مجلة زهور العدد الأول أبريل 2012

Page 1

‫زهور‬

‫> زرهون أولى العواصم العربية في منطقة شمال افريقيا‬ ‫> ادريس الفاحت‪ :‬القطب الذي أسس دولة عظمى بتواضعه‬ ‫> ادريس الذي بويع في مهده‬ ‫> ضريح مؤسس الدولة اإلسالمية باملغرب‬ ‫> وليلي التي بويع بها ادريس األول ‪ :‬نكهة التاريخ العميق‬

‫العدد األول‪،‬‬ ‫السنة األوىل‪ ،‬أبريل ‪.2012‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد املداين‬

‫الربيد اإللكرتوين‪:‬‬ ‫‪zohour.magazine@yahoo.com‬‬ ‫الهاتف‪06 61 40 48 98 :‬‬ ‫‪06 61 36 66 28‬‬

‫أبحاث ومقاالت‪:‬‬

‫اإلدارة والتحرير‪:‬‬ ‫‪ 19‬حي خيرب‪ -‬موالي ادريس زرهون‬

‫> في زمن األزمة املالية العاملية‪ ،‬السؤال يطرح نفسه‪،‬‬ ‫صندوق الزكاة‪ ،‬متى يرى النور على أرض الواقع؟‬ ‫> هذه قيم التضامن‪ ،‬أفال تنظرون؟‬ ‫> لغة الدستور األولى‪ ،‬إلى متى تظل حبرا على ورق؟‬

‫يف هذا العدد‬

‫مجلة إخبارية‪ ،‬اجتامعية وثقافية‪،‬‬ ‫تصدر عن جمعية زهور للعدالة االجتامعية‬ ‫والتنمية املستدامة‪ ،‬شهرية ومؤقتا فصلية‪.‬‬

‫فاحتــــــة‪« > :‬زهور في الواجهة»‬ ‫محور خــاص‪:‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫اإليداع القانوين‪:‬‬ ‫‪2012 PE 0042‬‬ ‫اإليداع القانوين للصحافة‪:‬‬ ‫‪03/2012‬‬

‫الطبع واإلخراج ‪:‬‬ ‫‪Imprimerie‬‬

‫‪RABAT NET MAROC‬‬ ‫‪Av. Hassan II Cité Al Manar n° 6/3 - Rabat‬‬ ‫‪05 37 20 46 32 - 06 61 20 37 76‬‬

‫‪imprimerierabatnet@gmail.com‬‬

‫من ملفات زهور‪ > :‬الصحة ببالدنا‪ ،‬أرقام وحقائق‬

‫من أنشطة جمعية زهور ‪:‬‬

‫التوزيع‪:‬‬ ‫‪SaPress‬‬

‫‪1‬‬

‫> زواج القاصرات‪ ،‬إشكالية تبحث عن حل‬ ‫> وزارة العدل تسعى إلى تطويق إشكالية إثبات الزواج قبل‬ ‫سنة ‪2014‬‬ ‫> انتحار أمينة الفياللي‪ ،‬ردود فعل متباينة‬ ‫> مركز الوساطة االجتماعية‬ ‫> جمعية زهور تساهم في تنظيم قطاع الزيتون بزرهون‬ ‫> جمعية زهور للعدالة االجتماعية والتنمية املستدامة تنظم‬ ‫قبل نهاية السنة اجلارية‪ ،‬قافلة من أجل مدونة األسرة‬ ‫> دوري زهور ‪ 2011‬في كرة القدم‬


‫زهور‬

‫‪2‬‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫فاحتة‬ ‫‪1¡G2‬‬ ‫ﺍﻟﳥﻦ ‪:‬‬

‫ﺎﻓﻴﺔ ﺍﺟﳣﺎ‬

‫ﻋﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ‬

‫ﳎﻠﺔ ﺛﻘ‬

‫ﺯﺭﻫﻮﻥ‬

‫ﺃﻭﻟﻰ‬ ‫ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ‬

‫ﺆﻗﺘﺎ ﻓﺼﻠﻴﺔ‬

‫ﴲﺮﻳﺔ ﺗﺼﺪﺭ ﻣ‬

‫‪ 15‬ﺩﺭﳘﺎ‬

‫‪ - 201‬ﺍﳌﺪﻳﺮ‬

‫‪ //‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍ‬

‫ﻷﻭﻝ ﺃﺑﺮﻳﻞ ‪2‬‬

‫ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ‪:‬‬

‫ﷴ ﺍﳌﺪﺍﱐ‬

‫ﺿﺮﻳﺢ‬ ‫ﻣﺆﺳﺲ‬ ‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬ ‫ﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﺍﻹ‬ ‫ﺎﻟﻤﻐﺮﺏ‬ ‫ﺑ‬

‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫ﻟﻐﺔ‬ ‫ﻟﺪﺳﺘﻮﺭ‬ ‫ﺍ‬ ‫ﺍﻷﻭﻟﻰ‪،‬‬ ‫ﻰ ﻣﺘﻰ‬ ‫ﺇﻟ‬ ‫ﻈﻞ ﺣﺒﺮﺍ‬ ‫ﺗ ﻰ ﻭﺭﻕ؟‬ ‫ﻋﻠ‬

‫ﻓﻲ‬ ‫ﻣﻨﻄﻘﺔ‬ ‫ﺷﻤﺎﻝ‬

‫ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬

‫ﺕ‪،‬‬ ‫ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮﺍ ﻋﻦ ﺣﻞ‬ ‫ﺔ ﺗﺒﺤﺚ‬ ‫ﺷﻜﺎﻟﻴ‬ ‫ﺇ‬

‫ﺑﺒﻼﺩﻧﺎ‪،‬‬ ‫ﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﺼ ﻭﺣﻘﺎﺋﻖ‬ ‫ﺃﺭﻗﺎﻡ‬

‫�إذا كانت امل�آذن بال�شرق الإ�سالمي قد‬ ‫اختارت �شكال دائريا يف �أغلب الأحيان‪،‬‬ ‫فقد �آثرت امل�آذن املغربية �أن تتخذ لنف�سها‬ ‫�شكال خا�صا هو ال�شكل الرباعي �أو الثماين‬ ‫الأ�ضالع‪ ،‬و �أن تتزخرف ب�أ�شكال م�ستمدة‬ ‫يف الغالب من النقو�ش املغربية و الأندل�سية‪.‬‬ ‫�إال �أن املئذنة اخل�ضراء التي توجد مبدينة‬ ‫موالي �إدري�س زرهون هي املئذنة الوحيدة‬ ‫بالرتاب الوطني التي لها �شكل دائري‪ .‬بناها‬ ‫�أحد املح�سنني و ي�سمى «ال�سنتي�سي»‪ ،‬بعدما‬ ‫زار بع�ض البلدان امل�شرقية‪ ،‬ف�أعجب بثقافتها‬ ‫و ب�شكل امل�آذن هناك على اخل�صو�ص‪ ،‬و ملا‬ ‫رجع �إىل مدينة موالي �إدري�س الأكرب �شيد‬ ‫بها مئذنة مزجت يف زخرفتها بني جمالية‬ ‫الفنني املغربي و امل�شرقي فجاءت م�ستديرة‬ ‫ال�شكل �صغرية احلجم ذات زخارف متنوعة‬ ‫بالزليج الأخ�ضر و الأبي�ض و الأزرق‪ ،‬حتمل‬ ‫بخط عربي �أ�صيل و وا�ضح �آيات قر�آنية يف‬ ‫معظم �أجزائها‪ ،‬غري �أنها ذات عنق (العزري)‬ ‫مربع على غري �شكل امل�آذن ال�شرقية‪.‬‬

‫زهور في الواجهة‬ ‫بعد مرور أكرث من مثان سنوات عىل إنشاء جمعية زهور للعدالة االجتامعية والتنمية املستدامة بقرية تالغزة؛‬ ‫إحدى القرى العريقة بجبل زرهون‪ ،‬واكتسابها لخربة ال بأس بها‪ ،‬خاصة يف مامرستها لتأطري املواطنني‪ ،‬ونرش ثقافة‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬والعمل عىل تأهيل الساكنة لينخرطوا يف املشاريع التنموية التي تهمهم يف إطار رشاكة متوازنة‬ ‫بينهم وبني الجمعية ومصالح الدولة املعنية‪.‬‬ ‫فمرت بذلك جمعية زهور‪ ،‬وبصورة طبيعية وتدرج متزن‪ ،‬من جمعية محلية مغمورة إىل مؤسسة جهوية ثم وطنية‬ ‫لها وزنها وقيمتها ومصداقيتها‪ ،‬استطاعت أن تشارك باسم املجتمع املدين املغريب‪ ،‬يف الدورة الثالثة عرشة ملجلس‬ ‫حقوق اإلنسان التابع لألمم املتحدة‪ ،‬بجونيف يف مارس ‪ ،2010‬حيث مثلت املغرب أحسن متثيل‪ ،‬نالت من خالله‬ ‫تنويها خاصا من طرف السيد وزير العدل السابق‪ .‬كام اختريت يف نفس السنة‪ ،‬كممثل عن جهة مكناس تافياللت‪،‬‬ ‫من بني ‪ 16‬جمعية وطنية األكرث استيعابا ملبدإ التضامن واألفضل تطبيقا لنرش ثقافة التآزر واألحسن مساهمة يف‬ ‫وضع اللبنات الرضورية لإلقتصاد التضامني خاصة باملناطق املهمشة‪ ،‬لتحض باإلستقبال املليك الكريم يوم ‪ 19‬نونرب‬ ‫‪ 2010‬مبناسبة انطالق الحملة الوطنية للتضامن‪ ،‬والحصول يف نفس الوقت عىل منحة مالية من طرف مؤسسة‬ ‫محمد الخامس للتضامن مشكورة‪ ،‬كان لها وقع إيجايب كبري مادي ومعنوي‪ ،‬يف حياة الجمعية‪.‬‬ ‫وبعد ما شهده العامل العريب من تغريات سياسية وثقافية واجتامعية هامة‪ ،‬من خالل الربيع العريب‪ ،‬أسقطت خاللها‬ ‫بعض األنظمة الدكتاتورية املتسلطة‪ ،‬وتأزم وضع آخرين‪ ،‬ومل يستفد منها بطريقة إيجابية إال القليل منهم‪ ،‬حيث‬ ‫أعيد طرح السؤال من جديد حول الدميقراطية والسياسة يف الوطن العريب‪..‬‬ ‫وبعدما سلك املغرب جرس الربيع العريب بطريقته الخاصة‪ ،‬حيث قفز يف هدوء قفزة نوعية هامة عىل طريق‬ ‫الدميقراطية والتحديث‪ ،‬استطاع من خاللها بلورة دستور جديد‪ ،‬ثم انتخابات اختلفت عن سابقاتها من حيث‬ ‫تدخل الدولة والنزاهة والشفافية‪ ،‬أفرزت تشكيلة حكومية تتمع ورئيسها بصالحيات مل تكن لسابقاتها‪ ،‬مام‬ ‫جعل فئات كثرية من املغاربة يعلقون عليها آماال تكاد تكون خيالية‪ ،‬من أجل محاربة الفساد وحل كل املشاكل‬ ‫االجتامعية بالخصوص‪..‬‬ ‫وبعد انطالق مسلسل البحث عن منظومة جديدة تؤسس لجهوية مغربية يقال أنها متقدمة‪ ،‬يؤمل أن تكون تجربة‬ ‫دميقراطية تلعب فيها املؤسسات املنتخبة ومصالح الدولة واملجتمع املدين والقطاع الخاص واملثقفون والفنانون‪،‬‬ ‫بل وكل املواطنني‪ ،‬كل من موقعه‪ ،‬دورا هاما مبسؤولية وصدق حتى يكون لهذه الجهوية معناها الحقيقي السيايس‬ ‫واالقتصادي واالجتامعي والثقايف‪ ،‬مام سيعزز‪ ،‬ال محالة‪ ،‬استقرار املغرب‪ ،‬ويصون سلمه االجتامعي‪ ،‬ويثمن موروته‬ ‫الثقايف ويعمل عىل ازدهاره وتقدمه‪.‬‬ ‫بعد كل هذا‪ ،‬وانطالقا من املسؤولية امللقاة عىل عاتق الجمعية كمؤسسة من املجتمع املدين‪ ،‬مطالبة باملساهمة يف‬ ‫نرش ثقافة حقوق اإلنسان والدفاع عليها‪ ،‬وإحياء وتعميم مبدإ التضامن والعمل به‪ ،‬وتأطري الفرد وتأهيله ليشارك‬ ‫يف التنمية مشاركة ناجعة‪ ،‬باإلضافة إىل خلق وتتبع وتقييم املشاريع التنموية‪ ،‬فقد كان رضوريا لهذه الجمعية التي‬ ‫أضحت تتقن التفكري والتمييز وامليش والحركة بالخصوص‪ ،‬أن تتعلم النطق والكالم‪ ،‬بل والرصاخ إن اقتىض الحال‪،‬‬ ‫حتى ال تكون جمعية معاقة‪ ،‬هي عىل الدوام يف حاجة إىل غريها‪ ،‬أكرث مام هي مستقلة تؤدي دورها معتمدة عىل‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫وهكذا فقد قررت الجمعية إصدار مجلة تحمل نفس اإلسم‪ :‬زهور‪ ،‬وتحرتم نفس املبادئ‪ ،‬لتعرب عن حالها وحال‬ ‫منطقة زرهون‪ ،‬مبدينتها وقراها‪ ،‬قبل غريها‪ ،‬وتسمع بذلك صوتصها وصوت املستضعفني من حولها من خالل‬ ‫توصيف موضوعي ودقيق لواقع الحال‪ ،‬وتحليل منهجي وعلمي ملختلف املعطيات واقرتاح الحلول واملبادرات من‬ ‫أجل خدمة املجتمع والعمل عىل تقدمه‪.‬‬ ‫ومن هذا املنطلق فقد أريد ملجلة زهور‪ ،‬كمجلة يوجد مقرها مبدينة موالي إدريس زرهون‪ ،‬أن ال تكون مجرد رقم‬ ‫إضايف يف الئحة املنابر اإلعالمية الوطنية‪ ،‬بل مجلة موضوعية تنطلق من الواقع املحيل فتهتم مبا هو أصيل وثقايف‬ ‫وتاريخي باإلضافة إىل ما هو واقعي ومعاش‪ ،‬ل»تصعد» بعدها فتطعم مبقرتحاتها ومبادراتها كل ما هو اسرتاتتيجي‬ ‫وقطاعي وطني وجهوي‪ ،‬حتى يتسن لهذه الربامج الوطنية والجهوية الكربى أن تتوفر يف تنفيذها ( يف هبوطها إىل‬ ‫املستوى املحيل) باستعامل أحدث الوسائل وأنجع التقنيات املعارصة‪ ،‬عىل حظوظ أكرب للنجاح والتأثري اإليجايب‬ ‫الفعال‪ ،‬لتساهم بعد ذلك التنمية املحلية الحقيقية «صعود» يف التنمية الجهوية والوطنية بشكل سليم وحقيقي‪.‬‬


‫م‬ ‫ح‬ ‫و‬

‫زرهون‪،‬‬ ‫ر‬ ‫خا‬ ‫أولى العواصم العربية‬ ‫ص‬ ‫في منطقة شمال افريقيا‬ ‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪3‬‬


‫‪4‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫زرهون‪،‬‬

‫محور خاص‬

‫أولى العواصم العربية‬ ‫في منطقة شمال افريقيا‬ ‫هي مدينة معلقة على تضاريس جبلية مضيئة‪ ،‬بناحية مكناس‪ .‬الطوائف الصوفية‬ ‫ورجاالت العلم والدين‪ ،‬يعتبرونها مدينة مقدسة‪ ،‬مشحونة باألنوار الزكية‪،‬‬ ‫يدخلونها بخشوع وهم يرددون التراتيل واألدعية‪.‬‬ ‫اتخذها ادريس الفاتح‪ ،‬مؤسس دولة األدارسة‪ ،‬عاصمة لدولته سنة ‪788‬م‪ ،‬لتمثل‬ ‫عاصمة ألول دولة إسالمية بالمغرب‪.‬‬ ‫حتي���ط هبذه املدينة اجلبال من لك ناحية‪ ،‬مما‬ ‫جعله���ا تقع يف موقع دف���ايع‪ ،‬ولعل ذلك من‬ ‫األس���باب اليت جعلت إدريس األكرب يتخذها‬ ‫عامص���ة لدولته الناش���ئة‪ ،‬إذ اكنت حمصنة‬ ‫آن���ذاك طبيعيا م���ن أي غزو بس���بب موقعها‬ ‫االسرتاتيجي‪.‬‬ ‫جت���اور ه���ذه املدين���ة مدينة‪ ‬ولييل‪ ‬الرومانية‬ ‫األثرية‪ ،‬مكا حتيط هبا بعض اآلثار الرومانية‬ ‫األخ���رى أمهها احلام���ة اليت اكن���ت متتاز‬ ‫مبياهها الكربيتية‪ .‬وغاب���ات اجشار الزيتون‬ ‫واخل���روب ال�ت�ي اعط���ت زره���ون امتيازها‬ ‫االكولويج‪.‬‬ ‫بنيت هذه املدينة العظمية اليت واجهت الغزو‬ ‫الروماين وقضت هيلع شاخمة عىل هضبتني‬ ‫متقابلتني‪:‬‬ ‫ تازكة‪ :‬باحياهئا اخلالدة‪:‬املرحي رسيبو سيدي‬‫عبد العزيز الال يطو‪...‬‬ ‫ وخي�ب�ر باحيائ���ه املغوارة نس���بة إىل غزوة‬‫خيرب‪ ،‬اخلطاطبة مكرك���ز للحضارة والقليعة‬ ‫وس���فيان والدار اجلديدة والوطاية والسبيبلة‬ ‫وطريق الس���واقة والدمن ومرك���ز البانوراما‬ ‫ودروج احلافة‬ ‫تتوسط هاتني اهلضبتني‪ ،‬الدرازات‬ ‫ ‬ ‫ومداخل الرضحي االدرييس املوقر‪.‬‬ ‫عند أقدام جب���ال األطلس‪ ،‬تقع ه���ذه املدينة‬ ‫الصغ�ي�رة املقدس���ة‪ ،‬ال�ت�ي ال يتع���دى عدد‬ ‫س�ك�اهنا ثالثة ع�ش�ر أل���ف نمسة‪،‬عىل بعد‬


‫محور خاص‬

‫كيلومرتات‪ ‬قليلة مشال رشق مدينة مكناس‪،‬‬ ‫وغري بعي���د عهنا‪ ‬حب���وايل كيلومرتين تقع‬ ‫منطقة ولييل األثرية‪ ،‬اليت تعود أطالهلا إىل‬ ‫الفرتة الرومانية أي قبل دخول اإلسالم ملنطقة‬ ‫الغرب اإلساليم‪ ،‬لذلك‪ ‬أصبحت زرهون بلك‬ ‫ما تتوفر هيلع من نس���يج حض���اري ومعامل‬ ‫تارخيية م���ن املدن العتيقة الضاربة جذورها‬ ‫يف تارخي منطقة مشال إفريقيا كلك‪.‬‬ ‫‪ ‬لك م���ن يزور ه���ذه املدين���ة الصغرية‬ ‫الواقعة ف���وق جبل‪ ،‬ال بد أن تق���وده أزقهتا‬ ‫الضيق���ة يف س���فر عرب الزم���ن‪ ،‬إذ تتداخل‬ ‫فهيا ألوان اجلدران البيضاء بلون س���قوفها‬ ‫امحل���راء‪ ،‬وأم���ا س�ك�اهنا فيحاول���ون م���ا‬ ‫أمك���ن احلفاظ عىل طاب���ع مدينهتم الرويح‬ ‫و»املقدس»‪ ،‬الذي يس���تلهم خصوصياته من‬ ‫اهلوية العربية اإلسالمية‪،‬‬ ‫‪ ‬تقع‪ ‬زره���ون ف���وق جب���ل حيمل إمس‬ ‫املدينة‪،‬حي���ث يلفت انتباه الزائر من بعيد قبل‬ ‫وصوله إلهيا منظر املنازل البيضاء املزدمحة‬

‫زهور‬

‫فوق���ه‪ ،‬مث���ل قلع���ة معلقة عىل س���فح جبل‪،‬‬ ‫تتوس���طها صوام���ع ومنارات‪ ،‬لع���ل أبرزها‬ ‫«الصومعة املس���تديرة» اليت كتب علهيا آيات‬ ‫قرآنية خبط عريب مجيل‪ ،‬باإلضافة إىل منظر‬ ‫الغابات والبحريات اليت حتيط هبا من مجيع‬ ‫اجلهات‪.‬‬ ‫‪ ‬ومتت���از مدين���ة زره���ون بوف���رة املي���اه‬ ‫العذبة‪،‬ويعمتد ساكهنا عىل الفالحة املعيشية‬ ‫التقليدية‪،‬ال�ت�ي ي���أيت يف مقدم���ة إنتاجاهتا‬ ‫زي���ت الزيتون‪ ،‬والتني والرم���ان‪ ،‬واملنتوجات‬ ‫احليوانية مثل العس���ل واأللب���ان‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل التجارة احمللية‪،‬اليت تعرض منتوجاهتا‬ ‫خالل سوق السبت األسبويع‪.‬‬ ‫تعت�ب�ر مدينة زره���ون قطبا س���ياحيا هاما‬ ‫ملا تمتت���ع به م���ن مآثر معراني���ة ومؤهالت‬ ‫حضاري���ة باعتباره���ا مرك���زا دينيا وملتىق‬ ‫حضاريا‪ ،‬خاصة بع���د االهمتام الذي مشل‬ ‫تراثه���ا ومعراهنا‪ ،‬حيث بنيت هبا املس���اجد‬ ‫وامل���دارس والفنادق وامحلام���ات التقليدية‪،‬‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪5‬‬

‫مكا هشدت يف اآلونة األخرية توس���عا هاما‬ ‫عىل مس���توى بنية االس���تقبال‪ ،‬وباتت تتوفر‬ ‫عىل العديد م���ن‪ ‬دور للضيافة أو ما يمسى‬ ‫«بالرياضات» املمتزية بطابعها التقليدي الذي‬ ‫يشري إىل الرتبة العربية واإلسالمية لملدينة‪،‬‬ ‫حيث توفر للسياح خمتلف حاجياهتم ومجيع‬ ‫اخلدمات من إيواء وألك ورشب‪.‬‬ ‫لذلك ال ميك���ن لزائر ه���ذه املدينة الصغرية‬ ‫حبجمها والكب�ي�رة برتاثها وتارخيها‪ ،‬واليت‬ ‫الزالت حتافظ عىل طابعا الرويح وأصالهتا‪،‬‬ ‫أن ينىس الصور امجليل���ة ألزقهتا العتيقة‪،‬‬ ‫وحلظ���ة تذوق حلوياهتا التقليدية املهيأة بعني‬ ‫املاكن‪ ،‬ورشب الش���اي يف إح���دى املقايه‬ ‫احمليطة بالس���احة العمومية أو تلك الواقعة‬ ‫يف أعىل املدينة حيث يوجد «املنظر امجليل»‬ ‫الذي جيعل النظر يس���بح يف مجال اجلبال‬ ‫والوديان احمليطة هبا‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫محور خاص‬

‫إدريس الفاتح‬

‫القطب الذي أسس‬ ‫دولة عظمى بتواضعه‬

‫إنه ادريس بن عبد اهلل الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن علي‬ ‫وفاطمة الزهراء‪ ،‬وهو أحد القالئل الذين نجوا من القتل في مأساة فخ التي‬ ‫أوقع العباسيون فيها بجماعة من العلويين من أحفاد الحسن بن علي كانوا‬ ‫يدعون ألنفسهم ويسعون السترداد إمارة المسلمين التي يعتبرونها حقا‬ ‫اغتصب منهم من طرف العباسيين‪.‬‬ ‫وق����د فر الناجون من هذه الوقع����ة إىل أطراف البالد واكن من الذين‬ ‫ف����روا حيىي بن عب����د اهلل الذي هرب إىل ب��ل�اد الديمل جنويب حبر‬ ‫قزوين وسبب للعباسيني متاعب كثرية‪ ،‬ولكن أسعدمه حظا اكن أخاه‬ ‫إدري����س بن عبد اهلل الذي أبعد يف اهل����رب حىت وصل إىل املغرب‬ ‫األقىص‪ .‬وحلق به نفر من اخوته الذين جنوا من املوت أيضا أمههم‬ ‫سلميان وداوود‪.‬‬ ‫وال ندري إن اكن إدريس قد عمل شيائ عن املغرب آنذاك‪ ،‬ولكن مواله‬ ‫راش����دا والذي يقال إنه بربري األصل‪ ،‬وال نس����تطيع أن نعلق أمهية‬ ‫كب��ي�رة عىل هذا القول‪ ،‬ولكنه أي راش����د عىل أي حال وجه إدريس‪ ‬‬ ‫حنو املغرب‪ ،‬وقد يكون راش����د يعرف اللسان الرببري الذي يتلكم به‬ ‫الناس يف هذه النوايح من املغرب األقىص‪ ،‬ولكن األمه من ذلك هو‬ ‫أن راش����دا اكن ذكيا حس����ن الترصف بعيد النظر‪ ،‬وهو صاحب يد‬ ‫طوىل يف تأسيس الدولة اإلدريسية دون شك‪.‬‬ ‫تق����ص النصوص التارخيي����ة علينا حاكية روائية عن هروب راش����د‬ ‫وإدري����س إىل املغ����رب األقىص‪ ،‬جنزتئ مهنام امله����م‪ ،‬وموجزها أن‬ ‫راشدا وإدريس خرجا إىل املغرب يف زي التجار مع القوافل‪ ،‬فاكن‬ ‫راش����د هو الس����يد وإدريس خادمه‪ ،‬يأمره أمام الناس فيطيع أمره‪،‬‬ ‫وذلك ليخيف خشصيته‪ ،‬وبعد رحلة س����نتني‪ ،‬أي أثناء سنة ‪ 171‬هـ‪/‬‬ ‫‪787‬م‪ ،‬ظه����ر االثنان يف طنجة وأخذ راش����د وإدريس يدعوان ألمري‬ ‫علوي حيمل راية اإلسالم وخيلص الناس من الظمل والزندقة‪.‬‬ ‫واكنت دعوة راشد لرجل من أهل البيت اكفية لتكسب األنصار‪ ،‬ولكن‬ ‫يب����دو أن التوفيق مل يكن كبريا يف طنجة‪ ،‬اليت اكنت حظرية املغرب‬ ‫األقىص يف ذلك احلني‪ ،‬وأحس راشد أن ماكن القوة احلقييق يمكن‬ ‫يف وسط قبائل أوربة‪ ،‬واكن مركز اجلناح الغريب هلذه القبائل حول‬ ‫مدينة ولييل عند قاعدة جبل يمسى زرهون حاليا‪ ،‬وتقع يف منتصف‬ ‫املسافة بني فاس ومكناس احلاليتني‪.‬‬ ‫واكنت ولييل مركزا ممتازا وعظميا للقبائل‪ ،‬وعرفت يف أيام الرومان‬


