣﻤﺮ
ﺷﻤﮭﺮوش
أﺑﯿﺾ
ﻣﯿﻤﻮن
ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺨﺪام اﻟﺮوﺣﺎﻧﯿﯿﻦ اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﯿﻦ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ دﺧﻞ ھﺬه اﻷﺑﻮاب ،واﻟﺬﯾﻦ اﻋﺘﻤﺪوا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺠﯿﻢ وﻋﻠﻢ اﻟﺤﺮوف ﻓﻲ ﻗﻮاھﺎ اﻟﺘﻲ ﻏﯿﺮت .وﻣﻦ ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺬﻛﻮرة أﺳﻤﺎؤھﻢ ﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻜﻮاﻛﺐ وھﻲ ھﺬه :
ﺷﻤﺲ
ﻗﻤﺮ
ﻣﺸﺘﺮي
ﻋﻄﺎرد
ﻣﺮﯾﺦ
زھﺮة
زﺣﻞ
وﺣﺮوﻓﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﻘﻮاھﺎ ﺳﺒﻌﺔ ﻛﺬﻟﻚ وھﻲ ھﺬه : ق
ج
ت
ش
ظ
خ
ز
79
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وﻗﻮاھﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﺘﺮﻛﺰة ﻓﻲ اﻷﯾﺎم اﻟﺴﺒﻌﺔ :
اﻷرﺑﻌﺎء
اﻟﺜﻼﺛﺎء
اﻹﺛﻨﯿﻦ
اﻟﺨﻤﯿﺲ
اﻟﺠﻤﻌﺔ
اﻟﺴﺒﺖ
اﻷﺣﺪ
وﻣﻦ أراد أن ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳﺮ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﻋﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻗﯿﻞ إﻧﮫ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺼﻮم ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أرﺑﻌﯿﻦ ﯾﻮﻣﺎ ﻻ ﯾﺄﻛﻞ ﻓﯿﮭﺎ روﺣﺎ وﻻ ﻣﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ روح وﯾﻘﺮأ ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ اﻟﺪھﺮوﺷﯿﺔ وﻗﯿﻞ ﻟﻤﺎذا اﻟﺼﻮم ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﮭﻤﺎ أن ھﺬا ﺳﺤﺮ ﻛﺎن اﻟﺮد أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺈذن اﷲ .واﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ .وﻻ ﻧﻨﺴﻰ أن اﻟﺸﯿﻄﺎن ﯾﻐﻮي اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻌﺰة اﷲ وﻗﺪ أذن ﻟﮫ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ . إن ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﮭﺘﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﮭﺘﺪي إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻞ .أﻣﺎ أﺑﻮاب اﻟﺨﯿﺎل ﻓﺨﻤﺴﺔ ﯾﺪﺧﻠﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن إذا ﻃﻮر اﻟﺨﯿﺎل ﺑﺎﻟﺨﯿﺎل اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ واﻷﺑﻮاب ھﻲ ھﺬه 73 :
ود
ﺳﻮاع
ﯾﻐﻮث
ﯾﻌﻮق
ﻧﺴﺮا
وﻓﻲ أﺑﻮاب اﻟﺨﯿﺎل ﻗﻮى اﺳﺘﻤﺪادﯾﺔ ﻣﻦ أﺷﺨﺎص ﺧﻤﺴﺔ ﻃﻮروا ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل ﺗﻄﻮﯾﺮا ﺑﻠﯿﻐﺎ ﻣﻦ ﻗﻮة ﻇﻠﻤﺎﻧﯿﺔ .واﻟﺨﯿﺎل ﯾﺘﻢ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت اﻟﺜﻼﺛﯿﺔ واﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻤﺜﻠﺚ اﻟﺸﯿﻄﺎن .
ﻣﺜﻠﺚ اﻟﺸﯿﻄﺎن
80
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻓﺎﻟﺨﯿﺎل اﺗﺼﺎل ﺑﻤﺎ ﯾﻤﻠﯿﮫ اﻟﺸﯿﻄﺎن واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﺨﯿﺎل ﻣﻌﻨﺎه ھﻮ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﺳﯿﻄﺮة اﻟﺸﯿﻄﺎن ،واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ھﻮ ھﺮوب ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت إﻟﻰ اﻟﻨﻮر ووﺳﺎﺋﻠﮫ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ھﻲ دﯾﻨﯿﺔ ﻣﺤﻀﺔ وأﺳﺎﺳﮭﺎ اﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮآن واﻟﺪﻋﺎء ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ . إن اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻃﺮﯾﻘﺎن :ﻧﻮر وﻇﻠﻤﺎت ،إﯾﻤﺎن وﻛﻔﺮ ،واﻻﺧﺘﯿﺎر واﺿﺢ ،ﻓﻤﻦ ﺷﺎء ﻓﻠﯿﺆﻣﻦ وﻣﻦ ﺷﺎء ﻓﻠﯿﻜﻔﺮ ،وﻣﻦ أراد اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﻓﻠﯿﺬﻛﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ أﻣﺮ اﷲ وﻻ ﯾﺸﺮك ﺑﮫ أﺣﺪا ،وﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻏﯿﺮ ھﺬا ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ ﻹﻇﮭﺎر اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ . إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺴﻤﻊ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻣﻀﺒﻮﻃﺔ ﻓﻲ أﻟﻔﺎﻇﮭﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ﺛﻢ إﻧﮫ ﯾﺮى ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺼﻼة وﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺼﻔﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﯿﮭﺎ .وﻣﻌﻨﻰ ھﺬا أن ھﻨﺎك ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺼﻼة واﻟﻮﺿﻮء .إن اﻟﻨﯿﺔ إﺛﺒﺎت ﻟﻠﻔﻌﻞ ،وإن ﻛﺎن اﻟﻔﻌﻞ ﺷﺮا ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺴﺄل ﻋﻨﮫ وﻻ ﯾﺴﺄل ﻋﻦ اﻟﻨﯿﺔ ،وإﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻨﻮي اﻹﻧﺴﺎن أﻧﮫ ﯾﺼﻠﻲ وﯾﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ، ﻷن اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﺼﻼة إﺛﺒﺎت ﻟﻠﻨﯿﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻧﻮى اﻹﻧﺴﺎن أﻧﮫ ﯾﻌﺒﺪ اﷲ ،ﺛﻢ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدة ،ﻓﺈن اﻟﻌﺒﺎدة ﺗﺼﺒﺢ ﺷﺮﻛﺎ ﺑﺎﷲ ،ﻻ ﻋﺒﺎدة ﻟﮫ ،وھﺬا ﯾﻈﮭﺮ أن اﻟﺼﻼة إن وﺟﺪ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎﺗﮭﺎ ﻓﺈن اﻟﻨﻮر ﻻ ﯾﺘﻢ ،وﺗﺼﺒﺢ اﻟﺼﻼة ﻣﻜﺎء وﺗﺼﺪﯾﺔ . ﻓﻠﯿﺘﻘﺒﻞ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن ھﻨﺎك ﻣﺎ وراء اﻟﻈﺎھﺮ وھﻮ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺬي ﯾﺮى ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻗﯿﻤﺔ أﻋﻤﺎﻟﮫ وﯾﺮى اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻗﺒﻞ ﺻﻼﺗﮫ ھﻞ وﺟﮭﺘﮫ إﻟﻰ اﷲ أم ﻻ ،وﻛﻢ ﻣﻦ ﺳﺎﺟﺪ ﻻ ﯾﻌﺮف وﺟﮭﺔ ﺳﺠﻮده ،ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺪرك أن ھﻨﺎك ﻧﻮر ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﯾﺘﻢ ﺑﮫ ﻋﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن ،إن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺮآة ﯾﺮى ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺳﻮء أﻋﻤﺎﻟﮫ وﻻ ﯾﺮى ﻓﯿﮫ ﺣﺴﻦ أﻋﻤﺎﻟﮫ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺰﻛﻲ ﻧﻔﺴﮫ وﯾﻐﺘﺮ ﺑﺠﮭﺎﻟﺔ ،وإذا رأى اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺎ ﯾﻌﻤﻠﮫ ﻣﻦ ﺳﻮء ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﯾﻐﯿﺮ وﺟﮭﺘﮫ اﻟﺠﮭﻠﯿﺔ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻤﺆﻣﻦ ،وﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ ،ﻓﺈن اﻟﻤﺆﻣﻦ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻛﻞ ﻣﺪرﺳﺔ ﻻ ﺗﮭﺪي اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﻟﺮﺷﺎد ﺑﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺮﺗﻌﺎ ﻟﻠﻔﺴﺎد ،ﻓﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﯾﺘﻌﻠﻢ ﻓﯿﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺳﻮء أﻋﻤﺎﻟﮫ وﯾﻌﺮف ﻓﯿﮭﺎ ﺧﺒﺚ ﻧﻔﺴﮫ ،واﻟﻌﻠﻢ ھﻮ اﻟﮭﺪى ودﯾﻦ ، وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك ﺷﻲء ﺣﻘﯿﻘﻲ ﻏﯿﺮ ھﺬا اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،وﻣﺎ اﻧﺤﺮاف اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ إﻻ ﺑﻌﺪ أن اﺧﺘﺎروا ﻣﺎ ﺑﻠﻎ إﻟﯿﮭﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﻓﻠﺴﻔﺎت ﻣﻐﺎﯾﺮة ﻟﻠﺪﯾﻦ ،وﻣﺎ اﺗﺨﺬوھﺎ إﻻ ﻷن وراءھﺎ رﺑﺢ ﻣﺎدي ﻓﻘﻂ ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻣﺪارس ﯾﺤﺮض ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎع اﻟﺪﯾﻦ ،ﻓﺈن أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ﻻ ﺗﻠﻘﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،ﺑﻞ ﺗﻠﻘﻦ ﺗﺤﺖ ﺳﯿﻄﺮة أﻧﺎس ﺧﺬرﺗﮭﻢ ﻓﻠﺴﻔﺎت اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﺔ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ھﻲ أﻓﯿﻮن اﻟﺸﻌﻮب ،ﻷن اﻟﺬي ﻗﺎل ﺑﺄن اﻟﺪﯾﻦ أﻓﯿﻮن اﻟﺸﻌﻮب ، ﺟﻌﻞ ﻋﻘﯿﺪة ﻛﺎﻧﺖ أﻓﯿﻮﻧﺎ ﻟﻠﺸﻌﻮب دون أن ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﺎس ،ﻷن ﺣﻘﯿﻘﺘﮭﺎ ﻣﻐﻄﺎة ﺑﺴﻌﻲ وراء اﻟﻤﺎدة وﻓﺮض ﻟﻠﺤﺮﯾﺔ اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﺴﺄل ﻋﻦ ﺷﻲء ،واﻹﻧﺴﺎن ﻣﮭﻤﺎ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ إﻋﻄﺎء ﻧﻔﺴﮫ اﻟﺤﯿﺎة ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ واﺟﺒﮫ أن ﯾﻘﻮل أن اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﺧﻠﻘﺖ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،وھﺬا اﺳﺘﻌﺠﺎل ،وﻛﻞ ﻗﻮل ﺗﻠﺰﻣﮫ دﻻﺋﻞ ﺗﻮﺿﺤﮫ ،وﻟﻮ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﮫ ﻟﻘﺒﻞ ﻗﻮﻟﮫ ،وﻣﮭﻤﺎ ،أﻧﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﺷﯿﺌﺎ وﻟﻦ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﺷﯿﺌﺎ ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺘﮭﻢ ﺑﺎﻟﺼﻤﺖ ﺗﺎرﻛﺎ اﻟﺪﯾﻦ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ،وﻧﺠﺪ
81
