مجلة دنيا العدل

Page 1

‫مجلة غير دورية مختصة بشأن القضاء الفلسطيني‬ ‫تصدر عن مركز هدف لحقوق اإلنسان يناير ‪2017‬م‬

‫مجلة غير دورية مختصة بشأن القضاء الفلسطيني يناير ‪2017‬‬

‫الزواج المبكر ‪..‬‬ ‫سطوة العادات ومآسي الفتيات‬


‫مجلة غير دورية مختصة بشأن القضاء الفلسطيني يناير ‪2017‬‬

‫في هذا العدد‬ ‫ألول مرة في فلسطين‪...‬‬ ‫محكمة وشرطة متخصصة لألحداث‬

‫يعتبــر األطفــال ضحيــة ظــروف البيئــة المحيطــة بهــم‪ ،‬وال يجــب أن يعاملــوا علــى أســاس أنهــم مجرميــن فهــم‬ ‫أمــل المجتمــع حاضــره ومســتقبله‪ ،‬وإذا اســتقر حالهــم وســلوكهم بعيــداً عــن الجنــح والمخالفــات فإنهــم‬ ‫يصنعــون مجتمعــا ســليما‪ ،‬ولــذا وجــب دومــا التعامــل معهــم بشــكل يختلــف عــن التعامــل مــع البالغيــن‪ ،‬ومــن‬ ‫ذلــك أن يكــون لهــم قانــون خــاص يحكــم مخالفاتهــم ويقــوّم ســلوكهم‪.‬‬

‫«« اقرا المزيد ص ‪3‬‬

‫الزواج المبكر ‪...‬‬ ‫سطوة العادات ومآسي الفتيات‬

‫صغيــرات هزيــات‪ ،‬يفتحــن عيونهــن فــي غرفــة العمليــات وهــن تحــت تأثيــر المخــدر وقــد عــا أنينهــن حتــى‬ ‫بلــغ عنــان الســماء‪ ،‬وفــي الخــارج يقــف األزواج فــي انتظــار الصرخــة األولــى‪ ،‬فــي انتظــار الطفــل الوليــد الــذي‬ ‫سيرســم الفرحــة علــى شــفاء أبيــه أمــام والديــه لــــ» يبيــض وجهــه أمــام إخوتــه األعمــام بابنــه الزلمــة»‪ .‬و فــي‬ ‫كثيــر مــن األحيــان تكــون الفتــاة هــي الضحيــة‪ ،‬وقــد تفــارق الحيــاة علــى اثــر تلــك الــوالدة العصيبــة العســيرة‬ ‫التــي تنــم عــن جهــل الزوجيــن بمرحلــة كهــذه وعــدم اســتعداداهما لخــوض تجربــة كبــرى كاإلنجــاب فــي هــذا‬ ‫الســن المتقــدم مــن العمــر ‪.‬‬

‫ ‬

‫«« اقرا المزيد ص ‪6‬‬

‫ممدوح ‪...‬‬ ‫حكاية حلم بسيط لم يتحقق!!‬

‫حيــن يعــي اإلنســان دنيــاه ويــدرك مــا فيهــا مــن خيـ ٍـر وشــر‪ ،‬جميــل وقبيــح‪ ،‬يبــذل جهــده كلــه علــه يتصــدى‬ ‫لمشــاق الحيــاة وصعوباتهــا أمــا فــي الوصــول لبــر أمــان! وقــد نــرى شــاباً فــي مقتبــل عمــره يحلــم أن يصيــر‬ ‫معلم ـاً أو طبيب ـاً أو رئيس ـاً حتــى‪ ،‬لكــن مــا يبعــث علــى التعجــب والذهــول أن تــرى فتــىً صغيــراً يجــول األرض‬ ‫طــو ًال وعرض ـاً وهــو يحلــم بامتــاك «عربــة وحمــار»!! هــل هــو مجنــون؟! هــل يعانــي مــن اضطــراب عقلــي؟!‬

‫«« اقرا المزيد ص ‪16‬‬


‫مبادرة تعزيز استجابة ومساءلة قطاع العدالة الحتياجات المواطنين الفقراء والمهمشين من‬ ‫خالل رقابة المجتمع المدني‬

‫تصريــح‪ :‬إن المعلومــات الــواردة فــي هــذه المجلــة تعبــر عــن آراء مركــز‬ ‫هــدف لحقــوق اإلنســان ‪ ،‬وال تعبــر بالضــرورة عــن وجهــات نظــر وآراء حكومــة‬ ‫هولندا‪،‬حكومــة الســويد‪ ،‬التعــاون الســويدي للتنميــة الدولية‪ ،‬االتحــاد األوروبي‪،‬‬ ‫هيئــة األمــم المتحــدة للمــرأة‪ ،‬برنامــج األمــم المتحــدة اإلنمائــي‪ ،‬ومنظمــة‬ ‫األمــم المتحــدة أو أى مــن المنظمــات التابعــة لهــا‪.‬‬

‫مجلة غير دورية مختصة بشأن القضاء‬ ‫الفلسطيني‬ ‫تصدر عن مركز هدف لحقوق اإلنسان‬ ‫يناير ‪2017‬م‬

‫اإلشراف العام‬ ‫د‪.‬يوسف صافي‬

‫رئيس التحرير‬ ‫مشيرة توفيق‬

‫هيئة التحرير‬ ‫سهر دهليز‬ ‫أسعد البيروتي‬ ‫غادة سلمي‬

‫متابعة‬

‫ليلى بخيت‬

‫إخراج فني‬ ‫مطبعة األرقم‬ ‫مصعب حميد‬ ‫العنوان ‪:‬‬ ‫غزة ‪ -‬الميناء‪ -‬شرق فندق غزة الدولي ‪ -‬عمارة أبو العوف ‪-‬‬ ‫الطابق الثاني‬ ‫هاتف ‪ +972 8 2820216 :‬فاكس ‪+972 8 2881016 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني ‪hadaf@hadaf-hr.org :‬‬ ‫‪www.hadaf-hr.org‬‬

‫المحتويات‬

‫الرقم‬

‫كلمة العدد‬

‫‪2‬‬

‫ألول مرة في فلسطين‪...‬‬ ‫محكمة وشرطة متخصصة لألحداث‬

‫‪3‬‬

‫الزواج المبكر ‪ ..‬سطوة العادات ومآسي الفتيات‬

‫‪6‬‬

‫العقوبات البديلة‪ ..‬هل تحمي مستقبل األحداث ممن هم على خالف مع‬ ‫القانون؟!‬ ‫القضاء الفلسطيني والمهمشون‪..‬‬ ‫واقع مؤلم ومستقبل مأمول‬

‫‪8‬‬

‫زوجة في ذمة التقاليد‪...‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪12‬‬

‫ارتفاع رسوم التقاضي‪ ..‬المواطن هو المتضرر األول !!‬

‫‪14‬‬

‫ممدوح ‪ ...‬حكاية حلم بسيط لم يتحقق!!‬

‫‪16‬‬

‫قبل البدء برحلة البحث عن لقمة العيش‬ ‫نشوان‪ :‬البد من تفعيل قانون التعليم اإللزامي لألطفال‬

‫‪18‬‬

‫محكمة جنايات كبرى متطلب لعدالة ناجزة‬

‫‪20‬‬

‫اخبار المركز‬

‫‪23‬‬

‫فعاليات هدف في صور‬

‫‪24‬‬

‫تــم إنجــاز هــذه المجلــة مــن خــال مركــز هــدف لحقــوق االنســان وبدعــم مباشــرة مــن‬ ‫برنامــج سواســية البرنامــج المشــترك لبرنامــج االمــم المتحــدة اإلنمائــي وهيئــة االمــم‬ ‫المتحــدة للمــراة “برنامــج تعزيــز ســيادة القانون‪:‬العدالــة واألمــن للشــعب الفلســطيني‬ ‫(‪ )2017-2014‬الــذي تمولــه كل مــن حكومــة هولنــدا ‪/‬التعــاون الســويدي للتنميــة‬ ‫الدوليــة واالتحــاد االوروبــي‪.‬‬


‫إعادة تفعيل محكمة األحداث المتخصصة‬

‫مصلحة فضلى لألحداث الجانحين‬

‫د‪.‬يوســـف صافــي‬ ‫مدير عام مركز هدف‬

‫ال يعقــل أن يكــون الحــدث جانحــا بالفطــرة‪ ،‬ولكــن‬ ‫حرمــان الحــدث مــن حقوقــه وحرياتــه األساســية‬ ‫وغيــاب البيئــة المناســبة التــي تحتضــن الحــدث‬ ‫وتحمــى طفولتــه وحقوقــه‪ ،‬ولربمــا جهلــه بالقانــون‪،‬‬ ‫ولربمــا لتوفيــر احتياجاتــه وغيرهــا هــي مــن بيــن‬ ‫العوامــل التــي تدفــع الحــدث الرتــكاب أفعــال تنافــى‬ ‫القانــون‪.‬‬ ‫الالفــت أن أعــداد األحــداث الجانحيــن فــي األراضــي‬ ‫الفلســطينية قــد تزايــدت فــي األعــوام األخيــرة‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي يتطلــب دق ناقــوس الخطــر ألولئــك القائميــن‬ ‫علــى عدالــة األحــداث‪ ،‬وللمهتميــن بحمايــة األحــداث‬ ‫الجانحيــن والدفــاع عــن حقوقهم وحرياتهم األساســية‬ ‫وكرامتهــم‪ ،‬ومــا يعنيــه مــن ضــرورة ســرعة التدخــل‬ ‫والمواجهــة للحــد مــن هــذه الظاهــرة وانعكاســاتها‬ ‫الخطيــرة علــى الحــدث الجانــح نفســه‪ ،‬وعلــى أســرته‬ ‫والمجتمــع الفلســطيني بــكل مكوناتــه ككل‪.‬‬ ‫وفــى هــذا الســياق نقــول ‪ :‬ليــت القائميــن علــى‬ ‫عدالــة األحــداث ينظــروا إلــى ظاهــرة جنــوح األحــداث‬ ‫باعتبارهــا ظاهــرة اجتماعيــة تتطلــب الــردع والوقايــة‬ ‫وليــس القصــاص‪ ،‬وليتهــم ينظــروا إلــى الحــدث‬ ‫الجانــح باعتبــاره ضحيــة لظــروف اقتصاديــة واجتماعية‬ ‫قاهــرة يحياهــا فــي بيئــة تفتقــر إلــى الحــدود الدنيــا‬ ‫مــن مقومــات حقــوق اإلنســان والكرامــة اإلنســانية‪،‬‬ ‫وليتهــم يتعاملــوا مــع األحــداث الجانحيــن مــن خــال‬ ‫آليــات تراعــى حاجاتهــم النفســية واالجتماعيــة‪،‬‬ ‫وتســتجيب لمصلحتهــم الفضلــى‪ ،‬وليتهــم يراعــوا‬ ‫طفولــة األحــداث الجانحيــن ومصلحتهــم الفضلــى‬ ‫لــدى توقيفهــم‪ ،‬واســتجوابهم‪ ،‬ومحاكمتهــم‪ ،‬وليتهــم‬ ‫يقدمــوا كل الدعــم الممكــن للحــدث الجانــح بمــا‬ ‫يمكنــه مــن تطويــر ذاتــه‪ ،‬ويســاعده فــي االندمــاج‬ ‫الســريع والفاعــل فــي المجتمــع‪ ...‬الــخ‪ ،‬فاألحــداث‬

‫‪4‬‬

‫يشــكلون ثــروة وحاضــر ومســتقبل المجتمــع‬ ‫الفلســطيني‪ ،‬وهــى ثــروة يجــب اســتثمارها بــكل مــا‬ ‫متــاح لدينــا مــن وســائل تأهيليــة وتربويــة‪.‬‬ ‫مــن المهــم اإلشــارة هنــا أنــه وفــى ضــوء جهــود‬ ‫مؤسســات المجتمــع المدنــي وتعــاون مرفــق القضــاء‪،‬‬ ‫فقــد باشــرت المحكمــة المختصــة بالنظــر فــي قضايــا‬ ‫األحــداث عملهــا بتاريــخ ‪ 30‬أكتوبــر ‪ ،2014‬ولكــن‬ ‫هــذه المحكمــة توقفــت عــن العمــل لمبــررات علــى‬ ‫رأســها نقــص الموازنــات‪ ،‬وقلــة عــدد القضــاة‪.‬‬ ‫هــذا وأيــا كانــت مبــررات وقــف عمــل محكمــة األحــداث‬ ‫المتخصصــة فــي قطــاع غــزة‪ ،‬ونظــرا لخصوصيــة نمــو‬ ‫وظــروف الحــدث الجانــح وضعــف قدرتــه علــى التمييــز‬ ‫واالختيــار‪ ،‬فــإن عمليــة الوقفــض هــذه ال بــد أن يكــون‬ ‫لهــا انعكاســاتها الخطيــرة علــى عدالــة األحــداث‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا يتناقــض تمامــا مــع المعاييــر الدوليــة ذات العالقــة‬ ‫بعدالــة األحــداث وتحديــدا اتفاقيــة حقــوق الطفــل‬ ‫‪ 1989‬التــي نصــت فــي المــادة ‪ 3/40‬علــى أهميــة‬ ‫وجــود قضــاء متخصــص وخــاص بشــأن األحــداث‪،‬‬ ‫والقــرار بقانــون لســنة ‪ 2016‬بشــأن حمايــة األحــداث‬ ‫المعمــول بــه فــي الضفــة الغربيــة‪ ،‬حيــن نــص‬ ‫فــي المــادة (‪ )24‬منــه علــى أن «تنشــأ فــي دائــرة‬ ‫كل محكمــة هيئــة أو أكثــر مختصــة بنظــر قضايــا‬ ‫األحــداث»‪.‬‬ ‫فــي ضــوء مــا تقــدم‪ ،‬فإننــا ندعــو لســرعة اتخــاذ‬ ‫كافــة التدابيــر الكفيلــة بإعــادة تفعيــل محكمــة‬ ‫األحــداث المختصــة فــي القطــاع بمــا يضمــن الحــد‬ ‫مــن اســتمرار زيــادة ظاهــرة انحــراف األحــداث فــي‬ ‫المجتمــع الفلســطيني‪ ،‬وحمايــة ودعــم األحــداث‬ ‫الجانحيــن‪ ،‬واألخــذ بيدهــم مــن حيث ســرعة وســهولة‬ ‫اندماجهــم فــي المجتمــع‪ ،‬وتحقيــق مبــدأ المصلحــة‬ ‫الفضلــى لألحــداث الجانحيــن‪.‬‬


‫ألول مرة في فلسطين‪...‬‬

‫محكمة وشرطة متخصصة لألحداث‬ ‫سهر دهلي ز‬ ‫يعتبــر األطفــال ضحيــة ظــروف البيئــة المحيطــة بهــم‪،‬‬ ‫وال يجــب أن يعاملــوا علــى أســاس أنهــم مجرميــن فهــم‬ ‫أمــل المجتمــع حاضــره ومســتقبله‪ ،‬وإذا اســتقر حالهــم‬ ‫وســلوكهم بعيــداً عــن الجنــح والمخالفــات فإنهــم‬ ‫يصنعــون مجتمعــا ســليما‪ ،‬ولــذا وجــب دومــا التعامــل‬ ‫معهــم بشــكل يختلــف عــن التعامــل مــع البالغيــن‪ ،‬ومــن‬ ‫ذلــك أن يكــون لهــم قانــون خــاص يحكــم مخالفاتهــم‬

‫ويقــوّم ســلوكهم‪.‬‬ ‫رئيــس محكمــة األحــداث ونائــب مديــر مؤسســة الربيــع‬ ‫(حاتــم صالــح) يقول‪»:‬حســب قانــون األحــداث المعمــول‬ ‫بــه يجــب معاملــة الحــدث الجانــح أو الشــخص الــذي علــى‬ ‫خــاف مــع القانــون حســب التســمية األخيــرة‪ ،‬ضمــن‬ ‫محكمــة مختصــة لهــم تراعــي فيهــا المصلحــة الفضلــى‬ ‫للحــدث مــن حيــث مــكان التوقيــف أو حتــى صــدور الحكــم‬ ‫نفســه للحــدث‪ ،‬لذلــك كان ال بــد مــن التفكيــر بإنشــاء‬

‫‪5‬‬


‫محكمــة خاصــة لألحــداث أســوة بالــدول األخــرى»‪.‬‬

‫البداية ‪ ....‬محكمة مصغرة‬

‫ويضيــف (صالــح)‪ « :‬أبــدت جميــع الجهــات اســتعدادها‬ ‫لعمــل محكمــة مصغــرة لألحــداث فــي بدايــة‬ ‫األمــر‪ ،‬حيــث وفــي مكتبــي بمؤسســة‬ ‫الربيــع‪ ،‬حضــرت الهيئــة مكونــة مــن‬ ‫(‪ )3‬قضــاة والســكرتارية وكاتــب‬ ‫الضبــط والحاجــب بالمحاميــن‬ ‫ووكالء النيابــة‪ ،‬و تمــت محاكمــة‬ ‫(‪ )11‬حدثــا علــى ذمــة (‪)13‬‬ ‫قضيــة‪ ،‬وكانــت الفكــرة ناجحــة‬ ‫منــذ بدايتهــا‪ ،‬واعتبــرت بــذرة‬ ‫االنطــاق للعمــل الجــاد إلنشــاء‬ ‫محكمــة متخصصــة بشــكل رســمي»‪.‬‬ ‫ويوضــح (صالــح) أنــه بنــا ًء علــى نجــاح‬ ‫المحكمــة المصغــرة‪ ،‬تــم تبنــي الفكــرة مــن قبــل وزارة‬ ‫الشــؤون االجتماعيــة والمركــز الفلســطيني للديمقراطيــة‬ ‫وحــل النزاعــات ومؤسســة أرض اإلنســان‪ ،‬وافتتحــت ألول‬ ‫مــرة فــي تاريــخ فلســطين نهايــة عــام ‪ 2016‬م محكمــة‬ ‫خاصــة لألحــداث فــي مــكان توقيــف الحــدث‪.‬‬

