تقرير لمركز "بديل" حول التهجير القسري للفلسطينيين: الجريمة والمسؤولية

Page 1

‫�آب ‪2013‬‬

‫الع ـ ـ ـ ــدد (‪)54‬‬ ‫ال�سنة احلادية ع�شرة‬

‫ملف العدد‪:‬‬

‫ساهم في هذا العدد‪:‬‬

‫ت�صدر عن‪ :‬بديل‪/‬املركز الفل�سطيني مل�صادر حقوق املواطنة والالجئني‬ ‫ع�ضو ا�ست�شاري يف املجل�س االقت�صادي واالجتماعي‪ /‬الأمم املتحدة‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‪:‬‬ ‫ال���ج���ري���م���ة وال���م���س���ؤول���ي���ات‬ ‫النقب ‪2010‬‬

‫الرملة ‪1948‬‬

‫عمـواس ‪1967‬‬

‫القدس ‪2012‬‬

‫عيسى قراقع‪ -‬بيت لحم‬ ‫أمجد القسيس‪ -‬بيت لحم‬

‫جوزف شيكال‪ -‬المملكة المتحدة‬ ‫محمد الياس نزال – رام الله‬

‫وسيم غنطوس‪ -‬حيفا‬ ‫حليمة العبيدية‪ -‬بيت لحم‬

‫لوري ألن‪ -‬الواليات المتحدة‬ ‫مايك دمبر‪ -‬المملكة المتحدة‬

‫‪1‬‬

‫�آب‬ ‫‪2013‬‬


‫‪2‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫صافرة إنذار‬

‫االفتتـاحيــة‬ ‫الطريق إلى الطريق‬

‫بقلم‪ :‬عيسى قراقع‬

‫في الوقت الذي تسن إسرائيل التشريعات‪ ،‬وترسم السياسات وتنفذ المشاريع التي تحكم من‬ ‫خاللها سيطرتها على المنطقة (ج)‪ ،‬وتدفع بسكانها الفلسطينيين إلى معازل أوسلو؛ أي ما صار‬ ‫يعرف بالمنطقتين (أ) و (ب)‪ ،‬نجد القوى السياسية‪ ،‬والسلطة الفلسطينية‪ ،‬والمجتمع المدني ال‬ ‫يملكون أكثر من رؤية ما يجري‪ -‬وفي أحسن األحوال يتباهون بمبادرات فردية متناثرة هنا وهناك‪،‬‬ ‫اقل من دفاعية‪ ،‬تفتقر ألبسط أسس النضال المنهجي القابل للمراكمة‪ .‬ليس هذا جلدا للذات كما‬ ‫يحلو للبعض أن يسميه‪ ،‬وال ً‬ ‫عماء‪ ،‬أو دفنا للرأس في الرمل بحجة موازين القوى‪ ،‬والحالة العربية‬ ‫المتردية وهيمنة قوى االستعمار‪...‬الخ من حقائق‪ ،‬بل هو محاولة للوقوف‪ -‬ان لم يكن في وجه‬ ‫المستعمر‪ ،‬فاقله للوقوف مع الذات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ماذا لدينا‪ ،‬ليس إلنهاء استعمار فلسطين كي نوصف بالحالمين المتطرفين‪ ،‬بل حول المنطقة‬ ‫(ج) والتي من المفترض أنها الموضوع األساس للتفاوض من وجهة نظر أنصار حل الدوليتين في‬ ‫حدود عام ‪ -1967‬وباعتبارها ستشكل أكثر من ‪ %60‬من الدولة العتيدة؟‬ ‫طبعا‪ ،‬سنجد كثيرا من اإلحصاءات حول المساحات المصادرة‪ ،‬واإلنشاءات االستيطانية‬ ‫والعسكرية‪ ،‬والمستعمرين المتزايدين‪ ،‬والفلسطينيين المهجرين‪ ،‬والحقوق والحريات‬ ‫المنتهكة‪ ...‬لكننا‪ ،‬ال زلنا في المربع صفر! نفاوض بال مرجعية‪ ،‬نأمل في صحوة ضمير االستعمار‬ ‫العالمي‪ ،‬نراهن على دورات االنتخابات األمريكية واإلسرائيلية‪ ،‬ننتظر قيام ساعة السند العربي‪،‬‬ ‫واتساع حركة تضامن شعوب العالم‪ ،‬ندين ما يجري‪ ،‬نوثقه ونرفعه في تقارير‪ ،‬ونهدد ما بين تارة‬ ‫وأخرى باالنسحاب‪ ،‬وال ندري الين‪ .‬وعليه يبقى السؤال‪ ،‬هل هناك إستراتيجية فلسطينية لمقاومة‬ ‫التهجير واالستيطان أم كالعادة ما زلنا نركن إلى منطق قوة الحق بانتظار الفرج؟‬ ‫التوصيف القانوني لجريمة نقل السكان سواء كجريمة حرب أو جريمة ضد اإلنسانية غاية في‬ ‫الوضوح في وثائق القانون والقضاء الدوليين واجتهادات الفقهاء‪ .‬فهي جريمة دولية سواء تمثلت‬ ‫في تهجير السكان قسرا من ديارهم‪ ،‬أو بغرس سكان من المستعمرين‪/‬المستوطنين في األرض‬ ‫المحتلة‪ ،‬وطالما ارتكبت منهجيا أو كجزء من سياسة منهجية بهدف تغيير التركيبة الديمغرافية‬ ‫لإلقليم‪ ،‬أو لجزء منه‪ .‬وال يشترط الكتمال أركان الجريمة أن يكون النقل بفعل قسري مباشر‪ ،‬إذ‬ ‫يكفي أن تمتنع السلطة الفعلية القائمة عن منع التهجير أو االستيطان‪ ،‬وهو ما قد يشكل إهماال‬ ‫أو تواطؤا‪ .‬وقد يكون الفعل بالتدخل االيجابي للسلطة الفعلية عبر سن التشريعات‪ ،‬توجيه القضاء‬ ‫أو التأثير فيه‪ ،‬وضع الخطط‪ ،‬توفير الدعم المالي‪ ،‬توظيف اإلعالم لتشجيع استعمار المستوطنين‬ ‫لألرض المحتلة‪ ،‬أو رحيل السكان‪ ،‬حماية المستعمرين عسكريا وسياسيا‪ ،‬تجريد السكان من سبل‬ ‫العيش الكريم‪...‬الخ فالوسائل واإلجراءات واألدوات‪ ،‬ال حصر لها‪.‬‬ ‫رغم أن الحالة الفلسطينية لم تكن مصدر اإللهام للمشرع الدولي او الفقه القانوني‪ ،‬إذ أن‬ ‫الجريمة وتوصيفها األساسي قد سبقت نشوء القضية الفلسطينية‪ ،‬إال أن انطباق الجريمة اسطع‬ ‫ما يكون في الواقع الفلسطيني‪ .‬نقول اسطع ما يكون على المستوى العالمي ألربعة أسباب جلية‪:‬‬ ‫األول‪ :‬ان جريمة نقل السكان في فلسطين تجمع ما بين الشكلين المتصورين في آن واحد؛ أي‬ ‫تهجير السكان وتوطين المستعمرين‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أن الجريمة مستمرة منذ أكثر من ستة عقود‪ ،‬فهي لم تقع وتتوقف في لحظة تاريخية‬ ‫محددة‪ ،‬إنما ال زالت تجري منهجيا ‪ -‬منذ النكبة على األقل‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن نية ارتكاب الجريمة ليست ضمنية مستوحاة من األفعال المرتكبة؛ بل معلن عنها‬ ‫بوضوح في تشريعات‪ ،‬وبرامج حكومية ووثائق رسمية يروج لها ويدافع عنها أصحابها بال مواربة‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬أن وسائل وأدوات ارتكاب الجريمة بشكليها – التهجير والتوطين‪ -‬فاقت ما قدمه القانون‬ ‫الدولي من أمثلة بحيث يمكن اعتبار الحالة الفلسطينية نموذجا يستدعي تطوير التشريعات‬ ‫الدولية بهذا الشأن‪.‬‬ ‫ال يصعب تتبع منهجية التهجير وتوطين المستعمرين في التشريعات والسياسات‬ ‫والممارسات اإلسرائيلية‪ ،‬كما ال يصعب الكشف عن السند الفكري‪ -‬األيدلوجي العنصري لمشروع‬ ‫استعمار فلسطين لجعلها وطنا قوميا لليهود‪ .‬في المقابل‪ ،‬ال يصعب تأكيد اتفاق الفلسطينيين‬ ‫على األقل‪ -‬على أن التهجير والتوطين االحاللي مستمرين بال انقطاع منذ النكبة‪ .‬لكن المفارقة تبدو‬‫غريبة ومحبطة للغاية‪ ،‬وال منطقية عند قراءة موقف وسلوك الضدين‪ :‬الصهيوني – اإلسرائيلي من‬ ‫جهة والفلسطيني من جهة ثانية‪ .‬فبعد أكثر من ستة عقود من التهجير واالستعمار‪ ،‬والحرمان‪...‬‬ ‫الخ نرى المحتل المستعمر يملك إستراتيجية فعالة لتطبيق مشروعه االستعماري الالقانوني‬ ‫والالخالقي وللدفاع عنه بكل شراسة‪ ،‬في حين يقف صاحب الحق‪/‬الحقوق ليس مذهوال‪ ،‬عاجزا‪،‬‬ ‫مستسلما وحسب‪ ،‬بل وغير عارف لما عليه أن يفعل!‬ ‫إذا كان ال بد من التفاوض في ظل موازين قوى مختلة بوضوح لمصلحة إسرائيل تحقيقا‬ ‫ألهداف براغماتية اضطرارية أو آنية‪ ،‬إذ انه من السخف االفتراض أن المعطيات ستقود إلى اتفاق‬ ‫يضمن الحقوق الوطنية تقرير المصير‪ ،‬العودة إلى الديار األصلية‪ ،‬وإقامة الدولة المستقلة ذات‬ ‫السيادة الكاملة‪ ،‬فانه محض انتحار مواصلة نهج تجنب المواجهة‪ .‬والمواجهة‪ ،‬ليس بالضرورة ان‬ ‫تكون مواجهة مسلحة‪ .‬فقد تكون مثال بتحدي نظام تصاريح البناء واستصالح األرضية المفروضة‬ ‫من قبل إسرائيل‪ ،‬بإبداع قوانين وخطط وبرامج فلسطينية – حتى وان ناقضت اوسلو‪ -‬تشجع على‬ ‫التوجه لالستقرار في المنطقة (ج) او االستثمار فيها‪ .‬إن المضي في انتظار تصاريح االحتالل يعني‬ ‫ببساطة انتظار اإلذن منه لمقاومته‪ .‬وغني عن القول أن هكذا نهج ال يقبل الهزيمة وحسب‪ ،‬بل‬ ‫يسعى لتعميمها؛ ربما ليقنع نفسه بان ال بديل‪ ،‬أو أمال بان يجد في التاريخ القادم من يبرر له فعله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫المستعمر أو حتى انهزام األخير هو في المحصلة نتاج‬ ‫المستعمر مع‬ ‫مما ال شك فيه أن سالم‬ ‫ِ‬ ‫موازين القوى‪ ،‬ولكن حتى الهزيمة أو االنكفاء ‪ -‬في نضاالت الشعوب التحررية‪ -‬ال بد أن تكون‬ ‫المستعمر شرعية ممارسة التطهير العرقي‬ ‫بكرامة‪ ،‬أو قل على األقل ال تكون بمنح المنتصر‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫للمنهزم‪.‬‬ ‫هيئة التحرير‬

‫*‬

‫ً‬ ‫تفريغ أرض الضفة من الفلسطينيين مستمر‪ ،‬وزرع المستوطنين بدال منهم أيضًا مستمر‪ .‬بيت لحم ‪( ٢٠١١‬تصوير‪ :‬أحمد البز‪)www‪.‬activestills‪.‬org ،‬‬

‫في الذكرى أل ‪ 65‬للنكبة‪ ،‬كما في كل السنوات السابقة‪ ،‬نسمع‬ ‫صافرة اإلنذار‪ ،‬إعالنا إسرائيليا باحتالل فلسطين وتهجير سكانها‬ ‫وتشتيتهم وتطهيرهم من المكان والزمان‪ .‬لم نسمع صافرة‬ ‫اإلنذار خالل اقتحام مئات القرى والمدن خالل النكبة في عام ‪،1948‬‬ ‫بل سمعنا صوت الرصاص وهو يحصد الناس ويتركهم أكواما‬ ‫فوق مذبحة‪ ،‬أو هائمين شاردين من الموت الذي الحقهم‪.‬‬ ‫إسرائيل تعلن استقاللها بصافرة إن��ذار‪ ،‬متباهية بنكبة‬ ‫الشعب الفلسطيني واحتالل أرضه وذكرياته وتاريخ ميالده‪،‬‬ ‫ومستدعية في صفارتها كل أساطيرها ومزاميرها المسلحة وهي‬ ‫تقتحم بلدا آمنا‪ ،‬تدمر حضارته وتصادر أسماءه وتجفف ينابيعه‬ ‫وتراهن على تعب الذاكرة‪.‬‬ ‫صافرة اإلن��ذار المرتبطة بالحرب دائما‪ ،‬والمتالصقة لروح‬ ‫العسكرة والتطرف القومي واالستعداد الدائم لالعتداء على‬ ‫اآلخرين‪ ،‬تتكرر على مدار أل ‪ 65‬عاما من اللجوء الكارثي الفلسطيني‪،‬‬ ‫وكأن دولة إسرائيل ال زالت قلقلة‪ ،‬تجلس في المعسكر‪ ،‬غير واثقة‬ ‫أن أرض النكبة قد استقرت لها‪ ،‬وان الرماد لم ينطفئ تماما‪.‬‬ ‫صافرة اإلن��ذار هي قلق الهوية اإلسرائيلية الملتبسة‪،‬‬ ‫والتناقض الصارخ بين وحي الخرافة آلبائهم األولين والواقع‬ ‫الذي لم يجف‪ .‬فالراوي لم يسكت في الراوية‪ ،‬والشجرة عادت‬ ‫وأطلقت أغصانها في البراري‪ ،‬فال األسطورة اكتملت‪ ،‬وال الدولة‬ ‫المدنية المفترضة قد قامت ولو إلى حين‪.‬‬ ‫صافرة اإلن��ذار تستدعي الجنود والحاخاميين واألطفال من‬ ‫مدارسهم وأحالمهم‪ ،‬تستدعي القضاة والمحامين والعمال‬ ‫والنساء والمسافرين‪ ،‬تطلب منهم أن يلبسوا زي العسكر‪ ،‬أن‬ ‫يحشوا المسدس جيدا‪ ،‬أن ال يناموا‪ ،‬ألن األرض قد تنقلب‪ ،‬ويلتقط‬ ‫الفلسطينيون بصنارة الحنين مفاتيحهم‪ ،‬ويعودوا من خيامهم‬ ‫واثقين‪.‬‬ ‫صافرة اإلنذار تعلن عدم وجود سالم في األرض وال في السماء‪.‬‬ ‫كل شيء مغلق‪ ،‬البحر مغلق‪ ،‬والطرق مغلقة‪ ،‬الشبابيك مغلقة‪...‬‬ ‫وبعد ‪ 65‬عاما لم ينتصر جيش الدفاع اإلسرائيلي على نور البصيرة‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ولم يستطع أن يخرج القرية من خارطتها‪ ،‬أو يمحو‬ ‫االسم عن قبور تحرسها الغزالن في اليقين‪.‬‬ ‫ص��اف��رة اإلن���ذار ال زال��ت تؤجج روح المحرقة ف��ي نفوس‬ ‫اإلسرائيليين‪ ،‬ليزدادوا اشتعاال ويشعلون اآلخرين‪ ،‬وهي إقرار‬ ‫واضح أن الضحايا اإلسرائيليين تحولوا إلى جالدين خائفين ال‬

‫يرون ضحايا غيرهم‪ ،‬وال حدود للحوار اإلنساني واألخالقي حتى في‬ ‫القصائد والمدرسة‪.‬‬ ‫صافرة اإلنذار الزالت تقول لإلسرائيليين‪ :‬لم تكونوا كما أردتكم‬ ‫أن تكونوا! كلما أقمتم مستوطنة استيقظ الغد لدى الفلسطينيين‪،‬‬ ‫وكلما راهنتم على المنفى الثقافي والروحي‪ ،‬اقترب الظل أكثر من‬ ‫الذاكرة الفلسطينية‪ ،‬واشتهى الحاضر ماضيه كما ينبغي من‬ ‫إحساس بالرطوبة والملح وطعم التراب‪.‬‬ ‫صافرة إنذار‪ ...‬تهرب العصافير‪ ،‬تبتعد الغيوم‪ ،‬يتحرك الموت‬ ‫في األبدية‪ ،‬يسأل الطلبة معلميهم كل األسئلة العادية عن‬ ‫المكان‪ ،‬يرسمون زيتونة وبوابة وبحرا‪ ،‬بينما الجنود اإلسرائيليون‬ ‫يبنون المتاريس العسكرية‪ ،‬يحرسون مملكة الميعاد ويختبأون‬ ‫خلف الجدار‪ ،‬يراقبون الندى عائدا من ذلك الصيف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫صافرة إن��ذار ال تذكر اإلسرائيليين بغير فرحهم الرمادي‬ ‫بإبادة قرى فلسطين‪ ،‬وتطهيرها من سكانها‪ ،‬وبتذكيرهم أنهم‬ ‫انتصروا في المعارك ولم ينتصروا في السالم وفي زراعة األمل لهم‬ ‫وألوالدهم‪ ،‬لم يسكنوا أسماءهم العبرية إال بالمسدس‪ ،‬لم يهدوا‬ ‫األرض غير تحيتهم العسكرية وروحهم العنصرية‪ ،‬ولم يهدوا‬ ‫السماء غير صافرتهم الطاردة للهواء والطيور وكأنهم يستدعون‬ ‫عزلتهم في األعالي‪.‬‬ ‫في كل خطوة مطرودة بقي الربيع وراءنا‪ ،‬وفي كل متر مشيناه‬ ‫ودعنا شيء ما ظل يالحقنا حتى نستعيده‪ ،‬نقتفي آثارنا األولى‬ ‫والقادمة ألن حياتنا معنا‪ ،‬مكتملين في اإلياب والغياب‪ ،‬ال نحتاج‬ ‫إلى خرافة أو دبابة في الوصول إلى المعنى‪ ،‬وال إلى سيف يحرث‬ ‫كالم األرض عندما يسقيها المطر‪.‬‬ ‫صافرة إنذار لهم وحدهم كي يمألوا الفراغ الروحي والوجداني‪،‬‬ ‫ليكون لهم أقدام هنا بعقب حديدية‪ ،‬وأسنان لجرافاتهم التي ال‬ ‫تعرف الرحمة‪ ،‬معتقدين أن أرضنا تحتاج إلى كل هذه الغزوات‬ ‫لتغير شكلها وصوتها‪ ،‬لكن أرضنا حبلى بالحكايات‪ ،‬حليبها ساخن‪،‬‬ ‫فال ترى تحت أنقاض البيوت إال الحديقة والعشب الطري‪.‬‬ ‫صافرة إن��ذار‪ ،‬ليس رنين أج��راس تدعو الناس للصالة في‬ ‫الكنيسة‪ ،‬وال آذان جامع يكبر في العالمين بآيات الرحمن والمسرة‪،‬‬ ‫بل زفير الغرباء عندما تهرب األرجاء من حولهم ويظلون وحدهم‪،‬‬ ‫ال جمال وال أغنية‪ ،‬سوى مخيم يطفئ الجوع بالشهداء وأضالع‬ ‫السناسل‪.‬‬ ‫*عيسى قراقع‪ :‬وزير شؤون األسرى والمحررين‪.‬‬


‫�آب ‪2013‬‬

‫‪3‬‬

‫التمييز العنصري الصهيوني‪ :‬جريمة ضد اإلنسانية‬ ‫بقلم‪ :‬أمجد القسيس*‬

‫إعالن بدء األنشطة وفعاليات أسبوع األبرتهايد اإلسرائيلي في جنوب أفريقيا‪ ١٠ ،‬آذار ‪( ٢٠١٣‬المصدر‪)www.iaw.com:‬‬

‫في العام ‪ ،1973‬أدانت األمم المتحدة «التحالف‬ ‫غير المقدس بين االستعمار البرتغالي‪ ،‬العنصرية‬ ‫ف��ي ج��ن��وب إفريقيا‪ ،‬واالم��ب��ري��ال��ي��ة الصهيونية‬ ‫اإلسرائيلية»‪ .‬بعد عامين فقط من هذا اإلعالن‪ ،‬تم‬ ‫اإلعالن عن «الصهيونية باعتبارها شكال من أشكال‬ ‫العنصرية والتمييز العرقي»‪ .‬وبناء على طلب اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬تم إلغاء هذا القرار في العام ‪ 1991‬من‬ ‫أجل تمهيد الطريق نحو مؤتمر مدريد للسالم في‬ ‫العام نفسه‪ ،‬ورغم هذا‪ ،‬فإن مساواة الصهيونية‬ ‫بالعنصرية ال تزال صحيحة‪.‬‬ ‫يستند الفصل العنصري على إقامة نظام التمييز‬ ‫المؤسسي والحفاظ عليه‪ ،‬بحيث تهيمن مجموعة‬ ‫واحدة على المجموعات األخرى‪ .‬في حالة إسرائيل‪،‬‬ ‫فإن األيدلوجية الصهيونية هي المتسبب األساسي‬ ‫في واقع استمرار وجود الفلسطينيين عرضة للتمييز‬ ‫العنصري‪ .‬وهذا األمر ال يقتصر على الفلسطينيين‬ ‫المقيمين في األرض الفلسطينية المحتلة‪ ،‬فالنظام‬ ‫اإلسرائيلي يستهدف أيضا الفلسطينيين القاطنين‬ ‫في ااألرض التي احتلت في العام ‪ ،1948‬أي داخل خط‬ ‫الهدنة لعام ‪( 1949‬والمعروف باسم الخط األخضر)‪،‬‬ ‫وماليين من الالجئين الفلسطينيين الذين يعيشون‬ ‫في المنفى القسري‪ ،‬في الوقت ال��ذي تقوم فيه‬ ‫إسرائيل بتشجيع االستيطان اليهودي‪-‬اإلسرائيلي‬ ‫في أراضيهم ال��م��ص��ادرة‪ .‬وعلى ه��ذا النحو‪ ،‬فإن‬ ‫الفلسطينيين‪ ،‬أيا كان محل إقامتهم‪ ،‬واقعون تحت‬ ‫وطأة بنية واح��دة متماسكة من الفصل العنصري‬ ‫الصهيوني‪ .‬إن هذه البنية ّ‬ ‫تميز ضد الفلسطينيين‬ ‫في مجاالت عدة مثل الجنسية والمواطنة‪ ،‬والحرمان‬ ‫م��ن ال��ح��ق ف��ي (ال��ع��ودة‪ ،‬اس��ت��ع��ادة الممتلكات‪،‬‬ ‫والتعويض)‪ ،‬وحقوق اإلقامة‪ ،‬وملكية األراضي‪.‬‬ ‫لقد نشأ ه��ذا النظام في العام ‪ 1948‬بهدف‬ ‫السيطرة على الفلسطينيين وتهجيرهم قسرا‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك أولئك الذين كان عددهم يناهز الـ ‪150,000‬‬ ‫ممن تمكنوا من البقاء داخل «الخط األخضر»‪ ،‬والذين‬ ‫أصبحوا مواطنين فلسطينيين في إسرائيل‪ .‬ولدى‬ ‫احتالل الجزء المتبقي من فلسطين على يد القوات‬ ‫االسرائيلية في عام ‪ ،1967‬فقد رزح الفلسطينيون‬ ‫الذين يعيشون داخل تلك األرض إلى نظام الفصل‬ ‫العنصري الصهيوني ذاته‪.‬‬ ‫لقد خلصت نتائج حلقة جنوب إفريقيا لمحكمة‬ ‫راسيل (المحاكمة الشعبية) (‪)Russell Tribunal‬‬ ‫حول فلسطين إلى أن ممارسات اسرائيل ضد الشعب‬

‫الفلسطيني تشكل جريمة فصل عنصري داخل كل‬ ‫فلسطين (والتي يشار إليها بفلسطين االنتدابية أو‬ ‫التاريخية)‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الحركة الصهيونية‪ ،‬وفي‬ ‫وقت الحق؛ إسرائيل‪ ،‬لم تكن لديها مصلحة في خلق‬ ‫نظام فصل عنصري بهدف بناء سيطرة بالمعنى‬ ‫التقليدي؛ اي سيطرة مجموعة “عرقية” واح��دة‬ ‫على أخرى‪ ،‬والحفاظ على هذه السيطرة‪ .‬فإسرائيل‬ ‫ل��م تهدف إل��ى استغالل عمالة الفلسطينيين‬ ‫األصالنيين أو بسبب الرغبة بالحد من مشاركتهم‬ ‫السياسية واالجتماعية‪ .‬بدال من ذلك‪ ،‬كان هدفها‬ ‫الدائم إقامة‪ ،‬والحفاظ على دولة صهيونية متجانسة‬ ‫ومحصورة بالعنصر اليهودي‪ .‬وقد كان هذا واضحا‬ ‫منذ السنوات المبكرة للحركة الصهيونية‪ ،‬وهو‬ ‫يتضح في حقيقة كون إسرائيل ال تملك حدودا‬ ‫غير ّ‬ ‫معرفة إلى اآلن‪ .‬فقد أوضحت رئيسة ال��وزراء‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسرائيلية األسبق غولدا مئير بأن “الحدود ترسم‬ ‫حيث يقطن اليهود‪ ،‬ال بحسب خط مرسوم على‬ ‫الخريطة»‪ .‬هذا التصريح‪ ،‬وانسجامه مع كتابات دافيد‬ ‫بن غوريون سنة ‪ ،1937‬التي صرح فيها بأن «الترحيل‬ ‫القسري للعرب من أودية الدولة اليهودية العتيدة‬ ‫يمكن أن يعطينا شيئا لم يكن لدينا قبال»‪ 1.‬هذا الفكر‬ ‫ّ‬ ‫يرسم الخطوط العريضة لترحيل الفلسطينيين خارج‬ ‫أرضهم وزرع المستوطنين اليهود فيها‪.‬‬ ‫إن تحقيق خلق دولة قومية للشعب اليهودي‬ ‫على أرض تحوي أقلية يهودية يمكن لها أن تتحقق‬ ‫فقط عبر التهجير القسري للسكان األصالنيين‬ ‫وتوطين المستعمرين اليهود القادمين من الخارج‪.‬‬ ‫ووفقا لذلك‪ ،‬يسود الفصل العنصري الصهيوني‬ ‫بشكل أساسي عبر تهجير السكان‪.‬‬ ‫وقد تم تعريف التهجير القسري للسكان باعتباره‬ ‫ممارسة أو سياسة تهدف إلى تهجير األشخاص إلى‬ ‫منطقة ما أو خارج منطقة ما – سواء كانت داخل أو‬ ‫عبر حدود دولية‪:‬‬ ‫يمكن أن يتم الترانسفير من خالل طرد أعداد‬ ‫ّ‬ ‫كبيرة‪ ،‬أو إجراء «إنتقال سكاني منخفض الوتيرة»‬ ‫بشكل يؤثر بشكل متزايد أو تدريجي على التركيبة‬ ‫السكانية‪.‬‬ ‫إن التهجير القسري للسكان غير قانوني‪ ،‬ومنذ‬ ‫قرار الحلفاء بشأن جرائم الحرب األلمانية‪ ،‬والذي تم‬ ‫اعتماده في العام ‪ ،1942‬صار الترحيل يشكل جريمة‬ ‫دولية‪ .‬ويمكننا أن نعثر على التقنين األقوى واألحدث‬ ‫للجريمة في نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية‬

‫الدولية‪ ،‬والذي يحدد بوضوح أن التهجير القسري‬ ‫للسكان وزرع المستوطنين يعتبران جريمتي حرب‪.‬‬ ‫تم تغليف نية «الترانسفير» في الفكر الصهيوني‬ ‫سنة ‪ 1905‬بكلمات يسرائيل زانغويل‪ ،‬أحد أهم أوائل‬ ‫المفكرين الصهاينة‪ ،‬الذي صرح بأنه «إذا أردنا أن‬ ‫نعطي بلدا لشعب بال بلد‪ ،‬فإنها لحماقة مطلقة أن‬ ‫‪2‬‬ ‫نسمح بأن يكون هذا البلد لشعبين»‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬فقد نزح ‪ %66‬من الفلسطينيين بفعل‬ ‫التهجير القسري المستمر الذي تمارسه إسرائيل‬ ‫ضد الشعب الفلسطيني‪ .‬واليوم‪ ،‬تتم ممارسة هذا‬ ‫التهجير‪ ،‬إسرائيليا‪ ،‬ضمن إط��ار ع��ام من سياسة‬ ‫التهجير «الصامت»‪ ،‬ال بطريقة الترحيل الجماعي كما‬ ‫حصل في عامي ‪ 1948‬أو ‪ .1967‬هذا التهجير هو صامت‬ ‫بمعنى أن اسرائيل تمارسه في الوقت الذي تحاول‬ ‫فيه عدم لفت االنتباه الدولي‪ ،‬وذلك عبر تهجير أعداد‬ ‫صغيرة من الناس على أساس تدريجي ومتواصل‪ ،‬وبذا‬ ‫فقد أنجزت عبر هذه ّ‬ ‫التحوالت أكثر مما أنجزته من‬ ‫تهجير علني تم تحت ذريعة حربي ‪ 1948‬و ‪.1967‬‬ ‫يتم الترحيل القسري من خالل خلق وضع معيشي‬ ‫ال يترك للسكان من وسيلة سوى ترك بيوتهم‪ .‬وقد‬ ‫أش��ار موشيه شاريت‪ ،‬أحد الموقعين على وثيقة‬ ‫استقالل إسرائيل‪ ،‬إلى رغبته في زيادة ضنك العيش‬ ‫حين قال‪ « :‬ينبغي اعتماد سياسة تقوم على الحد‬ ‫األدنى من اإلنصاف تجاه العرب الذين لم يكونوا‬ ‫يميلون إلى الهجرة‪ 3.».‬لذلك‪ ،‬فإن نظام الفصل‬ ‫العنصري االسرائيلي هو وسيلة لتحقيق غاية‪،‬‬ ‫ال هدفا في حد ذات��ه‪ ،‬حيث أنه ببساطة ال يسعى‬ ‫للسيطرة على السكان الفلسطينيين األصالنيين‪ ،‬بل‬ ‫إلى تهجيرهم بالقسر‪.‬‬ ‫جنوب إفريقيا‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬لم تخترع نظام‬ ‫األبارتهايد فحسب‪ ،‬ولكنها أيضا كانت فخورة‬ ‫بخلقه ودافعت عنه علنيا‪ .‬إن كلمة «أبارتهايد» بلغة‬ ‫األفريكانز تعني «االنفصال» وقد أصبحت هذه هي‬ ‫السياسة المؤسسة على الفصل العنصري سياسة‬ ‫حكومية رسمية عام ‪ .1948‬إن بنية الفصل العنصري‬ ‫الجنوب إفريقي كانت مؤسسة على فصل حاد‬ ‫وواضح وباالتكاء على سياسة عرقية‪ 4.‬وقد كان واضحا‬ ‫منذ البدايات أن الغرض المأمول من نظام الفصل‬ ‫العنصري في جنوب إفريقيا قد كان إنشاء بنية دائمة‬ ‫للفصل العنصري من أجل الحفاظ على الوضع الراهن‪.‬‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬صممت جنوب إفريقيا قانون‬ ‫مواطنة البانتو سنة ‪ 1970‬بهدف التفاعل والتكيف‬

‫مع االنتقادات المتزايدة من جانب المجتمع الدولي‪.‬‬ ‫وقد أنشأ هذا القانون كيانات قانونية منفصلة‬ ‫(بانتستونات) بحيث جردت السكان السود من حقوق‬ ‫المواطنة‪ ،‬وذلك لكي تملك الحكومة الجنوب إفريقية‬ ‫الحجة بأن السكان السود لم يعودوا مستثنين من‬ ‫شؤون الدولة ألنهم‪ ،‬قانونيا‪ ،‬لم يعودوا ينتمون‬ ‫إلى دولة جنوب إفريقيا‪ .‬هدفت هذه المحاولة إلى‬ ‫استمرار استغالل القوى العاملة وموارد األصالنيين‪،‬‬ ‫وتحصين النظام القائم‪ ،‬في ذات الوقت الذي تنفي‬ ‫فيه عن نفسها صورة العنصرية‪ ،‬والالديمقراطية‪.‬‬ ‫إن التجريم الدولي للتمييز العنصري ومؤتمر‬ ‫التمييز العنصري الذي تاله قد أبرزا بشكل واضح نظام‬ ‫الفصل العنصري الجنوب إفريقي‪ .‬وقد كتب جون‬ ‫دوغارد أن «مؤتمر األبارتهايد كان الخطوة النهائية‬ ‫في إدانة الفصل العنصري ألنه لم يعلن فقط أن‬ ‫الفصل العنصري غير قانوني النتهاكه ميثاق األمم‬ ‫المتحدة‪ ،‬ولكن أيضا عبر إعالن الفصل العنصري‬ ‫جريمة جنائية‪ ».‬واليوم‪ ،‬فإن إسرائيل مذنبة بارتكاب‬ ‫جرائم مختلفة تهدف لتهجير الشعب الفلسطيني‬ ‫من فلسطين بالقسر‪ .‬إن الجرائم اإلسرائيلية على‬ ‫شاكلة الفصل العنصري‪ ،‬واالضطهاد‪ ،‬فضال عن‬ ‫االحتالل الدائم والضم واإلل��ح��اق‪ ،‬والكولونيالية‬ ‫(االستعمار)‪ ،‬تهدف إلى خلق وضع غير محتمل من‬ ‫أجل طرد السكان الفلسطينيين األصالنيين‪ .‬إن هذه‬ ‫السياسة المستمرة والمحسوبة والتي تستهدف‬ ‫الشعب الفلسطيني ينبغي أن يتم تحديها من‬ ‫قبل المجتمع الدولي كما حصل في الشأن الجنوب‬ ‫إفريقي‪ ،‬حيث تم تقييد إج��راءات وسياسات تلك‬ ‫الدولة كانتهاكات وجرائم دولية ضد اإلنسانية‪.‬‬ ‫ينبغي محاكمة المنظومة اإلسرائيلية وفقا لما‬ ‫سلف‪ ،‬وينبغي أن يوضع حد لتهرب هذه المنظومة‬ ‫من العقاب ألن الصمت‪ ،‬هذا إن لم نقل التواطؤ‪،‬‬ ‫في مواجهة االنتهاكات األساسية للحقوق يمهد‬ ‫للمزيد من السياسة على حساب القانون‪ .‬إن أول‬ ‫وأهم خطوة في هذا االتجاه تكون عبر إعادة االعتبار‬ ‫لقرار الهيئة العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 3379‬للعاشر‬ ‫من تشرين ثاني لسنة ‪ ،1975‬عبر إعالن الصهيونية‬ ‫شكال من أشكال العنصرية‪ ،‬لتمهيد الطريق إلنهاء‬ ‫حالة التهرب اإلسرائيلي من العقاب ولحالة الفصل‬ ‫العنصري الصهيوني‪.‬‬ ‫*أمجد القسيس‪ :‬منسق المناصرة القانونية في مركز بديل‬


‫‪4‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫حل مشكلة فلسطين‪ :‬المحاججة بالمنطق والقانون‬ ‫وإستراتيجية التأثير العاطفي غير المبتذل‬ ‫قلم‪ :‬لوري ألن‬ ‫تعتبر فلسطين ومنذ فترة طويلة بمثابة مشكلة‬ ‫ش��ائ��ك��ة‪ ،‬حتى عندما يتحدث ال��ن��اس ع��ن القضية‬ ‫الفلسطينية فهم يقصدون المشكلة الفلسطينية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وكل ما يقصدونه يتمحور مجمال حول تقسيم األرض‬ ‫والكيفية التي تم عبرها تقسيم الشعب وتهجيره وخلق‬ ‫الوضع الحالي لالجئين الفلسطينيين‪.‬‬ ‫ولقد قامت لجان تحقيق دولية عديدة بمحاوالت‬ ‫لفهم وح��ل ه��ذه القضايا االشكالية‪ ،‬بما فيها لجان‬ ‫أمريكية وبريطانية‪ ،‬ولجان مدنية غير رسمية‪ ،‬كالتي‬ ‫جاءت كمبادرة للتحقيق في وقائع مجزرة صبرا وشاتيال‬ ‫في عام ‪ ،1982‬باإلضافة إلى لجان أخرى دولية‪ ،‬منها لجنة‬ ‫التقصي األنجلو أمريكية (‪ ،)1946-1945‬ولجنة االنتدابات‬ ‫الدائمة التابعة لعصبة األمم‪ ،‬إلى جانب تحقيقات عديدة‬ ‫أخرى من قبل األمم المتحدة‪ ،‬مثل لجنة غولدستون التي‬ ‫أنشأت عام ‪.2009‬‬ ‫وقد تألفت كل لجنة من هذه اللجان من مجموعة من‬ ‫الخبراء وشملت في بعض األحيان أكاديميين ومحاميين‬ ‫وعسكريين‪ ،‬كما وتم تكليف هذه اللجان من قبل حكومات‬ ‫أو من قبل تحالف لبعض الحكومات في بعض األحيان من‬ ‫أجل التحقيق في جوانب خاصة بأحداث متعلقة بنزاعات‬ ‫أو بأحداث عنف في فلسطين‪.‬‬ ‫لكن ال ي��زال الفلسطينيون يحاولون ش��رح هذه‬ ‫المشكلة من وجهة نظرهم للمحققين الذين يقومون‬ ‫بزيارة أراضيهم مع تفسير األسباب التي توضح لماذا‬ ‫يستحقون دول��ة قومية مستقلة لهم‪ ،‬وكذلك عن أن‬ ‫حرمانهم من دولة يعد جزءا من األسباب الجذرية للعنف‬ ‫في فلسطين‪ .‬وقد ركزت الكثير من هذه الجهود على‬ ‫تقديم مناقشاتها بطريقة تالئم وتناسب أسلوب اللغة‬ ‫التي من شأنها أن تقنع حكومات الدول الغربية والرأي‬ ‫العام والمنظمات غير الحكومية الدولية واألمم المتحدة‪.‬‬ ‫يشار إلى إن العديد من المفوضين والمحققين ضمن‬ ‫هذه اللجان قد قدموا توصياتهم بعد تمعن دقيق في‬ ‫الشهادات التي قدمها الفلسطينيين‪ ،‬ولكن ن��ادرا ما‬ ‫يتم االستجابة لمثل هذه التوصيات أو تحقيق المطالب‬ ‫السياسية لفلسطينيين على أرض الواقع‪ .‬هذا على الرغم‬ ‫من أن السبب في عدم تحقيق ذلك يعد في األساس‬ ‫خارج سيطرة الفلسطينيين‪ ،‬إال أن اللوم لعدم فعالية‬ ‫تلك اللجان ال يقع كليًا على المنظمات الراعية لها فقط‪،‬‬ ‫بل يقع أيضًا على كل من كان بمقدوره المساعدة على‬ ‫تحقيق توصيات اللجان أو دعمها؛ فال منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية وال السلطة الفلسطينية أو حتى المجتمع‬ ‫المدني تمكنوا من وضع إستراتيجية موحدة ومتماسكة‬ ‫يمكن من خاللها تفعيل هذه اللجان وتحقيق توصياتها‬ ‫بطريقة ترتقي لطموح وتطلعات الفلسطينيين‪ ،‬سواء‬ ‫تطلعات الالجئين‪ ،‬أو مواطني إسرائيل من الفلسطينيين‬ ‫أو أولئك المجردين من حقوقهم تحت االحتالل‪.‬‬ ‫لجنة كينغ – كراين لعام ‪1919‬‬ ‫أوفد الرئيس األمريكي «وودرو ويلسون» أول لجنة‬ ‫تحقيق أطلق عليها اسم «لجنة كينغ – كراين» عشية‬ ‫انطالق مؤتمر باريس للسالم عام ‪ ،1919‬وهو المؤتمر الذي‬ ‫عقد بهدف تقسيم الشرق األوسط بين القوى األوروبية‬ ‫عقب انهيار الدولة العثمانية‪ ،‬حيث أرسل اللجنة إلى بالد‬ ‫الشام (وفلسطين ضمنها) للوقوف على «آراء ورغبات أهل‬ ‫المنطقة بخصوص عملية التقسيم مع تقييم الظروف‬ ‫االجتماعية والعرقية واالقتصادية هناك»‪ .‬وجاءت هذه‬ ‫اللجنة في المقام األول من أجل «الوقوف قدر المستطاع‬ ‫على الحقائق ليكون الرئيس ويلسون والشعب األمريكي‬ ‫على بينة من الحقائق فيبما يتعلق بالخط السياسي الذي‬

