منهج العرض

Page 1

‫منهج العرض‬

‫‪0‬‬


‫منهج العرض‬

‫منهج العرض‬ ‫عرض الحديث على القراف و السنة‬ ‫النظرية و التطبيق‬ ‫محب الدين الحلي‬ ‫العراؽ –الحلة ‪ٖٔٗٚ -‬‬

‫‪1‬‬


‫منهج العرض‬

‫اف عرض األخبار على القراف الكريم و السنة الثابتة ‪ ،‬و قبوؿ ما وافقهما‬ ‫و ر ّد ما خالفهما ىو المنهج الحق الذي يجب أف يكوف عليو العمل ‪ .‬وىذا‬ ‫الكتاب ىو مدخل في منهج عرض األخبار على القراف و السنة ببياف نظرية‬ ‫منهج العرض و تطبيقو عمليا‪.‬‬

‫محب الدين الموسوي الحلي‬ ‫الحلة ٖٔ\٘\‪ٖٔٗٚ‬‬

‫‪2‬‬


‫منهج العرض‬

‫المقدمة االولى ‪ :‬قواعد عامة في تحصيل العلم‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر )‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أ ُ َ َ‬ ‫القاعدة (ٔ) (يَا أَيػُّ َها الذ َ‬

‫وؿ فَ ُخ ُذوهُ َوَما نَػ َها ُك ْم َع ْنوُ فَانْػتَػ ُهوا ) و قاؿ‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫(وَما َآتَا ُك ُم َّ‬ ‫قاؿ تعالى َ‬ ‫وؿ ) و قاؿ تعالى (قُل أ ِ‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫تعالى ِ‬ ‫وؿ)‬ ‫الر ُس َ‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا اللَّ َو َو َّ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫(وأ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وقاؿ تعالى (وأ ِ‬ ‫وؿ لَ َعلَّ ُك ْم تُػ ْر َح ُمو َف) فاطاعة رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا اللَّوَ َو َّ‬ ‫َ‬

‫عليو و الو واجبة و عليها الضرورة الدينية و السيرة‪ .‬و في مصدقة أنس‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ :‬ال يقبل قوؿ إال بعمل‪ ،‬وال يقبل قوؿ‬ ‫وعمل إال بنية‪ ،‬وال يقبل قوؿ وعمل ونية إال بإصابة السنة‪ .‬و في مصدقة‬ ‫المجاشعي‪ ،‬عن أبي عبد اهلل‪ ،‬عن آبائو‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليهم السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫سمعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو يقوؿ‪ :‬عليكم بسنة‪ ،‬فعمل قليل في سنة‬ ‫خير من عمل كثير في بدعة‪ .‬و في مصدقة أبي عثماف العبدي عن جعفر‪ ،‬عن‬ ‫أبيو‪ ،‬عن علي عليهم السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ :‬ال قوؿ‬ ‫إال بعمل‪ ،‬وال عمل إال بنية‪ ،‬وال نية إال بإصابة السنة و في مصدقة ىشاـ‪ ،‬عن‬ ‫الصادؽ عليو السبلـ قاؿ‪ :‬امر إبليس بالسجود آلدـ فقاؿ‪ :‬يا رب وعزتك إف‬ ‫أعفيتني من السجود آلدـ ألعبدنك عبادة ما عبدؾ أحد قط مثلها‪ .‬قاؿ اهلل‬ ‫جل جبللو‪ :‬إني احب أف أطاع من حيث اريد‪ .‬و في مصدقة سيف‪ ،‬عن أبي‬ ‫جعفر‪ ،‬عن أبيو عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو من تمسك‬ ‫بسنتي في اختبلؼ امتي كاف لو أجر مائة شهيد‪ .‬و في مصدقة ابن مسكاف‬ ‫عن أب ي عبد اهلل‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن علي بن الحسين عليهم السبلـ قاؿ‪ :‬مر موسى‬ ‫‪3‬‬


‫منهج العرض‬

‫بن عمراف ‪ -‬على نبينا وآلو وعليو السبلـ ‪ -‬برجل وىو رافع يده إلى السماء‬ ‫يدعو اهلل‪ ،‬فانطلق موسى في حاجتو فغاب سبعة أياـ ثم رجع إليو وىو رافع‬ ‫يده إلى السماء‪ .‬فقاؿ‪ :‬يا رب ىذا عبدؾ رافع يديو إليك يسألك حاجتو‬ ‫ويسألك المغفرة منذ سبعة أياـ ال تستجيب لو‪ .‬قاؿ‪ :‬فأوحى اهلل إليو يا موسى‬ ‫لو دعاني حتى تسقط يداه أو تنقطع يداه أو ينقطع لسانو ما استجبت لو حتى‬ ‫يأتيني من الباب الذي أمرتو‪ .‬و في مصدقة ابن حميد رفعو قاؿ‪ :‬جاء رجل إلى‬ ‫أمير المؤمنين عليو السبلـ فقاؿ‪ :‬أخبرني عن السنة والبدعة‪ ،‬وعن الجماعة‬ ‫وعن الفرقة‪ ،‬فقاؿ أمير المؤمنين صلى اهلل عليو‪ :‬السنة ما سن رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو والو والبدعة ما احدث من بعده‪ ،‬والجماعة أىل الحق وإف كانوا قليبل‬ ‫والفرقة أىل الباطل وإف كانوا كثيرا ‪.‬‬

‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر )‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫ين َآ َمنُوا أ ُ َ َ‬ ‫و قاؿ تعالى (يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َطيعوا) وقاؿ تعالى ِ‬ ‫يموا‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم َو ْ‬ ‫وقاؿ تعالى (فَاتَّػ ُقوا اللَّ َو َما ْ‬ ‫اس َمعُوا َوأ ُ‬ ‫(وأَق ُ‬ ‫َ‬ ‫الزَكا َة وأ ِ‬ ‫(وإِ َذا‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َّ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫وؿ لَ َعلَّ ُك ْم تُػ ْر َح ُمو َف ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫الص َبل َة َوَآتُوا َّ َ‬ ‫جاءىم أَمر ِمن ْاألَم ِن أَ ِو الْ َخو ِ‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ َوإِلَى أُولِي‬ ‫ؼ أَ َذاعُوا بِ ِو َولَ ْو َردُّوهُ إِلَى َّ‬ ‫َ َُ ْ ٌْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ين يَ ْستَػ ْنبِطُونَوُ ِم ْنػ ُه ْم ) فيجب اطاعة ولي االمر وىو االماـ‬ ‫ْاأل َْم ِر م ْنػ ُه ْم لَ َعل َموُ الذ َ‬ ‫اؿ إِنّْي ج ِ‬ ‫ك لِلن ِ‬ ‫اؿ َوِم ْن‬ ‫َّاس إِ َم ًاما قَ َ‬ ‫المعصوـ عليو السبلـ لقولو تعالى (قَ َ‬ ‫اعلُ َ‬ ‫َ‬ ‫اؿ َال يػنَ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ين ) و في مصدقة الكنانى قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد‬ ‫ذُ ّْريَّتي قَ َ َ‬ ‫اؿ َع ْهدي الظالم َ‬

‫اهلل عليو السبلـ‪ :‬يا أبا الصباح نحن قوـ فرض اهلل طاعتنا‪ ،‬و في مصدقة‬

‫ضريس قاؿ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليو السبلـ يقوؿ واناس من أصحابو حولو‪:‬‬ ‫‪4‬‬


‫منهج العرض‬

‫وأعجب من قوـ يتولوننا ويجعلوننا أئمة‪ ،‬ويصفوف بأف طاعتنا عليهم مفترضة‬ ‫كطاعة اهلل ثم يكسروف حجتهم ويخصموف أنفسهم بضعف قلوبهم‪ ،‬فينقصوف‬ ‫حقنا ويعيبوف بذلك علينا من أعطاه اهلل برىاف حق معرفتنا‪ ،‬والتسليم ألمرنا‪،‬‬ ‫أتروف أف اهلل تبارؾ وتعالى افترض طاعة أوليائو على عباده‪ ،‬ثم يخفي عنهم‬ ‫أخبار السماوات واألرض‪ ،‬ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيو‬ ‫قواـ دينهم ؟و في صحيحة محمد بن شريح قاؿ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‬ ‫لوال اف اهلل فرض طاعتنا وواليتنا وامر مودتنا ما اوقفناكم على ابوابنا وال‬ ‫ادخلناك م بيوتنا انا واهلل ما نقوؿ باىوائنا وال نقوؿ براينا وال نقوؿ اال ما قاؿ‬ ‫ربنا واصوؿ عندنا نكنزىا كما يكنز ىوالء ذىبهم و فضتهم ‪ .‬و في صحيحة‬ ‫أبي بصير قاؿ سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن قوؿ اهلل عز وجل‪ " :‬أطيعوا‬ ‫اهلل وأطيعوا الرسوؿ وأولي االمر منكم " فقاؿ‪ :‬نزلت في علي بن أبي طالب‬ ‫والحسن والحسين عليهم السبلـ‪ :‬فقلت لو‪ :‬إف الناس يقولوف‪ :‬فما لو لم يسم‬ ‫عليا وأىل بيتو عليهم السبلـ في كتاب اهلل عز و جل؟ قاؿ‪ :‬فقاؿ‪ :‬قولوا لهم‪:‬‬ ‫إف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو نزلت عليو الصبلة ولم يسم اهلل لهم ثبلثا وال‬ ‫أربعا‪ ،‬حتى كاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو ىو الذي فسر ذلك لهم‪،‬‬ ‫ونزلت عليو الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درىما درىم‪ ،‬حتى كاف رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو وآلو ىو الذي فسر ذلك لهم‪ ،‬ونزؿ الحج فلم يقل لهم‪:‬‬ ‫طوفوا اسبوعا حتى كاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو ىو الذي فسر ذلك‬ ‫لهم‪ ،‬ونزلت " أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسوؿ واولي االمر منكم " ‪ -‬ونزلت في‬ ‫علي والحسن والحسين ‪ -‬فقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو‪ :‬في علي‪ :‬من‬ ‫‪5‬‬


‫منهج العرض‬

‫كنت مواله‪ ،‬فعلي مواله‪ ،‬وقاؿ صلى اهلل عليو وآلو اوصيكم بكتاب اهلل وأىل‬ ‫بيتي‪ ،‬فإني سألت اهلل عز وجل أف ال يفرؽ بينهما حتى يوردىما علي الحوض‬ ‫‪ ،‬فأعطاني ذلك وقاؿ‪ :‬ال تعلموىم فهم أعلم منكم‪ ،‬وقاؿ‪ :‬إنهم لن يخرجوكم‬ ‫من باب ىدى‪ ،‬ولن يدخلوكم في باب ضبللة‪ ،‬فلو سكت رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو وآلو فلم يبين من أىل بيتو‪ ،‬الدعاىا آؿ فبلف وآؿ فبلف‪ ،‬لكن اهلل عز‬ ‫وجل أنزلو في كتابة تصديقا لنبيو صلى اهلل عليو وآلو " إنما يريد اهلل ليذىب‬ ‫عنكم الرجس أىل البيت ويطهركم تطهيرا " فكاف علي والحسن والحسين‬ ‫وفاطمة عليهم السبلـ‪ ،‬فأدخلهم رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو تحت الكساء‬ ‫في بيت أـ سلمة‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬اللهم إف لكل نبي أىبل وثقبل وىؤالء أىل بيتي‬ ‫وثقلي‪ ،‬فقالت اـ سلمة‪ :‬ألست من أىلك؟ فقاؿ‪ :‬إنك إلى خير ولكن ىؤالء‬ ‫أىلي وثقلي‪ ،‬فلما قبض رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو كاف علي أولى الناس‬ ‫بالناس لكثرة ما بلغ فيو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وإقامتو للناس وأخذه‬ ‫بيده‪ ،‬فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أف يدخل محمد‬ ‫بن علي وال العباس بن علي وال واحدا من ولده إذا لقاؿ الحسن والحسين‪:‬‬ ‫إف اهلل تبارؾ وتعالى أنزؿ فينا كما أنزؿ فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك‬ ‫وبلغ فينا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو كما بلغ فيك وأذىب عنا الرجس كما‬ ‫أذىبو عنك‪ ،‬فلما مضى علي عليو السبلـ كاف الحسن عليو السبلـ أولى بها‬ ‫لكبره‪ ،‬فلما توفي لم يستطع أف يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك واهلل عز‬ ‫وجل يقوؿ‪ " :‬واولوا االرحاـ بعضهم أولى ببعض في كتاب اهلل " فيجعلها في‬ ‫ولده إذا لقاؿ الحسين أمر اهلل بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك وبلغ‬ ‫‪6‬‬


‫منهج العرض‬

‫في رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو كما بلغ فيك وفي أبيك وأذىب اهلل عني‬ ‫الرجس كما أذىب عنك وعن أبيك‪ ،‬فلما صارت إلى الحسين عليو السبلـ لم‬ ‫يكن أحد من أىل بيتو يستطيع أف يدعي عليو كما كاف ىو يدعي على أخيو‬ ‫وعلى أبيو‪ ،‬لو أرادا أف يصرفا االمر عنو ولم يكونا ليفعبل ثم صارت حين‬ ‫أفضت إلى الحسين عليو السبلـ فجرى تأويل ىذه اآلية " واولوا االرحاـ‬ ‫بعضهم اولى ببعض في كتاب اهلل " ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن‬ ‫الحسين ‪ ،‬ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي عليو‬ ‫السبلـ‪ .‬وقاؿ‪ :‬الرجس ىو الشك‪ ،‬واهلل ال نشك في ربنا أبدا‪.‬‬

‫االماـ الذي يجب سؤالو و طاعتو ىو العالم بالكتاب و السنة قاؿ تعالى‬ ‫اسأَلُوا أ َْىل ّْ‬ ‫الذ ْك ِر ) و في مصدقة البزنطي فيما كتب إليو الرضا عليو السبلـ‬ ‫(فَ ْ‬ ‫َ‬

‫قاؿ اهلل تبارؾ وتعالى‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر إف كنتم ال تعلموف " وقاؿ‪ " :‬وما‬

‫كاف المؤمنوف لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في‬ ‫الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذروف " فقد فرضت عليكم‬ ‫المسألة والرد إلينا‪ ،‬ولم يفرض علينا الجواب ‪.‬و في مصدقة أبي بكر‬ ‫الحضرمي قاؿ‪ :‬كنت عند أبي جعفر عليو السبلـ ودخل عليو الورد أخو‬ ‫الكميت فقاؿ‪ :‬جعلني اهلل فداؾ اخترت لك سبعين مسألة‪ ،‬ما يحضرني مسألة‬ ‫واحدة منها قاؿ‪ :‬وال واحدة يا ورد ؟ قاؿ‪ :‬بلى قد حضرني واحدة‪ ،‬قاؿ‪ :‬وما‬ ‫ىي ؟ قاؿ‪ :‬قوؿ اهلل تبارؾ وتعالى‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر إف كنتم ال تعلموف "‬ ‫قاؿ‪ :‬يا ورد أمركم اهلل تبارؾ وتعالى أف تسألونا‪ ،‬ولنا إف شئنا أجبناكم‪ ،‬وإف‬ ‫‪7‬‬


‫منهج العرض‬

‫شئنا لم نجبكم ‪ .‬و في مصدقة ىشاـ بن سالم قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ عن قوؿ اهلل تعالى‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر إف كنتم ال تعلموف " من ىم ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬نحن‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬علينا أف نسألكم ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬عليكم أف‬ ‫تجيبونا ؟ قاؿ‪ :‬ذلك إلينا ‪ .‬و في مصدقة زرارة عن أبي جعفر عليو السبلـ في‬ ‫قوؿ اهلل تعالى‪ " :‬فاس ألوا أىل الذكر إف كنتم ال تعلموف " من ىم ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫نحن‪ ،‬قلت‪ :‬فمن المأموروف بالمسألة ؟ قاؿ‪ :‬أنتم‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬فإنا نسألك‬ ‫كما امرنا وقد طننت أنو ال يمنع مني إذا أتيتو من ىذا الوجو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ‪ :‬إنما‬ ‫امرتم أف تسألونا‪ ،‬وليس لكم علينا الجواب‪ ،‬إنما ذلك إلينا‪ .‬و في مصدقة‬ ‫زرارة قاؿ‪ :‬قلت لو‪ :‬يكوف االماـ يسأؿ عن الحبلؿ والحراـ وال يكوف عنده‬ ‫فيو شئ ؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قاؿ اهلل تعالى‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر " ىم االئمة‬ ‫االئمة " إف كنتم ال تعلموف " قلت‪ :‬من ىم ؟ قاؿ‪ :‬نحن‪ ،‬قلت‪ :‬فمن المأمور‬ ‫بالمسألة ؟ قاؿ‪ :‬أنتم و في مصدقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليو‬ ‫السبلـ في قوؿ اهلل‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر إف كنتم ال تعلموف " قاؿ‪ :‬نحن أىل‬ ‫الذكر ونحن المسؤولوف ‪.‬و في مصدقة سليماف بن جعفر الجعفري قاؿ‪:‬‬ ‫سمعت أبا الحسن عليو السبلـ يقوؿ في قوؿ اهلل تعالى‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر‬ ‫إف كنتم ال تعلموف " قاؿ‪ :‬نحن و في مصدقة بريد بن معاوية عن أبي جعفر‬ ‫عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قلت قوؿ اهلل عزوجل‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر إف كنتم ال‬ ‫تعلموف " قاؿ‪ :‬الذكر القرآف‪ ،‬ونحن المسؤولوف و في مصدقة محمد بن‬ ‫مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قلت لو‪ :‬إف من عندنا يزعموف أف‬ ‫قوؿ اهلل‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر إف كنتم ال تعلموف " أنهم اليهود والنصارى‪،‬‬ ‫‪8‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ‪ :‬إذا يدعونهم إلى دينهم‪ ،‬ثم أشار بيده إلى صدره فقاؿ‪ :‬نحن أىل الذكر‪،‬‬ ‫ونحن المسؤولوف‪.‬و في مصدقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليو السبلـ‬ ‫في قوؿ اهلل تبارؾ وتعالى‪ " :‬فاسألوا أىل الذكر إف كنتم ال تعلموف " قاؿ‪:‬‬ ‫الذكر القرآف‪ ،‬وآؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو أىل الذكر وىم المسؤولوف‬ ‫‪ .‬و في مصدقة ابن اذينة عن بريد عن أبي جعفر عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قلت لو‪:‬‬ ‫قوؿ اهلل‪ " :‬بل ىو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " قاؿ‪ :‬إيانا عنى‬ ‫‪.‬و في مصدقة أبي بصير عن أبي جعفر عليو السبلـ قاؿ‪ :‬تبل ىذه اآلية‪ " :‬بل‬ ‫ىو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " قلت‪ :‬أنتم ىم ؟ قاؿ أبو جعفر‬ ‫عليو السبلـ‪ :‬من عسى أف يكونوا ؟‬

‫ِ ِ‬ ‫ْح ّْق َش ْيئًا )‬ ‫القاعدة (ٕ) (إِ َّف الظَّ َّن َال يُػغْني م َن ال َ‬ ‫(وَما لَ ُه ْم بِ ِو ِم ْن ِعل ٍْم إِ ْف يَػتَّبِعُو َف إَِّال الظَّ َّن َوإِ َّف الظَّ َّن َال يػُغْنِي ِم َن‬ ‫قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْح ّْق‬ ‫(وَما يَػتَّبِ ُع أَ ْكثَػ ُرُى ْم إَِّال ظَنِّا إِ َّف الظَّ َّن َال يػُغْني م َن ال َ‬ ‫ال َ‬ ‫ْح ّْق َش ْيئًا ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضيِ‬ ‫وؾ َع ْن َسبِ ِ‬ ‫يل اللَّ ِو إِ ْف‬ ‫ضلُّ َ‬ ‫(وإِ ْف تُط ْع أَ ْكثَػ َر َم ْن في ْاأل َْر ِ ُ‬ ‫َش ْيئًا ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫ك بِ ِو‬ ‫(وَال تَػ ْق ُ‬ ‫س لَ َ‬ ‫يَػتَّبِعُو َف إَِّال الظَّ َّن َوإِ ْف ُى ْم إَِّال يَ ْخ ُر ُ‬ ‫صو َف ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫ف َما لَْي َ‬ ‫ِ‬ ‫ْم ) فبل يصح اعتماد الظن ‪.‬‬ ‫عل ٌ‬

‫‪9‬‬


‫منهج العرض‬

‫القاعدة (ٖ) (قُ ْل َى ْل ِع ْن َد ُك ْم ِم ْن ِعل ٍْم فَػتُ ْخ ِر ُجوهُ لَنَا )‬ ‫اب ِمن قَػب ِل ى َذا أَو أَثَارٍة ِمن ِعل ٍْم إِ ْف ُك ْنتُم ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ين )‬ ‫ْ َ‬ ‫قاؿ تعالى (ائْػتُوني بِكتَ ٍ ْ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫صادق َ‬ ‫وقاؿ تعالى (قُ ْل َى ْل ِع ْن َد ُك ْم ِم ْن ِعل ٍْم فَػتُ ْخ ِر ُجوهُ لَنَا إِ ْف تَػتَّبِ ُعو َف إَِّال الظَّ َّن َوإِ ْف أَنْػتُ ْم‬ ‫ك‬ ‫اء َّ‬ ‫اى ْم َما لَ ُه ْم بِ َذلِ َ‬ ‫الر ْح َم ُن َما َعبَ ْدنَ ُ‬ ‫إَِّال تَ ْخ ُر ُ‬ ‫صو َف ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫(وقَالُوا لَ ْو َش َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اى ْم كِتَابًا ِم ْن قَػ ْب ِل ِو فَػ ُه ْم بِ ِو ُم ْستَ ْم ِس ُكو َف‬ ‫صو َف (*) أ َْـ َآتَػ ْيػنَ ُ‬ ‫م ْن عل ٍْم إِ ْف ُى ْم إَِّال يَ ْخ ُر ُ‬ ‫) وقاؿ تعالى (فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا‬ ‫قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذروف )‬

‫ِ ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف)‬ ‫القاعدة (ٗ) (إِ َّف في َذل َ َ‬ ‫الص َّم َولَ ْو َكانُوا َال‬ ‫ت تُ ْس ِم ُع ُّ‬ ‫(وِم ْنػ ُه ْم َم ْن يَ ْستَ ِمعُو َف إِلَْي َ‬ ‫ك أَفَأَنْ َ‬ ‫قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ‬ ‫(وَما َكا َف لِنَػ ْف ٍ‬ ‫س‬ ‫س أَ ْف تُػ ْؤِم َن إَِّال بِ​ِإ ْذ ِف اللَّ ِو َويَ ْج َع ُل ّْ‬ ‫يَػ ْعقلُو َف ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫الر ْج َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف) و قاؿ‬ ‫ين َال يَػ ْعقلُو َف ) و قاؿ تعالى (إِ َّف في ذَل َ َ‬ ‫َعلَى الذ َ‬ ‫تعالى (أَفَػلَ ْم يَ ِس ُيروا فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫وب يَػ ْع ِقلُو َف بِ َها أ َْو َآذَا ٌف‬ ‫ض فَػتَ ُكو َف لَ ُه ْم قُػلُ ٌ‬ ‫‪10‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ‬ ‫الص ُدوِر ) و‬ ‫وب الَّتِي فِي ُّ‬ ‫ار َولَك ْن تَػ ْع َمى الْ ُقلُ ُ‬ ‫يَ ْس َمعُو َف بِ َها فَِإنػَّ َها َال تَػ ْع َمى ْاألَبْ َ‬ ‫صُ‬

‫ب أ َّ‬ ‫َف أَ ْكثَػ َرُى ْم يَ ْس َمعُو َف أ َْو يَػ ْع ِقلُو َف إِ ْف ُى ْم إَِّال َك ْاألَنْػ َع ِاـ بَ ْل‬ ‫س ُ‬ ‫قاؿ تعالى (أ َْـ تَ ْح َ‬ ‫ُىم أ َ ِ‬ ‫(ولَ​َق ْد تَػ َرْكنَا ِم ْنػ َها آَيَةً بَػيّْػنَةً لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ‬ ‫ْ‬ ‫َض ُّل َسب ًيبل ) وقاؿ تعالى َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب بَػغْتَةً‬ ‫(واتَّبِعُوا أ ْ‬ ‫س َن َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي ُك ْم م ْن َربّْ ُك ْم م ْن قَػ ْب ِل أَ ْف يَأْتيَ ُك ُم ال َْع َذ ُ‬ ‫تعالى َ‬ ‫َح َ‬ ‫َوأَنْػتُ ْم َال تَ ْشعُ ُرو َف )‬

‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ )‬ ‫القاعدة (٘) ( فَِإ ْف تَػنَ َاز ْعتُ ْم ِفي َش ْي ٍء فَػ ُردُّوهُ إِلَى اللَّ ِو َو َّ‬ ‫( قاؿ تعالى وما اختلفتم فيو من شئ فحكمو إلى اهلل ) و قاؿ تعالى ( فَِإ ْف‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ ) و في المصدؽ عن يونس بن عبد‬ ‫تَػنَ َاز ْعتُ ْم فِي َش ْي ٍء فَػ ُردُّوهُ إِلَى اللَّ ِو َو َّ‬ ‫الرحمن انو قاؿ‪ :‬حدثني ىشاـ بن الحكم أنو سمع أبا عبد اهلل عليو السبلـ‬ ‫يقوؿ‪ :‬ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو شاىدا‬ ‫من أحاديثنا المتقدمة‪ ....‬قاؿ يونس قاؿ على أبي الحسن الرضا عليو السبلـ‬ ‫‪ ...‬ال تقبلوا علينا خبلؼ القرآف فإنا إف تحدثنا حدثنا بموافقة القرآف وموافقة‬ ‫السنة‪ ،‬إنا عن اهلل وعن رسولو نحدث‪ ،‬وال نقوؿ‪ :‬قاؿ فبلف وفبلف فيتناقض‬ ‫كبلمنا‪ ،‬إف كبلـ آخرنا مثل كبلـ أولنا‪ ،‬وكبلـ أولنا مصداؽ لكبلـ آخرنا‪ ،‬وإذا‬ ‫أتاكم من يحدثكم بخبلؼ ذلك فردوه عليو وقولوا‪ :‬أنت أعلم و ما جئت بو‪،‬‬ ‫فإف مع كل قوؿ منا حقيقة وعليو نور‪ ،‬فما ال حقيقة معو وال نور عليو فذلك‬ ‫‪11‬‬


‫منهج العرض‬

‫قوؿ الشيطاف‪.‬و في مصدقة أيوب بن الحر قاؿ‪ :‬سمعت أبا عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ يقوؿ‪ :‬كل شئ مردود إلى كتاب اهلل والسنة‪ ،‬وكل حديث ال يوافق‬ ‫كتاب اهلل فهو زخرؼ‪ .‬و في مصدقة صفواف بن يحيى عن ابي الحسن الرضا‬ ‫انو قاؿ (( كيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرىم أنو جاء من عند اهلل‪،‬‬ ‫وأنو يدعوىم إلى اهلل بأمر اهلل ويقوؿ‪ :‬إنو ال تدركو االبصار‪ ،‬وال يحيطوف بو‬ ‫علما‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ ،‬ثم يقوؿ‪ :‬أنا رأيتو بعيني‪ ،‬وأحطت بو علما‪ ،‬وىو على‬ ‫صورة البشر ؟ أما تستحيوف ؟ ما قدرت الزنادقة أف ترميو بهذا أف يكوف أتى‬ ‫عن اهلل بأمر ثم يأتي بخبلفو من وجو آخر ! ‪ ..... .‬فقاؿ أبو قرة فتكذب‬ ‫بالروا ية ؟ فقاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬إذا كانت الرواية مخالفة للقرآف‬ ‫كذبتها ) ‪ ،‬و في مصدقة أيوب‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو والو‪ :‬إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أىنأه وأسهلو‬ ‫وأرشده‪ ،‬فإف وافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وإف لم يوافق كتاب اهلل فلم أقلو‪ .‬و في‬ ‫مصدقة ابن أبي يعفور في ىذا المجلس قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ‬ ‫عن اختبلؼ يرويو من يثق بو ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه لو‬ ‫شاىد من كتاب اهلل أو من قوؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ ،‬وإال فالذي‬ ‫جاءكم بو أولى‪ .‬و في مصدقة محمد بن عيسى قاؿ‪ :‬أقرأني داود بن فرقد‬ ‫الفارسي كتابو إلى أبي الحسن الثالث عليو السبلـ وجوابو بخطو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫نسألك عن العلم المنقوؿ إلينا عن آبائك وأجدادؾ قد اختلفوا علينا فيو كيف‬ ‫العمل بو على اختبلفو ؟ إذا نرد إليك فقد اختلف فيو‪ .‬فكتب ‪ -‬وقرأتو ‪ :-‬ما‬ ‫علمتم أنو قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه إلينا‪ .‬فيجب عرض االمور و‬ ‫‪12‬‬


‫منهج العرض‬

‫االخبار المختلفة على القراف و السنة ‪ .‬و يعتبر في الخبر و كل معرفة دينية‬ ‫اف تكوف مصدقة بالقراف و السنة الثابتة ‪ .‬و في المصدؽ عن الشريف الرضي‬ ‫في النهج قاؿ أمير المؤمنين عليو السبلـ ‪ :‬قد قاؿ اهلل سبحانو لقوـ أحب‬ ‫إرشادىم‪ :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسوؿ واولي األمر منكم فإف‬ ‫تنازعتم في شئ فردوه إلى اهلل والرسوؿ‪ .‬فالرد إلى اهلل األخذ بمحكم كتابو‬ ‫والرد إلى الرسوؿ األخذ بسنتو الجامعة غير المفرقة‪ .‬و في مصدقة يونس بن‬ ‫عبد الرحمن قاؿ‪ :‬حدثني ىشاـ بن الحكم أنو سمع أبا عبد اهلل عليو السبلـ‬ ‫يقوؿ‪ :‬ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو شاىدا‬ ‫من أحاديثنا المتقدمة‪ ::: ،‬و عن أبي الحسن الرضا عليو السبلـ ‪ :::‬فبل تقبلوا‬ ‫علينا خبلؼ القرآف فإنا إف تحدثنا حدثنا بموافقة القرآف وموافقة السنة‪ ،‬إنا‬ ‫عن اهلل وعن رسولو نحدث‪ ،‬وال نقوؿ‪ :‬قاؿ فبلف وفبلف فيتناقض كبلمنا‪ ،‬إف‬ ‫كبلـ آخرنا مثل كبلـ أولنا‪ ،‬وكبلـ أولنا مصداؽ لكبلـ آخرنا‪ ،‬وإذا أتاكم من‬ ‫يحدثكم بخبلؼ ذلك فردوه عليو وقولوا‪ :‬أنت أعلم و ما جئت بو‪ ،‬فإف مع‬ ‫كل قوؿ منا حقيقة وعليو نور‪ ،‬فما ال حقيقة معو وال نور عليو فذلك قوؿ‬ ‫الشيطاف‪ .‬و في مصدقة محمد بن مسلم قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ يا‬ ‫محمد ما جاءؾ في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآف فخذ بو‪ ،‬وما جاءؾ في‬ ‫رواية من بر أو فاجر يخالف القرآف فبل تأخذ بو‪ .‬اقوؿ وىذه الرواية المصدقة‬ ‫باطبلقات االيات و الروايات المستفيضة الثابتة ترد المنهج السندي ‪ .‬و في‬ ‫مصدقة الحسن بن الجهم‪ ،‬عن العبد الصالح عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا كاف جاءؾ‬ ‫الحديثاف المختلفاف فقسهما على كتاب اهلل وعلى أحاديثنا فإف أشبههما فهو‬ ‫‪13‬‬


‫منهج العرض‬

‫حق وإف لم يشبههما فهو باطل‪.‬و في مصدقة زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليو‬ ‫السبلـ – في حديث لو ‪ -‬قاؿ‪ :‬كل من تعدى السنة رد إلى السنة‪. .‬و في‬ ‫مصدقة ابن أبي يعفور قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن اختبلؼ يرويو‬ ‫من يثق بو فقاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه لو شاىد من كتاب اهلل أو‬ ‫من قوؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ ،‬وإال فالذي جاءكم بو أولى ‪ .‬و في‬ ‫مصدقة السكوني‪ ،‬عن أبي عبد اهلل‪ ،‬عن آبائو‪ ،‬عن علي عليهم السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫إف على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب اهلل فخذوا بو‬ ‫وما خالف كتاب اهلل فدعوه‪ .‬و في مصدقة داود‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ قاؿ‪ :‬من لم يعرؼ الحق من القرآف لم يتنكب الفتن‪ .‬و في مصدقة‬ ‫الطبرسي عن أبي جعفر الثاني عليو السبلـ‪ ::‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو والو ‪ ::‬فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اهلل وسنتي فما وافق‬ ‫كتاب اهلل وسنتي فخذوا بو وما خالف كتاب اهلل وسنتي فبل تأخذوا بو‪ .‬و عنو‬ ‫في المصدؽ ومما أجاب بو أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليهما ‪: :‬‬ ‫إذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقو فأنكرتو طائفة من االمة وعارضتو‬ ‫بحديث من ىذه األحاديث المزورة صارت بإنكارىا ودفعها الكتاب كفارا‬ ‫ضبلال‪ ،‬وأصح خبر ما عرؼ تحقيقو من الكتاب مثل الخبر المجمع عليو من‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو ‪ :::‬فلما وجدنا شواىد ىذا الحديث نصا في‬ ‫كتاب اهلل مثل قولو‪ :‬إنما وليكم اهلل ورسولو والذين آمنوا الذين يقيموف الصلوة‬ ‫ويؤتوف الزكوة وىم راكعوف‪ .‬ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك ألمير المؤمنين‬ ‫عليو السبلـ أنو تصدؽ بخاتمو وىو راكع فشكر اهلل ذلك لو‪ ،‬وأنزؿ اآلية فيو‪،‬‬ ‫‪14‬‬


‫منهج العرض‬

‫ثم وجدنا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو قد أبانو من أصحابو بهذه اللفظة‪ :‬من‬ ‫كنت مواله فعلي مواله اللهم واؿ من وااله وعاد من عاداه‪ .‬وقولو صلى اهلل‬ ‫عليو والو‪ :‬علي يقضي ديني وينجز موعدي وىو خليفتي عليكم بعدي‪ .‬وقولو‬ ‫صلى اهلل عليو والو ‪ -‬حيث استخلفو على المدينة ‪ -‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل‬ ‫أتخلفني على النساء والصبياف ؟ فقاؿ‪ :‬أما ترضى أف تكوف مني بمنزلة ىاروف‬ ‫من موسى إال أنو ال نبي بعدي‪ .‬فعلمنا أف الكتاب شهد بتصديق ىذه األخبار‬ ‫وتحقيق ىذه الشواىد فيلزـ االمة اإلقرار بها إذا كانت ىذه األخبار وافقت‬ ‫القرآف‪ ،‬ووافق القرآف ىذه األخبار‪ ،‬فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب اهلل‬ ‫ووجدنا كتاب اهلل موافقا لهذه األخبار وعليها دليبل كاف االقتداء بهذه األخبار‬ ‫فرضا ال يتعداه إال أىل العناد والفساد‪ .‬ثم قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ومرادنا وقصدنا‬ ‫الكبلـ في الجبر والتفويض وشرحهما وبيانهما وإنما قدمنا ما قدمنا لكوف‬ ‫اتفاؽ الكتاب والخبر إذا اتفقا دليبل لما أردناه‪ ،‬وقوة لما نحن مبينوه من ذلك‬ ‫إف شاء اهلل‪ .‬الخبر طويل و في مصدقة السكوني‪ ،‬عن الصادؽ جعفر بن‬ ‫محمد‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن جده عليهم السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ علي عليو السبلـ‪ :‬إف على‬ ‫كل حق حقيقة‪ ،‬وعلى كل صواب نورا‪ ،‬فما وافق كتاب اهلل فخذوه وما خالف‬ ‫كتاب اهلل فدعوه ‪ .‬و في مصدقة الميثمي عن الرضا عليو السبلـ ‪ :::‬فما ورد‬ ‫عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوىما على كتاب اهلل فما كاف في كتاب اهلل‬ ‫موجودا حبلال أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب‪ ،‬وما لم يكن في الكتاب‬ ‫فاعرضوه على سنن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ ،‬فما كاف في السنة موجودا‬ ‫منهيا عنو نهي حراـ‪ ،‬أو مأمورا بو عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو أمر إلزاـ‬ ‫‪15‬‬


‫منهج العرض‬

‫فاتبعوا مما وافق نهي رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو وأمره‪ ،‬وما كاف في السنة‬ ‫نهي إعافة أو كراىة ثم كاف الخبر اآلخر خبلفو فذلك رخصة فيما عافو رسوؿ‬ ‫اهلل صل ى اهلل عليو والو وكرىو ولم يحرمو‪ ،‬فذلك الذي يسع األخذ بهما‬ ‫جميعا‪ ،‬أو بأيهما شئت وسعك االختيار من باب التسليم واالتباع والرد إلى‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ ،‬وما لم تجدوه في شئ من ىذه الوجوه فردوا‬ ‫إلينا علمو فنحن أولى بذلك‪ ،‬وال تقولوا فيو بآرائكم‪ ،‬وعليكم بالكف والتثبت‬ ‫والوقوؼ وأنتم طالبوف باحثوف حتى يأتيكم البياف من عندنا‪ .‬و في مصدقة‬ ‫عبد الرحمن بن أبي عبد اهلل‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا ورد‬ ‫عليكم حديثاف مختلفاف فاعرضوىما على كتاب اهلل فما وافق كتاب اهلل‬ ‫فخذوه وما خالف كتاب اهلل فذروه‪ ،‬فإف لم تجدوىما في كتاب اهلل‬ ‫فاعرضوىما على أخبار العامة فما وافق أخبارىم فذروه وما خالف أخبارىم‬ ‫فخذوه و في المصدؽ عن جابر‪ ،‬قاؿ‪ :‬دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي‬ ‫عليهما السبلـ ‪ :::‬وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا‪ ،‬فإف وجدتموه للقرآف موافقا‬ ‫فخذوا بو‪ ،‬وإف لم تجدوه موافقا فردوه‪ ،‬وإف اشتبو األمر عليكم فقفوا عنده‪،‬‬ ‫وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا‪ ::: ،‬و في المصدؽ انو كاف‬ ‫ألبي يوسف كبلـ مع موسى بن جعفر عليهما السبلـ ‪ :‬بسم اهلل الرحمن‬ ‫الرحيم جميع امور األدياف أربعة‪ :‬أمر ال اختبلؼ فيو وىو إجماع االمة على‬ ‫الضرورة التي يضطروف إليها األخبار المجمع عليها‪ ،‬وىي الغاية المعروض‬ ‫عليها كل شبهة والمستنبط منها كل حادثة‪ ،‬وأمر يحتمل الشك واإلنكار‬ ‫فسبيلو استنصاح أىلو لمنتحليو بحجة من كتاب اهلل مجمع على تأويلها‪ ،‬وسنة‬ ‫‪16‬‬


‫منهج العرض‬

‫مجمع عليها ال اختبلؼ فيها‪ ،‬أو قياس تعرؼ العقوؿ عدلو وال يسع خاصة‬ ‫االمة وعامتها الشك فيو واإلنكار لو‪ ،‬وىذاف األمراف من أمر التوحيد فما‬ ‫دونو‪ ،‬وأرش الخدش فما فوقو‪ ،‬فهذا المعروض الذي يعرض عليو أمر الدين‪،‬‬ ‫فما ثبت لك برىانو اصطفيتو‪ ،‬وما غمض عليك صوابو نفيتو‪ ،‬فمن أورد واحدة‬ ‫من ىذه ‪ .‬الثبلث فهي الحجة البالغة التي بينها اهلل في قولو لنبيو‪ :‬قل فللو‬ ‫الحجة البالغة فلو شاء لهديكم أجمعين‪ .‬يبلغ الحجة البالغة الجاىل فيعلمها‬ ‫بجهلو‪ ،‬كما يعلمو العالم بعلمو ألف اهلل عدؿ ال يجور‪ ،‬يحتج على خلقو بما‬ ‫يعلموف‪ ،‬يدعوىم إلى ما يعرفوف ال إلى ما يجهلوف وينكروف‪ .‬فأجازه الرشيد‬ ‫ورده‪ .‬والخبر طويل‪ .‬و في مصدقة محمد بن الزبرقاف الدامغاني‪ ،‬عن أبي‬ ‫الحسن موسى عليو السبلـ ‪ :::‬امور االدياف أمراف‪ :‬أمر ال إختبلؼ فيو وىو‬ ‫إجماع االمة على الضرورة التي يضطروف إليها‪ ،‬واألخبار المجتمع عليها‬ ‫المعروض عليها كل شبهة والمستنبط منها كل حادثة‪ ،‬وأمر يحتمل الشك‬ ‫واإلنكار وسبيل استيضاح أىلو الحجة عليو فما ثبت لمنتحليو من كتاب‬ ‫مستجمع على تأويلو أو سنة عن النبي صلى اهلل عليو والو ال اختبلؼ فيها‪ ،‬أو‬ ‫قياس تعرؼ العقوؿ عدلو ضاؽ على من استوضح تلك الحجة ردىا ووجب‬ ‫عليو قبولها واإلقرار والديانة بها وما لم يثبت لمنتحليو بو حجة من كتاب‬ ‫مستجمع على تأويلو أ و سنة عن النبي صلى اهلل عليو والو ال اختبلؼ فيها‪ ،‬أو‬ ‫قياس تعرؼ العقوؿ عدلو وسع خاص االمة وعامها الشك فيو واإلنكار لو‬ ‫كذلك ىذاف األمراف من أمر التوحيد فما دونو إلى أرش الخدش فما دونو‪،‬‬

‫‪17‬‬


‫منهج العرض‬

‫فهذا المعروض الذي يعرض عليو أمر الدين‪ ،‬فما ثبت لك برىانو اصطفيتو‪،‬‬ ‫وما غمض عنك ضوؤه نفيتو‪ .‬وال قوة إال باهلل‪ ،‬وحسبنا اهلل ونعم الوكيل ‪.‬‬ ‫و من االخبار المصدقة للعرض على السنة الثابتة و المصدؽ من االخبار‬ ‫ما امرت بالتزاـ ما ىو المعروؼ ففي مصدقة محمد بن عيسى قاؿ‪ :‬أقرأني‬ ‫داود بن فرقد الفارسي كتابو إلى أبي الحسن الثالث عليو السبلـ وجوابو‬ ‫بخطو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬نسألك عن العلم المنقوؿ إلينا عن آبائك وأجدادؾ قد اختلفوا‬ ‫علينا فيو كيف العمل بو على اختبلفو ؟ إذا نرد إليك فقد اختلف فيو‪ .‬فكتب‬ ‫ وقرأتو ‪ :-‬ما علمتم أنو قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه إلينا‪ .‬و في‬‫مصدقة محمد بن أحمد بن محمد بن زياد‪ ،‬وموسى بن محمد بن علي بن‬ ‫موسى قاؿ‪ :‬كتبت إلى أبي الحسن عليو السبلـ أسألو عن العلم المنقوؿ إلينا‬ ‫عن آبائك وأجدادؾ صلوات اهلل عليهم قد اختلف علينا فيو فكيف العمل بو‬ ‫على اختبلفو والرد إليك فيما اختلف فيو ؟ فكتب عليو السبلـ‪ :‬ما علمتم أنو‬ ‫قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردوه إلينا‪.‬‬ ‫و مما يدؿ و يؤكد المصدقية ىو وصف الكتاب و الشريعة االسبلمية‬ ‫ك ِمن ال ِ‬ ‫بانها مصدقة لما قبلها قاؿ تعالى َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْكتَ ِ‬ ‫ْح ُّق‬ ‫اب ُى َو ال َ‬ ‫َ‬ ‫(والذي أ َْو َح ْيػنَا إلَْي َ َ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما بَػ ْي َن يَ َديْ ِو ) و قاؿ تعالى ( قَالُوا يَا قَػ ْوَمنَا إِنَّا َس ِم ْعنَا كِتَابًا أُنْ ِز َؿ ِم ْن‬ ‫ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْح ّْق َوإِلَى طَ ِر ٍيق ُم ْستَ ِق ٍيم ) و قاؿ‬ ‫وسى ُم َ‬ ‫ص ّْدقًا ل َما بَػ ْي َن يَ َديْو يَػ ْهدي إِلَى ال َ‬ ‫بَػ ْعد ُم َ‬ ‫اؿ ِعيسى ابن مريم يا بنِي إِسرائِيل إِنّْي رس ُ ِ‬ ‫تعالى َ ِ‬ ‫ص ّْدقًا‬ ‫وؿ اللَّو إِلَْي ُك ْم ُم َ‬ ‫َُ‬ ‫(وإ ْذ قَ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫لِما بػين ي َد َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما َم َع ُك ْم )‬ ‫(وآ َِمنُوا بِ َما أَنْػ َزل ُ‬ ‫ْت ُم َ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫ي م َن التػ َّْوَراة ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫وقاؿ تعالى ِ ِ‬ ‫يل لَ ُه ْم آ َِمنُوا بِ َما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ قَالُوا نػُ ْؤِم ُن بِ َما أُنْ ِز َؿ َعلَْيػنَا‬ ‫َ‬ ‫(وإذَا ق َ‬ ‫‪18‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما َم َع ُه ْم ) و قاؿ تعالى (قُ ْل َم ْن َكا َف‬ ‫ْح ُّق ُم َ‬ ‫اءهُ َو ُى َو ال َ‬ ‫َويَ ْك ُف ُرو َف ب َما َوَر َ‬ ‫َع ُد ِّوا لِ ِجب ِريل فَِإنَّوُ نَػ َّزلَوُ َعلَى قَػ ْلبِ َ ِ ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما بَػ ْي َن يَ َديْ ِو َو ُى ًدى‬ ‫ك بِ​ِإ ْذف اللَّو ُم َ‬ ‫ْ َ‬ ‫وب ْشرى لِلْم ْؤِمنِين ) و قاؿ تعالى (نَػ َّز َؿ َعلَي َ ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما بَػ ْي َن‬ ‫ْ‬ ‫ْح ّْق ُم َ‬ ‫ك الْكتَ َ‬ ‫اب بِال َ‬ ‫َُ َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما‬ ‫اب آَمنُوا بِ َما نَػ َّزلْنَا ُم َ‬ ‫ين أُوتُوا الْكتَ َ‬ ‫يَ َديْو ) و قاؿ تعالى (يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫مع ُكم ) و قاؿ تعالى (أَفَمن َكا َف َعلَى بػيّْػنَ ٍة ِمن ربِّْو ويػ ْتػلُوهُ َش ِ‬ ‫اى ٌد ِم ْنوُ َوِم ْن قَػ ْب ِل ِو‬ ‫ْ َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ّْد ُؽ‬ ‫(و َى َذا كتَ ٌ‬ ‫اب أَنْػ َزلْنَاهُ ُمبَ َار ٌؾ ُم َ‬ ‫كتَ ُ‬ ‫اب ُم َ‬ ‫وسى إِ َم ًاما َوَر ْح َمةً ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫الَّ ِذي بَػ ْي َن يَ َديْ ِو) وقاؿ تعالى قاؿ تعالى ( أَفَ َبل يَػتَ َدبػَّ ُرو َف الْ ُق ْرَآ َف َولَ ْو َكا َف ِم ْن ِع ْن ِد‬ ‫غَْي ِر اللَّ ِو لَ​َو َج ُدوا فِ ِيو ا ْختِ َبلفًا َكثِ ًيرا )‬

‫مسألة ‪ :‬لقد صنف الرواة المسلموف الى ثقة و ضابط و متروؾ و ضعيف‬ ‫و غير ذلك و ال دليل عليو ‪ ،‬و اهلل تعالى يقوؿ (يػ ْؤِمن بِاللَّ ِو ويػ ْؤِمن لِل ِ ِ‬ ‫ين )‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫ْم ْؤمن َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا‬ ‫أي يصدقهم وىذا اصل لقبوؿ خبرىم و يشهد لو قولو تعالى (أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫إِ ْف جاء ُكم فَ ِ‬ ‫اس ٌق بِنَبٍَأ فَػتَبَػيَّػنُوا ) و الفاسق ىو فاسد العقيدة فاالية مشعرة بعدـ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫وجوب التبين اف كاف الخبر من سالم العقيدة و ايضا يدؿ عليو انو ال يرد خبر‬ ‫المسلم وال شهادتو اال مع القرينة على االرتياب ‪ .‬وبهذا يتبين اف االصل في‬ ‫خبر المسلم القبوؿ‪.‬‬ ‫و صنف الخبر الى صحيح و حسن و ضعيف ‪ ،‬بحسب السند و ال دليل‬ ‫عليو ‪ ،‬و بعد ما عرفت من اصالة القبوؿ واف اهلل تعالى يقوؿ ( أَفَ َبل يَػتَ َدبػَّ ُرو َف‬ ‫الْ ُق ْرَآ َف َولَ ْو َكا َف ِم ْن ِع ْن ِد غَْي ِر اللَّ ِو لَ​َو َج ُدوا فِ ِيو ا ْختِ َبلفًا َكثِ ًيرا ) فالدليل على‬ ‫‪19‬‬


‫منهج العرض‬

‫صحة الخير ىو موافقتو للقراف و بذلك جاءت الروايات المستفيضة عن اىل‬ ‫البيت عليهم السبلـ بعرض الخبر على القراف و السنة فما وافقهما يعمل بو و‬ ‫اال رد ‪ .‬و صارت االخبار النقية و الموافقة للقراف ترد بحجة ضعف السند وال‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫(وَما َآتَا ُك ُم َّ‬ ‫وؿ فَ ُخ ُذوهُ َوَما نَػ َها ُك ْم َع ْنوُ‬ ‫دليل على ذلك و اهلل تعالى يقوؿ َ‬ ‫فَانْػتَػ ُهوا ) وىذا امر قطعي و ال يخرج عنو اال بدليل واضح يحقق على االقل‬ ‫العلم العادي باالطمئناف المتاخم للعلم و ال دليل لهم اصبل برد االخبار لعدـ‬

‫توثيق الراوي ‪.‬‬ ‫اف من اىم اثار مصطلح الحديث المبتدع و الباطل انو قرب البعيد و بعد‬ ‫القريب ‪ ،‬و جعل الباطل حقا و الحق باطبل النو ازاح الحجة الحق وىو‬ ‫التقييم المتني و عرض االخبار على القراف و السنة واستبدلو بشيء مخترع‬ ‫ىو مصطلح الحديث ‪ .‬اف اىل مصطلح الحديث ازاحوا الدليل الحق وىو‬ ‫العرض على القراف و السنة و وضعوا اخر مكانو مصطلح الحديث وىو ليس‬ ‫حجة ‪ .‬وكم من عقيدة صحيحة و حكم واضح قد رد بسبب مصطلح‬ ‫الحديث و كم من عقيدة فاسدة و حكم باطل فد اعتمد بسبب ذلك‬ ‫المصطلح ‪.‬و حسبنا اهلل و نعم الوكيل ‪ .‬و اضافة الى ما تقدـ من اشارات فاف‬ ‫ىناؾ قواعد حديثية كثيرة تستفاد من القراف و السنة حري بكل مختص بعلم‬ ‫الحديث اف يستخرجها و يصحح بها المسار الخاطئ ‪ .‬و اهلل المسدد ‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫منهج العرض‬

‫القاعدة (‪ ( )ٙ‬ما جاءكم عني فوافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم يخالف‬ ‫القرآف فلم أقلو )‬

‫ففي مصدقة ابن علواف‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيو عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬قرأت‬ ‫في كتاب لعلي عليو السبلـ أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو قاؿ‪ :‬إنو‬ ‫سيكذب علي كما كذب على من كاف قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق‬ ‫كتاب اهلل فهو حديثي‪ ،‬وأما ما خالف كتاب اهلل فليس من حديثي‪ .‬و في‬ ‫مصدقة علي بن أيوب‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو والو‪ :‬إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أىنأه وأسهلو وأرشده‪،‬‬ ‫فإف وافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وإف لم يوافق كتاب اهلل فلم أقلو‪ .‬و في مصدقة‬ ‫ىشاـ بن الحكم‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو والو ‪ -‬في خطبة بمنى أو مكة ‪ :-‬يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق‬ ‫القرآف فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم عني ال يوافق القرآف فلم أقلو‪ .‬و في مصدقة‬ ‫الهشامين جميعا وغيرىما قاؿ‪ :‬خطب النبي صلى اهلل عليو والو بمنى فقاؿ‪:‬‬ ‫أيها الناس ما جاءكم عني فوافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم يخالف القرآف‬ ‫فلم أقلو‪ .‬و في مصدقة أيوب بن الحر قاؿ‪ :‬سمعت أبا عبد اهلل عليو السبلـ‬ ‫يقوؿ‪ :‬كل شئ مردود إلى كتاب اهلل والسنة‪ ،‬وكل حديث ال يوافق كتاب اهلل‬ ‫فهو زخرؼ‪.‬و في مصدقة كليب بن معاوية‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫ما أتاكم عنا من حديث ال يصدقو كتاب اهلل فهو باطل‪ .‬و و في مصدقة يونس‬ ‫بن عبد الرحمن عن على أبي الحسن الرضا عليو السبلـ ال تقبلوا علينا خبلؼ‬ ‫‪21‬‬


‫منهج العرض‬

‫القرآف فإنا إف تحدثنا حدثنا بموافقة القرآف وموافقة السنة‪ ،‬إنا عن اهلل وعن‬ ‫رسولو نحدث‪ :::‬فإف مع كل قوؿ منا حقيقة وعليو نور‪ ،‬فما ال حقيقة معو وال‬ ‫نور عليو فذلك قوؿ الشيطاف‪ .‬و في مصدقة سدير قاؿ‪ :‬قاؿ أبو جعفر وأبو‬ ‫عبد اهلل عليهما السبلـ‪ :‬ال تصدؽ علينا إال بما يوافق كتاب اهلل وسنة نبيو‬ ‫صلى اهلل عليو والو‪.‬‬ ‫فهذا االحاديث نزلت ما وافق القراف منزلة السنة تعبدا و اخرجت ما‬ ‫خالفو منها ‪ .‬و اف ىذه القاعدة مصدقة باوامر التسليم ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬استحباب التسليم لهم عليهم السبلـ في االمور كلها و قصد‬ ‫قولهم في كل اعتقاد او عمل و اف يقوؿ ( القوؿ قولهم عليهم السبلـ ) في‬ ‫كل امر يرد على المسلم ‪ .‬ففي المصدؽ عن يحيى بن زكريا عن أبي عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ قاؿ‪ :‬سمعتو يقوؿ‪ :‬من سره أف يستكمل االيماف فليقل‪ :‬القوؿ‬ ‫مني في جميع االشياء قوؿ آؿ محمد عليهم السبلـ فيما أسروا وفيما أعلنوا‬ ‫وفيما بلغني وفيما لم يبلغني‪ .‬و في مصدقة عمر بن يزيد‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت ألبي عبد‬ ‫اهلل عليو السبلـ‪ :‬يختلف أصحابنا فأقوؿ‪ :‬قولي ىذا قوؿ جعفر بن محمد‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬بهذا نزؿ جبرئيل‪.‬‬

‫و في مصدقة اسماعيل بن مهراف عمن حدثو من اصحابنا عن ابى عبد اهلل‬ ‫(عليو السبلـ ) قاؿ ما على احدكم إذا بلغو عنا حديث لم يعط معرفتو اف‬ ‫يقوؿ القوؿ قولهم فيكوف قد آمن بسرنا وعبلنيتنا‪ .‬ففي مصدقة منصور‬ ‫‪22‬‬


‫منهج العرض‬

‫الصيقل قاؿ قاؿ بعض اصحابنا البي عبد اهلل ( عليو السبلـ ) وانا قاعد عنده‬ ‫ما ندري ما يقبل من ىذا حديثنا مما يرد فقاؿ وما ذاؾ قاؿ ليس بشئ يسمعو‬ ‫منا اال قاؿ القوؿ قولهم فقاؿ أبو عبد اهلل ( عليو السبلـ ) ىذا من المسلمين‬ ‫اف المسلمين ىم النجباء انما عليو إذا جاءه شئ ال يدري ما ىو يرده الينا ‪ .‬و‬ ‫في مصدقة الحجاج الخيبري قاؿ قلت البي عبد اهلل " عليو السبلـ " انا‬ ‫نكوف في الموضع فيروي عنكم الحديث العظيم فيقوؿ بعضنا لبعض القوؿ‬ ‫قولهم فيشق ذلك على بعضنا فقاؿ " عليهم السبلـ " كأنك تريد اف تكوف‬ ‫اماما يقتدى بك أو بو من رد الينا فقد سلم ‪.‬‬

‫القاعدة (‪( )ٚ‬ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو‬ ‫شاىدا من أحاديثنا المتقدمة )‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر )‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫قاؿ تعالى (يَا أَيُّػ َها الذ َ‬ ‫وقاؿ تعالى (وإِ َذا جاءىم أَمر ِمن ْاألَم ِن أَ ِو الْ َخو ِ‬ ‫ؼ أَ َذاعُوا بِ ِو َولَ ْو َر ُّدوهُ إِلَى‬ ‫َ َ َُ ْ ٌْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ين يَ ْستَػ ْنبِطُونَوُ ِم ْنػ ُه ْم ) و الف االخبار‬ ‫الر ُسوؿ َوإلَى أُولي ْاأل َْم ِر م ْنػ ُه ْم لَ َعل َموُ الذ َ‬

‫المصدقة ىي الحاكية عن امرىم عليهم السبلـ ولو ظاىرا و تعبدا ففي مصدقة‬ ‫ابن علواف‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيو عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬قرأت في كتاب لعلي‬

‫عل يو السبلـ أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو قاؿ‪ :‬إنو سيكذب علي كما‬ ‫‪23‬‬


‫منهج العرض‬

‫كذب على من كاف قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب اهلل فهو‬ ‫حديثي‪ ،‬وأما ما خالف كتاب اهلل فليس من حديثي‪ .‬و في مصدقة علي بن‬ ‫أيوب‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪:‬‬ ‫إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أىنأه وأسهلو وأرشده‪ ،‬فإف وافق كتاب اهلل‬ ‫فأنا قلتو‪ ،‬وإف لم يوافق كتاب اهلل فلم أقلو‪ .‬و في مصدقة ىشاـ بن الحكم‪،‬‬ ‫عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو ‪ -‬في‬ ‫خطبة بمنى أو مكة ‪ :-‬يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق القرآف فأنا قلتو‪،‬‬ ‫وما جاءكم عني ال يوافق القرآف فلم أقلو‪ .‬و في مصدقة الهشامين جميعا‬ ‫وغيرىما قاؿ‪ :‬خطب النبي صلى اهلل عليو والو بمنى فقاؿ‪ :‬أيها الناس ما‬ ‫جاءكم عني فوافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم يخالف القرآف فلم أقلو‪ .‬و‬ ‫عليو االخبار الخاصة المصرحة بمصدقية االخبار المصدقة ففي المصدؽ عن‬ ‫يونس بن عبد الرحمن انو قاؿ‪ :‬حدثني ىشاـ بن الحكم أنو سمع أبا عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف‬ ‫معو شاىدا من أحاديثنا المتقدمة‪ ....‬قاؿ يونس قاؿ على أبي الحسن الرضا‬ ‫عليو السبلـ ‪ ...‬ال تقبلوا علينا خبلؼ القرآف فإنا إف تحدثنا حدثنا بموافقة‬ ‫القرآف وموافقة السنة‪ ،‬إنا عن اهلل وعن رسولو نحدث‪ ،‬وال نقوؿ‪ :‬قاؿ فبلف‬ ‫وفبلف فيتناقض كبلمنا‪ ،‬إف كبلـ آخرنا مثل كبلـ أولنا‪ ،‬وكبلـ أولنا مصداؽ‬ ‫لكبلـ آخرنا‪ ،‬وإذا أتاكم من يحدثكم بخبلؼ ذلك فردوه عليو وقولوا‪ :‬أنت‬ ‫أعلم و ما جئت بو‪ ،‬فإف مع كل قوؿ منا حقيقة وعليو نور‪ ،‬فما ال حقيقة معو‬ ‫وال نور عليو فذلك قوؿ الشيطاف‪ .‬و في مصدقة الحسن بن الجهم‪ ،‬عن العبد‬ ‫‪24‬‬


‫منهج العرض‬

‫الصالح عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا كاف جاءؾ الحديثاف المختلفاف فقسهما على‬ ‫كتاب اهلل وعلى أحاديثنا ف إف أشبههما فهو حق وإف لم يشبههما فهو باطل‪.‬و‬ ‫في مصدقة محمد بن عيسى قاؿ‪ :‬أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابو إلى أبي‬ ‫الحسن الثالث عليو السبلـ وجوابو بخطو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬نسألك عن العلم المنقوؿ‬ ‫إلينا عن آبائك وأجدادؾ قد اختلفوا علينا فيو كيف العمل بو على اختبلفو ؟‬ ‫إذا نرد إليك فقد اختلف فيو‪ .‬فكتب ‪ -‬وقرأتو ‪ :-‬ما علمتم أنو قولنا فالزموه‬ ‫وما لم تعلموا فردوه إلينا‪ .‬و في مصدقة محمد بن أحمد بن محمد بن زياد‪،‬‬ ‫وموسى بن محمد بن علي بن موسى قاؿ‪ :‬كتبت إلى أبي الحسن عليو السبلـ‬ ‫أسألو عن العلم المنقوؿ إلينا عن آبائك وأجدادؾ صلوات اهلل عليهم قد‬ ‫اختلف علينا فيو فكيف العمل بو على اختبلفو والرد إليك فيما اختلف فيو ؟‬ ‫فكتب عليو السبلـ‪ :‬ما علمتم أنو قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردوه إلينا‪.‬‬

‫القاعدة (‪( )ٛ‬علينا أف نلقي إليكم االصوؿ وعليكم أف تفرعوا‪) .‬‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر )‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫قاؿ تعالى (يَا أَيُّػ َها الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫(وإِ َذا‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم َو ْ‬ ‫وقاؿ تعالى (فَاتَّػ ُقوا اللَّوَ َما ْ‬ ‫اس َمعُوا َوأَطيعُوا) و قاؿ تعالى َ‬ ‫جاءىم أَمر ِمن ْاألَم ِن أَ ِو الْ َخو ِ‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ َوإِلَى أُولِي‬ ‫ؼ أَ َذاعُوا بِ ِو َولَ ْو َردُّوهُ إِلَى َّ‬ ‫َ َُ ْ ٌْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ين يَ ْستَػ ْنبِطُونَوُ ِم ْنػ ُه ْم ) و اطبلقو كما يدؿ على انو ال‬ ‫ْاأل َْم ِر م ْنػ ُه ْم لَ َعل َموُ الذ َ‬

‫تقليد و ال اتباع اال لهم عليهم السبلـ كما عليو المصدؽ ففي مصدقة زيد‪،‬‬

‫عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬أتدري بما امروا ؟ امروا بمعرفتنا‪ ،‬والرد‬ ‫إ لينا‪ ،‬والتسليم لنا و في مصدقة عن أبي مريم قاؿ قاؿ‪ :‬أبو جعفر عليو السبلـ‬ ‫‪25‬‬


‫منهج العرض‬

‫لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة‪ :‬شرقا وغربا فبل تجداف علما صحيحا إال‬ ‫شيئا خرج من عندنا أىل البيت‪ .‬و في مصدقة أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ لي‪ :‬إف الحكم بن عتيبة ممن قاؿ اهلل‪ :‬ومن الناس من‬ ‫يقوؿ آمنا باهلل وباليوـ اآلخر وما ىم بمؤمنين‪ .‬فليشرؽ الحكم وليغرب‪ ،‬أما‬ ‫واهلل ال يصيب العلم إال من أىل بيت نزؿ عليهم جبرئيل‪ .‬و في مصدقة أبي‬ ‫إسحاؽ النحوي قاؿ‪ :‬دخلت على أبي عبد اهلل عليو السبلـ فسمعتو يقوؿ‪:‬‬ ‫‪ ...‬وإف نبي اهلل فوض إلى علي عليو السبلـ‪ :‬وأتمنو فسلمتم وجحد الناس‪،‬‬ ‫فواهلل لنحبكم أف تقولوا إذا قلنا‪ ،‬وتصمتوا إذا صمتنا‪ ،‬ونحن فيما بينكم وبين‬ ‫اهلل عزوجل‪ ،‬ما جعل اهلل الحد خيرا في خبلؼ أمرنا ‪ .‬فاف ذلك االطبلؽ ايضا‬ ‫يجعل وصوؿ امراىم عليهم السبلـ متحقق بالطرؽ العرفية العقبلئية ‪ ،‬فكل ما‬ ‫اطمئن انو مخبر عنهم فهو متبع و معتبر و على ذلك قاعدة تنزيل الخبر عنهم‬ ‫منزلة قولهم و قاعدة االمر بالعمل بنا وافق الكتاب مما ينقل عنهم و قاعدة‬ ‫من عمل بخبر عنهم رجاء الثواب فهو لو و كلها تدلل اف المسلم اذا وصلو‬ ‫امرىم باي طريقة عرفية كاف ذلك معتبرا و جاز لو اعتماده ‪ .‬و مما تقدـ و‬ ‫غيره ال يمكن اف يكوف لفتوى الفقيو و ال لغيرىا اية حجية نفسية في افادة‬ ‫الحكم الشرعي و انما كل الحجج المعتبرة في ذلك انما ىي طرؽ للوصوؿ‬ ‫الى القراف و السنة ‪ ،‬و بذلك تبين و بما ال يقبل الشك اف كل ما يبحث و‬ ‫يتبع و يحتج بو في مقدمات االستنباط وفي عملية االستنباط انما ىو في‬ ‫الطريق الموصل الى القراف و السنة ال غير ‪ .‬و من ىنا و مما ىو ظاىر من‬ ‫عملية االستنباط انها توصل الى السنة بالتفريع ‪ ،‬ورد الفرع الى اصلو في‬ ‫‪26‬‬


‫منهج العرض‬

‫السنة كما قاؿ عليو السبلـ ففي مصدقة البزنطي‪ ،‬عن الرضا عليو السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫علينا إلقاء االصوؿ إليكم وعليكم التفرع‪ .‬و في مصدقة ىشاـ بن سالم‪ ،‬عن‬ ‫أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ إنما علينا أف نلقي إليكم االصوؿ وعليكم أف‬ ‫تفرعوا‪ .‬فاالستنباط ىو في نهايتو و حقيقتو اخبار استداللي عن السنة ‪ ،‬في‬ ‫قباؿ كشف الخبر روائيا عنها ‪ ،‬اذ اف جواز تقليد الفقيو و الرجوع اليو انما ىو‬ ‫الجل ذلك االخبار و التفريع الراجع الى االصل أي السنة و عليو مصدقة‬ ‫الطبرسي عن أبي محمد العسكري عليو السبلـ في قولو تعالى‪ :‬ومنهم اميوف‬ ‫ال يعلموف الكتاب إال أماني‪.... .‬قاؿ رجل للصادؽ عليو السبلـ‪ :‬فإذا كاف‬ ‫ىؤالء القوـ من اليهود ال يعرفوف الكتاب إال بما يسمعونو من علمائهم ال‬ ‫سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليد ىم والقبوؿ من علمائهم ؟ وىل عواـ‬ ‫اليهود إال كعوامنا يقلدوف علماءىم ؟ فإف لم يجز الولئك القبوؿ من علمائهم‬ ‫لم يجز لهؤالء القبوؿ من علمائهم‪ ،‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬بين عوامنا وعلمائنا‬ ‫وبين عواـ اليهود وعلم ائهم فرؽ من جهة وتسوية من جهة أما من حيث‬ ‫استووا فإف اهلل قد ذـ عوامنا بتقليدىم علماءىم كما ذـ عوامهم‪ ،‬وأما من‬ ‫حيث افترقوا فبل‪ .‬قاؿ‪ :‬بين لي يا ابن رسوؿ اهلل قاؿ عليو السبلـ‪ :‬إف عواـ‬ ‫اليهودكانوا قد عرفوا علماءىم بالكذب الصريح‪ ،‬وبأكل الحراـ والرشاء‪،‬‬ ‫وبتغيير األحكاـ عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات‪ ،‬وعرفوىم‬ ‫بالتعصب الشديد الذي يفارقوف بو أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوؽ من‬ ‫تعصبوا عليو‪ ،‬وأعطوا ما ال يستحقو من تعصبوا لو من أمواؿ غيرىم‪،‬‬ ‫وظلموىم من أجلهم‪ ،‬وعرفوىم يقارفوف المحرمات‪ ،‬واضطروا بمعارؼ قلوبهم‬ ‫‪27‬‬


‫منهج العرض‬

‫إلى أف من فعل ما يفعلونو فهو فاسق ال يجوز أف يصدؽ على اهلل وال على‬ ‫الوسائط بين الخلق وبين اهلل‪ ،‬فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ومن قد‬ ‫علموا أنو ال يجوز قبوؿ خبره‪ ،‬وال تصديقو في حكاياتو‪ ،‬وال العمل بما يؤديو‬ ‫إليهم عمن لم يشاىدوه‪ ،‬ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو والو إذ كانت دالئلو أوضح من أف تخفى‪ ،‬وأشهر من أف ال‬ ‫تظهر لهم‪ ،‬وكذلك عواـ امتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاىر والعصبية‬ ‫الشديدة‪ ،‬والتكالب على حطاـ الدنيا وحرامها‪ ،‬وإىبلؾ من يتعصبوف عليو‬ ‫وإف كاف إلصبلح أمره مستحقا‪ ،‬والترفرؼ بالبر واإلحساف على من تعصبوا لو‬ ‫وإف كاف لئلذالؿ واإلىانة مستحقا‪ .‬فمن قلد من عوامنا مثل ىؤالء الفقهاء‬ ‫فهم مثل اليهود الذين ذمهم اهلل تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم‪ .‬فأما من كاف‬ ‫من الفقهاء صائنا لنفسو‪ ،‬حافظا لدينو‪ ،‬مخالفا على ىواه‪ ،‬مطيعا ألمر مواله‪،‬‬ ‫فللعواـ أف يقلدوه‪ .‬وذلك ال يكوف إال بعض فقهاء الشيعة ال جميعهم‪ ،‬فأما‬ ‫من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فبل تقبلوا منهم عنا‬ ‫شيئا وال كرامة‪ ،‬وإنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أىل البيت لذلك‪ ،‬ألف‬ ‫الفسقة يتحملوف عنا فيحرفونو بأسره لجهلهم‪ ،‬ويضعوف األشياء على غير‬ ‫وجوىها لقلة معرفتهم‪ ،‬وآخرين يتعمدوف الكذب علينا ليجروا من عرض الدنيا‬ ‫ما ىو زادىم إلى نار جهنم‪ ،‬ومنهم قوـ نصاب ال يقدروف على القدح فينا‬ ‫فيتعلموف بعض علومنا الصحيحة فيتوجهوف بو عند شيعتنا‪ ،‬وينتقصوف بنا عند‬ ‫نصابنا ثم يضيفوف إليو أضعاف و وأضعاؼ أضعافو من األكاذيب علينا التي نحن‬ ‫برآء منها‪ )...‬فاف الرواية صريحة اف الفقهاء ىم من يوصلوف الناس الى‬ ‫‪28‬‬


‫منهج العرض‬

‫المعرفة الشرعية المتمثلة بالقراف و السنة ‪ ،‬و لحقيقة اف عملية االستنباط ىي‬ ‫رد الفرع الى االصل و اف مجالها ما ال نص فيو و ما لم يكن ضروريا ‪ ،‬فاف‬ ‫الف توى في واقع امرىا نحو اخبار عن السنة ‪ ،‬فهي من ىذه الجهة كالخبر اال‬ ‫انها متأخرة عنو و محتاجة الى العلم أي قوة االجتهاد لبلوغ ذلك ‪ .‬و بهذا‬ ‫يتبين اف الفتوى و الخبر يجمعهما جامع االخبار عن السنة و اف المشترؾ‬ ‫االتصافي بينهما في ىذا الشأف المنكشف باحدىما جار في االخر الف علتو‬ ‫واحدة والنو صفة للعاـ الجامع و ليس الي منمهما ‪ ،‬و ال يظهر ال شرعا و ال‬ ‫عرفا اف الموارد التي اعتمد فيها الخبر و الشروط التي يجب توفرىا للعمل بو‬ ‫مختصة بو بما ىو بل الجل انو اخبار عن السنة وىذا من الواضحات و من‬ ‫ىنا يجوز اعتماد الفتوى بما ىي اخبار عن السنة في كل ما يعتمد فيو الخبر و‬ ‫يشترط فيها كل ما يشترط في الخبر للعمل بو و اضافة الى ذلك اف تكوف‬ ‫صادرة من عالم أي فقيو قد استنبط الحكم بالطريقة العرفية و العقبلئية‬ ‫لعادية‪ .‬كما اف حدودىا كحدود الخبر و موارد عملها كموادر عملو ‪.‬‬

‫القاعدة (‪( )ٜ‬يػ ْؤِمن بِاللَّ ِو ويػ ْؤِمن لِل ِ ِ‬ ‫ين )‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫ْم ْؤمن َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫قاؿ تعالى (يػ ْؤِمن بِاللَّ ِو ويػ ْؤِمن لِل ِ ِ‬ ‫ين ) و يؤمن للمؤمنين أي يصدؽ و‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫ْم ْؤمن َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫قاؿ تعالى (أَيػُّها الَّ ِذين آَمنُوا إِ ْف جاء ُكم فَ ِ‬ ‫اس ٌق بِنَبٍَأ فَػتَبَػيَّػنُوا ) و التبين داؿ على‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫‪29‬‬


‫منهج العرض‬

‫عدـ التسليم والقبوؿ ‪ .‬و يصدقو اخوة االيماف و والية االيماف و عليو‬ ‫نصوص خاصة ففي مصدقة الحسين بن المختار‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ أمير المؤمنين عليو السبلـ في كبلـ لو‪ :‬ضع أمر أخيك على‬ ‫أحسنو حتى يأتيك ما يغلبك منو‪ ،‬و مصدقة داود بن كثير الرقي‪ ،‬عن أبي عبد‬ ‫اهلل (عليو السبلـ ) قاؿ قاؿ رسوؿ اهلل )صلى اهلل عليو و آلو( إف اهلل (عز و‬ ‫جل ) خلق المؤمن من عظمة جبللو و قدرتو‪ ،‬فمن طعن عليو‪ ،‬أو رد عليو‬ ‫قولو‪ ،‬فقد رد على اهلل )عز و جل ‪.‬و مصدقة الصدوؽ ػ عن امير المؤمنين‬ ‫(عليو السبلـ ) انو قاؿ ‪ :‬اطرحوا سوء الظن بينكم ‪ ،‬فاف اللّو عزوجل نهى عن‬ ‫ذلك ‪ .‬و المصدؽ عن قاؿ الصادؽ عليو السبلـ‪ :‬حسن الظن أصلو من‬ ‫حسن إيماف المرء وسبلمة صدره‪ ،‬وعبلمتو أف يرى كل ما نظر إليو بعين‬ ‫الطهارة والفضل‪ ،‬من حيث ما ركب فيو وقذؼ من الحياء واالمانة والصيانة‬ ‫والصدؽ‪ ،‬قاؿ النبي صلى اهلل عليو والو‪ :‬أحسنوا ظنونكم باخوانكم تغتنموا بها‬ ‫صفاء القلب‪ ،‬ونقاء الطبع‪،‬‬

‫و مصدقة إبراىيم ابن عمر اليماني‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا‬ ‫اتهم المؤمن أخاه انماث االيماف في قلبو كما ينماث الملح في الماء ‪ .‬و‬ ‫مصدقة الرضي عن اميرالمؤمنين (عليو السبلـ ) قاؿ ‪ :‬اتقوا ظنوف المؤمنين ‪،‬‬ ‫فاف اللّو جع ل الحق على السنتهم ‪ .‬و مصدقة محمد بن الفضيل‪ ،‬عن أبي‬ ‫الحسن موسى (عليو السبلـ) قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداؾ ! الرجل من إخواني‬ ‫يبلغني عنو الشئ الذي أكره لو‪ ،‬فأسألو عنو فينكر ذلك‪ ،‬وقد أخبرني عنو قوـ‬ ‫‪30‬‬


‫منهج العرض‬

‫ثقات‪ ،‬فقاؿ لي‪ :‬يا محمد ! كذب سمعك وبصرؾ عن أخيك‪ ،‬فإف شهد‬ ‫عندؾ خمسوف قسامة وقاؿ لك قوال فصدقو وكذبهم‪ ،‬وال تذيعن عليو شيئا‬ ‫تشينو بو‪ ،‬وتهدـ بو مروتو ‪.‬‬ ‫من ىنا فاالصل في خبر المسلم القبوؿ اال اف يعرض لو ما يخرجو من‬ ‫ذلك باف يكوف مخالفا للقراف و السنة بالمباينة كما تبين فهذا زخرؼ مطروح‬ ‫او انو يخالف المصدؽ فهذا متشابو مشكل ال يعمل بو لكن ال ينكر كما ىو‬ ‫مبين في محلو و اما غيرىما و المصدؽ بالقراف و السنة فهو مقبوؿ ‪.‬‬

‫مسألة ‪ :‬االصل في اسناد الراوي عن راو اخر لقاؤه واخذه عنو بو مع‬ ‫امكانو ‪.‬‬

‫يمكن الحكم باتصاؿ الرواية أي رواية اراوي عمن يروي عنو باثبات ذلك‬ ‫من قبل اىل الرجاؿ و كذلك بقرينة روائية كأف يقوؿ حدثني و اخبرني فاف‬ ‫االصل الصدؽ في الراوي وىذا قد اثبتنا في محلو ‪ ،‬وكذا لو عنعن فقبوؿ‬ ‫قولو و تصديقو ليس فقط في المتن الذي ينقلو و انما في اسناده فعندما‬ ‫يعنعن و ال تكوف ىناؾ قرينة توجب عدـ االخذ ممن عنعن عنو ‪،‬و كانت‬ ‫امكانية روايتو عنو واخذه منو يحكم باالتصاؿ ‪ ،‬الف ىذا ىو ظاىره ‪ ،‬و يحتاج‬ ‫القوؿ بعدـ االخذ و عدـ اللقاء الى قرينة ‪ ،‬وىذه ىي اصالة اللقاء في‬ ‫المعاصر الذي يعنعن ‪.‬‬ ‫‪31‬‬


‫منهج العرض‬

‫و ىذا االصل يجري ليس فقط فيمن قاؿ اىل الرجاؿ باعتماده و قبوؿ‬ ‫روايتو و انما تثبت ايضا بالقبوؿ الثابت باصالة الصحة ‪ ،‬فلو ثبتت مقبولية راو‬ ‫يعنعن عن غيره و كانت الرواية ممكنة و لم تكن قرينة تمنع من الرواية و‬ ‫االخذ عنو فانها تثبت روايتو عنو و اف لم يكن طعن في الين ثبتت مقبوليية‬ ‫الثانية و يصير مقبوال و ىكذا اف كانت الحالة نفسها مع من يروي عنو الثاني‬ ‫‪ .‬لكن ىذا ال يتم في حالة االضمار فضبل عن االنقطاع فلو قاؿ عن رجل عن‬ ‫فبلف ‪ ،‬فانو ال تجري اصالة اللقاء الف من شروطها احراز امكاف الرواية وىو‬ ‫غير محرز ‪ ،‬اال انت تكوف ىناؾ قرينة على اللقاء كأف يقوؿ ( حدثني او‬ ‫اخبرني رجل انو فبلنا اخبره ) فانو ال بد من احراز امكانية اللقاء من الطرفين‬ ‫‪ .‬واصالة اللقاء بشروطها المذكورة ىي فرع اصالة قبوؿ قوؿ الراوي و تصديقو‬ ‫و الحمد هلل ‪.‬‬

‫القاعدة (ٓٔ) قاؿ تعالى (إَِّال أَ ْف تَػتَّػ ُقوا ِم ْنػ ُه ْم تُػ َقا ًة )‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إيمانِ​ِو إِالَّ َم ْن أُ ْك ِرَه َوقَػلْبُوُ ُمط َْمئِ ّ​ّن‬ ‫و قاؿ تعالى ( َمن َك َف َر باللّو من بَػ ْعد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِا ِإليم ِ‬ ‫يمانَوُ ) (ما‬ ‫اف ) و قاؿ تعالى ( َوقَ َ‬ ‫اؿ َر ُج ٌل ُّم ْؤم ٌن ّْم ْن آؿ ف ْر َع ْو َف يَ ْكتُ ُم إِ َ‬ ‫َ‬

‫سمعت مني يشبو قوؿ الناس فيو التقية‪ ،‬وما سمعت مني ال يشبو قوؿ الناس‬ ‫‪32‬‬


‫منهج العرض‬

‫فبل تقية فيو ) و في مصدقة عبيد بن زرارة‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫ما سمعت مني يشبو قوؿ الناس فيو التقية‪ ،‬وما سمعت مني ال يشبو قوؿ‬ ‫الناس فبل تقية فيو‪ .‬و في مصدقة عبد الرحمن بن أبي عبد اهلل‪ ،‬عن أبي عبد‬ ‫اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديثاف مختلفاف فاعرضوىما على كتاب‬ ‫اهلل فما وافق كتاب اهلل فخذوه وما خالف كتاب اهلل فذروه‪ ،‬فإف لم تجدوىما‬ ‫في كتاب اهلل اعرضوىما على أخبار العامة فما وافق أخبارىم فذروه وما خالف‬ ‫أخبارىم فخذوه ‪ .‬و في مصدقة الحسن بن السري‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ‪ :‬إذا ورد عليكم حديثاف مختلفاف فخذوا بما خالف القوـ‪ . .‬و‬ ‫في مصدقة عن الحسن بن جهم قاؿ‪ :‬قلت للعبد الصالح عليو السبلـ‪ :‬ىل‬ ‫يسعنا فيما يرد علينا منكم إال التسليم لكم ؟ فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬ال واهلل ال‬ ‫يسعكم إال التسليم لنا‪ .‬قلت‪ :‬فيروى عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ شئ ويروى‬ ‫عنو خبلفو فبأيهما نأخذ ؟ قاؿ‪ :‬خذ بما خالف القوـ‪ ،‬وما وافق القوـ فاجتنبو‪.‬‬ ‫و في مصدقة محمد بن عبد اهلل قاؿ‪ :‬قلت للرضا عليو السبلـ‪ :‬كيف نصنع‬ ‫بالخبرين المختلفين ؟ فقاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديثاف مختلفاف فانظروا ما‬ ‫يخالف منهما العامة فخذوه‪ ،‬وانظروا ما يوافق أخبارىم فدعوه‪ .‬و في مصدقة‬ ‫زرارة بن أعين قاؿ‪ :‬سألت الباقر عليو السبلـ فقلت‪ ::::‬فقلت‪ :‬إنهما معا‬ ‫عدالف مرضياف موثقاف‪ ،‬فقاؿ‪ :‬انظر ما وافق منهما مذىب العامة فاتركو وخذ‬ ‫بما خالفهم‪ .‬قلت‪ :‬ربما كانا موافقين‪ )....‬و في مصدقة عمر بن حنظلة قاؿ‪:‬‬ ‫سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ ‪ :‬فقلت‪ ... :‬قلت‪ :‬فإف كاف الخبراف عنكما‬ ‫مشهورين قد رواىما الثقاة عنكم ؟ قاؿ‪ :‬ينظر ما وافق حكمو حكم الكتاب‬ ‫‪33‬‬


‫منهج العرض‬

‫والسنة وخالف العامة فيؤخذ بو‪ ،‬ويترؾ ما خالف حكمو حكم الكتاب والسنة‬ ‫و وافق العامة‪ )... .‬اقوؿ اف القواعد المتعددة من العرض على القراف و السنة‬ ‫الثابتة و التسليم و التخيير الثابتة تجعل ىذه االخبار متشابهة في ظاىرىا و‬ ‫يتعين حملها على الجواز و فرع ذلك التسليم و التخيير و مرجوحة بهما و‬ ‫تفصيل ذلك في بحث قاعدة قبوؿ قوؿ المسلم و تصديقو ‪ ،‬و اشد تشابو ما‬ ‫يعين ذلك حتى مع عدـ التعارض كما في متشابهة أبي إسحاؽ األرجائي رفعو‬ ‫قاؿ‪ :‬قاؿ لي أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬أتدري لم امرتم باألخذ بخبلؼ ما‬ ‫تقوؿ العامة ؟ فقلت‪ :‬ال ندري‪ .‬فقاؿ‪ :‬إف عليا عليو السبلـ لم يكن يدين اهلل‬ ‫بدين إال خالف عليو االمة إلى غيره إرادة إلبطاؿ أمره وكانوا يسألوف أمير‬ ‫المؤمنين عليو السبلـ عن الشئ ال يعلمونو فإذا أفتاىم جعلوا لو ضدا من‬ ‫عندىم ليلبسوا على الناس‪ .‬و متشابهة علي بن أسباط‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت للرضا عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬يحدث األمر ال أجد بدا من معرفتو‪ ،‬وليس في البلد الذي أنا فيو‬ ‫أحد أستفتيو من مواليك‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬إيت فقيو البلد فاستفتو في‬ ‫أمرؾ فإذا أفتاؾ بشئ فخذ بخبلفو فإف الحق فيو ‪ ) .‬فهذه االخبار تفيد اف‬ ‫من اسباب اختبلؼ االخبار التقية لكن الترجيح بذلك فغير مصدؽ نؤمن بو و‬ ‫النرده لكن ال نعمل بو ‪ ،‬و انما الجائز ىو انها على الجواز بعد التسليم و‬ ‫التخيير ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬ىناؾ شكل اخر من التقية و مرجعو الى التسليم و ضمن حكمة‬ ‫اىل البيت عليهم السبلـ في مصدقة نصر الخثعمي قاؿ‪ :‬سمعت أبا عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬من علم أنا ال نقوؿ إال حقا فليكتف منا بما نقوؿ فإف‬ ‫‪34‬‬


‫منهج العرض‬

‫سمع منا خبلؼ ما يعلم فليعلم أف ذلك دفاع منا عنو‪ .‬و في مصدقة سالم‬ ‫أبي خديجة‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬سأؿ إنساف وأنا حاضر فقاؿ‪:‬‬ ‫ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلي العصر‪ ،‬وبعضهم يصلي الظهر‪،‬‬ ‫فقاؿ‪ :‬أنا أمرتهم بهذا لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فاخذ برقابهم‪ .‬و في‬ ‫مصدقة عن محمد بن بشير وحريز‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قلت‬ ‫لو‪ :‬إنو ليس شيء أشد علي من اختبلؼ أصحابنا‪ ،‬قاؿ‪ :‬ذلك من قبلي‪ .‬و في‬ ‫مصدقة الخزاز عمن حدثو‪ ،‬عن أبي الحسن عليو السبلـ قاؿ‪ :‬اختبلؼ‬ ‫أصحابي لكم رحمة‪ ،‬وقاؿ‪ :‬إذا كاف ذلك جمعتكم على أمر واحد‪ .‬وسئل عن‬ ‫اختبلؼ أصحابنا فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬أنا فعلت ذلك بكم لو اجتمعتم على أمر‬ ‫واحد الخذ برقابكم‪ .‬و في مصدقة زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليو السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫سألتو عن مسألة فأجابني‪ ،‬قاؿ‪ :‬ثم جاء رجل فسألو عنها فأجابو بخبلؼ ما‬ ‫أجابني‪ ،‬ثم جاء رجل آخر فأجابو بخبلؼ ما أجابني وأجاب صاحبي‪ ،‬فلما‬ ‫خرج الرجبلف قلت‪ :‬يا ابن رسوؿ اهلل رجبلف من أىل العراؽ من شيعتك قدما‬ ‫يسأالف فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت بو اآلخر‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ‪ :‬يا زرارة‬ ‫إف ىذا خير لنا ولكم‪ ،‬ولو اجتمعتم على أمر واحد لقصدكم الناس ولكاف أقل‬ ‫لبقائنا وبقائكم‪ .‬قاؿ‪ :‬فقلت ألبي عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬شيعتكم لو‬ ‫حملتموىم على األسنة أو على النار لمضوا وىم يخرجوف من عندكم‬ ‫مختلفين‪ ،‬قاؿ‪ :‬فسكت فأعدت عليو ثبلث مرات فأجابني بمثل جواب أبيو‪.‬‬ ‫و في مصدقة أبي عبيدة‪ ،‬عن أبي جعفر عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ لي‪ :‬يا زياد ما‬ ‫تقوؿ لو أفتينا رجبل ممن يتوالنا بشئ من التقية ؟ قاؿ‪ :‬قلت لو‪ :‬أنت أعلم‬ ‫‪35‬‬


‫منهج العرض‬

‫جعلت فداؾ‪ .‬قاؿ‪ :‬إف أخذ بو فهو خير لو وأعظم أجرا ‪ .‬وفي رواية اخرى‪ :‬إف‬ ‫أخذ بو اوجر‪ ،‬وإف تركو واهلل أثم‪.‬‬

‫القاعدة (ٔ​ٔ) (إف الحديث ينسخ كما ينسخ القرآف )‬

‫في مصدقة محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قلت لو‪:‬‬ ‫ما باؿ أقواـ يرووف عن فبلف وفبلف عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو ال‬ ‫يتهموف بالكذب فيجيئ منكم خبلفو ؟ قاؿ‪ :‬إف الحديث ينسخ كما ينسخ‬ ‫القرآف‪ .‬و في مصدقة جابر قاؿ‪ :‬قلت ألبي جعفر عليو السبلـ‪ :‬كيف اختلف‬ ‫أصحاب النبي صلى اهلل عليو والو في المسح على الخفين ؟ فقاؿ‪ :‬كاف الرجل‬ ‫منهم يسمع من النبي صلى اهلل عليو والو الحديث فيغيب عن الناسخ وال‬ ‫يعرفو فإذا أنكر ما خالف ما في يديو كبر عليو تركو‪ ،‬وقد كاف الشئ ينزؿ على‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو فعمل بو زمانا ثم يؤمر بغيره فيأمر بو أصحابو‬ ‫وامتو حتى قاؿ اناس‪ :‬يا رسوؿ اهلل إنك تأمرنا بالشئ حتى إذا اعتدناه وجرينا‬ ‫عليو أمرتنا بغيره‪ ،‬فسكت النبي صلى اهلل عليو والو عنهم فأنزؿ عليو‪ :‬قل ما‬ ‫كنت بدعا من الرسل إف أتبع إال ما يوحى إلي وما أنا إال نذير مبين‪ .‬و في‬ ‫مصدقة ابن حازـ‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت ألبي عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ما بالي أسألك عن‬ ‫المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيري فتجيبو فيها بجواب آخر ؟‬ ‫‪36‬‬


‫منهج العرض‬

‫فقاؿ‪ :‬إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصاف‪ .‬قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬فأخبرني عن‬ ‫أصحاب رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو صدقوا على محمد صلى اهلل عليو والو‬ ‫أـ كذبوا ؟ قاؿ‪ :‬بل صدقوا‪ .‬قلت‪ :‬فما بالهم اختلفوا‪ .‬فقاؿ‪ :‬أما تعلم أف‬ ‫الرجل كاف يأتي رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو فيسألو عن المسألة فيجيبو فيها‬ ‫بالجواب‪ ،‬ثم يجيبو بعد ذلك بما ينسخ ذلك الجواب فنسخت األحاديث‬ ‫بعضها بعضا‪.‬و في مصدقة سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليو السبلـ‪ :‬إف‬ ‫في أيدي الناس حقا وباطبل‪ ،‬وصدقا وكذبا‪ ،‬وناسخا ومنسوخا‪ ،‬وعاما وخاصا‬ ‫ومحكما ومتشابها‪ ،‬وحفظا ووىما‪ ،‬وقد كذب على رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫والو على عهده حتى قاـ خطيبا فقاؿ‪ :‬أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن‬ ‫كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار‪ ،‬ثم كذب عليو من بعده ‪ .‬اقوؿ و‬ ‫الكبلـ في نسخ االحاديث سنفرد لو رسالة خاصة ‪.‬‬

‫مسألة ‪ :‬قد ال يراد ما ىو الظاىر من االخبر حين صدوره فيجيء ما ظاىره‬ ‫المخالفة ففي مصدقة الميثمي أنو سأؿ الرضا عليو السبلـ يوما ‪ -‬وقد اجتمع‬ ‫عنده قوـ من أصحابو وقد كانوا تنازعوا في الحديثين المختلفين عن رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو والو في الشئ الواحد ‪ -‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬إف اهلل عز‬ ‫وجل حرـ حراما‪ ،‬و أحل حبلال‪ ،‬وفرض فرائض‪ ،‬فما جاء في تحليل ما حرـ‬ ‫اهلل‪ ،‬أو تحريم ما أحل اهلل‪ ،‬أو دفع فريضة في كتاب اهلل رسمها بين قائم ببل‬ ‫ناسخ نسخ ذلك فذلك ما ال يسع األخذ بو ألف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‬ ‫لم يكن ليحرـ ما أحل اهلل‪ ،‬وال ليحلل ما حرـ اهلل عز وجل‪ ،‬وال ليغير فرائض‬ ‫‪37‬‬


‫منهج العرض‬

‫اهلل وأحكامو كاف في ذلك كلو متبعا مسلما مؤديا عن اهلل عز وجل‪ ،‬وذلك‬ ‫قوؿ اهلل عز وجل‪ :‬إف أتبع إال ما يوحى إلي‪ .‬فكاف صلى اهلل عليو والو متبعا هلل‬ ‫مؤديا عن اهلل ما أمره بو من تبليغ الرسالة‪ .‬قلت‪ :‬فإنو يرد عنكم الحديث في‬ ‫الشئ عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو مما ليس في الكتاب وىو في السنة‬ ‫ثم يرد خبلفو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬وكذلك قد نهى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو عن أشياء‬ ‫نهي حراـ فوافق في ذلك نهيو نهي اهلل تعالى‪ ،‬وأمر بأشياء فصار ذلك األمر‬ ‫واجبا الزما كعدؿ فرائض اهلل تعالى‪ ،‬ووافق في ذلك أمره أمر اهلل عز وجل‪،‬‬ ‫فما جاء في النهي عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو نهي حراـ ثم جاء خبلفو‬ ‫لم يسع استعماؿ ذلك‪ ،‬وكذلك فيما أمر بو‪ ،‬ألنا ال نرخص فيما لم يرخص فيو‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ ،‬وال نأمر بخبلؼ ما أمر رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو والو إال لعلة خوؼ ضرورة‪ ،‬فأما أف نستحل ما حرـ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو والو أو نحرـ ما استحلو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو فبل يكوف ذلك‬ ‫أبدا ألنا تابعوف لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو مسلموف لو‪ ،‬كما كاف رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو والو تابعا ألمر ربو عز وجل مسلما لو‪ ،‬وقاؿ اهلل عز وجل‪ :‬ما‬ ‫آتاكم الرسوؿ فخذوه وما نهيكم عنو فانتهوا‪ .‬وأف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫والو نهى عن أشيا ء ليس نهي حراـ بل إعافة وكراىة‪ ،‬وأمر بأشياء ليس بأمر‬ ‫فرض وال واجب‪ ،‬بل أمر فضل ورجحاف في الدين‪ ،‬ثم رخص في ذلك‬ ‫للمعلوؿ وغير المعلوؿ‪ ،‬فما كاف عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو نهي إعافة‬ ‫أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعماؿ الرخص فيو إذا ورد عليكم عنا فيو‬ ‫الخبر باتف اؽ يرويو من يرويو في النهي وال ينكره‪ ،‬وكاف الخبراف صحيحين‬ ‫‪38‬‬


‫منهج العرض‬

‫معروفين باتفاؽ الناقلة فيهما يجب األخذ بأحدىما‪ ،‬أو بهما جميعا‪ ،‬أو بأيهما‬ ‫شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫والو‪ ،‬والرد إليو وإلينا‪ ،‬وكاف تارؾ ذلك من باب العناد واإلنكار وترؾ التسليم‬ ‫لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو مشركا باهلل العظيم ‪ .‬اقوؿ الخبر اضافة الى‬ ‫بياف اف سبب االختبلؼ قد يكوف اف حديث المتقدـ الذي ظاىره االلزاـ ليس‬ ‫ىو كذلك فيأتي الحديث من المتأخؤر منهم عليهم السبلـ بترخيص ‪ .‬فانو‬ ‫ايضا يدؿ على امرين االوؿ اف السنة ال يمكن اف تعارض القراف و اف اخبار‬ ‫االئمة عليهم السبلـ ال يمكن اف تعارض القراف و السنة الثابتة ‪.‬‬

‫القاعدة (ٕٔ) (فموسع عليك بأيهما أخذت )‬

‫في المصدؽ عن يحيى بن زكريا عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬سمعتو‬ ‫يقوؿ‪ :‬من سره أف يستكمل االيماف فليقل‪ :‬القوؿ مني في جميع االشياء قوؿ‬ ‫آؿ محمد عليهم السبلـ فيما أسروا وفيما أعلنوا وفيما بلغني وفيما لم يبلغني‪.‬‬ ‫و في مصدقة عمر بن يزيد‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت ألبي عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬يختلف‬ ‫أصحابنا فأقوؿ‪ :‬قولي ىذا قوؿ جعفر بن محمد‪ .‬قاؿ‪ :‬بهذا نزؿ جبرئيل‪ .‬و‬ ‫في مصدقة اسماعيل بن مهراف عمن حدثو من اصحابنا عن ابى عبد اهلل (عليو‬ ‫السبلـ ) قاؿ ما على احدكم إذا بلغو عنا حديث لم يعط معرفتو اف يقوؿ‬ ‫القوؿ قولهم فيكوف قد آمن بسرنا وعبلنيتنا‪ .‬و في مصدقة منصور الصيقل‬ ‫‪39‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ قاؿ بعض اصحابنا البي عبد اهلل ( عليو السبلـ ) وانا قاعد عنده ما ندري‬ ‫ما يقبل من ىذا حديثنا مما يرد فقاؿ وما ذاؾ قاؿ ليس بشئ يسمعو منا اال‬ ‫قاؿ القوؿ قولهم فقاؿ أبو عبد اهلل ( عليو السبلـ ) ىذا من المسلمين اف‬ ‫المسلمين ىم النجباء انما عليو إذا جاءه شئ ال يدري ما ىو يرده الينا ‪ .‬و في‬ ‫مصدقة الحجاج الخيبري قاؿ قلت البي عبد اهلل " عليو السبلـ " انا نكوف‬ ‫في الموضع فيروي عنكم الحديث العظيم فيقوؿ بعضنا لبعض القوؿ قولهم‬ ‫فيشق ذلك على بعضنا فقاؿ " عليهم السبلـ " كأنك تريد اف تكوف اماما‬ ‫يقتدى بك أو بو من رد الينا فقد سلم ‪ .‬و يتأكد التسليم في حالة ورود اخبار‬ ‫متعارضة ‪ .‬فمع عدـ التعارض يقتضي التسليم اف يأتي المؤمن بالعمل او يعتقد‬ ‫االعتقاد الذي ال خبلؼ فيو في االخبار و بسره انو قاصد قولهم عليهم‬ ‫السبلـ ‪ ،‬و اماعند التعارض فانو ايضا يقصد قلبيا قولهم عليهم السبلـ و‬ ‫يستحب اف يقوؿ ( قولي ىنا قولهم عليهم السبلـ ) و اما عمليا فانو يقتضي‬ ‫التخيير تسليما لما كاف عنهم و على ذلك االخبار الخاصة بالتعارض المصدقة‬ ‫بما تقدـ من اصوؿ اولها التسليم لهم باف ما وافق القراف فهو قولهم و‬ ‫التسليم لما جاء منهم وعدـ رده و عموـ العمل بما وافق االخبار و من ىنا‬ ‫فاخبار التخيير عند التعارض ليس فقط مصدقة بل من الحق الذي عليو حق و‬ ‫نور ‪ .‬ففي مصدقة عل ي بن مهزيار‪ ،‬قاؿ‪ :‬قرأت في كتاب لعبد اهلل بن محمد‬ ‫إلى أبي الحسن عليو السبلـ‪ :‬اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ في ركعتي الفجر في السفر‪ ،‬فروى بعضهم‪ :‬أف صلهما ما في‬ ‫المحمل‪ ،‬وروى بعضهم‪ :‬ال تصلهما إال على األرض‪ ،‬فأعلمني كيف تصنع‬ ‫‪40‬‬


‫منهج العرض‬

‫أنت ألقتدي ب و في ذلك ؟ فوقع عليو السبلـ‪ :‬موسع عليك بأية عملت‪ .‬و‬ ‫مصدقة الحسن بن جهم عن الرضا عليو السبلـ أنو قاؿ‪ :‬قلت للرضا عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬تجيئنا األحاديث عنكم مختلفة قاؿ‪ :‬ما جاءؾ عنا فقسو على كتاب‬ ‫اهلل عز وجل و أحاديثنا فإف كاف يشبههما فهو منا وإف لم يشبههما فليس منا‪،‬‬ ‫قلت‪ :‬يجيئنا الرجبلف وكبلىما ثقة بحديثين مختلفين فبل نعلم أيهما الحق‪،‬‬ ‫فقاؿ‪ :‬إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت‪ .‬و مصدقة الحارث بن المغيرة‬ ‫عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم‬ ‫ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم ‪ -‬عجل اهلل تعالى فرجو ‪ -‬فترده إليو و في‬ ‫مصدقة سماعة‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ سألتو عن رجل اختلف عليو‬ ‫رجبلف من أىل دينو في أمر كبلىما يرويو ‪ ،‬احدىما يأمر بأخذه‪ ،‬واآلخر ينهاه‬ ‫عنو كيف يصنع ؟ قاؿ‪ :‬يرجئو حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه‪.‬‬ ‫وفي رواية اخرى‪ :‬بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك‪ .‬المصدؽ ىو‬ ‫مضموف التخيير ال التوقف ‪.‬‬

‫و يصدؽ قاعدة التخيير ايضا قاعدة (من بلغو ‪ :‬شيء من اؿ ثواب عن‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو فأتى بو كاف لو اجره واف لم يكن كذلك ) فانها‬ ‫تؤكد التسليم و التخيير و السعة فيو ففي مصدقة صفواف‪ ،‬عن أبي عبد اهلل‬ ‫ع ليو السبلـ قاؿ‪ :‬من بلغو شئ من الثواب على شئ من الخير فعملو كاف لو‬ ‫أجر ذلك وإف كاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو لم يقلو‪ .‬و في مصدقة‬ ‫محمد بن مرواف‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬من بلغو عن النبي صلى‬ ‫‪41‬‬


‫منهج العرض‬

‫اهلل عليو والو شئ من الثواب ففعل ذلك طلب قوؿ النبي صلى اهلل عليو والو‬ ‫كاف لو ذلك الثواب وإف كاف النبي لم يقلو‪ .‬و في مصدقة ىشاـ بن سالم‪،‬‬ ‫عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬من بلغو عن النبي صلى اهلل عليو والو شئ‬ ‫من الثواب فعملو كاف أجر ذلك لو وإف كاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو لم‬ ‫يقلو ‪ .‬و في مصدقة محمد بن مرواف‪ ،‬قاؿ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليو السبلـ‬ ‫يقوؿ‪ :‬من بلغو ثواب من اهلل على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب‬ ‫اوتيو وإف لم يكن الحديث كما بلغو‪ ) .‬و تماـ الكبلـ عن ىذه القاعدة في‬ ‫محلو ‪.‬‬ ‫و يصدؽ التسليم و التخيير عند تعارض االخبار قاعدة عرض االخبار‬ ‫على القراف و السنة و العمل بما وافقهما و قاعدة تصديق المسلم و قبوؿ‬ ‫قولو و من ىنا يظهر اف اخبار الترجيح باالوثقية او الشهر او مخالفة العامة‬ ‫انما ىي فرع التخيير و التسليم و ىي على الجواز المرجوح بالتسليم و‬ ‫التخيير‪.‬‬

‫مسألة ‪ :‬لقد جاءت اخبار مصدقة تدؿ على جواز العلم بل و استحبابو‬ ‫ب االخبار المصدقة من دوف النظر الى حاؿ الراوي ففي مصدقة زرارة‪ ،‬عن أبي‬ ‫جعفر عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ المسيح عليو السبلـ‪ :‬معشر الحواريين ! لم‬ ‫يضركم من نتن القطراف إذا أصابتكم سراجو‪ ،‬خذوا العلم ممن عنده وال تنظروا‬ ‫إلى عملو و في مصدقة سفياف بن السمط قاؿ‪ :‬قلت ألبي عبد اهلل عليو‬ ‫‪42‬‬


‫منهج العرض‬

‫السبلـ‪ :‬جعلت فداؾ إف رجبل يأتينا من قبلكم يعرؼ بالكذب فيحدث‬ ‫بالحديث فنستبشعو‪ ،‬فقاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬يقوؿ لك‪ :‬إني قلت‬ ‫لليل‪ :‬إنو نهار‪ ،‬أو للنهار‪ :‬إنو ليل ؟ قاؿ‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فإف قاؿ لك ىذا إني قلتو‬ ‫فبل تكذب بو‪ ،‬فإنك إنما تكذبني‪ .‬و في مصدقة أبي بصير‪ ،‬عن أحدىما‬ ‫عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬سمعتو يقوؿ‪ :‬ال تكذب بحديث أتاكم بو مرجئي وال‬ ‫قدري وال خارجي نسبو إلينا‪ .‬فإنكم ال تدروف لعلو شئ من الحق فتكذبوف اهلل‬ ‫عز وجل فوؽ عرشو‪ .‬و في مصدقة عبداهلل بن أبي يعفور قاؿ ‪ :‬سألت أبا‬ ‫عبداهلل ( عليو السبلـ ) عن اختبلؼ الحديث ‪ ،‬يرويو من نثق بو ‪ ،‬ومنهم من‬ ‫ال نثق بو ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث فوجدتم لو شاىدا من كتاب اهلل أو‬ ‫من قوؿ رسوؿ اهلل ( صلى اهلل عليو وآلو ) ‪ ،‬وإال فالذي جاءكم بو أولى بو )‬ ‫اقوؿ عدـ التفصيل داؿ على عدـ اعتباره ‪.‬‬

‫و من ىنا فاالخبار التي ظاىرىا الترجيح بالشهرة او باوثقية الراوي او‬ ‫اعدليتو او موافقة العامة من المتشابهات ال توجب علما و ال عمبل اال اف‬ ‫تكوف فرع التسليم و التخيير و تحمل على الجواز و ليس كمرجح فالعمل بها‬ ‫كمرجح مرجوح بحسن التسليم و التخيير و منها متشابهة زرارة بن أعين قاؿ‪:‬‬ ‫سألت الباقر عليو السبلـ فقلت‪ :‬جعلت فداؾ يأتي عنكم الخبراف أو‬ ‫الحديثاف المتعارضاف فبأيهما آخذ ؟ فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬يا زرارة خذ بما‬ ‫اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر‪ .‬فقلت‪ :‬يا سيدي‪ ،‬إنهما معا مشهوراف‬ ‫مروياف مأثوراف عنكم‪ ،‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬خذ بقوؿ أعدلهما عندؾ وأوثقهما‬ ‫‪43‬‬


‫منهج العرض‬

‫في نفسك‪ .‬فقلت إنهما معا عدالف مرضياف موثقاف فقاؿ انظر إلى ما وافق‬ ‫منهما مذىب العامة فاتركو و خذ بما خالفهم فإف الحق فيما خالفهم فقلت‬ ‫ربما كانا معا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع فقاؿ إذف فخذ بما فيو‬ ‫الحائطة لدينك و اترؾ ما خالف االحتياط فقلت إنهما معا موافقين لبلحتياط‬ ‫أ و مخالفين لو فكيف أصنع فقاؿ عليو السبلـ إذف فتخير أحدىما فتأخذ بو و‬ ‫تدع اآلخر و في رواية أنو عليو السبلـ قاؿ إذف فأرجو حتى تلقى إمامك‬ ‫فتسألو ) و الرواية مخالفة للمصدؽ و الثابت بتأخير التخيير وىو خبلؼ‬ ‫التسليم ‪ .‬و متشابهة عمر بن حنظلة قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن‬ ‫رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ‪ ...‬فقلت ‪ :‬قلت‪ :‬فاف‬ ‫كاف كل واحد منهما اختار رجبل من أصحابنا فرضيا أف يكونا الناظرين في‬ ‫حقهما‪ ،‬فاختلفا فيما حكما فاف الحكمين اختلفا في حديثكم ؟ قاؿ‪ :‬إف‬ ‫الحكم ما حكم بو أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما‪ ،‬وال‬ ‫يلتفت إلى ما يحكم بو االخر‪ ،‬قلت‪ :‬فانهما عدالف مرضياف عرفا بذلك ال‬ ‫يفضل أحدىما صاحبو قاؿ‪ :‬ينظر إلى ما كاف من روايتهما عنا في ذلك الذي‬ ‫حكما المجمع عليو بين أصحابك فيؤخذ بو من حكمهما‪ ،‬ويترؾ الشاذ الذي‬ ‫ليس بمشهور عند أصحابك ‪ ،‬فاف المجمع عليو ال ريب فيو‪ ،‬فانما االمور‬ ‫ثبلثة‪ :‬أمر بين رشده فيتبع‪ ،‬وأمر بين غية فيجتنب‪ ،‬وأمر مشكل يرد حكمو‬ ‫إلى اهلل عزوجل وإلى رسولو صلى اهلل عليو وآلو‪ ،‬وقد قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو وآلو‪ :‬حبلؿ بين‪ ،‬وحراـ بين‪ ،‬وشبهات تترد بين ذلك‪ ،‬فمن ترؾ الشبهات‬ ‫نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وىلك من حيث ال‬ ‫‪44‬‬


‫منهج العرض‬

‫يعلم‪ ،‬قلت‪ :‬فاف كاف الخبراف عنكما مشهورين قد رواىما الثقات عنكم قاؿ‪:‬‬ ‫ينظر ما وافق حكمو حكم الكتاب و السنة وخالف العامة فيؤخذ بو‪ ،‬ويترؾ ما‬ ‫خالف حكمو حكم الكتاب والسنة و وافق العامة‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداؾ أرأيت‬ ‫إف كاف الفقيهاف عرفا حكمو من الكتاب والسنة ثم وجدنا أحد الخبرين يوافق‬ ‫العامة واالخر يخالف بأيهما نأخذ من الخبرين ؟ قاؿ‪ :‬ينظر إلى ماىم إليو‬ ‫يميلوف فاف ما خالف العامة ففيو الرشاد‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداؾ فاف وافقهم‬ ‫الخبراف جميعا قاؿ‪ :‬انظروا إلى ما يميل إليو حكامهم و قضاتهم فاتركوه جانبا‬ ‫وخذوا بغيره‪ ،‬قلت‪ :‬فاف وافق حكامهم الخبرين جميعا ؟ قاؿ‪ :‬إذا كاف كذلك‬ ‫فارجو وقف عنده حتى تلقي إمامك فاف الوقوؼ عند الشبهات خير من‬ ‫االقتحاـ في الهلكات‪ ،‬واهلل المرشد ‪ ) .‬كما اف ىذه الرواية معارضة للمصدؽ‬ ‫بتأخير العرض على القراف ‪.‬‬

‫(وَما َج َع َل َعلَْي ُك ْم ِفي الدّْي ِن ِم ْن َح َر ٍج )‬ ‫القاعدة (ٖٔ) َ‬ ‫(ما يُ ِري ُد اللَّوُ لِيَ ْج َع َل َعلَْي ُك ْم ِم ْن َح َر ٍج ) و في مصدقة علي بن‬ ‫و قاؿ تعالى َ‬

‫أيوب‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪:‬‬ ‫إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أىنأه وأسهلو وأرشده‪ ،‬فإف وافق كتاب اهلل‬ ‫فأنا قلتو‪ ،‬وإف لم يوافق كتاب اهلل فلم أقلو‪ .‬كما انو يوافق التسليم و التخيير ‪،‬‬ ‫‪45‬‬


‫منهج العرض‬

‫فالسهولة و عدـ الحرج من خصائص المعرفة الشرعية وىذا ثابت وىو مرجح‬ ‫عند تعارض االخبار المصدقة ‪.‬‬

‫ف ما لَيس لَ َ ِ ِ ِ‬ ‫ْم)‬ ‫ك بو عل ٌ‬ ‫القاعدة (ٖٔ) َ‬ ‫(وَال تَػ ْق ُ َ ْ َ‬ ‫و في مصدقة جابر‪ ،‬قاؿ‪ :‬دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهما‬ ‫السبلـ ‪ :::‬وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا‪ ،‬فإف وجدتموه للقرآف موافقا فخذوا‬ ‫بو‪ ،‬وإف لم تجدوه موافقا فردوه‪ ،‬وإف اشتبو األمر عليكم فقفوا عنده‪ ،‬وردوه‬ ‫إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا‪ )...‬و في مصدقة جميل بن صالح‪،‬‬ ‫عن الصادؽ‪ ،‬عن آبائو عليهم السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‬ ‫وآلو‪ :‬األمور ثبلثة‪ :‬أمر تبين لك رشده فاتبعو‪ ،‬وأمر تبين لك غيو فاجتنبو‪ ،‬وأمر‬ ‫اختلف فيو فرده إلى اهلل عز وجل‪ .‬الخبر‪ .‬و في مصدقة أبي شعيب يرفعو إلى‬ ‫أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬أورع الناس من وقف عند الشبهة‪ .‬و في‬ ‫المصدؽ عن داود بن القاسم الجعفري‪ ،‬عن الرضا عليو السبلـ‪ :‬أف أمير‬ ‫المؤمنين عليو السبلـ قاؿ لكميل بن زياد فيما قاؿ‪ :‬يا كميل أخوؾ دينك‬ ‫فاحتط لدينك بما شئت‪ .‬و في المصدؽ عن أبي سعيد الزىري‪ ،‬عن أبي‬ ‫جعفر‪ ،‬أو عن أبي عبد اهلل عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬الوقوؼ عند الشبهة ‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫منهج العرض‬

‫(وَما يَ َّذ َّكر إَِّال أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬ ‫القاعدة (ٗٔ) َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫َّها ِر‬ ‫ض َوا ْختِ َبلؼ اللَّْي ِل َوالنػ َ‬ ‫قاؿ تعالى (إِ َّف في َخل ِْق َّ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫الس َم ِاء ِم ْن َم ٍاء‬ ‫َّاس َوَما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ ِم َن َّ‬ ‫َوالْ ُفلْك التي تَ ْج ِري في الْبَ ْح ِر ب َما يَػ ْنػ َف ُع الن َ‬ ‫فَأَحيا بِ ِو ْاألَرض بػع َد موتِها وب َّ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ص ِر ِ‬ ‫الس َح ِ‬ ‫اب‬ ‫الريَ ِ‬ ‫اح َو َّ‬ ‫يف ّْ‬ ‫ث ف َيها م ْن ُك ّْل َدابَّة َوتَ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ ْ َْ َ َ​َ‬ ‫الْمس َّخ ِر بػين َّ ِ‬ ‫ض َآلَي ٍ ِ ٍ ِ‬ ‫(ى َو الَّ ِذي‬ ‫ات ل َق ْوـ يَػ ْعقلُو َف ) و قاؿ تعالى ُ‬ ‫الس َماء َو ْاأل َْر ِ َ‬ ‫ُ َ َْ َ‬ ‫َخلَ َق ُك ْم ِم ْن تُػر ٍ‬ ‫اب ثُ َّم ِم ْن نُطْ َف ٍة ثُ َّم ِم ْن َعلَ َق ٍة ثُ َّم يُ ْخ ِر ُج ُك ْم ِط ْف ًبل ثُ َّم لِتَْبػلُغُوا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ ُش َّد ُكم ثُ َّم لِت ُكونُوا ُشي ً ِ‬ ‫َج ًبل ُم َس ِّمى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وخا َوم ْن ُك ْم َم ْن يػُتَػ َوفَّى م ْن قَػ ْب ُل َولتَْبػلُغُوا أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َولَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ تعالى ( إِنَّا َج َعلْنَاهُ قُػ ْرَآنًا َع َربِيِّا لَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ‬

‫َف اللَّوَ ي ْحيِي ْاألَرض بػ ْع َد موتِها قَ ْد بػيَّػنَّا لَ ُكم ْاآلَي ِ‬ ‫تعالى ( ا ْعلَ ُموا أ َّ‬ ‫ات لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫ْ َ َ َْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِربوهُ بِبػ ْع ِ‬ ‫ك يُ ْحيِي اللَّوُ ال َْم ْوتَى َويُ ِري ُك ْم‬ ‫ض َها َك َذلِ َ‬ ‫تَػ ْعقلُو َف ) و قاؿ تعالى (فَػ ُقلْنَا ا ْ ُ َ‬ ‫ع بِالْمعر ِ‬ ‫آَياتِ​ِو لَعلَّ ُكم تَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ تعالى (ولِل َّ ِ‬ ‫وؼ َح ِّقا َعلَى‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْمطَل َقات َمتَا ٌ َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك يُػبَػيّْ ُن اللَّوُ لَ ُك ْم آَيَاتِ​ِو لَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف ) و ققاؿ تعالى (قُ ْل‬ ‫ين (*) َك َذلِ َ‬ ‫ال ُْمتَّق َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫سانًا َوَال‬ ‫تَػ َعالَ ْوا أَتْ ُل َما َح َّرَـ َربُّ ُك ْم َعلَْي ُك ْم أ ََّال تُ ْش ِرُكوا بو َش ْيئًا َوبال َْوال َديْ ِن إ ْح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش َما ظَ َه َر‬ ‫تَػ ْقتُػلُوا أ َْوَال َد ُك ْم م ْن إِ ْم َبل ٍؽ نَ ْح ُن نَػ ْرُزقُ ُك ْم َوإِيَّ ُ‬ ‫اى ْم َوَال تَػ ْق َربُوا الْ َف َواح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صا ُك ْم بِ ِو‬ ‫ْح ّْق َذلِ ُك ْم َو َّ‬ ‫س الَّتي َح َّرَـ اللَّوُ إَِّال بِال َ‬ ‫م ْنػ َها َوَما بَطَ َن َوَال تَػ ْقتُػلُوا النَّػ ْف َ‬ ‫ك يػُبَػيّْ ُن اللَّوُ لَ ُك ْم آَيَاتِ​ِو لَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف) و‬ ‫لَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف ) و قولو تعالى ( َك َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(وإِنَّ ُك ْم‬ ‫(وَم ْن نُػ َع ّْم ْرهُ نُػنَ ّْك ْسوُ في الْ َخل ِْق أَفَ َبل يَػ ْعقلُو َف ) و قولو تعالى َ‬ ‫قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ‬ ‫لَتَم ُّرو َف َعلَي ِهم م ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّاس‬ ‫ْ ُْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫صبح َ‬ ‫ين (*) َوبالل ْي ِل أَفَ َبل تَػ ْعقلُو َف )و قولو تعالى (أَتَأ ُْم ُرو َف الن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اب أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف )‪ .‬فيجب استعماؿ‬ ‫س ْو َف أَنْػ ُف َس ُك ْم َوأَنْػتُ ْم تَػ ْتػلُو َف الْكتَ َ‬ ‫بالْب ّْر َوتَػ ْن َ‬ ‫العقل ألجل االىتداء و تبين الحقائق ‪ ،‬و االيماف و االعتقاد السليم و الهداية‬ ‫‪47‬‬


‫منهج العرض‬

‫و الطاعة هلل و امتثاؿ اوامره من العقل ‪ .‬و قاؿ تعالى (يػ ْؤتِي ال ِ‬ ‫ْح ْك َمةَ َم ْن‬ ‫ُ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫ْح ْك َمةَ فَػ َق ْد أُوتِي َخ ْيػرا َكثِيرا َوَما يَ َّذ َّكر إَِّال أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) و‬ ‫يَ َ‬ ‫شاءُ َوَم ْن يػُ ْؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً ً‬ ‫ِ‬ ‫ك ُمبَ َار ٌؾ لِيَ َّدبػَّروا آَيَاتِ​ِو َولِيَتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) و‬ ‫ب أَنْػ َزلْنَاهُ إِلَْي َ‬ ‫قاؿ تعالى (كتَا ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َال يَػ ْعلَ ُمو َف إِنَّ َما يَػتَ َذ َّك ُر أُولُو‬ ‫ين يَػ ْعلَ ُمو َف َوالذ َ‬ ‫قاؿ تعالى (قُ ْل َى ْل يَ ْستَ ِوي الذ َ‬

‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) فحصر اهلل تعالى التذكر اي االىتداء بالتفكر و التدبر واالنتفاع‬ ‫الص َبل ِة‬ ‫اديْػتُ ْم إِلَى َّ‬ ‫(وإِذَا نَ َ‬ ‫بالموعظة باىل العقوؿ و التدبر ‪ .‬و قاؿ تعالى َ‬

‫ِ‬ ‫ك بِأَنػَّهم قَػوـ َال يػع ِقلُو َف ) و قاؿ تعالى ِ َّ ِ‬ ‫ين‬ ‫وىا ُى ُزًوا َولَ ِعبًا ذَل َ ُ ْ ْ ٌ َ ْ‬ ‫اتَّ َخ ُذ َ‬ ‫َ‬ ‫(ولَك َّن الذ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب َوأَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ تعالى (إِ َّف َش َّر‬ ‫َك َف ُروا يَػ ْفتَػ ُرو َف َعلَى اللَّو الْ َكذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫(وِم ْنػ ُه ْم َم ْن‬ ‫اب ِع ْن َد اللَّ ِو ُّ‬ ‫الد َو ّْ‬ ‫ين َال يَػ ْعقلُو َف ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫الص ُّم الْبُ ْك ُم الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫(وَما َكا َف‬ ‫ت تُ ْس ِم ُع ُّ‬ ‫يَ ْستَ ِمعُو َف إِلَْي َ‬ ‫ك أَفَأَنْ َ‬ ‫الص َّم َولَ ْو َكانُوا َال يَػ ْعقلُو َف ) وقاؿ تعالى َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫لِنَػ ْف ٍ‬ ‫ين َال يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‬ ‫س أَ ْف تُػ ْؤِم َن إَِّال بِ​ِإ ْذ ِف اللَّ ِو َويَ ْج َع ُل ّْ‬ ‫س َعلَى الذ َ‬ ‫الر ْج َ‬ ‫ِ‬ ‫السم ِاء ماء فَأ ِ‬ ‫ض ِم ْن بَػ ْع ِد َم ْوتِ َها‬ ‫َحيَا بِو ْاأل َْر َ‬ ‫(ولَئِ ْن َسأَلْتَػ ُه ْم َم ْن نَػ َّز َؿ م َن َّ َ َ ً ْ‬ ‫تعالى َ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِو بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) فترؾ استعماؿ العقل أي‬ ‫لَيَػ ُقولُ َّن اللَّوُ قُ ِل ال َ‬ ‫قوة التمييز بين الحق و الباطل في االمور قبيح و اف علة عدـ ايماف المنكر‬ ‫للحق ىو عدـ استعمالو العقل في ذلك و اف اقبح اشكاؿ عدـ استعماؿ‬ ‫العقل في االمور ىو الكفر‪.‬‬ ‫القاعدة (٘ٔ) االئمة عليهم السبلـ مع القراف و القراف معهم‬

‫‪48‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ رسوؿ اهلل (ص) ‪ :‬إني قد تركت فيكم الثقلين ما إف تمسكتم بهما لن‬ ‫تضلوا بعدي‪ ،‬وأحدىما أكبر من اآلخر‪ :‬كتاب اهلل حبل ممدود من السماء إلى‬ ‫االرض‪ ،‬وعترتي أىل بيتي‪ ،‬أال وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض‪ * .‬و‬ ‫قاؿ (ص) ‪ :‬ىذا علي مع القرآف والقرآف مع علي‪ ،‬ال يفترقاف حتى يردا علي‬ ‫الحوض‪ * .‬قاؿ امير المؤمنين (ع) ‪ :‬إف اهلل عزوجل طهرنا وعصمنا وجعلنا‬ ‫شهداء على خلقو وحجتو في أرضو‪ ،‬وجعلنا مع القرآف وجعل القرآف معنا ال‬ ‫نفارقو وال يفارقنا * و قاؿ (ع) قاؿ‪ :‬ما وافق كتاب اهلل فخذوا بو وما خالف‬ ‫كتاب اهلل فدعوه‪ * .‬قاؿ ابو عبد اهلل (ع) ‪ :‬إف اهلل فرض واليتنا وأوجب‬ ‫مودتنا‪ ،‬واهلل ما نقوؿ بأىوآئنا وال نعمل بآرائنا‪ ،‬وال نقوؿ إال ما قاؿ ربنا عزوجل‬ ‫‪ *.‬و قاؿ (ع) قاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديثاف مختلفاف فاعرضوىما على كتاب‬ ‫اهلل فما وافق كتاب اهلل فخذوه وما خالف كتاب اهلل فذروه‪.‬‬

‫القاعدة (‪ )ٔٙ‬كل ما خالف القراف و السنة فهو باطل يجب تكذيبو‬

‫عن أيوب بن الحر قاؿ‪ :‬سمعت أبا عبد اهلل عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬كل شئ‬ ‫مردود إلى كتاب اهلل والسنة‪ ،‬وكل حديث ال يوافق كتاب اهلل فهو زخرؼ‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫منهج العرض‬

‫عن كليب بن معاوية‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬ما أتاكم عنا من‬ ‫حديث ال يصدقو كتاب اهلل فهو باطل‪.‬‬ ‫قاؿ يونس ‪ :‬حدثني ىشاـ بن الحكم أنو سمع أبا عبد اهلل عليو السبلـ يقوؿ‪:‬‬ ‫ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو شاىدا من‬ ‫أحاديثنا المتقدمة‪ ،‬فإف المغيرة بن سعيد لعنو اهلل دس في كتب أصحاب أبي‬ ‫أحاديث لم يحدث بها أبي‪ ،‬فاتقو اهلل وال تقبلوا علينا ما خالف قوؿ ربنا تعالى‬ ‫وسنة نبينا محمد صلى اهلل عليو والو‪ ،‬فإنا إذا حدثنا قلنا‪ :‬قاؿ اهلل عز وجل‪،‬‬ ‫وقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪.‬‬ ‫عن سدير قاؿ‪ :‬قاؿ أبو جعفر وأبو عبد اهلل عليهما السبلـ‪ :‬ال تصدؽ علينا إال‬ ‫بما يوافق كتاب اهلل وسنة نبيو صلى اهلل عليو والو‪.‬‬ ‫عن ابن أبي يعفور عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث‬ ‫فوجدتموه لو شاىد من كتاب اهلل أو من قوؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪،‬‬ ‫وإال فالذي جاءكم بو أولى‪.‬‬ ‫يونس عن الرضا عليو السبلـ قاؿ ‪ :‬ال تقبلوا علينا خبلؼ القرآف فإنا إف‬ ‫تحدثنا حدثنا بموافقة القرآف وموافقة السنة‪.‬‬ ‫عن الحسن بن الجهم‪ ،‬عن العبد الصالح عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا كاف جاءؾ‬ ‫الحديثاف المختلفاف فقسهما على كتاب اهلل وعلى أحاديثنا فإف أشبههما فهو‬ ‫حق وإف لم يشبههما فهو باطل‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫منهج العرض‬

‫القاعدة (‪ )ٔٚ‬الوقوؼ عند الشبهة‬ ‫ف ما لَيس لَ َ ِ ِ ِ‬ ‫ْم ) و بلغنا عنهم صلوات اهلل‬ ‫ك بو عل ٌ‬ ‫قاؿ تعالى ( َوَال تَػ ْق ُ َ ْ َ‬ ‫عليهم أنهم قالوا ‪ :‬ال ورع كالوقوؼ عند الشبهة‪ .‬و قولهم عليهم السبلـ لو‬ ‫أف العباد إذا جهلوا وقفوا لم يجحدوا ولم يكفروا‪ .‬و قالوا عليهم السبلـ إف‬ ‫وضح لك أمر فأقبلو‪ ،‬وإال فاسكت تسلم‪ ،‬ورد علمو إلى اهلل فإنك في أوسع‬ ‫مما بين السماء واألرض‪ .‬و عنهم عليهم السبلـ الوقوؼ عند الشبهة خير من‬ ‫االقتحاـ في الهلكة ‪ .‬و قالوا عليهم السبلـ عليكم بالكف والتثبت والوقوؼ‬ ‫وأنتم طالبوف باحثوف حتى يأتيكم البياف من عندنا‪ .‬و عنهم عليهم السبلـ‪ :‬من‬ ‫شروط االسبلـ ‪ :‬الوقوؼ عند الشبهة‪ ،‬والرد إلى اإلماـ فإنو ال شبهة عنده‪.‬‬

‫القاعدة (‪ )ٔٛ‬وجوب التسليم‬

‫بلغنا عنهم صلوات اهلل عليهم انهم قالوا ‪ :‬أف العبادة على سبعين وجها‬ ‫فتسعة وستوف منها في الرضا والتسليم هلل عز وجل ولرسولو والولي األمر صلى‬ ‫اهلل عليهم‪ .‬عنهم عليهم السبلـ قد أفلح المؤمنوف المسلموف‪ ،‬إف المسلمين‬ ‫‪51‬‬


‫منهج العرض‬

‫ىم النجباء و قيل قيل بأي شئ علمت الرسل أنها رسل ؟ قاؿ عليهم السبلـ‬ ‫‪ :‬قد كشف لها عن الغطاء‪ .‬قيل بأي شئ علم المؤمن أنو مؤمن ؟ قاؿ‬ ‫بالتسليم هلل في كل ما ورد عليو‪ .‬و قيل في رجل إف ىذا ال يريد إال أف يسمع‬ ‫حديثنا فواهلل ما يدري ما يقبل مما يرد‪ ،‬فقاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ىذا‬ ‫الرجل من المسلمين إف المسلمين ىم النجباء‪ .‬و عنو عليو السبلـ قد أفلح‬ ‫المسلموف ‪ -‬قالها ثبلثا وقلتها ثبلثا ‪ ،-‬ثم قاؿ‪ :‬إف المسلمين ىم المنتجبوف‬ ‫يوـ القيامة ىم أصحاب ا لحديث‪ .‬و عنهم عليهم السبلـ كل من تمسك‬ ‫بالعروة الوثقى فهو ناج‪ .‬قيل ‪ :‬ما ىي ؟ قاؿ‪ :‬التسليم‪.‬‬

‫المقدمة الثانية‪ :‬مسائل و تنبيهات في التعامل مع الحديث‪.‬‬

‫المسالة (ٔ)‪ :‬اىمية المعرفة بالمنظومة المعرفية لتمييز الحديث‬

‫اف ما يبينو الباحثوف في قواعد علم االحتجاج و منو علم اصوؿ الفقو‬ ‫ليست نظريات فوقية خارجة عن متناوؿ العقبلء‪ ،‬و انما ىي شرح لطريقة‬ ‫العقبلء العادية في التعامل مع النص‪ .‬بمعنى اخر انو ال يتوقف فهم النص على‬ ‫‪52‬‬