‫شرطة أحداث متخصصة‬

‫بــدوره‪ ،‬أشــار (صالــح) إلــى المعانــاة التــي يتضمنهــا‬ ‫نقــل الحــدث بســيارات الشــرطة مــع المجرميــن البالغيــن‬ ‫كونهــم يســتطيعون اكتســاب خبــرات الجريمــة لمجــرد‬ ‫االلتقــاء بهــم مكبليــن األيــدي ووجــود الســاح بشــكل‬ ‫مباشــر أو غيــر مباشــر داخــل ســيارة الشــرطة‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي ســيؤدي لالحتــكاك بالمجرميــن ورعــب الحــدث مــن‬ ‫الشــرطة المتواجــدة كونهــا غيــر مختصــة بشــأن إدارة‬ ‫قضــاء األحــداث‪.‬‬ ‫وتابــع (صالــح)‪ :‬لــم يتوقــف العمــل علــى تحقيــق‬ ‫األهــداف المرجــوة‪ ،‬بــل اســتمر البحــث عــن التطــور‬ ‫والخصوصيــة بالعمــل‪ ،‬وبعدمــا توفــرت محكمــة ونيابــة‬ ‫أحــداث متخصصــة‪ ،‬بــدأ الســعي لتوفيــر شــرطة أحــداث‬ ‫وخاطبنــا الشــرطة الفلســطينية عــن طريــق وزارة الشــؤون‬ ‫االجتماعيــة بدعــم وإســناد مــن المركــز الفلســطيني‬ ‫للديمقراطيــة وحــل النزاعــات ومؤسســة أرض اإلنســان‬ ‫مــن أجــل الحصــول علــى موافقــة بقــرار إنشــاء شــرطة‬ ‫خاصــة لألحــداث‪ ،‬إال أن هــذا القــرار أخــذ فتــرة طويلــة‬ ‫مــن الزمــن حتــى تمــت الموافقــة عليــه وبــدء العمــل بــه‬ ‫بنهايــة عــام ‪.»2016‬‬

‫قضايا تحتاج لمساعدة قانونية‬

‫‪6‬‬

‫مــن جهتــه‪ ،‬قــال مديــر الوحــدة القانونيــة بالمركــز‬ ‫الفلســطيني للديمقراطيــة وحــل النزاعــات (يونــس‬

‫الطهــراوي)‪« :‬فــي عــام ‪ 2008‬وقــع المركــز مذكــرة‬ ‫تفاهــم مــع مؤسســة الربيــع لألحــداث للعمــل المشــترك‬ ‫مــع النيابــة المختصــة فــي متابعــة قضايــا األحــداث‬ ‫الجانحيــن‪ ،‬وزارت الوحــدة القانونيــة للمركز مؤسســة‬ ‫الربيــع لمعرفــة نــوع وحــال قضايــا األحــداث‬ ‫الموجــودة داخــل المؤسســة‪ ،‬حيــث وجــدت‬ ‫الوحــدة أن هنــاك الكثيــر مــن القضايــا‬ ‫تحتــاج لمســاعدة قانونيــة‪ ،‬وقضايــا‬ ‫أخــري لديهــا صعوبــة فــي التمثيــل‬ ‫أمــام القضــاء‪ ،‬وذلــك لســوء األوضــاع‬ ‫االقتصاديــة والماليــة لذويهــم»‪.‬‬ ‫وأردف(الطهــراوى)‪ »:‬إن الكثيــر مــن‬ ‫القضايــا بســيطة وال تحتــاج لجهــود‬ ‫كبيــرة إلخــاء ســبيل الحــدث وإصالحــه‪،‬‬ ‫لكــن لعــدم وجــود محامــي وعــدم متابعــة األهــل‬ ‫لهــم‪ ،‬يمكــث الحــدث وقتــا أكبــر فــي اإلصالحيــة‪ ،‬لذلــك‬ ‫وقعنــا المذكــرة التــي شــملت التمثيــل القضائــي ومتابعــة‬ ‫األوضــاع القانونيــة لهــم‪ ،‬إضافــة للدعــم فــي الجانــب‬ ‫النفســي واالجتماعــي مــن قبــل المركــز»‪.‬‬

‫فكرة ‪ ....‬وتغير سياسات‬

‫وأشــار (الطهــراوي) إلــى أنــه فــي عــام ‪ 2011‬بــدأت‬ ‫الفكــرة لتطويــر العمــل مــن حيــث تغييــر السياســات‬ ‫الخاصــة باألحــداث‪ ،‬وذلــك ليصبــح القانــون نفســه فــي‬ ‫صالحهــم‪ ،‬وعليــه و ألول مــرة تــم إنشــاء لجنــة عدالــة‬ ‫األحــداث فــي قطــاع غــزة برئاســة المركــز الفلســطيني‬ ‫وعضويــة القضــاء ومؤسســة الربيــع‪ ،‬ومراقبــي الســلوك‬ ‫ومركــز ‪ TDH‬أرض اإلنســان السويســرية كمؤسســة‬ ‫دوليــة تعنــي بشــؤون األحــداث الجانحيــن‪ ،‬علمــا بــأن‬ ‫الفكــرة تتمثــل فــي كيفيــة اإلصــاح وليــس التمثيــل‬ ‫فقــط أمــام المحاكــم‪.‬‬ ‫ونــوه (الطهــراوي) إلــى أن إنشــاء لجنــة لتغييــر السياســات‬ ‫كان أول خطــوة للعمــل الصحيــح‪ ،‬حيــث تــم اصــدار بعــض‬ ‫التعليمــات مــن قبــل النائــب العــام بوجــود ممثليــن‬ ‫النيابــة العامــة‪ ،‬وتــم اصــدار قراريــن فــي ‪،2013/25‬‬ ‫و‪ 2014/15‬ينصــان علــى تفعيــل دور مراقبــة الســلوك‬ ‫فــي حمايــة األحــداث‪ ،‬والعمــل علــى تعزيــز العدالــة‬ ‫التصالحيــة فــي مجــال قضايــا األحــداث‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫أعطــي صالحيــات لمفتــش التحقيــق بإخــاء ســبيل‬ ‫الحــدث فــي المخالفــات والجنــح البســيطة دون الرجــوع‬ ‫للمحكمــة‪ ،‬وهــذا يعتبــر انجــازا مــن قبــل القضــاء والنيابــة‬ ‫العامــة كــون هــذه التعليمــات ملزمــة لهــم‪.‬‬ ‫وتابــع (الطهــراوي) حديثــه‪« :‬لــم نتوقــف عنــد هــذا‬ ‫الحــد‪ ،‬فقــد بــدأ التفيكــر الجــدي بوجــود محكمــة خاصــة‬ ‫لألحــداث‪ ،‬وبالفعــل عملنــا عليهــا بتصميــم ديكــورات‬


‫وألــوان الدهــان الخاصــة بهــم‪ ،‬بحيــث ال تكــون كمحاكــم‬ ‫الكبــار‪ ،‬هــذا واســتمرت االنجــازات بهــذه اللجنــة حتــى‬ ‫الوصــول لألهــداف المنشــودة بوجــود شــرطة وقضــاء‬ ‫قــاض خــاص للنظــر‬ ‫خــاص بهــم حيــث تــم تفويــض‬ ‫ٍ‬ ‫بقضاياهــم وتكليــف النيابــة العامــة ألكثــر مــن‬ ‫عضــو فــي قضايــا األحــداث‪ ،‬وذلــك ليكــون‬ ‫هنــاك اختصــاص خاصــة بهــم»‪.‬‬

‫عدالة ناجزة‬

‫وأضــاف (الطهــراوى)‪ « :‬فــي عــام ‪2015‬‬ ‫عقــد مؤتمــر بعنــوان «عدالــة متخصصــة‬ ‫‪ ...‬عدالــة ناجــزة»‪ ،‬حيــث تــم الضغــط‬ ‫فــي هــذا المؤتمــر علــى ضــرورة وجــود‬ ‫شــرطة متخصصــة باألحــداث ليكــون هنــاك‬ ‫عدالــة ناجــزة‪ ،‬وبالفعــل اســتطاعوا الوصــول مــن‬ ‫‪ 2011/22‬وحتــي عــام ‪ 2016‬لصــدور قــرار مــن مديــر‬ ‫عــام الشــرطة (تيســير البطــش) إلنشــاء وحــدة أو دائــرة‬ ‫خاصــة وتســميتها شــرطة األحــداث تعنــي بالتحقيــق مــع‬ ‫األحــداث دون ســواهم»‪.‬‬ ‫وأكــد (الطهــراوي)‪« :‬عملنــا ودربنــا علــى كيفيــة التعامــل‬ ‫مــع األحــداث مــن ناحيــة اجتماعيــة وقانونية‪ ،‬وعلــى جميع‬ ‫القوانيــن المتعلقــة باألحــداث فــي فلســطين‪ ،‬وســنعمل‬ ‫علــى تطويــر عملهــم بشــكل مســتمر عــن طريــق عقــد‬ ‫اللقــاءات بينهــم وبيــن مراقبــي الســلوك»‪ ،‬مشــيراً إلــى‬ ‫أنــه لــن يتوقــف العمــل باللجنــة وصــو ًال لعدالــة أفضــل‬ ‫لألحــداث فــي فلســطين بشــكل عــام‪.‬‬ ‫مــن جانبــه قــال مديــر عــام الشــرطة الفلســطينية اللــواء‬ ‫(تيســير البطــش)‪ »:‬فكــرة شــرطة األحــداث كانــت تراودنــا‬ ‫فــي جهــاز الشــرطة الفلســطينية منــذ فتــرة طويلــة‬ ‫تجــاوزت العاميــن‪ ،‬إال أنهــا أصبحــت علــى طاولــة االهتمام‬ ‫والبحــث نتيجــة اهتمــام بعــض المؤسســات كالمركــز‬ ‫الفلســطيني للديمقراطيــة وحــل النزاعــات‪ ،‬ومؤسســة‬ ‫الربيــع لرعايــة األحــداث‪ ،‬حيــث ُطرحــت الفكــرة مــن قبــل‬ ‫أكثــر مــن طــرف‪ ،‬والتقــت الــرؤى فــي هــذا الموضــوع كون‬ ‫األحــداث الجانحيــن جــزء مــن المجتمــع‪ ،‬وبعــض األحــداث‬ ‫يتجــه لســلوك مخالــف للقانــون يســتوجب وجــود إجــراءات‬ ‫شــرطية وقضائيــة تجــاه هــؤالء األحــداث»‪.‬‬

‫لقاءات وتدريب متخصص‬

‫وأضــاف (البطــش)‪ »:‬عقدنــا العديــد مــن ورش العمــل‬ ‫واللقــاءات بمشــاركة القضــاء والنيابــة العامــة والشــرطة‬ ‫وبعــض المؤسســات المهتمــة بهــذا الموضــوع‪ ،‬وخرجنــا‬

‫بقــرار إنشــاء شــرطة األحــداث وتأســيس محكمــة خاصــة‬ ‫بهــم‪ ،‬ووضــع قوانيــن خاصــة مــن شــأنها تحقيــق‬ ‫العدالــة الناجــزة‪ ،‬األمــر الــذي دعــا لعقــد دورة تدريبيــة‬ ‫فــي‪2016/12‬م‪ ،‬واختيــار‪ 25‬شــخص مــن‬ ‫المحققيــن ومفتشــي التحقيــق فــي‬ ‫مراكــز الشــرطة علــى مســتوى‬ ‫جميــع محافظــات قطــاع غــزة»‪.‬‬ ‫وأشــار (البطــش) إلــى‬ ‫موضوعــات التدريــب والتــي‬ ‫تضمنــت‪ :‬ماهيــة حقــوق‬ ‫وواجبــات األحــداث‪ ،‬والتعــرف‬ ‫علــى آليــة وكيفيــة التحقيــق‬ ‫معهــم‪ ،‬واألشــخاص الواجــب‬ ‫تواجدهــم أثنــاء التحقيــق معهــم‪،‬‬ ‫وقضايــا ذات عالقــة بحظــر التحقيــق مــع‬ ‫الحــدث منفــرداً‪ ،‬و وجــود ولــى األمــر ومراقــب الســلوك أو‬ ‫المحامــي‪ ،‬وذلــك مــن أجــل تأهيــل كادر شــرطي متمــرن‬ ‫للتعامــل مــع قضايــا األحــداث بشــكل ســليم وصحيــح»‪.‬‬

‫التخصص يسرع الفصل‬

‫وأكــد (البطــش) علــى اهتمامهــم الكبيــر بعــدم اختــاط‬ ‫األحــداث الجانحيــن بالمجرميــن البالغيــن داخــل أماكــن‬ ‫التوقيــف والنظــارات‪ ،‬وأال يحتفــظ بهــم فــي المراكــز‬ ‫العاديــة للشــرطة‪ ،‬مــع العمــل علــى ترحيلهــم وتوقيفهــم‬ ‫فــي مؤسســة الربيــع الخاصــة برعايــة األحــداث‪ ،‬متابعــا‪»:‬‬ ‫كل جهــة ذات عالقــة بعمليــة تحقيــق العدالــة الجنائيــة‬ ‫لديهــا تصــور واضــح حــول الموضــوع بــدءاً مــن التوقيــف‪،‬‬ ‫مــروراً بالتحقيــق‪ ،‬وصــو ًال لتقديمهــم للمحاكمــة والقضاء‪،‬‬ ‫وان هــذا التخصــص بالعمــل سيســاهم بشــكل كبيــر علــى‬ ‫ســرعة اإلجــراءات و الفصــل فــي القضايــا»‪ .‬كمــا أوضــح‬ ‫أن جهــاز الشــرطة الفلســطيني يعتبــر أول حلقــة فــي‬ ‫إطــار عمليــة اإلجــراءات القانونيــة والقضائيــة‪ ،‬حيــث تبــدأ‬ ‫بتوقيــف الشــخص المخالــف للقانــون ســواء كان حدثــا أم‬ ‫شــخصا بالغــا‪ ،‬ومــن ثــم يتــم االســتجواب‪ ،‬ويعــرض علــى‬ ‫النيــاب‪،‬ة حتــى ينتهــي األمــر بتقديمــه للقضــاء أمــام‬ ‫المحاكــم‪ ،‬وأن مرحلــة التوقيــف والتحقيــق هــي خاصــة‬ ‫بجهــاز الشــرطة‪ ،‬وان جميــع إجــراءات التحقيــق معهــم‬ ‫ســتكون وفــق الرؤيــة الجديــدة مــن خــال محققيــن‬ ‫مختصيــن بهــم ذو خبــرة وكفــاءة‪ ،‬وأنهــم فــي مراكــز‬ ‫الشــرطة يراعــون مواصفــات الحــدث الخاصــة التــي تحكــم‬ ‫ســلوكه‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫الزواج المبكر ‪..‬‬ ‫سطوة العادات ومآسي الفتيات‬

‫صغيــرات هزيــات‪ ،‬يفتحــن عيونهــن فــي غرفــة‬ ‫العمليــات وهــن تحــت تأثيــر المخــدر وقــد عــا أنينهــن‬ ‫حتــى بلــغ عنــان الســماء‪ ،‬وفــي الخــارج يقــف األزواج فــي‬ ‫انتظــار الصرخــة األولــى‪ ،‬فــي انتظــار الطفــل الوليــد‬ ‫الــذي سيرســم الفرحــة علــى شــفاء أبيــه أمــام والديــه‬ ‫لــــ» يبيــض وجهــه أمام إخوتــه األعمــام بابنــه الزلمة»‪.‬‬ ‫و فــي كثيــر مــن األحيــان تكــون الفتــاة هــي الضحيــة‪،‬‬ ‫وقــد تفــارق الحيــاة علــى اثــر تلــك الــوالدة العصيبــة‬ ‫العســيرة التــي تنــم عــن جهــل الزوجيــن بمرحلــة كهــذه‬ ‫وعــدم اســتعداداهما لخــوض تجربــة كبــرى كاإلنجــاب‬ ‫فــي هــذا الســن المتقــدم مــن العمــر ‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫تناقض القوانين ومأساة الجيل‬ ‫و بالحديــث عــن زواج القاصــرت مــن الناحيــة القانونيــة‪،‬‬ ‫فــإن ذلــك يدفــع بهــا لتعريــف الطفــل بأنــه كل إنســان‬ ‫لــم يبلــغ الثامنــة عشــر مــن عمــره‪ ،‬أمــا الــزواج المبكــر‬ ‫فهــو مــا يتضمــن فتــاة أو فتــى مــا دون ذلــك الســن‪،‬‬

‫وهنــا تعتمــد المحاكــم الشــرعية خاصــة فــي األراضــي‬ ‫الفلســطينية علــى التقويــم الهجري في احتســابها لســن‬ ‫الــزواج‪ ،‬إضافــة إلــى الهيئــة الخارجيــة للفتــاة المتقــدم‬ ‫بهــا للمــأذون الشــرعي لعقــد قرانهــا‪ ،‬فــان رأى فيهــا مــا‬ ‫يســمح ويصلــح زوجهــا لرؤيــة المصلحــة بذلــك بحســب‬ ‫قانــون األحــوال الشــخصية بالقانــون الفلســطيني ‪.‬‬ ‫بالمقابــل فــان قانــون األحــوال الشــخصية ينــص علــى‬ ‫أنــه يشــترط فــي أهليــة الــزواج أن يكــون الخاطــب و‬ ‫المخطوبــه عاقليــن‪ ،‬وأن يتــم الخاطــب الســن الثامنــة‬ ‫عشــرة وأن تتــم المخطوبــه الســابعة عشــر مــن عمرهــا‬ ‫ترك روحين بجسد واحد‬ ‫كان البــد مــن تشــخيص ذلــك المــرض الــذي دب فــي‬ ‫أوصــال امتنــا العربيــة الســيما فــي المجتمع الفلســطيني‬ ‫ســعياً منــا للوصــول إلــى الحــل األمثــل ليكــون البنــاء‬ ‫قوي ـاً ونؤســس لمجتمعــا متماســكاً قائم ـاً علــى احتــرام‬ ‫الــذات والســعي لتطويــره بالتعليــم والعمــل وبنــاء‬