‫سيدعون للسير فيه فيما يتعلق بمشاكل الشرق األدنى‬ ‫‪1‬‬ ‫سواء أكان ذلك في مؤتمر الصلح أو في عصبة األمم»‪.‬‬ ‫تجدر اإلش��ارة إلى أن الغالبية العظمى من سكان‬ ‫فلسطين آن��ذاك أرادت دولة شامية مستقلة يحكمها‬ ‫نظام ملكي دستوري ولم تكن تريد أن تحكمها دولة‬ ‫أخ��رى‪ ،‬س��واء إن كانت بريطانيا أو ال��والي��ات المتحدة‬ ‫األمريكية‪ .‬وقد رفض الكثير من العرب المادة رقم ‪ 22‬من‬ ‫ميثاق عصبة األمم حيث رفضوا تصنيفهم وفقًا للرأي‬ ‫الغربي وال��ذي يشير إلى أن «الشعوب العربية ليست‬ ‫قادرة بعد على أن تكون مستقلة بذاتها في ظل الظروف‬ ‫الصعبة والمتقلبة للعالم المعاصر»‪ .‬كما كانت األغلبية‬ ‫ضد المخطط الصهيوني إلقامة دولة يهودية بفلسطين‪.‬‬ ‫كما أنهم فرقوا بين اليهود الصهاينة القادمين واليهود‬ ‫الذين يعيشون في األصل على أرض فلسطين‪ ،‬حيث‬ ‫تم التأكيد على تمتع يهود فلسطين بنفس الحقوق‬ ‫المتوافرة لآلخرين‪ .‬وكان وفد عربي قد قال لمحققي لجنة‬ ‫‪2‬‬ ‫كينغ – كراين‪ « :‬لهم ما لنا وعليهم ما علينا»‪.‬‬ ‫نظمت الجماعات السياسية والحكومة المركزية‬ ‫العربية حملة كبيرة ضمت أكثر من ‪ 90‬ألف توقيع على‬ ‫‪ 1,863‬عريضة قامت بها‪ .‬وكان األمير فيصل‪ ،‬والذي كان‬ ‫بمثابة الزعيم العربي األب��رز في بالد الشام خالل تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬قد أكد للجنة أنه‪“ :‬الممثل ُ‬ ‫المخول من ]الشعب[‬ ‫عبر األوراق الرسمية التي تشمل أكثر من ثالث مائة‬ ‫آلف توقيع»‪ 3،‬وهو ما يسبق بأوانه المبادرات المماثلة‬ ‫على مواقع التواصل االجتماعي مثل فيسبوك وتويتر!‬ ‫وقد أعتقد الكثير من كتاب الصحف في ذلك الحين أن‬ ‫مصير فلسطين سيتحدد وفقًا لرأي الشعب‪ ،‬ولذا كان من‬ ‫الضروري أن يتم عرض هذا الرأي عرضا دقيقا‪.‬‬ ‫ومع األس��ف‪ ،‬لم يكن لتقرير لجنة كينغ – كراين‬ ‫النهائي أي تأثير كبير على الواقع السياسي على الرغم‬ ‫من عكسه لمطالب العرب‪ ،‬كما قام مؤتمر باريس للسالم‬ ‫بتجاهل توصيات اللجنة‪ ،‬والتي لم ينشر تقريرها‬ ‫النهائي حتى عام ‪ .1922‬وخالفًا لرغبات العرب ومطالبهم‬ ‫المعلن عنها‪ ،‬تم تقسيم سوريا ولبنان وفلسطين‪ ،‬وباتت‬ ‫فلسطين تحت وصاية حكومة منتدبة بدال من االحتالل‬ ‫العسكري البريطاني للبالد والذي قائما بالفعل قبل فرض‬ ‫االنتداب بسنوات‪.‬‬ ‫لجنة التحقيق األنجلو‪-‬أمريكية‪:‬‬ ‫نقاط مماثلة أيضًا ظهرت في سياق مختلف ضمن‬ ‫لجنة التحقيق األنجلو أمريكية‪ ،‬وهي لجنة تحقيق قامت‬ ‫بين عامي ‪ 1945‬و‪ 1946‬بهدف «دراسة مسألة يهود أوروبا‬ ‫وإعادة تقييم مشكلة فلسطين في ضوء هذه الدراسة»‪.4‬‬ ‫ألبرت ح��وران��ي‪ ،‬الباحث البريطاني من أص��ل لبناني‪،‬‬ ‫والذي قام بتقديم حل للمشكلة الفلسطينية من خالل‬ ‫مقترح بغاية الدقة والبالغة يدعو إلنشاء دولة مستقلة‬ ‫وديمقراطية مبنية على أساس الحكم لألغلبية‪ ،‬كان قد‬ ‫ً‬ ‫على علق في هذا الصدد قائال‪:‬‬ ‫“ لقد قام الشعب العربي مرة أخرى‪ ،‬ومن خالل قياداته‬ ‫المسؤولة‪ ،‬بالتأكيد على أن الحل الوحيد العادل والعملي‬ ‫لمشكلة فلسطين يكمن في وضع دستور فلسطيني –‬ ‫دون أي تأخير ممكن – يجعل منها دولة تتمتع بحكم‬ ‫ذات��ي تضم األغلبية العربية مع منح الحقوق الكاملة‬ ‫‪5‬‬ ‫للمواطنين اليهود داخل فلسطين”‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من إعجاب المفوضين ببيان حوراني‪ ،‬إال‬ ‫أن التقرير النهائي للجنة تجاهل نقاط بيانه المعارضة‬ ‫للتقسيم‪ ،‬كما تجاهلت اللجنة إصرار حوراني على أن قضايا‬ ‫مثل “ قضية الهجرة‪ ،‬يجب أن يتم الفصل فيها من خالل‬ ‫إجراء ديمقراطي اعتيادي يتوافق مع رغبة األغلبية”؛ بل‬

‫*‬

‫القاضي ريتشارد غولدستون في جولة لتقصي الحقائق في غزة‪ ٣ ،‬حزيران ‪( ٢٠٠٩‬المصدر‪ :‬أورشيف اآلمم المتحدة)‬

‫وقامت بالموافقة على القبول بـ ‪ 100‬ألف مهاجر يهودي‬ ‫إضافي وأيضًا على استمرار االنتداب البريطاني‪ .‬وباإلضافة‬ ‫إلى ذلك وبالرغم من تحذيرات حوراني من “مصاعب‬ ‫محاولة رسم حدود دولة يهودية‪ ،‬ستظل أقلية فلسطينية‬ ‫كبيرة متواجدة داخل هذه الحدود وسيصعب نقلها قسرًا‬ ‫ألنه سيستحيل نقل الفالحين من أراضيهم قسرًا”‪ ،‬إال‬ ‫أنه تم بالفعل تهجير مئات اآلالف من الفالحين وغيرهم‬ ‫قسرًا من وطنهم التاريخي‪.‬‬ ‫لجنتا ميتشل وغولدستون‪:‬‬ ‫تعكس لجنتا ميتشل وغولدستون معالم تغير في‬ ‫رأي وفهم المجتمع الدولي للمشكلة الفلسطينية وكيفية‬ ‫التعامل معها‪ .‬حيث قامت لجنة ميتشل‪ ،‬والمعروفة‬ ‫رسميًا باسم لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق‪ ،‬بنشر‬ ‫تقريرها يوم ‪ 30‬أبريل‪/‬نيسان ‪ ،2001‬وهو ما يعد بمثابة‬ ‫ستة أشهر كاملة بعد مطالبة الرئيس األمريكي كلينتون‬ ‫بنشره عقب اختتام أعمال قمة سالم الشرق األوسط التي‬ ‫عقدت في شرم الشيخ‪ ،‬كما جاء نشر التقرير بعد شهر‬ ‫من ان��دالع االنتفاضة الفلسطينية الثانية‪ .‬وقد قامت‬ ‫هذه اللجنة لتكون لجنة تقصي حقائق‪ ،‬وليست محكمة‪،‬‬ ‫تهدف لمعرفة وقائع ما حدث بالفعل وكيفية إنهاء‬ ‫العنف ومنع تكرار وقوعه‪.‬‬ ‫أما لجنة غولدستون فقد انطلقت أعمالها في عام ‪2009‬‬ ‫من قبل األمم المتحدة في أعقاب الهجوم اإلسرائيلي‬ ‫الذي استمر ‪ 23‬يوما على قطاع غزة‪ ،‬والتي أطلقت عليه‬ ‫إسرائيل اسم “عملية الرصاص المصبوب”‪ .‬وكلفت األمم‬ ‫المتحدة هذه اللجنة بالتحقيق في مالبسات انتهاك‬ ‫حقوق اإلنسان ضد سكان قطاع غزة إلى جانب ردود الفعل‬ ‫على األحداث من الجانبين‪.‬‬ ‫قامت كلتا اللجنتان على جمع الحقائق واألدل��ة‬ ‫القانونية من جهة‪ ،‬والقصص الشخصية لضحايا أعمال‬ ‫العنف من جهة أخرى‪ .‬فعملت لجنة ميتشل على تحصيل‬ ‫مذكرات خطية عديدة من الحكومة اإلسرائيلية ومن‬ ‫منظمة التحرير الفلسطينية لشرح أحداث وأسباب اندالع‬ ‫االنتفاضة الثانية‪ .‬وقامت اللجنة بعدة زيارات إلسرائيل‬ ‫وفلسطين قام من خاللها المفوضون والعاملون باللجنة‬ ‫بزيارات ميدانية لسماع أق��وال الممثلين السياسيين‬ ‫وضحايا العنف من كال الجانبين‪ ،‬وتضمنت أيضًا زيارات‬ ‫لبعض األسر الفلسطينية التي فقدت ذويها على أيدي‬

‫الجيش اإلسرائيلي باإلضافة إلى األشخاص الذين فقدوا‬ ‫مصدر رزقهم وأعمالهم التجارية جراء ممارسات االحتالل‬ ‫وك��ذل��ك المزارعين ال��ذي��ن ف��ق��دوا أشجارهم ودم��رت‬ ‫أراضيهم من قبل المستوطنين االسرائيلين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ع��ول الفلسطينيون قضيتهم بشكل كبير على‬ ‫اتفاقية جنيف الرابعة‪ ،‬وباألخص على المادة رقم ‪49‬‬ ‫من هذه االتفاقية والتي تحظر إقامة مستوطنات داخل‬ ‫األراض���ي المحتلة‪ ،‬وق��ام��وا بعرض نقاط مناقشتهم‬ ‫بطريقة منهجية ومنظمة كما هو متبع مع القضايا‬ ‫القانونية‪ .‬وق��ام الفلسطينيون العاملون على تنظيم‬ ‫الزيارات الميدانية ألعضاء هذه اللجان بمحاوالت لجعل‬ ‫المفوضين يفهمون صعوبة الحياة تحت االحتالل من‬ ‫خالل تجربة الفلسطينيين‪ .‬أثارت زيارة هؤالء األعضاء‬ ‫للفلسطينيين ردود فعل تعاطفية‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬ ‫وف��ي أح��دى ال��زي��ارات‪ ،‬وص��ف ف�لاح فلسطيني ألعضاء‬ ‫اللجنة ما ح��دث لبستان زيتون ك��ان ملكًا ألهله قام‬ ‫مستوطنون إسرائيليون باقتالع المئات من أشجاره‪.‬‬ ‫ولقد كان لهذه الحادثة أثر على أحد أعضاء اللجنة حيث‬ ‫رآها كعمل عدائي‪ ،‬مما ساعده على إدراك أن المشكلة‬ ‫ليست فقط بين الجيش اإلسرائيلي وجماعات إرهابية‪،‬‬ ‫بل تمس حياة آخرين من عامة الشعب أيضًا‪ .‬فمثل هذه‬ ‫الشهادات الموثوق بها والتأثير العاطفي للمدنيين‬ ‫وغير السياسيين يكون لها أثر أكثر اقناعًا‪ ،‬خصوصًا‬ ‫ألن الناس العاديين من عامة الشعب التي تعاني من‬ ‫ويالت االحتالل والمستوطنات ال يوجد لديها أجندات‬ ‫سياسية شخصية‪ .‬يقابل ذلك‪ ،‬أنه لم يكن لخطابات‬ ‫المتحدثين الرسميين وال للمذكرات المكتوبة لمنظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية عن متطلبات القانون الدولي الواردة‬ ‫أي تأثير يذكر في الجدال المنطقي عن تاريخ االحتالل‪،‬‬ ‫ولكن األثر األكبر كان للذين فقدوا ذويهم وعانوا من‬ ‫أزمات اقتصادية خالل حياتهم اليومية‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫االنطباع الجيد الذي تركه المحامون الفلسطينيون عند‬ ‫تقديم نقاشهم القانوني بطريقة منظمة ومهنية‪ ،‬وعلى‬ ‫عكس التقديم المقدم للجنة كينغ – كراين والذي لم‬ ‫يترك أي انطباع يذكر عند أعضاء اللجنة‪ ،‬ففي النهاية‬ ‫يتضح أن األمر الذي ترك األثر األكبر وكان األكثر إقناعًا‬ ‫لألمريكيين هو التأثير العاطفي الناتج عن التعامل مع‬ ‫المدنيين العاديين‪ ،‬باإلضافة إلى رؤية المشاعر السلبية‬ ‫يتبع‬


‫�آب ‪2013‬‬ ‫والعدائية التي يظهرها المستوطنون اإلسرائيليون‪.‬‬ ‫يشار إلى أن القاضي ريتشارد غولدستون كان قد علق‬ ‫ً‬ ‫على هذا األمر قائال أن‪“ :‬الكلمات الخطية ال يمكن لها أن‬ ‫تنقل الرسالة بذات الطريقة التي تنقلها القصص التي‬ ‫يلقيها الناس بأنفسهم وحسب روايتهم وكلماتهم”‪.‬‬ ‫وقامت لجنة غولدستون‪ ،‬ومثلما فعلت لجنة ميتشل من‬ ‫قبلها‪ ،‬بعرض بث شهادات حية لناس عاديين يشار‬ ‫إليهم كضحايا ممن عايشوا عملية الرصاص المصبوب‪.‬‬ ‫وكانت هذه اللجنة أول لجنة تقصي حقائق تابعة لألمم‬ ‫المتحدة تتضمن جلسات علنية‪ ،‬ولقد استمعت إلى‬ ‫“ما يقرب من ‪ 40‬شهادة خالل تلك الجلسات‪ .‬شملت‬ ‫‪6‬‬ ‫شهادات عديدة لألسر التي عانت من فقدان ذويها”‪.‬‬ ‫وقدم القاضي غولدستون‪ ،‬والذي قال أنهم‪“ :‬مدركون‬ ‫تمامًا آلالم الضحايا في المجيء هنا والحديث عن‬ ‫معاناتهم”‪ .‬وقد عبر عن شكره الخاص للنساء والرجال‬ ‫الذين يتحلون بشجاعة كبيرة حتى يأتوا ويتحدثوا عن‬ ‫شهاداتهم ومعاناتهم‪ .‬وكان تقرير اللجنة قد أشار إلى‬ ‫أن “الهدف من عقد الجلسات العلنية هو إظهار الجانب‬ ‫اإلنساني للمعاناة وإعطاء صوت للضحايا حتى ال تضاف‬ ‫قصصهم لإلحصاءات فحسب”‪.‬‬ ‫وكان تقرير اللجنة قد أشار إلى “ تلقي اللجنة امتنان‬ ‫المشاركين والمتضررين من األح��داث كونها أتاحت‬ ‫‪7‬‬ ‫لهم منبرا للتحدث علنًا عن تجاربهم ومعاناتهم”‪.‬‬ ‫وقد أصرت أحدى المفوضات على أنهم حاولوا قصارى‬ ‫جهدهم “نقل محن ]الضحايا[ من خالل القصص التي‬ ‫قاموا بسماعها» لكن أفضل شيء بحسب قولها هو‪:‬‬ ‫‪8‬‬ ‫«سماع القصص بأصوات الضحايا أنفسهم»‪.‬‬ ‫وكما أش��ارت القانونية نورا عريقات فإن «تقرير ]‬ ‫غولدستون[ لم يكن ليفي بوعوده في تحقيق العدالة‬ ‫والمساءلة دون توفر الرغبة الحقيقية في ذلك لدى‬ ‫الدول المعنية”‪ 9،‬فما هي الحاجة إذن من قصص معاناة‬ ‫الناس؟ وهل كان بمقدورها إضافة الجديد؟‬ ‫وعند افتتاح القاضي غولدستون ألول جلسة علنية‬ ‫ألمح إلى أن «الهدف يكمن في السماح للضحايا والناجين‬ ‫من كل األطراف بتقديم روايتهم بأنفسهم للمجتمع‬ ‫الدولي‪ ،‬وبهذه الطريقة نأمل أن يتمكن الناس حول‬ ‫العالم من فهم تخوفات وقلق الجانبين بشكل أكبر»‪110.‬‬ ‫ربما لم تكن لريتشارد غولدستون أي نية لتحقيق أي‬ ‫شي على أرض الواقع أكثر من هنري كينغ‪ ،‬والذي كان‬ ‫ضمن المفوضين في لجنة تحقيق كينغ – كراين‪ ،‬عقب‬ ‫نهاية رحلة اللجنة لبالد الشام‪ ،‬وذلك على الرغم من قوله‬ ‫«أن الرحلة في اعتقادي كانت مثمرة جدا حيث حصلنا‬ ‫على نتائج لم يكن بمقدورنا الحصول عليها من دون‬ ‫هذه اللجنة»‪ .‬كما كان قد قال أيضًا أن «الناس ستشعر‬ ‫بالتأكيد أنه تم التشاور معهم وال يمكن أن يكون هناك‬ ‫توجه آخر في هذا الصدد»‪ 111.‬وبالفعل نجح كينج في‬ ‫جعل الناس (تشعر) بأنه قد تم التشاور معهم‪.‬‬ ‫افتقار اإلستراتيجية السياسية‬ ‫قام الفلسطينيون بجمع وتقديم الحقائق التاريخية‬ ‫واإلحصاءات المجمعة واألدلة المصورة والفوتوغرافية‬ ‫لكل لجنة من بين عشرات اللجان التي طالبت باألدلة‬ ‫والمناقشات السياسية؛ بل وع��رض��وا عليهم أيضًا‬ ‫تقديم شهادات لشهود عيان‪ .‬وتأتي مثل هذه الجهود‬ ‫كمحاوالت لتقديم مطالبهم السياسية بالتحرر حتى‬ ‫يتسنى للذين لديهم القوة والنفوذ سماع وفهم‬ ‫موقفهم ومطالبهم‪ .‬وقد حاول الكثير منهم وبطرق‬ ‫مختلفة تقديم مثل ه��ذه المطالب كممثلين عن‬ ‫الفلسطينيين الذين يعيشون تحت االحتالل‪.‬‬ ‫ولقد عملت كل هذه اللجان على توفير لغة الشرعية‬ ‫السياسية للفلسطينيين ليقدموا أدلتهم وبراهينهم‬ ‫مع إعطائهم مجال للمناورة والنقاش بواسطة الطرق‬ ‫المشروعة لمثل هذه اللجان‪ .‬واستطاع الفلسطينيون‬ ‫نقل رؤيتهم إلى عصبة األم��م من خالل االلتماسات‬ ‫والمطالب الموحدة والممثلة للشعب التي قدمت للجنة‬ ‫كينغ – كراين‪ ،‬بل واستمروا في تقديم االلتماسات‬ ‫لهذه اللجنة ‪ -‬وعبر لجنة االنتدابات الدائمة ‪ -‬باستخدام‬ ‫اللغة المنهجية وبالمناقشات والحجج القانونية‬ ‫للمطالبة بالحقوق التي ينص عليها النظام القانوني‬

‫الخاص بعصبة األم��م‪ .‬كما ق��دم الفلسطينيون ومن‬ ‫خالل لغتهم القانونية والتفاعالت المتعاطفة للجنتي‬ ‫ميتشل وغولدستون شهادات لضحايا تم اختيارها‬ ‫بعناية شديدة‪ ،‬وتم تهميش أي شهادات ميلودرامية‬ ‫أو المتالعب بأحداثها واقتطاف فقط تلك التي لم يتم‬ ‫التدرب عليها والتلقائية‪ .‬ويعود سبب ذلك في األساس‬ ‫إلى أنه ال يوجد لتلك الشهادات أي اتساق في عرضها‪،‬‬ ‫على عكس الطرق األخرى التي حاول الفلسطينيون من‬ ‫خاللها النقاش والتبرير وإثارة العواطف‪ ،‬وغالبًا ما كانت‬ ‫تتوقف المناقشات عند شعور الناس بأنه تم التشاور‬ ‫معهم على ما يجب عليهم قوله‪ .‬ولكن يجد الفلسطينيون‬ ‫أنفسهم اآلن أبعد مما كانوا عليه في السابق للحصول‬ ‫على دولة مستقلة‪ ،‬فالمشروع االستيطاني اإلسرائيلي‬ ‫غير القانوني والذي يقف حائال أمام إحالل السالم ال يزال‬

‫يشهد نمو واتساع‪ ،‬هذا إلى جانب التجاهل المتواصل‬ ‫للقانون الدولي وانتهاكات حقوق اإلنسان التي يعاني‬ ‫منها الفلسطينيون داخل وخارج السجون‪.‬‬ ‫لن تكون المناقشات والحجج والتوسالت المحركة‬ ‫للمشاعر التي يقدمها الفلسطينيون للجان الدولية‬ ‫كافية بمفردها أب���دًا‪ .‬ليكون تأثير الفلسطينيين‬ ‫فعاال واكثر اقناعا‪ ،‬يجب أن يتم تنسيق امر تمثيلهم‬ ‫للفلسطينيين وتقديمهم لعدالة قضيتهم وظلم‬ ‫االحتالل والتهجير الجماعي‪ .‬وكان القرن الماضي قد‬ ‫شهد واحدة من المرات القليلة التي قدم فيها العرب‬ ‫مناقشاتهم بطريقة موحدة ومنهجية ومستدامة‬ ‫للشعوب والقوى الغربية وذلك من خالل جهود المكتب‬ ‫العربي الذي ضغط على الحكومات وعرض وجهة نظر‬ ‫الفلسطينيين لإلعالم الغربي وخاطب أمام الرأي العام‬

‫‪5‬‬

‫الغربي أيضًا‪ .‬ولكن مع األسف تم إغالق هذا المكتب في‬ ‫عام ‪ .1949‬وكان سيسيل حوراني‪ ،‬أحد مديري المكتب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قد علق على نشاط المكتب قائال‪“ :‬لقد حاولنا تكوين‬ ‫الصداقات ولم نحاول أن نخلق أعداء‪ ،‬وذلك ألن الصداقة‬ ‫هي عالقة متبادلة تتطلب من الجانبين وج��ود إرادة‬ ‫للتحابب”‪ 112.‬تكوين الصداقات بهدف إقناع اآلخر هو‬ ‫في حد ذاته ركن من أركان السياسة‪ ،‬ولقد حان الوقت‬ ‫لمثل هذه السياسة لتدخل في الصراع مرة أخرى‪.‬‬ ‫*ل��وري أل��ن‪ :‬محاضرة في قسم ال��دراس��ات الشرق أوسطية بجامعة‬ ‫كامبريدج‪ ،‬ومؤلفة كتاب “صعود وسقوط حقوق اإلنسان‪ :‬السخرية‬ ‫والسياسة في فلسطين المحتلة (ستانفورد‪ :‬مطبعة جامعة‬ ‫ستانفورد‪)2013 ،‬‬ ‫* لإلطالع على الهوامش‪ ،‬الرجاء تصفح الموقع اإللكتروني لمركز بديل‪:‬‬ ‫‪http://www.badil.org/haq-alawda‬‬

‫مصادرة األرض الفلسطينية عبر اإلعالن عنها كأراضي دولة‬ ‫تقرير مقدم من مركز بديل لمصادر حقوق المواطنة والالجئين الفلسطينيين‪،‬‬ ‫مشاركة مقدمة إلى الدورة ‪ 23‬لمجلس حقوق اإلنسان‪ 27 ،‬أيار‪ 14 -‬تموز‬ ‫يتم السعي إلى مصادرة األرض من خالل التالعب‬ ‫في القوانين‪ ،‬ذات الصلة‪ ،‬والمعمول بها في األرض‬ ‫الفلسطينية المحتلة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يعتبر إعالن‬ ‫األراضي كـ ’أرض دولة‘ أسلوبا رئيسيا لتنفيذ المصادرة‪.‬‬ ‫وهنا نعود لما قاله أبو كشك حيث « ادعت الحكومة‬ ‫البريطانية‪ ،‬في عهد االنتداب‪ ،‬أن جميع األراضي غير‬ ‫المزروعة ينبغي أن تسجل تحت اسم المندوب السامي‬ ‫لفلسطين‪ ،‬بموجب الحكم القائل أن األرض ينبغي أن‬ ‫‪1‬‬ ‫تستخدم للصالح العام‪».‬‬ ‫«ورث��ت» إسرائيل‪ ،‬بعد عام ‪ ،1948‬جميع األرض‬ ‫التي كانت مسجلة باسم المفوض السامي للحكومة‬ ‫البريطانية‪ ،‬وب��ذا أصبحت هذه األرض تابعة للدولة‬ ‫االسرائيلية‪ 2.‬وبعد عام ‪ ،1967‬ادعت اسرائيل ملكيتها‬ ‫لجميع األرض التي ّ‬ ‫سميت خالل العهد األردني بـ «أراضي‬ ‫الدولة» ّإبان حكمه للضفة الغربية‪ .‬وقد تم تحقيق األمر‬ ‫عبر القرار العسكري (رقم ‪ 3،)59‬والذي ّ‬ ‫يعرف أراضي‬ ‫الدولة باعتبارها األمالك التي كانت تعود لدولة العدو‬ ‫و‪/‬أو المؤسسات التي تتحكم بها دولة العدو أو كانت‬ ‫مسجلة في ذلك الوقت باسمها في «التاريخ المعين»‬ ‫(أي ‪ 7‬حزيران ‪ ،1967‬وهو تاريخ احتالل اسرائيل للضفة‬ ‫الغربية)‪ 4.‬إضافة إلى ما ذكر‪ ،‬فإن القرار يمنح الوصي‬ ‫ّ‬ ‫المعين من قبل القائد العسكري اإلسرائيلي «حق‬ ‫التصرف بأمالك الحكومة واتخاذ أي إجراء يراه ضروريا‬ ‫لتحقيق هذه الغاية»‪ 5.‬ويتيح القانون للوصي أيضا أن‬ ‫يطالب بأية أرض باعتبارها أراضي دولة‪ ،‬حتى لو ثبت‬ ‫باألثر الرجعي عدم اندراجها في فئة أراضي الدولة‪،‬‬ ‫شريطة أن يكون اإلعالن عنها كأراضي دولة قد اقترن‬ ‫بـ»حسن النية»‪ 6.‬منذ ذلك التاريخ‪ ،‬ال زال يجري تعديل‬ ‫هذا القرار‪.‬‬ ‫فبالتوازي مع ما سبق‪ ،‬وفي العام ‪ ،1968‬أصدر القائد‬ ‫العسكري اإلسرائيلي قرارا بشأن استيطان األراضي‬ ‫والمياه (يهودا والسامرة) (رقم ‪ -)291‬وهو قرار يحظر‬ ‫أية تسوية‪/‬تسجيل [أراض��ي] للفلسطينيين ووضع‬ ‫حد ألية تسويات‪ ،‬أو تسجيالت كانت قيد البحث في‬ ‫ذلك الوقت‪ .‬كان تسجيل األراضي‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬في الضفة‬ ‫الغربية منخفضا لعدد من األسباب‪ :‬األهم من بينها‬ ‫هو الجهود لتجنب دفع الضرائب وانعدام أهمية‬ ‫التسجيل‪ ،‬تقليديا‪ ،‬في مسألة حقوق األراض��ي‪ .‬وألن‬ ‫إسرائيل قد أوقفت‪ ،‬بالكامل تقريبا‪ ،‬أي شكل من أشكال‬ ‫التسجيل في سنة ‪ ،1968‬فقد كان هنالك ‪ %33‬فقط‬ ‫‪7‬‬ ‫من مجموع أرض الضفة الغربية مسجال‪.‬‬ ‫في أعقاب القرار الصادر في ‪ 11‬تشرين ثاني ‪،1979‬‬ ‫والمتعلق بقضية إيلون موريه‪ ،‬أصدرت الحكومة قرارا‬ ‫يقضي بـ»توسيع االستيطان في يهودا‪ ،‬السامرة‪ ،‬غور‬ ‫األردن‪ ،‬قطاع غزة‪ ،‬ومرتفعات الجوالن‪ ،‬عبر إضافة المزيد‬ ‫من السكان إلى المجتمعات القائمة بالفعل‪ ،‬إضافة‬

‫إلى تأسيس مجتمعات جديدة على األراضي المملوكة‬ ‫‪8‬‬ ‫للدولة»‪.‬‬ ‫وم��ع أن مصطلح «أراض���ي ال��دول��ة» لم يكن محددا‬ ‫آن��ذاك‪ ،‬فإن المشروع االستيطاني قد ّ‬ ‫توسع فعال بعد‬ ‫هذا اإلجراء بقرابة «تسعين في المئة» من المستوطنات‬ ‫‪9‬‬ ‫المبنية ع��ل��ى األراض����ي المعلنة ك��أراض��ي دول���ة‪.‬‬ ‫لقد تحققت إقامة المستوطنات من خ�لال التالعب‬ ‫بالقوانين التي كانت قائمة في السابق‪ .‬بادئ ذي بدء‪،‬‬ ‫قامت إسرائيل بإجراء مسح لألراضي الواقعة في تصنيف‬ ‫«أراضي الدولة» وفقا للنظم القانونية األردنية السابقة‪.‬‬ ‫وقد كشفت التحقيقات األولية أن حوالي ‪ 527,000‬دوما‬ ‫(‪ 527‬كيلومترا مربعا) من هذه األراضي مسجلة من ِقبل‬ ‫الحكومة األردنية‪ 10.‬وبعد إجراء مزيد من التحقيق في‬ ‫أراض��ي الدولة العثمانية والبريطانية تم الكشف عن‬ ‫‪ 160,000‬دونما إضافية (‪ 160‬كيلومترا مربعا) كانت تندرج‬ ‫تحت هذا التصنيف‪.‬‬ ‫في العام ‪ 1969‬تمت إضافة حكم إلى القرار المتعلق‬ ‫بأمالك الحكومة‪ ،‬وينص هذا الحكم على أنه «إذا ما كان‬ ‫الوصي يؤكد في وثيقة خطية موقعة أن ملكية معينة‬ ‫هي ملكية حكومة‪ ،‬فسيتم اعتبار تلك الملكية باعتبارها‬ ‫ملكية حكومية ما لم يثبت العكس»‪ 11.‬ما يعني نقل عبء‬ ‫اإلثبات من الدولة إلى الفرد‪.‬‬ ‫في العام ‪ ،1984‬أجرى القائد العسكري تعديال في‬ ‫القرار المتعلق بأمالك الحكومة من أجل توسيع فئات‬ ‫األراضي التي يمكن أن تقع تحت سيطرة األخيرة‪ .‬ويحدد‬ ‫التعديل الممتلكات الحكومية باعتبارها «الممتلكات‬ ‫التي كانت في التاريخ المحدد أو بعده‪ ،‬مسجلة تحت إسم‬ ‫دولة العدو أو ممنوحة له‪ ،‬أو إلحدى المصالح التي تملك‬ ‫دولة العدو فيها حقوقا»‪ 12.‬إن استخدام كلمة «بعده»‬ ‫[بعد التاريخ المحدد] تتيح مجاال للتوسع أبعد مما يتيحه‬ ‫التعريف السابق الثابت ألراضي الدولة‪.‬‬ ‫عملية اإلعالن‬ ‫ال يرتكز اإلعالن عن األراضي باعتبارها أراضي دولة‪،‬‬ ‫على القانون أو التشريعات العسكرية‪ ،‬إنما على إجراءات‬ ‫اإلدارة المدنية اإلسرائيلية وحدها‪ 13.‬ومن بين اشتراطات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوصي على شهادة تحديد موقع‬ ‫اإلع�لان‪ ،‬أن يوقع‬ ‫ّ‬ ‫األرض المعلن عنها‪ ،‬مرفقة بخريطة تبين الموقع الكلي‬ ‫للقسيمة‪.‬‬ ‫إن االل��ت��م��اس��ات المختلفة ال��ت��ي ي��ت��ق��دم بها‬ ‫الفلسطينيون ضد عمليات اإلعالن [عن األراضي كأراضي‬ ‫دول��ة] وضد لجنة التظلمات (وهي اللجان المخصصة‬ ‫لاللتماس ضد القرارات) قد رفضت من قبل المحكمة‬ ‫العليا االسرائيلية‪ 14.‬حيث أي��دت المحكمة قانونية‬ ‫وسيلة اإلعالن‪ ،‬ورفضت حق الملتمسين في االعتراض‪:‬‬ ‫حيث أنهم لم يتمكنوا من إثبات وقوع الضرر الشخصي‬

‫عليهم‪ ،‬بما أن األمر يتعلق بـ»أراضي دولة» غير خاصة‪.‬‬ ‫ختاما‪ ،‬إن السياسة االسرائيلية المتعلقة بإعالن‬ ‫األراضي كأراضي دولة هي مجرد حلقة من استراتيجية‬ ‫أوسع نطاقا تستهدف اإللحاق [إلحاق األراضي] بحكم‬ ‫األمر الواقع لمنطقة (ج) في الضفة الغربية‪ ،‬داخل االرض‬ ‫الفلسطينية المحتلة؛ وه��ذا بهدف تحقيق أقصى‬ ‫واوسع سيطرة على األرض الفلسطينية‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫يتم فيه تخفيض أعداد الفلسطينيين [عليها] إلى‬ ‫الحد األدنى‪.‬‬ ‫تتأتى‪ ،‬ضمن هذا السياق‪ ،‬مجموعة من المصاعب‬ ‫التي يواجهها الفلسطينيون وما هي سوى إسقاطات‬ ‫متعمدة تنتهجها اإلدارة اإلسرائيلية لألراضي‬ ‫الفلسطينية المحتلة‪ ،‬وال ينبغي النظر إليها باعتبارها‬ ‫ّ‬ ‫حوادث فردية‪ .‬بل على العكس‪ ،‬فإنها تشكل تمييزا‬ ‫ممنهجا ضد الفلسطينيين يمارس من قبل القوة‬ ‫المحتلة بهدف زيادة صعوبة الحياة إلى أن تتركهم‬ ‫أمام خيار االنتقال إلى أجزاء أخرى من الضفة الغربية‪.‬‬ ‫إن هذا التهجير القسري للسكان يشكل انتهاكا مباشرا‬ ‫لقوانين دولية متعددة منها المادة ‪ 49‬من اتفاقية‬ ‫جنيف الرابعة‪ ،‬والمادة ‪ 7‬من نظام روما األساسي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم مما سبق‪ ،‬فإن المحكمة الجنائية الدولية‪،‬‬ ‫والمجتمع الدولي قد أبديا القليل من االهتمام بهذه‬ ‫ّ‬ ‫االنتهاكات وقد قاما بخطوات أقل من أجل جبر الضرر‬ ‫الالحق بالحقوق الفلسطينية بشكل كاف‪ .‬بينما‪ ،‬وفي‬ ‫ظل الوضع القائم‪ ،‬تواصل إسرائيل تقويض مستوى‬ ‫معيشة الفلسطينيين‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فإننا نحث مجلس حقوق اإلنسان على‪:‬‬ ‫ •إدانة ممارسات إسرائيل وسياساتها فيما يتعلق‬ ‫بإعالن األراضي كأراضي دولة؛‬ ‫ •مقاضاة االس��ت��ي�لاء االس��رائ��ي��ل��ي على األراض���ي‬ ‫الفلسطينية تحت أية ذريعة‪ ،‬باعتباره غير قانوني‪،‬‬ ‫والتأكد من أن المجتمع الدولي بموجب مسؤولية‬ ‫الطرف الثالث ال يعترف بالوضع الذي يخلقه هذا‬ ‫االستيالء غير القانوني على األرض‪ ،‬وال يقدم أي‬ ‫شكل من أشكال الدعم له‪،‬‬ ‫ •التحقيق ف��ي سياسة اسرائيل المتمثلة في‬ ‫التهجير القسري للشعب الفلسطيني باستعمال‬ ‫وسائل وممارسات مباشرة وغير مباشرة‪ ،‬والتي قد‬ ‫تصل إلى حد الجرائم الدولية (المادة ‪ ،)1( 49‬المادة‬ ‫‪ 147‬من اتفاقية جنيف الرابعة‪ ،‬والمادة ‪ 85‬من‬ ‫البروتوكول اإلضافي الملحق بها‪ ،‬والمادة ‪ 7‬من نظام‬ ‫روما األساسي)؛‬ ‫ •دراسة ومعالجة األسباب الجذرية للتهجير القسري‬ ‫المستمر للفلسطينيين على يد إسرائيل؛‬ ‫ •تبني وتنفيذ آليات فعالة وتدابير عملية لضمان‬ ‫امتثال إسرائيل للقانون الدولي‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب االستثمارات منها وفرض العقوبات عليها‬ ‫تقرير حول‪ :‬المؤتمر الوطني الرابع لمقاطعة إسرائيل – بيت لحم‬ ‫ّ‬ ‫نظمت اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب‬ ‫االستثمارات منها وفرض العقوبات عليها‪ُ )BDS( ‬‬ ‫“المؤتمر‬ ‫الوطني الرابع لمقاطعة إسرائيل”‪ ،‬وذلك بتاريخ ‪ 8‬حزيران‬ ‫‪ 2013‬في جامعة بيت لحم‪ ،‬بمشاركة ‪ 700‬من ممثلي أطر‬ ‫اللجنة الوطنية من أحزاب ونقابات واتحادات ومؤسسات‬ ‫أهلية ومجموعات طالبية وشبابية ونسوية وكذلك من‬ ‫أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني واللجنة التنفيذية‬ ‫لمنظمة التحرير الفلسطينية‪ .‬وما كان المؤتمر سينجح لوال‬ ‫جهود المتطوعين والمتطوعات الشباب الذين قادوا بروح‬ ‫وبتفان ومهارة عملية تنظيمه في معظمها‪.‬‬ ‫الفريق ّ ٍ‬ ‫سياسية فريدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫شكل المؤتمر السنوي ّ‬ ‫وهامة‬ ‫‪‎‬فعالية‬ ‫لقد‬ ‫ّ‬ ‫في المجتمع الفلسطيني‪ ،‬ومنصة مميزة لتبادل األفكار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بين نخبة من صناع القرار والمفكرين والباحثين وممثلي‬ ‫القطاع الخاص والمجتمع األهلي والشباب‪ ،‬مع نظرائهم من‬ ‫ُ‬ ‫الم ّؤيدين لحركة المقاطعة من مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وذلك‬ ‫ّ‬ ‫بطرح القضايا الملحة‪ ،‬ومن ضمنها التحديات والنجاحات‪،‬‬ ‫فيما ّ‬ ‫يخص مقاطعة إسرائيل وسحب االستثمارات منها‬ ‫وف��رض العقوبات عليها‪ .‬وك��ان من أهم محاور المؤتمر‬ ‫محور مناهضة التطبيع االقتصادي واألكاديمي والثقافي‬ ‫والشبابي والتقني مع دولة االحتالل‪.‬‬ ‫كما سعى المؤتمر لتوسيع دائ��رة التبني الفعلي‬ ‫والمبادر من قبل مجتمعنا الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل‬ ‫ّ‬ ‫مدنية‬ ‫وسحب االستثمارات منها كاستراتيجية مقاومة‬ ‫وشعبية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمتد ُجذورها في عمق التجربة النضالية‬ ‫فعالة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تحديدا‪ ،‬إلى المساهمة‬ ‫الفلسطينية‪ .‬وه��دف المؤتمر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العملية في نشر وتعزيز ثقافة المقاطعة ومناهضة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطبيع‪ ،‬حسب التعريف المقر من المجتمع المدني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وبالذات لجهة فك االرتباط مع دولة االحتالل‬ ‫في كافة المجاالت‪ ،‬ومطالبة المؤسسات والهيئات العالمية‬ ‫ُ‬ ‫بوقف تواطؤها في إدامة االحتالل واألبارتهايد اإلسرائيلي‬ ‫ّ‬ ‫ضد شعبنا‪ ،‬مع ترسيخ دور اللجنة الوطنية للمقاطعة‬ ‫كالمرجعية الفلسطينية لحركة المقاطعة (‪ )BDS‬في العالم‪.‬‬ ‫تمايزت المواضيع المطروحة في المؤتمر من تمثيل‬ ‫ّ‬ ‫مختلف اآلراء ومستويات المعالجة حول تبني المقاطعة‬ ‫ّ‬ ‫كنهج مقاومة االحتالل‪ ،‬وأطلقت وبفضل تنوع ُ‬ ‫المؤتمر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫المهمة والجريئة‪ .‬كما خلق فرصة فريدة‬ ‫مدى من األفكار‬ ‫ّ‬ ‫واستراتيجية‪ ،‬أم��ام المشاركين من شركاء ومتحدثين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العربية‬ ‫للتبادل الهادف لألفكار والخبرات والتجارب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والعالمية والمحل ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعد السالم الوطني‪ ،‬افتتحت المؤتمر السيدة هيثم‬ ‫عرار‪ ،‬ممثلة االتحاد العام للمرأة الفلسطينية في اللجنة‬ ‫الوطنية للمقاطعة‪ ،‬وقدمت المتحدثين في الجلسة‬ ‫ّ‬ ‫شعبية‬ ‫االفتتاحية بعنوان «مقاطعة إسرائيل‪ :‬مقاومة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كونية‪ ».‬بدأت الجلسة بكلمة ترحيبية‬ ‫وعصرية‬ ‫متجذرة‬ ‫من رئيس جامعة بيت لحم‪ ،‬األخ بيتر ب��راي‪ ،‬أشاد فيها‬ ‫بأهمية حركة المقاطعة ‪ BDS‬كإطار نضالي يسهم في‬ ‫رفع الوعي وتمكين الجماهير للمشاركة الفاعلة في الحركة‪.‬‬ ‫بعدها قرأت السيدة فدوى البرغوثي برقية تضامن ودعم‬ ‫من المناضل م��روان البرغوثي القيادي في حركة فتح‬ ‫وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني‪ ،‬ثم قدمت السيدة‬ ‫عبلة سعدات برقية تضامن ودع��م من المناضل أحمد‬ ‫سعدات‪ ،‬األمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين‪.‬‬ ‫وأكدت البرقيتان على تقدير وتبني رموز النضال الوطني‬ ‫الفلسطيني للمقاطعة وسحب االستثمارات كاستراتيجية‬ ‫كفاحية رئيسية‪.‬‬ ‫بعدها قدم د‪ .‬مصطفى البرغوثي‪ ،‬األمين العام للمبادرة‬ ‫الوطنية الفلسطينية‪ ،‬كلمة أحد أهم أعمدة اللجنة الوطنية‬ ‫للمقاطعة— القوى الوطنية واإلسالمية في فلسطين‪ ،‬أكد‬ ‫فيها على القناعة الراسخة لدى األحزاب السياسية بعدم‬ ‫جدوى المفاوضات في ظل ميزان القوى المائل تمامًا لصالح‬ ‫دولة االحتالل وفي ظل الهيمنة األمريكية‪ّ ،‬‬ ‫وحيا جهود‬ ‫اللجنة الوطنية للمقاطعة عالميًا ومحليًا‪ ،‬داعيًا إلى تصعيد‬

