اإلصدارة الثانية -مارس 2017
nesemat.com
التعددية ،المشاركة واآلثار
في حركة الخدمة محمد شتين
محوريــة األخــاق فــي البناء الحضاري عند مالك بن نبي وفتح الله كولن محمد باباعمي مكانة الس َّنة في مشروع األستاذ كولن سليمان عشراتي
2
1
دراسات حول مشروع الخدمة إصدارة علمية بحثية متخصصة تصدر عن دار النيل للنشر www.nesemat.com Copyright©2015 Dar al-Nile ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ،وﻻ ﻳﺠﻮز إﻋﺎدة إﻧﺘﺎج أي ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أو ﻧﻘﻠﻪ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ أو ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ، ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ إﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ أو ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ،مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﰲ أو اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ أو وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺨﺰﻳﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت وأﻧﻈﻤﺔ اﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻷﺧﺮى ﺑﺪون إذن ﻛﺘﺎيب ﻣﻦ اﻟﻨﺎﴍ.
إﻋﺪاد وإﺷﺮاف ﺻﺎﺑﺮ اﻟﻤﺸﺮﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ وﺗﺼﺤﻴﺢ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻨﺸﺮ ﻟﺪار اﻟﻨﻴﻞ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺳﺘﺸﺎرﻳﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ د .ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻋﺮوي د .ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻜﻴﺐ د .ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻳﺰري د .ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﺑﺎﻋﻤﻲ د .ﻫﺪى دروﻳﺶ د .ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺪﻗﻮر د .ﺑﺎﺳﻢ ﻋﻴﺘﺎﻧﻲ د .ﺟﻤﺎل اﻟﺴﻔﺮﺗﻲ د .ﻓﺆاد اﻟﺒﻨﺎ د .ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺪﻋﺠﺎﻧﻲ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻓﻨﻲ أﺣﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﺔ ﻏﻼف
ﻳﺎووز ﻳﺎﻟﻤﺰ
اﻟﺒﺮﻳﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ
nesemat@yahoo.com
اﻟﺘﻮزﻳﻊ دار اﻟﻨﻴﻞ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ ،ﻣﺼﺮ Tel. : 002 02 26134402-5 Mobile: 002 01023201002 E-mail: info@daralnile.com www.daralnile.com
محتويات مقاالت
ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺟﻴﺎل راﻓﻌﺔ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري /ﻋﺒﺪ اﳌﺠﻴﺪ ﺑﻮﺷﺒﻜﺔ ٢ .............................................. ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ﰲ ﻣﴩوع اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ /ﺳﻠﻴامن ﻋﴩايت١٦ ....................................................
حوارات
اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﻔﺠﺮ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﺨري اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ اﻹﻧﺴﺎن /ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻳﺰري -ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻋﺮوي٢٩ ...........
مقاالت
ﻣﺤﻮرﻳﺔ اﻷﺧﻼق ﰲ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري ﻋﻨﺪ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ وﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ /ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﺑﺎﻋﻤﻲ٤٥ ............................................ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑني ﺣﻜﻤﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ وﺣﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎرﻛﺮ ﺑﺎﳌﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﺴﺘﻨري ﻣﻔﺘﺎ ًﺣﺎ ﻟﻠﺘﺤﻮل اﻟﻌﺎﳌﻲ /ﺑﺎرﺑﺮا س .ﺑﻮﻳﺪ٦٠ ............................. اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ،اﳌﺸﺎرﻛﺔ واﻵﺛﺎر ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ /ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺘني ٧٢ ...................................................................
رحالت وثائقية
اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟرثﻳﺔ ﻟﻠﺤﺎق ﺑﺎﳌﻘﺎﻣﺎت اﻟﺴﻨﻴﺔ ..ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ) / (٢ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻜﻴﺐ ٨٨ .......................
مقاالت
اﻷﺳﺲ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﰲ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري /ﺳﻌﺎد اﻟﻨﺎﴏ١٠٤ ......................................................... اﳌﺴﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻷﺣﺪ ﺷﺒﺎب ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ
دراﺳﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎﺣﺚ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ اﻟﺒﺎرزة /ﺻﺎﻣﻮﻳﻞ د .ﻫرني١١٢ ..................................
اﻟﺘﺮﻗﻴﻢ اﻟﺪوﻟﻲ
978-977-801-039-8
رﻗﻢ اﻹﻳﺪاع 2017/7166
رﻗﻢ اﻟﻨﺸﺮ 1059
اﻟﻘﺎﻫﺮة -ﻣﺼﺮ
122
facebook.com/nesematstudies twitter.com/nesemat_com
االفتتاحية
اإلصدارة الثانية -مارس 2017 اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الحفر الدقيق ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻳﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺤﻔﺮ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﺮ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ٌ ٌ ٌ ﻓﺎﺋﻘﺔ ،ﻣﺸﺎر ُﺑﻬﻢ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﺔ داﺧﻠﻬﺎ، ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻳﻜﺎدون ُﻳﺠﻤﻌﻮن ﻋﻠﻰ أن ﻓﻜﺮ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺛﻢ راﺣﻮا ﻳﺮﺻﺪون ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﺷﻤﻮﻟﻲ ﺗﺠﺪﻳﺪي ،وﻣﻦ ﱠ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،وﻳﻮﺛﻘﻮن ﺗﺤﺪﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ،وﻳﻜﺸﻔﻮن ﻋﻦ رواﻓﺪﻫﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻹﻟﻬﺎﻣﻴﺔ. ﻓﺤﺎﺟﺔ اﻟﻌﺎمل إﱃ ﻣﴩوع ﺟﺪﻳﺪ ﻣﺠ ﱢﺪد ،ﺑﺎت ﻣﻠﺤﺎ ﺗﻔﺮﺿﻪ ﴐورات اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﻌﺎين ﻣﻦ أﻣ ًﺮا ٍّ أزﻣﺎت ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ،ﻫﺬا اﳌﴩوع ﻳﻀﻊ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻳﻠﺒﻲ أﺷﻮاﻗﻪ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ،وﻳﻔﺮغ ﻃﺎﻗﺎﺗﻪ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت ﺗﻌﻮد ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﺎء ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ واﻟﻌﻄﺎء واﳌﺤﺒﺔ واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ .إن ﺗﻮﺧﻲ ﻏﺎﻳﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻧﺒﻴﻠﺔ ﻛﻬﺬه ،ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﳌﻨﻬﺎج اﻟﻨﺒﻮي َﺣ ْﺬ َو اﻟ ُﻘ ﱠﺬ ِة ﺑﺎﻟ ُﻘ ﱠﺬ ِة ،ﻓﺎﻟﺮاﺻﺪون ﳌﻜﺎﻧﺔ اﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﻓﻜﺮ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﺧﺼﻮﺻﺎ ،ﻗﺪ ﻋﱪوا ﻋﻦ ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ ،وﻟﺪى اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ً ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺠﻼء ،ﻓﺎﻷﺳﺘﺎذ ﻳﻮﻗﻦ أن ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻨﺎﻫﺞ أﺧﺮى ﻏري اﳌﻨﻬﺎج اﻟﻨﺒﻮي ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻻ ﻳﻀﻤﻦ اﻟﻨﴫ وﻻ ﻳﻜﻔﻞ اﻟﻨﺠﺎﻋﺔ واﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ. وﻗﺪ ﻻﻗﺖ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﺨﺪﻣﺔ وﻓﺎﻋﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎمل اﺳﺘﺤﺴﺎﻧًﺎ ﻋﺮﻳﻀً ﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻮﺗﺮ واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ،ﻓﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ إﱃ ﺣﺪ ﻣﻌﻘﻮل ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺮﺻﺪ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ اﻟﺮاﺻﺪون اﳌﻴﺪاﻧﻴﻮن ﰲ ﻫﺬااﻟﻌﺪد -ﰲ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﺣﺠﻢ اﻟﻘﺒﺢ اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﺟﺮاء ﺿﺦّ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻗﺼﺎء واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻟﺤﻘﺪ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ،وإﺣﻼل ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ واﻟﻮﻓﺎق واﻷﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ ﻣﺤ ﱠﻠﻬﺎ. وﰲ رﺻﺪ ﻓﻜﺮي آﺧﺮ ﺗﻜﺸﱠ ﻒ اﻟﺪور اﳌﺤﻮري ﻟﻸﺧﻼق ﰲ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري ﻣﻊ اﻹميﺎء ،إﱃ دورﻫﺎ
ﱠ وﻣﺨﻄﻂ وﻣﴩوع ورؤﻳﺎ اﻟﺤﺴﺎس ﰲ متﻜني ﱠأي ﻓﻜﺮة ورﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻤ ﱡﺜﻞ اﻟﺸ ﱠﻔﺎف ﻋﲆ ﱢ ﺧﻂ اﻟﺰﻣﻦ. إن إدراك اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ اﳌﻨﻬﺎج اﻹﺻﻼﺣﻲ ،ودﻋﻮﺗﻪ ﻹﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وإﺧﺮاج ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ اﳌﻴﺖ إﱃ ﺳﻌﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎين اﻟﻨﺒﻴﻞ ،اﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺑﻨﺎء اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻜﻞ أﺑﻌﺎده ،وﺗﺠﺴﻴﺪه ﻫﻮ وﻣﻼﻳني ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻴﻪ ﻟﻬﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺟﺬب ﻛﺜ ًريا ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني إﱃ دراﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﻋﻦ ﻗﺮب ،واﺳﺘﺠﻼء اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﺘﻲ أﻛﺴﺒﺘﻪ اﻟﻨﺠﺎح واﻻزدﻫﺎر ،واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ إﺣﺪاث اﻟﺘﻐﻴري واﻟﺘﺤﻮل اﻹﻳﺠﺎيب ﰲ اﻟﻔﺮد واﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﺳﻮاء ﺑﺼﻮرة أﻓﻘﻴﺔ ﰲ ﺷﻜﻞ دراﺳﺎت ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،أو ﺑﺼﻮرة رأﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺘﺠﺎرب ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻗﻌﻴﺔ ﺣﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻄﻼب ﰲ اﳌﴩوع اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ،ﺗﺴﺘﻨﺪ إﱃ اﺳﺘﻘﺼﺎءات وﴎدﻳﺎت ﻣﻮﺛﻘﺔ ﺑﺒﻴﺎﻧﺎت. وﻣام ﻟﻔﺖ ﻧﻈ َﺮ اﻟﺒﺎﺣﺜني أﻳﻀً ﺎ ،ﺗﻌﺪدﻳ ُﺔ اﻧﺘامءات اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ -ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ إﺣﺪى اﻟﺴامت اﻟﺒﺎرزة ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ -وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل رﺻﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وآﺛﺎر ﻫﺬا اﻟﺤﺮاك اﻟﺘﺸﺎريك اﻟﺠﻤﻌﻲ ﰲ اﻛﺘﺴﺎب ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﺮص اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺬات واﻟﱰﻗﻲ ،وﺗﻔﺮﻳﻎ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ اﳌﺘﺠﺪدة ﰲ ﻣﺠﺎﻻت ﻓﺎﻋﻠﺔ. إن "ﻧﺴامت" ﰲ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﳌﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻣﺤﺎور ﻓﻜﺮﻳﺔ وﺗﺮﺑﻮﻳﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ وروﺣﻴﺔ ،ﺗﺤﺎول أن ﺗﻮﺛﻖ ﻫﺬا اﻟﺮﺻﺪ اﻷﻣني ،وﺗﻘﺪﻣﻪ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜني ،ووﺛﻴﻘﺔ ﻟﻠﻤﺆرﺧني، وﺷﻬﺎدة ﻟﻠﻤﻌﺎﴏﻳﻦ؛ ﻋﴗ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ أن ﺗﺄﺧﺬه ﺑﻘﻮة ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ،وﺗﻠﺘﻤﺲ ﻟﺴﻠﻔﻬﺎ اﻟﻌﺬر ﻓﻴام ﻓﺮط ﻣﻦ ﺑني أﻳﺪﻳﻬﺎ ﺑﻼ ﻋﻤﺪ .واﻟﻠﻪ وﺣﺪه اﳌﺴﺘﻌﺎن وﻫﻮ وﱄ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ. 1
مقاالت
صناعة األجيال
عبد املجيد بوشبكة
أ.د .ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﻴﺪ أﺑﻮ ﺷﺒﻜﺔ، أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ،وﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ ﺷﻌﺒﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻌﻴﺐ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺪة -اﻟﻤﻐﺮب، وﻋﻀﻮ ﻓﺮﻳﻖ دﻛﺘﻮراه: "ﻓﻜﺮ اﻹﺻﻼح واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ"، وﻣﺴﺘﺸﺎر ﺑﺠﻬﺔ اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ﺳﻄﺎت .ﻟﻪ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وﻣﻨﻬﺎ: "دور اﻟﻌﻤﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ" :ﻣﺸﺮوع ﺗﻜﻮﻳﻨﻲ... "ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻔﻬﻢ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ" ﻛﺘﺎب ﻣﻄﺒﻮع وﻫﻮ ﻣﻦ وﺣﻲ ﻛﺘﺎب أﺿﻮاء ﻗﺮآﻧﻴﺔ ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ. ﻧُﺸﺮ ﻟﻪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻻت ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ واﻟﻤﺠﻼت. 2
رافعة االنبعاث الحضاري ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺪراﺳﺔ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻣﻦ زاوﻳﺔ رؤﻳﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﺪور اﻷﺟﻴﺎل وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺠﺎز ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع .وﻗﺪ ﺑﻴﻨﺖ اﻟﺪراﺳﺔ أﻧﻪ رﻏﻢ ﺗﻨﺎول اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ وﺧﻠﻒ اﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع إﻟﻰ ﺣﺪ اﻹﺳﻬﺎب ،ﺑﻴﺪ أن ﺣﺪﻳﺚ اﻷﺳﺘﺎذ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" ﻛﺎن ﻣﺨﺘﻠ ًﻔﺎ ﻛﻞ اﻻﺧﺘﻼف ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺷﻜ ًﻼ وﻣﻀﻤﻮ ًﻧﺎ .و ُﻳﻌﺰى ذﻟﻚ –ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺪراﺳﺔ -إﻟﻰ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﺮؤﻳﺘﻪ اﻟﺜﺎﻗﺒﺔ إﻟﻰ واﻗﻊ ﺣﻲ ﻳﺪب ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻳﺬﻳﺐ ﺣﻮاﺟﺰ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﻨﻊ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﻠﻮب ،وﻛﺄﻧﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻴﺎن ﻋﻠﻰ ﺻﺪق ﻣﺎ آﻣﻦ ﺑﻪ. وﻗﺪ َﻗ ﱠﺪرت اﻟﺪراﺳﺔ أن ﻫﺬا ﻣﻨﻬﺞ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺮوم ﺟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ راﻓﻌﺔ ﻻﻧﺒﻌﺎث ﺣﻀﺎري ﻋﺎﻟﻤﻲ ،ﻣﻤﺎ ﺣﺪا ﺑﺼﺎﺣﺒﻬﺎ أن ﻳﻘﻒ وﻗﻔﺔ َﻳ ْﺴ َﺘ ْﻜ ِﻨ ُﻪ ﻓﻴﻬﺎ ً ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺘﺔ ﻣﺤﺎور رﺋﻴﺴﻴﺔ وﻫﻲ :ﻓﺸﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﺸﺮوع ﺟﺪﻳﺪ ،ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟﻴﻞ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻣﺼﻨﻊ ﺟﻴﻞ اﻟﻤﺸﺮوع؛ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﺻﻔﺎت اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻤﺸﺮوع ،ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺟﻴﺎل راﻓﻌﺔ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري.
صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
nesemat.com nesemat.com
ﱠﻟﻤﺎ ﺗﺄﻣﻠﺖ ﻣﺎ ﺧﻄﻪ اﻷﺳﺘﺎذ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ اﻟﻘﻴﻢ "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ﻋﻦ ﻟﻲ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ رﺳﺎﻟﺔ اﻹﺣﻴﺎء ،ﱠ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﻮل اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع اﻷﺳﺘﺎذ "ﻛﻮﻟﻦ" ،وذﻟﻚ ﻣﻦ زاوﻳﺔ رؤﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻟﺪور اﻷﺟﻴﺎل ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺤﻀﺎرة ،ﻓﻬﻮ اﻟﻘﺎﺋﻞ" :إن إﺣﻴﺎءﻧـﺎ "ﺑﺎﻻﻧﺒﻌﺎث ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت" ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻣﺮﺗﺒﻂ ً ارﺗﺒﺎﻃﺎ وﺛﻴ ًﻘﺎ ﺑﺄﻃﻘﻢ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻷﺑﻄﺎل ،اﻟﺒﺎﻟﻐﻴﻦ أﻧﻮار اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻌﺪ اﺟﺘﻴﺎزﻫﻢ آﻓﺎق اﻟﻌﻠﻢ ،واﻟﻤﺘﺤﻜﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺿﺒﻂ اﻟﺮﻏﺒﺎت واﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ ﺿﻤﻦ إﻃﺎر اﻟﻀﺮورات، واﻟﺴﺎﻣﻌﻴﻦ ﺑﻮﺟﺪاﻧﻬﻢ دو ًﻣﺎ أﻧﺎﺷﻴﺪ اﻟﻤﺎوراﺋﻴﺔ ﺗﻨﺎدﻳﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ،اﻟﻤﻌﺒﺮﻳﻦ ﻋﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺒﻴﺎن ﺑﻼ ﺣﺮف وﻻ ﻟﻔﻆ وﻻ ﺻﻮت ﻓﻲ ﻫﻴﺠﺎﻧﻬﻢ وﻧﺸﻴﺠﻬﻢ ،اﻟﻤﺘﻨﻔﺴﻴﻦ أﻧﻔﺎس أﻧﺴﻪ ﺷﻬﻴ ًﻘﺎ وزﻓﻴ ًﺮا") .(١وﻷن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﺧﺒﻴﺮ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﻀﺎرات وأﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺳﻨﻨﻪ ،وﺑﺎﻷﻣﺮاض اﻟﺘﻲ ﺗﺌﻦ ﺗﺤﺖ وﻃﺄﺗﻬﺎ أﻣﺘﻨﺎ ،ﻓﻼ ﻳﺮى ﺑﺪﻳ ًﻼ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﻌﺚ اﻟﻤﻨﺸﻮد ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ورؤﻳﺘﻨﺎ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ،وﻗﺪ ﻋﺒﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻋﺪة وﺑﺸﺘﻰ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ" :وﻧﺤﻦ اﻟﻴﻮم ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ -ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء -إﻟﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺄﻣﻮﻟﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪة اﻟﻤﺮام ،ﻫﻲ اﻧﺒﻌﺎﺛﻨﺎ ﺑﺮؤﻳﺘﻨﺎ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ وﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ").(٢ وﺑﻌﺪﻣﺎ أﺛﺎرين ذﻟﻚ ،ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع ﺑﺸﻜﻞ أﻗﺮب ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻗ ّﺪرت ﻣﺪى ﺣﺎﺟﺔ اﻷﻣﺔ إﱃ اﻧﺒﻌﺎث ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ ﻛﺜري ﻣﻦ اﳌﺤﺎوﻻت .وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﲆ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟﻴﻞ ﻣﺜﺎﱄ ،ﺗَﻮﺿﱠ ﺢ ﱄ أن ﻫﺬا ﻣﻨﻬﺞ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺮوم ﺟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ راﻓﻌﺔ ﻻﻧﺒﻌﺎث ﺣﻀﺎري ﻋﺎﳌﻲ .وﻗﺪ أﺳﻔﺮت ﻫﺬه اﻟﻮﻗﻔﺔ اﻟﻌﺠﲆ ﻋﻦ اﻟﺒﻮح ﺑﺄﴎاره ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﳌﺤﺎور:
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
حركة الخدمة ظاهرة يجب الوقوف عندها وتأملها جدي ،لنفهم كيف قررت فئة قليلة م َلك بشكل ّ قلبها ،أن تنطلق لنيل رىض الله إىل أرجاء الحب َ ُّ األرض ،ملؤها العزم والثقة يف انبعاث جديد.
-١ﻓﺸﻞ اﳌﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ. -٢اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﴩوع ﺟﺪﻳﺪ. -٣ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟﻴﻞ اﳌﴩوع اﻟﺠﺪﻳﺪ. -٤ﻣﺼﻨﻊ ﺟﻴﻞ اﳌﴩوع؛ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. -٥ﺻﻔﺎت اﻟﺠﻴﻞ اﳌﴩوع. -٦ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺟﻴﺎل راﻓﻌﺔ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري. -1فشل املشاريع العاملية
ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻓﺸﻠﺖ ﻛﻞ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎت ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻷﻣﻢ ﺗﺤﺖ ﺳﻘﻒ واﺣﺪ ،ﻓﻘ َﺪ اﻟﻨﺎس اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻓﻌﻤﺖ اﻟﺸﻜﻮك ﻛﻞ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻤﻌﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ .واﻟﻴﻮم ﻓﺈن اﻟﺸﻌﻮب ﻓﻲ ﺗﺸﺮذم وﺧﻴﺒﺔ أﻣﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺑﺎت اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺨﺮج ﻟﻸزﻣﺔ ﻣﻠﺤﺎ ،وأﺻﺒﺢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺳﺎر ًﻳﺎ ﻋﻦ أﻫﺪاف ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻣﻄﻠ ًﺒﺎ ٍّ ﺗﺠﻨﺐ اﻟﻨﺎس اﻟﺨﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻮﻫﺎ أﻣ ًﻼ ﻓﻲ ﺗﺠﺎوز اﻟﻬﻔﻮات وﻃﻤ ًﻌﺎ ﻓﻲ واﻗﻊ ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ .ﻫﺬا ﻣﺎ ﺧﻠﺺ إﻟﻴﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺣﻴﻦ ﻗﺎل" :ﻟﻢ ﻧﻌﺮف ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﻇﻠﻬﺎ زﻣ ًﻨﺎ ﻃﻮﻳ ًﻼ ،ﺑﻞ ﻟﻢ ﻧﻌﺮف أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻛﺘﺸﻔﺖ ﻛﻞ اﻟﻀﺮورات اﻟﻼزﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﺗﺤﺖ ﺳﻘﻒ واﺣﺪ .وﻣﻊ اﻻدﻋﺎءات اﻟﺒﺎﻫﺮة ،ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻢ واﺳﻊ ﻣﻦ اﻷرض ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺮﻳﺐ أن ﺗﺤﻘﻖ اﻷﻣﺎن واﻟﺤﺒﻮر اﻟﺪاﺋﻢ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ، وﻻ اﻟﺸﻌﻮب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ واﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ،وﻻ "اﻟﻤﺤﺎﻳﺪون" اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻮاء وﺟﻮدﻫﻢ وﻋﺪم وﺟﻮدﻫﻢ").(٣ 3
مقاالت ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻳﺮى اﻷﺳﺘﺎذ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" ﴐورة ﺗﻮﺟﻪ اﳌﺴﻠﻤني ﻧﺤﻮ أﻧﻔﺴﻬﻢ واﻟﺒﺤﺚ ﰲ ذواﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﺣﻞ ﻟﻠأمزق اﻹﻧﺴﺎين اﻟﺤﺎﴐ ،وﻳﺮى أن اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﲆ أﺳﻠﻮب ذايت ﻫﻮ اﳌﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺘﺨﺒﻂ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ، وذﻟﻚ اﻋﺘام ًدا ﻋﲆ إﺣﻴﺎء إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻨﺎ اﳌﻌﻄﻠﺔ ﻣﻦ إميﺎن وﻋﻘﻞ وﻫﻤﻢ أﺻﻴﻠﺔ ،ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﻨﺎ ﻣﺴﻠﺤني ﺑﺈرادة ﻋﺎﻟﻴﺔ وﺻﱪ ﻛﺒري وأﻣﻞ ﻋﺮﻳﺾ. -2الحاجة إىل مرشوع جديد
ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻌﻨﺔ اﻟﻔﺸﻞ اﻟﻤﺘﻜﺮر اﻟﺬي ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻻت ﻋﺪﻳﺪة ،ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻓﻲ دﻓﻌﻨﺎ دﻓ ًﻌﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻣﻨ ِﻘﺬة ﻧﺤﻮ اﻟﺸﺮق ﺣﻴ ًﻨﺎ واﺗﺠﺎه اﻟﻐﺮب أﺣﻴﺎﻧًﺎ. ﻟﻜﻦ وﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ،واﻟﻜﻮن وﺳﻨﻨﻪ ،ﻟﻢ ﻧﻨﺘﺒﻪ ﺑﺄن ﻟﻨﺎ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻀﻤﺎر ﻛﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ أﺑﻄﺎﻻً .وﺳﺠﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أن أﺳﻼﻓﻨﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﻓﻬﻢ ﺳﻨﻦ اﻟﻜﻮن واﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﻮا ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺳﺎدة وﻷﻫﻠﻪ ﻓﻲ زﻣﻨﻬﻢ ﻣﻌ ّﻠﻤﻴﻦ وﻗﺎدة .ﻧﻌﻢ ،ﻟﻘﺪ ُأﻧﺴﻴﻨﺎ أﻧﻨﺎ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﻮض ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ وﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ﻗﺪراﺗﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ. وأﻧﺎ أﺗﺄﻣﻞ اﻟﻜﻼم اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻬﺬا اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻤﻴﻖ ،ﻟﻦ أﺗﺮدد ﰲ دﻋﻮة ﻛﻞ ﻗﺎرئ إﱃ إﻃﺎﻟﺔ اﻟﺘﺄﻣﻞ "ﻟﻨﻀﻊ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ ﺑﻠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل: ْ ﰲ اﻟﻌﺎمل ،ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺼ ّﺪق ﺑﻮﻻدة ﳾء ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪام اﻟﺮأﺳامﱄ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،أو أﺣﻼم اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،أو ﺗﻜﺴرياﺗﻬﺎ اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ،أو ﻫﺠﻴﻨﻬﺎ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،أو ِﺧ َﺮق اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ إن ﻛﺎن َﺛ ّﻢ ﻋﺎﻟَ ٌﻢ ّ ﻣﴩ ُع اﻷﺑﻮاب ﻟﻨﻈﺎم ﻋﺎﳌﻲ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻓﻬﻮ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﻧﺤﻦ، وﻗﺪ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻪ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻘﺎدم ﻋﲆ أﻧﻪ ﻋﴫ ﻧﻬﻀﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ").(٤ ﻟﻘﺪ ﺗﺴﺒﺐ ﺿﻴﺎع إرث اﻷﻣﺔ اﳌﺠﻴﺪ ﰲ اﻋﺘﺪاءات ﺷﻨﻴﻌﺔ ﻋﲆ ﺣﻘﻮق اﻷﻣﺔ وﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺗﻬﺎ ،وﻗﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ 4
ﺿﻴﺎع ذﻟﻚ اﻹرث ﺗﺜﺎﻗﻞ وﺧﻤﻮل ﻏري ﻣﺴﺒﻮق ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ أﻣﺘﻨﺎ .ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻃﻤﻊ اﻟﻘﺎﴆ واﻟﺪاين ﻓﻴﻨﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻏﻄﺖ ﺟﺮاﺣﻨﺎ ﻛﻞ ﺷﺎﺷﺘﻬﻢ وﻋﻢ دﻣﺎ ُرﻧﺎ ُﺟ ﱠﻞ ﻣﻮاﺋﺪ ﻣﺸﺎوراﺗﻬﻢ .واﻟﺤﺎل أﻧﻨﺎ -وﻛام ﻛﻨﺎ -منﻠﻚ ﻛﻞ أﺳﺒﺎب اﻟﻨﻬﻮض ،ﺑﻞ اﻟﻘﻮة واﻟﺮﻳﺎدة ﺣﺎﻻً واﺳﺘﻘﺒﺎﻻً ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻌﺒﺎراﺗﻪ اﳌﺸﻔﺮة واﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﺮ ﰲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ أﻛرث ﻣام ﺗﺒﺪي ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﻼﻣﻪ" :ﺗﻌﺮض اﻹﺳﻼم ﻣﻨﺬ ﺣﺮﻣﺎﻧﻨﺎ ﻣﻦ إرث اﻷرض ،إﱃ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻳﺘﻔﻄﺮ ﻟﻬﺎ اﻟﻘﻠﺐ ﰲ ﺑﺮزخ ﺿﻌﻒ اﳌﻨﺘﺴﺒني إﻟﻴﻪ وﺗﻌﺪي ﺧﺼﻮﻣﻪ واﺿﺤﺎ أن إزاﻟﺔ واﻗﻌﺔ وﻋـﺪم إﻧﺼﺎﻓﻬﻢ ...وﻳﺒﺪو ً اﻻﻧﺤﺮاف ﻫﺬه ،اﳌﺰﻣﻨﺔ واﳌﺴﺘﻘﺮة ،ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﺎﻓﺘﺘﺎح ﺑﻀﻊ ﻣﺪارس ،أو ﻋﻘﺪ ﺑﻀﻊ ﻣﺆمتﺮات وﻧﺪوات .إن إزاﻟﺔ ﻫﺬا اﻻﻧﺤﺮاف اﻟﻬ ِﺮم ،ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻛﺘﺸﺎف أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،واﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ ذاﺗﻨﺎ ،وإﱃ ﺟﻬﺪ ﻣﺘﻮاﺻﻞ وﻫ ّﻤﺔ أﺻﻴﻠﺔ ...ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ ﺑﻌﺚ ﺣﻀﺎري واﻻﻗﱰاب ﻣﻦ ﻓﻬﻢ اﻟﻮﺟﻮد ﺑﻨﻈﺮ إﺳﻼﻣﻲ ،وﺗﻘﻴﻴﻢ اﻷﺷﻴﺎء ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺎﳌﻨﻄﻖ ﻧﻔﺴﻪ .وﻳﻠﺰم ﻟﺬﻟﻚ أوﻻً :اﻻﺳﺘﺸﻌﺎر ﻓﺎﻟﺘﻌ ّﻘﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﺋﻨﺎت واﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﺎة مبﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻧﻐﻢ ﻣﺴﺒﻮك .ﺛﺎﻧ ًﻴﺎ: أن ﻳﺤﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻔﻜﺮ إﱃ ﺗﻔﻬﻢ اﳌﻨﺎﺳـﺒﺎت ٍ مبﻌﺎن وﻣﺤﺘﻮﻳﺎت وﺣﻜﻢ ﻻ ﺗﺤﴡ، ﺑﻜﻠﻴﺔ وﺟﻤﻌﻴﺔ ﻛﻜﺘﺎب ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ِﺣﻜﻢ ﻏري ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ").(٥ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻳﺮى أن اﳌﺴﻠﻤني إن وﻓﻘﻮا ﰲ ﺑﻌﺚ ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺴﻮف ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻛﻞ اﻟﺠامﻫري اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﻢ .ﻟﺬا وﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪ أﺳﺎﺳﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﻫﺪاف اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،وﺗﻜﻮن ﻗﻴﻤﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ً وﻣﺤﻮ ًرا ﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﻫﺪاف).(٦ وﻣﻦ ﻋﺠﻴﺐ ﻣﻨﻬﺞ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ أﻧﻪ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﰲ ﺟﻨﺒﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻫﻤﻮم ﻻ ﺗﻄﺎق ،ﺗﺠﺪه ﻳﺤﻤﻞ أﻣ ًﻼ ﻋﺎر ًﻣﺎ وﺗﻔﺎؤﻻً ﻏري ﻣﺤﺪود ﺗﺠﺎه اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ؛ "إن ﻋﺎﳌﻨﺎ ﻫﺬا ﻣﺎ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
nesemat.com nesemat.com
زال ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﰲ اﻟﺤﺎﴐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ؛ وﺳﻠﻴﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺻﺤﻴﺢ ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﺸﻜﻞ ٍ ٍ اﳌﺤﺮﻛﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻌ ّﺪ د َم ﻫﺬا اﳌﺎﴈ اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﻌﺮﻳﻖ وﻟﺤ َﻤﻪ ،اﺳﺘﻌامﻻً ﺻﺤﻴﺤﺎ").(٧ ً إﻧﻚ ﺗﺮاه ﰲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﴪ ًﻋﺎ ﻧﺤﻮ ﻫﺪﻓﻪ اﳌﻨﺸﻮد، ﻟﻜﻦ ﺑﻴﻘني راﺳﺦ ﰲ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻷﻣﺔ وﻣﺤﺮﻛﺎﺗﻬﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ، ﺑﻞ وﺑﻌﺰة ﻋﲆ ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻲ ُﺳﻮﻗﺖ ﻟﻨﺎ داﺧﻠ ٍّﻴﺎ أو ﻫﻲ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻻ ﻟﴚء ﺳﻮى أﻧﻬﺎ أﺛﺒﺘﺖ ﻓﺸﻠﻬﺎ ﻏري ﻣﺎ ﻣﺮة ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺗﻌﺎرﺿﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﻨﺎ وأﻫﺪاﻓﻨﺎ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﺣني ﻗﺎل" :ﻓﻨﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺣﺴﻨﺎت وﻧ ُُﻈﻢ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗُﺴﺘﺠ َﺪى ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج أو اﻟﺪاﺧﻞ، ﺑﻞ ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ اﳌﺎﺳﺔ ﻫﻲ إﱃ أﻃﺒﺎء روح وﻓﻜﺮ ﻳﺤ ّﻔﺰون ﰲ اﻟﻬﻢ اﳌﻘﺪس... ﻛﺎﻓﺔ أﺑﻨﺎء أﻣﺘﻨﺎ ﺣﺲ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ وﺷﻌﻮر ّ أﻃﺒﺎء روح وﻓﻜﺮ ُ َمي ّﻜﻨﻮن أرواﺣﻨﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﺘﺎح إﱃ أﻋامق اﳌﺎوراء وآﻓﺎق اﻟﻐﻴﻮب ﺑﺪﻻً ﻋﻦ وﻋﻮد اﻟﺴﻌﺎدة اﳌﺆﻗﺘﺔ اﻟﺰاﺋﻠﺔ ،وﻳﺮﻓﻌﻮﻧﻨﺎ ﺑﺨﻄﻮة واﺣﺪة إﱃ ﻣﺮاﺗﺐ ﻧﺮى ﻓﻴﻬﺎ اﳌﺒﺪأ واﳌﻨﺘﻬﻰ ﻣ ًﻌﺎ").(٨ ﺑﺎﳌﻔﺎﺟﺌﺎت، ﰲ ﻇﻞ ﻫﺬه اﻟﻈﺮﻓﻴﺔ اﳌﺮﻳﺮة اﻟﺤﺒﲆ ِ واﺳﺘﺤﻀﺎ ًرا ﻟﻜﻞ اﻟﻔﺮص واﻹﻛﺮاﻫﺎت ،وﺗﻌﻮﻳ ًﻼ ﻋﲆ أﺻﺎﻟﺔ اﻷﻣﺔ وﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﰲ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﺎت ،مل ﻳﱰدد ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻻﻧﺨﺮاط مبﴩوﻋﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻌﺚ ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ ،راﻓﻌﺘﻪ ﺟﻴﻞ ﻣﺜﺎﱄ ﻓﺮﻳﺪ .ودﻓ ًﻌﺎ ﻟﻜﻞ ﺷﺒﻬﺔ ،ور ٍّدا ﻟﻜﻞ ﺗﺄوﻳﻞ ﻓﺎﺳﺪ ،أﻛﺪ اﻷﺳﺘﺎذ "ﻧﻮزاد ﺻﻮاش" أن ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" :ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺪﻳ ًﻼ ﻋﻦ أﺣﺪ وﻟﻴﺴﺖ ﺑﺪﻳ ًﻼ ﻷﺣﺪ ،إمنﺎ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﱪة أﻳﻨام ﻛﺎﻧﺖ وﺗﺤﺎول أن ﺗﻔﻴﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺗﺘﻘﺎﺳﻢ ﺧﱪﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ" .وذﻟﻚ ﰲ ﳌﺤﺔ ﻣﻨﻪ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎول ﺷﻴﻄﻨﺔ ﻫﺬا اﳌﴩوع اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ ،أو ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ.
نحن لسنا بحاجة إىل حسنات و ُن ُظم فكرية ستجدى من الخارج أو الداخل ،بل نحن بحاجة إىل ُت َ يحفزون يف كافة أبناء أمتنا حس أطباء روح وفكر ّ الهم املقدس. املسؤولية وشعور ّ
-3صناعة جيل املرشوع الجديد
• الفلسفة أوالً :ﻣﻦ أﺟﻞ اﻧﺒﻌﺎث ﺻﺤﻴﺢ ،ﻳﺮى اﻷﺳﺘﺎذ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" ﺿﺮورة ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟﻴﻞ ﻣﺜﺎﻟﻲ وﺗﺨﺮﻳﺞ ﻧﻤﺎذج ﻓﺮﻳﺪة ﺗﻜﻮن أﺳﺎس اﻟﻤﺸﺮوع وراﻓﻌﺔ ﻟﻬﺬا اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺸﺎء أﻣﺔ ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ زرع ﻓﺴﺎﺋﻞ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ أرﺟﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻓﻮاﺟﺎ إﻟﻰ أوﻃﺎن ﺟﺪﻳﺪة اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ ﺳﻴﺤﺞ ً رﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﻌﻮاﺋﻖ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻌﺎرك اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﺳﻼﺣﻬﻢ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﺮﻓﺎن واﻟﻌﺸﻖ ﻟﻬﺪﻓﻬﻢ اﻟﺴﺎﻣﻲ؛ "ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻷول وﻫﻠﺔ أن اﻟﻨﻈﺎم أﺛﺮ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻹرادة اﻟﺒﺪﻳﻬﺔ واﻟﻌﻘﻞ اﻟﻤﺠﺮد ،ﻟﻜﻦ ﻋﻘ ًﻼ ﻟﻢ َﻳ ْﺪﺧُ ﻞ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺮوح ،وﻟﻢ ﻳﺠﺘﺚ ﺟﺬو َر اﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ اﻟﺸﺮ ،وﻟﻢ ُﻳ ْﻌﻞِ ﻣﻴﻮل اﻟﺨﻴﺮ ﻓﻴﻪ إﻟﻰ ﻋﻨﺎن اﻟﺴﻤﺎء ،ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﺎ ﻳﻨﺤﺮف إﻟﻰ اﻟﻔﻮﺿﻰ... وﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻮ ﺑﻪ ﻣﻦ درﺟﺔ إﻧﺴﺎن أﻓﻖ رﺑﺎﻧﻲ وﻣﺤﻮ ٍر "ﺑﺎﻟﻘﻮة" إﻟﻰ إﻧﺴﺎن "ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ" ،ذات ٍ وﻫﺒﻲ ...وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﺤﻘﻖ اﻟﻌﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ أرﻓﻊ درﺟﺔ ﺣﺴﺐ ﻇﺮوف اﻟﻌﺼﺮ ...ﺗﻌﺎﻗﺪ اﻟﻮﺟﺪان اﻟﻤﺘﻴﻘﻆ إزاء اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺪ ﻣﺮﺗﺒﻂ وﻣﺤ ّﺪد ﺑﺎﺣﺘﺮام ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺤﻖ واﻟﺤﺮﻳﺔ وﺣﺐ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ").(٩ ﻫﻜﺬا ﺗﻔﻨﻦ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﴩوﻋﻪ اﻟﺤﻀﺎري اﻟﻜﺒري ،ﻋﱪ ﺟﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن -وﻛام ﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ -ﻣﺤﻮر ﻛﻞ ﻧﻬﻀﺔ وﺗﺤﴬ ،إﻧﺴﺎن ﻳﻐﺮق ﻋﻘﻠﻪ ﰲ ﻋﺎمل اﳌﻠﻚ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺮﻓﺮف روﺣﻪ ﰲ ﻋﺎمل اﳌﻠﻜﻮت ،وﻳﺴﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﺘﻘﻠﺐ ﺑني ﻋﻮامل ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ،روﺣﻬﺎ 5
مقاالت ﻋﺸﻖ اﻟﺘﻘﺮب إﱃ ﺣﴬة ﻣﺎﻟﻚ اﳌﻠﻚ واﳌﻠﻜﻮت .ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﻂ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻋﻘﺪ اﺟﺘامﻋﻲ ﻳﺘﺠﺎوز ﻣﺎ ﻏﺮق ﻓﻴﻪ "ﺟﻮن ﺟﺎك روﺳﻮ" وﻳﺘﻌﺎﱃ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﻓﻼﻃﻮن. • من الفلسفة إىل التنزيل :ﻟﻘﺪ ذﻛﺮﺗﻨﻲ ﻛﻠامت اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﻨﺺ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﳌﺠﻴﺪ اﻟﻨﺠﺎر ﻛﻨﺖ أﴍﺣﻪ ﻟﻄﻠﺒﺔ اﳌﺎﺟﺴﺘري ﺑﺠﺎﻣﻌﺘﻨﺎ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻪ" :وأﺣﺴﺐ أن ﻓﻘﻪ اﻟﺘﺪﻳﻦ ،مبﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺘﺞ ﻟﺘﻨﺰﻳﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﻮاﻗﻊ، ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﲆ ﻣﺤﺎور ﺛﻼﺛﺔ رﺋﻴﺴﺔ ،ﻫﻲ اﻟﻔﻬﻢ، واﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ،واﻹﻧﺠﺎز .أﻣﺎ اﻟﻔﻬﻢ ،ﻓﻬﻮ ﻓﻬﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﻫﺎدﻳﺔ إﱃ اﻟﺤﻖ ،وﻓﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﺮاد إﺻﻼﺣﻪ ...وأﻣﺎ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ،ﻓﻌﲆ إﻋﺪاد اﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﰲ ﻫﺪﻳﻬﺎ اﳌﻄﻠﻖ ﻟ ُﻨﻜ ﱢﻮن ﻣﴩو ًﻋﺎ ﻣﻘﺪ ًرا ﻋﲆ ﻗﺪر اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺮاد إﺻﻼﺣﻪ ...وأﻣﺎ اﻹﻧﺠﺎز، ﻓﻬﻮ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ اﻟﻔﻌﲇ ﻟﻠﻤﴩوع اﻟﺬي وﻗﻌﺖ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ،واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺑﻬﺎ ،واﳌﺴﺎﻟﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن َﻳ ِﻠﺠﻬﺎ ،واﻵداب اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ ﺣﺴﻦ اﻷداء ،وﺗﻔﴤ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ إﱃ أن ﻳﺆيت اﳌﴩوع ُأﻛﻠﻪ ﰲ اﻧﺪراج اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻔﺮدي واﻻﺟﺘامﻋﻲ ﰲ اﻟﻬﺪي اﻟﺪﻳﻨﻲ").(١٠ ﻧﻌﻢ ،ﻫﻜﺬا ﻳﺮى ﻋﻠامء اﻷﻣﺔ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺒﻨﺎء وﻓﻘﻪ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ،إﻻ أﻧﻬﻢ وإن اﺷﱰﻛﻮا ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺒﻨﺎء ،ﻛﺎن ﺣﻀﻮر اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﱪ ﻓﻘﻪ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﺷﺎﻣﺨً ﺎ ،ﺑﻞ إن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﰲ ﻣﴩوع ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﺗﺰوﺟﺖ ﺑﺎﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﰲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﺣﻴﺚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺠﻬﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﰲ ﻣﴩوع اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ .ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل: "وﻟﺬﻟﻚ ،ﻧﺆﻣﻦ -ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻧﺮﺟﻮ ﻓﻴﻪ أن ﻧﻜﻮن أﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ-ﺑﴬورة ﻣﻨﻬﺞ وﻣﴩوع ﺑﻌﻘﻠﻴﺔ ﻣﺤﱰﻓﺔ وﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ،ﺑﻞ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﴬورة إﻋﺪاد أﺟﻴﺎل ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﻠﻢ وﺗﺴﺘﻬﺪف ﻹﻧﺸﺎء أﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ .إنﱠ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا 6
اﻟﻔﻜﺮ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وإنْ ﻛﺎن ﰲ داﺋﺮة ﺻﻐرية ،وﻇﻬﻮ َر منﺎذﺟﻪ ﰲ آﻻف اﻷﺑﻄﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮﻛﻮا ُدورﻫﻢ وأوﻃﺎﻧﻬﻢ ﻣﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻛﺄﻣﻮاج اﻟﺒﺤﺮ إﱃ أرﺟﺎء اﻷرض اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ... ﻫﻲ أﻣﺜﻠﺔ ﺷﺎﺧﺼﺔ وﻣﻬﻤﺔ ،ﺗُﺮﻳﻨﺎ ﻣﺎ ميﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﻠﻪ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻖ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﺑﻔﻜﺮ ﺳﺎ ٍم إﱃ ﺣﺪ اﻟﻌﺸﻖ").(١١ ﻧﻌﻢ إﻧﻪ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﳌﺘﻄﻠﺒﺎت اﳌﺮﺣﻠﺔ ،ﻓﻘﻪ ﻳﺴﺘﺤﴬ اﻛﺘﺴﺎح ﻋﺎمل اﻻﻗﺘﺼﺎد ومتﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻮب ﻗﺒﻞ اﻟﻌﻘﻮل ،ومتﺮد اﻟﻌﻠﻮم وﺗﻐﻮﻟﻬﺎ ،وﺣﻀﻮر ﺷﺒﺢ اﻟﻔﻨﻮن ﺣﺘﻰ ﺳﻜﻨﺖ ﻛﻞ اﻟﻔﻀﺎءات .ﻓﺒﺪا ﻟﻪ ﻫﻮس اﻟﻨﺎس ﺑﻬﺎ ،وﺷﺪة ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ إﻟﻴﻬﺎ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﻟﺠﺎم ﻗﺎدر ﻋﲆ ﺿﺒﻄﻬﺎ ﻏري ﻟﺠﺎم اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺨُ ُﻠﻖ ،ﺣﻴﻨﻬﺎ وﺿﻊ ﻳﺪه ﻋﲆ ﻣﻜﻤﻦ اﻟﺪاء .ﻓﺎﻟﻨﺎس اﻟﻴﻮم ﺑني ﻋﺒﻴﺪ ﻟﻠامدة وأﴎى ﻟﻠﺮوح ،وﻛﻼﻫام ﻣﻨﻬﺠﺎن ﻣﺘﻄﺮﻓﺎن أﺛﺒﺖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ -ﻛام اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ -ﻋﺠﺰﻫام ﻋﻦ إرﺟﺎع ﺣﻖ اﻷﻣﺔ اﳌﻐﺼﻮب ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﳌﻄﻠﻮب .وذﻟﻚ ﺣني ﻗﺎل: "ﻟﻘﺪ آن اﻷوان ،ﺑﻞ ﻳﻜﺎد ﻳﻔﻮت ،ﻟيك ﻧﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻨﺎ إزاء ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺠﺎل ﻣﺜﻞ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠﻢ واﻟﻔﻦ، واﻷﺧﻼق واﻻﻗﺘﺼﺎد واﻷﴎة ،وﻧﺴﻤﻮ ﺑﻬﺎ إﱃ ﻣﻮاﻗﻌﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﻣﺴرية اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻧﺤﻦ -ﻛﺄﻣﺔ -ﻧﻨﺘﻈﺮ وﻧﱰﻗﺐ ﻃﺮﻳﻖ أﺑﻄﺎل اﻟﻌﺰميﺔ واﻹرادة واﻟﺠﻬﺪ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻫﺬه اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ").(١٢ -4مصنع جيل املرشوع؛ التعليم
إن ﺗﻤﻜﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻮم اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ وﺳﻌﺔ اﻃﻼﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺼﺮ ،ﻣ ﱠﻜﻨﺎه ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،واﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻌﻤﻴﻖ أﻣﻮاﺟﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ُﻣﻐﺮﻳﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر .ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺧﻴ ًﺮا ﻣﻦ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺮﻛ ًﺒﺎ ﻟﺘﺠﺎوز ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮاج ،ﺛﻢ إن اﻟﺮﻳﺢ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
nesemat.com nesemat.com
اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺤﻀﺎرة اﻷﻣﺔ ،ﻟﻢ ﺗﺠﺪ أﻣﺎﻣﻬﺎ رﻛﺎﺋﺰ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﺗﺼﺪﻫﺎ ،وﻻ ﺟﺒﺎﻻً ﻋﺎﺗﻴﺔ ﺗﺼﻤﺪ ﻓﻲ وﺟﻬﻬﺎ، ﺛﻢ إن اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻢ َﺑ َﺼﻢ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻨﺬ وﺟﻮده ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻋ ّﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ آدم اﻷﺳﻤﺎء ﻛﻠﻬﺎ ،وﺑﻌﺪ ردح ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻦ أواﺋﻞ ﻣﺎ أﻧﺰﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻮرة "اﻗﺮأ" ،وﻫﻲ دﻋﻮة ﻣﺒﺎرﻛﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻌ ّﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .وﺑﻌﺪ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ورث ﺳﺮه ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺒﺠﻠﻮن، ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰُ :ﻫ َﻮ ا ﱠﻟ ِﺬي َﺑ َﻌ َﺚ ِﻓﻲ ُ ﻴﻦ َر ُﺳﻮﻻً ِﻣ ْﻨ ُﻬ ْﻢ اﻷ ﱢﻣ ﱢﻴ َ ﺎب َوا ْﻟ ِﺤ ْﻜ َﻤ َﺔ َﻳ ْﺘ ُﻠﻮ َﻋ َﻠ ْﻴ ِﻬ ْﻢ آ َﻳﺎ ِﺗ ِﻪ َو ُﻳ َﺰ ﱢﻛﻴ ِﻬ ْﻢ َو ُﻳ َﻌ ﱢﻠ ُﻤ ُﻬ ُﻢ ا ْﻟ ِﻜ َﺘ َ ﻴﻦ )اﻟﺠﻤﻌﺔ .(٢:ﻟﻘﺪ َوإِنْ َﻛﺎﻧُﻮا ِﻣ ْﻦ َﻗ ْﺒ ُﻞ ﻟَ ِﻔﻲ ﺿَ َﻼلٍ ُﻣ ِﺒ ٍ اﺧﺘﺎر اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺟﻴﻞ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻣﺼﻨ ًﻌﺎ ﻣﺒﺎر ًﻛﺎ وﺿﻊ أﺳﺴﻪ اﻟﻤﺘﻴﻨﺔ ﻧﺒ ّﻴﻨﺎ اﻟﻜﺮﻳﻢ ، ﻫﺬه اﻷﺳﺲ ﺣﻴﺮت اﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻦ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ وﺣﺪﻳ ًﺜﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺑﻬﺎ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻤﻨﻌﺖ ﻋﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ إﻻ ﻣﻦ رﺣﻢ اﻟﻠﻪ .ﻫﺬه اﻷﺳﺲ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺑﻨﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻀﺎرة اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻤﺤﻤﺪي اﻷول؛ إﻧﻬﺎ وﻛﻤﺎ ﺑ ّﻴﻨﻬﺎ ﻟﻨﺎ رﺑﻨﺎ ! :اﻟﺘﻼوة واﻟﺘﺰﻛﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .إﻧﻪ ﺳﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻤﺴﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﻤﻨﻬﺠﻪ اﻟﺪﻗﻴﻖ وإﻳﻤﺎﻧﻪ اﻟﻌﻤﻴﻖ ،واﻟﺬي ﺗﻔﻄﻦ إﻟﻴﻪ وأﺧﻠﺺ اﻟﻘﺼﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ،ﻓﻘﺪﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻖ ﻣﻦ ذﻫﺐ إﻟﻰ ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ؛ ﺑﻐﻴﺔ ﺣﻤﻞ اﻟﻤﺸﻌﻞ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﻘﻴﺎدة اﻧﺒﻌﺎث ﺣﻀﺎري أﺻﻴﻞ .ﻧﻌﻢ ،ﺑﺎﻟﺘﻼوة واﻟﺘﺰﻛﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﺳﺘﻄﺎع اﻷﺳﺘﺎذ رﺗﻖ ﻣﺎ اﻧﻔﺘﻖ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،ﻓﺎﺣﺘﻀﻦ اﻟﻌﻮاﻟﻢ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻗﺒﻞ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺳﺤﺮت اﻵﻻف ،ﺑﻞ اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺷﺒﺎب ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻤﺘﻌﻄﺶ ﻻﻧﺒﻌﺎث ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ. إﻧﻪ ﺳﺤﺮ اﻟﺘﻼوة ،وﻋﺒﻖ اﻟﺘﺰﻛﻴﺔ وﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .إﻧﻬﺎ ﻧﻔﺤﺔ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ" :ﻟﻘﺪ ﺗﻜﺮر اﻟﻜﻼم ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻋﻦ دﻋﺎوى اﻟﺒﻨﺎء ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﻬﻮد وأزﻣﺎن ﻣﺘﻌﺪدة
إن الذين يقضون أعامرهم يف إخالص ووفاء واهتامم باآلخرين إىل درجة إهامل أنفسهم من أجل إحياء الغري ،هم الوارثون الحقيقيون للحقائق التاريخية.
وﺑﻘﺎع ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷرض وﺑﻌﻨﺎوﻳﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻟﻜﻦ وﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﺻﺪق ﻫﺬه اﻟﺪﻋﺎوى ﻗﺎﺑ ًﻼ ﻟﻸﺧﺬ واﻟﺮد، ً ﻟﻠﻨﻘﺎش ﻓﻲ ﻛﻞ وﻗﺖ .إﻻ أن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﺎﻟَ ًﻤﺎ ﻳﻮﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺒﻨﺎء ﺣﻘﻬﺎ ...ﺑﺘﻨﺎول واﺣﺘﻀﺎن اﻟﻮﺟﻮد وﻣﺎ وراء ﺳﺘﺎر اﻟﻮﺟﻮد ،واﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﺎة ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ...ﻋﺎﻟَ ًﻤﺎ ﺣ ٍّﺮا وﻃﻠﻴ ًﻘﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﻤﺬﻛﻮرة آﻧ ًﻔﺎ .وﻻ رﻳﺐ أن ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻷﻣﺪ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ودﻧﻴﺎﻧﺎ ﻧﺤﻦ").(١٣ ﻫﻜﺬا ﺟﻌﻞ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﴩوع اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ "ﻣﻘﺪﺳﺎ" ﻻﻧﺒﻌﺎث ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ ،ﻳﺠﻨﺐ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻫﺪ ًﻓﺎ ً ﺧﻴﺒﺔ ﻛﻞ اﳌﺸﺎرﻳﻊ ،وﻳﺼﻨﻊ ﻋﱪه اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ .ﻓﻜﺎن ﻫﺬا اﳌﴩوع ﻓﺴﻴﻠﺔ ﻏﺮﺳﻬﺎ ﰲ ﻋﻘﻮل وﻗﻠﻮب ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﻧﻘﺘﻬﻢ اﻷﻗﺪار ﻟﻴﺼﺒﺤﻮا رﺳ ًﻼ وﻣﻌﻠﻤني ﺟﺪ ًدا، ﻟﺘﺨﺮﻳﺞ أﺟﻴﺎل راﻓﻌﺔ ﻟﺮاﻳﺔ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺠﺪﻳﺪ. اﻧﺒﻌﺎث ﺑﺪت ﻣﻼﻣﺤﻪ ﻋﻴﺎﻧًﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﺗﻨﺎدي اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫﻴﺎ ﺑﻨﺎ إﱃ ﻋﺎمل ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻠﺆه اﻟﺘﻌﺎون واﳌﺤﺒﺔ واﻟﺴﻼم. وﻛﺄين ﺑﺎﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻳﻜﺘﺐ ﺗﻘﺮﻳ ًﺮا ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﺻﻨﻌﻪ ،وﻛﻠﻪ ﺛﻘﺔ ﻓﻴام ﻳﻘﻮل ،وﻛﻠﻪ أﻣﻞ ﻓﻴام وﻋﺪ ﺑﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎده اﻟﺼﺎﻟﺤني ،ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم" :إﻧﻨﻲ ﻋﲆ ﻳﻘني ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻢ ﺗﺠﺎوز اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ اﳌﻮﺟﻮدة ﺑني اﻟﻘﺎرات ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻘﺮآن وﺗﺤﻘﻖ ﺣﻮار ﻣﺴﺘﻨﺪ إﱃ اﻟﺤﺐ وإﱃ اﻟﺘﻮﻗري ،ﺗﺄﺳﺴﺖ وﺳﺘﺘﺄﺳﺲ أرﺿﻴﺔ ﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺑﺎﻧﻴني .ﻟﻘﺪ ِ ﻣﺴﺘﺒﴩة ﻋﺮﻓﺖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﳌﺎﴈ أﻣﺘﻨﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ أﻣﺔ 7
مقاالت ﻗﺪ ﺿﺤﻚ ﻟﻬﺎ ﺣﻈﻬﺎ ،ﻓام اﳌﺎﻧﻊ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻴﻮم أﻳﻀً ﺎ ﻛام ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﻣﻦ ﻗﺒﻞ؟ ﺑﻴﻨام ﻧﺮى أن ﺷﻼﻻً ﻣﻦ اﻟﺤﺐ ﺑﺪأ ﻳﻬﺪر ﻓﻌ ًﻼ ﺑني اﻟﻨﺎس ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﺻﻞ إﻟﻴﻪ ﻫﺆﻻء اﳌﻬﺎﺟﺮون ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻏﺎﻳﺘﻬﻢ .ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﰲ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﻬﺐ ﻧﺴﻴﻢ ﻣﻦ اﻟﻄأمﻧﻴﻨﺔ واﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ .واﻷﻛرث ﻣﻦ ﻫﺬا ،ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﰲ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ وﺻﻒ "ﺟﺰر اﻟﺴﻼم واﳌﺤﺒﺔ" ﻋﲆ أﺳﺲ ﻣﺴﺘﻘﺮة وﻣﺘﻴﻨﺔ").(١٤ ﻧﻌﻢ وﺑﻠﻐﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ "ﻣﻦ اﻟﺒﺬرة إﱃ اﻟﺜﻤﺮة"، ﻣﻦ اﻟﺘﻼوة واﻟﺘﺰﻛﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إﱃ ُﺟﺰر ﻗﺮﻳﺒﺔ وﺑﻌﻴﺪة ،ﻻ ﻳﻌﺮف ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻻ اﳌﺨﻠﺼﻮن ﰲ ﻧﻴﺎﺗﻬﻢ ،واﻟﺼﺎدﻗﻮن ﰲ أﻋامﻟﻬﻢ ،واﻟﻘﺎﺻﺪون ﰲ ﺳﺒﻠﻬﻢ .ذﻟﻜﻢ أن أﺑﻮاﺑﻬﺎ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﴩﻋﺔ أﻣﺎم ﻛﻞ واﻓﺪ ،إﻻ أن ﻟﻬﺎ "ﺷﻔﺮة" ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ أرﻗﺎم ذﻫﺒﻴﺔ: الرقم األول للشفرة السحرية "األكادميية"):(١٥
ﻓﻲ زﻳﺎرة ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ﺟﻠﺴﻨﺎ إﻟﻰ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﺮﻳﺠﻲ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﺿﻤﻨﻬﻢ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻠﺒﻴﺐ ﻧﻮزاد ﺻﻮاش واﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺟﻤﺎل ﺗﺮك، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺄﻛﺪت ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ ،ﻣﻦ واﺣﺪ ﻣﻦ أرﻗﺎم اﻟﺸﻔﺮة اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟﻴﻞ اﻻﻧﺒﻌﺎث، وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺸﺤﻦ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﻤﺘﻮاﺻﻞ .وﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺣﻀﺮت أول ﺟﻠﺴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ روﺣﻴﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ،اﺳﺘﻤﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﺪارس "اﻟﺨﺪﻣﺔ" وﻣﻨﻬﺞ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﻔﺮﻳﺪ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ واﻟﻄﻠﺒﺔ ،وإﻳﻘﺎظ ﻫﻤﻤﻬﻢ وﺷﺤﺬ ﻋﺰاﺋﻤﻬﻢ... ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻤﺖ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ وﻧﻮ ًﻋﺎ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻌﺎدن ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺸﻒ ﻟﻨﺎ ُ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺪة ﻫﺬا اﻟﺼﺮح ﻋﻦ أﻣﻬﺎت اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻬﻠﻮن ﻣﻦ ﻳﻨﺎﺑﻴﻌﻬﺎ ،وﻳﻐﺘﺮﻓﻮن 8
ﻣﻦ ﻋﺬب ﻓﺮاﺗﻬﺎ ﻋﻠ ًﻤﺎ زﻛ ٍّﻴﺎ ﺑﺪأت أﻧﻮاره ﺗﺴﻄﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﻴﻖ .ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺤﻘﺎﻧﻲ ﻟﻠﺮﺟﻞ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،اﻟﺬي ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺎدر ﺗﻨﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﻮل وﺗﺰﻛﻴﺔ اﻟﻘﻠﻮب ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﻣﺼﺎدر اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ...اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﺗﻔﺮد ﺑﻪ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻌﺼﺮ وﻓﻘﻬﺎﺋﻪ ،ﺑﻞ ﺗﺠﺎوزﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ، وﺧﺎﺻﺔ رﺗﻖ اﻟﻔﺘﻖ اﻟﺬي وﻗﻊ ﺑﻴﻦ اﻷﻓﻜﺎر واﻷﺧﻼق. وﻗﺪ ﺿﻤﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺼﺎدر ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮ أﻫﻤﻬﺎ ،وﻣﻦ اﻟﻔﻘﻪ أﺟﻮده ،وﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻋﺬﺑﻪ ،وﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮف أرﻗﻪ .وﺣﻴﻦ ﻋﻠﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﻤﻘﺮرة ،وﻣﺎ ﻳﻮﺟﻪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎدات ،أﺟﺎﺑﻨﺎ ﻣﺤﺪ ُﺛﻨﺎ" :ﻣﺎ ﻧﻘﺮأه ﻻ ﻳﺰﻳﺪﻧﺎ إﻻ ﺷﻮ ًﻗﺎ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻪ ،ﻷن أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﻛﻮﻟﻦ وﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻧﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻴﺰاﻧًﺎ وﻣﺼﻔﺎة ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻧﻘﺮأه وﻧﺘﻌﻠﻤﻪ" .وﻗﺎل اﻷﺳﺘﺎذ ﺟﻤﺎل" :ﻛﺎن أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ" :ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب -اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ -أن ﻳﻐﻠﻖ ﻛﻞ اﻷﺑﻮاب إﻻ ﺑﺎب اﻟﻌﻠﻢ" ،وﻛﺎن ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ ﺑﻘﺮاءة ورد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ٢٠٠ﺻﻔﺤﺔ ﻳﻮﻣ ٍّﻴﺎ ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻠﺨﺺ ﻟﻜﻞ ﻣﻘﺮوء ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻋﺸﺮة ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ". وأﺿﺎف اﻷﺳﺘﺎذ ﺟامل" :وﻣام ﻳﺸﺪﻧﺎ إﻟﻴﻪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺮﺑﻂ دروﺳﻪ دو ًﻣﺎ ﺑﺎﻟﻴﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس ،وﺣني ﻳﺘﺤﺪث ﺗﺮى اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﱰاث ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﻓﻤﻪ ﻛﺄﻧﻪ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻫﻮ ﺣني ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻻ ﻳﺴﻤﻲ أﺣ ًﺪا ،وﻛﺎن ﻳﻘﻮل" :ﻧﺤﻦ ﻣﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﻜﻞ اﻟﻨﺎس" .ورﻏﻢ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺼﺤﻴﺔ، إﻻ أﻧﻪ وإﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ أﻣﺮاض اﻟﺴﻜﺮ واﻟﺪم وﻏريﻫﺎ ،ﻛﺎن وﻋﺎء ﻟﻜﻞ ﻫﻤﻮم اﻷﻣﺔ واﻟﻨﺎس ...ﻓﻜﺎن ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﻫﻤﻮم اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺗﺄﳌﻪ ﻣﻦ ﺿﻴﺎع اﻟﺤﻜﻤﺔ وﺳﻴﺎدة اﻟﻘﻮة ﰲ ﻋﺎمل اﻟﻴﻮم ...ﻳﺠﻮل ﺑﻨﺎ وﻛﻠﻪ أﻣﺎين ﻳﻘﻮل دامئًﺎ :ﻟﻮ أين ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺬا ...ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻛﺬا ...وﻣﻦ أﻏﲆ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
ﰲ ﻟﻘﺎء ﻋﺸﺎء ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ "ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﺒﺄد" ﻗﺎل أﺣﺪ أﺻﻨﺎﻓﻬﺎ) (١٧ﻣﺘﺤﺪ ًﺛﺎ ﻋﻦ ﻣﴩوع اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" :ﺣني اﺟﺘﻤﻌﻨﺎ ﺣﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ أول ﻣﺮة ،ﺑﺪأت اﻷﻋﺒﺎء ﺗﺰداد ﺳﻨﺔ ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ،وﻟﻜﻦ ﺣني ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ اﳌﺪارس وﻋﻦ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ واﻟﻄﻠﺒﺔ وﻧﺮى ﺣامﺳﺎ وﻧﻘﻮل :ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ مثﺎر ذﻟﻚ ،ﻛﻨﺎ ﻧﺰداد ً أن ﻧﱰﻛﻪ ،ﺑﻞ ﺳﻨﻮاﺻﻞ .ﺛﻢ ﻳﻀﻴﻒ :أﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺳﺄل إﺧﻮاين: ﻟﻮ أن أﺣ ًﺪا ﺟﺎءﻛﻢ مبﴩوع ﻓﻴﻪ ﻧﺠﺎة ﻛﻞ أﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ، مبﺎذا ﺳﺘﺴﻬﻤﻮن؟ ﻳﻘﻮﻟﻮن :ﻧﺴﺎﻫﻢ ﺑﻨﺼﻒ أﻣﻮاﻟﻨﺎ". ﻫﺬه ﻃﻼﺋﻊ ﺟﻴﻞ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري .وﻛﺄين ﺑﻬﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻔﺮﻳﺪ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻗﻮم اﻷﻧﺼﺎر ﺣني ﺗﻘﺎﺳﻤﻮا ﻣﻊ إﺧﻮاﻧﻬﻢ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ميﻠﻜﻮن .ﺛﻢ ﻳﻘﻮل اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻀﻴ ًﻔﺎ" :ﻓﻬﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﻨﺸﺄ ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﺪﻣﺎت، ﻳﻜﱪ ﻳﻮ ًﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻛام ﻳﻜﱪ اﻟﻄﻔﻞ ﰲ ﺑﻄﻦ أﻣﻪ .إن ﺗﺠﺮﺑﺘﻨﺎ ﻗﺪ أﻛﺪت ﻟﻨﺎ أن ﻗﻀﻴﺘﻨﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺛﻘﺔ ،وﻫﺬه اﻷﻣﺔ إذا رأت رﺟﺎﻻً ﻣﻦ ﺻﻨﻒ "اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ" ﺳﺘﻌﻄﻴﻬﻢ ﻛﻞ ﺛﻘﺘﻬﺎ .ﻟﻮ مل ﻧﺘﻌﺮف ﻋﲆ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻻﻟﺘﺠﺄﻧﺎ إﱃ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﻘﻮة ﻟﺤﻞ ﻣﺸﺎﻛﻠﻨﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋ ّﻠﻤﻨﺎ
nesemat.com
الرقم الثاين للشفرة السحرية "جمعية َم ِب َأد"):(١٦
nesemat.com
وﺻﺎﻳﺎه ﻟﻨﺎ ذات ﻣﺮة ،وﻫﻮ ﰲ ﻓﺮاﺷﻪ ﻣﺮﻳﺾ ،وﻧﺤﻦ ﻣﺘﺤﻠﻘﻮن ﺣﻮﻟﻪ" :ﻟﻮ ﻛﺎن ﱄ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺣﻖ ﻷوﺻﻴﺘﻜﻢ أﻻ ﺗﱰﻛﻮا اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻟﻮ ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ واﺣ ًﺪا ،ﻓﻬﺬه أﻣﺎﻧﺘﻲ ﻋﻨﺪﻛﻢ". ﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﺟامل" :وﻣﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎه إﱃ اﻟﻴﻮم ﺿ ﱠﻴﻊ ﺣﺼﺔ ﻣﻦ دروﺳﻪ أو ﻏﺎب ﻋﻨﻬﺎ إﻻ ﺑﻌﺬر ﻗﺎﻫﺮ ،وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﳌﺮض اﻟﺬي ﻳﻘﻌﺪه ﰲ اﻟﻔﺮاش" .ﺛﻢ ﻳﻀﻴﻒ اﻷﺳﺘﺎذ ﺟامل" :ﻓﻬﻞ اﺳﺘﻔﺪﻧﺎ ﺷﻴﺌًﺎ؟ ﻟﺴﺖ أدري!" ﻓﺄﻗﻮل ﻟﻪ وإن ُ ﻛﻨﺖ ﻏري ﻣﺆﻫﻞ ﻟﻨﺼﺢ وﺗﻮﺟﻴﻪ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل: ﻧﻌﻢ ورب اﻟﻜﻌﺒﺔ؛ ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻔﺪﺗﻢ وأﻓﺪﺗﻢ ،وﻛﻨﺘﻢ أﺟﻮد مثﺮة ﻷﻃﻴﺐ ﺷﺠﺮة ﺗﺆيت ُأﻛﻠﻬﺎ ﻛﻞ ﺣني ﺑﺈذن رﺑﻬﺎ.
استطاع كولن ترويض تالميذه بالتحلية والتخلية، إذ تجد الواحد منهم لي ًنا هي ًنا ينحني لكل ريح يف ابتسامة ،ولكن تجدهم يف مواقف الجد كالجبال، كلهم إرصار عىل النجاح أينام حلوا وارتحلوا.
اﻟﺤﻠﻢ واﻟﺮﻓﻖ ،وﻛﺎن دامئًﺎ ﻳﻨﺼﺤﻨﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :أﻻ ميﻜﻦ أن ﻧﺬﻳﺐ ﻫﺬه اﻟﺼﺨﻮر ﻣﻦ اﳌﺸﺎﻛﻞ واﻟﺸﺤﻨﺎء ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن واﻟﺴﺨﺎء؟" ،ﺛﻢ ﻳﻀﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ" :وآﺧﺮ ﳾء ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻗﻮﻟﻪ" :ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻨﺘﻈﺮ اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻮا إﻟﻴﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ أﺑﻮاﺑﻬﻢ").(١٨ "إن اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﻟﻺﻧﻔﺎق ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻫﻮ ﺣﺎل اﻷﺳﺘﺎذ وﺳﻠﻮﻛﻪ .ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ميﻠﻚ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ أﻣﻮر اﻟﺪﻧﻴﺎ، أو ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ ﻏري اﻟﺬي ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ ،ﳌﺎ أﻧﻔﻘﻨﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﻨﺎ .واﻟﻴﻮم ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ وﻧﻨﻔﻖ وﻧﻨﴗ ،وﻧﺘﺴﺎﺑﻖ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻷن اﻟﻠﻪ ﻳﻌﻮض ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﻨﻔﻘﻪ ﻛام ﴍح ﻟﻨﺎ اﻷﺳﺘﺎذ .وﻧﺤﻦ ﻗﺪ ﻻﺣﻈﻨﺎ ذﻟﻚ ﻣﺮا ًرا؛ ﻧﺤﻦ ﻧﻨﻔﻖ واﻟﻠﻪ ﻳﺨﻠﻒ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻨﺎ" ...ﻓﺄي ﻛﻼم ﻫﺬا اﻟﺬي ﻧﺴﻤﻊ؟ وأي ﺛﻘﺔ ﰲ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺸﻬﺎدات؟ ﺑﻞ أي ﺟﻴﻞ ﻫﺬا اﻟﺬي ﺻﻨﻌﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ؟ ﻓﻠﻠﻪ د ﱡره. رقم الشفرة الثالث "جنود الخفاء املبجلون":
اﻟﻤﺜﻴﺮ واﻟﻤﻔﺮح ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻵن ﻟﻴﺲ ﺗﻜﻮﻳﻦ وﺻﻨﺎﻋﺔ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﺑﻞ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻫﻮ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺧﺮﻳﺠﻮ ﻫﺬه اﻟﻤﺪارس وﻓﻲ ﺷﺘﻰ اﻟﻤﺠﺎﻻت ،ﺣ ّﺮ ًاﺳﺎ ﻟﻠﻤﺸﺮوع؛ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر ﻣﺜﻞ ﺧﻼﻳﺎ ﻧﺤﻞ ﻻ ﻳﻬﺪأ ﻟﻬﺎ ﺑﺎل... وﺗﺘﻨﻮع ﻋﻄﺎءاﺗﻬﻢ ﻛﺘﻨﻮع اﻟﺮﺣﻴﻖ اﻟﺬي ﻳﻤﺘﺼﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت أﺳﺘﺎذﻫﻢ اﻟﻤﺘﺪﻓﻘﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻨﺴﺎب ﻟﺘﺬوب ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻮب ﻛﺎﻧﺴﻴﺎب أﻓﻜﺎر وﻛﻠﻤﺎت اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﺠﻠﺠﻞ .ﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺼﻄﻔﻰ أوزﺟﺎن)" :(١٩إن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ "ﻟﻐﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ" ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ 9
مقاالت أن ﻳﻌ ﱢﺒﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﻣﺒﺎدئ ﺳﺎﻣﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻗﺪم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﺮﻛﻲ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪﻳﻦ اﻷﺧﻴﺮﻳﻦ ً ﻣﺜﺎﻟ ٍّﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﻴﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺸﻌﺐ، ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﺗﺮﺑﻮ ٍّﻳﺎ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻗﺪم ً إﻟﻰ ﺟﻮار اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺄﺣﺪث اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ". ﻧﻌﻢ ،ﻫﻜﺬا ﻓﻬﻢ اﻟﻜﺒﺎر ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، وﻟﻜﻦ ﻫﻞ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺬﻳﻦ ﻏﺮرت ﺑﻬﻢ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻬﻢ ذﻟﻚ؟ وإن ﻓﻬﻤﻮا ﻓﺈﻟﻰ أي ﺣﺪ ﻫﻢ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ وﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ ﻟﺴﺖ أدري. وﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﻧﻮزاد ﺻﻮاش اﳌﺪﻳﺮ اﻟﻌﺎم ﳌﺠﻠﺔ ﺣﺮاء وواﺣﺪ ﻣﻦ أروع مثﺎر ﻫﺬه اﳌﺪارس اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ" :ﻫﺬه اﳌﺪارس ﺳامﻫﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ "ﺟﺰر اﻟﺴﻼم" ،ﻓام ﻫﻲ ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﳌﺪارس؟ ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺮأﻫﺎ اﳌﺴﻠﻤﻮن؟ وﻣﺎ ﻫﻲ إﺿﺎﻓﺎﺗﻬﺎ؟ إﻧﻬﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ أﻃﻠﻘﻬﺎ اﳌﺴﻠﻤﻮن وﻫﻲ ﻣﻠﻜﻬﻢ اﻟﻴﻮم". إﻧﻪ اﻟﺸﻤﻮخ اﻟﱰﺑﻮي اﻟﺬي رﺿﻌﻪ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﺛﺪي أﻓﻜﺎر أﺳﺘﺎذﻫﻢ ،ﺷﻤﻮخ اﻟﻮاﺛﻖ ﻣﻦ ﺳريه ﰲ ﻣﺴريه ﻧﺤﻮ أﻫﺪاﻓﻪ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ رﺑﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺼريه مبﺼري ﻛﻞ إﺧﻮاﻧﻪ ﰲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺑﻨﻲ أﻣﺘﻪ. وﰲ ﻟﻘﺎء َ اﻟﺨريﻳﻦ ﺣﴬﺗُﻪ ﰲ ﻳﻮﻟﻴﻮ ٢٠١١ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ّ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺗﺬة ،ﺧﺮﻳﺠﻲ ﻫﺬه اﳌﺪارس ﻗﺎل اﻷﺳﺘﺎذ ﻧﻮزاد: "ﺑﻌﺪ ﻣﺎ أﺳﺴﻨﺎ ﻣﺠﻠﺔ "ﺳﻴﺰﻧﺘﻲ" ُأ ﱢﺳﺲ وﻗﻒ ا ُﳌﺪرﺳني اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺈﻧﺘﺎج أﴍﻃﺔ ﻟﻠﺘﻮﻋﻴﺔ ،ﺛﻢ إﻧﺘﺎج اﳌﻘﺮرات اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻜﻞ اﳌﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،واﻵن ﻧﻔﻜﺮ ﰲ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ .ﺟﻤﻬﻮرﻧﺎ اﻷول ﻃﻼﺑﻨﺎ وﺗﻼﻣﺬﺗﻨﺎ وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﳌﺤﺒني ﺑﺒﺎﻗﻲ اﳌﺪارس .وﻟﺪﻳﻨﺎ أزﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﴩﻳﻦ دا ًرا ﻟﻠﻨﴩ؛ ﻧﴩﻧﺎ ﰲ ﻛﻞ اﳌﺠﺎﻻت واﻟﻠﻐﺎت وﻓﺮﺣﻨﺎ ﺑﺘﺠﺎوزﻧﺎ ٤٦ﻟﻐﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻗﺎل ﻟﻨﺎ: ﻫﺬا ﻏري ﻛﺎف ،وﻧﺼﺤﻨﺎ ﺑﺄن ﻧﺘﺠﺎوز اﳌﺎﺋﺔ .ﺛﻢ أﺳﺴﻨﺎ 10
دو ًرا ﻟﻠﻨﴩ ﰲ ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﺪول". وﺣﻮل اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﳌﺪارس ﻗﺎل اﻷﺳﺘﺎذ ﻧﻮزاد" :ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﻨﺎ أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﻳﺤﺚ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ ﺑﻨﺎء اﻟﻨﺎس ﺣﺮﻳﺼني ﻋﲆ ﺑﻨﺎء اﳌﺴﺎﺟﺪ اﳌﺪارس ،ﻓﻠام وﺟﺪ َ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل ﻟﻬﻢ" :اﺑﻨﻮا اﳌﺴﺎﺟﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻨﺎء اﳌﺪارس، ﻓﺈن أﻧﺘﻢ أﻓﻠﺤﺘﻢ ﰲ ﺑﻨﺎء اﳌﺪارس ،ﻓﺴﻴﻌﻤﻞ ﺧﺮﻳﺠﻮﻫﺎ ﻋﲆ ﺑﻨﺎء اﳌﺴﺎﺟﺪ" .وﻟﻄﺎﳌﺎ ﻋﺎىن اﻷﺳﺘﺎذ –ﻳﻀﻴﻒ ﻧﻮزاد -ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎد ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﺮأي، ﻟﻜﻦ ﻣﻨﺘﻘﺪﻳﻪ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن اﻟﻴﻮم ﻋﲆ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﻓﻀﻮﻧﻪ وﻫﻢ ﻳﺘﺤﴪون". الرقم الرابع للشفرة السحرية "عقود املرجان":
ﻟﻘﺪ ﺗﺴﺎءل ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺘﺒﻌﻴﻦ واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﻋﻦ ﺳﺮ ﺳﺤﺮ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﻓﻌ ًﻼ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺘﺴﺎؤل، إﻻ أن اﻟﺠﻮاب ﻋﻨﺪي ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻨﺎول ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﻪ ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺨﺪﻣﺔ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﺎﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ﺣﻴﻦ وﺟﺪﺗﻬﻢ ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﺑﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﺘﻤﻴﻦ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ذﻟﻚ ،إﻻ ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﻢ ﺑﺄن ﻳﺪ اﻟﻘﺪر ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﺆون اﻟﻨﺎس ﻗﺪر. ﻟﻜﻨﻲ أزﻋﻢ أن اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺪﻗﻴﻖ اﻟﺬي ﺳﻠﻜﻪ اﻷﺳﺘﺎذ "ﻛﻮﻟﻦ" اﻟﺬي ﻃﺎﻟﻤﺎ وﺻﻔﻪ ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ﺑﻔﺎرس اﻟﻨﻬﺎر وراﻫﺐ اﻟﻠﻴﻞ ،ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أن ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻤﻨﻬﺞ أﺛ ًﺮا ﺑﺎﻟﻐًﺎ ﻓﻴﻤﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ .ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺤﻔﺮ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺪور ﺑﺨﺎﻃﺮه ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﺳﺘﻌﺎدة اﻹرث اﻟﺤﻀﺎري ﻟﻸﻣﺔ... وﻟﻌﻠﻪ وﺟﺪ ﺿﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ َﺳ َﺤﺮ اﻟﻠﻴﻞ اﻟﺬي ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﺤﺎوراﺗﻪ وﻣﺸﺎوراﺗﻪ ﺣﻮل ﻋﻮاﻟﻤﻪ ﻣﻌﻠ ًﻼ ﺻﻨﻴﻌﻪ أﻧﻪ اﻟﺮﻛﻴﺰة اﻷوﻟﻰ ﻟﻜﻞ ﻧﺠﺎح .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﺘﺄ ﻳﻘﺎرع اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻔﻠﺴﻔﺎت واﻟﻘﻴﻢ ﻟﻴﻨﺤﺖ ﺳﺒﻴ ًﻼ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻓﻲ ﻧﻬﺎره ،ﻳﺴﺎﺑﻖ ﻓﻴﻪ أﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻣﺘﺄﺳ ًﻴﺎ ﻓﻴﻪ ﺑﻨﻮاﺑﻎ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻤﺤﻤﺪي وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ .
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
إﻧﻨﺎ ﺣﻴﻦ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺟﻴﺎل ،ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﺼﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ رؤﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻟﺒﻨﺎء اﻷﺟﻴﺎل؛ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﺣﻴﺚ وﺳﺎﺋﻞ وﻣﻨﺎﻫﺞ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،وﻗﺪﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻧﺒﺠﺎﺳﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺒﻊ اﻟﻤﺤﻤﺪي اﻷﺻﻴﻞ .إﻧﻨﺎ ﺣﻴﻦ ﻧﻬﻴﻢ ﻓﻲ ذﻛﺮ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري ،ﻓﺬاك ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ واﺿﺤﺔ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﻟﺮاﻓﻌﺎت ﻫﺬه اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺸﺎﻣﺦ ،ﻫﺬه اﻟﺮاﻓﻌﺎت واﻟﺪﻋﺎﻣﺎت واﻟﺮﻛﺎﺋﺰ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﻓﻨﻰ اﻷﺳﺘﺎذ
nesemat.com
-5صفات جيل املرشوع
nesemat.com
ﻟﻘﺪ ﺣﴬت مبﺪﻳﻨﺔ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﻟﻘﺎء ﺳﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ وﺻﺎﻳﺎ اﻷﺳﺘﺎذ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﻫﺎمئًﺎ ﰲ ﻓﻜﺮ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻌﻈﻴﻢ؛ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺣني أﺟﺎﺑﻨﻲ أﺣﺪ ﺗﻼﻣﻴﺬ اﻷﺳﺘﺎذ ﺣني ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ دور اﻷﺳﺘﺎذ ﰲ ﺗﺤﺮﻛﺎﺗﻬﻢ ﺧﺎرج ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻘﺎل" :ﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺪﻋﺎء وﺑﺮﻛﺔ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ؛ ﻫﻮ دامئًﺎ ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ :ﻻ ﺗﺘﻌﺠﻠﻮا ...وﻳﻀﻊ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻣﴩوع ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم .اﻷﺳﺘﺎذ وﺣﺪه ﻳﺄيت ﺑﻌﴩات اﳌﺸﺎرﻳﻊ وﻫﻮ ﻻ ُﻳﺸﺒﻌﻪ ﳾء ،وﻧﺤﻦ دامئًﺎ ﻧﻠﻬﺚ وراءه" ،ﺛﻢ ﻳﺘﺎﺑﻊ" :أﻣﺎ ﻧﺼﺎﺋﺤﻪ ﻟﻨﺎ ﻓﻐﺰﻳﺮة ﻏﺰﻳﺮة أذﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ: "ﻗﺮاءة اﻟﺤﻴﺎة ﻗﺮاءة ﺻﺤﻴﺤﺔ أﻫﻢ ﺧﻄﻮات اﻟﻨﺠﺎح"، "ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﳾء اﻗﺮؤوه أوﻻً واﻓﻬﻤﻮه ﺟﻴ ًﺪا"، "إذا أردﺗﻢ أن ُﺗ َﻌ ﱢﺮﻓﻮا أﺣ ًﺪا ﻗﻴﻤﺘﻜﻢ ﻻ ﺗﻨﺘﻘﺪوه ﺑﺸﺪة"، ُ وﺟﺪت "ﺗﻌﺎﻣﻠﻮا ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﻛﻌﺎﺷﻘني ﻻ ﻛﻤﺒﴩﻳﻦ"" ،إن ﻓﺮ ًدا آﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻟﺴﻠﻮﻛﻪ ﻓﺴﺄﻗ ّﺒﻞ ﻗﺪﻣﻴﻪ"" ،اﳌﺆﻣﻦ ﻻ ﻳﻔﺮح مبﺎ ﺻﻨﻊ ،ﺑﻞ ﻳﺘﺤﴪ ﻋﲆ ﻣﺎ مل ﻳﺼﻨﻊ"" ،ﺣﻴﻨام ﺗﻘﻮﻟﻮن ﻻ إﻟﻪ إﻻ اﻟﻠﻪ ،ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺮاﻋﻮا ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ، وﺗﺨﺘﺎروا اﻟﺰﻣﺎن واﳌﻜﺎن اﳌﻨﺎﺳﺐ"" ،ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺴﺘﺴﻴﻐﻮا أﻧﻜﻢ ﻻ ﺗُﺴﺘﺴﺎﻏﻮا"" ،ﺣني ﺗﻔﴪون ﺣﺮﻛﺔ ﰲ إﻃﺎر اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺴﻮا ﻣﻌﻴﺔ اﻟﻠﻪ".
بالتالوة والتزكية والتعليم استطاع األستاذ كولن رتق ما انفتق يف عاملنا املعارص ،فاحتضن العوامل بقلبه قبل كلامته التي سحرت اآلالف بل املاليني من الشباب املتعطش النبعاث حضاري جديد.
ﻧﻤﻮذﺟﺎ وﻣﺜﺎﻻً ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ زﻫﺮة ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻹﻋﺪادﻫﺎ ،ﻟﺘﻜﻮن ً ﺣ ٍّﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم ...إﻧﻬﻢ اﻟﺮﺟﺎل؛ ٌ رﺟﺎل ﻻ ﺗﻠﻬﻴﻬﻢ أﻣﻮال وﻻ أوﻻد ﻋﻦ واﺟﺒﻬﻢ اﻹﺣﻴﺎﺋﻲ اﻟﻤﻘﺪس .رﺟﺎل ﻳﺘﻌﺒﻮن ﻟﻴﺴﺘﺮﻳﺢ اﻟﻨﺎس ،وﻳﻤﻮﺗﻮن ﻳﻮﻣ ٍّﻴﺎ ﻛﻤ ًﺪا ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﺤﻴﺎ اﻟﻨﺎس .ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ "ﻓﻮق اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ" ﻫﻲ اﻟﺮاﻓﻌﺎت اﻟﺼﻠﺒﺔ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ .ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻤﺼﻨﻮع ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻟﻪ ﺻﻔﺎت وﻣﻮاﺻﻔﺎت ﻋﺪﻳﺪةُ ،أ ْﺟﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺒﺎﻫﺘﺔ اﻟﻌﺎﺟﺰة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ،إﻻ أن ﻋﺬري ﻓﻴﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺐ ذﻟﻚ ،وﻫﻲ ﺻﻔﺎت ﻧﻘﺸﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻧﻔﺴﻪ. إذا ﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ -وﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﻮ -ﻗﺪ وﺻﻒ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻔﺎت ،ﻓامذا ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﻢ اﻟﺒﺴﻄﺎء ﻣﺜﲇ؟ إﻻ أين وﻟﻠﺸﻬﺎدة ﺳﺄذﻛﺮ ﺑﻌﻀً ﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت، وﻣﻦ أراد اﳌﺰﻳﺪ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﺘﻔﺼﻴﻼت اﻷﺳﺘﺎذ ﰲ ﻣﻈﺎﻧﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺳﺄﺣﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ دﺑﺠﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﺮاﻣ ًﺔ ﻟﻬﺆﻻء وﻋﺮﻓﺎﻧًﺎ مبﺎ ﻗﺪﻣﻮه وﻻ زاﻟﻮا ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺗﻀﺤﻴﺎت ﻏﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻧﻜﺮان ﻟﻠﺬات ،وﻣﻦ ﺻﱪ ﻃﻮﻳﻞ ،وﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ،ﻋﺮﻓﺎﻧًﺎ ﺑﻜﻞ ذﻟﻚ ،ﺗﻔﻨﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﰲ ﺗﺴﻄري ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﻟﺘﺒﻘﻰ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺷﺎﻫﺪة ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺬﻫﺒﻲ. أ -جيل اإلحياء :وﻣام ﻗﺎل ﻓﻴﻬﻢ" :وأﻧ ّﺒﻪ ﻫﻨﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى إﱃ ﴐورة اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑني اﻟﺬﻳﻦ َﻳ ْﺤ َﻴﻮن واﻟﺬﻳﻦ ُﻳﺤ ُﻴﻮن .وﻗﺪ ﻛﺮرﻧﺎ ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا أن اﻟﺬﻳﻦ 11
مقاالت ﻳﻘﻀﻮن أﻋامرﻫﻢ ﰲ إﺧﻼص ووﻓﺎء واﻫﺘامم ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ إﱃ درﺟﺔ إﻫامل أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﻴﺎء اﻟﻐري، ﻫﻢ اﻟﻮارﺛﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻮن ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻮدع أرواﺣﻨﺎ ودﻳﻌﺔ ﻣﺄﻣﻮﻧﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ...أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻦ اﻟﺠامﻫري أن ﺗﺘﺒﻌﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ وأي ﻧﺪاء! ﻓﺄﻳﻨام ﻛﺎﻧﻮا ﺗﻬﺮع وﺟﻮدﻫﻢ ﻧﺪاء ﺟﻬﻮري ّ اﻟﺠامﻫري إﱃ أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴني وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻣﺮﻛﺰ ﺟﺬب... وﻗﺪ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اﳌﻮت ﺑﺴﻌﺎدة وراء رﻳﺎدﺗﻬﻢ").(٢٠ أطباء الروح واملعنى :وﻣام ﻗﺎل ﻋﻨﻬﻢ" :إن بـَّ - ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻻﺿﻤﺤﻼل واﻟﻬﺪر ﰲ ِﺷﺒﺎك ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺒﻴﺎت ،ﻫﻮ إﻋﻼن اﻟﻨﻔري اﻟﻌﺎم ﻹﻋﺪاد أﻃ ﱠﺒﺎء اﻟﺮوح واﳌﻌﻨﻰ ،اﻟﺬﻳﻦ ميﻠﺆون ﻛﻞ اﻟﻔﺮاﻏﺎت ﰲ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ ،وﻳﺰﻳﻠﻮن ﻧﻘﺎط اﻟﻀﻌﻒ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ،وﻳﻨﻘﺬوﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﻮدﻳﺔ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﺒﺪن وﻳﻘﻮدوﻧﻨﺎ إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ ...أﻃ ّﺒﺎء ﺗﺘﺴﻊ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻟﻜﻞ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺬﻛﺎء واﻟﻌﺮﻓﺎن واﻟﻮاردات واﻟﻔﻴﻮﺿﺎت ....ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﺴﻊ ﺻﺪره ﻟﻜﻞ اﻟﻨﺎس؛ ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻞ اﳌﻠﺘﺰم واﳌﺆدب ﰲ اﳌﺪارس ،إﱃ أﺑﻨﺎء اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺴﺎﺋﺒني وﻏري اﳌﻨﻀﺒﻄني ﰲ اﻷزﻗﺔ واﻟﺸﻮارع ...ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﺆﻧﺲ وﺣﺸﻴﺔ اﻟﺼﺤﻒ واﳌﺠﻼت واﻟﺮادﻳﻮ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻘﻮﻳﺔ، ﻟﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺻﻮﺗًﺎ و َﻧ َﻔ ًﺴﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ واﳌ ﱠﻠﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ،وﻳﺮﺷﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ أﺧﺮى اﻷﺣﺎﺳﻴﺲ اﻟﺴﻮداء واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻘﺎمتﺔ واﻷﺻﻮات اﳌﺪﻟﻬﻤﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺴﺘﻮى اﻹﻧﺴﺎين ...ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﻨﻘﺬ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻐري ﺷﻜﻠﻬﺎ ووﺟﻬﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﻳﻮم ﺣﺴﺐ اﻷﺟﻮاء ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻟﻀﻐﻮط اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ واﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ").(٢١ جـ -ورثة األرض :ﺣ ﱠﺪد اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺳﺘﺔ أوﺻﺎف ﻟـ "ورﺛﺔ اﻷرض" وﻫﻲ" :اﻹميﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﺛﻢ اﻟﻌﺸﻖ اﻟﺬي ُﻳﻌﺪ أﻫﻢ إﻛﺴري ﻟﻠﺤﻴﺎة ﰲ اﻻﻧﺒﻌﺎث ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺛﻢ اﻹﻗﺒﺎل 12
ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻢ مبﻴﺰان ﺛﻼﺛﻴﺔ اﻟﻌﻘﻞ واﳌﻨﻄﻖ واﻟﺸﻌﻮر ،ﺛﻢ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻗﺮاءة اﻟﻜﻮن واﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﺎة ،ﺛﻢ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻔﻜري وﺗﻮﻗري ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻳﺔ ،ﺛﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻹﻓﺴﺎح ﰲ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮ وﺣﺮﻳﺔ اﻹرادة ﰲ ﻣﺴريﺗﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﻋﻮامل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، أﻣﺎ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻟﻠﻮارث ﻓﻬﻮ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺮﻳﺎﴈ؛ ﻓﺎﻷواﺋﻞ ﺣﻘﻘﻮا ﻧﻬﻀﺘﻬﻢ ﺑﻔﻜﺮ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ، وﻛﺸﻔﺖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻛﺜ ًريا ﻣﻦ اﳌﺠﺎﻫﻴﻞ، وﻟﻮﻻ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﳌَﺎ ﺗﻮﺿﺤﺖ اﳌﻨﺎﺳﺒﺎت ﺑني اﻟﺒﴩ وﻻ ﺑني اﻷﺷﻴﺎء .أﻣﺎ اﻟﻮﺻﻒ اﻷﺧري ﻓﻬﻮ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻔﻨﻲ").(٢٢ د -مهندسـو الروح وأجيال األمل :وﻗﺪ ﻋﺮﻓﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :إن أﺟﻴﺎل اﻷﻣﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺤﺎﴐ ﻫﻢ ﻣﻤﺜﻠﻮ اﻟﻌﻠﻢ واﻹميﺎن واﻷﺧﻼق واﻟﻔﻦ ،وﻫﻢ ﻣﻬﻨﺪﺳـﻮ اﻟﺮوح ﳌﻦ ﻳﺄﺗﻮن ﺑﻌﺪﻧﺎ .وﺳﻴﺸ ﱢﻜﻞ ﻫﺆﻻء ﺗﻜﻮﻳﻨﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﰲ ﻛﻞ ﴍﻳﺤﺔ اﺟﺘامﻋﻴﺔ ﺑﺘﻔﺮﻳﻎ ﺣﺮارة اﻹﻟﻬﺎم ﻟﻘﻠﻮﺑﻬﻢ اﳌﺘﻐﺬﻳﺔ ﺑﺎﻷﺧﺮوﻳﺎت إﱃ اﻟﺼﺪور اﳌﺤﺘﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ .وإن ﺿﻴـﺎع ﺣﻆ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺟﻴﺎل ﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﻘﺮﻳﺐ، وﻫﺪرﻫﻢ ،ﺑﻞ ﺳﻘﻮﻃﻬﻢ ﰲ اﻟﺠﻨﻮن واﻟﻬﺬﻳﺎن ،ﻛﺎن ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒرية ﻟﻌﺪم اﻟﺘﻘﺎﺋﻬﻢ مبﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻷﻣﻞ").(٢٣ -6صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
ﻫﻜﺬا أﺛﻤﺮت ﻓﺴﻴﻠﺔ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻸﺳﺘﺎذ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" ﺟﻴ ًﻼ ﻣﺴﺘﻌ ٍّﺪا ﻻﻧﺒﻌﺎث ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ، ﻫ ّﻤﻪ ﺧﺪﻣﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺠﺎﻣﺤﺔ ﻓﻲ إﺣﻴﺎﺋﻬﻢ. وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أﻣﺘﻨﺎ أن ﺗﻨﺒﻌﺚ وﺗﻨﻬﺾ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ اﻋﺘﻤﺎ ًدا ﻋﻠﻰ رؤﻳﺘﻨﺎ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،ﺻﺎﺑﺮة ﻋﻠﻰ اﻷوﺟﺎع ﻣﺘﻮﻛﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ راﺟﻴﺔ رﺿﺎه ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ. "ﻛﺎن ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﻳﺴﺒﻖ ﻋﺼﺮه ﺑﺨﻄﻮات واﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮف واﻟﻤﻨﻄﻖ ،وﻓﻲ ﺗﺨﻄﻴﻂ اﻟﻤﺪن واﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺎت ،وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺠﺎل وﻣﻀﻤﺎر...
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
nesemat.com nesemat.com
إن ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ُﻳﻤ ِﻜﻨﻪ -ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻌﺎﺑﺮة -أن ﻳﺤ ﱢﺮك ﻣﺠ ﱠﺪ ًدا ﻛﻞ اﻷرواح واﻷدﻣﻐﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ،ﻓﻴﺤﻘﻖ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ)" ...(٢٤ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﻨﻘﺬ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻴﺮ ﺷﻜﻠﻬﺎ ووﺟﻬﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﻳﻮم ﺣﺴﺐ اﻷﺟﻮاء ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻟﻀﻐﻮط اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ واﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ...ﻳﻨﻘﺬﻫﺎ ﻣﻦ وﺻﺎﻳﺔ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺪﺧﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻓﻴﻨﻈﻤﻬﺎ ﺑﺼﻮرة ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺤﺎﺿﺮ وﺣﺴﺐ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،وﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺆﺳﺴﺔ ذات رﺳﺎﻟﺔ وﻫﺪف ﺑﺒﺮﻧﺎﻣﺠﻬﺎ وﺧﻄﺘﻬﺎ وأﺳﻠﻮﺑﻬﺎ").(٢٥ وﻳﻘﻮل ﻛﺬﻟﻚ" :ﺑﻔﻀﻞ ذﻟﻚ ،ﺗﺮﺗﻘﻲ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺤﴘ واﻟﻔﻜﺮي ،واﻟﺤﻔﻆ اﻟﺒﺒﻐﺎيئ واﻟﻨﻤﻄﻴﺔ إﱃ اﻟﺘﻔﻜري ﻟﻨﻀﻊ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ ﺑﻠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ... ْ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﻌﺎمل ،ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺼ ﱢﺪق ﺑﻮﻻدة ﳾء ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪام اﻟﺮأﺳامﱄ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،أو أﺣﻼم اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ، أو ﺗﻜﺴرياﺗﻬﺎ اﻻﺷﱰاﻛﻴﺔ ،أو ﻫﺠﻴﻨﻬﺎ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،أو ﺧﺮق اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ .اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ إن ﻛﺎن َﺛ ﱠﻢ ﻋﺎﻟَ ٌﻢ ّ ﻣﴩ ُع اﻷﺑﻮاب ﻟﻨﻈﺎم ﻋﺎﳌﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻬﻮ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﻧﺤﻦ .وﻗﺪ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻪ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻘﺎدم ﻋﲆ أﻧﻪ ﻋﴫ ﻧﻬﻀﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ .ﻫﺬه اﻟﻮﻻدة اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺳ ُﺘﻜﺴﺐ ﻋﺎمل ﻣﺸﺎﻋﺮﻧﺎ وأﻓﻜﺎرﻧﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻓ ّﻨﻨﺎ وﺟامﻟﻨﺎ، أﻋام ًﻗﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﺧﺘﻼ ًﻓﺎ ﺷﺎﺳ ًﻌﺎ ﻋام ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ اﻵن... وﻧﺠﻌﻞ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﺘني ...ﺳﻮاء ﰲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻔﻦ ،أو اﻟﻔﻜﺮ واﻷﺧﻼق ،ﻓﻨﻀﻤﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ .ﺷﻌﺎرﻧﺎ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻀامر اﻟﻨﻔ ُري واﻹﻗﺪام ،وﻣﺼﺪر ﻗ ّﻮﺗﻨﺎ اﻹميﺎن واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ...وﻻ أﻇﻦ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﴍح اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻌﻜﺲ اﻟﺤﺎل").(٢٦ • االنضباط والتضحية :ﻏﺮﻳﺐ ﻫﻮ أﻣﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ! ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎع ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ وﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﺮﻗﻴﻖ ،أن
هدفا جعل األستاذ فتح الله من مرشوع التعليم ً "مقدسا" النبعاث حضاري جديد .فكان فسيلة ً غرسها يف عقول وقلوب كوكبة من الذين جددا. عانقتهم األقدار ليصبحوا رسالً ومعلمني ً
ﻳﺼﺒﻎ ﺗﻼﻣﻴﺬه مبﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﻋﺎﻟﻴﺔ؟ ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎع ﺗﺮوﻳﻀﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﺔ واﻟﺘﺨﻠﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻴ ًﻨﺎ ﻫﻴ ًﻨﺎ ﻳﻨﺤﻨﻲ ﻟﻜﻞ رﻳﺢ ﰲ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ دامئﺔ؟ ﻟﻜﻦ اﻷﻏﺮب ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﺗﺠﺪ ﻫﺆﻻء ﰲ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﺠﺪ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺒﺎل ،ﻛﻠﻬﻢ إﴏار وﺣﺮص ﻋﲆ اﻟﻨﺠﺎح أﻳﻨام ﺣﻠﻮا وارﺗﺤﻠﻮا .إﻧﻬﻢ اﻷﺳﺲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ واﻟﺮواﻓﻊ اﻟﺼﻠﺒﺔ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري اﳌﻨﺸﻮد .ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ ذﻟﻚ ورأﻳﺘﻪ ﺑﺄم ﻋﻴﻨﻲ ﰲ ﺷﺘﻰ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﻐﺸﻮﻧﻬﺎ. ﻟﻜﻨﻚ وﺑﻌﺪ اﻟﺪرس واﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﰲ ﻛﻼم اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺮﻗﻴﻖ، ﺳﺘﺠﺪ ﻛﻞ ﻛﻠامﺗﻪ ﻣﺸﻔﺮة ﺗﺤﻤﻞ ﰲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺬور اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻌﺒﻘﺔ ،اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠﺖ مثﺎ ًرا اﺳﺘﻔﺎد ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ،وﺟﻌﻠﺖ أﺳﻼﻓﻨﺎ أﺳﻴﺎ ًدا ﰲ ﺷﺘﻰ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة. ﻫﺬه اﻟﻜﻠامت اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ اﳌﺠﻠﺠﻠﺔ ،ﺗﻬﺰ أرﻛﺎن ﻛﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻔﺎﺳﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﺒﺤﺖ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﰲ ﺑﺤﺮ اﻟﺠﻬﻞ واﻟﻔﻘﺮ واﻻﺧﺘﻼف وﻛﻞ ﻣﻌﺎمل اﻟﺘﺨﻠﻒ .ﻫﺬه اﻟﻜﻠامت ﻫﻲ ﺑﺬور ذﻟﻚ اﻟﺠﻴﻞ وﻓﺴﺎﺋﻞ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﴎ اﻹرث اﻟﻨﺒﻮي ﰲ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺘﻼوة واﻟﺘﺰﻛﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي اﻗﺘﻔﺎه اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،وﻟﻌﻞ ﺳﺤﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛري ﻫﻮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ ﻳﺤﻘﻖ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﻪ وﻳﺸﺎﻫﺪه اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻴﻮم .ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻏﻴﻀً ﺎ ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﻛﻠامﺗﻪ ﺗﻠﻚ" :وﻟﻦ ﻳﺪرك اﻟﺨﻼص اﻟﺒﺘﺔ ،أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻳﺮون ﻇﻬﻮرﻫﻢ ﻟﻠﻮﺟﻮد ﻛﻠﻪ وﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎم، ﻓﻴﻬﺪرون أﻋامرﻫﻢ ﰲ ﻇﻠامت ﻣﺘﺎﻫﺎت اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ...ودع ﻋﻨﻚ إدراﻛﻬﻢ ﻟﻠﺨﻼص ،ﻓﻜﻢ ﺗَﺴ ﱠﺒﺐ ﻫﺆﻻء ﰲ ﻫﻼك 13
مقاالت اﻟﻈﻦ ﺑﻬﻢ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﱰك ﻫﺆﻻء َﻣﻦ ْأﺣ َ ﺴﻦ ﱠ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﱪﻣﺠﻮن ﳌﺴرية اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ ،وﻳﻀﻌﻮا أﻳﺪﻳﻬﻢ ﰲ أﻳﺎدي ﻛﻞ إﻧﺴﺎن وﻛﻞ ﳾء ﺑﺎﻟﴬورة واﻟﻠﺰوم. إذ ﺳﺘﺒﻠﻎ اﻟﻌﺰاﺋﻢ واﻟﻐﺎﻳﺎت واﻟﺮؤى ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﻘﺪر ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻧﺪة اﻟﻬﻴﺌﺎت اﳌﺘﻜﺎﻣﻠﺔ واﻟﻌﺰاﺋﻢ اﳌﺘﻮﺣﺪة واﳌﺸﺎﻋﺮ اﳌﺘﻀﺎﻣﻨﺔ ﰲ أﺗﻢ اﳌﻌﺎين .ﻓﺎﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﻟﻔﺮدﻳﺔ إﱃ اﻟﺠامﻋﻴﺔ ،وﻣﻦ اﻟﻘﻄﺮة إﱃ اﻟﺒﺤﺮ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺑﻠﻮغ اﻟﺨﻠﻮد ،ﻫﻮ اﻟﻔﻨﺎء ﺑﺎﻟﺬوﺑﺎن ﰲ اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻻﻧﺪﻣﺎج ﺑﻬﻢ ﺑﺎﻻﻧﺼﻬﺎر ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﻴﺎﺋﻬﻢ واﻟﺤﻴﺎة ﻣﻌﻬﻢ").(٢٧ • هجرة العاشقني :إذا ﻗﺪر ﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﺎ اﻟﺴﻔﺮ إﱃ أﺣﺪ أرﻛﺎن اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻓﻘﺪ ﻻ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻔﺎرة ﻟﺒﻠﺪه ،ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﺠﺪ ﻣﺪرﺳﺔ ﻳﺆﻣﻬﺎ ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷﻟﻮان واﻟﻠﻐﺎت واﻷدﻳﺎن .وﺳﻴﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ أﺳﺎﺗﺬة ﻋﺎﺷﻘني ﻟﻠﻬﺠﺮة ﺗﺴﺎﺑﻘﻮا إﱃ ذﻟﻚ اﳌﻜﺎن ،رﺣﻠﻮا إﻟﻴﻪ ﰲ ﻳﻮم ﻣﺎ ،رﻓﻘﺔ ﻛﺘﺒﻬﻢ وأورادﻫﻢ ﻗﺒﻞ أوﻻدﻫﻢ ...ﺳﻴﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﻠﻤني ﻓﺮﺣني ﺑﻔﺘﺢ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻣﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺨﻄﻂ واﻟﱪاﻣﺞ اﻟﻔﺮﻳﺪة ...وﺳﻴﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ً ﻃﺎﻗام ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء اﻟﻌﺎﺷﻘني ﻟﻠﻬﺠﺮة ،ﺻﺎدﻗني ﰲ ﻧﺴﺞ ﻋﻼﻗﺎت إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺠﻴﺪة ،ﻣﺆﻣﻨني ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ دورﻫﻢ اﳌﻘﺪس ﰲ اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺟﻴﻞ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺠﺪﻳﺪ. إن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﻋﺠﻴﺒﺔ ،ﻳﺠﺐ أن ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ وﻧﺘﺄﻣﻠﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺪي ،ﻟﻨﻔﻬﻢ ﻛﻴﻒ ﻗﺮرت اﻟﺤﺐ ﻗﻠ َﺒﻬﺎ -أن ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻟﻨﻴﻞ رﺿﺎ ﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ -ﻣﻠﻚ ﱡ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ،إﱃ اﳌﴩق وإﱃ اﳌﻐﺮب وإﱃ أرﺟﺎء اﻷرض ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ،ﰲ وﻗﺖ ﻳﻌﺰ ﻓﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺨﺎﻃﺮ ...اﻧﻄﻠﻘﺖ دون أن ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺂﻻم اﻟﻐﺮﺑﺔ وﺑﻔﺮاق اﻷﺣﺒﺔ ،ﻣﻠﺆﻫﺎ اﻟﻌﺰم واﻟﺜﻘﺔ ﰲ اﻧﺒﻌﺎث ﺟﺪﻳﺪ .وﺑﻌﺸﻖ ﺧﺪﻣﺔ اﻹميﺎن ﻃﻮت ﻟﻮاﻋﺞ اﻟﻔﺮاقَ ،و ُﺣ ﱠﺐ اﻟﻮﻃﻦ ،وآﻻ َم اﻟﺒﻌﺎد ﻋﻦ ﰲ أﻓﺌﺪﺗﻬﺎ َ 14
اﻷﻫﻞ واﻷﺣﺒﺔ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻹميﺎﻧﻬﺎ ﺑﺎﻧﺒﻌﺎث ﺟﺪﻳﺪ .ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺷﻌﺮوا ﻣﺜﻠﻬﻢ وﻋﺎﺷﻮا اﻟﺠﻬﺎد ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﻣﺜﻠﻬﻢ ،وﻗﺎﻟﻮا وﻫﻢ ﻳﻨﺘﴩون ﰲ اﳌﻐﺮب واﳌﴩق :ﻧﺤﻦ ﻣﻬﺎﺟﺮون ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﻴﻞ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺠﺪﻳﺪ ...ذﻫﺒﻮا وﻫﻢ ﰲ زﻫﺮة ﺷﺒﺎﺑﻬﻢ، ﻳﺤﻤﻠﻮن آﻣﺎﻻً وأﺷﻮا ًﻗﺎ دﻧﻴﻮﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻻ ﺗﻘﺎ َوم ﻟﺪى ﻛﺜري ﻣﻦ أﻗﺮاﻧﻬﻢ ﰲ أوﻃﺎﻧﻬﻢ وﰲ ﻛﻞ وﻃﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻧﺒﻌﺎث ﺟﺪﻳﺪ ...ذﻫﺒﻮا ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺑﻌﺚ ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ، وﰲ ﻋﴫ ﻃﻐﺖ ﻓﻴﻪ اﳌﺎدﻳﺎت واﻷﺣﺎﺳﻴﺲ اﻟﺠﺴامﻧﻴﺔ ﻋﲆ اﳌﺸﺎﻋﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻢ ﻳﻜﺒﺘﻮن ﺗﻠﻚ اﳌﺸﺎﻋﺮ وﺗﻮﻫﺠﺎ... ﺑﺎﺷﺘﻴﺎق إﱃ وﺻﺎل آﺧﺮ أﻗﻮى وأﻛرث اﻟﺘﻬﺎ ًﺑﺎ ً ذﻫﺒﻮا وﻫﻢ ﻳﺴﺎﺑﻘﻮن اﻟﺰﻣﻦ ﻣﺘﻨﺎﻓﺴني ﰲ ﻏﺮس ﻓﺴﺎﺋﻞ اﻷﻣﻞ ،ﻏري آﺑﻬني ﺑﺸﻈﺎﻳﺎ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت وﺿﺒﺎب اﻟﺪﺧﺎن اﳌﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،ﻫﻤﻬﻢ اﻷول اﻧﺒﻌﺎث ﺟﺪﻳﺪ... ذﻫﺒﻮا ﰲ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﻳﻬﻴﻢ ﺑﻪ اﻟﺸﺎب ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺮاﻫﻘﺘﻪ أﺳﻮة ﺑﺤﻠﻢ وراء ﻣﻠﻜﺔ ﺟامل ﻣﺰﻳﻔﺔ، ﺑﻞ ﰲ ﻣﺴرية اﻟﻌﺸﻖ ،ﺣﺎﻣﻠني ﻓﺴﺎﺋﻞ اﻻﻧﺒﻌﺎث ،ﻣﻬﺮوﻟني ﺧﻠﻒ ﺳرية ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ ،وﻫﻢ ﺿﻤﻦ ﴎب اﻟﺮﺑﺎﻧﻴني ﻣﻐﺎزﻟني ﺳري اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام ،وأﻓﺌﺪﺗﻬﻢ ﺗﻠﻬﺞ ﺑﺤﺐ اﻟﻠﻪ ! ﻃﻤ ًﻌﺎ ﰲ اﻧﺒﻌﺎث ﺟﺪﻳﺪ ...ذﻫﺒﻮا وأﺳﻠﺤﺘﻬﻢ ﻛﺮاﳼ ﺧﺸﺒﻴﺔ ،وأﻗﻼم ذﻫﺒﻴﺔ ،وذﺧريﺗﻬﻢ أﻟﺴﻨﺔ رﻃﺒﺔ ﻓﻮﻻذﻳﺔ ،وﻗﻠﻮب ﻋﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﺤﺐ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﺸﻴﺎﻃني ...ﴍ ًﻗﺎ وﻏﺮ ًﺑﺎ أوﻗﺪوا ﺷﻤﻮ ًﻋﺎ أﺿﺎءت ﺳﺒ ًﻼ ﻟﻸﻣﻞ اﳌﻔﻘﻮد ،ﺣﺘﻰ ﻏﺪوا ﻣﺜ ًﻼ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎث اﻟﺠﺪﻳﺪ. واﻟﻴﻮم ﻟﻘﺪ ﺗﺴﻠﻢ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﳌﺸﻌﻞ ،ﻓﺒﺪأ اﻟﻨﺎس ﻳﻜﺘﺸﻔﻮن ﻣﻼﻣﺢ ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﳌﻌامر ﺟﺪﻳﺪ؛ ﺑﻨﺎء ﺳﻴﺸﻴﺪ ﻋﲆ أﺳﺲ رﺣﺒﺔ ﻣﻔﻌﻤﺔ ﺑ َﻠﺒﻨﺎت اﻟﺤﺐ واﻟﺼﱪ واﻹﺧﻼص واﻹميﺎن واﻟﺼﺪق واﻟﻌﻔﺔ ،واﻃﻠﺐ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﻋﺰﻳﺰ ﻣﻮاد اﻟﺘﺸﻴﻴﺪ اﳌﺜﺎﱄ ﻟﺒﻌﺚ ﺣﻀﺎري ﺟﺪﻳﺪ.
صناعة األجيال رافعة االنبعاث الحضاري
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
ﻗﺪ ﻳﻔﺎﺟﺄ اﻟﺒﻌﺾ ﺣني رؤﻳﺔ ﻓﻨﻮن ﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ،أو ﺳامع اﻟﺬي ﻃﺎﳌﺎ اﻧﺘﻈﺮﻧﺎه ،ﻓام اﳌﺎﻧﻊ أن ﻳﺘﻜﺮم رﺑﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﻫﻤﻬامت أﻧﺎﺷﻴﺪﻫﻢ؛ ﻟﻜﻦ اﳌﻔﺎﺟﺄة ﻗﺪ ﺗﻔﻬﻢ ﺣني ﺗﻘﺼريﻧﺎ وﻳﺠﻮد ﺑﻔﺘﺢ أﺑﻮاب ﻣ ّﻨﺘﻪ ﻋﲆ أﻣﺘﻨﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى، اﻻﻃﻼع ﻋﲆ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﻌﻠﻤﻬﻢ وﻫﻮ ﻳﻘﻮل" :ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻴﻜﻮن ﻟﻨﺎ ﻧﺼﻴﺐ ﰲ ﻫﺬا اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺣﺴﻨﺎت وﻧ ُُﻈﻢ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗُﺴﺘﺠ َﺪى ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج اﻟﻬﻮاﻣﺶ أو اﻟﺪاﺧﻞ ،ﺑﻞ ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ اﳌﺎﺳﺔ ﻫﻲ إﱃ أﻃﺒﺎء روح وﻓﻜﺮ ) (١وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،دار اﻟﻨﻴﻞ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﴩ، ﻳﺤ ّﻔﺰون ﰲ ﻛﺎﻓﺔ أﺑﻨﺎء أﻣﺘﻨﺎ ﺣﺲ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ ،وﺷﻌﻮر اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ٢٠١٤ ،م١٤٣٥-ﻫـ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ص.١٣٢: ) (٢وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،دار اﻟﻨﻴﻞ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﴩ، اﻟﻬﻢ اﳌﻘﺪس ...أﻃ ّﺒﺎء روح وﻓﻜﺮ ُ َ ّ ّ ميﻜﻨﻮن أرواﺣﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ١٤٣٥ ،ﻫـ٢٠١٣-م ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ص.٤٨: اﻻﻧﻔﺘﺎح إﱃ أﻋامق اﳌﺎوراء وآﻓﺎق اﻟﻐﻴﻮب ﺑﺪﻻً ﻋﻦ ) (٣وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ص.٣٦: ) (٤وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٢٨: وﻋﻮد اﻟﺴﻌﺎدة اﳌﺆﻗﺘﺔ اﻟﺰاﺋﻠﺔ ،وﻳﺮﻓﻌﻮﻧﻨﺎ ﺑﺨﻄﻮة واﺣﺪة ) (٥وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.١٩: )(٢٨ إﱃ ﻣﺮاﺗﺐ ﻧﺮى ﻓﻴﻬﺎ اﳌﺒﺪأ واﳌﻨﺘﻬﻰ ﻣ ًﻌﺎ وﺳﻮﻳﺔ" (٦) .وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ص.٣٧: الخالصة
ﻟﻘﺪ د ّوﺧﻨﻲ ﻣﺸﺮوع اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻗﺒﻞ أن أﻻﻣﺲ ﺑﻌﺾ ﺧﻴﻮﻃﻪ؛ إذ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﻣ ﱠﻄﻠﻊ ﻋﺎﺑﺮ أو ﻣﻄﺎﻟﻊ ﻫﺎو أن ﻳﻔﻬﻢ اﻟﻤﺸﺮوع اﻹﺻﻼﺣﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺮﺟﻞ ،ذﻟﻚ أن ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺼﺮاع اﻟﺤﻀﺎري ،وﻓﻘﻬﻪ ﻟﺴﻨﻦ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻋﻤﻖ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ...ﻛﻞ ﺗﻠﻚ أﺳﺒﺎب ﺟﻌﻠﺘﻪ أﻛﺜﺮ دﻗﺔ وﺣﻴﻄﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع .ﻟﺬا ﻓﺤﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺴﻬﻞ اﻟﻤﻤﺘﻨﻊ ،ﻗﺪ ﻳﺤﺎول ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﺗﻘﻠﻴﺪﻫﺎ وﻗﺪ ﻓﻌﻠﻮا ،إﻻ أﻧﻲ أﻋﺘﻘﺪ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ذﻟﻚ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺸﺪة ﺗﻌﻘﻴﺪﻫﺎ وﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﻜﺮار ﺷﺨﻮﺻﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻲ أدﻋﻮ ﻛﻞ ﻣﺤﺐ أو راﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ ،أن ﻳﺒﺪأ ﺑﺄﻫﻢ وأﺷﻤﻞ ﻣﺎ ُأﺛﺮ ﻋﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻜﺮة ﻣﺠﻤﻠﺔ ﺣﻮل رؤﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﻘﺮاءة ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻘﻴﻢ "وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﺻﺮح اﻟﺮوح" .أﻣﺎ ﻣﻦ أراد ﻟﻤﻌﺔ ﻋﻦ ﺗﺼﻮره اﻟﺤﻀﺎري ﺿﻤﻦ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ اﻟﻌﻤﻴﻖ "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ". واﻟﻴﻮم وﺑﻌﺪﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﺴﺎﺣﺎﺗﻨﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ اﻟﺠﺪد ،ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺮﻛﺖ ﺑني أﺿﻼﻋﻨﺎ ﻧﻮازع اﳌﺎﴈ اﳌﺠﻴﺪ ،وﺑﺪت ﰲ اﻷﻓﻖ ﻣﻼﻣﺢ اﳌﺨﺎض اﻟﻌﺴري
) (٧وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٢٩: ) (٨وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٨٩: ) (٩وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.١٠٠: ) (١٠ﰲ ﻓﻘﻪ اﻟﺘﺪﻳﻦ ً ﻓﻬام وﺗﻨﺰﻳ ًﻼ ،ج ،١ص ،٤٠:ﻛﺘﺎب اﻷﻣﺔ ،ع.٢٢: ) (١١وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ص.٤٢-٤١: ) (١٢وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٨٩: ) (١٣وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٢٩: ) (١٤ﺣﺮﻛﺔ منﺎذﺟﻬﺎ ﻣﻦ ذاﺗﻬﺎ ،ﻣﺠﻠﺔ ﺣﺮاء ،ع.(٢٠٠٨) ١٣: ) (١٥وﻫﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﻳﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ اﻷﻛﺎدميﻲ واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ واﻟﻨﴩ ،وﻓﻠﺴﻔﺔ اﳌﺆﺳﺴﺔ ﺣﺴﺐ ﻓﻬﻤﻲ اﳌﺘﻮاﺿﻊ ﻻ ﻧﻈري ﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﺎمل. )َ " (١٦ﻣ ِﺒﺄَ ْد" ) :(MABIADﺟﻤﻌﻴﺔ رﺟﺎل أﻋامل وﺑﺤﺎرة ﻣﺮﻣﺮة. )" (١٧اﻷﺻﻨﺎف" :ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﰲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺎﺟﺮ أو ﺻﺎﺣﺐ اﳌﺘﺠﺮ أو اﳌﺤﱰف ﰲ ﻣﻬﻨﺔ ﻣﺎ ،راﺟﻊ ﻗﺎﻣﻮس اﳌﻌﺎين. ) (١٨ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﺳﻤﻌﺘﻪ ﺷﺨﺼ ٍّﻴﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﺗﻼﻣﻴﺬ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻣﺎﺋﺪة ﻋﺸﺎء ﻣﻊ رﺟﺎل ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﺮﻣﺮة. ) (١٩ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﺗﻼﻣﻴﺬ اﻷﺳﺘﺎذ وﻣﻦ أﺷﺪﻫﻢ ﺣﻜﻤﺔ وﺗﻌﻘ ًﻼ ﻣﻦ ﺑني ﻣﻦ ﻋﺮﻓﺖ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﴩ ًﻓﺎ ﻋﺎ ٍّﻣﺎ ﻋﲆ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺮاﻓﻖ. ) (٢٠وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٨٨: ) (٢١وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٢٧: ) (٢٢وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٤٣: ) (٢٣وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.١٢٨: ) (٢٤وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٢٩: ) (٢٥وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٢٨-٢٧: ) (٢٦وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٢٨: ) (٢٧وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٨٦: ) (٢٨وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٨٩:
15
مقاالت
مكانة الس َّنة
سليامن عرشايت
أ.د .ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻋﺸﺮاﺗﻲ، ﻣﻔﻜﺮ وأﺳﺘﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ ﺟﺰاﺋﺮي ،ﻳﺪ ﱢرس ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﺑﺎﻟﺒﻴﺾ ،اﻟﺠﺰاﺋﺮ، اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ واﻟﺪﻳﺎﻧﺎت .ﻟﻪ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت أﺑﺮزﻫﺎ :ﺧﻤﺎﺳﻴﺔ "اﻷﻣﻴﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر" ،وﺛﻼﺛﻴﺔ "اﺑﻦ ﺑﺎدﻳﺲ" ،و"اﻟﻨﻮرﺳﻲ ﻓﻲ رﺣﺎب اﻟﻘﺮآن وﺟﻬﺎده اﻟﻤﻌﻨﻮي ﻓﻲ ﺛﻨﺎﻳﺎ رﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮ" و"اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻘﺮآﻧﻲ ﻓﻲ رﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻮر" ،و"اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري ﻓﻲ ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" ،و"ﻫﻨﺪﺳﺔ اﻟﺤﻀﺎرة ﺗﺠﻠﻴﺎت اﻟﻌﻤﺮان ﻓﻲ ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ".