‫المســتقبل ال إنكارهــا والعمــل علــى هدمهــا فــي همتهــا‬ ‫والوقــوف فــي طريقهــا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تقــول « و‪ .‬ن « البالغــة مــن العمــر (‪ )30‬عامــا كنــت‬ ‫أعيــش فــي معســكر جباليــا شــمال قطــاع غــزة مــع أخــي‬ ‫الصغيــر فــي بيــت العائلــة‪ ،‬وكان عمــري (‪ )16‬عامـاً تقــدم‬ ‫لــي رجــل يكبرنــي ب (‪ )20‬عامــاً لــه ســبع مــن األبنــاء‬ ‫والبنــات‪ .‬لــم يجــد أخــي مشــكلة فــي أن يزوجنــي لرجــل‬ ‫توفــت زوجتــه ويحتــاج لمربيــة ألوالده إن صــح الوصــف‬ ‫وليســت زوجــة‪ ....‬تزوجــت ‪ ..‬فرحــت كأي فتــاة فــي‬ ‫موضعــي وســافرت معــه مرغمــة علــى مدينــة أبــو ظبــي‬ ‫بالمملكــة العربيــة المتحــدة ألعيــش فــي كنــف أبنائــه‬ ‫وظلــه «فهــو ظــل راجــل وال ظــل حيطــة « كمــا يقــال‪ ،‬ومــا‬ ‫لبثــت معالــم الفرحــة علــى وجهــي كثيــراً حتــى تالشــت‬ ‫بــل واختفــت شــيئاً فشــيئا‪ ،‬فاألمــور زادت حــدة وتعقيــدا‬ ‫حيــن بــدأ التجاهــل والتقصيــر واضح ـاً فــي معاملتــه لــي‪،‬‬ ‫ناهيــك عــن نكــران أوالده ألي جميــل أصنعــه بحقهــم ‪....‬‬ ‫ضقــت ذرعــاً بالعيــش هنــاك ‪ .....‬وبمســاعدة شــقيقتي‬ ‫فــررت بنفســي مــن بيتــه إلــى مســقط رأســي غــزة‪.‬‬ ‫تتابــع «و ‪ .‬ن»‪ ،‬بعــد انقضــاء شــهر واحــد علــى عودتي إلى‬ ‫بيــت اهلــى فــي غــزة‪ ،‬كانــت المفاجــأة عنــد مــا أرســلت لي‬ ‫ورقــة طــاق‪ ،‬أمــا المفاجــأة األخطــر فقــد اكتشــفت حملــي‬ ‫عــن طريــق الصدفــة‪ ،‬و هنــا بــدأت قصتــي مــع المعانــاة‬ ‫والمأســاة‪ ،‬حيــث اســتمر حملــي تســعة أشــهر‪ ،‬وعندهــا‬ ‫وضعتهــا أنثــى ‪ ....‬حاولــت جاهــدة أن اعلمــه بأمرهــا‬ ‫فهــي مــن صلبــه ولكنــه لــم يكتــرث ألمرهــا علــى الرغــم‬ ‫مــن أنــه يعمــل مدرســا ويتقاضــى راتبــاً يمكنهــا مــن‬ ‫العيــش حيــاة كريمــة ‪ ....‬طالبــت بحقهــا حســب القانــون‪،‬‬ ‫وتــم الزامــه بذلــك ‪ ،‬حيــث بــدأ يرســل لــي كل ســتة أشــهر‬ ‫(‪ )20‬دينــاراً أردنيــا أى مــا يعــادل (‪ )100‬شــيكل إســرائيلي‬ ‫أو يزيــد قليـ ً‬ ‫ا‪ ،‬وهــو مبلغــا ال يكفــى لكســوة شــتاء لطفلــة‬ ‫فــي الرابعــة عشــر مــن عمرهــا تربــت وكبــرت وهــي لــم‬ ‫تــرى والدهــا إال مــرة واحــدة كانــت أقســى علــي مــن لوعــة‬ ‫فقــدان والــدي‪.‬‬ ‫تضيــف»و ‪ .‬ن»‪ ،‬أقضــي أوقاتــي أتقلــب علــى جمــر األحــزان‬ ‫فــا ذكــرى جميلــة أحملهــا بصــدري تهــون علــيّ مــرارة‬ ‫األيــام والليالــي وتمدنــي بالــدفء فــي وحشــة الشــتاء أنــا‬ ‫وابنتــي‪ ،‬وال مســتقبل وردي ينتظرنــي‪ ،‬ليــس البنتــي ذنــب‬ ‫ســوى أنهــا كانــت مــن نطفــة ذلــك الرجــل الــذي حرمهــا‬ ‫أبســط معانــي الطفولــة والحنــان ولــم يراعــي احتياجاتــي‬ ‫ومتطلباتــي الســيما فــي زمــن كثــرت وتكالبــت فيــه‬ ‫الذئــاب البشــرية التــي تحــاول نهــش لحمــي وابنتــي حيث‬ ‫ال مــن ناصــر ومعيــن إال اهلل وحســبي بــه ونعــم الوكيــل‪.‬‬ ‫طفلة أنجبت طفل‬ ‫أمــا فــي تفاصيــل قصــة أخــرى‪ ،‬تــروي « و ‪ .‬م « من ســكان‬

‫المحافظــة الوســطى بغــزة البالغــة مــن العمــر (‪ )20‬عامـاً‬ ‫وأم لطفــل فــي الصــف األول االبتدائــي‪ ،‬اختــارت طريــق‬ ‫الــزواج المبكــر رغم ـاً عــن أنفهــا‪ ،‬ينتابهــا الحــزن وتبيــن‬ ‫لدنيــا العــدل تفاصيــل قصتهــا‪ « :‬لقــد خطبــت وأنــا ابلــغ‬ ‫مــن العمــر (‪ )13‬عامــا ‪ ...‬لــم أرفــض ألننــي كنــت أريــد أن‬ ‫أتخلــص مــن جــو أســرتي الــذي دمــر نفســيتي ‪ ....‬والــدي‬ ‫تــرك والدتــي وســافر إلــى األردن‪ ،‬وال يزورنــا إال مــرة كل‬ ‫عــام ‪ ....‬وليتــه ال يزورنــا ففــي كل زيــارة تزيــد العائلــة‬ ‫فــردا جديــدا ويرحــل بصمــت دون أن يســأل عــن أحوالنــا‬ ‫وال الجنيــن المتكــون فــي بطــن أمــي ‪ .....‬تزوجــت بعدهــا‬ ‫بعــام واحــد مــن عريــس مــن مدينــة غــزة وافقــت عليــه‬ ‫علــى أمــل أن تكــون أوضاعــه الماديــة جيــدة وظروفــه‬ ‫أفضــل ‪ ....‬لــم اطمــح فــى الــزواج المبكــر ابــدا ‪....‬‬ ‫اضطــررت عليــه كــي اخفــف مــن مصاريــف عائلــة مكونــة‬ ‫مــن ثمانيــة أطفــال ال يجــدون معيــل ســوى أخــي األكبــر‬ ‫الــذي ال يســتطيع أن يؤمــن حتــى نصــف احتياجاتنــا‪.‬‬ ‫و تصــف « و ‪ .‬م « الســاعات األولــى لوضعهــا الطفــل‬ ‫فتقــول» شــعرت كأن روحــي تفارقنــي أثنــاء الــوالدة ‪....‬‬ ‫أغمــي علــي ولمــا أفقــت نظــرت إال الطفــل ودموعــي‬ ‫تنهمــر علــى وجنتــي ‪ ....‬قلــت جملــة واحــدة « طفلــة‬ ‫وأنجبــت طفــل « ‪ .....‬صحتــي تدهــورت بعــد اإلنجــاب‪،‬‬ ‫ونصحنــي الطبيــب بعــدم اإلنجــاب مــرة أخــرى إال بعــد‬ ‫فتــرة طويلــة أكــون خاللهــا قــد كبــرت ونضجــت أكثــر‬ ‫تجنبــا لمخاطــر ال تحمــد عقباهــا‪.‬‬ ‫« ليس وحده المنتصر «‬ ‫أمــا « ل ‪ .‬ز» مــن محافظــة خــان يونــس جنــوب قطــاع‬ ‫غــزة‪ ،‬فقــد أوضحــت ل (دنيــا العــدل) تفاصيــل مــا تعانيــه‬ ‫مــن مأســاة قصتهــا حيــث قالــت‪« :‬لقــد أجبرنــي أبــي علــى‬ ‫الــزواج مــن رجــل يكبرنــي ب (‪ )17‬عام ـاً عنــد كان عمــري‬ ‫‪ 15‬عامـاً ‪ ....‬كان زوجــي غنيــا وهــو مــا دفــع أبــى ليزوجنــي‬ ‫منــه مــن بــاب الطمــع ‪ .....‬رضيــت باألمــر الواقــع ‪،‬‬ ‫وانتقلــت إلــى حيــاة كلهــا مــرارة وعنــف وتعاســة ‪....‬‬ ‫كنــت صغيــرة أجهــل أمــور الحيــاة والتعامــل مــع النــاس‬ ‫‪ ....‬لــم يكــن عقلــي علــى هــوى عقلــه ‪ ...‬ولــم أكــن أفهــم‬ ‫إن كان التقصيــر منــي أو منــه ‪ .....‬كانــت العصــا هــي‬ ‫لغــة الحــوار بيننــا‪ ،‬حيــث كان يضربنــي دون اعــرف مــا‬ ‫هــو الذنــب الــذي اقترفتــه‪ ......‬لــم تطــول المســألة كثيــرا‬ ‫حيــث رأيــت نفســى مطلقــة ‪ .....‬وتهمــس باكيــة لســت‬ ‫وحــدي الضحيــة‪ ،‬فابنتــي ال ذنــب لهــا ‪ ....‬ليــس هنــاك‬ ‫مــن يســتطيع أن يعوضهــا عــن أســرة انهــارت بأكملهــا‬ ‫بســبب طمــع جدهــا وعنــف أبيهــا ‪ .....‬ال بــد مــن قانــون‬ ‫يمنــع الــزواج المبكــر‪ ،‬و اال فــان مسلســل ضحايــا الــزواج‬ ‫المبكــر ســيتواصل‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫العقوبات البديلة‪ ..‬هل تحمي مستقبل‬ ‫األحداث ممن هم على خالف مع القانون؟!‬

‫‪10‬‬

‫غادة سلمي‬ ‫قانوني ـاً تســتخدم عقوبــة الســجن وتقييــد الحريــة لكبــح‬ ‫جمــاح النزعــة اإلجراميــة عنــد األشــخاص الذيــن يقومــون‬ ‫بأفعــال مخالفــة للقانــون والعــرف العــام‪ ،‬ويتــم تطبيــق‬ ‫عقوبــة تقيــد الحريــة مــع إطالــة الزمــن كلمــا كان الجــرم‬ ‫كبيــرا‪ ،‬وهــذه هــي العقوبــة المتعــارف عليهــا فــي القانــون‬ ‫الفلســطيني كأكبــر جــزاء يمكــن أن يعاقــب عليــه مــن‬ ‫ينتهــك القانــون‪ ،‬إضافــة للغرامــات الماليــة وغيرهــا‪ ،‬إال‬ ‫بعــض الجرائــم التــي تســتوجب اإلعــدام وهــي نــادرة‪.‬‬ ‫هــذا وفــى الوقــت الــذي تطبــق هــذه العقوبــة علــى‬ ‫األحــداث ممــن هــم علــى خــاف مــع القانــون كعقوبــة‬ ‫رادعــة لهــم‪ ،‬فــان المواثيــق الدوليــة وخصوصــا اتفاقيــة‬ ‫حقــوق األطفــال الصــادرة عــام ‪ 1989‬تعتبــر أن الحــدث‬ ‫الجانــح حيــن ينتهــك القانــون ال يعتبــر متفــرداً فــي الجرم‪،‬‬ ‫بــل إن المجتمــع كلــه شــريك خصوصـاً عنــد حرمــان هــذا‬ ‫الحــدث مــن أن يحيــا حيــاة طبيعيــة يحصــل فيهــا علــى‬ ‫الحمايــة واألمــن والتعليــم والــدفء األســري كغيــره مــن‬ ‫أطفــال العالــم‪ ،‬وبالتالــي فــإن تطبيــق عقوبــة تقييــد‬ ‫الحريــة قــد يكــون لهــا أثــر ســلبي علــى هــذا الطفــل‪،‬‬ ‫فهــي تزيــد مــن نظرتــه التشــاؤمية‪ ،‬وتنمــي الشــعور‬ ‫الداخلــي لديــه بأنــه يختلــف عــن أقرانــه ومــا وتضاعــف‬ ‫كبتــه فيتحــول إلــى ســلوك عدوانــي يترجــم علــى هيئــة‬ ‫جرائــم‪.‬‬ ‫ومــع التطــور فــي المجتمعــات والحــرص مــن قبــل‬ ‫المؤسســات المدنيــة والمجتمعيــة والســلطوية علــى‬ ‫تقويــم ســلوكيات هــذه الفئــة مــن األحــداث الجانحيــن‬ ‫ممــن هــم علــى خــاف مــع القانــون‪ ،‬يســتمر البحــث عــن‬ ‫طــرق لتقويمهــم وإعــادة دمجهــم فــي المجتمــع مــن‬ ‫جديــد ومحاولــة توفيــر الحمايــة لهــم و تحســين قدرتهــم‬ ‫علــى التعايــش‪ ،‬حيــث ظهــر مفهــوم العقوبــة البديلــة‬ ‫والــذي مــن شــأنه أن يعيــد بنــاء هــذا الحــدث ويجعــل‬ ‫منــه فــردا يمتلــك القــدرة علــى التعايــش مــع المجتمــع‪،‬‬ ‫وخصوصــاً مــا يصحــب العقوبــة مــن تفريــغ نفســي‬ ‫وإعــادة بنــاء لألخالقيــات األساســية لديــه‪.‬‬

‫وتعــرف العقوبــة البديلــة علــى أنهــا مجموعــة مــن‬ ‫الجــزاءات تحــل محــل العقوبــة التقليديــة كتقييــد الحريــة‬ ‫أو الغرامــات الماليــة‪ ،‬حيــث يتــم اســتبدال هــذه العقوبــات‬ ‫بعقوبــات تقديــم خدمــات مجتمعيــة‪ ،‬أو إكســابه خبــرة‬ ‫فــي مجــال جديــد‪ ،‬كمــا تســاعد علــى تقويمــه وتهذيــب‬ ‫المحكــوم عليــه مــن جهــة أخــرى‪ ،‬حيــث تتخطــى العقوبات‬ ‫البديلــة فكــرة ســلب الحريــة إلــى إصــاح الحــدث الجانــح‬ ‫نفســياً وأخالقي ـاً ‪ ،‬ناهيــك عــن إكســابه خبــرات جديــدة‪.‬‬ ‫الالفــت أن هنــاك توجهــات جــادة لــدى المؤسســات‬ ‫العاملــة فــي قطــاع غــزة و التــي تعمــل فــي مجــال رعايــة‬ ‫األحــداث ممــن هــم علــى خــاف مــع القانــون لتقويــم‬ ‫ســلوكيات هــؤالء األحــداث ودمجهــم مــع المجتمــع‪ ،‬مــن‬ ‫منطلــق أن األحــداث يتأثــرون بالبيئــة والظــروف المحيطــة‬ ‫بهــم‪ ،‬اذ ال يمكــن أن يولــد أي طفــل مجرمــا‪ ،‬ولكــن هــذا‬ ‫الشــعور يمكــن ان ينمــو داخلــه نتيجــة لإلحبــاط والقهــر‬ ‫والحرمــان مــن البيئــة المحيطــة لــه‪ ،‬فعقــاب القانــون‬ ‫اساســا ال يهــدف لالنتقــام مــن األشــخاص وانمــا للــردع‬ ‫وتقويــم الســلوك‪.‬‬ ‫ومــن هــذا المنطلــق وجــدت وزارة الشــؤون االجتماعيــة‬ ‫المشــرفة علــى مؤسســة الربيــع لرعايــة وتوقيــف األحــداث‬ ‫ممــن هــم علــى خــاف مــع القانــون أن تبــدأ بتطبيــق‬ ‫العقوبــة البديلــة علــى هــؤالء األطفــال‪ ،‬خصوصــاً و أن‬ ‫عمليــة احتجــاز االحــداث ال تحــد مــن الســلوك العدوانــي‬ ‫لديهــم وال تحــول بينهــم وبيــن ظروفهــم االجتماعيــة‬ ‫التــي تكفــل لهــم رخصــة مجانيــة لمعــاودة تكــرار نفــس‬ ‫الجــرم ليصبــح عــادة‪.‬‬ ‫وفــي هــذا الشــأن يقــول مديــر عــام وزارة الشــؤون‬ ‫االجتماعيــة ( ريــاض البيطــار)‪« :‬نحــن نــدرس بشــكل‬ ‫جــاد مشــروع العقوبــات البديلــة لألحــداث‪ ،‬ليتــم اســتبدال‬ ‫عقوبــة االحتجــاز داخــل مؤسســات الرعايــة‪ ،‬بالعقوبــات‬ ‫البديلــة‪ ،‬ونأمــل أن تعمــل هــذه العقوبــات علــى بنــاء‬ ‫الفــرد»‪ .‬ويشــير (البيطــار) إلــى ان فكــرة منــح نــزالء مراكــز‬ ‫الرعايــة فرصــة ألن يعيشــوا حيــاة طبيعيــة والحاقهــم‬ ‫بمراكــز تدريــب مهنــي تابعة لــوزارة الشــؤون االجتماعية‪،‬‬