‫منهج العرض‬

‫معرفة ذلك العلم ‪ ،‬وانما البحث في ذلك العلم ألجل منع التأويل التدقيقي‬ ‫الباطل‪ .‬و من ىنا فادعاء وجوب العلم بقواعد االصوؿ لفهم النص فهما‬ ‫شرعيا و عليما امر ال واقعية لو ‪ .‬بل اف الحقيقة اف فقو النص ال يأتي من‬ ‫معرفة علم االحتجاج و انما يأتي من سعة المعرفة بمنظومة نصوص ذلك الفن‪،‬‬ ‫فالمختص االكثر معرفة بتلك المنظومة يكوف اقدر على الفهم الواقعي‬ ‫لنصوص ذلك الفن ‪ ،‬و منو علم الشريعة وىذا من الواضحات ‪ .‬و لهذا فاف‬ ‫من العقبلئية و العلمية االكثار من قراءة القراف و السنة مباشرة و من دوف‬ ‫تدخل التفسيرات والشروح غير المعصومة ‪ .‬و سبب االختبلؼ ليس عدـ‬ ‫معرفة علم االحتجاج ومنو علم اصوؿ الفقو‪ ،‬و انما سبب االختبلؼ الجهل‬ ‫بمنظومة المعارؼ النصية الحقة و سوء التوفيق ‪.‬‬

‫المسألة (ٕ) ‪ :‬المتنية و السندية‬

‫من المعلوـ اف الخبلؼ بين االخبارية و االصولية ليس في اعتماد االخبار و‬ ‫ال العمل باصوؿ الفقو ‪ ،‬فكبلىما يعمل باصوؿ الفقو واالخبار ‪ ،‬انما الخبلؼ‬ ‫الجوىري ىو في طريقة التعامل مع االخبار‪ .‬فاالخباري يهتم بالمتن ويتبع‬ ‫منهج التسليم للروايات و عرضها على القراف و السنة دوف اىتماـ بالسند‬ ‫‪53‬‬


‫منهج العرض‬

‫فيستفيد العلم من القرائن و ال يكتفي بالظن ‪ ،‬اما االصولي فيهتم بالسند و‬ ‫يقدمو على المتن حيث يتبع منهج تقسيم الحديث الى اصناؼ حسب السند‪،‬‬ ‫و االستعاضة بذلك عن العرض و القرائن و يكتفي بالظن ‪.‬و من ىنا يمكن اف‬ ‫نصف المحدثين بالػ ( متنية ) و االصوليين بالػ ( سندية ) ‪ .‬و من الواضح و‬ ‫بمجرد خلع قيد التقليد والمدرسية اف الدارس سيعلم اف منهج ( المتنية ) ىو‬ ‫الموافق للقراف و السنة و سيرة الشيعة ‪ ،‬و اف ( السندية ) ال مستند واضح‬ ‫عليها و ليست من سيرة الشيعة وانو شيء اخذ من مخالفيهم ‪.‬‬ ‫المسألة (ٖ) ‪ :‬اخراج االحكاـ من الظن الى العلم ( الظهور اللغوي و الظهور‬ ‫الشرعي)‬ ‫لقد دلت االيات و الروايات انو ال بد من العلم و اف لكل واقعة حكما‬ ‫وانو ال عمل و ال نية اال باصابة السنة ‪ ،‬و ىذا يمنع من التمسك بالظهور‬ ‫اللغوي النو ظن بل ال بد من تحقق العلم بكوف ذلك الظهور اللغوي ىو‬ ‫الحكم الشرعي‪ ،‬وىذا ما يمكن اف نسميو بالظهور الشرعي ‪ ،‬و الذي يتحصل‬ ‫من القرائن‪ .‬بمعنى انو ليس االصل حجية الظهور كما ىو مشهور بل االصل‬ ‫الحجيتو وال بد الثبات حجيتو مقاميا من قرائن تفيد ذلك ‪ ،‬و اذا تعذرت‬ ‫وجب التوقف ‪ ،‬ليس الف الظهور اللغوي ليس حجة عند العقبلء و انما الف‬ ‫الشرع دؿ على اف لكل شيء بيانا علميا و ليس ظنيا يمنع من القوؿ بالوصوؿ‬ ‫اليو بالظهور اللغوي الظني ‪ ،‬و جواز العمل بالظهور الشرعي النو محقق للعلم‬ ‫‪ .‬و بهذا تخرج االحكاـ المستفادة من الظواىر من الظنية و تكوف جميعها‬ ‫علمية وحق ‪.‬‬ ‫‪54‬‬


‫منهج العرض‬

‫مسألة (ٗ)‪ :‬عدـ صحة رد خبر الراوي الضعيف‬

‫ر ّد خبر الراوي الضعيف ناتج من التعامل مع االخبار عن امور الدين‬ ‫معاملة االخبار عن االمور الخارجية ‪ ،‬و ىذا ممنوع ليس فقط الختبلؼ‬ ‫الموضوعين بل و للنقل المستفيض الداؿ على قبوؿ كل ما وافق القراف و‬ ‫السنة مطلقا ‪ ،‬بل منها ما نص على قبوؿ خبر الفاجر اف كاف موافقا للقراف و‬ ‫السنة كما فصلناه في فصوؿ عرض االخبار على القراف و السنة و اف المييز‬ ‫بين الرواية المقبولة و غير المقبولة في امور الدين ىو موافقة القراف و السنة‬ ‫و مخالفتهما فيقبل االوؿ و يرد الثاني مطلقا ‪ .‬و ىذا النقل المستفيض‬ ‫مخصص لما قد يقاؿ من اعتبار العدالة في المخبر عن امور الدين مع اف‬ ‫اصل ىذا االعتبار ال يثبت حيث استدؿ باية التثبت و ايات عدالة الشاىد و‬ ‫رواياتها و سيرة العقبلء ‪ ،‬اال اف ىذا ليس في االخبار عن امور الدين بل في‬ ‫االخبار عن االمور الخارجية ‪.‬‬

‫مسألة (٘) النص على االعتبار بالمتن و عدـ االعتبار بالسند في تقييم الخبر‬

‫‪55‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ تعالى ( قُل أُذُ ُف َخ ْي ٍر لَ ُكم يػ ْؤِمن بِاللَّ ِو ويػ ْؤِمن لِل ِ ِ‬ ‫ين ) و قاؿ رسوؿ‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫ْم ْؤمن َ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫اهلل (ص) أال ىل عسى رجل يكذبني وىو على حشاياه متكئ ؟ قالوا‪ :‬يا رسوؿ‬ ‫اهلل ومن الذي يكذبك ؟ قاؿ‪ :‬الذي يبلغو الحديث فيقوؿ‪ :‬ما قاؿ ىذا رسوؿ‬ ‫اهلل قط‪ .‬فما جاءكم عني من حديث موافق للحق فأنا قلتو وما أتاكم عني من‬ ‫حديث ال يوافق الحق فلم أقلو ‪ *.‬و قاؿ صلى اهلل عليو و الو إنو سيكذب‬ ‫علي كما كذب على من كاف قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب اهلل‬ ‫فهو حديثي‪ ،‬وأما ما خالف كتاب اهلل فليس من حديثي‪ .‬و بلغنا عنهم عليهم‬ ‫السبلـ قولهم ‪ :‬ما جاءؾ في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآف فخذ بو‪ ،‬وما‬ ‫جاءؾ في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآف فبل تأخذ بو‪ * .‬إف اهلل عز‬ ‫وجل يقوؿ في كتابو‪ :‬يؤمن باهلل ويؤمن للمؤمنين‪ .‬يقوؿ‪ :‬يصدؽ هلل ويصدؽ‪،‬‬ ‫للمؤمنين فإذا شهد عندؾ المؤمنوف فصدقهم‪.‬‬

‫مسألة (‪ )ٙ‬الحديث من الرواية الى المضموف ‪.‬‬ ‫قاؿ تعالى ( فَِإ ْف تَػنَ َاز ْعتُ ْم فِي َش ْي ٍء‬

‫عنهم صلوات اهلل عليهم انهم قالوا ‪ :‬ال‬

‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ ) و بلغنا‬ ‫فَػ ُردُّوهُ إِلَى اللَّ ِو َو َّ‬ ‫تقبلوا علينا خبلؼ القرآف فإنا إف‬

‫تحدثنا حدثنا بموافقة القرآف وموافقة السنة و عنهم عليهم السبلـ ما جاءؾ‬ ‫‪56‬‬


‫منهج العرض‬

‫في رواية من بر أو ف اجر يوافق القرآف فخذ بو‪ ،‬وما جاءؾ في رواية من بر أو‬ ‫فاجر يخالف القرآف فبل تأخذ بو‪ .‬و عنهم عليهم السبلـ ما جاءكم عني‬ ‫يوافق القرآف فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم عني ال يوافق القرآف فلم أقلو‪ .‬و قالوا‬ ‫عليهم السبلـ إف على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب‬ ‫اهلل فخذوا بو وما خالف كتاب اهلل فدعوه‪ .‬وعنهم عليهم السبلـ عليكم‬ ‫بالدرايات ال بالروايات‪ .‬و قالوا عليهم السبلـ‬

‫العلماء تحزنهم الدراية‪،‬‬

‫والجهاؿ تحزنهم الرواية‪.‬‬ ‫اقوؿ اف ىذه المضامين و مثلها كثير تدؿ على اف االعتبار بالمضموف و‬ ‫المتن ‪ ،‬و لهذا ال وجو لبلستمرار بطريقة الرواية و االسناد‪ ،‬كما اف الحديث‬ ‫المركب من اكثر من مضموف يصح تفكيكو ألجل عرض كل مضموف مستقل‬ ‫على القراف و السنة‪.‬‬ ‫مسألة (‪ )ٚ‬آلية الرد الى القراف و السنة‬ ‫لقد جاء في الخبر المصدؽ‬

‫( ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف‬

‫والسنة أو تجدوف معو شاىدا من أحاديثنا المتقدمة‪ ) .‬فالر ّد يكوف الى محكم‬ ‫كتاب اهلل تعالى الذي ال ريب فيو و الى الواضح من السنّة الذي ال يشك فيها‬ ‫و الى الثابت من أقواؿ أىل البيت عليهم السبلـ فبل تكليف بأكثر من ذلك‬ ‫ف‬ ‫واالمر اوضح فيما ىو حرجي المنفي بالثابت من الشرع قاؿ تعالى َ‬ ‫(ال نُ َكلّْ ُ‬ ‫(وَما َج َع َل َعلَْي ُك ْم فِي الدّْي ِن ِم ْن َح َر ٍج ) ‪.‬‬ ‫سا إَِّال ُو ْس َع َها ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫نَػ ْف ً‬ ‫فاشتراط القطع في العقائد ال وجو لو ‪ .‬كما اف العبرة في العلم الحاصل ىو‬ ‫االنساف النوعي العرفي فبل يثبت باالدعاء اف لم يفد علما كما أنو ال يضر بو‬ ‫‪57‬‬


‫منهج العرض‬

‫انكار منكر اف فاد العلم عند االنساف النوعي العرفي ‪ .‬و العلم بالسنة علما‬ ‫جازما ال يداخلو شك ال يشترط التواتر او الضرورة او االتفاؽ وىذا واضح‬ ‫لكل انساف ‪.‬‬ ‫و النقل الذي يعتمد و الذي منو يؤخذ الحديث المحكم المفيد للعلم‬ ‫ىو نقل المسلمين جميعهم في جميع كتبهم من دوف تصنيف او تقسيم او‬ ‫تفريق نقلي مذىبي ‪ ،‬فا ّف مذىبة النقل ال دليل عليها من قراف او سنة ‪ ،‬فعلى‬ ‫المسلم المؤمن اف يأخذ بكل ما ثبت عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو و‬ ‫أىل بيتو عليهم السبلـ في أي كتاب ثبت لو ذلك النقل ‪.‬‬ ‫مسألة ( ‪ )ٛ‬المصدقية كمحور لقبوؿ الخبر‬ ‫ِ ِ‬ ‫يل لَ ُه ْم آ َِمنُوا بِ َما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ قَالُوا نػُ ْؤِم ُن بِ َما أُنْ ِز َؿ َعلَْيػنَا‬ ‫قاؿ تعالى ( َوإ َذا ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما َم َع ُه ْم ) اف ىذه اآلية مفصلة‬ ‫ص ّْدقًا ُم َ‬ ‫ْح ُّق ُم َ‬ ‫اءهُ َو ُى َو ال َ‬ ‫َويَ ْك ُف ُرو َف ب َما َوَر َ‬

‫و محكمة بخصوص االيماف بالدعوة و شروط و دواعي تصديقها ‪ ،‬و تبين‬ ‫شرط التصديق بالنقل ‪ .‬وىي ظاىر في اف المضموف و المعرفة المصدقة لما‬ ‫قبلها و لما ىو خارجها من معارؼ حقة ىو المعتبر في االيماف بالدعوة ‪ .‬كما‬ ‫انها تدؿ على النهي بالتشبث بالنقل الخاص و رفض النقل الخارجي بحجة‬ ‫االكتفاء باألوؿ ‪ .‬و من خبلؿ اطراؼ الدعوة و النقل و عدـ تعرض اآلية‬ ‫لشخصية الناقل تشير الى عدـ االعتبار بحاؿ الناقل و انما االعتبار‬

‫بالمضموف و الدعوة ذاتها ‪.‬‬

‫‪58‬‬


‫منهج العرض‬

‫اف محورية القيمة المتنية للخبر ليس فقط مما يفرضو العقل باف الشرع‬ ‫ايضا فهو نظاـ لو دستور و روح و مقاصد و رحى و قطب تدور حولو باقي‬ ‫اجزائو و انظمتو ‪ ،‬و اف كل ما يخالف تلك الروح و المقاصد ال يؤخذ بو ‪.‬‬ ‫فالشرع نظاـ واضح المعالم فيو معارؼ ثابتة قطعية ال يصح مخالفتها ‪،‬و‬ ‫االخبار الظنية مهما كانت درجة االطمئناف بصدورىا فانها خاضعة فيو للتقييم‬ ‫المتني كما ىو حاؿ اي نظاـ معرفي اختصاصي يحتكم الى عمومات‬ ‫وقواعد ثابتة ظاىرة ىي دستور النظاـ و عموده وعلى ذلك ظاىر االخبار‬ ‫المستفيضة بل المعارؼ الشرعية الثابتة ‪ .‬و من الجلي جدا اف في الشريعة‬ ‫معارؼ ثابتة ال يصح قبوؿ ما يخالفها ‪ ،‬و يكوف المخالف لها مشكبل ضعيفا‬ ‫و غير المخالف قويا بل اف القرآف و السنة قد جاءت بذلك بشكل ال يقبل‬ ‫الشك ‪.‬‬ ‫اف محورية المصدقية في قبوؿ الدعوة و تبين احقيتها ظاىر في‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما َم َع ُك ْم َوَال تَ ُكونُوا أ ََّو َؿ‬ ‫(وآ َِمنُوا بِ َما أَنْػ َزل ُ‬ ‫ْت ُم َ‬ ‫الكتاب العزيز قاؿ تعالى َ‬ ‫َكافِ ٍر بِ ِو ) فهنا جعلت الدعوة لبليماف بسبب اف الدعوة مصدقة و موافقة لما‬ ‫عند المدعوين ‪ .‬و كذلك قولو تعالى ِ ِ‬ ‫يل لَ ُه ْم آ َِمنُوا بِ َما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ قَالُوا‬ ‫َ‬ ‫(وإ َذا ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ص ّْدقًا ل َما َم َع ُه ْم ) و قولو‬ ‫ْح ُّق ُم َ‬ ‫اءهُ َو ُى َو ال َ‬ ‫نػُ ْؤم ُن ب َما أُنْ ِز َؿ َعلَْيػنَا َويَ ْك ُف ُرو َف ب َما َوَر َ‬ ‫تعالى (قُل من َكا َف َع ُد ِّوا لِ ِجب ِريل فَِإنَّوُ نَػ َّزلَوُ َعلَى قَػ ْلبِ َ ِ ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما بَػ ْي َن‬ ‫ك بِ​ِإ ْذف اللَّو ُم َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ي َدي ِو ) و قولو تعالى (نَػ َّز َؿ َعلَي َ ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما بَػ ْي َن يَ َديْ ِو ) و قاؿ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْح ّْق ُم َ‬ ‫ك الْكتَ َ‬ ‫اب بِال َ‬ ‫(وأَنَّا لَ َّما َس ِم ْعنَا ال ُْه َدى آ َ​َمنَّا بِ ِو ) ىذه اآلية تشير الى اف مصدر االيماف‬ ‫تعالى َ‬ ‫كوف المسموع ىدى بشكل مطلق من دوف نظر الى حالة الناقل ‪ .‬و اف قولو‬ ‫تعالى ِ ِ‬ ‫يل لَ ُه ْم آ َِمنُوا بِ َما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ قَالُوا نػُ ْؤِم ُن بِ َما أُنْ ِز َؿ َعلَْيػنَا َويَ ْك ُف ُرو َف‬ ‫َ‬ ‫(وإ َذا ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ّْدقًا ل َما َم َع ُه ْم ) يشير الى اف المذىبية باطلة اذ نهى‬ ‫ْح ُّق ُم َ‬ ‫اءهُ َو ُى َو ال َ‬ ‫ب َما َوَر َ‬ ‫القراف و ذـ التعذر بالتشبث بالخاص و امر بااليماف بالهدى ‪.‬و قولو‬ ‫‪59‬‬


‫منهج العرض‬

‫تعالى (نَػ َّز َؿ َعلَي َ ِ‬ ‫ص ّْدقًا لِ َما بَػ ْي َن يَ َديْ ِو ) يشعر بل ىو ظاىر‬ ‫ْ‬ ‫ْح ّْق ُم َ‬ ‫ك الْكتَ َ‬ ‫اب بِال َ‬ ‫باف المصدقية شرط في الكتاب و الحق فيو ‪ .‬بل اف ظاىر القرآف كوف‬

‫ص ّْدقًا‬ ‫(وُم َ‬ ‫المصدقية ىي الداعي و المعتبر لتصديق القائل بدعوة قاؿ تعالى َ‬ ‫ي ِم َن التػ َّْوَراةِ ) ‪ .‬بل اف النهي قد ورد صريحا في عدـ جواز رد‬ ‫لِ َما بَػ ْي َن يَ َد َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اب‬ ‫ين أُوتُوا الْكتَ َ‬ ‫الدعوة المصدقة بما عند المدعو قاؿ تعالى ( يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّىا َعلَى أَ ْدبَا ِرَىا‬ ‫وىا فَػنَػ ُرد َ‬ ‫س ُو ُج ً‬ ‫آَمنُوا بِ َما نَػ َّزلْنَا ُم َ‬ ‫ص ّْدقًا ل َما َم َع ُك ْم م ْن قَػ ْب ِل أَ ْف نَطْم َ‬ ‫) ‪.‬كما اف اهلل تعالى قد وصف الدعوات التي ليس لها مصدؽ و التي تكوف‬ ‫ِ‬ ‫وىا‬ ‫َس َماءٌ َس َّم ْيتُ ُم َ‬ ‫عن الهوى بالظن الذي ال يصح اتباعو قاؿ تعالى (إِ ْف ى َي إَِّال أ ْ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ ِ َِّ َّ‬ ‫س‬ ‫أَنْػتُ ْم َوآَبَا ُؤُك ْم َما أَنْػ َز َؿ اللوُ ب َها م ْن ُس ْلطَاف إ ْف يَػتَّبعُو َف إال الظ َّن َوَما تَػ ْه َوى ْاألَنْػ ُف ُ‬ ‫اء ُى ْم ِم ْن َربّْ ِه ُم ال ُْه َدى ) الحظ كيف اف القراف بين كوف فقداف‬ ‫َولَ​َق ْد َج َ‬ ‫السلطاف من اهلل انو مما تهوى االنفس و اسقط تلك المعرفة عن االعتبار‬ ‫بذلك ‪ ،‬و من الظاىر اف ذلك بغض النظر عن القائل ‪ .‬و يشعر بذلك نفي‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ين َال‬ ‫العلم عن المعرفة الظنية التي ال تتسم بالمصدقية قولو تعالى (إ َّف الذ َ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫س ُّمو َف ال َْم َبلئِ َكةَ تَ ْس ِميَ َة ْاألُنْػثَى (*) َوَما لَ ُه ْم بِ ِو ِم ْن ِعل ٍْم إِ ْف‬ ‫يػُ ْؤمنُو َف ب ْاآلَخ َرة لَيُ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْح ّْق َش ْيئًا ) فاف العلم المفقود ىنا و‬ ‫يَػتَّبِعُو َف إَِّال الظَّ َّن َوإِ َّف الظَّ َّن َال يُػغْني م َن ال َ‬ ‫اف كاف ىو االخبار بطريق علمي اال اف من ضمنو كما عرفت اف يكوف مصدقا‬ ‫بدليل االشارة الى اف ذلك ظن ‪ ،‬و لو انو كاف مصدقا لخرج عن ىذه الدائرة ‪.‬‬ ‫اذف المصدقية في الدعوة و الداعي اليها ىي المعتبر الحق و الداعي لبليماف‬ ‫بها ‪ ،‬و اف رد الدعوة المصدقة بما عند المدعو منهي عنو و مذموـ قرآنيا ‪.‬‬ ‫و يؤيد كل ما تقدـ اف اهلل تعالى جعل الصدؽ و الحق شرط في المعرفة‬ ‫العلمية و وجو االيماف بالدعوة واتباعها ‪ ،‬و اف الواجب اتباع الصدؽ و‬ ‫ت‬ ‫الحق بعبلماتو الذاتية بغض النظر عن طريق نقلو و وصولو قاؿ تعالى ( َوتَ َّم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ّْؿ لِ َك ِلماتِ​ِو و ُىو َّ ِ‬ ‫يم (*) َوإِ ْف تُ ِط ْع‬ ‫ص ْدقًا َو َع ْد ًال َال ُمبَد َ‬ ‫َكلِ َمةُ َربّْ َ‬ ‫السم ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫يع ال َْعل ُ‬ ‫‪60‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ‬ ‫ضيِ‬ ‫وؾ َع ْن َسبِ ِ‬ ‫يل اللَّ ِو إِ ْف يَػتَّبِعُو َف إَِّال الظَّ َّن َوإِ ْف ُى ْم إَِّال‬ ‫ضلُّ َ‬ ‫أَ ْكثَػ َر َم ْن في ْاأل َْر ِ ُ‬ ‫صو َف ) فبلحظ كيف جعل اهلل تعالى الصدؽ و الواقعية مصدر المعرفة و‬ ‫يَ ْخ ُر ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صفة العلم و اف غيره ىو الظن قاؿ تعالى (قُ ْل َى ْل ع ْن َد ُك ْم م ْن عل ٍْم فَػتُ ْخ ِر ُجوهُ‬ ‫صو َف ) اف االمر ىنا وجو الى الكافرين‬ ‫لَنَا إِ ْف تَػتَّبِعُو َف إَِّال الظَّ َّن َوإِ ْف أَنْػتُ ْم إَِّال تَ ْخ ُر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْح َّق َوأَنْػتُ ْم‬ ‫ْح َّق بِالْبَاط ِل َوتَ ْكتُ ُموا ال َ‬ ‫سوا ال َ‬ ‫كما ىو ظاىر و مثلو قولو تعالى َ‬ ‫(وَال تَػ ْلب ُ‬ ‫تَػ ْعلَ ُمو َف ) فاف المركزية ىنا لكوف المعرفة حقة بغض النظر عن نقالها ‪ .‬و قاؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْح ّْق أَفَ َم ْن‬ ‫ْح ّْق قُ ِل اللَّوُ يَػ ْهدي لل َ‬ ‫تعالى ( قُ ْل َى ْل م ْن ُش َرَكائ ُك ْم َم ْن يَػ ْهدي إِلَى ال َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫َح ُّق أَ ْف يػُتَّبَ َع أ ََّم ْن َال يَ ِهدّْي إَِّال أَ ْف يػُ ْه َدى فَ َما لَ ُك ْم َك ْي َ‬ ‫يَػ ْهدي إِلَى ال َ‬ ‫ْح ّْق أ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْح ّْق َش ْيئًا إِ َّف اللَّ َو‬ ‫تَ ْح ُك ُمو َف (*) َوَما يَػتَّبِ ُع أَ ْكثَػ ُرُى ْم إَِّال ظَنِّا إِ َّف الظَّ َّن َال يُػغْني م َن ال َ‬ ‫ِ‬ ‫يم بِ َما يَػ ْف َعلُو َف ) و اآلية ظاىرة في جعل الحق و المضموف الموافق لو‬ ‫َعل ٌ‬ ‫المصدر و الداعي االساسي لقبوؿ الدعوة ال غير ‪ .‬اف ىذا التعريف العلمي‬ ‫للظن بانو ما خالف الصدؽ و اف العلم ما كاف صدقا يبطل دعوى اف قوة‬ ‫السند تقلل من ظنية الخبر و اف االختبلؼ بينها في درجة الظنية ‪ .‬و آيات‬ ‫الحق دالة على كوف مصدر االيماف ىو ما في المتن و المضموف من‬ ‫معرفة مطلقا من دوف االشارة الى القائل في ىذا المقاـ قاؿ تعالى (بَ ْل َك َّذبُوا‬ ‫ِ َِّ ِ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أَ ْف‬ ‫اء ُى ْم فَػ ُه ْم فِي أ َْم ٍر َم ِر ٍ‬ ‫بِال َ‬ ‫يج ) و قاؿ تعالى (أَلَ ْم يَأْف للذ َ‬ ‫ْح ّْق لَ َّما َج َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين‬ ‫تَ ْخ َ‬ ‫ش َع قُػلُوبػُ ُه ْم لذ ْك ِر اللَّو َوَما نَػ َز َؿ م َن ال َ‬ ‫ْح ّْق ) و قاؿ تعالى ( َشط َْرهُ َوإ َّف الذ َ‬ ‫ْكتاب لَيػعلَمو َف أَنَّو ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ى َو الَّ ِذي أ َْر َس َل‬ ‫ْح ُّق م ْن َربّْ ِه ْم ) و قولو تعالى ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫أُوتُوا ال َ َ َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب يَػ ْع ِرفُونَوُ َك َما‬ ‫ين َآتَػ ْيػنَ ُ‬ ‫اى ُم الْكتَ َ‬ ‫َر ُسولَوُ بِال ُْه َدى َودي ِن ال َ‬ ‫ْح ّْق ) و قاؿ تعالى (الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْح َّق َو ُى ْم يَػ ْعلَ ُمو َف) بل تجد تأكيدا‬ ‫اء ُى ْم َوإِ َّف فَ ِري ًقا م ْنػ ُه ْم لَيَ ْكتُ ُمو َف ال َ‬ ‫يَػ ْع ِرفُو َف أَبْػنَ َ‬ ‫ك فَ َبل تَ ُكونَ َّن‬ ‫ْح ُّق ِم ْن َربّْ َ‬ ‫على اعتبار المضموف و الدعوة مثل قولو تعالى ( ال َ‬ ‫ِ‬ ‫ين ) ‪ .‬و على ذلك جاءت االخبار المستفيضة المصدقة بذلك و‬ ‫م َن ال ُْم ْمتَ ِر َ‬ ‫الموافقة لذلك ‪ .‬فعن أيوب بن الحر قاؿ‪ :‬سمعت أبا عبد اهلل عليو السبلـ‬ ‫‪61‬‬


‫منهج العرض‬

‫يقوؿ‪ :‬كل شيء مردود إلى كتاب اهلل والسنة‪ ،‬وكل حديث ال يوافق كتاب اهلل‬ ‫فهو زخرؼ‪ .‬و عن أيوب‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو والو‪ :‬إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أىنأه وأسهلو وأرشده‪،‬‬ ‫فإف وافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وإف لم يوافق كتاب اهلل فلم أقلو‪ .‬و عن ابن أبي‬ ‫يعفور‪ ،‬قاؿ علي‪ :‬وحدثني الحسين بن أبي العبلء أنو حضر ابن أبي يعفور في‬ ‫ىذا المجلس قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن اختبلؼ يرويو من يثق‬ ‫بو ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه لو شاىد من كتاب اهلل أو من قوؿ‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ ،‬وإال فالذي جاءكم بو أولى ‪ .‬وعن على أبي‬ ‫الحسن الرضا عليو السبلـ انو قاؿ ال تقبلوا علينا خبلؼ القرآف فإنا إف‬ ‫تحدثنا حدثنا بموافقة القرآف وموافقة السنة‪ ،‬إنا عن اهلل وعن رسولو نحدث‪،‬‬ ‫وال نقوؿ‪ :‬قاؿ فبلف وفبلف فيتناقض كبلمنا‪ ،‬إف كبلـ آخرنا مثل كبلـ أولنا‪،‬‬ ‫وكبلـ أولنا مصداؽ لكبلـ آخرنا‪ ،‬وإذا أتاكم من يحدثكم بخبلؼ ذلك فردوه‬ ‫عليو وقولوا‪ :‬أنت أعلم و ما جئت بو‪ ،‬فإف مع كل قوؿ منا حقيقة وعليو نور‪،‬‬ ‫فما ال حقيقة معو وال نور عليو فذلك قوؿ الشيطاف‪.‬‬

‫من ىنا يصح القوؿ اف القرآف الكريم ظاىر في اف االعتبار بخصائص‬ ‫المضموف المنقوؿ بالمصدقية و المطابقة للحق بعبلمات ذاتية ‪ ،‬فيصح‬ ‫نسبة النقل الى النبي صلى اهلل عليو و الو بتحقيق صفات المصدقية و‬ ‫الموافقة للقراف و السنة الثابتة ‪ ،‬و ال وجو للتصرؼ بالنقل و ال ادخاؿ امور‬ ‫اخرى ال شاىد عليها ‪ .‬فكل ما ينسب الى النبي صلى اهلل عليو و الو وكاف‬ ‫مصدقا بالقراف و السنة و عليو شاىد منهما يكوف معتبرا و يجب التسليم بو و‬

‫‪62‬‬


‫منهج العرض‬

‫ال يصح رده او التصرؼ فيو و كل ما تقدـ من آيات دالة على ذلك و‬ ‫الروايات مستفيضة في ذلك بينا بعضها ‪.‬‬

‫مسألة (‪ )ٜ‬اطبلؽ و تفصيل العرض‬ ‫قاؿ تعالى (وا ْعتَ ِ‬ ‫ص ُموا بِ َح ْب ِل اللَّ ِو َج ِم ًيعا َوَال تَػ َف َّرقُوا )‪.‬‬ ‫َ‬ ‫و قاؿ تعالى وما اختلفتم فيو من شئ فحكمو إلى اهلل ) ‪.‬‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ ) ‪.‬‬ ‫و قاؿ تعالى ( فَِإ ْف تَػنَ َاز ْعتُ ْم فِي َش ْي ٍء فَػ ُردُّوهُ إِلَى اللَّ ِو َو َّ‬ ‫و قاؿ تعالى (أَفَ َبل يَػتَ َدبػَّ ُرو َف الْ ُق ْرَآ َف َولَ ْو َكا َف ِم ْن ِع ْن ِد غَْي ِر اللَّ ِو لَ​َو َج ُدوا فِ ِيو‬ ‫ا ْختِ َبلفًا َكثِ ًيرا )‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص ّْد ُؽ الَّ ِذي بَػ ْي َن يَ َديْ ِو ) ‪.‬‬ ‫(و َى َذا كتَ ٌ‬ ‫اب أَنْػ َزلْنَاهُ ُمبَ َار ٌؾ ُم َ‬ ‫و قاؿ تعالى َ‬

‫وعن‬

‫داود‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬من لم يعرؼ الحق من‬

‫القرآف لم يتنكب الفتن‪.‬‬ ‫و عن‬

‫كليب بن معاوية‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬ما أتاكم عنا‬

‫من حديث ال يصدقو كتاب اهلل فهو باطل‪.‬‬ ‫‪63‬‬


‫منهج العرض‬

‫و عن ىشاـ بن الحكم أنو سمع أبا عبد اهلل عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬ال تقبلوا‬ ‫علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو شاىدا من أحاديثنا‬ ‫المتقدمة‪.‬‬ ‫و عن يونس قاؿ على أبي الحسن الرضا عليو السبلـ ‪ :‬ال تقبلوا علينا خبلؼ‬ ‫القرآف فإنا إف تحدثنا حدثنا بموافقة القرآف وموافقة السنة‪ ،‬إنا عن اهلل وعن‬ ‫رسولو نحدث‪ ،‬وال نقوؿ‪ :‬قاؿ فبلف وفبلف فيتناقض كبلمنا‪ ،‬إف كبلـ آخرنا مثل‬ ‫كبلـ أولنا‪ ،‬وكبلـ أولنا مصداؽ لكبلـ آخرنا‪ ،‬وإذا أتاكم من يحدثكم بخبلؼ‬ ‫ذلك فردوه عليو وقولوا‪ :‬أنت أعلم و ما جئت بو‪ ،‬فإف مع كل قوؿ منا حقيقة‬ ‫وعليو نور‪ ،‬فما ال حقيقة معو وال نور عليو فذلك قوؿ الشيطاف‪.‬‬ ‫و عن‬

‫أيوب بن الحر قاؿ‪ :‬سمعت أبا عبد اهلل عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬كل‬

‫شئ مردود إلى كتاب اهلل والسنة‪ ،‬وكل حديث ال يوافق كتاب اهلل فهو زخرؼ‪.‬‬ ‫صفواف بن يحيى عن ابي الحسن الرضا ‪ :‬قاؿ لو أبو قرة‬

‫و عن‬

‫فتكذب بالرواية ؟ فقاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬إذا كانت الرواية مخالفة‬ ‫للقرآف كذبتها )‬ ‫و عن‬

‫أيوب‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬

‫عليو والو‪ :‬إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أىنأه وأسهلو وأرشده‪ ،‬فإف وافق‬ ‫كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وإف لم يوافق كتاب اهلل فلم أقلو‪.‬‬ ‫و عن ابن أبي يعفور في ىذا المجلس قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ‬ ‫عن اختبلؼ يرويو من يثق بو ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه لو‬ ‫‪64‬‬


‫منهج العرض‬

‫شاىد من كتاب اهلل أو من قوؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪ ،‬وإال فالذي‬ ‫جاءكم بو أولى‪.‬‬ ‫النهج قاؿ أمير المؤمنين عليو السبلـ ‪ :‬قد قاؿ اهلل سبحانو لقوـ‬

‫و في‬

‫أحب إرشادىم‪ :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسوؿ واولي األمر‬ ‫منكم فإف تنازعتم في شئ فردوه إلى اهلل والرسوؿ‪ .‬فالرد إلى اهلل األخذ‬ ‫بمحكم كتابو والرد إلى الرسوؿ األخذ بسنتو الجامعة غير المفرقة‪.‬‬ ‫ الحسن بن جهم عن الرضا عليو السبلـ أنو قاؿ‪ :‬قلت للرضا عليو‬‫السبلـ‪ :‬تجيئنا األحاديث عنكم مختلفة قاؿ‪ :‬ما جاءؾ عنا فقسو على كتاب‬ ‫اهلل عز وجل و‬ ‫أحاديثنا فإف كاف يشبههما فهو منا وإف لم يشبههما فليس منا ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫محمد بن مسلم قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ يا محمد ما جاءؾ‬

‫في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآف فخذ بو‪ ،‬وما جاءؾ في رواية من بر أو‬ ‫فاجر يخالف القرآف فبل تأخذ بو‪.‬‬ ‫ ابن علواف‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيو عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬قرأت في كتاب لعلي‬‫عليو السبلـ أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو قاؿ‪ :‬إنو سيكذب علي كما‬ ‫كذب على من كاف قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب اهلل فهو‬ ‫حديثي‪ ،‬وأما ما خالف كتاب اهلل فليس من حديثي‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫منهج العرض‬

‫ ىشاـ بن الحكم‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى‬‫اهلل عليو والو ‪ -‬في خطبة بمنى أو مكة ‪ :-‬يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق‬ ‫القرآف فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم عني ال يوافق القرآف فلم أقلو‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫الحسن بن الجهم‪ ،‬عن العبد الصالح عليو السبلـ قاؿ‪ :‬إذا كاف جاءؾ‬

‫الحديثاف المختلفاف فقسهما على كتاب اهلل وعلى أحاديثنا فإف أشبههما فهو‬ ‫حق وإف لم يشبههما فهو باطل‪.‬‬ ‫ السكوني‪ ،‬عن أبي عبد اهلل‪ ،‬عن آبائو‪ ،‬عن علي عليهم السبلـ قاؿ‪ :‬إف‬‫على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب اهلل فخذوا بو وما‬ ‫خالف كتاب اهلل فدعوه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الطبرسي عن أبي جعفر الثاني عليو السبلـ‪ ::‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى‬

‫اهلل عليو والو ‪ ::‬فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اهلل وسنتي فما وافق‬ ‫كتاب اهلل وسنتي فخذوا بو وما خالف كتاب اهلل وسنتي فبل تأخذوا بو‪.‬‬ ‫ الطبرسي ومما أجاب بو أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليهما ‪: :‬‬‫إذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقو فأنكرتو طائفة من االمة وعارضتو‬ ‫بحديث من ىذه األحاديث المزورة صارت بإنكارىا ودفعها الكتاب كفارا‬ ‫ضبلال ‪ -‬الى اف قاؿ‪ -‬فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب اهلل ووجدنا كتاب اهلل‬ ‫موافقا لهذه األخبار وعليها دليبل كاف االقتداء بهذه األخبار فرضا ال يتعداه إال‬ ‫أىل العناد والفساد‪. .‬‬ ‫‪66‬‬


‫منهج العرض‬

‫ عن جابر‪ ،‬قاؿ‪ :‬دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السبلـ ‪:::‬‬‫وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا‪ ،‬فإف وجدتموه للقرآف موافقا فخذوا بو‪ ،‬وإف لم‬ ‫تجدوه موافقا فردوه‪ ،‬وإف اشتبو األمر عليكم فقفوا عنده‪ ،‬وردوه إلينا حتى‬ ‫نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫محمد بن الزبرقاف الدامغاني‪ ،‬عن أبي الحسن موسى عليو السبلـ ‪:::‬‬

‫امور االدياف أمراف‪ :‬أمر ال إختبلؼ فيو وىو إجماع االمة على الضرورة التي‬ ‫يضطروف إليها‪ ،‬واألخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة والمستنبط‬ ‫منها كل حادثة‪ ،‬وأمر يحتمل الشك واإلنكار وسبيل استيضاح أىلو الحجة‬ ‫عليو فما ثبت لمنتحليو من كتاب مستجمع على تأويلو أو سنة عن النبي صلى‬ ‫اهلل عليو والو ال اختبلؼ فيها‪ ،‬أو قياس تعرؼ العقوؿ عدلو ضاؽ على من‬ ‫استوضح تلك الحجة ردىا ووجب عليو قبولها واإلقرار والديانة بها وما لم‬ ‫يثبت لمنتحليو بو حجة من كتاب مستجمع على تأويلو أو سنة عن النبي صلى‬ ‫اهلل عليو والو ال اختبلؼ فيها‪ ،‬أو قياس تعرؼ العقوؿ عدلو وسع خاص االمة‬ ‫وعامها الشك فيو واإلنكار لو كذلك ىذاف األمراف من أمر التوحيد فما دونو‬ ‫إلى أرش الخدش فما دونو‪ ،‬فهذا المعروض الذي يعرض عليو أمر الدين‪ ،‬فما‬ ‫ثبت لك برىانو اصطفيتو‪ ،‬وما غمض عنك ضوؤه نفيتو‪ .‬وال قوة إال باهلل‪،‬‬ ‫وحسبنا اهلل ونعم الوكيل ‪.‬‬ ‫ ج‪ :‬عن أبي جعفر الثاني عليو السبلـ في مناظرتو مع يحيى بن أكثم ‪-‬‬‫وسيجيئ بتمامو في موضعو ‪ -‬أنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلىاهلل عليو والو في‬ ‫حجة الوداع‪ :‬قد كثرت علي الكذابة وستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ‬ ‫‪67‬‬


‫منهج العرض‬

‫مقعده من النار فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اهلل وسنتي فما واؼ‬ ‫قكتاب اهلل وسنتي فخذوا بو وما خالف كتاب اهلل وسنتي فبل تأخذوا بو‪.‬‬ ‫ جابر عن أبي جعفر محمد بن علي )عليهما السبلـ ‪ :‬ما جاءكم عنا‪،‬‬‫فإف وجدتموه للقرآف موافقا فخذوا بو‪ ،‬و إف لم تجدوه موافقا فردوه‪ ،‬و إف‬ ‫اشتبو األم ر عليكم فيو فقفوا عنده و ردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما‬ ‫شرح لنا ‪.‬‬ ‫ عن ابن أبي يعفور‪ ،‬قاؿ علي‪ :‬وحدثني الحسين بن أبي العبلء أنو حضر‬‫ابن أبي يعفور في ىذا المجلس قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن‬ ‫اختبلؼ يرويو من يثق بو ‪،‬‬ ‫فقاؿ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه لو شاىد من كتاب اهلل أو من قوؿ‬ ‫رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو والو‪ ،‬وإال فالذي جاءكم بو أولى‪.‬‬ ‫ سدير قاؿ‪ :‬قاؿ أبو جعفر وأبو عبد اهلل عليهما السبلـ‪ :‬ال تصدؽ علينا‬‫إال بما يوافق كتاب اهلل وسنة نبيو صلى اهلل عليو والو‪.‬‬

‫مسألة (ٓٔ) ‪ :‬عبلج اختبلؼ الحديث‬ ‫منهج العرض في عبلج مختلف الحديث‬

‫‪68‬‬


‫منهج العرض‬

‫ىنا لدينا حديثاف متعارضنا و بمنهج العرض يكوف المحكم ىو المصدؽ‬ ‫الموافق للثوابت و يحمل االخر المتشابو على ما يوافق المحكمهو‬ ‫الحديث المحكم‪ :‬تفسير القمي ‪ :‬ابو الفضل العباس بن محمد بن القاسم‬ ‫بن حمزة بن موسى بن جعفر عليهما السبلـ قاؿ حدثنا ابو الحسن على بن‬ ‫ابراىيم بن ىاشم قاؿ‪ :‬حدثني ابى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن‬ ‫النعماف عن ضريس عن ابى جعفر عليو السبلـ في قولو (ىذا يوـ ينفع‬ ‫الصادقين صدقهم) قاؿ اذا كاف يوـ القيامة وحشر الناس للحساب فيمروف‬ ‫باىواؿ يوـ القيامة فبل ينتهوف إلى العرصة حتى يجهدوا جهدا شديدا‪ ،‬قاؿ‬ ‫فيقفوف بفناء العرصة ويشرؼ الجبار عليهم وىو على عرشو فاوؿ من يدعى‬ ‫بنداء يسمع الخبلئق اجمعوف اف يهتف باسم محمد بن عبداهلل النبي القرشي‬ ‫العربي‪ ،‬قاؿ فيتقدـ حتى يقف على يمين العرش‪ ،‬قاؿ ثم يدعى بصاحبكم علي‬ ‫عليو السبلـ‪ ،‬فيتقدـ حتى يقف على يسار رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو‪ ،‬ثم‬ ‫يدعى بامة محمد فيقفوف على يسار علي عليو السبلـ ثم يدعى بنبي نبي وامتو‬ ‫معو من اوؿ النبيين الي آخرىم وامتهم معهم‪ ،‬فيقفوف عن يسار العرش‪.‬‬

‫الحديث المتشابو‪ :‬تفسير القمي ‪ :‬ابو الفضل العباس بن محمد بن القاسم‬ ‫بن حمزة بن موسى بن جعفر عليهما السبلـ قاؿ حدثنا ابو الحسن على بن‬ ‫ابراىيم بن ىاشم قاؿ‪ :‬حدثني ابى عن سليماف الديلمي عن ابى بصير عن ابى‬ ‫عبداهلل عليو السبلـ قاؿ اذا كاف يوـ القيامة يدعى محمد صلى اهلل عليو وآلو‬ ‫‪69‬‬


‫منهج العرض‬

‫فيكسى حلة وردية ثم يقاـ على يمين العرش ثم يدعى بابراىيم عليو السبلـ‬ ‫فيكسى حلة بيضاء فيقاـ عن يسار العرش‪ ،‬ثم يدعى بعلي امير المؤمنين عليو‬ ‫السبلـ فيكسى حلة وردية فيقاـ على يمين النبي صلى اهلل عليو وآلو ثم يدعي‬ ‫باسماعيل فيكسى حلة بيضاء فيقاـ على يسار ابراىيم‪ ،‬ثم يدعى بالحسن عليو‬ ‫السبلـ فيكسى حلة وردية فيقاـ على يمين امير المؤمنين عليو السبلـ ثم يدعى‬ ‫بالحسين (ع) فيكسى حلة وردية فيقاـ على يمين الحسن (ع) ثم يدعى‬ ‫باالئمة فيكسوف حلبل وردية ويقاـ كل واحد على يمين صاحبو‪ ،‬ثم يدعى‬ ‫بالشيعة فيقوموف أمامهم‪.‬‬ ‫اقوؿ الحظ اف الحديثين رويا في تفسير القمي و المعارضة ظاىر‪ ،‬فيحمل‬ ‫ا لحديث الثاني ( خبر ابي بصير) على التقية بتقديم ابراىيم و اسماعيل عليهما‬ ‫السبلـ على االئمة عليهم السبلـ‪ ،‬وىو خبلؼ الحديث االوؿ ( خبر ضريس)‬ ‫المحكم الذي يتقدـ فيو االئمة على باقي الخلق غير رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫و الو‪.‬‬

‫مسألة (ٔ​ٔ)‪ :‬النوعية و الفردية في فهم الحديث و تقييمو‬ ‫الترجيح و الفهم النوعي للدليل و الترجيح و الفهم الفردي لو‬

‫‪70‬‬


‫منهج العرض‬

‫كل مكلف فقيو او غير فقيو و غير‬ ‫ال ريب ا ّف الخطاب‬ ‫الشرعي ّ‬ ‫موجو الى ّ‬ ‫ّ‬ ‫مختص بمكلف دوف اخر‪ ،‬اال اف سعة اطبلع الفقيو و خبرتو بالنص يعطيو ميزة‬ ‫ال تنكر في ترجيح االدلة و بيانها و فهمها لكن ىناؾ فرقا كبيرا بين الترجيح و‬ ‫الفهم النوعي للدليل و بين الترجيح و الفهم الفردي لو‪ .‬اي ا ّف ىناؾ ترجيحا و‬ ‫فهما عاما نوعيا لو قاـ بو اي احد ألدى الى النتيجة نفسها فبل يختلف‬ ‫االختيار و ال الفهم باختبلؼ االشخاص الذين يقوموف بو‪ ،‬بينما الترجيح و‬ ‫الفهم الفردي يع تمد على الشخص الذي يقوـ بعملية االختيار و الفهم‬ ‫فيختلف باختبلؼ االشخاص الذين يقوموف بو‪.‬‬ ‫من الواضح ا ّف مدخلية مقدمات كثيرة في عملية ترجيح االدلة و فهمها عند‬ ‫المجتهد يجعل من العسر القوؿ ا ّف ما يثبت عنده من دليل و فهم ىو دليل و‬ ‫فهم لغيره من مقلد و غيره‪ ،‬و خصوصا اف كثيرا من تلك االمور بعيدة و غريبة‬ ‫عن المقلدين‪ .‬وىذا ىو الترجيح و الفهم الفردي للدليل و الداللة‪ .‬و لهذا ال‬ ‫يمكن القوؿ اف ما يثبت دليبل عند المجتهد ىو دليل عند مقلده و لذلك قيل‬ ‫بكفاية حجية الفتوى وعدـ ضرورة كوف دليل الفقيو دليبل لمقلده‪.‬‬ ‫اما الفقيو المحدث و الذي يستعمل الطريقة العادية العامة في ترجيح االدلة و‬ ‫فهمها بعرض االدلة على المعارؼ الثابتة من الدين المعروفة لكل مكلف‪ ،‬و‬ ‫يفهمها بطريق عادية عرفية جدا من دوف تكلف او تدقيق عقلي و فلسفي‪ ،‬فاف‬ ‫اختياره و ترجيحو و فهمو لبلدلة و الداللة يكوف نوعيا ‪ ،‬لذلك يمكن القوؿ اف‬ ‫ما يثبت دليبل عند الفقيو المحدث ىو دليل عند غيره من المكلفين‪ .‬فدليل‬

‫‪71‬‬


‫منهج العرض‬

‫المحدث دليل لغيره و لهذا يصح شرعا لكل مكلف التعبد بما يثبت دليبل عند‬ ‫المحدث و ما يفهمو من الدليل‪.‬‬ ‫و بسبب نوعية ترجيحات المحدثين و فردانية ترجيحات المجتهدين نجد اف‬ ‫االختبلفات في االدلة و الداللة قليلة او معدومة بين المحدثين وكذا اقوالهم‬ ‫وفتاواىم بينما ىي كبيرة و احيانا كبيرة جدا دليبل و داللة بين المجتهدين‬ ‫وكذا حاؿ اقوالهم و فتاواىم‪.‬‬

‫مسألة (ٕٔ) المعارؼ الثابتة التي عليها العرض‬ ‫قاؿ تعالى (وا ْعتَ ِ‬ ‫ص ُموا بِ َح ْب ِل اللَّ ِو َج ِم ًيعا َوَال تَػ َف َّرقُوا) و عن أبى جعفر عليو‬ ‫َ‬ ‫السبلـ قاؿ آؿ محمد عليهم السبلـ ىم حبل اهلل الذى أمر‬ ‫باالعتصاـ بو ‪ ،‬فقاؿ ( واعتصموا بحبل اهلل جميعا والتفرقوا (‬ ‫قاؿ امير المؤمنين عليو السبلـ ( قاؿ اهلل سبحانو لقوـ أحب إرشادىم‪ :‬يا أيها‬ ‫الذين آمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسوؿ واولي األمر منكم فإف تنازعتم في شئ‬ ‫فردوه إلى اهلل والرسوؿ‪ .‬فالرد إلى اهلل األخذ بمحكم كتابو والرد إلى الرسوؿ‬ ‫األخذ بسنتو الجامعة غير المفرقة) و نحوىا روايات دلت على اف الرد يكوف‬ ‫للمعلوـ الثا بت المتفق عليو من المعارؼ التي اخذت عنهم عليهم السبلـ‪.‬‬ ‫لقد اوصى اىل البيت عليهم السبلـ برد احاديثهم الى القراف و السنة ‪ ،‬و‬ ‫المقصود من القراف و السنة ليس ظاىر متن اية معينة او رواية ثابتة بالتواتر او‬ ‫‪72‬‬


‫منهج العرض‬

‫مستفيضة محفوظة كما اعتقد البعض‪ ،‬بل المقصود ىو ما علم و ثبت و اتفق‬ ‫عليو‬ ‫وىو‬

‫من‬ ‫يعني‬

‫المعارؼ‬ ‫المعارؼ‬

‫القرانية‬ ‫و‬

‫القرانية‬

‫الحديثية‬

‫و‬

‫المعصومية ‪.‬‬ ‫المجمع‬

‫عليها‪.‬‬

‫فالمعرفة الثابتة ىي معرفة قرانية او حديثية مجمع عليها و ال خبلؼ فيها‪.‬‬ ‫و المعارؼ الثابتة درجات من حيث السعة كاكبرىا و اوسعها على االطبلؽ‬ ‫ىو التوحيد وىو اصل االصل و منو يتفرع نفي التسبيو و ارساؿ الرسل و‬ ‫االيمناف بالمبلئكة و المعاد و التكليف و االمامة وىذه ىي االصوؿ الكبرى‪،‬‬ ‫و منها تتفرع اصوؿ اخرى كبيرة لكن اقل سعة كالعصمة في االماـ و العلم في‬ ‫االماـ و وجوب الطاعة و و وجوب الصبلة و الصوـ و الحج و الزكاة وىذا‬ ‫ىي كتب الفقو الكبيرة و منها يتفرع اصوؿ متعلق بها ثابتة ككوف االماـ ال‬ ‫يذنب و ككوف الصبلة اليومية فرائض و نوافل و ككوف الصوـ واجب و‬ ‫مستحب و الخمس و الكازة في الغبلت و الحيواف و الحج و العمرة ‪ ،‬و من‬ ‫ىذه االصوؿ تتفرع اصوؿ كبيرة لكن اقل سعة كاركاف الصبلة من طهور و قبلة‬ ‫و ركوع و سجود و من ىذه االصوؿ تفرع اصوؿ كبيرة لكن اقل سعة منها‬ ‫ككوف القبلة شطر الحرـ للبعيد و الكعبة للقريب و ككوف الطهارة وضوء و‬ ‫غسل و تيمم و من ىذه االصوؿ تتفرع اصوؿ اقل سعة كاحكاـ القبلة الثابتة و‬ ‫احكاـ الوضوء الثابتة و احكاـ الغسل الثابتة و احكاـ التيمم الثابتة التي ال‬ ‫يختلف فيها و مجمع عليها و جاء بها قراف و سنة‪.‬‬ ‫ كل ما ما تقدـ من معارؼ ثابتة ماخوذة من القراف و السنة و نحوىا من‬‫معارؼ ىي المعارؼ الثابتة التي يرد اليها غيرىا وىو قوؿ امير المؤمنين عليو‬ ‫‪73‬‬


‫منهج العرض‬

‫السبلـ ( الرد الى اهلل الرد الى اية محكم ال خبلؼ فيها او سنة ماضية)‬

‫مسألة (‪ )31‬السبيل اىل عصمة املعرفة و وحدهتا و علميتها هو منهج العرض‪.‬‬ ‫قاؿ‬

‫تعالى‬

‫‪.‬‬

‫(وا ْعتَ ِ‬ ‫ص ُموا‬ ‫َ‬

‫اللَّ ِو‬

‫بِ َح ْب ِل‬

‫َج ِم ًيعا‬

‫َوَال‬

‫تَػ َف َّرقُوا )‬

‫منهج العرض ببساطة ىو عرض معرفة او اصل اصغر على اصل اكبر ثابت ال‬ ‫خبلؼ فيو ‪ .‬كعرض نفي التشبيو على التوحيد و عرض العصمة على االمامة‬ ‫وىكذا‪.‬‬ ‫فيتفرع من االصل الكبير الى االصل الذي يليو االكبر باالكبر من دوف انقطاع‪.‬‬ ‫ ال ريب اف التدرج من االصوؿ االكبر الى ما يليها االكبر فاالكبر كفيل‬‫بتحقيق ثبلثة امور اوال عصمة المعرفة و ثانيا علميتها و عدـ ظنيتها و ثالثا‬ ‫وحدتهعا‬

‫و‬

‫عدـ‬

‫و‬

‫تناقضها‪.‬‬

‫ىذه‬

‫ىي‬

‫اية‬

‫الحق‪.‬‬

‫عن على بن الحسين عليهم السبلـ ‪ :‬قيل لو يابن رسوؿ اهلل فما معنى‬ ‫المعصوـ ؟ فقاؿ ىو معتصم بحبل اهلل ‪ ،‬وحبل اهلل ىو القرآف اليفترقاف إلى يوـ‬ ‫القيامة ‪ ،‬واالماـ يهدى إلى القرآف ‪ ،‬والقرآف يهدى إلى االماـ‪.‬‬ ‫‪74‬‬


‫منهج العرض‬

‫ العرض على المعارؼ الثابتة من القراف و السنة ال تحتاج الى اختصاص او‬‫فقاىة و انما يستطيع اف يقوـ بالعرض ابسط شيعي يعرؼ ثوابت الدين‪.‬‬

‫لقد اوصى اىل البيت عليهم السبلـ بعرض احاديثهم على المعارؼ الثابتة من‬ ‫القراف و السنة‪ ،‬و المقصود بالمعارؼ الثابتة ىي المعارؼ التي اخذت من‬ ‫القراف و السنة الثابتة باالتفاؽ و التي ال يخالف فيها احد و ال يشك و ال‬ ‫يرتاب فيها احد‪ .‬و من المعلوـ اف ىذا المنهج ىو الموافق للفطرة في تحقيق‬ ‫السداد‬

‫و‬

‫االعتصاـ‬

‫لعدة‬

‫اسباب‪:‬‬

‫االوؿ‪ :‬اف ىذا المنهج ىو المصداؽ الجلي ‪ -‬اف لم يكن الوحيد‪ -‬لقولو‬

‫تعالى (وا ْعتَ ِ‬ ‫ص ُموا بِ َح ْب ِل اللَّ ِو َج ِم ًيعا َوَال تَػ َف َّرقُوا) اذ اف االعتصاـ ىو الرد كما‬ ‫َ‬ ‫الروايات‪.‬‬ ‫فسرتو‬ ‫الثاني‪ :‬اف منهج العرض ىو الطريق االمثل ‪ -‬اف لم يكن الوحيد‪ -‬لتحقيق‬ ‫معارؼ علمية متوافقة خالية من التناقض و االضطراب و متصلة بالمعارؼ‬ ‫و‬

‫الضرورية‬

‫المتفق‬

‫الثوابت‬

‫عليها ‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬انو المنهج الواضح ‪ -‬اف لم يكن الوحيد‪ -‬الذي اوصى اىل البيت‬ ‫عليهم‬

‫السبلـ‬

‫لتبين‬

‫باتباعو‬

‫احواؿ‬

‫االحاديث‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬اف ىذا المنهج من خبلؿ يشره و سهولة ممكن لكل مكلف مهما كاف‬ ‫مستواه و معرفتو و معلوماتو و تحصيلو‪ ،‬اذ المطلوب ىو فهم ظاىر الحديث‬

‫‪75‬‬


‫منهج العرض‬

‫و رده الى ما ىو معلوـ و ثابت من معارؼ‪ ،‬و ىذا متيسر لكل احد و ليس فيو‬ ‫اي يسر وحرج وىو الموافق ليسر الشريعة و سماحتها و نفي الحرج فيها‪.‬‬

‫منهج‬

‫العرض‬

‫ىو‬

‫طريق‬

‫العصمة‬

‫من‬

‫الضبلؿ‬

‫‪.‬‬ ‫من الثابت المعروؼ الذي ال يرتاب بو احد اف اىل البيت عليهم السبلـ‬ ‫اوصونا بع رض ما يصلنا من حديث على القراف و السنة‪ .‬و بسبب قصور في‬ ‫فهم طريقة العرض حصلت شبو عند البعض ادت بهم الى عدـ العمل بهذا‬ ‫الحق‪.‬‬

‫المنهج‬

‫اف عرض الحديث على القراف و السنة ال يعني عرض ظاىر الحديث على‬ ‫ظاىرة اية معينة او ظاىر سنة معينة ثابتة ‪ ،‬كما انو ال يعني الداللة اللغوية‬ ‫بحيث يؤدي ذلك الى تعطيلب االحاديث و ينتهي االمر كلو الى القراف و‬ ‫السنة القطعية‪ .‬و انما العرض ىو عرض الحديث على ما ىو معلوـ و ثابت من‬ ‫المعارؼ الثابتة من القراف و السنة‪ ،‬و بطريقة التصديق و الشواىد و المشابهة‬ ‫‪ ،‬اي اف تكوف المعارؼ الثابتة المتفق عليها التي ال يشك و ال يرتاب بها احد‬ ‫شاىدا‬

‫مصدقا‬

‫و‬

‫للحديث‪.‬‬

‫و من المعلوـ اف اتباع ىذا المنهج ىو المحقق للمعارؼ المحققة و المتصلة‬ ‫بالثوابت الخالية من التناقض و الشذوذ كما انها المصداؽ الجلي لقولو تعالى‬

‫(وا ْعتَ ِ‬ ‫ص ُموا بِ َح ْب ِل اللَّ ِو َج ِم ًيعا َوَال تَػ َف َّرقُوا‪) .‬‬ ‫َ‬ ‫‪76‬‬


‫منهج العرض‬

‫مسألة (‪ )31‬السبيل اىل عصمة املعرفة و وحدهتا و علميتها هو منهج العرض‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫منهج العرض ببساطة ىو عرض معرفة او اصل اصغر على اصل اكبر ثابت ال‬ ‫خبلؼ فيو ‪ .‬كعرض نفي التشبيو على التوحيد و عرض العصمة على االمامة‬ ‫وىكذا‪.‬‬ ‫فيتفرع من االصل الكبير الى االصل الذي يليو االكبر باالكبر من دوف انقطاع‪.‬‬ ‫ ال ريب اف التدرج من االصوؿ االكبر الى ما يليها االكبر فاالكبر كفيل‬‫بتحقيق ثبلثة امور اوال عصمة المعرفة و ثانيا علميتها و عدـ ظنيتها و ثالثا‬ ‫وحدتهعا‬

‫و‬

‫عدـ‬

‫و‬

‫تناقضها‪.‬‬

‫ىذه‬

‫ىي‬

‫اية‬

‫‪ -‬و الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫مسألة (٘ٔ) ‪ :‬الصدور التنزيلي ؛ تنزيل الموافق منزلة معلوـ الصدور‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫الحق‪.‬‬


‫منهج العرض‬

‫عن الهشامين جميعا وغيرىما قاؿ‪ :‬خطب النبي صلى اهلل عليو والو بمنى‬ ‫فقاؿ‪ :‬أيها الناس ما جاءكم عني فوافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم يخالف‬ ‫القرآف فلم أقلو‪.‬‬ ‫علي بن أيوب‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو والو‪ :‬إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أىنأه وأسهلو وأرشده‪ ،‬فإف وافق‬ ‫كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وإف لم يوافق كتاب اهلل فلم أقلو‪.‬‬ ‫عن ىشاـ بن الحكم‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو والو ‪ -‬في خطبة بمنى أو مكة ‪ :-‬يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق‬ ‫القرآف فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم عني ال يوافق القرآف فلم أقلو‪.‬‬ ‫ابن علواف‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيو عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬قرأت في كتاب لعلي‬ ‫عليو السبلـ أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو قاؿ‪ :‬إنو سيكذب علي كما‬ ‫كذب على من كاف قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب اهلل فهو‬ ‫حديثي‪ ،‬وأما ما خالف كتاب اهلل فليس من حديثي‪.‬‬

‫باب ‪ :‬النص بعدـ اعتبار حاؿ الراوي‬

‫‪78‬‬


‫منهج العرض‬

‫عن محمد بن مسلم قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ يا محمد ما جاءؾ في‬ ‫رواية من بر أو فاجر يوافق القرآف فخذ بو‪ ،‬وما جاءؾ في رواية من بر أو فاجر‬ ‫يخالف القرآف فبل تأخذ بو‪ .‬اقوؿ ىذا الرواية نص في عدـ اعتبار حاؿ الرواي‬ ‫وىو مفاد االطبلقات‪.‬‬

‫باب ‪ :‬وجوب التوقف عند عدـ تبين حاؿ الحديث‬

‫في األربعمائة‪ :‬قاؿ أمير المؤمنين عليو السبلـ‪ :‬إذا سمعتم من حديثنا ما ال‬ ‫تعرفوف فردوه إلينا وقفوا عنده‪ ،‬وسلموا حتى يتبين لكم الحق‪ ،‬وال تكونوا‬ ‫مذاييع عجلي‪.‬‬

‫و عن الميثمي عن الرضا عليو السبلـ وما لم تجدوه في شئ من ىذه الوجوه‬ ‫فردوا إلينا علمو فنحن أولى بذلك‪ ،‬وال تقولوا فيو بآرائكم‪ ،‬وعليكم بالكف‬ ‫والتثبت والوقوؼ وأنتم طالبوف باحثوف حتى يأتيكم البياف من عندنا‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫منهج العرض‬

‫محمد بن عيسى قاؿ‪ :‬أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابو إلى أبي الحسن‬ ‫الثالث عليو السبلـ و فيو ‪ :‬ما علمتم أنو قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه‬ ‫إلينا‪.‬‬ ‫و عن اباف بن ابي عياش اف علي بن الحسين عليهما السبلـ ‪ :‬فإف‬ ‫وضح لك أمر فأقبلو‪ ،‬وإال فاسكت تسلم‪ ،‬ورد علمو إلى اهلل فإنك في أوسع‬ ‫مما بين السماء واألرض‪.‬‬

‫اقوؿ فاذا لم يتبين حاؿ الحديث بمنهج العرض فانو يكوف مما ال يعرؼ‬ ‫فيشملو التوقف وىذا مصدؽ بعمومات التوقف عند الشبهة وىو منها‪.‬‬

‫باب ‪ :‬الطريقة العملية لمنهج العرض‬

‫النهج‪ :‬قاؿ امير المؤمني ن عليو السبلـ في عهده لبلشتر ‪ :‬فالرد إلى اهلل االخذ‬ ‫بمحكم كتابو والرد إلى الرسوؿ االخذ بسنتو الجامعة غير المتفرقة‪.‬‬

‫‪80‬‬


‫منهج العرض‬

‫عن ابن أبي يعفور عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ‪ :‬إذا ورد عليكم حديث‬ ‫فوجدتموه لو شاىد من كتاب اهلل أو من قوؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪،‬‬ ‫وإال فالذي جاءكم بو أولى‪.‬‬

‫يونس عن الرضا عليو السبلـ قاؿ ‪ :‬إف مع كل قوؿ منا حقيقة وعليو نور‪ ،‬فما‬ ‫ال حقيقة معو وال نور عليو فذلك قوؿ الشيطاف‪.‬‬

‫ىشاـ بن الحكم أنو سمع أبا عبد اهلل عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬ال تقبلوا علينا‬ ‫حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو شاىدا من أحاديثنا المتقدمة‪.‬‬

‫ابن بكير عن رجل عن ابي جعفر عليو السبلـ إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم‬ ‫عليو شاىدا أو شاىدين من كتاب اهلل فخذوا بو‪ ،‬وإال فقفوا عنده‪ ،‬ثم ردوه‬ ‫إلينا‪ ،‬حتى يستبين لكم‪.‬‬

‫عن الحسن بن جهم عن الرضا عليو السبلـ أنو قاؿ‪ :‬قلت للرضا عليو السبلـ‪:‬‬ ‫تجيئنا األحاديث عنكم مختلفة قاؿ‪ :‬ما جاءؾ عنا فقسو على كتاب اهلل عز‬ ‫وجل و أحاديثنا فإف كاف يشبههما فهو منا وإف لم يشبههما فليس منا‪،‬‬ ‫‪81‬‬


‫منهج العرض‬

‫محمد بن أحمد بن محمد بن زياد‪ ،‬وموسى بن محمد بن علي بن موسى عن‬ ‫الحسن عليو السبلـ في جواب‪ :‬ما علمتم أنو قولنا فالزموه وما لم تعلموه‬ ‫فردوه إلينا‪.‬‬

‫عن ابن عبد الحميد‪ ،‬عن أبي إبراىيم عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو والو‪ :‬أال ىل عسى رجل يكذبني وىو على حشاياه متكئ ؟ قالوا‪ :‬يا‬ ‫رسوؿ اهلل ومن الذي يكذبك ؟ قاؿ‪ :‬الذي يبلغو الحديث فيقوؿ‪ :‬ما قاؿ ىذا‬ ‫رسوؿ اهلل قط‪ .‬فما جاءكم عني من حديث موافق للحق فأنا قلتو وما أتاكم‬ ‫عني من حديث ال يوافق الحق فلم أقلو‪ ،‬ولن أقوؿ إال الحق‪ .‬اقوؿ اي الحق‬ ‫من القراف و السنة‪.‬‬

‫قاؿ يونس ‪ :‬حدثني ىشاـ بن الحكم أنو سمع أبا عبد اهلل عليو السبلـ يقوؿ‪:‬‬ ‫ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو شاىدا من‬ ‫أحاديثنا المتقدمة‪ ،‬فإف المغيرة بن سعيد لعنو اهلل دس في كتب أصحاب أبي‬ ‫أحاديث لم يحدث بها أبي‪ ،‬فاتقو اهلل وال تقبلوا علينا ما خالف قوؿ ربنا تعالى‬

‫‪82‬‬


‫منهج العرض‬

‫وسنة نبينا محمد صلى اهلل عليو والو‪ ،‬فإنا إذا حدثنا قلنا‪ :‬قاؿ اهلل عز وجل‪،‬‬ ‫وقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو‪.‬‬

‫باب تطبيق اىل البيت لمنهج العرض‬

‫عن صفواف قاؿ قاؿ أبو قرة‪ :‬لبلماـ الرضا عليو السبلـ إنا روينا أف اهلل قسم‬ ‫الرؤية والكبلـ بين نبيين‪ ،‬فقسم لموسى الكبلـ‪ ،‬ولمحمد (صلى اهلل عليو وآلو)‬ ‫الرؤية‪ ،‬فقاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬فمن المبلغ عن اهلل إلى الثقلين من‬ ‫الجن واالنس‪ :‬إنو ال تدركو االبصار‪ ،‬وال يحيطوف بو علما‪ ،‬وليس كمثلو شئ ؟‬ ‫أليس محمد ؟ قاؿ‪ :‬بلى‪ ،‬قاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬فكيف يجئ رجل‬ ‫إلى الخلق جميعا فيخبرىم أنو جاء من عند اهلل‪ ،‬وأنو يدعوىم إلى اهلل بأمر اهلل‬ ‫ويقوؿ‪ :‬إنو ال تدركو االبصار‪ ،‬وال يحيطوف بو علما‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ ،‬ثم‬ ‫يقوؿ‪ :‬أنا رأيتو بعيني‪ ،‬وأحطت بو علما‪ ،‬وىو على صورة البشر ؟ أما تستحيوف‬ ‫؟ ما قدرت الزنادقة أف ترميو بهذا أف يكوف أتى عن اهلل بأمر ثم يأتي بخبلفو‬ ‫من وجو آخر ! فقاؿ أبو قرة‪ :‬فإنو يقوؿ‪( :‬ولقد رآه نزلة اخرى) فقاؿ أبو‬ ‫ا لحسن (عليو السبلـ)‪ :‬إف بعد ىذه اآلية ما يدؿ على ما رأى حيث يقوؿ‪( :‬ما‬ ‫كذب الفؤاد ما رأى) يقوؿ‪ :‬ما كذب فؤاد محمد (صلى اهلل عليو وآلو) ما رأت‬ ‫عيناه‪ ،‬ثم أخبر بما رأت عيناه فقاؿ‪( :‬لقد رأى من آيات ربو الكبرى) فآيات‬ ‫اهلل غير اهلل‪ .‬وقاؿ‪( :‬وال يحيطوف بو علما) فإذا رأتو االبصار فقد أحاطت بو‬ ‫‪83‬‬


‫منهج العرض‬

‫العلم ووقعت المعرفة‪ ،‬فقاؿ أبو قرة فتكذب بالرواية ؟ فقاؿ أبو الحسن (عليو‬ ‫السبلـ)‪ :‬إذا كانت الرواية مخالفة للقرآف كذبتها‪.‬‬

‫االحتجاج ‪ :‬قاؿ يحيى بن أكثم البي جعفر الجواد عليو السبلـ ‪ :‬ما تقوؿ يا‬ ‫ابن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو في الخبر الذي روي أنو نزؿ جبرئيل عليو‬ ‫السبلـ على رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وقاؿ يا محمد‪ :‬إف اهلل عزوجل‬ ‫يقرئك السبلـ ويقوؿ لك‪ :‬سل أبا بكر ىل ىو عني راض فاني عنو راض‪ .‬فقاؿ‬ ‫أبو جعفر‪ :‬لست بمنكر فضل أبي بكر‪ ،‬ولكن يجب على صاحب ىذا الخبر‬ ‫أف يأخذ مثاؿ الخبر الذي قالو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو في حجة الوداع‬ ‫" قد كثرت علي الكذابة‪ ،‬وستكثر‪ ،‬فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من‬ ‫النار‪ ،‬فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اهلل وسنتي‪ ،‬فما وافق كتاب اهلل‬ ‫وسنتي فخذوا بو‪ ،‬وما خالف كتاب اهلل وسنتي فبلتأ خذوا بو " وليس يوافق ىذا‬ ‫الخبر كتاب اهلل قاؿ اهلل تعالى " ولقد خلقنا االنساف ونعلم ما توسوس بو نفسو‬ ‫ونحن أقرب إليو من حبل الوريد " فاهلل عزوجل خفي عليو رضا أبي بكر من‬ ‫سخطو حتى سأؿ من مكنوف سره ؟ ىذا مستحيل في العقوؿ‪ .‬ثم قاؿ يحيى بن‬ ‫أكثم‪ :‬وقد روي أف مثل أبي بكر وعمر في االرض كمثل جبرئيل وميكائيل في‬ ‫السماء‪ ،‬فقاؿ‪ :‬وىذا أيضا يجب أف ينظر فيو الف جبرئيل وميكائيل ملكاف‬ ‫مقرباف لم يعصيا اهلل قط ولم يفارقا طاعتو لحظة واحدة‪ ،‬وىما قد أشركا باهلل‬ ‫عزوجل وإف أسلما بعد الشرؾ‪ ،‬وكاف أكثر أيامهما في الشرؾ باهلل فمحاؿ أف‬ ‫يشبههما بهما‪ .‬قاؿ يحيى‪ :‬وقد روي أيضا أنهما سيدا كهوؿ أىل الجنة‪ ،‬فما‬ ‫‪84‬‬


‫منهج العرض‬

‫تقوؿ فيو ؟ فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬وىذا الخبر محاؿ أيضا الف أىل الجنة كلهم‬ ‫يكونوف شبابا‪ ،‬وال يكوف‬ ‫فيهم كهل‪ ،‬وىذا الخبر وضعو بنو امية لمضادة الخبر الذي قاؿ رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو وآلو في الحسن والحسين بأنهما سيدا شباب أىل الجنة‪.‬‬ ‫أقوؿ و روايات عرضهم عليهم السبلـ االخبار على الكتاب كثيرة‬

‫مناقشات‬

‫َّ ِ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا‬ ‫‬‫قد يقاؿ اف تبين حاؿ الراوي مصدؽ بقولو تعالى (يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫إِ ْف جاء ُكم فَ ِ‬ ‫اس ٌق بِنَبٍَأ فَػتَبَػيَّػنُوا) و فيو اوال انو ال اطبلؽ لو بخصوص اخبار‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫الشريعة و التي خرجت بالمعارؼ القطعية عن مثل ذلك النبأ و التي يصدؽ‬ ‫بعضها بعضا‪ ،‬كما اف الفاسق بالقراف ىو المتمرد غير المؤمن وىو ظاىر‬ ‫تفسيرىم عنهم عليهم السبلـ وىو غير الراوي الضعيف‪ ،‬كما اف السنة ىي في‬ ‫تصديق المؤمنين قاؿ تعالى ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين يػُ ْؤذُو َف النَّبِ َّي َويَػ ُقولُو َف ُى َو أُذُ ٌف قُ ْل‬ ‫َ‬ ‫(وم ْنػ ُه ُم الذ َ‬ ‫أُذُ ُف َخ ْي ٍر لَ ُكم يػ ْؤِمن بِاللَّ ِو ويػ ْؤِمن لِل ِ ِ‬ ‫ين) و عليها اوامر تصديق المؤمن‪ ،‬و‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫ْم ْؤمن َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ىذا كلو مصدؽ باخوة االسبلـ و والية المؤمنين ‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫منهج العرض‬

‫‪-‬‬

‫قد يقاؿ انو قد ورد الترجيح بالرواية االفقو و االعدؿ بل و تقديمو‬

‫على العرض و فيو انها من المتشابو المخالف لما تقدـ الثابت المصدؽ مع اف‬ ‫بعضها غير ظاىر في ذلك كما عن زرارة بن أعين قاؿ‪ :‬سألت الباقر عليو‬ ‫السبلـ فقلت‪ :‬جعلت فداؾ يأتي عنكم الخبراف أو الحديثاف المتعارضاف‬ ‫فبأيهما آخذ ؟ فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع‬ ‫الشاذ النادر‪ .‬فقلت‪ :‬يا سيدي‪ ،‬إنهما معا مشهوراف مروياف مأثوراف عنكم‪،‬‬ ‫فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬خذ بقوؿ أعدلهما عندؾ وأوثقهما في نفسك‪ .‬فقلت إنهما‬ ‫معا عدالف مرضياف موثقاف فقاؿ انظر إلى ما وافق منهما مذىب العامة فاتركو‬ ‫و خذ بما خالفهم فإف الحق فيما خالفهم فقلت ربما كانا معا موافقين لهم أو‬ ‫مخالفين فكيف أصنع فقاؿ إذف فخذ بما فيو الحائطة لدينك و اترؾ ما خالف‬ ‫االحتياط فقلت إنهما معا موافقين لبلحتياط أو مخالفين لو فكيف أصنع فقاؿ‬ ‫عليو السبلـ إذف فتخير أحدىما فتأخذ بو و تدع اآلخر و في رواية أنو عليو‬ ‫السبلـ ق اؿ إذف فأرجو حتى تلقى إمامك فتسألو )‪ .‬اقوؿ وىذه الرواية اصبل لم‬ ‫تتعرض للعرض فتحمل على اف كل ذلك بعد العرض و عدـ المخالفة‪ .‬و اما‬ ‫ما عن عمر بن حنظلة قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن رجلين من‬ ‫أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ‪ ...‬فقلت ‪ :‬قلت‪ :‬فاف كاف كل واحد‬ ‫منهما اختار رجبل من أصحابنا فرضيا أف يكونا الناظرين في حقهما‪ ،‬فاختلفا‬ ‫فيما حكما فاف الحكمين اختلفا في حديثكم ؟ قاؿ‪ :‬إف الحكم ما حكم بو‬ ‫أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما‪ ،‬وال يلتفت إلى ما يحكم‬ ‫بو االخر‪ ،‬قلت‪ :‬فانهما عدالف مرضياف عرفا بذلك ال يفضل أحدىما صاحبو‬ ‫‪86‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ‪ :‬ينظر إلى ما كاف من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما المجمع عليو بين‬ ‫أصحابك فيؤخذ بو من حكمهما‪ ،‬ويترؾ الشاذ الذي ليس بمشهور عند‬ ‫أصحابك ‪ ،‬فاف المجمع عليو ال ريب فيو‪ ،‬فانما االمور ثبلثة‪ :‬أمر بين رشده‬ ‫فيتبع‪ ،‬وأمر بين غية فيجتنب‪ ،‬وأمر مشكل يرد حكمو إلى اهلل عزوجل وإلى‬ ‫رسولو صلى اهلل عليو وآلو‪ ،‬وقد قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو‪ :‬حبلؿ بين‪،‬‬ ‫وحراـ بين‪ ،‬وشبهات تترد بين ذلك‪ ،‬فمن ترؾ الشبهات نجا من المحرمات‬ ‫ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وىلك من حيث ال يعلم‪ ،‬قلت‪ :‬فاف‬ ‫كاف الخبراف عنكما مشهورين قد رواىما الثقات عنكم قاؿ‪ :‬ينظر ما وافق‬ ‫حكمو حكم الكتاب و السنة وخالف العامة فيؤخذ بو‪ ،‬ويترؾ ما خالف حكمو‬ ‫حكم الكتاب والسنة و وافق العامة‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداؾ أرأيت إف كاف‬ ‫الفقيهاف عرفا حكمو من الكتاب والسنة ثم وجدنا أحد الخبرين يوافق العامة‬ ‫واالخر يخالف بأيهما نأخذ من الخبرين ؟ قاؿ‪ :‬ينظر إلى ماىم إليو يميلوف فاف‬ ‫ما خالف العامة ففيو الرشاد‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداؾ فاف وافقهم الخبراف جميعا‬ ‫قاؿ‪ :‬انظروا إلى ما يميل إليو حكامهم و قضاتهم فاتركوه جانبا وخذوا بغيره‪،‬‬ ‫قلت‪ :‬فاف وافق حكامهم الخبرين جميعا ؟ قاؿ‪ :‬إذا كاف كذلك فارجو وقف‬ ‫عنده حتى تلقي إمامك فاف الوقوؼ عند الشبهات خير من االقتحاـ في‬ ‫الهلكات‪ ،‬واهلل المرشد ‪ ) .‬فهي في الحكم و تأخير العرض عن باقي‬ ‫المرجحات خبلؼ الثابت كما اف االختبلؼ في ترتيب المرجحات و‬ ‫االختبلؼ في الكيفية كلو ال يورث االطمئناف‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫منهج العرض‬

‫‪-‬‬

‫قيل اف سلوؾ العقبلء في تمييز حاؿ الراوي و فيو منع و المنع‬

‫اوضح في ما لو دستور يرد اليو حيث اف ما لها مدخلية في تقييم الخبر عند‬ ‫العقبلء في االنظمة القانونية الدستورية واضحة المعالم ىو مدى مقبولية‬ ‫مضمونو وموافقتو للمعارؼ الثباتة و الشرع نظاـ واضح المعالم فيو معارؼ‬ ‫ثابتة قط عية ال يصح مخالفتها و يرد اليها و يكوف المخالف لها غير معموؿ بو‪.‬‬ ‫فمنهج العرض ىو الموافق لسيرة العقبلء في االنظمة الدستورية كالشرع‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫قد يقاؿ اف االستدالؿ بهذه االحاديث قبل بياف حاؿ السند ىو‬

‫من االستدالؿ بالشيء على نفسو‪ ،‬اذ ال بد اوال من اثبات حجيتها من دليل‬ ‫خارج و فيو اف ىذه االحاديث مستفيضة بل متوترة معنى كما اف مضموف‬ ‫العرض على القراف و السنة متفق عليو بل مسلم عند الكل‪ ،‬ىذا و اف فيها ما‬ ‫ىو معتبر بالمصطلح واضح الداللة في المطلوب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫قد يقاؿ اف ر ّد ما خالف القراف مخالف لروايات عدـ جواز التكذيب‬

‫كما عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي جعفر أو عن أبي عبد اهلل عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬ال‬ ‫تكذبوا بحديث آتاكم أحد‪ :‬فإنكم ال تدروف لعلو من الحق فتكذبوا اهلل فوؽ‬ ‫عرشو‪ .‬و عن علي السائي عن أبي الحسن عليو السبلـ ‪ :‬ال تقل لما بلغك عنا‬ ‫أو نسب إلينا‪ :‬ىذا باطل وإف كنت تعرؼ خبلفو‪ ،‬فإنك ال تدري لم قلنا وعلى‬ ‫‪88‬‬


‫منهج العرض‬

‫أي وجو وصفة ؟ و عن عن أبي بصير‪ ،‬عن أحدىما عليهما السبلـ قاؿ‪ :‬ال‬ ‫تكذبوا بحديث آتاكم مرجئي وال قدري وال خارجي نسبو إلينا فإنكم ال تدروف‬ ‫لعلو شئ من الحق فتكذبوا اهلل عز وجل فوؽ عرشو‪ .‬بل ورد انو كفر كما عن‬ ‫عبد الغفار الجازي‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني من سألو ‪ -‬يعني الصادؽ عليو السبلـ ‪ -‬ىل‬ ‫يكوف كفر ال يبلغ الشرؾ ؟ قاؿ‪ :‬إف الكفر ىو الشرؾ‪ ،‬ثم قاـ فدخل المسجد‬ ‫فالتفت إلي‪ ،‬وقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬الرجل يحمل الحديث إلى صاحبو فبل يعرفو فيرده‬ ‫عليو فهى نعمة كفرىا ولم يبلغ الشرؾ‪ .‬و فيو اف روايات الرد ىي في ر ّد و عدـ‬ ‫قبوؿ ما خالف القراف و السنة و ليس التكذيب اال مع حصوؿ القطع بعدـ‬ ‫الصدور وىو ما ال احتماؿ بصدوره كما عن صفواف بن يحيى قاؿ أبو الحسن‬ ‫(عليو السبلـ) البي قرة كيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرىم أنو جاء من‬ ‫عند اهلل‪ ،‬وأنو يدعوىم إلى اهلل بأمر اهلل ويقوؿ‪ :‬إنو ال تدركو االبصار‪ ،‬وال‬ ‫يحيطوف بو علما‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ ،‬ثم يقوؿ‪ :‬أنا رأيتو بعيني‪ ،‬وأحطت بو‬ ‫علما‪ ،‬وىو على صورة البشر ؟ أما تستحيوف ؟ ما قدرت الزنادقة أف ترميو بهذا‬ ‫أف يكوف أتى عن اهلل بأمر ثم يأتي بخبلفو من وجو آخر ! ‪ -‬الى اف قاؿ‪-‬‬ ‫فقاؿ أبو قرة فتكذب بالرواية ؟ فقاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬إذا كانت‬ ‫الرواية مخالفة للقرآف كذبتها‪ ،‬وما أجمع المسلموف عليو أنو ال يحاط بو علما‪،‬‬ ‫وال تدركو االبصار‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ .‬و بهذا فاالخبار المردودة قسماف قسم‬ ‫يرد من دوف تكذيب وىو ما يكوف فيو احتماؿ و قسم يرد مع تكذيب وىو ما‬ ‫ال احتماؿ فيو وىو ظاىر رواية سفياف بن السمط‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت ألبي عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ‪ :‬جعلت فداؾ إف الرجل ليأتينا من قبلك فيخبرنا عنك بالعظيم من‬ ‫‪89‬‬


‫منهج العرض‬

‫األمر فيضيق بذلك صدورنا حتى نكذبو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪:‬‬ ‫أليس عني يحدثكم ؟ قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬بلى‪ .‬قاؿ‪ :‬فيقوؿ لليل‪ :‬إنو نهار‪ ،‬وللنهار‪:‬‬ ‫إنو ليل ؟ قاؿ‪ :‬فقلت لو‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فقاؿ‪ :‬رده إلينا فإنك إف كذبت فإنما‬ ‫تكذبنا‪ .‬و في ( يقوؿ لك‪ :‬إني قلت لليل‪ :‬إنو نهار‪ ،‬أو للنهار‪ :‬إنو ليل ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فإف قاؿ لك ىذا إني قلتو فبل تكذب بو‪ ،‬فإنك إنما تكذبني‪).‬‬ ‫و معنى قولو (عليو السبلـ) ( فاف قاؿ لك ىذا اني قلتو) يحمل على الرواية‬ ‫االولى اي ما يكوف فيو احتماؿ‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫قد يقاؿ انو قد يكوف حديث ليس لو شاىد او معارض من القراف و‬

‫السنة او احاديثهم و فيو – انو و اف كاف ىذا فرضا نادرا اال انو في ىذه‬ ‫مر و ال يقاؿ انو يصح العمل من باب‬ ‫الحالة يجب التوقف حتى يتبين كما ّ‬ ‫التسليم و المصدؽ بحديث ( من بلغو شيء من الثواب) فاف ىذا معارض‬ ‫بالمصدؽ الثابت وىو اف العمل يكوف بما يعلم وىذا ليس مما يعلم‪ ،‬و اما‬ ‫التسليم فهو فرع التبيّن و كذا حديث( من بلغو )فهو حكم ظاىري و تنزيلي‬

‫لما يعمل ‪ .‬و من ىنا يظهر ما في جعلو مستندا للعمل بالمستحب و اف لم‬

‫يتبين حالو‪.‬‬

‫‪90‬‬


‫منهج العرض‬

‫‪-‬‬

‫قد يقاؿ انو قد ورد الفاظ ( الصادؽ) و (الثقة) في الروايات و فيو‬

‫اف االصل في الصادؽ الذي يؤخذ منو ىو ارادة االماـ عليو السبلـ و اما الثقة‬ ‫فتحمل على الثقة في دينو و اعتقاده بمعنى اخيك و اخوانك و ليست في‬ ‫االصل في االخبار والرواية بل ىذا ىو ظاىر جلّها‪.‬‬

‫تطبيقات منهج العرض‬ ‫فصل (ٔ) حديث ( لما خلق اهلل العقل قاؿ لو أقبل فأقبل ‪)...‬‬ ‫قاؿ أبو عبداهلل (عليو السبلـ ) لما خلق اهلل العقل قاؿ لو أقبل فأقبل ثم‬ ‫قاؿ لو أدبر فأدبر ثم قاؿ لو وعزتي و جبللي ما خلقت خلقا ىو أحب إلي‬ ‫منك بك آخذ و بك أعطي و عليك أثيب ‪.‬‬ ‫حكم الحديث ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‪ :‬الحديث مصدؽ ‪.‬‬ ‫‪91‬‬


‫منهج العرض‬

‫المتن مصدؽ بالقراف و السنة ببياف فضل العقل و حسن اعتماده ‪ ،‬و‬ ‫روي الحديث بالفاظ اخرى من الخاصة و العامة وىي ايضا مصدقة ‪.‬‬ ‫فاللفظ المذكور عن ىشاـ قاؿ قاؿ أبو عبداهلل (عليو السبلـ ) ‪ ،‬و( بك‬ ‫اخذ ) بمعنى احاسب و ( بك اعطي ) أي كلما كملت في انساف زدت‬ ‫صاحبك و ( عليك اثيب ) أي كلما استعملك االنساف و اىتدى بك‬ ‫استحق الثواب ‪ .‬و امره من قبل اهلل تعالى و اقبالو و ادباره في العالم‬ ‫العلوي الغيبي الخارج عن قوانين عالمنا ‪ .‬و عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن ابي‬ ‫جعفر عليو السبلـ ‪ .‬مثلو اال اف فيو (لما خلق اهلل العقل استنطقو ثم قاؿ‬ ‫لو‪ .....‬وال أكملتك إال فيمن احب‪ ،‬أما إني إياؾ آمر‪ ،‬وإياؾ أنهى وإياؾ‬ ‫اعاقب‪ ،‬وإياؾ اثيب‪ ).‬و في المحاسن ( أكملك ) بدؿ اكملتك و في‬ ‫نسخة منو ( اكملنك )‪ .‬و الظاىر اف ( ال اكملك او ال اكلمنك ) ىي‬ ‫الصحيحة النها اخبار اما ( ال اكملتك ) فانها للطلب و االرادة اقرب و ال‬ ‫يبعد اف تكوف تصحيف عن ( ال اكلمنك ) فاما عبارة (وإياؾ اعاقب‪ ،‬وإياؾ‬ ‫اثيب ) أي عليك اعاقب و بك اثيب بمعنى ما في لفظ خبر ىشاـ‬

‫‪.‬‬

‫و عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اهلل (عليو السبلـ ) وىو‬ ‫مثل حديثو عن ابي جعفر اال جملة (أحسن منك ) بدؿ (أحب إلي منك )‬ ‫وال فرؽ في المعنى فاف االمر الحسن محبوب الى اهلل ‪ .‬و عن أبي بصير‪،‬‬ ‫عن أبي عبد اهلل (عليو السبلـ) ‪ -‬وفيو ( لك الثواب وعليك العقاب‪ ) .‬أي‬ ‫الستعمالك الثواب و على قدرمخالفتك ‪ .‬و روي عن أبي أمامة قاؿ ‪ :‬قاؿ‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬مثل حديث ىشاـ ( ما خلقت خلقا أعجب‬ ‫إلي منك ‪ ،‬بك آخذ ‪ ،‬وبك أعطي ‪ ،‬وبك الثواب ‪ ،‬وعليك العقاب )‪ .‬و قد‬ ‫بينا عباراتها ‪ ،‬و بك الثواب بمعنى و عليك الثواب ‪ .‬و عن أبي ىريرة ‪ :‬عن‬ ‫النبي صلى اهلل عليو و سلم مثلو لكن فيو زيادة ( أقعد فقعد ثم قاؿ لو ‪ :‬ما‬ ‫‪92‬‬


‫منهج العرض‬

‫خلقت خلقا ىو خير منك و ال أفضل منك و ال أحسن منك بك أخذ و بك‬ ‫أعطي و بك أعرؼ ‪ ) ...‬و فيو عبارة ( قم فقاـ – و اقعد فقعد ) وىي‬ ‫منفرد ‪ ،‬و الفرؽ بين خير منك و احسن منك غير واضح ‪ ،‬و ( بك اعرؼ )‬ ‫معنى جليل و مصدؽ جدا لكنو ‪.‬و عن عبد اهلل بن مسعود مثلو لكن فيو (‬ ‫إلي ) و ىو منفرد و يمكن اف يؤاؿ الى‬ ‫أح ّْ‬ ‫َوال أُركبك إِال في َ‬ ‫ب الخلق ّ‬ ‫اكملك وىذا بمثابة الوجود ‪ .‬و عن الفضل النوفلي عن أبي عبد اهلل (عليو‬ ‫السبلـ) قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل (صلى اهلل عليو وآلو)‪ .... :‬ثم قاؿ‪ :‬ما خلقت‬ ‫خلقا أحب إلي منك‪ ،‬فأعطى اهلل محمدا تسعة وتسعين جزء‪ ،‬ثم قسم بين‬ ‫العباد جزء واحدا ‪ ).‬وىذه الزيادة منفردة لكن لها مصدؽ اف الرسوؿ صلى‬ ‫اهلل عليو و الو اكمل الناس عقبل و انو بلغ ما لم يبلغ احد من القرب من اهلل‬ ‫تعالى و عن حماد بن عمرو وانس بن محمد جميعا عن الصادؽ عن ابيو عن‬ ‫جده عن امير المؤمنين عليهم السبلـ عن النبي (صلى اهلل عليو و الو ) مثل‬ ‫حديث ىشاـ لكن فيو ( يا علي اف اوؿ ما خلق اهلل العقل فقاؿ لو اقبل )‬ ‫وىو منفرد بعبارة ( اوؿ ما خلق اهلل العقل ) وىذه الزيادة نبحثها مستقبل في‬ ‫حديثها الخاص بها و عن الرضا عليو السبلـ مثل حديث ىشاـ لكن فيو‬ ‫(‪ ....‬احسن منك واحب الي منك ) ‪ .‬ومن ىنا يتبين اف لفظ حديث ىشاـ‬ ‫ىو االشهر و اف كاف الجميع تشير الى مضامين موحدة بياف اشتراط العقل في‬ ‫التكليف و فضلو و محبوبية كمالو في االنساف و استعمالو و االىتداء بو وىو‬ ‫موافق للقراف الكريم و السنة الثابتة ‪،‬فالخبر مصدؽ بالفاظو المختلفة ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬وصف بعض العامة الخبر بالنكارة ‪ ،‬و فيو اف ذلك غير واضح‬ ‫فاف الخبر في فضل العقل و في اشتراطو في التكليف و في ترتب الثواب‬ ‫على استعمالو و العمل بو و التدبر في االمور ‪ ،‬وىو موافق للقراف و السنة و‬ ‫المصدؽ بهما ‪.‬‬ ‫‪93‬‬


‫منهج العرض‬

‫مسألة ‪ :‬يظهر من ىذه الروايات اف العقل حجة لبلنساف و حجة عليو ‪ ،‬فمن‬ ‫حيث انو حجة فانو بكمالو و استعمالو يرتقي االنساف درجات الثواب و‬ ‫المحبوبية عند اهلل تعالى وىو معنى ( و عليك الثواب ) و حجة عليو بانو اذا‬ ‫ادرؾ االنساف الحقائق و ميزىا ثم خالفها و عصى يكوف عقابو بقدره و ىو‬ ‫معنى ( و عليك العقاب ) و كبل المعنيين مصدؽ باحاديث مستفيضة ‪.‬و‬ ‫يشهد لذلك ما في المعاني بسند حسن عن عباس بن يزيد بن الحسن‬ ‫الكحاؿ عن ابيو عن موسى بن جعفر عن ابيو عن جده عن ابيو امير المؤمنين‬ ‫عليهم السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل (صلى اهلل عليو و الو ) مثلو الى اف قاؿ (‬ ‫ما خلقت خلقا احسن منك وال اشرؼ منك وال اعز منك‪ ،‬بك اوحد وبك‬ ‫اعبد وبك ادعى وبك التجى وبك ابتغى وبك اخاؼ وبك احذر وبك الثواب‬ ‫وبك العقاب‪ ) ،‬و ما عن سماعة بن مهراف عن ابي عبد اهلل‪ .‬عليو السبلـ‬ ‫قاؿ‪ :‬اف اوؿ ما خلق اهلل العقل فقاؿ لو ادبر فأدبر‪ ،‬ثم قاؿ لو اقبل فأقبل‪،‬‬ ‫فقاؿ اهلل‪ :‬خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي ‪ -‬الحديث‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬من المعلوـ اف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو افضل من االنبياء‬ ‫و المرسلين و الناس اجمع ين ببل ريب بل افضل الثقلين من االنس و الجن‬ ‫بدالئل كثيرة و افضل العقبلء ايضا و افضل من المبلئكة بالبياف الذي بيناه ‪.‬‬ ‫و يذكر انو افضل الخلق لكن ىذه االخبار المستفيضة المشيرة الى اف العقل‬ ‫افضل الخلق و اطوعهم و اشرفهم بل والناصة كذلك كما في قولو عليو‬ ‫السبلـ (وكرمتك على جميع خلقي ) تحتاج الى معارض قوي و ليس تحت‬ ‫يدي االف مع احتماؿ اف االفضلية ىنا بالنسبة لمواد الخبلئق و اف الخبلئق‬

‫‪94‬‬


‫منهج العرض‬

‫ىنا يراد بها العينيات والجسميات و المدركات بكسر الراء ‪ ،‬و ليس المواد‬ ‫كالنور و النار و الروح و العقل ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬الحديث مستفيض‬ ‫روي الخبر عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو و عن االئمة عليهم‬ ‫السبلـ بطرؽ مختلفة مستفيضة ‪.‬‬ ‫ٔ) عن ىشاـ قاؿ قاؿ أبو عبداهلل (عليو السلبلـ ) – الحديث و اللفظ‬ ‫لو ‪ ،‬و ٕ) عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن ابي جعفر عليو السبلـ ‪ .‬وٖ) عن‬ ‫أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد اهلل (عليو السبلـ) و ٗ) عن أبي أمامة قاؿ ) قاؿ‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ :‬و٘) عن أبي ىريرة ‪ :‬عن النبي صلى اهلل‬ ‫عليو و سلم قاؿ ‪ :‬و ‪ )ٙ‬عن عبد اهلل بن مسعود ‪ :‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو والو وسلم و ‪ )ٚ‬الفضل بن عبد اهلل النوفلي عن أبي عبد اهلل‬ ‫(عليو السبلـ) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل (صلى اهلل عليو وآلو و‪ )ٛ‬عن حماد بن‬ ‫عمرو وانس بن محمد جميعا عن الصادؽ عن ابيو عن جده عن امير المؤمنين‬ ‫عليهم السبلـ عن النبي (صلى اهلل عليو و الو ) انو قاؿ‪ :‬و ‪ )ٜ‬عن الحسن بن‬ ‫الجهم عن الرضا عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫ففي المحاسن ‪ :‬عنو عن علي بن الحكم عن ىشاـ قاؿ قاؿ أبو عبداهلل‬ ‫(عليو السبلـ ) متصل من الدرجة االولى ‪ ،‬وىشاـ ىو ابن سالم كما حققناه‬ ‫في احواؿ الرواة ‪ .‬وفي الكافي ‪ :‬حدثني عدة من أصحابنا منهم محمد بن‬ ‫يحيى العطار‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن العبلء بن‬ ‫رزين ‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن ابي جعفر عليو السبلـ ‪ .‬متصل و مثلو في‬ ‫المحاسن ‪ :‬احمد بن محمد مثلو متصل من الدرجة االولى ‪ .‬و في امالي‬ ‫‪95‬‬


‫منهج العرض‬

‫الصدوؽ لى‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‬ ‫‪.‬وىو متصل من الدرجة الثانية‬

‫‪ .‬و في المحاسن عن السندي بن محمد‬

‫عن العبلء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اهلل (عليو‬ ‫السبلـ ) متصل من الدرجة االولى و في الكافي متصل من الثانية عن‬ ‫بسهل بن زياد عن ابن أبي نجراف‪ ،‬عن العبلء مثلو ‪.‬‬

‫و في المحاسن‬

‫متصل من الثانية محمد بن علي‪ ،‬عن وىيب بن حفص‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن‬ ‫أبي عبد اهلل (عليو السبلـ) و عن عبد اهلل بن الفضل النوفلي‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن‬ ‫أبي عبد اهلل (عليو السبلـ) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل (صلى اهلل عليو وآلو)‪ :‬متصل‬ ‫من الثانية‬

‫‪ .‬و في الفقيو قاؿ‪ :‬حدثنا محمد بن علي الشاه بمرو الرود قاؿ‪:‬‬

‫حدثنا أبو حامد احمد بن محمد بن الحسين قاؿ‪ :‬حدثنا أبو زيد احمد بن‬ ‫محمد خالدي قاؿ‪ :‬حدثنا محمد بن احمد بن صالح التميمي قاؿ‪ :‬حدثنا ابي‬ ‫قاؿ‪ :‬حدثنا محمد بن حاتم القطاف عن حماد بن عمرو وانس بن محمد‬ ‫جميعا عن الصادؽ عن ابيو عن جده عن امير المؤمنين عليهم السبلـ عن‬ ‫النبي (صلى اهلل عليو و الو ) متصل من الثانية ‪ .‬و روى الصدوؽ في عيوف‬ ‫االخبار عن ابي عبد اهلل العاصمي عن علي بن الحسن عن علي بن اسباط‬ ‫عن الحسن بن الجهم عن الرضا عليو السبلـ قاؿ‪ :‬متصل من الثانية فابي‬ ‫عبد اهلل احمد بن محمد العاصمي و اف كاف الصدوؽ يروي عنو عادة بواسطة‬ ‫اال انو شيخ الكليني و الزراري وىما من طبقة الصدوؽ فهو معاصر و مدرؾ لو‬ ‫لكن لم يروي عنو مباشرة اال في مواطن قليلة ىذه منها ‪.‬‬ ‫و في الجامع االوسط و المعجم الكبير حدثنا محمد بن يحيى بن منده‬ ‫األصبهاني ثنا أبو ىاـ الوليد بن شجاع ثنا سعيد بن الفضل القرشي ثنا عمر بن‬ ‫أبي صالح العتكي عن أبي غالب عن أبي أمامة قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو و سلم ‪ ،‬و الخبر متصل من الثانية ‪ .‬و في شعب االيماف أخبرنا أبو‬ ‫‪96‬‬


‫منهج العرض‬

‫طاىر الفقيو أنا أبو طاىر المحمد أبادي نا أبو بكر أحمد بن النضر األزدي‬ ‫ببغداد نا محمد بن بكار نا حفص بن عمر عن الفضل بن عيسى الرقاشي عن‬ ‫أبي عثماف النهدي عن أبي ىريرة ‪ :‬عن النبي صلى اهلل عليو و سلم قاؿ‬ ‫‪ :‬وىو متصل من الثانية وفي ترغيب ابن شاىين حدثنا يحيى بن محمد بن‬ ‫صاعد ‪ ،‬ثنا الحسن بن عرفة ‪ ،‬حدثني سيف بن محمد ابن أخت سفياف ‪ ،‬عن‬ ‫سفياف الثوري ‪ ،‬عن الفضل عن أبي عثماف ‪ ،‬عن أبي ىريرة ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ :‬مثلو و ىو متصل من الثانية و في جامع االصوؿ‬ ‫‪ :‬عبد اهلل بن مسعود ‪ -‬رضي اهلل عنو ‪ : -‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم‪ : -‬وىو منقطع من الثالثة ‪.‬‬ ‫فالخبلصة ‪ :‬الخبر متعدد الطرؽ كثير مستفيض من الدرجة االولى ‪.‬‬

‫فصل (ٕ) حديث (ما قسم اهلل للعباد شيئا أفضل من العقل فنوـ العاقل‬ ‫أفضل من سهر الجاىل‪)...‬‬ ‫المتن ‪ :‬ما قسم اهلل للعباد شيئا أفضل من العقل فنوـ العاقل أفضل من‬ ‫سهر الجاىل و إفطار العاقل أفضل من صوـ الجاىل و إقامة العاقل أفضل‬ ‫من شخوص الجاىل ‪ ،‬وال بعث اهلل رسوال و ال نبيا حتى يستكمل العقل و‬ ‫يكوف عقلو أفضل من عقوؿ جميع أمتو ‪ ،‬و ما يضمر النبي في نفسو أفضل‬ ‫من اجتهاد جميع المجتهدين ‪ ،‬و ما أدى العاقل فرائض اهلل حتى عقل منو ‪ ،‬و‬ ‫ال بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل إف العقبلء ىم أولو‬ ‫األلباب الذين قاؿ اهلل عز و جل إِنَّما يَػتَ َذ َّكر أُولُوا ْاألَل ِ‬ ‫ْباب ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪97‬‬


‫منهج العرض‬

‫حكم الخبر ‪ :‬حديث معتمد نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض ‪ :‬الخبرنقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫ىذا لفظ المحاسن و في الكافي ( مثلو ‪ ....‬من سهر الجاىل‪ ،‬وإقامة‬ ‫العاقل أفضل من شخوص الجاىل ‪.....‬وما أدى العبد فرائض اهلل حتى عقل‬ ‫عنو‪ )....‬فليس فيو ( و إفطار العاقل أفضل من صوـ الجاىل ) و االصل و‬ ‫اف كاف عدـ الزيادة اال اف النجاشي قاؿ إنو قد زيد في المحاسن ونقص‪،‬‬ ‫فلربما تكوف ىذه من تلك الزيادات ‪ ،‬كما اف في الكافي ( العبد ) مكاف (‬ ‫العاقل ) و ما في المحاسن ىو المناسب للسياؽ ‪ .‬ىذا و في الوسائل بعد اف‬ ‫ذكر نص الكافي قاؿ ورواه البرقي في المحاسن مرسبل مثلو‪ ).‬و فيو ما عرفت‬ ‫ولقد ذكر المجلسي رواية المحاسن كما ىو في المتن فيرتفع احتماؿ خطأ‬ ‫النسخة التي وصلتنا ‪.‬‬ ‫و في تحف العقوؿ ‪ :‬يا ىشاـ ما قسم بين العباد أفضل من العقل‪ .‬نوـ‬ ‫العاقل أفضل من سهر الجاىل وما بعث اهلل نبيا إال عاقبل حتى يكوف عقلو‬ ‫أفضل من جميع جهد المجتهدين‪ .‬وما أدى العبد فريضة من فرائض اهلل حتى‬ ‫عقل عنو ‪.‬‬ ‫ىذا و اف الرواية عرفت العقبلء الذين لهم تلك الميزات بانهم اولي‬ ‫االلباب ‪ ،‬و لذا ال بد من استكشاؼ الصفات الثابتة الولي االلباب و ما‬ ‫يبلزمها للنظر ىل توافقها الميزات و التمييزات التي وردت في الرواية اـ ال ‪.‬‬ ‫‪98‬‬


‫منهج العرض‬

‫و اوال ال بد من تذكر اف القراف الكريم قد حصر امورا باولي االلباب وجعلها‬ ‫من مختصاتهم وىي كالتالي ‪:‬‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫الهداية عن طريق التفكر و التدبر بشكل مطلق ‪ ،‬قاؿ تعالى‬

‫ت ال ِ‬ ‫(يػ ْؤتِي ال ِ‬ ‫ْح ْك َمةَ فَػ َق ْد أُوتِ َي َخ ْيػ ًرا َكثِ ًيرا َوَما يَ َّذ َّك ُر إَِّال‬ ‫ْح ْك َمةَ َم ْن يَ َ‬ ‫شاءُ َوَم ْن يػُ ْؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب)‬

‫الهداية الى االعتقاد و العمل بابات الكتاب عن طريق التفكر‬ ‫ٕ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ك ُمبَ َار ٌؾ لِيَ َّدبَّػ ُروا آَيَاتِ​ِو َولِيَتَ َذ َّك َر أُولُو‬ ‫اب أَنْػ َزلْنَاهُ إِلَْي َ‬ ‫و التدبر فيو قاؿ تعالى (كتَ ٌ‬ ‫اب ) و قاؿ تعالى (الَّ ِذين يستَ ِمعو َف الْ َقو َؿ فَػيتَّبِعو َف أَحسنَوُ أُولَئِ َ َّ ِ‬ ‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫ين‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ك الذ َ‬ ‫ْ َ ُ َْ‬ ‫ك ُى ْم أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫غ لِلن ِ‬ ‫َّاس َولِيُػ ْن َذ ُروا‬ ‫(ى َذا بَ​َبل ٌ‬ ‫اى ُم اللَّوُ َوأُولَئِ َ‬ ‫اب ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫َى َد ُ‬ ‫بِ ِو ولِيػعلَموا أَنَّما ىو إِلَوٌ و ِ‬ ‫اح ٌد َولِيَ َّذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) ‪.‬‬ ‫َ َ ْ ُ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫الهداية عن طريق التدبر و التفكر بالظواىر الكونية قاؿ‬ ‫ٖ‪-‬‬ ‫ض وا ْختِ َبل ِ‬ ‫ؼ اللَّْي ِل والنػَّها ِر َآلَي ٍ‬ ‫تعالى (إِ َّف فِي َخل ِْق َّ ِ‬ ‫ات ِألُولِي‬ ‫َ َ َ‬ ‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر ِ َ‬ ‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬

‫الهداية عن طريق التدبر و التفكر فيما انزؿ اهلل تعالى و‬ ‫ٗ‪-‬‬ ‫ْح ُّق َك َم ْن‬ ‫ك ِم ْن َربّْ َ‬ ‫العلم بانو الحق قاؿ تعالى (أَفَ َم ْن يَػ ْعلَ ُم أَنَّ َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي َ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ُى َو أَ ْع َمى إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬ ‫ُ‬ ‫٘‪-‬‬

‫الهداية الى اليقين باالخرة و االجتهاد في العمل لها بالتدبر‬

‫و التفكر بايات اهلل التي تدؿ العقل على االيماف و العلم قاؿ تعالى (أ َْـ َم ْن‬ ‫اج ًدا وقَائِما يح َذر ْاآل ِ‬ ‫ت َآنَاء اللَّْي ِل س ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َرَة َويَػ ْر ُجو َر ْح َم َة َربِّْو قُ ْل َى ْل‬ ‫َ‬ ‫َ ً َْ ُ‬ ‫ُى َو قَان ٌ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َال يَػ ْعلَ ُمو َف إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬ ‫ين يَػ ْعلَ ُمو َف َوالذ َ‬ ‫يَ ْستَ ِوي الذ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪99‬‬


‫منهج العرض‬

‫اذف ظاىر االيات اف اللب ىو ما يهدي االنساف عن طريق التفكر بايات‬ ‫اهلل المختلفة الى العلم و االيماف و العمل و االجتهاد فيو ‪ ،‬و ىناؾ ايات‬ ‫تصرح بهذا االمر و تعرؼ اولي االلباب انهم المؤمنوف المقروف حقا و الذين‬

‫يبذلوف جهدىم في االمتثاؿ و طلب رضا اهلل تعالى ‪ ،‬قاؿ تعالى (إِ َّف فِي َخل ِْق‬ ‫ض وا ْختِ َبل ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ؼ اللَّْي ِل والنػَّها ِر َآلَي ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ات ِألُولِي ْاألَلْبَ ِ‬ ‫ين‬ ‫َ َ َ‬ ‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر ِ َ‬ ‫اب (*) الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫يَ ْذ ُك ُرو َف اللَّوَ ِقيَ ًاما َوقُػعُ ً‬ ‫ودا َو َعلَى ُجنُوب ِه ْم َويَػتَػ َف َّك ُرو َف في َخل ِْق َّ َ َ‬ ‫ت ى َذا ب ِ‬ ‫اط ًبل سبحانَ َ ِ‬ ‫َو ْاأل َْر ِ‬ ‫اب النَّا ِر ) و قاؿ تعالى (‬ ‫ك فَقنَا َع َذ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ض َربػَّنَا َما َخلَ ْق َ َ َ‬ ‫ْح ُّق َك َم ْن ُى َو أَ ْع َمى إِنَّ َما يَػتَ َذ َّك ُر أُولُو‬ ‫ك ِم ْن َربّْ َ‬ ‫أَفَ َم ْن يَػ ْعلَ ُم أَنَّ َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي َ‬ ‫ك ال َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ضو َف ال ِْميثَا َؽ(*) والَّ ِذين ي ِ‬ ‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫صلُو َف َما‬ ‫ين يُوفُو َف بِ َع ْه ِد اللَّ ِو َوَال يَػ ْنػ ُق ُ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫اب (*) الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ش ْو َف‬ ‫وص َل َويَ ْخ َ‬ ‫أ َ​َم َر اللَّوُ بِو أَ ْف يُ َ‬ ‫ِ‬ ‫اء َو ْج ِو َربّْ ِه ْم َوأَقَ ُاموا‬ ‫َ‬ ‫صبَػ ُروا ابْتغَ َ‬

‫وء‬ ‫َربػَّ ُه ْم َويَ َخافُو َف ُس َ‬ ‫الص َبل َة َوأَنْػ َف ُقوا ِم َّما‬ ‫َّ‬

‫ك لَ ُه ْم ُع ْقبَى َّ‬ ‫الدا ِر )‬ ‫سنَ ِة َّ‬ ‫السيّْئَةَ أُولَئِ َ‬ ‫َويَ ْد َرءُو َف بِال َ‬ ‫ْح َ‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْحس ِ‬ ‫ين‬ ‫اب (*) َوالذ َ‬ ‫ال َ‬ ‫اى ْم ِس ِّرا َو َع َبلنِيَ ًة‬ ‫َرَزقػْنَ ُ‬

‫َّ ِ‬ ‫وىا َوأَنَابُوا‬ ‫اجتَػنَبُوا الطَّاغُ َ‬ ‫وت أَ ْف يَػ ْعبُ ُد َ‬ ‫ين ْ‬ ‫ىذا و لقد قاؿ تعالى ( َوالذ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫إِلَى اللَّ ِو لَهم الْب ْشرى فَػب ّْ ِ ِ‬ ‫سنَوُ‬ ‫ين يَ ْستَ ِمعُو َف الْ َق ْو َؿ فَػيَتَّبِعُو َف أ ْ‬ ‫ُ​ُ ُ َ َ‬ ‫ش ْر عبَاد (*) الذ َ‬ ‫َح َ‬ ‫أُولَئِ َ َّ ِ‬ ‫ك ُى ْم أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) و قاؿ تعالى ( فَاتَّػ ُقوا اللَّ َو‬ ‫اى ُم اللَّوُ َوأُولَئِ َ‬ ‫ين َى َد ُ‬ ‫ك الذ َ‬ ‫يا أُولِي ْاألَلْب ِ َّ ِ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا ) وااليتاف تشيراف الى اف اولي االلباب ىم من‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اب الذ َ‬

‫امنوا و اتبعوا ايات القراف ‪ ،‬وىي في كل مؤمن بل كل مسلم ‪ ،‬لكن الواجب‬

‫عند كل من يعقل اللغة حمل ىذه المطلقات و تقييدىا بما تقدـ فيكوف المراد‬ ‫‪100‬‬


‫منهج العرض‬

‫المؤمن حقا الذي اخذ االيماف بجميع تبلبيبو فصار منقطعا الى اهلل تعالى‬ ‫موقنا عارفا مجتهدا كل االجتهاد الجل مراضيو‪.‬‬ ‫وىذا االنساف الم ؤمن حق االيماف المنيب الى اهلل تعالى و الموقن كل‬ ‫اليقين بما جاء في كتابو و على لساف نبيو صلى اهلل عليو و الو العارؼ‬ ‫باوليائو ‪ ،‬ىذا االنساف ىو العاقل الذي يكوف وجوده كلو هلل و في اهلل ‪ ،‬و‬ ‫يكوف كل فعل منو ىو افضل من أي فعل من غيره واف كاف االخر مقرا‬ ‫بالتوحي د و النبوة ‪ ،‬فالعقل في الرواية ليس مطلق االقرار و التسمي باسم‬ ‫االسبلـ و االيماف ‪ ،‬بل ىو ايماف راسخ و يقين تاـ يأخذ بكل وجود المؤمن‬ ‫العارؼ بربو و المجتهد في مراضيو و الخائف من عذابو ‪.‬اذف فالحصر الذي‬ ‫في الرواية و بياف الفارؽ الذي يعدـ المقارنة في الجهات التي بينتها الرواية‬ ‫مصدقة بالقراف ‪ ،‬و ذكر الرواية للنبي صلى اهلل غليو و الو و بياف منزلتو‬ ‫مناسب للمقاـ النو المثاؿ و الكماؿ الذي ىو على معرفة و علم ال يبلغو اي‬ ‫عاقل و الرواية تدؿ على انو ال يمكن الي انساف اف يصل الى معرفة رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو و الو وعلمو الى يوـ القيامة اذ قاؿ عليو السبلـ (يكوف‬ ‫عقلو أفضل من عقوؿ جميع أمتو ) بما فيهم االماـ الوصي عليو السبلـ و‬ ‫يدؿ عليو صحيحة زرارة قاؿ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬لوال أنا‬ ‫نزداد النفدنا‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬تزدادوف شيئا ال يعلمو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫وآلو‪ ،‬قاؿ أما إنو إذا كاف ذلك عرض على رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو‪ ،‬ثم‬ ‫على االئمة‪ ،‬ثم انتهى االمر إلينا‪.‬‬

‫‪101‬‬


‫منهج العرض‬

‫و في الحقيقة الرواية و اف نسبت االجتهاد في العمل للعابد غير العارؼ ‪،‬‬ ‫اال اف ذلك لبياف الفضل و ليس لبياف اف العاقل العارؼ ال داعي اف يفعل‬ ‫ذلك ‪ ،‬او انو ليس من شأنو ذلك ‪ ،‬و عبارة (و ال بلغ جميع العابدين في‬ ‫فضل عبادتهم ما بلغ العاقل ) أي في عبادتو و ليس مطلق احوالو كما انها‬ ‫انما تكوف و تصح بذلك الشرط أي العابد الذي لم يعرؼ اهلل حق معرفتو و‬ ‫ال رسخ االيماف في نفسو و ال ايقن وعود اهلل تعالى و وعيده ‪.‬‬ ‫فالعاقل في الرواية ىو المؤمن العارؼ الموقن و يقابلو الجاىل العابد وىو‬ ‫المقر المتسمي الذي يعمل و يتعبد من دوف معرفة و ال يقين و ال ايماف‬ ‫راسخ ‪ ،‬و بذلك فالرواية كما االيات تدؿ على امرين االوؿ اعتبار سبلمة‬ ‫المعرفة و العقيدة و خلوص النية في العمل و ثانيا الحث على بلوغ اعلى‬ ‫درجات المعرفة اهلل و اوليائو و االيماف باياتو و اليقين بوعوده ‪ .‬وال ريب اف‬ ‫الرواية بذلك نقية مصدقة ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬قولو عليو السبلـ (و ما يضمر النبي في نفسو أفضل من اجتهاد‬ ‫جميع المجتهدين ) وىذا معنى دقيق و بالمعرفة خليق ‪ ،‬فانو يشير الى اف‬ ‫تفكر و نية رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو افضل من عمل كل عامل ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬قولو عليو السبلـ ( و ما أدى العاقل فرائض اهلل حتى عقل منو )‬

‫و قيل المعنى ( حتى ِ‬ ‫يعقل) تماشيا مع السياؽ ‪ ،‬اال انو اوال ال يناسب كونو (‬

‫عاقل ) و لو صح على لفظ ( العبد ) في لفظ الكليني فانو ال يناسبو كلمة (‬

‫منو ) فبل يستقيم و القريب بل من الظاىر ‪ -‬و على اللفظين‪ -‬اف ( عُ ِقل)‬ ‫‪102‬‬


‫منهج العرض‬

‫مبني للمجهوؿ ‪ ،‬و ( حتى ) معنى اال ‪ ،‬و معناه انو ما ادى عاقل عبادة اال‬ ‫قبلت منو ‪ ،‬وىو قانوف باف كل عبادات المؤمن العارؼ الموقن مقبولة اف شاء‬ ‫اهلل وىذا مصدؽ ‪.‬‬

‫الجهة الثاني ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬الحديث منفرد‬ ‫روي الخبر عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو و عن امير المؤمنين عليو‬ ‫السبلـ و عن االماـ موسى ابن جعفر‬ ‫المحاسن عن بعض أصحابنا رفعو قاؿ قاؿ رسوؿ اهلل (ص) و في الكافي‬ ‫عدة من أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن خالد ‪ .‬و الخبر مرفوع و بطريق‬ ‫واحد اذ اف الكافي يروي عن احمد البرقي ‪.‬و روي عن ىشاـ بن الحكم‬ ‫في وصية االماـ موسى الكاظم عليو السبلـ لو‬

‫في تحف العقوؿ بسند‬

‫منقطع ايضا ‪.‬‬

‫فصل (ٖ) حديث ( من غلب عقلو شهوتو فهو خير من المبلئكة‪ ،‬ومن‬ ‫غلبت شهوتو عقلو فهو شر من البهائم )‬

‫المتن ‪ :‬قاؿ أمير المؤمنين " عليو السبلـ "‪ :‬إف اهلل عز وجل ركب في‬ ‫المبلئكة عقبل ببل شهوة‪ ،‬و ركب في البهائم شهوة ببل عقل‪ ،‬و ركب في بني‬ ‫‪103‬‬


‫منهج العرض‬

‫آدـ كلتيهما‪ ،‬فمن غلب عقلو شهوتو فهو خير من المبلئكة‪ ،‬ومن غلب شهوتو‬ ‫عقلو فهو شر من البهائم ‪.‬‬

‫حكم الخير ‪ :‬حديث نقي مصدؽ ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض ‪ :‬الحديث نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫في العلل ‪( :‬إف اهلل عز وجل ركب في المبلئكة عقبل ببل شهوة‪ ،‬و ركب‬ ‫في البهائهم شهوة ببل عقل‪ ،‬و ركب في بني آدـ كلتيهما‪ ،‬فمن غلب عقلو‬ ‫شهوتو فهو خير من المبلئكة‪ ،‬ومن غلب شهوتو عقلو فهو شر من البهائم)‬ ‫و المتن نقي مصدؽ و الشهوة ىنا عامة ‪ ،‬يصدؽ المعنى االوؿ اي اذا غلب‬

‫عقل االنساف شهوتو كاف خيرا من المبلئكة قولو تعالى ( َوال َْم َبلئِ َكةُ يَ ْد ُخلُو َف‬ ‫َعلَْي ِه ْم ِم ْن ُك ّْل بَ ٍ‬ ‫صبَػ ْرتُ ْم فَنِ ْع َم عُ ْقبَى َّ‬ ‫الدا ِر ) وقولو‬ ‫اب (*) َس َبل ٌـ َعلَْي ُك ْم بِ َما َ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ُى ْم َخ ْيػ ُر الْبَ ِريَِّة ) و يصدؽ‬ ‫ات أُولَئِ َ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا َو َعملُوا َّ َ‬ ‫تعالى (إ َّف الذ َ‬

‫المعنى الثاني اي انو اذا غلبت شهوة االنساف عقلو فهو شر من البهائم قولو‬ ‫َّ ِ‬ ‫تعالى (إِ َّف َش َّر َّ‬ ‫ين َال يَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ تعالى‬ ‫اب ِع ْن َد اللَّ ِو ُّ‬ ‫الد َو ّْ‬ ‫الص ُّم الْبُ ْك ُم الذ َ‬ ‫ب أ َّ‬ ‫َض ُّل‬ ‫َف أَ ْكثَػ َرُى ْم يَ ْس َمعُو َف أ َْو يَػ ْع ِقلُو َف إِ ْف ُى ْم إَِّال َك ْاألَنْػ َع ِاـ بَ ْل ُى ْم أ َ‬ ‫س ُ‬ ‫(أ َْـ تَ ْح َ‬ ‫َسبِ ًيبل ) ‪.‬‬

‫‪104‬‬


‫منهج العرض‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬الحديث منفرد الطريق ‪.‬‬ ‫فقدي روي عن االماـ الصادؽ عليو السبلـ عن امير المؤمنين عليو السبلـ‬ ‫‪.‬‬ ‫رواه‬

‫عب د اهلل بن سناف‪ ،‬قاؿ‪ :‬سألت أبا عبد اهلل جعفر بن محمد‬

‫الصادؽ عليو السبلـ فقلت‪ :‬المبلئكة أفضل أـ بنوا آدـ ؟ فقاؿ‪ :‬قاؿ أمير‬ ‫المؤمنين علي بن أبي طالب عليو السبلـ ‪)....‬‬ ‫في العلل أبى رحمو اهلل قاؿ‪ :‬حدثنا سعد بن عبداهلل عن احمد بن محمد‬ ‫بن عيسى عن على ابن الحكم عن عبداهلل بن سناف قاؿ‪ :‬سألت أبا عبداهلل‬ ‫جعفر بن محمد الصادؽ عليهما السبلـ فقلت المبلئكة أفضل أـ بنو آدـ؟‬ ‫فقاؿ‪ :‬قاؿ أمير المؤمنين على ابن أبى طالب " عليو السبلـ ‪)...‬‬

‫وروينا عن كعب أنّو قاؿ‬ ‫مبلحظة (ٔ) ‪ :‬قاؿ المقدسي في البدء و التاريخ ُ‬

‫ركب اهلل في المبلئكة العقل ببل شهوة وفي البهائم الشهوة ببل عقل وفي ابن‬ ‫آدـ كليهما فمن غلب عقلُو شهوتَو فهو خير من المبلئكة ومن غلب شهوتُو‬ ‫شر من البهائم ‪ ).‬اقوؿ مطهر بن طاىر المقدسي مجهوؿ و الرواية‬ ‫عقلَو فهو ّ​ّ‬ ‫منقطعة كما اف في نسبة الكتاب اليو اختبلؼ ‪.‬‬ ‫مبلحظة (ٕ) ‪ :‬قاؿ في مركز الفتوى للشبكة االسبلمية ‪ (( :‬لم نجد ػ‬ ‫بعد البحث ػ في المصادر المتوفرة لدينا من نسب ىذه المقولة لعلي ػ رضي‬ ‫‪105‬‬


‫منهج العرض‬

‫اهلل عنو ػ إال بعض المعاصرين‪ ،‬فقد نسبها لو دوف ذكر أي مصدر‪ ،‬وقد وجدنا‬ ‫بعض أىل العلم عزوىا إلى كعب‪ ،‬كما نقل ذلك المطهر بن طاىر المقدسي‬ ‫في كتابو البدء والتاريخ‪ ..... ،‬وعزاىا شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ػ رحمو اهلل ػ في‬ ‫مجموع الفتاوى إلى أبي بكر عبد العزيز ػ وىو المعروؼ بغبلـ الخبلؿ ػ مع‬ ‫اختبلؼ يسير في بعض ألفاظو‪ ،‬كما سيأتي‪ ،‬ونقل ىذه المقولة الماوردي في‬ ‫أدب الدنيا والدين‪ ،‬والثعالبي في التمثيل والمحاضرة‪ ،‬ولكنهما أبهما قائلها‪.‬‬ ‫‪ )....‬اقوؿ عرفت ما فيو و ربما ابهاـ الماوردي و الثعالبي النهما اخذاىا من‬ ‫كتب الشيعة فانها لم ترو في كتب العامة عن امير المؤمنين عليهم السبلـ ‪،‬‬ ‫اذ لو كانا اخذاىا من كتاب البدء و التاريخ و ىو من كتبهم فمن المعهود ذكر‬ ‫الرواية و التنبيو على االنقطاع ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض ‪ :‬الخبر متشابو‬ ‫الخبر في ظاىره االبتدائي اشكاؿ بل يمكن القوؿ اف المعنى فيو اجماؿ‬ ‫لذلك كانت محاوالت لتوجيو الخبر ‪:‬‬ ‫أحدىا ‪ :‬اف يراد انو ينبغي اف يكتفى بجمالهن وال يراد منهن العقوؿ‬ ‫لندرتها ‪ .‬اقوؿ وىذا مخالف للثوابت و ال يصح تبنيو ‪ .‬وثانيهما ‪ :‬اف يراد اف‬ ‫عقلهن الزـ لجمالهن غالبا فالتي ىي أجمل أعقل من غيرىا ‪ .‬اقوؿ وىذا باطل‬ ‫ال يثبت ‪ .‬وثالثها ‪ :‬اف يكوف المراد اف عقولهن مصروفة في جمالهن اى اف‬ ‫ىمتهن في التجمل ‪ .‬وىو خبلؼ الظاىر ‪ .‬رابعها‪ :‬اف يراد عقوؿ النساء‬ ‫‪106‬‬


‫منهج العرض‬

‫مخفية في جمالهن الف جمالهن ظاىر للناس منظور للعقبلء ‪ ،‬وعقولهن‬ ‫لضعفها وندورىا ‪ .‬ىذا خبلؼ الثابت فبل يتم ‪ .‬خامسها‪ :‬اف يراد عقوؿ النساء‬ ‫كائنة في جمالهن بمعنى اف ذات الجماؿ منهن تميل النفوس إليها وتقبل‬ ‫القلوب عليها وترضى الناس عقلها وإف كاف ضعيفا ‪ .‬وىو ال يختلف عن‬ ‫االوؿ ‪ .‬سادسها‪ :‬أف يكوف استفهاما إنكاريا في الفقرتين كأنو قاؿ أتظنوف اف‬ ‫عقوؿ النساء في جمالهن ‪ .‬و فيو انو خبلؼ الظاىر و سابعها ‪:‬‬

‫اف‬

‫المرأة مكلفة ‪ ،‬أو تستطيع إظهار عقلها وفكرىا اإلنساني في ظرافة العاطفة‬ ‫وجماؿ الكبلـ والسلوؾ وكيفية المحاورة ‪ ،‬المناظرة وكيفية التعامل والحكاية‬ ‫وأمثاؿ ذلك ‪ ،‬كما اف الرجل مكلف ويمكنو إظهار فنو في فكره اإلنساني‬ ‫وتفكيره العقبلني ‪ .‬و فيو اضافة الى انو خبلؼ الظاىر فانو ال يستقيم في‬ ‫نفسو فاف الحكمة و التعقل ال يتميز و يختلف بين الجنسين بهكذا امور مع‬ ‫حفظ الخصوصيات لكل منهما ‪.‬‬ ‫و مع اف التعامل مع الخبر المتشابو ىو االيماف بو و ال يجب تأويلو اذ اف‬ ‫االيماف بو و الرد الى اىلو ىوالواجب ‪ ،‬لكن ال بأس بالتأويل التبرعي و بما‬ ‫يحمل الخبر على القواعد و الثوابت اال اف ذلك ال يخرجو من االجماؿ ‪.‬و‬ ‫في الحقيقة انا لو عرضنا الخبر على القراف فانا يمكن اف نجد مقارب‬ ‫ِ‬ ‫موضوعي لو وىو قولو تعالى ( قُل لِل ِ ِ‬ ‫صا ِرِى ْم َويَ ْح َفظُوا‬ ‫ين يَػغُضُّوا م ْن أَبْ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْم ْؤمن َ‬ ‫صنَػعو َف (*) وقُل لِلْم ْؤِمنَ ِ‬ ‫ات‬ ‫وج ُه ْم ذَلِ َ‬ ‫ك أَ ْزَكى لَ ُه ْم إِ َّف اللَّوَ َخبِ ٌير بِ َما يَ ْ ُ‬ ‫فُػ ُر َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ضن ِمن أَب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِزينَتَػ ُه َّن إَِّال َما ظَ َه َر ِم ْنػ َها‬ ‫يَػغْ ُ‬ ‫ض َْ ْ ْ َ‬ ‫ْن فُػ ُر َ‬ ‫وج ُه َّن َوَال يػُْبد َ‬ ‫صا ِرى َّن َويَ ْح َفظ َ‬ ‫ولْي ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِزينَتَػ ُه َّن إَِّال لِبُػعُولَتِ ِه َّن أ َْو آَبَائِ ِه َّن أ َْو‬ ‫َ​َ‬ ‫ض ِربْ َن ب ُخ ُم ِرى َّن َعلَى ُجيُوب ِه َّن َوَال يُػ ْبد َ‬ ‫‪107‬‬