16
يف مرشوع األستاذ كولن ﻻ ﺷﻚ أن وﻇﻴﻔﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﻫﺪف اﻟﺒﻌﺜﺔ ودور اﻟﺮﺳﻮل ،ﻫﻮ اﻟﻌ َﺼﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻔﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .وإن ﻣﻦ ﺷﺄن ُ أﺛﺮه ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﻲ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪي ،أن ﻳﻌﻴﺪوا إرﺳﺎء ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺿﺎﻟﺔ اﺧﺘﺎرت اﻹﺑﺼﺎر ﺑﻌﻴﻦ واﺣﺪة .ﻓ َﻜ ْﻮ ُﻧﻬﻢ ﺗﺴﻨﻨﻮا ﺑﺴ ّﻨﺘﻪ واﻫﺘﺪوا ﺑﻬﺪﻳﻪ وﺗﺰﻳﻨﻮا ﺑﺰﻳﻨﺔ أﺧﻼﻗﻪ ،ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ﺣﺎزوا أﻫﻠﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة اﻟﺘﺤﻮل ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻟﻘﺪ ﺗﺠﺎوز "ﻛﻮﻟﻦ" ﻣﻨﻈﻮر اﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﺎﻟﻜﻤﺎﻻت اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ،إﻟﻰ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﻤﻐﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ إﺣﻴﺎء اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻤﺤﻤﺪي ﺑﺎﺳﺘﻨﺒﺎط ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻔﻮق ﻓﻴﻪ، ﻷﺟﻞ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ واﺳﺘﻠﻬﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ رﻫﺎﻧﺎت ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة ﻣﻦ ﺟﺴﺎﻣﺔ؛ ﻓﺎﺳﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﻘﺪاﻣﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺒﺎﺷﺮ ﺣﺮا ًﻛﺎ اﻧﺒﻌﺎﺛ ٍّﻴﺎ ﻻ ﻳﻨﻬﺾ ﻣﻌﻪ ﺑﺘﻜﺎﻟﻴﻔﻪ إﻻ ﻛﻞ ﺷﻬﻢ ﻣﻘﺪام ،وﺗﻠﻘﻦ ﻣﻦ ﻗﺮاءة ﺳﻨﺔ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ وﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻠﺒﺎت ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﺠﻼﺋﻞ ،وﻛﺬا ﺣﻴﺎة ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ اﻟﻜﺮام وﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن واﻗﺘﺪاﻫﻢ .ﻛﻴﻒ ﺗﺨﻠﻮ ﺣﻴﺎة أوﻟﻮ اﻟﻌﺰم ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ،إذ ﺗﻤﻴﺰوا ﺑﺎﻟﺼﻼﺑﺔ واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻌﺜﺮات إﻟﻰ ﻧﻬﻀﺎت واﻧﺘﺼﺎرات.
مكانة الس َّنة يف مرشوع األستاذ كولن
nesemat.com nesemat.com
اﻟﺴﻨﺔ ﻣﺤﺒﺔ ،واﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﺎﻋﻠﻴ ُﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻏﻢ ،ﻣﺘﻤﺎ ٍد ﻓﻲ اﻟﻄﻠﺐ ُﻣﻤﻌﻦ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠﺪاء ،إﻧﻬﺎ ﺣﺮ ُاك ﻫﺪم ﻷﺟﻞ اﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻀﺎدة ﻟﻠﺰﻻزل .واﻟﺴ ﱠﻨﺔ َﺗ َﻤﺨﱡ ٌﺾ ﺟﺬري، ﻫﻤﺔ ﻣﺤ ّﻤﺪﻳﺔ ﻛﻠﻲ ﺗﺘﺤﻮل ﺑﻪ اﻟﻬﻮﻳﺔ إﻟﻰ ﱠ واﻧﺒﻌﺎث ﱞ ﺗُﺠﺎﻫﺪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻃﻴﺪ ﻧﻬﺞ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ .وإن ﻣﻦ دواﻋﻲ إﺣﻴﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ راﻫﻨﻨﺎ ،ﻣﺎ ﻳﺮاه أوﻟﻮ اﻟﻌﺰم ﻣﻦ ﺗﻄﺎﺑﻖ أﺣﻮال اﻟﺰﻳﻎ ﺑﻴﻦ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ أﻣﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪت ﻟﻬﺎ اﻟﺒﻌﺜﺔ ﺑﻮﻗﻮف ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺒﻲ وﺻﺤﺒﻪ اﻟﻜﺮام ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﺘﺴﻔﻞ اﻟﺮوﺣﻲ ،وﻋﺒﺜﻴﺔ اﻟﻴﻮم اﻟﻤﺘﻔﺴﺨﺔ اﻟﻄﺎﻓﺤﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻬﺪد اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎء. ﺑﺘﴫم اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻗﺪ ﺟﺮﺑﺖ ﺷﺘﻰ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺘﻤﺪن ،وﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺋﺒﺔ ﺑﻌﺪ أن رأت اﻷمنﺎط اﳌﺬﻫﺒﻴﺔ واﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ "وﻟﻴﺪة اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﻔﻜﺮي واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ" ﺗﻨﻬﺎر أو ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ ﻣﻨﺬرة ﺑﺎﻟﺘﻬﺎوي .ﻟﻘﺪ ﺗﺒﻴﻨﺖ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت أﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻣﻬﺪدة ﺑﺎﻹﻓﻼس اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺒﻮار اﻟﻨاميئ ،وأنﱠ ﻣﺎ ﻟﺒﺜﺖ ﺗﻌﺘﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﻋﻠﻤﻲ وﺗﻨﻈري ﺗﺪﺑريي ،ﻻ ﻳﻔﺘﺄ ﻳﺒﺪي ﻣﺤﺪودﻳﺘﻪ ،ﺑﻞ ﻋﻘﻤﻪ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺗﺒﻌﺎت ﻧﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ ﻫﻮﺟﺎء اﻧﺒﻨﺖ ﰲ اﻷﺳﺎس ﻋﲆ ﺛﺮوة ﻣﻨﻬﻮﺑﺔ وﻏﻨﻰ ﻣﺴﻠﻮب ،راﻛﻤﺘﻪ ووﻓﺮت أﺳﺒﺎﺑﻪ ﻫﻴﻤﻨﺔ رأﺳامﻟﻴﺔ ﻣﺴﺘﴩﻳﺔ ،وﻏﻠﺒﺔ اﺳﺘﻌامرﻳﺔ ﻣﺴﺘﻔﺤﻠﺔ ،واﺳﺘﺴﻼﻣﻴﺔ ﺷﻌﻮب ﻣﺨﺰﻳﺔ ﻋﺎﺷﺖ دﻫﻮ ًرا ﰲ اﻟﻈﻼم ،أو اﻧﻘﻄﻌﺖ ٍ ﻋﻦ روﺣ ّﻴﺘﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﳌﻌﺮﻓﻴﺔ وﻗﻌﺪت ﻋﲆ اﻟﻘﺎرﻋﺔ. ﺗﻌﺠﺰ ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﻄﺒﻴﺐ اﻟﻴﻮم ﻋﻦ إﺳﻨﺎد اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺮأﺳامﱄ اﻟﻌﻠﻴﻞ ،ﺑﻌﺪ أن ُﻗ ِﱪت اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ وﺻﺎرت أﺛ ًﺮا ﺑﻌﺪ ﻋني ،واﻷﻣﺔ اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ ﺗﺘﻜﺒﺪ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﻔﺎدﺣﺔ ﰲ ﺷﺘﻰ اﳌﺠﺎﻻت -ﻻ ﺳﻴام اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ -ﺟﺮاء ﻫﺬا اﻟﱰدي اﻟﺤﻀﺎري اﳌﺘﺼﺎﻋﺪ ،واﻟﺴﺒﺐ ﻛﻮﻧﻬﺎ ارﺗﺒﻄﺖ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
ينبه كولن إىل أن مخاطبة األوساط يف مسائل الدعوة يقتيض الجدارة واألهلية السمتية وقوة الحجة ،ال سيام يف عرص تحولت فيه النفوس إىل النفعية والالإميانية.
اﻟﺮب، ﺑ ُﻨ ُﻈﻢ ﻫﺬا اﻟﻌﺎمل اﻟﺬي ﻗﺘﻞ اﻟﺮوح ،وأﻗﴡ ّ وأﺣﻴﺎ اﳌﺎدة ،وﻋﺒﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن )اﻟﻔﺠﻮر واﻟﺨﻤﺮ واﻟﻘامر واﻟﺮﺑﺎ واﻟﺒﺰﻧﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ أﺧﻼق ﻟﻬﺎ( .ومل ﻳﻌﺪ ﺳﺎﺋﻐًﺎ ﻷوﱄ اﻟﻨﻬﻰ أن ﻳﺴﺘﻤﻌﻮا ﻟﻌ ّﺮاﰲ اﻟﻌﴫ اﳌﺘﻬﺎﻓﺘني ،وﻣﺎ ﻳﻘﱰﺣﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻼج ﻟﻠﱰدي اﻟﺬي ﻳﴪي ﰲ أوﺻﺎل ﻫﺬا اﻟﻜﻴﺎن اﻟﺤﻀﺎري اﳌﺎدي اﻟﺬي ﺗﻀﻌﻀﻌﺖ -أو آذﻧﺖ ﺑﺎﻟﺘﻀﻌﻀﻊ -ﻗﻮاﻋﺪه اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻫﻲ آﺧﺮ وأﺑﺮز ﻣﺎ ُ اﳌﻌﺎﴏ دﻋﺎﺋﻢ ﻏﺮوره وﺻﻠﻔﻪ، اﻹﻧﺴﺎن ﻇﻞ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ُ وﻳﻨﻴﻂ ﺑﻪ أوﻫﺎم َﺗ َﺮ ﱡﺑ ِﺒﻪ .وﺣﺪﻫﺎ ﻧﻈﻢ اﻟﻠﻪ وﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ وﺗﺮﺗﻴﺒﺎﺗﻪ ﻛام ﻟﻘﻨﺘﻨﺎﻫﺎ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﴩﻳﻔﺔ )ﺗﺮﺟامن اﻟﻘﺮآن( ﺗﺘﺄﻫﻞ ﻟﺘﺪارك ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﺆس روﺣﻲ ،وﻣﺎ ﻳﺤﻴﻖ ﺑﺎﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ وﻳﺘﻌﻘﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻜﺎل. السنَّة مناط محبة األمة عىل مدى األجيال
ﻟﻘﺪ ﻟﺒﺜﺖ اﻷﻣﺔ -ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺘﻬﺎ ﻟﺮﺳﻮﻟﻬﺎ اﻟﻜﺮﻳﻢ - ﺗﺮوي ﺳﻴﺮﺗﻪ ،وﺗﺘﻨﺎﻗﻞ ﺗﺮاﺛﻪ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﺘﺮﺷﻴﺪي؛ ذﻟﻚ ﻷن اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ وﺑﺴﻨﺘﻪ اﻟﻤﺰﻛﺎة ،ﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة واﻟﺘﻤﻜﻦ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺠﺪ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﺎﺟﺰة -ﺑﻔﻌﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺮاﺑﻄﺔ -ﻋﻦ أن ﺗﺘﺤﻠﻞ ﻣﻦ ﻧﺺ اﺳﺘﻘﺮ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻧﺒﻮي. وﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻷﻣﺔ ﻣﺘﺤﺮﻳﺔ داﺋ ًﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ ﻷﺧﻼق ٌ وﻣﻔﻌﻠﺔ ﻟﻤﻘﺮرات ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺎﻻﻧﻀﺒﺎط اﻟﺴﻨﺔ، اﻟﻤﻄﻠﻮب؛ ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻧﺮى ﻏﻴﺎب اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،ﻋﻜﺲ اﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ 17
مقاالت إﻟﻰ رﺑﻪ ﻫﻨﺎك وﻳﻔﻨﻰ ﻓﻲ ﺣﺒﻪ" )ص .(٢٦:وإن رﺣﻠﺔ ﻣﻼﻗﺎة اﻟﻠﻪ ! ﺗﻤ ّﺮ ﻋﺒﺮ ﺗﻌﻠﻢ ﺳﻨﺔ ﻧﺒﻴﻪ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ و َﺗ َﻤ ﱡﺜ ِﻠﻬﺎ ،وﻫﻲ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻤﺺ إﻟﻰ اﻟﺘﺒﻄﻦ ،إذ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻠﻪ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻨﻲ -ﻣﻦ ﺛﻤﺔ- اﻟﺘﺒ ّﻨﻲ اﻟﺼﻤﻴﻢ ﻟﻤﻴﺮاﺛﻪ اﻟﻌﻈﻴﻢ .ﻓﺎﻋﺘﻤﺎد ﺳﻴﺮة اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ أو ﺳﻨﺘﻪ ﺳﻠﻮ ًﻛﺎ وﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ،ﻫﻮ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺘﻤﺎﻫﻲ )اﻟﻨﺴﺒﻲ( ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﻨﺒﻲ ،واﻟﺮﻗﻲ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ. ومل ﻳﺒﻠﻎ ﻋﻈامء اﻷﻣﺔ ﰲ ﺣﻘﻞ اﻹميﺎن ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻮا ﻣﻦ درﺟﺎت اﻟﻜامل إﻻ ﻷﻧﻬﻢ مت ّﺜﻠﻮا ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ واﻟﺠﻮارح ﺳرية اﻟﻨﺒﻲ ،ﻓﻨﺎﻟﻮا اﳌﻘﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﺿﻤري اﻷﻣﺔ ،وﺑﺎﺗﺖ اﻷﺟﻴﺎل ﺗﻨﺤﻨﻲ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻋﲆ أرواﺣﻬﻢ ،وﺗﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻨﻬﻢ اﳌﺪد واﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﻛﻠام ﺣﺰب اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷﻣﺔ واﺣﻠﻮﻟﻜﺖ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ .ﻓﺮﻣﻮز اﳌﺤﻈﻮﻇﻴﺔ )أﺑﻄﺎل اﻟﺮوح( اﺳﺘﻤﺪوا اﻟﻘﺪﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺷﺪﻫﻢ ﻣﺤﻤﺪ ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﻜﻴﻼين أو ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ أو اﻹﻣﺎم اﻟﺮﺑﺎين أو ﺑﺪﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﻨﻮرﳼ ،ﻳﺤ ّﻮﻟﻮن اﻟﻘﻠﻮب وﻳﻮﺟﻬﻮﻧﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ ،ﻓﻬﺬا ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻘﻮة اﻟﻘﺪﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺪوﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﺷﺪﻫﻢ وﻣﻦ أﺳﺘﺎذﻫﻢ ) .ص(٢٨٥:
اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ،إذ ﻣﻮاﺟﺪ اﻟﺘﻌﻈﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻨﻬﺎ ﻓﺌﺎت ﻣﻮاﺟﺪ ﻣﺘﺠﺬرة ،ﻳﺘﻌﺴﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﺘﺤﻠﻞ اﻷﻣﺔ ﻟﻨﺒﻴﻬﺎ ُ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﻋﻮاﻣﻞ إﺑﻌﺎد ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﻋﻦ دﻳﻨﻬﺎ وأﺻﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﻘﺪﺳﻴﺔ .ﻓﻔﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ٌ واﺿﺤﺔ ﻛﻔﻠﻖ اﻟﺼﺒﺢ ،وﺗﻮﺟﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺠﺎلٍ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﻣﻜﺎﻣﻦ ﻣﺴﺘﺘﺮة ﻛﻴﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﻤﺎء ﺗﺠﺮي ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻛﺬﻟﻚ ُ اﻷرض ﻣﻨﺘﻈﺮة َﻣﻦ ُﻳﺜ ﱢﻮرﻫﺎ وﻳﻔﺠﺮ ﻣﻨﺎﺑﻌﻬﺎ. ﻓﺒﺎﺳﺘﻈﻬﺎر ﺗﻠﻚ اﳌﻜﺎﻣﻦ ،وﺑﺘﺠﺪﻳﺪ ﻗﺮاءة اﳌﺪوﻧﺔ اﻟﻘﺪﺳﻴﺔ ،واﺳﺘﺜامر اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻔﺴﺎح اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺰﻧﻬﺎ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻨﺼﻴﺔ اﻟﴩﻳﻔﺔ ،ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻐﻄﻲ ﻓﺤﺴﺐ دواﻋﻲ اﻟﺘﻔﺘﺢ واﻟﻨﻬﻮض وﻣﺠﺎراة اﻟﺴريورة واﻟﺘﻄﻮر، دومنﺎ ﺧﻮف ﻣﻦ ﺣﻴﺪة أو ﺧﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺮوج ﻋﻦ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﴩﻋﻲ اﳌﺮﺳﻮم ،وإمنﺎ ﻳﻔﺘﺢ اﻵﻓﺎق ﻋﺮﻳﻀﺔ ﰲ وﺟﻪ اﻻﺟﺘﻬﺎد وﺗﻨﻮﻳﻊ اﻟﺘﻤﺜﻼت اﳌﺪﻧﻴﺔ اﻷﻧﺒﻞ ،واﳌﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ اﻷﻛﻤﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻴﺤﻬﺎ ﻟﻨﺎ اﺳﺘﻨﻄﺎق اﻟﻨﺺ اﻟﻨﺒﻮي وﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﺑني أﻳﺪﻳﻨﺎ؛ اﻟﻨﺺ اﻟﻨﺒﻮي ﺿﺎﺑﻂ ﻣﺴﻄﺮي ﺣ ﱢﺪي ،وﻫﻮ ﰲ اﻵن ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻌﻠﻴﻤﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻹﻳﻌﺎزات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ آﻓﺎق اﳌﺼﻠﺤﺔ وﻻ ﺗﻀﻴﻖ ﻋﻨﻬﺎ .وﻻ رﻳﺐ ّ "ﻧﴬ اﻟﻠﻪ اﻣﺮأ ﺳﻤﻊ ﻣ ّﻨﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺒ ﱠﻠﻐﻪ أن ﻗﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻓﺮب ﻣﺒ ﱠﻠﻎ أوﻋﻰ ﻣﻦ ﺳﺎﻣﻊ" )رواه اﻟﱰﻣﺬي(؛ ﻫﻮ ﻛام ﺳﻤﻊ ،ﱠ وظيفة السنَّة إﺷﺎرة إﱃ ﻣﺪى ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻠﺘﺨﺮﻳﺞ واﻟﺘﺜﻤري اﻟﺬي ﻻ ﺷﻚ أن وﻇﻴﻔﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﻫﺪف اﻟﺒﻌﺜﺔ ودور اﻟﺮﺳﻮل ﺗﺘﺴﻊ ﺑﻪ داﺋﺮة اﳌﻨﺎﻓﻊ واﳌﺼﺎﻟﺢ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻀﻴﻬﺎ ﺣﻴﺎة ،ﻫﻮ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .وإن ﻣﻦ ﺷﺄن اﳌﺴﻠﻢ اﳌﺘﺰﻧﺔ ﰲ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﺎ ،واﳌﺘﻮازﻧﺔ ﰲ ﺗﺠﺪدﻫﺎ اﻟﺴﻮي. اﻟﻌ َﺼﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻔﻲ أﺛﺮه ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﻲ ُ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪي ،أن ﻳﻌﻴﺪوا إرﺳﺎء ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ ﻣﺪﻧﻴﺔ محبة السنَّة وتحبيبها للناس إن ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﻨﺒ ّﻴﻪ ﻣﺤﺒﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﻻ ﺗﻌ ّﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺿﺎﻟﺔ اﺧﺘﺎرت اﻹﺑﺼﺎر ﺑﻌﻴﻦ واﺣﺪة ،ﻓ َﻜ ْﻮﻧُﻬﻢ ﺗﺴ ّﻨﻨﻮا اﻷﻟﺴﻦ ،ﻓﻬﻲ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻠﻪ !" ،أﺟﻞ ،ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻟﺴﺎن ﺑﺴ ّﻨﺘﻪ واﻫﺘﺪوا ﺑﻬﺪﻳﻪ وﺗﺰﻳﻨﻮا ﺑﺰﻳﻨﺔ أﺧﻼﻗﻪ ،ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ اﻵذان ﺑﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺜﻞ ﺑﻴﺎﻧﻪ وﺑﻼﻏﺔ ﻣﺜﻞ ﺑﻼﻏﺘﻪ ،ﻗﺪ ﺣﺎزوا أﻫﻠﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة اﻟﺘﺤﻮل ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﻌﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﻘﻄﻊ اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ،ﻓﻴﺼﻞ "إن أي ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﺘﺰﻳﻦ ﺑﻤﺜﻞ زﻳﻨﺔ أﺧﻼﻗﻪ ،ﺗﻜﻮن 18
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
مكانة السنَّة يف مرشوع األستاذ كولن
ﺗﻐﺪو ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـ"ﻛﻮﻟﻦ" ﻣﺤﺒﺔ ﻋﻠﺔ ووﺟﻮد ،ﻳﺘﺮﺟﻢ ﻋﻨﻬﺎ إﻛﺒﺎره ﻟﺴﻨﺘﻪ وﻟﺪﻋﻮﺗﻪ وﻫﺠﺮﺗﻪ، ﺑﻞ وﻟﻮﻻدﺗﻪ؛ ﻟﻘﺪ رأى –ﻋﻦ ﺣﻖﱟ ﻳﻘﺮه ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻣﺴﺘﻨﻴﺮ اﻟﻘﻠﺐ -أن ﻳﻮم ﻣﻴﻼد ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺮ ٍّﻳﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻴ ًﺪا ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ،ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﻤﻦ أزال ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻜﻔﺮ، ﻋﻴﺪ آﺧﺮ وأﺿﺎء ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻜﻮن ﺑﻤﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﻘﺮآن؛ "ﻫﻨﺎك ٌ ﻳﻌ ّﺪ ﻋﻴ ًﺪا ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻞ ﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮﺟﻮد ﻛﻠﻪ ،وﻫﻮ ﻳﻮم ﺗﺸﺮﻳﻒ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻤﺠﻲء رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ْ ،أي ﻳﻮم اﻟﻤﻴﻼد اﻷﺣﻤﺪي واﻟﺴﺮاج اﻟﻤﺤﻤﺪي ﻓﻲ ﺳﻤﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺷﻤﺲ ﻣﻀﻴﺌﺔ .ﻓﻜﺎن ﻫﺬا أﻓﻀﻞ وأﻛﺒﺮ وأﻋﻈﻢ ﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺲ واﻟﺠﻦ") .ص(٢٧: والي ْتم الروحي الس َّنة ُ
ﻫﻨﺎك وﻃﺄة وﺟﻮدﻳﺔ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻮ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ اﻟﺘﺄﺛﺮ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮرﺛﻬﺎ اﻟﺘﻘﻮى ﻷﻫﻞ اﻟﻮرع واﻟﺘﺠﺮد، ﻳﻐﺪو ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ،وﻧﻬ ًﺒﺎ ﻟﻠﻀﻴﻌﺔ اﻟﺴ ِﻨ ّﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﻏﻴﺔ ﻣﻊ وﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟ ُﻴ ْﺘﻢ .وﻻ ﺗﺰال اﻻﺳﺘﻨﺎرة ﱠ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﻫﺪاﻳﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﺗﺤﻨﻔﻴﺔ ،ﺗﻠﺢ ﻋﻠﻰ أﻫﻞ اﻟﻠﻪ إزاء ﻣﺎ ﻳﺘﻜﺎﺛﺮ ﺣﻴﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﺮدﻳﺎت اﻟﺮوح ،وﻣﺎ
nesemat.com
محبة "كولن" للرسول
أس تجنيد ّيته
nesemat.com
ﻋﻨﺼﺮ ﺗﻮازن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ" )ص .(٥٠:وإن أول ﺧﻄﻮة ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ وأﺣﺴﻤﻬﺎ ،ﻫﻲ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻨﻔﺲ، وﺗﺠﻠﻴﺔ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ُﺑﻤ َﺠ ﱠﻠﻴﺎت اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻄﻬﺮة؛ "إن اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﻤﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻨﺎ، ﻫﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ أﻧﻔﺴﻨﺎ" )ص ،(٥٠:ذﻟﻚ ﻷن "اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻨﺎ واﻟﻬﺪف اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻪ ،ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻪ !، وإﻳﻔﺎء وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻟﻪ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ واﻟﻼﺋﻖ ﺑﻪ !" )ص(٥٦:؛ ﻓ ِﻤ َﺤ ﱡﻚ اﻟﺘﻌﺎﻓﻲ ﻓﻴﻨﺎ ﻫﻮ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﺑﺎﻋﺚ اﻟﻌﺒﺎدة ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻋﺚ اﻟﺠ ْﻤﻊ واﻟ ﱠﺘ َﺮ ﱡﻳﺶ.
لقد تجاوز كولن منظور التغني بالكامالت النبوية إىل منظور املغالبة عىل إحياء املنهج املحمدي، باستنباط عوامل التفوق فيه ألجل تطبيقها واستلهامها يف الدعوة اإلسالمية العاملية.
ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ أﻟﻮان اﻟﺸﺮاﺳﺔ واﻟﻤﺴﺦ واﻹﺣﺒﺎط ،ﻓﻴﻌﻴﺸﻮن ﻣﻌ ﱠﻠﻘﻴﻦ ﺑﻴﻦ وﻃﺄﺗﻴﻦ؛ وﻃﺄة اﻟﺘﺄذي ﻣﻦ ﺗﺒﻌﺎت اﻟﻮاﻗﻊ ،ووﻃﺄة اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ إﺻﻼح ذﻟﻚ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻴﻮرﺛﻬﻢ وﺿﻊ اﻟﺘﻤﺰق ﻏﺮﺑﺔ ﻟﻬﺎ ﻃﻌﻢ اﻟﻴﺘﻢ ،ﻻ ﻳﻔﺘﺄون ﻳﻜﺎﺑﺪوﻧﻬﺎ ﻓﻲ أﺟﻮاء ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﻌﺰف ﻋﻦ ﻧﺪاء اﻟﺮوح ،ﺗﻨﺎﻫﺾ اﻟﺪﻳﻦ وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ وأده .ﺑﻬﺬه اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﻜﺴﻴﺮة ﻃﻔﻖ ﻛﻮﻟﻦ ﻳﺴﺘﻘﺮئ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻜﺴﻴﻒ اﻟﺬي اﻧﻘﻠﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﺣﺎل ﻗﻮﻣﻪ وﺣﺎل اﻷﻣﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ. ﻟﺒﺚ ﻛﻮﻟﻦ -ﺑﻮﺻﻔﻪ رﻣ ًﺰا ﻣﻨﻜﻮ ًﺑﺎ ﰲ روﺣﻴﺘﻪ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ،ﻣﻄﻌﻮﻧًﺎ ﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺘﻪ اﳌ ّﻠ ّﻴﺔ ،ﻣﺒﺘﻮت اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻬﻮﻳﺘﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ -ﻳﺮﺻﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺎمئًﺎ ﻣﻦ َمتﺎ ٍه ﺑﻴﻨﻪ وﺑني اﳌﻌﺎمل اﻟﺨﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﻴﺪة ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎيت اﻟﱰيك واﻟﻮﺿﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﺎﻣﺔ؛ إذ اﳌﺴﺎﺟﺪ وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻳﺮﻣﺰ إﱃ اﳌﺎﴈ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎت دﻳﻨﻴﺔ ،ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻨﺘﺼﺐ ﻣﻨ ﱠﻜﺴﺔ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﱰاﺟﻊ ،ﻓﺎﻟﺮﺻﻴﺪ اﻟﻘﺪﳼ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻋﻨﻮان اﻟﻌﻈﻤﺔ واﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ،ﻗﺪ ﺣﺎﻗﺖ ﺑﻪ اﳌﻬﺎﻧﺔ اﻟﻴﻮم، إذ ﻋ ﱠﻘـﻪ اﻟﺨ َﻠ ُﻒ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻨﺘ َﺒﺬُ ،ﻣﻘﴡ ﺑﻼ ﺣﺮﻣﺔ وﻻ ﺻﻮن، أﺷﺒﻪ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﻴﺘﻴﻢ ﰲ وﺻﺎﻳﺔ اﻟﻠﺌﻴﻢ. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ اﺳﺘﺸﻌﺮ ﻛﻮﻟﻦ أن ُﻳ ْﺘﻢ اﻹﺳﻼم ُﻳ ْﺘﻤﻪ ،وأن ﺿﻴﻌﺔ ﻋﺰ اﻹﺳﻼم ﺿﻴﻌﺘﻪ ﻫﻮ ،ومل ﻳﻌﺪ ﰲ وﺳﻌﻪ إﻻ أن ﻳﺮاﺑﻂ ﻋﲆ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ،ذار ًﻓﺎ اﻟﺪﻣﻊ ،راﺟ ًﻴﺎ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﺪ اﳌﺮﺳﻠني" :ﻳﺎ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ،ﻫﺎ أﻧﺎ ذا ﻳﺘﻴﻢ ،واﻗﻒ ﻋﲆ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﺎﺑﻚ ،ﻓﻼ ﺗﻄﺮدين ﻋﻦ ﺑﺎﺑﻚ ،وﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﻲ ﻣﻦ ﺷﻔﺎﻋﺘﻚ") .ص(٣٣: 19
مقاالت فكر كولن سليل السنَّة
إن ﻓﻜﺮ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺳﻠﻴﻞ ﻋﻀﻮي ﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ،إذ إن ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺪﻋﻮة ﻟﺪﻳﻪ اﻧﺒﻨﺖ ﻋﻠﻰ أﺳﺲ اﻟﺘﺰاﻣﻴﺔ اﻗﺘﺪاﺋﻴﺔ ﺗﺨﻠﻴﺼﺎ اﺣﺘﺴﺎﺑﻴﺔ ﺗﺘﻮﺧﻰ إﺣﻴﺎء اﻟﺴ ﱠﻨﺔ وﺑﻌﺚ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ، ً ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺘﺮﻛﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﻤﺎ ﺣﺎق ﺑﻪ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ﺟﺤﻮدي ﺷﻨﻴﻊ ﻣﺼﺪ ُر ُه ﻣﻔﺮز ُ ات ﻫﺬه اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ اﻟﻤﺎدﻳﺔ وﻓﻠﺴﻔﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺘﻮﺣﺸﺔ ،وأﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺮﻋﻨﺎء اﻟﻀﺎرﺑﺔ ﻣﻠ ٍّﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮوق واﻟﻌﻘﻮق .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻔﺨﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ" ﻣﺪوﻧﺔ "اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺸﺖ ﻓﻲ وﻗﺎﺋﻊ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻇﻮاﻫﺮ وﻣﺎ وراءات، ﻓ ّﺘ ْ ﺑﻮازع اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ اﻗﺘﻔﺎﺋﻲ ،أﺗﺎح ﻟﻪ أن ﻳﺴﺘﻘﺮئ ﻣﻨﻬﺎ وﻓﻲ ﺷﺘﻰ ﻣﻨﺎﺣﻴﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ واﻟﺠﻬﺎدﻳﺔ واﻟﺘﻌﻤﻴﺮﻳﺔ واﻟﺘﻤﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺘﺴﻴﻴﺮﻳﺔ ،ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﺪ ﻗﻮاﻧﻴﻦ وﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﺑﻌﺚ إﺳﻼﻣﻲ أن ﻳﻐﻔﻠﻬﺎ ﻓﻲ أي ﻣﺸﺮوع ﻧﻬﻀﻮي ﺟﺎد. ﻟﻘﺪ ﺗﻌﻤﻖ اﻟﺪاﻋﻴﺔ ﰲ ﺑﺚ ﺑﻮاﻃﻦ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻨﺒﻮي واﺳﺘﻈﻬﺎر أﺳﺲ ﻣﻨﻬﺎﺟﻪُ ، وﻃﺮق اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺘﺤﺴﻴﺲ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪﻫﺎ ﰲ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ،وﻛﺎن اﻟﻮازع اﻻﺳﱰﺷﺎدي اﻻﺳﺘﻠﻬﺎﻣﻲ ﺟﻠ ٍّﻴﺎ ﻟﺪى ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻣﺪارﺳﺘﻪ ﻟﻠﺴ ّﻨﺔ ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎن اﺳﺘﻘﺮاؤﻧﺎ ﻣنت ﻫﺬه اﳌﺪارﺳﺔ اﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻴﺔ اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ )اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ( ،ﻳﻔﻴﺪ ﰲ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﲆ اﳌﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﺗﺤﺘﻠﻪ اﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﻣﻨﻬﺞ ﻛﻮﻟﻦ ،وﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻣﴩوع اﻟﺘﻤ ّﺮس اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻌﻤﲇ اﻟﺘﻲ ّ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ ِ اﻟﺨ ْﺪﻣﻴﺔ ،اﻟﺬي ﻳﻨﻬﺾ ﺑﻪ اﻟﻴﻮم ﻛﻮﻟﻦ وﺗﻨﺸﱢ ﻄﻪ ﻓﻮاﻋﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺑﺄﺻﻨﺎﻓﻬﺎ وﻗﻄﺎﻋﺎﺗﻬﺎ. أﻗﺎم ﻛﻮﻟﻦ ﰲ رﺣﺎب اﻟﺴرية ،ﺛﻢ أﻗﺎﻣﻬﺎ ﻣﻜ ﱢﻮﻧًﺎ ﻣﺮﻛﺰ ٍّﻳﺎ ﰲ ﻛﻴﺎﻧﻪ ،ﻓﺘﺸﻌﺒﺖ أﻣﺎﻣﻪ وﺟﻬﺘﺎن إﺣﺪاﻫام اﻟﺘﻤﺜﻞ ﻟﺒﻨﺎء اﻟﺮوح ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻤ ﱡﺮس ﻟﻠﺪﻋﻮة واﻟﺘﺒﻠﻴﻎ .اﻟﺘﻤﺜﻞ 20
ذﻛﺮ ،واﻟﺘﻤﺮس ﺗﺬﻛري ،اﻟﺘﻤﺜﻞ أﻓﴣ إﱃ اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ وﺗﺮﻗﻲ ﺳﻼمل اﻟﻌﺮوج واﳌﻜﺎﺷﻔﺔ ،واﻟﺘﻤﺮس اﻗﺘﴣ ﻣﻨﻪ اﻻﻧﺤﻴﺎز اﳌﻄﻠﻖ ﻟﻠﴩﻳﻌﺔ ،واﺧﺘﻴﺎر اﻷﺳﺲ واﻷوﻟﻴﺎت ﰲ ﺑﻨﺎء ﺟﺪار اﻟﻨﻬﻀﺔ ،واﺳﺘﻠﻬﺎم اﻟﻜﻴﻔﻴﺎت اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﺠﺪد؛ ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻨﺎ ﺣﻔﻮﻻً ﰲ اﳌﻜﺎﺳﺐ ،ﻛام ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﻴﻮﺿً ﺎ ﰲ اﳌﻮاﻫﺐ. مطبق للسنّة كولن ِّ
ﻟﻘﺪ ﺗﺠﺎوز ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﺎﻟﻜﻤﺎﻻت اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﻤﻐﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ إﺣﻴﺎء اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻤﺤﻤﺪي ﺑﺎﺳﺘﻨﺒﺎط ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻔﻮق ﻓﻴﻪ ﻷﺟﻞ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ واﺳﺘﻠﻬﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ رﻫﺎﻧﺎت ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة ﻣﻦ ﺟﺴﺎﻣﺔ .ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ﻣﻌﺎين اﳌﻘﺪاﻣﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺒﺎﴍ ﺣﺮا ًﻛﺎ اﻧﺒﻌﺎﺛ ٍّﻴﺎ ﻻ ﻳﻨﻬﺾ ﻣﻌﻪ ﺑﺘﻜﺎﻟﻴﻔﻪ إﻻ ﻛﻞ ﺷﻬﻢ ﻣﻘﺪام. ﻟﻘﺪ ﺗﻠﻘﻦ ﻣﻦ ﻗﺮاءة ﺳﻨﺔ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ،وﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﲆ ﺗﻘﻠﺒﺎت ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﺠﻼﺋﻞ ،وﻛﺬا ﺣﻴﺎة ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ اﻟﻜﺮام وﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن واﻗﺘﺪاﻫﻢ .ﻛﻴﻒ ﺗﺨﻠﻮ ﺣﻴﺎة أوﱄ اﻟﻌﺰم ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ،إذ متﻴﺰوا ﺑﺎﻟﺼﻼﺑﺔ واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻌرثات إﱃ ﻧﻬﻀﺎت واﻧﺘﺼﺎرات. مستويات التسنن
اﻟﺘﺴﻨﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮ اﻟﻀﺎرب ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﺴﻴﺮة ﻳﺤﻘﻖ ﻋﺼﺮﻧﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ ﻣﺴ ﱠﻮﻏﺔ وﻣﺆ ﱠﻳﺪة ﺑﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ. واﻟﺘﺴﻨﻦ اﻟﺤﺮﻓﻲ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻤﻨﺎﻋﺔ واﻟﻮﻗﺎﻳﺔ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﺎن ﺗﺤﺎﺻﺮه اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت واﻹﺣﺒﺎﻃﺎت ،وﻻ ﻗﺪرة ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌﻞ. ﻳﻮﻣﺊ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﻠﻨﻬﺞ اﻟﺪﻋﻮي اﻟﺬي ﺳﻠﻜﻪ وﻫﻮ ﻧﻬﺞ اﻟﻨﺒﻮة ،إذ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﺎﺑﻌني وﻇﻴﻔﺔ ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء ﻏﺎﻳﺔ .و"ﻛﻮﻟﻦ" ﳌﺎ ﻋﺎش اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ اﺧﺘﻴﺎ ًرا ﻓﻘﺪ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
مكانة السنَّة يف مرشوع األستاذ كولن
nesemat.com nesemat.com
وﻋﻤﺮ ﺑﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره رﻫﺎﻧًﺎ أﻳﻮﺑ ٍّﻴﺎ ﺗﻔﺮغ ﻟﻪ ﺑﺘﺎﺗًﺎ ،ﱠ ﺣﺎﺳام .وإذا ﻛﺎن ﺳﻠﻔﻪ "ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻔﺎﺗﺢ" ﻗﺪ ﻣﻠﻚ ﻣﻔﺘﺎح ً ﺿﻔﺘﻲ آﺳﻴﺎ وأوروﺑﺎ ﺑﺠﻴﺶ ﺳﻠﻄﺎين اﺳﺘﺸﻬﺎدي ،ﻓﺈن ﻛﻮﻟﻦ ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ ﻓﺘﺢ أﻣﺼﺎر وأوﻃﺎن ﰲ اﻷرض ﻣﺎ أﻇ ﱠﻠﻬﺎ اﻹﺳﻼم ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﺠﻪ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﺮﺳﺎن "اﻟﺨﺪﻣﺔ" .وإﻧﻬﺎ ﳌﻘﺼﺪﻳﺔ رﻫﻴﻨﺔ ﺑﺂﻓﺎق اﻟﺪﻋﻮة وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻤﺮار واﻟﺘﻄﻮر وا ُﳌﻜﻨﺔ ﻣﻦ ﺗﺜﻤري اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت وﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت واﺳﺘﻐﻼل اﻟﻔﺮص وﻣﻨﻬﺎ ﻓﺮص اﻟﺰﻣﻦ. ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺘﺄﺛري "اﻟﻜﻮﻟَﻨﻲ" ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﺪاﻏﻮﺟﻴﺔ وﺳﻠﻮﻛﻪ اﻟﺮﺳﻮل ؛ "إن ﰲ ﺣﻴﺎة اﻟﺮﺳﻮل دروﺳﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﺪﻋﺎة ،أﺟﻞ، وﺗﴫﻓﺎﺗﻪ وﻃﺮاز ﺣﻴﺎﺗﻪ ً ﻓﺈن اﻟﴩط اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻨﻔﻮذ إﱃ اﻟﻘﻠﻮب ،ﻫﻮ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﺪﻋﻮة وﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻔﺲ أوﻻً وﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﳾء ﻛام ﻓﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل " )ص .(١٥٠:ﻫﺬه اﻷﺣﻮال اﳌﻌﺎ ِﻛﺴﺔ واﳌﻨﺎوﺋﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﺎﻫﺎ اﻟﺮﺳﻮل ،ﻛﺎن ﻛﻮﻟﻦ وﺳﺎﺋﺮ اﳌﺼﻠﺤني ﻣﻤﻦ ﺳﺎروا ﻋﲆ درب اﻟﻨﺒﻲ ُ ،ﻳﺤﻴﻮن وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺠﺎﻧﺴﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﻦ اﻷﻧﺤﺎء ﰲ ﻣﻀامر ﻣﺎ ﺗﺼ ﱠﺪوا ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ إﺣﻴﺎء اﻟﺴﻨﺔ وﺑﻌﺚ ﻗﻴﻢ اﻟﺘﻌﻤري .ﻟﺬا ﻟﺒﺜﻮا ﻳﺴﺘﺤﴬون أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ اﻟﻨﺒﻮي وﻳﺘﻤﺜﻠﻮﻧﻬﺎ وﻳﺘﻌ ّﻤﻘﻮن ﻟﻴﺼﻄﻨﻌﻮﻫﺎ ﰲ ﺟﻬﺎدﻫﻢ اﻟﺪﻋﻮي .ﻟﻘﺪ أﻳﻘﻨﻮا أن ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻨﺎﻫﺞ أﺧﺮى ﻏري اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻨﺒﻮي ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻻ ﻳﻀﻤﻦ اﻟﻨﴫ، وﻻ ﻳﻜﻔﻞ اﻟﻨﺠﺎﻋﺔ واﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ،وﻣﻦ مثﺔ ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻪ اﻟﺮﻫﺎن اﻷﻋﻈﻢ" .إذا أرﻳﺪ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺪاﺋﻢ اﻟﺒﺎﻗﻲ ،ﻓﻠﻴﺲ أﻣﺎﻣﻨﺎ إﻻ اﺗﺒﺎع اﻟﻄﺮق واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻲ اﺗﺒﻌﻬﺎ اﻟﻨﺒﻲ ،وﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ آﻻف ﻣﻦ اﻟﺤﻮادث اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎح واﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻄﺮق اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻟﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺆﻛﺪ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﺄن ﻋﲆ اﻟﺪﻋﺎة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻫﺪاة وﻣﺮﺷﺪﻳﻦ
يؤمن كولن أن الباب سيفتح عىل مرصاعيه يف وجه الدعوة متى ما استجممت األمة قواها القوامة املادية ،إذ عندئذ يحصل وامتلكت َ لإلسالم الفتح املبني.
ﻟﻠﻨﺎس ،أن ﻳﺘﺒﻌﻮا اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤ ًﺪا ،ﻓﻬﻮ اﳌﺮﺷﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،واﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﺧﻄﻪ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺪاﻳﺔ اﻟﺮﺷﻴﺪة ،ذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى إن ﻫﻮ إﻻ وﺣﻲ ﻳﻮﺣﻰ") .ص(١٥٣: وﻳﻮﻋﺰ ﻛﻮﻟﻦ -اﻧﻄﻼ ًﻗﺎ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺬرت ﰲ اﻟﺪﻋﻮة -مبﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻄﻤﺢ إﻟﻴﻪ اﳌﺮﺷﺪون ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻬﻮض واﻟﺘﺒﻠﻴﻎ واﻟﺪﻋﻮة وﻓﻖ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺮﺳﻮل ،ﻓﺈن أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺘﻄﻠﺒﻪ اﳌﻨﻬﺞ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺪاﻋﻴﺔ ذا ﻓﻄﺮة ﻻ ﺗﺤﱰف اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ ،وإمنﺎ ﺗﺤﻴﺎ ﰲ اﻟﺪﻋﻮة، وﺗﺴﻠﺦ اﻟﻌﻤﺮ ﰲ اﻻﺿﻄﻼع ﺑﺘﻤﺮﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺸﺎﻗﺔ" :ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻟﺪى ﺳﻴﺪ اﳌﺮﺳﻠني ﻓﻄﺮة وﺳﺠﻴﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻀﻴﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺪ ﻗﻠ ًﺒﺎ ﻃﺎﻫ ًﺮا ﻳﺒﻠﻐﻪ ،ﻣﺜﻠام ﻧﻀﻴﻖ ﻧﺤﻦ إنْ ُﺣﺮﻣﻨﺎ ﻣﻦ اﻷﻛﻞ واﻟﴩب ،أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧُﺤﺮم ﻣﻦ ﺗﻨﻔﺲ اﻟﻬﻮاء") .ص(١٥٣: وﻳﻨﺒﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻀامر إﱃ اﻟﺴﺬاﺟﺔ واﻻﻧﺨﺪاع اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺪﻋﺎة ﺣني ﻳﺘﻮﻫﻤﻮن أن اﻟﱰوﻳﺞ ﻟﻠﺴ ّﻨﺔ ﺑﺎﻟﻌﻮاﻃﻒ واﳌﺸﺎﻋﺮ ﻫﻮ ﻣﺒﻠﻎ اﻟﺠﻬﺪ .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﻷوﺳﺎط ﰲ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺪﻋﻮة ،ﻳﻘﺘﴤ اﻟﺠﺪارة ﻋﴫ واﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﺴﻤﺘﻴﺔ ،وﻗﻮة اﻟﺤﺠﺔ ،ﻻ ﺳﻴام ﰲ ٍ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻔﻮس إﱃ اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ واﻟﻼإميﺎﻧﻴﺔ ،إذ ﻻ ﺑ ّﺪ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻟﺼﻤﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮادف اﻟﻌﺸﻖ-ﻣﻦ إﻳﺠﺎد ا ُﳌ ْﻘﻨﻌﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وا ُﳌﺜﺒﺘﺎت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،وﻓﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﺪﻋﻮة ﻋﲆ اﳌﺤﺎورة ،وﻣﻘﺎﺳﻤﺔ أوﺿﺎع اﻟﻨﺎس 21
مقاالت واﳌﺠﺘﻤﻌﺎت .وإن ﺗﺼﺪي اﻟﻬﺪاة إﱃ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻔﻘﺮ واﻹدﻣﺎن واﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت اﻷﴎﻳﺔ واﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ وﻛﺎﻓﺔ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﱰﻓﻬﺎ اﳌﺪﻧﻴﺔ اﻟﺮﻋﻨﺎء ،ﻟَ ِﻤﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺸﻜﻞ ﺻﻌﻴ ًﺪا ﺣﻴﻮ ٍّﻳﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺪﻋﻮة ،وﺗﺤﻮﻳﻞ اﳌﺮﴇ أﻧﻔﺴﻬﻢ إﱃ ﺟﻨﻮد ﻳﻨﴩون ﻋﺎﻓﻴﺔ اﻹﺳﻼم ﰲ ﺑﻴﺌﺎﺗﻬﻢ. أﻟﺢ ﺟﺒﻬﺎت اﳌﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻔﺘﺤﺖ أﻻ وإن ﻣﻦ ﱢ أﻣﺎم ﻛﻞ داﻋﻴﺔ رﺑﺎين ،ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻈﺎﻫﺮة ﺗﺸﻮﻳﻪ اﻹﺳﻼم مبﺎ ُﻳﻘﱰف ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻣﻦ ﺷﻨﺎﺋﻊ وﻓﻈﺎﺋﻊ .اﳌﻨﻬﺞ اﻟﺪﻋﻮي اﻟﺬي أراده ﻛﻮﻟﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ،ﺑﻞ ﺛﻮرة روﺣﻴﺔ ﺗﺤﻴﻲ اﳌﻮات وﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻨﻜﺒﺎت ،ﻫﻮ ﻧﻬﺞ اﻟﺘﺠ ﱡﻨﺪ ﺟﺴﺪه أوﻟﻮ اﻟﻌﺰم اﻟﺼﻤﻴﻢ ،واﻟﺘﺴﺎﻣﻲ اﻟﻔﺬ اﻟﺬي ّ ﺑﺴريﺗﻬﻢ اﳌﺴﺘﻠﻬﻤﺔ ﻟﺴرية اﻟﺮﺳﻮل ،ﻣﻤﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻟﻠﺮﺑﺎط وﺑﺎﻟﺮﺑﺎط؛ ﻣﻨﻬﻢ "اﻟﻨﻮرﳼ" وﺳﻠﺴﻠﺔ اﻷﻓﺬاذ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻗﻮﻣﻪ اﻟﺬﻳﻦ ارﺗﻔﻌﻮا ﺑﺎﻗﺘﺪاﺋﻬﻢ واﺳﺘﺸﻬﺎدﻳﺘﻬﻢ، ﺷﻤﻮﺳﺎ وأﻗام ًرا ﰲ ﺳامء اﻹﺳﻼم. ً اﺧﺘﺎر ﻫﺬا اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺴﻘﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﺬل ،ﻷن ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻜﺒﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ "واﳌﺎدﻳﺔ" اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻹﺳﻼم وﺑﺪار اﻹﺳﻼم ،وﻋﲆ ﻳﺪ ﻃﻮاﺋﻒ ﻣﻤﻦ ﻇﻠﺖ ﺳﻼﻟﺘﻬﻢ ﺗﺮﻓﻊ ﺷﺎرة اﻹﺳﻼم "ﺧﻼﻓﺔ ووﺻﺎﻳﺔ" ﻗﺮوﻧًﺎ ﻣﱰاوﺣﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﺪاﺣﺔ ﺑﺤﻴﺚ مل ﺗﱰك ﻷوﱄ اﻟﻌﺰم ﺧﻴﺎ ًرا آﺧﺮ ﻏري ﺧﻴﺎر اﻻﺳﺘﻨﻔﺎر اﻟﺘﺎم ،واﻻﻧﺨﺮاط اﳌﻄﻠﻖ اﻟﺬي ﺗﻨﺘﻔﻲ ﻣﻌﻪ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻛﻞ راﺑﻄﺔ ﻣﺘﺎﻋﻴﺔ أو ارﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ،إﻻ راﺑﻄﺔ ﺑﺬل اﻟﻨﻔﺲ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﻨﺎﻓﺤﺔ ﻋﻦ دﻳﻦ اﻟﻠﻪ !. ﺑﻠﻴﻎ ﺑﺄن ﺣﺮﻛﺘﻪ اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ وﻋﻲ ٍ ﻓـ"ﻛﻮﻟﻦ" و ِﻣﻦ ٍ ِ اﻟﺨ ْﺪﻣﻴﺔ ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت ﻧﺪاء ﺧﻔﻲ ،ﻳﺮﺳﻠﻪ اﻟﻀﻤري اﻹﻧﺴﺎين ﻣﺴﺘﻐﻴ ًﺜﺎ ﻣام ﺑﺎت ﻳﻨﻮء ﺑﻪ ﻛﺎﻫﻞ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﻦ أرزاء ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ أﺣﻮال ﻣﺪﻧﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ 22
ﻏﺎﺷﻤﺔ وﺟﺎرﻓﺔ ،ﻧﺮاه ﻳﺨﺘﺎر اﻟﺤﺮﻛ َﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻜﻮن، َ اﻟﻔﻌﻞ ﻋﲆ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،اﻟﻘﻴﺎ َم ﻋﲆ اﻟﻘﻌﻮدَ :ﻓﻀﱠ َﻞ اﻟﻠ ُﻪ ﻳﻦ َد َر َﺟ ًﺔ ﻳﻦ ِﺑﺄَ ْﻣ َﻮاﻟِ ِﻬ ْﻢ َوأَ ْﻧ ُﻔ ِﺴ ِﻬ ْﻢ َﻋ َﲆ ا ْﻟ َﻘﺎ ِﻋ ِﺪ َ ا ْﻟ ُﻤ َﺠ ِﺎﻫ ِﺪ َ ﻳﻦ َﻋ َﲆ َو ُﻛ ٍّﻼ َو َﻋ َﺪ اﻟﻠ ُﻪ ا ْﻟ ُﺤ ْﺴ َﻨﻰ َو َﻓﻀﱠ َﻞ اﻟﻠ ُﻪ ا ْﻟ ُﻤ َﺠ ِﺎﻫ ِﺪ َ ﻳﻦ أَ ْﺟ ًﺮا َﻋ ِﻈ ًﻴام )اﻟﻨﺴﺎء.(٩٥: ا ْﻟ َﻘﺎ ِﻋ ِﺪ َ ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﻌﺘﱪ أن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻮﻋﻲ واﻻﺳﺘﻔﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺴﺪﻫﺎ ﺗﻨﻈﻴامت اﻟﺪﻋﻮة ِ اﻟﺨ ْﺪﻣﻴﺔ اﻟﻴﻮم ،ﻣﺎ ﻫﻲ ّ إﻻ ﻫ ﱠﺒﺔ ﺧري اﻧﺘﻬﺖ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺼﺐ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﻫﻮ واﻟﻨﺎﺷﻄﻮن ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺒﺬل ،وﻣﻌﻬﻢ اﻟﺠﻤﻮع اﳌﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ اﻹﺣﺴﺎن ،ﻟﻴﻮاﺻﻠﻮا اﳌﺪ اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﺮﺳﻮل وﺗﺮاوﺣﺘﻪ اﻷﺟﻴﺎل اﳌﺤﻈﻮﻇﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﺟﻴ ًﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ ،ورﻣ ًﺰا ﺑﻌﺪ رﻣﺰ ،وداﻋﻴﺔ إﺛﺮ داﻋﻴﺔ ...ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻜﻞ ﺗﺠ ّﺮد ،إذ إن ﻣﻦ اﺷﱰاﻃﺎت أﻫﻞ اﻟﻨﻌﺮة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﳌﻮت ﰲ اﳌﻮت وﻗﺘﻞ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ، ودوس ﻧﻮازع اﻟﺬات واﻷﻧﺎﻧﻴﺔ. مناذج من متثالت كولن ملقررات السنَّة
ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺮﺟﻮﻋﻲ ﺗﺄﺧﺬ اﻟﻤﺎدة اﻟﻨﺼﻮﺻﻴﺔ ُﺑﻌ ًﺪا ﻣﺨﺪوﻣ ٍّﻴﺎ ،ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻋﺎﻟﺞ ﺑﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ "ﻟﻜﻞ داء دواء" )رواه ﻣﺴﻠﻢ(؛ ﻟﻘﺪ ﻗﺮأه ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻟـ"اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،ﻓﻠﻠﻨﻬﻀﺔ ﻣﻔﻌﻼت ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ وروﺣﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮﻫﺎ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ،واﻷﻣﺮ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻗﺮاءة ﻓﺤﻮى اﻟﻨﺺ ﻓﻲ اﺗﺠﺎه ّ ﻳﻔﻚ اﻟﻘﻴﺪ ﻋﻦ اﻹرادة ،وﻳﺮﻓﻊ اﻟﺤﺼﺎر ﻋﻦ اﻟﻬﻤﺔ، وﻳﻔ ﱢﻌﻞ ﻣﺤﺮﻛﺎت اﻻﻧﺒﻌﺎث) .راﺟﻊ ص(١١١: وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ مبﻘﺮرات اﻟﺴ ﱠﻨﺔ و ّﻃﺪ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وأﻛﺪ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺨﺪﻳﻢ اﳌﺎل وﺗﺜﻤريه ﰲ اﻟﻨﻔﻊ اﻟﻌﺎم ،وﻋﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﺤ ّﻮل اﻟﺴ ﱠﻨﺔ إﱃ ﺛﺮوة، ﻳﺆﺛﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ واﻟﻔﻮاﺋﺾ واﻟﻐﻨﻰ واﻟﺮﺧﺎء .ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﻧﺮاه ﻳﻘﺮأ ﺣﺪﻳﺚ "إذا ﺗﺒﺎﻳﻌﺘﻢ ﺑﺎﻟ ِﻌﻴﻨﺔ" )رواه
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
مكانة السنَّة يف مرشوع األستاذ كولن
nesemat.com nesemat.com
أﺣﻤﺪ( ﻓﻴﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﻪ اﻹﻃﺎر اﻷوﺳﻊ واﻷﻧﺴﺐ ﻟﻠﻤﴤ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة ِ اﻟﺨ ْﺪﻣﻴﺔ ُﻗﺪ ًﻣﺎ .ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﺴﺘﻘﺮئ ﻣﻦ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺪﺑﺔ ﻹﻧﺸﺎء اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻔﻞ متﻮﻳﻦ اﻟﺪﻋﻮة، وﺗﻀﻤﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، اﺣﺘﺬاء مبﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ اﳌﻨﻮرة، ﺗﺨﻠﻴﺼﺎ ﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺴﻠﻤني ﻣﻦ ﺣﻜﺮة ﺣني أﻧﺸﺄ اﻟﺴﻮق ً اﻟﻴﻬﻮد وﻣﻦ ﻧﻘﺺ اﳌﻮاد) .راﺟﻊ ص(٣١٧: ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ﺣني اﻟﻬﺠﺮة ﻛﺎن ﻋﻤﻠ ٍّﻴﺎ ،ﺳﺎرع إﱃ إرﺳﺎء اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻔﺮغ ﻟﻠﻬﺪف؛ ﺣﻴﺚ ﺑﺎدر إﱃ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺳﻮقٍ ﺣ ﱠﺮر اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﻦ أﻳﺪي اﳌﻀﺎرﺑني. اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺴ ّﻨﻲ ﻛام أﺿﺤﻰ ﻳﻔﻘﻬﻪ ﻃﻼﺋﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻴني وﻣﻨﻬﻢ ﻛﻮﻟﻦ ،ميﴤ ﺑﻨﺎ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ اﻟﺨ ّﺪاﻋﺔ إﱃ ﻣﺠﺎﻻت أرﺣﺐ وأﺣﻔﻞ ﺑﺎﳌﻜﺎرم واﳌﺤﺎﻣﺪ؛ ﻓﺒﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ اﻟﺤﻘﻮﻗﻴﺔ واﳌﺒﺪﺋﻴﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ادﻋﺎءات وزﻳﻒ ﺷﻌﺎرات اﻹﻧﺴﺎﻧﻮﻳني اﻟﻐﺮﺑﻴني، ﻓﻬﺬه اﻟﺸﻌﺎرات اﻟﺘﻲ ﺟ ّﺮﺑﺘﻬﺎ دواﺋﺮ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﻇﻞ اﺳﺘﻌامرﻫﻢ ﻷوﻃﺎﻧﻨﺎ ﻛﻮﺟ ٍﻪ اﺳﺘﻐﻔﺎري ﻳﺨﻔﻲ ﺟﺮامئﻬﻢ ات ﻗﺎﴏة ﻋﻦ ﺑﻠﻮغ درﺟﺔ ﻫﻲ -ﰲ أﺧﻒ اﻷﺣﻜﺎم -ﺷﻌﺎر ٌ اﻹﺣﺴﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ وﺗﺤﺪو إﻟﻴﻬﺎ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺮﺳﻮل .إﻧﻬﺎ ﺷﻌﺎرات ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ اﻟ ُﺒﻌﺪ اﻻﺣﺘﺴﺎيب، وﺗُﻨﻜﺮ اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﻐﻴﺒﻲ اﻹﻟﺰاﻣﻲ ،واﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺮﺑﺎين اﻟﺬي ﻻ ﻳﻐﱰﺳﻪ ﰲ اﻟﺼﺪور إﻻ اﻹميﺎن .ﻓام أﻛرث ﻣﺎ ﺻﺪرت ﻋﻦ روح ﺗﻔﻀﱡ ﻠﻴﺔ اﺳﺘﻌﻼﺋﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺎ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻪ اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ ﺷﻔﻘﺔ ﻟﺪى ﻫﺬه اﻟﺪواﺋﺮ .إن ﻣﺒﺪأ "وﰲ أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﺣﻖ ﻣﻌﻠﻮم ﻟﻠﺴﺎﺋﻞ واﳌﺤﺮوم" ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ روح ﻫﺬه اﻟﺸﻌﺎرات اﻹﻧﺴﺎﻧﻮﻳﺔ. اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﳌﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻠﻬﺎم ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ، ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﻨﺸﺌﺔ إﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻃﺮاز ُ اﻟﻜ ﱠﻤﻞ اﳌﻘﻮﻟﺒني ﰲ ﻃﺮاز ﻣﺒﺎدئ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ،ﻋﻜﺲ ﻃﺮز اﳌﺪﻧﻴﺔ اﳌﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ
راسخا بأن رسالة "الرسول يؤمن كولن إميا ًنا ً األعظم" هي منبع لألمن والطأمنينة ،وليك تذوق اإلنسانية هذه الطأمنينة مرة أخرى ،فليس هناك إال أن تهتدي بالنور الذي أىت به الرسول .
ﻳﻘﻮدﻫﺎ وﻳﺆﺛﻞ ﻗﻴﻤﻬﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ اﻟﻜﺴﻴﺤﺔ ﻓﻜ ٌﺮ أﻋﺮج، ﻳﺆﺟﺞ اﻟﺒﺪﻋﺔ وأﺳﺎﻟﻴﺐ زرع اﻟﻔﺘﻨﺔ ،وﺗﺠﺮﻳﻒ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺒﴫﻳﺔ. اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ،وﺗﺮﺟﻴﺢ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌامﻳﺔ ﱡ اﻻﺷﺘﺤﺎن ﺑﺮوح اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ﻳﻨﺘﺰع ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ –ﻋﲆ ﻗﺪر اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ -ﺧﻤرية اﻟﻐﻲ واﻟﺘﺴﻔﻞ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺸري إﱃ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،إذ إن اﻟﺘﻐري اﻟﺒ ﱠﻨﺎء اﻟﺬي ﻳﻄﺮأ ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎن وأﺧﻼﻗﻪ وﻧﺰﻋﺎﺗﻪ ﺟﺮاء اﻷﺧﺬ ﺑﺠﻮﻫﺮ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ﻳﻌﺰز اﳌﻌﺎين اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ،وﻳﻘ ﱢﻮي ﰲ اﻹﻧﺴﺎن إﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ،ذﻟﻚ ﻷن اﻟﺘﺤﲇ ﺑﻜامﻻت اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ،ﻳﺘﻴﺢ اﻟﺘﺤﻮل ﰲ اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺎت واﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺎت ،وﻳﻀﻤﻦ اﻟﱰﻗﻲ ﺑﺎﳌﻠﻜﺎت واﻻﺳﺘﻌﺪادات. وﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ دﻋﻮة اﻟﺮﺳﻮل ﻛﻮﻧﻴﺔ ،ﻓﺈن ﻣﺪ ﺣﺪود وآﻓﺎق اﻟﺪﻋﻮة ُﻳ َﻌ ﱡﺪ ﻣﻦ رﻫﺎﻧﺎت اﳌﺴﻠﻢ اﻟﺘﺒﻠﻴﻐﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﻬﺾ ﺑﻪ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﻴﻮم ،وﻻ رﻳﺐ أن ﻣﻨﻬﺠﻪ ﰲ اﻟﺪﻋﻮة أﻣﻴﺰ وأﻓﺬذ ،إذ َﻗ َﺮن اﻟﺘﻮﺻﻴﻞ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن ،وﺷﻔﻊ اﻹميﺎن ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،واﻟﱰﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ،واﻷﺧﻮة ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ﻳﺆﻣﻦ ﻛﻮﻟﻦ أن اﻟﺒﺎب ﺳﻴﻔﺘﺢ ﻋﲆ ﻣﴫاﻋﻴﻪ ﰲ وﺟﻪ اﻟﺪﻋﻮة ﻣﺘﻰ ﻣﺎ اﺳﺘﺠﻤﻤﺖ اﻷﻣﺔ ﻗﻮاﻫﺎ واﻣﺘﻠﻜﺖ اﻟ َﻘﻮاﻣﺔ اﳌﺎدﻳﺔ ،إذ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻺﺳﻼم اﻟﻔﺘﺢ اﳌﺒني، وﻳﻐﺪو ﰲ وﺳﻊ اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﳌﺴﻠﻢ أن ﻳﻄﺮق اﻷﺑﻮاب دون وﺟﻞ وﺗﺮدد ﻣﺎ دام اﻵﺧﺮون ﻳﺮوﻧﻪ ﻋﲆ ﻛﻔﺎءة ﻣﺎدﻳﺔ وﻛﻔﺎﻳﺔ ﺗﺠﻬﻴﺰﻳﺔ ،وﰲ ﻳﺪه ﻛﺘﺎب ﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى، ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﻜﻮن اﳌﺴﻠﻢ ﻋﲆ ﻣﻮﻋﺪ ﺗﺎرة أﺧﺮى ﻣﻊ :إِ َذا ﺎس َﻳ ْﺪﺧُ ُﻠ َ ﻳﻦ ﻮن ِﰲ ِد ِ َﺟﺎ َء ﻧ ْ ُ َﴫ اﻟﻠ ِﻪ َوا ْﻟ َﻔ ْﺘ ُﺢ َو َرأَ ْﻳ َﺖ اﻟ ﱠﻨ َ اﻟﻠ ِﻪ أَ ْﻓ َﻮ ًاﺟﺎ )اﻟﻨﺼﺮ .(٢-١:ﺗﻘﻊ اﳌامﺛﻠﺔ ﰲ ﺣﺲ ﻛﻮﻟﻦ، 23
مقاالت ﺣني ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺑني اﻟﻄﻼﺋﻊ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺼﻔﺔ، وﻣﺎ ﺻﻨﻊ اﻹﺳﻼم ﺑﻬﻢ ﺣني ﺣﻮﻟﻬﻢ إﱃ ﻣﻬﻨﺪﺳني ﺟﺪدوا اﻟﻌﺎمل ،وﺑني ﻓﻴﺎﻟﻖ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮدﻫﺎ ﻓﻴﺴﺘﺸﻌﺮ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺤﺰن ﻣ ًﻌﺎ؛ اﻟﺴﻌﺎدة ﻟﻴﻘﻴﻨﻪ أﻧﻪ ﻳﺴري ﻋﲆ اﳌﺤﺠﺔ ﰲ ﻣﺎ ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ دﻋﻮة واﺣﺘﺴﺎب ،واﻟﺤﺰن ﻟﻌﺪم ﻳﻘﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﻗﺪرة اﻟﻨﺎﻫﻀني ﺧﻠﻔﻪ ﻟﻼرﺗﻔﺎع إﱃ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮه ﻣﻨﻬﻢ اﻹﺳﻼم .ﻓﺎﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑني ﻣﺎ ﻳﻌﻤﺮ اﻟﺬاﻛﺮة ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺋﻒ اﳌﺠﺪ اﻟﺒﺎﻫﺮ اﳌﺘﺤﻘﻖ ﻋﲆ ﻳﺪ أﺟﻴﺎل وﻋﻬﻮد ﺳﻠﻔﺖ ،وﺑني ﻣﺎ ﺗﺒﺎﴍه اﻟﻜﺘﺎﺋﺐ ﺗﺤﺖ إدارﺗﻪ ﻣﻦ إﻧﺠﺎزات ،ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻟﻌﺮاﻣﺔ ﺑﻮاﻋﺜﻪ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ، ﻳﺘﻮﺟﺲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺎﺗﺞ واﳌﺮدود أﻗﻞ ﻣﻦ اﳌﻄﻠﻮب واﳌﻨﺘﻈﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺮﻫﺎن اﻟﺬي ﻳﻮﻗﻦ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺼﺐ ﰲ اﺗﺠﺎه ﻣﺸﻴﺌﺔ إﻟﻬﻴﺔ ﺗﺮﻳﺪ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﻮن أن ُﻳﻌ َﻤﺮ ﺑﺎﻹﺳﻼم. السرية الرتياق العلم علم بالسرية ﻳﻮﻗﻦ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺄن اﻧﻌﻘﺎد ﻧﻴﺔ اﻷﻓﺮاد -ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﻠﺔ- ﻳﺆﺻﻞ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻠﻢ ،وﻳﺮﻛﺰه ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻞ اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﺪﻋﺎة ﻟﺤﺼﻮل اﻟﺒﺮﻛﺔ واﻟﺪﻋﻢ واﻟﺪراﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ،ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻤﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﺤﻠﺔ اﻹﻟﻬﻴﻴﻦ ،وأن اﻟﻨﻜﺒﺎت واﻟﺘﻬﺸﻤﺎت اﻟﻤﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﻟﺠﺪار و ُﻣﺨْ َﺮﺟﺎ ِﺗﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ،ﻗﺪ ﺷ ﱠﻄﺖ ﻓﻲ اﻟﻀﻼل اﻷﻣﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ إﻋﻼن اﻻﺳﺘﻨﻔﺎر ،واﺧﺘﻴﺎر اﻷﺣﺴﻢ ﻣﻦ واﻟﺘﻴﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،اﻧﺤﻴﺎزًا ﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺤﺲ ﻋﻠﻰ أوﺟﻪ اﻟﻌﻼج وﻫﻮ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺳﻨﺔ اﻟﺮﺳﻮل .ﻟﻘﺪ وﺻﻔﺖ ﺣﺴﺎب ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﺮوح واﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﻬﻴﺄت ﻟﻈﻬﻮر اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺴ ﱠﻨﺔ اﻟﻌﻼج ﺣﻴﻦ ﻗﺮرت أﻧﻪ "ﻻ ﻳﺼﻠﺢ آﺧﺮ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ اﻟﻤﺪﺟﻞ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻌﻠﻢ ،اﻟﻤﻐﺘﺮ ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ إﻻ ﺑﻤﺎ ﺻﻠﺢ ﺑﻪ أوﻟﻬﺎ" ،ذﻟﻚ ﻷن ﻓﻮاﻋﻞ اﻟﺘﺮدي اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﱢ ﻳﺴﺘﺤﺼﻠﻬﺎ ،اﻟﻐﺎﻓﻞ ﻋﻦ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻷﻫﻢ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ واﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﻤﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ﻣﻊ ﻋﻠﻞ اﻟﺘﺮدي اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ،ﻗﺪ ﺑﺎﺗﺖ وﺳﻌﻪ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن أن ﻳﺠﺘﻨﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻔﻌﻴﻞ اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺮوح؛ ﺗﺼﻴﺐ اﻟﺪﻋﺎﺋﻢ وﺗﺮاﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻳﺾ اﻟﻜﻴﺎن ﻣﻦ أﺳﺴﻪ. "ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﻛﻴﻒ أن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي اﻓﺘﺘﻦ ﺑﺘﻴﺎر ﻓﺎﻷﴎة ﺗﻔﻜﻜﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺮوﺟﻨﺎ ﻋﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻳﺠﺮي وراء إﺟﺮاء اﻟﺘﺠﺎرب ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺴ ِﻨﻴّﺔ ،وﺳﻘﻮﻃﻨﺎ ﰲ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻻﺋﻜﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﺮب ّ ﺷﻲء ،وﻛﻴﻒ أن اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬا ﻣﻌﻠﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻦ .ﻳَﺤ ُﺪث ﻫﺬا ﻷن اﻷﻣﺔ اﻧﺘﻬﺖ إﱃ اﻟﺮﺟﻞ ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز ﺧﻂ اﻟﺼﻔﺮ") .ص(٢٤٩: ﺣﻀﻴﺾ ﺑﺎت ﻓﻴﻪ أﻣ ًﺮا واﻗ ًﻌﺎ ﻣﺎ ﻃﻔﻘﺖ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺮﺳﻮل ﺗﺤﺬر ﻣﻨﻪ؛ "ﻳﻮﺷﻚ اﻷﻣﻢ أن ﺗﺘﺪاﻋﻰ إزاء رواج ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ اﳌﻌﻤﻤﺔ ﺑﻔﻌﻞ ﻏﻠﺒﺔ ﻣﺎدﻳﺔ اﻷﻋﻈﻢ ﻋﺎﺑﺮة أوﻗﻌﺖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻀﻴﺎع ،ﺗﺘﻬﻴﺄ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺳﻴﺪ ﻋﻠﻴﻜﻢ" ،ﺑﻞ إن ﻋﻼﻣﺎت ﺗﺮﻫﺺ ﻟﻐﺮوب ﺳﺎﻋﺔ اﻷﺧﻼق اﳌﺮﺳﻠني ﻷﺧﺬ اﻟﺰﻣﺎم ،ﻓﺘﺴﺪي إﱃ اﻟﺒﴩﻳﺔ اﳌﻌﺮوف، وﺗﺤﺼﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺮﺷﺎد ﰲ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛام ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﱢ ﺑﻬﺎ ﰲ اﻷوﻟني ،ﺣني ﻧﺰل اﻟﺬﻛﺮ وآﻳﺎﺗﻪ اﳌﻔﺼﻠﺔ ،ﻓﺄﻧﺎرت اﻟﻈﻠامت ،وأوﻃﻨﺖ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺮﻛﺰه ﺧﻠﻴﻔ ًﺔ ﻟﻠﻪ ﰲ اﻟﻜﻮن وﺑني اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت. "ﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ إميﺎﻧًﺎ راﺳﺨً ﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ ،ﺑﺄن اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ "اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ" ،ﻫﻲ ﻣﻨﺒﻊ ﻟﻸﻣﻦ واﻟﻄأمﻧﻴﻨﺔ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻛﱪ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل .وﻟيك ﺗﺬوق اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻄأمﻧﻴﻨﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك إﻻ ﺣﻞ واﺣﺪ أﻣﺎﻣﻬﺎ ،وﻫﻮ أن ﺗﻬﺘﺪي ﺑﺎﻟﻨﻮر اﻟﺬي أىت ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻮل ،ﻓﻜﻠام ازداد اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻪ ازداد ﺣ ٍّﺒﺎ ﻟﻪ ،وﺑﻬﺬه اﳌﺤﺒﺔ ﺳﻴﺘﻐري وﺟﻪ اﳌﺠﺘﻤﻊ") .ص(٢١:
24
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
مكانة السنَّة يف مرشوع األستاذ كولن
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻛﻮﻟﻦ ﺗﻮاﺟﻬﻨﺎ ﻇﻼل اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﺧﻂ ﻗﻠﻤﻪ ،ﻓﻬﻲ اﻹﻃﺎر اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ اﻟﺬي ﻟﺒﺚ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﻪ رؤاه وﻳﻨﺘﺴﺞ ﺑﻪ أرﺿﻴﺔ ﻓﻜﺮه ،وﻳﻔﺼﻞ ﻣﻘﺎﻳﻴﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﻣﻘﺎﻳﻴﺴﻬﺎ وﻣﻮازﻳﻨﻬﺎ ...ﻓﺎﻟﻘﺎرئ ﻟﱰاث اﻟﺪاﻋﻴﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ منﻮذﺟني أﻛﻤﻠني ﻣﻦ اﻟﺴرية ،ﻷﻧﻬام ﻣﱰاﺑﻄﺎن ﻛﱰاﺑﻂ اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻊ اﻟﻘﻤﺮ ﰲ اﺳﺘﻤﺪاد أﺣﺪﻫام اﻟﻨﻮر ﻣﻦ اﻵﺧﺮ ،ﻓﻬﻨﺎك اﻟﺴرية اﻷ ّم وﻫﻲ ﺳﺠﻞ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺠﻬﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻄﻬﺎ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﲆ ﻣﺪى ﻋﻤﺮ اﻟﺪﻋﻮة ،وﻫﻨﺎك ﺳرية اﻟﺴرية اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ إﻧﺠﺎزات اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌني وﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن اﻟﺴ َريِي ﻋﱪ ﺗﻼﺣﻖ اﻟﻌﻬﻮد واﳌﺮاﺣﻞ .ﰲ ﻫﺬا اﳌﺴﺘﻮى ﱢ ﻳﺤﴬ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺜامين ﻣﻮﺻﻮﻻً ﺑﺎﻟﻠﺤﻤﺔ اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ واﻟﺘﺒﻠﻴﻐﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻄﺖ إﺷﺎر َة اﻧﻄﻼﻗﻬﺎ اﻟﺒﻌﺜ ُﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﴩﻓﺔ ،وﺗﺘﻼﺣﻖ ﺣﻠﻘﺎت ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺄﺟﻴﺎل اﻟﻔﺘﺢ اﳌ ﱠ واﺳﺘﻼم راﻳﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ إﱃ ﺟﻴﻞ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،واﺳﱰداد زﻣﺎم اﻟﺪﻋﻮة ،وﻧﴩ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻠﻪ ! إﱃ اﻟﻌﺎﳌني. كولن ومتثل السرية
ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻻﻗﺘﻔﺎء ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ اﺗﱢﺒﺎع ﺧﻄﺔ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ .ﻓﻘﺮاءة ﻛﻮﻟﻦ ﻟﻠﺴﻴﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﺜﻤﻴﺮ ُﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﺮوﺣﻲ "ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺑﻨﺎء اﻟﻔﺮد"، و ُﺑﻌﺪﻫﺎ اﻹﻧﺠﺎزي "ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺑﻨﺎء ﻛﻴﺎن اﻷﻣﺔ" ،وذﻟﻚ ﺑﺘﻘﻤﺺ ﺑﻴﺎﻧﻴﺎت اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮﺷﻴﺪ، وﻫﻀﻢ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻪ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﺎر اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، واﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺛﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ واﺳﺘﻔﺮاغ اﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ
nesemat.com
السرية النبوية دليل يف يد كولن
nesemat.com
اﳌﻜ ﱢﺮﻣﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﺪأت ﺗﻠﻮح ﻟﻠﻌﻴﺎن إن مل ﺗﺘﺪارك اﻷﻣﺔ اﻟﻮﺿﻊ ،ﻓﺘُﻌ ﱠﺰ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ وﺗﻄﺎﺑﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑني ﻣﻘﺮراﺗﻬﺎ.
مل يبلغ عظامء األمة يف حقل اإلميان ما بلغوا من درجات الكامل إال ألنهم متثلوا بالقلب والجوارح سرية النبي ،فنالوا املقامية يف ضمري األمة.
ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻘﺎﺻﺪﻳﺘﻬﺎ ،إﻳﻤﺎﻧًﺎ ﻣﻨﻪ )ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ( ﺑﺄن اﻟﺴﻴﺮة ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻲ اﻟﺴﻘﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻘﺮرات واﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ،ﻫﻲ أﻳﻀً ﺎ اﻟﺴﻘﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺎﻋﺔ اﻷﺳﻠﻮب واﻟﻜﻴﻔﻴﺔ واﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺮﺷﻴﺪي اﻻﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻲ. ﻟﻘﺪ ﺗﺠﺎوز اﻟﺮﺳﻮل أﻃﻮاق اﻟﻌﺪاوة اﻟﺘﻲ ُﴐﺑﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ واﻷﻣﻢ ،وﻃﺎوﻟﻬﺎ ﺑﺼﱪ ﺧﺎرق ،ﺛﻢ ﺗﺨﻄﺎﻫﺎ وﺟﻌﻞ ﻣﻦ ُﻏﻼة اﻟﻌﺪاﺋﻴني -ﻗﺒﺎﺋﻞ ً وأﻣام -أﺗﺒﺎ ًﻋﺎ ﺣﺐ ﻟﻺﺳﻼم ﺧُ ﱠﻠ ًﺼﺎ اﺳﺘﺒﺪﻟﻮا َﺳ ْﻮر َة اﻟﻜﻔﺮ ،وﺣ ﱠﻮﻟﻮﻫﺎ ﻃﺎﻗ َﺔ ﱟ وﻧﺒ ّﻴﻪ ،وﺗﻔﺎﻧﻮا ﰲ ﺗﺒﻠﻴﻎ رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻟﺨﺎﻟﺪة إﱃ اﻟﻌﺎﳌني. ﺑﻞ إن ﻫﺬا اﻟﺘﻤ ّﺮس اﻻﺳﱰﺷﺎدي ﺑﺎﻟﺴرية ،ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـ"ﻛﻮﻟﻦ" ﻋﺎﻣﻞ دﻋﻢ إﺟﺮايئ ﰲ إﻗﺎﻣﺔ ﴏح اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ ،وﺑﺎﻋﺚ ﻳﻘني ﰲ ﺳﻼﻣﺔ اﳌﴪى اﳌﺘﺠﻪ واﻟﺴﺒﻴﻞ .ﻓﺎﻧﺘﺪاب ُﻋ ﱠامر اﻷوﻃﺎن ﻣﻦ وﻧﺠﺎﻋﺔ ﱠ أﻫﻞ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،إمنﺎ ﻫﻮ اﻗﺘﻔﺎء ﻋﻤﲇ ﻟﻨﻬﺞ اﻟﺮﺳﻮل ، إذ أرﺳﻞ وﻫﻮ ﰲ ﻏﻤﺮة اﳌﺴﺎﺟﻠﺔ ﻟﺘﻮﻃني اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،رﺟﺎﻻً ﻋﻤﺮوا اﻷوﻃﺎن ومل ﻳﻘﺘﴫوا ﻋﲆ ﻓﺘﺢ اﳌﺴﺎﺟﺪ واﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ،وإن ﺟﻌﻠﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺠﺮ اﻟﺰاوﻳﺔ ﰲ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺎ اﺳﺘﻨﺠﺰﺗﻪ اﻟﻔﺘﻮح اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﱪ اﻷرض ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻳﺪ وﻋامﺋﺮ وﺳﺒﻘﻴﺎت ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﺑﺎﻫﺮة .ﻟﻘﺪ أوﱃ َ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﻜﻮﻳﻨﻪ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ متﻜﻨﺖ اﻟﺪﻋﻮة وأﻣ ّﺪت ﺟﺬورﻫﺎ ﰲ اﻷرض. إن اﺣﺘﺬاء اﻟﺴرية اﻟﺬي ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮن ﰲ ﺿامن اﻟﺴﺪادﻳﺔ ،ﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎء واﳌﻜﺎﺑﺪة ﻣﺎ ﻳﺘﻀﺎﻫﻰ 25
مقاالت ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻮى ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﳌﺪﻧﻴﺔ اﳌﺠﺘﻨﺎة ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﻨﺒﻲ وﺻﺤﺎﺑﺘﻪ اﳌﻤﺠﺪﻳﻦ ،ﺑﻞ إن اﺣﺘﺬاء اﻟﺴرية ﻫﻮ ﺗﺠﺸﻢ -ﻣﲇء ﺑﺄﻧﻮاع اﻻﺳﺘﺒﺴﺎل- ﻟﺬﻟﻚ اﳌﺴﺎر اﻟﺸﺎق اﳌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاﻛﺎت واﻟﻔﺠﺎﺋﻊ وﻳﺪب واﻟﴬﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ اﻟﺮﺳﻮل وﻫﻮ ﻳﺪأب ّ ﻛﺪﺑﻴﺐ اﻟﻨﻤﻞ وﻛﺤﺮﻛﺔ اﻟﻈﻞ ،ﺗﻐﻴ ًريا ﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ وﺟﻮد ﴍيك ﻻ إﻧﺴﺎين ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻴﺌﺔ اﻟﻠﻪ ﺗﻘﺘﴤ أن ﻳﺘﻌﺪل وﻳﺄﺧﺬ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺴﻮﻳﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻋﲆ ﻳﺪ ﺧﺎﺗﻢ اﳌﺮﺳﻠني. وﻣﺎ أﺷﻘﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﻳﺤﺘﺬﻳﻪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺼﺎﻟﺤﻮن وﻣﺎ أﴍﻓﻬﺎ ﻣﺄﻣﻮرﻳﺔ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺼﺎدﻗﻮن. ﻛﺎﻧﺖ ﺳرية اﻟﺮﺳﻮل ﻣﻠﺤﻤﺔ ﻋﺎرﻣﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت واﻻﺑﺘﻼءات واﻻﻧﻜﺴﺎرت اﳌﺘﺼﺎﻋﺪة ﰲ اﻟﺸﺪة واﻟﻮﺧﺎﻣﺔ واﻟﺪراﻣﻴﺔَ ،ﺑ ْﻴ َﺪ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻜﻠﻞ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻮط ﺑﺎﻟﻘﺎر، وﺗﺘﻮج ﰲ ﻛﻞ ﻓﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﴫ ،ﻋﺎﺑﺮة إﱃ أﻫﺪاﻓﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺟﺴﻮر ﻣﻦ ﺟﻤﺮ وﺷﻮك؛ ﻓﺎﺧﺘﻴﺎر اﻟﺴرية ً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﻌﺰم -اﺧﺘﻴﺎر ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺳﺘﺸﻬﺎداﳌﻌﻨﻮي ﺑﻠﻪ اﳌﺎدي ،ﻷن ﻣﻦ ﻳﺴﻠﻚ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺼﻄﻔني ﻻ ﺑﺪ وأن ﻳﻌﻠﻢ أن اﻟﺘﻤﺤﻴﺺ ﺑﺎﻫﻆ واﻟﺘﺒﻌﺎت ﺑﺎﻫﺮة. اﻟﺘامﻫﻲ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﻣﻌﺮﰲ ﺑﺎﺳﻞ ،ﻳﻨﺤﺎز إميﺎﻧ ٍّﻴﺎ إﱃ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﳌﻨﺰﻟﺔ اﻟﻮﻃﻴﺪة ﰲ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳﻞ وﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ ؛ "إن رﺳﻮﻟﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﺒﺌًﺎ ﻛﺒ ًريا ﻣﺜﻞ ﻋﺐء اﻟﻨﺒﻮة ﺛﻼﺛﺔ وﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﺑﺈﻳﻔﺎء ﺣﻖ وﻇﻴﻔﺘﻪ ﺑﻨﺠﺎح ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈري" .وﻷن ﻛﻮﻟﻦ ﺗﻮﺧﻰ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺘﺴﻨﻦ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻬﻮ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ اﻻﺗﺒﺎﻋﻴﺔ ،ﺗﺮﺷﻴ ًﺪا ﻟﻸﺗﺒﺎع ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻧﻮا اﺗﺒﺎﻋﻴني ﻋﻦ ﺟﺪارة. واﻟﺘﺎﺑﻌﻮن -ﻛام ﻧﻌﻠﻢ -ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮﻳني؛ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﺎﺑﻊ اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﳌﺮاﻋﻲ ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻛﻤﻞ اﻟﻨﺒﻲ 26
،وﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﺎﺑﻊ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﳌﺮاﻋﻲ ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻟﻠﺪاﻋﻴﺔ، ﴪا دا ٍّﻻ ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺨريات .ﺿﻤﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﺪاﻋﻴﺔ ﺟ ً واﻟﻌ َﺼﺐ ﻫﺬه اﻟﱰاﺗﺒﻴﺔ ﺗﺘﺄﺳﺲ اﻟﺠامﻋﺎت اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ ُ اﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ وﻳﻨﺘﻈﻤﻬﺎ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺨريي .ﻓﺈذا ﻣﺎ اﻃﺮد اﻟﺤﺮاك وﺗﺠﺬرت اﻟﺜﻮاﺑﺖ واﻃﺮدت اﳌﺴرية ،ﻳﺄيت اﻻمنﺤﺎء واﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻓﺘﺘﻮﻃﺪ اﻟﺼﻠﺔ ﺑني اﻟﻔﺮع واﻷﺻﻞ، ﺑني اﻟﻌﺒﺪ واﻟﺮب ،ﺑﻌﺪ أن ﻳﺘﻢ ﺗﺨﺮﻳﺞ اﻟﻔﻴﺎﻟﻖ ،وﻳﻜﱪ اﻻﺣﺘﻴﺎط اﻟﻨﻮﻋﻲ ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴني. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻻﺣﺘﺠﺎب اﻟﺬي ﻳﻠﺘﺰﻣﻪ أوﻟﻮ اﻟﺼﻼح ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺤﺮﻛﺎت واﻃﺮاد ﻋﻄﺎﺋﻬﺎ ،إذ ﻳﺘﺤﻮﻟﻮن إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﺳﺘﻤﺪادي إﻟﻬﺎﻣﻲ ﺗﻌﻢ ﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﺣﻴﺜام ﺗﻮﺳﻌﺖ ﺣﺪود اﻟﺪﻋﻮة واﻣﺘﺪت أﺑﻌﺎدﻫﺎ .إﻧﻬﻢ ﻏري ﻣﻌﻨﻴني ﺑﺘﺎﺗًﺎ ﺑﺠﻨﻲ اﻟﺜﻤﺮة ،ﻷن ﺳﻌﺎدﺗﻬﻢ؛ ﰲ رؤﻳﺔ اﻷﺗﺒﺎع ﻗﺪ رﺷﺪوا وﻧﻀﺠﻮا وأﺿﺤﻮا ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻓﺎء ﻟﺮﺳﻮل اﻟﻠﻪ ،إذ ﻻ ﻗﺪاﺳﺔ ﰲ اﻹﺳﻼم ﻟﻐري اﻟﻠﻪ. وإن ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻜﺲ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ،ﻫﻮ ﴎﻋﺔ ﺗﻬﺎﻓﺖ اﳌﺆﺳﺴني ﻋﲆ ﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺮة ،ﻓﻼ ﻳﱰددون ﰲ أﻛﻠﻬﺎ ُﻣ ﱠﺮة ﺣﴫ ًﻣﺎ ،ﻷن اﻷﻋامل اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ وازﻋﻬﺎ ﺣﺴﺎب اﻟﺮﺑﺢ واﳌﻜﺴﺐ ،واﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﻦ مثﺔ ﻗﺴﻴﻤﻬﺎ" .ﻓﺎﻷﻧﺒﻴﺎء أﺳﻮة ﺣﺴﻨﺔ ﻟﻨﺎ وﻫﻢ أمئﺘﻨﺎ ،ﻓﻜام ﻧﺘﺒﻊ اﻹﻣﺎم ﰲ اﻟﺼﻼة ﻧﺘﺒﻊ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺤﻴﺎة وﻧﻘﺘﺪي ﺑﻬﻢ ،ذﻟﻚ ﻷن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ ميﺜﻠﻬﺎ ﻧﺒ ّﻴﻨﺎ واﻷﻧﺒﻴﺎء اﻵﺧﺮون. واﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺳﻮل اﻗﺘﺪوا ﺑﻪ ،ﻟﺬا وﺻﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﻮن ﻟﻬﻢ إﱃ ﻫﺬه اﳌﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺑ ّﻴﻨﻬﺎ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪ" :ﺧري اﻟﻨﺎس ﻗﺮين، ﺛﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻮﻧﻬﻢ ،ﺛﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻮﻧﻬﻢ" )رواه اﻟﺒﺨﺎري( واﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻬﻢ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻻﻟﺘﺰام مبﻘﺮرات ﺳﻨﻨﻬﻢ ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﻬﻢ ﻗﻠﺒ ٍّﻴﺎ وﺟﻮارﺣ ٍّﻴﺎ) .ص (٦٢/٦١:ﺑﺘﴫف
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
مكانة السنَّة يف مرشوع األستاذ كولن
nesemat.com
إن ﻛﻮﻟﻦ إذ ﻳﻔﺘﺄ ُﻳ َﻨ ﱢﺒﻪ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺎد ﺑﻨﺎﺋﻲ وﻣﻐﺎﻟﺒﺔ وﻋﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻓﻸﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻬﺬه اﻟﺼﻔﺎت أن ﺗﻨﻐﺮس ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻨﺎﻫﻀﻴﻦ ﺑﻤﺸﺎرﻳﻊ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ،إذ ﻳﻤﺜﻠﻮن ﻟﻪ ﻃﻼﺋﻊ ﻓﺠﺮﻳﺔ رﻳﺎدﻳﺔ ﺳﺘﻠﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻣﺪود ،ﻟﺘﻜﺒﺮ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﺒﻠﻴﻐﻴﺔ وﺗﻤﻸ اﻵﻓﺎق. ﺎب اﻟﺴري ِة ﻳﻌﺘﱪوﻧﻪ وإﻧﻪ ﻟﻴﺘﻤﻌﻦ ﰲ ﻣﺎ دأب ُﻛ ﱠﺘ ُ اﻧﻜﺴﺎرات ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﺮﺳﻮل ﰲ ﴏاﻋﻪ ﺿﺪ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ، ﻓﻴﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ زاوﻳﺔ اﳌﺂل ،ﻓﺈذا ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ اﻧﻜﺴﺎرات أو ﻫﺰاﺋﻢ ،إمنﺎ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎت إﻟﻬﻴﺔ ﺗﺼﻠﺒﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﺪﻋﻮة واﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﻘﻮة واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﳌﴤ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ُﻗﺪ ًﻣﺎ، دروﺳﺎ إﱃ اﻟﺨ َﻠﻒ واﻷﻣﺔ وأﺿﺤﺖ ﺑﻮاﻋﺜﻬﺎ وﻋﻮاﻣﻠﻬﺎ ً ﺗﻌﺼﻤﻬﺎ -ﻣﺘﻰ مل ﻳﺠﺎﻧﺒﻬﺎ اﻟﺮﺷﺪ -ﻣﻦ اﻟﻌﺜﺎر. ﻓﺎﻟﻬﺰميﺔ ﺗﻜﻮن ﺣني ﺗُﺜﻨﻴﻨﺎ اﻟﻌﻮاﺋﻖ ،وﺗﻜﴪ ﻓﻴﻨﺎ ﻋﻤﻮد اﻟﻬﻤﺔ واﻟﻜﺮور ،وﺗﺼﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﺳﻮاء اﻟﺴﺒﻴﻞ ...إمنﺎ ﴍط اﻧﺘﺼﺎر ﻣﻌﺎرك اﻟﺤﻖ ،أن ﻳﺘﺠﻤﻞ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﱪ وروح اﳌﻄﺎوﻟﺔ؛ ﻓﻜﻞ ﺧﻄﻮة ﺧﻄﺎﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﺨﻄﻮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﻓﻠﻢ ُ ﻳﺨﻂ ﺧﻄﻮة واﺣﺪة إﱃ اﻟﺨﻠﻒ.
nesemat.com
استقراء السرية وقوانني النجاح
إن فلسفة الدعوة لدى كولن ،انبنت عىل أسس التزامية اقتدائية احتسابية ،تتوخى إحياء السنة تخليصا لإلنسان املسلم ،مام وبعث تعاليمها، ً حاق به من فكر جحودي شنيع.
ذﻟﻚ ﻷﻧﻨﺎ ﺑﺈﺷﺮاك اﻟﻘﻮى اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ،وإﺳﻨﺎد اﻟﻤﻬﺎم إﻟﻴﻬﺎ، ودﻋﻤﻬﺎ ﺑﺄوﻟﻲ اﻟﺤﺼﺎﻓﺔ واﻟﺪﻫﺎء واﻟﺒﺼﻴﺮة ،ﻧﻀﻤﻦ اﻻﺳﺘﻤﺮار وﻧﻬﻴﺊ ِ اﻟﺨﻠﻔﺔ وﻧﺮاﻫﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ،وﻧﻜﻔﻞ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻤﺼﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﻨﺎﻣﻴﺔ واﻟﺘﻮﺳﻊ ،إذ اﻟﻌﺮاك ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻬﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺮﺷﺎد ،ﻳﻨﻬﺾ ﻛﺬﻟﻚ -وﺑﺼﻮرة أﺣﺴﻢ -ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺪد وﻗﺮن اﻟﻔﺘﻮة ﺑﺎﻟﺤﻠﻢ واﻟﺨﺒﺮة. وﻧﺮاه ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺪاث ﻛـ"ﻫﺪﻧﺔ اﻟﺤﺪﻳﺒﻴﺔ" اﻟﺘﻲ اﻫﺘﺰت ﻓﻴﻬﺎ روح اﻟﺠامﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﺑﻄﺮوء ﻣﺎ مل ﻳﻜﻦ ﻣﻨﺘﻈ ًﺮا ﰲ اﻟﺤﺴﺒﺎن ،وﻳﱰﺳﻢ ﻣﻼﻣﺢ اﻻﻧﺒﻌﺎث وﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻜ ﱠﺮة ﰲ ﻣﺎ ﻻﺑﺲ ذﻟﻚ اﻟﻈﺮف اﻟﺼﻌﺐ ﻣﺴﺘﺨﻠﺼﺎ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺤﺼﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ اﻹﺣﺒﺎط، ً أﻣﻜﻦ ﺑﻬﺎ ﻟﻠﺪﻋﻮة أن ﺗﺘﺨﻄﻰ اﻟﺘﺄزم ،وﺗﺘﺠﺎوز اﻟﺒﻠﺒﻠﺔ ﰲ اﻟﺼﻔﻮف .وإن ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ُﻳﺮﺳﻴﻬﺎ اﻧﻄﻼ ًﻗﺎ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ ،أن إﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﺎب ﻋﲆ ﻣﺒﺪأ خطة تشبيب القيادة ﻟﻘﺪ وﺟﺪﻧﺎ ﻛﻮﻟﻦ -ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره راﺋﺪ ﻣﺸﺮوع ِﺧ ْﺪﻣﻲ اﳌﺮاﺑﻄﺔ ،وﺣﺪة اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺤﺮﻛﺔ ،اﻧﺴﻴﺎ ًﻗﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ وﻋﺪ اﻟﻠﻪ ﻧﻬﻀﻮي -ﻳﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺮة ﺧﻄﺔ ﺗﺸﺒﻴﺐ اﻟﻘﻴﺎدة؛ ﺑﻪ "اﻟﺬﻳﻦ آﻣﻨﻮا وﻋﻤﻠﻮا اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت" ﻣﻦ ﺧري وﺑﺮﻛﺎت. إذ ﻳﺮى أن ﻓﻲ ﻗﺮار اﻟﻨﺒﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ أﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ زﻳﺪ املرأة ومكانتها يف السرية َ درﺳﺎ ﻳﻔﻴﺪ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ واﺟﺐ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺸﺮوع "ﻛﻮﻟﻦ" ﻣﻔﺘﻮح اﻵﻓﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﻀﺔ، ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺠﻴﺶً ، ﻣﺮاﻋﺎة اﻟﺘﺠﺪد ﻓﻲ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .وﻟﺬا ﻧﺮاه )ﻛﻮﻟﻦ( ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﺘﻲ ﻗ ّﻮم ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن "اﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﺤﺠﺮ ﻳﺮﺷﺪ "ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ" وﻳﻮﺟﻪ ﻣﺘﻨﻮرة اﻷﻣﺔ وﻗﺎدة اﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻫﺬه اﻟﻨﻬﻀﺔ" ،ﺗﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺮأي واﻟﺤﺮاك ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﻞ وﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺨﻮض ﻏﻤﺎر اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺴ ﱠﻨﺔ اﻟﻤﻄﻬﺮة ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﻓﻲ واﻻﺳﺘﻨﻬﺎض ،إﻟﻰ وﺟﻮب اﻻﻧﺘﻔﺎع ﻣﻤﺎ ﺗﻜﺘﻨﺰ ﺑﻪ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﺑﻴﺎن درﺟﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺪ ،وﻣﺴﺘﻮى اﻟﺮﺳﻮل ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﺎر اﺳﺘﺰراع ﻃﺎﻗﺎت اﻟﻔﺘ ﱠﻮة ،اﻹﻧﺎﻃﺔ اﻟﻤﺴﻨﺪة ﱟ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻷداء واﻹﻧﺠﺎز. 27
مقاالت وﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﺳﺎس واﻷرﺿﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ رؤﻳﺔ اﻟﺪاﻋﻴﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻮﻗﻌﻨﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺣﺮاك اﳌﺮأة ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﺘﺤ ﱠﻔ ًﻈﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻮﻫﻤﻨﺎه -ﺧﻄﺄ -ﻣﻦ ﻣﺼﺎدرة ﳌﻜﺎﻧﺔ اﳌﺮأة ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺎ ﱠ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﴩع ،ﻏري أﻧﻨﺎ رأﻳﻨﺎ ﻛﻮﻟﻦ -وﻛﺸﺄﻧﻪ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺒﺎدئ اﻟﴩﻋﻴﺔ -ﻳﺴﺘﺤﴬ ﻣﻦ اﻟﺴرية اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﻨرية ً ﺣﺎﺳام ﰲ اﻻﻧﻌﻄﺎف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺮأة ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺎﻣ ًﻼ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة ﻣﻦ اﺗﺠﺎه إﱃ اﺗﺠﺎه ،ﺑﺪ ًءا ﻣﻦ ﺗﺒ ّﻨﻲ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﻟﻠﻮﺣﻲ وإﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺪﻋﻮة دون ﺣﺴﺎب ،إﱃ ﺻﱪ أﻣﻬﺎت اﳌﺆﻣﻨني ﻋﲆ اﻟﺒﻼءات اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﺘﻬﻦ ﻟﻘﺮﺑﻬﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ ،إﱃ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺘﻌﻀﻴﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻟﺒﻌﻀﻬﻦ ﰲ أوﻗﺎت اﻷزﻣﺔ )ﻣﻮﻗﻒ أ ّم ﺳ َﻠﻤﺔ ﻳﻮم اﻟﺤﺪﻳﺒﻴﺔ( ،إﱃ ﻣﻨﺎﺿﻠﺔ ﺑﻌﻀﻬﻦ ﺑﺎﻟﺴﻬﺎم دﻓﺎ ًﻋﺎ ﻋﻨﻪ )ﺛﺒﺎت ﻧﺴﻴﺒﺔ ﺑﻨﺖ ﻛﻌﺐ أم ﻋامرة( وﻣﺤﺎﻣﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺠﺴﺪﻫﺎ وﺳﻼﺣﻬﺎ ،واﻟﺴﻬﺎم ﺗﻨﻮﺷﻪ ﰲ أدق ﺳﺎﻋﺎت أﺣﺪ؛ إذ اﻧﱪت ﺗﺤﻤﻲ وﺗﺪﻓﻊ وﺗﻬﻴﺐ ﺑﺎﳌﺼﺪوﻣني؛ "وﻛﻢ ﻫﻮ ﺣﺎﺳﻢ ﺻﻮت اﻟﺤﺮة ﺣني ﻳﻌﻠﻮ ،ﻳﺤﺪو إﱃ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻧﻔﺎﺣﺎ ﻋﲆ اﻟﻜﺮاﻣﺔ". واﳌﻮت ً ﻣﻦ ﺗﺘ ﱡﺒﻊ ﻳﻘﻆ ﻟﺴرية اﻟﺒﻄﻼت ﻣﻤﻦ اﺣﺘﻠﻠﻦ اﻟﺼﻒ اﻷول ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ وﻗﺎﺋﻊ اﻟﺪﻋﻮة وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﺒﺪأ ﻣﺴﺎواة اﻟﺮﺟﻞ واﳌﺮأة ﰲ اﻹﺳﻼم ،ﻓﻜﻠام اﻗﺘﻀﺖ اﻟﺤﺘﻤﻴﺎت ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻤﺔ أن ﺗﺴﻔﺮ ﻋﻦ وﺟﻬﻬﺎ ،ومتﺘﺸﻖ اﻟﺴﻴﻒ أو اﻟﻘﻠﻢ ،اﳌﺒﻀﻊ أو اﳌﺠﺮﻓﺔ ،ﺑﺎدرت إﱃ اﻟﺘﺠﻨﺪ دومنﺎ ﺗﺮدد ،ﻣﺴﻨﻮدة ﰲ ذﻟﻚ ﺑﺤامﻳﺔ اﻟﻠﻪ ورﻋﺎﻳﺘﻪ... ﻓﻬﻲ ﰲ اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻛام ﰲ اﻟﺤﻘﻮق ﻣامﺛﻠﺔ ﻷﺧﻴﻬﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء ،ﻳﻘﻮل ﻛﻮﻟﻦ" :مل ﺗﻜﻦ ﻣﻬﺎﻧﺔ اﳌﺮأة وﺗﺤﻘريﻫﺎ واﻟﺤﻂ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻗﺎﴏة ﻋﲆ ﻋﺮب اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ وﺣﺪﻫﻢ، ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮ ًدا ﰲ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺮوﻣﻴﺔ واﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ،ﻟﺬا ميﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ اﻹﺳﻼم ﻓﻴام 28
ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﺎمل اﳌﺮأة ﺑني ﻋﺮب اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔُ ،ﻳﻌ ّﺪ ﻋﻤ ًﻼ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ اﳌﺮأة ﻋﲆ ﻧﻄﺎق اﻟﻌﺎمل ﺑﺄﴎه").ص(٢٩: ﻳﻀﻴﻒ" :اﳌﺮأة واﻟﺮﺟﻞ ﻧﺼﻔﺎن ﻣﺘﻜﺎﻣﻼن ،وﻻ ﻗﻮاﻣﺔ ﻷﺣﺪﻫام ﻣﻦ ﻏري اﻵﺧﺮ .ﻓﻼ ﺗﺰال اﳌﺮأة ﺣﺘﻰ ﻟﺪى اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻮن اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻴﻨام ﻧﺤﻦ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﺼﻒ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮاﺣﺪة ،ﻓﻬﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻔﻊ اﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ ﺑﺪوﻧﻪ ،وﻣﻦ اﺟﺘامع اﻟﻨﺼﻔني ﻳﺘﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻮﺣﺪة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة .ﻓﻠﻴﺲ ﰲ اﻹﺳﻼم ﺗﻔﺎﺿﻞ ﺑني اﻟﺬﻛﺮ واﻷﻧﺜﻰ ،وﻫﺬا ﻣﺎ أﻇﻬﺮه اﻟﺮﺳﻮل ﺑﻨﻔﺴﻪ ،وأﺑﺎﻧﺖ ﻋﻨﻪ اﻟﺴ ﱠﻨﺔ اﳌﺰﻛﺎة ﰲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻮاﻃﻦ") .ص(٢٩٣ وﺧﺘﺎ ًﻣﺎ ،ﻓﻼ رﻳﺐ أن ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺪاﻋﻴﺔ ﻛﻮﻟﻦ -وﻛﻞ رﺑﺎين -ﻟﻠﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﻳﻢ ،أوﺷﻜﺖ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻄﺮة ﺗﻨﺒﻊ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺪاد ﻋﺸﻘﻲ، ﺗﻐﺪو ﺑﻪ اﻟﻨﺒﻮة ﻫﻲ اﳌﺤﺒﻮب اﻟﺬي ﻳﻮﻟﱢﻪ اﻟﻘﻠﺐ، وﻫﻲ اﳌﻌﺸﻮق اﻟﺬي ﻳﺸﻐﻒ اﻟﻔﺆاد؛ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﻠﻮك اﳌﻮاﻇﺒﺔ ﻋﲆ ﺗﺄدﻳﺔ اﻟﺼﻼة اﻟﺘﻲ ﺑﺪأﻫﺎ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻋﻤﺮ اﻟﻐﻀﺎﺿﺔ ،إﺣﺪى اﻟﻌﺘﺒﺎت اﻟﺘﻲ ارﺗﻘﺎﻫﺎ ،واﴍأب ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻮب ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ اﻷﻧﻮار اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ ،وﻧﺎﻓﺬة ﻳﺴﱰوح ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺴﺎﺋﻢ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ واﻟﺘﺰﻛﻴﺔ ،واﻟﻌﻨﻮب إﱃ وﺟﻪ اﳌﺤﺒﻮب ﰲ ﻛﻞ آن .ﻓﻤﻦ مثﺔ ﻏﺪت ﻋﻨﺪه ﺳﻤﺔ اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻟﻠﺴﻨﺔ واﻟﺴﻠﻒ اﻟﻜﺮام ﺟﺒﻠﺔ وﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ وﺧﻴﺎ ًرا ﰲ ذات اﻵن .ﻓﻼ ﻏﺮو ﻧﺮاه ﻳﺮدد" :أﻧﺎ اﻟﺬي أﺿﻊ ﺟﺒﻬﺘﻲ ﻟﻠﺼﻼة ﻣﻨﺬ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮي ،وأﻧﺎ اﻟﺬي أ ﱠدﻋﻲ أﻧﻨﻲ وﺿﻌﺖ اﻟﻄﻮق ﺣﻮل ﻋﻨﻘﻲ ﻟيك أﻛﻮن ﻗﻄﻤ ًريا ﻟﻪ ". اﳌﺮاﺟﻊ ) (١ﻛﻞ أرﻗﺎم اﻟﺼﻔﺤﺎت ﻣﻌﺰوة إﱃ ﻛﺘﺎب "اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻔﺨﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ" ،ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ :أورﺧﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﻋﲇ ،دار اﻟﻨﻴﻞ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﴩ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻣﴫ ،ط١٤٣٣ ،٧ﻩ٢٠١٢-م.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
حوارات
الخدمة تفجر
ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان ﺗﺠﺮﺑﺔ واﻗﻌﻴﺔ ﺣﻴﺔ زار ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴﺘﺎن أﻛﺎدﻳﻤﻴﺘﺎن وازﻧﺘﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﺠﺰاﺋﺮ؛ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻋﺮوي ،واﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻳﺰري ،ﻣﻨﺎﺷﻂ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻓﻲ إﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق ،ووﺛﻘﻮا ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺤﻮار اﻟﺬي أﺟﺮاه ﻣﻌﻬﻢ ﻧﻮزاد ﺻﻮاش ﺟﺎء ﻓﻴﻪ: "ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻳﺸﻨﺎﻫﺎ واﻟﺰﻳﺎرات اﻟﺘﻲ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻬﺎ ،ﺗﺄﻛﺪ ﻟﻲ أن ﻓﻜﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻗﺪ أﺳﻬﻢ ﺑﺪور ﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻷﻣﻦ اﻟﻤﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ .ﻓﻔﻜﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻄﺒﻌﻪ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻷﻣﻦ واﻟﺴﻼم واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ أي ﺑﻴﺌﺔ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺪاﺧﻞ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ ...ﻓﻔﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﻼﻣﻴﺬ وﺗﻠﻤﻴﺬات ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت واﻟﻌﺮﻗﻴﺎت واﻷﻟﻮان واﻷدﻳﺎن" )ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻋﺮوي(. "ﻻﺣﻈﻨﺎ ﻛﻴﻒ ُﺣﻮﻟﺖ اﻷﻓﻜﺎر إﻟﻰ إﻧﺠﺎزات؛ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ -ﻛﺎن ﻳﺪﻋﻮ داﺋ ًﻤﺎ إﻟﻰ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺷﻜﻞﻣﻠﻤﻮس ،ﻓﻴﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر إﻟﻰ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﺣﻴﺔ ﺗﺴﺮي ﻓﻲ ُ اﺳﺘﺒﺸﺮت ﺧﻴ ًﺮا ﻣﻤﺎ رأﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺘﻨﻮع ،ﺗﻨﻮع اﻟﻨﺎس .ﻟﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺪﻳﻨﻲ ،واﻟﻤﺠﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻠﻐﻮي .ﻓﻬﺬا اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻗﺪ ﺷ ﱠﻜﻞ رواﻓﺪ ﺗﻘﻮي اﻟﻤﺴﻴﺮة اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ" )ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻳﺰري(.
سعيد بويزري
أ.د .ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻳﺰري ،أﺳﺘﺎذ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻮﻟﻮد ﻣﻌﻤﺮي ﺗﻴﺰي وزو ،اﻟﺠﺰاﺋﺮ. أﻣﻴﻦ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺑﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺗﻴﺰي وزو ،وأﻣﻴﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻠﺢ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺗﻴﺰي وزو. ﻟﻪ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت واﻟﻤﻘﺎﻻت واﻷﺑﺤﺎث واﻟﺪراﺳﺎت وﻣﻨﻬﺎ :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻮرﺗﻲ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ واﻟﺒﻘﺮة .ﺷﺎرك ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎت واﻟﺤﻠﻘﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وﻫﻮ ﺿﻴﻒ داﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ .ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷوﺳﻤﺔ واﻟﺠﻮاﺋﺰ واﻟﺪروع. 29
حوارات نوزاد صواش :ﺑﻌﺪ أن ﺣ ﱠﻠﻘﻨﺎ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ وأﺳﺎﺗﺬﺗﻨﺎ اﻷﻛﺎرم إﻟﻰ ﺑﻠ ٍﺪ ﺧﺎرج ﺗﺮﻛﻴﺎ، واﻃﻠﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺎﺷﻄﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺳﻨﻨﺎﻗﺶ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﻮار ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎه وﻣﺎ رﺻﺪﻧﺎه ﻫﻨﺎك ،اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ و ّﻟﺪت ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ،أﻧﻮاع ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ،ﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻪ ،ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ...ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﻮار ﺿﻴﻔﺎن ﻛﺮﻳﻤﺎن ﻋﺰﻳﺰان ﻣﻌﺮوﻓﺎن؛ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻋﺮوي أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ،واﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻳﺰري ﻣﻦ اﻟﺠﺰاﺋﺮ. أﺳﺎﺗﺬيت اﻟﻜﺮام ،ﻗﻀﻴﻨﺎ ﰲ إﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق ﻳﻮﻣني ،اﻃﻠﻌﻨﺎ ﻓﻴﻬام ﻋﲆ ﺗﺠﺮﺑﺔ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" ﻫﻮ اﳌﻠﻬﻢ ﻟﻬﺎ .ﻧﺤﻦ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻹﻗﻠﻴﻢ )ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق( ﻣﻦ ﺧﻼل أﺧﺒﺎر ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﻮر ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ ،اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﻘﺪميﺔ أﻳﺎم ﺻﺪام ﺣﺴني؛ ﻣﺄﺳﺎت ﺣﻠﺒﺠﻪ ،واﳌﻈﺎمل اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﺮدي ﻫﻨﺎك ...وﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم اﻵن ﺗﻮﺟﺪ داﻋﺶ واﻟﺘﻄﺮف اﻟﺬي متﺎرﺳﻪ ،واﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﺼ ًﻔﺎ. ﻟﻜﻨﻨﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ وﺟﺪﻧﺎ ﻫﻨﺎك رﺟﺎﻻً وﻧﺴﺎ ًء ﺣﻤﻠﻮا ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﳌﺸﺎﻋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﺠﻨﺪي أو اﻟﺴﻴﺎﳼ ،ﺣﻤﻠﻮا ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﻞ اﳌﺪرﺳﺔ ،اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،اﳌﻌﺮﻓﺔ ،وذﻫﺒﻮا إﱃ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق ﺳﻨﺔ .١٩٩٣ ﺷﺨﺼ ٍّﻴﺎ ،ﻟﻘﺪ أذﻫﻠﻨﻲ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ ﻫﻨﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺣ ﱠﺪ َﺛﻨﺎ اﻟﻘﺎمئﻮن ﻋﲆ اﻟﻨﺸﺎط ﻫﻨﺎك ﻋﻦ ﺣﻮاﱄ ٤٠ﻣﺪرﺳﺔ ﻣﻨﺘﴩة ﰲ ٧وﻻﻳﺎت ﻣﻦ أرض اﻟﻌﺮاق ،ﺣﻮاﱄ أﻛرث ﻣﻦ ٣٠ﻣﺪرﺳﺔ ﻣﺘﻮزﻋﺔ ﰲ اﻟﻌﺮاق؛ أرﺑﻴﻞ ،اﻟﺴﻠﻴامﻧﻴﺔ، دﻫﻮك ،ﺣﻠﺒﺠﻪ ،ﻛﺮﻛﻮك ،اﻟﺮﻣﺎدي ،اﳌﻮﺻﻞ -ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻗﺒﻞ 30
داﻋﺶ -ﺑﻐﺪاد ،اﻟﺒﴫة ...ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا ﻋﺎمل ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ،أﺣﺐ أن أﺳﻤﻊ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺗﻜﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ. أﻇﻦ أن ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺰﻳﺎرة اﻷوﱃ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻫﻞ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﻮﻗﻊ أن ﻧﺮى ﻫﺬا؟! وﻣﺎ اﳌﺸﺎﻋﺮ اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺴﺴﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﰲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﱃ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأﻳﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﺨري؟ محمد إقبال عروي :أﻣﺎﻧﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺒﺪاﻳﺔ، ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳌﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﺎﺳﻤﺤﻮا ﱄ أن أرﻛﺰ ﻋﲆ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﻜﻦ ﻟﻬﺎ دﻻﻟﺔ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ُو ﱢﺟﻬﺖ إ ّﱄ اﻟﺪﻋﻮة ﻟيك أزور "إﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮدﺳﺘﺎن" ،ﺣ ﱠﺪ ُ ﺛﺖ ﺑﻌﺾ أﺻﺪﻗﺎيئ وزﻣﻼيئ ﻋام ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ﻋﻨﻪ ،وﻛﺎﻧﺖ اﳌﻔﺎﺟﺄة اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻫﻲ أن ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺣﺬروين ﻣﻦ اﳌﻜﺎن ،ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ أﺧﱪﺗﻪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻮﺟﺴﻮن .ﻟﻜﻦ مبﺠﺮد ﻣﺎ ﺑﺪأﻧﺎ ﻧﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ،وﻧﺨﺮج ﻟﺰﻳﺎرة ﻫﺬه اﳌﺪرﺳﺔ أو ﺗﻠﻚ أو ﻫﺬه اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،أو ﻫﺆﻻء اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺒﺎﺣﺜني ،أو ﻫﺆﻻء اﳌﻔﻜﺮﻳﻦ واﳌﺸﺎﻳﺦ ،ﺗﺮﺳﺦ ﰲ ذﻫﻨﻲ أن ﻫﺬا ﺑﻠ ًﺪا آﻣ ًﻨﺎ. ﻧﺴﺄل اﻟﻠﻪ أن ُمي ﱢﺘﻊ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺳﺎﺋﺮ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎمل ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻟﺴﻼم. ﻟﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺨﱪﺗﻪ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﻈﺎﻫﺮ ،وإمنﺎ ﻳﺴﺄل ﻋﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﺧﻠﻒ ﻫﺬا اﻷﻣﻦ اﻟﺬي -ﻣﻊ اﻷﺳﻒ -ﻻ ﺗُﺼ ِﺪره وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم، أو ﻻ ﺗﺮﻳﺪ -ﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف -أن ﺗﺼﺪره إﱃ اﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﻌﺮيب واﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻌﺎﳌﻲ .ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﺒﺎﺣﺜني اﻻﺟﺘامﻋﻴني ،ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﺪارﺳني ،ﻣﻦ ﺣﻖ اﳌﺤﻠﻠني ،أن ﻳﺒﺤﺜﻮا ﻋﻦ اﻷﺳﺒﺎب ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻳﺸﻨﺎﻫﺎ واﻟﺰﻳﺎرات اﻟﺘﻲ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻬﺎ ،ﺗﺄﻛﺪ ﱄ أن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ّﺑﴩ ﺑﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ -ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ -ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻜﻤﻦ وراء ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒري ﻣﻦ ﻫﺬا اﻷﻣﻦ اﳌﺘﺤﻘﻖ ﻫﻨﺎ .ﻳﺘﺠﲆ ﻫﺬا اﻟﺪور ﰲ أن ﻓﻜﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻄﺒﻌﻪ ﻳﺪﻋﻮ إﱃ أن ُﻳﺴﻬﻢ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الخدمة تفجر ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان
nesemat.com nesemat.com
وﻟﻮ ﻧﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ -اﻷﻣﻦ واﻟﺴﻼم واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﰲ أيﺑﻴﺌﺔ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ .ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺪاﺧﻞ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ .وﻫﺬا اﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﺬي أﴍﺗﻢ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ١٩٩٣إﱃ اﻟﻴﻮم ،ﻳﺆﻛﺪ أن ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ اﺷﺘﻐﻠﺖ ﻣﻦ ﺑني ﻣﺎ اﺷﺘﻐﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ .ﺧﺎﺻﺔ ،وأﻧﻬﺎ ﺗﺮﺳﺨﺖ ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻜﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ أﺳﻤﺢ ﻟﻨﻔﴘ ﺑﺄن أﺗﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ،ﻷﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻣﺘﺨﺼﺼﺎ ﰲ اﳌﺠﺎل ،وﻟﻜﻦ أﺷري إﺷﺎرات ﻋﺎﺑﺮة؛ أﻧﻬﺎ ً ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷﻋﺮاق ،واﻹﺛﻨﻴﺎت ،واﻷدﻳﺎن، واﳌﺬاﻫﺐ ،واﻻﺗﺠﺎﻫﺎت. نوزاد صواش :وﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ اﳌﻨﻄﻘﺔ وﺗﺘﻘﻠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣني ﻵﺧﺮ. محمد إقبال عروي :ﻧﻌﻢ ،ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺸﺎﻛﻞ، ُ ﻻﺣﻈﺖ أن اﻹﻗﻠﻴﻢ ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻬﺎ؛ ﻓﻬﻲ مل ﺗﺼﺪر ﻫﺬه اﳌﺸﻜﻼت ،ﻟﻜﻦ ﻫﻲ ﺿﺤﻴﺔ ﻻﻋﺘﺒﺎرات ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ، ﺣﻀﺎرﻳﺔ ،اﻋﺘﺒﺎرات ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻌﺎﴏة ...إﻟﺦ ،ﻫﻲ ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﳌﺸﻜﻼت .ﻟﻜﻦ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ اﻧﺨﺮﻃﻮا ﰲ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻟﻬﺬه اﻟﱰﺑﻴﺔ وﻫﺬا اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﺘﻤﻴﺰ ﰲ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻗﺪ وﺿﻌﻮا ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ وﺿﻌﻮا ﻣﻦ أﻫﺪاف، أن ﻳﺴﻬﻤﻮا ﰲ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﺬي ميﻜﻦ أن ﻳﻨﻔﺠﺮ ﰲ أي ﻟﺤﻈﺔ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪ ﰲ اﳌﺪرﺳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺗﻼﻣﻴﺬ وﺗﻠﻤﻴﺬات ،ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻌﺮيب واﻟﱰيك واﻟﻜﺮدي ،ﺑﻞ وﻣﻨﻬﻢ اﳌﺴﻠﻢ ،وﻏري اﳌﺴﻠﻢ. ﻓﻨﻮع اﻟﺨﻄﺎب ،ﻧﻮع اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺜﻬﺎ ﻫﺬه اﳌﺪارس، ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺄن ﻳﻨﺸﺄ ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻗﺎدر ﻋﲆ أن ﻳﺘﺠﺎوز ﻫﺬا اﻟﺮﻛﺎم اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻣﻦ اﳌﺸﻜﻼت وﻣﻦ اﳌﺤﻦ وﻣﻦ اﻟﺨﻠﻞ اﻟﺬي ﺗﺴﻠﻞ إﱃ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮيب واﻟﻌﻘﻞ اﳌﺴﻠﻢ. نوزاد صواش :دﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرك ﺗﴩف ﻋﲆ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺼﻠﺢ ﰲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﰲ اﳌﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ
إن فكر األستاذ فتح الله كولن بطبعه ،يدعو إىل أن ُيسهم كل شخص يف تحقيق -ولو بنسبة ضئيلة -األمن والسالم والتسامح يف أي بيئة يعيش فيها ،وهذا الفكر يجعل الرتبية والتعليم مداخل قوية لتأسيس هذه القيم.
واﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﻫﻨﺎك ،ﻫﻞ ﻓﺎﺟﺄﺗﻚ اﳌﻨﺎﺷﻂ اﳌﻮﺟﻮدة ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺪارس ،وﺟﺎﻣﻌﺔ ،وﻣﺆﺳﺴﺎت ﺣﻮار ،وﺟﻤﻌﻴﺎت رﺟﺎل أﻋامل ،ﻋﻤﻞ ﺛﻘﺎﰲ ،ﻋﻤﻞ إﻏﺎيث ...ﻫﻞ ﻛﻨﺖ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻫﺬا؟ ﻛﻴﻒ ﺗﻘﻴﻤﻪ؟ وﻣﺎ دوره ﰲ ﺣﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺰاﻋﺎت واﳌﺸﺎﻛﻞ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ؟ سعيد بويزري :ﻻ ﺷﻚ أﻧﻨﻲ ﺷﻌﺮت ﻛام ﺷﻌﺮ أﺧﻲ ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﺑﺴﻌﺎدة ﻏﺎﻣﺮة متﻸ ﺣﺪاﺋﻖ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ رأﻳﻨﺎ ﻣﻦ إﻧﺠﺎزات وﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻳﻊ .ﻛﻴﻒ ُﺣ ﱢﻮﻟﺖ اﳌﺸﺎﻋﺮ -ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺣﺐ اﻟﺨري -إﱃ إﻧﺠﺎز ﻣﺸﺎرﻳﻊ .ﻓﺘﺤﻮﻳﻞ اﳌﺸﺎﻋﺮ إﱃ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ،ﻫﺬا ﻣﻈﻬﺮ اﻟﺼﺤﺔ .ﻻﺣﻈﻨﺎ ﻛﻴﻒ ُﺣ ﱢﻮﻟﺖ اﻷﻓﻜﺎر إﱃ إﻧﺠﺎزات .اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ -ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ -ﻛﺎن ﻳﺪﻋﻮ دامئًﺎ إﱃ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻘﻴﻢ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻣﻠﻤﻮس ،ﻓﻴﺪﻋﻮ إﱃ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻫﺬه ُ اﺳﺘﺒﴩت اﻷﻓﻜﺎر إﱃ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﺣﻴﺔ ﺗﴪي ﰲ اﻟﻨﺎس .ﻟﻘﺪ ﺧ ًريا ﻣام رأﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺜامر اﻟﺘﻨﻮع ،ﺗﻨﻮع ﰲ اﳌﺠﺎل اﻟﺪﻳﻨﻲ ،واﳌﺠﺎل اﻟﺜﻘﺎﰲ ،واﻻﺟﺘامﻋﻲ اﻟﻠﻐﻮي... ﻓﻬﺬا اﻻﺳﺘﺜامر ﺷ ﱠﻜﻞ رواﻓﺪ ﺗﻘ ﱢﻮي اﳌﺴرية اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ، وﻃﺒ ًﻌﺎ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻨﴗ ﺑﺄن ﻣﻨﻄﻘﺔ أرﺑﻴﻞ واﻟﺴﻠﻴامﻧﻴﺔ واﻟﻌﺮاق -ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم -ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬ ًﺪا ﻟﺤﻀﺎرات ﻛﺒرية ﺟ ٍّﺪا ،ﻣﻦ أﻗﺪم اﻟﺤﻀﺎرات .وﻣﺪﻳﻨﺔ أرﺑﻴﻞ ﺑﺎﻟﺬات ﻣﻦ اﳌﺪن اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ مل ﺗﻨﻘﻄﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻨﺬ أﻛرث ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ اﻵف ﺳﻨﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺗﺮاﻛامت وﻣﺸﻜﻼت ﻛﺜرية ﺟ ٍّﺪا ﺗﺮاﻛﻤﺖ وﻋﻄﻠﺖ ﻫﺬه اﳌﺴرية، 31
حوارات ﻓﺄﺗﺖ ﻣﺪرﺳﺔ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻟﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه؛ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﻨﻬﻮض اﻟﺤﻀﺎري ،ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ اﻹﺳﻼم ﰲ ﻗﻴﻤﻪ وﻣﺒﺎدﺋﻪ ،ﰲ ﺑﻨﺎء اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻳﺒﻨﻲ اﻟﺤﻀﺎرة. وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺤﻀﺎرة ﻻ ميﻜﻦ أن ﺗﻘﺎم إﻻ ﺑﺎﻻﻫﺘامم ﺑﺎﻟﻌﻨﴫ اﻷﺳﺎس وﻫﻮ "اﻹﻧﺴﺎن" .ﺛﻢ ﻣام أﻋﺠﺒﻨﻲ ﻛﺜ ًريا ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻮع ﰲ اﳌﻨﺎﺷﻂ؛ ﻓﻠﻢ ﺗﻨﴫف اﻟﺠﻬﻮد إﱃ ﻣﺠﺎل ﻣﻌني ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﴐة ﺣﻀﻮر اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ )ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ( ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺠﺎﻻت ،ﻓﻜﺄﻧﻬﺎ ﻓﺠﺮت ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﺨري اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ اﻹﻧﺴﺎن .ﻓﻨﺠﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻣﻬﻴﺌني ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻓـ"اﻟﺨﺪﻣﺔ" اﺳﺘﺜﻤﺮت ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﻬﻴﺄ ﻟﻠﻤﺠﺎل اﻟﱰﺑﻮي ،أو اﳌﺠﺎل اﻹﻋﻼﻣﻲ ،أو ﻣﺠﺎل اﻷﻋامل واﻷﻣﻮال ...ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻴﻪ ،واﺳﺘﺜامر ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺎت ،ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ،واﺟﺘﻬﺎد ﻣﻦ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" .رأﻳﻨﺎ اﻟﴚء اﻟﻜﺜري ،ﻧﺴﺄل اﻟﻠﻪ ! أن ﻳﺤﻮل ﻫﺬه اﳌﻨﻄﻘﺔ إﱃ ﻗﻠﻌﺔ ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻛﺒرية ،متﻬﻴ ًﺪا ﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺤﻀﺎرة اﳌﻔﻘﻮدة ،ﺳﻮاء ﰲ ﻫﺬه اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺰﻳﺰة إﻟﻴﻨﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ اﻟﻌﺮاق ،أو ﰲ رﺑﻮع اﻷﻣﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ. نوزاد صواش :دﻛﺘﻮر إﻗﺒﺎل ،أﻋﺮف اﻫﺘامﻣﻚ ﺑﺎﻟﻔﻦ واﻷدب ،وأذﻛﺮ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ ﻣﻦ اﳌﺠﺎﻟﺲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﻠﺲ اﳌﺪرﺳﻮن واﳌﺪراء ﻳﺤﺪﺛﻮﻧﻨﺎ ﻋﻦ أﻳﺎﻣﻬﻢ اﻷوﱃ )اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎت( أﻳﺎم اﻟﺤﺮب ،ﺧﺮج اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ أرﺑﻴﻞ ،وﺗﺤﻮﻟﺖ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻬﺠﻮرة ،ﻟﻜﻦ اﳌﺪرﺳني ﺑﻘﻮا ﻫﻨﺎك ومل ﻳﺨﺮﺟﻮا ،أﻧﺖ ﻗﻠﺖ ﻫﺬا ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﻜﻮن ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮ ﻟﻔﻴﻠﻢ واﻗﻌﻲ ،ﻓﻬﻞ ميﻜﻦ أن ﺗﺼﻒ ﻣﺎ ﺣﺪﺛﻨﺎ اﳌﺪرﺳﻮن ﻋﻨﻪ؟ محمد إقبال عروي :ﻓﻌ ًﻼ ،أﺳﺘﺎذي ﻧﻮزاد أﺳﺘﺴﻤﺤﻚ ﻗﺒﻞ أن ﻧﻔﺘﺢ ﻫﺬه اﻟﻮاﺟﻬﺔ واﺳﺘﺌﻨﺎ ًﻓﺎ ﳌﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﺳﺘﺎذي اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺳﻌﻴﺪ ،ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﺬا اﻻﻧﺨﺮاط 32
اﻟﺬي ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻣﺘﻨﻮع وﻣﺘﻌﺪد ،ﻳﻌﻮد إﱃ ﻋﻘﻞ ﻳﺤﺴﻦ اﻟﺘﺪﺑري ،وﻳﺤﺴﻦ اﺳﺘﴩاف اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺬي ميﻜﻦ أن ﻳﻔﻴﺪ اﻷﻣﺔ .ﻷول ﻣﺮة أﺷﻌﺮ وأﻧﺎ أﺗﺎﺑﻊ ﻣﻨﺎﺷﻂ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ أرﺑﻴﻞ أﻧﻪ مل ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﳌﺘﻨﻮع اﳌﺘﻌﺪد إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﻬﺎرة دﻗﻴﻘﺔ ﰲ اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ .أزﻣﺘﻨﺎ اﻟﻴﻮم -وأﻧﺎ ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺮيب -ﻻ ميﻜﻦ أن ﻧﺪﺧﻠﻬﺎ ﰲ ﺧﺎﻧﺔ اﻟﻴﺄس واﻷزﻣﺔ واﻟﺨﻠﻞ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻳﻘﺘﴤ أن ﻧﻘﻮل ﻫﺬا اﻟﻜﻼم؛ ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺐ ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ وﻧﺮﻳﺪ ﻟﻜﻞ ﺑﻘﻌﺔ ﰲ ﻋﺎﳌﻨﺎ اﻟﻌﺮيب واﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺑﻞ ﻧﺮﻳﺪ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﺎء أن ﺗﻜﻮن ﰲ أﺣﺴﻦ ﺣﺎل ،ﺳﻮاء ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻨﻔﴘ ،أو ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،أو ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﱰﺑﻮي ،أو ﰲ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﺴﺘﻮﻳﺎت. ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﺠﻠﺪ ذواﺗﻨﺎ أو أﻧﻨﺎ ﻧﻨﺘﻘﺪ ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ ،ﺑﻞ ﻳﻘﺘﴤ أن ﻧﺬﻛﺮ أن اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺤﺪ اﻟﺴﺎﻋﺔ -وﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ وﻣﻦ ﺑﻌﺪه اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮيب -مل ﻳﻮﻓﻖ إﱃ ﺗﺸﺨﻴﺺ دﻗﻴﻖ ﺣﻜﻴﻢ ﻷزﻣﺔ اﻷﻣﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻇﻬﺮت ﺗﻮﺻﻴﻔﺎت ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻛﺎن ﻗﺎﴏا ،وﻣﻌﻈﻤﻬﺎ أﺑﻘﻰ ﻋﲆ اﻷزﻣﺔ ،وﻫﻮ ﻧﺎﻗﺼﺎ ً ﺗﻮﺻﻴ ًﻔﺎ ً ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ ﺣﻠﻬﺎ .ﻓﻤﻦ اﻟﺘﻮﺻﻴﻔﺎت ﻣﺎ ﻳﻘﺪم اﻷزﻣﺔ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ أزﻣﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،أو اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺘﻮﺻﻴﻔﺎت ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ أزﻣﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ ،أو ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ...إﻟﺦ. ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻨﻄﻠﻖ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ -وﻫﺬا واﺿﺢ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ وﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ،أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ اﻟﺘﻲ ﺗُﺮﺟﻢ ﻣﻨﻬﺎ إﱃ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ -واﺿﺢ أن اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻛﺎن ﺗﺸﺨﻴﺼﺎ ﻣﺘﻜﺎﻣ ًﻼ ﻣﺘﻮازﻧًﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ مل ُﻳﻐ ِﻔﻞ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ ﻣﻦ ً اﻟﺠﻮاﻧﺐ .ﻫﺬا اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ اﳌﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﺸﺎﻣﻞ اﳌﺘﻮازن، ﻫﻮ اﻟﺬي ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ﰲ ﺑﻴﺌﺎﺗﻨﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ أﻧﺖ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻔﺼﻞ اﳌﻨﺎﺷﻂ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻋﻦ ﻏريﻫﺎ ﰲ
الخدمة تفجر ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان
اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﱰﺑﻮي أو اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﻫﻜﺬا .وﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ أن ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ مل ﻳﻨﺨﺮط ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل إن ﺳﺒﺐ أزﻣﺎﺗﻨﺎ ﻫﻲ أﺳﺒﺎب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،وأﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻐري اﻷﻧﻈﻤﺔ ﺗﺘﻐري اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﻌﺪل واﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﴪ أﻧﻨﺎ زرﻧﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﳌﻨﺎﺷﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ؛ زرﻧﺎ ﻣﺆﺳﺴﺔ رﺟﺎل اﻷﻋامل، وﻣﺆﺳﺴﺎت ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ،زرﻧﺎ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،وﻣﺆﺳﺴﺎت إﻋﻼﻣﻴﺔ ﰲ أرﺑﻴﻞ .وﻗﺪ ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻷﺳﺎﺗﺬة ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻏﺎيث ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﰲ ﻟﺤﻈﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ إن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺘﺸﺪﻗني ﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺑﺨﺪﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓ ّﺮوا ﻣﻦ أرﺑﻴﻞ ،ﻓ ّﺮوا ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻴامﻧﻴﺔ ،ﻓ ّﺮوا ﻣﻦ ﻛﺮﻛﻮك ،ﻓ ّﺮوا ﻣﻦ ﺑﻐﺪاد ،ﻟﻜﻦ ﻣﺪارس "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﺑﻘﻴﺖ ﻫﻨﺎك ﺗﺘﻮﱃ ﺷﺄن اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻷﺑﻨﺎء ﺗﻠﻚ اﳌﻨﺎﻃﻖ .وﻫﺬا اﻟﺬي أﺛﺎر اﻧﺘﺒﺎﻫﻲ ،مل ﻧﺰر ﻣﻘﺮ ﺣﺰب ﳌﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن اﻟﺸﺄن اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻏري داﺧﻞ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﺬي أدﺧﻠﻪ مبﻮﺟﺒﻪ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮيب ،ﻓﺎﺷﺘﻐﻞ مبﺎ ﻫﻮ ﺳﻴﺎﳼ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب اﳌﻨﺎﺷﻂ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﻗﻮي ،إﱃ درﺟﺔ أﻧﻚ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﻴﻢ ﻫﺬه اﳌﻌﺎدﻟﺔ ،أﻧﻪ ﻛﻠام اﻧﺨﺮط اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻓﻘﻂ ﻣﺴﺘﺒﻌ ًﺪا ﻫﺬه اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﺪ ًءا ﺑﺈﺻﻼح ﻧﻔﺴﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﺰﻛﻴﺘﻪ ،وﻣﺮو ًرا ﺑﺘﺼﺤﻴﺢ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﺧﻴﻪ اﻹﻧﺴﺎن ،وﺑﻌﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن مبﻦ ﻳﺨﺎﻟﻔﻪ ﰲ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﳌﺬﻫﺐ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ...إذا ﺣﺘام ﺳﻴﻜﻮن مل ﺗﺴﺘﻄﻊ أن ﺗﺘﻨﺎول ﻣﻮﺿﻮ ًﻋﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ،ﻓﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ ً أداة ﻣﻦ أدوات اﻟﻬﺪم وأﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪه أن ﻳﻜﻮن أداة ﻣﻦ أدوات اﻟﺒﻨﺎء .ﻫﺬا اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ اﻟﻘﺎﴏ ﺗﺠﺎوزه اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ. ﺛﻢ ﻧﻘﻄﺔ أﺧﺮى ﻣﻬﻤﺔ ،ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ رأى ﺑﺮؤﻳﺘﻪ اﻻﺳﺘﴩاﻓﻴﺔ ،أن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﳌﺴﺆوﻟﻴﺎت واﳌﻬﺎم ،وأﻧﻬﺎ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ أن ﺗﺤﻞ ﻣﺸﻜﻼت اﻹﻧﺴﺎن ،ﻣﺸﻜﻼت اﳌﻮاﻃﻦ ،وﺧﺎﺻﺔ اﳌﺸﻜﻼت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ وﺗﺮﺑﻴﺔ وﻃﺒﺎﺑﺔ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ،وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎت وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﻫﻮ أدرك ﺑﺤﺴﻪ وﺑﺮؤﻳﺘﻪ اﻻﺳﺘﴩاﻓﻴﺔ، أن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﻬام ﻛﺎن ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ أن ﺗﻠﺒﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﳌﻄﺎﻟﺐ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﳌﻮاﻃﻨني .ﻓﻠﻢ ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ،وإمنﺎ ﺷﺠﻊ ﻋﲆ إﻧﺸﺎء ﻣﺆﺳﺴﺎت ﺗﻨﺘﻤﻲ إﱃ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ،وﺗﻨﺘﻤﻲ إﱃ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين .وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻓﺈن اﳌﻘﺒﻠني ﻋﲆ دراﺳﺔ ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ مل ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ اﻟﺸﺄن اﻟﱰﺑﻮي اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﻘﻴﻤﻲ ،ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺴﺘﻔﻴﺪوا ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺨﱪة .إﻧﻪ ﻳﺒﴩ ﺑﻬﺬه اﳌﻘﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ اﻵن ﺗﺘﺼﺪر اﻟﺘﺨﻄﻴﻄﺎت اﻹﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﺪول اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ،أو ﻣﺎ ميﻜﻦ أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ "ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻓﻜﺮ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين" .إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻗﻮة ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻗﻮة ﺿﺪ اﻟﺪوﻟﺔ ،وإمنﺎ ﻫﻮ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
محمد إقبال عروي
أ.د .ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻋﺮوي، دﻛﺘﻮراه اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻘﺮآن" ،ﺑﺪﻳﻊ اﻟﻘﺮآن :دراﺳﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﺼﻄﻠﺤﻴﺔ" ،ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب ،ﻇﻬﺮ اﻟﻤﻬﺮاز ،ﻓﺎس. ﻋﻀﻮ راﺑﻄﺔ اﻷدب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻣﻨﺬ .١٩٨٥ ﻣﺴﺘﺸﺎر ﻓﻲ ﺷﺆون اﻷدب واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ واﻟﻔﻜﺮ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، وزارة اﻷوﻗﺎف واﻟﺸﺆون اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺪوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ٢٠٠٥إﻟﻰ اﻟﻴﻮم. ﻋﻀﻮ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻟﻠﻔﻨﻮن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
33
حوارات ﻗﻮة ﻣﻜ ﱢﻤﻠﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،ﺗﺄﺧﺬ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻌﺾ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺎت ﻟﺘﻨﺠﺰﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻦ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﴪ أن أﻋامل اﻹﻏﺎﺛﺔ ﺗﻌﺠﺰ اﻟﺪوﻟﺔ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ ،ﻓﻤﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﻨﺸﺊ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻟﻺﻏﺎﺛﺔ. نوزاد صواش :ﻫﻨﺎك ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﳌﺘﻄﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗُﻌﻨﻰ ﺑﺘﻘﻠﻴﺺ دور اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﻔﻌﻴﻞ دور اﳌﺠﺘﻤﻊ. محمد إقبال عروي :ﻧﻌﻢ ،ﻓﻌ ًﻼ إﱃ درﺟﺔ أﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺼﻮغ ﻗﺎﻋﺪة أﻧﻪ "ﻛﻠام ُﺳﻤﺢ ﺑﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين أن ﺗﻨﺸﻂ وأن ﺗﻌﻤﻞ ،ﺗﻘﻠﺼﺖ اﳌﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎين ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ". نوزاد صواش :دﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ،ﻫﻨﺎك ﺷﺤﺬ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻟﻔﻜﺮة اﻟﺜﻮرة؛ ﻓﺎﳌﻮاﻃﻦ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ أن ﺗﺆ ﱢﻣﻦ ﻟﻪ ﻛﻞ ﳾء ،وإن مل ﺗﻔﻌﻞ ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺜﻮرة ،ﻫﺬا اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﺬي ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺤﻘﻮﻗﻪ -ﰲ ﻇﻞ دوﻟﺔ ﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺪﻣﺎت -ﻳﺆدي ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻘﺎن واﳌﻮاﺟﻬﺔ ﺑني اﻟﻄﺮﻓني ،ﻓﻬﻞ ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ أﻣﺎم ﻃﺮح ﺟﺪﻳﺪ؟ أﻋﻨﻲ ﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﻣﺘﻌﻠ ًﻘﺎ ﺑﺎﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق ﻓﺤﺴﺐ، ﻫﻨﺎك ﺷﻌﻮر ﺑﺎﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ. سعيد بويزري :اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ ﻋﺪة أرﻛﺎن؛ ﻣﻨﻬﺎ رﻋﺎﻳﺔ ﺣﻘﻮق اﳌﻮاﻃﻨني ،وﻣﻨﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻔﻀﺎءات أﻣﺎم اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين ﻟﻴﺆدي دوره .أﺧﻲ ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻗ ْﺒﻞ ﺣ ٍ ني ﻗﺎل إن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﳌﺠﺎﻻت ﺗﻌﺠﺰ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻦ أداﺋﻬﺎ ،ﻓﺈذا ُﺳﻤﺢ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين أن ﻳﺘﺤﺮك ﰲ اﻟﻔﻀﺎءات اﳌﺘﺎﺣﺔ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺴﻴﺼري ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين ﻣﻜ ﱢﻤ ًﻼ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،وﻫﻜﺬا ﺗﺘﺤﻘﻖ اﻟﻨﻬﻀﺔ. إذن اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑني ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ أو اﻷﻫﻠﻴﺔ. نوزاد صواش :اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ أﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ أﻳﻀً ﺎ 34
ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ؟ سعيد بويزري :ﻧﻌﻢ ،أﻗﺼﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻷﻫﻠﻴﺔ، أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻮاﺟﺒﺎت واﻟﺤﻘﻮق ،ﻓﺈذا ﻋﺪﻧﺎ ﻟﴩع اﻟﻠﻪ ! ميﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن اﳌﺴﻠﻢ ﻣﻜ ﱠﻠﻒ ،وﻫﻨﺎك ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﻌﺮوف ﰲ اﻟﴩﻳﻌﺔ وﻫﻮ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ،ﻓﺈذا ﻏ ﱠﻠﺒﻨﺎ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ أو اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻮق ﺗﺤﻘﻘﺖ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل اﻟﺤﻴﻮي .ﻟﻘﺪ ُأﻣﺮﻧﺎ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ ،وﻫﻨﺎ أﺳﺘﺤﴬ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﺒﺪﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎن ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻨﻮرﳼ -رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -ﻳﻘﻮل" :ﻟﻮﻻ اﻟﺪﻳﻦ ﻟﺘﺤﻮﻟﺖ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﱃ ﺳﺠﻦ رﻫﻴﺐ" ،واﻟﻘﺮآن ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﺄﻗﻮل إن أداء اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻫﻮ أﻛﱪ ﺿامﻧﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻮق ﻫﺬه ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ -أﻣﺎ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﻟﻐﺔ اﻟﺤﻘﻮق ،وﻛﻞإﻧﺴﺎن ﻳﻘﻮل ﺣﻘﻲ ﺣﻘﻲ ﺣﻘﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻀﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق وﺗﻀﻴﻊ اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻣﻌﻬﺎ. نوزاد صواش :ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺠﲆ ذﻟﻚ؟ أو ﻣﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮه ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ؟ سعيد بويزري :ﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻪ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ؛ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻣﺴﺆول ،ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻳﻘﻮل" :ﻛ ﱡﻠﻜﻢ ر ٍاع وﻛ ﱡﻠﻜﻢ ٌ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ رﻋ ﱠﻴﺘﻪ" )ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ( .ﻓﻬﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻳﺤ ﱢﻤﻠﻨﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ ،ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ أداء اﻟﻮاﺟﺒﺎت .ﺛﻢ إﻧﻨﺎ ﺳﻨﺴﺄل أﻣﺎم اﻟﻠﻪ ! وأﻣﺎم اﻟﺘﺎرﻳﺦ وأﻣﺎم اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻋﻦ أداء واﺟﺒﺎﺗﻨﺎ .ورﺑﻨﺎ ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ ﰲ آي اﻟﻘﺮآنَ :و ُﻗﻞِ ا ْﻋ َﻤ ُﻠﻮا ،ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞَ :ﻓ َﺴ َ َريى اﻟ ﱠﻠ ُﻪ َﻋ َﻤ َﻠ ُﻜ ْﻢ َو َر ُﺳﻮ ُﻟ ُﻪ َوا ْﻟ ُﻤ ْﺆ ِﻣ ُﻨ َ ﻮن )اﻟﺘﻮﺑﺔ .(١٠٦:أﻋﺘﻘﺪ أن أداء اﻟﻮاﺟﺒﺎت وأداء اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ،أﻛﱪ ﺿامﻧﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻮق ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳌﻮاﻃﻨﺔ .اﻵن ُﻳﺘﺤﺪث ﰲ ﻋﺎمل اﻟﻴﻮم ﻋﻦ اﳌﻮاﻃﻨﺔ ،ﻣﻦ ﻫﻮ اﳌﻮاﻃﻦ؟ اﳌﻮاﻃﻦ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺒﻨﻲ وﻃﻨﻪ وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺒﻨﻲ أﻣﺘﻪ ،ﻟﺬﻟﻚ أﻗﻮل ومبﻨﺘﻬﻰ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ،ﻻ ﻧﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻴﺶ ﰲ وﻃﻦ ﻻ ﻧﺒﻨﻴﻪ.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الخدمة تفجر ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان
nesemat.com nesemat.com
نوزاد صواش :اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﺤﻀﺎرة -ﻫﻮ ﻣﺠﺘﻤﻊﻣﺪين؛ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻷوﻗﺎف ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﺢ اﳌﺪارس، واﳌﺼﺤﺎت ،واﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ،وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻓﻨﻲ ﺣﻮل ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع؟ محمد إقبال عروي :ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﴩوع ،ﻻ ﻧﻘﻮل" :ﺑﺪﻳﻞ" ﻋﻦ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﻮاﺟﺒﺎت ،ﺑﻞ ﻣﴩوع ﻳﺤﺎول أن ﻳﻌﻴﺪ اﻷﻣﻮر إﱃ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ .ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ أﺻ ًﻼ ،أﺣﺎدﻳﺔ ﻣﺼﻄﻠﺢ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻫﻲ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻳﻀﺤﻲ ﻣﺪرس اﻟﻮاﺟﺒﺎت واﻟﺤﻘﻮق؛ ﻓﻤﺜ ًﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ ّ وﻳﻬﺎﺟﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ إﱃ أرﺑﻴﻞ -وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻻ ُﻳﺴﻤﻰ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺠﺮة ،ﻷﻧﻨﺎ ﺗﻌﺮﻓﻨﺎ ﻋﲆ أﻧﺎس ﻫﺎﺟﺮوا ﻣﻦ أﻗﴡ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﱃ أﻗﺼﺎﻫﺎ -ﻓﻬﺬا اﻟﺬي ﻳﻬﺎﺟﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻫﻮ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺆدي ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ، ﻟﻜﻨﻪ ﰲ ﺟﻮﻫﺮه ﻫﻮ اﻟﺬي أﺧﺬ ،ﻫﻮ اﻟﺬي اﺳﺘﺤﻖ ﻫﺬه اﻟﺴﻌﺎدة ،اﺳﺘﺤﻖ ﻫﺬا اﻻﺣﱰام ،اﺳﺘﺤﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﺬي ﳌﺴﻨﺎه ﻋﻨﺪ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﻬﺎت وﻫﻢ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋام أﻧﺠﺰﺗﻪ اﳌﺪارس ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﱰﺑﻮي اﻟﻘﻴﻤﻲ ،دون أن ﻧﻨﴗ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻌﻠﻤﻲ واﳌﻌﺮﰲ واﻷﻛﺎدميﻲ .وﻧﺤﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ زرﻧﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ "إِ ِﺷﻚ" )اﻟﻀﻴﺎء( مل ﻳﻜﻦ اﳌﺴﺆوﻟﻮن ﻋﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻣﻨﺎ أن ﻧﺰور اﻷﻗﺴﺎم اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق أو اﻟﺪراﺳﺎت ،ذﻫﺒﻮا ﺑﻨﺎ إﱃ ﻛﻠﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﰲ اﻟﻄﺐ )ﻃﺐ اﻷﺳﻨﺎن( اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﺧﺪﻣﺔ ﻻ ميﻜﻦ ﻷﺣﺪ أن ﻳﻨﻜﺮﻫﺎ .ﻓﻬﻮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺆدي ﻫﺬه اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺛﻢ ﻳﻌﻮد إﱃ ﺑﻴﺘﻪ ﻳﻨﺎم ﻣﺴﺘﻘ ٍّﺮا ﻣﺮﺗﺎح اﻟﺒﺎل ﻣﻄﻤﺌ ٍّﻨﺎ أﻧﻪ أدى واﺟﺒﻪ ،ﻫﺬا أﻛﱪ ﺣﻖ ﺗﺤﻠﻢ ﺑﻪ اﻟﺒﴩﻳﺔ .وﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ اﻟﻴﻮم ،ﰲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ
مدارس الخدمة بإسهاماتها املتميزة ،وبقدرتها عىل نرش ثقافة التسامح والتعايش ،والتفاهم والتقبل ،قادرة عىل أن تقلص حجم القبح الذي ينشأ من جراء ضخ ثقافة اإلقصاء ،وثقافة التهميش ،وثقافة الحقد ،وثقافة الكراهية.
ﰲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻳﺆﻛﺪ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ،ﻳﺆﻛﺪ ﻋﲆ أن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺮﺻﻮن ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻋﲆ أن ﻳﺄﺧﺬوا ﻓﻘﻂ، من ﱡﻮﻫﻢ اﻟﻨﻔﴘ ،وﺣﺘﻰ ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،ﻓﻴﻬﺎ ﳾء ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺘﻮازن .ﻟﻜﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺮﺻﻮن ﻋﲆ اﻟﻌﻄﺎء، ﻳﺤﻘﻘﻮن أﻛﱪ درﺟﺎت ﻣﻦ اﻟﺘﻮازن ،وأﻛﱪ درﺟﺎت اﻟﺴ ْﻠﻢ اﻟﺪاﺧﲇ اﻟﺴﻌﺎدة ،ﻳﺤﻘﻘﻮن أﻛﱪ درﺟﺎت ﻣﻦ ﱢ وﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻻﺟﺘامﻋﻲ. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ ﻗﻀﻴﺔ اﻟـ َﻤ َﺸﺎﻫﺪ؛ ﻓﺨﻼل ﻳﻮﻣني ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ اﻟﻜرثة واﻟﻌﻤﻖ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﲆ ﺗﺬﻛﺮﻫﺎ .ﻓﺄي ﻣﺪرس ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﰲ ﻫﺠﺮﺗﻪ أو ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻷوﻻد ،وﺟﺪﻧﺎه ﻳﻘ ﱢﺪم ﻓﻜﺮة ﻧﴩ اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﺤﻘﻮق اﻷﺧﺮى وﻋﲆ ﻛﻞ اﳌﺘﻄﻠﺒﺎت اﻷﺧﺮى .ﳾء ﻓﻌ ًﻼ ﻳﺜﻠﺞ اﻟﺼﺪر. وﻧﺤﻦ ﻣﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ أن ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻣﻦ أﻓﻘﻬﺎ اﳌﺤﲇ إﱃ أﻓﻘﻬﺎ اﻟﻜﻮين .وأﻋﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ أن ﻧُﻄﻠﻊ اﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺮيب ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺎت. ﻣﺜ ًﻼ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻻ ﺗﺮﻳﺪ ُﻌني ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻧﺎﺋﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﻟﻠﺘﺪرﻳﺲ .ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ أن ﺗ ﱠ ﻳﺸﻜﻮ ﻣﻦ أن ﻳﻘﺬف ﺑﻪ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻧﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ أﺑﺴﻂ ﴐورﻳﺎت اﻟﺤﻴﺎة ،ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُﺗ َﻜ ﱢﻮ ُن إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻲ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ واﻻﺳﺘﻘﺮار ،وأﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﳌﺪﺧﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺻﻴﺎﻏﺔ راﺷﺪة، 35
حوارات ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺚ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ ،ﻓﺴﺘﻜﻮن ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ أن ﺗﻀﻤﻦ أن ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺸﺎﻋﺮ ﺳﺘﺘﺤﻮل، وﺳ ُﻴﻘ ِﺒﻞ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﲆ اﻟﺘﺴﺎﺑﻖ واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ إﱃ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ ﺗﻠﻚ اﳌﻨﺎﻃﻖ .ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻨﻜﺮ اﳌﺤﻔﺰات اﳌﺎدﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ أﻗﻮى ﻣﺤﻔﺰ ﻫﻮ أﻧﻚ ﺗﻘﻮم ﺑﺪور ﻣﻘﺪس ،وأﻧﻚ ﺗﺆدي ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻣﻘﺪﺳﺔ ،وأن ﻣﻦ ﺣﻖ أوﻟﺌﻚ اﻷﺑﻨﺎء اﳌﻮﺟﻮدﻳﻦ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﻌﻴﺪة أن ﺗﺼﻠﻬﻢ اﻟﱰﺑﻴﺔ وأن ﻳﺼﻠﻬﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺣﺒﺬا ﻟﻮ ﺗﻮﺛﻖ ﻫﺬه اﳌﻮاﻗﻒ وﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﻋﱪ أﻓﻼم وﺛﺎﺋﻘﻴﺔ أو ﺗﺘﺤﻮل إﱃ أﻓﻼم ﺳﻴﻨامﺋﻴﺔ ،أﻧﺎ ﻣﺘﺄﻛﺪ أن اﻟﺬي ميﻜﻦ أن ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﻨﺎ ﰲ اﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺮيب ﺳﻴﻜﻮن ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ. نوزاد صواش :ﻓﻌ ًﻼ ،ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺮﻓﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﺪرﺳني ﻫﻨﺎك، أﺣﺪﻫﻢ ﻗﺎل :إﻧﻪ ﺑﻘﻲ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﻮات ﰲ ﻛﺎزاﺧﺴﺘﺎن، وﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﻼﻧﻴﺔ ،أﺣﺪﻫﻢ ﻳﻘﻮلُ :وﻟﺪ أﺣﺪ أﺑﻨﺎيئ ﰲ ﻛﺎﻣﺒﻮدﻳﺎ ،واﻵﺧﺮ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﰲ اﻟﴩق اﻷﻗﴡ ...ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬه منﺎذج ميﻜﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ. محمد إقبال عروي :ﻧﻌﻢ ،ﺣﺘﻰ إين رددت ﻋﻔﻮ ٍّﻳﺎ: ﻧﺤﻦ اﻵن ﺑني ﻳﺪي ﻣﻔﻬﻮم "اﻹﻧﺴﺎين اﻟﻜﻮين" ،ﻓﻤﻦ اﻟﻌﺒﺚ أن ﺗﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺟﻨﺴﻴﺘﻪ .ﻓﻬﺬا اﻟﺬي ﻋﺎش ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﻫﺎﺟﺮ إﱃ روﺳﻴﺎ وأﻧﺠﺐ أﺑﻨﺎءه ﰲ ﻛﺎزاﺣﺴﺘﺎن أو ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ...ﻫﺬا إﻧﺴﺎن ﻛﻮين. نوزاد صواش :أﺳﺘﺎذي ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻊ ﻫﺆﻻء ﻟيك ﻳﻬﺠﺮوا ﺑﻠﺪﻫﻢ؟ ﻫﻞ ﻫﻮ اﳌﺤﻔﺰ اﳌﺎدي؟ ﻟﻘﺪ ﺳﺄﻟﻨﺎﻫﻢ ﻋﻦ رواﺗﺒﻬﻢ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎﻫﺎ ﻏري ﻣﺤ ﱢﻔﺰة ﳌﻦ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳌﺎدة ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. محمد إقبال عروي :ﺻﺤﻴﺢ ،ﻟﻘﺪ ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻋﻦ رواﺗﺒﻬﻢ ،وﻫﻲ ﻋﺎدﻳﺔ ﺟ ٍّﺪا ﺑﺎﳌﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧﺤﻦ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﺎﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻳﺘﻘﺎﴇ 36
اﻟﺮاﺗﺐ اﻟﺬي ﻳﺘﻘﺎﺿﺎه ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺎﻟﺴﻠﻚ اﻟﺜﺎﻧﻮي. نوزاد صواش :إذن ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻌﻬﻢ؟ ﻫﻢ اﻵن ﰲ ١٦٠دوﻟﺔ أو أﻛرث ،وﻫﻢ ﻣﻦ ﻧﺨﺒﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﱰيك ،مل ﻳﺘﺨﺮﺟﻮا ﻣﻦ ﻣﺪارس أو ﺟﺎﻣﻌﺎت ﻋﺎدﻳﺔ ،ﻓﺄي روح ﻫﺬه؟ ﻣﺎ اﳌﻮﺟﻮد ﻋﻨﺪﻫﻢ؟ أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻣﺎ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧﺤﻦ؟ سعيد بويزري :ﻗﺒﻞ أن ﻧﺠﻴﺐ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺷﺎرة إﱃ ﻣﺎ ورد ﰲ ﻛﺘﺎب اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان "وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح"، ﺗﺤﺪث ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ورﺛﺔ اﻷرض ،إذن ﻗﺪ أﺟﻴﺒﻚ أﺧﻲ ﻧﻮزاد ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻘﻂ "ورﺛﺔ اﻷرض" .ﻣﻦ ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﰲ أن ﻳﻜﻮن وار ًﺛﺎ ﻟﻸرض؟ ﻫﺬا اﻟﺘﻮرﻳﺚ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﺒ ًﺔ ُمتﻨﺢ ﺑﻼ ﻣﺴﻮغ وﺑﻼ اﺳﺘﺤﻘﺎق؛ ﺑﻞ ُمتﻨﺢ ﳌﻦ ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ،ﳌﻦ ميﻠﻚ اﳌﺆﻫﻼت .ﻓﻬﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮوا؛ ﺗﺮﻛﻮا أوﻃﺎﻧﻬﻢ وﺗﺮﻛﻮا ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ وﺗﻨﻘﻠﻮا ﰲ ﻫﺬه اﻟﺒﻘﺎع ﻣﻊ اﺧﺘﻼف اﻟﺒﻴﺌﺎت، واﺧﺘﻼف اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ،واﺧﺘﻼف اﻟﺬﻫﻨﻴﺎت .وﺑﻌﻀﻬﻢ أو اﻟﻜﺜري ﻣﻨﻬﻢ ﺳﺎﻓﺮ إﱃ اﳌﺠﻬﻮل ،ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻴﻪ ،وﻻ اﻟﻠﻐﺔ .وﻛﻢ رﺟﻞٍ ﻣﻨﻬﻢ واﺟﻪ ﻋﻘﺒﺎت ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻛﺒرية ﻗﺪ ﺗﺜﺒﻄﻪ وﻳﻌﻮد وﻳﱰاﺟﻊ ...وﻟﻜﻦ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﺷﺪﻳﺪ ﻓام ﻻ ﻳﺪرك ﻛﻠﻪ ﻻ ﻳﱰك ﺟﻠﻪ .أﻋﺘﻘﺪ أن ﻫﺬه ﻫﻲ اﳌﺆﻫﻼت اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ اﺳﺘﺤﻘﻮا ﻫﺬا اﳌﻘﺎم .ﻓﻤﻦ أراد أن ﻳﻌﺮف ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﻠﻴﻨﻈﺮ ﺣﻴﺚ أﻗﺎﻣﻪ. واﳌﺆﻣﻦ ﻛﺎﻟﻐﻴﺚ أﻳﻨام ﺣﻞ ﻧﻔﻊ. ﻓﺎﳌﺆﻫﻞ اﻷول ﻫﻮ اﻹميﺎن ،ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح" ،وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ورﺛﺔ اﻷرض ،ذﻛﺮ اﻟﺼﻔﺔ اﻷوﱃ؛ اﻹميﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ ،اﻹميﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ وﻟﻴﺲ اﻟﻨﺎﻗﺺ ،اﻹميﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ اﳌﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻫﺬا اﻹميﺎن اﻟﺬي ﻳﻦ آ َﻣ ُﻨﻮا َو َﻋ ِﻤ ُﻠﻮا ﻳﻘﱰن ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ رﺑﻨﺎ ﻗﺎل ﰲ اﻟﻘﺮآن :ا ﱠﻟ ِﺬ َ اﻟﺼﺎﻟِ َﺤ ِ ﺎت ،إذن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﴩط اﻷول ،اﳌﻜﻮن اﻷول، ﱠ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الخدمة تفجر ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان
nesemat.com nesemat.com
اﳌﺆﻫﻞ اﻷول ،وﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻹميﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﻟﺬﻟﻚ اﺳﺘﺤﻘﻮا ﻫﺬه اﳌﻨﺤﺔ وﻫﺬا اﳌﻘﺎم. واﳌﺆﻫﻞ اﻟﺜﺎين ﻫﻮ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﺘﻀﺤﻴﺔ ،ﻓﺤﻴﻨام ﻧﻘﺮأ ﺳرية اﻟﻨﺒﻲ ،ﻧﺠﺪ أﻧﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺄﻣﺮ ﻏريه ﺑﺎﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻛﺎن ﻣﻀﺤ ًﻴﺎ؛ ﻓﻐﺮس ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﰲ ﻗﻠﻮب اﻟﺼﺤﺐ اﻟﻜﺮام.ﻓﻜﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎن ﻳﻀﺤﻲ مبﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ، وﻫﻨﺎ أﺳﺘﺤﴬ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ أيب ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺐ اﻟﻜﺮام ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ ﺣﻴﻨام ﻛﺎن ً ﻣﺎ ﻣﻌﻨﺎه" :أﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ دﻳﻦ اﻟﻠﻪ وأﻧﺎ ﺣﻲ؟" ﻫﺬه ﻋﺒﺎرة ﻗﺎﻟﻬﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ وﺗﻌﻨﻲ :ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﺤﻴﺎيت وﻻ ﴎ ﻟﻮﺟﻮدي ،إذا مل أﺳﺘﺜﻤﺮ ﻣﺎ أﻣﻠﻚ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ! وﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻮق اﻷرض .إذن اﻟﴪ ﻫﻮ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ،واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﳌﺎل، اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻬﺪ ،ﺑﺎﻟﻌﺮق ،ﺑﺎﻟﺨﱪة ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ميﻠﻚ ،ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻋﲆ اﻟﻔﺮاق؛ ﻓﺮاق اﻷﻫﻞ ،وﻓﺮاق اﻷوﻃﺎن ،وﻓﺮاق اﻷوﻻد. اﳌﺆﻫﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻮﻓﺎء؛ اﻟﻮﻓﺎء ﺻﻔﺔ ﻋﺰﻳﺰة ،ﺻﻔﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،أن ﻳﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن وﻓ ًﻴﺎ ﻟﺪﻳﻨﻪ ،وﻓﻴﺎ ﻟﻠﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﴩﺑﻬﺎ ،ﻳﺒﺬل اﻟﻐﺎﱄ واﻟﻨﻔﻴﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ .أﻣﺎ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ؛ ﻓﻬﻲ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﻌﻄﺎءَ ،ﻓﺄَ ﱠﻣﺎ َﻣ ْﻦ أَ ْﻋ َﻄﻰ َوا ﱠﺗ َﻘﻰ )اﻟﻠﻴﻞ .(٥:إذن اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻌﻄﺎء واﻟﺬي ﻳﻌﻄﻲ ُﻳﻜ ّﺮم ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ! ،وﻳﻜﺮم أﻳﻀً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺘﻨﻌﻮن ﺑﺄن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻷمنﻮذج اﻟﺬي ﻧﺮﻳﺪ ،وﻳﺸﺠﻌﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻌﻄﺎء ،ﺣﻴﻨام ﻧﺮى أﺧﻲ ﻧﻮزاد اﻟﻨﺎس ﺗﻌﻄﻲ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺐ اﻟﻌﻄﺎء ﻓﻨﻌﻄﻲ أﻳﻀً ﺎ، ﻓﻬﻜﺬا ﺗﻨﺘﴩ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻄﺎء ﰲ اﻟﻨﺎس .ﻓﺎﻟﻨﺒﻲ ﺣﻴﻨام "ﴎو ٌر ُﺗ ْﺪ ِﺧ ُﻠ ُﻪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ أﺣﺐ اﻷﻋامل إﱃ اﻟﻠﻪ ﻗﺎلُ ُ : َﻋ َﲆ ُﻣ ْﺴ ِﻠ ٍﻢ" )رواه اﻟﻄﱪاين( .إذن ﺻﻔﺔ اﻟﻌﻄﺎء ﻫﺬا ﻣﻘﻮم وﻣﺆﻫﻞ ﻛﺒري. اﳌﻘﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ واﳌﻘﻮﻣﺎت ﻛﺜرية أﻛﺘﻔﻲ ﺑﻬﺬا وﻫﻮ
كثريا يف الخدمة التنوع يف مام أعجبني ً املناشط ،فلم تنرصف الجهود إىل مجال معني، بل كانت حارضة حضور التجربة يف جميع املجاالت، فكأنها فجرت ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان.
ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺒﺪأ أو ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون ،ﻷن اﻟﻨﺠﺎح أو اﻹﻧﺠﺎز ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟامﻋﻴﺔ؛ ﻻ ميﻜﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﻳﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرة ،أو ﻳﺆﺳﺲ ﻣﺪرﺳﺔ ،وﻻ ﻫﻴﺌﺔ إﻏﺎﺛﻴﺔ ،وﻻ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺧريﻳﺔ، أو أي ﻧﺸﺎط ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت مبﻔﺮده .ﻗﺎل اﻟﻠﻪ ! ﰲ ﴫ ِه َو اﻟﻘﺮآن ﰲ ﺣﻖ اﳌﺼﻄﻔﻰ ُ :ﻫ َﻮ ا ﱠﻟ ِﺬي أَ ﱠﻳ َﺪ َك ِﺑ َﻨ ْ ِ ني )اﻷﻧﻔﺎل ،(٦٢:وﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون ﻻﺣﻈﻨﺎﻫﺎ ،اﻟﻜﻞ ِﺑﺎ ْﻟ ُﻤ ْﺆ ِﻣ ِﻨ َ ﻳﻌﻤﻞ ،اﻟﻜﻞ ﻳﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺮاﺋﻊ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﰲ ﺗﻮاﺿﻊ ،أﻗﻮﻟﻬﺎ ﺑﴫاﺣﺔ -واﻟﻠﻪ ﻋﲆ ﻣﺎ أﻗﻮل ﺷﻬﻴﺪ -إن أﻓﺮاد اﻟﺨﺪﻣﺔ رﺟﺎﻻً وﻧﺴﺎء ﻗﺪﻣﻮا ﻟﻨﺎ اﻷمنﻮذج اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻧﻘﺘﺪي ﺑﻪ .إذن أزﻣﺘﻨﺎ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل ،ﺑﻄﻮن ﻛﺘﺐ ﱠ ﻋامرة ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر واﻟﻘﻴﻢ واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ،ﻫﺬا ﻛﺜري ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪه ﻫﻮ اﻷمنﻮذج اﻟﺤﺎﴐ ﺷﺎﻫﺪ اﻟﻌﻴﺎن ،وﻳﻘﺎل ﻟﺴﺎن اﻟﺤﺎل أﺻﺪق وأﻗﻮى ﺗﺄﺛ ًريا ﻣﻦ ﻟﺴﺎن اﳌﻘﺎل. نوزاد صواش :أو ﻛام ﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" :اﻵذان ﺷﺒﻌﺖ واﻟﻌﻴﻮن ﺟﻮﻋﻰ" .ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻫﺬا ﻣﺪﺣﺎ ﻟﻬﻢ ،رمبﺎ اﻟﻜﻼم ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻮﻟﻪ متﻠ ًﻘﺎ ﻟﻬﺆﻻء أو ً ﻟﻮ ﺟﻠﺴﺖ وﻣﺪﺣﺘﻬﻢ ﺳﻴﻬﺮﺑﻮن ﻣﻨﻚ وﺗﺤﻤ ّﺮ وﺟﻮﻫﻬﻢ ﺣﻴﺎء .د.ﻋﺮوي ،ﻛﻴﻒ ﻛﺴﺐ ﻫﺆﻻء ﺛﻘﺔ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺣﻠﻮا ﻓﻴﻬﺎ؟ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺬﻫﺐ إﱃ ﺑﻠﺪ ﻏري ﺑﻠﺪك ﻓﺄﻧﺖ دﺧﻴﻞ ،وﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻛﺄن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﺠﺎﺣﺎ أو إﻧﺠﺎزًا ﻧﺤﻦ اﳌﺴﻠﻤني -ﻋﻘﺪة ،إذ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮى ًاﺳﺘﻄﺎع ﺑﻌﻀُ ﻨﺎ ﺗﺤﻘﻴ َﻘﻪ ،ﻧﺴﺎرع إﱃ ﺳﻮء اﻟﻈﻦ ،ﻧﻘﻮل: ﻣﺎ دام ﻫﻨﺎك إﻧﺠﺎز ﻓﺒﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ وراء ﻫﺆﻻء ﺟﻬﺔ ﻣﺎ 37
حوارات ﺗﺪﻋﻤﻬﻢ ،ﻓﻬﻞ ﻻﺣﻈﺘﻢ –ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻮﻻﺗﻜﻢ– ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ؟ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﻞ رأﻳﺘﻢ ﺟﻬﺎت أﺟﻨﺒﻴﺔ؟ ﻗﻮى ﻋﻤﻴﻘﺔ؟ أﻳﺎدي ﺧﻔﻴﺔ؟ أﴎا ًرا ﻏﺎﻣﻀﺔ؟ ﺗُﺤ ﱢﺮض ﻫﺆﻻء، أو ﺗﺰودﻫﻢ ﺑﺎﳌﺎل وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ؟ ﻛﻴﻒ أﺳﺴﻮا اﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﻗﻠﻮب اﻟﻨﺎس أﺳﺘﺎذي؟ محمد إقبال عروي :ﺳﺄﺑﺪأ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر ﺛﻢ ﻧﻨﺘﻘﻞ إﱃ ﺟﻮ ﻣﻦ اﻟﴫاﺣﺔ واﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ .اﻟﻮاﻗﻊ أن ﻓﻜﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ وﺗﺤﻘﻘﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﺸﺎﺑﺎت ﻳﺮﺑﻜﻨﺎ ،ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻌﻴﺪ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ،أﻧﺎ أﻇﻦ أن ﻫﺬه اﻟﻬﺠﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻨﻬﺎ وﺗﻔﻀﻞ اﻷﺳﺘﺎذ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺗﻮﺻﻴﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻬﺠﺮة ﺳﻴﻜﻮن ﺗﻘﺼ ًريا ﰲ ﺣﻘﻬﺎ ،ﻷن ﻣﻦ اﳌﻌﺎين اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻟﻠﻬﺠﺮة أن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻬﺎﺟﺮ ﻟﻴﺴﺘﻔﻴﺪ ﻧﻔﺴ ًﻴﺎ ،أو أﻣﻨ ًﻴﺎ ،أو ﻣﺎد ٍّﻳﺎ ،إﱃ آﺧﺮه. وﻧﺤﻦ اﻵن ﰲ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﻮﻋﺎن ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮة ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ أﻫﺪاﻓﻬﺎ؛ ﻫﺠﺮة ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻷﻣﻦ ،وﻫﺠﺮة ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﳌﺎﱄ ،ﻓﻬﺬا "اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﻟﻠﻬﺠﺮة" ﻻ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﻫﺆﻻء .وأذﻛﺮ أن اﻟﻠﻘﺎء اﻟﺬي ﺟﻤﻌﻨﺎ ﺑﺒﻌﺾ رﺟﺎل اﻷﻋامل اﻷﻛﺮاد ﺑﺄرﺑﻴﻞ -وأﻋﺠﺒﺘﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﴏاﺣﺘﻪ- ﻛﺎن ﻳﻘﻮل ﻧﺤﻦ ﺷﺨﺼ ًﻴﺎ -ﺑﻌﺾ اﻷﻛﺮاد -ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرات ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﻷﺗﺮاك ،ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎء ﻫﺆﻻء ،وﺑﺪأوا ﻳﻨﴩون اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮاﻗﻴﺔ ،وﻳﺮﺑﻮن اﻷﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﺣﺐ اﻟﻠﻪ ! وﺣﺐ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻠﻪ ،وﺣﺐ اﻟﻨﺎس ،أﺣﺒﺒﻨﺎﻫﻢ وﺳﻠﻤﻨﺎﻫﻢ ﻓﻠﺬات أﻛﺒﺎدﻧﺎ .ﺟﺮﺑﻨﺎﻫﻢ واﺧﺘﱪﻧﺎﻫﻢ وﺗﺄﻛﺪﻧﺎ ﻣﻦ أﻧﻬﻢ ﻓﻌ ًﻼ ﻫﺠﺮﺗﻬﻢ إﱃ ﻫﻨﺎ ،مل ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﻴﺼﻴﺒﻮﻧﻬﺎ أو ﻏﻨﻴﻤﺔ أو ﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ،إمنﺎ ﻟﻨﴩ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ أﻗﻮل إن ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻜﻚ ﰲ ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ، واﻹﻧﺠﺎزات اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻫﻮ أﻧﻪ ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻐري ﺣﺘﻰ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ .ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻟﻐﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟيك 38
ﺗﺼﻒ ﺑﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة .وأﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮل ﻫﺬا اﻟﻜﻼم، ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ أن أﻛﻮن ﻣﺒﺎﻟﻐًﺎ ،اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ أن اﳌﺜﻘﻒ اﻟﻌﺮيب ﻳﺴﺄل ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎذا ميﻜﻦ أن ﻳﻔﻌﻞ ،ومبﺎذا ميﻜﻦ أن ُﻳ ْﺴ ِﻬﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺰﻳﻞ ﻓﺘﻴﻞ اﻟﺘﻮﺗﺮ ،وﻓﺘﻴﻞ اﳌﺸﻜﻼت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ؟ اﻟﺬي أﻇﻦ أن أي ﻋﺮيب ،أي ﻣﺴﻠﻢ ،أي إﻧﺴﺎن ﺻﺎدق ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﺮى ﰲ اﺑﻨﻪ ُﺣ ًﻠام ،وأﻧﺘﻢ ﺗﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ أن اﻷﺑﻨﺎء اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ-ﻛام ﺣﺪﺛﻨﺎ اﳌﺪرﺳﻮن -ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ﻧﺴﺐ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺼﻴﻠﻬﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﰲ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،ﰲ اﻟﻜﻴﻤﻴﺎء ﰲ ﻛﺬا وﻛﺬا .أي ُﺣﻠﻢ ﻳﺤﻠﻢ ﴏﻳﺤﺎ ﻣﻊ ﺑﻪ اﻷب واﻷم إذا مل ﻳﻜﻦ ﻫﺬا؟ وأﻧﺎ ﻛﻨﺖ ً اﳌﺪرﺳني ﻗﻠﺖ ﻟﻬﻢ :ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻜﻮن ﻣﺜﺎﻟﻴني ﺣﺪﺛﻮﻧﺎ ﻋﻦ اﳌﺸﻜﻼت اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻜﻢ ﻣﻊ اﻷﺑﻨﺎء ﻣﻊ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻛﺬﻟﻚ ﴏﺣﺎء! ﻗﺎﻟﻮا ﻣﺜ ًﻼ ﻋﻨﺪﻧﺎ إﻗﺒﺎل ﻋﲆ ﻣﺪارﺳﻨﺎ ﻳﺼﻞ إﱃ درﺟﺔ أن اﻟﻨﺎس ﺗﺘﻬﺎﻓﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻂ ﻣﻦ ﻫﺬا وذاك ﺧﻼل اﻟﻔﱰة اﻟﻀﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻔﺘﺢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﺴﺠﻴﻼت ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﻘﺒﻠﻬﻢ ﻷﻧﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻌﺎﻳري ﻣﻌﻴﻨﺔ .ﻫﺆﻻء ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻤﻊ أﻧﻬﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ﻧﺘﺎﺋﺞ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻫﺬا ﻫﻮ ُﺣﻠﻢ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺪﺛﻮﻧﺎ ﻋﻦ اﳌﺸﻜﻼت ﻗﺎﻟﻮا :ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﺸﻜﻼت. ﻟﻜﻦ دورﻧﺎ ﻧﺤﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ ﻣﺮﺑني ،ﻫﻮ أن ﻧﺤﺘﻀﻦ ﻫﺬه اﳌﺸﺎﻛﻞ ،وأن ﻧﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﺣﻠﻮﻻً ،وأﻋﻄﻮﻧﺎ أرﻗﺎ ًﻣﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﻴﺔ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﺒﺎﺣﺜني اﻟﻨﻔﺴﻴني واﻻﺟﺘامﻋﻴني ﻹﻳﺠﺎد دراﺳﺎت ،أﻧﺎ أﻇﻦ أن ﻫﺬه اﳌﺪارس ﻫﻲ ﻣﺨﺘﱪات اﻵن ﻹﻧﺠﺎز دراﺳﺎت وﺑﺤﻮث .ﻗﻀﻴﺔ ﻏﻴﺎب اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺑني اﻹﺛﻨﻴﺎت ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت أﺧﺮى ،أﻧﺎ أدﻋﻮ اﻟﺒﺎﺣﺜني واﻟﺪارﺳني إﱃ أن ﻳﻨﺠﺰوا دراﺳﺎت ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻛﺒﻴﺌﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ أﻗﻄﺎر اﻟﻌﺎمل ،وﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻮﺗﺮ إﺛﻨﻲ. ﺳﻨﻼﺣﻆ أن ﻫﺬه اﳌﺪارس ﺑﺈﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻬﺎ اﳌﺘﻤﻴﺰة ،وﺑﻘﺪرﺗﻬﺎ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الخدمة تفجر ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان
nesemat.com nesemat.com
ﻋﲆ ﻧﴩ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ،واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ،واﻟﺘﻔﺎﻫﻢ واﻟﺘﻘﺒﻞ، ﻗﺎدرة ﻋﲆ أن ﺗﻘﻠﺺ ﺣﺠﻢ اﻟﻘﺒﺢ اﻟﺬي ﻳﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺟﺮاء ﺿﺦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻗﺼﺎء ،وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ،وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﻘﺪ، وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ .اﻟﺬي أرﻳﺪ أن أﻧﺘﻬﻲ إﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻣﺜﺎﻟ ًﻴﺎ أﻧﻨﻲ ﻛﻤﺜﻘﻒ ﻋﺮيب ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ ً أﺻﻼ أن أﺻﻒ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ اﳌﺜﺎﱄ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ ﻫﻮ أﻧﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﺎرن ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺮاﺋﺪة، ﻣﻊ ﺗﺠﺎرب أﺧﺮى ﺑﺎﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺮيب واﻹﺳﻼﻣﻲ أﺗﺴﺎءل ﳌﺎذا ﻛﺎن اﻟﻨﺠﺎح ﻫﻨﺎ؟ وﳌﺎذا ﻛﺎن اﻹﺧﻔﺎق ﻫﻨﺎك؟ نوزاد صواش :ﻣﺎ اﻟﺬي ميﻜﻦ أن ﻧﺨﻠﺺ إﻟﻴﻪ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ؟ محمد إقبال عروي :أﻧﺎ ﻣﺘﺄﻛﺪ أن ﻫﻨﺎك ﻗﻮاﺳﻢ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻀﻞ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺈﻳﺮادﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﻴﻞ، ﻣﺜﻞ اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻹميﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ،أﻧﺎ ﻣﺘﺄﻛﺪ أن ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ؛ ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ إﺧﻮة اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ،أو ﻣﻦ اﻹﺧﻮة اﻟﺴﻠﻔﻴني ،أو ﻣﻦ اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤني ،أو ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺠامﻋﺎت ﻛﺎن ﻟﻬﻢ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ ﻗﻀﻴﺔ اﻹميﺎن واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ﰲ اﳌﺨﺮﺟﺎت ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﳌﺨﺮﺟﺎت ﺗﺨﺘﻞ ﻫﻨﺎ؟ وﺗﻨﺠﺢ ﻫﻨﺎك؟ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ ﻛﻤﺜﻘﻒ ﻋﺮيب .وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺑﺤﺚ أﺟﺪ أن اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻴﺔ واﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ وﺟﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺤﻮر اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ، وﺟﻌﻞ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻮﺿﻮ ًﻋﺎ ﻟﻠﻔﺤﺺ واﻟﺘﺪﻗﻴﻖ واﳌﺮاﻗﺒﺔ واﻟﺘﺘﺒﻊ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻧُﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﺣﻈﻮظ اﻟﻨﻔﺲ ،وﺣﻈﻮظ اﻟﻜﱪﻳﺎء ،واﻷﻧﺎﻧﻴﺔ واﻟﻔﺮداﻧﻴﺔ ،ﻧُﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﺣﻈﻮظ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻷﺧﺬ دون اﻟﻌﻄﺎء ،ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ميﻴﺰ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺮاﺋﺪة. نوزاد صواش :أﺳﺘﺎذي ،مبﺎ أﻧﻚ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﰲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺼﻠﺢ وﺣﻞ اﻟﻨﺰاﻋﺎت ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﺰاﺋﺮي
النجاح أو اإلنجاز صناعة جامعية؛ ال ميكن لإلنسان أن يبني حضارة ،أو يؤسس مدرسة، وال هيئة إغاثية ،وال جمعية خريية ،أو أي نشاط ُه َو من النشاطات مبفرده .قال الله !: ني (األنفال،)62: ال َِّذي َأ َّي َد َك ِب َن ْرص ِِه َو ِبا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ
وﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت أﺧﺮى ،ﻛﻴﻒ رأﻳﺖ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺳﻮاء ﰲ اﳌﺠﺎل اﻟﱰﺑﻮي أو اﳌﺠﺎﻻت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮك ﻓﻴﻬﺎ؟ وﻣﺎ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ رأﻳﺘﻬﺎ -ﻷﻧﻚ ﺗﻌﺮف ﻣﺪاﺧﻞ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﺰاﻋﺎت -ﻫﻞ ﻫﻨﺎك ﺗﺪارك؟ ﻫﻞ ﻫﻨﺎك وﺿﻊ ﺳﺪود ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن؟ ﻣﻀﺎدات ﻟﻔريوﺳﺎت اﻟﻨﺰاع؟ ﻣﺎ اﻟﺬي رأﻳﺘﻪ ﰲ اﻟﺤﺮاك ﻫﻨﺎ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻨﻄﻘﺔ؟ سعيد بويزري :اﺧﺘﻼف اﻟﻨﺎس ،وﺗﺒﺎﻳﻨﻬﻢ ﰲ أﻓﻜﺎرﻫﻢ وذﻫﻨﻴﺎﺗﻬﻢ وﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻬﻢ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻹﺛﺎرة اﻟﻨﺰاﻋﺎت .ﻟﻮ اﺟﺘﻤﻊ اﺛﻨﺎن ﻳﺨﺘﻠﻔﺎن ﰲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﰲ اﻟﺬﻫﻨﻴﺎت ،ﰲ ﻣﻮروﺛﻨﺎ اﻟﺤﻀﺎري ،رمبﺎ ﰲ أول ﺣﺮﻛﺔ أو ﰲ أول ﺧﻄﻮة ﺳﻴﺨﺘﻠﻔﺎن .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ ﺑني َ ذﻛﺮت اﻵن اﻷﻛﺮاد اﺛﻨني أو ﺑني اﻟﻌﴩة أو اﳌﺌﺎت، واﻷﺗﺮاك ،ﻳﻌﻨﻲ ميﻜﻦ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼف إﱃ ﻗﻮة، ﻓﺘﺘﺤﻮل إﱃ رواﻓﺪ ،ﻓﻴﺼري اﻟﺘﻨﻮع؛ اﺧﺘﻼف ﺗﻨﻮع وﻟﻴﺲ اﺧﺘﻼف ﺗﻀﺎد ،اﺧﺘﻼف ﺗﻜﺎﻣﻞ وﻟﻴﺲ اﺧﺘﻼف ﺗﺼﺎرع، وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ذﻟﻚ إﻻ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻗﻴﻢ ،ﻻﺣﻈﻨﺎﻫﺎ ﻣﻮروﺛﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﺳﻮاء ﰲ اﳌﺪارس ،وﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﳌﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﺆﺳﺴﺎت؛ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻷوﱃ ،ﻫﻲ ﻗﻴﻤﺔ اﻷﺧﻮة ،ﻓﺎﻷﺧﻮة ﺗﺮﺑﻄﻨﺎ ﰲ اﻟﻠﻪ ،اﻟﻨﺒﻲ ﻳﻘﻮل" :ﻛﻠﻜﻢ ﻵدام وآدام ﻣﻦ ﺗﺮاب" )رواه أﺑﻮ داود(. نوزاد صواش :ﻫﻞ ﺗﺮى أن ﻫﻨﺎك ﺟﻬ ًﺪا ﻟﱰﺳﻴﺦ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﺷﻂ اﻟﺨﺪﻣﺔ؟ 39
حوارات سعيد بويزري :ﻧﻌﻢ ،ﻛﺬﻟﻚ زرع ﻣﺸﺎﻋﺮ اﳌﺤﺒﺔ؛ مبﻌﻨﻰ أن اﳌﺤﺒﺔ إذا ﺳﻜﻨﺖ اﻟﻘﻠﻮب ﺗﻘﻠﺼﺖ داﺋﺮة اﻷوﺟﺎع؛ ﻓﺎﻷوﺟﺎع واﻵﻻم ﺗﺘﻘﻠﺺ ،ﻻ أﻗﻮل ﻧﺒﻨﻲ ﻣﺠﺘﻤ ًﻌﺎ ﻣﻼﺋﻜ ٍّﻴﺎ ،ﻻ ميﻜﻦ ،ﻧﺤﻦ ﺑﴩ ،وﻟﻜﻦ ﺑﴫاﺣﺔ اﻟﺤﺐ إذا ﺣﴬ ،إن ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻮﺟﻊ واﻷمل أو ﻳﺘﻘﻠﺺ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻴﻤﺔ أﺧﺮى وﻫﻲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ، ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻳﺮى ﰲ ﻏريه أﻧﻪ ﻳﻜﻤﻞ ﻏريه ﻓﻼ ُﻳﻘﺼﻴﻪ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻛام ﻗﺎل أﺧﻲ ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﻗﺒﻞ ﺣني-اﻹﻗﺼﺎء واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻳﺰرع اﻷﺣﻘﺎد واﻟﻀﻐﺎﺋﻦ،وﻳﻜﺮس ﻧﺰاﻋﺎ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﻌﺎﻟﺞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. نوزاد صواش :ﻫﻞ ميﻜﻦ أن ﻧﻌﺘﱪ ﻫﺬه اﳌﺆﺳﺴﺎت ﻣﺼﺎﻧﻊ أو ورش ﻋﻤﻞ ﻟﻨﻘﺶ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ ،واﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﺪرب ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺤﻮل إﱃ ﻃﺒﻴﻌﺔ ،إﱃ ﻓﻄﺮة ،إﱃ أﺧﻼق إﱃ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت اﻹﻧﺴﺎن؟ أﺳﺘﺎذي ﻟﺪي ﺳﺆال ﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ أن أﺳﺄل ﻫﻞ ﺗﻮد أن ﺗﻀﻴﻒ ﺷﻴﺌًﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق؟ محمد إقبال عروي :ﻧﻌﻢ ،ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻧﻔﺴﻪ، ﻣام ﻳﺜﻠﺞ ﺻﺪري أن ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻄﻤﺢ إﱃ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ،ﺳﻮاء ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، أو ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﱰﺑﻴﺔ ،وﻣﻨﺎﻫﺞ ﺗﻨﺰﻳﻞ ﻫﺬه اﳌﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻟﺮؤﻳﻮﻳﺔ .وﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻋﺸﻨﺎ ﺗﺠﺎرب ﻣﺘﻌﺪدة وﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﺣني ﻵﺧﺮ ﻧﺴﻤﻊ أن ﻫﺬه ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﻨﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﱰﺑﻴﺔ ،وﻫﺬه ﻧﻈﺮﻳﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﻫﺬه ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .أﻧﺎ ُأ ِﻗﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﻻﺣﻈﺖ أن ﺷﺒﺎب ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻨﻐﻤﺴﻮن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،واﻧﻐامﺳﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻻ ﻳﺪرﻛﻮن اﳌﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ،وأن اﻟﺬي ﻳﺪرك اﳌﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻮﺟﺪ ﺧﺎرج ﻫﺬا اﻻﻧﻐامس ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻚ رؤﻳﺔ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻗﻠﻴ ًﻼ 40
ﻋﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮة .ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﺴﺎﻓﺔ ،ﻫﺬه اﳌﺴﺎﻓﺔ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ أﻗﻮل اﻟﻴﻮم :إن اﳌﻬﻨﺪﺳني ﻟﻬﺬه اﻟﺮوح اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ،ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻄﺎء واﻟﺪﻳﺪاﻛﺘﻴﻚ اﻟﱰﺑﻮي ،ﻣﺤﺘﺎﺟﻮن اﻟﻴﻮم إﱃ أن ﻳﺠﻠﺴﻮا ﻣﻊ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻴﺴﺠﻠﻮا ﻫﺬه اﻷدﺑﻴﺎت ﺑﻠﻐﺘﻬﻢ اﻟﱰﻛﻴﺔ ،وﻳﺪﻋﻮا ﺧﱪاء ﺗﺮﺑﻮﻳني ﻣﻦ اﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺮيب واﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﻦ اﻟﻌﺎمل ﻛﻠﻪ ،وﻳﺠﻌﻠﻮﻫﺎ ﻣﻨﺎط ﺗﺤﻠﻴﻞ، ودراﺳﺔ ،وأﺧﺬ وﻋﻄﺎء .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺳﻴﺼﻠﻮن إﱃ أﻧﻬﻢ ميﻠﻜﻮن رؤﻳﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ،وميﻠﻜﻮن إﺟﺮاءات ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﳌﻨﻬﺠﻲ اﻟﺘﻨﺰﻳﲇ ،ميﻜﻦ أن ﺗﻮﺿﻊ ﰲ ﻣﺼﺎف ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻜﱪى ،اﻟﺘﻲ ﺗُﺼﺪر اﻵن إﱃ اﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺮيب ،ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻛﻨﺪﻳﺔ ،وأﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،وإﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .أﻧﺎ أراﻫﻦ أﻧﻪ إذا ﺗﺤﻘﻖ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ميﻜﻦ ﰲ ﻗﺎدم اﻷﻳﺎم أن ﻧﺴﻤﻊ ﻋﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. نوزاد صواش :ﺣﺴﺐ ﻋﻠﻤﻲ ﻫﻨﺎك دراﺳﺎت ﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ اﻟﻐﺮب ،ﺗﺮﺻﺪ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ أﻛﺎدميﻴﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ، ً ﰲ ﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وﺗﺴﺠﻠﻬﺎ .ﻫﻨﺎك ﴍﻛﺎت إﻧﺘﺎج ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﺗﺬﻫﺐ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول وﺗﺼﻮر اﳌﺪارس، وﺗﺠﻠﺲ ﻣﻊ ﻣﻦ ذﻫﺒﻮا إﻟﻴﻬﺎ وأﺳﺴﻮﻫﺎ؛ ﻳﺴﻤﻌﻮن ﻗﺼﺼﻬﻢ ،وﻳﺴﺠﻠﻮن ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﻢ ﻫﻨﺎك ،وﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية أﻳﻀً ﺎ ،ﺑﺪأت ﴍﻛﺎت إﻧﺘﺎج ﺗﺮﻛﻴﺔ ﺗﺘﻨﺒﻪ إﱃ ﻗﺼﺺ ﻫﺆﻻء اﻷﺑﻄﺎل وﺗﻨﺘﺞ أﻓﻼ ًﻣﺎ ﺳﻴﻨامﺋﻴﺔ ،وﻣﺆﺧﺮا ُأﻧﺘﺞ ﻓﻴﻠﻢ ﺳﻴﻨاميئ ﺷﺎﻫﺪه ﺣﻮاﱄ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﰲ ﻗﺎﻋﺎت اﻟﺴﻨﻴام اﻟﱰﻛﻴﺔ ،ﺣﻮل ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد .رأﻳﻨﺎ ﺑﻌﺾ إﻋﻼﻧﺎﺗﻪ ،ﻫﺬه أﻓﻼم ﺳﻨﻴامﺋﻴﺔ ﺗﺼﻮر ﺑﺈﻧﺘﺎج ﻋﺎلٍ ﺟ ًﺪا ،وﺗﺄﺧﺬ ﻗﺼﺺ ﻫﺆﻻء اﻷﺑﻄﺎل وﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﺑﺮؤﻳﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ. محمد إقبال عروي :ﻧﻌﻢ ،اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻀﻠﺖ أﺳﺘﺎذي ﻧﻮزاد ﺑﺈﻳﺮادﻫﺎ ﳾء ﺟﻤﻴﻞ ،ﻟﻜﻨﻲ أﺗﺤﺪث ﻋﻦ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الخدمة تفجر ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان
nesemat.com nesemat.com
ﳾء أﻛﱪ .،ﻓﻤﺜ ًﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮل ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﱰﺑﻴﺔ وﻣﻨﻬﺞ اﻟﱰﺑﻴﺔ وﺗﻨﺰﻳﻠﻬﺎ ،أﻗﺼﺪ أﺷﻴﺎء أﺧﺮى ،ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ وﻋﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ؛ أﻋﻄﻴﻚ ﻣﺜﺎﻻً ،ﰲ ﺑﻴﺌﺎﺗﻨﺎ ﻧﺤﻦ ،ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﳾء اﺳﻤﻪ ﻣﺮﺷﺪ ﺗﺮﺑﻮي ﻧﻔﴘ ،ﻻ ﰲ اﳌﺪارس اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وﻻ اﳌﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ ،أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄيت إﱃ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ وﺗﺠﺪ أن ﰲ ﻛﻞ ﻓﺼﻞ ﻣﺮﺷ ًﺪا ﺗﺮﺑﻮ ٍّﻳﺎ ﻧﻔﺴ ٍّﻴﺎ ،ﻓﻬﺬا ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ .ﻓﻤﻌﻈﻢ اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎين ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ مبﺎ ﻫﻮ ﻧﻔﴘ ،ﻓﺎﻟﻔﱰات اﻟﺘﻲ ميﺮ ﺑﻬﺎ، واﻹﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﱰس اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﰲ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ،ﺗﻘﺘﴤ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻳﻘﻈﺔ ﻟﺮﺻﺪ ﻫﺬه اﳌﺸﻜﻼت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ وإﻳﺠﺎد ﺣﻠﻮل ﻟﻬﺎ. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗُﻮﻓﺮ ﰲ ﻛﻞ ﻓﺼﻞ ﻣﺮﺷ ًﺪا ﺗﺮﺑﻮ ٍّﻳﺎ ﻧﻔﺴ ٍّﻴﺎ ،ﺗﻜﻮن ﻗﺪ أﺳﻬﻤﺖ ﰲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺼﻞ ﰲ أﻛﱪ درﺟﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻹﻳﺠﺎيب ،ﰲ أﻛﱪ درﺟﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻻﺣﱰام واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﳌﺘﺒﺎدل ﺑني اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ وﺑني اﻷﺳﺎﺗﺬة .وﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﻨﻔﺘﺢ ﻋﲆ اﻟﻔﻴﺪﻳﻮﻫﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﴩ ﰲ اﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎت ،وﻧﺮى ﻣﺪى اﳌﻌﺎﻧﺎة اﻟﺘﻲ ﺻﺎر ﻳﻌﺎين ﻣﻨﻬﺎ اﻷﺳﺎﺗﺬة واﳌﺪرﺳﻮن ﻣﻦ ﺟﺮاء ﻏﻴﺎب ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ،ﻫﺬا اﻟﺬي أﻗﺼﺪ .وﻧﺜ ّﻨﻲ ﺑﺎﻟﺒﻴﺪاﻏﻮﺟﻴﺎت ،وﻧﺜ ّﻠﺚ ﺑﺎﳌﺮاﻗﺒﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ،وأﺿﻴﻒ ﻋﻨﴫا راﺑ ًﻌﺎ ﺑﺎﻟﴩوط اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﻮﻓﺮ ﰲ ا ُﳌﺪرس، ً ﻫﺬه ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻣﺎم ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ مبﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .ﻫﺬا اﻟﺬي أﻗﺼﺪه أﻧﺎ. نوزاد صواش :وﻛﺬﻟﻚ اﻟﱪاﻣﺞ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌﻼﻗﺔ اﳌﺪرﺳﺔ ﺑﺎﻷﴎة ،ﻓﺎﻻﻫﺘامم ﺑﺎﻷﴎة ﳾء أﺳﺎﳼ ﰲ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻧﻈﺎم ﺧﺎص ﻳﻌﺮف ُﺑﺄ ﱢم اﻟﻔﺼﻞ، ﻛﻞ ﻓﺼﻞ ﻳﺨﺼﺼﻮن ﻟﻪ ُأ ٍّﻣﺎ ﻣﻦ أﻣﻬﺎت اﻷوﻻد .ﻳﻌﻨﻲ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻮل ﻛام ﻗﺎل أﺣﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜني :إن اﻟﻘﺼﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ أﴎار ﻏﺎﻣﻀﺔ؛ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﺎح ﻟﻪ أﺳﺒﺎﺑﻪ اﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ
هناك بعض املجاالت تعجز الدولة عن أدائها ،فإذا سمح للمجتمع املدين أن يتحرك يف الفضاءات ُ املتاحة يف املجتمع ،فسيصري هذا املجتمع مكمالً للدولة ،وهكذا تتحقق النهضة. املدين ِّ
اﻟﺘﻲ ُﻳﻌﺰى إﻟﻴﻬﺎ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺎ دﻛﺘﻮر؟ محمد إقبال عروي :ﺻﺤﻴﺢ ،ﻧﺤﻦ متﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ أﺣﻮال، أﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻷب واﻷم ﻻ ﻳﺪري أﻳﻦ ﺗﻘﻊ اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺪرس ﺑﻬﺎ اﺑﻨﻪ ،أﻳﻦ ﻫﻮ اﺗﺠﺎﻫﻬﺎ؟ وﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﺪﻳﺮﻫﺎ؟ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺗ ََﺤ ﱡﺴﺲ أن ﻳﺰور اﻷب واﻷم اﳌﺪرﺳﺔ .ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻧﻘﻼب ﺗﺮﺑﻮي ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻫﺬا اﻟﺬي أﻗﺼﺪ .ﻓﻴﺎ ﻟﻴﺖ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ. وﻫﻨﺎ آيت إﱃ ذﻛﺮ ﻧﻘﻄﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﻔﺲ اﳌﻮﺿﻮع ،اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﲆ اﳌﻬﺎرات اﳌﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﻳﺘﻔﻮق ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،وﰲ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ،وﰲ اﻟﻜﻴﻤﻴﺎء وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ، وﻫﺬا ﻫﻮ دﻳﺪن اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎمل ،ﻫﻨﺎك دراﺳﺎت ﺗﺆﻛﺪ أن ﻫﺬا ﳾء ﺟﻤﻴﻞ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻧﺎﻗﺺ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﰲ آﺧﺮ اﳌﻄﺎف ﺗﺸﻐﻞ ﻛام ﻳﻘﺎل اﻟﺠﺰء اﻷﻳﴪ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎغ ،اﻟﺬي ُﻳﻌﻨﻰ ﺑﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺬﻫﻦ ،واﳌﻨﻄﻖ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮي ﻫﻮ أﻧﻬﺎ ﺗﺠﺎوزت ﻫﺬا اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﺸﻐﻴﻞ ﻣﻬﺎرات اﻟﺠﺰء اﻷﻳﴪ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎغ .ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ رﻛﺰت ﻋﲆ اﻟﺘﺰﻛﻴﺔ ،رﻛﺰت ﻋﲆ اﻟﻘﻴﻢ ،رﻛﺰت ﻋﲆ اﻟﺠامل ،رﻛﺰت ﻋﲆ اﻟﻔﻨﻮن ،رﻛﺰت ﻋﲆ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﺰدﻫﺮ إﻻ ﰲ ﻇﻞ ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﺠﺰء اﻷميﻦ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎغ ،ﻷن اﻟﺠﺰء اﻷميﻦ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎغ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺨﺘﺺ ﺑﻬﺬه اﳌﻬﺎرات. 41
حوارات ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻻ ﻳﻘﺪم ﻟﻚ ﰲ اﳌﺤﺼﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ أﻧﺖ ﺗﻘﺪم ً ﻓﻘﻂ ﺧﱪات ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳌﻨﻄﻖ ﻣﻦ ﻣﻮاد ﺗﺆﻫﻠﻚ ﻟيك ﺗﻨﺠﺢ ﰲ وﻇﻴﻔﺘﻚ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻘﺪم ﻟﻚ ﻣﻬﺎرات ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﻨﺠﺢ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة .وﻛام ﻳﻘﻮل اﳌﻔﻜﺮ اﻟﱰﺑﻮي واﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻨﻔﴘ اﻟﱪازﻳﲇ "أوﺟﻮﺳﺘﻮ ﻛريي" ﰲ ﻛﺘﺎب ﻗﻴﻢ ﻟﻪ ﺗﺮﺟﻢ إﱃ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ أﺳﺘﺎذﻧﺎ اﻟﻔﺎﺿﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر "ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺰوزي" ،ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان "ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة" :ﻧﺤﻦ اﻵن أﻣﺎم اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﻹﻛﺮاﻫﺎت واﳌﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻣﻊ اﳌﺪرﺳﺔ واﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﰲ اﻟﻌﺎمل ،ﻣﺸﺎﻛﻞ اﳌﺨﺪرات ،ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ ،ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻬﺮوب ﻣﻦ اﳌﺪرﺳﺔ ،اﻟﺰﻫﺪ ﰲ اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻫﺬه اﳌﺸﻜﻼت ﻛﻠﻬﺎ ،ﺗﺆﻛﺪ ﻋﲆ أن ﻧُـﻈﻤﻨﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ راﻫﻨﺖ ﻋﲆ أن ﻳﻨﺠﺢ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ، أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﺸﻠﺖ ﰲ أن ﺗُﻜ ﱢﻮن ﻟﻨﺎ ﺟﻴ ًﻼ ﻳﻨﺠﺢ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة .وﻣﻬﻤﺔ اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻫﻲ أن ﺗﺮاﻫﻦ أوﻻً ﻋﲆ أن ﻳﻨﺠﺢ اﻹﻧﺴﺎن ،اﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ،اﻟﻄﺎﻟﺐ ،ﰲ اﻟﺤﻴﺎة. وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻨﺠﺎح ﰲ اﻟﺤﻴﺎة؛ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻮازﻧﺎ ﻧﻔﺴ ٍّﻴﺎ واﺟﺘامﻋ ٍّﻴﺎ ،وﺗﺮﺑﻮ ٍّﻳﺎ ،وأن ﻳﻜﻮن مثﺮة ﻣﻦ مثﺮات اﻟﺘﻔﻜري اﻹﻳﺠﺎيب اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﻌﻄﺎء أﻛرث ﻣام ﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻷﺧﺬ .وﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ أﻛرث ﻣام ﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻹﻗﺼﺎء، وﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎون أﻛرث ﻣام ﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﻔﺮداﻧﻴﺔ واﻷﻧﺎﻧﻴﺔ .إذا ﻧﺠﺤﺖ اﳌﺪرﺳﺔ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا ،ﻓﺴﺘﻜﻮن أوﻻً ﻗﺪ ﺷﻐﱠﻠﺖ اﻟﻘﺴﻢ اﻷميﻦ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎغ ،وﺗﻜﻮن ﻓﻌ ًﻼ ﻗﺪ أمنﻮذﺟﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ أن ﻳﺴﻬﻢ ﰲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ. ﻗﺪﻣﺖ ً نوزاد صواش :ﺣﺴ ًﻨﺎ ،ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﻔ ّﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ ﺣﻴﺜام ﺣ ّﻠﺖ ،ﻟﻴﺲ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻘﻂ ،أو أرﺑﻴﻞ واﻟﻌﺮاق ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،واﻟﴩق اﻷﻗﴡ ،ﰲ ﻣﺪارﺳﻬﺎ ﰲ أوروﺑﺎ ،وآﺳﻴﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .واﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻒ ﻫﺬه 42
اﳌﺪارس ،ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ "ﺟﺰر اﻟﺴﻼم" .أﻇﻦ أﻧﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻳﻠﺨﺺ اﻟﺮؤﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ .أﺳﺘﺎذي ،ﻧﺄيت إﱃ ﺳﺆال أﺧري ﻧﺨﺘﻢ ﺑﻪ ﻫﺬا اﻟﺤﻮار ،ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻳﺤريين أﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻫﻨﺎك ﻣﻔﻜﺮون ﻛرث ﺟﺎءوا وذﻫﺒﻮا ،ﱠ ﻧﻈﺮوا وﻛﺘﺒﻮا ،ﺗﻜﻠﻤﻮا ،ﻟﻜﻦ مل ﻳﺠﺪوا ﻫﺬا اﻹﻗﺒﺎل ﻋﲆ أﻓﻜﺎرﻫﻢ ،مل ﻳﺠﺪوا أﺑﻄﺎﻻً ﺣﻤﻠﻮا ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر وﻓ ﱠﻌﻠﻮﻫﺎ ،مل ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا أن ﻳﺆﺛﺮوا ﻋﲆ اﻟﺠامﻫري ﻟيك ﺗﺤﻤﻞ أﻓﻜﺎرﻫﻢ و ُﺗ َﻔ ﱢﻌﻠﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﴎ ﻫﺬا اﻹﻗﺒﺎل اﻟﺬي وﺟﺪﺗَﻪ ﻋﲆ أﻓﻜﺎر اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ؟ أو ﻣﺎ ﴎ ﺗﺄﺛري اﻷﺳﺘﺎذ ﻧﻔﺴﻪ؟ ﻓﻜام ﻋﱪ أﺣﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜني اﻷﻛﺎدميﻴني ﰲ أﺣﺪ ﻛﺘﺒﻪ ﻳﻘﻮل ":اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﺎ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻛﻠﻤﺔ أو ﻓﻜﺮة ﻓﻴﺘﻠﻘﻔﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻗﺒﻞ أن ﺗﺴﻘﻂ ﻋﲆ اﻷرض ﻓﻴﺤﻮﻟﻮﻧﻬﺎ إﱃ ﻣﺆﺳﺴﺎت" .ﻣﺎ ﴎ ﺗﺄﺛري اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﲆ اﻟﻨﺎس ﻫﻜﺬا؟ سعيد بويزري :ﻻ ﺷﻚ أﻧﻪ ﺳﺆال ﻗﻮي وذيك، وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﻫﺬه اﻹﺟﺎﺑﺔ اﳌﺨﺘﴫة ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜرث اﻹﺟﺎﺑﺎت؛ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻳﻨﻈﺮ مبﻨﻈﻮره ،ﺑﺤ ًﺜﺎ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﴎار وأﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﴪ اﻷول ﻫﻮ ﺗﻮﻓﻴﻖ اﻟﻠﻪ !، ﻓﻜﻞ ﻧﴫ ﻳﺘﺤﻘﻖ ،وﻛﻞ ﻧﺠﺎح ُﻳﺸﺎﻫﺪ ﰲ دﻧﻴﺎ اﻟﻨﺎس، ﻓﺎﻟﻠﻪ ! ﻫﻮ اﳌﻮﻓﻖ وﻫﻮ اﳌﻌني" ،وﻣﺎ اﻟﻨﴫ إﻻ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ" ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻨﴫ ﻣﺴﺘﺤ ًﻘﺎ ،ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺆﻫﻼت ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت ،ﻓﺎﻟﻜﺴﻮل واﳌﺘﺸﺎﺋﻢ واﻟﺬي ﻻ ﻳﺠﺘﻬﺪ ،واﻟﺬي ﻻ ﻳﻌﻤﻞ ،ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﻮﻓﻖ؛ َﻓ َﻘ ْﺪ َﻓ َﻘ َﺪ ﴍوط اﺳﺘﺤﻘﺎق اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ .وﻟﻜﻦ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أﻋﺘﻘﺪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺬي ذﻛﺮﺗﻪ ﻳﺄيت اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎين وﻫﻮ ﺗﺤﻮﻳﻞ أو رﺑﻂ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻔﻜﺮة مبﻨﻄﻖ اﻟﻌﻤﻞ .وأﺳﺘﺎذﻧﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ أﺷﺎر ﻛﺜ ًريا إﱃ ﻫﺬا؛ ﻫﻨﺎك ﻗﻮاﺳﻢ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﻛﺜرية ﺑني اﻷﺳﺘﺎذﻳﻦ وﻛﺬﻟﻚ ﺑني أﺳﺎﺗﺬة آﺧﺮﻳﻦ ،ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ اﻟﺤﻘﻮل اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻌﻠﻢ وﻧﴩ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺤﻀﺎرة .أﻗﻮل ﻫﺬا ﴎ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الخدمة تفجر ينابيع الخري الكامنة يف اإلنسان
nesemat.com nesemat.com
آﺧﺮ ،رﺑﻂ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻔﻜﺮة مبﻨﻄﻖ اﻟﻌﻤﻞ "وﻗﻞ اﻋﻤﻠﻮا" ﻣﺒﺎﴍة ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻘﻴﻢ إﱃ ﻋﻤﻞ. نوزاد صواش :ﻋﻔ ًﻮا أﺳﺘﺎذي ،دامئًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ ﻳﺪﻋﻮ إﱃ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻟﺴﺎن اﻟﺤﺎل ﻋﲆ ﻟﺴﺎن اﳌﻘﺎل؛ ﻟﺴﺎن اﻟﺤﺎل ﻫﻮ اﻟﻔﻌﻞ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﺻﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ ﺑني اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻔﻌﻞ وﻛﻴﻒ ﻳﻐﺬي ﺑﻌﻀﻬام ،ﻟﻜﻦ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻳﻘﻮل" :ﰲ ُ اﻟﻔﻌﻞ ﻳﺘﻘﺪم ﻋﲆ اﻟﻔﻜﺮ" .ﻓﺎﻟﻔﻌﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻣﻨﻬﺠﻨﺎ ﺳﻴﻮﻟﱢﺪ اﻷﻓﻜﺎر. سعيد بويزري :ﻧﻌﻢ ،ﻟﺴﺎن اﻟﺤﺎل أﺻﺪق وأﻗﻮى ﺗﺄﺛ ًريا ﻣﻦ ﻟﺴﺎن اﳌﻘﺎل .وﻧﺄيت إﱃ ﻣﻘﻮم ﺛﺎﻟﺚ وﻫﻮ اﻟﺼﺪق ،وﻣﻦ ﻛﻠامت اﻷﺳﺘﺎذ –ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ -اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﻳﻘﻮل: "اﻟﺼﺪق ﻫﻮ أﻗﻮم ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻮﺻﻞ إﱃ اﻟﺤﻖ "، ﻓﺎﻟﺼﺪق أﻳﻀً ﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺟ ًﺪا ﺗﺒﻌﺚ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ إﱃ ﻗﻠﻮب اﻟﻨﺎس ،ﻓﻬﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻬﺎ وﻳﱰﺟﻤﻮﻧﻬﺎ إﱃ أﻋامل .ﺛﻢ ﻧﺄيت إﱃ ﻣﻘﻮم آﺧﺮ وﻫﻮ اﺳﺘﺜامر اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ اﻹﻧﺴﺎن؛ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻳﺤﻤﻞ ﻃﺎﻗﺎت ،ﻷن ريب ! وزّع اﳌﻮاﻫﺐ ﻋﲆ اﻟﻨﺎس ،وﻟﻜﻦ أﻳﻦ ذﻟﻚ اﳌﻔﻜﺮ اﻟﺬيك اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺸﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺎﻗﺎت وﺑﺬور اﻟﺨري اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻓ ُﻴ َﻔ ﱢﻌﻠﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﻄﻠﻘﻬﺎ؟ ﻳﻌﻨﻲ إﻋﻄﺎء اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن .ﻧﺤﻦ ﻻﺣﻈﻨﺎ ﺷﺒﺎب وﺷﺎﺑﺎت ورﺟﺎل وﻧﺴﺎء اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻬﺎﻣﺶ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ، واﻹﻧﺴﺎن إذا ﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺮِ " ،ﻛ ﱠﺮ وأﻧﺖ ُﺣ ﱞﺮ" -ﻛام ﻗﻴﻞ ﻟﻌﻨﱰة ﺑﻦ اﻟﺸﺪاد -ﻳﻨﻄﻠﻖ وﺗﺘﻔﺠﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻄﺎﻗﺎت ...أﻣﺎ إذا ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ،واﻟﺤﺼﺎر واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ،ﻓﻬﺬه ﻣﺸﻜﻠﺔ. واﻟﴪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﻌﺎﻣﻠني واﻟﻌﺎﻣﻼت، أن ﻳﻘﻮل ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ ﺷﻜ ًﺮا ،ﻓﺘﺤﻔﻴﺰ اﻟﻌﺎﻣﻠني واﻟﻌﺎﻣﻼت؛ ﻣﻘﻮم ﻛﺒري ،واﳌﻘﻮﻣﺎت ﻛﺜرية أﺧﺘﻤﻬﺎ مبﻘﻮم اﻟﺼﱪ؛ ﻷﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒﻨﺎء وﻃﺮﻳﻖ اﻹرﺷﺎد .وﺗﺄﺳﻴﺲ اﳌﺪارس
نوع الخطاب ونوع القيم التي تبثها مدارس الخدمة ،هو الذي يسمح بأن ينشأ جيل جديد قادر عىل أن يتجاوز الركام التاريخي من املشكالت واملحن والخلل الذي تسلل إىل العقل العريب والعقل املسلم.
واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺨري ،واﻟﺤﻮار ،ﻫﺬا ﻃﺮﻳﻖ ﺷﺎﺋﻚ؛ ﻷﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺤﻔﻮف ﺑﺎﻷﺷﻮاك واﳌﻨﻌﺮﺟﺎت واﳌﺨﺎﻃﺮ، ﻓﺤﻀﻮر اﻟﺼﱪ ﰲ ﻣﺴرية اﻟﻌﻤﻞ ﻫﺬا أﻳﻀً ﺎ ﴎ. نوزاد صواش :ﺟﺰاﻛﻢ اﻟﻠﻪ ﺧ ًريا ،ﻧﻌﻢ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل. محمد إقبال عروي :ﻣﺜﻠام ﻗﺎل أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﺳﻌﻴﺪ ،وأﻧﺎ أﻋﻮد دامئًﺎ إﱃ أن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺗﺮﺑﻜﻨﺎ ﰲ إﻳﺠﺎد اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﻀﻔﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﺟﺪت أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﻳﻜﺮر ﻛﻠﻤﺔ اﳌﻔﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ أﻧﺎ أﺟﺪ ﻧﻔﴘ أﻣﺎم ﻇﺎﻫﺮة ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ. ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺢ آﺧﺮ ﻟﻨﺼﻒ ﺑﻪ ﻇﺎﻫﺮة "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" .ﻫﻮ أﻛرث ﻣﻦ ﻣﻔﻜﺮ ،أﻛرث ﻣﻦ داﻋﻴﺔ، أﻛرث ﻣﻦ ﺻﻮﰲ ،أﻛرث ﻣﻦ ﻣﺮيب ،ﻳﻌﻨﻲ ميﻜﻦ أن ﻳﺠﺘﻬﺪ أﻫﻞ اﻟﻔﻜﺮ ﺳﻮاء داﺧﻞ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ أو ﺧﺎرﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺎﺣﺜني وﻣﺘﺨﺼﺼني وﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﰲ إﻳﺠﺎد اﻟﺘﻮﺻﻴﻒ اﻟﻘﺮﻳﺐ إﱃ ﻫﺬا ،ﰲ ﻏﻴﺎب ﻫﺬا ﻧﻘﻮل ،اﻷﺳﺘﺎذ ﻇﺎﻫﺮة، اﻷﺳﺘﺎذ وﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﺤﺪد ﺑﺴﺒﺐ وﺣﻴﺪ .ﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎب ﻣﺘﻌﺪدة ،وﻛﻞ ﻣﺘﺨﺼﺺ ميﻜﻦ أن ﻳﺮﺻﺪﻫﺎ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﺗﺨﺼﺼﻪ .ﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﳌﻬﻤﺔ ﺑني ﻳﺪي اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﴎ ﻧﺠﺎح ﻫﺬه اﳌﺪرﺳﺔ ،ﻫﻮ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﺤﻀﺎري اﻟﺘﻲ وﻟﺪت ﺑﻪ ﺗﺮﻛﻴﺎ. ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻣﺎم ﺧﻴﺎرﻳﻦ؛ إﻣﺎ أن ﺗﻨﻬﺞ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺠﺘﻬﺎ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،واﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ 43
حوارات ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺮيب واﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻗﺪ رأﻳﻨﺎ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺂﻻت ﻛﻴﻒ اﻧﺘﻬﺖ إﱃ ﺧﻠﻞ ،وﻛﻴﻒ اﻧﺘﻬﺖ إﱃ ﻣﺸﻜﻼت ،ﻛﻴﻒ أﻧﻬﺎ مل ﺗﺤﻞ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎين ﻣﻨﻬﺎ اﻷﻣﺔ ،ﺑﻞ أﺿﺎﻓﺖ إﻟﻴﻬﺎ أزﻣﺎت أﺧﺮى .وإﻣﺎ أن ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺛﺎن .ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻓ ﱠﻜﺮ ﺑﻌﻤﻖ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺜﺎين ﻓﺎﻫﺘﺪى إﱃ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،وﺟﻌﻞ ﻣﺎ رﺗﺒﺘﻪ اﻟﺘﺠﺎرب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ إﻃﺎر اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ أﻫﺪا ًﻓﺎ. نوزاد صواش :ﻛﻴﻒ ذﻟﻚ ﻳﺎ أﺳﺘﺎذي؟ محمد إقبال عروي :إذا اﻋﺘﱪﻧﺎ اﳌﻨﺎط ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرب أن اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﺮد وﺳﻴﻠﺔ ﻟيك ﺗﻨﺸﺊ ﻟﻨﺎ ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﺳﻴﻨﺨﺮط ﰲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ ،وﺳﻴﻨﺨﺮط ﰲ اﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﺳﻴﺤﻜﻢ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ؛ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ -ﺑﺎﻋﺘﻘﺎدي اﳌﺘﻮاﺿﻊ -ﺟﻌﻠﺖ اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻫﺪ ًﻓﺎ ،ﻳﻌﻨﻲ ﻟﻴﺲ وراءه ﻣﺒﺘﻐﻰ آﺧﺮ ،ﺳﻮى أن ﻳﻜﻮن ﺮىب ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﻮازﻧﺔ ،ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻌ ًﻼ ُﻣ ﱠ ﻓﻬﺬا ﻫﺪف .وﺳﺨﺮت ﻟﻪ وﺳﺎﺋﻞ ،ﻣﻦ ﺑني ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ، وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ .اﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻴﺲ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﺤﻜﻢ ،وإمنﺎ اﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﻬﺪف .أﻓﺮاد اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻣﺆﺳﺴﺎت اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ازدﻫﺎر، ﻓﺴﺨﺮت ﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﱃ اﻻﻗﺘﺼﺎد. وﻗﺲ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺑﻘﻴﺔ اﳌﺠﺎﻻت. ﻫﺬا اﻟﺘ َﻤ ﱡﻴﺰ ﰲ ﺟﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺗﺠﺎرب أﺧﺮى ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ أﻫﺪا ًﻓﺎ ،ﻫﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ُﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ ،وأن ﻳﻜﻮن ﻣﺠﺎل ﺑﺤﺚ وﻣﺠﺎل ُو َرش، ﻷﻧﻪ ﻓﻌ ًﻼ ﻳﻀﻌﻨﺎ أﻣﺎم ﺟﻮﻫﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﺰ اﻟﺬي ﺗﺒﺤﺜﻮن ﻋﻨﻪ ﰲ ﺳﺆاﻟﻜﻢ .ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﻮ 44
أﻧﻬﺎ أﻗﺎﻣﺖ ﻗﻄﻴﻌﺔ ﻫﺎدﺋﺔ ﻣﻊ اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﻋﻨﴫ اﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ،وﻋﻨﴫ ُ اﻟﻄﻬﺮاﻧﻴﺔ ،وﻋﻨﴫ اﻻﺳﺘﻌﻼء ﻋﲆ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﻌﺪ أن ﻗﺴﻤﺖ اﳌﺠﺘﻤﻊ إﱃ ﻣﺠﺘﻤﻌني ،وﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﻫﺪف اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷول ﻫﻮ أن ﻳﺘﻄﻬﺮ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮم ﺑﻔﺘﺢ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻵﺧﺮ .وأن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑني اﳌﺠﺘﻤﻌني ،ﻻ ميﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺴﻠﻢ ،ﻷن اﳌﴩوع مبﺜﺎﻟﻴﺘﻪ ﻫﻮ إﻳﺠﺎد ﺑﺪﻳﻞ. ﻧﺴﻴﺠﺎ وﻣﻘﻮﻟﺔ اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﺬه ﻣﻊ اﻷﺳﻒ ﺧﻠﻘﺖ ً ﻧﻔﺴ ًﻴﺎ ورﻃﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت وﻛﺜ ًريا ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر .ﻓﻜﺎن اﻟﻬﺪف ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻨﺴﺦ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ وﻧﺄيت مبﺠﺘﻤﻊ ﺛﺎنٍ .ﻫﺬه اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣﻠﻐﺎة ﰲ ﻓﻜﺮ اﻷﺳﺘﺎذ .ﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ واﺣﺪ ،دور أﺑﻨﺎء اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﻮ أن ﻳﺠﻌﻠﻮا ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ أﻗﺮب إﱃ ﻣﺮﺿﺎة اﻟﻠﻪ !. وﺗﻌﺎﻣﻠﻮا ﻣﻊ اﻟﱰﺑﻴﺔ ،وﻣﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻣﻊ اﻹﻋﻼم ،وﻣﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻛﻮﺳﺎﺋﻞ ﺗﻘﺮﺑﻨﺎ أو إن اﺳﺘﻄﻌﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﺜﻤﺮﻫﺎ ﰲ أن ﻳﻘﱰب اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ رﴇ اﻟﻠﻪ ! .وأﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻜﺮ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺸﻜﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ اﻹﻛﺮاﻫﺎت ،وﻻ ﻳﺸﻜﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ وإمنﺎ ﻳﺸﻜﺮه ﺗﺤﺖ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﺑﺄن ﻫﺬا اﻹﻟﻪ اﻟﺬي أﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻌﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ُﻳﺤﻤﺪ وﻳﺴﺘﺤﻖ أن ُﻳﺸﻜﺮ .وﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎب أﺧﺮى ﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺄيت ﺑﻬﺎ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎت ﻣﻘﺒﻠﺔ إن ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ وﻧﺘﻮﺳﻊ ﻓﻴﻬﺎ. نوزاد صواش :دﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ودﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻳﺰري أﺷﻜﺮﻛام ﺷﻜ ًﺮا ﺟﺰﻳ ًﻼ ،ﻋﲆ رﻓﻘﺔ اﻟﺪرب وﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم اﻟﻄﻴﺐ .ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻛﻨﺎ ﻣﻊ ﺧﱪاء ﻳﺮﺻﺪون ﻇﺎﻫﺮة ،ﻳﺮﺻﺪون ﺗﺠﺮﺑﺔ ،ﻻ متﻠ ًﻘﺎ ،أو ﻣﺠﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﻞ رﺻ ًﺪا وأﻣﺎﻧﺔ ،ﻧﻘﻮل ﻫﺬا ﻣﺎ رأﻳﻨﺎه وﻫﺬا ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎه إن ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻄﺄ ُﻳﻘ ﱠﻮم ،وإن ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟامل ﻓﻬﻮ ﻣﻠﻚ اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﺷﻜ ًﺮا ﺟﺰﻳ ًﻼ.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
مقاالت
محورية األخالق يف البناء الحضاري
عند مالك بن نبي وفتح الله كولن
ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻦ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺛﻼﺛﻴﺔ )اﻟﺪﻳﻦ/ اﻷﺧﻼق/اﻟﺤﻀﺎرة( ،ﺣﻴﺚ ﻳﻄﺮح اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺌﻠﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ ُﺗﻌﺪﱡ ﻣﺤﻮ ًرا ﻟﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺔ وﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻫﻲ :ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻮﺟﺪ ﺣﻀﺎرة ﺑﻼ أﺧﻼق؟ وﻫﻞ ُﻳﻘ َﺒﻞ أن ﻧﺘﺤ ﱠﺪث ﻋﻦ أﺧﻼق ﺑﻼ دﻳﻦ؟ ﺛﻢ ﻫﻞ ُﻳﺴﺘﺴﺎغ ﻋﻘ ًﻼ وﻋﺎد ًة وﺟﻮ ُد دﻳﻦ ﺑﻼ أﺧﻼق؟. وﺗﻘﺮر اﻟﺪراﺳﺔ ﱠأن اﻷﺧﻼق "ﻻ ﻫﻲ وﻇﻴﻔﻴﺔ ،وﻻ ﻫﻲ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ"؛ ﱠ وأن اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻤﺎ أن ﻳﻘﻮﻻ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻷﺧﻼق واﻟﻘﻴﻢ ،وﻻ ﻋﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﻟﻤﺸﺘﺮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ .وﺗَﻌﺘﺒﺮ اﻟﺪراﺳ ُﺔ أن ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ُﻳﻌ ّﺪ ﻣﺪﺧ ًﻼ وﻣﻼﺣﻈ ًﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺗﻜﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﻟﻮج إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ وﻫﻲ :ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻷﺧﻼق ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎرة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻔ ﱢﻜ َﺮﻳﻦ ،ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ، وﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻌﺮض اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ اﻷﺧﻼق ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ ،ﺛﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓ ٍّﻴﺎ وﺣﻀﺎر ٍّﻳﺎ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺒﻄﺎن اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أ ﱠﻟﻔﻬﺎ ﻫﺬان اﻟﻌﻠﻤﺎن ،واﺳﺘﻌﺮاض اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ أﺻﻼﻫﺎ. واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت واﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﱠ
محمد باباعمي
أ.د .ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﺑﺎﻋ ﱠﻤﻲُ ،وﻟﺪ ﻓﻲ ﻳﺰﺟﻦ ﺑﺎﻟﺠﺰاﺋﺮ .ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻴﺪة وﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻷدﻳﺎن ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﻴﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﺎﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ. ﻳﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟ ٍّﻴﺎ ﻣﺪﻳ ًﺮا ﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﺑﺎﻟﺠﺰاﺋﺮ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ .ﻟﻪ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ "ﻣﻦ ﺑﻨﺎت اﻷﺳﻔﺎر"" ،ﻣﻄﺎرﺣﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ"" ،اﻟﺒﺮادﻳﻢ ﻛﻮﻟﻦ.. ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ وﻣﺸﺮوع اﻟﺨﺪﻣﺔ"" ،اﻟﺰﻣﻦ واﻟﻮﻗﺖ"، "ذي ﻗﺮﺑﺘﻲ ﻣﻘﺎﻻت ،وﺧﻮاﻃﺮ، وﻗﺼﺺ ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺨﺪﻣﺔ"، "أرﺑﺎب اﻟﻤﺴﺘﻮى".
45
مقاالت ﻛﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻷﺧﻼق ،ﻧﻈﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻷﺧﻼق) .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ( اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﻏري أﺧﻼق ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺧﺮاب اﻷﻣﺔ) .ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ( ﺻ ﱠﺪر اﻟﻤﻔ ﱢﻜﺮ ﻋﻠﻲ ﻋ ﱠﺰت ﺑﻴﺠﻮﻓﻴﺘﺶ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ "اﻹﺳﻼم ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب" ﺑﻬﺬه اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﻤﻠ ِﻬﻤﺔ" :ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻠﺤﺪون ﻋﻠﻰ أﺧﻼق ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﺧﻼﻗﻲ")(١؛ وﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﺆال إﻟﺤﺎد ﱞ ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺛﻼﺛﻴﺔ )اﻟﺪﻳﻦ/اﻷﺧﻼق/اﻟﺤﻀﺎرة(: ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻮﺟﺪ ﺣﻀﺎرة ﺑﻼ أﺧﻼق؟ وﻫﻞ ُﻳﻘ َﺒﻞ أن ﻧﺘﺤ ﱠﺪث ﻋﻦ أﺧﻼق ﺑﻼ دﻳﻦ؟ ﺛﻢ ﻫﻞ ُﻳﺴﺘﺴﺎغ ﻋﻘ ًﻼ وﻋﺎد ًة وﺟﻮ ُد دﻳﻦ ﺑﻼ أﺧﻼق؟ ﺗﻠﻜﻢ ﻫﻲ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻓﺎﳌﻘﺼﺪ ﻫﻮ ﻧﻔﴪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻇﺎﻫﺮ ًة ﻟﻄﺎﳌﺎ أ ﱠرﻗﺘﻨﺎ أن ﻧﻔﻬﻢ ،وأن ﱢ واﻗﻌ ٍّﻴﺎ وﺣﻀﺎر ٍّﻳﺎ؛ وﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة "اﳌﺘﺪ ﱢﻳﻦ ﻏري اﳌﺘﺨ ﱢﻠﻖ"، ﱢ اﳌﺘﺤﴬ" ،ﺛﻢ "اﳌﻠﺤﺪ اﻟﺬي و"اﳌﺘﺪ ﱢﻳﻦ اﳌﺘﺨ ﱢﻠﻖ ﻏري ﻳ ﱠﺪﻋﻲ اﻷﺧﻼق" ،أو "ﻏري اﳌﺘﺪ ﱢﻳﻦ اﳌﻨﻌﻮت ﺑﺎﻟﺤﻀﺎرة"؛ أﺳﺎﺳﺎ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺤﻀﺎري اﻟﻘﺎﺋﻢ أي أنﱠ اﻟﺪراﺳﺔ ً ﻋﲆ ﺧﺎﺻﻴﺔ "اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ ﺑني اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻔﻌﻞ" ،ﻛام اﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ "منﻮذج اﻟﺮﺷﺪ").(٢ املسريي يستفرس
ﻓﻲ ﻣﻘ ﱢﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎب "اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻐﺮب" ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ "ﻛﺎﻓﻴﻦ راﻳﻴﻠﻲ" ﻳﺴﺄل اﻟﻤﺴﻴﺮي ،وﻫﻮ ﻣﺘﺮﺟﻢ اﻟﻜﺘﺎب ،ﺳﺆاﻻً ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻨﺎﻫﺎ ،ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻪ: "ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺄﺗﱠﻰ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﻴﺶ ﺳﻮ ٍّﻳﺎ دون أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻗ َﻴﻢ ﻋﺎ ﱠﻣﺔ ﻧﺴﺘﻨﺪ إﻟﻴﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﻧﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺣﺘﻜﺎم إﻟﻴﻬﺎ إن اﺧﺘﻠﻔﻨﺎ ،وإن اﻵﺧﺮﻳﻦ؟ ٌ ﻗﻴﻢ رأﻳﻨﺎ اﻟﺒﺸﺮ ﻳﺘﺼ ﱠﺮﻓﻮن ﻣ ﱠﺮة أﺧﺮى ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺮودٌ ، )(٣ ﺗﻤ ﱢﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺴ ﱢﻤﻲ اﻹﻧﺴﺎن إﻧﺴﺎﻧًﺎ ،واﻟﻘﺮد ﻗﺮ ًدا" 46
***
ﻓﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻳﻔﱰض ﻟﺰوﻣﺎ وﺟﻮ َد ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﺘﻤﻜﺎﺳﻜﺔ ﻣﺘﺴﺎﻣﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻮاﻗﻊ وﻋﲆ ﺗﺴﺎرع اﻷﺣﺪاث ،ﻏري ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻸﻣﺰﺟﺔ واﻻﻋﺘﺒﺎرات ،وﻏري ﻣﺘﻠ ﱢﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﻨﴫﻳﺎت وروح اﻟﺠامﻋﺎت؛ ﻓﻠﻮ اﻓﱰﺿﻨﺎ أنﱠ ﻣﺘﻐريا ،ﻣﺼﻠﺤ ٍّﻴﺎ ﺧُ ﻠﻘﺎ ﻣﺜﻞ "اﻟﺼﺪق" ﻣﺜ ًﻼ ،ﻛﺎن ﻧﺴﺒ ٍّﻴﺎ ﱢ ً ﺑﴩ ٍّﻳﺎ؛ ﻓﺈﻧﱠﻪ ﺑﺎﻟﴬورة ﻳﻔﻘﺪ ﻣﻌﻴﺎرﻳﺘﻪ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻨﺘﻔﻲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎم إﻟﻴﻪ. وﻟﺬا ،ﻓﺈنﱠ اﳌﻮﻗﻒ "اﻹﻧﺴﺎين اﻟﻬﻴﻮﻣﺎين) (٤ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺆ ﱢدي ﺑﺎﻟﴬورة إﱃ ﴐب ﻣﻦ ﴐوب اﻹميﺎن ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﻓﺈنﱠ ﱠأي إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أي إﱃ اﻻﺣﺘﻜﺎم إﱃ اﻟﺪﻳﻦ" ،وﻣﻦ ﱠ "ﻣﺎدﻳﺔ" ،ﻣﺘﻨ ﱢﻜﺮة "ﻟﻠﺮوح ،واﳌﻌﻨﻰ" و"ﻟﻺﻟﻪ اﳌﺘﻌﺎﱄ اﳌﺘﺠﺎوز" ﻛام ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ "اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ أو اﻟﻠﻴﺒرياﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﻐﺮب"؛ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ "ﻻ ميﻜﻦ أن ﺗ ﱠﺘﺴﻖ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺘﺤ ﱠﻮل ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف إﱃ اﻹميﺎن ﺑﺎﻟﻠﻪ ،أو إﱃ ﻋﺪﻣﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ").(٥ ﻓﻤﺜ ًﻼ ،ﻟﻮ ﻋرث إﻧﺴﺎن ﻣﺤﺘﺎج ﰲ ﺷﺎرع ﻋﻤﻮﻣﻲ ﻋﲆ ﻇﺮف ﺑﻪ دراﻫﻢ ﻛﺜرية ،ﻣﻜﺘﻮب ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ ﺻﺎﺣﺒﻪ وﻫﺎﺗﻔﻪ؛ ﺛﻢ أﻋﺎده إﻟﻴﻪ أو أودﻋﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻷﻣﻦ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻳﻔﴪ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ وﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ؛ ﻓﻜﻴﻒ ﱠ ﺧﺎرج داﺋﺮة "اﻟﺪﻳﻦ ،واﻟﻮاﺟﺐ ،واﻟﻘﻴﻢ ،واﻷﺧﻼق، َ اﻟﻈﺮف ،وﻫﻮ ﰲ واﻹﻟﻪ"؟ وﻫﻞ ﻣﻦ اﳌﺼﻠﺤﺔ أن ﻳﻌﻴﺪ ﻣﺄﻣﻦ ﻋﻦ أي ﻋﻘﻮﺑﺔ أو ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ؟ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﻗﺮار إذن أنﱠ اﻷﺧﻼق "ﻻ ﻫﻲ وﻇﻴﻔﻴﺔ، وﻻ ﻫﻲ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ")(٦؛ وأنﱠ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻘﻞ ﻻ ميﻜﻨﻬام أن ﻳﻘﻮﻻ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻷﺧﻼق واﻟﻘﻴﻢ) ،(٧وﻻ ﻋﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﳌﺸﱰك اﻹﻧﺴﺎين).(٨
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
محورية األخالق يف البناء الحضاري
nesemat.com nesemat.com
ﻫﺬا اﳌﺪﺧﻞ ،وﻫﺬه اﳌﻼﺣﻈﺔ ،ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﰲ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻷﺧﻼق ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎرة ﻋﻨﺪ اﳌﻔ ﱢﻜ َﺮﻳﻦ، ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ :ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ ،وﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺛﻢ ﻣﺎ ِ ﻫﻮ ﻣﺮﺟﻊ اﻷﺧﻼق ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ؟ وﻛﻴﻒ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓ ٍّﻴﺎ وﺣﻀﺎر ٍّﻳﺎ ،ﻣﻦ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻣﺎ أ ﱠﻟﻔﺎ ﻣﻦ ﺑﺤﻮث ودراﺳﺎت ،وﺧ ﱠﻠﻔﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ وﻧﻈﺮﻳﺎت؟ وإذا رﻣﻨﺎ ﺗﺒﺴﻴﻂ اﻹﺷﻜﺎل ﻗﻠﻨﺎ :ﻫﻞ ميﻜﻦ أن ﻧﺒﻌﺚ ﺣﻀﺎرة ﺑﻼ أﺧﻼق؟ وﻫﻞ ميﻜﻦ أن ﻧُﺮﳼ ﻗﻮاﻋﺪ ﻟﻸﺧﻼق ُ ﻣﺮﺟﻊ ذاﺗﻪ؟ وﻫﻞ ﻳﻮﺟﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻐري دﻳﻦ؟ وﻫﻞ ُ ﻣﺮﺟﻌﻲ ،ﻣﻨﻪ ﺗﺴﺘﻨﺒﻂ اﳌﻌﺎﻳري؟ وﻫﻞ إﻧﺴﺎن أو ﻣﺠﺘﻤﻊ ﱞ اﳌﻮﺿﻮﻋﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ اﳌﺎدي اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻠﻨﻤﻮذج ﱢ ﱢ ﱢ ﻣﺮﺟ ًﻌﺎ ،ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ أﻧﺴﻨﺔ اﻷﺧﻼق؟ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻹﺷﻜﺎل ،ﰲ ﺗﺸﻜﻼﺗﻪ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﱡ ﻧﺤﺚ ني :ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ اﻟﺨُ َﻄﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﳌﻔﻜ َﺮ ِ ﻳﻦ اﻟﻌﺎﳌَ ِ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ .ﻣﻊ اﻻﻋﱰاف اﺑﺘﺪاء أنﱠ اﻟﺪراﺳﺔ ﻻ ﺗﺠﻴﺐ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺴﺆال، وإمنﺎ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺴﺆال اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﺠﻮاب اﻟﺼﺤﻴﺢ ،وأن ﺗﺜري وﺗﺴﺘﺜري اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻤﻴﻖ اﻟﺠﺎ ﱠد، ﺑﻐﺮض ﺗﻔﻌﻴﻠﻪ ومبﻘﺼﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ "ﻧﺎﻓﻌﻴﺘﻪ")،(٩ ﻓﺈنﱠ اﻷ ﱠﻣﺔ اﻟﻴﻮم -وﻫﻲ ﰲ ﻃﻮر اﻟﺤرية واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺬات) -(١٠أﺣﻮج ﻣﺎ ﺗﻜﻮن إﱃ ﺣﻀﺎرة ﻛﻮﻧﻴﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ رﺣﺒﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ أﺣﻮج ﻣﺎ ﺗﻜﻮن إﱃ رﻛﺎﺋﺰ ﻟﻬﺬه ُ اﻟﺼﺪق"؛ اﻟﺤﻀﺎرة :أوﻻﻫﺎ "اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﻖﱡ " وﺛﺎﻧﻴﻬﺎ "اﻟﺨﻠﻖ وﻣﺎ ﻛﺎن ﺧﺎرج ذﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﺳﻔﻪ وﺿﻼﻟﺔ.