‫وتوفيــر مــا يلزمهــم مــن مصروفــات وحاجيــات أساســية‬ ‫للحيــاة‪ ،‬تحــت المجهــر للفحــص والتمحيــص‪ ،‬ألن االفتقــار‬ ‫لهــذه المتطلبــات يظــل العامــل الرئيســي وراء انجرارهــم‬ ‫لدهاليــز الجريمــة‪.‬‬ ‫ويوضــح (البيطــار) أنــه ســيتم اختيــار‬ ‫عشــر أحــداث مــن نــزالء مؤسســة‬ ‫الربيــع مــن األطفــال الذيــن حصلــوا‬ ‫علــى أحــكام تقييــد الحريــة‪ ،‬وســيتم‬ ‫منحهــم فرصــة للتدريــب المهنــي‬ ‫وتوفيــر مصــروف شــخصي ومالبــس‬ ‫باإلضافــة لمتابعــة ســلوكهم مــن‬ ‫مراقــب الســلوك‪ ،‬بإشــراف أخصائييــن‬ ‫نفســيين متواجديــن معهــم فــي‬ ‫نفــس مراكــز التدريــب المهنــي‪،‬‬ ‫ولــن يتــم تقييــد حريتهــم داخــل‬ ‫المؤسســة‪ .‬ويبيــن (البيطــار) أن‬ ‫عمليــة التوجيــه النفســي وتعديــل‬ ‫الســلوك مــن أهــم الخدمــات التــي تقــدم فــي المشــروع‪،‬‬ ‫مــن خــال متابعــة األخصائييــن النفســيين واالجتماعييــن‬ ‫للطــاب داخــل مراكــز التدريــب وعنــد عودتهــم لبيوتهــم‪.‬‬ ‫كمــا ويــرى أن امتــاك هــؤالء األطفــال لمهنــة تعيلهــم‬ ‫فــي حياتهــم إضافــة إلــى تقويــم ســلوكياتهم وأخالقهــم‪،‬‬ ‫ســيجعل منهــم أشــخاصاً جديديــن أكثــر وعيــاً‪ ،‬كمــا‬ ‫سيســهل بعــد ذلــك إعــادة دمجهــم فــي المجتمــع‪.‬‬ ‫وبيــن (البيطــار) أن اختيــار المهنــة ســيكون بحســب رغبــة‬ ‫كل فــرد وقدراتــه‪ ،‬ولــن يتــم فــرض مهنــة عليهــم‪ ،‬وهناك‬ ‫عــدد كبيــر مــن المهــن التــي يمكنهــم االختيــار مــن‬ ‫بينهــا‪ :‬كالنجــارة‪ ،‬والحــدادة‪ ،‬والكهربــاء العامــة‪ ،‬وكهربــاء‬ ‫المنــازل‪ ،‬مضيفــاً‪ :‬بعــد التــزام الطفــل بفتــرة التدريــب‬ ‫المهنــي يتــم منحــه حقيبــة أدوات خاصــة بالمهنــة التــي‬ ‫حصــل عليهــا‪ ،‬حيــث وصــف هــذه الحقيبــة «بالمشــروع‬ ‫الصغيــر» الــذي ســيمكنه مــن االلتحــاق بســوق العمــل‬ ‫فيمــا بعــد‪.‬‬ ‫ويــردف (البيطــار)‪ :‬قــد يكــون إيجــاد مهنة لهــؤالء األطفال‬ ‫يعتمــدون عليهــا ويعتاشــون منهــا أحــد الســبل للقضــاء‬ ‫علــى مشــاكلهم‪ ،‬خاصــة وأن غالبيــة نــزالء مؤسســات‬ ‫الرعايــة يعانــون مــن الفقــر أو يعيشــون فــي ظــروف‬ ‫أســرية صعبــة تمنعهــم مــن االلتحــاق بمقاعــد الدراســة‬ ‫النظاميــة‪ .‬وتحــدث (البيطــار) عــن المشــروع قائــا‪ « :‬إن‬ ‫هــذا المشــروع ال يــزال مشــروعاً تجريبيـاً‪ ،‬وهــو األول مــن‬ ‫نوعــه فــي القطــاع‪ ،‬لقــد حصلنــا علــى تمويــل للمشــروع‬ ‫مــن مؤسســة أرض اإلنســان السويســرية وبالشــراكة‬ ‫مــع المركــز الفلســطيني للديمقراطيــة وحــل النزاعــات‬ ‫وبإشــراف الــوزارة»‪.‬‬ ‫وتابــع (البيطــار) ‪ »:‬يتضمــن المشــروع عــدة مراحــل‪:‬‬

‫األولــى منهــا تحديــد عــدد الطــاب الذيــن ســيدخلون‬ ‫ضمــن المشــروع‪ ،‬وتتمثــل المرحلــة الثانيــة فــي توفيــر‬ ‫األدوات الالزمــة للتدريــب‪ ،‬أمــا المرحلــة الثالثــة فتهــدف‬ ‫الــى وضــع المعاييــر التــي ســيبنى عليهــا اختيــار الفئــة‬ ‫التــي ســتدخل فــي المشــروع»‪،‬‬ ‫منوهــا ألن نجــاح المشــروع ســيعمل‬ ‫علــى تعميمــه ليشــمل كل نــزالء‬ ‫المؤسســة»‪ .‬أمــا المرحلــة الرابعــة‬ ‫فتهــدف الــى إعــادة توجيــه الطــاب‬ ‫لاللتحــاق بالفصــل الدراســي الثانــي‬ ‫للعــام ‪ ،2017/2016‬ليلتحقــوا‬ ‫بالطلبــة الملتحقيــن فــي مراكــز‬ ‫التدريــب المهنــي‪ ،‬مــع األخــذ بعيــن‬ ‫االعتبــار حالــة الطفــل الموجــود فــي‬ ‫المؤسســة عنــد دمجهــم مــع الطــاب‬ ‫فــي مقاعــد الدراســة للعــام الثانــي‬ ‫حســب المهنــة التــي تــم اختيارهــا‪،‬‬ ‫فحســب تحديــد الكفايــات فــإن لــم يكــن الدمــج فــي‬ ‫مقاعــد الدراســة يتناســب مــع حالــة الطفــل والمهنــة التــي‬ ‫اختارهــا ‪ ،‬فانــه ســيتم تحديــد كفايــات خاصــة ليســتطيعوا‬ ‫اســتئناف عامهــم الدراســي‪ .‬وأكــد الســيد (البيطــار) علــى‬ ‫أن وزارة العــدل أبــدت اســتعدادها الكامــل للمســاعدة‬ ‫فــي إعــداد دراســة قانونيــة للمشــروع‪ ،‬للوصــول للبعــد‬ ‫القانونــي الــذي يحقــق الهــدف مــن تطبيــق العقوبــة‬ ‫البديلــة علــى األطفــال المتنازعيــن مــع القانــون‪.‬‬ ‫ويذكــر أن تطبيــق العقوبــات البديلــة ســينتج أطفــا ًال‬ ‫لديهــم هــدف آخــر‪ ،‬ويبعدهــم عــن طريــق الجريمــة‪،‬‬ ‫ويجعــل لديهــم مهــن تشــغل أوقــات فراغهــم‪ ،‬ويقــوم‬ ‫ســلوكياتهم‪ ،‬األمــر الــذي يضمــن قضــاء الطفــل فتــرة‬ ‫العقوبــة فــي تطويــر نفســه وبنــاء حياتــه بشــكل جديــد‪.‬‬ ‫وتوقــع (البيطــار) النجــاح للمشــروع عنــد تطبيقــه علــى‬ ‫األطفــال‪ ،‬قائــ ً‬ ‫ا‪« :‬إن نــزالء المؤسســة باألســاس هــم‬ ‫أطفــال و هــؤالء مــن الســهل‪ ،‬عنــد منحهــم األمــان‬ ‫والرعايــة وتقويــم ســلوكهم‪ ،‬ان يتغيــروا ايجابــا و‬ ‫لألفضــل»‪ .‬وتابــع‪« :‬إن جريمــة القتــل أكبــر جريمــة‬ ‫ارتكبهــا أحــد نــزالء المؤسســة‪ ،‬وعنــد الحديــث معــه‬ ‫ســتجد أنــك تتحــدث مــع طفــل‪ ،‬وال يمكــن لعقلــك أن‬ ‫يتصــور أنــه قــد ارتكــب مثــل هــذه الجريمــة‪ ،‬هــم فقــط‬ ‫يقومــون بهــذه التصرفــات كــردود انتقاميــة للواقــع‬ ‫الســيء الــذي يعيشــونه»‪ .‬وأخيــراً أكــد البيطــار علــى‬ ‫أنــه مــن المفتــرض أن يســعى جميــع أصحــاب وجهــات‬ ‫االختصــاص لمنــح هــؤالء االطفــال حيــاة طبيعيــة فهــم‬ ‫ضحايــا ظروفهــم وليســوا مجرميــن‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫القضاء الفلسطيني والمهمشون‪..‬‬ ‫واقع مؤلم ومستقبل مأمول‬

‫‪12‬‬

‫أسعد البيروتي‬ ‫«فيمــا يجــد مبــدأ العدالــة الجندريــة (العدالــة القائمــة علــى‬ ‫النــوع االجتماعــي) حظــا مــن التطبيــق فــي القضــاء الشــرعى‪،‬‬ ‫وخصوصــا فــي قضايــا النفقــة‪ ،‬والمهــور‪ ،‬والمشــاهدة‪،‬‬ ‫واالســتضافة‪ ،‬والضــم‪ ،‬فــان تطبيــق هــذا المبــدأ فــي القضــاء‬ ‫النظامــي يــكاد يكــون مفقــودا‪ ،‬وذلــك ألســباب كثيــرة مــن‬ ‫أبرزهــا‪ :‬تهميــش قضايــا النســاء وعــدم إعطائهــا أألولويــة‬ ‫فــي العمــل القضائــي‪ ،‬وقلــة الثقافــة والخبــرة لــدى عــدد كبيــر‬ ‫مــن القضــاة لــدى تعاملهــم مــع قضايــا اإلنــاث مــن منظــور‬ ‫حقوقــي جنــدري‪ ،‬ناهيــك عــن وجــود بعــض النصــوص‬ ‫التشــريعية الهاضمــة لحقــوق اإلنــاث»‪ ،‬هــذا مــا قالــه‬ ‫المحامــي والمحاضــر (عبــد الفتــاح جــرادة) لـــ «دنيــا العــدل»‪.‬‬ ‫وتابــع (جــرادة) ‪ »:‬كل هــذا عــاوة علــى المســاواة المطلقــة‬ ‫بيــن الرجــال والنســاء فــي العمــل القضائــي دون منــح النســاء‬ ‫امتيــازات خاصــة تعــود إلــى قدرتهــا الجســدية والنفســية‬ ‫والعقليــة‪ ،‬كمــا أن الناظــر إلــى دور القضــاء يلحــظ نــدرة‬ ‫القاضيــات النســاء العامــات فــي المحاكــم النظاميــة‪ ،‬وانعدام‬ ‫مشــاركتها فــي العمــل القضائــي الشــرعي»‪.‬‬ ‫وعــن واقــع النســاء المهمشــات فــي القانــون الفلســطيني‬ ‫الســيما الســاعيات للحصــول علــى حقوقهــن المشــروعة‪،‬‬ ‫أردف (جــرادة)‪ :‬الشــك أن هنــاك مــرارة وصعوبــة تحياهــا‬ ‫النســاء المتضــررات الفقيــرات فــي طريقهــن لتحصيــل‬ ‫حقوقهــن المشــروعة التــي شــرعتها لهــن كل الشــرائع‬ ‫الســماوية واللوائــح القانونيــة‪ ،‬حيــث يعــود الســبب فــي ذلــك‬ ‫إلــى ضعــف مكانــة المــرأة فــي المجتمــع الفلســطيني‪ ،‬وقلــة‬ ‫معرفتهــا الكافيــة بحقوقهــا وآليــات المطالبــة بهــا‪ ،‬ناهيــك‬ ‫عــن النصــوص التشــريعية القائمــة التــى تُعقــد إجــراءات‬ ‫التقاضــي‪ ،‬وتعمــل علــى بطئهــا‪ ،‬وبالتالــي تأخــر وصــول الحــق‬ ‫للمــرأة‪.‬‬ ‫وتابــع (جــرادة)‪ :‬إن القضــاء ال يمنــح قضايــا النســاء أولويــة‬ ‫فــي العمــل القضائــي‪ ،‬وهــذا يرجــع إلــى ضعــف قــدرات بعــض‬ ‫القضــاة‪ ،‬وعــدم وجــود ثقافــة كافيــة لديهــم حــول كيفيــة‬ ‫التعامــل مــع قضايــا النســاء بشــكل خــاص‪ ،‬كذلــك ســطوة‬ ‫الثقافــة الذكوريــة فــي المجتمــع ‪ ،‬خصوصــا وأن المــرأة ال‬ ‫يجــوز لهــا أن تطالــب بحقوقهــا الماليــة وغيــر الماليــة‪.‬‬ ‫واعتبــر (جــرادة) أن تعزيــز دور القضــاء في حصول المهمشــات‬ ‫علــى حقوقهــن يحتــاج الــى مزيــد مــن الوقــت والجهــد‪ ،‬فمــن‬ ‫حيــث الوقــت فالكثيــر مــن النســاء فقــدن الثقــة بالقضــاء فــي‬

‫الفصــل فــي قضاياهــن‪ ،‬ولضمــان إعــادة الثقــة فــى القضــاء‬ ‫عندهــن‪ ،‬فنحــن بحاجــة إلــى فتــرة مــن الزمــن شــريطة أن‬ ‫يســودها دعــم القضــاء لحقوقهــن بشــكل جــاد وحقيقــي‪ .‬أمــا‬ ‫ناحيــة الجهــد‪ ،‬فهــذا يتطلــب توفيــر اإلمكانيــات البشــرية‬ ‫والماليــة واللوجســتية لتــدرب القضــاة‪ ،‬وتنميــة قدراتهــم‬ ‫ومهاراتهــم فــي التعامــل مــع قضايــا اإلنــاث‪ ،‬مــع اإلســراع‬ ‫فــي جلســات المحاكمــة‪ ،‬والقضــاء علــى التأجيــات الطويلــة‬ ‫والمتكــررة‪ ،‬و تعييــن عــدد كافٍ مــن القاضيــات اإلنــاث‬ ‫ووكيــات نيابــة عامــة‪ ،‬بمــا يضمــن اإلســراع فــي تنفيــذ‬ ‫األحــكام والقــرارات القضائيــة علــى أرض الواقــع‪ ،‬وكذلــك‬ ‫منــح النســاء امتيــازات خاصــة كالموافقــة علــى طلــب تأجيــل‬ ‫دفــع الرســوم القضائيــة‪ ،‬وجعــل ملــف دعواهــا أول الملفــات‬ ‫المنظــور فيهــا بالجلســة‪.‬‬ ‫وحــول التســهيالت المقــرة فــي القضــاء الفلســطيني لوصــول‬ ‫النســاء الفقيــرات والمهمشــات لــدور القضــاء الشــرعي فــي‬ ‫قطــاع غــزة‪ ،‬رأى (جــرادة) أنهــا «موجــودة ومتوفــرة عمليــاً‬ ‫كــون القضــاء الشــرعي يتســم بســرعة الفصــل فــي القضايــا‬ ‫المختلفــة باســتثناء قضايــا التفريــق‪ ،‬كمــا أنــه ال يلــزم‬ ‫محــام‪ ،‬فبإمــكان النســاء أن يلجــأن إلــى‬ ‫األطــراف بتوكيــل‬ ‫ِ‬ ‫المحاكــم الشــرعية ويرفعــن دعــاوي إلــى المحاكــم الشــرعية‬ ‫محــام‪ ،‬باإلضافــة إلــى أن رســوم ومصاريــف‬ ‫دون توكيــل‬ ‫ِ‬ ‫القضــاء الشــرعي ليســت كثيــرة وال بالحمــل الثقيــل‪ ،‬مــا عــدا‬ ‫التعميــم األخيــر الصــادر عــن ســماحة رئيــس المجلــس األعلى‬ ‫للقضــاء الشــرعي حســن الجوجــو الــذي حــدد مقــدار رســوم‬ ‫ومصاريــف تنفيــذ أحــكام المهــور بأنهــا « ‪ « 100‬و»‪« 200‬‬ ‫شــيكل تقريبـاً‪ ،‬كذلــك فــإن كثــرة المحاكــم الشــرعية وهــي «‬ ‫‪ « 10‬محاكــم موزعــة علــى محافظــات قطــاع غــزة ســاهم فــي‬ ‫وصــول النســاء لــدور القضــاء والعدالــة بشــكل أفضــل»‪.‬‬ ‫ويــروي (جــرادة)‪ »:‬فــي الحقيقــة عايشــت قصصــاً كثيــرة ال‬ ‫يتســع المقــام لذكرهــا‪ ،‬فهنــاك كثيــر مــن النســاء المالــكات‬ ‫للحــق المكفــول لهــن والالتــي ضــاع منهــن هــذا الحــق‪،‬‬ ‫وأســرد باختصــار قصتيــن عايشــت أحداثهمــا ‪ .‬فهنــاك امــرأة‬ ‫تبلــع مــن العمــر (‪28‬عامــاً) متزوجــة وطالبــت بالتفريــق‬ ‫مــن زوجهــا ألســباب خاصــة جــداً‪ ،‬خســرت حقوقهــا كــي‬ ‫تحفــظ شــعورها النفســي والعقلــي مــن اإلرهــاق والتعــب‬ ‫الشــديدين فطالبــت زوجهــا بالطــاق مقابــل اإلبــراء العــام‬ ‫فحصــل ذلــك‪ ،‬وبعــد ســؤالها عــن ذلــك أجابــت بأنهــا ال‬ ‫تتحمــل طــول إجــراءات التقاضــي فــي قضايــا التفريــق والتــي‬


‫تبلــغ مدتهــا مــن ( ‪ 8‬أشــهر إلــى ســنتين وأكثــر ربمــا فــي‬ ‫بعــض األحيــان )‪ .‬وفــي قصــة أخــرى بطالتهــا مجموعــة مــن‬ ‫األخــوات الشــقيقات يبلــغ عددهــن ‪ 4‬رضيــن بمبلــغ مالــي‬ ‫وقــدره (‪ 2000‬دينــار) مــن إخوانهــن األشــقاء‪ ،‬مــع العلــم أن‬ ‫حــق كل واحــدة منهــن شــرعاً يقــدر بـــ (‪45000‬‬ ‫دينــار أردنــي)‪ ،‬وبعــد ســؤالهن أجبــن بأنهــن‬ ‫حاولــن توكيــل محامــي‪ ،‬إال أن المحامــي‬ ‫طلــب أتعــاب طائلــة مقدمــاً (‪2000‬‬ ‫دينــار أردنــي) حيــث كــن ليــس‬ ‫علــى مقــدرة بدفــع هــذا المبلــغ‬ ‫لــه هــذا مــن جهــة ومــن جهــة‬ ‫أخــرى أخبرهــم بطــول إجــراءات‬ ‫القضيــة أمــام القضــاء والتــى تمكــث‬ ‫دعواهــم أمــام المحاكــم مــن (‪8 – 5‬‬ ‫ســنوات ) مــا دعاهــن إلــى الرضــا بالقليــل‬ ‫والتنــازل عــن حقهــن فــي ســبيل الخــروج مــن‬ ‫هــذه المشــكلة بــدون خســائر وأضــرار نفســية‬ ‫أخــرى»‪.‬‬ ‫وأشــار (جــرادة) ألنــه «فــي حالــة تعــرض المــرأة المهمشــة‬ ‫لضغوطــات وتهديــدات مــن الطــرف اآلخــر بســبب لجوئهــا‬ ‫للـــمحكمة للمطالبــة بحقوقهــا‪ ،‬فــإن المحكمــة تمنحهــا‬ ‫األمــان والطمأنينــة مــن خــال قــرار تصــدره فــي محضــر‬ ‫ضبــط الجلســة بتأميــن إحضــار المدعيــة إلــى جلســة‬ ‫المحاكمــة‪ ،‬وتقــوم الشــرطة القضائيــة بتنفيــذ القــرار بتأميــن‬ ‫حضورهــا إلــى حيــن مغادرتهــا إلــى موطنهــا‪ ،‬مــع إبــاغ‬ ‫المدعــى عليــه بــأن العقــاب ســيكون شــديد إن اعتــدى بــأي‬ ‫شــكل مــن األشــكال علــى الســامة الجســدية أو النفســية‬ ‫للمــرأة المدعيــة»‪.‬‬ ‫وعنــد ســؤاله عــن كيفيــة حــث المــرأة علــى المطالبــة‬ ‫بحقوقهــا دون االكتــراث بنظــرة المجتمــع التــي تزدريهــا‬ ‫لمطالبتهــا بحقوقهــا‪ ،‬أجــاب‪ :‬إن التغلــب علــى النظــرة‬ ‫المجتمعيــة الســائدة تجــاه المــرأة المُطالبــة لحقوقهــا‬ ‫فــي المحاكــم ودور القضــاء يقــع علــى كاهــل الجميــع ٌ‬ ‫كل‬ ‫حســب موقعــه واختصاصــه‪ ،‬فــوزارة التربيــة والتعليــم‬ ‫والجامعــات فــي غــزة تســتطيعان أن تقــررا مســاقاً تعليميــاً‬ ‫جديــداً علــى الطلبــة فــي المــدارس مــن الصــف األول وحتــى‬ ‫الثانــي عشــر وطلبــة الجامعــات يطلــق عليــه اســم مســاق‬ ‫(الثقافــة القانونيــة) يتعلــم فيــه الطلبــة الحقــوق والواجبــات‬ ‫ويتعرفــوا علــى طبيعــة النظــام القضائــي فــي فلســطين‬ ‫وأنــواع المحاكــم واختصاصاتهــا وإجراءاتهــا‪ ،‬وأمــا مــن ناحيــة‬ ‫القضــاء فمــن خــال إصــدار أحــكام وقــرارات قضائيــة أكثــر‬ ‫إنصاف ـاً للمــرأة‪ ،‬كذلــك تنفيــذ لقــاءات توعويــة فــي األحيــاء‬ ‫والقــرى والمــدن ومجالــس العائــات والمخاتيــر حــول المــرأة‬