‫منهج العرض‬

‫آَبَ ِاء بػُعُولَتِ ِه َّن أ َْو أَبْػنَائِ ِه َّن أ َْو أَبْػنَ ِاء بػُعُولَتِ ِه َّن أ َْو إِ ْخ َوانِ ِه َّن أ َْو بَنِي إِ ْخ َوانِ ِه َّن أ َْو بَنِي‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ ِ‬ ‫ين غَْي ِر أُولِي ِْ‬ ‫اإل ْربَِة ِم َن‬ ‫سائِ ِه َّن أ َْو َما َملَ َك ْ‬ ‫ت أَيْ َمانػُ ُه َّن أَ ِو التَّابع َ‬ ‫َخ َوات ِه َّن أ َْو ن َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّْ ِ‬ ‫ض ِربْ َن بِأ َْر ُجلِ ِه َّن‬ ‫ّْس ِاء َوَال يَ ْ‬ ‫الر َجاؿ أَ ِو الطّْْف ِل الذ َ‬ ‫ين لَ ْم يَظ َْه ُروا َعلَى َع ْوَرات الن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِم ْن ِزينَتِ ِه َّن َوتُوبُوا إِلَى اللَّ ِو َج ِم ًيعا أَيػُّ َها ال ُْم ْؤِمنُو َف لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫ليُػ ْعلَ َم َما يُ ْخف َ‬ ‫تُػ ْف ِل ُحو َف) و وجو التقارب اف الحسن المطلوب و الحكمة المطلوبة ىي في‬

‫العفة و الوصايا المذكورة في االيات فيكوف معنى الروايات اف عقل المرأة‬

‫المقصود و المطلوب ىو في جمالها الشرعي و االخبلقي وىذا ضمن‬ ‫قاعدةعامة حسنة ايضا وىي اف عقل االنساف و حكمتو تظهر في تقواه و‬ ‫اخبلقو و عفتو ‪ ،‬فيكوف المعنى اف عقل المرأة يتجلى في تقواىا و عفتها‬ ‫بخصوص انوثتها و ما لها من خصوصية باف تحفظها و التي تمثلها ايات‬ ‫الحجاب و الخمار ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬الخبر منفرد‬ ‫الصدوؽ في معاني االخبار ‪ :‬حدثنا محمد بن عمر بن محمد بن سالم‬ ‫بن البراء الجعابي الحافظ البغدادي‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني أحمد بن عبيد اهلل الثقفي‬ ‫أبو العباس قاؿ‪ :‬حدثنا عيسى بن محمد الكاتب‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني المدائني‪ ،‬عن‬ ‫غياث بن إبراىيم‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن جده عليهم السبلـ‬ ‫قاؿ‪ :‬قاؿ علي بن أبي طالب صلوات اهلل عليو الخبر ‪ .‬و الصدوؽ في اماليو‬ ‫‪ :‬حدثنا محمد بن عمر بن محمد بن سلمة بن البراء‪-‬مثلو ‪.‬‬

‫‪108‬‬


‫منهج العرض‬

‫الجعابي ىو الحافظ و سلمة في المعاني تصحيف و المدائني ىو‬ ‫علي بن محمد بقرينة رواية الطبري في تاريخو (علي بن محمد أخبرنا غياث بن‬ ‫إبراىيم عن ابن إسحاؽ ) و اما غياث بن ابراىيم فهو المذكور في كتب‬ ‫العامة وىو غير االمامي الذي يروي كتبو محمد بن يحيى بقرينة من يروي‬ ‫عنو‬

‫فصل (ٗ) حديث (ما خلق اهلل عز وجل شيئا أبغض اليو من االحمق‪،‬‬ ‫ألنو سلبو أحب االشياء اليو و ىو العقل‪) .‬‬

‫عن أبى عبداهلل الصادؽ " عليو السبلـ " انو قاؿ‪ :‬ما خلق اهلل عز وجل‬ ‫شيئا أبغض اليو من االحمق‪ ،‬ألنو سلبو أحب االشياء اليو و ىو العقل‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬خبر متشابو ال يفيد علما و ال عمبل يرد علمو الى اىلو ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫العلل ‪ ...‬عن أبى عبداهلل " عليو السبلـ " قاؿ‪ :‬ما خلق اهلل عز وجل شيئا‬ ‫أبغض اليو من االحمق‪ ،‬ألنو سلبو أحب االشياء اليو و ىو العقل‪.‬‬

‫‪109‬‬


‫منهج العرض‬

‫االحمق ىو قَلِيل الع ْق ِل فَ ِ‬ ‫اس ُد ا َّلرأْ ِي ‪ ،‬يَأْتِي بِأ ْعم ٍ‬ ‫اؿ الَ َم ْعنَى لَ َها ‪ ،‬و في‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫المثل ( أحمق من نعامة ‪ :‬قيل ذلك ألنها تحتضن بيض غيرىا ‪ ،‬وتُضيّْع‬ ‫بيضها ) ‪ .‬و العقل من ع َقل بفتح القاؼ أي ادرؾ و ميّز ‪ ،‬و العقل يستعمل‬

‫في اربع معاف ترجع الى التمييز فهو ما يتم ادراؾ االشياء بو و ما يتم التفكير‬

‫و االستنتاج بو و ما يتم تمييز الحسن من القبيح و الخير من الشر و رابعا‬ ‫ىو ما يكوف بو االختيار ما يقابل الغريزة و عدـ االختيار ‪ .‬و العقل عند الناس‬ ‫يختلف قوة و ضعف وىذا ظاىر ‪ ،‬و يظهر ذلك جليا في المعنى الثاني أي‬ ‫التفكير و االستنتاج و الثالث أي تمييز الخير من الشر ‪.‬‬ ‫من الواضح اف محبوبية اهلل تعالى لبلنساف يكفي فيها اف يكوف ممن‬ ‫ِ‬ ‫صالِ ًحا ِم ْن ذَ َك ٍر أ َْو أُنْػثَى َو ُى َو ُم ْؤِم ٌن‬ ‫(م ْن َعم َل َ‬ ‫آمن و عمل صالحا قاؿ تعالى َ‬ ‫س ِن َما َكانُوا يَػ ْع َملُو َف ) و قاؿ تعالى‬ ‫َج َرُى ْم بِأ ْ‬ ‫َّه ْم أ ْ‬ ‫فَػلَنُ ْحيِيَػنَّوُ َحيَاةً طَيّْبَةً َولَنَ ْج ِزيَػنػ ُ‬ ‫َح َ‬ ‫ِ‬ ‫(فَأ ََّما من تَاب وآَمن و َع ِمل ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين ) و قاؿ‬ ‫َْ َ َ َ​َ َ َ َ‬ ‫صال ًحا فَػ َع َسى أَ ْف يَ ُكو َف م َن ال ُْم ْفلح َ‬ ‫ِ‬ ‫ْجنَّ َة‬ ‫صالِ ًحا ِم ْن ذَ َك ٍر أ َْو أُنْػثَى َو ُى َو ُم ْؤِم ٌن فَأُولَئِ َ‬ ‫(وَم ْن َعم َل َ‬ ‫ك يَ ْد ُخلُو َف ال َ‬ ‫تعالى َ‬ ‫وال يػ ْتػلُو َعلَْي ُكم آَي ِ‬ ‫يػُ ْرَزقُو َف فِ َيها بِغَْي ِر ِحس ٍ‬ ‫ات اللَّ ِو‬ ‫ْ َ‬ ‫(ر ُس ً َ‬ ‫اب ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫َ‬ ‫ات لِي ْخر َّ ِ‬ ‫ات ِمن الظُّلُم ِ‬ ‫الصالِح ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ات إِلَى النُّوِر َوَم ْن‬ ‫ين آ َ​َمنُوا َو َعملُوا َّ َ‬ ‫ُمبَػيّْػنَ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِج الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يػ ْؤِمن بِاللَّ ِو ويػعمل ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ين فِ َيها‬ ‫َ​َْ َ ْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫صال ًحا يُ ْدخلْوُ َجنَّات تَ ْج ِري م ْن تَ ْحت َها ْاألَنْػ َه ُ‬ ‫ار َخالد َ‬ ‫َح َس َن اللَّوُ لَوُ ِرْزقًا ) فهذه االيات و غيره ال تترؾ مجاال للشك في اف‬ ‫أَبَ ًدا قَ ْد أ ْ‬ ‫المائز و الصفة التي تميز االحسن و االفضل بين الناس عند اهلل تعالى ىو‬

‫االيماف و العمل الصالح ‪ ،‬فمن يؤمن و يعمل صالحا فهو في مراتب الحسن‬ ‫و المحبوية عند اهلل تعالى و لو المنزلة و الحياة الحسنة في الدنيا و االخرة ‪.‬‬ ‫‪110‬‬


‫منهج العرض‬

‫و من الظاىر اف الحمق بقلة العقل ال تتعارض مع ذلك ‪ ،‬فااليماف و‬ ‫العمل الصالح متيسر البسط انساف و باقل مستوى من العقل مميز ‪ .‬و من‬ ‫ىنا فظاىر الخبر مخالف للثابت و المضموف الصحيح الممكن ىو ارادة‬ ‫الهداية بالعقل فالحمق ىنا وقلة العقل أي الكفر و عدـ االيماف وىو المصدؽ‬

‫بالقراف قاؿ تعالى ِ ِ‬ ‫يل لَ ُه ُم اتَّبِعُوا َما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ قَالُوا بَ ْل نَػتَّبِ ُع َما أَلْ َف ْيػنَا‬ ‫َ‬ ‫(وإذَا ق َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫اءنَا أ َ​َولَ ْو َكا َف آَبَا ُؤ ُى ْم َال يَػ ْعقلُو َف َش ْيئًا َوَال يَػ ْهتَ ُدو َف (* ) َوَمثَ ُل الذ َ‬ ‫َعلَْيو آَبَ َ‬ ‫َك َفروا َكمثَ ِل الَّ ِذي يػ ْن ِع ُق بِما َال يسمع إَِّال ُد َع ِ‬ ‫ص ّ​ّم بُ ْك ٌم ُع ْم ٌي فَػ ُه ْم َال‬ ‫اء ُ‬ ‫َ َ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫اء َون َد ً‬ ‫ً‬ ‫يَػ ْع ِقلُو َف ) و غير ذلك كثير في القراف و السنة ‪ .‬فالخبر متشابو ويمكن اف‬

‫يؤوؿ الحمق بالجهل المعرفي وعدـ االيماف ولقد ذكر في غرر الحكم عن‬ ‫امير المؤمنين عليو السبلـ ( أبغض الخبلئق إلى اهلل تعالى الجاىل ألنو حرمو‬

‫أفضل ما من بو على خلقو و ىو العقل )‬ ‫مبلحظة ‪ :‬عبارة ( سلبو) كما في غيرىا مما يضيف حاالت عدـ ىداية‬ ‫ض ِل ْل فَػلَ ْن تَ ِج َد لَوُ َولِيِّا ُم ْر ِش ًدا‬ ‫االنساف الى فعل اهلل تعالى كقولو تعالى ( َوَم ْن يُ ْ‬ ‫َضلَّوُ اللَّوُ َعلَى ِعل ٍْم َو َختَ َم َعلَى‬ ‫ت َم ِن اتَّ َخ َذ إِلَ َهوُ َى َواهُ َوأ َ‬ ‫) و قولو تعالى (أَفَػ َرأَيْ َ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ش َاوةً فَ َم ْن يَػ ْه ِد ِيو ِم ْن بَػ ْع ِد اللَّ ِو أَفَ َبل تَ َذ َّك ُرو َف )‬ ‫ص ِرهِ ِغ َ‬ ‫َس ْمعو َوقَػ ْلبِو َو َج َع َل َعلَى بَ َ‬ ‫اه‬ ‫انما ىي ناظرة الى التيسير و التوفيق و التمكين قاؿ تعالى (إِنَّا َى َديْػنَ ُ‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّج َديْ ِن ) و الى‬ ‫(و َى َديْػنَاهُ الن ْ‬ ‫ورا ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫يل إِ َّما َشاك ًرا َوإِ َّما َك ُف ً‬ ‫السب َ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(وإِ ْف م ْن َش ْيء إَِّال ع ْن َدنَا َخ َزائِنُوُ‬ ‫مالكية اهلل تعالى لبلشياء و االمور قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫(وإِلَْي ِو يػُ ْر َج ُع ْاأل َْم ُر ُكلُّوُ )‬ ‫) و قاؿ تعالى (قُ ْل إِ َّف ْاأل َْم َر ُكلَّوُ للَّو ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫(واللَّوُ َخلَ َق ُك ْم َوَما تَػ ْع َملُو َف )‬ ‫و الى الخالقية باف اهلل خالق كل شيء قاؿ تعالى َ‬ ‫‪111‬‬


‫منهج العرض‬

‫و قاؿ تعالى (اللَّوُ الَّ ِذي َخلَ َق ُك ْم ثُ َّم َرَزقَ ُك ْم ثُ َّم يُ ِميتُ ُك ْم ثُ َّم يُ ْحيِي ُك ْم ) فمن ىنا‬ ‫صحت االضافة و النسبة و ليس المعنى اف اهلل تعالى قاـ بذلك باف اضلهم و‬ ‫ختم على سمعهم او سلب عقولهم و ذلك لحقيقة االختيار عند العبد قاؿ‬ ‫الدنْػيا علَى ْاآل ِ‬ ‫َخ َرةِ ) و العدؿ عند اهلل ‪ ،‬و‬ ‫تعالى (ذَلِ َ‬ ‫ْحيَاةَ ُّ َ َ‬ ‫ك بِأَنػَّ ُه ُم ْ‬ ‫استَ َحبُّوا ال َ‬ ‫ظاىر االيات بمجموعها اف اختيارات العبد في امور و قضايا معينة تستوجب‬

‫سلب التوفيق و العناية االلهية عن االنساف و استحقاقو الغضب االلهي واىم‬ ‫تلك االختيارات السيئة ىو عدـ التدبر و عدـ التعقل و كره الحق ثم‬ ‫االعراض عن ذكر اهلل و اياتو و انكارىا و الكفر بها قاؿ تعالى(أَفَ َبل يَػتَ َدبػَّ ُرو َف‬ ‫ِ‬ ‫الْ ُق ْرَآ َف أ َْـ َعلَى قُػلُ ٍ‬ ‫ْح ّْق‬ ‫ْح ّْق َوأَ ْكثَػ ُرُى ْم لل َ‬ ‫اء ُى ْم بِال َ‬ ‫وب أَقْػ َفالُ َها) و قاؿ تعالى (بَ ْل َج َ‬ ‫اؾ َعلَْي ِه ْم َح ِفيظًا ) و قاؿ‬ ‫ضوا فَ َما أ َْر َسلْنَ َ‬ ‫َكا ِرُىو َف ) و قاؿ تعالى ( فَِإ ْف أَ ْع َر ُ‬ ‫ش ُرهُ يَػ ْو َـ ال ِْقيَ َام ِة أَ ْع َمى‬ ‫ض ْن ًكا َونَ ْح ُ‬ ‫ض َع ْن ِذ ْك ِري فَِإ َّف لَوُ َم ِعي َ‬ ‫ش ًة َ‬ ‫(وَم ْن أَ ْع َر َ‬ ‫تعالى َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْح َّق‬ ‫) و قاؿ تعالى َ‬ ‫(ى َذا ذ ْك ُر َم ْن َمع َي َوذ ْك ُر َم ْن قَػ ْبلي بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْعلَ ُمو َف ال َ‬ ‫اء َس ْق ًفا َم ْح ُفوظًا َو ُى ْم َع ْن آَيَاتِ َها‬ ‫(و َج َعلْنَا َّ‬ ‫فَػ ُه ْم ُم ْع ِر ُ‬ ‫ضو َف ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫الس َم َ‬

‫ضو َف ) ‪ .‬و على ىذا المعنى يمكن حمل قولهم عليهم السبلـ (ال جبر‬ ‫ُم ْع ِر ُ‬ ‫والتفويض ‪ ،‬ولكن أمر بين أمرين ) و تماـ الكبلـ في محلو ‪.‬‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬طريق منفرد‬ ‫روي الخبر عن ابي عبد اهلل الصادؽ عليو السبلـ ‪.‬‬

‫‪112‬‬


‫منهج العرض‬

‫رواه ابن ابي عمير عمن ذكره عنو عليو السبلـ ‪ .‬الصدوؽ في العلل ‪....‬‬ ‫عن محمدبن أبى عمير‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبى عبداهلل " عليو السبلـ " ‪)...‬‬

‫حدثنا محمدبن موسى بن المتوكل رضى اهلل عنو قاؿ‪ :‬حدثنا علي بن‬ ‫الحسين السعدي آبادي‪ ،‬عن احمد بن أبي عبداهلل البرقى‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن‬ ‫محمدبن أبى عمير‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبى عبداهلل " عليو السبلـ ") اضمار‬ ‫من روى عنو ابن ابي عمير محرز للرواية و اللقاء ‪.‬‬

‫فصل (ٗ) حديث ( إف اهلل تبارؾ وتعالى خلق العقل من نور مخزوف مكنوف‬ ‫في سابق علمو الذي لم يطلع عليو نبي مرسل وال ملك مقرب فجعل العلم‬ ‫نفسو والفهم روحو والزىد رأسو والحياء عينيو والحكمة لسانو والرأفة فمو‬ ‫والرحمة قلبو )‬

‫حكم الخبر ‪ :‬حديث معتمد نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫الجهة االولى العرض ‪ :‬الحديث مصدؽ‬ ‫أ‪ -‬االلفاظ‬ ‫‪113‬‬


‫منهج العرض‬

‫في معاني االخبار ( إف اهلل تبارؾ وتعالى خلق العقل من نور مخزوف‬ ‫مكنوف في سابق علمو الذي لم يطلع عليو نبي مرسل وال ملك مقرب فجعل‬ ‫العلم نفسو والفهم روحو والزىد رأسو والحياء عينيو والحكمة لسانو والرأفة‬ ‫فمو والرحمة قلبو‪ ،‬ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء‪ :‬باليقين‪ ،‬وااليماف‪ ،‬والصدؽ‬ ‫والسكينة‪ ،‬واالخبلص‪ ،‬والرفق‪ ،‬والعطية‪ ،‬والقنوع‪ ،‬والتسليم‪ ،‬والشكر‪ ،‬ثم قاؿ‬ ‫لو‪ :‬أدبر فأدبر ثم قاؿ لو‪ :‬أقبل فأقبل ثم قاؿ لو‪ :‬تكلم فقاؿ‪ :‬الحمد هلل الذي‬ ‫ليس لو ند وال شبو وال شبيو وال كفو وال عديل وال مثل وال مثاؿ‪ ،‬الذي كل‬ ‫شئ لعظمتو خاضع ذليل‪ .‬فقاؿ الرب تبارؾ وتعالى‪ :‬وعزتي وجبللي ماخلقت‬ ‫خلقا أحسن منك وال أطوع لي منك وال أرفع منك وال أشرؼ منك وال أعز‬ ‫منك بك أوحد وبك اعبد وبك ادعى وبك ارتجى وبك ابتغى وبك اخاؼ‬ ‫وبك احذر وبك الثواب وبك العقاب‪ .‬فخر العقل عند ذلك ساجدا وكاف في‬ ‫سجوده ألف عاـ‪ ،‬فقاؿ الرب تبارؾ وتعالى بعد ذلك‪ :‬ارفع رأسك وسل تعط‬ ‫واشفع تشفع‪ ،‬فرفع العقل رأسو فقاؿ‪ :‬إلهى أسألك أف تشفعني فيمن خلقتني‬ ‫فيو‪ .‬فقاؿ اهلل عزوجل جبللو لمبلئكتو‪ :‬اشهدكم أني قد شفعتو فيمن خلقتو‬ ‫فيو‪ .‬و في الخصاؿ مثلو اال (‪ ....‬الرأفة ىمو ‪ ....‬الحمد هلل الذي ليس لو‬ ‫ضد وال ند وال شبيو وال كفو وال عديل وال مثل ‪ ....‬وال أعز منك ‪ ،‬بك‬ ‫أؤاخذ ‪ ،‬وبك اعطي ‪ ،‬وبك أوحد ‪ )..‬و في امالي الطوسي ‪ :‬مثلو اال (‬ ‫‪...‬الرأفة ىمو ‪ ....‬فقاؿ الحمد هلل الذي ليس لو ضد و ال ند‪ ،‬و ال شبو و ال‬ ‫شبيو‪ ،‬و ال كفؤ و ال عدي ل‪ ،‬و ال مثل و ال مثيل‪ .... ،‬و ال أعز منك‪ ،‬بك‬ ‫أوحد‪ ،‬و بك أحاسب‪ ... ،‬و بك أرتجى‪ ،‬و بك أتقى‪ .... ،‬و بك أحذر‪ ،‬و‬ ‫بك الذنب‪ ،‬و بك العقاب‪ ،‬فخر العقل ‪ )...‬و في مشكاة االنور و روضة‬ ‫الواعظين (‬

‫والرأفة ىمتو ‪ ....‬والتسليم ‪ ...‬ليس لو ضد والند والشبيو‬

‫والكفو والعديل ‪.....‬انى قد شفعتة فيمن خلقتو فيو إذا اطاع العقل )‬ ‫‪114‬‬


‫منهج العرض‬

‫ب – الشواىد‬ ‫في الرواية عدة مضامين ‪:‬‬ ‫المضموف االوؿ ‪ ( :‬إف اهلل تبارؾ وتعالى خلق العقل من نور مخزوف‬ ‫مكنوف في سابق علمو الذي لم يطلع عليو نبي مرسل وال ملك مقرب )‬ ‫َّ ِ َّ ِ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا يُ ْخ ِر ُج ُه ْم ِم َن‬ ‫فالنورانية يصدقها قاؿ تعالى (اللوُ َول ُّي الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫يم (*)‬ ‫الظُّلُ َمات إِلَى النُّوِر ) ‪.‬و المكنونية يصدقها قولو تعالى (إِنَّوُ لَ ُق ْرَآ ٌف َك ِر ٌ‬ ‫ِ ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫اب م ْكنُ ٍ‬ ‫وف ) و المخزونية يصدقها قولو تعالى ِ ِ ِ‬ ‫ات‬ ‫في كتَ ٍ َ‬ ‫(وللَّو َخ َزائ ُن َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َو ْاأل َْر ِ‬ ‫ك‬ ‫ض)‬ ‫و النبي و المرسل يصدقو قولو تعالى ( َوَما أ َْر َسلْنَا ِم ْن قَػ ْب ِل َ‬ ‫ِم ْن ر ُس ٍ‬ ‫ف‬ ‫وؿ َوَال نَبِي ) و المبلئكة المقربوف يصدقو قولو تعالى (لَ ْن يَ ْستَػ ْن ِك َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يح أَ ْف يَ ُكو َف َع ْب ًدا لِلَّ ِو َوَال ال َْم َبلئِ َكةُ ال ُْم َق َّربُو َف ) و المصدقية المضمونية‬ ‫ال َْمس ُ‬

‫الكلية ىي في اف الخزائن المكنونة النورانية و التي لم يطلع عليها المقربوف و‬

‫المكرموف و الف العقل نوراني من حيث الذات فهو من اشرؼ و افضل و‬ ‫احسن المخلوقات و من حيث االثر فانو دليل ىداية االنساف فيكوف ببل‬ ‫ريب مما يكوف من نور مكنوف و مخزوف ‪ ،‬فيصدؽ ىذا المضموف لكن‬ ‫بالتصديق المركب ‪.‬‬ ‫المضموف الثاني ‪ ( :‬فجعل العلم نفسو والفهم روحو والزىد رأسو والحياء‬ ‫عينيو والحكمة لسانو والرأفة فمو والرحمة قلبو‪ ،‬ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء‪:‬‬

‫‪115‬‬


‫منهج العرض‬

‫باليقين‪ ،‬وااليماف‪ ،‬والصدؽ والسكينة‪ ،‬واالخبلص‪ ،‬والرفق‪ ،‬والعطية‪ ،‬والقنوع‪،‬‬ ‫والتسليم‪ ،‬والشكر‪) ،‬‬ ‫العلم و الفهم و مكارـ االخبلؽ من صفات ذوي االلباب ىذا ثابت قاؿ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ ِ‬ ‫ين‬ ‫تعالى (إِ َّف فِي َذلِ َ‬ ‫ك َآلَيَات ل َق ْوـ يَػ ْعقلُو َف ) و قاؿ تعالى (قُ ْل َى ْل يَ ْستَ ِوي الذ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َال يَػ ْعلَ ُمو َف إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) و التصوير التجسيمي من‬ ‫يَػ ْعلَ ُمو َف َوالذ َ‬ ‫ُ‬ ‫باب الكناية للمعرفة القطعية باف العقل ليس جسما ماديا فضبل عن اف يكوف‬

‫لو شكل ‪ .‬ىذا و ف ي اكثر النقوالت ( الرأفة ىمو ) لكن ما في المعاني اظهر‬ ‫أي ( الرأفة فمو ) مناسبة للسياؽ ‪.‬‬ ‫المضموف الثالث ‪( :‬ثم قاؿ لو‪ :‬أدبر فأدبر ثم قاؿ لو‪ :‬أقبل فأقبل )‬ ‫الطاعة التامة بل العصمة من صفة العقل الكامل وقد تقد بحث ذلك في‬ ‫حديث لما خلق اهلل العقل قاؿ لو اقبل ‪)...‬‬ ‫المضموف الثالث ‪( :‬ثم قاؿ لو‪ :‬تكلم فقاؿ‪ :‬الحمد هلل الذي ليس لو ند‬ ‫وال شبو وال شبيو وال كفو وال عديل وال مثل وال مثاؿ‪ ،‬الذي كل شئ لعظمتو‬ ‫خاضع ذليل ) و في لفظ اخر (الحمد هلل الذي ليس لو ضد وال ند وال شبيو‬ ‫وال كفو وال عديل وال مثل ) وكلها في التوحيد و نفي الشريك و نفي التشبيو‬ ‫وىذه من الضرويات ‪.‬‬ ‫المضموف الرابع ‪( :‬فقاؿ الرب تبارؾ وتعالى‪ :‬وعزتي وجبللي ماخلقت‬ ‫خلقا أحسن منك وال أطوع لي منك وال أرفع منك وال أشرؼ منك وال أعز‬ ‫منك بك أوحد وبك اعبد وبك ادعى وبك ارتجى وبك ابتغى وبك اخاؼ‬ ‫‪116‬‬


‫منهج العرض‬

‫وبك احذر وبك الثواب وبك العقاب‪ ) .‬يصدقو المبلزمات الحسنة للعقل‬ ‫الكامل التي بيناىا و المستفيض من النقل المتقدـ بخصوص العقل ‪ .‬وقد بينا‬ ‫في حديث ( قاؿ لو اقبل فاقبل ) الجمع بين داللة ىذه االخبار كوف العقل‬ ‫افضل الخلق وبين المعروؼ اف النبي محمد صلى اهلل عليو و الو افضل الخلق‬ ‫‪.‬‬ ‫المضموف الخامس ‪( :‬فخر العقل عند ذلك ساجدا وكاف في سجوده ألف‬ ‫(ولَوُ‬ ‫عاـ ) ىذا كاف في العالم العلوي وىو عالم الطاعة و االنقطاع يقوؿ تعالى َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫ادتِ​ِو َوَال يَ ْستَ ْح ِس ُرو َف‬ ‫ض َوَم ْن ع ْن َدهُ َال يَ ْستَ ْكبِ ُرو َف َع ْن عبَ َ‬ ‫َم ْن في َّ َ َ‬

‫َّه َار َال يَػ ْفتُػ ُرو َف )‬ ‫سبّْ ُحو َف اللَّْي َل َوالنػ َ‬ ‫(*) يُ َ‬

‫المضموف السادس ‪( :‬فقاؿ الرب تبارؾ وتعالى بعد ذلك‪ :‬ارفع رأسك‬ ‫وسل تعط واشفع تشفع‪ ،‬فرفع العقل رأسو فقاؿ‪ :‬إلهى أسألك أف تشفعني‬ ‫فيمن خلقتني فيو‪ .‬فقاؿ اهلل عزوجل جبللو لمبلئكتو‪ :‬اشهدكم أني قد شفعتو‬ ‫فيمن خلقتو فيو‪ ) .‬يصدقو اف الشفاعة ثابتة لمن كرمهم اهلل تعالى و العقل‬ ‫(وَال تَػ ْنػ َف ُع َّ‬ ‫اعةُ ِع ْن َدهُ إَِّال لِ َم ْن أ َِذ َف لَوُ ) و قاؿ‬ ‫الش َف َ‬ ‫مخلوؽ كريم قاؿ تعالى َ‬ ‫(م ْن َذا الَّ ِذي يَ ْش َف ُع ِع ْن َدهُ إَِّال بِ​ِإ ْذنِ​ِو ) فيكوف ىو ممن اذف لو و قاؿ‬ ‫تعالى َ‬ ‫(ال يَ ْملِ ُكو َف َّ‬ ‫الر ْح َم ِن َع ْه ًدا ) فيكوف العقل‬ ‫تعالى َ‬ ‫اع َة إَِّال َم ِن اتَّ َخ َذ ِع ْن َد َّ‬ ‫الش َف َ‬ ‫ممن اتخذ عهدا عنده تعالى ‪ .‬و قاؿ تعالى (وَال يم ِل ُ َّ ِ‬ ‫ين يَ ْدعُو َف ِم ْن ُدونِ​ِو‬ ‫َ َْ‬ ‫ك الذ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْح ّْق َو ُى ْم يَػ ْعلَ ُمو َف ) و من الواضح اف العقل ممن شهد‬ ‫الش َف َ‬ ‫اع َة إَِّال َم ْن َش ِه َد بِال َ‬

‫بالحق وانو من العالمين ‪.‬‬

‫‪117‬‬


‫منهج العرض‬

‫الخبلصة ‪ :‬اف الحديث مصدؽ بكل مضامينو ‪.‬‬

‫الجهة الثاني ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬الحديث منفرد متصل السند ‪.‬‬ ‫روي الخبر عن االماـ موسى بن جعفر يرويو عن ابائو عن رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو و الو‬ ‫رواه عنو عليو السبلـ ابو زيد عباس بن يزيد‬ ‫في الخصاؿ ‪:‬‬

‫حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي المقرئ‬

‫قاؿ ‪ :‬حدثنا أبوعمرو محمد بن جعفر المقرئ الجرجاني قاؿ ‪ :‬حدثنا أبوبكر‬ ‫محمد بن الحسن الموصلي ببغداد قاؿ ‪ :‬حدثنا محمد بن عاصم الطريفي‬ ‫قاؿ ‪ :‬حدثنا أبوزيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحاؿ مولى زيد بن‬ ‫علي قاؿ ‪ :‬أخبرنا يزيد بن الحسن قاؿ ‪ :‬حدثني موسى بن جعفر ‪ ،‬عن أبيو‬ ‫جعفر بن محمد ‪ ،‬عن أبيو محمد بن علي ‪ ،‬عن أبيو ‪ ،‬علي بن الحسين ‪ ،‬عن‬ ‫أبيو الحسين بن علي ‪ ،‬عن أبيو أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السبلـ‬ ‫قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو والو ‪ )... :‬و في معاني االخبار ‪ :‬مثلو‬ ‫اال ( أبو زيد عباس بن يزيد بن الحسين الكحاؿ‪ ،‬عن أبيو ) و الظاىر اف‬ ‫عياش ىو الصحيح بقرينة غيره من الروايات ‪ ،‬كما اف الصحيح ىو يزيد بن‬ ‫الحسن لنص اىل الرجاؿ ‪ .‬و الخبر في امالي الطوسي منقطع و كذا في‬ ‫المتأخرات كالمشكاة و روضة الواعظين ‪ .‬ىذا و محمد بن جعفر المقرئ‬ ‫الجرجاني ليس الخزاعي الف الخزاعي مات سنة (‪ ) ٗٓٛ‬وكنيتو ابو الفضل‬

‫‪118‬‬


‫منهج العرض‬

‫و ىذا يروي عنو الصدوؽ بواسطة و الصدوؽ مات سنة ( ٔ‪ )ٖٛ‬و كنتة ىذا‬ ‫ابو عمرو و في موضع ابو بكر ‪.‬‬ ‫واحمد بن محمد المرزوي الذي يروي عنو الصدوؽ وصفو في موضع‬ ‫بالحاكم و الحاكم ىو القاضي بل ىو من تولى القضاء مرات وىذا مشعر اف‬ ‫لم يكن داؿ على عاميتو لكن روى الصدوؽ بها السند بالذات اكثر من رواية‬ ‫بمضامين شيعية ‪ ،‬فهؤالء الرواة و اف كاف الظاىر انهم من العامة اال اف الظاىر‬ ‫ايضا انهم يتشيعوف ‪ ،‬و الغريب اف ايا منهم عدا يزيد بن الحسن لم يذكر في‬ ‫كتب الرجاؿ ‪ ،‬و قد يوصفوف بالجهالة وىذا خطأ و انما ىم رواة معروفوف‬ ‫من حيث الرواية لكن مجهولوف من حيث العقيدة و الوثافة ‪.‬‬

‫فصل (٘) حديث (ما عبد اهلل بمثل العقل‪ ،‬وما تم عقل امرء حتى يكوف‬ ‫فيو عشر خصاؿ‪ :‬الخير منو مأموؿ والشر منو مأموف ‪)....‬‬

‫المتن ‪ :‬علل الشرائع ( ما عبد اهلل بمثل العقل‪ ،‬وما تم عقل امرء حتى‬ ‫يكوف فيو عشر خصاؿ‪ :‬الخير منو مأموؿ والشر منو مأموف‪ ،‬يستقل كثير‬ ‫الخير من عنده ويستكثر قليل الخير من غيره‪ ،‬وال يتبرـ بطبلب الحوائج اليو‬ ‫وال يسأـ من طلب العلم طوؿ عمره‪ ،‬الفقر أحب اليو من الغنى والذؿ أحب‬ ‫اليو من العز‪ ،‬نصيبو من الدنيا القوت والعاشرة‪ ،‬واما العاشرة ‪ ،‬البرى احدا إال‬ ‫قاؿ‪ :‬ىو خير مني واتقى ‪ ،‬إنما الناس رجبلف‪ :‬فرجل ىو خير منو واتقى‪ ،‬وآخر‬ ‫‪119‬‬


‫منهج العرض‬

‫ىو شر منو وادنى‪ ،‬فإذا التقى الذي ىو خير منو واتقى تواضع لو ليلحق بو‪،‬‬ ‫واذا التقى الذي ىو شرمنو وادنى قاؿ‪ :‬عسى اف يكوف خير ىذا باطنا وشره‬ ‫ظاىرا وعسى اف يختم لو بخير‪ ،‬فإذا فعل ذلك فقد عبل مجده وساد أىل‬ ‫زمانو‪).‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ اال في زيادة في احد الطرؽ متشابهة‬ ‫تؤوؿ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض ‪.‬‬ ‫روي في علل الشرائع و الخصاؿ و الكافي و امالي الطوسي و معدف‬ ‫الجوىر و روي في التحف بلفظين سنشير اليهما(ٔ و ٕ) ‪.‬‬ ‫ىذه الفاظ الخصاؿ ‪:‬‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫ما عبداهلل بمثل العقل و في الخصاؿ ‪ :‬لم يعبد اهلل عزوجل‬

‫بشئ أفضل من العقل ‪ .‬و مثلو في الروضة و في الكافي و التحف ٔ مثلو‬ ‫و في معدنا الجوىر (ما عبد اهلل تعالى إال بالعقل )و مثلو في رواية وراـ ‪ .‬و‬ ‫في امالي الطوسي (يقوؿ ال يكوف المؤمن مؤمنا حتى يكوف كامل العقل‪ ) ،‬و‬ ‫المضموف مصدؽ بجميع الفاظو ‪.‬‬ ‫ٕ‪-‬‬

‫وماتم عقل امرء حتى يكوف فيو عشر خصاؿ و في التحف‬

‫ٕ مثلو و في الخصاؿ ‪ :‬وال يكوف المؤمن عاقبل حتى يجتمع فيو عشر‬ ‫خصاؿ ‪.‬و مثلو في ال روضة اال انو قاؿ (خصاؿ من العلم )‬ ‫‪120‬‬

‫و في الكافي‬


‫منهج العرض‬

‫(وما تم عقل امرء حتى يكوف فيو خصاؿ شتى ) و مثلو في المعدف و التحف‬ ‫ٔ ‪ .‬و في رواية وراـ (و ال يتم عقل المرء حتى يتم فيو عشر خبلؿ )و في‬ ‫امالي الطوسي (و ال يكوف كامل العقل حتى تكوف فيو عشر خصاؿ ) و‬ ‫المضموف مصدؽ بجميع الفاظو ‪.‬‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫الخير منو مأموؿ والشر منو مأموف ‪ .‬و مثلو في الخصاؿ و‬

‫التحف ٕ و الروضة و رواية و راـ و امالي الطوسي و في الكافي (الكفر‬ ‫والشر منو مأموناف‪ ،‬والرشد والخير منو مأموالف ) و مثلو في التحف ٕ و في‬ ‫المعدف مثلو اال (‪...‬والشر عنو معزوؿ) و المضموف مصدؽ بجميع الفاظو ‪.‬‬ ‫ٗ‪-‬‬

‫يستقل كثير الخير من عنده ويستكثر قليل الخير من غيره‬

‫ومثلو في رواية و راـ و في الخصاؿ ‪ :‬يستكثر قليل الخير من غيره ‪ ،‬ويستقل‬ ‫كثير الخير من نفسو ‪ .‬و في معدف الجوىر التحف ٕ و الروضة مثلو و في‬ ‫الكافي و التحفٔ (يستكثر قليل المعروؼ من غيره ويستقل كثير المعروؼ‬ ‫من نفسو )‬ ‫و في في امالي الطوسي (يستقل كثير الخير من نفسو‪ ،‬و يستكثر قليل‬ ‫الخير من غيره‪ ،‬و يستكثر قليل الشر من نفسو‪ ،‬و يستقل كثير الشر من‬ ‫غيره‪ ) ،‬اقوؿ العبارة االخيرة (يستقل كثير الشر من غيره ) من المتشابو فانو‬ ‫ليس من العقل استقبلؿ الشر من الغير كما اف ىذه الزيادة (يستكثر قليل‬ ‫الشر من نفسو‪ ،‬و يستقل كثير الشر من غيره‪ ) ،‬فهي شاذة نقبل ومشكلة‬ ‫متنا و يمكن اف تحمل على انو يعفو عن الشرمن الغير بحقو ‪ .‬و المضموف‬ ‫متشابو على كل حاؿ ‪.‬‬ ‫و المضموف مصدؽ اال ما في امالي الطوسي من زيادة فانها متشابو و ال‬ ‫تضر بباقي المضامين في رواية الطوسي فضبل عن رواية غيره ‪.‬‬

‫‪121‬‬


‫منهج العرض‬

‫٘‪-‬‬

‫وال يتبرـ بطبلب الحوائج اليو وال يسأـ من طلب العلم طوؿ‬

‫عمره و في الخصاؿ ‪:‬‬

‫وال يسأـ من طلب العلم طوؿ عمره ‪ ،‬وال يتبرـ‬

‫بطبلب الحوائج قبلو ‪.‬و في امالي الطوسي و الروضة و معدف الجوىر مثلو ‪،‬‬ ‫‪ .‬و في الكافي (ال يشبع من العلم دىره )و مثلو في التحف ٔ ‪.‬و في‬ ‫التحفٕ (وال يمل من طلب العلم طوؿ دىره‪ ) .‬و في رواية و راـ( ال يتبرـ‬ ‫من طلب الحاجة و ال يسأـ من طلب العلم طوؿ عمره ) و المضموف مصدؽ‬ ‫بجميع الفاظو ‪.‬‬ ‫‪-ٙ‬‬

‫الفقر أحب اليو من الغنى والذؿ أحب اليو من العز ‪ ،‬ومثلو‬

‫في رواية و راـ و في الخصاؿ ‪ :‬الذؿ أحب إليو من العز ‪ ،‬والفقر أحب إليو‬ ‫من الغنى و معدف الجوىر و الروضة و اماؿ الطوسي مثلو ‪ .‬و في الكافي‬ ‫(الذؿ أحب إليو مع اهلل من العز مع غيره‪ ،‬والتواضع أحب إليو من الشرؼ ) و‬ ‫مثلو في التحف ٔ‪.‬و في‬

‫التحف ٕ (الفقر في اهلل أحب إليو من الغنى‪.‬‬

‫والذؿ في اهلل أحب إليو من العز في عدوه‪ ) .‬و المضموف مصدؽ بجميع‬ ‫الفاظو ‪.‬‬ ‫‪-ٚ‬‬

‫نصيبو من الدنيا القوت‬

‫و في الخصاؿ و الكافي و‬

‫المعدف و الروضة و التحف ٔ مثلو و في امالي الطوسي ( حسبو قوت يومو‬ ‫) و المضموف مصدؽ بجميع الفاظو ‪.‬‬ ‫‪-ٛ‬‬

‫والعاشرة‪ ،‬واما العاشرة ‪ ،‬اليرى احدا إال قاؿ‪ :‬ىو خير مني‬

‫واتقى و‪ .‬في الخصاؿ ‪ :‬والعاشرة وما العاشرة ال يرى أحدا ‪ . )...‬و في‬ ‫التحفٕ و في الروضة مثلو و في معدف الجوىر مثلو من دوف ( واتقى) و في‬ ‫الكافي (ويرى الناس كلهم خيرا منو‪ ،‬وأنو شرىم في نفسو‪ ،‬وىو تماـ االمر‪) .‬‬ ‫و مثلو في التحف ٔ ‪ .‬و في رواية و راـ (و العاشرة أف ال يرى أحدا من‬

‫‪122‬‬


‫منهج العرض‬

‫الناس إال قاؿ ىو خير مني )و في اماؿ الطوسي (العاشرة و ما العاشرة ال يلقى‬ ‫أحدا إال قاؿ ىو خير مني و أتقى ) و المضموف مصدؽ بجميع الفاظو ‪.‬‬ ‫‪-ٜ‬‬

‫إنما الناس رجبلف‪ :‬فرجل ىو خير منو واتقى‪ ،‬وآخر ىو شر‬

‫منو وادنى‪ ،‬فإذا التقى الذي ىو خير منو واتقى تواضع لو ليلحق بو‪ ،‬واذا التقى‬ ‫الذي ىو شرمنو وادنى قاؿ‪ :‬عسى اف يكوف خير ىذا باطنا وشره ظاىرا وعسى‬ ‫اف يختم لو بخير‪ ،‬فإذا فعل ذلك فقد عبل مجده وساد أىل زمانو‪.‬في الخصاؿ‬ ‫‪ ... ( :‬فاذا رأى من ىو خير منو وأتقى تواضع لو ليلحق بو ‪ ،‬وإذا لقى الذي‬ ‫ىو شر ‪ )...‬و مثلو في الروضة و في التحفٕ ( إنما الناس رجبلف‪ :‬رجل‬ ‫خير منو وأتقى ورجل شر منو وأدنى‪ ،‬فإذا لقي الذي شر منو وأدنى قاؿ‪ :‬لعل‬ ‫خير ىذا باطن وىو خير لو وخيري ظاىر وىو شر لي‪ ،‬وإذا رأى الذي ىو خير‬ ‫منو وأتقى تواضع لو ليلحق بو‪ .‬فإذا فعل ذلك فقد عبل مجده وطاب خيره‬ ‫وحسن ذكره وساد أىل زمانو‪ ) .‬ليس الكافي وال المعدف و ال التحف ٔ‬ ‫‪.‬و في امالي الطوسي مثلو لكن فيو ( و إذا لقي الذي ىو شر منو و أدنى‬ ‫قاؿ لعل شر ىذا ظاىر و خيره باطن‪ ،‬فإذا فعل ذلك عبل و ساد أىل زمانو‪) .‬‬ ‫و المضموف مصدؽ بجميع الفاظو ‪.‬‬ ‫ٓٔ‪-‬‬

‫في الكافي زيادة (وفضل مالو مبذوؿ‪ ،‬وفضل قولو مكفوؼ )‬

‫و مثلو التحف ٔ ‪.‬‬ ‫و المضموف مصدؽ بجميع الفاظو ‪..‬‬ ‫ٔ​ٔ‪-‬‬

‫و التحف ٕ زيادة (والخموؿ أشهى إليو من الشهرة ) و‬

‫المضموف مصدؽ ‪.‬‬ ‫الخبلصة ‪ :‬الخبر مصدؽ اال زيادة في امالي الطوسي (يستقل كثير الشر‬ ‫من غيره) فهي متشابهة و يمكن اف تؤوؿ على عفوه عن شر الغير بحقو ‪.‬‬ ‫‪123‬‬


‫منهج العرض‬

‫مسألة ‪ :‬روى في حلية االولىاء بسنده عن سفياف عن بعض أىل العلم مثلو‬ ‫و روى احمد بن حنبل في الزىد بسنده الى وىب بن منبو مثلو لكن االصل‬ ‫التعدد و ال بد مقرينة تشعر بانو ينقل قوؿ اىل البيت عليهم السبلـ ‪ ،‬و‬ ‫المصدقية و العرض تجري في االخبار المروية عن اىل البيت عليهم السبلـ‬ ‫النها االخبار عن السنة و التي ال تتناقض‬

‫وىذا بخبلؼ اقواؿ غيرىم ‪ ،‬و‬

‫انما يكفي االشارة الى روايتو الحتماؿ اف يكوف اراد الحكاية عنهم او القوؿ‬ ‫بقولهم ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ ‪ .‬الخبر متعدد الطرؽ متصل السند ‪.‬‬ ‫روي الخبر عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو ‪ ،‬اذ روي عن االماـ الباقر‬ ‫عليو السبلـ عنو صلى اهلل عليو و الو ‪.‬و روي عنو صلى اهلل عليو و الو مرفوعا‬ ‫‪ ،‬و روي عن االماـ الصادؽ عليو السبلـ و روي عن ابي الحسن موسى بن‬ ‫جعفر عليو السبلـ و روي عن االماـ الرضا عليو السبلـ ‪.‬‬

‫الموضع االوؿ ‪ :‬الرواية عن الباقر عليو السبلـ عن رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو و الو‬ ‫ سليماف بن خالد في الخصاؿ ‪ :‬حدثنا أبي رضي اهلل عنو قاؿ ‪ :‬حدثنا‬‫سعد بن عبد اهلل ‪ ،‬عن أحمد بن ىبلؿ عن امية بن علي ‪ ،‬عن عبد اهلل بن‬ ‫المغيرة ‪ ،‬عن سليماف بن خالد ‪ ،‬عن أبي جعفر عليو السبلـ قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو والو ‪)...‬‬

‫‪124‬‬


‫منهج العرض‬

‫الموضع الثاني ‪ :‬الرواية عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو ‪:‬‬ ‫ علي االشعري ‪ :‬علل الشرائع ‪ :‬حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن‬‫الوليد رضى اهلل عنو قاؿ‪ :‬حدثنا محمد بن الحسن الصفار قاؿ‪ :‬حدثنا إبراىيم‬ ‫بن ىاشم‪ ،‬عن أبى اسحاؽ ابراىيم بن الهيثم الخفاؼ‪ ،‬عن رجل من أصحابنا‪،‬‬ ‫عن عبدالملك بن ىشاـ‪ ،‬عن علي االشعري رفعو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو وآلو )‬ ‫ روضة الواعظين رواه منقطعا مرفوعا عنو صلى اهلل عليو و الو ‪.‬‬‫‪ -‬وراـ رواه منقطعا مرفوعا عنو صلى اهلل عليو و الو ‪.‬‬

‫الموضع الثاني ‪:‬الرواية عن االماـ جعفر الصادؽ عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫زر بن انس ‪ :‬امالي الطوسي ‪ :‬أخبرنا محمد بن محمد‪ ،‬قاؿ أخبرنا أبو بكر‬ ‫محمد بن عمر الجعابي‪ ،‬قاؿ حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد‪،‬‬ ‫قاؿ حدثنا الحسن بن جعفر‪ ،‬قاؿ حدثني عمي طاىر بن مدرار قاؿ حدثني‬ ‫زر بن أنس‪ ،‬قاؿ سمعت جعفر بن محمد عليهما السبلـ ‪.‬‬ ‫اشارة ‪ :‬بهذا السند متصل فالحسن بن جعفر ىو بن مدرار الطنافسي و‬ ‫عمو طاىر بن مدرار يروي عن زر بن انس ىم من رجاؿ العامة و االصل‬ ‫الوثاقة ‪ ،‬فالطريق مقبوؿ وىو اقوى الطرؽ سندا لكنو بو روى الطوسي الزيادة‬ ‫الشاذة المشكلة ( و يستقل الشر من غيره ) التي يرد علمها الى اىلها و‬ ‫تؤوؿ بما ال يعارض الثابت ‪ .‬و نقاء ما نقل بسند منقطع كما في التحف يدلل‬ ‫‪125‬‬


‫منهج العرض‬

‫و يرؤد انو ال مبلزمة بين االتصاؿ و حفظ المتن و بين االنقطاع و االخبلؿ‬ ‫بالمتن بل و ال بين قوة السند و بين حفظ المتن و بين ضعف السند و‬ ‫االخبلؿ بالمتن ‪ ،‬فالمتن النقي ىنا نقل بسند منقطع ضعيف و المتن الشاذ‬ ‫روي بسند مقبوؿ ‪.‬‬

‫الموضع الثالث ‪ :‬الرواية عن االماـ موسى الكاظم عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫ ىشاـ بن الحكم ‪ :‬الكافي أبوعبداهلل االشعري‪ ،‬عن بعض أصحابنا‪،‬‬‫رفعو عن ىشاـ بن الحكم قاؿ‪ :‬قاؿ لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‬ ‫السبلـ‪ ) :‬الطريق منقطع ‪.‬‬ ‫ تحف العقوؿ رواه منقطعا مرفوعا عنو عليو السبلـ ) الطريق منقطع ‪.‬‬‫الموضع الرابع ‪ :‬رواية الخبر عن االماـ الرضا عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫ تحف العقوؿ رواه منقطعا مرفوعا عنو عليو السبلـ ) الطريق منقطع‬‫خبلصة الطرؽ ‪ :‬الخبر مروي باكثر من طريق و اكثر من معصوـ عليهم‬ ‫السبلـ ‪ ،‬و القاعدة اف اىل البيت كلهم واحد ‪،‬و قوؿ أي منهم ىو قوؿ‬ ‫جميعهم عليهم السبلـ ‪ ،‬فيكوف الخبر مروي بطرؽ متعددة‬

‫و لقد رواه‬

‫الث بلثة وىو دليل حسن نقلو حكما حسب قاعدة حسن نقل ما يتفق عليو‬ ‫الثبلثة ‪.‬‬

‫‪126‬‬


‫منهج العرض‬

‫مسألة ‪ :‬قد عرفت انهم قد رووه في الزىد عن وىب بن منب و في‬ ‫الحلية عن سفياف عن بعض اىل العلم ففي الزىد قاؿ أحمد بن حنبل حدثنا‬ ‫عبد اهلل ‪ ،‬حدثني أبو معمر ‪ ،‬عن سليماف بن عيينة قاؿ ‪ :‬سمعناه عن وىب‬ ‫بن منبو قاؿ ‪ « :‬ما عبد اهلل عز وجل بمثل العقل‪ )...‬و في حلية األولياء‬ ‫حدثنا أبو محمد بن حياف ثنا الحسن بن إبراىيم ثنا أيوب ثنا سفياف عن بعض‬ ‫أىل العلم قاؿ لم يعبد اهلل بمثل العقل ‪ )...‬و ىو واف كاف ال يبعد احتماؿ‬ ‫انهما اخذاه عن االئمة عليهم السبلـ ‪ ،‬لكن ىذا االحتماؿ ال ينفع ىنا و‬ ‫االبحاث مخصصة لبحث ما نسب اليهم عليهم السبلـ ‪.‬‬

‫قصل (‪ )ٙ‬حديث‬

‫( ما الحجة على الخلق اليوـ؟ قاؿ‪ :‬فقاؿ عليو‬

‫السبلـ‪ :‬العقل‪ ،‬يعرؼ بو الصادؽ على اهلل فيصدقو والكاذب على اهلل فيكذبو‬ ‫‪)..‬‬

‫المتن ‪( :‬قاؿ ابن السكيت البي الحسن ( عليو السبلـ ) ‪ :‬ما الحجة‬ ‫على الخلق اليوـ؟ قاؿ‪ :‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬العقل‪ ،‬يعرؼ بو الصادؽ على اهلل‬ ‫فيصدقو والكاذب على اهلل فيكذبو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ ابن السكيت‪ :‬ىذا واهلل ىو‬ ‫الجواب‪).‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي معتمد ‪.‬‬ ‫‪127‬‬


‫منهج العرض‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض ‪ :‬الخبر مصدؽ ‪.‬‬ ‫الموضع االوؿ ‪ :‬الفاظ الخبر‬ ‫روي الحديث عن ابي الحسن علي الهادي عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫في الكافي قاؿ ابن السكيت البي الحسن عليو السبلـ ‪ ....‬تاهلل ما‬ ‫رأيت مثلك قط فما الحجة على الخلق اليوـ؟ قاؿ‪ :‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬العقل‪،‬‬ ‫يعرؼ بو الصادؽ على اهلل فيصدقو والكاذب على اهلل فيكذبو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ ابن‬ ‫السكيت‪ :‬ىذا واهلل ىو الجواب‪.‬‬ ‫و في مناقب آؿ ابي طالب قاؿ المتوكل البن السكيت ‪ :‬اسأؿ ابن الرضا‬ ‫مسألو عوصاء ‪ ....‬قاؿ‬ ‫ابن السكيت ‪ :‬فما الحجة اآلف ؟ قاؿ ‪ :‬العقل يعرؼ بو الكاذب على اهلل‬ ‫فيكذب ‪ ).. .‬ليس فيو (يعرؼ بو الصادؽ على اهلل فيصدقو ) و قوؿ ابن‬ ‫السكيت والظاىر اف الحديث مختصر ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬اورد الخبر الصدوؽ في العلل و العيوف و صاحب تحف العقوؿ‬ ‫عن الرضا عليو السبلـ و فيو اشكاؿ بل منع الف ابن السكيت كاف عمره‬ ‫(‪ )ٔٚ‬سنة حينما استشهد الرضا عليو السبلـ اذ اف الرضا عليو السبلـ‬ ‫استشهد عاـ ( ٖٕ​ٕ) بينما ابن السكيت ولد ( ‪ )ٔٛٙ‬و توفي سنة (ٗ​ٕٗ )‬ ‫‪ ،‬وفضبل عن اشكاؿ روايتو عنو ‪ ،‬فاف طريق الحوار تدلل على اف ابن‬ ‫السكيت حينها كاف كبيرا و عالما و ىذا ال يناسب عمر ‪ ٔٚ‬سنة ‪ ،‬كما اف‬ ‫المعروؼ اف ابن السكيت و المتوكل ( الذي حكم عاـ ٕٖٕ ) عاصرا‬ ‫‪128‬‬


‫منهج العرض‬

‫االماـ الهادي عليو السبلـ فقد قاـ باالمر عاـ (ٕ​ٕ​ٕ) اي و عمر ابن‬ ‫السكيت (‪ )ٖٙ‬سنة و استشهد االماـ عاـ (ٕٗ٘) ‪،‬‬

‫فبل يبقى شك اف‬

‫الحادثة كانت معو عليو السبلـ و خصوصا مع تصريح ابن شهر اشوب اف‬ ‫سؤاؿ ابن السكيت كاف بامر من المتوكل ‪ .‬ولوال اف الصدوؽ رواه في العيوف‬ ‫المكن القوؿ اف التصريح باالسم كاف من تبلميذه او النساح اال انو رضواف اهلل‬ ‫تعالى عليو قد ذكر الخبر في عيوف اخبار الرضا وىو مختص بو عليو السبلـ ‪،‬‬ ‫فبل يبعد الوىم منو رضواف اهلل تعالى عليو ‪،‬ىذا و اف الرواية عن الرضا ايضا‬ ‫ذكرىا ابن شعبة في تحف العقوؿ و اخذىا عنهما جمع و ىذا غير تاـ و ربما‬ ‫جاء الوىم من اف الراوي ىو ( ابو يعقوب البغدادي ) بتصور انو يزيد بن‬ ‫حماد االنباري ابو يعقوب الكاتب للمنتصر العباسي ‪ ،‬و ليس بتاـ الف‬ ‫البغدادي ىو يعقوب و ليس اباه ‪ ،‬فقد قاؿ النجاشي (أبو يوسف‪ ،‬من كتاب‬ ‫المنتصر‪ ،‬روى عن أبي جعفر الثاني عليو السبلـ‪ ،‬وانتقل إلى بغداد ) ىذا و‬ ‫في الكافي عن احمد بن محمد عن ابي يعقوب عن ابي الحسن العسكري و‬ ‫ال يبعد انو البغدادي ىذا و يبعد اف يكوف ابو يعقوب يزيد بن حماد الذي ابنو‬ ‫يعقوب من اصحاب الرضا عليو السبلـ ‪.‬و الذي يظهر اف الرواية ىي كما في‬ ‫الكافي ( عن ابي الحسن ( عليو السبلـ ) و التفسير بالرضا عليو السبلـ كاف‬ ‫من النقلة ‪ ،‬لذلك يمكن القوؿ بوحدة الرواية و انها اصبل مروية عن الهادي‬ ‫عليو السبلـ حتى بطرؽ الصدوؽ و تحف العقوؿ اال اف تفسير الخاطئ لبلسم‬ ‫كاف من الرواة ‪ ،‬و لهذا صح جعلها من الفاظ الخبر ‪.‬‬

‫‪129‬‬


‫منهج العرض‬

‫ففي عيوف اخبار الرضا ( عليو السبلـ) عن أبي يعقوب البغدادي قاؿ‪ :‬قاؿ‬ ‫ابن السكيت البي الحسن الرضا عليو السبلـ‪ :‬لماذا بعث اهلل عز وجل موسى‬ ‫بن عمراف بالعصا ‪ ....‬فقاؿ ابن السكيت تاهلل ما رأيت مثلك اليوـ قط فما‬ ‫الحجة على الخلق اليوـ؟ فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬العقل يعرؼ بو الصادؽ على اهلل‬ ‫فيصدقو والكاذب اهلل فيكذبو فقاؿ ابن السكيت‪ :‬ىذا واهلل الجواب‪ .‬و في‬ ‫علل الشرايع مثلو‬ ‫و في تحف العقوؿ قاؿ لو ( يقصد الرضا عليو السبلـ النو في صدد‬ ‫ذكر اخباره عليو السبلـ) ابن السكيت ‪ :‬ما الحجة على الخلق اليوـ؟ فقاؿ‬ ‫عليو السبلـ‪ :‬العقل يعرؼ بو الصادؽ على اهلل فيصدقو والكاذب على اهلل‬ ‫فيكذبو‪ .‬فقاؿ ابن السكيت‪ :‬ىذا واهلل ىو الجواب‪ ) .‬و من الواضح‬ ‫االختصار في الخبر ‪ .‬و مثلو في االحتجاج ‪.‬‬ ‫الموضع الثاني ‪ :‬مضامين الخبر‬

‫قاؿ ابن السكيت البي الحسن ( عليو السبلـ ) ‪ :‬ما الحجة على الخلق‬ ‫اليوـ؟ قاؿ‪ :‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬العقل‪ ،‬يعرؼ بو الصادؽ على اهلل فيصدقو‬ ‫والكاذب على اهلل فيكذبو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ ابن السكيت‪ :‬ىذا واهلل ىو الجواب‪.‬‬ ‫اقوؿ ال ينبغي الريب في حجية العقل و قدرتو على تمييز الحق من الباطل‬ ‫و قد بينا ذلك في مضموف الهداية و االيماف بواسطة اعماؿ العقل و التدبر‬ ‫وىذه معرفة دينية بل بشرية قطعية ‪.‬‬ ‫و ىذه القدرة للعقل و حجيتو على االنساف تلحظ من جهتين ‪:‬‬ ‫‪130‬‬


‫منهج العرض‬

‫االولى من جهة انو وسيلة االنساف الىتداء و االيماف بالرسالة االلهية‬ ‫فيؤمن بالعقل بالرسل و بالكتب السماوية ‪ ،‬بقدرة العقل االستقبللية على‬ ‫ادراؾ الحسن و القبح ‪ ،‬فيدرؾ حسن معرفة اف لهذا الكوف خالف حكيم و‬ ‫خبير و يدرؾ حسن الكتب السماوية االمرة باالخبلؽ الحسنة و يصدؽ ىذه‬ ‫المعرفة استقبلليا ‪ ،‬و يكذب ما يخالف ىذه المعرفة ‪.‬‬ ‫الثانية من جهة انو و سيلة للمؤمن باف يتعرؼ على ما ينسب الى جهة‬ ‫التشريع و الوصايا االلهية من خبلؿ ردىا الى المعارؼ الدينية الثابتة و‬ ‫القطعية الصادرة عن الحجة الشرعية المتمثلة بالقراف و السنة ‪ ،‬فيصدؽ ما‬ ‫يوافق تلك الثوابت و يكذب ما يخالف تلك الثوات و القطعيات ‪ ،‬ويلحظ‬ ‫ىنا القدرة التمييزية غير المستقلة للعقل برد المعارؼ الجديد او المطروحة‬ ‫على المعارؼ الثابتة ‪.‬‬ ‫و في الحقيقة لو تذكرنا حقيقة اف االسبلـ دين الفطرة ‪ ،‬فانا سنجد العقل‬ ‫ىو ايضا في الجهة االولى انما يقوـ بعملية رد المعارفة الجديدة الى الفطرة‬ ‫المبنية على المحاسن السلوكية و الفكرية ‪ ،‬فيكوف االستقبلؿ المنسوب‬ ‫للعقل بادراؾ الحسن و القبح ىو في حقيقتو ادراؾ للمعارؼ الفطرية المودعة‬ ‫في االنساف و التي ال تتأثر بالمحيط و البيئة ‪ ،‬و يرد ما تطرح من معارؼ اليها‬ ‫‪.‬‬ ‫و من ىنا فمضموف الخبر موافق للمعارؼ الثابتة و المصدقة ‪ ،‬من جهة‬ ‫انو حجة للتصديق و االيماف بالكتب السماوية بردىا الى الفطرة و تبين‬ ‫‪131‬‬


‫منهج العرض‬

‫حسنها و تكذيب الدعاوى الباطلة التي تخالف الفطرة ‪ .‬و من جهة تمييزه‬ ‫للصادؽ من خطابات تنسب الى الشرع بردىا الى الثابت من الحجة الشرعية‬ ‫المتمثلة بالقراف و السنة بتصديق ما وافقهما و تكذيب ما خالفهما ‪ .‬و ال‬ ‫يخفى اف في ىذا الخبر شاىد و مؤيد للتمييز المتني و المنهج المتني في‬ ‫قبوؿ االخبار الذي نقوؿ بو خبلفا للمنهج السندي ‪.‬‬

‫فالخبلصة اف مضامين الخبر مصدقة ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬منفرد متصل‬ ‫روي الخبر عن ابي الحسن علي بن محمد الهادي عليو السبلـ‬ ‫رواه عنو ابو يعقوب البغدادي ففي الكافي ( الحسين بن محمد‪ ،‬عن‬ ‫أحمد بن محمد السياري‪ ،‬عن أبي يعقوب البغدادي قاؿ‪ :‬قاؿ ابن السكيت‬ ‫البي الحسن عليو السبلـ ) و عرفت اف ابو يعقوب البغدادي ليس يزيد بن‬ ‫حماد النو ممتنع حيث اف ابنو يعقوب من اصحاب الرضا عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫فخط االتصاؿ (( (ٖ‪ - )ٖ-ٕ(-ٖ-ٖ- )ٗ-‬ابو الحسن الهادي عليو‬ ‫السبلـ (ؽٖ)‬ ‫و في العيوف ‪ :‬حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي اهلل عنو قاؿ‪:‬‬ ‫حدثنا الحسين بن محمد بن عامر قاؿ‪ :‬أبو عبد اهلل السياري عن أبي يعقوب‬ ‫البغدا دي قاؿ‪ :‬قاؿ ابن السكيت‪ )...‬و في العلل مثلو و عرفت انو و اف‬ ‫‪132‬‬


‫منهج العرض‬

‫ذكروا اف الرواية عن ابي الحسن الرضا اال انها عن ابي الحسن الثالث‬ ‫العسكري الهادي عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫و في المناقب ؛ ابن شهراشوب‪ :‬قاؿ المتوكل ‪ )...‬منقطع ‪.‬‬ ‫فالخبلصة ‪ :‬الطريق منفرد متصل ‪ .‬الف االتصاؿ يتبع اعلى درجات الطرؽ‬ ‫‪.‬‬

‫فصل (‪ )ٚ‬حديث (حجة اهلل على العباد النبي‪ ،‬والحجة فيما بين العباد‬ ‫وبين اهلل العقل )‬ ‫المتن ‪:‬‬

‫عن أبي عبداهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬حجة اهلل على العباد النبي‪،‬‬

‫والحجة فيما بين العباد وبين اهلل العقل‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫أ‪ -‬االلفاظ‬ ‫ذكر الخبر في الكافي و في منطوقو مضموناف ( حجة اهلل على العباد‬ ‫النبي‪ ،‬وال حجة فيما بين العباد وبين اهلل العقل‪ . ).‬و من الظاىر اف المضمونين‬ ‫‪133‬‬


‫منهج العرض‬

‫مصدقين ‪ ،‬حيث انو ليس ألي من المنطوقين مفهوـ ‪ ،‬فالنبي حجة اهلل على‬ ‫عباده وىو الحجة ما بين العباد و بين اهلل تعالى ‪ ،‬كما اف العقل ىو الحجة‬ ‫بين العباد و بين اهلل تعالى وىو حجة اهلل تعالى على خلقو ‪ .‬فالخبر مصدؽ ‪.‬‬ ‫ىذا و لقد تصور اف للمنطوؽ ىنا مفهوـ فيتعارض المضموناف ‪ ،‬او اف‬ ‫للقيود دالالت وىو االصل في القيد و قد قيل في ذلك عدة اقواؿ‬ ‫االوؿ ‪ :‬اف االىتداء الى اهلل تعالى و النبي صلى اهلل عليو و الو العقل و‬ ‫بعد االىتداء و االيماف يكوف الحجة النبي صلى اهلل عليو و الو ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬اف النبي صلى اهلل عليو و الو ىو الحجة الظاىرة و اف العقل حجة‬ ‫باطنة‬ ‫الثالث ‪ :‬اف حجية النبي صلى اهلل عليو و لو قاطعة للعذر و اف حجية‬ ‫العقل كافية للهداية ‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬اف حجية النبي صلى اهلل عليو و الو من اهلل تعالى ال دخل للعباد‬ ‫في تحقيقها ‪ ،‬و اما حجية العقل فاف للعباد دخل فيها عن طريق اتكامل ‪.‬‬ ‫الخامس ‪ :‬اف النبي صلى اهلل عليو و الو دليل خارجي و العقل دليل‬ ‫داخلي ‪.‬‬ ‫اقوؿ من الظاىر اف بعض تلك التأويبلت غير مناسبة لظاىر الخبر ‪ ،‬و‬ ‫التمييز دالليا بيت المضمونين غير ضروري كما بينا ‪ ،‬و اف ابيت اال التمييز‬ ‫فاقرب فهم للخبر اف النبي صلى اهلل عليو و الو حجيتو معلنة و ظاىرة و‬ ‫منصوصة ‪ ،‬واف العقل حجة على كل انساف و اف لم يصلو النص ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫‪134‬‬


‫منهج العرض‬

‫الخبر رواه في الكافي عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ‪ ،‬رواه عنو عبد اهلل بن‬ ‫سناف ‪ ( .‬علي بن محمد‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن محمد بن سليماف‪ ،‬عن علي‬ ‫بن إبراىيم عن عبداهلل بن سناف‪ ،‬عن أبي عبداهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬حجة اهلل‬ ‫على العباد النبي‪ ،‬والحجة فيما بين العباد وبين اهلل العقل‪) .‬‬ ‫الخبلصة ‪ :‬الخبر مفرد الطريق سنده من الدرجة الثالثة ‪.‬‬

‫فصل (‪ )ٛ‬حديث ( أي عقل لو وىو يطيع الشيطاف؟ فقلت لو‪ :‬وكيف‬ ‫يطيع الشيطاف؟ فقاؿ سلو ىذا الذي ياتيو من أي شئ ىو؟ فإنو يقوؿ لك من‬ ‫عمل الشيطاف ‪) .‬‬

‫المتن ‪ :‬عبداهلل بن سناف قاؿ‪ :‬ذكرت البي عبداهلل عليو السبلـ رجبل مبتلى‬ ‫بالوضوء والصبلة وقلت‪ :‬ىو رجل عاقل‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أبوعبداهلل وأي عقل لو وىو‬ ‫يطيع الشيطاف؟ فقلت لو‪ :‬وكيف يطيع الشيطاف؟ فقاؿ سلو ىذا الذي ياتيو من‬ ‫أي شئ ىو؟ فإنو يقوؿ لك من عمل الشيطاف ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫‪135‬‬


‫منهج العرض‬

‫في الكافي ‪ :‬عن عبداهلل بن سناف قاؿ‪ :‬ذكرت البي عبداهلل عليو السبلـ‬ ‫رجبل مبتلى بالوضوء والصبلة وقلت‪ :‬ىو رجل عاقل‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أبوعبداهلل وأي‬ ‫عقل لو وىو يطيع الشيطاف؟ فقلت لو‪ :‬وكيف يطيع الشيطاف؟ فقاؿ سلو ىذا‬ ‫الذي ياتيو من أي شئ ىو؟ فإنو يقوؿ لك من عمل الشيطاف ‪.‬‬ ‫أي اف مبتلى بالوسواس فيهما ‪ ،‬و من حيث اف ذلك من الشيطاف فهو‬ ‫مصدؽ قاؿ تعالى ( من شر الوسواس الخناس(*) الذي يوسوس في صدور‬ ‫الناس ) و في المصدؽ (عن أبي عبداهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬ما من مؤمن إال‬ ‫ولقلبو اذناف في جوفو‪ :‬اذف ينفث فيها الوسواس الخناس‪ ،‬واذف ينفث فيها‬ ‫الملك‪ ،‬فيؤيداهلل المؤمن بالملك‪ ،‬فذلك قولو‪ " :‬وأيدىم بروح منو " و بهذا‬ ‫ايضا يتبين معن ى اطاعة الشيطاف ‪ ،‬و مخالفة العقل لذلك واضحة و مصدقة‬ ‫لنورانية العقل و اعتدالو ‪ .‬فالخبر نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬

‫رواه في الكافي عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ‪ ،‬رواه عنو عبد اهلل بن‬ ‫سناف‬ ‫الكافي ‪ ( :‬محمد بن يعقوب ) عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬ ‫محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عبداهلل بن سناف قاؿ‪ :‬ذكرت ألبي عبداهلل (‬ ‫عليو السبلـ ) ‪)..‬‬

‫‪136‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (‪ )ٜ‬حديث ( ال فقر أشد من الجهل )‬ ‫قوؿ النبي (صلى اهلل عليو و الو ) المير المؤمنين (عليو السبلـ ) يا‬ ‫علي إنو ال فقر أشد من الجهل و ال ماؿ أعود من العقل وال وحدة أوحش من‬ ‫العجب ‪ ،‬و ال مظاىرة أوثق من المشاورة و ال عقل كالتدبير و ال ورع‬ ‫كالكف و ال حسب كحسن الخلق و ال عبادة كالتفكر ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬الحديث نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫قبل بحث الخبر ال بد من مقدمة وىي اف وصية رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫و الو نقلت بشكل قطعة واحدة كما في ما ال يحضره الفقيو عن حامد بن‬ ‫عمرو و انس بن محمد عن ابيو ‪ ،‬و نقلت منها مقاطع في كتب الخاصة و‬ ‫العامة ‪ ،‬لم تكن في موطن واحد و انما ىو تجميع و يشهد لو اف كثير من‬ ‫المقاطع رويت باكثر من طريق عن النبي صلى اهلل عليو و الو و االئمة و‬ ‫االختبلؼ و التباين في موضوعاتها بل في تصنيفاتها ‪ ،‬و من ىنا يصح اف‬ ‫نقوؿ اف ( وصية النبي المير المؤمنين عليهما السبلـ) ىي كتاب و ليس رواية‬ ‫نقلها الصدوؽ و ال يعارض ذلك مقدمة الرواية ( عن أبي عبد اهلل (عليو‬ ‫السبلـ ) عن آبائو عليهم السبلـ عن النبي (صلى اهلل عليو و الو ) قاؿ قاؿ‬ ‫‪137‬‬


‫منهج العرض‬

‫لعلي (عليو السبلـ ) يا علي أوصيك بوصية فاحفظها عني فقاؿ لو علي يا‬ ‫رسوؿ اهلل أوص ‪ .‬فكاف في وصيتو أف ‪ )...‬فيمكن ارادة جنس الوصية و‬ ‫التي تكرر لف ظها منو صلى اهلل عليو و الو في المواطن المختلفة ‪ ،‬و كذلك‬ ‫يمكن ذلك في عبارة ( فاحفظها عني ) و كذلك رد امير المؤمنين عليو‬ ‫السبلـ و عبارة ( فكاف من وصيتو ) اي كاف من وصاياه ‪.‬ألنو يمكن اف يكوف‬ ‫اوصاه في مواطن لم يذكرىا االماـ عليو السبلـ ‪ ،‬و تكوف رواية الصدوؽ ىي‬ ‫الوصايا التي ذكرىا االماـ الصادؽ عليو السبلـ و اوصى بها رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو و الو المير المؤمنين عليو السبلـ في مواطن مختلفة ‪ .‬و كذلك‬ ‫تصدير الوصايا بعبارة ( يا علي ) فاف الظاىر ارادة بياف اف الكبلـ كاف موجها‬ ‫الى امير المؤمنين حين صدور القوؿ ‪ ،‬فيكوف التقدير ( قاؿ رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو و الو المير المؤمنين عليو السبلـ يا علي ) ‪ .‬من ىنا يكوف الصحيح‬ ‫ىو بحث كل مقطع من المقاطع حسب الموضوع الذي تناولو ‪ .‬و سنعتبر اف‬ ‫كل مقطع يبتدأ بعبارة ( يا علي ) ىي رواية منفصلة عن غيره و قيلت في‬ ‫موضع واحد الف ذلك ىو ظاىرىا و يكوف لكل منها بحث خاص من حيث‬ ‫المتن و العرض و الطرؽ و االسانيد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض ‪ :‬الحديث معتمد مصدؽ‬ ‫ىذا لفظ رواية المحاسن بسنده عن السري بن خالد ‪ ،‬و المتن نقي و‬ ‫مصدؽ كما ىو ظاىر فاف الحث على العلم و التعقل و الورع و حسن الخلق‬ ‫و التدبير و التفكر ثابت في الشرع ‪.‬و ( اعود) اي انفع و الكف اي عن‬ ‫محارـ اهلل كما ىو ظاىر و مصرح بو في غير مكاف ‪.‬‬ ‫‪138‬‬


‫منهج العرض‬

‫و في السرائر عن ( من ال يحضره الفقيو)‬ ‫الجهل‪ ،‬وال ماؿ اعود من العقل‪ ،‬وال وحدة‬

‫يا علي‬

‫الفقر اشد من‬

‫اوحش من العجب‪ ،‬والعقل‬

‫كالتدبير‪ ،‬والورع كالكف‪ ،‬والحسب كحسن الخلق‪ ،‬وال عبادة مثل التفكر ‪).‬‬ ‫فاالختبلؼ في نقصاف عبارة (ال مظاىرة أوثق من المشاورة )‬ ‫و في ال فقيو ( ياعلي ال فقر أشد من الجهل‪ ،‬وال ماؿ أعود من العقل ‪،‬‬ ‫وال وحشة أوحش من العجب ‪ ،‬وال عقل كالتدبير‪ ،‬وال ورع كالكف عن محارـ‬ ‫اهلل تعالى‪ ،‬وال حسب كحسن الخلق‪ ،‬وال عبادة مثل التفكر‪ ).‬و االختبلؼ‬ ‫عن متن المحاسن كما ىو في السرائر لكن ىنا زيادة ( عن محارـ اهلل ) و‬ ‫المفروض اف صاحب الشرائر قد اخذ النص من الفقيو ‪ ،‬وىو مطابق‬ ‫للمحاسن كما ىو مطابق لغيره كما سيأتي بيانو ‪ ،‬فالظاىر اف االضافة حصلت‬ ‫من النساخ ادراجا و بيانا و ليس من لفظ الرواية ‪ .‬و يشهد لذلك اف في‬ ‫الخصاؿ برواية انس بن محمد عن ابيو (مثلو ‪ ...‬وال ورع كالكف عن محارـ‬ ‫اهلل وعما ال يليق‪ )....‬فانو اضاؼ عبارة ( وعما ال يليق ) وال يبقى شك اف‬ ‫ذلك ادراج من النساخ او الصدوؽ و ليس من الرواية ‪.‬‬ ‫و في تحف العقوؿ مرفوعا (يا علي إنو ال فقر أشد من الجهل وال ماؿ‬ ‫أعود من العقل‬

‫وال وحدة أوحش من العجب وال مظاىرة أحسن من‬

‫المشاورة وال عقل كالتدبير وال حسب كحسن الخلق وال عبادة كالتفكر‪) .‬‬ ‫وىي مطابقة للمحاسن اال في نقصاف عبارة ( و ال ورع كالكف ) و ابداؿ‬ ‫كلمة اوثق باحسن ‪.‬لكنو نقلها في موضع اخر ىكذا (يا علي إنو ال فقر أشد‬ ‫من الجهل‪ .‬وال ماؿ أعود من العقل‪ .‬وال وحدة أوحش من العجب‪ .‬وال عمل‬ ‫‪139‬‬


‫منهج العرض‬

‫كالتدبير‪ .‬وال ورع كالكف‪ .‬وال حسب كحسن الخلق‪ ،‬إف الكذب آفة‬ ‫الحديث‪ ،‬وآفة العلم النسياف‪ ،‬وآفة السماحة المن ) باثبات كلمة ( ال ورع‬ ‫كالكف ) و عدـ ذكر ( وال عبادة كالتفكر) و ال عبارة ( با علي) و يظهر انو‬ ‫نقلها من مصدر اخر غير االوؿ ‪ ،‬كما اف ىذا الدمج عرفت ما فيو فانها‬ ‫مبنية على انها رواية واحدة و ال نعرؼ ما ىي مصادره و اف كانت نقية غالبا و‬ ‫لها شواىد ‪.‬و في الكافي ( يا علي ال فقر أشد من الجهل‪ ،‬وال ماؿ أعود من‬ ‫العقل ‪).‬‬ ‫و في المعجم الكبير ( ال فقر أشد من الجهل وال ماؿ أعود من العقل‬ ‫وال وحدة أوحش من العجب وال إستظهار أوفق من المشاورة وال عقل كالتدبير‬ ‫وال حسب كحسن الخلق وال ورع كالكف وال عبادة كالتفكر وال إيماف‬ ‫كالحياء والصبر وآفة الحديث الكدب وآفة العلم النسياف وآفة الحلم السفو‬ ‫وآفة العبادة الفترة وآفة الظرؼ الصلف وآفة الشجاعة البغي وآفة السماحة‬ ‫المن وآفة الجماؿ الخيبلء وآفة الحسب الفخر يا بني ‪ )...‬اقوؿ و ليس‬ ‫بالضرورة اف يكوف امير المؤمنين سمع ذلك كلو في موطن واحد ‪ ،‬بل ظاىر‬ ‫باقي الروايات تشهد بتعدد المواطن ‪ ،‬و االختبلؼ عن رواية المحاسن في (‬ ‫استظهار ) مكاف مظاىرة و الرواية تشعر اف (وال إيماف كالحياء والصبر)‬ ‫من المقطع االوؿ ‪.‬‬ ‫و في حلية االولياء ( ال فقر أشد من الجهل وال ماؿ أعود من العقل )‬ ‫و في شعب االيماف للبيهقي ( العقل أعوز من الماؿ و ال فقر أشد من‬ ‫الجهل و ال وحدة أشد من العجب و ال مظاىرة أوثق من المشاورة و ال عقل‬ ‫كالتدبير و ال حسب كحسن الخلق و ال ورع كالكف و ال عبادة كالتفكر و‬ ‫‪140‬‬


‫منهج العرض‬

‫آفة الحديث الكذب و آفة العلم النسياف و آفة الظرؼ الصلف و آفة‬ ‫الجماؿ البغي و آفة الشجاعة الفخر يا بني ‪ )...‬اقوؿ ىكذا في كتاب شعب‬ ‫االيماف لكن في جامع االحاديث عنو (ال ماؿ أعود من العقل وال فقر أشد‬ ‫‪ ....‬وآفة الشجاعة الفخر ) و في جمع الجوامع عنو ( ال ماؿ أعود من‬ ‫العقل وال فقر ‪ ....‬وآفة الشجاعة الفخر)‬ ‫و في تاريخ دمشق ( ال فقر اشد من الجهل وال ماؿ اعود من العقل وال‬ ‫وحدة أو حش من العجب وال مظاىرة اوثق من المشاورة وال عقل كالتدبير وال‬ ‫حسب كحسن الخلق وال ورع كالكف وال عبادة كالتفكر وال إيماف كالحياء‬ ‫والصبر وآفة الحديث الكذب وآفة العلم النسياف وآفة الحلم السفو وآفة‬ ‫العبادة الفترة وآفة الظرؼ الصلف وآفة الشجاعة البغي وآفة السماحة المن‬ ‫وآفة الجماؿ الخيبلء وآفة الحسب الفخر يا بني‪)....‬‬ ‫و في تهذيب الكماؿ قاؿ علي عليو السبلـ ‪ :‬يا بني سمعت رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪ :‬ال فقر أشد من الجهل ‪ ،‬وال ماؿ أعود من العقل‬ ‫‪ ،‬وال وحشة أوحش من العجب ‪ ،‬وال مظاىرة أوثق من المشاورة ‪ ،‬وال عقل‬ ‫كالتدبير ‪ ،‬وال حسب كحسن الخلق ‪ ،‬وال ورع كالكف ‪ ،‬وال عبادة كالتفكر ‪،‬‬ ‫وال إيماف كالحياء والصبر ‪ ،‬وآفة الحديث الكذب ‪ ،‬وآفة العلم النسياف ‪،‬‬ ‫وآفة الحلم السفو ‪ ،‬وآفة العبادة الفترة ‪ ،‬وآفة الظرؼ الصلف ‪ ،‬وآفة‬ ‫الشجاعة البغي ‪ ،‬وآفة السماحة المن ‪ ،‬وآفة الجماؿ الخيبلء ‪ ،‬وآفة الحسب‬ ‫الفخر" ‪ ،‬يا بني‬

‫‪141‬‬


‫منهج العرض‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ ‪ :‬الحديث متعدد الطرؽ ‪.‬‬ ‫روى الخبر عن امير المؤمنين عليو السبلـ عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫و الو و عن الصادؽ عليو السبلـ عن ابائو عنو صلى اهلل عليو و الو ستة رواة‬ ‫‪-:‬‬ ‫السري بن خالد رواه عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ففي المحاسن عن‬ ‫حامد بن عمرو عن السري بن خالد عن أبي عبد اهلل (عليو السبلـ ) قاؿ‪ :‬قاؿ‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو‪ :‬و في الكافي عن حماد بن عثماف عن‬ ‫السري بن خالد‪ ،‬عن أبي عبداهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو وآلو‪ :‬و في المحاسن ايضا عن عبدالملك بن سلمة‪ ،‬عن السرى بن‬ ‫خالد‪ ،‬عن أبى عبداهلل (عليو السبلـ ) قاؿ‪ :‬فيما أوصى بو رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو وآلو عليا (عليو السبلـ ) ‪.‬و حكى االلباني انو رواه أبو بكر األبهري‬ ‫في " الفوائد المنتقاة عن السري بن خالد عن جعفر بن محمد‬ ‫و الحارث االعور رواه عن امير المؤمنين عليو السبلـ ففي مسند‬ ‫القضاعي‬

‫عن الحارث ‪ ،‬أف عليا ‪ ،‬عليو السبلـ سأؿ ابنو الحسن عن أشياء‬

‫وقاؿ ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ‪ :‬و في المعجم الكبير‬ ‫عن الحارث ‪ ...‬قاؿ علي ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و سلم يقوؿ ‪:‬‬ ‫و في حلية االولياء عن الحارث قاؿ سأؿ علي ابنو الحسن عن أشياء ‪.....‬‬ ‫فقاؿ علي سمعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و سلم يقوؿ ال فقر أشد من‬ ‫الجهل وال ماؿ أعود من العقل ‪ .‬و في و في تاريخ دمشق عن الحارث أف‬ ‫عليا سأؿ ابنو الحسن عن أشياء ‪...‬ثم قاؿ علي عليو السبلـ يا بني سمعت‬ ‫‪142‬‬


‫منهج العرض‬

‫رسوؿ اهلل ( صلى اهلل عليو ( والو) و سلم ) يقوؿ‪ )..‬وعن السيوطي‬

‫ال فقر‬

‫أشد من الجهل وال غنى أعود من العقل وال عبادة كالتفكر (أبو بكر بن كامل‬ ‫ضا ‪ :‬ابن حباف‬ ‫فى معجمو ‪ ،‬وابن النجار عن الحارث عن على) و أخرجو أي ً‬ ‫فى الضعفاء ‪ .‬و في جامع االحاديث عن الحارث االعور ‪(....‬الصابونى فى‬ ‫ضا ‪ :‬ابن حباف فى الضعفاء و في تهذيب‬ ‫المائتين ) و فيو ايضا ‪ ..‬أخرجو أي ً‬ ‫الكماؿ عن الحارث األَعور ‪ :‬أف عليا عليو السبلـ سأؿ ابنو الحسن عن أشياء‬

‫‪)....‬‬ ‫و عاصم بن ضمرة رواه عن امير المؤمنين عليو السبلـ ففي شعب‬ ‫االيماف البيهقي عن عاصم بن ضمرة عن علي أنو قاؿ للحسن ابنو ‪ :‬يا بني‬ ‫سمعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و سلم يقوؿ ‪:‬‬ ‫و عبد الحميد الكوفي رواه عن االماـ الصادؽ عليو السبلـ فقد حكى‬ ‫االلباني انو قد أخرجو الديلمي في " مسنده ‪ ....‬عن الحسن بن عبد‬ ‫الحميد الكوفي عن أبيو عن جعفر بن محمد عليو السبلـ بو ‪.‬‬ ‫و حماد بن عمرو النصيبي رواه عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ففي كماؿ‬ ‫الدين عن حماد بن عمرو ‪ ،‬عن االماـ جعفر الصادؽ عليو السبلـ بو ‪.‬و‬ ‫في من ال يحضره الفقيو عن حماد بن عمرو عن الصادؽ عليو السبلـ بو ‪.‬‬ ‫و محمد ابو انس‬

‫رواه عن جعفر الصادؽ عليو السبلـ ففي من ال‬

‫يحضره الفقيو عن انس بن محمد عن ابيو عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫ىذا و قد وارسلو صاحب تحف العقوؿ قاؿ (وصيتو صلى اهلل عليو و الو‬ ‫المير المؤمنين عليو السبلـ) ‪.‬‬ ‫السند ‪:‬‬

‫‪143‬‬


‫منهج العرض‬

‫المحاسن عن حماد بن عمرو النصيبي عن السري بن خالد عن أبي عبد‬ ‫اهلل (عليو السبلـ ) ( (ٖ)‪ -)ٕ (-)ٖ-ٕ(-‬االماـ الصادؽ عليو السبلـ‬ ‫(ٔ‪. )ٕ-‬فالسند متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫و في الكافي الحسين بن محمد‪ ،‬عن معلى بن محمد‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬ ‫حماد بن عثماف‪ ،‬عن السري بن خالد‪ ،‬عن أبي عبداهلل عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو‪ :‬يا علي ال فقر أشد من الجهل‪ ،‬وال ماؿ أعود‬ ‫من العقل ‪ . ) .‬خط السند ( (ٖ‪)ٕ(- )ٖ-ٕ(-)ٖ-ٕ(-ٖ- )ٖ( -)ٗ-‬‬ ‫– االماـ الصادؽ عليو السبلـ ‪ ) .‬السند متصل من الثالثة ‪.‬‬ ‫و في الفقيو وما كاف فيو عن حماد بن عمرو‪ ،‬وأنس بن محمد في وصية‬ ‫النبى صلى اهلل عليو وآلو المير المؤمنين عليو السبلـ فقد رويتو عن محمد بن‬ ‫علي الشاه بمرو الرود قاؿ‪ :‬حدثنا أبوحامد أحمد بن محمد بن أحمد بن‬ ‫الحسين قاؿ‪ :‬حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قاؿ‪ :‬حدثنا محمد بن‬ ‫أحمد بن صالح التميمي قاؿ‪ :‬اخبرنا أبي‪ :‬أحمد بن صالح التميمي قاؿ أخبرنا‬ ‫محمد بن حاتم القطاف‪ ،‬عن حماد بن عمرو‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن ابيو‪،‬‬ ‫عن جده‪ ،‬عن علي بن ابي طالب عليهم السبلـ‪ ) .‬و في ‪.‬‬

‫و في كماؿ‬

‫الدين مثلو ‪.‬و و في العلل مثلو لكن حدثنا محمد بن علي (الشبامي اقوؿ‬ ‫الصحيح الشاه ) أبو الحسين الفقيو بمرو ‪.‬‬

‫‪144‬‬


‫منهج العرض‬

‫خط السند (ٗ‪-)ٕ(- )ٖ-ٕ(- )ٖ-ٕ(-ٖ-ٖ-)ٗ-ٖ( – )ٗ-ٖ(-‬‬ ‫الصادؽ عليو السبلـ (ٔ‪ ) )ٕ-‬فالسند متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫ورويتو ايضا " عن محمد بن علي الشاه قاؿ‪ :‬حدثنا أبو حامد قاؿ‪ :‬أخبرنا‬ ‫أبويزيد قاؿ‪ :‬أخبرنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي قاؿ‪ :‬حدثنا أبي قاؿ‪:‬‬ ‫حدثني أنس بن محمد أبومالك‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن‬ ‫جده‪ ،‬عن على بن أبي طالب عليهم السبلـ عن النبي صلى اهلل عليو وآلو قاؿ‬ ‫لو‪ :‬ياعلي اوصيك بوصية فاحفظها ) خط السند ( ٗ‪-)ٗ-ٖ(-)ٗ-ٖ( -‬‬ ‫ٖ‪ – )ٕ(-)ٖ-ٕ(-)ٖ-ٕ( -ٖ-‬االماـ الصادؽ عليو السبلـ (ٕ‪)ٔ-‬‬ ‫‪).‬فالسند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫و في مسند الشهاب القضاعي أخبرنا محمد بن إسحاؽ القهستاني ‪ ،‬أبنا‬ ‫أبو الحسن ‪ ،‬علي بن حساف بن القاسم بن الفضل بن حساف الجديلي‬ ‫الدممي األنباري ‪ ،‬ثنا محمد بن عبد اهلل بن سليماف الحضرمي مطين ‪ ،‬ثنا‬ ‫محمد بن العبلء ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬ثنا معاوية ‪ ،‬عن سفياف ‪ ،‬عن أبي إسحاؽ ‪ ،‬عن‬ ‫الحارث ‪ ،‬عن علي ‪( ،‬عليو السبلـ) ‪ .‬الحارث ىو بن عبد اهلل االعور ‪.‬‬ ‫خط السند ‪-ٔ(-ٕ-)ٖ-ٕ(– )ٖ-ٕ( -ٖ- )ٗ-ٖ(-ٗ-)٘-ٗ(( :‬‬ ‫ٕ)‪ - ٔ -‬امير المؤمنين عليو السبلـ (ٔ) ) فالسند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫و قاؿ ‪ :‬وحدثنا مطين ‪ ،‬ثنا علي بن المنذر ‪ ،‬ثنا عثماف بن سعيد الزيات‬ ‫‪ ،‬ثنا محمد بن عبد اهلل أبو رجاء الحبطي ‪ ،‬ثنا شعبة ‪ ،‬عن أبي إسحاؽ ‪ ،‬عن‬

‫‪145‬‬


‫منهج العرض‬

‫الحارث ‪ ،‬أف عليا ‪ ،‬عليو السبلـ سأؿ ابنو الحسن عن أشياء وقاؿ ‪ :‬سمعت‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪) :‬‬ ‫خط السند ( (ٗ‪-ٔ( -)ٖ-ٕ( -)ٖ-ٕ(-ٖ-ٖ-)ٗ-ٖ(-ٗ-)٘-‬‬ ‫ٕ)‪ -ٔ- )ٕ-ٔ(-‬امير المؤمنين عليو السبلـ (ٔ)) فالسند متصل من الثانية‬

‫و في المعجم الكبير حدثنا محمد بن عبد اهلل الحضرمي ثنا علي بن‬ ‫المنذر الطريقي ثنا عثماف ب ن سعيد الزيات ثنا محمد بن عبد اهلل أبو رجاء‬ ‫الحبطي التستري ثنا شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاؽ ‪ :‬عن الحارث أف عليا‬ ‫رضي اهلل عنو سأؿ ابنو الحسن بن علي رضي اهلل عنو عن أشياء )‬ ‫خط السند ((ٖ‪-ٔ- )ٕ-ٔ(-)ٕ-ٔ( -)ٖ-ٕ( -)ٖ-ٕ(-ٖ-)ٗ-‬‬ ‫امير المؤمنين عليو السبلـ (ٔ)) فالسند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫شعب االيماف البيهقي أخبرنا أبو عبد اهلل الحافظ أنا أبو بكر محمد بن‬ ‫عبد اهلل بن الجراح العدؿ نا محمد بن المنذر بن سعيد نا أحمد بن يحيى‬ ‫الصوفي نا عثماف بن سعيد األحولي نا محمد بن عبد اهلل الحبطي من أىل‬ ‫تستر نا شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاؽ عن عاصم بن ضمرة عن علي أنو‬ ‫قاؿ للحسن ابنو ) ‪.‬‬

‫‪146‬‬


‫منهج العرض‬

‫خط السند ( (ٗ‪-ٔ(-)ٖ-ٕ(-)ٖ-ٕ(- )ٖ(-)ٗ-ٖ( -ٗ- )٘-‬‬ ‫ٕ)‪ -ٔ-)ٕ-ٔ(-‬امير المؤمنين عليو السبلـ (ٔ) ) السند متصل من الثانية‬ ‫‪.‬‬ ‫و في تاريخ دمشق اخبرنا أبو القاسم عبيد اهلل وأبو الحسن علي ابنا‬ ‫حمزة بن إسماعيل بن حمزة الموسوياف وأبو نصر احمد بن محمد بن أبي‬ ‫العباس وأبو جعفر محمد بن علي بن محمد الفقيهاف وأبو النضر عبد الرحمن‬ ‫بن عبد الجبار بن عثماف وأبو الفتح محمد بن الموفق بن محمد العدالف‬ ‫وأبو المظفر عبد الفاطر بن عبد الرحيم بن عبد اهلل بن أبي بكر المقرئ قالوا‬ ‫أنا أبو سهل نجيب بن ميموف بن علي الواسطي أنا أبو علي منصور بن عبد‬ ‫اهلل بن خالد الذىلي أنا أبو بكر احمد بن سليماف بن الحسن الفقيو ببغداد نا‬ ‫محمد بن عبد اهلل بن سليماف نا علي بن المنذر نا عثماف بن سعيد الزيات‬ ‫حدثني أبو رجاء الحبطي من أىل تستر نا شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاؽ‬ ‫عن الحارث أف عليا سأؿ ابنو الحسن عن أشياء ‪ )..‬كلها كاالوؿ ‪.‬‬

‫فالخبلصة ‪ :‬الخبر متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫فصل (ٓٔ) حديث ( من كاف عاقبل كاف لو دين‪ ،‬ومن كاف لو دين دخل‬ ‫الجنة‪) .‬‬

‫‪147‬‬


‫منهج العرض‬

‫المتن ‪ :‬قاؿ أبو عبد اهلل (عليو السبلـ)‪ :‬من كاف عاقبل كاف لو دين‪ ،‬ومن‬ ‫كاف لو دين دخل الجنة‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪. .‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫في الخبر مضموناف‬ ‫المضموف االوؿ ‪ :‬من كاف عاقبل كاف لو دين ‪ .‬وىو مصدؽ بالمعارؼ‬

‫الثابتة قاؿ تعالى ( َوَما يَ َّذ َّكر إَِّال أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) و قاؿ تعالى (إِ َّف فِي َخل ِْق‬ ‫ُ‬ ‫ض وا ْختِ َبل ِ‬ ‫ؼ اللَّْي ِل والنػَّها ِر َآلَي ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ات ِألُولِي ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬ ‫َ َ َ‬ ‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر ِ َ‬

‫المضموف الثاني ‪ :‬ومن كاف لو دين دخل الجنة‪ .‬وىو مصدؽ بالمعارؼ‬ ‫الثابت قاؿ تعالى (إِ َّف لِلْمت َِّقين ِع ْن َد ربّْ ِهم جن ِ‬ ‫ْك‬ ‫َّات الن َِّع ِيم ) و قاؿ تعالى (تِل َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ث ِمن ِعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ادنَا َم ْن َكا َف تَِقيِّا )‬ ‫ْجنَّةُ الَّتي نُوِر ُ ْ َ‬ ‫ال َ‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫روي الخبر عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ‪ ،‬رواه الصدوؽ و الكليني عن‬ ‫اسحاؽ بن عمار عنو‬ ‫الكافي ‪ :‬الكليني ‪ :‬أحمد بن إدريس‪ ،‬عن محمد بن حساف‪ ،‬عن أبي‬ ‫محمد الرازي‪ ،‬عن سيف بن عميرة‪ ،‬عن إسحاؽ بن عمار قاؿ‪ :‬قاؿ أبوعبداهلل‬ ‫عليو السبلـ‪ :‬من كاف عاقبل كاف لو دين‪ ،‬ومن كاف لو دين دخل الجنة‪. .‬‬ ‫‪148‬‬


‫منهج العرض‬

‫و في ثواب االعماؿ ‪ :‬الصدوؽ ‪ :‬عن ابيو عن احمد بن ادريس مثلو ‪.‬‬ ‫فالخبلصة ‪ :‬الخبر متعدد الطرؽ و سنده من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫فصل (ٔ​ٔ) حديث ( العقل ‪ :‬ما عبد بو الرحمن و اكتسب بو الجناف )‬ ‫المتن ‪ :‬محمد بن عبد الجبار عن بعض أصحابنا رفعو إلى أبي عبد اهلل‬ ‫(عليو السبلـ ) قاؿ قلت لو ما العقل قاؿ ما عبد بو الرحمن و اكتسب بو‬ ‫الجناف قاؿ قلت فالذي كاف في معاوية قاؿ تلك النكراء و تلك الشيطنة و‬ ‫ىي شبيهة بالعقل و ليست بعقل ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫المضموف االوؿ ‪ :‬العقل ‪ :‬ما عبد بو الرحمن و اكتسب بو الجناف ‪.‬‬ ‫مضموف اف العقل سبيل الهداية و االيماف و التقوى و دليل ذلك كلو‬ ‫مؤكد مرار و مصدؽ بل ىو معرفة ثابتة ‪ ،‬بل ىو متواتر معنى ‪.‬‬ ‫و ظاىره اف الدىاء و كسب الدنيا و النجاح في امورىا الفانية دوف ىداية‬ ‫و ايماف ليس من العقل ‪.‬‬ ‫المضموف الثاني ‪ :‬اف ما كاف عند معاوية نكراء و شيطنة ‪.‬‬ ‫قاؿ في البحار ‪ :‬النكراء‪ :‬الدىاء والفطنة وجودة الرأي‪ ،‬وإذا‬

‫‪149‬‬


‫منهج العرض‬

‫استعمل في مشتهيات جنود الجهل يقاؿ لو الشيطنة ‪ .‬و ىذا المضموف‬ ‫فيو اثبات النكراء والشيطنة لمعاوية بن ابي سفياف و فيو طعن فيو و ذـ لو و‬ ‫االصل في المسلم السبلمة و عدـ جواز الطعن فيو فبل بد الجل اعتماد ىذا‬ ‫المضموف من مصدؽ مخرج لو من ىذا االصل ‪ .‬و الكبلـ ىنا في خمس‬ ‫جهات‬ ‫االولى ‪ :‬طلب معاوية للدنيا و الرئاسة ثابت وىذا واف كاف خبلؼ االيماف‬ ‫الحق اال انو ليس خبلؼ االسبلـ فبل يبيح الطعن فيو من دوف ترتب مفسدة‬ ‫على فعلو ‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬من الثابت اف معاوية بن ابي سفياف باغ قد خرج عن طاعة و لي‬ ‫االمر و نازع االمر اىلو و كل ذلك اظهار للظلم وىو مقوـ للفسق و فسق‬ ‫ىكذا شخص ثابت ‪.‬‬ ‫الثالثة ‪ :‬نفاؽ معاوية باف يكوف مسلما في الظاىر يعامل معاملة المسلم في‬ ‫الدنيا كافرا في باطنو مستحقا للنار في االخرة ىو ظاىر االخبار المصدقة و‬ ‫افضل مصدؽ لها نصبو المير المؤمنين عليو السبلـ وىو ثابت ‪.‬‬ ‫الرابعة ‪ :‬نصب معاوية المير المؤمنين عليو السبلـ و لبلماـ الحسن عليو‬ ‫السبلـ معرفة ثابتة ‪.‬‬ ‫الخامسة ‪ :‬كفر معاوية معرفة غير مصدقة اذ اف ظاىره االسبلـ ‪ ،‬و‬ ‫النصب ال يثبت الكفر اال اف يكوف منتهيا الى انكار الرسالة ظاىرا ‪.‬‬

‫‪150‬‬


‫منهج العرض‬

‫اذف لدينا ثبلثة معارؼ مصدقة لجواز الطعن و مضامين الذـ لمعاوية بن‬ ‫ابي سفياف اثناف ثابتة قطعية وىي فسقو و نصبو و واحدة مصدقة وىي نفاقو ‪.‬‬ ‫فالخبر بمضموف النكراء و الشيطنة في معاوية و و انو من الطعن و الذـ فيو‬ ‫ايضا مصدؽ ‪.‬‬ ‫فالخبلصة الخبر مصدؽ بكل مضامينو ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫روي الخبر عن االماـ الصادؽ عليو السبلـ ‪ ،‬رواه عنو في الكافي و‬ ‫المحاسن و معاني االخبار‬ ‫و في المحاسن ‪ :‬عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبد‬ ‫الجبار عن بعض أصحابنا رفعو إلى أبي عبد اهلل (عليو السبلـ ) قاؿ ‪)..:‬‬ ‫اقوؿ االتصاؿ واضح و عبارة قلت ىي لمن يروي عنو محمد عبد‬ ‫الجبار و ليس راو اخر غيره و االصل القبوؿ ‪)..‬السند متصل من الدرجة‬ ‫الثانية ‪.‬‬ ‫و لكن قاؿ في البحار بعد ذكر رواية الصدوؽ بالسند التالي ( سن‪:‬‬ ‫االشعري مثلو ) و ليس في المحاسن ذلك كما انو ال موجب لتقدير ذلك ‪.‬‬ ‫و في معاني االخبار ‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن االشعري‪ ،‬عن محمد‬ ‫بن عبد الجبار‪ ،‬عن بعض أصحابنا رفعو إلى أبي عبد اهلل (عليو السبلـ) قاؿ‪:‬‬ ‫‪ . )..‬السند متصل من الثانية‬ ‫ففي الكافي ‪ :‬أحمد بن إدريس‪ ،‬عن محمد بن عبدالجبار‪ ،‬عن بعض‬ ‫أصحابنا رفعو إلى أبي عبداهلل عليو السبلـ قاؿ‪ )...:‬اقوؿ اف الحمد بن‬ ‫ادريس روايات عن محمد بن عبد الجبار ‪ ،‬لذلك فكوف رواية احمد بن‬ ‫‪151‬‬


‫منهج العرض‬

‫ادريس عن احمد البرقي و احمد االشعري كثيرة و ىما قد روايا ىذا الخبر ‪،‬‬ ‫ال تدؿ على اسقاط الواسطة و االصل االتصاؿ و عدـ التقدير ‪ .‬فالسند‬ ‫متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫فالخبلص ة ‪ :‬الخبر منفرد الطريق عن المعصوـ عليو السبلـ متعدد الطرؽ‬ ‫الى راويو االوسط ‪ ،‬سنده متصل و من الدرجة الثانية ‪.‬‬

‫فصل (ٕٔ) حديث ( إف اهلل تبارؾ وتعالى أكمل للناس الحجج‬ ‫بالعقوؿ ‪ ....‬إف هلل على الناس حجتين‪ :‬حجة ظاىرة وحجة باطنة‪ ،‬فأما‬ ‫الظاىرة فالرسل واالنبياء واالئمة عليهم السبلـ وأما الباطنة فالعقوؿ‪ ... .‬من‬ ‫عقل عن اهلل اعتزؿ أىل الدنيا والراغبين فيها ‪ ....‬إف العقبلء زىدوا في الدنيا‬ ‫ورغبوا في اآلخرة ‪ ...‬إف العاقل ال يحدث من يخاؼ تكذيبو‪ ،‬وال يسأؿ من‬ ‫يخاؼ منعو وال يعد ما ال يقدر عليو‪)..‬‬ ‫اشارة ‪ :‬الخبر طويل وىناؾ وحدة موضوعية محورىا العقل و مع اف الخبر‬ ‫فيو مضامين كثيرة اال انو ماداـ ىناؾ وحدة موضوعية في مضامين منو فبل بأس‬ ‫بذكر المحوري منها في العنواف كما فعلنا ‪ ،‬كما اف المضامين االخرى‬ ‫سنذكرىا تفصيبل في الجهة االولى من البحث و سنذكرىا ؼ المواضع‬ ‫المناسبة مستقببل ‪.‬‬ ‫المتن‬ ‫‪152‬‬


‫منهج العرض‬

‫عن ىشاـ بن الحكم قاؿ‪ :‬قاؿ لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‬ ‫السبلـ‪ :‬يا ىشاـ إف اهلل تبارؾ وتعالى بشر أىل العقل والفهم في كتابو فقاؿ‪:‬‬ ‫اد (*)الَّ ِذين يستَ ِمعو َف الْ َقو َؿ فَػيتَّبِعو َف أَحسنَوُ أُولَئِ َ َّ ِ‬ ‫شر ِعب ِ‬ ‫اى ُم‬ ‫ين َى َد ُ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫( فَػبَ ّْ ْ َ‬ ‫ك الذ َ‬ ‫َْ‬ ‫ك ُى ْم أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) يا ىشاـ إف اهلل تبارؾ وتعالى أكمل للناس‬ ‫اللَّوُ َوأُولَئِ َ‬ ‫الحجج بالعقوؿ ‪ ،‬ونصر النبيين بالبياف‪ ،‬ودلهم على ربوبيتو باالدلة‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫الرحمن َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫يم (*) إِ َّف في َخل ِْق َّ َ َ‬ ‫( َوإلَ ُه ُك ْم إلَوٌ َواح ٌد َال إلَوَ إ َّال ُى َو َّ ْ َ ُ‬ ‫الرح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫َو ْاأل َْر ِ‬ ‫َّاس‬ ‫ض َوا ْختِ َبلؼ اللَّْي ِل َوالنػ َ‬ ‫َّها ِر َوالْ ُفلْك التي تَ ْج ِري في الْبَ ْح ِر ب َما يَػ ْنػ َف ُع الن َ‬ ‫ِ‬ ‫السم ِاء ِمن م ٍاء فَأ ِ‬ ‫ض بَػ ْع َد َم ْوتِ َها َوبَ َّ‬ ‫ث فِ َيها ِم ْن ُك ّْل‬ ‫َحيَا بِو ْاأل َْر َ‬ ‫ْ‬ ‫َوَما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ م َن َّ َ ْ َ‬ ‫اب الْمس َّخ ِر بػين َّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ض َآلَي ٍ‬ ‫ص ِر ِ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ‬ ‫الريَ ِ‬ ‫اح َو َّ‬ ‫يف ّْ‬ ‫َدابَّة َوتَ ْ‬ ‫الس َماء َو ْاأل َْر ِ َ‬ ‫الس َح ِ ُ َ َ ْ َ‬ ‫يَػ ْع ِقلُو َف ) يا ىشاـ قد جعل اهلل ذلك دليبل على معرفتو بأف لهم مدبرا‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫َّه َار َو َّ‬ ‫ات بِأ َْم ِرهِ إِ َّف فِي‬ ‫َّر ٌ‬ ‫َّر لَ ُك ُم اللَّْي َل َوالنػ َ‬ ‫ُّج ُ‬ ‫س َوالْ َق َم َر َوالن ُ‬ ‫سخ َ‬ ‫وـ ُم َ‬ ‫( َو َسخ َ‬ ‫الش ْم َ‬ ‫ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪ُ ( :‬ى َو الَّ ِذي َخلَ َق ُك ْم ِم ْن تُػر ٍ‬ ‫اب ثُ َّم ِم ْن نُطْ َف ٍة‬ ‫ذَل َ َ‬ ‫َ‬ ‫وخا َوِم ْن ُك ْم َم ْن‬ ‫ثُ َّم ِم ْن َعلَ َق ٍة ثُ َّم يُ ْخ ِر ُج ُك ْم ِط ْف ًبل ثُ َّم لِتَْبػلُغُوا أَ ُش َّد ُك ْم ثُ َّم لِتَ ُكونُوا ُشيُ ً‬ ‫يػتػوفَّى ِمن قَػبل ولِتبػلُغُوا أَج ًبل مس ِّمى ولَعلَّ ُكم تَػع ِقلُو َف) وقاؿ‪( :‬وا ْختِ َبل ِ‬ ‫ؼ اللَّْي ِل‬ ‫َ َُ َ​َ ْ ْ‬ ‫ْ ْ ُ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ِ‬ ‫السم ِاء ِمن ِرْز ٍؽ فَأ ِ‬ ‫ص ِر ِ‬ ‫يف‬ ‫ض بَػ ْع َد َم ْوتِ َها َوتَ ْ‬ ‫َحيَا بِو ْاأل َْر َ‬ ‫ْ‬ ‫َوالنػ َ‬ ‫َّها ِر َوَما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ م َن َّ َ ْ‬ ‫اح آَي ٌ ِ ٍ ِ‬ ‫ض بَػ ْع َد َم ْوتِ َها قَ ْد بَػيَّػنَّا لَ ُك ُم‬ ‫ّْ‬ ‫ات ل َق ْوـ يَػ ْعقلُو َف ) وقاؿ‪( :‬يُ ْحيِي ْاأل َْر َ‬ ‫الريَ ِ َ‬ ‫ات لَعلَّ ُكم تَػع ِقلُو َف ) وقاؿ‪ ( :‬وجن ٌ ِ‬ ‫اب وَزرعٌ ونَ ِخيل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ص ْنػ َوا ٌف َوغَْيػ ُر‬ ‫ْاآلَيَ ِ َ ْ ْ‬ ‫َ​َ‬ ‫َّات م ْن أَ ْعنَ َ ْ َ ٌ‬ ‫ِ ٍ ٍِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ض َها َعلَى بَػ ْع ٍ‬ ‫ك‬ ‫ض ِفي ْاألُ ُك ِل إِ َّف فِي ذَلِ َ‬ ‫ّْل بَػ ْع َ‬ ‫ص ْنػ َواف يُ ْس َقى ب َماء َواحد َونػُ َفض ُ‬ ‫َآلَي ٍ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬وِم ْن آَيَاتِ​ِو يُ ِري ُك ُم الْبَػ ْر َؽ َخ ْوفًا َوطَ َم ًعا َويػُنَػ ّْز ُؿ ِم َن‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف )‬ ‫اء فَػيُ ْحيِي بِو ْاأل َْر َ‬ ‫ض بَػ ْع َد َم ْوت َها إِ َّف في ذَل َ َ‬ ‫الس َماء َم ً‬ ‫وقاؿ‪( :‬قُ ْل تَػ َعالَ ْوا أَتْ ُل َما َح َّرَـ َربُّ ُك ْم َعلَْي ُك ْم أ ََّال تُ ْش ِرُكوا بِ ِو َش ْيئًا َوبِال َْوالِ َديْ ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫سانًا َوَال تَػ ْقتُػلُوا أ َْوَال َد ُك ْم م ْن إِ ْم َبل ٍؽ نَ ْح ُن نَػ ْرُزقُ ُك ْم َوإِيَّ ُ‬ ‫اى ْم َوَال تَػ ْق َربُوا الْ َف َواح َ‬ ‫إ ْح َ‬ ‫ما ظَ َهر ِم ْنػ َها وما بطَن وَال تَػ ْقتُػلُوا النَّػ ْف ِ‬ ‫صا ُك ْم‬ ‫ْح ّْق َذلِ ُك ْم َو َّ‬ ‫س الَّتي َح َّرَـ اللَّوُ إَِّال بِال َ‬ ‫َ​َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪153‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ‬ ‫اء فِي َما‬ ‫بِ ِو لَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬ى ْل لَ ُك ْم ِم ْن َما َملَ َك ْ‬ ‫ت أَيْ َمانُ ُك ْم م ْن ُش َرَك َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫صل ْاآلَي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات‬ ‫س ُك ْم َك َذلِ َ‬ ‫ك نػُ َف ّْ ُ َ‬ ‫َرَزقػْنَا ُك ْم فَأَنْػتُ ْم فيو َس َواءٌ تَ َخافُونَػ ُه ْم َكخي َفت ُك ْم أَنْػ ُف َ‬ ‫لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) يا ىشاـ ثم وعظ أىل العقل ورغبهم في اآلخرة فقاؿ‪َ ( :‬وَما‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َولَ ْه ٌو َولَ َّ‬ ‫ْحيَاةُ ُّ‬ ‫ين يَػتَّػ ُقو َف أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف ) يا‬ ‫ال َ‬ ‫الدنْػيَا إَِّال لَع ٌ‬ ‫لد ُار ْاآلَخ َرةُ َخ ْيػ ٌر للذ َ‬ ‫ين (*)‬ ‫ىشاـ ثم خوؼ الذين ال يعقلوف عقابو فقاؿ تعالى‪( :‬ثُ َّم َد َّم ْرنَا ْاآل َ‬ ‫َخ ِر َ‬ ‫وإِنَّ ُكم لَتَم ُّرو َف َعلَي ِهم م ِ ِ‬ ‫ين (*) َوبِاللَّْي ِل أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ‪( :‬إِنَّا ُم ْن ِزلُو َف‬ ‫ْ ْ ُ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫صبح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعلَى أ َْى ِل َىذه الْ َقريَة ِر ْج ًزا من َّ ِ‬ ‫س ُقو َف (*) َولَ​َق ْد تَػ َرْكنَا م ْنػ َها‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الس َماء ب َما َكانُوا يَػ ْف ُ‬ ‫ٍ‬ ‫اؿ‬ ‫ْك ْاأل َْمثَ ُ‬ ‫آَيَةً بَػيّْػنَةً لَِق ْوـ يَػ ْع ِقلُو َف ) يا ىشاـ إف العقل مع العلم فقاؿ‪َ ( :‬وتِل َ‬ ‫ض ِربػُ َها لِلن ِ‬ ‫َّاس َوَما يَػ ْع ِقلُ َها إَِّال ال َْعالِ ُمو َف ) ياىشاـ ثم ذـ الذين ال يعقلوف فقاؿ‪:‬‬ ‫نَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫اءنَا أ َ​َولَ ْو َكا َف‬ ‫يل لَ ُه ُم اتَّبعُوا َما أَنْػ َز َؿ اللوُ قَالُوا بَ ْل نَػتَّب ُع َما أَلْ َف ْيػنَا َعلَْيو آَبَ َ‬ ‫( َوإذَا ق َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َك َف ُروا َك َمثَ ِل الَّ ِذي‬ ‫آَبَا ُؤ ُى ْم َال يَػ ْعقلُو َف َش ْيئًا َوَال يَػ ْهتَ ُدو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬وَمثَ ُل الذ َ‬ ‫يػ ْن ِع ُق بِما َال يسمع إَِّال ُد َع ِ‬ ‫ص ّ​ّم بُ ْك ٌم ُع ْم ٌي فَػ ُه ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪:‬‬ ‫اء ُ‬ ‫َ ََُْ‬ ‫َ‬ ‫اء َون َد ً‬ ‫ً‬ ‫الص َّم َولَ ْو َكانُوا َال يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪( :‬‬ ‫ت تُ ْس ِم ُع ُّ‬ ‫( َوِم ْنػ ُه ْم َم ْن يَ ْستَ ِمعُو َف إِلَْي َ‬ ‫ك أَفَأَنْ َ‬ ‫ب أ َّ‬ ‫َض ُّل‬ ‫َف أَ ْكثَػ َرُى ْم يَ ْس َمعُو َف أ َْو يَػ ْع ِقلُو َف إِ ْف ُى ْم إَِّال َك ْاألَنْػ َع ِاـ بَ ْل ُى ْم أ َ‬ ‫س ُ‬ ‫أ َْـ تَ ْح َ‬ ‫صنَ ٍة أ َْو ِم ْن َوَر ِاء ُج ُد ٍر‬ ‫َسبِ ًيبل ) وقاؿ‪َ ( :‬ال يػُ َقاتِلُونَ ُك ْم َج ِم ًيعا إَِّال فِي قُػ ًرى ُم َح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ك بِأَنػَّ ُه ْم قَػ ْوٌـ َال يَػ ْع ِقلُو َف‬ ‫سبُػ ُه ْم َج ِم ًيعا َوقُػلُوبػُ ُه ْم َشتَّى ذَلِ َ‬ ‫بَأ ُ‬ ‫ْس ُه ْم بَػ ْيػنَػ ُه ْم َشدي ٌد تَ ْح َ‬ ‫ِ‬ ‫اب أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف ) يا ىشاـ ثم ذـ‬ ‫س ُك ْم َوأَنْػتُ ْم تَػ ْتػلُو َف الْكتَ َ‬ ‫س ْو َف أَنْػ ُف َ‬ ‫) وقاؿ‪َ ( :‬وتَػ ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضيِ‬ ‫وؾ َع ْن َسبِ ِ‬ ‫يل اللَّ ِو )‬ ‫ضلُّ َ‬ ‫اهلل الكثرة فقاؿ‪َ ( :‬وإِ ْف تُط ْع أَ ْكثَػ َر َم ْن في ْاأل َْر ِ ُ‬ ‫وقاؿ‪( :‬ولَئِن سأَلْتَػهم من َخلَ َق َّ ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِو‬ ‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ‬ ‫ض لَيَػ ُقولُ َّن اللَّوُ قُ ِل ال َ‬ ‫َ ْ َ ُْ َْ‬ ‫بل أَ ْكثػرىم َال يػعلَمو َف ) وقاؿ‪( :‬ولَئِن سأَلْتػهم من نَػ َّز َؿ ِمن َّ ِ‬ ‫َحيَا بِ ِو‬ ‫اء فَأ ْ‬ ‫َ ْ َ َُ ْ َ ْ‬ ‫َ ْ َُ​ُ ْ َْ ُ‬ ‫الس َماء َم ً‬ ‫َ‬ ‫ْاألَر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِو بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) يا‬ ‫ْ َ‬ ‫ض م ْن بَػ ْعد َم ْوت َها لَيَػ ُقولُ َّن اللَّوُ قُ ِل ال َ‬ ‫ِ‬ ‫ىشاـ ثم مدح القلة فقاؿ‪( :‬وقَلِ ِ ِ ِ‬ ‫ي َّ‬ ‫يل َما ُى ْم‬ ‫الش ُك ُ‬ ‫يل م ْن عبَاد َ‬ ‫ور ) وقاؿ‪َ ( :‬وقَل ٌ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وؿ‬ ‫يمانَوُ أَتَػ ْقتُػلُو َف َر ُج ًبل أَ ْف يَػ ُق َ‬ ‫) وقاؿ‪َ ( :‬وقَ َ‬ ‫اؿ َر ُج ٌل ُم ْؤم ٌن م ْن آَؿ ف ْر َع ْو َف يَ ْكتُ ُم إِ َ‬ ‫‪154‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫يل ) وقاؿ‪َ ( :‬ولَ ِك َّن أَ ْكثَػ َرُى ْم َال‬ ‫َربّْ َي اللوُ ) وقاؿ‪َ ( :‬وَم ْن آ َ​َم َن َوَما آ َ​َم َن َم َعوُ إ َّال قَل ٌ‬ ‫يَػ ْعلَ ُمو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬وأَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬ولَ ِك َّن أَ ْكثَػ َرُى ْم َال يَ ْش ُك ُرو َف )‬

‫يا ىشاـ ثم ذكر اولي االلباب بأحسن الذكر‪ ،‬وحبلىم بأحس الحلية‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫ت ال ِ‬ ‫(يػ ْؤتِي ال ِ‬ ‫ْح ْك َمةَ فَػ َق ْد أُوتِ َي َخ ْيػ ًرا َكثِ ًيرا َوَما يَ َّذ َّك ُر إَِّال‬ ‫ْح ْك َمةَ َم ْن يَ َ‬ ‫شاءُ َوَم ْن يػُ ْؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اس ُخو َف فِي ال ِْعل ِْم يَػ ُقولُو َف آ َ​َمنَّا بِ ِو ُكلّ​ّ ِم ْن ِع ْن ِد َربّْػنَا‬ ‫اب ) وقاؿ‪َ ( :‬و َّ‬ ‫ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫َوَما يَ َّذ َّكر إَِّال أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫ض‬ ‫اب ) وقاؿ‪( :‬إِ َّف في َخل ِْق َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّها ِر َآلَيَات ألُولي ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪( :‬أَفَ َم ْن يَػ ْعلَ ُم أَنَّ َما أُنْ ِز َؿ‬ ‫َوا ْختِ َبلؼ اللَّْي ِل َوالنػ َ‬ ‫ْح ُّق َك َم ْن ُى َو أَ ْع َمى إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪( :‬أ َْـ َم ْن‬ ‫ك ِم ْن َربّْ َ‬ ‫إِلَْي َ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ُ‬ ‫اج ًدا وقَائِما يح َذر ْاآل ِ‬ ‫ت َآنَاء اللَّْي ِل س ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َرةَ َويَػ ْر ُجو َر ْح َمةَ َربِّْو قُ ْل َى ْل‬ ‫َ‬ ‫َ ً َْ ُ‬ ‫ُى َو قَان ٌ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َال يَػ ْعلَ ُمو َف إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪:‬‬ ‫ين يَػ ْعلَ ُمو َف َوالذ َ‬ ‫يَ ْستَ ِوي الذ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك ُمبَ َار ٌؾ لِيَ َّدبػَّروا آَيَاتِ​ِو َولِيَتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪َ ( :‬ولَ​َق ْد‬ ‫اب أَنْػ َزلْنَاهُ إِلَْي َ‬ ‫(كتَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اب (*) ُى ًدى َو ِذ ْك َرى ِألُولِي‬ ‫يل الْكتَ َ‬ ‫َآتَػ ْيػنَا ُم َ‬ ‫وسى ال ُْه َدى َوأ َْوَرثْػنَا بَني إ ْس َرائ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪َ ( :‬وذَ ّْك ْر فَِإ َّف ّْ‬ ‫ين ) ‪.‬يا ىشاـ إف اهلل تعالى‬ ‫الذ ْك َرى تَػ ْنػ َف ُع الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫ِ‬ ‫يقوؿ في كتابو‪ ( :‬إِ َّف فِي َذلِ َ ِ‬ ‫ْب ) يعني‪ :‬عقل‪" :‬‬ ‫ك لَذ ْك َرى ل َم ْن َكا َف لَوُ قَػل ٌ‬ ‫وقاؿ (ولَ​َق ْد َآتَػيػنَا لُْقما َف ال ِ‬ ‫ْح ْك َمةَ ) قاؿ‪ :‬الفهم والعقل‪ .‬يا ىشاـ إف لقماف‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫قاؿ البنو‪ :‬تواضع للحق تكن أعقل الناس‪ ،‬وإف الكيس لدى الحق يسير‪ ،‬يا‬ ‫بني إف الدنيا بحر عميق‪ ،‬قد غرؽ فيها عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى‬ ‫اهلل‪ ،‬وحشوىا االيماف وشراعها التوكل‪ ،‬وقيمها العقل ودليلها العلم‪ ،‬وسكانها‬ ‫الصبر‪ .‬يا ىشاـ إف لكل شيء دليبل ودليل العقل التفكر‪ ،‬ودليل التفكر‬ ‫الصمت‪ ،‬و لكل شيء مطية ومطية العقل التواضع وكفى بك جهبل أف تركب‬ ‫ما نهيت عنو‪ .‬يا ىشاـ ما بعث اهلل انبياءه ورسلو إلى عباده إال ليعقلوا عن اهلل‪،‬‬ ‫فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة‪ ،‬وأعلمهم بأمر اهلل أحسنهم عقبل‪ ،‬وأكملهم‬ ‫عقبل أرفعهم درجة في الدنيا واآلخرة‪ .‬يا ىشاـ إف هلل على الناس حجتين‪:‬‬ ‫‪155‬‬


‫منهج العرض‬

‫حجة ظاىرة وحجة باطنة‪ ،‬فأما الظاىرة فالرسل واالنبياء واالئمة ‪ -‬عليهم‬ ‫السبلـ ‪ ،-‬وأما الباطنة فالعقوؿ‪ .‬يا ىشاـ إف العاقل الذي ال يشغل الحبلؿ‬ ‫شكره ‪ ،‬وال يغلب الحراـ صبره‪ .‬يا ىشاـ من سلط ثبلثا على ثبلث فكأنما‬ ‫أعاف على ىدـ عقلو‪ :‬من أظلم نور تفكره بطوؿ أملو‪ ،‬ومحا طرائف حكمتو‬ ‫بفضوؿ كبلمو ‪ ،‬وأطفأ نور عبرتو بشهوات نفسو‪ ،‬فكأنما أعاف ىواه على ىدـ‬ ‫عقلو‪ ،‬ومن ىدـ عقلو‪ ،‬أفسد عليو دينو ودنياه‪ .‬يا ىشاـ كيف يزكو عند اهلل‬ ‫عملك‪ ،‬وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك وأطعت ىواؾ على غلبة عقلك‪.‬‬ ‫يا ىشاـ الصبر على الوحدة عبلمة قوة العقل‪ ،‬فمن عقل عن اهلل اعتزؿ أىل‬ ‫الدنيا والراغبين فيها‪ ،‬ورغب فيما عند اهلل‪ ،‬وكاف اهلل انسو في الوحشة‪،‬‬ ‫وصاحبو في الوحدة‪ ،‬وغناه في العيلة ‪ ،‬ومعزه من غير عشيرة‪ .‬يا ىشاـ نصب‬ ‫الحق لطاعة اهلل ‪ ،‬وال نجاة إال بالطاعة‪ ،‬والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم‪ ،‬والتعلم‬ ‫بالعقل يعتقد ‪ ،‬وال علم إال من عالم رباني‪ ،‬ومعرفة العلم بالعقل‪ .‬يا ىشاـ قليل‬ ‫العمل من العالم مقبوؿ مضاعف‪ ،‬وكثير العمل من أىل الهوى والجهل مردود‪.‬‬ ‫يا ىشاـ إف العاقل رضي بالدوف من الدنيا مع الحكمة‪ ،‬ولم يرض بالدوف من‬ ‫الحكمة مع الدنيا‪ ،‬فلذلك ربحت تجارتهم‪ .‬يا ىشاـ إف العقبلء تركوا فضوؿ‬ ‫الدنيا فكيف الذنوب‪ ،‬وترؾ الدنيا من الفضل‪ ،‬وترؾ الذنوب من الفرض‪ .‬يا‬ ‫ىشاـ إف العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أىلها فعلم أنها ال تناؿ إال بالمشقة ونظر‬ ‫إلى اآلخرة فعلم أنها ال تناؿ إال بالمشقة‪ ،‬فطلب بالمشقة أبقاىما‪ .‬يا ىشاـ‬ ‫إف العقبلء زىدوا في الدنيا ورغبوا في اآلخرة‪ ،‬النهم علموا أف الدنيا طالبة‬ ‫مطلوبة واآلخرة طالبة ومطلوبة‪ ،‬فمن طلب اآلخرة طلبتو الدنيا حتى يستوفي‬ ‫منها رزقو‪ ،‬ومن طلب الدنيا طلبتو اآلخرة فيأتيو الموت‪ ،‬فيفسد عليو دنياه‬ ‫وآخرتو‪.‬‬ ‫يا ىشاـ من أراد الغنى ببل ماؿ‪ ،‬وراحة القلب من الحسد‪ ،‬والسبلمة في الدين‬ ‫‪156‬‬


‫منهج العرض‬

‫فل يتضرع إلى اهلل عزوجل في مسألتو باف يكمل عقلو‪ ،‬فمن عقل قنع بما‬ ‫يكفيو‪ ،‬ومن قنع بما يكفيو استغني‪ ،‬ومن لم يقنع بما يكفيو لم يدرؾ الغني‬ ‫غ قُػلُوبَػنَا‬ ‫أبدا‪ .‬يا ىشاـ إف اهلل حكى عن قوـ صالحين‪ :‬أنهم قالوا‪َ ( :‬ربػَّنَا َال تُ ِز ْ‬ ‫َّاب ) حين علموا أف‬ ‫ك َر ْح َمةً إِنَّ َ‬ ‫ب لَنَا ِم ْن لَ ُدنْ َ‬ ‫ك أَنْ َ‬ ‫ت ال َْوى ُ‬ ‫بَػ ْع َد إِ ْذ َى َديْػتَػنَا َو َى ْ‬ ‫القلوب‬

‫تزيغ‬

‫إلى‬

‫وتعود‬

‫عماىا‬

‫ورداىا‪.‬‬

‫إنو لم يخف اهلل من لم يعقل عن اهلل ‪ ،‬ومن لم يعقل عن اهلل لم يعقد قلبو على‬ ‫معرفة ثابتة يبصرىا ويجد حقيقتها في قلبو‪ ،‬وال يكوف أحد كذلك إال من كاف‬ ‫قولو لفعلو مص دقا‪ ،‬وسره لعبلنيتو موافقا‪ ،‬الف اهلل تبارؾ اسمو لم يدؿ على‬ ‫الباطن الخفي من العقل إال بظاىر منو‪ ،‬وناطق عنو‪ .‬يا ىشاـ كاف أمير‬ ‫المؤمنين عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬ما عبداهلل بشئ أفضل من العقل‪ ،‬وما تم عقل‬ ‫امرء حتى يكوف فيو خصاؿ شتى‪ :‬الكفر والشر منو مأموناف‪ ،‬والرشد والخير‬ ‫منو مأموالف‪ ،‬وفضل مالو مبذوؿ‪ ،‬وفضل قولو مكفوؼ‪ ،‬ونصيبو من الدنيا‬ ‫القوت‪ ،‬ال يشبع من العلم دىره‪ ،‬الذؿ أحب إليو مع اهلل من العز مع غيره‪،‬‬ ‫والتواضع أحب إليو من الشرؼ‪ ،‬يستكثر قليل المعروؼ من غيره‪ ،‬ويستقل‬ ‫كثير المعروؼ من نفسو‪ ،‬ويرى الناس كلهم خيرا منو‪ ،‬وأنو شرىم في نفسو‪،‬‬ ‫وىو تماـ االمر‪ .‬يا ىشاـ إف العاقل ال يكذب وإف كاف فيو ىواه‪.‬‬ ‫يا ىشاـ ال دين لمن ال مروة لو ‪ ،‬وال مروة لمن ال عقل لو‪ ،‬وإف أعظم الناس‬ ‫قدرا الذي ال يرى الدنيا لنفسو خطرا أما إف أبدانكم ليس لها ثمن إال الجنة‬ ‫فبل تبيعوىا بغيرىا‪ .‬يا ىشاـ إف أمير المؤمنين عليو السبلـ كاف يقوؿ‪ :‬إف من‬ ‫عبلمة العاقل اف يكوف فيو ثبلث خصاؿ‪ :‬يجيب إذا سئل‪ ،‬وينطق إذا عجز‬ ‫القوـ عن الكبلـ‪ ،‬ويشير بالرأي الذي يكوف فيو صبلح أىلو‪ ،‬فمن لم يكن فيو‬ ‫من ىذه الخصاؿ الثبلث شئ فهو أحمق‪ .‬إف أمير المؤمنين عليو السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫ال يجلس في صدر المجلس إال رجل فيو ىذه الخصاؿ الثبلث أو واحدة‬ ‫‪157‬‬


‫منهج العرض‬

‫منهن‪ ،‬فمن لم يكن فيو شئ منهن فجلس فهو أحمق‪ .‬وقاؿ الحسن بن علي‬ ‫عليهما السبلـ‪ :‬إذا طلبتم الحوائج فاطلبوىا من أىلها‪ ،‬قيل يا ابن رسوؿ اهلل‬ ‫ومن أىلها؟ قاؿ‪ :‬الذين قص اهلل في كتابو وذكرىم‪ ،‬فقاؿ‪( :‬إِنَّ َما يَػتَ َذ َّك ُر أُولُو‬ ‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) قاؿ‪ :‬ىم اولو العقوؿ‪ .‬وقاؿ علي بن الحسين عليهما السبلـ ‪:‬‬ ‫مجالسة الصالحين داعية إلى الصبلح‪ ،‬وآداب العلماء زيادة في العقل‪ ،‬وطاعة‬

‫والة العدؿ تماـ العز‪ ،‬واستثمار الماؿ تماـ المروة وإرشاد المستشير قضاء‬ ‫لحق النعمة‪ ،‬وكف االذى من كماؿ العقل‪ ،‬وفيو راحة البدف عاجبل وآجبل‪ .‬يا‬ ‫ىشاـ إف العاقل ال يحدث من يخاؼ تكذيبو‪ ،‬وال يسأؿ من يخاؼ منعو وال‬ ‫يعد ما ال يقدر عليو‪ ،‬وال يرجو ما يعنف برجائو ‪ ،‬وال يقدـ على ما يخاؼ فوتو‬ ‫بالعجز عنو‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى العرض ‪:‬‬ ‫اقوؿ ىذا الخبر كثير من مضامينو قيلت مباشرة بايات او استدؿ بااليات‬ ‫فهي قطعية و باقي المضامين ىي ما سنعرضو ‪.‬‬ ‫يا ىشاـ إف اهلل تبارؾ وتعالى بشر أىل العقل والفهم في كتابو‬ ‫ٔ‪-‬‬ ‫اد (*)الَّ ِذين يستَ ِمعو َف الْ َقو َؿ فَػيتَّبِعو َف أَحسنَوُ أُولَئِ َ َّ ِ‬ ‫شر ِعب ِ‬ ‫ين‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫فقاؿ‪ ( :‬فَػبَ ّْ ْ َ‬ ‫ك الذ َ‬ ‫ْ َ ُ َْ‬ ‫ك ُى ْم أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬ ‫اى ُم اللَّوُ َوأُولَئِ َ‬ ‫َى َد ُ‬ ‫يا ىشاـ إف اهلل تبارؾ وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقوؿ ‪،‬‬ ‫ٕ‪-‬‬ ‫ونصر النبيين بالبياف‪ ،‬ودلهم على ربوبيتو باالدلة‪ ،‬فقاؿ‪( :‬وإِلَه ُكم إِلَوٌ و ِ‬ ‫اح ٌد َال‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫ض وا ْختِ َبل ِ‬ ‫الرِحيم (*) إِ َّف فِي َخل ِْق َّ ِ‬ ‫ؼ اللَّْي ِل‬ ‫إِلَوَ إَِّال ُى َو َّ‬ ‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر ِ َ‬ ‫الر ْح َم ُن َّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫الس َم ِاء‬ ‫َّاس َوَما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ ِم َن َّ‬ ‫َوالنػ َ‬ ‫َّها ِر َوالْ ُفلْك التي تَ ْج ِري في الْبَ ْح ِر ب َما يَػ ْنػ َف ُع الن َ‬ ‫‪158‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِمن م ٍاء فَأَحيا بِ ِو ْاألَرض بػع َد موتِها وب َّ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ص ِر ِ‬ ‫اح‬ ‫الريَ ِ‬ ‫يف ّْ‬ ‫ث ف َيها م ْن ُك ّْل َدابَّة َوتَ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ ْ َْ َ َ​َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫اب الْمس َّخ ِر بػين َّ ِ‬ ‫ض َآلَي ٍ‬ ‫ات لَِق ْوـ يَػ ْع ِقلُو َف ) و في تحف‬ ‫َو َّ‬ ‫الس َماء َو ْاأل َْر ِ َ‬ ‫الس َح ِ ُ َ َ ْ َ‬ ‫العقوؿ ‪ :‬يا ىشاـ بن الحكم إف اهلل عزوجل أكمل للناس الحجج بالعقوؿ‬ ‫وأفضى إليهم بالبياف ودلهم على ربوبيتو باالدالء ‪)..‬‬

‫يا ىشاـ قد جعل اهلل ذلك دليبل على معرفتو بأف لهم مدبرا‪،‬‬ ‫ٖ‪-‬‬ ‫َّه َار َو َّ‬ ‫ات بِأ َْم ِرهِ إِ َّف‬ ‫َّر ٌ‬ ‫َّر لَ ُك ُم اللَّْي َل َوالنػ َ‬ ‫ُّج ُ‬ ‫س َوالْ َق َم َر َوالن ُ‬ ‫سخ َ‬ ‫وـ ُم َ‬ ‫فقاؿ‪َ ( :‬و َسخ َ‬ ‫الش ْم َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪ُ ( :‬ى َو الَّ ِذي َخلَ َق ُك ْم ِم ْن تُػر ٍ‬ ‫اب ثُ َّم ِم ْن‬ ‫في ذَل َ َ‬ ‫َ‬ ‫وخا‬ ‫نُطْ َف ٍة ثُ َّم ِم ْن َعلَ َق ٍة ثُ َّم يُ ْخ ِر ُج ُك ْم ِط ْف ًبل ثُ َّم لِتَْبػلُغُوا أَ ُش َّد ُك ْم ثُ َّم لِتَ ُكونُوا ُشيُ ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َج ًبل ُم َس ِّمى َولَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف) وقاؿ‪:‬‬ ‫َوم ْن ُك ْم َم ْن يػُتَػ َوفَّى م ْن قَػ ْب ُل َولتَْبػلُغُوا أ َ‬ ‫ؼ اللَّي ِل والنػَّها ِر وما أَنْػز َؿ اللَّو ِمن َّ ِ ِ‬ ‫(وا ْختِ َبل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض‬ ‫َحيَا بِو ْاأل َْر َ‬ ‫الس َماء م ْن ِرْز ٍؽ فَأ ْ‬ ‫ْ َ َ َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫اح آَي ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِر ِ‬ ‫ض بَػ ْع َد‬ ‫يف ّْ‬ ‫بَػ ْع َد َم ْوتِ َها َوتَ ْ‬ ‫ات ل َق ْوـ يَػ ْعقلُو َف ) وقاؿ‪( :‬يُ ْحيِي ْاأل َْر َ‬ ‫الريَ ِ َ‬ ‫موتِها قَ ْد بػيَّػنَّا لَ ُكم ْاآلَي ِ‬ ‫َّات ِم ْن أَ ْعنَ ٍ‬ ‫ع‬ ‫ات لَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬و َجن ٌ‬ ‫اب َوَزْر ٌ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ٍ ٍِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ونَ ِخ ِ‬ ‫ض َها َعلَى بَػ ْع ٍ‬ ‫ض فِي‬ ‫ّْل بَػ ْع َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫يل ص ْنػ َوا ٌف َوغَْيػ ُر ص ْنػ َواف يُ ْس َقى ب َماء َواحد َونػُ َفض ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ك َآلَيَات ل َق ْوـ يَػ ْعقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬وم ْن آَيَاتو يُ ِري ُك ُم الْبَػ ْر َؽ َخ ْوفًا‬ ‫ْاألُ ُك ِل إِ َّف في َذل َ‬ ‫وطَمعا ويػنػ ّْز ُؿ ِمن َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫َ َ ً َ َُ‬ ‫اء فَػيُ ْحيِي بِو ْاأل َْر َ‬ ‫ض بَػ ْع َد َم ْوت َها إِ َّف في ذَل َ َ‬ ‫الس َماء َم ً‬ ‫َ‬ ‫لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪( :‬قُ ْل تَػ َعالَ ْوا أَتْ ُل َما َح َّرَـ َربُّ ُك ْم َعلَْي ُك ْم أ ََّال تُ ْش ِرُكوا بِ ِو َش ْيئًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اى ْم َوَال تَػ ْق َربُوا‬ ‫سانًا َوَال تَػ ْقتُػلُوا أ َْوَال َد ُك ْم م ْن إِ ْم َبل ٍؽ نَ ْح ُن نَػ ْرُزقُ ُك ْم َوإِيَّ ُ‬ ‫َوبال َْوال َديْ ِن إ ْح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْح ّْق‬ ‫الْ َف َواح َ‬ ‫س الَّتي َح َّرَـ اللَّوُ إَِّال بِال َ‬ ‫ش َما ظَ َه َر م ْنػ َها َوَما بَطَ َن َوَال تَػ ْقتُػلُوا النَّػ ْف َ‬ ‫ت أَيْ َمانُ ُك ْم ِم ْن‬ ‫ذَلِ ُك ْم َو َّ‬ ‫صا ُك ْم بِ ِو لَ َعلَّ ُك ْم تَػ ْع ِقلُو َف )‪ .‬وقاؿ‪َ ( :‬ى ْل لَ ُك ْم ِم ْن َما َملَ َك ْ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُشرَك ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك‬ ‫س ُك ْم َك َذلِ َ‬ ‫َ َ‬ ‫اء في َما َرَزقػْنَا ُك ْم فَأَنْػتُ ْم فيو َس َواءٌ تَ َخافُونَػ ُه ْم َكخي َفت ُك ْم أَنْػ ُف َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّر لَ ُك ُم‬ ‫نػُ َف ّْ‬ ‫ص ُل ْاآلَيَات ل َق ْوـ يَػ ْعقلُو َف ) ‪ .‬في التحف االية االولى فقط َ‬ ‫(و َسخ َ‬ ‫‪159‬‬


‫منهج العرض‬

‫الرحم ِن َّ ِ‬ ‫اللَّيل ‪ )...‬مع زيادة ( وقاؿ‪( :‬حم (ٔ) تَػ ْن ِز ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب‬ ‫الرح ِيم (ٕ) كتَ ٌ‬ ‫يل م َن َّ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫(وِم ْن آَيَاتِ​ِو يُ ِري ُك ُم الْبَػ ْر َؽ َخ ْوفًا‬ ‫فُ ّْ‬ ‫صلَ ْ‬ ‫ت آَيَاتُوُ قُػ ْرَآنًا َع َربِيِّا ل َق ْوـ يَػ ْعلَ ُمو َف ) وقاؿ‪َ :‬‬ ‫وطَمعا ويػنػ ّْز ُؿ ِمن َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫َ َ ً َ َُ‬ ‫اء فَػيُ ْحيِي بِو ْاأل َْر َ‬ ‫ض بَػ ْع َد َم ْوت َها إِ َّف في ذَل َ َ‬ ‫الس َماء َم ً‬ ‫َ‬ ‫لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) ‪.‬‬

‫يا ىشاـ ثم وعظ أىل العقل ورغبهم في اآلخرة فقاؿ‪َ ( :‬وَما‬ ‫ٗ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َولَ ْه ٌو َولَ َّ‬ ‫ْحيَاةُ ُّ‬ ‫ين يَػتَّػ ُقو َف أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف )‪.‬‬ ‫ال َ‬ ‫الدنْػيَا إَِّال لَع ٌ‬ ‫لد ُار ْاآلَخ َرةُ َخ ْيػ ٌر للذ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫الدنْػيَا َوِزينَتُػ َها‬ ‫في التحف ‪ :‬زيادة وقاؿ‪َ " :‬وَما أُوتيتُ ْم م ْن َش ْيء فَ َمتَاعُ ال َ‬ ‫َوَما ِع ْن َد اللَّ ِو َخ ْيػ ٌر َوأَبْػ َقى أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف "‪.‬‬ ‫يا ىشاـ ثم خوؼ الذين ال يعقلوف عقابو فقاؿ تعالى‪( :‬ثُ َّم‬ ‫٘‪-‬‬ ‫َخ ِرين (*) وإِنَّ ُكم لَتَم ُّرو َف َعلَي ِهم م ِ ِ‬ ‫ين (*) َوبِاللَّْي ِل أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف ) و‬ ‫ْ ُْ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫صبح َ‬ ‫َد َّم ْرنَا ْاآل َ َ‬ ‫قاؿ‪( :‬إِنَّا ُم ْن ِزلُو َف َعلَى أ َْى ِل َى ِذهِ الْ َقريَِة ِر ْج ًزا ِمن َّ ِ ِ‬ ‫س ُقو َف (*)‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الس َماء ب َما َكانُوا يَػ ْف ُ‬ ‫َولَ​َق ْد تَػ َرْكنَا ِم ْنػ َها آَيَةً بَػيّْػنَ ًة لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف ) ‪ .‬ليس في في التحف االيات الثانية (‬ ‫انا منزلوف ‪)...‬‬ ‫ض ِربػُ َها‬ ‫‪-ٙ‬‬ ‫ْك ْاأل َْمثَ ُ‬ ‫اؿ نَ ْ‬ ‫يا ىشاـ إف العقل مع العلم فقاؿ‪َ ( :‬وتِل َ‬ ‫لِلن ِ‬ ‫َّاس َوَما يَػ ْع ِقلُ َها إَِّال ال َْعالِ ُمو َف ) في التحف ‪ :‬يا ىشاـ ثم بين أف العقل مع‬ ‫العلم ‪)..‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫يل لَ ُه ُم اتَّبِعُوا َما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ‬ ‫يا ىشاـ ثم ذـ الذين ال يعقلوف فقاؿ‪َ ( :‬وإ َذا ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اءنَا أ َ​َولَ ْو َكا َف آَبَا ُؤ ُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف َش ْيئًا َوَال يَػ ْهتَ ُدو َف‬ ‫قَالُوا بَ ْل نَػتَّب ُع َما أَلْ َف ْيػنَا َعلَْيو آَبَ َ‬ ‫) وقاؿ‪ ( :‬ومثَل الَّ ِذين َك َفروا َكمثَ ِل الَّ ِذي يػ ْن ِع ُق بِما َال يسمع إَِّال ُد َع ِ‬ ‫اء‬ ‫َ َ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫اء َون َد ً‬ ‫ً‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫ت‬ ‫ص ّ​ّم بُ ْك ٌم عُ ْم ٌي فَػ ُه ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬وِم ْنػ ُه ْم َم ْن يَ ْستَ ِمعُو َف إِلَْي َ‬ ‫ك أَفَأَنْ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪160‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ‬ ‫ب أ َّ‬ ‫َف أَ ْكثَػ َرُى ْم يَ ْس َمعُو َف‬ ‫تُ ْس ِم ُع ُّ‬ ‫س ُ‬ ‫الص َّم َولَ ْو َكانُوا َال يَػ ْعقلُو َف ) وقاؿ‪ ( :‬أ َْـ تَ ْح َ‬ ‫َض ُّل َسبِ ًيبل ) وقاؿ‪َ ( :‬ال يػُ َقاتِلُونَ ُك ْم َج ِم ًيعا‬ ‫أ َْو يَػ ْع ِقلُو َف إِ ْف ُى ْم إَِّال َك ْاألَنْػ َع ِاـ بَ ْل ُى ْم أ َ‬ ‫ِ‬ ‫إَِّال فِي قُػرى مح َّ ٍ ِ‬ ‫ْس ُه ْم بَػ ْيػنَػ ُه ْم َش ِدي ٌد تَ ْح َسبُػ ُه ْم َج ِم ًيعا‬ ‫ً َُ‬ ‫صنَة أ َْو م ْن َوَراء ُج ُد ٍر بَأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وقُػلُوبػُ ُهم َشتَّى ذَلِ َ ِ‬ ‫س ُك ْم َوأَنْػتُ ْم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫س ْو َف أَنْػ ُف َ‬ ‫ك بأَنػَّ ُه ْم قَػ ْوٌـ َال يَػ ْعقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬وتَػ ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫اب أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف ) في التحف االية االولى فقط ثم زيادة ( وقاؿ‪" :‬‬ ‫تَػ ْتػلُو َف الْكتَ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫إِ َّف َش َّر َّ‬ ‫(ولَئِ ْن َسأَلْتَػ ُه ْم‬ ‫اب ِع ْن َد اللَّ ِو ُّ‬ ‫الد َو ّْ‬ ‫ين َال يَػ ْعقلُو َف "‪ .‬وقاؿ‪َ :‬‬ ‫الص ُّم الْبُ ْك ُم الذ َ‬ ‫من َخلَ َق َّ ِ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِو بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْعلَ ُمو َف‬ ‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ‬ ‫ض لَيَػ ُقولُ َّن اللَّوُ قُ ِل ال َ‬ ‫َْ‬

‫)‬

‫يا ىشاـ ثم ذـ اهلل الكثرة فقاؿ‪َ ( :‬وإِ ْف تُ ِط ْع أَ ْكثَػ َر َم ْن فِي‬ ‫‪-ٚ‬‬ ‫وؾ َعن سبِ ِ ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْاألَر ِ ِ‬ ‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ض يُضلُّ َ ْ َ‬ ‫يل اللَّو ) وقاؿ‪َ ( :‬ولَئ ْن َسأَلْتَػ ُه ْم َم ْن َخلَ َق َّ َ َ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِو بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْعلَ ُمو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬ولَئِ ْن‬ ‫َو ْاأل َْر َ‬ ‫ض لَيَػ ُقولُ َّن اللَّوُ قُ ِل ال َ‬ ‫ِ‬ ‫السم ِاء ماء فَأ ِ‬ ‫ض ِم ْن بَػ ْع ِد َم ْوتِ َها لَيَػ ُقولُ َّن اللَّوُ قُ ِل‬ ‫َحيَا بِو ْاأل َْر َ‬ ‫َسأَلْتَػ ُه ْم َم ْن نَػ َّز َؿ م َن َّ َ َ ً ْ‬ ‫ْح ْم ُد لِلَّ ِو بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) ليس في التحف (يا ىشاـ) و ذكر االية‬ ‫ال َ‬ ‫االولى ثم االيتين التاليتين وقاؿ‪َ ( :‬وأَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬ولَ ِك َّن أَ ْكثَػ َرُى ْم‬ ‫َال يَ ْش ُك ُرو َف )‬

‫يا ىشاـ ثم مدح القلة فقاؿ‪( :‬وقَِل ِ ِ ِ‬ ‫ي َّ‬ ‫ور )‬ ‫‪-ٛ‬‬ ‫الش ُك ُ‬ ‫يل م ْن عبَاد َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫يل َما ُى ْم ) وقاؿ‪َ ( :‬وقَ َ‬ ‫يمانَوُ‬ ‫اؿ َر ُج ٌل ُم ْؤم ٌن م ْن آَؿ ف ْر َع ْو َف يَ ْكتُ ُم إِ َ‬ ‫وقاؿ‪َ ( :‬وقَل ٌ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫يل )‬ ‫أَتَػ ْقتُػلُو َف َر ُج ًبل أَ ْف يَػ ُق َ‬ ‫وؿ َربّْ َي اللوُ ) وقاؿ‪َ ( :‬وَم ْن آ َ​َم َن َوَما آ َ​َم َن َم َعوُ إ َّال قَل ٌ‬ ‫وقاؿ‪َ ( :‬ولَ ِك َّن أَ ْكثَػ َرُى ْم َال يَػ ْعلَ ُمو َف ) وقاؿ‪َ ( :‬وأَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْع ِقلُو َف ) وقاؿ‪:‬‬ ‫‪161‬‬


‫منهج العرض‬

‫( َولَ ِك َّن أَ ْكثَػ َرُى ْم َال يَ ْش ُك ُرو َف ) ‪ .‬اقوؿ االيات االخيرة تعود الى المضموف‬ ‫اؿ‬ ‫السابق كما عن التحف ‪.‬و ليس في التحف االية الثانية و االيتين (( َوقَ َ‬

‫َر ُج ٌل ‪ )...‬االخيرتين ذكرىما في المضموف السابق ‪.‬‬

‫يا ىشاـ ثم ذكر اولي االلباب بأحسن الذكر‪ ،‬وحبلىم بأحس‬ ‫‪-ٜ‬‬ ‫ت ال ِ‬ ‫الحلية‪ ،‬فقاؿ‪( :‬يػ ْؤتِي ال ِ‬ ‫ْح ْك َمةَ فَػ َق ْد أُوتِ َي َخ ْيػ ًرا‬ ‫ْح ْك َم َة َم ْن يَ َ‬ ‫شاءُ َوَم ْن يػُ ْؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫َكثِيرا َوَما يَ َّذ َّكر إَِّال أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اس ُخو َف فِي ال ِْعل ِْم يَػ ُقولُو َف آ َ​َمنَّا بِ ِو‬ ‫اب ) وقاؿ‪َ ( :‬و َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ُكلّ​ّ م ْن ع ْند َربّْػنَا َوَما يَ َّذ َّكر إَِّال أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫ات‬ ‫اب ) وقاؿ‪( :‬إِ َّف في َخل ِْق َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ض وا ْختِ َبل ِ‬ ‫ؼ اللَّْي ِل والنػَّها ِر َآلَي ٍ‬ ‫ات ِألُولي ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪( :‬أَفَ َم ْن يَػ ْعلَ ُم‬ ‫َ َ َ‬ ‫َو ْاأل َْر ِ َ‬ ‫ْح ُّق َك َم ْن ُى َو أَ ْع َمى إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬ ‫ك ِم ْن َربّْ َ‬ ‫أَنَّ َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي َ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ُ‬ ‫اج ًدا وقَائِما يح َذر ْاآل ِ‬ ‫ت َآنَاء اللَّْي ِل س ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َرةَ َويَػ ْر ُجو َر ْح َمةَ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َْ ُ‬ ‫وقاؿ‪( :‬أ َْـ َم ْن ُى َو قَان ٌ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َال يَػ ْعلَ ُمو َف إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬ ‫ين يَػ ْعلَ ُمو َف َوالذ َ‬ ‫َربّْو قُ ْل َى ْل يَ ْستَ ِوي الذ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك ُمبَ َار ٌؾ لِيَ َّدبػَّروا آَيَاتِ​ِو َولِيَتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪:‬‬ ‫اب أَنْػ َزلْنَاهُ إِلَْي َ‬ ‫وقاؿ‪( :‬كتَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اب (*) ُى ًدى َو ِذ ْك َرى ِألُولِي‬ ‫يل الْكتَ َ‬ ‫( َولَ​َق ْد َآتَػ ْيػنَا ُم َ‬ ‫وسى ال ُْه َدى َوأ َْوَرثْػنَا بَني إ ْس َرائ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) وقاؿ‪َ ( :‬وذَ ّْك ْر فَِإ َّف ّْ‬ ‫ين ) ‪.‬و ؼ التحف االية‬ ‫الذ ْك َرى تَػ ْنػ َف ُع ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫االولى فقط ‪.‬‬

‫ك لَ ِذ ْك َرى‬ ‫ٓٔ‪-‬‬ ‫يا ىشاـ إف اهلل تعالى يقوؿ في كتابو‪ ( :‬إِ َّف فِي ذَلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْب ) يعني‪ :‬عقل‪ " :‬وقاؿ ( َولَ​َق ْد َآتَػ ْيػنَا لُْق َما َف الْ ِح ْك َمةَ ) قاؿ‪:‬‬ ‫ل َم ْن َكا َف لَوُ قَػل ٌ‬ ‫الفهم والعقل‪ .‬و في التحف مثلو ‪.‬‬

‫ٔ​ٔ‪-‬‬

‫يا ىشاـ إف لقماف قاؿ البنو‪ :‬تواضع للحق تكن أعقل الناس‪،‬‬

‫وإف الكيس لدى الحق يسير‪ ،‬يا بني إف الدنيا بحر عميق‪ ،‬قد غرؽ فيها عالم‬ ‫‪162‬‬


‫منهج العرض‬

‫كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى اهلل‪ ،‬وحشوىا االيماف وشراعها التوكل‪ ،‬وقيمها‬ ‫العقل ودليلها العلم‪ ،‬وسكانها الصبر‪ ) .‬وىذا المضموف مصدؽ ‪.‬‬

‫ٕٔ‪-‬‬

‫يا ىشاـ إف لكل شيء دليبل ودليل العقل التفكر‪ ،‬ودليل‬

‫التفكر الصمت‪ ،‬و لكل شيء مطية ومطية العقل التواضع وكفى بك جهبل أف‬ ‫تركب ما نهيت عنو‪.‬‬ ‫ىنا اربعة مضامين (ٔ‪ -‬إف لكل شيء دليبل ودليل العقل التفكر‪-ٕ ،‬‬

‫ودليل التفكر الصمت‪ -ٖ ،‬و لكل شيء مطية ومطية العقل التواضع وٗ‪-‬‬

‫كفى بك جهبل أف تركب ما نهيت عنو‪ .‬و مصدقية االوؿ و الثالث و الرابع‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين ُى ْم‬ ‫واضحة و اما الثانية فعليها اخبار مستفيضة و يصدقها قولو تعالى ( َوالذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اى ْم إَِّال َم ْن أ َ​َم َر‬ ‫َع ِن اللَّغْ ِو ُم ْع ِر ُ‬ ‫ضو َف ) و قولو تعالى ( َال َخ ْيػ َر في َكثِي ٍر م ْن نَ ْج َو ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بِ ٍ‬ ‫ص َبل ٍح بَػ ْي َن الن ِ‬ ‫َّاس )‬ ‫ص َدقَة أ َْو َم ْع ُروؼ أ َْو إِ ْ‬ ‫َ‬

‫ٖٔ‪-‬‬

‫يا ىشاـ ما بعث اهلل انبياءه ورسلو إلى عباده إال ليعقلوا عن‬

‫اهلل‪ ،‬فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة‪ ،‬وأعلمهم بأمر اهلل أحسنهم عقبل‪،‬‬ ‫وأكملهم عقبل أرفعهم درجة في الدنيا واآلخرة‪ ).‬وىذا المضموف مصدقيتو‬ ‫واضحة ‪.‬‬

‫ٗٔ‪-‬‬

‫يا ىشاـ إف هلل على الناس حجتين‪ :‬حجة ظاىرة وحجة‬

‫باطنة‪ ،‬فأما الظاىرة فالرسل واالنبياء واالئمة ‪ -‬عليهم السبلـ ‪ ،-‬وأما الباطنة‬

‫فالعقوؿ‪ ) .‬حجية االنبياء واالئمة عليهم السبلـ و العقل من المصدقات ‪.‬‬ ‫يا ىشاـ إف العاقل الذي ال يشغل الحبلؿ شكره ‪ ،‬وال يغلب‬ ‫٘ٔ‪-‬‬ ‫الحراـ صبره‪ ) .‬ىذا المضموف مصدؽ بالمعارؼ الثبات بأف العقل اطوع ما‬

‫خلق اهلل تعالى و الشكر و الصبر من اىم الطاعات ‪.‬‬

‫‪163‬‬


‫منهج العرض‬

‫‪-ٔٙ‬‬

‫يا ىشاـ من سلط ثبلثا على ثبلث فكأنما أعاف على ىدـ‬

‫عقلو‪ :‬من أظلم نور تفكره بطوؿ أملو ‪ ،‬ومحا طرائف حكمتو بفضوؿ كبلمو ‪،‬‬ ‫وأطفأ نور عبرتو بشهوات نفسو‪ ،‬فكأنما أعاف ىواه على ىدـ عقلو‪ ،‬ومن ىدـ‬ ‫عقلو‪ ،‬أفسد عليو دينو ودنياه‪) .‬ذـ طوؿ االمل و فضوؿ الكبلـ و اتباع‬ ‫الشهوات من المصدؽ ‪ ،‬و فساد الدين و الدنيا بعدـ استعماؿ العقل من‬ ‫المصدؽ ايضا ‪.‬‬

‫‪-ٔٚ‬‬

‫يا ىشاـ كيف يزكو عند اهلل عملك‪ ،‬وأنت قد شغلت قلبك‬

‫‪-ٔٛ‬‬

‫يا ىشاـ الصبر على الوحدة عبلمة قوة العقل‪ ،‬فمن عقل عن‬

‫عن أمر ربك وأطعت ىواؾ على غلبة عقلك‪ ) .‬ىذا المضموف مصدؽ ‪.‬‬

‫اهلل اعتزؿ أىل الدنيا والراغبين فيها‪ ،‬ورغب فيما عند اهلل‪ ،‬وكاف اهلل انسو في‬ ‫الوحشة‪ ،‬وصاحبو في الوحدة‪ ،‬وغناه في العيلة ‪ ،‬ومعزه من غير عشيرة‪ ) .‬ىذا‬ ‫المضامين مصدقيتها واحدة ‪.‬‬ ‫‪-ٜٔ‬‬

‫يا ىشاـ نصب الحق لطاعة اهلل ‪ ،‬وال نجاة إال بالطاعة‪،‬‬

‫والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم‪ ،‬والتعلم بالعقل يعتقد ‪ ،‬وال علم إال من عالم‬ ‫رباني‪ ،‬ومعرفة العلم بالعقل‪ ) .‬كل ىذه المضامين مصدقة كما ىو واضح ‪.‬‬ ‫ٕٓ‪-‬‬

‫يا ىشاـ قليل العمل من العالم مقبوؿ مضاعف‪ ،‬وكثير العمل‬

‫من أىل الهوى والجهل مردود‪ ) .‬اشتراط العلم في العمل مضموف مصدؽ‬ ‫صلْنا ْاآلَي ِ ٍ‬ ‫اؿ‬ ‫ْك ْاأل َْمثَ ُ‬ ‫ات لَِق ْوـ يَػ ْعلَ ُمو َف ) وقاؿ تعالى ( َوتِل َ‬ ‫قاؿ تعالى ( قَ ْد فَ َّ َ َ‬ ‫ض ِربػُ َها لِلن ِ‬ ‫شى اللَّ َو ِم ْن‬ ‫نَ ْ‬ ‫َّاس َوَما يَػ ْع ِقلُ َها إَِّال ال َْعالِ ُمو َف ) و قاؿ تعالى (إِنَّ َما يَ ْخ َ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫(ى ْل ِع ْن َد ُك ْم ِم ْن ِعل ٍْم فَػتُ ْخ ِر ُجوهُ لَنَا إِ ْف تَػتَّبِعُو َف إَِّال‬ ‫عبَاده ال ُْعلَ َماءُ ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫(وَال تُ ِط ْع َم ْن أَ ْغ َفلْنَا قَػلْبَوُ َع ْن ِذ ْك ِرنَا َواتَّػبَ َع َى َواهُ َوَكا َف أ َْم ُرُه‬ ‫الظَّ َّن ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫فُػرطًا ) و قاؿ تعالى (ولَ ِو اتَّػبع الْح ُّق أ َْىواء ُىم لَ​َفس َد ِ‬ ‫ض‬ ‫ت َّ‬ ‫الس َم َاو ُ‬ ‫ات َو ْاأل َْر ُ‬ ‫َ َ​َ َ‬ ‫َ​َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َوَم ْن في ِه َّن )‬ ‫‪164‬‬


‫منهج العرض‬

‫ٕٔ‪-‬‬

‫يا ىشاـ إف العاقل رضي بالدوف من الدنيا مع الحكمة‪ ،‬ولم‬

‫يرض بالدوف من الحكمة مع الدنيا‪ ،‬فلذلك ربحت تجارتهم‪ ) .‬وىذا‬ ‫ت ال ِ‬ ‫المضموف مصدؽ قاؿ تعالى (يػ ْؤتِي ال ِ‬ ‫ْح ْك َمةَ فَػ َق ْد‬ ‫ْح ْك َمةَ َم ْن يَ َ‬ ‫شاءُ َوَم ْن يػُ ْؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫الدنْػيا قَِليل و ْاآل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َرةُ َخ ْيػ ٌر لِ َم ِن اتَّػ َقى )‬ ‫أُوت َي َخ ْيػ ًرا َكث ًيرا ) و قاؿ تعالى (قُ ْل َمتَاعُ ُّ َ ٌ َ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َولَ ْه ٌو َولَ َّ‬ ‫ْحيَاةُ ُّ‬ ‫ين يَػتَّػ ُقو َف‬ ‫و قاؿ تعالى ( َوَما ال َ‬ ‫الدنْػيَا إَِّال لَع ٌ‬ ‫لد ُار ْاآلَخ َرةُ َخ ْيػ ٌر للذ َ‬ ‫ْحيَ ِاة ُّ‬ ‫الدنْػيَا َك َم ٍاء أَنْػ َزلْنَاهُ ِم َن‬ ‫أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف ) و قاؿ تعالى (إ َوا ْ‬ ‫ض ِر ْ‬ ‫ب لَ ُه ْم َمثَ َل ال َ‬ ‫ِ‬ ‫ات ْاأل َْر ِ‬ ‫اح ) و قاؿ تعالى‬ ‫الس َم ِاء فَا ْختَػلَ َ‬ ‫َّ‬ ‫يما تَ ْذ ُروهُ ّْ‬ ‫ط بِ ِو نَػبَ ُ‬ ‫ض فَأ ْ‬ ‫الريَ ُ‬ ‫َصبَ َح َىش ً‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْحيَاةُ ُّ‬ ‫ْحيَ ِاة ُّ‬ ‫الدنْػيَا فِي‬ ‫سُ‬ ‫ط ّْ‬ ‫الرْز َؽ لِ َم ْن يَ َ‬ ‫الدنْػيَا َوَما ال َ‬ ‫شاءُ َويَػ ْقد ُر َوفَ ِر ُحوا بِال َ‬ ‫(اللوُ يَػ ْب ُ‬ ‫ْاآل ِ‬ ‫َخ َرةِ إَِّال َمتَاعٌ ) و قاؿ تعالى ( ِر َج ٌ‬ ‫اؿ َال تُػ ْل ِهي ِه ْم تِ َج َارةٌ َوَال بَػ ْي ٌع َع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِو‬ ‫وإِقَ ِاـ َّ ِ ِ‬ ‫الزَكاةِ ي َخافُو َف يػوما تَػتَػ َقلَّ ِ ِ‬ ‫ار )‬ ‫وب َو ْاألَبْ َ‬ ‫ب فيو الْ ُقلُ ُ‬ ‫َْ ً‬ ‫الص َبلة َوإِيتَاء َّ َ‬ ‫صُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يا ىشاـ إف العقبلء تركوا فضوؿ الدنيا فكيف الذنوب‪ ،‬وترؾ‬ ‫ٕ​ٕ‪-‬‬ ‫الدنيا من الفضل‪ ،‬وترؾ الذنوب من الفرض‪ ) .‬و ىو مصدؽ بما سبق ‪.‬‬ ‫ٖٕ‪-‬‬

‫يا ىشاـ إف العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أىلها فعلم أنها ال‬

‫تناؿ إال بالمشقة ونظر إلى اآلخرة فعلم أنها ال تناؿ إال بالمشقة‪ ،‬فطلب‬ ‫بالمشقة أبقاىما‪ ) .‬وىو مصدؽ بالمعارؼ الثابتة قاؿ تعالى ( َوَما أُوتِيتُ ْم ِم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫الدنْػيَا َوِزينَتُػ َها َوَما ِع ْن َد اللَّ ِو َخ ْيػ ٌر َوأَبْػ َقى أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف )‬ ‫َش ْيء فَ َمتَاعُ ال َ‬ ‫يا ىشاـ إف العقبلء زىدوا في الدنيا ورغبوا في اآلخرة‪ ،‬النهم‬ ‫ٕٗ‪-‬‬ ‫علموا أف الدنيا طالبة مطلوبة واآلخرة طالبة ومطلوبة‪ ،‬فمن طلب اآلخرة طلبتو‬ ‫الدنيا حتى يستوفي منها رزقو‪ ،‬ومن طلب الدنيا طلبتو اآلخرة فيأتيو الموت ‪،‬‬ ‫فيفسد عليو دنياه وآخرتو‪ ) .‬و مصدقية ىذه المضامين واضحة و بخصوص‬ ‫طلب الدنيا لبلنساف واستفائو رزقو منها الذي كتبو اهلل تعالى لو متاع لو فيها‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫الدنْػيَا َوَما‬ ‫سُ‬ ‫ط ّْ‬ ‫الرْز َؽ لِ َم ْن يَ َ‬ ‫شاءُ َويَػ ْقد ُر َوفَ ِر ُحوا بِال َ‬ ‫فعليو قولو تعالى (اللوُ يَػ ْب ُ‬ ‫الدنْػيا فِي ا ْآل ِ‬ ‫ع ) و قاؿ تعالى ( َوَكأَيّْ ْن ِم ْن َدابٍَّة َال تَ ْح ِم ُل‬ ‫َخ َرِة إَِّال َمتَا ٌ‬ ‫ْحيَاةُ ُّ َ‬ ‫ال َ‬ ‫‪165‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫سُ‬ ‫ط ّْ‬ ‫الرْز َؽ لِ َم ْن يَ َ‬ ‫شاءُ‬ ‫ِرْزقَػ َها اللوُ يَػ ْرُزقُػ َها َوإيَّا ُك ْم ) و قاؿ تعالى (قُ ْل إ َّف َربّْي يَػ ْب ُ‬ ‫َويَػ ْق ِد ُر َولَ ِك َّن أَ ْكثَػ َر الن ِ‬ ‫الرْز َؽ‬ ‫سَ‬ ‫ط اللَّوُ ّْ‬ ‫َّاس َال يَػ ْعلَ ُمو َف ) و قاؿ تعالى ( َولَ ْو بَ َ‬ ‫شاء إِنَّوُ بِ ِعب ِ‬ ‫ادهِ لَبػغَوا فِي ْاألَر ِ ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ادهِ َخبِير ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ٌير) و قاؿ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌَ‬ ‫لعبَ َ ْ‬ ‫ض َولَك ْن يُػنَػ ّْز ُؿ ب َق َد ٍر َما يَ َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫الدنْػيَا َوَما ِع ْن َد اللَّ ِو َخ ْيػ ٌر َوأَبْػ َقى ) و‬ ‫تعالى (فَ َما أُوتِيتُ ْم م ْن َش ْيء فَ َمتَ ُ‬ ‫اع ال َ‬ ‫ات ِمن النّْس ِاء والْبنِين والْ َقنَ ِ‬ ‫الشهو ِ‬ ‫قاؿ تعالى ( ُزيّْ َن لِلن ِ‬ ‫اطي ِر ال ُْم َق ْنطَ​َرِة‬ ‫َّاس ُح ُّ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ب َّ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫الذى ِ ِ ِ‬ ‫َّة والْ َخ ْي ِل الْمس َّوم ِة و ْاألَنْػع ِاـ والْحر ِ‬ ‫ْحيَ ِاة ُّ‬ ‫الدنْػيَا‬ ‫ث َذلِ َ‬ ‫ك َمتَ ُ‬ ‫م َن َّ َ‬ ‫اع ال َ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ َْ‬ ‫ب َوالْفض َ‬ ‫َواللَّوُ ِع ْن َدهُ ُح ْس ُن ال َْمآ ِ‬ ‫َب )‬ ‫يا ىشاـ من أراد الغنى ببل ماؿ‪ ،‬وراحة القلب من الحسد‪،‬‬ ‫ٕ٘‪-‬‬ ‫والسبلمة في الدين فليتضرع إلى اهلل عزوجل في مسألتو باف يكمل عقلو‪ ،‬فمن‬ ‫عقل قنع بما يكفيو‪ ،‬ومن قنع بما يكفيو استغني‪ ،‬ومن لم يقنع بما يكفيو لم‬ ‫يدرؾ الغني أبدا‪ ) .‬وىذه مضامين مصدقة بما تقدـ و غيره من معارؼ ثابتة ‪.‬‬ ‫يا ىشاـ إف اهلل حكى عن قوـ صالحين‪ :‬أنهم قالوا‪َ ( :‬ربػَّنَا َال‬ ‫‪-ٕٙ‬‬ ‫َّاب ) حين‬ ‫تُ ِز ْ‬ ‫ك َر ْح َم ًة إِنَّ َ‬ ‫ب لَنَا ِم ْن لَ ُدنْ َ‬ ‫ك أَنْ َ‬ ‫ت ال َْوى ُ‬ ‫غ قُػلُوبَػنَا بَػ ْع َد إِ ْذ َى َديْػتَػنَا َو َى ْ‬ ‫علموا أف القلوب تزيغ وتعود إلى عماىا ورداىا‪ .‬إنو لم يخف اهلل من لم يعقل‬ ‫عن اهلل ‪ ،‬ومن لم يعقل عن اهلل لم يعقد قلبو على معرفة ثابتة يبصرىا ويجد‬ ‫حقيقتها في قلبو‪ ،‬وال يكوف أحد كذلك إال من كاف قولو لفعلو مصدقا‪ ،‬وسره‬ ‫لعبلنيتو موافقا‪ ،‬الف اهلل تبارؾ اسمو لم يدؿ على الباطن الخفي من العقل إال‬ ‫بظاىر منو ‪ ،‬ون اطق عنو‪ ) .‬ىذه المضتمين مصدقة بمعارؼ ثابتة منها قولو‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش ْو َف َربػَّ ُه ْم بِالْغَْي ِ‬ ‫الص َبلةَ َوَم ْن تَػ َزَّكى فَِإنَّ َما‬ ‫ب َوأَقَ ُاموا َّ‬ ‫ين يَ ْخ َ‬ ‫تعالى (إنَّ َما تُػ ْنذ ُر الذ َ‬ ‫ِ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫صير (*) وما يستَ ِوي ْاألَ ْعمى والْب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُير (*) َوَال‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ​َ َ ْ‬ ‫يَػتَػ َزَّكى لنَػ ْفسو َوإلَى اللو ال َْم ُ‬ ‫َحيَاءُ َوَال‬ ‫الظُّلُ َم ُ‬ ‫ور (*) َوَما يَ ْستَ ِوي ْاأل ْ‬ ‫ُّور (*) َوَال الظّْ ُّل َوَال ال َ‬ ‫ْح ُر ُ‬ ‫ات َوَال الن ُ‬ ‫ت بِ ُم ْس ِم ٍع َم ْن فِي الْ ُقبُوِر )‬ ‫ات إِ َّف اللَّ َو يُ ْس ِم ُع َم ْن يَ َ‬ ‫ْاأل َْم َو ُ‬ ‫شاءُ َوَما أَنْ َ‬

‫‪166‬‬


‫منهج العرض‬

‫‪-ٕٚ‬‬

‫يا ىشاـ كاف أمير المؤمنين عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬ما عبداهلل‬

‫بشئ أفضل من العقل‪ ،‬وما تم عقل امرء حتى يكوف فيو خصاؿ شتى‪ :‬الكفر‬ ‫والشر‬

‫منو‬

‫مأموناف‪،‬‬

‫والرشد‬

‫والخير‬

‫منو مأموالف‪ ،‬وفضل مالو مبذوؿ‪ ،‬وفضل قولو مكفوؼ‪ ،‬ونصيبو من الدنيا‬ ‫القوت‪ ،‬ال يشبع من العلم دىره‪ ،‬الذؿ أحب إليو مع اهلل من العز مع غيره‪،‬‬ ‫والتواضع أحب إليو من الشرؼ‪ ،‬يستكثر قليل المعروؼ من غيره‪ ،‬ويستقل‬ ‫كثير المعروؼ من نفسو‪ ،‬ويرى الناس كلهم خيرا منو‪ ،‬وأنو شرىم في نفسو‪،‬‬ ‫وىو تماـ االمر‪ ) .‬جميع ىذه المضامين مصدقة و بحثنا مفصبل في موضع‬ ‫اخر سابق ‪.‬‬ ‫يا ىشاـ إف العاقل ال يكذب وإف كاف فيو ىواه‪ ) .‬مخالفة‬ ‫‪-ٕٛ‬‬ ‫الكذب للعلم مصدقة قاؿ تعالى (إِنَّما يػ ْفتَ ِري الْ َك ِذب الَّ ِذين َال يػ ْؤِمنُو َف بِآَي ِ‬ ‫ات‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫اذبو َف ) قاؿ تعالى (ىل أُنَػبّْئُ ُكم َعلَى من تَػنَػ َّز ُؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫اللَّ ِو َوأُولَئِ َ‬ ‫َْ‬ ‫ك ُى ُم الْ َك ُ‬ ‫ْ‬ ‫الشيَاط ُ‬ ‫َْ‬ ‫سمع وأَ ْكثَػرىم َك ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫اذبُو َف ) وقاؿ تعالى‬ ‫(*) تَػنَػ َّز ُؿ َعلَى ُك ّْل أَفَّاؾ أَث ٍيم (*) يُػ ْل ُقو َف ال َّ ْ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫(فَأَ ْع َقبَػ ُه ْم نَِفاقًا فِي قُػلُوبِ ِه ْم إِلَى يَػ ْوِـ يَػ ْل َق ْونَوُ بِ َما أَ ْخلَ ُفوا اللَّ َو َما َو َع ُدوهُ َوبِ َما َكانُوا‬ ‫يَ ْك ِذبُو َف )‬ ‫يا ىشاـ ال دين لمن ال مروة لو ‪ ،‬وال مروة لمن ال عقل لو‪،‬‬ ‫‪-ٕٜ‬‬ ‫وإف أعظم الناس قدرا الذي ال يرى الدنيا لنفسو خطرا أما إف أبدانكم ليس‬ ‫لها ثمن إال الجنة فبل تبيعوىا بغيرىا‪ ) .‬وىذا المضموف مصدؽ بمعارؼ ثابتة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫الدنْػيَا َوِزينَتُػ َها َوَما ِع ْن َد اللَّ ِو‬ ‫منها قولو تعالى ( َوَما أُوتيتُ ْم م ْن َش ْيء فَ َمتَاعُ ال َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫اه‬ ‫َّعنَ ُ‬ ‫سنًا فَػ ُه َو َالقيو َك َم ْن َمتػ ْ‬ ‫َخ ْيػ ٌر َوأَبْػ َقى أَفَ َبل تَػ ْعقلُو َف (*) أَفَ َم ْن َو َع ْدنَاهُ َو ْع ًدا َح َ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫ين ) و قاؿ تعالى ( فَ َؤلُقَطّْ َع َّن‬ ‫الدنْػيَا ثُ َّم ُى َو يَػ ْو َـ ال ِْقيَ َام ِة ِم َن ال ُْم ْح َ‬ ‫َمتَ َ‬ ‫اع ال َ‬ ‫ض ِر َ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وع النَّ ْخ ِل َولَتَػ ْعلَ ُم َّن أَيُّػنَا أَ َش ُّد‬ ‫صلّْبَػنَّ ُك ْم فِي ُج ُذ ِ‬ ‫أَيْديَ ُك ْم َوأ َْر ُجلَ ُك ْم م ْن خ َبلؼ َوَألُ َ‬ ‫َع َذابا وأَبػ َقى (*) قَالُوا لَن نػُ ْؤثِر َؾ َعلَى ما جاءنَا ِمن الْبػيّْػنَ ِ‬ ‫ات َوالَّ ِذي فَطَ​َرنَا فَاق ِ‬ ‫ْض‬ ‫ً َْ‬ ‫َ َ​َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫‪167‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ ِ​ِ‬ ‫ت قَ ٍ‬ ‫ْحيَاةَ ُّ‬ ‫ك‬ ‫الدنْػيَا ) و قاؿ تعالى ( َوَال تَ ُم َّد َّف َع ْيػنَػ ْي َ‬ ‫َما أَنْ َ‬ ‫اض إِنَّ َما تَػ ْقضي َىذه ال َ‬ ‫إِلَى ما متػَّعنا بِ ِو أَ ْزو ِ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫ك َخ ْيػ ٌر‬ ‫الدنْػيَا لِنَػ ْفتِنَػ ُه ْم فِ ِيو َوِرْز ُؽ َربّْ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫اجا م ْنػ ُه ْم َزْى َرَة ال َ‬ ‫َ ً‬

‫َوأَبْػ َقى )‬

‫ٖٓ‪-‬‬

‫يا ىشاـ إف أمير المؤمنين عليو السبلـ كاف يقوؿ‪ :‬إف من‬

‫عبلمة العاقل اف يكوف فيو ثبلث خصاؿ‪ :‬يجيب إذا سئل‪ ،‬وينطق إذا عجز‬ ‫القوـ عن الكبلـ‪ ،‬ويشير بالرأي الذي يكوف فيو صبلح أىلو‪ ،‬فمن لم يكن فيو‬ ‫من ىذه الخصاؿ الثبلث شئ فهو أحمق‪ .‬إف أمير المؤمنين عليو السبلـ قاؿ‪:‬‬ ‫ال يجلس في صدر المجلس إال رجل فيو ىذه الخصاؿ الثبلث أو واحدة‬ ‫منهن‪ ،‬فمن لم يكن فيو شئ منهن فجلس فهو أحمق‪ ) .‬يصدؽ ىذا المضموف‬ ‫اف العقل مع العلم واف ذلك من صفات العالم قاؿ تعالى ( َو َش َد ْدنَا ُم ْل َكوُ‬ ‫اب ) و قاؿ تعالى (يػ ْؤتِي ال ِ‬ ‫ْح ْكمةَ وفَصل ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْخطَ ِ‬ ‫شاءُ َوَم ْن‬ ‫ْح ْك َمةَ َم ْن يَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َوَآتَػ ْيػنَاهُ ال َ َ ْ َ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫يػُ ْؤ َ‬ ‫ْح ْك َمةَ فَػ َق ْد أُوتِ َي َخ ْيػ ًرا َكثِ ًيرا ) و قاؿ تعالى ( َال يَػتَ َكلَّ ُمو َف إَِّال َم ْن أ َِذ َف لَوُ‬ ‫َح َس ُن قَػ ْوًال ِم َّم ْن َد َعا إِلَى اللَّ ِو َو َع ِم َل‬ ‫الر ْح َم ُن َوقَ َ‬ ‫َّ‬ ‫(وَم ْن أ ْ‬ ‫اؿ َ‬ ‫ص َوابًا ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫صالِحا ) و قاؿ تعالى (يػرفَ ِع اللَّوُ الَّ ِذين آَمنُوا ِم ْن ُكم والَّ ِذين أُوتُوا ال ِْعلْم َدرج ٍ‬ ‫ات‬ ‫َ ً‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫) و قاؿ تعالى ( َولَ ْو َردُّوهُ إِلَى َّ ِ ِ‬ ‫ين‬ ‫الر ُسوؿ َوإلَى أُولي ْاأل َْم ِر م ْنػ ُه ْم لَ َعل َموُ الذ َ‬ ‫يستَػ ْنبِطُونَوُ ِم ْنػهم ) و قاؿ تعالى (فَاتَّػبػعوا أَمر فِر َعو َف وما أَمر فِر َعو َف بِر ِش ٍ‬ ‫يد ) و‬ ‫ُْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ َْ ْ ْ َ​َ ُْ ْ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َح ُّق أَ ْف يػُتَّبَ َع أ ََّم ْن َال يَ ِهدّْي إَِّال أَ ْف يػُ ْه َدى )‬ ‫قاؿ تعالى (أَفَ َم ْن يَػ ْهدي إِلَى ال َ‬ ‫ْح ّْق أ َ‬ ‫وقاؿ الحسن بن علي عليهما السبلـ‪ :‬إذا طلبتم الحوائج‬ ‫ٖٔ‪-‬‬ ‫فاطلبوىا‬

‫أىلها‪،‬‬

‫من‬

‫قيل‬

‫يا ابن رسوؿ اهلل ومن أىلها؟ قاؿ‪ :‬الذين قص اهلل في كتابو وذكرىم‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫(إِنَّ َما يَػتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) قاؿ‪ :‬ىم اولو العقوؿ‪ ) .‬قصد اىل العقل و العلم‬ ‫ُ‬ ‫اسأَلُوا أ َْىل ّْ‬ ‫الذ ْك ِر إِ ْف‬ ‫و المعرفة مصدؽ بالفطرة و المعارؼ الثابتة قاؿ تعالى (فَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬ ‫ين أُوتُوا‬ ‫ين آ َ​َمنُوا م ْن ُك ْم َوالذ َ‬ ‫ُك ْنتُ ْم َال تَػ ْعلَ ُمو َف ) و قاؿ تعالى ((يَػ ْرفَ ِع اللوُ الذ َ‬ ‫‪168‬‬


‫منهج العرض‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اصةٌ‬ ‫ص َ‬ ‫(ويػُ ْؤث ُرو َف َعلَى أَنْػ ُفس ِه ْم َولَ ْو َكا َف بِ ِه ْم َخ َ‬ ‫ْم َد َر َجات ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫الْعل َ‬ ‫ك ُى ُم ال ُْم ْف ِل ُحو َف ) و الفبلح صفة العاقل العالم ‪.‬و‬ ‫َوَم ْن يُو َؽ ُش َّح نَػ ْف ِس ِو فَأُولَئِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اى ْم‬ ‫اء َو ْج ِو َربّْ ِه ْم َوأَقَ ُاموا َّ‬ ‫الص َبلةَ َوأَنْػ َف ُقوا م َّما َرَزقػْنَ ُ‬ ‫ين َ‬ ‫صبَػ ُروا ابْتغَ َ‬ ‫قاؿ تعالى ( َوالذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك لَ ُه ْم عُ ْقبَى َّ‬ ‫الدا ِر ) و من ىذه‬ ‫سنَ ِة َّ‬ ‫السيّْئَةَ أُولَئِ َ‬ ‫س ِّرا َو َع َبلنيَةً َويَ ْد َرءُو َف بِال َ‬ ‫ْح َ‬ ‫صفتو فهو العاقل العالم ‪.‬‬ ‫ٕٖ‪-‬‬

‫وقاؿ علي بن الحسين عليهما السبلـ ‪ :‬مجالسة الصالحين‬

‫داعية إلى الصبل ح‪ ،‬وآداب العلماء زيادة في العقل‪ ،‬وطاعة والة العدؿ تماـ‬ ‫العز‪ ،‬واستثمار الماؿ تماـ المروة وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة‪ ،‬وكف‬ ‫االذى من كماؿ العقل‪ ،‬وفيو راحة البدف عاجبل وآجبل‪ ) .‬ىذه المضامين‬ ‫مصدقة وىي مضامين تبحث في موضع اخرى و المقصود بوالة العدؿ ىم‬ ‫اولي االمر االئمة عليهم السبلـ قاؿ تعالى (يا أَيػُّها الَّ ِذين آَمنُوا أ ِ‬ ‫َطيعُوا اللَّ َو‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وأ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر ِم ْن ُك ْم ) اذ ال طاعة لغيرىم ‪.‬‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫َ‬ ‫ٖ​ٖ‪-‬‬

‫يا ىشاـ إف العاقل ال يحدث من يخاؼ تكذيبو‪ ،‬وال يسأؿ‬

‫من يخاؼ منعو وال يعد ما ال يقدر عليو‪ ،‬وال يرجو ما يعنف برجائو ‪ ،‬وال يقدـ‬ ‫على ما يخاؼ فوتو بالعجز عنو‪ ) .‬المضموف االوؿ يحمل على غير المهمات‬ ‫اؼ أَ ْف ي َك ّْذب ِ‬ ‫وف ) و قولو تعالى‬ ‫و يصدؽ ذلك قولو تعالى (قَ َ‬ ‫اؿ َر ّْ‬ ‫ب إِنّْي أ َ‬ ‫َخ ُ ُ ُ‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫(يَا أَيػُّ َها َّ‬ ‫ك ِم ْن َربّْ َ‬ ‫وؿ بَػلّْ ْغ َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي َ‬ ‫ك َوإِ ْف لَ ْم تَػ ْف َع ْل فَ َما بَػلَّغْ َ‬ ‫ت ِر َسالَتَوُ‬ ‫واللَّوُ يػ ْع ِ‬ ‫ك ِم َن الن ِ‬ ‫ض َع ِن‬ ‫اص َد ْ‬ ‫ص ُم َ‬ ‫ع بِ َما تُػ ْؤَم ُر َوأَ ْع ِر ْ‬ ‫َّاس ) و قاؿ تعالى (فَ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ) ‪ ،‬و كذلك الثاني فانو يحمل على غير‬ ‫ين (*) إِنَّا َك َف ْيػنَ َ‬ ‫اؾ ال ُْم ْستَػ ْه ِزئ َ‬ ‫ال ُْم ْش ِرك َ‬ ‫ِ‬ ‫َج ًرا إَِّال ال َْم َو َّدةَ فِي‬ ‫َسأَلُ ُك ْم َعلَْيو أ ْ‬ ‫المهمات و يصدؽ ذلك قولو تعالى (قُ ْل َال أ ْ‬ ‫وىا فَػيُ ْح ِف ُك ْم‬ ‫الْ ُق ْربَى ) و قاؿ تعالى ( َوَال يَ ْسأَلْ ُك ْم أ َْم َوالَ ُك ْم (*) إِ ْف يَ ْسأَلْ ُك ُم َ‬ ‫ضغَانَ ُك ْم ) و المضامين الباقية مصدقة وىي من التدبير و في‬ ‫ِج أَ ْ‬ ‫تَػ ْب َخلُوا َويُ ْخر ْ‬ ‫غير المهمات و الواجبات كما ىو ظاىر ‪.‬‬ ‫‪169‬‬


‫منهج العرض‬

‫فالخبلصة الخبر على طولو و كثرة مضامينو المتجاوزة لؤلربعين مضمونا‬ ‫نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫روي الخبر عن االماـ موسى الكاظم عليو السبلـ رواه في الكافي و في‬ ‫التحف عن ىشاـ بن الحكم عنو عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫ففي الكافي ‪ :‬الكليني ‪ :‬أبوعبداهلل االشعري‪ ،‬عن بعض أصحابنا‪ ،‬رفعو عن‬ ‫ىشاـ بن الحكم قاؿ‪ :‬قاؿ لي أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السبلـ‪ :‬يا‬ ‫ىشاـ‪ . .‬فالسند منقطع اذ اف االنقطاع باكثر من واسطة ‪ ،‬فهو من الدرجة‬ ‫اثالثة‬ ‫و في تحف العقوؿ ‪ :‬وروى عن االماـ الكاظم االمين أبى ابراىيم ويكنى‬ ‫أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السبلـ في طواؿ ىذه المعاني (وصيتو عليو‬ ‫السبلـ) (لهشاـ وصفتو للعقل فالخبر منقطع من الثالثة‬ ‫فالخبلصة ‪ :‬الخبر متعدد الطريق منقطع من الدرجة الثالثة ‪ .‬رواه راو واحد‬ ‫عن المعصوـ عليو السبلـ ‪.‬‬

‫‪170‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (ٖٔ) حديث ( من عرؼ دينو من كتاب اهلل عز وجل زالت الجباؿ قبل‬ ‫أف يزوؿ ‪ ،‬ومن دخل في أمر بجهل خرج منو بجهل )‬ ‫المتن ‪ :‬محمد الحلبي ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬قاؿ لي أبو عبد اهلل ( عليو السبلـ ) ‪:‬‬ ‫« انو من عرؼ دينو من كتاب اهلل عز وجل زالت الجباؿ قبل أف يزوؿ ‪،‬‬ ‫ومن دخل في أمر بجهل خرج منو بجهل ‪ .‬قلت ‪ :‬وما ىو في كتاب اهلل ؟‬ ‫وؿ فَ ُخ ُذوهُ َوَما نَػ َها ُك ْم َع ْنوُ فَانْػتَػ ُهوا )‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫قاؿ ‪ :‬قوؿ اهلل عز وجل ‪َ ( :‬ما َآتَا ُك ُم َّ‬ ‫اع اللَّ َو ) ‪ .‬وقولو عز وجل ‪ ( :‬يَا‬ ‫الر ُس َ‬ ‫‪ .‬وقولو عز وجل ‪َ ( :‬م ْن يُ ِط ِع َّ‬ ‫وؿ فَػ َق ْد أَطَ َ‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر ِم ْن ُك ْم ) ‪ .‬وقولو‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫تبارؾ وتعالى ‪ ( :‬إِنَّما ولِيُّ ُكم اللَّوُ ورسولُوُ والَّ ِذين آَمنُوا الَّ ِذ ِ‬ ‫الص َبل َة‬ ‫يمو َف َّ‬ ‫َ​َ ُ َ َ َ‬ ‫ين يُق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َويػُ ْؤتُو َف َّ‬ ‫ك َال يػُ ْؤِمنُو َف‬ ‫الزَكاةَ َو ُى ْم َراكِعُو َف ) ‪ .‬وقولو جل جبللو ‪ ( :‬فَ َبل َوَربّْ َ‬ ‫حتَّى يح ّْكم َ ِ‬ ‫ت‬ ‫يما َش َج َر بَػ ْيػنَػ ُه ْم ثُ َّم َال يَ ِج ُدوا فِي أَنْػ ُف ِس ِه ْم َح َر ًجا ِم َّما قَ َ‬ ‫ض ْي َ‬ ‫وؾ ف َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِم ْن‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫يما ) ‪ .‬وقولو عز وجل ‪ ( :‬يَا أَيػُّ َها َّ‬ ‫وؿ بَػلّْ ْغ َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي َ‬ ‫سلّْ ُموا تَ ْسل ً‬ ‫َويُ َ‬ ‫ت ِرسالَتَوُ واللَّوُ يػ ْع ِ‬ ‫ك ِم َن الن ِ‬ ‫َّاس ) ‪ .‬ومن ذلك‬ ‫ص ُم َ‬ ‫َربّْ َ‬ ‫ك َوإِ ْف لَ ْم تَػ ْف َع ْل فَ َما بَػلَّ ْغ َ َ َ َ‬ ‫‪171‬‬


‫منهج العرض‬

‫قوؿ رسوؿ اهلل ( صلى اهلل عليو وآلو ) لعلي ( عليو السبلـ ) ‪ :‬من كنت مواله‬ ‫فعلي مواله ‪ ،‬اللهم واؿ من وااله وعاد من عاداه ‪ ،‬وانصر من نصره واخذؿ‬ ‫من خذلو ‪ ،‬وأحب من أحبو وابغض من أبغضو » ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫روى صاحب البشارة و الغيبة النعمانية و روضة الواعظين الخبر عن‬ ‫االماـ الصادؽ ‪ ،‬و رواه الكليني عن االماـ الكاظم عليو السبلـ ‪ .‬و رواه‬ ‫صاحب الروضة ايضا عن الصادؽ عن امير المؤمنين عليو السبلـ‬

‫المضموف االوؿ ‪ :‬في البشارة ‪ :‬انو من عرؼ دينو من كتاب اهلل عز وجل‬ ‫زالت الجباؿ قبل أف يزوؿ ‪ .‬و في الكافي ‪ :‬من أخذ دينو من كتاب اهلل وسنة‬ ‫نبيو صلوات اهلل عليو وآلو زالت الجباؿ قبل أف يزوؿ ومن أخذ دينو من أفواه‬ ‫الرجاؿ ردتو الرجاؿ ‪ .‬و قي الغيبة ‪ :‬من دخل في ىذا الدين بالرجاؿ أخرجو‬ ‫منو الرجاؿ كما أدخلوه فيو‪.‬ومن دخل فيو بالكتاب والسنة زالت الجباؿ قبل‬ ‫أف يزوؿ "‪.‬و في الروضة ‪ :‬روضة الواعظين ‪ :‬من اخذ دينو من افواه الرجاؿ‬ ‫ازالتو الرجاؿ ‪ ،‬ومن اخذ دينو من الكتاب والسنة ‪ ،‬زالت الجباؿ ولم يزؿ ‪.‬‬

‫‪172‬‬


‫منهج العرض‬

‫فقو الحديث ‪ :‬وردت عبارات ( عرؼ و دخل و اخذ )‬

‫دينو من‬

‫الكتاب و السنة زالت الجباؿ قبل اف يزوؿ و من اخذ دينو من افواه الرجاؿ‬ ‫ردتو الرجاؿ او من دخل ىذا الدين بالرجاؿ اخرجو منو الرجاؿ ‪ .‬و المدح و‬ ‫الترغيب باخذ الدين مباشرة من الكتاب و السنة و عدـ توسيط اخر في ذلك‬ ‫ظاىر ‪ ،‬كما اف الذـ باالعتماد على االخر في معرفة الدين ايضا واضح ‪ .‬و‬ ‫الخبر شامل للق طعي من العقائد و ظنيها و القطعي من الشرائع و ظنيها ‪،‬‬ ‫لكن الوجوب في القطعيات منهما ثابت لتواتر المعارؼ بخصوصها مما ال يدع‬ ‫مجاال للتقليد فيها ‪ ،‬و اما ظنيها فؤلجل االحتياج الى المعرفة العلمية‬ ‫االختصاصية فأف الخبر يثبت االستحباب مع األمن من الخطأ و استحباب‬ ‫عرض ما يقلد فيو على الكتاب و السنة و اف يجد لو شاىدا واضحا وىذه‬ ‫المضامين التي قلناىا مصدقة بالمعارؼ الثابتة من اف كل شيء يرد الى القراف‬ ‫و السنة ‪.‬‬ ‫المضموف الثاني ‪ :‬في البشارة ‪ :‬ومن دخل في أمر بجهل خرج منو بجهل‬ ‫‪ .‬و في الكافي ‪ :‬ومن دخل فيو بغير علم خرج منو كما دخل فيو ‪ .‬يصدقو‬ ‫ٍ‬ ‫َصابَوُ َخ ْيػ ٌر اط َْمأ َّ‬ ‫قولو تعالى ( َوِم َن الن ِ‬ ‫َف بِ ِو‬ ‫َّاس َم ْن يَػ ْعبُ ُد اللَّوَ َعلَى َح ْرؼ فَِإ ْف أ َ‬ ‫الدنْػيا و ْاآل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َرةَ ) و يصدقو قولو‬ ‫َوإِ ْف أ َ‬ ‫ب َعلَى َو ْج ِهو َخس َر ُّ َ َ‬ ‫َصابَػ ْتوُ ف ْتػنَةٌ انْػ َقلَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب إَِّال أ َ​َمانِ َّي َوإِ ْف ُى ْم إَِّال يَظُنُّو َف )‬ ‫تعالى ( َوم ْنػ ُه ْم أ ُّْميُّو َف َال يَػ ْعلَ ُمو َف الْكتَ َ‬ ‫المضموف الثالث ‪ :‬قلت ‪ :‬وما ىو في كتاب اهلل ؟ قاؿ ‪ :‬قوؿ اهلل عز‬ ‫وؿ فَ ُخ ُذوهُ َوَما نَػ َها ُك ْم َع ْنوُ فَانْػتَػ ُهوا ) ‪ .‬وقولو عز وجل‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫وجل ‪َ ( :‬ما َآتَا ُك ُم َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ فَػ َق ْد أَطَ َ َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا‬ ‫الر ُس َ‬ ‫‪َ ( :‬م ْن يُ ِط ِع َّ‬ ‫اع اللوَ ) ‪ .‬وقولو عز وجل ‪ ( :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫‪173‬‬


‫منهج العرض‬

‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر ِم ْن ُك ْم ) ‪ .‬وقولو تبارؾ وتعالى ‪( :‬‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫أ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫إِنَّما ولِيُّ ُكم اللَّوُ ورسولُوُ والَّ ِذين آَمنُوا الَّ ِذ ِ‬ ‫الص َبلةَ َويػُ ْؤتُو َف َّ‬ ‫الزَكاةَ َو ُى ْم‬ ‫يمو َف َّ‬ ‫َ​َ ُ َ َ َ‬ ‫ين يُق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ك َال يػ ْؤِمنُو َف حتَّى يح ّْكم َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يما‬ ‫َراكعُو َف ) ‪ .‬وقولو جل جبللو ‪ ( :‬فَ َبل َوَربّْ َ ُ‬ ‫وؾ ف َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫يما ) ‪.‬‬ ‫َش َج َر بَػ ْيػنَػ ُه ْم ثُ َّم َال يَ ِج ُدوا ِفي أَنْػ ُف ِس ِه ْم َح َر ًجا ِم َّما قَ َ‬ ‫ض ْي َ‬ ‫سلّْ ُموا تَ ْسل ً‬ ‫ت َويُ َ‬ ‫ك َوإِ ْف لَ ْم تَػ ْف َع ْل‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫وقولو عز وجل ‪ ) ( :‬يَا أَيػُّ َها َّ‬ ‫ك ِم ْن َربّْ َ‬ ‫وؿ بَػلّْ ْغ َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي َ‬ ‫ت ِرسالَتَوُ واللَّوُ يػ ْع ِ‬ ‫ك ِم َن الن ِ‬ ‫َّاس ) ‪ .‬ومن ذلك قوؿ رسوؿ اهلل (‬ ‫ص ُم َ‬ ‫فَ َما بَػلَّغْ َ َ َ َ‬ ‫صلى اهلل عليو وآلو ) لعلي ( عليو السبلـ ) ‪ :‬من كنت مواله فعلي مواله ‪،‬‬ ‫اللهم واؿ من وااله وعاد من عاداه ‪ ،‬وانصر من نصره واخذؿ من خذلو ‪،‬‬ ‫وأحب من أحبو وابغض من أبغضو » ‪ .‬اقوؿ ىذه ثوابت الشريعة التي يحتج‬ ‫بها و يصدؽ بها ‪.‬‬ ‫المضموف الرابع ‪ :‬الكافي زيادة في اولو ‪ ( :‬من دخل في االيماف بعلم‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْم أَنَّوُ‬ ‫ثبت فيو‪ ،‬ونفعو إيمانو ‪ ) ...‬يصدقو قولو تعالى ( َوليَػ ْعلَ َم الذ َ‬ ‫ين أُوتُوا الْعل َ‬ ‫ِ َّ ِ َّ ِ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا إِلَى‬ ‫ْح ُّق ِم ْن َربّْ َ‬ ‫ك فَػيُػ ْؤِمنُوا بِ ِو فَػتُ ْخبِ َ‬ ‫ال َ‬ ‫ت لَوُ قُػلُوبػُ ُه ْم َوإ َّف اللوَ لَ َهاد الذ َ‬ ‫صر ٍ‬ ‫شى اللَّ َو ِمن ِعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ادهِ الْعُلَ َماءُ ) و قاؿ‬ ‫اط ُم ْستَ ِق ٍيم ) و قاؿ تعالى (إِنَّ َما يَ ْخ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َال يَػ ْعلَ ُمو َف إِنَّ َما يَػتَ َذ َّك ُر أُولُو‬ ‫ين يَػ ْعلَ ُمو َف َوالذ َ‬ ‫تعالى (قُ ْل َى ْل يَ ْستَ ِوي الذ َ‬

‫ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب )‬

‫فالخبلصة اف الخبر مصدؽ بكل مضماينو ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية الطرؽ‬ ‫‪174‬‬


‫منهج العرض‬

‫رواه في بشارة المصطفى و الغيبة النعمانية وروضة الواعظين عن االماـ‬ ‫الصادؽ عليو السبلـ و رواه في الكافي عن االماـ الكاظم عليو السبلـ و رواه‬ ‫في الروضة عن الصادؽ عليو السبلـ عن امير المؤمنين عليو السبلـ‬

‫في بشارة المصطفى ‪ :‬أخبرني الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن‬ ‫بابويو ( رحمو اهلل ) إجازة ‪ ،‬ونسخت من أصلو وقرأت عليو في خانقانو بالري‬ ‫سنة عشرة وخمسمائة ‪ ،‬عن عمو محمد بن الحسن ‪ ،‬عن أبيو الحسن بن‬ ‫الحسين ‪ ،‬عن عمو أبي جعفر محمد بن علي ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬حدثني محمد بن علي‬ ‫بن ماجيلويو ‪ ،‬عن علي بن ابراىيم ‪ ،‬عن أبيو ‪ ،‬عن محمد بن أبي عمير ‪ ،‬عن‬ ‫جميل بن دراج ‪ ،‬عن حكم بن أيمن ‪ ،‬عن محمد الحلبي ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬قاؿ لي أبو‬ ‫عبد اهلل ( عليو السبلـ ) ‪ :‬فالسند متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫و في الغيبة النعمانية ‪:‬‬

‫كما روينا عن أبي عبداهلل جعفر بن‬

‫محمد(عليهما السبلـ) أنو قاؿ‪ ).... " :‬سند الخبر منقطع من الدرجة الثالثة ‪.‬‬ ‫و في الكافي ‪ :‬وقد قاؿ العالم عليو السبلـ‪ " :‬من دخل‪ )....‬و سند‬ ‫الخبر منقطع من الدرجة الثالثة ‪.‬‬ ‫و في روضة الواعظين ‪ :‬وقاؿ أمير المؤمنين " عليو السبلـ " ‪ .....‬وىذا‬ ‫الخبر مروى عن الصادؽ عن أمير المؤمنين عليهم السبلـ ‪ ).‬و سند الخبر‬ ‫منقطع من الدرجة الثالثة ‪.‬‬

‫‪175‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (ٗٔ) حديث ( من لم يعرؼ الحق من القرآف لم يتنكب الفتن‬ ‫‪ ....‬من لم يعرؼ أمرنا من القرآف لم يتنكب الفتن )‬ ‫المتن ‪ :‬للمتن صيغتاف ‪:‬‬ ‫االولى ‪ :‬من لم يعرؼ الحق من القرآف لم يتنكب الفتن ‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬من لم يعرؼ أمرنا من القرآف لم يتنكب الفتن ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫روى الخبر البرقي في المحاسن و العياشي في تفسره و الكليني في‬ ‫الكافي ‪.‬‬ ‫في المحاسن ‪ :‬من لم يعرؼ الحق من القرآف لم يتنكب الفتن ‪ .‬و في‬ ‫تفسير العياشي و الكافي ‪ :‬من لم يعرؼ أمرنا من القرآف لم يتنكب الفتن‪.‬‬ ‫ْكتَاب َال ريب فِ ِيو ى ًدى لِل ِ‬ ‫و المضموف مصدؽ قاؿ تعالى (ذَلِ َ ِ‬ ‫ين )‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْمتَّق َ‬ ‫ك ال ُ َ ْ َ‬ ‫و قاؿ تعالى (ونَػ َّزلْنَا َعلَي َ ِ‬ ‫اب تِْبػيَانًا لِ ُك ّْل َش ْي ٍء َو ُى ًدى َوَر ْح َم ًة َوبُ ْش َرى‬ ‫ْ‬ ‫ك الْكتَ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِل ِ ِ‬ ‫َح ُّق‬ ‫ْح ّْق أَفَ َم ْن يَػ ْهدي إِلَى ال َ‬ ‫ين ) و قاؿ تعالى (قُ ِل اللَّوُ يَػ ْهدي لل َ‬ ‫ْح ّْق أ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْم ْسلم َ‬ ‫أَ ْف يػُتَّبَ َع أ ََّم ْن َال يَ ِهدّْي إَِّال أَ ْف يػُ ْه َدى ) و قاؿ تعالى (إِ َّف َى َذا الْ ُق ْرَآ َف يَػ ْه ِدي‬ ‫لِلَّتِي ِىي أَقػْوـ ) و قاؿ تعالى ِ‬ ‫َّاس من يج ِ‬ ‫اد ُؿ ِفي اللَّ ِو بِغَْي ِر ِعل ٍْم َويَػتَّبِ ُع‬ ‫َ َُ‬ ‫(وم َن الن ِ َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫َض ُّل م َّم َن اتَّػبَ َع َى َواهُ بِغَْي ِر ُى ًدى م َن اللَّ ِو‬ ‫(وَم ْن أ َ‬ ‫ُك َّل َش ْيطَاف َم ِريد ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ ِ َِّ َّ‬ ‫اء ُى ْم ِم ْن َربّْ ِه ُم‬ ‫س َولَ​َق ْد َج َ‬ ‫) و قاؿ تعالى (إ ْف يَػتَّبعُو َف إال الظ َّن َوَما تَػ ْه َوى ْاألَنْػ ُف ُ‬ ‫‪176‬‬


‫منهج العرض‬

‫(وَما لَ ُه ْم بِ ِو ِم ْن ِعل ٍْم إِ ْف يَػتَّبِعُو َف إَِّال الظَّ َّن َوإِ َّف الظَّ َّن‬ ‫ال ُْه َدى ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫(وَما يَػتَّبِ ُع أَ ْكثَػ ُرُى ْم إَِّال ظَنِّا إِ َّف الظَّ َّن‬ ‫يػُغْني م َن ال َ‬ ‫ْح ّْق َش ْيئًا ) و قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْح ّْق َش ْيئًا ) ‪.‬‬ ‫يػُغْني م َن ال َ‬

‫َال‬ ‫َال‬

‫مسألة ‪ :‬و أمرىم عليهم السبلـ من القراف بينو الحديث السابق (محمد‬ ‫الحلبي ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬قاؿ لي أبو عبد اهلل ( عليو السبلـ ) ‪:‬‬ ‫« انو من عرؼ دينو من كتاب اهلل عز وجل زالت الجباؿ قبل أف يزوؿ ‪،‬‬ ‫ومن دخل في أمر بجهل خرج منو بجهل ‪ .‬قلت ‪ :‬وما ىو في كتاب اهلل ؟‬ ‫وؿ فَ ُخ ُذوهُ َوَما نَػ َها ُك ْم َع ْنوُ فَانْػتَػ ُهوا )‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫قاؿ ‪ :‬قوؿ اهلل عز وجل ‪َ ( :‬ما َآتَا ُك ُم َّ‬ ‫اع اللَّ َو ) ‪ .‬وقولو عز وجل ‪ ( :‬يَا‬ ‫الر ُس َ‬ ‫‪ .‬وقولو عز وجل ‪َ ( :‬م ْن يُ ِط ِع َّ‬ ‫وؿ فَػ َق ْد أَطَ َ‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر ِم ْن ُك ْم ) ‪ .‬وقولو‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫تبارؾ وتعالى ‪ ( :‬إِنَّما ولِيُّ ُكم اللَّوُ ورسولُوُ والَّ ِذين آَمنُوا الَّ ِذ ِ‬ ‫الص َبل َة‬ ‫يمو َف َّ‬ ‫َ​َ ُ َ َ َ‬ ‫ين يُق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َويػُ ْؤتُو َف َّ‬ ‫ك َال يػُ ْؤِمنُو َف‬ ‫الزَكا َة َو ُى ْم َراكِعُو َف ) ‪ .‬وقولو جل جبللو ‪ ( :‬فَ َبل َوَربّْ َ‬ ‫حتَّى يح ّْكم َ ِ‬ ‫ت‬ ‫يما َش َج َر بَػ ْيػنَػ ُه ْم ثُ َّم َال يَ ِج ُدوا فِي أَنْػ ُف ِس ِه ْم َح َر ًجا ِم َّما قَ َ‬ ‫ض ْي َ‬ ‫وؾ ف َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِم ْن‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫يما ) ‪ .‬وقولو عز وجل ‪ ( :‬يَا أَيُّػ َها َّ‬ ‫وؿ بَػلّْ ْغ َما أُنْ ِز َؿ إِلَْي َ‬ ‫سلّْ ُموا تَ ْسل ً‬ ‫َويُ َ‬ ‫ت ِرسالَتَوُ واللَّوُ يػ ْع ِ‬ ‫ك ِم َن الن ِ‬ ‫َّاس ) ‪ .‬ومن ذلك‬ ‫ص ُم َ‬ ‫َربّْ َ‬ ‫ك َوإِ ْف لَ ْم تَػ ْف َع ْل فَ َما بَػلَّغْ َ َ َ َ‬ ‫قوؿ رسوؿ اهلل ( صلى اهلل عليو وآلو ) لعلي ( عليو السبلـ ) ‪ :‬من كنت مواله‬ ‫فعلي مواله ‪ ،‬اللهم واؿ من وااله وعاد من عاداه ‪ ،‬وانصر من نصره واخذؿ‬ ‫من خذلو ‪ ،‬وأحب من أحبو وابغض من أبغضو » ‪).‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫روى الخبر البرقي في المحاسن و العياشي عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ و‬ ‫رواه الكليني عن الكاظم عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫‪177‬‬


‫منهج العرض‬

‫المحاسن ‪ :‬عن علي بن إسحاؽ‪ ،‬عن داود‪ ،‬عن أبي عبداهلل عليو‬ ‫السبلـ قاؿ‪ :‬من لم يعرؼ الحق من القرآف لم يتنكب الفتن ‪ .‬فالسند متصل‬ ‫و داود ىو ابن كثير فالسند من الدرجة االولى ‪.‬‬ ‫و اما طريق العياشي فالى ابن مسكاف عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ وىو‬ ‫منق طع من الثالثة و كذا طريق الكليني فهو مرفوع الى العالم عليو السبلـ‬ ‫فالسند منقطع من الثالثة ‪.‬‬ ‫فالخبلصة الخبر متصل من الدرجة الثالثة ‪.‬‬

‫فصل (٘ٔ) حديث ( إذا كانت الرواية مخالفة للقرآف كذبتها )‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي معتمد متصل ‪.‬‬ ‫المتن ‪ :‬قاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ) ( للمحدث ابي قرة في حديث‬ ‫طويل ) ‪ :‬فمن المبلغ عن اهلل إلى الثقلين من الجن واالنس‪ :‬إنو ال تدركو‬ ‫االبصار‪ ،‬وال يحيطوف بو علما‪ ،‬وليس كمثلو شئ ؟ أليس محمد ؟ قاؿ‪ :‬بلى‪،‬‬ ‫قاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬فكيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرىم‬ ‫أنو جاء من عند اهلل‪ ،‬وأنو يدعوىم إلى اهلل بأمر اهلل ويقوؿ‪ :‬إنو ال تدركو‬ ‫االبصار‪ ،‬وال يحيطوف بو علما‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ ،‬ثم يقوؿ‪ :‬أنا رأيتو بعيني‪،‬‬ ‫وأحطت بو علما‪ ،‬وىو على صورة البشر ؟ أما تستحيوف ؟ ما قدرت الزنادقة‬ ‫أف ترميو بهذا أف يكوف أتى عن اهلل بأمر ثم يأتي بخبلفو من وجو آخر ! ‪...‬‬ ‫‪178‬‬


‫منهج العرض‬

‫فقاؿ أبو قرة فتكذب بالرواية ؟ فقاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬إذا كانت‬ ‫الرواية مخالفة للقرآف كذبتها‪ ،‬وما أجمع المسلموف عليو أنو ال يحاط بو علما‪،‬‬ ‫وال تدركو االبصار‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ ) .......‬فقاؿ أبو قرة‪ :‬أتقر أف اهلل تعالى‬ ‫محموؿ ؟ فقاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬كل محموؿ مفعوؿ ومضاؼ إلى‬ ‫غيره محتاج‪ ،‬فالمحموؿ اسم نقص في اللفظ‪ ،‬والحامل فاعل‪ ،‬و ىو في‬ ‫اللفظ ممدوح‪ ،‬وكذلك قوؿ القائل‪ :‬فوؽ وتحت وأعلى وأسفل‪ ،‬وقد قاؿ اهلل‬ ‫تعالى‪( :‬واهلل االسماء الحسنى فادعوه بها) ولم يقل في شئ من كتبو أنو‬ ‫محموؿ‪ ،‬بل ىو الحامل في البر والبحر‪ ،‬والممسك للسماوات واالرض‪،‬‬ ‫والمحموؿ ما سوى اهلل‪ ،‬ولم نسمع أحدا آمن باهلل وعظمو قط قاؿ في دعائو‪:‬‬ ‫يا محموؿ‪ .‬قاؿ أبو قرة‪ :‬أفتكذب بالرواية‪ :‬إف اهلل إذا غضب إنما يعرؼ‬ ‫غضبو‪ ،‬إف المبلئكة الذين يحملوف العرش يجدوف ثقلو على كواىلهم فيخروف‬ ‫سجدا‪ ،‬فإذا ذىب الغضب خف فرجعوا إلى مواقفهم ؟ فقاؿ (عليو السبلـ)‪:‬‬ ‫أخبرني عن اهلل تبارؾ وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك ىذا وإلى يوـ القيامة‬ ‫غضباف ىو على إبليس وأوليائو أو راض عنهم ؟ فقاؿ‪ :‬نعم ىو غضباف عليو‪،‬‬ ‫قاؿ فمتى رضي فخفف وىو في صفتك لم يزؿ غضباف عليو وعلى أتباعو ؟ !‬ ‫ثم قاؿ‪ :‬ويحك كيف تجترئ أف تصف ربك بالتغير من حاؿ إلى حاؿ‪ ،‬وأنو‬ ‫يجري عليو ما يجري على المخلوقين ؟ سبحانو لم يزؿ مع الزائلين‪ ،‬ولم‬ ‫يتغير مع المتغيرين‪.‬‬ ‫الخبر طويل و محوره التوحيد و ذكرنا ىنا المقطع الخاص برد الخبر الى‬ ‫القراف ‪.‬‬ ‫‪179‬‬


‫منهج العرض‬

‫الجهة االولى العرض ‪:‬‬ ‫المضموف االوؿ ‪ :‬االحتجاج (كيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرىم‬ ‫أنو جاء من عند اهلل‪ ،‬وأنو يدعوىم إلى اهلل بأمر اهلل ويقوؿ‪ :‬إنو ال تدركو‬ ‫االبصار‪ ،‬وال يحيطوف بو علما‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ ،‬ثم يقوؿ‪ :‬أنا رأيتو بعيني‪،‬‬ ‫وأحطت بو علما‪ ،‬وىو على صورة البشر ؟ أما تستحيوف ؟ ما قدرت الزنادقة‬ ‫أف ترميو بهذا أف يكوف أتى عن اهلل بأمر ثم يأتي بخبلفو من وجو آخر ! ‪... .‬‬ ‫فقاؿ أبو قرة فتكذب بالرواية ؟ فقاؿ أبو الحسن (عليو السبلـ)‪ :‬إذا كانت‬ ‫الرواية مخالفة للقرآف كذبتها‪ ،‬وما أجمع المسلموف عليو أنو ال يحاط بو علما‪،‬‬ ‫وال تدركو االبصار‪ ،‬وليس كمثلو شئ‪ )....‬و في التوحيد ‪ ( :‬مثلو ‪ ...‬فقاؿ أبو‬ ‫قرة فتكذب الروايات ؟ فقاؿ أبو الحسن عليو السبلـ‪ :‬إذا كانت الروايات‬ ‫مخالفو للقرآف كذبت بها ‪ ،‬وما أجمع المسلموف عليو أنو ال يحيط بو علم‬ ‫وال تدركو االبصار وليس كمثلو شئ‪ ) .‬و المضموف مصدؽ بالثابت من معارؼ‬ ‫و التي ذكرىا عليو السبلـ و لقد بينا في محلو اف الرد الى القراف ىو اصل‬ ‫ثابت في التعامل مع االخبار وىذه الرواية من ادلتو‪.‬‬ ‫المضموف الثاني ‪ :‬االحتجاج (‬

‫قاؿ أبو قرة‪ :‬أفتكذب بالرواية‪ :‬إف‬

‫اهلل إذا غضب إنما يعرؼ غضبو‪ ،‬إف المبلئكة الذين يحملوف العرش يجدوف‬ ‫ثقلو على كواىلهم فيخروف سجدا‪ ،‬فإذا ذىب الغضب خف فرجعوا إلى‬ ‫مواقفهم ؟ فقاؿ (عليو السبلـ)‪ :‬أخبرني عن اهلل تبارؾ وتعالى منذ لعن إبليس‬ ‫إلى يومك ىذا وإلى يوـ القيامة غضباف ىو على إبليس وأوليائو أو راض عنهم‬ ‫؟ فقاؿ‪ :‬نعم ىو غضباف عليو‪ ،‬قاؿ فمتى رضي فخفف وىو في صفتك لم‬ ‫‪180‬‬


‫منهج العرض‬

‫يزؿ غضباف عليو وعلى أتباعو ؟ ! ثم قاؿ‪ :‬ويحك كيف تجترئ أف تصف ربك‬ ‫بالتغير من حاؿ إلى حاؿ‪ ،‬وأنو يجري عليو ما يجري على المخلوقين ؟‬ ‫سبحانو لم يزؿ مع الزائلين‪ ،‬ولم يتغير مع المتغيرين‪ ) .‬و في الكافي مثلو اال‬ ‫في مواضع ( قاؿ أبو قرة‪ :‬فتكذب بالرواية التي جاءت أف اهلل إذا غضب ‪..‬‬ ‫منذ لعن إبليس إلى يومك ىذا ىو غضباف عليو‪ ،‬فمتى رضي ؟ وىو في‬ ‫صفتك لم يزؿ غضباف عليو وعلى أوليائو وعلى أتباعو كيف تجترئ أف تصف‬ ‫ربك بالتغيير ‪ )...‬و من الواضح رده عليو السبلـ للرواية و تكذيبو لها لكن‬ ‫عرفت من االحتجاج انها كانت في موضع واحد مع ما تقدـ من تصريحو عليو‬ ‫السبلـ بقاعدة تكذيب الرواية المخالفة للقراف ‪ ) .‬و المضموف مصدؽ‬ ‫بالمعارؼ التي ذكرىا عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬ابو قرة ىو موسى بن طارؽ ‪ ،‬فهو المراد عند االطبلؽ وىو من‬ ‫يلقب بالقاضي و المحدث (و ٖٕٓ) عاصر الرضا عليو السبلـ ورى عنو‬ ‫احمد بن حنبل (ٕ‪ . )ٖ-‬و لقد روي خبر اخر اف صفواف استأذف البي قرة‬ ‫على ابي الحسن لكن صرح الخبر اف اسمو يوحنا نصراني وىو غيره ىذا ‪.‬‬

‫الجهة الثانية الطرؽ‬ ‫روى الخبر عن ابي الحسن الرضا عليو السبلـ صاحب الكافي و التوحيد‬ ‫و االحتجاج ‪.‬‬ ‫‪181‬‬


‫منهج العرض‬

‫ففي الكافي ‪:‬‬

‫عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن‬

‫صفواف بن يحيى‪ ،‬قاؿ‪ :‬سألني أبو قرة المحدث أف ادخلو على أبي الحسن‬ ‫الرضا عليو السبلـ ‪ ) ...‬و الطريق متصل من الدرجة االولى ‪ .‬و في التوحيد ‪:‬‬ ‫الدقاؽ‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن‬ ‫صفواف بن يحيى قاؿ‪ :‬سألني أبو قرة المحدث أف أدخلو إلي أبى الحسن‬ ‫الرضا عليو السبلـ ‪ )...‬و السند متصل من الثانية ‪ .‬و رواه في االحتجاج‬ ‫منقطعا الى صفواف بن يحيى‬ ‫فصل (‪ )ٔٙ‬حديث (من نظر برأيو ىلك‪ ،‬ومن ترؾ أىل بيت نبيو صلى‬ ‫اهلل عليو وآلو ضل‪ ،‬ومن ترؾ كتاب اهلل وقوؿ نبيو كفر )‬ ‫المتن ‪ :‬يونس بن عبدالرحمن‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت البي الحسن االوؿ عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬بما أوحد اهلل؟ فقاؿ‪ :‬يا يونس ال تكونن مبتدعا‪ ،‬من نظر برأيو ىلك‪،‬‬ ‫ومن ترؾ أىل بيت نبيو صلى اهلل عليو وآلو ضل‪ ،‬ومن ترؾ كتاب اهلل وقوؿ نبيو‬ ‫كفر‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى العرض ‪:‬‬ ‫المضموف االوؿ ‪ ( :‬من نظر برأيو ىلك) و يصدقو قاعدة الرد الى القراف و‬ ‫السنة و المعرفة الثابتة المصدقة اف كل شيء فيو قرآف و سنة ‪ ،‬كما اف النهي‬ ‫عن الرأي في الدين من المعارؼ الثابتة قاؿ تعالى (ومن أ َ ِ‬ ‫َض ُّل م َّم َن اتَّػبَ َع َى َواهُ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ْاألَقَا ِو ِ‬ ‫يل (*)‬ ‫بِغَْي ِر ُى ًدى م َن اللَّو ) و قاؿ تعالى َولَ ْو تَػ َق َّو َؿ َعلَْيػنَا بَػ ْع َ‬ ‫‪182‬‬


‫منهج العرض‬

‫َخ ْذنَا ِم ْنوُ بِالْيَ ِمي ِن ) و قاؿ تعالى ( َوَما َكا َف لِ ُم ْؤِم ٍن َوَال ُم ْؤِمنَ ٍة إِذَا قَ َ‬ ‫َأل َ‬ ‫ضى اللَّوُ‬ ‫ورسولُوُ أَمرا أَ ْف ي ُكو َف لَهم ال ِ‬ ‫ْخيَػ َرةُ ِم ْن أ َْم ِرِى ْم ) ‪ ،‬و على ذلك السنة القطعية ‪.‬‬ ‫َ​َ ُ ًْ َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫و االستنباط ليس من الرأس و مصدؽ بقاعدة تفريع الفروع عن االصوؿ و‬

‫العمومات ‪.‬‬ ‫المضموف الثاني ‪ ( :‬ومن ترؾ أىل بيت نبيو صلى اهلل عليو وآلو ضل )‬ ‫وىذه معرفة مصدقة بل ثابتة بنفسها و عليها ركن من اركاف االيماف وىو‬ ‫الوالية ‪ .‬قاؿ تعالى ( وإِ َذا جاءىم أَمر ِمن ْاألَم ِن أَ ِو الْ َخو ِ‬ ‫ؼ أَ َذاعُوا بِ ِو َولَ ْو‬ ‫َ َ َُ ْ ٌْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ردُّوه إِلَى َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ين يَ ْستَػ ْنبِطُونَوُ ِم ْنػ ُه ْم ) و‬ ‫َ ُ‬ ‫الر ُسوؿ َوإلَى أُولي ْاأل َْم ِر م ْنػ ُه ْم لَ َعل َموُ الذ َ‬ ‫قاؿ تعالى ( إِنَّما أَنْ َ ِ ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫اسأَلُوا أ َْى َل‬ ‫ت ُم ْنذ ٌر َول ُك ّْل قَػ ْوـ َىاد ) و قاؿ تعالى ( فَ ْ‬ ‫َ‬ ‫الذ ْك ِر إِ ْف ُك ْنتم َال تَػعلَمو َف ) و قاؿ تعالى ( يا أَيُّػها الَّ ِذين آَمنُوا أ ِ‬ ‫ّْ‬ ‫َطيعُوا اللَّ َو‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر ِم ْن ُك ْم فَِإ ْف تَػنَ َاز ْعتُ ْم فِي َش ْي ٍء فَػ ُردُّوهُ إِلَى اللَّ ِو‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫َ‬ ‫الرسو ِؿ ) و قاؿ تعالى ( إِنَّما ولِيُّ ُكم اللَّوُ ورسولُوُ والَّ ِذين آَمنُوا الَّ ِذ ِ‬ ‫يمو َف‬ ‫َ​َ ُ َ َ َ‬ ‫َو َّ ُ‬ ‫ين يُق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ‬ ‫الص َبلةَ َويػُ ْؤتُو َف َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا‬ ‫َّ‬ ‫الزَكاةَ َو ُى ْم َراكعُو َف (*) َوَم ْن يَػتَػ َوؿ اللوَ َوَر ُسولَوُ َوالذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ب اللَّ ِو ُى ُم الْغَالِبُو َف ( و على ذلك السنة القطعية ‪.‬‬ ‫فَِإ َّف ح ْز َ‬ ‫المضموف الثالث ‪ ( :‬ومن ترؾ كتاب اهلل وقوؿ نبيو كفر) وىذه معرفة‬ ‫ِ‬ ‫مصدقة بل وثابتة ‪ .‬قاؿ تعالى ( َوَم ْن يَػ ْع ِ َّ‬ ‫َّم‬ ‫ص الل َو َوَر ُسولَوُ فَإ َّف لَوُ نَ َار َج َهن َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين فِ َيها أَبَ ًدا ) و قاؿ تعالى ( َوَم ْن يَػ ْع ِ‬ ‫ودهُ‬ ‫ص اللَّوَ َوَر ُسولَوُ َويَػتَػ َع َّد ُح ُد َ‬ ‫َخالد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ين ) و قاؿ تعالى ( َوَم ْن يُط ِع اللَّ َو َوَر ُسولَوُ‬ ‫يُ ْدخلْوُ نَ ًارا َخال ًدا ف َيها َولَوُ َع َذ ٌ‬ ‫اب ُم ِه ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫يما ) و على‬ ‫ار َوَم ْن يَػتَػ َوؿ يػُ َع ّْذبْوُ َع َذابًا أَل ً‬ ‫يُ ْدخلْوُ َجنَّات تَ ْج ِري م ْن تَ ْحت َها ْاألَنْػ َه ُ‬ ‫ذلك السنة القطعية ‪.‬‬

‫‪183‬‬


‫منهج العرض‬

‫مسألة ‪ :‬الخبر يميز بين انكار الوالية و انها ضبلؿ و بين انكار القراف و‬ ‫السنة الثابتة وانو كفر وىذا مصدؽ بالمعارؼ الثابتة ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫روى الخبر الكليني في الكافي عن االماـ الكاظم عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫في الكافي ‪ :‬محمد بن أبي عبداهلل رفعو‪ ،‬عن يونس بن عبدالرحمن‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫قلت البي الحسن االوؿ عليو السبلـ‪ ).. :‬محمد بن ابي عبد اهلل ىو محمد‬ ‫بن جعفر االسدي الرزاز (ؽٖ) و يونس من (ؽٕ) فبينهما واسطة و االصل‬ ‫عدـ االتصاؿ ‪ .‬فالخبر منقطع ‪.‬‬ ‫فصل (‪ )ٔٚ‬حديث ( يرد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب و ال سنة‬ ‫فننظر فيها فقاؿ ال أما إنك إف أصبت لم تؤجر و إف أخطأت كذبت على اهلل‬ ‫‪).‬‬ ‫المتن ‪ :‬عن أبي بصير قاؿ قلت ألبي عبد اهلل (عليو السبلـ ) يرد علينا‬ ‫أشياء ليس نعرفها في كتاب و ال سنة فننظر فيها فقاؿ ال أما إنك إف أصبت‬ ‫لم تؤجر و إف أخطأت كذبت على اهلل ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫رواه في المحاسن و الكافي عن االماـ الصادؽ‬ ‫المضموف ‪ :‬المحاسن ‪ :‬عن أبي بصير قاؿ قلت ألبي عبد اهلل (عليو‬ ‫السبلـ ) يرد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب و ال سنة فننظر فيها فقاؿ ال‬

‫‪184‬‬


‫منهج العرض‬

‫أما إنك إف أصبت لم تؤجر و إف أخطأت كذبت على اهلل ‪ ) .‬و في الكافي‬ ‫مثلو اال ( كتاب اهلل ) ‪.‬‬ ‫مسألة ‪ :‬في الوسائل (كتاب اهلل ( وال سنتو ) و في البحار ( اف كاف خطأ)‬ ‫و كبلمها ببل مصدؽ ‪ ،‬ىذا و اف تنكير ( كتاب) في قوؿ ابي بصير (في‬ ‫كتاب و ال سنة ) في رواية المحاسن ال يخل ‪ ،‬الف ىذا تنكير لفظي و ليس‬ ‫معنوي بل ىو معرؼ ‪.‬‬ ‫المضموف مصدؽ بالمعارؼ الثابتة من النهي عن الرأي و القياس ‪ ،‬و اما‬ ‫التفريع عن االصوؿ و العمومات التي يلقيها االئمة باالستنباط فليس من‬ ‫المنهي عنو لبلوامر الثابتة المصدقة ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫رواه في المحاسن عن الوشاء عن المثنىى عن أبي بصير قاؿ قلت ألبي‬ ‫عبد اهلل (عليو السبلـ ) ‪ .‬و الطريق متصل من الثانية ‪ .‬و رواه في الكافي عن‬ ‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن مثنى الحناط‪ ،‬عن أبي‬ ‫بصير قاؿ‪ :‬قلت البي عبداهلل عليو السبلـ‪ )...:‬و السند متصل من الثانية ‪.‬‬

‫فصل (‪ )ٔٛ‬حديث( تكلموا في خلق اهلل وال تتكلموا في اهلل فإف الكبلـ‬ ‫في اهلل ال يزداد صاحبو إال تحيرا )‬

‫‪185‬‬


‫منهج العرض‬

‫المتن ‪ :‬قاؿ أبو جعفر عليو السبلـ‪ :‬تكلموا في خلق اهلل وال تتكلموا‬ ‫في اهلل فإف الكبلـ في اهلل ال يزداد صاحبو إال تحيرا ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َك ِمثْلِ ِو َش ْيءٌ )‬ ‫قاؿ تعالى ( َوَال يُحيطُو َف بو عل ًْما ) و قاؿ تعالى ( لَْي َ‬ ‫و قاؿ تعالى ( َوأ َّ‬ ‫ك ال ُْم ْنتَػ َهى ) و عن ابي جعفر ( عليو السبلـ ) ‪:‬‬ ‫َف إِلَى َربّْ َ‬ ‫اهلل يقوؿ ‪ ( :‬وإف إلى ربك المنتهى ) تكلموا فيما دوف ذلك و عن ابي‬ ‫عبداهلل ( عليو السبلـ ) ‪ :‬اف اهلل يقوؿ ‪ ( :‬واف إلى ربك المنتهى ) فاذا انتهى‬ ‫ار ) و و عن الرضا‬ ‫الكبلـ إلى اهلل فامسكوا‪.‬و قاؿ تعالى ( َال تُ ْد ِرُكوُ ْاألَبْ َ‬ ‫صُ‬ ‫(عليو السبلـ) التدركو االبصار وىذه االبصار ليست ىذه االعين ‪ ،‬انما ىى‬ ‫االبصار التى في القلوب واليقع عليو االوىاـ اليدرؾ كيف ىو ‪.‬فعن الرضا‬ ‫عليو السبلـ ىذه االبصار ليست ىى االعين ‪ ،‬انما ىى االبصار التى في‬ ‫القلب ال يقع عليو االوىاـ وال يدرؾ كيف ىو ‪ .‬و عن ابي جعفر الجواد‬ ‫عليو السبلـ ‪ :‬االبصار ىهنا أوىاـ العباد فاالوىاـ أكثر من االبصار وىو يدرؾ‬ ‫االوىاـ وال تدركو االوىاـ "‬ ‫و على ذلك االخبار المستفيضة الموجبة لبلطمئناف بل و العلم ففي‬ ‫مصدقة‬

‫أبي بصير قاؿ‪ :‬قاؿ أبو جعفر عليو السبلـ‪ :‬تكلموا في خلق اهلل‬

‫وال تتكلموا في اهلل فإف الكبلـ في اهلل ال يزداد صاحبو إال تحيرا‪.‬‬

‫و في‬

‫مصدقة محمد بن مسلم قاؿ‪ :‬قاؿ أبوعبداهلل عليو السبلـ‪ :‬يا محمد إف الناس‬ ‫‪186‬‬


‫منهج العرض‬

‫ال يزاؿ بهم المنطق حتى يتكلموا في اهلل فإذا سمعتم ذلك فقولوا‪ :‬ال إلو إال‬ ‫اهلل الواحد الذي ليس كمثلو شئ‪.‬و في مصدقة أبي عبيدة ‪ ،‬عن أبي جعفر (‬ ‫عليو السبلـ ) انو قاؿ ‪ :‬تكلموا في كل شيء ‪ ،‬وال تكلموا في اهلل‪ .‬و في‬ ‫مصدقة سليماف بن خالد قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬إياكم والتفكر‬ ‫في اهلل ‪ ،‬فإف التفكر في اهلل ال يزيد إال تيها إف اهلل عزوجل ال تدركو االبصار‬ ‫وال يوصف بمقدار‪ .‬و في مصدقة عن أبي عبيدة الحذاء قاؿ ‪ :‬قاؿ أبو‬ ‫جعفر ( عليو السبلـ ) ‪ :‬إنو كاف فيما مضى قوـ تركوا علم ما وكلوا بو وطلبوا‬ ‫علم ما كفوه حتى انتهى كبلمهم إلى اهلل فتحيروا حتى أف كاف الرجل ليدعى‬ ‫من بين يديو ‪ ،‬فيجيب من خلفو ‪ ،‬ويدعى من خلفو فيجيب من بين يديو‪ .‬و‬ ‫في مصدقة‬ ‫محمد بن مسلم ‪ ،‬عن أبي جعفر ( عليو السبلـ ) قاؿ ‪ :‬إياكم والتفكر في‬ ‫اهلل ‪ ،‬ولكن إذا أردتم أف تنظروا إلى عظمتو فانظروا إلى عظم خلقو‪ .‬و في‬ ‫مصدقة الحسين بن مياح ‪ ،‬عن أبيو قاؿ ‪ :‬سمعت أبا عبداهلل ( عليو السبلـ )‬ ‫يقوؿ ‪ :‬من نظر في اهلل كيف ىو ؟ ىلك‪ .‬و في مصدقة زرارة بن اعين ‪ ،‬عن‬ ‫أبي عبداهلل ( عليو السبلـ ) قاؿ ‪ :‬اف ملكا عظيم الشأف كاف في مجلس لو‬ ‫فتناوؿ الرب تبارؾ‪ .‬وتعالى ففقد فما يدرى أين ىو ؟! و في مصدقة عبد‬ ‫الرحمن بن عتيك القصير قاؿ ‪ :‬سألت أبا جعفر ( عليو السبلـ ) عن شيء‬ ‫من الصفة ؟ فرفع يده إلى السماء ثم قاؿ ‪ :‬تعالى الجبار ‪ ،‬تعالى الجبار ‪ ،‬من‬ ‫تعاطى ماثم ىلك‪ .‬و في مصدقة محمد بن مسلم ‪ ،‬عن أبي جعفر ( عليو‬ ‫السبلـ ) قاؿ ‪ :‬تكلموا فيما دوف العرش ‪ ،‬وال تكلموا فيما فوؽ العرش ‪ ،‬فإف‬ ‫قوما تكلموا في اهلل فتاىوا ‪ ،‬حتى كاف الرجل ينادى من بين يديو فيجيب من‬ ‫‪187‬‬


‫منهج العرض‬

‫خلفو ‪ ،‬وينادى من خلفو فيجيب من بين يديو‪ .‬و في مصدقة عن أبي الجارود‬ ‫‪ ،‬عن أبي جعفر ( عليو السبلـ ) قاؿ ‪ :‬دعوا التفكر في اهلل فإف التفكر في‬ ‫اهلل ال يزيد إال تيها ‪ ،‬الف اهلل ال تدركو االبصار ‪ ،‬وال تبلغو االخبار‪.‬و في‬ ‫مصدقة فضيل بن عثماف ‪ ،‬عن أبي عبداهلل ( عليو السبلـ ) قاؿ ‪ :‬دخل عليو‬ ‫قوـ من ىؤالء الذين يتكلموف في الربوبية ‪ ،‬فقاؿ اتقوا اهلل وعظموا اهلل ‪ ،‬وال‬ ‫تقولوا ما ال نقوؿ ‪ ،‬فانكم إف قلتم وقلنا متم ومتنا ‪ ،‬ثم بعثكم اهلل وبعثنا فكنتم‬ ‫حيث شاء اهلل وكنا‪ .‬و في مصدقة جميل جميل‪ ،‬عن أبي عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ قاؿ‪ :‬إذا انتهى الكبلـ إلى اهلل فامسكوا‪ ،‬وتكلموا فيما دوف العرش‬ ‫وال تكلموا فيما فوؽ العرش‪ ،‬فإف قوما تكلموا فيما فوؽ العرش فتاىت‬ ‫عقولهمو في مصدقة ضريس الكناسي قاؿ ‪ :‬قاؿ أبو عبداهلل ( عليو السبلـ )‬ ‫إياكم والكبلـ في اهلل تكلموا في عظمتو وال تكلموا فيو فإف الكبلـ في اهلل ال‬ ‫يزيد إال تيها‪ .‬و في مصدقة عن أبي بصير قاؿ ‪ :‬قاؿ أبو عبداهلل ( عليو‬ ‫السبلـ ) ‪ :‬يهلك أصحاب الكبلـ وينجو المسلموف إف المسلمين ىم‬ ‫النجباء‪.‬و في مصدقة عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ( عليو السبلـ ) قاؿ ‪ :‬قاؿ‬ ‫لي ‪ :‬يا أبا عبيدة إياؾ وأصحاب الخصومات والكذابين علينا ‪ ،‬فانهم تركوا ما‬ ‫أمروا بعلمو ‪ ،‬وتكلفوا علم السماء‪ ...‬الحديث‪ .‬و في مصدقة علي بن ىبلؿ‬ ‫‪ ،‬عن الرجل ػ يعني ‪ :‬أبا الحسن ( عليو السبلـ ) ػ أنو روي عن آبائك ( عليهم‬ ‫السبلـ ) أنهم نهوا عن الكبلـ في الدين ‪ ،‬فتأوؿ مواليك المتكلموف بأنو انما‬ ‫نهى من ال يحسن أف يتكلم فيو فأما من يحسن أف يتكلم فلم ينهو ‪ ،‬فهل‬ ‫ذلك كما تأولوا أـ ال ؟ فكتب ( عليو السبلـ ) ‪ :‬المحسن وغير المحسن ال‬ ‫يتكلم فيو ‪ ،‬فإف اثمو أكبر من نفعو‪ .‬و في المصدؽ عن امير المؤمنين عليو‬ ‫السبلـ ( اتقوا أف تمثلوا بالرب الذي ال مثل لو أو تشبهوه من خلقو‪ ،‬أو تلقوا‬ ‫عليو االوىاـ‪ ،‬أو تعملوا فيو الفكر‪ ،‬وتضربوا لو االمثاؿ‪ ،‬أو تنعتوه بنعوت‬ ‫‪188‬‬


‫منهج العرض‬

‫المخلوقين فإف لمن فعل ذلك نارا‪ ) .‬و في المصدؽ عن مفضل بن عمر‬ ‫قاؿ ‪ :‬قاؿ أبو عبداهلل ( عليو السبلـ ) ‪ :‬من نظر في اهلل كيف كاف ىلك ‪ .‬و‬ ‫في مصدقة محمد بن أبى عمير ‪ :‬دخلت على سيدى موسى بن جعفر عليهما‬ ‫السبلـ فقلت لو يا بن رسوؿ اهلل علمنى التوحيد فقاؿ ‪ :‬يا أبا أحمد ال تتجاوز‬ ‫في التوحيد ما ذكره اهلل تبارؾ وتعالى في كتابو فتهلك ‪ .‬و في المصدؽ عن‬ ‫امير المؤمنين عليو السبلـ الحمد هلل الذي انحسرت االوصاؼ عن كنو معرفتو‬ ‫وردعت عظمتو العقوؿ فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوتو و عنو عليو‬ ‫السبلـ (الحمد هلل الذي انحسرت االوصاؼ عن كنو معرفتو وردعت عظمتو‬ ‫العقوؿ فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوتو‪ .‬ىو اهلل الحق المبين أحق وأبين‬ ‫مما ترى العيوف‪ ،‬لم تبلغو العقوؿ بتحديد فيكوف مشبها‪ .‬ولم تقع عليو االوىاـ‬ ‫بتقدير فيكوف ممثبل‪ ) ،‬و ما تقدـ من مصدقة زرارة قاؿ ‪ :‬قلت البي جعفر (‬ ‫عليو السبلـ ) ‪ :‬إف الناس قبلنا قد أكثروا في الصفة ‪ ،‬فما تقوؿ ؟ قاؿ ‪:‬‬ ‫مكروه ‪ ،‬أما تسمع اهلل يقوؿ ‪ ( :‬وإف إلى ربك المنتهى ) تكلموا فيما دوف‬ ‫ذلك‪ .‬و مصدقة سليماف بن خالد ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬قاؿ أبو عبداهلل ( عليو السبلـ ) ‪:‬‬ ‫اف اهلل يقوؿ ‪ ( :‬واف إلى ربك المنتهى ) فاذا انتهى الكبلـ إلى اهلل فامسكوا‪.‬‬ ‫و مصدقة االشعث بن حاتم أنو سأؿ الرضا عليو السبلـ عن شئ من التوحيد‬ ‫فقاؿ‪ :‬أال تقرأ القرآف ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬اقرأ‪ :‬ال تدركو االبصار وىو يدرؾ‬ ‫االبصار‪ .‬فقرأت فقاؿ‪ :‬وما االبصار ؟ قلت‪ :‬أبصار العين قاؿ‪ :‬ال إنما عنى‬ ‫االوىاـ‪ ،‬ال تدرؾ االوىاـ كيفيتو وىو يدرؾ كل فهم و مصدقة أبي ىاشم‪،‬‬ ‫عن أبي جعفر عليو السبلـ نحوه‪ ،‬إال أنو قاؿ‪ :‬االبصار ىهنا أوىاـ العباد‪،‬‬ ‫واالوىاـ أكثر من االبصار‪ ،‬وىو يدرؾ االوىاـ وال تدركو االوىاـ‪ .‬وعن فقو‬ ‫الرضا قاؿ نروي أنو كاف فيما مضى قوـ انتهى بهم الكبلـ إلى اهلل عزوجل‬ ‫فتحيروا‪ ،‬فإف كاف الرجل ليدعى من بين يديو فيجيب من خلفو‪ .‬وأروي‪:‬‬ ‫‪189‬‬


‫منهج العرض‬

‫تكلموا فيما دوف العرش فإف قوما تكلموا في اهلل عزوجل فتاىوا‪ .‬وأروي عن‬ ‫العالم عليو السبلـ ‪ -‬وسألتو عن شئ من الصفات ‪ -‬فقاؿ‪ :‬ال تتجاوز مما في‬ ‫القرآف‪.‬‬

‫وأروي أنو قرئ بين يدي العالم عليو السبلـ قولو‪ " :‬ال تدركو‬

‫االبصار وىو يدرؾ االبصار " فقاؿ‪ :‬إنما عنى أبصار القلوب وىي االوىاـ‪،‬‬ ‫فقاؿ‪ :‬ال تدرؾ االوىاـ كيفيتو ‪ .‬و في المصدؽ في النهج عن امير المؤمنين‬ ‫عليو السبلـ ‪ :‬فانظر أيها السائل فما دلك القرآف عليو من صفتو فائتم بو‬ ‫واستضئ بنور ىدايتو‪ .‬وما كلفك الشيطاف علمو مما ليس في الكتاب عليك‬ ‫فرضو وال في سنة النبي صلى اهلل عليو وآلو وأئمة الهدى أثره فكل علمو إلى‬ ‫اهلل سبحانو‪ .‬فإف ذلك منتهى حق اهلل عليك‪ ).. .‬وفي مصدقة سهل قاؿ‪:‬‬ ‫كتبت إلى أبي محمد عليو السبلـ ‪ -‬سنة خمس وخمسين ومائتين ‪ :-‬قد‬ ‫اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد‪ ،‬منهم من يقوؿ‪ :‬ىو جسم‪ ،‬ومنهم من‬ ‫ي قوؿ‪ :‬ىو صورة‪ ،‬فإف رأيت يا سيدي أف تعلمني من ذلك ما أقف عليو وال‬ ‫أجوزه فعلت متطوال على عبدؾ‪ .‬فوقع بخطو ‪ -‬عليو السبلـ ‪ :-‬سألت عن‬ ‫التوحيد وىذا عنكم معزوؿ‪ ،‬اهلل تعالى واحد‪ ،‬أحد‪ ،‬صمد‪ ،‬لم يلد‪ ،‬ولم يولد‪،‬‬ ‫ولم يكن لو كفوا أحد‪ .،‬خالق وليس بمخلوؽ‪ ،‬يخلق تبارؾ وتعالى ما يشاء من‬ ‫االجساـ وغير ذلك‪ ،‬ويصور ما يشاء‪ ،‬وليس بمصور‪ ،‬جل ثناؤه وتقدست‬ ‫أسماؤه‪ ،‬وتعالى عن أف يكوف لو شبو‪ ،‬ىو ال غيره‪ ،‬ليس كمثلو شئ وىو‬ ‫السميع البصير‪ .‬بياف‪ :‬وىذا عنكم معزوؿ أي ال يجب عليكم التفكر في‬ ‫الذات والصفات بل عليكم التصديق بما وصف تعالى بو نفسو‪ .‬و مصدقة‬ ‫عبد الرحيم القصير قاؿ‪ :‬كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد‬ ‫اهلل عليو السبلـ بمسائل‪ ،‬فيها‪ :‬أخبرني عن اهلل عزوجل ىل يوصف بالصورة‬ ‫وبالتخطيط‪ ،‬فإف رأيت – جعلني اهلل فداؾ ‪ -‬أف تكتب إلي بالمذىب‬ ‫الصحيح من التوحيد‪ .‬فكتب صلى اهلل عليو على يدي عبد الملك بن أعين‪:‬‬ ‫‪190‬‬


‫منهج العرض‬

‫سألت رحمك اهلل عن التوحيد وما ذىب فيو من قبلك‪ ،‬فتعالى اهلل الذي ليس‬ ‫كمثلو شئ‪ ،‬وىو السميع البصير‪ ،‬تعالى اهلل عما يصفو الواصفوف المشبهوف‬ ‫اهلل تبارؾ وتعالى بخلقو‪ ،‬المفتروف على اهلل‪ .‬واعلم رحمك اهلل أف المذىب‬ ‫الصحيح في التوحيد ما نزؿ بو القرآف من صفات اهلل عزوجل‪ ،‬فأنف عن اهلل‬ ‫البطبلف والتشبيو‪ ،‬فبل نفي وال تشبيو‪ ،‬ىو اهلل الثابت الموجود‪ ،‬تعالى اهلل عما‬ ‫يصفو الواصفوف‪ ،‬وال تعد القرآف فتضل بعد البياف‪.‬‬ ‫و اما ما في رواية يونس بن يعقوب ‪ ،‬عن أبي عبداهلل ( عليو السبلـ ) ػ‬ ‫في حديث ػ قاؿ ‪ :‬فقلت لو ‪ :‬جعلت فداؾ اني سمعتك تنهى عن الكبلـ‬ ‫وتقوؿ ‪ :‬ويل الصحاب الكبلـ يقولوف ‪ :‬ىذا ينقاد ‪ ،‬وىذا ال ينقاد ‪ ،‬وىذا‬ ‫ينساؽ وىذا ال ينساؽ ‪ ،‬وىذا نعقلو وىذا ال نعقلو ‪ ،‬فقاؿ أبو عبداهلل ( عليو‬ ‫السبلـ ) ‪ :‬إنما قلت ‪ :‬ويل لهم اف تركوا ما أقوؿ ‪ ،‬وذىبوا إلى ما يريدوف‪) .‬‬ ‫بالرواية ال تجوز الكبلـ في الذات فانو قولهم عليهم السبلـ و انما قولهم ىو‬ ‫استعماؿ العقل و الفكر و االستنتاج من النص و شرحو بما يستفيده العقل‬ ‫منها كما في كثير من الروايات وىي ال تتعارض ‪.‬‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬فقو الحديث ‪ :‬ومن ىنا يمكن القوؿ اف المعارؼ على‬ ‫ثبلثة اقساـ قسم يعرؼ بالعقل و النقل وىو اكثر المعارؼ الدينية و قسم ال‬ ‫يعرؼ ال بالعقل و ال بالنقل وىو كنو ذاتو تعالى و يشهد لو قولهم عليهم‬ ‫السبلـ (وال يوصف بمقدار‪ () .‬وال تبلغو االخبار‪ ().‬ال تدرؾ االوىاـ كيفيتو‬ ‫‪191‬‬


‫منهج العرض‬

‫) (وىذا عنكم معزوؿ ) ‪ ،‬و قسم يعرؼ باحدىما وىو موجودة فالنقل ينفرد‬ ‫ببعض المعارؼ العقائدية و الفقهية و العقل ينفرد بمعارؼ عقائدية كما في‬ ‫اوامر استعماؿ العقل للهداية ‪.‬‬

‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬الخبر مصدؽ بل االخبار في ىذا‬ ‫المضموف مستفيضة النقل بما يبلغ حد التواتر الموجب للعلم ‪.‬‬

‫فصل (‪ )ٜٔ‬حديث ( يهلك اصحاب الكبلـ وينجو المسلّموف )‬ ‫ج ٔ ‪ :‬االلفاظ و الطرؽ‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫بصائر الدرجات ‪ :‬محمد بن الحسن الصفار ‪ :‬حدثنا محمد‬

‫بن عيسى عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن ابى عبداهلل عليو‬ ‫السبلـ قاؿ يهلك اصحاب الكبلـ وينجو المسلّموف اف المسلمين ىم النجباء‬ ‫‪ ) .‬مصدؽ متصل من الدرجة االولى ‪.‬‬ ‫ٕ‪-‬‬

‫البصائر ‪ :‬محمد بن الحسن الصفار حدثنا احمد بن محمد‬

‫عن العباس بن معروؼ عن عبداهلل بن يحيى عن بن اذينو عن ابى بكر‬ ‫الحضرمى قاؿ سمعت ابا عبداهلل عليو السبلـ يقوؿ يهلك اصحاب الكبلـ‬ ‫وينجو المسلموف اف المسلمين ىم النجباء يقولوف ىذا ينقاد اما واهلل لو‬ ‫علموا كيف كاف اصل الخلق ما اختلفوا اثناف‪ ) .‬مصدؽ متصل من الدرجة‬ ‫الثانية ‪.‬‬

‫‪192‬‬


‫منهج العرض‬

‫ٖ‪-‬‬

‫محمد بن علي بن الحسين بن بابويو في كتاب التوحيد‪ ،‬عن‬

‫ابيو‪ ،‬عن احمد بن ادريس‪ ،‬عن محمد بن أحمد‪ ،‬عن علي بن السندي‪ ،‬عن‬ ‫حماد بن عيسى‪ ،‬عن الحسين بن المختار‪ ،‬عن ابي بصير قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد‬ ‫اهلل (عليو السبلـ )‪ :‬يهلك اصحاب الكبلـ وينجو المسلموف‪ ،‬اف المسلمين‬ ‫ىم النجباء ‪ ) .‬مصدؽ من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫جٕ ‪ :‬فقو الحديث ‪ :‬الحديث يفيد النهي عن الكبلـ في ذات اهلل و‬ ‫صفاتو و يحث على التسليم و االقتصار في ذلك على ما في القراف و السنة‬ ‫‪.‬‬ ‫جٖ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ متعدد الطرؽ سنده متصل من‬ ‫الدرجة االولى‬

‫فصل (‪ ( )ٜٔ‬المحسن وغير المحسن ال يتكلم فيو ( أي علم الكبلـ )‬ ‫فإف إثمو أكثر من نفعو‪) .‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬االلفاظ و الطرؽ‬ ‫روى الخبر الصدوؽ في التوحيد عن االماـ الهادي عليو السبلـ رواه عنو‬ ‫علي بن ببلؿ ‪.‬‬ ‫التوحيد ‪ :‬الصدوؽ ‪ :‬أبي رحمو اهلل‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا سعد بن عبد اهلل‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫حدثنا محمد بن عيسى قاؿ‪ :‬قرأت في كتاب علي بن ببلؿ أنو سأؿ الرجل‬ ‫يعني أبا الحسن عليو السبلـ‪ :‬أنو روي عن آبائك عليهم السبلـ أنهم نهوا عن‬ ‫الكبلـ في الدين ‪ .‬فتأوؿ مواليك المتكلموف بأنو إنما نهى من ال يحسن أف‬ ‫‪193‬‬


‫منهج العرض‬

‫يتكلم فيو فأما من يحسن أف يتكلم فيو فلم ينو‪ ،‬فهل ذلك كما تأولوا أوال ؟‬ ‫فكتب عليو السبلـ‪ :‬المحسن وغير المحسن ال يتكلم فيو فإف إثمو أكثر من‬ ‫نفعو‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬فقو الحديث ‪ :‬النهي في الحديث يحمل على الكبلـ في‬ ‫الذات الجل االوامر الثابتة باستعماؿ العقل في الهداية و التوحيد و اثبات‬ ‫النبوة ‪ ،‬و للنقل المستفيض عن اىل البيت عليهم السبلـ في ذلك ‪ ،‬فيحمل‬ ‫النهي ىنا على ذلك ‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪:‬حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ منفرد الطريق ‪ ،‬سنده‬ ‫متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬

‫‪194‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (ٕٓ) سؤاؿ الزنديق عن التوحيد و الصانع و ارساؿ الرسل‬ ‫المتن ‪:‬‬ ‫التوحيد ‪ :‬عن ىشاـ بن الحكم عن ابي عبد اهلل عليو السبلـ ‪ .‬يسند‬ ‫متصل من الثانية ‪ .‬ىشاـ بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ فكاف من قوؿ أبي عبد اهلل عليو السبلـ لو‪ :‬ال يخلو قولك‪ :‬إنهما‬ ‫اثن اف‪ ،‬من أف يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكوف أحدىما قويا‬ ‫واآلخر ضعيفا‪ ،‬فإف كانا قويين فلم ال يدفع كل واحد منهما صاحبة ويتفرد‬ ‫بالتدبير‪ ،‬وإف زعمت أف أحدىما قوي و اآلخر ضعيف ثبت أنو واحد كما‬ ‫نقوؿ‪ ،‬للعجز الظاىر في الثاني‪ ،‬وإف قلت‪ :‬إنهما اثناف لم يخل من أف يكونا‬ ‫متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما والفلك‬ ‫جاريا واختبلؼ الليل والنهار‪ ،‬والشمس والقمر دؿ صحة االمر والتدبير‬ ‫وائتبلؼ االمر على أف المدبر واحد ثم يلزمك إف ادعيت اثنين فبلبد من‬ ‫فرجة بينهما حتى يكونا اثنين فصارت الفرجة ثالثا بينهما‪ ،‬قديما معهما‪،‬‬ ‫فيلزمك ثبلثة‪ ،‬فإف ادعيت ثبلثة لزمك ما قلنا في االثنين حتى يكوف بينهم‬ ‫فرجتاف فيكوف خمسا‪ ،‬ثم يتناىى في العدد إلى ما ال نهاية في الكثره ‪.‬‬ ‫‪195‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ ىشاـ‪ :‬فكاف من سؤاؿ الزنديق أف قاؿ‪ :‬فما الدليل عليو ؟ قاؿ أبو ‪-‬‬ ‫عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬وجود االفاعيل التي دلت على أف صانعا صنعها‪ ،‬أال‬ ‫ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أف لو بانيا وإف كنت لم تر‬ ‫الباني ولم تشاىده‪ ،‬قاؿ‪ :‬فما ىو ؟ قاؿ‪ :‬ىو شئ بخبلؼ االشياء‪ ،‬ارجع‬ ‫بقولي‪ :‬شئ إلى إثبات معنى‪ ،‬وأنو شئ بحقيقة الشيئية غير أنو الجسم وال‬ ‫صورة وال يحس وال يجس وال يدرؾ بالحواس الخمس‪ ،‬ال تدركو االوىاـ‪ ،‬وال‬ ‫تنقصو الدىور‪ ،‬وال يغيره الزماف‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فتقوؿ‪ :‬إنو سميع بصير ؟ ! قاؿ‪ :‬ىو سميع بصير‪ ،‬سميع‬ ‫بغير جارحة وبصير بغير آلو‪ ،‬بل يسمع بنفسو‪ ،‬ويبصر بنفسو‪ ،‬ليس قولي‪ ،‬إنو‬ ‫يسمع بنفسو وبيصر بنفسو أنو شيء والنفس شيء آخر‪ ،‬ولكن أردت عبارة‬ ‫عن نفسي إذ كنت مسؤوال وإفهاما لك إذ كنت سائبل‪ ،‬وأقوؿ‪ :‬يسمع بكلو ال‬ ‫أف الكل منو لو بعض‪ ،‬ولكني أردت إفهاما لك والتعبير عن نفسي‪ ،‬وليس‬ ‫مرجعي في ذلك إال إلى أنو السميع البصير العالم الخبير ببل اختبلؼ الذات‬ ‫وال اختبلؼ المعنى ‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فما ىو ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ىو الرب وىو‬ ‫المعبود وىو اهلل وليس قولي‪( :‬اهلل) إثبات ىذه الحروؼ ألف‪ ،‬الـ‪ ،‬ىاء‪،‬‬ ‫ولكني أرجع إلى معنى ىو شئ خالق االشياء وصانعها وقعت عليو ىذه‬ ‫الحروؼ‪ ،‬وىو المعنى الذي يسمى بو اهلل والرحمن والرحيم والعزيز وأشباه‬ ‫ذلك من أسمائو وىو المعبود عزوجل‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فإنا لم نجد موىوما إال مخلوقا‪ ،‬قاؿ أبو عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬لو كاف ذلك كما تقوؿ لكاف التوحيد عنا مرتفعا النا لم نكلف أف‬ ‫نعتقد غير موىوـ ولكنا نقوؿ‪ :‬كل موىوـ بالحواس مدرؾ‪ ،‬فما تجده الحواس‬ ‫وتمثلو فهو مخلوؽ والبد من إثبات صانع االشياء خارج من الجهتين‬ ‫‪196‬‬


‫منهج العرض‬

‫المذمومتين إحديهما النفي إذ كاف النفي ىو االبطاؿ والعدـ‪ ،‬والجهة الثانية‬ ‫التشبيو إذ كاف التشبيو من صفة المخلوؽ الظاىر التركيب والتأليف‪ ،‬فلم يكن‬ ‫بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين‪ ،‬واالضطرار منهم إليو أثبت أنهم‬ ‫مصنوعوف‪ ،‬وأف صا نعهم غيرىم وليس مثلهم إذ كاف مثلهم شبيها بهم في‬ ‫ظاىر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أف لم يكونوا‪،‬‬ ‫وتنقلهم من صغر إلى كبر‪ ،‬وسواد إلى بياض‪ ،‬وقوة إلى ضعف‪ ،‬وأحواؿ‬ ‫موجودة ال حاجة لنا إلى تفسيرىا لثباتها ووجودىا‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فقد حددتو إذ أثبت وجوده‪ ،‬قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪:‬‬ ‫لم أحده ولكن أثبتو إذ لم يكن بين االثبات والنفي منزلة‪ .‬قاؿ السائل‪ :‬فلو‬ ‫إنية ومائية ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬ال يثبت الشئ إال بإنية و مائية ‪ .‬قاؿ السائل‪ :‬فلو‬ ‫كيفية ؟ قاؿ‪ :‬ال الف الكيفية جهة الصفة واالحاطة ولكن البد من الخروج من‬ ‫جهة التعطيل والتشبيو الف من نفاه أنكره ورفع ربوبيتو وأبطلو ومن شبهو بغيره‬ ‫فقد أثبتو بصفة المخلوقين المصنوعين الذين ال يستحقوف الربوبية‪ ،‬ولكن البد‬ ‫من إثبات ذات ببل كيفية ال يستحقها غيره وال يشارؾ فيها وال يحاط بها وال‬ ‫يعلمها غيره ‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فيعاني االشياء بنفسو ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ىو‬ ‫أجل من أف يعاني االشياء بمباشرة ومعالجة الف ذلك صفة المخلوؽ الذي ال‬ ‫يجئ االشياء لو إال بالمباشرة والمعالجة‪ ،‬وىو تعالى نافذ االرادة المشية فعاؿ‬ ‫لما يشاء‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فلو رضى وسخط ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين‪ ،‬وذلك أف الرضا والسخط دخاؿ‬ ‫يدخل عليو فينقلو من حاؿ إلى حاؿ‪ ،‬وذلك صفة المخلوقين العاجزين‬ ‫المحتاجين‪ ،‬وىو تبارؾ وتعالى العزيز الرحيم ال حاجة بو إلى شئ مما خلق‪،‬‬ ‫‪197‬‬


‫منهج العرض‬

‫وخلقو جميعا محتاجوف إليو‪ ،‬وإنما خلق االشياء من غير حاجة وال سبب‬ ‫اختراعا وابتداعا‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فقولو‪( :‬الرحمن على العرش استوى) قاؿ أبو عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬بذلك وصف نفسو وكذلك ىو مستوؿ على العرش بائن من خلقو من‬ ‫غير أف يكوف العرش حامبل لو وال أف يكوف العرش حاويا لو وال أف العرش‬ ‫محتاز لو‪ ،‬ولكنا نقوؿ‪ :‬ىو حامل العرش وممسك العرش‪ ،‬ونقوؿ من ذلك ما‬ ‫قاؿ‪( :‬وسع كرسيو السموات واالرض) فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبتو‪،‬‬ ‫ونفينا أف يكوف العرش والكرسي حاويا لو أو يكوف عزوجل محتاجا إلى مكاف‬ ‫أو إلى شئ مما خلق‪ ،‬بل خلقو محتاجوف إليو‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فما الفرؽ بين أف ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أف‬ ‫تخفضوىا نحو االرض ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ذلك في علمو‬ ‫وإحاطتو وقدرتو سواء‪ ،‬ولكنو عزوجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى‬ ‫السماء نحو العرش النو جعلو معدف الرزؽ‪ ،‬فثبتنا ما ثبتو القرآف واالخبار عن‬ ‫الرسوؿ صلى اهلل عليو وآلو حين قاؿ‪ :‬ارفعوا أيديكم إلى اهلل عزوجل‪ ،‬وىذا‬ ‫يجمع عليو فرؽ االمة كلها ‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فمن أين أثبت أنبياء ورسبل ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪:‬‬ ‫إنا لما أثبتنا أف لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكاف ذلك‬ ‫الصانع حكيما لم يجز أف يشاىده خلقو وال يبلمسهم وال يبلمسوه وال‬ ‫يب اشرىم وال يباشروه وال يحاجهم وال يحاجوه فثبت أف لو سفراء في خلقو‬ ‫وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما بو بقاؤىم وفي تركو فناؤىم‪،‬‬ ‫فثبت اآلمروف والناىوف عن الحكيم العليم في خلقو وثبت عند ذلك أف لو‬ ‫معبرين وىم االنبياء وصفوتو من خلقو حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها‬ ‫‪198‬‬


‫منهج العرض‬

‫غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب‪،‬‬ ‫مؤيدين من عند اهلل الحكيم العليم بالحكمة والدالئل والبراىين و الشواىد من‬ ‫إحياء الموتى وإبراء االكمو واالبرص‪ ،‬فبل تخلو أرض اهلل من حجة يكوف معو‬ ‫علم يدؿ على صدؽ مقاؿ الرسوؿ ووجوب عدالتو‪.‬‬ ‫الجهة االولى االلفاظ و العرض‬

‫ٔ‪-‬‬

‫التوحيد ‪ :‬حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمراف الدقاؽ‬

‫رحمو اهلل‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا أبو القاسم العلوي‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا محمد بن إسماعيل‬ ‫البرمكي‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا الحسين ابن الحسن‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني إبراىيم بن ىاشم‬ ‫القمي‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا العباس بن عمرو الفقيمي‪ ،‬عن ىشاـ بن الحكم في‬ ‫حديث الزن ديق الذي أتى أبا عبد اهلل عليو السبلـ فكاف من قوؿ أبي عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ لو‪ :‬ال يخلو قولك و السند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫و الخبر يشتمل على مضامين ‪.‬‬ ‫المضموف (ٔ) ‪ :‬فكاف من قوؿ أبي عبد اهلل عليو السبلـ لو‪ :‬ال يخلو‬ ‫قولك‪ :‬إنهما اثناف‪ ،‬من أف يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكوف‬ ‫أحدىما قويا واآلخر ضعيفا‪ ،‬فإف كانا قويين فلم ال يدفع كل واحد منهما‬ ‫صاحبة ويتفرد بالتدبير‪ ،‬وإف زعمت أف أحدىما قوي و اآلخر ضعيف ثبت أنو‬ ‫واحد كما نقوؿ‪ ،‬للعجز الظاىر في الثاني‪ ،‬وإف قلت‪ :‬إنهما اثناف لم يخل من‬ ‫أف يكونا متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما‬ ‫والفلك جاريا واختبلؼ الليل والنهار‪ ،‬والشمس والقمر دؿ صحة االمر‬ ‫‪199‬‬


‫منهج العرض‬

‫والتدبير وائتبلؼ االمر على أف المدبر واحد ثم يلزمك إف ادعيت اثنين‬ ‫فبلبد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين فصارت الفرجة ثالثا بينهما‪ ،‬قديما‬ ‫معهما‪ ،‬فيلزمك ثبلثة‪ ،‬فإف ادعيت ثبلثة لزمك ما قلنا في االثنين حتى يكوف‬ ‫بينهم فرجتاف فيكوف خمسا‪ ،‬ثم يتناىى في العدد إلى ما ال نهاية في الكثره ‪.‬‬ ‫) مضموف مصدؽ و استعماؿ العقل و التدبر و التفكر العقلي مصدؽ بالقراف‬ ‫و عليو النقل المتواتر وىو ليس من التكلم في الذات المنهي عنو ‪.‬و مضامين‬ ‫الخبر من اثبات الواحدية و نفي االثنينية مصدؽ بالثابت و الضروري من‬ ‫الدين‬ ‫المضموف (ٕ) ‪ :‬قاؿ ىشاـ‪ :‬فكاف من سؤاؿ الزنديق أف قاؿ‪ :‬فما الدليل‬ ‫عليو ؟ قاؿ أبو ‪ -‬عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬وجود االفاعيل التي دلت على أف‬ ‫صانعا صنعها‪ ،‬أال ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أف لو بانيا‬ ‫وإف كنت لم تر الباني ولم تشاىده‪ ،‬قاؿ‪ :‬فما ىو ؟ قاؿ‪ :‬ىو شئ بخبلؼ‬ ‫االشياء‪ ،‬ارجع بقولي‪ :‬شئ إلى إثبات معنى‪ ،‬وأنو شئ بحقيقة الشيئية غير أنو‬ ‫الجسم وال صورة وال يحس وال يجس وال يدرؾ بالحواس الخمس‪ ،‬ال تدركو‬ ‫االوىاـ‪ ،‬وال تنقصو الدىور‪ ،‬وال يغيره الزماف‪ .‬مضموف مصدؽ ‪.‬و استعماؿ‬ ‫العقل و التدبر و التفكر العقلي مصدؽ بالقراف و عليو النقل المتواتر وىو‬ ‫ليس من التكلم في الذات المنهي عنو ‪.‬و مضامين الخبر من اثبات وجود‬ ‫الخالق و الشيئية و نفي الجسم و الصورة الحسية و التصورية وعدـ التغير‬ ‫مصدؽ بالثابت و الضروري من الدين ‪.‬‬ ‫المضموف (ٖ )‬

‫قاؿ السائل‪ :‬فتقوؿ‪ :‬إنو سميع بصير ؟ ! قاؿ‪ :‬ىو‬

‫سميع بصير‪ ،‬سميع بغير جارحة وبصير بغير آلو‪ ،‬بل يسمع بنفسو‪ ،‬ويبصر‬ ‫‪200‬‬


‫منهج العرض‬

‫بنفسو‪ ،‬ليس قولي‪ ،‬إنو يسمع بنفسو و يبصر بنفسو أنو شيء والنفس شيء‬ ‫آخر‪ ،‬ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤوال وإفهاما لك إذ كنت‬ ‫سائبل‪ ،‬وأقوؿ‪ :‬يسمع بكلو ال أف الكل منو لو بعض‪ ،‬ولكني أردت إفهاما لك‬ ‫والتعبير عن نفسي‪ ،‬وليس مرجعي في ذلك إال إلى أنو السميع البصير العالم‬ ‫الخبير ببل اختبلؼ الذات وال اختبلؼ المعنى ‪ ) .‬نفي االلة و الجارحة و‬ ‫وكوف صفاتو و نفسو عين ذاتو ف مصدؽ بالنقل المستفيض وىو مصدؽ‬ ‫بسورة التوحيد ‪.‬‬ ‫المضموف (ٗ ) ‪ :‬قاؿ السائل‪ :‬فما ىو ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪:‬‬ ‫ىو الرب وىو المعبود وىو اهلل وليس قولي‪( :‬اهلل) إثبات ىذه الحروؼ ألف‪،‬‬ ‫الـ‪ ،‬ىاء‪ ،‬ولكني أرجع إلى معنى ىو شئ خالق االشياء وصانعها وقعت عليو‬ ‫ىذه الحروؼ‪ ،‬وىو المعنى الذي يسمى بو اهلل والرحمن والرحيم والعزيز‬ ‫وأشباه ذلك من أسمائو وىو المعبود عزوجل‪ ) .‬كوف االسم غير المسمى و‬ ‫كوف المقصود ىو المسم ى و ليس االسم من المصدؽ بالنقل المستفيض و‬ ‫معارؼ التوحيد الثابتة ‪.‬‬ ‫المضموف (٘) قاؿ السائل‪ :‬فإنا لم نجد موىوما إال مخلوقا‪ ،‬قاؿ أبو عبد‬ ‫اهلل عليو السبلـ‪ :‬لو كاف ذلك كما تقوؿ لكاف التوحيد عنا مرتفعا النا لم‬ ‫نكلف أف نعتقد غير موىوـ ولكنا نقوؿ‪ :‬كل موىوـ بالحواس مدرؾ‪ ،‬فما تجده‬ ‫الحواس وتمثلو فهو مخلوؽ والبد من إثبات صانع االشياء خارج من الجهتين‬ ‫المذمومتين إحديهما النفي إذ كاف النفي ىو االبطاؿ والعدـ‪ ،‬والجهة الثانية‬ ‫التشبيو إذ كاف التشبيو من صفة المخلوؽ الظاىر التركيب والتأليف‪ ،‬فلم يكن‬ ‫بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين‪ ،‬واالضطرار منهم إليو أثبت أنهم‬ ‫‪201‬‬


‫منهج العرض‬

‫مصنوعوف‪ ،‬وأف صانعهم غيرىم وليس مثلهم إذ كاف مثلهم شبيها بهم في‬ ‫ظاىر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أف لم يكونوا‪،‬‬ ‫وتنقلهم من صغر إلى كبر‪ ،‬وسواد إلى بياض‪ ،‬وقوة إلى ضعف‪ ،‬وأحواؿ‬ ‫موجودة ال حاجة لنا إلى تفسيرىا لثباتها ووجودىا‪ ) .‬مفاد ىذا النص اف‬ ‫السائل قاؿ بتأخر العناوين و التسمية و االشارة و بالوجود عن المدراؾ و‬ ‫المحسوس ‪ ،‬و بذلك فالعنواف و التي عبر عنها ( بالموىوـ) متأخر عن ادراؾ‬ ‫الشيء و االحاطة بو و اف االحاطة داللة على المخلوقية ‪ .‬و جواب االماـ‬ ‫عليو ال سبلـ كاف باالستناد الى الفطرة ببياف اف العنواف و التسمية و االشارة‬ ‫بالوجود متأخر اال انو قد يكوف لما يدرؾ و يحس و يحاط بو و قد يكوف لما‬ ‫يستنتج بالتدبر و التفكر و وجود المصنوعين و اضطرارىم الى صانع يثبت‬ ‫الصانع بالتدبر و التفكر و االستنتاج ‪ .‬و المضموف من حيث طريقة‬ ‫االحتجاج بالعقل مصدؽ و من حيث النهاية و االستنتاج باثبات الصانع و اف‬ ‫االسم و االشارة الى الوجود بالفطرة متأخر عن المسمى و الموجود لكنو قد‬ ‫يكوف لمحسوس او غير محسوس يعرؼ وجوده باالستنتاج و التدير و عنواف‬ ‫الصانع و الخالق و االشارة الى وجوده من الثاني‪.‬‬ ‫المضموف (‪ : ) ٙ‬قاؿ السائل‪ :‬فقد حددتو إذ أثبت وجوده‪ ،‬قاؿ أبو عبد‬ ‫اهلل عليو السبلـ‪ :‬لم أحده ولكن أثبتو إذ لم يكن بين االثبات والنفي منزلة‪.‬‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فلو إنية ومائية ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬ال يثبت الشئ إال بإنية و مائية ‪ .‬قاؿ‬ ‫السائل‪ :‬فلو كيفية ؟ قاؿ‪ :‬ال الف الكيفية جهة الصفة واالحاطة ولكن البد من‬ ‫الخروج من جهة التعطيل والتشبيو الف من نفاه أنكره ورفع ربوبيتو وأبطلو ومن‬ ‫شبهو بغيره فقد أثبتو بصفة المخلوقين المصنوعين الذين ال يستحقوف الربوبية‪،‬‬ ‫ولكن البد من إثبات ذات ببل كيفية ال يستحقها غيره وال يشارؾ فيها وال‬ ‫‪202‬‬


‫منهج العرض‬

‫يحاط بها وال يعلمها غيره ‪ ) .‬مفاد الحديث اف اثبات الوجود ال يستلزـ‬ ‫التحديد و اف الوجود مستلزـ االنية و الماىية ‪ ،‬لكن ال يستلزـ العلم بالكيفية‬ ‫‪ ،‬في الحديث نفي للكيفية بالنسبة لذاتو تعالى وىو مصدؽ بالقراف بانو ليس‬ ‫كمثلو شيء ‪ ،‬و بين اف اثبات الكيفية تعني تميز الصفة عن ذاتو و انها فرع‬ ‫االحاطة بالذات و كبلىما باطل ‪ .‬و ىذا الكبلـ ينتهي الى مبدأ نفي التعطيل‬ ‫و التسبيو ‪ ،‬فبل يصح النفي النو اعداـ و ىو خبلؼ الربوبية كما تقدـ و ال‬ ‫يصح التشبيو بالمخلوقين و جعلو مشاركا لهم فبل يستحق الربوبية ‪.‬‬ ‫فالحديث‬ ‫في الوجود من دوف تحديد حق الف غيره خبلؼ التوحيد و الربوبية اذ‬ ‫اف نفي الوجود خبلؼ الربوبية النو اعداـ و التحديد بكيفية خبلؼ الربوبية‬ ‫ايضا لمساواتو مع المخلوفين فبل يستحق الربوبية ‪ .‬و المضموف مصدؽ‬ ‫بمنهج استناجو العقلي و المضامين المستنتجة بذلك ‪ .‬و اف كل كبلـ في‬ ‫اثبات الواحدية و الخالقية و الربوبية و الوجود ليس من الحديث عن الذات‬ ‫المنهي عنو ‪.‬‬ ‫المضموف (‪ : ) ٚ‬قاؿ السائل‪ :‬فيعاني االشياء بنفسو ؟ قاؿ أبو عبد اهلل‬ ‫عليو السبلـ‪ :‬ىو أجل من أف يعاني االشياء بمباشرة ومعالجة الف ذلك صفة‬ ‫المخلوؽ الذي ال يجيء االشياء لو إال بالمباشرة والمعالجة‪ ،‬وىو تعالى نافذ‬ ‫االرادة و المشية فعاؿ لما يشاء‪ ) .‬مفاد الحديث اف معاناة االشياء تكوف‬ ‫بمعالجة و مباشرة ‪ ،‬و المعالجة تعني انفصاؿ االرادة عن التحقيق بقرينة قولو‬ ‫عليو السبلـ (نافذ االرادة و المشية ) ‪ ،‬و كبل الصفتين أي المعالجة و‬ ‫المباشرة من صفات المخلوقين و اهلل تعالى اجل من ذلك ‪ .‬وىذا المضموف‬ ‫(وإِ َذا‬ ‫مصدؽ بنقل و معارؼ ثابتة بخصوص قدرتو تعالى البلمتناىية قاؿ تعالى َ‬ ‫ِ‬ ‫يم‬ ‫ضى أ َْم ًرا فَِإنَّ َما يَػ ُق ُ‬ ‫وؿ لَوُ ُك ْن فَػيَ ُكو ُف ) و قولو تعالى (يَ ْخلُ ُق َما يَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫شاءُ َو ُى َو ال َْعل ُ‬ ‫‪203‬‬


‫منهج العرض‬

‫الْ َق ِدير ) و قولو تعالى (ولَم يػعي بِ َخل ِْق ِه َّن بَِق ِ‬ ‫اد ٍر َعلَى أَ ْف يُ ْحيِ َي ال َْم ْوتَى بَػلَى إِنَّوُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َْ َ‬ ‫الس َ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ص ِر أ َْو ُى َو‬ ‫(وَما أ َْم ُر َّ‬ ‫اعة إَِّال َكلَ ْم ِح الْبَ َ‬ ‫َعلَى ُك ّْل َش ْيء قَد ٌير ) و قولو تعالى َ‬ ‫ب إِ َّف اللَّوَ َعلَى ُك ّْل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير )‬ ‫أَقػ َْر ُ‬ ‫المضموف (‪ : ) ٛ‬قاؿ السائل‪ :‬فلو رضى وسخط ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬نعم‪ ،‬وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين‪ ،‬وذلك أف الرضا‬ ‫والسخط دخاؿ يدخل عليو فينقلو من حاؿ إلى حاؿ‪ ،‬وذلك صفة المخلوقين‬ ‫العاجزين المحتاجين‪ ،‬وىو تبارؾ وتعالى العزيز الرحيم ال حاجة بو إلى شئ مما‬ ‫خلق‪ ،‬وخلقو جميعا محتاجوف إليو‪ ،‬وإنما خلق االشياء من غير حاجة وال‬ ‫سبب اختراعا وابتداعا ‪ .‬المضموف مصدؽ من حيث نفي التشبيو في رضاه‬ ‫تعالى و سخطو و في غناه تعالى عن خلقو ‪.‬و في الكافي زيادة (وذلك أف‬ ‫الرضا حاؿ تدخل عليو فتنقلو من حاؿ إلى حاؿ‪ ،‬الف المخلوؽ أجوؼ معتمل‬ ‫مركب‪ ،‬لبلشياء فيو مدخل‪ ،‬وخالقنا ال مدخل لبلشياء فيو النو واحد واحدي‬ ‫الذات واحدي المعنى فرضاه ثوابو وسخطو عقابو من غير شئ يداخلو فيهيجو‬ ‫وينقلو من حاؿ إلى حاؿ الف ذلك من صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين )‬ ‫المضموف (‪ : )ٜ‬قاؿ السائل‪ :‬فقولو‪( :‬الرحمن على العرش استوى) قاؿ‬ ‫أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬بذلك وصف نفسو وكذلك ىو مستوؿ على العرش‬ ‫بائن من خلقو من غير أف يكوف العرش حامبل لو وال أف يكوف العرش حاويا لو‬ ‫وال أف العرش محتاز لو ‪ ،‬ولكنا نقوؿ‪ :‬ىو حامل العرش وممسك العرش‪،‬‬ ‫ونقوؿ من ذلك ما قاؿ‪( :‬وسع كرسيو السموات واالرض) فثبتنا من العرش‬ ‫والكرسي ما ثبتو‪ ،‬ونفينا أف يكوف العرش والكرسي حاويا لو أو يكوف عزوجل‬ ‫محتاجا إلى مكاف أو إلى شئ مما خلق‪ ،‬بل خلقو محتاجوف إليو‪ .‬و المضموف‬ ‫مصدؽ بنفي التجسيم و اف االستيبلء و االمساؾ و الحمل كلو معاف للقدرة و‬ ‫ليس بالجسمية و ال المكانية ‪.‬‬ ‫‪204‬‬


‫منهج العرض‬

‫المضموف (ٓٔ) ‪ :‬قاؿ السائل‪ :‬فما الفرؽ بين أف ترفعوا أيديكم إلى‬ ‫السماء وبين أف تخفضوىا نحو االرض ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ذلك‬ ‫في علمو وإحاطتو وقدرتو سواء ‪ ،‬ولكنو عزوجل أمر أولياءه وعباده برفع‬ ‫أيديهم إلى السماء نحو العرش النو جعلو معدف الرزؽ ‪ ،‬فثبتنا ما ثبتو القرآف‬ ‫واالخبار عن الرسوؿ صلى اهلل عليو وآلو حين قاؿ‪ :‬ارفعوا أيديكم إلى اهلل‬ ‫عزوجل‪ ،‬وىذا يجمع عليو فرؽ االمة كلها ‪ .‬مفاد الحديث اف رفع اليد ىو‬ ‫تعبد بالقراف و السنة وانو من التضرع واف ذلك سواء تجاه قدرة اهلل و علمو‬ ‫‪ ،‬و في الخبر بياف لحكمة رفع اليد بانها تكوف تجاه العرش حيث اف فيو‬ ‫الس َم ِاء ِرْزقُ ُك ْم ) لكن عرفت اف االمر‬ ‫(وفِي َّ‬ ‫معدف الرزؽ و يصدقو قولو تعالى َ‬

‫من التضرع ‪.‬‬

‫المضموف (ٔ​ٔ ) قاؿ السائل‪ :‬فمن أين أثبت أنبياء ورسبل ؟ قاؿ أبو عبد‬ ‫اهلل عليو السبلـ‪ :‬إنا لما أثبتنا أف لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما‬ ‫خلق وكاف ذلك الصانع حكيما لم يجز أف يشاىده خلقو وال يبلمسهم وال‬ ‫يبلمسوه وال يباشرىم وال يباشروه وال يحاجهم وال يحاجوه‬

‫فثبت أف لو‬

‫سفراء في خلقو وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما بو بقاؤىم وفي‬ ‫تركو فناؤىم‪ ،‬فثبت اآلمروف والناىوف عن الحكيم العليم في خلقو وثبت عند‬ ‫ذلك أف لو معبرين وىم االنبياء وصفوتو من خلقو حكماء مؤدبين بالحكمة‬ ‫مبعوثين بها غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق‬ ‫والتركيب‪ ،‬مؤيدين من عند اهلل الحكيم العليم بالحكمة والدالئل والبراىين و‬ ‫الشواىد من إحياء الموتى وإبراء االكمو واالبرص‪ ،‬فبل تخلو أرض اهلل من‬ ‫حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقاؿ الرسوؿ ووجوب عدالتو‪ .‬الخبر من‬ ‫حيث منهج االستناتجي العقلي و المضامين المستنتجة مما يوجب ارساؿ‬

‫‪205‬‬


‫منهج العرض‬

‫الرسل بمقدمتين االولى اف اهلل متعاؿ و الثانية اف بالرسل بياف مصالح العباد و‬ ‫بقاؤىم ‪ ،‬قثبت مبدأ ارساؿ الرسل ‪.‬‬

‫ٕ‪-‬‬

‫الكافي ‪ :‬علي بن إبراىيم‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن عباس بن عمر‬

‫والفقيمي(ٗ ) عن ىشاـ بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبداهلل‬ ‫عليو السبلـ وكاف من قوؿ أبي عبداهلل عليو السبلـ‪ :‬ال يخلو قولك و السد‬ ‫متصل من الثانية ‪ .‬مقطعا مثلو اال في مواضع ‪:‬‬ ‫( ‪ ...‬جاريا والتدبير واحدا والليل والنهار ‪ ....‬إف ادعيت اثنين فرجة ما‬ ‫بينهما ‪ ...‬فيكونوا خمسة ثم يتناىى ‪ ...‬ارجع بقولي إلى إثبات معنى ‪ ....‬وال‬ ‫يغيره الزماف‪ ... ....‬ألف والـ وىاء‪ ،‬وال راء‪ ،‬وال باء ولكن ارجع إلى معنى‬ ‫وشئ خالق االشياء وصانعها ونعت ىذه الحروؼ وىو المعنى سمي بو اهلل‬ ‫والرحمن ‪ ... ...‬النا لم نكلف غير موىوـ ‪ ....‬فهو مخلوؽ‪ ،‬إذ كاف النفي‬ ‫ىو االبطاؿ والعدـ‪ ،‬والجهة الثانية‪ :‬التشبيو إذ كاف التشبيو ىو صفة ‪...‬‬ ‫واالضطرار إليهم أنهم مصنوعوف ‪ ...‬بنا إلى تفسيرىا لبيانها ووجودىا‪....‬‬ ‫‪ ....‬ولكن البد من إثبات أف لو كيفية ال يستحقها غيره وال يشارؾ فيها ‪....‬‬ ‫‪ ....‬والمعالجة‪ ،‬وىو تعالى نافذ ‪....‬‬ ‫‪ ....‬وذلك أف الرضا حاؿ تدخل عليو فتنقلو من حاؿ إلى حاؿ‪ ،‬الف‬ ‫المخلوؽ أجوؼ معتمل مركب‪ ،‬لبلشياء فيو مدخل‪ ،‬وخالقنا ال مدخل‬ ‫لبلشياء فيو النو واحد واحدي الذات واحدي المعنى فرضاه ثوابو وسخطو‬ ‫‪206‬‬


‫منهج العرض‬

‫عقابو من غير شئ يداخلو فيهيجو وينقلو من حاؿ إلى حاؿ الف ذلك من صفة‬ ‫المخلوقين العاجزين المحتاجين‪....‬‬ ‫( و ليس فيو ( وىو تبارؾ وتعالى العزيز الرحيم ال حاجة بو إلى شئ مما‬ ‫خلق‪ ،‬وخلقو جميعا محتاجوف إليو‪ ،‬وإنما خلق االشياء من غير حاجة وال‬ ‫سبب اختراعا وابتداعا ‪ .‬قاؿ السائل‪ :‬فقولو‪( :‬الرحمن على العرش استوى)‬ ‫قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬بذلك وصف نفسو وكذلك ىو مستوؿ على‬ ‫العرش بائن من خلقو من غير أف يكوف العرش حامبل لو وال أف يكوف العرش‬ ‫حاويا لو وال أف العرش محتاز لو‪ ،‬ولكنا نقوؿ‪ :‬ىو حامل العرش وممسك‬ ‫العرش‪ ،‬ونقوؿ من ذلك ما قاؿ‪( :‬وسع كرسيو السموات واالرض) فثبتنا من‬ ‫العرش والكرسي ما ثبتو‪ ،‬ونفينا أف يكوف العرش والكرسي حاويا لو أو يكوف‬ ‫عزوجل محتاجا إلى مكاف أو إلى شئ مما خلق‪ ،‬بل خلقو محتاجوف إليو‪ .‬قاؿ‬ ‫السائل‪ :‬فما الفرؽ بين أف ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أف تخفضوىا نحو‬ ‫االرض ؟ قاؿ أبو عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ذلك في علمو وإحاطتو وقدرتو سواء‪،‬‬ ‫ولكنو عزوجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش النو‬ ‫جعلو معدف الرزؽ‪ ،‬فثبتنا ما ثبتو القرآف واالخبار عن الرسوؿ صلى اهلل عليو‬ ‫وآلو حين قاؿ‪ :‬ارفع وا أيديكم إلى اهلل عزوجل‪ ،‬وىذا يجمع عليو فرؽ االمة‬ ‫كلها ‪) .‬‬ ‫‪ ... ...‬من أين أثبت االنبياء والرسل؟ قاؿ‪ :‬إنو لما أثبتنا أف لنا‪...‬‬ ‫الصانع حكيما متعاليا لم ‪ ...‬فيباشرىم ويباشروه‪ ،‬ويحاجهم ويحاجوه‪ ،‬ثبت أف‬ ‫لو سفراء في خلقو‪ ،‬يعبروف عنو إلى خلقو وعباده‪ ،‬ويدلونهم ‪ ...‬خلقو‬ ‫والمعبروف عنو عزوجل‪ ،‬وىم االنبياء‬

‫‪...‬غير مشاركين للناس ‪ -‬على‬

‫مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ‪ -‬في شئ من أحوالهم ‪ ...‬بالحكمة‪ ،‬ثم‬ ‫ثبت ذلك في كل دىر وزماف مما أتت بو الرسل واالنبياء من الدالئل‬ ‫‪207‬‬


‫منهج العرض‬

‫والبراىين‪ ،‬لكيبل تخلو أرض اهلل من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ‬ ‫مقالتو وجواز عدالتو‪.‬‬ ‫و مضامين الكافي ال تختلف عما في التوحيد اال عبارة ( البد من إثبات‬ ‫أف لو كيفية ) وىذا تصحيف ( البد من إثبات ذات ببل كيفية ) التي في‬ ‫التوحيد ‪ .‬اذ اف اثبات الكيفية باطل و خبلؼ الثابت فالعبارة تصحيف ‪ .‬كما‬ ‫اف عبارة التوحيد ( فبل تخلو االرض من حجة يكوف معو علم يدؿ على‬ ‫صدؽ مقاؿ الرسوؿ ووجوب عدالتو‪ ) .‬و في الكافي (لكيبل تخلو أرض اهلل‬ ‫من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقالتو وجواز عدالتو‪ ).‬و االولى‬ ‫موافقة للسياؽ باف الكبلـ في االنبياء و الرسل و االخيرة موافقة لعبارة ( لكيبل‬ ‫تخلو االرض من حجة ) النو ليس في كل عصر نبي و الحجة يشمل النبي و‬ ‫الوصي ‪ .‬و كبل المضمونين مصدؽ و االصل التعدد ‪.‬‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫االحتجاج ‪:‬‬

‫روي عن ىشاـ بن الحكم أنو قاؿ‪ :‬كاف من‬

‫سؤاؿ الزنديق الذي أتى أبا عبد اهلل و السند منقطع من الثالثة ‪.‬‬ ‫يبدأ من قولو ‪ :‬ما الدليل على صانع العالم ‪ ....‬بقولي‪ :‬شئ إلى إثباتو‬ ‫وأنو شئ ‪ (( ....‬و ليس فيو‬ ‫قاؿ السائل‪ :‬فتقوؿ‪ :‬إنو سميع بصير ؟ ‪ -‬الى قولو‪ -‬وأشباه ذلك من‬ ‫أسمائو وىو المعبود عزوجل‪ ... )) .‬والجهة الثانية التشبيو بصفة المخلوؽ‬ ‫‪ ....‬قاؿ السائل‪ :‬فأنت قد حددتو إذا ثبتت وجوده‪ ،‬قاؿ أبو عبد اهلل عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬لم احدده ولكن اثبتو‪ ،‬إذ لم يكن بين االثبات والنفي منزلة‪ (( .‬ليس‬ ‫فيو (( قاؿ السائل‪ :‬فلو إنية ومائية ‪ -‬الى ‪ -‬وال سبب اختراعا وابتداعا ))‬ ‫‪208‬‬


‫منهج العرض‬

‫‪ ...‬وال أف العرش محل لو‪ ،‬لكنا نقوؿ‪ :‬ىو حامل للعرش وممسك للعرش‪...،‬‬ ‫‪ ...‬تجمع عليو فرؽ االمة كلها‪ ) .‬وىنا ينتهي خبر االحتجاج ‪ .‬وىو ال‬ ‫يختلف عما في التوحيد وىو مصدؽ ‪.‬‬ ‫ٗ‪-‬‬

‫معاني االخبار ‪ :‬حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫حدثنا علي بن إبراىيم بن ىاشم‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن العباس بن عمرو الفقيمي‪ ،‬عن‬ ‫ىشاـ بن الحكم أف رجبل سأؿ أبا عبداهلل عليو السبلـ عن اهلل تبارؾ وتعالى لو‬ ‫رضى وسخط؟ و السند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫يبدأ من ( عن اهلل تبارؾ وتعالى لو رضى وسخط؟ قاؿ‪ ... :‬فينقلو من‬ ‫حاؿ إلى حاؿ معتمل مركب لبلشياء فيو مدخل‪ ،‬وخالقنا المدخل لبلشياء‬ ‫فيو‪ ،‬واحد‪ ،‬واحدي الذات‪ ،‬واحدي المعنى‪ ،‬فرضاه ثوابو وسخطو عقابو من‬ ‫غ ير شئ يتداخلو فيهيجو وينقلو من حاؿ إلى حاؿ فإف ذلك صفة المخلوقين‬ ‫العاجزين المحتاجين ‪ ،‬وىو تبارؾ وتعالى القوي العزيز ‪ ....‬اختراعا‬ ‫وابتداعا‪ ....)).‬وىذه الزيادة الظاىر اف فيها سقطا ففي الكافي ىكذا ( فتنقلو‬ ‫من حاؿ إلى حاؿ‪ ،‬الف المخلوؽ أجوؼ معتمل مركب‪ ،‬لبلشياء فيو مدخل )‬ ‫وىو ال يختلف عما بمضامينو عما في التوحيد ‪ ،‬و ىي مع ىذه الزيادة مصدقة‬ ‫‪.‬‬ ‫٘‪-‬‬

‫علل الشرائع‪ :‬حدثنا حمزة بن محمد العلوي قاؿ‪ :‬أخبرني‬

‫علي بن ابراىيم‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن العباس بن عمرو الفقيمي‪ ،‬عن ىشاـ بن‬ ‫الحكم‪ ،‬عن أبى عبد اهلل " ع " انو قاؿ للزنديق الذي سألو من أين أثبت‬ ‫الرسل واالنبياء فقاؿ‪ :‬انا لما أثبتنا اف لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع‬ ‫‪209‬‬


‫منهج العرض‬

‫ما خلق وكاف ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أف يشاىده خلقو ويبلمسوه‬ ‫ويباشرىم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت اف لو سفراء في خلقو يعبروف عنو‬ ‫إلى خلقو وعباده ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما بو بقائهم وفي تركو‬ ‫فنائهم فثبت اآلمروف والناىوف عن الحكيم العليم في خلقو والمعبروف عنو‬ ‫عزوجل وىم االنبياء وصفوتو من خلقو حكماء مؤدبوف بالحكمة مبعوثوف بها‬ ‫غير مشاركين للناس في شئ من أحوالهم‪ ،‬مؤيدين من عند الحكيم العليم‬ ‫بالحكمة‪ ،‬ثم ثبت ذلك في كل دىر وزماف ما أتت بو الرسل واالنبياء من‬ ‫الداليل والبراىين لكيبل تخلو أرض اهلل من حجة يكوف معو علم على صدؽ‬ ‫مقالتو وجواز عدالتو‪ .‬و المضموف مصدؽ و ال يختلف عما في التوحيد‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬فقيو الحديث‬ ‫الحديث يقرر طريقة االحتجاج العقلي و االستنتاج العقلي ‪ ،‬و التوسع‬ ‫بالنص بما يستنتج عنو بغير المستقبلت العقلية ‪ ،‬و بما يثبت التوحيد و‬ ‫الخالقية و وجود الصانع و انو تعالى السميع البصير و اثبات ارساؿ الرسل ‪.‬‬ ‫و ليس ىذا من الكبلـ عن الذات المنهي عنو ‪.‬‬

‫فصل (ٕٔ) حديث( سؤاالت النزديق في مواضيع مختلفة)‬

‫‪210‬‬


‫منهج العرض‬

‫المتن ‪:‬‬ ‫االحتجاج ‪ :‬ومن سؤاؿ الزنديق الذي سأؿ أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن‬ ‫مسائل كثيرة انو قاؿ‪ :‬كيف يعبد اهلل الخلق ولم يروه ؟ قاؿ ‪ :‬رأتو القلوب بنور‬ ‫االيماف‪ ،‬واثبتتو العقوؿ بيقظتها اثبات العياف‪ ،‬وأبصرتو االبصار بما رأتو من‬ ‫حسن التركيب‪ ،‬واحكاـ التأليف‪ ،‬ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها‪،‬‬ ‫واقتصرت العلماء على ما رأت من عظمتو دوف رؤيتو‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس ىو قادر اف‬ ‫يظهر لهم حتى يروه فيعرفونو فيعبد على يقين ؟ قاؿ‪ :‬ليس للمحاؿ جواب‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فمن أين اثبت أنبياء ورسبل ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬انا لما أثبتنا اف لنا‬ ‫خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق‪ ،‬وكاف ذلك الصانع حكيما‪ ،‬لم‬ ‫يجز اف يشاىده خلقو‪ ،‬وال اف يبلمسوه وال اف يباشرىم ويباشروه‪ ،‬ويحاجهم‬ ‫ويحاجوه‪ ،‬ثبت اف لو سفراء في خلقو وعباده يدلونهم على مصالحهم‬ ‫ومنافعهم‪ ،‬وما بو بقاؤىم‪ ،‬وفي تركو فناؤىم‪ ،‬فثبت االمروف والناىوف عن‬ ‫الحكيم العليم في خلقو‪ ،‬وثبت عند ذلك اف لو معبروف ىم انبياء اهلل وصفوتو‬ ‫من خلقو‪ ،‬حكماء مؤدبين بالحكمة‪ ،‬مبعوثين عنو‪ ،‬مشاركين للناس في احوالهم‬ ‫على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب‪ ،‬مؤيدين من عند الحكيم العليم‬ ‫بالحكمة والدالئل والبراىين والشواىد من‪ :‬احياء الموتى‪ ،‬وابراء االكمو‬ ‫واالبرص‪ ،‬فبل تخلو االرض من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقاؿ‬ ‫الرسوؿ ووجوب عدالتو‪.‬‬

‫‪211‬‬


‫منهج العرض‬

‫ثم قاؿ عليو السبلـ بعد ذلك‪ :‬نحن نزعم اف االرض ال تخلو من حجة وال‬ ‫تكوف الحجة اال من عقب االنبياء‪ ،‬ما بعث اهلل نبيا قط من غير نسل االنبياء‪،‬‬ ‫وذلك اف اهلل شرع لبني آدـ طريقا منيرا‪ ،‬واخرج من آدـ نسبل طاىرا طيبا‪،‬‬ ‫اخرج منو االنبياء والرسل‪ ،‬ىم صفوة اهلل‪ ،‬وخلص الجوىر‪ ،‬طهروا في‬ ‫االصبلب‪ ،‬وحفظوا في االرحاـ‪ ،‬لم يصبهم سفاح الجاىلية‪ ،‬وال شاب‬ ‫انسابهم‪ ،‬الف اهلل عزوجل جعلهم في موضع ال يكوف اعلى درجة وشرفا منو‪،‬‬ ‫فمن كاف خازف علم اهلل‪ ،‬وامين غيبو ومستودع سره‪ ،‬وحجتو على خلقو‪،‬‬ ‫وترجمانو ولسانو‪ ،‬ال يكوف اال بهذه الصفة فالحجة ال يكوف اال من نسلهم‪،‬‬ ‫يقوـ مقاـ النبي صلى اهلل عليو وآلو في الخلق بالعلم الذي عنده‪ ،‬وورثو عن‬ ‫الرسوؿ‪ ،‬اف جحده الناس سكت‪ ،‬وكاف بقاء ما عليو الناس قليبل مما في‬ ‫ايديهم من علم الرسوؿ على اختبلؼ منهم فيو‪ ،‬قد اقاموا بينهم الرأي‬ ‫والقياس‪ ،‬وانهم اف اقروا بو واطاعوه واخذوا عنو‪ ،‬ظهر العدؿ‪ ،‬وذىب‬ ‫االختبلؼ والتشاجر‪ ،‬واستوى االمر واباف الدين‪ ،‬وغلب على الشك اليقين‪،‬‬ ‫وال يكاد اف يقر الناس بو وال يطيعوا لو أو يحفظوا لو بعد فقد الرسوؿ‪ ،‬وما‬ ‫مضى رسوؿ وال نبي قط لم يختلف امتو من بعده‪ ،‬وانما كاف علة اختبلفهم‬ ‫على الحجة وتركهم اياه‪ .‬قاؿ‪ :‬فما يصنع بالحجة إذا كاف بهذه الصفة ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫قد يقتدى بو ويخرج عنو الشئ بعد الشئ مكانو منفعة الخلق وصبلحهم فاف‬ ‫احدثوا في دين اهلل شيئا اعلمهم واف زادوا فيو اخبرىم واف نفدوا منو شيئا‬ ‫افادىم‪.‬‬

‫‪212‬‬


‫منهج العرض‬

‫ثم قاؿ الزنديق‪ :‬من اي شئ خلق اهلل االشياء ؟ قاؿ‪ :‬ال من شئ‪ .‬فقاؿ‪:‬‬ ‫كيف يجئ من ال شئ شئ ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف االشياء ال تخلو اما اف‬ ‫تكوف خلقت من شئ أو من غير شئ‪ ،‬فاف كاف خلقت من شئ كاف معو‪ ،‬فاف‬ ‫ذلك الشئ قديم‪ ،‬والقديم ال يكوف حديثا وال يفنى وال يتغير‪ ،‬وال يخلو ذلك‬ ‫الشئ من اف يكوف جوىرا واحدا ولونا واحدا‪ ،‬فمن اين جائت ىذه االلواف‬ ‫المختلفة والجواىر الكثيرة الموجودة في ىذا العالم من ضروب شتى ؟ ومن‬ ‫اين جاء الموت اف كاف الشئ الذي انشئت منو االشياء حيا ؟ ! ومن اين‬ ‫جاءت الحياة اف كاف ذلك الشئ ميتا ؟ ! وال يجوز اف يكوف من حي وميت‬ ‫قديمين لم يزاال‪ ،‬الف الحي ال يجئ منو ميت وىو لم يزؿ حيا‪ ،‬وال يجوز ايضا‬ ‫اف يكوف الميت قديما لم يزؿ لما ىو بو من الموت‪ ،‬الف الميت ال قدرة لو‬ ‫وال بقاء‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن اين قالوا اف االشياء ازلية ؟ قاؿ‪ :‬ىذه مقالة قوـ جحدوا‬ ‫مدبر االشياء فكذبوا الرسل‪ ،‬ومقالتهم‪ ،‬واالنبياء وما انبأوا عنو‪ ،‬وسموا كتبهم‬ ‫اساطير‪ ،‬ووضعوا النفسهم دينا بآرائهم واستحسانهم‪ ،‬اف االشياء تدؿ على‬ ‫حدوثها‪ ،‬من دوراف الفلك بما فيو‪ ،‬وىي سبعة افبلؾ‪ ،‬وتحرؾ االرض ومن‬ ‫عليها‪ ،‬وانقبلب االزمنة‪ ،‬واختبلؼ الوقت‪ ،‬والحوادث التي تحدث في العالم‪،‬‬ ‫من زيادة ونقصاف‪ ،‬وموت وبلى‪ ،‬واضطرار النفس إلى االقرار باف لها صانعا‬ ‫ومدبرا‪ ،‬أال ترى الحلو يصير حامضا‪ ،‬والعذب مرا‪ ،‬والجديد باليا‪ ،‬وكل إلى‬ ‫تغير وفنا ؟ !‬ ‫قاؿ‪ :‬فلم يزؿ صانع العالم عالما باالحداث التي احدثها قبل اف يحدثها ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬فلم يزؿ يعلم فخلق ما علم‪.‬‬ ‫‪213‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ ‪ :‬امختلف ىو أـ مؤتلف ؟ قاؿ‪ :‬ال يليق بو االختبلؼ وال االيتبلؼ‪،‬‬ ‫وانما يختلف المتجزي‪ ،‬ويأتلف المتبعض‪ ،‬فبل يقاؿ لو مؤتلف وال مختلف‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فكيف ىو اهلل الواحد ؟ قاؿ‪ :‬واحد في ذاتو‪ ،‬فبل واحد كواحد‪ ،‬الف ما‬ ‫سواه من الواحد متجزي وىو تبارؾ وتعالى واحد ال يتجزى‪ ،‬وال يقع عليو‬ ‫العد‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فبلي علة خلق الخلق وىو غير محتاج إليهم‪ ،‬وال مضطر إلى‬ ‫خلقهم‪ ،‬وال يليق بو العبث بنا ؟ قاؿ‪ :‬خلقهم الظهار حكمتو‪ ،‬وانفاذ علمو‪،‬‬ ‫وامضاء تدبيره‪ .‬قاؿ‪ :‬وكيف ال يقتصر على ىذه الدار فيجعلها دار ثوابو‪،‬‬ ‫ومحتبس عقابو ؟ قاؿ‪ :‬اف ىذه الدار دار ابتبلء‪ ،‬ومتجر الثواب‪ ،‬ومكتسب‬ ‫الرحمة‪ ،‬ملئت آفات‪ ،‬وطبقت شهوات‪ ،‬ليختبر فيها عبيده بالطاعة‪ ،‬فبل يكوف‬ ‫دار عمل دار جزاء‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬أفمن حكمتو اف جعل لنفسو عدوا‪ ،‬وقد كاف وال عدو لو‪ ،‬فخلق كما‬ ‫زعمت (ابليس) فسلطو على عبيده يدعوىم إلى خبلؼ طاعتو‪ ،‬ويأمرىم‬ ‫بمعصيتو وجعل لو من القوة كما زعمت ما يصل بلطف الحيلة إلى قلوبهم‪،‬‬ ‫فيوسوس إليهم فيشككهم في ربهم‪ ،‬ويلبس عليهم دينهم‪ ،‬فيزيلهم عن معرفتو‪،‬‬ ‫حتى انكر قوـ لما وسوس إليهم ربوبيتو‪ ،‬وعبدوا سواه‪ ،‬فلم سلط عدوه على‬ ‫عبيده‪ ،‬وجعل لو السبيل إلى اغوائهم ؟ قاؿ‪ :‬اف ىذا العدو الذي ذكرت ال‬ ‫تضره عداوتو‪ ،‬وال تنفعو واليتو‪ ،‬وعداوتو ال تنقص من ملكو شيئا‪ ،‬وواليتو ال‬ ‫تزيد فيو شيئا‪ ،‬وانما يتقى العدو إذا كاف في قوة يضر وينفع‪ ،‬اف ىم بملك‬ ‫اخذه‪ ،‬أو بسلطاف قهره‪ ،‬فاما ابليس فعبد خلقو ليعبده ويوحده‪ ،‬وقد علم حين‬ ‫‪214‬‬


‫منهج العرض‬

‫خلقو ما ىو والى ما يصير إليو‪ ،‬فلم يزؿ يعبده مع مبلئكتو حتى امتحنو‬ ‫بسجود آدـ‪ ،‬فامتنع من ذلك حسدا‪ ،‬وشقاوة غلبت عليو‪ ،‬فلعنو عند ذلك‪،‬‬ ‫واخرجو عن صفوؼ المبلئكة‪ ،‬وانزلو إلى االرض ملعونا مدحورا فصار عدو‬ ‫آدـ وولده بذلك السبب‪ ،‬ما لو من السلطنة على ولده اال الوسوسة‪ ،‬والدعاء‬ ‫إلى غير السبيل‪ ،‬وقد اقر مع معصيتو لربو بربوبيتو‪ .‬قاؿ‪ :‬افيصلح السجود لغير‬ ‫اهلل ؟ قاؿ‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف أمر اهلل المبلئكة بالسجود الدـ ؟ قاؿ‪ :‬اف من‬ ‫سجد بأمر اهلل‪ ،‬سجد هلل‪ ،‬إذا كاف عن أمر اهلل‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فمن اين أصل الكهانة‪ ،‬ومن اين يخبر الناس بما يحدث ؟ قاؿ‪ :‬اف‬ ‫الكهانة كانت في الجاىلية في كل حين فترة من الرسل‪ ،‬كاف الكاىن بمنزلة‬ ‫الحاكم يحتكموف إليو فيما يشتبو عليهم من االمور بينهم‪ ،‬فيخبرىم عن اشياء‬ ‫تحدث‪ ،‬وذلك من وجوه شتى‪ ،‬فراسة العين‪ ،‬وذكاء القلب‪ ،‬ووسوسة النفس‪،‬‬ ‫وفتنة الروح‪ ،‬مع قذؼ في قلبو‪ ،‬الف ما يحدث في االرض من الحوادث‬ ‫الظاىرة فذلك يعلم الشيطاف ويؤديو إلى الكاىن‪ ،‬ويخبره بما يحدث في‬ ‫المنازؿ واالطراؼ‪ ،‬واما اخبار السماء فاف الشياطين كانت تقعد مقاعد استراؽ‬ ‫السمع إذ ذاؾ‪ ،‬وىي ال تحجب‪ ،‬وال ترجم بالنجوـ‪ ،‬وانما منعت من استراؽ‬ ‫السمع لئبل يقع في االرض سبب تشاكل الوحي من خبر السماء‪ ،‬فيلبس على‬ ‫اىل االرض ما جاءىم عن اهلل‪ ،‬الثبات الحجة‪ ،‬ونفي الشبهة‪ ،‬وكاف الشيطاف‬ ‫يسترؽ الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من اهلل في خلقو‬ ‫فيختطفها‪ ،‬ثم يهبط بها إلى االرض‪ ،‬فيقذفها إلى الكاىن‪ ،‬فإذا قد زاد كلمات‬ ‫من عنده‪ ،‬فيخلط الحق بالباطل‪ ،‬فما اصاب الكاىن من خبر مما كاف يخبر‬ ‫‪215‬‬


‫منهج العرض‬

‫بو فهو ما اداه إليو الشيطاف لما سمعو‪ ،‬وما اخطأ فيو فهو من باطل ما زاد فيو‪،‬‬ ‫فمنذ منعت الشياطين عن استراؽ السمع انقطعت الكهانة ‪ ،‬واليوـ انما تؤدي‬ ‫الشياطين إلى كهانها اخبارا للناس بما يتحدثوف بو‪ ،‬وما يحدثونو‪ ،‬والشياطين‬ ‫تؤدي إلى الشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث‪ ،‬من سارؽ سرؽ ومن‬ ‫قاتل قتل‪ ،‬ومن غائب غاب‪ ،‬وىم بمنزلة الناس ايضا‪ ،‬صدوؽ وكذوب‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫وكيف صعدت الشياطين إلى السماء وىم امثاؿ الناس في الخلقة والكثافة‬ ‫وقد كانوا يبنوف لسليماف بن داود عليهما السبلـ من البناء ما يعجز عنو ولد‬ ‫آدـ ؟ قاؿ‪ :‬غلظوا لسليماف كما سخروا وىم خلق رقيق‪ ،‬غذاؤىم النسيم ‪،‬‬ ‫والدليل على كل ذلك صعودىم إلى السماء الستراؽ السمع‪ ،‬وال يقدر الجسم‬ ‫الكثيف على االرتقاء إليها بسلم أو بسبب‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فاخبرني عن السحر ما اصلو‪ ،‬وكيف يقدر الساحر على ما يوصف‬ ‫من عجائبو‪ ،‬وما يفعل ؟ قاؿ‪ :‬اف السحر على وجوه شتى‪ :‬وجو منها بمنزلة‬ ‫الطب‪ ،‬كما اف االطباء وضعوا لكل داء دواء‪ ،‬فكذلك علم السحر‪ ،‬احتالوا‬ ‫لكل صحة آفة‪ ،‬ولكل عافية عاىة‪ ،‬ولكل معنى حيلة‪ .‬ونوع آخر منو خطفة‬ ‫وسرعة‪ ،‬ومخاريق وخفة ونوع آخر ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن‬ ‫اين علم الشياطين السحر ؟ قاؿ‪ :‬من حيث عرؼ االطباء الطلب‪ ،‬بعضو‬ ‫تجربة‪ ،‬وبعضو عبلج‪ .‬قاؿ‪ :‬فما تقوؿ في الملكين ىاروت وماروت ؟ وما يقوؿ‬ ‫الناس بانهما يعلماف الناس السحر ؟ قاؿ‪ :‬انهما موضع ابتبلء‪ ،‬وموقع فتنة‪،‬‬ ‫تسبيحهما‪ :‬اليوـ لو فعل االنساف كذا وكذا لكاف كذا وكذا‪ ،‬ولو يعالج بكذا‬ ‫وكذا ل كاف كذا‪ ،‬اصناؼ السحر فيتعلموف منهما ما يخرج عنهما‪ ،‬فيقوالف لهم‬ ‫‪216‬‬


‫منهج العرض‬

‫انما نحن فتنة فبل تأخذوا عنا ما يضركم وال ينفعكم‪ .‬قاؿ‪ :‬افيقدر الساحر اف‬ ‫يجعل االنساف بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك ؟ قاؿ‪ :‬ىو‬ ‫اعجز من ذلك‪ ،‬واضعف من اف يغير خلق اهلل‪ ،‬اف من ابطل ما ركبو اهلل‬ ‫وصوره وغيره فهو شريك اهلل في خلقو‪ ،‬تعالى اهلل عن ذلك علوا كبيرا لو قدر‬ ‫الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسو الهرـ واالفة واالمراض‪ ،‬ولنفى البياض‬ ‫عن رأسو‪ ،‬والفقر عن ساحتو‪ ،‬واف من اكبر السحر النميمة‪ ،‬يفرؽ بها بين‬ ‫المتحابين‪ ،‬ويجلب العداوة على المتصافيين‪ ،‬ويسفك بها الدماء‪ ،‬ويهدـ بها‬ ‫الدور ويكشف بها الستور‪ ،‬والنماـ اشر من وطئ االرض بقدـ‪ ،‬فاقرب أقاويل‬ ‫السحر من الصواب انو بمنزلة الطب‪ ،‬اف الساحر عالج الرجل فامتنع من‬ ‫مجامعة النساء فجاء الطبيب فعالجو بغير ذلك العبلج فابرء‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬فما باؿ ولد آدـ فيهم شريف ووضيع ؟ قاؿ‪ :‬الشريف المطيع‪،‬‬ ‫والوضيع العاصي‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس فيهم فاضل ومفضوؿ ؟ قاؿ‪ :‬انما يتفاضلوف‬ ‫بالتقوى‪ .‬قاؿ‪ :‬فتقوؿ اف ولد آدـ كلهم سواء في االصل ال يتفاضلوف اال‬ ‫بالتقوى ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬اني وجدت اصل الخلق التراب‪ ،‬واالب آدـ‪ ،‬واالـ‬ ‫حواء‪ ،‬خلقهم إلو واحد‪ ،‬وىم عبيده‪ ،‬اف اهلل عزوجل اختار من ولد آدـ اناسا‬ ‫طهر ميبلدىم‪ ،‬وطيب ابدانهم‪ ،‬وحفظهم في اصبلب الرجاؿ وارحاـ النساء‪،‬‬ ‫اخرج منهم االنبياء والرسل‪ ،‬فهم ازكى فروع آدـ‪ ،‬فعل ذلك المر استحقوه‬ ‫من اهلل عزوجل‪ .‬ولكن علم اهلل منهم حين ذرأىم انهم يطيعونو ويعبدونو وال‬ ‫يشركوف بو شيئا‪ ،‬فهؤالء بالطاعة نالوا من اهلل الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده‪،‬‬ ‫‪217‬‬


‫منهج العرض‬

‫وىؤالء الذين لهم الشرؼ والفضل والحسب‪ ،‬وساير الناس سواء‪ ،‬أال من اتقى‬ ‫اهلل اكرمو‪ ،‬ومن أطاعو أحبو‪ ،‬ومن أحبو لم يعذبو بالنار‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عن اهلل‬ ‫عزوجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين وكاف على ذلك قادرا ؟‬ ‫ق اؿ عليو السبلـ‪ :‬لو خلقهم مطيعين‪ ،‬لم يكن لهم ثواب‪ ،‬الف الطاعة إذا ما‬ ‫كانت فعلهم لم يكن جنة وال نارا‪ ،‬ولكن خلق خلقو فأمرىم بطاعتو‪ ،‬ونهاىم‬ ‫عن معصيتو واحتج عليهم برسلو‪ ،‬وقطع عذرىم بكتبو‪ ،‬ليكونوا ىم الذين‬ ‫يطيعوف ويعصوف ويستوجبوف بطاعتهم لو الثواب‪ ،‬وبمعصيتهم اياه العقاب‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فالعمل الصالح من العبد ىو فعلو‪ ،‬والعمل الشر من العبد ىو فعلو ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬العمل الصالح من العبد بفعلو‪ ،‬واهلل بو أمره‪ ،‬والعمل الشر من العبد‬ ‫بفعلو‪ ،‬واهلل عنو نهاه‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس فعلو بااللة التي ركبها فيو ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬ولكن‬ ‫بااللة التي عمل بها الخبر‪ ،‬قدر على الشر الذي نهاه عنو قاؿ‪ :‬فالى العبد من‬ ‫االمر شئ ؟ قاؿ‪ :‬ما نهاه اهلل عن شئ اال وقد علم انو يطيق تركو‪ ،‬وال أمره‬ ‫بشئ اال وقد علم انو يستطيع فعلو‪ ،‬النو ليس من صفة الجور‪ ،‬والبعث‪،‬‬ ‫والظلم‪ ،‬وتكليف العباد ما ال يطيقوف‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فمن خلقو اهلل كافرا أيستطيع االيماف ولو عليو بتركو االيماف حجة‪.‬‬ ‫قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف اهلل خلق خلقو جميعا مسلمين‪ ،‬أمرىم ونهاىم‪ ،‬والكفر‬ ‫اسم يلحق الفعل حين يفعلو العبد‪ ،‬ولم يخلق اهلل العبد حين خلقو كافرا‪ ،‬انو‬ ‫انما كفر من بعد اف بلغ وقتا لزمتو الحجة من اهلل‪ ،‬فعرض عليو الحق فجحده‬ ‫فبانكاره الحق صار كافرا‪ .‬قاؿ‪ :‬افيجوز اف يقدر على العبد الشر‪ ،‬ويأمره‬ ‫بالخير وىو ال يستطيع الخير اف يعملو‪ ،‬ويعذبو عليو‪ .‬قاؿ‪ :‬انو ال يليق بعدؿ‬ ‫‪218‬‬


‫منهج العرض‬

‫اهلل ورأفتو اف يقدر على العبد الشر ويريده منو‪ ،‬ثم يأمره بما يعلم انو ال‬ ‫يستطيع أخذه‪ ،‬واال نزاع عما ال يقدر على تركو‪ ،‬ثم يعذبو على أمره الذي علم‬ ‫انو ال يستطيع أخذه‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬بماذا استحق الذين أغناىم واوسع عليهم من رزقو الغناء والسعة‪،‬‬ ‫وبماذا استحق الفقير التقتير والتضييق‪ .‬قاؿ‪ :‬اختبر االغنياء بما اعطاىم لينظر‬ ‫كيف شكرىم‪ ،‬والفقراء بما منعهم لينظر كيف صبرىم‪ ،‬ووجو آخر‪ :‬انو عجل‬ ‫لقوـ في حياتهم‪ ،‬ولقوـ اخر ليوـ حاجتهم إليو‪ ،‬ووجو آخر فانو علم احتماؿ‬ ‫كل قوـ فاعطاىم على قدر احتمالهم ولو كاف الخلق كلهم اغنياء لخربت‬ ‫الدنيا‪ ،‬وفسد التدبير‪ ،‬وصار اىلها إلى الفناء ولكن جعل بعضهم لبعض عونا‪،‬‬ ‫وجعل اسباب ارزاقهم في ضروب االعماؿ‪ ،‬وانواع الصناعات‪ ،‬وذلك أدوـ في‬ ‫البقاء‪ ،‬واصح في التدبير‪ ،‬ثم اختبر االغنياء باالستعطاؼ على الفقراء‪ ،‬كل‬ ‫ذلك لطف ورحمة من الحكيم الذي ال يعاب تدبيره‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فيما استحق الطفل الصغير ما يصيبو من االوجاع واالمرض ببل ذنب‬ ‫عملو‪ ،‬وال جرـ سلف منو‪ .‬قاؿ‪ :‬اف المرض على وجوه شتى‪ :‬مرض بلوى‪،‬‬ ‫ومرض عقوبة‪ ،‬ومرض جعل علة للفناء‪ ،‬وانت تزعم اف ذلك من اغذية ردية‪،‬‬ ‫واشربة وبية‪ ،‬أو من علة كانت بامو‪ ،‬وتزعم اف من احسن السياسة لبدنو‪،‬‬ ‫واجمل النظر في احواؿ نفسو وعرؼ الضار مما يأكل من النافع‪ ،‬لم يمرض‪،‬‬ ‫وتميل في قولك إلى من يزعم‪ :‬انو ال يكوف المرض والموت اال من المطعم‬ ‫والمشرب ! قد مات ارسطا طاليس معلم االطباء‪ ،‬وافبلطوف رئيس الحكماء‪،‬‬ ‫وجالينوس شاخ ودؽ بصره‪ ،‬وما دفع الموت حين نزؿ بساحتو‪ ،‬ولم يألوا حفظ‬ ‫‪219‬‬


‫منهج العرض‬

‫أنفسهم‪ ،‬والنظر لما يوافقها‪ ،‬كم مريضا قد زاده المعالج سقما‪ ،‬وكم من طبيب‬ ‫عالم‪ ،‬وبصير باالدواء واالدوية ماىر مات وعاش الجاىل بالطب بعده زمانا‪.‬‬ ‫فبل ذاؾ نفعو علمو بطبو عند انقطاع مدتو وحضور اجلو‪ ،‬وال ىذا ضره الجهل‬ ‫بالطب مع بقاء المدة وتأخر االجل‪ .‬ثم قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف اكثر االطباء‬ ‫قالوا‪ :‬اف علم الطب لم تعرفو االنبياء‪ ،‬فما نصنع على قياس قولهم بعلم زعموا‬ ‫ليس تعرفو االنبياء الذين كانوا حجج اهلل على خلقو‪ ،‬وامناءه في ارضو‪ ،‬وخزاف‬ ‫علمو‪ ،‬وورثة حكمتو‪ ،‬واالدالء عليو‪ ،‬والدعاة إلى طاعتو ؟ ثم اني وجدت اف‬ ‫أكثرىم يتنكب في مذىبو سبل االنبياء‪ ،‬ويكذب الكتب المنزلة عليهم من اهلل‬ ‫تبارؾ وتعالى‪ ،‬فهذا الذي ازىدني في طلبو وحامليو‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف تزىد في قوـ‬ ‫وأنت مؤدبهم وكبي رىم ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اني رأيت الرجل الماىر في طبو إذا‬ ‫سألتو لم يقف على حدود نفسو‪ ،‬وتأليف بدنو‪ ،‬وتركيب أعضائو‪ ،‬ومجرى‬ ‫االغذية في جوارحو‪ ،‬ومخرج نفسو وحركة لسانو‪ ،‬ومستقر كبلمو‪ ،‬ونور بصره‪،‬‬ ‫وانتشار ذكره‪ ،‬واختبلؼ شهواتو‪ ،‬وانسكاب عبراتو‪ ،‬ومجمع سمعو‪ ،‬وموضع‬ ‫عقلو‪ ،‬ومسكن روحو‪ ،‬ومخرج عطستو‪ ،‬وىيج غمومو‪ ،‬واسباب سروره‪ ،‬وعلة‬ ‫ما حدث فيو من بكم وصمم‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬لم يكن عندىم في ذلك اكثر من‬ ‫أقاويل استحسنوىا‪ ،‬وعلل فيما بينهم جوزوىا‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فاخبرني عن اهلل ألو شريك في ملكو‪ ،‬أو مضاد لو في تدبيره ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فما ىذا الفساد الموجود في العالم‪ .‬من سباع ضارية‪ ،‬وىواـ مخوفة‬ ‫وخلق كثير مشوىة‪ ،‬ودود‪ ،‬وبعوض‪ ،‬وحيات‪ ،‬وعقارب‪ ،‬وزعمت‪ :‬انو ال يخلق‬ ‫شيئا اال لعلة‪ ،‬النو ال يعبث ؟ قاؿ‪ :‬ألست تزعم اف العقارب تنفع من وجو‬ ‫‪220‬‬


‫منهج العرض‬

‫المثانة والحصاة‪ ،‬ولمن يبوؿ في الفراش‪ ،‬واف افضل الترياؽ ما عولج من لحوـ‬ ‫االفاعي‪ ،‬فا ف لحومها إذا اكلها المجذوـ بشب نفعو‪ ،‬وتزعم اف الدود االحمر‬ ‫الذي يصاب تحت االرض نافع لبلكلة ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬قاؿ‪ :‬عليو السبلـ‪ :‬فاما‬ ‫البعوض والبق فبعض سببو انو جعلو أرزاؽ الطير‪ ،‬واىاف بها جبارا تمرد على‬ ‫اهلل وتجبر‪ ،‬وانكر ربوبيتو‪ ،‬فسلط اهلل عليو اضعف خلقو ليريو قدرتو وعظمتو‪،‬‬ ‫وىي البعوض‪ ،‬فدخلت في منخره حتى وصلت إلى دماغو فقتلتو‪ ،‬واعلم انا لو‬ ‫وقعنا على كل شئ خلقو اهلل تعالى لم خلقو ؟ والي شئ انشأه ؟ لكنا قد‬ ‫ساويناه في علمو‪ ،‬وعلمنا كلما يعلم‪ ،‬واستغنينا عنو‪ ،‬وكنا وىو في العلم سواء‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فاخبرني ىل يعاب شئ من خلق اهلل وتدبيره ؟ قاؿ‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فاف‬ ‫اهلل خلق خلقو عزال‪ ،‬أذلك منو حكمة أـ عبث ؟ قاؿ‪ :‬بل منو حكمة‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫غيرتم خلق اهلل‪ ،‬وجعلتم فعلكم في قطع الغلفة اصوب مما خلق اهلل لها‪،‬‬ ‫وعبتم االغلف‪ ،‬واهلل خلقو‪ ،‬ومدحتم الختاف وىو فعلكم‪ .‬أـ تقولوف اف ذلك‬ ‫من اهلل كاف خطأ غير حكمة ؟ ! قاؿ‪ :‬عليو السبلـ‪ :‬ذلك من اهلل حكمة‬ ‫وصواب‪ ،‬غير انو سن ذلك واوجبو على خلقو‪ ،‬كما اف المولود إذا خرج من‬ ‫بطن امو وجدنا سرتو متصلة بسرة امو‪،‬‬ ‫كذلك خلقها الحكيم فامر العباد بقطعها‪ ،‬وفي تركها فساد بين للمولود‬ ‫واالـ‪ ،‬وكذلك اظفار االنساف امر إذا طالت اف تقلم‪ ،‬وكاف قادرا يوـ دبر خلق‬ ‫االنساف اف يخلقها خلقة ال تطوؿ‪ ،‬وكذلك الشعر من الشارب والرأس‪ ،‬يطوؿ‬ ‫فيجز‪ ،‬وكذلك الثيراف خلقها اهلل فحولة‪ ،‬واخصاؤىا اوفق‪ ،‬وليس في ذلك‬ ‫عيب في تقدير اهلل عزوجل‪.‬‬ ‫‪221‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ‪ :‬ألست تقوؿ‪ :‬يقوؿ اهلل تعالى‪( :‬ادعوني استجب لكم) وقد نرى‬ ‫المضطر يدعوه فبل يجاب لو‪ ،‬والمظلوـ يستنصره على عدوه فبل ينصره ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬ويحك ما يدعوه احد اال استجاب لو‪ ،‬اما الظالم فدعاؤه مردود إلى اف‬ ‫يتوب إليو‪ ،‬واما المحق فانو إذا دعاه استجاب لو‪ ،‬وصرؼ عنو الببلء من‬ ‫حيث ال يعلمو‪ ،‬أو ادخر لو ثوابا جزيبل ليوـ حاجتو إليو‪ ،‬واف لم يكن االمر‬ ‫الذي سأ ؿ العبد خيرا لو اف اعطاه امسك عنو‪ ،‬والمؤمن العارؼ باهلل ربما عز‬ ‫عليو اف يدعوه فيما ال يدري اصواب ذلك اـ خطأ‪ ،‬وقد يسأؿ العبد ربو ىبلؾ‬ ‫من لم ينقطع مدتو أو يسأؿ المطر وقتا ولعلو أواف ال يصلح فيو المطر‪ ،‬النو‬ ‫اعرؼ بتدبير ما خلق من خلقو‪ ،‬واشباه ذلك كثيرة فافهم ىذا‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬اخبرني ايها الحكيم ما باؿ السماء ال ينزؿ منها إلى االرض احد‪،‬‬ ‫وال يصعد من االرض إليها بشر‪ ،‬وال طريق إليها‪ ،‬وال مسلك‪ ،‬فلو نظر العباد‬ ‫في كل دىر مرة من يصعد إليها وينزؿ لكاف ذلك اثبت في الربوبية‪ ،‬وانفى‬ ‫للشك واقوى لليقين‪ ،‬واجدر اف يعلم العباد اف ىناؾ مدبرا إليو يصعد‬ ‫الصاعد‪ ،‬ومن عنده يهبط الهابط‪ .‬قاؿ‪ :‬اف كل ما ترى في االرض من التدبير‬ ‫انما ىو ينزؿ من السماء‪ ،‬ومنها يظهر‪ ،‬أما ترى الشمس منها تطلع‪ ،‬وىي نور‬ ‫النهار‪ ،‬وفيها قواـ الدنيا‪ ،‬ولو حبست حار من عليها‪ ،‬وىلك‪ ،‬والقمر منها‬ ‫يطلع‪ ،‬وىو نور الليل‪ ،‬وبو يعلم عدد السنين والحساب‪ ،‬والشهور واالياـ‪ ،‬ولو‬ ‫حبس لحار من عليها وفسد التدبير‪ ،‬وفي السماء النجوـ التي يهتدى بها في‬ ‫ظلمات البر‪ ،‬والبحر‪ ،‬ومن السماء ينزؿ الغيث الذي فيو‬

‫‪222‬‬


‫منهج العرض‬

‫حياة كل شئ‪ ،‬من‪ :‬الزرع‪ ،‬والنبات‪ ،‬واالنعاـ‪ ،‬وكل الخلق لو حبس عنهم‬ ‫لما عاشوا‪ ،‬والريح لو حبست اياه لفسدت االشياء جميعا‪ ،‬وتغيرت‪ ،‬ثم الغيم‬ ‫والرعد والبرؽ والصواعق‪ ،‬كل ذلك انما ىو دليل على اف ىناؾ مدبرا يدبر كل‬ ‫شئ ومن عنده ينزؿ‪ ،‬وقد كلم اهلل موسى وناجاه‪ ،‬ورفع اهلل عيسى بن مريم‪،‬‬ ‫والمبلئكة تتنزؿ من عنده‪ ،‬غير انك ال تؤمن بما لم تره بعينك‪ ،‬وفيما تراه‬ ‫بعينك كفاية اف تفهم وتعقل‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فلو اف اهلل رد الينا من االموات في كل مائة عاـ واحدا لنسألو عن‬ ‫من مضى منا‪ .‬إلى ما صاروا‪ ،‬وكيف حالهم‪ ،‬وماذا لقوا بعد الموت‪ ،‬واي شئ‬ ‫صنع بهم‪ ،‬ليعمل الناس على اليقين‪ ،‬واضمحل الشك‪ ،‬وذىب الغل عن‬ ‫القلوب‪ .‬قاؿ‪ :‬اف ىذه مقالة من انكر الرسل وكذبهم‪ ،‬ولم يصدؽ بما جاؤا بو‬ ‫من عند اهلل‪ ،‬إذا خبروا وقالوا‪ :‬اف اهلل اخبر في كتابو عزوجل على لساف انبيائو‪،‬‬ ‫حاؿ من مات منا‪ ،‬افيكوف احد اصدؽ من اهلل قوال ومن رسلو‪ ،‬وقد رجع إلى‬ ‫الدنيا ممن مات خلق كثير‪ ،‬منهم‪( :‬اصحاب الكهف) اماتهم اهلل ثلثمائة عاـ‬ ‫وتسعة ثم بعثهم في زماف قوـ انكروا البعث‪ ،‬ليقطع حجتهم‪ ،‬وليريهم قدرتو‬ ‫وليعلموا اف البعث حق‪ ،‬وامات اهلل (ارمياء) النبي عليو السبلـ الذي نظر إلى‬ ‫خراب بيت المقدس وما حولو حين غزاىم بخت نصر وقاؿ‪( :‬انى يحيى ىذه‬ ‫اهلل بعد موتها) (فاماتو اهلل مائة عاـ ثم احياه) ونظر إلى اعضائو كيف تلتئم‪،‬‬ ‫وكيف تلبس اللحم‪ ،‬وإلى مفاصلو وعروقو كيف توصل‪ ،‬فلما استوى قاعدا‬ ‫قاؿ‪( :‬اعلم اف اهلل على كل شئ قدير) واحيا اهلل قوما خرجوا عن اوطانهم‬ ‫ىاربين من الطاعوف‪ ،‬ال يحصى عددىم‪ ،‬واماتهم اهلل دىرا طويبل‪ ،‬حتى بليت‬ ‫‪223‬‬


‫منهج العرض‬

‫عظامهم‪ ،‬وتقطعت اوصالهم‪ ،‬وصاروا ترابا‪ ،‬فبعث اهلل في وقت احب اف يري‬ ‫خلقو قدرتو‪ ،‬نبيا يقاؿ لو‪( :‬حزقيل) دعاىم فاجتمعت ابدانهم‪ ،‬ورجعت فيها‬ ‫ارواحهم‪ ،‬وقاموا كهيئة يوـ ماتوا‪ ،‬ال يفقدوف من اعدادىم رجبل‪ ،‬فعاشوا بعد‬ ‫ذلك دىرا طويبل‪ ،‬واف اهلل امات قوما خرجوا مع موسى عليو السبلـ حين توجو‬ ‫إلى اهلل فقالوا‪( :‬ارنا اهلل جهرة)‬ ‫( فاماتهم اهلل ثم احياىم) ‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فاخبرني عمن قاؿ‪ :‬بتناسخ االرواح‪ ،‬من أي شئ قالوا ذلك‪ ،‬وباي‬ ‫حجة قاموا على مذاىبهم‪ .‬قاؿ‪ :‬اف اصحاب التناسخ قد خلفوا وراءىم منهاج‬ ‫الدين‪ ،‬وزينوا النفسهم الضبلالت‪ ،‬وامرجوا انفسهم في الشهوات وزعموا اف‬ ‫السماء خاوية ما فيها شئ مما يوصف‪ ،‬واف مدبر ىذا العالم في صورة‬ ‫المخلوقين‪ ،‬بحجة من روى اف اهلل عزو جل خلق آدـ على صورتو‪ ،‬وانو ال‬ ‫جنة وال نار‪ ،‬وال بعث وال نشور‪ ،‬والقيامة عندىم خروج الروح من قالبو وولوجو‬ ‫في قالب آخر‪ ،‬فاف كاف محسنا في القالب االوؿ اعيد في قالب أفضل منو‬ ‫حسنا في أعلى درجة من الدنيا‪ ،‬واف كاف مسيئا أو غير عارؼ صار في بعض‬ ‫الدواب المتعبة في الدنيا‪ ،‬أو ىو اـ مشوىة الخلقة وليس عليهم صوـ وال‬ ‫صبلة‪ ،‬وال شئ من العبادة أكثر من معرفة من تجب عليهم معرفتو‪ ،‬وكل شئ‬ ‫من شهوات الدنيا مباح لهم‪ ،‬من‪ :‬فروج النساء‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬من االخوات‪،‬‬ ‫والبنات‪ ،‬والخاالت‪ ،‬وذوات البعولة‪ ،‬وكذلك الميتة‪ ،‬والخمر‪ ،‬والدـ‪ ،‬فاستقبح‬ ‫مقالتهم كل الفرؽ‪ ،‬ولعنهم كل االمم‪ ،‬فلما سئلوا الحجة زاغوا وحادوا‪،‬‬ ‫فكذب مقالتهم التوراة‪ ،‬ولعنهم الفرقاف‪ ،‬وزعموا مع ذلك اف إلههم ينتقل من‬ ‫‪224‬‬


‫منهج العرض‬

‫قالب إلى قالب‪ ،‬واف االرواح االزلية ىي التي كانت في آدـ‪ ،‬ثم ىلم جرا‬ ‫تجرى إلى يومنا ىذا في واحد بعد آخر‪ ،‬فإذا كاف الخالق في صورة المخلوؽ‬ ‫فبما يستدؿ على اف احدىما خالق صاحبو ؟ ! وقالوا‪ :‬اف المبلئكة من ولد‬ ‫آدـ كل من صار في اعلى درجة من دينهم خرج من منزلة االمتحاف والتصفية‬ ‫فهو ملك فطورا تخالهم نصارى في اشياء‪ ،‬وطورا دىرية يقولوف‪ :‬اف االشياء‬ ‫على غير الحقيقة‪ ،‬فقد كاف يجب عليهم اف ال يأكلوا شيئا من اللحماف‪ ،‬الف‬ ‫الذرات عندىم كلها من ولد آدـ حولوا من صورىم‪ ،‬فبل يجوز اكل لحوـ‬ ‫القربات‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬ومن زعم اف اهلل لم يزؿ‪ ،‬ومعو طينة موذية‪ ،‬فلم يستطع التفصى‬ ‫منها اال بامتزاجو بها ودخولو فيها‪ ،‬فمن تلك الطينة خلق االشياء ! قاؿ‪:‬‬ ‫سبحاف اهلل وتعالى ! اما اعجز آلو يوصف بالقدرة‪ ،‬ال يستطيع التفصي من‬ ‫الطينة ! اف كانت الطينة حية ازلية‪ ،‬فكانا إلهين قديمين فامتزجا ودبرا العالم‬ ‫من انفسهما‪ ،‬فاف كاف ذلك كذلك‪ ،‬فمن اين جاء الموت والفناء ؟ واف كانت‬ ‫الطينة ميتة فبل بقاء للميت مع االزلي القديم‪ ،‬والميت ال يجئ منو حي‪ ،‬وىذه‬ ‫مقالة الديصانية‪ ،‬اشد الزنادقة قوال‪ ،‬وامهنهم مثبل‪ ،‬نظروا في كتب قد صنفتها‬ ‫اوائلهم‪ ،‬وحبروىا بالفاظ مزخرفة من غير اصل ثابت‪ ،‬وال حجة توجب اثبات‬ ‫ما ادعوا‪ ،‬كل ذلك خبلفا على اهلل وعلى رسلو‪ ،‬بما جاؤا عن اهلل‪ ،‬فاما من زعم‬ ‫اف االبداف ظلمة‪ ،‬واالرواح نور‪ ،‬واف النور ال يعمل الشر‪ ،‬والظلمة ال تعمل‬ ‫الخير‪ ،‬فبل يجب عليهم اف يلوموا احدا على معصية‪ ،‬وال ركوب حرمة وال‬ ‫اتياف فاحشة واف ذلك عن الظلمة غير مستنكر‪ ،‬الف ذلك فعلها‪ ،‬وال لو اف‬ ‫‪225‬‬


‫منهج العرض‬

‫يدعو ربا‪ ،‬وال يتضرع إليو‪ ،‬الف النور الرب‪ ،‬والرب ال يتضرع إلى نفسو‪ ،‬وال‬ ‫يستعبد بغيره‪ ،‬وال الحد من اىل ىذه المقالة اف يقوؿ‪( :‬احسنت) يا محسن‬ ‫أو (اسأت) الف االساءة من فعل الظلمة‪ ،‬وذلك فعلها‪ ،‬واالحساف من النور‪،‬‬ ‫وال يقوؿ النور لنفسو احسنت يا محسن‪ ،‬وليس ىناؾ ثالث‪ ،‬وكانت الظلمة‬ ‫على قياس قولهم‪ ،‬احكم فعبل‪ ،‬واتقن تدبيرا‪ ،‬واعز اركانا من النور‪ ،‬الف‬ ‫االبداف محكمة‪ ،‬فمن صور ىذا الخلق صورة واحدة على نعوت مختلفة‪ ،‬وكل‬ ‫شئ يرى ظاىرا من الزىر‪ ،‬واالشجار والثمار‪ ،‬والطير‪ ،‬والدواب‪ ،‬يجب اف‬ ‫يكوف إلها‪ ،‬ثم حبست النور في حبسها والدولة لها‪ ،‬واما ما ادعوا باف العاقبة‬ ‫سوؼ تكوف للنور‪ ،‬فدعوى‪ ،‬وينبغي على قياس قولهم اف ال يكوف للنور فعل‪،‬‬ ‫النو اسير‪ ،‬وليس لو سلطاف‪ ،‬فبل فعل لو وال تدبير‪ ،‬واف كاف لو مع الظلمة‬ ‫تدبير‪ ،‬فما ىو باسير‪ ،‬بل ىو مطلق عزيز‪ ،‬فاف لم يكن كذلك‪ ،‬وكاف اسير‬ ‫الظلمة‪ ،‬فانو يظهر في ىذا العالم احساف‪،‬‬ ‫وجامع فساد وشر‪ ،‬فهذا يدؿ على اف الظلمة تحسن الخير وتفعلو‪ ،‬كما‬ ‫تحسن الشر وتفعلو‪ ،‬فاف قالوا محاؿ ذلك‪ ،‬فبل نور يثبت وال ظلمة‪ ،‬وبطلت‬ ‫دعواىم‪ ،‬ورجع االمر إلى اف اهلل واحد وما سواه باطل‪ ،‬فهذه مقالة ماني‬ ‫الزنديق واصحابو‪ .‬واما من قاؿ‪ :‬النور والظلمة بينهما حكم‪ ،‬فبلبد من اف‬ ‫يكوف اكبر الثبلثة الحكم‪ ،‬النو ال يحتاج إلى الحاكم اال مغلوب أو جاىل أو‬ ‫مظلوـ‪ ،‬وىذه مقالة المانوية والحكاية عنهم تطوؿ‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فما قصة ماني ؟ قاؿ‪ :‬متفحص اخذ بعض المجوسية فشابها ببعض‬ ‫النصرانية‪ ،‬فأخطأ الملتين ولم يصب مذىبا واحدا منهما‪ ،‬وزعم اف العالم دبر‬ ‫‪226‬‬


‫منهج العرض‬

‫من إلهين‪ ،‬نور وظلمة‪ ،‬واف النور في حصار من الظلمة على ما حكينا منو‪،‬‬ ‫فكذبتو النصارى‪ ،‬وقبلتو المجوس‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فاخبرني عن المجوس أفبعث اهلل إليهم نبيا ؟ فاني اجد لهم كتبا‬ ‫محكمة ومواعظ بليغة‪ ،‬وامثاال شافية‪ ،‬يقروف بالثواب والعقاب‪ ،‬ولهم شرايع‬ ‫يعملوف بها‪ .‬قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ما من امة اال خبل فيها نذير‪ ،‬وقد بعث إليهم‬ ‫نبي بكتاب من عند اهلل‪ ،‬فانكروه‪ .‬وجحدوا كتابو‪ .‬قاؿ‪ :‬ومن ىو فاف الناس‬ ‫يزعموف انو خالد بن سناف ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف خالدا كاف عربيا بدويا‪ ،‬ما‬ ‫كاف نبيا‪ ،‬وانما ذلك شئ يقولو الناس‪ .‬قاؿ‪ :‬افزردشت ؟ قاؿ‪ :‬اف زردشت‬ ‫أتاىم بزمزمة‪ ،‬وادعى النبوة‪ ،‬فآمن منهم قوـ وجحده قوـ‪ ،‬فاخرجوه فأكلتو‬ ‫السباع في برية من االرض‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عن المجوس كانوا اقرب إلى‬ ‫الصواب في دىرىم‪ ،‬اـ العرب ؟ قاؿ‪ :‬العرب في الجاىلية‪ ،‬كانت اقرب إلى‬ ‫الدين الحنيفي من المجوس وذلك اف المجوس كفرت بكل االنبياء‪ ،‬وجحدت‬ ‫كتبهم‪ ،‬وانكرت براىينهم‪ ،‬ولم تأخذ بشئ من سننهم‪ ،‬وآثارىم‪ ،‬واف كيخسرو‬ ‫ملك المجوس في الدىر االوؿ قتل ثلثمائة نبي‪ ،‬وكانت المجوس ال تغتسل‬ ‫من الجنابة‪ ،‬والعرب كانت تغتسل واالغتساؿ من خالص شرايع الحنيفية‪،‬‬ ‫وكانت المجوس ال تختن‪ ،‬وىو من سنن االنبياء‪ ،‬واوؿ من فعل ذلك ابراىيم‬ ‫خليل اهلل‪ ،‬وكانت المجوس ال تغسل موتاىا وال تكفنها‪ ،‬وكانت العرب تفعل‬ ‫ذلك‪ ،‬وكانت المجوس ترمي الموتى في الصحارى والنواويس‪ ،‬والعرب تواريها‬ ‫في قبورىا وتلحدىا‪ ،‬وكذلك السنة على الرسل‪ ،‬اف اوؿ من حفر لو قبر آدـ‬ ‫أبو البشر‪ ،‬وألحد لو لحد‪ ،‬وكانت المجوس تأتي االمهات وتنكح البنات‬ ‫‪227‬‬


‫منهج العرض‬

‫واالخوات‪ ،‬وحرمت ذلك العرب‪ ،‬وانكرت المجوس بيت اهلل الحراـ وسمتو‬ ‫بيت الشيطاف‪ ،‬والعرب كانت تحجو وتعظمو‪ ،‬وتقوؿ‪ :‬بيت ربنا‪ ،‬وتقر بالتوراة‬ ‫واالنجيل‪ ،‬وتسأؿ اىل الكتب وتأخذ‪ ،‬وكانت العرب في كل االسباب اقرب‬ ‫إلى الدين الحنيفية من المجوس‪ .‬قاؿ‪ :‬فانهم احتجوا باتياف االخوات انها سنة‬ ‫من آدـ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما حجتهم في اتياف البنات واالمهات‪ ،‬وقد حرـ ذلك آدـ‪،‬‬ ‫وكذلك نوح وابراىيم وموسى وعيسى‪ ،‬وسائر االنبياء‪ ،‬وكل ما جاء عن اهلل‬ ‫عزوجل‪ .‬قاؿ‪ :‬ولم حرـ اهلل الخمر وال لذة افضل منها ؟ قاؿ‪ :‬حرمها النها اـ‬ ‫الخبائث‪ ،‬واس كل شر‪ ،‬يأتي على شاربها ساعة يسلب لبو‪ ،‬وال يعرؼ ربو‪ ،‬وال‬ ‫يترؾ معصية اال ركبها‪ ،‬وال حرمة اال انتهكها وال رحم ماسة اال قطعها‪ ،‬وال‬ ‫فاحشة اال أتاىا‪ ،‬والسكراف زمامو بيد الشيطاف‪ ،‬اف امره اف يسجد لبلوثاف‬ ‫سجد‪ ،‬وينقاد حيث ما قاده‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم حرـ الدـ المسفوح ؟ قاؿ‪ :‬النو يورث‬ ‫القساوة‪ ،‬ويسلب الفؤاد رحمتو‪ ،‬ويعفن البدف ويغير اللوف واكثر ما يصيب‬ ‫االنساف الجذاـ يكوف من اكل الدـ‪ .‬قاؿ‪ :‬فأكل الغدد ؟ قاؿ‪ :‬يورث الجذاـ‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فالميتة لم حرمها ؟ قاؿ‪ :‬فرقا بينها وبين ما يذكى ويذكر اسم اهلل عليو‪،‬‬ ‫والميتة قد جمد فيها الدـ‪ ،‬وتراجع إلى بدنها‪ ،‬فلحمها ثقيل غير مرئ‪ ،‬النها‬ ‫يؤكل لحمها بدمها‪ .‬قاؿ‪ :‬فالسمك ميتة ؟ قاؿ‪ :‬اف السمك ذكاتو اخراجو حيا‬ ‫من الماء‪ ،‬ثم يترؾ حتى يموت من ذات نفسو‪ ،‬وذلك انو ليس لو دـ‪ ،‬وكذلك‬ ‫الجراد‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم حرـ الزنا ؟ قاؿ‪ :‬لما فيو من الفساد‪ ،‬وذىاب المواريث‪،‬‬ ‫وانقطاع االنساب‪ ،‬ال تعلم المرأة في الزنا من أحبلها‪ ،‬وال المولود يعلم من‬ ‫أبوه‪ ،‬وال ارحاـ موصولة‪ ،‬وال قرابة معروفة‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم حرـ اللواط ؟ قاؿ‪ :‬من‬ ‫‪228‬‬


‫منهج العرض‬

‫اجل انو لو كاف اتياف الغبلـ حبلال الستغنى الرجاؿ عن النساء وكاف فيو قطع‬ ‫النسل‪ ،‬وتعطيل الفروج‪ ،‬وكاف في اجازة ذلك فساد كثير‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم حرـ اتياف‬ ‫البهيمة ؟ قاؿ‪ :‬كره اف يضبع الرجل ماءه‪ ،‬ويأتي غير شكلو‪ ،‬ولو اباح ذلك‬ ‫لربط كل رجل اتانا يركب ظهرىا ويغشى فرجها‪ ،‬وكاف يكوف في ذلك فساد‬ ‫كثير‪ ،‬فاباح ظهورىا‪ ،‬وحرـ عليهم فروجها‪ ،‬وخلق للرجاؿ النساء ليأنسوا بهن‬ ‫ويسكنوا اليهن‪ ،‬ويكن مواضع شهواتهم‪ ،‬وامهات أوالدىم‪ .‬قاؿ‪ :‬فما علة‬ ‫الغسل من الجنابة‪ ،‬واف ما اتى حبلال وليس في الحبلؿ تدنيس ؟ قاؿ عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬اف الجنابة بمنزلة الحيض‪ ،‬وذلك اف النطفة دـ لم يستحكم وال يكوف‬ ‫الجماع اال بحركة شديدة‪ ،‬وشهوة غالبة‪ ،‬فإذا فرغ تنفس البدف‪ ،‬ووجد الرجل‬ ‫من نفسو رائحة كريهة‪ ،‬فوجب الغسل لذلك‪ ،‬وغسل الجنابة مع ذلك امانة‬ ‫ائتمن اهلل عليها عبيده ليختبرىم بها‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬ايها الحكيم ! فما تقوؿ فيمن زعم اف ىذا التدبير الذي يظهر في‬ ‫العالم تدبير النجوـ السبعة ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬يحتاجوف إلى دليل‪ ،‬اف ىذا‬ ‫العالم االكبر والعالم االصغر من تدبير النجوـ التي تسبح في الفلك‪ ،‬وتدور‬ ‫حيث دارت‪ ،‬متعبة ال تفتر‪ ،‬وسائرة ال تقف‪ .‬ثم قاؿ‪ :‬واف لكل نجم منها موكل‬ ‫مدبر‪ ،‬فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين فلو كانت قديمة ازلية لم تتغير من‬ ‫حاؿ إلى حاؿ‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن قاؿ بالطبايع ؟ قاؿ‪ :‬القدرية‪ ،‬فذلك قوؿ من لم‬ ‫يملك البقاء‪ ،‬وال صرؼ الحوادث‪ ،‬وغيرتو االياـ والليالي‪ ،‬ال يرد الهرـ‪ ،‬وال‬ ‫يدفع االجل‪ ،‬وما يدري ما يصنع بو‪.‬‬

‫‪229‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ‪ :‬فاخبرني عمن يزعم اف الخلق لم يزؿ يتناسلوف ويتوالدوف‪ ،‬ويذىب‬ ‫قرف ويجئ قرف‪ ،‬وتفنيهم االمراض واالعراض‪ ،‬وصنوؼ االفات‪ ،‬ويخبرؾ‬ ‫االخر عن االوؿ‪ ،‬وينبئك الخلف عن السلف‪ ،‬والقروف عن القروف‪ ،‬انهم‬ ‫وجدوا الخلق على ىذا الوصف بمنزلة الشجر والنبات في كل دىر يخرج منو‬ ‫حكيم عليم بمصلحة الناس‪ ،‬بصير بتأليف الكبلـ‪ ،‬ويصنف كتابا قد حبره‬ ‫بفطنتو‪ ،‬وحسنو بحكمتو‪ ،‬قد جعلو حاجزا بين الناس‪ ،‬يأمرىم بالخير ويحثهم‬ ‫عليو‪ ،‬وينهاىم عن السوء والفساد‪ ،‬ويزجرىم عنو‪ ،‬لئبل يتهارشوا‪ ،‬وال يقتل‬ ‫بعضهم بعضا‪ .‬قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ويحك اف من خرج من بطن امو امس‪،‬‬ ‫ويرحل عن الدنيا غدا ال علم لو بما كاف قبلو‪ ،‬وال ما يكوف بعده‪ ،‬ثم انو ال‬ ‫يخلو االنساف من اف يكوف خلق نفسو‪ ،‬أو خلقو غيره‪ ،‬أو لم يزؿ موجودا‪،‬‬ ‫فما ليس بشئ ليس يقدر اف يخلق شيئا وىو ليس بشئ‪ ،‬وكذلك ما لم يكن‬ ‫فيكوف شيئا‪ ،‬يسئل فبل يعلم كيف كاف ابتداؤه‪ ،‬ولو كاف االنساف ازليا لم‬ ‫تحدث فيو الحوادث‪ ،‬الف االزلي ال تغيره االياـ‪ ،‬وال يأتي عليو الفناء‪ ،‬مع انا‬ ‫لم نجد بناء من غير باف‪ ،‬وال أثرا من غير مؤثر‪ ،‬وال تأليفا من غير مؤلف‪ ،‬فمن‬ ‫زعم اف أباه خلقو‪ ،‬قيل‪ :‬فمن خلق أباه‪ ،‬ولو اف االب ىو الذي خلق ابنو‪،‬‬ ‫لخلقو على شهوتو‪ ،‬وصوره على محبتو‪ ،‬ولملك حياتو‪ ،‬ولجاز فيو حكمو‪،‬‬ ‫ولكنو اف مرض فلم ينفعو‪ ،‬واف مات فعجز عن رده‪ ،‬اف من استطاع اف يخلق‬ ‫خلقا وينفخ فيو روحا حتى يمشي على رجليو سويا‪ ،‬يقدر اف يدفع عنو الفساد‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فما تقوؿ في علم النجوـ ؟ قاؿ‪ :‬ىو علم قلت منافعو‪ ،‬وكثرت‬ ‫مضراتو‪ ،‬النو ال يدفع بو المقدور‪ ،‬وال يتقى بو المحذور‪ ،‬اف خبر المنجم‬ ‫‪230‬‬


‫منهج العرض‬

‫بالببلء لم ينجو التحرز من القضاء‪ ،‬واف اخبر ىو بخير لم يستطع تعجيلو‪ ،‬واف‬ ‫حدث بو سوء لم يمكنو صرفو‪ ،‬والمنجم يضاد اهلل في علمو‪ ،‬بزعمو اف يرد‬ ‫قضاء اهلل عن خلقو‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فالرسوؿ افضل أـ الملك المرسل إليو ؟ قاؿ‪ :‬بل الرسوؿ افضل‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فما علة المبلئكة الموكلين بعباده‪ ،‬يكتبوف عليهم ولهم‪ ،‬واهلل عالم السر‬ ‫وما ىو اخفى‪ ،‬قاؿ‪ :‬استعبدىم بذلك‪ ،‬وجعلهم شهودا على خلقو‪ ،‬ليكوف‬ ‫العباد لمبلزمتهم اياىم اشد على طاعة اهلل مواظبة‪ ،‬وعن معصيتو اشد انقباضا‪،‬‬ ‫وكم من عبديهم بمعصيتو فذكر مكانهما فارعوى وكف‪ ،‬فيقوؿ ربي يراني‪،‬‬ ‫وحفظتي علي بذلك تشهد‪ ،‬واف اهلل برأعتو ولطفو ايضا وكلهم بعباده‪ ،‬يذبوف‬ ‫عنهم مردة الشيطاف‪ ،‬وىواـ االرض‪ ،‬وآفات كثيرة من حيث ال يروف باذف اهلل‬ ‫إلى اف يجئ امر اهلل‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فخلق الخلق للرحمة اـ للعذاب ؟ قاؿ‪ :‬خلقهم للرحمة‪ ،‬وكاف في‬ ‫علمو قبل خلقو اياىم‪ ،‬اف قوما منهم يصيروف إلى عذابو باعمالهم الردية‪،‬‬ ‫وجحدىم بو‪ .‬قاؿ‪ :‬يعذب من انكر فاستوجب عذابو بانكاره‪ ،‬فبم يعذب من‬ ‫وحده وعرفو ؟ قاؿ‪ :‬يعذب المنكر اللهيتو عذاب االبد‪ ،‬ويعذب المقر بو‬ ‫عذاب عقوبة لمعصيتو اياه فيما فرض عليو‪ ،‬ثم يخرج‪ ،‬وال يظلم ربك احدا‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فبين الكفر وااليماف منزلة ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فما االيماف‬ ‫وما الكفر ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬االيماف‪ :‬اف يصدؽ اهلل فيما غاب عنو من‬ ‫عظمة اهلل‪ ،‬كتصديقو بما شاىد من ذلك وعاين‪ ،‬والكفر‪ :‬الجحود‪ .‬قاؿ‪ :‬فما‬ ‫‪231‬‬


‫منهج العرض‬

‫الشرؾ وما الشك ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬الشرؾ ىو‪ :‬اف يضم إلى الواحد الذي‬ ‫ليس كمثلو شئ آخر والشك‪ :‬ما لم يعتقد قلبو شيئا‪ .‬قاؿ‪ :‬افيكوف العالم‬ ‫جاىبل ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬عالم بما يعلم‪ ،‬وجاىل بما يجهل‪ .‬قاؿ‪ :‬فما‬ ‫السعادة وما الشقاوة ؟ قاؿ‪ :‬السعادة‪ :‬سبب الخير‪ ،‬تمسك بو السعيد فيجره‬ ‫إلى النجاة‪ ،‬والشقاوة سبب خذالف‪ ،‬تمسك بو الشقي فيجره إلى الهلكة‪ ،‬وكل‬ ‫بعلم اهلل‪ .‬قاؿ‪ :‬اخبرني عن السراج إذا انطفى اين يذىب نوره ؟ قاؿ عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬يذىب فبل يعود‪ .‬قاؿ‪ :‬فما انكرت اف يكوف االنساف مثل ذلك إذا‬ ‫مات وفارؽ الروح البدف‪ ،‬لم يرجع إليو ابدا كما ال يرجع ضوء السراج إليو ابدا‬ ‫إذا انطفى ؟ قاؿ‪ :‬لم تصب القياس‪ ،‬اف النار في االجساـ كامنة‪ ،‬واالجساـ‬ ‫قائمة باعيانها كالحجر والحديد‪ ،‬فإذا ضرب احدىما باالخر‪ ،‬سقطت من‬ ‫بينهما بار‪ ،‬تقتبس منها سراج‪ ،‬لو ضوء‪ ،‬فالنار ثابت في اجسامها‪ ،‬والضوء‬ ‫ذاىب‪ ،‬والروح‪ :‬جسم رقيق‪ ،‬قد البس قالبا كثيفا‪ ،‬وليس بمنزلة السراج الذي‬ ‫ذكرت‪ ،‬اف الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاؼ‪ ،‬وركب فيو ضروبا‬ ‫مختلفة‪ :‬من عروؽ‪ ،‬وعصب واسناف‪ ،‬وشعر‪ ،‬وعظاـ‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬ىو يحييو‬ ‫بعد موتو‪ ،‬ويعيده بعد فنائو‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فأين الروح ؟ قاؿ‪ :‬في بطن االرض حيث مصرع البدف إلى وقت‬ ‫البعث‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن صلب فاين روحو ؟ قاؿ‪ :‬في كف الملك الذي قبضها حتى‬ ‫يودعها االرض‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عن الروح أغير الدـ ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬الروح على ما‬ ‫وصفت لك‪ :‬مادتها من الدـ‪ ،‬ومن الدـ رطوبة الجسم‪ ،‬وصفاء اللوف‪ ،‬وحسن‬ ‫الصوت‪ ،‬وكثرة الضحك‪ ،‬فإذا جمد الدـ فارؽ الروح البدف‪ .‬قاؿ‪ :‬فهل يوصف‬ ‫‪232‬‬


‫منهج العرض‬

‫بخفة وثقل ووزف ؟ قاؿ‪ :‬الروح بمنزلة الريح في الزؽ‪ ،‬إذا نفخت فيو امتؤل‬ ‫الزؽ منها‪ ،‬فبل يزيد في وزف الزؽ ولوجها فيو‪ ،‬وال ينقصها خروجها منو‪ ،‬كذلك‬ ‫الروح ليس لها ثقل وال وزف‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني ما جوىر الريح ؟ قاؿ‪ :‬الريح ىواء‬ ‫إذا تحرؾ يسمى ريحا‪ ،‬فإذا سكن يسمى ىواء‪ ،‬وبو قواـ الدنيا‪ ،‬ولو كفت‬ ‫الريح ثبلثة اياـ لفسد كل شئ على وجو االرض ونتن‪ ،‬وذلك اف الريح بمنزلة‬ ‫المروحة‪ ،‬تذب وتدفع الفساد عن كل شئ وتطيبو‪ ،‬فهي بمنزلة الروح إذا خرج‬ ‫عن البدف نتن البدف وتغير‪ ،‬وتبارؾ اهلل احسن الخالقين‪ .‬قاؿ‪ :‬افتتبلشى الروح‬ ‫بعد خروجو عن ق البو اـ ىو باؽ ؟ قاؿ‪ :‬بل ىو باؽ إلى وقت ينفخ في الصور‪،‬‬ ‫فعند ذلك تبطل االشياء‪ ،‬وتفنى فبل حس وال محسوس‪ ،‬ثم اعيدت االشياء‬ ‫كما بدأىا مدبرىا‪ ،‬وذلك اربعمائة سنة يسبت فيها الخلق‪ ،‬وذلك بين‬ ‫النفختين‪ .‬قاؿ‪ :‬وانى لو بالبعث والبدف قد بلى‪ ،‬واالعضاء قد تفرقت‪ ،‬فعضو‬ ‫ببلدة يأكلها سباعها‪ ،‬وعضو باخرى تمزقو ىوامها‪ ،‬وعضو قد صار ترابا بني بو‬ ‫مع الطين حائط ؟ قاؿ‪ :‬اف الذي انشأه من غير شئ‪ ،‬وصوره على غير مثاؿ‬ ‫كاف سبق إليو‪ ،‬قادر اف يعيده كما بدأه‪ .‬قاؿ‪ :‬اوضح لي ذلك! قاؿ‪ :‬اف الروح‬ ‫مقيمة في مكانها‪ ،‬روح المحسن في ضياء وفسحة‪ ،‬وروح المسئ في ضيق‬ ‫وظلمة‪ ،‬والبدف يصير ترابا كما منو خلق‪ ،‬وما تقذؼ بو السباع والهواـ من‬ ‫اجوافها‪ ،‬مما اكلتو ومزقتو كل ذلك في التراب‪ .‬محفوظ عند من ال يعزب عنو‬ ‫مثقاؿ ذرة في ظلمات االرض‪ ،‬ويعلم عدد االشياء ووزنها‪ ،‬واف تراب‬ ‫الروحانيين بمنزلة الذىب في التراب‪ ،‬فإذا كاف حين البعث مطرت االرض مطر‬ ‫النشور‪ ،‬فتربو االرض ثم تمخضوا مخض السقاء‪ ،‬فيصير تراب البشر كمصير‬ ‫‪233‬‬


‫منهج العرض‬

‫الذىب من التراب إذا غسل بالماء‪ ،‬والزبد من اللبن إذا مخض‪ ،‬فيجتمع تراب‬ ‫كل قالب إلى قالبو‪ ،‬فينتقل باذف اهلل القادر إلى حيث الروح‪ ،‬فتعود الصور‬ ‫باذف المصور كهيئتها‪ ،‬وتلج الروح فيها‪ ،‬فإذا قد استوى ال ينكر من نفسو‬ ‫شيئا‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فاخبرني عن الناس يحشروف يوـ القيامة عراة ؟ قاؿ‪ :‬بل يحشروف في‬ ‫اكفانهم‪ .‬قاؿ‪ :‬انى لهم باالكفاف وقد بليت ؟ ! قاؿ‪ :‬اف الذي احيا ابدانهم‬ ‫جدد اكفانهم‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن مات ببل كفن ؟ قاؿ‪ :‬يستر اهلل عورتو بما يشاء من‬ ‫عنده‪ .‬قاؿ‪ :‬افيعرضوف صفوفا ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬نعم‪ .‬ىم يومئذ عشروف‬ ‫ومائة الف صف في عرض االرض‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬أو ليس توزف االعماؿ ؟ قاؿ‪ :‬ال اف االعماؿ ليست باجساـ‪ ،‬وانما‬ ‫ىي صفة ما عملوا‪ ،‬وانما يحتاج إلى وزف الشئ من جهل عدد االشياء‪ ،‬وال‬ ‫يعرؼ ثقلها أو خفتها‪ ،‬واف اهلل ال يخفى عليو شئ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما معنى الميزاف ؟‬ ‫قاؿ عليو السبلـ‪ :‬العدؿ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما معناه في كتابو‪( :‬فمن ثقلت موازينو) ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬فمن رجح عملو‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني أو ليس في النار مقتنع اف يعذب خلقو‬ ‫بها دوف الحيات والعقارب‪ .‬قاؿ‪ :‬انما يعذب بها قوما زعموا انها ليست من‬ ‫خلقو‪ ،‬انما شريكو الذي يخلقو‪ ،‬فيسلط اهلل عليهم العقارب والحيات في النار‬ ‫ليذيقهم بها وباؿ ما كذبوا عليو فجحدوا اف يكوف صنعو‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فمن اين قالوا‪( :‬اف اىل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها‬ ‫فإذا اكلها عادت كهيئتها) ؟ قاؿ‪ :‬نعم ذلك على قياس السراج يأتي القابس‬ ‫‪234‬‬


‫منهج العرض‬

‫فيقتبس عنو فبل ينقص من ضوئو شيئا‪ ،‬وقد امتلت الدنيا منو سراجا‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫أليسوا يأكلوف ويشربوف‪ ،‬وتزعم انو ال يكوف لهم الحاجة ؟ قاؿ‪ :‬بلى‪ .‬الف‬ ‫غذائهم رقيق ال ثقل لو‪ ،‬بل يخرج من اجسادىم بالعرؽ‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف تكوف‬ ‫الحوراء في جميع ما اتاىا زوجها عذراء ؟ قاؿ‪ :‬النها خلقت من الطيب ال‬ ‫يعتريها عاىة‪ ،‬وال يخالط جسمها آفة‪ .‬وال يجري في ثقبها شئ‪ ،‬وال يدنسها‬ ‫حيض‪ ،‬فالرحم ملتزقة ملدـ‪ ،‬إذ ليس فيها لسوى اال حليل مجري‪ .‬قاؿ‪ :‬فهي‬ ‫تلبس سبعين حلة ويرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها وبدنها ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫كما يرى احدكم الدراىم إذا لقيت في ماء صاؼ قدره قدر رمح‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف‬ ‫تنعم اىل الجنة بما فيو من النعيم‪ ،‬وما منهم احد اال وقد فقد ابنو‪ ،‬واباه‪ ،‬أو‬ ‫حميمو‪ ،‬أو امو‪ ،‬فإذا افتقدوىم في الجنة لم يشكوا في مصيرىم إلى النار‪ ،‬فما‬ ‫يصنع بالنعيم من يعلم اف حميمو في النار ويعذب ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف اىل‬ ‫العلم قالوا‪ :‬انهم ينسوف ذكرىم‪ .‬وقاؿ‪ :‬بعضهم انتظروا قدومهم‪ ،‬ورجوا اف‬ ‫يكونوا بين الجنة والنار في اصحاب االعراؼ‪ .‬قاؿ عليو السبلـ‪ :‬فاخبرني عن‬ ‫الشمس اين تغيب ؟ قاؿ‪ :‬اف بعض العلماء قاؿ‪ :‬إذا انحدرت اسفل القبة دار‬ ‫بها الفلك إلى بطن‬ ‫السماء صاعدة ابدا‪ ،‬إلى اف تنحط إلى موضع مطلعها يعني‪ :‬انها تغيب‬ ‫في عين حامية ثم تخرؽ االرض راجعة إلى موضع مطلعها‪ ،‬فتحير تحت‬ ‫العرش حتى يؤذف لها بالطلوع‪ ،‬ويسلب نورىا كل يوـ‪ ،‬وتجلل نورا آخر‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫فالكرسي أكبر أـ العرش ؟ قاؿ‪ :‬كل شئ خلقو اهلل في جوؼ الكرسي ما خبل‬ ‫عرشو فانو اعظم من اف يحيط بو الكرسي‪ .‬قاؿ‪ :‬فخلق النهار قبل الليل ؟‬ ‫‪235‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ‪ :‬خلق النهار قبل الليل‪ ،‬والشمس قبل القمر‪ ،‬واالرض قبل السماء ووضع‬ ‫االرض على الحوت‪ ،‬والحوت في الماء‪ ،‬والماء في صخرة مجوفة‪ ،‬والصخرة‬ ‫على عاتق ملك‪ ،‬والملك على الثرى‪ ،‬والثرى على الريح العقيم‪ ،‬والريح على‬ ‫الهواء والهواء تمسكو القدرة‪ ،‬وليس تحت الريح العقيم اال الهواء والظلمات‪،‬‬ ‫وال وراء ذلك سعة وال ضيق‪ ،‬وال شئ يتوىم‪ ،‬ثم خلق الكرسي فحشاه‬ ‫السماوات واالرض والكرسي اكبر من كل شئ خلقو اهلل‪ ،‬ثم خلق العرش‬ ‫فجعلو أكبر من الكرسي ‪.‬‬ ‫اقوؿ صرح بالبحر انو خبر ىشاـ بن الحكم المتقدـ في الزنديق الذي‬ ‫سػأؿ وىو قريب ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫المضموف (ٔ ) قاؿ‪ :‬كيف يعبد اهلل الخلق ولم يروه ؟ قاؿ ‪ :‬رأتو القلوب‬ ‫بنور االيماف‪ ،‬واثبتتو العقوؿ بيقظتها اثبات العياف‪ ،‬وأبصرتو االبصار بما رأتو‬ ‫من حسن التركيب‪ ،‬واحكاـ التأليف‪ ،‬ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها‪،‬‬ ‫واقتصرت العلماء على ما رأت من عظمتو دوف رؤيتو‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس ىو قادر اف‬ ‫يظهر لهم حتى يروه فيعرفونو فيعبد على يقين ؟ قاؿ‪ :‬ليس للمحاؿ جواب‪.‬‬ ‫مضامين ىذا المقطع كلها مصدقة ما عدا عبارة ( ابصرتو االبصار بما رأتو‬ ‫من حسن التركيب ) تحمل االبصار ىنا تحمل على البصائر او االوىاـ‬ ‫كما في غير موضع باف تجلى للبصيرة‬ ‫‪236‬‬

‫ال يكوف ذلك االبصار للذات النو‬


‫منهج العرض‬

‫ممتنع بالمعرفة الثابتة و انما ىو بمعنى ما اثبتتو العقوؿ و صدقتو القلوب‬ ‫بااليماف من جهة الداللة عليو باثاره وىو قولو عليو السبلـ (بما رأتو من حسن‬ ‫التركيب ) فهي من تلك المعرفة و ال تمت للتوىم او التصور و ال غير ذلك‬ ‫من التشكل بصلة مطلقا للمنع التاـ الثابت و االستحالة ‪ .‬و الخبر يشير الى‬ ‫تماـ تجليو و ظهورىا في نفس المؤمن العاقل البصير ‪ .‬و الخبر يبين اف امتناع‬ ‫الرؤية لبلستحالة ‪.‬‬ ‫المضموف (ٕ ) قاؿ‪ :‬فمن أين اثبت أنبياء ورسبل ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬انا‬ ‫لما أثبتنا اف لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق‪ ،‬وكاف ذلك الصانع‬ ‫حكيما‪ ،‬لم يجز اف يشاىده خلقو‪ ،‬وال اف يبلمسوه وال اف يباشرىم ويباشروه‪،‬‬ ‫ويحاجهم ويحاجوه‪ ،‬ثبت اف لو سفراء في خلقو وعباده يدلونهم على‬ ‫مصالحهم ومنافعهم‪ ،‬وما بو بقاؤىم‪ ،‬وفي تركو فناؤىم‪ ،‬فثبت االمروف والناىوف‬ ‫عن الحكيم العليم في خلقو‪ ،‬وثبت عند ذلك اف لو معبروف ىم انبياء اهلل‬ ‫وصفوتو من خلقو‪ ،‬حكماء مؤدبين بالحكمة‪ ،‬مبعوثين عنو‪ ،‬غير مشاركين‬ ‫للناس في احوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب‪ ،‬مؤيدين من عند‬ ‫الحكيم العليم بالحكمة والدالئل والبراىين والشواىد من‪ :‬احياء الموتى‪،‬‬ ‫وابراء االكمو واالبرص‪ ،‬فبل تخلو االرض من حجة يكوف معو علم يدؿ على‬ ‫صدؽ مقاؿ الرسوؿ ووجوب عدالتو‪.‬‬ ‫ىذا المضموف ذكر في خبر التوحيد و الكافي و ىنا فيو زيادة و المضموف‬ ‫مصدؽ ‪ ،‬و قد بينا معناه مفصبل ىناؾ و ملخص اف لبعث الرسل مقدمتين‬ ‫تعالي الخالق و احتياج العباد الى مبين لمصالحهم فوجب السفراء الحكماء‬ ‫‪237‬‬


‫منهج العرض‬

‫المعبروف ىم االنبياء ‪ .‬و قولو عليو السبلـ في االنبياء (غير مشاركين للناس‬ ‫في احوالهم ) داللة على خصوصية من حيث العصمة و التأييد و المعرفة ‪ .‬و‬ ‫عبارة ( فبل تخلو االرض من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقاؿ‬ ‫الرسوؿ ووجوب عدالتو‪ ) .‬ىكذا و لكن من طرؽ اخرى متعددة (لكيبل تخلو‬ ‫أرض اهلل من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقالتو وجواز عدالتو‪ ).‬و‬ ‫االولى موافقة للسياؽ باف الكبلـ في االنبياء و الرسل و االخيرة موافقة لعبارة‬ ‫( لكيبل تخلو االرض من حجة ) النو ليس في كل عصر نبي و الحجة يشمل‬ ‫النبي و الوصي ‪ .‬و كبل المضمونين مصدؽ و االصل التعدد ‪.‬‬ ‫المضموف (ٖ) ثم قاؿ عليو السبلـ بعد ذلك‪ :‬نحن نزعم اف االرض ال‬ ‫تخلو من حجة وال تكوف الحجة اال من عقب االنبياء ‪ ،‬ما بعث اهلل نبيا قط‬ ‫من غير نسل االنبياء‪ ،‬وذلك اف اهلل شرع لبني آدـ طريقا منيرا ‪ ،‬واخرج من‬ ‫آدـ نسبل طاىرا طيبا‪ ،‬اخرج منو االنبياء والرسل‪ ،‬ىم صفوة اهلل‪ ،‬وخلص‬ ‫الجوىر‪ ،‬طهروا في االصبلب‪ ،‬وحفظوا في االرحاـ‪ ،‬لم يصبهم سفاح‬ ‫الجاىلية‪ ،‬وال شاب انسابهم‪ ،‬الف اهلل عزوجل جعلهم في موضع ال يكوف‬ ‫اعلى درجة وشرفا منو‪ ،‬فمن كاف خازف علم اهلل‪ ،‬وامين غيبو ومستودع سره‪،‬‬ ‫وحجتو على خلقو‪ ،‬وترجمانو ولسانو‪ ،‬ال يكوف اال بهذه الصفة فالحجة ال‬ ‫يكوف اال من نسلهم‪ ،‬يقوـ مقاـ النبي صلى اهلل عليو وآلو في الخلق بالعلم‬ ‫الذي عنده‪ ،‬وورثو عن الرسوؿ‪ ،‬اف جحده الناس سكت ‪ ،‬وكاف بقاء ما عليو‬ ‫الناس قليبل مما في ايديهم من علم الرسوؿ على اختبلؼ منهم فيو ‪ ،‬قد‬ ‫اقاموا بينهم الرأي والقياس‪ ،‬وانهم اف اقروا بو واطاعوه واخذوا عنو ‪ ،‬ظهر‬ ‫‪238‬‬


‫منهج العرض‬

‫العدؿ‪ ،‬وذىب االختبلؼ والتشاجر‪ ،‬واستوى االمر واباف الدين‪ ،‬وغلب على‬ ‫الشك اليقين‪ ،‬وال يكاد اف يقر الناس بو وال يطيعوا لو أو يحفظوا لو بعد فقد‬ ‫الرسوؿ‪ ،‬وما مضى رسوؿ وال نبي قط لم يختلف امتو من بعده‪ ،‬وانما كاف علة‬ ‫اختبلفهم على الحجة وتركهم اياه ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما يصنع بالحجة إذا كاف بهذه‬ ‫الصفة ؟ قاؿ‪ :‬قد يقتدى بو ويخرج عنو الشئ بعد الشئ مكانو منفعة الخلق‬ ‫وصبلحهم فاف احدثوا في دين اهلل شيئا اعلمهم واف زادوا فيو اخبرىم واف‬ ‫نفدوا منو شيئا افادىم ‪.‬‬ ‫ىذا المقطع من االخبار المهمة و المبينة لكثير من امور النبوة ‪ ،‬و جميع‬ ‫مضامينو مصدقة ‪.‬‬ ‫المضموف (ٗ ) ثم قاؿ الزنديق‪ :‬من اي شئ خلق اهلل االشياء ؟ قاؿ‪ :‬ال‬ ‫من شئ‪ .‬فقاؿ‪ :‬كيف يجيء من ال شئ شئ ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف االشياء ال‬ ‫تخلو اما اف تكوف خلقت من شئ أو من غير شئ‪ ،‬فاف كاف خلقت من شئ‬ ‫كاف معو‪ ،‬فاف ذلك الشئ قديم‪ ،‬والقديم ال يكوف حديثا وال يفنى وال يتغير‪،‬‬ ‫وال يخلو ذلك الشئ من اف يكوف جوىرا واحدا ولونا واحدا‪ ،‬فمن اين جاءت‬ ‫ىذه االلواف المختلفة والجواىر الكثيرة الموجودة في ىذا العالم من ضروب‬ ‫شتى ؟ ومن اين جاء الموت اف كاف الشئ الذي انشئت منو االشياء حيا ؟ !‬ ‫ومن اين جاءت الحياة اف كاف ذلك الشئ ميتا ؟ ! وال يجوز اف يكوف من حي‬ ‫وميت قديمين لم يزاال‪ ،‬الف الحي ال يجئ منو ميت وىو لم يزؿ حيا‪ ،‬وال‬ ‫يجوز ايضا اف يكوف الميت قديما لم يزؿ لما ىو بو من الموت‪ ،‬الف الميت‬ ‫ال قدرة لو وال بقاء‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن اين قالوا اف االشياء ازلية ؟ قاؿ‪ :‬ىذه مقالة‬ ‫‪239‬‬


‫منهج العرض‬

‫قوـ جحدوا مدبر االشياء فكذبوا الرسل‪ ،‬ومقالتهم‪ ،‬واالنبياء وما انبأوا عنو‪،‬‬ ‫وسموا كتبهم اساطير‪ ،‬ووضعوا النفسهم دينا بآرائهم واستحسانهم‪ ،‬اف االشياء‬ ‫تدؿ على حدوثها‪ ،‬من دوراف الفلك بما فيو‪ ،‬وىي سبعة افبلؾ‪ ،‬وتحرؾ‬ ‫االرض ومن عليها‪ ،‬وانقبلب االزمنة‪ ،‬واختبلؼ الوقت‪ ،‬والحوادث التي‬ ‫تحدث في العالم‪ ،‬من زيادة ونقصاف‪ ،‬وموت وبلى‪ ،‬واضطرار النفس إلى‬ ‫االقرار باف لها صانعا ومدبرا‪ ،‬أال ترى الحلو يصير حامضا‪ ،‬والعذب مرا‪،‬‬ ‫والجديد باليا‪ ،‬وكل إلى تغير وفنا ؟ !‬ ‫ىذه الفقرات من الحجج الدامغة على عدـ ازلية االشياء و حدوثها ‪ ،‬و‬ ‫مضامينها كلها مصدقة ‪.‬‬ ‫المضموف (٘ ) قاؿ‪ :‬فلم يزؿ صانع العالم عالما باالحداث التي احدثها‬ ‫قبل اف يحدثها ؟ قاؿ‪ :‬فلم يزؿ يعلم فخلق ما علم‪.‬‬ ‫ىذا المضموف من المصدقات ‪ ،‬و و كونو تعالى لم يزؿ عالما و علمو‬ ‫تعالى بما يكوف قبل كونو من الثوابت و عليو النقل المتواتر و تفصيلو في‬ ‫محلو ‪.‬‬ ‫المضموف (‪ )ٙ‬قاؿ‪ :‬امختلف ىو أـ مؤتلف ؟ قاؿ‪ :‬ال يليق بو االختبلؼ‬ ‫وال االئتبلؼ‪ ،‬وانما يختلف المتجزئ‪ ،‬ويأتلف المتبعض‪ ،‬فبل يقاؿ لو مؤتلف‬ ‫وال مختلف‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف ىو اهلل الواحد ؟ قاؿ‪ :‬واحد في ذاتو‪ ،‬فبل واحد‬ ‫كواحد‪ ،‬الف ما سواه من الواحد متجزي وىو تبارؾ وتعالى واحد ال يتجزى‪،‬‬ ‫وال يقع عليو العد‪.‬‬ ‫‪240‬‬


‫منهج العرض‬

‫نفي التركيب و التجزؤ بحقو تعالى مضموف متواتر المعنى ‪.‬‬ ‫المضموف (‪ ) ٚ‬قاؿ‪ :‬فبلي علة خلق الخلق وىو غير محتاج إليهم‪ ،‬وال‬ ‫مضطر إلى خلقهم‪ ،‬وال يليق بو العبث بنا ؟ قاؿ‪ :‬خلقهم الظهار حكمتو‪،‬‬ ‫وانفاذ علمو‪ ،‬وامضاء تدبيره‪ .‬قاؿ‪ :‬وكيف ال يقتصر على ىذه الدار فيجعلها‬ ‫دار ثوابو‪ ،‬ومحتبس عقابو ؟ قاؿ‪ :‬اف ىذه الدار دار ابتبلء‪ ،‬ومتجر الثواب‪،‬‬ ‫ومكتسب الرحمة‪ ،‬ملئت آفات‪ ،‬وطبقت شهوات‪ ،‬ليختبر فيها عبيده بالطاعة‪،‬‬ ‫فبل يكوف دار عمل دار جزاء‪.‬‬ ‫المضموناف مصدقاف و حكمة الخلق و العبثيتو معرفة ثابتة ‪ ،‬و يبين‬ ‫المضموف الثاني امر فطري وىو عدـ جواز اف تكوف الدار الواحد دار ببلء و‬ ‫جزاء ‪ ،‬و العاقل يرى اف الدنيا تبلغ الغاية في كونها دار ببلء و االخرة تبلغ‬ ‫الغاية في كونها داء جزاء ‪.‬‬ ‫المضموف ( ‪ )ٛ‬قاؿ‪ :‬أفمن حكمتو اف جعل لنفسو عدوا‪ ،‬وقد كاف وال‬ ‫عدو لو‪ ،‬فخلق كما زعمت (ابليس) فسلطو على عبيده يدعوىم إلى خبلؼ‬ ‫طاعتو‪ ،‬ويأمرىم بمعصيتو وجعل لو من القوة كما زعمت ما يصل بلطف الحيلة‬ ‫إلى قلوبهم‪ ،‬فيوسوس إليهم فيشككهم في ربهم‪ ،‬ويلبس عليهم دينهم‪،‬‬ ‫فيزيلهم عن معرفتو‪ ،‬حتى انكر قوـ لما وسوس إليهم ربوبيتو‪ ،‬وعبدوا سواه‪،‬‬ ‫فلم سلط عدوه على عبيده‪ ،‬وجعل لو السبيل إلى اغوائهم ؟ قاؿ‪ :‬اف ىذا‬ ‫العدو الذي ذكرت ال تضره عداوتو‪ ،‬وال تنفعو واليتو‪ ،‬وعداوتو ال تنقص من‬ ‫ملكو شيئا‪ ،‬وواليتو ال تزيد فيو شيئا‪ ،‬وانما يتقى العدو إذا كاف في قوة يضر‬ ‫‪241‬‬


‫منهج العرض‬

‫وينفع‪ ،‬اف ىم بملك اخذه‪ ،‬أو بسلطاف قهره‪ ،‬فاما ابليس فعبد خلقو ليعبده‬ ‫ويوحده‪ ،‬وقد علم حين خلقو ما ىو والى ما يصير إليو‪ ،‬فلم يزؿ يعبده مع‬ ‫مبلئكتو حتى امتحنو بسجود آدـ‪ ،‬فامتنع من ذلك حسدا‪ ،‬وشقاوة غلبت‬ ‫عليو‪ ،‬فلعنو عند ذلك‪ ،‬واخرجو عن صفوؼ المبلئكة‪ ،‬وانزلو إلى االرض ملعونا‬ ‫مدحورا فصار عدو آدـ وولده بذلك السبب‪ ،‬ما لو من السلطنة على ولده اال‬ ‫الوسوسة‪ ،‬والدعاء إلى غير السبيل‪ ،‬وقد اقر مع معصيتو لربو بربوبيتو‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫افيصلح السجود لغير اهلل ؟ قاؿ‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف أمر اهلل المبلئكة بالسجود‬ ‫الدـ ؟ قاؿ‪ :‬اف من سجد بأمر اهلل‪ ،‬سجد هلل‪ ،‬إذا كاف عن أمر اهلل‪.‬‬ ‫مضامين ىذه الفقرة مصدقة و في الخبر بياف اال اف ابليس ليس لو سلطاف‬ ‫على االنساف اال الوسوسة و الدعوة و ليس من قهر و ال تسليط و انقياد‬ ‫فيخالف العدؿ ‪.‬‬ ‫المضموف (‪ ) ٜ‬قاؿ‪ :‬فمن اين أصل الكهانة‪ ،‬ومن اين يخبر الناس بما‬ ‫يحدث ؟ قاؿ‪ :‬اف الكهانة كانت في الجاىلية في كل حين فترة من الرسل‪،‬‬ ‫كاف الكاىن بمنزلة الحاكم يحتكموف إليو فيما يشتبو عليهم من االمور بينهم‪،‬‬ ‫فيخبرىم عن اشياء تحدث‪ ،‬وذلك من وجوه شتى‪ ،‬فراسة العين‪ ،‬وذكاء‬ ‫القلب‪ ،‬ووسوسة النفس‪ ،‬وفتنة الروح‪ ،‬مع قذؼ في قلبو‪ ،‬الف ما يحدث في‬ ‫االرض من الحوادث الظاىرة فذلك يعلم الشيطاف ويؤديو إلى الكاىن‪ ،‬ويخبره‬ ‫بما يحدث في المنازؿ واالطراؼ‪ ،‬واما اخبار السماء فاف الشياطين كانت‬ ‫تقعد مقاعد استراؽ السمع إذ ذاؾ‪ ،‬وىي ال تحجب‪ ،‬وال ترجم بالنجوـ‪ ،‬وانما‬ ‫منعت من استراؽ السمع لئبل يقع في االرض سبب يشاكل الوحي من خبر‬ ‫‪242‬‬


‫منهج العرض‬

‫السماء‪ ،‬فيلبس على اىل االرض ما جاءىم عن اهلل‪ ،‬الثبات الحجة‪ ،‬ونفي‬ ‫الشبهة‪ ،‬وكاف الشيطاف يسترؽ الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من‬ ‫اهلل في خلقو فيختطفها‪ ،‬ثم يهبط بها إلى االرض‪ ،‬فيقذفها إلى الكاىن‪ ،‬فإذا‬ ‫قد زاد كلمات من عنده‪ ،‬فيخلط الحق بالباطل‪ ،‬فما اصاب الكاىن من خبر‬ ‫مما كاف يخبر بو فهو ما اداه إليو الشيطاف لما سمعو‪ ،‬وما اخطأ فيو فهو من‬ ‫باطل ما زاد فيو‪ ،‬فمنذ منعت الشياطين عن استراؽ السمع انقطعت الكهانة ‪،‬‬ ‫واليوـ انما تؤدي الشياطين إلى كهانها اخبارا للناس بما يتحدثوف بو‪ ،‬وما‬ ‫يحدثونو‪ ،‬والشياطين تؤدي إلى الشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث‪،‬‬ ‫من سارؽ سرؽ ومن قاتل قتل‪ ،‬ومن غائب غاب‪ ،‬وىم بمنزلة الناس ايضا‪،‬‬ ‫صدوؽ وكذوب‪ .‬قاؿ‪ :‬وكيف صعدت الشياطين إلى السماء وىم امثاؿ الناس‬ ‫في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنوف لسليماف بن داود عليهما السبلـ من البناء‬ ‫ما يعجز عنو ولد آدـ ؟ قاؿ‪ :‬غلظوا لسليماف كما سخروا وىم خلق رقيق‪،‬‬ ‫التننسم ‪ ،‬والدليل على كل ذلك صعودىم إلى السماء الستراؽ‬ ‫غذاؤىم‬ ‫ّ‬ ‫السمع‪ ،‬وال يقدر الجسم الكثيف على االرتقاء إليها بسلم أو بسبب‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫فاخبرني عن السحر ما اصلو‪ ،‬وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من‬ ‫عجائبو‪ ،‬وما يفعل ؟ قاؿ‪ :‬اف السحر على وجوه شتى‪ :‬وجو منها بمنزلة الطب‪،‬‬ ‫كما اف االطباء وضعوا لكل داء دواء‪ ،‬فكذلك علم السحر‪ ،‬احتالوا لكل‬ ‫صحة آفة‪ ،‬ولكل عافية عاىة‪ ،‬ولكل معنى حيلة‪ .‬ونوع آخر منو خطفة وسرعة‪،‬‬ ‫ومخ اريق وخفة ونوع آخر ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن اين علم‬ ‫الشياطين السحر ؟ قاؿ‪ :‬من حيث عرؼ االطباء الطلب‪ ،‬بعضو تجربة‪ ،‬وبعضو‬ ‫‪243‬‬


‫منهج العرض‬

‫عبلج‪ .‬قاؿ‪ :‬فما تقوؿ في الملكين ىاروت وماروت ؟ وما يقوؿ الناس بانهما‬ ‫يعلماف الناس السحر ؟ قاؿ‪ :‬انهما موضع ابتبلء‪ ،‬وموقع فتنة‪ ،‬تسبيحهما‪:‬‬ ‫اليوـ لو فعل االنساف كذا وكذا لكاف كذا وكذا‪ ،‬ولو يعالج بكذا وكذا لكاف‬ ‫كذا‪ ،‬اصناؼ السحر فيتعلموف منهما ما يخرج عنهما‪ ،‬فيقوالف لهم انما نحن‬ ‫فتنة فبل تأخذوا عنا ما يضركم وال ينفعكم‪ .‬قاؿ‪ :‬افيقدر الساحر اف يجعل‬ ‫االنساف بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك ؟ قاؿ‪ :‬ىو اعجز‬ ‫من ذلك‪ ،‬واضعف من اف يغير خلق اهلل‪ ،‬اف من ابطل ما ركبو اهلل وصوره‬ ‫وغيره فهو شريك اهلل في خلقو‪ ،‬تعالى اهلل عن ذلك علوا كبيرا لو قدر الساحر‬ ‫على ما وصفت لدفع عن نفسو الهرـ واالفة واالمراض‪ ،‬ولنفى البياض عن‬ ‫رأسو‪ ،‬والفقر عن ساحتو‪ ،‬واف من اكبر السحر النميمة‪ ،‬يفرؽ بها بين‬ ‫المتحابين‪ ،‬ويجلب العداوة على المتصافيين‪ ،‬ويسفك بها الدماء‪ ،‬ويهدـ بها‬ ‫الدور ويكشف بها الستور‪ ،‬والنماـ اشر من وطئ االرض بقدـ‪ ،‬فاقرب أقاويل‬ ‫السحر من الصواب انو بمنزلة الطب‪ ،‬اف الساحر عالج الرجل فامتنع من‬ ‫مجامعة النساء فجاء الطبيب فعالجو بغير ذلك العبلج فابرأ‪.‬‬

‫الفقرة فيها عدة مضامين ‪ ،‬و اخبار مصدقة منها اثبات امكاف اتصاؿ‬ ‫الكاىن بالشياطين و اف الشيطاف قبل بعثة النبي لم تحجب عن اخبار السماء‬ ‫فكاف يسترقوف السمع و لكنها معنت فما عادت تستطيع ذلك ‪ .‬واثبات تأثير‬ ‫السحر و اصنافو و اف منو ما يكوف مثل العبلج ‪.‬‬

‫‪244‬‬


‫منهج العرض‬

‫المضموف (ٓٔ) قاؿ‪ :‬فما باؿ ولد آدـ فيهم شريف ووضيع ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫الشريف المطيع‪ ،‬والوضيع العاصي‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس فيهم فاضل ومفضوؿ ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫انما يتفاضلوف بالتقوى‪ .‬قاؿ‪ :‬فتقوؿ اف ولد آدـ كلهم سواء في االصل ال‬ ‫يتفاضلوف اال بالتقوى ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬اني وجدت اصل الخلق التراب‪ ،‬واالب‬ ‫آدـ‪ ،‬واالـ حواء‪ ،‬خلقهم إلو واحد‪ ،‬وىم عبيده‪ ،‬اف اهلل عزوجل اختار من ولد‬ ‫آدـ اناسا طهر ميبلدىم‪ ،‬وطيب ابدانهم‪ ،‬وحفظهم في اصبلب الرجاؿ وارحاـ‬ ‫النساء‪ ،‬اخرج منهم االنبياء والرسل‪ ،‬فهم ازكى فروع آدـ‪ ،‬فعل ذلك المر‬ ‫استحقوه من اهلل عزوجل‪ .‬ولكن علم اهلل منهم حين ذرأىم انهم يطيعونو‬ ‫ويعبدونو وال يشركوف بو شيئا‪ ،‬فهؤالء بالطاعة نالوا من اهلل الكرامة والمنزلة‬ ‫الرفيعة عنده‪ ،‬وىؤالء الذين لهم الشرؼ والفضل والحسب‪ ،‬وساير الناس‬ ‫سواء‪ ،‬أال من اتقى اهلل اكرمو‪ ،‬ومن أطاعو أحبو‪ ،‬ومن أحبو لم يعذبو بالنار‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فاخبرني عن اهلل عزوجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين‬ ‫وكاف على ذلك قادرا ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬لو خلقهم مطيعين‪ ،‬لم يكن لهم‬ ‫ثواب‪ ،‬الف الطاعة إذا ما كانت فعلهم لم يكن جنة وال نارا‪ ،‬ولكن خلق خلقو‬ ‫فأمرىم بطاعتو‪ ،‬ونهاىم عن معصيتو واحتج عليهم برسلو‪ ،‬وقطع عذرىم بكتبو‪،‬‬ ‫ليكونوا ىم الذين يطيعوف ويعصوف ويستوجبوف بطاعتهم لو الثواب‪،‬‬ ‫وبمعصيتهم اياه العقاب‪ .‬قاؿ‪ :‬فالعمل الصالح من العبد ىو فعلو‪ ،‬والعمل‬ ‫الشر من العبد ىو فعلو ؟ قاؿ‪ :‬العمل الصالح من العبد بفعلو‪ ،‬واهلل بو أمره‪،‬‬ ‫والعمل الشر من العبد بفعلو‪ ،‬واهلل عنو نهاه‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس فعلو بااللة التي ركبها‬ ‫‪245‬‬


‫منهج العرض‬

‫فيو ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ .‬ولكن بااللة التي عمل بها الخبر‪ ،‬قدر على الشر الذي نهاه‬ ‫عنو قاؿ‪ :‬فالى العبد من االمر شئ ؟ قاؿ‪ :‬ما نهاه اهلل عن شئ اال وقد علم انو‬ ‫يطيق تركو‪ ،‬وال أمره بشئ اال وقد علم انو يستطيع فعلو‪ ،‬النو ليس من صفة‬ ‫الجور‪ ،‬والبعث‪ ،‬والظلم‪ ،‬وتكليف العباد ما ال يطيقوف‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن خلقو اهلل‬ ‫كافرا أيستطيع االيماف ولو عليو بتركو االيماف حجة‪ .‬قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف اهلل‬ ‫خلق خلقو جميعا مسلمين‪ ،‬أمرىم ونهاىم‪ ،‬والكفر اسم يلحق الفعل حين‬ ‫يفعلو العبد‪ ،‬ولم يخلق اهلل العبد حين خلقو كافرا‪ ،‬انو انما كفر من بعد اف بلغ‬ ‫وقتا لزمتو الحجة من اهلل‪ ،‬فعرض عليو الحق فجحده فبانكاره الحق صار‬ ‫كافرا‪ .‬قاؿ‪ :‬افيجوز اف يقدر على العبد الشر‪ ،‬ويأمره بالخير وىو ال يستطيع‬ ‫الخير اف يعملو‪ ،‬ويعذبو عليو‪ .‬قاؿ‪ :‬انو ال يليق بعدؿ اهلل ورأفتو اف يقدر على‬ ‫العبد الشر ويريده منو‪ ،‬ثم يأمره بما يعلم انو ال يستطيع أخذه‪ ،‬واال نزاع عما‬ ‫ال يقدر على تركو‪ ،‬ثم يعذبو على أمره الذي علم انو ال يستطيع أخذه‪.‬‬ ‫الفقرة فيها مضامين عدة دقيقة و مفصلة في االرادة و كلها مصدقة ‪.‬‬ ‫المضموف (ٔ​ٔ ) قاؿ‪ :‬بماذا استحق الذين أغناىم واوسع عليهم من رزقو‬ ‫الغناء والسعة‪ ،‬وبماذا استحق الفقير التقتير والتضييق‪ .‬قاؿ‪ :‬اختبر االغنياء بما‬ ‫اعطاىم لينظر كيف شكرىم‪ ،‬والفقراء بما منعهم لينظر كيف صبرىم‪ ،‬ووجو‬ ‫آخر‪ :‬انو عجل لقوـ في حياتهم‪ ،‬ولقوـ اخر ليوـ حاجتهم إليو‪ ،‬ووجو آخر فانو‬ ‫علم احتماؿ كل قوـ فاعطاىم على قدر احتمالهم ولو كاف الخلق كلهم اغنياء‬ ‫لخربت الدنيا‪ ،‬وفسد التدبير‪ ،‬وصار اىلها إلى الفناء ولكن جعل بعضهم‬ ‫لبعض عونا‪ ،‬وجعل اسباب ارزاقهم في ضروب االعماؿ‪ ،‬وانواع الصناعات‪،‬‬ ‫‪246‬‬


‫منهج العرض‬

‫وذلك أدوـ في البقاء‪ ،‬واصح في التدبير‪ ،‬ثم اختبر االغنياء باالستعطاؼ على‬ ‫الفقراء‪ ،‬كل ذلك لطف ورحمة من الحكيم الذي ال يعاب تدبيره‪ .‬قاؿ‪ :‬فيما‬ ‫استحق الطفل الصغير ما يصيبو من االوجاع واالمرض ببل ذنب عملو‪ ،‬وال جرـ‬ ‫سلف منو‪ .‬قاؿ‪ :‬اف المرض على وجوه شتى‪ :‬مرض بلوى‪ ،‬ومرض عقوبة‪،‬‬ ‫ومرض جعل علة للفناء‪ ،‬وانت تزعم اف ذلك من اغذية ردية‪ ،‬واشربة وبية‪ ،‬أو‬ ‫من علة كانت بامو‪ ،‬وتزعم اف من احسن السياسة لبدنو‪ ،‬واجمل النظر في‬ ‫احواؿ نفسو وعرؼ الضار مما يأكل من النافع‪ ،‬لم يمرض‪ ،‬وتميل في قولك‬ ‫إلى من يزعم‪ :‬انو ال يكوف المرض والموت اال من المطعم والمشرب ! قد‬ ‫مات ارسطا طاليس معلم االطباء‪ ،‬وافبلطوف رئيس الحكماء‪ ،‬وجالينوس شاخ‬ ‫ودؽ بصره‪ ،‬وما دفع الموت حين نزؿ بساحتو‪ ،‬ولم يألوا حفظ أنفسهم‪،‬‬ ‫والنظر لما يوافقها‪ ،‬كم مريضا قد زاده المعالج سقما‪ ،‬وكم من طبيب عالم‪،‬‬ ‫وبصير باالدواء واالدوية ماىر مات وعاش الجاىل بالطب بعده زمانا‪ .‬فبل ذاؾ‬ ‫نفعو علمو بطبو عند انقطاع مدتو وحضور اجلو‪ ،‬وال ىذا ضره الجهل بالطب‬ ‫مع بقاء المدة وتأخر االج ل‪ .‬ثم قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف اكثر االطباء قالوا‪ :‬اف‬ ‫علم الطب لم تعرفو االنبياء‪ ،‬فما نصنع على قياس قولهم بعلم زعموا ليس‬ ‫تعرفو االنبياء الذين كانوا حجج اهلل على خلقو‪ ،‬وامناءه في ارضو‪ ،‬وخزاف‬ ‫علمو‪ ،‬وورثة حكمتو‪ ،‬واالدالء عليو‪ ،‬والدعاة إلى طاعتو ؟ ثم اني وجدت اف‬ ‫أكثرىم يتنكب في مذىبو سبل االنبياء‪ ،‬ويكذب الكتب المنزلة عليهم من اهلل‬ ‫تبارؾ وتعالى‪ ،‬فهذا الذي ازىدني في طلبو وحامليو‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف تزىد في قوـ‬ ‫وأنت مؤدبهم وكبيرىم ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اني رأيت الرجل الماىر في طبو إذا‬ ‫‪247‬‬


‫منهج العرض‬

‫سألتو لم يقف على حدود نفسو‪ ،‬وتأليف بدنو‪ ،‬وتركيب أعضائو‪ ،‬ومجرى‬ ‫االغذية في جوارحو‪ ،‬ومخرج نفسو وحركة لسانو‪ ،‬ومستقر كبلمو‪ ،‬ونور بصره‪،‬‬ ‫وانتشار ذكره‪ ،‬واختبلؼ شهواتو‪ ،‬وانسكاب عبراتو‪ ،‬ومجمع سمعو‪ ،‬وموضع‬ ‫عقلو‪ ،‬ومسكن روحو‪ ،‬ومخرج عطستو‪ ،‬وىيج غمومو‪ ،‬واسباب سروره‪ ،‬وعلة‬ ‫ما حدث فيو من بكم وصمم‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬لم يكن عندىم في ذلك اكثر من‬ ‫أقاويل استحسنوىا‪ ،‬وعلل فيما بينهم جوزوىا‪.‬‬

‫في ىذه الفقرة جواب شاؼ مصدؽ لسؤاؿ مهم في العدؿ االلهي يتعلق‬ ‫بالرزؽ ‪.‬و في نهايتو اشارة الى محدودية العلم التجريبي ممثبل بالطب ‪.‬‬

‫المضموف (ٕٔ ) قاؿ‪ :‬فاخبرني عن اهلل ألو شريك في ملكو‪ ،‬أو مضاد لو‬ ‫في ت دبيره ؟ قاؿ‪ :‬ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فما ىذا الفساد الموجود في العالم‪ .‬من سباع‬ ‫ضارية‪ ،‬وىواـ مخوفة وخلق كثير مشوىة‪ ،‬ودود‪ ،‬وبعوض‪ ،‬وحيات‪ ،‬وعقارب‪،‬‬ ‫وزعمت‪ :‬انو ال يخلق شيئا اال لعلة‪ ،‬النو ال يعبث ؟ قاؿ‪ :‬ألست تزعم اف‬ ‫العقارب تنفع من وجو المثانة والحصاة‪ ،‬ولمن يبوؿ في الفراش‪ ،‬واف افضل‬ ‫الترياؽ ما عولج من لحوـ االفاعي‪ ،‬فاف لحومها إذا اكلها المجذوـ بشب‬ ‫نفعو‪ ،‬وتزعم اف الدود االحمر الذي يصاب تحت االرض نافع لبلكلة ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫نعم‪ .‬قاؿ‪ :‬عليو السبلـ‪ :‬فاما البعوض والبق فبعض سببو انو جعلو أرزاؽ الطير‪،‬‬ ‫واىاف بها جبارا تمرد على اهلل وتجبر‪ ،‬وانكر ربوبيتو‪ ،‬فسلط اهلل عليو اضعف‬ ‫‪248‬‬


‫منهج العرض‬

‫خلقو ليريو قدرتو وعظمتو‪ ،‬وىي البعوض‪ ،‬فدخلت في منخره حتى وصلت إلى‬ ‫دماغو فقتلتو‪ ،‬واعلم انا لو وقعنا على كل شئ خلقو اهلل تعالى لم خلقو ؟ والي‬ ‫شئ انشأه ؟ لكنا قد ساويناه في علمو‪ ،‬وعلمنا كلما يعلم‪ ،‬واستغنينا عنو‪ ،‬وكنا‬ ‫وىو في العلم سواء‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني ىل يعاب شئ من خلق اهلل وتدبيره ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫ال‪ .‬قاؿ‪ :‬فاف اهلل خلق خلقو عزال‪ ،‬أذلك منو حكمة أـ عبث ؟ قاؿ‪ :‬بل منو‬ ‫حكمة‪ .‬قاؿ‪ :‬غيرتم خلق اهلل‪ ،‬وجعلتم فعلكم في قطع الغلفة اصوب مما خلق‬ ‫اهلل لها‪ ،‬وعبتم االغلف‪ ،‬واهلل خلقو‪ ،‬ومدحتم الختاف وىو فعلكم‪ .‬أـ تقولوف‬ ‫اف ذلك من اهلل كاف خطأ غير حكمة ؟ ! قاؿ‪ :‬عليو السبلـ‪ :‬ذلك من اهلل‬ ‫حكمة وصواب‪ ،‬غير انو سن ذلك واوجبو على خلقو‪ ،‬كما اف المولود إذا‬ ‫خرج من بطن امو وجدنا سرتو متصلة بسرة امو‪،‬كذلك خلقها الحكيم فامر‬ ‫العباد بقطعها‪ ،‬وفي تركها فساد بين للمولود واالـ‪ ،‬وكذلك اظفار االنساف امر‬ ‫إذا طالت اف تقلم‪ ،‬وكاف قادرا يوـ دبر خلق االنساف اف يخلقها خلقة ال‬ ‫تطوؿ‪ ،‬وكذلك الشعر من الشارب والرأس‪ ،‬يطوؿ فيجز‪ ،‬وكذلك الثيراف خلقها‬ ‫اهلل فحولة‪ ،‬واخصاؤىا اوفق‪ ،‬وليس في ذلك عيب في تقدير اهلل عزوجل‪.‬‬ ‫في ىذه الفقرة مضامين عدة و اخبار عن امور و حكمة انواع من الخلق‬ ‫وجوبات شافية السئلة عدة في العدؿ االلهي و كلها مضامين مصدقة ‪.‬‬ ‫المضموف (ٖٔ ) قاؿ‪ :‬ألست تقوؿ‪ :‬يقوؿ اهلل تعالى‪( :‬ادعوني استجب‬ ‫لكم) وقد نرى المضطر يدعوه فبل يجاب لو‪ ،‬والمظلوـ يستنصره على عدوه‬ ‫فبل ينصره ؟ قاؿ‪ :‬ويحك ما يدعوه احد اال استجاب لو‪ ،‬اما الظالم فدعاؤه‬ ‫مردود إلى اف يتوب إليو‪ ،‬واما المحق فانو إذا دعاه استجاب لو‪ ،‬وصرؼ عنو‬ ‫‪249‬‬


‫منهج العرض‬

‫الببلء من حيث ال يعلمو‪ ،‬أو ادخر لو ثوابا جزيبل ليوـ حاجتو إليو‪ ،‬واف لم‬ ‫يكن االمر الذي سأؿ العبد خيرا لو اف اعطاه امسك عنو‪ ،‬والمؤمن العارؼ‬ ‫باهلل ربما عز عليو اف يدعوه فيما ال يدري اصواب ذلك اـ خطأ‪ ،‬وقد يسأؿ‬ ‫العبد ربو ىبلؾ من لم ينقطع مدتو أو يسأؿ المطر وقتا ولعلو أواف ال يصلح‬ ‫فيو المطر‪ ،‬النو اعرؼ بتدبير ما خلق من خلقو‪ ،‬واشباه ذلك كثيرة فافهم ىذا‪.‬‬ ‫مضامين ىذه الفقرة كلها مصدقة و ما ذكر في امر الدعاء جاء بو النقل‬ ‫الثابت من القراف و السنة ‪.‬‬ ‫المضموف (ٗٔ ) قاؿ‪ :‬اخبرني ايها الحكيم ما باؿ السماء ال ينزؿ منها‬ ‫إلى االرض احد‪ ،‬وال يصعد من االرض إليها بشر‪ ،‬وال طريق إليها‪ ،‬وال مسلك‪،‬‬ ‫فلو نظر العباد في كل دىر مرة من يصعد إليها وينزؿ لكاف ذلك اثبت في‬ ‫الربوبية‪ ،‬وانفى للشك واقوى لليقين‪ ،‬واجدر اف يعلم العباد اف ىناؾ مدبرا إليو‬ ‫يصعد الصاعد‪ ،‬ومن عنده يهبط الهابط‪ .‬قاؿ‪ :‬اف كل ما ترى في االرض من‬ ‫التدبير انما ىو ينزؿ من السماء‪ ،‬ومنها يظهر‪ ،‬أما ترى الشمس منها تطلع‪،‬‬ ‫وىي نور النهار‪ ،‬وفيها قواـ الدنيا‪ ،‬ولو حبست حار من عليها‪ ،‬وىلك‪ ،‬والقمر‬ ‫منها يطلع‪ ،‬وىو نور الليل‪ ،‬وبو يعلم عدد السنين والحساب‪ ،‬والشهور واالياـ‪،‬‬ ‫ولو حبس لحار من عليها وفسد التدبير‪ ،‬وفي السماء النجوـ التي يهتدى بها‬ ‫في ظلمات البر‪ ،‬والبحر‪ ،‬ومن السماء ينزؿ الغيث الذي فيو حياة كل شئ‪،‬‬ ‫من‪ :‬الزرع‪ ،‬والنبات‪ ،‬واالنعاـ‪ ،‬وكل الخلق لو حبس عنهم لما عاشوا‪ ،‬والريح‬ ‫لو حبست اياه لفسدت االشياء جميعا‪ ،‬وتغيرت‪ ،‬ثم الغيم والرعد والبرؽ‬ ‫والصواعق‪ ،‬كل ذلك انما ىو دليل على اف ىناؾ مدبرا يدبر كل شئ ومن‬ ‫‪250‬‬


‫منهج العرض‬

‫عنده ينزؿ‪ ،‬وقد كلم اهلل موسى وناجاه‪ ،‬ورفع اهلل عيسى بن مريم‪ ،‬والمبلئكة‬ ‫تتنزؿ من عنده‪ ،‬غير انك ال تؤمن بما لم تره بعينك‪ ،‬وفيما تراه بعينك كفاية‬ ‫اف تفهم وتعقل‪ .‬قاؿ‪ :‬فلو اف اهلل رد الينا من االموات في كل مائة عاـ واحدا‬ ‫لنسألو عن من مضى منا‪ .‬إلى ما صاروا‪ ،‬وكيف حالهم‪ ،‬وماذا لقوا بعد الموت‪،‬‬ ‫واي شئ صنع بهم‪ ،‬ليعمل الناس على اليقين‪ ،‬واضمحل الشك‪ ،‬وذىب الغل‬ ‫عن القلوب‪ .‬قاؿ‪ :‬اف ىذه مقالة من انكر الرسل وكذبهم‪ ،‬ولم يصدؽ بما جاؤا‬ ‫بو من عند اهلل‪ ،‬إذا خبروا وقالوا‪ :‬اف اهلل اخبر في كتابو عزوجل على لساف‬ ‫انبيائو‪ ،‬حاؿ من مات منا‪ ،‬افيكوف احد اصدؽ من اهلل قوال ومن رسلو‪ ،‬وقد‬ ‫رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير‪ ،‬منهم‪( :‬اصحاب الكهف) اماتهم اهلل‬ ‫ثلثمائة عاـ وتسعة ثم بعثهم في زماف قوـ انكروا البعث‪ ،‬ليقطع حجتهم‪،‬‬ ‫وليريهم قدرتو وليعلموا اف البعث حق‪ ،‬وامات اهلل (ارمياء) النبي عليو السبلـ‬ ‫الذي نظر إلى خراب بيت المقدس وما حولو حين غزاىم بخت نصر وقاؿ‪:‬‬ ‫(انى يحيى ىذه اهلل بعد موتها) (فاماتو اهلل مائة عاـ ثم احياه) ونظر إلى‬ ‫اعضائو كيف تلتئم‪ ،‬وكيف تلبس اللحم‪ ،‬وإلى مفاصلو وعروقو كيف توصل‪،‬‬ ‫فلما استوى قاعدا قاؿ‪( :‬اعلم اف اهلل على كل شئ قدير) واحيا اهلل قوما‬ ‫خرجوا عن اوطانهم ىاربين من الطاعوف‪ ،‬ال يحصى عددىم‪ ،‬واماتهم اهلل دىرا‬ ‫طويبل‪ ،‬حتى بليت عظامهم‪ ،‬وتقطعت اوصالهم‪ ،‬وصاروا ترابا‪ ،‬فبعث اهلل في‬ ‫وقت احب اف يري خلقو قدرتو‪ ،‬نبيا يقاؿ لو‪( :‬حزقيل) دعاىم فاجتمعت‬ ‫ابدانهم‪ ،‬ورجعت فيها ارواحهم‪ ،‬وقاموا كهيئة يوـ ماتوا‪ ،‬ال يفقدوف من‬ ‫اعدادىم رجبل‪ ،‬فعاشوا بعد ذلك دىرا طويبل‪ ،‬واف اهلل امات قوما خرجوا مع‬ ‫‪251‬‬


‫منهج العرض‬

‫موسى عليو السبلـ حين توجو إلى اهلل فقالوا‪( :‬ارنا اهلل جهر ( ) فاماتهم اهلل‬ ‫ثم احياىم) ‪.‬‬ ‫مضامين ىذه الفقرة مصدقة و كل االخبار فيها لها شواىد و مستفادة‬ ‫مباشرة من القراف ‪.‬و في الخبر اشارة الى اف االخبار عن الغيب ىو الجل‬ ‫امتحاف االيماف و التصديق ‪.‬‬ ‫المضموف (٘ٔ) قاؿ‪ :‬فاخبرني عمن قاؿ‪ :‬بتناسخ االرواح‪ ،‬من أي شئ‬ ‫قالوا ذلك‪ ،‬وباي حجة قاموا على مذاىبهم‪ .‬قاؿ‪ :‬اف اصحاب التناسخ قد‬ ‫خلفوا وراءىم منهاج الدين‪ ،‬وزينوا النفسهم الضبلالت‪ ،‬وامرجوا انفسهم في‬ ‫الشهوات وزعموا اف السماء خاوية ما فيها شئ مما يوصف‪ ،‬واف مدبر ىذا‬ ‫العالم في صورة المخلوقين‪ ،‬بحجة من روى اف اهلل عزو جل خلق آدـ على‬ ‫صورتو‪ ،‬وانو ال جنة وال نار‪ ،‬وال بعث وال نشور‪ ،‬والقيامة عندىم خروج الروح‬ ‫من قالبو وولوجو في قالب آخر‪ ،‬فاف كاف محسنا في القالب االوؿ اعيد في‬ ‫قالب أفضل منو حسنا في أعلى درجة من الدنيا‪ ،‬واف كاف مسيئا أو غير عارؼ‬ ‫صار في بعض الدواب المتعبة في الدنيا‪ ،‬أو ىو اـ مشوىة الخلقة وليس‬ ‫عليهم صوـ وال صبلة‪ ،‬وال شئ من العبادة أكثر من معرفة من تجب عليهم‬ ‫معرفتو‪ ،‬وكل شئ من شهوات الدنيا مباح لهم‪ ،‬من‪ :‬فروج النساء‪ ،‬وغير ذلك‪،‬‬ ‫من االخوات‪ ،‬والبنات‪ ،‬والخاالت‪ ،‬وذوات البعولة‪ ،‬وكذلك الميتة‪ ،‬والخمر‪،‬‬ ‫والدـ‪ ،‬فاستقبح مقالتهم كل الفرؽ‪ ،‬ولعنهم كل االمم‪ ،‬فلما سئلوا الحجة زاغوا‬ ‫وحادوا‪ ،‬فكذب مقالتهم التوراة‪ ،‬ولعنهم الفرقاف‪ ،‬وزعموا مع ذلك اف إلههم‬ ‫ينتقل من قالب إلى قالب‪ ،‬واف االرواح االزلية ىي التي كانت في آدـ‪ ،‬ثم ىلم‬ ‫‪252‬‬


‫منهج العرض‬

‫جرا تجرى إلى يومنا ىذا في واحد بعد آخر‪ ،‬فإذا كاف الخالق في صورة‬ ‫المخلوؽ فبما يستدؿ على اف احدىما خالق صاحبو ؟ ! وقالوا‪ :‬اف المبلئكة‬ ‫من ولد آدـ كل من صار في اعلى درجة من دينهم خرج من منزلة االمتحاف‬ ‫والتصفية فهو ملك فطورا تخالهم نصارى في اشياء‪ ،‬وطورا دىرية يقولوف‪ :‬اف‬ ‫االشياء على غير الحقيقة‪ ،‬فقد كاف يجب عليهم اف ال يأكلوا شيئا من‬ ‫اللحماف‪ ،‬الف الذرات عندىم كلها من ولد آدـ حولوا من صورىم‪ ،‬فبل يجوز‬ ‫اكل لحوـ القربات‪ .‬قاؿ‪ :‬ومن زعم اف اهلل لم يزؿ‪ ،‬ومعو طينة موذية‪ ،‬فلم‬ ‫يستطع التفصى منها اال بامتزاجو بها ودخولو فيها‪ ،‬فمن تلك الطينة خلق‬ ‫االشياء ! قاؿ‪ :‬سبحاف اهلل وتعالى ! اما اعجز آلو يوصف بالقدرة‪ ،‬ال يستطيع‬ ‫التفصي من الطينة ! اف كانت الطينة حية ازلية‪ ،‬فكانا إلهين قديمين فامتزجا‬ ‫ودبرا العالم من انفسهما‪ ،‬فاف كاف ذلك كذلك‪ ،‬فمن اين جاء الموت والفناء‬ ‫؟ واف كانت الطينة ميتة فبل بقاء للميت مع االزلي القديم‪ ،‬والميت ال يجئ‬ ‫منو حي‪ ،‬وىذه مقالة الديصانية‪ ،‬اشد الزنادقة قوال‪ ،‬وامهنهم مثبل‪ ،‬نظروا في‬ ‫كتب قد صنفتها اوائلهم‪ ،‬وحبروىا بالفاظ مزخرفة من غير اصل ثابت‪ ،‬وال‬ ‫حجة توجب اثبات ما ادعوا‪ ،‬كل ذلك خبلفا على اهلل وعلى رسلو‪ ،‬بما جاؤا‬ ‫عن اهلل‪ ،‬فاما من زعم اف االبداف ظلمة‪ ،‬واالرواح نور‪ ،‬واف النور ال يعمل‬ ‫الشر‪ ،‬والظلمة ال تعمل الخير‪ ،‬فبل يجب عليهم اف يلوموا احدا على معصية‪،‬‬ ‫وال ركوب حرمة وال اتياف فاحشة واف ذلك عن الظلمة غير مستنكر‪ ،‬الف‬ ‫ذلك فعلها‪ ،‬وال لو اف يدعو ربا‪ ،‬وال يتضرع إليو‪ ،‬الف النور الرب‪ ،‬والرب ال‬ ‫يتضرع إلى نفسو‪ ،‬وال يستعبد بغيره‪ ،‬وال الحد من اىل ىذه المقالة اف يقوؿ‪:‬‬ ‫‪253‬‬


‫منهج العرض‬

‫(احسنت) يا محسن أو (اسأت) الف االساءة من فعل الظلمة‪ ،‬وذلك فعلها‪،‬‬ ‫واالحساف من النور‪ ،‬وال يقوؿ النور لنفسو احسنت يا محسن‪ ،‬وليس ىناؾ‬ ‫ثالث‪ ،‬وكانت الظلمة على قياس قولهم‪ ،‬احكم فعبل‪ ،‬واتقن تدبيرا‪ ،‬واعز اركانا‬ ‫من النور‪ ،‬الف االبداف محكمة‪ ،‬فمن صور ىذا الخلق صورة واحدة على‬ ‫نعوت مختلفة‪ ،‬وكل شئ يرى ظاىرا من الزىر‪ ،‬واالشجار والثمار‪ ،‬والطير‪،‬‬ ‫والدواب‪ ،‬يجب اف يكوف إلها‪ ،‬ثم حبست النور في حبسها والدولة لها‪ ،‬واما‬ ‫ما ادعوا باف العاقبة سوؼ تكوف للنور‪ ،‬فدعوى‪ ،‬وينبغي على قياس قولهم اف‬ ‫ال يكوف للنور فع ل‪ ،‬النو اسير‪ ،‬وليس لو سلطاف‪ ،‬فبل فعل لو وال تدبير‪ ،‬واف‬ ‫كاف لو مع الظلمة تدبير‪ ،‬فما ىو باسير‪ ،‬بل ىو مطلق عزيز‪ ،‬فاف لم يكن‬ ‫كذلك‪ ،‬وكاف اسير الظلمة‪ ،‬فانو يظهر في ىذا العالم احساف‪ ،‬وجامع فساد‬ ‫وشر‪ ،‬فهذا يدؿ على اف الظلمة تحسن الخير وتفعلو‪ ،‬كما تحسن الشر‬ ‫وتفعلو‪ ،‬فاف قالوا محاؿ ذلك‪ ،‬فبل نور يثبت وال ظلمة‪ ،‬وبطلت دعواىم‪،‬‬ ‫ورجع االمر إلى اف اهلل واحد وما سواه باطل‪ ،‬فهذه مقالة ماني الزنديق‬ ‫واصحابو‪ .‬واما من قاؿ‪ :‬النور والظلمة بينهما حكم‪ ،‬فبلبد من اف يكوف اكبر‬ ‫الثبلثة الحكم‪ ،‬النو ال يحتاج إلى الحاكم اال مغلوب أو جاىل أو مظلوـ‪،‬‬ ‫وىذه مقالة المانوية والحكاية عنهم تطوؿ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما قصة ماني ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫متفحص اخذ بعض المجوسية فشابها ببعض النصرانية‪ ،‬فأخطأ الملتين ولم‬ ‫يصب مذىبا واحدا منهما‪ ،‬وزعم اف العالم دبر من إلهين‪ ،‬نور وظلمة‪ ،‬واف‬ ‫النور في حصار من الظلمة على ما حكينا منو‪ ،‬فكذبتو النصارى‪ ،‬وقبلتو‬ ‫المجوس‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عن المجوس أفبعث اهلل إليهم نبيا ؟ فاني اجد لهم‬ ‫‪254‬‬


‫منهج العرض‬

‫كتبا محكمة ومواعظ بليغة‪ ،‬وامثاال شافية‪ ،‬يقروف بالثواب والعقاب‪ ،‬ولهم‬ ‫شرايع يعملوف بها‪ .‬قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ما من امة اال خبل فيها نذير‪ ،‬وقد بعث‬ ‫إليهم نبي بكتاب من عند اهلل‪ ،‬فانكروه‪ .‬وجحدوا كتابو‪ .‬قاؿ‪ :‬ومن ىو فاف‬ ‫الناس يزعموف انو خالد بن سناف ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف خالدا كاف عربيا‬ ‫بدويا‪ ،‬ما كاف نبيا‪ ،‬وانما ذلك شئ يقولو الناس‪ .‬قاؿ‪ :‬افزردشت ؟ قاؿ‪ :‬اف‬ ‫زردشت أتاىم بزمزمة‪ ،‬وادعى النبوة‪ ،‬فآمن منهم قوـ وجحده قوـ‪ ،‬فاخرجوه‬ ‫فأكلتو السباع في برية من االرض‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عن المجوس كانوا اقرب إلى‬ ‫الصواب في دىرىم‪ ،‬اـ العرب ؟ قاؿ‪ :‬العرب في الجاىلية‪ ،‬كانت اقرب إلى‬ ‫الدين الحنيفي من المجوس وذلك اف المجوس كفرت بكل االنبياء‪ ،‬وجحدت‬ ‫كتبهم‪ ،‬وانكرت براىينهم‪ ،‬ولم تأخذ بشئ من سننهم‪ ،‬وآثارىم‪ ،‬واف كيخسرو‬ ‫ملك المجوس في الدىر االوؿ قتل ثلثمائة نبي‪ ،‬وكانت المجوس ال تغتسل‬ ‫من الجنابة‪ ،‬والعرب كانت تغتسل واالغتساؿ من خالص شرايع الحنيفية‪،‬‬ ‫وكانت المجوس ال تختن‪ ،‬وىو من سنن االنبياء‪ ،‬واوؿ من فعل ذلك ابراىيم‬ ‫خليل اهلل‪ ،‬وكانت المجوس ال تغسل موتاىا وال تكفنها‪ ،‬وكانت العرب تفعل‬ ‫ذلك‪ ،‬وكانت المجوس ترمي الموتى في الصحارى والنواويس‪ ،‬والعرب تواريها‬ ‫في قبورىا وتلحدىا‪ ،‬وكذلك السنة على الرسل‪ ،‬اف اوؿ من حفر لو قبر آدـ‬ ‫أبو البشر‪ ،‬وألحد لو لحد‪ ،‬وكانت المجوس تأتي االمهات وتنكح البنات‬ ‫واالخوات‪ ،‬وحرمت ذلك العرب‪ ،‬وانكرت المجوس بيت اهلل الحراـ وسمتو‬ ‫بيت الشيطاف‪ ،‬والعرب كانت تحجو وتعظمو‪ ،‬وتقوؿ‪ :‬بيت ربنا‪ ،‬وتقر بالتوراة‬ ‫واالنجيل‪ ،‬وتسأؿ اىل الكتب وتأخذ‪ ،‬وكانت العرب في كل االسباب اقرب‬ ‫‪255‬‬


‫منهج العرض‬

‫إلى الدين الحنيفية من المجوس‪ .‬قاؿ‪ :‬فانهم احتجوا باتياف االخوات انها سنة‬ ‫من آدـ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما حجتهم في اتياف البنات واالمهات‪ ،‬وقد حرـ ذلك آدـ‪،‬‬ ‫وكذلك نوح وابراىيم وموسى وعيسى‪ ،‬وسائر االنبياء‪ ،‬وكل ما جاء عن اهلل‬ ‫عزوجل‪.‬‬ ‫اف المبلزمات التي ذكرت للقوؿ بالتناسخ واضحة و طريقة االستدالؿ و‬ ‫ما وصل اليو من استدالالت تماشيا مع عقل السائل كلها مصدقة ‪.‬و‬ ‫المضامين و االخبار االخيرة عن حنيفية العرب مصدقة ‪ ،‬و اما عبارة (قاؿ‪:‬‬ ‫فانهم احتجوا باتياف االخوات انها سنة من آدـ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما حجتهم في اتياف‬ ‫البنات واالمهات ) فانها ساكتى عن نكاح االخوات و ليس فيها تقرير‬ ‫المخالف بالثابت من طهر نسل االنبياء ‪.‬‬

‫المضموف (‪ ) ٔٙ‬قاؿ‪ :‬ولم حرـ اهلل الخمر وال لذة افضل منها ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫حرمها النها اـ الخبائث‪ ،‬واس كل شر‪ ،‬يأتي على شاربها ساعة يسلب لبو‪ ،‬وال‬ ‫يعرؼ ربو‪ ،‬وال يترؾ معصية اال ركبها‪ ،‬وال حرمة اال انتهكها وال رحم ماسة اال‬ ‫قطعها‪ ،‬وال فاحشة اال أتاىا‪ ،‬والسكراف زمامو بيد الشيطاف‪ ،‬اف امره اف يسجد‬ ‫لبلوثاف سجد‪ ،‬وينقاد حيث ما قاده‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم حرـ الدـ المسفوح ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫النو يورث القساوة‪ ،‬ويسلب الفؤاد رحمتو‪ ،‬ويعفن البدف ويغير اللوف واكثر ما‬ ‫يصيب االنساف الجذاـ يكوف من اكل الدـ‪ .‬قاؿ‪ :‬فأكل الغدد ؟ قاؿ‪ :‬يورث‬ ‫الجذاـ‪ .‬قاؿ‪ :‬فالميتة لم حرمها ؟ قاؿ‪ :‬فرقا بينها وبين ما يذكى ويذكر اسم‬ ‫‪256‬‬


‫منهج العرض‬

‫اهلل عليو ‪ ،‬والميتة قد جمد فيها الدـ‪ ،‬وتراجع إلى بدنها‪ ،‬فلحمها ثقيل غير‬ ‫مرئ‪ ،‬النها يؤكل لحمها بدمها‪ .‬قاؿ‪ :‬فالسمك ميتة ؟ قاؿ‪ :‬اف السمك ذكاتو‬ ‫اخراجو حيا من الماء‪ ،‬ثم يترؾ حتى يموت من ذات نفسو‪ ،‬وذلك انو ليس لو‬ ‫دـ‪ ،‬وكذلك الجراد‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم حرـ الزنا ؟ قاؿ‪ :‬لما فيو من الفساد‪ ،‬وذىاب‬ ‫المواريث‪ ،‬وانقطاع االنساب‪ ،‬ال تعلم المرأة في الزنا من أحبلها‪ ،‬وال المولود‬ ‫يعلم من أبوه‪ ،‬وال ارحاـ موصولة‪ ،‬وال قرابة معروفة‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم حرـ اللواط ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬من اجل انو لو كاف اتياف الغبلـ حبلال الستغنى الرجاؿ عن النساء وكاف‬ ‫فيو قطع النسل‪ ،‬وتعطيل الفروج‪ ،‬وكاف في اجازة ذلك فساد كثير‪ .‬قاؿ‪ :‬فلم‬ ‫حرـ اتياف البهيمة ؟ قاؿ‪ :‬كره اف يضبع الرجل ماءه‪ ،‬ويأتي غير شكلو‪ ،‬ولو‬ ‫اباح ذلك لربط كل رجل اتانا يركب ظهرىا ويغشى فرجها‪ ،‬وكاف يكوف في‬ ‫ذلك فساد كثير‪ ،‬فاباح ظهورىا‪ ،‬وحرـ عليهم فروجها‪ ،‬وخلق للرجاؿ النساء‬ ‫ليأنسوا بهن ويسكنوا اليهن‪ ،‬ويكن مواضع شهواتهم‪ ،‬وامهات أوالدىم‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫فما علة الغسل من الجنابة‪ ،‬واف ما اتى حبلال وليس في الحبلؿ تدنيس ؟ قاؿ‬ ‫عليو السبلـ‪ :‬اف الجنابة بمنزلة الحيض‪ ،‬وذلك اف النطفة دـ لم يستحكم وال‬ ‫يكوف الجماع اال بحركة شديدة‪ ،‬وشهوة غالبة‪ ،‬فإذا فرغ تنفس البدف‪ ،‬ووجد‬ ‫الرجل من نفسو رائحة كريهة‪ ،‬فوجب الغسل لذلك‪ ،‬وغسل الجنابة مع ذلك‬ ‫امانة ائتمن اهلل عليها عبيده ليختبرىم بها‪.‬‬

‫‪257‬‬


‫منهج العرض‬

‫اف الحكمة التي بينها الخبر لبلحكاـ من حكمة التشريع و ثبوت تلك‬ ‫االحكاـ ثابت و بياف حكمة التشريع ايضا ثابت و شواىدىا المصدقة موجودة‬ ‫‪.‬‬ ‫المضموف (‪ ) ٔٚ‬قاؿ‪ :‬ايها الحكيم ! فما تقوؿ فيمن زعم اف ىذا التدبير‬ ‫الذي يظهر في العالم تدبير النجوـ السبعة ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬يحتاجوف إلى‬ ‫دليل‪ ،‬اف ىذا العالم االكبر والعالم االصغر من تدبير النجوـ التي تسبح في‬ ‫الفلك‪ ،‬وتدور حيث دارت‪ ،‬متعبة ال تفتر‪ ،‬وسائرة ال تقف‪ .‬ثم قاؿ‪ :‬واف لكل‬ ‫نجم منها موكل مدبر‪ ،‬فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين فلو كانت قديمة‬ ‫ازلية لم تتغير من حاؿ إلى حاؿ‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن قاؿ بالطبايع ؟ قاؿ‪ :‬القدرية‪،‬‬ ‫فذلك قوؿ من لم يملك البقاء‪ ،‬وال صرؼ الحوادث‪ ،‬وغيرتو االياـ والليالي‪،‬‬ ‫ال يرد الهرـ‪ ،‬وال يدفع االجل‪ ،‬وما يدري ما يصنع بو‪.‬‬ ‫مضامين ىذه الفقرة بخصوص النجوـ و انو من عبيد اهلل مصدقة ‪.‬‬ ‫المضموف (‪ ) ٔٛ‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عمن يزعم اف الخلق لم يزؿ يتناسلوف‬ ‫ويتوالدوف‪ ،‬ويذىب قرف ويجئ قرف‪ ،‬وتفنيهم االمراض واالعراض‪ ،‬وصنوؼ‬ ‫االفات‪ ،‬ويخبرؾ االخر عن االوؿ‪ ،‬وينبئك الخلف عن السلف‪ ،‬والقروف عن‬ ‫القروف‪ ،‬انهم وجدوا الخلق على ىذا الوصف بمنزلة الشجر والنبات في كل‬ ‫دىر يخرج منو حكيم عليم بمصلحة الناس‪ ،‬بصير بتأليف الكبلـ‪ ،‬ويصنف‬ ‫كتابا قد حبره بفطنتو‪ ،‬وحسنو بحكمتو‪ ،‬قد جعلو حاجزا بين الناس‪ ،‬يأمرىم‬ ‫بالخير ويحثهم عليو‪ ،‬وينهاىم عن السوء والفساد‪ ،‬ويزجرىم عنو‪ ،‬لئبل‬ ‫‪258‬‬


‫منهج العرض‬

‫يتهارشوا‪ ،‬وال يقتل بعضهم بعضا‪ .‬قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ويحك اف من خرج من‬ ‫بطن امو امس‪ ،‬ويرحل عن الدنيا غدا ال علم لو بما كاف قبلو‪ ،‬وال ما يكوف‬ ‫بعده‪ ،‬ثم انو ال يخلو االنساف من اف يكوف خلق نفسو‪ ،‬أو خلقو غيره‪ ،‬أو لم‬ ‫يزؿ موجودا‪ ،‬فما ليس بشئ ليس يقدر اف يخلق شيئا وىو ليس بشئ‪ ،‬وكذلك‬ ‫ما لم يكن فيكوف شيئا‪ ،‬يسئل فبل يعلم كيف كاف ابتداؤه‪ ،‬ولو كاف االنساف‬ ‫ازليا لم تحدث فيو الحوادث‪ ،‬الف االزلي ال تغيره االياـ‪ ،‬وال يأتي عليو الفناء‪،‬‬ ‫مع انا لم نجد بناء من غير باف‪ ،‬وال أثرا من غير مؤثر‪ ،‬وال تأليفا من غير‬ ‫م ؤلف‪ ،‬فمن زعم اف أباه خلقو‪ ،‬قيل‪ :‬فمن خلق أباه‪ ،‬ولو اف االب ىو الذي‬ ‫خلق ابنو‪ ،‬لخلقو على شهوتو‪ ،‬وصوره على محبتو‪ ،‬ولملك حياتو‪ ،‬ولجاز فيو‬ ‫حكمو‪ ،‬ولكنو اف مرض فلم ينفعو‪ ،‬واف مات فعجز عن رده‪ ،‬اف من استطاع‬ ‫اف يخلق خلقا وينفخ فيو روحا حتى يمشي على رجليو سويا‪ ،‬يقدر اف يدفع‬ ‫عنو الفساد‪.‬‬ ‫مضامين ىذه الفقرة في نف ازلية االنساف و بياف حاجتو الى الخالق من‬ ‫المصدقات ‪.‬‬ ‫المضموف ( ‪ )ٜٔ‬قاؿ‪ :‬فما تقوؿ في علم النجوـ ؟ قاؿ‪ :‬ىو علم قلت‬ ‫منافعو‪ ،‬وكثرت مضراتو‪ ،‬النو ال يدفع بو المقدور‪ ،‬وال يتقى بو المحذور‪ ،‬اف‬ ‫خبر المنجم بالببلء لم ينجو التحرز من القضاء‪ ،‬واف اخبر ىو بخير لم يستطع‬ ‫تعجيلو‪ ،‬واف حدث بو سوء لم يمكنو صرفو‪ ،‬والمنجم يضاد اهلل في علمو‪،‬‬ ‫بزعمو اف يرد قضاء اهلل عن خلقو‪.‬‬

‫‪259‬‬


‫منهج العرض‬

‫المضموف ىذا برد اقواؿ اىل النجوـ مصدؽ بل ثابت ‪.‬‬ ‫المضموف (ٕٓ) قاؿ‪ :‬فالرسوؿ افضل أـ الملك المرسل إليو ؟ قاؿ‪ :‬بل‬ ‫الرسوؿ افضل‪ .‬قاؿ‪ :‬فما علة المبلئكة الموكلين بعباده‪ ،‬يكتبوف عليهم ولهم‪،‬‬ ‫واهلل عالم السر وما ىو اخفى‪ ،‬قاؿ‪ :‬استعبدىم بذلك‪ ،‬وجعلهم شهودا على‬ ‫خلقو‪ ،‬ليكوف العباد لمبلزمتهم اياىم اشد على طاعة اهلل مواظبة‪ ،‬وعن معصيتو‬ ‫اشد انقباضا‪ ،‬وكم من عبد يهم بمعصيتو فذكر مكانهما فارعوى وكف‪ ،‬فيقوؿ‬ ‫ربي يراني‪ ،‬وحفظتي علي بذلك تشهد‪ ،‬واف اهلل برأفتو ولطفو ايضا وكلهم‬ ‫بعباده‪ ،‬يذبوف عنهم مردة الشيطاف‪ ،‬وىواـ االرض‪ ،‬وآفات كثيرة من حيث ال‬ ‫يروف باذف اهلل إلى اف يجئ امر اهلل‪.‬‬ ‫في الفقرة مضمامين مصدقة باف الرسوؿ افضل من الملك المرسل و اف‬ ‫المبلئكة شهودا و انهم يذبوف عنهم ‪.‬‬ ‫المضموف (ٕٔ ) قاؿ‪ :‬فخلق الخلق للرحمة اـ للعذاب ؟ قاؿ‪ :‬خلقهم‬ ‫للرحمة‪ ،‬وكاف في علمو قبل خلقو اياىم‪ ،‬اف قوما منهم يصيروف إلى عذابو‬ ‫باعمالهم الردية‪ ،‬وجحدىم بو‪ .‬قاؿ‪ :‬يعذب من انكر فاستوجب عذابو بانكاره‪،‬‬ ‫فبم يعذب من وحده وعرفو ؟ قاؿ‪ :‬يعذب المنكر اللهيتو عذاب االبد‪،‬‬ ‫ويعذب المقر بو عذاب عقوبة لمعصيتو اياه فيما فرض عليو‪ ،‬ثم يخرج‪ ،‬وال‬ ‫يظلم ربك احدا‪.‬‬ ‫استحقاؽ العذاب االبدي للكافر و استحقاؽ العقوبة على المعصية‬ ‫للموحد من المضامين المصدقة ‪.‬‬ ‫‪260‬‬


‫منهج العرض‬

‫المضموف (ٕ​ٕ) قاؿ‪ :‬فبين الكفر وااليماف منزلة ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ال‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فما االيماف وما الكفر ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬االيماف‪ :‬اف يصدؽ اهلل فيما‬ ‫غاب عنو من عظمة اهلل‪ ،‬كتصديقو بما شاىد من ذلك وعاين‪ ،‬والكفر‪:‬‬ ‫الجحود‪ .‬قاؿ‪ :‬فما الشرؾ وما الشك ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬الشرؾ ىو‪ :‬اف يضم‬ ‫إلى الواحد الذي ليس كمثلو شئ آخر والشك‪ :‬ما لم يعتقد قلبو شيئا‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫افيكوف العالم جاىبل ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬عالم بما يعلم‪ ،‬وجاىل بما يجهل‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فما السعادة وما الشقاوة ؟ قاؿ‪ :‬السعادة‪ :‬سبب الخير‪ ،‬تمسك بو‬ ‫السعيد فيجره إلى النجاة‪ ،‬والشقاوة سبب خذالف‪ ،‬تمسك بو الشقي فيجره‬ ‫إلى الهلكة‪ ،‬وكل بعلم اهلل‪ .‬قاؿ‪ :‬اخبرني عن السراج إذا انطفى اين يذىب نوره‬ ‫؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬يذىب فبل يعود‪ .‬قاؿ‪ :‬فما انكرت اف يكوف االنساف مثل‬ ‫ذلك إذا مات وفارؽ الروح البدف‪ ،‬لم يرجع إليو ابدا كما ال يرجع ضوء السراج‬ ‫إليو ابدا إذا انطفى ؟ قاؿ‪ :‬لم تصب القياس‪ ،‬اف النار في االجساـ كامنة‪،‬‬ ‫واالجساـ قائمة باعيانها كالحجر والحديد‪ ،‬فإذا ضرب احدىما باالخر‪،‬‬ ‫سقطت من بينهما بار‪ ،‬تقتبس منها سراج‪ ،‬لو ضوء‪ ،‬فالنار ثابت في اجسامها‪،‬‬ ‫والضوء ذاىب‪ ،‬والروح‪ :‬جسم رقيق‪ ،‬قد البس قالبا كثيفا‪ ،‬وليس بمنزلة‬ ‫السراج الذي ذكرت‪ ،‬اف الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاؼ‪ ،‬وركب فيو‬ ‫ضروبا مختلفة‪ :‬من عروؽ‪ ،‬وعصب واسناف‪ ،‬وشعر‪ ،‬وعظاـ‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬ىو‬ ‫يحييو بعد موتو‪ ،‬ويعيده بعد فنائو‪.‬‬ ‫الفقرة فيها مضامين عدة مصدقة و عليها شواىد ‪.‬‬

‫‪261‬‬


‫منهج العرض‬

‫المضموف (ٖٕ) قاؿ‪ :‬فأين الروح ؟ قاؿ‪ :‬في بطن االرض حيث مصرع‬ ‫البدف إلى وقت البعث‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن صلب فاين روحو ؟ قاؿ‪ :‬في كف الملك‬ ‫الذي قبضها حتى يودعها االرض‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عن الروح أغير الدـ ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫نعم‪ .‬الروح على ما وصفت لك‪ :‬مادتها من الدـ‪ ،‬ومن الدـ رطوبة الجسم‪،‬‬ ‫وصفاء اللوف‪ ،‬وحسن الصوت‪ ،‬وكثرة الضحك‪ ،‬فإذا جمد الدـ فارؽ الروح‬ ‫البدف‪ .‬قاؿ‪ :‬فهل يوصف بخفة وثقل ووزف ؟ قاؿ‪ :‬الروح بمنزلة الريح في‬ ‫الزؽ‪ ،‬إذا نفخت فيو امتؤل الزؽ منها‪ ،‬فبل يزيد في وزف الزؽ ولوجها فيو‪ ،‬وال‬ ‫ينقصها خروجها منو‪ ،‬كذلك الروح ليس لها ثقل وال وزف‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني ما‬ ‫جوىر الريح ؟ قاؿ‪ :‬الريح ىواء إذا تحرؾ يسمى ريحا‪ ،‬فإذا سكن يسمى‬ ‫ىواء‪ ،‬وبو قواـ الدنيا‪ ،‬ولو كفت الريح ثبلثة اياـ لفسد كل شئ على وجو‬ ‫االرض ونتن‪ ،‬وذلك اف الريح بمنزلة المروحة‪ ،‬تذب وتدفع الفساد عن كل شئ‬ ‫وتطيبو‪ ،‬فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدف نتن البدف وتغير‪ ،‬وتبارؾ اهلل‬ ‫احسن الخالقين‪ .‬قاؿ‪ :‬افتتبلشى الروح بعد خروجو عن قالبو اـ ىو باؽ ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬بل ىو باؽ إلى وقت ينفخ في الصور‪ ،‬فعند ذلك تبطل االشياء‪ ،‬وتفنى‬ ‫فبل حس وال محسوس‪ ،‬ثم اعيدت االشياء كما بدأىا مدبرىا‪ ،‬وذلك اربعمائة‬ ‫سنة يسبت فيها الخلق‪ ،‬وذلك بين النفختين‪ .‬قاؿ‪ :‬وانى لو بالبعث والبدف قد‬ ‫بلى‪ ،‬واالعضاء قد تفرقت‪ ،‬فعضو ببلدة يأكلها سباعها‪ ،‬وعضو باخرى تمزقو‬ ‫ىوامها‪ ،‬وعضو قد صار ترابا بني بو مع الطين حائط ؟ قاؿ‪ :‬اف الذي انشأه‬ ‫من غير شئ‪ ،‬وصوره على غير مثاؿ كاف سبق إليو‪ ،‬قادر اف يعيده كما بدأه‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬اوضح لي ذلك! قاؿ‪ :‬اف الروح مقيمة في مكانها‪ ،‬روح المحسن في‬ ‫‪262‬‬


‫منهج العرض‬

‫ضياء وفسحة‪ ،‬وروح المسئ في ضيق وظلمة‪ ،‬والبدف يصير ترابا كما منو‬ ‫خ لق‪ ،‬وما تقذؼ بو السباع والهواـ من اجوافها‪ ،‬مما اكلتو ومزقتو كل ذلك في‬ ‫التراب‪ .‬محفوظ عند من ال يعزب عنو مثقاؿ ذرة في ظلمات االرض‪ ،‬ويعلم‬ ‫عدد االشياء ووزنها‪ ،‬واف تراب الروحانيين بمنزلة الذىب في التراب‪ ،‬فإذا كاف‬ ‫حين البعث مطرت االرض مطر النشور‪ ،‬فتربو االرض ثم تمخضوا مخض‬ ‫السقاء‪ ،‬فيصير تراب البشر كمصير الذىب من التراب إذا غسل بالماء‪،‬‬ ‫والزبد من اللبن إذا مخض‪ ،‬فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبو‪ ،‬فينتقل باذف‬ ‫اهلل القادر إلى حيث الروح‪ ،‬فتعود الصور باذف المصور كهيئتها‪ ،‬وتلج الروح‬ ‫فيها‪ ،‬فإذا قد استوى ال ينكر من نفسو شيئا‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني عن الناس‬ ‫يحشروف يوـ القيامة عراة ؟ قاؿ‪ :‬بل يحشروف في اكفانهم‪ .‬قاؿ‪ :‬انى لهم‬ ‫باالكفاف وقد بليت ؟ ! قاؿ‪ :‬اف الذي احيا ابدانهم جدد اكفانهم‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن‬ ‫مات ببل كفن ؟ قاؿ‪ :‬يستر اهلل عورتو بما يشاء من عنده‪ .‬قاؿ‪ :‬افيعرضوف‬ ‫صفوفا ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬نعم‪ .‬ىم يومئذ عشروف ومائة الف صف في عرض‬ ‫االرض‪.‬‬ ‫في ىذا الفقرة مضامين مهمة و عديدة و عليها شواىد ‪ ،‬و من المهمات‬ ‫ذكر اف البعث يكوف على ىيئة صورتها في قولو عليو السبلـ ( فتعود الصور‬ ‫باذف المصور كهيئتها‪ ،‬وتلج الروح فيها‪ ،‬فإذا قد استوى ال ينكر من نفسو‬ ‫شيئا‪ ) .‬و اف الحشر يكوف باالكفاف في قولو عليو السبلـ (قاؿ‪ :‬بل يحشروف‬ ‫في اكفانهم‪) .‬‬

‫‪263‬‬


‫منهج العرض‬

‫المضموف (ٕٗ ) قاؿ‪ :‬أو ليس توزف االعماؿ ؟ قاؿ‪ :‬ال اف االعماؿ‬ ‫ليست باجساـ‪ ،‬وانما ىي صفة ما عملوا‪ ،‬وانما يحتاج إلى وزف الشئ من‬ ‫جهل عدد االشياء‪ ،‬وال يعرؼ ثقلها أو خفتها‪ ،‬واف اهلل ال يخفى عليو شئ‪.‬‬ ‫قاؿ‪ :‬فما معنى الميزاف ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬العدؿ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما معناه في كتابو‪:‬‬ ‫(فمن ثقلت موازينو) ؟ قاؿ‪ :‬فمن رجح عملو‪ .‬قاؿ‪ :‬فاخبرني أو ليس في النار‬ ‫مقنع اف يعذب خلقو بها دوف الحيات والعقارب‪ .‬قاؿ‪ :‬انما يعذب بها قوما‬ ‫زعموا انها ليست من خلقو‪ ،‬انما شريكو الذي يخلقو‪ ،‬فيسلط اهلل عليهم‬ ‫العقارب والحيات في النار ليذيقهم بها وباؿ ما كذبوا عليو فجحدوا اف يكوف‬ ‫صنعو‪ .‬قاؿ‪ :‬فمن اين قالوا‪( :‬اف اىل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها‬ ‫فإذا اكلها عادت كهيئتها) ؟ قاؿ‪ :‬نعم ذلك على قياس السراج يأتي القابس‬ ‫فيقتبس عنو فبل ينقص من ضوئو شيئا‪ ،‬وقد امتلت الدنيا منو سراجا‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫أليسوا يأكلوف ويشربوف‪ ،‬وتزعم انو ال يكوف لهم الحاجة ؟ قاؿ‪ :‬بلى‪ .‬الف‬ ‫غذاؤىم رقيق ال ثقل لو‪ ،‬بل يخرج من اجسادىم بالعرؽ‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف تكوف‬ ‫الحوراء في جميع ما اتاىا زوجها عذراء ؟ قاؿ‪ :‬النها خلقت من الطيب ال‬ ‫يعتريها عاىة‪ ،‬وال يخالط جسمها آفة‪ .‬وال يجري في ثقبها شئ‪ ،‬وال يدنسها‬ ‫حيض‪ ،‬فالرحم ملتزقة ملدـ‪ ،‬إذ ليس فيها لسوى االحليل مجري‪ .‬قاؿ‪ :‬فهي‬ ‫تلبس سبعين حلة ويرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها وبدنها ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫كما يرى احدكم الدراىم إذا لقيت في ماء صاؼ قدره قدر رمح‪ .‬قاؿ‪ :‬فكيف‬ ‫تنعم اىل الجنة بما فيو من النعيم‪ ،‬وما منهم احد اال وقد فقد ابنو‪ ،‬واباه‪ ،‬أو‬ ‫حميمو‪ ،‬أو امو‪ ،‬فإذا افتقدوىم في الجنة لم يشكوا في مصيرىم إلى النار‪ ،‬فما‬ ‫‪264‬‬


‫منهج العرض‬

‫يصنع بالنعيم من يعلم اف حميمو في النار ويعذب ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬اف اىل‬ ‫العلم قالوا‪ :‬انهم ينسوف ذكرىم‪ .‬وقاؿ‪ :‬بعضهم انتظروا قدومهم‪ ،‬ورجوا اف‬ ‫يكونوا بين الجنة والنار في اصحاب االعراؼ‪.‬‬ ‫في ىذا الفقرة مضامين عديدة مصدقة و ما لها شاىد و ما ال مخالفة فيها‬ ‫للقراف و السنة ‪.‬‬

‫المضموف (ٕ٘ ) قاؿ عليو السبلـ‪ :‬فاخبرني عن الشمس اين تغيب ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬اف بعض العلماء قاؿ‪ :‬إذا انحدرت اسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن‬ ‫السماء صاعدة ابدا‪ ،‬إلى اف تنحط إلى موضع مطلعها يعني‪ :‬انها تغيب في‬ ‫عين حامية ثم تخرؽ االرض راجعة إلى موضع مطلعها‪ ،‬فتحير تحت العرش‬ ‫حتى يؤذف لها بالطلوع‪ ،‬ويسلب نورىا كل يوـ‪ ،‬وتجلل نورا آخر‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫فالكرسي أكبر أـ العرش ؟ قاؿ‪ :‬كل شئ خلقو اهلل في جوؼ الكرسي ما خبل‬ ‫عرشو فانو اعظم من اف يحيط بو الكرسي‪ .‬قاؿ‪ :‬فخلق النهار قبل الليل ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬خلق النهار قبل الليل‪ ،‬والشمس قبل القمر‪ ،‬واالرض قبل السماء ووضع‬ ‫االرض على الحوت‪ ،‬والحوت في الماء‪ ،‬والماء في صخرة مجوفة‪ ،‬والصخرة‬ ‫على عاتق ملك‪ ،‬والملك على الثرى‪ ،‬والثرى على الريح العقيم‪ ،‬والريح على‬ ‫الهواء والهواء تمسكو القدرة‪ ،‬وليس تحت الريح العقيم اال الهواء والظلمات‪،‬‬ ‫وال وراء ذلك سعة وال ضيق‪ ،‬وال شئ يتوىم‪ ،‬ثم خلق الكرسي فحشاه‬

‫‪265‬‬


‫منهج العرض‬

‫السماوات واالرض والكرسي اكبر من كل شئ خلقو اهلل‪ ،‬ثم خلق العرش‬ ‫فجعلو أكبر من الكرسي ‪.‬‬ ‫و المضامين في ىذه الفقرة لها مصدقات و شواىد من طرؽ اخرى و فيها‬ ‫غيبيات غير مخالفة للكتاب و السنة ‪.‬‬ ‫فالخبلصة الخبر مصدؽ بكل مضامينو ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫رواه في االحتجاج في اخبار عن الزنديق الذي سأؿ الصادؽ اسئلة كثيرة ‪،‬‬ ‫و صرح في البحار انو خبر ىشاـ بن الحكم ‪ ،‬و يصدؽ ورود فقرة من ذلك‬ ‫الخير ىنا ‪ .‬و السند منقطع من الثالث ‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬فقو الخبر ‪ :‬الخبر مشتمل على مضامين كثيرة و في‬ ‫مواضيع كثير سنذكر كل مضموف في الباب المناسب لو ‪ ،‬و انما ذكرنا الخبر‬ ‫ىنا بطولو للتوثيق و لذكر المناسب منو ىنا ‪.‬‬ ‫الجهة الرابعة ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬الخبر نقي مصدؽ معتمد ‪ ،‬منفرد الطريق‬ ‫سنده منقطع من الدرجة الثالثة ‪.‬‬

‫‪266‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (ٕ​ٕ) حديث ( ادنى المعرفة ‪ :‬االقرار بأنو ال إلو غيره‪ ،‬وال شبو‬ ‫لو وال نظير ‪ ،‬وأنو قديم مثبت‪ ،‬موجود غير فقيد‪ ،‬وأنو ليس كمثلو شئ‪) .‬‬ ‫المتن ‪ :‬عن الفتح يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليو السبلـ‬

‫قاؿ‪:‬‬

‫سألتو عن أدنى المعرفة فقاؿ‪ :‬االقرار بأنو ال إلو غيره‪ ،‬وال شبو لو وال نظير لو‪،‬‬ ‫وأنو قديم مثبت‪ ،‬موجود غير فقيد‪ ،‬وأنو ليس كمثلو شئ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫في الكافي ‪:‬‬

‫قاؿ‪ :‬سألتو عن أدنى المعرفة فقاؿ‪ :‬االقرار بأنو ال إلو‬

‫غيره‪ ،‬وال شبو لو وال نظير ‪ ،‬وأنو قديم مثبت‪ ،‬موجود غير فقيد‪ ،‬وأنو ليس‬ ‫كمثلو شئ‪ .‬و في التوحيد مثلو اال ( و ال نظير لو ) و في عيوف اخبار الرضا‬ ‫مثلو اال عبارة ( وال شبو لو وال نظير وأنو قديم مثبت موجود )‬ ‫اقوؿ ىذا الجواب مختص بما ىو واجب من التوحيد و معرفة الخالق‬ ‫جمعا مع ما ىو ثابت من وجوب معارؼ اخرى غير ذلك و عليو صريح قوؿ‬ ‫االماـ اإلماـ الباقر (عليو السبلـ) ‪ -‬لما سئل عن الذي ال يجتزئ بدوف ذلك‬ ‫من معرفة الخالق ؟ ‪ :‬ليس كمثلو شئ‪ ،‬وال يشبهو شئ‪ ،‬لم يزؿ عالما و قوؿ‬ ‫ابي الحسن الكاظم عليو السبلـ لما سئل ‪ -‬ما الذي ال يجتزئ في معرفة‬ ‫الخالق جل جبللو بدونو ؟ فكتب عليو السبلـ‪ :‬ليس كمثلو شئ ‪ ،‬لم يزؿ‬ ‫سميعا وعليما وبصيرا‪ ،‬وىو الفعاؿ لما يريد‪.‬‬ ‫‪267‬‬


‫منهج العرض‬

‫اقوؿ اف اختبلؼ الفاظ االجوبة عن سؤاؿ دقيق في اقل ما يجب معرفتو‬ ‫انما ىو ناتج من اف تلك االمور الواجب معرفتها بينها تدخل من حيث العموـ‬ ‫و الخصوص ‪ ،‬فاف مضموف ( ليس كمثلو شيء ) يشمل باقي المضامين فهذا‬ ‫المضموف ليس فقط ينفي التشبيو بل يثبت القدـ و العلم و القدرة ‪ ،‬فلذلك‬ ‫كاف تباين ظاىري في االجوبة ‪ .‬و مضموف الخبر مصدؽ بالمعارؼ الثابتة و‬ ‫بما بينا ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية الطرؽ‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫عيوف أخبار الرضا (عليو السبلـ) ‪ :‬حدثنا محمد بن على‬

‫ماجيلويو رضى اهلل عنو قاؿ‪ :‬حدثنا على بن إبراىيم بن ىاشم عن مختار بن‬ ‫محمد بن المختار الهمداني عن الفتح يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليو‬ ‫السبلـ ‪)...‬‬ ‫ٕ‪-‬‬

‫التوحيد ‪ :‬حدثنا محمد بن علي ماجيلويو رحمو اهلل‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫حدثنا علي بن إبراىيم ابن ىاشم‪ ،‬عن مختار بن محمد بن مختار الهمداني‪،‬‬ ‫عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليو السبلـ‪ ،‬قاؿ‪ :‬سألتو ‪)...‬‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫الكافي ‪ :‬محمد بن الحسن‪ ،‬عن عبداهلل بن الحسن‬

‫العلوي‪ ،‬وعلي بن إبراىيم‪ ،‬عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني‬ ‫جميعا‪ ،‬عن الفتح بن يزيد‪ ،‬عن أبي الحسن عليو السبلـ ‪)...‬‬

‫و ابو الحسن ىو الرضا عليو السبلـ لعدة قرائن منها اف الفتح صرح في‬ ‫عدة مواضع انو سأؿ الرضا عن امور في التوحيد و اخرى في الفقو ‪ ،‬و منها‬ ‫انو صرح انو لقيو لما كاف عليو السبلـ ( سائرا الى العراؽ ) او ( لما قُ ِدـ من‬ ‫‪268‬‬


‫منهج العرض‬

‫المدينة ) ‪ ،‬و ثالثا اف الفتح يروي عنو جعفر بن محمد االشعري و احمد‬ ‫البرقي فالقوؿ اف ابا الحسن ىنا الهادي عليو السبلـ ال وجو لو ‪ ،‬كما انو واف‬ ‫احتمل اف يكوف الكاظم عليو السبلـ اال انو احتماؿ ضعيف في مقابل ما تقدـ‬ ‫فيكوف ذكر الصدوؽ للخبر في اخبار عيوف الرضا عليو السبلـ تاـ ‪.‬‬ ‫و الطريق منفرد و سنده متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر‬ ‫حديث نقي مصدؽ متعمد منفرد الطريق سنده متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬

‫فصل (ٖٕ) حديث (ما الدليل على أف اهلل واحد ؟ قاؿ‪ :‬اتصاؿ التدبير‬ ‫وتماـ الصنع )‬

‫المتن ‪ :‬ىشاـ بن الحكم‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت البي عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ما‬ ‫الدليل على أف اهلل واحد ؟ قاؿ‪ :‬اتصاؿ التدبير وتماـ الصنع كما قاؿ عزوجل‪:‬‬ ‫(لو كاف فيهما آلهة إال اهلل لفسدتا) ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬

‫‪269‬‬


‫منهج العرض‬

‫التوحيد ‪ :‬ىشاـ بن الحكم‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت البي عبد اهلل عليو السبلـ‪ :‬ما‬ ‫الدليل على أف اهلل واحد ؟ قاؿ‪ :‬اتصاؿ التدبير وتماـ الصنع كما قاؿ عزوجل‪:‬‬ ‫(لو كاف فيهما آلهة إال اهلل لفسدتا) ‪.‬‬ ‫من الواضح اف السؤاؿ خاص و الجواب خاص ايضا ألف المعرفة الثابتة‬ ‫اف الدليل للمؤمن ىو القراف و انما اللجوء الى الدليل العقلي انما يكوف مع‬ ‫غير المسلّم من المسلمين و غير المؤمن من غيرىم ‪.‬فاالجابة باف الدليل‬ ‫عقلي ىو من الجواب الخاص الناظر الى تلك الجهة ‪ .‬فالخبر نقي مصدؽ ‪.‬‬ ‫فائدة ‪ :‬الخبر يفيد جواز االستدالؿ بالعقل على المعرفة و اف كاف ىناؾ‬ ‫نص ‪ ،‬كما انو يفيد جواز دعم المعرفة المنصوصة بدليل العقل ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫في التوحيد ‪ :‬حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمو اهلل قاؿ‪:‬‬ ‫حدثنا محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد‬ ‫بن أبي عمير‪ ،‬عن ىشاـ بن الحكم‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت البي عبد اهلل عليو السبلـ‪:‬‬ ‫‪ )...‬و الخبر منفرد الطريق ‪ ،‬و سنده متصل من الدرجة االولى ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد منفرد الطريق سنده متصل من‬ ‫الدرجة االولى ‪.‬‬

‫‪270‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (ٕٗ) حديث ( انو لم يدع الثاني إال بعد إثبات الواحد‪ ،‬فالواحد‬ ‫مجمع عليو وأكثر من واحد مختلف فيو ‪) .‬‬ ‫المتن ‪ :‬علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قاؿ‪ :‬سمعت الفضل بن‬ ‫شاذاف يقوؿ‪ :‬سأؿ رجل من الثنوية أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‬ ‫السبلـ‪ ،‬وأنا حاضر فقاؿ لو‪ :‬إني أقوؿ‪ :‬إف صانع العالم اثناف‪ ،‬فما الدليل على‬ ‫أنو واحد؟ فقاؿ‪ :‬قولك‪ :‬إنو اثناف دليل على أنو واحد ألنك لم تدع الثاني إال‬ ‫بعد إثباتك الواحد‪ ،‬فالواحد مجمع عليو وأكثر من واحد مختلف فيو ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬

‫اشارة ‪ :‬االستدالؿ ىنا قائم على معرفة ثابتة وىي االذعاف و االقرار‬ ‫بالمتيقن ‪ ،‬فاالحتجاج ىنا ليس باالقرار بما ال اختبلؼ فيو و ال برفض ما فيو‬ ‫االختبلؼ ‪ ،‬الف من الباطل ما يمكن اف يقر بو الجماعة كما في المقلدين من‬ ‫االمم التي ذكرىا القراف و من الحق ما يختلف فيو كما في انكار الناس‬ ‫لدعوى الرسل ‪ ،‬و اما الحجة و التي توجب العلم فهو المتيقن ‪ ،‬الف غيره‬ ‫يدخلو الشك ‪ ،‬و المتيقن من قوؿ الموحد و المشرؾ ىو اثبات الخالق‬ ‫الواحد النو متيقن من قولهما و بهذا استدؿ االماـ عليو السبلـ وىو مصدؽ‬

‫َخ َر َال بػُ ْرَىا َف لَوُ بِ ِو فَِإنَّ َما‬ ‫ع َم َع اللَّ ِو إِلَ ًها آ َ‬ ‫بالقراف قاؿ اهلل تعالى‪َ ( :،‬وَم ْن يَ ْد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سابُوُ ع ْن َد َربِّْو إِنَّوُ َال يُػ ْف ِل ُح الْ َكافِ ُرو َف) و قاؿ تعالى (أ ََّم ْن يَػ ْب َدأُ الْ َخل َ‬ ‫ْق ثُ َّم يُِعي ُدهُ‬ ‫حَ‬ ‫‪271‬‬


‫منهج العرض‬

‫الس َم ِاء َو ْاأل َْر ِ‬ ‫ض أ َِءلَوٌ َم َع اللَّ ِو قُ ْل َىاتُوا بػُ ْرَىانَ ُك ْم إِ ْف ُك ْنتُ ْم‬ ‫َوَم ْن يَػ ْرُزقُ ُك ْم ِم َن َّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين ) بل اف قولو تعالى ( مع اهلل ) فيو اشارة الى اذعاف الجميع اللوىيتو‬ ‫َ‬ ‫صادق َ‬ ‫تعالى فالمصدقية كاللفظية ‪ .‬و طريقة االسدالؿ ىذه أي االخذ بالمتيقن‬ ‫وردت عنهم عليهم السبلـ في اكثر من موضع كما انو اصل من اصوؿ الفقو‬ ‫الثابتة ‪.‬‬ ‫التوحيد ‪ :‬سأؿ رجل من الثنوية أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‬ ‫السبلـ‪ ،‬وأنا حاضر فقاؿ لو‪ :‬إني أقوؿ‪ :‬إف صانع العالم اثناف‪ ،‬فما الدليل على‬ ‫أنو واحد؟ فقاؿ‪ :‬قولك‪ :‬إنو اثناف دليل على أنو واحد ألنك لم تدع الثاني إال‬ ‫بعد إثباتك الواحد‪ ،‬فالواحد مجمع عليو وأكثر من واحد مختلف ‪.‬‬ ‫و منهج االحتجج العقلي و ما انتهى اليو من اثبات الواحدية مضمامين‬ ‫مصدقة ‪.‬‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫التوحيد ‪ :‬حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار‬ ‫رضي اهلل عنو‪ ،‬بنيسابور سنة اثنتين وخمسين وثبلثمائة‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا علي بن‬ ‫محمد بن قتيبة النيسابوري قاؿ‪ :‬سمعت الفضل بن شاذاف يقوؿ‪ :‬سأؿ رجل‬ ‫من الثنوية أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السبلـ‪ ،‬وأنا حاضر فقاؿ‬ ‫لو‪ :‬إني أقوؿ‪ :‬إف صانع العالم اثناف‪ ،‬فما الدليل على أنو واحد؟ فقاؿ‪ :‬قولك‪:‬‬

‫‪272‬‬


‫منهج العرض‬

‫إنو اثناف دليل على أنو واحد ألنك لم تدع الثاني إال بعد إثباتك الواحد‪،‬‬ ‫فالواحد مجمع عليو وأكثر من واحد مختلف فيو ‪.‬‬ ‫الطريق منفرد و سند الخبر متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر‬ ‫الحديث نقي مصدؽ معتمد منفرد الطريق سنده متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫الجهة الرابعة ‪ :‬الفوائد‬ ‫الخبر يفيد جواز االحتجاج العقلي ‪ ،‬و اف االخذ بالمتيقن من الدليل‬ ‫عند االختبلؼ صحيح ‪.‬‬

‫فصل (ٕ٘) حديث ( االدلة على الخلق والتدبير والرد على القائلين باالىماؿ‬ ‫ومنكري العمد برواية المفضل )‬ ‫المتن ‪:‬‬ ‫بحار األنوار ( الخبر المتشهر بتوحيد المفضل بن عمر) روى محمد‬ ‫بن سناف قاؿ‪ :‬حدثنا المفضل بن عمر قاؿ‪ :‬كنت ذات يوـ بعد العصر جالسا‬ ‫في الروضة بين القبر والمنبر‪ ،‬وأنا مفكر فيما خص اهلل بو سيدنا محمدا صلى‬ ‫اهلل عليو وآلو من الشرؼ والفضائل‪ ،‬وما منحو وأعطاه وشرفو بو وحباه مما ال‬ ‫‪273‬‬


‫منهج العرض‬

‫يعرفو الجمهور من االمة‪ ،‬وما جهلوه من فضلو وعظيم منزلتو وخطر مرتبتو‪،‬‬ ‫فإني لكذلك إذ أقبل ابن أبي العوجاء فجلس بحيث أسمع كبلمو فلما استقر‬ ‫بو المجلس إذا رجل من أصحابو قد جاء فجلس إليو فتكلم ابن أبي العوجاء‬ ‫فقاؿ‪ :‬لقد بلغ صاحب ىذا القبر العز بكمالو‪ ،‬وحاز الشرؼ بجميع خصالو‪،‬‬ ‫وناؿ الحظوة في كل أحوالو‪ ،‬فقاؿ لو صاحبو‪ :‬إنو كاف فيلسوفا ادعى المرتبة‬ ‫العظمى والمنزلة الكبرى‪ ،‬وأتى على ذلك بمعجزات بهرت العقوؿ‪ ،‬وضلت‬ ‫فيها االحبلـ‪ ،‬وغاصت االلباب على طلب علمها في بحار الفكر فرجعت‬ ‫خاسئات وىي حسر‪ ،‬فلما استجاب لدعوتو العقبلء والفصحاء والخطباء دخل‬ ‫الناس في دينو أفواجا فقرف اسمو باسم ناموسو‪ ،‬فصار يهتف بو على رؤوس‬ ‫الصوامع في جميع البلداف‪ ،‬والمواضع التي انتهت إليها دعوتو‪ ،‬وعلت بها‬ ‫كلمتو‪ ،‬وظهرت فيها حجتو برا وبحرا وسهبل وجببل في كل يوـ وليلة خمس‬ ‫مرات‪ ،‬مرددا في االذاف واالقامة ليتجدد في كل ساعة ذكره‪ ،‬لئبل يخمل أمره‪.‬‬ ‫فقاؿ ابن أبي العوجاء‪ :‬دع ذكر محمد ‪ -‬صلى اهلل عليو وآلو ‪ -‬فقد تحير فيو‬ ‫عقلي‪ ،‬وضل في أمره فكري ‪ ،‬وحدثنا في ذكر االصل الذي يمشى بو ‪ .‬ثم‬ ‫ذكر ابتداء االشياء وزعم أف ذلك بإىماؿ ال صنعة فيو وال تقدير‪ ،‬وال صانع لو‬ ‫وال مدبر‪ ،‬بل االشياء تتكوف من ذاتها ببل مدبر‪ ،‬وعلى ىذا كانت الدنيا لم‬ ‫تزؿ وال تزاؿ‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فلم أملك نفسي غضبا وغيظا وحنقا فقلت‪ :‬يا عدو اهلل‬ ‫ألحدت في دين اهلل‪ ،‬وأنكرت الباري جل قدسو الذي خلقك في أحسن‬ ‫تقويم‪ ،‬وصورؾ في أتم صورة‪ ،‬ونقلك في أحوالك حتى بلغ بك إلى حيث‬ ‫‪274‬‬


‫منهج العرض‬

‫انتهيت‪ ،‬فلو تفكرت في نفسك و صدقك لطيف حسك لوجدت دالئل‬ ‫الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة‪ ،‬وشواىده ‪ -‬جل وتقدس ‪ -‬في خلقك‬ ‫واضحة‪ ،‬وبراىينو لك الئحة‪ .‬فقاؿ‪ :‬يا ىذا إف كنت من أىل الكبلـ كلمناؾ‪،‬‬ ‫فإف ثبت لك حجة تبعناؾ‪ ،‬وإف لم تكن منهم فبل كبلـ لك‪ ،‬وإف كنت من‬ ‫أصحاب جعفر بن محمد الصادؽ فما ىكذا يخاطبنا‪ ،‬وال بمثل دليلك‬ ‫يجادلنا‪ ،‬ولقد سمع من كبلمنا أكثر مما سمعت‪ ،‬فما أفحش في خطابنا وال‬ ‫تعدى في جوابنا‪ ،‬وإنو للحليم الرزين العاقل الرصين‪ ،‬ال يعتريو خرؽ وال طيش‬ ‫وال نزؽ‪ ،‬ويسمع كبلمنا ويصغي إلينا ويستعرؼ حجتنا حتى استفرغنا ما عندنا‬ ‫وظننا أنا قد قطعناه أدحض حجتنا بكبلـ يسير وخطاب قصير يلزمنا بو‬ ‫الحجة‪ ،‬ويقطع العذر‪ ،‬وال نستطيع لجوابو ردا‪ ،‬فإف كنت من أصحابو فخاطبنا‬ ‫بمثل خطابو‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فخرجت من المسجد محزونا مفكرا فيما بلي بو االسبلـ‬ ‫وأىلو من كفر ىذه العصابة وتعطيلها‪ ،‬فدخلت على موالي صلوات اهلل عليو‬ ‫فرآني منكسرا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬مالك ؟ فأخبرتو بما سمعت من الدىريين وبما رددت‬ ‫عليهما‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اللقين إليك من حكمة الباري ‪ -‬جل وعبل وتقدس اسمو ‪-‬‬ ‫في خلق العالم والسباع والبهائم و الطير والهواـ‪ ،‬وكل ذي روح من االنعاـ‪،‬‬ ‫والنبات والشجرة المثمرة وغير ذات الثمر والحبوب والبقوؿ المأكوؿ من‬ ‫ذلك وغير المأكوؿ ما يعتبر بو المعتبروف‪ ،‬ويسكن إلى معرفتو المؤمنوف‪،‬‬ ‫ويتحير فيو الملحدوف فبكر علي غدا‪.‬‬

‫‪275‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ المفضل‪ :‬فانصرفت من عنده فرحا مسرورا وطالت علي تلك الليلة‬ ‫انتظارا لما وعدني بو‪ ،‬فلما أصبحت غدوت فاستوذف لي فدخلت وقمت بين‬ ‫يديو‪ ،‬فأمرني بالجلوس فجلست‪ ،‬ثم نهض إلى حجرة كاف يخلو فيها‪،‬‬ ‫فنهضت بنهوضو فقاؿ‪ :‬اتبعني فتبعتو فدخل ودخلت خلفو‪ ،‬فجلس وجلست‬ ‫بين يديو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا مفضل‪ :‬كأني بك وقد طالت عليك ىذه الليلة انتظارا لما‬ ‫وعدتك ؟ فقلت‪ :‬أجل يا موالي‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا مفضل إف اهلل كاف وال شئ قبلو‪،‬‬ ‫وىو باؽ وال نهاية لو‪ ،‬فلو الحمد على ما ألهمنا‪ ،‬ولو الشكر على ما منحنا‪،‬‬ ‫وقد خصنا من العلوـ بأعبلىا ومن المعالي بأسناىا‪ ،‬واصطفانا على جميع‬ ‫الخلق بعلمو‪ ،‬وجعلنا مهيمنين عليهم بحكمو‪ ،‬فقلت‪ :‬يا موالي أتأذف لي أف‬ ‫أكتب ما تشرحو ؟ ‪ -‬وكنت أعددت معي ما أكتب فيو – فقاؿ لي‪ :‬افعل‪.‬‬ ‫يا مفضل إف الشكاؾ جهلوا االسباب والمعاني في الخلقة‪ ،‬وقصرت‬ ‫أفهامهم عن تأمل الصواب والحكمة‪ ،‬فيما ذرأ الباري جل قدسو وبرأ‬

‫من‬

‫صنوؼ خلقو في البر والبحر‪ ،‬والسهل والوعر فخرجوا بقصر علومهم إلى‬ ‫الجحود‪ ،‬وبضعف بصائرىم إلى التكذيب والعنود‪ ،‬حتى أنكروا خلق االشياء‪،‬‬ ‫وأدعوا أف كونها باالىماؿ ال صنعة فيها وال تقدير‪ ،‬وال حكمة من مدبر وال‬ ‫صانع‪ ،‬تعالى اهلل عما يصفوف‪ ،‬وقاتلهم اهلل أنى يؤفكوف‪ .‬فهم في ضبللهم‬ ‫وعماىم وتحيرىم بمنزلة عمياف دخلوا دارا قد بنيت أتقن بناء وأحسنو‪،‬‬ ‫وفرشت بأحسن الفرش وأفخره‪ ،‬واعد فيها ضروب االطعمة واالشربة و‬ ‫المبلبس والمآرب التي يحتاج إليها ال يستغنى عنها‪ ،‬ووضع كل شئ من ذلك‬ ‫موضعو على صواب من التقدير وحكمة من التدبير فجعلوا يترددوف فيها يمينا‬ ‫وشماال ويطوفوف بيوتها إدبارا وإقباال‪ ،‬محجوبة أبصارىم عنها‪ ،‬ال يبصروف بنية‬ ‫‪276‬‬


‫منهج العرض‬

‫الدار وما اعد فيها‪ ،‬وربما عثر بعضهم بالشئ الذي قد وضع موضعو واعد‬ ‫للحاجة إليو‪ ،‬و ىو جاىل بالمعنى فيو ولما اعد ولماذا جعل كذلك فتذمر‬ ‫وتسخط وذـ الدار وبانيها فهذه حاؿ ىذا الصنف في إنكارىم ما أنكروا من‬ ‫أمر الخلقة وثبات الصنعة‪ ،‬فإنهم لما غربت أذىانهم عن معرفة االسباب‬ ‫والعلل في االشياء صاروا يجولوف في ىذا العالم حيارى‪ ،‬وال يفهموف ما ىو‬ ‫عليو من إتقاف خلقتو وحسن صنعتو وصواب تهيئتو‪ ،‬و ربما وقف بعضهم على‬ ‫الشئ لجهل سببو واالرب فيو فيسرع إلى ذمو ووصفو باالحالة والخطأ‪ ،‬كالذي‬ ‫أقدمت عليو المانوية الكفرة‪ ،‬وجاىرت بو الملحدة المارقة الفجرة وأشباىهم‬ ‫من أىل الضبلؿ‪ ،‬المعللين أنفسهم بالمحاؿ فيحق على من أنعم اهلل عليو‬ ‫بمعرفتو وىداه لدينو‪ ،‬ووفقو لتأمل التدبير في صنعة الخبلئق‪ ،‬والوقوؼ على ما‬ ‫خلقوا لو من لطيف التدبير وصواب التعبير بالداللة القائمة الدالة على‬ ‫صانعها‪ ،‬أف يكثر حمد اهلل مواله على ذلك‪ ،‬ويرغب إليو في الثبات عليو‬ ‫والزيادة منو فإنو جل اسمو يقوؿ‪ :‬لئن شكرتم الزيدنكم ولئن كفرتم إف عذابي‬ ‫لشديد‪.‬‬ ‫يا مفضل‪ :‬أوؿ العبر واالدلة على الباري جل قدسو تهيئة ىذا العالم‬ ‫وتأليف أجزائو ونظمها على ما ىي عليو‪ ،‬فإنك إذا تأملت العالم بفكرؾ وميزتو‬ ‫بعقلك وجدتو كالبيت المبني المعد فيو جميع ما يحتاج إليو عباده‪ ،‬فالسماء‬ ‫مرفوعة كالسقف‪ ،‬واالرض ممدودة كالبساط‪ ،‬والنجوـ منضودة كالمصابيح‪،‬‬ ‫والجواىر مخزونة كالذخائر‪ ،‬وكل شئ فيها لشأنو معد‪ ،‬واالنساف كالمملك‬ ‫ذلك البيت‪ ،‬والمخوؿ جميع ما فيو ‪ ،‬وضروب النبات مهيأة لمأربو‪ ،‬وصنوؼ‬ ‫الحيواف مصروفة في مصالحو ومنافعو‪ ،‬ففي ىذا داللة واضحة على أف العالم‬ ‫مخلوؽ بتقدير وحكمة‪ ،‬ونظاـ ومبلئمة‪ ،‬وأف الخالق لو واحد وىو الذي ألفو‬

‫‪277‬‬


‫منهج العرض‬

‫ونظمو بعضا إلى بعض‪ ،‬جل قدسو‪ ،‬وتعالى جده‪ ،‬وكرـ وجهو‪ ،‬وال إلو غيره‪،‬‬ ‫تعالى عما يقوؿ الجاحدوف‪ ،‬وجل وعظم عما ينتحلو الملحدوف‪.‬‬ ‫نبتدئ يا مفضل بذكر خلق االنساف فاعتبر بو‪ ،‬فأوؿ ذلك ما يدبر بو‬ ‫الجنين في الرحم‪ ،‬وىو محجوب في ظلمات ثبلث‪ :‬ظلمة البطن‪ ،‬وظلمة‬ ‫الرحم‪ ،‬وظلمة المشيمة‪ ،‬حيث ال حيلة عنده في طلب غذاء وال دفع أذى‪،‬‬ ‫وال استجبلب منفعة وال دفع منصرة‪ ،‬فإنو يجري إليو من دـ الحيض ما يغذوه‬ ‫كما يغذوا الماء النبات فبل يزاؿ ذلك غذاؤه حتى إذا كمل خلقو واستحكم‬ ‫بدنو‪ ،‬وقوي أديمو على مباشرة الهواء‪ ،‬وبصره على مبلقات الضياء ىاج الطلق‬ ‫بامو فأزعجو أشد إزعاج ‪ ،‬وأعنفو حتى يولد‪ ،‬وإذا ولد صرؼ ذلك الدـ الذي‬ ‫كاف يغذوه من دـ امو إلى ثدييها فانقلب الطعم واللوف إلى ضرب آخر من‬ ‫الغذاء‪ ،‬وىو أشد موافقة للمولود من الدـ فيوافيو في وقت حاجتو إليو فحين‬ ‫يولد قد تلمظ وحرؾ شفتيو طلبا للرضاع فهو يجد ثديي امو كاالداوتين‬ ‫المعلقتين لحاجتو إليو‪ ،‬فبل يزاؿ يغتذي باللبن ماداـ رطب البدف‪ ،‬رقيق‬ ‫االمعاء‪ ،‬لين االعضاء‪ ،‬حتى إذا تحرؾ واحتاج إلى غذاء فيو صبلبة ليشتد‬ ‫ويقوي بدنو طلعت لو الطواحن من االسناف واالضراس‪ ،‬ليمضغ بو الطعاـ‬ ‫فيلين عليو‪ ،‬ويسهل لو إساغتو فبل يزاؿ كذلك حتى يدرؾ فإذا أدرؾ وكاف ذكرا‬ ‫طلع الشعر في وجهو فكاف ذلك عبلمة الذكر وعز الرجل الذي يخرج بو من‬ ‫حد ال صبا وشبو النساء‪ ،‬وإف كانت انثى يبقى وجهها نقيا من الشعر‪ ،‬لتبقى لها‬ ‫البهجة والنضارة التي تحرؾ الرجاؿ لما فيو دواـ النسل وبقاؤه‪.‬‬ ‫اعتبر يا مفضل فيما يدبر بو االنساف في ىذه االحواؿ المختلفة‪ ،‬ىل ترى‬ ‫يمكن أف يكوف باالىماؿ ؟ أفرأيت لو لم يجر إليو ذلك الدـ وىو في الرحم‬ ‫ألم يكن سيذوي ويجف كما يجف النبات إذا فقد الماء ؟ ولو لم يزعجو‬ ‫‪278‬‬


‫منهج العرض‬

‫المخاض عند استحكامو ألم يكن سيبقى في الرحم كالموؤود في االرض ؟‬ ‫ولو لم يوافقو اللبن مع والدتو ألم يكن سيموت جوعا‪ ،‬أو يغتذي بغذاء ال‬ ‫يبلئمو وال يصلح عليو بدنو ؟ ولو لم تطلع عليو االسناف في وقتها ألم يكن‬ ‫سيمتنع عليو مضغ الطعاـ وإساغتو ‪ ،‬أو يقيمو على الرضاع فبل يشد بدنو وال‬ ‫يصلح لعمل ؟ ثم كاف تشتغل امو بنفسو عن تربية غيره من االوالد‪ ،‬ولو لم‬ ‫يخرج الشعر في وجهو في وقتو ألم يكن سيبقى في ىيئة الصبياف والنساء فبل‬ ‫ترى لو جبللة وال وقارا ؟‪.‬‬ ‫فقاؿ المفضل‪ :‬فقلت‪ :‬يا موالي فقد رأيت من يبقى على حالتو وال ينبت‬ ‫الشعر في وجهو وإف بلغ حاؿ الكبر‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ذلك بما قدمت أيديهم وأف اهلل‬ ‫ليس بظبلـ للعبيد‪ ،‬فمن ىذا الذي يرصده حتى يوافيو بكل شي من ىذه‬ ‫المآرب إال الذي أنشأه خلقا بعد أف لم يكن‪ ،‬ثم توكل لو بمصلحتو بعد أف‬ ‫كاف فإف كاف االىماؿ يأتي بمثل ىذا التدبير فقد يجب أف يكوف العمد‬ ‫والتقدير يأتياف بالخطأ والمحاؿ النهما ضدا االىماؿ‪ ،‬وىذا فظيع من القوؿ‬ ‫وجهل من قائلو‪ ،‬الف االىماؿ ال يأتي بالصواب‪ ،‬والتضاد ال يأتي بالنظاـ‪،‬‬ ‫تعالى اهلل عما يقوؿ الملحدوف علوا كبيرا‪ ،‬ولو كاف المولود يولد فهما عاقبل‬ ‫النكر العالم عند والدتو ولبقي حيراف تائو العقل إذا رأى ما لم يعرؼ وورد‬ ‫عليو ما لم ير مثلو من اختبلؼ صور العالم من البهائم والطير إلى غير ذلك‬ ‫مما يشاىده ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوـ‪ ،‬واعتبر ذلك بأف من سبي من بلد‬ ‫إلى بلد وىو عاقل يكوف كالوالو الحيراف فبل يسرع في تعلم الكبلـ وقبوؿ‬ ‫االدب كما يسرع الذي يسبى صغيرا غير عاقل‪ ،‬ثم لو ولد عاقبل كاف يجد‬ ‫غضاضة إذا رأى نفسو محموال مرضعا‪ ،‬معصبا بالخرؽ‪ ،‬مسجى في المهد النو‬ ‫ال يستغني عن ىذا كلو لرقة بدنو ورطوبتو حين يولد‪ ،‬ثم كاف ال يوجد لو من‬ ‫الحبلوة والوقع من القلوب ما يوجد للطفل فصار يخرج إلى الدنيا غبيا‬ ‫‪279‬‬


‫منهج العرض‬

‫غافبل عما فيو أىلو فيلقى االشياء بذىن ضعيف ومعرفة ناقصة‪ ،‬ثم ال يزاؿ‬ ‫يتزايد في المعرفة قليبل قليبل وشيئا بعد شئ‪ ،‬وحاال بعد حاؿ‪ ،‬حتى يألف‬ ‫االشياء ويتمرف ويستمر عليها‪ ،‬فيخرج من حد التأمل لها والحيرة فيها إلى‬ ‫التصرؼ واالضطرار إلى المعاش بعقلو وحيلتو وإلى االعتبار والطاعة والسهو‬ ‫والغفلة والمعصية‪ ،‬وفي ىذا أيضا وجوه أخر فإنو لو كاف يولد تاـ العقل‬ ‫مستقبل بنفسو لذىب موضع حبلوة تربية االوالد‪ ،‬وما قدر أف يكوف للوالدين‬ ‫في االشتغاؿ بالولد من المصلحة‪ ،‬وما يوجب التربية لآلباء على االبناء من‬ ‫المكلفات بالبر والعطف عليهم عند حاجتهم إلى ذلك منهم‪ ،‬ثم كاف االوالد‬ ‫ال يألفوف آباءىم وال يألف اآلباء أبناءىم الف االوالد كانوا يستغنوف عن تربية‬ ‫اآلباء وحياطتهم فيتفرقوف عنهم حين يولدوف فبل يعرؼ الرجل أباه وامو‪ ،‬وال‬ ‫يمتنع من نكاح امو واختو وذوات المحارـ منو إذا كاف ال يعرفهن ‪ ،‬وأقل‬ ‫ما في ذلك من القباحة ‪ -‬بل ىو أشنع وأعظم وأفظع وأقبح وأبشع ‪ -‬لو‬ ‫خرج المولود من بطن امو وىو يعقل أف يرى منها ماال يحل لو وال يحسن بو‬ ‫أف يراه‪ .‬أفبل ترى كيف اقيم كل شئ من الخلقة على غاية الصواب‪ ،‬وخبل من‬ ‫الخطأ دقيقو وجليلو ؟‬ ‫اعرؼ يا مفضل ما لبلطفاؿ في البكاء من المنفعة‪ ،‬واعلم أف في أدمغة‬ ‫االطفاؿ رطوبة إف بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة‪ ،‬وعلبل عظيمة من‬ ‫ذىاب البصر وغيره فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم‪ ،‬فيعقبهم ذلك‬ ‫الصحة في أبدانهم‪ ،‬والسبلمة في أبصارىم‪ ،‬أفليس قد جاز أف يكوف الطفل‬ ‫ينتفع بالبكاء‪ ،‬ووالداه ال يعرفاف ذلك‪ ،‬فهما دائباف ليسكتاه ويتوخياف في‬ ‫االمور مرضاتو لئبل يبكي‪ ،‬وىما ال يعلماف أف البكاء أصلح لو وأجمل عاقبة‪،‬‬ ‫فهكذا يجوز أف يكوف في كثير من االشياء منافع ال يعرفها القائلوف باالىماؿ‪،‬‬ ‫ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشئ أنو ال منفعة فيو من أجل أنهم ال يعرفونو‬ ‫‪280‬‬


‫منهج العرض‬

‫وال يعلموف السبب فيو فإف كل ماال يعرفو المنكروف يعلمو العارفوف‪ ،‬وكثير‬ ‫مما يقصر عنو علم المخلوقين محيط بو علم الخالق جل قدسو وعلت كلمتو‪،‬‬ ‫فأما ما يسيل من أفواه االطفاؿ من الريق ففي ذلك خروج الرطوبة التي لو‬ ‫بقيت في أبدانهم الحدثت عليهم االمور العظيمة‪ ،‬كمن تراه قد غلبت عليو‬ ‫الرطوبة فأخرجتو إلى حد البلو‬ ‫والجنوف والتخليط‪ ،‬إلى غير ذلك من االمراض المختلفة كالفالج واللقوة‬ ‫وما أشبههما‪ ،‬فجعل اهلل تلك الرطوبة تسيل من أفواىم في صغرىم لمالهم في‬ ‫ذلك من الصحة في كبرىم‪ ،‬فتفضل على خلقو بما جهلوه‪ ،‬ونظر لهم بما لم‬ ‫يعرفوه‪ ،‬ولو عرفوا نعمو عليهم لشغلهم ذلك عن التمادي في معصيتو‪،‬‬ ‫فسبحانو ما أجل نعمتو وأسبغها على المستحقين وغيرىم من خلقو‪ ،‬وتعالى‬ ‫عما يقوؿ المبطلوف علوا كبيرا‪.‬‬ ‫انظر اآلف يا مفضل كيف جعلت آالت الجماع في الذكر واالنثى جميعا‬ ‫على ما يشاكل ذلك‪ ،‬فجعل للذكر آلة ناشزة تمتد حتى تصل النطفة إلى‬ ‫الرحم إذ كاف محتاجا إلى أف يقذؼ ماءه في غيره‪ ،‬وخلق لبلنثى وعاءا قعر‬ ‫ليشتمل على المائين جميعا‪ ،‬ويحتمل الولد ويتسع لو ويصونو حتى يستحكم‪،‬‬ ‫أليس ذلك من تدبير حكيم لطيف ؟ سبحانو وتعالى عما يشركوف‪.‬‬ ‫فكريا مفضل في أعضاء البدف أجمع وتدبير كل منها لبلرب‪ ،‬فاليداف‬ ‫للعبلج‪ ،‬والرجبلف للسعي‪ ،‬والعيناف لبلىتداء‪ ،‬والفم لبلغتذاء‪ ،‬والمعدة‬ ‫للهضم‪ ،‬والكبد للتخليص‪،‬‬

‫والمنافذ لتنفيذ الفضوؿ‪،‬‬

‫واالوعية لحملها‪،‬‬

‫والفرج القامة النسل‪ ،‬وكذلك جميع االعضاء إذا تأملتها وأعملت فكرؾ فيها‬ ‫ونظرؾ وجدت كل شئ منها قد قدر لشئ على صواب وحكمة‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فقلت‪ :‬يا موالي إف قوما يزعموف أف ىذا من فعل الطبيعة‪،‬‬ ‫فقاؿ‪ :‬سلهم عن ىذه الطبيعة‪ ،‬أىي شئ لو علم وقدرة على مثل ىذه االفعاؿ‪،‬‬ ‫‪281‬‬


‫منهج العرض‬

‫أـ ليست كذلك ؟ فإف أوجبوا لها العلم والقدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق‬ ‫؟ فإف ىذه صنعتو‪ ،‬وإف زعموا أنها تفعل ىذه االفعاؿ بغير علم وال عمد وكاف‬ ‫في أفعالها ما قد تراه من الصواب و الحكمة علم أف ىذا الفعل للخالق‬ ‫الحكيم‪ ،‬وأف الذي سموه طبيعة ىو سنة في خلقو الجارية على ما أجراىا‬ ‫عليو‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في وصوؿ الغذاء إلى البدف وما فيو من التدبير‪ ،‬فإف‬ ‫الطعاـ يصير إلى المعدة فتطبخو‪ ،‬وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروؽ رقاؽ‬ ‫واشجة بينها قد جعلت كالمصفى للغذاء‪ ،‬لكيبل يصل إلى الكبد منو شئ‬ ‫فينكأىا‪ ،‬وذلك أف الكبد رقيقة ال تحتمل العنف‪ ،‬ثم إف الكبد تقبلو فيستحيل‬ ‫بلطف التدبير دما‪ ،‬وينفذ إلى البدف كلو في مجاري مهيأة لذلك‪ ،‬بمنزلة‬ ‫المجاري التي تهيؤ للماء حتى يطرد في االرض كلها‪ ،‬و ينفذ ما يخرج منو من‬ ‫الخبث والفضوؿ إلى مفائض قد اعدت لذلك‪ ،‬فما كاف منو من جنس المرة‬ ‫الصفراء جرى إلى المرارة‪ ،‬وما كاف من جنس السوداء جرى إلى الطحاؿ‪،‬‬ ‫وما كاف من البلة والرطوبة جرى إلى المثانة‪ ،‬فتأمل حكمة التدبير في تركيب‬ ‫البدف‪ ،‬و وضع ىذه االعضاء منو مواضعها‪ ،‬وإعداد ىذه االوعية فيو لتحمل‬ ‫تلك الفضوؿ‪ ،‬لئبل تنتشر في البدف فتسقمو وتنهكو‪ ،‬فتبارؾ من أحسن التقدير‬ ‫وأحكم التدبير‪ ،‬ولو الحمد كما ىو أىلو ومستحقو‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فقلت‪ :‬صف نشؤ االبداف ونموىا حاال بعد حاؿ حتى تبلغ‬ ‫التماـ والكماؿ‪ .‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬أوؿ ذلك تصوير الجنين في الرحم حيث‬ ‫ال تراه عين وال تنالو يد‪ ،‬ويدبره حتى يخرج سويا مستوفيا جميع ما فيو قوامو‬ ‫وصبلحو من االحشاء والجوارح والعوامل إلى ما في تركيب أعضائو من العظاـ‬ ‫واللحم والشحم والمخ والعصب والعروؽ والغضاريف‪ ،‬فإذا خرج إلى العالم‬

‫‪282‬‬


‫منهج العرض‬

‫تراه كيف ينمي بجميع أعضائو وىو ثابت على شكل وىيئة ال تتزايد وال تنقص‬ ‫إلى أف يبلغ أشده إف مد في عمره أو يستوفي مدتو قبل ذلك‪ ،‬ىل ىذا‬ ‫إال من لطيف التدبير والحكمة ؟‪ .‬يا مفضل انظر إلى ما خص بو االنساف‬ ‫في خلقو تشريفا وتفضيبل على البهائم‪ ،‬فإنو خلق ينتصب قائما ويستوي‬ ‫جالسا‪ ،‬ليستقبل االشياء بيديو وجوارحو‪ ،‬ويمكنو العبلج والعمل بهما‪ ،‬فلو‬ ‫كاف مكبوبا على وجهو كذات االربع لما استطاع أف يعمل شيئا من االعماؿ‪.‬‬ ‫انظر اآلف يا مفضل إلى ىذه الحواس التي خص بها االنساف في خلقو‬ ‫وشرؼ بها على غيره‪ ،‬كيف جعلت العيناف في الرأس كالمصابيح فوؽ المنارة‬ ‫ليتمكن من مطالعة االشياء‪ ،‬ولم تجعل في االعضاء التي تحتهن كاليدبن‬ ‫والرجلين فتعرضها اآلفات‪ ،‬و تصيبها من مباشرة العمل والحركة ما يعللها‬ ‫ويؤثر فيها وينقص منها‪ ،‬وال في االعضاء التي وسط البدف كالبطن والظهر‬ ‫فيعسر تقلبها واطبلعها نحو االشياء‪ ،‬فلما لم يكن لها في شئ من ىذه‬ ‫االعضاء موضع كاف الرأس أسنى المواضع للحواس‪ ،‬وىو بمنزلة الصومعة لها‪،‬‬ ‫فجعل الحواس خمسا تلقي خمسا لكي ال يفوتها شئ من المحسوسات‪،‬‬ ‫فخلق البصر ليدرؾ االلواف فلو كانت االلواف ولم يكن بصر يدركها لم يكن‬ ‫منفعة فيها‪ ،‬وخلق السمع ليدرؾ االصوات فلو كانت االصوات ولم يكن سمع‬ ‫يدركها لم يكن فيها إرب وكذلك سائر الحواس‪ ،‬ثم ىذا يرجع متكافئا‪ ،‬فلو‬ ‫كاف بصر ولم يكن ألواف لما كاف للبصر معنى‪ ،‬ولو كاف سمع ولم يكن‬ ‫أصوات لم يكن للسمع موضع‪ ،‬فانظر كيف قدر بعضها يلقي بعضا فجعل‬ ‫لكل حاسة محسوسا يعمل فيو‪ ،‬ولكل محسوس حاسة تدركو‪ ،‬و مع ىذا فقد‬ ‫جعلت أشياء متوسطة بين الحواس والمحسوسات‪ ،‬ال يتم الحواس إال بها‪،‬‬ ‫كمثل الضياء والهواء فإنو لو لم يكن ضياء يظهر اللوف للبصر لم يكن البصر‬ ‫يدرؾ اللوف‪ ،‬ولو لم يكن ىواء يؤدي الصوت إلى السمع لم يكن السمع يدرؾ‬ ‫‪283‬‬


‫منهج العرض‬

‫الصوت‪ ،‬فهل يخفى على من صح نظره وأعمل فكره أف مثل ىذا الذي‬ ‫وصفت من تهيئة الحواس والمحسوسات بعضها يلقي بعضا وتهيئة أشياء‬ ‫آخربها تتم الحواس ال يكوف إال بعمد وتقدير من لطيف خبير ؟‬ ‫فكريا مفضل فيمن عدـ البصر من الناس وما ينالو من الخلل في اموره‪،‬‬ ‫فإنو ال يعرؼ موضع قدمو‪ ،‬وال يبصر ما بين يديو‪ ،‬فبل يفرؽ بين االلواف‪ ،‬وبين‬ ‫المنظر الحسن والقبيح‪ ،‬وال يرى حفرة إف ىجم عليها وال عدوا إف أىوى إليو‬ ‫بسيف‪ ،‬وال يكوف لو سبيل إلى أف يعمل شيئا من ىذه الصناعات مثل الكتابة‬ ‫والتجارة والصياغة حتى أنو لوال نفاذ ذىنو لكاف بمنزلة الحجر الملقى‪ ،‬وكذلك‬ ‫من عدـ السمع يختل في امور كثيرة فإنو يفقد روح المخاطبة والمحاورة‪،‬‬ ‫ويعدـ لذة االصوات واللحوف الشجية المطربة ‪ ،‬ويعظم المؤونة على الناس في‬ ‫محاورتو‪ ،‬حتى يتبر موابو وال يسمع شيئا من أخبار الناس وأحاديثهم‪ ،‬حتى‬ ‫يكوف كالغائب وىو شاىد‪ ،‬أو كالميت وىو حي‪ ،‬فأما من عدـ العقل فإنو‬ ‫يلحق بمنزلة البهائم بل يجهل كثيرا مما يهتدي إليو البهائم‪ ،‬أفبل ترى كيف‬ ‫صارت الجوارح والعقل وسائر الخبلؿ التي بها صبلح االنساف والتي لو فقد‬ ‫منها شيئا لعظم ما ينالو في ذلك من الخلل يوافي خلقة على التماـ حتى ال‬ ‫يفقد شيئا منها‪ ،‬فلم كاف كذلك إال النو خلق بعلم وتقدير ؟ قاؿ المفضل‪:‬‬ ‫فقلت‪ :‬فلم صار بعض الناس يفقد شيئا من ىذه الجوارح فينالو في ذلك‬ ‫مثل ما وصفتو يا موالي‪ :‬قاؿ عليو السبلـ‪ :‬ذلك للتأديب والموعظة لمن يحل‬ ‫ذلك بو ولغيره بسببو‪ ،‬كما قد يؤدب الملوؾ الناس للتنكيل والموعظة فبل ينكر‬ ‫ذلك عليهم بل يحمد من رأيهم ويصوب من تدبيرىم‪ ،‬ثم للذين ينزؿ بهم ىذه‬ ‫الببليا من الثواب بعد الموت إف شكروا وأنابوا ما يستصغروف معو ما ينالهم‬ ‫منها‪ ،‬حتى أنهم لو خيروا بعد الموت الختاروا أف يردوا إلى الببليا ليزدادوا من‬ ‫الثواب‪.‬‬ ‫‪284‬‬


‫منهج العرض‬

‫فكريا مفضل في االعضاء التي خلقت أفرادا وأزواجا‪ ،‬وما في ذلك من‬ ‫الحكمة والتقدير‪ ،‬والصواب في التدبير‪ ،‬فالرأس مما خلق فردا ولم يكن‬ ‫لبلنساف صبلح في أف يكوف أكثر من واحد‪ ،‬أال ترى أنو لو اضيف إلى رأس‬ ‫االنساف رأس آخر لكاف ثقبل عليو من غير حاجة إليو‪ ،‬الف الحواس التي‬ ‫يحتاج إليها مجتمعة في رأس واحد‪ ،‬ثم كاف االنساف ينقسم قسمين لو‬ ‫كاف لو رأساف فإف تكلم من أحدىما كاف اآلخر معطبل ال إرب فيو وال حاجة‬ ‫إليو‪ ،‬وإف تكلم منهما جميعا بكبلـ واحد كاف أحدىما فضبل ال يحتاج إليو‪،‬‬ ‫وإف تكلم بأحدىما بغير الذي تكلم بو من اآلخر لم يدر السامع بأي ذلك‬ ‫يأخذ‪ ،‬و أشباه ىذا من االخبلط‪ ،‬واليداف مما خلق أزواجا ولم يكن لبلنساف‬ ‫خير في أف يكوف لو يد واحدة الف ذلك كاف يخل بو فيما يحتاج إلى معالجتو‬ ‫من االشياء أال ترى أف النجار والبناء لو شلت إحدى يديو ال يستطيع أف‬ ‫يعالج صناعتو‪ ،‬وإف تكلف ذلك لم يحكمو ولم يبلغ منو ما يبلغو إذا كانت لو‬ ‫يداف يتعاوناف على العمل‪.‬‬ ‫أطل الفكر يا مفضل في الصوت والكبلـ وتهيئة آالتو في االنساف‪،‬‬ ‫فالحنجرة كاالنبوبة لخروج الصوت‪ ،‬واللساف والشفتاف واالسناف لصياغة‬ ‫الحروؼ والنغم‪ ،‬أال ترى أف من سقطت أسنانو لم يقم السين‪ ،‬ومن سقطت‬ ‫شفتو لم يصحح الفاء‪ ،‬ومن ثقل لسانو لم يفصح الراء‪ ،‬وأشبو شئ بذلك‬ ‫المزمار االعظم‪ ،‬فالحنجرة يشبو قصبة المزمار والرية يشبو الزؽ الذي ينفخ‬ ‫فيو لتدخل الريح‪ ،‬والعضبلت التي تقبض على الرية ليخرج الصوت كاالصابع‬ ‫التي تقبض على الزؽ حتى تجري الريح في المزمار‪ ،‬والشفتاف واالسناف التي‬ ‫تصوغ الصوت حروفا ونغما كاالصابع التي يختلف في فم المزمار فتصوغ‬ ‫صفيره ألحانا‪ ،‬غير أنو وإف كاف مخرج الصوت يشبو المزمار بالداللة‬ ‫والتعريف فإف المزمار بالحقيقة ىو المشبو بمخرج الصوت‪ .‬قد أنبأتك بما في‬ ‫‪285‬‬


‫منهج العرض‬

‫االعضاء من الغناء في صنعة الكبلـ وإقامة الحروؼ‪ ،‬وفيها مع الذي ذكرت‬ ‫لك مآرب اخرى ‪ ،‬فالحنجرة ليسلك فيها ىذا النسيم إلى الرية فتروح على‬ ‫الفؤاد بالنفس الدائم المتتابع الذي لو احتبس شيئا يسيرا لهلك االنساف‪ ،‬و‬ ‫باللساف تذاؽ الطعوـ فيميز بينها ويعرؼ كل واحد منها حلوىا من مرىا‪،‬‬ ‫وحامضها من مزىا‪ ،‬ومالحها من عذبها‪ ،‬وطيبها من خبيثها‪ ،‬وفيو مع ذلك‬ ‫معونة على إساغة الطعاـ والشراب‪ ،‬واالسناف تمضغ الطعاـ حتى تلين ويسهل‬ ‫إساغتو‪ ،‬وىي مع ذلك كالسند للشفتين تمسكهما وتدعمهما من داخل الفم‪،‬‬ ‫واعتبر ذلك بأنك ترى من سقطت أسنانو مسترخى الشفة ومضطربها‪،‬‬ ‫وبالشفتين يترشف الشراب حتى يكوف الذي يصل إلى الجوؼ منو بقصد‬ ‫وقدر ال يثج ثجا فيغص بو الشارب أو ينكا في الجوؼ‪ ،‬ثم ىما بعد ذلك‬ ‫كالباب المطبق على الفم يفتحهما االنساف إذا شاء‪ ،‬ويطبقهما إذا شاء‪ ،‬ففيما‬ ‫وصفنا من ىذا بياف أف كل واحد من ىذه االعضاء يتصرؼ وينقسم إلى وجوه‬ ‫من المنافع‪ ،‬كما تتصرؼ االداة الواحدة في أعماؿ شتى‪ ،‬وذلك كالفاس‬ ‫يستعمل في النجارة والحفر وغيرىما من االعماؿ‪ ،‬ولو رأيت الدماغ إذا‬ ‫كشف عنو لرأيتو قد لف بحجب بعضها فوؽ بعض لتصونو من االعراض‬ ‫وتمسكو فبل يضطرب‪ ،‬ولرأيت عليو الجمجمة بمنزلة البيضة كيما يفتو ىد‬ ‫الصدمة والصكة التي ربما وقعت في الرأس‪ ،‬ثم قد جللت الجمجمة بالشعر‬ ‫حتى صار بمنزلة الفر وللرأس يستره من شدة الحر و البرد‪ ،‬فمن حصن‬ ‫الدماغ ىذا التحصين إال الذي خلقو وجعلو ينبوع الحس والمستحق للحيطة‬ ‫والصيانة بعلو منزلتو من البدف وارتفاع درجتو وخطر مرتبتو ‪.‬‬ ‫تأمل يا مفضل الجفن على العين‪ ،‬كيف جعل كالغشاء‪ ،‬واالشفار‬ ‫كاالشراج‪ ،‬و أولجها في ىذا الغار‪ ،‬وأظلها بالحجاب وما عليو من الشعر‪.‬‬

‫‪286‬‬


‫منهج العرض‬

‫يا مفضل من غيب الفؤاد في جوؼ الصدر‪ ،‬وكساه المدرعة التي ىي‬ ‫غشاؤه‪ ،‬وحصنو بالجوانح وما عليها من اللحم والعصب لئبل يصل إليو ما‬ ‫ينكؤه ؟ من جعل في الحلق منفذين ؟ أحدىما لمخرج الصوت وىو الحلقوـ‬ ‫المتصل بالرية‪ ،‬واآلخر منفذ الغذاء وىو المرئ المتصل بالمعدة الموصل‬ ‫الغذاء إليها‪ ،‬وجعل على الحلقوـ طبقا يمنع الطعاـ أف يصل إلى الرية فيقتل ‪،‬‬ ‫من جعل الرية مروحة الفؤاد ؟ ال تفتر وال تخل لكيبل تتحيز الحرارة في الفؤاد‬ ‫فتؤدي إلى التلف‪ .‬من جعل لمنافذ البوؿ والغائط أشراجا تضبطهما ؟ لئبل‬ ‫يجريا جريانا دائما فيفسد على االنساف عيشو فكم عسى أف يحصي المحصي‬ ‫من ىذا ؟ بل الذي ال يحصى منو وال يعلمو الناس أكثر‪ ،‬من جعل المعدة‬ ‫عصبانية شديدة وقدرىا‬

‫لهضم الطعاـ الغليظ ؟ ومن جعل الكبد رقيقة‬

‫ناعمة لقبوؿ الصفو اللطيف من الغذاء ولتهضم وتعمل ما ىو ألطف من عمل‬ ‫المعدة إال اهلل القادر ؟ أترى االىماؿ يأتي بشئ من ذلك ؟ كبل‪ ،‬بل ىو‬ ‫تدبير من مدبر حكيم‪ ،‬قادر عليم باالشياء قبل خلقو إياىا‪ ،‬ال يعجزه شئ وىو‬ ‫اللطيف الخبير‪.‬‬ ‫فكريا مفضل لم صار المخ الرقيق محصنا في أنابيب العظاـ ؟ ىل ذلك‬ ‫إال ليحفظو ويصونو ؟ لم صار الدـ السائل محصورا في العروؽ بمنزلة الماء‬ ‫في الظروؼ إال لتضبطو فبل يفيض ؟ لم صارت االظفار على أطراؼ االصابع‬ ‫إال وقاية لها ومعونة على العمل ؟ لم صار داخل االذف ملتويا كهيئة الكوكب‬ ‫إال ليطرد فيو الصوت حتى ينتهي إلى السمع وليتكسر حمة الريح فبل ينكأ في‬ ‫السمع ؟ لم حمل االنساف على فخذيو وإليتيو ىذا اللحم إال ليقيو من االرض‬ ‫فبل يتألم من الجلوس عليهما‪ ،‬كما يألم من نحل جسمو وقل لحمو إذا لم‬ ‫يكن بينو وبين االرض حائل يقيو صبلبتها ؟ من جعل االنساف ذكرا وانثى إال‬ ‫من خلقو متناسبل ؟ ومن خلقو متناسبل إال من خلقو مؤمبل ؟ ومن خلقو مؤمبل‬ ‫‪287‬‬


‫منهج العرض‬

‫ومن أعطاه آالت العمل إال من خلقو عامبل ؟ ومن خلقو عامبل إال من جعلو‬ ‫محتاجا ؟ ومن جعلو محتاجا إال من ضربو بالحاجة ؟ ومن ضربو بالحاجة إال‬ ‫من توكل بتقويمو ؟ من خصو بالفهم إال من أوجب لو الجزاء ؟ ومن وىب لو‬ ‫الحيلة إال من ملكو الحوؿ ؟ ومن ملكو الحوؿ إال من ألزمو الحجة ؟ من‬ ‫يكفيو ما ال تبلغو حيلتو إال من لم يبلغ مدى شكره ؟ فكر وتدبر ما وصفتو‪،‬‬ ‫ىل تجد االىماؿ على ىذا النظاـ والترتيب ؟ تبارؾ اهلل عما يصفوف‪.‬‬ ‫أصف لك اآلف يا مفضل الفؤاد‪ ،‬اعلم أف فيو ثقبا موجهة نحو الثقب التي في‬ ‫الرية تروح عن الفؤاد‪ ،‬حتى لو اختلفت تلك الثقب وتزايل بعضها عن بعض‬ ‫لما وصل الروح إلى الفؤاد ولهلك االنساف‪ ،‬أفيستجيز ذو فكر وروية أف يزعم‬ ‫أف مثل ىذا يكوف باالىماؿ وال يجد شاىدا من نفسو ينزعو عن ىذا القوؿ ؟‬ ‫لو رأيت فردا من مصراعين فيو كلوب أكنت تتوىم أنو جعل كذلك ببل معنى ؟‬ ‫بل كنت تعلم ضرورة أنو مصنوع يلقي فردا آخر فتبرزه ليكوف في اجتماعهما‬ ‫ضرب من المصلحة‪ ،‬وىكذا تجد الذكر من الحيواف كأنو فرد من زوج مهيأ‬ ‫من فرد انثى فيلتقياف لما فيو من دواـ النسل وبقائو‪ ،‬فتبا وخيبة وتعسا‬ ‫لمنتحلي الفلسفة‪ ،‬كيف عميت قلوبهم عن ىذه الخلقة العجيبة حتى أنكروا‬ ‫التدبير والعمد فيها ؟ لو كاف فرج الرجل مسترخيا كيف كاف يصل إلى قعر‬ ‫الرحم حتى يفرغ النطفة فيو ؟ ولو كاف منعظا أبدا كيف كاف الرجل يتقلب في‬ ‫الفراش أو يمشي بين الناس وشئ شاخص أمامو ؟ ثم يكوف في ذلك مع قبح‬ ‫المنظر تحريك الشهوة في كل وقت من الرجاؿ والنساء جميعا‪ ،‬فقدر اهلل جل‬ ‫اسمو أف يكوف أكثر ذلك ال يبدو للبصر في كل وقت‪ ،‬وال يكوف على الرجاؿ‬ ‫منو مؤونة‪ ،‬بل جعل فيو القوة على االنتصاب وقت الحاجة إلى ذلك لما قدر‬ ‫أف يكوف فيو دواـ النسل وبقاؤه‪.‬‬

‫‪288‬‬


‫منهج العرض‬

‫اعتبر اآلف يا مفضل بعظيم النعمة على االنساف في مطعمو ومشربو وتسهيل‬ ‫خروج االذى‪ ،‬أليس من حسن التقدير في بناء الدار أف يكوف الخبلء في‬ ‫ستر موضع فيها ؟ فكذا جعل اهلل سبحانو المنفذ المهيأ للخبلء من االنساف‬ ‫ي أستر موضع منو‪ ،‬فلم يجعلو بارزا من خلفو‪ ،‬وال ناشرا من بين يديو‪ ،‬بل ىو‬ ‫مغيب في موضع غامض من البدف‪ ،‬مستور محجوب يلتقي عليو الفخذاف‪،‬‬ ‫وتحجبو االليتاف بما عليهما من اللحم فيواريانو فإذا احتاج االنساف إلى‬ ‫الخبلء وجلس تلك الجلسة ألفى ذلك المنفذ منو منصبا مهيئا النحدار الثفل‪،‬‬ ‫فتبارؾ اهلل من تظاىرت آالؤه وال تحصى نعماؤه‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في ىذه الطواحن التي جعلت لبلنساف فبعضها حداد لقطع‬ ‫الطعاـ وقرضو‪ ،‬وبعضها عراض لمضغو ورضو فلم ينقص واحد من الصفتين إذ‬ ‫كاف محتاجا إليهما جميعا‪ .‬تأمل واعتبر بحسن التدبير في خلق الشعر‬ ‫واالظفار فإنهما لما كانا مما يطوؿ ويكثر حتى يحتاج إلى تخفيفو أوال فأوال‬ ‫جعبل عديمي الحس لئبل يولم االنساف االخذ منهما‪ ،‬ولو كاف قص الشعر‬ ‫وتقليم االظفار مما يوجد لو مس من ذلك لكاف االنساف من ذلك بين‬ ‫مكروىين‪ :‬إما أف يدع كل واحد منهما حتى يطوؿ فيثقل عليو‪ ،‬وإما أف يخففو‬ ‫بوجع وألم يتألم منو‪ .‬قاؿ المفضل‪ :‬فقلت فلم لم يجعل ذلك خلقة ال تزيد‬ ‫فيحتاج االنساف إلى النقصاف منو ؟ فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬إف هلل تبارؾ اسمو في‬ ‫ذلك على العبد نعما ال يعرفها فيحمد عليها‪ ،‬اعلم أف آالـ البدف وأدواءه‬ ‫تخرج بخروج الشعر في مسامو‪ ،‬وبخروج الظفار من أناملها‪ ،‬ولذلك أمر‬ ‫االنساف بالنورة وحلق الرأس وقص االظفار في كل اسبوع ليسرع الشعر‬ ‫واالظفار في النبات‪ ،‬فتخرج اآلالـ واالدواء بخروجها‪ ،‬وإذا طاال تحيرا وقل‬ ‫خروجهما فاحتبست اآلالـ واالدواء في البدف فأحدثت علبل وأوجاعا‪ ،‬ومنع‬ ‫‪289‬‬


‫منهج العرض‬

‫مع ذلك الشعر من المواضع التي يضر باالنساف ويحدث عليو الفساد‬ ‫والضرر‪ ،‬لو نبت الشعر في العين ألم يكن سيعمى البصر ؟ ولو نبت في الفم‬ ‫ألم يكن سيغص على االنساف طعامو و شرابو ؟ ولو نبت في باطن الكف ألم‬ ‫يكن سيعوقو عن صحة اللمس وبعض االعماؿ ؟ فلو نبت في فرج‬ ‫المرأة أو على ذكر الرجل ألم يكن سيفسد عليهما لذة الجماع ؟ فانظر كيف‬ ‫تنكب الشعر ىذه المواضع لما في ذلك من المصلحة‪ ،‬ثم ليس ىذا في‬ ‫االنساف فقط بل تجده في البهائم والسباع وسائر المتناسبلت فإنك ترى‬ ‫أجسامهن مجللة بالشعر وترى ىذه المواضع خالية منو لهذا السبب بعينو‪،‬‬ ‫فتأمل الخلقة كيف تتحرز وجوه الخطأ والمضرة‪ ،‬وتأتي بالصواب‬ ‫والمنفعة‪ ،‬إف المنانية وأشباىهم حين اجتهدوا في عيب الخلقة والعمد عابوا‬ ‫الشعر النابت على الركب واالبطين ولم يعلموا أف ذلك من رطوبة تنصب‬ ‫إلى ىذه المواضع فينبت فيها الشعر‪ ،‬كما ينبت العشب في مستنقع المياه‪،‬‬ ‫أفبل ترى إلى ىذه المواضع أستر وأىيأ لقبوؿ تلك الفضلة من غيرىا ؟ ثم إف‬ ‫ىذه تعد مما يحمل االنساف من مؤونة ىذا البدف وتكاليفو لما لو في ذلك‬ ‫من المصلحة فإف اىتمامو بتنظيف بدنو وأخذ ما يعلوه من الشعر مما يكسر بو‬ ‫شرتو‪ ،‬ويكف عاديتو‪ ،‬ويشغلو عن بعض ما يخرجو إليو الفراغ من االشر‬ ‫والبطالة‪ .‬تأمل ا لريق وما فيو من المنفعة فإنو جعل يجري جريانا دائما إلى‬ ‫الفم ليبل الحلق واللهوات فبل يجف‪ ،‬فإف ىذه المواضع لو جعلت كذلك كاف‬ ‫فيو ىبلؾ االنساف‪ ،‬ثم كاف ال يستطيع أف يسيغ طعاما إذا لم يكن في الفم بلة‬ ‫تنفذه‪ ،‬تشهد بذلك المشاىدة‪ .‬وأعلم أف الرطوبة مطية الغذاء‪ .‬وقد تجري من‬ ‫ىذه البلة إلى موضع آخر من المرة فيكوف في ذلك صبلح تاـ لبلنساف‪ ،‬ولو‬ ‫يبست المرة لهلك االنساف‪ ،‬ولقد قاؿ قوـ من جهلة المتكلمين وضعفة‬ ‫المتفلسفين بقلة التميز وقصور العلم‪ :‬لو كاف بطن االنساف كهيئة القباء يفتحو‬ ‫‪290‬‬


‫منهج العرض‬

‫الطبيب إذا شاء فيعاين ما فيو ويدخل يده فيعالج ما أراد عبلجو ألم يكن‬ ‫أصلح من أف يكوف مصمتا محجوبا عن البصر واليد‪ ،‬ال يعرؼ ما فيو إال‬ ‫بدالالت غامضة كمثل النظر إلى البوؿ وحس العرؽ وما أشبو ذلك مما يكثر‬ ‫فيو الغلط والشبهة حتى ربما كاف ذلك سببا للموت‪ .‬فلو علم ىؤالء الجهلة‬ ‫أف ىذا لو كاف ىكذا كاف أوؿ ما فيو أنو كاف يسقط عن االنساف الوجل من‬ ‫االمراض والموت‪ ،‬وكاف يستشعر البقاء ويغتر بالسبلمة فيخرجو ذلك‬ ‫إلى العتو واالشر‪ ،‬ثم كانت الرطوبات التي في البطن تترشح وتتحلب فيفسد‬ ‫على االنساف مقعده ومرقده وثياب بذلتو وزينتو‪ ،‬بل كاف يفسد عليو عيشو‪ ،‬ثم‬ ‫إف المعدة والكبد والفؤاد إنما تفعل أفعالها بالحرارة الغريزية التي جعلها اهلل‬ ‫محتبسة في الجوؼ‪ ،‬فلو كاف في البطن فرج ينفتح حتى يصل البصر إلى‬ ‫رؤيتو واليد إلى عبلجو لوصل برد الهواء إلى الجوؼ فمازج الحرارة الغريزية‬ ‫وبطل عمل االحشاء فكاف في ذلك ىبلؾ االنساف‪ .‬أفبل ترى أف كل ما تذىب‬ ‫إليو االوىاـ سوى ما جاءت بو الخلقة خطأ وخطل ؟‪.‬‬ ‫فكريا مفضل في االفعاؿ التي جعلت في االنساف من الطعم والنوـ‬ ‫والجماع وما دبر فيها فإنو جعل لكل واحد منها في الطباع نفسو محرؾ‬ ‫يقتضيو ويستحث بو فالجوع يقتضي الطعم الذي بو حياة البدف وقوامو‪،‬‬ ‫والكرى تقتضي النوـ الذي فيو راحة البدف وإجماـ قواه‪ ،‬والشبق يقتضي‬ ‫الجماع الذي فيو دواـ النسل وبقاؤه‪ ،‬ولو كاف االنساف إنما يصير إلى أكل‬ ‫الطعاـ لمعرفتو بحاجة بدنو إليو ولم يجد من طباعو شيئا يضطره إلى ذلك كاف‬ ‫خليقا أف يتوانى عنو أحيانا بالتثقل والكسل حتى ينحل بدنو فيهلك‪،‬‬ ‫كما يحتاج الواحد إلى الدواء بشئ مما يصلح ببدنو فيدافع بو حتى يؤديو‬ ‫ذلك إلى المرض والموت‪ ،‬وكذلك لو كاف إنما يصير إلى النوـ بالتفكر في‬ ‫حاجتو إلى راحة البدف وإجماـ قواه كاف عسى أف يتثاقل عن ذلك فيدمغو‬ ‫‪291‬‬


‫منهج العرض‬

‫حتى ينهك بدنو‪ ،‬ولو كاف إنما يتحرؾ للجماع بالرغبة في الولد كاف غير بعيد‬ ‫أف يفتر عنو حتى يقل النسل أو ينقطع‪ ،‬فإف من الناس من ال يرغب في الولد‬ ‫وال يحفل بو‪ ،‬فانظر كيف جعل لكل واحد من ىذه االفعاؿ التي بها‬ ‫قواـ االنساف وصبلحو محرؾ من نفس الطبع يحركو لذلك ويحدوه عليو‬ ‫واعلم أف فياالنساف قوى أربعا‪ :‬قوة جاذبة تقبل الغذاء وتورده على المعدة‪،‬‬ ‫وقوة ممسكة تحبس الطعاـ حتى تفعل فيو الطبيعة فعلها‪ ،‬وقوة ىاضمة وىي‬ ‫التي تطبخو‬

‫وتستخرج صفوه وتبثو في البدف‪ ،‬وقوة دافعة تدفعو وتحدر‬

‫الثفل الفاضل بعد أخذ الهاضمة حاجتها‪ ،‬تفكر في تقدير ىذه القوى االربعة‬ ‫التي في البدف وأفعالها وتقديرىا للحاجة إليها واالرب فيها‪ ،‬وما في ذلك من‬ ‫التدبير والحكمة‪ ،‬و لوال الجاذبة كيف يتحرؾ االنساف لطلب‬ ‫الغذاء التي بها قواـ البدف ؟ ولوال الماسكة كيف كاف يلبث الطعاـ في الجوؼ‬ ‫حتى تهضمو المعدة ؟ ولوال الهاضمة كيف كاف ينطبخ حتى يخلص منو الصفو‬ ‫الذي يغذوا البدف ويسد خللو ؟ ولوال الدافعة كيف كاف الثفل الذي تخلفو‬ ‫الهاضمة يندفع ويخرج أوال فأوال ؟ أفبل ترى كيف وكل اهلل سبحانو بلطيف‬ ‫صنعو وحسن تقديره ىذه القوى بالبدف والقياـ بما فيو صبلحو ؟ وسأمثل لك‬ ‫في ذلك مثاال‪ :‬إف البدف بمنزلة دار الملك‪ ،‬ولو فيها حشم وصبية وقواـ‬ ‫موكلوف بالدار‪ ،‬فواحد القضاء حوائج الحشم وإيرادىا عليهم‪،‬‬ ‫وآخر لقبض ما يرد وخزنو إلى أف يعالج ويهيأ‪ ،‬وآخر لعبلج ذلك وتهيئتو‬ ‫وتفريقو‪ ،‬وآخر لتنظيف ما في الدار من االقذار وإخراجو منها‪ ،‬فالملك في‬ ‫ىذا ىو الخبلؽ الحكيم ملك العالمين‪ ،‬والدار ىي البدف‪،‬‬ ‫والحشم ىي االعضاء‪ ،‬والقواـ ىي ىذه القوي االربع‪ ،‬ولعلك ترى ذكرنا ىذه‬ ‫القوى االربع وأفعالها بعد الذي وصفت فضبل وتزدادا‪ ،‬وليس ما ذكرتو من‬ ‫ىذه القوى على الجهة التي ذكرت في كتب االطباء‪ ،‬وال قولنا فيو كقولهم‪،‬‬ ‫‪292‬‬


‫منهج العرض‬

‫النهم ذكروىا على ما يحتاج إليو في صناعة الطب وتصحيح االبداف‪،‬‬ ‫وذكرناىا على ما يحتاج في صبلح الدين وشفاء النفوس من الغي‪ ،‬كالذي‬ ‫أوضحتو بالوصف الشافي والمثل المضروب من التدبير والحكمة فيها‪.‬‬ ‫تأمل يا مفضل ىذه القوى التي في النفس وموقعها من االنساف‪ ،‬أعني‬ ‫الفكر والوىم والعقل والحفظ وغير ذلك‪ ،‬أفرأيت لو نقص االنساف من ىذه‬ ‫الخبلؿ الحفظ وحده كيف كانت تكوف حالو ؟ وكم من خلل كاف يدخل عليو‬ ‫في اموره ومعاشو وتجاربو إذا لم يحفظ ما لو وعليو‪ ،‬وما أخذه وما أعطى‪ ،‬وما‬ ‫رأى وما سمع‪ ،‬وما قاؿ وما قيل لو‪ ،‬ولم يذكر من أحسن إليو ممن أساء بو‪،‬‬ ‫وما نفعو مما ضره‪ ،‬ثم كاف ال يهتدي لطريق لو سلكو ما ال يحصى‪ ،‬وال يحفظ‬ ‫علما ولو درسو عمره‪ ،‬وال يعتقد دينا‪ ،‬وال ينتفع بتجربة‪ ،‬وال يستطيع أف يعتبر‬ ‫شيئا على ما مضى‪ ،‬بل كاف حقيقا أف ينسلخ من االنسانية أصبل فانظر‬ ‫إلى النعمة على االنساف في ىذه الخبلؿ‪ ،‬وكيف موقع الواحدة منها دوف‬ ‫الجميع ؟ وأعظم من النعمة على االنساف في الحفظ النعمة في النسياف‪ ،‬فإنو‬ ‫لوال النسياف لما سبل أحد عن مصيبة‪ ،‬وال انقضت لو حسرة‪ ،‬وال مات لو‬ ‫حقد‪ ،‬وال استمتع بشئ من متاع الدنيا مع تذكر اآلفات‪ ،‬وال رجا غفلة من‬ ‫سلطاف‪ ،‬وال فترة من حاسد‪ ،‬أفبل ترى كيف جعل في االنساف الحفظ‬ ‫والنسياف‪ ،‬وىما مختلفاف متضاداف‪ ،‬وجعل لو في كل منهما ضرب من‬ ‫المصلحة ؟ وما عسى أف يقوؿ الذين قسموا االشياء بين خالقين متضادين في‬ ‫ىذه االشياء المتضادةالمتبائنة وقد تراىا تجتمع على ما فيو الصبلح والمنفعة؟‬ ‫انظر يا مفضل إلى ما خص بو االنساف دوف جميع الحيواف من ىذا‬ ‫الخلق‪ ،‬الجليل قدره‪ ،‬العظيم غناؤه‪ ،‬أعني الحياء فلواله لم يقر ضيف‪ ،‬ولم‬ ‫يوؼ بالعدات‪ ،‬ولم تقض الحوائج‪ ،‬ولم يتحر الجميل‪ ،‬ولم يتنكب القبيح في‬ ‫‪293‬‬


‫منهج العرض‬

‫شئ من االشياء‪ ،‬حتى أف كثيرا من االمور المفترضة أيضا إنما يفعل للحياء‪،‬‬ ‫فإف من الناس من لوال الحياء لم يرع حق والديو‪ ،‬ولم يصل ذا رحم‪ ،‬ولم يؤد‬ ‫أمانة‪ ،‬ولم يعف عن فاحشة أفبل ترى كيف وفي لبلنساف جميع الخبلؿ التي‬ ‫فيها صبلحو وتماـ أمره ‪.‬‬ ‫تأمل يا مفضل ما أنعم اهلل تقدست أسماؤه بو على االنساف من ىذا النطق‬ ‫الذي يعبر بهعما في ضميره‪ ،‬وما يخطر بقلبو‪ ،‬ونتيجة فكره‪ ،‬وبو يفهم عن‬ ‫غيره ما في نفسو‪ ،‬ولوال ذلك كاف بمنزلة البهائم المهملة التي ال تخبر عن‬ ‫نفسها بشيء وال تفهم عن مخبر شيئا‪،‬وكذلك الكتابة التى بها تقيد أخبار‬ ‫الماضين للباقين‪ ،‬وأخبار الباقين لآلتين‪ ،‬وبها تخلد الكتب في العلوـ واآلداب‬ ‫وغيرىا‪ ،‬وبها يحفظ االنساف ذكر ما يجري بينو وبينغيره من المعامبلت‬ ‫والحساب‪ ،‬ولواله النقطع أخبار بعض االزمنة عن بعض‪ ،‬وأخبار‬ ‫الغائبين عن اوطانهم‪ ،‬ودرست العلوـ‪ ،‬وضاعت اآلداب‪ ،‬وعظم ما يدخل‬ ‫على الناس من الخلل في امورىم ومعامبلتهم‪ ،‬وما يحتاجوف إلى النظر فيو من‬ ‫أمر دينهم‪ ،‬وما روي لهم مما ال يسعهم جهلو‪ ،‬ولعلك تظن أنها مما يخلص‬ ‫إليو بالحيلة والفطنة‪ ،‬وليست مما اعطيو االنساف من خلقو وطباعو‪ ،‬وكذلك‬ ‫الكبلـ إنما ىو شئ يصطلح عليو الناس فيجرى بينهم‪ ،‬ولهذا صار يختلف‬ ‫في االمم المختلفة بألسن مختلفة‪ ،‬وكذلك الكتابة ككتابة العربي‬ ‫والسرياني والعبراني والرومي وغيرىا من سائر الكتابة التي ىي متفرقة في‬ ‫االمم‪ ،‬إنما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكبلـ‪ ،‬فيقاؿ لمن ادعى‬ ‫ذلك‪ :‬إف االنساف واف كاف لو في االمرين جميعا فعل أو حيلة فإف الشئ الذي‬ ‫يبلغ بو ذلك الفعل والحيلة عطية وىبة من اهلل عزوجل في خلقو فإنو لو لم‬ ‫يكن لو لساف مهيأ للكبلـ وذىن يهتدي بو لبلمور لم يكن ليتكلم أبدا‪ ،‬ولو لم‬ ‫يكن لو كف مهياة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبدا‪ ،‬واعتبر ذلك من‬ ‫‪294‬‬


‫منهج العرض‬

‫البهائم التي ال كبلـ لها وال كتابة‪ ،‬فأصل ذلك فطرة الباري عزوجل وما تفضل‬ ‫بو على خلقو‪ ،‬فمن شكر اثيب ومن كفر فإف اهلل غني عن العالمين‪.‬‬ ‫فكر يا فضل فيما اعطي االنساف علمو وما منع فإنو اعطي علم جميع ما‬ ‫فيو صبلح دينو ودنياه‪ ،‬فمما فيو صبلح دينو معرفة الخالق تبارؾ وتعالى‬ ‫بالدالئل والشواىد القائمة في الخلق‪ ،‬ومعرفة الواجب عليو من العدؿ على‬ ‫الناس كافة وبر الوالدين‪ ،‬وأداء االمانة‪ ،‬ومواساة أىل الخلة‪ ،‬وأشباه ذلك مما‬ ‫قد توجد معرفتو واالقرار واالعتراؼ بو في الطبع والفطرة من كل امة موافقة أو‬ ‫مخالفة‪ ،‬وكذلك اعطي علم ما فيو صبلح دنياه كالزراعة والغراس‪ ،‬واستخراج‬ ‫االرضين‪ ،‬واقتناء االغناـ واالنعاـ‪ ،‬واستنباط المياه‪ ،‬ومعرفة العقاقير‬

‫التي‬

‫يستشفى بها من ضروب االسقاـ‪ ،‬والمعادف التي يستخرج منها أنواع الجواىر‪،‬‬ ‫وركوب السفن والغوص في البحر‪ ،‬وضروب الحيل في صيد الوحش والطير‬ ‫والحيتاف‪ ،‬والتصرؼ في الصناعات‪ ،‬ووجوه المتاجر والمكاسب‪ ،‬و غير ذلك‬ ‫مما يطوؿ شرحو ويكثر تعداده مما فيو صبلح أمره في ىذه الدار‪ ،‬فاعطي علم‬ ‫ما يصلح بو دينو ودنياه‪ ،‬ومنع ما سوى ذلك مما ليس في شأنو وال طاقتو أف‬ ‫يعلم‪ ،‬كعلم الغيب وما ىو كائن وبعض ما قد كاف أيضا كعلم ما فوؽ السماء‬ ‫وما تحت االرض وما في لجج البحار وأقطار العالم وما في قلوب الناس وما‬ ‫في االرحاـ وأشباه ىذا مما حجب على الناس علمو‪ ،‬وقد ادعت طائفة من‬ ‫الناس ىذه االمور فأبطل دعواىم ما بين من خطائهم‬

‫فيما‬

‫يقضوف عليو ويحكموف بو فيما ادعوا علمو‪ ،‬فانظر كيف اعطي االنساف علم‬ ‫جميع ما يحتاج إليو لدينو ودنياه‪ ،‬وحجب عنو ما سوى ذلك ليعرؼ قدره‬ ‫ونقصو‪ ،‬وكبل االمرين فيهما صبلحو‪ .‬تأمل اآلف يا مفضل ما ستر عن االنساف‬ ‫علمو من مدة حياتو فإنو لو عرؼ مقدار عمره وكاف قصير العمر لم يتهنأ‬ ‫بالعيش مع ترقب الموت وتوقعو لوقت قد عرفو‪ ،‬بل كاف يكوف بمنزلة من قد‬ ‫‪295‬‬


‫منهج العرض‬

‫فنى مالو أو قارب الفناء فقد استشعر الفقر والوجل من فناء مالو وخوؼ‬ ‫الفقر‪ ،‬على أف الذي يدخل على االنساف من فناء العمر أعظم مما يدخل عليو‬ ‫من فناء الماؿ الف من يقل مالو يأمل أف يستخلف منو فيسكن إلى ذلك‪ ،‬ومن‬ ‫أيقن بفناء العمر استحكم عليو اليأس وإف كاف طويل العمر‪ ،‬ثم عرؼ ذلك‬ ‫وثق بالبقاء وانهمك في اللذات والمعاصي وعمل‪ ،‬على أنو يبلغ من ذلك‬ ‫شهوتو ثم يتوب في آخر عمره‪ ،‬وىذا مذىب ال يرضاه اهلل من عباده وال‬ ‫يقبلو‪ .‬أال ترى لو أف عبدا لك عمل على أنو يسخطك سنة‬ ‫ويرضيك يوما أو شهرا لم تقبل ذلك منو‪ ،‬ولم يحل عندؾ محل العبد الصالح‬ ‫دوف أف يضمر طاعتك ونصحك في كل االمور وفي كل االوقات على تصرؼ‬ ‫الحاالت‪ .‬فإف قلت‪ :‬أو ليس قد يقيم االنساف على المعصية حينا ثم يتوب‬ ‫فتقبل توبتو ؟ قلنا‪ :‬إف ذلك شئ يكوف من االنساف لغلبة الشهوات وتركو‬ ‫مخالفتها من غير أف يقدرىا في نفسو ويبني عليو أمره‬ ‫فيصفح اهلل عنو ويتفضل عليو بالمغفرة‪ ،‬فأما من قدر أمره على أف يعصي ما‬ ‫بدا لو ثم يتوب آخر ذلك فإنما يحاوؿ خديعة من ال يخادع بأف يتسلف‬ ‫التلذذ في العاجل ويعد ويمني نفسو التوبة في اآلجل‪ ،‬والنو ال يفي بما يعد من‬ ‫ذلك فاف النزوع من الترفو والتلذذ ومعاناة التوبة والسيما عند الكبر وضعف‬ ‫البدف أمر صعب‪ ،‬وال يؤمن على االنساف مع مدافعتو بالتوبة أف يرىقو الموت‬ ‫فيخرج من الدنيا غير تائب‪ ،‬كما قد يكوف على الواحد‬ ‫دين إلى أجل وقد يقدر على قضائو فبل يزاؿ يدافع بذلك حتى يحل االجل‬ ‫وقد نفد الماؿ فيبقى الدين قائما عليو‪ ،‬فكاف خير االشياء لبلنساف أف يستر‬ ‫عنو مبلغ عمره فيكوف طوؿ عمره يترقب الموت فيترؾ المعاصي ويؤثر العمل‬ ‫الصالح‪ .‬فإف قلت‪ :‬وىا ىو اآلف قد ستر عنو مقدار حياتو وصار يترقب‬ ‫الموت في كل ساعة يقارؼ‬ ‫‪296‬‬

‫الفواحش وينتهك المحارـ‪،‬‬


‫منهج العرض‬

‫قلنا‪ :‬إف وجو التدبير في ىذا الباب ىو الذي جرى عليو االمر فيو‪ ،‬فإف كاف‬ ‫االنساف مع ذلك ال يرعوي وال ينصرؼ عن المساوي فإنما ذلك من مرحو‬ ‫ومن قساوة قلبو ال من خطأ في التدبير‪ ،‬كما أف الطبيب قد يصف للمريض ما‬ ‫ينتفع بو فإف كاف المريض مخالفا لقوؿ الطبيب ال يعمل بما يأمره وال ينتهي‬ ‫عما ينهاه عنو لم ينتفع بصفتو ولم يكن االساءة في ذلك للطبيب بل للمريض‬ ‫حيث لم يقبل منو‪ ،‬ولئن كاف االنساف مع ترقبو للموت كل ساعة ال يمتنع عن‬ ‫المعاصي فإنو لو وثق بطوؿ البقاء كاف أحرى بأف يخرج إلى الكبائر الفظيعة‪،‬‬ ‫فترقب الموت على كل حاؿ خير لو من الثقة بالبقاء‪ ،‬ثم إف ترقب الموت وإف‬ ‫كاف صنف من الناس يلهوف عنو وال يتعظوف بو فقد يتعظ بو صنف آخر منهم‪،‬‬ ‫وينزعوف‬

‫عن‬

‫المعاصي‬

‫ويؤثروف‬

‫العمل‬

‫الصالح‪،‬‬

‫ويجودوف‬

‫باالمواؿ والعقائل النفيسة في الصدقة على الفقراء والمساكين‪ ،‬فلم يكن من‬ ‫العدؿ أف يحرـ ىؤالء االنتفاع بهذه الخصلة لتضييع اولئك حظهم منها‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في االحبلـ كيف دبر االمر فيها فمزج صادقها بكاذبها‬ ‫فإنها لو كانت كلها تصدؽ لكاف الناس كلهم أنبياء‪ ،‬ولو كانت كلها تكذب لم‬ ‫يكن فيها منفعة بل كانت فضبل ال معنى لو‪ ،‬فصارت تصدؽ أحيانا فينتفع بها‬ ‫الناس في مصلحة يهتدي لها‪ ،‬أو مضرة يتحذر منها‪ ،‬وتكذب كثيرا لئبل يعتمد‬ ‫عليها كل االعتماد‪ .‬فكر في ىذه االشياء التي تراىا موجودة معدة في العالم‬ ‫من مأربهم‪ ،‬فالتراب للبناء‪ ،‬والحديد للصناعات‪ ،‬والخشب للسفن وغيرىا‪،‬‬ ‫والحجارة لبلرحاء‬

‫وغيرىا‪ ،‬والنحاس لبلواني‪ ،‬والذىب والفضة للمعاملة‪،‬‬

‫والجوىر للذخيرة‪ ،‬والحبوب للغذاء‪ ،‬والثمار للتفكو ‪ ،‬واللحم للمأكل‪،‬‬ ‫والطيب للتلذذ‪ ،‬واالدوية للتصحيح‪ ،‬والدواب للحمولة‪ ،‬والحطب‬ ‫للتوقد‪ ،‬والرماد للكلس‪ ،‬والرمل لبلرض‪ ،‬وكم عسى أف يحصي المحصي من‬ ‫ىذا وشبهو‪ ،‬أرأيت لو أف داخبل دخل دارا فنظر إلى خزائن مملوة من كل ما‬ ‫‪297‬‬


‫منهج العرض‬

‫يحتاج إليو الناس ورأى كل ما فيها مجموعا معدا السباب معروفة لكاف يتوىم‬ ‫أف مثل ىذا يكوف باالىماؿ ومن غير عمد ؟ فكيف يستجيز قائل أف يقوؿ‬ ‫ىذا في العالم وما اعد فيو من ىذه االشياء‪.‬‬ ‫اعتبر يا مفضل بأشياء خلقت لمأرب االنساف وما فيها من التدبير فإنو‬ ‫خلق لو الحب لطعامو‪ ،‬وكلف طحنو وعجنو وخبزه‪ ،‬وخلق لو الوبر لكسوتو‬ ‫فكلف‬

‫ندفو‬

‫وغزلو‬

‫ونسجو‪،‬‬

‫وخلق‬

‫لو‬

‫الشجر‬

‫فكلف‬

‫غرسها وسقيها والقياـ عليها‪ ،‬وخلقت لو العقاقير الدويتو فكلف لقطها‬ ‫وخلطها وصنعها‪ ،‬وكذلك تجد سائر االشياء على ىذا المثاؿ‪ ،‬فانظر كيف‬ ‫كفي الخلقة التي لم يكن عنده فيها حيلة وترؾ عليو في كل شئ من االشياء‬ ‫موضع عمل وحركة لما لو في ذلك من الصبلح‪ ،‬النو لو كفي ىذا كلو حتى ال‬ ‫يكوف لو في االشياء موضع شغل وعمل لما حملتو االرض أشرا‬ ‫وبطرا‪ ،‬ولبلغ بو كذلك إلى أف يتعاطي امورا فيها تلف نفسو‪ ،‬ولو كفي الناس‬ ‫كل ما حتاجوف إليو لما تهنؤوا بالعيش وال وجدوا لو لذة‪ ،‬أال ترى لو أف امرءا‬ ‫نزؿ بقوـ فأقاـ حينا بلغ جميع ما يحتاج إليو من مطعم و مشرب وخدمة لتبرـ‬ ‫بالفراغ ونازعتو نفسو إلى التشاغل بشئ ؟ فكيف لو كاف طوؿ عمره مكفيا ال‬ ‫يحتاج إلى شئ ؟ وكاف من صواب التدبير في ىذه االشياء التي خلقت‬ ‫لبلنساف أف جعل ل و فيها موضع شغل لكيبل تبرمو البطالة ولتكفو عن تعاطي ما‬ ‫ال ينالو وال خير فيو إف نالو‪.‬‬ ‫واعلم يا مفضل أف رأس معاش االنساف وحياتو الخبز والماء‪،‬فانظر كيف‬ ‫دبر االمر فيهما‪ ،‬فإف حاجة االنساف إلي الماء أشد من حاجتو إلى الخبز‪،‬‬ ‫وذلك أف صبره على الجوع أكثر من صبره على العطش‪ ،‬والذي يحتاج إليو‬ ‫من الماء أكثر مما يحتاج إليو من الخبز‪ ،‬النو يحتاج إليو لشربو ووضوئو‬ ‫‪298‬‬


‫منهج العرض‬

‫وغسلو وغسل ثيابو وسقي أنعامو وزرعو‪ ،‬فجعل الماء مبذوال ال يشترى لتسقط‬ ‫عن االنساف المؤونة في طلبو وتكلفو‪ ،‬وجعل الخبز متعذرا ال يناؿ إال بالحيلة‬ ‫والحركة ليكوف لبلنساف في ذلك شغل يكفو عما يخرجو إليو الفراغ من االشر‬ ‫والعبث‪،‬‬

‫أال‬

‫ترى‬

‫أف‬

‫الصبي‬

‫يدفع‬

‫إلى‬

‫المؤدب‬

‫وىو‬

‫طفل لم يكمل ذاتو للتعليم كل ذلك ليشتغل عن اللعب والعبث اللذين ربما‬ ‫جنيا عليو وعلى أىلو المكروه العظيم‪ ،‬وىكذا االنساف لو خبل من الشغل‬ ‫لخرج من االشر والعبث والبطر إلى ما يعظم ضرره عليو وعلى من قرب منو‪،‬‬ ‫واعتبر ذلك بمن نشأ في الجدة ورفاىية العيش والترفو والكفاية وما يخرجو‬ ‫ذلك إليو‪ .‬اعتبر لم ال يتشابو الناس واحد باآلخر كما يتشابو الوحوش والطير‬ ‫وغير ذلك ؟‬

‫فإنك ترى السرب من الظباء والقطا‬

‫تتشابو حتى ال يفرؽ بين واحد منها وبين االخرى‪ ،‬وترى الناس مختلفة‬ ‫صورىم وخلقهم حتى ال يكاد إثناف منهم يجتمعاف في صفة واحدة‪ ،‬والعلة‬ ‫في ذلك أف الناس محتاجوف إلى أف يتعارفوا بأعيانهم وحبلىم لما يجري بينهم‬ ‫من المعامبلت وليس يجري بين البهائم مثل ذلك فيحتاج إلى معرفة كل واحد‬ ‫منها بعينو وحليتو‪ ،‬أال ترى أف التشابو في الطير والوحش ال يضرىما شيئا‪،‬‬ ‫وليس كذلك االنساف فإنو ربما تشابو التوأماف تشابها شديدا فتعظم المؤونة‬ ‫على الناس في معاملتهما حتى يعطى أحدىما باآلخر ويؤخذ أحدىما بذنب‬ ‫اآلخر‪ ،‬وقد يحدث مثل ىذا في تشابو االشياء فضبل عن تشابو الصورة‪ ،‬فمن‬ ‫لطف لعباده بهذه الدقائق التي ال تكاد تخطر بالباؿ حتى وقف بها على‬ ‫الصواب إال من وسعت رحمتو كل شئ ؟ لو رأيت تمثاؿ االنساف‬ ‫مصورا على حائط فقاؿ لك قائل‪ :‬إف ىذا ظهر ىهنا من تلقاء نفسو لم يصنعو‬ ‫صانع أكنت تقبل ذلك ؟ بل كنت تستهزئ بو فكيف تنكر ىذا في تمثاؿ‬ ‫مصور جماد وال تنكر في االنساف الحي الناطق ؟ لم صارت أبداف الحيواف‬ ‫‪299‬‬


‫منهج العرض‬

‫وىي تغتذي أبدا ال تنمي‪ ،‬بل تنتهي إلى غاية من النمو ثم تقف وال تتجاوزىا‬ ‫لوال التدبير في ذلك ؟ فإف من تدبير الحكيم فيها أف يكوف‬ ‫أبداف كل صنف منها على مقدار معلوـ غير متفاوت في الكبير والصغير‪،‬‬ ‫وصارت تنمي حتى تصل إلى غايتها ثم يقف ثم ال يزيد والغذاء مع ذلك دائم‬ ‫ال ينقطع‪ ،‬ولو كانت تنمي نموا دائما لعظمت أبدانها واشتبهت مقاديرىا حتى‬ ‫ال يكوف لشئ منها حد يعرؼ‪ ،‬لم صارت أجساـ االنس خاصة تثقل عن‬ ‫الحركة‬

‫والمشي‬

‫ويجفو‬

‫عن‬

‫الصناعات‬

‫اللطيفة‬

‫إال‬

‫لتعظيم‬

‫المؤونة فيما يحتاج إليو الناس للملبس والمضجع والتكفين وغير ذلك‪ ،‬لو‬ ‫كاف االنساف ال يصيبو ألم وال وجع بم كاف يرتدع عن الفواحش ويتواضع هلل‬ ‫ويتعطف على الناس ؟ أما ترى االنساف إذا عرض لو وجع خضع واستكاف‬ ‫ورغب إلى ربو في العافية وبسط يديو بالصدقة ؟ ولو كاف ال يألم من الضرب‬ ‫بم كاف السلطاف يعاقب الدعار ويذؿ العصاة المردة ؟ وبم كاف الصبياف‬ ‫يتعلموف العلوـ والصناعات ؟ وبم كاف العبيد يذلوف الربابهم ويذعنوف‬ ‫لطاعتهم ؟ أفليس ىذا توبيخ البن أبي العوجاء وذويو اللذين جحدوا التدبير‪،‬‬ ‫والمانوية الذين أنكروا االلم والوجع‪ ،‬لو لم يولد من الحيواف إال ذكر فقط أو‬ ‫اناث فقط ألم يكن النسل منقطعا‪ ،‬وباد مع ذلك أجناس الحيواف ؟ فصار‬ ‫بعض االوالد يأتي ذكورا و بعضها يأتي اناثا ليدوـ التناسل وال ينقطع‪ .‬لم صار‬ ‫الرجل والمرأة إذا أدركا نبتت لهما العانة ثم نبتت اللحية للرجل وتخلفت عن‬ ‫المرأة لوال التدبير في ذلك ؟ فإنو لما جعل اهلل تبارؾ وتعالى الرجل قيما ورقيبا‬ ‫على المرأة وجعل المرأة عرسا وخوال للرجل أعطى الرجل اللحية لما لو من‬ ‫العزة والجبللة والهيبة‪ ،‬ومنعها المرأة لتبقى لها نضارة الوجو‬ ‫والبهجة التي تشاكل المفاكهة والمضاجعة‪ ،‬أفبل ترى الخلقة كيف يأتي‬

‫‪300‬‬


‫منهج العرض‬

‫بالصواب في االشياء و تتخلل مواضع الخطأ فتعطي وتمنع على قدر االرب‬ ‫والمصلحة بتدبير الحكيم عزوجل ؟‬ ‫ق اؿ المفضل‪ :‬ثم حاف وقت الزواؿ فقاـ موالي إلى الصبلة وقاؿ‪ :‬بكر‬ ‫إلى غدا إف شاء اهلل‪ ،‬فانصرفت من عنده مسرورا بما عرفتو‪ ،‬مبتهجا بما‬ ‫اوتيتو‪ ،‬حامدا هلل على ما أنعم بو علي‪ ،‬شاكرا النعمو على ما منحني بما عرفنيو‬ ‫موالي وتفضل بو علي‪ ،‬فبت في ليلتي مسرورا بما منحنيو‪ ،‬محبورا بما علمنيو‪.‬‬ ‫تم المجلس االوؿ ويتلوه المجلس الثاني من كتاب االدلة على الخلق‬ ‫والتدبير والرد على القائلين باالىماؿ ومنكري العمد برواية المفضل عن‬ ‫الصادؽ صلوات اهلل عليو وعلى آبائو‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فلما كاف اليوـ الثاني بكرت إلى موالي فاستوذف لي‬ ‫فدخلت فأمرني بالجلوس فجلست‪ ،‬فقاؿ‪ :‬الحمد هلل مدير االدوار ومعيد‬ ‫االكوار طبقا عن طبق و عالما بعد عالم ليجزي الذين أساؤوا‬ ‫بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى‪ ،‬عدال منو تقدست أسماؤه وجلت‬ ‫آالؤه‪ ،‬ال يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلموف يشهد بذلك قولو جل‬ ‫قدسو‪ :‬فمن يعمل مثقاؿ ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقاؿ ذرة شرا يره‪ ،‬في نظائر‬ ‫لها في كتابو الذي فيو تبياف كل شئ‪ ،‬وال يأتيو الباطل من بين يديو وال من‬ ‫خلفو تنزيل من حكيم حميد‪ ،‬ولذلك قاؿ سيدنا محمد صلوات اهلل عليو وآلو‬ ‫إنما ىي أعمالكم ترد إليكم‪ .‬ثم أطرؽ ىنيئة ثم قاؿ‪ :‬يا مفضل الخلق حيارى‬ ‫عمهوف سكارى في طغيانهم يترددوف‪ ،‬وبشياطينهم وطواغيتهم يقتدوف‪ ،‬بصراء‬ ‫عمي ال يبصروف‪ ،‬نطقاء بكم ال يعقلوف‪ ،‬سمعاء صم ال يسمعوف‪ ،‬رضوا بالدوف‬ ‫وحسبوا أنهم مهتدوف‪ ،‬حادوا عن مدرجة االكياس‪ ،‬ورتعوا في مرعى االرجاس‬ ‫االنجاس‪ ،‬كأنهم من مفاجاة الموت آمنوف وعن المجازات مزحزحوف‪ ،‬يا ويلهم‬ ‫‪301‬‬


‫منهج العرض‬

‫ما أشقاىم وأطوؿ غناءىم وأشد ببلءىم يوـ ال يغني مولى عن مولى شيئا وال‬ ‫ىم ينصروف إال من رحم اهلل‪ .‬قاؿ المفضل‪ :‬فبكيت لما سمعت منو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ال‬ ‫تبك تخلصت إذ قبلت‪ ،‬ونجوت إذ عرفت‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬أبتدئ لك‬ ‫بذكر الحيواف ليتضح لك من أمره ما وضح لك من غيره‪ .‬فكر في أبنية أبداف‬ ‫الحيواف وتهيئتها على ما ىي عليو‪ ،‬فبل ىي صبلب كالحجارة ولو كانت كذلك‬ ‫ال تنثني وال تتصرؼ في االعماؿ‪ ،‬وال ىي على غاية اللين والرخاوة فكانت ال‬ ‫تتحامل وال تستقل بأنفسها‪ ،‬فجعلت من لحم رخو تنثني‪ ،‬تتداخلو عظاـ‬ ‫صبلب‪ ،‬يمسكو عصب وعروؽ تشده ويضم بعضو إلى بعض‪ ،‬وغلفت فوؽ‬ ‫ذلك بجلد يشتمل على البدف كلو‪ ،‬ومن أشباه ذلك ىذه التماثيل التي تعمل‬ ‫من العيداف وتلف بالخرؽ وتشد بالخيوط ويطلى فوؽ ذلك بالصمغ فيكوف‬ ‫العيداف بمنزلة العظاـ‪ ،‬والخرؽ بمنزلة اللحم‪ ،‬والخيوط بمنزلة العصب‬ ‫والعروؽ‪ ،‬والطبل بمنزلة الجلد‪ ،‬فإف جاز أف يكوف الحيواف‬ ‫المتحرؾ حدث باالىماؿ من غير صانع جاز أف يكوف ذلك في ىذه التماثيل‬ ‫الميتة‪ ،‬فإف كاف ىذا غير جائز في التماثيل فبالحري أف ال يحوز في الحيواف‪.‬‬ ‫وفكر بعد ىذا في أجساد االنعاـ فإنها حين خلقت على أبداف االنس من‬ ‫اللحم والعظم والعصب اعطيت أيضا السمع والبصر ليبلغ االنساف حاجتو‪،‬‬ ‫فإنها لو كانت عميا صما لما انتفع بها االنساف‪ ،‬وال تصرفت في شئ من‬ ‫مآربو‪ ،‬ثم منعت الذىن و العقل لتذؿ لبلنساف فبل تمتنع عليو إذا كدىا‬ ‫الكد الشديد وحملها الحمل الثقيل‪ .‬فإف قاؿ قائل‪ :‬إنو قد يكوف لبلنساف‬ ‫عبيد من االنس يذلوف ويذعنوف بالكد الشديد وىم مع ذلك غير عديمي‬ ‫العقل والذىن‪ ،‬فيقاؿ في جواب ذلك‪ :‬إف ىذا الصنف من الناس قليل‪ ،‬فأما‬ ‫أكثر الناس فبل يذعنوف بما تذعن بو الدواب من الحمل والطحن وما أشبو‬ ‫ذلك‪ ،‬وال يغروف بما يحتاج إليو منو‪،‬‬ ‫‪302‬‬

‫ثم لو كاف الناس يزاولوف مثل ىذه‬


‫منهج العرض‬

‫االعماؿ بأبدانهم لش غلوا بذلك عن سائر االعماؿ‪ ،‬النو كاف يحتاج‬ ‫مكاف الجمل الواحد والبغل الواحد إلى عدة أناسي فكاف ىذا العمل يستفرغ‬ ‫الناس حتى ال يكوف فيهم عنو فضل لشئ من الصناعات‪ ،‬مع ما يلحقهم من‬ ‫التعب‬

‫الفادح‬

‫في‬

‫أبدانهم‪،‬‬

‫والضيق‬

‫والكد‬

‫في‬

‫معاشهم‪.‬‬

‫ثم اعلم أنو ينبغي حمل السؤاؿ على أنو كاف يمكن أف يكتفي بخلق‬ ‫الحيوانات الف بعضهم ينقادوف ويطيعوف بعضا فالجواب منطبق من غير‬ ‫تكلف‪ .‬فكر يا مفضل في ىذه االصناؼ الثبلثة من الحيواف وفي خلقها على‬ ‫ما ىي عليو بما فيو صبلح كل واحد منها‪ ،‬فاالنس لما قدروا أف يكونوا ذوي‬ ‫ذىن وفطنة وعبلج لمثل ىذه الصناعات من البناء والتجارة والصياغة وغير‬ ‫ذلك خلقت لهم أكف كبار ذوات أصابع غبلظ‪ ،‬ليتمكنوا من القبض على‬ ‫االشياء وأوكدىا ىذه الصناعات‪ ،‬وآكبلت اللحم لما قدر أف يكوف معايشها‬ ‫من الصيد خلقت لهم أكف لطاؼ مدمجة إذا حاوؿ طلب الرعي‪ ،‬ولبعضها‬ ‫حوافر ململمة ذوات قعر كأخمص القدـ تنطبق على االرض‬ ‫ليتهيأ للركوب والحمولة‪ ،‬تأمل التدبير في خلق آكبلت اللحم من الحيواف‬ ‫حين خلقت ذوات أسناف حداد‪ ،‬وبراثن شداد‪ ،‬وأشداؽ وأفواه واسعة‪ ،‬فإنو‬ ‫لما قدر أف يكوف طعمها اللحم خلقت خلقة تشاكل ذلك واعينت بسبلح‬ ‫وأدوات تصلح للصيد وكذلك تجد سباع الطير ذوات مناقير ومخاليب مهيأة‬ ‫لفعلها‪ ،‬ولو كانت الوحوش ذوات مخالب كانت قد اعطيت ماال‬ ‫يحتاج إليو النها ال تصيد وال تأكل اللحم‪ ،‬ولو كانت السباع ذوات أظبلؼ‬ ‫كانت قد منعت ما تحتاج إليو أعني السبلح الذي بو تصيد وتتعيش‪ ،‬أفبل ترى‬ ‫كيف اعطي كل واحد من الصنفين ما يشاكل صنفو وطبقتو بل ما فيو بقاؤه‬ ‫وصبلحو‪ .‬انظر اآلف إلى ذوات االربع كيف تراىا تتبع اماتها مستقلة بأنفسها‬ ‫ال تحتاج إلى الحمل والتربية كما تحتاج أوالد االنس‪ ،‬فمن أجل أنو ليس عند‬ ‫‪303‬‬


‫منهج العرض‬

‫امهاتها ما عند امهات البشر من الرفق والعلم بالتربية والقوة عليها باالكف‬ ‫واالصابع المهيأة لذلك اعطيت النهوض واالستقبلؿ بأنفسها‪ ،‬وكذلك‬ ‫ترى كثيرا من الطير كمثل الدجاج و الدراج والقبج تدرج وتلقط حين ينقاب‬ ‫عنها البيض‪ .‬فأما ما كاف منها ضعيفا ال نهوض فيو كمثل فراخ الحماـ واليماـ‬ ‫والحمر فقد جعل في االمهات فضل عطف عليها فصارت تمج الطعاـ في‬ ‫أفواىها بعدما توعيو حواصلها فبل تزاؿ تغذوىا حتى تستقل بأنفسها ولذلك لم‬ ‫ترزؽ الحماـ فراخا كثيرة مثل ما ترزؽ الدجاج لتقوى االـ على تربية فراخها‬ ‫فبل‬

‫تفسد‬

‫وال‬

‫تموت‬

‫فكل‬

‫اعطي‬

‫بقسط‬

‫من‬

‫تدبير‬

‫الحكيم اللطيف الخبير‪.‬‬ ‫انظر إلى قوائم الحيواف كيف تأتي أزواجا لتتهيأ للمشي‪ ،‬ولو كانت أفرادا‬ ‫لم تصلح لذلك الف الماشي ينقل قوائمو ويعتمد على بعض‪ ،‬فذو القائمتين‬ ‫ينقل واحدة ويعتمد على واحدة‪ ،‬وذو االربع ينقل اثنين ويعتمد على اثنين‪،‬‬ ‫وذلك من خبلؼ الف ذا االربع لو كاف ينقل قائمتين من أحد جانبيو ويعتمد‬ ‫على قائمتين من الجانب اآلخر لما يثبت على االرض كما ال يثبت السرير وما‬ ‫أشبهو فصار ينقل اليمنى من مقاديمو مع اليسرى من مآخيره‪ ،‬وينقل االخريين‬ ‫أيضا من خبلؼ فيثبت على االرض وال يسقط إذا مشى‪ .‬أما ترى الحمار‬ ‫كيف يذؿ للطحن والحمولة وىو يرى الفرس مودعا منعما‪ ،‬والبعير ال‬ ‫يطيقو عدة رجاؿ لو استعصى‪ ،‬كيف كاف ينقاد للصبي ؟ والثور الشديد كيف‬ ‫كاف يذعن لصاحبو حتى يضع النير على عنقو ويحرث بو ؟ والفرس الكريم‬ ‫يركب السيوؼ واالسنة بالمواتاة لفارسو‪ ،‬والقطيع من الغنم يرعاه رجل واحد‬ ‫ولو‬

‫تفرقت‬

‫فأخذ‬

‫الغنم‬

‫كل‬

‫واحد‬

‫منها في ناحية لم يلحقها‪ ،‬وكذلك جميع االصناؼ مسخرة لبلنساف فبم كانت‬ ‫كذلك ؟ إال بأنها عدمت العقل والروية فإنها لو كانت تعقل وتروى في االمور‬ ‫‪304‬‬


‫منهج العرض‬

‫كانت خليقة أف تلتوي على االنساف في كثير من مآربو‪ ،‬حتى يمتنع الجمل‬ ‫على قائده‪ ،‬والثور على صاحبو‪ ،‬وتتفرؽ الغنم عن راعيها‪ ،‬وأشباه ىذا من‬ ‫االمور‪ ،‬و كذلك ىذه السباع لو كانت ذات عقل وروية فتوازرت على الناس‬ ‫كانت خليقة أف تجتاحهم فمن كاف يقوـ لبلسد والذئاب‬ ‫والنمورة والدببة لو تعاونت وتظاىرت على الناس ؟ أفبل ترى كيف حجر ذلك‬ ‫عليها وصارت مكاف ما كاف يخاؼ من إقدامها ونكايتها تهاب مساكن الناس‬ ‫وتحجم عنها ثم ال تظهر وال تنشر لطلب قوتها إال بالليل ؟ فهي مع صولتها‬ ‫كالخائف لبلنس بل مقموعة ممنوعة منهم‪ ،‬ولوال ذلك لساورتهم في مساكنهم‬ ‫وضيعت عليهم‬

‫ثم جعل في الكلب من بين ىذه السباع‬

‫عطف على مالكو ومحاماة عنو و حفاظ لو فهو ينتقل على الحيطاف والسطوح‬ ‫في ظلمة الليل لحراسة منزؿ صاحبو‪ ،‬وذب الدغار عنو ويبلغ من محبتو‬ ‫لصاحبو أف يبذؿ نفسو للموت دونو ودوف ماشيتو ومالو‪ ،‬ويألفو غاية االلف‬ ‫حتى يصبر معو على الجوع والجفوة فلم طبع الكلب على ىذا االلف إال‬ ‫ليكوف حارسا لبلنساف‪ ،‬لو عين بأنياب ومخالب ونباح ىائل ليذعر منو السارؽ‬ ‫ويتجنب المواضع التي يحميها ويخفرىا‪.‬‬ ‫يا مفضل تأم ل وجو الدابة كيف ىو‪ ،‬فإنك ترى العينين شاخصتين أمامها‬ ‫لتبصر ما بين يديها لئبل تصدـ حائطا أو تتردى في حفرة‪ ،‬وترى الفم مشقوقا‬ ‫شقا في أسفل الخطم‪ ،‬ولو شق كمكاف الفم من االنساف في مقدـ الذقن لما‬ ‫استطاع أف يتناوؿ بو شيئا من االرض أال ترى أف االنساف ال يتناوؿ الطعاـ بفيو‬ ‫ولكن بيده تكرمة لو على سائر اآلكبلت ؟ فلما لم يكن للدابة يد تتناوؿ بها‬ ‫العلف جعل خطمها مشقوقا من أسفلو لتقبض بو على العلف ثم تقضمو‪،‬‬ ‫واعينت بالجحفلة تتناوؿ بها ما قرب وما بعد‪ .‬اعتبر بذنبها والمنفعة لها فيو‬ ‫فإنو بمنزلة الطبق على الدبر والحيأ جميعا يواريهما ويسترىما‪ ،‬ومن منافعها فيو‬ ‫‪305‬‬


‫منهج العرض‬

‫أف ما بين الدبر ومراقي البطن منها وضر يجتمع عليو الذباب والبعوض فجعل‬ ‫لها الذنب كالمذبة تذب بها عن ذلك الموضع‪ ،‬ومنها أف الدابة‬ ‫تستريح إلى تحريكو وتصريفو يمنة ويسرة فإنو لما كاف قيامها على االربع‬ ‫بأسرىا وشغلت المقدمتاف بحمل البدف عن التصرؼ والتقلب كاف لها في‬ ‫تحريك الذنب راحة‪ ،‬وفيو منافع اخرى يقصر عنها الوىم يعرؼ موقعها في‬ ‫وقت الحاجة إليها فمن ذلك أف الدابة ترتطم في الوحل فبل يكوف شئ أعوف‬ ‫على نهوضها من االخذ بذنبها‪ ،‬وفي شعر الذنب منافع للناس‬ ‫كثيرة يستعملونها في مأربهم‪ ،‬ثم جعل ظهرىا مسطحا مبطوحا على قوائم أربع‬ ‫ليتمكن من ركوبها‪ ،‬وجعل حياىا بارزا من ورائها ليتمكن الفحل من ضربها‪،‬‬ ‫ولو كاف أسفل البطن كمكاف الفرج من المرأة لم يتمكن الفحل منها‪ ،‬أال ترى‬ ‫أنو ال يستطيع بأف يأتيها كفاحا كما يأتي الرجل المرأة‪ .‬تأمل مشفر الفيل وما‬ ‫فيو من لطيف التدبير فإنو يقوـ مقاـ اليد في تناوؿ العلف والماء وازدرادىما‬ ‫إلى جوفو‪ ،‬ولوال ذلك ما استطاع أف يتناوؿ شيئا من االرض النو ليست لو رقبة‬ ‫يمدىا كسائر االنعاـ‪ ،‬فلما عدـ العنق اعين مكاف ذلك بالخرطوـ الطويل‬ ‫ليسدلو فيتناوؿ بو حاجتو‪ ،‬فمن ذا الذي عوضو مكاف العضو الذي عدمو ما‬ ‫يقوـ مقامو إال الرؤوؼ بخلقو ؟ وكيف يكوف ىذا باالىماؿ كما قالت‬ ‫الظلمة ؟ فإف قاؿ قائل‪ :‬فما بالو لم يخلق ذا عنق كسائر االنعاـ ؟ قيل لو‪ :‬إف‬ ‫رأس الفيل واذنيو أمر عظيم وثقل ثقيل‪ ،‬ولو كاف ذلك على عنق عظيمة لهدىا‬ ‫وأوىنها فجعل رأسو ملصقا بجسمو لكيبل يناؿ منو ما وصفنا‪ ،‬وخلق لو مكاف‬ ‫العنق ىذا المشفر ليتناوؿ بو غذاءه فصار مع عدمو العنق مستوفيا ما فيو بلوغ‬ ‫حاجتو‪ .‬انظر اآلف كيف جعل حيا االنثى من الفيلة في أسفل بطنها فإذا‬ ‫ىاجت للضراب ارتفع وبرز حتى يتمكن الفحل من ضربها‪ ،‬فاعتبر كيف جعل‬ ‫حيا االنثى من الفيلة على خبلؼ ما عليو في غيرىا من االنعاـ ثم جعلت فيو‬ ‫‪306‬‬


‫منهج العرض‬

‫ىذه الخلة ليتهيأ لبلمر الذي فيو قواـ النسل ودوامو‪ .‬فكر في خلق الزرافة‬ ‫واختبلؼ أعضائها وشبهها بأعضاء أصناؼ من الحيواف‪ ،‬فرأسها رأس فرس‪،‬‬ ‫وعنقها عنق جمل‪ ،‬وأظبلفها أظبلؼ بقرة‪ ،‬وجلدىا جلد نمر‪،‬‬ ‫وزعم ناس من الجهاؿ باهلل عزوجل أف نتاجها من فحوؿ شتى ! قالوا‪ :‬وسبب‬ ‫ذلك أف أصنافا من حيواف البر إذا وردت الماء تنزو على بعض السائمة وينتج‬ ‫مثل ىذا الشخص الذي ىو كالملتقط من أصناؼ شتى‪ ،‬وىذا جهل من قائلو‬ ‫وقلة معرفتو بالبارئ جل قدسو‪ ،‬وليس كل صنف من الحيواف يلقح كل صنف‪،‬‬ ‫فبل‬

‫الفرس‬

‫يلقح‬

‫الجمل‪،‬‬

‫وال‬

‫الجمل‬

‫يلقح‬

‫البقر‪،‬‬

‫وإنما‬

‫يكوف التلقيح من بعض الحيواف فيما يشاكلو ويقرب من خلقو كما يلقح‬ ‫الفرس الحمارة فيخرج بينهما البغل‪ ،‬ويلقح الذئب الضبع فيخرج بينهما‬ ‫السمع‪ ،‬على أنو ليس يكوف في الذي يخرج من بينهما عضو من كل واحد‬ ‫منهما كما في الزرافة عضو من الفرس‪ ،‬وعضو من الجمل‪ ،‬وأظبلؼ من‬ ‫البقرة‪ ،‬بل يكوف كالمتوسط بينهما الممتزج منهما كالذي تراه في‬ ‫البغل‪ ،‬فإنك ترى رأسو واذنيو وكفلو وذنبو وحوافره وسطا بين ىذه االعضاء من‬ ‫الفرس والحمار‪ ،‬وشحيجو كالممتزج من صهيل الفرس ونهيق الحمار‪ ،‬فهذا‬ ‫دليل على أنو ليست الزرافة من لقاح أصناؼ شتى من الحيواف كما زعم‬ ‫الجاىلوف‪ ،‬بل ىي خلق عجيب من خلق اهلل للداللة على قدرتو التي ال‬ ‫يعجزىا شئ‪ ،‬وليعلم أنو خالق أصناؼ الحيواف كلها‪ ،‬يجمع بين ما يشاء من‬ ‫أعضائها في أيها شاء ويفرؽ ما شاء منها في أيها شاء‪ ،‬ويزيد في الخلقة ما‬ ‫شاء‪ ،‬وينقص منها ما شاء‪ ،‬داللة على قدرتو على االشياء‪ ،‬وأنو ال يعجزه شئ‬ ‫أراده جل وتعالى‪ ،‬فأما طوؿ عنقها والمنفعة لها في ذلك فإف منشأىا ومرعاىا‬ ‫في غياطل ذوات أشجار شاىقة ذاىبة طوال في الهواء فهي تحتاج إلى طوؿ‬ ‫العنق لتناوؿ بفيها أطراؼ تلك االشجار فتتقوت من ثمارىا‪ .‬تأمل خلق القرد‬ ‫‪307‬‬


‫منهج العرض‬

‫وشبهو باالنساف في كثير من أعضائو أعني الرأس والوجو و المنكبين والصدر‪،‬‬ ‫وكذلك أحشاؤه شبيهة أيضا بأحشاء االنساف‪ ،‬وخص من ذلك بالذىن والفطنة‬ ‫التي بها يفهم عن سائسو ما يومي إليو‪ ،‬ويحكي كثيرا مما يرى االنساف يفعلو‬ ‫حتى أنو يقرب من خلق االنساف وشمائلو في التدبير في خلقتو على ما ىي‬ ‫عليو أف يكوف عبرة لبلنساف في نفسو فيعلم أنو من طينة البهائم وسنخها إذ‬ ‫كاف يقرب من خلقها ىذا القرب‪ ،‬وأنو لوال فضيلة فضلو اهلل بها في الذىن‬ ‫والعقل والنطق كاف كبعض البهائم‪ ،‬على أف في جسم القرد فضوال اخرى يفرؽ‬ ‫بينو وبين االنساف كالخطم والذنب المسدؿ والشعر المجلل للجسم كلو‪،‬‬ ‫وىذا لم يكن مانعا للقرد أف يلحق باالنساف لو اعطي مثل‬ ‫ذىن االنساف وعقلو ونطقو‪ ،‬والفصل الفاصل بينو وبين االنساف بالصحة ىو‬ ‫النقص في العقل والذىن والنطق‪.‬‬ ‫انظر يا مفضل إلى لطف اهلل جل اسمو بالبهائم كيف كسيت أجسامهم‬ ‫ىذه الكسوة من الشعر والوبر والصوؼ ليقيها من البرد وكثرة اآلفات‪،‬‬ ‫وألبست قوائمها االظبلؼ و الحوافر واالخفاؼ ليقيها من الحفا‪ ،‬إذ كانت ال‬ ‫أيدي لها وال أكف وال أصابع مهيأة للغزؿ والنسج فكفوا بأف جعل كسوتهم‬ ‫في خلقتهم باقية عليهم ما بقوا ال يحتاجوف إلى تجديدىا واالستبداؿ بها‪،‬‬ ‫فأما االنساف فإنو ذو حيلة وكف مهيأة للعمل فهو ينسج و يغزؿ ويتخذ لنفسو‬ ‫الكسوة‪ ،‬ويستبدؿ بها حاال بعد حاؿ‪ ،‬ولو في ذلك صبلح من جهات‪ ،‬من‬ ‫ذلك‪ :‬أنو يشتغل بصنعة اللباس عن العبث وما يخرجو إليو الكفاية‪ ،‬ومنها‪ :‬أنو‬ ‫يستريح‬ ‫إلى خلع كسوتو إذا شاء‪ ،‬ولبسها إذا شاء‪ ،‬ومنها‪ :‬أف يتخذ لنفسو من الكسوة‬ ‫ضروبا لها جماؿ وروعة فيتلذذ بلبسها وتبديلها‪ .‬وكذلك يتخذ بالرفق من‬ ‫الصنعة ضروبا من الخفاؼ والنعاؿ يقي بها قدميو‪ ،‬وفي ذلك معايش لمن‬ ‫‪308‬‬


‫منهج العرض‬

‫يعملو من الناس ومكاسب يكوف فيها معاشهم‪،‬ومنها أقواتهم وأقوات عيالهم‪،‬‬ ‫الشعر‬

‫فصار‬

‫والوبر‬

‫والصوؼ‬

‫يقوـ‬

‫للبهائم‬

‫مقاـ‬

‫الكسوة‬

‫واالظبلؼ والحوافر‪ ،‬واالخفاؼ مقاـ الحذاء‪.‬‬ ‫فكريا مفضل في خلقة عجيبة جعلت في البهائم‪ ،‬فإنهم يواروف أنفسهم‬ ‫إذا ماتوا كما يواري الناس موتاىم‪ ،‬وإال فأين جيف ىذه الوحوش والسباع‬ ‫وغيرىا ال يرى منها شئ ؟ وليست قليلة فتخفى لقلتها‪ ،‬بل لو‬ ‫قاؿ قائل‪ :‬إن ها أكثر من الناس لصدؽ‪ ،‬فاعتبر ذلك بما تراه في الصحاري‬ ‫والجباؿ من أسراب الظبا والمها والحمير والوعوؿ وااليائل وغير ذلك من‬ ‫الوحوش‪ ،‬وأصناؼ السباع من االسد والضباع والذئاب والنمور وغيرىا‪،‬‬ ‫وضروب الهواـ والحشرات ودواب االرض‪ ،‬وكذلك أسراب الطير من الغرباف‬ ‫و القطا واالوز والكراكي والحماـ وسباع الطير جميعا وكلها ال يرى منها‬ ‫شئ إذا ماتت إال الواحد بعد الواحد يصيده قانص أو يفترسو سبع فإذا أحسوا‬ ‫بالموت كمنوا في مواضع خفية فيموتوف فيها‪ ،‬ولوال ذلك المتبلت الصحاري‬ ‫منها حتى تفسد رائحة الهواء‪ ،‬ويحدث االمراض والوباء‪ ،‬فانظر إلى ىذا الذي‬ ‫يخلص إليو الناس وعملوه بالتمثيل االوؿ الذي مثل لهم كيف جعل طبعا‬ ‫وادكارا في البهائم وغيرىا ليسلم الناس من معرة ما يحدث عليهم من االمراض‬ ‫والفساد‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في الفطن التي جعلت في البهائم لمصلحتها بالطبع‬ ‫والخلقة لطفا من اهلل عزوجل لهم‪ ،‬لئبل يخلو من نعمو جل وعز أحد من خلقو‬ ‫ال بعقل وروية فإف االيل يأكل الحيات فيعطش عطشا شديدا‬ ‫فيمتنع من شرب الماء خوفا من أف يدب السم في جسمو فيقتلو‪ ،‬ويقف على‬ ‫الغدير وىو مجهود عطشا‪ ،‬فيعج عجيجا عاليا وال يشرب منو ولو شرب لمات‬ ‫‪309‬‬


‫منهج العرض‬

‫من ساعتو‪ ،‬فانظر إلى ما جعل من طباع ىذه البهيمة من تحمل الظماء الغالب‬ ‫خوفا من المضرة في الشرب‪ ،‬وذلك مما ال يكاد االنساف العاقل المميز‬ ‫يضبطو من نفسو‪ ،‬والثعلب إذا أعوزه الطعم تماوت ونفخ‬ ‫بطنو حتى يحسبو الطير ميتا فإذا وقعت عليو لتنهشو وثب عليها فأخذىا‪ ،‬فمن‬ ‫أعاف الثعلب العديم النطق والروية بهذه الحيلة إال من توكل بتوجيو الرزؽ لو‬ ‫من ىذا وشبهو ؟ فإنو لما كاف الثعلب يضعف عن كثير مما يقوى عليو السباع‬ ‫من مساورة الصيد اعين بالدىاء والفطنة واالحتياؿ لمعاشو‪ ،‬والدلفين يلتمس‬ ‫صيد الطير فيكوف حيلتو في ذلك أف يأخد السمك فيقتلو و يشرحو حتى‬ ‫يطفوا على الماء‪ ،‬يكم ن تحتو ويثور الماء الذي عليو حتى ال يتبين شخصو‪،‬‬ ‫فإذا وقع الطير على السمك الطافي وثب إليها فاصطادىا‪ ،‬فانظر إلى ىذه‬ ‫الحيلة كيف جعلت طبعا في ىذه البهيمة لبعض المصلحة ؟‪ .‬قاؿ المفضل‪:‬‬ ‫فقلت‪ :‬خبرني يا موالي عن التنين والسحاب‪ ،‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬إف‬ ‫السحاب كالموكل بو يختطفو حيثما ثقفو‪ ،‬كما يختطف حجر المغناطيس‬ ‫الحديد‪ ،‬فهو ال يطلع رأسو في االرض خوفا من السحاب وال يخرج‬ ‫إال في القيظ مرة إذا صحت السماء فلم يكن فيو نكتة من غيمة‪ ،‬قلت‪ :‬فلم‬ ‫وكل السحاب بالتنين يرصده ويختطفو إذا وجده ؟ قاؿ‪ :‬ليدفع عن الناس‬ ‫مضرتو‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فقل ت‪ :‬قد وصفت لي يا موالي من أمر البهائم ما فيو‬ ‫معتبر لمن اعتبر فصف لي الذرة‬ ‫مفضل‬

‫تأمل‬

‫وجو‬

‫الذرة‬

‫والنمل والطير‪ ،‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬يا‬ ‫الحقيرة‬

‫الصغيرة‬

‫ىل‬

‫تجد‬

‫فيها‬

‫نقصا عما فيو صبلحها ؟ فمن أين ىذا التقدير والصواب في خلق الذرة إال‬ ‫من التدبير القائم في صغير الخلق و كبيره ؟‪ .‬انظر إلى النمل واحتشادىا في‬ ‫جمع القوت وإعداده‪ ،‬فإنك ترى الجماعة منها إذا نقلت الحب إلى زبيتها‬ ‫‪310‬‬


‫منهج العرض‬

‫بمنزلة جماعة من الناس ينقلوف الطعاـ أو غيره‪ ،‬بل للنمل في ذلك من الجد‬ ‫والتشمير ما ليس للناس مثلو‪ ،‬أما تريهم يتعاونوف على النقل كما يتعاوف الناس‬ ‫على العمل ؟ ثم يعمدوف إلى الحب فيقطعونو قطعا لكيبل ينبت فيفسد عليهم‬ ‫فإف أصابو ندى أخرجوه فنشروه حتى يجف‪ ،‬ثم ال يتخذ النمل الزبية إال في‬ ‫نشر من االرض كي ال يفيض السيل فيغرقها فكل ىذا منو ببل عقل وال روية‬ ‫بل خقلة خلق عليها لمصلحة لطفا من اهلل عزوجل‪ .‬انظر إلى ىذا الذي يقاؿ‬ ‫لو‪ :‬الليث‪ ،‬وتسميو العامة أسد الذباب‪ ،‬وما اعطي من الحيلة والرفق في‬ ‫معاشو‪ ،‬فإنك تراه حين يحس بالذباب قد وقع قريبا منو تركو مليا حتى كأنو‬ ‫موات ال حراؾ بو‪ ،‬فإذا رأى الذباب قد اطمأف وغفل عنو دب دبيبا دقيقا‬ ‫حتى يكوف منو بحيث ينالو وثبو ثم يثب عليو فيأخذه فإذا أخذه اشتمل عليو‬ ‫بجسمو كلو مخافة أف ينجو منو فبل يزاؿ قابضا عليو حتى يحس بأنو قد‬ ‫ضعف واسترخى ثم يقبل عليو فيفترسو ويحيى بذلك منو‪ ،‬فأما العنكبوت فإنو‬ ‫ينسج ذلك النسج فيتخذه شركا ومصيدة للذباب ثم يكمن في جوفو فإذا‬ ‫نشب فيو الذباب أجاؿ عليو يلدغو ساعة بعد ساعة فيعيش بذلك منو‬ ‫فكذلك يحكى صيد الكبلب والفهود‪ ،‬وىكذا يحكى صيد االشراؾ والحبائل‪.‬‬ ‫فانظر إلى ىذه الدويبة الضعيفة كيف جعل في طبعها ما ال يبلغو االنساف إال‬ ‫بالحيلة واستعماؿ آالت فيها‪ ،‬فبل تزدر بالشئ إذا كانت العبرة فيو واضحة‬ ‫كالذرة والنملة وما أشبو ذلك فإف المعنى النفيس قد يمثل بالشئ الحقير فبل‬ ‫يضع منو ذلك كما ال يضع من الدينار وىو من ذىب أف يوزف بمثقاؿ من‬ ‫حديد‪.‬‬ ‫تأمل يا مفضل جسم الطائر وخلقتو فإنو حين قدر أف يكوف طائرا في‬ ‫الجو خفف جسمو وادمج خلقو‪ ،‬فاقتصر بو من القوائم االربع على اثنتين‪،‬‬ ‫ومن االصابع الخمس على أربع‪ ،‬ومن منفذين للزبل والبوؿ على واحد‬ ‫‪311‬‬


‫منهج العرض‬

‫يجمعهما‪ ،‬ثم خلق ذا جؤجؤ محدد ليسهل عليو أف يخرؽ الهواء كيف ما أخذ‬ ‫فيو‪ ،‬كما جعل السفينة بهذه الهيئة لتشق الماء وتنفذ فيو‪ ،‬وجعل في‬ ‫جناحيو وذنبو ريشات طواؿ متاف لينهض بها للطيراف‪ ،‬وكسي كلو الريش‬ ‫ليداخلو الهواء فيقلو‪ ،‬ولما قدر أف يكوف طعمو الحب واللحم يبلعو بلعا ببل‬ ‫مضغ نقص من خلقو االسناف‪ ،‬وخلق لو منقار صلب جاس يتناوؿ بو طعمو فبل‬ ‫ينسجح من لقط الحب‪ ،‬وال يتقصف من نهش اللحم‪ ،‬ولما عدـ االسناف‬ ‫وصار يزدرد الحب صحيحا واللحم غريضا اعين بفضل حرارة في الجوؼ‬ ‫تطحن ل و الطعم طحنا يستغني بو عن المضغ‪ ،‬واعتبر ذلك بأف عجم العنب‬ ‫وغيره يخرج من أجواؼ االنس صحيحا‪ ،‬ويطحن في أجواؼ الطير ال يرى لو‬ ‫أثر‪ ،‬ثم جعل مما يبيض بيضا وال يلد والدة لكيبل يثقل عن الطيراف فإنو لو‬ ‫كانت الفراخ في جوفو تمكث حتى تستحكم الثقلتو وعاقتو عن النهوض‬ ‫وال طيراف فجعل كل شئ من خلقو مشاكبل لبلمر الذي قدر أف يكوف عليو ثم‬ ‫صار الطائر السائح في ىذا الجو يقعد على بيضو فيحضنو اسبوعا‪ ،‬وبعضها‬ ‫اسبوعين‪ ،‬وبعضها ثبلثة أسابيع حتى يخرج الفرخ من البيضة ثم يقبل عليو‬ ‫فيزقو الريح لتتسع حوصلتو للغذاء ثم يربيو ويغذيو بما يعيش بو فمن كلفو أف‬ ‫يلقط الطعم ويستخرجو بعد أف يستقر في حوصلتو ويغذو بو فراخو ؟ والي‬ ‫معنى يحتمل ىذه المشقة وليس بذي روية وال تفكر ؟ وال يأمل في‬ ‫فراخو ما يأمل االنساف في ولده من العز والرفد وبقاء الذكر ؟ فهذا ىو فعل‬ ‫يشهد بأنو معطوؼ على فراخو‪ ،‬لعلو ال يعرفها وال يفكر فيها وىي دواـ النسل‬ ‫وبقاؤه لطفا من اهلل تعالى ذكره‪ .‬انظر إلى الدجاجة كيف تهيج لحضن البيض‬ ‫والتفريخ وليس لها بيض مجتمع وال وكر موطى بل تنبعث وتنتفخ وتقوقى‬ ‫وتمتنع من الطعم حتى يجمع لها البيض فتحضنو وتفرخ فلم كاف ذلك منها‬ ‫إال القامة النسل ؟ ومن أخذىا بإقامة النسل وال روية وال تفكر لوال أنها‬ ‫‪312‬‬


‫منهج العرض‬

‫مجبولة على ذلك ؟‪ .‬اعتبر بخلق البيضة وما فيها من المح االصفر الخاثر‪،‬‬ ‫والماء االبيض الرقيق‪ ،‬فبعضو لينتشر منو الفرخ‪ ،‬وبعضو ليغذي بو‪ ،‬إلى أف‬ ‫تنقاب عنو البيضة‪ ،‬وما في ذلك من التدبير فإنو لو كاف نشؤ الفرخ في تلك‬ ‫القشرة المستحصنة التى ال مساغ لشئ إليها لجعل معو في جوفها من الغذاء‬ ‫ما يكتفي بو إلى وقت خروجو منها‪ ،‬كمن يحبس في حبس حصين ال يوصل‬ ‫إلى من فيو فيجعل معو من القوت ما يكتفي بو إلى وقت خروجو منو‪ .‬فكر في‬ ‫حوصلة الطائر وما قدر لو‪ ،‬فإف مسلك الطعم إلى القانصة ضيق ال ينفذ فيو‬ ‫ا لطعاـ إال قليبل قليبل‪ ،‬فلو كاف الطائر ال يلقط حبة ثانية حتى تصل االولى إلى‬ ‫القانصة لطاؿ عليو‪ ،‬ومتى كاف يستوفي طعمو ؟ فإنما يختلسو اختبلسا لشدة‬ ‫الحذر‪ ،‬فجعلت الحوصلة كالمخبلة المعلقة أمامو ليوعي فيها ما أدرؾ من‬ ‫الطعم بسرعة ثم تنفذه إلى القانصة على مهل‪ ،‬وفى الحوصلة أيضا خلة‬ ‫اخرى‪ ،‬فإف من الطائر ما يحتاج إلى أف يزؽ فراخو فيكوف رده للطعم من قرب‬ ‫أسهل عليو‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فقلت يا موالي إف قوما من المعطلة يزعموف أف اختبلؼ‬ ‫االلواف واالشكاؿ في الطير إنما يكوف من قبل امتزاج االخبلط واختبلؼ‬ ‫مقاديرىا بالمرج و االىماؿ‪ .‬فقاؿ‪ :‬يا مفضل ىذا الوشي الذي تراه في‬ ‫الطواويس‬

‫والدراج‬

‫والتدارج‬

‫على‬

‫استواء‬

‫ومقابلة‬

‫كنحو ما يخط باالقبلـ كيف يأتي بو االمتراج المهمل على شكل واحد ال‬ ‫يختلف ؟ ولو كاف باالىماؿ لعدـ االستواء ولكاف مختلفا‪ .‬تأمل ريش الطير‬ ‫كيف ىو ؟ فإنك تراه منسوجا كنسج الثوب من سلوؾ دقاؽ قد الف بعضو‬ ‫إلى بعض كتأليف الخيط إلى الخيط والشعرة إلى الشعرة‪ ،‬ثم ترى ذلك النسج‬ ‫إذا مددتو ينفتح قليبل وال ينشق لتداخلو الريح فيقل الطائر إذا طار‪ ،‬وترى في‬ ‫وسط الريشة عمودا غليظا متينا قد نسج عليو الذي ىو مثل الشعر ليمسكو‬ ‫‪313‬‬


‫منهج العرض‬

‫بصبلبتو‪ ،‬وىو القصبة التي ىو في وسط الريشة‪ ،‬وىو مع ذلك أجوؼ ليخف‬ ‫على الطائر وال يعوقو عن الطيراف‪ .‬ىل رأيت يا مفضل ىذا الطائر الطويل‬ ‫الساقين ؟ وعرفت مالو من المنفعة في طوؿ ساقيو‪ :‬فإنو أكثر ذلك في‬ ‫ضحضاح من الماء فتراه بساقين طويلين كأنو ربيئة فوؽ مرقب وىو يتأمل ما‬ ‫يدب في الماء فإذا رأى شيئا مما يتقوت بو خطا خطوات رقيقا حتى يتناولو‪،‬‬ ‫ولو كاف قصير الساقين وكاف يخطو نحو الصيد ليأخذه يصيب بطنو الماء‬ ‫فيثور و يذعر منو فيتفرؽ عنو فخلق لو ذلك العموداف ليدرؾ بهما‬ ‫حاجتو وال يفسد عليو مطلبو‪ .‬تأمل ضروب التدبير في خلق الطائر فإنك تجد‬ ‫كل طائر طويل الساقين طويل العنق وذلك ليتمكن من تناوؿ طعمو من االرض‬ ‫ولو كاف طويل الساقين قصير العنق لما استطاع أف يتناوؿ شيئا من االرض‪،‬‬ ‫وربما اعين مع طوؿ العنق بطوؿ المناقير ليزداد االمر عليو سهولة لو وإمكانا‬ ‫أفبل ترى أنك ال تفتش شيئا من الخلقة إال وجدتو على غاية الصواب‬ ‫والحكمة ؟‪.‬‬ ‫انظر إلى العصافير كيف تطلب أكلها بالنهار فهي ال تفقده ؟ وال ىي‬ ‫تجده مجموعا معدا بل تنالو بالحركة والطلب‪ ،‬وكذلك الخلق كلو فسبحاف من‬ ‫قدر الرزؽ كيف قوتو ؟ فلم يجعل مما ال يقدر عليو إذ جعل للخلق حاجة‬ ‫إليو ولم يجعلو مبذوال ويناؿ بالهوينا إذ كاف ال صبلح في‬ ‫ذلك فإنو لو كاف يوجد مجموعا معدا كانت البهائم تتقلب عليو وال تنقلع حتى‬ ‫تبشم فتهلك‪ ،‬وكاف الناس أيضا يصيروف بالفراغ إلى غاية االشر والبطر حتى‬ ‫يكثر الفساد ويظهر الفواحش‪ .‬أعلمت ما طعم ىذه االصناؼ من الطير التي‬ ‫ال تخرج إال بالليل كمثل البوـ والهاـ والخفاش ؟ قلت‪ :‬ال يا موالي‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫إف معاشها من ضروب تنتشر في ىذا الجو من البعوض‬ ‫والفراش وأشباه الجراد واليعاسيب‪ ،‬وذلك أف ىذه الضروب مبثوثة في الجو ال‬ ‫‪314‬‬


‫منهج العرض‬

‫يخلو منها موضع واعتبر ذلك بأنك إذا وضعت سراجا بالليل في سطح أو‬ ‫عرصة دار اجتمع عليو من ىذا شئ كثير فمن أين يأتي ذلك كلو إال من القرب‬ ‫؟‪ .‬فإف قاؿ قائل‪ :‬أنو يأتي من الصحاري والبراري‪ :‬قيل لو‪ :‬كيف يوافي تلك‬ ‫الساعة‬

‫من‬

‫موضع‬

‫بعيد‬

‫؟ وكيف‬

‫يبصر‬

‫من‬

‫ذلك‬

‫البعد‬

‫سراجا في دار محفوفة بالدور فيقصد إليو ؟ مع أف ىذه عيانا تتهافت على‬ ‫السراج من قرب فيدؿ ذلك على أنها منتشرة في كل موضع من الجو‪ ،‬فهذه‬ ‫االصناؼ من الطير تلتمسها إذا خرجت فتتقوت بها‪ .‬فانظر كيف وجو الرزؽ‬ ‫لهذه الطيور التي ال تخرج إال بالليل من ىذه الضروب المنتشرة في الجو‪،‬‬ ‫واعرؼ مع ذلك المعنى في خلق ىذه الضروب المنتشرة التي‬ ‫عسى أف يظن ظاف أنها فضل ال معنى لو‪ ،‬خلق الخفاش خلقة عجيبة بين‬ ‫خلقة الطير وذوات االربع أقرب‪ ،‬وذلك أنو ذو اذنين ناشزتين وأسناف ووبر‬ ‫وىو يلد والدا ويرضع ويبوؿ ويمشي إذا مشى على أربع‪ ،‬وكل ىذا خبلؼ‬ ‫صفة الطير‪ ،‬ثم ىو أيضا مما يخرج بالليل ويتقوت مما يسري في الجو من‬ ‫الفراش وما أشبهو‪ ،‬وقد قاؿ قائلوف‪ :‬إنو ال طعم للخفاش‪،‬‬ ‫وإف غذاءه من النسيم وحده‪ ،‬وذلك يفسد ويبطل من جهتين‪ :‬إحديهما خروج‬ ‫ما يخرج منو من الثفل والبوؿ فإف ىذا ال يكوف من غير طعم‪ ،‬واالخرى أنو‬ ‫ذو أسناف ولو كاف ال يطعم شيئا لم يكن لبلسناف فيو معنى‪ ،‬وليس في الخلقة‬ ‫شئ ال معنى لو‪ ،‬وأما المآرب فيو فمعروفة حتى أف زبلو يدخل في بعض‬ ‫االعماؿ‪،‬‬

‫ومن أعظم االرب فيو خلقتو العجيبة الدالة على‬

‫قدرة الخالق جل شأنو‪ ،‬وتصرفها فيما شاء كيف شاء لضرب من المصلحة‪.‬‬ ‫فأما الطائر الصغير الذي يقاؿ لو‪ " :‬ابن تمرة " فقد عشش في بعض االوقات‬ ‫في بعض الشجر فنظر إلى حية عظيمة قد أقبلت نحو عشو فاغرة فاىا لتبلعو‬ ‫فبينما ىو يتقلب ويضطرب في طلب حيلة منها إذا وجد حسكة فحملها‬ ‫‪315‬‬


‫منهج العرض‬

‫فألقاىا في فم الحية‪ ،‬فلم تزؿ الحية تلتوي وتتقلب حتى‬ ‫ماتت‪ .‬أفرأيت لو لم اخبرؾ بذلك كاف يخطر ببالك أو بباؿ غيرؾ أنو يكوف‬ ‫من حسكة مثل ىذه المنفعة العظيمة أو يكوف من طائر صغير أو كبير مثل‬ ‫ىذه الحيلة ؟ اعتبر بهذا وكثير من االشياء تكوف فيها منافع ال تعرؼ إال‬ ‫بحادث يحدث بو أو خبر يسمع بو‪ .‬انظر إلى النحل واحتشاده في صنعة‬ ‫العسل‪ ،‬وتهيئة البيوت المسدسة وما ترى في ذلك اجتماعو‬ ‫من دقائق الفطنة‬

‫فانك إذا تأملت العمل رأيتو عجيبا لطيفا‪ ،‬وإذا رأيت‬

‫المعموؿ وجدتو عظيما شريفا موقعو من الناس‪ ،‬وإذا رجعت إلى الفاعل ألفيتو‬ ‫غبيا جاىبل بنفسو فضبل عما سوى ذلك‪ ،‬ففي ىذا أوضح الداللة على أف‬ ‫الصواب والحكمة في ىذه الصنعة ليس للنحل بل ىي للذي طبعو عليها‬ ‫وسخره‬

‫فيها‬

‫لمصلحة‬

‫انظر‬

‫الناس‪.‬‬

‫إلى‬

‫ىذا‬

‫الجراد‬

‫ما‬

‫أضعفو وأقواه فإنك إذا تأملت خلقو رأيتو كأضعف االشياء‪ ،‬وإف دلفت‬ ‫عساكره نحو بلد من البلداف لم يستطع أحد أف يحميو منو‪ .‬أال ترى أف ملكا‬ ‫من ملوؾ االرض لو جمع خيلو ورجلو ليحمي ببلده من الجراد لم يقدر على‬ ‫ذلك‬

‫؟‬

‫أفليس‬

‫من‬

‫الدالئل‬

‫على‬

‫قدرة‬

‫الخالق‬

‫أف يبعث أضعف خلقو إلى أقوى خلقو فبل يستطيع دفعو ؟ انظر إليو كيف‬ ‫ينساب على وجو االرض مثل السيل فيغشي السهل و الجبل والبدو والحضر‪،‬‬ ‫حتى يستر نور الشمس بكثرتو فلو كاف ىذا مما يصنع بااليدي متى كاف‬ ‫يجتمع منو ىذه الكثرة‪ ،‬وفي كم من سنة كاف يرتفع فاستدؿ بذلك على القدرة‬ ‫التي ال يؤودىا شئ ويكثر عليها‪ .‬تأمل خلق السمك ومشاكلتو لبلمر الذي‬ ‫قدر أف يكوف عليو فإنو خلق غير ذي قوائم النو ال يحتاج إلى المشي إذا كاف‬ ‫مسكنو الماء‪ ،‬وخلق غير ذي رية النو ال يستطيع أف يتنفس وىو منغمس في‬ ‫اللجة‪ ،‬وجعلت لو مكاف القوائم أجنحة شداد يضرب بها في جانبيو كما‬ ‫‪316‬‬


‫منهج العرض‬

‫يضرب المبلح بالمجاذيف من جانبي السفينة‪ ،‬وكسي جسمو قشورا متانا‬ ‫متداخلة كتداخل الدروع والجواشن لتقيو من اآلفات فاعين بفضل حسن في‬ ‫الشم الف بصره ضعيف والماء يحجبو‪ ،‬فصار يشم الطعم من البعد البعيد‬ ‫فينتجعو‪ ،‬وإال فكيف يعلم بو وبموضعو ؟ واعلم أف من فيو إلى صماخيو منافذ‬ ‫فهو يعب الماء بفيو ويرسلو من صماخيو فتروح إلى ذلك كما يتروح غيره من‬ ‫الحيواف إلى تنسم ىذا النسيم‪ .‬فكر اآلف في كثرة نسلو وما خص بو من ذلك‬ ‫فإنك ترى في جوؼ السمكة الواحدة من البيض ما ال يحصى كثرة‪ ،‬والعلة في‬ ‫ذلك أف يتسع لما يغتذي بو من أصناؼ الحيواف فإف أكثرىا يأكل السمك‬ ‫حتى أف السباع أيضا في حافات اآلجاـ عاكفة على الماء أيضا كي ترصد‬ ‫السمك فإذا مر بها خطفتو فلما كانت السباع تأكل السمك والطير يأكل‬ ‫السمك والناس يأكلوف السمك والسمك يأكل السمك كاف من التدبير فيو أف‬ ‫يكوف على ما ىو عليو من الكثرة‪ .‬فإذا أردت أف تعرؼ سعة حكمة الخالق‬ ‫وقصر علم المخلوقين فانظر إلى ما في البحار من ضروب السمك‪ ،‬ودواب‬ ‫الماء واالصداؼ‪ ،‬واالصناؼ التي ال تحصى وال تعرؼ منافعها إال الشئ بعد‬ ‫الشئ يدركو الناس بأسباب تحدث‪ ،‬مثل القرمز فإنو إنما عرؼ الناس صبغو‬ ‫بأف كلبة تجوؿ على شاطئ البحر فوجدت شيئا من الصنف الذي يسمى‬ ‫الحلزوف فأكلتو فاختضب خطمها بدمو فنظر الناس إلى حسنو فاتخذوه صبغا‪،‬‬ ‫وأشباه ىذا مما يقف الناس عليو حاال بعد حاؿ وزمانا بعد زماف‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬حاف وقت الزواؿ فقاـ موالي عليو السبلـ إلى الصبلة‪ ،‬وقاؿ‪:‬‬ ‫بكر إلي غدا إف شاء اهلل تعالى فانصرفت وقد تضاعف سروري بما عرفنيو‪،‬‬ ‫مبتهجا بما منحنيو‪ ،‬حامدا هلل على ما آتانيو فبت ليلتي مسرورا مبتهجا‪.‬‬ ‫المجلس الثالث‪ :‬قاؿ المفضل‪ :‬فلما كاف اليوـ الثالث بكرت إلى موالي‬ ‫فاستوذف لي فدخلت فأذف لي بالجلوس فجلست‪ ،‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬الحمد‬ ‫‪317‬‬


‫منهج العرض‬

‫هلل الذي اصطفانا ولم يصطف علينا‪ ،‬اصطفانا بعلمو‪ ،‬وأيدنا بحلمو‪ ،‬من شذ‬ ‫عنا‬

‫فالنار مأواه‪ ،‬ومن تفيأ بظل دوحتنا فالجنة مثواه‪ ،‬قد شرحت لك يا‬

‫مفضل خلق االنساف وما دبر بو و تنقلو في أحوالو وما فيو من االعتبار‪،‬‬ ‫وشرحت لك أمر الحيواف‪ ،‬وأنا أبتدئ اآلف بذكر السماء والشمس والقمر‬ ‫والنجوـ والفلك والليل والنهار والحر والبرد والرياح والجواىر االربعة‪ :‬االرض‬ ‫والماء والهواء والنار‪ ،‬والمطر والصخر والجباؿ والطين و الحجارة والمعادف‬ ‫والنبات والنخل والشجر وما في ذلك من االدلة والعبر‪ .‬فكر في لوف السماء‬ ‫وما فيو من صواب التدبير فإف ىذا اللوف أشد االلواف موافقة للبصر وتقوية‬ ‫حتى أف من صفات االطباء لمن أصابو شئ أضر ببصره إدماف النظر إلى‬ ‫الخضرة وما قرب منها إلى السواد‪ ،‬وقد وصف الحذاؽ منهم لمن كل بصره‬ ‫االطبلع في إجانة خضراء مملوة ماءا‪ ،‬فانظر كيف جعل اهلل جل وتعالى أديم‬ ‫السماء بهذا اللوف االخضر إلى السواد ليمسك االبصار المنقلبة‬ ‫عليو فبل ينكأ فيها بطوؿ مباشرتها لو فصار ىذا الذي أدركو الناس بالفكر‬ ‫والروية والتجارب يوجد مفروغا منو في الخلقة حكمة بالغة ليعتبر بها‬ ‫المعتبروف‪ ،‬ويفكر فيها الملحدوف‪ ،‬قاتلهم اهلل أنى يؤفكوف‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في طلوع الشمس وغروبها القامة دولتي النهار والليل‬ ‫فلوال طلوعها لبطل أمر العالم كلو فلم يكن الناس يسعوف في معايشهم‬ ‫ويتصرفوف في امورىم والدنيا مظلمة عليهم‪ ،‬ولم يكونوا يتهنؤوف بالعيش مع‬ ‫فقدىم لذة النور وروحو‪ ،‬واالرب في طلوعها ظاىر مستغن بظهوره عن‬ ‫االطناب في ذكره والزيادة في شرحو بل تأمل المنفعة في غروبها‪ ،‬فلوال غروبها‬ ‫لم يكن للناس ىدء وال قرار مع عظم حاجتهم إلى الهدء والراحة لسكوف‬ ‫أبدانهم وجموـ حواسهم وانبعاث القوة الهاضمة لهضم الطعاـ وتنفيذ الغذاء‬ ‫إلى االعضاء ثم كاف الحرص يستحملهم من مداومة العمل ومطاولتو على ما‬ ‫‪318‬‬


‫منهج العرض‬

‫يعظم نكايتو في أبدانهم فإف كثيرا من الناس لوال جثوـ ىذا الليل لظلمتو‬ ‫عليهم لم يكن لهم ىدء وال قرار حرصا على الكسب والجمع واالدخار ثم‬ ‫كانت االرض تستحمي بدواـ الشمس بضيائها وتحمي كل ما عليها‬ ‫من حيواف ونبات فقدرىا اهلل بحكمتو وتدبيره تطلع وقتا وتغرب وقتا بمنزلة‬ ‫سراج يرفع الىل البيت تارة ليقضوا حوائجهم ثم يغيب عنهم مثل ذلك‬ ‫ليهدؤوا ويقروا فصار النور والظلمة مع تضادىما منقادين متظاىرين على بما‬ ‫فيو صبلح العالم وقوامو‪ .‬ثم فكر بعد ىذا في ارتفاع الشمس وانحطاطها‬ ‫القامة ىذه االزمنة االربعة من السنة وما في ذلك من التدبير والمصلحة‪ ،‬ففي‬ ‫الشتاء تعود الحرارة في الشجر والنبات فيتولد فيهما مواد الثمار‪ ،‬ويستكثف‬ ‫الهواء فينشأ منو السحاب والمطر‪ ،‬وتشد أبداف الحيواف وتقوي‪ ،‬وفي‬ ‫الربيع تتحرؾ وتظهر المواد المتولدة في الشتاء فيطلع النبات‪ ،‬وتنور االشجار‪،‬‬ ‫ويهيج الحيواف للسفاد‪ ،‬وفي الصيف يحتدـ الهواء فتنضج الثمار‪ ،‬وتتحلل‬ ‫فضوؿ االبداف‪ ،‬ويجف وجو االرض فتهيأ للبناء واالعماؿ‪ ،‬وفي الخريف‬ ‫يصفو الهواء‪ ،‬ويرتفع االمراض‪ ،‬ويصح االبداف ويمتد الليل فيمكن فيو بعض‬ ‫االعماؿ لطولو‪ ،‬و يطيب الهواء فيو إلى مصالح اخرى لو تقصيت لذكرىا‬ ‫لطاؿ فيها الكبلـ‪ .‬فكر اآلف في تنقل الشمس في البروج االثنى‬ ‫عشر القامة دور السنة‪ ،‬وما في ذلك من التدبير فهو الدور الذي تصح بو‬ ‫االزمنة االربعة من السنة‪ :‬الشتاء‪ ،‬والربيع‪ ،‬والصيف‪ ،‬والخريف‪ ،‬ويستوفيها‬ ‫على التماـ‪ ،‬وفي ىذا المقدار من دوراف الشمس تدرؾ الغبلت والثمار‪،‬‬ ‫وتنتهي إلى غاياتها‪ ،‬ثم تعود فيستأنف النشوء والنمو‪ ،‬أال ترى أف السنة مقدار‬ ‫مسير الشمس من الحمل إلى الحمل فبالسنة وأخواتها يكاؿ الزماف من لدف‬ ‫خلق اهلل تعالى العالم إلى كل وقت وعصر من غابر االياـ‪ ،‬وبها يحسب الناس‬ ‫االعماؿ‬

‫واالوقات الموقتة للديوف واالجارات والمعامبلت وغير ذلك من‬ ‫‪319‬‬


‫منهج العرض‬

‫امورىم‪ ،‬وبمسير الشمس يكمل السنة ويقوـ حساب الزماف على الصحة‪.‬‬ ‫انظر إلى شروقها على العالم كيف دبر أف يكوف فإنها لو كانت تبزغ في‬ ‫موضع من السماء فتقف ال تعدوه لما وصل شعاعها ومنفعتها إلى كثير من‬ ‫الجهات الف الجباؿ و الجدراف كانت تحجبها عنها فجعلت تطلع في‬ ‫أوؿ النهار من المشرؽ فتشرؽ على ما قابلها من وجو المغرب ثم ال تزاؿ‬ ‫تدور وتغشى جهة بعد جهة حتى تنتهي إلى المغرب فتشرؽ على ما استتر‬ ‫عنها في أوؿ النهار فبل يبقى موضع من المواضع إال أخذ بقسطو من المنفعة‬ ‫منها‪ ،‬واالرب التي قدرت لو‪ ،‬ولو تخلفت مقدار عاـ أو بعض عاـ كيف كاف‬ ‫يكوف حالهم ؟ بل كيف كاف يكوف لهم مع ذلك بقاء ؟ أفبل‬ ‫يرى الناس كي ف ىذه االمور الجليلة التي لم تكن عندىم فيها حيلة ؟ فصار‬ ‫تجري على مجاريها ال تعتل وال تتخلف عن مواقيتها لصبلح العالم وما فيو‬ ‫بقاؤه‪ .‬استدؿ بالقمر ففيو داللة جليلة تستعملها العامة في معرفة الشهور‪ ،‬وال‬ ‫يقوـ عليو حساب السنة‪ ،‬الف دوره ال يستوفي االزمنة االربعة ونشوء االثمار‬ ‫وتصرمها‪ ،‬ولذلك صارت شهور القمر وسنوه تتخلف عن شهور الشمس‬ ‫وسنيها‪ ،‬وصار الشهر من شهور القمر ينتقل فيكوف مرة بالشتاء ومرة بالصيف‪.‬‬ ‫فكر في إنارتو في ظلمة الليل واالرب في ذلك فإنو مع الحاجة‬ ‫إلى الظلمة لهدء الحيواف وبرد الهواء على النبات لم يكن صبلح في أف يكوف‬ ‫الليل ظلمة داجية ال ضياء فيها فبل يمكن فيو شئ من العمل‪ ،‬النو ربما احتاج‬ ‫الناس إلى العمل بالليل لضيق الوقت عليهم في تقصي االعماؿ بالنهار أو‬ ‫لشدة الحر وإفراطو فيعمل في ضوء القمر أعماال شتى كحرث االرض‪،‬‬ ‫وضرب اللبن‪ ،‬وقطع الخشب‪ ،‬وما أشبو ذلك فجعل ضوء القمر معونة للناس‬ ‫على معايشهم إذا احتاجوا إلى ذلك‪ ،‬وانسا للسائرين‪ ،‬وجعل طلوعو في بعض‬ ‫الليل دوف بعض‪ ،‬ونقص مع ذلك من نور الشمس وضيائها لكيبل تنبسط‬ ‫‪320‬‬


‫منهج العرض‬

‫الناس في العمل انبساطهم بالنهار‪ ،‬ويمتنعوا من الهدء والقرار فيهلكهم ذلك‬ ‫وفي تصرؼ القمر خاصة في مهلو‬ ‫على‬

‫التنبيو‬

‫قدرة‬

‫اهلل‬

‫ومحاقو وزيادتو ونقصانو وكسوفو من‬ ‫خالقو‬

‫المصرؼ‬

‫لو‬

‫ىذا‬

‫التصريف لصبلح العالم ما يعتبر بو المعتبروف‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في النجوـ واختبلؼ مسيرىا فبعضها ال تفارؽ مراكزىا‬ ‫من الفلك وال تسير إال مجتمعة‪ ،‬وبعضها مطلقة تنتقل في البروج وتفترؽ في‬ ‫مسيرىا فكل واحد منها يسير سيرين مختلفين‪ :‬أحدىما عاـ مع الفلك نحو‬ ‫المغرب‪ ،‬واآلخر خاص لنفسو نحو المشرؽ‪ ،‬كالنملة التي تدور على الرحى‬ ‫فالرحى تدور ذات اليمين والنملة تدور ذات الشماؿ والنملة في تلك تتحرؾ‬ ‫حركتين مختلفتين‪ :‬إحديهما بنفسها فتتوجو أمامها‪ ،‬واالخرى مستكرىة مع‬ ‫الرحى تجذبها إلى خلفها‪ ،‬فاسئل الزاعمين أف النجوـ صارت على ما ىي عليو‬ ‫باالىماؿ من غير عمد وال صانع لها ما منعها أف تكوف كلها راتبة ؟ أو‬ ‫تكوف كلها منتقلة ؟ فإف االىماؿ معنى واحد فكيف صار يأتي بحركتين‬ ‫مختلفتين على وزف وتقدير ؟ ففي ىذا بياف أف مسير الفريقين على ما يسيراف‬ ‫عليو بعمد وتدبير وحكمة وتقدير‪ ،‬وليس بإىماؿ كما تزعم المعطلة‪.‬‬ ‫فإف قاؿ قائل‪ :‬ولم صار بعض النجوـ راتبا وبعضها منتقبل ؟ قلنا‪ :‬إنها لو كانت‬ ‫كلها راتبة لبطلت الدالالت التي يستدؿ بها من تنقل المنتقلة ومسيرىا في كل‬ ‫برج من البروج‪ ،‬كما قد يستدؿ على أشياء مما يحدث في العالم بتنقل‬ ‫الشمس والنجوـ في منازلها‪ ،‬ولو كانت كلها منتقلة لم يكن لمسيرىا منازؿ‬ ‫تعرؼ وال رسم يوقف عليو النو إنما يوقف بمسير المنتقلة منها بتنقلها في‬ ‫البروج الراتبة كما يستدؿ على سير السائر على االرض بالمنازؿ التي يجتاز‬ ‫عليها‪،‬‬

‫ولو‬

‫كاف‬

‫تنقلها‬

‫بحاؿ‬

‫واحدة‬

‫الختلط‬

‫نظامها‬

‫وبطلت المآرب فيها‪ ،‬ولساغ لقائل أف يقوؿ‪ :‬إف كينونتها على حاؿ واحدة‬ ‫‪321‬‬


‫منهج العرض‬

‫توجب عليها االىماؿ من الجهة التي وصفنا ففي اختبلؼ سيرىا وتصرفها وما‬ ‫في ذلك من المآرب والمصلحة أبين دليل على العمد والتدبير فيها‪ .‬فكر في‬ ‫ىذه النجوـ التي تظهر في بعض السنة وتحتجب في بعضها كمثل الثريا‬ ‫والجوزاء والشعريين وسهيل فإنها لو كانت بأسرىا تظهر في وقت واحد لم‬ ‫تكن لواحد فيها على حيالو دالالت يعرفها الناس ويهتدوف بها‬ ‫لبعض امورىم كمعرفتهم اآلف بما يكوف من طلوع الثور والجوزاء إذا طلعت‪،‬‬ ‫واحتجابها إذا احتجبت فصار ظهور كل واحد واحتجابو في وقت غير وقت‬ ‫اآلخر لينتفع الناس بما يدؿ عليو كل واحد منها على حدتو‪ ،‬وكما جعلت الثريا‬ ‫وأشباىها تظهر حينا وتحجب حينا لضرب من المصلحة كذلك جعلت بنات‬ ‫النعش ظاىرة ال تغيب لضرب آخر من المصلحة فإنها بمنزلة‬ ‫االعبلـ التي يهتدي بها الناس في البر والبحر للطرؽ المجهولة‪ ،‬وذلك أنها ال‬ ‫تغيب وال تتوارى‪ ،‬فهم ينظروف إليها متى أرادوا أف يهتدوا بها إلى حيث شاؤوا‬ ‫وصار االمراف جميعا على اختبلفهما موجهين نحو االرب والمصلحة‪ ،‬وفيهما‬ ‫مآرب اخرى‪ :‬عبلمات ودالالت على أوقات كثيرة من االعماؿ كالزراعة‬ ‫والغراس والسفر في البر والبحر‪ ،‬وأشياء مما يحدث في االزمنة من االمطار‬ ‫والرياح‬

‫والحر‬

‫والبرد‪،‬‬

‫وبها‬

‫يهتدى‬

‫السائروف‬

‫في‬

‫ظلمة‬

‫الليل لقطع القفار الموحشة‪ ،‬واللجج الهائلة‪ ،‬مع ما في ترددىا في كبد‬ ‫السماء‬

‫مقبلة ومدبرة ومشرفة ومغربة من العبر فإنها تسير أسرع السير‬

‫وأحثو‪ .‬أرأيت لو كانت الشمس والقمر والنجوـ بالقرب منا حتى يتبين لنا‬ ‫سرعة سيرىا بكنو ما ىي عليو ألم تكن ستخطف االبصار بوىجها وشعاعها ؟‬ ‫كالذي يحدث أحيانا من البروؽ إذا توالت واضطرمت في الجو‪ ،‬وكذلك أيضا‬ ‫لو أف اناسا كانوا في قبة مكللة بمصابيح تدور حولهم دورانا حثيثا لحارت‬ ‫أبصارىم حتى يخروا لوجوىهم فانظر كيف قدر أف يكوف مسيرىا في البعد‬ ‫‪322‬‬


‫منهج العرض‬

‫البعيد لكيبل تضر في االبصار وتنكأ فيها‪ ،‬وبأسرع السرعة لكيبل تتخلف عن‬ ‫مقدار الحاجة في مسيرىا‪ ،‬وجعل فيها جزء يسير من الضوء ليسد مسد‬ ‫االضواء إذا لم يكن قمر‪ ،‬ويمكن فيو الحركة إذا حدثت ضرورة كما قد‬ ‫يحدث الحادث على المرء فيحتاج إلى التجافي في جوؼ الليل‪ ،‬وإف لم‬ ‫يكن شئ من الضوء يهتدي بو لم يستطع أف يبرح مكانو فتأمل اللطف‬ ‫والحكمة في ىذا التقدير حين جعل للظلمة دولة ومدة لحاجة إليها‪ ،‬وجعل‬ ‫خبللها شئ من الضوء للمأرب التي وصفنا‪ .‬فكر في ىذا الفلك بشمسو‬ ‫وقمره ونجومو وبروجو تدور على العالم في ىذا الدوراف الدائم بهذا التقدير‬ ‫والوزف لما في اختبلؼ الليل والنهار‪ ،‬وىذه االزماف االربعة المتوالية على‬ ‫االرض‪ ،‬وما عليها من أصناؼ الحيواف والنبات من ضروب المصلحة‬ ‫كالذي بينت وشخصت لك آنفا‪ ،‬وىل يخفى على ذي لب أف ىذا تقدير‬ ‫مقدر‪ ،‬وصواب وحكمة من مقدر حكيم ؟‪ .‬فإف قاؿ قائل‪ :‬إف ىذا شئ اتفق‬ ‫أف يكوف ىكذا فما منعو أف يقوؿ مثل ىذا في دوالب تراه يدور ويسقي‬ ‫حديقة فيها شجر ونبات ؟ فترى كل شئ من آلتو مقدرا بعضو يلقى بعضا على‬ ‫ما فيو صبلح تلك الحديقة وما فيها‪ ،‬وبم كاف يثبت ىذا القوؿ لو‬ ‫قالو ؟ و ما ترى الناس كانوا قائلين لو لو سمعوه منو‪ ،‬أفينكر أف يقوؿ في‬ ‫دوالب خشب مصنوع بحيلة قصيرة لمصلحة قطعة من االرض‪ :‬إنو كاف ببل‬ ‫صانع ومقدر‪ ،‬ويقدر أف يقوؿ في ىذا الدوالب االعظم المخلوؽ بحكمة‬ ‫يقصر‬

‫عنها‬

‫أذىاف‬

‫لصبلح‬

‫البشر‬

‫جميع‬

‫االرض‬

‫وما‬

‫عليها‪ :‬إنو شئ اتفق أف يكوف ببل صنعة وال تدبير‪ ،‬لو اعتل ىذا الفلك كما‬ ‫تعتل اآلالت التي تتخذ للصناعات وغيرىا أي شئ كاف عند الناس من الحيلة‬ ‫في إصبلحو ؟‬

‫‪323‬‬


‫منهج العرض‬

‫فكر يا مفضل في مقادير النهار والليل كيف وقعت على ما فيو صبلح ىذا‬ ‫الخلق فصار منتهى كل واحد منهما إذا امتد إلى خمس عشرة ساعة ال يجاوز‬ ‫ذلك‪ ،‬أفرأيت لو كاف النهار يكوف مقداره مائة ساعة أو مائتي ساعة ألم يكن‬ ‫في ذلك بوار كل ما في االرض من حيواف ونبات ؟‪ .‬أما الحيواف فكاف ال‬ ‫يهدأ وال يقر طوؿ المدة‪ ،‬وال البهائم كانت تمسك عن الرعي لوداـ لها ضوء‬ ‫النهار‪ ،‬وال االنساف كاف يفتر عن العمل والحركة‪ ،‬وكاف ذلك‬ ‫سيهلكها أجمع ويؤديها إلى التلف‪ ،‬وأما النبات فكاف يطوؿ عليو حر النهار‬ ‫ووىج الشمس حتى يجف ويحترؽ‪ ،‬وكذلك الليل لو امتد مقدار ىذه المدة‬ ‫كاف يعوؽ أصناؼ الحيواف عن الحركة والتصرؼ في طلب المعاش حتى‬ ‫تموت جوعا‪ ،‬وتخمد الحرارة الطبيعية من النبات حتى يعفن ويفسد‪ ،‬كالذي‬ ‫تراه يحدث على النبات إذا كاف في موضع ال تطلع عليو الشمس‪ .‬اعتبر‬ ‫بهذه الحر والبرد كيف يتعاوراف العالم ويتصرفاف ىذا التصرؼ من الزيادة‬ ‫والنقصاف واالعتداؿ القامة ىذه االزمنة االربعة من السنة وما فيهما من‬ ‫المصالح ثم ىما بعد دباغ االبداف التي عليها بقاؤىا وفيها صبلحها فإنو لو ال‬ ‫الحر والبرد وتداولهما االبداف لفسدت وأخوت وانتكثت‪ .‬فكر في دخوؿ‬ ‫أحدىما على اآلخر بهذا التدريج والترسل فإنك ترى أحدىما ينقص شيئا بعد‬ ‫شئ‪ ،‬واآلخر يزيد مثل ذلك حتى ينتهي كل واحد منهما‬ ‫منتهاه في الزيادة والنقصاف‪ ،‬ولو كاف دخوؿ إحديهما على االخرى مفاجاة‬ ‫الضر ذلك باالبداف وأسقمها كما أف أحدكم لو خرج من حماـ حار إلى‬ ‫موضع البرودة لضره ذلك وأسقم بدنو فلم جعل اهلل عزوجل ىذا الترسل في‬ ‫الحر والبرد إال للسبلمة من ضرر المفاجاة ؟ ولم جرى االمر على ما فيو‬ ‫السبلمة من ضر المفاجاة لوال التدبير في ذلك ؟ فإف زعم زاعم أف ىذا‬ ‫الترسل في دخوؿ الحر والبرد إنما يكوف البطاء مسير الشمس في االرتفاع‬ ‫‪324‬‬


‫منهج العرض‬

‫واالنحطاط سئل عن العلة في إبطاء مسير الشمس في ارتفاعها وانحطاطها‪،‬‬ ‫فإف اعتل في االبطاء ببعد ما بين المشرقين سئل عن العلة في ذلك فبل تزاؿ‬ ‫ىذه المسألة ترقى معو إلى حيث رقى من ىذا القوؿ حتى استقر على العمد‬ ‫والتدبير‪ ،‬لوال الحر لما كانت الثمار الجاسية المرة تنضج فتلين وتعذب حتى‬ ‫يتفكو بها رطبة ويابسة‪ ،‬ولوال البرد لما كاف الزرع يفرخ ىكذا‪ ،‬ويريع الريع‬ ‫الكثير الذي يتسع للقوت وما يرد في االرض للبذر أفبل‬ ‫ترى ما في الحر والبرد من عظيم الغناء والمنفعة وكبلىما مع غنائو والمنفعة‬ ‫فيو يولم االبداف ويمضها‪ ،‬وفي ذلك عبرة لمن فكر‪ ،‬وداللة على أنو من تدبير‬ ‫الحكيم في مصلحة العالم وما فيو‪.‬‬ ‫وانبهك يا مفضل على الريح وما فيها ألست ترى ركودىا إذا ركدت كيف‬ ‫يحدث الكرب الذي يكاد أف يأتي على النفوس‪ ،‬ويحرض االصحاء وينهك‬ ‫المرضى‪ ،‬ويفسد الثمار‪ ،‬ويعفن البقوؿ‪ ،‬ويعقب الوباء في االبداف‪ ،‬واآلفة في‬ ‫الغبلت ؟ ففي ىذا بياف أف ىبوب الريح من تدبير الحكيم في صبلح الخلق‪.‬‬ ‫وانبئك عن الهواء بخلة اخرى فإف الصوت أثر يؤثره اصطكاؾ االجساـ في‬ ‫الهواء‪ ،‬والهواء يؤديو إلى المسامع‪ ،‬والناس يتكلموف في حوائجهم ومعامبلتهم‬ ‫طوؿ نهارىم وبعض ليلهم‪ ،‬فلو كاف أثر ىذا الكبلـ يبقى في الهواء كما يبقى‬ ‫الكتاب في القرطاس المتبل العالم منو‪ ،‬فكاف يكربهم ويفدحهم‪ ،‬وكانوا‬ ‫يحتاجوف في تجديده واالستبداؿ بو إلى أكثر مما يحتاج إليو في تجديد‬ ‫القراطيس الف ما يلقى من الكبلـ أكثر مما يكتب فجعل الخبلؽ الحكيم جل‬ ‫قدسو‬

‫ىذا‬

‫الهواء‬

‫قرطاسا‬

‫خفيا‬

‫يحمل‬

‫الكبلـ‬

‫ريثما يبلغ العالم حاجتهم ثم يمحى فيعود جديدا نقيا‪ ،‬ويحمل ما حمل أبدا‬ ‫ببل انقطاع‪ ،‬وحسبك بهذا النسيم المسمى " ىواء " عبرة وما فيو من المصالح‬ ‫فانو حياة ىذه االبداف والممسك لها من داخل بما تستنشق منو‪ ،‬ومن خارج‬ ‫‪325‬‬


‫منهج العرض‬

‫بما تباشر من روحو‪ ،‬وفيو تطرد ىذه االصوات فيؤدي بها من البعد البعيد‪،‬‬ ‫وىو‬

‫لهذه‬

‫الحامل‬

‫االراييح‬

‫ينقلها‬

‫موضع‬

‫من‬

‫إلى‬

‫موضع‪ .‬أال ترى كيف تأتيك الرائحة من حيث تهب الريح فكذلك الصوت‪،‬‬ ‫وىو القابل لهذا الحر والبرد اللذين يتعاقباف على العالم لصبلحو‪ ،‬ومنو ىذه‬ ‫الريح الهابة فالريح تروح عن االجساـ وتزجي السحاب من موضع إلى موضع‬ ‫ليعم نفعو حتى يستكثف فيمطر‪ ،‬وتفضو حتى يستخف فيتفشى‪ ،‬وتلقح‬ ‫الشجر‪ ،‬وتسير السفن‪ ،‬وترخي االطعمة‬

‫وتبرد الماء‪ ،‬وتشب‬

‫النار‪ ،‬وتجفف االشياء الندية‪ ،‬وبالجملة أنها تحيي كلما في االرض فلوال‬ ‫الريح لذوى النبات ومات الحيواف وحمت االشياء وفسدت‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل فيما خلق اهلل عزوجل عليو ىذه الجواىر االربعة ليتسع ما‬ ‫يحتاج إليو منها‪ ،‬فمن ذلك سعة ىذه االرض وامتدادىا فلوال ذلك كيف كانت‬ ‫تتسع لمساكن الناس ومزارعهم ومراعيهم ومنابت أخشابهم وأحطابهم‪،‬‬ ‫والعقاقير العظيمة‪ ،‬والمعادف الجسمة غناؤىا‪ ،‬ولعل من ينكر ىذه الفلوات‬ ‫الخاوية والقفار الموحشة فيقوؿ‪ :‬ما المنفعة فيها ؟ فهي مأوى ىذه الوحوش‬ ‫ومحالها ومرعاىا ثم فيها بعد متنفس ومضطرب للناس إذا احتاجوا إلى‬ ‫االستبداؿ بأوطانهم‪ ،‬فكم بيداء وكم فدفد حالت قصورا وجنانا بانتقاؿ الناس‬ ‫إليها وحلولهم فيها‪ ،‬ولوال سعة االرض وفسحتها لكاف الناس كمن ىو في‬ ‫حصار‬

‫ضيق‬

‫ال‬

‫يجد‬

‫مندوحة‬

‫عن‬

‫وطنو‬

‫إذا‬

‫حزبو‬

‫أمر‬

‫يضطره إلى االنتقاؿ عنو‪ .‬ثم فكر في خلق ىذه االرض على ما ىي عليو حين‬ ‫خلقت راتبة راكنة فتكوف موطنا مستقرا لبلشياء فيتمكن الناس من السعي‬ ‫عليها في مأربهم‪ ،‬والجلوس عليها لراحتهم‪ ،‬والنوـ لهدئهم‪ ،‬واالتقاف العمالهم‬ ‫فإنها لو كانت رجراجة متكفئة لم يكونوا يستطيعوف أف يتقنوا البناء والتجارة‬ ‫والصناعة وما أشبو ذلك‪ ،‬بل كانوا ال يتهنّؤوف بالعيش واالرض ترتج من‬ ‫‪326‬‬


‫منهج العرض‬

‫تحتهم‪ ،‬واعتبر ذلك بما يصيب الناس حين الزالزؿ على‬ ‫قلة مكثها حتى يصيروا إلى ترؾ منازلهم والهرب عنها‪ .‬فاف قاؿ قائل‪ :‬فلم‬ ‫صارت ىذه االرض تزلزؿ ؟ قيل لو‪ :‬إف الزلزلة وما أشبهها موعظة وترىيب‬ ‫يرىب بها الناس ليرعووا وينزعوا عن المعاصي‪ ،‬وكذلك ما ينزؿ بهم من الببلء‬ ‫في أبدانهم وأموالهم يجرى في التدبير على ما فيو صبلحهم واستقامتهم‪،‬‬ ‫ويدخر لهم إف صلحوا من الثواب والعوض في اآلخرة ما ال يعدلو شئ من‬ ‫امور الدنيا‪ ،‬وربما عجل ذلك في الدنيا إذا كاف ذلك في‬ ‫الدنيا صبلحا للخاصة والعامة‪ .‬ثم إف االرض في طباعها الذي طبعها اهلل عليو‬ ‫باردة يابسة وكذلك الحجارة و إنما الفرؽ بينها وبين الحجارة فضل يبس في‬ ‫الحجارة‪ ،‬أفرأيت لو أف اليبس أفرط على االرض قليبل حتى تكوف حجرا‬ ‫صلدا أكانت تنبت ىذا النبات الذي بو حياة الحيواف ؟ وكاف يمكن بها حرث‬ ‫أو بناء ؟ أفبل ترى كيف تنصب من يبس الحجارة وجعلت على ما ىي عليو‬ ‫من اللين والرخاوة ولتتهيأ لبلعتماد ؟‪ .‬ومن تدبير الحكيم جل وعبل في خلقة‬ ‫االرض أف مهب الشماؿ أرفع من مهب الجنوب فلم جعل اهلل عزوجل كذلك‬ ‫إال لينحدر المياه على وجو االرض فتسقيها و ترويها ؟ ثم تفيض آخر ذلك‬ ‫إلى البحر فكأنما يرفع أحد جانبي السطح ويخفض اآلخر لينحدر الماء عنو‬ ‫وال‬

‫يقوـ‬

‫عليو‬

‫كذلك‬

‫جعل‬

‫مهب‬

‫الشماؿ‬

‫أرفع‬

‫من‬

‫مهب الجنوب لهذه العلة بعينها‪ ،‬ولوال ذلك لبقي الماء متحيرا على وجو‬ ‫االرض فكاف يمنع الناس من إعمالها ويقطع الطرؽ والمسالك‪ ،‬ثم الماء لوال‬ ‫كثرتو وتدفقو في العيوف واالودية و االنهار لضاؽ عما يحتاج الناس إليو‬ ‫لشربهم وشرب أنعامهم ومواشيهم‪ ،‬وسقي زروعهم وأشجارىم وأصناؼ‬ ‫غبلتهم‪ ،‬وشرب ما يرده من الوحوش والطير والسباع وتتقلب فيو الحيتاف‬ ‫ودواب الماء‪ ،‬وفيو منافع آخر أنت بها عارؼ وعن عظم موقعها غافل فإنو‬ ‫‪327‬‬


‫منهج العرض‬

‫سوى االمر الجليل المعروؼ من غنائو في إحياء جميع ما على االرض من‬ ‫الحيواف والنبات يمزج باالشربة فتلين وتطيب لشاربها‪ ،‬وبو تنظف االبداف‬ ‫واالمتعة من الدرف الذي يغشاىا‪ ،‬وبو يبل التراب فيصلح لبلعتماؿ وبو يكف‬ ‫عادية النار إذا اضطرمت وأشرؼ الناس على المكروه‪ ،‬وبو يسيغ الغصاف ما‬ ‫غص بو‪ ،‬وبو يستحم المتعب الكاؿ فيجد الراحة من أوصابو‪ ،‬إلى أشباه ىذا‬ ‫من المآرب التي تعرؼ عظم موقعها في وقت الحاجة إليها‪ .‬فإف شككت في‬ ‫منفعة ىذا الماء الكثير المتراكم في البحار وقلت‪ :‬ما االرب فيو ؟ فاعلم أنو‬ ‫مكتنف ومضطرب ما ال يحصى‪ :‬من أصناؼ السمك ودواب البحر‪ ،‬ومعدف‬ ‫اللؤلؤ والياقوت والعنبر‪ ،‬وأصناؼ شتى تستخرج من البحر‪ ،‬وفي سواحلو‬ ‫منابت العود واليلنجوج‪ ،‬وضروب من الطيب والعقاقير‪ ،‬ثم ىو بعد مركب‬ ‫الناس ومحمل لهذه التجارات التي تجلب من البلداف البعيدة كمثل ما يجلب‬ ‫من الصين إلى العراؽ‪ ،‬ومن العراؽ إلى الصين فإف ىذه التجارات لو لم يكن‬ ‫لها محمل إال على الظهر لبارت وبقيت في بلدانها وأيدي أىلها الف أجر‬ ‫حملها‬

‫كاف‬

‫يجاوز‬

‫أثمانها‬

‫يتعرض‬

‫فبل‬

‫أحد‬

‫لحملها‪،‬‬

‫وكاف يجتمع في ذلك أمراف‪ :‬أحدىما فقد أشياء كثيرة تعظم الحاجة إليها‪،‬‬ ‫واآلخر انقطاع معاش من يحملها ويتعيش بفضلها‪ ،‬وىكذا الهواء لوال كثرتو‬ ‫وسعتو الختنق ىذا االناـ من الدخاف والبخار التي يتحير فيو‪ ،‬ويعجز عما‬ ‫يحوؿ إلى السحاب والضباب أوال اوال وقد تقدـ من صفتو ما فيو كفاية‪ .‬والنار‬ ‫أيضا‬

‫كذلك‬

‫لو‬

‫فإنها‬

‫كانت‬

‫مبثوثة‬

‫كالنسيم والماء كانت تحرؽ العالم وما فيو‪ ،‬ولم يكن بد من ظهورىا في‬ ‫االحايين لغنائها في كثير من المصالح فجعلت كالمخزونة في االخشاب‪،‬‬ ‫تلتمس عند الحاجة إليها‪ ،‬وتمسك بالمادة والحطب ما احتيج إلى بقائها لئبل‬ ‫تخبو‪ ،‬فبل ىي تمسك بالمادة والحطب فتعظم المؤونة في ذلك‪ ،‬وال ىي‬ ‫‪328‬‬


‫منهج العرض‬

‫تظهر مبثوثة فتحرؽ كل ما ىي فيو بل ىي على تهيئة وتقدير اجتمع فيها‬ ‫االستمتاع بمنافعها والسبلمة من ضررىا‪ .‬ثم فيو خلة اخرى وىي أنها مما‬ ‫خص بو االنساف دوف جميع الحيواف لما لو فيها من المصلحة فإنو لو‬ ‫فقد النار لعظم ما يدخل عليو من الضرر في معاشو فأما البهائم فبل تستعمل‬ ‫النار وال تستمتع بها‪ ،‬ولما قدر اهلل عزوجل أف يكوف ىذا ىكذا خلق لبلنساف‬ ‫كفا وأصابع مهيأة لقدح النار واستعمالها‪ ،‬ولم يعط البهائم مثل ذلك لكنها‬ ‫اعينت بالصبر على الجفاء والخلل في المعاش لكيبل ينالها في فقد النار ما‬ ‫يناؿ االنساف‪ .‬وانبئك من منافع النار على خلقة صغيرة عظيم موقعها‪ ،‬وىي‬ ‫ىذا المصباح الذي يتخذه الناس فيقضوف بو حوائجهم ما شاؤوا من ليلهم‪،‬‬ ‫ولوال ىذه الخلة لكاف الناس تصرؼ أعمارىم بمنزلة من في‬ ‫القبور‪ ،‬فمن كاف يستطيع أف يكتب أو يحفظ أو ينسج في ظلمة الليل ؟‬ ‫وكيف كانت حاؿ من عرض لو وجع في وقت من أوقات الليل فاحتاج أف‬ ‫يعالج ضمادا‪ ،‬أو سفوفا أو شيئا يستشفي بو ؟ فأما منافعها في نضج االطعمة‬ ‫ودفاء االبداف وتجفيف أشياء وتحليل أشياء وأشباه ذلك فأكثر من أف تحصى‬ ‫وأظهر من أف تخفى‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في الصحو والمطر كيف يعتقباف على ىذا العالم لما فيو‬ ‫صبلحو‪ ،‬ولو داـ واحد منهما عليو كاف في ذلك فساده أال ترى أف االمطار‬ ‫إذا توالت عفنت البقوؿ والخضر‪ ،‬واسترخت أبداف الحيواف‪ ،‬وخصر الهواء‬ ‫فأحدث ضروبا من االمراض‪ ،‬وفسدت الطرؽ والمسالك‪ ،‬وأف الصحو إذا داـ‬ ‫جفت‬

‫االرض‪،‬‬

‫واحترؽ‬

‫النبات‪،‬‬

‫وغيض‬

‫ماء‬

‫العيوف‬

‫واالودية فأضر ذلك بالناس‪ ،‬وغلب اليبس على الهواء فأحدث ضروبا اخرى‬ ‫من االمراض فإذا تعاقبا على العالم ىذا التعاقب اعتدؿ الهواء ودفع كل واحد‬ ‫منهما عادية اآلخر‬

‫فصلحت االشياء واستقامت‪ .‬فإف قاؿ قائل‪ :‬ولم ال‬ ‫‪329‬‬


‫منهج العرض‬

‫يكوف في شئ من ذلك مضرة ألبتة ؟ قيل لو‪ :‬ليمض ذلك االنساف ويولمو‬ ‫بعض‬

‫االلم فيرعوي‬

‫عن‬

‫المعاصي‪ ،‬فكما‬

‫أف‬

‫االنساف‬

‫إذا‬

‫سقم بدنو احتاج إلى االدوية المرة البشعة ليقوـ طباعو ويصلح ما فسد منو‬ ‫كذلك إذا طغى وأشر احتاج إلى ما يعضو ويؤلمو ليرعوي ويقصر عن مساويو‬ ‫ويثبتو على ما فيو حظو ورشده‪ ،‬ولوأف ملكا من الملوؾ قسم في أىل مملكتو‬ ‫قناطير من ذىب وفضة ألم يكن سيعظم عندىم ويذىب‬ ‫لو بو الصوت ؟ فأين ىذا من مطرة رواء ؟‬

‫إذ يعمر بو الببلد ويزيد في‬

‫الغبلت أكثر من قناطير الذىب والفضة في أقاليم االرض كلها‪ .‬أفبل ترى‬ ‫المطرة الواحدة ما أكبر قدرىا وأعظم النعمة على الناس فيها وىم عنها‬ ‫ساىوف ! وربما عاقت عن أحدىم حاجة ال قدر لها فيذمر ويسخط إيثارا‬ ‫للخسيس‬

‫قدره‬

‫على‬

‫العظيم‬

‫نفعو‬

‫جهبل‬

‫بمحمود‬

‫العاقبة‬

‫وقلة معرفة لعظيم الغناء والمنفعة فيها‪ .‬تأمل نزولو على االرض والتدبير في‬ ‫ذلك‪ ،‬فإنو جعل ينحدر عليها من علو ليتفشى ما غلظ وارتفع منها فيرويو‪ ،‬ولو‬ ‫كاف إنما يأتيها من بعض نواحيها لما عبل على المواضع المشرفة منها و يقل‬ ‫ما يزرع في االرض‪ .‬أال ترى أف الذي يزرع سيحا أقل من ذلك فاالمطار ىي‬ ‫التي تطبق االرض‪ ،‬وربما تزرع ىذه البراري الواسعة وسفوح الجباؿ وذراىا‬ ‫فتغل الغلة الكثيرة‪ ،‬وبها يسقط عن الناس في كثير من البلداف مؤونة سياؽ‬ ‫الماء من موضع إلى موضع‪ ،‬وما يجري في ذلك بينهم من التشاجر والتظالم‬ ‫حتى يستأثر بالماء ذووا العزة والقوة ويحرمو الضعفاء‪ .‬ثم‬ ‫إنو حين قدر أف ينحدر على االرض انحدارا جعل ذلك قطرا شبيها بالرش‬ ‫ليغور في قطر االرض فيرويها‪ ،‬ولو كاف يسكبو انسكابا كاف ينزؿ على وجو‬ ‫االرض فبل يغور فيها ثم كاف يحطم الزرع القائمة إذا اندفق عليها فصار ينزؿ‬ ‫نزوال رقيقا فينبت الحب المزروع‪ ،‬ويحيي االرض والزرع القائم‪ ،‬وفي نزولو‬ ‫‪330‬‬


‫منهج العرض‬

‫أيضا مصالح اخرى فإنو يلين االبداف‪ ،‬ويجلو كدر الهواء فيرتفع الوباء‬ ‫الحادث من ذلك‪ ،‬ويغسل ما يسقط على الشجر والزرع من الداء المسمى‬ ‫باليرقاف‪ ،‬إلى اشباه ىذا من المنافع‪ .‬فإف قاؿ قائل‪ :‬أو ليس قد يكوف منو في‬ ‫بعض السنين الضرر العظيم الكثير لشدة ما يقع منو أو برد يكوف فيو تحطم‬ ‫الغبلت وبخورة يحدثها في الهواء فيولد كثيرا من االمراض في االبداف‬ ‫واآلفات في الغبلت ؟ قيل‪ :‬بلى قد يكوف ذلك الفرط لما فيو من صبلح‬ ‫االنساف وكفو عن ركوب المعاصي والتمادي فيها فيكوف المنفعة فيما يصلح لو‬ ‫من دينو أرجح مما عسى أف يرزأ في مالو‪.‬‬ ‫انظر يا مفضل إلى ىذه الجباؿ المركومة من الطين والحجارة التي‬ ‫يحسبها الغافلوف فضبل ال حاجة إليها‪ ،‬والمنافع فيها كثيرة‪ :‬فمن ذلك أف‬ ‫يسقط عليها الثلوج فيبقى في قبللها لمن يحتاج إليو‪ ،‬ويذوب ما ذاب منو‬ ‫فتجري منو العيوف الغزيرة التي تجتمع منها االنهار العظاـ‪ ،‬وينبت فيها ضروب‬ ‫من النبات والعقاقير التي ال ينبت مثلها في السهل‪ ،‬ويكوف فيها كهوؼ‬ ‫ومقايل للوحوش من السباع العادية ويتخذ منها الحصوف والقبلع المنيعة‬ ‫للتحرز من االعداء‪ ،‬وينحت منها الحجارة للبناء واالرحاء‪،‬‬

‫ويوجد‬

‫فيها معادف لضروب من الجواىر‪ ،‬وفيها خبلؿ اخرى ال يعرفها إال المقدر في‬ ‫سابق علمو‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في ىذه المعادف وما يخرج منها من الجواىر المختلفة‬ ‫مثل الجص و الكلس والجبس‬

‫والزرانيخ‪ ،‬والمرتك‪ ،‬والقوني والزئبق‪،‬‬

‫والنحاس‪ ،‬والرصاص‪ ،‬والفضة‪ ،‬والذىب‪ ،‬والزبرجد‪ ،‬والياقوت‪ ،‬والزمرد‪،‬‬ ‫وضروب الحجارة‪ ،‬وكذلك ما يخرج منها من القار‪ ،‬والموميا‪ ،‬والكبريت‪،‬‬ ‫والنفط‪ ،‬وغير ذلك مما يستعملو الناس في مأربهم‪ ،‬فهل يخفى على ذي عقل‬ ‫‪331‬‬


‫منهج العرض‬

‫بأف ىذه كلها ذخائر ذخرت لبلنساف في ىذه االرض ليستخرجها فيستعملها‬ ‫عند الحاجة إليها ؟ ثم قصرت حيلة الناس عما حاولوا‬

‫من‬

‫صنعتها على حرصهم واجتهادىم في ذلك فإنهم لو ظفروا بما حاولوا من ىذا‬ ‫العلم كاف ال محالة سيظهر ويستفيض في العالم حتى تكثر الذىب والفضة‬ ‫ويسقطا عند الناس فبل يكوف لهما قيمة ويبطل االنتفاع بهما في الشرى والبيع‬ ‫والمعامبلت‪ ،‬وال كاف يجيئ السلطاف االمواؿ‪ ،‬وال يدخرىما أحد لبلعقاب‪،‬‬ ‫وقد اعطي الناس مع ىذا صنعة الشبو من النحاس والزجاج من الرمل‪ ،‬والفضة‬ ‫من الرصاص‪ ،‬والذىب من الفضة‪ ،‬وأشباه ذلك مما ال مضرة فيو‪.‬‬ ‫فانظر كيف اعطوا إرادتهم فيما ال ضرر فيو‪ ،‬ومنعوا ذلك فيما كاف ضارا لهم‬ ‫لو نالوه‪ ،‬ومن أوغل في المعادف انتهى إلى واد عظيم يجري منصلتا بماء‬ ‫غزير‪ ،‬ال يدرؾ غوره وال حيلة في عبوره ومن ورائو أمثاؿ الجباؿ من الفضة‪.‬‬ ‫تفكر اآلف في ىذا من تدبير الخالق الحكيم فإنو أراد جل ثناؤه أف يرى العباد‬ ‫قدرتو وسعة خزائنو‪ ،‬ليعلموا أنو لو شاء أف يمنحهم كالجباؿ من الفضة لفعل‪،‬‬ ‫لكن ال صبلح لهم في ذلك‪ ،‬النو لو كاف فيكوف فيها كما ذكرنا سقوط ىذا‬ ‫الجوىر عند الناس وقلة انتفاعهم بو‪ ،‬واعتبر ذلك بأنو قد يظهر الشئ الطريف‬ ‫مما يحدثو الناس من االواني و االمتعة فما داـ عزيزا قليبل فهو نفيس جليل‬ ‫آخذ الثمن فإذا فشا وكثر في أيدي الناس سقط عندىم وخست قيمتو‪،‬‬ ‫ونفاسة االشياء من عزتها‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل‪ :‬في ىذا النبات وما فيو من ضروب المآرب‪ ،‬فالثمار‬ ‫للغذاء‪ ،‬و االتباف للعلف‪ ،‬والحطب للوقود‪ ،‬والخشب لكل شئ من أنواع‬ ‫النجارة وغيرىا‪ ،‬و اللحاء والورؽ واالصوؿ والعروؽ والصموغ لضروب من‬ ‫المنافع‪ .‬أرأيت لو كنا نجد الثمار التي نغتذي بها مجموعة على وجو االرض‬ ‫ولم تكن تنبت على ىذه االغصاف الحاملة لها كم كاف يدخل علينا من الخلل‬ ‫‪332‬‬


‫منهج العرض‬

‫في معاشنا وإف كاف الغذاء موجودا فإف المنافع بالخشب والحطب واالتباف‬ ‫وسائر ما عددناه كثيرة‪ ،‬عظيم قدرىا‪ ،‬جليل موقعها‪ ،‬ىذا مع ما في النبات من‬ ‫التلذذ بحسن منظره ونضارتو التي ال يعد لها شئ من مناظر العالم ومبلىيو‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل‪ :‬في ىذا الريع الذي جعل في الزرع فصارت الحبة الواحدة‬ ‫تخلف مائة حبة وأكثر وأقل‪ ،‬وكاف يجوز أف يكوف الحبة تأتي بمثلها فلم‬ ‫صارت تريع ىذا الريع إال ليكوف في الغلة متسع لما يرد في االرض من البذر‪،‬‬ ‫وما يتقوت الزراع إلى إدراؾ زرعها المستقبل ؟‪ .‬أال ترى أف الملك لو أراد‬ ‫عمارة بلد من البلداف كاف السبيل في ذلك أف يعطي أىلو ما يبذرونو في‬ ‫أرضهم‪ ،‬وما يقوتهم إلى إدراؾ زرعهم فانظر كيف تجد ىذا المثاؿ قد تقدـ في‬ ‫تدبير الحكيم فصار الزرع يريع ىذا الريع ليفي بما يحتاج إليو‬ ‫للقوت والزراعة‪ ،‬و كذلك الشجر والنبت والنخل يريع الريع الكثير فإنك ترى‬ ‫االصل الواحد حولو من فراخو أمرا عظيما‪ ،‬فلم كاف كذلك إال ليكوف فيو ما‬ ‫يقطعو الناس ويستعملونو في مأربهم وما يرد فيغرس في االرض ؟ ولو كاف‬ ‫االصل منو يبقى منفردا ال يفرخ وال يريع لما أمكن أف يقطع منو شئ لعمل وال‬ ‫لغرس‪ ،‬ثم كاف إف أصابتو آفة انقطع أصلو فلم يكن منو خلف‪ .‬تأمل نبات‬ ‫ىذه الحبوب من العدس والماش والباقبل وما أشبو ذلك فإنها تخرج في أوعية‬ ‫مثل الخرائط لتصونها وتحجبها من اآلفات إلى أف تشد وتستحكم كما قد‬ ‫تكوف المشيمة على الجنين لهذا المعنى بعينو‪ ،‬فأما البر وما أشبهو فإنو يخرج‬ ‫مدرجا في قشور صبلب على رؤوسها مثاؿ االسنة من السنبل ليمنع الطير منو‬ ‫ليتوفر على الزراع‪ .‬فإف قاؿ قائل‪ :‬أو ليس قد يناؿ الطير من البر والحبوب ؟‬ ‫قيل لو‪ :‬بلى على ىذا قدر االمر فيها الف الطير خلق من خلق اهلل وقد جعل‬ ‫اهلل تبارؾ وتعالى لو فيما تخرج االرض حظا‪ ،‬ولكن حضنت الحبوب بهذه‬ ‫الحجب لئبل يتمكن الطير منها كل التمكن فيعبث فيها ويفسد الفساد‬ ‫‪333‬‬


‫منهج العرض‬

‫الفاحش فإف الطير لو صادؼ الحب بارزا ليس عليو شئ يحوؿ دونو الكب‬ ‫عليو حتى ينسفو أصبل فكاف يعرض من ذلك أف يبشم الطير فيموت‪ ،‬ويخرج‬ ‫الزراع من زرعو صفرا فجعلت عليو ىذه الوقايات لتصونو فيناؿ الطائر منو‬ ‫شيئا يسيرا يتقوت بو‪ ،‬ويبقى أكثره لبلنساف فإنو أولى بو إذ كاف ىو الذي كدح‬ ‫فيو وشقي بو‪ ،‬وكاف الذي يحتاج إليو أكثر مما يحتاج إليو الطير‪ .‬تأمل الحكمة‬ ‫في خلق الشجر وأصناؼ النبات فإنها لما كانت تحتاج إلى الغذاء الدائم‬ ‫كحاجة الحيواف ولم يكن لها أفواه كأفواه الحيواف وال حركة تنبعث بها لتناوؿ‬ ‫الغذاء جعلت أصولها مركوزة في االرض لتنزع منها الغذاء فتؤديو إلى‬ ‫االغصاف وما عليها من الورؽ والثمر فصارت االرض كاالـ المربية لها‪،‬‬ ‫وصارت اصولها التي ىي كاالفواه ملتقمة لبلرض‬

‫لتنزع منها الغذاء كما‬

‫يرضع أصناؼ الحيواف امهاتها‪ .‬أال ترى إلى عمد الفساطيط والخيم كيف تمد‬ ‫باالطناب من كل جانب لتثبت منتصبة فبل تسقط وال تميل فهكذا تجد النبات‬ ‫كلو لو عروؽ منتشرة في االرض ممتدة إلى كل جانب لتمسكو‬ ‫وتقيمو‪ ،‬ولوال ذلك كيف كاف يثبت ىذا النخل الطواؿ والدوح العظاـ في الريح‬ ‫العاصف‪ ،‬فانظر إلى حكمة الخلقة كيف سبقت حكمة الصناعة فصارت‬ ‫الحيلة التي تستعملها الصناع في ثبات الفساطيط والخيم متقدمة في خلق‬ ‫الشجر‬