‫المقاطعة ضد إسرائيل من أجل نيل حقوق شعبنا وعلى‬ ‫رأسها االستقالل والعودة وتقرير المصير‪.‬‬ ‫أط��ل بعد ذل��ك في رسالة تضامن مسجلة المطران‬ ‫الجنوب أفريقي دزموند توتو‪ ،‬وهو ممن قادوا النضال ضد‬ ‫نظام التمييز العنصري (األبارتهايد) في الماضي ومن أهم‬ ‫داعمي حركة مقاطعة إسرائيل ‪ BDS‬حاليًا‪ ،‬قال فيها أنه‬ ‫على يقين من أن الشعب الفلسطين سينال حريته يومًا‬ ‫ما وسيمشي الفلسطينيون رافعين رؤوسهم بكرامة في‬ ‫فلسطين حرة‪ .‬وبعده مباشرة عرضت كلمة تضامن أخرى‬ ‫مسجلة من أحد أبرز نجوم الموسيقى في العالم‪ ،‬الفنان‬ ‫روجر ووترز‪ ،‬مؤسس فرقة “بنك فلويد”‪ ،‬والذي ّ‬ ‫حيا فيها‬ ‫ِ‬ ‫المؤتمر الوطني الرابع للمقاطعة وأعاد التأكيد على دعمه‬ ‫الراسخ لحركة مقاطعة إسرائيل حتى يستعيد شعبنا‬ ‫حقوقه‪.‬‬ ‫وفي ختام الجلسة االفتتاحية‪ ،‬قدم عبر اإلنترنت د‪.‬‬ ‫حيدر عيد من قطاع غزة المحاصر كلمة اللجنة الوطنية شرح‬ ‫فيها منطلقات حركة المقاطعة‪ ،‬فلسفتها‪ ،‬استراتجياتها‪،‬‬ ‫وبعض أبرز نجاحاتها‪ ،‬مستعرضًا تشعب الحركة في شتى‬ ‫المجاالت وتأثيرها المتنامي باطراد على دولة االحتالل التي‬ ‫باتت تنظر إليها كـ”خطر استراتيجي”‪.‬‬ ‫كان عنوان الجلسة األولى مبادرات في نشر المقاطعة‬ ‫محليًا وعربيًا ودوليًا‪ ،‬وترأستها السيدة رفعة أبو الريش‬ ‫ممثلة لالئتالف العالمي لحق ال��ع��ودة الفلسطيني‪.‬‬ ‫وتضمنت الجلسة ع��رض ع��دد من التقارير عن تجارب‬ ‫ملموسة محليا وعربيا ودوليا في المقاطعة‪ ،‬وأهم الدروس‬ ‫المستقاة منها‪ .‬فتحدث المطران عطا الله حنا عن تجربة‬ ‫مجموعة “وقفة حق‪-‬كايروس فلسطين” ودورها في نشر‬ ‫المقاطعة بين الكنائس العالمية‪ ،‬تاله د‪ .‬سماح إدريس‪،‬‬ ‫رئيس تحرير مجلة اآلداب من بيروت‪ ،‬حيث تحدث عن‬ ‫التجربة اللبنانية الرائدة في مقاطعة الشركات الداعمة‬ ‫إلسرائيل‪ .‬وبعدها قدم د‪ .‬تيسير مرعي أهم مالمح تجربة‬ ‫المقاطعة في ال��ج��والن ال��س��وري المحتل‪ ،‬رغ��م الحصار‬ ‫والصعوبات‪ .‬ثم تحدث من غزة عبر اإلنترنت د‪ .‬محسن‬ ‫أبو رمضان‪ ،‬ممثل شبكة المنظمات األهلية الفلسطينية‬ ‫في اللجنة الوطنية للمقاطعة‪ ،‬عن تجارب المقاطعة في‬ ‫غزة وأهم نجاحاتها‪ .‬وقدمت الناشطة يافا ّ‬ ‫جرار تقريرًا عن‬ ‫“اسبوع مناهضة األبارتهايد” اإلسرائيلي كأهم نشاط‬ ‫جامعي سنوي لحركة المقاطعة ‪ .BDS‬وتحدثت الناشطة‬ ‫المحامية نسرين الحاج أحمد عن حملة مقاطعة شركة ‪G4S‬‬ ‫األمنية في الوطن العربي واستراتيجيتها‪ .‬فيما طرحت د‪.‬‬ ‫سامية البطمة بعض أهم نجاحات الحملة الفلسطينية‬ ‫للمقاطعة األكاديمية والثقافية إلسرائيل‪ ،‬وتالها النقابي‬ ‫عماد اطميزي الذي شرح حملة مقاطعة البريد اإلسرائيلي‬ ‫التي تخوضها نقابة العاملين في قطاع البريد‪ .‬وتحدث‬ ‫الناشط م��ازن العزة‪ ،‬القيادي في المبادرة الوطنية في‬ ‫محافظة بيت لحم‪ ،‬عن أهم مميزات ونجاحات حملة “بادر”‬ ‫لمقاطعة المنتجات اإلسرائيلية‪ ،‬ثم تحدث الناشط الشبابي‬ ‫من محافظة سلفيت‪ ،‬ضياء اشتيه عن العمل على إخالء‬ ‫سلفيت من البضائع اإلسرائيلية‪ .‬وتحدث خبير القانون‬ ‫الدولي أمجد القسيس من مركز بديل عن التهجير القسري‬ ‫للفلسطينيين وأهمية حركة المقاطعة في مواجهته و‬ ‫خصوصا البدء في اطالق الحملة التي تستهدف تحديدا‬ ‫فرض العقوبات على دولة االحتالل‪ .‬وفي ختام الجلسة‪ ،‬قدم‬ ‫سكرتير فرع حيفا في الحزب الشيوعي في أراضي ‪ 48‬مالمح‬ ‫تجربة المقاطعة في الداخل وأفقها‪.‬‬ ‫أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان «التطبيع بأشكاله‬ ‫والتصدي له» وقد ترأسها السيد راسم عبيدات من هيئة‬ ‫العمل والوطني واألهلي في القدس المحتلة‪ .‬حيث تناولت‬ ‫مديرة مركز دراسات المرأة في جامعة بيرزيت والناشطة في‬ ‫حملة المقاطعة األكاديمية والثقافية إلسرائيل د‪ .‬إصالح‬ ‫جاد وثيقة تعريف التطبيع التي تبناها المؤتمر الوطني‬ ‫األول لمقاطعة إسرائيل في ‪ 2007‬وأه��م مبادئها‪ ،‬ثم‬

‫جانب من مؤتمر المقاطعة الوطني الرابع‪ ،‬جامعة بيت لحم‪ ٨ ،‬حزيران ‪( ٢٠١٣‬تصوير‪ :‬مركز بديل)‬

‫قدمت رانيا الياس‪ ،‬مديرة مركز يبوس في القدس نبذة عن‬ ‫المقاطعة الثقافية وبعض أهم مشاريع التطبيع الثقافي‬ ‫التي أحبطتها حملة المقاطعة‪ ،‬وبالذات في القدس‪ .‬ثم قدم‬ ‫الخبير االقتصادي د‪ .‬يوسف عبد الحق مداخلة عن التطبيع‬ ‫االقتصادي الذي اعتبره من أخطر أشكال التطبيع‪ .‬ثم قدم‬ ‫د‪ .‬عبد الرحيم الشيخ ورقة ملفتة عن التطبيع األكاديمي‬ ‫وأهم الجهود لمواجهته‪ .‬وفي الختام قدم مسؤول التواصل‬ ‫والتشبيك في اللجنة الوطنية‪ ،‬الناشط الشبابي زيد‬ ‫الشعيبي‪ ،‬ورقة عن التطبيع الشبابي وخطورته في احتالل‬ ‫العقول وفي تقويض نضالنا من أجل حقوقنا‪.‬‬ ‫مع نهاية الجلسة‪ ،‬أنزلت شاشة العرض ليفاجأ الجمهور‬ ‫بصورة الفنان المرموق مارسيل خليفة‪ ،‬الذي خاطب المؤتمر‬ ‫في كلمة مسجلة من بيروت‪ ،‬أكد فيها على أهمية قول‬ ‫ال والوقوف في وجه الطغيان ودور المقاطعة‪ ،‬وبالذات‬ ‫الثقافية‪ ،‬في النضال الفلسطيني والعربي من أجل حرية‬ ‫فلسطين‪ .‬وكان التصفيق لفنان الناس المميز أعلى منه في‬ ‫معظم الفقرات األخرى‪.‬‬ ‫جلسة المؤتمر الثالثة كانت األكثر صخبًا‪ .‬وقد ترأسها‬ ‫الزميل نصفت الخفش‪ ،‬ممثل الهيئة الوطنية للمنظمات‬ ‫األهلية في سكرتاريا اللجنة الوطنية للمقاطعة‪ ،‬الذي قدم‬ ‫د‪ .‬تيسير خالد‪ ،‬عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية و د‪ .‬جواد ناجي وزير االقتصاد الوطني والزميل‬ ‫ً‬ ‫عمر البرغوثي ممثال للجنة الوطنية للمقاطعة‪ .‬لقد كانت‬ ‫هذه الجلسة منصة لمساءلة الجمهور للمسؤولين في‬ ‫المنظمة والسلطة وأيضًا للجنة الوطنية حول دور كل‬ ‫منهم في المقاطعة ونشرها والتصدي لالحتالل‪ ،‬حيث‬ ‫تخللها عدد كبير من األسئلة والمداخالت المتنوعة‪ ،‬وأحيانًا‬ ‫الصعبة بل والغاضبة‪ ،‬التي عكست استياء جزء مهم من‬ ‫شعبنا من بعض التوجهات السياسية للسلطة والمنظمة‬ ‫وتمسكه بضرورة تصعيد أشكال المقاومة المختلفة‪.‬‬ ‫ورغم مشادة كالمية وقعت بين الوزير وأحد المشاركين‬ ‫وإساءة وما تالهما من صخب في القاعة ومغادرة الوزير‪ ،‬إال‬ ‫أن التجربة بحد ذاتها أثبتت أهمية حرية الرأي ومساءلة‬ ‫المسؤولين في كل ما يتعلق بهموم المواطنين وبالذات‬ ‫بحقوقهم الوطنية وطرق الدفاع عنها‪ .‬ورفض ممثلو اللجنة‬ ‫الوطنية أي إساءة للجمهور وأكدوا على أهمية سعة الصدر‬ ‫في تحمل االختالف وآراء اآلخرين‪ ،‬بغض النظر عن موقف‬ ‫اللجنة من بعض األسئلة التي تضمنت إساءة كذلك ولم‬ ‫ّ‬ ‫تطرح بشكل بناء‪ .‬وبغض النظر‪ ،‬فاللجنة الوطنية ترفض‬

‫وتدين أي اعتداء على أي كان بسبب موقفه أو رأيه وتؤكد‬ ‫على أهمية صيانة الحريات‪ ،‬وبالذات حرية الرأي‪ ،‬وسيادة‬ ‫القانون واحترام االختالف‪.‬‬ ‫بعد الجسة الثالثة‪ ،‬عرض كاتب شاب فلسطيني درزي‬ ‫من الجليل تجربته في رفض الخدمة العسكرية اإلجبارية‬ ‫في جيش االحتالل‪ ،‬مؤكدًا على سعيه ورفاقه من رافض‬ ‫الخدمة لتعزيز فكرة ارف��ض الخدمة كشكل من أشكال‬ ‫مقاطعة إسرائيل وتأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في‬ ‫كل مكان‪.‬‬ ‫في نهاية المؤتمر‪ ،‬توزع المشاركون‪/‬ات على ورشات‬ ‫العمل القطاعية التي جاءت هذا العام مختلفة عن النمط‬ ‫التقليدي للورشات‪ ،‬حيث تجاءت تتويجا لورشات تحضيرية‬ ‫عقدت في القطاعات المختلفة قبل انعقاد المؤتمر الوطني‬ ‫لتخرج بخطط للمقاطعة الفعالة في كل قطاع وتختار‬ ‫لجان متابعة لإلشراف على تفعيل هذه الخطط‪ .‬يذكر‬ ‫أن االتحاد العام للمرأة الفلسطينية كان األنشط بين أطر‬ ‫اللجنة الوطنية في التحضير للمؤتمر‪ ،‬حيث عقد ‪ 7‬ورشات‬ ‫تحضيرية في المحافظات المختلفة‪.‬‬ ‫لقد عكس عدد المشاركين‪/‬ات في المؤتمر وتمثيلهم‬ ‫ألهم قطاعات شعبنا بداية انتشار المقاطعة محليًا بشكل‬ ‫ّ‬ ‫صحي وفاعل‪ .‬فالحضور جاء من مختلف أرجاء فلسطين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التاريخية والشتات‪ ،‬ومن معظم األطر الشعبية واالجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واألهلية الفاعلة في المجتمع‪ .‬وقد يكون أهم‬ ‫والمهنية‬ ‫عنصر من عناصر نجاح المؤتمر أن قطاع الشباب الفلسطيني‬ ‫ّ‬ ‫شكل غالبية الحضور الساحقة‪ ،‬كما كان حضور المرأة مميزًا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يجدر الذكر أن اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل هي‬ ‫أكبر تحالف‪ ‬لقوى‪ ‬واتحادات‪ ‬ومنظمات‪ ‬وشبكات‪ ‬المجتم‬ ‫ع‪ ‬المدني الفلسطيني‪ ‬وتعتبر المرجعية لحركة مقاطعة‬ ‫اسرائيل‪ ‬عالميًا‪ ‬المعروفة‪ ‬بـ‪ .BDS ‬وقد تأسست حركة‬ ‫المقاطعة على أساس نداء المقاطعة وسحب االستثمارات‬ ‫وفرض العقوبات الذي أطلقه الشعب الفلسطيني بالغالبية‬ ‫الساحقة من قواه ومؤسساته الشعبية والمدنية عام ‪،2005‬‬ ‫والذي ناشد فيه‪ ‬منظمات المجتمع‪ ‬المدني في العالم وكل‬ ‫أصحاب الضمائر الحية العمل لفرض مقاطعة واسعة‬ ‫إلسرائيل في كافة المجاالت بهدف إجبارها على االلتزام‬ ‫بالقانون الدولي من خالل إنهاء احتاللها ونظامها العنصري‬ ‫واعترافها بحقوق الالجئين الفلسطينيين وأهمها حقهم‬ ‫في العودة إلى ديارهم وأراضيهم التي شردوا‪ ‬منها خالل‬ ‫نكبة ‪.1948‬‬


‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫‪7‬‬

‫ملف العدد‪:‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‪:‬‬ ‫ال���ج���ري���م���ة وال���م���س���ؤول���ي���ات‬

‫قرية لفتا المهجرة‪ ،‬القدس‪ ،‬كانون الثاني ‪( ٢٠١٢‬تصوير‪ :‬مركز بديل)‬

‫جريمة نقل السكان‪ :‬التجريم‪ ،‬المالحقة القضائية‪ ،‬والتحصين من العقوبة‬ ‫بقلم‪ :‬جوزيف شيكال*‬ ‫إن فظائع نقل السكان قديمة قدم الحضارات‪.‬‬ ‫ورغم أنه من المفترض ان تكون الممارسات اإلجرامية‬ ‫المماثلة مجرد ذك��رى من م��اض غير ح��ض��اري‪ ،‬وال‬ ‫اخالقي؛ خصوصا اآلن بعد تطور القانون الدولي في‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬حيث أصبح نقل السكان جريمة‬ ‫يعاقب عليها القانون باعتبارها جريمة حرب وجريمة‬ ‫ضد اإلنسانية معا‪ .‬بيد أن عملية الحظر هذه لم توضع‬ ‫موضع التطبيق بشكل حازم ووطيد‪ ،‬وما زال التعامل‬ ‫معها يجري بصورة غير متناسقة أيضا‪.‬‬ ‫نحو الحظر‬ ‫بعد هزيمة النظام النيو‪-‬آشوري القمعي سنة ‪546‬‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬قام اإلمبراطور الفارسي كورش الكبير‬ ‫بعكس الممارسة وترك لنا [بذا] أول وثيقة لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬أال وهي مخطوطة سايروس (سنة ‪ 539‬قبل‬ ‫الميالد)‪ ،‬والتي تتمحور حول مبدأ عدم قبول االستيالء‬ ‫على األراضي بالقوة‪ ،‬وما يترافق مع هذه الممارسة‬ ‫غالبا من تهجير السكان‪ .‬وقد أشارت المخطوطة أيضا‬ ‫إلى حق العودة‪.‬‬ ‫من جهة أخرى أتقن التاج البريطاني‪ ،‬في نهاية‬ ‫المطاف‪ ،‬المزاوجة بين نقل السكان في كل من الفكر‬

‫والممارسة‪ ،‬وبين المنطق القانوني والديني اللذين‬ ‫استخدما لتجريد الشعب االيرلندي من أرضه قبل قرن‬ ‫‪1‬‬ ‫من بدء االستعمار البريطاني في أميركا الشمالية‪.‬‬ ‫[وهنالك] حيث ارتقت عمليات نقل السكان إلى‬ ‫مصاف ممارسة الشعائر الدينية لدى ذوي العقول‬ ‫الكولونيالية البروتستانتية واألصولية المتظاهرة‬ ‫بالطهرانية؛‪ 2‬مما أدى إل��ى تطهير المستعمرات‬ ‫األميركية من سكانها األصليين في مشهد يحاكي‬ ‫إعادة إنتاج الكتاب المقدس‪ .‬وفي موازاة ذلك‪ ،‬وفي‬ ‫تناقض متأخر‪ ،‬أسهمت الواليات المتحدة إلى حد‬ ‫كبير في تحديد المعايير التي ّ‬ ‫تجرم عمليات نقل‬ ‫السكان‪.‬‬ ‫فقد أصدر الرئيس األميركي أبراهام لينكولن‪،‬‬ ‫مدفوعا بتحديد معنى ومعايير األحكام العرفية‪،‬‬ ‫المرسوم العام رقم ‪ ،100‬والمتعارف عليه باسم‪:‬‬ ‫مرسوم الحرية (ليبر كود ‪ 3.)Lieber Code‬وقد نص‬ ‫على أن عمليات نقل السكان هي عمليات جائرة‪،‬‬ ‫وأكد بأنه “يحظر قتل‪ ،‬استعباد‪ ،‬أو ترحيل األفراد‬ ‫‪4‬‬ ‫المواطنين إلى أماكن بعيدة‪.”...‬‬ ‫فيما بعد‪ ،‬رفض المؤتمر الدولي األول لدول القارة‬ ‫األميركية عام ‪ ،1890‬نقل السكان بوصفه أداة غير‬

‫مشروعة الكتساب األراض���ي‪ 5،‬وقد أرس��ى التقاليد‬ ‫الدبلوماسية والقانونية الدولية لرفض االعتراف‬ ‫باالستيالء على األراض���ي بالقوة‪ .‬وق��د أي��دت ذلك‬ ‫في وقت الحق اتفاقيات الهاي لعام ‪ ،1907‬لكنها‬ ‫الديبلوماسية الدولية التي قد بقيت صامتة على‬ ‫هذه الممارسة بشكل ال يمكن تصوره‪ .‬بيد أن تجدد‬ ‫وانبعاث ممارسات نقل السكان الحقا قد تطلبت حظر‬ ‫هذه الممارسات من خالل التطورات القانونية الالحقة‪.‬‬ ‫بعد خمسة عشر عاما على صدور أنظمة الهاي‪،‬‬ ‫أش��ار ونستون تشرتشل في الكتاب األبيض إلى‬ ‫مسألة تدفق السكان األجانب إلى فلسطين (سنة‬ ‫‪ )1922‬فقد ورد النص التالي‪:‬‬ ‫“من الضروري التأكد من أن هؤالء المهاجرين لن‬ ‫يكونوا عبئا على شعب فلسطين ككل‪ ،‬وانه ال ينبغي‬ ‫‪6‬‬ ‫أن يحرم أي قسم من السكان الحاليين من عمله”‪.‬‬ ‫هذا المبدأ قد ُسبق باالعتراف بحقوق الشعب في‬ ‫العيش وكسب الرزق‪ ،‬سواء أكان ذلك على المستوى‬ ‫الفردي أم الجماعي‪ ،‬باعتبار األمر عنصرا من عناصر‬ ‫تقرير المصير‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن “اتفاقات النقل” التي‬ ‫عقدت بين ال��دول السابقة في فترة ما بعد الحرب‬ ‫العالمية األولى قد أوجدت سابقة تراجعية‪ .‬فعلى‬

‫الرغم من الخسائر البشرية واالقتصادية الرهيبة‬ ‫الناشئة عن اتفاقات ما بعد الحرب العالمية األولى‪،‬‬ ‫فقد حصنت تلك االتفاقيات مرتكبي النقل القصدي‬ ‫‪7‬‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫لقد اضطر وزير الخارجية الفرنسي أريستيد بريان‬ ‫خالل السنوات المحفوفة بالخطر ما بين الحربين إلى‬ ‫اقتراح معاهدة ثنائية منذ ‪ 85‬عاما‪ ،‬يتم بموجبها‬ ‫نبذ الحرب كوسيلة لتسوية المنازعات بين فرنسا‬ ‫والواليات المتحدة‪ .‬وفي ظل روح التفاؤل التي بثتها‬ ‫مغامرة الطيران الفردية التي قام بها تشارلز لينبيرغ‬ ‫إلى باريس قبل ذلك بشهر‪ ،‬كان الدعم السياسي‬ ‫األميركي للمعاهدة متبادال‪ 8،‬إال أن ميثاق كيلوج‬ ‫برياند (ميثاق باريس) لم يحقق أهدافه‪ ،‬وبقي على‬ ‫حاله حتى بعد دخوله حيز النفاذ في العام ‪،1929‬‬ ‫كما شنت الواليات المتحدة حروب الموز في أميركا‬ ‫الوسطى‪ ،‬وقامت اليابان بغزو منشوريا‪ ،‬وقامت إيطاليا‬ ‫بغزو وضم أبيسينيا‪ /‬إثيوبيا‪ ،‬وغزت كل من ألمانيا‬ ‫واالتحاد السوفياتي بولندا‪.‬‬ ‫على الرغم مما سبق‪ ،‬فإن هذا االتفاق مهم بوصفه‬ ‫معاهدة متعددة األط��راف بين الشعوب الموقعة‬ ‫عليها‪ ،‬وباعتباره أساسا قانونيا لتجريم عمليات‬ ‫يتبع‬


‫‪8‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫اإللحاق اإلقليمي بالقوة و‪ /‬أو نقل السكان‪ 9.‬وعلى‬ ‫الرغم من أن تصرفات الدولة لم تكن متوافقة [مع‬ ‫مبادئ المعاهدة] في ذلك الوقت‪ ،‬إال أن رجال القانون‬ ‫الدوليين يشيرون إلى العام ‪ 1932‬باعتباره التاريخ‬ ‫‪10‬‬ ‫الرسمي لحظر نقل السكان من ناحية قانونية‪.‬‬ ‫ك��ان ب��ي��ان وزي���ر ال��خ��ارج��ي��ة األم��ي��رك��ي��ة هنري‬ ‫ستيمسون في ‪ 7‬كانون ثاني ‪ 1932‬ضد االحتالل‬ ‫الياباني لمنشوريا مهما‪ .‬فقد جاء مؤكدا على الموقف‬ ‫التاريخي للواليات األميركية‪ ،‬باعتبار الواليات المتحدة‬ ‫“لم تنو االعتراف بأي وضع‪ ،‬أو معاهدة‪ ،‬أو اتفاقية قد‬ ‫تتعارض مع المواثيق وااللتزامات المنصوص عليها‬ ‫في ميثاق باريس‪ 11.”...‬وقد أكدت عصبة األمم على‬ ‫هذا المبدأ‪ 12،‬في قرار صدر باإلجماع في ‪ 11‬آذار ‪1932‬‬ ‫واعتماده ما توصلت اليه السياسة األميركية الداخلية‬ ‫البالغة من العمر ‪ 42‬عاما‪ ،‬مع امتناع الصين واليابان‬ ‫عن التصويت‪ 13.‬المعاهدات األخرى في ذات الفترة‬ ‫ّ‬ ‫كرست مبادئ تتسق منطقيا مع هذا الحظر “الراسخ”‬ ‫لالستيالء على األراضي بالقوة‪ ،‬والذي عادة ما ينطوي‬ ‫‪14‬‬ ‫على عوامل طرد سكان واستجالب آخرين‪.‬‬ ‫وقد أوصت لجنة بيل (‪-1936 Peel Commission‬‬ ‫‪ )37‬التابعة للحكومة البريطانية‪ ،‬بتقسيم فلسطين‬ ‫بين المستوطنين الصهاينة والفلسطينيين‬ ‫ّ‬ ‫األصالنيين مع “تبادل سكاني إلزامي”‪ .‬وبعد ذلك‬ ‫بوقت قصير‪ ،‬قامت لجنة وودهيد (‪Woodhead‬‬ ‫‪ )1938 Commissionn‬وورقة ماكدونالد البيضاء (�‪Mc‬‬ ‫‪“ )1939 Donald white paper‬الكتاب األبيض”‬ ‫باتخاذ موقف يناقض هذا الموقف‪ 15،‬مما ّ‬ ‫خيب أمل‬ ‫االستراتيجيين الصهاينة‪.‬‬ ‫استشهد بعض منظري الصهيونية باتفاق تبادل‬ ‫السكان الذي تال الحرب العالمية األولى بين اليونان‬ ‫وتركيا‪ ،‬معتبرين انه شرعنة لمشروعهم الخاص بشأن‬ ‫نقل السكان‪ 16.‬وقد أيد المبعوث مالكوم ماكدونالد‬ ‫‪ Malcomb Mcdonald‬توصية تشرتشل‪ 17،‬والتي‬ ‫تتحفظ على النقل غير المحدود‪ ،‬مستهدفة بذلك‬ ‫عامل استجالب السكان الصهاينة الذي ال غنى للحركة‬ ‫ّ‬ ‫الصهيونية عنه‪ .‬وقد ح��ذر بحكمة من أن السماح‬ ‫ّ‬ ‫التوجه القائم على نقل السكان سيعني‬ ‫بتعزيز‬ ‫‪18‬‬ ‫صراعا ال نهائيا‪ .‬وقد قال النائب في مجلس العموم‬ ‫البريطاني النائب القس د‪ .‬جيمس ليتل( (�‪James Lit‬‬ ‫‪ )tle‬بتشاؤم ملحوظ “أن مجلس العموم مطالب ببناء‬ ‫بيت عقارب في فلسطين‪ ،‬يماثل ما صنعته الحكومة‬ ‫‪19‬‬ ‫السابقة في إيرلندا‪.‬‬ ‫وبحلول نهاية الثالثينيات‪ ،‬كان قد تم ترسيم‬ ‫الخط األخالقي‪ ،‬القانوني‪ ،‬والعالئقي الدولي‪ ،‬الذي‬ ‫أسس لمبدأ عدم القبول باالستيالء على األراض��ي‬ ‫بالقوة وما يترافق مع ذلك من أشكال وممارسات نقل‬ ‫السكان‪ .‬وبالرغم من هذا‪ ،‬فقد واصل المستعمرون‬ ‫ّ‬ ‫‪20‬‬ ‫وتحديها‪.‬‬ ‫احتقار هذه األعراف‬ ‫االنبعاث والتجريم‬ ‫لم تمنع كل التطورات القانونية الملزمة لإلنسانية‬ ‫تجدد الجريمة‪ .‬فقد استمرت عمليات نقل السكان‬ ‫ّ‬ ‫بتحد سافر خالل العقد الالحق في أشكال متعددة‬ ‫مثل حالة “البنود االختيارية” وحالة “اتفاقات النقل”‬ ‫المبرمة مع الرايخ الثالث‪ 21،‬باإلضافة إلى ما ترتب على‬ ‫تقسيم الهند‪ ،‬والنقل القسري الذي مارسه الحلفاء‬ ‫‪22‬‬ ‫على األلمان في أعقاب الحرب العالمية الثانية‪،‬‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬نكبة فلسطين واإللحاق الصيني‬ ‫لـإقليم التبت الذي تزامن مع النكبة‪.‬‬ ‫على ضوء هذه التطورات‪ ،‬أصبح القانون الذي‬ ‫يحظر نقل السكان أكثر وضوحا أثناء وبعد الحرب‬ ‫العالمية الثانية‪ .‬وان أقرب إشارة صريحة إلى نقل‬ ‫السكان في وثيقة قانونية دولية هي االعتراف‬ ‫بـ”إعادة التوطين القسري” واعتباره جريمة حرب في‬ ‫إعالن الحلفاء بخصوص جرائم الحرب األلمانية‪ ،‬وقد‬ ‫تم تبني هذه الوثيقة على يد ممثلي الدول المحتلة‬ ‫التسع‪ ،‬في منفاهم في لندن سنة ‪ 1942،23‬وقد أصدر‬ ‫مجلس ال��وزراء البولندي في المنفى مرسوما بشأن‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬ ‫معاقبة جرائم الحرب األلمانية المرتكبة في بولندا‪،‬‬ ‫وقد نصت على أنه سيتم فرض عقوبة السجن مدى‬ ‫الحياة أو اإلعدام “إذا كانت هذه اإلجراءات تتسبب‬ ‫‪24‬‬ ‫في وفيات أو معاناة خاصة‪ ،‬أو إبعاد أو نقل السكان”‪.‬‬ ‫مع انطالق المحكمة العسكرية الدولية (‪)IMT‬‬ ‫جرب الحلفاء التعامل وفقا لـمبدأ مجرمي الحرب‪ .‬وقد‬ ‫أدخل ميثاق المحكمة العسكرية الدولية إلى القانون‬ ‫الدولي مفاهيم جرائم ضد السالم‪ ،‬جرائم الحرب‪،‬‬ ‫وجرائم ضد اإلنسانية‪ .‬وق��د تم تعريف “جرائم‬ ‫الحرب” لتتضمن إبعاد السكان المدنيين سواء الى‬ ‫‪25‬‬ ‫المناطق المحتلة أو إلى خارجها ألي سبب ك��ان‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى هذا فـإن المادة ‪( 6‬ج) من الميثاق قد‬ ‫ّ‬ ‫عرفت “الجرائم ضد اإلنسانية” لتشمل‪:‬‬ ‫“‪...‬اإلبعاد وغيره من األفعال الال إنسانية التي‬ ‫ترتكب ضد أي مجموعة من السكان المدنيين قبل‬ ‫أو أثناء الحرب‪ ...‬سواء أكان األمر عبر التنفيذ المباشر‪،‬‬ ‫أو كان ذو عالقة بأية جريمة تندرج في اختصاص‬ ‫‪26‬‬ ‫المحكمة‪”....‬‬ ‫ّ‬ ‫وإلى جانب القوى األربع التي أقرت ميثاق المحكمة‬ ‫العسكرية الدولية‪ ،‬انضمت ‪ 19‬دولة أخرى كذلك‪ .‬وقد‬ ‫أق� ّ�رت الجمعية العامة لألمم المتحدة أيضا مبادئ‬ ‫القانون الدولي المعترف بها في ميثاق المحكمة‬ ‫‪27‬‬ ‫العسكرية الدولية والتي تتبدى في حكم المحكمة‪.‬‬ ‫تعاملت أحكام المحكمة العسكرية الدولية‬ ‫في نورمبيرغ ‪ Nuremberg‬بأشكال مختلفة مع‬ ‫نزوح المدنيين من األراض��ي المحتلة واستبدالهم‬ ‫بمستوطنين استعماريين ألمان‪ .‬وفي محاكمات‬ ‫نورمبيرغ‪ ،‬تم البت في االنتهاكات الخطيرة للحقوق‬ ‫االقتصادية‪ /‬االجتماعية‪ /‬الثقافية بالنظر الى‬ ‫موضوعين مركزيين؛ الـ”ألمنة”‪ ،‬بمعنى إحالل الهوية‬ ‫األلمانية بالقوة‪ ،‬والسلب‪ .‬لقد كان هدف األلمنة هو‬ ‫ابتالع األراضي المغزوة سياسيا‪ ،‬ثقافيا‪ ،‬اجتماعيا‪،‬‬ ‫واقتصاديا في الرايخ األلماني‪ .‬وبهدف تحقيق‬ ‫األلمنة‪ ،‬فقد سعى النازيون إلى طمس الطابع الوطني‬ ‫السابق لألراضي المغزوة‪ ،‬وإلى إبادة جميع العناصر‬ ‫التي ال يمكن التوفيق بينها وبين األيدلوجية‬ ‫النازية‪ .‬وقد تضمنت اإلج��راءات المرتبطة باأللمنة‬ ‫النقل القسري‪ ،‬واإلبعاد و‪/‬أو تهجير سكان األراضي‬ ‫المحتلة‪ ،‬فضال عن نقل وتوطين المواطنين األلمان‬ ‫داخل األراضي المحتلة أو المستوطنات التي تحيط‬ ‫باألراضي المحتلة‪ 28.‬أما السلب فيقصد به النهب‪،‬‬ ‫سرقة وتدمير الممتلكات العامة أو الخاصة‪ ،‬استغالل‬ ‫الموارد الطبيعية والشعب في األراضي المحتلة‪.‬‬ ‫إن قضيتي ألفريد جودل ‪ Alfred Jodl‬وألفريد‬ ‫روزنبرغ ‪ Alfred Rosenberg‬على سبيل المثال‬ ‫هما قضيتان مثاليتان لمقاربة مسألة مالحقة‬ ‫مرتكبي االنتهاكات باعتبارها جرائم ضد االنسانية‪،‬‬ ‫وبالتحديد‪ ،‬تدمير الممتلكات‪ ،‬نهب األمالك الخاصة‬ ‫والعامة‪ ،‬واإلبعاد‪ .‬لقد أدان االدعاء العام والقضاة في‬ ‫محاكم نيورمبيرغ مرارا “األلمنة” ‪Germanization‬‬ ‫والتحويل إلى النازية ‪ Nazifying‬المرتكبة بحق‬ ‫األراضي المحتلة أو “ضمها” من خالل ترحيل أو طرد‬ ‫السكان األصليين ونقل المستوطنين األلمان إليها‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬فقد شكلت محاكم نيورمبيرغ سابقة‬ ‫لما سمي الحقا بالمادة ‪ 49‬من اتفاقية جنيف الرابعة‬ ‫بشأن حماية المدنيين وقت الحرب‪ ،‬تلك المنعقدة في‬ ‫‪ 12‬آب ‪ :1949‬إن نقل السكان واالستيطان في المنطقة‬ ‫المحتلة يشكالن جريمة حرب وجريمة ضد اإلنسانية‪،‬‬ ‫وإن إبعاد األشخاص هو أمر غير قانوني‪.‬‬ ‫في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية‪،‬‬ ‫سعت مؤسسات متعددة وعدد من الخبراء إلى توضيح‬ ‫الحظر القانوني على نقل السكان باعتباره إشكالية‬ ‫خاصة بالعالقات الدولية‪ ،‬وإلى السعي للسالم والتنمية‬ ‫المكرسة في ميثاق األمم المتحدة‪ .‬على ضوء ويالت‬ ‫الحرب‪ ،‬تجمعت ال��دول في عام ‪ 1949‬من أجل تبني‬ ‫اتفاقية جنيف الرابعة وقامت بإحياء القضية التي‬ ‫صمتت عليها سابقتها‪ ،‬أي‪ ،‬لوائح الهاي لسنة ‪.1907‬‬ ‫وإضافة إلى ال��دول‪ ،‬فإن الخبراء القانونيين قد بقوا‬