‫محور خاص‬ ‫بامس ‪ Volubilis‬ويه من هذه الناحية أصلح ما‬ ‫تكون مكركز لدعوة سياسية‪ ،‬وأما أوربة فاكنت‬ ‫تزتمع مجموع����ة قبائل مخضة متتد من األطلس‬ ‫األوس����ط إىل وادي سبو‪ ،‬وقد عرفت هذه القبيلة‬ ‫أيام كسيلة ورأينا رصاعها مع عقبة بن نافع مث‬ ‫زهري بن قيس‪ ،‬وتدخل مع هذه القبائل مجموعة‬ ‫مغارة ويه قبائل برنسية متتد يف حوض سبو‬ ‫وريف تامسنا عىل ساحل البحر‪.‬‬ ‫وح����ول مواط����ن أورب����ة اكن����ت مواط����ن مغارة‬ ‫املصمودية اليت تس����كن جبال الريف والبسائط‬ ‫مش����اال إىل طنجة‪ ‬وس����بتة‪ ،‬ومه بط����ون كبرية‬ ‫أكربه����ا بنو حام����د وميتوه وبنومال واغس����اوه‬ ‫ووارزوال وجمكس����ة‪ ،‬ويق����ول اب����ن خلدون إن‬ ‫بالدمه اكنت مخس مراحل أي مس��ي�رة مخسة‬ ‫أيام (حواىل ‪ 200‬كيلومرت) عىل س����احل البحر‬ ‫املتوس����ط م����ن مدينة غساس����ة فنك����ور فبادس‬ ‫فبنكيليس فتيطاوان‪ ‬فسبتة فالقرص إىل طنجة‪.‬‬ ‫ويف مواطهنم جبال شاهقة وهضاب عالية فهيا‬ ‫مراتع للس����ائبة وفدن املزرعة وأدواح الرياض‪،‬‬ ‫وإلهيم ينس����ب قرص املجاز ال����ذي اكن الناس‬ ‫يس��ي�رون من����ه إىل ميناء طري����ف يف األندلس‪.‬‬ ‫وعىل س����احل احمليط األطليس تصل منازهلم‬ ‫مبنازل برغواطة‪ .‬واكن الذي أدخلها يف اإلسالم‬ ‫موىس بن نصري‪.‬‬ ‫واكن����ت مغارة ب��ي�ن القبائل ال��ت�ي انضمت إىل‬ ‫مي��س�رة‪ ‬الصفرى املع����روف بالفقري أو احلقري‬ ‫حىت انقىض أم����ره مث ظهر مهنم متنبئ يمسي‬ ‫نفسه حاممي ويلقبه املؤرخون باملفرتي‪ ،‬وهو من‬ ‫قبيلة جمكسة‪ ،‬وقد ظهر قرب تطوان‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫اكن يف زمن متأخر‪ .‬أما يف العرص الذي نتحدث‬ ‫عنه فقد اكن الغامريون قد انرصفوا عن‪ ‬مذهب‬ ‫اخلارجية‪ ،‬ولكهنم اكنوا يتخوفون من برغواطة‪،‬‬ ‫مثلهم يف ذلك مثل بقية املصامدة‪ .‬وقد قامت يف‬ ‫بعض بالدمه إمارة نك����ور‪ ،‬واكن أمراؤها أهل‬ ‫سنة‪ ،‬وقد اجهتد أمراؤها يف بعض األحيان يف‬ ‫رد مغ����ارة إىل مذهب الس����نة وحجنوا يف ذلك‪ ‬‬ ‫أم����ا بقية الغامريني فقد رحب����وا بدعوة إدريس‪،‬‬ ‫ألهنم رج����وا أن يس����تطيعوا التخلص من خطر‬ ‫برغواطة هبا‪.‬‬ ‫ن����زل إدري����س ولي��ل�ي يف ربي����ع االول ‪172‬هـ‪/‬‬ ‫أغسطس ‪788‬م وبدأ يدعو‪ ،‬ومل يكن من العسري‬ ‫هيلع أن يكس����ب أنص����ارا‪ ،‬ف����إن ش����يوخ أوربة‬ ‫اكنوا مس����تعدين لتأييد زع��ي�م يقودمه يف ثورة‬ ‫يتخلصون هبا من سلطان برغواطة وينشئ هلم‬ ‫دولة مث����ل دولة بين رس��ت�م يف تاهرت‪ ،‬واكنت‬ ‫قرابته من الرسول ىلص اهلل هيلع ملسو اكفية‬ ‫الجت����ذاب القلوب إليه‪ ،‬خاص����ة إذا أضفنا إىل‬ ‫ذلك ما اكن ملأس����اة خف‪ ،‬وما وقع للعلويني فهيا‬ ‫من القتل والترشيد ومه ساللة النيب األكرم‪ ،‬من‬ ‫أثر بعيد يف‪ ‬قلوب املسملني‪.‬‬ ‫وأدت الدعوة واالتصاالت إىل نتاجئ إجيابية يف‬ ‫أمد قصري‪ ،‬مما يدل عىل ذاكء إدريس ودهاء مواله‬ ‫راشد‪ ،‬وهكذا لَبت مُجلة من قبائل الرببر الدعوة‬

‫زهور‬ ‫وقبلت أن تلتف حول إدريس‪ .‬وال شك أن انمتاءه‬ ‫لألرسة النبوية اكن له أثر قوي يف هذا اإلقبال‪،‬‬ ‫س��ي�ما والعلويون يومئذ اكن����وا ميثلون العنرص‬ ‫الثائر واملعارض‪ .‬فاالرتباط بدعوة إدريس معناه‬ ‫التحرر من لك تبعية للخالفة العباسية ومضان‬ ‫االستقالل السيايس لملغرب‪.‬‬ ‫وترتب عن هذا املوق����ف امجلايع لقبائل الرببر‬ ‫أن حصل اتفاق بني إدريس بن عبد اهلل وزعمي‬ ‫أوربة القبيلة ذات الش����وكة يف املنطقة‪ ،‬إحساق‬ ‫دمحم بن عب����د امحليد األوريب‪ .‬وحتول إدريس‬ ‫إىل مدينة ولييل‪ ،‬حيث مت����ت بيعته يوم امجلعة‬ ‫‪ 4‬رمضان س����نة ‪ 172‬هـ املواف����ق ‪ 6‬فرباير ‪789‬‬ ‫م‪ .‬واكن����ت قبيلة أوربة أول م����ن بايعه من قبائل‬ ‫املغرب‪ ،‬نظ����رًا ملزنلهتا الك��ب�رى يف املنطقة‪ .‬مث‬ ‫تلهت����ا قبائ����ل زناتة وأصناف م����ن قبائل أخرى‬ ‫مثل زواغة وزواوة وملاية وس����دراته وغياثة ونفزة‬ ‫ومكناس����ة ومغارة إخل‪ ...‬واكن للقبائل يف ذلك‬ ‫العرص أمهية أكرب من اليوم‪ ،‬نظرا لكون البادية‬ ‫اكن����ت أكرث س��ك�انا من امل����دن ولك����ون ظاهرة‬ ‫العصبية اكنت ذات تأثري خطري‪ ،‬عىل املس����توى‬ ‫السيايس‪.‬‬ ‫وحيدد القرطاس رشوط البيعة‪ ،‬إذ يقول‪« :‬بايعوه‬ ‫عىل اإلمارة والقيام بأمرمه وصلواهتم وغزومه‬ ‫وأحاكمهم» (ص ‪ .)20‬واكن احلدث يف حد ذاته‬ ‫ذا أمهي����ة قصوى يف تارخي املغ����رب ألنه يرمز‬ ‫إىل قي����ام الدولة املغربية املس����تقلة ألول مرة يف‬ ‫حياة البالد‪ ،‬حبيث اكنت الدولة اإلدريس����ية مبا‬ ‫خلقته من تقاليد ونظم لتسيري البالد أول صورة‬ ‫لدولة حقيقية يف املغرب تكيف املعطيات البرشية‬ ‫احمللية مع تعالمي اإلسالم وتراثه السيايس‪.‬‬ ‫وما أن بويع إدريس حىت كون جيش����ا من قبائل‬ ‫زنات����ة وأورب����ة وصهناجة وهوارة وق����اده لفتح‬ ‫أقالمي مغربية أخرى وتوسيع مملكته‪ .‬فاستوىل‬ ‫عىل ش����الة‪ ،‬مث عىل س����ائر بالد تامسنا وتادال‪.‬‬ ‫ومعل عىل نرش اإلس��ل�ام هبا‪ .‬مث عاد جبيش����ه‬ ‫إىل ولييل يف آخر ذي احلجة من سنة ‪ 172‬هـ‪.‬‬ ‫وتوقف مدة قصرية بقصد إراحة اجلنود‪.‬‬ ‫مث خرج يف سنة ‪ 173‬هـ ملواصلة نرش اإلسالم‬ ‫باملعاقل واجلبال واحلصون املنيعة‪ ،‬مثل حصون‬ ‫فن����دالوة وحصون مديون����ة وهبلولة وقالع غياثة‬ ‫وبالد فازاز أي األطلس املتوس����ط‪ .‬وتوصل إىل‬ ‫نت����اجئ إجيابية عند قيامه بتبلي����غ الدعوة‪ ،‬حيث‬ ‫اس����تجاب الس��ك�ان لدعوته بالقبول‪ .‬مث عاد من‬ ‫محلته العس����كرية تلك يف مجادى األخرية سنة‬ ‫‪173‬هـ إىل مدينة ولييل بقصد إراحة جيشه‪.‬‬ ‫ويف نصف رجب من الس����نة ذاهت����ا (‪ 8‬دجنرب‬ ‫‪789‬م)‪ ،‬توج����ه إدري����س جبيش����ه ص����وب اجلهة‬ ‫الرشقية من املغرب األقىص‪ ،‬فوصل إىل مدينة‬ ‫تملسان وخمي قبالهتا‪ .‬خفرج إليه أمريها دمحم‬ ‫بن خزر بن صوالت املغراوي فطلب منه األمان‪،‬‬ ‫فأمن����ه إدريس‪ ،‬فقدم له دمحم ب����ن خزر بيعته‪،‬‬ ‫ودخل إدريس إىل تملس����ان بعد أن بايعته قبائل‬ ‫زناتة بتلك اجلهات‪.‬‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪7‬‬

‫هكذا حصل إدريس ع��ل�ى نتاجئ كبرية يف أقل‬ ‫من س����نتني‪ ،‬بفضل جده ومثابرت����ه وجشاعته‪،‬‬ ‫وأصب����ح يضم حتت س����لطته مملك����ة متتد من‬ ‫تامس����نا غربا إىل تملس����ان رشقا‪ ،‬مارة بتادال‬ ‫واألطلس املتوسط‪ .‬لك هذا أثار خماوف اخلليفة‬ ‫هارون الرش����يد‪ ،‬س��ي�ما وهو يالحظ أن إدريس‬ ‫يف حتراكته العس����كرية األخرية أخذ يتجه حنو‬ ‫الرشق وبات يش��ك�ل خطرا وشياك عىل واليهتا‬ ‫األمامية يف املغ����رب‪ :‬أفريقية‪ ،‬اليت اكنت يومئذ‬ ‫يف وضع قلق وتع����اين من اضطرابات خمتلفة‪.‬‬ ‫فمل ير الرشيد بدا من التخلص من إدريس بأية‬ ‫وسيلة‪.‬‬ ‫معىن ذلك‪ ،‬أن الن����اس التفوا بكثافة وحب حول‬ ‫إدريس يف محاس‪ ،‬وقام إىل جانبه راش����د يدبر‬ ‫ل����ه األمر وجيمع ل����ه القلوب‪ .‬بع����د قليل أصبح‬ ‫إدري����س أمري ولييل وزع��ي�م اجلناح الغريب من‬ ‫قبيلة أورب����ة‪ ،‬وتبعه كذلك ع����دد كبري من فروع‬ ‫قبيلة مغارة‪ ،‬واكنت إىل ذلك احلني كيانا مخضا‬ ‫مفكاك حيمل عبء برغواطة واس����تبدادها‪ ،‬ومع‬ ‫مغارة انضمت إىل إدريس قطع من زواوة ولواتة‬ ‫وس����دراتة ونفزة ومكناس����ة وبعض هذه القبائل‬ ‫زنايت‪.‬‬ ‫وبقوات هؤالء اس����تطاع إدريس أن يس����ود لك‬ ‫املنطق����ة المشالية من املغ����رب األقىص مبعاونة‬ ‫إحسق بن عبد امحليد شيخ أوربة‪ ،‬وسار بقواته‬ ‫متنقال يف هذه النوايح خيضع‪ ‬القبائل أو يتلىق‬ ‫طاعهتا‪ ،‬وحىت امتد سلطانه يف أقل من عام من‬ ‫تملسان إىل ريف تامسنا‪ ،‬ومن طنجة إىل وادي‬ ‫أم الربيع‪ ،‬ويه رقعة فسيحة غنية لدولة حيسب‬ ‫هلا حساب‪.‬‬ ‫هنا تنبه هارون الرش����يد إىل ما ميكن أن يمجن‬ ‫من اخلطر من ه����ذه الدولة واكن أكرث ما أخافه‬ ‫أن أمريه����ا علوي من أهل البي����ت‪ ،‬وألهل البيت‬ ‫ماكن عظمي م����ن حب الناس‪ ،‬وخاصة بعد الذي‬ ‫جرى هلم عىل أيدي األمويني أوال مث العباسيني‬ ‫بعد ذل����ك‪ ،‬ورمبا اكنت هن����اك مبالغة كبرية يف‬ ‫تصوير خماوف الرشيد‪ ،‬ولكن قيام إمارة علوية‬ ‫قوية يف أي ماكن من بالد اإلسالم أمر ال ميكن‬ ‫أن يسرتحي له العباسيون‪.‬‬ ‫وتذهب‪ ‬احلاكيات إىل أن الرش����يد تدارس أمر‬ ‫إدريس م����ع جعف����ر الربميك فتبينا اس����تحالة‬ ‫إرسال عس����اكر إىل املغرب للقضاء عىل إمارة‬ ‫إدري����س ب����ن عبد هلل ب����ن احلس����ن‪ ،‬ومل جيدا‬ ‫امامهام وس����يلة إال االحتيال يف اغتياله بالسم‪،‬‬ ‫فوقع اختيارمها – فميا يقال – عىل رجل جريء‬ ‫ذيك يمسى س����لميان بن جرير ويلقب بالمشاخ‪،‬‬ ‫حفمل السم ومىض إىل املغرب ودخل يف خدمة‬ ‫إدريس وكس����ب ثقته مث حتيل فدس له السم يف‬ ‫هيئة طيب دخل يف خيشومه وانهتى إىل دماغه‬ ‫فغيش هيلع وسقط‪ ‬عىل وجهه ال يفهم وال يعقل‬ ‫– فميا ت����زمع املراجع – وال أح����د يعمل ما به وال‬ ‫ما أصابه‪ ،‬مث تويف يف ربيع االول ‪175‬هـ (يونيو‬ ‫‪791‬م)‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫إدريس‬

‫محور خاص‬

‫الذي بويع في مهده‬ ‫وهنا تبدو مهارة راشد الذي كان المدبر الحقيقي لهذه الدولة ومحور العمل فيها‪،‬‬ ‫ومن حسن حظ راشد أن إدريس لما توفي ترك زوجته البربرية كنزة حامال‪ ،‬فاتفق‬ ‫راشد مع رؤساء القبائل على أن ينتظروا حتى تلد كنزة فإذا ولدت غالما كان أميرهم‪،‬‬ ‫وتسير القصة فيتبين أن المولود ولد‪ ،‬فسموه إدريس على اسم أبيه وبايعوه وهو‬ ‫بعد في المهد‪ ،‬والشك أن الذين فعلوا ذلك كانوا شيوخ القبائل‪ ،‬وكان عزيزا عليهم‬ ‫أن يضيع السلطان الذي وصلوا إليه باسم أمير من أمراء البيت النبوي‪ ،‬ولهذا انتظروا‬ ‫حتى بلغ الغالم ‪ 10‬سنوات فبايعوه مرة أخرى سنة ‪ 186‬هـ‪802 /‬م‪ ،‬واهتم راشد‬ ‫بتربيته وتكوينه وإعداده لإلمارة‪.‬‬


‫محور خاص‬

‫زهور‬

‫مث مات راش���د عقب ذلك‪ ،‬فقي���ل إن إبراهمي‬ ‫بن األغلب حتيل يف مسه‪ ،‬وهكذا بيق الغالم‬ ‫إدريس دون راع معني‪ ،‬فقام هبذه املهمة شيخ‬ ‫من شيوخ‪ ‬الرببر يمسى أبو خالد بن يزيد بن‬ ‫العباس العبدي‪ ،‬جفدد البيعة إلدريس الثاين‬ ‫س���نة ‪187‬هـ ‪803/‬م‪ ،‬واسمتر والء القبائل له‪،‬‬ ‫ويف سنة ‪ 192‬هـ‪808 - 807 /‬م واكنت سن‬ ‫إدريس ‪ 17‬س���نة خيتيف أبو خالد من امليدان‬ ‫بهتمة التواطؤ م���ع إبراهمي بن األغلب‪ .‬املهم‬ ‫لدين���ا أن إدريس بن إدريس‪ ‬بن عبد هلل بن‬ ‫احلس���ن أو إدريس الثاين بدأ حيمك مستقال‬ ‫بنفس���ه ابتداء من سنة ‪ 192‬هـ‪807 /‬م واكنت‬ ‫سنه ‪ 17‬س���نة‪ ،‬ولكنه اكن ال يزال يف حاجة‬ ‫إىل تأييد أوربة وش���يخها أيب ليىل إحساق‬ ‫بن عبد امحليد‪.‬‬ ‫عقب ذلك مبارشة جن���د كثريين من مهاجرة‬ ‫الع���رب يفدون ع�ل�ى إدريس م���ن القريوان‬ ‫خاصة ويدخلون يف خدمته‪ ،‬ويتجه نظره‬ ‫إىل اخل���روج من ولييل‪ ،‬رمبا ألنه اكن‬ ‫يريد التحلل من سلطان قبائل أوربة‬ ‫ومغ���ارة‪ ،‬ونالح���ظ أن إحسق بن‬ ‫عب���د امحليد ش���يخ أوربة يقتل‬ ‫قب���ل خروج إدري���س من ولييل‬ ‫واختطاطه مدين���ة فاس بقليل‪،‬‬ ‫ومن الواحض أن مقتله جاء بعد‬ ‫أن تاكث���ر العرب حول إدريس‬ ‫واختاذه مهن���م أعوانا وبطانة‪،‬‬ ‫والغال���ب أن مقت���ل هذا الرجل‬ ‫جعل إدريس ورجاله يفكرون يف‬ ‫اخلروج من ولييل واختاذ عامصة‬ ‫جديدة للدولة الناشئة‪.‬‬ ‫وجعل إدريس يبحث عن موضع هلذه‬ ‫القاع���دة فدل���ه الناس ع�ل�ى واد يصلح‬ ‫ملدينة بني جبلني يمسى وادي فاس‪ ،‬فأنش���أ‬ ‫فيه مدين���ة صغرية مسيت عدوة القرويني‪ ،‬مث‬ ‫وفد مجاعة من مهاجرة قرطبة وأنشأوا قرية‬ ‫جم���اورة لعدوة القروي�ي�ن عرفت بامس عدوة‬ ‫األندلسيني‪ ،‬ومن هاتني العدوتني تكونت مدينة‬ ‫فاس‪ ،‬وابتىن إدريس لنفس���ه دارا يف عدوة‬ ‫القرويني ورشع يف إنشاء جامع فاس‪ ،‬وانتقل‬ ‫إىل فاس وأصبحت عامصة دولة األدارس���ة‬ ‫من س���نة ‪ 196‬هـ‪812 - 811 /‬م‪ ،‬ودخلت دولة‬ ‫األدارس���ة يف الدور احلامس م���ن تارخيها‪،‬‬ ‫وتعرف فاس هذه بقمسهيا أو بعدوتهيا بامس‬ ‫فاس البايل‪ ،‬أي فاس القدمية‪.‬‬ ‫وابتداء من ‪ 197‬هـ‪813 - 812 /‬م بدأ إدريس‬ ‫سلس���لة محالت ثبت���ت س���لطان الدولة من‬ ‫تملسان إىل ساحل احمليط األطليس‪ ،‬ونشط‬ ‫حل���رب اخلوارج يف جب���ال األطلس‪ ،‬ودارت‬

‫حرب طويلة بينه وبني الربغواطيني‪ ،‬ويف هذا‬ ‫الدور من تارخي األدارسة محل العبء رجال‬ ‫قبيليت أوربة ومغارة بشلك خاص مكا محلت‬ ‫كتامة عبء الدولة الفامطية يف أول نشأهتا‪.‬‬ ‫وق���د ازدهرت ف���اس بعدوتهيا أي���ام إدريس‬ ‫الث���اين‪ ،‬وبلغت ع�ل�ى املدى القص�ي�ر مبلغ‬ ‫العوامص اإلسالمية الكربى‪ ،‬وقد أعاهنا عىل‬ ‫ذلك موقعها يف هسل س���ايس‪ ،‬حيث األرض‬ ‫فس���يحة منبس���طة بني جبلني ذوى س���فوح‬ ‫متدرج���ة االرتفاع تس���لقهتا البي���وت‪ ،‬واكن‬ ‫املوق���ع غنيا باملياه ال�ت�ي خترج يف هدوء من‬ ‫عيون كثرية يف الهسل وعىل سفوح اجلبال‪،‬‬ ‫وه���ذه العيون متد هنر فاس الذي تقع املدينة‬ ‫ع�ل�ى ضفته باملياه‪ ،‬وهن���ر فاس هذا هو أحد‬ ‫سبو‪ ،‬وهو‬ ‫رواف���د هنر‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫احلس���ن بن عب���د هلل بن مال���ك اخلزريج‪،‬‬ ‫وشيائ فش���يائ أخدت الدولة طابعا عربيا‪ ،‬بل‬ ‫أن رجال الدولة من البيوت الرببرية اجهتدوا‬ ‫يف الظهور مبظهر العروب���ة الاكملة‪ ،‬وتوافد‬ ‫األندلس���يون عىل فاس ف���زادت هبم معرانا‬ ‫وأخذت هذا الطاب���ع امجليل الذي ميزي مدن‬ ‫املغرب واألندل���س من صفوف البيوت املطلية‬ ‫باجلص األبيض الناصع املس���قوف بالقرميد‬ ‫األمحر أو األخرض‪.‬‬ ‫ومل ي�ت�م هذا العم���ل دون جهد ش���اق‪ ،‬فقد‬ ‫اكن إدريس الثاين رجال نش���يطا ذكيا شديد‬ ‫اإلخالص لإلس�ل�ام وأهله‪ ،‬وق���د أنفق أكرب‬ ‫جانب من جه���ده يف حمارب���ة الربغواطيني‬ ‫وإخراجه���م م���ن الهس���ول ومطاردهتم إىل‬ ‫اجلب���ال العالية‪ ،‬واكن الناس يؤيدونه يف لك‬ ‫أمعاله تلك‪ ،‬ألن الربغواطيني ومن انضم إلهيم‬ ‫اكنوا ال يكفون ع���ن أذى الزراع وأهل املدن‬ ‫وفرض املغارم علهيم‪ ،‬وقد متكن إدريس‬ ‫الثاين بنش���اطه املتصل م���ن إخراج‬ ‫مدن املغرب المشايل من س���لطان‬ ‫أولئك الربغواطيني‪ ،‬فاس���تخلص‬ ‫م���ن س���لطاهنم طنجة وس���بتة‬ ‫وأصي�ل�ا والعرائش ولك ريف‬ ‫تامس���نا‪ ،‬مث تص���دى هلم يف‬ ‫س���فوح جبال الري���ف‪ ،‬فأمن‬ ‫الناس يف الهسول والبوادي‪،‬‬ ‫وأخ���ذت ج���ذور احلض���ارة‬ ‫العربية ترضب يف معق الرتبة‬ ‫املغربية الكرمية‪ ،‬وحرص إدريس‬ ‫ع�ل�ى أن يأخ���ذ طاب���ع املجاهد‬ ‫يف س���بيل الدين‪ ،‬فعظم مقامه يف‬ ‫أعيهنم‪ ،‬واجهت���د كذلك يف أال يدخل‬ ‫يف مش���الك مع جريانه المشاليني ومه‬ ‫األمويون األندلس���يون‪ ،‬واح�ت�رز كذلك من‬ ‫األغالبة وس���ائر رجال ب�ن�ي العباس دون أن‬ ‫يلجأ إىل أي معل من أمعال العداء‪.‬‬ ‫هل���ذا جند أب���واب دولته – ال�ت�ي امتدت من‬ ‫تملس���ان إىل س���احل احمليط وم���ن طنجة‬ ‫وسبتة إىل إقلمي السوس – تتفتح لملهاجرين‬ ‫والتج���ار وط�ل�اب العمل والفقهاء والش���يوخ‬ ‫والش���عراء م���ن الرشق والغرب‪ ،‬ومن س���وء‬ ‫احل���ظ أن هذا الش���اب اكن قص�ي�ر العمر‪،‬‬ ‫ش���أنه يف ذلك شأن أبيه‪ ،‬فقد توىل سنة ‪177‬‬ ‫هـ‪ 793 /‬م وبعد أن حمك س���تا وثالثني س���نة‬ ‫جهري���ة‪ ،‬تويف يف ربيع األول س���نة ‪ 213‬هـ‪/‬‬ ‫مايو ‪ 828‬م عن ثالث ومخس�ي�ن سنة جهرية‬ ‫ويه س���ن صغرية‪ ،‬بعد أن ثبت دعامئ الدولة‬ ‫بعد حروب طويلة ومؤامرات خطرية من جانب‬ ‫خصومه من بين األغلب خاصة‪.‬‬

‫وعندما‬ ‫ثبتت أقدام إدريس الثاني في‬ ‫فاس بدأ بتعريب دولته‪ ،‬فإلى جانب‬ ‫من أعانه في تس� � � ��يير أمورها من البربر‬ ‫املستعربة أقبلت إلى فاس جماعات‬ ‫كثي� � � ��رة م� � � ��ن ع� � � ��رب إفريقية‬ ‫واألندلس‪،‬‬ ‫منطق���ة‬