‫الف‬

‫خلق‬

‫الشجر‬

‫قبل‬

‫صنعة‬

‫الفساطيط‬

‫والخيم‬

‫أال ترى عمدىا وعيدانها من الشجر ؟ فالصناعة مأخوذة من الخلقة‪.‬‬ ‫تأمل يا مفضل خلق الورؽ فإنك ترى في الورقة شبو العروؽ مبثوثة‬ ‫فيها أجمع فمنها غبلظ ممتدة في طولها وعرضها‪ ،‬ومنها دقاؽ تتخلل الغبلظ‬ ‫منسوجة نسجا دقيقا معجما لو كاف مما يصنع بااليدي كصنعة البشر لما فرغ‬ ‫من ورؽ شجرة واحدة في عاـ كامل‪ ،‬والحتيج إلى آالت وحركة وعبلج وكبلـ‬ ‫فصار يأتي منو في أياـ قبلئل من الربيع ما يمبل الجباؿ والسهل وبقاع االرض‬ ‫‪334‬‬


‫منهج العرض‬

‫كلها ببل حركة وال كبلـ إال باالرادة النافذة في كل شئ واالمر المطاع‪.‬‬ ‫واعرؼ مع ذلك العلة في تلك العروؽ الدقاؽ فإنها جعلت تتخلل‬ ‫الورقة بأسرىا لتسقيها وتوصل الماء إليها بمنزلة العروؽ المبثوثة في البدف‬ ‫لتوصل الغذاء إلى كل جزء منها وفي الغبلظ منها معنى آخر فإنها تمسك‬ ‫الورقة بصبلبتها ومتانتها لئبل تنهتك وتتمزؽ فترى الورقة شبيهة بورقة معمولة‬ ‫بالصنعة من خرؽ قد جعلت فيها عيداف ممدودة في طولها وعرضها لتتماسك‬ ‫فبل تضطرب فالصناعة تحكي الخلقة وإف كانت ال تدركها على الحقيقة‪ .‬فكر‬ ‫في ىذا العجم والنوى والعلة فيو فإنو جعل في جوؼ الثمرة ليقوـ‬ ‫مقاـ الغرس إف عاؽ دوف الغرس عائق‪ ،‬كما يحرز الشئ النفيس الذي تعظم‬ ‫الحاجة إليو في مواضع آخر‪ ،‬فإف حدث على الذي في بعض المواضع منو‬ ‫حادث وجد في موضع آخر‪ ،‬ثم بعد يمسك بصبلبتو رخاوة الثمار ورقتها‪،‬‬ ‫ولوال ذلك لتشدخت وتفسخت وأسرع إليو الفساد‪ ،‬وبعضو‬ ‫يؤكل ويستخرج دىنو فيستعمل منو ضروب من المصالح‪ ،‬وقد تبين لك موضع‬ ‫االرب في العجم والنوى‪ .‬فكر اآلف في ىذا الذي تجده فوؽ النواة من الرطبة‬ ‫وفوؽ العجم من العنبة فما العلة فيو ؟ ولماذا يخرج في ىذه الهيئة ؟ وقد كاف‬ ‫يمكن أف يكوف مكاف ذلك ما ليس فيو مأكل كمثل ما يكوف في السرو‬ ‫والدلب وما أشبو ذلك‪ ،‬فلم صار يخرج فوقو ىذه المطاعم‬ ‫اللذيذة إال ليستمتع بها االنساف ؟‪ .‬فكر في ضروب من التدبير في الشجر‬ ‫فإنك تراه يموت في كل سنة موتة‪ ،‬فيحتبس الحرارة الغريزية في عوده ويتولد‬ ‫فيو مواد الثمار ثم تحيى وتنتشر فتأتيك بهذه الفواكو نوعا بعد نوع كما تقدـ‬ ‫إليك أنواع االطبخة التي تعالج بااليدي واحدا بعد واحد‪ ،‬فترى االغصاف في‬ ‫الشجر تتلقاؾ ثمارىا حتى كأنها تناولكها عن يد‪ ،‬وترى الرياحين تلقاؾ في‬ ‫أفنانها كأنها تجيئك بأنفسها‪ ،‬فلمن ىذا التقدير إال لمقدر حكيم ؟ وما العلة‬ ‫‪335‬‬


‫منهج العرض‬

‫فيو إال تفكية االنساف بهذه الثمار واالنوار ؟ والعجب من اناس جعلوا مكاف‬ ‫الشكر‬

‫على‬

‫النعمة‬

‫جحود‬

‫المنعم‬

‫بها‬

‫!‪.‬‬

‫اعتبر‬

‫بخلق‬

‫الرمانة وما ترى فيها من أثر العمد والتدبير فإنك ترى فيها كأمثاؿ التبلؿ من‬ ‫شحم مركوـ في نواحيها‪ ،‬وحبا مرصوفا رصفا كنحو ما ينضد بااليدي وترى‬ ‫الحب مقسوما أقساما‪ ،‬وكل قسم منها ملفوفا بلفائف من حجب منسوجة‬ ‫أعجب النسج وألطفو‪ ،‬وقشره يضم ذلك كلو‪ ،‬فمن التدبير في ىذه الصنعة أنو‬ ‫لم يكن يجوز أف يكوف حشو الرمانة من الحب وحده‪ ،‬وذلك أف الحب ال‬ ‫يمد بعضو بعضا فجعل ذلك الشحم خبلؿ الحب ليمده بالغذاء‪ ،‬أال ترى أف‬ ‫اصوؿ الحب مركوزة في ذلك الشحم ؟ ثم لف بتلك اللفائف لتضمو وتمسكو‬ ‫فبل يضطرب‪ ،‬وغشي فوؽ ذلك بالقشرة المستحصفة ليصونو ويحصنو من‬ ‫اآلفات‪ ،‬فهذا قليل من كثير وىي وصف الرمانة وفيو أكثر من ىذا لمن أراد‬ ‫االطناب والتذرع في الكبلـ‪ ،‬ولكن فيما ذكرت لك كفاية في الداللة‬ ‫واالعتبار‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في حمل اليقطين الضعيف مثل ىذه الثمار الثقيلة من‬ ‫الدباء والقثاء والبطيخ‪ ،‬وما في ذلك من التدبير والحكمة فإنو حين قدر أف‬ ‫يحتمل مثل ىذه الثمار جعل نباتو منبسطا على االرض‪ ،‬ولو كاف ينتصب قائما‬ ‫كما ينتصب الزرع والشجر لما استطاع أف يحمل مثل ىذه الثمار الثقيلة‪،‬‬ ‫ولينقصف قبل إدراكها وانتهائها إلى غايتها‪ .‬فانظر كيف صار يمتد على وجو‬ ‫االرض ليلقى عليها ثمارىا فتحملها عنو فترى االصل من القرع والبطيخ‬ ‫مفترشا لبلرض‪ ،‬ثماره مبثوثة عليها وحواليو كأنو ىرة ممتدة‬ ‫وقد اكتنفتها أجراؤىا لترضع منها‪ .‬وانظر كيف صارت االصناؼ توافي في‬ ‫الوقت‬

‫المشاكل‬

‫لها‬

‫من‬

‫حمارة‬

‫الصيف‪،‬‬

‫ووقدة‬

‫الحر‬

‫فتلقاىا النفوس بانشراح وتشوؽ إليها‪ ،‬ولو كانت توافي في الشتاء لوافقت من‬ ‫‪336‬‬


‫منهج العرض‬

‫الناس كراىة لها واقشعرارا منها مع ما يكوف فيها من المضرة لبلبداف‪ .‬أال ترى‬ ‫أنو ربما أدرؾ شئ من الخيار في الشتاء فيمتنع الناس من أكلو إال الشره الذي‬ ‫ال يمتنع من أكل ما يضره وليستوخم مغبتو‪.‬‬ ‫فكر يا مفضل في النخل فإنو لما صار فيو اناث يحتاج إلى التلقيح‬ ‫جعلت فيو ذكورة للقاح من غير غراس فصار الذكر من النخل بمنزلة الذكر من‬ ‫الحيواف الذي يلقح االناث لتحمل وىو ال يحمل‪ .‬تأمل خلقة الجذع كيف‬ ‫ىو فإنك تراه كالمنسوج نسجا من غير خيوط ممدودة كالسدى واخرى معو‬ ‫معترضة كاللحمة‬

‫كنحو ما ينسج بااليدي‪ ،‬وذلك ليشتد و يصلب وال‬

‫ينقصف من حمل القنواف الثقلية‪ ،‬وىز الرياح العواصب إذا صار نخلة‪ ،‬و‬ ‫ليتهيأ للسقوؼ والجسور وغير ذلك مما يتخذ منو إذا صار جذعا‪ ،‬وكذلك‬ ‫ترى الخشب مثل النسج فإنك ترى بعضو مداخبل بعضا طوال‬ ‫وعرضا كتداخل أجزاء اللحم‪ ،‬وفيو مع ذلك متانة ليصلح لما يتخذ منو من‬ ‫اآلالت فإنو لو كاف مستحصفا كالحجارة لم يمكن أف يستعمل في السقوؼ‬ ‫وغير ذؾ مما يستعمل فيو الخشبة كاالبواب واالسرة والتوابيت وما أشبو‬ ‫ذلك‪ .‬ومن جسيم المصالح في الخشب أنو يطفو على الماء فكل الناس‬ ‫يعرؼ ىذا منو وليس كلهم يعرؼ جبللة االمر فيو‪ ،‬فلوال ىذه الخلة كيف‬ ‫كانت ىذه السفن واالظراؼ تحمل أمثاؿ الجباؿ من الحمولة‪ ،‬وأنى كاف يناؿ‬ ‫الناس ىذا الرفق وخفة المؤونة في حمل التجارات من بلد إلى بلد ؟ وكانت‬ ‫تعظم المؤونة عليهم في حملها حتى يلقى كثير مما يحتاج إليو في بعض‬ ‫البلداف‬

‫مفقودا‬

‫أصبل‬

‫أو‬

‫عسرا‬

‫وجوده‪.‬‬

‫فكر‬

‫في‬

‫ىذه‬

‫العقاقير وما خص بها كل واحد منها من العمل في بعض االدواء فهذا يغور في‬ ‫المفاصل فيستخرج الفضوؿ الغليظة مثل الشيطرج‪ ،‬وىذا ينزؼ المرة‬ ‫السوداء مثل االفتيموف‪ ،‬وىذا ينفي الرياح مثل السكبينج‪ ،‬وىذا يحلل االوراـ‬ ‫‪337‬‬


‫منهج العرض‬

‫وأشباه ىذا من أفعالها فمن جعل ىذه القوى فيها إال من خلقها للمنفعة ؟ ومن‬ ‫فطن الناس بها إال من جعل ىذا فيها ؟ ومتى كاف يوقف على ىذا منها‬ ‫بالعرض واالتفاؽ كما قاؿ قائلوف ؟ وىب االنساف فطن لهذه االشياء بذىنو‬ ‫ولطيف رويتو وتجاربو فالبهائم كيف فطنت لها ؟ حتى صار بعض‬ ‫السباع يتداوى من جراحو إف أصابتو ببعض العقاقير فيبرأ‪ ،‬وبعض الطير يحتقن‬ ‫من الحصر يصيبو بماء البحر فيسلم‪ ،‬وأشباه ىذا كثير‪ .‬ولعلك تشكك في‬ ‫ىذا النبات النابت في الصحاري والبراري حيث ال انس وال أنيس فتظن أنو‬ ‫فضل ال حاجة إليو وليس كذلك بل ىو طعم لهذه الوحوش‪ ،‬وحبو علف‬ ‫للطير‪ ،‬وعوده و أفنانو حطب فيستعملو‬

‫الناس‪ ،‬وفيو بعد‬

‫أشياء تعالج بو االبداف‪ ،‬واخرى تدبغ بو الجلود واخرى تصبغ بو االمتعة‪،‬‬ ‫وأشباه ىذا من المصالح‪ .‬ألست تعلم أف أخس النبات وأحقره ىذا البردي‬ ‫وما أشبهها‪ ،‬ففيها مع ىذا من ضروب المنافع فقد يتخذ من البردي القراطيس‬ ‫التي يحتاج إليها الملوؾ والسوقة‪ ،‬والحصر التي يستعملها كل صنف من‬ ‫الناس‪ ،‬وليعمل منو الغلف التي يوقى بها االواني‪ ،‬ويجعل حشوا بين الظروؼ‬ ‫في االسفاط لكيبل تعيب وتنكسر‪ ،‬وأشباه ىذا من المنافع فاعتبر بما ترى‬ ‫من ضروب المآرب في صغير الخلق وكبيره وبمالو قيمة وماال قيمة لو‪ ،‬وأخس‬ ‫من ىذا وأحقره الزبل والعذرة التي اجتمعت فيها الخساسة والنجاسة معا‪،‬‬ ‫وموقعها من الزروع والبقوؿ والخضر أجمع الموقع الذي ال يعد لو شئ حتى‬ ‫أف كل شئ من الخضر ال يصلح وال يزكو إال بالزبل والسماد الذي‬ ‫يستقذره الناس و يكرىوف الدنو منو‪ ،‬واعلم أنو ليس منزلة الشئ على حسب‬ ‫قيمتو‪ ،‬بل ىما قيمتاف مختلفتاف بسوقين‪ ،‬وربما كاف الخسيس في سوؽ‬ ‫المكتسب نفيسا في سوؽ العلم فبل تستصغر العبرة في الشئ لصغر قيمتو‪،‬‬ ‫فلو فطنوا طالبوا الكيميا لما في العذرة الشتروىا بأنفس االثماف وغالوا بها‪.‬‬ ‫‪338‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ المفضل‪ :‬وحاف وقت الزواؿ فقاـ موالي إلى الصبلة وقاؿ‪ :‬بكر إلي غدا‬ ‫إف شاء اهلل‪ ،‬فانصرفت وقد تضاعف سروري بما عرفنيو مبتهجا‬ ‫بما آتانيو‪ ،‬حامدا هلل على ما منحنيو فبت ليلتي مسرورا‪.‬‬ ‫المجلس الرابع‪ :‬قاؿ المفضل‪ :‬فلما كاف اليوـ الرابع بكرت إلى موالى‬ ‫فاستوذف لي فأمرني بالجلوس فجلست‪ ،‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬منا التحميد‬ ‫والتسبيح والتعظيم والتقديس لبلسم االقدـ‪ ،‬والنور االعظم العلي العبلـ‪ ،‬ذي‬ ‫الجبلؿ واالكراـ‪ ،‬ومنشئ االناـ‪ ،‬ومفتي العوالم والدىور‪ ،‬وصاحب السر‬ ‫المستور‬

‫المحظور‪،‬‬

‫والغيب‬

‫واالسم‬

‫والعلم‬

‫المخزوف‬

‫المكنوف‪ ،‬وصلواتو وبركاتو على مبلغ وحيو‪ ،‬ومؤدي رسالتو‪ ،‬الذي ابتعثو بشيرا‬ ‫ونذيرا‪ ،‬وداعيا إلى اهلل بإذنو وسراجا منيرا ليهلك من ىلك عن بينة ويحيى من‬ ‫حي عن بينة‪ ،‬فعليو وعلى آلو من بارئو الصلوات الطيبات والتحيات الزاكيات‬ ‫الناميات‪ ،‬وعليو وعليهم السبلـ والرحمة والبركات في الماضين والغابرين أبد‬ ‫اآلبدين ودىر الداىرين وىم أىلو ومستحقو‪ .‬قد شرحت لك يا مفضل من‬ ‫االدلة‬

‫على‬

‫الخلق‬

‫والشواىد‬

‫على‬

‫صواب‬

‫التدبير‬

‫والعمد‬

‫في االنساف والحيواف والنبات والشجر وغير ذلك ما فيو عبرة لمن اعتبر‪ ،‬وأنا‬ ‫أشرح لك اآلف اآلفات الحادثة في بعض االزماف التي اتخذىا اناس من‬ ‫الجهاؿ ذريعة إلى جحود الخالق والخلق والعمد والتدبير‪ ،‬وما أنكرت المعطلة‬ ‫والمنانية‬

‫من المكاره والمصائب وما أنكروه من الموت والفناء‪ ،‬وما قالو‬

‫أصحاب الطبائع‪ ،‬ومن زعم أف كوف االشياء بالعرض واالتفاؽ ليتسع ذلك‬ ‫القوؿ في الرد عليهم‪ ،‬قاتلهم اهلل أنى يؤفكوف ؟‪ .‬اتخذ اناس من الجهاؿ ىذه‬ ‫اآلفات‬

‫الحادثة‬

‫في‬

‫بعض‬

‫االزماف كمثل‬

‫الوباء‬

‫و‬

‫اليرقاف‬

‫والبرد والجراد ذريعة إلى جحود الخلق والتدبير والخالق‪ ،‬فيقاؿ في جواب‬ ‫‪339‬‬


‫منهج العرض‬

‫ذلك‪ :‬إنو إف لم يكن خالق ومدبر فلم ال يكوف ما ىو أكثر من ىذا وأفظع ؟‬ ‫فمن ذلك أف يسقط السماء على االرض‪ ،‬وتهوي االرض فتذىب سفبل‪،‬‬ ‫وتتخلف‬

‫الشمس‬

‫عن‬

‫الطلوع‬

‫أصبل‪،‬‬

‫وتجف‬

‫االنهار‬

‫والعيوف حتى ال يوجد ماء للشفة‪ ،‬وتركد الريح حتى تحم االشياء وتفسد‪،‬‬ ‫ويفيض ماء البحر على االرض فيغرقها‪ .‬ثم ىذه اآلفات التي ذكرناىا من الوباء‬ ‫والجراد وما أشبو ذلك ما بالها ال تدوـ وتمتد حتى تجتاح كل ما في العالم ؟‬ ‫بل تحدث في االحايين‪ ،‬ثم ال تلبث أف ترفع ؟ أفبل ترى أف العالم يصاف‬ ‫ويحفظ من تلك االحداث الجليلة التي لو حدث عليو شئ منها كاف فيو‬ ‫بواره‪ ،‬ويلذع أحيانا بهذه اآلفات اليسيرة لتأديب الناس وتقويمهم‪ ،‬ثم ال تدوـ‬ ‫ىذه اآلفات بل تكشف عنهم عند القنوط منهم فتكوف وقوعها بهم موعظة‬ ‫وكشفها‬

‫عنهم‬

‫رحمة‪.‬‬

‫أنكرت‬

‫وقد‬

‫المعطلة‬

‫ما‬

‫أنكرت‬

‫المنانية من المكاره والمصائب التي تصيب الناس‪ ،‬فكبلىما يقوؿ‪ :‬إف كاف‬ ‫للعالم خالق رؤوؼ رحيم فلم يحدث فيو ىذه االمور المكروىة ؟ والقائل بهذا‬ ‫القوؿ يذىب بو إلى أنو ينبغي أف يكوف عيش االنساف في ىذه الدنيا صافيا‬ ‫من كل كدر‪ ،‬ولو كاف ىكذا كاف االنساف سيخرج من االشر والعتو إلى ما ال‬ ‫يصلح في دين ودنيا كالذي ترى كثيرا من المترفين ومن نشأ في الجدة واالمن‬ ‫يخرجوف إليو حتى أف أحدىم ينسى أنو بشر أو أنو مربوب أو أف ضررا يمسو‪،‬‬ ‫أو أف مكروىا ينزؿ بو‪ ،‬أو أنو يجب عليو أف يرحم ضعيفا أو‬ ‫يواسي فقيرا‪ .‬أو يرثي لمبتلى‬

‫أو يتحنن على ضعيف‪ ،‬أو يتعطف على‬

‫مكروب‪ ،‬فإذا عضتو المكاره ووجد مضضها اتعظ وأبصر كثيرا مما كاف جهلو‬ ‫وغفل عنو‪ ،‬ورجع إلى كثير مما كاف يجب عليو‪ ،‬و المنكروف لهذه االمور‬ ‫الموذية بمنزلة الصبياف الذين يذموف االدوية المرة البشعة‪ ،‬ويتسخطوف من‬ ‫المنع من االطعمة الضارة‪ ،‬ويتكرىوف االدب والعمل‪ ،‬ويحبوف‬ ‫‪340‬‬


‫منهج العرض‬

‫أف يتفرغوا للهو والبطالة‪ ،‬وينالوا كل مطعم ومشرب‪ ،‬وال يعرفوف ما تؤديهم إليو‬ ‫البطالة من سوء النشوء والعادة وما تعقبهم االطعمة اللذيذه الضارة من االدواء‬ ‫واالسقاـ‪ ،‬وما لهم في االدب من الصبلح‪ ،‬وفي االدوية من المنفعة وإف شاب‬ ‫ذلك بعض الكراىة‪ .‬فإف قالوا‪ :‬ولم لم يكن االنساف معصوما من المساوي‬ ‫حتى ال يحتاج إلى أف يلذعو بهذه المكاره ؟ قيل‪ :‬إذا كاف يكوف غير محمود‬ ‫على حسنة يأتيها وال مستحق للثواب عليها‪ .‬فإف قالوا‪ :‬وما كاف يضره أف ال‬ ‫يكوف محمودا على الحسنات مستحقا للثواب بعد أف يصير إلى غاية النعيم‬ ‫واللذة‬

‫؟‬

‫قيل‬

‫لهم‪:‬‬

‫اعرضوا‬

‫على‬

‫امرء‬

‫صحيح‬

‫الجسم‬

‫والعقل أف يجلس منعما ويكفى كل ما يحتاج إليو ببل سعي وال استحقاؽ‪،‬‬ ‫فانظر ىل تقبل نفسو ذلك ؟ بل ستجدونو بالقليل مما ينالو بالسعي والحركة‬ ‫أشد اغتباطا وسرورا منو بالكثير مما ينالو بغير االستحقاؽ‪ ،‬وكذلك نعيم‬ ‫اآلخرة أيضا يكمل الىلو بأف ينالوه بالسعي فيو واالستحقاؽ لو فالنعمة على‬ ‫االنساف في ىذا الباب مضاعفة‪ ،‬بأف اعد لو الثواب الجزيل على سعيو في‬ ‫ىذه الدنيا‪ ،‬وجعل لو السبيل إلى أف يناؿ بسعي واستحقاؽ‬ ‫فيكمل لو السرور واالغتباط بما ينالو منو‪ .‬فإف قالوا‪ :‬أو ليس قد يكوف من‬ ‫الناس من يركن إلى ما ناؿ من خير وإف كاف ال يستحقو‪ :‬فما الحجة في منع‬ ‫من رضي أف يناؿ نعيم اآلخرة على ىذه الجملة ؟ قيل لهم‪ :‬إف ىذا باب لو‬ ‫صح للناس لخرجوا إلى غاية الكلب والضراوة على الفواحش و انتهاؾ‬ ‫المحارـ‪،‬‬

‫فمن كاف‬

‫يكف‬

‫نفسو‬

‫عن‬

‫فاحشة‬

‫أو‬

‫يتحمل‬

‫المشقة في باب من أبواب البر لو وثق بأنو صائر إلى النعيم ال محالة ؟ أو من‬ ‫كاف يأمن على نفسو وأىلو ومالو من الناس لو لم يخافوا الحساب والعقاب ؟‬ ‫فكاف ضرر ىذا الباب سيناؿ الناس في ىذه الدنيا قبل اآلخرة‪ ،‬فيكوف في‬ ‫ذلك تعطيل العدؿ والحكمة معا‪ ،‬وموضع للطعن على التدبير بخبلؼ‬ ‫‪341‬‬


‫منهج العرض‬

‫الصواب ووضع االمور غير مواضعها‪ .‬وقد يتعلق ىؤالء باآلفات التي تصيب‬ ‫الناس فتعم البر والفاجر‪ ،‬أو يبتلي بها البر ويسلم الفاجر‬ ‫منها‪ ،‬فقالوا‪ :‬كيف يجوز ىذا في تدبير الحكيم وما الحجة فيو ؟ فيقاؿ لهم‪:‬‬ ‫إف ىذه اآلفات وإف كانت تناؿ الصالح والطالح جميعا‪ ،‬فإف اهلل جعل ذلك‬ ‫صبلحا للصنفين كليهما‪ :‬أما الصالحوف فإف الذي يصيبهم من ىذا يزدىم‬ ‫نعم ربهم عندىم في سالف أيامهم فيحدوىم ذلك على الشكر والصبر‪ ،‬وأما‬ ‫الطالحوف فإف مثل ىذا إذا نالهم كسر شرتهم‪ ،‬وردعهم عن المعاصي‬ ‫والفواحش‪ ،‬وكذلك يجعل لمن سلم منهم من الصنفين صبلحا في‬ ‫ذلك‪ :‬أما االبرار فإنهم يغتبطوف بما ىم عليو من البر والصبلح ويزدادوف فيو‬ ‫رغبة وبصيرة‪ .‬وأما الفجار فإنهم يعرفوف رأفة ربهم وتطولو عليهم بالسبلمة من‬ ‫غير استحقاقهم فيحضهم ذلك على الرأفة بالناس والصفح عمن أساء إليهم‪.‬‬ ‫ولعل قائبل يقوؿ‪ :‬إف ىذه اآلفات التي تصيب الناس في أموالهم‪ ،‬فما قولك‬ ‫فيما يبتلوف بو في أبدانهم فيكوف فيو تلفهم‪ ،‬كمثل الحرؽ والغرؽ والسيل‬ ‫والخسف ؟ فيقاؿ لهم‪ :‬إف اهلل جعل في ىذا أيضا صبلحا للصنفين جميعا‪:‬‬ ‫أما‬

‫االبرار‬

‫فلما‬

‫في‬

‫لهم‬

‫مفارقة‬

‫ىذه‬

‫الدنيا‬

‫من الراحة من تكاليفها والنجاة من مكارىها‪ ،‬وأما الفجار فلما لهم في ذلك‬ ‫من تمحيص أوزارىم وحبسهم عن االزدياد منها‪ .‬وجملة القوؿ أف الخالق‬ ‫تعالى ذكره بحكمتو وقدرتو قد يصرؼ ىذه االمور كلها إلى الخيرة والمنفعة‬ ‫فكما‬

‫أنو‬

‫إذا‬

‫قطعت‬

‫الريح‬

‫شجرة‬

‫أو‬

‫قطعت‬

‫نخلة أ خذىا الصانع الرفيق واستعملها في ضروب من المنافع فكذلك يفعل‬ ‫المدبر الحكيم في اآلفات التي تنزؿ بالناس في أبدانهم وأموالهم فيصيرىا‬ ‫جميعا إلى الخيرة والمنفعة‪ .‬فإف قاؿ‪ :‬ولم يحدث على الناس ؟ قيل لو‪ :‬لكيبل‬ ‫يركنوا إلى المعاصي من طوؿ السبلمة فيبالغ الفاجر في ركوب المعاصي‪،‬‬ ‫‪342‬‬


‫منهج العرض‬

‫ويفتر الصالح عن االجتهاد في البر‪ ،‬فإف ىذين االمرين جميعا يغلباف على‬ ‫الناس‬

‫في‬

‫حاؿ‬

‫والدعة‪،‬‬

‫الخفض‬

‫وىذه‬

‫الحوادث‬

‫التي تحدث عليهم تردعهم وتنبههم على ما فيو رشدىم‪ ،‬فلو أخلوا منهما‬ ‫لغلوا في الطغياف والمعصية كما على الناس في أوؿ الزماف حتى وجب عليهم‬ ‫البوار بالطوفاف وتطهير االرض منهم‪ .‬ومما ينتقده الجاحدوف للعمد والتقدير‬ ‫الموت والفناء فإنهم يذىبوف إلى أنو ينبغي أف يكوف الناس مخلدين في ىذه‬ ‫الدنيا‪ ،‬مبرئين من اآلفات‪ .‬فينبغي أف يساؽ ىذا االمر إلى غايتو فينظر ما‬ ‫محصولو‪ .‬أفرأيت لو كاف كل من دخل العالم ويدخلو يبقوف وال يموت أحد‬ ‫منهم ألم تكن االرض تضيق بهم حتى تعوزىم المساكن والمزارع والمعاش ؟‬ ‫فإنهم والموت يفنيهم أوال فأوال يتنافسوف في المساكن والمزارع حتى ينشب‬ ‫بينهم في ذلك الحروب ويسفك فيهم الدماء‪ ،‬فكيف كانت تكوف حالهم لو‬ ‫كانوا يولدوف وال يموتوف ؟ وكاف يغلب عليهم الحرص والشره وقساوة‬ ‫القلوب‪ ،‬فلو وثقوا بأنهم ال يموتوف لما قنع الواحد منهم بشئ‬ ‫يناؿ‪ ،‬وال أفرج الحد عن شئ يسألو‪ ،‬وال سبل عن شئ مما يحدث عليو‪ ،‬ثم‬ ‫كانوا يملوف الحياة وكل شئ من امور الدنيا كما قد يمل الحياة من طاؿ عمره‬ ‫حتى يتمنى الموت والراحة من الدنيا‪ .‬فإف قالوا‪ :‬إنو كاف ينبغي أف يرفع عنهم‬ ‫المكاره واالوصاب حتى ال يتمنوا الموت وال يشتاقوا إليو‪ ،‬فقد وصفنا ما كاف‬ ‫يخرجهم إليو من العتو واالشر الحامل لهم على ما فيو فساد الدين والدنيا‪.‬‬ ‫وإف قالوا‪ :‬إنو كاف ينبغي أف ال يتوالدوا كيبل تضيق عنهم المساكن والمعاش‬ ‫قيل لهم‪ :‬إذا كاف يحرـ أكثر ىذا الخلق دخوؿ العالم واالستمتاع بنعم اهلل‬ ‫ومواىبو‬

‫في‬

‫الدارين‬

‫جميعا‬

‫إذا‬

‫لم‬

‫يدخل‬

‫العالم‬

‫إال‬

‫قرف واحد ال يتوالدوف وال يتناسلوف‪ .‬فإف قالوا‪ :‬كاف ينبغي أف يخلق في ذلك‬ ‫القرف الواحد من الناس مثل ما خلق ويخلق إلى انقضاء العالم‪ .‬يقاؿ لهم‪:‬‬ ‫‪343‬‬


‫منهج العرض‬

‫رجع االمر إلى ما ذكرنا من ضيق المساكن والمعاش عنهم ثم لو كانوا ال‬ ‫يتوالدوف وال يتناسلوف لذىب موضع االنس بالقرابات وذوي االرحاـ واالنتصار‬ ‫بهم عند الشدائد‪ ،‬وموضع تربية االوالد والسرور بهم‪ .‬ففي ىذا دليل على أف‬ ‫كلما تذىب إليو االوىاـ سوى ما جرى بو التدبير خطأ وسفاه من الرأي‬ ‫والقوؿ‪ .‬ولعل طاعنا يطعن على التدبير من جهة اخرى فيقوؿ‪ :‬كيف‬ ‫يكوف ىهنا تدبير ونحن نرى الناس في ىذه الدنيا من عزبز ؟ فالقوي يظلم‬ ‫ويغصب‪ ،‬والضعيف يظلم ويسأـ الخسف‪ ،‬والصالح فقير مبتلى‪ ،‬والفاسق‬ ‫معافى موسع عليو‪ ،‬ومن ركب فاحشة أو انتهك محرما لم يعاجل بالعقوبة‪ ،‬فلو‬ ‫كاف في العالم تدبير لجرت االمور على القياس القائم‪ ،‬فكاف الصالح ىو‬ ‫والطالح‬

‫المرزوؽ‪،‬‬

‫ىو‬

‫المحروـ‪،‬‬

‫وكاف‬

‫القوى‬

‫يمنع‬

‫من‬

‫ظلم الضعيف‪ ،‬والمتهتك للمحارـ يعاجل بالعقوبة‪ ،‬فيقاؿ في جواب ذلك‪ :‬اف‬ ‫ىذا لو كاف ىكذا لذىب موضع االحساف الذى فضل بو االنساف على غيره‬ ‫من الخلق‪ ،‬و حمل النفس على البر والعمل الصالح احتسابا للثواب وثقة بما‬ ‫وعد اهلل منو‪ ،‬ولصار الناس بمنزلة الدواب التى تساس بالعصا والعلف‪ ،‬ويلمع‬ ‫لها‬

‫بكل‬

‫واحد‬

‫ساعة‬

‫منهما‬

‫فساعة‬

‫فتستقيم‬

‫على ذلك‪ ،‬ولم يكن أحد يعمل على يقين بثواب أو عقاب حتى كاف ىذا‬ ‫يخرجهم عن حد االنسية إلى حد البهائم‪ ،‬ثم ال يعرؼ ما غاب‪ ،‬وال يعمل إال‬ ‫على الحاضر‪ ،‬وكاف يحدث من ىذا أيضا أف يكوف الصالح إنما يعمل‬ ‫الصالحات‬

‫للرزؽ‬

‫في‬

‫والسعة‬

‫ىذه‬

‫الدنيا‪،‬‬

‫ويكوف‬

‫الممتنع من الظلم والفواحش انما يعف عن ذلك لترقب عقوبة تنزؿ بو من‬ ‫ساعتو حتى يكوف أفعاؿ الناس كلها تجري على الحاضر ال يشوبها شئ من‬ ‫اليقين بما عند اهلل‪ ،‬وال يستحقوف ثواب اآلخرة والنعيم الدائم فيها‪ ،‬مع أف‬ ‫ىذه االمور التي ذكرىا الطاعن من الغنى والفقر والعافية والببلء ليست بجارية‬ ‫‪344‬‬


‫منهج العرض‬

‫على خبلؼ قياسو‪ ،‬بل قد تجري على ذلك أحيانا‪ ،‬واالمر المفهوـ‪ ،‬فقد ترى‬ ‫كثيرا من الصالحين يرزقوف الماؿ لضروب من التدبير‪ ،‬وكيبل يسبق إلى قلوب‬ ‫الناس أف الكفار ىم المرزوقوف‪ ،‬واالبرار ىم المحروموف‪ ،‬فيؤثروف‬ ‫الفسق على الصبلح‪ ،‬وترى كثيرا من الفساؽ يعاجلوف بالعقوبة إذا تفاقم‬ ‫طغيانهم وعظم ضررىم على الناس وعلى أنفسهم‪ ،‬كما عوجل فرعوف بالغرؽ‪،‬‬ ‫وبخت نصر بالتيو‪ ،‬وبلبيس بالقتل‪ ،‬وإف امهل بعض االشرار بالعقوبة واخر‬ ‫بعض االخيار بالثواب إلى الدار اآلخرة السباب تخفى على العباد لم يكن ىذا‬ ‫مما‬

‫يبطل‬

‫التدبير‪،‬‬

‫فإف‬

‫مثل‬

‫ىذا‬

‫يكوف‬

‫قد‬

‫من‬

‫ملوؾ‬

‫االرض وال يبطل تدبيرىم‪ ،‬بل يكوف تأخيرىم ما أخروه أو تعجيلهم ما عجلوه‬ ‫داخبل في صواب الرأي والتدبير‪ ،‬وإذا كانت الشواىد تشهد وقياسهم يوجب‬ ‫أف لبلشياء خالقا حكيما قادرا فما يمنعو أف يدبر خلقو فإنو ال يصح في‬ ‫قياسهم أف يكوف الصانع يهمل صنعتو إال بإحدى ثبلث خبلؿ‪ :‬إما عجز‪ ،‬وإما‬ ‫جهل‪،‬‬

‫وإما‬

‫شرارة‪،‬‬

‫وكل‬

‫ىذه‬

‫محاؿ‬

‫في‬

‫صنعتو‬

‫عزوجل‬

‫وتعالى ذكره وذلك أف العاجز ال يستطيع أف يأتي بهذه الخبلئق الجليلة‬ ‫العجيبة‪ ،‬والجاىل ال يهتدي لما فيها من الصواب والحكمة‪ ،‬والشرير ال‬ ‫يتطاوؿ لخلقها وإنشائها وإذا كاف ىذا ىكذا وجب أف يكوف الخالق لهذه‬ ‫الخبلئق يدبرىا ال محالة وإف كاف ال تدرؾ كنو ذلك التدبير ومخارجو فإف كثيرا‬ ‫من تدبير الملوؾ ال تفهمو العامة وال تعرؼ أسبابو النها ال تعرؼ دخلة أمر‬ ‫الملوؾ وأسرارىم فإذا عرؼ سببو وجد قائما على الصواب‬ ‫و الشاىد المحنة‪ .‬ولو شككت في بعض االدوية واالطعمة فيتبين لك من‬ ‫جهتين أو ثبلث أنو حار أو بارد ألم تكن ستقضي عليو بذلك وتنفي الشك‬ ‫فيو عن نفسك ؟ فما باؿ ىؤالء الجهلة ال يقضوف على العالم بالخالق والتدبير‬ ‫مع ىذه الشواىد الكثيرة ؟ وأكثر منها ما ال يحصى كثرة‪ ،‬لو كاف نصف العالم‬ ‫‪345‬‬


‫منهج العرض‬

‫وما فيو مشكبل صوابو لما كاف من حزـ الرأي وسمت االدب أف يقضى على‬ ‫العالم باالىماؿ النو كاف في النصف اآلخر وما يظهر فيو من الصواب‬ ‫واالتقاف ما يردع الوىم عن التسرع إلى ىذه القضية فكيف وكل ما كاف فيو إذا‬ ‫فتش وجد على غاية الصواب حتى ال يخطر بالباؿ شئ إال وجد ما عليو‬ ‫الخلقة أصح وأصوب منو ؟‪.‬‬

‫واعلم يا مفضل إف اسم ىذا العالم بلساف‬

‫اليونانية الجاري المعروؼ عندىم " قوسموس " وتفسيره " الزينة " وكذلك‬ ‫سمتو الفبلسفة ومن ادعى الحكمة أفكانوا يسمونو بهذا االسم إال لما رأوا فيو‬ ‫من التقدير والنظاـ ؟ فلم يرضوا أف يسموه تقديرا ونظاما حتى سموه زينة‬ ‫ليخبروا أنو مع ما ىو عليو من الصواب واالتقاف على غاية الحسن والبهاء‪.‬‬ ‫أعجب يا مفضل من قوـ ال يقضوف صناعة الطب بالخطأ‬ ‫وىم يروف الطبيب يخطئ‪ ،‬ويقضوف على العالم باالىماؿ وال يروف شيئا منو‬ ‫مهمبل‪ .‬بل أعجب من أخبلؽ من ادعى الحكمة حتى جهلوا مواضعها في‬ ‫الخلق فأرسلوا ألسنتهم بالذـ للخالق جل وعبل‪ .‬بل العجب من المخذوؿ "‬ ‫ماني‬

‫"‬

‫حين‬

‫ادعى‬

‫علم‬

‫االسرار‬

‫وعمي‬

‫عن‬

‫دالئل‬

‫الحكمة في الخلق حتى نسبو إلى الخطأ ونسب خالقو إلى الجهل تبارؾ‬ ‫الحليم الكريم‪ .‬وأعجب منهم جميعا المعطلة الذين راموا أف يدرؾ بالحس ما‬ ‫ال يدرؾ بالعقل فلما أعوزىم ذلك خرجوا إلى الجحود والتكذيب فقالوا‪ :‬ولم‬ ‫ال يدرؾ بالعقل ؟ قيل‪ :‬النو فوؽ مرتبة العقل كما ال يدرؾ البصر ما ىو فوؽ‬ ‫مرتبتو‬

‫فإنك‬

‫لو‬

‫حجرا‬

‫رأيت‬

‫يرتفع‬

‫في‬

‫الهواء‬

‫علمت أف راميا رمى بو فليس ىذا العلم من قبل البصر بل من قبل العقل الف‬ ‫العقل ىو الذي يميزه فيعلم أف الحجر ال يذىب علوا من تلقاء نفسو‪ ،‬أفبل‬ ‫ترى كيف وقف البصر على حده فلم يتجاوزه ؟ فكذلك يقف العقل على‬ ‫حده من معرفة الخالق فبل يعدوه ولكن يعقلو بعقل أقر أف فيو نفسا ولم‬ ‫‪346‬‬


‫منهج العرض‬

‫يعاينها ولم يدركها بحاسة من الحواس‪ ،‬وعلى حسب ىذا‬ ‫أيضا نقوؿ‪ :‬إف العقل يعرؼ الخالق من جهة توجب عليو االقرار وال يعرفو بما‬ ‫يوجب لو االحاطة بصفتو‪ .‬فإف قالوا‪ :‬فكيف يكلف العبد الضعيف معرفتو‬ ‫بالعقل اللطيف وال يحيط بو ؟ قيل لهم‪ :‬إنما كلف العباد من ذلك ما في‬ ‫طاقتهم أف يبلغوه‪ ،‬وىو أف يوقنوا بو ويقفوا عند أمره ونهيو‪ ،‬ولم يكلفوا‬ ‫االحاطة‬

‫بصفتو‬

‫كما‬

‫أف‬

‫الملك‬

‫ال‬

‫يكلف‬

‫رعيتو‬

‫أف‬

‫يعلموا أطويل ىو أـ قصير‪ ،‬أبيض ىو أـ أسمر وإنما يكلفهم االذعاف‬ ‫بسلطانو واالنتهاء إلى أمره‪ ،‬أال ترى أف رجبل لو أتى باب الملك فقاؿ‪ :‬أعرض‬ ‫علي نفسك حتى أتقصي معرفتك‬

‫وإال لم أسمع لك كاف قد أحل نفسو‬

‫العقوبة‪ ،‬فكذا القائل‪ :‬إنو ال يقر بالخالق سبحانو حتى يحيط بكنهو متعرض‬ ‫لسخطو‪ .‬فإف قالوا‪ :‬أو ليس قد نصفو فنقوؿ‪ :‬ىو العزيز الحكيم الجواد‬ ‫الكريم ؟ قيل لهم‪ :‬كل ىذه صفات إقرار‪ ،‬وليست صفات إحاطة‪،‬‬ ‫فإنا نعلم أنو حكيم وال نعلم بكنو ذلك منو‪ ،‬وكذلك قدير وجواد وسائر صفاتو‬ ‫كما قد نرى السماء وال ندري ما جوىرىا‪ ،‬ونرى البحر وال ندري أين منتهاه‪،‬‬ ‫بل فوؽ ىذا المثاؿ بما ال نهاية لو الف االمثاؿ كلها تقصر عنو ولكنها تقود‬ ‫العقل إلى معرفتو‪ .‬فإف قالوا‪ :‬ولم يختلف فيو ؟ قيل لهم‪ :‬لقصر االوىاـ عن‬ ‫مدى عظمتو وتعديها أقدارىا في طلب معرفتو‪ ،‬وإنها تروـ االحاطة بو وىي‬ ‫تعجز‬

‫عن‬

‫ذلك‬

‫وما‬

‫دونو‪،‬‬

‫فمن‬

‫ذلك‬

‫ىذه الشمس التي تراىا تطلع على العالم وال يوقف على حقيقة أمرىا‪ ،‬ولذلك‬ ‫كثرت االقاويل فيها واختلفت الفبلسفة المذكوروف في وصفها فقاؿ بعضهم‪:‬‬ ‫ىو فلك أجوؼ مملو نارا‪ ،‬لو فم يجيش بهذا الوىج والشعاع‪ ،‬وقاؿ آخروف‪:‬‬ ‫ىو سحابة‪ ،‬وقاؿ آخروف‪ :‬ىو جسم زجاجي يقبل نارية في العالم ويرسل عليو‬ ‫شعاعها‪ ،‬وقاؿ آخروف‪ :‬ىو صفو لطيف ينعقد من ماء البحر‪ ،‬وقاؿ آخروف‪:‬‬ ‫‪347‬‬


‫منهج العرض‬

‫ىو أجزاء كثيرة مجتمعة من النار‪ ،‬وقاؿ آخروف‪ :‬ىو من جوىر خامس سوى‬ ‫الجواىر االربع‪ .‬ثم اختلفوا في شكلها فقاؿ بعضهم‪ :‬ىي بمنزلة‬ ‫صفيحة عريضة‪ ،‬وقاؿ آخروف‪ :‬ىي كالكرة المدحرجة‪ .‬وكذلك اختلفوا في‬ ‫مقدارىا فزعم بعضهم أنها مثل االرض سواد‪ ،‬وقاؿ آخروف‪ :‬بل ىي أقل من‬ ‫ذلك‪ ،‬وقاؿ آخروف‪ :‬ىي أعظم من الجزيرة العظيمة‪ .‬وقاؿ أصحاب الهندسة‪:‬‬ ‫ىي‬

‫أضعاؼ‬

‫االرض‬

‫مائة‬

‫وسبعوف‬

‫مرة‪.‬‬

‫اختبلؼ‬

‫ففي‬

‫ىذه االقاويل منهم في الشمس دليل على أنهم لم يقفوا على الحقيقة من‬ ‫أمرىا‪ ،‬وإذا كانت ىذه الشمس التي يقع عليها البصر و يدركها الحس قد‬ ‫عجزت العقوؿ عن الوقوؼ على حقيقتها فكيف ما لطف عن الحس واستتر‬ ‫عن الوىم ؟‪ .‬فإف قالوا‪ :‬ولم استتر ؟ قيل لهم‪ :‬لم يستتر بحيلة يخلص إليها‬ ‫كمن يحتجب عن الناس باالبواب والستور‪ ،‬وإنما معنى قولنا‪:‬‬ ‫استتر أنو لطف عن مدى ما تبلغو االوىاـ‪ ،‬كما لطفت النفس وىي خلق من‬ ‫خلقو وارتفعت عن إدراكها بالنظر‪ .‬فإف قالوا‪ :‬ولم لطف ؟ ‪ -‬وتعالى عن ذلك‬ ‫علوا كبيرا ‪ -‬كاف ذلك خطأ من القوؿ النو ال يليق بالذي ىو خالق كل شئ إال‬ ‫أف‬

‫يكوف‬

‫مبائنا‬

‫شئ‪،‬‬

‫لكل‬

‫متعاليا‬

‫عن‬

‫كل‬

‫شئ‪ ،‬سبحانو وتعالى‪ .‬فإف قالوا‪ :‬كيف يعقل أف يكوف مبائنا لكل شئ متعاليا ؟‬ ‫قيل لهم‪ :‬الحق الذي تطلب معرفتو من االشياء ىو أربعة أوجو‪ :‬فأولها أف ينظر‬ ‫أموجود ىو أـ ليس بموجود والثاني أف يعرؼ ما ىو في ذاتو وجوىره‪ .‬والثالث‬ ‫أف يعرؼ كيف ىو وما صفتو ؟ والرابع أف يعلم لماذا ىو والية علة ؟ فليس من‬ ‫ىذه الوجوه شئ يمكن المخلوؽ‪ .‬أف يعرفو من الخالق حق معرفتو غير أنو‬ ‫موجود‬

‫فقط‪.‬‬

‫فإذا‬

‫قلنا‪ :‬كيف‬

‫وما‬

‫ىو‬

‫؟‬

‫فممتنع‬

‫علم‬

‫كنهو و كماؿ المعرفة بو‪ ،‬وأما لماذا ىو فساقط في صفة الخالق النو جل‬ ‫ثناؤه علة كل شئ و ليس شئ بعلة لو‪ ،‬ثم ليس علم االنساف بأنو موجود‬ ‫‪348‬‬


‫منهج العرض‬

‫يوجب لو أف يعلم ما ىو كما أف علمو بوجود النفس ال يوجب أف يعلم ما ىي‬ ‫وكيف ىي‪ ،‬وكذلك االمور الروحانية اللطيفة‪ .‬فإف قالوا‪ :‬فأنتم اآلف تصفوف‬ ‫من قصور العلم عنو وصفا حتى كأنو غير معلوـ ! قيل لهم‪ :‬ىو كذلك من جهة‬ ‫إذا راـ العقل معرفة كنهو واالحاطة بو‪ ،‬وىو من جهة اخرى أقرب من كل‬ ‫قريب إذا استدؿ عليو بالدالئل الشافية فهو من جهة كالواضح ال يخفى على‬ ‫أحد‪ ،‬وىو من جهة كالغامض ال يدركو أحد‪ ،‬وكذلك العقل أيضا ظاىر بشواىد‬ ‫ومستور بذاتو‪ .‬فأما أصحاب الطبائع فقالوا‪ :‬إف الطبيعة ال تفعل شيئا لغير‬ ‫معنى‬

‫تتجاوز‬

‫وال‬

‫فيو‬

‫عما‬

‫الشئ‬

‫تماـ‬

‫في طبيعتو‪ ،‬وزعموا أف الحكمة تشهد بذلك‪ .‬فقيل لهم‪ :‬فمن أعطى الطبيعة‬ ‫ىذه الحكمة والوقوؼ على حدود االشياء ببل مجاوزة لها‪ ،‬وىذا قد تعجز عنو‬ ‫العقوؿ بعد طوؿ التجارب ؟ فإف أوجبوا للطبيعة الحكمة والقدرة على مثل‬ ‫ىذه االفعاؿ فقد أقروا بما أنكروا الف ىذه ىي صفات الخالق‪ ،‬وإف أنكروا أف‬ ‫يكوف‬

‫ىذا‬

‫فهذا‬

‫للطبيعة‬

‫وجو‬

‫الخلق‬

‫يهتف‬

‫بأف‬

‫الفعل‬

‫لخالق الحكيم‪ .‬وقد كاف من القدماء طائفة أنكروا العمد والتدبير في االشياء‬ ‫وزعموا أف كونها بالعرض واالتفاؽ‪ ،‬وكاف مما احتجوا بو ىذه اآلفات التي تلد‬ ‫غير مجرى العرؼ والعادة كاالنساف يولد ناقصا أو زائدا إصبعا‪ ،‬أو يكوف‬ ‫المولود مشوىا مبدؿ الخلق‪ ،‬فجعلوا ىذا دليبل على أف كوف االشياء ليس‬ ‫بعمد وتقدير‪ ،‬بل بالعرض كيف ما اتفق أف يكوف‪ .‬وقد كاف أرسطاطاليس رد‬ ‫عليهم‬

‫فقاؿ‪:‬‬

‫إف‬

‫الذي‬

‫يكوف‬

‫بالعرض‬

‫واالتفاؽ‬

‫إنما ىو شئ يأتي في الفرط مرة العراض تعرض للطبيعة فتزيلها عن سبيلها‪،‬‬ ‫وليس بمنزلة االمور الطبيعية الجارية على شكل واحد جريا دائما متتابعا‪ .‬وأنت‬ ‫يا مفضل ترى أصناؼ الحيواف أف يجري أكثر ذلك على مثاؿ ومنهاج واحد‬ ‫كاالنساف يولد ولو يداف ورجبلف وخمس أصابع كما عليو الجمهور من الناس‪،‬‬ ‫‪349‬‬


‫منهج العرض‬

‫فأما ما يولد على خبلؼ ذلك فإنو لعلة تكوف في الرحم أو في المادة التي‬ ‫ينشأ منها الجنين‪ ،‬كما يعرض في الصناعات حين يتعمد الصانع‬ ‫الصواب في صنعتو فيعوؽ دوف ذلك عائق في االداة أو في اآللة التي يعمل‬ ‫فيها الشئ‪ ،‬فقد يحدث مثل في أوالد الحيواف لبلسباب التي وصفنا فيأتي‬ ‫الولد زائدا أو ناقصا أو مشوىا ويسلم أكثرىا فيأتي سويا ال علة فيو‪ ،‬فكما أف‬ ‫الذي يحدث في بعض اعماؿ االعراض‬

‫لعلة فيو ال توجب عليها‬

‫جميعا االىماؿ وعدـ الصانع كذلك ما يحدث على بعض االفعاؿ الطبيعية‬ ‫لعائق يدخل عليها ال يوجب أف يكوف جميعها بالعرض واالتفاؽ‪ ،‬فقوؿ من‬ ‫قاؿ في االشياء‪ :‬إف كونها بالعرض واالتفاؽ من قبل أف شيئا منها يأتي على‬ ‫خبلؼ الطبيعة يعرض لو خطأ و خطل‪ .‬فإف قالوا‪ :‬ولم صار مثل ىذا يحدث‬ ‫في االشياء ؟ قيل لهم‪ :‬ليعلم أنو ليس كوف االشياء باضطرار من‬ ‫الطبيعة‪ ،‬وال يمكن أف يكوف سواه كما قاؿ قائلوف‪ ،‬بل ىو تقدير وعمد من‬ ‫خالق حكيم‪ ،‬إذ جعل الطبيعة تجري أكثر ذلك على مجرى ومنهاج معروؼ‪،‬‬ ‫ويزوؿ أحيانا عن ذلك ألعراض تعرض لها فيستدؿ بذلك على أنها مصرفة‬ ‫مدبرة‬

‫فقيرة‬

‫إلى‬

‫الخالق‬

‫إبداء‬

‫وقدرتو‬

‫في‬

‫بلوغ‬

‫غايتها وإتماـ عملها تبارؾ اهلل أحسن الخالقين‪ .‬يا مفضل خذ ما آتيتك‬ ‫واحفظ ما منحتك‪ ،‬وكن لربك من الشاكرين وآلالئو من الحامدين‪ ،‬والوليائو‬ ‫من المطيعين‪ ،‬فقد شرحت لك من االدلة على الخلق والشواىد على صواب‬ ‫التدبير والعمد قليبل من كثير‪ ،‬وجزءا من كل فتدبره وفكر فيو واعتبر بو‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬بمعونتك يا موالي أقوى على ذلك وأبلغو إف شاء‬ ‫اهلل‪ ،‬فوضع يده على صدري فقاؿ‪ :‬احفظ بمشية اهلل وال تنس إف شاء اهلل‪.‬‬ ‫فخررت مغشيا علي فلما أفقت قاؿ‪ :‬كيف ترى نفسك يا مفضل ؟ فقلت‪ :‬قد‬ ‫استغنيت بمعونة موالي وتأييده عن الكتاب الذي كتبتو‪ ،‬وصار ذلك بين يدي‬ ‫‪350‬‬


‫منهج العرض‬

‫كأنما أقرأه من كفي‪ ،‬ولموالي الحمد والشكر كما ىو أىلو ومستحقو‪ .‬فقاؿ‪:‬‬ ‫يا مفضل فرغ قلبك واجمع إليك ذىنك وعقلك وطمأنينتك‬ ‫فسألقي إليك من علم ملكوت السماوات واالرض‪ ،‬وما خلق اهلل بينهما‪،‬‬ ‫وفيهما من عجائب خلقو و أصناؼ المبلئكة وصفوفهم ومقاماتهم ومراتبهم‬ ‫إلى سدرة المنتهى‪ ،‬وسائر الخلق من الجن واالنس إلى االرض السابعة‬ ‫السفلى وما تحت الثرى حتى يكوف ما وعيتو جزءا من أجزاء‪ ،‬انصرؼ إذا‬ ‫شئت مصاحبا مكلوءا فأنت منا بالمكاف الرفيع‪ ،‬وموضعك من قلوب المؤمنين‬ ‫موضع الماء من الصدى‪ ،‬وال تسألن عما وعدتك حتى احدث لك منو ذكرا‪.‬‬ ‫قاؿ المفضل‪ :‬فانصرفت من عند موالي بما لم ينصرؼ أحد بمثلو‪.‬‬ ‫جميع ما جاء في الحديث من المضامين مصدقة ‪ ،‬و االستشهاد بعظم‬ ‫الخلق على عظم الخالق و على وجود المدبر و الخالق مصدؽ ‪.‬‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫و نسبة الكتاب الى المفصل ثابتة و طريق النجاشي اليو الذي سماه‬ ‫بكتاب (فكر ) أخبرني أبو عبد اهلل بن شاذاف‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا أحمد بن محمد‬ ‫بن يحيى عن أبيو‪ ،‬عن عمراف بن موسى‪ ،‬عن ابراىيم بن ىاشم‪ ،‬عن محمد بن‬ ‫سناف‪ ،‬عن المفضل‪ .‬و السند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫حكم الخبر ‪:‬‬ ‫حديث نقي مصدؽ معتمد سنده منفرد الطريق متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬ ‫‪351‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (‪ )ٕٙ‬حديث ( يا ىو يا من ال ىو إال ىو ‪ :‬االسم األعظم )‬ ‫المتن ‪:‬‬ ‫عن أبي عبد اهلل الصادؽ جعفر بن محمد‪ ،‬قاؿ حدثني أبي ‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن‬ ‫أمير المؤمنين عليهم السبلـ‪ ،‬قاؿ‪ :‬رأيت الخضر عليو السبلـ في المناـ قبل‬ ‫بدر بليلة‪ ،‬فقلت لو‪ :‬علمني شيئا أنصر بو على األعداء‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قل‪ :‬يا ىو يا‬ ‫من ال ىو إال ىو‪ ،‬فلما أصبحت قصصتها على رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو‬ ‫وسلم‪ ،‬فقاؿ لي‪ :‬يا علي علمت االسم األعظم‪ ،‬فكاف على لساني يوـ بدر‪.‬‬ ‫وإف أمير المؤمنين عليو السبلـ قرأ قل ىو اهلل أحد فلما فرغ قاؿ‪ :‬يا ىو‪ ،‬يا‬ ‫من ال ىو إال ىو‪ ،‬اغفر لي و انصرني على القوـ الكافرين‪ ،‬وكاف علي عليو‬ ‫السبلـ يقوؿ ذلك يوـ صفين وىو يطارد‪ ،‬فقاؿ لو عمار بن ياسر‪ :‬يا أمير‬ ‫المؤمنين ما ىذه الكنايات؟ قاؿ‪ :‬اسم اهلل األعظم وعماد التوحيد هلل ال إلو إال‬ ‫ىو ثم قرأ شهد اهلل أنو ال إلو إال ىو وآخر الحشر ثم نزؿ فصلى أربع ركعات‬ ‫قبل الزواؿ‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫المضموف االوؿ ‪ :‬عن أمير المؤمنين عليهم السبلـ‪ ،‬قاؿ‪ :‬رأيت الخضر‬ ‫عليو السبلـ في المناـ قبل بدر بليلة‪ ،‬فقلت لو‪ :‬علمني شيئا أنصر بو على‬ ‫األعداء‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قل‪ :‬يا ىو يا من ال ىو إال ىو‪ ) ،‬طلب المعارؼ في الحلم‬ ‫‪352‬‬


‫منهج العرض‬

‫بالنسبة للنبي و الوصي عليهما السبلـ النو من الوحي قاؿ تعالى على لساف‬

‫ك‬ ‫نبيو ابراىيم الخليل عليو السبلـ (قَ َ‬ ‫اؿ يَا بػُنَ َّي إِنّْي أ َ​َرى فِي ال َْمنَ ِاـ أَنّْي أَ ْذبَ ُح َ‬ ‫اؿ يا أَب ِ‬ ‫ت افْػ َع ْل َما تُػ ْؤَم ُر ) ‪ .‬و الوصي محدث كما ىو في‬ ‫فَانْظُْر َماذَا تَػ َرى قَ َ َ َ‬ ‫النقل الثابت ‪.‬‬

‫المضموف الثاني ‪ :‬فلما أصبحت قصصتها على رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫وآلو وسلم‪ ،‬فقاؿ لي‪ :‬يا علي علمت االسم األعظم‪ ،‬فكاف على لساني يوـ‬ ‫بدر‪.‬‬ ‫وجود االسم االعظم من المتواترات و المعارؼ الثابتة و علم االنبياء و‬ ‫االوصياء‬

‫عليهم السبلـ من الثابت ايضا ‪ ،‬و ظاه االخبار اف المعرفة بو‬

‫درجات و يتابين فيو العارفوف ‪ ،‬كما اف اساسو ىو قصد الذات المقدمة مع‬ ‫االقرار و العلم التاـ بالعجز التاـ عن معرفة الذات ‪ ،‬فكاف لفظ ( ىو ) االكثر‬ ‫تعريفا لو في االخبار و اشارت االخبار الى وجوده في القراف بما يقرب من‬ ‫ىذا الفهم فقد روي عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و الو ‪.‬‬ ‫المضموف الثالث ‪ :‬وإف أمير المؤمنين عليو السبلـ قرأ قل ىو اهلل أحد‬ ‫فلما فرغ قاؿ‪ :‬يا ىو‪ ،‬يا من ال ىو إال ىو‪ ،‬اغفر لي و انصرني على القوـ‬ ‫الكافرين‪ ،‬وكاف علي عليو السبلـ يقوؿ ذلك يوـ صفين وىو يطارد‪ ،‬فقاؿ لو‬ ‫عمار بن ياسر‪ :‬يا أمير المؤمنين ما ىذه الكنايات؟ قاؿ‪ :‬اسم اهلل األعظم‬ ‫وعماد التوحيد هلل ال إلو إال ىو ثم قرأ شهد اهلل أنو ال إلو إال ىو وآخر‬ ‫الحشر ثم نزؿ فصلى أربع ركعات قبل الزواؿ‪.‬‬ ‫‪353‬‬


‫منهج العرض‬

‫و المضموف مصدؽ بما مضى ‪ ،‬و الكفر اعم من كفر ايماف و اسبلـ فبل‬ ‫يكوف شاذا ‪.‬‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫التوحيد ‪ :‬حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيو القمي‪ ،‬ثم‬ ‫اإليبلقي رضي اهلل عنو‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني أبو سعيد عبداف بن الفضل‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني‬ ‫أبو الحسن محمد بن يعقوب بن محمد بن يوسف بن جعفر بن إبراىيم بن‬ ‫محمد بن ع لي بن عبد اهلل بن جعفر بن أبي طالب بمدينة خجندة‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن شجاع الفرغاني‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني أبو الحسن‬ ‫محمد بن حماد العنبري بمصر‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثني إسماعيل بن عبد الجليل البرقي‪،‬‬ ‫عن أبي البختري وىب بن وىب القرشي‪ ،‬عن أبي عبد اهلل الصادؽ جعفر بن‬ ‫محمد عليو السبلـ ‪)..‬‬ ‫الخبر منفرد الطريق متصل السند من الدرجة الثالثة ‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر‬ ‫حديث نقي مصدؽ معتمد ‪ ،‬منفرد الطريق ‪ ،‬سنده متصل من الدرجة‬ ‫الثالثة ‪.‬‬ ‫الجهة الرابعة ‪ :‬الفوائد‬

‫‪354‬‬


‫منهج العرض‬

‫اف امير المؤمنين عليو السبلـ علم االسم االعظم ‪،‬و اف االماـ عليو‬ ‫السبلـ يوحى اليو في المناـ ‪ ،‬و اف امير المؤمنين كاف يقولو في حربو ‪.‬‬

‫فصل ( ‪ )ٕٚ‬حديث (كيف تدركو األوىاـ وىو خبلؼ ما يعقل وخبلؼ ما‬ ‫يتصور في األوىاـ‪ ،‬إنما يتوىم شئ غير معقوؿ وال محدود ‪) .‬‬ ‫المتن ‪ :‬عبد الرحمن بن أبي نجراف قاؿ‪ :‬سألت أبا جعفر الثاني عليو‬ ‫السبلـ عن التوحيد‪ ،‬فقلت‪ :‬أتوىم شيئا فقاؿ‪ :‬نعم غير معقوؿ وال محدود‪،‬‬ ‫فما وقع وىمك عليو من شئ فهو خبلفو‪ ،‬ال يشبهو شئ‪ ،‬وال تدركو األوىاـ‬ ‫كيف تدركو األوىاـ وىو خبلؼ ما يعقل وخبلؼ ما يتصور في األوىاـ‪ ،‬إنما‬ ‫يتوىم شئ غير معقوؿ وال محدود ‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫في التوحيد ‪ :‬عبد الرحمن بن أبي نجراف قاؿ‪ :‬سألت أبا جعفر الثاني عليو‬ ‫السبلـ عن التوحيد‪ ،‬فقلت‪ :‬أتوىم شيئا فقاؿ‪ :‬نعم غير معقوؿ وال محدود‪،‬‬ ‫فما وقع وىمك عليو من شئ فهو خبلفو‪ ،‬ال يشبهو شئ‪ ،‬وال تدركو األوىاـ‬ ‫كيف تدركو األوىاـ وىو خبلؼ ما يعقل وخبلؼ ما يتصور في األوىاـ‪ ،‬إنما‬ ‫‪355‬‬


‫منهج العرض‬

‫يتوىم شئ غير معقوؿ وال محدود ‪ .‬و في الكافي مثلو اال ( ابا جعفر عليو‬ ‫السبلـ عن التوحيد)‬ ‫في الخبر ثبلثة مضامين‬ ‫المضموف االوؿ ‪( :‬قلت‪ :‬أتوىم شيئا فقاؿ‪ :‬نعم غير معقوؿ وال محدود‪،‬‬ ‫‪ ....‬إنما يتوىم شئ غير معقوؿ وال محدود ‪ ) .‬وىذا المضموف بجواز توىم‬ ‫شيء غير معقوؿ و ال محدود ‪ ،‬مصدؽ بالمعارؼ الثابتة ‪.‬‬ ‫المضموف الثاني ‪( :‬فما وقع وىمك عليو من شئ فهو خبلفو‪ ،‬ال يشبهو‬ ‫شئ ) و اف كل ما يقع عليو الوىم فاهلل تعالى خبلفو فهو ال يشبهو شيء‬ ‫مضموف مصدؽ بالمعارؼ الثابتة ‪.‬‬ ‫المضموف الثالث ‪( :‬وال تدركو األوىاـ كيف تدركو األوىاـ وىو خبلؼ ما‬ ‫يعقل وخبلؼ ما يتصور في األوىاـ ) ومضموف كونو تعالى ال تدركو االوىاـ‬ ‫النو خبلؼ ما يعقل و خبلؼ ما يتصور في االوىاـ ‪ ،‬مضموف مصدؽ‬ ‫بالمعارؼ الثابتة ‪.‬‬ ‫فالخبلصة الخبر نقي مصدؽ في كل مضامينو ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫روي الخبر عن االماـ الجواد عليو السبلـ في الكافي و التوحيد‬ ‫الكافي ‪ :‬عن علي بن إبراىيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن عبدالرحمن ابن‬ ‫أبي نجراف قاؿ‪ :‬سألت أبا جعفر عليو السبلـ ‪ )...‬و السند متصل من الدرجة‬ ‫االولى ‪.‬‬

‫‪356‬‬


‫منهج العرض‬

‫التوحيد ‪ :‬حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اهلل عنو قاؿ‪:‬‬ ‫حدثنا محمد ابن الحسن الصفار‪ ،‬عن محمد بن عيسى بن عبيد‪ ،‬عن عبد‬ ‫الرحمن بن أبي نجراف قاؿ‪ :‬سألت أبا جعفر الثاني عليو السبلـ ‪ )..‬و السند‬ ‫متصل مع الدرجة االولى‬ ‫فالخبلصة الخبر منفرد الطريق و سنده متصل من الدرجة االولى ‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬حديث نقي مصدؽ معتمد منفرد الطريق‬ ‫سند متصل من الدرجة االولى ‪.‬‬

‫فصل ( ‪ )ٕٛ‬حديث ( جوز أف يقاؿ هلل‪ :‬إنو شئ؟ فقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬يخرجو من‬ ‫الحدين حد التعطيل وحد التشبيو‪) .‬‬ ‫المتن ‪:‬‬

‫الحسين بن سعيد‪ ،‬قاؿ‪ :‬سئل أبو جعفر الثاني عليو السبلـ‬

‫يجوز أف يقاؿ هلل‪ :‬إنو شئ ؟ فقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬يخرجو من الحدين حد التعطيل وحد‬ ‫التشبيو‪.‬‬ ‫الجهة االولى العرض ‪:‬‬ ‫التوحيد و المعاني و الكافي ‪ :‬الى الحسين بن سعيد‪ ،‬قاؿ‪ :‬سئل أبو‬ ‫جعفر الثاني عليو السبلـ يجوز أف يقاؿ هلل‪ :‬إنو شئ؟ فقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬يخرجو من‬ ‫الحدين حد التعطيل وحد التشبيو‪.‬‬

‫‪357‬‬


‫منهج العرض‬

‫مضموف اثبات الشيئية و بطبلف النفي و التشبيو مصدؽ بالمعارؼ الثابتة‬ ‫‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫الكافي ‪ :‬محمد بن أبي عبداهلل‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل ‪ ،‬عن الحسين‬ ‫بن الحسن‪ ،‬عن بكر بن صالح‪ ،‬عن الحسين بن سعيد قاؿ‪ :‬سئل أبو جعفر‬ ‫الثاني عليو السبلـ‪ )... :‬السند متصل من الثالثة‬ ‫الكافي ‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن احمد بن محمد بن خالد‪ ،‬عن محمد بن‬ ‫عيسى‪ ،‬عمن ذكره قاؿ‪ :‬سئل أبوجعفر عليو السبلـ‪ ).. :‬السند متصل ‪ ،‬و‬ ‫االصل القبوؿ و التصديق فبل يضر اضمار من يروي عنو محمد بن عيسى‬ ‫فالخبر من الثانية ‪.‬‬ ‫معاني االخبار ‪ :‬أبي ‪ -‬رحمو اهلل ‪ -‬قاؿ‪ :‬حدثنا سعد بن عبداهلل قاؿ‪:‬‬ ‫حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬رفعو إلى‬ ‫أبي جعفر عليو السبلـ ‪ )..‬السند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫التوحيد ‪ :‬أبي رحمو اهلل‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثنا سعد بن عبد اهلل األشعري‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫حدثنا أحمد بن محمد بن خالد‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬قاؿ‪ :‬سئل‬ ‫أبو جعفر عليو السبلـ ‪ )...‬السند متصل من الثالثة ‪.‬‬ ‫التوحيد ‪ :‬حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمراف الدقاؽ رحمو اهلل‪،‬‬ ‫قاؿ‪ :‬حدثنا محمد بن أبي عبد اهلل الكوفي‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل البرمكي‪،‬‬ ‫‪358‬‬


‫منهج العرض‬

‫عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪ ،‬قاؿ‪ :‬سئل‬ ‫أبو جعفر الثاني عليو السبلـ ) السند متصل من الثالثة ‪.‬‬ ‫اشارة ‪ :‬يمكن اف يكوف من يروي عنو محمد بن عيسى ىو الحسين بن‬ ‫سعيد ‪ ،‬فيكوف الطريق منفردا ‪ ،‬اال اف االصل التعدد ‪ ،‬فيكوف الطريق متعددا ‪،‬‬ ‫و السند متصل و فيو ما ىو من الدرجة الثانية‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬الحديث نقي مصدؽ معتمد منفرد الطريق‬ ‫سنده متصل من الدرجة الثانية ‪.‬‬

‫فصل (‪ )ٕٜ‬حديث ( سبحاف من ال يحد وال يوصف وال يشبهو شئ‬ ‫وليس كمثلو شئ وىو السميع البصير‪) .‬‬ ‫المتن ‪ :‬بشر بن بشار النيسابوري قاؿ‪ :‬كتبت إلى الرجل عليو السبلـ‪ :‬إف‬ ‫من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد‪ ،‬فمنهم من يقوؿ‪ :‬ىو جسم ومنهم من يقوؿ‪:‬‬ ‫ىو صورة‪ ،‬فكتب إلي‪ :‬سبحاف من ال يحد وال يوصف وال يشبهو شئ وليس‬ ‫كمثلو شئ وىو السميع البصير‪.‬‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬ ‫روي الخبر عن االماـ الهادي عليو السبلـ رواه عنو ثبلثة رجاؿ ابراىيم بن‬ ‫محمد الهمداني الو بشر بن بشار و علي بن محمد القاساني ‪ ،‬رواه عنهم‬ ‫سهل بن زياد ‪ ،‬و رواه عنو الكليني في الكافي و الصدوؽ في التوحيد ‪.‬‬ ‫‪359‬‬


‫منهج العرض‬

‫ففي رواية ابراىيم بن محمد قاؿ‪ :‬كتبت إلى الرجل عليو السبلـ ‪ :‬أف من‬ ‫قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد‪ ،‬فمنهم من يقوؿ‪ :‬جسم‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يقوؿ‪ :‬صورة‪ ،‬فكتب عليو السبلـ بخطو‪ :‬سبحاف من ال يحد وال يوصف‪ ،‬ليس‬ ‫كمثلو شئ وىو السميع العليم ‪ -‬أو قاؿ ‪ :-‬البصير‪.‬‬ ‫و في رواية علي بن محمد القاساني قاؿ‪ :‬كتبت إليو عليو السبلـ أف من‬ ‫قبلنا قد اختلفوا في التوحيد قاؿ‪ :‬فكتب عليو السبلـ‪ :‬سبحاف من ال يحد وال‬ ‫يوصف‪ ،‬ليس كمثلو شئ وىو السميع البصير‪.‬‬ ‫و في رواية بشر بن بشار النيسابوري قاؿ‪ :‬كتبت إلى الرجل عليو السبلـ‪:‬‬ ‫إف من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد‪ ،‬فمنهم من يقوؿ‪ :‬ىو جسم ومنهم من‬ ‫يقوؿ‪ :‬صورة‪ ،‬فكتب إلي‪ :‬سبحاف من ال يحد وال يوصف وال يشبهو شئ‬ ‫وليس كمثلو شئ وىو السميع البصير‪ ) .‬كذا في الكافي لكن في التوحيد (‬ ‫بشر بن بشار النيسابوري‪ ،‬قاؿ‪ :‬كتبت إلى أبي الحسن عليو السبلـ ‪...‬مثلو )‬ ‫و مضموف نفي الحد و الوصف و التشبيو وانو تعالى سميع بصير من‬ ‫المضامين المصدقة و الثابتة ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫روي الخبر عن االماـ علي الهادي عليو السبلـ ‪ ،‬رواه عنو عدة رواة ‪،‬‬

‫‪360‬‬


‫منهج العرض‬

‫اشارة ‪ :‬روى سهل الخبر عن ثبلثة رجاؿ بالفاظ متقاربة بل متطابقة احيانا‬ ‫‪ ،‬و قد يقاؿ بوحدة الرواية وحصوؿ الوىم ‪،‬اال اف االصل التعدد ‪ ،‬ورواية‬ ‫الراوي نفسو عن الثبلثة بعيد عن الوىم ‪،‬فيكوف كالحديث الذي يقرف فيو‬ ‫الرواة ‪ ،‬و من الظاىر اف المسألة كانت مهمة استدعت السؤاؿ بنفس الصيغة‬ ‫بالضبط و جاء الجواب بنفسها و يشهد لذلك اف سهل نفسو قد سأؿ ذات‬ ‫السؤاؿ االماـ ابا محمد العسكري حيث جاء في الكافي و التوحيد (سهل‪،‬‬ ‫قاؿ‪ :‬كتبت إلى أبي محمد عليو السبلـ سنة خمس وخمسين ومأتين‪ :‬قد‬ ‫اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد‪ ،‬منهم من يقوؿ‪ :‬ىو جسم ومنهم من‬ ‫يقوؿ‪ :‬ىو صورة فإف رأيت يا سيدي أف تعلمني من ذلك ما أقف عليو وال‬ ‫أجوزه فعلت متطوال على عبدؾ‪ ،‬فوقع بخطو عليو السبلـ‪ :‬سألت عن التوحيد‬ ‫وىذا عنكم معزوؿ ‪ ،‬اهلل واحد‪ ،‬أحد‪ ،‬لم يلد ولم يولد ولم يكن لو كفوا أحد‪،‬‬ ‫خالق وليس بمخلوؽ يخلق تبارؾ وتعالى ما يشاء من االجساـ وغير ذلك‬ ‫وليس بجسم ويصور ما يشاء وليس بصورة جل ثناؤه وتقدست أسماؤه أف‬ ‫يكوف لو شبو‪ ،‬ىو ال غيره‪ ،‬ليس كمثلو شئ وىو السميع البصير‪ ) .‬و من‬ ‫الظاىر انو في مضمونو و جوىر كجواب ابي الحسن عليو السبلـ ‪.‬‬

‫الكافي ‪ :‬علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل‪ ،‬عن إبراىيم بن‬ ‫محمد الهمداني قاؿ‪ :‬كتبت إلى الرجل عليو السبلـ ‪ ).. :‬و في التوحيد‬ ‫الدقاؽ‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن عبلف‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن إبراىيم بن محمد الهمداني‬

‫‪361‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ‪ :‬كتبت إلى الرجل ‪ -‬يعني أبا الحسن عليو السبلـ ‪ ) ..‬السند متصل من‬ ‫الثانية ‪.‬‬

‫الكافي ‪ :‬علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل‪ ،‬عن محمد بن‬ ‫علي القاسا ني قاؿ‪ :‬كتبت إليو عليو السبلـ ‪ )..‬و في التوحيد حدثنا محمد‬ ‫بن موسى بن المتوكل رحمو اهلل‪ ،‬قاؿ‪ ،‬حدثنا محمد بن يحيى العطار‪ ،‬عن‬ ‫سهل بن زياد‪ ،‬عن محمد بن علي القاساني‪ ) .. ،‬السند متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫اشارة ‪ :‬محمد بن علي القاساني ىو علي بن محمد القاساني بقرينة‬ ‫روايات اخرى ففي المحاسن ( عن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن‬ ‫عبد اهلل بن القاسم الجعفري ) و ىذا السند ماكرر في المحاسن و في‬ ‫التوحيد ( أحمد بن أبي عبد اهلل البرقي‪ ،‬عن علي بن محمد القاساني‪ ،‬عمن‬ ‫ذكره‪ ،‬عن عبد اهلل بن القاسم الجعفري‪ )،‬لكن ايضا جاء (عن محمد بن على‬ ‫القاسانى‪ ،‬عمن حدثو‪ ،‬عن عبداهلل بن قاسم الجعفرى ) حتى اف صاحب‬ ‫البحار رأى انو علي بن محمد و الوسائل جزـ بالتصحيف و اثبتو علي بن‬ ‫محمد ففي الوسائل (أحمد بن محمد البرقي في ( المحاسن ) ( عن علي بن‬ ‫محمد ‪ ،‬عن رجل ) ‪ ،‬عن عبد اهلل بن القاسم الجعفري )‬

‫الكافي ‪ :‬علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل‪ ،‬عن بشر بن بشار‬ ‫النيسابوري قاؿ‪ :‬كتبت إلى الرجل عليو السبلـ‪ ).. :‬و في التوحيد حدثنا‬ ‫‪362‬‬


‫منهج العرض‬

‫الحسين بن أحمد بن إدريس رحمو اهلل‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن أبي سعيد اآلدمي‪ ،‬عن‬ ‫بشر بن بشار النيسابوري‪ ،‬قاؿ‪ :‬كتبت إلى أبي الحسن عليو السبلـ‪ )..‬السند‬ ‫متصل من الثانية ‪.‬‬

‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر‬ ‫حديث نقي مصدؽ معتمد ‪ ،‬منفرد الطريق سنده متصل من الدرجة الثانية‬ ‫‪.‬‬

‫فصل (ٖٓ) حديث ( سؤاالت النزديق فيما يخص بعث االنبياء و الرسل )‬

‫المتن ‪:‬‬ ‫االحتجاج ‪ :‬ومن سؤاؿ الزنديق الذي سأؿ أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن‬ ‫مسائل كثيرة انو قاؿ‪..... :‬‬

‫‪363‬‬


‫منهج العرض‬

‫قاؿ‪ :‬فمن أين اثبت أنبياء ورسبل ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬انا لما أثبتنا اف لنا‬ ‫خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق‪ ،‬وكاف ذلك الصانع حكيما‪ ،‬لم‬ ‫يجز اف يشاىده خلقو‪ ،‬وال اف يبلمسوه وال اف يباشرىم ويباشروه‪ ،‬ويحاجهم‬ ‫ويحاجوه‪ ،‬ثبت اف لو سفراء في خلقو وعباده يدلونهم على مصالحهم‬ ‫ومنافعهم‪ ،‬وما بو بقاؤىم‪ ،‬وفي تركو فناؤىم‪ ،‬فثبت االمروف والناىوف عن‬ ‫الحكيم العليم في خلقو‪ ،‬وثبت عند ذلك اف لو معبروف ىم انبياء اهلل وصفوتو‬ ‫من خلقو‪ ،‬حكماء مؤدبين بالحكمة‪ ،‬مبعوثين عنو‪ ،‬مشاركين للناس في احوالهم‬ ‫على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب‪ ،‬مؤيدين من عند الحكيم العليم‬ ‫بالحكمة والدالئل والبراىين والشواىد من‪ :‬احياء الموتى‪ ،‬وابراء االكمو‬ ‫واالبرص‪ ،‬فبل تخلو االرض من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقاؿ‬ ‫الرسوؿ ووجوب عدالتو‪........... .‬ثم قاؿ عليو السبلـ بعد ذلك‪ :‬نحن نزعم‬ ‫اف االرض ال تخلو من حجة وال تكوف الحجة اال من عقب االنبياء‪ ،‬ما بعث‬ ‫اهلل نبيا قط من غير نسل االنبياء‪ ،‬وذلك اف اهلل شرع لبني آدـ طريقا منيرا‪،‬‬ ‫واخرج من آدـ نسبل طاىرا طيبا‪ ،‬اخرج منو االنبياء والرسل‪ ،‬ىم صفوة اهلل‪،‬‬ ‫وخلص الجوىر‪ ،‬طهروا في االصبلب‪ ،‬وحفظوا في االرحاـ‪ ،‬لم يصبهم سفاح‬ ‫الجاىلية‪ ،‬وال شاب انسابهم‪ ،‬الف اهلل عزوجل جعلهم في موضع ال يكوف‬ ‫اعلى درجة وشرفا منو‪ ،‬فمن كاف خازف علم اهلل‪ ،‬وامين غيبو ومستودع سره‪،‬‬ ‫وحجتو على خلقو‪ ،‬وترجمانو ولسانو‪ ،‬ال يكوف اال بهذه الصفة فالحجة ال‬ ‫يكوف اال من نسلهم‪ ،‬يقوـ مقاـ النبي صلى اهلل عليو وآلو في الخلق بالعلم‬ ‫الذي عنده‪ ،‬وورثو عن الرسوؿ‪ ،‬اف جحده الناس سكت‪ ،‬وكاف بقاء ما عليو‬ ‫‪364‬‬


‫منهج العرض‬

‫الناس قليبل مما في ايديهم من علم الرسوؿ على اختبلؼ منهم فيو‪ ،‬قد اقاموا‬ ‫بينهم الرأي والقياس‪ ،‬وانهم اف اقروا بو واطاعوه واخذوا عنو‪ ،‬ظهر العدؿ‪،‬‬ ‫وذىب االختبلؼ والتشاجر‪ ،‬واستوى االمر واباف الدين‪ ،‬وغلب على الشك‬ ‫اليقين‪ ،‬وال يكاد اف يقر الناس بو وال يطيعوا لو أو يحفظوا لو بعد فقد الرسوؿ‪،‬‬ ‫وما مضى رسوؿ وال نبي قط لم يختلف امتو من بعده‪ ،‬وانما كاف علة‬ ‫اختبلفهم على الحجة وتركهم اياه‪ .‬قاؿ‪ :‬فما يصنع بالحجة إذا كاف بهذه‬ ‫الصفة ؟ قاؿ‪ :‬قد يقتدى بو ويخرج عنو الشئ بعد الشئ مكانو منفعة الخلق‬ ‫وصبلحهم فاف احدثوا في دين اهلل شيئا اعلمهم واف زادوا فيو اخبرىم واف‬ ‫نفدوا منو شيئا افادىم‪ .... ....‬قاؿ‪ :‬فالرسوؿ افضل أـ الملك المرسل إليو ؟‬ ‫قاؿ‪ :‬بل الرسوؿ افضل‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬

‫المضموف (ٔ ) قاؿ‪ :‬فمن أين اثبت أنبياء ورسبل ؟ قاؿ عليو السبلـ‪ :‬انا‬ ‫لما أثبتنا اف لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق‪ ،‬وكاف ذلك الصانع‬ ‫حكيما‪ ،‬لم يجز اف يشاىده خلقو‪ ،‬وال اف يبلمسوه وال اف يباشرىم ويباشروه‪،‬‬ ‫ويح اجهم ويحاجوه‪ ،‬ثبت اف لو سفراء في خلقو وعباده يدلونهم على‬ ‫مصالحهم ومنافعهم‪ ،‬وما بو بقاؤىم‪ ،‬وفي تركو فناؤىم‪ ،‬فثبت االمروف والناىوف‬ ‫عن الحكيم العليم في خلقو‪ ،‬وثبت عند ذلك اف لو معبروف ىم انبياء اهلل‬ ‫وصفوتو من خلقو‪ ،‬حكماء مؤدبين بالحكمة‪ ،‬مبعوثين عنو‪ ،‬غير مشاركين‬ ‫‪365‬‬


‫منهج العرض‬

‫للناس في احوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب‪ ،‬مؤيدين من عند‬ ‫الحكيم العليم بالحكمة والدالئل والبراىين والشواىد من‪ :‬احياء الموتى‪،‬‬ ‫وابراء االكمو واالبرص‪ ،‬فبل تخلو االرض من حجة يكوف معو علم يدؿ على‬ ‫صدؽ مقاؿ الرسوؿ ووجوب عدالتو‪.‬‬ ‫ىذا المضموف ذكر في خبر التوحيد و الكافي و ىنا فيو زيادة و المضموف‬ ‫مصدؽ ‪ ،‬و قد بينا معناه مفصبل ىناؾ و ملخص اف لبعث الرسل مقدمتين‬ ‫تعالي الخالق و احتياج العباد الى مبين لمصالحهم فوجب السفراء الحكماء‬ ‫المعبروف ىم االنبياء ‪ .‬و قولو عليو السبلـ في االنبياء (غير مشاركين للناس‬ ‫في احوالهم ) داللة على خصوصية من حيث العصمة و التأييد و المعرفة ‪ .‬و‬ ‫عبارة ( فبل تخلو االرض من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقاؿ‬ ‫الرسوؿ ووجوب عدالتو‪ ) .‬ىكذا و لكن من طرؽ اخرى متعددة (لكيبل تخلو‬ ‫أرض اهلل من حجة يكوف معو علم يدؿ على صدؽ مقالتو وجواز عدالتو‪ ).‬و‬ ‫االولى موافقة للسياؽ باف الكبلـ في االنبياء و الرسل و االخيرة موافقة لعبارة‬ ‫( لكيبل تخلو االرض من حجة ) النو ليس في كل عصر نبي و الحجة يشمل‬ ‫النبي و الوصي ‪ .‬و كبل المضمونين مصدؽ و االصل التعدد ‪.‬‬ ‫المضموف (ٕ) ثم قاؿ عليو السبلـ بعد ذلك‪ :‬نحن نزعم اف االرض ال‬ ‫تخلو من حجة وال تكوف الحجة اال من عقب االنبياء ‪ ،‬ما بعث اهلل نبيا قط‬ ‫من غير نسل االنبياء‪ ،‬وذلك اف اهلل شرع لبني آدـ طريقا منيرا ‪ ،‬واخرج من‬ ‫آدـ نسبل طاىرا طيبا‪ ،‬اخرج منو االنبياء والرسل‪ ،‬ىم صفوة اهلل‪ ،‬وخلص‬ ‫الجوىر‪ ،‬طهروا في االصبلب‪ ،‬وحفظوا في االرحاـ‪ ،‬لم يصبهم سفاح‬ ‫‪366‬‬


‫منهج العرض‬

‫الجاىلية‪ ،‬وال شاب انسابهم‪ ،‬الف اهلل عزوجل جعلهم في موضع ال يكوف‬ ‫اعلى درجة وشرفا منو‪ ،‬فمن كاف خازف علم اهلل‪ ،‬وامين غيبو ومستودع سره‪،‬‬ ‫وحجتو على خلقو‪ ،‬وترجمانو ولسانو‪ ،‬ال يكوف اال بهذه الصفة فالحجة ال‬ ‫يكوف اال من نسلهم‪ ،‬يقوـ مقاـ النبي صلى اهلل عليو وآلو في الخلق بالعلم‬ ‫الذي عنده‪ ،‬وورثو عن الرسوؿ‪ ،‬اف جحده الناس سكت ‪ ،‬وكاف بقاء ما عليو‬ ‫الناس قليبل مما في ايديهم من علم الرسوؿ على اختبلؼ منهم فيو ‪ ،‬قد‬ ‫اقاموا بينهم الرأي والقياس‪ ،‬وانهم اف اقروا بو واطاعوه واخذوا عنو ‪ ،‬ظهر‬ ‫العدؿ‪ ،‬وذىب االختبلؼ والتشاجر‪ ،‬واستوى االمر واباف الدين‪ ،‬وغلب على‬ ‫الشك اليقين‪ ،‬وال يكاد اف يقر الناس بو وال يطيعوا لو أو يحفظوا لو بعد فقد‬ ‫الرسوؿ‪ ،‬وما مضى رسوؿ وال نبي قط لم يختلف امتو من بعده‪ ،‬وانما كاف علة‬ ‫اختبلفهم على الحجة وتركهم اياه ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما يصنع بالحجة إذا كاف بهذه‬ ‫الصفة ؟ قاؿ‪ :‬قد يقتدى بو ويخرج عنو الشئ بعد الشئ مكانو منفعة الخلق‬ ‫وصبلحهم فاف احدثوا في دين اهلل شيئا اعلمهم واف زادوا فيو اخبرىم واف‬ ‫نفدوا منو شيئا افادىم ‪.‬‬ ‫ىذا المقطع من االخبار المهمة و المبينة لكثير من امور النبوة ‪ ،‬و جميع‬ ‫مضامينو مصدقة ‪.‬‬

‫المضموف (ٖ) قاؿ‪ :‬فالرسوؿ افضل أـ الملك المرسل إليو ؟ قاؿ‪ :‬بل‬ ‫الرسوؿ افضل‪.‬‬ ‫‪367‬‬


‫منهج العرض‬

‫في الفقرة مضموف مصدؽ باف الرسوؿ افضل من الملك المرسل ‪.‬‬

‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬الخبر نقي مصدؽ معتمد ‪ ،‬منفرد الطريق‬ ‫سنده منقطع من الدرجة الثالثة ‪.‬‬

‫فصل (ٖٔ) حديث ( سؤاالت النزديق في مواضيع مختلفة)‬

‫المتن ‪:‬‬ ‫االحتجاج ‪ :‬ومن سؤاؿ الزنديق الذي سأؿ أبا عبد اهلل عليو السبلـ عن‬ ‫مسائل كثيرة انو قاؿ‪..... :‬‬

‫ثم قاؿ عليو السبلـ بعد ذلك‪ :‬نحن نزعم اف االرض ال تخلو من حجة وال‬ ‫تكوف الحجة اال من عقب االنبياء‪ ،‬ما بعث اهلل نبيا قط من غير نسل االنبياء‪،‬‬ ‫وذلك اف اهلل شرع لبني آدـ طريقا منيرا‪ ،‬واخرج من آدـ نسبل طاىرا طيبا‪،‬‬ ‫اخرج منو االنبياء والرسل‪ ،‬ىم صفوة اهلل‪ ،‬وخلص الجوىر‪ ،‬طهروا في‬ ‫االصبلب‪ ،‬وحفظوا في االرحاـ‪ ،‬لم يصبهم سفاح الجاىلية‪ ،‬وال شاب‬ ‫‪368‬‬


‫منهج العرض‬

‫انسابهم‪ ،‬الف اهلل عزوجل جعلهم في موضع ال يكوف اعلى درجة وشرفا منو‪،‬‬ ‫فمن كاف خازف علم اهلل‪ ،‬وامين غيبو ومستودع سره‪ ،‬وحجتو على خلقو‪،‬‬ ‫وترجمانو ولسانو‪ ،‬ال يكوف اال بهذه الصفة فالحجة ال يكوف اال من نسلهم‪،‬‬ ‫يقوـ مقاـ النبي صلى اهلل عليو وآلو في الخلق بالعلم الذي عنده‪ ،‬وورثو عن‬ ‫الرسوؿ‪ ،‬اف جحده الناس سكت‪ ،‬وكاف بقاء ما عليو الناس قليبل مما في‬ ‫ايديهم من علم الرسوؿ على اختبلؼ منهم فيو‪ ،‬قد اقاموا بينهم الرأي‬ ‫والقياس‪ ،‬وانهم اف اقروا بو واطاعوه واخذوا عنو‪ ،‬ظهر العدؿ‪ ،‬وذىب‬ ‫االختبلؼ والتشاجر‪ ،‬واستوى االمر واباف الدين‪ ،‬وغلب على الشك اليقين‪،‬‬ ‫وال يكاد اف يقر الناس بو وال يطيعوا لو أو يحفظوا لو بعد فقد الرسوؿ‪ ،‬وما‬ ‫مضى رسوؿ وال نبي قط لم يختلف امتو من بعده‪ ،‬وانما كاف علة اختبلفهم‬ ‫على الحجة وتركهم اياه‪ .‬قاؿ‪ :‬فما يصنع بالحجة إذا كاف بهذه الصفة ؟ قاؿ‪:‬‬ ‫قد يقتدى بو ويخرج عنو الشئ بعد الشئ مكانو منفعة الخلق وصبلحهم فاف‬ ‫احدثوا في دين اهلل شيئا اعلمهم واف زادوا فيو اخبرىم واف نفدوا منو شيئا‬ ‫افادىم‪.‬‬

‫الجهة االولى ‪ :‬العرض‬

‫‪369‬‬


‫منهج العرض‬

‫المضموف (ٔ) ثم قاؿ عليو السبلـ بعد ذلك‪ :‬نحن نزعم اف االرض ال‬ ‫تخلو من حجة وال تكوف الحجة اال من عقب االنبياء ‪ ،‬ما بعث اهلل نبيا قط‬ ‫من غير نسل االنبياء‪ ،‬وذلك اف اهلل شرع لبني آدـ طريقا منيرا ‪ ،‬واخرج من‬ ‫آدـ نسبل طاىرا طيبا‪ ،‬اخرج منو االنبياء والرسل‪ ،‬ىم صفوة اهلل‪ ،‬وخلص‬ ‫الجوىر‪ ،‬طهروا في االصبلب‪ ،‬وحفظوا في االرحاـ‪ ،‬لم يصبهم سفاح‬ ‫الجاىلية‪ ،‬وال شاب انسابهم‪ ،‬الف اهلل عزوجل جعلهم في موضع ال يكوف‬ ‫اعلى درجة وشرفا منو‪ ،‬فمن كاف خازف علم اهلل‪ ،‬وامين غيبو ومستودع سره‪،‬‬ ‫وحجتو على خلقو‪ ،‬وترجمانو ولسانو‪ ،‬ال يكوف اال بهذه الصفة فالحجة ال‬ ‫يكوف اال من نسلهم‪ ،‬يقوـ مقاـ النبي صلى اهلل عليو وآلو في الخلق بالعلم‬ ‫الذي عنده‪ ،‬وورثو عن الرسوؿ‪ ،‬اف جحده الناس سكت ‪ ،‬وكاف بقاء ما عليو‬ ‫الناس قليبل مما في ايديهم من علم الرسوؿ على اختبلؼ منهم فيو ‪ ،‬قد‬ ‫اقاموا بينهم الرأي والقياس‪ ،‬وانهم اف اقروا بو واطاعوه واخذوا عنو ‪ ،‬ظهر‬ ‫العدؿ‪ ،‬وذىب االختبلؼ والتشاجر‪ ،‬واستوى االمر واباف الدين‪ ،‬وغلب على‬ ‫الشك اليقين‪ ،‬وال يكاد اف يقر الناس بو وال يطيعوا لو أو يحفظوا لو بعد فقد‬ ‫الرسوؿ‪ ،‬وما مضى رسوؿ وال نبي قط لم يختلف امتو من بعده‪ ،‬وانما كاف علة‬ ‫اختبلفهم على الحجة وتركهم اياه ‪ .‬قاؿ‪ :‬فما يصنع بالحجة إذا كاف بهذه‬ ‫الصفة ؟ قاؿ‪ :‬قد يقتدى بو ويخرج عنو الشئ بعد الشئ مكانو منفعة الخلق‬ ‫وصبلحهم فاف احدثوا في دين اهلل شيئا اعلمهم واف زادوا فيو اخبرىم واف‬ ‫نفدوا منو شيئا افادىم ‪.‬‬

‫‪370‬‬


‫منهج العرض‬

‫ىذا المقطع من االخبار المهمة و المبينة لجوانب في الحجة ‪ ،‬و جميع‬ ‫مضامينو مصدقة ‪.‬‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬الطرؽ‬ ‫رواه في االحتجاج في اخبار عن الزنديق الذي سأؿ الصادؽ اسئلة كثيرة ‪،‬‬ ‫و صرح في البحار انو خبر ىشاـ بن الحكم ‪ ،‬و يصدؽ ورود فقرة من ذلك‬ ‫الخير ىنا ‪ .‬و السند منقطع من الثالث ‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬الخبر نقي مصدؽ معتمد ‪ ،‬منفرد الطريق‬ ‫سنده منقطع من الدرجة الثالثة ‪.‬‬

‫‪371‬‬


‫منهج العرض‬

‫فصل (ٕٖ) حديث (من طلب الرياسة لنفسو ىلك؛ فإ ّف الرياسة ال تصلح إالّ‬ ‫ألىلها )‬ ‫الجهة االولى ‪:‬االلفاظ و العرض ‪.‬‬ ‫روى الخبر في فقو الرضا عليو السبلـ عنو عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫الرضا (عليو السبلـ)‪ :‬نروي‪ :‬من طلب الرياسة لنفسو ىلك؛ فإ ّف‬ ‫فقو ّ‬ ‫الرياسة ال تصلح إالّ ألىلها ‪ .‬الخبر ظاىر في طلب الرئاسة غير المشروعة‬

‫وىو مصدؽ بخصوص من ينصب نفسو مكاف االماـ او مطلق الرئاسة طلبا‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ين َال يُ ِري ُدو َف عُلُ ِّوا فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫ْك َّ‬ ‫ض‬ ‫للدنيا قاؿ تعالى ((تِل َ‬ ‫الد ُار ْاآلَخ َرةُ نَ ْج َعلُ َها للذ َ‬

‫ادا ) ‪ ،‬و سند الخبر منقطع من الثالثة ‪.‬‬ ‫سً‬ ‫َوَال فَ َ‬ ‫الجهة الثانية ‪ :‬فقو الحديث‬

‫قد عرفت اف النهي المؤكد ىو من ينصب نفسو بدؿ االماـ عليو السبلـ‬ ‫‪ ،‬و يفوضو او يفوض غيره لو ما ىو لبلماـ كتصديقو في كل ما يقوؿ مستقبل ‪.‬‬ ‫كما اف االطبلؽ يشمل كل حالة طلب للترفع على الناس وخصوصا باستعماؿ‬ ‫الدين كما في خبر أبي حمزة الثمالي قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبداهلل عليو السبلـ‪ :‬إياؾ‬ ‫والرئاسة‪ ،‬وإياؾ أف تطأ أعقاب الرجاؿ‪ .‬فقلت‪ :‬جعلت فداؾ أما الرئاسة فقد‬ ‫عرفتها‪ ،‬وأما أف أطأ أعقاب الرجاؿ فما ثلثا ما في يدي إال مما وطأت أعقاب‬ ‫الرجاؿ‪ .‬فقاؿ‪ :‬ليس حيث تذىب‪ ،‬إياؾ أف تنصب رجبل دوف الحجة فتصدقو‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ْك َّ‬ ‫ين َال‬ ‫في كل ما قاؿ‪ ) .‬و يصدقو قولو تعالى (تِل َ‬ ‫الد ُار ْاآلَخ َرةُ نَ ْج َعلُ َها للذ َ‬ ‫يُ ِري ُدو َف ُعلُ ِّوا فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫ادا ) ‪ .‬و ال يشمل تولي المناصب الجل‬ ‫سً‬ ‫ض َوَال فَ َ‬ ‫االصبلح و التي قد تجب على المؤىل الصالح الجل االصبلح و االرشاد‬ ‫‪372‬‬


‫منهج العرض‬

‫اج َعلْنِي َعلَى‬ ‫كما في قولو تعالى على لساف نبي اهلل يوسف عليو السبلـ (قَ َ‬ ‫اؿ ْ‬ ‫ض إِنّْي ح ِفي ٌ ِ‬ ‫َخ َزائِ ِن ْاأل َْر ِ‬ ‫يم ) ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ظ َعل ٌ‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخبر‬ ‫الحديث نقي مصدؽ معتمد منفرد الطريق ‪ ،‬سنده منقطع من الثالثة ‪.‬‬

‫فصل (ٖ​ٖ) حديث (قد أقلح المسلّموف ‪ ،‬إ ّف المسلّمين ىم النجباء )‬ ‫جٔ‪ :‬الفاظ الخبر و طرقو ‪.‬‬ ‫الخبر مروي عن الباقر و الصادؽ عليهما السبلـ ‪.‬‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫المحاسن ‪ :‬عن كامل التمار قاؿ قاؿ أبو جعفر (عليو السبلـ‬

‫) يا كامل المؤمن غريب المؤمن غريب ثم قاؿ أ تدري ما قوؿ اهلل قَ ْد أَفْػلَ َح‬ ‫ال ُْم ْؤِمنُو َف قلت قد أفلحوا و فازوا و دخلوا الجنة فقاؿ قد أفلح المؤمنوف‬

‫المسلموف إف المسلمين ىم النجباء ‪ .‬حديث نقي مصدؽ ‪ ،‬سنده متصل‬ ‫‪373‬‬


‫منهج العرض‬

‫من االولى ‪ .‬و المسلمين بتشديد البلـ من سلّم تسليما ىنا و في باقي‬ ‫االخبار ‪.‬‬ ‫المحاسن ‪ :‬عن كامل التمار قاؿ قاؿ أبو جعفر (عليو‬ ‫ٕ‪-‬‬ ‫أ تدري من ىم قلت أنت أعلم قاؿ قد أفلح‬ ‫السبلـ ) قَ ْد أَفْػلَ َح ال ُْم ْؤِمنُو َف‬ ‫المؤمنوف المسلموف إف المسلمين ىم النجباء و المؤمن غريب و المؤمن‬ ‫غريب ثم قاؿ طوبى للغرباء ‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية‪.‬‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫بصائر الدرجات ‪:‬‬

‫عن الحسين بن المختار عن ابى عبد‬

‫اهلل عليو السبلـ قاؿ يهلك اصحاب الكبلـ وينجو المسلمين اف المسلمين‬ ‫ىم النجباء ‪ ) .‬حديث نقي مصدؽ ‪ ،‬سنده متصل من االولى ‪.‬‬ ‫ٗ‪-‬‬

‫بصائر الدرجات ‪ :‬عن ابى بكر الحضرمي قاؿ سمعت ابا‬

‫عبد اهلل عليو السبلـ يقوؿ يهلك اصحاب الكبلـ وينجو المسلموف اف‬ ‫المسلمين ىم النجباء يقولوف ىذا ينقاد اما واهلل لو علموا كيف كاف اصل‬ ‫الخلق ما اختلف اثناف ‪ .‬حديث نقي مصدؽ متصل السند من الثانية و‬ ‫مضموف (لو علموا كيف كاف اصل الخلق ما اختلف اثناف ) ال يعني الجبر بل‬ ‫يحمل على االمر بين االمرين ‪.‬‬ ‫٘‪-‬‬

‫بصائر الدرجات ‪ :‬عن كامل التمار قاؿ قاؿ أبو جعفر عليو‬

‫السبلـ يا كامل قد افلح المؤمنوف المسلموف يا كامل اف المسلمين ىم‬ ‫النجباء يا كامل اف الناس اشباه الغنم اال قليبل من المؤمنين والمؤمن قليل‪.‬‬ ‫حديث نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية و مضموف (اف الناس اشباه الغنم‬ ‫اال قليبل من المؤمنين والمؤمن قليل ) مصدؽ ‪.‬‬ ‫‪374‬‬


‫منهج العرض‬

‫‪-ٙ‬‬

‫بصائر الردجات ‪ :‬عن كامل التمار قاؿ قاؿ ابوجعفر عليو‬

‫السبلـ يا كامل تدرى ماقوؿ اهلل قد افلح المؤمنوف ‪ .‬قلت جعلت فداؾ‬ ‫افلحوا وفازوا وادخلوا الجنة قاؿ قد افلح المسلموف اف المسلمين ىم‬ ‫النجباء‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية‪.‬‬ ‫‪-ٚ‬‬

‫بصائر الدرجات ‪ :‬عن صفواف الصيقل قاؿ دخلت انا‬

‫والحرث بن المغيرة وغيره على ابى عبد اهلل عليو السبلـ فقاؿ لو الحرث اف‬ ‫ىذا يعنى منصور الصيقل ال يريد اال اف يسمع حديثنا فو اهلل ما يدرى ما يقبل‬ ‫مما يرد فقاؿ أبو عبد اهلل ىذا الرجل من المسلمين اف المسلمين من النجباء‬ ‫‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده متصل من الثالثة ‪ .‬و مضموف (ال يريد اال اف‬ ‫يسمع حديثنا فو اهلل ما يدرى ما يقبل مما يرد ) مصدؽ ‪.‬‬ ‫‪-ٛ‬‬

‫بصائر الدرجات ‪ :‬عن ثعلبة بن ميموف عن زرارة و حمراف‬

‫قاؿ كاف يجالسنا رجل من اصحابنا فلم يكن يسمع بحديث اال قاؿ سلموا‬ ‫حتى لقب فكاف كلم ا جاء قالوا قد جاء سلم فدخل حمراف وزرارة على ابى‬ ‫جعفر عليو السبلـ فقاؿ اف رجبل من اصحابنا اذا سمع شيئا من احاديثكم‬ ‫قالوا سلموا حتى لقب وكاف اذا جاء قالوا سلم فقاؿ ابوجعفر عليو السبلـ قد‬ ‫افلح المسلموف اف المسلمين ىم النجباء‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده متصل‬ ‫من الثانية ‪.‬‬ ‫‪-ٜ‬‬

‫بصائر الدرجات ‪ :‬عن ضريس عن ابى جعفر عليو السبلـ‬

‫قاؿ قد افلح المسلموف اف المسلمين ىم النجباء‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده‬ ‫متصل من االولى ‪.‬‬ ‫‪375‬‬


‫منهج العرض‬

‫ٓٔ‪-‬‬

‫البصائر ‪ :‬بشير بن الدىاف قاؿ سمعت كليبا يقوؿ قاؿ أبو‬

‫جعفر عليو السبلـ قد افلح المؤمنوف اتدرى من ىم جعلت فداؾ انت اعلم‬ ‫قاؿ قد افلح المسلموف اف المسلمين ىم النجباء‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده‬ ‫متصل من الثانية ‪ .‬اقوؿ روى بشير الخبر في الكافي و المحاسن و موضع‬ ‫اخر من البصائر عن كامل التمار ‪ ،‬فيحتمل اف يكوف كليبا تصحيف كامل ‪،‬‬ ‫لكن االصل التعدد و عدـ التصحيف و في اصحاب الباقر كليب بن معاوية‬ ‫ممدوح ‪.‬‬ ‫ٔ​ٔ‪-‬‬

‫البصائر ‪ :‬عن كامل التمار قاؿ قاؿ أبو جعفر (عليو السبلـ‬

‫) قَ ْد أَفْػلَ َح ال ُْم ْؤِمنُو َف أ تدري من ىم قلت أنت أعلم قاؿ قد أفلح المؤمنوف‬ ‫المسلموف إف المسلمين ىم النجباء و المؤمن غريب و المؤمن غريب ثم قاؿ‬ ‫طوبى للغرباء ‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫ٕٔ‪-‬‬

‫الكافي ‪ :‬عن كامل التمار قاؿ‪ :‬قاؿ أبوجعفر عليو السبلـ "‬

‫قد أفلح المؤمنوف " أتدري من ىم؟ قلت أنت أعلم‪ ،‬قاؿ‪ :‬قد أفلح المؤمنوف‬ ‫ا لمسلموف‪ ،‬إف المسلمين ىم النجباء‪ ،‬فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء‪ .‬حديث‬ ‫نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫ٖٔ‪-‬‬

‫التوحيد ‪ :‬الصدوؽ ‪:‬‬

‫عن أبي بصير‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبد‬

‫اهلل عليو السبلـ‪ :‬يهلك أصحاب الكبلـ‪ ،‬وينجو المسلموف إف المسلمين ىم‬ ‫النجباء‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫ٗٔ‪-‬‬

‫بشارة المصطفى ‪ :‬كامل التمار قاؿ ‪ :‬قاؿ أبو جعفر ( عليو‬

‫السبلـ ) ‪ « :‬قد أفلح المؤمنوف أتدري من ىم ؟ قلت ‪ :‬أنت أعلم ‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬ ‫‪376‬‬


‫منهج العرض‬

‫قد أفلح المسلموف اف المسلمين ىم النجباء والمؤمن غريب ‪ ،‬ثم قاؿ ‪:‬‬ ‫طوبى للغرباء » ‪ .‬حديث نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية ‪.‬‬ ‫جٕ‪ :‬حكم الخبر ‪ :‬الحديث نقي مصدؽ معتمد متعدد الطرؽ و سنده‬ ‫متصل فيو من االولى ‪.‬‬ ‫جٖ ‪ :‬فقو الحديث ‪ :‬الخبر يحث على التسليم للقراف و السنة ‪ ،‬بل اف‬ ‫مجموع ما ورد في ىذا الموضوع ىو وجوب ذلك و ركنيتو في االيماف الحق ‪.‬‬

‫فصل (ٖٗ) حديث ( إياؾ أف تنصب رجبل دوف الحجة فتصدقو في كل ما‬ ‫قاؿ )‬ ‫الجهة االولى ‪ :‬الفاظ الخبر و طرقو ‪.‬‬ ‫روي الخبر الصدوؽ في معاني االخبار و الكليني في الكافي عن االماـ‬ ‫الصادؽ عليو السبلـ‬

‫‪377‬‬


‫منهج العرض‬

‫ٔ‪ -‬معاني االخبار ‪ :‬عن أبي حمزة الثمالي قاؿ‪ :‬قاؿ أبو عبداهلل عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬إياؾ والرئاسة‪ ،‬وإياؾ أف تطأ أعقاب الرجاؿ‪ .‬فقلت‪ :‬جعلت فداؾ أما‬ ‫الرئاسة فقد عرفتها‪ ،‬وأما أف أطأ أعقاب الرجاؿ فما ثلثا ما في يدي إال مما‬ ‫وطأت أعقاب الرجاؿ‪ .‬فقاؿ‪ :‬ليس حيث تذىب‪ ،‬إياؾ أف تنصب رجبل دوف‬ ‫الحجة فتصدقو في كل ما قاؿ‪ .‬و في الكافي ‪ :‬عن أبي حمزة الثمالي قاؿ‪:‬‬ ‫قاؿ لي أبوعبداهلل عليو السبلـ‪ :‬مثلو ‪ ) .‬و الخب مصدؽ بخصوص من يجعل‬ ‫نفسو مكاف االماـ عليو السبلـ و كذا فيمن يطلب الرئاسة لغرض دنيوي من‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ْك َّ‬ ‫ين َال‬ ‫دوف مؤىل او غاية االصبلح قاؿ تعالى (تِل َ‬ ‫الد ُار ْاآلَخ َرةُ نَ ْج َعلُ َها للذ َ‬ ‫يُ ِري ُدو َف ُعلُ ِّوا فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫ادا )‬ ‫سً‬ ‫ض َوَال فَ َ‬ ‫ٕ‪ -‬معاني االخبار ‪ :‬سفياف بن خالد‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ أبوعبداهلل عليو السبلـ‪:‬‬

‫يا سفياف إياؾ والرئاسة‪ ،‬فما طلبها أحد إال ىلك‪ .‬فقلت لو‪ :‬جعلت فداؾ‪ ،‬قد‬ ‫ىلكنا إذ ليس أحد منا إال وىو يحب أف يذكر ويقصد ويؤخذ عنو ! فقاؿ‪:‬‬ ‫ليس حيث تذىب إليو‪ ،‬إنما ذلك أف تنصب رجبل دوف الحجة فتصدقو في كل‬ ‫ما قاؿ و تدعوا الناس إلى قولو ‪ .‬الخبر نقي مصدؽ سنده متصل من الثانية‬ ‫‪ .‬ىذا و اف االختبلؼ الظاىر بين الفاظ الحديثين كاشف عن تعدد المخاطب‬ ‫و الوافعة ‪.‬‬

‫الجهة الثانية ‪ :‬فقو الحديث‬ ‫الحديث ينهى عن تنصيب االنساف نفسو مكاف االماـ ‪ ،‬و ينهى عن اتباع‬ ‫غير المعصوـ في ما يقوؿ من دوف اف يكوف منتهيا الى قولو عليو السبلـ ‪.‬‬ ‫اقوؿ الحديث يبين حقيقة الرئاسة المنهي عنها و عن طلبها ‪ ،‬و انها‬ ‫خصوص التي يجعل االنساف نفسو او غيره في مكاف ال يحل لو باف يصدؽ‬ ‫‪378‬‬


‫منهج العرض‬

‫فيو في كل ما يقوؿ و عليو مصدقة فقو الرضا عنو عليو السبلـ انو قاؿ من‬ ‫طلب الرياسة لنفسو ىلك‪ ،‬فاف الرياسة ال تصلح إال الىلها و مصدقة أبي‬ ‫الربيع الشامي‪ ،‬عن أبي جعفر عليو السبلـ قاؿ‪ :‬قاؿ لي‪ :‬ويحك يا أبا الربيع‬ ‫ال تطلبن الرئاسة وال تكن ذئبا وال تأكل بنا الناس فيفقرؾ اهلل ‪ )...‬و مصدقة‬ ‫محمد بن مسلم قاؿ‪ :‬سمعت أبا عبداهلل عليو السبلـ يقوؿ‪ :‬أترى ال أعرؼ‬ ‫خيار كم من شراركم؟ بلى واهلل وإف شراركم من أحب أف يوطأ عقبو‪ ،‬إنو البد‬ ‫من كذاب أو عاجز الراي ‪. ) .‬‬ ‫مسألة ‪ :‬ىذا و قد استدؿ على عدـ جواز تقليد غير المعصوـ عليو‬ ‫السبلـ في االعتقادات ‪ ،‬و فيو اف عدـ جواز تقليد غير المعصوـ تقليدا‬ ‫استقبلليا في جميع جوانب الدين من الضروريات وىذا الخبر من مصاديق‬ ‫ذلك النهي ‪ ،‬و اما الرجوع الى العالم في تبين رأي المعصوـ او تبين الخطاب‬ ‫الشرعي بحيث يكوف العالم راويا للمنطوؽ او شارحا لو او مبينا لمضمونو او‬ ‫مستفيدا من حكم الجزئي و الخاص بما في الكلي و العاـ الوارد عنهم‬ ‫عليهم السبلـ كما في عملية االستنباط الصحيح ‪ ،‬فهذا تقليد لبلماـ عليو‬ ‫السبلـ و ليس للعالم كما ىو ظاىر ‪ .‬قاؿ في البحار ظن السائل أف مراده‬ ‫عليو السبلـ بوطء أعقاب الرجاؿ مطلق أخذ العلم عن الناس فقاؿ عليو‬ ‫السبلـ‪ :‬المراد أف تنصب رجبل غير الحجة فتصدقو في كل ما يقوؿ برأيو من‬ ‫غير أف يسند ذلك إلى المعصوـ عليو السبلـ فأما من يروي عن المعصوـ أو‬ ‫يفسر ما فهمو من كبلمو لمن ليس لو صبلحية فهم كبلمو من غير تلقين‬ ‫فاألخذ عنو كاألخذ عن المعصوـ‪ ،‬ويجب على من ال يعلم الرجوع إليو ليعرؼ‬ ‫أحكاـ اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪379‬‬


‫منهج العرض‬

‫اشارة‪ :‬التقليد لغة ىو اتباع الغير من دوف تأمل او دليل ‪ ،‬و ىو بهذا‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َطيعُوا‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫المعنى واجب للمعصوـ قاؿ تعالى( يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر ِم ْن ُك ْم ) و يحرـ تقليد غيره بهذا المعنى قاؿ تعالى( َوإِذَا‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ قَالُوا َح ْسبُػنَا َما َو َج ْدنَا َعلَْي ِو‬ ‫يل لَ ُه ْم تَػ َعالَ ْوا إِلَى َما أَنْػ َز َؿ اللَّوُ َوإِلَى َّ‬ ‫ق َ‬ ‫آَباءنَا) و قاؿ تعالى (وإِذَا فَػعلُوا فَ ِ‬ ‫اءنَا ) ‪ ،‬و اما‬ ‫اح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شةً قَالُوا َو َج ْدنَا َعلَْيػ َها آَبَ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫التقليد المصطلح عند الفقهاء فهو عن دليل و ىو من تعلم القراف و السنة ‪.‬‬ ‫و اما االجتهاد لغة فهو بذؿ الوسع لتحصيل الرأي و ىذا محرـ في الدين‪،‬‬ ‫ف ما لَيس لَ َ ِ ِ ِ‬ ‫ْم ) وقاؿ تعالى ( قُ ْل إِ َّف اللَّوَ َال‬ ‫ك بو عل ٌ‬ ‫قاؿ تعالى َ‬ ‫(وَال تَػ ْق ُ َ ْ َ‬ ‫ش ِاء أَتَػ ُقولُو َف َعلَى اللَّ ِو َما َال تَػ ْعلَ ُمو َف ) ‪ ،‬و اما االجتهاد المصطلح‬ ‫يَأ ُْم ُر بِالْ َف ْح َ‬ ‫عند الفقهاء فهو تقريب القراف و السنة للناس و تعليمهم اياىما و بياف‬

‫عمومهما للحادثة و ليس من الرأي في شيء ‪ .‬و لذلك من االنسب اف يعنوف‬ ‫كتاب االجهاد و التقليد في كتب الفقو بكتاب ( العلم )‪.‬‬ ‫الجهة الثالثة ‪ :‬حكم الخير ‪:‬‬ ‫الحدث نقي مصدؽ متعدد الطرؽ ‪ ،‬سنده متصل من الدرجة الثانية‬

‫‪380‬‬


‫منهج العرض‬

‫الفهرست‬ ‫المقدمة االولى ‪ :‬قواعد عامة في تحصيل العلم ‪2............................ ................................‬‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وؿ َوأُولِي ْاأل َْم ِر ) ‪2...............................‬‬ ‫الر ُس َ‬ ‫َط ُيعوا َّ‬ ‫ين آ َ​َمنُوا أ ُ َ َ‬ ‫القاعدة (ٔ) (يَا أَيُّػ َها الذ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْح ّْق َشيْئًا ) ‪9......................... ................................‬‬ ‫القاعدة (ٕ) (إِ َّف الظَّ َّن َال يُػغْني م َن ال َ‬ ‫القاعدة (ٖ) (قُ ْل َى ْل ِعنْ َد ُك ْم ِم ْن ِعل ٍْم فَػتُ ْخ ِر ُجوهُ لَنَا ) ‪01................... ................................‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك َآلَي ٍ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْع ِقلُو َف) ‪01........................ ................................‬‬ ‫القاعدة (ٗ) (إِ َّف في ذَل َ َ‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫وؿ ) ‪00.........................................‬‬ ‫از ْعتُ ْم فِي َش ْي ٍء فَػ ُردُّوهُ إِلَى اللَّ ِو َو َّ‬ ‫القاعدة (٘) ( فَِإ ْف تَػنَ َ‬ ‫القاعدة (‪ ( )ٙ‬ما جاءكم عني فوافق كتاب اهلل فأنا قلتو‪ ،‬وما جاءكم يخالف القرآف فلم أقلو ) ‪10............‬‬ ‫القاعدة (‪( )ٚ‬ال تقبلوا علينا حديثا إال ما وافق القرآف والسنة أو تجدوف معو شاىدا من أحاديثنا المتقدمة )‬ ‫‪12.................................... ................................ ................................‬‬ ‫القاعدة (‪( )ٛ‬علينا أف نلقي إليكم االصوؿ وعليكم أف تفرعوا‪14....................................... ) .‬‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ين ) ‪19........................... ................................‬‬ ‫القاعدة (‪( )ٜ‬يُػ ْؤم ُن باللو َويُػ ْؤم ُن لل ُْم ْؤمن َ‬ ‫القاعدة (ٓٔ) قاؿ تعالى (إَِّال أَ ْف تَػتَّػ ُقوا ِم ْنػ ُه ْم تُػ َقاةً ) ‪21.................... ................................‬‬ ‫القاعدة (ٔ​ٔ) (إف الحديث ينسخ كما ينسخ القرآف ) ‪25................ ................................‬‬ ‫القاعدة (ٕٔ) (فموسع عليك بأيهما أخذت ) ‪29........................ ................................‬‬ ‫القاعدة (ٖٔ) ( َوَما َج َع َل َعلَْي ُك ْم فِي الدّْي ِن ِم ْن َح َر ٍج ) ‪34................. ................................‬‬ ‫ف ما لَيس ل َ ِ​ِ ِ‬ ‫ْم) ‪35......................... ................................‬‬ ‫َك بو عل ٌ‬ ‫القاعدة (ٖٔ) ( َوَال تَػ ْق ُ َ ْ َ‬ ‫القاعدة (ٗٔ) ( َوَما يَ َّذ َّكر إَِّال أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬ ‫اب ) ‪34.......................... ................................‬‬ ‫ُ‬ ‫القاعدة (٘ٔ) االئمة عليهم السبلـ مع القراف و القراف معهم ‪34..........................................‬‬ ‫القاعدة (‪ )ٔٙ‬كل ما خالف القراف و السنة فهو باطل يجب تكذيبو ‪39....................................‬‬ ‫القاعدة (‪ )ٔٚ‬الوقوؼ عند الشبهة ‪40.................................. ................................‬‬ ‫القاعدة (‪ )ٔٛ‬وجوب التسليم ‪40....................................... ................................‬‬ ‫المقدمة الثانية‪ :‬مسائل و تنبيهات في التعامل مع الحديث‪41................ ................................ .‬‬ ‫المسالة (ٔ)‪ :‬اىمية المعرفة بالمنظومة المعرفية لتمييز الحديث ‪41........................................‬‬ ‫‪381‬‬


‫منهج العرض‬ ‫المسألة (ٕ) ‪ :‬المتنية و السندية ‪42.................................... ................................‬‬ ‫المسألة (ٖ) ‪ :‬اخراج االحكاـ من الظن الى العلم ( الظهور اللغوي و الظهور الشرعي) ‪43..................‬‬ ‫مسألة (ٗ)‪ :‬عدـ صحة رد خبر الراوي الضعيف ‪44....................... ................................‬‬ ‫مسألة (٘) النص على االعتبار بالمتن و عدـ االعتبار بالسند في تقييم الخبر ‪44...........................‬‬ ‫مسألة (‪ )ٙ‬الحديث من الرواية الى المضموف ‪45....................... ................................ .‬‬ ‫مسألة (‪ )ٚ‬آلية الرد الى القراف و السنة ‪44.............................. ................................‬‬ ‫مسألة ( ‪ )ٛ‬المصدقية كمحور لقبوؿ الخبر ‪44........................... ................................‬‬ ‫مسألة (‪ )ٜ‬اطبلؽ و تفصيل العرض ‪52................................. ................................‬‬ ‫مسألة (ٓٔ) ‪ :‬عبلج اختبلؼ الحديث ‪54.............................. ................................‬‬ ‫مسألة (ٔ​ٔ)‪ :‬النوعية و الفردية في فهم الحديث و تقييمو ‪41............. ................................‬‬ ‫مسألة (ٕٔ) المعارؼ الثابتة التي عليها العرض ‪41....................... ................................‬‬ ‫مسألة (ٖٔ) السبيل الى عصمة المعرفة و وحدتها و علميتها ىو منهج العرض‪43......................... .‬‬ ‫مسألة (ٗٔ) السبيل الى عصمة المعرفة و وحدتها و علميتها ىو منهج العرض‪44......................... .‬‬ ‫مسألة (٘ٔ) ‪ :‬الصدور التنزيلي ؛ تنزيل الموافق منزلة معلوـ الصدور‪44.................................. .‬‬ ‫تطبيقات منهج العرض ‪90.................. ................................ ................................‬‬ ‫فصل (ٔ) حديث ( لما خلق اهلل العقل قاؿ لو أقبل فأقبل ‪90.................................... )...‬‬ ‫فصل (ٕ) حديث (ما قسم اهلل للعباد شيئا أفضل من العقل فنوـ العاقل أفضل من سهر الجاىل‪94..)...‬‬ ‫فصل (ٖ) حديث ( من غلب عقلو شهوتو فهو خير من المبلئكة‪ ،‬ومن غلبت شهوتو عقلو فهو شر من‬ ‫البهائم ) ‪012...................... ................................ ................................‬‬ ‫فصل (ٗ) حديث (ما خلق اهلل عز وجل شيئا أبغض اليو من االحمق‪ ،‬ألنو سلبو أحب االشياء اليو و ىو‬ ‫العقل‪019...................... ................................ ................................ ) .‬‬ ‫فصل (ٗ) حديث ( إف اهلل تبارؾ وتعالى خلق العقل من نور مخزوف مكنوف في سابق علمو الذي لم يطلع‬ ‫عليو نبي مرسل وال ملك مقرب فجعل العلم نفسو والفهم روحو والزىد رأسو والحياء عينيو والحكمة لسانو‬ ‫والرأفة فمو والرحمة قلبو ) ‪002..................................... ................................‬‬

‫‪382‬‬


‫منهج العرض‬ ‫فصل (٘) حديث (ما عبد اهلل بمثل العقل‪ ،‬وما تم عقل امرء حتى يكوف فيو عشر خصاؿ‪ :‬الخير منو‬ ‫مأموؿ والشر منو مأموف ‪009.................................. ................................ )....‬‬ ‫قصل (‪ )ٙ‬حديث ( ما الحجة على الخلق اليوـ؟ قاؿ‪ :‬فقاؿ عليو السبلـ‪ :‬العقل‪ ،‬يعرؼ بو الصادؽ على‬ ‫اهلل فيصدقو والكاذب على اهلل فيكذبو ‪014...................... ................................ )..‬‬ ‫فصل (‪ )ٚ‬حديث (حجة اهلل على العباد النبي‪ ،‬والحجة فيما بين العباد وبين اهلل العقل ) ‪022............‬‬ ‫فصل (‪ )ٛ‬حديث ( أي عقل لو وىو يطيع الشيطاف؟ فقلت لو‪ :‬وكيف يطيع الشيطاف؟ فقاؿ سلو ىذا الذي‬ ‫ياتيو من أي شئ ىو؟ فإنو يقوؿ لك من عمل الشيطاف ‪024........................................ ) .‬‬ ‫فصل (‪ )ٜ‬حديث ( ال فقر أشد من الجهل ) ‪024.................... ................................‬‬ ‫فصل (ٓٔ) حديث ( من كاف عاقبل كاف لو دين‪ ،‬ومن كاف لو دين دخل الجنة‪034............... ) .‬‬ ‫فصل (ٔ​ٔ) حديث ( العقل ‪ :‬ما عبد بو الرحمن و اكتسب بو الجناف ) ‪039.........................‬‬ ‫فصل (ٕٔ) حديث ( إف اهلل تبارؾ وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقوؿ ‪ ....‬إف هلل على الناس حجتين‪:‬‬ ‫حجة ظاىرة وحجة باطنة‪ ،‬فأما الظاىرة فالرسل واالنبياء واالئمة عليهم السبلـ وأما الباطنة فالعقوؿ‪... .‬‬ ‫من عقل عن اهلل اعتزؿ أىل الدنيا والراغبين فيها ‪ ....‬إف العقبلء زىدوا في الدنيا ورغبوا في اآلخرة ‪ ...‬إف‬ ‫العاقل ال يحدث من يخاؼ تكذيبو‪ ،‬وال يسأؿ من يخاؼ منعو وال يعد ما ال يقدر عليو‪041.......... )..‬‬ ‫فصل (ٖٔ) حديث ( من عرؼ دينو من كتاب اهلل عز وجل زالت الجباؿ قبل أف يزوؿ ‪ ،‬ومن دخل في‬ ‫أمر بجهل خرج منو بجهل ) ‪040................................... ................................‬‬ ‫فصل (ٗٔ) حديث ( من لم يعرؼ الحق من القرآف لم يتنكب الفتن ‪ ....‬من لم يعرؼ أمرنا من القرآف‬ ‫لم يتنكب الفتن ) ‪045............. ................................ ................................‬‬ ‫فصل (٘ٔ) حديث ( إذا كانت الرواية مخالفة للقرآف كذبتها ) ‪044...............................‬‬ ‫فصل (‪ )ٔٙ‬حديث (من نظر برأيو ىلك‪ ،‬ومن ترؾ أىل بيت نبيو صلى اهلل عليو وآلو ضل‪ ،‬ومن ترؾ‬ ‫كتاب اهلل وقوؿ نبيو كفر ) ‪041..................................... ................................‬‬ ‫فصل (‪ )ٔٚ‬حديث ( يرد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب و ال سنة فننظر فيها فقاؿ ال أما إنك إف‬ ‫أصبت لم تؤجر و إف أخطأت كذبت على اهلل ‪043............... ................................ ) .‬‬ ‫فصل (‪ )ٔٛ‬حديث( تكلموا في خلق اهلل وال تتكلموا في اهلل فإف الكبلـ في اهلل ال يزداد صاحبو إال تحيرا‬ ‫) ‪044............................. ................................ ................................‬‬ ‫فصل (‪ ( )ٜٔ‬المحسن وغير المحسن ال يتكلم فيو ( أي علم الكبلـ ) فإف إثمو أكثر من نفعو‪092 ) .‬‬ ‫‪383‬‬


‫منهج العرض‬ ‫فصل (ٕٓ) سؤاؿ الزنديق عن التوحيد و الصانع و ارساؿ الرسل ‪094................................‬‬ ‫فصل (ٕٔ) حديث( سؤاالت النزديق في مواضيع مختلفة) ‪101.......................................‬‬ ‫فصل (ٕ​ٕ) حديث ( ادنى المعرفة ‪ :‬االقرار بأنو ال إلو غيره‪ ،‬وال شبو لو وال نظير ‪ ،‬وأنو قديم مثبت‪،‬‬ ‫موجود غير فقيد‪ ،‬وأنو ليس كمثلو شئ‪154....................... ................................ ) .‬‬ ‫فصل (ٖٕ) حديث (ما الدليل على أف اهلل واحد ؟ قاؿ‪ :‬اتصاؿ التدبير وتماـ الصنع ) ‪159.............‬‬ ‫فصل (ٕٗ) حديث ( انو لم يدع الثاني إال بعد إثبات الواحد‪ ،‬فالواحد مجمع عليو وأكثر من واحد‬ ‫مختلف فيو ‪140................ ................................ ................................ ) .‬‬ ‫فصل (ٕ٘) حديث ( االدلة على الخلق والتدبير والرد على القائلين باالىماؿ ومنكري العمد برواية‬ ‫المفضل ) ‪142..................... ................................ ................................‬‬ ‫فصل (‪ )ٕٙ‬حديث ( يا ىو يا من ال ىو إال ىو ‪ :‬االسم األعظم ) ‪241.............................‬‬ ‫فصل ( ‪ )ٕٚ‬حديث (كيف تدركو األوىاـ وىو خبلؼ ما يعقل وخبلؼ ما يتصور في األوىاـ‪ ،‬إنما يتوىم‬ ‫شئ غير معقوؿ وال محدود ‪244................................. ................................ ) .‬‬ ‫فصل ( ‪ )ٕٛ‬حديث ( جوز أف يقاؿ هلل‪ :‬إنو شئ؟ فقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬يخرجو من الحدين حد التعطيل وحد‬ ‫التشبيو‪244..................... ................................ ................................ ) .‬‬ ‫فصل (‪ )ٕٜ‬حديث ( سبحاف من ال يحد وال يوصف وال يشبهو شئ وليس كمثلو شئ وىو السميع‬ ‫البصير‪249..................... ................................ ................................ ) .‬‬ ‫فصل (ٖٓ) حديث ( سؤاالت النزديق فيما يخص بعث االنبياء و الرسل ) ‪252......................‬‬ ‫فصل (ٖٔ) حديث ( سؤاالت النزديق في مواضيع مختلفة) ‪254......................................‬‬ ‫فصل (ٕٖ) حديث (من طلب الرياسة لنفسو ىلك؛ فإ ّف الرياسة ال تصلح إالّ ألىلها ) ‪241.............‬‬ ‫فصل (ٖ​ٖ) حديث (قد أقلح المسلّموف ‪ ،‬إ ّف المسلّمين ىم النجباء ) ‪242...........................‬‬ ‫فصل (ٖٗ) حديث ( إياؾ أف تنصب رجبل دوف الحجة فتصدقو في كل ما قاؿ ) ‪244..................‬‬ ‫الفهرست ‪240............................ ................................ ................................‬‬

‫‪384‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.