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻨﺎس اﻟﯿﻮم ﻣﺘﻌﻠﻘﯿﻦ ﻣﻨﺘﻈﺮﯾﻦ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ أﺻﺤﺎب اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﻛﺄﻧﮭﻢ أوﻟﻲ وﺣﻲ ،ﯾﻨﺘﻈﺮ اﻟﻨﺎس أن ﯾﻘﺎل ﻟﮭﻢ إن ھﻨﺎك ﺣﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﻠﻮد ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ زﻋﻤﻨﺎ أن أوﻟﺌﻚ اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﯿﻦ ﺳﯿﺒﻠﻐﻮن إﻟﻰ ﺷﻲء ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻟﻦ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮا أم ﯾﻮﺻﻠﻮا اﻟﺨﻠﻖ ﻛﻠﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻮا إﻟﯿﮫ ،واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻇﺎھﺮ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎت اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻵﻟﯿﺔ ،إﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻌﻄﻲ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺗﮭﺎ ﻣﺠﺎﻧﺎ ،ﻓﻌﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﮭﺘﻢ ﺑﻨﻔﺴﮫ وﻻ ﯾﺤﻤﻞ اﻟﺤﻜﺎم ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻣﺎ ھﻢ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ ،وﻟﻮ اﺗﺒﻊ اﻟﻨﺎس اﻟﺤﻖ ﻟﻔﺎﺿﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺨﯿﺮات وﻷﻛﻠﻮا ﻣﻦ ﻓﻮﻗﮭﻢ وﻣﻦ ﺗﺤﺖ أرﺟﻠﮭﻢ ،ﻓﺎﻟﻮاﻗﻊ إذا ھﻮ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﺮاه اﻟﻨﺎس ،ﻟﯿﮭﺘﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﺸﺎﻛﻠﮫ ﻓﺮدﯾﺎ وﻟﯿﺪﻋﻮا اﷲ أن ﯾﺤﻠﮭﺎ وأن ﯾﺠﻌﻞ ﻟﮫ ﻣﺨﺮﺟﺎ ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺳﻌﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺎدة إﻻ وﯾﺠﻌﻞ ﺧﻨﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻓﯿﮫ ﺗﺮف إذا ﺑﮭﻢ ﯾﺤﻤﻠﻮن اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ آﺧﺮ .واﷲ ﯾﺤﻤﻠﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﻢ وﯾﺰﯾﺪھﻢ ﺧﻨﺎﻗﺎ ﻓﻮق ﺧﻨﺎق ، وﯾﺮى اﻟﻨﺎس ﻛﺄن اﻷرض ﻇﻠﻤﺎت ﻣﻦ ﻓﻮق ﻇﻠﻤﺎت ،ذﻟﻚ ﻷﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻨﺘﻈﺮون ﻣﻦ اﷲ ﺷﯿﺌﺎ ،ﺛﻢ إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﯾﺰﻛﯿﮭﻢ وﻻ ﯾﻜﻠﻤﮭﻢ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻛﻼم اﷲ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮫ ﯾﺮى وﯾﻜﻠﻢ اﻟﻨﺎس ،ﺑﻠﻰ إن اﷲ ﻻ ﯾﺮى ،ﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻻ ﻓﻲ اﻵﺧﺮة وﻛﻼم اﷲ ﯾﻜﻮن وﺣﯿﺎ أو ﻣﻦ وراء ﺣﺠﺎب ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺤﺠﺎب ﻣﻌﻨﺎه ﻧﻮر وراءه اﷲ ،ﺑﻞ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻜﻠﻢ اﻟﻨﺎس ﺑﺼﻔﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺪرﻛﺔ ﻋﻨﺪ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻗﺪ ﻛﻠﻢ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺨﻠﻖ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺨﻠﻘﮫ وﻗﺎل ﻟﮭﻢ أﻟﺴﺖ ﺑﺮﺑﻜﻢ ﻗﺎﻟﻮا :ﺑﻠﻰ ،ذﻟﻚ ﻛﻼم ﻟﻢ ﯾﺪرﻛﮫ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻛﺬﻟﻚ ﻛﻼم اﷲ ﻣﻦ وراء اﻟﺤﺠﺎب ،ﻓﻤﺎ ﺑﺎل اﻟﺬﯾﻦ ﻗﺎﻟﻮا إﻧﮭﻢ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺼﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﺤﺠﺎب ،وﻣﻤﺎ ﻇﻨﮭﻢ ﺑﺎﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،ﻟﻌﻠﮭﻢ وﺻﻠﻮا إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﺧﯿﺎﻟﻲ ﻓﯿﮫ ﻇﻠﻤﺎت ﻓﻮق ﻇﻠﻤﺎت ،ﻛﺬﻟﻚ اﷲ ﯾﻀﻞ ﻣﻦ ﯾﺸﺎء وﯾﮭﺪي ﻣﻦ ﯾﺸﺎء ،ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ اﺗﺒﻌﻮا اﻟﮭﺪى ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺳﺒﺤﺎن اﷲ ،ﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﺨﺬ ﻣﻦ دون اﷲ ﻣﻠﺘﺤﺪا ،إن اﻹﻟﺤﺎد ﻓﻲ أﺳﻤﺎء اﷲ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ اﺗﺼﺎل ﺑﺮﺟﺎل ﯾﺰﯾﺪون اﻟﻨﺎس رھﻘﺎ ،وإن اﻟﺴﻤﺎء ﻻ ﺗﻤﺲ ﺑﺎﻟﻈﺎھﺮ وﻻ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻤﺮﺻﺎد ﻟﻦ ﯾﻌﺠﺰه اﻹﻧﺴﺎن ھﺮﺑﺎ ،وإن اﻟﻨﺎس ﻟﯿﺴﻌﻮن أن ﯾﮭﺮﺑﻮا ﻣﻦ اﻷرض إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺮ أو إﻟﻰ ﻛﻮاﻛﺐ أﺧﺮى ،ﺑﻠﻰ إﻧﮭﻢ ﺳﯿﺒﻘﻮن ﻓﻲ اﻷرض اﻟﺘﻲ أﻓﺴﺪوا ﻓﯿﮭﺎ ،ﻣﻨﮭﺎ أﺧﺮﺟﮭﻢ اﷲ وﯾﻤﯿﺘﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺛﻢ ﯾﺒﻌﺜﮭﻢ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﯾﻮﻣﺌﺬ ﻟﻦ ﯾﻮﺟﺪ ﻣﻔﺮ ،ﺑﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺴﺆول ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﻷﻧﮫ ﻓﺮدا وﻻ ﯾﻐﻨﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺷﯿﺌﺎ ،وﻗﯿﻞ ﻟﺮﺟﻞ ﺷﯿﺦ أن اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻠﻐﻮا إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺮ وﻧﺰﻟﻮا ﻓﯿﮫ وﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺳﯿﺴﻜﻨﻮا ﻓﯿﮫ ،ﻓﻘﺎل :رﺑﻤﺎ ﻗﺪ أﻓﺮط اﷲ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﮫ ،ﺑﻠﻰ إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ رب اﻟﻌﺮش واﻟﻜﺮﺳﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض وﻻ ﯾﺆذه ﺣﻔﻈﮭﻤﺎ وھﻮ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ،ﻻ ﯾﺤﯿﻂ اﻟﻨﺎس ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ﻋﻠﻤﮫ إﻻ ﺑﻤﺎ ﺷﺎء ،وﻗﺪ وﻋﺪ أن ﻣﻦ ﺑﺤﺚ ﻓﻲ أﻗﻄﺎر اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﺑﻤﺎ أﻋﻄﻰ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮﺳﻞ اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ ﺷﻮاﻇﺎ ﻣﻦ ﻧﺎر وﻧﺤﺎس وﻻ ﯾﻨﺘﺼﺮ اﻟﺜﻘﻼن أﻟﯿﺲ اﷲ ﺑﻘﺎدر ﻋﻠﻰ أن ﯾﻮھﻢ اﻹﻧﺴﺎن أﻧﮫ ﺑﻠﻎ إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻧﻮرا وﺟﻌﻞ اﻟﺸﻤﺲ ﺳﺮاﺟﺎ ،أﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﷲ ﺧﯿﺮ اﻟﻤﺎﻛﺮﯾﻦ ،ﻟﯿﻔﮭﻢ اﻹﻧﺴﺎن أن وراء اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﯾﺮاه واﻗﻌﺎ آﺧﺮ ﻻ ﯾﺮاه ،وﻟﯿﺪرك أن اﻟﻤﻠﻚ ﷲ وﻟﯿﺬﻛﺮ اﷲ ﻷن اﻷﻣﺮ ﺑﯿﺪ اﷲ .إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﻓﻮق اﻷرض ﺣﺠﺎﺑﺎ وھﻮ اﻟﺤﺠﺎب اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻷول ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮫ ﻇﺎھﺮﯾﺎ وﻻ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ وھﺬا اﻟﺤﺠﺎب ﯾﺸﺒﮫ اﻟﺴﺮاب وﻣﻨﮫ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﻄﻊ اﻷرﺿﯿﺔ اﻟﻤﺘﺠﺎورة واﻟﺘﻲ ﻋﺪدھﺎ ﺗﺴﻌﺎ وﺗﺴﻤﻰ ھﺬه ﺑﺎﻷﻗﻄﺎر اﻷرﺿﯿﺔ . 82
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻮاﻗ ﻣ
اﻟﻨ ﻊ
ﺠﻮم
ﺷﻤﺲ
اﻷرض
ﻣﻮ
ﻮم
ﺠ ﺎب ا ﻟ ﻜ ﻮﻧﻲ
ﻨﺠ ﻟ ا اﻗ ﻊ
ﻗﻤﺮ
اﻟ ﺤ
ا
ﻷ ول
إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﺎوات ﻃﺒﺎﻗﺎ وﻣﻦ اﻷرض ﻣﺜﻠﮭﻦ ،واﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﻲ ھﺬا ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ آﺧﺮ ،وإن ﻛﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﻟﮭﻢ ﻟﺒﺎس دﯾﻨﻲ ﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﻤﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﯿﮫ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﻠﻤﺎ واﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﺗﻘﻨﯿﺎ ﻓﻠﯿﻘﻮﻟﻮا ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أﯾﻦ اﻷراﺿﻲ اﻟﺴﺒﻊ ؟ ھﻞ ھﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ أم ﻓﻲ ﺣﺠﺎب ؟ ﻓﺈن ﻗﺎﻟﻮا إﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﺠﺎب ،ﻓﻤﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ھﻨﺎك ﺣﺠﺐ ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﻔﮭﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻼﺑﺪ أن ھﻨﺎك ﺑﺸﺮا آﺧﺮﯾﻦ ﯾﺴﻜﻨﻮن ﻓﯿﮭﺎ ،وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أﯾﻀﺎ أن ﻻ وﺟﻮد ﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ ،وﻟﻜﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻘﻮل إﻧﮫ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﺎوات ﻃﺒﺎﻗﺎ وﻣﻦ اﻷرض ﻣﺜﻠﮭﻦ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻷراﺿﻲ اﻟﺴﺒﻊ ﻓﮭﻲ ﻃﺒﺎﻗﺎ أﯾﻀﺎ .أﻣﺎ اﻟﺤﺠﺐ اﻷرﺿﯿﺔ ﻓﮭﻲ أﻗﻄﺎر اﻷرض وھﻲ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﺘﺠﺎورات ، وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ھﻲ اﻟﻘﺎرات ﻛﻤﺎ ﯾﺰﻋﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ .إن ﻇﺎھﺮ اﻟﻔﮭﻢ أن ھﻨﺎك ﻓﮭﻤﺎ آﺧﺮ ﻏﯿﺮ ﻣﻔﮭﻮم . وﻛﯿﻒ ﯾﻔﮭﻢ ذﻟﻚ ﺑﻐﯿﺮ ﻋﻠﻢ ؟ إن اﻷﻣﺮ واﺿﺢ ،ھﻮ أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻢ ﯾﻈﮭﺮ ذﻟﻚ
83
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺼﺪق ﻣﻦ ﯾﻘﻮل إﻧﮫ ﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﻧﻠﻚ اﷲ وھﺒﻂ ﻓﻮق اﻟﻘﻤﺮ ،ودﻟﯿﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ ھﻮ ھﺬا ،ﻓﻠﯿﺴﺄل ﻣﻦ ﯾﺰﻋﻢ ﻋﻠﻤﺎ ﻋﻦ اﻷراﺿﻲ اﻟﺴﺒﻊ واﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﺖ ﻃﺒﺎﻗﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻤﺎوات اﻟﺴﺒﻊ ، وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮع ھﻮ ھﺬا ﺑﻞ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺗﻌﺮف اﻟﻀﻼﻟﺔ ،إﻧﻤﺎ ﻧﺸﯿﺮ أن اﻟﺤﺠﺎب اﻷول ﻓﯿﮫ ﻧﻮر ﻣﺜﻞ اﻟﺴﺮاب ،واﻟﻔﮭﻢ ﻓﻲ ھﺬا ھﻮ اﻟﻤﺼﻞ إﻟﻰ ﻓﮭﻢ ﺳﺮ ﺿﻼﻟﺔ ﻣﻦ زﻋﻢ أﻧﮫ ھﺒﻂ ﻓﻮق اﻟﻘﻤﺮ ،ﻓﺎﻟﺤﺠﺎب اﻷول ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﺟﺘﯿﺎزه وﻧﺤﻦ ﻓﻲ اﻷرض وﺳﻨﺒﻘﻰ ﻓﯿﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻮت ﺛﻢ ﻧﺒﻌﺚ ﻟﻨﻘﻒ أﻣﺎم اﷲ وﯾﺤﻜﻢ ﺑﯿﻨﻨﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن . إن اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﺟﺪ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﺰﻻ وﻻ ﺧﯿﺎﻻ ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻲ ﻛﺮاﻣﺔ أو ﻗﻮة ﻓﻠﯿﻮاﺟﮫ ﺧﺎﻟﻘﮫ اﻟﺬي أﻧﺰل اﻟﻌﻠﻢ دون ﺷﺘﻢ اﻷﻧﺒﯿﺎء ،ﻷﻧﮭﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮا إﻻ ﻣﺎ أﻣﺮوا ﺑﮫ ،إن ﺻﺮاع اﻟﻨﻮر واﻟﻈﻠﻤﺎت ﻟﺸﻲء ﻣﺸﮭﻮد .وﻗﺪ ﻗﺘﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﺻﺤﺎب اﻷﺧﺪود .وﺟﺎء اﻟﻄﻮﻓﺎن ﻓﮭﻠﻚ ﻗﻮم ﻧﻮح ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،أﻣﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺤﺠﺮ ﻓﻘﺪ ﺟﺎءﺗﮭﻢ اﻟﺼﯿﺤﺔ ،وآل ﻓﺮﻋﻮن ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻐﺮﻗﯿﻦ ،وأﻣﻢ ﻛﺜﯿﺮة أﺻﯿﺒﻮا ﺑﻌﺬاب ﻣﺒﯿﻦ .