‫عرب الجهالين‪ ،‬عرضة للتهجير المتواصل‪ .‬غور األردن‪( ٢٠١٠ ،‬تصوير‪ :‬مركز بديل)‬

‫مقيدين بالتدوين والتحديد للحظر القانوني على‬ ‫جريمة نقل السكان‪ 29.‬إن التطورات القانونية في‬ ‫العقد الالحق قد أضافت المزيد من الوضوح على آفاق‬ ‫المالحقة القانونية‪ .‬وقد أدى قرار المجلس االقتصادي‬ ‫واالجتماعي ‪ ECOSOC30‬إلى نقاش عام ‪ 1967‬في األمم‬ ‫المتحدة والذي أسفر عن صك يؤكد عدم انطباق التقادم‬ ‫على جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية‪ 31.‬وبعد مرور‬ ‫عشر سنوات‪ ،‬تمت إضافة بروتوكول آخر إلى اتفاقيات‬ ‫جنيف والتي أكدت على أن جريمة نقل السكان هي‬ ‫‪32‬‬ ‫واحدة من االانتهاكات الخطيرة‪/‬الجسيمة‪.‬‬ ‫قبل عشرين ع��ام‪ ،‬أص���درت اللجنة المتفرعة‬ ‫عن األم��م المتحدة لمنع التمييز وحماية األقليات‬ ‫توصايتها التحليلية من خالل نظرة مقارنة‪ .‬وقد‬ ‫أوصى قرارها الصادر سنة ‪ 1992‬بخصوص “أبعاد‬ ‫نقل السكان‪ ،‬بما يشمل توطين المستوطنين وإقامة‬ ‫المستوطنات”‪ 33‬بدراسة تركز على اإلخالء القسري‬ ‫المتزايد والجماعي م��ن جهة‪ ،‬وعلى االستعمار‬ ‫ف��ي العمليات العابرة للحدود‪ ،‬وفقا لممارسات‬ ‫التالعب بالتكوين الديمغرافي المحلي للدولة‪ .‬وقد‬ ‫وجدت الدراسة‪ 34،‬أن عامل “االستجالب” (توطين‬ ‫المستوطنين والمستوطنات) يشكل على األغلب خرقا‬ ‫للقانون الدولي‪ ،‬سواء تم تنفيذه داخل أو عبر حدود‬ ‫الدولة‪ ،‬باعتباره انتهاكا لـ”حزمة من الحقوق”‪ 35.‬وفي‬ ‫نقاشها حول “نقل السكان” كمصطلح قانوني‪ ،‬فقد‬ ‫أشارت اللجنة الفرعية إلى أن المصطلح يعني‪:‬‬

‫“‪ ...‬األفعال التي هدفها نقل السكان؛ وليس‬ ‫بالضرورة ان تكون وجهة النقل محددة مسبقا‪.‬‬ ‫إن دور الدولة في نقل السكان قد يكون فعاال أو‬ ‫سلبيا‪ ،‬لكنه مع ذلك يسهم في الطبيعة المنهجية‪،‬‬ ‫القسرية‪ ،‬والمتعمدة لتحريك السكان إلى داخل‬ ‫أو خارج المنطقة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنها تشكل عنصرا‬ ‫من عناصر القوة الرسمية‪ ،‬اإلكراه‪ ،‬اإلهمال بتواطؤ‪،‬‬ ‫الموجود في ممارسات ال��دول أو السياسة‪ .‬وقد‬ ‫ينطوي دور الدولة على الدعم المالي‪ ،‬أو التخطيط‪ ،‬أو‬ ‫اإلعالم‪ ،‬أو العمل العسكري‪ ،‬أو تجنيد المستوطنين‪،‬‬ ‫أو سن التشريعات أو إجراءات قضائية أخرى‪ ،‬أو حتى‬ ‫التأثير في إدارة القضاء‪ 36.‬إن نقل السكان يمكن أن‬ ‫يتم بوتيرة كبيرة‪ ،‬أو بـ”نقل منخفض الوتيرة” يؤثر‬ ‫على السكان تدريجيا أو بشكل متزايد‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫بينما ّ‬ ‫توج مقرر اللجنة الفرعية بخصوص نقل‬ ‫السكان نموذج “مشروع إعالن بشأن نقل السكان‬ ‫وتوطين المستوطنين” سنة ‪ 1997،38‬والتي تطبق‬ ‫الحظر الصريح والنافذ في معاهدة دولية ملزمة‪ ،‬فإن‬ ‫نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية (‪)ICC‬‬

‫يعرف “إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان”‬ ‫باعتباره جريمة ضد اإلنسانية (المادة ‪ )7‬و”اإلبعاد أو‬ ‫النقل غير المشروعين” كجريمة حرب (المادة ‪.)8‬‬ ‫لقد ح��اول��ت المحكمة الجنائية ال��دول��ي��ة في‬ ‫يوغوسالفيا السابقة‪ ،‬إدانة ‪ 15‬شخصا من الساسة‬ ‫والقادة العسكريين بتهمة النقل القسري‪ 39.‬وما يزال‬ ‫آخرون من المتهمين بموجب الئحة اتهام بارتكاب‬ ‫جرائم نقل السكان بانتظار المثول أمام المحكمة‬ ‫‪40‬‬ ‫الجنائية الدولية إلى حين القبض عليهم‪.‬‬ ‫خاتمة‬ ‫رغم أن هذه المحاكمات ضرورية من أجل تحقيق‬ ‫العدالة االنتقالية في تلك ال��دول المتضررة‪ ،‬فقد‬ ‫ظلت محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد‬ ‫االنسانية انتقائية‪ .‬ويبقى السؤال ّ‬ ‫عما إذا كانت‬ ‫العدالة الجنائية الدولية قادرة على تحقيق الردع‬ ‫المطلوب في جرائم كجريمة نقل السكان‪ .‬في حاالت‬ ‫نقل السكان في قبرص‪ 41،‬وتيمور الشرقية‪ ،‬والصحراء‬ ‫الغربية طيلة سنوات السبعينيات‪ ،‬فإن العديد من‬ ‫الدول لم تتخذ اجراء بل حتى انها لم تدعم مبدأ عدم‬ ‫‪42‬‬ ‫االعتراف بما يترتب على ذلك من آثار غير قانونية‪.‬‬ ‫إن حالة التهجير القسري والجرائم المرتبطة بها‬ ‫‪43‬‬ ‫في سريالنكا‪ ،‬وهي حليف إسرائيل العسكري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المرجح أن ينشأ‬ ‫ال زالت من دون معالجة والتي من‬ ‫عنها اضطرابات مستقبلية‪ 44.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فال‬ ‫توجد دولة طرف‪ ،‬سواء أكانت من األطراف المتعاقدة‬ ‫السامية في اتفاقيات جنيف أو الحكومات الموقعة‬ ‫الحقا‪ ،‬قد أوفت بالتزاماتها بـ”ضمان احترام” اتفاقية‬ ‫جنيف الرابعة‪ ،‬بما في ذلك المادة الجوهرية من‬ ‫‪45‬‬ ‫االتفاقية أال وهي المادة ‪.49‬‬ ‫مع انتفاء وجود إرث من االلتزام طويل األمد بأي‬ ‫من “عمليات السالم” المفترضة‪ ،‬فقد قادت األحداث‬ ‫الخبراء إلى الدعوة إلى انسحاب األمم المتحدة من‬ ‫نهج رباعية الشرق األوسط [الدولية] الالقانوني‪ 46.‬في‬ ‫الواقع‪ ،‬رغم ان التعامل مع نقل السكان ال يزال يراوح‬ ‫ما بين شد‪ ،‬اال أنها تشكل شكال من أشكال الجريمة‬ ‫التي يعاقب عليها القانون‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العملية‬ ‫السياسية الحالية تعيق فعال تطبيق القانون‪ ،‬وذلك‬ ‫بانعدام وج��ود أدن��ى شكل من أشكال المصداقية‬ ‫للشكاوى التي ال زالت انتقائية تجري بحسب تقدير‬ ‫المدعي العام الحالي للمحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬ ‫في ه��ذه األث��ن��اء‪ ،‬ال ي��زال الزعماء السياسيون‬ ‫اإلسرائيليون يجرؤون على الدعوة إلى المزيد من‬ ‫نقل السكان‪ 47.‬مع استمرار السياسة المتناقضة في‬ ‫تقويض قوة ومعنى القانون الجنائي الدولي فيما‬ ‫يتعلق بنقل السكان‪ ،‬فقد يقوم السياسيون بقيادة‬ ‫اإلنسانية إلى الهالك عبر تكرير ممارساتها التي‬ ‫يعجز الوصف عنها‪.‬‬ ‫* جوزيف شيكال‪ :‬منسق التحالف الدولي للموئل (االئتالف العالمي‬ ‫للحق في االقامة والسكن والتملك)‪.‬‬ ‫* لإلطالع على الهوامش‪ ،‬الرجاء تصفح الموقع اإللكتروني لمركز بديل‪:‬‬ ‫‪http://www.badil.org/haq-alawda‬‬


‫‪9‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫متوفر اآلن لدى مركز بديل‬

‫مطوية رقم ‪ :1‬التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫جريمة دولية‪ ،‬وسياسة عنصرية إسرائيلية‪ ،‬وجوهر مشروع استعمار فلسطين‬ ‫التهجير في سياسات إسرائيل‬

‫معطيات حول التهجير املستمر‬

‫ماذا ميكنك ان تفعل خطوات وقائية؟‬

‫ماذا ميكنك أن تفعل في حال صدور قرار باملصادرة؟‬

‫املرشوع االستعامري الصهيوين – اإلرسائييل يف فلسطني يقوم يف‬ ‫جوهره عىل أساس "االستيالء عىل ربكا مساحة من األرض بأقل عدد‬ ‫من الفلسطينيني" ومن ابرز مظاهر ذلك‪:‬‬

‫هتجري الفلسطينيني مل يقع خالل احلروب والرصاعات املسلحة فقط‪ ،‬بل‬ ‫ال يزال جيري بسياسات وممارسات خمتلفة مهنا‪:‬‬

‫ هتجري أكرث من ‪ 750‬ألف فلسطيين خالل النكبة (‪)1948-1947‬‬ ‫‪n‬‬ ‫والبالغ عددمه اآلن ‪ 5.8‬مليون الجئ‪.‬‬

‫مصادرة األراضي‬

‫حفظ الوثائق اخلاصة بامللكية يف ماكن آمن‪ ،‬سواء اكنت سند‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫طابو‪ ،‬أو واكلة دورية‪ ،‬أو حرص ارث‪ ،‬او قيد مالية‪ ،‬أو عقد بيع خاريج‪،‬‬ ‫أو خرائط وغريها من السندات ذات الصلة‪ ،‬وسواء اكنت األصلية أو‬ ‫الصور عهنا‪ ،‬واحلفظ يكون آمنا من الناحية التقنية‪ ،‬مبا يف ذلك حفظها‬ ‫بالطرق االلكرتونية‪.‬‬

‫املبارشة يف طلب املساعدة القانونية من حمام خاص أو‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫املؤسسات الرمسية واألهلية‪ :‬الوطنية مهنا والدولية‪ .‬إن فوات املواعيد‬ ‫أو الترصفات غري املدروسة قد تشك ذريعة ملنعك من االعرتاض‪،‬‬ ‫وبالتايل رشعنة املصادرة‪.‬‬

‫ هتجري أكرث من ‪ 400‬ألف فلسطيين يف حرب عام ‪ ،1967‬والبالغ‬ ‫‪n‬‬ ‫عددمه اآلن ما يزيد عن ‪ 1‬مليون الجئ‪/‬نازح‪.‬‬ ‫ هتجري قرابة ‪ 40‬ألف فلسطيين يف داخل اخلط األخرض بعيد‬ ‫‪n‬‬ ‫النكبة‪ ،‬والبالغ عددمه اآلن ما يقارب ‪ 360‬ألف مهجر داخيل‪.‬‬ ‫ هتجري أكرث من ‪ 160‬ألف فلسطيين (مهجرون داخليا) يف األرض‬ ‫‪n‬‬ ‫احملتلة عام ‪.1967‬‬

‫شرعنة التهجير‬ ‫يف ممارسهتا للهتجري‪ ،‬تستند إرسائيل إىل قوانني عنرصية مهنا‬ ‫عىل سبيل املثال‪ :‬قانون العودة اإلرسائييل لعام ‪ ،1950‬قانون‬ ‫املواطنة‪/‬اجلنسية لعام ‪ ،1952‬قانون الدخول إىل إرسائيل (‪)1952‬‬ ‫وتعديالهتا وعرشات القوانني اخلاصة باألرايض ومائت األوامر‬ ‫العسكرية مثل األمر رمق ‪ 1650‬بشأن ما يمسى حظر التسلل‪.‬‬

‫تسيطر إرسائيل واملؤسسات الصهيونية عىل أكرث من ‪ % 85‬من مساحة‬ ‫فلسطني حبدودها االنتدابية‪،‬‬ ‫اقل من ‪ %15‬من أصل ‪ %94‬من األرض بقيت للفلسطينيني عىل جانيب‬ ‫اخلط األخرض‪.‬‬

‫فقط ‪ %3.5‬من األرض بقيت للفلسطينيني من مواطين إرسائيل رمغ إهنم‬ ‫يشلكون أكرث من ‪ %20‬من الساكن‪.‬‬ ‫لّ‬ ‫تشك أكرث من ‪ %60‬من األرض احملتلة عام ‪1967‬‬ ‫املنطقة (ج) واليت‬ ‫لّ‬ ‫وتشك منطقة االستيطان اإلرسائييل‬ ‫غري خاضعة للسطلة الفلسطينية‪،‬‬ ‫واحتيايط االمتداد املستقبيل له‪.‬‬

‫العمل عىل توثيق لك ما لديك من وثائق يف أكرث من موقع ولدى‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫أكرث من دائرة رمسية‪.‬‬ ‫عدم تركزي امللكية و‪/‬أو حق الترصف بيد خشص معني‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫خصوصا يف امللكيات الواسعة‪ ،‬فالتعدد والتنوع يقطع أحيانًا الطريق‬ ‫عىل إماكنية االحتيال‪ ،‬والزتوير‪ ،‬أو اإلغراء بالبيع‪ ،‬أو التذرع بقانون‬ ‫حارس أمالك الغائبني‪ ،‬وغريه من القوانني واألوامر العسكرية‪.‬‬ ‫العمل عىل استصدار وثائق ملكية وجتديد الواكالت والسندات‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫من اجلهات املختصة‪ ،‬وإعالن اجلهات الرمسية والقانونية يف حال‬ ‫فقدان أي من تلك السندات‪ ،‬أو أي حماولة للعبث فهيا‪.‬‬ ‫عدم إمهال العقار‪ ،‬أو االنقطاع عن فالحة األرض‪ ،‬أي املواظبة‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫عىل استعامل العقار‪.‬‬

‫تدمير املنازل‬ ‫ما بني األعوام ‪ 1967-1947‬دمرت إرسائيل ما يزيد عىل ‪ 536‬قرية وبلدة‬ ‫فلسطينية‪ ،‬وأفرغت أكرث من ‪ 11‬منطقة حرضية فلسطينية من ساكهنا‬ ‫بالاكمل‪ .‬ودمرت أكرث من ‪ 27,000‬وحدة سكنية ومنشأة ما بني األعوام‬ ‫‪ -1967‬حىت هناية ‪.2012‬‬

‫املستعمرات‬

‫يوجد يف األرض احملتلة عام ‪ 1967‬أكرث من ‪ 236‬مستعمرة‪ ،‬يف القدس‬ ‫‪ 12‬مستعمرة‪ ،‬ويف الضفة الغربية ‪ 124‬مستعمرة و‪ 100‬نقطة استيطانية‬ ‫(مستعمرة قيد اإلنشاء و‪/‬أو التوسع)‪.‬‬ ‫منذ العام ‪ ،2000‬تضاعف عدد املستعمرين يف األرض احملتلة عام ‪1967‬‬ ‫ليبلغ اآلن ‪ 650.000‬مستعمر إرسائييل‪ ،‬يسيطرون عىل‪ ،‬و‪/‬او ينتفعون‬ ‫بأكرث من ‪ %70‬من األرض‪.‬‬

‫االحتفاظ بأية وثيقة ذات صلة باالنتفاع بالعقار‪ ،‬سواء عقد‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫إجيار أو مزارعة‪ ، ،‬أو عقد بيع عريف(عادي)‪ ،‬وأية رخص إنشاء أو‬ ‫فواتري خدمية أو إنشائية‪ ،‬أو حىت صور فوتوغرافية‪ ،‬وغريه مبا يفيد‬ ‫احليازة واالستعامل‪.‬‬

‫توفري وتأمني اكفة األوراق واملستندات الالزمة إلثبات امللكية‪،‬‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫او احليازة الفعلية واالستعامل الدامئ‪ ،‬سواء اكنت سند طابو‪ ،‬أو واكلة‬ ‫دورية‪ ،‬أو حرص ارث‪ ،‬أو قيد مالية‪ ،‬أو عقد بيع خاريج‪ ،‬أو خرائط‬ ‫وغريها من السندات ذات الصلة‪ ،‬وسواء اكنت األصلية أو الصور عهنا‪.‬‬

‫التهجير القسري للسكان‬ ‫التهجير القسري للفلسطينيني جرمية‬ ‫دولية‪ ،‬وسياسة عنصرية إسرائيلية‪،‬‬ ‫وجوهر مشروع استعمار فلسطني‬

‫طلب مساعدة ومنارصة القوى الشعبية والوطنية والدولية‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫لتوفري امحلاية الفعلية (التواجد والعمل) وتنفيذ أنشطة طوعية‬ ‫وميدانية الزراعة والبناء أو الرتسمي باجلدران واألسالك‪...‬اخل لتثبيت‬ ‫أمر واقع‪ ،‬ولتوثيق الصلة باألرض‪ -‬العقار‪.‬‬ ‫اجعل قضيتك قضية عامة عرب التوجه لإلعالم من خالل التعاون‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫مع املؤسسات األهلية والرمسية‪.‬‬ ‫عدم االستجابة أو االنصياع ألوامر املنع من االستعامل‪/‬‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫االستغالل أو الوقف عن العمل‪ ،‬أو اإلخالء‪ ،‬حىت لو اكنت قضائية‪ ،‬أو‬ ‫غريها من اإلجراءات اهلادفة ملنعك من ممارسة حقوقك‪،‬‬

‫‪BADIL‬‬ ‫‪Resource Center‬‬ ‫‪for Palestinian Residency & Refugee Rights‬‬

‫بديــل‬

‫املركز الفلسطيني‬ ‫ملصـادر حقـوق املواطنـة والالجئـيـن‬

‫عدم التسلمي باملصادرة كأمر واقع من خالل مواصلة حتدي‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫القرار بالتواجد‪ ،‬والعمل‪ ،‬والبناء وتنظمي الفعاليات الشعبية وغريها‪.‬‬

‫العمل عىل ربط العقار بشباكت اخلدمات العامة‪ ،‬اكلكهرباء‪،‬‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫واملاء‪ ،‬واهلاتف‪ ،‬والطرقات العامة‪.‬‬ ‫يف حال عدم القدرة عىل استعامل العقار وتطويره‪ ،‬عليك‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫التوجه لطلب املساعدة الرمسية‪ ،‬أو األهلية لتنفيذ فعاليات شعبية‬ ‫وأمعال طوعية‪ ،‬أو للقطاع اخلاص لتجشيعه عىل االستمثار‪.‬‬ ‫تنشيط ارتياد املنطقة من العامة‪ ،‬من خالل ختصيص جزء‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫مكرافق عامة للتزنه‪ ،‬واالستجامم‪ ،‬والرياضة أو غريها من املرافق‬ ‫الثقافية أو حىت عرب تجشيع القطاع اخلاص عىل االستمثار فهيا‪.‬‬

‫تظاهرة في القدس‪( ،‬املصدر‪)Activestills.org :‬‬

‫أزقة حي البسان في القدس‪( ،‬تصوير‪ :‬بديل)‬

‫مقاومة التهجير القسري التزام وطني ودولي مشروعة قانوني ًا وواجبة أخالقي ًا‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‪ :‬جريمة دولية‪ ،‬وسياسة عنصرية إسرائيلية‪ ،‬وجوهر مشروع استعمار فلسطين‬

‫هدم منزل عطية الدرعاوي‪ ،‬قرية النعمان‪ ،‬بيت حلم‪( ،‬تصوير‪ :‬آن باك‪/‬بديل)‬

‫االعتداءات العسكرية تطال األحياء السكنية‪ ،‬غزة‪( ،‬تصوير‪ :‬آن باك‪/‬بديل)‬

‫االحتالل يوزع حتذير بعدم االقتراب من املنطقة العازلة‪ ،‬غزة‪( ،‬تصوير‪ :‬آن باك‪/‬بديل)‬

‫مستوطنون يستولون على منزل في حي الشيخ جراح‪ ،‬القدس‪( ،‬املصدر‪ :‬األيام)‬ ‫بيت حلم‪ ،‬مخيم عايدة‪ ،‬اجلدار‪ ،‬ومستعمرة غيلو‪( ،‬تصوير‪ :‬محمد العزة‪/‬بديل)‬

‫ما هو التهجير القسري؟‬

‫أشكال التهجير‬

‫التهجير القسري‪ :‬جرمية حرب وجرمية ضد اإلنسانية‬

‫آليات وأدوات التهجير‬

‫هو قيام الدولة‪ ،‬أو سلطة االحتالل أو أية جهة تابعة هلا‪ ،‬بتنفيذ‬ ‫أمعال‪ ،‬أو اختاذ إجراءات أو إتباع سياسات غري مرشوعة‬ ‫تريم إىل‪ ،‬أو تتسبب يف تغيري الرتكيبة الساكنية إلقلمي معني‬ ‫خيضع هلا‪ .‬وقد يكون فعل السلطة أو تابعهيا اجيابيا؛ أي‬ ‫بالتدخل عىل حنو ينتج عنه الهتجري‪ ،‬أو سلبيا؛ أي باالمتناع‬ ‫عن اختاذ إجراءات متنع الهتجري‪.‬‬

‫يمتثل الشك األبرز للهتجري يف نقل ساكن اإلقلمي من موطهنم الطبييع‬ ‫واملعتاد أو دفعهم لذلك‪ .‬والشك الثاين قد يكون بتوطني املستعمِ رين‬ ‫املدنيني من مواطين دولة االحتالل أو االستعامر يف ارض اإلقلمي‬ ‫اخلاضع هلا‪.‬‬

‫الهتجري القرسي جرمية دولية تستوجب معاقبة مرتكبهيا‪ .‬فهو قد يشك‬ ‫جرمية حرب إذا وقع خالهلا من قبل األطراف املتصارعة؛ خصوصا إذا‬ ‫مت نقل الساكن أو ترحيلهم عىل حنو متعمد ولغايات غري غاية تأمني‬ ‫محايهتم وسالمهتم‪ ،‬ومل يحمس هلم بالعودة إىل ديارمه حال انهتاء‬ ‫األمعال احلربية‪.‬‬

‫قد يكون الهتجري مبارشا؛ أي بنقل الساكن أو إخالء منطقهتم‬ ‫وترحيلهم بالقوة‪ ،‬أو حبملهم عىل املغادرة والفرار مكا يف حاالت‬ ‫احلرب حيث يمت الهتجري يف حلظة‪/‬فرتة حمددة‪ .‬وقد يكون الهتجري‬ ‫غري مبارش (مقنعا) حيث يمت تدرجييا نتيجة إتباع السلطة سياسة‬ ‫ممهنجة ترامك ظروفا جيد فهيا اإلنسان نفسه مضطرا لملغادرة‬ ‫والرحيل‪.‬‬

‫من جرامئ احلرب‪ :‬قيام دولة االحتالل عىل حنو‬ ‫مبارش أو غري مبارش‪ ،‬بنقل أجزاء من ساكهنا‬ ‫املدنيني إىل األرض اليت حتتلها‪ ،‬أو إبعاد أو‬ ‫نقل لك ساكن األرض احملتلة أو أجزاء مهنم‬ ‫داخل هذه األرض أو خارجها‪.‬‬ ‫(املادة ‪ 8‬من نظام روما األسايس لملحمكة‬ ‫اجلنائية الدولية)‬

‫القمع واالضطهاد مبختلف األشاكل املعنوية واملادية‪ ،‬وعنرصية‬ ‫القوانني‪ ،‬وال عدالة القضاء‪ ،‬يه ابرز أدوات وآليات الهتجري القرسي‬ ‫اليت تنهتجها السلطة‪ .‬فالقتل‪ ،‬واالعتداءات املتكررة‪ ،‬واالعتقاالت‪،‬‬ ‫ومصادرة األرايض‪ ،‬واالستيالء عىل مصادر احلياة‪ ،‬وإغالق منافذ‬ ‫الرزق‪ ،‬وتقييد حرية حركة األفراد‪ ،‬وحظر البناء‪ ،‬وتدمري املنشآت‬ ‫والبيوت‪ ،‬ومنع التطوير وغريها يه مسببات ‪-‬مبارشة وغري‬ ‫مبارشة‪ -‬للهتجري‪.‬‬

‫حيظر النقل اجلربي امجلايع أو الفردي‬ ‫لألخشاص احملميني أو نفهيم من األرايض‬ ‫احملتلة إىل أرايض دولة االحتالل أو إىل‬ ‫أرايض أي دولة أخرى‪ ،‬حمتلة أو غري‬ ‫حمتلة‪ ،‬أيًا اكنت دواعيه‪.‬‬

‫(من املادة ‪ 147‬من اتفاقية جنيف الرابعة)‬

‫الهتجري يمسى إبعادا أو نفيا إذا اكن فرديا‪ ،‬ويمسى مجاعيا إذا نتج‬ ‫عنه موجات نزوح كبرية‪ .‬وقد يكون الهتجري جزءا من معلية تطهري‬ ‫عريق تسهتدف وجود مجموعة عرقية‪/‬اثنية معينة أو شعب معني‪ ،‬وقد‬ ‫يكون جزءا من مرشوع استعامري احاليل يسىع إىل تغيري الرتكيبة‬ ‫الدميوغرافية لإلقلمي املستعمَ ر‪.‬‬ ‫“ال جيوز لدولة االحتالل أن ترحل أو تنقل‬ ‫جزءًا من ساكهنا املدنيني إىل األرايض اليت‬ ‫حتتلها”‪.‬‬ ‫(من املادة ‪ 47‬من اتفاقية جنيف الرابعة)‬

‫“‬ ‫“‬

‫“‬

‫يكون الهتجري داخليًا إذا أدى الرتحيل أو التسبب به إىل تغيري‬ ‫ماكن اإلقامة الطبييع واملعتاد للساكن يف داخل حدود اإلقلمي‪.‬‬ ‫ويمسى الهتجري جلوءا أو نزوحا خارجيا إذا اضطر الساكن‬ ‫لعبور احلدود الدولية‪.‬‬

‫“‬

‫الهتجري يقع قرسًا؛ سواء مت هتجري الساكن بالقوة أو بدفعهم‬ ‫للفرار يف حلظة حمددة‪ ،‬أو اكن تدرجييًا أي بدفعهم للرحيل‬ ‫نتيجة ترامك ظروف جتربمه عىل ذلك‪ .‬يف احلالني‪ ،‬يقع الهتجري‬ ‫أو الفرار أو املغادرة عىل حنو قهري‪ ،‬اضطراري غري مرشوع؛‬ ‫حيث تنعدم فيه اإلرادة احلرة‪.‬‬

‫“‬ ‫“‬

‫االستعامر الصهيوين‪ -‬اإلرسائييل يف فلسطني يمشل الشلكني‪ :‬هتجري‬ ‫ساكن اإلقلمي االصليني‪ ،‬وتوطني املستعمرين ماكهنم‪.‬‬

‫ويشك الهتجري جرمية ضد اإلنسانية إذا اكن جزءا من سياسة واسعة‬ ‫النطاق منتمظة هتدر حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬خصوصا اذا اسهتدفت‬ ‫مجموعة معينة من الساكن‪ ،‬سواء ارتكبته الدولة‪/‬السلطة أو األفراد‬ ‫خالل رصاع مسلح أو يف أوقات السمل‪.‬‬ ‫إن إبعاد الساكن أو النقل‪/‬الهتجري القرسي‬ ‫للساكن يعين‪ :‬نقل األخشاص املعنيني قرسًا‬ ‫من املنطقة اليت يوجدون فهيا بصفة مرشوعة‪،‬‬ ‫بالطرد أو بأي فعل قرسي آخر‪ ،‬دون مربرات‬ ‫يحمس هبا القانون الدويل‪.‬‬ ‫(املادة ‪ 7‬من نظام روما األسايس لملحمكة‬ ‫اجلنائية الدولية)‬

‫بالعادة تسند السلطة هذه السياسات واملامرسات بقوانني و‪/‬أو‬ ‫لّ‬ ‫ترشعها هبدف إضفاء صفة القانونية‬ ‫أوامر عسكرية أو إدارية يه‬ ‫عىل القمع واالضطهاد‪.‬‬ ‫وبالعادة تركن السلطة إىل قضاء مقيد إما بقوانني جائرة وعنرصية‪،‬‬ ‫أو بايدولوجيا االستعامر‪ ،‬فيفقد القضاء نزاهته وعدالته بالتايل‪.‬‬

‫هذه املطوية‪:‬‬ ‫املعلومات واإلرشادات والتوصيات الواردة يف هذه املطوية تشكل نقطة بداية‬ ‫ومقدمة تلقي بعض الضوء عىل املوضوع املعروض وكيف ميكن التعامل‬ ‫معه بالعموم‪ .‬وعليه‪ ،‬فهي ليست حرصية وال شاملة‪ ،‬وال تشكل بديال عن‬ ‫االستشارة القانونية الواجبة يف كل الحاالت‪ ،‬خصوصا يف حاالت املصادرة‪،‬‬ ‫اإلخالء‪ ،‬املنع من االستعامل‪ ،‬األمر بالهدم‪ ،‬عدم الرتخيص بالبناء وغريها من‬ ‫املامرسات اإلرسائيلية‪.‬‬

‫‪BADIL‬‬ ‫‪Resource Center‬‬ ‫‪for Palestinian Residency & Refugee Rights‬‬

‫بديــل‬

‫املركز الفلسطيني‬ ‫ملصـادر حقـوق املواطنـة والالجئـيـن‬

‫بديل ‪ -‬المركز الفلسطيني لمـصــادر حقـــوق المـواطـنـــة والالجـئـيـــن‬ ‫شارع الكركفة‪ ،‬بيت لحم‪ ،‬فلسطين‪.‬‬ ‫تلفاكس‪+970-2-277-7086 :‬‬ ‫‪www.badil.org‬‬ ‫‪www.ongoingnakba.org‬‬

‫عملية هدم منزل في الشواورة‪ ،‬بيت حلم‪( ،‬املصدر‪)ISM :‬‬

‫عملية إخالء للمنازل‪ ،‬سلوان‪ ،‬القدس‪( ،‬املصدر‪)Activestills.org :‬‬

‫عملية إخالء البيوت في قرية العراقيب‪ ،‬النقب‪( ،‬املصدر‪)Activestills.org :‬‬

‫“‬ ‫“‬

‫التهجير القسري للفلسطينيني جرمية دولية‪،‬‬ ‫وسياسة عنصرية إسرائيلية‪،‬‬ ‫وجوهر مشروع استعمار فلسطني‬

‫قرية باب الشمس‪ :‬مقاومة املصادرة والتهجير في القدس‪( ،‬املصدر‪ :‬بديل)‬

‫حتذير للفلسطينيني‪ ،‬غور األردن‪( ،‬املصدر‪)ISM :‬‬

‫فلسطيني يحمل إخطار ًا بالهدم‪ ،‬قرية النعمان‪ ،‬بيت حلم‪( ،‬تصوير‪ :‬آن باك‪/‬بديل)‬


‫‪10‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫قريتا لفتا وبتير‪:‬مرافقة النكبة‬

‫إعداد‪ :‬برامج دراسات النكبة‬

‫“ كل يوم نعيشه هناك مجزرة جديدة‪ ،‬هناك صمود وهناك أناس اقتلعوا من أراضيهم‪ .‬النكبة وكل م‬ ‫ ‬ ‫أمل العبيدي ‪ -‬قرية لفتا‬ ‫كلمات بليغة وردت على لسان السيدة أمل العبيدي‪ ،‬وهي الجئة فلسطينية شابة صاحبة عقلية سياسية واضحة‪ ،‬قالتها ف‬ ‫إنتاج برامج دراسات النكبة المستمرة في مركز بديل (‪..)www.ongoingnakba.org‬‬ ‫جد أمل‪ ،‬عاش بسعادة في قرية لفتا إلى أن ّ‬ ‫هجر هو وجميع سكان القرية (حوالي ‪ 3000‬شخص) قسرًا خالل نكبة العام ‪948‬‬ ‫جميع المنازل ذات القباب والهندسة المعمارية العربية الجميلة في الجانب الغربي من القرية هي اآلن فارغة‪ ،‬وال تفوح منها ر‬ ‫على بعد بضعة كيلومترات من قرية لفتا‪ ،‬تقع قرية بتير‪ ،‬وقد شطرها الخط االخضر أيضًا إلى قسمين‪ .‬ال زال القرويون من‬ ‫‘الخط األخضر’‪ .‬في غضون األشهر القادمة وبعد أكثر من ‪ 65‬عامًا على بدء النكبة واستعمار قريتهم‪ ،‬يتوقع األهالي أن تتم م‬ ‫قرويون على خط الحدود’ هو فيلم وثائقي قصير من انتاج برامج دراسات النكبة المستمرة في مركز بديل‪ ،‬يعرض قصة بتير‬ ‫صورا واضحة جدًا للمشروع االستعماري الصهيوني وبعض أدواته المختلفة التي تستخدم إلدامة النكبة المستمرة‪.‬‬ ‫“ نحن نبذل كل ما في وسعنا للبقاء على تواصل مع أرضنا‪ .‬لقد جئنا إلى هنا لزيارة قريتنا وواالعتناء بها‪ .”...‬ولدت وعد أبو ليل‬ ‫كالجئة وعاشت على بعد كيلومتر واحد أو اثنين فقط من قريتها األصلية لفتا‪.‬‬

‫كما الحال مع قرية لفتا‪ ،‬هاجمت الميليشيات الصهيونية قرية بتير في العام‪ ،1948‬كما تقول السيدة فاطمة معمر‬ ‫في فيلم ‘قرويون على خط الحدود‪:‬‬ ‫“لم يكن زوجي موجودًا في القرية [في ذلك الوقت]‪ .‬كنت أحرث أرض الحقل بمساعدة الحمار‪ ،‬أنا وأوالدي الذين كانوا‬ ‫ال يزالون صغار جدًا‪ .‬بدأت [الميليشيات] اليهودية بإطالق النار من تلك الجهة‪ ...‬وبدأ الناس بالركض هاربين بعيدًا عن‬ ‫القرية‪ .‬كان لدي خمسة أطفال‪ ،‬فكيف أهرب بهم؟ إلى أين يمكن أن أذهب بهم؟ “‬ ‫ظلت فاطمة في قرية بتير كما كان الحال مع عدد قليل من أهل القرية لعدم قدرتهم على الهرب‪ .‬وشهدت مواجهة‬ ‫عدد من رجال المقاومة لهجوم الميليشيات عبر واديو تالل بيت جاال‪ ،‬حيث لم تدخل الميليشيات بعد األجزاء الرئيسية‬ ‫من القرية‪ .‬وعندما رسمت حدود ‘الخط األخضر’ شطرت القرية إلى قسمين‪ ،‬ولكن وجود “خط سكة حديد الحجاز”‬ ‫على أرض القرية‪ ،‬والذي كان المشروع الصهيوني يطمع في تحويله كأداة في تنفيذ مخططاته‪ ،‬ساعد السكان في‬ ‫خوض مفاوضات مع القيادة الصهيونية‪ .‬يوضح محمد أبو الحسن في شهادته عن النكبة أن المفاوضات ثبتت الشرط‬ ‫الفلسطيني بإبقاء السكان في أرضهم بحيث‪:‬‬ ‫“‪ ...‬يسمح للقرويين من قرية بتير باستخدام أراضيهم على بعد ثالثة كيلومترات وراء خط القطار‪ ،‬وبالمقابل‪ ،‬نحن‬ ‫سكان قرية بتير‪ ،‬يجب علينا ضمان سالمة وأمن رحلة القطار عبر أراضي قرية بتير”‪.‬‬ ‫وكانت االتفاقية التي وضعتها القيادتان األردنية والصهيونية المتعلقة بهذا الجزء من ‘الخط األخضر’ فريدة‬ ‫من نوعها في فلسطين‪ .‬حيث لم تتناول مجرد ‘السماح’ لسكان قرية بتير للوصول إلى ثالثة كيلومترات من أراضيهم‬ ‫الواقعة خلف ‘الخط األخضر’‪ ،‬بل وضمنت ‘اتفاقية رودس’ استعادة واحتفاظهم بملكية تلك األراضي على الرغم من‬ ‫أنها أصبحت بعد رسم ‘الخط األخضر’ ضمن حدود الدولة الصهيونية‪.‬‬ ‫أما قصة أهل قرية لفتا فكانت مختلفة‪ .‬فبعد شن االعتداءات المتكررة والثقيلة على قريتهم‪ ،‬أجبر جميع سكان‬ ‫ً‬ ‫القرية على هجرها قسرًا‪ .‬بعضهم اختار األردن ملجأ له‪ ،‬جنبًا إلى جنب مع مئات اآلالف من الالجئين الفلسطينيين‬ ‫اآلخرين‪ .‬وال يزال الكثير منهم يعيش هناك حتى يومنا هذا‪ ،‬وانتهى المطاف بالبعض اآلخر في أوروبا والواليات‬ ‫المتحدة‪ .‬يذكر أن عددا قليل امن أهالي قرية لفتا استقر بها المطاف خارج القرية ولكن في مناطق شرق “الخط‬ ‫األخضر” فيما أصبح يطلق عليه الحقًا بالضفة الغربية‪ ،‬وعددا قليال آخر ال يزالون يعيشون في القدس‪ ،‬وخاصة في مناطق‬ ‫التلة الفرنسية والشيخ جراح‪ .‬تلك المجموعة النشيطة من الجئي قرية لفتا يحملون بطاقات هوية القدس‪ ،‬وبالتالي هم‬ ‫قادرون على ‘زيارة’ قريتهم ومنازلهم‪ ،‬على الرغم من أنهم محرومون كغيرهم من الالجئين الفلسطينيين من ممارسة‬ ‫حقهم في العودة إليها والسكن فيها‪ .‬ويعيش عدد من هؤالء على بعد ‪ ٥٠٠‬متر فقط من منازلهم األصلية‪ .‬بموجب‬ ‫ّ‬ ‫القوانين اإلسرائيلية التي تم سنها لـ ‘شرعنة’ نظام الفصل العنصري‪ ،‬وال سيما قانون الغائبين الذي استهدف جميع‬ ‫الفلسطينيين الذين لم يتواجدوا في قراهم وقت تثبيت خط “الهدنة” في ‪ ٢٩‬تشرين الثاني ‪ ،١٩٤٨‬وهو األمر الذي‬ ‫تسبب في حرمانهم من حقوقهم بشكل قانوني‪ .‬كغيرهم من ماليين الالجئين الفلسطينيين يعيش الجئو قرية لفتا‬ ‫مشتتين في المنافي منذ أكثر من ‪ ٦٥‬عاما‪ ،‬وكغيرهم من ماليين الالجئين الفلسطينيين يواصلون نضالهم من أجل‬ ‫حقوقهم في أرضهم في مواجهة النكبة المستمرة ونظام األبرتهايد اإلسرائيلي الذي يستهدف وجودهم‪.‬‬ ‫في بتير‪ ،‬ال يزال خط سكة حديد الحجاز يمر عبر القرية عبر نفس المسار منذ إنشائه في نهاية القرن ‪ ،19‬ومع‬