‫وأهميــة مشــاركتها فــي المجتمــع ودورهــا الكبيــر فــي تنميتــه‬ ‫وتطويــره‪ ،‬وتدريــب المقبليــن علــى الــزواج بعقــد تدريــب‬ ‫لهــم يكتســبون مــن خاللــه المهــارات والمعلومــات الكافيــة‬ ‫ألن يديــروا وينشــئوا أســرة ونــواة صالحــة ‪.‬‬ ‫ورأى (جــرادة) أنــه للتغلب علــى قصور منظومة‬ ‫العدالــة تجــاه الفقــراء والمهمشــين فــي‬ ‫المجتمــع الفلســطيني‪ ،‬يتوجــب إضافــة‬ ‫نصــوص للتشــريعات مــن شــأنها أن‬ ‫تمكــن الفقــراء والمهمشــين أمــام‬ ‫مرافــق العدالــة وعلــى ســبيل‬ ‫المثــال‪ :‬أن يُنــص فــي قانــون‬ ‫أصــول المحاكمــات المدنيــة‬ ‫والتجاريــة رقــم (‪ )2‬لســنة (‪)2002‬‬ ‫نصـاً يلــزم المحكمــة بتوكيــل محامــي‬ ‫ألي شــخص أثبــت أنــه فقيــر ومــن‬ ‫الفئــات المهمشــة فــي دعــواه الحقوقيــة‬ ‫قياسـاً علــى نــص المــادة (‪ )244‬مــن قانــون‬ ‫اإلجــراءات الجزائيــة رقــم (‪ )3‬لســنة (‪ ،)2002‬وأمــا علــى‬ ‫صعيــد الســلطة القضائيــة‪ ،‬فتســتطيع المحاكــم أن تعمــل‬ ‫علــى تمكيــن الفقــراء والمهمشــين مــن خــال الموافقــة‬ ‫علــى طلباتهــم المتعلقــة بتأجيــل دفــع رســوم الدعــوى إلــى‬ ‫مــدة كافيــة يســتطيعون خاللهــا توفيــر رســوم ومصاريــف‬ ‫دعواهــم‪ ،‬كمــا ينبغــي تبنــي دعواهــم وجعلهــا علــى ســلم‬ ‫أولوياتهــم فــي المحاكمــة‪ ،‬واإلســراع فــي الفصــل فيهــا دون‬ ‫تأجيــات طويلــة وإجــراءات معقــدة‪ .‬وتابــع‪ :‬كمــا تســتطيع‬ ‫الســلطة التنفيذيــة العمــل علــى دعــم وتمكيــن الفئــات‬ ‫المهمشــة مــن الوصــول إلــى العدالــة مــن خــال اإلســراع‬ ‫فــي تنفيــذ األحــكام والقــرارات القضائيــة‪ ،‬واعطــاء هــذه‬ ‫الفئــات خصوصيــة فــي العمــل التنفيــذي الــذي يقومــون فيــه‪.‬‬ ‫وعلــى صعيــد المؤسســات األهليــة‪ :‬فتســتطيع أن تعمــل‬ ‫علــى دعــم وتمكيــن الفقــراء و المهمشــين فــي منظومــة‬ ‫العدالــة مــن خــال‪ :‬تكثيــف اللقــاءات التوعويــة لهــم حــول‬ ‫حقوقهــم وواجباتهــم فــي القوانيــن الفلســطينية‪ ،‬وتنفيــذ‬ ‫زيــارات ميدانيــة وعقــد اجتماعــات معهــم واالســتماع لهــم‬ ‫فيمــا يخــص أوضاعهــم الحياتيــة القانونيــة‪ ،‬وإعــداد دليــل‬ ‫إرشــادي كتابــي وصوتــي لهــم حــول حقوقهــم وآليــات‬ ‫المطالبــة بهــا وفقــاً للقانــون‪ ،‬وتوفيــر محاميــن مزاوليــن‬ ‫مدربيــن ومؤهليــن وذو خبــرة للمرافعــة فــي قضاياهــم‬ ‫مجان ـاً‪ ،‬أو بدعــم مــن جهــات معينــة‪ ،‬أو العمــل علــى تقديــم‬ ‫االستشــارات القانونيــة لهــم‪ ،‬وبــث برامــج فضائيــة مرئيــة أو‬ ‫مســموعة تتنــاول الحديــث عــن موضوعــات قانونيــة محــددة‬ ‫يتــم مــن خاللهــا إرشــاد المهمشــين إلــى كيفيــة المطالبــة‬ ‫بحقوقهــم أمــام مرافــق العدالــة ‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫زوجة في ذمة التقاليد‪...‬‬ ‫سهر دهليز‬ ‫هنــاك علــى الشــريط الحــدودي لمدينــة رفــح حيــث األنفــاق‬ ‫التــي جعلــت الكثيــر مــن النســاء فــي موقــع األرامــل‪ ،‬فقــد‬ ‫فقــدت (ص ‪ .‬ع) «زوجــه» فهــو أغلــى مــا تملــك بحياتهــا‪،‬‬ ‫حيــث تســبب رحيــل زوجهــا لحيــاة يكتنفهــا الجحيــم‬ ‫القاتــل‪.‬‬ ‫(ص‪.‬ع) الثالثينيــة مــن العمــر تقــول‪« :‬بعــد أن توفــي‬ ‫زوجــي فــي عملــه بأحــد األنفــاق‪ ،‬وأنــا أعانــي مــن عائلــة‬ ‫زوجــي التــي لــم تتركنــي وشــأني مــن جانــب‪ ،‬وعائلتــي من‬ ‫الجانــب األخــر‪ ..‬وقــد ذقــت األمريــن لكــي أكمــل حياتــي‬ ‫ّ‬ ‫والتحكــم‬ ‫وحيــاة أطفالــي بعيــدة عــن المشــاكل العائليــة‬ ‫الــذي ال يرحــم»‪( .‬ص ‪ .‬ع) أم لطفليــن ولــد وبنــت‪ ،‬وهــم‬ ‫بحاجــة لكثيــر مــن المصاريــف‪ ،‬فــي الوقــت الــذي ال يوجــد‬ ‫أحــد يهتــم ألمرهــم أو يفكــر برعايتهــم‪ ،‬فالجميــع يفكــر‬ ‫فقــط فــى كيفيــة الحصــول علــى المــال بــأي طريقــة‬ ‫ممكنــة‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫وتضيــف‪ »:‬لقــد كان أهــل زوجــي يجبرونــي علــى الذهــاب‬ ‫للمؤسســات الخيريــة هنــا وهنــاك مــع والــدة زوجــي‬ ‫(حماتــي) حيــث كنــت أدفــع كافــة تكاليــف الذهــاب واإليــاب‬ ‫رغــم اننــى ال املــك قــوت يومــي لنفســي وأطفالــي‪ ،‬فــان‬ ‫أى محاولــة مــن قبلــى لرفــض مــا يطلبــون‪ ،‬كان يعنــى‬ ‫بالنتيجــة ان ينهالــوا علــيّ بالضــرب واإلهانــات والشــتائم‬ ‫التــي ال يســتوعبها عقــل وال ديــن»‪.‬‬ ‫ولــم تكــن (ص‪.‬ع) تواجــه عائلــة زوجهــا فحســب‪ ،‬بــل‬ ‫وصــل األمــر ألن يتدخــل عــم زوجهــا فــي حياتــه‪،‬ا فبعــد‬ ‫وفــاة زوجهــا حصــل عــم زوجهــا علــى ديــة المتوفــى ( مبلــغ‬ ‫مــن المــال) مــن أصحــاب النفــق الــذي كان يعمــل بــه‪ ،‬لكن‬ ‫دون أن يخبرهــا بشــئ‪ ،‬حيــث علمــت بذلــك مــن الجيــران‬ ‫أثنــاء حديثهــم معهــا عــن مــا ســتفعله بمــا حصلــت عليــه‬ ‫مــن المــال‪ ،‬لتتفاجــئ بأنــه اشــتري قطعــة أرض بالمبلــغ‬ ‫الــذي حصــل عليــه وكتبهــا بإســمه‪ ،‬وانــه أراد أكل مــال‬ ‫أطفالهــا اليتامــى الــذي ال يحــق لــه فيــه شــيئاً‪ ،‬والــذي‬


‫«‬

‫لــو يعطونــي غــزة كلهــا ما‬ ‫بتعوضنــي عــن زوجي‬

‫نهــي عنــه الديــن والشــريعة اإلســامية‪.‬‬ ‫وبتنهيــدة الحســرة واأللــم تابعــت (ص‪.‬ع)‪ ،‬أن الجميــع‬ ‫قــد تكالبــوا عليهــا وطردوهــا مــن البيــت هــي وأطفالهــا‬ ‫لتجــد نفســها تفتــرش الشــارع بعــد أن كانــت تعيــش حيــاة‬ ‫هنيئــة مــع زوجهــا وعائلتهــا الصغيــرة‪ ،‬ولــم تعــد تعلــم‬ ‫أيــن تذهــب فمنــزل عائلتهــا صغيــر وزوجــة شــقيقها التــي‬ ‫تعيــش بــذات المنــزل ال تتحملهــا هــي وأطفالهــا‪ ،‬لكــن‬ ‫الظــروف أجبرتهــا علــى ذلــك فــا مــأوي لهــا ســواه‪.‬‬ ‫انقلبــت حياتهــا رأســا علــى عقــب بعــد وفــاة زوجهــا‬ ‫ســندها فــي هــذه الحيــاة قائلــة‪ »:‬لــم يكــن أمامــي خيــار‬ ‫ســوى اللجــوء للمحاكــم للحصــول علــى حقــي أنــا وأطفالــي‬ ‫بعــد دعواتــي وتضرعــي هلل عــز وجــل بــأن ينصرنــي ويعيــد‬ ‫لــي حقــي‪ ،‬وكأنهــا مشــيئة اهلل ومحكمتــه العادلــة بــأن‬ ‫ال يمضــي وقــت طويــل علــى رفــع الدعــوة ألحصــل علــى‬ ‫حكــم بكافــة حقوقــي التــي تعيــد لــي كرامتــي وتجعلنــي‬ ‫أعــود أنــا وأطفالــي لمنزلــي رغمــا عنهــم ورغــم تماديهــم‬ ‫بإهانتــي وتلفيــق التهــم الدنيئــة ليحتقرنــي جميــع مــن‬ ‫حولــي إال أننــي تحملــت وصبــرت ألجــل أطفالــي»‬ ‫وتشــير ألن عائلــة زوجهــا المتوفــى كان يأخــذوا ابنهــا‬ ‫(فــراس) منهــا دون علمهــا فــي كثيــر مــن األحيــان‪،‬‬

‫«‬

‫ومواقــف آخــري تأتــي شــقيقات زوجهــا تأخــذه دون أن‬ ‫تخبرهــا بذلــك‪ ،‬وقبــل أن تصحــو مــن نومهــا لتخــرج هــي‬ ‫فــي ســاعات مبكــرة مــن الصبــاح تبحــث عنــه هنــا وهنــاك‬ ‫كالمجنونــة‪ ،‬رغبــة منهــم بحرمانهــا منــه وإبعــاده عنهــا‬ ‫وكســرها وتدميرهــا بــأي طريقــة ممكنــة»‪.‬‬ ‫لــم تنتــه معانــاة (ص‪.‬ع) إلــى هــذا الحــد فقــد كانــت‬ ‫تواجــه خــال زوجهــا الــذي أراد إجبارهــا علــى الــزواج منــه‬ ‫بــأي طريقــة مــن أجــل الحصــول علــى مــال أطفالهــا‬ ‫اليتامــى‪ ،‬وتهديــده لهــا بحرمانهــا مــن أبنائهــا‪ .‬وتكمــل‬ ‫حديثهــا والدمــوع تمــأ عينيهــا‪ »:‬لــو يعطونــي غــزة كلهــا‬ ‫مــا بتعوضنــي عــن زوجــي‪ ،‬لــم أرغــب بالــزواج بــأي شــخص‬ ‫غيــره‪ ،‬حتــى وإن كنــت أعانــي الكثيــر بعــد وفاتــه التــي‬ ‫حولــت حياتــي لجحيــم ال يطــاق فجميــع مــن حولــي أصبــح‬ ‫كالذئــاب تنهــش مــن كل ناحيــة»‪.‬‬ ‫وتختــم (ص‪.‬ع) حديثهــا بأنهــا أصبحــت تعيــش اآلن‬ ‫أفضــل حــاال بعــد أن تدخــل الكثيــر مــن رجــال اإلصــاح‬ ‫بينهــا وبيــن عائلــة زوجهــا ليتركوهــا تعيــش بســام هــي‬ ‫وأطفالهــا‪ ،‬لكنهــا تخشــي كثيــرا صمتهــم وســكوتهم‬ ‫ألنهــا لطالمــا تعــودت علــى أن تحــدث العاصفــة مــا بعــد‬ ‫الهــدوء‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫ارتفاع رسوم التقاضي‪..‬‬ ‫المواطن هو المتضرر األول !!‬ ‫غادة سلمي‬

‫‪16‬‬

‫ينظــم عمليــة دفــع رســوم التقاضــي للمحكمــة قانــون‬ ‫رقــم (‪ )7‬لســنة ‪ ،2000‬حيــث يحــدد رســم خــاص لــكل‬ ‫قضيــة بحســب مــا هــو منصــوص عليــه فــي بنــود‬ ‫القانــون حســب نــوع القضيــة‪ ،‬فيتــم تحصيــل مــا قيمتــه‬ ‫‪ %1‬مــن قيمــة المبلــغ المقــام عليــه الدعــوى‪ ،‬وإذا كانــت‬ ‫قضيــة تتعلــق بعقــد فمــن قيمــة العقــد‪ .‬وهنــاك قضايــا‬ ‫يتــم فيهــا دفــع رســم مســتقطع مثــل قضايــا وضــع اليــد‬ ‫والحجــز واألراضــي و التــي يكــون فيهــا الحــد األعلــى فيهــا‬ ‫‪ 100‬دينــار بحســب القانــون‪.‬‬ ‫بــدوره‪ ،‬كشــف المحامــي والمستشــار القانونــي نائــب‬ ‫نقيــب المحاميــن فــي قطــاع غــزة األســتاذ (صافــي‬ ‫الدحــدوح) أن المجلــس األعلــى للقضــاء الفلســطيني فــي‬ ‫قطــاع غــزة قــد ســن قوانيــن جديــدة مــن شــأنها أن تزيــد‬ ‫مــن تكلفــة رســوم التقاضــي‪ ،‬حيــث اكــد أن هــذا األمــر‬

‫يخالــف تمامــا القانــون األساســي والدســتور‪ ،‬إذ ال يجــوز‬ ‫تعديــل القانــون أو إنشــاء رســم جديــد إال بنــص قانونــي‬ ‫صــادر عــن المجلــس التشــريعي‪ ،‬وهــو مجلــس معطــل‬ ‫بســبب االنقســام السياســي‪ ،‬وبالتالــي يجــب أن نتعامــل‬ ‫مــع األمــر بحــذر حتــى ال نعمــق حالــة االنقســام‪ .‬و أضــاف‬ ‫(الدحــدوح) أن الرســوم وفــق التعديــل الجديــد أصبحــت‬ ‫غيــر ثابتــة وتتغيــر مــن وقــت آلخــر مــن قبــل القائميــن‬ ‫علــى األمــر‪ ،‬فعلــى كل اســتدعاء وكل طلــب هنــاك رســم‬ ‫جديــد‪ ،‬وحتــى التصويــر يوضــع عليــه دمغــات جديــدة ‪،‬‬ ‫ولألســف كل هــذا يتحمــل تكلفتــه المواطــن الفلســطيني‬ ‫الــذي يلجــأ للقضــاء باألســاس ليعيــد حقـاً مشــروعاً ســلب‬ ‫منــه‪.‬‬

‫النقابة تطالب ولكن؟!‬

‫وبيــن (الدحــدوح) أن النقابــة طالبــت بإلغــاء هــذه‬ ‫الدمغــات‪ ،‬مضيفــا‪ :‬لقــد لجأنــا فــي بعــض األحيــان إلــى‬