ُ والتعمق فيها، الحفاظ عىل النفس، ينبغي ُّ والسعي إلدراكها .فمن كان يريد إحراز لقب الفاتح فليفتح قلعة النفس أو ً ال ،ومن استعىص عليه فتح الداخل ال ميكن أن يفتح شيئ ًا يف الخارج.
"اﻟﺪﻳﻦ/اﻷﺧﻼق/اﻟﺤﻀﺎرة" ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺻﻠﺐ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻤﺎ، اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ، ﻣﻊ ﺗﺒﺎﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻬﺞ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ،ﻳﻤﻠﻴﻪ اﻟﺒﻌﺪ ﱡ وداﺋﺮة اﻻﻫﺘﻤﺎم ،واﻷوﻟﻴﺎت اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﱢ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ؛ وﻛﺬا ﺧﺎﺻﻴﺔ "اﻟﻮﻋﺎء اﻟﺤﻀﺎري") (١١اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻴﺎن إﻟﻴﻪ ،و"اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﺤﻀﺎري") (١٢اﻟﺬي ﻳﺼﺪران ﻣﻨﻪ. ﻓامﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻛﺘﺐ ﻓﺼﻼ ﻋﻦ "اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻷﺧﻼﻗﻲ" ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻴﻪ "ﴍوط اﻟﻨﻬﻀﺔ" ،و"ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ"؛ ﺿﻤﻦ اﻟﻌﻨﴫ اﻷول ﰲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺤﻀﺎرة أي "اﻹﻧﺴﺎن" ،وﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ "ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ")(١٣؛ وﰲ "ﻣﻴﻼد ﻣﺠﺘﻤﻊ" ذﻛﺮ ﱠ أنﱠ أ ﱠول ﻋﻤﻞ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﺠﺘﻤﻊ ّﻣﺎ ﻓﻮر ﻣﻴﻼده ﻫﻮ رﺑﻂ ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،أي ﻫﻮ ﺧُ ﻠﻖ اﻟﺘﺂﺧﻲ ﰲ ﺣﺎل اﳌﺠﺘﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ؛ ﺛﻢ إنﱠ أ ﱠول ﻣﺎ ﻳﻔﻘﺪه اﳌﺠﺘﻤﻊ وﻫﻮ ﻣﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﺣﺘﻔﻪ ﻫﻮ ﺗﺪاﻋﻲ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺨﻠﻘﻲ؛ وميﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﻨﺘﺞ أنﱠ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﺨﻠﻘﻲ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ذروﺗﻪ ﱢ اﻟﺘﺪين ﺑﻌﺪ ﺻﻔني)(١٤؛ ﰲ اﻟﻌﻬﺪ اﳌﺪ ﱢين ،ﺛﻢ ﴍع ﰲ وﺑﻠﻮغ "اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ" ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻳﻌﻨﻲ اﻛﺘﺴﺎب ذﻟﻚ اﳌﺠﺘﻤﻊ "ﻟﺨﺼﺎﺋﺺ وﻣﻠﻜﺎت ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺮوح، وﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎرات ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﳌﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻲ" وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ "ﺑﺄﻋﲆ درﺟﺎت اﻟﺘﻮﺗﱡﺮ اﻷﺧﻼﻗﻲ").(١٥ ﱠ ﻳﺨﺺ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻟﻨﺰﻋﺔ املعالجة املصدرية وﻓﻴام ﱡ ﺑﺘﺘﺒﻊ ﻧﻤﺎذج ﻣﻤﺎ أ ﱠﻟﻒ ﱞ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ ،وأﻣﺜﻠﺔ اﻟﺠامﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﱠﺑني اﺑﻦ ﻧﺒﻲ أﻧﻪ "ﺑﺪﻳﻬﻲ ﻧﺎﺷﺊ ﺛﻘﺎﻓﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ ،وﻋﲆ ﻣﻤﺎ أﻟﻒ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻣﻤﺎ ﺗُﺮﺟﻢ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ؛ أن ﺗﻜﻮن ﺛﻘﺎﻓﺔ ﱢأي ﻣﺠﺘﻤﻊ ٍ ﱠ ٍ ﻧﺴﺠﻞ ﻣﻼﺣﻈﺔ ذات ﻣﻐﺰى ،وﻫﻲ أنﱠ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﺣﺎﻟﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ أوان أﻓﻮﻟﻪ؛ إذ ﻧﺠﺪه ُﻳﻐﺮق ﻳﻤﻜﻦ أن ﱢ 47
مقاالت nesemat.com nesemat.com
وجود مرجعية الحديث عن القيم يفرتض لزوما َ ثابتة متمكاسكة متسامية عىل الواقع وعىل تسارع األحداث ،غري خاضعة لألمزجة واالعتبارات، متلونة بالعنرصيات وروح الجامعات. وغري ِّ
ﰲ ﻧﺰﻋﺔ ﺟامﻟﻴﺔ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻗﻠﻴ ًﻼ ﻗﻠﻴ ًﻼ ﻋﻦ أﺻﻮل اﻟﺠامل اﻟﺤﻖﱢ ") (١٦أي اﻟﺠامل اﳌﻨﻀﺒﻂ ﺑﺎﻷﺧﻼق. واﻟﻘﺎرئ ﻟﻜﺘﺎب "وﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ" ،ﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﺠﺰء اﻷ ﱠول ﻣﻨﻪ؛ ﻳﺴﺠﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮات ،ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺪي ،ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻳﺤﻠﻞ اﳌﺆﻟﻒ مبﻨﻬﺞ ﱟ ﱟ واﻷﺧﻼق ﺑﺎﻟﺤﻀﺎرة؛ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻮن اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﻣﻦ ﻣﺜﻞ: "اﺣﺘﻘﺎر ﻣﺠ ٍﺪ ﺣﺎن ﻣﻮﻋﺪه ،ورﻓﺾ ﺳﻠﻄﺔ ﻻ ﺗﻘﻮى ﻋﲆ ﺣﻖﱟ ،وﺗﺤ ﱟﺪ ﻳﺠﺎ َﺑﻪ ﺑﻪ ﻇﺎمل ﺑﺎغ" ،ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﴎ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺬي ﻫﻲ اﻟﺘﻲ "ﺣﻔﻈﺖ ﰲ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ﱠ أودﻋﻪ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﺮآن" .ﺛﻢ ﺻﺎغ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻣﻼﺣﻈﺔ ذات ﺧﺺ ﴎ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﱠ أﻫﻤﻴﺔ ،ﻓﻘﺎل" :ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺪرك ﱠ َ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻗﻮة ﺑﻬﺎ )ﻋﺎمل اﻻﺟﺘامع( ﻣﺤﻤﺪ ، ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺤﻀﺎرات").(١٧ وﻳﺴﺘﻨﺘﺞ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻣﻦ ﺗﺘﺒﻌﻪ ﻟﺤﺮﻛﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أنﱠ "اﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﺮ ﱠﻛﺐ اﻟﻘﻴﻢ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ") ،(١٨وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﺴﻤﻴﻪ "ﻣﺮ ﱠﻛﺐ اﻟﺤﻀﺎرة" .وﻋﻦ ﻛﻮن "اﻟﻌﻠﻮم اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ أﻛرث ﴐورة ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﳌﺎدﻳﺔ" ﰲ اﻟﻈﺮوف اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤني ﺧﺎﺻﺔ ،وﻟﻠﺒﴩﻳﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ، ﻛﺘﺐ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻗﺮاءة دﻗﻴﻘﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ).(١٩ أ ﱠﻣﺎ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﻓﻠﻪ ﻛﺘﺎب ﰲ أرﺑﻌﺔ أﺟﺰاء ،وﻫﻮ ﻣﺤﻮري ﰲ ﻧﺘﺎﺟﻪ اﻟﻔﻜﺮي ،ﺑﻌﻨﻮان "اﻟﺘﻼل اﻟﺰﻣﺮدﻳﺔ: ﱞ ﻧﺤﻮ ﺣﻴﺎة اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺮوح" ﺗُﺮﺟﻢ ﻣﻨﻪ إﱃ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ٍ مبﻔﺮدات وﻗﺎﻣﻮس ﺟﺰ ٌء واﺣﺪ؛ وﻫﻮ ﻛ ﱡﻠﻪ ﰲ اﻷﺧﻼق 48
"ﺣﻀﺎري-ﻋﻤ ﱞ ﲇ" ﻃﺮح ﱞ "ﺻﻮ ﱟﰲ" ﻇﺎﻫ ًﺮا؛ ﻟﻜﻨﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ٌ ٌ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻄﺮح اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﳌﺄﻟﻮف؛ وﺿﻤﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﺼﻞ ﺑﻌﻨﻮان" :اﻟﺨُ ﻠﻖ") .(٢٠وﻣﻦ اﻷﺧﻼق اﻟﺘﻲ ﴍح ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ،وﺻﺎغ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻬﺎ ،ﺿﻤﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻧﺬﻛﺮ: "اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ" ،و"اﻟﺘﻮاﺿﻊ" ،و"اﻟﺼﱪ" ،و"اﻹﺣﺴﺎن").(٢١ وﰲ "اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ" ﻓﺼﻮل ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻦ "اﻷﺧﻼق" ﺗﺎرﻳﺨﻲ وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ واﻟﺤﻀﺎرة؛ ﻟﻜﻦ مبﻨﻬﺞ ﱟ ﻣﺘﺠﺎوز ﻟﻠﴪد واﻟﺤﺪث ،ﻣﻮ ِﻏﻞ ﰲ اﻟﺪﻋﻮة واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ؛ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﺼﻞ "ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻷﻧﺒﻴﺎء") ،(٢٢اﻟﺬي ﺗﻌ ﱠﺮض ﻓﻴﻪ إﱃ "ر ﱠﺑﺎﻧﻴﺔ" دﻋﻮﺗﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم ،أي ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ واﻟﺘﻮﺟﻪ إﱃ اﻟﻠﻪ وﺣﺪه"، ﺑﺎﻟﺴامء؛ ﺛﻢ ﻧ ﱠﺒﻪ إﱃ "اﻟﺘﺠﺮد ﱡ وﻫﻮ ﻣﻌﻴﺎ ٌر ﻻ ﻳﺨﻄﺊ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﲆ اﻟﺼﺪق ﻣﻦ ﻏريه؛ ﺛﻢ ﺗﻨﺎول ﺧﻠﻖ "اﻹﺧﻼص"ً ، ﺧﺎﺻﺎ ﻋﻠام أﻧﻪ أﻓﺮد ﻟﻪ ﻋﻨﻮاﻧًﺎ ٍّ ﰲ "اﻟﺘﻼل اﻟﺰﻣﺮدﻳﺔ" ،وﻣام ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن" :إن ﻛﺎن ﺟﻨﺎﺣﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﺟﺴ ًﺪا ﻓﺮوﺣﻪ اﻹﺧﻼص ،وإن ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ ً ﻓﺠﻨﺎﺣﻪ اﻵﺧﺮ ﻫﻮ اﻹﺧﻼص .ﻓﻼ ﺟﺴﺪ ﺑﻼ روح ،وﻻ ﻳﻮﺻﻞ إﱃ ﻣﻜﺎن ﺑﺠﻨﺎح واﺣﺪ") .(٢٣ﺛﻢ ﰲ "ﺑﺎب :ﺻﻔﺎت َ اﻷﻧﺒﻴﺎء وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺪ اﻷﺻﻔﻴﺎء" ﺑﺴﻂ ﻓﺼ ًﻼ ﻋﻦ "اﻟﺼﺪق"؛ ﻣﺒ ﱢﻴ ًﻨﺎ أنﱠ ﺧﻠﻖ "اﻟﺼﺪق ﻫﻮ ﻣﺤﻮر اﻟﻨﺒﻮة، وﻣﺪار ارﺗﻜﺎزﻫﺎ") ،(٢٤وﻓﺼ ًﻼ آﺧﺮ ﻋﻦ "اﻷﻣﺎﻧﺔ" رﺑﻂ ﻓﻴﻪ ﺑني اﻹميﺎن واﻷﻣﺎﻧﺔ ،وذﻫﺐ إﱃ أﻧﻬام ﻻ ﻳﻨﻔﺼامن).(٢٥ ﱠ وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ميﻴﺰ اﻟﻌﺮض اﻟﺪﻋﻮي ﻟﻸﺧﻼق ﰲ "اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ" ﻋﻦ ﻏريه ﻫﻮ ذﻟﻜﻢ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎص ﺑﺨﻠﻖ روح اﻟﻜﺘﺎب وﻟ ﱠﺒﻪ؛ وﻓﻴﻪ ﻋ ﱠﺮف "اﻟﻔﻄﻨﺔ" ،واﻟﺬي ُﻳﻌﺘﱪ َ اﻟﻔﻄﻨﺔ أﻧﻬﺎ "ﺗﺠﺎوز اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ" وﻫﻲ "ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻨﺒﻮة" وﺧﺼﺎﺋﺺ ﻫﺬا اﳌﻨﻄﻖ "اﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻷﺷﻴﺎء واﻟﺤﻮادث ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﻈﺎر ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺑني اﻟﺮوح واﻟﻘﻠﺐ واﻟﺤﺲ وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻠﻄﺎﺋﻒ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ" أﺟﻞ "إنﱠ اﻟﻔﻄﻨﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻘ ًﻼ وﻣﻨﻄ ًﻘﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ إﺿﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼم إﱃ اﻟﻌﻘﻞ واﳌﻨﻄﻖ").(٢٦
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
محورية األخالق يف البناء الحضاري
nesemat.com nesemat.com
وﻋﻨﺪ ﺗﺤﻠﻴﻞ "ﺑﺎﻗﺔ ﻣﻦ أﺣﺎدﻳﺚ اﳌﺼﻄﻔﻰ " ﻋﺎد ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى إﱃ "اﻟﺼﺪق" ﻷﻫﻤﻴﺘﻪ ،ﺛﻢ ﻧ ﱠﻮه ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺧﻼق اﻷﺧﺮى ﰲ ﺑﻴﺎن اﻟﻨﺒﻮة ً ﻋﻠام وﻋﻤ ًﻼ) (٢٧ﻣﻨﻬﺎ "ﺗﻮاﺿﻌﻪ" ،و"ﻛﺮﻣﻪ" ،و"ﺑﺴﺎﻃﺘﻪ" وﻣﻠﺨﺺ اﻟﻘﻮل أﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬروة ﰲ ﱢ ﻛﻞ ﳾء ،وﻫﻮ اﻟﺬروة ﰲ اﻷﺧﻼق واﻟﺨﻼل اﻟﺤﻤﻴﺪة. مبﺎ أنﱠ اﻷﺧﻼق ﻻ ﺗﻜﺘﺴﺐ إ ﱠﻻ ﺑﺎﻟﱰﺑﻴﺔ ،ومبﺎ أنﱠ رﺳﺎﻟﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ اﻟﺘﻲ ﺻﺒﻎ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻫﻲ اﻟﱰﺑﻴﺔ ،ومبﺎ أنﱠ اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ إمنﺎ أﻟﱢﻒ ﻟﻌﺮض اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻋﲆ ﻣﻌﺎﻳري اﻟﻨﺒﻮة واﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﺮاﺷﺪة ﻻ ﺑﻐﺮض اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﻨﻬﺠﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي، أو اﻟﺪرس اﻟﻮﻋﻈﻲ اﻟﻜﻼﺳﻴيك ...اﻋﺘﺒﺎ ًرا ﱢ ﻟﻜﻞ ذﻟﻚ ﻋﻘﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﺟﺰ ًءا ﻛﺎﻣ ًﻼ ﻟﻠﱰﺑﻴﺔ ﻋﻨﻮﻧﻪ ﺑـ" اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺮﺑ ًﻴﺎ"؛ اﻟﺮب ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻫﻮ ﻣﺸ ًريا إﱃ أنﱠ "أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺜﻞ ﻟﺼﻔﺔ ﱢ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ،أي ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ميﺜﻞ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻣﻦ اﻷﺳامء اﻟﺤﺴﻨﻰ").(٢٨ واﻟﺤﻖﱡ أنﱠ ﻋﺮض ﻣﺎدة اﻷﺧﻼق ،ﻣﻦ ﻣﺪاﺧﻠﻬﺎ وﺗﴫﻓﺎﺗﻬﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ ،ميﻜﻦ أن ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺤ ًﺜﺎ ﻛﺎﻣ ًﻼ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺼﺪده؛ ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ ﻋﲆ ﴐورﺗﻪ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎت أﺧﺮى ،ﻟﻌﻞ اﻟﻘﺪر ﻳﺠﻮد ﺑﻬﺎ. وﻳﺄيت ﻛﺘﺎب "وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح" ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻮان إﱃ آﺧﺮ ﺳﻄﺮ ﻓﻴﻪ ،ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ،ﺑﺪﻳﻌﺔ اﻷﻟﻮان ،ﻣﺸ ﱠﻜﻠﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ،ﰲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺛﻼﺛﻴﺔ "اﻟﺪﻳﻦ/اﻷﺧﻼق/اﻟﺤﻀﺎرة" ،ﰲ ﻣﻘﺎﻻت ﻋﺪﻳﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ" :دﻧﻴﺎ ﰲ رﺣﻢ اﻟﻮﻻدة" ،و"ﻧﺤﻮ ﻋﺎﳌﻨﺎ" ،واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ" وﻏريﻫﺎ ﻣام ﻳﺤﺴﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻴﻪ ﻣﺒﺎﴍة ،ﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ اﻹميﺎﻧﻴﺔ واﻟﺨﻠﻘﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة ،ﱡ ﻛﻞ ذﻟﻚ اﺳﺘﺒﺸﺎ ًرا واﺳﺘﻌﺪا ًدا "ﻟﻼﻧﺒﻌﺎث ﺑﻌﺪ اﳌﻮت" ،ﻗﺼﺪ ﻗﺪح "اﻟﴩارات اﻷوﱃ ﻟﻔﻜﺮ ﻧﻬﻀﺔ ﻛﱪى ،ﻫﻲ أﺷﻤﻞ وأوﺳﻊ ﻧﻬﻀﺔ ﺗﻬﻔﻮ إﻟﻴﻬﺎ
منظومة األخالق عند فتح الله كولن هي ُّ ُّ وكل حسن، فكل خلق "أسامء الله الحسنى"؛ ٍ قيمة ُمثىل ،هي متث ٌُّل السم -أو أكرث -من أسامئه الحسنى بوجه من الوجوه ،وباعتبار من االعتبارات؛ وذلك مبوجب "تخلَّقوا بأخالق الله".
اﻷﻋﻨﺎق ﻣﻨﺬ ﻗﺮون").(٢٩ أ ﱠﻣﺎ ﻛﺘﺎب "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ﻓﻬﻮ اﻣﺘﺪاد وﺗﺘﻤﺔ ﻟـ"وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح"؛ وﻓﻴﻪ ﺗﺒﺪو اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻮﻃﻴﺪة واﻟﻠﺤﻤﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﺑني اﳌﻔﻜ َﺮﻳﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ وﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ؛ وأﺟﺰم أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻛﺘﺎﺑﺎن ﻣﺘﻘﺎرﺑﺎن ﺷﻜ ًﻼ وﻣﻌﻨﻰ ،ﺑني اﻷﺳﺘﺎذﻳﻦ ،أﻛرث ﻣﻦ "ﴍوط اﻟﻨﻬﻀﺔ" ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ"؛ ﺑﻞ إنﱠ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ اﻋﺘﻤﺪ ﴍوط اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻣﻦ ﺑني ﻣﺼﺎدره ،وﺗﺒﻨﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﻪ وﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ ،ﺛﻢ أﺿﺎف إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻜﺜري، وﻋﲆ رأس ﺗﻠﻚ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ "اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌامر" ،وﻫﻮ ﺧﻠﻘﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر).(٣٠ ﻣﻔﻬﻮم ذو ﺑﻌﺪ ﱟ منحة من السامء إىل األرض
ﻳﻘﻮل ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻋﻦ ﻛﻮن اﻷﺧﻼق وروح اﻷﺧﻼق ﺗﻌﻮد إﻟﻰ "اﻹﻟﻪ" وإﻟﻰ "اﻟﺪﻳﻦ" ﺑﺎﻟﺘﺒﻊ" :ﻫﺬه اﻟﺮوح اﻟﺨُ ﻠﻘﻴﺔ ﻣﻨﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻰ اﻷرض ،ﺗﺄﺗﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﻧﺰول اﻷدﻳﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻟﺪ اﻟﺤﻀﺎرات ،وﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ رﺑﻂ اﻷﻓﺮاد ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ :وأَ ﱠﻟ َﻒ َﺑ ْﻴ َﻦ ُﻗ ُﻠﻮ ِﺑ ِﻬ ْﻢ ﻟَ ْﻮ أَ ْﻧ َﻔ ْﻘ َﺖ َﻣﺎ ِﻓﻲ اﻷَ ْر ِض َﺟ ِﻤﻴ ًﻌﺎ َﻣﺎ أَ ﱠﻟ ْﻔ َﺖ َﺑ ْﻴ َﻦ ُﻗ ُﻠﻮ ِﺑ ِﻬ ْﻢ َوﻟَ ِﻜ ﱠﻦ اﻟﻠ َﻪ أَ ﱠﻟ َﻒ َﺑ ْﻴ َﻨ ُﻬ ْﻢ إِ ﱠﻧ ُﻪ َﻋ ِﺰﻳ ٌﺰ َﺣ ِﻜ ٌﻴﻢ )اﻷﻧﻔﺎل.(٣١)(٦٣: وﰲ ﺳﻴﺎق ﻣﻐﺎﻳﺮ ،ﻳﺮﺑﻂ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﺑني اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺴﻠﻮك ﺑﻘﻮﻟﻪ" :اﻟﻌﻨﴫ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﺎ ﱠﻣﺔ ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ أﻧﻪ ﻳﻐﺬي 49
مقاالت nesemat.com nesemat.com
العقيدة الحركية التي أوجدتها إننا إذا َت َف َّهمنا َ ُ اإلسالمية يف القلوب املؤمنة ،فسنفهم الحقيقية للهبوط والصعود األسباب والدوافع َ عىل مستوى الفرد أو املجتمع ،بل وسندرك األسس املهمة التي نجمع بها شملنا ونرجع بها َ تأخرنا عنها. إىل وعينا ونلحق بالقافلة التي َّ
اﻟﺠﺬور اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻣﺒﺎﴍة ﰲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜ ﱢﻮن اﻟـ"أﻧﺎ" اﻟﻮاﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﻔﺮد ،وﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻌﻬﺎ اﻟﻐﺮاﺋﺰ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟـ"أﻧﺎ"").(٣٢ وﰲ ﻣﻘﺎل "اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺠﻤﻌﻲ" ﻳﺮ ﱡد ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺴﺒﺐ إﱃ "اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ" اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﰲ إرﺳﺎء ﻣﻜﺎرم اﻷﺧﻼق ،وﻳﻘﻮل" :إنﱠ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺠﻤﻌﻲ ﻳﺤﻤﻞ ﰲ أﻋامﻗﻪ أﺳﺒﺎب وﺟﻮدﻧﺎ وأﴎار ﺑﻘﺎﺋﻨﺎ أ ﱠﻣﺔ ،إذ ﻳﺴﺘﻘﻲ ﻣﺎ ﱠدة ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺒﻊ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ، وﺑﻔﻀﻠﻪ ﺗﺘﻨﺎﻏﻢ ﻣﻜﺎرم اﻷﺧﻼق ﻣﻊ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ". وﰲ ﺳﻴﺎق ﻣامﺛﻞ ،وﺻﻒ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ اﳌﺴﻠﻤﻮن اﻟﺮواد ﻋﱪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﰲ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺤﻀﺎري ،وﰲ اﳌﺴﺘﻮى اﻷﺧﻼﻗﻲ ،وﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺴﺘﻮﻳﺎت اﻷﺧﺮى؛ واﻋﺘﱪ اﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﺷﻌﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﺜﻤﺮات اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺪو أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻓﻮق اﻟﺨﻴﺎل ،وﻗﺎل" :ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻟﻨﺎ اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺤﺪث ﰲ ﻋﺎمل ﻣﻦ اﻟﺨﻮارق ﺑﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻗﻮى ﻏﺎﻣﻀﺔ ﺧﻔﻴﺔ؛ ﺑﻴﻨام ميﻜﻦ إرﺟﺎﻋﻬﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ إﱃ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ ،أﻻ وﻫﻲ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ وﺷﺨﺼﻴﺘﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﳌﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻬﻠﺖ ﻣﻦ روح اﻟﺪﻳﻦ وﺗﻐ ﱠﺬت ﺑﺠﻮﻫﺮه وﺗﺸ ﱠﺒﻌﺖ ﺑﺤﻘﺎﺋﻘﻪ اﻟﺨﺎﻟﺪة .وإﻧﻪ ﳌﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺸﻚ واﳌﺮاء ،أنﱠ أﺑﻨﺎء أﻣﺘﻨﺎ اﻟﻨﺠﺒﺎء ،ﺑﻔﻀﻞ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻫﺬه ،ﻗﺪ اﺟﺘﻤﻊ ﺷﻤﻠﻬﻢ 50
واﻟﺘﺄم ﺷﺘﺎﺗﻬﻢ ﺣﻮل ﻓﻜﺮة واﺣﺪة وﻋﺎﻃﻔﺔ واﺣﺪة ﻣﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﻃﻮال اﻟﺘﺎرﻳﺦ؛ ﻓﺎﻧﺘﻈﻤﺖ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ ﻋﲆ ﻏﺎﻳﺎت ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ وأﺣﻼم ﻣﺸﱰﻛﺔ ،وﺧﻔﻘﺖ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﻨﻔﺲ اﳌﺸﺎﻋﺮ واﻵﻣﺎل ،وداﻓﻌﻮا ﺟﻨ ًﺒﺎ إﱃ ﺟﻨﺐ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ،وﻛﺎﻓﺤﻮا ﺻ ٍّﻔﺎ واﺣ ًﺪا ﻣﻦ أﺟﻞ اﳌﺒﺎدئ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،واﺳﺘﺒﻘﻮا ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﻢ دون ﺗﻮﻗﻒ أو ﻓﺘﻮر ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮؤى اﳌﻨﺸﻮدة ﻋﻴﻨﻬﺎ واﳌﻘﺎﺻﺪ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ").(٣٣ ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻄﺎء اﻟﺴاموي ،ﻻ ﻳﺠﻮز أن ﻳﺒﱰ ،أو ﱠ ﻳﺠﺰأ ،ﻓﺎﻹﺳﻼم ﱞ "ﻛﻞ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺗﺠﺰﻳﺌﻪ")(٣٤؛ ﻳﻘﻮل ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" :اﻹﺳﻼم ﱞ "ﻛﻞ" ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺗ ََﺠ ﱡﺰؤه ،وﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أن اﳌﺤﻤﻠ َﺔ ﻋﲆ اﻟﻜﻞ .ﻓﺈنﱠ ﺗﺠﺰﺋﺘﻪ ﺤﻤﻞ ﺟﺰؤه اﻟ ِﻘ َﻴ َﻢ ﱠ ُﻳ ﱠ ﻓﻬﻢ ﻛﺎﻣﻞٍ وﺗﺎم ﻣﻦ إﱃ أﺟﺰاء ،ﺛﻢ ﻣﺤﺎوﻟ َﺔ اﺳﺘﻨﺒﺎطِ ٍ اﻷﺟﺰاء ٌ ﻏﻠﻂ وﺧﻠﻂ وإﻫﺎﻧﺔ ﻟﺮوﺣﻪ .وﺳﻮف ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﻬﻤﻪ أو ﻳﺤﴫه ﰲ ﺗﻔﺴ ِري ٍ آﻳﺎت وأﺣﺎدﻳﺚ ﺑﺄﺣﺎﺳﻴﺲ وﻋﻈﻲ ،ﻣﻬﺰو َز اﻟﻮﺟﺪان ﻣﻌﺪودة ﺑﺄﺳﻠﻮب ِ ﱟ ﻧﻘﺺ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،و ُﻣﻌﺎ ِﻧ ًﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻮاء روﺣﻲ داﺋﻢ؛ ﻣﻬام ﻛ ﱠﺪ وﺳ َﻌﻰ ﻟﺴامع ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﻧﻐﺎم اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﻫﺬه. اﻹﺳﻼم إميﺎن ،وﻋﺒﺎدة ،وأﺧﻼق ،وﻧﻈﺎم ﻳﺮﻓﻊ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ إﱃ اﻷﻋﲆ ،وﻓﻜﺮ ،وﻋﻠﻢ ،وﻓﻦ .وﻫﻮ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﺤﻴﺎة ﻛ ٍّﻼ ﻣﺘﻜﺎﻣ ًﻼ ،ﻓﻴﻔﴪﻫﺎ ،وﻳﻘ ﱢﻮﻣﻬﺎ ﺑﻘﻴﻤﻪ ،وﻳﻘ ﱢﺪم ﳌﻨﺘﺴﺒﻴﻪ ﻣﺎﺋﺪ ًة ﺳاموﻳﺔ ﻣﻦ ﻏري ﻧﻘﺺ").(٣٥ وﻗﺪ ﺳﺠﻠﺖ ﺟﻴﻞ ﻛﺎرول ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﻦ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﻘﻴﻢ واﻹﻟﻪ ،وﻣام ﻗﺎﻟﺖ" :ﻫﻨﺎ أﻳﻀً ﺎ ﻧﺠﺪ أن ﻛﻮﻟﻦ ﻳﻨﺴﺐ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ إﱃ اﻟﻠﻪ، ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎين ﻫﺒﺔ ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺘﻌﺪي ﻋﻠﻴﻬﺎ أو اﻧﺘﻬﺎﻛﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ اﻷﺳﺎس ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ أﻣﺮ ﺑﻪ اﻟﻠﻪ ﻛﺤامﻳﺔ اﻟﻨﺎس واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ ﻛﺈﻳﺬاء اﻟﻨﺎس أو ﴎﻗﺔ ﻣﺎﻟﻬﻢ").(٣٦
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
محورية األخالق يف البناء الحضاري
ال يتصور أن يتحقق نجاح عظيم أو الحفاظ عىل نجاح قد تحقق ،عىل يد أناس فقراء يف قيمهم اإلنسانية وضعفاء يف شخصياتهم ،وإن ظهر عليهم مظاهر املؤمنني الصالحني.
nesemat.com
ﻘﺖ ﻛﺎرول أﻛرث ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻘﻴﻢ ﺗﻌﻤ ْ وﻟﻮ ﱠ ﺑﺎﻹﻟﻪ ،ﳌﺎ اﻧﻘﻄﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﻔﺲ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻼﺣﻈﺔ اﻷ ﱠوﻟﻴﺔ؛ وﻻﻛﺘﺸﻔﺖ أنﱠ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻘ َﻴﻢ واﻷﺧﻼق ،وﻧﻘﻄﺔ اﻟﻌﻄﺎﻟﺔ، ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﺧﻼق ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻫﻲ "أﺳامء ﺣﺴﻦ ،ﱡ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺴﻨﻰ"؛ ﱡ وﻛﻞ ﻗﻴﻤﺔ ُﻣﺜﲆ ،ﻫﻲ ﻓﻜﻞ ﺧﻠﻖ ٍ وﻻ ﺑ ﱠﺪ مت ﱡﺜ ٌﻞ ﻻﺳﻢ –أو أﻛرث– ﻣﻦ أﺳامء اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺴﻨﻰ ،وﻟﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴ ًﻘﺎ وﺗﺠﺴﻴ ًﺪا ﰲ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﻲ اﻟﺴﻤﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮه ،وﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﻣﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎرات؛ وذﻟﻚ اﻷﺳﺎس ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،وﰲ ﻣﴩوع اﻟﺨﺪﻣﺔ مبﻮﺟﺐ "ﺗﺨ ﱠﻠﻘﻮا ﺑﺄﺧﻼق اﻟﻠﻪ". ﻛﻜﻞ؛ ﻓﻠﻴﺲ اﳌﻘﺼﺪ ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ،وﻫﻮ ﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﺪﻳﻦ ،أو اﻷﺧﻼق ،أو اﻟﺤﻀﺎرة ،ﻣﻦ ﻣﺪاﺧﻞ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،أن ﻳﻀﻴﻒ املقصد العميل ﱢ ﴏﺣﺎ ﻣﻌﺮﻓ ٍّﻴﺎ ﺗﻠﻴ ًﺪا؛ وإمنﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﻓﺼﻞ "اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺨﻠﻘﻲ" ﻳﻘﻮل ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،وﻻ أن ﻳﺒﻨﻲ ً ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺎﻷﺧﻼق ﻣﻦ اﻟﺰاوﻳﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ،اﳌﻘﺼﺪ ﻫﻮ اﻟﻔﻌﻞ اﳌﺒﺎﴍ ا ُﳌﺮﴈ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ؛ وﻳﻜﻔﻲ ﻧﺒﻲ" :ﻟﺴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﱡ وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؛ وﻟﻴﺲ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻫﻨﺎ دﻟﻴﻼ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ،ﻣﺎ اﻧﺘﻬﻰ إﻟﻴﻪ "ﻣﺆمتﺮ اﻟﻘﺎﻫﺮة" ﺗﺸﺮﻳﺢ ﻣﺒﺎدئ ﺧﻠﻘﻴﺔ ،ﺑﻞ أن ﻧﺤ ﱢﺪد ﻗ ﱠﻮة اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﺑﺮزﻫﺎ ،ﻛام ورد ﰲ ﺗﻮﺻﻴﺎت اﳌﺆمتﺮ" :أﻫﻢ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻸﻓﺮاد ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻜﻮﻳﻦ وﺣﺪة ﻣﺎ أﺛﺎر اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت ﻓﻴام ﺑني اﻟﺤﻀﻮر ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺤﺮيك ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ") (٣٧أي ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻃﻮر "اﻟﻤﻴﻼد" ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ؛ وﻣﻦ واﳌﺆﺳﴘ ﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻛﻮﻟﻦ؛ ﻓﻤﻊ ﺗﻌﺪد ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻹﺻﻼح ﺛﻢ ﻓﺎﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻐﺮض ﻧﻈﺮي ﺗﻨﻈﻴﺮي ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺗﺸﺎﺑﻬﻬﺎ ،إ ﱠﻻ أﻧﻬﺎ ﻇﻠﺖ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت دون ﺗﻔﻌﻴﻞ؛ أو أﻧﻬﺎ آﻟﺖ إﱃ اﻟﻔﺸﻞ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت ﻫﻲ ﻷﻫﺪاف ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺴﺆوﻟﺔ. وﰲ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎق "ﻣﻴﻼد اﻷﺧﺮى ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎن ﻧﺠﺎح اﻟﺸﻴﺦ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻟﺮﺑﻂ ﺑني ﻣﺠﺘﻤﻊ" ﻳﺬﻛﺮ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ "أنﱠ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﺑﺼﻔﺔ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﺜﺎ ًرا ﻹﻋﺠﺎب اﻟﺠﻤﻴﻊ .وﺗﺮددت ﺑﻜرثة ﻋﺎﻣﺔ ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻮل ﻫﻲ :اﻷﺧﻼق ،واﻟﺠامل ،ﻛﻠامت ﻣﺜﻞ :اﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ،واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺤﺮﻛﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ. واﳌﻨﻄﻖ اﻟﻌﻤﲇ ،واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ .وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻳﻘﺘﻀﻴﻨﺎ وﻫﻲ ﺗﺪل ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ وﺑﻮﺿﻮح ﻋﲆ ﻋﻄﺶ ﻋﺮيب أن ﻧﺘﺴﺎءل :ﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺪرﻛﻬﺎ ﰲ ﺻﻮرة ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻠﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﺤﺮﻛﺔ").(٣٩ وﻟﻘﺪ أ ﱠﻛﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﺤﺮيك واﳌﻨﻄﻘﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﺗﺮﺑﻮي ﻳﺼﻠﺢ ﻟﺘﻐﻴري اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي مل ﻳﺘﺤﴬ ﺑﻌﺪ ،ﰲ ﻇﺮوف ﻧﻔﺴﻴﺔ زﻣﻨﻴﺔ ﻣﻌ ﱠﻴﻨﺔ ،أو ﻹﺑﻘﺎء اﻹﻧﺴﺎن اﳌﺘﺤﴬ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻫﻮ ﻳﺮﺳﻢ ﱠ ﺧﻂ اﻟﺴري ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ،ﻓﻘﺎل" :ﻧﺤﻦ ﰲ ﻣﺴﺘﻮى وﻇﻴﻔﺘﻪ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،وﰲ ﻣﺴﺘﻮى أﻫﺪاف ﻧﻠﺨﺺ ﺧﻂ ﻛﻔﺎﺣﻨﺎ ﻛﻮرﺛـﺔ اﻷرض ﺑﻜﻠﻤﺘﻲ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ") .(٣٨واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ واﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ،ﻻ واﻟﻔﻜﺮ .وإن وﺟﻮدﻧﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻻ ﻳﺘﻢ إﻻ ﻋﱪ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮ ...ﺣﺮﻛﻴﺔ وﻓﻜﺮ ﻗﺎدران ﻋﲆ ﺗﻐﻴري اﻟﺬات ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﺘﻨﻈري. ﱠ وﻟﻌﻞ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ اﳌﻘﺮوﻧﺔ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ دامئًﺎ ،ﻻ ﺗﻨﻈ ًريا ﻓﻘﻂ ،واﻵﺧﺮﻳﻦ .واﻟﻮاﻗﻊ أن ﻛﻞ ﻛﻴﺎن مثﺮة ﺣﺮﻛﺔ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ nesemat.com
51
مقاالت nesemat.com nesemat.com
إن الوعي الجمعي يحمل يف أعامقه أسباب مادة حياته أمة ،إذ يستقي َّ وجودنا وأرسار بقائنا َّ من منبع ثقافتنا الدينية وهويتنا الذاتية ،وبفضله تتناغم مكارم األخالق مع الحياة االجتامعية.
ﻣﻦ اﳌﺒﺎدئ واﻟﺘﺼﻮرات ،ﻛام أن ﺑﻘﺎءه ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ وﺗﻠﻚ اﻟﺘﺼﻮرات. وإن أﻫﻢ ﳾء وأﺷـﺪه ﴐورة ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ .ﻓﻤﻦ اﻟﴬوري أن ﻧﺘﺤﺮك ﻋﲆ اﻟﺪوام ﰲ ﻇﺮوف ﻗﺎﻫﺮة ،ﻧﻀﻊ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺗﺤﺖ ﺛﻘﻠﻬﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ، ﻟﻨﺤﻤﻞ ﻓﻮق ﻇﻬﻮرﻧﺎ واﺟﺒﺎت وﻧﻔﺘﺢ ﺻﺪورﻧﺎ أﻣﺎم ﻣﻌﻀﻼت ...اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ اﳌﺴﺘﻤﺮة واﻟﻔﻜﺮ اﳌﺴﺘﻤﺮ ،وﻣﻬام ﺿﺤﻴﻨﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﻴﻞ .ﻓﺈن مل ﻧﺘﺤﺮك وﻓ ًﻘﺎ ﻟﻬﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻓﺴﻨﺪﺧﻞ ﰲ ﺗﺄﺛري اﻟﺪواﻣﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﱪﻧﺎﻣﺠﻴﺔ ﻷﻣﻮاج ﻫﺠامت اﻵﺧﺮﻳﻦ وأﻋامﻟﻬﻢ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ ،وﻧﻀﻄﺮ إﱃ متﺜﻞ ﻓﺼﻮل ﺣﺮﻛﺎﺗﻬﻢ").(٤٠ الخلق خمرية الفكر ُ
ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺗﺴﺎءﻟﻨﺎ ،وﺗﺴﺎءل اﻟﻤﻔﻜﺮون واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻨﺎ: ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻔﻜﺮ إﻟﻰ ﻓﻌﻞ؟ ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ أو ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺴﺮ؟ وﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻃﺮح اﻟﺰوار ﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻫﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﻤﺤﻮري :ﻟﻤﺎذا أﻓﻜﺎرﻧﺎ ﻻ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ واﻗﻊ وﺳﻠﻮك وﺑﻨﺎء ﺣﻀﺎري ،وأﻓﻜﺎر اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺪر واﻗ ًﻌﺎ ﺣﻀﺎر ٍّﻳﺎ ﻋﺎﻟﻤ ٍّﻴﺎ؟ اﻟﺠﻮاب اﻟﻮﺣﻴﺪ ،ﻫﻮ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﺧﻼق واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﻬﺎ اﳌﻨﺘﺴﺒﻮن إﱃ اﻟﺨﺪﻣﺔ؛ وإن ﻛﻨﺖ أﻗ ﱡﺮ أنﱠ ﻫﺬا اﻟﺠﻮاب ﻗﺪ ﻳﺪﺧﻠﻨﺎ ﰲ دورة اﻟﺪﺟﺎﺟﺔ واﻟﺒﻴﻀﺔ، أﻳﻬام أﺳﺒﻖ؟ ﻓﻬﻞ ﻫﺬه اﻷﺧﻼق مثﺮة ﻟﻬﺬه اﻟﺨﺪﻣﺔ ،أم ﻫﻲ ﺑﺬرة ﻟﻬﺎ .ﻋﻠام أنﱠ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ 52
اﳌﻌ ﱠﻘﺪة ﻣﺮ ﱠﻛﺒﺔ ،ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻻﺧﺘﺰال ،ﻓﻬﻲ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ مثﺮة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ،وﺑﺬرة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر آﺧﺮ. ﻓﺎﻟﺼﱪ ،وﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻷﻧﺎ ،واﻹﻳﺜﺎر ،واﻟﺘﺂﺧﻲ ،واﻟﺼﺪق، واﻟﻮﻓﺎء ...وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﺧﻼق واﳌﺤﺎﻣﺪ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ مت ﱢﻜﻦ ﱠ وﻣﺨﻄﻂ ،وﻣﴩوع ،ورؤﻳﺎ ،ورﺳﺎﻟﺔ ...ﻣﻦ ﱠأي ﻓﻜﺮة، اﻟﺘﻤ ﱡﺜﻞ اﻟﺸ ﱠﻔﺎف ﻋﲆ ﱢ واﻟﻨﻔﺲ ﺣني ﺗﺘﻜﺪر، ﺧﻂ اﻟﺰﻣﻦ؛ ُ وﺗﺘﻌ ﱠﻔﻦ ،وﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﻧﺎ ،واﻟﻬﻮاﺟﺲ ،واﻟﺪﻧﺎءات، "ﻛﺎﺑﺤﺎ" و"ﺣﺎﺟ ًﺰا" و"ﺳ ٍّﺪا ﻣﻨﻴ ًﻌﺎ" أﻣﺎم اﻟﻔﻜﺮ، ﺗﻜﻮن ً ﺗﺸﻮش ﻋﲆ ﺻﻔﺎﺋﻪ ،وﺗﻠﻘﻲ ﻇﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻴﺨﻤﺪ وﻳﺨﺒﻮ ،ﺛﻢ ﻳﺘﺴﻤﻢ ،ﻓﺘﺠﺪ "اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ" و"اﳌﻌﻨﻰ اﻟﺠﻤﻴﻞ" و"اﻟﻔﻜﺮ اﻷﺻﻴﻞ" ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻖ اﻟﻔﺎﺳﺪ ﺗﺘﺤﻮل إﱃ "ﺷﻌﺎرات ﻓﺎرﻏﺔ" ،و"ادﻋﺎء ﻣ ﱢﻴﺖ أو ﻣﻤﻴﺖ". وﻋﱪ ﻋﻨﻪ وﻻ ﺑﺪ أن ﻧﻘ ﱠﺮ أنﱠ ﻣﺎ ﻋﺎﻧﺎه ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ ،ﱠ ﰲ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ "اﻟﻌﻔﻦ"، وﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎين ﻣﻦ "وﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ" ،وﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻨﻪ؛ ﱡ ﻛﻞ ذﻟﻚ ميﻜ ﱡﻨﻨﺎ ﻣﻦ اﻻﻋﱰاف أنﱠ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ اﻟﺨﺼﺒﺔ مل ﺗﺘﻮ ﱠﻓﺮ ﻟﻔﻜﺮ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ مل ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻣﴩوﻋﻪ ﻣﺒﺎﴍة –ﻋﲆ اﻷﻗﻞ– ﰲ دواﺋﺮه اﳌﻨﺪاﺣﺔ ،ﺳﻮاء ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺴﺐ إﻟﻴﻬﺎ ،أو اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻓﺮ إﻟﻴﻬﺎ؛ وذﻟﻚ ﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻛﺜرية ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻣﻦ اﻟﺬات ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪا ﺑﻪ إﱃ أن ﻳﻄﻮر وواﺿﺤﺎ ﰲ ﻧﻘﺪ ﴏﻳﺤﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌامر ،وﻛﺎن ً ً "أﺧﻼق" و"ﻧﻔﺴﻴﺔ" ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ،وﻣﺠﺘﻤﻊ اﳌﺴﻠﻤني ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ؛ وﻫﻮ أﻣﺮ ﻻ ﻧﻜﺎد ﻧﺠﺪه ﰲ ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ؛ ﻓﻬﻮ وإن ﻛﺎن ﻳﻨﻘﺪ "ﻧﻔﺴﻴﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ" ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ ،إ ﱠﻻ أﻧﻪ ﻳﺴﺘﺒﴩ ﺧ ًريا ﺑﺮﺟﺎل ومبﺠﺘﻤﻊ وﺑﻮﻋﺎء ﺣﻀﺎري ﺗﻠﻘﻒ ﻣﴩوﻋﻪ، وﻃﺎر ﺑﻪ إﱃ اﻵﻓﺎق :ﻫﺠﺮة ،وﻋﺸ ًﻘﺎ ،ووﻓﺎء ،وأﻣ ًﻼ. وﻻ ﱠ ﺷﻚ أنﱠ ﻫﺬا اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺨﻠﻘﻲ اﳌﺘﻤﻴﺰ ،ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ مثﺮات ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ اﻟﻴﺎﻧﻌﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﻴﻖ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
محورية األخالق يف البناء الحضاري
ﻓﻲ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻣﺴﻴﺮة "اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ" ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﺸﺄة؛ ﻳﻨﻘﺪ ﻣﺎﻟﻚ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﱠ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ "اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ" اﻟﺘﻲ دﻓﻌﺖ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻈﻦ ﻋﺒﺪه ،ﻣﺜﻠﻤﺎ دﻓﻌﺖ ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،إﻟﻰ ﱢ اﻟﻀﺮوري إﺻﻼح ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ﺑﻮﺿﻊ ﻓﻠﺴﻔﺔ أﻧﻪ "ﻣﻦ ﱢ ﺟﺪﻳﺪة ،ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻨﻔﺲ").(٤٢ وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻨﻘﺪ ﻻذ ًﻋﺎ ،ﱠ وﻟﻌﻞ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﺑﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ، ﻓﻨﻔﻰ ﱠ ﻛﻞ مثﺮة ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻠﻢ؛ واﻟﺤﻖﱡ أﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﻮاﻓﻘﻪ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻨﻘﺺ واﻟﻀﻌﻒ، ﱠ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﱪاﻣﺞ واﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﻴﺔ؛ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺎﻳﺮه ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ؛ ﱠ وﻟﻌﻞ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ، رﻏﻢ ﻧﺰﻋﺘﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻛﺎن أﻛرث إﻧﺼﺎ ًﻓﺎ ،وﻗﺪ أدرك ﻣﻮﻃﻦ اﻟﺨﻠﻞ وﺗﺠﺎوزه دون اﺣﺘﻜﺎك ،اﺗﺴﺎﻗﺎ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ؛ وﰲ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮل: اﻟﺪﻋﻮي ﻣﻊ ﻣﻨﻬﺠﻪ ﱢ ﱢ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ اﳌﻔ ﱢﻜﺮﻳﻦ واﻟﻌﻠامء ﻋﲆ اﻟﺒﻘﺎء "وﻗﺪ ﺣﺮص ٌ ﰲ إﻃﺎر اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ومل ﻳﺴﻮﻗﻮا رأ ًﻳﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه
nesemat.com
علم الكالم واألخالق
nesemat.com
اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ،وﻫﻮ ﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ وﻣ ﱠﻨﺔ. ﻳﻘﻮل ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ: • ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺎب اﻟﺮوح ﺑﺎﻟﻔﺘﻮر ،وﺗﻨﺨﻔﺾ درﺟﺔ ﺣﺮارة اﻟﻘﻠﺐ ،وﻳﺨﺒﻮ أوا ُر اﻟﻔﻜﺮ ،ﻓﺄﻧﺖ ﻣﺘﻮﻋﻚ روﺣ ٍّﻴﺎ ...ﻓﻌﻠﻴﻚ أن ﺗﺼﻤﺖ ،ﻷن اﻟﺼﻤﺖ ﻫﻨﺎ أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻛﻼم ﻣ ّﻴﺖ ﺗﻘﻮﻟﻪ. • وإنْ مل ﺗﻄﺮح ﻧﻔﺴﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﺎﻳﻘﻚ وﺗﻌﺬﺑﻚ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﺧﺎرج ﻧﻔﺴﻚ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻄﻬﺮ ﻛﻼﻣﻚ وﻳﺘﻘﺪس ﻓﻌﻠﻚ؟! • وإنْ مل ﺗﺮﺗّﺐ َ ﺑﻴﺖ ﻧﻔﺴﻚ أوﻻً ،ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺮﺗﺐ ﺑﻴﻮت ﻧﻔﻮس اﻵﺧﺮﻳﻦ؟! وإنْ مل ﺗﻜﻦ ﻧﻔﺴﻚ )(٤١ ﺟﻤﻴﻠ ًﺔ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺠ ّﻤﻞ ﻧﻔﻮس اﻵﺧﺮﻳﻦ؟!"
كولن ،ينسب القيمة اإلنسانية إىل الله، فاإلنسانية أو الوجود اإلنساين هبة ال يجوز التعدي عليها أو انتهاكها ،ومن ثم فهي األساس يف كل ما أمر به الله كحامية الناس والحفاظ عىل حياتهم وكل ما نهى عنه كإيذاء الناس أو رسقة مالهم.
ﺑﺄﺳﺎ ﰲ ﻣ ﱢﺪ اﳌﺴﺎﺋﻞ ،ﰲ ﺣني أنﱠ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ مل ﻳﺮ ً اﻟﺒﻴﺎن ﺑﺎﻟﱪﻫﺎن وإﺛﺮاﺋﻪ ﺑﺎﻟﻌﺮﻓﺎن ،وﺗﻮﺳﻴ ِﻌﻪ ﺑﺎﳌﺤﺼﻼت اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ،ﺑﻞ رأوا أن اﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﻬﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ .ﺻﺤﻴﺢ أن اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻗﺪ أَدﺧﻞ إﱃ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻔﻜﺮي اﻹﺳﻼﻣﻲ أﻓﻜﺎ ًرا ﺿﺎ ﱠﻟﺔ ﻣﻦ رواﺳﺐ اﳌرياث اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻮاﻗﻊ أﻳﻀﺎً أﻧﻪ َﻓ َﺘ َﺢ أﻣﺎم اﳌﺴﻠﻤني آﻓﺎﻗﺎً ﻋﻈﻴﻤﺔ وواﺳﻌﺔ. وﻟﺴﻨﺎ ﺑﺼﺪد اﻟﺠﺪال ﺣﻮل ﻓﻮاﺋﺪ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم أو أﴐاره ،ﺑﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪه ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺘﺬﻛري ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺼﺪر رﺣﺐ وﻣﻌﻄﺎء ﰲ ﻣرياث ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ .وﻻ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺨﻮض ﰲ أﻣﻮر ﺗﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﻟﻨﻘﺎﺷﺎت ﺟﺪﻳﺪة").(٤٣ ﻳﺘﻮﺟﻪ إﱃ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم أﻫﻢ ﻧﻘﺪ وأﺻﺪﻗﻪ ﱠ واﻟﺤﻖﱡ أنﱠ ﱠ درﺳﺎ ﺗﺮاﺛ ٍّﻴﺎ إمنﺎ ﻳﻜﻮن ﺣني ﻳﻨﻔﺼﻢ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻳﺼري ً ﺑﺎر ًدا ،وﻻ ﻳﺴﻬﻢ ﰲ ﺗﻐﻴري اﻟﻨﻔﺲ ﺑﴚء؛ وﰲ ﻫﺬا ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻧﻔﺴﻪ" :واﳌﺴﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳌﻮﺣﺪﻳﻦ، ﻳﺘﺨﻞ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ،ﻓﻠﻘﺪ ﱠ مل ﱠ ﻇﻞ ﻣﺆﻣ ًﻨﺎ ،وﺑﻌﺒﺎرة أدق ﱠ وﻟﻜﻦ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﺗﺠ ﱠﺮدت ﻣﻦ ﻇﻞ ﻣﺆﻣ ًﻨﺎ ﻣﺘﺪ ﱢﻳ ًﻨﺎ، ﱠ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ...وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻴﺴﺖ اﳌﺸﻜﻠﺔ أن ﻧﻌ ﱢﻠﻢ اﳌﺴﻠﻢ اﳌﻬﻢ أن ﻧﺮ ﱠد إﱃ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻋﻘﻴﺪة ﻫﻮ ميﻠﻜﻬﺎ ،وإمنﺎ ﱡ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ وﻗﻮﺗﻬﺎ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،وﺗﺄﺛريﻫﺎ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ،وﰲ ﻛﻠﻤﺔ واﺣﺪة :إنﱠ ﻣﺸﻜﻠﺘﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ أن ﻧﱪﻫﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﻋﲆ وﺟﻮد اﻟﻠﻪ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻲ ﰲ أن ﻧﺸﻌﺮه ﺑﻮﺟﻮده، 53
مقاالت nesemat.com nesemat.com
قد تبدو لنا النجاحات وكأنها تحدث يف عامل من الخوارق بدفع من قوى غامضة خفية؛ بينام جميعا إىل مرجعية أساسية حيوية، ميكن إرجاعها ً أال وهي هويتنا الذاتية وشخصيتنا الثقافية وتغذت املعنوية التي نهلت من روح الدين َّ وتشبعت بحقائقه الخالدة. بجوهره َّ
ومنﻸ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺼﺪرا ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ").(٤٤ وﻳﺮﺑﻂ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﺑني اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻷﺧﻼق ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺑني اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﺤﻀﺎرة ،دون أن ﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﻠﻮم إﱃ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ،ﻓﻴﻘﻮل" :وﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺄﻧﺎ إذا َﺗ َﻔ ﱠﻬﻤﻨﺎ اﻟﺤﺮﻛﻴ َﺔ اﻟﺘﻲ أوﺟﺪﺗﻬﺎ -أو ﺗﻮﺟﺪﻫﺎ -اﻟﻌﻘﻴﺪ ُة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﻠﻮب اﳌﺆﻣﻨﺔ ،ﻓﺴﻨﻔﻬﻢ اﻷﺳﺒﺎب واﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴ َﺔ ﻟﻠﻬﺒﻮط واﻟﺼﻌﻮد ،أو اﻟﺴﻘﻮط واﻻرﺗﻘﺎء ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺳﺲ اﻟﻔﺮد أو اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﻞ وﺳﻨﺪرك -ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ- َ اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﻤﻊ ﺑﻬﺎ ﺷﻤﻠﻨﺎ وﻧﺮﺟﻊ ﺑﻬﺎ إﱃ وﻋﻴﻨﺎ وﻧﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﻘﺎﻓﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﱠ ﺮﻧﺎ ﻋﻨﻬﺎ").(٤٥ الصفة واملوصوف
أﺿﻊ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺳﻨ ًﺪا ﻟﻺﺷﻜﺎل اﻟﺬي ﻃﺮح ﺧريت ﺑني منﻄني اﺛﻨني ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ :ﺗﺼ ﱠﻮر ﻟﻮ أﻧﱠﻚ ﱢ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،أﻓﺮادا أو ﺟامﻋﺎت: • اﻟﻨﻤﻂ اﻷول :ﻣﻮاﻓﻖ ﻟﻚ دﻳ ًﻨﺎ ،و/أو ﻣﺬﻫ ًﺒﺎ ،و/أو وﻃ ٍّﻨﺎ ،ﺑﻞ وﺣﺘﻰ ﺣﺮﻛﺔ واﻧﺘامء دﻳﻨ ًﻴﺎ أو ﺳﻴﺎﺳ ٍّﻴﺎ؛ وﻟﻜﻨﻪ ﳼء اﻟﺨﻠﻖ ،ﻏري ﺻﺪوق ﻧﺴﺒ ٍّﻴﺎ ،ذاﺗﻪ ذات ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ، ﺳﻮي. ﻛﻼم ﺑﺬيء ﺧﺒﻴﺚ ﻏ ُري ﻃ ﱢﻴﺐ ،وﺳﻠﻮﻛﻪ ﻏري ﱟ وﻛﻼﻣﻪ ٌ • اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺜﺎين :ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻚ ،دﻳ ًﻨﺎ ،و/أو ﻣﺬﻫ ًﺒﺎ، و/أو وﻃ ًﻨﺎ ،و/أو ﺣﺮﻛﺔ واﻧﺘامء؛ ﻏري أﻧﻪ د ِﻣ ُﺚ اﻟﺨﻠﻖ، ﺳﻮي. ﻣﺘﻨ ﱢﻜﺮ ﻟﺬاﺗﻪ وأﻧﺎﻧﻴﺘﻪ ،ﻛﻼﻣﻪ ﻃﻴﺐ ،وﺳﻠﻮﻛﻪ ﱞ 54
اﻟﺴﺆال ﻫﻮ :ﻣﻦ ﺳﺘﺨﺘﺎر ﰲ ﻣﻨﻌﺮﺟﺎﺗﻚ اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ، ﻣﺜﻞ :اﻟﴩاﻛﺔ ،أو اﳌﺼﺎﻫﺮة ،أو اﻟﺘﺤﺰب ،أو ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ اﳌﻴﻞ اﻟﻘﻠﺒﻲ واﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ،وﻋﻨﺪ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻘﻴﻤﻲ؟ ﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﳌﺮء ﺳريﺗﺒﻚ ،وﻗﺪ ﻳﻔﱰض أنﱠ "اﻟﺨﻠﻖ اﻟﺤﺴﻦ" ﻣﻼزم "ﻟﻼﻧﺘامء" اﻟﺬي اﺧﺘﺎره؛ وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﺳﺘﺒﻄﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻬﻢ ،دون أن ﻳﺼﺪح ﺑﻪ أو ﺣﺘﻰ وﻟﻜﻦ أﺣﺪا ًﺛﺎ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﺗﻌﱰي اﻹﻧﺴﺎن، ﻳﻔ ﱢﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﺟﺪ ٍّﻳﺎ؛ ﱠ وﺗﴫﻓﺎت ﺗﺼﺪر ﻣﻦ اﳌﻮاﻓﻖ ﻏري ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ وﻻ ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ، ﱡ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻳﻌﻴﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ ،وﻳﺤﺎول ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻌﻤﻖ أﻛﱪ ،وﺑﴫاﺣﺔ أﻛرث. ﻫﻨﺎ ﻳﺠﻴﺐ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﰲ "اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺮاﺑﻊ ﻟﻮرﺛﺔ اﻷرض" ،ﺑﻘﻮﻟﻪ: "إنﱠ ﻗﻴﻤﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ وﺛﻴﻘﺔ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻌﻤﻖ ورﻗﻲ ﻓﻜﺮه وﺗﻜﺎﻣﻞ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ .وإن ﻟﻬﺬه ﻋﻮاﻃﻔﻪ ّ اﻷوﺻﺎف دو ًرا ﻛﺒ ًريا ﰲ ﺗﻌﻴني ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﺪى اﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﱃ واﻟﺨﻠﻖ أﺟﻤﻌني .ﻓﺈن اﻟﺨﺼﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ وﻋﻤﻖ اﳌﺸﺎﻋﺮ واﻟﻔﻜﺮ وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﻄﺎﻗ ُﺔ اﻋﺘامد ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ دامئًﺎ وﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .وﻣﻦ ﻳﻜ ّﺪر إميﺎﻧﻪ وإذﻋﺎﻧﻪ ﺑﺄوﺻﺎف وأﻓﻜﺎر ﻛﻔﺮﻳﺔ ،و ُﻳﺜري اﻟﻘ َﻠﻖ واﻟﺸﺒﻬﺔ ﰲ ﻣﺤﻴﻄﻪ ﺑﺸﺨﺼﻴﺘﻪ ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻈﻬ ًﺮا ﻟﺘﺠﲇ ﺗﺄﻳﻴﺪ اﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﱃ وﻋﻨﺎﻳﺘﻪ .وﻛﺬﻟﻚ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ اﺣﱰام اﻟﻨﺎس ﻟﻪ وﺛﻘﺘﻬﻢ ﺑﻪ .ﻓﺈن اﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﱃ ،واﻟﻨﺎس، ﻳﻘ ّﻴﻤﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺨﺼﺎﻟﻪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺷﺨﺼﻴﺘﻪ اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ وﻳﻜﺎﻓﺌﻮﻧﻪ ﻋﲆ ذﻟﻚ .وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ،ﻻ ﻳﺘﺼﻮر أن ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻧﺠﺎح ﻋﻈﻴﻢ أو اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻧﺠﺎح ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ ،ﻋﲆ ﻳﺪ أﻧﺎس ﻓﻘﺮاء ﰲ ﻗﻴﻤﻬﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺿﻌﻔﺎء ﰲ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ، وإن ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳌﺆﻣﻨني اﻟﺼﺎﻟﺤني .ﻛام ﻻ أﻧﺎس ﻳﺘﻘ ﱠﺪﻣﻮن ﺧﻄﻮات ُﻳﺘﺼ ﱠﻮر أن ﻳﻔﺸﻞ ﻓﺸ ًﻼ ذرﻳ ًﻌﺎ ٌ ﰲ ﺳﻼﻣﺔ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ وﺧﺼﺎﻟﻬﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
محورية األخالق يف البناء الحضاري
ﻟﻮ ﺗﺘﺒﻌﻨﺎ ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻷﺳﺒﺎب ،ﺳﺎﺋﻠﻴﻦ ﻋﻦ "ﻧﻘﻄﺔ اﻻﻧﻄﻼق"، وﻋﻦ "ﻣﺤﻮر اﻟﺒﺪء" ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻷ ﱠﻣﺔ ﻣﻦ وﻫﺪﺗﻬﺎ، واﻹﺳﺮاع ﺑﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻏ ٍﺪ ﻣﺸﺮق ،ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻺﺳﻼم ﱢ ﻣﺒﺘﺴﺮ وﻻ ﻣﻮﻫﻮم؛ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،ﻏﻴﺮ ﻣﺨﺘ َﺰل وﻻ َ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ُ اﻷ َول ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺤﻀﺎري ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ؛ ﻟﻮ ﺳﺄﻟﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﱠ ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،وﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ؛ ﻟﻜﺎن اﻟﺠﻮاب واﺣ ًﺪا ،ﻻ اﺧﺘﻼف ﻓﻴﻪ" :إﻧﱠﻪ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﺎ ﺑﺎﻷﻧﻔﺲ" ،أو اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ "اﻟﺬات" إﺳﻼﻣﺎ وإﻳﻤﺎﻧﺎ ،ﺧ ُﻠﻘﺎ وإﺣﺴﺎﻧﺎ. ﻳﻘﻮل ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﰲ ﻣﻘﺎل "وارﺛﻮ اﻷرض"" :إنﱠ اﻷﻣﻢ اﻟﺘﺒﺪل داﺧﻠ ٍّﻴﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ واﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌ ﱠﺮض إﱃ ﱡ اﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ،ﻣﺼريﻫﺎ إﱃ اﻟﺨﺬﻻن ﻏ ًﺪا ،ﻣﻬام ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺎﻫﺮ ًة اﻟﻴﻮم .ﻫﻮ ذا اﻟﺘﺎرﻳﺦ -وﻣﺎ أﺷﺒﻬﻪ مبﻘﱪة ﻟﻸﻣﻢ اﳌﻨﻘﺮﺿﺔ- ﻳﴫخ ﻋﺎﻟﻴﺎ ﺑﺼﻮت اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ :إِنﱠ اﻟﻠﻪ ﻻ ُﻳﻐ ﱢ َُري َﻣﺎ ِﺑ َﻘ ْﻮ ٍم َﺣ ﱠﺘﻰ ُﻳﻐ ﱢ َُريوا َﻣﺎ ِﺑﺄَﻧ ُﻔ ِﺴ ِﻬ ْﻢ )اﻟﺮﻋﺪ .(١١ :اﻟﺘﺂﻛﻞ اﻟﺮوﺣﻲ واﳌﻌﻨﻮي ﰲ ﻋﺎمل اﻟﺪاﺧﻞ اﻟﺬا ﱢيت ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻳﻮﺻﻞ إﱃ
nesemat.com
حضارتنا :بني اإلرشاق واألفول
nesemat.com
وإن مل ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﳌﺴﻠﻤني اﻟﺼﺎﻟﺤني .ﻓﺈنﱠ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ وﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﺗﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺨﺼﺎل واﻟﺼﻔﺎت، وﻛﺬﻟﻚ ُﺣﺴﻦ ﻗﺒﻮل اﻟﺒﴩ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ").(٤٦ إذن ﺑﺎﻟﻔﺼﻞ ﺑني اﻟﺼﻔﺔ واﳌﻮﺻﻮف ،ﺑني اﻟﺸﺨﺺ واﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﻳﺘﺴﻢ ﺑﻪ ،ﻓﺼ ًﻼ ﻧﺴﺒ ٍّﻴﺎ ،ميﻜﻦ أن ﻧﻘﺮر أنﱠ "ﺗﻘﺪﻳﺮ" اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ،و"اﺣﱰام اﻟﻨﺎس" ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻘﺎن ﺑﺎﳌﻮﺻﻮف ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺼﻔﺔ ،وﻻ ﻳﺨﺘﴫان ﻋﲆ "اﻷﺳامء" ﻧﺤﺐ اﻟﺼﺪق دون "ﺟﻮﻫﺮ اﳌﺴﻤﻴﺎت ودﻻﻟﺘﻬﺎ" ،ﻓﻨﺤﻦ ﱡ ﻣﻦ ﱢأي ﻃﺮف ﻳﺼﺪر ،ومنﻘﺖ اﻟﻜﺬب ﻣﻦ ﱢأي ﺟﻬﺔ ﻳﺮد؛ وﻫﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ ﻣﻌﺎين ﻗﻮﻟﻬﻢ" :اﻟﺤﻖﱡ ﻗﺪﻳﻢ") ،(٤٧أي ﻻ ﺗﻐريه اﻻﻋﺘﺒﺎرات ،وﻻ اﻻﻧﺘامءات ،وﻻ اﻷزﻣﻨﺔ وﻻ اﻷﻣﻜﻨﺔ.
ً تنظريا فقط، دامئا ،ال الحركية املقرونة بالفكر ً وتجسيدا يف أرض الواقع ،هي تطبيقا ولكن ً ً السمة األساس عند األستاذ فتح الله كولن، ويف مرشوع الخدمة ككل.
اﻧﻘﻄﺎع اﻷﻧﻌﻢ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﻋﻨﻪ .ﻫﺬه اﻵﻳـﺔ اﻟﻜﺮميﺔ ﺗﺬ ّﻛﺮﻧﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ اﻟﻈﻬﻮر واﻟﺨﺬﻻن ،أو اﻟﻌﺰ واﻟﺬل، ﺑﻘﺎﻋﺪة ﱠ وﺗﺤﺪد ﻫﺬا اﻟﻔﺮاغ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﰲ ﻣﺴﻠﻤﻲ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺎﴐ").(٤٨ وﰲ ﻓﺼﻞ "اﻟﻘﻀﺎء واﻟﻘﺪر ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ" ﻣﻦ ﻛﺘﺎب "اﻟﻘﺪر" ﻳﺆﻛﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،وﻳﺴﻤﻴﻬﺎ "ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ" ،ﻓﻴﻘﻮل" :ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺎﻧﻮن وﻫﻮ إِنﱠ اﻟﻠ َﻪ ﻻَ ُﻳﻐ ﱢ َُري َﻣﺎ ِﺑ َﻘ ْﻮ ٍم َﺣ ﱠﺘﻰ ُﻳﻐ ﱢ َُريوا َﻣﺎ ِﺑﺄَﻧ ُﻔ ِﺴ ِﻬ ْﻢ .ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ُﻳ ﱡ ﺗﺎﺟﺎ ﺬل أﻣﺔ ﻋﺰﻳﺰة ﻛﺎﻧﺖ ً ﻏريت اﻷﻣﺔ ﻣﺎ ﰲ داﺧﻠﻬﺎ )أي إميﺎﻧﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺮؤوس إ ﱠﻻ إذا ﱠ وأﺧﻼﻗﻬﺎ وﻗﻴﻤﻬﺎ( .ﻓﻬﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺳﺎ ٍر ﰲ اﳌﻌﻨﻰ اﻹﻳﺠﺎ ﱢيب ُ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻨﻔﺲ، واﻟﺴﻠﺒﻲ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء .ﻟﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ ﱢ واﻟﺘﻌﻤﻖ ﻓﻴﻬﺎ ،واﻟﺴﻌﻲ ﻹدراﻛﻬﺎ .ﻓﻤﻦ ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ إﺣﺮاز ﱡ ﻟﻘﺐ اﻟﻔﺎﺗﺢ ﻓﻠﻴﻔﺘﺢ ﻗﻠﻌﺔ اﻟﻨﻔﺲ أوﻻً ،وﻣﻦ اﺳﺘﻌﴡ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺘﺢ اﻟﺪاﺧﻞ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﻔﺘﺢ ﺷﻴﺌﺎً ﰲ اﻟﺨﺎرج").(٤٩ وﻣﻊ أنﱠ ﺣﺎﴐ اﳌﺴﻠﻤني ﻻ ﻳﺪﻋﻮ إﱃ اﻟﻄأمﻧﻴﻨﺔ، وﻳ ﱡﱧ ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻟﺘﺨ ﱡﻠﻒ واﻟﺘﻤ ﱡﺰق اﻟﺪاﺧ ﱢ واﻟﺨﺎرﺟﻲ؛ ﲇ ﱢ إ ﱠﻻ أنﱠ اﻷﻣﻞ ﻗﺎﺋﻢ ،ﺑﻞ ﻫﻮ واﺟﺐ ،ﱡ وﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻘﺘﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﻞ ﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻐﺮﺿﺔ ﻇﺎﳌﺔ؛ ذﻟﻚ أنﱠ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ "وﻋﺪ ﺑﺈرث اﻷرض ﻟﻠﺼﺎﻟﺤني ﻣﻦ ﻋﺒﺎده ...وﻫﻢ ﻣﻤﺜﻠﻮ اﻟﺮوح اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ واﻷﺧﻼق اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ")(٥٠؛ ﺑﻞ إنﱠ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ إميﺎن اﳌﺮء "ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﱰ ﱠدد اﻣﺮؤ ﰲ ﺗﻮﻗﻊ ﻣﺠﻲء ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ،وﻫﻮ وﻋﺪ اﻟﻠﻪ اﳌﺆ ﱠﻛﺪ")،(٥١ وﻫﻮ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪَ :وﻟَ َﻘ ْﺪ َﻛ َﺘ ْﺒ َﻨﺎ ِﰲ اﻟ ﱠﺰ ُﺑﻮ ِر ِﻣ ْﻦ َﺑ ْﻌ ِﺪ 55
مقاالت nesemat.com nesemat.com
اإلسالم إميان ،وعبادة ،وأخالق ،ونظام يرفع القيم اإلنسانية إىل األعىل ،وفكر ،وعلم، ً وفن .وهو يتناول الحياة كالًّ متكامال ،فيفرسها، مائدة ويقدم ملنتسبيه ويقومها بقيمه، ً ِّ ِّ ساموية من غري نقص.
اﻟﺼﺎﻟِ ُﺤ َ ﻮن )اﻷﻧﺒﻴﺎء،(١٠٥: اﻟ ﱢﺬ ْﻛ ِﺮ أَنﱠ اﻷَ ْر َض َﻳ ِﺮ ُﺛ َﻬﺎ ِﻋ َﺒﺎ ِد َي ﱠ وﻣﺎذا ﻋﻦ ﱡ ﺗﺤﻜﻢ ﻏري اﳌﺆﻣﻨني ،وﻏري اﳌﺘﺨﻠﻘني ،ﰲ اﻟﻜﻮن ،وﰲ ﻣﺼري اﳌﺴﻠﻤني اﻟﻴﻮم؟ ﻳﺠﻴﺐ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ أنﱠ "ﻏﻴﺎب اﳌﻤ ﱢﺜﻠني اﻟﺤﻘﻴﻘﻴني" ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﺴﺒ ًﻴﺎ ﰲ اﳌﻘ ﱢﺪﻣﺔ ،إﱃ أن ﻳﻌﻮد ﻫﺆﻻء إﱃ اﻟﻮاﺟﻬﺔ ﻣ ﱠﺮة أﺧﺮى؛ وﻳﻘﻮل" :اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﺪور وﺗﺪور ،وﻛ ﱠﻠام دارت ،ﺗﻨﺴﺤﺐ إﱃ َﻓ َﻠﻜﻬﺎ اﻷﺻﻞ. ﻓﻬﻞ وارﺛﻮ اﻷرض اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻮن ﺟﺎﻫﺰون ﻻﺳﱰداد ﻣرياﺛﻬﻢ اﻟﺬي أﺿﺎﻋﻮه ،ﻓﺨﻄﻔﻪ ﻏ ُريﻫﻢ ﻗﺒﻞ ﻣﺪة؟ إن اﻟﺤﻖ اﻷول ﳾء ،واﻟﺤﻖ اﳌﺴﺘﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﳾء آﺧﺮ .ﻓﺎﻟﺤﻖ إن مل ُ َمي ﱠﺜﻞ ﺣﺴﺐ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻗ َﻴﻤﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،ميﻜﻦ أن ُﻳﺴﱰد ﰲ ﻛﻞ وﻗﺖ ،وإنْ ُﻣ ِﻨﺢ اﺑﺘﺪا ًء ﻷﻣﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ َو َﺟ ْﻤ ٍﻊ ﻣﻌني... ﺴﱰد ﻣﻨﻬﻢ ،و ُﻳ َﺴ ﱠﻠﻢ إﱃ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮن اﻷﺳﺒﻖ واﻷﻓﻀﻞ ﻓ ُﻴ َ ﻧﺴﺒﻴﺎً ﰲ اﻷﺧري ،إﱃ أن ﻳﻨﺸﺄ اﳌﻤﺜﻠﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻮن").(٥٢ وﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﳌﻤﺜﻠني اﻟﺤﻘﻴﻘﻴني ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻤﻌﻮن ﺑني اﻹميﺎن وﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻹميﺎن؛ وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ وﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ اﻷﺧﻼق اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ،واﻟﺨﻼل اﻟﺤﺴﻨﺔ .وﻣﻦ اﺗﺴﻢ ﺑﻬﺬه ﺟﺎز أن ﻧﻌﺘﱪه ﻣﻦ "ﻣﻬﻨﺪﳼ اﻟﺮوح اﻟﺮﺑﺎﻧﻴني"؛ إﻻ أﻧﱠﻪ ﻟﻘﺘﺎﻣﺔ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻟﻐﻤﻮض اﻟﻌﴫ "ﻗﺪ ميﻂ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺮت اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻷﻋامق ﺷﻔﺘﻴﻪ اﺳﺘﺨﻔﺎ ًﻓﺎ إذا ﻣﺎ ُذ ِﻛ ْ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن وأﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ؛ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻚ ﰲ أنﱠ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻮاﺻﻠﺔ إﱃ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ 56
اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ متﺮ ﻋﱪ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ واﻟﺤﺮﻛﻴﺎت اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ. وﻣﻬام ﻛﺎﻧﺖ ﻇﻨﻮن وﺗﺼ ﱡﻮرات اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ اﻟﻴﻮم أﻣﺎم إﻧﺴﺎﻧﻨﺎ اﳌﻌﺎﴏ اﻟﺬي اﻧﻘﺼﻢ ﻇﻬﺮه ﺗﺤﺖ ﺛﻘﻞ أزﻣﺎت اﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻧﺎء ﺑﺤﻤﻞ ﺣﺪﺑﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﰲ آن واﺣﺪ ،إ ﱠﻻ ﻃﺮﻳ ًﻘﺎ واﺣ ًﺪا ﻳﻨﻘﺬه ﻣﻦ اﻟﻜﺮوب واﳌﻠامت اﳌﺘﻮاﻟﻴﺔ؛ وﻫﻮ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﻴﺎت ﰲ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﺤﻴﺎة .وإنّ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬه اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﺘﻢ إ ﱠﻻ ﻋﲆ ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ أﺑ ًﺪا ،وﻟﱧ اﻫﺘﻤﻮا أﻳﺪي رﺑﺎﻧﻴني ﻻ ﱡ ﻓﻸﻧﻬﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄن ﺧﻼﺻﻬﻢ ﻫﻮ ﰲ إﻧﻘﺎذ اﻵﺧﺮﻳﻦ").(٥٣ وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺬﻛري أنﱠ ﺑﺪﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﻨﻮرﳼ أﻋﻠﻦ ﺛﻼﺛﻴﺘﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ" :أﻋﺪاؤﻧﺎ ﺛﻼﺛﺔ :اﻟﺠﻬﻞ ،واﻟﻔﻘﺮ، واﻟﻔﺮﻗﺔ")(٥٤؛ ﺛﻢ ﺗﺒﻨﺘﻬﺎ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻜ ًﺮا وﻓﻌ ًﻼ؛ إ ﱠﻻ أنﱠ ﻓﺘﺢ ﻋﻨﴫا راﺑ ًﻌﺎ ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻨﻄﻮي ﺗﺤﺖ اﻟﻠﻪ أﺿﺎف إﻟﻴﻬﺎ ً أﺣﺪﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻷﻫﻤﻴﺘﻪ أﺑﺮزه اﻷﺳﺘﺎذ وﻋﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﺤﺎرﺑﺘﻪ، واﻟﺘﻌﺼﺐ ﻳﻘﻮل ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" :ﻛﺎن اﻟﺠﻬﻞ واﻟﻔﻘﺮ واﻟﺘﻔﺮق ﱡ ﻣﺎض .واﻟﻴﻮم زِﻳﺪ وﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ذﻟﻚ ،ﻫﻢ أﻋﺪاؤﻧﺎ ﰲ زﻣﻦ ٍ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺨﺪاع واﻟﺘﺴﻠﻂ واﻟﺴﻔﺎﻫﺔ واﻟﺨﻼﻋﺔ واﻟﻼﻣﺒﺎﻻة وﺿﻴﺎع اﻟﻬﻮﻳﺔ"؛ وﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺎن أنﱠ ﻫﺬا اﻟﻌﺪ ﱠو اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،اﳌﺘﺸﻜﻞ ﰲ أﺷﻜﺎل ﻣﺘﻮارﻳﺔ ﻣﻠﺘﻮﻳﺔ ،ﻫﻮ "ﺳﻮء اﻟﺨﻠﻖ" ﰲ ﻋﻨﻮاﻧﻪ اﻟﻜﺒري ،وﻓﺴﺎد اﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﻋﻨﻮاﻧﻪ اﻷﻛﱪ. وﳌﺎﻟﻚ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻛﺘﺎب ﺑﻌﻨﻮان" :ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻐﻴري"؛ وميﻜﻦ أن ﻳﻠﻘﺐ ﺑﻼ ﻣﻨﺎزع "ﻣﻔﻜﺮ اﻟﺘﻐﻴري" ،ﻓﻤﴩوﻋﻪ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﲆ أﺳﺎس "اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ واﻟﺤﺮﻛﺔ" اﻟﺪامئﺔ ،وﻋﲆ اﻟﺘﻐﻴري اﳌﺘﻮاﺻﻞ ،ﻣﻊ ﺿﻮاﺑﻂ وﴍوط ﺣﺪدﻫﺎ ﻣﺴﺒ ًﻘﺎ؛ وﻫﻮ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ إﱃ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ :إِنﱠ اﻟﻠ َﻪ ﻻ ُﻳﻐ ﱢ َُري َﻣﺎ ِﺑ َﻘ ْﻮ ٍم َﺣ ﱠﺘﻰ ُﻳﻐ ﱢ َُريوا َﻣﺎ ِﺑﺄَﻧ ُﻔ ِﺴ ِﻬ ْﻢ .وﻫﻮ ﻣﺘﻔﻖ متﺎم اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ،أنﱠ ﱠ ﻛﻞ ﺗﻐﻴري ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ﻣﺎ ﻫﻮ إﻻ ذر ﻟﻠﺮﻣﺎد ﻋﲆ اﻷﻋني ،وﻣﺎ ﻫﻮ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
محورية األخالق يف البناء الحضاري
nesemat.com nesemat.com
إﻻ ﺟﻌﺠﻌﺔ ﺑﻼ ﻃﺤني؛ وﻟﻌﻞ ﻫﺬا أﻛﱪ ﻧﻘﺪ وأﻛرثه ﺣﺪة وﺟﻬﻪ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻟـ"ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﻠامء اﳌﺴﻠﻤني" ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﻳﻮم اﻧﺴﺎﻗﺖ وراء ﺑﺮﻳﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﻋﻦ ﱠ اﻟﻜﱪى ،ﺳﻨﺔ ١٩٣٦م .وﺳﻤﻰ ﻫﺬا اﻻﻧﺤﺮاف ﻋﻦ ﻣﺴﺎر اﻟﱰﺑﻴﺔ "ﻋﻮدة إﱃ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ").(٥٥ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ واﻟﻘﻠﺐ، وﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺘﻐﻴري اﳌﺮﺗﺒﻂ ً ﻳﻘﻮل ﻣﺎﻟﻚ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ" :وﺗﻐﻴري اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻌﻨﺎه إﻗﺪارﻫﺎ ﻋﲆ أن ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻮﺿﻊ اﳌﺄﻟﻮف ،وﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺷﺄن ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺷﺄن ﻣﻨﻬﺎج اﻟﺘﺼﻮف ،أو ﺑﻌﺒﺎرة أدق ،ﻫﻮ ﻣﻦ ﺷﺄن ﻋﻠﻢ مل ﻳﻮﺿﻊ ﻟﻪ اﺳﻢ ﺑﻌﺪ، وميﻜﻦ أن ﻧﺴﻤﻴﻪ "ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ" ،ﺛﻢ ﻳﻀﻴﻒ: "ﻳﻬﺪف اﻹﺻﻼح إﱃ ﺗﻮﻓري اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺪاﺧﲇ ﻟﺪى ﺟامﻫري اﻟﺸﻌﺐ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺠامﻫري اﳌﺘﻌﻄﺸﺔ إﱃ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﻘﻠﺐ، ﻛﻴام ﺗﻨﺘﴫ ﻋﲆ ﻣﺎ أﺻﺎﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻤﻮد").(٥٦ وﻋﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻻﻧﻄﻼق اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻮﻟﺪ ﰲ ﻗﻠﺐ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ،وأن ﺗﻨﺘﴩ ﰲ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ أﺟﻤﻊ؛ ﻳﺼﻮغ اﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﻋﻨﻮاﻧًﺎ ﻣﺜ ًريا ،وﻫﻮ" :ﺑﻮاﻛري اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ" ،ﺛﻢ ﻳﺼﺪره ﺑﺂﻳﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،ﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ: ﻟَ ْﻴ َﺲ ِﺑﺄَ َﻣﺎ ِﻧ ﱢﻴ ُﻜ ْﻢ َوﻻَ أَ َﻣ ِ ﱢ ﺎب )اﻟﻨﺴﺎء،(١٢٣: ﺎين أَ ْﻫﻞِ ا ْﻟ ِﻜ َﺘ ِ وﻳﻌني ﻟﻠﻤﺴﻠﻤني ﰲ ﻣﺨﻄﻄﻬﻢ ﻣﻬﻤﺘني :اﻷوﱃ أﺧﻼﻗﻴﺔ ﱢ ﻧﻔﺴﻴﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ دﻋﻮﻳﺔ ﺣﻀﺎرﻳﺔ؛ وﻫﻮ ﺑﻬﺬا ﻳﺠﻴﺐ ﻋﲆ ﺳﺆال ﺟﻮﻫﺮي ﰲ إﺷﻜﺎل ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﳌﻮﺟﺰة، وﻳﻘﻮل" :ﻟﻴﺲ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺨ ْﻠﻖ ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ﱠ ﻋام ﺳﻮاﻫﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻗﺎدرة ﻋﲆ أن ﺗﻜﻤﻞ ﺗﻄﻮرﻫﺎ داﺧﻞ وﻋﺎء ﻣﻐﻠﻖ ،ﺑﻞ إﻧﻪ ميﺜﻞ ﰲ رواﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ دورﻳﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻬام ﰲ وﻗﺖ واﺣﺪ ،دوره ﻣﻤ ﱢﺜ ًﻼ ،ودوره ﺷﺎﻫ ًﺪا، ﻫﺬا اﻻﺷﱰاك اﳌﺰدوج ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻪ واﺟﺐ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑني ﺣﻴﺎﺗﻪ اﳌﺎدﻳﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ وﺑني ﻣﺼﺎﺋﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻓﻬﻮ ﻟيك ﻳﻘﻮم ﺑﺪور ﻣﺆﺛﺮ ﻓ ّﻌﺎل ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﺎﳌﻲ
الصرب ،ومحاربة األنا ،واإليثار ،والتآخي ،والصدق، والوفاء ،وغريها من األخالق واملحامد ،هي التي ِّ َّ ومخطط ،ومرشوع ،ورؤيا، أي فكرة، متكن َّ الشفاف عىل ِّ خط الزمن. ورسالة ،من التمثُّل َّ
ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻌﺮف اﻟﻌﺎمل ،وأن ﻳﻌﺮف ﻧﻔﺴﻪ ،وأن ﻳﻌ ﱠﺮف اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻓﻴﴩع ﰲ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﻗﻴﻤﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻘﻮميﻪ ﳌﺎ متﻠﻜﻪ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ").(٥٧ معرفيا) الخ ُلق النادر املثال (من واقع الخدمة ًّ
ﻋﺎﻟﺠﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب "أرﺑﺎب اﻟﻤﺴﺘﻮى" ﻋﻼﻗﺔ اﻷﺧﻼق ﺑﺈﻧﺘﺎج اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺆﺳﺴﺔ "أﻛﺎدﻳﻤﻴﺎ" اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،وﺑﻤﺎ أنﱠ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺻﻠﺐ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺘﻤﺜﻠﻴﺔ؛ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ إﻳﺮادﻫﺎ؛ وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: ﻳﺄيت ﰲ اﳌﻘﺎم اﻟﺜﺎين ،ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ واﻹميﺎن ،ﰲ أﺳﺒﺎب إدارة اﻟﺠامﻋﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻣﺎ ُﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﺨُ ﻠﻖ أو اﻷﺧﻼق، مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ "اﻷﺧﻼق اﳌﺪﻧﻴﺔ"؛ ﻟﻜﻦ ﴍﻳﻄﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻇ ٍّﻼ "ﻟﻸﺧﻼق اﻟﻜﻠﻴﺔ" ،وأن ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻛﻼﻫام متﺜ ًﻼ "ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ" وإﻧﺰاﻻً ﻟﻬﺎ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،مبﺒﺪأ "مت ﱡﺜﻞ أﺳامء اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺴﻨﻰ وﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ" ،ومبﺆدى" :ﺗﺨ ﱠﻠﻘﻮا ﺑﺄﺧﻼق اﻟﻠﻪ". ﱡ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺪﺧﻞ "اﻷﻛﺎدميﻴﺎ" ،ﺿﻴ ًﻔﺎ ﻛﺎن أم ﺑﺎﺣ ًﺜﺎ ،أم ﱠ ﻣﻮﻇ ًﻔﺎ ،ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻊ ﺣﻮارﻳني ﻧ َﻔﻮا ذواﺗﻬﻢ ،ودﻓﻨﻮا أﻧﺎﻧﻴﺎﺗﻬﻢ ،ﻓﻬﻢ مبﺪﻟﻮل "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،ﻳﺨﺪﻣﻮن وﻫﻢ ﻣﺒﺘﺴﻤﻮن ،ﻻ ﺗﻐﺎد ُر اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ ﻟﺤﻈ ًﺔ ﺷﻔﺎﻫﻬﻢ، ﻓﻴﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﺗﺼﺎدف أﺣ َﺪﻫﻢ ﻏﺎﺿ ًﺒﺎ أو ً ﻧﺎﻗام أو ﻋﺒﻮﺳﺎ؛ وﻫﻢ إمنﺎ ﻳﺄﺗﻮن ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻮن ﻻ ﳌﺼﻠﺤ ٍﺔ ،وﻻ مبﻘﺘﴣ ً ﻓﻦ اﻹدارة ،أو ﺳﻠ ًﻔﺎ ﻷﺣ ٍﺪ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻇﻴﻒ وﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت ﱢ 57
مقاالت nesemat.com
إن وجودنا الحقيقي ال يتم إال عرب الحركية والفكر ذﻟﻚ ﻳﻘﴫ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ ذات اﻟﺘﻘﻮى واﻹميﺎن ،وﻳﻠﻐﻲ ﱠ ﻛﻞ القادرين عىل تغيري الذات واآلخرين .والواقع ﻋﻠﻢ آﺧﺮ ،ﻣﺎد ٍّﻳﺎ ﻛﺎن أم ﺣﻀﺎر ٍّﻳﺎ ،ﻓﻀ ﱠﻴﻊ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻋﲆ أن كل كيان مثرة حركة ومجموعة من املبادئ ﴎ ﻻ ﺗﺰال اﻟﺒﴩﻳﺔ ﺗﻔﺘﻘﺪه إﱃ اﻟﻴﻮم؛ اﻷ ﱠﻣﺔ ﻻﻛﺘﺸﺎف ﱟ والتصورات ،كام أن بقاءه مرتبط باستمرار هذه ﻏري أنﱠ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠامء ﻓﻄﺎﺣﻞ أﻣﺜﺎل "اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ، الحركة وتلك التصورات. واﻟﻔﺎرايب ،واﻟﺮازي ،واﻟﺠﺰري" ،أﻇﻨﻪ ِﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﻘﺎم اﻟﺴﺎﻣﻖ ،ﻟﻮ أنﱠ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻠﻮم ،وﻧﻈﺮﻳﺔ اﳌﻌﺮﻓﺔ ،واﻟﺮؤﻳﺔ ﻳﻌﻴﺪه ﺑﻌﺪ ﺣني ،أو ﺗﻜ ﱡﻠ ًﻔﺎ ،واﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ اﳌﺘﻜ ﱢﻠﻔني؛ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ...ﻟﻘﻴﺖ ﻣﻨﺎ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺬايت اﻟﻼﺋﻖ. ﻃﺒﻊ ﻗﺪ ﺟﺎوز وإمنﺎ ﻫﺬه اﻟﺨﻼل ﺳﺠ ﱠﻴ ٌﺔ ﻓﻴﻬﻢ؛ ﻫﻲ ٌ اﻟﻬﻮاﻣﺶ ﺛﻢ ،وﻟﺴﺖ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق أﺻﻒ ﺣ ﱠﺪ اﻟﺘﻄ ﱡﺒﻊ .و ِﻣﻦ ﱠ ) (١اﻹﺳﻼم ﺑني اﻟﴩق واﻟﻐﺮب ،ﻋﲇ ﻋﺰت ﺑﻴﺠﻮﻓﻴﺘﺶ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﺪ َ ﺑﻔﻦ وأﴍح أﺧﻼق ﻫﺆﻻء ،وإمنﺎ أﺣﺎول رﺑﻂ ُﺑﻌﺪﻫﺎ ﱢ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺪس ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻨﻮر ،اﻟﻜﻮﻳﺖ ،ﺑﺎﻓﺎرﻳﺎ ،أﳌﺎﻧﻴﺎ؛ ١٩٩٤م؛ ص.١٧٥: ﺛﻢ ،ﻳﺠﺪ ﻫﺬا اﳌﺮﺗﺎد ) (٢منﻮذج اﻟﺮﺷﺪ :ﻫﻮ منﻮذج ﺗﻔﺴريي ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ ﺧﺼﺎﺋﺺ .واﻧﻈﺮ ﻣامرﺳﺔ "اﻟﺠامﻋﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ"ِ ...ﻣﻦ ﱠ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﰲ "اﻟﱪادﻳﻢ ﻛﻮﻟﻦ" ،ﻧﴩ دار اﻟﻨﻴﻞ ،ﻣﴫ٢٠١١ ،م ،ص١٣: "ﻟﻸﻛﺎدميﻴﺎ" ﺻﻔﺎ ًء ﻋﲆ "ﺻﻔﺤﺔ ﻗﻠ ِﺒﻪ" ،ﻓﺘﺘﻮ ﱠﻓﺰ ﴎﻳﺮﺗﻪ ﺗﻢ ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﻨﻤﻮذج ﰲ ﻋﺪة أﻋامل ،ﻣﻨﻬﺎ "رواﻳﺔ وﻗﺪ ﺑﻌﺪﻫﺎ. وﻣﺎ ﱠ ﻧﻔﴘ ﻣﻨﻪ ،ﱠ ﻟﻠﺘﻔﻜري اﻟﺴﻠﻴﻢ ،وﻳﺰول ﱡ ﻟﻴﺤﻞ ﻛﻞ اﻧﻘﺒﺎض ﱟ ﺑﻮﺑﺎل" ،ﻧﴩ دار اﻟﻔﻜﺮ ،ﺳﻮرﻳﺔ٢٠١٢ ،م. ﻣﺤ ﱠﻠﻪ اﻻﻧﴩاح واﻻﻧﺒﺴﺎط ،ﻓﺘﺄيت أﻓﻜﺎره ،وﻗﺮاءاﺗﻪ (٣) ،اﻟﻐﺮب واﻟﻌﺎمل ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﻀﺎرة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ،ﻛﺎﻓني راﻳﻴﲇ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب اﳌﺴريي ،وﻫﺪى ﺣﺠﺎزي ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎمل اﳌﻌﺮﻓﺔ، اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﳌﺮآة ﻗﻠﺒﻪٍّ ، وﻇﻼ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ روﺣﻪ. وﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ... ً رﻗﻢ ،٩٠اﻟﻜﻮﻳﺖ١٩٨٥ ،م ،ﻣﻘﺪﻣﺔ اﳌﺴريي ،ص.١٨: اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺨﻄري ،وﻫﺬه وأﺣﺴﺐ أنﱠ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ )(٤ ﱠ Stéphane Toussaint, Humanismes-Antihumanismes-De Ficin à Heidegger, Tome ILes Belles Lettres-L'Âne d'Or, اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﻴﻤ ﱠﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،ﺑني ﺷﻔﺎﻓﻴﺔ اﻟﻘﻠﺐ وﻧﺘﺎج Paris, février 2008. اﻟﻌﻘﻞِ ،ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓ ٍﺔ ٍ وﻋﻠﻢ ،أﺣﺴﺐ أنﱠ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺪ ) (٥ﻛﺎﻓني ،ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص.١٨: اﻟﺘﺒﺤﺮ ﻓﻴﻪ ،ﰲ آﻳﺎت ﻋﺪﻳﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ) (٦اﻹﺳﻼم ﺑني اﻟﴩق واﻟﻐﺮب ،ﺑﻴﺠﻮﻓﻴﺘﺶ ،ص.١٧٧: ﻋﺎﻟﺠﻪ ،ودﻓﻊ إﱃ ﱡ )(٧ ً ﰲ ﻛﺘﺎب "اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠﻢ" ﻟﱪﺗﺮاﻧﺪ راﺳﻞ ،ﻧﻘﺮأ ﻓﺼﻼ ﺑﻌﻨﻮان "اﻟﻌﻠﻢ ﺗﻌﺎﱃَ :وا ﱠﺗ ُﻘﻮا اﻟﻠ َﻪ َو ُﻳ َﻌ ﱢﻠ ُﻤ ُﻜ ُﻢ اﻟﻠ ُﻪ )اﻟﺒﻘﺮة ،(٢٨٢:وﻗﻮﻟﻪ: واﻷﺧﻼق"؛ ﻓﻴﻪ ﻳﻌﱰف اﳌﺆﻟﻒ أنﱠ اﻟﻌﻠﻢ ﻻ ميﻠﻚ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻴﻘﻮل َﻛ َﺬﻟِ َﻚ إِ ﱠمنَﺎ َﻳﺨْ َﴙ اﻟﻠ َﻪ ِﻣ ْﻦ ِﻋ َﺒﺎ ِد ِه ا ْﻟ ُﻌ َﻠ َام ُء )ﻓﺎﻃﺮ.(٢٨: ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻷﺧﻼق ،ﺛﻢ ﻳﻘﺮ أنﱠ ﻣﺎ أورده إمنﺎ ﻫﻮ "آراء وﺗﻌﺒري ﻋﻦ اﻋﺘﻘﺎد ﺧﺎص ،وﻟﻴﺲ ﺗﻌﺒ ًريا ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع" ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻓﻬﻲ إذن ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ،ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻻﺗﺠﺎه ﺑني اﻟﻌﻠﻢ رﻣﺴﻴﺲ ﻋﻮض ،دار اﻟﻬﻼل ،ﻣﴫ ،د.ﺗﺎ .ص.٢٢٤: واﻟﺘﻘﻮى ،ﴍﻳﻄﺔ أن ﻻ ُﻳﻘﴫ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺟﺎﻧﺒﻪ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ ) (٨ﰲ ﻛﺘﺎب "دﺳﺘﻮر اﻷﺧﻼق ﰲ اﻟﻘﺮآن" ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ دراز، اﳌﺎدي ﻓﻘﻂ ،وأن ﻻ ﺗُﺤﴫ اﻟﺘﻘﻮى ﰲ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ وﻛﻔﻰ؛ ﱢ ﺗﻮﺿﻴﺤﺎ دﻗﻴ ًﻘﺎ ﻟﻬﺬا اﳌﻌﻨﻰ ،وذﻟﻚ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ" :ﻣﻌﻨﻰ أن ﻳﺴﺘﻨﺼﺢ ﻧﻘﺮأ ً اﳌﺮء ﻋﻘﻠﻪ :أﻧﻪ ﻳﻘﺮأ ﰲ ﻛﺘﺎب ﻓﻄﺮﺗﻪ اﻟﻨﻘﻴﺔ ،واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ، ﺑﻬﺬا ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻠﻢ ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻟﻠﺘﻘﻮى واﻟﺨﺸﻴ ِﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ،وﻳﻜﻮن ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن ﻓﻄﺮﻫﺎ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ .وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى :ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ أﺷﺪ اﻟﻨﺎس اﻹميﺎن واﻟﺘﻘﻮى ﺑﺎ ًﺑﺎ ﻟﻠﻌﻠﻢ؛ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺒﺎرﻛﺔ وﻟﻮد. إﻟﺤﺎ ًدا إﱃ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺳﻮى اﻹﻧﺼﺎت إﱃ وﻟﻘﺪ ﻧﺒﻪ ﻋﻠامء اﻟﺘﺼ ﱡﻮف) (٥٨إﱃ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ، ذﻟﻜﻢ اﻟﺼﻮت اﻹﻟﻬﻲ ،اﻟﺬي ﻳﺘﻜﻠﻢ ﰲ داﺧﻞ ﱟ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ،دون أن ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻜﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ راح ﺑﻌﺪ اﺳﻤﻪ ،وﻫﻮ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﴏاﺣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺪث إﱃ اﳌﺆﻣﻦ" ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﺒﺪ وأﺑﺪﻋﻮا ﰲ ذﻟﻚ أميﺎ إﺑﺪاع ،ﱠ nesemat.com
58
محورية األخالق يف البناء الحضاري
اﻟﺼﺒﻮر ﺷﺎﻫني ،ﻧﴩ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﴫ ،ص.٣٦: ) (٩اﻟﻨﺎﻓﻌﻴﺔ :ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻏﺔ منﻮذج اﻟﺮﺷﺪ؛ وﻫﻮ ﻏري اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ،ذﻟﻚ أنﱠ اﻟﻨﺎﻓﻌﻴﺔ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻨﻔﻊ اﳌﺎدي اﻟﺪﻧﻴﻮي اﻟﻘﺮﻳﺐ ،إﱃ ﱢ ﻛﻞ ﻧﻔﻊ ﻣﻌﻨﻮي وﻣﺎدي وﻓﻜﺮي وروﺣﻲ واﻋﺘﺒﺎري ...إﻟﺦ ،وﻫﻮ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺬي ﺗﻌﻠﻤﻨﺎه ﻣﻦ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ أم ﺳﻠﻤﺔ" :اﻟﻠﻬﻢ إين أﺳﺄﻟﻚ ً ﻋﻠام ﻧﺎﻓ ًﻌﺎ ،ورز ًﻗﺎ ﻃﻴ ًﺒﺎ ،وﻋﻤ ًﻼ ﻣﺘﻘﺒ ًﻼ" )رواه أﺑﻮ داود ،وأﺣﻤﺪ وﻏريﻫام(. ) (١٠ﻳﻨﻈﺮ ﻋﲇ ﴍﻳﻌﺘﻲ :اﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﺬات ،دار اﻟﻜﺘﺎب اﳌﴫي ،ﻣﴫ، ٢٠١١م. ) (١١اﻟﻮﻋﺎء اﻟﺤﻀﺎري :ﻣﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ منﻮذج اﻟﺮﺷﺪ؛ وﺗﻌﻨﻲ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻜﻞ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ وﺗﻠﻮﻧﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،واﻟﺨﻠﻘﻴﺔ، واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،واﻟﺠامﻟﻴﺔ ...إﻟﺦ. ) (١٢اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﺤﻀﺎري :ﻣﻦ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﻫﺎ منﻮذج اﻟﺮﺷﺪ؛ وﻫﻮ اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي ميﺘﺪ إﻟﻴﻪ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺰﻣﻨﻲ ﻷي ﺷﺨﺺ أو ﻓﻜﺮ أو ﻣﺠﺘﻤﻊ. ) (١٣ﴍوط اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ص.٧٨: ) (١٤ﻣﻴﻼد ﻣﺠﺘﻤﻊ ،ص.٢٩-٢٨: ) (١٥ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص.٤٠: ) (١٦ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص.٤١: ) (١٧وﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ص.٣٠: ) (١٨ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ؛ ص.٣٢ ) (١٩ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص.٣٨: ) (٢٠اﻟﺘﻼل اﻟﺰﻣﺮدﻳﺔ ،ص.١١٨: ) (٢١ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،اﻧﻈﺮ اﻟﻔﻬﺮس ،ص.٢٤٣-٢٤١: ) (٢٢اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ ،ص ٦٧:وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ) (٢٣اﻟﺘﻼل اﻟﺰﻣﺮدﻳﺔ ،ص.١٠٦-١٠٤: ) (٢٤اﻟﻨﻮر اﻟﺨﺎﻟﺪ ،ص.٧٥: ) (٢٥ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص ١٢٤:وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ) (٢٦ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص.١٧٠: ) (٢٧ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص ١٨٠:وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ) (٢٨ﻧﻔﺲ اﳌﺮﺟﻊ ،ص.٢٨٥: ) (٢٩وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.١٤٢: ) (٣٠وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ص.١٢: ) (٣١ﴍوط اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ص.٨٨: ) (٣٢ﻣﻴﻼد ﻣﺠﺘﻤﻊ ،ص.٧٢: ) (٣٣ﻣﺠﻠﺔ ﺣﺮاء ،ﻋﺪد ) ٢٥ﻳﻮﻟﻴﻮ أﻏﺴﻄﺲ( ،٢٠١١اﳌﻘﺎل اﻟﺮﺋﻴﺲ ،ص.٢: ) (٣٤ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﺑﺎﻋﻤﻲ :أرﺑﺎب اﳌﺴﺘﻮى؛ اﻷﻛﺎدميﻴﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺟامﻋﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﻧﴩ دار اﻟﻨﻴﻞ ،ﻣﴫ٢٠١٢ ،م ،ﻓﺼﻞ "ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﻞ ﳾء ﺑني
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
منﻮذﺟﺎ" ،ص.١٠٥-٧٥: ﻋﺠﺰ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء وﺗﺄﻟﻖ اﻟﻮﺣﻲ ،ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ً ) (٣٥وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ص.٦٢: ) (٣٦ﻣﺤﺎورات ﺣﻀﺎرﻳﺔ ،ﺟﻴﻞ ﻛﺎرول ،دار اﻟﻨﻴﻞ ،ﻣﴫ٢٠١١ ،م ،ص.٣٩: ) (٣٧ﴍوط اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ص.٨٨: ) (٣٨ﻣﻴﻼد ﻣﺠﺘﻤﻊ ،ص.١٠٠: ) (٣٩ﻣﺆمتﺮ دوﱄ :ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻹﺻﻼح ﰲ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺧﱪات ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﱰﻛﻴﺔ؛ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة٢١-١٩ ، أﻛﺘﻮﺑﺮ ٢٠٠٩م ،ﻧﴩ دار اﻟﻨﻴﻞ ،٢٠١١ ،ص.٥٧٨: ) (٤٠وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ﻣﻘﺎل "اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮ" ،ص.٥٧: ) (٤١ﻃﺮق اﻹرﺷﺎد ،ص.٦: ) (٤٢وﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ج/١ص.٥٣: ) (٤٣وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ص.٩٥-٩٤: ) (٤٤وﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ج/١ص.٥٤: ) (٤٥وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ص.١٠٣: ) (٤٦وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.٤٠-٣٩: ) (٤٧ﻣﻦ ﻛﺘﺎب أﻣري اﳌﺆﻣﻨني ﻋﻤﺮ إﱃ أيب ﻣﻮﳻ اﻷﺷﻌﺮي ؛ وﻓﻴﻪ ﻳﻘﻮل" :إنﱠ اﻟﺤﻖﱠ ﻗﺪﻳﻢ ،ﻻ ُﻳﺒﻄﻞ اﻟﺤﻖﱠ ﳾء ،وﻣﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺤﻖﱢ ﺧري ﻣﻦ اﻟﺘامدي ﰲ اﻟﺒﺎﻃﻞ" ،ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻮﻗﻮف ،ﺳﻨﻦ اﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ،ﻛﺘﺎب اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ، ﺑﺎب اﺟﺘﻬﺎد اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻴام ﻳﺴﻮغ ﻓﻴﻪ اﻻﺟﺘﻬﺎد ،رﻗﻢ .١٨٧٥٤ ) (٤٨وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.١٤: ) (٤٩اﻟﻘﺪر ﰲ ﺿﻮء اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴ ﱠﻨﺔ ،ص.٦٥-٦٤: ) (٥٠وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ص.١٣: ) (٥١اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ. ) (٥٢اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ. ) (٥٣وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح ،ﻣﻘﺎل "ﻣﻬﻨﺪﺳﻮ اﻟﺮوح اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮن" ،ص.٨٥: ) (٥٤ﺻﻴﻘﻞ اﻹﺳﻼم ،ﺑﺪﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎن ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻨﻮرﳼ ،ص.٥٣٠: ) (٥٥ﴍوط اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ص.٣٢-٣١: ) (٥٦وﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ج/١ص.٥٤: ) (٥٧وﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ج/١ص.١٦٥: ) (٥٨ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻗﻮل اﻹﻣﺎم اﻟﻘﺸريي ﰲ ﻟﻄﺎﺋﻒ اﻹﺷﺎرات" :أﻛﺮم اﻟﻠﻪ اﻷﺻﻔﻴﺎء ﻣﻦ ﻋﺒﺎده ﺑﻔﻬﻢ ﻣﺎ أودﻋﻪ ﻣﻦ ﻟﻄﺎﺋﻒ أﴎاره وأﻧﻮاره؛ وﺧﻔﻲ رﻣﻮزه ،مبﺎ ﻟ ﱠﻮح ﻷﴎارﻫﻢ ﻻﺳﺘﺒﺼﺎر ﻣﺎ ﺿﻤﻨﻪ ﻣﻦ دﻗﻴﻖ إﺷﺎراﺗﻪ ﱢ ﻣﻦ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎت ،ﻓﻮﻗﻔﻮا مبﺎ ﺧُ ﱡﺼﻮا ﺑﻪ ﻣﻦ أﻧﻮار اﻟﻐﻴﺐ ﻋﲆ ﻣﺎ اﺳﺘﱰ ﻋﻦ أﻏﻴﺎرﻫﻢ ،ﺛﻢ ﻧﻄﻘﻮا ﻋﲆ ﻣﺮاﺗﺒﻬﻢ وأﻗﺪارﻫﻢ ،واﻟﺤﻖﱡ ﻳﻠﻬﻤﻬﻢ مبﺎ ﺑﻪ ﻳﻜﺮﻣﻬﻢ ،ﻓﻬﻢ ﺑﻪ ﻋﻨﻪ ﻧﺎﻃﻘﻮن ،وﻋﻦ ﻟﻄﺎﺋﻔﻪ ﻣﺨﱪون ،وإﻟﻴﻪ ﻳﺸريون، وﻋﻨﻪ ﻳﻔﺼﺤﻮن ،واﻟﺤﻜﻢ إﻟﻴﻪ ﰱ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻮن ﺑﻪ وﻳﺬرون".
59
مقاالت
مقارنة بني
حكمة فتح الله كولن وحقيقة باركر باملر باربرا س .بويد
أ.د .ﺑﺎرﺑﺮا س .ﺑﻮﻳﺪ، ﻣﺪﻳﺮة اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،وﻋﻀﻮ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ .ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات واﻟﻨﺪوات، وﻓﻲ ﻣﻨﺘﺪﻳﺎت اﻟﺤﻮار ﺑﻴﻦ اﻷدﻳﺎن ،وﻣﺆﺗﻤﺮات ذات ﺑﻌﺪ دوﻟﻲ .ﺗﻠﻘﺖ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺟﺎﺋﺰة اﻟﻤﺮﺑﻲ واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ ﻣﻌﻬﺪ ﺣﻮار اﻷدﻳﺎن ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺣﺮﻛﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻠﺘﺰﻣﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻼم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻲ. 60
حا للتحول العاملي التعليم املستنري مفتا ً
ﺛﻤﺔ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﻴﻦ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻳﻤﺪﱠ اﻧﻨﺎ ﺑﻨﻤﻮذﺟﻴﻦ ﻣﻌﺎﺻ َﺮﻳﻦ ﻣﺜﻴ َﺮﻳﻦ ﺑﻮﺳﻌﻬﻤﺎ ﺣﻔﺰ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺼﺐ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﻐﻤﻮض ،وﻫﻤﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ؛ اﻟﻤﻔﻜﺮ واﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﺘﺮﻛﻲ اﻟﺬي ُﻳ َﻌﺪﱡ راﺋﺪ أﺣﺪ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ إﺑﺪاﻋﻴﺔ واﻟﻤﺤ ﱢﻔﺰ اﻟﺮوﺣﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺬي ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم ،وﺑﺎرﻛﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﺘﺮﺑﻮي ُ اﻟﻤﻠ ِﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة. ُﻳﻘﺪﱢم واﺣﺪًا ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ُ وﺳﺘﻌﻘﺪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧ ًﺔ ﺑﻴﻦ ﻧﻤﻮذﺟﻲ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ وﺑﺎﻟﻤﺮ، ﻣﻮﺿﺤ ًﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ أوﺟﻪ اﻟﺘﻼﻗﻲ واﻻﺧﺘﻼف ،وﺳﺘُﺨﺘﺘﻢ ﺑﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻨﺒﻊ اﻟﻤﺸﺘﺮك اﻟﺬي ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻨﻪ ﻛﻼﻫﻤﺎ ،ﻣﻊ اﻗﺘﺮاح ﻣﻌﻴﺎ ٍر ﻟﺘﺠﺎرب ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ رؤﻳ ٍﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﺤﻮل ﺑﺎﺗﺠﺎه ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺘﻨﺎول ﻛﻼ ﻣﺜﺎﻟﻲ ﻧﻤﻮذج اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻬ ٍﺪ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺑﻠﻮغ ٍ ﱟ ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﺒﺸﺮي ،إﻻ ﻛﺎن ﺣﺘ ًﻤﺎ أن ﻳﻌﺘﻮره اﻟﻘﺼﻮر.