‫ال زالت العديد من منازل قرية لفتا قائمة وسليمة هيكليًا حتى يومنا هذا‪ ،‬رغم أنها بحاجة ّ‬ ‫ماسة إلى إعادة ترميم‪.‬‬

‫ّ‬ ‫المهجرة‪ ،‬وفي نفس المكان الذي كبر فيه األطفال قبل النكبة تنمو بعض النباتات البرية‪.‬‬ ‫داخل بيوت قرية لفتا‬

‫جيالن من أبناء قرية لفتا من الالجئين أثناء زيارتهم ألراضي القرية بمناسبة‘ يوم األرض‪’ 2013.‬‬

‫* يعمل برنامج دراسات النكبة المستمرة في مركز بديل بشكل منتظم وتراكمي على إنتاج أدوات دعوية ووسائط‬ ‫على الجمهورين المحلي والدولي حيث تتوفر األفالم والتس‬ ‫يرجى اإلطالع على الموقع اإللكتروني للبرنامج‪ngoingnakba.org :‬‬ ‫لمشاهدة فيلم ‘أبناء لفتا’‪ ،‬ومعرض الصور حول قرية لفتا ‪ -‬من إنت‬ ‫‪ngnakba.org/ar‬‬ ‫لمشاهدة فيلم ‘قرويون على خط الحدود’‪ ،‬ومعرض الصور حول قرية بتير‬ ‫‪ngnakba.org/ar‬‬


‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫‪11‬‬

‫ة المستمرة في قضاء القدس‬

‫ة المستمرة في مركز بديل*‬

‫ما تمارسه إسرائيل بحقنا هو عملية مستمرة …”‪.‬‬

‫في ‪ 30‬آذار ‪‘ -‬ذكرى يوم األرض’ عام ‪ ،2013‬واستعملت تلك الكلمات كافتتاحية لفيلم وثائقي قصير بعنوان‪‘ :‬أبناء لفتا’‪ ،‬من‬

‫‪ . 19‬كغيرها من العديد من القرى ذات االكتفاء الذاتي الزراعي في منطقة القدس‪ ،‬شطر ‘الخط األخضر’ قرية لفتا إلى قسمين‪.‬‬ ‫رائحة خبز الطابون‪ ،‬ولم تعد عين الماء تسقي حقول الخضروات وال قادرة على دغدغة أرجل أطفال القرية‪.‬‬ ‫أهالي قرية بتير يعتاشون من زراعة تربتها الخصبة على الرغم من عدم تمكنهم من الوصول إلى كل أراضيهم الواقعة خلف‬ ‫مصادرة حوالي ‪ 3000‬دونم أخرى من أراضيهم الزراعية ‪.‬‬ ‫ر من خالل مشاهدة فلمي ابناء لفتا‪ ،‬وقرويون على خط الحدود”‪ ،‬تتداخل قصتان مختلفتان جدًا لقريتين متجاورتين‪ ،‬وترسمان‬

‫“األرض أمّنا ‪...‬أم العالم كله ‪...” -‬شهدت السيدة فاطمة معمر هجمات الميليشيات الصهيونية على قرية بتير في العام ‪ 1948،‬وعاشت طوال عمرها‬ ‫وهي تعمل في األرض من أجل عائلتها‪.‬‬

‫“ا التوسع والمصادرة في السياسة اإلسرائيلية ‪ -‬معظم األراضي الزراعية للسيد أحمد عدوان تقع في الجزء الغربي من “الخط األخضر”‪،‬‬ ‫وسيتم قطعها عن قرية بتير عندما يتم بناء جدار الفصل العنصري‪.‬‬

‫ذلك لم يعد يتوقف في القرية لنقل القرويين وخضرواتهم إلى أسواق القدس‪ ،‬وال حتى يسمح للقرويين باستخدام‬ ‫ً‬ ‫القطار‪ ،‬حيث أن معظم المسافرين على متن القطار هم من المستوطنين والسياح بدال من السكان األصليين التجار‬ ‫والمزارعين‪ .‬وكغيرهم من الفلسطينيين ممن يحملون بطاقة هوية الضفة الغربية‪ ،‬يتوجب على أهالي قرية بتير‬ ‫الحصول على تصاريح لدخول القدس لبيع منتوجات الخضار الطازج‪ ،‬وهو أمر شبه مستحيل‪ .‬في قرية بتير‪ ،‬تقف اليوم‬ ‫لمشاهدة المزارعين يزرعون ويقطفون “بيتنجان بتير” الشهير‪ ،‬ويجول في خيالك كيف يمكن أن تبدو القرية في‬ ‫غياب االستهداف الصهيوني‪ .‬على أرض الواقع‪ ،‬فإن تأثير االستعمار على القرية جاء بشكل غير مباشر‪ ،‬ولكن تلوح في‬ ‫األفق مخططات لبناء جدار الفصل العنصري الذي يمتد بالفعل عبر األراضي المجاورة من مدينة بيت جاال‪ ،‬وحي كريمزان‬ ‫وقرية الولجة‪ .‬خالل األشهر المقبلة ستصل مخالب الجدار القمعية إلى قرية بتير لمصادرة ‪ 3000‬دونم أخرى من أراضيها‬ ‫الزراعية الخصبة‪ .‬وسوف يخفي مسار جدار الفصل وراءه خط القطار التاريخي عن القرية‪ ،‬ولكن األهم من ذلك أن هذا‬ ‫الجدار سيعمل على تدمير طريقة الحياة الزراعية التي لطالما تفاخر أهل قرية بتير بالحفاظ عليها آلالف السنين‪ .‬وسوف‬ ‫يفقد عدد كبير من المزارعين أراضيهم خلف جدار الفصل العنصري‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬سيفقدون الوسيلة الوحيدة للبقاء‪.‬‬ ‫قصة النكبة المستمرة في هاتين القريتين المقدسيتين جاءت لتسلط الضوء على العديد من المواضيع‪ .‬فبمجرد‬ ‫الوقوف في الجزء السفلي من وادي قرية بتير‪ ،‬بمحاذاة ‘الخط األخضر’‪ ،‬فإن أشجار الزيتون التي تقع غربًا ستكون‬ ‫إسرائيلية وفقًا لإلجراءات االستعمارية‪ ،‬في حين أن أشجار الزيتون التي تقع شرقًا ستكون فلسطينية‪ ،‬على الرغم من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويجسد مدى المجون‬ ‫ملكيتها وانتمائها يعود إلى نفس األسر الفلسطينية‪ .‬مثل هذا الترسيم للحدود يسلط الضوء‬ ‫والسخافة من تقسيم فلسطين التاريخية‪ .‬وبالمثل‪ّ ،‬‬ ‫يجسد منظر كبار السن من قرية لفتا ممن آلت بهم األقدار ليعيشوا‬ ‫شتاتهم على مرمى حجر من منازلهم األصلية‪ ،‬وهم يصطحبون أوالدهم وأحفادهم بانتظام لزيارة القرية وتنظيف‬ ‫مقبرتها‪ .‬ال يوجد أي مبرر أخالقي أو قانوني لهذا التقسيم‪ .‬فهذا التقسيم يفرض بأن تصبح أراضيهم ‘إسرائيلية’ بمن‬ ‫فيها االراضي المملوكة لالجئين يحملون هوية القدس اإلسرائيلية‪ ،‬كحال إخوانهم الالجئين ممن يحملون هوية الضفة‬ ‫الغربية أو الهوية األردنية أو يحملون جوازات سفر أجنبية أخرى‪ .‬هؤالء الالجئون ليسوا مجرد أعضاء في نفس المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫اللفتاوي‪ ،‬بل هم من أفراد العائلة‪ ،‬إما أن يكونوا أخوة أو أخوات أو أعمام أو أبناء عمومة‪ .‬وتمثل الصهيونية ذلك الشكل‬ ‫من الطرد غير األخالقي المستمر‪.‬‬ ‫قصص هاتان القريتان المتجاورتان‪ ،‬وقصة فلسطين برمتها‪ ،‬ال يمكن أن تفهم من خالل منظور ‘االحتالل’ وحده‪،‬‬ ‫باعتبار وجود أدوات أخرى يملكها المشروع الصهيوني ويستخدمها لتغيير الواقع الفلسطيني‪ .‬فيما سبق‪ ،‬كانت األمم‬ ‫ً‬ ‫المتحدة ّ‬ ‫تعرف تلك األيديولوجية الفوقية (الصهيونية) في وقت ما باعتبارها شكال من أشكال العنصرية‪ ،‬وذلك قبل‬ ‫أن تتمكن الحركة الصهيونية من تحقيق قدر كاف من النفوذ على السياسة الخارجية األمريكية وبدعم من أوروبا‪.‬‬ ‫وفي الوقت التي جثا فيه االستعمار على ركبتيه في كثير من أنحاء العالم‪ ،‬ال زال المشروع االستعماري الصهيوني في‬ ‫فلسطين وصمة عار أخرى يلطخ تاريخ البشرية‪.‬‬

‫“ حياة السكان ستنتهي بعد بناء الجدار ‪ ..‬فاإلنسان يعيش ويموت على أرضه‪ - ”...‬ال يرى السيد محمد أبو نعمة أي مستقبل دون أرضه‬ ‫التي تقع جميعها غرب مسار جدار الفصل العنصري بحسب المخططات‪.‬‬

‫متعددة العرض لدعم النضال الفلسطيني في مواجهة النكبة المستمرة في فلسطين‪ .‬المواد المتوفرة تتالءم لعرضها‬ ‫سجيالت الصوتية ومعارض الصور باللغتين العربية واإلنجليزية‪.‬‬ ‫‪ - www.on‬ولمزيد من المعلومات يرجى االتصال بـ‪onec@badil.org :‬‬ ‫تاج برنامج دراسات النكبة المستمرة في مركز بديل‪ ،‬يرجى زيارة الموقع‪:‬‬ ‫‪http://www.ongoin‬‬ ‫ من إنتاج برنامج دراسات النكبة المستمرة في مركز بديل‪ ،‬يرجى زيارة الموقع‪:‬‬‫‪http://www.ongoin‬‬

‫سيتم مصادرة ‪ 3000‬دونم من أراضي قرية بتير جراء بناء جدار الفصل العنصري ‪،‬بدءا ًمن شرق خط سكة الحديد وبما يشمل جميع األراضي الزراعية‬ ‫خلف الخط األخضر‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫متوفر اآلن لدى مركز بديل‬

‫مطوية رقم ‪ :2‬االستيالء على األراضي الفلسطينية‬

‫الحفاظ على األرض واجب‪ ،‬والثبات فيها مقاومة‪ ،‬واستردادها حق‬ ‫ماذا ميكنك ان تفعل خطوات وقائية؟‬

‫القدس احملتلة عام ‪1967‬‬

‫االستيالء على القدس‬

‫ما هو اثر السياسات اإلرسائيلية عىل القدس؟‬ ‫نتيجة لسياسات إرسائيل العنرصية مل يبق للفلسطينيني من القدس‬ ‫الرشقية سوى ‪ ٪12.1‬من مساحة املدينة احملتلة عام ‪ 1967‬رمغ‬ ‫تضاعف عددمه أربع مرات‪.‬‬

‫يف انهتاك صارخ للقانون الدويل‪ ،‬والتفاقيات جنيف قامت إرسائيل عقب‬ ‫حرب عام ‪ 1967‬وحتديدا بتارخي ‪ 28‬حزيران ‪ ،1967‬بضم اريض بلدية‬ ‫القدس الرشقية اليت اكنت حتت السيطرة األردنية‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل عدد من القرى واألحياء املجاورة (ما يزيد عىل ‪٪1.3‬‬ ‫(‪72‬مك‪ )2‬من مساحة الضفة الغربية‪ .‬وبذلك‪ ،‬أخضعت املدينة احملتلة‬ ‫للقوانني اإلرسائيلية لغايات هتويدها واالستيالء علهيا لكيا‪.‬‬

‫منذ العام ‪ ،1967‬بقيت نسبة األرايض املتاحة لملقدسيني ثابتة برمغ‬ ‫ازدياد عدد املقدسيني أربعة أضعاف منذ االحتالل‪ .‬يزيد عدد الفلسطينيني‬ ‫املقدسني عن ‪ 361‬ألف نمسة أي ما نسبته ‪ ٪39‬من ساكن القدس‬ ‫الرشقية‪ ٪6 .‬من أرايض القدس الرشقية؛ أي نصف ما هو متاح من‬ ‫األرايض للفلسطينيني‪ ،‬مملوكة لغائبني‪ ،‬األمر الذي جيعلها أمر االستيالء‬ ‫علهيا مسألة وقت مبوجب قانون أمالك الغائبني اإلرسائييل‪ ،‬الذي أصبح‬ ‫نافذًا عىل القدس بعد إعالن مضها من قبل إرسائيل‪.‬‬

‫بضم القدس‪ ،‬مدت إرسائيل نطاق تطبيق قانون حارس أمالك الغائبني‬ ‫إلهيا‪ .‬اكنت تستثين مؤقتا األمالك العائدة لساكن الضفة الغربية رشيطة‬ ‫تقدمهم بطلب حلارس أمالك الغائبني لتجسيل ممتلاكهتم‪ .‬يف المثانيننيات‬ ‫مت توسيع نطاق تطبيق هذا القانون‪.‬‬

‫خصصت إرسائيل من األرايض املصادرة يف القدس‪ ،‬أي أكرث من (‪ )٪87٫9‬لغايات‪:‬‬

‫للتوسع‬ ‫االستيطاين‬ ‫الهيودي‬

‫من أرايض‬ ‫القدس الرشقية‬ ‫خمصصة‬ ‫لإلغراض‬ ‫واملنشآت‬ ‫العسكرية‬ ‫اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫والطرقات‪.‬‬

‫“مناطق خرضاء”‬ ‫تديرها الدولة‬ ‫وحتظر البناء‬ ‫علهيا أو تقييده‬ ‫برشوط تعجزيية‬

‫وقد أعلنت ارسائيل يف العام ‪ 2005‬عزمها‬ ‫عىل وضع القانون موضع التطبيق بال‬ ‫استثناءات؛ أي باعتبار املالك من الضفة‬ ‫غائبني‪ ،‬حيث جيري استخدامه حاليا‬ ‫كوسيلة لرشعنة املصادرة‪.‬‬ ‫يف العام ‪ ،1980‬أصدرت الكنيست‬ ‫اإلرسائييل قانون أساس يعرف بامس قانون‬ ‫القدس عامصة إرسائيل‪ ،‬والذي مبوجبه مت‬ ‫رشعنة سياسات الضم الفعيل اليت مورست‬ ‫منذ بداية االحتالل عام ‪.1967‬‬

‫‪n‬‬ ‫ ‬

‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬

‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬ ‫‪n‬‬ ‫ ‬

‫حفظ الوثائق اخلاصة بامللكية يف ماكن آمن‪ ،‬سواء اكنت سند طابو‪،‬‬ ‫أو واكلة دورية‪ ،‬أو حرص إرث‪ ،‬او قيد مالية‪ ،‬أو عقد بيع خاريج‪،‬‬ ‫أو خرائط وغريها من السندات ذات الصلة‪ ،‬وسواء اكنت األصلية أو‬ ‫الصور عهنا‪ ،‬واحلفظ يكون آمنا من الناحية التقنية‪ ،‬مبا يف ذلك حفظها‬ ‫بالطرق االلكرتونية‪.‬‬ ‫العمل عىل توثيق لك ما لديك من وثائق يف أكرث من موقع ولدى أكرث من‬ ‫دائرة رمسية‪.‬‬ ‫عدم تركزي امللكية و‪/‬أو حق الترصف بيد خشص معني خصوصا يف‬ ‫امللكيات الواسعة‪ ،‬فالتعدد والتنوع يقطع الطريق عىل إماكنية االحتيال‪،‬‬ ‫والزتوير‪ ،‬أو اإلغراء بالبيع‪ ،‬أو التذرع بقانون حارس أمالك الغائبني‪،‬‬ ‫وغريه من القوانني واألوامر العسكرية‪.‬‬ ‫العمل عىل استصدار وثائق ملكية وجتديد الواكالت والسندات من‬ ‫اجلهات املختصة‪ ،‬وإعالن اجلهات الرمسية والقانونية يف حال فقدان‬ ‫أي من تلك السندات‪ ،‬أو أي حماولة للعبث فهيا‪.‬‬ ‫عدم إمهال العقار‪ ،‬أو االنقطاع عن فالحة األرض‪ ،‬أي املواظبة عىل‬ ‫استعامل العقار‪.‬‬ ‫االحتفاظ بأية وثيقة ذات صلة باالنتفاع بالعقار‪ ،‬سواء عقد إجيار أو‬ ‫مزارعة‪ ، ،‬أو عقد بيع عريف(عادي)‪ ،‬وأية رخص إنشاء أو فواتري خدمية أو‬ ‫إنشائية‪ ،‬أو حىت صور فوتوغرافية‪ ،‬وغريه مبا يفيد احليازة واالستعامل‪.‬‬ ‫العمل عىل ربط العقار بشباكت اخلدمات العامة‪ ،‬اكلكهرباء‪ ،‬واملاء‪،‬‬ ‫واهلاتف‪ ،‬والطرقات العامة‪.‬‬ ‫يف حال عدم القدرة عىل استعامل العقار وتطويره‪ ،‬عليك التوجه لطلب‬ ‫املساعدة الرمسية‪ ،‬أو األهلية لتنفيذ فعاليات شعبية وأمعال طوعية‪ ،‬أو‬ ‫للقطاع اخلاص لتجشيعه عىل االستمثار‪.‬‬ ‫تنشيط ارتياد املنطقة من العامة‪ ،‬من خالل ختصيص جزء مكرافق عامة‬ ‫للتزنه‪ ،‬واالستجامم‪ ،‬والرياضة أو غريها من املرافق الثقافية أو حىت عرب‬ ‫تجشيع القطاع اخلاص عىل االستمثار فهيا‪.‬‬

‫ال لملصادرة والضم واحلرمان من االستعامل‬

‫ماذا ميكنك أن تفعل في حال صدور قرار باملصادرة؟‬

‫االستيالء على األراضي الفلسطينية‬

‫ املبارشة يف طلب املساعدة القانونية من حمام خاص أو املؤسسات‬ ‫‪n‬‬ ‫الرمسية واألهلية‪ :‬الوطنية مهنا والدولية‪ .‬إن فوات املواعيد أو الترصفات‬ ‫غري املدروسة قد تشلك ذريعة ملنعك من االعرتاض‪ ،‬وبالتايل رشعنة‬ ‫املصادرة‪.‬‬

‫ال للمصادرة والضم واحلرمان من االستعمال‬

‫ توفري وتأمني اكفة األوراق واملستندات الالزمة إلثبات امللكية‪ ،‬او احليازة‬ ‫‪n‬‬ ‫الفعلية واالستعامل الدامئ‪ ،‬سواء اكنت سند طابو‪ ،‬أو واكلة دورية‪ ،‬أو‬ ‫حرص ارث‪ ،‬أو قيد مالية‪ ،‬أو عقد بيع خاريج‪ ،‬أو خرائط وغريها من‬ ‫السندات ذات الصلة‪ ،‬وسواء اكنت األصلية أو الصور عهنا‪.‬‬ ‫ طلب مساعدة ومنارصة القوى الشعبية والوطنية والدولية لتوفري امحلاية‬ ‫‪n‬‬ ‫الفزييائية (التواجد والعمل) وتنفيذ أنشطة طوعية وميدانية الزراعة‬ ‫والبناء أو الرتسمي باجلدران واألسالك‪...‬اخل لتثبيت أمر واقع‪ ،‬ولتوثيق‬ ‫الصلة باألرض‪ -‬العقار‪.‬‬ ‫ اجعل قضيتك قضية عامة عرب التوجه لإلعالم من خالل التعاون مع‬ ‫‪n‬‬ ‫املؤسسات األهلية والرمسية‪.‬‬ ‫ عدم االستجابة أو االنصياع ألوامر املنع من االستعامل‪/‬االستغالل أو‬ ‫‪n‬‬ ‫الوقف عن العمل‪ ،‬أو اإلخالء‪ ،‬حىت لو اكنت قضائية‪ ،‬أو غريها من‬ ‫اإلجراءات اهلادفة ملنعك من ممارسة حقوقك‪،‬‬

‫‪for Palestinian Residency & Refugee Rights‬‬

‫على أراضي نابلس (املصدر‪ :‬األيام)‬

‫االستيالء على األراضي الفلسطينية‬

‫أنواع األراضي في فلسطني‬

‫املصادرة‪ :‬األرقام والغايات‬

‫املصادرة في القدس‬

‫حبسب قانون األرايض العمثاين لعام ‪ 1858‬والذي ال يزال ساريا يف فلسطني‬ ‫حىت اليوم تقسم األرايض إىل‪ :‬األرايض اململوكة ملكية فردية خاصة‪،‬‬ ‫واألرايض اململوكة ملكية عامة ويه ما متلكه الدولة ملكية مطلقة‪ ،‬أو تديرها‬ ‫لملصلحة العامة‪ ،‬وتمشل األرايض األمريية ويه اليت تعود ملكيهتا إىل بيت‬ ‫املال (الدولة)‪ ،‬واملرتوكة أي املخصصة لملنفعة العامة‪ ،‬واألرايض املوات أي غري‬ ‫اململوكة ملكية خاصة والبعيدة وتديرها الدولة وميكن متلكهيا لألفراد مبوافقهتا‪،‬‬ ‫وأخريًا األرايض الوقفية‪.‬‬

‫ما مساحة األرايض الفلسطينية املصادرة؟‬ ‫تسيطر إرسائيل واملؤسسات الصهيونية عىل أكرث من ‪ ٪85‬من مساحة فلسطني‬ ‫حبدودها االنتدابية‪.‬‬ ‫اقل من ‪ ٪15‬من أرض فلسطني (من أصل ‪ ٪94‬اكنت مملوكة هلم قبل ‪)1947‬بقيت‬ ‫للفلسطينيني عىل جانيب اخلط األخرض‪.‬‬ ‫فقط ‪ ٪3.5‬من األرض بقيت للفلسطينيني من مواطين إرسائيل رمغ إهنم يشلكون‬ ‫أكرث من ‪ ٪20‬من الساكن‪.‬‬ ‫تبلغ مساحة األرض احملتلة عام ‪ 1967‬تبلغ ‪ 6209‬مك‪ ،2‬ما يعادل ‪ ٪22‬من مساحة‬ ‫فلسطني حبدودها االنتدابية‪.‬‬ ‫تبلغ مساحة ما يعرف بالضفة الغربية ‪ 5844‬مك‪ ،2‬أي ما يعادل ‪ ٪21‬من فلسطني‪،‬‬ ‫ومساحة قطاع غزة ‪ 365‬مك‪ ،2‬أي ‪ ٪1‬من فلسطني‪.‬‬

‫ما يه الطرق املستخدمة لالستيالء عىل األرايض الفلسطينية؟‬ ‫لغايات االستيالء عىل األرايض الفلسطينية باملصادرة‪ ،‬و‪/‬او الضم و‪/‬او املنع من‬ ‫االستعامل‪ ،‬تلجأ إرسائيل لإلعالن عن األرايض املستوىل علهيا كـ‪“ :‬كأرايض‬ ‫دولة”؛ مكنطقة عسكرية أو منطقة إطالق نار‪ ،‬أو منطقة مغلقة لدواع أمنية‪ ،‬أو‬ ‫مكنطقة خرضاء ال جيوز البناء علهيا‪ ،‬أو مكنطقة خمصصة لملنفعة العامة (لشق‬ ‫الطرق‪ ،‬أو إلنشاء الساحات واملرافق العامة مثال)‪ ،‬أو مملوكة لغائبني وبالتايل توضع‬ ‫يمسى حارس أمالك الغائبني‪ ،‬أو بادعاء ملكيهتا من قبل افراد‬ ‫يف ترصف ما ّ‬ ‫إرسائيليني أو املؤسسات الصهيونية اكلواكلة الهيودية‪ ،‬او الصندوق القويم‪ ،‬أو‬ ‫دائرة أرايض إرسائيل‪.‬‬

‫توزيع األرايض يف فلسطني حىت عام ‪:1918‬‬ ‫املالك‪/‬املتصرف‬

‫نوع األرض‪/‬طبيعة امللكية‬ ‫مسجلة باسم الدولة ‪ -‬أميرية‬

‫املركز الفلسطيني‬

‫ملصـادر حقـوق املواطنـة والالجئـيـن‬

‫احلفاظ عىل األرض واجب‪ ،‬والثبات فهيا مقاومة‪ ،‬واسرتدادها حق‬

‫‪ %‬فلسطني‬ ‫االنتدابية‬ ‫‪%42.9‬‬

‫الدولة‬ ‫العرب‬ ‫والفلسطينيون‬ ‫اليهود‬

‫مسجلة ملكية خاصة (للعرب)‬

‫‪%52‬‬

‫مسجلة ملكية خاصة باسم مالك يهود‬

‫‪%2.5‬‬

‫الدولة‬

‫متروكة عامة (انهار وبحيرات‪)...‬‬

‫‪%2.6‬‬

‫تصنيف األرايض احملتلة عام ‪ 1967‬بعد اوسلو‪:‬‬

‫املنطقة املصنفة (أ) وتبلغ اقل من ‪ ،٪4‬واملنطقة (ب) اقل من ‪٪5‬؛ واملنطقة‬ ‫(ج) أكرث من ‪ ٪13‬من مساحة فلسطني؛ أي ‪ ٪18‬و ‪ ٪22‬و ‪ ٪60‬عىل التوايل‬ ‫من مساحة الضفة الغربية‪.‬‬

‫ما يه غايات املصادرة؟‬ ‫ •إقامة املستعمرات اإلرسائيلية و‪/‬أو توسيعها‪ ،‬يوجد يف األرض‬ ‫احملتلة عام ‪ 1967‬حوايل ‪ 236‬مستعمرة‪.‬‬ ‫ •إقامة جدار الفصل العنرصي‪ ،‬حيث أكرث من ‪ ٪85‬منه مقام أو سيقام‬ ‫عىل أراض احتلت عام ‪ ،1967‬ومت فعليًا مض ‪ ٪10‬تقريبًا من أرايض‬ ‫الضفة الغربية حىت اآلن‪.‬‬ ‫ •مد الطرق العرضية وااللتفافية خلدمة املستعمرات‪،‬‬ ‫ •إنشاء مناطق أمنية (عازلة أو حمرمة) حتيط باملستعمرات أو تفصل‬ ‫الفلسطينيني عن بعضهم أو تقطع التواصل اجلغرايف‪،‬‬ ‫ •ختصيص مناطق محمية ملشاريع استيطانية مستقبلية حيظر عىل‬ ‫الفلسطينيني دخوهلا و‪/‬او استعامهلا‪.‬‬ ‫ •السيطرة عىل املوارد املختلفة وأمهها املائية‪ ،‬وحرص االنتفاع هبا‬ ‫بالهيود اإلرسائيليني‪.‬‬

‫“‬

‫“‬

‫باإلضافة إىل استغالل وتوظيف مجلة من الترشيعات العمثانية والربيطانية‬ ‫واألردنية السابقة لتحقيق غاياهتا‪ ،‬رشعت إرسائيل مجلة من القوانني واألنمظة‬ ‫وأصدرت املائت من األوامر العسكرية إلضفاء “صفة القانونية” عىل سياساهتا‬ ‫حيال مصادر األرايض الفلسطينية سواء اململوكة ملكية خاصة أو عامة‪.‬‬

‫‪Resource Center‬‬

‫جنود االحتالل يخلون املتظامنني على أراضي قرية بورين‪( ،‬املصدر‪ :‬األيام)‬

‫املصادرة في القانون‬ ‫ما يه القواعد العامة النامظة لملصادرة؟‬

‫‪BADIL‬‬

‫بديــل‬

‫ عدم التسلمي باملصادرة كأمر واقع من خالل مواصلة حتدي القرار‬ ‫‪n‬‬ ‫بالتواجد‪ ،‬والعمل‪ ،‬والبناء وتنظمي الفعاليات الشعبية وغريها‪.‬‬

‫هدم املنازل في القدس‪( ،‬املصدر‪)Activestills.org :‬‬

‫مبوجب القوانني واألعراف الدولية‪ ،‬ويه ملزمة إلرسائيل‪ ،‬ميكن حتديد القواعد‬ ‫النامظة لملصادرة بالتايل‪:‬‬ ‫حيظر عىل دولة االحتالل مصادرة امللكيات اخلاصة‪ .‬واملنع‬ ‫من املصادرة حبسب السوابق القضائية والقانون ال يقترص فقط عىل‬ ‫نقل امللكية‪ ،‬بل يعترب املنع من االستعامل الفعيل شلكا من أشاكل‬ ‫املصادرة‪ .‬عىل سبيل االستثناء وعند توافر رضورات عسكرية ملحة‬ ‫ال ميكن جتنهبا‪ ،‬جيزي القانون مصادرة فقط األموال اخلاصة املنقولة‬ ‫(مركبة مثال) عىل حنو مؤقت‪ ،‬وعىل أن جيري تعويض املالك عن‬ ‫اليشء عند إعادته‪.‬‬ ‫حيظر عىل دولة االحتالل مصادرة املمتلاكت العامة بنية‬ ‫االستيالء علهيا ومضها هنائيا‪ ،‬وجيوز هلا فقط إدارهتا مؤقتا‬ ‫دون املساس مببدأ احملافظة علهيا ويكون االنتفاع هبا لرضورة‬ ‫عسكرية ملحة ودون إهدار مصلحة ساكن اإلقلمي احملتل‪.‬‬

‫احلفاظ عىل األرض واجب‪ ،‬والثبات فهيا مقاومة‪،‬‬ ‫واسرتدادها حق‬

‫ما يه الوسائل اليت تستخدمها إرسائيل إلمتام معليات املصادرة؟‬ ‫من الوسائل املستخدمة القوانني العمثانية‪ ،‬والربيطانية كأنمظة الطوارئ‪ ،‬واألوامر‬ ‫العسكرية واألحاكم القضائية والوثائق املزورة‪ ،‬ووضع اليد‪ ،‬وسياسات اإلغالق‬ ‫واملنع من االستخدام وغريها‪.‬‬ ‫ال زالت إسرائيل منذ العام ‪ 1979‬تستخدم قانون األراضي‬ ‫العثماني لعام ‪ 1858‬لالستيالء على مساحات شاسعة من‬ ‫الضفة الغربية والقدس الشرقية وذلك من خالل إعالنها كـ «أراضي دولة»‬ ‫او مناطق خضراء او مناطق متروكة (مهملة)‪ .‬وفي ظل سياسة‬ ‫اإلغالق‪ ،‬والعزل‪ ،‬ونظام التصاريح‪ ،‬وغيرها من السياسات‪ ،‬يعجز‬ ‫الفلسطينيون عن فالحة أراضيهم فيما يعرف باملناطق اخلضراء‬ ‫واملسماة مهملة‪/‬متروكة‪.‬‬

‫ال للمصادرة والضم واحلرمان من االستعمال‬ ‫احلفاظ عىل األرض واجب‪ ،‬والثبات فهيا‬ ‫مقاومة‪ ،‬واسرتدادها حق‬ ‫هذه املطوية‪:‬‬ ‫املعلومات واإلرشادات والتوصيات الواردة يف هذه املطوية تشكل نقطة بداية‬ ‫ومقدمة تلقي بعض الضوء عىل املوضوع املعروض وكيف ميكن التعامل معه‬ ‫بالعموم‪ .‬وعليه‪ ،‬فهي ليست حرصية وال شاملة‪ ،‬وال تشكل بديال عن االستشارة‬ ‫القانونية الواجبة يف كل الحاالت‪ ،‬خصوصا يف حاالت املصادرة‪ ،‬اإلخالء‪ ،‬املنع من‬ ‫االستعامل‪ ،‬األمر بالهدم‪ ،‬عدم الرتخيص بالبناء وغريها من املامرسات اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫‪BADIL‬‬ ‫‪Resource Center‬‬ ‫‪for Palestinian Residency & Refugee Rights‬‬

‫بديــل‬

‫املركز الفلسطيني‬

‫ملصـادر حقـوق املواطنـة والالجئـيـن‬

‫بديل ‪ -‬المركز الفلسطيني لمـصــادر حقـــوق المـواطـنـــة والالجـئـيـــن‬ ‫شارع الكركفة‪ ،‬بيت لحم‪ ،‬فلسطين‪.‬‬ ‫تلفاكس‪+970-2-277-7086 :‬‬ ‫‪www.badil.org‬‬ ‫‪www.ongoingnakba.org‬‬

‫جدار الفصل بني شعفاط وبزغات زئيف‪ ،‬القدس‪( ،‬املصدر‪)Activestills.org :‬‬

‫أراضي قرية الوجلة مهددة بتوسع مستوطنة غيلو‪ ،‬القدس‪( ،‬تصوير‪ :‬مركز بديل)‬

‫جبل أبو غنيم قبل املصادرة‪ ،‬القدس‪( ،‬املصدر‪)arij.org :‬‬

‫أراضي قرية صفورية قضاء الناصرة‪ ،‬املهجرة في العام ‪( ،1948‬تصوير‪ :‬مركز بديل)‬

‫مستوطنة هارحوما على جبل أبو غنيم قبل املصادرة‪ ،‬القدس‪( ،‬املصدر‪)arij.org :‬‬

‫مصادرة األراضي في قرية بدرس‪ ،‬رام اهلل (املصدر‪)Activestills.org :‬‬


‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫‪13‬‬

‫التهجير القسري للسكان‪ :‬دور وإستراتيجية السلطة الفلسطينية‬ ‫ّ‬ ‫بقلم‪ :‬محمد الياس نزال*‬ ‫ّ‬ ‫يركز العرض الذي أقدمه هنا على مسألة التهجير‬ ‫القسري للمجتمعات الرعوية الفلسطينية من المنطقة‬ ‫المصنفة (ج) في الضفة الغربية‪ ،‬وهو ما يجعل ‪50,000‬‬ ‫من سكان ما يقرب من ‪ 150‬مجتمعا محليا‪ ،‬تحت التهديد‬ ‫المستمر بالتهجير بفعل االحتالل اإلسرائيلي‪ .‬ويتناول‬ ‫العرض أيضا رؤية السلطة الفلسطينية‪ ،‬ودورها العملي‬ ‫وتوقعاتها من المجتمع الدولي تجاه قضية التهجير‬ ‫القسري للسكان‪.‬‬ ‫إن سياسة التهجير القسري للسكان‪ ،‬والتي تطبقها‬ ‫إسرائيل في الضفة الغربية منذ بدء احتاللها لألرض‬ ‫الفلسطينية عام ‪ ،1967‬ما هي إال استمرار للتطهير‬ ‫العرقي الذي ينفذ ضد الفلسطينيين بدءا من عام ‪.1948‬‬ ‫إن هذه السياسة هي أداة لالستيالء على األراضي‪ ،‬وهي‬ ‫آلية تتمكن إسرائيل عبرها من السيطرة على ظروف‬ ‫التطور الديموغرافي الفلسطيني‪ .‬وتختلف أساليب‬ ‫تحقيق هذا الهدف‪ ،‬لكن التهجير القسري المترافق‬ ‫مع مصادرات األراضي هو جوهر المشكلة التي تواجه‬ ‫الفلسطينيين في وطنهم‪ .‬إن عمل دائرة شؤون ملف‬ ‫الجدار واالستيطان يهدف إلى مقاومة هذه اإلجراءات‪،‬‬ ‫أو‪ ،‬على األقل‪ ،‬إلى الحد من أضرار األنشطة اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫م��ن أج���ل ف��ه��م ال��ن��واي��ا اإلس��رائ��ي��ل��ي��ة لتهجير‬ ‫الفلسطينيين‪ ،‬أود استعراض موقف الزعيم الروحي‬ ‫لحزب شاس‪ ،‬وهو حزب ديني سياسي متشدد‪ .‬حيث‬ ‫قال الحاخام عوفاديا يوسف ذات مرة أنه من واجب‬ ‫اليهود إزالة جميع أشكال الكفر‪ ،‬المسلم والمسيحي‬ ‫من هذه األرض‪« ،‬لكن هل يمكننا [اإلسرائيليون] تنفيذ‬ ‫هذه الرؤية؟ هل سنكون قادرين على امتصاص الغضب‬ ‫الدولي تجاهنا في حال فعلنا ذلك؟ إذا لم يكن الجواب‬ ‫إيجابيا‪ ،‬فعلينا تأجيل المسألة»‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ومنذ أن تم‬ ‫وضع الفلسطينيين على الشاحنات وإلقائهم خارج‬ ‫وطنهم‪ ،‬كما حدث في النكبة وحرب عام ‪ ،1967‬أصبح‬ ‫هذا األمر شيئا ال يمكن إلسرائيل أن تنفذه في الوقت‬ ‫الراهن‪ .‬لذلك‪ ،‬فإنها تخلق الظروف التي تخدم هدف‬ ‫المشروع الصهيوني في االستيالء على األراضي ومنع‬ ‫صعود قوة فلسطينية‪ .‬هذا يتم تحقيقه عبر مصادرات‬ ‫األراض��ي ومنع التنمية‪ ،‬مما سيؤدي الحقا إلى حياة‬ ‫غير آمنة للفلسطينيين‪ ،‬وانعدام التماسك االجتماعي‬ ‫والسياسي بين أجزاء فلسطين المختلفة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬منع‬ ‫تشكل الوعي والعمل السياسي‪ ،‬فلسطينيا‪.‬‬ ‫إن الخطط اإلسرائيلية التي ترمي إلى التهجير‬ ‫القسري تستهدف‪ ،‬في المقام األول‪ ،‬الفلسطينيين‬ ‫الذين يعيشون في المنطقة المصنفة (ج)‪ .‬وسكان‬ ‫القدس وضواحيها‪ ،‬والمجتمعات البدوية المحيطة‬ ‫بالقدس‪ ،‬والمجتمعات الرعوية والزراعية التي تمتد إلى‬ ‫الجنوب والشرق من تالل الخليل على طول الطريق إلى‬ ‫غور األردن في الشمال‪ .‬إن المنطقة (ج) والتي تتألف‬ ‫من أكثر من ‪ 60‬في المائة من مساحة الضفة الغربية‪،‬‬ ‫هي أرض ضرورية بشكل حيوي من أجل إقامة دولة‬ ‫فلسطينية‪.‬‬ ‫إن سياسة التهجير القسري للسكان‪ ،‬والتي تطبقها‬ ‫إس��رائ��ي��ل ف��ي الضفة الغربية منذ احتاللها ل�لأرض‬ ‫الفلسطينية عام ‪ ،1967‬ما هي إال استمرار للتطهير‬ ‫العرقي الذي ينفذ ضد الفلسطينيين بدءا من عام ‪1948‬‬ ‫إن ال��ب��دو ج��زء ال يتجزأ م��ن النسيج االجتماعي‬ ‫والسياسي واالقتصادي الفلسطيني‪ .‬ومن واجبنا‪ ،‬كما‬ ‫ومن حقهم‪ ،‬حماية أسلوب حياتهم الفريد‪ .‬إن إصرارنا‬ ‫على الحفاظ على المجتمعات البدوية في أماكنها‬ ‫األصلية ال ينبع م��ن مجرد هدفنا لمنع تهجيرهم‬ ‫القسري مجددا (حيث أن الغالبية العظمى من هؤالء هم‬ ‫بالفعل الجئون)‪ ،‬لكن وأيضا ألنه‪ ،‬ومن خالل طريقتهم‬

‫جنود االحتالل يهاجمون عدد من المحتجين على مصادر األراضي‪ ،‬يطا جنوب الخليل‪ ،‬تصوير‪ :‬ناصر شيوخي‪)AP ،‬‬

‫في الحياة‪ ،‬فإنهم يعملون كحماة لألرض في مواجهة‬ ‫مشروع التهويد االستعماري‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن فكرة‬ ‫تجميعهم في مكان واح��د من خالل برامج التخطيط‬ ‫يعني فرض نمط حياة ّ‬ ‫معين‪ ،‬مدمر عليهم‪ ،‬بحيث يؤثر‬ ‫عليهم في الصعيدين الشخصي والوطني‪ .‬ولقد كانت‬ ‫دراسة وكالة األمم المتحدة لغوث وتشغيل الالجئين‪:‬‬ ‫الجبل‪ :‬دراسة حول ترحيل بدو فلسطين من الالجئين)‬ ‫الصادرة مؤخرا هي خير مثال على ذلك‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن دائرة شؤون ملف الجدار واالستيطان‬ ‫ال يعارض الترحال الطبيعي للبدو الذين يختارون الجمع‬ ‫بين نمط الحياتين البدوية والحضرية‪ .‬وقد اكتسب‬ ‫هذا الفهم من تجربة تصميم المخططات الحضرية‬ ‫للمجتمعات العربية كما هو الحال لدى عرب الرماضين‬ ‫في قلقيلية والخليل‪ ،‬أم الخير في يطا‪ ،‬وفصايل في‬ ‫أريحا‪.‬‬ ‫النوع الثاني من التجمعات السكانية في المنطقة‬ ‫(ج) هي المجتمعات الرعوية والزراعية التي تمتد من‬ ‫ّ‬ ‫الفارسية والعقبة‬ ‫مسافر يطا في الجنوب حتى المالح‪،‬‬ ‫في الشمال‪ .‬وعلى الرغم من الموقف الرسمي للسلطة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬والتي تهدف إلى تركيز تجمعات السكان‬ ‫في المنطقة ‪ B‬ضمن المجالس البلدية المشتركة‪ ،‬فقد‬ ‫قررت السلطة إنشاء مخططات عمرانية للمجتمعات‬ ‫الموجودة حالية في المنطقة (ج)‪ .‬وقد كان هذا هو الحال‬ ‫على الرغم من حقيقة أن عدد السكان في كثير من هذه‬ ‫المجتمعات ال يتجاوز الـ‪ .200‬في هذا الصدد‪ ،‬أنشأت وزارة‬ ‫الحكم المحلي أكثر من ‪ 30‬مخططا عمرانيا‪ 10 ،‬منها تم‬ ‫إقراره من حيث المبدأ‪ .‬ويجري إعداد خطط أكثر تفصيلية‬ ‫من قبل دائرة شؤون ملف الجدار واالستيطان لمناطق‬ ‫أخرى‪ ،‬وذلك بالتنسيق مع وزارة الحكم المحلي وممثلين‬ ‫عن مجموعة من التجمعات السكانية‪ .‬ومن المهم اإلشارة‬ ‫إلى أن اإلدارة المدنية اإلسرائيلية قد اتخذت تدابير‬ ‫معارضة ألنشطتنا من خالل تصميم مخططات عمرانية‬ ‫خاصة بها لتجمعات سكانية كانت السلطة الفلسطينية‬ ‫قد قدمت مخططات عمرانية بشأنها‪.‬‬ ‫يتم التصدي للتهجير القسري بحق التجمعات‬ ‫الفلسطينية عبر تحسين وتعزيز مقاومة هذه التجمعات‬ ‫وتعزيز وج��ود سكانها على أراضيهم‪ .‬تساعد دائرة‬ ‫شؤون ملف الجدار واالستيطان على تحقيق هذا الهدف‬ ‫من خالل توفير الخدمات التالية‪:‬‬

‫تقديم المساعدة اإلنسانية‪ :‬في حاالت هدم المنازل‪،‬‬ ‫مصادرات األراضي‪ ،‬أو الكوارث الطبيعية‪ .‬إن المساعدات‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية التي توفرها السلطة الفلسطينية توفر في‬ ‫أعقاب أي من األحداث المذكورة أعاله‪ ،‬وهي تتواءم مع‬ ‫أنشطة المنظمات األخرى مثل الهيئة الدولية للصليب‬ ‫األحمر‪ ،‬األونروا‪ ،‬ومنظمات مثل ‪( ACTED‬وكالة التعاون‬ ‫التقني والتنمية)‪ -‬كل ذلك يأتي ضمن هذا السياق‪ .‬إن‬ ‫واجبنا يكمن في التأكد من حصول أي مواطن متضرر‬ ‫على مثل هذه المساعدة اإلنسانية‪ ،‬وفي حال لم يتم‬ ‫تقديم هذه الخدمات فإن السلطة الفلسطينية تتدخل‬ ‫فورا لتحقيق ذلك‪.‬‬ ‫تقديم المعونة القانونية‪ :‬وذلك من خالل متابعة‬ ‫إج��راءات إخ�لاء المنازل‪ ،‬والمساعدة بشأنها‪ .‬وتلتزم‬ ‫السلطة الفلسطينية بتقديم المساعدة القانونية ألي‬ ‫مواطن يتعرض للممارسات اإلسرائيلية الرامية إلى‬ ‫اإلستيالء على األراض��ي والممتلكات الفلسطينية‪ .‬إن‬ ‫وسائل تحقيق هذا الهدف عديدة‪ .‬وتتراوح ما بين‬ ‫المصادرة‪ ،‬االستيالء وتزوير وثائق ( الملكية‪ ،‬اإلخالء‪،‬‬ ‫أو الهدم)‪ ،‬وصوال إلى خطر العنف والحرق والتخريب‪.‬‬ ‫موقفنا هو عدم ترك المواطنين وحدهم في مواجهة‬ ‫مصائرهم الخاصة‪ .‬وسواء تم تقديم المعونة القانونية‬ ‫عبر محامين متعاقدين مع السلطة الفلسطينية – كحال‬ ‫مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق اإلنسان‬ ‫(‪ )JLAC‬أو جمعية سانت إيف أو المؤسسات القانونية‬ ‫اإلسرائيلية غير الحكومية‪ ،‬كل هذا يتم تنسيقه مع‬ ‫دائرة شؤون ملف الجدار واالستيطان‪.‬‬ ‫بمرور السنوات‪ ،‬قمنا بتحديد “الخطوط الحمراء” في‬ ‫مجاالت العمل هذه‪ .‬فعلى سبيل المثال؛ أ) التفاوض‬ ‫على مسار الجدار‪ :‬نحن ال نوافق وبأي شكل من األشكال‬ ‫على التفاوض على موقع الجدار‪ .‬فمثال‪ ،‬إن كان مسار بناء‬ ‫الجدار سيؤدي لمصادرة ‪ 1,000‬دونم‪ ،‬وهنالك مسار بديل‬ ‫سيؤدي لمصادرة خمسة دونمات فقط‪ ،‬مما سيعيد‬ ‫إلينا ‪ 995‬دونما‪ ،‬فإننا ال نستطيع القبول بهذا‪ .‬ب)‬ ‫رفض المسارات البديلة‪ :‬نحن ال نرضى بعرض مسارات‬ ‫بديلة للجدار‪ .‬ج) رفض تبادل األراضي‪ :‬تبادل األراضي‬ ‫غير مقبول من طرفنا‪ .‬د) التعويض‪ :‬كما أننا ال نقبل‬ ‫التعويضات عن األراضي أو الممتلكات المصادرة‪.‬‬ ‫المساعدات التنموية‪ :‬والتي تشمل تزويد النازحين‬ ‫بالماء‪ ،‬والكهرباء‪ ،‬وبناء المدارس والعيادات‪ ،‬والعيادات‬

‫البيطرية‪ .‬ويتم ذلك بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي‬ ‫باعتبارها الهيئة المخولة‪ ،‬وبالتنسيق مع األط��راف‬ ‫ذات الصلة‪ .‬من وجهة النظر اإلسرائيلية‪ ،‬فإن هذه‬ ‫المجتمعات تعيش على أراض إما كانت قد صودرت‬ ‫ألغراض االستيطان‪ ،‬أو تم اإلعالن عنها باعتبارها مناطق‬ ‫تدريب عسكري‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن تنفيذ أي مشروع‬ ‫فلسطيني يتطلب استصدار تصريح‪ ،‬وهو نادرا ما يمنح‪.‬‬ ‫فمن وجهة نظر إسرائيلية‪ ،‬وعندما ّ‬ ‫نقدم خياما‪ ،‬ومالجئ‪،‬‬ ‫وخزانات مياه للفلسطينيين‪ ،‬فإن هذا يشكل تهديدا‬ ‫ألمن إسرائيل‪ .‬وقد تم اإلعالن عن هذا الموقف رسميا‬ ‫في عدد من قضايا المحاكم‪ :‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ورد‬ ‫األم��ر في رد الجيش اإلسرائيلي على التماس سكان‬ ‫مسافر يطا والذين تم تهديدهم باإلخالء‪ .‬تم اإلعالن‬ ‫عن موقف مشابه لدى التماس سكان فلسطينيين من‬ ‫غور األردن‪ .‬وبإشهارها هذا الموقف‪ ،‬فإن قوات االحتالل‬ ‫تصادر الخيام والجرارات الزراعية‪ ،‬وقد كانت هنالك‬ ‫حاالت قاموا فيها بتدمير الطرق في عدة مناطق‪ .‬ومع‬ ‫ذل��ك‪ ،‬فلن تمنعنا هذه الممارسات من تقديم هذه‬ ‫الخدمات للمجتمعات المعنية‪ .‬بل وعلى العكس‪ ،‬فإن‬ ‫السلطة الفلسطينية تطور البرنامج التنموي لمناطق‬ ‫الضفة الغربية من أجل تحديد وتعيين مشاريع التنمية‬ ‫في المستقبل‪.‬‬ ‫التوثيق‪ :‬خالل السنتين أو الثالث سنوات الماضية‬ ‫قمنا بإضافة بعد رابع لعملنا‪ ،‬وهو يتركز في توثيق‬ ‫حاالت التهجير القسري المختلفة بحق السكان‪.‬‬ ‫لكي أختم هذا العرض‪ ،‬أود أن أشدد على المسؤولية‬ ‫ال��ت��ي ال ي��رق��ى إليها ال��ش��ك أي مسؤولية السلطة‬ ‫الفلسطينية تجاه السكان في المناطق المستهدفة‬ ‫بالتهجير القسري‪ .‬ومع هذا فإن اتفاقية أوسلو المؤقتة‬ ‫قد استثنت المنطقة (ج) من النفوذ اإلداري للسلطة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وه��ذه المنطقة ال تتبع حتى لنفوذها‪،‬‬ ‫وه��ذه مسؤولية المجتمع ال��دول��ي‪ .‬في النهاية‪ ،‬فإن‬ ‫السلطة الفلسطينية بشكل عام‪ ،‬و دائرة شؤون ملف‬ ‫الجار واالستيطان على وجه الخصوص‪ ،‬يشجعان جميع‬ ‫أشكال المبادرات الشعبية التي تدعم المناطق األكثر‬ ‫عرضة لالستهداف في الضفة الغربية‪.‬‬ ‫* محمد الياس ن��زال‪ :‬مسؤول ملف الجدار واالستيطان في السلطة‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫مقاومة التهجير‪ :‬من الرؤية إلى الممارسة‬ ‫تقرير حول آخر أعمال بديل في مواجهة التهجير القسري‬ ‫إعداد‪ :‬طاقم بديل‬ ‫أخذا بعين االعتبار مدى التأثير الذي يخلقه على‬ ‫السكان الفلسطينيين وال��ذي يفوق اث��ر أي عملية‬ ‫عسكرية‪ ،‬يبقى التهجير التهديد األك��ب��ر لحياة‬ ‫الفلسطينيين اليوم‪ .‬ففي السنة المنصرمة وحدها‪،‬‬ ‫قامت اسرائيل بتهجير آالف الفلسطينيين من القدس‪،‬‬ ‫المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية‪ ،‬والمنطقة‬ ‫العازلة‪/‬الحرام في قطاع غزة‪ .‬وخالل شهر أيار ‪ ،2013‬أقرت‬ ‫الحكومة اإلسرائيلية مخطط برافر الذي يهدد باقتالع‬ ‫قسري ألكثر من ‪ 70,000‬بدوي فلسطيني في النقب‪.‬‬ ‫إن التهجير القسري للسكان غير قانوني‪ ،‬كما يعتبر‬ ‫جريمة دولية منذ العام ‪ .1942‬إن اإلدان��ة والتوصيف‬ ‫األقوى واألحدث لهذه الجريمة موجودة في نظام روما‬ ‫األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ .‬ويحدد نظام روما‬ ‫األساسي بوضوح أن التهجير القسري للسكان وتوطين‬ ‫المستوطنين هما جريمتا حرب‪.‬‬ ‫بهدف التهجير القسري للسكان الفلسطينيين‬ ‫األصالنيين‪ ،‬تم سن العديد من القوانين اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫إضافة لتطوير العديد من السياسات والممارسات‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬فإن إسرائيل تمارس تهجيرًا قسريًا بصورة‬ ‫سياسة الترحيل "الصامت"‪ .‬إن هذه السياسة صامتة‬ ‫نسبيا من حيث تطبيق إسرائيل لها‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫تحاول فيه تجنب إث��ارة االهتمام الدولي عبر قيامها‬ ‫بتهجير أعداد صغيرة من البشر بشكل منتظم‪ .‬وهو ما‬ ‫يفترض أن يمر من دون أن يالحظه أحد‪ .‬إن الهياكل‬ ‫القانونية والسياسية اإلسرائيلية تمارس التمييز ضد‬ ‫الفلسطينيين في العديد من المجاالت‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫مجاالت المواطنة وحقوق اإلق��ام��ة‪ ،‬وملكية األراض��ي‬ ‫وال��وص��ول إليها واستخدامها‪ ،‬والتخطيط اإلقليمي‬ ‫والبلدي‪.‬‬ ‫لقد نشر مركز بديل مؤخرا دليال تحت عنوان‪" :‬النهب‬ ‫اإلسرائيلي لألرض والتهجير القسري للفلسطينيين‪-‬‬ ‫دليل إرشادي لألفراد والتجمعات السكانية المعرضة‬ ‫لخطر التهجير"‪ .‬إن هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمطويات (البروشورات)‬ ‫الكراس‬ ‫الخمسة المرفقة به‪ ،‬يهدف إلى المساعدة في مواجهة‬ ‫تهجير الفلسطينيين‪ .‬وتركز هذه المواد على المنطقة‬ ‫(ج) من الضفة الغربية‪ ،‬والقدس الشرقية فيما يتعلق‬ ‫ّ‬ ‫بمجاالت توتر ثالثة هي‪ :‬مصادرة األرض‪ ،‬فرض القيود‬ ‫على استخدامها والوصول إليها‪ ،‬وأنظمة التخطيط‬ ‫وتصاريح البناء وهدم المنازل‪.‬‬ ‫يتطرق الدليل‪ ،‬في خطوطه العريضة‪ ،‬إلى ممارسات‬ ‫الدولة اإلسرائيلية الهادفة إلى تنفيذ التهجير من خالل‬ ‫االعتماد على ق��رارات المحاكم والتشريعات واألوام��ر‬ ‫العسكرية‪ ،‬والمقابالت الحصرية مع األفراد المتضررين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وعلى الرغم من أن ّ‬ ‫الكراس ال يمثل بديال عن المشورة‬ ‫القانونية المتخصصة‪ ،‬إال أنه يسعى إلى رفع الوعي‬ ‫بالخطوات القانونية المفروضة على الفلسطينيين‪.‬‬ ‫ويهدف الكراس‪ ،‬بشكل خاص‪ ،‬إلى دعم المؤسسات‬ ‫الفلسطينية كالبلديات والمجالس القروية واللجان‬ ‫الشعبية في محاولتها لتأجيل أو مواجهة استراتيجيات‬ ‫التهجير االسرائيلية‪ .‬وإلى جانب التحليل القانوني‬ ‫وبمعزل عنه‪ ،‬فإن ّ‬ ‫الكراس يتضمن دراسة ل‪ 70‬حالة من‬ ‫حاالت التهجير القسري‪.‬‬ ‫في الرابع من حزيران ‪ ،2013‬قام مركز بديل بإطالق‬ ‫ّ‬ ‫الكراس خالل مؤتمره الذي نظم تحت عنوان‪ " :‬التهجير‬ ‫القسري للفلسطينيين‪ :‬الجريمة والمسؤوليات"‪ .‬المؤتمر‪،‬‬ ‫الذي عقد في رام الله‪ ،‬شمل أكثر من ‪ 150‬مشاركا من‬ ‫الواليات المتحدة‪ ،‬والمملكة المتحدة‪ ،‬وممثلون عن‬ ‫منظمة التحرير الفلسطينية (م‪.‬ت‪.‬ف)‪ ،‬والسلطة‬ ‫الوطنية الفلسطينية‪ ،‬ووكالة غوث وتشغيل الالجئين‬ ‫الفلسطينيين في الشرق األدن��ى (األون����روا)‪ ،‬مكتب‬

‫جانب من المؤتمر (تصوير مركز بديل)‬

‫تنسيق الشؤون اإلنسانية (‪ ،)OCHA‬مكتب المفوض‬ ‫السامي لحقوق اإلنسان (‪ ،)OHCHR‬عدالة‪ -‬المركز‬ ‫القانوني لحماية حقوق األقلية العربية في إسرائيل‪،‬‬ ‫الضمير‪ -‬مؤسسة دعم األسير وحقوق اإلنسان‪ .‬دياكونيا‪،‬‬ ‫مجلس منظمات حقوق اإلنسان الفلسطينية‪ ،‬مبادرة‬ ‫الدفاع عن األراضي المحتل ة في فلسطين الجوالن (�‪OP‬‬ ‫‪ ،)GAI‬والمجلس النرويجي لالجئين (‪.)NRC‬‬ ‫وقد ناقش المساهمون وسائل التصدي للتهجير‬ ‫القسري للفلسطينيين باستخدام التدخالت المحلية‬ ‫والوطنية والدولية لمنع التهجير‪ .‬وقد أعقبت المؤتمر‬ ‫جولة ميدانية استمرت يومين إلى المناطق المتضررة‪.‬‬ ‫إن االستعراض العام‪ ،‬أدناه‪ ،‬يقدم مجموعة مختارة من‬ ‫مقتطفات لالوراق والمداخالت التي جاءت ضمن أعمال‬ ‫المؤتمر‪.‬‬ ‫الجلسة األولى‪:‬‬ ‫“التهجير السكاني القسري في السياق الفلسطيني‪:‬‬ ‫وقد أدارت الجلسة سحر فرنسيس من مؤسسة الضمير‪.‬‬ ‫وتحدث البروفيسور جوزيف شيكال من التحالف الدولي‬ ‫للموئل حول جريمة التهجير القسري للسكان في ظل‬ ‫القانون الدولي‪.‬‬ ‫استعرض البروفيسور شيكال التاريخ القانوني للحظر‬ ‫المفروض على التهجير القسري للسكان‪ ،‬مؤكدا على أن‪:‬‬ ‫"النقل القسري للسكان يعني تشتت السكان المحليين‬ ‫إلى "الخارج" وتدفق السكان المستوطنين إلى الداخل‪...‬‬ ‫إننا نتحدث عن حركة إلى الداخل وإلى الخارج"‪( .‬أنظر‬ ‫مقالة البروفيسور شيكال على ص ‪ 8-7‬من هذا العدد)‪.‬‬ ‫الجلسة الثانية‪:‬‬ ‫أدار ط��ارق حمام من وح��دة دع��م المفاوضات في‬ ‫منظمة التحرير الفلسطينية جلسة "التدخل المحلي"‪.‬‬ ‫وقد تحدثت المحامية سهاد بشارة من مركز عدالة حول‬ ‫المرافعة القانونية؛ بينما ّ‬ ‫قدم أمجد قسيس من مركز‬ ‫بديل ّ‬ ‫الكراس الجديد والمطويات؛ كما تحدث السيد‬ ‫محمد الياس نزال الذي يترأس دائرة شؤون ملف الجدار‬ ‫واالستيطان في السلطة الفلسطينية حول دور السلطة‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية‪ .‬أنظر ملخص محاضرة محمد الياس نزال‬ ‫ص ‪ 13‬من هذا العدد‪.‬‬ ‫قال طارق حمام‪" :‬إن هذا الدليل هو األول من نوعه‬ ‫بحسب علمي"‪ .‬وردا على س��ؤال من الجمهور‪ ،‬أجاب‬ ‫ّ‬ ‫حمام بأن م‪.‬ت‪.‬ف تركز على مسألتين استراتيجيتين‬

‫رئيسيتين هما الدبلوماسية والقانونية‪" .‬وقد اختارت‬ ‫م‪.‬ت‪.‬ف‪ .‬أن تؤكد على المسار الديبلوماسي بأكثر مما‬ ‫تؤكد على المسار القانوني"‪ ،‬بحسب تصريحه‪.‬‬ ‫وأك��د أمجد القسيس على إدراج عنصر المقاومة‬ ‫الشعبية في اإلط��ار‪ ،‬والبحث‪ ،‬والهدف‪ ،‬فيما يتعلق‬ ‫بالكراس والمطويات‪.‬‬ ‫الجلسة الثالثة‪:‬‬ ‫أدارت جلسة "التدخل الدولي" مالين غرينهيل من‬ ‫دياكونيا‪ .‬وقد تحدثت إس��راء مظفر من مكتب األمم‬ ‫المتحدة لتنسيق الشؤون اإلنسانية (‪ )OCHA‬عن طريقة‬ ‫اتخاذ وتصميم آليات االستجابة اإلنسانية المستخدمة‪.‬‬ ‫وقد تحدثت مالفينا خوري من مجلس الالجئين النرويجي‬ ‫حول المساعدة القانونية؛ بينما تحدث آرضي إمصيص‬ ‫من األونروا عن دور وكالة الغوث في التدخل في منطقة‬ ‫‪( E1‬القدس الشرقية)‪ .‬كما وتحدث حامد القواسمه‬ ‫وأدريانا زارلوكوي‪ -‬أرفيزو من مكتب المفوض السامي‬ ‫لحقوق اإلنسان في األرض المحتلة‪ ،‬الـ(‪ )OHCHR‬شكل‬ ‫تدخل هذه الهيئة الدولية في منطقة َمسافر يطا ‪-‬‬ ‫جنوبي تالل الخليل‪.‬‬ ‫وقد استعرضت مالفينا خوري نظرة مفصلة حول‬ ‫مبادئ مجلس الالجئين النرويجي في االشتباك مع‬ ‫المنظومة القانونية اإلسرائيلية حيث قالت‪" :‬في‬ ‫بعض األحيان فإن استنفاذ اإلجراءات المطلوبة محليا‬ ‫هو الخطوة التي تؤدي إلى الساحة القانونية الدولية‪،‬‬ ‫مضيفة أن‪" :‬واح���دة من استراتيجياتنا هي إغ��راق‬ ‫المنظومة القضائية اإلسرائيلية بالحاالت والقضايا‬ ‫حيث قد ال تحتمل المنظومة هذا الفيضان"‪ .‬وقد أكدت‬ ‫خوري على " أن السياسات الظالمة تكبل نظام العدالة‪،‬‬ ‫وبأن المقاومة الفلسطينية تنشأ في أمثال هذه البيئة‬ ‫القانونية"‪.‬‬ ‫الجلسة الرابعة‬ ‫جلسة "التوجهات العملية والتوصيات" أدي��رت‬ ‫على يد نصار ابراهيم من مبادرة الدفاع عن األراضي‬ ‫المحتلة في فلسطين ومرتفعات الجوالن (‪)OPGAI‬‬ ‫ومركز المعلومات البديلة (‪ .)AIC‬وقد تحدث البروفيسور‬ ‫ميك دامبر من جامعة إكستر حول جبر الضرر واستعادة‬ ‫األمالك؛ كما تحدثت البروفيسورة سوزان أكرم من كلية‬ ‫الحقوق في جامعة بوسطن حول مسائل مستقبلية‪.‬‬ ‫وقد أوجز البروفيسور ميك دامبر أربعة أنواع نظرية‬

‫من االستعادة [استعادة أمالك الالجئين]‪ .1 :‬االستعادة‬ ‫العينية (استعادة حقوق ملكية الممتلكات المفقودة)‪،‬‬ ‫‪ .2‬التعويض بمقابل بالمثل‪ ،‬تبادل أص��ول الملكية‪/‬‬ ‫الملكية البديلة‪ .3 ،‬التعويض بالمساعدة اإلنمائية‪.4 ،‬‬ ‫التعويض متعدد االوجه باختيار صاحب الحق ما بين‬ ‫عدة أشكال من التعويض السالفة‪ ،‬باسترداد الملك‬ ‫كليا او جزئيا ما دام ذلك متاحا‪ ،‬او التعويض نقدا‪ ،‬أو‬ ‫عن طريق القسائم والسندات‪ .‬أنظروا مقالة البروفيسور‬ ‫مايك دامبر ص ‪ 16‬من هذا العدد‪.‬‬ ‫في استخالصها ألعمال المؤتمر‪ ،‬أكدت البروفيسورة‬ ‫أكرم على أهمية استخدام القانون الدولي بدقة‪ .‬كما‬ ‫ورك��زت على اهيمة تحديد ماهية الجرائم المرتبكة‬ ‫وتوصيفها بموجب القانون ال��دول��ي‪ ،‬وذل��ك لتحديد‬ ‫المسؤوليات‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إن انعكاسات النزوح‬ ‫الداخلي و[انعكاسات] التهجير الجماعي مختلفتان‪" .‬إن‬ ‫تحميل دولة مسؤولية التهجير الداخلي داخل الحدود‬ ‫أصعب من تحميلها المسؤولية عن الطرد الجماعي إلى‬ ‫خارج الحدود"‪ .‬وقد أشارت أكرم إلى موضوعي مسؤولية‬ ‫الدولة الثالثة [الطرف الثالث] ومسؤولية توفير الدول‬ ‫والهيئات الدولية في توفير الحماية حيث يلزم تحديد‬ ‫ماهية الجرائم والمسؤولين عن ارتكابها‪ ،‬وفحص‬ ‫خيارات تحقيق العدالة والحماية بدقة من اجل التمكن‬ ‫من إثارة مسؤولية األطراف الثالثة والحماية الدولية‪.‬‬ ‫إض��اف��ة إل��ى أن مصطلحات على شاكلة االستعمار‪،‬‬ ‫األبارتهايد‪ ،‬التطهير العرقي‪ ،‬واإلب��ادة الجماعية‪ ،‬هي‬ ‫مصطلحات كبيرة معترف بها في جميع أنحاء العالم في‬ ‫المجاالت القانونية والعامة‪ ،‬ولكن انطباقها على الحالة‬ ‫الفلسطينية يستدعي الفحص والتوثيق والبحث بدقة‪.‬‬ ‫" لقد حان الوقت للتحرك ووضع إطار قانوني لتوحيد‬ ‫الشعب الفلسطيني والتغلب على التجزئة"‪ ،‬وفقًا لتعبير‬ ‫أكرم‪.‬‬ ‫الجولة الميدانية الدراسية في ‪ 6-5‬حزيران ‪2013‬‬ ‫تبع المؤتمر جولة ميداينة دراسية امتدت ليومين‬ ‫حيث تم زيارة عدد من المجتمعات الفلسطينية التي‬ ‫تعيش تحت التهديد المباشر للتهجير القسري‪ .‬ونقوم‬ ‫بتسليط الضوء على ثالثة من التجارب أدناه‪.‬‬ ‫الولجة‪ :‬فالح بال أرض!‬ ‫قبل عام ‪ 1948‬كانت قرية الولجة من القرى التي‬ ‫يتبع‬


‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬ ‫تمتلك أكبر مساحة من األرض من بين مجمل قرى‬ ‫فلسطين‪ ،‬إذ تمتد أراضيها الزراعية من جنوب القدس‬ ‫إلى شمال بيت لحم‪ ،‬وقد تمت مصادرة ‪ %70‬من أراضي‬ ‫الولجة أثناء وبعد الحرب‪ ،‬أي خالل وبعد نكبة عام ‪.1948‬‬ ‫تأسست الولجة "الجديدة" في إحدى التالل المقابلة‬ ‫لموقع القرية األصلي بعد طرد القرويين منها‪ ،‬وذلك على‬ ‫الرغم من أن معظم الالجئين قد استقروا في مخيمات‬ ‫شرقي القدس وبيت لحم واألردن ولبنان‪.‬‬ ‫بيد أن هنالك عالقة سببية مرتبطة بمسألة مصادرة‬ ‫األراض��ي اال وهي قضية الالجئين‪ .‬فقد أدت المصادرة‬ ‫الواسعة لالراضي في سنة ‪ 1948‬إلى تهجير ‪ 1,600‬من‬ ‫سكان القرية‪ .‬بينما انتقل حوالي ‪ 100‬من الفالحين ونسلهم‬ ‫إلى العيش عبر التلة الفاصلة عن قريتهم األصلية‪ .‬اليوم‪،‬‬ ‫هناك ‪ 25,000‬الجئ من الولجة يعيشون في األردن‪.‬‬ ‫محمد برغوث هو أحد الفالحين من قرية الولجة الـ‪100‬‬ ‫الذين يعيشون مباشرة خلف الخط األخضر‪ ،‬حيث منزله‪.‬‬ ‫وهو يشير إلى نفسه باعتباره "فالح بال أرض"‪ .‬يقول‪" :‬أوال‬ ‫وقبل كل شيء‪ ،‬أنا الجئ منذ العام ‪ ."1948‬في حرب ‪1967‬‬ ‫فقدت عائلة برغوث ملكيتها لما يسمى اليوم مستعمرة‬ ‫غيلو‪ ،‬والتي نما عدد سكانها إلى ما يربو على ‪40,000‬‬ ‫مستعمر يهودي‪-‬اسرائيلي‪.‬‬ ‫قامت بلدية القدس بإدراج الولجة تحت إدارتها في‬ ‫العام ‪ ،1982‬في حين قامت بضم القدس الشرقية سنة‬ ‫‪ .1967‬ويقوم برغوث بتوصيف الوضع الحالي لسكان‬ ‫الولجة بقوله "إن الخدمة الوحيدة التي نتلقاها من بلدية‬ ‫ّ‬ ‫بالجرافات"‪.‬‬ ‫القدس هي خدمة التدمير‬ ‫في عام ‪ 2010‬بدأ الجيش ببناء ج��دار الفصل في‬ ‫الولجة‪" .‬كانت األرض التي شق عليها الشارع الجديد‬ ‫أرض��ا طيبة مليئة بأشجار الفواكه"‪ ،‬كما قال برغوث‪.‬‬ ‫لقد قام المجتمع بتطوير أدواته من أجل محاولة وقف‬ ‫البناء غير القانوني والالإنساني للجدار‪ .‬هنالك محامون‬ ‫يعملون مع المجتمع المحلي لدينا منذ سنوات‪ ،‬واإلعالم‬ ‫المحلي والدولي يوليان اهتماما وثيقا لنضال الفالحين‬ ‫والحتجاجاتهم التي صارت تندلع بانتظام‪.‬‬ ‫لقد خطط برغوث إلنشاء حديقة م�لآى باألشجار‪،‬‬ ‫يربي فيها خاليا النحل والماعز؛ وه��ذا ما أطلق عليه‬ ‫اسم "العيش بكرامة"‪ .‬لكن إسرائيل أقامت الجدار وما‬ ‫نتج عن بنائه من غبار‪ ،‬تسبب في طرد النحل‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى مصادرة المزيد من األرض‪ .‬في هذه العملية‪ ،‬اقتلع‬ ‫الجيش أكثر من ‪ 300‬شجرة زيتون في جميع أرجاء التل‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من تقويض حلمه‪ ،‬فإنه يملك حاليا ‪ 30‬شجرة‬ ‫على سفح التل وعشرة أشجار في حديقة منزله‪ " .‬لقد تم‬ ‫اقتالع األشجار األقدم واألكثر إثمارا مثل شجرة صنوبر‬ ‫تمتد على مساحة ‪ 25‬مترا‪ ،‬وهي كانت األجمل" كما قال‪.‬‬ ‫" أنتم قتلتموها‪ ،‬لذا عليكم دفنها"‪ ،‬هذا ما قاله‬ ‫برغوث للجيش اإلسرائيلي عندما عرضوا عليه أن يعيد‬ ‫زراعة األشجار التي اقتلعت بهدف بناء الجدار‪ .‬وقد ّ‬ ‫فسر‪:‬‬ ‫" لن أقبل بأن يستخدموا إعادة زراعة األشجار ليظهروا‬ ‫بمظهر من يعامل الفلسطينيين جيدا في الوقت الذي‬ ‫قاموا فيه بتهجيرنا"‪.‬‬ ‫في غرفة الضيوف المضاءة بنور الوادي‪ ،‬جلسنا كي‬ ‫نستمع إلى الظروف المهينة‪ ،‬والتاريخ المثير للمشاعر‪،‬‬ ‫والرفض المبدئي ضد ما يراه برغوث وضعا عبثيا‪ .‬باإلمكان‬ ‫ّ‬ ‫ستدعم‬ ‫رؤية الشارع اإلسرائيلي والبنية التحتية التي‬ ‫انشاء الجدار من إحدى نوافذ الغرفة‪ .‬ومن النافذة األخرى‬ ‫يمكننا أن نرى عبر الوادي قرية الولجة األصلية‪ ،‬وضواحي‬ ‫القدس‪ ،‬والبنايات االستعمارية‪ .‬إن الخط األخضر هنا‬ ‫يمر بين غرفة وأخرى‪.‬‬ ‫مواد إعالمية متوفرة حول قرية الولجة‪:‬‬ ‫‪http://www.ongoingnakba.org/ar‬‬ ‫ّ‬ ‫بتير‪ :‬سلة خضار القدس‬ ‫ّ‬ ‫يعرف الباذنجان البتيري بشهرة خاصة "وهو‬ ‫يوجد في األسواق من القدس حتى جنين"‪ ،‬كما يقول‬ ‫دليلنا الميداني في القرية حسن معمر‪ .‬فيومئ أعضاء‬ ‫المجموعة برؤوسهم في تأكيد هادئ‪ .‬تشتهر مدرجات‬

‫بلدة بتير بإنتاجياتها العالية وبتراثها‪.‬‬ ‫عند وصولنا للموقع كانت امرأة عجوز تغسل الخس‬ ‫في واح��دة من الينابيع التي تشكل المركز الروحي‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعي واالقتصادي لبتير‪ .‬يعلمنا تاريخ القرية بأن‬ ‫الماء الذي يجري عبر الوادي والذي تم تخصيصه للري‬ ‫على يد العائالت الرئيسية الثماني في بتير؛ بحيث‬ ‫يخصص يوم واحد‪ ،‬أسبوعيا‪ ،‬لكل عائلة‪ ،‬مما ينتج دورة‬ ‫أسبوعية فريدة من نوعها مكونة من ثماني أيام‪ .‬وهذه‬ ‫الممارسة ال تزال قائمة حتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تشتهر بتير‪ ،‬وه��ي موئل ق��راب��ة ‪ 5,000‬مواطن‬ ‫فلسطيني‪ ،‬بالخضرة وبالزراعة القديمة‪ .‬فالينابيع السبع‬ ‫التي تروي المدرجات ذات اإلرث الزراعي الذي يمتد‬ ‫إلى ‪ 4,000‬سنة باإلضافة إلى العديد من الموروثات‪،‬‬ ‫أنقاض قلعة رومانية تطل على قمة جرف صخري في‬ ‫وسط القرية‪ .‬مسند ظهر يعود إلى الحقبة الرومانية‪،‬‬ ‫وت��م اكتشافه فقط منذ عقود حين ك��ان القرويون‬ ‫يهمون بترميم الطريق‪ ،‬وقد رفضت إسرائيل التنقيب‬ ‫ّ‬ ‫في القلعة وآثار بتير األخرى بحكم كونها واقعة في‬ ‫المنطقة المصنفة (ج)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن ‪ %70‬من بتير واقعة في المنطقة (ج) و ‪ ،%30‬وهي‬ ‫مركز بتير‪ ،‬يقع في المنطقة (ب) وفقا التفاقات أوسلو‪.‬‬ ‫بموجب اوسلو‪ ،‬ينبغي على الفلسطينيين التقدم بطلب‬ ‫للحصول على أي تخطيط أو إنشاء أو تطوير للعمل في‬ ‫المنطقة (ج) من خالل اإلدارة العسكرية اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫الحكم العسكري او ما يمسى باإلدارة المدنية‪ ،‬ال يجيز‬ ‫معظم هذه الطلبات في الغالبية العظمى من الحاالت‪،‬‬ ‫حيث تحظر إسرائيل بشكل فعال التطور "المشروع" في‬ ‫ّ‬ ‫بتير بحيث تمنع المجتمع من تحسين الطرق‪ ،‬شبكات‬ ‫الكهرباء‪ ،‬أو أية خدمات أخرى والتي بالضرورة ينبغي أن‬ ‫ّ‬ ‫تمر عبر المنطقة (ج) التي تشكل الغالبية العظمى من‬ ‫القرية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في الوقت الذي كنا فيه في جولتنا‪ ،‬كانت القرية‬ ‫تنتظر اجتماع اليونسكو في كمبوديا في آخر أسبوع‬ ‫من حزيران‪ .‬حيث عملت القرية على إرس��ال طلب إلى‬ ‫اليونسكو لالعتراف ببتير كموقع للتراث العالمي‪.‬‬ ‫وبكثير من الجهد‪ ،‬رفع المجتمع المحلي طلبا إلى السلطة‬ ‫الفلسطينية في كانون ثاني ‪ .2013‬وكخطوة أولى في‬ ‫ّ‬ ‫وقع الرئيس محمود ّ‬ ‫عباس على الطلب وتوقع‬ ‫المسيرة‪،‬‬ ‫الفلسطينيون أن يتم تقديمه إلى اليونسكو في شباط‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يصعب‪ ،‬سياسيا‪ ،‬على‬ ‫إن اعتراف اليونسكو قد‬ ‫إسرائيل بناء ج��دار الفصل في بتير‪ ،‬وال��ذي يحاول‬ ‫السكان هنا تحديه عبر المنظومة القانونية اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫حيث تستهدف خطة الجدار مصادرة وضم ما يقارب‬ ‫الـ‪ %30‬من أراضي بتير‪.‬‬ ‫في ‪ 16‬حزيران من عام ‪ ،2013‬كشفت وكالة معا‬ ‫االخبارية أن السلطة الفلسطينية لم ت��ودع الطلب‬ ‫المستكمل ف��ي اليونسكو‪ .‬وق��د فضح مسؤولون‬ ‫فلسطينيون رفضوا الكشف عن أسمائهم‪ ،‬بشهاداتهم‪،‬‬ ‫صفقة جانبية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل‬ ‫وافقت السلطة بموجبها على إسقاط الطلب مقابل سماح‬ ‫إسرائيل بدخول محققي اليونسكو إلى المسجد األقصى‬ ‫ومدينة القدس القديمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وفي ‪ 29‬أيار ‪،2013‬‬ ‫رفضت اسرائيل دخول محققي اليونسكو إلى القدس‪.‬‬ ‫وفي الفضيحة‪ ،‬نفى يغئال بالمور‪ ،‬المتحدث باسم وزارة‬ ‫ّ‬ ‫الخارجية االسرائيلية أن يكون إسقاط ترشيح بتير جزءا‬ ‫من اتفاقهما‪ .‬وبغض النظر‪ ،‬فإن طلب بتير قد يكون‬ ‫صعب الهضم بالنسبة للسلطة الفلسطينية حتى قبل‬ ‫التراجع المحتمل إلسرائيل‪.‬‬ ‫إن الطلب الذي قدمته بتير إلى اليونسكو بإدراج‬ ‫جميع أراض��ي البلدة كموقع تراثي عالمي‪ ،‬قد وضع‬ ‫السلطة الفلسطينية في موقف صعب حيث أن أراضي‬ ‫قرية بتير ال تتوافق مع خط وقف إطالق النار للعام ‪1949‬‬ ‫وحدود عام ‪ ،1967‬وهو الخط الذي يستند إليه الخطاب‬ ‫السائد حول "الحل التفاوضي"‪ .‬لقد قامت إسرائيل بضم‬ ‫واستعمار منطقة ال‪ 67‬جيدا في الوقت الذي ما زال فيه‬ ‫النظام السياسي الفلسطيني يؤكد بأنه يقبل بتعديالت‬ ‫حدودية ضمن ما يسمى "حل الدولتين"‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫جانب من الزيارة الميدانية (تصوير مركز بديل)‬