‫تعليــق العمــل‪ ،‬لكــن القضــاء لــم يســتجب واســتمر فــي‬ ‫تطبيــق هــذه الرســوم‪ ،‬بــل انــه أنشــأ مــا يســمى ببنــك‬ ‫اإلنتــاج حيــث يُؤخــذ شــيكل علــى كل دمغــة وكل دمغتين‬ ‫بالتكــرار‪ ،‬لتجــد أن رســوم الدمغــة قــد ترتفــع إلــى أكثــر‬ ‫مــن خمــس شــواكل يتحملهــا المواطــن‪.‬‬ ‫وتابــع (الــد حــدوح) ان هــذا أصبــح‬ ‫مرهقــا للمواطنيــن و شــكل عبئــا‬ ‫ثقيــا عليهــم‪ ،‬خصوصــا فــي‬ ‫ظــل زيــادة عــدد األســر التــى‬ ‫تقــع تحــت خــط الفقــر فــى‬ ‫الفلســطينية‬ ‫االراضــى‬ ‫وبشــكل خــاص فــي قطــاع‬ ‫غــزة‪ ،‬فــى ظــل زيــادة اعــداد‬ ‫القضايــا المعروضــة أمــام‬ ‫القضــاء‪ ،‬فحســب إحصائيــات‬ ‫مجلــس القضــاء األعلــى فــإن‬ ‫محكمــة صلــح غــزة وحدهــا قــد‬ ‫أتمــت النظــر فــي ‪ 26946‬قضيــة‬ ‫فــي العــام ‪ 2016‬مــن أصــل ‪27054‬‬ ‫قضيــة‪ ،‬وهــذا يعنــي أن أطــراف النــزاع ضعف‬ ‫عــدد القضايــا علــى األقــل‪.‬‬

‫من المهم احترام القانون‬

‫وحمــل (الــد حــدوح) مســألة ارتفــاع رســوم التقاضــي‬ ‫إلــى القائميــن علــى القضــاء‪ ،‬مؤكــدا ان الدســتور يجــب‬ ‫ان يكــون فــوق الجميــع‪ ،‬وان «القاضــي ال يجــوز لــه بــأي‬ ‫حــال مــن األحــوال أن ينشــئ قانونــا‪ ،‬ولكــن بإمكانــه أن‬ ‫يجتهــد فــي حــل قضيــة لينشــئ مبــدأ قانونيــا وليــس‬ ‫نصــاً قانونيــاً يزيــد مــن األعبــاء علــى المواطنيــن»‪.‬‬ ‫ولفــت (الدحــدوح) الــى قيــام بعــض المؤسســات‪ ،‬ومــن‬ ‫خــال مشــاريع ذات عالقــة‪ ،‬بدفــع تكاليــف التقاضــي‬ ‫عــن الفئــات المهمشــة والضعيفــة وخصوصــاً مــن‬ ‫ُ‬ ‫متحملــة رســوم التقاضــي وأتعــاب المحاميــن‪،‬‬ ‫النســاء‪،‬‬ ‫و متابعــة ملفــات القضايــا كاملــة‪ ،‬ونحــن فــى النقابــة‬ ‫نقــوم بــدور فــى مســاعدة المتقاضيــن فــى دفــع رســوم‬ ‫التقاضــى‪ ،‬ولكــن تظــل هــذه الرســوم تشــكل عبئــا علــى‬ ‫كاهــل المواطنيــن المتقاضيــن الذيــن ال تنطبــق عليهــم‬ ‫معاييــر وشــروط الحصــول علــى تكاليــف التقاضــي مــن‬ ‫قبــل المؤسســات‪ ،‬فهــؤالء يشــكلون أعــدادا كبيــرة مــن‬ ‫المتقاضيــن الذيــن يتحملــون تكاليــف ورســوم التقاضــي‬ ‫إضافــة إلــى أتعــاب المحامــي‪ ،‬علمــا بــأن غالبيتهــم مــن‬ ‫أصحــاب الدخــل المحــدود أو يقبعــون تحــت خــط الفقــر‪.‬‬

‫تكاليف ترهق المواطن‬

‫ويوضــح (الدحــدوح)‪ :‬انــه لكــى يلجــأ المواطــن للقضــاء‬ ‫ً‬ ‫بدايــة أن يقــوم بتوكيــل محامــي لمتابعــة‬ ‫فــان عليــه‬

‫قضيتــه قانونيــاً وهــذا يحتــاج إلــى توكيــل قــدره ‪100‬‬ ‫شــيكل تدفــع للنقابــة‪ ،‬ورســوم ودمغــات للقضــاء قيمتهــا‬ ‫‪ 20‬شــيكل‪ ،‬ثــم بحســب قانــون ‪ 7‬لعــام ‪ 2000‬يدفــع ‪%1‬‬ ‫مــن قيمــة الدعــوى أو العقــد فــي حالــة العقــود قبــل إيداع‬ ‫القضيــة لــدى قلــم المحكمــة‪ ،‬ويمكــن تأجيــل‬ ‫هــذا المبلــغ لحيــن صــدور الحكــم والــذي‬ ‫ال يتــم تنفيــذه قبــل دفــع محــدد‬ ‫القيمــة‪ ،‬وهنــاك قضايــا يدفــع‬ ‫فيهــا رســم مســتقطع مثــل‬ ‫األراضــي ‪ 100‬دينــار كحــد‬ ‫أعلــى‪ ،‬أضــف علــى هــذه‬ ‫المبالــغ رســوم دوريــة أثناء‬ ‫جلســات مــا بيــن دمغــات‬ ‫وغيرهــا‪ ،‬ونحــن لــآن لــم‬ ‫نصــل إلــى األتعــاب التــي‬ ‫تدفــع للمحامــي»‪.‬‬ ‫كمــا يبيــن نائــب نقيــب‬ ‫المحاميــن أن أتعــاب المحامييــن‬ ‫ليــس عليهــا رقابــة إال مــن قبــل‬ ‫المحامــي نفســه صاحــب المهنــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫النقابــة تســعى ألن يكــون المحامي صاحب رســالة وأخالق‬ ‫ينتهــج الوســطية فــا يكــون متســلطاً علــى الموكليــن‬ ‫وال يحــط مــن قيمــة المهنــة وقيمــة ذاتــه‪ .‬ويضيــف‬ ‫(الدحــدوح) أن النقابــة تراقب ســلوكيات المحامين بشــكل‬ ‫دائــم وتقومهــم إذا لمســت منهــم تســلطا غيــر معقــول‪،‬‬ ‫لكــن فــي موضــوع األتعــاب ال تســتطيع التدخــل إال فــي‬ ‫حــال وجــود شــكوى رســمية مــن أحــد الموكليــن‪ ،‬أو طلــب‬ ‫المحامــي نفســه حــل نــزاع بينــه وبيــن موكلــه‪ ،‬وفــي هذه‬ ‫الحالــة تقــوم لجنــة خاصــة بتقديــر األتعــاب‪ .‬ونــوه ألنــه‬ ‫بإمــكان أي مواطــن اللجــوء إلــى لجنــة شــئون المهنــة‬ ‫لالستفســار عــن متوســط األتعــاب فــي قضيــة معينــة‪،‬‬ ‫كمــا يســتطيع أي مواطــن أو محامــي تقديــم شــكوى‬ ‫لنفــس اللجنــة‪ .‬وبيــن (الدحــدوح) أن األصــل أال تدفــع‬ ‫األتعــاب إال بعــد االنتهــاء مــن القضيــة‪ ،‬ويكــون المحامــي‬ ‫قــد نظــم بينــه وبيــن موكلــه عقــد تحديــد أتعــاب‪ ،‬وهــذا‬ ‫شــيء مختلــف عــن الوكالــة التــي تدفــع رســومها للنقابــة‬ ‫وهــي وثيقــة قانونيــة توضــح صفــة المحامــي نيابــة‬ ‫عــن المــوكل أمــام القضــاء لمتابعــة ســير القضيــة‪ .‬ورأى‬ ‫(الدحــدوح) أن علــى الجميــع أن يتكاتــف مــن أجــل تخفيــف‬ ‫األعبــاء عــن عاتــق أي مواطــن فلســطيني يســعى للبحــث‬ ‫عــن حقــه‪ ،‬قائــا‪ :‬يجــب أن يكــون الطريــق إلــى العدالــة‬ ‫ممهــدا‪ ،‬فنحــن مســئولون عــن كل عثــرة‪ ،‬وعــن كل ظلــم‬ ‫يســتمر جــراء الوقــوف أمــام أي عثــرة‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫ممدوح ‪...‬‬

‫حكاية حلم بسيط لم يتحقق!!‬

‫‪18‬‬

‫أسعد البيروتي‬ ‫خيــر‬ ‫حيــن يعــي اإلنســان دنيــاه ويــدرك مــا فيهــا مــن ٍ‬ ‫وشــر‪ ،‬جميــل وقبيــح‪ ،‬يبــذل جهــده كلــه علــه يتصــدى‬ ‫لمشــاق الحيــاة وصعوباتهــا أمــا فــي الوصــول لبــر أمــان!‬ ‫وقــد نــرى شــاباً فــي مقتبــل عمــره يحلــم أن يصيــر معلمـاً‬ ‫أو طبيب ـاً أو رئيس ـاً حتــى‪ ،‬لكــن مــا يبعــث علــى التعجــب‬ ‫والذهــول أن تــرى فتــىً صغيــراً يجــول األرض طــو ًال‬ ‫وعرض ـاً وهــو يحلــم بامتــاك «عربــة وحمــار»!! هــل هــو‬

‫مجنــون؟! هــل يعانــي مــن اضطــراب عقلــي؟!‬ ‫اســمه (ممــدوح)‪ ،‬فــي السادســة عشــر مــن عمــره‪ ،‬يعيــش‬ ‫فــي معســكر ديــر البلــح وســط قطــاع غــزة‪ ،‬هــو األول‬ ‫واألكبــر بيــن أشــقائه الخمســة‪ ،‬وأبــوه عاطــل عــن العمــل‬ ‫منــذ ســنوات وال عمــل لــه إال جلــب اإلهانــه البنــه‪ ،‬أمــا‬ ‫أمــه فعاملــة نظافــة فــي مستشــفى الشــفاء بغــزة وتعــد‬ ‫المعيــل األول لألســرة وهــي الحضــن الدافــئ لممــدوح‬ ‫فــي وقــت حاجتــه‪.‬‬


‫لقــد لعــب حرمــان الوالــد المتواصــل لممــدوح مــن‬ ‫مصروفــه الشــخصي دورا فــي تركــه مقاعــد الدراســة منــذ‬ ‫الصــف الخامــس االبتدائــي‪ ،‬طالبــاً للعمــل الكريــم فــي‬ ‫أي مــكان‪ .‬ولــم يمنعــه صغــر ســنه بــأن يكــون فــي صــف‬ ‫العامليــن الكادحيــن الذيــن يســعون ليلهــم ونهارهــم‬ ‫مقابــل شــواكل قليلــة تكفــي للطعــام وال تكفــي للكســاء‪.‬‬ ‫الثمــن األكبــر وبالرغــم مــن كل تلــك الظــروف المحيطــة‬ ‫بــه‪ ،‬فقــد تمــرد ممــدوح علــى نعومــة يديــه واألحــام‬ ‫الورديــة ليعيــش إنســانًا مــا تبقــى مــن عمــره فــي هــذه‬ ‫الدنيــا ‪.‬‬ ‫يقــول (ممــدوح) لدنيــا العــدل‪« :‬حينمــا ســقط أبــي فــي‬ ‫وحــل المخــدرات‪ ،‬دفعــت أنــا الثمــن األكبــر فــي ســجنه‬ ‫أكثــر مــن ‪ 4‬مــرات علــى خلفيــة تعاطيــه مــرة‪ ،‬وتجارتــه‬ ‫مــرة‪ ،‬والترويــج مــرة أخــرى‪ .‬تبـاً لذلــك الرجــل كــم أكرهــه‬ ‫وال أحــب رؤيتــه أمامــي‪ ،‬إنــه ال يعــرف إال الشــتم واللعــن‬ ‫وســب الــذات اإللهيــة‪ ،‬واألســوأ أن أكــون كبــش فــداء فــي‬ ‫كل مــرة‪ ،‬أعمــل طــوال النهــار‪ ،‬وفــي النهايــة يضربنــي‬ ‫ويأخــذ منــي مــا جنيتــه فــي يومــي وليلتــي مــا يبعــث‬ ‫بنفســي اليــأس واالكتئــاب‪ ،‬لكــن بإرادتــي أحــاول أن‬ ‫اكــون قويــا قــدر المســتطاع»‪.‬‬

‫سيد نفسه‬

‫ويضيــف (ممــدوح) ذو البنيــة الهزيلــة‪« :‬يضطرنــي كثيــراً‬ ‫إلــى اللجــوء ألهــل أمــي و اصدقائــى للمبيت عندهــم‪ ،‬الذي‬ ‫لطالمــا قســي علــيّ ألتركهــم وأبقــى وحيــداً فــي البيــت‪.‬‬ ‫وكثيــراً مــا حــاول وبــادر أهــل الحــي والجيــران ورجــال‬ ‫الخيــر واألقــارب التدخــل والحديــث معــه ليغيــر تعاملــه‬ ‫الســىء معــي‪ ،‬فــكان يبادرهــم بعــدم االحتــرام‪ ،‬وغالبــا مــا‬ ‫كانــوا يبــدون اســتياءهم مــن تصرفاتــه وقســوته علــى‪،‬‬ ‫حيــث بــاءت كل محــاوالت اإلصــاح بالفشــل‪ ،‬األمــر الــذى‬ ‫ال ينبــىء بمــا هــو خيــر»‪.‬‬ ‫ويواصــل (ممــدوح) ‪ »:‬أبــدى الجميــع احترامهــم‬ ‫ومســاعدتهم لــي‪ ،‬فــا يــكاد يمــر يــوم إال وأجــد رزقــا‪..‬‬ ‫لقــد عملــت فــي معامــل األســمنت‪ ،‬وبيــع الخضــروات‪،‬‬ ‫والقصــارة‪ ،‬وغيرهــا مــن األعمــال الشــاقة التــي كانــت‬ ‫أهــون علــي مــن جبــروت ذلــك الرجــل‪ ،‬و لكــن كــم كانــت‬ ‫أمنيتــي األكبــر أن أشــتري حمــاراً أبيــع عليــه الخضــرة وأن‬ ‫أكــون ســيد نفســي»‪.‬‬

‫الوضع االقتصادي الصعب‬

‫ويكمــل (ممــدوح) بنبــرة حزينــة‪ »:‬بذلــت الجهــد الكبيــر‬ ‫ألحقــق ذلــك‪ ،‬وحاولــت مــراراً لكــن الظــروف المحيطــة بــي‬ ‫ال تمكننــي مــن ذلــك‪ ،‬ناهيــك عــن الوضــع االقتصــادي‬ ‫الصعــب الــذي يعيشــه النــاس فــي ظــل انتشــار البطالــة‪،‬‬

‫وأزمــة الخريجيــن‪ ،‬واغــاق المعابــر‪ ،‬لكــن النــاس‬ ‫تســاعدني بقــدر المســتطاع‪ ،‬وأنــا ممتــن لهــم بذلــك‬ ‫وأعتبرهــم أهلــي وأحبهــم مــن قلبــي»‪« .‬ال أفكــر البتــة‬ ‫فــي الذهــاب للجــان الــزكاة أو مراكــز حقــوق اإلنســان‪،‬‬ ‫قأنــا أولــى بهمومــي ومشــاكلي‪ ،‬كمــا ان كرامتــي تمنعنــي‬ ‫مــن طلــب المســاعدة»‪ ،‬يسترســل (ممــدوح)‪ .‬ويــردف‬ ‫قائال‪»:‬يرانــي النــاس فيظنــوا أنــي أمتلــك المــال الكثيــر‬ ‫ألنــي أعمــل‪ ،‬لكنهــم ال يعلمــوا مــا بداخلــي ومــا أعانيــه‬ ‫مــن ألــم نفســي‪ ،‬وكــم هــى لحضــن دافــئ يحتوينــي‬ ‫ويتفهــم ذاتــي ويحترمنــي ويأخــذ بيــدي ألصــل إلــى بــر‬ ‫األمــان»‪.‬‬

‫لم يكن خيار سوى تع ُلم مهنة‬

‫ويتابــع (ممــدوح) ل»لدنيــا العــدل»‪ »:‬حاولــت كثيــراً شــراء‬ ‫دابــة أقودهــا وأبيــع الخضــروات عليهــا‪ ،‬حيــث أبــدى‬ ‫مــزارع اســتعداده ليســاعدني فــي ذلــك‪ ،‬لكــن لــم أســتطع‬ ‫جمــع المــال الــذي يمكننــي مــن ذلــك‪ ،‬نصحنــي المقربــون‬ ‫بااللتحــاق بمركــز خدمــة المجتمــع «الصناعــة»‪ ،‬فقبلــت‬ ‫وذهبــت هنــاك وتعلمــت النجــارة وأُعجــب المدرســين‬ ‫بأدائــي وشــجعوني علــى إكمــال هــذا الطريــق‪ ،‬وبــدأت‬ ‫بالفعــل أشــتري عدتــي الخاصــة مــن مالــي علنــي أســتطيع‬ ‫أن أحقــق حلمــي بشــراء الدابــة وأن أطــور ذاتــي شــيئاً‬ ‫فشــيئا حتــى أصــل إلــى مــرادي الــذي لطالمــا ســعيت‬ ‫لــه بالرغــم مــن كل مــا حصــل معــي وعانيتــه مــن أبــي‬ ‫وغيــره»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويضيــف (ممــدوح)‪ »:‬عانيــت كثيــرا فــي حياتــي بالرغــم‬ ‫مــن قصرهــا حتــى أننــي أذكــر مــرة كنــت أعمــل فــي‬ ‫الدفيئــات الزراعيــة‪ ،‬وشــعرت بألــم شــديد فــي ظهــري‬ ‫وقدمــي فلــم أســتطع أن أتحــرك وأشــفق علــي صاحــب‬ ‫العمــل فأعطانــي أجرتــي وأحضــر ســيارة لتقلنــي إلــى‬ ‫بيتــي وبقيــت أســبوع كامــل ال أقــوى علــى الحركــة جــراء‬ ‫اإلرهــاق الشــديد الــذي تعرضــت لــه عــاوة علــى األلــم‬ ‫النفســي الــذي ينهــش جســدي»‪.‬‬

‫فقط اطلب الحياة الكريمة‬

‫ويختتــم (ممــدوح) حديثــه لدنيــا العــدل‪ »:‬أنــا ال أطلــب‬ ‫المســتحيل فقــط اطلــب العيــش حيــاة كريمــة كباقــي‬ ‫أطفــال العالــم»‪ .‬لقــد كفلــت المواثيــق الدوليــة التــي وقــع‬ ‫عليهــا الفلســطينيون حــق األطفــال فــي التعليــم‪ ،‬وحاربــت‬ ‫عمالــة األطفــال تحــت الســن المجــاز بــه‪ ،‬وشــددت علــى‬ ‫محاربــة كل مــن ينتهــك حقــوق الطفولــة وهــى ضمانــات‬ ‫كفيلــة بتحقيــق العدالــة ‪ ،‬لكــن الواقــع المريــر الــذي‬ ‫يحيــاه الفلســطينيون اليــوم يحــول دون تــذوق (ممــدوح)‬ ‫لحالوتهــا‪ ،‬فهــو لــم يفلــح وغيــر قــادر علــى الوصــول إلــى‬ ‫بــر األمــان!!‬