مقارنة بني حكمة فتح الله كولن وحقيقة باركر باملر
nesemat.com nesemat.com
ِ ِ واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت ﻣﻌﻈﻢ ﺗﻮﺻﻠﺖ ُ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻼم واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،إﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻮ اﻟﺤﻞ ﻟﻠﺼﺮاﻋﺎت واﻟﻔﻘﺮ؛ إذ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ُﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﺮاﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ أو اﻟﺼﻼح اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻨﺠﺢ ُﻛﻠﻴ ًﺔ ﻓﻲ ﺣﻞ اﻟﻤﻌﻀﻼت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪق ﺑﻜﻮﻛﺒﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ُﻣﺠﺪﻳ ًﺔ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻟﺤﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﻀﻼت. ومبﺎ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﺪة، وأﻧﻪ ﻻ ﻣﻔﺮ ﳌﺴﺎﻋﻲ وﻗﻒ إﻃﻼق اﻟﻨﺎر ﻣﻦ اﳌﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻷﻣﻞ واﻟﻌﻮن ﺑﻌﻴﺪي اﳌﺪى ﻳﺘﻤ ﱠﺜﻼن ﰲ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻬﻴﺌﺔ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وذﻟﻚ وﺻﻮﻻً إﱃ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞٍ ﻻ ﺗﻜﻤﻦ ﺣﻠﻮ ُﻟﻪ ﰲ ﻣامرﺳﺔ اﻟﻌﻨﻒ ،ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ُميﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺤﻖﱟ إن أﻓﻀﻞ اﻟﺒﻴﺌﺎت ﻣﻼءﻣﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴري ﺗﻘﺒﻊ ﰲ اﳌﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ. ومثﺔ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﱰﺑﻮﻳني ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ مي ﱠﺪاﻧﻨﺎ ﻣﻌﺎﴏﻳﻦ ﻣﺜ َريﻳﻦ ﺑﻮﺳﻌﻬام ﺣﻔﺰ اﻟﺘﻐﻴري ﺑﻨﻤﻮذﺟني َ اﻟﺬي ﻳﺼﺐ ﰲ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﻐﻤﻮض ،وﻫام اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ؛ اﳌﻔﻜﺮ واﳌﻌﻠﻢ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﱰيك اﻟﺬي ُﻳ َﻌ ﱡﺪ راﺋﺪ أﺣﺪ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻷﻛرث إﺑﺪاﻋﻴﺔ ﰲ ﻋﺎمل اﻟﻴﻮم ،وﺑﺎرﻛﺮ ﺑﺎﳌﺮ)(١؛ اﻟﱰﺑﻮي وا ُﳌﺤ ﱢﻔﺰ اﻟﺮوﺣﻲ اﻷﻣﺮﻳيك اﻟﺬي ُﻳﻘ ﱢﺪم واﺣ ًﺪا ﻣﻦ أﻛرث اﻟﻨامذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ا ُﳌﻠ ِﻬﻤﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة .ﻫﺬان اﻟ َﻌ َﻠامن اﻟﻔﻜﺮﻳﺎن َ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺪاﺋ َﺮ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻓﻌ ُﻠﻪ واﻟﺮوﺣﻴﺎن ُﻳﻔﻌامن ﻟﺨﻠﻖ ﻋﺎملٍ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﻴﺎ ُة اﻟﺒﴩﻳﺔ أﻛ َرث ﻣﻦ ﻣﺠﺮد متﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﺒﻘﺎء ﺑﺘﺤﺪﻳﺎت ﻗﻮﻳﺔ وآﻣﺎل ﻣﺬﻫﻠﺔ. ٍ وﺳﺘﻌﻘﺪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧ ًﺔ ﺑني منﻮذﺟﻲ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ وﺑﺎﳌﺮ ،ﻣﻮﺿﺤ ًﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬام ﻣﻦ أوﺟﻪ اﻟﺘﻼﻗﻲ واﻻﺧﺘﻼف ،وﺳ ُﺘﺨﺘﺘﻢ مبﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻨﺒﻊ اﳌﺸﱰك اﻟﺬي
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
تتوقف استمرارية األمم عىل ما تتلقاه شعوبها من التعليم ومن التوجيه صوب الكامل الروحي. وإذا مل يكن بوسعها تنشئة أجيال متطورة ُميكنها أن تعهد إليها بأمر املستقبل ،فسيكون ً مظلام آنذاك( .فتح الله كولن) مستقبلها
ﻳﻨﻬﻼن ﻣﻨﻪ ﻛﻼﻫام ،ﻣﻊ اﻗﱰاح ﻣﻌﻴﺎ ٍر ﻟﺘﺠﺎرب ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﰲ ﺣﻘﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ رؤﻳ ٍﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﺤﻮل ﺑﺎﺗﺠﺎه ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻛام أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺘﻨﺎول ﻛﻼ اﻟﻨﻤﻮذﺟني ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻬ ٍﺪ ﻳﺴﻌﻰ منﻮذج ﻣﺜﺎﱄ ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﺒﴩي ،إﻻ ﻛﺎن ً ﺣﺘام أن إﱃ ﺑﻠﻮغ ٍ ﻳﻌﺘﻮره اﻟﻘﺼﻮر. منوذج كولن التعليمي
ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻧﻤﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ اﻧﺘﺸﺎ ًرا ﻗﺪ ﻧﻌﺘﺒﺮه ﻣﻬﻮﻻً إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺑﺨﺎﺻ ٍﺔ ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪل اﻟﻤﺪارس اﻟﻤﻔﺘﺘﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ) (٢وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وأﻟﺒﺎﻧﻴﺎ وﺟﺰر اﻟﻔﻴﻠﺒﻴﻦ وآﺳﻴﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ .وﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ ُﻳﺪ ﱠرس ﻣﺒﺎﺷﺮ ًة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺪارس ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮه اﻷﺳﺘﺎذ ٌ داﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ ﻛﻮﻟﻦ "ﻣﺒﺎدئَ ﻋﺎﻟﻤﻴ ًﺔ" ﻳﺆﻣﻦ أﻧﻬﺎ اﻹﺳﻼم .وﻗﺪ ُﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺟﻨﺎس واﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻟﺪﻳﺎﻧﺎت ،أن ﻳﻔﻴﺪوا ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ رﻏﻢ أن "اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻷﺗﻘﻴﺎء ﺷﺪﻳﺪي اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﻮﻳﺘﻬﻢ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺸ ﱢﻜﻞ أﺳﺎس ﺗﺴﺎﻣﺤﻬﻢ" )أﻏﺎي ،ص) .(٦٥:ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد َ ﻣﻌﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺪارس ﺣﺎﻟ ٍّﻴﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﺎﻟﻤﻴﻞ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻣﻴﻞ إﺳﻼﻣﻲ(. وﺑﺎﻋﺘﺒﺎري واﺣ ًﺪا ﻣﻤﻦ ﺣﻈﻮا ﺑﺰﻳﺎرة ﻛرث ٍة ﻣﻦ 61
مقاالت ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ داﺧﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﻓﻘﺪ اﺗﻀﺢ ﱄ أن ﻣﺴﺄﻟﺔ وﺟﻮد ﻣﻌﺎﻳري أﺧﻼﻗﻴﺔ رﻓﻴﻌﺔ ﺗﻮﺿﻊ ﱟ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ٌ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻃﺎﻗﻢ اﳌﻌﻠﻤني واﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﺘﻤﻴﺰ ﻫﻮ اﻟﻬﺪف اﳌﻨﺸﻮد ،وﻫﻮ ﰲ ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ -ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻋﻠﻤﻲ ﺣﺪﻳﺚ.ﻫﺬا اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﺘﻤﻴﺰ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،اﻟﺬي ﻳﺆﻛﺪ ﻋﲆ اﻷﺧﻼق ،ﺗﺠﺮي ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﰲ إﻃﺎر ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺎﺳﻢ "اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ" ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺨﺮج اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ وﻫﻮ إﻧﺴﺎن اﺳﺘﺜﻨﺎيئ ﻧﻮ ًﻋﺎ ﻣﺎ ،إﻧﺴﺎنٌ ﺑﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد واﻷﻣﺎﻧﺔ واﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻳﻠﺘﺰم ٍ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺮأﻓﺔ وﺧﺪﻣﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﴩي. إن ﻧﺠﺎح ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ رﻫ ٌني ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ ُﻮﺟﻪ رؤﻳ ُﺘﻪ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟ ِﻮﻓﺎق اﻟﺒﴩي اﻟﺬي ﺗ ﱢ اﳌﴩوع اﻷﻛﺎدميﻲ؛ إذ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻫﺬا َ ﻛﻮﻟﻦ ،اﻟﺬي ُميﻜﻦ وﺻﻔﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑﺄﻧﻪ "ﺻﻮﰲ ذو وﻋﻲ اﺟﺘامﻋﻲ" ،أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ُمي ﱢﺜﻞ –أوﻻً– ً منﻄﺎ ﻣﻦ أمنﺎط "إﺻﻼح اﻟﺬات" اﻟﺬي ﻳﺆدي –ﺛﺎﻧ ًﻴﺎ– إﱃ إﺻﻼح أو ﺗﻐﻴري اﻟﺴﻴﺎﻗني اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﰲ ﻟﻠﻔﺮد .وﻟﻌﻞ ﻣﺎ منﻮذﺟﺎ ﻓﺮﻳ ًﺪا ،وميﻨﺤﻪ اﻟﻘﺪر َة ﻋﲆ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ منﻮذﺟﻪ ً إﺣﺪاث اﻟﺘﻐﻴريات اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻫﻮ اﻟﺘﺰاﻣﻪ ﺑـ"اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺪاﺧﲇ"؛ ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎل ﺣﻮل ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ذﻫﺐ ﺗﻮﻣﺎس ﻣﻴﺸﻴﻞ –ﰲ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻟﻜﻮﻟﻦ– إﱃ اﻋﺘﻘﺎد ﻫﺬا اﻷﺧري ﺑﺄن "اﳌﻌﻠﻢ ﻫﻮ ﺷﺨﺺ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﳌﺴﺎﻋﺪة ﰲ اﻧﺒﺜﺎق ﺷﺨﺼﻴﺎت اﻟﻄﻠﺒﺔ، ﺷﺨﺺ ﻳﺆﺳﺲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺷﺨﺺ ﻳﺮﻋﻰ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ، ٌ ٌ ومي ﱢﻜﻦ اﻟﻄﻼب ﻣﻦ ]اﻛﺘﺴﺎب[ ﺻﻔﺎت اﻻﻧﻀﺒﺎط اﻟﺬايت ُ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ" )ﻣﻴﺸﻴﻞ ،ص .(٧٥:وﻫﻜﺬا، َ ﻓﺤﺎل ﺗﺮﺟﻤﺔ ذﻟﻚ ﰲ إﻃﺎر آراء اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺣﻮل منﻮذج ﺑﻨﺎ ٍء داﺧﲇ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ميﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن منﻮذﺟﻪ ﻫﻮ ُ 62
)أو روﺣﺎين( ﻳﻬﺪف إﱃ اﻟﻈﻬﻮر ﺧﺎرﺟ ٍّﻴﺎ )أو أﺧﻼﻗ ٍّﻴﺎ( ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳌﻌﺎﴏة .وإﻧﻬﺎ ﻟَﻤﻬﻤ ُﺔ اﳌﻌﻠﻢ أن ﻳﺘﻌﻬﺪ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﺗﺸﺠﻌﻪ ﻋﲆ اﻻرﺗﻘﺎء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘ ٍﺔ ﱢ اﻟﺪاﺧﲇ ،إﱃ منﻂٍ ﺧﺎرﺟﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻌﺎمل. ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴري ﻻ ﻳﺘامﳽ متﺎﺷ ًﻴﺎ ﻋﻤﻴ ًﻘﺎ ﻣﻊ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺷﻜ ًﻼ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﻺﺳﻼم ،ﺑﻞ ُمي ﱢﺜﻞ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﲆ ﻣﺪار ﺣﻴﺎﺗﻪ ﳌﺠﺎﺑﻬﺔ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ )ورمبﺎ اﻟﺼﻮرة اﳌﻨﻘﻮﺻﺔ( اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ مبﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﻌﻴﺶ ﰲ ﻋﺎملٍ ﺣﺪايث ﺛﻢ ﰲ ﻋﺎملٍ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺪايث ﻛام ﻫﻮ اﻟﺤﺎل اﻵن. وﻛام ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪ أﻏﻠﺐ اﳌﺜﻘﻔني ،ﻓﺈن ﱟ ﻟﻜﻞ ﻣﻌﺠام ﻳﺘﻐﻠﻐﻞ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ أﻓﻜﺎره وﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ وﺗﻌﺎﺑريه ﻣﻨﻬﻢ ً اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ .وﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﱟأي ﻣﻤﻦ ﻋﺪاه؛ إذ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﲆ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ وأﺣﺎدﻳﺜﻪ اﺳﺘﺨﺪا ُم ﻛﻠامت ﻮﺟﻪ ﻓﻜﺮه ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻋام ُﻳﺸ ﱢﻜﻞ رﺋﻴﺴﻴﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋام ُﻳ ﱢ وﻳﺆﺳﺲ ﻟﻠﻤﺪارس اﳌﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ .ﻓﺎﻟﻠﻐﺔ ٍ ﻛﻠامت ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﺤﺎرة ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻹميﺎن واﻟﺴﻼم ،وﻛﺬا ﻛﻠﻤﺔ "اﻟﺤﺐ" اﻟﺘﻲ ﻛﺜ ًريا ﻣﺎ ﺗﻨﻀﺢ ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻓ ُﺔ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ. وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت اﳌﻬﻤﺔُ ،ميﻜﻦ اﺳﺘﺨﻼص ﻓﻜﺮ ٍة ﻣﻔﺎدﻫﺎ اﻧﺸﻐﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮء ُ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎ ُة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻢ واﻟﻄﺎﻟﺐ؛ إذ ﻳﺠﺐ ﻋﲆ اﳌﺮء –ﺑﺼﻮرة أﺳﺎﺳﻴﺔ– أن ﻳﺴﺘﺸﻌﺮ اﻟﺮأﻓﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺗﺠﺎه اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﻫام ﺷﻌﻮران ﻳﻨﺒﻌﺎن ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻣﻦ إميﺎن اﻟﻔﺮد ،وﻫﻮ اﻹميﺎن اﻟﺬي ﻳﺘﺒ ﱠﺪى ﰲ اﻟﻌﺎمل ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻴﻤﺔ "اﻟﺴﻼم" اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺜﻖ –ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل– ﻣﻦ اﻟﺮأﻓﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ. ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻜﻠامت اﻷرﺑﻊ اﻟﺘﻲ ﺗُﺸ ﱢﻜﻞ ﺣﺠﺮ اﻟﺰاوﻳﺔ ﰲ ﻧﻈﺮة اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ) .ﺳﺘﺘﻌﺮض ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ
مقارنة بني حكمة فتح الله كولن وحقيقة باركر باملر
nesemat.com nesemat.com
ﻟﺮؤﻳﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﺤﺐ ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ(. ﺤﺎﴐ إن ﻓﻜﺮة أن ﻳﺼﺒﺢ اﳌﻌﻠﻢ أﻛرث ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ُﻣ ٍ أو ﻧﺎﻗﻞٍ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﰲ رؤﻳﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﺮب ﻳﻜﺸﻒ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ؛ ﻓﺎﳌﻌﻠﻢ –ﺑﺎﻷﺣﺮى– ﻫﻮ ُﻣ ﱟ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻀﻮره اﻟﺬايت ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت اﻟﻄﺎﻟﺐ .ورﻏﻢ ﻣﺎ ﻟﻠامدة اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ،ﻓﺈن أﻫﻤﻴﺔ "ﺣﻀﻮر" اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﲆ أداء ﻫﺬه اﳌﺎدة، ﺗﻜﻮن أﻛﱪ ﺗﺄﺛ ًريا ﰲ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻨﻬﺎيئ ،ﻓﻮﻓ ًﻘﺎ ﻷﺣﺪ أﻋامل اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ" :ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﻌﻠﻤني أن ﻳﺠﺪوا ﻃﺮﻳ ًﻘﺎ إﱃ ﻗﻠﻮب اﻟﻄﻼب ،وأن ﻳﺘﻤﺘﻌﻮا ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺮك ﺑﺼامت ﻻ ُمتﺤﻰ ﻋﲆ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ،ﻛام ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﻢ اﺧﺘﺒﺎر اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ُﻳﻌﺘﺰم متﺮﻳﺮﻫﺎ إﱃ اﻟﻄﻠﺒﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﻬﺬﻳﺐ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ وﺻﻔﺤﺎت ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﺎﻟﺤﺼﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻟﺠﻴﺪة ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ متﺪ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ مبﺎ ﻫﻮ أﻛرث ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﳌﻬﺎرات اﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻘﻲ ﺑﻬﻢ ﻟﻠﻘﺎء اﳌﺠﻬﻮل" )ﻛﻮﻟﻦ ،ص.(٢٠٩: ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻘﺮة ،ﺗﺘﺒ ﱠﺪى ﻟﻐﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻞ –رﻏﻢ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺘﻬﺎ– ﻟﻐ ًﺔ ﻏري ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳌﻌﺘﺎدة ﻟﻠﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﰲ دول اﻟﻌﺎمل اﻷول .ﻓﻔﻜﺮة أن ﻳﻀﻄﻠﻊ اﳌﻌﻠﻢ ﺑﺪوره اﻟﱰﺑﻮي ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﻤﻴﻖ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ داﺧﻞ ذاﺗﻪ ﻣﺴﺘﻨ ًﺪا إﱃ ﻗﻠﺒﻪ وﻋﻘﻠﻪ ﻣ ًﻌﺎ ،ﻫﻲ ﻓﻜﺮ ٌة ﺗَﻀﺎد ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ﻏﺎﻳ َﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﻌﺎﴏ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ دﻓﻊ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﱰﻗﻲ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋام ﻳﻌﺘﻮر ﺟﻮاﻧﻴ َﺘﻪ ﻣﻦ اﺿﻄﺮ ٍ اﺑﺎت أو ﻗﻨﺎﻋﺎت .ﻛام أن اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﲆ اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺘﻠﻘني اﳌﻜﺜﻒ ﻏﺮﻳﺐ ﻋﲆ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻘﺎد ﻟﻠﻌﻠﻮم ،ﻫﻮ ٌ ٌ ﻳﺄﻟﻔﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻨﺎ ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة .ﻏري أن ﴎا وراء ذﻟﻚ ﻫﻮ "اﻟﴪ" ﻓﻴام ﻳﺒﺪو ،ﻟﻮ ﺻﺢ أن ﻫﻨﺎك ٍّ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
إن الروحانية اإلسالمية تعضد من منوذج األستاذ كولن التعليمي الذي يتبدى عرب تدريس العلوم ومن خالل الرتبية األخالقية امللموسة ،وذلك بهدف خدمة الحياة املدنية وإحالل السالم يف الوجود.
ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،اﻟﴪ اﻟﺬي رمبﺎ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﰲ ﻋﺒﺎرة واﺣﺪة ﺗُﻌﺰى إﱃ اﻟﺮﺟﻞ :ﻓـ"ﺑﺼﻔﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗُﻌﺘﱪ اﳌﺪرﺳﺔ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﺒﺎدة ،زﻋامؤﻫﺎ اﳌﻘﺪﺳﻮن ﻫﻢ اﳌﻌﻠﻤﻮن" )ﻛﻮﻟﻦ ،ص.(٢٠٨: إن اﻻﻧﺘﻘﺎدات اﳌﻮﺟﻬﺔ إﱃ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺗﱰاوح ﺑني اﺗﻬﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺟﻌﻞ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻮاﺑﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ أن ﻳﻌﱪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻴﺘﺴﻢ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ ،واﺗﻬﺎﻣﻪ ذﻟﻚ اﻻﺗﻬﺎم اﻟﺨﺎص ﻋﻦ رﻏﺒﺘﻪ ﰲ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ اﻟﻌﻠامﻧﻴﺔ وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ دﻳﻨﻴﺔ .ورﻏﻢ رﻓﺾ ﺗﻼﻣﻴﺬه اﻟﺤﺎد ﻟﻬﺬه اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﳌﻮﺟﻬﺔ ﺿﺪ ﻣﺮ ﱢﺑﻴﻬﻢ اﻟﺮوﺣﻲ ،ﻓﻼ ﺗﺰال ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺸﻜﻮك ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻻ ﺳﻴام ﰲ أوﺳﺎط اﳌﺜﻘﻔني ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻌﻠامﻧﻴني") .(٣وﻟﻦ ﺗﺘﺄىت اﻟﺒ ﱢﻴﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﺪواﻓﻊ وﻣﺎ ﺗُﻀﻤﺮه اﻟﻨﻮاﻳﺎ ،إﻻ مبﺮور اﻟﺰﻣﻦ ـﺤ ﱢﺚ ﺷﺒﺎب اﻟﺪارﺳني ورﺟﺎل اﻷﻋامل واﻟﻨﺴﺎء و ِﺑ َ اﳌﻬﻨﻴﺎت ،ﻋﲆ اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﺤﻮار اﻟﴬوري ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﲆ ﻣﺪى أﺻﺎﻟﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ .ومبﺎ أن ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ،ﻓﺈن اﳌﻨﺘﻮج اﻟﻨﻬﺎيئ ﳌﺪارﺳﻬﺎ –وﻃﻼﺑﻬﺎ أﻧﻔﺴﻬﻢ– ﺳﻴﻠﻌﺒﻮن ﺑﺎﻟﴬورة دو َر اﻟﻌﺎﻣﻞ اﳌﺤﻔﺰ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻐﻴري اﻟﻌﺎﳌﻲ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ﻧﺒﺖ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ ،وﻟﺬا ﻓام زال ﺳﺎﺑ ًﻘﺎ ﻷواﻧﻪ أن ﱠ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ. ﺑﻴﺪ أن ﻣﺎ ﻳﺒﺪو وﻛﺄﻧﻪ أﻣﺮ واﻗﻊ رﻏﻢ اﻧﻌﺪام ﺑﺮاﻫني اﻟﻨﺠﺎح ﰲ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ُﻳﻮرِده أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ 63
مقاالت اﺣﺘﻜﻮا ﺑﻬﺬه اﳌﺪارس اﳌﺘﻤﻴﺰة ﻣﻦ ﺷﻬﺎدات ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻧﻮ ًﻋﺎ ﻣﺎ ،ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﺗﻠﻚ اﳌﺪارس ﺗُﺨ ﱢﺮخ ﻃﻼ ًﺑﺎ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴني. وأﻧﺎ أﺗﺬﻛﺮ ﺑﻮﺿﻮح ﺗﺎم زﻳﺎريت ﻹﺣﺪى ﻣﺪارس اﻟﺤﺮﻛﺔ مبﺪﻳﻨﺔ إﺳﻄﻨﺒﻮل ،ﺣني ﺗﺤ ﱠﻠﻖ اﻷﻃﻔﺎل –ﻣﻦ ﺳﻦ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ– ﺣﻮﱄ ﻟﻴﻤﻄﺮوين ﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ ،وﻗﺪ أدﻫﺸﻨﻲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺑﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ .ﻛﺎﻧﻮا ﻃﻼ ًﺑﺎ ُﻣﻔﻌﻤني أن ﺗﺄيت ُ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة وﺻﺎﺧﺒني وﻣﴩﻗني وودودﻳﻦ وﺣﺮﻳﺼني ﻋﲆ اﺻﻄﺤﺎيب إﱃ ﻓﺼﻮﻟﻬﻢ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ،واﺳﺘﻌﺮاض ﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ ﰲ ﻟﻐﺘﻲ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وإﴍايك ﰲ رؤﻳﺔ اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﺘﻲ ﺣﺎزﺗﻬﺎ ﻣﺪرﺳﺘﻬﻢ .وﻗﺪ ﺗﺴﺎوت ﺑﻴﻨﻬﻢ أﻋﺪاد اﻟﺬﻛﻮر واﻹﻧﺎث، ﺳﻮاء ﰲ ﻃﺎﻗﻢ اﳌﻮﻇﻔني أو اﻟﻄﻠﺒﺔ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﺼﻮل ُﻣﺰداﻧﺔ ﺑﺄﺣﺪث اﳌﻌﺪات ،واﳌﺪرﺳﺔ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺎﺋﻖ، واﻟﺠ ﱡﻮ اﻟﻌﺎم ﻣﻤﺘﻠﺌًﺎ ﺑﺎﻟﺤامﺳﺔ واﻟﴫاﻣﺔ اﻷﻛﺎدميﻴﺔ واﻻﻣﺘﻴﺎز اﻷﺧﻼﻗﻲ. وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﻘﻴﺖ ﻣﺪﻳﺮ إﺣﺪى اﳌﺪارس ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﻮع ﰲ ﺣﻔﻞ ﻋﺸﺎء ﻣﻊ اﳌﺴﺎﻫﻤني)،(٤ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻣﺒﺎﴍة "ﻟِ َﻢ اﻟﻄﻼب واﳌﻌﻠﻤﻮن ﰲ ﻫﺬه اﳌﺪارس ﻣﺬﻫﻠﻮن ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ؟ ﻫﻞ ﺗُﺪ ﱢرﺳﻮن اﻷﺧﻼق ﰲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ؟" ﻟﻴﺄيت رده – اﺑﺘﺪاء– ﰲ ﺻﻮرة اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﱰوﻳﺔ ،ﺛﻢ أﺟﺎب ﺑﻬﺪوء" :إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧُﻌ ﱢﻠﻢ اﻷﺧﻼق ،ﺑﻴﺪ أن ﻣﻌﻠﻤﻴﻨﺎ ﻫﻢ ﺻﻮر ٌة ﳌﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﺪرﻳﺴﻪ ﻣﺘﻮاﺿﻌﻮن وﻣﺘﺴﺎﻣﺤﻮن وﻋﻄﻮﻓﻮن وأذﻛﻴﺎء" .وﻣﻦ رﺣﻢ ﻫﺬه اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻛﺎن ﻣﻮﻟﺪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ؛ إذ ﺗﻨﺘﻘﻲ ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻌﻠﻤني ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻫﻢ أﺷﺨﺎﺻﺎ ورﻋني ﻣﺨﻠﺼني روﺣﺎﻧﻴني أذﻛﻴﺎء أﻧﻔﺴﻬﻢ ً ﻣﺘﻮاﺿﻌنيُ ،مي ﱢﺮرون ﺣﻜﻤﺘﻬﻢ اﻟﺬاﺗﻴﺔ إﱃ ﻃﻼﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻓﻌﺎل ﻻ اﻷﻗﻮال .وﺣﻴﺚ إن اﻟﻄﻠﺒﺔ ُﻳﺸ َﻤﻠﻮن ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻫﺬه ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺼﺒﺤﻮن ﻣﻮاﻃﻨني ﻋﺎﳌﻴني واﻋني ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﺘﺄﺛري ﰲ ﻣﺤﻴﻄﻬﻢ 64
وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ .وﻟﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﻣﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺗﺼﻒ ذﻟﻚ أﺑﻠﻎ وﺻﻒ ،إذ ﻳﻘﻮل" :ﺗﺘﻮﻗﻒ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻷﻣﻢ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻘﺎه ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺻﻮب اﻟﻜامل اﻟﺮوﺣﻲ .وإذا مل ﻳﻜﻦ ﺑﻮﺳﻌﻬﺎ ﺗﻨﺸﺌﺔ أﺟﻴﺎل ﻣﺘﻄﻮرة ُميﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻌﻬﺪ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄﻣﺮ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ، ً ﻣﻈﻠام آﻧﺬاك") .ﻛﻮﻟﻦ ،ص.(٥٦: ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ إن مثﺔ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺳ ُﻴ َﻌ ﱡﺪ ﻣﻮﺿﻊ اﻧﺘﻘﺎد ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻜﻤﻦ ﺧﻄﻮرة ،أﻻ وﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺪ ُﻳﻌﺘﱪ ﻓﻴﻪ داﺧﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ َ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺠامﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺪارس واﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺣني أن ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ذاﺗﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺎرم ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺠﺪ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﱰﻛﻴﺔ اﻟﻌﺜامﻧﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﺟامﻋﻴﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ إن اﻟﺒﻌﺾ ﻗﺪ ﻳﺰﻋﻢ ﺗﺒﻨﻴﻬﺎ ﻟﻠﻨﺰﻋﺔ اﻟﺠامﻋﺎﺗﻴﺔ .وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮىُ ،ﻳﺤ َﻤﻞ اﻟﻄﻼب ﻋﲆ اﻟﺘﻔﻜري ﺳﻮ ٍّﻳﺎ أو ﺑﺼﻮرة ﺟامﻋﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﻢ ُﻳﺪﻓﻌﻮن -ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌﺒﺎدئ/اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ- ﺻﻮب ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ﻟﻠﺒﴩﻳﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻣﻲ ﺗﺼﻮف اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ إﱃ ﺧﺪﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ أويت اﳌﺮء ﻣﻦ ﻣﻮارد ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ. ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺤﺮﻛ ُﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻧﻚ ﻃﺎﳌﺎ ﺗﻠﻘﻴﺖ اﻟﺪﻋﻢ وأﻧﺖ ﻃﺎﻟﺐ ،ﻓﻌﻠﻴﻚ اﻟﺨﺮوج إﱃ اﻟﻌﺎمل ﻟﺪﻋﻢ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﺟﺰ ًءا ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺒﺘﻬﺎ ،وﺑﺬا ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ إﻳﺠﺎد ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل "اﻟﺠامﻋﺎﺗﻴﺔ" ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺰاﻣﻬﺎ اﻟﺠﻮﻫﺮي ﺑﺎﻹﺳﻼم ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﺟﻬﻬﺎ اﻟﻌﺎﳌﻲ. ﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ" :اﻵن إذ ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ﻗﺮﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ، أﺻﺒﺢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ اﻟﺴﺒﻞ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ، وﻟﻠﺪﺧﻮل ﰲ ﺣﻮار ﻣﻊ اﻟﺤﻀﺎرات اﻷﺧﺮى" )ﻛﻮﻟﻦ ،ص،(١٩٨: أي إن اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻌﻲ أن ﺣﺼﻴﻠﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻻ ﺧﺪﻣﺔ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ،
مقارنة بني حكمة فتح الله كولن وحقيقة باركر باملر
ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﻴﺴﻴﺮ أن ﻧﻌﻘﺪ ﻣﻘﺎرﻧ ًﺔ ﺑﻴﻦ ﻧﻤﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ واﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﺘﺮﺣﻪ ﺑﺎرﻛﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد اﺧﺘﻼﻓﺎت واﺿﺤﺔ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﻦ ،إﻻ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺘﻀﺢ أن ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﻮاﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻳﻔﻮق ﻣﺎ ﻧﺘﻮﻗﻌﻪ ﻷول وﻫﻠﺔ. ﻟﻘﺪ ﺑﺰغ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟـ"ﺑﺎﳌﺮ" ﻣﻦ اﻟﺨﱪة ً ﻣﻌﻠام اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﻬﺎ إﺑﺎن ﺳﻨﻮات ﻋﻤﻠﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺼﻒ؛ إذ ﺷﺤﺬت إﺧﻔﺎﻗﺎﺗﻪ وﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻄﻼب إدرا َﻛﻪ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻔﺮﻳﺪة اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺑني اﳌﻌﻠﻢ واﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﺑني اﳌﻌﺮﻓﺔ اﳌﻜﺘﺴﺒﺔ واﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .وﻗﺪ أ ﱠﺛﺮت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ أو اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺄﺛ ًريا ﻋﻤﻴ ًﻘﺎ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻣﺜﻠام أ ﱠﺛﺮت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﴩﻗﻴﺔ واﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ .ﻛام أن ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺘﺄﺛﺮة إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ﺑﺄمنﺎط ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻔﺮد وﺑﺮوح اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ُمت ﱢﺜﻞ ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻒ
nesemat.com
منوذج "باملر" التعليمي
nesemat.com
وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﻳﻨﺘﻘﻰ اﳌﻌ ﱢﻠﻤﻮن وﻋﲆ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻳﺘﻌﻠﻢ اﻟﻄﻼب ،ﻫﻲ أوﻟﻮﻳﺔ اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﺮوﺣﻲ؛ إذ ﻟﻴﺘﺴ ﱠﻨﻰ ﻟﻠﻤﺮء ﺧﺪﻣ ُﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺘﻜ ﱠﻮن ﻟﺪﻳﻪ ﻧﺰﻋﺔ روﺣﻴﺔ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. إن اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻌﻀﺪ ﻣﻦ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ،اﻟﺬي ﻳﺘﺒﺪى ﻋﱪ ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﻌﻠﻮم وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﳌﻠﻤﻮﺳﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﺪﻧﻴﺔ وإﺣﻼل اﻟﺴﻼم ﰲ اﻟﻮﺟﻮد؛ إذ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻠﻖ ﻋﺎمل أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻔﻊ اﻟﻄﺎﻟﺐ وﺣﺪه ،ﺗُﻘ ﱢﺪم ﻫﺬه اﳌﺪارس ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ .وﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ واﺿﺤﺔ وﻣﻘﺼﻮد إﻟﻴﻬﺎ ﰲ آن.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
يتمثل الفارق بني باملر وكولن يف فضاء التعليم، يف حرص مدارس كولن عىل عدم إبداء الشعائر الدينية داخل الفصول الدراسية ،فض ً ال عن توظيفها ،سواء بشكل رصيح أو بشكل ضمني.
اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .وﻫﻜﺬا ﻻ ميﻜﻨﻨﺎ ﻓﺼﻞ ﺳﻴﺎق ﻛﻞ منﻮذج ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻤﻮذﺟني اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴني ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﱰﻛﻴﺒﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄ ﰲ إﻃﺎرﻫام. وﻛام ﺗﺄﺛﺮت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮف، ﻓﻘﺪ ﺗﺸ ﱠﻜﻠﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ "ﺑﺎﳌﺮ" اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ إﻃﺎر اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ واﺿﺤﺎ ﺑني اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ؛ ﻓﺮﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﻔﺼﻞ ﻓﺼ ًﻼ ً ﻛﺪﻳﻦٍ ﻣﺤﺪ ٍد وﺑني رؤﻳﺘﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ُﻳﻐ ِﻔﻞ ﰲ أﻋامﻟﻪ أﻫﻤﻴ َﺔ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ .وﻳﻘﱰب ﻛﺘﺎﺑﻪ "أن ﻧﻌﺮف ﻛام ﻧُﻌﺮف" ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن "اﻋﱰا ًﻓﺎ" ﺑﺎﻟﺪور اﻟﺬي ﺗﻠﻌﺒﻪ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﺑﺪ ًءا ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﳌﻘﺪﺳﺔ ،وﻣﺮو ًرا ﺑﺎﻟﺼﻼة واﻟﺼﻤﺖ ،ﺣﺘﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺷﻜ ًﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﱰﻗﻲ اﻟﺮوﺣﻲ .وﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،ﻓﺈﻧﻪ واﻷﺳﺘﺎ َذ ﻛﻮﻟﻦ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﺎن ﻛﺜ ًريا ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﰲ اﻗﺘﻨﺎﻋﻬام ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺄﺛري اﻟﺮوﺣﺎين ﻹميﺎن اﻟﻔﺮد ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻣﻨﺎن أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻄﻼب أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا وﻓ ًﻘﺎ ﻟﻬﺎ ،وﻟﻠﻤﻌﻠﻤني أن ﻳﺘﻠﻘﻮا ﺗﺪرﻳﺒﻬﻢ ﻋﲆ أﺳﺎﺳﻬﺎ ،وﻟﻠﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ أن ﺗُﺪار ﰲ إﻃﺎرﻫﺎ. أﻣﺎ اﻟﻔﺎرق ﺑني ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺮاﺋﺪﻳﻦ اﻟﺮوﺣﻴني ﻓﻴﺘﻤﺜﻞ ﻓﻴام ﻳﲇ: ﻳﻨﺒﺜﻖ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻣام ﻳﻜﻤﻦ داﺧﻞ اﳌﻌﻠﻢ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻢ ﺗﺮﺟﻤﺘﻪ وﻧﻘﻠﻪ إﱃ ذات اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﺮوﺣﻴﺔ، أي إن اﳌﻌﻠﻢ منﻮذج ﻟﻠﺬات إذا ﺟﺎز اﻟﺘﻌﺒري .وﻫﻜﺬا ﻓﺈﻧﻪ )اﳌﻌﻠﻢ( ُﻳﺸ ﱢﻜﻞ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﳌﺤﻮرﻳﺔ ﰲ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ أﺷﺨﺎص أﻓﻀﻞ ﻛﻮﻟﻦ ،اﻟﺬي ﻳﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﻘﻮل ﺑﺨﺮوج ٍ 65
مقاالت ﻣﻦ رﺣﻢ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،وإﱃ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺧﻠﻖ ﻋﺎمل أﻛرث إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. وﻋﲆ ﻧﺤ ٍﻮ ﻣﺨﺘﻠﻒُ ،ﻳﺮ ﱢﻛﺰ منﻮذج ﺑﺎﳌﺮ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ،أي اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،ﻣام ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻄﺎﻟﺐ إﱃ اﳌﺒﺎدرة ﺑﺨﺪﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .وﻳﻀﻴﻒ ﺑﺎﳌﺮ ﺑﺄن ﻟﻠﻨﺼﻮص اﳌﻘﺪﺳﺔ اﳌﺎﺿﻮﻳﺔ وﺑﺨﺎﺻ ٍﺔ اﻟﻨﺼﻮص اﳌﻘﺪﺳﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ،أﻫﻤﻴﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﰲ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻣﺎ ُميﻜﻦ ﻟﻠﺘﻘﺎﻟﻴﺪ أن ﺗُﺴﻬﻢ ﺑﻪ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﺪراﺳﺔ .ﻛام ﻳﺘﻀﻤﻦ منﻮذﺟﻪ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻨﺼﻮص اﳌﺪرﺳﻴﺔ وﻛﺄﻧﻬﺎ "ﻧﺼﻮص ﻣﻘﺪﺳﺔ"؛ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﻄﺒﻊ ﰲ ذﻫﻦ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﺗﺼﻮرات ﻋﻦ اﻟﺬات واﻟﻌﺎمل. وﺑﺎﳌﺜﻞ ،ﻳﺘﻀﻤﻦ منﻮذج ﺑﺎﳌﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﺗﺄﺛري اﻟﺼﻼة وأﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻛﻮﺳﻴﻠ ٍﺔ ﳌﺴﺎﻋﺪة اﻟﻄﻼب ﻋﲆ "رؤﻳﺔ ﻣﺎ وراء ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻷﺷﻴﺎء ،وﻋﲆ اﺧﱰاق اﻟﺴﻄﺢ وﻣﻼﻣﺴﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺒﻊ ﺗﺤﺘﻪ" )ﺑﺎﳌﺮ ،ص .(١٩:وﻟﺬا ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﻃﻘﺴﺎ روﺣ ٍّﻴﺎ أو دﻳﻨ ٍّﻴﺎ ﻓﺤﺴﺐ، إﱃ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ً ﺑﻞ أﻳﻀً ﺎ ﻛﻮﺳﻴﻠ ٍﺔ ﻋﻤﻠﻴ ٍﺔ ﻣﺘﺎﺣ ٍﺔ داﺧﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﻠامين ﻧﻔﺴﻪ .وﻫﻮ ﻻ ُﻳﻨﺎدي ﺑﺎﻟﻄﻘﻮس اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺼﻼة ﻛام ﱠ ﺗﺘﺠﲆ ﰲ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ أو ﰲ أي ﺗﻘﻠﻴ ٍﺪ دﻳﻨﻲ آﺧﺮ؛ إذ ﺳﻴﺒﺪو ذﻟﻚ ﴐب ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺚ ﰲ ﺑﻴﺌ ٍﺔ ﺗﻔﺼﻞ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﺎﻟﺒﻴﺌﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﳼ ﻫﻮ ﻣﻜﺎنٌ ُميﻜﻦ ﳌﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺮوﺣﺎين ا ُﳌ َﻌ ﱢﺪ ﺟﻴ ًﺪا ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ اﳌﻌﻠﻢ أن ُﻳﺴﺎﻋﺪ ﻓﻴﻪ ﻻ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻓﺤﺴﺐ ،وإمنﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﲆ اﻻرﺗﻘﺎء .وﺑﻌﺒﺎرة ﺑﺎﳌﺮ" :ﺑﺘﺠﺎوزه ﳌﻈﺎﻫﺮ َ اﻷﻣﻞ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﻌﻘﻞ، اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﺷﻴﺎء ،ﻳﻌﻘﺪ ُ وﻋﲆ ﻗﺪرة اﻟﻌﻠﻢ ﻋﲆ ﺗﴩﻳﺢ اﻟﻌﺎمل إﱃ اﻷﺟﺰاء اﻟﺪاﺧﻠﺔ ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ .إن اﻟﺼﻼة واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻴﺎن إﱃ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻘﻄﺔ؛ ﻓﺒﻴﻨام ﻳﻘﺼﺪ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ إﱃ ﺗﻔﺘﻴﺖ اﻟﻌﺎمل إﱃ ﻋﻨﺎﴏه ،ﺗﻬﺪف اﻟﺼﻼة إﱃ رؤﻳﺔ ﻣﺎ وراء ﻫﺬه 66
اﻟﻌﻨﺎﴏ ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﺑﻴﻨﻴﺔ ُﻣﻀﻤﺮة .ﻏري أن ﻛ ٍّﻼ ﻣﻨﻬام ﻳﺴﻌﻰ إﱃ إﺿﻔﺎء اﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﺎمل" )ﺑﺎﳌﺮ ،ص.(١٩: وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﳌﺮ ﺑﺎﺷﺘامل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺴﻠﻴﻢ ﻋﲆ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﻳﺘﻴﺤﻬﺎ ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ إميﺎﻧُﻪ اﻟﺨﺎص ،وﻫﻲ وﺳﺎﺋﻞ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻪ ،ﺟﻨ ًﺒﺎ إﱃ ﺟﻨﺐ ﻣﺎ ُﻳﺴﻬﻢ ﺑﻪ اﻟﻌﻠﻢ أو ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ .ﻛام ﻳﺆﻣﻦ ﺑﴬورة إﴍاك ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ واﻟﻌﻘﻞ ﰲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ؛ إذ ﺗﻌﻤﻞ اﳌامرﺳﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻋﲆ ﺧﻠﻖ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳌﻼمئﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ ،ﻓﻴام ُﻳﺸ ﱢﻜﻞ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻏﺎﻳﺔ اﳌﻐﺎﻣﺮة اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ. وﻳﺘﻤﺜﻞ اﻟﻔﺎرق ﺑني ﺑﺎﳌﺮ وﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ،ﰲ ﺣﺮص ﻣﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﲆ ﻋﺪم إﺑﺪاء اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ، ﺳﻮاء ﺑﺸﻜﻞ ﴏﻳﺢ أو ﺑﺸﻜﻞ ﺿﻤﻨﻲ .أﻣﺎ ﺑﺎﳌﺮ ،ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،ﻓﻼ ُﻳﻮاري ﰲ ﺗﻌﻮﻳﻠﻪ ﻋﲆ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺮوﺣﻴﺔ داﺧﻞ ﻓﺼﻮل اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺼﺒﺢ ً ﻣﻌﻠام أﻓﻀﻞ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺪرك ،ﺷﺄﻧﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﺷﺄن ﻛﺮﻳﺲ أﻧﺪرﺳﻮن ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب "اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﺻﻔﻪ إميﺎﻧًﺎ" ،أن ﻧﺸﺄة اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ اﻟﻐﺮيب ،ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺸﺄة دﻳﻨﻴﺔ أو ﻣﺴﻴﺤﻴ ًﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ. وﻫﻜﺬا ﺗﺒﺪأ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﰲ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﺘﻬﻴﺌﺔ اﳌﺆﺛﺮات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺎﺑﻪ ﻫﺬا اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﺠﺎﺑﻬ ًﺔ ﻣﺒﺎﴍة ،داﻋ ًﻴﺎ إﱃ إﺣﺪاث ﺗﻐﻴري ﰲ إدراك اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﺬاﺗﻪ .ﻛام ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺠﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻢ أن ُﻳﻌﻴﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ إدراﻛﻪ اﻟﺬايت ﳌﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ أن ﺗﻜﻮن ً ﻣﻌﻠام ،أي دﻟﻴ ًﻼ وﻣﺮﺷ ًﺪا وﺻﺪﻳ ًﻘﺎ .وﺑﺬا ُمي ﱢﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﺗﺤﺪ ًﻳﺎ واﺿﺤﺎ ﻟﻨﻤﻂ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﻮﺿﻮﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ً اﳌﻌﻠﻢ وﺟ ًﻬﺎ ﺳﻠﻄﻮ ٍّﻳﺎ و ُﻣﺪ ﱢر ًﺑﺎ ﺣﻴﺎﺗ ٍّﻴﺎ. ﺷﺄﻧﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﺷﺄن اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻓﺈن ﻟﺒﺎرﻛﺮ ﺑﺎﳌﺮ ً ﺧﺎﺻﺎ ﻳﺒﺪو ﺟﻠ ٍّﻴﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ؛ إذ ﺗﺘﺨﻠﻞ أﻋامﻟَﻪ ﻣﻌﺠام ٍّ
مقارنة بني حكمة فتح الله كولن وحقيقة باركر باملر
nesemat.com nesemat.com
ﻛﻠامت ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﻄﺎﻋﺔ واﻻﻧﻔﺘﺎح واﻟﺤﻔﺎوة. ٌ ﻛام أﻧﻪ ُﻳﺸ ِﺒﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ َﻛ ْﻮن ﻛﻠﻤﺔ "اﻟﺤﺐ" ﻛﻠﻤ ًﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﰲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ،ﻟﺪرﺟﺔ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ وﺿﻊ ﻓﻬﺮس ُﻳﺸري إﱃ ﻣﻮاﺿﻌﻬﺎ. وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ،ﺗُﻌﺘﱪ ﻛﻠﻤﺔ "اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ" إﺣﺪى اﻟﻜﻠامت ذات اﻟﺜﻘﻞ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ،وﺣﻴﺚ إن ﺧﻠﻔﻴﺘﻪ ﳌﻔﻬﻮم اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ "اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ" ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻨﺪﻫﺶ ﻻﺧﺘﻴﺎره ﻫﺬه اﻟﻜﻠامت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ. ﻟﻘﺪ ﻋﺎﻧﺖ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻃﻮﻳ ًﻼ ﺟ ﱠﺮاء إﴏارﻫﺎ اﳌﺘﻮاﺻﻞ ﻋﲆ ﺑﻠﻮغ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ ،ﻏري أن اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﻜﻤﻦ -ﻋﻨﺪ ﺑﺎﳌﺮ -ﻓﻴام ﻳﻌﺮﻓﻪ اﳌﻌﻠﻢ ﻓﻄﺮ ٍّﻳﺎ، ﺗﻌﻠﻤﻪ ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﰲ اﻷﴎار اﻟﺘﻲ وﻻ ﻓﻴام ُميﻜﻦ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ُ ﻗﺪ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ "اﻟﻨﺼﻮص اﳌﻘﺪﺳﺔ" اﳌﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺔ، ﺑﻞ ﺗﻜﻤﻦ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﺑﺎﻷﺣﺮى وﻓ ًﻘﺎ ﻟﺒﺎﳌﺮ -ﰲ ﺻﻤﻴﻢ "ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ" ،وﻫﻲاﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﻳﻄﻠﻘﻬﺎ ﻋﲆ ﻓﺼﻮل اﻟﺪراﺳﺔ. ﺑﻴﺪ أن ﻫﺬه اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺒﺎﺣﺚ ﻣﻠﻤﻮﺳ ًﺔ ُ وﺣﻔﻈﻬﺎ ،ﻓﺒﺪﻻً ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻳﻠﺘﻒ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﴩﻳﺤﻬﺎ ُميﻜﻦ ُ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬا -ﻣﺜﻠام ﻗﺪ ﺗﻠﺘﻒ ﱡأي ﻃﺎﺋﻔﺔ روﺣﻴﺔ -ﺣﻮل ذاك اﻟﺬي ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ متﺎﺳﻚ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣ ًﻌﺎ ،أي "اﻵﺧﺮ" اﻟﺬي ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻓﺼﻮل اﻟﺪراﺳﺔ" ،اﻵﺧﺮ" اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻟﺐ واﳌﻌﻠﻢ ﻛﻠﻴﻬام ﻣﺠﺮد ﻃﺎﻟِ َﺒﻲ ﻋﻠﻢ؛ إﻧﻪ "اﳌﺠﻬﻮل". وﻳﻌﺘﻤﺪ إدراك اﻟﻄﻼب ﻷﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا "اﻵﺧﺮ" ﻋﲆ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ اﳌﻌﻠﻢ؛ إذ "ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻄﻼب ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳﺒﺐ اﻫﺘامم اﳌﻌﻠﻢ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮع اﻟﺪراﳼ ]اﳌﺤﺪد[ ،وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺄﺛري ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع ﰲ ﻣﺠﺮى ﺣﻴﺎﺗﻪ") .ﺑﺎﳌﺮ ،ص،(١٠٤: ﻏري أن اﳌﻌﻠﻢ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﻻ ُمي ﱢﺜﻞ ﻣﺤﻮ َر اﳌامرﺳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﺑﻞ أﺣﺪ اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺷﺄﻧﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﺷﺄن اﻟﻄﻼب.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
إن ٍّ ربيني ،أهميته لكل من هذين املفكرين واملُ َ َ الكبرية يف الحوار الدائر حول التعليم من أجل
قدمان رؤى تعليمية من املستقبل؛ ألنهام ُي ِّ تحولٍ يف الروح شأنها أن تتمخض عن إحداث ُّ البرشية عىل الصعيد العاملي.
ﻳﺮى ﺑﺎﳌﺮ أﻧﻪ ﺣﻴﻨام ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﳼ إﱃ ﻣﻜﺎنٍ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻻ ﻋﲆ اﻟﻄﺎﻟﺐ وﻻ ﻋﲆ اﳌﻌﻠﻢ ،ﺑﻞ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻄﻬام ﻣ ًﻌﺎ ،أي اﻟﺒﺤﺚ اﳌﺸﱰك ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺗﺘﺴﻢ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ. ووﻓ ًﻘﺎ ﻟﻪُ ،ﻳ َﻌ ﱡﺪ ذﻟﻚ أﺳﻠﻮ ًﺑﺎ روﺣ ٍّﻴﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ إﺻﻼح ﺣﺎﻟﺔ إﺻﻼﺣﺎ ﺣﻘﻴﻘ ٍّﻴﺎ. اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ً اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إن أول ﻣﻜﺎن ﻳﺴﺘﺸﻌﺮ ُ اﳌﺸﱰَك واﻻﺣﱰام اﳌﺘﺒﺎدل ﻫﻮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﳼ ،وﻫﻲ ُﱰﺟﻢ ﰲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺎﳌﺮ أﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻠﺒﺚ أن ﺗ َ ﺻﻮرة ﺧﺪﻣﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ؛ إذ ﺗﻘﻊ "اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ وميﻜﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺗﻀﺎﻋﻴﻒ اﻟﺤﻮار اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻼﻗﺎﺗﻨﺎُ . ﺑني َﻣﻦ ﻳﻌﺮف و َﻣﻦ ُﻳﻌﺮف ،أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ُﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ٍ ﻛﺬوات ﻣﺴﺆوﻟ ٍﺔ رﻏﻢ اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻬﺎ") .ﺑﺎﳌﺮ ،ص.(٥٥: وﰲ ﺣني ﺗﺘﺴﻢ ﻫﺬه اﳌﻨﻬﺠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﻋﺔ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻟﺨﺎص ﻣﺜﻠام ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ منﻮذج ﻣﻐﺎﻳ ٌﺮ ﺟ ٍّﺪا؛ إذ ﻳﻜﻤﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،إﻻ أن منﻮذج ﺑﺎﳌﺮ ٌ "ﴎ" اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ -ﻋﻨﺪه -ﰲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﻴﺊ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ وﺗﺮﻋﻰ اﻟﺬات اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗُﺸ ﱢﻜﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت داﺧﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ ،ﻗﺎﻋﺪة ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﻨﺎخ ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎوة اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﻔﺮ ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻦ إﻃﺎر إﻧﺴﺎين ﺗﺪور اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻓﻠﻜﻪ .وﺑﺬا ﻳﺨﻮض اﻟﻄﻼب واﳌﻌﻠﻤﻮن ﻣﻐﺎﻣﺮة ﺗﻨﻤﻴﺔ ذواﺗﻬﻢ ﻣ ًﻌﺎ وﻟﻴﺲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻫﺮﻣﻴﺔ؛ ﻟﺘﺘﺄىت اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﲆ 67
مقاالت ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻐري ُﻳﺼﻴﺐ ﺟﻮاﻧﻴﺔ اﻟﻔﺮد اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﰲ اﻟﺼﻤﻴﻢ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. وﻫﻜﺬا ﻳﺆدي اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟـ"ﺑﺎﳌﺮ" إﱃ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺆدي إﻟﻴﻬﺎ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ، وﻫﻲ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﺑﴬورة ﺧﺪﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻳﻘﻮل ﺑﺎﳌﺮ" :إن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛرث ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وﺗَﻌ ﱡﻠﻢ اﻟﺪروس ﻣﻦ أﺟﻞ دﻓﻊ اﻟﺤﻴﺎة ﺻﻮب ﻏﺎﻳﺎﺗﻨﺎ اﳌﺮﺟﻮة ،إﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ اﺳﺘامﻟﺘﻨﺎ إﱃ أن ﻧﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﺒﻌﻀﻨﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،وأن ﻧﺴﺘﺸﻌﺮ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه ﺑﻌﻀﻨﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،وﺗﺠﺎه اﻟﻌﺎمل اﻟﺬي ﻧُﻌﺘﱪ ﺟﺰ ًءا ﻣﻨﻪ" )ﺑﺎﳌﺮ ،ص .(١٥:وﻛام ﻫﻮ اﻷﻣﺮ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻓﺈن ﺑﺎﳌﺮ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄن ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻲ اﻟ َﻌ ْﻮد ﺑﺎﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻟﻄﻼب وﺣﺪﻫﻢ ،ﺑﻞ ﺗﺘﻤ ﱠﺜﻞ رؤﻳﺘﻪ ﰲ أن ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﻘﻮم اﳌﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ داﺧﻞ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﱠ ٍ ﻋﲆ ]اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ[ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻋﲆ ]ﻣﺎ ﺑني ﻋﻨﺎﴏه ﻣﻦ[ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺪﻓﻊ ﻣﺘﻠﻘﻴﻪ ﺑﺎﺗﺠﺎه ﺗﺒ ﱢﻨﻲ ﻓﻠﺴﻔ ٍﺔ ﺣﻴﺎﺗﻴ ٍﺔ ﺗﻨﺸﺪ َ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺘﻐري. وﰲ ﻋﺒﺎرﺗﻪ اﳌﺜرية اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﻀﻊ ﺑﺎﳌﺮ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺑﻌﺾ أﻓﻜﺎره اﻷﻛرث ﻋﻤ ًﻘﺎ ﺣﻮل ﻓﻬﻤﻪ اﻟﺨﺎص ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ: "ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ،ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﳌﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﴩو ًﻋﺎ ﺟامﻋ ٍّﻴﺎ .ﻓﻔﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ،ﻳﻨﺼﻬﺮ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺮوح ﰲ وﺣﺪة واﺣﺪة، وﻳﺪﺧﻞ اﳌﻌﻠﻢ واﻟﻄﺎﻟﺐ واﳌﻮﺿﻮع اﻟﺪراﳼ ﰲ ﻋﻼﻗﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﱞ ﻛﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ،وﻳﻨﺘﻔﻊ اﻟﻌﺎﻟَﻢ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﻀﻤﻴﺪ ﺟﺮاﺣﻪ ﺑﺸﻜﻞ أﻣﺜﻞ" )ﺑﺎﳌﺮ ،ص.(١٩: أوجه التالقي
ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻢ أن ﻧﻼﺣﻆ أن أوﺛﻖ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﻮاﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺎ ُﻳﻈﻬﺮاﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺰام 68
ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺬي ﻻ ﺑﺪ وأﻧﻪ ﻻ ﻳﺒﺪو ﻣﻼﺋ ًﻤﺎ ﻟﻠﺴﺎﺣﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ؛ ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ُﻳﺮ ﱢوج ﻟﻔﻜﺮة ﺿﺮورة اﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﻟﺒﺸﺮي، وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻷﻫﻤﻴﺘﻪ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ. وﻣﻊ أن ﻧﻘﺎش ﻓﻜﺮة اﻟﺤﺐ ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻏﺮﻳ ًﺒﺎ ﰲ ﺿﻮء اﻟﻨامذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﳌﺒﺘ َﻜﺮة ،إﻻ أﻧﻪ -أي اﻟﺤﺐُ -مي ﱢﺜﻞ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺆﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﱞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬام ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ، رﻏﻢ ﻋﺪم ﺗﻮﻇﻴﻒ أﻳﻬام ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺷﻜ ًﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺮوﻣﺎﻧﴘ أو اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ. و ُﻳﻮﺿﺢ ﺑﺎﳌﺮ اﻟﺼﻠﺔ ﺑني اﻟﺤﺐ واﳌﻌﺮﻓﺔ ﺣني ﺗﺰج ﺑﻨﺎ ﰲ ﻳﻘﻮل" :إن اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ ﱡ ِﺷﺒﺎك اﻟﺤﻴﺎة .إﻧﻬﺎ ﺗﺤﻴﻂ اﻟﻌﺎرف واﳌﻌﺮوف ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ،وﺗﺪﻋﻮﻧﺎ إﱃ اﻻﻟﺘﺰام واﳌﺸﺎرﻛﺔ واﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ" )ﺑﺎﳌﺮ ،ص(٩:؛ أي إن ﺑﺎﳌﺮ ﻳﻌﺘﱪ اﳌﻌﺮﻓ َﺔ َ ﻓﻌﻞ ﺣﺐ؛ ﻓﻜﻮﻧﻚ ﺗﻌﺮف وﺗُﻌﺮف ﻳﻘﻮدك إﱃ اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ اﻟﺬي ﻳﺒﺬر ﺑﺪوره -ﺑﺬور اﻟﱰاﺑﻂ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ واﻟﻌﺎﳌﻲ .وﻫﻜﺬاﻳﺒني ﺑﺎﳌﺮ -ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺎﻟﻴﺪه اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ -أن َ أﺻﻮل اﳌﻌﺮﻓﺔ ﺗﺮﺟﻊ إﱃ اﳌﺤﺒﺔ ،وﻟﺬا ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻗﻠﺐ ﻧﺪرك أن منﻮذﺟﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻻ ُﻳﺆيت ُأ ُﻛﻠﻪ إﻻ ﰲ ٍ "ﺗﻌﺮف اﳌﺤﺒ ُﺔ واﻟﺤﻘﻴﻘ ُﺔ اﻟﻠﺘﺎن ﺗَﺸ ﱠﻜﻞ ﰲ أﺗﻮﻧﻬام أول ﻣﺮ ٍة ﻃﺮﻳﻘﻬام إﻟﻴﻪ" )ﺑﺎﳌﺮ ،ص .(١٠٨:وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،ﻓﺈن إدراﻛﻪ اﻟﺮوﺣﺎين ﻟﻠﺨﻠﻴﻘﺔ وﻷﺻﻮل اﳌﻌﺮﻓﺔ واﳌﺤﺒﺔ ،ميﻬﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ. أﻣﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻓﻴﺘﺤﺪث ﺑﺤﺮارة ﺷﺪﻳﺪة ﻋﻦ اﻟﺤﺐ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻧﺤﻮ ﺣﻀﺎرة ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺤﺒﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ" ،ﻳﻘﻮل" :اﻟﺤﺐ ﻛﺎﻹﻛﺴري؛ ﻓﺒﻪ ﻳﺤﻴﺎ اﻹﻧﺴﺎن، وﺑﻪ َﻳﺴﻌﺪ ،وﺑﻪ ُﻳﺴ ِﻌﺪ َﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ .وﰲ ﻗﺎﻣﻮس اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻧﺠﺪه ﻣﺮاد ًﻓﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎة .إﻧﻨﺎ ﻧﺤﺲ وﻧﺴﺘﺸﻌﺮ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀً ﺎ ﺑﺎﻟﺤﺐ .واﻟﻠﻪ مل ﻳﺨﻠﻖ ﻋﻼﻗﺔ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺤﺐ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﺒﴩ أﺣﺪﻫﻢ ﺑﺎﻵﺧﺮ .ﻟﻘﺪ أﺿﺤﻴﻨﺎ
مقارنة بني حكمة فتح الله كولن وحقيقة باركر باملر
nesemat.com nesemat.com
ﺷﺪﻳﺪي اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﻟﺤﺐ ﻟﺪرﺟﺔ أن أﺻﺒﺤﺖ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ وأﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﻜﺮس أرواﺣﻨﺎ ﻟﻪ؛ ﻓﺤني ﻧﺤﻴﺎ ﻧﺤﻴﺎ ﺑﺎﻟﺤﺐ ،وﺣني منﻮت منﻮت ﺑﺎﻟﺤﺐ ،وﰲ ﻛﻞ َﻧ َﻔ ٍﺲ ﻣﻦ أﻧﻔﺎﺳﻨﺎ ﻧﺴﺘﺸﻌﺮه ﺑﻜﺎﻣﻞ وﺟﻮدﻧﺎ ،إﻧﻪ دﻓﺆﻧﺎ ﰲ اﻟﺼﻘﻴﻊ ،وواﺣﺘﻨﺎ ﰲ اﻟﻬﺠري" )ﻛﻮﻟﻦ ،ص.(٤: ﱠ درس ﺗﺘﺠﲆ رؤﻳﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺣﻮل اﳌﺤﺒﺔ ﰲ ﻛﻞ ٍ ُﻳﻌﻠﻤﻪ ﻟﺘﻼﻣﻴﺬه وأﺗﺒﺎﻋﻪ .وﺑﻌﺪ أن اﻟﺘﻘﻴ ُﺘﻪ أﻧﺎ ﻧﻔﴘ، ُ ﴏت ﻋﲆ وﻋﻲ ﺑﺄﻧﻪ أﺣﺪ أوﻟﺌﻚ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻨﺎدرﻳﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﻜ ًﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﺐ اﻟﺬﻳﻦ ُمي ﱢﺜﻞ ﺣﻀﻮ ُرﻫﻢ ُ اﳌﺘﺠﺴﺪ .وأﺛﻨﺎء ﻣﺤﺎدﺛﺔ أﺟﺮﻳﺘﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺪة ﻮﺿﺤﺎ َ أمنﺎﻃﻪ اﻟﻌﺸﺎء ،ﺳﺄﻟﺘﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺤﺪد ﻋﻦ اﻟﺤﺐُ ،ﻣ ً ﻣﻌﻠﻤﻨﺎ اﳌﺴﻴﺢ ،ﻟﻴﺠﻴﺒﻨﻲ ﻋﲆ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ر ﱠوج ﻟﻬﺎ ُ ﻧﺤﻮ ﺑﺎﻟﻎ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :إن اﻟﺤﺐ ﻳﻘﻊ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺒﴩي ،وإن ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ﰲ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻨﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ اﻹﺳﻼم ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻪ ،واﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻲ -ﻫﻲ اﳌﺮﺷﺪﻷﻓﻬﺎﻣﻨﺎ وأﻓﻌﺎﻟﻨﺎ" .وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،ﻓﺈن اﻟﺤﺐ -ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ -ﻟﻴﺲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻣﺴﺎ ًرا روﺣ ٍّﻴﺎ. أﻣﻜﻦ ﻟﻬﺬا اﳌﺆﻟﻒ اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ وﻟﻌﻠﻪ ﻗﺪ َ اﻹﻳﺜﺎر اﻟﺼﻮﰲ ،أن ﻳﻮﺿﺢ ﻣﻨﺒﻊ ﺷﻌﻮر اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﳌﻠﻤﻮس ﺑﺎﻟﺤﺐ ﺣني ﻗﺎل" :ﻟِ َﻨ ْﻌ ُﺒ َﺪ اﻟﻠ َﻪ ﻣﺨﻠﺼني ﺑ َﺘ َﻮ ﱡﺟ ٍﻪ ﻏ ِري ﻣﻨﻘﻮص؛ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧُﻔ ِﺮغ ﻗﻠﻮ َﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺑﺄي ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪاه" )ﻫﻮﻣﺮﻳﻦ ،ص .(٨٠:وﻟﺬا ،ﻓﻠﻠﺨﺮوج ﱟ اﻟﺘﻘﻴﻴامت اﻟﺘﻲ ُميﻜﻦ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺣﻮل منﻮذﺟﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ، ﺳﻮاء ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ أو ﺑﺎﻹﻳﺠﺎب ،ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﻲ أﻧﻪ ﻻ ُميﻜﻨﻨﺎ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﺎ مل ﻧﺘﻔﻬﻢ ﻋﻨﴫ اﻟﺤﺐ اﻟﺬي ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ متﺎﺳﻚ أﺟﺰاﺋﻬﺎ ﻣ ًﻌﺎ ،وﻛﺄﻧﻪ ﻋﺮوة ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻻﻧﻔﺼﺎم. إن اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺮوﺣﻲ ﻫﻮ أﺳﺎس اﻟﻨﻤﻮذﺟني اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴني اﻟﻠﺬﻳﻦ ُﻳﻘ ﱢﺪﻣﻬام ﻫﺬان اﳌﻌﻠامن ﻟﻠﻌﺎمل ،واﻷﻣ ُﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻷن اﻟﺤﺐ ﻻ ﻳﻨﺒﺜﻖ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺮوﺣﻲ .وﻟﻦ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
كل من القلب والعقل يؤمن باملر برضورة إرشاك ٍّ يف النظام التعليمي؛ إذ تعمل املامرسة الروحية عىل خلق البيئة املالمئة للتعلم ،فيام ُي ِّ شكل التحليل غاية املغامرة التعليمية.
ﻣﻌﻠﻢ ُﻣﺮﺑ ًﻴﺎ ﻣﺎ مل ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻮﻋﻲ ُميﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر أي ٍ ﻓﺘﻐري اﻟﺒﴩﻳﺔ -ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻌﺎﳌﻲ؛ ﱡ ﻫﺬﻳﻦ اﻟ َﻌ َﻠﻤني اﻟﱰﺑﻮﻳني -ﻣﺮﻫﻮن ﺑﻬﺬه اﳌﺴﺄﻟﺔ. خامتة
وﺧﺘﺎ ًﻣﺎ ،ﻓﻤﻦ دراﺳﺘﻲ وﻗﺮاءﺗﻲ ﻟﻬﺬﻳﻦ اﻟﻤﻌﻠ َﻤﻴﻦ، أﻋﺘﻘﺪ أن ﺑﻮﺳﻌﻲ ﻃﺮح اﻟﺘﻌﻘﻴﺒﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: • نموذج كولن التعليمي: ﻧﻤﻮذج -١رﻏﻢ أن اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻫﻮ ٌ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ وﻟﺪﻳﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث ﺗﺄﺛﻴﺮات ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻴﻦ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ واﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻨﻲ ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻴﺘﺮﺳﺦ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﺘﺒﺮة ﺣﺘﻰ ﺗُﺤﻞ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ؛ إذ ُﻳﺮ ﱢﻛﺰ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢُ ،ﻣﺴﺘﻘ ًﻴﺎ أﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻪ وﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ .ﻛﻤﺎ أن ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ أو ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ .وﻫﻜﺬا ﻓﻔﻲ ﻮﺟﻪ ﻧﻤﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻧﺘﻘﺎ ًدا ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﺣﻴﻦ ُﻳ ﱢ ﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره -أي ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﺟﻤﺎﻋ ٍّﻴﺎ ﻓﺎﺋ ًﻘﺎ ،إﻻ أﻧﻪ ُﻳﻨﻜﺮ أو ﻧﻤﻮذج ﻛﻮﻟﻦ- ً ُﻳﻐ ِﻔﻞ -ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ -أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻔﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو. وﺑﻤﺎ أن اﻟﺮوح اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺘﻤﺤﻮر ﺑﺼﻔﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺣﻮل ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮد ،ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ أﺧﺬ ذﻟﻚ ﺑﻌﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر إذا ﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻫﻮ ﺗﺒﺎدل ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻣﻊ اﻟﻐﺮب ﺑﺄي ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗُﺤ ِﺪث ﺗﺄﺛﻴ ًﺮا اﺟﺘﻤﺎﻋ ٍّﻴﺎ. -٢ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻏﺮﺑﻴﺔُ ،ميﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء ﻛﺬﻟﻚ أن 69
مقاالت ﻳﻨﺘﻘﺪ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ أن مثﺔ ﻧﻴﺔ ﺧﻔﻴﺔ ﻟﺰرع اﳌـ ُﺜﻞ واﻟﻘﻴﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻜﺎﻓﺔ ُ اﳌﺪارس ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﲆ أرﺿﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻔﺼﻮل) .(٥وﺗﺘﻤ ﱠﺜﻞ ﺣﺠﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﰲ أن اﻟﻘﻴﻢ واﻷﺧﻼق اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻫﻲ ﻗﻴﻢ وأﺧﻼق ﻋﺎﳌﻴﺔ؛ ﺑﻴﺪ أﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﻠﺮﺟﻞ أن ُﻳﺠﺎدل ﻳﻬﻮد ٍّﻳﺎ أو ﻣﺴﻴﺤ ٍّﻴﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ،ﻓﺮمبﺎ اﻛﺘﺸﻒ أﻧﻪ رﻏﻢ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﺗﻔﺎق ﻫﺬه اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻹﺑﺮاﻫﻴﻤﻴﺔ ﺣﻮل ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﺎ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ .وﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ،ﻳﻮﺷﻚ ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﲆ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻗﻴﻤﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺑني اﳌﺴﻠﻤني اﻷﺗﺮاك أن ﻳﺘﺤﻮل إﱃ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺳﻠﺒﻲ داﺧﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻻ ﺳﻴام ﰲ إﻃﺎر ﻧﻘﺎﺷﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻌﺪدي؛ ﻓﻤﻦ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ أن ُﺗ ْﻮﱄ اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻟﺤﺪ اﻷدىن ﻣﻦ اﻻﻫﺘامم وﻻ ﺗُﺒﺎﱄ ﺑﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ. -٣ﻳﺘﻄﻠﺐ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ وﺟﻮد وﺳ ْﻤ َﺤﺔ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﻫﻤني واﻟﺪاﻋﻤني ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ ﺿﺨﻤﺔ َ وراء اﻟﻜﻮاﻟﻴﺲ ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﲆ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻫﺬا اﳌﴩوع اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ .وﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻓﺈن اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﻴﺎﻧﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﰲ اﻟﻐﺮب اﻟﻴﻬﻮدي اﳌﺴﻴﺤﻲ ،ﻻ ﺗُﻨﺎﺳﺐ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﳌﺪارس؛ إذ إن منﻮذﺟﻪ -ﻛام ﺳﺒﻖ أن أﴍت -منﻮذج ﺟامﻋﻲ ،ﺑﻴﻨام ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻐﺮب ﻋﲆ منﻂ ﻓﺮدي ﻣﺤﺪد ﳌ ْﻨﺢ اﳌﺎل واﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ .ورﻏﻢ أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺴﺨﺎء ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻛﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،إﻻ أن اﳌﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ ُمت ﱠﻮل إﻣﺎ ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ اﻟﴩﻛﺎت أو ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ اﳌﻨﻈامت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﳌﺘﺪﻳﻨني إﺟامﻻً .وأﺧ ًريا ،ﻓﺤﺘﻰ ﻳﺘﺴ ﱠﻨﻰ ﳌﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ٍ ﺷﻜﻮك ﻛﻮﻟﻦ أن ﺗﻨﺘﴩ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة دون إﺛﺎرة ﻻ داﻋﻲ ﻟﻬﺎ وﺳﻂ ﻣﻨﺎخ اﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﺤﺎد اﻟﺬي أﻋﻘﺐ 70
أﺣﺪاث اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﱪ ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺳﻴﺘﻄﻠﺐ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺟﻤﻊ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ وإﻧﻔﺎﻗﻪ ﻋﲆ إﻧﺸﺎء وﺻﻴﺎﻧﺔ ﻫﺬه اﳌﺪارس. • نموذج بالمر التعليمي -١رﻏﻢ ﻣﻨﺎﻗﻀﺘﻪ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻄﺒﻎ ﺑﺎﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺻﻄﺒﺎﻏﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ُﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﻤﻮذج ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ أن ﻳﺰدﻫﺮ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق؛ إذ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻻﻟﺘﺠﺎء إﻟﻰ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ -وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ُﻣ َﻘ ﱠﻨ َﻌﺔ -أن ُﻳﺜﻴﺮ اﻻﺳﺘﻨﻜﺎر اﻟﺤﺎد داﺧﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻤﺪارس اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ .ﻛﻤﺎ أن ﻧﻤﻮذﺟﻪ ﻟﻦ َﻳﺼﻠﺢ ﻟﻤﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺮﻛﻴﺰه ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺰه ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. )ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺪارس ﺗﺘﺒﻊ ﺑﺎﳌﺮ ]ﻋﲆ ﻏﺮار ﻣﺪارس ﻛﻮﻟﻦ[؛ َﻛ ْﻮن أﻓﻜﺎره ُمت ﱢﺜﻞ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻟﻴﺲ ﺣﺮﻛﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ مبﻜﺎن أن ﻧﺪرس ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺪارس دﻗﻴﻖ ﻣﺎ ﻛﺎن ُميﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻟﻮ ﺷﺎد ﺑﺎﳌﺮ َ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﱃ منﻮذﺟﻪ .وﻫﻜﺬا ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﻋﻘﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻌﺘﱪة ﺑني ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻤﻮذﺟني اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴني ُميﻜﻨﻬﺎ أن متﺪﻧﺎ ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣﻮل ﻣﺪى ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ إﺣﺪى ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻲ اﳌﺪارس ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﺧﺮى(. ُ -٢ميﻜﻦ ﻟﻨﻤﻮذج ﺑﺎﳌﺮ أن ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻼﻧﺘﻘﺎد َ ﺣﺎل ﻣﻘﺎرﻧﺘﻪ ﺑﻨﻤﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم اﻫﺘامﻣﻪ ﺑﺎﻟﻌﻮﳌﺔ؛ ﻓﺮﻏﻢ ﺗﺮﻛﻴﺰه ﻋﲆ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ميﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﻣﺪى ﻋﺎﳌ ٍّﻴﺎ ﻛﺎﻟﺬي ﻳﺪأب ﻣﻨﻬﺞ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﴏﻳﺤﺎ ﻋﲆ ﺷﻤﻮﻟﻪ .وﻟﺬا ،ﻓﻔﻲ ﺣني ﻳﻠﺘﺰم ﺑﺎﳌﺮ اﻟﺘﺰا ًﻣﺎ ً ﺮب ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺠامﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺮى ﻋﻦ ُﻗ ٍ ﻟﻨﻤﻮذﺟﻪ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﰲ إﺣﺪاث ﺗﺄﺛريات ﻋﺎﳌﻴﺔ ،أو ﻣﺎ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت. -٣وﺑﺎﳌﺜﻞُ ،ميﻜﻦ ﻟﻨﻤﻮذج ﺑﺎﳌﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ أن
مقارنة بني حكمة فتح الله كولن وحقيقة باركر باملر
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
ُﻳﻨﺘ َﻘﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺸﺪﻳﺪه اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻹﺻﻼح ﺣﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﺣﺎل اﻷﴎة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻊ -ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ -ﰲ اﻟﺨﻄﺄ اﻟﻬﻮاﻣﺶ ﻋﻴ ِﻨﻪ اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺣني ﻳﻔﱰض ) (١ﺑﺎرﻛﺮ ﺟﻲ .ﺑﺎﳌﺮ )) (Parker J. Palmerوﻟﺪ ﰲ ٢٨ﻓﱪاﻳﺮ ١٩٣٩م ﰲ ﺷﻴﻜﺎﻏﻮ، إﻟﻴﻨﻮي ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ( ﻛﺎﺗﺐ وﺗﺮﺑﻮي وﻧﺎﺷﻂ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﲆ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﻤﻴﻢ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ؛ إذ ﻗﺪ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﳌﺠﺘﻤﻊ واﻟﻘﻴﺎدة واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﺘﻐﻴري اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﺑﻮذي إﱃ ﺗﻌﻮﻳﻞ ﺑﺎﳌﺮ ﻋﲆ اﻟﺼﻼة أو ﻳﻨﻈﺮ ﻃﺎﻟﺐ ﱞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،وﻫﻮ اﳌﺆﺳﺲ واﻟﴩﻳﻚ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﳌﺮﻛﺰ اﻟﻨﺼﻮص اﳌﻘﺪﺳﺔ -وﻟﻮ ﺑﺸﻜﻞٍ ُﻣ َﻘ ﱠﻨﻊ -ﻋﲆ أﻧﻪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ اﻟﺬي ﻳﴩف ﻋﲆ ﺗﺄﻫﻴﻞ اﳌﻌﻠﻤني ﰲ اﳌﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﰲ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد. اﻟﺘﺒﺸري .وﻟﺬا ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ أن ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﳌﺮ ) (٢ﻟﻸﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ أﻏﻠﻖ اﻟﺤﺰب اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﲆ ﺗﻌﻤﻴﻖ إدراﻛﻪ ﳌﺎ ُميﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻻﻧﻘﻼب اﳌﺰﻋﻮم ﰲ ١٥ﻳﻮﻟﻴﻮ/متﻮز ٢٠١٧م دون ّأي ﻣﱪر ﻗﺎﻧﻮين، اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ ﳌﺨﺘﻠﻒ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﳌﻮﺟﻮدة ﰲ اﻟﻌﺎمل ﺑﺼﻮرة وﻃﺮد ﻧﺤﻮ ٢٥أﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﻌ ّﻠﻤﻲ ﻫﺬه اﳌﺪارس ،ﺛﻢ ﺗﴩﱠد اﻟﻄﻼب إﱃ ﻣﺪارس أﺧﺮى) .اﳌﺤﺮر( ﻓﻌﺎﻟﺔ داﺧﻞ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ُﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﰲ ) (٣رﻏﻢ اﻋﺘامد ﻫﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﺸﺨﴢ ]أﻛرث ﻣﻦ اﻋﺘامده ﻋﲆ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻋﺎﳌﻴ ُﺔ اﻟﻄﺎﺑﻊ. ُ ﺧﻀﺖ ﻧﻘﺎﺷً ﺎ ﻣﻮﺳ ًﻌﺎ ﻧﻮ ًﻋﺎ ﻣﺎ ﺣﻮل ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ أو اﻟﺒﺤﺚ[ ،ﻓﻘﺪ -٤وأﺧ ًريا ،ﻓﺈن منﻮذج ﺑﺎﳌﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲُ ،ﻳﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻊ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﱰيك اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ أورﻫﺎن ﺑﺎﻣﻮق اﻟﺬي ﺳﻠﺒﻲ ﺣﺎ ﱟد ﺗﺠﺎه اﻟﺤﺮﻛﺔ .ﻛام ﺗﺤﺪﺛﺖ ﺑﺎﳌﺜﻞ أﻓﺼﺢ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻦ ٍ رأي ﱟ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﻋﺪة ﻟﻠﻔﻈﺔ "اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ"؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺆﻣﻦ إميﺎﻧًﺎ إﱃ ﺑﻀﻌﺔ أﺗﺮاك ﻳﻘﻴﻤﻮن ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة وﻳﻌﺎرﺿﻮن اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﻤﻴ ًﻘﺎ ﺑﺄن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻟﺬا ﻓﺈﻧﻪ وﺣﺮﻛﺘﻪ. ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄن ﺑﻮﺳﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ -ﻋﲆ اﻷﻗﻞ -أن ُمي ﱢﻬﺪ ﻃﺮﻳ ًﻘﺎ ) (٤اﳌﺴﺎﻫﻤﻮن ﻫﻢ أوﻟﺌﻚ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ُﻳﻌﺎوﻧﻮن ﰲ ﺑﻨﺎء اﳌﺪارس وﻳﺪﻋﻤﻮن اﻟﺤﺮﻛﺔ مبﻮاردﻫﻢ اﳌﺎﻟﻴﺔ وﺟﻬﻮدﻫﻢ اﳌﻬﻨﻴﺔ. ﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻋﺎد ًة ﻟﺒﻠﻮﻏﻬﺎ .ﻏري أن ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ُﻳ ﱠ ) (٥ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ،ﰲ أﺛﻨﺎء ﺣﺼﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺄﺣﺪ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﺮدﻳﺔ رﻏﻢ أن اﻟﺸﺨﺺ ﻣﺎ ﻳﻠﺒﺚ أن إﺣﺪى اﳌﺪارس اﻟﺘﻲ زرﻧﺎﻫﺎ داﺧﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﻛﺎن اﻟﻄﻼب ﻳﻐﻨﻮن أﻏﻨﻴ ًﺔ ﻳﺒﺎدر إﱃ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺠامﻋﻲ ،وﻟﻬﺬا ﺧﻄﻮرﺗُﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ "ﻣﺤﻤﺪ". اﻟﺒﺎدﻳﺔ .وﻫﻜﺬا ميﻜﻦ ﻟـ"ﺑﺎﳌﺮ" أن ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳌﺮاﺟﻊ ُ ) (١أﻧﺪرﺳﻮن ﻛﺮﻳﺲ ،اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﺻﻔﻪ إميﺎﻧًﺎ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﻳﻠﻮر ،واﻛﻮ، اﻷﻛرث اﺗﺴﺎ ًﻣﺎ ﺑﺎﻟﺠامﻋﻴﺔ ﰲ ﺑﻠﻮغ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﻜﺴﺎس.٢٠٠٤ ، منﻮذج اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻣﺜﻠام ُميﻜﻦ ﻟﻨﻤﻮذج ﻫﺬا اﻷﺧري ) (٢ﻛﻮﻟﻦ م .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ،ﻧﺤﻮ ﺣﻀﺎرة ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺤﺒﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ،ذا ﻻﻳﺖ ﻟﻠﻨﴩ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ.٢٠٠٤ ، أن ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎت اﻷﻛرث اﺗﺴﺎ ًﻣﺎ ﺑﺎﻟﻔﺮدﻳﺔ ﰲ ﺑﻠﻮغ ) (٣ﻛﻮﻟﻦ م .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ،اﳌﻮازﻳﻦ أو أﺿﻮاء ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،اﳌﺠﻠﺪ ،١ﻟﻨﺪن، اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ُﻳﺘﻴﺤﻬﺎ منﻮذج ﺑﺎﳌﺮ. ﺗﺮوﺳﺘﺎر ،ص.٣٦: وﰲ اﻷﺧري ،ﻓﺈن ﱟ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﳌﻔﻜ َﺮﻳﻦ وا ُﳌﺮﺑ َﻴني (٤) ،ﻧﻮﺳرن ،ﻳﻌﻘﻮب وﺷﻴﻠﺘﻮن ،ﺑﺮوس ،ﻣﺤﺮران ،اﻟﻐريﻳﺔ ﰲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرج ﺗﺎون ،واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ.٢٠٠٥ ، أﻫﻤﻴﺘﻪ اﻟﻜﺒرية ﰲ اﻟﺤﻮار اﻟﺪاﺋﺮ ﺣﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ) (٥ﺑﺎﳌﺮ ﺑﺎرﻛﺮ ،أن ﻧﻌﺮف ﻛام ﻧُﻌﺮف :اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﺻﻔﻪ رﺣﻠﺔ روﺣﻴﺔ ،ﻫﺎرﺑﺮ/ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ؛ ﻷﻧﻬام ُﻳﻘ ﱢﺪﻣﺎن رؤى ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ.١٩٩٣ ، ﺗﺘﻤﺨﺾ ﻋﻦ إﺣﺪاث ﺗﺤ ﱡﻮلٍ ﰲ اﻟﺮوح اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻋﲆ ) (٦ﺑﺎﳌﺮ ﺑﺎرﻛﺮ ،اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﺟﻮﳼ-ﺑﺎس ،ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ.١٩٩٨ ، ) (٧ﻳﺎﻓﻮز م .ﺣﻘﺎن وإﺳﺒﻮزﻳﺘﻮ ،ﺟﻮن ل .اﻹﺳﻼم اﻟﱰيك واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﻠامﻧﻴﺔ، اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﳌﻲ ،وأن ﺗﺪﻋﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﺤ ﱡﻮل ﻣﻬام ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳرياﻛﻴﻮز ،ﺳرياﻛﻴﻮز ،ﻧﻴﻮﻳﻮرك.٢٠٠٣ ، ﻣﺤﺪودﻳﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺮؤى .وﻟﻌﻞ ﻫﺬه اﳌﻬﻤﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻴﺴرية (٨) ،دراﺳﺔ :ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺑﺎرﺑﺮا س .ﺑﻮﻳﺪ ،ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ،ﺧﺮﻳﻒ .٢٠٠٦ وﻟﺬا ﻓﺈﻧﻬام ﺟﺪﻳﺮان ﺑﺎﻟﺜﻨﺎء؛ ﻧﻈ ًﺮا ﳌﺤﺎوﻻﺗﻬام اﳌﺘﺒﴫة 71
مقاالت
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
)(١
محمد شتين
أ.د .ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺘﻴﻦ، ﻋﺎﻟﻢ اﺟﺘﻤﺎع ﺗﺮﻛﻲ ،د ّرّس ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .ﻋﻤﻞ -ﻣﺘﻄﻮ ًﻋﺎ- رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﻌﻬﺪ ﺣﻮار اﻷدﻳﺎن ً ﺑﺄﻣﺮﻳﻜﺎ .وﻛﺎن ﻟﻪ ﻋﻤﻮد أﺳﺒﻮﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻳﻮﻣﻴﺔ زﻣﺎن ّ اﻟﺪوﻟﻴﺔ .ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ :ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ :ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺑﻼ ﺣﺪود ) ،(٢٠١٠وﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ :أﺳﺌﻠﺔ وأﺟﻮﺑﺔ ﺣﻮل ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ )،(٢٠١٢ وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻧﺸﺮا ﺑﺪار اﻟﻨﺸﺮ ﺑﻠﻮدوم ﺑﺮﻳﺲ ،ﻧﻴﻮﻳﻮرك.
72
ﺗﻠﻘﻲ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ أﺿﻮاء ﻛﺎﺷﻔﺔ ﺣﻮل ﻓﻜﺮة "ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ" ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ إﺣﺪى اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺒﺎرزة ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺮز اﻟﺪراﺳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺨِ ْﺪﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺨﺬ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨِ ْﺪﻣﻴﺔ أﺷﻜﺎ ًﻻ راﺳﺨﺔ وﻣﺴﺘﻘﺮة ﻧﺴﺒ ٍّﻴﺎ؛ إذ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻠﺘﺤﻖ أﻓﺮ ٌاد وﻳﻐﺎدر آﺧﺮون وﻳﺤﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺤﻞ ﺑﻌﺾ ،ﺗﺴﺘﻤﺮ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت وﺗﺘﻮاﺻﻞ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن آﻟﻴﺔ ﻋﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺨِ ْﺪﻣﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻻ اﻧﻄﻼ ًﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ أوﺣﺪ. ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻌﺮض اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﻶﺛﺎر اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ،وﻣﺎ ﺗﺘﻴﺤﻪ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻦ ﻓﺮص ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺬات واﻟﺘﺮﻗﻲ واﻛﺘﺸﺎف اﻟﻤﻌﻨﻰ ،واﻟﺜﻘﺔ واﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ،واﻻﺣﺘﻮاء واﻟﻼﻋﻨﻒ ،واﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻤﻬﻨﻲ واﻟﺤﺮاك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻪ اﻟﺪراﺳﺔ. وﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان "ﻧﻘﺎط ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﺔ" ،أﺑﺮزت اﻟﺪراﺳﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎدات اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻻﻧﺘﻤﺎءات ،وﺧﺘﻤﺖ اﻟﺪراﺳﺔ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ ﺑﺒﻴﺎن اﻷﺛﺮ اﻟﻌﺎم ﻟﻬﺬه اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﺮع اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ ﺷﺒﻜﺎﺗﻬﺎ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ﺑﻬﺪف اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﻞ واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﺪاﺋﻴﺔ ،واﻟﻔﺠﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ.
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
إن ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،أن ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻧﻀﻤﺎم اﻷﻓﺮاد وإﺳﻬﺎﻣﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ أﺳﻤﻴﻨﺎه ﺑﺎﻟﺸﺒﻜﺎت، أﻣ ًﺮا ﻣﻴﺴﻮ ًرا وﺧﺎﻟ ًﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺎت ﻓﻲ إﺣﺪاث اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﺮواﺑﻂ واﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت واﻟﺘﻄﻠﻌﺎت وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰﻫﺎ ،وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻳﻜﺘﺴﺐ اﻷﺷﺨﺎص ﻣﺰﻳ ًﺪا ٍ ٍ وﻏﺎﻳﺎت وﻣﻔﺎﻫﻴﻢ وﻋﻼﻗﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮغ ﻧ ُُﻈ ٍﻢ َ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻬﻢ أن ﻳﺒﻠﻐﻮﻫﺎ ﺑﻤﻔﺮدﻫﻢ).(٣ وﻟﻌﻞ اﻟﺤﺮﻛﺎت ،ﺑﺤﻜﻢ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺠﻠ ًﻴﺎ ﻟﻠﺸﺒﻜﺎت أﻛرث ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻨﻈامت رﺳﻤﻴﺔ ،أن ﺗﻜﻮن أﻛرث ﺟﺬ ًﺑﺎ ﻟﻠﺪاﻋﻤني واﻷﻧﺼﺎر وﻟﻴﺲ ﻟﻸﻋﻀﺎء ،رﻏﻢ أن ﻫﺆﻻء اﻟﺪاﻋﻤني ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن أﻛرث اﻟﺘﺰا ًﻣﺎ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻌﻀﻮﻳﺎت رﺳﻤﻴﺔ ﰲ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ)،(٤ وﻟﺬا ﻓﺈن "دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ" و"دﻳﺎين" ﻳﺆﻳﺪان اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ مثﺔ "أﻋﻀﺎء" ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،ﺑﻞ
nesemat.com
أهمية الشبكات وتعددية الروابط للمجتمع
nesemat.com
ُ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺘﻐﻠﻐﻠﺔ داﺧﻞ اﻟﺤﻴﺎة ﺗُﺘﻴﺢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻸﻓﺮاد ،إﻣﻜﺎﻧﻴ َﺔ إﺿﻔﺎﺋﻬﻢ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻤﻬﻢ .وﺑﻤﺎ أن اﻟﺴﻠﻮك أﺣﺎدي اﻟ ُﺒﻌﺪ ،ﻓﻐﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻴﺲ ﺳﻠﻮ ًﻛﺎ ﱠ اﻟﺴﻌﻲ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗُﺼﻴﺐ ِ ﺑﺒﻌﺾ )وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﺼﻮرة ﻳﻮﻣﻴﺔ-ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓﺮاد ﺑﻌﻀﻬﻢ ٍ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ( ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺒﻜﺎت أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺘﻮاﺟﺪون ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻂٍ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﻗﻨﻮات اﻟﺘﻮاﺻﻞ، ﺛﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻮﺳﻌﻬﻢ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﺸﻜﻼت وﻫﻢ وﻣﻦ ﱠ داﺧﻞ ﺣﻴﺰ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻓﻴﻨﺪﻣﺠﻮن ﻃﻮ ًﻋﺎ داﺧﻞ ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،أو ﻳﺘﺄﻗﻠﻤﻮن ﺗﺒ ًﻌﺎ ﻟﻤﺨﻄﻄﺎت ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻴﻬﺎ).(٢
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
إن إحدى السامت البارزة لحركة كولن هي تعددية انتامءات املشاركني فيها؛ حيث ال ينتمي األفراد تجمع أو شبكة واحدة ،بل ُيسهمون يف إىل أي ُّ عدد من مناحي الحياة االجتامعية ،واألنشطة املتنوعة.
"ﻣﺸﺎرﻛﻮن" .وﰲ اﻟﺴﻴﺎق ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ "ﻣﻴﻠﻮﺗﴚ" ﻣﻔﻬﻮم "اﻻﻧﺘامءات اﳌﺘﻌﺪدة" ،ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﲆ ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻻﻧﺘامءات أو اﳌﺴﺎﻫامت).(٥ وﺗُﻈﻬﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﲆ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،أو ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ( ،)SMOأن اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت ﺑني اﻷﺷﺨﺎص ،واﻟﺮواﺑﻂ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ ،وإﺣﺪاث اﻟﺘﺄﺛريات اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﳌﺒﺎﴍة ،ﻫﻲ اﻟﺨﻠﻔﻴﺎت أو اﻟﻘﻨﻮات اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺸﺒﻜﺎت أو اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ) .(٦وﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﺎمل اﻻﺟﺘامع "ﻣﺎك آدم" وزﻣﻼؤه ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت أو اﻟﺘﺄﺛريات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪو ﺑﺎﻷﺷﺨﺎص إﱃ اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ ،اﺳﻢ "ﺳﻴﺎﻗﺎت اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﻟﺼﻐﺮى" ،ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ ﻋﲆ أن "اﻻﺣﺘﻜﺎك اﻟﺸﺨﴢ اﳌﺴﺒﻖ ﻫﻮ أﻛرث ﻣﺼﺎدر اﻟﺤﺮﻛﺎت ﻗﺪرة ﻋﲆ ﺣﺸﺪ اﻷﺗﺒﺎع").(٧ ﺛﻢ ﻣﺎ إن ﻳﻨﺨﺮط اﻷﺷﺨﺎص ﰲ ﺧﻴﻮط اﻟﺸﺒﻜﺔ، ﺣﺘﻰ ﻳﺒﺪؤوا ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ واﻻﺳﺘﻐﺮاق ﰲ ﻣﺸﺎورات ﻳﻀﻌﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﺗﺤﻔﻴﺰﻳﺔ، و ُﻳﻔ ﱢﻌﻠﻮن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ اﳌﻮارد اﳌﺎدﻳﺔ ،ورأس اﳌﺎل اﻟﺜﻘﺎﰲ ،واﻟﻌامﻟﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺒﺪء اﻟﻌﻤﻞ) .(٨وﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت ،ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﰲ وﺿﻊ اﻷﺳﺎس اﳌﻨﻄﻘﻲ اﻟﺬي ُﻳﺴ ﱢﻮغ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﳌﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺗﻮﺻﻞ اﻷﺷﺨﺎص إﱃ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ وﺧﺪﻣﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐ ُﺔ اﻟﴬورة ،وﺟﺪﻳﺮة ﺑﻜﻞ 73
مقاالت nesemat.com nesemat.com
إن املشاركة يف حركة كولن ال تعني االنعزال أو ينضمون إىل الشبكات التجزئة ،إذ األشخاص ال ُّ الخدمية عىل أساس فردي فحسب ،وال تحقيقا ملصالحهم الشخصية ،بل إنهم يعملون ً يؤدون أدوارهم من خالل شبكات من العالقات االجتامعية.
أﺷﻜﺎل اﻟﺪﻋﻢ واﳌﺴﺎﻫﻤﺔ).(٩ وﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻫﺬه ،ﻳﺸﻌﺮ اﻷﺷﺨﺎص ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﳌﻌﺰوة إﱃ اﻟﺮؤى اﻟﻔﺮدﻳﺔ داﺧﻞ اﻟﺸﺒﻜﺔ، وﻳﺘﺤﻤﺴﻮن -ﻣﻦ ﺛﻢ -ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺠامﻋﻲ واﳌﴩوﻋﺎت اﻟﺨريﻳﺔ) .(١٠وﻫﻜﺬا ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺤﻈﻮن ﺑﻌﻼﻗﺎت أﺻﻴﻠﺔ ﻣﻊ أﻧﻔﺴﻬﻢ واﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﻴﻬﻴﺐ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ وﺑﺎﳌﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ أن ﻳﺘﺤﻤﻞ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ. ﻛام ُﻳﺪرك اﻷﺷﺨﺎص اﳌﻨﺨﺮﻃﻮن ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ وﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،أن اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ إﺣﺪاث ﺗﻐﻴريات ﰲ ﺣﻴﺎة اﻵﺧﺮﻳﻦ أﻛﱪ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ﻗﺪرة ﱟأي ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ اﻹﻧﺠﺎز مبﻔﺮده ،ﻓﻴﺘﻔﺘﺢ وﻋﻴﻬﻢ ﻻﺳﺘﻴﻌﺎب ﻣﺤﺪودﻳﺘﻬﻢ ﻛﺄﻓﺮاد وإن ﺳﻨﺤﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻫﺬه اﳌﺤﺪودﻳﺔ ﰲ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ ﺧﺪﻣﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺠامﻋﺔ ﻛﻜﻞ). (١١ وﺣﺘﻰ ﻳﺘﺴ ﱠﻨﻰ ﻟﻬﺬه اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ واﳌﺆﺳﺴﺎت أن ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻣﺰﻳ ًﺪا ﻣﻦ اﻟرثاء ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،وأن ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﻋﻼﻗﺎت ﺟﺪﻳﺪة وﺗﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳌﺤﻴﻄﺔ اﺟﺘامﻋﻲ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ﺑﻬﺎ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ وﺳﻂ ﱟ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﻨﻮع ،وﻗﺪر ﻣﻌني ﻣﻦ اﳌﺴﺎواة وﻣﺘﺎﻧﺔ اﳌامرﺳﺎت واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ).(١٢ األوارص والشبكات داخل حركة كولن
إن إﺣﺪى اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺒﺎرزة ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،واﻟﺘﻲ 74
ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻣﻮﺿﻮ ًﻋﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻫﻲ ﺳﻤﺔ ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ)(١٣؛ إذ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻋﻀﻮﻳﺔ رﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻲ اﻷﻓﺮاد إﻟﻰ ﺗﺠﻤﻊ أو ﺷﺒﻜﺔ واﺣﺪة ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ) ،(١٤ﺑﻞ ُﻳﺴﻬﻤﻮن ﻓﻲ أي ﱡ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .ﻋﻠ ًﻤﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺤﻰ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﺣﻲ ﻻ ﻳﻨﺸﻂ ﺳﻮى ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ ً ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺬات ،أو ﻟِﻨ ُﻘ ْﻞ ﻻ ﺗﻨﺸﻂ ﺳﻮى ﺟﻮاﻧﺐ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ وﺧﺒﺮاﺗﻬﻢ).(١٥ وﻟﻌﻞ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﺼﺤﻔﻲ "ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ أَ ْميﺎز"، ﺗُﺰودﻧﺎ مبﺜﺎل واﺿﺢ ﻋﲆ ﻫﺬا اﳌﻠﻤﺢ ،ﻳﻘﻮل" :أﻧﺎ ﻣﻌ ﱢﻠﻢ وﻛﺎﺗﺐ ،وﻟﺪي اﻟﺘﺰاﻣﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ واﳌﺴﺎﻫامت اﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ ﰲ اﻟﺠﻬﺎز اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺬي أﻋﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﻜﺎﺗﺐ ﻋﻤﻮد .وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻨﻲ أﺷﺎرك ﰲ أﻋامل ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺤﻲ واﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﺗﻘﻄﻦ أﴎيت ﰲ إﻃﺎره .إﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻟﺪي اﻫﺘامﻣﺎت ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﻟﺬا أﺷﺎرك ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺷﻬﺮﻳﺔ واﺳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر، وﰲ ﻟﺠﻨﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ .أﺑﻨﺎيئ ﰲ اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ، وأﻧﺎ ُأﺳﻬﻢ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ أوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر ﺑﻐﻴ َﺔ ﺗﺤﺴني اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ .ﻛام أﻋﻤﻞ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن ،وأﻗﻮم ﺑﺰﻳﺎرة واﺳﺘﻀﺎﻓﺔ أﺷﺨﺎص ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت دﻳﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻨﻲ أﺣﴬ ﻟﻘﺎءات واﺟﺘامﻋﺎت ﺑﺸﺒﻜﺎت ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ ﺑﻠﺪيت وإﱃ ُ ﻋﺸﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻓﺄﻧﺎ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ُأﺳﻬﻢ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻜﺎت ،ﺗﺒ ًﻌﺎ ﳌﺤﻞ إﻗﺎﻣﺘﻲ وﻋﻤﲇ واﻫﺘامﻣﺎيت وﻣﺴﻘﻂ رأﳼ وﺗﻌﻠﻴﻢ أﺑﻨﺎيئ ...إﻟﺦ .وﺑﺎﳌﺜﻞ، ﻓﺈن ﻫﻨﺎك آﻻ ًﻓﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﴩوع ﻛﻮﻟﻦ، ﻳﺸﺎرﻛﻮن ﰲ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻜﺎت وﻳﻘﻮﻣﻮن -ﻣﻘﺎرﻧﺔ يب -مبﺎ ﻫﻮ أﻛرث ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ).(١٦
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
nesemat.com nesemat.com
وﻳﺬﻫﺐ ﻋﺎمل اﻻﺟﺘامع "ﻛﻼﻧﺪ ﻳﺮﻣﺎﻧﺲ" إﱃ ﺗﻘ ﱡﺒﻞ اﻷﻓﺮاد ﻟﻠﻘﻴﺎم مبﺜﻞ ﻫﺬه اﻷدوار مبﺤﺾ إرادﺗﻬﻢ وﻓ ًﻘﺎ ﳌﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻓﺎت وﺳامت ﺷﺨﺼﻴﺔ؛ إذ إﻧﻬﻢ ﻳﻨﺨﺮﻃﻮن ﰲ ﻫﺬه اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﺗﺨﺎذﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﻐري ،وﺗﻮﺟﻴﻪ وﺟﻮدﻫﻢ اﻟﺨﺎص ﺷﻄ َﺮ ﻗﺮا ًرا واﻋ ًﻴﺎ ﱡ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻬﺔ).(١٧ وﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﺗﺘﺨﺬ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ أﺷﻜﺎﻻً راﺳﺨﺔ وﻣﺴﺘﻘﺮة ﻧﺴﺒ ٍّﻴﺎ؛ إذ ﺑﻴﻨام ﻳﻠﺘﺤﻖ أﻓﺮاد وﻳﻐﺎدر آﺧﺮون وﻳﺤﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺤﻞ ﺑﻌﺾ ،ﺗﺴﺘﻤﺮ اﳌﴩوﻋﺎت وﺗﺘﻮاﺻﻞً ، ﻋﻠام ﺑﺄن اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻷﻫﺪاف اﻟﺠامﻋﻴﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀً ﺎ ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﺗﺠﻠﻴﺎت ﻟﻠﴚء ﻧﻔﺴﻪ ،وﻫﻲ ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻣﻊ أﻧﺸﻄﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ).(١٨ إن اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻻ اﻧﻄﻼ ًﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ أوﺣﺪ ،وذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺣﺘﻔﺎﻇﻬﺎ مبﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠامﻋﺔ ﱟ ﻛﻜﻞ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺪاول اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت وﺗﺒﺎدل اﻷﺷﺨﺎص اﳌﻬﻨﻴني داﺧﻞ إﻃﺎر اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ).(١٩ وﻟﻌﻞ ﺗﺒﺎدل اﻟﺨﱪات ومتﺮﻳﺮﻫﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺑني ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺎت اﳌﺘامﻳﺰة ﺷﺒﻪ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ إدار ٍّﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﻮاﺻﻞٍ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ،وﻣﻊ اﻟﴩاﺋﺢ اﻷﻋﺮض ﻣﻦ اﻟﺠامﻫري اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪﻣﻬﺎ؛ إذ ﺗُﺘﺪاول اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺨﱪات وأمنﺎط اﻟﺴﻠﻮكُ ،ومت ﱠﺮر ﻣﻦ ﺷﺒﻜﺔ إﱃ أﺧﺮىُ ،ﻣﻀﻔﻴﺔ -ﺑﺬﻟﻚ -ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎﻧﺲ ﻋﲆ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﻜﻞ) .(٢٠ﺣﺘﻰ إن اﻟﻜﺎﺗﺐ "إﻳﺮﺟني" ﻳﺘﻨﺎول ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﻔﺮد ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺷﺒﻜﺎت ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻴﻘﻮل" :إن اﻷﻓﺮاد ﻻ ﻳﺴﺘﺸﻌﺮون ﺧﻄﺮ ﻓﻘﺪان أﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ اﻟﺸﺒﻜﺎت
هناك عدد كبري من األشخاص املتعاطفني مع العمل الجامعي الذي تضطلع به حركة الخدمة طرفا فاعالً فيه ،وهو ما يدل عىل وإن مل يكونوا ً قدرة الحركة عىل مد الجسور الوجدانية مع عامة الجامهري وعدم اتسامها باالنعزالية.
اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ،ﻓﻬﻢ ﻣﺪرﻛﻮن أن ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻓﺎت ﺷﺨﺼﻴﺔ ،ﺳ ُﻴﻘﺎﺑﻞ ﺑﺎﺣﱰام .وﻫﻢ ﻻ ﻳﻔﻘﺪون ﺗﻔﺮدﻫﻢ ﻛﺄﺷﺨﺎص ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻮارق ﰲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺑﻞ ُﻳﻘ ﱢﺪرون -ﻋﲆ ٍ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ -ﻓﺎﺋﺪة وﻗﻴﻤﺔ وﻣﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻴﺤﻬﺎ اﻟﺸﺒﻜﺔ ﻷﻓﺮادﻫﺎ .وﻫﻜﺬا ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺤﺘﻔﻈﻮن مبﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻋﻼت وأواﴏ ،وﻫﻲ اﳌﺘﻄﻠﺒﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﴪا ﺑﺴﺒﺐ دور ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻛرث ُﻳ ً اﻟﻮﺳﻴﻂ اﻟﺬي ﺗﺆدﻳﻪ ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻫﺬه .وﻣﻦ ﺛﻢ وﻣﻌﻨﻰ ﻟﻮﺟﻮدﻫﻢ داﺧﻞ اﺗﺠﺎﻫﺎ ﻓﺈﻧﻬﻢ ُﻳﺤ ﱢﺪدون ً ً ﺷﺒﻜﺎت ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻌﻼﺋﻘﻴﺔ واﳌﻬﻨﻴﺔ) ،(٢١وﻛﺬا داﺧﻞ ﺧﺪﻣﻲ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺴامت ﻧﻔﺴﻬﺎ).(٢٢ ﻣﺤﻴﻂ ﱟ وﻣﻊ اﺣﱰاﻣﻬﺎ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﻠﻞ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ،ﻓﺈن ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ -ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻓﺎﻋ ًﻼ ﺟﻤﻌ ٍّﻴﺎ -ﻻ ﺗﺘﻘﻮﻗﻊ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،أو ﺗﻔﺼﻢ ﻋﺮى اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﴩﻛﺎء اﳌﺠﺘﻤﻌﻴني اﳌﻨﺘﻤني إﱃ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻌﺎم؛ إذ ﺗﻌﺘﻤﺪ إﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ أو ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﻋﲆ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ واﻻرﺗﺒﺎط اﻟﺘﺎم ﺑﻪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻌﻤﻞ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ، وﻟﻴﺲ ﻋﲆ اﻟﻌﺰﻟﺔ واﻻﻏﱰاب واﻻﻧﺴﺤﺎب ﻣﻨﻪ).(٢٣ إن اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺠﻤﻌﻲ اﻟﻮاﻋﻲ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ واﻟﺴﻠﻮك ﰲ إﻃﺎر ﻣﺘﺴﻊ وﻋﺎﺑﺮ ﻟﻠﺤﺪود ﻣﺤﻴﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ، ٍ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺤﻴﻂ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة اﻟﻨﺤﻮ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻴﺔ واﻻﺣﺘﻮاء ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺘﺰاﻳﺪة 75
مقاالت nesemat.com nesemat.com
إن املجموعات يف الخدمة تعمل من تلقاء انطالقا من مركز أوحد ،وذلك عىل نفسها ال ً الرغم من احتفاظها مبجموعة من الروابط ٍّ ككل ،من خالل تداول التي تربطها بالجامعة املعلومات وتبادل األشخاص املهنيني داخل إطار الحياة اليومية.
اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺄﻣﻞ اﻟﺬات .وﻟﺬا ﻓﺒﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻻ ُميﻜﻦ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛني ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺎ أن ﻳﻈﻠﻮا مبﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮأ ﻋﲆ اﻟﺨﱪات واﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت وﻣﻮاﻃﻦ اﳌﻌﺎﻧﺎة اﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻷﺧﺮى) .(٢٤ووﻓ ًﻘﺎ ﻟـ"أَ ْميﺎز" ،ﻓﻔﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﳌﻌﻮﳌﺔ "ﻻ ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ -ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻓﺎﻋ ًﻼ ﺟﻤﻌ ٍّﻴﺎ -إﱃ اﺳﺘﺒﻌﺎد أو ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺎت ﺑني اﻷﻓﺮاد ،ﺑﻞ ﺗﺤﺎول ﺗﺠﻤﻴﻌﻬﻢ ﺣﻮل أوﺟﻪ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ واﳌﻌﺎﻳري اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺮﻫﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف ﺧﺪﻣﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺑﺪﻻً ﻣﻦ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺾ واﻟﺘﻀﺎرب ،واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﺸ ﱢﻜﻞ -ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ- أﻫﻤﻴﺔ ﻛﱪى ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻛﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .وﻫﻮ ﻣﺎ ُﻳﺤ ﱢﻤﻞ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ مبﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻌﻘﺪة ﻣﻦ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﻘﻴﻢ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف إﱃ إﺣﻼل اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ واﻟﺘﻌﺎون ﺑني اﻟﺤﻀﺎرات").(٢٥ وﻣﻊ اﺗﺴﺎع ﻧﻄﺎق اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ/اﻟﴩاﻛﺔ ،ﺗﺰداد -ﺑﺎﳌﺜﻞ- اﺣﺘامﻟﻴﺔ إﻧﺸﺎء ﻛﻴﺎﻧﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ) .(٢٦ﺛﻢ إن اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺗﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﻨﻈامت اﻟﴩﻋﻴﺔ اﳌﺆﺳﺴﻴﺔ اﳌﻌﻨﻴﺔ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﺤﺮﻳﺼﺔ ﻋﲆ ﻣﺒﺎدرات ﻣﺸﱰﻛﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺲ ﺗﻮاﻓﻘﻴﺔ .وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،أﻧﺸﻄﺔ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ 76
ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ أوﳌﺒﻴﺎد اﻟﻌﻠﻢ واﳌﻌﺮﻓﺔ وﺑﺮاﻣﺞ ﺗﺒﺎدل اﻟﻄﻠﺒﺔ ،وأﻧﺸﻄﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺼﺤﻔﻴني ُ واﻟﻜ ﱠﺘﺎب ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎمل ،وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺤﻮار اﳌﺤﻠﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ).(٢٧ اآلثار أ -فرص معرفة الذات والترقي واكتشاف المعنى:
ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠامء اﻻﺟﺘامع إﱃ اﻻﻧﺘامءات اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ رﺣﻠﺔ ﺻﻮب اﻟﱰﻗﻲ اﻟﺸﺨﴢ واﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﰲ واﻟﺮوﺣﻲ واﳌﻬﻨﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ رﺣﻠﺔ ﺗﻬﺪف إﱃ ﺑﻠﻮغ اﳌﻌﻨﻰ) .(٢٨وﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ "أميﺎز" آﻧﻔًﺎ ﻋﻦ ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻻﻧﺘامءات ،ﻣﻌﻨﺎه أ ﱠن ﻛَ ْﻮﻧَﻚ ﻃﺮﻓًﺎ ﻓﺎﻋﻼً داﺧﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ إمنﺎ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﺸﻌﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺘامءات واﻻﻫﺘامﻣﺎت .وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ،ﻓﺈن اﻷﺷﺨﺎص ﻳُﻘ ِْﺪﻣﻮن -وﻓﻘًﺎ ﻟﻈﺮوﻓﻬﻢ -ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻜرثة ﻣﻦ اﻻﻫﺘامﻣﺎت وﻓﺮص اﳌﺸﺎرﻛﺔ وﺧﻴﺎرات اﻻﻧﺘامء .وﻛَ ْﻮﻧُﻚ أﺣﺪ اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ إﺣﺪى اﻟﺸﺒﻜﺎت ،إمنﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮص اﳌﺘﺎﺣﺔ اﻟﺘﻲ ُميﻜﻨﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﺗﻌﺮف ذاﺗﻚ ،وأن ﺗﻜﻮن ذا ﻓﺎﺋﺪة وﻧﻔﻊ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ، وﻛﺬﻟﻚ أن ﺗﺘﺠﻨﺐ اﻟﴫاﻋﺎت. ﻛام أن َﻛ ْﻮﻧَﻚ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ إﺣﺪى ﺷﺒﻜﺎت ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻏﻴﺎب ﻋﻨﴫ اﻻﺧﺘﻴﺎر ،ﺑﻞ ﻳﻌﻨﻲ وﺟﻮده؛ إذ إن اﻷﻓﺮاد ﻳﺼﺒﺤﻮن ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻌﺪ اﺗﺨﺎذﻫﻢ ﻗﺮا ًرا واﻋ ًﻴﺎ ﺑﺬﻟﻚ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺨﻮﺿﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺬات .وﻟﺬا ،ﻓﺈن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠامﻋﻲ اﻟﺬي ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﻪ اﻟﺤﺮﻛﺔ ُمي ﱢﺜﻞ -ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻛﺜريﻳﻦ- دﻋﻮة وﻧﺪاء .وﻫﻢ ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﺪون -ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺪد اﻻﻧﺘامءات -ﻣﺰﻳ ًﺪا ﻣﻦ اﻹﻟﻬﺎم واﻟﺘﺤﻔﻴﺰ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر واﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ وميﺎرﺳﻬﺎ ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛني).(٢٩
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
ﺗﻌﻤﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﲆ ﻧﴩ اﻟﻘﻴﻢ واﳌﺒﺎدئ وﺑﺜﻬﺎ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﻬﺪف ﻣﺒﺎﴍة منﻮ اﳌﻬﺎرات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .وﻳﺸﱰك اﳌﺴﺎﻫﻤﻮن ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﰲ ﺷﺒﻜﺎت ﺧﺪﻣﻴﺔ ﻏري رﺳﻤﻴﺔ ،أو ﺧريﻳﺔ ،أو ﺷﺒﻜﺎت ﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﻣﺪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ) ،(٣٣وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺘﺒﻊ وﺟﻮد ﺗﺪرﻳﺐ ﻣﻠﻤﻮﺳﺎ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ،ﻋﲆ اﳌﻬﺎرات ﺛﻘﺎ ﱟﰲ ﻣ ﱠﻮﺳﻊ وإن مل ﻳﻜﻦ ً واﻻﺑﺘﻜﺎرات اﻟﺠﺪﻳﺪة )اﳌﻬﻨﻴﺔ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻮال( .ﻛام ﺗﻠﺘﺰم اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﺰا ًﻣﺎ ﻗﻮ ٍّﻳﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﳌﻬﻨﻴﺔ ،مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻋﻤﻠﻴﺎت إﻋﺎدة اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ اﻷﺳﻮاق وﰲ ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ. وﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺤﺪﻳﺚ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﳌﻬﻨﻴﺔ اﳌﺘﻄﻮرة ،ﻻ ﺳﻴام ﻣﻊ اﻻرﺗﻔﺎع اﳌﻠﺤﻮظ ﰲ
nesemat.com
بـ -التدريب املهني والحراك االجتامعي:
nesemat.com
وﻫﻜﺬا ُمت ﱢﻜﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑ ُﺔ ﻟﻨﺪاء اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص -ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻨﻮات ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ -ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ َ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﺘﻔﺎؤل اﳌﺘﻘﺪ)(٣٠؛ إذ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا اﻵن ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﻣﺎ ُميﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ،أو ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ وﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ أﺷﻴﺎء ﻗ ﱢﻴﻤﺔ ﰲ ذاﺗﻬﺎً . ﻋﻠام ﺑﺄن ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق ﺿﻴﻖ ﰲ أﺣﺪ اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت ،ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻣﺮدوده وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻪ ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت اﻷﻛرث اﺗﺴﺎ ًﻋﺎ) .(٣١ورمبﺎ ﻳﺒﺪو ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻪ اﻷﺷﺨﺎص وﻛﺄﻧﻪ ﻏري ذي أﺛﺮ ﻣﺒﺎﴍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﻐﺬﻳﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﺎﻋﻞ اﻟﺠﻤﻌﻲ -أو ﻟِ َﻨ ُﻘ ْﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺠامﻋﺔ ﻛﻜﻞ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺴ ﱠﻨﻰ ﻟﻘﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ أن ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ، أو ﻟﻘﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻻﻧﺘﺸﺎر أن ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﴪﻋﺔ واﺗﺴﺎع اﻟﻨﻄﺎق؛ وذﻟﻚ ﺗﺤﻘﻴ ًﻘﺎ ﻷﺣﺪ اﳌﴩوﻋﺎت ِ اﻟﺨ ْﺪﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﺘامءات اﳌﺘﻌﺪدة).(٣٢
يعمل تركيز حركة الخدمة ،عىل زيادة الوعي مبا هو رشعي وقانوين وبحقوق اإلنسان وحقوق دستوريا ،عىل إرساء الدميقراطية الفرد املقررة ًّ التشاركية التعددية ،وعىل تعزيز املساواة يف الحقوق.
ﻣﻌﺪﻻت ﺗﺪوﻳﺮ أﻃﻘﻢ اﳌﻮﻇﻔني ﰲ ﻣﺠﺎﻻت اﻻﺗﺼﺎﻻت واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ .ﻫﺬا اﻟﺘﺪوﻳﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﱰﻛﻴﺒﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻟﻘﻮاﻋﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت، واﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﺜﻘﺎﰲ واﳌﻬﻨﻲ اﳌﻜﺘﺴﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺘﻲ ﺗﻠﻘﻲ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻗﺪ متﺨﻀﺎ ﻋﻦ ﺣﺮاك اﺟﺘامﻋﻲ ﻣﻠﺤﻮظ ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮﻳني اﻷﻓﻘﻲ واﻟﺮأﳼ داﺧﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ. جـ -االتصالية :إن ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳌﺴﺎﻫامت اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ أﻓﺮاد ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺎ ُﻳﻈﻬﺮوﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺰام ،وﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻮﻧﻪ ﻣﻦ درﺟﺎت اﻟﺘﺤﻘﻖ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ اﻟﺬايت ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﺘامءات اﳌﺘﻌﺪدة ،ﺗﻜﺸﻒ ُ ﻋﻦ ﺳﻤﺔ أﺧﺮى ﻣﻤﻴﺰة ﻣﻦ ﺳامت اﻟﺤﺮﻛﺔ وﻫﻲ "اﻻﺗﺼﺎﻟﻴﺔ" ،وأﻋﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪم اﻧﻔﺼﺎل اﻟﻔﺮدي ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻌﻲ ،واﻟﺨﺎص ﻋﻦ اﻟﻌﺎم ،واﳌﺤﲇ/اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻋﻦ اﻟﺪوﱄ/اﻟﻌﺎﳌﻲ؛ ﻓﻔﻲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻋﻼﻗﺎت اﻻﻧﺘامء إﱃ اﳌﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻌﺪدﻳﺔ وﻣﺘﻐرية وﻣﺘﺪاﺧﻠﺔُ ،ﺗﺮاﻋﻰ ﱞ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت واﻻﻫﺘامﻣﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،واﻷﻫﺪاف واﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺠامﻋﻴﺔ ﺑﺼﻮرة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺤﺪث ﺗﻌﺎرض ﺑني اﻟﻔﺮدي وﻳﺘﻢ ﺗﻠﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ َﻳ ُ واﻟﺠﻤﻌﻲ وﻻ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ أ ﱡﻳﻬام ﺻﺎﺣﺒﻪ؛ ﻓﻔﻲ ﺣني ﺗﻌﻤﻞ اﳌﺴﺎﻫامت اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻋﲆ إﺛﺮاء اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﻳﻌﻮد ﻣﺎ ﻳﺘﻢ إﻧﺠﺎزه ﻟﺼﺎﻟﺢ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﱟ ﻛﻜﻞ ﺑﺎﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻷﻓﺮاد ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف).(٣٤ 77
مقاالت nesemat.com nesemat.com
تساعد الحركة عىل إيجاد ُس ُب ٍل ُميكن لألشخاص من مشرتكة أهدافا معا ويضعوا ً ً خاللها أن يتعايشوا ً ٍ اختالفات متأصلة .ما ويحرتمون ما بينهم من يعني قدرتها عىل أداء دور التوفيق والوساطة بني مجتمعات أو جامعات منفصلة عن بعض.
و ُﻳﻌﻠﻖ "أَ ْميﺎز" ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ اﻷﻓﺮاد ﰲ ﻣﴩوع ﻣﻌني ﻣﺴﺎﻫﻤ ًﺔ ﻗﺼرية اﻷﻣﺪ ،ﺑﻴﺪ أن اﻟﺘﺰاﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ واﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺠﻤﻌﻲ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ،ﻟﻴﺲ اﻟﺘﺰا ًﻣﺎ ﻗﺼري اﻷﻣﺪ .إن اﻷﻓﺮاد ﻻ ﻳﺒﺎرﺣﻮن اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻬﺎيئ ،ﺑﻞ ﻳﱰﻛﻮن أﺣﺪ اﳌﴩوﻋﺎت -ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻮاُ -ﺑﻐﻴ َﺔ اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ ﺳﻮاه؛ ﺣﻴﺚ ﺗُﺴ ﱢﻬﻞ ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﳌﺸﺎرﻳﻊ واﻟﺸﺒﻜﺎت اﻷﺧﺮى اﳌﺘﺎﺣﺔ ،ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﺒﺪال اﻷﻓﺮاد اﺳﺘﺒﺪاﻻً ﻣﺒﺎ ً ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺧﺪﻣﻴﺔ أﺧﺮى).(٣٥ ﴍا ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺷﺒﻜﺎت أو َ وﻫﻜﺬا ﺗﺘﻴﺢ ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻷﻫﺪاف واﳌﻮارد ﻟﻸﺷﺨﺎص، إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻐﻴري اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف ﺗﺤﺴني وزﻳﺎدة ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﺴﺎﻫامﺗﻬﻢ ،أو ﺗﺤﺴني وزﻳﺎدة ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺸﺒﻜﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻻ ﺳﻴام أن اﻟﻌﻮاﻗﺐ اﳌﱰﺗﺒﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻋﻮاﻗﺐ ﺑﺴﻴﻄﺔ. وﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﺗﺮك اﻟﻔﺮد ﻹﺣﺪى اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت، ﻳﻌﺪ ﺣﺪ ًﺛﺎ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺪراﻣﺎﺗﻴﻜﻴﺔ ﻣﻊ اﺗﺴﺎع ﻣﺪى اﻟﺒﺪاﺋﻞ ﻻ ﱡ اﳌﺘﺎﺣﺔ أﻣﺎﻣﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺰداد ﻋﺪدﻫﺎ ﺑﺰﻳﺎدة اﻟﺘامﻳﺰ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ. د -التامسك والتالحم االجتامعي وتخطي
الحدود :إن اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﻳﻨﻀﻤﻮن إﱃ اﻻﻧﻌﺰال أو اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ؛ إذ إن اﻷﺷﺨﺎص ﻻ ﱡ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻓﺮدي ﻓﺤﺴﺐ ،وﻻ ﻳﺘﴫﻓﻮن أو ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺤﻘﻴ ًﻘﺎ ﳌﺼﺎﻟﺤﻬﻢ 78
اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﻳﺆدون أدوارﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺒﻜﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت ،ﻛﺎﻷﺻﺪﻗﺎء واﻟﺠريان واﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﳌﻬﻨﻴﺔ. وﻫﻜﺬا ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺤﻈﻮن -ﰲ إﻃﺎر ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺎت- ﺑﻔﺮﺻﺔ أن ﻳﻘﱰب ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،وﻳﻌﺮف ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀً ﺎ ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻹﻧﺴﺎين .وﺗﺆدي ﻫﺬه اﻟﺰﻣﺎﻟﺔ ﻏري اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ إﱃ ﻧﺸﻮء ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ اﳌﺸﱰك ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﻢُ ،ﻳﺴﻬﻢ ﺑﺪوره ﰲ إﺣﺪاث اﻷﻟﻔﺔ واﻟﺘامﺳﻚ أو اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻻﺟﺘامﻋﻲ. وﰲ ﺣني ﻳُﺒﻘﻲ اﻟﻮاﻓﺪون اﻟﺠﺪد ،ﻋﲆ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﳌﻮﺟﻮدة ﺧﺎرج ﻧﻄﺎق اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻓﺈن اﻻﺷﱰاك ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﲆ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺘﺒﺎدﻟﻴﺔ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ واﻻﺿﻄﻼع ﺑﺪور ﻓ ﱠﻌﺎل ﰲ أﻧﺸﻄﺘﻬﺎ اﻟﺠامﻋﻴﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ دواﺋﺮ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺼﺪاﻗﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻘﱰﻧ ٌﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎق :مبﻌﻨﻰ أن ﻟﺪى اﳌﺸﺎرﻛني ﻓﻴﻬﺎ اﻫﺘامﻣﺎت وﺻﺪاﻗﺎت ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺘﺰاﻣﻨﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺰاﻣﺎت ﻣﻬﻨﻴﺔ وإﻳﺜﺎرﻳﺔ ﻏريﻳﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈن اﻟﺨﺴﺎرة اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺤﺪث ﻷي ﺳﺒﺐ ﻛﺎن ،ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻔﺮد وﺣﺪه ﰲ ﻋﺰﻟﺘﻪ) .(٣٦ومثﺔ درﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜامر أو اﻟﺒﻨﺎء اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﰲ واﳌﻌﺮﰲ واﻟﻮﺟﺪاين داﺧﻞ اﻟﺸﺒﻜﺎت ﻣﺎ ﺑني اﻟﻌﻼﺋﻘﻴﺔ ،أو ﻟِ َﻨ ُﻘ ْﻞ داﺧﻞ ﺷﺒﻜﺎت اﻟﻌﻼﻗﺎت ،ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ .ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺘﻔﺎﻋﲇ اﻟﺘﻮاﺻﲇ، ﻳﺘﺨﺬ إﻃﺎره اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﳌﻌﺮﰲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ اﳌﻮﺟﻮدة ﰲ ﺷﺘﻰ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ اﻟﻬﻮﻳﺔ واﻟﺴﻠﻮك اﻟﺠﻤﻌ ﱠﻴني ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ. وﻟﻌﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻖ ﺑﻌﻼﻗﺎت ﺗﻘﻮم ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ، أن ﺗﻜﻮن أﻛرث ﻋﻤ ًﻘﺎ وإﻟﺰا ًﻣﺎ واﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﻫامت ﻗﺼرية اﻷﺟﻞ )وذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ متﺎ ًﻣﺎ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻷﻧﺸﻄﺔ واﳌﻨﻈامت ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺸﻤﻮﱄ(.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
nesemat.com nesemat.com
ُ وﺣﺪوث اﻟﺘامﺳﻚ ﻳﺘﺄىت ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺄﻣﻞ اﻟﺬات ،وﻣﻦ ﻣﺰﻳﺔ إﻣﻜﺎن اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ أو اﳌﺸﺎرﻛﺔ اﳌﺒﺎﴍة ﰲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠامﻋﻲ .ﺛﻢ إن ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﺮﻣﺰي اﻟﺘﻌﺪدي ﻳﺤﱰم اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت واﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،وﻻ ﻣﻜﺎن ﻓﻴﻪ ﻟﻠﺤﻠﻮل اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ أو اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اﳌﻬﻤﺸﺔ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﻜﻞ و ُﻳﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻨﻈﺎم اﳌﺴﺘﻘﺮ. وﻟﻮ ُﻃﺮح اﻟﺴﺆال ﻋام إذا ﻛﺎن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻻﻧﻀامم أو اﳌﺴﺎﻫﻤﺔُ ،ﻳﺤﻔﺰ اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ﻋﲆ اﻧﺘﻬﺎك ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻨﻈﺎم ،ﻓﺴﺘﻜﻮن ﻣﺴﻤﻮﺣﺎ ﻟﻬﻢ اﻹﺟﺎﺑﺔ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻄﻠﻮ ًﺑﺎ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ،وﻻ ً أن ﻳ َﺘﺤ ﱠﺪوا اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮن أو ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس ،وأن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺮﻛﺔ إﱃ اﻵن ،مل ُﻳﱪﻫﻦ ﻋﲆ وﺟﻮد وﻗﺎﺋﻊ ﺗﺪﻟﻞ ﻋﲆ ﺣﺪوث ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ اﻟﴩﻋﻴﺔ).(٣٧ ﻟﻘﺪ ازدادت أﻋﺪاد اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ومنﺖ، ﺣﺘﻰ ﻛـ ﱠﻮﻧﺖ ﺣﺮﻛﺔ دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﻣﺘﺴﻌﺔ وﻋﺎﺑﺮة ﻟﻠﺤﺪود منﻮذﺟﺎ ﻟﺼﻨﻊ واﺗﺨﺎذ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ .وﺗُﺸ ﱢﻜﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺎت ً اﻟﻘﺮار ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﻘﻴﺎدة ،ووﺳﺎﺋﻞ وﻗﻨﻮات اﻻﺗﺼﺎل ﻣﻊ اﻷﺣﺰاب اﻟﺼﻐرية وﻋﺎﻣﺔ اﻟﺠامﻫري .ﻛام أﻧﻬﺎ ﺗُﻘ ﱢﺪم ﺧﺪﻣﻲ ،وأﺧﻼﻗﻴﺎت وأﻧﺸﻄﺔ وﺗُﻮاﺻﻞ ﻧﴩ ﺧﻄﺎب ﱟ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻳﺸﱰك ﰲ إرﻓﺎدﻫﺎ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ. وﻛﺬا ﻓﺈن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﳌامرﺳﺎت واﳌﻨﺘﻮﺟﺎت اﳌﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻨﺎﺗﺞ اﻹﺟامﱄ ﻟﻸﻋامل اﻟﺠامﻋﻴﺔ ،ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺪميﻬﺎ إﱃ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ وإدﻣﺎﺟﻬﺎ ﰲ ﻟﻐﺘﻪ) .(٣٨وﻟﻬﺬه اﻷﺳﺒﺎب ﺗُﻌﺘﱪ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة وﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ٍ ﻣﺠﺎﻻت ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻟﻨﴩ واﻹﻋﻼم ،واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﰲ واﻟﺼﺤﺔ ،واﻟﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن واﻟﺘامﺳﻚ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ. وﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺎﻷﺳﺎس ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺎﻃﻊ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻏري اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت
إن حركة الخدمة ال تتقوقع عىل نفسها ،إذ تعتمد إسرتاتيجية الحركة أو عالقاتها مع املجتمع، عىل التكامل معه واالرتباط التام به ،من خالل املؤسسات التعليمية والثقافية والعمل املجتمعي.
اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،اﻟﴚء اﻟﺬي أدى إﱃ ﺗﺮاﺑﻂ اﳌﺸﺎرﻛني اﳌﻨﺘﻤني إﱃ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ. وﺗﻘﻮم اﻟﻌﻼﻗﺎت داﺧﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺎت ،ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺼﺪاﻗﺔ واﻟﺘﺠﺎور واﳌﻬﻨﺔ واﻻﻫﺘامﻣﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ومتﺘﺪ ﻟﺘﺸﻤﻞ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﳌﺠﺘﻌﻤﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻫﺬه اﻷﻧﺸﻄﺔ ﺗﺘﺠﺎوز إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺑﻌﻴﺪَ ، ﻧﻄﺎق اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﴫﻳﺤﺔ ،وﺗﺘﻮاﺻﻞ ﻋﱪ اﻟﺤﺪود ﺑني اﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺤﻠﻴﺔ واﻷﺟﻴﺎل .وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﻋﺒﻮر اﻟﺤﻮاﺟﺰ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﳌﺸﺎرﻛﺎت وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺜﻘﺔ اﳌﺘﺒﺎدﻟﺔ).(٣٩ ﻛام ﺗﺮﻛﺰ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻋﲆ زﻳﺎدة اﻟﻮﻋﻲ مبﺎ ﻫﻮ ﴍﻋﻲ وﻗﺎﻧﻮين ،وﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺣﻘﻮق اﻟﻔﺮد اﳌﻘﺮرة دﺳﺘﻮر ٍّﻳﺎ ﻋﲆ إرﺳﺎء اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺘﺸﺎرﻛﻴﺔ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ وﻋﲆ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﳌﺴﺎواة ﰲ اﻟﺤﻘﻮق).(٤٠ هـ -االحتواء والالعنف :ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ،ﺗﻀﻄﻠﻊ اﻟﺸﺒﻜﺎت ﺑﺪور إرﺷﺎدي ﻣﻬﻢ ﻓﻲ رﺑﻂ اﻷﻓﺮاد ﺑﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ، واﻟﺤﺮاك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺨﺎرج ﻋﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﺤﺮﻛﺔ .وﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺘﺤﻮل اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ُﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺎ أن ﺗﻨﺰﻟﻖ إﻟﻰ ﻫﻮة اﻟﺼﺮاع واﻟﻌﻨﻒ ،إﻟﻰ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺑﻨﺎءة وأﻧﺸﻄﺔ ﻣﺜﻤﺮة وﺟﻤﺎﻋﻴﺔ وﻧﺎﻓﻌﺔ).(٤١ وﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺷﺄن اﻻﻧﺘامءات اﳌﺘﻌﺪدة وﺛﻴﻘﺔ اﻟﻌﺮى، اﻟﺘﻲ ُﻳﻀﻔﻴﻬﺎ اﻷﻓﺮاد أو ﻳﻜﺘﺴﺒﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸﺒﻜﺎت 79
مقاالت nesemat.com nesemat.com
البناء التفاعيل التواصيل ،يتخذ إطاره االجتامعي واملعريف من خالل العالقات الفعالة املوجودة يف شتى مناحي الحياة االجتامعية ،والتي الجمعيني لحركة تحافظ عىل الهوية والسلوك َّ كولن مع مرور الوقت.
اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ،أن ُمت ﱢﺜﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻣﺼﺪر إﻟﻬﺎم وﺗﺤﻔﻴﺰ، وأن ﺗﻀﻊ ﰲ أﻋﻨﺎﻗﻬﻢ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻻﺿﻄﻼع ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﻔﺮ ﻋﻨﻬﺎ اﳌﴩوﻋﺎت اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻓﻮق ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﳌﺸﺎرﻛني ﻻ ُﻳﻘﻴﻤﻮن ﺟﺪا ًرا ﻋﺎزﻻً ﺑني ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺑني ﻫﺬه اﳌﴩوﻋﺎت ،ﺑﻞ ﻳﺮﺑﻄﻮن ﺑني ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ،وأﻧﺸﻄﺘﻬﻢ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺑﻴﺌﺎﺗﻬﻢ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﺣﺪوث اﺗﺼﺎل ﻣﺘﻨﺎﻏﻢ وﺳﻠﻤﻲ ﺑني اﻟﺠﺎﻧﺒني ،ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺣﺪوث اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ واﻻﻏﱰاب واﻹﺣﺒﺎط واﻟﻌﺪاء. ﻛام أن ﻫﻨﺎك ﻋﺪ ًدا ﻛﺒ ًريا ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﳌﺘﻌﺎﻃﻔني ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠامﻋﻲ اﻟﺬي ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﻪ اﻟﺤﺮﻛﺔ وإن مل ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻃﺮ ًﻓﺎ ﻓﺎﻋ ًﻼ ﻓﻴﻪ (٤٢)،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ ﻗﺪرة اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﲆ ﻣﺪ اﻟﺠﺴﻮر اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺠامﻫري وﻋﺪم اﺗﺴﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﻌﺰاﻟﻴﺔ .وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﺈن اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛني ﻓﻴﻬﺎ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﻘﻄﻊ رواﺑﻄﻬﻢ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أو أﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻋﻼﻗﺎت أﺧﺮى، مبﻌﻨﻰ أﻻ ﻳﻨﺨﺮﻃﻮا ﰲ ﻋﻼﻗﺎت ﺟﺪﻳﺪة ،ﺑﻴﻨام ﻳﺸﺎرﻛﻮن "ﻣﻦ داﺧﻞ" اﻟﺤﺮﻛﺔ. وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻮﺟﻮد ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺘﻌﺪدة -ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻜﺎﻣﻞ -ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ. وﻣﻦ اﳌﺆﻛﺪ أن مثﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔ ُمتﻴﺰ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﻜﻞ، ﺑﻴﺪ أن ﺗﻨﻮع ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻻﻧﺘامء إﱃ اﳌﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ وﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻟﺪى اﳌﺸﺎرﻛني وﻏري 80
اﳌﺸﺎرﻛني ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ واﺣﺘﻮاﺋﻴﺔ .ﻛام أن ﻫﺬا اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻻﺣﺘﻮايئ ﻻ ُﻳﺤﺪث أﺛ ًﺮا ﺳﻠﺒ ٍّﻴﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﻧﺲ ،وﻻ ﻋﲆ ﻣﺸﺎرﻳﻌﻬﺎ اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ؛ ﻓﺎﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ اﻟﻌﺎمل اﻟﺨﺎرﺟﻲ، وﻋﺪم ﻫﻴﻜﻠﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻧﺮاﻫﺎ ﺗﻨﺨﺮط ﰲ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻮاﻓﻘﻴﺔ ،أو ﺗﺴﻌﻰ إﱃ إﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺠامﻋﻴﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ وﻛﻴﺎﻧﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين ،وﻋﺪم اﻗﺘﺼﺎرﻫﺎ ﻋﲆ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن )أو إﻗﻠﻴﻢ( ﻣﺤ ﱠﺪدﻳﻦ .ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺪل ﻋﲆ أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺸﺒيك واﳌﺸﺎرﻛﺔ واﻻﻧﺘامء داﺧﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻻ ﺗﻘﻮم ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ -ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل -ﻋﲆ ﻣﺒﺪأ اﻻﺳﺘﺒﻌﺎد أو اﻟﻐﺮﺑﺔ أو اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ).(٤٣ و -الثقة واالستقرار والتقدير :ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،أن ﺛﻤﺔ راﺑﻄﺔ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ ﺑﻐﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ؛ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻳﺘﺸﺎرﻛﻮن ﻧﻔﺲ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ،وﻫﻮ ﻣﺎ ُﻳﻤ ﱢﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ إﺿﻔﺎء اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ ،وﻣﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻗﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺆدوﻧﻪ ،وﻣﻦ اﻟﺼﻤﻮد ﻓﻲ وﺟﻪ ﺗﺼﺪع اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻨﺰاع .وﰲ ﻫﺬا دﻻﻟﺔ ﻋﲆ ﻗﺪرة اﻟﺤﺮﻛﺔ -ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻓﺎﻋ ًﻼ ﺟﻤﻌ ٍّﻴﺎ -ﻋﲆ ﺗﻌﺮﻳﻒ ذاﺗﻬﺎ ودورﻫﺎ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﺗﻌﺮﻳ ًﻔﺎ راﺳﺨً ﺎ وﻣﺘﻴ ًﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺣﺴﻨﺖ ﻣﻦ ﺳﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪة .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻗﺪ ﱠ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺣﻞ اﳌﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺮﺣﻬﺎ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺬي ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻴﻪ ،وازدادت ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ واﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻬﺎ ﰲ اﻻﺿﻄﻼع مبﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ أﻋامل داﺧﻞ ﺣﺪود ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻮﻗﻊ ﰲ إﻃﺎرﻫﺎ).(٤٤ )(٤٥ وﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﴩﻳﻦ ﻣﻦ ﻓﱪاﻳﺮ ﻗﺪرة اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﲆ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت وﺗﺼﻮرات ﺟﺪﻳﺪة، ﻣﻦ ﺧﻼل إدﻣﺎج اﳌﺎﴈ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،واﻟﻌﻮاﻣﻞ واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
nesemat.com nesemat.com
اﳌﺘﻮﻟﺪة ﻋﻦ اﳌﻮاﻗﻒ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ،ﰲ ﻧﺴﻴﺞ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﳌﺴﺘﻘﺮة ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻋﺰز -ﺑﺪوره- ووﺳﻊ ﻣﻦ أرﺿﻴﺘﻬﺎ اﳌﺸﱰﻛﺔ ﻣﻊ ﻣﻦ متﺎﺳﻜﻬﺎ اﻟﺪاﺧﲇ ،ﱠ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺧﺎرﺟﻬﺎ. وﺧﻼل ﺣﻤﻠﺔ اﻟﺘﺸﻬري ﺿﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﴩﻳﻦ ﻣﻦ ﻓﱪاﻳﺮ ،أﺛﺒﺖ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻘﻮي اﻟﺬي ُ اﻟﺮﺟﻞ وأﻧﺸﻄ ُﺔ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ واﺳﻌﺔ ﺣﻈﻲ ﺑﻪ وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ورﺟﺎل اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﻨﻈامت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين واﳌﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟﺼﺤﻔﻴني ،ﺻﺤ َﺔ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن ﻫﻮﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ إمنﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻻ ﻋﲆ اﻻﻧﻌﺰال).(٤٦ ز -االنتشار :ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻻﻧﺘامءات ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺗُﺴ ﱢﻬﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ. و"اﻻﻧﺘﺸﺎر ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺒﺎ ً ﴍا أو ﻏري ﻣﺒﺎﴍ ،ﺗﺒ ًﻌﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ً ﻧﺎﺟام ﻋﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑني اﳌﺸﺎرﻛني ﺑﻼ وﺳﺎﻃﺔ أو ﺣﺪوث ذﻟﻚ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم") .(٤٧وﻳﺬﻫﺐ ﻋﺎمل اﻻﺟﺘامع "وﻳﺘري" إﱃ أنﱠ ﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺜﻘﺎﰲ واﻟﺘﻐﻄﻴﺎت اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ دو َرﻫﺎ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣامرﺳﺎت اﻟﻨﺎﺷﻄني اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻨﴩ واﻟﱰوﻳﺞ، وإﱃ أن اﻟﻨﺎﺷﻄني -وﻟﻮ مل ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻼﻗﺎت ﺷﺒﻜﻴﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔُ -ميﻜﻨﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﺪﻳﺪ اﻟﺤﺮﻛﺎت وﺟﺪﻳﺪ أﻧﺸﻄﺘﻬﺎ وﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم).(٤٨ وﰲ ﺣني ﺗﺘﺴﻢ اﻟﺸﺒﻜﺎت ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ -ﺑﺎﺳﺘﻘﻼل ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ،إﻻ إﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺑﺄﻧﺸﻄﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﺾ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸﺒﻜﺎت اﳌﺘﻌﺪدة اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﳌﻬﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻄﻮﻋني ،اﻟﺬﻳﻦ ُمي ﱢﺜﻞ ﱞ منﻮذﺟﺎ ﺟﻴ ًﺪا ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ، ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ً واﻟﺬﻳﻦ ُﻳﺰ ﱢودون ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀً ﺎ ﺑﻮﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ ﺑﺪﻳﻠﺔ وﻣﻨﺘﺪﻳﺎت ُميﻜﻦ ﻣﺤﺎﻛﺎﺗﻬﺎ أو ﺗﺤﺴﻴﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﻳﺪ اﻵﺧﺮﻳﻦ).(٤٩
مسموحا لهم مطلوبا من أفراد الخدمة ،وال ليس ً ً حدوا القيود التي ينص عليها القانون أو عامة أن ي َت َّ الناس ،وإن تاريخ الحركة إىل اآلن ،مل ُيربهن عىل وجود وقائع تدلل عىل حدوث ما يخالف الرشعية.
وﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻫﺬه اﻻﻧﺘﺸﺎرﻳﺔ ،أﻣﻜﻦ ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ أن متﺘﺪ إﱃ ﻣﺎ وراء اﻟﺤﺪود اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ؛ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﺨﻠﻖ وﺗُﻘ ﱢﺪم -ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻣﻦ- ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺎرزة ﻣﻦ أوﺟﻪ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺒﻠﺪان. وﻗﺪ ﺟﺎء اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﺄﻗﻮى ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﰲ اﻟﺪول اﳌﺠﺎورة اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺘني اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، وإن ﻛﺎن اﻻﻧﺘﺸﺎر ﺑﺎﻟﻎ اﻟﻘﻮة ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﱰﻛﻴﺎ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ أو أوﺟﻪ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﰲ اﻟﱰﻛﻴﺒﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ).(٥٠ إن ﻣﻦ ﺷﺄن اﳌﻮﻗﻒ اﻟﺴﻠﻤﻲ اﻟﺜﻘﺎﰲ/اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ واﻟﺘﻌﺎوين اﻟﺬي ﺗﺘﺒﻨﺎه اﻟﺤﺮﻛﺔ ،أن ﻳﺠﻤﻊ اﻟﻜﻴﺎﻧﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﳌﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺣﻮل اﳌﺸﱰك ،ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮرات واﻟﻘﻴﻢ).(٥١ وﻗﺪ ﺟﺎء اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،واﳌﺆمتﺮات ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،ووﻛﺎﻻت اﳌﺴﺎﻋﺪة واﻹﻏﺎﺛﺔ ،وﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،وﻣﻨﻈامت اﻟﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن واﻷﺳﻔﺎر واﻟﺰﻳﺎرات) .(٥٢ﺛﻢ إن اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﳌﻬﻨﻲ واﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ،واﻟﺤﺮاك اﻻﺟﺘامﻋﻲ داﺧﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻗﺪ متﺨﻀﺎ ﻋﻦ أﻋﻀﺎء ﻣﺆﻫﻠني وﻣﺜﻘﻔني ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻳﺆدون أﻋامﻻً ﻣﺘﻘﻨﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﺎﻋﺪ أﻳﻀً ﺎ ﻋﲆ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺻﻮرة اﻟﺤﺮﻛﺔ داﺧﻞ اﳌﺠﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ اﻟﻌﺎم ،وﻣﺎ ﺷ ﱠﻜﻞ ﻋﺎﻣ ًﻼ إﺿﺎﻓ ٍّﻴﺎ أﺳﻬﻢ ﰲ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ).(٥٣ حـ -املجال العام :ﺗُﺠﺴﺪ اﻟﺸﺒﻜﺎت واﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت 81
مقاالت nesemat.com nesemat.com
إن االشرتاك يف الحركة يرتكز عىل مشاركة املعلومات والتبادلية والتفاعل واالضطالع بدور فعال يف أنشطتها الجامعية ،وهو ما يجعلها َّ تتخذ شكل دوائر تقوم عىل عالقات الصداقة.
اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﺒﺎدئ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،وﺗﺪﻓﻊ اﻷﻓﺮاد وﺗُﻤ ﱢﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎدة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻘﻬﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ -ﻛﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ- ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺑﻐﻴ َﺔ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﺣﻴﺎة اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم) .(٥٤ﺛﻢ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ ﻗﻨﻮات ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ ،واﻟﻮﻟﻮج إﻟﻰ ﺑﺎﺣﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت وﻣﺸﺎرﻳﻊ وﺧﺪﻣﺎت ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻻ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ .وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲ ﻣﻔﺘﻮح ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺒﺎدرات ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ أن ﺗﺆدي إﻟﻰ إﺻﻼح وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﻴﻦ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﻘﻮﻣﻲ. وﻫﻜﺬا ،ﻓﻘﺪ أﺳﻬﻤﺖ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺧﻠﻖ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﳌﺸﱰك واﻹدراك اﻟﺴﻠﻴﻢ ﻟﻘﻴﻤﺔ اﳌﻮاﻃﻨﺔ ،ﻓﻴام ﻳﺤﺪوﻫﺎ أﻣﻞ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ اﻻﺣﱰام واﻟﺘﻔﺎﻫﻢ اﳌﺘﺒﺎ َدﻟَني دون اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺼﺪام).(٥٥ وﺗﺪأب ﺷﺒﻜﺎت اﻟﺤﺮﻛﺔ واﳌﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻴﻬﺎ ،ﻋﲆ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ،وﻋﲆ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻟﻠﻨﻘﺎش ﰲ اﳌﺠﺎل اﻟﻌﺎم .ﻛام ﺗﻨﺘﻘﻲ اﻷرﺿﻴﺎت اﳌﺸﱰﻛﺔ اﻟﺘﻲ ُميﻜﻦ ﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص أن ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻣ ًﻌﺎ ﻋﲆ أﺳﺎﺳﻬﺎ .وﺑﻌﺪ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎُ ،ﻳﺴ َﻤﺢ مبﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻔﺎﻋﻠني اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ،اﻟﴚء اﻟﺬي ُﻳﺤ ﱢﻮل ﻣﺒﺎدرات اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين إﱃ اﺣﺘامﻻت ﻟﻠﺘﻐﻴري اﻻﺟﺘامﻋﻲ ،دون اﻻﺿﻄﺮار إﱃ ﻣﺠﺎﺑﻬﺔ -ﻧﺎﻫﻴﻚ 82
ﻋﻦ اﻟﺴﻌﻲ إﱃ إﺑﻄﺎل -اﻟﴩﻋﻴﺔ واﻟﺴﻠﻄﺔ اﳌﺨ ﱠﻮﻟﺘني ﺑﺄﺟﻬﺰة ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .ﺛﻢ إن ﻫﺬه اﳌﺒﺎدرات ﺗُﺘﻴﺢ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻗﻮل أﺷﻴﺎء ﺟﺪﻳﺪة واﻻﺳﺘامع إﱃ أﺷﻴﺎء ﺟﺪﻳﺪة ﻏري ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﺟامﻋﺎت اﻟﻘﻮة اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﲆ اﳌﺸﻬﺪ اﻟﱰيك إﱃ ﻓﺮﺿﻬﺎ .ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗ َْﺼﺪر ﻋﻦ ﻣﻨﻄﻖ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﳌﻨﻄﻖ ﻫﺬه اﻟﺠامﻋﺎت. نقاط للمناقشة
ﻟﻘﺪ اﺗﺠﻬﺖ اﻻﻧﺘﻘﺎدات ﺣﻮل ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ واﺣﺪة أو أﻛﺜﺮ ،ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺨﻀﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻻﻧﺘﻤﺎءات: -1الالمركزية :مبﺎ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ مثﺔ ﻛﻴﺎن ﻣﺮﻛﺰي ﻣﻮﺣﺪ ،أو ﻣﻘﺮ أو ﻣﺴﺆول ﺗﻨﻔﻴﺬي ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ وﺟﻮد ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻀﻄﻠﻊ مبﻬﺎم "اﳌﺮاﻗﺒﺔ" أو "اﻟﺴﻴﻄﺮة") ،(٥٦ﻓﺈن ﻟﺠﻤﻴﻊ اﳌﺸﺎرﻛني ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا أﻓﺮا ًدا أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت، اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﻔﺴري رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ أو رﺳﺎﻟﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻗﺪر ﻃﺎﻗﺘﻬﻢ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﱪه ﺑﻌﺾ اﳌﻌﻠﻘني إﺣﺪى ﻧﻘﺎط اﻟﻀﻌﻒ اﳌﺤﺘﻤﻠﺔ. -2املوارد املالية :ﻟﻴﺲ مثﺔ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ أو دﻓﺎﺗﺮ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ -ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن -أن ﻳﺠﺪ اﻟﻐﺮﺑﺎء واﻟﺒﺎﺣﺜﻮن اﻟﺨﺎرﺟﻴﻮن ﻏري اﳌﻌﺘﺎدﻳﻦ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﳌﻮزﻋﺔ ،ﺻﻌﻮﺑ ًﺔ ﰲ ﻓﻬﻢ ﻛﻴﻔﻴﺔ أداء اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ أرﺟﺎء اﳌﻌﻤﻮرة ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﻢ ﻣﻦ اﻷﻋامل .وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺸﺄ ﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ ﻓﻴام ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺸﻞ ﰲ إدراك اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻻﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار داﺧﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ، وميﻜﻦ ﻟﻬﺎﺗني اﻟﺴﻤﺘني ﻣ ًﻌﺎ ،أن ﻛام ورد ﰲ اﻟﺒﻨﺪ )ُ ،(١ ﺗﺆدﻳﺎ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﻟﺸﻌﻮاء ﺿﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ واﻟﺤﺮﻛﺔ ﱟ ﻛﻜﻞ ﰲ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﻣﺼﺎدر متﻮﻳﻠﻬﺎ.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
ُ اﻻﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺘﻲ ﺗُﻤﻴﺰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ ﺗُﺰ ﱢود ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛ َﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ ﺻﻮت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ،وﺑﺎﻟﻤﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﻈﺮوف اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺒﻜﺎت رﺳﻤﻴﺔ وﻏﻴﺮ رﺳﻤﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات
nesemat.com
الخامتة
nesemat.com
جـ -الترتك ( :)Turkishnessﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺮى أن اﻟﺤﺮﻛﺔ "ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﱰك" ،ﺑﻴﺪ أن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ -ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ -ﻟﻴﺲ مثﺔ أي ﺑﺤﺚ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ اﺿﻄﻠﻊ مبﻬﻤﺔ ﻗﻴﺎس اﻟﺘﻨﻮع داﺧﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﱟ ﻛﻜﻞ أو ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ أو اﻟ ِﻌﺮق أو اﳌﻌﺘﻘﺪات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺘامءات أو اﻷﺟﻨﺎس أو اﻷﻋامر وﻫﻠﻢ ﺟ ٍّﺮا، وﻟﺬا ﻓﺈن ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت -إﱃ اﻵن -مل ﺗﺨﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎت اﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ؛ إذ ﺑﻼ ﱟ ﺷﻚ ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻼﻓﺎت ﻓﻴام ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻘﺎط ،وﻫﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺆﺳﺴﺎت ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎمل ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻛرثة ﻣﻦ اﳌﻮﻇﻔني ﺣﺎﻣﲇ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ .وﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺒام أﻧﻪ ﻟﻴﺲ مثﺔ "ﻋﻀﻮﻳﺔ" ﰲ ﺣﺮﻛﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين ،ﻓﻤﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﻧﺼﻞ إﱃ أي اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ،أو أن ﻧﻔﻬﻢ ﻛﻴﻒ ُميﻜﻦ ﻟﻸﺑﺤﺎث ﰲ ﻫﺬا اﳌﻀامر أن ﺗُﻀﺒﻂ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻼمئﺔ. د -املرأة :ﻋ ﱠﻠﻖ ﺑﻌﺾ اﻷﻛﺎدميﻴني ﻋﲆ ﻋﺪم "وﺿﻮح" دور اﳌﺮأة داﺧﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،وﻋﲆ ﻣامرﺳﺎت اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺠﻨﺲ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،اﻧﺘﻬﺖ )ﺑﺎﺣﺜﺎت( ﻋﱪن ﻋﻦ أﺧﺮﻳﺎت إﱃ أن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﳌﺸﺎرﻛﺎت ،ﻗﺪ ﱠ ﻣﻮاﻓﻘﺘﻬﻦ ﻋﲆ ﻫﺬه اﳌامرﺳﺎت اﻟﺘﻤﻴﻴﺰﻳﺔ ،ﻣﻔﻀﻼت َ اﻟﻌﻤﻞ "ﻣﻦ وراء اﻟﻜﻮاﻟﻴﺲ" ،وﻏري راﻏﺒﺎت ﰲ أن ﺗﺘﻐري ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ).(٥٧
إن منوذج الخدمة الثقايف الرمزي التعددي، يحرتم االختالفات واالحتياجات الفردية ،وال مكان فيه للحلول الطائفية أو الطموحات املهمشة أو ويسعى إليها من تحقيق املصالح التي تتشكل ُ خالل أساليب تتعارض مع النظام املستقر.
واﻟﻤﻨﺎﺑﺮ ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﻌﻼﺋﻘﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺑﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻀﺮﻫﺎ اﻟﺴﻜﺎن ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﺠﻮار).(٥٨ اﻟﺴ ُﺒﻞ اﻟﺘﻲ ُميﻜﻦ وﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﲆ إﻳﺠﺎد ُ ﻟﻸﺷﺨﺎص ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﻳﺘﻌﺎﻳﺸﻮا ﻣ ًﻌﺎ ،وﻳﻀﻌﻮا أﻫﺪا ًﻓﺎ ﻣﺸﱰﻛﺔ ،ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺤﱰﻣﻮن ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻓﺎت ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ -ﺑﺪوره -ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ أداء دور اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ واﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﺑني اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت أو اﻟﺠامﻋﺎت اﳌﻨﻔﺼﻠﺔ ﺑﻘﻮ ٍة ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ؛ إذ إن ﻣﻦ ﺷﺄن اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت واﻟﺘﺼﺪﻋﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،أن ﺗﻨﻤﺤﻲ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ِاﻟﺤﻠﻢ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺤﻮار -إﱃ اﻟﻮﺣﺪة. وﻗﺪ ﺷ ﱠﻜﻞ اﳌﺸﺎرﻛﻮن ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﺪ ًدا ﻛﺒ ًريا ﻣﻦ اﳌﻨﻈامت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﱪ اﻟﺤﺪود ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄن ﻫﺬا اﻟﺤﺮاك أن متﺨﺾ ﻋﻦ إﺷﺎﻋﺔ وﻧﴩ اﻷﻓﻜﺎر واﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻷمنﺎط اﻟﺠﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﻌﻤﻞ .وﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،أﻣﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺒﺬور اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ إﱃ مثﺎر ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺠامﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺗﻠﺒﺚ أن ﺗﺘﺨﺬ ﻃﺎﺑ ًﻌﺎ ﻣﺆﺳﺴ ٍّﻴﺎ .وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ اﻟﻌﻼﺋﻘﻴﺔ اﻟﱰاﺑﻄﻴﺔ ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،ﻳﺘﺂﻟﻒ اﳌﺸﺎرﻛﻮن ﰲ وﺋﺎم وميﺪون اﻟﺠﺴﻮر ﻣﻊ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﳌﺘﻌﺪدة ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ -ﺑﺼﻔﺔ رﺳﻤﻴﺔ وﻏري رﺳﻤﻴﺔ -ﻛﻠام دﻋﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ذﻟﻚ).(٥٩ إن ﻣﻦ ﺷﺄن ﺗﻌﺪدﻳﺔ اﻻﻧﺘامءات ،أن ﺗُﻌ ﱢﺰز ﻣﻦ ﻣﺮوﻧﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺗﺸﺠﻴﻊ وﺗﻮﺟﻴﻪ اﳌﺒﺎدرات 83
مقاالت اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻐﺮض دﻋﻢ اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺨريﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .ومتﺎﺷ ًﻴﺎ ﻣﻊ ﻓﺮﺿﻴﺎت ﻣﺎ ﻳﺒﺪو وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ،ﻳﻌﻤﻞ اﳌﺸﺎرﻛﻮن ﻋﲆ ﺗﻌ ﱡﻬﺪ ﻫﺬه اﻻﻫﺘامﻣﺎت واﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﳌﺤﺪدة ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﻬﻢ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم )أو ﻣﻊ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﺗﺒﻌﻴﺘﻬﻢ ﻟﻪ( ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘامﺷﻮن ﻣﻊ "اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎﻣﺔ" ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻋﻨﴫا أﺳﺎﺳ ٍّﻴﺎ وﺑﻬﺬا اﳌﻌﻨﻰ ﺗُﻌﺘﱪ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ً ﻣﻦ ﻋﻨﺎﴏ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين ،واﻟﻮﻋﻲ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻲ، وﺗﻮﻃﻴﺪ دﻋﺎﺋﻢ اﻟﺘامﺳﻚ اﻻﺟﺘامﻋﻲ. وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﳌﺒﺎﴍة ،وإﺗﺎﺣﺔ ﻗﻨﻮات اﻻﺗﺼﺎل واﻟﺘﺰوﻳﺪ ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ،واﻟﻘﻴﺎدات اﳌﺤﻨﻜﺔ ﰲ ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،وردود اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮﻫﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻟﺠامﻫري ،ﻳﺘﺴ ﱠﻨﻰ ﻟﻠﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ واﳌﺸﺎرﻛني ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﻴﻮد ،اﻟﴚء اﻟﺬي ﻳﺤﺜﻬﻢ -ﺑﺪوره -ﻋﲆ اﻟﺘﻔﻜري واﻟﺘﺄﻣﻞ .وﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺠﻤﻴﻊ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣامرﺳﺎﺗﻬﻢ واﺳﺘﻘﺮاﺋﻬﺎُ ،ميﻜﻦ ﻟﻠﺸﺒﻜﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ وﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،أن ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﺪور اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ اﳌﺆﺳﺴﻴﺔ؛ مبﻌﻨﻰ إﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﺰاﻋﺎت واﳌﺸﻜﻼت واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ إﱃ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﻄﺎء ،ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻋﲆ ﺗﺴﻴري إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﺣﺪوث اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑني اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ،وﺑني ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺬات واﳌﺸﺎرﻛﺔ ،وﺑني اﻟﺨﺎص واﻟﻌﺎم. وﻳﻌﻤﻞ اﳌﺸﺎرﻛﻮن ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺷﺒﻜﺎﺗﻬﺎ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ،ﺑﻬﺪف اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺠﻬﻞ واﻟﻐﻄﺮﺳﺔ ،واﻷﻋامل اﻟﻌﺪاﺋﻴﺔ ،واﻟﻔﺠﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ داﺧﻞ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت وﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﺎ .ﻛام ﺗﻌﻤﻞ اﻟﺸﺒﻜﺎت واﳌﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺷﺘﻰ اﻷمنﺎط اﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ ﻟﻸﻋامل اﻟﻐريﻳﺔ اﻹﻳﺜﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺨﺾ -ﺑﺪورﻫﺎ -ﻋﻦ منﺎذج وﻣﴩوﻋﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ وﻋﻼﺋﻘﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة 84
ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم) .(٦٠وﺗ َُﺤﻮل اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺂﻟﻴﺎت ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﺸﺎور واﻟﺘﻔﻜري اﻟﺠامﻋﻲ واﻹﺟامع ،دون ﻇﻬﻮر ﻋﻘﻠﻴﺔ اﻟﻘﻄﻴﻊ ،أو اﻟﺴﻘﻮط ﰲ ﻫﻮة "أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺠامﻋﻲ").(٦١ وﻫﻜﺬا ﺗﻮﻗﻆ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﰲ ﻧﻔﻮس أﻓﺮادﻫﺎ ،اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻻﺳﺘﻴﻌﺎب اﻟﺘﻨﻮع واﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ،وﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ واﻟﺘﻌﺎون اﻹﻧﺴﺎين ﺑني ﺷﺘﻰ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت ،وﻟﺘﻮﻓري ُﺳ ُﺒﻞ اﻟﻌﻼج ﻟﻠﻨﺰاﻋﺎت واﻟﴫاﻋﺎت واﻟﻌﻨﻒ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ. إن اﳌﺮوﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ، وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻜﻴﻒ ،وﴎﻋﺘﻬﺎ ﰲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷﻣﻮر، ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻨﺎة ﻣﺘﻴﴪة ﻟﻠﺘﻌﺒري اﳌﺒﺎﴍ ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ُميﻜﻦ ﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻷﺣﺰاب ً ﺗﻨﻈﻴام ،أن اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،أو ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﻨﻈامت اﻷﻛرث ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ. وﺗﻜﻤﻦ ﻗﻮة اﻟﺤﺮﻛﺔ ﰲ ﻗﺪرة اﳌﺸﺎرﻛني ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻌﻲ وراء ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ اﳌﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﰲ ﻋﺪم اﺳﺘﻌﺪادﻫﻢ ﻟﻠﻬﺮوب أو اﻟﺘﻄﺮف أو اﻟﻌﻨﻒ ،وﰲ ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﻢ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار واﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪور اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ،وﰲ ﻛﻔﺎءﺗﻬﻢ وﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﻢ ،وﰲ أﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻬﻢ اﳌﻬﻨﻴﺔ وإﺳﻬﺎﻣﻬﻢ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻻﻫﺘامﻣﺎت. اﻟﻬﻮاﻣﺶ ) (١أﻳﻨام وردت ﻛﻠﻤﺔ "اﻟﺤﺮﻛﺔ" )ﺑـ"أﻟـ" اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ( ،ﰲ ﻃﻴﺎت ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ، ﻳﻜﻮن ﻣﻘﺼﻮ ًدا ﺑﻬﺎ اﻹﺷﺎرة إﱃ "ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ"؛ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء وﻗﻮﻋﻬﺎ ﰲ اﺻﻄﻼح "ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ."SMO ) (٢ﺳﺰرﻳﱰ ٣-٢ :١٩٩٩؛ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ أوﻧﺎل ووﻟﻴﺎﻣﺰ ٣١٨ :٢٠٠٠ﺷﺘني:٢٠٠٦ ، ٢١-١؛ ﻛﻮﻟﻦ٢٠٠٠ ،ب٢١ :؛ ٢٠٠٤أ.١٤-٢١٠ : ) (٣ﻛﻮﳌﺎن ٣٠٢ :١٩٩٤؛ دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ ودﻳﺎين١٤ :١٩٩٩ ،؛ ﺑﻮﺗﻨﺎم.٢٢ :٢٠٠٠ ، ) (٤ﺑرين.١٥ :١٩٩٧ : ) (٥دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ ودﻳﺎين١٧ :١٩٩٩ ،؛ ﻣﻴﻠﻮﺗﴚ.٣٠٨ :١٩٩٩ ، ) (٦ﻟﻼﻃﻼع ﻋﲆ أﺣﺪ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻢ ﻫﺬا اﻟﺮأي ،اﻧﻈﺮ ﻟﻮﻓﻼﻧﺪ:١٩٩٦ ،
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
٦-٢٣٤؛ ﻛﻴﺘﺲ.٢-٢٤١ :٢٠٠٠ ، ) (٧ﻣﺎك آدم وآﺧﺮون٧٠٨ :١٩٨٨ ،؛ ﻟﻮﻓﻼﻧﺪ٦-٢٣٤ :١٩٩٦ ،؛ ﺑﻮﺗﻨﺎم، .٩٠-٢٨٨ :٢٠٠٠ ) (٨ﻫﺎﻧﺖ وﺑﻨﻔﻮرد٤٣٨ :٢٠٠٤ ،؛ دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ ودﻳﺎين.١٤ :١٩٩٩ ، ) (٩ﻟﻮﻓﻼﻧﺪ٧-١٩٥ :١٩٩٦ ،؛ ﺑﻮﺗﻨﺎم.٩٠-٢٨٨ :٢٠٠٠ ، ) (١٠اﻧﻈﺮ ﺷﺘني ٣ .٥،٢ :٢٠٠٩ ،و.٥ .٥٫٢ ) (١١ﻛﻮﻧﻮك١٨ :١٩٩٩ ،؛ ﺑﻮﺗﻨﺎم.٦٧ :١٩٩٥ ،٩٠-٢٨٨ :٢٠٠٠ ، ) (١٢ﻣﻴﻠﻮﺗﴚ٧٤ :١٩٩٩ ،؛ واﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺷﺘني ٣،٢،٦ :٢٠٠٩ ،ﺣﻮل اﻟﻘﺒﻮل، وﺻريورﺗﻚ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻟﺜﻘﺎﰲ ،واﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﳌﺜﻞ. ) (١٣دﻳﺎين ) (٩-٣٤٨ :٢٠٠٤ﻳﺴﺘﺨﺪم "اﻻﻧﺘامءات اﳌﺘﺪاﺧﻠﺔ" ﻟﻠﺘﻌﺒري ﻋﻦ ﻫﺬا اﳌﻌﻨﻰ. ) (١٤دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ ودﻳﺎين.١١٩ :١٩٩٩ ، ) (١٥ﻣﻴﻠﻮﺗﴚ.٣٠٨ ،١٢٤ :١٩٩٩ ، ) (١٦ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ أميﺎز ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٥ﰲ ﺷﺘني.١٨٢ :٢٠٠٩ ، ) (١٧ﻛﻼﻧﺪﻳﺮﻣﺎﻧﺲ.٣٦١ :٢٠٠٤ ، ) (١٨ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻋﻦ اﺗﺼﺎﻟﻴﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت وﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ داﺧﻞ وﺧﺎرج ﺗﺮﻛﻴﺎ ،اﻧﻈﺮ ﺷﺘني.٤،١،١ ،٣،٢،١١ ،٣،٢،٦ :٢٠٠٩ ، ) (١٩ﻛﻮﻟﻦ٢٠٠٤ ،أ٨٢ :؛ واﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺷﺘني.٤،٢،٤ ،٣،٢،٥ ،٣،٢،٤ ،٣،٢،٣ :٢٠٠٩ ، ) (٢٠اﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺷﺘني.٤،٢،٤ :٢٠٠٩ ، ) (٢١ﻣﻜﺎريث ،وزاﻟﺪ١٩٨٧ ،أ٣٧٥ ،٣٧١ :؛ دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ ودﻳﺎين،١٤٥ :١٩٩٩ ، .١٦٢ ) (٢٢ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ إﻳﺮﺟني ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٥ﰲ ﺷﺘني.١٧٨ :٢٠٠٩ ، ) (٢٣اﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺷﺘني ٤،٢،٣ :٢٠٠٩ ،ﺣﻮل اﳌﺄﺳﺴﺔ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ٢٨ ﻓﱪاﻳﺮ. ) (٢٤ﻛﻮﻟﻦ٢٠٠٤ ،أ.٢٣٠ ،٥٠ ،٤٢ : ) (٢٥ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ أميﺎز ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٥ﰲ ﺷﺘني.١٧٧ :٢٠٠٩ ، ) (٢٦ﻟﻮﻓﻼﻧﺪ.١٩٥ :١٩٩٦ ، ) (٢٧ﺳﺘﻴﻔﻨﺴﻮن١٥٩ :٢٠٠٧ ،؛ ﺑﻴﻨﺎرد٣٨ :٢٠٠٣ ،؛ أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘني، ٤-٥٣ :٢٠٠٧؛ إﻳﺮﻓني٤-٨٢ :٢٠٠٧ ،؛ ﻫﻨﺪرﻳﻚ٣١-٢٩ ،١٣ :٢٠٠٧ ،؛ واﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺷﺘني.٥،٢،٤ ،٣،٢،١١ ،٣،٢،٦ :٢٠٠٩ ، ) (٢٨ﺳﻨﻮ وﻣﺎﺗﺸﺎﻟﻴﻚ١٨٠ :١٩٨٤ ،؛ وﻛﻴﻠﺒﻮرن ورﻳﺘﺸﺎردﺳﻮن٢ :١٩٨٨ ،؛ ﻣﻘﺘﺒﺲ ﰲ ﻟﻮﻓﻼﻧﺪ.٢٢٣ ،٢٢٢ :١٩٩٦ ، ) (٢٩ﻣﺎك آدم ورﺷﺖ.٥٨ :١٩٩٣ ، ) (٣٠اﻧﻈﺮ ﺷﺘني.٤،٢،٣ :٢٠٠٩ ، ) (٣١ﻣﻴﺸﺎل٧٠ :٢٠٠٣ ،؛ أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘني٨-٥٦ :٢٠٠٧ ،؛ واﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺎﻟﻴﻮﻧﺠﻮ ) (٢٠٠٨اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻨﺰاع اﻟﻌﺮﻗﻲ اﻟﺪﻳﻨﻲ: ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق ﺗﺮﻛﻴﺎ .ﻻﻳﺖ :ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ. ) (٣٢اﻧﻈﺮ ﺷﺘني.٤،٢،٤ ،٣،٢،٦ :٢٠٠٩ ،
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
) (٣٣أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘني٦١-٤٠ :٢٠٠٧ ،؛ ﻫﻨﺪرﻳﻚ٣١ ،٢٨ ،١٣ :٢٠٠٧ ،؛ ﺷﺘني.٢١-١ :٢٠٠٦ ،٦٢-١٥٣ :٢٠٠٩ : ) (٣٤ﺷﺘني.١٨٥-١٨٤ :٢٠٠٩ ، ) (٣٥ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ أميﺎز ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٥ﰲ ﺷﺘني.١٨٥ :٢٠٠٩ ، ) (٣٦اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.١٨٥ ، ) (٣٧أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘني .٥٩ :٢٠٠٧ ،واﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺷﺘني٢٤-١١٤ :٢٠٠٩ ، ﺣﻮل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻏري اﳌﺜرية ﻟﻠﺠﺪل وﻏري اﳌﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ. ) (٣٨وﻳﻠﻴﺎﻣﺰ.١٠٢ :٢٠٠٤ ، ) (٣٩ﻛريك٣٤-٤٠٧ :٢٠٠٨ ،؛ ﻛﺎﻟﻴﻮﻧﺠﻮ.٧٣-٣٥٠ :٢٠٠٨ ، ) (٤٠ﻛﻮﻟﻦ١٩٩٨ ،ب٤ :؛ أوﻧﺎل ووﻳﻠﻴﺎﻣﺰ٣-٢٢ :٢٠٠٢ ،؛ ودﻫﺎل وﺷﺘني، :٢٠٠٥ﻛﻮﻟﻦ٢٠٠٤ ،أ.١١٩ : ) (٤١ﻛريك٨-٤٠٧ :٢٠٠٨ ،؛ .٢٥-٤٢٣ ،٤١٩ ) (٤٢آﺗﺶ وآﺧﺮون.٢٠٠٥ ، ) (٤٣ﺷﺘني.٢٢٧ :٢٠٠٩ ، ) (٤٤اﻧﻈﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺷﺘني.٠٤-١٠٣ ،٩٥-٨٩ :٢٠٠٩ ، ) (٤٥ﺗﺸري ﻋﻤﻠﻴﺔ ٢٨ﻓﱪاﻳﺮ إﱃ ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻟﺘﺪاﺑري واﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺖ اﻻﻧﻘﻼب اﻟﻨﺎﻋﻢ اﻟﺬي ﺟﺮى ﰲ ﻋﺎم .١٩٩٧ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ،اﻧﻈﺮ أوزﻳﻞ، .٨٧ :٢٠٠٣ ) (٤٦ﺑرياﻧﺪ٢٠٠٠ ،؛ ﻣﻮرﻳﺲ .٢٠٠٠ ) (٤٧دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ ودﻳﺎين.٢٤٦ :١٩٩٩ ، ) (٤٨وﻳﺘري.٥٤٧ :٢٠٠٤ ، ) (٤٩ﻣريﰲ :٢٠٠٥ ،ب .١ ) (٥٠ﺑﺮوﻛامﻳﺮ.٦١-٣٤٧ :٢٠٠٧ ، ) (٥١ﻛﻮروﺳﺘﻴﻠﻴﻨﺎ.٧١-٤٦٦ ،٦٠-٤٥٦ :٢٠٠٨ ، ) (٥٢إﻳﺮﻓني.٧٣ ،٧-٦٦ ،٩-٥٧ :٢٠٠٦ ، ) (٥٣ﻛﺮاوس.٧٥-١٧٤ :٢٠٠٧ ، ) (٥٤إﻳﺮﻓني٧٢-٦٧ ،٥٩ :٢٠٠٧ ،؛ ﺗﻴﻜﺎﻻن٣ :٢٠٠٥ ،؛ أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘني، ٥٩ :٢٠٠٧؛ ﻣﻴﺸﻴﻞ٢٠٠٥ ،ب.٣٥١ : ) (٥٥ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ،اﻧﻈﺮ www.gyv.org.tr ) (٥٦إﻳﺮﻓني.٦٧-٦٦ :٢٠٠٧ ، ) (٥٧ﺗﻮرام١١٨ :٢٠٠٧ ،؛ راوش.٣٤-٦١٠ :٢٠٠٨ : ) (٥٨ﻣﻴﻠﻮﺗﴚ.٢١-٢١٩ :١٩٩٩ ، ) (٥٩أوزداﻟﺠﺎ.٤٤٣ :٢٠٠٥ ، ) (٦٠ﻣﻴﺸﻴﻞ٢٠٠٥ ،ب.٣٥٤ : ) (٦١ﻛﻮﻟﻦ٢٠٠٥ ،أ.٨-٤٣ : اﳌﺮاﺟﻊ ) (٣١أﺻﻼن دوﻏﺎن ،ي .أ ،.ﺷﺘني ،م" (٢٠٠٧) .منﻮذج ﻛﻮﻟﻦ اﻟﱰﺑﻮي ﰲ اﻟﻔﻜﺮ واﳌامرﺳﺔ" .ﰲ :ﻫﺎﻧﺖ ،ر .أ .وأﺻﻼن دوﻏﺎن ،ي .أ.٦١-٣٥ ،(٢٠٠٧) .
85
مقاالت ) (٣١آﺗﺶ ،ت ،أورﺗﺎﻳﲇ ،إ ،ﻛﺎراﻛﺎش ،إ" (٢٠٠٥) .ﺟﺴﻮر اﻟﺴﻼم :ﻣﺪارس ﺗﺮﻛﻴﺔ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﺎمل ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ" .إﺳﻄﻨﺒﻮل :أﻓﻖ ﻛﻴﺘﺎﺑﻼري. ) (٣١ﺑﻴﻨﺎرد ،ش" (٢٠٠٣) .اﻹﺳﻼم اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻲ اﳌﺪين ،اﻟﴩﻛﺎء واﳌﻮارد واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت" .ﻓريﺟﻴﻨﻴﺎ :ﻣﺆﺳﺴﺔ راﻧﺪ ،ص .٨٨ﻣﺘﺎح ﻋﲆ: www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monograph_reports/2005/ MR1716.pdf
) (٣١ﺑرياﻧﺪ ،م .أ" (٢٠٠٠) .أمل ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﳌﻔﱰض ﺑﻜﻮﻟﻦ أن ﻳﻜﻮن ُﻣﺨ ﱢﻠ ًﺼﺎ؟" ﻋﻤﻮد رأي .ﺗريﻛﺶ دﻳﲇ ﻧﻴﻮز ٢ ،ﺳﺒﺘﻤﱪ. ) (٣١ﺑﺮوﻛامﻳﺮ ،ب" (٢٠٠٧) .ﻣﺪرﺳﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺑﻨﻮم ﺑﻨﻪ ﻛﺒﺪﻳﻞ ﻣﺘﺎح ﻟﻸﻗﻠﻴﺔ اﳌﺴﻠﻤﺔ ﰲ ﻛﻤﺒﻮدﻳﺎ ﻋﻮﺿً ﺎ ﻋﻦ اﻟﻨامذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة" ،ﰲ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺤﻮل :إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ، ﺗﺤﺮﻳﺮ إ .ﻳﻠامز وآﺧﺮون ،ﻟﻨﺪن :ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻴﺪز ﻣﻴﱰوﺑﻮﻟﻴﺘﺎن، .٢٠٠٧ص .٦١-٣٤٧ ) (٣١ﺑرين ،ب" (١٩٩٧) .اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ" .ﻟﻨﺪن :روﺗﻠﻴﺪج. ) (٣١ﺷﺘني ،م" (٢٠٠٦) .اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻳﺜﺎري اﻟﺘﻄﻮﻋﻲ :ﺗﺤﺪﻳﻪ اﻟﺮﻣﺰي ﻟﻠﻤﺘﺒﻄﻠني ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﳌﺼﺎﻟﺢ"ُ .ﻗﺪﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ ﺛﺎين اﻧﻌﻘﺎدات اﳌﺆمتﺮ اﻟﺴﻨﻮي ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ﰲ اﻟﻌﺎمل اﳌﻌﺎﴏ :ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ واﳌامرﺳﺔ ،واﻟﺬي ﻧﻈﻤﻪ ﻗﺴﻢ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ،ﻧﻮرﻣﺎن ،أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ،وﻣﻌﻬﺪ اﻟﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن، ﺗﻜﺴﺎس ،وﻛﻠﻴﺔ ﺑﻴﱰي ﻟﻠﻔﻨﻮن واﻟﻌﻠﻮم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ﺳﻴﺘﻲ٥-٣ ، ﻧﻮﻓﻤﱪ ،٢٠٠٦ ،ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ،ﻧﻮرﻣﺎن ،أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ .اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ص .٢١ ) (٣١ﺷﺘني ،م" (٢٠٠٩) .ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ :ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺑﻼ ﺣﺪود" .ﺑﻠﻮ دوم، ﻧﻴﻮﻳﻮرك. ) (٣١دﻳﻼ ﺑﻮرﺗﺎ ،د ،.دﻳﺎين ،م" (١٩٩٩) .اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ :ﻣﻘﺪﻣﺔ". أﻛﺴﻔﻮرد ،ﺑﻼﻛﻮﻳﻞ. ) (٣١دﻳﺎين ،م" (٢٠٠٤) .اﻟﺸﺒﻜﺎت واﳌﺸﺎرﻛﺔ" .ﰲ :ﺳﻨﻮ ،د .أ ،.ﺳﻮﱄ ،س .أ. وﻛﺮﻳﴘ ،ﻩ .ﻣﺤﺮرون ).٥٩-٣٣٩ ،(٢٠٠٤ ) (٣١ﻛﻮﻟﻦ ،ف" (١٩٩٨) .اﳌﻮازﻳﻦ أو أﺿﻮاء ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻖ" .إزﻣري ،ﺗﺮﻛﻴﺎ: ﻛﺎﻳﻨﺎك. ) (٣١ﻛﻮﻟﻦ ،ف" (٢٠٠٠) .اﳌﻮازﻳﻦ أو أﺿﻮاء ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻖ" .ﻟﻨﺪن ،اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة ،ﺗﺮوﺳﺘﺎر. ) (٣١ﻛﻮﻟﻦ ،ف" (٢٠٠٤) .ﻧﺤﻮ ﺣﻀﺎرة ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺤﺒﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ". ﺳﻮﻣﺮﺳﺖ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ ،ﴍﻛﺔ ذا ﻻﻳﺖ. ) (٣١ﻛﻮﻟﻦ ،ف" (٢٠٠٥) .وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح" .ﺳﻮﻣﺮﺳﺖ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ ،ﴍﻛﺔ ذا ﻻﻳﺖ. ) (٣١ﻫﻨﺪرﻳﻚ ،ج .د" (٢٠٠٧) .اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت ﱠ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﻟﻺﺳﻼم اﻟﺤﺮيك": أﻃﺮوﺣﺔ ﻣﻀﺎدة ﰲ اﻟﻨﺸﺎط اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺎﳌﻲ .ﰲ :ﻫﺎﻧﺖ ،أ .ر .وأﺻﻼن
86
دوﻏﺎن ،ي .أ .ﻣﺤﺮران ).٣٣-١١ ،(٢٠٠٧ ) (٣١ﻫﺎﻧﺖ ،ر .أ ،.أﺻﻼن دوﻏﺎن ،ي .أ .ﻣﺤﺮران )" (٢٠٠٧اﳌﻮاﻃﻨﻮن اﳌﺴﻠﻤﻮن ﰲ اﻟﻌﺎمل اﳌﻌﻮمل :إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ" .ﺳﻮﻣﺮﺳﺖ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ ،ﻣﻄﺒﻌﺔآي آي دي وﴍﻛﺔ ذا ﻻﻳﺖ. ) (٣١ﻫﺎﻧﺖ ،س .أ ،.ﺑﻨﻔﻮرد ،ر .د" (٢٠٠٤) .اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ واﻻﻟﺘﺰام" ﰲ :ﺳﻨﻮ ،د .أ ،.ﺳﻮﱄ ،س .أ ،.ﻛﺮﻳﴘ،ﻩ .ﻣﺤﺮرون )،(٢٠٠٤ .٥٨-٤٣٣ ) (٣١إﻳﺮﻓني ،ج" (٢٠٠٦) .ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ واﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﱰيك ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ"ُ .ﻗﺪﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ ﺛﺎين اﻧﻌﻘﺎدات اﳌﺆمتﺮ اﻟﺴﻨﻮي ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ﰲ اﻟﻌﺎمل اﳌﻌﺎﴏ :ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ واﳌامرﺳﺔ ،واﻟﺬي ﻧﻈﻤﻪ ﻗﺴﻢ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ،ﻧﻮرﻣﺎن ،أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ،وﻣﻌﻬﺪ اﻟﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن ،ﺗﻜﺴﺎس ،وﻛﻠﻴﺔ ﺑﻴﱰي ﻟﻠﻔﻨﻮن واﻟﻌﻠﻮم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ﺳﻴﺘﻲ ٥-٣ ،ﻧﻮﻓﻤﱪ ،٢٠٠٦ ،ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ،ﻧﻮرﻣﺎن، أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ .اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ص.٦٩-٥١ ) (٣١إﻳﺮﻓني ،ج" (٢٠٠٧) .ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ واﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﱰيك ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ" .ﰲ: ﻫﺎﻧﺖ ،ر .أ .وأﺻﻼن دوﻏﺎن ،ي .أ .ﻣﺤﺮران اﳌﻮاﻃﻨﻮن اﳌﺴﻠﻤﻮن ﰲ اﻟﻌﺎمل اﳌﻌﻮمل :إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ.٨٤-٦٢ ، ) (٣١ﻛﺎﻟﻴﻮﻧﺠﻮ ،م" (٢٠٠٨) .ﻣﺪارس ﴍق أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﳌﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ :اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﻌﻠامين ﰲ ﻛﻴﻨﻴﺎ واﻟﻨﻬﺞ اﻟﱪاﺟاميت ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﰲ أوﻏﻨﺪا". َﻣﺤﺎﴐ ﺟﻠﺴﺎت ﻣﺆمتﺮ :اﻹﺳﻼم ﰲ ﻋﴫ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ١٥-١٤ ، ﻧﻮﻓﻤﱪ ،٢٠٠٨ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرج ﺗﺎون ،واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ص .٧٣-٣٥٠ ) (٣١ﻛﺎﻟﻴﻮﻧﺠﻮ ،م" (٢٠٠٨) .اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻨﺰاع اﻟﻌﺮﻗﻲ اﻟﺪﻳﻨﻲ :ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق ﺗﺮﻛﻴﺎ" ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ :ﻻﻳﺖ. ) (٣١ﻛﻴﻠﺒﻮرن ،ب .ك ،.رﻳﺘﺸﺎردﺳﻮن ،ج .ت" (١٩٨٨) .ﴏاع اﻟﻨامذج اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وأمنﺎط اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ وﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻪ .ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻲ".٢١-١ ،(١)٥٠ ، ) (٣١ﻛريك ،م .أ" (٢٠٠٨) .ﺑﺬور اﻟﺴﻼم :إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ واﻹﻏﺎﺛﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﺟﻨﻮب ﴍق ﺗﺮﻛﻴﺎ"َ ،ﻣﺤﺎﴐ ﺟﻠﺴﺎت ﻣﺆمتﺮ: اﻹﺳﻼم ﰲ ﻋﴫ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ١٥-١٤ ،ﻧﻮﻓﻤﱪ ،٢٠٠٨ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرﺟﺘﺎون ،واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ص٣٤-٤٠٧ ) (٣١ﻛﻴﺘﺲ ،ج .أ" (٢٠٠٠) .اﻟﺤﺸﺪ ﰲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺳﻮداء :اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ" ،ﻣﺠﻠﺔ ﻣﻮﺑﻴﻼﻳﺰﻳﺸﻦ اﻟﺪوﻟﻴﺔ.٢٥٧-٢٤١ :(٢)٥ ،٢٠٠٠ ، ) (٣١ﻛﻼﻧﺪ ﻳﺮﻣﺎﻧﺲ ،ب" (٢٠٠٤) .اﳌﺸﺎرﻛﺔ وﻗﺎﻧﻮن اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ: اﻻرﺗﺒﺎﻃﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ". ﰲ :ﺳﻨﻮ ،د .أ ،.ﺳﻮﱄ س .أ .وﻛﺮﻳﴘ ،ﻩ .ﻣﺤﺮرون ).٧٩-٣٦٠ ،(٢٠٠٤ ) (٣١ﻛﻨﻮك ،د" (١٩٩٩) .اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ورأس اﳌﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ اﳌﺸﱰك" .ص ٤٢-١٧ﰲ رأس اﳌﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ اﳌﺸﱰك واﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ، ﺗﺤﺮﻳﺮ س .م .ﺟﺎﺑﺎي .ﺑﻮﺳﻄﻦ :ﻛﻠﻮﻳﺮ.
التعددية ،املشاركة واآلثار يف حركة الخدمة
) (٣١ﻛﻮروﺳﺘﻴﻠﻴﻨﺎ ،ك" (٢٠٠٨) .إﻋﺎدة ﺗﻌﺮﻳﻒ"ﻧﺤﻦ" و"ﻫﻢ" :ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺗﻐﻴري اﻟﺘﺼﻮرات ﺑني اﳌﺴﻠﻤني وﻏري اﳌﺴﻠﻤني"َ ،ﻣﺤﺎﴐ ﺟﻠﺴﺎت ﻣﺆمتﺮ :اﻹﺳﻼم ﰲ ﻋﴫ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ١٥-١٤ ،ﻧﻮﻓﻤﱪ، ،٢٠٠٨ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرج ﺗﺎون واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ،ص.٧٣-٤٥٥ ) (٣١ﻛﺮاوس ،و" (٢٠٠٧) .اﻟﺪﻣﺎﺛﺔ ﰲ اﻟﻨﺸﺎط اﻹﺳﻼﻣﻲ :ﻧﺤﻮ ﻓﻬﻢ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﻘﻴﻢ اﳌﺸﱰﻛﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين" ،ﰲ اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺤﻮل :إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺗﺤﺮﻳﺮ إ .ﻳﻠامز وآﺧﺮون ،ﻟﻨﺪن: ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻴﺪز ﻣﻴﱰوﺑﻮﻟﻴﺘﺎن .٢٠٠٧ ،ص.٧٥-١٦٣ ) (٣١ﻟﻮﻓﻼﻧﺪ ،ج" (١٩٩٦) .ﻣﻨﻈامت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ :دﻟﻴﻞ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺜﻮرﻳﺔ" .ﻧﻴﻮﻳﻮرك :أﻟﺪﻳﻦ دي ﺟﺮوﻳﱰ. ﻣﺎك آدم ،د ،.رﺷﺖ ،د (١٩٩٣) .اﻧﺘﺸﺎر أﻓﻜﺎر اﻟﺤﺮﻛﺎت ﻋﱪ اﻟﺤﺪود اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ .ﺣﻮﻟﻴﺎت اﻷﻛﺎدميﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ .٧٤-٥٦ ،٥٢٨ ) (٣١ﻣﺎك آدم ،د ،.ﻣﻜﺎريث ،ج .د ،.زاﻟﺪ ،م .ن" ،(١٩٨٨) .اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ" ﰲ :ﺳﻤﻴﻠﺴري ،ن .ج .ﻣﺤﺮر ).٧٣٩-٦٩٥ ،(١٩٨٨ ) (٣١ﻣﻜﺎريث ،ج .د ،.زاﻟﺪ ،م .ن (١٩٨٧) .اﺗﺠﺎه اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ :اﻻﺣﱰاف وﺗﻌﺒﺌﺔ اﳌﻮارد .ﰲ :ﻣﻜﺎريث ،ج .د ،.زاﻟﺪ ،م .ن. ﻣﺤﺮران )]] .٩١-٣٣٧ ،(٢٠٠٣ [١٩٨٧اﳌﻘﺎل ﻧُﴩ ﰲ اﻷﺻﻞ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﻴﻨريال ﻟريﻧﻴﻨﺞ.[١٩٧٣ ، ) (٣١ﻣﻴﻠﻮﺗﴚ ،أ" (١٩٩٩) .رﻣﻮز اﻟﺘﺤﺪي :اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠامﻋﻲ ﰲ ﻋﴫ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت" .ﻛﺎﻣﱪﻳﺪج ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻣﱪﻳﺪج) .أﻋﻴﺪ ﻃﺒﻌﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٩؛ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ .(١٩٩٦ ) (٣١ﻣﻴﺸﻴﻞ ،ت" (٢٠٠٣) .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺮﺑ ًﻴﺎ" ،ﰲ :ﻳﺎﻓﻮز ،ﻩ. وإﺳﺒﻮزﻳﺘﻮ ،ج.٨٤-٦٩ (٢٠٠٣) . ) (٣١ﻣﻴﺸﻴﻞ ،ت" (٢٠٠٥) .اﻟﺘﺼﻮف واﻟﺤﺪاﺛﺔ ﰲ ﻓﻜﺮ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ. اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ" ،ﻋﺪد ﺧﺎص ،اﻹﺳﻼم ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﳌﻌﺎﴏة :إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻛﻮﻟﻦ.٥٨-٣٤١ ،(٣)٩٥ ، ) (٣١ﻣﻮرﻳﺲ ،ك" (٢٠٠٠).ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺗﺘﻬﻢ إﺳﻼﻣ ٍّﻴﺎ ﺷﻬ ًريا ﺑﺎﻟﺘﺂﻣﺮ ﺿﺪ اﻟﺪوﻟﺔ". اﻟﺠﺎردﻳﺎن ١ ،ﺳﺒﺘﻤﱪ .ﻣﺘﺎح ﻋﲆ http://www.theguardian.com/world/2000/sep/01/1
) (٣١ﻣريﰲ ،ك" (٢٠٠٥) .رﻣﻀﺎن ﺻﻮﰲ ﻣﻌﺎﴏ" .واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ٤ ، أﻛﺘﻮﺑﺮ ،ب .٠١ﻣﺘﺎح ﻋﲆ http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/ content/article/2005/10/03/AR2005100301661.html
) (٣١أوزداﻟﺠﺎ ،إُ " (٢٠٠٥) .ﻣﺨ ﱢﻠﺺ أم دﺧﻴﻞ؟ دور ﺟامﻋﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻤﺪﻳﻦ .اﻟﻌﺎمل اﻹﺳﻼﻣﻲ" ،ﻋﺪد ﺧﺎص ،اﻹﺳﻼم ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﳌﻌﺎﴏة: إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻛﻮﻟﻦ .٣(٩٥) ،دار ﺑﻼﻛﻮﻳﻞ ﻟﻠﻨﴩ.٧٦-٤٢٩ ، ) (٣١أوزﻳﻞ ،س" (٢٠٠٣) .ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺟﺎت ﺗﺴﻮﻧﺎﻣﻲ" .ﺟﻮرﻧﺎل أوف دميﻮﻛﺮاﳼ.٩٤-٨٠ ،(٢)١٤
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
) (٣١ﺑﻮﺗﻨﺎم ،ر .د" (١٩٩٥) .أن ﺗﻠﻌﺐ اﻟﺒﻮﻟﻴﻨﺞ وﺣﺪك :ﺗﺮاﺟﻊ رأس اﳌﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ اﻷﻣﺮﻳيك" .ﺟﻮرﻧﺎل أوف دميﻮﻛﺮاﳼ .٧٨-٦٥ :٦ ) (٣١ﺑﻮﺗﻨﺎم ،ر .د" (٢٠٠٠) .أن ﺗﻠﻌﺐ اﻟﺒﻮﻟﻴﻨﺞ وﺣﺪك .اﻧﻬﻴﺎر واﻧﺒﻌﺎث اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك" .ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،ﺳﻴﻤﻮن وﺷﻮﺳﱰ. ) (٣١راوش ،م .ج" (٢٠٠٨) .اﻟﺘﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﻮى :اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء اﳌﺸﺎرﻛﺎت ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ"َ ،ﻣﺤﺎﴐ ﺟﻠﺴﺎت ﻣﺆمتﺮ :اﻹﺳﻼم ﰲ ﻋﴫ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ١٥-١٤ ،ﻧﻮﻓﻤﱪ ،٢٠٠٨ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرﺟﺘﺎون، واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ص.٧٣-٤٥٥ ) (٣١ﺳﻨﻮ ،د ،.ﻣﺎﺗﺸﺎﻟﻴﻚ ،ر" (١٩٨٤) .ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ .اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻌﻠﻢ اﻻﺟﺘامع.٩٠-١٦٧ ،١٠ ، ) (٣١ﺳﻨﻮ ،د .أ ،.ﺳﻮﱄ ،س .أ ،.ﻛﺮﻳﴘ ،ﻩ .ﻣﺤﺮرون )" (٢٠٠٤دﻟﻴﻞ ﺑﻼﻛﻮﻳﻞ ﻟﻠﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ" .ﻣﺎﻟﺪن ،ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ،ﺑﻼﻛﻮﻳﻞ. ) (٣١ﺳﺘﻴﻔﻨﺴﻮن ،آ .ج" (٢٠٠٧) .أن ﺗﱰك ﺑﺼﻤﺘﻚ ﻋﲆ ﻫﻴﻮﺳنت :ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺴﺎء ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ" .ﰲ :ﻫﺎﻧﺖ ،ر .أ .وأﺻﻼن دوﻏﺎن ،ي .أ. ).٦٠-١٤٥ ،(٢٠٠٧ ) (٣١ﺳﺰرﻳﱰ ،س" (١٩٩٩) .رأس اﳌﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ") .ﻣﺴﻮدة( ﻣﺘﺎح ﻋﲆ http://www.netnexus.org/debates/3wayecon/library/docs/soccap.doc
) (٣١ﺗﻴﻜﺎﻻن ،س" (٢٠٠٥) .ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻦ اﳌﺘﻄﻮﻋني"ُ .ﻗﺪﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﰲ ﻣﺆمتﺮ اﻹﺳﻼم ﰲ اﻟﻌﺎمل اﳌﻌﺎﴏ :ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ واﳌامرﺳﺔ ،واﻟﺬي ﻧﻈﻤﻪ ﻣﺮﻛﺰ ﺑﻮﻧﻴﻮك ﻟﺪراﺳﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﺠﺎﻣﻌﺔ راﻳﺲ ،ﻫﻴﻮﺳنت ،وﻣﺮﻛﺰ أ .د .ﺑﺮوس اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻫﻴﻮﺳنت ،وﻣﻌﻬﺪ اﻟﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن ،ﺗﻜﺴﺎس ،واﳌﻨﻌﻘﺪ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ راﻳﺲ ،ﻫﻴﻮﺳنت ،ﺗﻜﺴﺎس ١٣-١٢ ،ﻧﻮﻓﻤﱪ ،٢٠٠٥ ،ص .٩ ) (٣١ﺗﻮرام ،ب (٢٠٠٧) .ﺑني اﻹﺳﻼم واﻟﺪوﻟﺔ :ﺳﻴﺎﺳﺔ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ،ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد، ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ :ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد. أوﻧﺎل ،أ ،.وﻳﻠﻴﺎﻣﺰ ،أ (٢٠٠٠) .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ :ﻧﺼري اﻟﺤﻮار .ﻓريﻓﺎﻛﺲ، ﻓريﺟﻴﻨﻴﺎ ،ذا ﻓﺎوﻧنت. ) (٣١وﻳﺘري ،ن" (٢٠٠٤) .آﺛﺎر اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ" ﰲ :ﺳﻨﻮ،د .أ،.ﺳﻮﱄ،س .أ،.ﻛﺮﻳﴘ،ﻩ .ﻣﺤﺮرون ).٥٢-٥٣١ ،(٢٠٠٤ ) (٣١وﻳﻠﻴﺎﻣﺰ ،ر .ﻩ" (٢٠٠٤) .اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺠامﻋﻲ: اﻟﻘﻴﻮد واﻟﻔﺮص واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ" .ﰲ :ﺳﻨﻮ،د. أ،.ﺳﻮﱄ،س .أ،.ﻛﺮﻳﴘ،ﻩ .ﻣﺤﺮرون ).١١٥-٩١،(٢٠٠٤ ) (٣١ودﻫﺎل ،ر ،.ﺷﺘني ،م" (٢٠٠٥) .ﻣﻘﺪﻣﺔ .ﰲ :ﻛﻮﻟﻦ" ،م .ف(٢٠٠٥) . "وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻴﻢ ﴏح اﻟﺮوح" .ﺳﻮﻣﺮﺳﺖ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ ،ﴍﻛﺔ ذا ﻻﻳﺖ، .xiii–xviii ) (٣١ﻳﺎﻓﻮز ،م .ﻩ ،.إﺳﺒﻮزﻳﺘﻮ ،ج .ل .ﻣﺤﺮران )" (٢٠٠٣اﻹﺳﻼم اﻟﱰيك واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﻠامﻧﻴﺔ :ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ" .ﺳرياﻛﻴﻮز ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳرياﻛﻴﻮز.
87
رحالت وثائقية
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية محمد جكيب
أ.د .ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻜﻴﺐ، أﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺷﻌﻴﺐ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ دﻛﺘﻮراه اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻵداب ﺳﻨﺔ ٢٠٠٢م .ﻋﻀﻮ راﺑﻄﺔ اﻷدب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ ١٩٩٤م .ﻋﻀﻮ ﻣﺆﺳﺲ ﻟﻤﻨﺘﺪى اﻟﺤﻮار اﻷدﺑﻲ. ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب "أﺷﻮاق اﻟﻨﻬﻀﺔ واﻻﻧﺒﻌﺎث ..ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ اﻹﺻﻼﺣﻲ". ﺷﺎرك ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات واﻟﻨﺪوات اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﻤﻐﺮب وﺧﺎرﺟﻪ.
88
بالبل الخدمة ()2
"وِﺟﺪان "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" اﻟﻌﺎﻟﻲ اﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻘﻂ ﻧﺪاء اﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ، ﻓﻮﺟﻪ ﺑﻌﺾ ﻣﺤﺒﻴﻪ إﻟﻰ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻨﺬ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ. ﱠ ﻻ أﺣﺪ ﻳﺠﺰم ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺴ ﱠﺒﺎﻗﺔ ﻛﺎﻧﺖ واﻋﻴﺔ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤ ﱠﻤﻠﻮا ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻷﻛﻴﺪ ﻓﻲ ﻗﺼﺼﻬﻢ ﻫﻮ أن "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" ﻛﺎن ﻳﺮى ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﺣﺎﺟﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ .وﻟﻮ ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ :ﻫﻞ َﻳ ُﻌﻮن ﻋﻤﻖ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُﺣ ﱢﻤ ُﻠﻮﻫﺎ؟ ﻷﺟﺎﺑﻮا ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ،وﻷﺧﺒﺮوك ﺑﺄن اﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ إﻻ ﻣﺠﺮد ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻣﺮﺷﺪﻫﻢ. ﻗﺼﺔ ﻫﺬه اﻟﻬﺠﺮة ﻗﺼﺔ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﺑﻴﻦ أﺳﺘﺎ ٍذ وﺗﻼﻣﻴﺬه ،وﻗﺼﺔ ﻓﻜﺮة ُو ِﻟﺪ َْت ﻓﻲ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﺴﻴﺮة ﺷﻬﻮر ،ﻟﻜﻦ ﻗﺪرﻫﺎ ﻫﻮ ﺗﺼﺪﻳﻖ ُﺑﺸ َﺮى ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺑﺄن ﻧﻮر ﺷﻤﺲ ﺳﻴﺒﺰغ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻟﻴﻐﺴﻞ أدران ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﺴﻜﻴﻦ". ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ رﺣﻠﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻳﺘﺤﺪث ﻓﻴﻪ ﻋﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻬﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﺑﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ "ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،وﻗﺎل ﻋﻨﻬﻢ :ﺗﻘﺮأ ﻓﻲ ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻣﺤﺒﺔ ﺟ ﱠﻤﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ ،وﻣﺤﺒﺔ ﺟ ﱠﻤﺔ ﻟﻬﺠﺮﺗﻬﻢ.
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
nesemat.com
ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺧﺪﻣﺔ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻀﻊ ﻣﻘﺪراﺗﻬﺎ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ وﻫﺬا اﻟﻮﺳﺎم إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺠﻌﻞ ﺳﻌﺎدة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ورﻗ ﱢﻴﻪ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﻳ َﺘﻬﺎ اﻟﺴﺎﻣﻴ َﺔ وﻫﺪ َﻓﻬﺎ اﻟﻤﺮﻛﺰي .ﻓﻼ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ إذا ﻗﻴﻞ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺻﺎرت ﻋﻤﻠﺔ ذﻫﺒﻴﺔ ﻣﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻋﻤﻠﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻀﺎن ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺣﺘﻀﺎن ،ﺑﻞ اﺣﺘﻀﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺤﺐ ورﺣﻤﺔ وﻣﻮدة ،واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺼﺪر رﺣﺐ ﻳﻀﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺗﺰرع اﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﺤﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺔ ﻣﻬﺪورة إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ. اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﺪﻣﺔ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﻠﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ رﺣﺎﺑﺔ أﻓﻘﻪ واﺗﺴﺎﻋﻪ ﺑﺮﺑﻂ وﺟﻮده ﺑﺮﺣﺎﺑﺔ اﻟﻮﺟﻮد واﺗﺴﺎﻋﻪ .اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﺪﻣﺔ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌ ﱢﺮف اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮﻧﻪ إﻧﺴﺎﻧًﺎ. اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﺪﻣﺔ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﺮس اﻷﻣﻞ ﺌﺖ ﺷﻌﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺔ ﰲ دواﺧﻠﻬﻢ ﰲ ﻗﻠﺐ ﻣﻦ ُأﻃ ِﻔ ْ واﺧﺘﻔﻰ ﻟﻬﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ .اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﺪﻣﺔ ﻗﻠﺐ َﻣﻦ ﺻﺎر اﻟﻴﺄس إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ متﺤﻮ اﻟﻴﺄس ﻣﻦ ِ ﻗﻮت وﺟﺪاﻧﻪ وروﺣﻪ ،ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺷﺪة ﺧﻮﻓﻪ ﻋﲆ ﻣﺼريه ،ﻣﻨﺰو ًﻳﺎ ﻋﲆ ﻫﺎﻣﺶ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﻻ ﻳﺸﺎرك ﰲ ﺣﻴﻮﻳﺘﻪ وﺣﺮﻛﻴﺘﻪ ﻻ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ وﻻ ﺑﺎﻟﻜﺜري ،ﻷﻧﻪ ﻇﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ إﻻ ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮه ﺑﺘﻔﺎﻫﺔ وﺟﻮده، ﻋﻨﴫا ﻳﻌﺮﻗﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ وﻳﻌﻴﻖ ﺳريه .ﻟﻜﻦ وﻛﻮﻧﻪ ً اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﺪرك ﺑﺄن ﻗﺪرﻫﺎ ﻫﻮ اﺣﺘﻀﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺧﺎﺻﺔ ﻫﺆﻻء اﳌﺴﺎﻛني ،ووﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺴﺢ دﻣﻮع ﻣﻦ ﻳﺒيك أﳌًﺎ ﻋﲆ ﺣﺎﻟﻪ.
nesemat.com
األمل وآفاقه يف عامل الخدمة
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الهم األول لدى بالبل الخدمة ،هو تغيري الصورة ُّ السلبية التي تشكلت لدى رشائح واسعة من أبناء املجتمع األمرييك ،والتي تظن أن اإلسالم دين عنف واملسلمني عدوانيني وإرهابيني.
قدر الخدمة يف أمريكا زرع األمل
ﻟﻢ ﺗُﻀ ﱢﻴﻊ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﻫﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻔﺮص اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻴﺤﻬﺎ اﻟﻮاﻗﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .اﻟﻤﺒﺎدرة واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ واﻟﻤﺒﺘﻜﺮة ﻣ ﱢﻜﻮن إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺼﺮي واﻟﺤﺪاﺛﻲ .وﺗﻴﺮة اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺘﺴﺎرﻋﺔ وﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ واﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﻻ ﺗﺘﺮك ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻴﻘﻒ وﻗﻔﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ ،وﻻ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ ،ﺑﻠﻪ أن ﻳﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ أﺣﻮال ﻏﻴﺮه .ﻟﻜﻦ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻴﺮ ﺑﺄﻟﻮاﻧﻬﺎ اﻟﺰاﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ أﺣﻮال اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﻞ وﺗﻨﺴﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎَ ،ﻗ َﺪ ُرﻫﺎ ﻫﻮ زرع اﻷﻣﻞ .ﻗﺎل دﻟﻴﻠﻨﺎ" :ﻳﻜﺒﺮ اﻷوﻻد وﻻ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة اﻟﺘﺰاﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﺨﺪﻣﺔ وﺷﺆوﻧﻬﺎ". ﺳﺒﺤﺎن اﻟﻠﻪ ،ﻋﺠﻴﺐ أﻣﺮ "ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،ﺗﺮاﻫﻢ ُﻳﺪﺧﻠﻮن اﻟﻔﺮﺣﺔ إﱃ ﻗﻠﻮب ﴍاﺋﺢ واﺳﻌﺔ ﻣﻤﻦ ﻫﻢ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ،وإﱃ ﻣﺎ ﻳﺒﺚ ﻓﻴﻬﻢ اﻷﻣﻞ، وﻳﺸﻌﺮﻫﻢ ﺑﺈﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻬﻢ ،وﻳﻨﺴﻮن ﺷﺆوﻧﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ .ﻟﻘﺪ ﻓﻮﺿﻮا أﻣﺮﻫﻢ ﻃﻮاﻋﻴ ًﺔ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺗﻮﱃ ﻋﻨﻬﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻫﺬه اﳌﻬﻤﺔ ،ﻳﺮﻋﻮن أﴎﺗﻬﻢ اﻟﻜﺒرية اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺑﺘﻮﻓﻴﻖ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ،وﻳﺮﻋﻰ اﻟﻠﻪ ﺷﺆون أﴎﺗﻬﻢ اﻟﺼﻐرية .ﺗﺤﻔﻬﻢ اﻟﱪﻛﺔ أﻳﻨام ﺣﻠﻮا وارﺗﺤﻠﻮا. ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻠﻤﺴﻪ ﻣﻦ ﻳﺮاﻓﻖ ﻫﺬه اﻟﺒﻼﺑﻞ .ﻟﻘﺪ ﺑﺎرك اﻟﻠﻪ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﻠﺼﻮا ﻟﻠﻪ اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎروﻫﺎ ﻋﻦ اﻗﺘﻨﺎعُ ،ﻳ َﺬ ﱢﻛﺮك ﻣﺴﻠﻜﻬﻢ ﺑﺨﻄﺎب ذﻟﻚ اﳌﻌﺘﻜﻒ اﻟﺼﺎﺑﺮ 89
مقاالت
اﳌﺤﺘﺴﺐ اﻟﺰاﻫﺪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،اﻟﺬي ﻇﻞ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻳﺤﻔﺮ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻟﻠﻪ ،ﻣﺠﺮ ًدا ﰲ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺪﻟﻮل أن ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ ً ﻋﻦ ﻛﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎدﻳﺔ أو دﻧﻴﻮﻳﺔ. ﻗﺪ ُﻳ َﻈ ﱡﻦ ﺑﺄن ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺆﻻء ﻳﺴﺘﻬﺪﻓﻮن اﳌﺴﻠﻤني ﻓﺤﺴﺐَ ،ﻛ ﱠﻼ ،ﺑﻞ إن اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻛﻠﻪ ﺑﻜﻞ أﻃﻴﺎﻓﻪ وﻓﺌﺎﺗﻪ ٌ ﻫﺪف ﻟﺒﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ .ﻻ ﻓﺮق ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑني أﺑﻴﺾ وأﺳﻮد ،وﻻ ﻓﺮق ﺑني ﻣﺴﻠﻢ وﻏري ﻣﺴﻠﻢ ،وﻻ ﺑني ﺗﺮيك أو ﻋﺮيب .اﻟﻌﻤﻠﺔ اﳌﺘﺪاوﻟﺔ ﻫﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،وإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،اﻹﻧﺴﺎن ﻓﺤﺴﺐ ،اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺨﻠﻮ ًﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ﺗﻌﺎﱃ ،واﻟﺸﻌﺎر ﺗﻮﻗري اﻟﺨﻠﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﺎﻟﻖ. األبعاد املتجددة للخدمة يف أمريكا
اﻧﺘﺎﺑﻨﻲ ﺷﻌﻮر ﻏﺮﻳﺐ ،ﺑﺄن ﻣﺎ ﻋﺮﻓ ُﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ وﻣﺎ ﻗﺮأﺗُﻪ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ،ﻟﻪ ﻃﻌﻢ آﺧﺮ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﻗﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻫﻨﺎ ﺗﻠﻤﺲ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻜﻴﻒ ﻋﻤﻖ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺨﻄﺎب اﻟﻮﺳﻄﻲ اﻟﻨﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻋﻴﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻣﻊ 90
ﻛﻞ اﻟﻔﻀﺎءات ،وﻛﻴﻒ ﻳﺴﺮي ﻣﺴﺮى اﻟﺪم ﻣﻦ اﻟﺠﺴﺪ، وﻛﻴﻒ ﻳﺘﺮك ﻣﺘﺮ ًﻛﺎ ﺟﻤﻴ ًﻼ أﻳﻨﻤﺎ ﻫﺒﺖ ﻧﺴﺎﺋﻤﻪ وﻓﺎح أرﻳﺠﻪ .ﻫﻨﺎ ﻳﻠﻤﺲ اﻟﻤﺮء ﻃﻌ ًﻤﺎ آﺧﺮ ﻟﻠﺨﻄﺎب اﻟﻘﺮآﻧﻲ، وﻳﻠﻤﺲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام ﻳﺤﻤﻠﻮﻧﻪ ﻣﻌﻬﻢ أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﻮا وارﺗﺤﻠﻮا ،وﺗﻔﻬﻢ ﺳﺮ اﺳﺘﻤﺮار ﻏﺮس ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺬرة اﻟﺘﻲ ُﻏﺮﺳﺖ ﻣﻨﺬ أرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻗﺮﻧًﺎ ﺧﻠﺖ وإﻟﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ .وﻫﻨﺎ ﺗﻔﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺳﺮ إﻟﺤﺎح "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" اﻟﺪاﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﺗﺨﺎذ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻗﺪوة ،وﺗﺪرك دﻻﻟﺔ أن ﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﻟﺘﻼﻣﺬﺗﻪ وأﺣﺒﺘﻪ" :ﻛﻮﻧﻮا ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء -ﻳﻘﺼﺪ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻮان اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ -أو ﻣﻮﺗﻮا" .ﻓﻼ ﺷﻚ أﻧﻪ ﻳﻘﺼﺪ أن ُ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﻴﺎ َة اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ،واﻷﻓﻖ اﻟﺬي ﺗﺮﺑﻊ ﻳﺘﺨﺬ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام ﻧﺒﺮ ًاﺳﺎ ﻳﻨﻴﺮ اﻟﻄﺮﻳﻖ .ﻟﻘﺪ ﺿﺤﻮا ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻲ واﻟﻨﻔﻴﺲ ،وﺗﺮﻛﻮا اﻷوﻃﺎن وﺷﺪوا اﻵﻓﺎق ﻣﻦ أﺟﻞ اﺣﺘﻀﺎن اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وإﻧﻘﺎذﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻴﻪ ،وأﺧﺬﻫﺎ إﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﺠﺎة .واﻟﺤﻖ ﻳﻘﺎل "ﻓﻄﻴﻮر اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻫﺆﻻء ،ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻷﻓﻖ وﻣﻦ ﺧﻼل إدراك
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
nesemat.com nesemat.com
ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .ﻫﻜﺬا ﻳﻨﺒﺾ وﺟﺪان َﻣﻦ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﻢ وﻟﻮ ُ ﻫﻤﺴﺖ ﻟﺼﺎﺣﺒﻲ ﻛﺄﻧﻲ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﻴﻮر ﻟﻤﺪة ﻗﺼﻴﺮة. اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺟﻮاء ﺟﺎءت ﻟﺘﻠﺒﻲ ﻧﺪاء اﺳﺘﻐﺎﺛﺔ. ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﻓﻌ ًﻼ أن ﻟﺨﻄﺎب "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ" ﺑﻌ ًﺪا آﺧﺮ ،وﺗﻠﻤﺲ ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻴﻢ ﻓﻮق اﻟﺰﻣﺎن واﳌﻜﺎن .اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮوا إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻗﺒﻞ ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ أو أﻛرث ،ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻛﺤﺎل ﻣﻦ ﻟ ﱠﺒﻰ ﻧﺪاء ﻗﺪ ًميﺎ ﻗﺎد ًﻣﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷرض ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﺑﻌﻴﺪ ﺟ ٍّﺪا ،ﻇﻞ ﻳﺘﺠﻮل ﰲ ﻋﻤﻦ ﻳﻠﺘﻘﻄﻪ ،ورمبﺎ اﻟﺘﻘﻄﻪ "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ اﻵﻓﺎق ﻳﺒﺤﺚ ﱠ ﻛﻮﻟﻦ" ،وﻧﻘﻞ ﺷﻔﺮﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﺪﻳﻦ إﱃ اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻷول اﻟﺬي ﻫﺎﺟﺮ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ. وﺟﺪان "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" اﻟﻌﺎﱄ اﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻘﻂ ﻧﺪاء اﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ ،ﻓﻮﺟﻪ ﺑﻌﺾ ﻣﺤﺒﻴﻪ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻨﺬ مثﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﴈ .ﻻ أﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺆﻛﺪ ﺑﺄن ﻫﺬه اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺴ ﱠﺒﺎﻗﺔ ﻛﺎﻧﺖ واﻋﻴﺔ ﺑﺄﻣﺮ اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻬﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻷﻛﻴﺪ ﰲ ﻗﺼﺺ ﻛﻞ ﱠ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ،ﻫﻮ أن "ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ" ﻛﺎن ﻳﺮى ﰲ اﻷﻓﻖ ﻋام إن ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻮن ﺣﺎﺟﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ .وﻟﻮ ﺳﺄﻟﺖ ﻫﺆﻻء ﱠ ﻋﻤﻖ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻮﻫﺎ ،ﻟﻜﺎن ﺟﻮاﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ، وﻷﺧﱪ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﺑﺄن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﺪو أن ﻳﻜﻮن ﻣﺠﺮد ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻣﺮﺷﺪﻫﻢ. ﻗﺼﺔ ﻫﺬه اﻟﻬﺠﺮة ﻗﺼﺔ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﺑني أﺳﺘﺎ ٍذ وﺗﻼﻣﻴﺬه، وﻗﺼﺔ ﻓﻜﺮة ُوﻟِ َﺪ ْت ﰲ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﺴرية ﺷﻬﻮر ،ﻟﻜﻦ ﻗﺪرﻫﺎ ﻫﻮ ﺗﺼﺪﻳﻖ ُﺑ َ ﴩى ﻗﺪميﺔ ﺑﺄن ﻧﻮر ﺷﻤﺲ ﺳﻴﺒﺰغ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻟﻴﻐﺴﻞ أدران ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ اﳌﺴﻜني .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮوا واﺳﺘﻘﺮوا ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻟﻨﺪاء ﻫﺬا اﻟﻬﺎﺗﻒ ،اﻟﺬي ﻳﺮﻣﺰ إﱃ أن ﺷﻤﺲ اﻹميﺎن ﺳﺘﴩق ﻣﻦ اﻟﻐﺮب وﰲ اﻟﻐﺮب ،وﻟﻌﻞ ﺟﻬﺪ ﻫﺬه اﻟﺒﻼﺑﻞ ﻫﻮ متﻬﻴﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﺘﺤﻘﻖ اﻟﺒﴩى .اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻬﻤﻮن ﰲ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
ال يشء مام أوجدته الحياة املعارصة والحداثة يف أمريكا يستطيع اإلجابة عن أسئلة الروح والوجدان واملصري ،وأظن أن ما عند بالبل الخدمة من قيم وما يعتلج يف أرواحهم ،كفيل باإلجابة عن مثل هذه األسئلة.
اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮﺑﻮع ،ﺗﻘﺮأ ﰲ ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻣﺤﺒﺔ ﺟﻤﺔ ﳌﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ ،وﻣﺤﺒﺔ ﺟﻤﺔ ﻟﻬﺠﺮﺗﻬﻢ. اﻟﺮﺟﺎل اﻷواﺋﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮوا إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ،ﻫﺬا ﻣﺎ أﺧﱪين ﺑﻪ أﺣﺪ اﻟﻌﺎرﻓني ﺑﺸﺆون اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺰاوﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ .اﳌﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺣﺮﺻﻮا ﻋﲆ أن ﺗﻜﻮن ﺛﺮوﺗﻬﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻫﻲ اﻟﺼﺪق واﻹﺧﻼص واﻹميﺎن مبﴩوﻋﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺘﻬﻢ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ. اﻟﺴﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻷواﺋﻞ اﻟﺬﻳﻦ وﺟﻬﻬﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻫﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺟ ٍّﺪا ،وﻃﺎﻗﺔ اﻟﺸﺤﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﻫﺎﺋﻠﺔ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﱠ ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺘﻮﻗﻒ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻌﺮف اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ. ُ ﺗﺴﺎءﻟﺖ دامئًﺎ ،ﻣﺎ ﴎ اﻫﺘامم اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ؟ وﻣﺎ ﴎ اﻫﺘامﻣﻬﻢ ﺑﺎﻷﺳﺘﺎذ؟ ﻋﺪد ﻣﻬﻢ ﻣﻦ اﳌﺜﻘﻔني واﳌﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟﻌﻠامء واﻷﻛﺎدميﻴني درﺳﻮا اﻟﺨﺪﻣﺔ وﺗﻮﻗﻔﻮا ﻋﻨﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ .مل ﻳﻜﻦ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻫﺆﻻء ﻧﺎﺑ ًﻌﺎ ﻣﻦ ﻓﺮاغ ،ﻓام ﻛﺎﻧﻮا ﻟﻴﻜﺘﺒﻮا ﻋﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻟﻮ مل ﻳﻜﻦ إﴍاﻗﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮ ًدا ﰲ ﻫﺬا اﻟﺮﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﺎمل ﺑﺮﺟﺎﻟﻪ وﺧﺪﻣﺘﻪ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ .ﻫﺬا ﻣﺎ ارﺗﺴﻢ ﰲ وﺟﺪاين وأﻧﺎ أﻛﺘﺸﻒ ﻋﺎمل اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. ﻗﺪ ﻳﻨﺘﺎﺑﻚ ﺷﻌﻮر ﺑﻀﺂﻟﺔ ﻧﻔﺴﻚ ،ﻷن ادﻋﺎء ﺧﺪﻣﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎين ،وادﻋﺎء ﻗﺪرة اﳌﺮء ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﺎﺳﺘﺤﻀﺎر اﻹﻳﻘﺎع اﻟﺬي ﻳﺤﺮك ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﰲ أي ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎمل ،ﻋﻤ ًﻼ ﻣﺴﺘﻤ ٍّﺮا 91
مقاالت آﺧﺮ ﰲ اﻟﻌﺎمل .ﻟﻜﻦ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺆﻻء ﻋﺎﳌﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻬﺠﺮة ﻫﻲ ﻗﺪرﻫﻢ اﻟﺬي ﻳﺴﻜﻨﻬﻢ وﻳﺴﻜﻨﻮن إﻟﻴﻪ ،ﺑﻞ ﻳﺴﻜﻨﻮن ﻓﻴﻪ .ﻻ ميﻠﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ إﻻ ﻣﺎ ﻳﺴﱰ أﺟﺴﺎدﻫﻢ واﻟﺤﻘﺎﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ .ﻻ وﺟﻮد ﰲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ ﳌﻨﻄﻖ اﻻﻣﺘﻼك ،ﻻ ميﻠﻜﻮن ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ، ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺪرﻛﻮن أن وﺟﻮدﻫﻢ ﰲ اﳌﻜﺎن وﺟﻮد ﻣﺆﻗﺖ، ً ﻣﺮﺑﻮﻃﺎ مبﻜﺎن وﻳﺪرﻛﻮن ﺑﺄن ﻗﺪرﻫﻢ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺪد إﱃ اﻷﺑﺪ ،وﻳﺪرﻛﻮن أن ﻗﺪرﻫﻢ ﻫﻮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻖ ﻓﻮق اﻟﻌﺎمل ﻳﱰﺻﺪون ﻋﻮامل أﺧﺮى ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺗﻀﺤﻴﺘﻬﻢ .ﻟﻮ ﺳﺄﻟ َﺘﻬﻢ ﻫﻞ ﺗﺠﺪون ﰲ أﻋامﻗﻜﻢ اﺳﺘﻌﺪا ًدا ﻟﻠﺬﻫﺎب َ ﻟﻮﺟﺪت اﻟﺠﻮاب َﻳﺴﺒﻖ ﺑﺎﻹﻳﺠﺎب ،وﻛﻴﻒ إﱃ اﻟﻘﻤﺮ، ﻻ وﰲ ﺧﻄﺎب أﺳﺘﺎذﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺑﺄن اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮك ﺧﺪﻣﺘﻬﻢ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻮق اﻟﺰﻣﺎن واﳌﻜﺎن .وﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻮﻋﻲ ﺑﻬﺎ أن ﺗﻌﻢ اﻟﻮﺟﻮد ﻛﻠﻪ ،إﺣﺴﺎس ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت اﻟﺬاﺗﻴﺔ وﻋﻦ ﺷﻌﻮر اﻟﺘﻤﻠﻚ ﻳﺴﺒﻎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻨﺠﺰ ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺎت ﻃﺎﺑﻊ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ اﻟﺬوات أﻓﺮا ًدا وﺟامﻋﺎت. اﻟﺮواﺑﻂ اﳌﺎدﻳﺔ ﻻ ﺗﺸﺪ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺑﻠﺪ ﺷﺎﺳﻊ وواﺳﻊ ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﺗﺸﻌﺮك اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﻢ وﺣامﺳﻬﻢ وﻧﺸﺎﻃﻬﻢ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ أن ﻻ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻠﻔﻀﺎء اﻟﺬي ﻳﺆدون ﻓﻴﻪ وﻇﻴﻔﺘﻬﻢ؛ ﻓﺎﻷﻣﺎﻛﻦ ﻣﺠﺮد أﺳامء وأﻟﻘﺎب ،ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺘﺤﺮﻛﻮن ﰲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻮاﺳﻊ ،وﻃﻨﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﻮﺟﻮد .وأﻣﺎ اﻟﺤﺪود وأﺳامء اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻓﻤﺠﺮد أﺷﻜﺎل ،وﻃﻨﻬﻢ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻮاﳻ اﻟﺤﺰاىن ﻓﻴﻪ. ﻣﻜﺎن ﻳﺤﺘﺎج إﱃ أن ُمتﺴﺢ دﻣﻮﻋﻪ و ُﻳ َ
دون ﺗﻮﻗﻒ ،وﻳﻌﻨﻲ ﺗﺮك اﻷوﻃﺎن ،وﻳﻌﻨﻲ أن ﻳﻬﻤﻞ اﳌﺮء ﺧﺎﺻﺔ أﻣﺮه ،وأﺷﻴﺎء أﺧﺮى. اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﱰك ﻓﻴﻬﺎ أﻏﻠﺒﻬﻢ ﻫﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺲ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ُﻳﴩﻓﻮن ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻋﲆ اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻹرﺷﺎد ،وﻳﺘﺤﺮﻛﻮن داﺧﻞ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين ﺑﺤﻴﻮﻳﺔ وﻧﺸﺎط .ﺗﻘﺮأ ﰲ ﻋﻴﻮن ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺆﻻء ،اﺳﺘﻌﺪا ًدا ﻣﻄﻠ ًﻘﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﺤﺮﻛﻴﺔ. اﻟﻬﺠﺮة ﻗﺪرﻫﻢ اﻟﺬي ﺣﻤﻠﻬﻢ إﱃ ﻫﺬه اﻟﺮﺑﻮع ،وﻗﺪرﻫﻢ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻠﻮﻧﻪ ﺑني ﺟﻮاﻧﺤﻬﻢ ،وﻳﴪي ﰲ ﻋﺮوﻗﻬﻢ ﻣﴪى اﻟﺪم ﻣﻦ اﻟﺠﺴﺪ .ﻳﺨﱪك أﺣﺪﻫﻢ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ أن ﺣﻘﻴﺒﺔ ﺳﻔﺮه ﺟﺎﻫﺰة ﻷﻣﺮ ﻣﻔﺎﺟﺊ ﺑﺎﻟﻬﺠﺮة إﱃ أي رﺑﻮع أﺧﺮى ﻣﻦ رﺑﻮع اﻟﻌﺎمل. الخدمة تروي عطش األرواح ﻳﻌﴪ ﻋﲆ ﻣﻦ مل ﻳﺴﺘﻨﺸﻖ ﻧﺴﺎﺋﻢ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﻘ ﱡﺒﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﺘﻘﻲ اﻟﻤﺮء ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻳﻨﺘﺎﺑﻪ ﻓﻜﺮة أن ﻳﱰك اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻌﺎمل اﻷﻣﺮﻳيك إﱃ أي ﻣﻜﺎن إﺣﺴﺎس ﺑﺄن ِﻫ َﻤ َﻤﻬﻢ ﻻ ﺗﻌﺮف ﻟﻼﺳﺘﺮاﺣﺔ ﻣﻌﻨﻰ ،ﻟﻴﺲ 92
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
nesemat.com nesemat.com
ﻫﻨﺎك وﻗﺖ ﺿﺎﺋﻊ ،ﺑﻞ إن ﻛﺜﺮة ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻻ ﻳﺘﺮك ﻟﻬﻢ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻠﺘﻮﻗﻒ .اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺧﻠﻴﻂ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﺪة ،وﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ. ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺎﺟﺮ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻟﻮ ﻗﺒﻞ ﻋﻘﻮد ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﺣﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺑﻠﺪه اﻷﺻﻞ .ورﻏﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻟﻢ ﺗﻨﻤﺢ آﺛﺎر ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت رﻏﻢ اﻟﺘﺸﻮه اﻟﺬي ﻟﺤﻘﻬﺎ .رﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬا ﺗﻠﻤﺲ أن ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﺑﻪ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻐﺐ ﻋ ّﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈﺔ أن ﺣﺮﻛﻴﺘﻬﻢ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻫﺬه اﻟﺤﺎل وﺗﺘﺤﺮك ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺳﻠﻮب ﻣﺮن ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺘﻜﻴﻒ ﺣﺴﺐ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك ﻛﻞ ﻓﺌﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪة. أﻛرث ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻫﻮ اﻟﻐﺬاء اﻟﺮوﺣﻲ ،إﻧﺴﺎﻧﻪ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة إﱃ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻊ ﻧﻬﻤﻪ اﳌﻌﻨﻮي .ﻗﺎل أﺣﺪ اﻹﺧﻮة" :اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ﻳﺼﺪق ﻛﻞ ﳾء وﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺷﺨﺺ اﺧﱰع دﻳﺎﻧﺔ أو ﻓﻜﺮة ذات أﺑﻌﺎد ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻴﺘﺒﻊ ﻣﺎ ُﻳﺪﻋﻰ إﻟﻴﻪ". اﻷرﺿﻴﺔ ﺧﺼﺒﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻟﻐﺔ اﻟﺮوح واﳌﻌﻨﻰ ،وﻟﻐﺔ اﳌﺤﺒﺔ ،وﻟﻐﺔ اﻟﺼﺪق واﻹﺧﻼص ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ ﴎ اﳌﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻴﺪﺗﻬﺎ ﻓﻜﺮة اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ، ﻓﺼﺪق اﳌﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﻬﺎ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﺗﻔﺘﺢ اﻟﻘﻠﻮب وﺗﺴﻌﺪﻫﺎ ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ ﴎ ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ. اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻋﺪﻳﺪة ،وﻳﺼﻌﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻧﺴﺠﺎم ﺛﻘﺎﰲ ﺑني ﻛﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ،ﻛام ﻳﺼﻌﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ منﻮذج ﺛﻘﺎﰲ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،اﳌﺒﺎدرة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﺳﺘﻐﻼل ﻧﺘﺎج اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺣﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻓﺮاغ ﻣﻌﻨﻮي ﻛﺒري ﻳﻔﺘﻘﺮ إﻟﻴﻪ ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ ،اﻟﻮاﻗﻊ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
عجيب أمر "بالبل الخدمة" ،تراهم ُيدخلون الفرحة إىل قلوب رشائح واسعة ممن هم يف حاجة إىل االبتسامة ،وإىل ما يبث فيهم األمل ويشعرهم بإنسانيتهم ،وينسون شؤونهم الخاصة.
اﳌﺎدي واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ ﻳﻜﺎد ﻳﺸﺒﻊ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﳌﺎدي ﰲ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﳾء ﻣام أوﺟﺪﺗﻪ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﻌﺎﴏة واﻟﺤﺪاﺛﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺔ اﻟﺮوح واﻟﻮﺟﺪان واﳌﺼري ،وأﻇﻦ ﺑﺄن ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ وﻣﺎ ﻳﻌﺘﻠﺞ ﰲ أرواﺣﻬﻢ ،ﻛﻔﻴﻞ ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻫﺆﻻء وﺻﻒ ﺣﻤﻠﺔ اﻷﺟﻮﺑﺔ ﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻌﺎمل اﻷﻣﺮﻳيك اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ. ﴩ اﻹﺳﻼم ،وﻻ ﻫﻢ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺆﻻء ﻧ َ ﻟﻴﺲ ﱡ دﻋﻮة اﻟﻨﺎس إﱃ اﻹميﺎن؛ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﺘﻘﻴﻬﻢ ﻟﻦ ﺗﺠﺪ ﻫﻤﻬﻢ اﻷول ﻫﻮ ﺗﻐﻴري ﺗﻠﻚ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ،ﱡ اﻟﺼﻮرة اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻟﺪى ﴍاﺋﺢ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ،واﻟﺘﻲ ﺗﻈﻦ ﺑﺄن اﻹﺳﻼم دﻳﻦ ﻋﻨﻒ واﳌﺴﻠﻤني ﻋﺪواﻧﻴني وإرﻫﺎﺑﻴني. ﻛﻞ ﺑﻠﺒﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺒﻼﺑﻞ ﺣﺮﻳﺺ ﻋﲆ اﻟﻈﻬﻮر ﺑﺼﻮرة إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺗﺪﻓﻊ أﻏﻠﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني إﱃ ﺗﻐﻴري اﻟﺼﻮرة اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﰲ ﻻ وﻋﻴﻬﻢ ،واﳌﺮﺳﻮﻣﺔ ﻋﲆ ﺟﺒني ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺣﺴﺐ اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ ،واﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻜﱪى ﻛام ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ أﺳﺘﺎذﻫﻢ ﻫﻲ أن ﻳﻘﻮل اﳌﺠﺘﻤﻊ: اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻃﻴﺒﻮن. ﻛﻞ ﳾء ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠﻢ اﻟﻜﺒري ،اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺟﻬﺪ أﻛﱪ ،وإﱃ ﻋﻤﻞ ﻣﺘﻮاﺻﻞ ،وإﱃ وﺿﻊ ﻻ ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻓﺮﺻﺔ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻟيك ﻣﺎل ﻛﺜريٌ . ﻳﺘﺪﺑﺮ ﻣﺼريه وﻏﺎﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،اﻟﻬﻢ اﻷول ﻫﻮ ﺗﻮﻓري ﻟﻘﻤﺔ 93
مقاالت
اﻟﻌﻴﺶ .اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺪرك ﺑﺄن اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞِ واﻟﺮﻛﺾ ِ ﺧﻠﻒ ﻟﻘﻤﺔ اﻟﻌﻴﺶ ﻳﺆدي إﱃ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﻔﺸﻞ.اﻟﺤﻴﺎة ﻳﻨﺒﻐﻲ أ ّﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ ،ﻷن ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﳌﻌﺎﴏة ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ُوﺟﺪت ﻟيك ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ ،ﻛﺂﻟﺔ ﻛﻠام دارت اﻧﻀﺒﻂ ﺗﻮازﻧﻬﺎ وﺗﻌﺎﻇﻢ ﻋﻄﺎؤﻫﺎ .ﻻ أﺣﺪ ﻳﻔﻜﺮ ﰲ أﺣﺪ ،وﻻ أﺣﺪ ﻳﺤﺰن ﻟﺤﺰن ﺟﺎره ،ﻟﻴﺲ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻞ ﻷن وﺗرية اﻟﺤﻴﺎة ﻻ ﺗﺘﻴﺢ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن اﳌﺴﻜني ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة إذا وﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ وﻣﻦ ﻳﻄﺮق ﺑﺎﺑﻪ وﻳﺴﺄل ﻋﻨﻪ ،وﻣﻦ ﻳﺤﺘﻀﻦ أﺑﻨﺎءه وﻳﺤﺘﻀﻨﻪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺰن ،ﺗﺠﺪه ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﻦ ﻳﻨري ﻟﻪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻔﻬﺮ اﻷﺟﻮاء ،وﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺣﺎﴐون ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬه اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ،ﻫﺬا ﻫﻮ ﻗﺪرﻫﻢ. ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻗﺴﺎوة اﻟﻘﻠﺐ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻮاﻗﻒ ،اﻟﺴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻘﺮأﻫﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻋﲆ ﺟﺒني ﻫﺆﻻء اﻟﺮاﻛﻀني ﺧﻠﻒ ﻟﻘﻤﺔ اﻟﻌﻴﺶ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أﻧﻬﻢ ﻣﺴﺎﻛني .ﻓﻌﲆ ﻗﺪر ﺻﻮرة اﻟﻘﺴﺎوة اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮح ﻣﻦ ﻣﻈﻬﺮ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس، ﻋﲆ ﻗﺪر ﻣﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﺠﺮد ﻣﺴﺎﻛني ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﺎ ُمي َﻨﺤﻮﻧﻪ و ُﻳ َ ﻌﻄﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎين اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺮوح .اﻟﻨﺎس 94
ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﻦ ﻳﺬ ﱢﻛﺮﻫﻢ ﺑﺈﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﺘﻬﺎ وﺗرية اﻟﺤﻴﺎة إﱃ ﳾء ﺗﺎﻓﻪ ﻻ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻪ وﻻ دور ﻟﻪ ﰲ ﻧﻈﺎم اﻟﻮﺟﻮد .ﻟﻜﻦ ﻗ َﺪر اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﻮ أن ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﲆ اﻟﻌﻮدة إﱃ إﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻬﻢ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻣﺮن ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﳌﻮﻋﻈﺔ اﻟﺤﺴﻨﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺄﺑﻌﺎد أﺧﺮى ،ﺗﺮاﻋﻲ ﻗﻴﻢ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﺸﻌﺎر اﳌﺴﻴﻄﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ. عامل املعنى إلشباع أرواح بالبل الخدمة
ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن اﻟﺸﺤﻦ اﻟﺪاﺋﻢ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ أﺑﻮاﺑﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻴﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪﻫﻢ ﻳﺸﺪون اﻟﺮﺣﺎل إﻟﻴﻪ ﻟﻼﺳﺘﺸﺎرة وﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﻬﻤﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﻛﻤﻞ وﺟﻪ. ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻘﻲ ﺷﺤﻨﺎت اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﻴﻘﺪروا ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻤﺴﻴﺮ ،ﻗﺎل أﺣﺪﻫﻢ :أﻧﺎ ﻟﻢ أﺗﺮك ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﻨﺬ أن اﺳﺘﻘﺮ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،إﻻ ﻣﺮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻛﻮن ﺧﺎرج أﻣﺮﻳﻜﺎ. ﻗﺎل ﻣﺮﺷﺪﻧﺎ وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺬي وﺟﻬﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻟﻠﻬﺠﺮة إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻨﺬ مثﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن ﱠ
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
nesemat.com nesemat.com
اﳌﺎﴈ ،ﻫﻮ ﻋﲆ اﺗﺼﺎل داﺋﻢ ﺑﺎﻷﺳﺘﺎذ ،ﺳﻌﻴﺪ رﺟﻞ مل ﺗﻔﺎرق اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺷﻔﺘﻴﻪ ،مل ﻧﺮه ﺳﻮى ﻟﺤﻈﺎت ﻗﺼرية، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﲆ ﻋﺎمل اﻟﺮﺟﻞ وﻋﲆ روﺣﺎﻧﻴﺘﻪ ،رﺟﻞ رﻏﻢ ﻗﴫ ﻗﺎﻣﺘﻪ إﻻ أﻧﻪ ﻳﻔﻴﺾ ﺣﻴﻮﻳﺔ. ﻗﺎل ﻣﺮﺷﺪﻧﺎ :ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻦ اﻟﺸﺤﻦ وﻋﻦ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺒﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ إﱃ إﺧﺮاج أﻗﴡ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،أىب إﻻ أن ﻳﺮاﻓﻘﻨﺎ إﱃ اﳌﻄﺎر وﻳﻮدﻋﻨﺎ ﻫﻨﺎك ،ﺣﻴﻮﻳﺔ اﻟﺮﺟﻞ وﺣامﺳﻪ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺪ وﻗﺘﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ وﻟﺤﻴﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻫﻤﻮم اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻻ ﺗﱰك ﻟﻪ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻼﻣﺘﻴﺎز، وﻛﻴﻒ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻻﻣﺘﻴﺎز وﻫﻮ ﻋﲆ اﺗﺼﺎل داﺋﻢ ﺑﺼﺎﺣﺐ ﻫﻤﺔ أﻛﱪ وﻫﻮ أﺳﺘﺎذه؟ ﺣامس اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺸﻌﺮك ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﻨﻊ وﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻜﺜري ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺑﻞ ﺗﺸﻌﺮ ﻣﻌﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺘﻄﻠﻊ إﱃ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺠﻬﺪ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻠﺤﺎق ﺑﺘﻄﻠﻌﺎت اﻷﺳﺘﺎذ .اﻷﺳﺘﺎذ ﺣﺎﴐ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﺴﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ روﺣﺎ وﻣﻌﻨﻰ .رﻏﻢ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻀﻴﻖ اﻟﺬي ﻗﻀﻴﻨﺎه ﺑﺮﻓﻘﺔ ً ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ،ﻓﻘﺪ أﺣﺒﺒﺘﻪ ووددت ﻟﻮ ﺑﻘﻴﺖ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ أدرس ﺣﺮﻛﻴﺘﻪ وﻫﻤﺘﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎمل ﻷﳌﺲ ﻣﺪى اﻟﺘﺄﺛري اﻟﺬي ﻳﺤﺪﺛﻪ ﻓﻜﺮ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺑﻼﺑﻠﻪ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ. رﺟﺎل وﻻ أي رﺟﺎل ﻛام ﻗﺎل ﻓﺮﻳﺪ اﻷﻧﺼﺎري رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ .رﺟﺎل ﺷﻌﺎرﻫﻢ اﻟﻴﻮﻣﻲ اﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺮاﺣﺔ اﻟﺬات واﻟﺘﻔﺎين ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻳﻌﻤﻠﻮن دون ﺗﻮﻗﻒ ودون اﻧﻘﻄﺎع ،ﺗﺬﻛﺮك ﺗﴫﻓﺎت ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﺑﻘﺼﺔ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎﺑﺪ أﻇﻨﻪ ﻳﻮﻧﺲ أﻣﺮه ،اﻟﺬي أﻣﴣ ﻋﻘﻮ ًدا ﻳﺨﺪم ﻋﻨﺪ ﺑﺎب ﺷﻴﺨﻪ ﻳﻨﻘﻞ اﻟﺤﻄﺐ ﻛﻞ ﻳﻮم ﰲ وﻗﺖ ﻣﺤﺪد ﺛﻢ ﻳﻌﻮد ﻟﻌﺒﺎدﺗﻪ وذﻛﺮه دون أن ُﻳﺆذن ﻟﻪ ﺑﺘﺠﺎوز اﻟﻌﺘﺒﺔ ﻟﻴﻠﻘﻰ ﺷﻴﺨﻪ وﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻣﺒﺎﴍة .ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺞ ﺷﻴﺨﻪ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻣﺮﻳﺪه ﻛﻴﻒ " ُﻳ َﺼ ﱢﻔﺮ" ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺨﻨﺴﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﳌﺎ ﻃﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺪ دون أن ﻳﺆذن ﻟﻪ،
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
هدف لـ"بالبل الخدمة" ،ال خدمة املجتمع كله ٌ فرق عندهم بني أبيض وأسود ،وال بني مسلم وغري مسلم ،وال بني تريك أو عريب .العملة املتداولة هي اإلنسان ،وإنسانية اإلنسان، والشعار توقري الخلق من أجل الخالق.