ﻛﺬﻟﻚ ﯾﺮى اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،وﯾﺮى ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ، ﻣﺜﺎﻻ ﺣﯿﺎ ﺻﻮرﯾﺎ ،ﻓﺎﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻤﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ﯾﺮى ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن وﯾﻘﺮأ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ،وﻛﻞ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﺨﺮﺟﮭﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﯿﺎﻻ ﺑﻞ واﻗﻌﺎ ﺣﻘﯿﻘﯿﺎ ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻨﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺜﻞ ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻠﻢ أن اﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ،واﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﯾﻘﺮأ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺨﯿﺎﻟﯿﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻄﻮر اﻟﺨﯿﺎل ﻓﯿﺼﺒﺢ ﺗﻄﻮﯾﺮه ﻣﻨﻌﻜﺴﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،وﯾﺼﺒﺢ اﻟﺪﻣﺎغ ﻣﻠﯿﺌﺎ ﺑﻘﻮى اﻟﺨﯿﺎل وﯾﺼﻌﺐ ﺑﻌﺪھﺎ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﻤﺆﻣﻦ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺠﺘﻨﺐ ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﺣﻜﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺸﻜﻞ ﯾﺆدي ﺑﮫ إﻟﻰ اﻟﮭﺰﯾﻤﺔ . إﻧﮫ ﻻ داﻋﻲ أن ﯾﻤﻸ اﻟﻔﻜﺮ ﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ،ﻓﺈن اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻓﯿﻤﺎ ھﻮ ﻣﻔﯿﺪ ،أﻇﮭﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺎﺋﺪﺗﮫ ،وأن ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﺪة أن ﯾﻌﺮف اﻹﻧﺴﺎن واﻗﻊ اﻷﺷﯿﺎء وﺣﻘﯿﻘﺘﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻀﻞ ﻓﯿﺸﻘﻰ وﯾﻨﺴﻰ أن ﻋﻠﻰ اﷲ اﻟﺮﺟﻌﻰ ،وﻟﻦ ﯾﻜﻮن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﺎ ﺗﻤﻨﻰ ،وﻟﻦ ﯾﺨﺮق اﻷرض وﻟﻦ ﯾﺒﻠﻎ اﻟﺠﺒﺎل ﻃﻮﻻ ،وإن اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻘﻮﻟﻮن إﻧﮭﻢ ﯾﺨﺮﻗﻮن اﻷرض ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺎت ،أو ﯾﻜﺒﺮوا ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺒﺤﻮا ﻋﻤﺎﻟﻘﺔ ﯾﺒﻠﻐﻮن ﻃﻮل اﻟﺠﺒﺎل ،ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﺗﮭﻢ إﻻ ﺧﯿﺎﻻ وﯾﺴﻤﻰ ذﻟﻚ ﺳﺤﺮا ،ﺗﺴﺨﺮ ﺑﮫ أﻋﯿﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﯿﺘﺨﯿﻞ ﻟﮭﻢ أن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﻤﺸﻲ ﻓﻮق اﻟﻤﺎء ،أو ﯾﻄﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﮭﻮاء .إن ﺗﻠﻚ ﻗﻮة ﻓﯿﮭﺎ إﻏﺮاء .أﻣﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻓﯿﻈﮭﺮھﺎ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﺪ اﻷﻧﺒﯿﺎء ،ﻗﻮة ﻇﺎھﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﺰات وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك ﻛﺮاﻣﺎت .إن ﻗﻮة اﻟﺨﯿﺎل ھﻲ ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ،وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺴﺤﺮ ﻗﻮة ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ،واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻘﻮل إن ذﻟﻚ ﺧﯿﺎﻻ وﺿﺮب ﻣﺜﻼ ﺑﺴﺤﺮة ﻓﺮﻋﻮن اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺒﯿﻦ ﻟﮭﻢ اﻟﺤﻖ وﺑﻤﺎ ﻋﻠﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﻘﺮآن ﻓﻠﯿﻌﺮف اﻹﻧﺴﺎن أن ﻗﻮة اﻟﺨﯿﺎل واﻗﻌﻲ ﻛﻤﺎ ﯾﺘﺨﯿﻞ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺼﻮف أﻧﮫ دﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ أو أن أﺣﺪا أﻋﻄﺎه ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻠﻤﻮﺳﺎ ،أﻻ ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻀﺮب ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺤﻠﻢ ؟ ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﮫ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ،وﺑﮭﺬا أﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ھﺬا ﻋﺎﻟﻢ ﻓﯿﮫ ﻗﻮة ﺧﯿﺎﻟﯿﺔ واﻗﻌﯿﺔ ،ﯾﻔﺴﺪ ﻓﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻔﺴﺪ ﻓﻲ ﻣﺎ ھﻮ ﺣﻘﯿﻘﻲ واﻗﻌﻲ ؟ أﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻜﻮن ﻛﻤﻦ ﯾﻌﯿﺶ ﺣﻠﻤﺎ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ؟ ﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي
84
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،إن اﻟﺨﯿﺎل ﻟﮫ ﺧﻤﺲ ﻗﻮات ﻓﻲ ﺧﻤﺲ درﺟﺎت ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت : اﻟﺨﯿﺎل اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ﻗﻮاه ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﺷﺎﻣﻠﺔ
5
ﻗﻮى ﺧﯿﺎل ﻛﺎﻟﻤﺎء
4
ﻗﻮى ﺧﯿﺎل ﺷﺒﮫ ھﻮاء
3
ﻗﻮى ﺧﯿﺎل ﺷﺒﮫ ﺿﺒﺎب
2
اﻟﺨﯿﺎل اﻟﺪﺧﺎﻧﻲ
1
إن اﻟﺒﺎﻟﻎ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل ﯾﺴﮭﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻲ ،وﻣﻦ ھﺆﻻء ﻧﺠﺪ ﻣﻦ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺨﯿﺎل وإذا ﻗﻄﻊ اﻟﺨﯿﻂ اﻟﺬي ﯾﺮﺑﻂ ﺑﯿﻦ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ، ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺤﺮك اﻷﺷﯿﺎء ﻣﺤﺎوﻻ أن ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻗﻮاھﺎ ﻓﻨﺠﺪ أن ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎزل ﻋﺮﻓﺖ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻜﻮﻧﮭﺎ ﺑﯿﻮﺗﺎ ﻣﺴﻜﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮى اﻟﺸﺮﯾﺮة وھﺬا ﺻﺤﯿﺢ ،ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﯾﺪﺧﻞ ھﺆﻻء اﻟﺘﺎﺋﮭﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻲ أﺻﻨﺎم ﯾﺠﻌﻠﻮا أﺳﺎس ﻗﻮاھﺎ ،أو ﯾﺪﺧﻠﻮن ﻓﻲ ﻗﻮى ﺟﺴﻢ ﺷﺨﺺ ﻣﻌﯿﻦ ﯾﺮﯾﺪون ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي .أﻣﺎ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إذا وﻗﻊ ھﺬا ﻟﻠﺒﺎﻟﻐﯿﻦ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﺑﺄﺻﻞ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻗﻮاه ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻛﻤﺎ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮭﻢ 85
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﺣﯿﻮان ﻛﺎﻟﻘﻄﻂ أو اﻷﻓﻌﻰ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﻮر ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻲ إﻻ إذا ﺑﻠﻎ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ رﻏﻢ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ اﺧﺘﯿﺎر ذﻟﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﯾﺔ واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﮭﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻣﺴﺘﻤﺪا ﻣﻦ اﻟﻤﺜﻠﺚ اﻟﺬي أﺳﺎﺳﮫ ﻧﻮر ،واﻟﻐﺮض ﻣﻦ ذﻟﻚ ھﻮ أﻧﮫ ﯾﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت وﺗﺤﻄﯿﻢ ﻗﻮى اﻷﺟﺴﺎم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﺎﺋﮭﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وھﺬا ﯾﺘﻄﻠﺐ ﻗﻮة وﻋﻠﻤﺎ ﻟﺬا اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ ذﻟﻚ إﻻ إذا ﺑﺎغ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﻧﻮر ،وﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻐﯿﺮ إﻻ ﺑﻌﻠﻢ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻷﺻﻮل اﻟﻨﻮر ،ﻷن ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت إن ﻣﺴﺖ ﺑﻐﯿﺮ ﻋﻠﻢ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺆذي ،وذﻟﻚ ﻣﺎ ﻧﺮاه ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﯾﺼﺎب اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻣﺮاض أو ﻣﻨﺎزل ﻓﯿﮭﺎ ﻗﻮى ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﺗﺆذي ﺳﺎﻛﻨﮭﺎ ،وﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة وﻟﻜﻦ ﺑﻮﺟﻮب اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ودون اﻻﺗﺼﺎل ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﺻﻌﺐ ﺑﻤﻜﺎﻧﺔ ،وﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﺗﺄﺧﺬ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺷﻜﻼ ﻣﻌﯿﻨﺎ ﻟﮭﺎ وﻣﻈﮭﺮا ﻟﺤﻘﯿﻘﺘﮭﺎ .وﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﺷﻜﺎل وﻋﺎﻟﻢ اﻷﻟﻮان ،وﻋﺎﻟﻢ اﻟﻘﻮى ،وﻋﻼم اﻷﺟﺴﺎم .ﻛﻤﺎ أن ﻓﯿﮫ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﻌﯿﻨﺔ ﻵﺧﺬ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻛﻤﻜﺎن ﺧﺎص ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺤﺴﺎب وﻣﻜﺎن ﺧﺎص ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻣﻦ اﻷﻣﻜﻨﺔ اﻟﻌﺪﯾﺪة ﺗﺴﺘﺨﺮج اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ، وھﺬه اﻟﻌﻠﻮم ﻛﻠﮭﺎ ﻟﮭﺎ ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أﺧﺬھﺎ إﻻ ﺑﺈذن . إن ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ ﻧﻈﺎم ﻓﻮق ﻛﻞ ﻧﻈﺎم ﻇﺎھﺮي ،وﺑﯿﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺪﯾﻨﻲ واﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ ﯾﻮﺟﺪ ﺣﺎﺟﺰ ، وﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻦ ﻧﻮر ﯾﻤﻜﻦ رؤﯾﺔ ﺻﻮرة اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي اﻟﺬي ﻧﻌﺮﻓﮫ وﻧﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ ،ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻣﻠﻲء دﺧﺎﻧﺎ وأﺻﻮاﺗﺎ ﻓﻠﯿﺘﺼﻮر اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻨﺎس ﻓﯿﮫ ،وھﻢ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ،ﯾﻠﻌﺒﻮن وﯾﻀﺤﻜﻮن . إﻧﮫ ﻋﺎﻟﻢ ﻻ داﻋﻲ ﻟﺮؤﯾﺘﮫ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،ﺑﻞ ﯾﻜﻔﻲ ﻣﺎ ﯾﺮاه ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى ﻛﺎﻣﻼ ،وﻗﺪ ﯾﺘﺨﯿﻞ ﻟﻠﻤﺘﺼﻞ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﻔﻨﯿﮫ ﻛﺎﻣﻼ ﻷﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﻌﻤﻼق ﯾﺮى اﻟﻨﺎس ﻛﺄﻧﮭﻢ أﺷﯿﺎء ﺻﻐﯿﺮة ،وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﯾﻔﻜﺮ ﻓﻲ ھﺬا ﻷﻧﮫ ﯾﺪرك أن ذﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن .أﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺎت ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﻮل إن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﻄﻮي اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻛﺴﺠﻞ اﻟﻜﺘﺎب ،وﻻ ﯾﮭﻢ ﻗﻮﻟﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﻘﻮل ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻷوﻟﻮن أﻧﮭﻢ آﻟﮭﺔ ،ﺗﺸﺎﺑﮭﺖ أﻗﻮاﻟﮭﻢ و ﻗﻠﻮﺑﮭﻢ ﻷﻧﮭﻢ ﯾﺴﺘﻤﺪون ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت .وﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻟﻨﮭﺘﻢ ﺑﺄﻗﻮال ھﺆﻻء إﻻ إﻇﮭﺎرا ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،ﻓﺈن ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﻗﺪ ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻘﻮة ﻣﺴﯿﻄﺮة ،وإذا ﺣﺎول اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﻨﻔﻘﺪ ،وﻗﺒﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺸﻌﺮ ﺑﻘﻮى ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ أﻏﻠﺒﮭﺎ ارﺗﺠﺎف أو ﺳﺨﻮﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ،وھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة ﻣﻌﻨﺎھﺎ أن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﻤﺮ ﺑﺤﺠﺐ اﻟﻈﻠﻤﺎت وھﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺎب اﻷول اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﺛﻢ ﺗﻈﮭﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻇﻮاھﺮ ﻛﺄن اﻟﺴﻤﻊ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﯿﮫ ﻗﻮة أﺧﺮى ﯾﺴﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎن اﻷﺻﻮات اﻟﺒﻌﯿﺪة ،ﺛﻢ ﯾﻜﻮن اﻟﺸﻢ ﻗﻮﯾﺎ ،وﺗﺘﻘﻮى ﻗﻮة اﻟﺬوق ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺘﻢ اﻟﺮؤﯾﺎ اﻷوﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺘﻘﻮى ﺣﺎﺳﺔ اﻟﻌﯿﻦ ،وﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺘﻘﻮى ﺣﺎﺳﺔ اﻟﻠﻤﺲ وﯾﺘﻢ ﺑﮭﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وھﻜﺬا ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ،وﺑﻌﺪ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﺤﻮاس اﻟﺨﻤﺲ ،وﯾﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﺤﺎﺳﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ،وﺑﻌﺪ ھﺬا ﯾﺘﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﻤﻠﻲء ﺑﺎﻷﺷﺠﺎر وﻛﺄﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﻧﻮر وﻓﯿﮫ ﺟﺒﺎل وﻓﺠﺎج ﻟﻠﺘﻨﻘﺎل وﺗﻮﺟﺪ ﻓﯿﮫ ﻓﻮاﻛﮫ ﯾﺘﻨﺎوﻟﮭﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ وﻛﻠﮭﺎ ﺗﺰﯾﺪ ﻧﻮرا ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ وﻗﻮة ،وﯾﻌﯿﺶ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﯿﺶ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﻠﻢ ،وﻗﺪ ﯾﺴﺘﻌﺠﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻟﯿﻌﺮف ﻛﻞ ﺷﻲء وﻟﻜﻨﮫ ﯾﺘﻌﻠﻢ اﻟﺼﺒﺮ ،وإذا ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺳﻮء أو
86
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﻓﺎﺣﺸﺔ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻐﻔﺮ ﻓﺈن اﻻﺗﺼﺎل ﯾﻨﻘﻄﻊ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻮب وﯾﺮﺟﻊ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻠﮫ دون إﺻﺮار ، وھﻜﺬا ﯾﻜﻮن اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﯾﺸﻌﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺄﻧﮫ ﺻﺒﻲ ﯾﺮﺑﻰ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ،وﯾﺘﻌﻠﻢ وﻛﺄن اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﻌﻠﻤﻮه ﺷﯿﺌﺎ .وﯾﺪرك ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻧﮫ اﻷﻣﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻋﻠﻢ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ .
87
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
88
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)
ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻜﻤﻦ ﻓﯿﮫ ﻗﻮى ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻈﮭﺮ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻛﻨﻮر ﯾﺤﯿﻂ اﻟﺠﺴﻢ ﺑﻜﺎﻣﻠﮫ وﺗﺨﺘﻠﻒ أﻟﻮاﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ .أﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺼﺒﺢ اﻟﺠﺴﻢ ﯾﻜﺘﺴﻲ ﻗﻮﺗﯿﻦ ﻓﻘﻂ واﺣﺪة ﺻﻔﺮاء وأﺧﺮى ﺑﯿﻀﺎء .وﻗﺒﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﯾﻤﻜﻦ ﻓﺤﺺ ﻗﻮى ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل ﻓﻤﺪﺧﻦ اﻟﺘﺒﻎ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ دﻣﺎﻏﮫ ﻗﻮة ﺧﻀﺮاء ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﺨﺒﯿﺜﺔ ،واﻹﻧﺴﺎن ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺰﻧﺎ ﻣﺜﻼ ﻧﺠﺪ ﺟﺴﻤﮫ ﺗﻜﺴﻮه ﻗﻮة ﺳﻮداء ﻛﺪﺧﺎن ،واﻟﻤﺠﺮم ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﮫ ﻗﻮة زرﻗﺎء ﻓﻲ ﻟﻮﻧﮭﺎ ،وھﻜﺬا ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﻘﻮة ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﺧﺘﻼف أﻋﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎن ،واﺧﺘﻼف ﻗﻮى اﻷﺟﺴﺎم ،وھﺬه اﻟﻘﻮى ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻮاﻧﻊ ﺗﻤﻨﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﻌﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،وإذا وﺟﺪت ھﺬه اﻟﻘﻮى ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﺻﻌﺐ ﻻﺳﯿﻤﺎ إذا اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺨﺺ ،وﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺒﺪﯾﻠﮭﺎ ﺑﻘﻮة أﺧﺮى ﺗﻜﻮن ﻣﻦ ﻧﻮر ،وﻋﻨﺪ اﻟﺘﺒﺪﯾﻞ ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺂﻻم وﺑﻘﻨﻂ وﻗﻠﻖ ﻷن ﻗﻮاه اﻟﺠﺴﻤﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺘﻐﯿﺮ ﺑﻘﻮة أﺧﺮى ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ ﻧﻮر ،ﻟﺬا ﻓﺎﻟﻘﻨﻮط ﻗﺪ ﯾﺼﺎب ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻄﺒﻖ اﻟﺠﻠﻮس اﻷول ،وﻟﻜﻦ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﺒﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺎل ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺮاﺣﻞ ﯾﻤﻜﻦ اﺟﺘﯿﺎزھﺎ . أﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﯾﺤﺎول اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﻤﺎﺳﻚ ﻗﻮاه وﯾﺸﺪ ﺟﻠﻮﺳﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻦ ﯾﺒﻠﻎ أﺑﺪا إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﮭﻢ ، ﻓﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﺣﺪة رﻏﻢ أن ﻓﯿﮭﺎ أﻗﺴﺎم ،وﻣﻦ ھﺬه اﻷﻗﺴﺎم ا ﻟﻤﺘﻮازﻧﺔ ﺑﯿﻨﮭﺎ ،ﻧﺠﺪ أن ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻨﮭﺎ ﻟﮫ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﺑﻘﻮى اﻟﺤﺮﻛﺎت ﻟﮫ ﻓﻌﺎﻟﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﺘﺄﻣﻠﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﻗﻮاه ﻋﻦ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﯿﻦ اﻟﺴﺎﻟﻔﯿﻦ ،ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﺠﺴﻢ ھﻮ اﻟﺬي ﺗﻜﻤﻦ ﻓﯿﮫ ﻗﻮى ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻄﺒﯿﻖ ﻗﻮى اﻟﺤﺮﻛﺎت وذﻟﻚ ﺑﻜﺜﺮة اﻟﺼﻼة ،أﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﺪﻣﺎغ ھﻮ اﻟﻤﻜﺴﻲ ﺑﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت ،ﻓﺈن اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﯾﻜﻮن ﺗﻄﺒﯿﻘﺎ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ﺑﺄﺳﻤﺎء اﷲ اﻟﺤﺴﻨﻰ أو ﺑﻜﺜﺮة ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ راﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﻗﻮى اﻟﺨﯿﺎل ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣﻞ و اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ،ﻓﺎﻟﺘﺄﻣﻞ أﺳﺎﺳﮫ ﺻﺤﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،أﻣﺎ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻓﺈن اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ھﻲ ﺗﺨﯿﻞ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء ﺑﻘﻮى اﻟﺨﯿﺎل ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ واﻗﻌﯿﺔ .وﺑﻌﺪھﺎ ﻓﺈن اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻔﺮاء ﺗﺮى ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻣﻦ وﻗﺖ ﻵﺧﺮ وھﺬا دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﻮة ﺗﺘﺮﻛﺰ ﺑﻨﻮر ،أﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﺮ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻓﺈن اﻟﻘﻮة اﻟﺨﯿﺎﻟﯿﺔ ﻗﻮﯾﺔ وﻟﺒﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺜﺎﺑﺮة ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺴﮭﺮ ، ﻓﮭﺬا ﻻزم ﻟﻮﺟﻮد ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺒﺪﯾﻠﮭﺎ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻗﺪﯾﻤﺎ ﯾﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺷﯿﺌﺎ ،وذﻟﻚ ﻷن أﺋﻤﺔ اﻟﺪﯾﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺪﯾﮭﻢ ﻗﻮى ﻣﻦ ﻧﻮر ﻣﺘﻮﻓﺮة ﺗﻔﯿﺾ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺼﻠﻲ وراءھﻢ .أم اﻟﯿﻮم ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ وﻣﻦ أراد اﻟﺒﻠﻮغ ﻓﻲ ھﺬا ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ إﻣﻜﺎﻧﯿﺎﺗﮫ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ ﺑﻨﻔﺴﮫ ،واﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻮﻓﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺷﺮوط اﻟﺪﯾﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﮭﻞ اﻻﺗﺼﺎل .وﻣﻦ اﻟﻌﺎدات اﻟﺘﻲ ﯾﻠﺰم اﺗﺨﺎذھﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ﻗﺒﻞ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ، وھﺬا واﺟﺐ دﯾﻨﻲ ،اﻟﻨﻮم ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻟﯿﻼ وﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻷﺻﺢ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻮاﺟﺐ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﺪم اﻟﻨﻮم ﺑﺎﻟﻨﮭﺎر إﻻ ﻟﻀﺮورة ﻛﻤﺮض ،وھﺬه اﻟﺸﺮوط ھﻲ ﺷﺮوط دﯾﻨﯿﺔ ﯾﻌﺮﻓﮭﺎ ﻛﻞ ﻣﺘﺪﯾﻦ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري ﻋﺪھﺎ ﻛﻠﮭﺎ ،وﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﯾﻘﻮل إن اﻟﻨﻮم ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﻣﺴﺘﺤﺐ وھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ،ﻷن اﻟﺬي ﯾﻨﺎم ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺗﻜﺴﻮه ﻗﻮى ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت .وﻛﺜﯿﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎل إن اﻟﻨﻮم ﺑﺎﻟﻨﮭﺎر ﻻزم ،وھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ أﯾﻀﺎ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت إﻋﯿﺎء أو ﻣﺮض أو ﻷﺟﻞ ﻏﺮض ﻣﻌﯿﻦ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﮫ ﺳﯿﺮة أﺧﺮى ﻻﺳﯿﻤﺎ
89
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