‫‪19‬‬


‫قبل البدء برحلة البحث عن لقمة العيش‬ ‫نشوان‪ :‬البد من تفعيل قانون التعليم‬ ‫اإللزامي لألطفال‬

‫‪20‬‬

‫سهر دهليز‬ ‫يعيــش الطفــل الفلســطيني حيــاة مختلفــة ال تشــبه أبــداً‬ ‫حيــاة مــن هــم بنفــس جيلــه مــن األطفــال فــي العالــم‪،‬‬ ‫فهنــاك مــن يضطــر لالســتجداء والتوســل للــركاب‬ ‫والمــارة بشــوارع المدينــة مــن أجــل شــراء بضاعتــه التــي‬ ‫يحملهــا بيــن يديــه (تســول)‪ ،‬وهنــاك مــن اضطــر لتــرك‬ ‫مدرســته أو الهــروب منهــا والذهــاب للعمــل فــي بيــع‬ ‫بعــض الحلــوى للمواطنيــن رغبــة فــي توفيــر قــوت أســرته‬ ‫اليومــي‪ ،‬و هنــاك آخريــن ينتشــرون هنــا وهنــاك يتســولوا‬ ‫مــن أجــل الحصــول علــى األمــوال بــأي طريقــة كانــت‪.‬‬ ‫المحامــي والباحــث القانونــي (كارم نشــوان) لخــص‬ ‫انتهــاكات حقــوق الطفــل الفلســطيني فــي شــقين وهمــا‪،‬‬ ‫األول‪ :‬تســول األطفــال الــذي يعتبــر محاولــة للحصــول‬ ‫علــى المــال عــن طريــق اســتدرار العاطفــة وهــم ضمــن‬ ‫مســؤولية وزارة الشــؤون االجتماعيــة‪ ،‬والشــق الثانــي‪:‬‬ ‫عمالــة األطفــال مقابــل األجــر علم ـاً بــأن قانــون العمــل‬ ‫حــدد ســن (‪ )15‬ســنة للعمــل وهــو ســن مبكــر ويتعــارض‬

‫مــع قانــون الطفــل واتفاقيــة حقوقــه علــى اعتبــار أن ســن‬ ‫الطفولــة حســب القانــون ينتهــي عنــد (‪ )18‬ســنة‪.‬‬ ‫و أضــاف (نشــوان) أن قانــون الطفــل الفلســطيني يتقاطــع‬ ‫مــع اتفاقيــة حقــوق الطفــل فــي تعريــف الطفــل بأنــه «كل‬ ‫شــخص لــم يتــم عمــر (‪ )18‬ســنة»‪ ،‬و هــذا يوجــه أســئلة‬ ‫كثيــرة كبيــرة للقائميــن علــى شــئون األحــداث‪ :‬طالمــا أن‬ ‫كل مــن هــو مــا دون ســن (‪ )18‬ســنة يعتبــر طفــا‪ ،‬فكيــف‬ ‫يســمح القانــون بعمــل األطفــال بالفئــة العمريــة (‪-15‬‬ ‫‪ )18‬ســنة؟‪ ،‬مــا هــو مســتقبل هــذا الطفــل الــذي يعمــل‬ ‫فــي ســن مبكــرة بالتعليــم؟ ومــا هــي تأثيــرات العمــل على‬ ‫حقوقــه الصحيــة والنفســية وحقــه فــي اللعــب واللهــو‪،‬‬ ‫علمــا أن وجــود األطفــال مــا دون ســن (‪ )18‬فــي ســوق‬ ‫العمــل يــؤدي إلــى انتهــاك واضــح لكثيــر مــن حقوقــه؟‪.‬‬ ‫أمــا عــن أســباب ظاهــرة عمــل األطفــال فــي ســن مبكــرة‪،‬‬ ‫فقــد أشــار (نشــوان) إلــى أن العوامــل االقتصاديــة تعتبــر‬ ‫المســئول األول واألكبــر فــي ازديــاد معــدالت الفقــر‬


‫والبطالــة‪ ،‬وخصوصــا لــدى األســر الكبيــرة وكثيــرة العــدد‪،‬‬ ‫بمعنــى أنــه كلمــا زاد عــدد أفــراد األســرة كلمــا كان‬ ‫هنــاك فرصــة أكبــر لعمالــة وتســول األطفــال‪ ،‬ناهيــك‬ ‫عــن المشــاكل األســرية وانفصــال األهالــي الــذي يــؤدي‬ ‫إلــى تشــرد األطفــال‪ ،‬وشــعور الطفــل فــي بعــض الحــاالت‬ ‫بالحرمــان ولجوئــه لتقليــد أقرانــه الذيــن يعملــون دون‬ ‫معرفــة األهــل لتلبيــة احتياجاتهــم أســوة بزمالئهــم‬ ‫بالمدرســة‪.‬‬ ‫ويضيــف (نشــوان)‪ ،‬أن الجهــات ذات العالقــة بشــئون‬ ‫األطفــال ال تقــوم بدورهــا تجــاه المتابعــة والتطبيــق‬ ‫الفاعــل لقانــون إلزاميــة التعليــم‪ ،‬األمــر الــذي تســبب‬ ‫فــي زيــادة ظاهــرة األطفــال المتســولين وعمالــة األطفــال‪،‬‬ ‫وعليــه ليــس مســتغربا أن توصــى العديــد مــن الدراســات‬ ‫واألبحــاث بضــرورة اتخــاذ القــرارات واإلجــراءات الالزمــة‬ ‫لتنفيــذ أحــكام القانــون‪ ،‬وضــرورة تدخــل وزارة التربيــة‬ ‫والتعليــم و وزارة الداخليــة لمتابعــة إلزاميــة التعليــم‪،‬‬ ‫أســوة بالــدول المتحضــرة التــي تحتــرم وتطبــق قوانينهــا‬ ‫ذات العالقــة بإلزاميــة التعليــم ‪ ،‬حيــث تقــوم الــوزارة‬ ‫والجهــات المعنيــة والمراكــز الشــرطية فيهــا للتدخــل‬ ‫العاجــل إلعــادة كل طفــل تــرك مقاعــد الدراســة إلــى‬ ‫مدرســته تعزيــزا لحقــه فــي التعليــم وحمايــة لكرامتــه‪.‬‬ ‫ولفــت (نشــوان) ان متابعــة وزارة التربيــة والتعليم تقتصر‬ ‫فقــط علــى إرســال إنــذار لألهــل‪ ،‬وفــي بعــض األحيــان‬ ‫ترســل المرشــد االجتماعــي للمتابعــة ألهــل الطفــل مــن‬ ‫بــاب رفــع العتــب وكإجــراء روتينــي شــكلي ‪ ،‬حيــث ينتهــي‬ ‫األمــر بعــدم عــودة الطفــل للمقاعــد الدراســة‪ .‬هــذا وأشــار‬ ‫(نشــوان) إلــى أن انتشــار ظاهــرة تســول وعمالــة األطفــال‬ ‫تعتبــر مــن احــد األســباب الرئيســية فــي انتشــار الجريمــة‬ ‫وازديــاد نســبة األحــداث الجانحيــن‪ ،‬خصوصــا و أن الكثيــر‬ ‫مــن األطفــال لــم يقدمــوا علــى فعــل الجريمــة أو حتــى‬ ‫التدخيــن وتعاطــي المهدئــات أثنــاء تواجدهــم بالمدرســة‬ ‫وقبــل التحاقهــم بســوق العمــل‪ ،‬األمــر الــذي اختلــف‬ ‫تمامــا لــدى اندماجهــم بســوق العمــل‪ ،‬وتقليــد أقرانهــم‬ ‫مــن أجــل الحصــول علــى أمــوال خاصــة لهــم حتــى وان‬ ‫كانــت بطــرق غيــر مشــروعة‪.‬‬ ‫مــن المهــم العمــل ســريعا علــى حمايــة الطفــل والطفولة‪،‬‬ ‫فهنــاك‪ ،‬وحســب (نشــوان)‪ ،‬مــا يقــارب (‪ 60‬ألــف) طفــل‬ ‫فــي ســوق العمــل ممــن هــم تحــت ســن (‪ )15‬ســنة‪،‬‬ ‫وهــذا الرقــم كبيــر جــدا يعكــس مخالفــات واضحــة ألحــكام‬ ‫القانــون‪ ،‬كمــا ان الفئــة العمريــة (‪ )18 -15‬و التــي أجــاز‬ ‫القانــون عملهــم تعانــى الكثيــر مــن االنتهــاكات الصارخــة‬ ‫لحقوقهــم مــن حيــث ســاعات العمــل الطويلــة‪ ،‬وتدنــي‬ ‫نســبة األجــور‪ ،‬وســوء معاملتهــم‪ ،‬و أخطــار األعمــال‬ ‫الشــاقة والضــارة بصحتهــم وتحديــدا خطــر األعمــال‬ ‫الليليــة‪ ،‬و هــي أمــور توضــح بالملمــوس ضعــف الرقابــة‬

‫واالنتهــاك الصريــح ألحــكام القانــون‪.‬‬ ‫المهــم أن للمؤسســات ذات العالقــة دور مركــزي فــي‬ ‫حمايــة هــذه الفئــة مــن األطفــال‪ ،‬فحســب (نشــوان)‪:‬‬ ‫يجــب علــى المؤسســات األهليــة ذات العالقــة أن تقــوم‬ ‫بتفعيــل دورهــا التوعــوي حــول مخاطــر هــذه الظاهــرة‬ ‫وآثارهــا وانعكاســاتها علــى الفــرد والمجتمــع‪ ،‬وضــرورة‬ ‫العمــل علــى توثيــق االنتهــاكات التــي تحــدث فــي ســوق‬ ‫العمــل لألطفــال‪ ،‬والتواصــل والتأثيــر والضغــط علــى‬ ‫صنــاع القــرار مــن أجــل االهتمــام باألســباب والمبــررات‬ ‫التــي تدفــع باتجــاه الحــد مــن عمالــة األطفــال‪ ،‬والتــي‬ ‫تتمثــل فــي متابعــة التعليــم اإللزامــي‪ ،‬وتفعيــل التدريــب‬ ‫المهنــي‪ ،‬فالبــد مــن وجــود تعليــم مهنــي إلزامــي‪،‬‬ ‫وضــرورة التواصــل مــع وزارة العمــل لتفعيــل دورهــا‬ ‫خاصــة دائــرة التفتيــش العمالــي ووزارة التربيــة والتعليــم‬ ‫والداخليــة للتعليــم اإللزامــي لألطفــال‪.‬‬ ‫أمــا عــن المعيقــات التــي تواجــه إعمــال دور المؤسســات‬ ‫فــي حمايــة هــؤالء األطفــال‪ ،‬فقــد أكــد (نشــوان) علــى‬ ‫انــه إضافــة تحديــات االنقســام‪ ،‬فهنــاك عــدم وجــود‬ ‫خطــط اقتصاديــة تنمويــة تســاهم فــي الحــد مــن الفقــر‬ ‫والبطالــة وهــى أســباب حقيقيــة تقــف وراء عمالــة األطفــال‬ ‫وتســولهم‪ ،‬إضافــة إلــى انخفــاض المســتوي التعليمــي‬ ‫والمعرفــي لألبويــن ومــا يعنيــه مــن عــدم معرفــة بمخاطر‬ ‫عمالــة األطفــال‪ ،‬خصوصــا وان كثيــر مــن األطفــال قــد‬ ‫انخرطــوا بســوق العمــل بقــرار مــن األب معيــل األســرة‬ ‫نفســها‪ .‬و أضــاف (نشــوان) انــه ال توجــد جهــود حقيقيــة‬ ‫وفاعلــة لتحســين ظــروف األطفــال العامليــن‪ ،‬وأن جهــود‬ ‫المؤسســات األهليــة للتصــدي لظاهــرة عمالــة األطفــال‬ ‫تظــل محــدودة نتيجــة ارتبــاط هــذه الجهــود بتوفــر‬ ‫مصــادر التمويــل للمشــاريع‪ ،‬خصوصــا وان غالبيــة‬ ‫التمويــل تقتصــر علــى التوثيــق والتمكيــن أو المســاعدات‬ ‫العينيــة‪.‬‬ ‫أمــا عــن أهــم المقترحــات التــي يمكــن العمــل عليهــا‬ ‫مــن أجــل الحــد مــن هــذه الظاهــرة وعالجهــا‪ ،‬فيقــول‬ ‫(نشــوان)‪ :‬ال بــد مــن وجــوب تعديــل قانــون العمــل‬ ‫بمــا يضمــن حظــر عمــل األطفــال دون ســن ‪ 18‬ســنة‪،‬‬ ‫وضــرورة تفعيــل التعليــم اإللزامــي‪ ،‬و الــذي ال يعنــى‬ ‫فقــط إلــزام الطفــل بالمدرســة‪ ،‬بــل توفيــر الملبــس‬ ‫والمواصــات والكتــب بشــكل مجانــي علــى حســاب‬ ‫الدولــة‪ ،‬والعمــل علــى إيجــاد حلــول لألســر الفقيــرة مــن‬ ‫خــال توفيــر فــرص عمــل أو دعــم المشــاريع الصغيــرة‪،‬‬ ‫إضافــة لزيــادة المســاعدات المقدمــة مــن وزارة الشــؤون‬ ‫االجتماعيــة خاصــة أن المبالــغ الــذي تحصــل عليهــا األســر‬ ‫قليــل مقارنــة بعــدد أفرادهــا والمــدة التــي يحصلــون فيــه‬ ‫علــى المســاعدة‪ ،‬شــرط أن تتناســب مــع الخــط األدنــى‬ ‫للفقــر‪ ،‬وان يتــم ذلــك بكتابــة تعهــد خطــي بــأن ال يذهــب‬ ‫أطفالهــا إلــى ســوق العمــل‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫محكمة جنايات كبرى‬ ‫متطلب لعدالة ناجزة‬ ‫‪22‬‬

‫غادة سلمي‬ ‫شــهد المجتمــع الفلســطيني فــي اآلونــة األخيــرة تحــوالت‬ ‫سياســية واجتماعيــة كبيــرة ناتجــة عــن حالــة االنقســام‪،‬‬ ‫انعكســت علــى أركان المجتمــع ككل بمــا فيهــا القضــاء‬ ‫وكان لهــذه التداعيــات أثــر كبيــر فــي تعميــق االنقســام‬ ‫أكثــر خصوصــاً بعــد لجــوء القضــاء إلصــدار تشــريعات‬

‫فــي قطــاع غــزة وأخــرى فــي الضفــة الغربيــة دون انعقــاد‬ ‫للمجلــس التشــريعي الموحــد‪ ،‬ناهيــك عــن انقســام النيابة‬ ‫العامــة فــي شــقي الوطــن‪ ،‬فيمــا تنشــغل نقابــة المحاميــن‬ ‫بمراقبــة كل هــذه االنتهــاكات القضائيــة وتســجيلها‪.‬‬ ‫وبمــرور ســنوات االنقســام‪ ،‬وبازديــاد معــدالت الجريمــة‪،‬‬ ‫أيــا كان دوافعهــا‪ ،‬كان إنشــاء مــا يســمى بـــ «محكمــة‬


‫جنايــات كبــرى» متطلبــا ضروريــا لعدالــة ناجــزة‪ ،‬تراعــي‬ ‫طبيعــة المجتمــع‪ ،‬وتكــون األســرع فــي رأب الصــدع قبــل‬ ‫أن يكبــر ويكبــر‪.‬‬ ‫يــرى المستشــار القانونــي (الدكتــور عبــد الكريــم شــبير)‬ ‫أن المجتمــع الفلســطيني بحاجــة إلــى مــا يســمى محكمــة‬ ‫جنايــات كبــرى تقــوم بالنظــر فــي القضايــا التــي تحتــاج‬ ‫للســرعة فــي التعامــل معهــا ومنهــا قضايــا الثــأر والقتــل‬ ‫واالعتــداء و التــي أصبحــت تتزايــد بشــكل ملمــوس علــى‬ ‫أرض الواقــع ‪ ،‬للحفــاظ علــى أمــن المجتمــع وخصوصيتــه‪،‬‬ ‫خصوصــا وان طــول أمــد التقاضــي فــي مثــل هــذه القضايــا‬ ‫يؤثــر علــى المجتمــع واســتقراره ‪ ،‬األمــر الــذي ينعكــس‬ ‫ســلبا علــى منظومــة العدالــة‪.‬‬ ‫دَور المحكمة‬ ‫ويوضــح (شــبير) أن محكمــة الجنايــات‬ ‫الكبــرى تعمــل علــى اســتعجال النظــر‬ ‫فــي القضايــا التــي تمــس الــرأي‬ ‫العــام‪ ،‬أو لهــا عالقــة بالوضــع‬ ‫األمنــي والسياســي أو‬ ‫االقتصــادي داخــل الوطــن؛‬ ‫لــدرء المظلمــة وإثــاج‬ ‫صــدور أهــل المجنــي عليــه‪،‬‬ ‫وإعطــاء الدولــة والمجتمــع‬ ‫حقهــا واالنتصــار للمظلــوم‪،‬‬ ‫كمــا أن العمــل فــي محكمــة‬ ‫الجنايــات الكبــرى يــردع كل‬ ‫مــن تســول لــه نفســه التعــدي‬ ‫علــى مــا يمــس أمــن المجتمــع‪.‬‬ ‫تجــدر اإلشــارة أن قانــون اإلجــراءات‬ ‫الجزائيــة رقــم (‪ )3‬لســنة ‪ ،2001‬وقانــون‬ ‫العقوبــات يطبقــان فــي االراضــى الفلســطينية‪ ،‬وهمــا‬ ‫يكفــان الدفــاع عــن حقيــن لصيقيــن‪ ،‬وهمــا الحــق الخاص‬ ‫والــذي يــرد للشــخص الواقــع عليــه المظلمــة حقــه ويعتبــر‬ ‫التنــازل عنــه ســبباً مخففــاً للعقوبــة‪ ،‬والحــق العــام وهــو‬ ‫حــق للمجتمــع ال يجــوز اســقاطه أو التنــازل عنــه‪.‬‬ ‫وفــي هــذا الســياق‪ ،‬يوضــح (شــبير) أن القانــون‬ ‫الفلســطيني لــم يتــرك جريمــة إال ووضــع لهــا نــص‪ ،‬وكفــل‬ ‫اإلجــراءات الجزائيــة والعقوبــات التــي بموجبهــا يتــم دفــع‬ ‫ملــف القضيــة أمــام المحكمــة‪ ،‬مبينــا أن «مــدى تطبيــق‬ ‫هــذا القانــون والحفــاظ عليــه يمكــن أن يقيــس حياديــة‬ ‫واســتقالل القضــاء‪ .‬كمــا أكــد أن بعــض القضايــا يجــب أن‬ ‫يتــم التعامــل معهــا بشــكل خــاص فيمــا يخــص التوقيــت‬ ‫ألن إطالــة أمــد التقاضــي فــي بعــض القضايــا قــد يفاقــم‬ ‫وضعهــا ســو ًءا‪.‬‬