‫قبل عام ‪ ،1948‬اعتبرت القرية مركزا إنتاجيا رئيسيا‬ ‫للقدس‪ ،‬مع التدفق المستمر بين المنطقتين‪ .‬إن محاولة‬ ‫اهالي بتير الهادفة إلى تظليل قريتهم بغطاء اليونسكو‬ ‫على مساحتها التي تجتاز خط وقف النار وحدود العام‬ ‫‪ 1967‬هي مشروع مقاومة يتحدى التجزئة المتزايدة‬ ‫لألراضي الفلسطينية‪.‬‬ ‫مواد إعالمية متوفرة حول قرية بتير‪:‬‬ ‫‪http://www.ongoingnakba.org/ar‬‬ ‫التواني‪ :‬مقاومة التهجير المستمر‬ ‫يقود مجموعتنا المكونة من عشرة أشخاص الناشط‬ ‫المحلي في قرية التواني حافظ بلبل أثناء زيارتنا لقريته‪،‬‬ ‫حيث تقع القرية في المنطقة (ج) في تالل الخليل‬ ‫الجنوبية‪ ،‬وهي تقوم بدور المركز للمجتمعات المحلية‬ ‫المحيطة‪ .‬تعتزم اإلدارة المدنية اإلسرائيلية والكيان‬ ‫البيروقراطي الذي يدير االستيطان في الضفة الغربية‪،‬‬ ‫تحويل األرض إلى منطقة مخصصة للتدريب العسكري‪.‬‬ ‫والتواني هي واحدة من ‪ 13‬قرية في المنطقة‪ ،‬هنالك‬ ‫ثمان منها مستهدفة من قبل إسرائيل لتحويلها إلى‬ ‫منطقة إط�لاق النار – المنطقة رقم ‪ .918‬وقد أعلنت‬ ‫خطة التهجير منطقة مساحتها ‪ 30,000‬دونم باعتبارها‬ ‫منطقة عسكرية محظورة في السبعينيات‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫الحين‪ ،‬تعيش المجتمعات المحلية تحت وطأة هدم‬ ‫المنازل والتهجير القسري‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1999‬تم طرد ‪ 700‬من سكان القرى في منطقة‬ ‫إطالق نار رقم ‪ 918‬قسريًا‪ ،‬وتم هدم بيوتهم‪ .‬وقد قاوم‬ ‫السكان عن طريق تقديم طعون قانونية‪ ،‬وعادوا بالرغم‬ ‫من المالحقة واالضطهاد ليؤسسوا حياتهم من جديد‬ ‫في الموقع‪ ،‬وغالبا ما يعيشون في المالجئ الطبيعية‬ ‫كالكهوف‪ .‬ووفقا لقرار وزير الدفاع إيهود باراك في ‪19‬‬ ‫حزيران ‪ ،2012‬فإن التواني هي واحدة من خمسة قرى لم‬ ‫تكن تحت طائلة التهديد الفوري باإلخالء‪ ،‬لكن "بلبل"‬ ‫يتوقع نفس المصير النهائي لقريته‪ .‬إن استراتيجية‬ ‫اإلدارة المدنية للحكم العسكري لالستيالء على األراضي‬ ‫هي إستراتيجية متدحرجة‪ ،‬كما يصفها بلسانه‪.‬‬ ‫عاش سكان تالل الخليل الجنوبية تحت االحتالل‬ ‫العسكري منذ ‪ ،1967‬وبهذا أصبحوا ضحية المصادرات‬ ‫والتهجير من أراضيهم‪ ،‬إضافة إلى عنف مستعمري‬ ‫مستوطنة "حافات معون" المتاخمة لقريتهم‪" .‬بلبل" أب‬ ‫شاب‪ ،‬وقد أحاط تاريخ طويل من االستعمار بحياته وحياة‬ ‫طفله الصغير‪ ،‬ردا على ذلك‪ ،‬قال بأنه وآخرين ينسقون‬ ‫المقاومة الشعبية مع قرى تلك المنطقة‪.‬‬ ‫"بلبل" الذي لديه معرفة قريبة بنوايا إسرائيل فيما‬ ‫يتعلق به وبأرضه ق��ال‪ " :‬إن خطة االحتالل هي ربط‬ ‫المستوطنات ببعضها على حساب البلدات والقرى‬ ‫والنجوع الفلسطينية"‪ .‬بعد أن أحبطت الجرافات‬ ‫اإلسرائيلية عدة محاوالت لنصب أعمدة الكهرباء‪ ،‬فإن‬ ‫قرية سوسيا اآلن تدير مشروع كهربائها بمشروع الطاقة‬ ‫الشمسية الذي تبرع به االتحاد األوروبي‪ .‬هاجمت اإلدارة‬

‫المدنية للحكم العسكري سوسيا في ‪ 27‬تموز ‪2013‬‬ ‫وأصدرت أمرا بوقف بناء األلواح الشمسية من ضمن ما‬ ‫أمرت بوقف بنائه من البنى التحتية‪ ،‬وهو إجراء عادة ما‬ ‫يسبق عملية تنفيذ الهدم‪.‬‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬يواجه سكان المنطقة إعاقة مستمرة‬ ‫لحريتهم في التنقل من خالل إقامة نقاط التفتيش‬ ‫وال��ح��واج��ز واإلغ�لاق��ات‪ ،‬والتهديد بالعنف م��ن قبل‬ ‫المستوطنين اليهود االسرائيليين‪ .‬األطفال من القرى‬ ‫المجاورة‪ ،‬وبموجب قرار من المحكمة ملزمون بمرافقة‬ ‫سيارة جيب عسكرية في مسيرهم اليومي إلى المدرسة‬ ‫االبتدائية في التواني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذا "التسهيل"‬ ‫المزعوم ال يتحقق دائما كما أشار السكان‪ .‬وعالوة على‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن ‪ Operation Dove‬وهي منظمة إيطالية تقوم‬ ‫بالتوثيق على مدار الـ‪ 24‬ساعة في مناطق إطالق النار قد‬ ‫صرحت بأن‪:‬‬ ‫" في منطقة إطالق النار رقم ‪ ،918‬هبطت المروحيات‬ ‫ثالثة مرات في ‪ 6‬و ‪ 7‬و ‪ 8‬أيار قريبا من مدرسة الفخيت؛‬ ‫وتمت م��ص��ادرة سيارتين تابعتين ل���وزارة ال��زراع��ة‬ ‫الفلسطينية باإلضافة إلى اعتقال سبعة مواطنين في‬ ‫‪ 9‬أيار؛ وتم تنفيذ تدريبات عسكرية على يد الجيش‬ ‫في منطقتي مركز وجنبا‪ ،‬وقد أضرت المركبات الثقيلة‬ ‫بالحقول المحلية ومنعت الرعاة من رعي قطعانهم"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تسهل إسرائيل عنف المستوطنين‪ ،‬وتمارس‬ ‫العنف العسكري أثناء قيامها بتطبيق اإلج���راءات‬ ‫"القانونية" وهي وسيلة لضمان اإلفالت من العقاب من‬ ‫جهة‪ ،‬بما يؤدي إلى "تشجيع" النزوح الفلسطيني إلى‬ ‫ّ‬ ‫المراكز الحضرية‪ ،‬مثل بلدة يطا القريبة‪.‬‬ ‫إن هذه اإلستراتيجية تنجح‪ ،‬فمستعمرة حافات‬ ‫معون تمتد إلى خارورة وسارورة‪ ،‬وهما قريتان صغيرتان‬ ‫تم إخالء سكانهما بالقوة وتم رفض السماح لهم بالعودة‬ ‫إليهما تجنبا لعنف المستوطنين‪.‬‬ ‫وقد قام المتطوعون الدوليون مع ‪Operation Dove‬‬ ‫في التجمعات المحلية بتوثيق هجوم مستوطني "حفات‬ ‫ماعون" على قرية التواني‪ ،‬والرعاة الفلسطينيين‪ ،‬وقد‬ ‫أسفر العدوان عن قتل حمار‪ ،‬ورجم األطفال بالحجارة‪.‬‬ ‫إن المجتمعات المحلية في ت�لال جنوب الخليل‬ ‫ّ‬ ‫تقع تحت التهديد المتواصل‪ ،‬ولكن إسرائيل توظف‬ ‫تكتيكات طرد مماثلة في المناطق األخ��رى الخاضعة‬ ‫لسيطرتها‪ ،‬بما في ذلك حي الشيخ جراح في القدس‬ ‫وغور األردن والناصرة والنقب‪.‬‬ ‫وق��د ح��ددت المحكمة العليا االسرائيلية تاريخا‬ ‫إلصدار قرارها بشأن طرد القرى الثمانية من منطقة إطالق‬ ‫النار رقم ‪ 918‬وهو ‪ 2‬أيلول ‪ .2013‬وتقوم جمعية حقوق‬ ‫المواطن في إسرائيل بتنسيق المناصرة المستندة إلى‬ ‫القانون‪ ،‬بينما يقوم السكان بتنظيم المقاومة الشعبية‬ ‫من خالل اللجنة الشعبية لتالل جنوبي الخليل‪.‬‬ ‫مواد إعالمية متوفرة حول قرية أم فغرة‪:‬‬ ‫‪http://www.ongoingnakba.org/ar‬‬


‫‪16‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫المطالبات الفلسطينية بجبر الضرر في السياق الدولي‬ ‫بقلم‪ :‬مايك دمبر*‬ ‫هل تتأثر حقوق الناس المقتلعين من أرضهم‬ ‫والراغبين بالعودة إل��ى ديارهم وممتلكاتهم بمرور‬ ‫الوقت؟ هل هنالك فرق بين العائدين في اليوم الذي‬ ‫حدث فيه اإلخالء القسري أو في األسبوع الذي تاله‪ ،‬وبين‬ ‫أولئك الذين ما زالوا يسعون إلى العودة بعد سنوات‬ ‫عديدة؟ إذا كان األمر كذلك‪ ،‬فكيف لهذا أن يؤثر على‬ ‫حقوق الالجئين الفلسطينيين؟ هذه هي األسئلة التي‬ ‫خطرت ببالي حالما راجعت المواد التي جمعتها لدراسة‬ ‫الحاالت عبر العالم وعبر التاريخ حول االقتالع القسري‬ ‫‪1‬‬ ‫خالل السنوات الستين الماضية‪.‬‬ ‫إن اإلجابة على األسئلة الثالث السالفة‪ ،‬على ما يبدو‪،‬‬ ‫هي نعم وال‪ .‬لقد بحثت هذه الدراسة في تسع حاالت‬ ‫متعلقة بجبر الضرر الالحق بالالجئين والنازحين‪ ،‬وقد‬ ‫خلصت إلى أنه في حين تبقى الكثير من الحقوق‪ ،‬فإنه‬ ‫ومع مرور الوقت تظهر حقوق جديدة أيضا‪ ،‬مما يجعل‬ ‫‪2‬‬ ‫حل مسألة التهجير القسري مسألة معقدة‪.‬‬ ‫إن جبر الضرر عن التهجير القسري يتكون من ثالثة‬ ‫عوامل رئيسية‪ :‬الرضى‪ ،‬اعادة الحالة الى ما كنت عليه‪/‬‬ ‫استعادة الممتلكات‪ ،‬والتعويض‪ 3.‬وسوف تركز هذه‬ ‫المقالة على مسألة االستعادة‪ ،‬وأيضا‪ ،‬إلى حد ما‪ ،‬على‬ ‫مسألة التعويض‪ .‬في معظم الحاالت‪ ،‬هنالك ثالثة‬ ‫أشكال من االستعادة‪ .‬الشكل األول هو اإلعادة العينية‪،‬‬ ‫ويعتبر هذا النموذج هو النموذج المثالي لجبر الضرر‪،‬‬ ‫حيث يستعيد الشخص المطرود حق امتالك ذات‬ ‫الشيئ؛ األرض أو العقار اللذين تم إخالؤه منهما كجزء‬ ‫ّ‬ ‫تسوي الصراع الذي أدى إلى إخالئه‬ ‫من اتفاقية سالم‬ ‫في المقام األول‪ .‬فإذا كانت الممتلكات قد تم هدمها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن [صاحب الملك] يستعيد حق تملك األرض ويحصل‬ ‫على تعويض عن تكاليف إعادة اإلعمار‪ .‬هذا الشكل من‬ ‫االستعادة‪ ،‬في الواقع‪ ،‬يكون في الغالب محدود بسبب‬ ‫حقيقة وجود الشاغلين‪/‬الحائزين الالحقين‪ .‬إن مصطلح‬ ‫الشاغل‪/‬الحائز الالحق يعني حيازة او شغل أرض أو‬ ‫ممتلكات تعود اصال لنازحين من قبل نازحين آخرين أو‬ ‫مستوطنين جدد قد ُمنحوا حق ملكية العقار من قبل‬ ‫الدولة‪ .‬وفي معظم الحاالت التسع قيد الدراسة‪ ،‬فإن‬ ‫حقوق هؤالء الشاغلين الالحقين تبقى قائمة وتحصل‬ ‫على درج��ة من الحماية باالستناد إلى طبيعة اتفاق‬ ‫السالم‪ .‬ما تشير إليه دراسات الحالة هذه‪ ،‬هو أنه غالبا ما‬ ‫يتم التوصل إلى اتفاقيات السالم بعد أخذ عدة عوامل‬ ‫باالعتبار‪ ،‬من ضمنها المهمات القانونية الشاقة إلزالة‬ ‫الشاغلين الالحقين والعثور على مساكن بديلة لهم‪،‬‬ ‫باالضافة الي التكاليف والوقت الالزمين النجاز األمر‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى كون اخراجهم [من الممتلكات] قد يزعزع‬ ‫استقرار االتفاق السياسي الغض‪ .‬ومن ضمن الحاالت‬ ‫التسع المدروسة‪ ،‬فإن تلك التي تدرس حال البوسنة‬ ‫والهرسك وكوسوفو والعراق ما بعد حكم البعث‪ ،‬قد‬ ‫حددت فيها هذا النوع من االستعادة‪ ،‬ولكنها كانت‬ ‫قادرة على فعل ذلك بفضل دعم التدخل الخارجي‪ .‬أما‬ ‫الحاالت التي ُسعي فيها إلى تقييد هذا النوع‪ ،‬فقد كانت‬ ‫في رواندا وقبرص وجنوب وإفريقيا‪ ،‬على أساس أن جبر‬ ‫الضرر الكامل سيؤدي إلى أيضا زعزعة االستقرار‪ .‬إحدى‬ ‫المبادرة للتعامل مع هذه الصعوبات قد اتخذت‬ ‫الطرق‬ ‫ِ‬ ‫في جنوب إفريقيا‪ ،‬وهي تلك المعروفة باسم التأجير‬ ‫ّ‬ ‫المعكوس‪ ،‬حيث تم رد حق التملك إلى المطالبين ‪-‬‬ ‫أصحابها األصليين ‪ -‬شريطة االستمرار في تأجير العقار‬ ‫للشاغلين الالحقين‪.‬‬ ‫أم��ا الشكل الثاني م��ن جبر ال��ض��رر فيتمثل في‬ ‫التعويض بمقابل أي عرض استثمارات بديلة ألولئك‬ ‫الذين قد فقدوا أرضهم أو عقارهم‪ .‬وهنا‪ ،‬فإن الممتلكات‬ ‫القابلة للتبادل (المقابلة) هي ع��ق��ارات بديلة يتم‬ ‫تقديمها كشكل من أشكال التعويض‪ .‬عادة ما يترافق‬ ‫ذلك مع منح النازحين مساعدة عند عودتهم إلى وطنهم‬

‫هدم البيوت الفلسطينية في بيت حنينا‪ ،‬القدس‪ ،‬شباط ‪)ICAHD( ٢٠١٣‬‬

‫لتسهيل االندماج فيه‪ ،‬او إعادة تدريب هم وتأهيلهم‪،‬‬ ‫او بعض األموال الالزمة لبدء األعمال التجارية او السندات‬ ‫أو قسائم القتناء ممتلكات أخرى‪ .‬في خطة كوفي عنان‬ ‫بشأن قبرص‪ ،‬تم منح حوافز للنازحين المقيمين في‬ ‫ممتلكات نازحين من الطرف اآلخر إلجراء تبادل أو تم‬ ‫تزويدهم بسندات القتناء عقارات بديلة عن تلك التي‬ ‫قد خسروها‪ .‬أما في غواتيماال‪ ،‬فقد تم منح الالجئين‬ ‫ائتمانا رخيصا لشراء األراضي‪ ،‬في حين‪ ،‬في أوروبا ما بعد‬ ‫الشيوعية‪ ،‬تم منح المطالبين حزم مساعدات‪/‬خيارات‬ ‫بديلة لألرض‪ .‬مجددا‪ ،‬إن نزع ملكية األراضي والممتلكات‬ ‫من الحائزين الالحقين فعليا بهدف توفير السكن وسبل‬ ‫العيش البديلين قد كان صعب التنفيذ‪.‬‬ ‫النموذج الثالث من «االستعادة» ‪ ،‬هو األكثر انتشارا‪،‬‬ ‫ويأتي كمساعدة إنمائية‪ .‬ووفقا لهذا النموذج‪ ،‬فإن اتفاق‬ ‫السالم ينص على الدعم المالي لبرامج الدولة المتعلقة‬ ‫بشؤون اإلسكان والتنمية الزراعية وتطوير البنية التحتية‬ ‫وغيرها من الخدمات المصممة لدمج الالجئين العائدين‬ ‫وغيرهم من المشردين‪ .‬إن هذا الشكل من أشكال جبر‬ ‫الضرر يعترف بأن هذه المجموعات تحتاج إلى المساعدة‬ ‫في تطوير سبل العيش المستدام‪ ،‬وبشكل أكثر تحديدا‬ ‫بحاجة هؤالء إلى حزم المساعدات التي تتم مواءمتها‬ ‫وفقا لخبراتهم وثقافتهم‪ .‬إن المثال الرئيسي لهذا‬ ‫الشكل من جبر الضرر يمكن استقاؤه من الحالة الجنوب‬ ‫إفريقية حيث أصبحت سياسة إصالح األراض��ي سمة‬ ‫أساسية‪ .‬ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن العيوب في تنفيذ‬ ‫هذا التوجه‪ ،‬كالبطء في التسليم‪ ،‬عدم إمكانية االعتماد‬ ‫على قواعد البيانات المستخدمة‪ ،‬وانعدام التكامل مع‬ ‫برامج الدولة األخرى‪ ،‬تشير إلى الحاجة إلى اتخاذ تدابير‬ ‫تنفيذية قوية وإلى تخطيط شامل‪.‬‬ ‫بالتطرق إل��ى العنصر ال��ث��ال��ث م��ن جبر ال��ض��رر‪،‬‬ ‫التعويض‪ ،‬فإننا نرى‪ ،‬مجددا‪ ،‬أشكاال مختلفة تهدف‬ ‫للتعامل مع حاالت محددة‪ .‬فالتعويض عن خسارة الملك‬ ‫وعن التشرد يمكن أن يتخذ شكل دفعات نقدية‪ ،‬أو‬ ‫توفير قسائم أو تخصيص السندات‪ .‬لكن هذه األشكال‬ ‫ذاتها تخضع ألنواع مختلفة من التقييمات‪ .‬بعضها‬ ‫(قليل جدا) يعطي القيمة الكاملة وفقا [لسعر] السوق‪،‬‬ ‫والبعض اآلخر نسبي‪ ،‬يعرض بعض من قيمة العقار‬ ‫بالنظر إلى تاريخ نزع الملكية وإضافة قيمة التضخم‪.‬‬ ‫والبعض اآلخر يعرض تقييمات للسعر وفقا لتواريخ‬ ‫متأخرة عن تاريخ نزع الملكية‪ .‬وباإلضافة إلى ما سبق‪،‬‬ ‫ف��إن طريقة الدفع تتنوع بشكل كبير‪ .‬ففي بعض‬

‫الحاالت يتم دفع مبلغ مقطوع للدولة بهدف تخصيصه‬ ‫لألفراد أو الجماعات أو البرامج‪ .‬وفي حاالت أخرى يتم‬ ‫إنشاء صندوق دعم‪/‬تعويض يكون على الفئات واألفراد‬ ‫التقدم بطلباتهم إليه‪ .‬إننا بحاجة لالعتراف بإن اإلطار‬ ‫الفردي من التعويض عن الخسائر في الممتلكات قد‬ ‫يستنسخ التفاوت المادي الذي قائما من ذي قبل ويؤدي‬ ‫إلى اختالل في التساوي؛ فمثال‪ ،‬سنجد أن المالك الثريا‬ ‫في السابق سيتلقى أكثر بكثير من مجرد من كان عامال‬ ‫معدما سابقا‪ .‬وهذا ما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات‬ ‫الداخلية داخل مجتمع المشردين ويضر بعملية إعادة‬ ‫بناء الدولة‪.‬‬ ‫«إن حقوق الالجئين وغيرهم م��ن المهجرين ال‬ ‫تتقلص بالضرورة بمرور الوقت‪ ،‬لكن حقوق الحائزين‬ ‫الالحقين تتنامى بانقضاء الوقت‪ ،‬وما يتخلله من وتناقل‬ ‫الملكية بتعاقب األجيال»‬ ‫أخيرا‪ ،‬فإننا نالحظ‪ ،‬من خالل الحاالت قيد الدراسة‪،‬‬ ‫وجود اليسير من األمثلة التي تمكن فيها الالجئ أو‬ ‫المجتمع الذي تم اقتالعه بالقوة‪ ،‬من الحصول على حرية‬ ‫انتقاء خيار من بين خيارات عدة‪ .‬ففي معظم الحاالت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تم افتراض أن «االستعادة» هي الخيار المفضل وأن‬ ‫التعويض النقدي (وال��ذي يكون ع��ادة أقل من سعر‬ ‫السوق) ُيعرض حين تنعدم إمكانية اعادة الحالة الى‬ ‫ما كانت عليه‪ .‬في المثال القبرصي‪ ،‬تم إعطاء الحائزين‬ ‫الالحقين الذين هم أنفسهم المطالبين المشردين عن‬ ‫الممتلكات خيارات محدودة في العودة إلى ممتلكاتهم‬ ‫األصلية أو اختيارهم حق تملك ممتلكاتهم الحالية‪.‬‬ ‫وفي مرحلة ما بعد الشيوعية في أوروبا‪ ،‬تم منح بعض‬ ‫المطالبين الخيار بين استعادة الملك المفقود أو تلقي‬ ‫تعويضات عنه‪ .‬وفي جنوب إفريقيا‪ ،‬فإن الخيارات كانت‬ ‫محدودة بحكم كون المفاوضات بشأن التعويض تتطلب‬ ‫مشاركة جميع األطراف التي تسببت في صعوبة التوصل‬ ‫إلى اتفاق‪ ،‬ونتيجة لذلك تم اختيار التعويض من أجل‬ ‫تجنب الوصول إلى طريق مسدود‪ .‬ومن الواضح أيضا من‬ ‫دراسة الحاالت أنه حتى عندما يكون االسترداد ممكنا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فإن العديد من المطالبين يفضلون بيع العقار بدال من‬ ‫العودة إليه‪ .‬وذلك ربما بسبب التغيرات الديموغرافية‬ ‫التي حدثت في محيط العقار‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هنالك ّ‬ ‫كما‬ ‫ّ‬ ‫التوجه «الناعم» في القانون الدولي والذي‬ ‫متزايدا في‬ ‫يضع مسألة خيار الالجئين في طليعة مفاوضات السالم‬ ‫ويفترض دورا لمسألة ممتلكات النازحين‪.‬‬ ‫لتلخيص هذا االستعراض الموجز وربطه بالحالة‬

‫الفلسطينية‪ ،‬أقول أن إجراء دراسة مقارنة لحاالت جبر‬ ‫الضرر سيجلب كال من األخبار الجيدة والسيئة‪ .‬إن األخبار‬ ‫السيئة تكمن في أن االستعادة العينية تحدث‪ ،‬ولكنها‬ ‫ستحدث فقط في ح��االت محدودة‪ .‬فعادة االسترداد‬ ‫الكامل يحصل في فترة مبكرة بعد وق��وع التهجير‬ ‫القسري وع��ادة يحتاج إل��ى تدخل خارجي ق��وي لكي‬ ‫يدعمها‪ .‬والبوسنة والهرسك باإلضافة إلى كوسوفو هما‬ ‫مثاالن رئيسيان على األمر‪ .‬بينما‪ ،‬وبالنظر إلى الحاالت‬ ‫التي تمت دراستها‪ ،‬فإن حقوق الالجئين وغيرهم من‬ ‫المشردين لفترات طويلة رغم انها ال تتناقص بالضرورة‪،‬‬ ‫لكن وكما يبدو أن حقوق الحائزين الالحقين تطفو‬ ‫وتزداد بمرور الوقت على العقار‪ ،‬ومع انتقال العقار إلى‬ ‫األجيال المتعاقبة‪ .‬وبالتالي فإن حقوق الالجئين ستبقى‬ ‫على حالها‪ ،‬لكنها ال تعود الحقوق الوحيدة التي ينبغي‬ ‫أن تؤخذ بعين االعتبار‪.‬‬ ‫أما األخبار السارة فتنطوي على جوانب ثالثة‪ :‬أوال‪ ،‬في‬ ‫حين أن العديد من جوانب قضية الالجئين الفلسطينيين‬ ‫هي فريدة من نوعها‪ ،‬إال أنها من هذه الزاوية [زاوية جبر‬ ‫الضرر] ليست كذلك‪ .‬فحق الحصول على التعويض‬ ‫واستعادة الممتلكات هو موضوع يتشابه مع العديد‬ ‫من حاالت النزوح القسري‪ .‬ليس الفلسطينيون معادين‬ ‫للسامية أو متطرفين بسبب سعيهم إلى جبر الضرر‪ :‬إن‬ ‫مطلبهم هذا هو مطلب طبيعي ومفهوم من جانب أناس‬ ‫قد تم انتزاع ملكيتهم‪ .‬والجانب الثاني هو أنه إذا برزت‬ ‫حقوق الحائزين الالحقين كعقبة رئيسية في استرداد‬ ‫الممتلكات‪ ،‬السيما في ح��االت الالجئين التي طال‬ ‫أمدها كحالة الفلسطينيين‪ ،‬فاألمر ال ينبغي أن ينطبق‬ ‫على الممتلكات التي بقيت فارغة ومهجورة‪ ،‬او قابلة‬ ‫لالسترداد‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فإن طرح الدكتور سلمان‬ ‫أبو ستة حول كون ‪ %70‬من الممتلكات الفلسطينية في‬ ‫إسرائيل ما زالت خاوية تتطلب إثباتا مقنعا‪ 4.‬وثالثا‪ ،‬أدت‬ ‫تجربة المجتمع الدولي في االعتراف بطلبات جبر الضرر‬ ‫إلى مجموعة من األشكال المبتكرة من التعويضات والتي‬ ‫ثبت أنها مقبولة على النازحين‪ .‬ونادرا ما أنجزت [هذه‬ ‫األشكال] حال مثاليا لكنها حققت قدرا من الرضى‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن اتفاقات السالم نادرا ما أدمجت‬ ‫حقوق األشخاص المتضررين من النزاع بقدر ما عكست‬ ‫أكثر ميزان القوى بين األطراف الرئيسية وقت التوقيع‪.‬‬ ‫*مايك دمبر‪ :‬بروفيسور في دراسات الشرق األوسط في جامعة إكستر‪،‬‬ ‫المملكة المتحدة‪.‬‬


‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫‪17‬‬

‫أهالي كفر برعم المهجرة يعلنون عودتهم‬ ‫إعداد‪ :‬طاقم مركز بديل‬ ‫تم تهجير قرية كفر برعم الجليلية على أيدي قوات‬ ‫االحتالل الصهيوني ضمن عملية «حيرام» العسكرية‪،‬‬ ‫والتي ابتدئت بعد مضي ثالثة أشهر على إقامة الدولة‬ ‫العبرية‪ ،‬وذلك من أجل احتالل قرى منطقة «الجيب‬ ‫العربي» الواقعة في الجليل األعلى‪ .‬عندما وصل جيش‬ ‫االحتالل إلى قرية كفر برعم في تشرين ثاني من عام‬ ‫‪ 1948‬أمر قائد المنطقة السكان مغادرة القرية لمدة‬ ‫أسبوعين والتوجه لمسافة ‪ 5‬كيلومترات شماال باتجاه‬ ‫الحدود اللبنانية‪ .‬لجأ قسم من أهالي القرية إلى كرومهم‬ ‫وحقولهم المجاورة منتظرين العودة‪ ،‬أما القسم األخر‬ ‫فقد لجأ إلى قرى الجنوب اللبناني‪ ،‬حيث انتقل األولون‪،‬‬ ‫بعد طول انتظار واستشهاد سبعة من أطفالهم نتيجة‬ ‫البرد والجوع إلى قرية الجش المجاورة‪ ،‬وقطنوا البيوت‬ ‫الخالية التي تعود ملكيتها ألهالي قرية الجش الذين‬ ‫هجر قسم منهم إلى لبنان فيما استمر لجوء من وصل‬ ‫لبنان من أهل كفر برعم حتى اليوم‪ ،‬وبشكل مركز في‬ ‫مخيم ضبية‪.‬‬ ‫تبعًا لعملية االقتالع التي تعرضوا لها‪ ،‬قام مهجرو‬ ‫كفر برعم الذين بقوا في بالدهم بتنظيم أنفسهم‬ ‫وتشكيل لجنة تقود نضالهم للعودة إلى ديارهم‪ ،‬والتي‬ ‫توجهت بدورها إلى منبر القضاء اإلسرائيلي تطالب‬ ‫بعودة األهالي إلى قريتهم‪ .‬في هذه المرحلة من تجربة‬ ‫نكبة كفر برعم‪ ،‬جاء قرار المحكمة الصادر في العام‪،1951‬‬ ‫والذي يعترف بحق السكان بالعودة إلى قريتهم منوطا‬ ‫بموجب تصريح خاص من الحاكم العسكري‪ ،‬األمر الذي‬ ‫لم يتم حتى اليوم‪ ،‬وبحسبه ما زال سكان كفر برعم‬ ‫مهجرين داخل وطنهم حتى اللحظة‪.‬‬ ‫يكتف االحتالل بتهجير السكان‪ ،‬بل تجاوز‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫ذلك إلى خلق واقع يحول دون أية محاولة للعودة إلى‬ ‫المكان (القرية)‪ ،‬وقد قامت قوات االحتالل بهدم القرية‬ ‫َ‬ ‫بقصفها جويا في العام ‪ ،1953‬ولم يبق على حاله من‬ ‫القرية سوى كنيستها وسط أطالل ردم البيوت‪.‬‬ ‫لم يخضع مهجرو كفر برعم على مر سنوات التهجير‪،‬‬ ‫بل اتخذوا أشكاال مختلفة من النضال؛ كاالعتصام في‬ ‫القرية‪ ،‬ترميم المقبرة ودف��ن موتاهم فيها‪ ،‬ترميم‬ ‫الكنيسة وإجراء الطقوس الدينية فيها‪ ،‬تنظيم وإقامة‬

‫مخيمات صيفية ومخيمات عمل تطوعي وغيرها‪ .‬مع‬ ‫بداية ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬أقام عدد من شباب‬ ‫الجيل الثاني للنكبة حركة «العودة»‪ -‬شباب كفر برعم‬ ‫التقدميون‪ ،‬والتي شرعت بتنظيم مخيمات صيفية على‬ ‫أرض القرية المهجرة ألبناء الجيل الثالث من مهجري‬ ‫القرية‪ .‬اليوم‪ ،‬تنظم هذه الفعاليات لنفس الغاية ولكن‬ ‫ألبناء وبنات الجيل الرابع للتهجير‪.‬‬ ‫مخيمات العودة ال مخيمات للجوء‪:‬‬ ‫حاليا تنظم المخيمات الصيفية كمخيمات عودة‬ ‫ال مخيمات لجوء‪ .‬تتضمن فعالية المخيم العديد من‬ ‫الفعاليات التعليمية والدعوية‪ :‬السياسية واالجتماعية‬ ‫والترفيهية‪ .‬يمكث خ�لال المخيم بضعة مئات من‬ ‫المهجرين‪ ،‬والذين يعيشون اليوم في قرية الجش‬ ‫المجاورة‪ ،‬وحيفا‪ ،‬وعكا‪ ،‬والمكر‪ ،‬والناصرة‪ ،‬والقدس‬ ‫وغيرها‪ ،‬على أرض بلدتهم المسلوبة لمدة أسبوع‪ ،‬في‬ ‫مسعى منهم إلحياء وصيانة النسيج االجتماعي للقرية‪،‬‬ ‫والذي كان عرضة للشرذمة على مدار العقود الست منذ‬ ‫اقتالعهم‪ .‬كما ويتم التواصل مع بقية األهالي ممن‬ ‫أصبحوا الجئين في لبنان‪ .‬ما زال يقام هذا المخيم‬ ‫وكذلك مخيم العمل التطوعي اللذان تنظمهما حركة‬ ‫العودة بشكل مستمر كل عام‪ .‬وفي العام ‪ 2009‬عقد‬ ‫البراعمة (اهل كفر برعم) انتخابات ديمقراطية النتخاب‬ ‫لجنة تمثل أهالي القرية‪ ،‬حيث اشترك في هذه‬ ‫االنتخابات نحو ‪ 1400‬شخص والذين يشكلون ‪ %73‬من‬ ‫ذوي حق االنتخاب الموجودين في البالد‪ .‬شكلت هذه‬ ‫العملية الديموقراطية الفريدة من نوعها انجازا بحد‬ ‫ذاته‪ ،‬وبهذا استطاع أهالي البلد‪ ،‬وبالرغم من الصعوبات‪،‬‬ ‫إج��راء انتخابات لقرية مهجرة والتي ينتشر أهلها‬ ‫مشتتين مرغمين في أماكن شتى في البالد‪.‬‬ ‫وجاء مخيم عودة البراعم لهذا العام (‪ )2013‬متضمنًا‬ ‫جملة من الفعاليات التثقيفية المتعلقة بتاريخ القرية‬ ‫ونضاالت أهلها في سبيل تحقيق العودة‪ ،‬إضافة ألنشطة‬ ‫هدفت إلى إحياء التواصل مع أهل القرية في الشتات‪،‬‬ ‫وذلك عبر كتابة الرسائل باالرتكاز لتقنيات التواصل‬ ‫االجتماعي الحديثة‪ .‬كما قام المشاركون باالنخراط في‬

‫جوالت تثقيفية عنيت بتوضيح الشكل الذي كانت عليه‬ ‫القرية وتفاصيل الحياة في المكان قبل النكبة‪ .‬وكذلك‬ ‫توفرت الفرصة للمشاركين بان يشاركوا بورشات فنية‬ ‫عديدة منها ما هو حول تقنيات التصوير والتوثيق‪ .‬هذا‬ ‫إلى جانب النقاشات والمداخالت حول القضايا السياسية‬ ‫واالجتماعية المتعلقة بحياة الشباب الفلسطيني‪ .‬إضافة‬ ‫إلى ذلك؛ فقد تخلل المخيم أمسيات ثقافية وفنية حيث‬ ‫تم عرض مسرحية‪« :‬ظريف» لمسرح السيرة‪ ،‬ومسرحية‪:‬‬ ‫«التغريبة» لمسرح الميدان‪ ،‬كما وتم تقديم عروض‬ ‫غنائية للموسيقى الملتزمة والبديلة قدمتها جوقة‬ ‫«سراج» باإلضافة إلى فقرات فنية ساخرة وناقدة‪.‬‬ ‫الجديد في تجربة البراعمة‪:‬‬ ‫مع اختتام مخيم عودة البراعم الرابع والعشرين هذه‬ ‫السنة‪ ،‬في العاشر من آب ‪ ،2013‬قرر أهالي القرية إعالن‬ ‫عودتهم والبقاء على أرض القرية حتى أجل غير محدود‪-‬‬ ‫حتى العودة‪ .‬كما وتم اإلعالن الرسمي من قبل خادم‬ ‫رعية كفر برعم بعد ذلك بأسبوع‪ .‬ال يزال أهالي البلدة من‬ ‫جميع األجيال وخاصة الشباب يتناوبون على التواجد‬ ‫في البلد (في محيط الكنيسة)‪ ،‬كما وبدأ المتواجدون‬ ‫واألهالي عامة بتنظيم أمورهم اليومية ووضع برنامج‬ ‫للعمل‪ ،‬وعقد اللقاءات والحوارات وفعاليات متنوعة‬ ‫أخرى‪ ،‬بهدف استغالل التواجد الدائم في البلد لرفع‬ ‫المزيد من الوعي حول القضية‪ ،‬ولتأكيد حق األهالي‬ ‫في ممارسة عودتهم‪ ،‬حيث يتم االلتقاء بناشطين‬ ‫ومتضامنين آخرين من كافة أنحاء البالد إلى جانب‬ ‫مجموعات شبابية أخرى من مهجري الداخل كشباب‬ ‫قرية اقرث وغيرهم‪.‬‬ ‫عينا جدي ترافقاني حتى العودة‪:‬‬ ‫تقول أسيل أبو وردة وهي إحدى العائدات المقيمات‬ ‫في كفر برعم‪:‬‬ ‫لقد أعلنا عودتنا إلى قريتنا كفر برعم‪ ،‬ألنها حق‬ ‫مسلوب قد توارثناه من جدودنا‪ .‬عودتنا إلى القرية هي‬ ‫استمرارية لنضال جدي‪ ،‬وجد كل مقيم أو مقيمة في‬ ‫القرية اليوم‪ .‬العودة هي رواي��ة شخصية لكل واحد‬

‫وواحدة‪ ‬منا حملناها على أكتافنا‪ ‬لتثبيت جذورنا هنا‪.‬‬ ‫إن عودتي هنا‪ ‬هي لتذكير السلطات واﻹعالم اإلسرائيلي‬ ‫والغربي بأنهم يوما ما قهروا شعبا كامال‪ ،‬ونحن جزء من‬ ‫هذا الشعب الذي حاولوا نزعنا منه‪ ،‬لن أنسى عيني جدي‬ ‫ولسوف ترافقني عيناه حتى العودة‪ ،‬ورغم عدم وجوده‬ ‫معنا اليوم تبقى عيناه بوصلة‪ ...‬وبعودتي أشفي جرحه‪.‬‬ ‫العودة حالة رفض للموت وتجسيد للهوية‪:‬‬ ‫في وصفه لحالة العودة كفعل‪ ،‬يقول الناشط جورج‬ ‫غنطوس‪ ،‬احد العائدين ومن منظمي المخيم في كفر‬ ‫برعم‪:‬‬ ‫ان ما نشهده في كفر برعم ونعيشه هو تعبير عن‬ ‫الروح الحية ألبناء فلسطين وتجسيد لها يتمثل في‬ ‫إعادة الوصل مع األرض والمكان‪ ...‬المطالبة هي مطالبة‬ ‫من الذات بالعيش بكرامة‪ ...‬وهي رفض للموت المتمثل‬ ‫بخيبة األمل وقوى الجهاز‪ ...‬أبناء برعم عملوا بجد من سنين‬ ‫طويلة على إعادة بناء هويتهم المحلية وطرقوا أبوابا‬ ‫عديدة وثابروا على ارض قريتهم‪ ،‬واليوم نقطف ثمار‬ ‫االستمرارية؛ فنرى شبابا يانعا يعمل بجد وبكل إخالص‬ ‫وينسج من جديد مجتمعا نضاليا‪ ...‬الشعلة األخيرة أتت‬ ‫من شباب اقرث الذين ومن خالل التواصل المستمر قووا‬ ‫خفقان الدم في العروق‪ .‬نحن أبناء فلسطين وجنوب‬ ‫لبنان والشام على وعد مع الحق والحرية‪ ،‬نسعى الن أن‬ ‫يتطور الفعل ليصبح حالة نضالية راسخة الجذور في‬ ‫األرض عامة لكل المضطهدين‪ ...‬نخص بالذكر منهم‬ ‫أهلنا في كل المخيمات والشتات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ال��ظ��اه��ر والمعلوم أن ه��ذه ال��خ��ط��وة ل��م تلق‬ ‫استحسان السلطات اإلسرائيلية‪ ،‬اذ قامت سلطة‬ ‫األراض��ي في اسرائيل في الحادي والعشرين من‬ ‫آب‪ ،‬بعد ‪ 11‬يوم من العودة وإعالنها‪ ،‬بتعليق إنذار‬ ‫إخالء للمنطقة التي يخيم بها العائدون‪ ،‬مما يدفع‬ ‫األهالي اليوم إلى صب االهتمام باتجاه دراسة كيفية‬ ‫التصدي لهذا التصعيد من جانب سلطات االحتالل‪،‬‬ ‫مع العلم واليقين بأن أهل البلد يؤكدون انه ال مجال‬ ‫للتراجع عن مشروع العودة والتواجد الدائم في كفر‬ ‫برعم‪ -‬حاضنة الروح والهوية!‬

‫الشباب العائدين يجهزون مكان إقامتهم في المخيم (تصوير‪ :‬طوني أيوب)‬ ‫العائدون إلى كفر برعم يتناولون وجبة الغداء‬ ‫(تصوير‪ :‬طوني أيوب)‬

‫إحدى األمسيات الثقافية ضمن نشاطات مخيم العودة (تصوير‪ :‬طوني أيوب)‬

‫إنذار اإلخالء للمنطقة وضعته دائرة أراضي إسرائيل لطرد الالجئين العائدين من المنطقة (تصوير‪ :‬طوني أيوب)‬


‫‪18‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫شهادات حية على االقتالع والمقاومة‬ ‫إعداد‪ :‬حليمة العبيدية* ووسيم غنطوس**‬ ‫خالل العام الماضي‪ ،‬قام مركز بديل بإجراء أكثر من‬ ‫‪ 60‬مقابلة مع الضحايا الفلسطينيين للتهجير القسري‬ ‫االسرائيلي‪ ،‬وقد كانت هذه المقابالت جزءا أساسيا من‬ ‫الدليل القانوني الذي اصدره مركز بديل في وقت سابق‬ ‫من هذا العام‪ .‬في هذا القسم من جريدة حق العودة‪،‬‬ ‫نقدم لكم ملخصا لشهادتين حيتين حول الترحيل‬ ‫والمقاومة‪ .‬إننا نأمل أن تسلط هذه المقابالت الضوء على‬ ‫األبعاد اإلنسانية لتهجير السكان القسري‪ ،‬وهي مسألة‬ ‫كثيرا ما تقع في إطار التوصيف الجاف‪ ،‬واللغة القانونية‬ ‫ّ‬ ‫المترفعة‪.‬‬ ‫بيت صفافا‪ :‬تفكيك قرية وتدمير حياة!‬ ‫ملخص المقابلة مع عالء سلمان‪ ،‬أحد سكان قرية بيت صفافا‬ ‫في آذار ‪ ،1990‬فوجئ أهالي بيت صفافا لمرأى شاحنات‬ ‫وجرافات بلدية القدس وهي تقوم بتجريف أراضيهم‬ ‫من األشجار والمزروعات واآلبار وكل ما كان عليها من دون‬ ‫أي إنذار مسبق‪ .‬زعمت البلدية في ذلك الوقت أن مصادرة‬ ‫األراضي قد تمت بهدف شق الطرق التي ستكون في‬ ‫خدمة أهالي بيت صفافا والمستوطنين‪ ،‬ولكن ما كشف‬ ‫عنه الحقا هو اعتزامها شق الطريق رقم ‪( 50‬والمعروف‬ ‫بـالطريق السريع على اسم بيغن)‪ ،‬وهو يتكون من ثالثة‬ ‫مسارات لكل اتجاه‪ .‬وأن هذا اإلنشاء سيشمل‪ :‬طرقا‪،‬‬ ‫وجسرا‪ ،‬وجدرانا تستهلك ‪ 234‬دونما من أراضي القرية‪.‬‬ ‫وبهذا‪ ،‬فإن البلدية تقوم بشكل فعال بتحويل القرية‬ ‫إلى طريق التفافي لمستوطني غوش عتصيون عبر منح‬ ‫المستوطنين طريقا سهلة للمرور إلى مركز القدس‬ ‫(وأيضا إلى تل أبيب)‪ .‬ولسوف ينجم عن شق هذا الشارع‬ ‫المزمع إقامته‪ ،‬تقسيم القرية إلى أربعة أجزاء مفصولة‬ ‫عن بعضها‪.‬‬ ‫سيكون لشق ه��ذا ال��ش��ارع ع��واق��ب وخيمة على‬ ‫سكان بيت صفافا‪ ،‬حيث أنه سيتكفل بتمزيق النسيج‬ ‫االجتماعي للمجتمع من خالل فصل الناس عن بعضهم‬ ‫البعض‪ ،‬وعن مدارسهم وأعمالهم‪ .‬لن يتمكن األطفال من‬ ‫الوصول إلى المدارس التي تبعد حاليا مسافة دقائق عن‬ ‫منازلهم‪ ،‬وبدال من ذلك فسيكونون مضطرين إلى سلوك‬ ‫طرق التفافية طويلة إليها‪ ،‬وهي طريق ال تمر فيها‬ ‫السيارات أو المواصالت العمومية‪ -‬بينما سيترتب عليهم‬ ‫عبور شارع سريع مكون من ثالثة مسارات‪ .‬وعالوة على‬ ‫ذلك‪ ،‬ستتضرر عملية االنتقال بين طرفي القرية بشكل‬ ‫خطير‪ .‬وسيضطر الجيران واألق��ارب واألصدقاء الذين‬ ‫يعيشون اآلن على مسافة قريبة من بعضهم البعض‬ ‫إلى سلوك طرق طويلة نحو الطريق السريع‪ .‬وسيترتب‪،‬‬ ‫باالضافة إلى ذلك‪ ،‬تقطيع أوصال الحياة االجتماعية في‬ ‫القرية‪ ،‬إن شق الطريق وفقا للمخططات الحالية سيعيق‬ ‫االستمرارية‪ ،‬سواء أكانت حالية أو مستقبلية‪ ،‬االستمرارية‬ ‫في الحياة في بيت صفافا‪ ،‬وذلك ألن المصادرة الواسعة‬ ‫ألراضي القرويين ستتسبب أيضا في عدم توفر مساحات‬ ‫للتوسع من أراضي القرية مما سيدفع باألزواج الشابة إلى‬ ‫البحث عن سبل المعيشة في أمكنة أخرى‪.‬‬ ‫قبل التماسه إلى المحكمة‪ ،‬عقد مجلس محلي بيت‬ ‫صفافا اجتماعا مشتركا مع بلدية القدس‪ .‬وقد اعترض‬ ‫محمد عليان‪ ،‬مختار القرية‪ ،‬على مخطط البلدية استنادا‬ ‫إلى حقيقة أنه لم يتم إبالغ أهالي بيت صفافا بالخطة‬ ‫حسب األصول‪ .‬وقد ردت البلدية في ‪ 27‬كانون أول ‪،2010‬‬ ‫بأنه كان هنالك أمام البلدية متسعا من الوقت إلعالم‬ ‫أهالي القرية قبل المباشرة في أعمال الشق‪ .‬في ‪28‬‬ ‫أيلول ‪ ،2012‬اجتمع سكان القرية مع رئيس بلدية القدس‬ ‫ومهندسيها وغيرهم من المسؤولين‪ ،‬وقد عرضوا فكرة‬ ‫شق نفق تحت الطريق السريع من أجل إتاحة الطريق‬ ‫إلى القرية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وألن جميع المفاوضات مع البلدية‬ ‫لم تسفر عن نتائج‪ ،‬قرر سكان القرية استئجار خدمات‬ ‫ّ‬ ‫مفصلة مختلفة‬ ‫مهندس قام بوضع ثالثة مخططات‬ ‫بديلة لمخططات البلدية تخفف األضرار بشكل جدي‪.‬‬

‫جانب من أعمال البناء‪ ،‬شارع ‪( 50‬بيغن)‪ ،‬بيت صفافا‪ ،‬شباط ‪( ٢٠١٣‬تصوير مركز بديل)‬

‫وقد قدمت هذه المخططات إلى البلدية‪ .‬وحين تم رفض‬ ‫المخططات الثالث‪ ،‬قرر سكان بيت صفافا االلتماس إلى‬ ‫المحكمة في محاولة إلجهاض هذه الخطة‪.‬‬ ‫قرر سكان بيت صفافا التظلم عبر مناشدة إدارية‬ ‫إلى المحكمة اللوائية‪ .‬وقد طالب المحامي بإلغاء أذونات‬ ‫شق الطريق السريع وكذلك بقيام البلدية بوضع خطة‬ ‫مفصلة‪ .‬وال تزال هذه القضية قائمة‪ ،‬وينبغي أن يتم‬ ‫اتخاذ قرار في القريب حول ما إذا كان سيتم قبول الطعن‬ ‫وتجميد أعمال البناء إلى أن يقدم مخطط تفصيلي‪ ،‬أو ما‬ ‫إذا كان االستئناف سيرفض‪ .‬ويعتزم السكان اللجوء إلى‬ ‫المحكمة العليا في حال تم رد االستئناف‪.‬‬ ‫إنه من المهم التنويه إلى أن تصرف البلدية في‬ ‫قضية بيت صفافا يعتبر غير قانوني وفقا ألنظمة‬ ‫البلدية الخاصة‪ .‬فهذه األنظمة‪ ،‬بداية‪ ،‬تمنح السكان‬ ‫حق االعتراض على خطط البلدية‪ .‬ول��ذا‪ ،‬فإنها ملزمة‬ ‫بنشر المخططات التفصيلية علنا‪ .‬وكون األمر لم يحدث‬ ‫في حالة بيت صفافا‪ ،‬جعل من المستحيل على السكان‬ ‫تقديم اعتراضاتهم على الطريق‪ .‬وثانيا‪ ،‬كون سكان‬ ‫بيت صفافا ال يستفيدون من المشروع المذكور ألنهم لن‬ ‫يتمكنوا من الوصول إلى الطريق التي سيتم شقها على‬ ‫أراضيهم الخاصة‪ ،‬والتي ستمر وسط قريتهم‪ .‬وثالثا‪،‬‬ ‫فإن هذه الطريق المخطط لها ستكون شارعا سريعا‪،‬‬

‫بعكس إعالنات البلدية السابقة‪ .‬وأخيرا‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫أن السكان لن يكونوا قادرين على استخدام الطريق‪ ،‬فقد‬ ‫فشلت البلدية في تقديم حلول بديلة للسكان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالترافق مع المسار القانوني‪ ،‬يتبع سكان بيت صفافا‬ ‫أشكاال مختلفة من المقاومة لهذا المشروع‪ .‬فقد أنشئت‬ ‫لهذا الهدف لجنة شعبية لدعم اإلج��راءات القانونية‬ ‫وكذلك لتنظيم مظاهرات ضد الطريق رقم ‪ .50‬وتقام‬ ‫هذه النشاطات داخل القرية‪ ،‬وأم��ام البلدية‪ ،‬كما في‬ ‫أماكن أخرى‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬وفي مظاهرة نظمت‬ ‫في ‪ 22‬كانون ثاني ‪ 2013‬خرج ‪ 1,000‬من المتظاهرين‬ ‫لدعم بيت صفافا‪ ،‬وق��د ك��ان لألمر أث��را عظيما على‬ ‫المواطنين‪ .‬وقد شاركت اللجنة الشعبية أيضا في نصب‬ ‫خيمة احتجاج حيث كان سكان القرية والصحفيين‬ ‫ومجموعات التضامن وممثلي المنظمات يناقشون علنا‬ ‫قضية الشارع السريع‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬قام السكان‬ ‫بإغالق المدارس في القرية كرفض للدعم غير الالئق‬ ‫المقدم لها باعتبارها مؤسسة تابعة للبلدية‪ .‬وقد تم‬ ‫الضغط أيضا على شركة «موريا» اإلنشائية وذلك عبر منع‬ ‫وعرقلة آلياتها‪ ،‬باإلضافة إلى استخدام وسائل االعالم‬ ‫االجتماعية‪ ،‬واألنشطة التكتيكية مثل إرس��ال مئات‬ ‫الفاكسات ورسائل البريد اإللكتروني للبلدية‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫فقد بذلت جهود أهم لرفع مستوى الوعي بين سكان‬

‫جانب من أعمال البناء‪ ،‬شارع ‪( 50‬بيغن)‪ ،‬بيت صفافا‪ ،‬شباط ‪( ٢٠١٣‬تصوير مركز بديل)‬

‫بيت صفافا‪ ،‬ومعظمهم لم يكن لديهم أدنى فكرة عن‬ ‫العواقب الحقيقية لشق الطريق السريع‪.‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬تلقى القرويون أيضا المساعدة والدعم من‬ ‫الجمعيات والمنظمات المختلفة مثل «بمكوم» و «عير‬ ‫عميم»‪ .‬وقد أرسلت لجنة القرية الشعبية رسالة رسمية‬ ‫إلى السلطة الوطنية الفلسطينية للمطالبة بدعمها فيما‬ ‫يتعلق بالنفقات القانونية ونفقات األنشطة األخرى‪ ،‬ولم‬ ‫تتلق اللجنة أي رد إلى اآلن‪.‬‬ ‫سوسيا‪ :‬تهجير بال هوادة!‬ ‫تلخيص مقابلة مع ناصر نواجعة‪ ،‬أحد سكان سوسيا‬ ‫تتكون قرية سوسيا اليوم‪ ،‬وهي القرية الواقعة‬ ‫على تالل الخليل الجنوبية‪ ،‬من ‪ 45‬عائلة أو ‪ 339‬نسمة‪،‬‬ ‫ستون في المئة منهم من األطفال‪ .‬إن عدد السكان‬ ‫يتزايد على ّ‬ ‫مر السنين عادة‪ ،‬ولكن‪ ،‬ولألسف‪ ،‬في حالة‬ ‫سوسيا‪ ،‬فإن األرقام آخذة في التناقص‪ .‬تناقص السكان‬ ‫في قرية سوسيا ينتج عن فقدان األراضي‪ ،‬حيث يجري‬ ‫السطو على األراضي تحت المزاعم اإلسرائيلية بأن األرض‬ ‫هي «أراضي دولة» أو باعتبارها «مواقع أثرية» أو أنها ذات‬ ‫«أغراض ّ‬ ‫أمنية»‪ .‬والمشاكل اليومية‪ ،‬في هذه القرية التي‬ ‫كانت ذات يوم قرية رعوية‪ ،‬تشمل انعدام البنى التحتية‬ ‫األساسية‪ ،‬والعنف من قبل المستوطنين (وال��ذي بلغ‬ ‫ذروته بقتل ثالثة من سكان القرية)‪ ،‬ومنع الوصول إلى‬ ‫األراضي وهدم المنازل‪.‬‬ ‫تستمر ملحمة التشريد في سوسيا منذ ثالثة عقود‪،‬‬ ‫ففي العام ‪ 1983‬تم إنشاء مستوطنة سوسيا اليهودية‬ ‫اإلسرائيلية على أراض��ي القرية بعد إعالنها «أراضي‬ ‫دولة» إسرائيلية‪ .‬وفي العام ‪ 1986‬تم طرد سكان سوسيا‬ ‫الفلسطينيين بالقوة على يد الجيش اإلسرائيلي‪ ،‬فأعلنت‬ ‫اإلدارة المدنية اإلسرائيلية الموقع باعتباره «حديقة‬ ‫وطنية»‪ ،‬بادعاء وجود كنيس قديم فيها‪ .‬لكن إعالن هذا‬ ‫الموقع باعتباره أثريا‪ ،‬لم يمنع توطين اإلسرائيليين فيه‪،‬‬ ‫مما ينفي صحة ادعاءاتهم‪ .‬الفلسطينيون المطرودون‬ ‫من قريتهم حيث ادعي باثرية الموقع‪ ،‬اضطروا لالستقرار‬ ‫في أراضيهم الزراعية التي يعيشون فيها حتى يومنا‬ ‫هذا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنهم يواجهون باستمرار خطر الطرد‬ ‫الوشيك والتهجير‪.‬‬ ‫منذ بداية التسعينيات‪ ،‬كان سكان سوسيا عرضة‬ ‫لمخاطر التهجير وهدم المنازل المتكررة‪ ،‬ونظرا لرفض‬ ‫إسرائيل منحهم تصاريح بناء‪ ،‬فإنهم يضطرون إلى‬ ‫يتبع‬


‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫خيمة مجلس قروي سوسيا‪( ٢٠١٣ ،‬تصوير مركز بديل)‬

‫العيش في خيام من البالستيك والقماش‪ .‬لكن أماكن‬ ‫إقامتهم المؤقتة هذه أيضا لم تعد في مأمن من الهدم‬ ‫اإلسرائيلي‪ .‬ففي بدايات التسعينيات‪ ،‬واجهت القرية‬ ‫أوامر هدم الخيام‪ .‬وفي العام ‪ 2001‬وفي أعقاب مقتل‬ ‫أحد المستوطنين اإلسرائيليين في المنطقة‪ ،‬تم طرد‬ ‫سكان سوسيا من أراضيهم الزراعية وتدمير ممتلكاتهم‬ ‫ثانية على يد الجيش اإلسرائيلي‪ .‬وبعد رفع التماس إلى‬ ‫المحكمة العليا اإلسرائيلية‪ ،‬أصدرت أمرا مؤقتا يسمح‬ ‫لهم بالعودة إلى أراضيهم‪ ،‬لكنها حظرت إنشاء أي مبان‬ ‫جديدة في القرية‪.‬‬ ‫في عام ‪ّ 2004‬‬ ‫تقدم سكان سوسيا بطلب للحصول‬ ‫على تصاريح البناء للمباني القائمة في القرية من أجل‬ ‫منع أوامر الهدم الصادرة بحقهم‪ ،‬وقد ُرفضت جميع‬ ‫الطلبات من قبل اإلدارة المدنية اإلسرائيلية – وهو اسم‬ ‫مضلل لحقيقة كون اإلدارة في الواقع هي إدارة عسكرية‬ ‫إسرائيلية في األرض الفلسطينية المحتلة عام ‪.1967‬‬ ‫قامت السلطات اإلسرائيلية في عام ‪ 2011‬بهدم ‪14‬‬ ‫مبنى في القرية‪ ،‬بما في ذلك عشرة خيام سكنية‪ ،‬كما‬ ‫قامت بتسليم أوام��ر هدم لمبان إضافية بما في ذلك‬ ‫المدرسة وآبار المياه‪ .‬ما أدى إلى نزوح عدد من سكان‬ ‫ّ‬ ‫القرية الذين انتقلوا للعيش في بلدة يطا القريبة‪ .‬وبعد‬ ‫عام واح �د‪ ،‬قدمت منظمة إسرائيلية يمينية تسمى‬ ‫«ريغافيم» التماسا إلى المحكمة العليا اإلسرائيلية‬ ‫تطالب اإلدارة المدنية بتنفيذ أوام��ر الهدم الصادرة‬ ‫بحق مباني القرية بدعوى أن قرية سوسيا الفلسطينية‬ ‫هي غير قانونية‪ .‬وبعد بضعة أشهر‪ ،‬أصدرت السلطات‬ ‫اإلسرائيلية أوامر هدم ل‪ 58‬من المرافق‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫مدرسة سوسيا االبتدائية والعيادة الصحية‪ .‬وقد ذكرت‬ ‫اإلخطارات‪ ،‬أنها كانت تجديد ألوام��ر الهدم الصادرة‬ ‫أصال في سنوات التسعينيات‪ .‬وقد منح سكان سوسيا‬ ‫ثالثة أيام الستئناف األوامر من خالل مجلس التخطيط‬ ‫األعلى لإلدارة المدنية اإلسرائيلية‪ .‬وقد اعترض السكان‪،‬‬ ‫عبر تلك القنوات‪ ،‬على أوامر الهدم‪ ،‬وتم تقديم مخطط‬ ‫معماري رئيسي للقرية بمساعدة السلطة الفلسطينية‬ ‫ومنظمة بيمكوم‪ -‬على أمل الحصول على اعتراف رسمي‬ ‫بسوسيا كقرية سكنية‪ .‬ومؤخرا‪ ،‬منحت المحكمة العليا‬ ‫اإلدارة المدنية اإلسرائيلية م��دة ‪ 90‬يوما لمناقشة‬ ‫المخطط المعماري الذي ّ‬ ‫قدم في أيلول ‪ ،2012‬ولكن لم‬ ‫يتم الموافقة على المخطط أو رفضه بعد‪ .‬باإلضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬منح القاضي تمديدا لمدة ‪ 90‬يوما للسماح للدولة‬ ‫بإعداد المخطط المعماري الرئيسي للقسم الجنوبي من‬ ‫القرية والمسمى بـ (وادي الجحاش)‪.‬‬ ‫كان سكان سوسيا يملكون في األصل حوالي ‪10,000‬‬ ‫دونما‪ .‬وقد فقدوا في الثمانينيات األلف دونم األول‬ ‫لصالح إقامة مستوطنة سوسيا التي نشأت من معسكر‬ ‫الجيش اإلسرائيلي الذي ّ‬ ‫تطور إلى نقطة استيطانية‬ ‫تحولت في نهاية المطاف مستوطنة كاملة آخذة‬

‫في التوسع‪ .‬وبحلول العام ‪ ،2000‬كان سكان سوسيا‬ ‫الفلسطينيون قد جردوا من ملكية ما نسبته ‪ %80‬من‬ ‫أراضيهم تقريبا‪ .‬وبعد االنتفاضة الثانية والتهجير الذي‬ ‫أعقبها اكتشفوا أن بإمكانهم استخدام ‪ %30‬فقط من‬ ‫أراضيهم (واالستعمال هنا ال يعني الملكية)‪ .‬وكثيرا‬ ‫ما أص��درت اإلدارة المدنية أوام��ر عسكرية تحظر على‬ ‫الفلسطينيين واإلسرائيليين على حد سواء استخدام‬ ‫ل��دواع عسكرية‪ .‬ورغ��م ذل��ك‪ ،‬فإنه في حقيقة‬ ‫األرض‬ ‫ٍ‬ ‫األمر يحظر على الفلسطينيين الوصول إلى أراضيهم‬ ‫في حين يسمح للمستوطنين في الوصول إلى األرض‪،‬‬ ‫العمل فيها‪ ،‬وإقامة البؤر االستيطانية‪ .‬وبهذا‪ ،‬تقوم‬ ‫اإلدارة المدنية عبر توظيف والتالعب بالقوانين السارية‬ ‫واألوام��ر العسكرية الصادرة عنها بمنح المستوطنين‬ ‫حقوق ملكية تلك األراضي النهم يعملون فيها‪ ،‬بينما‬ ‫يجرد الفلسطينيون (الممنوعون من الوصول إليها بقوة‬ ‫الجيش) من حقوقهم فيها ألنهم ال يوفون بشروط‬ ‫المواظبة على استخدامها! وهنا يشار الى ان إسرائيل‬ ‫ّ‬ ‫تطبق القوانين العثمانية التي تنص على انتقال‬ ‫ملكية األرض إلى الدولة في حال لم يقم صاحب األرض‬ ‫باستصالح أرضه واستخدامها لعدد معين من السنوات‪.‬‬ ‫من أجل الحصول على تصريح لبناء منزل يحتاج‬ ‫الفلسطيني إلى إظهار وثائق تثبت ملكيته لألرض‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬وألن جميع أراضي سوسيا واقعة في المنطقة (ج)‪،‬‬ ‫فإن هذا يعني أن على الفلسطينيين أن يطلبوا هذه‬ ‫الوثائق من اإلدارة المدنية اإلسرائيلية‪ ،‬وهذا يعني أن‬ ‫على الفلسطينيين ّ‬ ‫تكبد رسوم تصل إلى ‪ 150‬شيكل‬ ‫(حوالي ‪ 40‬دوالر) لكل وثيقة‪ -‬وهي مصاريف باهظة‬ ‫بالنسبة لمعظم المزارعين في تلك المنطقة‪.‬‬ ‫وق��د وض��ع ناصر نواجعة إصبعه على المفارقة‬ ‫القاسية الكامنة في تعامل السياسة اإلسرائيلية مع‬ ‫الفلسطينيين في سوسيا بقوله‪:‬‬ ‫تستند طلبات الحصول على تراخيص بناء إلى قانون‬ ‫االنتداب البريطاني ‪ RJ/5‬والذي ينص على أنه يسمح‬ ‫ببناء ‪ 150‬مترا مربعا‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 30‬مترا مربعا إلنشاء‬ ‫بناء إليواء األغنام‪ .‬قمنا باستيفاء جميع المتطلبات‪ ،‬لكن‬ ‫طلباتنا قد رفضت ألسباب تعسفية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬ ‫قيل لنا بأن زرائب األغنام قريبة جدا من المنازل وهذا‬ ‫ليس صحيا على اإلط�لاق‪ ،‬ولهذا تم رفض الكثير من‬ ‫التصاريح‪ .‬إنهم قلقون على صحتنا‪ ،‬ولكن الواقع أنهم‬ ‫ال يكترثون لحقيقة أنننا نعيش من دون أي مصدر ماء‬ ‫بسبب إجراءاتهم المفروضة علينا‪ .‬كل ما في االمر‪ ،‬انهم‬ ‫يستخدمون الحجج التعسفية لمنعنا من الحصول على‬ ‫تصاريح البناء‪ .‬وقد قدمنا طلبات استصدار التصاريح‬ ‫أكثر من مرة‪ ،‬لكن طلباتنا قد تم رفضها دائما‪ ،‬إلى أن‬ ‫توقفنا عن المحاولة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بخصوص األشكال الحالية من المقاومة‪ ،‬يوضح ناصر‬ ‫نواجعة‪:‬‬

‫‪19‬‬

‫قرية سوسيا ‪( ٢٠١٣‬تصوير مركز بديل)‬

‫كانت الفترة األولى من التشرد والنضال ضده صعبة‬ ‫حقا‪ .‬كنا وحدنا‪ ،‬وكانت تكلفة اعداد المخطط الرئيسي‬ ‫باهظة‪ ،‬كما أننا لم نكن على دراية بالطرق التي يحاول‬ ‫االحتالل والمستوطنين من خاللها سرقة أرضنا وهدم‬ ‫منازلنا‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فقد رفعنا دعوى في المحكمة العليا‬ ‫ونحن نناضل بشتى الطرق بمساعدة المنظمات الخبيرة‬ ‫والنضال الشعبي‪ .‬إننا ننظم المظاهرات على األرض‪،‬‬

‫ونرسل عرائض إلى المسؤولين اإلسرائيليين للمطالبة‬ ‫بوقف تهجيرنا‪ ،‬ونستخدم بمساعدة آخرين حمالت‬ ‫اإلع�لام االجتماعي‪ ،‬وما إلى ذل��ك‪ ،‬على أمل أن ال ّ‬ ‫تقر‬ ‫المحكمة بتهجيرنا‪ ،‬وذلك رغم علمنا أن محكمة العدل‬ ‫العليا اإلسرائيلية هي محكمة لتشريع الظلم‪.‬‬ ‫* حليمة العبيدية‪ :‬باحثة ميدانية في مركز بديل‪.‬‬ ‫** وسيم غنطوس‪ :‬باحث ميداني في مركز بديل‪.‬‬

‫ً‬ ‫إنا هنا باقون‪ ،‬نحرس ظل التين والزيتون جيال فجيل‬

‫مركز بديل يعلن النتائج النهائية لبرنامج جائزة العودة السنوية‬ ‫للعام ‪ 2013‬في حقول الكاريكاتير والصورة الفوتوغرافية وقصص األطفال‬ ‫أعلن بديل‪/‬المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة والالجئين يوم األربعاء الموافق ‪-10‬تموز‪،2013-‬‬ ‫عن أسماء الفائزين‪/‬ات في جائزة العودة السنوية للعام ‪ 2013‬في الحقول التالية‪ :‬حقل قصص األطفال‪ ،‬حقل‬ ‫الصورة الفوتوغرافية‪ ،‬وحقل الكاريكاتير‪ ،‬وذلك استنادًا لمقررات لجان التحكيم المختصة بكل حقل بشكل‬ ‫مستقل‪.‬‬ ‫وتباعًا التخاذ الحيز الزمني المطلوب من قبل اللجان المختصة لتقييم المشاركات في الحقول الثالث‬ ‫المشار اليها أعاله‪ ،‬فقد أصدرت لجان التحكيم النتائج بشكلها النهائي‪ ،‬وهي على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫في حقل الصورة الفوتوغرافية اجتمعت لجنة التحكيم المختصة والتي تشكلت من كل من المصور‬ ‫اياد العطيات والمصور لؤي صبابا والمصور عالء بدارنة‪ .‬وثالثتهم مصورون صحفيون مستقلون عن بديل‬ ‫يعملون في مؤسسات اعالمية فلسطينية مختلفة‪ .‬وجاءت نتائج اختياراتهم االولية‪ ،‬بعد استعراض الصور‬ ‫والتمحيص في محتواها الفني ومستواها التقني ارتباطا بالشروط الموضحة لهذا الحقل من طرف مركز‬ ‫بديل‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬ ‫الجائزة األولى وقيمتها ‪ 900‬دوالر‪ ،‬منحت للمشاركة رقم ‪ 13‬وهي للمصور عروة حميدات‪ 16 ،‬سنة من بني‬ ‫نعيم‪ /‬الخليل‪.‬‬ ‫الجائزة الثانية وقيمتها ‪ 600‬دوالر‪ ،‬منحت للمشاركة رقم ‪ 14‬للمصور فراس المكركر ‪ 27‬سنة من بيت جاال‪.‬‬ ‫الجائزة الثالثة وقيمتها ‪ 400‬دوالر‪ ،‬منحت للمشاركة رقم ‪ 60‬للمصورة امل القطراوي من دير البلح‪ ،‬قطاع‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫أما المراتب التقديرية فقد منحت للمصورين‪/‬ات‪ :‬سامر نزال (رام الله)‪ ،‬محمد ابو سمره (دير البلح)‪ ،‬محمد‬ ‫صبري (طولكرم)‪ ،‬هشام صرصور (الخليل)‪ ،‬خليل رياش(قلقيلية)‪ ،‬عزت المكركر (بيت جاال)‪ ،‬رجاء العثامنة‬ ‫(مخيم الشاطئ)‪.‬‬ ‫أما حقل قصص األطفال فقد عقد اجتماع اللجنة المختصة والتي تكونت من كل من السيدة رناد قبج من‬ ‫مؤسسة تامر‪ ،‬والسيدة ليلى البطران وهي مختصة في حقل قصص األطفال‪ ،‬والسيد منار مخول من مركز‬ ‫بديل‪ ،‬وجاء قرار اللجنة باعتماد حجب الجائزة األولى نظرا للضعف العام الذي طغى على محتوى المشاركات‬ ‫ً‬ ‫مقارنة باألعوام السابقة وشروط الجائزة لهذا العام‪ ،‬وقد تم منح الجائزتين الثانية والثالثة على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫الجائزة الثانية وقيمتها ‪ 1000‬دوالر‪ ،‬للكاتبة ميرفت مصلح من رام الله عن قصتها بعنوان‪ :‬فرديسيا‪.‬‬ ‫الجائزة الثالثة وقيمتها ‪ 700‬دوالر‪ ،‬للكاتب عباد يحيى من جنين عن قصته‪ :‬حافلة بئر السبع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫انتقاال لنتائج تحكيم حقل الكاريكاتير فقد قررت اللجنة المكونة من رسامي الكاريكايتر هاني عباس‬ ‫وياسر احمد من سوريا واسامة نزال ورمزي الطويل من فلسطين حجب الجوائز جميعا‪ .‬وقد عللت اللجنة قرارها‬ ‫بأن المشاركات لهذا العام لم تعبر عن المأمول‪ ،‬ولتراجع مستواها الفني واالبداعي بالمقارنة مع السنوات‬ ‫السابقة‪ ،‬ولكي ال يشكل ذلك سابقة تنتقص من أهمية الحفاظ على مستوى المسابقة وضرورة االرتقاء بها‪.‬‬ ‫هذا وكان مركز بديل قد اختتم خالل فعاليات مقاومة النكبة المستمرة في ذكراها ال‪ 65‬حقل البوستر‬ ‫وتم نشر البوستر الفائز واعتماده كبوستر مركزي لفعاليات مقاومة النكبة وهو من تنفيذ الفنان مصعب ابو‬ ‫سل من قطاع غزة‪.‬‬ ‫ويشار إلى ان مركز بديل سيقيم فعالية فنية ثقافية تعنى بتكريم الفائزين واالحتفاء بالمشاركات‬ ‫الفائزة خالل الربع االخير من العام الجاري سيتم االعالن عن تفاصيلها في حينه‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫�آب ‪2013‬‬

‫التهجير القسري للفلسطينيين‬

‫النهب اإلسرائيلي لألرض والتهجير القسري للفلسطينيين‬ ‫دليل إرشادي لإلفراد والتجمعات السكانية المعرضة لخطر التهجير‬ ‫يصدر قريبًا عن مركز بديل‬ ‫يسعى هذا الدليل إلى مساعدة المنظمات الفلسطينية‪ ،‬البلديات‪ ،‬واألفراد‬ ‫في فهم نظام السيطرة والتهجير اإلسرائيلي في الوقت الذي يقترح فيه‬ ‫بعض التدابير االستباقية‪ -‬الدفاعية‪ .‬يقدم ّ‬ ‫الكراس توصيات إلى القطاعات‬ ‫المذكورة‪ ،‬وكذلك إلى منظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬والسلطة الفلسطينية‪،‬‬ ‫والمجتمع الدولي والمجتمع المدني‪ ،‬حيث يمكن إجمال هذه التوصيات على‬ ‫النحو اآلتي‪:‬‬ ‫القيام بدراسة ومعالجة األسباب الجذرية للتهجير القسري المستمر بحق‬ ‫الفلسطينيين من قبل إسرائيل‪ .‬بعد ‪ 65‬من النكبة التي طال أمدها‪ ،‬يواصل‬ ‫المجتمع المدني وأصحاب التأثير حمل أعباء زيادة الوعي والرد الفعال على‬ ‫نظام إسرائيل الذي يجمع ما بين التمييز العنصري الممأسس‪ ،‬االستعمار‬ ‫االحاللي واالحتالل‪ ،‬وهو نظام يمنع الفلسطينيين من ممارسة حقهم في‬ ‫ّ‬ ‫تقرير المصير ويشكل المحرك الرئيس لسياسة التهجير المستمر‪.‬‬ ‫تطوير اآلليات واتخاذ التدابير الفعالة إلجبار إسرائيل على االمتثال‬ ‫للقانون الدولي‪ ،‬والسعي إلى مساءلتها عن االنتهاكات والخسائر في األرواح‬ ‫والممتلكات من خالل التحقيقات‪ ،‬وضمان جبر أضرار الضحايا وضمان مالحقة‬ ‫المذنبين باالنتهاكات اإلنسانية وانتهاك قانون حقوق اإلنسان؛‬ ‫تطوير آليات الرد والمقاومة في المناطق الفلسطينية المحتلة عبر تركيز‬

‫(حق العودة)‬

‫دورية ت�صدر كل �شهرين عن‬ ‫بديل‪/‬املركز الفل�سطيني مل�صادر حقوق املواطنة والالجئني‬ ‫الرقم الدويل املعياري (‪18149774 :)ISSN‬‬

‫الجهود ال على مساعدات الطوارئ لألمد القصير فحسب‪ ،‬ولكن أيضا على منع‬ ‫التهجير القسري من خالل ملئ ثغرات الحماية باعتبار ذلك حاجة ماسة على‬ ‫المديين القريب والبعيد‪.‬‬ ‫الضغط على الحكومات من أجل وقف الدعم الدبلوماسي‪ ،‬العسكري‪،‬‬ ‫واالقتصادي ووقف التعاون مع إسرائيل‪.‬‬ ‫بقدر اإلمكان‪ ،‬مقاومة وعدم التعاطي مع القيود اإلسرائيلية المفروضة‪-‬‬ ‫المسماة المتطلبات اإلسرائيلية السياسية والقانونية واإلجرائية‪.‬‬ ‫ضمان جبر أضرار الضحايا الفلسطينيين‪ .‬إن الخطوات العملية لتسهيل‬ ‫اإلسكان واسترجاع األمالك والتعويضات تشمل توثيقا شامال لألضرار التي‬ ‫تسببت بها االنتهاكات والجرائم اإلسرائيلية لقانون حقوق اإلنسان الدولي‬ ‫وللقوانين اإلنسانية وتخصيص صناديق تعويض عبر تفعيل وتطوير‬ ‫تسجيل األمم المتحدة لألضرار الناشئة المتسببة عن الجدار؛‬ ‫تحديث وتطوير العمل ال��ذي ُب��دئ به في هذا الدليل من خالل رصد‬ ‫التغييرات في التشريعات اإلسرائيلية‪ ،‬قرارات المحاكم وممارسات الدولة‬ ‫وتفنيدها‪ .‬توسيع مجال البحث ليشمل مناطق أخرى خصوصا فيما يتعلق‬ ‫بالتهجير القسري في قطاع غ��زة وعبر مراجعة ودراس��ة جميع القضايا‬ ‫الموصوفة في هذا الدليل واإلضافة إليها‪.‬‬

‫حتـري ــر‬

‫ت�صميم‬

‫نـ�ضـ ـ ــال العـ ـ ـ ـ ــزة‬ ‫ب ــا�س ـ ـ ــم �صب ـ ــيح‬ ‫نـ�ضـ ـ ــال الزغري‬

‫مونتاج‬

‫االيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام‬ ‫عطـااهلل �سـ ـ ــالـم‬

‫الهيئة اال�ست�شارية‬ ‫عي�سى قراقع (بيت حلم)‬ ‫ه�شام نفاع (حيفا)‬ ‫احمد حمي�سن (بيت حلم)‬ ‫رنني جري�س (حيفا)‬ ‫رانيا ما�ضي (جنيڤ)‬

‫املقاالت املن�شورة ب�أ�سماء‬ ‫�أ�صحابها تعب‬ ‫عن وجهة نظرهم‪/‬ن‪.‬‬

‫بيت حلم‪ ،‬فل�سطني‬ ‫�ص‪ .‬ب‪728 .‬‬ ‫تلفاك�س‪ ، 02-2747346 :‬هاتف ‪02-2777086‬‬ ‫بريد الكرتوين‪haqelawda@badil.org :‬‬ ‫�صفحة االنرتنت‪www.badil.org :‬‬

‫بديل مؤسسة فلسطينية متخصصة في مجال الدفاع عن حقوق المهجرين والالجئين الفلسطينيين‪ ،‬وحقوق اإلنسان عموما‪ ،‬وتدعو إلى الحل العادل المؤسس على الحقوق وفي مقدمتها حق الالجئين في العودة إلى ديارهم األصلية وجبر كافة أضرارهم‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.