‫جيري يف‬ ‫اكنت منطقة غابات وأجشار كثرية‪.‬‬ ‫وعندما ثبتت أق���دام إدريس الثاين يف فاس‬ ‫بدأ بتعري���ب دولته‪ ،‬فإىل جانب من أعانه يف‬ ‫تس���يري أمورها من الرببر املس���تعربة أقبلت‬ ‫إىل ف���اس مجاعات كثرية م���ن عرب إفريقية‬ ‫واألندلس‪ ،‬ومجتعت فهيا جاليات من القيسية‪ ‬‬ ‫واألزد وم���دجل وحيص���ب بل���غ مجموعه���ا‬ ‫مخمسائ���ة أهل بيت‪ ،‬واختذ إدريس لنفس���ه‬ ‫وزي���را م���ن األزد يمسى معري ب���ن مصعب‬ ‫امللجوم فأحس���ن القيام باألمر واستكرث من‬ ‫الع���رب يف اإلدارة ووظائ���ف الدولة‪ ،‬واختار‬ ‫للقضاء فقهيا من القيس���يني يمسى عامر بن‬ ‫دمحم بن س���عيد وعهد يف كتابت���ه إىل ابن‬

‫‪9‬‬


‫‪10‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫محور خاص‬

‫ضريح‬

‫مؤسس الدولة اإلسالمية‬ ‫بالمغرب‬ ‫يفتخر سكان مدينة موالي إدريس زرهون‪ ،‬بأن من بين‬ ‫ظهرانيهم ضريح موالي إدريس األكبر‪ ،‬باني الدولة‬ ‫اإلسالمية في المغرب‪.‬‬ ‫ويعتقد ساكن هذه املدينة أهنم حمظوظون ألن غالبيهتم ينتسبون‬ ‫إليه‪ ،‬وحيملون صفة «الرشفاء» واالنمتاء إىل جشرة آل البيت‪ .‬‬ ‫ونظرا ملاكنة الوايل يف نفوس الساكن‪ ،‬وأيضا يف نفوس املغاربة‬ ‫من خمتلف املناطق‪ ،‬فإن املومس الس����نوي الذي حتتضنه املدينة‬ ‫عن����د فص����ل لك صيف يبىق ل����ه طابع ممت��ي�ز‪ .‬إذ اكن وما زال‬ ‫رضحي م����والي إدريس األكرب قبلة للوافدي����ن والزوار‪ .‬وما ميزي‬ ‫االحتفاالت الس����نوية اليت تقام خصوص����ا به أهنا ال ختص أي‬ ‫توجه صويف‪ ،‬دون غريه‪ ،‬بل إهنا احتفاالت يشارك فهيا صوفيو‬ ‫الطريقة البودشيشية‪ ،‬والتيجانية‪ ،‬والكتانية وغريها‪ .‬‬ ‫قبائل وعائالت تش����د الرحال من شىت األقالمي واملناطق‪ ،‬لزيارة‬ ‫ال����وايل الصاحل‪ ،‬فللزي����ارة الس����نوية خصوصيهتا‪ ،‬ولك طرف‬ ‫جيهتد ق����در اإلماكن لتك����ون زيارته يف مس����توى ماكنة الوايل‬ ‫يف النف����وس‪ .‬هناك ما يع����رف بـ»الطايفة» أي أن لك قبيلة تلزتم‬ ‫بالزيارة الرمسية وفق جدولة زمنية حتددها جلنة تنظميية تهسر‬ ‫عىل حسن سري املومس السنوي‪ .‬‬ ‫هن����اك من جيلب األبقار واألغنام‪ ،‬وهن����اك من حيمل إىل الوايل‬ ‫المشوع املزركش����ة‪ ،‬واحللويات املتنوع����ة‪ ،‬وخمتلف اهلدايا مثل‬ ‫قطع الثوب األخرض الذي يكىس به «رضبوز» الويل الصاحل‪ .‬‬ ‫عن����د املدخل‪ ،‬يق����ف القامئون عىل ال��ض�رحي‪ ،‬ميعنون النظر يف‬ ‫الوافدين‪ ،‬وكأن األمر «إجراء أمنييت» إال أن املنطقة آمنة بطبعها‬ ‫وطبيعهتا‪ ،‬بل إن العائالت تسمتتع بوقهتا داخل الرضحي‪ .‬رجال‬ ‫جيلسون يتبادلون أطراف احلديث‪ ،‬ونساء يتحولقن‪ ،‬خيضن يف‬ ‫أحادي����ث هتمهن‪ .‬أما يف القاعة الفس����يحة اليت تؤوي الرضحي‪،‬‬ ‫فإن وفود النس����اء والرجال والصبي����ان ال تتوقف‪ .‬تقف الفتيات‬


‫محور خاص‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫الصغ��ي�رات يمتحسن جبنبات الرضحي‪ ،‬يمتمتن بعب����ارات خفية‪ ،‬يفهم مهنا أهنا بصدد التأكيد عىل‬ ‫حاج����ة معينة‪ .‬أما الفتيات‪ ،‬العانس����ات‪ ،‬فيجدن يف زيارة الرضحي مناس����بة لرف����ع أكف الرضاعة‬ ‫للحصول عىل زوج صاحل‪ ،‬خيلصهن من ش����بح العنوس����ة‪ .‬امله����م أن داخل الرضحي‪ ،‬للك‬ ‫واحد‪ ،‬أو واحدة حاجة‪ ،‬وغرض‪ ،‬يش��ك�ل الوايل‪ ،‬يف املعتقد‪ ،‬أنه وسيط لقضاهئا‪ .‬إال‬ ‫أن القامئ��ي�ن عىل الرضحي‪ ،‬حياولون إقناع الزوار أن الوايل ال ينفع وال يرض‪ ،‬بل‬ ‫إنه برش كس����ائر اخللق‪ ،‬لكن ما ميزيه‪ ،‬قربه من اهلل عز وجل‪ ،‬واخلدمة اليت‬ ‫أسداها لإلسالم‪ .‬‬ ‫يف البداي����ة‪ ،‬اكن مومس االحتفال مبوالي إدريس يقام يف فصل الربيع‪،‬‬ ‫إال أنه حتول تدرجييا لينظم خالل فصل الصيف‪ ،‬أي بعد االنهتاء من‬ ‫مومس احلصاد‪ ،‬وحىت يمتكن امجليع من اقتسام حلظات ربانية يف‬ ‫حرضة الويل‪ .‬يف الليايل اليت تقام مبناس����بة املومس السنوي‪ ،‬ترفع‬ ‫احلناجر لش����باب وش����يوخ من فرق املدحي والمساع الصويف‪ .‬ليايل‬ ‫س����اهرة‪ ،‬وحلقات ذكر‪ ،‬وقرآن يتىل‪ ،‬ودروس عملية ومواعظ وغريها‪،‬‬ ‫لكها أشاكل للتعبري عن ماكنة موالي إدريس يف النفوس‪ .‬‬ ‫بالنس����بة لساكن مدينة زرهون‪ ،‬فإن مومس موالي إدريس يعد فرصة‬ ‫لت��ل�احق األفاكر‪ ،‬وللتنافس الش����عري‪ ،‬أم����ا بيوت املن����ازل املجاورة‬ ‫لل��ض�رحي‪ ،‬فإهنا ال تغلق‪ ،‬وتظل مفتوحة يف وجه الزوار‪ .‬والدخول أي‬ ‫بيت يشاؤون‪ ،‬ليجدوا أمامهم الطعام والرشاب‪ ،‬ويسمتعوا إىل حلقات‬ ‫الذكر‪ ،‬مث يترصفوا‪ ،‬بعد أن يرفع دعاء مجايع‪ .‬فالغاية من اسمترارية‬ ‫االحتفال يف إطار املومس‪ ،‬يقول أحد الشبهييني يه الرتمح عىل روح‬ ‫موالي إدريس‪ ،‬واإلكثار من الصالة عىل النيب ىلص اهلل هيلع ملسو‪،‬‬ ‫واستحضار الفكر اإلساليم الوسيط الذي بنيت هيلع الدولة املغربية‪،‬‬ ‫اإلسالم السين الصويف‪ .‬‬ ‫وهك����ذا أحض����ت مدينة موالي‬ ‫إدريس زرهون‪ ،‬مدينة صوفية‬ ‫بامتياز‪ ،‬تعيش عىل إيقاع‬ ‫الذكر وأهازجي األمداح‬ ‫الصوفية‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫‪12‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫محور خاص‬

‫وليلي‬ ‫التي بويع بها إدريس األول‬


‫محور خاص‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫نكهة التاريخ العميق‬

‫‪13‬‬


‫‪14‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫محور خاص‬

‫وليلي‬

‫التي بويع بها إدريس األول ‪:‬‬ ‫نكهة التاريخ العميق‬ ‫تعد مدينة وليلي القريبة من موالي إدريس زرهون‪ ،‬من أهمّ المواقع األثرية‬ ‫المشهورة في المغرب‪ ،‬كما أنها تعد قبلة لسياح الداخل والخارج وواحدة من أشهر‬ ‫الحواضر القديمة في حوض المتوسط‪ ،‬كما تصنف ضمن التراث اإلنساني العالمي‪.‬‬ ‫ويعتبر موقعها التاريخي والحضاري‪ ،‬أهم موقع أثري على اإلطالق في المغرب ومن‬ ‫َ‬ ‫المحافظ عليها بشكل مضبوط‪ .‬تمثل وليلي‪ ،‬مدينة‬ ‫أحسن مواقع التراث العالمي‬ ‫قديمة عاشت أكثر من عشرة قرون بين الحضارة الموريطانية والحضارة اإلسالمية‪،‬‬ ‫مرورا بالحضارة الرومانية‪.‬‬


‫محور خاص‬ ‫تقع ولييل يف الوسط المشايل لململكة‪ ،‬وبالضبط يف جهة مكناس‬ ‫تافياللت‪ ،‬ع��ل�ى بعد ثالث����ة كيلومرتات من مدينة م����والي إدريس‬‫زرهون‪ ،‬وب‪ 25‬كيلومرتا ع����ن مدينة مكناس‪ ،‬وب‪ 60‬لكم من مدينة‬ ‫فاس‪.‬‬ ‫تصل املساحة اإلمجالية لملدينة‪ ،‬مكا حيدد ذلك السور الروماين‪،‬‬ ‫إىل م����ا يناهز ‪ 42‬هكتارا‪ ،‬مل يكتش����ف مهنا حىت اآلن‪( ،‬منذ بداية‬ ‫احلفريات األثرية فهيا س����نة ‪ ،)1915‬إال النصف وما يزال النصف‬ ‫اآلخر حتت األنقاض وما زالت أمعال البحث مسمترة كذلك للكشف‬ ‫مع����ا خي ّبئه هذا املوقع الذي جيلب باس��ت�مرار أعدادا مزتايدة من‬ ‫الس����ياح املغارب����ة واألجانب‪ .‬وما ميزي ولييل لي����س فقط محولهتا‬ ‫التارخيية‪ ،‬بل كذلك حميطه����ا الطبييع‪ ،‬اخلالب واملتنوع ومعاملها‬ ‫األثرية واملعامرية‪ ،‬الشاهدة عىل قدمها وإشعاعها‪.‬‬ ‫يتأل����ف موق����ع ولييل األث����ري من بناي����ات ومآثر‪ ،‬مهن����ا ما يرجع‬ ‫إىل احلض����ارة املورية اليت خلقها الس��ك�ان احملليون‪ ،‬ومهنا ما‬ ‫يع����ود إىل الفرتة الرومانية‪ ،‬ومهنا م����ا يهشد عىل فرتات متأخرة‪،‬‬ ‫اكحلقبتني املس����يحية واإلس��ل�امية‪ .‬ومن أمه املعامل اليت تش��ت�هر‬ ‫هب����ا ولييل املنازل الفخمة اليت تزخر بصهارجيها املائية وفناءاهتا‬ ‫الواس����عة وفسيفس����اهئا املتنوعة اليت حتيك عن أساطري إغريقية‬ ‫ورومانية وبناءاهتا العمومية‪ ،‬كقرص العدالة وساحة الفورم واملعبد‬ ‫الرئييس‪ ،‬إضافة إىل معاب َد أخرى ومحامات معومية وخصوصية‪.‬‬ ‫وتش��ت�هر ولييل‪ ،‬كذلك‪ ،‬بقوس النرص‪ ،‬الذي يتوسطها‪ ،‬والذي بين‬ ‫سنة ‪ 217‬م إهداء لإلمرباطور اكرااكال‪ ،‬ذي األصول اإلفريقية‪ .‬مكا‬ ‫تشهتر بفسيفساهئا الغنية واحملفوظة بعني املاكن وبعدد هائل من‬ ‫النقوش الالتينية (أكرث من ‪ 300‬نقيشة) حيث جتعل مهنا أمه مدينة‬ ‫قدمية يف العامل اكت ُِش����ف فهيا هذا العدد م����ن النقوش‪ .‬وقد بين‬ ‫إشعاعها االقتصادي عىل النشاط الفاليح‪ ،‬وخصوصا منه الحمق‬ ‫والزيتون‪ ،‬حيث اكت ُِش����فت داخلها ع����دة خمابز ومعارص للزيتون‪.‬‬ ‫وتنتظ����م هذه املعامل‪ ،‬اليت مت ترمميها منذ ثالثينات القرن املايض‪،‬‬ ‫يف مجموعات معامرية تفصل بيهنا شوارع وأزقة مستقمية وأخرى‬ ‫ملتوية‪ ،‬مكا حيد املدين َة سو ٌر روماين‬ ‫بين سنة ‪169-168‬م»‪.‬‬ ‫ترجع بعض النقوش البونيقية والليبية‬ ‫مبدينة ولييل إىل الق����رن الثالث قبل‬ ‫املي��ل�اد‪ ،‬أي إىل أكرث من ثالثة قرون‬ ‫فبل دخول الرومان إىل املغرب‪ ،‬الذي‬ ‫س����يصبح «إقلمي����ا» رومانيا حوايل‬ ‫‪40‬م‪ .‬وإضاف����ة إىل هذه النقوش اليت‬ ‫ت����دل عىل ه����ذه الف��ت�رة اليت تمسى‬ ‫«احلقب����ة املورية»‪ ،‬نس����بة إىل اململكة‬ ‫املورية‪ ،‬هناك مجموعة مهمة من املعابد‬ ‫واألف����ران اخلزفي����ة وامل����واد النقدية‬ ‫واخلزفية‪ .‬وقد توسعت املدينة املورية‬ ‫خالل ف��ت�رة حمك امللك يوب����ا الثاين‬ ‫وابنه بطلميوس‪ ،‬الذي س����يلىق حتفه‬ ‫ع��ل�ى يد اإلمرباط����ور اكليكوال‪ ،‬حيث‬ ‫اكن ذل����ك إيذانا بهناية ه����ذه اململكة‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪15‬‬

‫وبداية احلمك املبارش لروما‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬عرفت مدينة ولييل توسعا‬ ‫معامريا وتنظميا جدي����دا‪ ،‬خصوصا خالل القرنني الثاين والثالث‬ ‫امليالديني‪ .‬وخالل هناية هذا القرن األخري‪ ،‬تراجع اجليش واإلدارة‬ ‫الروماني��ي�ن من ولييل ومن جنوب موريطانيا الطنجية وجهر بعض‬ ‫الساكن وبيق آخرون‪ .‬وخالل القرن اخلامس والسادس امليالديني‪،‬‬ ‫انبعثت املدينة من جديد مع فرتة جديدة متزيت باحلضور املسيحي‪.‬‬ ‫ومبيجء إدريس األول إىل املغرب من الرشق‪ .‬واستنادا إىل نسبه‬ ‫الرشيف إىل الرسول (ص) بويع يف ولييل أمريا لملؤمنني ومؤسسا‬ ‫للدولة اإلدريس����ية‪ .‬وقد هشدت املدينة إشعاعا جديدا خالل الفرتة‬ ‫اإلسالمية قبل وخالل مرحلة إدريس األول‪ .‬‬ ‫س����ل موقع ولييل األثري عىل قامئة الرتاث العاملي س����نة ‪،1997‬‬ ‫جُ ِ ّ‬ ‫اعتب����ارا لقميت����ه العاملية االس����تثنائية‪ ،‬حيث يش��ك�ل مكونا أثريا‬ ‫وهندسيا وفنيا محميا وحمافظا هيلع وميثل مدينة متوسطية مزدهرة‬ ‫خ��ل�ال العصور القدمية‪ .‬يهشد ه����ذا املوقع عىل تالحق التأثريات‪،‬‬ ‫من����ذ القدم حىت الفرتة اإلس��ل�امية‪ ،‬وتربز هذه التأثريات مجموعة‬ ‫من الثقاف����ات اكملورية والليبية والبونيقية واملتوس����طية والرومانية‬ ‫واإلسالمية واإلفريقية واملسيحية والهيودية‪ .‬مكا يهشد عىل متازج‬ ‫الدالئل األثرية واملعامرية واهلندسية مع حميطه الثقايف‪ ،‬الذي يربز‬ ‫عدة حضارات س����ابقة‪ .‬وتبعا هلذا‪ ،‬فإن املوقع شكلّ بؤرة هلجرات‬ ‫اإلنسان والتقاليد والثقافات اكلليبية ‪-‬األمازيغية والرومانية واملورية‬ ‫واإلسالمية واملسيحية‪ .‬مكا أنه ُيعبرّ عن محولة تارخيية كربى مبنية‬ ‫عىل أحداث ومعتقدات وأفاكر جعلت منه موقعا استثنائيا‪.‬‬ ‫يمتزي موقع ولييل خبصوصيته اهلندس����ية اليت متزج بني املعامر‬ ‫عىل املنبس����طات واملعامر عىل املس����طحات ومبكونات����ه املعامرية‪،‬‬ ‫اليت اتبعت عدة معاي��ي�ر يف البناء والزخرفة‪ .‬مكا يمتزي باندماجه‬ ‫يف حميط����ه الطبي��ع�ي والثق����ايف‪ ،‬اللذين ما ي����زاال حيافظان عىل‬ ‫خصائصه��م�ا‪ .‬وقد أصبح هذا احمليط‪ ،‬منذ س����نة ‪ ،2008‬محميا‬ ‫كذلك بق����رار ملركز الرتاث العاملي‪ ،‬بعدم����ا اكن محميا مند ‪1920‬‬ ‫بظهري مليك‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫أبحاث ومقاالت‬

‫في زمن األزمة المالية العالمية‪ ،‬السؤال يطرح نفسه‪:‬‬

‫صندوق الزكاة‬

‫متى يرى النور على أرض الواقع؟‬ ‫الزكاة‪ ،‬أحد األركان الخمسة لإلسالم‪ ،‬قرنت بالصالة في القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬عند اثنين وثمانين موقعا‪ ،‬كما دلت عليها عدة أحاديث نبوية‬ ‫شريفة‪ .‬جعلها اهلل حقا في أموال األغنياء للفقراء بنسبة معينة‪،‬‬ ‫تسمى «النصاب» في لغة الفقه‪.‬‬

‫والزاكة يف اإلس�ل�ام عبادة مالية واجب���ة‪ ،‬معقولة املعىن‪ ،‬بينة األهداف‬ ‫واملقاصد‪ .‬يف نظر الفقه���اء وعملاء الدين‪ ،‬تطهر النفوس من داء الحش‬ ‫والبخل‪ ،‬وتع���ود املؤمنني البذل والخساء‪ ،‬وت���رخس فهيم فضيلة الكرم‬ ‫وفضيل���ة ش���كر النعم اليت ال تع���د وال حتىص‪ ،‬وفهيا حف���ظ لألموال‬ ‫وصيانهت���ا من تطلع األعني وامتداد األي���دي بالرسقة والغصب‪ ،‬وهبا‬ ‫يس���ود التاكفل وتزول األحق���اد الطبقية وتطهر العالق���ات من البغض‬ ‫االجمتايع‪ ،‬وتع�ي�ن الفقراء واحملتاجني عىل جتاوز األزمات واالندماج‬ ‫من جديد يف نس���يج املجمتع واملس���امهة يف التمنية وجعل قمي الرمحة‬ ‫والكرامة واقعا معاشا ال جمرد مبادئ حبيسة الكتب واخلطب‪.‬‬ ‫هل���ذه األبعاد الكب�ي�رة والنبيلة للزاكة‪ ،‬مل يرتك أمرها لألفراد حبس���ب‬ ‫إمياهنم وتقوامه وإمنا جعل تنظميها من مسؤولية الدولة ومن مهام أمري‬ ‫املؤمنني ودور أولياء األمور‪.‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} التوبة (آية ‪)103‬‬ ‫واخلطاب للنيب ىلص اهلل هيلع ملسو وللك من ييل أمر املس�ل�مني من‬ ‫بعده ألخذ الزاكة من األغنياء وردها عىل الفقراء‪ .‬وجاء يف الصحيحني‪:‬‬ ‫م���ن حديث ابن عباس‪ ،‬أن النيب ىلص اهلل هيلع ملسو حني بعث معاذا‬ ‫إىل المي���ن قال له‪« :‬أعملهم أن اهلل اف�ت�رض علهيم من أمواهلم صدقة‬ ‫تؤخ���ذ من أغنياهئ���م‪ ،‬فرتد عىل فقراهئم‪ ،‬ف���إن مه أطاعوك لذلك فإياك‬ ‫وكرامئ أمواهلم‪ ،‬واتق دعوة املظلوم‪ ،‬فإنه ليس بيهنا وبني هلل جحاب»‪.‬‬ ‫وال���زاكة باملع�ن�ى الديين‪ ،‬أداة أساس���ية لتفعيل التاكف���ل بني خمتلف‬ ‫الرشاحئ االجمتاعية‪ /‬خاصية إس�ل�امية جعلها اإلسالم‪ ،‬لتكون نظاما‬ ‫لرتبية روح املسمل ومضريه وخشصيته عىل التضامن والتآزر‪ .‬ال يوجد‬ ‫مثيال هلا‪ ،‬ال عند الهيود وال عند النصارى‪ /،‬هدفها األس���ايس‪ ،‬مضان‬ ‫األمن واالس���تقرار باملجمتع‪ ،‬ومحاية كرامة اإلنس���ان باإلخاء والتطوع‬ ‫واإلنفاق القامئ عىل القمي واألخالق‪.‬‬ ‫وإن املتأمل يف موقع الزاكة يف احلياة اإلس�ل�امية‪ ،‬س���يجدها بال شك‬ ‫ذات ش���أن عظمي يف النظام االقتصادي‪ ،‬إذ ما مت تطبيقها بعمل وإميان‪،‬‬ ‫أي إذا أخذت مبقاييس ورشوط السياسة املالية واالقتصادية للدولة‪.‬‬

‫فالعديد من الفقهاء والباحثني يف القضايا اإلسالمية‪ ،‬يعتربون الزاكة‪،‬‬ ‫أداة ثقافي���ة‪ ،‬من ش���أهنا أن تلعب دورا فعاال يف حتس�ي�ن توزيع املال‬ ‫ب�ي�ن األغنياء والفقراء‪ ،‬وتوفري حد الكفاية لملحتاجني‪ .‬ومن ش���أهنا أن‬ ‫تقوم بدور مماثل يف اإلنتاج واالس���تمثار لص���احل الفائت االجمتاعية‬ ‫احملتاجة‪ ،‬خاصة إذا ما اجتهت إىل الرفع من قمية الرأمسال البرشي‪،‬‬ ‫بإنقاذه وتعلميه وتشغيله‪.‬‬ ‫والزاكة حتتل ماكنة بارزة يف ثقافة التاكفل اإلساليم‪ ،‬إهنا ركن ممتزي‬ ‫من أراكن اإلسالم ال تمكل العقيدة إال باإلميان بوجوده‪ ،‬ويه عبادة من‬ ‫عباداته الرئيسية‪ ،‬حتتضن مجموعة من القمي اليت ال غىن عهنا لإلنسان‬ ‫الذي يتوق إىل العدل واألمن والسعادة‪.‬‬ ‫والزاكة قبل ذل���ك وبعده‪ ،‬تأيت يف البناء اإلس�ل�ايم‪ ،‬مقرونة بالصالة‬ ‫سواء يف كتاب اهلل العزيز‪ ،‬أو يف السنة النبوية‪ .‬عىل أهنا ختتلف عن‬ ‫العبادات األخرى‪ :‬الصالة‪ /‬ص���وم رمضان‪ /‬جح بيت اهلل احلرام‪ ،‬ذلك‬ ‫أن هذه األخرية عبادات بدنية‪ ،‬والزاكة عبادة مالية جتسم بشلك واحض‬ ‫وبني ال لبس فيه‪ ،‬ماكنة املال يف اإلسالم‪ ،‬ونظرته إليه‪ ،‬وإىل استخداماته‬ ‫لصاحل اإلنسان الذي جعله اهلل سبحانه مستخلفا ومترصفا فيه‪.‬‬ ‫بذلك اكنت الزاكة وما تزال –حس���ب مفهومها اللغوي‪ -‬يه تطهري املال‬ ‫من املغاالة يف حب اإلنس���ان إليه ومما قد يدنس���ه من سوء استعامل‪،‬‬ ‫أو من احتاكر املترصف فيه‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬وال يحس�بن الذين يبخلون مبا‬ ‫أتاهم اهلل من فضله هو خيرا لهم‪ ،‬بل هو ش��ر لهم‪ ،‬س��يطوقون ما بخلوا‬ ‫به ي��وم القيامة‪ .‬وهلل ميراث الس��ماوات واألرض‪ ،‬واهلل مبا تعملون خبير}‬ ‫صدق اهلل العظمي آل معران (آية ‪.)108‬‬ ‫وق���ال تعاىل‪{ :‬والذين يكن��زون الذهب والفضة وال ينفقونها في س��بيل‬ ‫اهلل فبش��رهم بعذاب أليم‪ ،‬ي��وم يحمى عليها في ن��ار جهنم‪ ،‬فتكوى بها‬ ‫جباهه��م وجنوبه��م وظهورهم هذا ما كنزمت ألنفس��كم فذوق��وا ما كنتم‬ ‫تكنزون} صدق اهلل العظيم التوبة (آية ‪ 34‬و‪.)35‬‬ ‫ويه حسب املفهوم األخاليق‪ ،‬بلورة قمي التضامن بني أغنياء املسملني‪،‬‬ ‫قال عيل كرم اهلل وجهه‪ :‬إن اهلل فرض عىل أغنياء املسملني يف أمواهلم‬


‫أبحاث ومقاالت‬ ‫بالقدر الذي يسع فقراهئم ولن جيهد الفقراء إذا جاعوا أو عروا إال مبا‬ ‫صنع أغنياؤمه‪ ،‬أال وإن هلل حياس�ب�هم حسابا عسريا أو يعذهبم عذابا‬ ‫ألميا‪.‬‬ ‫بذل���ك يكون اإلس�ل�ام قد وضع حال واحضا للفق���ر بالتضامن والتآزر‬ ‫والتاكفل‪ ،‬بالزكوات والصدقات والكفارات والتربعات وجعل اإلس�ل�ام‬ ‫مهنا عالجا شافيا للك اآلفات واألمراض الناجتة عن الفقر وتداعياته‪...‬‬ ‫فاملس�ل�م املؤمن ه���و الذي يؤدي م���ا هيلع من واجب التاكف���ل والتآزر‬ ‫والتضامن مع املس�ل�مني الذين يوجدون يف أوض���اع اجمتاعية مزرية‬ ‫أو يعانون من الفقر وصعوبة مضان مس���توى كرمي من العيش والسكن‬ ‫والصحة والتعلمي‪ ...‬فليك تكون مس�ل�ما‪ ،‬ال يكيف أن تؤدي ما عليك من‬ ‫واجبات العبادة اجلس���دية‪ ،‬ولكن أيضا أن تؤدي ما عليك من الواجبات‬ ‫املادية‪ ،‬ويف مقدماهتا الزاكة‪ ...‬اليت يه روح التضامن مع اآلخرين يف‬ ‫الشدائد واحملن‪.‬‬ ‫والش���ك‪ ،‬أن اتس���اع دائرة الفقر يف بالدنا‪ ،‬لألس���باب ال�ت�ي نعرفها‬ ‫مجيعا‪ ،‬أصبح يتطلب بش�ك�ل ملح‪ ،‬حض���ورا دامئا للتضامن وتفصيال‬ ‫دامئا لثقافته‪ ،‬ملواجهة املظاهر‬ ‫املؤسفة واجلارحة اليت محلهتا‬ ‫رياح الفقر عىل أكرث من صعيد‬ ‫وعىل أكرث من مستوى‪.‬‬ ‫ويف اعتقادن���ا أن بلورة ثقافة‬ ‫التضام���ن‪ ،‬ال ميكهنا أن تأيت‬ ‫بنتاجئ إجيابي���ة وفاعلة خارج‬ ‫رشوطه���ا املوضوعي���ة‪ ،‬ويه‬ ‫إجياد مقاربات تمنوية جديدة‪،‬‬ ‫وتعبئة شاملة ضد لك أشاكل‬ ‫الفس���اد وثقافته‪ ،‬مقابل تعميق‬ ‫القمي اإلس�ل�امية‪ ،‬يف الوجدان‬ ‫الوطين‪.‬‬ ‫يف هذا اإلطار‪ ،‬طالبت أصوات‬ ‫عديدة‪ ،‬يف السنوات املاضية‪،‬‬ ‫بإخراج قانون ال���زاكة‪ /‬األداة‬ ‫األساس���ية للتضامن‪ ،‬وإنشاء‬ ‫مؤسس���ة جلبايهت���ا وتوزيعها‬ ‫عىل مس���تحقهيا بالقس���طاس‬ ‫وفقا لملبادئ اإلسالمية‪.‬‬ ‫فيف نظر العمل���اء واملثقفني املغاربة‪ ،‬الذين طالبوا بإخراج هذا القانون‪،‬‬ ‫من شأن الزاكة أن تلعب دورا هاما إذا ما طبقت عىل حقيقهتا‪ ،‬وبصفة‬ ‫خاصة إذا أخذت باالعتبار يف السياس���ة االقتصادي���ة واملالية للدولة‪،‬‬ ‫وواكبهتا إجراءات تس���اير املهنج اإلساليم يف التداول النقدي واملايل‪،‬‬ ‫فق���د يكون هلا يف نظر هؤالء العمل���اء‪ ،‬دور فعال يف توفري حد الكفاية‬ ‫مجلي���ع املواطنني‪ ،‬مبا فهيم أبناء الس���بيل واملهاجرين والالجئني‪ ،‬فإذا‬ ‫اكن حترمي الربا مينع قاعدة الرثوات من التمخض املريض غري العادي‪،‬‬ ‫وإذا اكن امل�ي�راث جيزئ هرم ث���روات املتوىف إىل أهرام أصغر جحام‪،‬‬ ‫فإن الزاكة تقوم سنويا باالقتطاع املتواصل من جحم هذه األهرام لفائدة‬ ‫من ال هرم هلم‪ ،‬عىل أن هذا االقتطاع قليل يف نس���بته‪ ،‬لكنه قد يصبح‬ ‫هاما مع السنني يف حالة ركود املال وكزنه‪.)1(1‬‬ ‫ومن شأن هذه السياسة اإلسالمية يف حترير املال من الكزن واالحتاكر‪،‬‬ ‫ويف حتس�ي�ن توزيع���ه‪ ،‬أن متنع التمخض املايل‪ ،‬وتهسل س���يولته‪ .‬وقد‬ ‫تقوم الزاكة بدور هام يف اإلنتاج واالس���تمثار‪ ،‬ألهنا ستهسم يف الرفع‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪17‬‬

‫من قمية الرأمسال البرشي مبس���اعدة القادرين من الناس عىل العمل‪،‬‬ ‫وتأهيلهم ليصبحوا منتج�ي�ن بدل أن يلبثوا عاطلني وعالة عىل املجمتع‪.‬‬ ‫وإن كث�ي�را من الفقهاء املعارصين أجازوا منح قروض من أموال الزاكة‬ ‫لتجشي���ع العاملني عىل املب���ادرة والتحرك يف س���بيل اإلنتاج وهذا ما‬ ‫يس���اعد عىل إنعاش املجاالت االقتصادي���ة املختلفة من زراعة وصناعة‬ ‫وجتارة ومهن حرة نافعة‪.‬‬ ‫إن املال مال اهلل‪ ،‬واإلنس���ان مستخلف فيه‪{ ،‬آمنوا باهلل ورسوله وأنفقوا‬ ‫مم��ا جعلكم مس��تخلفني فيه فالذين آمن��وا منكم وانفقوا له��م آجر كبير}‬ ‫احلديد (آية‪ )7 :‬ولك إنس���ان عضو يف جممت���ع ما إال وله حق يف هذا‬ ‫املال ألن احلياة املش�ت�ركة يف املجمتع مبنية عىل التضامن يف املصاحل‬ ‫والتع���اون يف ال�س�راء والرضاء‪ ،‬ولك عضو حمت���اج بصفة أو بأخرى‬ ‫إىل اآلخري���ن‪ ،‬وحىت مبدأ تاكفؤ الفرص الذي يزمع النظام اللبريايل أو‬ ‫الرأمسايل أنه ميكن امجليع من العمل والرحب واحلياة العادية‪ ،‬إمنا هو‬ ‫نس�ب�ي وغري متيرس التطبيق يف غالب األحيان ملا بني األفراد من فروق‬ ‫يف األوض���اع األرسوية والظ���روف االجمتاعية والثقافي���ة والذاتية من‬ ‫حيث سالمة اجلسم والقدرات‬ ‫الفكرية والوجدانية‪ ،‬وقد يكون‬ ‫مصدر ع���دم تاكف���ؤ الفرص‬ ‫واألوضاع من عند اهلل الذي‬ ‫خيلق ويرزق كيف يش���اء‪ ،‬أو‬ ‫من املجمتع نفسه حيث يصبح‬ ‫املواطن حضي���ة لظمل املجمتع‬ ‫أو حلادث مهين أو لسوء تدبري‬ ‫األمور‪ ،‬فينتج عن ذلك عاطلون‬ ‫أو متس���ولون أو مهاجرون أو‬ ‫م���رىض نفس���يون‪ .‬يف مجيع‬ ‫هذه احل���االت يقتىض العدل‬ ‫والتضام���ن واألخ���ذ بيد ذوي‬ ‫احلاجة‪ ،‬سواء اكنت ظرفية أو‬ ‫دامئة اكلعج���ز الظريف حبمك‬ ‫الطفولة أو التقدم يف الس���ن‪،‬‬ ‫أو العجز ال���دامئ حبمك الفقر‬ ‫واآلفة اجلمسية أو النفسية‪.‬‬ ‫والس���ؤال الي���وم‪ ،‬وبعد ظهور‬ ‫األزمة املالي���ة العاملية‪ ،‬وظهور‬ ‫تداعياهتا علينا‪ ،‬اقتصاديا واجمتاعيا وسياس���يا‪ ،‬أال يحق لنا أن نعود‬ ‫إلى أصولنا اإلسالمية ؟ أال تنفع الزكاة كفرض ديني‪ ،‬وحل اجتماعي‪/‬‬ ‫اقتصادي‪ ،‬لهذه األزمة وتداعياتها؟‬

‫لماذا لم نخرج صندوق الزكاة إلى النور حتى اآلن؟‬ ‫م��ا ه��و دور وزارة األوق��اف والش��ؤون اإلس�لامية ف��ي إخراجه إلى‬ ‫الوجود‪..‬؟‬ ‫ما ه��و دور العلم��اء وهيئاته��م المتع��ددة‪ ،‬في بل��ورة قانون هذا‬ ‫الصندوق ؟‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ - )1‬دمحم بلبشري احلسين‪ /‬الزاكة ترمز إىل مجموعة من القمي اكلعدل واحلق وحفظ الكرامة‪.‬‬ ‫‪ -‬جريدة احلركة‪ 22 /‬مارس ‪ 2002‬ص‪.5:‬‬


‫‪18‬‬

‫زهور‬

‫أبحاث ومقاالت‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫هذه قيم‬ ‫التضامن‪...‬‬

‫أفال تنظرون؟‬

‫من أهداف جمعية زهور األساسية‪ ،‬التضامن‪.‬‬ ‫والتضامن‪ ،‬كما تصوغه مبادئ هذه الجمعية‪ ،‬ليس كلمة قاموسية تطل‬ ‫علينا في المناسبات الدينية‪ ،‬أو االجتماعية‪ .‬إنها قبل كل شيء خلق إسالمي‪،‬‬ ‫يبرز النزعة اإلنسانية التي يعتمدها الدين اإلسالمي الحنيف في بناء مجتمع‬ ‫المسلمين‪ ،‬تحتل موقعها في حياتنا كلما تحركت أداة اإلنقاذ من الكوارث‪،‬‬ ‫أو أداة التخفيف من وطأة الفقر وبؤسه‪.‬‬ ‫والتضامن بصيغته اإلس�ل�امية‪ ،‬واجب عىل لك مس�ل�م‪ ،‬فاملسمل يؤدي‬ ‫واج���ب التاكفل والتضام���ن والتآزر مضن منظوم���ة واجباته األخرى‪،‬‬ ‫مادامت أس���باب ذلك قامئة‪ .‬فالفقر والهتمي���ش والفاقة‪ ،‬تعين صعوبة‬ ‫مض���ان عيش كرمي‪ ،‬وهو ما جيع���ل التضامن واجبا دينيا ال يقل أمهية‬ ‫عن بايق الواجبات األخرى‪ ،‬ذلك ألن التضامن يف مفاهميه الدينية‪ ،‬هو‬ ‫اإلعالن املبديئ لهناية عهد الالمساواة‪ /‬عهد اجلاهلية االجمتاعية‪ ،‬الذي‬ ‫ميتد يف حياة األمة املس�ل�مة‪ ،‬وحياة اإلنسان املسمل‪ ،‬خارج لك برجمة‬ ‫أو ختطيط أو فلسفة سياسية‪.‬‬ ‫وللتضامن يف صيغته اإلس�ل�امية‪ ،‬آليات مرسومة‪ ،‬مهنا الرب والرتامح‬ ‫والتعاطف والتعايش ورصف الصدقات والكفارات والتربعات‪ ،‬إذ أعىط‬ ‫اإلسالم احلنيف املثال والقدوة‪ ،‬تاراك اآلمال معلقة عىل مدى استجابة‬ ‫املسمل الذي يتحمل املسؤولية االجمتاعية اليت أناط اإلسالم هبا املجمتع‬ ‫اإلس�ل�ايم‪ ،‬ذلك ألن التضام���ن إرادة مرشوطة باملش���اركة امجلاعية‪،‬‬ ‫يتحمل امجليع مسؤوليته فهيا‪...‬‬ ‫ومغربيا‪ ،‬اكن التضامن دامئا هوية اجمتاعية‪ ،‬فاملغرب بلد‬ ‫مس�ل�م‪ ،‬ذو تقاليد عريقة قامئة عىل مبدأ التضامن‪ ،‬جسل‬ ‫دامئا التحام املواطنني لكام أحسوا خبطر هيدد جممتعهم‪.‬‬ ‫فاكن التضامن دامئ���ا قامئا يف مجتعاهتم القبلية واملهنية‬ ‫والعائلي���ة‪ ،‬مك���ا اكن ح���ارضا باس�ت�مرار يف تقاليدمه‬

‫وأعرافهم وثقافهتم الشعبية‪.‬‬ ‫إن تربية املواطن املغريب‪ ،‬منذ مائت الس���نني قامت عىل ثقافة التضامن‬ ‫والت���آزر‪ .‬جتاوزت النطاق الظريف ملواجهة ح���االت الفقر‪ ،‬لتكرس عنده‬ ‫املس���اواة يف العيش الكرمي‪ ،‬ويف الكفاف والعفاف‪ .‬ولتكرس عنده ردم‬ ‫جفوات التباعد بني أفراد املجمتع الواحد واحلي الواحد والقرية الواحدة‪،‬‬ ‫ولتكرس عنده أيضا املس���اواة يف مواجه���ة املصاعب والكوارث‬ ‫بالقدر الذي يكفل التخفيف مهنا واحلد من‬ ‫مضاعفاهتا‪.‬‬ ‫لذلك تعتقد‬ ‫مجعي���ة‬ ‫زه���ور أن‬


‫أبحاث ومقاالت‬ ‫التضام���ن ال هيدف فقط إىل مس���اعدة عينات م���ن الفقراء احملتاجني‬ ‫ولكنه باألساس‪ ،‬يسىع إىل رمس خطوات أوىل باجتاه حتسيس القميني‬ ‫عىل االقتصاد االجمتايع‪ ،‬بوجوب تش���ييد قمية التضامن االجمتايع‬ ‫ك�ش�رط من الرشوط الرضورية لملحافظة عىل س�ل�م اجمتايع ال ترض‬ ‫فيه األغلبية الفقرية ملصلحة قلة قليلة من فاحيش للرثاء‪.‬‬ ‫إن فلس���فة التضامن‪ ،‬ومفاهمي���ه األخالقية والديني���ة انطالقا من هذا‬ ‫املنظور‪ ،‬يف نظرنا تفرض عىل املجمتع املدين‪ ،‬وعىل اكفة املؤسس���ات‬ ‫احلقوقي���ة واالجمتاعي���ة‪ ،‬ممارس���ة املزيد من الضغط عىل املس���ؤولني‬ ‫السياس���يني واالقتصادي�ي�ن واملاليني‪ ،‬بقصد محتل مس���ؤولياهتم إزاء‬ ‫مسألة التضامن الذي ينبيغ أن يكون نضاال حقيقيا‪ ،‬يوازيه نضال بناء‬ ‫دولة احلق والقانون‪.‬‬ ‫وبفضل مفاهميه السياس���ية‪ ،‬يرتبط مفهوم التضامن يف نظرنا مبفهوم‬ ‫املواطنة وحقوق اإلنس���ان واحلق يف الشغل والصحة والسكن والتعلمي‬ ‫وال���رأي واالنمت���اء وغريها من احلق���وق األخ���رى‪ ،‬فاملواطن احلقييق‪/‬‬ ‫الصاحل‪ ،‬هو الذي يؤدي ما هيلع من واجبات التاكفل والتآزر والتضامن‬ ‫م���ع املواطنني اآلخرين الذي���ن يوجدون يف أوض���اع اجمتاعية مزرية‪/‬‬ ‫يعانون من الفقر والهتميش والفاقة وصعوبة مضان مس���توى كرمي من‬ ‫العي���ش‪ ،‬إهنا واجبات املواطنة‪ .‬فأن تكون مواطنا‪ ،‬ال يكيف أن تكون لك‬ ‫جنسية الوطن الذي أنت عىل أرضه‪ ،‬تنعم خبرياته وحقوقه‪ ،‬ولكن أيضا‬ ‫أن تك���ون متضامنا مع فقرائه‪ ،‬ومع احملتاجني إىل العون واملس���اعدة‬ ‫من أبنائه‪.‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪19‬‬

‫وألن احل���س بقمي املواطنة‪ ،‬وبقمي الدين اإلس�ل�ايم ل���دى أمتنا مازال‬ ‫متقدا مش���تعال يف صفوف أبناهئا مع مجي���ع الرشاحئ والطبقات‪ ،‬وال‬ ‫يزال يش�ك�ل مهامزا لتحريك ق�ي�م التضامن والتاكف���ل والتعاون عىل‬ ‫ال�ب�ر والتقوى ب�ي�ن الناس‪ ،‬وعدم قطع ال���رمح املوصولة باخلالق‪ ،‬تؤكد‬ ‫مجعيتنا‪ /‬مجعية زهور‪ ،‬أن س���بل التضامن واخلري واإلحسان متعددة‬ ‫أمامنا لرىض اهلل‪ ،‬فأمامنا اليوم مش���اريع ومجعيات وحاالت لرصف‬ ‫األموال يف الصدقات اجلارية اليت يصل ثواهبا مادامت منفعهتا قامئة‬ ‫للذين ترصف ألجلهم‪.‬‬

‫أفال تنظرون؟‬ ‫‪ z‬محمد أبو ياسين‬


‫‪20‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫أبحاث ومقاالت‬

‫لغة الدستور األولى‬ ‫إلى متى تظل حبرا على ورق؟‬ ‫دخل المغرب (خالل شهر غشت‪ ،‬لسنة ‪ )2011‬في عهد دستور جديد‪ ،‬هو‬ ‫السادس في تاريخه الحديث‪ ،‬دستور يؤكد بشفافية ووضوح ما جاء في‬ ‫الدساتير السابقة‪“ .‬إن اللغة العربية‪ ،‬لغة رسمية أولى للمغرب وأن الدولة‬ ‫تتعهد بحمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها”‪.‬‬

‫محمد أديب السالوي‬

‫وم���ن املفارقات العجيب���ة‪ ،‬أن يأيت هذا‬ ‫ ‬ ‫االقرار الدس���توري اهلائل والرائع‪ ،‬يف زمن يتسم‬ ‫برتاجع خطري هلذه اللغة يف لك القطاعات احليوية‬ ‫للدولة‪ ،‬من االقتصاد إىل اإلدارة‪ ،‬ومن األعالم إىل‬ ‫الرتبية والتعلمي‪ ،‬حيث يمت اعمتاد اللغة الفرنس���ية‬ ‫لكغة أوىل‪ ،‬عىل مس���توى املامرسة والفعل‪ ،‬خارج‬ ‫أوفاق الدستور وخارج القمي الوطنية‪ ،‬أكرث من ذلك‪،‬‬ ‫يأيت هذا االقرار الدستوري‪ ،‬يف وقت‪.‬‬ ‫ت���زداد فيه احل���رب ال�ت�ي تقوده���ا الفرنكوفونية‬ ‫وأنصاره���ا عىل العدي���د من املس���تويات الفكرية‬ ‫والسياسية والثقافية واإلعالمية‪.‬‬ ‫ت���زداد فيه احلرب اليت يقوده���ا أنصار األمازيغية‬ ‫الذي���ن يرون يف اللغ���ة العربية لغ���ة وافدة‪ ،‬ينبيغ‬ ‫التعامل معها لكغة أجنبية!؟‬ ‫تزداد فيه احلرب اليت يقودها أنصار اللغة الدارجة‪/‬‬ ‫األم‪ ،‬وبعضهم ي���رى تركزيها حمل الفصىح لكغة‬ ‫للتعل�ي�م األوىل والتعلمي االبت���دايئ‪ ،‬باعتبارها لغة‬ ‫قريبة إىل الوجدان الشعيب‪ ،‬وبعضهم اآلخر يطالب‬ ‫جبعلها لغة رمسية لإلعالم من أجل تقريب املعلومة‬ ‫إىل الذهن املغريب‪.‬‬ ‫األكيد‪ ،‬أن وضعية هذه احلروب اليت تزداد اشتعاال‬ ‫م���ع األيام‪ ،‬يه اليت جعلت دس�ت�رة اللغة العربية‪،‬‬

‫لكغة رمسية لملغرب‪ ،‬منذ س���نة ‪ 1962‬وحىت اآلن‪،‬‬ ‫نصا فارغ احملتوى‪ ،‬ال أس���اس له من الصحة‪ ،‬وال‬ ‫موق���ع له عىل أرض الواقع‪ ،‬ويه ما جعلته الفضاء‬ ‫اللغ���وي يف املغ���رب حيتضن بعش���وائية‪ ،‬العربية‬ ‫واألمازيغية بلهجاهتا الثالث‪ ،‬واحلسانية والدارجة‪،‬‬ ‫إضافة إىل الفرنس���ية واإلس���بانية‪ ،‬وهو ما يشلك‬ ‫فسيفس���اء جهينا بامتياز‪ ،‬تتلىق فيه اللغة العربية‬ ‫الرضبات تلو األخرى‪ ،‬وبش�ك�ل مس�ت�مر‪ ،‬من لك‬ ‫صوب ومن لك صنف‪.‬‬ ‫والس���ؤال العريض ال���ذي تطرحه هذه‬ ‫ ‬ ‫املفارق���ة العجيبة‪ :‬هل من مربرات هلذه احلرب؟ هل‬ ‫تعاين اللغة العربية حقا من هتديد االندثار واملوت‪..‬؟‬ ‫ه���ل يه غري قادرة عىل مواجهة حتديات العوملة‪..‬؟‬ ‫هل يه غري قادرة عىل تلبي���ة الرشوط املوضوعية‬ ‫إلدارة املغرب واقتصاده وإعالمه وتعلميه‪ .‬هل يه‬ ‫غري ق���ادرة عىل تلبية رشوط تعلمي���ه العايل‪..‬؟ أم‬ ‫أن األم���ر يتعلق بغزو اس���تعامري‪ ،‬بعيد عن العقل‬ ‫واملنطق وعن القمي األخالقية؟‬ ‫املتتبع���ون هلذه اإلش�ك�الية‪ ،‬يش���عرون‬ ‫ ‬ ‫أن اللغ���ة العربية اليت ش�ك�لت باس�ت�مرار عنوانا‬ ‫بارزا هلوية املغرب الثقافية واإلس�ل�امية‪ ،‬تعرضت‬ ‫وتتع���رض إىل مؤامرة ك�ب�رى‪ ،‬ليس فقط من طرف‬


‫أبحاث ومقاالت‬ ‫السياس���ات الغربية املعادية هل���ذه اهلوية‪ ،‬واليت‬ ‫تسىع إىل تركزي لغاهتا بقوة السالح والعمل واملال‬ ‫والتكنولوجي���ات واملنطق امل���ادي‪ ،‬خارج حدودها‪،‬‬ ‫م���ن أجل مواصلة همينهت���ا االقتصادية والثقافية‬ ‫واحلضاري���ة‪ ،‬ولكن أيضا من طرف السياس���ات‬ ‫احمللية‪ ،‬ال�ت�ي أصبحت عاجزة عن محاية هويهتا‬ ‫أو الدفاع عهنا‪ ،‬بسبب الضعف والتخادل وانعدام‬ ‫الشعور باملسؤولية‪.‬‬

‫‪-2‬‬‫يف نظر العدي���د من فقهاء اللغة‪ ،‬داخل‬ ‫ ‬ ‫الع���امل العريب وخارجه‪ ،‬إن اللغة العربية‪ ،‬مل تعش‬ ‫عرصا مزدهرا مك���ا تعيش يف هذه املرحلة من‬ ‫الت���ارخي‪ ،‬فهي لغة عاملية‪ ،‬ويه يف الطليعة‪،‬‬ ‫سواء من حيث االنتشار وعدد الناطقني‬ ‫هبا‪ ،‬أو من حي���ث حضارهتا‪ ،‬ويه‬ ‫إضاف���ة إىل ذلك إحدى املقومات‬ ‫األساس���ية للهوي���ة العربي���ة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫إن ه���ذه املاكنة‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ال تعود فقط إىل االنتش���ار‬ ‫الواس���ع غري املعهود الذي‬ ‫تعرف���ه لغ���ة الض���اد منذ‬ ‫مطل���ع القرن العرشين‪ ،‬من‬ ‫خالل التدفق عرب وس���ائل‬ ‫اإلع�ل�ام املختلف���ة‪ ،‬وع�ب�ر‬ ‫املؤسس���ات التعلميية جبميع‬ ‫مس���توياهتا إىل غ�ي�ر ذلك من‬ ‫قنوات االنتشار الذي بلغ أوسع‬ ‫مدى‪ 1‬ولكن تعود أيضا إىل الوضع‬ ‫العيمل هلذه اللغة‪ ،‬اليت س���امهت عرب‬ ‫تارخيه���ا الطوي���ل‪ ،‬يف بن���اء احلضارات‬ ‫اإلنس���انية املتعاقبة‪ ،‬والذي جيعلها اليوم وأكرث‬ ‫من أي زم���ن مىض‪ ،‬قادرة ع�ل�ى مواجهة طغيان‬ ‫حضارة العوملة‪ ،‬بلك الوسائل واإلماكنات‪.‬‬ ‫إن اندماج اللغة العربية اللكي يف شبكة‬ ‫ ‬ ‫اإلنرتنت عىل نطاق واس���ع‪ ،‬وظه���ور آالف املواقع‬ ‫واملع���امج اإللكرتونية‪ ،‬واعمت���اد التدقيق اإلماليئ‬ ‫والرتمجة اآللية‪ ،‬من وإيل اللغة العربية‪ ،‬يؤكد بألف‬ ‫دليل عىل متانة وقوة موقع هذه اللغة العيمل‪ ،‬الذي‬ ‫جيعل مهن���ا لغة العرص احلدي���ث‪ ،‬مكا اكنت لغة‬ ‫العصور الغابرة‪.‬‬

‫‪-3-‬‬

‫زهور‬ ‫والتعلمي اجلاميع واإلعالم واحلياة االجمتاعية؟‬ ‫طبع���ا‪ ،‬اللغ���ة األجنبي���ة‪ ،‬كيفام اكنت‬ ‫ ‬ ‫أمهيهتا وماكنهتا‪ ،‬ال تريد وال تسىع أن جتعل من‬ ‫الشعب املغريب‪ ،‬ش���عبا حضاريا‪ ،‬حداثيا‪ ،‬قادرا‬ ‫عىل اخللق واإلبداع واملشاركة‪ ،‬وإمنا تريد وتسىع‬ ‫أن جتعل منه شعبا تابعا لفكرها‪ ،‬خادما ملفاهميها‬ ‫وقميها وإديولوجيهتا‪ ،‬مس�ت�هلاك لتصوراهتا‪ ،‬ذلك‬ ‫ألن���ه ليس يف إماكن أية لغ���ة أجنبية‪ ،‬كيفام اكنت‬ ‫هويهت���ا احلضارية والعملية‪ ،‬أن تن���وب عن اللغة‬ ‫الوطنية‪ /‬األم‪ ،‬يف التعبري عن اهلوية‪ ،‬مكا عن الذات‬ ‫الوطني���ة‪ ،‬ألن اللغة جمبولة بروح األمة ومس���كونة‬ ‫بذاكرهتا‪.‬‬ ‫إن‬ ‫ ‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪21‬‬

‫املعرفية‪..‬؟‬ ‫الذين يتحملون هذه املسؤولية اجلسمية‪،‬‬ ‫ ‬ ‫يدعون أن األمر ال يتعلق بإقصاء الفصىح لصاحل‬ ‫الفرنسية‪ ،‬وإمنا يتعلق بتحديث البالد‪ ،‬وإخراجها‬ ‫من حلبة التخلف‪ ،‬وهو ما يشرتط لغة عملية‪ ،‬قادرة‬ ‫عىل خوض مغ���ار احلداثة والتحدي���ث!! يف نظر‬ ‫أحصاب هذا اإلدعاء‪ ،‬أن احلداثة‪ ،‬تش�ت�رط لغهتا‬ ‫العملية ومنظوماهتا الرتبوية والعقلية مكا تش�ت�رط‬ ‫بيئهت���ا بتفاصيلها‪ ،‬وهو ما يعين التنازل عن اللغة‬ ‫العربية‪ /‬الرمسية‪ ،‬وعن مقوماهتا الثقافية‪.‬‬ ‫القضي���ة يف نظ���ر أحصاب هذا اإلدع���اء‪ ،‬تتصل‬ ‫بامتالك العمل وحتويله إىل أدوات وعدد وجتهزيات‬ ‫وأحسل���ة وإنتاج ن���ويع‪ ،‬وإىل قف���زات حضارية‬ ‫نوعية‪ ،‬من شأهنا إخراجنا من حلبة التخلف‪ ،‬إىل‬ ‫فحسة احلضارة والمتدن‪.‬‬ ‫ وع�ل�ى أن ه���ذا اإلدعاء‪ ،‬حق ي���راد به‬ ‫باطل‪ ،‬فإنه حمتا‪ ،‬يقودنا إىل س���ؤال‬ ‫حم�ي�ر‪ :‬ه���ل يتطلب دخولن���ا عامل‬ ‫احلداث���ة أو ما بعده���ا‪ ،‬تنازلنا‬ ‫ع���ن لغتنا األم؟ أي عن احلقوق‬ ‫واأله���داف والتواب���ث املبدئية‬ ‫والتارخيي���ة ملغ���رب املايض‬ ‫واحلارض واملستقبل؟‬ ‫ ه���ل يتطل���ب اخنراطنا يف‬ ‫احلداث���ة‪ ،‬أن نف���رض ع�ل�ى‬ ‫مناجهن���ا التعلميي���ة خاصة‬ ‫بالتعلمي العايل‪ ،‬لغات أجنبية‪،‬‬ ‫مبا محتله من أهداف ومصاحل‬ ‫وأمناط وسلواكت‪ ،‬وهو ما يؤدي‬ ‫حمتا إىل تش���ويه لغتنا األم‪ /‬اللغة‬ ‫العربية‪ ،‬وحس���ق خشصيهتا وإبادة‬ ‫وجودها؟‬

‫‪-5‬‬‫داخ���ل أي‬ ‫ماكنة اللغة‬ ‫جممتع إنس���اين‪ ،‬ال تتحدد فقط فميا تقدمه للتعلمي‬ ‫أو ل�ل�إدارة أو لإلعالم‪ ،‬ولكن ينظر إلهيا باعتبارها‬ ‫وسيلة للتفكري والتأمل والتواصل واإلبداع‪ ،‬وأيضا‬ ‫باعتبارها احلامل األس���ايس لثقافة هذا املجمتع‬ ‫وهويته‪ ،‬اليت أصبحت يف عرصنا‪ ،‬الشغل الشاغل‬ ‫ملعظم ختصصات العلوم اإلنسانية املختلفة‪.‬‬

‫‪-4-‬‬

‫إذا اكن األم���ر كذل���ك‪ ،‬م���ا يه م�ب�ررات أنصار‬ ‫ ‬ ‫الس���ؤال الذي يطرح نفسه بقوة‪ ،‬أمام وضع اللغة الفرنكوفوني���ة‪ ،‬يف إقصاء اللغ���ة الرمسية األوىل‬ ‫العربي���ة يف مغ���رب اليوم‪ :‬م���ا يه اخلطورة اليت للبالد‪ ،‬ع���ن اإلدارة واالقتص���اد والتعلمي العايل‪،‬‬ ‫متثلها سيطرة لغة أجنبية عىل اإلدارة واالقتصاد وترك�ي�ز لغة أجنبية عىل مس���احة م���ن جماالهتا‬

‫إذن‪ ،‬كيف لنا أن نقرأ هذا الوضعية‪..‬؟‬ ‫دس���تور البالد‪ ،‬يقر بأن اللغة العربية‪،‬‬ ‫ ‬ ‫يه اللغة الرمسية للبالد‪ ،‬وخنب البالد السياسية‪،‬‬ ‫تعمل عىل تركزي اللغة الفرنس���ية‪ ،‬بأكرث القطاعات‬ ‫حيوي���ة وأمهية يف الب�ل�اد‪ ،‬ونعين هب���ا قطاعات‬ ‫اإلدارة واالقتصاد والتعلمي واإلعالم‪ ...‬وذلك بامس‬ ‫احلداثة والتحديث‪.‬‬ ‫يف واق���ع األم���ر‪ ،‬عندم���ا نض���ع هذه‬ ‫ ‬ ‫املس���ؤولية عىل اكه���ل النخبة السياس���ية‪ ،‬فألنه‬ ‫ال ميك���ن ف���رض أية لغة من اخل���ارج‪ ،‬إذا مل جتد‬ ‫يف البنية السياس���ية واالقتصادي���ة واإلديولوجية‬ ‫الداخلية‪ ،‬ما يتيح استقباهلا وتقبلها‪ ،‬بل استنباهتا‬ ‫وتوظيفه���ا اجمتاعيا وإداري���ا وتربويا عىل أرض‬ ‫الواق���ع‪ ،‬فأثر اللغة األجنبية ال يمتزي إال يف احلقل‬


‫‪22‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫اإلديولويج‪ /‬الس���يايس‪ /‬السائد‪ ،‬املعرب عن البنية‬ ‫السياسية االقتصادية‪ ،‬االجمتاعية السائدة‪.‬‬ ‫ألجل ذلك علينا أن نواجه األمر برصاحة‬ ‫ ‬ ‫ووضوح‪ ،‬وأن نضع مسؤولية اللغة‪ ،‬عىل أحصاب‬ ‫املس���ؤولية‪ ،‬ألن اللغة ليس���ت جمال مس���اومة أو‬ ‫حسابات سياسية مكا يقول األديب املغريب صالح‬ ‫بورسيف‪ ،‬فاللغة يه لباس اإلنسان‪ ،‬ويه اللسان‬ ‫الذي به يؤك���د وجوده وحيرص عىل خصوصياته‬ ‫الثقافي���ة واحلضارية اليت حدثت يف س���ياق هذا‬ ‫اللسان‪ ،‬وبه متت لك املعارف اليت يه اليوم تراث‬ ‫األمة ورأمساهلا الرمزي‪.‬‬ ‫من ه���ذه الزاوية‪ ،‬نرى أن اإلش�ك�الية‬ ‫ ‬ ‫اللغوية مبغرب اليوم‪ ،‬وطبيعة النقاشات السياسية‬ ‫والثقافي���ة املرتبطة هبا‪ ،‬مل تمت حىت اآلن معاجلهتا‬ ‫بالجشاعة املطلوب���ة‪ ،‬وبالدميقراطي���ة اليت تعمتد‬ ‫احل���وار الوط�ن�ي‪ ،‬احل���وار العيمل‪ ،‬آلي���ة لتدبري‬ ‫االختالفات حوهلا‪.‬‬

‫‪-6‬‬‫الس���ؤال اخلت���ايم يف قراءتنا إلش�ك�الية اللغة‪،‬‬ ‫والدس���تور‪ :‬كيف للغة العربي���ة أن تعود الحتالل‬ ‫موقعها الدستوري عىل أرض الواقع؟‬ ‫ماذا عىل السياسة واألخالق والقمي أن‬ ‫ ‬

‫أبحاث ومقاالت‬

‫تفعل من أجل هذه الغاية؟‬ ‫إن تغي�ي�ر وضع اللغة العربية من حيث‬ ‫ ‬ ‫املامرسة‪ ،‬يس���تلزم قبل لك يشء‪ ،‬بعض الرشوط‬ ‫املوضوعية‪ ،‬مهنا‪:‬‬ ‫إعادة االعتبار للغة الدستور األوىل‪ ،‬عىل املستوى‬ ‫الذهين لذى املستعملني اللغويني‪ ،‬وانهتاج سياسة‬ ‫الق���رب اللغ���وي‪ ،،‬وربطه���ا باحمليط السوس���يو‬ ‫اقتص���ادي يف س���ياق العمل عىل جع���ل املنتوج‬ ‫اللغوي الذي يرىض متطلبات السوق اللغوي‪.2‬‬ ‫تمني���ة وتطوير الوظائ���ف السوس���يو ثقافية للغة‬ ‫العربية‪ ،‬وإعادة النظر يف املامرسات اللغوية‪.3‬‬ ‫إعادة تنظمي الوظائف اللس���انية‪ ،‬يف إطار التوسع‬ ‫العادي الس���تعامل اللغة االجمت���ايع والرمسي‪،‬‬ ‫وتغي�ي�ر املواق���ف السوس���يو ثقافية جت���اه اللغة‬ ‫العربية‪.4‬‬ ‫إنش���اء مرصد وط�ن�ي للغة العربية‪ ،‬يق���وم بإغناء‬ ‫التفكري حول اس���تعامهلا‪ ،‬انطالق���ا من معطيات‬ ‫واحضة ودقيقة‪.5‬‬ ‫العم���ل عىل ترصي���ف السياس���ة اللغوية معليات‬ ‫يف التظاه���رات‪ ،‬ويف الصناع���ات الثقافية‪ ،‬ويف‬ ‫املواق���ف العامة‪ ،‬ويف الط���رق اجلديدة للتواصل‪،‬‬ ‫باإلضاف���ة إىل توطني اس���تعامل اللغة العربية يف‬ ‫امللك العمويم وجعلها لغة اخلدمات اليومية‪.6‬‬ ‫يع�ن�ي ذل���ك‪ ،‬أن تصحيح وض���ع اللغ���ة العربية‬

‫الرمسية للبالد‪ ،‬يف دس���تور دمحم الس���ادس‪ ،‬ال‬ ‫يتطلب فقط مواجهة النخبة الفرانكوفونية بس�ل�اح‬ ‫القان���ون الدس���توري‪ ،‬ولكن أكرث م���ن ذلك يتطلب‬ ‫معركة ش���عبية‪ /‬سياس���ية‪ /‬ثقافية واسعة‪ ،‬تشارك‬ ‫فهيا النخ���ب الواعية املؤمنة‪ ،‬إضافة إىل األحزاب‬ ‫السياس���ية واملجمتع املدين والربملان واجلامعات‬ ‫وجمالس العمل���اء‪ ،‬ألن األمر يتعلق قبل لك يشء‪،‬‬ ‫بإعادة االعتب���ار هلوية املغرب الوطني���ة والثقافية‬ ‫واإلس�ل�امية ‪ ،‬ولقميهتا ومفاهميها‪ ،‬وهو ما جيعل‬ ‫من هذه املعركة مصريية بلك املقاييس‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ - 1‬م���ن حمارضة للدكتور عرب العزيز ب���ن عمثان التوجيري‬ ‫(األمني العام لإلسيس���كو) عن وضع اللغة العربية يف وسائط‬ ‫األعالم باملعهد العايل للصحافة‪ /‬الرباط‪ /‬جريدة املس���اء ‪30‬‬ ‫أكتوبر ‪ 2007‬ص‪.8 :‬‬ ‫‪ - 2‬دمحم غن���امي‪ /‬راهنة تطبيع اللغة الع���ريب‪ ،‬جريدة األيام‪/‬‬ ‫العدد ‪ 430‬بتارخي ‪ 3‬ستنرب ‪ 2-10‬ص‪.22 :‬‬ ‫‪ - 3‬املرجع السابق‬ ‫‪ - 4‬املرجع السابق‬ ‫‪ - 5‬املرجع السابق‬ ‫‪ - 6‬املرجع السابق‬


‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪23‬‬

‫ل‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ت‬

‫الصحة ببالدنا‪،‬‬

‫ز‬ ‫ه‬

‫ور‬

‫أرقام وحقائق‬

‫ف��ي المحور التالي‪ ،‬كش��ف عن األمراض األكثر فتكا بالجس��د المغربي وهي بتنوعها وكثافتها تترج��م بوضوح واقع القطاع‬ ‫الصحي في بالدنا‪ ،‬الذي يعاني منذ عقود من الهشاش��ة والتراجع والتخلف وعدم التخطيط‪ ،‬رغم ما تحتله الصحة من مكانة في‬ ‫التنمية البشرية‪ ،‬وفي االستراتيجيات السياسية المستقبلية للبلدان النامية أو التي هي في طريق النمو‪.‬‬ ‫إن األمراض المتفشية بالجسد المغربي ومنها المعدية والفتاكة والقاتلة‪ ،‬تؤكد بالملموس أن المشكل األساسي الذي يواجه‬ ‫قط��اع الصح��ة في بالدنا منذ عدة عقود‪ ،‬ال يتمثل فقط في ضعف الموارد البش��رية أو في قلة األطباء وضعف نس��بة التغطية‬ ‫الصحية ولكن أساسا في وضعية الصحة بالسياسات الحكومية المتعاقبة‪.‬‬ ‫تقول ملفات وزارة الصحة‪ :‬أن الميزانية المخصصة لهذا القطاع ال تتعدى ‪ ٪ 5,5‬من الميزانية العامة‪ ،‬في الوقت الذي تصل فيه‬ ‫هذه الميزانية بتونس‪ ،‬واألردن‪ ،‬والجزائر وغيرها من البلدان المشابهة والقريبة إلى ‪.10٪‬‬ ‫وتق��ول ه��ذه الملفات‪ ،‬أن الصحة ف��ي بالدنا ما زالت تعاني من ضع��ف البنيات والخدمات ومن انعدام سياس��ة صحية متكاملة‬ ‫ومندمجة‪ ،‬إذ ال تتجاوز نس��بة التغطية الصحية بالمغرب‪ ،‬طبيب واحد لكل ‪ 1600‬مواطن‪ ،‬وس��يارة إسعاف واحدة لكل ‪ 37‬ألف‬ ‫مواطن‪.‬‬ ‫وتقول ملفات وزارة الصحة‪ :‬أن قطاع الصحة العمومية ظل ألكثر من خمس��ة عقود مصنفا ضمن القطاعات غير المنتجة‪ ،‬وتم‬ ‫التعاطي معه انطالقا من هذه المس��لمة‪ ،‬التي ال تنبني على أس��س علمية‪ ،‬بأس��لوب التهميش والالمباالة إذ مازالت الحكومات‬ ‫المتعاقبة تنظر إليه من ثقب التقشف المالي وإمالءات التقويم الهيكلي رغم ما خلفه هذا التوجه من كوارث وسلبيات‪.‬‬ ‫لذلك ترى العديد من الدراسات العلمية الميدانية‪ ،‬أنه من بين أسباب انتشار األمراض واألوبئة‬ ‫على الجسد المغربي‪.‬‬ ‫عدم قدرة المواطن المغربي‪ ،‬أداء فواتير األدوية‪.‬‬ ‫عدم ضبط تكاليف العالج الطبي بالمغرب‪ ،‬إذ أصبحت أثمنته المرتفعة تقف حاجزا‬ ‫منيعا في وجه الفقراء بعد استمرار الحكومات المتعاقبة في التعامل مع قطاع‬ ‫الصحة كقطاع استهالكي ال خدماتي تبغي من ورائه الربح‪ ،‬إذ تحول تدريجيا‬ ‫إلى قطاع ال قدرة للمواطن على االقتراب من مصحاته ومستشفياته‪.‬‬ ‫عدم ضبط الوضعية اللوجسيكية والبشرية لمختلف المستشفيات المغربية‪،‬‬ ‫التي أصبحت نتيجة انعدام سياسة صحية وطنية‪ ،‬تتسم بالتدهور والتراجع‬ ‫وغياب أي تصور لتطوير خدماتها اإلنسانية‪ ،‬وهو ما أصبح له انعكاسات‬ ‫خطيرة على صحة المواطنين عامة والفقراء على الخصوص‪.‬‬ ‫فيم��ا يلي‪ :‬كراس��ة تصن��ف األم��راض األكثر‬ ‫انتش��ارا في مغرب اليوم حس��ب مس��مياتها‬ ‫العلمي��ة‪ ،‬تضعها مجلة زه��ور باألرقام مرتبة‬ ‫حسب الحروف األبجدية العربية‪.‬‬


‫‪24‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫> اإلدمان‬

‫‪-‬أ‪-‬‬

‫حال����ة اإلدمان عىل املخدرات املصنعة والطبيعية‪ ،‬تش��ك�ل‬ ‫ظاهرة مرضية خطرية‪ ،‬تمنو بني فائت األطفال والش����باب‬ ‫خارج لك مراقبة‪.‬‬ ‫حس����ب الدكتور رش����يد حس����وين علوي‪ ،‬وه����و خبري يف‬ ‫معاجل����ة اإلدمان‪ ،‬إن أكرث من ‪ 30٪‬من الش����باب املغريب‪،‬‬ ‫(بني ‪ 14‬و‪ 30‬س����نة) مصاب����ون باإلدمان عىل املخدرات يف‬ ‫مغرب اليوم وذلك خارج لك اهمتام طيب‪ ،‬أو اس��ت�راتيجية‬ ‫عالجي����ة‪ ،‬حيث يتوق����ع أن يتف����امق هذا الوض����ع يف ظل‬ ‫السياسات االجمتاعية الراهنة‪...‬‬ ‫وحسب التحقيقات املهنية املهمتة هبذه الظاهرة‪ ،‬فإن مدينة تطوان وحدها تأوي اليوم أزيد‬ ‫من عرشة آالف من التالميذ واملترشدين واملنحرفني الشباب املدمنني عىل املخدرات القوية‬ ‫بعيدا عن أي عالج منظم‪ ،‬يعيدمه إىل احلياة السوية‪.‬‬

‫>إلتهاب الكبد الفيروسي‬

‫تؤكد مجعية إغاثة مرىض إلهتاب الكبد الفريويس باملغرب‬ ‫أن هن����اك حنو ثالثة ماليني مواطن مصابون بالهتاب الكبد‬ ‫الفريويس من نوع باء ويس‪ ،‬وهو ما ميثل ‪ 10٪‬من ساكن‬ ‫اململكة املغربية‪ ،‬مما يعين أن هناك عىل الس����احة مش��ك�لا‬ ‫كبريا يرتبص بالصحة العمومية‪.‬‬

‫>أمراض اإلجهاض‬

‫كشفت دراس����ة للجمعية املغربية لتنظمي األرسة‪،‬‬ ‫أن ‪ 800‬حالة إجه����اض حتدث يوميا يف املغرب‪،‬‬ ‫العديد مهنا يمت من قبل املش����عوذين غري األطباء‪،‬‬ ‫وه����و ما يؤدي إىل وفاة حوايل ‪ 13٪‬من النس����اء‬ ‫املجهضات‪.‬‬ ‫وأك����دت دراس����ة عملية حول اإلجه����اض أن هذا‬ ‫األخري هي����م ‪ 8.239.000‬ام����رأة مغربية‪ ،‬ترتاوح‬ ‫أمعارهن بني ‪ 15‬س����نة و‪ 49‬سنة‪ ،‬واكنت دراسة‬ ‫أجنزهتا امجلعية نفهسا مبدينيت فاس وأاكدير مشلت ‪ 473‬امرأة‪ ،‬كشفت ‪ 165‬مهنن –ما‬ ‫ميثل ‪ 35‬يف املائة‪ -‬أهنن جلأن مرة واحدة إىل اإلجهاض يف حياهتن‪ ،‬وكش����فت الدراس����ة‬ ‫أن ‪ 54‬يف املائ����ة من الفتي����ات العازبات جلأن إىل اإلجهاض‪ ،‬واإلجهاض ال يقترص عىل فئة‬ ‫سوس����يو اقتصادية دون أخرى‪ ،‬فالدراسة أوحضت أن ‪ 46‬يف املائة من اللوايت جلأن إىل‬ ‫اإلجهاض هلن «مستوى درايس عال»‪ .‬من األرقام املخيفة يف هذه اإلحصائيات هو أن ‪21‬‬ ‫يف املائة من النساء املستجوبات أكدن أهنن جلأن إىل اإلجهاض مرتني‪.‬‬ ‫واكنت دراسة عملية أخرى قد دعت إىل فتح نقاش وطين واقيع ليس حول مسألة «حالل»‬ ‫أو «حرام» لكن عرب االنطالق من س����ؤال مركزي‪ »:‬مع أو ضد حصة النس����اء‪ ،‬مع أو ضد‬ ‫معاناة النس����اء‪ ،‬وتعرض حياهتن للخطر وحماربة اخلروج باس��ت�راتيجيه للعناية بضحايا‬ ‫اإلجهاض غري األمن‪ ،‬خصوصا أن أكرثيهتن من الفائت املعوزة واهلش����ة اجمتاعيا سواء‬ ‫املطلق����ات أو األمه����ات العازبات وكذا املزتوج����ات واملراهقات‪ ،‬الل����وايت يتعرضن خلطر‬ ‫اإلجهاض غري اآلمن الذي متهتنه مجموعة من النساء القابالت والدجالني‪.‬‬

‫>األمراض المزمنة‬

‫أكد ملتىق ائتالف ربيع الصحة الذي انعقد مؤخرا بالعامصة االقتصادية‪ ،‬أن ثالثة ماليني‬ ‫من املغاربة مصابون بأمراض مزمنة‪ ،‬وأن غالبيهتم‪ ،‬عاجز عن مواصلة العالج‪ ،‬نظرا لغالء‬ ‫التاكليف وغياب التغطية الصحية‪ ،‬اليت ال تمشل سوى ‪ 30٪‬من الساكن‪.‬‬

‫>األورام الليفيــة‬

‫من ملفات زهور‬

‫تعاين رشحية واس����عة من النس����اء املغربيات (مابني ين ‪ 30‬و‪ 50‬س����نة) من األورام الليفية‬ ‫يف أرحامهن‪ ،‬وتعترب هذه األورام من األمراض األكرث انتش����ارا بني النس����اء‪ ،‬بسبب عدم‬ ‫التحسيس الطيب ألمهيهتا وخطورهتا عىل حصة األمهات‪.‬‬ ‫وينش����أ ال����ورم اللييف امحليد م����ن األلياف الرمحي����ة‪ ،‬يأخذ أجحاما خمتلف����ة واجتاهات‬

‫خمتلف����ة‪ ،‬يصيب الرمح يف مجيع جوانبه وطبقاته‪،‬‬ ‫إذ ميكن أن ينش����أ يف ال����رمح ورم لييف واحد أو‬ ‫ع����دة أورام‪ ،‬ويف عدة أمكن����ة يف وقت واحد‪ ،‬لكن‬ ‫يف العادة يرتاوح عدد األورام الليفية من ثالثة إىل‬ ‫س����بعة أورام‪ ،‬ختتلف أجحامها وترتاوح من جحم‬ ‫امحلص����ة إىل جحم البطيخ����ة الكبرية‪ ،‬حيث تأخذ‬ ‫شلك كتلة ممزية عن بايق عضالت الرمح‪.‬‬ ‫يعترب الورم اللييف من األورام الشائعة لدى النساء‪،‬‬ ‫عرب العامل‪ ،‬إذ تش��ي�ر بعض الدراسات إىل ظهوره‬ ‫يف ‪ 1‬م����ن ‪ 5‬س����يدات‪ ،‬مكا يق����در أن ‪ 25‬يف املائة‬ ‫من النس����اء‪ ،‬بني سن الثالثني وسن انقطاع المطث‪،‬‬ ‫تصاب هبذا الورم اللييف امحليد‪ ،‬إال أن املالحظة أنه يكرث بني النساء يف القارة اإلفريقية‬ ‫أكرث من القارات األخرى‪.‬‬

‫ت‪-‬‬‫>التسمم‬

‫جسل التقرير السنوي الصادر عن املركز الوطين حملاربة التممس واليقظة الدوائية ارتفاع‬ ‫ع����دد حاالت التممس باملغرب خالل س����نة ‪ ،2008‬إذ جتاوزت عدد احلاالت املجسلة ‪4310‬‬ ‫حاالت تممس‪ ،‬تويف عىل إثرها ‪ 37‬خشصا‪ ،‬من بيهنم ‪ 30‬طفال‪ ،‬مقارنة بسنة ‪ 2007‬اليت‬ ‫مل تتجاوز فهيا عدد حاالت اإلصابة ‪.4266‬‬ ‫وأكرث طرق التممس ش����يوعا تكون عن طريق الفم عرب تناول مأكوالت ومرشوبات فاس����دة‬ ‫بنسبة أزيد من ‪ 66‬باملائة من حاالت التممس املجسلة‪ ،‬يلهيا التممس النامج عن طريق األنف‬ ‫من خالل استنشاق هواء فاسد بنسبة أزيد من ‪ 28‬باملائة‪.‬‬ ‫وم����ن مجم����وع احلاالت املجسلة يف التمس��م�ات هناك ما يزيد ع����ن ‪ 13‬باملائة من حاالت‬ ‫االنتحار عن طريق تناول واد س����امة‪ ،‬يف ح��ي�ن بلغت التمسامت النامجة عن اإلدمان عىل‬ ‫املخدرات ‪ 1‬باملائة‪.‬‬ ‫وبلغ عدد التمسامت النامجة عن استنش����اق هواء ثاين أكس����يد الاكربون بس����بب حطب‬ ‫التدفئ����ة ‪ 1190‬حالة‪ ،‬وغالبا ما تكون هذه اإلصابات مجاعية خالل مومس الش����تاء‪ ،‬حيث‬ ‫ختلد غالبية األرس اليت تس����تعمل احلطب يف التدفئ����ة إىل النوم وترتك جبوارها احلطب‬ ‫مشتعال بعد أن تغلق النوافذ‪.‬‬ ‫وتجسل التس��س�مات بش��ك�ل كبري يف املدن وداخل املدار احلرضي بنسبة ‪ 69‬باملائة‪ ،‬يف‬ ‫حني ال تتجاوز نسبة اإلصابة يف الوسط القروي ‪ 31‬باملائة‪ ،‬وأغلب التمسامت اقع باملنازل‪،‬‬ ‫حيث جسل يف هذا الصدد ‪ 58‬باملائة‪ ،‬ويف أماكن العمل ‪ 26‬باملائة‪.‬‬ ‫ويجس����ل التقرير تعرض غالبية الفائت العمرية للتمس��م�ات حيث مث تجسيل أزيد من ‪33‬‬ ‫باملائة من اإلصابات وسط الفئة العمرية ما بني ‪ 15‬و‪ 25‬سنة‪.‬‬ ‫وتك����ون التمسامت نامج����ة إما عن تناول مأكوالت أو أدوية فاس����دة أو م����واد كمياوية أو‬ ‫أعشاب ضارة أو مواد مصنعة‪.‬‬

‫ر‪-‬‬‫>الروماتزيم المفصلي‪:‬‬

‫يعترب داء الروماتزيم املفصيل‪ ،‬داء مزمنا‪.‬‬ ‫وحس����ب امجلعي����ة املغربي����ة حملارب����ة الروماتو يد‬ ‫املفصيل أن عدد املغاربة املصابني هبذا املرض‪ ،‬يبلغ‬ ‫يف الوقت الراهن ح����وايل ‪90.000‬مواطن ‪ 350‬ألف‬ ‫مهنم ال يستفيدون من أية تغطية حصية‪.‬‬ ‫وحس����ب هذه امجلعي����ة أيضا‪ ،‬ال يس����تفيدون من هذا‬ ‫املرض من مس����توى الويع املطلوب لدى عامة الناس‪،‬‬ ‫وال يمت اكتش����افه إال يف مراح����ل متقدمة جدا‪ ،‬إذ جند‬ ‫التعقيدات من حظوظ جناح العالجات الالزمة لشفائه‪.‬‬ ‫ومن تقرير عيمل ملعهد باس����تور‪ :‬أن اإلصابة هبذا املرض من شأهنا أن تعيق املرىض عن‬ ‫مزاولة نشاطهم املهين لسنوات طويلة‪ ،‬وهو ما جيعله مرضا فتااك‪.‬‬ ‫وتصف اهليآت الطيبة هذا املرض باملزمن‪ ،‬وتعترب أن خطوط العالج منه ضئيلة جدا‪ ،‬نظرا‬ ‫لتعقيدات املتابعة والفحوصات‪ ،‬وأيضا لغالء األدوية الفاحش‪.‬‬


‫من ملفات زهور‬ ‫س‪-‬‬‫>السرطان‬

‫داء خبيث‪ ،‬يصل مبرضاه يف الغالب إىل القرب‪ ،‬خاصة إذا تأخروا يف العالج‪.‬‬ ‫تقول دراسة عملية يف املوضوع‪:‬‬ ‫م����ا بني ‪ 35‬إىل ‪ 50‬ألف مغ����ريب ومغربية يصابون بالرسطان س����نويا من بيهنم أكرث من‬ ‫‪ 1000‬حالة لدى األطفال‪ ،‬حسب اإلحصائيات‬ ‫الرمسية وحسب أول دراسة باملغرب حول هذا‬ ‫الداء قام بإجنازها مكتب أركو للدراسات سنة‬ ‫‪ ،2010‬وقد مشلت هذه الدراسة ‪ 400‬خشص‬ ‫من اجلنسني تراوحت أمعارمه ما بني ‪ 25‬و‪65‬‬ ‫س����نة‪ ،‬وقد ركزت الدراس����ة عىل ثالث مناطق‬ ‫حرضي����ة يه الدار البيضاء‪ ،‬فاس وبين مالل‪،‬‬ ‫وأربعة مناطق قروية يه عني حرودة‪ ،‬س����يدي‬ ‫بن يش����و بال����دار البيض����اء‪ ،‬دوار الخسينات‬ ‫بف����اس مث أوالد زي����دوح ببين مالل‪ ،‬وحس����ب‬ ‫املنمظ����ة العاملي����ة للصحة‪ ،‬ف����إن ‪ 44‬ألف حالة‬ ‫جديدة للرسطان تجسل باملغرب ‪ 12‬ألف مهنا‬ ‫فقط يمت الكشف عهنا وتتبع العالج فميا يبىق‬ ‫مصري ‪ 32‬ألف حالة جمهوال‪.‬‬ ‫مقاب����ل هذا العدد املزتايد من املرىض‪ ،‬ال يتوفر املغرب س����وى ع��ل�ى ثالثة مراكز معومية‬ ‫متخصصة يف الرسطان بلك من الرباط‪ ،‬الدار البيضاء ووجدة وأربع وحدات تابعة للقطاع‬ ‫اخلاص بلك من الرباط والدار البيضاء‪ ،‬بيمنا ال توجد مراكز العالج باألش����عة س����وى يف‬ ‫الرباط والدار البيضاء‪ ،‬اإلعالن عن فتح مراكز جديدة متخصصة يف عالج داء الرسطان‬ ‫بعدة مدن مغربية س����نة ‪ 2008‬جاء‪ ،‬حسب البعض‪ ،‬متأخرا جدا‪ ،‬لكنه رمغ ذلك يعد خطوة‬ ‫هامة حنو التقليص من معاناة املرىض خالل رحلة عالجهم اليت تدوم لسنوات‪.‬‬ ‫نتاجئ الدراسة بينت أن المسة األساسية ملرض الرسطان باملغرب‪ ،‬الذي جعل أبدان العديد‬ ‫من الناس تقشعر لكام مسعوا به‪ ،‬يه تأخر االستشارة الطبية ما بني ظهور أويل عالمات‬ ‫ال����داء وبداي����ة العالج‪ ،‬والذي قد يصل إىل أكرث من س����نة بعد ظه����ور املرض‪ ،‬مما يقلص‬ ‫فرص الش����فاء منه‪ ،‬فأغلب املصابني بالرسطان عندما حيس����ون باألمل أو يصابون هبزال‬ ‫شديد أو حيسون بتمخض يف جزء معني من أجسادمه يلجأون حسب الدراسة إىل الطب‬ ‫التقليدي أوال قبل التوجه إىل املستشىف أي العالج الطيب‪ ،‬وذلك أوال بسبب عقلية البعض‬ ‫ومس��ل�ماهتم الثقافية اليت ترى يف العالج التقليدي باألعش����اب والعسل العالج األفضل‬ ‫واألجنع‪ ،‬حيث يثق ‪53٪‬من املستوجبني يف العالج عن طريق العسل واألعشاب و‪ 51٪‬يف‬ ‫ماء زمزم و ‪ 33٪‬يف لسعات النحل و ‪ ٪ 14‬يف زيارة األرضحة‪ ،‬و ‪ ٪ 8‬يف التداوي باألعشاب‬ ‫وثانيا بس����بب ضعف اإلماكنيات املادية وعدم توفر وس����ائل التنقل وبعد السكن عن املدن‬ ‫القليلة اليت تتوفر عىل مراكز للعالج‪.‬‬ ‫الدراس����ة بينت أيضا أن املغاربة جيهلون ماهية مرض الرسطان اليت ميكن أن تؤدي إىل‬ ‫اإلصابة به‪ ،‬ف‪ 77٪‬من األخشاص املس����توجبني يرون أن رسطان الرئة نامج عن التدخني‬ ‫فمي����ا يعتق����د ‪ ٪ 65‬أن الرسطان ينتج عن التوقف املفاجئ ع����ن الرضاعة الطبيعية‪ ،‬ويرى‬ ‫‪ ٪ 63‬أن ه����ذا امل����رض ناجت عن انعدام النظافة ويرى ‪ ٪ 61‬أن����ه ناجت عن خلل يف اخلاليا‪،‬‬ ‫و ‪ ٪ 59‬عن االس����تحامم خالل فرتة احليضة ‪ ٪ 52‬ع����ن اإلرهاق و ‪ ٪ 47‬عن دودة و ‪٪ 45‬‬ ‫عن مكروب‪ ،‬واعتربه ‪ ٪ 29‬مرضا معديا ينتقل عرب االتصال اجلنيس‪ ،‬بيمنا اعتربه ‪٪ 13‬‬ ‫مرضا جيلبه السياح معهم‪.‬‬ ‫مرض الرسطان معروف لدى الكثريين بكونه مرضا ال ش����فاء منه مصري املصاب به املوت‬ ‫ال حمالة‪ ،‬ففرص الشفاء منه ضئيلة جدا وتعترب –إن توفرت‪ -‬معجزة إهلية‪ ،‬مكا أن تاكليف‬ ‫عالج����ه باهضة جدا‪ ،‬وقد بينت الدراس����ة أيض����ا أن ‪ 54٪‬من املس����توجبني يرون أن عبء‬ ‫التاكليف املادية يعترب سببا يف صعوبة العالج‪ ،‬بيمنا يرى ‪ 67٪‬من املستوجبني أن الشفاء‬ ‫من الرسطان مرتبط ارتباطا شديدا باإلماكنيات املادية لملريض‪.‬‬ ‫وقد خلصت الدراسة إىل رضورة تطوير وحتسني التطبيب باملغرب‪ ،‬وتمنية التخشيص يف‬ ‫الطب العام وكش����ف الوضعية احلقيقية لملريض وتوعية أرسته ورفع معنوياته وتقوية ثقته‬ ‫يف العالج الطيب واالس��ت�ماع إليه والتعامل اإلنس����اين معهـ ويعد رسطان الثدي هو أكرث‬ ‫أنواع الرسطانات ش����يوعا يف املغرب‪ ،‬حس����ب الربوفس����ور إبراهمي الكداري مدير املعهد‬ ‫الوطين لألنكولوجيا بالرباط‪ ،‬متبوعا برسطان عنق الرمح‪ ،‬فرسطان الغدد واجللد واألنف‬ ‫فرسطان الرئة الذي لوحظ مؤخرا إصابة عدد مزتايد من النساء به بعدما اكن هذا النوع‬ ‫من الرسطام رجاليا إىل حد ما‪.‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪25‬‬

‫أم����ام تزايد عدد املصابني بداء الرسط����ام وأمام االكتظاظ الذي تعرف����ه املراكز العالجية‬ ‫وغالء األدوية‪ ،‬أنشئت عىل مرور السنني عدة مجعيات حملارىب داء الرسطان واألخذ بيد‬ ‫املرىض ومس����اعدهتم عىل محتل أعباء العالج املادي����ة واملعنوية‪ ،‬من بني أوىل امجلعيات‬ ‫اليت اهمتت بالرسطان امجلعية املغربية حملاربة داء الرسطان اليت اسس����ت س����نة ‪1968‬‬ ‫واليت قامت بإطالق برناجم املس����اعدة الطبي����ة املزنلية حملاربة األمل وإعادة هتيئة وجتهزي‬ ‫مركز األنكرولوجيا ابن رشد بالدار البيضاء‪.‬‬

‫>سرطان الثـدي‬

‫يعد رسطان الثدي من أكرث األمراض املخلفة ألعىل نسية وفيات يف صفوف النساء مقارنة‬ ‫م����ع بايق األنواع األخرى من الرسطانات‪ ،‬مكا بلغت نس����بة تطوره حول العامل ‪ ٪ 60‬يف‬ ‫الفرتة املمتدة ما بني ‪1975‬و‪.1995‬‬ ‫وقالت أغزادي إنه حسب العديد من الدراسات فإن ‪78‬‬ ‫‪ ٪‬من حاالت اإلصابة برسطان الثدي هتم النس����اء يف‬ ‫س����ن امخلس��ي�ن يف حني ال تتعدى نسبة ‪ ٪ 6‬بالنسبة‬ ‫إىل النساء أقل من ‪ 40‬سنة‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل تواجد أنواع متعددة من رسطانات‬ ‫الثدي ولك واحد مهنا يمتزي خبصوصيات معينة األمر‬ ‫الذي س����اعد عىل تخشيصه ومتك��ي�ن الطبيب املتتبع‬ ‫للحاالت من العالج املناسب للك مهنا وهو األمر الذي‬ ‫جعل بعض املرىض الذين يعانون الداء ذاته يس����ألون‬ ‫عن سبب اختالف العالج الذي خيضعون له‪.‬‬ ‫ويستديع عالج داء رسطان الثدي االعمتاد عىل البحث اإللكينييك ومتابعة احلالة العامة‬ ‫للورم بش��ك�ل مس��ت�مر ومن مث حيدد جحم ال����ورم يف عدة أن����واع ويه «‪ » T ‬و «‪» T1 ‬‬ ‫و«‪ » T2 ‬و «‪ » T3 ‬و «‪ » t4 ‬فميا حيدد «‪ » n ‬وجود اإلصابة الغددية «‪ » no ‬و «‪ » nx ‬أما‬ ‫«‪ » M ‬فيحدد وجود أو عدم وجود امليتستاس عن بعد «‪. » mo mw ‬‬ ‫وانطالقا من املعطيات س����ابقة الذكر يمت االعمتاد يف الكش����ف الباطين ألورام الرسطان‬ ‫عىل حبث مستقبالن هرمونية واليت يف حوايل ثليث احلاالت تبني وجود خاليا ورمية يف‬ ‫مساحة املستقبالت اهلرمونية اإلجيابية ويمت اقرتاح عالج مضاد اهلرمون يف إطارها‪.‬‬ ‫أم����ا الن����وع الثاين فهو ع��ل�اج بنظام «‪ » HER2 ‬املرتكزة اساس����ا يف مس����احة اخلاليا‬ ‫الورمية‪.‬‬ ‫ويف اإلط����ار ذاته أوحض حبث أجري يف الس����نوات األخرية أن الكش����ف الباطين يحمس‬ ‫بوقف نشاط املستقبالت سابقة الذكر ومن مث توقيف تمنية الورم‪.‬‬ ‫ويف م����ا يتعلق بأنواع العالج املتبعة يف عالج داء الرسطان فإهنا ختتلف إذ ميكن اللجوء‬ ‫إىل الترشحي بواس����طة التعامل البس����يط مع الورم يف جزء معني من الثدي أو العالج عن‬ ‫طريق اس����تعامل الصدى بعد اجلراحة‪ ،‬إضافة إىل العالج اهلرموين انطالقا من ارتباطه‬ ‫باألسرتوجنات عملا أن العالج الكمياوي يستعمل يف لك احلاالت‪.‬‬

‫>سرطان الغدد اللمفاوية‬

‫تمتث����ل أعراض رسطان الملفوم يف اإلرهاق وامحلى‪ ،‬ال يمت تفس��ي�رها بش��ك�ل جيد‪ ،‬بل‬ ‫أحيان����ا يمت جتاهلها ويبىق عالج لك صنف من رسطان����ات الملفوم خاصا‪ ،‬حيث يمت يق‬ ‫مرك����ز متخص����ص من طرف فريق مهي��ئ�ا للتكفل بعالج هذا النوع م����ن األمراض‪ ،‬ويؤثر‬ ‫رسطان الغدد الملفاوية الذي يعد أحد أنواع رسطان الدم عىل اجلهاز الملفاوي‪ ،‬وأسبابه‬ ‫احلقيقي����ة ال تزال جمهولة حىت هذا اليوم ويمتزي بانتش����ار خبي����ث للخاليا الملفاوية اليت‬ ‫تتس����لل إىل سائر أعضاء اجلس����م‪،‬وهو ميثل الرسطان الثالث األكرث شيوعا لدى األطفال‬ ‫واإلصابات به مل تتوقف عن الزتايد يف الس����نوات األخرية‪ ،‬فعىل س����بيل املثال‪ ،‬رسطان‬ ‫الغدد الملفاوية غري اهلودش����كينية وهو أحد أنواع هذا الرسطان‪ ،‬قد هشد منوا متصاعدا‬ ‫بنس����بة ‪ 80٪‬منذ سنوات الس����بعينات من القرن املايض فميا يظل سبب هذه الزيادة غري‬ ‫معروف‪ ،‬ويعاين مليون مريض يف العامل عىل األقل من رسطان الغدد الملفاوية‪ ،‬هناك ما‬ ‫ال يقل عن ‪ 30‬نوعا من رسطان الغدد الملفاوية واليت ميكن تصنيفها إىل فئتني رئيس����يتني‪،‬‬ ‫مرض اهلودشكبني وغري هودشكني‪ ،‬نادر جدا‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬ال ميثل سوى حالة واحدة من‬ ‫‪ 7‬حاالت كشف عن رسطان الغدد الملفاوية‪.‬‬ ‫كشفت امجلعية املغربية ألمراض الدم‪ ،‬يف آخر إحصائياهتا‪ ،‬أن هذا املرض يصيب سنويا‬ ‫أزيد من ‪ 2000‬خشص باملغرب وأن اجلهل باملرض حيول دون كش����ف أعراضه بوضوح‬ ‫ويعقد التخشيص املبكر برسطانيات الملفوم‪ ،‬رمغ كون هذا التخشيص املبكر يشلك عامال‬ ‫لتحسني العالج‪.‬‬ ‫إن الرتك��ي�ز ينصب ع��ل�ى التخشيص املبكر رمغ أن الوص����ول إىل النتاجئ العالجية يبىق‬ ‫ج����د حمدود بس����بب قلة بعض رسطانات اليت ميكن أن تس����بب الوف����اة يف ظرف أقل من‬


‫‪26‬‬

‫زهور‬

‫من ملفات زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫ستة أهشر‪.‬‬ ‫وحول تعامل اهليائت الوصية مع هذا املرض يرصح القطاع بأن «خطة معل فعالة وشاملة‬ ‫ال ميكن تصورها إال يف إطار متعدد القطاعات‪ ،‬يمشل الوزارات واملنمظات غري احلكومية‬ ‫ومهنيي الصحة يف القطاعني العام واخلاص‪ ،‬وأنشأت امجلعية املغربية ألمراض الدم اليت‬ ‫تأسست سنة ‪« ،2004‬الفريق املغريب لدراسة رسطان الغدد الملفاوية‪ ،‬وحتديد إسرتاتيجية‬ ‫لتويل هذه الرسطانات اليت ميكن عالجها يف كثري من األحيات‪ ،‬وإجراء البحوث الرسيرية‬ ‫واألنشطة البيولوجية‪ ،‬ويضم من بني أعضائه اختصاصيني يف أمراض الدم‪ ،‬أطباء أطفال‪،‬‬ ‫خمتص��ي�ن يف الطب الداخيل‪ ،‬اختصاصيني يف عمل اإلحي����اءـ اختصاصيني يف أمراض‬ ‫الرسطان‪،‬وخمتصني يف الطب اإلشعايع‪.‬‬

‫> داء السل‬

‫الزال مرض السل حيتل مركز الصدارة من بني األمراض املعدية القاتلة باملغرب‪ ،‬حيث تبني‬ ‫اإلحصائيات وجود ‪ 25‬ألفا و ‪ 500‬إصابة أي بنس����بة حدوث تفوق ‪ 82‬حالة عن لك ‪100‬‬ ‫ألف فرد وذلك حس����ب إحصائيات وزارة الصح����ة وباخنفاض طفيف عن األرقام املجسلة‬ ‫س����نة ‪ 2005‬حي����ث مت تجسيل ‪ 26‬ألف و‪ 250‬حالة إصابة بالس����ل يف حني هيدف خمطط‬ ‫وزارة الصح����ة ختفيض اإلصابات إىل ‪ 65‬حالة يف‬ ‫لك ‪ 100‬ألف فرد وذلك حبلول سنة ‪.2012‬‬ ‫وينترش داء السل باخلصوص يف املناطق احلرضية‬ ‫ذات الكثافة الس��ك�انية الكبرية مث����ل الدار البيضاء‬ ‫والرباط وسال وفاس وطنجة وخصوصا يف األحياء‬ ‫اهلامش����ية والفقرية حيث تص����ل اإلصابة إىل ‪300‬‬ ‫حالة يف لك ‪ 100‬ألف نمسة‪.‬‬ ‫ويعترب الس����ل مرضا لصيقا بالفقر واهلشاشة وقلة الرعاية الصحية وضعف التغذية اليت‬ ‫تعد عوامل مساعدة عىل انتشار املرض وباملقابل تقل اإلصابات يف القرى واألرياف اليت‬ ‫ال تعرف كثافة ساكنية كبرية‪.‬‬ ‫وحبس����ب مجعية اإلنقاذ من الس����ل واألمراض التنفس����ية فإن الفقر واألزمة االقتصادية‬ ‫العاملية والمنو الس��ك�اين املرتفع واهلجرة وعدم وجود تغطية حصية اكفية للس��ك�ان وعدم‬ ‫إعطاء األولوية ملاكحفة الس����ل مقارنة مع أمراض أخرى لكها أس����باب تؤدي إىل اسمترار‬ ‫استفحال هذا الداء عىل العريضة االجمتاعية‪ .‬‬

‫الالزمة‪ ،‬أي كظاهرة متفش����ية يف خمتلف األمعار والفائت‪ ،‬تزداد اتساعا سنة بعد أخرى‬ ‫خارج أي مقارنة عملية‪ ،‬وهو ما يبعث عىل القلق والتساؤل‪.‬‬

‫> داء السيدا‬

‫هو داء فتاك‪ ،‬حيمل أمساء متعددة‪ ،‬نقص املناعة املكتس����بة‪ /‬الس����يدا‪ ...‬وهو مرض ينتقل‬ ‫من خشص آلخر عن طريق املامرس����ة اجلنس����ية غري الرشعية‪ ،‬أو نقل الدم‪ ،‬أو املخدرات‬ ‫يف املفاهمي الطبية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يتأثر جس����م املص����اب بفريوس نقص املناعة البرشية بص����ورة تدرجيية وبطيئة للغاية‪،‬‬ ‫وق����د يبدو ولفرتة طويلة يف حصة جيدة وميارس حياته بصورة طبيعية كأي خشص عاد‪،‬‬ ‫متعايش مع الفريوس‪.‬‬ ‫‪ - 2‬املرض نفس����ه ال يظهر إال بعد فرتة متتد أعواما‪ ،‬وذلك عندما‬ ‫يضعف جهاز املناعة ويتحول املصاب إىل مريض بالسيدا‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تبدأ عندئذ املعاناة من أعراض الكثري من األمراض‬ ‫‪ - 4‬فريوس الس����يدا يس����بب اهني����ار اجلهاز املن����ايع واإلصابة‬ ‫باألمراض االنهتازية املختلفة والرسطانات مثل رسطان اجللد‪.‬‬ ‫وحس����ب اإلحصاءات والتقارير الرمسية‪ ،‬ارتفعت يف الس����نني‬ ‫األخرية نس����بة اإلصابة هبذا امل����رض الذي يصعب عالجه لعدم‬ ‫وجود لقاح يفتك به‪ ،‬مما جعل املرض شبحا خميفا حيول جسد‬ ‫من يصيبه إىل هيلك من دون روح أو رغبة يف احلياة‪.‬‬ ‫وحس����ب إحصائيات وزارة الصحة لس����نة ‪ 2009‬فنسبة النساء‬ ‫املصاب����ات بداء الس����يدا ‪ 39‬يف املائة بيمن����ا يف صفوف الرج����ال ‪ 61‬يف املائة واألطفال‬ ‫البالغ��ي�ن م����ن العمر ‪ 15‬تقدر ب ‪ 3‬يف املائة‪ ،‬ونس����بة اإلصابة تك����ون مرتفعة بني الثالثني‬ ‫واألربعني‪.‬‬ ‫وإذا اكن����ت وزارة الصح����ة ترصح بأن ع����دد املصابني بداء الس����يدا يف املغرب يقدر ب‬ ‫‪ 2306‬فإن التقرير الس����نوي لربناجم األمم املتحدة يشري إىل أن عدد املصابني يف املغرب‬ ‫احلاملني للفريوس انتقل من ‪ 18000‬عام ‪ 2006‬إىل ‪ 30000‬سنة ‪ .2011‬ما معناه أن العدد‬ ‫احلقييق لملصابني بداء فقدان املناعة املكتس����بة باملغرب يبىق متدبدبا بني التقرير الوطين‬ ‫والتقرير األممي‪.‬‬

‫‪-‬ص‪-‬‬

‫> داء السكري‪:‬‬

‫يعرف األطباء املختصني داء السكري‪ ،‬بالداء املزمن‪ ،‬تظهر أعراضه عندما يعجز البنكرياس‬ ‫عن إفراز المكية الالزمة من األنسولني الذي يفرزه بطريقة سلمية‪ ،‬وأوحض أن أألانسولني‬ ‫هو هرمون ينظم نس����بة الس����كر يف الدم‪ ،‬ويعد فرط س����كر يف الدم أي تركزي كبري للسكر‬ ‫يف الدم نتيجة عادية لداء السكري الذي ينتج مع‬ ‫مرور الوقت اختالالت خطرية متس عدة أجزاء‬ ‫من اجلس����م خاصة األعصاب والعروق الدموية‬ ‫وهناك نوعني أساسني من داء السكري‪.‬‬ ‫‪ - 1‬داء الس����كري ال����ذي يصي����ب األطف����ال‬ ‫واملراهق��ي�ن‪ ،‬وال����ذي يمتزي بإف����راز غري اكف‬ ‫لألنسولني ويتسبب هذا النوع يف املوت الرسيع‬ ‫إذا مل يمت جتريع األنس����ولني‪ ،‬وتمتثل أعراض‬ ‫هذا النوع يف اإلفراز املفرط للبول وشعور دامئ‬ ‫باجلوع وفقدان الوزن وضعف البرص واإلرهاق‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مث داء الس����كري الذي يصيب البالغني والذي ينتج عن االس����تعامل السيئ لألنسولني‬ ‫من طرف اجلس����م‪ ،‬ينتج أساس����ا عن ارتفاع يف الوزن ونقص النشاط البدين‪ ،‬وقد تكون‬ ‫أعراضه أعراض النوع األول نفهسا‪ ،‬لكهنا غالبا ما تكون أقل وضوحا وهو ما يؤدي إىل‬ ‫عدم تخشيص املرض سنوات بعد ظهوره يف حني تكون هناك عدة مضاعفات‪.‬‬ ‫ويف نظر األطباء املختصني إن تضاعف حاالت اإلصابة بداء السكري يف املغرب له عالقة‬ ‫باإلرتفاع املهم واملتواصل للبدانة يف أوساط الساكن احلرضيني‪ ،‬وقد أبانت دراسة وبائية‬ ‫أجريت عىل أخشاص يبلغون من العمر ‪ 20‬س����نة‪ ،‬رجاال ونس����اء يف الوس����طني القروي‬ ‫واحلرضي تفيش هذا املرض بنسبة ‪ 6,6‬يف املائة‪ .‬‬ ‫وحس����ب تقرير ملنمظ����ة الصحة العاملية‪ ،‬فإن أزي����د من ‪ ٪ 12‬من املغارب����ة‪ ،‬مصابني بداء‬ ‫الس����كري أي ما يعادل أربعة مالين من الس����اكنة‪ ،‬وهو ما يتطلب من الس����لطات الصحية‬ ‫باملغ����رب بذل جهود مضاعفة ملواجهة هذا الداء‪ ،‬الذي يفتك بالقدرات البرشية‪ ،‬أحيانا من‬ ‫املهد إىل اللحد‪.‬‬ ‫وحس����ب ه����ذا التقرير‪ ،‬إن املغرب ح��ت�ى هذه اللحظة ال يتعامل مع داء الس����كري باجلدية‬

‫> الصرع‪:‬‬

‫هو داء يصيب الدماغ واألعصاب‪ ،‬إمسه العيمل‪ /‬الطيب «االبليس����يا» ظعر يف املغرب منذ‬ ‫عقود بعيدة‪.‬‬ ‫يؤكد أطباء خمتصون يف أمراض الدماغ واألعصاب أن هذا الداء أحضى أكرث انتش����ارا‬ ‫ب��ي�ن املغارب����ة‪ ،‬إذ يصيب ح����وايل ‪ 300‬ألف خش����ص‪ 200 ،‬ألف مهنم من قئ����ة األطفال‬ ‫واملراهقني الذين يقل معرمه عن ‪ 20‬س����نة‪ ،‬ويتخوف املختصون من تزايد عدد اإلصابات‬ ‫بـ «االبليس����يا» من الدرجة املتقدمة‪ ،‬موازاة مع انتشار األفاكر اخلاطئة عن املرض‪ ،‬واعتبار‬ ‫النوبات الناجتة عنه ذات صلة بعوامل اجلن واملس واخلرافة‪ ،‬ما يدفع باملصابني إىل اللجوء‬ ‫ملامرس����ة الشعوذة‪ ،‬اليشء الذي يؤخر الكشف املبكر عن املرض وعالجه بالكيفية املطلوبة‬ ‫ويف الوقت املناسب‪.‬‬ ‫إحصائيا‪ :‬بلغ عدد األاخشاص املختلني الذين مت توقيفهم السنة املاضية ‪ 16‬ألف و‪ 937‬يف‬ ‫حني وصل العدد سنة ‪ 2010‬إىل ‪ 19‬ألف و‪ 988‬حالة‪.‬‬ ‫وإىل ح����دود اليوم ال تتوفر املستش����فيات العمومية ببالدنا س����وى عىل ‪ 1536‬رسير اليت‬ ‫يه يف اخلدمة ‪..‬وال يفوق عدد املستش����فيات اخلاصة باألمراض العقلية والنفسية جبميع‬ ‫ألقالمي مثانية مستفيات‪.‬‬

‫ع‪-‬‬‫> العمى األزرق‬

‫الىمع األزرق‪ ،‬أو باللغة الطبية «الكولوكوما» يصيب‬ ‫حسب دراسة عملية حوايل ‪ 600‬ألف مواطن مغريب‪،‬‬ ‫وهو رمق يف منظور هذه الدراس����ة‪ ،‬سيعرف ارتفاعا‬ ‫خالل الس����نوات القادمة‪ ،‬بسبب التطور الذي تعرفه‬


‫من ملفات زهور‬ ‫األمراض األخرى‪ ،‬خاصة مهنا مرض ضغط الدم والسكري‪.‬‬ ‫ويش��ك�ل هذا املرض السبب األول للىمع باملغرب‪ ،‬ينشأ املرض عندما يتطور ضغط سائل‬ ‫العني بش��ك�ل مرتفع ألن نظام السيالن ال يعمل بشلكه الطبييع‪ .‬احلضور املرتفع للسائل‬ ‫داخل العني يتسبب يف ارتفاع الضغط البرصي‪ ،‬ومن شأن هذا الضغط أن يتلف العصب‬ ‫الب��ص�ري عىل املدى الطويل‪ ،‬حيس املريض عندما يتعرض هذا العصب لإلصابة برتاجع‬ ‫برصه تدرجييا‪ ،‬ليصبح األمر عبارة عن مرض مزمن حيتاج للعالج مدى احلياة‪.‬‬

‫ق‪-‬‬‫> أمراض القلب‬

‫أمراض القلب يف املغرب‪ ،‬حسب اخلرباء‪ ،‬متعددة ومتنوعة متتد من تصلب الرشايني‪ ،‬إىل‬ ‫االختالل يف دقات القلب‪ ،‬ومن تصلب الصاممات‪ ،‬إىل متزق‬ ‫األنجسة الدموية‪ ،‬ومجيعها تؤدي إىل الوفاة‪.‬‬ ‫يف إحصائية ش����به رمسية‪ ،‬حوايل ملي����ون مواطن حرضي‬ ‫م����ن لك األمعار يعانون من أمراض القلب‪ ،‬ألس����باب متعددة‬ ‫ومتداخلة‪ ،‬مهنا التدخ��ي�ن‪ ،‬واملخدرات‪ ،‬والتغذية وضغط الدم‬ ‫وغريها كثري‪.‬‬ ‫وحس����ب اخلرباء فإن ‪ 30%‬من مرىض القلب‪ ،‬يلقون حتفهم‬ ‫بس����بب عدم قدرهتم املادية عىل التطبي����ب والعالج‪ ،‬أو يعدم‬ ‫اخنراطهم يف أنمظة التغطية الصحية‪.‬‬

‫ك‪-‬‬‫> أمراض الكبد‬

‫من أب����رز أمراض الكبد‪ ،‬م����ا يطلق هيلع‬ ‫األطب����اء «التمشع الكب����دي» النامج عن‬ ‫تدمري اخلاليا الكبدية املؤدية إىل زيادة‬ ‫الضغط واالضطراب يف وظائف اخلاليا‬ ‫الكبدي����ة‪ ...‬ويعترب هذا املرض الس����بب‬ ‫الثاين مض����ن أس����باب الوفي����ات لدى‬ ‫املصابني باألمراض الكبدية‪.‬‬ ‫ويرى األطب����اء املختصني‪ ،‬أن أس����باب‬ ‫هذا امل����رض تعود إىل اس����تعامل حقن‬ ‫املخ����درات‪ ،‬أو اس����تعامل األدوات‬ ‫اجلراحية امللوثة‪ ،‬أو اس����تعامل مواد غري معقمة يف عالج األس����نان أو للحالقة أو للومش‪،‬‬ ‫اضافة إىل العالقات اجلنسية املتعددة‪ ،‬ويصف األطباء هذا املرض بالوباء الصامت‪ ،‬فهو‬ ‫يب��ق�ى خامدا ملدة عقد أو عقدين من الزمن‪ ،‬وميتد العالج من ‪ 24‬إىل ‪ 48‬أس����بوعا‪ ،‬وتبلغ‬ ‫تلكفته الدوائية حلوايل ‪ 13000‬درمها هشريا‪.‬‬ ‫يص����ل عدد املصابني هبذا املرض باملغرب‪ ،‬حس����ب اإلحص����اءات الرمسية إىل ‪ 350‬ألف‪،‬‬ ‫يتوىف مهنم سنويا ‪.2600‬‬

‫> أمراض الكلي‬

‫يف حب����ث مجلعية معاجلة أمراض اللكي‪ ،‬أن عدد املصابني بأمراض اللكي باملغرب يصل‬ ‫إىل ح����وايل مليون خشص‪ ،‬أغلهبم يعانون من القصور اللك����وي املزمن‪ ،‬وأن ‪ 3000‬حالة‬ ‫جديدة تنضاف إىل هذه الالحئة املفزعة سنويا‪ ...‬وأن ‪ 7000‬مصاب هبذا الداء خيضعون‬ ‫أسبوعيا لعملية تصفية الدم‪.‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪27‬‬

‫ل‪-‬‬‫> داء اللشمانيا‬

‫يعت��ب�ر داء اللمشاني����ا مرض����ا مزمنا تس����ببه بعوضة‬ ‫تمس����ى «ذبابة الرمل» ويه ح��ش�رة طفيلية تكرث قرب‬ ‫املس����تنقعات املائية واألهن����ار ويف األماكن اليت تنترش‬ ‫فهيا األزبال والنفايات‪ ،‬حيث تقوم بلسع اجلسم وزرع‬ ‫الطفيليات فيه‪ ،‬فتتش��ك�ل حبة محراء نافرة فوق س����طح‬ ‫اجللد‪ ،‬تغطهي����ا طبقة من الصديد اجل����اف‪ ،‬ويف حالة‬ ‫إزالته يكش����ف عن قرح����ة غائرة وغري مؤمل����ة عملا أن‬ ‫املرض يرتك تش����وهات يف اجلس����د بع����د اإلصابة اليت‬ ‫غالب����ا ما حتدث يف الوجه‪ ،‬وترتك أثرا طول العم����ر‪ ،‬ولبعض هذا املرض مضاعفات تؤثر‬ ‫عىل الكبد والطحال وغريمها‪...‬‬ ‫وتعود أس����باب هذا املرض إىل غياب قنوات الرصف اليحص‪ ،‬ووجود طارح القاممة يف‬ ‫املناطق اآلهلة بالس��ك�ان‪ ،‬مع وجود املداجن والزرائب‪ ،‬وعدم ترحيل القاممة بصورة دورية‬ ‫ووجود اللكاب الشاردة‪.‬‬ ‫يظهر هذا الداء باسمترار يف مناطق اجلنوب‪ ،‬حيث تؤكد التقارير الطبية أن هناك أزيد من‬ ‫‪ 3000‬مصاب مبدينة زاكورة وحدها‪.‬‬

‫ن‪-‬‬‫> األمراض النفسية‬

‫امل����رض العق��ل�ي‪ ،‬يع��ن�ي بلغ����ة الط����ب‪ ،‬م����رض يرتبط‬ ‫باالضطرابات النفسية العميقة واملزمنة اليت تفقد قدرة‬ ‫املري����ض ع��ل�ى اإلدراك واإلرادة والمتي��ي�ز وجتعل منه‬ ‫خمتال عقليا‪.‬‬ ‫وحس����ب الدراس����ات اليت أجرهتا املصلح����ة اجلامعية‬ ‫للط����ب النفيس ابن رش����د واملصلح����ة اجلامعية للطب‬ ‫النفيس مبستش��ف�ى الرازي بس��ل�ا‪ ،‬فإن املغرب يعاين‬ ‫من ع��ش�رات اآلالف من املصابني باألمراض النفس����ية‬ ‫والعقلي����ة احلادة‪ ،‬جند من بيهنم م��ئ�ات املترشدين يف‬ ‫الش����وارع الذين ال جيدون أرسة اكفية باملستش����فيات‬ ‫إليواهئم‪.‬‬ ‫وتبعا لإلحصائيات الرمسي����ة‪ ،‬ال يتجاوز عدد األرسة اخلاصة هبذه األمراض‪ ،‬حىت اآلن‬ ‫‪ ،2500‬معمظها موجود عىل حمور س��ل�ا‪ /‬برش����يد‪ ،‬وحىت اآلن هناك مدن وأقالمي ال توجد‬ ‫هبا مصلحة للطب النفيس أو مس����توصفات للصحة النفس����ية‪ ،‬وعدد األطباء النفس����انيني‬ ‫مل يص����ل بعد ‪ 3%‬مبن فهيم األطباء املختصني‪ ،‬وهو ما يش��ك�ل عائقا كبريا لتلبية الطلبات‬ ‫املزتايدة يف االستشفاء‪.‬‬

‫و‪-‬‬‫> الوسواس‬

‫مرض الوس���واس‪ ،‬من األمراض النفس���ية اليت تعرف طبيا باألم���راض الذهانية‪ ،‬اليت تصيب‬ ‫املرىض باخلوف واهلسترييا واهلديان واختالط الواقع باخليال‪ ،‬واإلحساس بالقلق والتشاؤم‪.‬‬ ‫وي����رى العديد من األطباء النفس����انيني‪ ،‬أن مرض الوس����واس يدفع العق����ل إىل االلتصاق‬ ‫بفكرة أو أفاكر معين����ة‪ ،‬غالبا ال يكون هلا عالقة بالواقع‪،‬‬ ‫ومن متة يصبح املصاب هبذا املرض مكتئبا بشدة‪ ،‬حيس‬ ‫باالختناق وضيق يف الص����در وخفقات يف القلب‪ ،‬وعدم‬ ‫القدرة عىل االنجسام مع أفاكره أو مع حميطه‪.‬‬ ‫وحس����ب اخل��ب�راء يف األم����راض الذهاني����ة‪ ،‬فإن مرض‬ ‫الوسواس‪ ،‬ينترش بقوة داخل الفائت االجمتاعية املختلفة‪،‬‬ ‫لك����ن ال توجد إحصاءات دقيقة عن املصابني به حىت اآلن‬ ‫مكا ال توجد مراكز طبية خاصة لعالجه‪.‬‬


‫‪28‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫من أنشطة زهور‬

‫ندوة موسعة بمدينة زرهون‬

‫زواج القاصرات‬

‫إشكالية تبحث عن حل‬ ‫نظمت جمعية زهور للعدالة‬ ‫االجتماعية والتنمية المستدامة‪،‬‬ ‫ندوة موسعة حول زواج القاصرات‬ ‫في المغرب والتطبيق السليم لمدونة‬ ‫األسرة‪،‬‬ ‫يوم ‪ 9‬ماي من السنة الماضية ‪،2011‬‬ ‫بمقر دار الثقافة‪ ،‬بمدينة موالي‬ ‫إدريس زرهون‪.‬‬


‫من أنشطة زهور‬

‫األس���تاذ إبراهمي لي�س�ر (مدير الش���ؤون املدنية بوزارة‬ ‫العدل)‬ ‫األستاذة فتيحة خالل‪( ،‬قاضية مقمية بزرهون)‬ ‫األس���تاذ دمحم العرسي‪( ،‬قايض باحملمك���ة االبتدائية‬ ‫مبكناس ‪-‬قسم قضاء األرسة)‬ ‫األس���تاذ حدو معيس���و‪( ،‬قايض باحملمك���ة االبتدائية‬ ‫مبكناس – قسم قضاء األرسة)‬ ‫األس���تاذ معر ملني‪( ،‬قايض من الدرجة االستثنائية بوزارة‬ ‫العدل)‬ ‫األستاذ رشيد القايض‪( ،‬حمام هبيئة مكناس)‬ ‫األستاذة فامطة رابوز‪( ،‬إخصائية يف الوساطة وتقنيات‬ ‫التواصل)‬ ‫األس���تاذ حلس���ن اإلدرييس‪ ( ،‬خبري وط�ن�ي يف التمنية‬ ‫البرشية)‬ ‫وهك���ذا انطلقت أش���غال هذه الندوة باللكمة اهلامة للس���يد‬ ‫وزير العدل الذي ذكر فهيا بسياس���ة االنفتاح عىل املجمتع‬ ‫امل���دين اليت أحضت تتبعها وزارته‪ ،‬مكا أكد يف لكمته عىل‬ ‫أمهية هذه الندوة منوها حبس���ن اختيار موضوع أشغاهلا‬

‫والذي يتعلق ب» زواج القارصات» إذ اس���تعرض بعد ذلك‬ ‫الضامنات املتخذة من ط���رف وزارة العدل للحد من ظاهرة‬ ‫الزواج املبكر‪ ،‬مستهشدا بإحصائيات سنة ‪ 2010‬اليت تبني‬ ‫أن ‪ 98,49%‬من طلب���ات الزواج اليت حضيت بالقبول خالل‬ ‫هذه الس���نة‪ ،‬ختص قارصين من مواليد ‪ 1993‬و‪ ،1994‬مما‬ ‫يبني أن أغلهبم يقارب سهنم سن أهلية الزواج‪.‬‬ ‫باإلضاف���ة إىل ذلك‪ ،‬ركزت لكمة الس���يد وزي���ر العدل‪ ،‬عىل‬ ‫أمهي���ة توثيق عقود الزواج وم���دى ارتباطها بزواج القرص‪،‬‬ ‫وما تقوم به وزارة العدل من جمهودات يف جمال التحسيس‬ ‫والتوعية من جهة‪ ،‬وتوثيق عقود الزواج من جهة أخرى‪.‬‬ ‫مكا متزي هذا اللقاء‪ ،‬باإلضافة إىل العروض املربجمة‪ ،‬بلكمة‬ ‫اس���تثنائية للسيد مدير الشؤون املدنية بوزارة العدل أوحض‬ ‫فهيا أس���باب وحيثي���ات زواج الق���ارصات باملغرب ومربزا‬ ‫مزاي���ا ما جاءت ب���ه مقتضيات مدون���ة األرسة‪ .‬مكا بني أن‬ ‫ثبوت الزوجية يه أداة تستعمل باألساس للتصدي ملخلفات‬ ‫رافدين مهمني مها زواج الق���ارصات وتعدد الزوجات‪ ،‬مما‬ ‫حيمت مبدئيا معاجل���ة هذين اإلش�ك�الني بالفاعلية القانونية‬ ‫الالزمة‪ ،‬مكا مثن باملناسبة دور املجمتع املدين يف التعريف‬ ‫مبضام�ي�ن مدونة األرسة واملس���امهة يف تعم�ي�م تطبيقها‬ ‫تطبيقا سلميا‪.‬‬ ‫من جانهبا تعرضت األستاذة فتيحة خاليل‪( ،‬قاضية مقمية‬ ‫بزرهون)‪ ،‬إىل توضيح اإلجيابيات النوعية اهلامة اليت جاءت‬ ‫هبا مدونة األرسة يف جمال املس���اواة وحقوق املرأة‪ ،‬واليت‬ ‫جعل���ت من املغرب مثال حيتدا ب���ه يف هذا املجال ليس فقط‬ ‫يف حميطه الع���ريب واإلفرييق‪ ،‬بل حىت عن���د بعض الدول‬ ‫الغربية‪.‬‬ ‫أما زواج الق���ارصات باملغرب‪ ،‬والذي هو املوضوع الرئيس‬ ‫هلذه الندوة فقد مت التعرض له من منظورين خمتلفني‪ ،‬األول‬ ‫قضايئ تلك���ف بعرضه األس���تاذ دمحم العرسي‪( ،‬قايض‬ ‫باحملمكة االبتدائية مبكناس – قس���م قضاء األرسة)‪ ،‬حيث‬ ‫ركز عىل مس���ؤولية الق���ايض يف التعايط مع هذه الظاهرة‬ ‫وأمهية اخل�ب�رة الطبية والبحث االجمت���ايع عند الرضورة‬ ‫الختاذ القرار املناسب‪.‬‬ ‫يف حني عاجل األستاذ رشيد القايض‪( ،‬حمام هبيئة مكناس)‪،‬‬ ‫إش�ك�الية زواج القارصات بعني املدافع عىل الفتاة القارص‬ ‫اليت تفقد لك حقوقها‪ ،‬عند الزواج‪ ،‬خاصة حقها يف التعمل‪،‬‬ ‫مم���ا حيمت عىل الدول���ة واملجمتع معا‪ ،‬البح���ث عن احللول‬ ‫املناسبة ملعاجلة أسباب هذه الظاهرة واحلد مهنا‪.‬‬

‫األستاذ ابراهيم ليسر‬ ‫مدير الشؤون املدنية بوزارة العدل واحلريات‬

‫وقد ترأس هذه الندوة‪ ،‬السيد وزير العدل السابق‪ ،‬حبضور‬ ‫الس���ادة‪ :‬وايل جه���ة مكن���اس‪ -‬تافياللت‪ ،‬ومدير الش���ؤون‬ ‫املدنية ب���وزارة العدل‪ ،‬والرئيس األول حملمكة االس���تئناف‬ ‫مبكن���اس‪ ،‬والوكي���ل العام جلالل���ة امللك بنف���س احملمكة‪،‬‬ ‫ونقي���ب احملامني مبكناس‪ ،‬وممثل وزارة التمنية االجمتاعية‬ ‫واألرسة والتضام���ن‪ ،‬ورئيس جمل���س مدينة موالي إدريس‬ ‫زره���ون‪ ،‬إضافة إىل قضاة‪ ،‬وحمام�ي�ن‪ ،‬وخرباء‪ ،‬وباحثني‪،‬‬ ‫وأطباء‪ ،‬وناش���طني حقوقني‪ ،‬ومجعويني‪ ،‬حيث متت معاجلة‬ ‫إش�ك�الية زواج القارصات من خالل رشح وتوضيح حقوق‬ ‫امل���رأة مكا يه متضمنة يف مدون���ة األرسة‪ ،‬فمت بذلك طرح‬ ‫إش�ك�الة زواج القارصات من خمتل���ف جوانهبا مع حماولة‬ ‫حتديد مجمل أس���باهبا ونتاجئها‪ ،‬قبل التطرق إىل مجلة من‬ ‫االقرتاح���ات للحد مهنا‪ ،‬خصوصا تلك اليت تتعلق باملجمتع‬ ‫املدين‪ ،‬مك���ا مت التطرق يف حماور هذه الندوة إىل مس���ألة‬ ‫ثبوت الزوجية ومدى أمهيته يف احلد من املخلفات الس���لبية‬ ‫للزواج الغري موثق خاصة تلك اليت تؤثر بشلك مبارش عىل‬ ‫الوضع الطبييع لألطفال‪.‬‬ ‫س���امه يف عروض هذه الندوة مجلة من األستاذة والباحثني‬ ‫املختصني‪ ،‬نذكر من بيهنم بصفة خاصة‪:‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪29‬‬

‫ويف األخري‪ ،‬تقدم األس���تاذ حدو معيسو‪( ،‬قايض باحملمكة‬ ‫االبتدائية مبكناس) بعرض حاول من خالله إبراز دور إثبات‬ ‫عق���ود ال���زواج وأمهيته بالنس���بة للفرد وخاص���ة األطفال‪،‬‬ ‫واألرسة‪ ،‬واملجمت���ع‪ ،‬حي���ث بفضل���ه ي�ت�م إثبات النس���ب‪،‬‬ ‫واالس���تفادة من لك احلقوق االجمتاعية‪ :‬الصحة والتعلمي‪،‬‬ ‫واحلص���ول عىل وثائق اهلوي���ة كبطاقة التعري���ف الوطنية‪،‬‬ ‫وجواز الس���فر‪ ،..‬مذك���را بامحلالت اليت تق���وم هبا وزارة‬ ‫العدل حاليا يف هذا املجال يف لك مناطق اململكة‬ ‫ويف خت���ام ه���ذه الندوة مت���ت املصادقة ع�ل�ى التوصيات‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫> رفع ملمتس للسلطات املختصة وعىل رأهسا وزارة العدل‬ ‫من أجل العمل عىل تنظمي وتقنني جمال الوساطة االجمتاعية‬ ‫ببالدن���ا حىت تمتكن م���ن أن تؤدي دورها بش�ك�ل إجيايب‬ ‫وفعال‪ ،‬ال ارجتال فيه وال فوضوي‪ ،‬مكا هو هيلع احلال اآلن‪،‬‬ ‫وتكون كذلك من بني اآلليات الفعالة يف التعريف مبقتضيات‬ ‫األرسة واحلد من ظاهرة ال���زواج املبكر عرب التوعية ونرش‬ ‫ثقافة حقوق اإلنسان؛‬ ‫> الرفع من مس���توى «مركز الوس���اطة االجمتاعية» التابع‬ ‫للجمعية‪ ،‬وجعله مركزا وطنيا مستقال‪ ،‬حتت ممسى‪« :‬املركز‬ ‫املغريب للوس���اطة االجمتاعي���ة» مبواصفات حترتم املواثيق‬ ‫الدولي���ة‪ ،‬وتكفل رسي���ة القضايا املطروحة هيلع‪ ،‬وتس���اعد‬ ‫املش���تكني واملش���تكيات عىل ارتياده دون خ���وف أو رهبة‪،‬‬ ‫وتضمن جناحه كوس���يط اجمتايع وطين وفعال يف الرصد‬ ‫والتوعي���ة وحل الزناع���ات بطرق بديلة وتق���دمي االقرتاحات‬ ‫ونرش ثقافة حقوق اإلنسان؛‬ ‫> تنظمي قافلة ميدانية منوذجية مبنطقة زرهون‪ ،‬اليت تمشل‬ ‫مدينة موالي إدري���س وامجلاعات القروية امخلس احمليطة‬ ‫هب���ا‪ .‬مهمة هذه القافلة يه التوعية والتحس���يس وتبس���يط‬ ‫مقتضيات مدون���ة األرسة لملواطنني واملواطنات‪ ،‬ويف نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬وبإذن من رئيس احملمكة مبكناس‪ ،‬تنظمي جلس���ات‬ ‫إلثبات عقود الزواج‪ .‬يمت بعد ذلك تقيمي هذه التجربة والعمل‬ ‫عىل إصالح معيقاهتا والرفع من درجة جودهتا حىت تصبح‬ ‫منوذجا موثقا‪ ،‬يعبئ بلغة مبس���طة عىل ش�ك�ل دليل‪ ،‬ميكن‬ ‫اس���تعامله أو االس���تعانة به من أجل تنظمي مثل هذا النوع‬ ‫من األنشطة؛‬ ‫> الزتام امجلعية بطبع عروض الندوة وتوصياهتا يف كتيب‬ ‫يوثق ألش���غاهلا من أجل تعممي االس���تفادة‪ ،‬وتهسيل تتبع‬ ‫مس���ارها‪ ،‬مكرشوع اجمتايع‪ ،‬بطريقة منمظة ومهنية‪ ،‬حىت‬ ‫تتحقق األهداف اليت أنشئت من أجلها‪.‬‬


‫‪30‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫من أنشطة زهور‬

‫إضاءة‬

‫وزارة العدل‪،‬‬

‫تسعى إلى تطويق إشكالية‬ ‫الزواج غير الموثق قبل سنة ‪2014‬‬ ‫ارتف���ع عدد ملفات ثبوت الزوجي���ة اليت متت تصفيهتا املادة ‪ 16‬من قان���ون مدونة األرسة اليت تحمس بمتديد توثيق عق���ود ال���زواج‪ ،‬وتنهتج وزارة العدل سياس���ة‬ ‫مبختلف حمامك اململكة‪ ،‬خالل سنة ‪ 2010‬إىل ‪ 30‬ألفا م���دة إقرار الزوجي���ة وثبوهتا‪ ،‬وذلك للح���د من ظاهرة االنفتاح عىل املواطنني لتجشيع إجراءات القيام بتوثيق‬ ‫و‪ 439‬حمكا‪ ،‬مقابل ‪ 13‬ألفا و‪ 962‬حمكا سنة ‪ .2009‬ال���زواج بالفاحتة ومواصل���ة توعي���ة املواطنني بأمهية عق���ود الزوجية‪ ،‬وذلك بعقد جلس���ات مس���اع دعاوي‬ ‫الزوجية باألس���واق األس���بوعية ويف‬ ‫وه���و م���ا يع�ن�ي أن‬ ‫ ‬ ‫املوامس بغ���رض تقري���ب القضاء من‬ ‫وثرية تصفية امللفات يف تصاعد‬ ‫املواطنني‪ ،‬ومن خالل جلس���ات جتري‬ ‫من س���نة ألخرى‪ ،‬حي���ث انتقلت‬ ‫بش�ك�ل معويم بأسواق قروية ليمتكن‬ ‫م���ن ‪ 6918‬حمكا س���نة ‪،2004‬‬ ‫املواطنون من التع���رف عىل مضامني‬ ‫إىل ‪ 18‬ألف���ا و‪ 751‬حمكا س���نة‬ ‫املادة ال‪ 16‬من مدونة األرسة‪.‬‬ ‫‪ 2007‬مث إىل ‪ 23‬ألف���ا و‪390‬‬ ‫وحس���ب األرقام املتوفرة لدى‬ ‫ ‬ ‫حمك���ا س���نة ‪ ،2008‬إال أنه رمغ‬ ‫وزارة العدل فإن‪ ،‬عدد امللفات املتعلقة‬ ‫لك هذه املجهودات الزالت هناك‬ ‫بطلبات ثبوت الزوجية بداية من س���نة‬ ‫وضعيات مل تسو بعد‪.‬‬ ‫‪ 2010‬قارب���ت ‪ 90.000‬طلب���ا‪ ،‬وق���د‬ ‫ويف ه���ذا الص���دد‬ ‫ ‬ ‫بلغت عدد األح�ك�ام القضائية املتعلقة‬ ‫أك���دت وزارة الع���دل‪ ،‬يف أكرث‬ ‫بثبوت الزوجية سنة ‪ 2009‬ما مجموعه‬ ‫م���ن مناس���بة‪ ،‬ع�ل�ى رضورة‬ ‫‪ 13962‬حمكا‪ ،‬فمي���ا بلغ عدد األحاكم‬ ‫«تقري���ب القضاء م���ن املواطنني»‬ ‫الص���ادرة س���نة ‪ 2008‬م���ا مجموعه‬ ‫عن طريق تفعيل إماكنية جلسات‬ ‫تنقلي���ة خارج فضاءات احملامك‪ ،‬انتحار الطفلة القارص أمينة الفياليل‪ ،‬يف مطلع هشر مارس املايض‪ ،‬بعد تزوجيها من الرجل ‪ 23390‬حمكا قضائيا‪.‬‬ ‫ورمغ املجه���ودات اليت واكبت‬ ‫مع حرص الس���لطة احمللية عىل ال���ذي هت���ك عرضها بالعنف‪ ،‬جفر الغض���ب باإلعالم واملجمتع املدين ومبختلف املؤسس���ات ‬ ‫إحص���اء مجيع احل���االت املعنية احلقوقية داخل املغرب وخارجه‪ ،‬ضد اش�ك�الية زواج القارصات‪ ،‬حيث أثارت هذه اإلش�ك�الية الفرتة االنتقالية األوىل لمساع دعاوى‬ ‫عىل مستوى خمتلف امجلاعات ردود فعل متباينة‪ ،‬حول مدى مرشوعية تزوجي قارص مبغتصهبا درء للفضيحة‪ ،‬يف إطار ردود الزوجي���ة‪ ،‬فقد تبني‪ ،‬م���ن خالل نتاجئ‬ ‫امحلل���ة الوطني���ة لتعم�ي�م التجسي���ل‬ ‫احلرضي���ة والقروي���ة‪ ،‬وإع���داد الفعل جتاه هذه القضية‪.‬‬ ‫الوثائق اخلاص���ة مبلف الدعوى يف ه���ذا اإلطار‪ ،‬طالبت فيدرالية الرابطة الدميقراطية حلق���وق املرأة رئيس احلكومة عبد اإلله بجسالت احلال���ة املدنية وكذا الطلبات‬ ‫القضائية وتبسيط اإلجراءات مع بنكريان‪ ،‬بوضع قانون ملناهضة العنف ضد النس���اء‪ ،‬وأخذ العربة من حادث انتحار القارص ال�ت�ي وردت عىل احملامك بعد انقضاء‬ ‫أمينة الفياليل‪ .‬وش���ددت الفيدرالية‪ ،‬يف رسالة مفتوحة إىل الوزير األول‪ ،‬عىل رضورة اختاذ تلك الفرتة‪ ،‬أنه مازالت هناك وضعيات‬ ‫الرسعة يف البث‪.‬‬ ‫وهتدف ال���وزارة من لك اإلجراءات اإلدارية والقضائية والسياسية املستعجلة للحيلولة دون تكرار ما جرى ووضع كثرية مل تمت تسويهتا بعد‪.‬‬ ‫ ‬ ‫إن أمه ما ميزي امحللة الوطنية‬ ‫خالل هذه العملي���ة إىل «تطويق قان���ون إطار ملناهضة العنف ضد النس���اء وتغيري القانون اجلنايئ املبين عىل فلس���فة وثقافة ‬ ‫ظاه���رة الزواج غ�ي�ر املوثق قبل ذكوري���ة حترص عىل محاية املجمت���ع واألرسة واألخالق عىل حس���اب محاية املرأة ومضان لثب���وت الزوجية‪ ،‬ه���و االهمتام جبانب‬ ‫انقضاء الفرتة االنتقالية اجلديدة متتعها حبقوقها االنس���انية‪ ،‬مكا هو منصوص هيلع يف الدستور ويف االتفاقيات الدولية اليت التوعية والتحس���يس وتوجيه مناشري‬ ‫يف اخلامس من فرباير ‪ ،»2014‬ص���ادق علهي���ا املغرب‪ ،‬وذلك بتطبي���ق قاعدة عدم اإلفالت من العقاب مع محالت حتسيس���ية ودوري���ات إىل املس���ؤولني القضائيني‬ ‫وذلك «حفاظا عىل حقوق الزوجني وتوعوية ملناهضة المتيزي والعنف جتاه النساء والرتبية عىل املساواة بني اجلنسني ومنع تزوجي إلي�ل�اء قضايا ثب���وت الزوجي���ة عناية‬ ‫واألطفال بالنظر ملا لتوثيق الزواج الق���ارصات‪ ،‬خاصة عندم���ا يتعلق األمر حباالت االغتصاب‪ .‬وأكدت الفيدرالية‪ ،‬يف رس���الهتا خاصة‪ ،‬وحهثم عىل اإلرساع يف البث‬ ‫من أمهي���ة يف تس���وية وضعية املفتوحة‪ ،‬أهنا ما فتئت تنبه إىل خطورة واس���تفحال ظاهرة أش�ك�ال العنف ضد النس���اء وهو يف قضاي���ا ثبوت الزجيات‪ ،‬وتبس���يط‬ ‫م���ا تزكيه تقارير مراكز العنف التابعة إىل عدة مجعيات نس���ائية‪ ،‬وأثبتته الدراس���ة الرمسية اإلج���راءات بوض���ع من���وذج لطلبات‬ ‫مكوناهتا‪»...‬‬ ‫وتأيت ه���ذه العملية لملندوبية الس���امية للتخطيط‪ ،‬مضيفة أن هذا العنف يتجسد يف اعتداءات متنوعة عىل احلرمة ثبوت الزوجية وحتديد الوثائق املطلوبة‬ ‫ ‬ ‫وجعلها رهن إشارة املواطنني‪.‬‬ ‫يف إط���ار التعري���ف مبقتضيات اجلسدية والنفسية واجلنسية للنساء‪ ،‬ملحقا هبن أذى وأرضارا تتفاوت درجة خطورهتا‪ .‬‬

‫انتحار‬ ‫أمينة‬ ‫الفياللي‪،‬‬ ‫ردود فعل‬ ‫متباينة‬


‫من أنشطة زهور‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫‪31‬‬

‫مركز زهور للوساطة‬ ‫االجتماعية‬ ‫يف إط���ار رؤيهتا الثقافي���ة واالجمتاعية‪ ،‬أعلنت مجعية‬ ‫زهور للعدالة االجمتاعية والتمنية املستدامة‪ ،‬عن افتتاح‬ ‫مركز زهور للوساطة االجمتاعية‪ ،‬مبدينة زرهون‪.‬‬ ‫ويعمل ه���ذا املركز‪ ،‬عىل املس���توى اجلهوي واحمليل‬ ‫والوط�ن�ي‪ ،‬م���ن أج���ل التط���وع واملب���ادرة واملقارب���ة‬ ‫املستدامة‪.‬‬ ‫وق���د أعلنت مجعية زهور أن رس���الة ه���ذا املركز يه‪:‬‬ ‫اإلهسام يف استقرار األرسة‪ ،‬وتمنية السلوك اإلجيايب‬ ‫لدى األفراد‪ ،‬وتكريس قمي التضامن والتاكمل واملواطنة‪،‬‬ ‫مع تقدمي ال���دمع املعنوي واالجمتايع والنفيس لألرس‬ ‫احملتاج���ة‪ ،‬واملس���اعدة ع�ل�ى تأهي���ل األرسة للقيام‬ ‫بوظائفها االجمتاعية والرتبوية‪ ،‬واملس���امهة يف التمنية‬ ‫املستدامة‪.‬‬ ‫أم���ا عن أهداف هذا املركز‪ ،‬أكدت مجعية زهور للعدالة‬ ‫االجمتاعي���ة والتمني���ة املس���تدامة‪ ،‬يه املس���امهة يف‬ ‫استقرار األرسة‪ ،‬مبشاركة اكفة الفاعلني من سلطات‪.‬‬

‫وأحزاب‪ ،‬ومجاعات منتخبة‪ ،‬وجممتع مدين‪ ...‬والتعريف‬ ‫بالترشيع والقوانني املنمظة لألرسة ونرش ثقافة النظام‬ ‫والتآزر‪ ،‬وتمنية الس���لوك اإلجي���ايب لدى أفراد األرسة‬ ‫وترس���يخ قمي التساحم وحس���ن اجلوار‪ ،‬والصلح يف‬ ‫حالة الزناعات‪ .‬مع الدمع النفيس واالجمتايع للنس���اء‬ ‫يف وضعية صعبة‪ ،‬واالرتقاء باملس���توى الثقايف للفرد‪،‬‬ ‫وتوعية لك الرشاحئ االجمتاعية عن طريق آليات تنظمي‬ ‫األرسة‪ ،‬وتقنيات الوس���اطة االجمتاعية‪ ،‬وحل الزناعات‬ ‫بطرق بديلة؛ إضافة إىل توعية املرأة حبقوقها‪ ،‬وواجباهتا‬ ‫اجتاه األرسة واملجمتع‪ ،‬والهنوض باملشاركة السياسية‬ ‫لملرأة املغربية‪ ،‬وترس���يخ الدميقراطية وأسس املواطنة‬ ‫السلمية؛ مع االهمتام باجلانب اليحص‪ ،‬واالجمتايع‪،‬‬ ‫والرتبوي لملرأة والطفل‪.‬‬ ‫وقد حددت مجعية زهور الوس���ائل لبلوغ هذه األهداف‬ ‫يف‪:‬‬

‫* تنظمي لقاءات لالس�ت�ماع والتوجيه واإلرشاد النفيس‬ ‫واالجمتايع واليحص والقانوين؛‬ ‫* خل���ق وتأطري مش���اريع مدرة للدخل هبدف حتس�ي�ن‬ ‫األوضاع االقتصادية واالجمتاعية للنساء؛‬ ‫* تنظمي ندوات وحمارضات حول الوساطة االجمتاعية‪،‬‬ ‫وإقامة معارض ثقافية وفنية متنقلة؛‬ ‫* عقد رشااكت مع املنمظات احلقوقية ومؤسسات الدولة‬ ‫لالهمتام باألرسة‪ ،‬ومأسسة الوساطة االجمتاعية؛‬ ‫* تنظمي دورات تكوينية متخصصة لفائدة منتسيب املركز‬ ‫واألطر املسرية له‪.‬‬ ‫وهكذا أسست مجعية زهور هلذا املركز‪ ،‬أربع جلان من‬ ‫أجل حتقيق أهدافه االجمتاعية والرتبوية ويه‪:‬‬ ‫جلنة اإلنصات والتوجيه؛‬ ‫جلنة اإلرشاد القانوين والنفيس؛‬ ‫جلنة الدراسات والتكوين واملشاريع املدرة للدخل؛‬ ‫جلنة البحث والتوعية والتظاهرات‪.‬‬

‫جمعية زهور تساهم في‬ ‫تنظيم قطاع الزيتون‬ ‫بزرهون‬ ‫يف نطاق رؤيهتا للقطاع الفاليح مبنطقة زرهون‪ ،‬سامهت‬ ‫مجعية زهور للعدالة االجمتاعية والتمنية املستدامة خالل‬ ‫السنوات الست املاضية يف تنيظمي قطاع الزيتون وتمثينه‪،‬‬ ‫إذ معلت عىل تأطري وتكوين عدد من الفالحني الش���باب‪،‬‬ ‫وغ���رس أكرث م���ن ‪ 300‬هكتار من الزيت���ون بامجلاعات‬

‫دوري‬ ‫زهور ‪2011‬‬ ‫في كرة‬ ‫القدم‬

‫احمليطة مبدينة موالي ادريس زرهون‪.‬‬ ‫ويف نف���س اإلطار‪ ،‬أبرمت مجعية زه���ور مؤخرا‪ ،‬اتفاقية‬ ‫رشاكة مع املديرية اجلهوي���ة للفالحة مبكناس‪ ،‬من أجل‬ ‫دمع الع���امل الق���روي وتمتني منتجات���ه يف إطار برناجم‬ ‫املغ���رب األخرض‪ ،‬وتزني���ل املخطط الف�ل�ايح اجلهوي‬

‫مبناس����بة عي����د الع����رش املجي����د‪ ،‬قامت‬ ‫مجعية زه����ور للعدالة االجمتاعية والتمنية‬ ‫املس����تدامة‪ ،‬يف إطار براجمها االجمتاعية‬ ‫والثقافي����ة‪ ،‬بتنظ��ي�م دوري متنقل يف كرة‬ ‫الق����دم لصاحل ش����باب منطق����ة زرهون‪،‬‬ ‫أطلقت هيلع «دوري زه����ور ‪ ،»2011‬وذلك‬ ‫خالل هشر يوليوز ‪.2011‬‬ ‫وق����د نظم ه����ذا الدوري بطل����ب من طرف‬ ‫شباب املنطقة حتت شعار‪« :‬رياضة القرب‬ ‫يف خدمة التمنية»‪ ،‬حي����ث حددت أهدافه‬ ‫يف‪:‬‬ ‫ خلق إطار للتع����ارف واالحتاكك فميا بني‬‫ش����باب قرى ومدارش امجلاعات القروية‬ ‫املكون����ة لدائ����رة زره����ون ومدين����ة موالي‬ ‫إدريس زرهون؛‬ ‫ اس����تعامل رياضة القرب من أجل مجتيع‬‫الكف����اءات الش����بابية وتهسي����ل التنظ��ي�م‬ ‫والتأطري يف س����بيل إقامة مشاريع تمنوية‬

‫وامل�ش�روع املندجم للزيت���ون جبامعة س���يدي عبد اهلل‬ ‫اخلياط‪.‬‬ ‫وهتدف هذه االتفاقية‪ ،‬إىل توسيع مساحة غابات الزيتون‬ ‫هبذه املنطقة‪ ،‬وتش���بيب وتكثيف أجشار الزيتون والرفع‬ ‫من إنتاجها‪.‬‬

‫حملية؛‬ ‫ حمارب����ة العنف ونرش ثقافة التس����احم‬‫والتضامن؛‬ ‫ انتق����اء وصق����ل املواه����ب الرياضي����ة‬‫احمللية؛‬ ‫ التعري����ف باملنطق����ة وتمث��ي�ن مؤهالهتا‬‫الرياضية والسياحية والبرشية‪.‬‬ ‫ع��ل�ى املس����توى التنظيمي‪ ،‬انقس����م هذا‬ ‫الدوري إىل ثالث مراحل ويه‪:‬‬ ‫‪ – 1‬مرحلة اإلقصائيات‪ ،‬اليت اكنت عبارة‬ ‫ع����ن بطولة مصغرة احتس����بت فهيا النقط‬ ‫لتحدي����د الفريقني احملتلني للصفني األول‬ ‫والث����اين يف املجموعة واملؤهل��ي�ن ملرحلة‬ ‫نصف الهناية‪.‬‬ ‫‪ – 2‬مقابلت����ا نص����ف الهناية اليت اكنت لك‬ ‫واحدة مهنام عبارة عن مقابلة كأس‪.‬‬ ‫‪ – 3‬وأخريا مبارايت الهناية والرتتيب‪.‬‬ ‫أما عىل مس����توى املالع����ب‪ ،‬فقد أجريت‬

‫املباري����ات العرشة األوىل مبلعب حفرة بن‬ ‫الطيب‪ .‬وأجريت املباراتان ‪ 11‬و‪ 12‬مبلعب‬ ‫القلعة‪ ،‬أما مبارة الهناية والرتتيب والهناية‬ ‫فقد أجريت بامللع����ب البلدي ملدينة موالي‬ ‫إدريس زرهون‪.‬‬ ‫وحس����ب هش����ادات املراقب��ي�ن‪ ،‬متزي هذا‬ ‫الدوري بالتنظمي احملمك والتدبري املعقلن‪،‬‬ ‫مما ساعد عىل خلق جو من االرتياح والثقة‬ ‫لدى لك الفرق املش����اركة‪ .‬ومن خالل ذلك‬ ‫مت التعارف واالحتاكك بني شباب املنطقة‪،‬‬ ‫مكا أن انضباطهم واحرتامهم لروح قانون‬ ‫الدوري هس����ل مأمورية اللجن����ة املنمظة‪،‬‬ ‫وأدى إىل انتع����اش ال����روح الرياضي����ة‬ ‫بني املش����اركني والتنافس عىل التس����احم‬ ‫والتضامن‪ ،‬اليشء ال����ذي مكن املوهوبني‬ ‫من الالعبني من إبراز قدراهتم ومواههبم‬ ‫الرياضي����ة‪ ،‬وإمتاع امجلاهري اليت تابعت‬ ‫الدوري بكثافة منذ البداية‪.‬‬


‫‪32‬‬

‫زهور‬

‫العدد األول ‪ -‬السنة األولى ‪ -‬أبريل ‪2012‬‬

‫تنفيذا لتوصيات‬ ‫ندوتها‪:‬‬ ‫جمعية زهور‬ ‫للعدالة‬ ‫االجتماعية‬ ‫والتنمية‬ ‫المستدامة تنظم‬ ‫قبل نهاية السنة‬ ‫الجارية‪ ،‬قافلة من‬ ‫أجل مدونة األسرة‬

‫من أنشطة زهور‬

‫ق����ام املغ����رب‪ ،‬مكا ه����و معروف‪ ،‬خ��ل�ال العقد‬ ‫األخري بع����دة إصالح����ات سياس����ية وقانونية‬ ‫ومؤسساتية يف سبيل تثبيت دعامئ الدميقراطية‬ ‫ونرش وترس����يخ ثقافة حقوق اإلنس����ان‪ .‬اليشء‬ ‫الذي جعله حيتل ماكنة ممتزية بالنس����بة لكثري‬ ‫من ال����دول العربي����ة واإلفريقي����ة‪ ،‬ويتجىل ذلك‬ ‫خصوصا يف التعددية السياس����ية‪ ،‬واحلريات‬ ‫العامة‪ ،‬واملساواة‪ ،‬وحقوق اإلنسان ‪...‬‬ ‫إن دس����تور فاحت يولي����وز ‪ ،2011‬جاء ليعلن أن‬ ‫هذه املرحلة‪ ،‬بالرمغ مما تضمنته من إصالحات‬ ‫معيقة‪ ،‬اكلتناوب الس����يايس‪ ،‬وجلنة اإلنصاف‬ ‫واملصاحلة‪ ،‬ومدون����ة األرسة‪ ،‬واملبادرة الوطنية‬ ‫للتمنية البرشية‪ ،‬وتوقيع املغرب عىل العديد من‬ ‫املعاهدات الدولية يف جمال حقوق اإلنس����ان‪..‬‬ ‫مل تك����ن س����وى حمطة م����ن حمط����ات مرشوع‬ ‫شامل لإلصالح باملغرب‪ .‬فمت بذلك اإلعالن عن‬ ‫انط��ل�اق مرحلة جديدة م����ن اإلصالحات تعمتد‬ ‫التكريس الدس����توري للطابع التع����ددي للهوية‬ ‫املغربية املوحدة‪ ،‬وترسيخ دولة احلق والقانون‪،‬‬ ‫واالرتقاء بالقضاء إىل س����لطة مس����تقلة‪ ،‬وخلق‬ ‫احملمكة الدستورية‪ ،‬وتوطيد مبدأ فصل السلط‬ ‫وتوازهنا‪ ،‬وتعزي����ز اآلليات الدس����تورية لتأطري‬ ‫املواطنني‪ ،‬بتقوية دور األحزاب السياس����ية‪ ،‬يف‬ ‫نطاق تعددية حقيقية‪ ،‬وتكريس ماكنة املعارضة‬ ‫الربملاني����ة واملجمتع املدين‪ ،‬وتقوية آليات ختليق‬ ‫احلياة العامة‪ ،‬وربط ممارسة السلطة واملسؤولية‬ ‫العمومية باملراقبة واحملاس����بة‪ ،‬ودسرتة هيأت‬ ‫احلاكم����ة اجلي����دة‪ ،‬وحقوق اإلنس����ان‪ ،‬ومحاية‬ ‫احلريات‪.‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬ورمغ لك هذه التطورات املهمة‪،‬‬ ‫خاصة عىل املس����تويني القانوين واملؤسسايت‪،‬‬ ‫فإن ن��ش�ر ثقافة حق����وق اإلنس����ان‪ ،‬والتعريف‬ ‫مبضامني بعض القوانني اهلامة مكدونة األرسة‬ ‫والعم����ل عىل تطبيقها تطبيقا س����لميا‪ ،‬وحماربة‬ ‫األمي����ة القانوني����ة‪ ...‬فإن األم����ر‪ ،‬ال زال يتطلب‬ ‫جمهودات كبرية خصوصا يف أوس����اط ساكن‬ ‫هوامش املدن ومناطق العامل القروي‪.‬‬ ‫والدلي����ل عىل ذلك ه����و أنه ورمغ حتديد س����ن‬ ‫الزواج بالنس����بة لملرأة يف ‪ 18‬س����نة من خالل‬ ‫مدون����ة األرسة‪ ،‬فإن ظاهرة ت����زوجي القارصات‬ ‫باملغ����رب الزلت واقعا قامئ����ا‪ ،‬مما يرض حبقوق‬

‫الطفالت الصغ��ي�رات وحرماهنن من حقهن يف‬ ‫المتدرس‪ ،‬والمنو النفيس واليحص‪.‬‬ ‫لذل����ك‪ ،‬أعدت مجعية زه����ور للعدالة االجمتاعية‬ ‫والتمنية املس����تدامة‪ ،‬م��ش�روع قافل����ة ميدانية‬ ‫للتعريف والتحس����يس ب����أمه مقتضيات مدونة‬ ‫األرسة لدى الساكنة‪ ،‬تسهتدف باألخص مدينة‬ ‫موالي ادريس زرهون‪ ،‬وث��ل�اث مجاعات قروية‬ ‫تابع����ة لدائرهت����ا‪ .‬وتقرتح هذه القافل����ة زيارات‬ ‫ميدانية ألربع نقط‪ ،‬حس����ب أمهيهتا الس�ّك�اّ نية‬ ‫وقرهبا من أغلب املواطن��ي�ن‪ ،‬بلك مجاعة‪ ،‬ينظم‬ ‫خالهلا لق����اءان‪ ،‬أحدها لصاحل الرجال‪ ،‬واآلخر‬ ‫لص����احل النس����اء‪ ،‬اعمت����ادا عىل مب����دأ مقاربة‬ ‫النوع االجمتايع‪ ،‬وتجشيعا عىل حرية التعبري‬ ‫ومناقشة لك املش����الك دون حرج‪ ،‬نظرا لطبيعة‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫طبع����ا يدخل هذا امل��ش�روع يف صلب توجهات‬ ‫مجعي����ة زه����ور للعدال����ة االجمتاعي����ة والتمنية‬ ‫املستدامة‪ ،‬الداعية إىل املسامهة‪ ،‬جبودة أفضل‬ ‫ومبهني����ة أك��ب�ر‪ ،‬يف حماربة األمي����ة القانونية‪،‬‬ ‫وتوعي����ة النس����اء حبقوقه����ن‪ ،‬وتق����دمي ال����دمع‬ ‫واالستشارات القانونية للفائت احملتاجة لذلك‪،‬‬ ‫وحماربة مجموعة م����ن الظواهر املعيقة للتطبيق‬ ‫الس����لمي ملدون����ة األرسة‪ ،‬وعىل رأهس����ا تزوجي‬ ‫القارصات‪.‬‬ ‫ويمتاىش هذا املرشوع الذي تس��ع�ى امجلعية‬ ‫إىل حتقيق����ه قبل ممت الس����نة اجلارية ‪ 2012‬مع‬ ‫توصيات “ندوهتا الوطنية للحد من ظاهرة زواج‬ ‫الق����ارصات باملغ����رب والتطبيق الس����لمي ملدونة‬ ‫األرسة” ال��ت�ي نمظهت����ا مبدينة م����والي إدريس‬ ‫زره����ون يوم ‪ 9‬م����اي ‪ ،2011‬وال��ت�ي طالبت من‬ ‫خالهل����ا خمتل����ف امجلعيات املش����اركة بتنظمي‬ ‫قافلة توعوية ميداني����ة منوذجية مبنطقة زرهون‬ ‫وامجلاعات املج����اورة هلا‪ ،‬من أج����ل التعريف‬ ‫باملقتضيات اجلديدة ملدون����ة األرسة‪ ،‬وتوضيح‬ ‫التأثريات الس����لبية للزواج املبك����ر للقارصات‪،‬‬ ‫والعمل عىل توثيق عقود الزواج بالنسبة لألرس‬ ‫اليت مل توثق زواجها بعد‪ ،‬نظرا للخصاص الكبري‬ ‫الذي تعرفه هذه املناطق فميا يتعلق بالتحسيس‬ ‫والتعريف مبقتضيات مدونة األرسة‪ .‬‬ ‫ومن املنتظر أن تعل����ن مجعية زهور يف القريب‬ ‫العاجل إن ش����اء اهلل ع����ن الربناجم التفصييل‬ ‫هلذه القافلة وعن املشاركني يف فاعليهتا‪.‬‬

‫جمعية زهور تنظم الصالون األول‬ ‫للفنون التشكيلية بموالي إدريس زرهون‬ ‫تنظم مجعية زهور للعدالة االجمتاعية والتمنية املس����تدامة‬ ‫خالل ربيع هذه الس����نة‪ ،‬الصالون األول للفنون التشكيلية‬ ‫املغربية‪ ،‬مبشاركة العديد من الفنانني والفنانات من داخل‬ ‫املغرب ومن خارجه‪.‬‬

‫ومن املنتظ����ر أن يرافق هذا الصالون الذي ستس����تضيفه‬ ‫دار الثقافة مبدينة زرهون‪ ،‬سلس����لة من األنشطة الثقافية‪،‬‬ ‫مهنا توقيع كتب حول الفنون التش����كيلية‪ ،‬وقراءات شعرية‪،‬‬ ‫ولقاءات فنية وثقافية خمتلفة‪.‬‬

‫مكا س����تعمل مجعية زهور يف إطار ه����ذه التظاهرة‪ ،‬عىل‬ ‫بلورة أمه املدارس واالجتاه����ات الفنية اليت تؤطر احلركة‬ ‫التش����كيلية املغربي����ة‪ ،‬يف الزمن الراه����ن‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫األمساء املدعوة لملشاركة يف فاعليهتا‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.