‫عرقلة النظر في القضايا‬ ‫وتحــدث (شــبير) عــن أن الهــدف مــن إقامــة محكمــة‬ ‫جنايــات كبــرى باألســاس هــو الحفــاظ علــى العدالــة‬ ‫االنتقاليــة وتطبيــق الغايــات التــي مــن أجلهــا جــاء القانون‪.‬‬ ‫وقــال‪ :‬الحاجــة لمثــل هــذه المحكمــة ال يعنــي أن المحاكــم‬ ‫العاديــة غيــر مؤهلــة للنظــر فــي القضايــا التــي تمــس‬ ‫األمــن العــام حســب قانــون الســلطة القضائيــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫الظــروف االســتثنائية التــي يعيشــها المجتمــع الفلســطيني‬ ‫نتيجــة االنقســام والحصــار والتــي انعكســت علــى منظومة‬ ‫العدالــة القضائيــة بانعكاســات ســلبية‪ ،‬اذ ال يوجــد فــي‬ ‫محاكــم قطــاع غــزة ســوى (‪ )48‬قاضيــا فــى حيــن يحتــاج‬ ‫القطــاع إلــى أكثــر مــن ‪ 140‬قاضيــا‪ ،‬كمــا أن أماكــن‬ ‫المحاكــم غيــر مجهــزة الســتقبال الكــم الكبيــر مــن القضايا‬ ‫التــي تتوافــد إليهــا بشــكل يومــي‪ ،‬مــا يعنــي عرقلــة‬ ‫النظــر الســريع فــي كثيــر مــن القضايــا‬ ‫خصوصــاً الشــائك منهــا‪ ،‬ويزيــد‬ ‫األمــر ســو ًءا افتقــار العامليــن فــي‬ ‫المحكمــة لكثيــر مــن الخبــرات‬ ‫المهنيــة التــي تتطلــب أداء‬ ‫العمــل بكفــاءة مــع الملفــات‬ ‫والقضايــا‪ .‬وتابــع القول‪ :‬إن‬ ‫النظــر فــي تلــك القضايــا‬ ‫الكبــرى بشــكل اســتثنائي‬ ‫فــي محكمــة جنايــات كبــرى‬ ‫يعمــل علــى حفــظ أمــن‬ ‫المجتمــع واســتقراره‪ ،‬كمــا‬ ‫يمكــن اهــل المجنــي عليــه مــن‬ ‫كظــم غيظهــم‪ ،‬بــدال مــن لجوئهــم‬ ‫األخــذ الحــق بأيديهــم‪.‬‬ ‫دوافع وأسباب الجريمة‬ ‫وكشــف (شــبير)‪ :‬لقــد تكلمنــا عــن فكــرة إنشــاء محكمــة‬ ‫الجنايــات الكبــرى فــي عــدة لقــاءات واجتماعــات وتــم‬ ‫مناقشــة مقتــرح انشــاء المحكمــة المتخصصــة فــي النظــر‬ ‫بالقضايــا التــي تمــس أمــن المجتمــع‪ ،‬بحيــث ال يتــم‬ ‫تأجــل الجلســات فيهــا ألكثــر مــن ‪ 15‬يــوم‪ ،‬بحيــث تكــون‬ ‫الجلســات متتابعــة مــن اجــل ان يتــم الفصــل فــى هــذه‬ ‫القضايــا فــى مــدة قصيــرة أمــا باإلدانــة‪ ،‬أو العقوبــة‪ ،‬او‬ ‫التعويــض‪.‬‬ ‫وفيمــا اكــد الدكتــور (شــبير) أن انتشــار الجرائــم أصبــح‬ ‫بحاجــة للنظــر فيــه بطــرق خاصــة لحمايــة المجتمــع لكيــا‬ ‫تتحــول تلــك القضايــا الــى ظواهــر‪ ،‬فانــه لــم يعتبــر أنهــا‬ ‫وصلــت للحــد الــذي يمكــن أن نقــول فيــه أنهــا ظاهــرة ألن‬ ‫دوافــع و أســباب كل جريمــة تختلــف عــن الجريمــة األخــرى‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫ولفــت إلــى أن هنــاك دوافــع وأســباب غيــر مباشــرة تدفــع‬ ‫الجانــي الرتــكاب جنايتــه كالقتــل الخطــأ علــى خلفيــة‬ ‫ســرقة مثــا؛ كالظــروف االقتصاديــة مــن حيــث انتشــار‬ ‫الفقــر البطالــة والفــراغ فــى اوســاط الشــباب‪.‬‬ ‫ورأى( شــبير) فــي لقــاء «دنيــا العــدل» أن البــطء فــي‬ ‫التحقيــق وعــدم اطــاع الجمهــور علــى نتائــج التحقيــق‬ ‫لتهدئتهــم هــو أحــد األســباب والعوامــل األساســية فــي‬ ‫زيــادة معــدالت الجريمــة‪ ،‬مبين ـاً أن تنفيــذ العقوبــة علــى‬ ‫المجرميــن يكــون فيــه شــقين شــق ردع خــاص ويقــع‬ ‫علــى مــن اقتــرف الجريمــة وشــق ردع عــام وهــو بــأن‬ ‫يكــون الجانــي عبــرة لآلخريــن بــأال يقدمــوا علــى اقتــراف‬ ‫نفــس العمــل ومخالفــة القانــون‪ .‬ويضيــف (شــبير) ان أهــم‬ ‫أســباب انتشــار الجريمــة أيضــا‪ ،‬يتمثــل فــى انتشــار الســاح‬ ‫غيــر المرخــص‪ ،‬األمــر الــذي يتطلــب المتابعــة والمعالجــة‬ ‫الفوريــة‪.‬‬ ‫أهمية سرعة المحاكمات‬ ‫وأوضــح (شــبير) أن اإلســراع فــي إجــراءات المحاكمــات‬ ‫فــي القضايــا التــي تمــس أمــن المجتمــع ونشــر نتائــج‬ ‫المحاكمــات ضــرورة ملحــة‪ ،‬مبينـاً أن مــا حصــل فــي اآلونــة‬ ‫األخيــرة مــن قضايــا قتــل فــي الشــارع الفلســطيني وأهمهــا‬ ‫قضيــة حدثــت بيــن عائلتيــن كبيرتيــن فــي القطــاع كان‬ ‫نتيجــة التباطــؤ فــى الفصــل فــي قضيــة ســابقة بيــن‬ ‫نفــس العائلتيــن‪ .‬وأردف‪ :‬هــذا البــطء والتباطــؤ فــي إعطــاء‬ ‫الحكــم يدفــع أطــراف النــزاع ألخــذ القانــون باليــد خصوصـاً‬ ‫عنــد تضــرر أهــل المجنــي عليــه مــن مشــاهدتهم للجانــي‬ ‫طليقــاً‪ .‬إن مثــل هــذه الجرائــم تحتــاج لمحاولــة حلهــا‬ ‫خــارج مؤسســة القضــاء بشــكل ســريع للســيطرة عليهــا‬ ‫عــن طريــق تدخــل العشــائر ولجــان اإلصــاح والحكومــة‬ ‫والمســؤولين أو العوائــل التــي لهــا عالقــة بالموضــوع‪،‬‬ ‫لكــن إذا وصلــت هــذه القضيــة للقضــاء فيجــب تســريع‬ ‫العمــل عليهــا‪.‬‬ ‫ورأى (شــبير) أن ربــط دور التدخــات العشــائرية والفصائــل‬ ‫وغيرهــا بزمــن محــدد لحــل الخــاف محــدد أمــر ضــروري‪،‬‬ ‫حتــى ال يؤثــر علــى عمــل القضــاء ومؤسســاته‪ .‬كمــا تمنــى‬ ‫أن يتــم تفعيــل دور هيئــة الرقابــة والتفتيش التي أسســتها‬ ‫الســلطة القضائيــة ســاب ًقا للرقابــة واإلشــراف علــى‬ ‫القضــاء ومؤسســاته بمــا فيهــا المحاكــم‪ ،‬ولهــا الحــق أن‬ ‫تطلــع علــى االجــراءات القانونيــة المعمــول بهــا ومحاضــر‬ ‫الجلســات وكيفيــة ســير العدالــة فــي كافــة القضايــا‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫قضاة اقوياء مرتكز لعدالة ناجزة‬ ‫وتابــع (شــبير) حديثــه لـــ «دنيــا العــدل»‪ :‬إلنشــاء محكمــة‬ ‫جنايــات كبــرى نحتــاج إلــى فئــات مهنيــة تختــص بتوفيــر‬

‫قضــاة لديهــم خبــرة ومؤهــات علميــة تمكنهــم مــن‬ ‫البــت فــي القضايــا المؤثــرة فــي المجتمــع‪ ،‬وربــط هــذه‬ ‫الخبــرة بالحاجــة إلــى التدريــب والعمــل مــدة زمنيــة‬ ‫كافيــة إلعــداد قضــاة أقويــاء مــن الناحيــة القانونيــة‬ ‫ســواء ســبق لهــم العمــل فــي مجــال المحامــاة أو القضــاء‬ ‫أو النيابــة العامــة‪ ،‬وأن يتخلــل هــذه الفتــرة عمــل كافــي‬ ‫إلطالعــه علــى عــدد كبيــر مــن الملفــات القضائيــة‪ .‬كمــا‬ ‫طالــب (شــبير) بالتخصــص فــي المحاكــم الجنائيــة‪ ،‬وأن‬ ‫يتــم إرســال القضــاة إلــى الخــارج لالطــاع علــى منظومــة‬ ‫دول شــقيقة‪ ،‬وأن يتحــروا‬ ‫العدالــة القضائيــة الجنائيــة فــي ِ‬ ‫المهنيــة والحياديــة والشــفافية ويطلعــوا علــى عــدد كبيــر‬ ‫مــن الملفــات‪.‬‬ ‫االلتزام بالمعايير القانونية‬ ‫كمــا أكــد (شــبير) علــى ضــرورة الرقابــة مــن قبــل مجلــس‬ ‫القضــاء األعلــى علــى محكمــة الجنايــات الكبــرى‪ ،‬وكافــة‬ ‫المؤسســات القضائيــة والمســاندة للقضــاء‪ ،‬وأن يكــون‬ ‫لإلعــام ومنظمــات حقــوق اإلنســان حضــور فــي جلســاتها‪،‬‬ ‫ومنــح حــق إذاعــة ونشــر الجلســات التــي تتعلــق بالــرأي‬ ‫العــام حتــى يكــون هنــاك استشــعار لــدى المحكمــة‬ ‫برقابــة المجتمــع علــى عملهــا مــا يضمــن العمــل فيهــا‬ ‫بشــفافية‪ ،‬ومهنيــة مطلقــة‪ .‬وطالــب (شــبير) الســلطة‬ ‫القضائيــة بااللتــزام بالمعاييــر التــي وضعهــا القانــون‬ ‫لتعييــن القضــاة‪ ،‬وضــرورة المحافظــة علــى اســتقاللية‬ ‫القضــاء وعــدم الــزج بــه فــي متاهــات السياســة‪ ،‬وتقديــم‬ ‫مصلحــة الــكل علــى الجــزء‪ ،‬وااللتــزام مــن قبــل القضــاة‬ ‫بالملفــات واألدلــة المقدمــة للمحكمــة وعــدم الحكــم‬ ‫بالعلــم الشــخصي واألهــواء الخاصــة بــل بنايــة الحكــم‬ ‫علــى األدلــة‪.‬‬ ‫واقتــرح (شــبير) انــه فــي حــال كان مــن الصعــب إنشــاء‬ ‫جســم كامــل لمحكمــة جنايــات كبــرى فــي قطــاع غــزة‪،‬‬ ‫فمــن الممكــن تشــكيل هيئــة مختصــة بقضايــا الجنايــات‬ ‫الكبــرى لحيــن توفــر اإلمكانــات الالزمــة‪ .‬وأخيــراً دعــا‬ ‫(شــبير) الــكل الفلســطيني لتحمــل مســؤولياته تجــاه‬ ‫المجتمــع‪ ،‬قائ ـ ً‬ ‫ا‪« :‬أنــا اتصــور أن تحمــل المســؤولية مــن‬ ‫مؤسســات الدولــة والمجتمــع المدنــي وحتــى العائــات عن‬ ‫مــا يحــدث فــي مثــل هــذه القضايــا‪ ،‬ســيؤدي حتمــاً إلــى‬ ‫تحقيــق العدالــة االنتقاليــة داخــل فلســطين وتشــكيل قــوة‬ ‫ردع لــكل مــن تســول لــه نفســه علــى انتهــاك القانــون‪،‬‬ ‫وعلــى الــكل أن يتكاتــف لجعــل الفكــرة حيــة»‪.‬‬


‫مركز هــدف ينظم لقاء حول أسباب وآثار صدور‬ ‫األحكام في دعاوى الحسبة‬

‫«قضايــا الحســبة تتلخــص فــي طلــب األجــر والثــواب من اهلل ســبحانه‬ ‫وتعالــى فــي تطبيــق المعــروف والنهــي عــن المنكــر‪ ،‬والشــهادة‬ ‫فيهــا واجبــة دون طلــب‪ ،‬ويشــترط فيــه توفــر أربــع أركان مُحتســب‪،‬‬ ‫محتســب عليــه‪ ،‬مُحتســب فيــه‪ ،‬احتســاب»‪ ،‬هــذا مــا أوضحــه مديــر‬ ‫عــام اإلرشــاد األســري فــي المحاكــم الشــرعية فضيلــة الشــيخ عبــد‬ ‫الخالــق البحيصــي‪.‬‬

‫توصيات بإعادة النظر في إجراءات الزواج‬ ‫بسبب ارتفاع حاالت الطالق‬ ‫عقــد مركــز هــدف لحقــوق اإلنســان بمدينــة غــزة‪ ،‬وبالتعــاون مــع‬ ‫المجلــس القضائــي الشــرعي حلقــة «واجه الجمهــور» لمناقشــة «قرار‬ ‫التفريــق للــزوج»‪ ،‬الــذي أصــدره رئيــس القضــاء الشــرعي الفلســطيني‬ ‫ســماحة الشــيخ حســن الجوجــو فــي العاشــر مــن فبرايــر ‪،2016‬‬ ‫ويقضــي بإعطــاء الحــق للــزوج برفــع طلــب للتفريــق فــي حالــة الضــرر‬ ‫واســتحالة العشــرة الزوجيــة‪ ،‬وإنــه بالنظــر لمصلحــة األســرة ومــن‬ ‫بــاب المســاواة فــي الحقــوق بيــن الرجــل والمــرأة فقــد كان االجتهــاد‬ ‫بإصــدار قــرار التفريــق للرجــل‪.‬‬

‫مركز هدف يطالب بتأسيس محكمة جنايات كبرى‬

‫قــال الدكتــور يوســف صافــي مديــر مركــز هــدف لحقــوق اإلنســان‪« :‬يحمــل‬ ‫مركــز هــدف علــى عاتقــه الضغــط مــن أجــل تحقيــق العدالــة فــي المجتمــع‬ ‫الفلســطيني ونشــر ثقافــة حقوقيــة بيــن أفــراد المجتمــع»‪.‬‬ ‫وأضــاف صافــي خــال لقــاء عقــده مركــز هــدف بعنــوان «محكمــة جنايــات‬ ‫كبــرى ‪ ..‬متطلــب لعدالــة ناجــزة»‪ ،‬الــذي ينفــذ ضمــن أنشــطة مشــروع «تعزيــز‬ ‫اســتجابة ومســاءلة قطــاع العدالــة الحتياجــات المواطنيــن الفقــراء والمهمشــين‬ ‫مــن خــال رقابــة المجتمــع المدنــي»‪ ،‬الممــول مــن برنامــج تعزيــز ســيادة‬ ‫القانــون «سواســية»‪« :‬إن وجــود محكمــة جنايــات كبــرى يضمــن أحــد أكبــر‬ ‫أســس تحقيــق العدالــة فــي المجتمــع الفلســطيني»‬

‫دعوة الستجابة القوانين الفلسطينية لعدالة النوع االجتماعي‬

‫نظــم مركــز هـــــدف لحقــوق اإلنســان بمدينــة غــزة حلقــة نقــاش بعنــوان‬ ‫«نحــو رقابــة فاعلــة علــى تطبيــق العدالــة الجندريــة فــي القوانيــن‬ ‫الفلســطينية» وقــال الدكتــور يوســف صافــي مديــر مركــز هـــــــــــدف‬ ‫لحقــوق اإلنســان فــي اللقــاء الــذي نظمــه المركــز بقاعــة مطعــم‬ ‫الالتيرنــا‪« :‬المســاواة القائمــة علــى النــوع االجتماعــي هــي حــق مــن‬ ‫حقــوق اإلنســان المنصــوص عليهــا فــي كافــة المواثيــق الدوليــة‪ ،‬تمامـاً‬ ‫كالحــق فــي الحيــاة‪ ،‬والصحــة‪ ،‬وحريــة الــرأي والتعبيــر‪ ،‬موضحــاً‪« :‬بــأن‬ ‫المســاواة القائمــة علــى النــوع االجتماعــي هــي ضمــان حقيقــي للتنميــة‬ ‫فــي المجتمــع»‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫فعاليات هدف في صور‬

‫‪26‬‬


27


‫‪28‬‬

‫العنوان ‪:‬‬ ‫غزة ‪ -‬الميناء‪ -‬شرق فندق غزة الدولي ‪ -‬عمارة أبو العوف ‪ -‬الطابق الثاني‬ ‫هاتف ‪ +972 8 2820216 :‬فاكس ‪+972 8 2881016 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني ‪hadaf@hadaf-hr.org :‬‬ ‫‪www.hadaf-hr.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.