إذا ﺗﺨﺼﺺ ﻓﻲ اﻟﺼﺮاع ﺿﺪ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻓﻨﺠﺪه ﯾﻨﺎم ﺑﺎﻟﻨﮭﺎر ﻟﯿﺪﺧﻞ ﻣﻮﻃﻨﺎ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت وﺟﺐ ﺗﺤﻄﯿﻢ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻗﻮة ،وﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻧﺎﺋﻤﺎ ،واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﻮم ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ن ﻛﻤﺎ ﯾﻮﺟﺪ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﺒﮫ ﻧﻮم ﻓﻘﻂ ، وإذا اﺳﺘﻤﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﺣﺎﻻت اﻹﺗﺼﺎﻟﯿﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ أﺷﯿﺎء ﻣﺬھﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻛﺄن ﯾﺒﻘﻰ ﻣﺴﺘﯿﻘﻈﺎ ﻟﻤﺪة ﻻ ﯾﻨﺎم ﻓﯿﮭﺎ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻧﺠﺪه ﻧﺎﺋﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻌﻄﻲ اﻟﺮاﺣﺔ ﻟﻠﺠﺴﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﺗﺎﻣﺔ .وﻧﻌﻄﻲ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺤﻠﻢ ﻓﺈن اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻮم ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﯾﻘﻈﺔ ﯾﺘﻢ ﺑﮫ اﻟﺤﻠﻢ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﯾﻨﺎم اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﯾﺒﻘﻰ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي ﻓﻲ اﻟﯿﻘﻈﺔ ،وﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ أﯾﻀﺎ ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﺟﺴﻤﮫ اﻟﻈﺎھﺮي ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻮم ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﯾﻈﮭﺮ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﻌﯿﻨﺔ ،ﻓﺎﻟﺴﺮ إذا ﺑﯿﻦ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻤﯿﻦ اﻟﻈﺎھﺮي واﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وإذا اﻟﺘﺤﻤﺎ وأﺻﺒﺤﺎ ﺟﺴﻤﺎ واﺣﺪا ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﮫ ﻗﻮة ﻛﺒﯿﺮة ،وھﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﯾﻨﻔﺬھﺎ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﻌﺰول ﻟﯿﺘﻌﻠﻢ ﻓﻘﻂ دون أن ﯾﻈﮭﺮ ذﻟﻚ ﻟﻠﻨﺎس ﻇﺎھﺮﯾﺎ ،وھﺬه اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت ﻛﻠﮭﺎ أﺳﺎﺳﯿﺔ ﻣﻦ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮھﺎ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر ،واﻟﻤﺠﺎل واﺳﻊ وﻟﻜﻦ اﻟﻜﻼم ﻣﺤﺼﻮر ،وﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ھﺬا إﻻ ﻷن اﻟﻨﺎس ﯾﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﺪﯾﻦ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ أﺳﺮار ﺗﻈﮭﺮ ﻗﻮى ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻟﺬا ﯾﺘﺠﮭﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻐﺎﯾﺮة ﻇﻨﺎ ﻣﻨﮭﻢ أﻧﮭﺎ ﺗﻜﺘﺴﻲ ﺻﺒﻐﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ،واﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ أوﻟﻰ وأﻃﮭﺮ ﻣﻦ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺎت ﻣﺎﻻ ﯾﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﯿﻘﺎت اﻷﺧﺮى ،وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻛﺮاﻣﺎت ﺑﻞ إﻣﻜﺎﻧﯿﺎت ﻣﻮﺟﻮدة ﯾﻮﻓﺮھﺎ اﻟﺪﯾﻦ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻤﻄﺒﻖ ﻟﻠﻄﺮق اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ دون ﺗﻐﯿﯿﺮ ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﻤﺮ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﯾﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻷﺧﺮى ﺣﺘﻰ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻓﯿﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﺳﺘﻘﺮارﯾﺔ ﺗﻄﻮﯾﺮﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،أﻣﺎ ﻃﺮق اﻟﺠﻠﻮس ﻓﻌﺪﯾﺪة ﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ إﻻ ﻟﻠﺒﺎﻟﻎ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺣﯿﻦ ﯾﻜﺘﺴﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻧﻮر ﻛﺎﻣﻠﺔ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ اﺗﺨﺎذ أﻧﻮاع ﺟﻠﻮس ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻮﺟﻮد ﻇﻠﻤﺎت ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻟﻢ ﯾﻘﺾ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺗﺘﻄﻮر ﺑﺎﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺎﻟﺠﻠﻮس اﻷول وﺟﻠﻮس اﻟﺼﻼة أھﻢ ﻣﺎ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ ﺗﻄﺒﯿﻘﯿﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ .وﻧﺤﺬر ﻣﻦ اﺗﺨﺎذ ﺟﻠﻮس آﺧﺮ دون ﻋﻠﻢ وﯾﻘﯿﻦ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻗﻮة ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ أﺻﻠﮭﺎ ﻧﻮر ﻻ ﻇﻠﻤﺎت ،و إذا ﺗﻢ اﻻﺗﺼﺎل ﻓﺈن اﻟﻤﺸﻜﻞ ﻻ ﯾﺒﻘﻰ ﻣﺸﻜﻼ ﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤﻞ ،إن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺴﺒﻖ ﻟﮫ أن ﺳﻤﻊ ﺑﻮﺟﻮد اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﻻ ﻧﺠﺪ ﻟﮫ ﻣﻦ إرﺷﺎد إﻻ أن ﯾﻠﺘﺠﻰء إﻟﻰ اﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ وﯾﻄﺒﻘﮭﺎ ﻛﻤﺎ ھﻲ و ﺑﺸﺮوﻃﮭﺎ وﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن دون إدﺧﺎل ﺻﻔﺔ أذﻛﺎر أﺧﺮى ،وﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة وأداء واﺟﺒﺎﺗﮭﺎ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺻﻼﺗﮫ دون أن ﯾﻘﻮم ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺴﮫ وﻻ ﯾﻐﯿﺮ ھﯿﺌﺔ ﺟﻠﻮس اﻟﺼﻼة ،وﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ دون اﻟﻠﺴﺎن ودون أن ﯾﻜﻮن ﻣﯿﻼن ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻻ ﯾﻤﯿﻨﯿﺎ وﻻ ﺷﻤﺎﻟﯿﺎ وﻻ أﻣﺎﻣﯿﺎ أو ﺧﻠﻔﯿﺎ ،ودون اﻟﺘﻔﺎت أو ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺜﯿﺮة ﻟﻸﻋﺼﺎب ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻜﻠﯿﻢ أﺣﺪ ﻗﺒﻞ إﺗﻤﺎم ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻗﺮاءﺗﮫ ،ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،وﺑﻌﺪ ھﺬا ﯾﺘﺨﺬ اﻟﺠﻠﻮس اﻷول ﻟﻤﺪة ﯾﻐﻤﺾ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ،وﻛﻞ ھﺬا ﻻزم ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل ﯾﻜﻮن ﺳﮭﻼ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﺑﺄي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺠﻠﻮس ،واﻟﻤﺸﺎھﺪة ﺷﻲء ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻼﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،ﻷن اﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﻤﺠﺮدة واﻟﺼﻮر ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﻞ وھﺬا ﻟﯿﺲ ﺑﺪﺧﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻻﺗﺼﺎﻟﻲ ،واﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻣﺎ ھﻲ إﻻ
90
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻼﺗﺼﺎل .أﻣﺎ اﻻﺗﺼﺎل ﻧﻔﺴﮫ ﻓﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﺎﺗﺼﺎل ﺗﺎم ﻣﻊ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﻣﺎ ﯾﺮاه اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻓﮭﻮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻤﺎ ﯾﺮاه ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل ،واﻹﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن أﻋﻤﻰ ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﺗﺼﺒﺢ ﻋﻨﺪه اﻟﺮؤﯾﺎ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،إن اﻟﻤﺸﺎھﺪة اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻻ دﺧﻞ ﻓﯿﮫ ﻟﺪور اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺼﻔﺔ إﺟﻤﺎﻟﯿﺔ ،ﻷن اﻟﺼﻮر ﺗﻈﮭﺮ أﻣﺎم اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻛﺄﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﮭﺎ اﻟﺼﻮري وﯾﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة وﺿﻊ اﻷﺳﺌﻠﺔ وأﺧﺬ اﻟﺠﻮاب إﻣﺎ ﺻﻮرﯾﺎ أو ﻣﻜﺘﻮﺑﺎ ﺑﻨﻮر ﯾﺮى ،وﻛﻞ ﺳﺆال ﯾﻄﺮح ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻄﺮح ﺑﻨﻄﻖ ﻣﺴﻤﻮع ،ﺑﻞ ﯾﻄﺮح ﺑﻜﻼم ﻏﯿﺮ ﻣﺴﻤﻮع وھﻮ ﻓﻜﺮي ،وﻗﺪ ﯾﺄﺧﺬ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺠﻮاب ﻗﺒﻞ أن ﯾﻄﺮح اﻟﺴﺆال وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻤﺴﺆوﻟﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﻌﺮﻓﻮن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺘﺼﻞ ،وﯾﻤﻚ أن ﯾﺠﺘﻤﻊ أﻓﺮاد ﻋﺪﯾﺪون ﻣﺘﺼﻠﻮن ،وﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة ﯾﻤﻜﻨﮭﻢ أن ﯾﺠﻤﻌﻮا ﻋﻠﻮﻣﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺴﺘﻮى ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻌﻠﻮم ﻻ ﺗﻨﺸﺮ أﺑﺪا ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻄﻮر ،وﻻ ﯾﻨﺸﺮ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻃﻨﻲ إﻻ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺣﯿﺚ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﻜﺘﺐ أو ﯾﺘﻜﻠﻢ وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﯾﻜﻮن ﻣﺘﺼﻼ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﯾﺮى ﻗﻮة ﻛﻞ ﻛﻼم ﯾﻜﺘﺒﮫ وﯾﻌﺮف ﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮫ ،ﻟﺬا ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻜﺘﺐ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻻ ﯾﺨﻀﻊ أﺑﺪا إﻟﻰ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ،ﻷن اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﻮﺟﮭﺔ ﺑﻀﻤﺎن ﺗﺮﺗﯿﺒﻲ ﯾﻨﻔﻠﺖ ﺑﮫ ﻛﻞ ﻗﻮل ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻮة ﺗﻜﻮن ﺟﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﻈﻠﻤﺎت . وﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة أن ﯾﻜﺘﺐ ﻋﻠﻮﻣﺎ وﯾﺠﻤﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ وﺗﺼﺒﺢ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ ﻷﻧﮭﺎ وﺳﯿﻠﺔ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮاه وﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻷﺣﺪ آﺧﺮ ،إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﯿﮭﺎ أﺣﻜﺎم ﺷﺮﻋﯿﺔ ،وﺗﻌﻄﻰ اﻷدﻋﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻟﯿﺼﻠﺢ ﺣﺎﻟﮫ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻄﻰ اﻷذﻛﺎر ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻗﻮى اﻟﻤﺘﺼﻞ وﯾﺮﺷﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻣﺮ ﯾﺨﺼﮫ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺄﻣﺮ أﺣﺪا ﺑﺄن ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﺑﺼﻔﺔ أﻋﻄﯿﺖ ﻟﮫ ﻷن ﻣﺎ أﻋﻄﻲ ﻟﮫ ﻻ ﯾﮭﻤﮫ إﻻ ھﻮ ﺷﺨﺼﯿﺎ ،ﻟﺬا ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺸﻜﻞ آﺧﺮ أو أن ﯾﺤﺎول ﺗﻮﺟﯿﮭﮫ ﻷن ذﻟﻚ ﯾﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ واﻟﻌﻘﻞ وﻗﺪ ﯾﻨﻔﻘﺪ ﻛﻞ اﺗﺼﺎل ،وﺳﺒﺐ ذﻟﻚ أن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻟﻢ ﯾﻜﺘﻤﻞ ﻋﻨﺪه ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻼزﻣﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ . إن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﻦ ﯾﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎ ﻓﯿﮫ أﺑﺪا وﻟﻦ ﯾﻜﻮن ﻣﺴﺆوﻻ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻷن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﯾﻜﻮن ﺗﺤﺖ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻣﻦ ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻣﺴﺆوﻻ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،واﻟﺬﯾﻦ ﻗﺎﻟﻮا إﻧﮭﻢ ﻣﻠﻜﻮا ﺷﯿﺌﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ أو ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻓﺄوﻟﺌﻚ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﻮﻟﮭﻢ إﻻ ﺿﻼﻟﺔ ﻛﺎن ﻛﻨﺎر أﺿﻤﺮت ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻋﺎﻟﻤﯿﻦ ﻣﺪى ﺧﻄﻮرﺗﮭﺎ وﻟﻢ ﯾﻌﺮﻓﻮا أﻧﮭﺎ ﺳﺘﺤﺮق اﻋﺘﻘﺎد اﻟﻨﺎس وﺗﻐﯿﺮ اﺗﺠﺎھﮭﻢ ،وﻟﯿﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺷﺨﺺ دﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﺣﻤﻞ اﻟﺴﯿﻒ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺬي ﺑﻮاﺳﻄﺘﮫ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﻤﻠﻚ أرواح اﻟﺨﻠﻖ ﺣﺘﻰ ﯾﻨﺰﻋﮭﺎ ﻣﻨﮭﻢ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﺎب أﺣﺪ إﻻ ﺑﻤﺎ ﻛﺘﺐ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﻤﻮت واﻟﺤﯿﺎة ﺑﯿﺪ اﷲ ،إﻧﮫ ﻻ وﺟﻮد ﻷﺳﺎس ﻗﻮل ﻣﻨﺘﺸﺮ ﺑﯿﻦ اﻟﺮاﻏﺒﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻓﯿﮫ أن اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ إذا ﻟﻢ ﯾﻌﻄﻮا اﻟﻨﻮر ﻷﺣﺪ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﺳﺒﯿﻞ ﻟﻠﺒﻠﻮغ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ وﻻ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻛﺄﻧﮭﻢ ﺣﺮاس ﻋﻠﻰ أﺑﻮاب اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺪﺧﻠﮭﺎ أﺣﺪ إﻻ إذا
91
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
أدى واﺟﺒﺎت ﻟﻢ ﺗﻜﻦ دﯾﻨﯿﺔ ﺑﻞ ﻣﺎدﯾﺔ ،إن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ أن ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ وﯾﺼﻞ إﻟﯿﮫ اﻟﻨﻮر اﻟﺬي أﻧﺰل اﷲ دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺄدﯾﺔ ﺷﺮوط أﺧﺮى ﻏﯿﺮ اﻟﺸﺮوط اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ . إذا ﻣﺎ ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻨﺘﺒﮫ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺼﻮرﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻠﻘﺎھﺎ ،وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ أن اﻟﻤﺘﺼﻞ ﻗﺪ ﯾﺮى ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة أو ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ أﻧﮫ ﻗﺪ أﻋﻄﻲ ﻟﮫ ﺳﯿﻒ أو ﻣﺎل أو ﺑﯿﺖ ،ﻓﺈن اﻟﻔﮭﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﻠﻤﻮس وﻻ ﯾﻈﻦ أﻧﮫ ﺳﯿﻨﺎل ذﻟﻚ ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻷن اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻋﻠﻤﻲ أو ﻗﻮة ﻓﯿﮭﺎ ﻧﻮر .وإن ﻛﺜﯿﺮا ﻇﻨﻮا أن ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ وﻋﺪوا ﺑﻤﺎل وﻟﻢ ﯾﻨﺎﻟﻮه ،وھﺬا أﺳﺎﺳﮫ ﺳﻮء ﻓﮭﻢ ﻟﻠﻌﻠﻢ اﻟﺼﻮري ،إﻧﮫ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻈﺎھﺮ واﻟﺒﺎﻃﻦ وﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﻈﺎھﺮي ، وﺑﯿﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وھﻨﺎك ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻈﺎھﺮ اﻟﻈﺎھﺮي اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ وﺑﯿﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ .ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺠﺐ اﻷرﺿﯿﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ وﺑﯿﻦ اﻟﺤﺠﺐ اﻷرﺿﯿﺔ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ وﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮق أﯾﻀﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺠﺐ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ واﻟﺤﺠﺐ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ ،وھﺬا ﻛﻠﮫ ﯾﺸﻜﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻈﺎھﺮي اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻷول .وﻗﺪ ﯾﺮى ﺷﻲء ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﻇﺎھﺮي ﯾﺮى ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،واﻟﻈﺎھﺮ اﻟﻈﺎھﺮي اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ھﻮ اﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻤﻠﺖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ،ﻟﮭﺬا ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎب اﻟﻜﻮﻧﻲ اﻷول ﻷن ﻣﻌﻨﺎه ھﻮ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﺬي ھﻮ اﻟﺠﻨﺔ ،وﺣﻘﯿﻘﺔ ھﺬا ﻛﻠﮫ ﺗﻔﮭﻢ ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ . وﻧﻔﮭﻢ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻈﺎھﺮ اﻟﺬي ﻧﺮاه ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻟﯿﺘﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ أﺻﻞ ﻛﻞ ﻗﻮة ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﺤﯿﻄﺔ ﺑﻨﺎ ،وأﻋﻄﯿﺖ اﻷھﻤﯿﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،ﻷن اﻹﻧﺴﺎن إن اﻛﺘﻔﻰ ﺑﻤﺎ ﯾﺮاه ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻛﺎﻷﻋﻤﻰ ﻻ ﯾﺮى اﻟﻘﻮة اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﮫ ،وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﻮة ﻟﮭﺎ أھﻤﯿﺔ ﻷﻧﮭﺎ أﺳﺎس ﺣﻞ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻛﻠﮭﺎ ،وﻛﺄن اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻋﺪو ﻻ ﯾﺮى ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻈﻠﻤﺎت إﻻ ﺑﺎﻟﻨﻮر ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺮى اﻟﺼﺮاع اﻟﻤﻮﺟﻮد ﺑﯿﻦ اﻟﻨﻮر واﻟﻈﻠﻤﺎت ،ﻻﺳﯿﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ھﺬا اﻟﺬي ﺗﺘﻀﺎرب ﻓﯿﮫ اﻟﻘﻮى ﻇﺎھﺮﯾﺎ ﻓﻜﯿﻒ ﻻ ﺗﺘﻀﺎرب ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ ،إن اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺠﮭﻮل ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ھﻮ اﻟﻤﺨﯿﻒ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ .ﻓﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺠﮭﻮل وﻓﯿﮫ ﯾﻜﻤﻦ ﺳﺮ ﺣﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ھﻮ ﻣﻌﻘﺪ وﻏﯿﺮ ﻣﻔﮭﻮم ،واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﻓﻜﺮﯾﺎ أو ﺻﻮرﯾﺎ ،ﺑﻞ ﺑﻘﻮة ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﮫ اﻟﺨﻄﺄ ﻣﻦ اﻟﺼﻮاب ،واﻟﻤﺘﺼﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﻏﯿﺮ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت إﻻ وﯾﺸﻌﺮ ﺑﺴﻜﯿﻨﺔ واﻃﻤﺌﻨﺎن وﯾﺨﻒ ﻋﻨﮫ اﻟﻮﻃﺄ ،وإن ﺑﮭﺬا ﻻ ﻧﻌﺮف أﺳﺎﺳﺎ آﺧﺮ ﻟﻤﺸﻜﻞ اﻹﻧﺴﺎن إﻻ وﺟﻮد ﻗﻮة ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت اﺳﺘﺨﺮﺟﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﮫ وﻻ ﯾﺴﺄل ﻋﻨﮭﺎ أﺣﺪ آﺧﺮ ﻏﯿﺮه ،وﻛﻞ ﺷﺨﺺ راﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺪﯾﻨﻲ وﻟﻢ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ ﻓﻠﯿﻌﺮف أن اﻟﺤﺎﺟﺰ ﻇﻠﻤﺎت وﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﮭﺘﻢ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻐﯿﺮ ﻣﺎ ﺑﮫ ،واﻷﻣﺮ إن اﺳﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎل اﻟﺬي ھﻮ ﻋﻠﯿﮫ اﻵن ﻓﺈن ﻟﻦ ﯾﺆدي إﻟﻰ ﺧﯿﺮ أﺑﺪا . اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ أن ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻛﻮﻛﺐ ﻣﻦ اﻟﻜﻮاﻛﺐ وﻻ ﯾﺮﺳﻮ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺮ وﻻ ﯾﺪﺧﻞ ﺷﻤﺴﺎ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﺠﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ أن ﯾﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﻃﻦ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﻻ ﯾﺮﺟﻊ ﺑﻌﺪھﺎ ،ورﺟﻮﻋﮫ داﺋﻤﺎ رﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻈﺎھﺮي واﻻﻧﺘﻤﺎء إﻟﯿﮫ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ أن ﯾﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﺟﺴﻢ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ إﻻ إن ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺮورة ﺣﻜﻢ ﻟﺬﻟﻚ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ 92
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