ﻣﺮ ﺑﺬﻫﻨﻪ أﻧﻪ ﻻ أﻣﻞ ﰲ اﻧﺼﻼح ﺣﺎﻟﻪ؛ ﻓﱰك ﺑﺎب اﻟﺸﻴﺦ وﻫﺎم ﻋﲆ وﺟﻬﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺴﻠﻚ آﺧﺮ ،ﻓﺤﺪث أن اﻟﺘﻘﻰ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﺄﺷﺨﺎص ﻓﺮاﻓﻘﻬﻢ ،وﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻗﻊ ﻣﻌﻬﻢ ﺣﺪث ﻣﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ وﻇﻬﺮ ﻟﻬﻢ أن ﻣﺼريﻫﻢ ﻫﻮ اﻟﻬﻼك ﻟﻮﻻ أن ﻳﺘﺪﺧﻞ اﻟﻘﺪر اﻹﻟﻬﻲ ﻟﺘﺨﻠﻴﺼﻬﻢ ﻣﻦ ورﻃﺘﻬﻢ ،ﻓﺎﺗﻔﻘﻮا ﻋﲆ أن ﻳﺘﻮﺳﻠﻮا إﱃ اﻟﻠﻪ مبﺎ ﻋﴗ أن ﻳﺸﻔﻊ ﻟﻬﻢ ،ﻓﺒﺪأ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻳﺘﻮﺳﻞ مبﺎ ﻳﺮاه ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻟﻬﺬا اﳌﻮﻗﻒ ،وﻛﺎن ﻳﻮﻧﺲ أﻣﺮه ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺑﺤﺮص ﺷﺪﻳﺪ ﳌﺎ ﻳﺮددوﻧﻪ ،ﻓﺎﺗﻔﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ اﻟﺘﻮﺳﻞ إﱃ اﻟﻠﻪ ﺑﺄﻣﺮ واﺣﺪ أو ﻛﺎدوا ،وﻫﻮ إﻧﺎ ﻧﺘﻮﺳﻞ إﻟﻴﻚ مبﺎ ﺗﻮﺳﻞ إﻟﻴﻚ ﺑﻪ ﻋﺒﺪك ﻳﻮﻧﺲ أﻣﺮه وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﻬﻠﻮﻧﻪ ،أي ﻳﺠﻬﻠﻮن أن ﻣﺮاﻓﻘﻬﻢ ﻫﻮ ﻳﻮﻧﺲ أﻣﺮه ،ﻓﺄدرك ﻳﻮﻧﺲ أﻧﻪ ارﺗﻜﺐ زﻟﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮك ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻞٍ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻟﻮﺟﻪ ً ُ ﺗﺬﻛﺮت ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ وأﻧﺎ أﺻﺎﻓﺢ ﻫﺬه اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ .ﻟﻘﺪ اﻟﻬﻤﻢ اﻟﺬﻳﻦ ُﻳﺨﺠﻠﻮن ﺗﻮاﺿﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﻄﻠﺐ اﻟﺪﻋﺎء ﻟﻬﻢ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺪرﻛﻮن ﻣﻘﺎﻣﻬﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ،إذ أﺣﺴﺐ أﻧﻬﻢ ﻟﻮ أﻗﺴﻤﻮا ﻋﲆ اﻟﻠﻪ ﻷﺑﺮﻫﻢ .ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺆﻻء ﻳﺘﺤﺮﻛﻮن وﻳﻌﻤﻠﻮن دون اﻫﺘامم مبﻘﺎﻣﻬﻢ ﻋﻨﺪ رﺑﻬﻢ، ﻓﻬﺬا ﺗﺮﻛﻮه ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻳﴫﻓﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﺸﺎء وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ ﴎ ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ ﰲ ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ. لكل بلبل قصة ولكل بلبل نغمة
ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﻗﺼﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﻴﺴﻮا ﻛﻠﻬﻢ أﺗﺮاك 95
مقاالت
ﺑﻞ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻴﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺟﻤﻌﻬﻢ ﻫﺪف واﺣﺪ وﻏﺎﻳﺔ واﺣﺪة ﻫﻲ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻗﺪ ُﻳﻈﻦ ﺑﺄن ﻣﻦ ﻳﺆﺛﺜﻮن ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻛﻠﻬﻢ أﺗﺮاك ،واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ،ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻴﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ودول ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،اﻟﺤﺪود ﻣﻜﻮن ﺛﺎﻧﻮي ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻣﺎ دام اﻟﺬي ﻳﻮﺣﺪ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻫﻮ ﻓﻜﺮة ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ ،اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻤﺸﺮوﻋﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮة ﻫﻲ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻤﻮﺣﺪ، ﻟﻘﺪ اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﺣﻮل ﻣﻌﻘﻮﻟﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻏﺬاﻫﺎ اﻹﺧﻼص واﻟﺼﺪق واﻹﻳﻤﺎن. ﺷﻌﻠﺔ ذﻛﺎء ﻣﺘﻮﻗﺪة ﻫﻮ ،وﺷﻌﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ واﻟﻌﻤﻞ دون اﻧﻘﻄﺎع ودون ﺗﻮﻗﻒ ،ﻫﻮ اﺑﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ، ميﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺨﺮﺟﺎت اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻣﻦ ﻣﺨﺮﺟﺎت ﻋﻤﻞ "ﻃﻴﻮر اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﰲ دول اﻟﺒﻠﻘﺎن وﰲ أﻟﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻗﺼﺘﻪ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺄن ﺗﺤىك وﺑﺄن ﻳﺘﺄﻣﻞ 96
ﻓﻴﻬﺎَ ،ﻳﺤيك ﺑﺄﻧﻪ ُوﻟﺪ ﰲ وﺳﻂ ﻓﻘري ،وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﺳﻂ اﺣﺘﻀﻨﺘﻪ اﻟﺨﺪﻣﺔ واﻫﺘﻤﺖ ﺑﻪ وﻣﺴﺤﺖ دﻣﻮﻋﻪ، وﻟﻴﻨﺖ ﻃﺒﻌﻪ ،وﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺤﱰم ذاﺗﻪ ،وﺣﻮﻟﺘﻪ إﱃ ﻃﺎﻗﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺆﴍات ﺗﺘﺠﻪ ﺑﻪ إﱃ أن ﻳﺤﺘﻘﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻛﺮاﻫﻴﺔ وﻏﻀ ًﺒﺎ وﻋﻨ ًﻔﺎ .ﻳﺤيك ﺑﺄن ﺟﺪه أو أﺣﺪ أﺟﺪاده ﻛﺎن ﻗﺎﺿ ًﻴﺎ ،وﺑﺄن اﻟﻈﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺘﻬﺎ أﻟﺒﺎﻧﻴﺎ ﺣﻜﻤﺖ ﻋﲆ أﴎﺗﻪ ﺑﺄن ﺗﺘﺤﻮل ﻣﻦ ﺣﺎل إﱃ ﺣﺎل ،ﻟﻜﻦ وﺿﻊ اﻟﻔﻘﺮ ﻣﻊ ذﻟﻚ مل ﻳﻐري ﻣﻦ ﻃﺒﻊ اﻻﻋﺘﺰاز واﻷﻧﻔﺔ اﻟﺘﻲ ورﺛﻬﺎ ﻋﻦ أﺟﺪاده ،ﺑﺪا ﱄ أن ﻫﺬه اﻷﻧﻔﺔ ﻗﺪ ﻃﺒﻌﺖ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ مبﻴﺴﻢ ﺧﺎص مل ﺗﻐﺎدر ﺳﻠﻮﻛﻪ ،ﺣﺘﻰ وﻫﻮ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،اﻟﴫاﻣﺔ ﰲ اﻟﺘﺪﺑري ﻣﻊ ﻟﻴﻮﻧﺔ ﰲ اﻟﻄﺒﻊ أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻨﻄﺒﻊ ﰲ ذﻫﻦ ﻣﻦ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﻪ أول ﻣﺮة .ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﺗُﺬﻛﺮ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺒﻠﻘﺎﻧﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﱠﻟني اﻹﺳﻼم ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ﰲ ﻋﻬﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜامﻧﻴﺔ ،وﺣﻮﻟﺘﻬﻢ إﱃ ﻃﺎﻗﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﺣﻤﻠﺖ اﻷﻣﺮ ﺑﺪورﻫﺎ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺒﻞ ﺣﻠﻘﺔ ﰲ ﻓﺴﻴﻔﺴﺎء ﻟﻮﺣﺔ ﺑﺪأﻫﺎ أﺟﺪاده ﰲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﺎمل اﻟﺤﺪﻳﺚ أو اﻟﻌﺎمل اﳌﻌﺎﴏ .ﻟﻘﺪ ﻏريت اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺒﻌﻪ اﻟﺜﺎﺋﺮ اﻟﻐﺎﺿﺐ وﺳﻠﻮﻛﻪ اﻟﺬي ميﻴﻞ إﱃ اﺳﺘﻔﺰاز اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛام أﺧﱪﻧﺎ ﻫﺬا اﳌﻬﻨﺪس اﻟﺬي ً وﻧﺸﺎﻃﺎ .ﻗﺎل :ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ ﻳﻔﻴﺾ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻛﻨﺖ أﻋﺘﱪ اﻟﺘﺤﺎﻗﻲ مبﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ واﻹﻗﺎﻣﺔ ﰲ ﻣﺒﻴﺘﺎﺗﻬﻢ ﻓﺮﺻﺔ ﻷﻛﻤﻞ ﻣﺸﻮاري اﻟﺪراﳼ ﻓﺤﺴﺐ ،مل أﻛﻦ أﻓﻜﺮ ﰲ ﻣﺼﺪر اﳌﺎل اﻟﺬي ُﻳﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻛﻨﺖ أﻋﺘﱪ اﻷﻣﺮ ﺣ ٍّﻘﺎ ،ﺑﻞ ﻛﻨﺖ أﻇﻦ ﺑﺄن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻖ ﻋﲆ دراﺳﺘﻨﺎ ﳌﺼﻠﺤ ٍﺔ ﺗﺮﻳﺪﻫﺎ ،ﻛﻨﺖ أﺛﻮر ﰲ وﺟﻪ اﻵﺑﻴﻬﺎت اﳌﴩﻓني ﻋﻠﻴﻨﺎ وأﺗﻬﻤﻬﻢ ﺑﺄﺷﻴﺎء ﻏﺮﻳﺒﺔ أﺧﺠﻞ ﻣﻦ ﺗﺮدﻳﺪﻫﺎ اﻟﻴﻮم ،وأﺧﺠﻞ ﻣام ﻛﻨﺖ أﻗﻮم ﺑﻪ ،ﻳﺮدد ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ اﻷﻟﺒﺎين ﺑﺤﺰن ﺷﺪﻳﺪ ،وﻳﻀﻴﻒ :ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﻋري اﻫﺘام ًﻣﺎ ﻟﻶيب اﻟﺬي ﻳﺮﻋﺎين ،أﺗﻌﻤﺪ أﻻ أﺻﲇ أﻣﺎﻣﻪ ﺣﺘﻰ
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
nesemat.com nesemat.com
ﻻ ﻳﺠﺪ ﻧﺸﻮة وﻓﺮﺣﺔ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﰲ ﺗﻐﻴري ﺳﻠﻮيك ،ﻛﻨﺖ أﻋﺘﱪ ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺣ ٍّﻘﺎ ﻟﻨﺎ ،مل ميﺮ ﺑﺨﻠﺪي أن ﻣﺎ ُﻳﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﺎل ﻳﺄيت ﻣﻦ ﺟﻴﻮب اﳌﺘﻄﻮﻋني وﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﻢ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻨﻔﻘﺔ أﻛرث ﻣﻨﺎ ،وﻳﺄيت ﻣﻦ ﺟﻴﻮب اﻟﺬﻳﻦ آﻣﻨﻮا مبﴩوﻋﻴﺔ وﻣﻌﻘﻮﻟﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ دﻋﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻫﻮﺟﻪ أﻓﻨﺪي ،وﻛﺎن ﻋ ّ ﲇ أن أﻧﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ أﻧﺘﻘﻞ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻹمتﺎم دراﺳﺘﻲ ﺣﻴﺚ اﻛﺘﺸﻔﺖ ﺑﺄن ﻣﺎ ُﻳﻨﻔﻖ ﻋﲆ اﻟﻄﻠﺒﺔ أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻣﺎ ﻛﺎن ُﻳﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﺎن ﱡ اﻟﺘﺤﻮل ﻣام ﻳﺪﻓﻌﻪ أﻧﺎس ﺑﺴﻄﺎء أﻛرث ﻓﻘ ًﺮا ﻣﻨﺎ ،ﻟﻴﺤﺪث ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ ،وﻟﻴﺤﺪث اﻟﺘﺤﻮل اﻟﻜﺒري ﰲ ﺣﻴﺎيت. ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺬي ﻋﺮﻓ ْﺘﻪ ﺣﻴﺎة ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺒﻞ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻘﺎن ،ﺳﺘﻈﻬﺮ ﺑﻌﺾ مثﺎره ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎمل اﻟﻌﺠﻴﺐ. ﻣﺠﺎﻻت ﺗﺤﺮك ﻫﺬا اﻟﺸﺎب اﳌﻬﻨﺪس ﻣﺘﻌﺪدة مل ﻧﻄﻠﻊ ﻋﲆ أﻛرثﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ أﻫﻤﻬﺎ ﻫﻮ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﺟ ٍّﻮا أﴎ ًﻳﺎ ﻟﻌﺪد واﺳﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻼت ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﺮﺑﻮي ﺗﺮﻓﻴﻬﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﺣﺘﻀﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﻞ ﺣﺴﺐ ﻓﺌﺎت اﺳﺘﻌﺪاده ،ﺗﻘﻮم اﻟﻔﻜﺮة ﻋﲆ ﺗﻮﻓري ﺟﻮ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ ٌ ﻛﺜرية ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻣﺒﺘﻐﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ .ﻛﻞ ﳾء ُﻣﻔ ﱠﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﺣﺴﺐ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ وﺣﺴﺐ اﻟﺤﺎﺟﺔ ،ﻓﻀﺎء واﺳﻊ رمبﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ وإﱃ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﺗﺠﻬﻴﺰاﺗﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ُﻳﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﻳﺪﺧﻞ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺪفء. ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ اﳌﻬﻨﺪس مل ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺧﺪﻣﺘﻨﺎ ،ﻳﺘﻘﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ، ﻳﺘﻘﻦ إﻋﺪاد اﻟﻘﻬﻮة واﻟﺸﺎي واﻟﻄﺒﺦ ،ﻳﻘﻮل" :ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺨﺪﻣﺔ أﻋﻀﺎء اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻻ ﻧﺘﻮﻓﺮ ﻋﲆ اﳌﺎل اﻟﻜﺎﰲ ﻟﻨﻮﻇﻒ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﻟﺨﺪﻣﺔ ،وﻟﻨﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻏﺎﻳﺔ أﺧﺮى وﻫﻲ أﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺨﺪم ﻧﻜﻮن أﻛرث ﻗﺮ ًﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﻳﺴﻬﻞ إدﺧﺎﻟﻬﻢ إﱃ ﻓﻀﺎء اﻟﺘﻌﺎون واﻻﻫﺘامم ،اﻟﺬي ﻧﺮﻏﺐ ﰲ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻣﻌﻬﻢ" .ﺗﺤﺮص اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻋﲆ اﺳﺘﻐﻼل اﳌﻨﺎﺳﺒﺎت اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وﺧﺎﺻﺔ اﳌﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
األماكن مجرد أسامء وألقاب ،ألن "بالبل الخدمة" يتحركون يف الفضاء الواسع ،وطنهم هو الوجود ،وأما الحدود وأسامء األماكن فمجرد أشكال ،وطنهم هو كل مكان يحتاج إىل أن واس الحزاىن فيه. وي َ ُمتسح دموعه ُ
رﺑﻂ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺸﺎﺑﺔ ﺑﺎﻷﺻﻮل اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. أﻣﺎم ﺿﻐﻂ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻣﺴﺘﻄﺎع اﻷﴎ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﺄﻃﻔﺎﻟﻬﻢ وﺧﺎﺻﺔ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﻬﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺨﺮوج إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻓري ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺤﻴﺎة اﳌﺮﻛﺒﺔ ،ﻛام ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺪم اﻻﻫﺘامم ﺑﺸﺆون أﴎﻫﻢ وأوﻻدﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻀﻮن ﺳﻮاد وﻗﺘﻬﻢ ﰲ اﳌﺪارس ،وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺪرﺳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﺟ ٍّﻮا ﺗﻌﻠﻴﻤ ًﻴﺎ ﻟﺘﻠﻘني اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ورمبﺎ اﻟﻜﻔﺎءات اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻮاﻗﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ،اﻟﺬي ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﺎدﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﺗﻘﺪم ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻐﺬي ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻜﺄن ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﰲ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺷﺨﺺ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﻌﻮي ﻣﺜﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ "ﻓﻴﺒﺎ" ﺗﺘﻄﻠﻊ إﱃ ﺗﻮﻓري ﻫﺬا اﻟﺠﻮ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﱰك اﻟﺨﺪﻣﺔ -ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﻤ ٍﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﻤﺔ ﻫﺬا اﻟﺸﺎب اﳌﻬﻨﺪس -اﻟﻔﺮﺻﺔ متﺮ دون اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺟﻤﻊ اﻷﴎة ﰲ ﻓﻀﺎء واﺣﺪ ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺧﻠﻖ أﻧﺸﻄﺔ ﺗﺨﺪم ذﻟﻚ .إﻧﻬﺎ اﳌﺒﺎدرة واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ إﺑﺪاع أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻓري ﺳﺒﻞٍ ﻟﺘﻘﻮﻳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑني أﻓﺮاد اﻷﴎة اﻟﻮاﺣﺪة ،واﻷﴎ ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﺎ. اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ أﻣﺎم اﻟﺠﻤﻴﻊ ،اﳌﺴﻠﻢ وﻏري اﳌﺴﻠﻢ ،ﻳﻘﻮل ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ :ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﻧﺸﻄﺔ ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل وﺟﻮد اﳌﺴﺠﺪ ورمبﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻷﺧﺮى ﻛﺘﺤﻔﻴﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ 97
ﻳﻐﻠﻖ اﻟﺒﺎب ﰲ وﺟﻪ ﻏري اﳌﺴﻠﻤني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﺟﻮ ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺎﳌﻮدة واﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻌﻄﻒ واﻟﺤﻨﺎن واﺣﱰام إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻹﺷﺒﺎع اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ. اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺑﺮاﻋﻢ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻟﺠﻴﻞ اﻟﺸﺒﺎب ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﻴﻞ اﻷول، ورمبﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎين ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻣﺘﻌﺪدة ،وﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ اﳌﻬﻨﺪس ﻣﻊ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺷﺒﺎب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ إﱃ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ إﻃﺎر ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻜﻮﻳﻨﻲ وﺗﺮﺑﻮي وﺳﻴﺎﺣﻲ ﻫﺪﻓﻪ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ﻋﲆ ﺟﺰ ٍء ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻴﻬﺎ .ﻛﺎﻧﺖ زﻳﺎرﺗﻬﻢ ﰲ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن وﻗﺪ ﺣﺮص ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ اﳌﻬﻨﺪس ﻋﲆ ﺣﻀﻮر ﻫﺆﻻء اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻋﲆ ﻣﻮاﺋﺪ إﻓﻄﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ وﻛﻨﺖ ﻣﻤﻦ ﺣﻈﻲ ﺑﱪﻛﺔ إﻓﻄﺎر ﺣﺮﻳﺼﺎ ﻋﲆ أن ﻳﻌﺎﻧﻖ ﻫﺆﻻء اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺻﺎﺋﻢ .ﻛﺎن ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ً 98
وﻫﻢ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ أﺟﻮاء رﻣﻀﺎن ،وأن ﻳﺬوﻗﻮا ﻃﻌﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻃﻌﻢ اﻟﺤﻴﺎة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ وﺳﻂ ﻋﺎﺋﲇ ،وﰲ ﺑﻠﺪ إﺳﻼﻣﻲ ﻛﺒﻠﺪﻧﺎ .ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻘﺮب اﻟﺘﻲ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ اﳌﻬﻨﺪس ﻣﻊ أﺣﺒﺘﻪ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﺆﴍ ﺟﻤﻴﻞ ﻋﲆ أن اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺤﻤﻠﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﻲ ﻧﺴامت اﻟﺨﺪﻣﺔ .ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﺄﻣﺮﻳﻜﺎ ﰲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة وﻣﻦ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﻌﺪ أن وﻋﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺑﻠﺪه وﺗﺸﺒﻊ ﺑﻘﺪر ﻣﻦ روح اﻟﺪﻳﻦ .واﻟﺪ ﺷﺎﺑني ﰲ اﻟﻮﻓﺪ إﻣﺎم ﻣﺴﺠﺪ ،ﻻ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻪ أﺷﻐﺎﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ اﻻﻗﱰاب أﻛرث ﻣﻦ وﻟﺪﻳﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻞ ﺳ ﱠﻠﻢ اﳌﻬﻤﺔ ﻟﺒﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﺑﻌﺪ ﻛﺴﺒﺖ ﺛﻘﺘﻪ ،ﻫﺬا ﺣﺎل ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ ُ اﻷ َﴎ ﻫﻜﺬا أن ْ ﻳﺨﱪﻧﺎ اﳌﻬﻨﺪس اﻟﺸﺎب. ﻛﺎن ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻳﺘﴫف وﻓﻖ ﻣﻨﻬﺞ ﻳﺘﻘﻨﻪ ،وﻳﺒﺪو أﻧﻪ اﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻣﻊ ﺷﺒﺎب آﺧﺮﻳﻦ ،ﻛﺎن اﻟﺰﻣﻦ
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
nesemat.com nesemat.com
زﻣﻦ رﻣﻀﺎن ،وﰲ ﺑﻠﺪ ﻛﺎﳌﻐﺮب ﺣﻴﺚ ﻟﺮﻣﻀﺎن ﻗﺪﺳﻴﺘﻪ وﻃﺎﺑﻌﻪ اﻟﺨﺎص ،اﻟﺬي ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻼﻣﺤﻪ ﻋﲆ اﻷﺟﻮاء، ِ واﻷرواح اﻟﻄﻴﺒﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ رﺻﺪه اﳌﻼﺣﻈﺔ واﻟﻌ ُني ُ وﺗﺮﺗﺎح ﰲ أﺟﻮاﺋﻪ وﺗﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻃأمﻧﻴﻨﺔ اﻟﺮوح. ﺣﺴﺒﻲ أن اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻘﻨﻬﺎ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﻲ إﻋﺎدة إﺣﻴﺎء أرواح ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ،ﻛﻨﺖ أﻻﺣﻆ ﺑﺘﻨﻌﻢ ﺳﻠﻮك ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻣﻊ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ،اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻻ ﺗﻔﺎرﻗﻪ ،ﻳﺨﻔﺾ ﻟﻬﻢ ﺟﻨﺎﺣﻪ ،مل ﻳﻨﻬﺮ أﺣ ًﺪا ﻣﻨﻬﻢ ،مل ﻳﺄﻣﺮ أﺣ ًﺪا ﺑﺎﺳﺘﻌﻼء وﺟﻔﻮة ،مل ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ أي ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﺼﻮم أو أن ﻳﺼﲇ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻴﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﻃﻠﺒﻮا اﻟﻮﺿﻮء ﻋﲆ اﺳﺘﺤﻴﺎء ،ﺗﻮﺿﺄوا ﺛﻢ ﺻﻠﻴﻨﺎ ،اﻧﺘﻈﺮت ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ أن ﻳﻮﺟﻬﻬﻢ ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﻔﻌﻞ ،أدرﻛﺖ ﺑﺄن اﳌﻨﻬﺞ واﺿﺢ ﰲ ﺗﴫﻓﺎﺗﻪ ،إﻧﻪ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺬي وﺿﻊ ﺿﻮاﺑﻄﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ،اﻟﻘﺪوة واﻟﺤﻜﻤﺔ واﳌﻮﻋﻈﺔ اﻟﺤﺴﻨﺔ ،ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴني ﺳﻨﺔ ﻳﺘﻜﺮر ﻣﺮة أﺧﺮى ﻣﻊ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب. ﻋﺠﻴﺐ ﺣﺎل ﻫﺬه اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻷن اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮﻛﻬﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻌﻼ ﻓﻮق اﻟﺰﻣﺎن واﳌﻜﺎن ،ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻣﺴﺘﻄﺎع أﺣﺪ إﻏﻔﺎﻟﻬﺎ .اﻟﺼﺪق ﰲ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ روﺣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺨﻄﺎب اﳌﺤ ﱢﺮك مبﺴﺘﻄﺎﻋﻪ أن ﻳﻨﴩ ً ﺟﺪﻳﺪة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎمل .ﻳﻬﻴﺄ ﱄ ﺑﺄن ﻧﺴﺎﺋﻢ ﻫﺬه اﻟﺮوح إذا ﴎت ﺑني ﺷﺒﺎب ﴍاﺋﺢ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ﻓﺎﻷﻓﻖ ﻳﺒﺪو ﺟﻤﻴ ًﻼ ﻣﴩ ًﻗﺎ ﻏري ﻣﻠ ﱠﺒﺪ ﺑﺎﻟﻐﻴﻮم. مل ﱠ أﺷﻚ ﻟﺤﻈﺔ واﺣﺪة ﺑﺄن ﻟﻜﻞ ﺑﻠﺒﻞ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﻼﺑﻞ ﻗﺼﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﳌﺸﱰك ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻫﻮ أن ﻗﺪ ًرا ﻏﻴﺒ ًﻴﺎ ﺟﻤﻌﻬﻢ ﺗﺤﺖ ﻇﻞ ﺧري واﺣﺪ وﻫﺪف واﺣﺪ ﻫﻮ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻘﻠﻮب واﻷرواح ﻋﲆ إزاﻟﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ أدران ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻐﻔﻠﺔ واﻟﻌﺎدة ،وﺑﺤﻜﻢ اﻷﺟﻮاء اﻟﻘﺎمتﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠﻒ أﺟﻮاء ﻫﺬا اﻟﻌﺎمل.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
بالبل الخدمة من جنسيات مختلفة ودول مختلفة، وثقافات مختلفة ،الحدود مكون ثانوي ال قيمة له يف ثقافة الخدمة ما دام الذي يوحد الناس جميعا هو فكرة تقديم خدمة ملن هم يف حاجة ً إليها.
اﻟﺮﺣﻠﺔ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻛﺎﻧﺖ رﺣﻠﺔ ذات ﻏﺎﻳﺎت ﻛﺜرية، ﻓﺈﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﲆ ﻋﺎمل اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ وﺣﻘﻴﻘﺔ إﻗﺎﻣﺘﻪ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻛﺎن اﻟﻐﺮض ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻄﻴﻮر واﻻﻃﻼع ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺴﺪوﻧﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎين ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺔ .ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻤﺘﺰﺟﺔ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﺣﺮﻛﺘﻬﻢ ﻗﺎمئﺔ ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني ﺟﻮاﻧﻴﺘﻬﻢ وﺑﺮاﻧﻴﺘﻬﻢ .اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﻲ اﳌﻌﺪن اﻟﺬي ﻣﺰج ﻛﻞ ﳾء ﻓﻴﻬﻢ ،ﻓﺄﻛﺴﺒﻪ اﻟﻘﻮة واﳌﺘﺎﻧﺔ واﻹﴍاق ،ﻫﻢ ﻻ ﻳﻠﺤﻈﻮن ﻣﻘﺎﻣﻬﻢ ﻟﻜﻦ ﻣﻮﻗﻊ ِ اﳌﻼﺣﻆ ﻳﺘﻴﺢ رؤﻳﺔ ذﻟﻚ وأﻛرث. االبتكار والجامل لتقديم الخدمة
روح اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﺑﻄﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﺨﺎص اﻟﺠﻤﻴﻞ ذي اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﻠﻨﺎ وارﺗﺤﻠﻨﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎﻋﻢ واﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ،ﻃﺎﺑﻊ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻻ ﺗﺨﻄﺌﻪ اﻟﻌﻴﻦ، ﻓﻲ ﻣﻘﻬﻰ "إﻳﻨﺴﺘﻮر" ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺟ ٍّﻮا آﺧﺮ ﻣﻦ أﺟﻮاء اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻌﺠﻴﺐ ،اﻟﺬي ﻳﺸﺠﻊ اﻟﻤﺒﺎدرة، ﻗﻴﻞ ﻟﻨﺎ إﻧﻬﺎ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻘﺎ ٍه ﻣﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﻻﻳﺔ أو ﻫﻜﺬا ﺧُ ﱢﻴﻞ ﻟﻲ ،ﻣﻘﺎ ٍه ﻟ ﱢﻠﻘﺎء واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺣﻮل ﻓﻨﺠﺎن اﻟﻘﻬﻮة اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ أو ﻛﺄس ﺷﺎي ﺗﺮﻛﻲ، وﺣﻮل ﺗﻨﺎول ﻣﺎ ﻟﺬ وﻃﺎب ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم اﻟﺘﺮﻛﻲ ،اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻻ ﻳﺮﺗﺎده اﻷﺗﺮاك ﻓﻘﻂ ،ﻻﺣﻈﺖ وﺟﻮﻫﺎ ﺑﻴﻀﺎء ذات ﻣﻼﻣﺢ أوروﺑﻴﺔ ﺗﺠﻠﺲ ﻻﺣﺘﺴﺎء اﻟﻘﻬﻮة أو ﻟﻘﺮاءة ﻛﺘﺎب، 99
مقاالت
ﺧﻤ ْﻨﺖ أﻧﻬﻢ أﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻣﺴﻴﺤﻴﻮن أو ﻣﻦ دﻳﺎﻧﺔ أﺧﺮى. ﱠ أﺣﺒﺒﺖ اﻹﻓﻄﺎر ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺠﺎﻣﻊ اﳌﻨﻈﻢ ﺣﺲ ذوﻗﻲ رﻓﻴﻊ ،ﻟﻴﺲ ﺣ ٍّﺒﺎ ﻓﻴام اﳌﺮﺗﺐ ،اﻟﺪال ﻋﲆ ﱟ ُﻗ ﱢﺪم ﻟﻨﺎ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻃﻌﺎم ،ﺑﻞ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء ﻳﺘﻴﺢ ﳌﺜﲇ رؤﻳﺔ وﺗرية ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس ،اﻟﻔﻀﺎء ُﻣﻬ ﱠﻴﺄ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺔ أو ﺧﺪﻣﺎت .ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺮﻛﺰ ﻫﻨﺎك ﻣﻌﺮض ﻟﻠﻜﺘﺐ ﻋﲆ اﻟﺮﻓﻮف ،ﻛﺘﺐ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وﻛﺘﺐ أﺧﺮى دﻳﻨﻴﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ ،اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻮﺟﻮد ﻛﺬﻟﻚ ،وﺗﺮﺟﻤﺘﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻬﻢ ﺟﻨﺎﺣﻬﻢ اﻟﺨﺎص ،ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻛﺘ ًﺒﺎ ﻟﻸﻃﻔﺎل ،وﰲ رﻛﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﻌﺐ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ أي ﻟﻌﺐ إﻧﻬﺎ ﻟﻌﺐ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﺗﻨﻤﻲ اﻟﺬﻛﺎء وﺗﺒﻨﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻄﻔﻞ ،ﻟﻌﺐ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪا ﺗﻐﺮي اﻟﻜﺒﺎر ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ؛ أدرﻛﺖ اﻟﻐﺎﻳﺔ ،إﻧﻬﺎ إﺗﺎﺣﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻶﺑﺎء ﻟﺘﻮاﺻﻞ أﻛرث ﻣﻊ اﻷﺑﻨﺎء ،ﻳﺄيت اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻊ آﺑﺎﺋﻬﻢ 100
ﻳﺸﱰون اﻟﺤﻠﻮى ﻳﺄﻛﻠﻮن ﻳﺠﻠﺴﻮن ﰲ ﻣﻜﺎن ﻣﺨﺼﺺ ﻟﻬﻢ ﳌﻄﺎﻟﻌﺔ ﻛﺘﺎب ،ﻻ أﺣﺪ ﻳﺴﺄل ،ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺎﺗﺐ ،ﻣﻌﺎمل ﻣﻨﻬﺞ ﺟﲇ ﺗﻠﻮح ﰲ اﻷﻓﻖ. وددت ﻟﻮ أﻗﻤﺖ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء آيت إﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻟﻠﻌﻤﻞ ،اﳌﻜﺎن ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻗﺎل ﱄ أﺣﺪﻫﻢ ﺣﺘﻰ اﻟﺼﺤﺒﺔ ﺗﻘﺎم ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء ،اﻟﻔﻀﺎء ﻓﻜﺮة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻨﴩ ﺻﻮرة إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻋﻦ اﳌﺴﻠﻤني ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻌﺠﻴﺐ. ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء ﻣﻌ ٍّﺪا ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻋﻤﻮم اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳌﺘﻮﺳﻄﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓﻀﺎءات أﺧﺮى ﻣﻌﺪة ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻓﺌﺎت اﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﺟﺘامﻋﻲ أﻋﲆ، اﻟﻜﻞ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﻫﺘامم ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،دﻋﺎﻧﺎ اﻟﺴﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ أو أﺣﺪ اﻷﺻﻨﺎف ﻻ أﺗﺬﻛﺮ ﻣﺮة ﻟﻺﻓﻄﺎر وأﺧﺮى ﻟﻠﻌﺸﺎء ﰲ ﻣﻄﻌﻢ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى راق. ﻛﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻌﺸﺎء ﻧﺴﺘﻤﻊ إﱃ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﻴﻖ ﻷﺧﻴﻨﺎ اﻟﺬي ﻳﻐﺬي اﻷرواح ﻋﻦ ﻣﻨﻬﺞ اﺷﺘﻐﺎل ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺜﻘﻒ ورﺟﺎل اﻷﻋامل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﺧﺪﻣﺔ ﺧﺎﺻﺔ واﻫﺘام ًﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ُﻳﺴﺘﻀﺎﻓﻮن ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻀﺎءات، ٍّ اﻟﺘﻲ -رﻏﻢ اﳌﺴﺤﺔ اﻟﻌﴫﻳﺔ واﻟﺤﺪاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﻊ ﺑﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺮﺗﺎدﻳﻬﺎ -ﻻ ﺗﻔﻘﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺮوح اﻟﴩﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎء .واﻟﻈﺎﻫﺮ أن اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻨﻬﺎ وﻳﺘﺸﻮﻗﻮن ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻬﺎ ،اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺎﺟﺔ ،ﻓﻠﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻔﺘﺎح ﻳﻔﺘﺢ ﻗﻠﺒﻪ وﻣﻨﻔﺬ إﱃ وﺟﺪاﻧﻪ ،اﻟﻐﺎﻳﺔ واﺣﺪة واﻟﻬﺪف واﺣﺪ ﻫﻮ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻘﻠﻮب ﻋﲆ إﻳﻘﺎع واﺣﺪ وﻧﻐﻤﺔ واﺣﺪة ،ﻟﻜﻦ اﻷﺳﻠﻮب واﳌﻨﻬﺞ ﻻ ﻳﺘﻐري. ﰲ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﳌﻄﻌﻢ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك رﺟﻞ ﺗﺪل ﻣﻼﻣﺤﻪ ﻋﲆ أﻧﻪ ﺗﺮيك ،أو ﻣﻦ دول اﻟﺒﻠﻘﺎن ،ﰲ اﻟﺨﻤﺴني أو اﻟﺴﺘني ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،ﻫﻨﺪاﻣﻪ ﻳﺪل ﻋﲆ أﻧﻪ
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
nesemat.com nesemat.com
ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺔ اﺟﺘامﻋﻴﺔ راﻗﻴﺔ ،وإﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ آﺧﺮون ﺗﺒﺪو ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻼﻣﺢ اﻻﻧﺘامء إﱃ ﻃﺒﻘﺔ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻷﻧﻴﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻛﺎن ﻳﺤﺪﺛﻬﻢ وﻫﻢ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن ﺑﺎﻫﺘامم ،ﻳﺒﺘﺴﻢ ﻓﻴﺒﺘﺴﻤﻮن ،ﻳﻀﺤﻚ ﻓﻴﻀﺤﻜﻮن ﺑني اﻟﺤني واﻵﺧﺮ .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﴩق ﻣﻦ وﺟﻮﻫﻬﻢ إﴍاﻗﺎت اﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﻜﻼم ُﻣ َﺠﺎﻟﺴﻬﻢ، ﺧﻤﻨﺖ ﺑﺄن اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺧﺎص، اﻧﺘﻬﻮا ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻣﻬﻢ وﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻬﻢَ ،و ﱠدﻋﻬﻢ ﺛﻢ ﺟﺎء إﱃ ﻣﺎﺋﺪﺗﻨﺎ ﻓﺴﻠﻢ َو ُﻗ ﱢﺪم ﻟﻨﺎ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ، اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮوا ﻣﺒﻜ ٍّﺮا إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺗﺨﻤﻴﻨﻲ ﰲ ﻣﺤﻠﻪ ،اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻠﺒﻞ ﺻ ﱠﺪاح ،ﻛﺎن ﻓﻌ ًﻼ ﰲ ﺻﺤﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ أﺻﺤﺎب ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ رمبﺎ وﺟﺪوﻫﺎ ﻓﻴام ﻋﻨﺪه. ﰲ وﻻﻳﺔ "دﻳﱰوﻳﺪ" دﻋﺎﻧﺎ أﺣﺪ اﻷﺻﻨﺎف ﻟﺘﻨﺎول ﻃﻌﺎم اﻟﻔﻄﻮر ،اﻟﻔﻀﺎء ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺘﺠﺮ ﻟﺒﻴﻊ اﳌﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ وﺣﺎﺟﻴﺎت اﻟﻨﺎس اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،وﰲ رﻛﻦ ﻣﻨﻪ أﻗﺎم اﳌﴩﻓﻮن ً ﻣﻄﻌام ﺻﻐ ًريا ﻳﺮﺗﺎده اﻟﻨﺎس ﻟﺘﻨﺎول اﻟﻔﻄﻮر وﻣﺎ ﻟﺬ ﻋﻠﻴﻪ وﻃﺎب ﻣﻦ اﻷﻃﺒﺎق اﻟﱰﻛﻴﺔ واﻟﺸﺎﻣﻴﺔ ،أﻇﻦ أن اﳌﴩف ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻮري أو ﻟﺒﻨﺎين ،اﻟﻔﻀﺎء ﻣﺘﺠﺮ ﻟﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﺂرب أﺧﺮى ،ﺑﺪا أﻧﻪ ﻳﺤﺘﻀﻦ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﻟﻘﺎءات اﻟﺼﺤﺒﺔ واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﺋﻼت واﻷﴎ ،وﻓﻴﻪ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ واﻻﻫﺘامم .ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ ﻃﻌﺎم اﻹﻓﻄﺎر ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻨﺎف اﻟﻨﺎﺟﺤني ﰲ أﻋامﻟﻬﻢ، ﻗﺎل أﺣﺪﻫﻢ :ﻟﻮﻻ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﳌﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖ اﻟﻌﻴﺶ ﰲ ﺧﺎﺻﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻠﺪ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﱄ ﺟ ٍّﻮا ٍّ اﻟﻌﻢ ﺳﺎم ﺗﻮﻓريﻫﺎ ،ﺗﻌﺘﻨﻲ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺑﺄوﻻدي وﺗﻬﺘﻢ ﺑﻬﻢ وﺗﺴﺎﻋﺪين ﻋﲆ ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﻢ وﺗﻠﻘﻨﻬﻢ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻘﺮآن، ﻻ أدري ﻣﺎذا ﻛﻨﺖ ﺳﺄﻓﻌﻞ ﻟﻮﻻ اﻟﺨﺪﻣﺔ. ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﺄن ﻟﻠﻨﺴﺎء ﻧﺸﺎﻃﻬﻦ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﻦ، ﻫﻦ ﻛﺬﻟﻚ ميﺎرﺳﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻊ ﻧﺴﺎء أﺧﺮﻳﺎت ﻳﻨﺘﻤني إﱃ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ،أﻣﻬﺎت ورﺑﺎت ﺑﻴﻮت وﻃﺎﻟﺒﺎت،
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
عندما يلتقي املرء بالبل الخدمة ،ينتابه إحساس بأن ِه َم َمهم ال تعرف لالسرتاحة معنى ،ليس هناك وقت ضائع ،بل إن كرثة ما يحتاجه هذا املجتمع الحديث ،ال يرتك لهم مساحة للتوقف.
ﻋﺎﺋﻼت ﻣﺴﻠﻤﺔ وﻏري ﻣﺴﻠﻤﺔ ،اﻷﴎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﺗﺠﺪ اﻫﺘام ًﻣﺎ. ﻏري ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء اﻛﺘﺸﻔﻨﺎ ﻓﻀﺎء آﺧﺮ ،ﻫﻮ ﻣﺮﻛﺰ ﺛﻘﺎﰲ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻳﻀﻢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺮاﻓﻖ أﺑﻌﺎدﻫﺎ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ وﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﻀﺎ ٌء أَ ْ َ ﴍ َف ﻋﲆ إﻧﺠﺎزه اﻷﺻﻨﺎف أﻧﻔﺴﻬﻢ .ﰲ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﻣﻨﻪ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺪرﺳﺔ، أﻇﻨﻬﺎ روﺿﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل أو ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ .أﺧﱪﻧﺎ أﺣﺪ اﻹﺧﻮة ﻓﻴام ﺑﻌﺪ -ﻫﻮ أﺣﺪ ﺗﻼﻣﻴﺬ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻬﺠﺮة إﱃ اﻟﱪازﻳﻞ ،ﺛﻢ دﻋﺎه إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ- أﺧﱪﻧﺎ ﺑﺄن اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻫﻲ اﳌﻔﺘﺎح ،اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﻮﻟﻮج ﻣﻨﻪ إﱃ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ،ﻷن ﻫﺬا اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺿﻌﻴﻒ اﳌﻨﺎﻋﺔ واﻟﺤﺼﺎﻧﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﳌﻌﻨﻮﻳﺔ أﻣﺎم ﻗﻮة اﻟﺤﻴﺎة اﳌﺎدﻳﺔ وﺷﺪة ﺣﻀﻮر ﻣﻐﺮﻳﺎت اﻟﻌﴫ .ودور اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻫﻮ أن ﺗﻮﻓﺮ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﻨﺎﻋﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﻔﻜﺮ ﰲ اﺣﺘﻀﺎن اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻨﺬ اﻟﺮوﺿﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﺸﻬﻮر اﻷوﱃ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻴﺶ ﰲ ﺟﻮ ﺧﺎص ﻛام ﻳﻘﻮل. ﰲ اﳌﺮﻛﺰ ﻣﺴﺠﺪ وﻣﺮاﻓﻖ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﻟﺘﺤﻔﻴﻆ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻜﺒﺎر اﻟﻘﺮآن ،ﻳﺤﺘﻮي ﻛﺬﻟﻚ ﻋﲆ ﺣﺠﺮات دراﺳﻴﺔ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﺧﺘﺎر ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ اﻟﺒﻴﺖ ) ،(Home Schoolوﻫﻮ ﻧﻈﺎم ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ﺗﺘﻴﺤﻪ اﻟﻘﻮاﻧني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﺗﺤﺼﻴﻞ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻠﻤﻌﺎرف اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻻﺟﺘﻴﺎز اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ وﻳﺘﻢ ﻫﺬا ﰲ اﻟﺒﻴﻮت أو ﰲ ﻣﺮاﻛﺰ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ 101
مقاالت اﻟﺤﻖ ﰲ إدﺧﺎل ﻣﻮاد ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻐﺎت أﺧﺮى وﻛﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ. ﻳﻌﺞ اﳌﺮﻛﺰ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻧﺸﻴﻄﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﻫﺎدﺋﺔ، أﺧﱪﻧﺎ ﻣﺮاﻓﻘﻨﺎ أن ﺣﺮﻛﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﺳﺒﻮع ﺗﻜﻮن أﻛرث ً ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺘﻨﻮع اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺪميﻬﺎ ،اﻟﻔﻀﺎء ﻣﺘﻨﻔﺲ ﻟﻸﴎ وﻟﻠﺸﺒﺎب واﻷﻃﻔﺎل ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء. ﺗﻢ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﻛﻞ ﳾء ،اﻟﺸﺒﺎب واﻷﻃﻔﺎل ﻳﺤﺒﻮن اﻷﻟﻌﺎب اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وﻳﺤﺒﻮن اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،اﳌﺮﻛﺰ ﻳﻮﻓﺮ ﻫﺬا ،واﻟﻔﻜﺮة ﻫﻲ اﺣﺘﻀﺎن اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻴﺎﻓﻌني وﺗﺤﺼﻴﻨﻬﻢ ﺿﺪ اﳌﺆﺛﺮات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﺳﻠ ًﺒﺎ ﻋﲆ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ،وﻗﺪ ﺗﺆدي ﺑﻬﻢ إﱃ اﻻﻧﺤﺮاف؛ وﻟﻬﺬا ﺗﺠﺪ اﻷﴎ واﻟﻌﺎﺋﻼت وﻓﺌﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺮﺗﺎح ﳌﺜﻞ ﻫﺬا اﳌﺮﻛﺰ ،وﺗﺮﺗﺎده وﺗﺸﺠﻊ ﻋﲆ ﻓﺘﺢ أﻣﺜﺎﻟﻪ ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻛام ﺗﺤﺮص ﻋﲆ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ واﺳﺘﻤﺮاره. ﻟﻘﺪ أدرﻛﺖ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻨﺎس ،ﻓﺄﻧﺸﺄت ﻫﺬه اﳌﺮاﻛﺰ -وﻣﺜﻠﻬﺎ ﻛﺜري -اﺳﺘﺠﺎﺑ ًﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺎﺟﺔ .ﻗﺎل ﻣﺮاﻓﻘﻨﺎ" :اﳌﺎل ﻳﺬﻫﺐ وﻳﺮﺟﻊ ﻟﻜﻦ اﻷﺧﻼق واﻟﻘﻴﻢ إذا ذﻫﺒﺖ ﻓﺈن اﺳﱰﺟﺎﻋﻬﺎ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ". عالمة ميزتها النجاح
ﺟﺎﻟﻴﺎت أﺧﺮى ﻛﺎﻟﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﻴﻢ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺤﻮ ًرا ﻟﻬﺎ ،وﺗﺠﻌﻞ ﺗﺤﻔﻴﻆ اﻟﻘﺮآن أﺣﺪ أﻫﻢ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ،وﻗﺪ زرﻧﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻬﺎ رﻏﻢ ﺳﻤﻮ اﻟﻬﺪف اﻟﺬي ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻴﻪ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻔﺘﻘﺪ ﻟﻠﺮوح واﻟﻤﻌﻨﻰ زﻳﺎدة ﻋﻠﻰ وﻗﻮﻋﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي ﻣﺪﻳﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻬﺎ ﺳﻮى ﻣﺼﺪر ﻟﻼﺳﺘﺮزاق وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺨﺮج ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ وﻫﺪﻓﻬﺎ .أﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﺮاﻓﻘﻨﺎ -ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺒﻞ اﻟﺬي درس ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺗﻌﻠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ -أن اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ رﻏﺒﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﻊ ﺷﻲء ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ 102
ﺗﻠﻘﻲ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ أﺣﻀﺎن أﻳﺎد ﻏﻴﺮ أﻣﻴﻨﺔ. ﺳﺎﻣﻲ ﺑﻠﺒﻞ ﻣﻦ ﺑﻼﺑﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،وﻫﻲ أﺷﻜﺎل وأﻟﻮان ،وﻟﻜﻞ ﺑﻠﺒﻞ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ،وﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ أﺳﻠﻮﺑﻪ ﰲ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس .ﻓﺴﺎﻣﻲ ﻫﺬا ﻃﺎﺋﺮ ذو ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺬاﺑﺔ ،وﻣﺮﺣﺔ ﻳﻘﺘﺤﻢ ﻋﻠﻴﻚ ﻋﺎﳌﻚ ﻳﺨﺮﺟﻚ ﻣﻦ اﻧﻌﺰاﻟﻴﺘﻚ ،وﻳﺒﺎدرك ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﻌﺮﻓﻚ ﻣﻦ ﻗﺪﻳﻢ ،ﻣﻌﺎرﻓﻪ ﻛﺜريون ﻳﺒﺎدﻟﻮﻧﻪ اﻻﺣﱰام وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ وﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻷوﺳﺎط ،ﻣﻬﻤﺘﻪ ﻛام ﻓﻬﻤﺖ ﻫﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﺠﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ، أﺧﺬﻧﺎ إﱃ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻋﺮب، ﻣﺪرﺳﺎ ﰲ إﺣﺪى اﳌﺪارس اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﺘﻬﺎ اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ ﻳﻌﻤﻞ ً اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻌﻬﺪ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻊ دﻳﻨﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﴩف ﻋﻠﻴﻪ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ،وﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﰲ ﺗﺪﺑريه ُﺳ ﱢﻠﻢ ﻟﻠﺒﻼﺑﻞ ﰲ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﺳﺎﻣﻲ ﺑﻠﺒﻞ ﺻﺪاح ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺤﺒﻪ وﺗﻘﺒﻠﻪ ،ﻻ ﺗﻔﺎرق اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻣﺤﻴﺎه ،ﻳﺤﻤﻞ ﻗﻠ ًﺒﺎ واﺳ ًﻌﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﺣﺘﻮاء اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، ﻳﻮﻣﻪ ﺷﻐﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻛام ﻳﺨﱪﻧﺎ ،أﴎﺗﻪ ﺗﻔﺘﻘﺪه ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺴﲆ ﻋﻦ أﴎﺗﻪ وﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺠﻼل اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ،إﻧﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺰرع اﻟﱪﻛﺔ واﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﺘﻮﻓﻴﻖ. أﺧﱪﻧﺎ ﺑﺄن ﻣﻬﻤﺘﻪ ﻫﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﰲ ﺟﻌﺒﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﺧري ،اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﺻﺎد ًﻗﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﰲ ﺗﺪﺑري ﺷﺆوﻧﻬﺎ ،ﻟﻴﺲ اﻟﻐﺮض اﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻬﺎ ﻛام ﻳﻘﻮل ،وﻟﻜﻦ أن ﺗﻨﻌﺎون ﻣﻌﻬﺎ ﻟﺘﺤﺴني ﺻﻮرة اﳌﺴﻠﻤني ﻫﻨﺎ. ﻟﻸﺻﻨﺎف ﻗﺼﺺ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺨﺮج ﻋﻦ ﺟﻮ اﻟﺨﺪﻣﺔ وﻋﺎﳌﻬﺎ ،ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺎﺟﺮ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ درس ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ودﺧﻞ ﻋﺎمل اﻷﻋامل وﻧﺠﺢ ﻓﻴﻪ ،وﻳﻌﺘﱪ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺴﻨﺪ اﻟﺬي
الرحلة الرثية للحاق باملقامات السنية ..بالبل الخدمة ()2
أﻣﺪه ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻟﻴﻨﺠﺢ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﻌﺮف ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ووﻗﻊ ﻣﻌﻪ ﺗﺤﻮل ﻛﺒري ﺟﻌﻠﻪ ﻣﺪﻳ ًﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ. أﺣﺪ ﻫﺆﻻء اﻷﺻﻨﺎف ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻗﺒﻞ أﻛرث ﻣﻦ ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻧﻘﻞ أﻋامﻟﻪ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،وأﻣﻠﻪ ﺑﺄن ﻳﻨﺠﺢ ﰲ اﻣﺘﻼك آﺑﺎر ﻟﻠﺒﱰول ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،وأن ﻳﻨﺠﺢ ﰲ إﻧﺸﺎء ﴍﻛﺔ ﻛﱪى ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل ،وﻗﺪ ﻧﺠﺢ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﺤﻠﻢ، اﻟﺮﺟﻞ ﻇﻞ ﻣﻨﺬ ﺳﻤﻊ اﻟﺒﴩى ﻳﻌﺘﱪ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﴩى ﺳﺘﺘﺤﻘﻖ .ﺗﻘﺎﻃﻌﺖ ﺳﺒﻠﻨﺎ ﻗﺪرا ﰲ "إ ِﻧﺴ ُﺘﻮر" ﻗﺺ دﻟﻴ ُﻠﻨﺎ ﻗﺼﺘﻪ ﺑﴪﻋﺔ ،ﻫﻮ أﺣﺪ ﺗﺒﺎدﻟﻨﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻗﺼ ًريا ،ﱠ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻤﻮن اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺠﺰﻫﺎ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،أﻫﺪاين ﻗﻠام ً ً ﺟﻤﻴﻼ أﺣﺎول اﻵن أن أﻛﺘﺐ ﺑﺤﱪه ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺨري ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ اﳌﺴﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺎﺟﺮت إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ أﺻﻨﺎف وأﻧﻮاع ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺎﺟﺮ ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴني أو ﺳﺘني ﺳﻨﺔ، ﺣﻤﻠﻬﻢ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻟﻘﻤﺔ اﻟﻌﻴﺶُ ،وﻟﺪ أوﻻدﻫﻢ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،وﰲ ﻟﺤﻄﺔ اﻛﺘﺸﻔﻮا أﻧﻬﻢ ﻓﻘﺪوا أوﻻدﻫﻢ وﺻﺎروا ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﳾء مثني ﺗﺮﻛﻮه وراءﻫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺎﺟﺮوا ،ﺗﺮﻛﻮا وراءه ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ وﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢِ .ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﺷﻴﺦ وﻗﻮر ﻛﺎن رﻓﻴﻘﻨﺎ ﺑﻞ ﺳﺎﺋﻘﻨﺎ، ﻳﻘﻮل ﻋﻨﻪ ﺳﺎﻣﻲ :إﻧﻪ ﺗﻌﺮف ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺳﻦ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻨﺬ ﺗَﻌ ﱡﺮﻓﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻌﺮض ﺧﺪﻣﺎﺗﻪ ﺗﻄﻮ ًﻋﺎ. ُ ﺻﺪق ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ وإميﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ ﻻ ميﻜﻦ وﺻﻔﻪ، ﻳﺬﻛﺮ ﺑﺄﻧﻪ مل ﻳﱰك ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﻨﺬ ﻋﺮف اﻟﺨﺪﻣﺔ ،وﻣﻨﺬ أن اﺳﺘﻘﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ .أﺧﱪين أﻧﻪ و ﱠد ﻟﻮ ﻳﺮﺟﻊ اﻟﺰﻣﻦ إﱃ اﻟﻮراء وﻳﺼري ﺷﺎﺑﺎ ﻟﻴﻨﺨﺮط ﰲ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﺳﻠﻮك ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ وﺻﺪﻗﻪ ﻳﺠﻌﻞ اﳌﺮء ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺼﺪق ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮك ﺑﻬﺎ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮﻗﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎمل.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
ُ ﻣﺠﺎﻻت ﺗ ََﺤ ﱡﺮ ِك ﻫﺆﻻء اﻟﻄﻴﻮر ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻣﺎ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺔ دون ﻣﻘﺎﺑﻞ ،واﻹﺑﺪاع ﰲ ﺳﺒﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﴍاﺋﺢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻬﺎ ﺣﻀﻮر ﻓﻜﺮي وﺛﻘﺎﰲ واﺟﺘامﻋﻲ ﰲ ﻋﻤﻖ اﳌﺠﺘﻤﻊ .ﻫﻨﺎك ﻣﺮاﻛﺰ ﻟﻠﺤﻮار ﻫﺬه ﻫﻲ وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ،ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﻔﻴﺾ ﺣﻴﻮﻳﺔ ً وﻧﺸﺎﻃﺎ .ﻛﺎﻧﺖ زﻳﺎرﺗﻬﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﲆ اﻟﻮﺟﻪ اﻵﺧﺮ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ،ﺧﺪﻣﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻃﻴﻨﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻮر، ﻳﺤﺮص ﻣﻦ ﻳﴩف ﻋﲆ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺤﻮار ﻋﲆ أن ﺗﻜﻮن ﰲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻘﺮار اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺜﻘﺎﰲ واﻻﺟﺘامﻋﻲ ،أو ﰲ وﺳﻂ اﻷﺣﻴﺎء اﻟﺮاﻗﻴﺔ اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻷﻋامل وﺑﺎﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ. اﳌﺴﺘﻮى اﳌﻌﺮﰲ وإﺗﻘﺎن اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﻴﺰة متﻴﺰ ﺑﻼﺑﻞ ﻫﺬا اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،واﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﺬﻟﻚ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻬﺪف ﻓﺌﺔ اﳌﺜﻘﻔني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﺄﺛري ﰲ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻮﻋﻲ داﺧﻞ اﳌﺠﺘﻤﻊ. ﺣني زﻳﺎرة أﺣﺪ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺤﻮار ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻧﺪوة أو ﻣﺎﺋﺪة ﻣﺴﺘﺪﻳﺮة ذات أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ،أدرﻛﺖ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻀﻮر ،ﻳﺒﺪو ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺤﻬﻢ أﻧﻬﻢ ﻣﺜﻘﻔﻮن وﻣﻔﻜﺮون ،ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻓﻴام ﺑﻌﺪ أﻧﻬﻢ ﻳﻨﺎﻗﺸﻮن ﻣﻮﺿﻮ ًﻋﺎ ذا أﺑﻌﺎد ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻷﻫﻤﻴﺔ ،وﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻪ ﻣﻔﻜﺮون ﻣﺴﻠﻤﻮن وﻣﺴﻴﺤﻴﻮن وﻳﻬﻮد. أﺧﱪﻧﺎ اﻟﻘﺎمئﻮن ﻋﲆ ﻫﺬا اﳌﺮﻛﺰ ﺑﺄن ﻣﻬﻤﺘﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ ﻓﺘﺢ ﺣﻮار ﺟﺎد ﺣﻮل ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺑني ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ اﻟﺤﻘﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺑني ﻏريﻫﻢ ﻣﻦ دﻳﺎﻧﺎت أﺧﺮى ،ﻗﺎل ﻣﺴﺆول اﳌﺮﻛﺰ" :أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻨﺪوات اﻟﺘﻲ ﻧﺪﻋﻮ إﻟﻴﻬﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﺗﺼﺤﻴﺢ اﻟﺼﻮرة اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﻦ اﻹﺳﻼم واﳌﺴﻠﻤني اﻟﺘﻲ ﻋﻠﻘﺖ ﺑﺎﻷذﻫﺎن ﻟﺴﺒﺐ أو ﻵﺧﺮ". 103
مقاالت
األسس الفاعلة
سعاد النارص
أ.د .ﺳﻌﺎد اﻟﻨﺎﺻﺮ، أﺳﺘﺎذة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻵداب ﺑﺘﻄﻮان ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺴﻌﺪي ،ورﺋﻴﺴﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺟﺮﻳﺪة "ﻣﻼﻣﺢ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ" .دﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع "اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻷدﺑﻴﺔ :دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت واﻷﺟﻨﺎس .ﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪواوﻳﻦ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ وﻣﻨﻬﺎ :دﻳﻮان "ﺳﺄﺳﻤﻴﻚ ﺳﻨﺒﻠﺔ" ،ودﻳﻮان "ﻫﻞ أﺗﺎك ﺣﺪﻳﺚ أﻧﺪﻟﺲ" ،و"ﻇﻼل وارﻓﺔ" ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﺼﺼﻴﺔ. ﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻲ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات واﻟﻨﺪوات اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ.
104
يف االنبعاث الحضاري ﻳﻨﺪرج ﻛﺘﺎب "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﻣﺸﺮوع ﻧﻬﻀﻮي إﺳﻼﻣﻲ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻳﻬﺪف إﻟﻰ اﻧﺒﻌﺎث اﻷﻣﺔ ،وإﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻨﻘﻌﺎت اﻻﻧﺤﻄﺎط واﻟﻮﻫﻦ واﻟﺘﺒﻌﻴﺔ .وﻗﺪ ﺑﺪأت ُﺑ ُﺬوره ﺗﻨﻤﻮ ﺑﺒﻂء ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،رﻏﻢ ﻇﺮوف اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﻣﺨﻠﻔﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،واﻟﺴﻴﺎﺣﺎت اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﻓﻲ ﻣﺮاﺗﻊ اﻟﻤﻠﻞ واﻟﻨﺤﻞ ،وﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮل دون اﻟﻨﻬﻮض اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻟﻸﻣﺔ .وﺟﻬﻮد اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ،وﺗﻘﺘﻔﻲ ﺧﻄﻮات اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮه ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﺪ ﺳﻨﺪ إﺻﻼﺣﻬﻢ وﺗﺠﺪﻳﺪﻫﻢ ﻟﻴﺼﻞ إﻟﻰ ﻗﺪوﺗﻬﻢ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ . وﻳﺼﻮغ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ رؤﻳﺘﻪ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎث ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻣﻘﻮﻣﻴﻦ أﺳﺎﺳﻴﻴﻦ: اﻹﻳﻤﺎن واﻟﻬﺪف ،وﻫﻤﺎ ﻳﻨﻄﻮﻳﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺲ واﻟﻤﺮﺗﻜﺰات ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎب "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ اﻷﺧﺮى ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ رؤﻳﺘﻪ اﻟﻤﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ﺣﻮل ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺒﻨﺎء ،ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﻴﺶ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻓﻲ ﺗﻮازن ﻣﻊ ﻓﻄﺮﺗﻪ وﻣﻊ اﻟﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ.
األسس الفاعلة يف االنبعاث الحضاري
nesemat.com nesemat.com
ات وأﻣﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺳﺎدت اﻟﺒﺸﺮﻳ َﺔ ﺣﻀﺎر ٌ وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﺗﺮﻛﺖ ﺑﺼﻤﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻀﺎرة اﻹﺳﻼم ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻧﺒﻌﺎﺛﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﻮﻫﻦ واﻻﻧﺤﻄﺎط واﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﻘﻄﺖ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﺴﺘ َﻤﺪة ﻣﻦ ﺗﺪﺑﺮ ﻣﺤﻜﻢ ﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ وﻟﺴﻨﺔ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ،وﻣﻦ ﺗﺒﺼﺮ ﻟﻤﺒﺸﺮات اﻟﻤﺪ اﻟﺤﻀﺎري واﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻸﻣﺔ ،واﺳﺘﻌﺼﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺎدة .وﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ واﻷﻣﺔ ﺗﻌﻴﺶ أزﻣﺎت ً ﺳﻘﻮﻃﺎ ﺣﻀﺎر ٍّﻳﺎ ﻣﻬﻮﻻً، ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ،وﺗﻌﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺮﻗﻲ واﻟﺘﻘﺪم اﻟﻤﺎدي، ﻓﻲ ﻣﻌﺰل ﻋﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻴﻢ واﻷﺧﻼق. وﻳﻨﺪرج ﻛﺘﺎب "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ﰲ ﺳﻴﺎق ﻣﴩوع ﻧﻬﻀﻮي إﺳﻼﻣﻲ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻳﻬﺪف إﱃ اﻧﺒﻌﺎث اﻷﻣﺔ ،وإﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻨﻘﻌﺎت اﻻﻧﺤﻄﺎط واﻟﻮﻫﻦ واﻟﺘﺒﻌﻴﺔ .وﻗﺪ ﺑﺪأت ُﺑ ُﺬوره ﺗﻨﻤﻮ ﺑﺒﻂء ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ،رﻏﻢ ﻇﺮوف اﻻﺳﺘﻌامر وﻣﺨﻠﻔﺎﺗﻪ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،واﻟﺴﻴﺎﺣﺎت اﳌﺴﺘﻤﺮة ﰲ ﻣﺮاﺗﻊ اﳌﻠﻞ واﻟﻨﺤﻞ ،وﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﳌﻌﻮﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮل دون اﻟﻨﻬﻮض اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﻟﻸﻣﺔ .وﺟﻬﻮد اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﺗﺼﺐ ﰲ ﻣﺠﺎل ﻫﺬا اﳌﴩوع ،وﺗﻘﺘﻔﻲ ﺧﻄﻮات اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮه ،ﻛﺒﺪﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﻨﻮرﳼ وﻣﺤﻤﺪ إﻗﺒﺎل وﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ اﳌﺼﻠﺤني اﻟﺬﻳﻦ ميﺘﺪ ﺳﻨﺪ إﺻﻼﺣﻬﻢ وﺗﺠﺪﻳﺪﻫﻢ ﻟﻴﺼﻞ إﱃ ﻗﺪوﺗﻬﻢ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ . وﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﲆ رأﺳﻬﺎ ﳌﺌﺎت اﳌﺪارس ﰲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎمل ،وإﻧﺸﺎء اﻟﺼﺤﻒ واﳌﺠﻼت واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﺎت واﳌﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،واﻟﴩﻛﺎت واﻷﻋامل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺨريﻳﺔ ،واﻣﺘﺪاد ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ إﱃ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺮاﻛﺰ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﰲ ﻋﺪد
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
املسلم ملزم بالبحث "عن كل فائدة ومصلحة، أىن يجدها .وكام اقتبس يف املايض ويطلبها َّ أيضا يأخذ كل ما ميكن من العلوم ،فاليوم ً وي ِ ودعه أمانة وينميه أخذه أينام وجده، ِّ ِّ ويطوره ُ للوارثني الجدد".
ﻛﺒري ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎمل ،واﳌﺆمتﺮات اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ،اﳌﺘﻌﺎوﻧﺔ ﻣﻊ ﻛﱪﻳﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ دراﺳﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ وﺗﺄﺛريﻫﺎ وﺟﺬورﻫﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺼﺐ ﰲ إﻃﺎر اﳌﴩوع اﻟﺤﻀﺎري اﳌﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﺗُﻌ ّﺪ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻛﻮﻟﻦ ﺟﺰ ًءا ﻣﻨﻪ ،وﺗﺆﺳﺲ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺗﺤﺪﻳﺎت اﻷﻣﺔ ،وﺗﻔﺮش اﻟﺴﺒﻞ ﻻﻧﺒﻌﺎﺛﻬﺎ وإﺣﻴﺎﺋﻬﺎ ،يك ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ اﻟﺘﻮازن اﻟﺪوﱄ .ﻓﺎﻷﻣﺔ اﻟﻴﻮم "أﻣﺎم أﺣﺪ ﺧﻴﺎرﻳﻦ :إﻣﺎ اﻟﻜﻔﺎح اﳌﺼريي ﰲ اﻟﻬﻤﺔ واﻟﺬي ﻳﺆدي ﺑﻨﺎ إﱃ اﻻﻧﺒﻌﺎث ،وإﻣﺎ اﻟﺨﻠﻮد إﱃ اﻟﺮاﺣﺔ واﻻﺳﱰﺧﺎء اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻠﻤﻮت اﻷﻳﺪي")ص.(٧: وﻳﻘني ﻛﻮﻟﻦ اﻟﻘﻮي ﺑﺎﻧﺘﺴﺎب اﻷﻣﺔ إﱃ دﻳﻨﻬﺎ ﻛﻔﻴﻞ ﰲ اﻋﺘﻘﺎده ﺑﺎﻻﻧﺘﻔﺎع مبﺎ ﺗﺨﺘﺰﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﻨﻬﻮض واﻟﺮﻗﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﺑﺮح "ﻣﺼﺪر ﻋﺰ وﻗﻮة ﻷﺗﺒﺎﻋﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ وﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﺑﺼﺪق ،وﻗﺪ أﺳﻌﺪﻫﻢ ﺑﻘﺪر ﺻﺪق اﻧﺘﺴﺎﺑﻬﻢ ،ومل ﻳﻮﻗﻌﻬﻢ ﻗﻂ ﰲ ﺧﺬﻻن داﺋﻢ أو ﻣﺘامد. ﻛﻢ ﻋﺸﻨﺎ ﺑﻔﻀﻠﻪ ﰲ ﻓﻤﻨﺬ ﻋﻬﺪ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ْ ﻓﱰات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﺼﻮرا ذﻫﺒﻴﺔ وأﻗﻤﻨﺎ ﺣﻀﺎرات زاﻫﻴﺔ" ً ﻣﴩوﻃﺎ ﺑﺎﻟﻬﻤﺔ واﳌﺠﺎﻫﺪة، )ص .(١٨٧/١٨٦:ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻛﺎن وﻟﻴﺲ "ﺑﺎﻟﻘﻌﻮد واﻟﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺎت اﻟﺨﺎرﻗﺔ ،وﻏﺾ اﻟﺒﴫ ﻋﻦ اﻟﻌﺎدات واﻟﺴﻨﻦ اﻹﻟﻬﻴﺔ" )ص.(١٨٧: وﻳﺼﻮغ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ رؤﻳﺘﻪ ﻟﻼﻧﺒﻌﺎث ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻣﻘﻮﻣني أﺳﺎﺳﻴني :اﻹميﺎن واﻟﻬﺪف ،وﻫام ﻳﻨﻄﻮﻳﺎن 105
مقاالت nesemat.com nesemat.com
يف عصو ِر تخبط اإلنسانية يف الظلامت ،كان أهم مصادر القوة للمجاهدين األوائل هو إميانهم ،وغايتهم املأمولة هي تفريغ إلهامات إميانهم الفوارة يف قلوبهم إىل صدور اآلخرين.
ﻋﲆ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺲ واﳌﺮﺗﻜﺰات ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎب "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ،ﻛام ﻗﺪ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﰲ ﻛﺘﺒﻪ اﻷﺧﺮى ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ رؤﻳﺘﻪ اﳌﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ﺣﻮل ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺒﻨﺎء ،ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﻴﺶ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﰲ ﺗﻮازن ﻣﻊ ﻓﻄﺮﺗﻪ وﻣﻊ اﻟﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ. -1اإلميان
إن اﻹﻳﻤﺎن ﻫﻮ اﻟﻤﻘﻮم اﻷول اﻟﺬي ﻳﻐﺮﺳﻪ ﻛﻞ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري ،ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻰ اﺳﺘﻘﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ووﻗﻊ ﺗﺠﺪﻳﺪه ﻛﻞ ﺣﻴﻦ ،أﺣﺪث ﻗﻮة داﻓﻌﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺔ وﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﻮن، ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺤﺪث ﺧﻔﺔ وﺗﺤﻠﻴ ًﻘﺎ ﻓﻲ اﻵﻓﺎق ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﻮ ًﻛﺎ وﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،أي ﻳﻌﻴﺪ إﺣﻴﺎء اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻳﺤﺮك ﻣﺪارﻛﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺤﻖ واﻟﻌﺪل واﻟﺠﻤﺎل .وﻗﺪ ﻇﻞ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﺜﻼث ﻋﺸﺮة اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺪﻋﻮة ،وﻳﺸﺤﻦ اﻟﻨﻔﻮس ﺑﺄﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ .وﻟﻤﺎ ﺑﺪأ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻌﻤﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻛﺎﻧﺖ اﻷرواح واﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﺆﻣﻨﺔ ﺣﻖ اﻹﻳﻤﺎن ،ﻣﻬﻴﺄة ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻪ ،ﻓﺘﻌﺎﻟﻰ اﻟﺒﻨﺎء ﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﻣﻌﺪودة .وﻗﺪ ﻳﻦ آ َﻣ ُﻨﻮا ْاﺳ َﺘ ِﺠﻴ ُﺒﻮا ﻟِ ﱠﻠ ِﻪ ﻇﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة َﻳﺎ أَ ﱡﻳ َﻬﺎ ا ﱠﻟ ِﺬ َ َوﻟِﻠ ﱠﺮ ُﺳﻮلِ إِ َذا َد َﻋﺎ ُﻛ ْﻢ ﻟِ َﻤﺎ ُﻳ ْﺤ ِﻴ ُﻴﻜ ْﻢ )اﻷﻧﻔﺎل (٢٤ :ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﻧﺒﻌﺎث واﻹﺣﻴﺎء ﻛﻠﻤﺎ اﺑﺘﻌﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻦ ﻫﺬا 106
اﻟﻤﻘﻮم ،ﻳﻜﻔﻞ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺠﺪدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس، ﻟﺘﺤﻴﺎﻫﺎ اﻷﻣﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻬﺎ وﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺗﻬﺎ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﺣﻴﻦ ﻳﺠﻌﻞ اﻹﻳﻤﺎن ﻣﻘﻮم ﻛﻞ اﻧﺒﻌﺎث وإﺣﻴﺎء ،ﻳﺘﻔﺮع ﻋﻨﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺲ واﻟﻤﺮﺗﻜﺰات واﻟﻠﺒﻨﺎت ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ذﻟﻚ اﻹﻳﻤﺎن وﺗﻨﺰﻳﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة .ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺲ: أ -اإلنسان :ﻷﻧﻪ اﳌﺤﻮر اﻟﺬي ﻳﺪور ﺣﻮﻟﻪ اﻟﻜﻮن، وﻫﻮ ﺳﻴﺪ اﻷرض ،وﻋﻤﺮاﻧﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ أﺳﺎﺳﺎ مبﺪى أﻫﻠﻴﺘﻪ واﺳﺘﻌﺪاده .وﺻﻼﺣﻬﺎ أو ﻓﺴﺎدﻫﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎن ﺑﺼﻼﺣﻪ أو ﻓﺴﺎده .ﻓﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺴﻮﻳﺔ ﻻ ﺗﺘﻜﻮن إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹميﺎن اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﺎﻹميﺎن ﻳﻐﻄﻲ "ﺳامء أﺣﺎﺳﻴﺲ اﻹﻧﺴﺎن وﺷﻌﻮره وإدراﻛﻪ ،ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺤﻴﻞ اﻟﻌﻠﻮم واﳌﻌﺎرف ﻛﻠﻬﺎ إﱃ اﻟﻌﺸﻖ واﻻﺷﺘﻴﺎق واﻟﺤﺮص ﺑﺤﻤﻠﺔ وﻫﻤﺔ َ اﻹﻧﺴﺎن داﺧﻠﻴﺔ وﺷﻌﻮر وﺣﺲ داﺧﲇ ،ﻟﻴﺤﺎﴏ ذاك ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻬﺔ ،ﻓﻴﺤﻮﻟﻪ إﱃ إﻧﺴﺎن ﺟﺪﻳﺪ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻣﺤﻮر ُ اﻟﺤﺎل ﻋﲆ ﻛﻞ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت اﻟﻮﺟﺪان .ﻓﺘﻨﻌﻜﺲ ﻫﺬه ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎﺷﻖ اﳌﺸﺘﺎق .ﻓﺘﺤﻤﻞ ﻋﺒﺎدﺗُﻪ وﻃﺎﻋﺘﻪ ٍ ﺳامت ﺗﺮﺗﺴﻢ ﺑﺨﻄﻮط ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ واﻟﺮاﺑﻄﺔ ،وذﻟﻚ ٍ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎت اﻟﻌﺸﻖ واﻻﺷﺘﻴﺎق ،وﺗﺼري ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺗُﻪ اﻟﺒﴩﻳﺔ ِ ﻟﻬﺬه اﻟﻠﺪﻧ ﱠﻴﺔ .وﺗﺘﻤﺤﻮر ﺣﻤﻼﺗﻪ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﺠﺎذﺑﺔ "إﱃ اﳌﺮﻛﺰ" .ﻓﺘﺘﺸﻜﻞ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺗﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ وأﻧﺸﻄﺘﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﻬﺬه اﳌﻘﻮﻣﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،وﺗﺘﻮﺳﻊ ﺑﻬﺎ ،وﺗﱪز ﺑﺄﻟﻮان اﻟﻘﻠﺐ وأداﺋﻪ اﻟﺠﻤﻴﻞ" )ص .(٥٣-٥٢:وﺣني ﺗﺼﺒﺢ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺼﺒﻮﻏﺔ ﺑﺎﻹميﺎن ،ﻣﻬﺘﺪﻳﺔ ﺑﻴﻘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻮﺣﻲ، ﺗﺘﻠﻘﻰ روﺣﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﺮﻳﺪة ،ﻫﻲ اﳌﺤﺒﺔ .واﳌﺤﺒﺔ ﻫﻲ ﻧ ُْﺴﻎُ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻜﺮميﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﴪي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ ،ﻛﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﻌﺪل واﻹﺧﻼص.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
األسس الفاعلة يف االنبعاث الحضاري
nesemat.com nesemat.com
وﺗﺰﻛﻴﺔ اﻟﻨﻔﻮس ﻋﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،وﺷﺤﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺎت اﻹميﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﺗﺠﺪﻳﺪﻫﺎ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻨﺴﺎق وراء ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺮ ﻧﻘﺎءﻫﺎ وﻃﻬﺮﻫﺎ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ميﻜﻦ أن "ﻳﺠﺘﻤﻊ ﰲ اﻟﻘﻠﺐ إميﺎن وارﺗﺒﺎط ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻊ اﻟﺤﻘﺪ واﻟﻜﺮه واﻟﻐﻴﻆ ،وﺑﺎﻷﺧﺺ إذا ﻛﺎن اﻟﻘﻠﺐ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ ﺟﻼﺋﻪ وروﻧﻘﻪ ﺑﺘﺠﺪﻳﺪ إميﺎﻧﻪ واﻧﺘﺴﺎﺑﻪ ﻟﻠﺤﻖ ﺗﻌﺎﱃ وﻣﻴﺜﺎﻗﻪ")ص ،(٥٩:ﻓﺈذا اﺳﺘﻘﺮ ذﻟﻚ ﻓﺎض اﻟﻘﻠﺐ وﺗﺪﻓﻖ وﺗﺴﺎﻣﺤﺎ "إزاء اﳌﺨﻠﻮﻗﺎت إﺟﻼﻻ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ، ﺣ ٍّﺒﺎ واﻫﺘام ًﻣﺎ ً واﳌﺼﻨﻮﻋﺎت إﺟﻼﻻ ﻟﻠﺼﺎﻧﻊ" )ص .(٥٧:وﺑﻘﺪر ﺗﺄﺻﻴﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻹميﺎن ﰲ اﻟﻌﻤﻖ ﺗﺘﻨﺎﻣﻰ ﺑﺬورﻫﺎ وﺗﱰﻋﺮع ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ،وﺗﻜﻮن ﻣﺼﺪر اﻻﻧﺒﻌﺎث واﻟﺘﻄﻮر. وﻳﻘﱰن ﻛﻞ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﺤﺮص ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﺤﺮي، واﻟﺸﻐﻒ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ واﻛﺘﺴﺎب اﳌﻬﺎرة ﰲ ﻛﻞ ﻣﺠﺎل )ص ،(٥٦:واﻟﺘﺤﻔﻴﺰ واﻟﺘﺸﺠﻴﻊ واﳌﻜﺎﻓﺄة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻷن اﳌﺴﻠﻢ ﻣﻠﺰم ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ "ﻋﻦ ﻛﻞ ﻓﺎﺋﺪة وﻣﺼﻠﺤﺔ ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﰲ أﻗﴡ ﺑﻘﺎع اﻷرض ،وﻳﻄﻠﺒﻬﺎ ﱠأىن ﻳﺠﺪﻫﺎ. وﻛام اﻗﺘﺒﺲ ﰲ اﳌﺎﴈ ﻣﻦ ﻋﻠﻮم اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء واﻟﻜﻴﻤﻴﺎء واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت واﻟﻔﻠﻚ واﻟﻬﻨﺪﺳﺔ واﻟﻄﺐ واﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻷﺧﺮى أﻳﻨام وﺟﺪﻫﺎ ،ﺛﻢ ﻗ ﱠﻮﻣﻬﺎ وﻃ ﱠﻮرﻫﺎ وأودﻋﻬﺎ أﻣﺎﻧﺔ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻵﺗﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻴﻮم أﻳﻀً ﺎ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻣﺎ ميﻜﻦ أﺧﺬه أﻳﻨام وﺟﺪه ،وﻳﻨﻤﻴﻪ وﻳﻄﻮره إن اﺳﺘﻄﺎع -و ُﻳﻮ ِدﻋﻪ أﻣﺎﻧﺔ ﻟﻠﻮارﺛني اﻟﺠﺪد")ص.(٥٥:ورﻏﻢ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة إﱃ اﻻﺳﺘﻔﺎدة واﻻﻧﻔﺘﺎح ،ﻓﺈن ﻛﻮﻟﻦ ﻳﺤﺬر ﻣﻦ اﻻﺗﻜﺎء ﻋﲆ اﳌﺼﺎدر اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﰲ اﻷﻣﻮر ِ واﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﻢ اﻟ َﻌ َﻘﺪﻳﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل اﺋﻖ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺒﺤﺚ ﰲ اﻟﺴرية وﺗﺎرﻳﺦ وﺳريﺗﻪ ،وﻃﺮ ِ اﻹﺳﻼم ،واﻟﻔﻦ واﻷدب وﻧﺤﻮﻫﺎ .ذﻟﻚ ،ﻷن اﻟﺬﻳﻦ أﻗﺎﻣﻮا
الذين أقاموا بنيانهم الفكري عىل معاداة اإلسالم ،والناظرون إليه خارج الوحي الساموي، ال يتوقع منهم حسن النية وطلب الخري للمسلمني ومت ِّني التقدم لهم.
ﺑﻨﻴﺎﻧﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮي ﻋﲆ ﻣﻌﺎداة اﻹﺳﻼم ،واﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ إﱃ اﻹﺳﻼم وﻛﺄﻧﻪ ﺧﺎرج اﻟﻮﺣﻲ اﻟﺴاموي ،ﻻ ُﻳﺮﺟﻰ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺘﴫف ﺑﺤﺴﻦ اﻟﻨﻴﺔ وﻃﻠﺐ اﻟﺨري ﻟﻠﻤﺴﻠﻤني ومت ﱢﻨﻲ اﻟﺘﻘﺪم ﻟﻬﻢ .أﻣﺎ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ -وﻫام ﺧﺎرج إﻃﺎر ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه -ﻓﻘﺪ ﻋﻬﺪﻧﺎﻫام ﰲ أﺧﺬ وﻋﻄﺎء ﺑني اﻷﻣﻢ ً ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ،وﺗﻨﺘﻘﻞ ﰲ اﳌﺎﴈ ،وﺳﺘﺴﺘﻤﺮ اﳌﺒﺎدﻟﺔ ﻓﻴﻬام أﻣﺎﻧﺔ وودﻳﻌﺔ ﰲ أﻳﺪي ﺣﺎﺋﺰﻳﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻌﻠﻮم واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﻜ ًﺮا ﻟﺪﻳﻦ أو أﻣﺔ" )ص .(٥٦-٥٥:وﻫﺬا ﻳﺆدي ﺑﺎﻟﺒﺎﺣﺚ إﱃ اﻷﺳﺎس اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻳﺮاه ﻛﻮﻟﻦ ﻳﺘﻔﺮع ﻋﻦ اﻹميﺎن وﻫﻮ ﻣﺎ أﺳامه ﰲ "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ﺑﺎﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ. بـ -الكينونة الذاتية :وﻳﴩﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :إن اﳌﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻧﻘﺼﺪه ﻣﻦ "اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ" ،ﻫﻮ إﺑﺮاز ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﳌﻨﺴﻮﺟﺔ ﻣﻦ ﻣرياث ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓ ِﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،وﺟﻌ ُﻠﻬﺎ "اﳌﺤﻮر" اﻟﺬي ﻧﺪور ﺣﻮﻟﻪ" )ص.(٢٣: ﻓﺎﻹرث اﻟﺤﻀﺎري ﺑﻜﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻣﻦ أﺳﺲ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ،وﻻ اﻟﺬي متﺘﻠﻜﻪ أي أﻣﺔ ﻳﻌﺘﱪ ً ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ إذا أرادت أن متﴤ ﻧﺤﻮ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﺧﺎﺻﺔ اﳌﻜﻮن اﻟﺜﻘﺎﰲ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره "ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﻈﻢ وﻗﻮاﻋ َﺪ ﺗﺤﻜﻢ وأﺻﻠﺘﻬﺎ اﻟﺘﴫﻓﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠﺘﻬﺎ ﱠ أﻣﺔ ﰲ أﺛﻨﺎء ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﺟﻌﻠﺘﻬﺎ مبﺮور اﻟﺰﻣﺎن ﺑﻌ ًﺪا ﻣﻦ أﺑﻌﺎد وﺟﻮدﻫﺎ أو ﺣﻮﻟﺘﻬﺎ إﱃ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎت ﰲ اﻟﻼﺷﻌﻮر" )ص .(٧٨:وﻫﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ُﺗ َﻌ ﱡﺪ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎت ﻻ 107
مقاالت nesemat.com nesemat.com
يقني كولن القوي أن انتساب األمة إىل دينها كفيل باالنتفاع مبا تختزنه من مقومات النهوض ٌ مرشوط بالهمة واملجاهدة، والرقي ،لكن هذا وليس بالقعود والحلم بالكرامات الخارقة ،وغض البرص عن العادات والسنن اإللهية.
ﻳﺠﺐ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ "ﻛﴚء ﻗﺪﻳﻢ متﺎ ًﻣﺎ ،ﺑﻞ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﳾء ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻖ إﻟﻴﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻷﺣﻮال واﻟﻈﺮوف" )ص .(٨٠:وﻳﺸري ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺄن ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ أرادت اﻟﻨﻬﻮض ﺑﻌﺪ ﻛﺒﻮة وﺳﻘﻮط ﻣﺜﻞ اﻟﻴﺎﺑﺎن وأﳌﺎﻧﻴﺎ ،ﻫﻮ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ وﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ، وﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ متﻜني اﻻﻧﺒﻌﺎث ﻣﻦ اﻟﻨﻤﻮ ﰲ أﺟﻮاء ﺻﺤﻴﺤﺔ وﻃﺒﻴﻌﻴﺔ .ﻛام ﻳﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺧﻄﺄ وﻗﻌﻨﺎ أﺳﺎﺳﺎ ﻓﻴﻪ ﻛام ﻳﻘﻮل" :وﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺟﻌﻞ اﻟﻘﺪﻳﻢ ً ﻣﺘﻴ ًﻨﺎ ﻟﻴﻘﺎم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ مبﻌﻄﻴﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻓﺼﻠﻨﺎﻫام ﰲ أﻛرث اﻷﺣﻮال إﱃ ﴍﻳﺤﺘني رﺑﻄﻨﺎﻫام ﺑﺤﻘﺒﺘني ﻣﻨﻔﺼﻠﺘني ،ﻓﺄﺣﻴﺎﻧﺎ اﺳﺘﻌﺪﻳﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬام ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ أﺧﺮى ﻋﺎرﺿﻨﺎ ﺑﻴﻨﻬام، ﻓﺄدﻳﻨﺎ إﱃ ﺣﺼﻮل ﻣﻌﻀﻼت ﰲ اﻷﺳﺲ" )ص .(٨٠:وﻳﻌﺘﱪ أن اﳌﺼﺎدر اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﳌرياﺛﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أﺧﺬﻫﺎ ﺑﻘﻮة وﺗﺄﺻﻴﻞ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ودورﻫﺎ ﰲ اﻟﺒﻨﺎء اﳌﻌﺮﰲ ﳌﺨﺘﻠﻒ اﻷﻓﻜﺎر واﳌﻮاﻗﻒ واﻷﺣﻜﺎم ،ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﳌﻮاﺿﻴﻊ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن واﻟﻜﻮن واﻟﻠﻪ ،ﻫﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﻋﺖ ﻋﻨﻬام ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﴩﻋﻴﺔ ﻛﺎﻟﺘﻔﺴري واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻔﻘﻪ واﻷﺻﻮل وﻏري ذﻟﻚ .ﻓﻤرياﺛﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﰲ اﳌﺴﺘﻨﺪ إﱃ ﻣﺼﺎدره اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ إﻃﺎر اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺴﺎ ِﻋ َﻴﺔ إﱃ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ اﻹﺷﻌﺎع اﻟﺤﻀﺎري، واﻟﺘﻤﻜني ﻟﻠﻌﻮدة إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨريﻳﺔ اﻟﺘﻲ ُو ِﺻ َﻔ ْﺖ ﺑﻬﺎ 108
اﻷﻣﺔ ،وإﺣﻼل ﻫﺬه اﳌﺼﺎدر ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻳﺘﻢ ﰲ إﻃﺎر ﻣﻌﺮﰲ، ﻳﺮﻗﻰ إﱃ ﺟﻌﻞ اﻟﻌﻘﻞ َ ﻣﻨﺎط اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ وﻋﻨﴫ اﻟﺘﻔﻜري واﻟﺘﺄﻣﻞ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﺳﺎس اﻵﺧﺮ اﳌﺘﻔﺮع ﻋﻦ اﻹميﺎن. جـ -العقل املفيض إىل املعقول :ﻳﻌﺘﱪ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻮﺟ ًﻬﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎن إﱃ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺣﺮاﺳ ٍﺔ ﻟﻠﺮوح ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﱢ اﻟﺘﻔﻜﺮ واﻹدر ِ واﻟﻔﻬﻢ وﻣﺎﻧ ًﻌﺎ ﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﺢ وﺣﺎ ٍّﺛﺎ اك ِ ﻟﻪ ﻋﲆ اﳌﺤﺎﺳﻦ )ص ،(٧٢:وﻋﻘﻴﺪة اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،ﻟﺬا ﻧﺠﺪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﻳﺤﻴﻞ ﻛﻞ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،ﻋﺪا أواﻣﺮه اﻟﺘﻌﺒﺪﻳﺔ اﳌﺘﻌﺎﻟﻴﺔ ،إﱃ اﻟﻌﻘﻞ واﳌﻨﻄﻖ واﻟﺘﻔﻜﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ. ﻛام ﻳﺮﺷﺪ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ آﻳﺎﺗﻪ إﱃ اﳌﻌﻘﻮل اﻟﺬي ﻳﺮﺑﻂ اﻟﺨﻠﻖ ﺑﺨﺎﻟﻘﻪ ،وﻳﺪﻋﻮ إﱃ اﻟﺘﻌﻘﻞ واﻟﺘﻔﻜﺮ واﻟﺘﻌﻤﻖ ﰲ اﻹميﺎن واﻹﺛﺮاء ﰲ اﳌﻌﺮﻓﺔ .ﻓﺎﻟﻌﻘﻞ اﳌﺘﻔﻜﺮ اﳌﺘﺄﻣﻞ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻜﻮن ،ﻳﺆدي إﱃ ﺗﻔ ﱡﺘﺢ اﻟﺤﻮاس وﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ﻟﺘﺆدي وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﺤ ﱠﻘﺔ ،أﻣﺎ ﺗﻌﻄﻴﻠﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻳﻔﴤ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎل اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ آدﻣﻴﺘﻪ إﱃ ﺻﻮرة أﺧﺮى ﻳﻔﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ وﻣﻌﻘﻮﻟﻴﺘﻪ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﳌﺴﻠﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﰲ اﻟﺒﻼغ واﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻷﻣﺔ ،ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻮﺳﻮم ﺑﺎﻟﺠﻤﻮد اﻟﻌﻘﲇ واﻟﻔﻜﺮي ﻛام ورد ذﻟﻚ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃَ :وﻟَ َﻘ ْﺪ َذ َرأْﻧَﺎ ﻟِ َﺠ َﻬ ﱠﻨ َﻢ َﻛ ِﺜ ًريا ِﻣ َﻦ ا ْﻟ ِﺠ ﱢﻦ ﴫ َ ﻮب ﻻَ َﻳ ْﻔ َﻘ ُﻬ َ ون ﻮن ِﺑ َﻬﺎ َوﻟَ ُﻬ ْﻢ أَ ْﻋ ُ ٌني ﻻَ ُﻳ ْﺒ ِ ُ َوا ِﻹﻧ ِْﺲ ﻟَ ُﻬ ْﻢ ُﻗ ُﻠ ٌ ِﺑ َﻬﺎ َوﻟَ ُﻬ ْﻢ آ َذانٌ ﻻَ َﻳ ْﺴ َﻤ ُﻌ َ ﻮن ِﺑ َﻬﺎ ُأ ْوﻟَـ ِﺌ َﻚ َﻛﺎﻷَ ْﻧ َﻌﺎ ِم َﺑ ْﻞ ُﻫ ْﻢ أَﺿَ ﱡﻞ ُأوﻟَ ِﺌ َﻚ ُﻫ ُﻢ ا ْﻟﻐَﺎ ِﻓ ُﻠﻮن )اﻷﻋﺮاف.(١٧٩ : وﻳﻔﺼﻞ ﰲ ﻣﻔﻬﻮم اﳌﻌﻘﻮل مبﻘﺎرﻧﺘﻪ ﺑﺎﻟﻼﻣﻌﻘﻮل ﻓﻴﻘﻮل" :ﻫﻮ ﻗﺮاءة اﻟﻮﺟﻮد واﻷﺷﻴﺎء ،واﻟﺘﻔﻜ ُري ﺑﻬﺎ وﺗﻘﻮميﻬﺎ .وﻣﻦ َﺑﻌ ِﺪ اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ُ رﺑﻄﻬﺎ ﺑﻮﺷﺎﺋﺞ اﻹميﺎن ُ واﻟﻼﻣﻌﻘﻮل :ﻫﻮ إﺳﻨﺎد ﻛﻞ ﳾء ﻣﻦ واﳌﻌﺮﻓﺔ واﻟﺨﺎﻟﻖ. اﻷﺷﻴﺎء ﱢ وﻛﻞ ﺣﺎدﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻮادث إﱃ اﻷﺳﺒﺎب اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
األسس الفاعلة يف االنبعاث الحضاري
إن اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺟﻨﺎﺣﺎن ﻛﻲ ﻳﻄﻴﺮ ﻧﺤﻮ آﻓﺎق اﻟﻠﻪ :اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ وﺷﺤﻦ اﻟﻨﻔﻮس ﺑﻬﺎ ،وﺗﺜﺒﻴﺘﻬﺎ ﺑﻤﺮﺗﻜﺰاﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﺛﻢ وﺿﻮح اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﻬﺪف ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻫﺪف ﻣﺤﺪد ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺰف ﻣﺠﻬﻮداﺗﻪ اﻷﻫﺪاف اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ أو اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ ،أو ﺗﺒﻌﺪه ﻋﻦ ﻣﺴﺎره اﻟﺼﺤﻴﺢ. وﻳﻮﻗﻦ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺄن "اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ
nesemat.com
-2الهدف
nesemat.com
أو اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ أو أﻣﻮر أﺧﺮى .اﳌﻌﻘﻮل :ﻫﻮ اﺳﺘﻐﻨﺎء اﻟﺨﺎﻟﻖ وﺟﻮ ًدا وﺗﻮﺣﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻟﴩﻳﻚ واﻟﻨﻈري وا ُﳌﻌني؛ وﻏ ُري اﳌﻌﻘﻮل :ﻫﻮ ﻓﻜﺮ اﻟﴩك واﻹﻟﺤﺎد ﺑﺼﻮره وأﺷﻜﺎﻟﻪ اﳌﺮﺳﻠني ﻛﺎﻓﺔ .اﳌﻌﻘﻮل :ﻫﻮ ﴐورة اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳﻞ َ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ إﱃ اﻟﺒﴩ ﻟﴩح اﻷﺷﻴﺎء واﻟﺤﻮادث وﺗﻔﺴ ِري اﻟﻮﺟﻮد ِ ورﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﳌﻔﺮدة؛ وﻏري اﳌﻌﻘﻮل :ﻫﻮ رد اﻟﻨﺒﻮة واﻟﺮﺳﺎﻻت اﻹﻟﻬﻴﺔ) ".ص .(٧٥-٧٤:وﻳﺴﺘﻨﺪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ﻋﲆ ﺷﻴﺨﻪ ﺑﺪﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﻨﻮرﳼ، اﻟﺬي ﱠ ﺣﺚ ﺑﺈﴏار ﻋﲆ "ﻗﺮاءة ﻛﺘﺎب اﻟﻜﻮن واﺳﺘﴩاف آﻓﺎﻗﻪ واﻟﺘﻄﻠﻊ إﱃ ﻣﻌﺮض اﻟﻮﺟﻮد .وﺣ ﱡﺜﻪ ﻫﺬا ﺗﻌﺒري ﻋﻦ اﳌﻔﻬﻮم اﳌﺘﻮارث ﻣﻦ ﻣﻤﺜﲇ اﳌﻌﻘﻮل :اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻷﺻﻔﻴﺎء واﻷوﻟﻴﺎء وﻋﻠامء اﻹﺳﻼم .وﻣﻊ اﺳﺘﺤﻀﺎر اﺧﺘﻼف اﻟﺨﻂ ﺣﺴﺐ اﻟﺰﻣﺎن ،ﻛﺎن ﻣﺤﺘﻮى اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﻄﺮﻳﻖ اﳌﺘﺒﻌﺔ واﺣ ًﺪا ﻻ ﻳﺘﻐري :اﻟﺘﺤﺮي اﳌﺴﺘﻤﺮ ﰲ اﻷرض واﻟﺴامء. وﺧَ ﱡﺾ اﻷﺷﻴﺎء واﺳﺘﺒﻄﺎن ﻣﻐﺎزي اﻷﺷﻴﺎء واﻷﺣﺪاث. وﺗﺴﻠﻴﻢ ﻛﻞ اﻷﺷﻴﺎء إﱃ ﻣﺎﻟﻜﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ، ُ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻃﻤﺌﻨﺎن ﻫﺬه اﳌﻌﻘﻮﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﺟﺪان، ُ وﺗﺤ ﱡﻮ ُل اﻟﻌﻠﻮم اﳌﺆدﻳﺔ إﱃ اﳌﻌﺮﻓﺔ :ﻛﻞ ﻋﻠﻢ إﱃ ﻧﺒﻊ ﺗﻘﺎﺳ ُﻢ َﻣ ْﻦ ﰲ اﻷرض ُﻳﺮوي اﻟﺬوق اﻟﺮوﺣﺎين .وﻣﻦ ﺛﻢُ ، و َﻣ ْﻦ ﰲ اﻟﺴامء ﺗﻠﻚ َ اﻟﺤﺎل اﻟﺮوﺣﻴﺔ )ص.(٧٣-٧٢:
األمة اليوم "أمام أحد خيارين ،إما الكفاح املصريي يف الهمة والذي يؤدي بنا إىل االنبعاث ،وإما الخلود إىل الراحة واالسرتخاء الذي يعني االستسالم للموت األيدي.
ﻟﻬﺎ أﻫﺪاف ﺳﺎﻣﻴﺔ وﻣ ُﺜ ٌﻞ ﻋﻠﻴﺎ ،أو ُو ِﺟﺪت وﻟﻢ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﺟﺎﻫﺰﻳﺔ ذﻫﻨﻴﺔ ﺗﻨﺎﺳﺒﻬﻤﺎ ،ﺗﺠﺪﻫﺎ ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﻄﻊ ً ﺷﻮﻃﺎ ،ﻷن ﻗﻄﻊ اﻷﺷﻮاط ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻫﺪف ﺳﺎم ﻳﻮﻗﺮه اﻟﻮﺟﺪان ﻳﺘﻄﻠﺐ -ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔَ - و ُﻳﺮ ﱢﻏﺐ ﻓﻴﻪ اﻻﻧﺴﻴﺎق اﻟﺬاﺗﻲ ﻓﻲ ﻧﺸﻮة ﻛﻨﺸﻮة اﻟﻌﺒﺎدة، ﺛﻢ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺣﺴﺐ ﻣﻌﻄﻴﺎت اﻟﻈﺮوف واﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻣﺨﺘﻠﻒ دورات اﻟﻄﺎﻗﺎت إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ واﺣﺪة ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻳﻌﻨﻲ ﺗﺴﺨﻴﺮ اﻟﺘﺮاﻛﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﺠﺮﻳـﺒﻲ واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻷﻣﺮ ذﻟﻚ اﻟﻬﺪف اﻟﺴﺎﻣﻲ واﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻤﻨﺸﻮدة" )ص .(٤١:وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻫﺪف أﺳﻤﻰ ﻣﻦ "إﻋﺪاد أﺟﻴﺎل ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻣﺴﺘﻬ ِﺪﻓﺔ إﻧﺸﺎء أﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ" )ص ،(٤٣:وﻳﺴﺘﻠﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف اﻟﺴﺎﻣﻲ اﻟﻌﺎم ﻣﻦ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﺒﻮة ﻓﻴﻘﻮل" :ﻓﻔﻲ ﻋﺼﻮ ِر ﺗﺨﺒﻂ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎت ،ﻛﺎن أﻫﻢ ﻣﺼﺎدر اﻟﻘﻮة ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺜﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ اﻷواﺋﻞ اﻟﻤﻨﺒﺜﻘﺔ ﻣﻦ ﺻﺪر اﻟﺼﺤﺮاء ﻫﻮ إﻳﻤﺎﻧﻬﻢ وﻏﺎﻳﺘﻬﻢ اﻟﻤﺄﻣﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺮﻳﻎ إﻟﻬﺎﻣﺎت إﻳﻤﺎﻧﻬﻢ اﻟﻔﻮارة ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ أﺑ ًﺪا إﻟﻰ ﺻﺪور اﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻓﺒﺤﻤﻠﺔ واﺣﺪة ﺑﺪﻟﻮا ﻣﺼﻴﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺤﺲ إﻟﻰ اﻟﺴﻌﺪ، وﺑﻨﻔﺨﺔ واﺣﺪة ﺻﺎروا ﺻﻮت اﻷﻣﻞ و َﻧ َﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺛﻼث ﻗﺎرات" )ص .(٤٥:واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻨﻮال اﻟﻬﺪف ﻫﻮ رﺿﺎ اﻟﻠﻪ ! .وﻳﺘﻔﺮع ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف اﻟﺴﺎﻣﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺲ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ: أ -العمل :ﻣﻨﺬ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺮﺋﻴﺲ واﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ 109
مقاالت nesemat.com nesemat.com
إن اإلميان هو املقوم األول الذي يغرسه كل األنبياء واملصلحني من أجل البناء الحضاري ،ألنه متى استقر يف النفس ووقع تجديده كل حني، أحدث قوة دافعة لتحقيق غاية وجود اإلنسان يف هذا الكون،
ﻳﻮﺣﻲ ﺑﴬورة ﺗﻜﺜﻴﻒ اﻟﺠﻬﺪ واﻟﻌﻤﻞ ،ﻓﻜﻠﻤﺔ "ﻧﺒﻨﻲ" ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ رﻏﺒﺔ ﰲ ﺟﻌﻞ اﻟﻌﻤﻞ أﺳﺎﺳ ٍّﻴﺎ ﻟﺒﻠﻮغ أﻫﺪاﻓﻨﺎ ،و"اﳌﺆﻣﻦ اﳌﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻳﺠﻌﻞ اﻹميﺎن ﺑﻬﺬا اﻟﺪﻳﻦ إﺣﻴﺎء ﻟﺤﻴﺎﺗﻪ" )ص (١٧٥:ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻷﻧﻪ ﻳﺤﺘﺴﺐ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﴐورات اﻟﺴﺒﻴﻞ ﻟﻜﺴﺐ رﺿﺎ اﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﱃ)ص.(١٨٣: واﻟﻌﻤﻞ واﻟﺒﻨﺎء ﻳﺠﺐ أن ﻳﻘﺎم ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎن واﻷﺧﻼق واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﻜﺪ وﺟﻬﺪ ،أﻣﺎ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻃﺮق ﺳﻬﻠﺔ ورﺧﻴﺼﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﻌﻢ اﻟﺤﻀﺎرة وﺗﻘﺎﺳﻤﻬﺎ ﻻ ﻳﺠﺪي ﺳﻮى ﺗﺮاوح اﻷﻣﺔ ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﱪﺣﻪ" )ص.(٢٠: بـ -البيئة :إن اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺗﺘﺤﺪد ﰲ ﻋﻨﴫﻳﻦ رﺋﻴﺴﻴني ﻫام :اﻟﻌﻨﴫ اﳌﺎدي ،أي ﻛﻞ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﺼﻨﻌﻪ ﻛﺎﳌﺴﻜﻦ واﳌﻠﺒﺲ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ واﻷدوات واﻷﺟﻬﺰة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،واﻟﻌﻨﴫ اﳌﻌﻨﻮي اﻟﺬي ﻳﺸﻤﻞ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻹﻧﺴﺎن وﻋﺎداﺗﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه وأﻓﻜﺎره وﺛﻘﺎﻓﺘﻪ وﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻗﻴﻢ وآداب وﻋﻠﻮم ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ ،وﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻨﴫ اﳌﻌﻨﻮي، ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﻌﺪ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ أﺳﺲ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ مثﺎر اﻷﻫﺪاف .وﻗﺪ ﱠأﻫﻞ اﻹﺳﻼم اﻹﻧﺴﺎن ﻹﻧﺸﺎء اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ وﺛﻘﺎﻓﺔ وﻧﻈﻢ وﻣﺆﺳﺴﺎت ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﻣﺪﻧﻴﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺒﴩﻳﺔ ،ﻓﺈذا مل ﺗﻜﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﺗﺜري اﻟﻌﺸﻖ اﻟﻌﻠﻤﻲ وﺗﻠﻬﺐ اﻟﻌﺰاﺋﻢ 110
ﻋﲆ اﻟﺴﻌﻲ واﻹﻧﺠﺎز ،وﺗﺸﺠﻊ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،وإذا مل ﺗﻜﻦ ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ ﺑﱰاث اﻷﻣﺔ اﻟرثي ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻨﺘﺞ ﺳﻮى اﻟﻌﺠﺰ واﻟﻔﺸﻞ واﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ،ذﻟﻚ أن "اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻟﻠﻌﺎدة، اﳌﺘﺤﻘﻘﺔ أﻣﺲ واﻟﻴﻮم ،واﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﻜﱪى، ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ -إﺿﺎﻓ ًﺔ إﱃ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻷﻓﺮاد وﻧﺒﻮﻏﻬﻢ -ﺑﺎﻟﺒﻨﺎء اﻻﺟﺘامﻋﻲ اﳌﻮﻟ ِﺪ ﻟﻠﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ،واﻟﻮﺳﻂِ اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ِ اﳌﻜﺘﺸﻔني ،واﻟﺒﻴﺌ ِﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ ﻟﻠﻘﺎﺑﻠﻴﺎت" )ص،(١٧: ُﻴﴪ وﻟﻦ ﻳﺜﻤﺮ أي ﺟﻬﺪ أو ﻋﻤﻞ أو ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ إذا مل ﺗ ﱠ ﻟﻬﺎ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳌﻼمئﺔ اﳌﻨﺴﺠﻤﺔ ﻣﻊ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻷﻣﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ واﳌﺘﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻊ رؤﻳﺘﻬﺎ وﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ" )ص.(١٦١: "ﻓﺈن ﻛﻨﺎ اﻵن ﻧﻔﻜﺮ ﰲ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﺬات ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ُ وﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺳﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﺬايت اﻟﺤﻀﺎري ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﺣﺘﻼل اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﰲ داﺧﻠﻨﺎ، واﳌﱪﻣﺠ ِﺔ ﻋﲆ ﺗﺨﺮﻳﺐ ﺟﺬور اﻟﺮوح واﳌﻌﻨﻰ ﻓﻴﻨﺎ ،وأن ﻧ ﱠﺘﺒﻊ -ﺑﺎﻟﴬورة -ﺳﺒﻴﻼ ُمي ّﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻃﺒﻊ ﻓﻜﺮﻧﺎ اﻟﺬايت وﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻻﻋﺘﻘﺎدي اﻟﺬايت ،وﻓﻠﺴﻔﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻋﲆ ﻧﺴﻴﺠﻨﺎ اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺨﺎص" )ص.(١٥: جـ -الوحدة :إن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﰲ وﺳﻂ اﺟﺘامﻋﻲ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ وﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ ،وﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﻨﺴﺞ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻊ أﻓﺮاده إﻻ إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ واﳌﺒﺎدئ اﳌﺸﱰﻛﺔ ،ﻛام أن أي ﺑﻨﺎء ﻟﻦ ﻳﺮﺗﻔﻊ وﻳﻘﻮى إﻻ ﺑﺘﻜﺎﺛﻒ اﻷﻓﺮاد وﺗﻀﺎﻣﻨﻬﻢ. وﻗﺪ ﻧﺒﻪ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ إﱃ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ،وذﻛﺮ أﻧﻪ "إذا ﺗﻜﺎﺗﻔﺖ أﻣﺔ ﺑﻔﺌﺎﺗﻬﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وأﺻﺒﺤﺖ ﻛـ"اﻟﺒﻨﻴﺎن وﺳﺨﱠ ﺮت اﳌﺮﺻﻮص" ﻛام َ وﺻ َﻔﻬﺎ ﻣﻔﺨﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ َ ، ﻗﻮﺗَﻬﺎ وﻃﺎﻗﺘﻬﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺪاﺧﲇ وﺗﻨﺎﻏﻤﻪ، اﻟﺤ ْﺰن ﺳﻴﺼري ً ﺳﻬﻼ ،وﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﻓﺈن َ ﻋﻨﴫا ً ﻓﺎﻋﻼ ﰲ اﻟﺘﻮازن ﺗﺄﺧﺬ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺔ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮن ً
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
األسس الفاعلة يف االنبعاث الحضاري
nesemat.com nesemat.com
اﻟﺪوﱄ" )ص ،(٣٤:وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﻨﻮط ﺑﴩوط ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ،ﻣﻨﻬﺎ أوﻻً ﺗﺤﺼني اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ذاﺗﻴﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﲆ "ﻗﻴﻢ أﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﺘﻐﺬى وﺗﺘﻨﻔﺲ ﺑﻬﺎ ،ﻣﺴﺘﻨﺪة ﺑﻘﻮة اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،وﻣﺘﺨﻄﻴﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺎد إﻟﻴﻬﺎ ﱠ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ")ص .(٣٤:وﺛﺎﻧ ًﻴﺎ ﺿﺒﻂ اﻟﻬﺪف اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻨﺎس ﻧﺤﻮ اﻟﺤامس واﻟﺘﺤﺮك ﺑﻀﻮاﺑﻂ ﺗﺤﻘﻖ اﻻﻧﺴﺠﺎم واﻟﺘﻮاﻓﻖ ﰲ اﻷﻣﺔ ،ﻷن "اﻟﻬﻤﻢ واﻟﺤﻤﻼت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،إنْ ً ﺗﻨﻈﻴام ﺣﺴ ًﻨﺎ، مل ﺗﻨﻀﺒﻂ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﳌﺸﱰﻛﺔ ومل ﺗﻨﻈﻢ ﺳﺘﺆدي إﱃ ﺗﺼﺎدم ﺑني اﻷﻓﺮاد ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ .ﻓﻴﺨﺘﻞ اﻟﻨﻈﺎم، وﺗﻨﻬﺾ ﻛﻞ ﺣﻤﻠﺔ ﰲ ﻋﻜﺲ اﺗﺠﺎه ﺣﺮﻛﺔ أﺧﺮى ،وﺗُﻨ ِﻘﺺ ﻛﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ" )ص .(٤٦:وﻳﺤﺬر ﻣﻦ ﺧﻄﻮرة اﻟﺘﺤﺮك اﻟﻔﺮدي ﻣﻬام ﻛﺎن وﺻﺎﻟﺤﺎ ﻓﻴﻘﻮل" :وﻻ ﻳﻐﱰنّ أﺣﺪ ﺑﺤﻴﻮﻳﺔ ﺧﺎﻟﺺ اﻟﻨﻴﺔ ً اﻟﺤﺮﻛﺎت وﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻛ ٍّﻼ ﻋﲆ ﺣﺪة ﻣﻬام ﺑﻠﻐﺖ ،إن مل ﺗﺮﺗﺒﻂ أﺟﺰاء اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ واﻟﺘﻮازن مبﻨﻈﻮﻣﺔ أﻗﻮى وأﻣنت؛ ﻓﺮمبﺎ ﻻ ﺗﺴﻨﺪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀً ﺎ ﰲ ﺧﻂ اﳌﻘﺼﻮد اﻟﻌﺎم، ﻓﺘﻮﻟﺪ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﺷﺪ ﺳﻮ ًءا ﻣﻦ اﻟﺴﻜﻮن واﻟﺠﻤﻮد" )ص .(٤٧:و ُﻳﺮﺟﻊ دواﻓﻊ اﳌﻴﻞ إﱃ اﻟﺘﺤﺮك اﻟﻔﺮدي ﰲ اﻹﻧﺴﺎن إﱃ اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ اﳌﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻴﻪ وﺛﻘﺘﻪ اﳌﻔﺮﻃﺔ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،وﻗﺼﻮر ﻓﻬﻤﻪ ﻟﺤﺪود ﻗﺪرﺗﻪ ،وﻗﺼﻮر إدراﻛﻪ ﳌﺪى ﺗﺄﺛري روح اﻟﺘﻮﺣﺪ واﻟﺘﺠﻤﻊ واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﳌﺸﱰﻛﺔ واﻟﻮﻓﺎق واﻻﺗﻔﺎق ﰲ ﺟﻠﺐ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ" )ص.(٤٧: إن ﰲ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺠﻤﻮﻋ ًﺔ ﻣﻦ اﳌﻌﺎمل اﳌﻀﻴﺌﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻊ ﺑﺈﺷﺎرات ودﻻﻻت ﻣﻜﺘﻨﺰة ﺑﻔﻴﻮﺿﺎت ﺗﴪي ﰲ أﻋامﻗﻨﺎ ،وﺗﺸﺤﻨﻬﺎ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﺗﺠﺪد ﺧﻼﻳﺎ ﺗﻔﻜريﻧﺎ وﻣﻌﺎرﻓﻨﺎ ،وﺗﺤﻔﺰﻫﺎ ﻋﲆ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﺒﻞ ووﺳﺎﺋﻞ ﺗﺒﻠﻐﻨﺎ ﻏﺎﻳﺎت اﻟﺘﻤﻜني ﻟﻬﺬه اﻷﻣﺔ .وﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗﺄﻣﻠﻴﺔ ،ﻟﺮاﺋﺪ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻹميﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ،
املجتمعات التي ليس لها أهداف سامية وم ُث ٌل عليا ،أومل متتلك معهام جاهزية ذهنية ً شوطا، تناسبهام ،تتحرك باستمرار لكنها ال تقطع تعيني هدف سام ألن قطع األشواط يتطلب َ رغب فيه االنسياق الذايت يف وي ِّ يوقره الوجدان ُ نشوة كنشوة العبادة.
ﺗﻘﺘﻔﻲ ﺧﻄﻰ اﳌﺼﻠﺤني اﻟﺼﺎﻟﺤني ،ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻹميﺎن ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ وﻹﺣﻴﺎء ﻫﺬه اﻷﻣﺔ واﻧﺒﻌﺎﺛﻬﺎ ،ﺑﺘﻬﻴﺌﺔ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻨامذج اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﳌﺠﻬﺰة ﺑﺎﻟﻘﻮى اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﳌﻌﻨﻮﻳﺔ واﳌﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺨري واﻟﺤﻖ واﻟﺠﻤﻴﻞ واﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﻴﴩﻓﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﻮراﺛﺔ اﻷرض وﺑﺎﻟﺨﻠﻮد ﰲ اﻟﻔﺮدوس .واﻫﺘامم ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ اﳌﺤﻮرﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎين ،واﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻪ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺼﻌﺒﺔ، ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ رؤﻳﺔ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ﻣﻮﻏﻠﺔ ﰲ ﻋﻤﻖ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻟﻠﻪ َﺴﺠﻬﺎ ﺑﺸﻐﺎف اﻟﻘﻠﺐ ورﺣﻴﻖ ! وﻣﻄﻠﺐ رﺿﺎه ،ﻧ َ اﻟﺮوح ،ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ دون أن ﺗﺘﻘﻴﺪ ﺑﻪ إﱃ آﻓﺎق اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﺤﻀﺎري وﺗﻜﻮﻳﻦ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﺘﺤﻘﻖ إﻻ ﺑﺈﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺻﻴﺎﻏﺔ رﺑﺎﻧﻴﺔ. اﻟﻠﻬﻢ اﺟﻌﻞ ﺧري أﻋامﻟﻨﺎ ﺧﻮاﺗﻴﻤﻬﺎ ،وﺧري أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻳﻮم ﻧﻠﻘﺎك ،وأﺳﺄل اﻟﻠﻪ أن ﻳﺒﴫﻧﺎ أﻣﻮر دﻳﻨﻨﺎ ودﻧﻴﺎﻧﺎ ،وأن ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﻣﻴﺰان ﺣﺴﻨﺎت اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ، واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ رب اﻟﻌﺎﳌني اﻟﺬي ﺑﺤﻤﺪه ﺗﺘﻢ اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت. اﳌﺮاﺟﻊ ) (١ﻛﻞ أرﻗﺎم اﻟﺼﻔﺤﺎت ﻣﻌﺰوة إﱃ ﻛﺘﺎب "وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ" ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ؛ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﻤﺮ ﻋﻮين ﻟﻄﻔﻲ أوﻏﻠﻮ ،دار اﻟﻨﻴﻞ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﴩ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻣﴫ ،ط١٤٣٣ ،٢ﻩ٢٠١١-م.
111
مقاالت
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة صامويل د .هنري
أ.د .ﺻﺎﻣﻮﻳﻞ د .ﻫﻨﺮي، دﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺤﻀﺎري ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻊ دراﺳﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﺣﻮل اﻻﻟﺘﻘﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﺎﻟﻤﺪراس اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻹﺛﻨﻴﺎت .ﻋﻤﻞ ﻋﻤﻴ ًﺪا ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮرادو .و ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻀﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﺳﺘﺸﺎري ﻟﻤﺮﻛﺰ ﺑﻮرﺗﻼﻧﺪ اﻟﺘﺮﻛﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .وﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٩٩ﺑﺪأ ﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻪ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ زﻳﺎرات وﻣﺆﺗﻤﺮات وﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ وﺟﻨﻮب ﺷﺮق آﺳﻴﺎ وأوروﺑﺎ واﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وﺷﺮق أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. 112
دراسة للمباحث الرتبوية البارزة
ﻳﻬﺪف ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ إﻟﻰ "ﺳﺮد" اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻷﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎب ﻛﻤﺎ ﺗﺒ ﱠﺪى ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺌﻠ ٍﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ: -١ﻣﺎ ﻗﺼﺔ اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺎب اﻟﺬي ُﻳﻘﻴﻢ وﻳﺪرس ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة؟ ﻛﻴﻒ ﺗﻠ ﱠﻘﻰ ﺗﻌﻠﻴ ًﻤﺎ "ﻧﻈﺎﻣ ٍّﻴﺎ" واﻟﺘﺤﻖ ﺑﻤﺪارس ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻟﺸﺒﺎب آﺧﺮﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ؟ وﻫﻞ ُﺗﻌﺘﺒﺮ ﻗﺼﺘﻪ ً أوﺿﺎ ًﻋﺎ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ؟ -٢ﻛﻴﻒ ﺗﺠ ﱠﻠﺖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ -ﻛﻮاﺣﺪ ٍة ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ -ﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﺸﺎب؟ -٣ﻛﻴﻒ أ ﱠﺛﺮ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﻠﻰ رؤاه اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ؟ وﻣﺎ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺒﺎرزة واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻌﻜﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮراﺗﻪ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ؟ وﻗﺪ ﻧﺠﻤﺖ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋﻦ ﺑﺤﺚ ﻳﺴﺘﻨﻄﻖ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻛﻮﺳﻴﻠ ٍﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﺗﻌﻠﻴﻤ ٍّﻴﺎ ﻟﻪ اﻟﻘﺪرة ﻛﻴﻒ ُﻳﻤﻜﻦ ﻟ َﺘﺘﺎ ُﺑﻊ أﺣﺪاث اﻟﺤﻴﺎة أن ﺗﺼﻮغ ً ﻧﻤﻮذج ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ،وﻛﻤﺤﺎوﻟ ٍﺔ ﻟﺘﻌ ﱡﻘﺐ وإﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ٍ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﺮﻛ ٍﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ٍﺔ دﻳﻨﻴ ٍﺔ وﻓﻠﺴﻔﻴﺔ. ﱟ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
nesemat.com nesemat.com
أﺻﺒﺢ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺑﺎد ًﻳﺎ ﻟﺒﻌﺾ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻜﺒﻴﺮة ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺧﺒﺮة اﻟﻐﺮب اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وﻣﻌﺎرﻓﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺗُﺒﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻤﺎط اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ) .ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ٨ ،ﻣﻦ ﻳﻨﺎﻳﺮ - ٢٠٠٨ﻣﺠﻠﺔ اﻹﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ ٦ ،ﻣﻦ ﻣﺎرس .(٢٠٠٨ وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ،ﻻﻗﻰ ا ُﳌ َﺘ َﺒ ﱡﻨﻮن ﻟﻬﺬه اﻷﻃﺮوﺣﺔ ﻧﺠﺎﺣﺎ ﻣﺘﺰاﻳ ًﺪا داﺧﻞ أوﺳﺎط اﻷﻛﺎدميﻴني اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ً واﻟﺰﻋامء اﻟﺪﻳﻨﻴنيُ ،ﻣﺸريﻳﻦ إﱃ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﺟﺮت ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،اﳌﻮﻃﻦ اﻷﺻﲇ ﻟﻸﻃﺮوﺣﺔ .ﺗﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺎﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﳌﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﻀﺎرات ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋام ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻣﻦ منﺎذج اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻨﺬ أﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ. ٌ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺰوار اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني –مبﻦ وﻗﺪ ﺣﻈﻲ ﻓﻴﻬﻢ ﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ– ﺑﻔﺮﺻﺔ زﻳﺎرة ﺑﻌﺾ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﱄ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ إﻃﺎر اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻢ ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﻋﻤﻞ ﻗﺎمئﺔ ﻋﲆ إﴍاك اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺤﲇ ،واﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺰز ﻣﺎ ﺗُﺴﻤﻴﻪ ﻧﻮدﻳﻨﺠﺰ ) (٢٠٠٢رﻋﺎﻳﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ وزرع اﻟﺜﻘﺔ )ﻣﺎرﻛﻮﻓﺎ وﺟﻴﻠﻴﺴﺒﻲ ،(٢٠٠٧ ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ ﺗﻌﺰﻳﺰﻫﺎ اﺣﱰا َم ﺷﺘﻰ اﻷﻋﺮاق واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻟﻠﻐﺎت وأمنﺎط اﻟﺤﻴﺎة، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺪرج ﻋﺎد ًة ﺿﻤﻦ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺘﻨﻮع ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻓﺮ ًﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ )ﻧﻮدﻳﻨﺠﺰ، – ٢٠٠٢ﻫرني.(٢٠٠٣ ،١٩٩٩ ، وﻳﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﺄﻫﻞ ﻟﻠﺮﻳﺎدة اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ،ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﱃ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒ ﱠﺪى ﰲ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﺘﻠﻘﺎه اﳌﺸﺎرﻛﻮن ﰲ ٍ ﺠﻤﻌ ًﺔ ،ﻛﺎﺷ ًﻔﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،وﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻧﻮﻋﻴ ًﺔ ُﻣ ﱠ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
إن اآلباء يبعثون األبناء إىل مدارس كولن بسبب تفاين املُ علّمني ،وجودة املناهج ،والرؤية الشاملة التي يوطدون دعامئها فيام يتعلق باإلنسانية والتسامح الرتبوي والحوار.
ﻋﻦ أمنﺎط ﻣﻬﻤ ٍﺔ ﰲ دراﺳﺔ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺗﻘﻮد إﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت. وﻗﺪ ُوﺿﻌﺖ دراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ –اﻟﺘﻲ أﺑﺮزَﻫﺎ ﺗﺤﻠﻴ ُﻠﻨﺎ ﻟﻠﺒﺤﺚ– ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺠﺮي اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻛﻮﺳﻴﻠ ٍﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ: -١ﺗﻮﻓري اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت-٢ .إﺛﺎرة اﻟﻨﻘﺎش-٣ .اﻗﱰاح ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءات واﻟﺘﺠﺎرب ا ُﳌﻌﺎﺷﺔ ﻟﻄﻼب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﻓﺼﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺪوﱄ اﳌﻘﺎرن. وﺑﻴﻨام ﻋﻜﻒ أﺻﻼن دوﻏﺎن ﻋﲆ دراﺳﺔ اﻟﻨامذج اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ر ً اﺑﻄﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑني ﺑﺎﻧﺪورا وﻓﻴﺠﻮﺗﺴيك وﺑﺎﻓﻴﻮ ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ )ﻧﻴﻴﺘﻮ،١٩٩٦ ، – ٢٠٠٧ ،٢٠٠٢ﻣريﺳﻴﺚ– ١٩٩٥ ،ﻣريﻳﺎم (٢٠٠٤ ،ﺗﻬﺪف إﱃ ﺑﺴﻂ اﳌﺴﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻷﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎب ﻛام ﱠ ﺗﺠﲆ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺘﺒﺎدﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. أسئلة البحث
ُﻣ ﱠﺘﺒ ًﻌﺎ ﻣﻨﻬﺠﻴ ًﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ )ﻧﻴﻴﺘﻮ،٢٠٠٦-٢٠٠٢-١٩٩٢ ، ﻣﻴﺮﺳﻴﺚ ،(١٩٩٥ ،ﻳﻬﺪف ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ إﻟﻰ "ﺳﺮد" اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻷﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎب ﻛﻤﺎ ﺗﺒ ﱠﺪى ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺌﻠ ٍﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ: -١ﻣﺎ ﻗﺼﺔ اﳌﺴﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺎب اﻟﺬي ُﻳﻘﻴﻢ ً ﺗﻌﻠﻴام وﻳﺪرس ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة؟ ﻛﻴﻒ ﺗﻠ ﱠﻘﻰ "ﻧﻈﺎﻣ ٍّﻴﺎ" واﻟﺘﺤﻖ مبﺪارس اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ؟ وﻫﻞ ﺗُﻌﺘﱪ منﻮذﺟﺎ ﻟﺸﺒﺎب آﺧﺮﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن أوﺿﺎ ًﻋﺎ ﻣامﺛﻠﺔ؟ ﻗﺼﺘﻪ ً 113
مقاالت nesemat.com nesemat.com
قدرة عىل بلوغ الكامل بداخلنا -نحن البرش- ٌ وح َّق ألولئك الذين يستوعبون هذا البرشيُ ، ويحققونه فيها أن يؤثروا الكامل داخل نفوسهم ُ يف مجتمعاتهم ،حكاما كانوا أم مستشارين أم زعامء محليني.