أن ﯾﺼﯿﺐ اﻟﻨﺎس ﺑﺸﺮ ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺄﺗﻲ ﺑﺨﯿﺮ ﻟﻠﻨﺎس ،ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻛﻠﮫ ﺑﯿﺪ اﷲ ،ﻟﮭﺬا ﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮق ﻛﺒﯿﺮ ﺑﯿﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت واﻻﺗﺼﺎل ﺑﻘﻮى اﻟﻨﻮر ،وﻟﯿﺒﻠﻎ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﺗﺼﺎل ﺗﺎم ﻣﻦ ﻧﻮر ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻜﻮن أﺻﻼ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر ،ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ ﻓﯿﮫ ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻓﯿﮭﺎ إﻣﺎ اﻟﻈﻠﻤﺎت وإﻣﺎ اﻟﻨﻮر ،وﺗﻜﻮن ﻣﺮاﻛﺰ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻮﻻدة ﻛﻠﮭﺎ ﻧﻮر ،واﻹﻧﺴﺎن إن ﯾﻜﻔﺮ أو ﯾﻄﺒﻖ ﻣﺎ ھﻮ ﺟﺎﻟﺐ ﻟﻠﻈﻠﻤﺎت ﻓﺈن أﺳﺎس اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﯾﺘﻐﯿﺮ ،وإن ﺗﻐﯿﺮ وﻃﺒﻘﺖ ﻃﺮق أﺧﺮى ﺟﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﻨﻮر ،ﻓﺈن ﻣﺮاﻛﺰ اﻻﺳﺘﻤﺪاد ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ﺗﺘﺒﺪل وﺗﺮﺟﻊ ﻧﻮرا ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ، ﻓﺎﻻﺣﺘﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮭﺎ ﯾﺴﺘﻮﺟﺐ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ ،وأﺻﻮﻟﮫ ﺛﻢ أﺳﺴﮫ ، ﻓﺎﻷﺳﺲ ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻋﺘﻨﺎء ﺑﻤﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ،وأﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ أﺳﺎﺳﮭﺎ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،وﻣﻦ ﯾﺴﺘﺼﻐﺮ ﻗﻮى اﻟﺠﺴﻢ وﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻦ ﯾﺒﻠﻎ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻓﯿﮫ أھﻤﯿﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﺒﺎدة اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺠﺮد ﺷﻲء ﻏﯿﺮ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻘﻮل أو ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ دون اﻟﻌﻠﻢ واﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻐﯿﺐ ،ﻓﺎﻟﻤﺼﻠﻲ إن ﻟﻢ ﯾﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﮫ ﻧﻮر ﻣﺘﺮﻛﺰ ﻓﯿﮫ ﻛﺎﻣﻦ راﺳﺦ ﻓﺈن اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﺗﻘﻞ وﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﮭﺎ أھﻤﯿﺔ وھﺬا ﻇﺎھﺮ وﻣﻔﮭﻮم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄن ﺻﻼﺗﮫ ﻟﻢ ﺗﻌﻄﮫ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﻻﺑﺴﺔ ﻟﺒﺎس اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﺬي ھﻮ اﻟﺘﻘﻮى ،وﻻﺑﺪ أن ﻧﻌﺮف ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن اﻟﺒﻠﻮغ ﺻﻌﺒﺎ ،إن ﻗﻮى اﻟﻨﻮر ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﻄﻮﯾﺮ ،ﻷن اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻗﺪ ﻃﻮرت وأﺻﺒﺤﺖ ﺗﺨﻨﻖ اﻟﻤﺘﺪﯾﻦ وﺗﻤﻨﻌﮫ ﻣﻦ اﺗﺨﺎذ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ ،إن اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺗﻤﻨﻊ اﻟﻌﻠﻢ وھﻲ أﺳﺎس ﻛﻞ ﺷﺮ ﻣﻨﺘﺸﺮ وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﻀﺎدة ﻗﻮاھﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻨﻮر ﻛﻤﺎ أن اﻟﻜﺎﻓﺮ وﺟﺒﺖ ﻣﺤﺎرﺑﺘﮫ ﺑﻜﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﻌﻄﺎة ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﻇﺎھﺮا وﺑﺎﻃﻨﺎ ،وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ أن ﯾﻌﺘﻘﺪ أﻧﮫ ﺳﯿﺒﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ دون ﺟﮭﺎد وذﻟﻚ ﺑﻤﺤﺎرﺑﺔ ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻨﻔﺲ وﺗﻄﮭﯿﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﮫ ،وﻟﯿﻌﺘﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﺎ ھﻮ ﺣﻘﯿﻘﻲ وﺻﺤﯿﺢ ﻟﮫ واﻗﻊ وأﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،إن اﻷﻣﻞ ﯾﻠﮭﻲ اﻟﻨﺎس ،ﻟﺬا ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺷﻘﺎء ،وﻟﻮ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ﻛﻠﮫ ﻟﻌﺮﻓﻨﺎ أن أﺳﺎس ﻣﺸﻜﻞ اﻹﻧﺴﺎن ھﻮ ﻣﺸﻜﻞ ﻇﻠﻤﺎت ﻣﻀﺎدة ﻟﻠﻨﻮر ،وﻟﻜﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺘﻢ ﻧﻮره ،وﯾﮭﺘﺪي ﻟﻨﻮره ﻣﻦ ﯾﺸﺎء ،وھﻮ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﻋﻠﯿﻢ ،وﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆﻣﻦ إﻻ أن ﯾﻌﺮف اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﯿﺘﺒﯿﻦ ﻟﮫ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺼﻮاب ، وﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ھﺬا ھﻮ اﻟﻌﻠﻢ ،وﻣﮭﻤﺎ أن اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أﺻﯿﺒﺖ ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ،ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻔﺘﻮح ﻟﻜﻞ ﻣﺆﻣﻦ ،وﻟﺘﺮﺟﻊ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺣﻘﯿﻘﺔ أﺧﺮى ﺣﻘﯿﻘﺔ داﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻤﻐﯿﺮة ،ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﯿﻌﺮف ﻣﺎ أﺻﯿﺐ ﺑﮫ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك إﻇﮭﺎر ﻷﺻﻞ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ وذﻟﻚ ﺑﻈﺎھﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ وﺿﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻓﺒﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺗﺮى ﺻﻮرﯾﺎ أو ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،واﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﯿﮫ ﻛﺘﺐ ﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﻜﺘﺐ وﺣﺪھﺎ وﯾﻜﻔﻲ ﻧﻘﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻟﮫ ﻛﺘﺎب ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ وﺣﻠﻮﻟﮭﺎ اﻋﺘﻤﺎدا ورﺟﻮﻋﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫ أن ﯾﺴﺘﺨﺮج ﻣﺎ ﺷﺎء ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺸﻜﻞ ﻋﺼﺮه ،وﻻ ﯾﺨﺘﻢ ﻛﺘﺎب إﻻ وﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﻛﺘﺐ ،ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺮﺟﻊ اﻟﻘﻮل ﺑﺎرﺗﺒﺎط ﻧﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ .إن اﻹﻧﺴﺎن ﻟﮫ ﺣﻘﻮق ، وﻛﻞ ﺣﻘﻮﻗﮫ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ دﯾﻨﯿﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺴﻤﻰ ﺣﻘﻮﻗﺎ ،وﻻ ﯾﺴﻤﻊ ﻛﻼم ﻃﺎﻟﺐ ﻟﺤﻖ إﻻ إن ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻄﺎﻟﺐ ﺑﮫ ﺣﻖ دﯾﻨﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻺﺻﻼح ﻛﻞ أﻣﺮ دﯾﻨﻲ وأﻗﺎم ﻟﺤﻘﻮق اﷲ اﻋﺘﺮاﻓﺎ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﮫ وﺣﺪوده ،ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻠﺒﻲ اﻹﻧﺴﺎن رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻜﺜﺎر ﻣﻦ ﻣﺘﺎع اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ وﯾﻌﺘﻘﺪ أن ﻟﮫ
93
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
ﺣﻘﻮق ﻓﯿﮭﺎ ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﺗﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﮫ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻄﻮﯾﺮﯾﺔ ﻷﺻﻮل اﻟﻤﺎدة ،ﻓﺎﻟﺪﯾﻦ أھﻢ ﺷﻲء وإن ﺳﻌﯿﻨﺎ إﻟﻰ إﺻﻼح أﻣﺮ دﯾﻨﻨﺎ ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺼﻠﺢ أﻣﺮ دﻧﯿﺎﻧﺎ ،وﻻ ﻧﺬﻛﺮ ھﺬا إﻻ ﻟﻮﺟﻮب ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،ﻷن اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻟﻠﺒﻠﻮغ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺴﻌﻰ إﻟﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﯾﻦ ،واﻟﻮاﺟﺐ اﻷول ﯾﻮﺟﺐ واﺟﺒﺎ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﯾﺘﺼﺮف ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺒﺘﻌﺪا ﻋﻦ اﻟﺨﯿﺎل اﻟﺬي ھﻮ ﺣﺠﺎب ﯾﻤﻨﻊ ﻛﻞ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻃﻨﻲ ،واﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺼﺤﺢ اﻋﺘﻘﺎده ﻣﻌﺘﻤﺪا ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،ﻓﺈن ﺧﯿﺎﻟﮫ ﯾﺘﺴﻊ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﮫ اﻟﺨﯿﺎﻟﻲ وﯾﺼﻌﺐ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮫ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻈﺎھﺮي ﻛﻤﺎ ﯾﺼﻌﺐ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﻣﻦ ﻛﺎن ﺧﯿﺎﻟﮫ ﺧﯿﺎﻟﯿﺎ ﻻ واﻗﻊ ﻓﯿﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺸﻜﻞ ﻻ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻓﯿﮫ ﻓﺘﻜﺜﺮ اﻷﺣﻼم اﻟﺘﻲ ﻟﮭﺎ ﺻﺒﻐﺔ أﺿﻐﺎث أﺣﻼم ،ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻷﺣﻼم ﻟﮭﺎ واﻗﻊ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﯾﻠﮭﻢ ﺑﮫ ،ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﺸﻜﻠﮫ اﻷﺻﻠﻲ أﻧﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺨﯿﺎل ،وأﻧﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﺤﻠﻢ واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ وﺑﯿﻦ اﻟﻨﻮم واﻟﯿﻘﻈﺔ ،وﺑﯿﻦ اﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر ،وﺑﯿﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻌﺬاب ،وﺑﯿﻦ اﻟﻜﻔﺮ واﻹﯾﻤﺎن . إن اﻹﻧﺴﺎن ﻻﺑﺪ ﻟﮫ أن ﯾﻈﮭﺮ واﻗﻌﮫ أﻣﺎم اﻟﻮاﻗﻊ ،واﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ھﺬا ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ أﻣﺎم اﷲ ،وإﻧﮭﺎ ﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﺗﺰوﯾﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،ﻓﺤﺘﻰ ﻟﻮ ﻏﯿﺮت اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﺈن ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻢ ﺗﻐﯿﺮ ﺑﻞ ﺗﻈﮭﺮ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ أﻧﮫ إﻧﺴﺎن ﻣﻐﯿﺮ ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ وﺟﺐ ﻟﮫ ﻋﻘﺎب ،واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ وﺳﯿﻠﺔ ﻟﺘﻜﻤﯿﻞ اﻟﺪﯾﻦ ھﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ وﻟﺠﻮء إﻟﻰ رﺣﻤﺔ اﷲ ،وﻣﻦ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أﻧﮫ ھﺮب ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻇﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ ،أو أن ﺧﻼص اﻟﺮوح ﻣﻤﻜﻦ ﻷن اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻈﺎھﺮ وواﻗﻌﮫ اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻣﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺐ اﻷرﺿﯿﺔ ،ﻟﯿﺒﺘﻌﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ اﻟﺨﯿﺎل وﻟﯿﻄﻮر ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ ﺑﻌﻠﻢ و اﻋﺘﻘﺎد ﺻﺤﯿﺤﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﯿﻦ اﻟﺤﻖ وﯾﺒﻄﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ ،إن اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺤﺪﺛﻮا ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻌﻜﻮﺳﺔ ﻣﻀﺎدة ﻷﺻﻞ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺎ أرﺷﺪوا إﻻ إﻟﻰ اﻟﻀﻼﻟﺔ ،وﻃﻮروا اﻟﺨﯿﺎل ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﺧﯿﺎﻻ اﻋﺘﻘﺎدﯾﺎ ﺣﻘﺎ ،إﻧﮭﻢ ﻟﻤﺴﺆوﻟﻮن ﻋﻤﺎ ﯾﻔﻌﻠﻮن ،واﻟﻐﺮﯾﺐ ھﻮ أن اﻟﻨﺎس ﯾﺴﺘﺠﯿﺒﻮن ،وإن ﻗﯿﻞ ﻟﮭﻢ ﻗﻮل اﻟﺤﻖ ﯾﻘﻮﻟﻮن إﻧﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ ﻋﺎﻟﻤﯿﻦ وأن ﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﺷﯿﺌﺎ ﺿﺪ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﻮن ﻓﻌﻠﯿﮫ أن ﯾﺄﺗﻲ ﺑﺴﻠﻄﺎن ﻣﺒﯿﻦ ، واﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻤﺒﯿﻦ ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻈﮭﺮه ﻓﻲ ﻛﻞ وﻗﺖ وﺣﯿﻦ ﯾﻌﺬب اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﻤﺎ ﯾﺼﯿﺒﮭﻢ ﺑﮫ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺋﺐ ،ﻓﻠﻢ ﯾﻌﺬﺑﮭﻢ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ إن ﻛﺎﻧﻮا ﺻﺎدﻗﯿﻦ ،وﯾﻈﻨﻮن أﻧﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ وﯾﻘﯿﻦ .إن اﻟﻤﺜﻞ اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﺬب إﻻ ﻣﻦ أﺗﻰ اﷲ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﺑﻘﻠﺐ ﺳﻠﯿﻢ ،إن ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻨﻔﺲ واﺟﺐ ﻟﻤﻦ أراد اﻟﺒﻠﻮغ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،وﻛﻞ ﺑﻠﻮغ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﯾﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ،وﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﺤﻮاس وﺻﺤﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،ﻷن اﻟﺤﻮاس أﺳﺎس ﻛﻞ ﺟﻠﺐ ﻟﻘﻮى اﻟﻤﻠﺬات واﻟﺸﮭﻮات ،ﺛﻢ إن رﻏﺒﺎت اﻹﻧﺴﺎن وﻧﺰوات اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﻐﯿﯿﺮ أﺻﻮل ﺻﺤﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،وﻛﻞ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﺎ أﺳﺎﺳﮫ إﻻ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎن ﻷن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺼﺎب ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻤﻦ ﻧﻔﺴﮫ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﯾﺒﺪل ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﯾﺒﺪﻟﻮا ﻣﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﮭﻢ .وإذا ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺘﺼﻠﻮن ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻗﺪ ﻗﺎﻟﻮا ﻓﻸن اﻟﻨﺎس ﺑﺪﻟﻮا ﻣﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﮭﻢ وﺑﺪل اﷲ ﻣﺎ ﺑﮭﻢ ،وﻟﯿﻌﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ذاﺋﻘﺔ اﻟﻤﻮت ،ﻟﺬا ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺨﻠﻮد ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ وﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﮭﺮوب ﻣﻦ اﻟﻤﻮت ،إن اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ھﺬه اﻷرض ﻟﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺴﺘﻘﺮ 94
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
وﻣﺘﺎع إﻟﻰ ﺣﯿﻦ ،وﻟﻤﺎ ﺟﺎء اﻟﮭﺪى ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺑﻤﺎ أﻧﺰل ﻣﻦ رﺳﺎﻻت إﻟﻰ ﻋﺒﺎده ،ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺎ ﻟﮫ ﻣﻦ داﻓﻊ ،وﯾﻈﮭﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﻠﻨﺎس ﻣﺴﺘﻘﺮھﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،ﻣﻨﮭﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﺠﻨﺔ وﻣﻨﮭﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻌﯿﺮ ،وﻟﯿﺪﺑﺮ اﻹﻧﺴﺎن أﻣﺮه ﻣﺎدام ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻷن وﺿﻌﮫ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ھﻮ ﺑﯿﻦ اﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر ،ﻟﮭﺬا ﻓﺈن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺼﺎب ﺑﺮﺣﻤﺔ وﺑﻌﺬاب ﺣﺘﻰ ﯾﻈﮭﺮ أﻣﺮه ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻓﯿﺨﻔﻒ ﻋﻨﮫ ﻋﺬاب اﻟﺪﻧﯿﺎ وﯾﺨﺮج ﻣﻨﮭﺎ ﻟﯿﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻠﯿﺨﻠﺪ ﻓﯿﮭﺎ ، واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ وﺳﯿﻠﺔ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﺠﻠﺐ اﻟﺮزق ،ﺑﻞ ھﻮ ﻣﻮرد ﻋﻠﻢ ﻓﻘﻂ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﮫ إﺻﻼح اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،وإن أﺻﻠﺢ اﻟﺪﯾﻦ ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺼﻠﺢ اﻷﻣﺮ ﻛﻠﮫ ،وﻷﺟﻞ ھﺬا اﻟﻐﺮض وﺟﺐ اﻟﻌﻠﻢ وﺟﻮﺑﺎ ﻟﻮﺟﻮب ﺧﻼص اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ وﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ ،وﻷﺟﻞ اﻟﺒﻠﻮغ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﯾﺮ ﻗﻮى اﻟﻨﻮر وﺗﻐﯿﯿﺮ ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت .إن اﻟﻘﺮآن ﻟﻢ ﯾﻐﯿﺮ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮫ وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻮر اﻟﺬي أﻧﺰل ﻓﯿﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻀﻌﻒ ،وأﺳﺎس ﺿﻌﻒ اﻟﻨﻮر اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ھﻮ أﻧﮫ اﺗﺨﺬ ﻣﮭﺠﻮرا وﻛﻠﻤﺎ ھﺠﺮ اﻟﻘﺮآن إﻻ واﻟﻨﻮر ﯾﮭﺠﺮ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻟﺬا وﺟﺒﺖ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن وﻛﻞ ﻧﻮر أﻧﺰل ﻟﻠﻨﺎس ﻓﺈن اﺳﺘﻘﺮاره ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﻨﮫ ﯾﺆﺧﺬ ،ﻟﺬا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ ھﻢ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻨﻮر ﺣﺘﻰ ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻓﯿﮭﻢ ﻓﻤﻦ أراد اﻟﺘﻔﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻌﻠﯿﮫ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻘﺮآن ،وﻣﻦ أراد ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺎﻃﻨﯿﺔ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻓﻌﻠﯿﮫ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻘﺮآن ،وﻛﻞ ﻗﻮى ﻓﯿﮫ ﺣﻖ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻣﻤﺎ ﻗﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ،وﻻ ﯾﻨﺘﻤﻲ ﻗﻮل اﻟﺤﻖ ﻟﺒﺸﺮ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺘﺐ أﻟﻒ ﻛﺘﺎب ،وﻟﮭﺬا ل ا ﯾﻤﻜﻦ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻘﻮل اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ وﻻ اﻟﺸﯿﻮخ اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ وﻻ اﻟﯿﻮﻏﯿﯿﻦ ﻷﻧﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا أﻧﺒﯿﺎء ﻣﺮﺳﻠﯿﻦ ،ﻓﺎﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻋﻨﺪ اﷲ اﻟﺬي ﯾﻌﻄﻲ وﯾﻤﻨﻊ ﻣﺎ ﺷﺎء ،وإن اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ إﺧﻮة ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﻠﯿﺘﺪارﺳﻮا أﻣﺮھﻢ وﻛﻤﺎ أﻣﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻠﻨﻔﻜﺮ ﻣﺜﻨﻰ وﺛﻼث ورﺑﺎع ،وﻟﻨﻠﻘﻲ ﻧﻈﺮة ﻓﻲ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻓﻲ أي ﻋﺎﻟﻢ ﻧﺤﻦ ؟ إﻧﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻓﯿﮫ ﺷﻘﺎء ،وﻣﺎ ﺳﺒﺐ اﻟﺸﻘﺎء ؟ أﻷﻧﻨﺎ أﺷﻘﯿﺎء ،أم ﻷﻧﻨﺎ ﺟﻠﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻮرد ﻛﻞ ﺷﻘﺎء ؟ إن ﻗﻮى اﻟﻈﻠﻤﺎت اﻟﺘﻔﺖ ﺣﻮﻟﻨﺎ وﺳﻜﻨﺖ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻛﻤﺎ ﻧﺤﻦ وﻛﺄﻧﻨﺎ ﻧﺘﻘﺪم ﻧﺤﻮ اﻟﻮراء ،وﻟﻨﺮﺟﻊ ﻗﻠﯿﻼ إﻟﻰ اﻟﻮراء ،إن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻛﺎن ﻟﮭﻢ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ وﻣﺎ ﻋﺮف اﻟﻤﻐﯿﺮون وﺟﻮد اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ إﻻ ﺑﻌﺪ أن أﻇﮭﺮه اﷲ ،وذﻟﻚ ﻣﻨﺬ وﺟﺪ اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻮق اﻷرض ،وﻣﻨﺬ وﺟﺪ اﻹﻧﺴﺎن إﻻ واﻟﺼﺮاع ﺑﯿﻦ اﻟﻨﻮر واﻟﻈﻠﻤﺎت ﻣﻮﺟﻮد ،إن ﻛﻞ ﺣﺪﯾﺚ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻻ ﯾﺨﺺ اﻟﺮﺟﻞ وﺣﺪه ،ﺑﻞ اﻟﻤﺮأة ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮭﺎ أن ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ،إﻻ أن دورھﺎ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺪور اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬھﺎ اﻟﻤﺮأة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﻤﺮأة ﯾﻜﻮن اﺗﺼﺎﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻓﻘﻂ وﻻ ﯾﻤﻜﻨﮭﺎ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻦ أﺑﺪا ،واﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ذﻛﺮه ﺗﻈﮭﺮ اﻟﺼﻮر ﻓﯿﮭﺎ أﻣﺎم اﻟﺮؤﯾﺎ دون دﺧﻮل ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ ،وھﻨﺎك ﺣﺮﻣﺔ ﺑﺎﻃﻨﯿﺔ ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﺸﺄن ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ،ﻓﺎﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺮى ﺑﺎﻃﻨﯿﺎ زوﺟﺔ ﻣﺆﻣﻦ آﺧﺮ ،وﻻ ﺗﻨﺘﮭﻚ اﻟﺤﺮﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﺑﻞ ھﻨﺎك ﺣﺪود ﺷﺮﻋﯿﺔ دﯾﻨﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺘﺼﻞ .إن اﻷﻣﺮ ﻓﻲ وﺿﻮﺣﮫ دﯾﻨﻲ ﻣﺤﺾ ،وﻣﻦ ﯾﺒﺘﻐﻲ ﻏﯿﺮ اﻹﺳﻼم دﯾﻨﺎ ﻓﻠﻦ ﯾﻘﺒﻞ ﻣﻨﮫ وھﻮ ﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﻣﻦ اﻟﺨﺎﺳﺮﯾﻦ .
95
)Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com
Create PDF files without this message by purchasing novaPDF printer (http://www.novapdf.com)