-٢ﻛﻴﻒ ﺗﺠ ﱠﻠﺖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛﻮاﺣﺪ ٍة ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﺸﺎب؟ -٣ﻛﻴﻒ أ ﱠﺛﺮ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﲆ رؤاه اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ؟ وﻣﺎ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺒﺎرزة واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻌﻜﺴﺖ ﻋﲆ ﺗﺼﻮراﺗﻪ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ؟ وﻗﺪ ﻧﺠﻤﺖ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋﻦ ﺑﺤﺚ ﻳﺴﺘﻨﻄﻖ اﻟﴪدﻳﺔ ﻛﻮﺳﻴﻠ ٍﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﻛﻴﻒ ُميﻜﻦ ﻟ َﺘﺘﺎ ُﺑﻊ أﺣﺪاث ﻣﻨﻬﺠﺎ ﺗﻌﻠﻴﻤ ٍّﻴﺎ ﻟﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ إﺣﺪاث اﻟﺤﻴﺎة أن ﺗﺼﻮغ ً منﻮذج اﻟﺘﻐﻴري ،وﻛﻤﺤﺎوﻟ ٍﺔ ﻟﺘﻌ ﱡﻘﺐ وإﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﲆ ٍ ﺣﻴﺎ ﱟيت ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﺮﻛ ٍﺔ اﺟﺘامﻋﻴ ٍﺔ دﻳﻨﻴ ٍﺔ وﻓﻠﺴﻔﻴﺔ .ﻛام أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﻨﻈﻮر اﻟﻘﻮﻣﻲ/اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ اﻟﱰيك، واﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ رﺳﺎﻟﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻓﻴام ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ. املنهجية النوعية ()Qualitative
رﻏﻢ أن ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻗﺪ ﺻﺎر ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﺻﻔﻪ –أي اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ– ﻣﻮﺿﻮ ًﻋﺎ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ،وﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎ ٍم ﻓﻲ اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،إﻻ أن اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻹﺛﻨﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ 114
إﺟﺮاء "دراﺳﺎت ﺣﺎﻟﺔ" ﻓﻲ ﻣﻀﻤﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻢ ُﻳﻌﺮف إﻻ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ٍ ﺑﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ. وﻣﻦ أﺟﻞ إمتﺎم ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔُ ،و ﱢﻇﻔﺖ ﺑﻌﺾ اﳌﻨﻬﺠﻴﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ،ﻣﺜﻞ: اﳌـﺸﺎرك -٢ .اﻻﻋﺘامد ﻋﲆ ﻣﺰودي -١ﻣﻼﺣﻈﺔ ُ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴني -٣ .إﺟﺮاء اﳌﻘﺎﺑﻼت :ﺳﻮا ًء ا ُﳌﻌ ﱠﺪة ﺳﻠ ًﻔﺎ أو ﻏري ا ُﻟﻤﻌ ﱠﺪة ﺳﻠ ًﻔﺎ -٤ .ﺟﻤﻊ ﺗﻮارﻳﺦ ﺣﻴﺎة اﻷﺷﺨﺎص -٥ .ﻓﺤﺺ آﺛﺎر اﻷﺷﺨﺎص -٦ .ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﳌﺼ ﱠﻮرة -٧ .ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺤﺪث -٨ .اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات ﻏري اﳌﺒﺎﴍة. وﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻋﻤﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﻤﻼﺣﻆٍ ُﻣﺸﺎرك ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣ ﱠﻬﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻹﺟﺮاء اﳌﻘﺎﺑﻼت ﻣﻊ اﻟﻌ ﱢﻴﻨﺎت ،وإﻋﺪاد ﺗﻘﺎرﻳﺮ اﻟﺨﻄﺔ ،وﻣﺤﺎﴐ اﻟﻌﻤﻞ، وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚً . ﻋﻠام ﺑﺄن ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ﺧﱪ ًة ﺳﺎﺑﻘ ًﺔ ﰲ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﺗﺒﻠﻎ زﻫﺎء ﺛﻼﺛني ﻋﺎ ًﻣﺎ. وميﻜﻦ ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ا ُﳌﻔﴤ إﱃ دراﺳﺔ ُ اﻟﺤﺎﻟﺔ أن ُﻳﺴﺎﻋﺪ ﰲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﻘﻮى اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ اﳌﻴﺪاﻧﻴﺔ ،وأن ُﻳﺴﻬﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ إﻳﻀﺎح ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺴﺒﺐ واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﳌﻴﺪاﻧﻴﺔ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ. اﳌـﻌﻄﻴﺎت وﺗﻘﱰح ﻧﻴﻴﺘﻮ ) (٢٠٠٠إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ أن ﺗ َُﺤﻞ ُ اﻹﺛﻨﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﱠ اﻟﻨﻘﺪ ﻣﺤﻞ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ارﺗﺄى ُ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ أﻧﻬﺎ ُﻣ ٌ ﺤﻤﻠﺔ ﺑﻜرث ٍة ﻣﻦ اﻻﻓﱰاﺿﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷورﺑﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﻣﻦ ٍ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﺗﺨﻠﻮ ﻧﺴﺒ ٍّﻴﺎ ﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻻﻧﺤﻴﺎز اﻟﺜﻘﺎﰲ ،ﴍﻳﻄﺔ أن ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ: ﺷﺨﺼﺎ واﺣ ًﺪا/ﻣﺠﻤﻮﻋ ًﺔ أ -ﺗﺨﺼﻴﺼﻴﺔ :أي أن ﺗﺘﻨﺎول ً اﺟﺘامﻋﻴ ًﺔ واﺣﺪة.
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
nesemat.com nesemat.com
ﺑـ -وﺻﻔﻴﺔ :أي أن ﻳﻜﺸﻒ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ أﻏﻮار اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﴩي. ﺑﻔﻬﻢ أﻋﻤﻖ. ﺟـ -ﻛﺸﻔﻴﺔ :أي أن ﺗُﺰودﻧﺎ ٍ د -اﺳﺘﻘﺮاﺋﻴﺔ :أي أن ﺗﻨﺸﺄ اﻟﻔﺮﺿﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ذاﺗﻬﺎ. وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﻃﺮح أﺳﺌﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ورﺳﻢ أﺑﻌﺎد ﺣﺎﻟ ٍﺔ ﺗﺼﻠﺢ ٌ ٌ ﻟﻠﺪراﺳﺔ اﻷﻛﺎدميﻴﺔ ،وﻫﻲ ٌ وﺻﻔﻴﺔ ﺗﺨﺼﻴﺼﻴﺔ ﺣﺎﻟﺔ ٌ ﻛﺸﻔﻴﺔ اﺳﺘﻘﺮاﺋﻴﺔ. وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺴﻮﻧﻴﺎ ﻧﻴﻴﺘﻮ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺎﺳﺎﺷﻮﺳﻴﺘﺲ، أﻣﻬﺮﺳﺖ (٢٠٠٧ ،٢٠٠٠ ،١٩٩٦) ،ﻗﺼﺐ اﻟﺴﺒﻖ ﰲ اﺳﺘﻐﻼل ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﺑﻐﺮض وﺿﻊ دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺒﺤﺚ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﺣﺘﻜﺎك اﻟﺜﻘﺎﰲ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻴﻴﺘﻮ ﻗﺪ ارﺗﺄت أن ﻣﻦ ﺷﺄن دراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ أن ﺗُﺘﻴﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻻﺣﺘﻜﺎك اﻟﺜﻘﺎﰲ ﰲ اﳌﻨﻈامت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻣﻊ إﻣﻜﺎن ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ. وذﻟﻚ ﻓﻴام ﺗﺬﻫﺐ ﻣريﺳﻴﺚ إﱃ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﺟﺪوى دراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد؛ َﻛ ْﻮن اﻟﺤﺎﻟﺔ" :وﺛﻴﻘﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ وﺻﻔﻴﺔ ،ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ﴎد ٍّﻳﺎ ،ﺗﺴﺘﻨﺪ إﱃ ﻣﻮاﻗﻒ أو أﺣﺪاث ﺣﻴﺎﺗﻴ ٍﺔ واﻗﻌﻴﺔ ،وﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﺗﻘﺪﻳﻢ متﺜﻴﻞٍ ﻣﺘﻮازنٍ ﻣﺘﻌﺪد اﻷﺑﻌﺎد ﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﻤﻞ واﳌﺸﺎرﻛني واﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻔﻌﲇ ﻟﻸوﺿﺎع" . .وﺗُﻀﻴﻒ ﻣريﺳﻴﺚ ﻗﺎﺋﻠﺔ: أﺳﺎﺳﺎ "إمنﺎ ﺗ ﱠ ُﻌني ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﺪراﺳﺔ ً ﺑﻐﺮض ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻟﻠﻨﻘﺎش ،وﻫﺪﻓﻬﺎ أن ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻗﺪ ًرا واﻓ ًﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ واﳌﻌﻠﻮﻣﺎت؛ ﺑﻐﺮض ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﺒﺎﺣﺜني ذوي وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ اﳌﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻋﲆ اﺳﺘﺨﻼص اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت واﻟﺘﻔﺴريات .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﺪ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﺛﻼث ﺧﺼﺎﺋﺺ رﺋﻴﺴﻴ ٍﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻬﺎ :أ -أﻧﻬﺎ واﻗﻌﻴﺔ .ﺑـ -أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ دراﺳﺔ وﺑﺤﺚ دﻗﻴﻘني .ﺟـ -أﻧﻬﺎ ﺗُﻌ ﱢﺰز ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ
وغريه من شباب جيله -بدراستهم للتاريخ- إن ُع َمر َ قد كشفوا عن إدراكهم لبعض األدوار التي لعبها التاريخ الرتيك يف خلق ٍ أمة تتسم بالتنوع ،كام دل ذلك عىل استيعابهم لرؤية كولن حول الحوار واالنفتاح عىل وجهات نظر الثقافات األخرى.
اﻟﺒﺎﺣﺜني ﻟﻮﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ ﻣﺘﻌﺪدة) .ﻣريﺳﻴﺚ.(١٩٩٦ ، وﻛﺎن آﺧﺮون ﻗﺪ ﻟﺠﺄوا إﱃ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﳌﻨﻬﺠﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗُﺘﻴﺢ ﻓﺮﺻﺔ دراﺳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺷﻜ ًﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺒﴩي ﻣﻨﻈﻮ ًرا إﻟﻴﻪ ﰲ إﻃﺎر ﺗﻌﻘﻴﺪاﺗﻪ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ مبﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻦ ُﺑﻨﻰ اﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة) .ﻫرني(١٩٩٩ ، وﻫﻜﺬا ﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻋﲆ اﺳﺘﻐﻼل اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻨﻮﻋﻲ اﻟﺬي ُﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻪ ﳌﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ ﰲ ﻓﻬﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷمنﺎط اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ داﺧﻞ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ. جمع البيانات
َﻮﺳﻞ ﺑﻬﺎ ﻫﺬا ُﻳﻮﺿﺢ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻫﻨﺎ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺗ ﱠ اﻟﻤـﺸﺎرك، اﻟﺒﺤﺚ ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ،وأﻫﻤﻬﺎ :ﻣﻼﺣﻈﺔ ُ واﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ُﻣﺰ ﱢودي اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،وإﺟﺮاء اﻟﻤﻘﺎﺑﻼت اﻟﻤﻌ ﱠﺪة ﺳﻠ ًﻔﺎ ،وﺟﻤﻊ ﺗﻮارﻳﺦ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﻌ ﱠﺪة ﺳﻠ ًﻔﺎ وﻏﻴﺮ ُ ُ اﻷﺷﺨﺎص ،واﻹﺛﻨﻮﻏﺮاﻓﻴﺎ اﻟﻔﻮﺗﻮﺟﺮاﻓﻴﺔ ،وﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺤﺪث، وﺗﺤﻠﻴﻞ آﺛﺎر اﻷﺷﺨﺎص .وﻗــﺪ ُﺟﻤﻌــﺖ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت -مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﳌﻼﺣﻈﺎت اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ واﻟﺼﻮر -وﺧﻀﻌﺖ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ، و ُﻟﻮﺣﻈﺖ اﻷمنﺎط اﳌﱰﺗﺒﺔ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت وﻃﻮﺑﻘﺖ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﳌﻼﺣﻈﺎت واﻟﻠﻘﺎءات اﻟﻼﺣﻘﺔ. ﱡﺒﻌﺖ مثﺎﻧﻴﺔ أﺳﺎﻟﻴﺐ رﺋﻴﺴﻴﺔ وﻹمتﺎم ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ،اﺗ ْ ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ،وﺟﺮى اﺳﺘﻐﻼل ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺧﻼل اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺒﺤﺜﻲ ﻟﻮﺻﻒ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ 115
مقاالت nesemat.com nesemat.com
أصبح التأثري اإليجايب لتجربة حركة كولن الرتبوية باديا لبعض وسائل اإلعالم الكبرية ،من حيث ً اإلفادة من خربة الغرب العلمية ومعارفه يف مجال العلوم االجتامعية وحفاظهم يف الوقت نفسه عىل أمناط الحياة الدينية اإلسالمية.
ﺷﺎب ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﺘﺤﻮل وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﴪدﻳﺔ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﱟ إﱃ أﺣﺪ رواد ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﳌﺤﲇ )راﺟﻊ ا ُﳌﻠﺤﻖ أ(ً ، ﻋﻠام أﺳﻠﻮب ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﻘﻨﻴﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺄن ﻟﻜﻞ ٍ ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت وﻃﺮﻗﻪ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺘﻔﺴري. وﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ُﻣﺪ َر ٌج ﺑﺎﻷﺳﻔﻞ ،ﱡ أﺳﻠﻮب ﻋﲆ ﺣﺪه. ﻛﻞ ٍ ُ جمعة النوع ،الوصف ،البيانات البحثية املُ َّ
اﻟﻤـﺸﺎرك :ﻳﺸﺘﺮك اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻣﻼﺣﻈﺔ ُ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ وﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻋﻨﻬﺎ واﻻﻧﺨﺮاط ﻓﻲ أﻧﺸﻄﺘﻬﺎ ،وﻳﺤﻀﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻛﺸﺎﻫﺪ ﻋﻴﺎن ،وﻳﺘﺎﺑﻊ ﺗﻔﺎﻋﻠﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ: • ١٩٨٢رﺣﻠﺔ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ٩أﻳﺎم )ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ دراﺳﺔ اﳌﺮأة اﻹﻳﺠ ﱠﻴﻪ ﻧﺴﺒﺔ إﱃ ﺑﺤﺮ إﻳﺠﻪ(. • ٢٠٠٧رﺣﻠﺔ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ١٢ﻳﻮ ًﻣﺎ )ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ/إﺣﺪى ﻣﺮاﻛﺰ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺤﲇ(. • زﻳﺎرات ﻣﺘﻌﺪدة ﳌﺮاﻛﺰ ﺑﺎﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺤﲇ. • زﻳﺎرات ﻣﺘﻌﺪدة ﳌﻨﺎزل ﻣﻮاﻃﻨني أﺗﺮاك. • وﺟﺒﺎت َﻋﺸﺎء ﻣﺘﻌﺪدة ﻋﲆ ﴍف أﻋﻀﺎء ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ. • ﻟﻘﺎءات ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻊ أﻋﻀﺎء ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎت أﺧﺮى. • ﻧﻘﺎﺷﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻊ ﻣﻮاﻃﻨني أﺗﺮاك ﻻ ﻳﺘﺒﻌﻮن ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ. 116
زودي املعلومات االعتامد عىل ُم ِّ
ُﻣ َﺰ ﱢودو اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻫﻢ أﻋﻀﺎء ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﻮﺳﻌﻬﻢ اﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،راﻏﺒﻮن ﻓﻲ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﺧﺒﺮاﺗﻬﻢ ورؤاﻫﻢ ووﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮﻫﻢ وﻣﺎ اﻛﺘﺴﺒﻮه ﻣﻦ ﺧﻼل اﺣﺘﻜﺎﻛﻬﻢ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻬﻢ اﻹدراﻛﻴﺔ وﺗﻔﺴﻴﺮاﺗﻬﻢ ﻟﺴﻠﻮك اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ: • ﻧﺤﻮ ٥٠٠ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻜﺎك اﳌﺒﺎﴍ واﻟﻨﻘﺎش اﻟﺬي ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ إﺟﺮاء ﻣﻘﺎﺑﻼت ﻏري ُﻣﻌ ٍّﺪة ﺳﻠ ًﻔﺎ )ﻋﻔﻮﻳﺔ( ﻣﻊ أﺷﺨﺎص ﻳﻨﺘﻤﻮن ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ. عدة سلفً ا والعفوية :ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺠﻤﻊ املقابالت املُ َّ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﺳﺌﻠﺔ. • أﻛرث ﻣﻦ ٢٠ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﺑﻼت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ. • أﻛرث ﻣﻦ ١٠٠ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﺑﻼت اﻟﻌﻔﻮﻳﺔ/ﻏري اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ) ٧٥ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻨﻬﺎ داﺧﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ(. تواريخ حياة األشخاص :ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ُﻳﻔﺴﺮ ﺳﻠﻮك اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ،وﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ )اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ( أو وﺿﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وداﺧﻞ إﻃﺎرﻫﺎ اﻟﺰﻣﻨﻲ ﺷﺨﺺ اﺳﻤﻪ ُ"ﻋ َﻤﺮ" • ﺗﻢ ﺟﻤﻌﻪ وﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﻣﻦ ٍ اﺳﻢ ﺗﺨﻴ ﱞ ﲇ ﻷﺣﺪ اﳌﺴﺘﺠﻴﺒني ﻷﺳﻠﻮب ﺟﻤﻊ )وﻫﻮ ٌ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﻮارﻳﺦ ﺣﻴﺎة اﻷﺷﺨﺎص(. اإلثنوغرافيا الفوتوجرافية :ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﺗُﺰ ﱢودﻧﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘ ٍﺔ ُميﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﻳﻀً ﺎ أن ﻧﻔﴪ ﺳﻠﻮك اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ. • أﻛرث ﻣﻦ ٥٠ﺻﻮرة ﻓﻮﺗﻮﺟﺮاﻓﻴﺔ ﻣﻦ رﺣﻠﺔ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﰲ ﻋﺎم .١٩٨٢ • أﻛرث ﻣﻦ ٤٠٠ﺻﻮرة ﻣﻦ رﺣﻠﺔ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺧﻼل ﻋﺎم .٢٠٠٧ • أﻛرث ﻣﻦ ٢٥ﺻﻮرة ﻟﺒﻌﺾ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت وﺗﺠﻤﻌﺎت
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
nesemat.com
تحليل الحدث :ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث وأﻫﻤﻴﺘﻬﺎ وﻣﻐﺰاﻫﺎ ﻛام رآﻫﺎ ﺷﻬﻮد ﻋﻴﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن. • أﻛرث ﻣﻦ ٣٠ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺟﺮى ﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ تحليل اآلثار :ﺗُﺨ ﱢﻠﻒ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺘﴫﻓﺎت اﻟﺒﴩﻳﺔ وراءﻫﺎ آﺛﺎ ًرا ،ﻣﺜﻞ :اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ،واﻟ ُﻘﺼﺎﺻﺎت ،واﻟﻨﻔﺎﻳﺎت .إﻟﺦ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﱪﻧﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء ﻋﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻠﻮيك. ﺗُﺠ َﻤﻊ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء وﺗُﺸ ﱢﻜﻞ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﴪدﻳﺔ ،أو ﻗﺪ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ إﱃ ﺗﺴﺎؤﻻت ﺗﺤﺘﺎج ﺑﺪورﻫﺎ إﱃ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت • ُﻛ ُﺘﺐ ،ﻛﺘﺎﺑﺎت ،وﺛﺎﺋﻖ ،ﻣﻘﺎﻻت ،اﺳﺘامرات اإلجراءات غري املبارشة :ﻣﺆﴍات ﻟﻠﺴﻠﻮك ﺗُﺰ ﱢودﻧﺎ ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎت. • ﰲ ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻗﺪ أمثﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﺠﻤﻴﻊ اﻟﺒﻴﺎين واﻟﺠﻬﺪ اﻟﺘﺤﻠﻴﲇ ﻋﻦ أرﺑﻌﺔ أمنﺎط ﺗ َﻜﺸﱠ َﻔﺖ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻟﻠﺒﺤﺚ. النتائج :أمنﺎط اﳌﺒﺎﺣﺚ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ. ﺟﺮى ﺑﺤﺚ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﳌﻨﺒﺜﻘﺔ ﻋﻦ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﺸﻒ ﻋﻦ أمنﺎط ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛ ٌري ﻋﲆ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ٌ أرﺑﻌﺔ ﻣﻨﻬﺎ -١ :اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ وﻏري اﻟﺮﺳﻤﻲ ،ﻓﻈﻬﺮت اﻟﻌﺎﺋﲇ اﻟﺬي ﻳﻬﺪف إﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺳامت اﻟﻘﻴﺎدة واﻟﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ -٢ .دور ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺧﻠﻖ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ وﺗﺸﺠﻴﻌﻬﺎ -٣ .ﺷﻌﻮر اﻟﺸﺨﺺ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ مبﻘﺎﺻﺪ وأﻫﺪاف واﺟﺒﺎﺗﻪ ﺗﺠﺎه اﳌﺠﺘﻤﻊ -٤ .اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺬي ُﻳﻘ ﱢﺪﻣﻪ اﻟﺴﻴﺎﻗﺎن اﻟﺜﻘﺎﰲ واﻟﻘﻮﻣﻲ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻟﻠﺘﻨﻮع. ً ﻋﻠام ﺑﺄن وﺟﻮد أﺣﺪ ﻫﺬه اﻷمنﺎط ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﴬورة ﻏﻴﺎب ﺑﻘﻴﺘﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻣ ًﻌﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ .وﻓﻴام ﻳﲇ، ﺳﻨﻨﺎﻗﺸﻬﺎ ٍّ ﻛﻼ ﻋﲆ ﺣﺪة:
nesemat.com
اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺤﲇ.
ٍ أمناط بارزة تناول هذا البحث بالدراسة أربعة تتمثل؛ يف الدعم العائيل ،ودور حركة كولن، وإحساس ُع َمر مبقاصد وأهداف واجباته تجاه املجتمع ،ودعم السياق الرتيك للتنوع.
-1الدعم العائيل
"ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ﻗﺪر ٌة ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮغ اﻟﻜﻤﺎل اﻟﺒﺸﺮي ،وﻻ ﻣﻔﺮ ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻮن ﻫﺬا اﻟﻜﻤﺎل داﺧﻞ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ و ُﻳﺤﻘﻘﻮﻧﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎم أو اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ ،ﺳﻮا ًء ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ ُ أو اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ .وﻟﺤﺪوث ذﻟﻚ ،ﻻ ﺑ ﱠﺪ أن ﻳﺘﻌﻠﻢ اﻷﺷﺨﺎص ﺗﻌﻠﻴ ًﻤﺎ ﻣﻼﺋ ًﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻴﻪ .إﻧﻬﻢ ﻳﺴﻌﻮن إﻟﻰ ﺗﺜﻘﻴﻒ ﺷﺒﺎﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﺷﺮاﺋﺢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﻠﻰ ﻗﺪ ٍر ﻋﺎلٍ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮس واﻟﻔﻀﻴﻠﺔ". )ﻛﺎرول.(٢٠٠٧ ، ﻳﻌﻜﺲ ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺒﺎس ﻣﻦ أدﺑﻴﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﺎ ﻟﻠﺪﻋﻢ اﻟﻌﺎﺋﲇ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ .وﳌﱠﺎ ﺗﺘ ﱠﺒﻌﻨﺎ ﻣﺴرية ﺣﻴﺎة ُ"ﻋ َﻤﺮ" ،وﺟﺪﻧﺎه ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﰲ ﻛﻨﻒ ﻋﺎﺋﻠ ٍﺔ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﻌﻮر اﻟﻔﺨﺮ ﺑﺎﻧﺘامﺋﻬﺎ إﱃ وﻃﻨﻬﺎ .وﻗﺪ ﻟﻌﺒﺖ أﻣﻪ – واﺿﺤﺎ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻟﻠﺘﺤﺼﻴﻞ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص– دو ًرا ً اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﻀﺤﻴﺘﻬﺎ ﺑﺎﺑﻨﻬﺎ ذي اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﴩ رﺑﻴ ًﻌﺎ اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ إرﺳﺎﻟﻪ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﳌﻨﺰل؛ ﻟﻴﺘﺴ ﱠﻨﻰ ﻟﻪ ﺗﻠﻘﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ اﻟﺜﺎﻧﻮي. وﻓﻴام ﺑﻌﺪ ،ﺣني ُأﺗﻴﺤﺖ ﻟﻪ ﻓﺮص ﺗﻠﻘﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﺗﺤﻤﺴﺖ أﻣﻪ ﳌﺤﺎوﻻﺗﻪ اﳌﺴﺘﻤﺮة ﻟﻠﺪراﺳﺔ واﻟﺤﻴﺎة وﻓ ًﻘﺎ ﳌﺎ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ "ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻹﺳﻼم" .ﻓﺨﻼل ﺣﻮار ٍ ات ُأﺟﺮﻳﺖ ﻣﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﻋﺎم ،٢٠٠٧ﻋﺎود ﻛﻼ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪ دﻋﻤﻬام اﻟﻜﺎﻣﻞ ُﻟﻌ َﻤﺮ 117
مقاالت nesemat.com nesemat.com
تناو ُل العدالة االجتامعية من خالل التعليم، ُ يشتمل عىل أكرث من مجرد ترديد شعارات؛ فهو ملناخ غري ُمحتقن وغري مدروسة تهيئة يتطلب ً ً ٍ مناخ يشتمل عىل تدابري ُمنحا ٍز ضد أحد األعراق، ٍ ُتجابه االنتهاكات واسعة النطاق.
وﺛﻘﺘﻬام ﰲ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﲆ إﺣﺮاز اﻟﻨﺠﺎح ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻟﻮ ﰲ ﺑﻼ ٍد أﺧﺮى ﺑﻌﻴﺪة ،ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻷم –ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ُﻋ َﻤﺮ– ﻗﺪ أﺑﺎﻧﺖ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﺪﻋﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘ ٍﺔ ﻻ ُﻳﺨﺎﻣﺮﻫﺎ اﻟﺸﻚ .ﻫﺬا اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻌﺎﺋﲇ –وﺑﺨﺎﺻ ٍﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻷم– ﺗُﺴﻔﺮ ﻋﻨﻪ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﺑﺼﻮر ٍة ﻣﺘﻜﺮر ٍة وﺗﺆﻛﺪه اﳌﻼﺣﻈﺎت. إن ﻛﺜريﻳﻦ ﰲ اﻟﻐﺮب ،وﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ،ﻳﻔﺘﻘﺮون إﱃ ﻓﻬﻢ ُﻋﻤﻖ ﻫﺬا اﻟﺪور اﻟﺠﻨﺴﺎين ( )Gender Roleأو اﳌﻜﺎﻧﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﳌﺮأة ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ؛ إذ ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺪﻟﻒ ﺤﻤﻠني ﺑﺘﺼﻮر ٍ ات ﺛﻘﺎﻓﻴ ٍﺔ ﻫﺆﻻء اﳌﺘﺎﺑﻌﻮن إﱃ اﳌﻮﺿﻮع ُﻣ ﱠ ُﻣﺴ َﺒﻘﺔ وﻣﻀﻠﻠﺔ ،وﺑﺨﺎﺻ ٍﺔ ﻓﻴام ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﺠﻨﺴﺎين اﻟﺬي ﻳﻌﺰون ﻣامرﺳﺘﻪ إﱃ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، مبﺎ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ إﱃ اﳌﺮأة ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ "ﻣﻬﻴﻀﺔ اﻟﺠﻨﺎح" ،واﻟﺘﻲ ﻳﺮﺟﻊ ﺳﺒﺒﻬﺎ إﱃ أوﺟﻪ اﻟﻘﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘ ِﻮر اﳌﺸﺎرﻛﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮأة. ٍ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﺟﻨ ًﺒﺎ إﱃ وﻟﻌﻞ ﻣﺎ أوردﻧﺎه ﻣﻦ ﺟﻨﺐ دراﺳﺘﻨﺎ ﻟﺤﺎﻟﺔ ُﻋ َﻤﺮ أن ُمي ﱢﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪء ﰲ إﺟﺮاء ٍ ﺗﻘﺼ ّﻴ ٍ وﻧﻘﺎﺷﺎت ﺗﻜﻮن أﻛرث ﻋﻤ ًﻘﺎ ﺣﻮل دور اﳌﺮأة ﺎت ٍ ﺗﺴﺎؤﻻت ﺗﺘﻨﺎول ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻣﻊ ﻃﺮﺣﻬﺎ اﻟﺪور اﻟﻔﻌﲇ ﻟﻠﻤﺮأة ،وﻣﺪى دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ اﻷﴎة اﳌﺴﻠﻤﺔ، وﻣﺪى أﻫﻤﻴﺔ دﻋﻢ اﻷﴎة ﻟﻠﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ. -2دور حركة كولن يف تهيئة البيئة الرتبوية
"إن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻔﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﻫﻲ ﻣﺼﺪر 118
ٌ ﻓﻠﺴﻔﺔ – ُﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل– ُ ذات أرﺑﻌﺔ إﻟﻬﺎم ﺣﺮﻛﺘﻪ ،وﻫﻲ ٌ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺟﺪﻳﺪ ٌة ﻟﻠﻤﺸﺮوع اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ أﺑﻌﺎد ،أوﻟﻬﺎ :أﻧﻬﺎ وﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ .وﺛﺎﻧﻴﻬﺎ :ﻣﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﻴﺮﻳﺔ واﻹﻳﺜﺎر ،أي إﺷﺎﻋﺘﻬﺎ ﻟﺮوح اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ داﺧﻞ اﻷوﺳﺎط اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ .وﺛﺎﻟﺜﻬﺎ :ﻫﻮ اﻟﺒﻌﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻈﻢ اﻟﻤﺪرﺳ َﺔ واﻷﺳﺮ َة ورﻋﺎ َة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗ ٍﺔ ﺛﻼﺛﻴ ٍﺔ ﺗُﺴﺪي ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﺎ اﻹﻳﺜﺎرﻳﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺗﻀﻢ ٍّ ﻛﻼ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .وأﺧﻴ ًﺮا ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺮى ﺗﻮﻟﻴﻔ ًﺔ ﱡ واﻟﻌﻘﻞ ،واﻟﺘﺮاث واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ،واﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻌﻘﻼﻧﻲ". )أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘﻴﻦ.(٢٠٠٧ ، ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ،ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻗﺪ ﻟﻌﺒﺖ دو ًرا ﺑﺎرزًا ﰲ ﺣﻴﺎة ُﻋ َﻤﺮ وﻏريه ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ،وﰲ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﻣﻨﺬ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ. ﻓﺄوﻻً :أﺗﺎﺣﺖ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻟﺼﻐﺎر اﻟﺸﺒﺎب ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﻌﺮف إﱃ ﺷﺒﺎن ﻳﻜﱪوﻧﻬﻢ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ أﻫﻤﻴﺘﻬﻢ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻗﺪوة ﺳﺎﻋﺪوﻫﻢ ﻋﲆ اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ َ وﻗﺖ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ ،وﺗﻮﻟﻮا ﺷﺆوﻧﻬﻢ ،ووﻓﺮوا ﻟﻬﻢ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﺼﺤﺒﺔ ،وأﺑﺎﻧﻮا ﻟﻬﻢ ﰲ أﺛﻨﺎء ﻓﱰة دراﺳﺘﻬﻢ ﻋﻦ اﺣﺘﻀﺎن اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻮع. ﺷﺒﺎب ﺣﺮﻛﺔ وﺛﺎﻧ ًﻴﺎ :ﺳﺎﻋﺪت اﻟﺠﻬﻮ ُد اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﻬﺎ ُ ﻛﻮﻟﻦ ُﻋ َﻤ َﺮ وﻏريه ﻣﻦ ﺻﻐﺎر اﻟﺴﻦ ﻋﲆ أن ﻳﻠﻌﺒﻮا دو ًرا ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻢ رﻓﺎﻗﻬﻢ )إﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺮﻓﺎق( ،ﺳﻮا ًء ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺎد ُة اﻟﻌﻠﻤﻴ ُﺔ أﻛﺎدميﻴ ًﺔ أو دﻳﻨﻴ ًﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﺎﻋﺪﻫﻢ ﺑﺪوره ﻋﲆ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﳌﻬﻨﻴﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ، ﻟﻌﺐ وﻣﺎ ﺣﻔﺰ ُﻋ َﻤ َﺮ ﺑﺎﻷﺧﺺ ﻋﲆ أن ﻳﻌﺘﺎد ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ َ أدوا ِر اﻟﻘﻴﺎدة اﳌﺘامﺳﻜﺔ وﺳﻂ أﻗﺮاﻧﻪ واﻟﻄﻠﺒﺔ اﻷﺻﻐﺮ ﻣﻨﻪ ﺳ ٍّﻨﺎ. وﻻ ﻳﺒﺪو أن ﻫﺬه اﻟﺮواﺑﻂ داﺧﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻗﺪ ﺳﻌﺖ إﱃ أن ﺗﺤﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺳﺎﻋﺪت
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
املجتمع
ُﻌﺪ اﻟﺪراﻳﺔ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺒﻜﺮان ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ،ﺟﻨ ًﺒﺎ ﺗ ﱡ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻤﻮاﻫﺐ اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ ﻗﻴﺎد ٍّﻳﺎ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ أﻓﺮاد ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻹﻗﻠﻴﻤﻲ أﺣ َﺪ
nesemat.com
-3الشعور مبقاصد الواجبات وأهدافها تجاه
nesemat.com
ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻋﲆ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت ،ﻣﻊ ﻧﺴﺠﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺒﻜ ًﺔ ﻗﻮﻳ ًﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺘامء ﺟﺮى اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻹﺷﺒﺎع اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ. ﺛﻢ ﺑﻌﺪ إﻧﻬﺎء ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ،واﺻﻞ اﳌﻨﻔﻘﻮن ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ دﻋﻤﻬﻢ ُﻟﻌ َﻤﺮ ﰲ أﺛﻨﺎء ﺳﻔﺮه إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻻﺳﺘﻜامل دراﺳﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﺑﻴﻨام ﻛﺎن ُﻳﻄ ﱢﻮر ﻣﻦ أﻓﻜﺎره وأﻧﺸﻄﺘﻪ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﻠﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن وﺗﻌﺮﻓﻬﺎ ﻋﲆ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﻮﺻﻔﻪ واﺣ ًﺪا ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺤﺮﻛﺔ. وﻗﺪ ﻛﺘﺐ ُ ﱠ ﴍاح ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻗﺎﺋﻠني" :إن أﻧﺸﻄﺔ ِ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀً ﺎ ،ﻫﻲ واﺣﺪ ٌة ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺮﻓﺎق اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ اﳌﺪراس ﻟﺨﻠﻖ ﺑﻴﺌ ٍﺔ ﺗﺴﻮد ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﴍاﻛﺔ اﻷﻗﺮان اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻨﺠﺎح اﻷﻛﺎدميﻲ ﺑﻌني اﻻﺣﱰام ،وﺗﺴﻮد ﻓﻴﻬﺎ ﴍاﻛﺔ اﻵﺑﺎء ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ") .أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘني.(٢٠٠٧ ، ٍ ﻣﻨﻈامت ﺗﻌﻠﻴﻤﻴ ٍﺔ ﻗﺪ أﻓﺎدت ﻣﻦ ﻫﺬه وﻛﺎﻧﺖ ﻋﺪة اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻷﻗﺮان ﰲ دﻋﻢ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰﻫﺎ. وﺧﻼل اﻟﺪراﺳﺔ اﻷﻛﺎدميﻴﺔ ﻟﺤﺎﻟﺔ ُﻋ َﻤﺮُ ،ميﻜﻦ ﺗﺮﻛﻴﺰ اﻟﻨﻘﺎش ﻋﲆ اﻛﺘﺸﺎف ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺄﺛري اﺳﺘﻌامﻻت إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻷﻗﺮان ﻋﲆ اﳌﻨﺘﻮج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ،ﻛام ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻘﺎش أن ﻳﺤﻔﺰ ﻣﺰﻳ ًﺪا ﻣﻦ إﻋامل اﻟﻔﻜﺮ ﰲ ﻣﻮﺿﻮع ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻗﺮان داﺧﻞ اﳌﺪارس ،ﺳﻮا ًء ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ أو ﰲ ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت.
رب ًيا يعني أن ُتفتش داخل نفسك ْ أن تكون ُم ِّ عميقا ،وأن ُت ِ ً خضع بعض ما تقبلته بوصفه تفتيشا ً الطريقة التي ينبغي أن تكون عليها األمور ً غايرا لدعم قيمة للمساءلة ،وأن تسلك سلوكا ُم ً العدالة االجتامعية.
اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺸﺒﺎب ،ﺑ َﻤﻦ ﻓﻴﻬﻢ ُ"ﻋ َﻤﺮ" اﻟﺬي أوﺿﺢ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ ﺗﺠﺎه ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻼ" :إن ﺗﺮﻛﻴﺎ ٌ ﻃﻠﺐ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ً دوﻟﺔ ٌ ٍ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﺎت ﻫﺎﺋﻠ ٍﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺛﺮوﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﻣﻴﺔ ﺗﺘﻤﺘﻊ اﻟﺸﺒﺎب .وأﻧﺎ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻋﻠﻰ ﱢ ﻛﻞ واﺣ ٍﺪ ﻣﻨﺎ أن ُﻳﻘ ﱢﺪم ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻪ" .ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﺘﻲ أدﻟﻰ ﺑﻬﺎ ُﻋ َﻤﺮ، واﻟﺘﻲ ﻋﺎودت اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ أﺛﻨﺎء إﺟﺮاء اﻟﻤﻘﺎﺑﻼت ﻣﻊ اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﻴﻦ ﻟﻠﺒﺤﺚ ،ﺗﻌﻜﺲ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺣﺮﻛﺔ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ ُ ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺼﻮر ٍة واﺿﺤﺔ ،إذ وﻓ ًﻘﺎ ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ "ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﺒﻴﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ") .أﺻﻼن دوﻏﺎن وﺷﺘﻴﻦ.(٢٠٠٧ ، وﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮك ﻣﻦ دﻋﻢ اﳌﺸﺎرﻛﺔ واﻻﻧﺨﺮاط ﺑﻮﺻﻔﻬام أدا ًء ﻟﻠﻮاﺟﺐ ﺗﺠﺎه اﳌﺠﺘﻤﻊ أو اﻷﻣﺔ ﻛﺄﺣﺪ اﳌﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ .وإذ ُﻳﺸﺎر إﻟﻴﻪ ﰲ أدﺑﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﺳﻢ "اﻹﻳﺜﺎر" ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺧَ ْﻠﻖ منﺎذج ﻗﻴﺎد ٍة ﱠ وﻳﺘﺠﲆ ﰲ ﺗﻮﻗﻊ أن ﻳﻘﻮم اﻟﺸﺒﺎب ﺑﺈﺳﺪاء ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ، ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﻢ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ. وﺑﺘﺘﺒﻊ ﻣﺴرية ﺣﻴﺎة ُﻋ َﻤﺮ ،وﺟﺪﻧﺎﻫﺎ ﺣﺎﻓﻠ ًﺔ ﺑﺄﻣﺜﻠ ٍﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ ،وﺑﺎﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف إﱃ رد اﻟﺠﻤﻴﻞ ﺑﻐﺮض دﻋﻢ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻪ. وﻳﺮﺗﺒﻂ ﻫﺬا اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ مبامرﺳﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ٍ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋﺪة؛ إذ ﺗﻜﺸﻒ ﻗﺼﺔ واﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل 119
مقاالت nesemat.com nesemat.com
ٍ إجراءات تناو ُل العدالة االجتامعية اتخاذ يتطلب ُ حد ٍ دة تعمل عىل إبراز السلوكيات املُ فضية ُم َّ إىل تحقيق العدل ودعم هذه السلوكيات، ٍ وبخاصة تلك التي تصب يف صالح الجامعات التي ُحرمت حقوقها الرشعية عىل مدار التاريخ.
ﺣﻴﺎة ُﻋ َﻤﺮ ﻋﻦ إﺣﺴﺎﺳﻪ ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ ﺗﺠﺎه وﻃﻨﻪ ،وﺗﺠﺎه ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﳌﺤﲇ ،وﺗﺠﺎه اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ ،وﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ٌ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺘﻄﻠﻌﺎﺗﻪ .وﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬه اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت، ﺗﺠﻠﻴﺎت ٌ ﻳﻠﺘﺰم ُﻋ َﻤﺮ ﺑﺼﻮر ٍة واﺿﺤ ٍﺔ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻷﻋﺮاق واﻟﻠﻐﺎت اﻷﺧﺮىً ، ﻓﻀﻼ ﻋام ُﻳﺒﺪﻳﻪ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰام اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺈﻃﻼق ﴍارة اﻟﺤﻮار ﺑني ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠامﻋﺎت اﳌﺘﺒﺎﻳﻨﺔ. ﻛام ﺗﺒ ﱠﺪى اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ ﰲ ﺗﻀﺎﻋﻴﻒ اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﺪارس اﻟﺘﻲ زرﻧﺎﻫﺎ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ) ،(١وﺧﻼل ٍ ﻟﻘﺎءات وﻣﺤﺎدﺛﺎت أﺧﺮى. وﻗﺪ ﻧﻮﻗﺸﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﺒﺎدﻟﻴﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﻔﺮد وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ وﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﺴﺎﻫﻤﺘﻬﺎ ﰲ ﺧﻠﻖ رأس اﳌﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ ً ﻧﻘﺎﺷﺎ ﻣﺴﺘﻔﻴﻀً ﺎ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋ ٍﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋ ٍﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺎدر اﻷﺧﺮى ،ﻣﺜﻠام ﻓﻌﻞ روﺑﺮت ﺑﻮﺗﻨﺎم ﰲ "أن ﺗﻠﻌﺐ اﻟﺒﻮﻟﻴﻨﺞ وﺣﺪك" .وأﻳﻀً ﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮ ًﻋﺎ ﻟﻠﻨﻘﺎشُ ،ﻣ ٍّ ﺴﺘﻐﻼ ﺣﺎﻟﺔ ُﻋ َﻤﺮ ،وأن ﻳﺘﺤﻮل إﱃ اﺳﺘﻘﺼﺎ ٍء ﻟﻠﺘﺒﺎدﻟﻴﺔ ُﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺒﺤ ًﺜﺎ ﻟﻠﺪراﺳﺔ. -4دعم السياق الرتيك للتنوع
ٌ ﺷﻐﻒ ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ وﺑﺎﺳﺘﻴﻌﺎب ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ "ﻟﺪي ﱠ )ﻋ َﻤﺮ ،ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ"ُ . ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة(. "إﻧﻬﻢ -اﻵﺑﺎء -ﻳﺒﻌﺜﻮن ﺑﻬﻢ -اﻷﺑﻨﺎء -إﱃ اﳌﺪارس اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ -ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻔﺎين ا ُﳌﻌﻠﻤني ،وﺟﻮدة120
اﳌﻨﺎﻫﺞ ،واﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻮﻃﺪ اﳌﺪرﺳ ُﺔ دﻋﺎمئَﻬﺎ –ﻣﻦ ﺧﻼل ُﻣﻌﻠﻤﻴﻬﺎ– ﻓﻴام ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﱰﺑﻮي ،واﻟﺤﻮار") .ﻛﺎرول.(٢٠٠٧ ، ﻳﺰﺧﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﱰيك ﺑﻨامذج ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﰲ ،ﻛام ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ أﻣﺜﻠ ٍﺔ ﻟﻠﺴﻌﻲ وراء اﳌﻌﺮﻓﺔ ﻮﺳﻊ ﻣﻦ إﻃﺎر ﺳﻌ ًﻴﺎ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﺤﺪود اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ و ُﻳ ﱢ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ،وﻟﻜﻞ ذﻟﻚ أﻫﻤﻴﺘﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﺤﺚ وﻟﻔﻬﻢ اﳌﺠﺘﻤﻊ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﱰﻛﻴني ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ. إن ُﻋ َﻤﺮ وﻏ َريه ﻣﻦ ﺷﺒﺎب ﺟﻴﻠﻪ ﺑﺪراﺳﺘﻬﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ، ،ﻗﺪ ﻛﺸﻔﻮا ﻋﻦ ﻣﻮاﻗﻒ ﺗﺪل ﺑﺼﻮر ٍة واﺿﺤ ٍﺔ ﻋﲆ إدراﻛﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ اﻷدوار اﻟﺘﻲ ﻟﻌﺒﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﱰيك ﰲ ﺧﻠﻖ أﻣ ٍﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮع ،ﻣﺜﻠام ﺗﺪل ﻋﲆ ﻓﻬﻤﻬﻢ واﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﻢ ﻟﻠﺪور اﻟﺬي ﺗﻌﺰوه رؤﻳﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ إﱃ اﻟﺤﻮار واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت واﻟﺸﻌﻮب واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﺧﺮى. ﻣﺠﺘﻤﻊ وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﱰيك اﻟﻴﻮم ﻫﻮ ٌ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﺘﻘﺒﻞ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﺨﻠﻔﻴﺎت ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ، ٌ اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ واﻹﺛﻨﻴﺔ اﳌﺘﺸﻌﺒﺔ .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ –ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ﺗﻠﻚ– إﱃ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﻧﻈﺮ ًة ُﻣﻐﺎﻳﺮة ،إذ اﳌـﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ واﻗﻊ ﺗﺰﺧﺮ ﻛرث ٌة ﻣﻦ ﻣﻼﺣﻈﺎت اﻟﺒﺎﺣﺚ ُ ِﺧﱪﺗﻪ ﺑﺎﳌﻮاﻃﻨني اﻷﺗﺮاك داﺧﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﰲ ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻷورﺑﻴﺔ )ﻛﺄﳌﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ واﻟﻨﻤﺴﺎ( واﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺑﺎﻷدﻟﺔ ﻋﲆ وﺟﻮد ﻫﺬه اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ وذاك اﻟﺘﻘﺒﻞً ، ﺷﺨﺺ أﺳﻮد اﻟﺒﴩة. ﻋﻠام ﺑﺄن اﻟﺒﺎﺣﺚ ٌ وﻣﻊ اﻷﺳﻒُ ،ﻳﻐﻔﻞ ﻗﺪ ٌر ﻛﺒ ٌري ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷوريب اﻟﻐﺮيب وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻹﺷﺎر َة إﱃ ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ً ﻋﺎﻣﻼ أﺳ َﻬﻢ ﰲ ﺗﻄﻮر ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ .ﺛﻢ إن ﻣﺠﺮد اﻟﺪراﺳﺔ ٌ ﻛﻔﻴﻞ اﻟﻌﺎﺑﺮة ﻟﻺﻣﱪاﻃﻮرﻳﺘني اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ واﻟﻌﺜامﻧﻴﺔ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
ﻳﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ أرﺑﻌﺔ أﻧﻤﺎطٍ ﺑﺎرزة ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ -١ :اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ -٢ .دور ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ. -٣إﺣﺴﺎس ُﻋ َﻤﺮ ﺑﻤﻘﺎﺻﺪ وأﻫﺪاف واﺟﺒﺎﺗﻪ ﺗﺠﺎه اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ -٤ .دﻋﻢ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺘﺮﻛﻲ ﻟﻠﺘﻨﻮع. وﻧﺤﻦ ﻧﻔﱰض أن ﻫﺬه اﻷمنﺎط اﻷرﺑﻌﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ٍ اﺗﺠﺎﻫﺎت ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ؛ وﺟﻮد ﺛﻼﺛﺔ إذ ُميﻜﻦ ﻟﻬﺎ أن ﺗُﺴﻬﻢ ﰲ إﻓﺎدة اﻟﺤﻘﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ .وأول ﻫﺬه اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﻫﻮ ﻧﺴﻖ اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﺤﻮﱄ ،وﺛﺎﻧﻴﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ إزاﻟﺔ اﻟﺤﺪود واﻟﺤﻮاﺟﺰ ﺑني اﻷﺷﺨﺎص ،وﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ُﻣﺘﻌﻠﻖٌ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ إدﺧﺎل
nesemat.com
تحليل البيانات :أهمية التعليم
nesemat.com
ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺟﺬور ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﻌﺮﻗﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أﺛﺮﻫﺎ اﻟﻮاﺿﺢ ﻋﲆ ﻣﺴرية اﻟﺘﻄﻮر اﻷوريب .ﻛام ﻳﴚ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻨﺎ ﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻧﺼﻒ اﻟﻜﺮة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﻮﺟﻮد ﺳﻮاﺑﻖ ٍ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﺗﻜﺎد ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﴫاع اﻟﻌﺮﻗﻲ .ورﻏﻢ ﻟﻨﺸﻮء ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ وﺟﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻦ واﻗﻊ ﺧﱪﺗﻪ ﰲ اﻟﺘﺪرﻳﺲ واﻻﺣﺘﻜﺎك ﺑﺎﳌﺪارس اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى أرﺑﻌﺔ ﻋﻘﻮد أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ُﻳﺸﺎر إﻟﻴﻬﺎ داﺧﻞ ﻣﺪارس اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة. وﻛﺬﻟﻚ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﺬا إﱃ أن وﺟﻮد إﻃﺎ ٍر أو ﴪا ﺳﻴﺎقٍ ﻟﻔﻬﻢ ﻗﺼﺺ ﺷﺒﺎب ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ إمنﺎ ُمي ﱢﺜﻞ ﺟ ً ﺑني ﻛﻮن اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﱰيك ﻣﺠﺘﻤ ًﻌﺎ ﻣﺘﻌﺪد اﻷﻋﺮاق واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت وﺑني ﺻريورة إﻃﺎر اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻫﺬا –ﺑﻔﻀﻞ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ– ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ ا ُﳌﻌﻄﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﱃ ﻧﺸﺄة اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺤﻮار اﻟﺪﻳﻨﻲ وﺗﻌﺰﻳﺰﻫام .وﰲ دراﺳﺘﻨﺎ ﻫﺬهُ ،مي ﱢﺜﻞ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﱰيك ﻋﻨﴫا ﻣﻦ ﻋﻨﺎﴏ ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﱰﻛﻴﺒﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻮع ً َﻘﺪم ﻣﺴرية ُﻋ َﻤﺮ اﻟﻮاﺛﻘﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﻘﻴﺎدة. اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ وﺗ ﱡ
شباب حركة كولن الجهود التي بذلها ساعدت ُ ُ دورا ُع َم َر وغريه من صغار السن عىل أن يلعبوا ً يف تعليم رفاقهم إسرتاتيجية تعليم الرفاق، أكادميية أو دينية. العلمية املادة سواء كانت ً ُ ُ ً
"اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻘﻴﺎدة" وﺗﻄﺒﻴﻘﻪ. التعلم التحويل
واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺒﺎرزة إﻟﻰ إﻛﺴﺎب أ ﱠدى ٌ اﺳﻢ "اﻷﻧﺸﻄﺔ ذات ﺑﻌﺾ أﺷﻜﺎل اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ َ ٍ وﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪة ،ﻛـ ﱠﺮس اﻟﻤﻀﻤﺎر اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺘﺤﻮﻟﻲ". اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻗﺪ ًرا واﻓ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ُ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﻨﻘﺪي ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺘﺄﻣﻠﻴﺔ ،وﺗﺪوﻳﻦ اﻟﻴﻮﻣﻴﺎت ،وﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻤﺬﻛﺮات ﺣﻮل ﺗﺠﺎرب اﻻﺣﺘﻜﺎك اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ إﻟﺦ ،وﻫﻮ ﻣﺎ َ أﻣﻞ ﺧﺒﺮاء اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ وراﺋﻪ إﻟﻰ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺼﻠﺔ أو اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﺴﻴﺎق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ. ﺛﻘﺎﻓﺔ ُ وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻴﺰﻳﺮو ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﺤﻮﱄ )(١٩٩١ اﻟﺘﺒﴫات ﺣﻮل ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻗﺪ ز ﱠو ْ دت ﺧﱪاء اﻟﱰﺑﻴﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﱡ اﻟﻜﺒﺎر ،ﻓﻘﺪ ذﻫﺐ إﱃ أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺒﺎﻟﻐني ﻳﺪﻟﻔﻮن ﺤﻤﻠﻮن ﺑﺘﺠﺎرﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﺎمل وﻫﻢ ُﻣ ﱠ ﱡ اﻟﺘﺸﻜﻞُ ،ﻳﻄ ﱢﻮر اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .وﺧﻼل ﺳﻨﻮات ﻃﺮﻗﻬﻢ ﰲ رؤﻳﺔ اﻟﻌﺎمل اﳌﺤﻴﻂ وﻓﻬﻤﻪ .وﻫﻜﺬا ،ﻓﺒﺪﻣﺞ ﻫﺬه اﻟﺨﱪات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﻔﻬﻢ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﺎمل اﳌﺘﻐرية ﺑﺼﻔ ٍﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮةُ ،ﻳﻜ ﱢﻮن اﻟﺒﺎﻟﻐﻮن وﺟﻬﺎت ﻧﻈ ٍﺮ ﺟﺪﻳﺪ ًة ﺗُﺸ ﱢﻜﻞ ﻣﺎ ُﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ "اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﺤﻮﱄ". وﻛام ﺗﻘﱰح ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻴﺰﻳﺮو ،ﻓﺈن ُﻋ َﻤﺮ وأﻋﻀﺎء ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻳﺴﺘﺤﴬون ﺟﻤﻴﻊ ﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﰲ أﺛﻨﺎء اﻧﺨﺮاﻃﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ .وﺑﺈﻓﺎدﺗﻬﻢ ﻣﻦ 121
مقاالت nesemat.com nesemat.com
أتاحت الخدمة لصغار الشباب فرصة التعرف إىل شبان يكربونهم ساعدوهم عىل االنخراط ً يف املجتمع ،وأبانوا لهم يف أثناء فرتة دراستهم عن احتضان العقيدة اإلسالمية للتنوع.
وﺳﺎﺋﻠﻬﻢ اﻟﺘﺄﻣﻠﻴﺔ ا ُﳌﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ دراﺳﺎﺗﻬﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﻠﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﲆ اﻟﺨﱪات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ،أﻣﻜﻦ ُﻟﻌ َﻤﺮ واﻵﺧﺮﻳﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ وﺟﻬﺎت ﻧﻈ ٍﺮ ﻣﺴﺘﻤﺪ ٍة ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف إﻓﺎدة اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ واﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﻲ متﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮة .وﰲ ﺣﺎﻟﺔ إذا مل ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺮء ﺑﻌني اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ إﱃ وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ ا ُﳌﻐﺎﻳﺮة ﻟﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ً ﻣﺜﻼ ،أو ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻧﻔﺘﺎﺣﻪ ﻋﲆ اﳌﻌﺎرف اﻟﺘﻲ ﺗُﻨﺎﻗﺾ ﻗﻴﻤﻪ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ،ﻓﺈن ﻓﺮﺻﻪ ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ مبﺨﺘﻠﻒ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت أو دراﻳﺘﻪ ﺑﺎﻷﻃﺮوﺣﺎت اﳌﻨﺎﻗﻀﺔ ﳌﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ أو ﺗﻔﺤﺼﺎ ﺟﺎ ٍّدا ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ. َﺗ َﻔ ﱡﺤﺼﻬﺎ ً ٍّ كتجل للعدالة االجتامعية التعليم
ﺗﻨﺎ ُو ُل اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﺗﺮدﻳﺪ ﺷﻌﺎرات؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻟﻤﻨﺎخ ﻏﻴﺮ ُﻣﺤﺘﻘﻦ وﻏﻴﺮ ُﻣﻨﺤﺎ ٍز ﺿﺪ ﺗﻬﻴﺌ ًﺔ ﻣﺪروﺳ ًﺔ ٍ ﻣﻨﺎخ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺪاﺑﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن أﺣﺪ اﻷﻋﺮاقٍ ، ﺗﻀﻊ ً ٍ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺗُﺠﺎﺑﻪ اﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت واﺳﻌﺔ ﺧﻄﻄﺎ وﺗﺮﺳﻢ اﻟﻨﻄﺎق. ﻛام ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻨﺎ ُو ُل اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮ ٍ اءات ُﻣﺤ ﱠﺪد ٍة ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ إﺑﺮاز اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت ا ُﳌﻔﻀﻴﺔ إﱃ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻌﺪل ودﻋﻢ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت ،وﺑﺨﺎﺻ ٍﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺐ ﰲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺠامﻋﺎت اﻟﺘﻲ ُﺣﺮﻣﺖ 122
ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ اﻟﴩﻋﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺘﺎرﻳﺦ. وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺑﻠﻮغ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ أن ُﻳﻌ ﱢﺰز ﻣﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻨﻬﺠﻴ ٍﺔ ﺗﺸﻤﻞ ُ ﺗﺘﻨﺎول اﳌامرﺳﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل/ﺟﻤﻴﻊ اﻷﴎ ﺟﻤﻴﻊ َ َ وﻋﻤﻠﻴﺔ رﺳﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت) .ﻓﺮﻳﺮي.(١٩٧٠ ، وﻫﻜﺬا ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﲇ: • ﻓﻬﻢ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ "اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ" وﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت واﳌﻨﻈﻮﻣﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. • اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺄﺛري اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ ،ﺳﻮا ًء ﰲ اﻟﺤﺎﴐ أو اﳌﺎﴈ ،ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت واﳌﻨﺘﻮﺟﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ. • اﻟﺪراﻳﺔ واﻟﺪرﺑﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺠﺎوز اﻟﺜﻘﺎﰲ وﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﳌﺘﻮاﺟﺪة ﻣﻨﺬ أﻣ ٍﺪ ﺑﻌﻴﺪ. • اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑني اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت. • اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ وﺿﻊ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺷﺨﺎص ﺑﻄﺮﻳﻘ ٍﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ. ﺗﻨﺘﻈﻢ َ ٍ ﺗﻮﺟﻬﺎت ﻟﻘﺪ رﺳﻤﺖ أﻃﺮوﺣﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ُﻣﺤﺪد ًة ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺤﺎﺟ َﺔ إﱃ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻹﻓﺎد َة ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ إزاﻟﺔ اﻟﺤﺪود واﻟﺤﻮاﺟﺰ ﺑني اﻟﺠامﻋﺎت اﻟﺒﴩﻳﺔً ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻪ ﰲ اﺳﺘﻴﻌﺎب دروس اﳌﺎﴈ) .ﻣﻴﺸﻴﻞ.(٢٠٠٣ ، وﺑﻌﺪ ،ﻓﺈن مثﺔ ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﺋﻖ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ُ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮل ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑني أن ﻧﻌﻴﺶ وﻧﻌﻤﻞ وﻧُﻌ ﱢﻠﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ُﻧﺮاﻋﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺑﻴﻨﺎ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت ﰲ اﳌﻨﺰل واﳌﺠﺘﻤﻊ واﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﳌﺴﺠﺪ واﳌﻌﺒﺪ واﳌﺪرﺳﺔ وﻣﻦ ﺧﻼل وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،وﻗ ﱠﻠام ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ً ﺗﻨﺎوﻻ ﻧﻘﺪ ٍّﻳﺎ أو ﻧﻀﻌﻬﺎ ﻣﻮﺿﻊ اﳌﺴﺎءﻟﺔ أو ﻧﺘﺴﺎءل ﻋام ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﺛري ٍ ات ﻋﲆ اﻵﺧﺮﻳﻦ. وﻗﺪ ُﻟ ﱢﻘﻦ ﻛﺜ ٌري ﻣﻨﺎ ﺑﻌﺾ اﳌامرﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻧَﻔﺬت إﻟﻴﻨﺎ ﰲ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
مدروسة تقوم بها حركة كولن جهود مثة ٌ ٌ وتعهد قيمة القيادة التي ُمت ِّثل الستنهاض ُّ اتجاها آثره الشاب ُع َمر يف أثناء دراسته وعمله ً كرثة من هذه املامرسات املجتمعي .وقد ُو ِّثقت ٌ ٍ مامرسات ناجحة: القيادية بوصفها
nesemat.com
ﻏﻴﺒ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ ،واﻟﺘﻲ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺑﺼﺤﺘﻬﺎ اﻋﺘﻘﺎ ًدا ﺟﺎز ًﻣﺎ، ٌ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺻﺎﺋﺒﺔ" ،أو ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ" :إن ﻃﺮﻳﻘﺘﻨﺎ ﰲ اﻟﺴﻠﻮك "ﻛﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﺧﻄﺄ ]ﻋﺪا ﺟامﻋﺘﻲ[" ،أو "إﻧﻬﻢ ﻳﺘﺒﻌﻮن أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ" ]وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺧﺎﻃﺌﺔ[ ،أو "إﻧﻬﻢ ﻟﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ُﻣﺮ ﱢﺑ ًﻴﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ُﻣﻨﺤﻄﻮن وﻣﻌﻮزون"ْ . ﺗﻔﺘﻴﺸﺎ ﻋﻤﻴ ًﻘﺎ ،وأن ﺗ ِ ً ُﺨﻀﻊ ﺑﻌﺾ ﺗُﻔﺘﺶ داﺧﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﺒﻠﺘﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ. اﻷﻣﻮر ﻟﻠﻤﺴﺎءﻟﺔ ،وأن ﺗﺴﻠﻚ ﺳﻠﻮ ًﻛﺎ ُﻣﻐﺎﻳ ًﺮا ﻟﺪﻋﻢ ﻗﻴﻤﺔ • إﻧﺸﺎء اﳌﺪارس ﺿﻤﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣ ٍﺔ أﻛﱪ ،ﻣﻊ اﺣﺘﻔﺎﻇﻬﺎ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ .وﻟﺬا ﻓﺈن أﺣﺪ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ﺑﻘﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺗﺤﺮﻳﻚ اﳌﻮارد اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ. اﳌﻬﻤﺔ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻧُﻘﺪﻣﻬﺎ ﻫﺬه ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ • أﻧﺸﻄﺔ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﺪﻋﻢ وإﴍاف ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ. وﺗﻮﺟﻴﻪ ﻋﺪ ٍد أﻛﱪ ﻣﻦ اﳌامرﺳني ذوي اﻟﺨﱪة. ٍ كسبيل إىل القيادة التعليم وﻛام أﺑﺎن ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ،ﻓﺈن ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻗﺪ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺘﺄﺗﱠﻰ اﻟﻘﻴﺎدة إن ﺗُﺮك اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻤﺼﺎدﻓﺔ ،رﻏﻢ اﺳﺘﻌﺎﻧﺖ –ﰲ ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻨامذج– ﺑﺎﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اﻟﺘﻲ أن ﺑﻮﺳﻊ أﺣﺪاث ﺷﺘﻰ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺣﺪاث ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ،أن ﺗُﻌ ﱢﺰزﻫﺎ اﻷدﻟﺔ؛ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻓﺮص اﻟﻘﻴﺎدة ودﻋﻤﻬﺎ ،وﺗﻄﻮﻳﺮ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﺳﻮ ٍّﻳﺎ ﻓﺘﻨﻬﺾ ﺑﻬﺎ. اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ودﻋﻤﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺳﺒﻴ ًﻼ إﻟﻴﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﻟﺼﺎﻟﺢ ٍ ﻟﻔﻴﻒ ٌ ومثﺔ ٌ ﺟﻬﻮد ﻣﺪروﺳﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻔﺘﻴﺎت ،ﻓﻀ ًﻼ ﻋام ﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﺟﺪوى ﻻﺳﺘﻨﻬﺎض وﺗﻌ ﱡﻬﺪ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺘﻲ ُمت ﱢﺜﻞ –ﻛﺬﻟﻚ– ﰲ اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ) .ﻛﺮﻳﺘﺰﻣﺎن وﻣﺎﻛﻨﺎﻳﺖ.(١٩٩٣ ، اﺗﺠﺎﻫﺎ آﺛﺮه اﻟﺸﺎب ُﻋ َﻤﺮ ﰲ أﺛﻨﺎء ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﳌﺤ ﱠﺪ َدة ً دراﺳﺘﻪ وﻋﻤﻠﻪ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ .وﻗﺪ و ﱢﺛﻘﺖ ﻛرث ٌة ﻣﻦ ﻫﺬه محدودية الدراسة ُ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ؛ اﳌامرﺳﺎت اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ )أﻏﺎي (٢٠٠٣ ،اﳌﺴﺘﻠﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ﺛﻤﺔ ٌ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻨﺎول ً ﻧﻤﻄﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ داﺧﻞ ٍ ﻣامرﺳﺎت ﻧﺎﺟﺤﺔ: اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻪ ،وﺗﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻟﻄﺮح ﺳﺆالٍ • اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻷﻗﺮان وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺮﻓﺎق. ﺑﺤﺜﻲ ُﻣﺤ ﱠﺪد ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﻤﺨﺾ –ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ– ﻋﻦ دراﺳ ِﺔ ﺣﺎﻟ ٍﺔ ﱟ • اﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗُﺸﺠﻊ اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ اﻷﻓﻜﺎر ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﺳﺮدﻳ ًﺔ ﺑﻐﺮض اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺪرس اﻟﺠﺪﻳﺪة. • اﳌﺮان ﻋﲆ اﻟﺘﻨﻮع واﻻﺣﺘﻜﺎك اﻟﺜﻘﺎﰲ واﻟﺘﺒﺎدل اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ .وﻟﺬا ﻓﺈن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺸﺮوط واﻹﺟﺮاءات اﻟﻤ ﱠﺘ َﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻗﺪ ُﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ ُﻣﺤ ﱢﺪ َداﺗﻪ. اﻻﺟﺘامﻋﻲ. ُ ٍ ﺗﻌﻤﻴامت وﻟﻴﺴﺖ ﻏﺎﻳ ُﺔ اﻟﺒﺤﺚ أن ﻳﺼﻞ إﱃ • اﻟﺘﺄﺛري ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ. • دﻋﻢ اﻷﴎة ،وﺑﺨﺎﺻ ٍﺔ ﻋﻨﺪ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ﺗُﺴﺘ َﻘﻰ ﻣام ُﻋ ﱠﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ُﻣﺤ ﱠﺪ َدة ،وإمنﺎ أن nesemat.com
123
مقاالت اﻟﺘﺒﴫات ﺣﻮل أمنﺎط اﻟﺴﻠﻮك، ميﺪﻧﺎ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﺑﺒﻌﺾ ﱡ ﻳﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ. وﻫﻮ ﻣﺎ ﱡ واﺿﺤﺎ ﻳﺤﺪق ﺑﺎﻹﻓﺎدة ﻣﻦ ﻛام أن ﻫﻨﺎك ﻗﻴ ًﺪا آﺧﺮ ً ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻓﻬﻲ مل ُﺗ َﻌ ﱠﺪ ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ ﻃﺮح أﺳﺌﻠ ٍﺔ ﻛﱪى ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺮﺳﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ،ﺑﻞ ﰲ اﻷﻏﻠﺐ ُﳌﺪاﻋﺒﺔ ٍ إﺟﺎﺑﺎت ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ إﱃ ﻃﺮح ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒ ٍﺔ ﻟﻬﺎ .وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﻳﺤﻔﺰان اﻟﻘﻴﺎم مبﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺼﺎء؛ إذ مل ُﻳﻘﺼﺪ ﻟﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺔ أن ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﻘﻴﺎس اﻟﻜﻤﻲ. وﻛﻜﻞ اﻟﺪراﺳﺎت ،ﻓﺈن اﳌﺪى اﻟﺬي ُميﻜﻦ أن متﺘﺪ إﻟﻴﻪ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ا ُﳌﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻟﺘﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﻋﺪ ٍد أﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﺪى ﺑﺎﻟﻎ اﻻﻧﺤﺼﺎر واﻟﻀﻴﻖ. اﻟﺴﻜﺎن ﻫﻮ ً األبحاث املستقبلية
ٌ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﺛﻤﺔ ﻛﺜﺮ ٌة ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ذﻫﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻣﺪى ﺗﺘﻀﺢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻷرﺑﻊ ﰲ اﻟﺒﺤﻮث • إﱃ أي ً اﳌﺘﻌﺎﻗﺒﺔ؟ ﻣﺪى ﺗﺘﻀﺢ اﻟﺼﻠﺔ ﺑني اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ • إﱃ أي ً واﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ إرﺷﺎد اﻷﻗﺮان ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀً ﺎ؟ • ﻣﺎ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻠﻌﺒﻪ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﰲ دﻋﻢ اﺣﺘﻮاء ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻷﻃﻔﺎﻟﻬﻢ؟ • ﻛﻴﻒ ُﻳﺴﻬﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﻘﻴﺎدة داﺧﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ وﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ دﻋﻢ ذﻟﻚ؟ • ﻣﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﻮع اﻻﺟﺘامﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﰲ واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﳌﺮء ﻟﻨﺪاء اﻟﻮاﺟﺐ ﺗﺠﺎه راﺑﻄﺘﻪ مبﺠﺘﻤﻌﻪ؟ إن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮط اﳌﺒﺤﺜﻴﺔ ،وﻏريﻫﺎ ﻛﺜري، 124
ﺑﺤﺎﺟ ٍﺔ إﱃ أن ﺗﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ اﻷﺑﺤﺎث اﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ .ﻛام أن مثﺔ ﻣﻀام ًرا آﺧﺮ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﺒﺤﺚ اﳌﺴﺘﻘﺒﲇ ﻳﺘﻤ ﱠﺜﻞ ﰲ اﻟﺘﻄﺮق ﻟﻺﻓﺎدة ﻣﻦ دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ُﻋ َﻤﺮ ﻛامد ٍة ﻟﻠﺪرس اﻷﻛﺎدميﻲ وﻛﻤﺤ ﱢﻔ ٍﺰ ﻹﺛﺎرة اﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﱰيك ،ودور ُ اﻷﴎة ﰲ اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،وﻓﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻣﺎ أﺷﺒﻬﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺒﺤﺚ. خامتة
ﺳﻌﺖ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻨﺎد إﻟﻰ اﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ) (qualitative methodologyﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ، إﻟﻰ ﺑﺴﻂ ﻗﺼﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻷﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺌﻠ ٍﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ: • ﻣﺎ ﻗﺼﺔ اﳌﺴﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ -ﺳﻮا ًء اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ "اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ" أو اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ -ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺎب اﻟﺬي ُﻳﻘﻴﻢ وﻳﺪرس ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة؟ • ﻛﻴﻒ ﺗﺠ ﱠﻠﺖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻛﻮاﺣﺪ ٍة ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﺸﺎب؟ • ﻛﻴﻒ أ ﱠﺛﺮ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻋﲆ رؤاه اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ؟ قصص الحياة التعليمية
ﻧﺨ ُﻠﺺ إﻟﻰ أن ﻣﻦ ﺷﺄن اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻘﺼﺺ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻻﺳﺘﻘﺼﺎءات واﻟﺴﺮدﻳﺎت اﻟﻤﺴﺘﻨﺪة إﻟﻰ ٍ ﺑﻴﺎﻧﺎت ُﻣﺴﺘﻘﺎ ٍة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻘﺼﺎءات أن ُﻳﺰودﻧﺎ ﺑﻮﺳﻴﻠ ٍﺔ ﻟ َﺘ َﺒ ﱡﻴ ِﻦ ﻛﻴﻒ ُﻳﻤﻜﻦ ﻟﺘﺘﺎﺑﻊ أﺣﺪاث اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﻲ أن ﻳﺘﻤﺨﺾ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ دراﺳﻴ ٍﺔ ﺑﻮﺳﻌﻬﺎ أﺳﺎس ٍ ﱟ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻛﻴﻒ ُﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ أن ﻧﺘﺘﺒﻊ ً ﻧﻤﻄﺎ ﺣﻴﺎﺗ ٍّﻴﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﺮﻛ ٍﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ٍﺔ دﻳﻨﻴ ٍﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ وأن ﻧُﻠﻘﻲ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ.
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
العدالة االجتامعية مبحثًا
ﻧﺨ ُﻠﺺ إﻟﻰ أن اﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘﻪ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻮر اﻟﻘﻮﻣﻲ/اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ اﻟﺘﺮﻛﻲ وﻛﺬﻟﻚ دور ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﺲ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻮﺳﻌﻬﻤﺎ إﺛﺮاء اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ وﺗﻌﻤﻴﻖ ﻓﻬﻢ اﻟﻄﻼب ﻟﻬﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻷﻃﺮوﺣﺎت اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ذات اﻷﺳﺎس اﻟﻨﻈﺮي. أثر حركة كولن
ﻛﻤﺎ ﻧﺨ ُﻠﺺ إﻟﻰ أن ﺛﻤﺔ وﻗﺎﺋﻊ وأﺣﺪا ًﺛﺎ وأﻧﺸﻄ ًﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳ ًﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔ ًﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أﺛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻟﺪى اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻨﺨﺮﻃﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺎرات وﺑﻌﺾ أﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﻤﻴﻦ إﻟﻰ دواﺋﺮ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ اﺗﺴﺎ ًﻋﺎ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اﻟﻬﻮاﻣﺶ ) (١ﻟﻸﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ أﻏﻠﻖ اﻟﺤﺰب اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﺪارس اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﻘﻼب اﳌﺰﻋﻮم ﰲ ١٥ﻳﻮﻟﻴﻮ/متﻮز ٢٠١٧م دون ّأي ﻣﱪر ﻗﺎﻧﻮين، وﻃﺮد ﻧﺤﻮ ٢٥أﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﻌ ّﻠﻤﻲ ﻫﺬه اﳌﺪارس ،ﺛﻢ ﺗﴩﱠد اﻟﻄﻼب إﱃ ﻣﺪارس أﺧﺮى) .اﳌﺤﺮر( اﳌﺮاﺟﻊ ) (١أﻏﺎي ،ﺑﻜﻴﻢ .اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. ﰲ اﻹﺳﻼم اﻟﱰيك واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﻠامﻧﻴﺔ :ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻳﺎﻓﻮز وإﺳﺒﻮزﻳﺘﻮ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳرياﻛﻴﻮز.٢٠٠٣ ، ) (٢أﺻﻼن دوﻏﺎن ،ي .ا .م .ﺳريﺗﻦ" ،ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻜ ًﺮا وﺗﻄﺒﻴ ًﻘﺎ" ﰲ "اﳌﻮاﻃﻨﻮن اﳌﺴﻠﻤﻮن ﰲ ﻋﺎمل اﻟﻌﻮﳌﺔ :إﺳﻬﺎﻣﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ". ﺗﺤﺮﻳﺮ روﺑﺮت ا .ﻫﺎﻧﺖ ،ﻳﻮﻛﺴﻞ ا .أﺻﻼن دوﻏﺎن .ﺳﻮﻣﺮﺳﺖ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ ،ﴍﻛﺔ ذا ﻻﻳﺖ.٢٠٠٦ ، ) (٣ﻛﺎرول ،ﺟﻴﻞ .ﺣﻮار اﻟﺤﻀﺎرات ،ﺳﻮﻣﺮﺳﺖ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ ،ﴍﻛﺔ ذا ﻻﻳﺖ، .٢٠٠٧ ) (٤ﻛﻮﻟﻦ ،م .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ؛ ﻣﻘﺎﻻت ،ﻧﻈﺮات ،آراء؛ م .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ .ﴍﻛﺔ ذا ﻻﻳﺖ ،ﺳﻮﻣﺮﺳﺖ ،ﻧﻴﻮ ﺟريﳼ.٢٠٠٦ ،
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
) (٥ﻣﺠﻠﺔ إﻳﻜﻮﻧﻮﻣﻴﺴﺖ ٦ ،ﻣﺎرس .٢٠٠٨اﺳﺘﻌﺎدة ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ، .٢٠٠٩/٨/٢٩ ) (٦ﻓﺮﻳﺮي ،ﺑﺎوﻟﻮ .ﺑﻴﺪاﺟﻮﺟﻴﺎ اﳌﻘﻬﻮرﻳﻦ .ﻧﻴﻮﻳﻮرك :ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺳﻴﺒريي.١٩٧٠ ، ) (٧ﻫرني ،ﺻﺎﻣﻮﻳﻞ د" .اﺳﺘﺨﺪام دراﺳﺎت اﻟﺤﺎﻟﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺤﴬﻳﺔ واﻟﺒﻴﺌﺎت ﻣﺘﻌﺪدة اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت" .ورﻗﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻨﻮي اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ ﻟﻠﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﺒﺤﻮث وﺗﻄﺒﻴﻘﺎت ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ إﻛﺴﱰميﺎدورا ،ﻛﺎﺳرياس ،إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ، ﻳﻮﻟﻴﻮ .١٩٩٩ )" (٨ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ا ُﳌﻌ ﱢﻠﻢ ﺗﻬﺪف إﱃ زﻳﺎدة إﻳﺠﺎﺑﻴﺎت ﺗﻔﺎﻋﻼت اﻻﺣﺘﻜﺎك اﻟﺜﻘﺎﰲ ﻗﺒﻞ وأﺛﻨﺎء اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑني اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ،ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺴﻼم ،ﻣﺆمتﺮ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ. ﻣﻨﺸﻮرة وﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ ﺿﻤﻦ ﻣﺤﺎﴐ ﻣﺆمتﺮ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ .ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻴﻔﺎﺳﻜﻴﻼ ،ﺟﻴﻔﺎﺳﻜﻴﻼ ،ﻓﻨﻠﻨﺪا .ﻳﻮﻧﻴﻮ .٢٠٠٣ ) (٩ﻛﺮﻳﺘﺰﻣﺎن ،ﺟﻮن؛ ج .ﻣﺎﻛﻨﺎﻳﺖ ،ﺑﻨﺎء اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ إﱃ اﻟﺨﺎرج .ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﻮرث وﺳﱰن.١٩٩٣ ، ) (١٠ﻣﺎرﻛﻮﻓﺎ ،إﻳﻔﺎﻧﺎ؛ ا .ﻏﻴﻠﻴﺴﺒﻲ) ،ﺗﺤﺮﻳﺮ( اﻟﺜﻘﺔ وﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ .ﻧﻴﻮﻳﻮرك: ﴍﻛﺔ اﻧﻔﻮرﻣﻴﺸﻦ اﻳﺪج ﻟﻠﻨﴩ.٢٠٠٧ ، ) (١١ﻣريﻳﺎم ،ﺷﺎران" .دور اﻟﻨﻤﻮ اﻹدرايك ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻴﺰﻳﺮو ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﺤﻮﱄ" ﰲ ﻓﺼﻠﻴﺔ "أداﻟﺖ اﻳﺪﻳﻮﻛﻴﺸﻦ" .اﳌﺠﻠﺪ ،٥٥اﻟﻌﺪد ،١ﺻﻔﺤﺔ .٢٠٠٤ ،٦٨-٦٠ ) (١٢ﻣريﺳﻴﺚ ،ﻛﺎﺛﺮﻳﻦ ك" .اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،واﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﳌﻬﻨﻲ ﻟﻠﻤﻌﻠﻤني" ،ﻣﻠﺨﺼﺎت إﻳﺮﻳﻚ :ﻧﻮﻓﻤﱪ .١٩٩٦ﻧﻈﺎم إﻳﺮﻳﻚ ﻟﺘﺒﺎدل ُ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣﻮل اﻟﺘﺪرﻳﺲ وﺗﻌﻠﻴﻢ ا ُﳌﻌﻠﻤني .واﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ: اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ا ُﳌﻌﻠﻤني.١٩٩٥ ، ) (١٣ﻣﻴﺰﻳﺮو ،ﺟﺎك .اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺘﺤﻮﻟﻴﺔ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﺒﺎر .ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ: ﺟﻮﳼ ﺑﺎس.١٩٩١ . ) (١٤ﻣﻴﺸﻴﻞ ،ﺗﻮﻣﺎس" .ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ُﻣ َﺮ ﱢﺑ ًﻴﺎ" ﰲ "اﻹﺳﻼم اﻟﱰيك واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﻠامﻧﻴﺔ :ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ" ،ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻳﺎﻓﻮز وإﺳﺒﻮزﻳﺘﻮ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳرياﻛﻴﻮز.٢٠٠٣ ، ) (١٥ﻧﻴﻴﺘﻮ ،ﺳﻮﻧﻴﺎ .ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺘﻨﻮع :اﻟﺴﻴﺎق اﻻﺟﺘامﻋﻲ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺘﻌﺪد اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت .ﻧﻴﻮﻳﻮرك :ﻟﻮﻧﺠامن ﻟﻠﻨﴩ١٩٩٦ ،؛ أدﻳﺴﻮن-وﻳﺴﲇ ٢٠٠٢ ،٢٠٠٠؛ أﻟني وﺑﻴﻜﻮن .٢٠٠٧ ،٢٠٠٢ ) (١٦ﻧﻮدﻳﻨﺠﺰ ،ﻧﻴﻞ .ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴني :ﺑﺪﻳﻞ ﺗﺮﺑﻮي ﻹﻋﺪاد اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ. ﻧﻴﻮﻳﻮرك :ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻛﻠﻴﺔ ا ُﳌﻌﻠﻤني.٢٠٠٢ ، ) (١٧اﻟﺒﺪء ﻣﻦ اﳌﻨﺰل :اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ واﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ .ﺑريﻛﲇ :ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ.٢٠٠٢ ، ) (١٨ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎميﺰ ٨ ،ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٨؛ اﺳﺘﻌﺎدة ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ .٢٠٠٩/٨/٢٩
125
مقاالت ُﻣﻠﺤﻖ أ :ﺣﺎﻟﺔ ُﻋ َﻤﺮ ﻣﻼﺣﻈﺔُ :ﻋ َﻤﺮ ﻫﻮ اﺳﻢ ﻣﺴﺘﻌﺎر ﳌﺘﻄﻮع ﺣﻘﻴﻘﻲ. ﻗﺼﺔ ُﻋ َﻤﺮ ﰲ ﻏﺮ ﱢيب ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺛﻼﺛني ﻋﺎ ًﻣﺎُ ،وﻟﺪ ُﻋ َﻤﺮ ﰲ أﴎ ٍة ﺗﺮﻛﻴ ٍﺔ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌامل .أﻣﻪ رﺑﺔ ﻣﻨﺰل ﻋﻜﻔﺖ ﰲ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻋﲆ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﺑﻴﻨام ﻋﻤﻞ واﻟﺪه ﺑﺎﻹﺻﻼﺣﻴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي َ َ اﻻرﺗﺤﺎل إﱃ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔ ٍﺔ ﻋﺪ َة ﻣﺮات، ﺗﻄ ﱠﻠﺐ ﻣﻨﻪ وﻣﻦ أﴎﺗﻪ اﻟﴚء اﻟﺬي ﺗﺴﺒﺐ ﰲ اﻟﺘﺤﺎق ُﻋ َﻤﺮ مبﺪارس ﺷﺘﻰ إﺑﺎن ﻓﱰة ﺗﻠﻘﻴﻪ ﺗﻌﻠﻴ َﻤﻪ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ،مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺈﺣﺪى اﳌﺪارس ﰲ إزﻣري. ٌ داﻋﻤﺔ ﻟﻄﻤﻮﺣﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ،ﻛام ﻳﻘﻮل إﻧﻬﺎ ﻳﻘﻮل ُﻋ َﻤﺮ إن أﴎﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ –ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ– "متﺘﺜﻞ ﻟﻺﺳﻼم ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍري ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ" .وﻳﺼﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ "ﺟﻴ ًﺪا" ﺧﻼل اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ، ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﻜﻦ ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﻤﺘﺎزًا ،وﻻ ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺼﻔﺎت اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ "اﻟﻜﺎرﻳﺰﻣﻴﺔ"، وإن "اﺳﺘﻬﻮاه أداء اﻷﻣﻮر ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺼﺤﻴﺢ". و ُﻳﺸري ُﻋ َﻤﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﱪه اﺧﺘﻼ ًﻓﺎ ﺛﻘﺎﻓ ٍّﻴﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ، ﺠﺴﺪ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺰﻋﻴﻢ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﴩق إذ إن اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺬي ُﻳ ﱢ ﺷﺨﺼﺎ ُﻣﺆ ﱢﺛ ًﺮا ﻳﺘﻤﺘﻊ اﻷوﺳﻂ ﻫﻮ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺬي ﻳﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ً ﺑﺎﻟﻜﺎرﻳﺰﻣﺎ. وﻋﻨﺪ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﱃ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﻛﺎن ﻋﲆ ُﻋ َﻤﺮ وأﴎﺗﻪ أن ﻳﺘﺨﺬوا ﻗﺮا ًرا ٍّ ﻣﻬام؛ ﻓﺒﻌﺪ اﺧﺘﺒﺎرات اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﳌﺪارس اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ُأﺟﺮﻳﺖ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟ ُﻘﻄﺮُ ،ﻗ ِﺒﻠﺖ أوراﻗﻪ مبﺪرﺳ ٍﺔ ﻣﻬﻨﻴ ٍﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎرة اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻗﺘﻀﺖ إﻗﺎﻣﺘﻪ ﰲ أﺣﺪ "اﻟﺒﻨﺴﻴﻮﻧﺎت"؛ َﻛ ْﻮن اﳌﺪرﺳﺔ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻘﺮ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺤﻮاﱄ ١٣-١٢ﺳﺎﻋﺔ ﺳﻔﺮ ﺑﺎﻷﺗﻮﺑﻴﺲ. ﻳﺘﺬﻛﺮ ُﻋ َﻤﺮ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ اﳌﻜﺜﻔﺔ واﻟﺪور اﻟﻔﻌﺎل اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘﻪ أﻣﻪ ،ﺛﻢ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮار ﺑﺎﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺎﳌﺪرﺳﺔ. وﺣﺎﳌﺎ اﻟﺘﺤﻖ ُﻋ َﻤﺮ ﺑﺎﳌﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ﻟﻮﺟﻮد ﺷﺒﺎب ﻳﻜﱪوﻧﻪ ﺳ ٍّﻨﺎ ُﻳﻘﻴﻤﻮن ﻣﻌﻪ ﰲ اﻟﺒﻨﺴﻴﻮن ،واﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪا ٍد ﻧﻀﺠﺎ ﺑﺪاﺧﻠﻪ، ﳌﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﰲ اﻷﻋامل اﳌﺪرﺳﻴﺔ ،وﰲ ﺗﻨﻤﻴﺔ أﺣﺎﺳﻴﺲ أﻛرث ً ﻛام ﻛﺎﻧﻮا ﻟﻪ مبﺜﺎﺑﺔ اﻟﻘﺪوة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻋﺪﺗﻪ ﻋﲆ ﻓﻬﻢ اﻟﺪﻳﻦ وﺿﻮﺣﺎ. واﻟﻔﺮاﺋﺾ ﺑﺼﻮر ٍة أﻛرث ً ﻛﺎن أوﻟﺌﻚ اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺘﻠﻘﻮن ﻛﺘﺎﺑﺎت وﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ) ،(٢٠٠٣وﻛام ﻳﻘﻮل ُﻋ َﻤﺮ ،ﻛﺎن اﻟ َﺒ ْﻮن ﺷﺎﺳ ًﻌﺎ ﺑني ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺗﻬﻢ وﻣﺎ رآه ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت أﺗﺮاﺑﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﻤﺮ؛ ﻓﻘﺪ متﺴﻜﻮا ﺑﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﺤﻮ ﻧُﺸﺪان اﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺨﺸﻮع ،وﻧﺤﻮ ﺗَﻘ ﱡﺒﻞ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ
126
ً وﻣﺴﺆوﻻ ﻋﻦ إﺻﻼح ﺣﻴﺎة ﻧﺤﻮ أن ﻳﺼﺒﺢ اﳌﺮء ُﻣﺘﺠﺎو ًﺑﺎ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ أﻓﺮاد ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ. ﺷﻌﺮ ُﻋ َﻤﺮ ﺑﺼﺪق ﻫﺬه اﻷﻃﺮوﺣﺔ ،وﻣﻊ ﻣﺮور ﺳﻨﻮات دراﺳﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﺻﺎر واﺣ ًﺪا ﻣﻨﻬﻢ ،ﺳﺎﻋ ًﻴﺎ إﱃ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻗﺪو ًة إﻳﺠﺎﺑﻴ ًﺔ ﻟﻸوﻻد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻐﺮوﻧﻪ ،وأن ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﺑﺠﺪ ،وأن ﻳﻌﻜﻒ ﻋﲆ دراﺳﺔ ﱟ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻄﺮي اﻹﺳﻼم وﻣﻨﺎﻫﺞ دراﺳﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ؛ ﻓﺒﺪأ ﰲ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﺳﺘﻌﺪا ٍد ﱟ ﻷن ﻳﺼﺒﺢ ﻗﺎﺋ ًﺪا "رزﻳﻨًﺎ" ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ،ﺗﺒ ﱠﻨﻰ ﺗﻄﺒﻴ ًﻘﺎ ُﻣﻐﺎﻳ ًﺮا ﻟﻺﺳﻼم ،ﺣﺘﻰ ﻟ َِام ﻋﺮﻓﺘﻪ أﴎﺗﻪ ﺣني ﻛﺎن ً ﻃﻔﻼ) .ﻣﻨﺬﺋﺬٍ ،و َﻋ ْﱪ ﻣﺎ أﺣﺪﺛﻪ ﻣﻦ ﺗﺄﺛري ،ﻋ ﱠﺪﻟﺖ اﻷﴎة ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻹﺳﻼم(. ﻋﻤﻘﺖ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺴﻔﺮ اﳌﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ﻋﲆ ﻣنت أﺗﻮﺑﻴﺲ ﻣﻦ ﻟﻘﺪ ﱠ وإﱃ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ ُﻋ َﻤﺮ ﻟﻠﻤامرﺳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ا ُﳌﻐﺎﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺮﺣﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ؛ وﻋﻼو ًة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﺒﺤﻠﻮل ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،اﻧﺘﻬﻰ –ﻛﺬﻟﻚ– إﱃ أﻧﻪ ﻗﺪ ﱠ وﱃ وﺟﻬﻪ ﺷﻄﺮ اﳌﻬﻨﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ؛ ﻓﺘﺸﻐﻴﻞ أﻧﻈﻤﺔ ﻣﻼﺣﺔ إﺣﺪى اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻛﻌﻀ ٍﻮ ُﻣﻨﺘ ٍِﺞ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ. ﺧﻼل اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﺻﺎر ُﻋ َﻤﺮ ﺑﺎﻟﻎَ اﻻﻫﺘامم ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺑﻴﺪ أﻧﻪ أدرك أن اﻹﻋﺪاد اﻟﺬي ﺗﻮﻓﺮه ﻟﻪ ﻣﺪرﺳﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﻘﺎمئﺔ ﻏري اﺗﺠﺎﻫﻪ ،وإن ﻋﲆ اﻟﺪراﺳﺎت اﳌﻼﺣﻴﺔ ﻟﻦ ُﻳﻬﻴﺌﻪ ﻟﻬﺬا اﳌﺴﺎر؛ وﻟﺬا ﱠ اﺣﺘﻔﻆ ﺑﺄﻫﺪاﻓﻪُ ،ﻣﺘﺨ ًﺬا اﻟﻘﺮار ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻪ إﱃ دراﺳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﰲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ. ومبﺴﺎﻋﺪة اﻟﻨﺎﺻﺤني ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،اﺟﺘﻬﺪ ُﻋ َﻤﺮ ﰲ اﻟﺪراﺳﺔ، واﺟﺘﺎز اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻌﺎﻣﺔ ،واﻟﺘﺤﻖ ﺑﺈﺣﺪى اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻜﺎﺋﻨﺔ مبﺪﻳﻨﺔ إﺳﻄﻨﺒﻮل. ً ﺗﺼﻤﻴام ،اﺗﺠﻪ إﱃ اﻟ َﻌﻴﺶ ﻣﻊ ﺷﺒﺎب وﻣﺮ ًة أﺧﺮى ،وﺑﺼﻮر ٍة أﻛرث آﺧﺮﻳﻦ ﻣﻨﺨﺮﻃني ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ ،ووﻗﻒ ﻋﲆ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻨﺎوﻟﻬﻢ اﻟﻄﻌﺎ َم ِ اﻟﻌﻠﻢ ﻣ ًﻌﺎ ،ﻣﻜﺘﺸ ًﻔﺎ داﺧﻞ ﻧﻔﺴﻪ وأداﺋﻬﻢ اﻟﻌﺒﺎدات اﻹﺳﻼﻣﻴ َﺔ وﺗﺤﺼﻴﻠﻬﻢ َ ً ﻣﻴﻼ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ –ﻣﻊ ﻏريه ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب– ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺤﺮﻛﺔ. وﺑﻌﺪ ﺣني ،اﻧﺘﻘﻞ إﱃ أﺣﺪ اﳌﺴﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ أ ﱠﻣﻨﺘﻬﺎ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺸﺒﺎن اﻟﻌﺎﻛﻔني ﻋﲆ ﺗﻌ ﱡﻠﻢ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﳌامرﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ُﻣ ً ﺘﻘﺎﺳام ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ اﳌﻌﻴﺸﻴﺔ ﻣﻊ ﻋﺪ ٍد آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻷﻛﱪ واﻷﺻﻐﺮ ﻣﻨﻪ ﺳ ٍّﻨﺎ .وﻗﺪ ﺷ ﱠﻜﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ﺗﺸﻜﻴﻠ ًﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻋﺮاق واﻟﻄﺒﻘﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،وﺗﺒ ﱠﺪى ﱞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻘﺪو ٍة ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ؛ ﻛام ﺳﻌﻮا إﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺴامت اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﳌﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻹﺳﻼم. َ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻘﺪ اﺗﺴﻤﻮا ﺑﺎﻟﺨﺸﻮع ﰲ اﻟﺼﻼة ،وﺑﺎﻹﺧﻼص ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺘﻬﻢ ﻋﲆ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺎﻹﺳﻼم واﻟﻌﺎمل .وﻓﻴام ﻳﺘﺼﻞ مبﺠﺘﻤﻌﻬﻢ ،ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮا
املسار التعليمي ألحد شباب حركة الخدمة
ﻛﻤﻠﺘﻘﻰ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺎت واﻷﻓﻜﺎر –ﺑﺸﻜﻞٍ أﻛرث ﻋﻤ ًﻘﺎ– ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ً واﻟﺘﻘﺎﻧﺎت ،وﻋﻦ ﻛﻴﻒ أ ﱠﺛﺮ وﺗﺄﺛﺮ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ﻛرث ٍة ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان واﻟﺤﺮﻛﺎت وا ُﳌﺴﺘﺤﺪﺛﺎت اﻷﺧﺮى .واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﻬﻢ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮا ﺑﺎﳌِﺜْﻞ ﺗﺴﺎﻣﺤﺎ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻛﻴﻒ ﻳﺘﻘﺒﻠﻮن اﻟﻀﻌﻒ – ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻧﻮن أﻛرث ً وﺣﺘﻰ اﻟﻔﺸﻞ– اﻹﻧﺴﺎين. وﻣﺜﻠام ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎل إﺑﺎن ﻓﱰة اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﺴﻨﻮات اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ وﺗﺄﺛريﻫﺎ اﻟﻬﺎﺋﻠني ﰲ ﺣﻴﺎة ُﻋ َﻤﺮ .وإذ آزرﺗﻪ أﴎﺗﻪ ،وأﻣﻪ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ،ﰲ أﺛﻨﺎء ﺳﻌﻴﻪ ﻟ َﺘ َﻠ ﱢﻘﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ اﻟﻌﺎﱄ ،ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻬﻰ ُﻋ َﻤﺮ واﻻﻃﻼع اﳌﺴﺘﻤﺮ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ادﻋﺎﺋﻪ إﱃ إدراك أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻌ ﱡﻬ ِﺪ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻗﺮان، ِ ﻣﻌﺮﻓ َﺔ ﱢ ﻛﻞ ﳾ ٍء ﺳﻠ ًﻔﺎ ،وﺧﺪﻣ ِﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ورد ﺟﻤﻴﻠﻪ ﺑﺎﳌِﺜْﻞ. وﻣﺎ إن ﺣﺼﻞ ُﻋ َﻤﺮ ﻋﲆ ﺷﻬﺎدﺗﻪ ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ و َﻗ ِﺒﻞ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﻤﻌ ﱢﻠ ٍﻢ ﰲ إﺣﺪى اﳌﺪارس اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻛﺎن ﻗﺪ اﻧﻐﻤﺲ ُﺑﻜ ﱢﻠﻴﺘﻪ ﰲ ُ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ واﻷﻧﺸﻄﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻻﻧﻐامس ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ،ﻫام ﻣﺎ دﻓﻌﺎه إﱃ ﻃﻠﺐ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة. ﰲ أواﺧﺮ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ،٢٠٠٣ﻏﺎدر ُﻋ َﻤﺮ ﻣﻦ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﰲ ﻣﻐﺎﻣﺮ ٍة ﻟﻨﻴﻞ دراﺳﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺤﺠﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻏﺮيب اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ،وﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻊ إﺣﺪى ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﺑﺈﺣﺪى ﻣﺪن ﻫﺬه اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ. اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ أﻛرث ﻣﻦ ﺳﺖ ﻋﴩة ﺳﺎﻋﺔ؛ ﻟﺘُﻤﺜﱢﻞ ﻧﻘﻠ ًﺔ إﱃ ﺛﻘﺎﻓ ٍﺔ ُﻣﻐﺎﻳﺮ ٍة وﺳﻴﺎقٍ ﳼ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،ﻧﻘﻠ ًﺔ إﱃ ﺑﻠ ٍﺪ ﺗﻠ ﱠﺒﺴﺘﻬﺎ اﺟﺘامﻋﻲ ودﻳﻨﻲ وﺳﻴﺎ ﱟ ﱟ ﱟ ٌ ﺳﺒﺘﻤﱪ–ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪ ٌة ﺗﺠﺎه ﱢ ﻛﻞ َﻣﻦ –إﺛ َﺮ ﻫﺠامت اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ﻣﻦ ُﻳﻌﻠﻦ اﺗﱢﺒﺎ َﻋﻪ ﻟﻺﺳﻼم وﻳﻜﻮن ﻣﻦ أﺻﻮل ﴍق أوﺳﻄﻴﺔ .وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻼﻣﺢ ُﻋ َﻤﺮ –اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜ ًريا ﻋﻦ ﻣﻼﻣﺢ ﺳﻜﺎن ﻫﺬه اﳌﻨﻄﻘﺔ– ﺗﴚ ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻋﻦ أﺻﻮﻟﻪ. وﻟﺪى وﺻﻮﻟﻪ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻗﺪ ﺷ ﱠﻨﺖ –اﺑﺘﺪا ًء– اﻟﺤﺮب ﺿﺪ ﻃﺎﻟﺒﺎن ﰲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ،ﺛﻢ ﺿﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺻﺪام ﺣﺴني ﰲ اﻟﻌﺮاق؛ ورﻏﻢ أن ﻛِﻼ اﻟﺤﺮﺑني مل ﺗﺤﻈﻴﺎ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﺟﻤﻬﻮر ُ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء َذ ُوو اﻟﻨﺎﺧﺒني ،ﻓﺈﻧﻬام ﻗﺪ رﺳﻤﺘﺎ ﺣﺪو ًدا واﺿﺤ ًﺔ َو َﺟﺪ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺧﺎرﺟﻬﺎ. اﻷﺻﻮل اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﴩق أوﺳﻄﻴﺔ َ ﴏح أﺣﺪ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه اﻟﴩق أوﺳﻄﻴني، وﰲ ﻧﻔﺲ ﻫﺬه اﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﱠ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺮﺿﻪ ﻟﻠﻤﻀﺎﻳﻘﺔ ﰲ أﺣﺪ ﻃﻮاﺑري اﻟﺴﻴﻨام ،ﺑﺄﻧﻪ وﺧﻄﻴﺒ َﺘﻪ "ﻗﺪ ﺗﻮﻗﻔﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃ ٍﺔ ﻋﻦ اﻟﺬﻫﺎب ﻛﺜ ًريا إﱃ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ" .وﻳﻘﻮل ُﻋ َﻤﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ اﺳﺘﺸﻌﺮ ﻫﺬا اﻟﻘﻠﻖ ،وﺑﺄﻧﻪ "ﻗ ﱠﻠﻞ ﻣﻦ ﻣﺮات ﺧﺮوﺟﻪ" ،ﻋﺎﻗ ًﺪا اﻟﻌﺰم ﻋﲆ أن ُﻳﻄﺄﻃﻲء رأﺳﻪ "ﺣﺘﻰ متﺮ اﳌﻮﺟﺔ" ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ .ﻟﻜﻨﻪ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ
اإلصدارة الثانية -مارس 2017
اﻷﺗﺮاك اﻟﻨﺎزﺣني إﱃ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻻﺟﺘامﻋﻴﺔ ،وﺑﺨﺎﺻ ٍﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻣﺎ دروﺳﺎ ﰲ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ ﺑﺈﺣﺪى اﳌﺮاﻛﺰ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ. ﻟﺒﺚ أن أﻟﻘﻰ ً ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ ،وﺑﺎﳌﺴﺎﻫﻤﺔ ﻣﻊ آﺧﺮﻳﻦ ،ﺑﺪأ ُﻋ َﻤﺮ ﰲ ﺗﻮﺳﻌﺔ أﻧﺸﻄﺔ اﳌﺮﻛﺰ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ ،ودﻋﻮة أﻋﻀﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﻏري اﻷﺗﺮاك ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﰲ ﺗﻨﺎول اﻟ َﻌﺸﺎء ،وﰲ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺤﻮار اﻷدﻳﺎن ،واﻟﻠﻘﺎءات اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ، وﺣﻀﻮر اﻹﻓﻄﺎرات اﻟﺮﻣﻀﺎﻧﻴﺔ .وﺑﺎﻟﴩاﻛﺔ ﻣﻊ زﻣﻼء آﺧﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺔ، ﱠ ﻧﻈﻢ ُﻋ َﻤﺮ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺗﺮاﺑﻪ ﺳﻠﺴﻠ ًﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻼت ُﻳﺴﺎﻓﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻗﺎدة
اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺤﲇ "ﻏري اﻷﺗﺮاك" إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ؛ ﻻﻛﺘﺴﺎب ﺧﱪة اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ واﻟﺤﻮار اﳌﺒﺎﴍَﻳﻦ ﻣﻊ اﻟﻘﺎدة اﳌﺠﺘﻤﻌﻴني اﻷﺗﺮاك .وﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻬﻮده ﰲ ﻋﺎم ُ ،٢٠٠٧و ﱢﺟﻬﺖ اﻟﺪﻋﻮة إﱃ رﺟﺎل أﻋاملٍ وأﻛﺎدميﻴني ورؤﺳﺎء ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻋﺎﻣﺔ وزﻋامء دﻳﻨﻴني وﻣﺴﺆوﻟني ﺣﻜﻮﻣﻴني ُﻣﻨﺘﺨَ ﺒني ﻟﺨﻮض ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺤﻮار ﻣﻊ أﺗﺮاك داﺧﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﻓﻘﺒﻠﻮا اﻟﺪﻋﻮة .وﰲ ﺟﻮﻟ ٍﺔ ﻣﻜﻮﻛﻴ ٍﺔ اﻣﺘﺪت ﻗﺮاﺑﺔ اﻻﺛﻨﻲ ﻋﴩ ﻳﻮ ًﻣﺎ ،زار أﻓﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳيك ﻫﺆﻻء إﺳﻄﻨﺒﻮل وإزﻣري وﻗﻮﻧﻴﺔ وﻧﻴﺪة وأدرﻧﺔ وﻗﺒﺎدوﻗﻴﺔ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ ،واﻟﺘﻘﻮا ﺑﺄﻓﺮاد وﺟامﻋﺎت ﻋﲆ اﻟﻄﻌﺎم ،ورأوا ﺗﺮﻛﻴﺎ رأي اﻟﻌني ،وﺣﻈﻮا ﺑﻔﺮﺻﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﳌﺒﺎﴍ ﻣﻊ زﻋامء ﺷﺘﻰ ،وﻗﻀﻮا ﻟﻴﻠ ًﺔ ﰲ ﻣﻨﺰل أﺣﺪ اﻟﻘﺎدة اﳌﺤﻠﻴني. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻔﺮﺻ َﺔ اﻷوﱃ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺜ ٍري ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻼﺣﺘﻜﺎك ﺑﺈﺣﺪى اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﺣﺘﻜﺎ ًﻛﺎ ﻣﺒﺎﴍًا ،اﻟﻔﺮﺻ َﺔ اﻷوﱃ ﻹﺟﺮاء ﺣﻮا ٍر ﻫﺎدي ٍء ﻣﻊ إﺣﺪى اﻟﻨﺴﺎء ﺣﻮل ﺳﺒﺐ ارﺗﺪاﺋﻬﺎ ﻏﻄﺎ ًء ﻟﻠﺮأس ،واﳌﺮور ٍ ﺑﻠﺤﻈﺎت وﺟﻴﺰ ٍة ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺳامع اﻷذان ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﺌﺬﻧﺔ ،أو اﻟﺪﻫﺸﺔ ﻗﺮب ﳌﺮأى ﻓﺴﻴﻔﺴﺎء ﺑﻴﺰﻧﻄﻴ ٍﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴ ٍﺔ ﺗﻌﻮد إﱃ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ. ﻋﻦ ٍ ً ﻣﺬﻫﻼ ﻓﻴام ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﻓﻬﻢ ﺣﻴﺜﻴﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﺄﺛري وﺳ ُﺒﻠِﻪ ،ﱡ وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ُﻋ َﻤﺮ ﻛﻮﻟﻦ ،واﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺤﻮار ﺑني اﻷدﻳﺎن ُ ورﻓﺎﻗﻪ ﻣﻦ ﺻﻐﺎر اﻟﻘﺎدة ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ. وﻛﺎﻧﺖ إﺣﺪى اﳌﻮاﻃﻨﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺎت اﻟﻼيئ ُوﻟﺪن ﰲ اﻟﺠﻨﻮب ﻗﺪ ﺗﻠﻘﺖ اﻟﺪﻋﻮة ،وﺧﻼل ﻣﺄدﺑﺔ اﻟ َﻌﺸﺎء ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ ﻋﲆ وﺟﺒ ٍﺔ ﻣﻦ أﻃﺒﺎق "أرﻳﺒﻴﺘﺎس" و"ﺑﻮرﻳﻜﻮ" ،ﻗﺎﻟﺖ" :ﻟﻘﺪ ﺗﻐريت ﺣﻴﺎيت .ﻓﺎﻗﱰايب ﻣﻦ "ﺑﻌﺾ" اﻟﻨﺴﺎء اﻟﱰﻛﻴﺎت َﻋ ﱠﺪل ﻣﻦ آرايئ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﺳﻼم و ِﺑ َﺪور اﳌﺮأة .ﻟﻘﺪ ُ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻷواﴏ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻨﺎ ،رﻏﻢ أن أﺣﺪﻧﺎ ﻻ ﻳﺘﺤﺪث ﻟﻐﺔ اﻵﺧﺮ". وﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ ،ﺧﻼل ﻣﺄدﺑﺔ َﻋﺸﺎء ﰲ اﳌﺮﻛﺰ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ ﱠ ﻧﻈﻤﻬﺎ ُﻋ َﻤﺮ وآﺧﺮون ،ﻋﺎودت اﳌﺮأة َ ﻗﻮل ذﻟﻚ أﻣﺎم ﻣﺠﻤﻮﻋ ٍﺔ ﻣﺤﻠﻴ ٍﺔ ﺗﺘﻜﻮن ﺷﺨﺼﺎ ،ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣ ﱠِﻤﻦ ُﻳﻔﻜﺮون ﰲ اﻻﺷﱰاك ﰲ إﺣﺪى ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴني ً ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ أﻳﻀً ﺎ ﺗﺠﺎ ًرا ﻣﺤﻠﻴني ﻳﺪﻋﻤﻮن رﺣﻼت ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﱠ ِ اﻟﺮﺣﻼت وﻳﺪﻋﻤﻮن اﻟﺤﻮا َر ﺑني اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت. ﻫﺬه
127
إﺻﺪارة ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ
ﻧﺴامت إﺻﺪارة ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﰲ دراﺳﺔ ﻣﴩوع اﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﺮؤﻳﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ﰲ أﺑﻌﺎدﻫﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ .وﻫﻲ ﺗﻨﺪرج ﰲ إﻃﺎر اﻷﻋامل اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﳌﻴﺪاﻧﻴﺔ اﳌﺘﺨﺼﺼﺔ ﰲ ﻇﺎﻫﺮة اﺟﺘامﻋﻴﺔ ﻣﺎ ،ﺗﺴﻠﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﺗﺴﱪ أﻏﻮارﻫﺎ ﺑﻌﻤﻖ ،وﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﻴﺜﻴﺎﺗﻬﺎ وﻣﺂﻻﺗﻬﺎ ،وﺗﻌﻘﺪ ﺻﻠﺘﻬﺎ ﺑﺨﱪة اﳌﺎﴈ ،وﺗﺪرس ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﺎﴐ ،وﺗﺴﺘﴩف اﻣﺘﺪادﻫﺎ ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻟﺘﺨﺮج ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﺸﻜﻞ إﺿﺎﻓﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ إﱃ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺨﱪة اﻟﺒﴩﻳﺔ. ﻳﻬﺪف ﻣﴩوع ﻧﺴامت إﱃ ﺳﱪ أﻏﻮار منﻮذج اﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ ودراﺳﺘﻬﺎ ﻣﻦ زواﻳﺎ ﺷﺘﻰ ،ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،أو ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺤﺚ اﻟﺒﺎﺣﺜني ﰲ اﳌﺠﺎل اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺤﻀﺎري ﻋﲆ اﻟﺴﻌﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻀامر ،وﺗﺮﺣﺐ ﺑﻜﻞ ﻋﻤﻞ ﺟﺎد ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺒﺘﻐﺎﻫﺎ. • • • • • • • • • • • • •
128
ﴍوط اﻟﻨﴩ
أن ﺗﻜﻮن اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﺟﺪﻳﺪة مل ﻳﺴﺒﻖ ﻧﴩﻫﺎ. أن ﺗﻜﻮن دراﺳﺔ ﻣﺘﺼﻠﺔ مبﴩوع اﻟﺨﺪﻣﺔ وﻓﻜﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻟﻦ. أن ﺗﻜﻮن اﳌﺸﺎرﻛﺔ إﺳﻬﺎﻣﺎ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻣرثﻳﺎ ،ﺗﺸﻜﻞ إﺿﺎﻓﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻨﻘﺪ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ وﺗﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﳌﻌﺎﻳري اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﳌﻌﺮوﻓﺔ. أﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ١٥٠٠ﻛﻠﻤﺔ وأﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ ٧٠٠٠ﻛﻠﻤﺔ. أن ﻳﺮﺳﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻠﺨﺼﺎ ﳌﺸﺎرﻛﺘﻪ ﰲ ﺣﺪود ٢٥٠ﻛﻠﻤﺔ. ﺗﺨﻀﻊ اﳌﺸﺎرﻛﺎت اﳌﻌﺮوﺿﺔ ﻟﻠﻨﴩ ﳌﻮاﻓﻘﺔ ﻟﺠﻨﺔ اﺳﺘﺸﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،وﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أن ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ إﺟﺮاء أي ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻋﲆ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻗﺒﻞ إﺟﺎزﺗﻬﺎ ﻟﻠﻨﴩ. ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺗﻠﺘﺰم ﺑﺈﺑﻼغ أﺻﺤﺎب اﳌﺸﺎرﻛﺎت ﺑﻘﺒﻮل اﻟﻨﴩ ،وﻻ ﺗﻠﺘﺰم ﺑﺈﺑﺪاء أﺳﺒﺎب ﻋﺪم اﻟﻨﴩ. ﺗﺤﺘﻔﻆ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺤﻘﻬﺎ ﰲ ﻧﴩ اﳌﺸﺎرﻛﺎت وﻓﻖ ﺧﻄﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ وﺣﺴﺐ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ اﻟﺬي ﺗﺮاه ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ. اﳌﺸﺎرﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﴩ ﰲ ﻧﺴامت ﺗﻌﱪ ﻋﻦ آراء ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ،وﻻ ﺗﻌﱪ ﺑﺎﻟﴬورة ﻋﻦ رأي اﳌﺠﻠﺔ. ﻟـ«ﻧﺴامت" ﺣﻖ إﻋﺎدة ﻧﴩ اﳌﺸﺎرﻛﺎت ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ أو ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث ،ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ أو ﻣﱰﺟﻤﺔ إﱃ أي ﻟﻐﺔ أﺧﺮى دون ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﺳﺘﺌﺬان ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ. ﻧﺴامت ﻻ متﺎﻧﻊ ﰲ اﻟﻨﻘﻞ أو اﻻﻗﺘﺒﺎس ﻋﻨﻬﺎ ﴍﻳﻄﺔ ذﻛﺮ اﳌﺼﺪر. ﻳﺮﺟﻰ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ أن ﻳﺮﻓﻖ ﻣﻊ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻧﺒﺬة ﻣﺨﺘﴫة ﻋﻦ ﺳريﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻣﻊ ﺻﻮرة واﺿﺤﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻨﴩ. ﻳﺮﺟﻰ إرﺳﺎل ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺸﺎرﻛﺎت إﱃ اﻟﻌﻨﻮان اﻵيتnesemat@yahoo.com :
االفتتاحية
اإلصدارة الثانية -مارس 2017 اإلصدارة الثانية -مارس 2017
الحفر الدقيق ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻳﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺤﻔﺮ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﺮ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ٌ ٌ ٌ ﻓﺎﺋﻘﺔ ،ﻣﺸﺎر ُﺑﻬﻢ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﺔ داﺧﻠﻬﺎ، ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻳﻜﺎدون ُﻳﺠﻤﻌﻮن ﻋﻠﻰ أن ﻓﻜﺮ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺛﻢ راﺣﻮا ﻳﺮﺻﺪون ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﺷﻤﻮﻟﻲ ﺗﺠﺪﻳﺪي ،وﻣﻦ ﱠ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،وﻳﻮﺛﻘﻮن ﺗﺤﺪﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ،وﻳﻜﺸﻔﻮن ﻋﻦ رواﻓﺪﻫﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻹﻟﻬﺎﻣﻴﺔ. ﻓﺤﺎﺟﺔ اﻟﻌﺎمل إﱃ ﻣﴩوع ﺟﺪﻳﺪ ﻣﺠ ﱢﺪد ،ﺑﺎت ﻣﻠﺤﺎ ﺗﻔﺮﺿﻪ ﴐورات اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﻌﺎين ﻣﻦ أﻣ ًﺮا ٍّ أزﻣﺎت ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ،ﻫﺬا اﳌﴩوع ﻳﻀﻊ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻳﻠﺒﻲ أﺷﻮاﻗﻪ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ،وﻳﻔﺮغ ﻃﺎﻗﺎﺗﻪ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت ﺗﻌﻮد ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﺎء ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ واﻟﻌﻄﺎء واﳌﺤﺒﺔ واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ .إن ﺗﻮﺧﻲ ﻏﺎﻳﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻧﺒﻴﻠﺔ ﻛﻬﺬه ،ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﳌﻨﻬﺎج اﻟﻨﺒﻮي َﺣ ْﺬ َو اﻟ ُﻘ ﱠﺬ ِة ﺑﺎﻟ ُﻘ ﱠﺬ ِة ،ﻓﺎﻟﺮاﺻﺪون ﳌﻜﺎﻧﺔ اﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﻓﻜﺮ "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﺧﺼﻮﺻﺎ ،ﻗﺪ ﻋﱪوا ﻋﻦ ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ ،وﻟﺪى اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ً ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺠﻼء ،ﻓﺎﻷﺳﺘﺎذ ﻳﻮﻗﻦ أن ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻨﺎﻫﺞ أﺧﺮى ﻏري اﳌﻨﻬﺎج اﻟﻨﺒﻮي ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻻ ﻳﻀﻤﻦ اﻟﻨﴫ وﻻ ﻳﻜﻔﻞ اﻟﻨﺠﺎﻋﺔ واﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ. وﻗﺪ ﻻﻗﺖ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﺨﺪﻣﺔ وﻓﺎﻋﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎمل اﺳﺘﺤﺴﺎﻧًﺎ ﻋﺮﻳﻀً ﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻮﺗﺮ واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ،ﻓﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ إﱃ ﺣﺪ ﻣﻌﻘﻮل ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺮﺻﺪ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ اﻟﺮاﺻﺪون اﳌﻴﺪاﻧﻴﻮن ﰲ ﻫﺬااﻟﻌﺪد -ﰲ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﺣﺠﻢ اﻟﻘﺒﺢ اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﺟﺮاء ﺿﺦّ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻗﺼﺎء واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻟﺤﻘﺪ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ،وإﺣﻼل ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ واﻟﻮﻓﺎق واﻷﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ ﻣﺤ ﱠﻠﻬﺎ. وﰲ رﺻﺪ ﻓﻜﺮي آﺧﺮ ﺗﻜﺸﱠ ﻒ اﻟﺪور اﳌﺤﻮري ﻟﻸﺧﻼق ﰲ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري ﻣﻊ اﻹميﺎء ،إﱃ دورﻫﺎ
ﱠ وﻣﺨﻄﻂ وﻣﴩوع ورؤﻳﺎ اﻟﺤﺴﺎس ﰲ متﻜني ﱠأي ﻓﻜﺮة ورﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻤ ﱡﺜﻞ اﻟﺸ ﱠﻔﺎف ﻋﲆ ﱢ ﺧﻂ اﻟﺰﻣﻦ. إن إدراك اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻮﻟﻦ ﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ اﳌﻨﻬﺎج اﻹﺻﻼﺣﻲ ،ودﻋﻮﺗﻪ ﻹﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وإﺧﺮاج ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ اﳌﻨﻄﻖ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ اﳌﻴﺖ إﱃ ﺳﻌﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎين اﻟﻨﺒﻴﻞ ،اﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺑﻨﺎء اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻜﻞ أﺑﻌﺎده ،وﺗﺠﺴﻴﺪه ﻫﻮ وﻣﻼﻳني ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻴﻪ ﻟﻬﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺟﺬب ﻛﺜ ًريا ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜني إﱃ دراﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﻋﻦ ﻗﺮب ،واﺳﺘﺠﻼء اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﺘﻲ أﻛﺴﺒﺘﻪ اﻟﻨﺠﺎح واﻻزدﻫﺎر ،واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ إﺣﺪاث اﻟﺘﻐﻴري واﻟﺘﺤﻮل اﻹﻳﺠﺎيب ﰲ اﻟﻔﺮد واﳌﺠﺘﻤﻊ ،ﺳﻮاء ﺑﺼﻮرة أﻓﻘﻴﺔ ﰲ ﺷﻜﻞ دراﺳﺎت ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،أو ﺑﺼﻮرة رأﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺘﺠﺎرب ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻗﻌﻴﺔ ﺣﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻄﻼب ﰲ اﳌﴩوع اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ،ﺗﺴﺘﻨﺪ إﱃ اﺳﺘﻘﺼﺎءات وﴎدﻳﺎت ﻣﻮﺛﻘﺔ ﺑﺒﻴﺎﻧﺎت. وﻣام ﻟﻔﺖ ﻧﻈ َﺮ اﻟﺒﺎﺣﺜني أﻳﻀً ﺎ ،ﺗﻌﺪدﻳ ُﺔ اﻧﺘامءات اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻮﻟﻦ -ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ إﺣﺪى اﻟﺴامت اﻟﺒﺎرزة ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ -وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل رﺻﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺨﺪﻣﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وآﺛﺎر ﻫﺬا اﻟﺤﺮاك اﻟﺘﺸﺎريك اﻟﺠﻤﻌﻲ ﰲ اﻛﺘﺴﺎب ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﺮص اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺬات واﻟﱰﻗﻲ ،وﺗﻔﺮﻳﻎ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ اﳌﺘﺠﺪدة ﰲ ﻣﺠﺎﻻت ﻓﺎﻋﻠﺔ. إن "ﻧﺴامت" ﰲ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﳌﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻣﺤﺎور ﻓﻜﺮﻳﺔ وﺗﺮﺑﻮﻳﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ وروﺣﻴﺔ ،ﺗﺤﺎول أن ﺗﻮﺛﻖ ﻫﺬا اﻟﺮﺻﺪ اﻷﻣني ،وﺗﻘﺪﻣﻪ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜني ،ووﺛﻴﻘﺔ ﻟﻠﻤﺆرﺧني، وﺷﻬﺎدة ﻟﻠﻤﻌﺎﴏﻳﻦ؛ ﻋﴗ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ أن ﺗﺄﺧﺬه ﺑﻘﻮة ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ،وﺗﻠﺘﻤﺲ ﻟﺴﻠﻔﻬﺎ اﻟﻌﺬر ﻓﻴام ﻓﺮط ﻣﻦ ﺑني أﻳﺪﻳﻬﺎ ﺑﻼ ﻋﻤﺪ .واﻟﻠﻪ وﺣﺪه اﳌﺴﺘﻌﺎن وﻫﻮ وﱄ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ. 1
nesemat.com
nesemat.com nesemat.com
ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻠﻪ ﻫﺪف ﻷﺑﻨﺎء "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ،ﻻ ﻓﺮق ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﻴﻦ أﺑﻴﺾ وأﺳﻮد ،وﻻ ﺑﻴﻦ ﻣﺴﻠﻢ وﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻢ ،وﻻ ﺑﻴﻦ ﺗﺮﻛﻲ أو ﻋﺮﺑﻲ.. اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻫﻲ اﻹﻧﺴﺎن وإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،واﻟﺸﻌﺎر ﻫﻮ "ﺗﻮﻗﻴﺮ اﻟﺨَ ْﻠﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﺎﻟﻖ". nesemat.com
nesemat.com nesemat.com
4
إن اﻵﺑﺎء ﻳﺒﻌﺜﻮن أﺑﻨﺎءﻫﻢ إﻟﻰ ﻣﺪارس "اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻔﺎﻧﻲ اﻟﻤﻌ ﱢﻠﻤﻴﻦ ،وﺟﻮدة اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ،واﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﻃﺪون ُ دﻋﺎﺋﻤﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺘﺮﺑﻮي واﻟﺤﻮار.
nesemat.com
إن إﺣﺪى اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺒﺎرزة ﻟـ"ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ" ﻫﻲ ﺗﻌﺪدﻳﺔ ﺗﺠﻤﻊ اﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻲ اﻷﻓﺮاد إﻟﻰ أي ﱡ أو ﺷﺒﻜﺔ واﺣﺪة ،ﺑﻞ ُﻳﺴﻬﻤﻮن ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ.