المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين حول السلم والاستقرار في افغانستان

Page 1


‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫‪1‬‬


‫‪2‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫‪Organization of Islamic Cooperation‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين‬ ‫حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫ي‪ 11 - 10‬يوليو ‪2018‬‬ ‫اململكة العربية السعودية‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫‪3‬‬


‫‪4‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫فهرس‬

‫‪08‬‬

‫ر�سالة خادم احلرمني ال�شريفني‬ ‫امللك �سلمان بن عبد العزيز �آل �سعود‬

‫‪09‬‬

‫الكلمة الرتحيبية ل�صاحب ال�سمو امللكي‬ ‫الأمري خالد الفي�صل م�ست�شار خادم‬ ‫احلرمني‪� ،‬أمري منطقة مكة املكرمة‬

‫‪10‬‬

‫كلمة معايل الأمني العام ملنظمة‬ ‫التعاون الإ�سالمي‪ ،‬د‪ .‬يو�سف بن‬ ‫�أحمد العثيمني �أمام خادم احلرمني‬ ‫ال�شريفني‬

‫‪14‬‬

‫كلمة معايل الأمني العام ملنظمة التعاون‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬د‪ .‬يو�سف بن �أحمد العثيمني‬ ‫يف امل�ؤمتر الدويل للعلماء حول ال�سلم‬ ‫واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‬

‫‪18‬‬

‫ر�سالة رئي�س جمهورية �أفغان�ستان‬ ‫الإ�سالمية د‪ .‬محمد �أ�شرف غني‬

‫‪19‬‬

‫كلمة معايل الدكتور عبد اللطيف بن عبد‬ ‫العزيز �آل ال�شيخ وزير ال�ش�ؤون الإ�سالمية‬ ‫والدعوة والإر�شاد‬

‫‪21‬‬

‫كلمة ال�شيخ مولوي قيم الدين ك�شاف‬ ‫ممثل جمل�س العلماء الأفغان‬

‫‪25‬‬

‫كلمة معايل ال�شيخ الدكتور �صالح بن‬ ‫عبد اهلل بن حميد �إمام امل�سجد احلرام‬ ‫وامل�ست�شار يف الديوان امللكي‬

‫‪29‬‬

‫�إعالن امل�ؤمتر الدويل للعلماء امل�سلمني‬ ‫حول ال�سلم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‬

‫‪32‬‬

‫تقرير املنظمة عن امل�ؤمتر الدويل للعلماء‬ ‫حول ال�سلم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‬

‫‪41‬‬

‫خطاب رئي�س �أفغان�ستان د‪ .‬محمد‬ ‫�أ�شرف غني‬

‫‪42‬‬

‫لقطات من امل�ؤمتر‬

‫رئيس التحرير‬ ‫مها مصطفى عقيل‬

‫إنتاج‬ ‫إدارة اإلعالم‬

‫تصميم وإخراج‬ ‫محمد عبد القادر قلبه‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫‪5‬‬


‫مقدمة‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬ ‫كانت �أفغان�ستان على الدوام مهدًا للمفكرين والعلماء وال�شعراء والكتاب‪ ،‬و�ساهمت م�ساهم ًة هائل ًة يف احل�ضارة العاملية‪.‬‬ ‫و�أفغان�ستان‪ ،‬بف�ضل موقعها اال�سرتاتيجي ومواردها الهائلة‪ ،‬هي املحور الأ�سا�سي لال�ستقرار اجلغرايف وال�سيا�سي يف املنطقة‬ ‫وعماد ازدهارها‪ ،‬وقد �أ�ضحت يف �صلب اجلهود الدولية الرامية �إلى حتقيق ال�سالم واال�ستقرار الدائمني يف البلد بالنظر �إلى‬ ‫حتديات الأمن الداخلي التي تواجهها وما لها من تداعيات كبرية على ال�صعيد العاملي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من العديد من املبادرات ال�سيا�سية الثنائية والثالثية والرباعية والإقليمية والدولية‪ ،‬ف�إن فكرة معاجلة ق�ضايا‬ ‫امل�صاحلة ومواجهة التطرف من منظور الدين الإ�سالمي مل تنل حظها من االهتمام على امل�ستوى الدويل‪ .‬وتتطلب الأعمال‬ ‫الإرهابية التي تقرتفها اجلماعات امل�سلحة حتت غطاء ت�أويل خاطئ للقر�آن وال�سنة حتلي ًال �شام ًال ملا تتبناه هذه اجلماعات من‬ ‫�أفكار منحرفة ومفاهيم خاطئة ومواجهتها ودح�ضها من خالل التف�سري ال�صحيح والدقيق للمبادئ الإ�سالمية من قبل علماء‬ ‫بارزين‪ ،‬ا�ستناد ًا �إلى الإجماع واجلهد اجلماعي‪.‬‬ ‫وقد لعب العلماء امل�سلمون‪ ،‬تاريخي ًا وتقليدي ًا‪ ،‬دور ًا �أ�سا�سي ًا يف تعزيز ال�سالم وامل�صاحلة واالعتدال والت�سامح ويف الت�صدي‬ ‫للتع�صب وللت�أويل اخلاطئ للمبادئ الإ�سالمية‪ .‬واليوم‪ ،‬تقت�ضي كذلك التحديات التي تواجه ال�سالم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‬ ‫�أن ي�ضطلع العلماء بدورهم املهم واملعهود يف مواجهتها والت�صدي لها‪.‬‬ ‫يف هذا الإطار تندرج رغبة م�ؤمتر القمة الإ�سالمي وجمل�س وزراء خارجية منظمة التعاون الإ�سالمي يف عقد م�ؤمتر دويل حول‬ ‫�أفغان�ستان بهدف دح�ض الت�أويالت اخلاطئة لتعاليم الإ�سالم من قبل اجلماعات الإرهابية التي تعيث ف�ساد ًا يف �أفغان�ستان‪ ،‬ونزع‬ ‫ال�شرعية عن �أفعالها ودعايتها يف �ضوء التعاليم الإ�سالمية احلقة‪ ،‬و�إيجاد بيئة مواتية للم�صاحلة ال�سلمية‪.‬‬ ‫وما فتئت ال�سلطات الأفغانية‪ ،‬وحتديد ًا املجل�س الأعلى لل�سالم منذ �إن�شائه يف عام ‪ ،2010‬والأمانة العامة ملنظمة التعاون‬ ‫الإ�سالمي تعمالن على هذه املبادرة‪ .‬وقد عُ قدت الدورة الأولى من هذا امل�ؤمتر حتت عنوان “م�ؤمتر العلماء حول الإ�سالم‬ ‫وال�سالم” يف كابول يف �سبتمرب ‪ ،2013‬بتنظيم م�شرتك من املجل�س الأعلى لل�سالم يف �أفغان�ستان وجمل�س العلماء يف �أفغان�ستان‬ ‫والأمانة العامة ملنظمة التعاون الإ�سالمي‪ .‬وقد �شارك يف هذا امل�ؤمتر �أكرث من ‪ 200‬من علماء الدين واملفكرين واحلقوقيني‬ ‫الإ�سالميني من مختلف البلدان الإ�سالمية حيث ناق�شوا الق�ضايا املتعلقة بال�سالم والأمن يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫ووا�صلت كل من منظمة التعاون الإ�سالمي واملجل�س الأعلى لل�سالم يف �أفغان�ستان جهودهما لتنفيذ تو�صيات م�ؤمتر العلماء يف‬ ‫كابول وتو�صيات جمل�س وزراء خارجية املنظمة‪.‬‬ ‫وقد اقت�ضت الو�ضعية الأمنية الراهنة يف �أفغان�ستان و�آفاق امل�صاحلة عقد امل�ؤمتر الدويل للعلماء يف �أقرب وقت ممكن‪.‬‬ ‫ولذلك ُينتظر من امل�ؤمتر الدويل للعلماء حول �أفغان�ستان‪ ،‬الذي يح�ضره علماء م�سلمون بارزون من جميع �أنحاء العامل‪� ،‬أن ينكب‬ ‫على ت�سهيل عملية امل�صاحلة الوطنية يف �أفغان�ستان و�أن يدين جميع �أعمال الإرهاب والتطرف العنيف يف �ضوء تعاليم الإ�سالم‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫حفل استقبال‬ ‫خادم الحرمين الشريفين‬ ‫الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود‬ ‫للعلماء المشاركين في‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين‬ ‫حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫ي‪ 11 - 10‬يوليو ‪2018‬‬ ‫جدة ‪ -‬المملكة العربية السعودية‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫‪7‬‬


‫رسالة‬

‫خادم الحرمين الشريفين يستقبل العلماء‬ ‫ا�ستقبل خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز‬ ‫�آل �سعود ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬يف ق�صر ال�سالم بجدة‪ ،‬وفد العلماء‬ ‫امل�شاركني يف امل�ؤمتر الدويل للعلماء امل�سلمني حول ال�سالم‬ ‫واال�ستقرار يف جمهورية �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقد رحب خادم احلرمني ال�شريفني بالعلماء مقدرا لهم‬ ‫وملنظمة التعاون الإ�سالمي عقد هذا امل�ؤمتر‪.‬‬ ‫وقال ‪� -‬أيده اهلل ‪�« -‬أنتم خري من يعمل خلدمة الإ�سالم‬ ‫وامل�سلمني‪ ،‬وتوحيد كلمتهم‪ ،‬وجمع �شملهم‪ ،‬و�إزالة ما حل يف‬ ‫العامل الإ�سالمي من حروب و�أزمات‪ ،‬ومن �آفات التطرف‬ ‫والإرهاب‪ ،‬واململكة �شرفها اهلل بخدمة احلرمني ال�شريفني‬ ‫وهذا ما عملناه ونعمله دائم ًا من عهد والدنا �إلى اليوم»‪.‬‬ ‫و�أكد خادم احلرمني ال�شريفني �أن اململكة عا�شت مع ال�شعب‬

‫‪8‬‬

‫الأفغاين يف معاناته منذ �أن بد�أت �أزمة �أفغان�ستان‪ ،‬وما‬ ‫نتج عنها من حرب �أهلية‪ ،‬حيث قدمت اململكة امل�ساعدات‬ ‫الإن�سانية واالقت�صادية‪ ،‬وبذلت جهود ًا �سيا�سية متوا�صلة لنبذ‬ ‫الفرقة واخلالف بني فئات ال�شعب الأفغاين ال�شقيق‪.‬‬ ‫وقال حفظه اهلل «نحن اليوم متفائلون ب�أن جهودكم �ست�سهم‬ ‫يف طي �صفحة املا�ضي وتفتح �صفحة جديدة يف �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫حتقق لل�شعب الأفغاين ما يتطلع �إليه من �أمن وا�ستقرار‪ ،‬وهذا‬ ‫يتطلب الأخذ بنهج احلوار والت�صالح والت�سامح وفق ما ميليه‬ ‫علينا ديننا الإ�سالمي»‪.‬‬ ‫وعرب امللك املفدى عن �شكره لهم على جهودهم وم�ساعيهم‪،‬‬ ‫�سائ ًال اهلل التوفيق لل�شعب الأفغاين ال�شقيق ملا فيه كل خري‬ ‫و�صالح‪.‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫ترحيب‬

‫الكلمة الترحيبية‬ ‫لصاحب السمو الملكي األمير خالد الفيصل‬

‫نرحب بكم �أيها الأخوة وال�ضيوف و�أهل الدار يف نف�س الوقت‪ .‬فنحن نعترب‬ ‫�أفغان�ستان ومن يف �أفغان�ستان من �أهلنا ومن �إخواننا ومن �أبنائنا‪ .‬ونحن‬ ‫يف هذه الأرا�ضي املقد�سة نعترب �أنف�سنا ممن �شرفهم اهلل �سبحانه وتعالى‬ ‫بخدمتكم وخدمة �ضيوف الرحمن على هذه الأر�ض املباركة ونعتز ونفخر‬ ‫بذلك‪ ،‬خ�صو�ص ًا و�أن قائدنا وقائد م�سريتنا خادم احلرمني ال�شريفني‬ ‫اخت�ص نف�سه بلقب خادم احلرمني ال�شريفني عو�ض ًا عن �صاحب اجلاللة‪.‬‬ ‫وهذا من توفيق اهلل �سبحانه وتعالى على قيادة هذه البالد وعلى �أهل هذه‬ ‫األمير خالد الفيصل‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫مستشار خادم احلرمني‬ ‫ومرحب ًا بكم يف بالدكم‪ ،‬ومرحبا بكم على �أر�ضكم‪ ،‬ونعدكم ونعاهدكم أمري منطقة مكة املكرمة‬ ‫ونعاهد اهلل �أننا �سوف نكون �إن �شاء اهلل دائم ًا و�أبد ًا يف خدمة الإ�سالم‬ ‫وامل�سلمني يف كل زمان ويف كل مكان لإن�صاف النظر على الظروف التي‬ ‫متر بها املنطقة �أو العامل‪ .‬ف�أه ًال بكم هنا‪ ،‬و�أه ًال بكم يف كل مكان نح�ضره‬ ‫معكم‪ ،‬ونحن ن�ساندكم ونكون معكم يف ال�سراء وال�ضراء �إن �شاء اهلل‪.‬‬ ‫ونتطلع �إلى اليوم الذي تكون فيه �أفغان�ستان توازي �أكرب الأقطار العاملية‬ ‫ح�ضار ًة ورقي ًا ويف �سلم ويف �سالم وهي ت�ستحق ذلك‪� .‬إننا جميع ًا يجب‬ ‫�أن تت�ضافر جهودنا خلدمة هذه الأمة يف العامل الإ�سالمي �أجمع ويف‬ ‫�أفغان�ستان ب�صورة خا�صة‪ .‬ف�أه ًال بكم واعتربوا نف�سكم يف بالدكم وعلى‬ ‫�أر�ضكم‪ ،‬ونحن هنا نفخر ونعتز بخدمكم ولو يف �أي مكان يف العامل‪.‬‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫‪9‬‬


‫كلمة‬

‫كلمة معالي األمين العام لمنظمة التعاون اإلسالمي‬ ‫الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين أمام خادم الحرمين الشريفين‬ ‫ِب ْ�سم اهلل‪ ،‬واحلمد هلل‪ ،‬وال�صالة وال�سالم على ر�سول اهلل‪.‬‬ ‫�سيدي خادم احلرمني ال�شريفني‪ ،‬امللك �سلمان بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫ال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫ي�شرفني‪ ،‬يا�سيدي‪� ،‬أ�صالة عن نف�سي ونيابة عن العلماء امل�شاركني كافة يف امل�ؤمتر الدويل للعلماء امل�سلمني ب�ش�أن �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫وبا�سم منظمة التعاون الإ�سالمي‪� ،‬أن �أرفع ملقامكم الكرمي جزيل االمتنان لتف�ضلكم‪ ،‬رعاكم اهلل‪ ،‬بالتوجيه با�ست�ضافة هذا‬ ‫امل�ؤمتر يف اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬بالد احلرمني‪ ،‬وبجوار الكعبة امل�شرفة‪ ،‬قبلة امل�سلمني‪ ،‬وم�أوى �أفئدة مليار و�سبعمائة مليون‬ ‫م�سلم‪� ،‬سعيا من اململكة العربية ال�سعودية بقيادتكم احلكيمه و�سمو ع�ضدكم الأمني الأمري محمد بن �سلمان بن عبد العزيز‬ ‫لتحقيق الأمن وال�سالم يف ربوع �أفغان�ستان‪....‬‬ ‫هذا البلد اال�سالمي العريق الذي عانى وما زال يعاين من ويالت الفرقة واالقتتال والإرهاب‪.‬‬ ‫هنا يف هذه الديار املقد�سة يلتئم �شمل �أكرث من مائة عامل م�سلم من مختلف �أرجاء العامل لإجالء مفهوم امل�صاحلة يف الإ�سالم‪،‬‬ ‫و�إي�ضاح موقف الإ�سالم ال�صحيح من ا ٍالرهاب والتطرف والعنف‪ ،‬وبيان الر�أي ال�شرعي من قبل ه�ؤالء العلماء الأجالء من‬ ‫�أ�صحاب ال�سماحة والف�ضيلة جتاه هذه الق�ضايا املهمة‪ ،‬واتخاذ موقف جماعي من ه�ؤالء العابثني ف�سادا ب�أر�ض �أفغان�ستان با�سم‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬والإ�سالم منهم براء‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫�سيدي خادم احلرمني ال�شريفني‪:‬‬ ‫�إن هذا امل�ؤمتر يهيئ من�صة جامعة للعلماء ملناق�شة �أو�ضاع جمهورية �أفغان�ستان من منظور �شرعي‪ ،‬مبا يحقق الأمن وال�سلم‬ ‫وامل�صاحلة بني مكونات و�أطياف املجتمع الأفغاين كافة عرب احلوار والت�سامي فوق اجلراح‪ ،‬ونبذ جميع �أ�شكال العنف والتطرف‬ ‫والإرهاب التي تتنايف مع ديننا الإ�سالمي‪ ،‬دين الرحمة وال�سالم والعي�ش امل�شرتك‪ ،‬وليعقبه �إعالن مكة املكرمه الذي ي�ؤكد على‬ ‫هذه املبادئ ال�سامية فيكون خارطة طريق �شرعية للو�صول حلل �سلمي يف �أفغان�ستان‪ .‬و�أن يكون حال نابعا من تعاليم الإ�سالم‬ ‫ومن �أبنائه‪ .‬كما �سيعطي امل�ؤمتر ر�سالة قوية و�صادقه الهتمام الأمة الإ�سالمية ب�ش�ؤون �أفغان�ستان‪ ،‬بل وللعامل �أجمع‪ ،‬و�أنها قادرة‪،‬‬ ‫بحول اهلل‪ ،‬على ت�سوية �أزماتها من داخلها بتوفيق اهلل‪ ،‬ثم بعزمية �أمثال ه�ؤالء العلماء الأجالء الذين يح�ضرون جمل�سكم ا ْل َي ْو َم‪،‬‬ ‫وي�ستمعون لتوجيهاتكم‪ ،‬وي�ستنريون بحكمتكم‪ ،‬من قائد �إ�سالمي فذ لبالد احلرمني‪ ،‬حر�ص ويحر�ص دائم ًا على مل ال�شمل‪،‬‬ ‫ووحدة الكلمة‪ ،‬و�إحالل ال�سلم‪ ،‬وحتقيق الأمن يف العامل اال�سالمي كافة يِوف �أفغان�ستان خا�صة‪ ،‬لعل �آخرها دعمكم‪ ،‬رعاكم اهلل‪،‬‬ ‫للهدنة التي مت التو�صل �إليها خالل عيد الفطر املبارك‪ ،‬وتف�ضلكم مبنا�شدة الأطراف لال�ستجابة للدعوة ومتديدها حقنا للدماء‬ ‫املع�صومة‪ ،‬وتهيئة لأجواء احلوار ال�سلمي‪..‬‬ ‫هذه الدعوة التي جاءت منكم يا�سيدي‪ ،‬وتالها ا�ست�ضافة هذا امل�ؤمتر الدويل ب�ش�أن �أفغان�ستان‪ ،‬تعك�س موقف اململكة الوا�ضح‬ ‫والرا�سخ والثابت جتاه ق�ضايا العامل الإ�سالمي‪ ،‬وريادتها الروحية‪ ،‬ودعمها املتوا�صل للعمل الإ�سالمي امل�شرتك‪.‬‬ ‫�شك ًرا لكم �سيدي و�شكرا ل�سمو ويل عهدكم الأمني للدعم املتجدد ملنظمة التعاون الإ�سالمي ال�صوت اجلامع للأمة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫�أدعو املولى عز وجل لكم يا خادم احلرمني �أن يجزل لكم املثوبة والأجر‪ ،‬و�أن يجزيكم عن الإ�سالم وامل�سلمني خري اجلزاء‪ ،‬و�أن‬ ‫يدمي على بالد احلرمني نعمة الأمن والأمان‪.‬‬ ‫و�أن يرفع الغمة عن الأمة‪ .‬وال�سالم‪.‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪11‬‬


‫‪12‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين‬ ‫حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬

‫ي‪ 11 - 10‬يوليو ‪2018‬‬ ‫جدة ‪ -‬مكة المكرمة‬ ‫المملكة العربية السعودية‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪13‬‬


‫كلمة معالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين‬ ‫األمين العام لمنظمة التعاون اإلسالمي‬

‫ب�سم اهلل واحلمد هلل وال�صالة وال�سالم على ر�سول اهلل‬ ‫�أ�صحاب ال�سماحة والف�ضيلة واملعايل؛‬ ‫�أحييكم بتحية الإ�سالم‪ ،‬فال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫احلمد هلل القائل يف حمكم كتابه «وتعاونوا على الرب والتقوى‪ »...‬الآية‬ ‫�أحييكم حتي ًة طيب ًة من بالد احلرمني ال�شريفني‪ ،‬قلب العامل الإ�سالمي وقبلة امل�سلمني‪ ،‬من دولة مقر منظمة التعاون الإ�سالمي‪،‬‬ ‫الدولة التي �أخذت على عاتقها خدمة الإ�سالم وامل�سلمني‪ ،‬وتوحيد كلمتهم‪ ،‬وجمع �شملهم‪ ،‬والتوفيق بني ر�ؤاهم‪ ،‬ودعم جهودهم‬ ‫لتحقيق �آمالهم وتطلعاتهم‪ .‬كانت‪ ،‬وال تزال‪ ،‬الرائد والنربا�س واملرتكز للت�ضامن الإ�سالمي‪ .‬هذه هي اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫بقيادة �سيدي خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز �آل �سعود‪ ،‬و�سمو ويل عهده الأمني الأمري محمد بن �سلمان‬ ‫بن عبد العزيز‪ ،‬حفظهما اهلل‪ ،‬التي مل تدخر جهد ًا يف كل ما يحقق للم�سلمني عزتهم ورفعة �ش�أنهم‪ ،‬عمال بقوله تعالى‪�« :‬إِنَّ هَ ِذ ِه‬ ‫ُون»‬ ‫�أُ َّم ُت ُك ْم �أُ َّم ًة َو ِاح َد ًة َو�أَ َنا َر ُّب ُك ْم َف ْاع ُبد ِ‬ ‫يف اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬حيث يقرتن القول بالفعل‪ ،‬والإرادة بالت�صميم‪ ،‬والنية بالعزمية‪ ،‬يلتئم اليوم �شمل علماء �أفغان�ستان‬ ‫الأفا�ضل ومعهم علماء م�سلمون من جميع �أنحاء العامل يف هذا احلدث الإ�سالمي الكبري‪ ،‬با�ست�ضافة كرمية من خادم احلرمني‬ ‫ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز و�سمو ويل عهده الأمري محمد بن �سلمان‪ ،‬حر�صا منهما‪ ،‬حفظهما اهلل‪ ،‬على وحدة ال�شعب‬ ‫الأفغاين‪ ،‬ودعما لرغبته ال�صادقة يف اخلروج من لجُ ج اخلالف القامتة �إلى واجهة وحدة الكلمة‪ ،‬وف�ضاء الأمن واال�ستقرار يف‬ ‫هذا البلد الإ�سالمي العريق‪.‬‬ ‫�إن �أفغان�ستان العزيزة‪ ،‬هي �إحدى الدول امل�ؤ�س�سة ملنظمة التعاون الإ�سالمي‪ ،‬والبلد الذي �أجنب الكثري من �أعالم و�أئمة‬ ‫احل�ضارة الإ�سالمية‪ ،‬وظلت على ثغر من ثغور الإ�سالم‪� ،‬سدا منيعا حلمايته والذود عنه‪ .‬لكنها‪ ،‬وبكل حرقة و�أمل‪ ،‬مرت وملدة‬ ‫طويلة بظروف ع�صيبة‪ ،‬من الفرقة والقتل والتدمري والتفجري‪ ،‬ي�صعب على العقل ت�صورها‪� ،‬أو �إيجاد مربرات لها‪ .‬ولذا فهي‬ ‫اليوم ت�ست�صرخكم‪ ،‬وتنا�ش ُد اجلمي َع الوقوف معها‪ ،‬وم�ساندتها لتحقيق الأمن واال�ستقرار يف ربوعها‪ ،‬ومل �شمل �أبنائها من جميع‬ ‫الأعراق والطوائف واملكونات كافة‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫�إن منظمة التعاون الإ�سالمي وهي تتقدم بال�شكر �أجزله حلكومة اململكة العربية ال�سعودية على ا�ست�ضافة امل�ؤمتر الدويل للعلماء‬ ‫امل�سلمني حول �أفغان�ستان‪ ،‬لتثمن عالي ًا دعوة خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬حفظه اهلل‪ ،‬م�ؤخرا ب�أن‬ ‫يوفق اهلل الأخوة الأفغان �إلى ما فيه م�صلحة بالدهم و�إ�صالح ذات بينهم‪ ،‬و�أن يحقق جلمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية ال�شقيقة‬ ‫ول�شعبها العزيز الأمن واال�ستقرار‪.‬‬ ‫و�أنتهز هذه ال�سانحة لأدعو احلكومة الأفغانية‪ ،‬ومكونات املجتمع الأفغاين كاف ًة للتجاوب مع هذه الدعوة املخل�صة وال�صادقة من‬ ‫خادم احلرمني ال�شريفني‪ ،‬والعمل على �إحالل ال�سالم والوئام يف جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية‪.‬‬ ‫كما �أود �أن �أتقدم بجزيل ال�شكر واالمتنان لكم �أيها العلماء الأفا�ضل الذين ا�ستجبتم لدعوة املنظمة للم�شاركة يف هذا املحفل‬ ‫الإ�سالمي املهم‪ ،‬وذلك يف �سياق حر�صكم لإ�صالح ذات البني والتوفيق بني امل�سلمني امتثاال لقوله تعالى ( َو ِ�إن َطا ِئ َف َت ِان ِمنَ‬ ‫الُ ْخ َرى َف َقا ِت ُلوا ا َّل ِتي َت ْب ِغي َحتَّى َت ِفي َء �إِ َلى �أَ ْم ِر اللهَِّ َف�إِن َفا َءتْ َف َ�أ ْ�ص ِل ُحوا‬ ‫المْ ُ�ؤ ِْم ِن َني ا ْق َت َت ُلوا َف�أَ ْ�ص ِل ُحوا َب ْي َن ُه َما َف ِ�إن َب َغتْ ِ�إ ْحدَاهُ َما َع َلى ْ أ‬ ‫َب ْي َن ُه َما ِبا ْل َعد ِْل َو�أَ ْق�سِ ُطوا �إِنَّ اللهَّ َ ُي ِح ُّب المْ ُ ْق�سِ ِطنيَ)‪ ،‬وحتقيقا لن�ص وروح الت�ضامن الإ�سالمي التي و�صفها �أف�ضل اخللق عليه‬ ‫وتراحمهم ُ‬ ‫َاعى له �سائ ُر‬ ‫وتعاطفهم‪ :‬مث ُل اجل�سد‪�ِ ،‬إذا ا�شتكى منه ع�ضو‪َ :‬تد َ‬ ‫ال�صالة وال�سالم بقوله‪َ « :‬م َث ُل امل�ؤمنني يف َت َوادِّهم ُ‬ ‫بال�سه َِر وا ُ‬ ‫حل ِّمى» احلديث‪.‬‬ ‫اجل�سد َّ‬ ‫�أ�صحاب ال�سماحة والف�ضيلة واملعايل؛‬ ‫�إن قرار جمل�س وزراء خارجية املنظمة يف دورته الأربعني املنعقدة يف غينيا �شهر دي�سمرب ‪ 2013‬والذي ن�ص على «حث العلماء‬ ‫امل�سلمني كافة على �أن يدينوا بالإجماع وبقوة �آفة الإرهاب‪ ،‬وذلك من خالل �إ�صدار فتاوى‪ ،‬وتوجيهات دينية وتنظيم فعاليات‬ ‫دولية» كما «طلب من الأمني العام موا�صلة جهوده لعقد م�ؤمتر دويل حول ال�سلم والأمن يف �أفغان�ستان»‪ ،‬ها هو يتحقق اليوم بعد‬ ‫�أن رحب القرار الوزاري الأخري يف بنغالد�ش �شهر مايو ‪« 2018‬بعقد امل�ؤمتر الدويل الثاين للعلماء امل�سلمني حول الأمن وال�سلم‬ ‫يف �أفغان�ستان‪ ،‬باململكة العربية ال�سعودية»‪.‬‬ ‫وال �شك �أن العزم يف تفعيل هذه القرارات بانعقاد م�ؤمترنا اليوم لهو ا�ست�شعار مبدى خطورة ما يجري يف �أفغان�ستان من اقتتال‬ ‫وفرقة‪ ،‬حرم ال�شعب الأفغاين نعمة الأمن واال�ستقرار‪ ،‬وعطل التنمية‪ ،‬و�أحبط املجتمع‪ ،‬وقتل الأمل يف النفو�س‪ .‬وزاد الأمر �سوءا‬ ‫قتل الأبرياء با�سم الإ�سالم‪ .‬فالقاتل يرفع يديه بالتكبري‪ ،‬واملقتول يرفع �سبابته ليكون �آخر عهده بالدنيا ال�شهادة ب�أنه مات على‬ ‫دين محمد �صلى اهلل عليه و�سلم‪.‬‬ ‫(منْ �أَ ْج ِل َذ ِل َك َك َت ْب َنا َع َلى َب ِني �إِ ْ�س َرا ِئ َيل �أَ َّن ُه َمن َق َت َل َن ْف ً�سا ِب َغيرِْ َن ْف ٍ�س‬ ‫لقد توعد اهلل القتلة مبا تق�شعر له الأبدان حيث قال تعايل‪ِ :‬‬ ‫َ‬ ‫ا�س َجمِ ي ًعا ‪ )..‬الآية‪ .‬وقوله تعالى ( َو َمن َي ْق ُت ْل ُم�ؤ ِْم ًنا‬ ‫�أَ ْو َف َ�س ٍاد يِف َْ أ‬ ‫ا�س َجمِ ي ًعا َو َمنْ �أَ ْح َياهَ ا َف َك�أَ مَّ َنا �أ ْح َيا ال َّن َ‬ ‫ال ْر�ضِ َف َك�أَ مَّ َنا َق َت َل ال َّن َ‬ ‫ُّم َت َع ِّمدًا َف َج َزا�ؤُ ُه َج َه َّن ُم َخا ِلدًا ِفيهَا َو َغ�ضِ َب اللهَّ ُ َع َل ْي ِه َو َل َع َن ُه َو�أَ َع َّد َل ُه َع َذا ًبا َع ِظي ًما)‪ .‬ويف حجة الوداع قال ر�سول الإن�سانية عليه‬ ‫�أف�ضل ال�صالة وال�سالم‪َ « :‬ف�إِنَّ ِد َما َء ُك ْم َو�أَ ْم َوا َل ُك ْم َو�أَ ْع َر َ‬ ‫ا�ض ُك ْم َب ْي َن ُك ْم َح َرا ٌم َك ُح ْر َم ِة َي ْو ِم ُك ْم هَ َذا‪ ،‬يِف َ�ش ْه ِر ُك ْم هَ َذا‪ ،‬يِف َب َل ِد ُك ْم هَ َذا»‪.‬‬ ‫هذا ما قاله اهلل عز وجل وقاله ر�سوله �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬فعلى �أي قول ي�ستند من يقتل نف�سا بريئة بغري حق؟! هذا ديننا‬ ‫الإ�سالمي احلنيف الذي يحرم قتل النف�س‪ ،‬ف�أي دين يعتنقه من يجعلون القتل والرتويع منهج ًا لتحقيق مكا�سب �سيا�سية دنيوية!!‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪15‬‬


‫�أ�صحاب ال�سماحة والف�ضيلة واملعايل؛‬ ‫ي�أتي انعقاد هذا امل�ؤمتر الدويل للعلماء حول ال�سلم والأمن يف �أفغان�ستان يف وقت مف�صلي‪ ،‬ومرحلة دقيقة متر بها �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫ينعقد وتطلعات و�آمال ال�شعب الأفغاين ‪ -‬الذي عانى كثريا من الفرقة والتمزق واالقتتال ‪ -‬ترتقب نتائج هذا امل�ؤمتر رغبة يف �أن‬ ‫يعود �إلى بالدها �أمنها وا�ستقرارها ورخا�ؤها‪ .‬جنتمع اليوم و�أفغان�ستان بحاجة ما�سة �إلى دعمنا الفردي واجلماعي لطي �صفحة‬ ‫املا�ضي‪ ،‬وفتح �صفحة جديدة‪ ،‬قائمة على مل ال�شمل والت�سامح‪ ،‬ونبذ العنف‪ ،‬واملحافظة علي حياة الأبرياء‪ ،‬امتثاال لتعاليم ديننا‬ ‫الإ�سالمي احلنيف الذي يدعو �إلى نبذ الفرقة‪ ،‬و�إر�ساء التعاون على مبادئ الرب والتقوى والعفو والإ�صالح بني النا�س‪.‬‬ ‫�إن �أولى الر�سائل التي خرجت عن م�ؤمتركم هذا و�صلت �إلى الأفغان حاملة عزمية �صادقة من �أجل و�ضع نهاية لل�صراع والعنف‬ ‫يف �أفغان�ستان‪ ،‬ور�سم خارطة م�ستقبل �آمن على �أ�سا�س تعاليم الإ�سالم ال�سمحة‪ ،‬ور�أب ال�صدع‪ ،‬وتوحيد ال�صف لإحالل ال�سالم‬ ‫والأمن واال�ستقرار يف �أفغان�ستان مبا يحقق وحدته و�سالمة �أرا�ضيه‪ ،‬والوئام بني جميع مكوناته‪ ،‬و�أطيافه‪ ،‬متهيد ًا مل�صاحلة‬ ‫وطنية �شاملة‪.‬‬ ‫�أ�صحاب ال�سماحة والف�ضيلة واملعايل؛‬ ‫ظلت ق�ضية �أفغان�ستان �أحد �أبرز الق�ضايا يف �أجندة منظمة التعاون الإ�سالمي‪ ،‬فقد احتفظت املنظمة مبوقف قوى لدعم هذا‬ ‫البلد العزيز‪ ،‬و�شاركت يف العديد من املبادرات واجلهود التي بذلت على امل�ستويني الإقليمي والدويل‪ ،‬وا�ست�ضافت عدة اجتماعات‬ ‫للمجموعة الدولية اخلا�صة ب�أفغان�ستان‪.‬‬ ‫كما قامت املنظمة بدور ن�شط يف جمموعة االت�صال الدولية‪ ،‬وظلت تقدم م�ساهماتها يف التنمية االقت�صادية‪ ،‬عرب تقدمي‬ ‫امل�ساعدات الإن�سانية‪ ،‬والعون يف قطاعات ال�صحة والتعليم‪ ،‬وتوفري مياه ال�شرب‪ ،‬ومن خالل حث الدول الأع�ضاء على تقدمي‬ ‫الدعم الثنائي لأفغان�ستان‪ .‬و�أنتهز هذه ال�سانحة لأ�ؤكد جمددا دعمنا امل�ستمر للنهو�ض بعملية ال�سالم التي متتلك زمامها‬ ‫وتقودها �أفغان�ستان‪ ،‬وندعو من هذا املنرب جميع الأطراف والقوى �إلى اال�ستفادة من عر�ض ال�سالم غري امل�شروط للحكومة‬ ‫الأفغانية من �أجل بناء م�ستقبل زاهر �آمن وم�ستقر يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫�أ�صحاب ال�سماحة والف�ضيلة واملعايل؛‬ ‫�إن �أمامكم علماءنا الأفا�ضل م�س�ؤولية كبرية و�أمانة عظيمة ودور ًا بالغ الأهمية‪ ،‬ف�أثر ما �سيثمر عنه اجتماعنا اليوم لن ينعك�س‬ ‫فقط على الو�ضع يف �أفغان�ستان‪ ،‬و�إمنا على العامل الإ�سالمي ب�أ�سره‪ ،‬املرتقب منكم م�ساهمة فاعلة يف معاجلة م�س�ألة التف�سري‬ ‫اخلاطئ لتعاليم الدين‪ ،‬و�سعيكم حلرمان الفئات الباغية من اختطاف الدين والقتل والتدمري با�سم الإ�سالم‪ ،‬والإ�سالم منه‬ ‫براء‪ .‬كما �أنكم مطالبون اليوم بالعمل على تعزيز مبادئ التعاي�ش بني الأعراق‪ ،‬و�أتباع املذاهب الدينية املختلفة‪ ،‬وامل�ساهمة بهذا‬ ‫اجلهد يف تعزيز امل�صاحلة الوطنية‪ ،‬ب�إ�شراك كل العنا�صر يف املجتمع الأفغاين‪ ،‬وتقف منظمة التعاون الإ�سالمي بكافة دولها‬ ‫معكم ت�شد من �أزركم‪ ،‬وتدعم تو�صياتكم‪ ،‬و�ستعمل على تنفيذها على �أر�ض الواقع‪ ،‬ا�ستكماال للأدوار التي قامت بها من قبل‪.‬‬ ‫وباعتبار �أن دول جوار �أفغان�ستان هم �أع�ضاء يف منظمة التعاون الإ�سالمي‪ ،‬ف�إن هذا يعزز من دور املنظمة يف العمل على‬ ‫حتقيق الأمن وال�سالم يف �أفغان�ستان‪ .‬لقد دعمت املنظمة على نح ٍو ن�شط و�سهلت التعاون الإقليمي لتحقيق ال�سالم واال�ستقرار‬ ‫يف �أفغان�ستان‪ .‬ونحن ندخل الآن مرحلة جديدة من التعاون والتن�سيق الإقليميني‪ .‬وميكن للو�ضع احلايل على الأر�ض والدرو�س‬ ‫امل�ستقاة من اجلهود املبذولة حتى الآن يف �أفغان�ستان‪� ،‬أن ي�ؤدي ذلك كله �إلى بناء نهج �أكرث �شمولية وواقعية وتكامل‪ ،‬ويركز‬ ‫‪16‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫ب�شكل �أكرث على القدرات الكامنة لهذه املنطقة‪ .‬وبغية حتقيق ذلك‪ ،‬ا�سمحوا يل �أن �أ�ؤكد جمدد ًا على حقيقة مهمة وهي �أن‬ ‫العمل الع�سكري ال يوفر حال م�ستدام ًا وحقيقي ًا‪ .‬وعلينا �أن نتبنى نهجا �شامال يعالج اجلوانب الثقافية واالقت�صادية واالجتماعية‬ ‫املختلفة‪ .‬وبالأ�صالة عن منظمة التعاون الإ�سالمي �أتعهد بتقدمي دعمنا الكامل‪ ،‬لكافة اجلهود الإقليمية والدولية مل�ساعدة‬ ‫�أفغان�ستان‪.‬‬ ‫يف اخلتام �أود �أن �أرفع �أ�سمى �آيات الثناء وال�شكر حلكومة خادم احلرمني ال�شريفني على اال�ست�ضافة والتنظيم املحكم لهذا‬ ‫احلدث املهم‪ .‬وال�شكر مو�صول لكم �أنتم �أيها العلماء الأفا�ضل‪ ،‬الذين قدمتم من مختلف �أنحاء العامل الإ�سالمي �سعي ًا منكم‪،‬‬ ‫وبرغبة �صادقة‪ ،‬للم�ساهمة يف م�ساعي �إحالل ال�سالم والأمن واال�ستقرار الدائم يف �أفغان�ستان‪ ،‬داعي ًا املولى ج ّل وعلى �أن يكون‬ ‫هذا االجتماع نقطة فارقة يف انبعاث �أمل جديد مل�ستقبل �أفغان�ستان واملنطقة‪ ،‬تطوى فيه �صفحة املواجهات والنزاعات‪ ،‬ويثمر‬ ‫عن م�ستقبل زاخر بال�سالم والأخوة والوئام واالزدهار‪.‬‬ ‫ ‬ ‫و�آخر دعوانا �أن احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪17‬‬


‫رسالة رئيس جمهورية أفغانستان اإلسالمية‬ ‫د‪ .‬محمد أشرف غني‬

‫�أ�صحاب املعايل وال�سعادة؛‬ ‫�أ�صحاب الف�ضيلة العلماء وامل�شايخ؛‬ ‫ال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬ ‫بادئ ذي بدء‪� ،‬أود �أن �أعرب عن خال�ص امتناين لكم جميعا حل�ضوركم هذا امل�ؤمتر امليمون وغري امل�سبوق‪ .‬ن�شكر جميع العلماء‬ ‫الذين اجتمعوا هنا نيابة عن العامل الإ�سالمي برمته ملناق�شة ال�سالم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان على �أ�سا�س مبادئ الإ�سالم‪.‬‬ ‫كما �أننا ممتنون ملنظمة التعاون الإ�سالمي لتنظيمها هذا امل�ؤمتر وحلكومة اململكة العربية ال�سعودية وال �سيما خادم احلرمني‬ ‫ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬ال�ست�ضافتها هذا احلدث الهام‪.‬‬ ‫�أ�صحاب الف�ضيلة‪ ،‬املمثلون احلقيقيون للإ�سالم‬ ‫متر �أفغان�ستان مبرحلة هامة من تاريخها‪ ،‬وكما تعلمون‪ ،‬ف�إن جهودنا الد�ؤوبة قد �أعدت �أر�ضية مواتية لتحقيق ال�سالم واال�ستقرار‬ ‫الدائمني ومل يعد هناك �أي �سبب �أو عذر ديني ال�ستمرار العنف يف بلدنا و�أنا على ثقة من �أن دعمكم �سي�ساعدنا على �إنهاء معاناة‬ ‫�شعبنا يف �أفغان�ستان التي ا�ستمرت عقودا طويلة‪.‬‬ ‫ونحن على ثقة تامة ب�أن امل�شاركة البناءة ملنظمة التعاون الإ�سالمي يف ال�صراع الأفغاين خطوة �إيجابية للغاية‪ ،‬لذا نطلب من‬ ‫املنظمة �أن توا�صل دعمنا للتو�صل �إلى ت�سوية تفاو�ضية‪ .‬كما ن�ؤمن �إميانا را�سخا ب�أن دعم وو�ساطة اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫باعتبارها �أر�ضا مقد�سة جلميع م�سلمي العامل‪ ،‬مهم جدا لنجاح عملية ال�سالم يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫ميكن لعلماء العامل الإ�سالمي باعتبارهم جزء مقدر من املجتمع الإ�سالمي �أن يلعبوا دورا مهما يف �ضمان ال�سالم واال�ستقرار‪.‬‬ ‫وهذا الدور للعلماء له �أهمية خا�صة يف �أفغان�ستان �أكرث من �أي جزء من العامل‪ ،‬لأن �ضحايا احلرب احلالية التي ت�شن حتت راية‬ ‫الإ�سالم هم جمرد مدنيني �أفغان �أبرياء‪ .‬وللعلماء القدرة على الق�ضاء على جميع �أنواع الغمو�ض يف هذا ال�صدد وقيادة املجتمع‬ ‫نحو ال�سالم والت�سامح‪.‬‬ ‫�أ�شكركم‪ ،‬ب�صفتي رئي�س جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية‪ ،‬مرة �أخرى على م�شاركتكم يف هذا امل�ؤمتر و�أدعوكم جميعا لزيارة‬ ‫�أفغان�ستان ور�ؤية جهودنا عن كثب من �أجل عملية ال�سالم وم�ساعدتنا يف و�ضع حد لهذا ال�صراع املفرو�ض علينا من عنا�صر‬ ‫غريبة عنا‪.‬‬ ‫ونحن ملتزمون بقوة ب�إحالل ال�سالم‪ ،‬وت�شهد على هذا اجلهود التي بذلناها م�ؤخرا يف هذا ال�صدد‪ .‬كما �أننا نويل الكثري من‬ ‫االحرتام للعلماء وال�شيوخ‪ ،‬ونحن على يقني من �أنهم دائما يف ال�صدارة عندما يتعلق الأمر بخري الأمة‪ ،‬لذلك ف�إننا دون �أي تردد‬ ‫نقبل ونلتزم ب�أي قرار تتخذونه يف هذا امل�ؤمتر و�سوف ن�ضطلع ب�أي م�س�ؤولية حتددونها لنا جتاه �ضمان ال�سالم يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫يف النهاية‪� ،‬أقدر مرة �أخرى م�شاركتكم يف هذا امل�ؤمتر‪ ،‬و�آمل �أن يكون دعمكم ب�شرى خري لل�سالم واال�ستقرار لأمتنا الإ�سالمية‪.‬‬ ‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬ ‫‪18‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫كلمة‬ ‫معالي الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ‬ ‫وزير الشؤون اإلسالمية والدعوة واإلرشاد‬

‫معايل الأمني العام ملنظمة التعاون الإ�سالمي‬ ‫�أ�صحاب املعايل والف�ضيلة‬ ‫�أ�صحاب ال�سعادة‬ ‫ال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫امتداد ًا مل�سرية اخلري التي تتبناها اململكة العربية ال�سعودية بقيادة خادم احلرمني ال�شريفني‪ ،‬امللك �سلمان بن عبد العزيز‬ ‫�آل �سعود – حفظه اهلل ‪ -‬وجهوده امل�شهودة يف خدمة الإ�سالم وم�ؤازرة امل�سلمني ومنا�صرة ق�ضاياهم‪ ،‬عم ًال بقوله تعالى ( ِ�إ مَّ َنا‬ ‫المْ ُ�ؤ ِْم ُنونَ �إِ ْخ َو ٌة َف َ�أ ْ�ص ِل ُحوا َبينْ َ َ�أ َخ َو ْي ُك ْم) واتباع ًا ملا �أولته هذه البالد املباركة من اهتمام با�ستقرار جمهورية �أفغان�ستان ال�شقيقة‬ ‫وا�ستتباب الأمن ون�شر الإ�سالم فيها‪ ،‬ت�ست�ضيف اململكة العربية ال�سعودية امل�ؤمتر العاملي لعلماء امل�سلمني حول ال�سلم والأمن يف‬ ‫�أفغان�ستان الذي تنظمه منظمة التعاون الإ�سالمي‪.‬‬ ‫لقد كانت بالدنا وال زالت خري �سند لإخوانها و�أ�شقائها يف العامل الإ�سالمي‪ ،‬حري�صة على ت�سوية النزاعات وترميم �آثار امل�صائب‬ ‫والكوارث‪ ،‬و ُم�سا ِرعة بالنجدة واملوا�ساة‪ ،‬داعمة جلهود التعاون بني البلدان الإ�سالمية و�سـاعية للخري وتلم�س ما ينفـع البـالد‬ ‫والعبـاد‪ .‬وما ا�ست�ضافتها لهذا امل�ؤمتر �إال ت�أكيد ًا �صادق ًا على اهتمام خادم احلرمني ال�شريفني –�أيده اهلل‪ -‬ب�أمور امل�سلمني‪.‬‬ ‫�أيها الأحبة‪،‬‬ ‫�إن مما ينبغي على اجلميع‪ ،‬وخا�صة �أهل العلم‪� ،‬أن يحر�صوا على �صيانة �أوطانهم و�أمن بالدهم‪ ،‬وعلى احلفاظ على منجزاته‬ ‫وم�ستقبل �أجياله‪ ،‬وهذا واجب ديني ووطني‪ ،‬فاالنتماء للدين والوطن عالقة تكامل وان�سجام ال عالقة تناق�ض وت�ضاد‪ .‬ولقد‬ ‫�أكدت ال�شريعة الإ�سالمية ومقا�صدها احلكيمة على �ضرورة الوحدة ونبذ الفرقة واالختالف اللذين نهانا اهلل عنهما‪ ،‬و�أمرنا‬ ‫ال�شارع احلكيم بوحدة الكلمة واالجتماع على احلق امتثا ًال لقوله تعالى‪َ ( :‬و ْاع َت�صِ ُمو ْا ِب َح ْب ِل اللهِّ َجمِ ي ًعا َو َال َت َف َّر ُقو ْا)‪.‬‬ ‫�إن احلفاظ على الوحدة الوطنية م�س�ؤولية اجلميع �أفراد ًا وم�ؤ�س�سات‪ .‬وال �شك �أن امل�سا�س بهما مرفو�ض متام ًا بل هو خطر يهدد‬ ‫الأمن واال�ستقرار‪ ،‬و�إن الإ�سالم دين التوحيد ودين الوحدة وال�سالم‪ ،‬وواجب على العلماء التحذير من الفرقة فكر ًا و�شعور ًا‬ ‫وانتما ًء‪ .‬فالوحدة قوة ورحمة وبركة‪ ،‬وهي مدعاة لعون اهلل ون�صره‪ ،‬و�إذا كان ثمرة االجتماع والت�آلف القوة ف�إن ثمرة التفرق‬ ‫والتحزب هو الف�شل وال�ضعف والف�ساد‪.‬‬ ‫�إن من �أهم الثوابت الرا�سخة و�أقوى ال�ضمانات للأمن وا�ستقراره هو طاعة ويل الأمر باملعروف‪ .‬واملت�أمل يف الن�صو�ص ال�شرعية‬ ‫من الكتاب وال�سنة يجـد �أنها ت�ؤكد ت�أكيد ًا بين ًا ال لب�س فيه وا�شتباه على وجوب طاعة والة �أمر امل�سلمني باملعروف‪ ،‬و�أن مع�صيتهم‬ ‫واخلروج عليهم من �أكرب الكبائر وجتر الأمة �إلى الفنت والفرقة‪ .‬قال تعالى ( َيا �أَ ُّيهَا ا َّل ِذينَ �آ َم ُنو ْا �أَ ِطي ُعو ْا اللهّ َ َو�أَ ِطي ُعو ْا ال َّر ُ�س َول‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪19‬‬


‫َو�أُ ْو يِل الأَ ْم ِر ِمن ُك ْم)‪.‬‬ ‫�إن امل�س�ؤولية على العلماء واملفكرين عظيمة يف تبيان احلقائق يف �ضوء ال�شريعة الإ�سالمية والتنبيه على �أخطار الفنت والأفكار‬ ‫املنحرفة والعمل على بث روح املحبة و�إعالء مبد�أ الأخوة الإ�سالمية ال�صحيحة واالبتعاد عن الفرقة واخلالفات‪ .‬كما ينبغي‬ ‫عليهم بيان حكم اهلل – عز وجل – يف اخلروج على والة الأمر‪ ،‬و�إلبا�س الباطل ثوب احلق واللجوء �إلى العنف وتدمري مقدرات‬ ‫املجتمع‪.‬‬ ‫�إخواين العلماء وامل�س�ؤولني يف جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية ت�أكدوا �أن �سعادة قادة هذه البالد املباركة وعلمائها وعلماء الأمة‬ ‫بنجاح م�ساعيكم ووحدة �صفكم واجتماع كلمتكم ال يقل �سعادة �أهليكم و�أنتم عائدون �إليهم مرفوعي الر�أ�س وقد عاهدمت اهلل‬ ‫وعقدمت العزم على توحيد ال�صف واجتماع الكلمة يف �أطهر البقاع على وجه الأر�ض‪.‬‬ ‫ويف اخلتام ال ي�سعدين �إال �أن �أرفع �أكف ال�ضراعة �إلى اهلل – عز وجل‪� -‬أن يجزي خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن‬ ‫عبد العزيز �آل �سعود و�سمو ويل العهد الأمني �صاحب ال�سمو امللكي الأمري محمد بن �سلمان بن عبد العزيز خري اجلزاء على‬ ‫ما يوليانه من اهتمام وعناية بق�ضايا الأمة وما يقدمانه من خدمات جليلة للإ�سالم وامل�سلني‪ .‬وال�شكر للأمانة العامة ملنظمة‬ ‫التعاون الإ�سالمي على تنظيم امل�ؤمتر وللعلماء احلا�ضرين‪.‬‬ ‫�أ�سال اهلل �أن يحفظ على بلدنا وبلدان امل�سلمني �أمنها و�إميانها وا�ستقرارها‪ ،‬و�أن يكفيها �شر الأ�شرار وكيد الفجار‪ ،‬و�أن يكلل هذا‬ ‫امل�ؤمتر بالتوفيق والنجاح وال�سداد‪.‬‬ ‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫كلمة‬ ‫الشيخ مولوي قيم الدين كشاف‬ ‫ممثل مجلس العلماء األفغان‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وال�صالة وال�سالم على �سيد الأنبياء واملر�سلني نبينا محمد وعلى �آله و�صحبه �أجمعني ومن اهتدى بهديه‬ ‫�إلى يوم الدين‪� .‬أما بعد‪.‬‬ ‫�أ�صحاب ال�سماحة والف�ضيلة‪ ،‬علماء الأمة ومفتوها و�شيوخ امل�سلمني‪،‬‬ ‫ف�ضيلة ال�شيخ عبد الرحمن ال�سدي�س‪� ،‬إمام احلرم املكي والرئي�س العام ل�ش�ؤون امل�سجد احلرام وامل�سجد النبوي‪،‬‬ ‫معايل الأمني العام ملنظمة التعاون الإ�سالمي‪،‬‬ ‫الأع�ضاء املوقرون وامل�شاركون الكرام‪،‬‬ ‫ال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫ي�سرين وي�سعدين �أن �أجد نف�سي بني كبار �أئمة وعلماء الأمة الإ�سالمية هنا اليوم‪ ،‬و�أ�شعر ببالغ احلظ واالفتخار حيث �أ�شارك‬ ‫يف فعالية اجتمع من �أجلها علماء الأمة للحديث حول كيفية �إنقاذ �شعب �أنهكته احلرب ويعاين منذ �سنوات من القتال والب�ؤ�س‪.‬‬ ‫ي�أتي اجتماعنا اليوم م�صداقا لقول ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم عن النعمان بن ي�شري قال‪ :‬قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم «مثل امل�ؤمنني يف توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل اجل�سد �إذا ا�شتكى منه ع�ضو تداعى له �سائر اجل�سد بال�سهر واحلمى»‪.‬‬ ‫(�صحيح البخاري ‪� ، 5665‬صحيح م�سلم ‪.)2586‬‬ ‫�أيها اجلمع الكرمي‪،‬‬ ‫اليوم نحن هنا لن�شارك معكم �صوت �شعب �أبي‪ ،‬جماهد‪ ،‬بل ومنهك �أي�ضا‪ .‬اليوم نريد �أن نق�ص عليكم ق�صة �شعب قدم مليوين‬ ‫�شهيد من �أجل هذا الدين ولتكون كلمة اهلل هي العليا‪ .‬لقد �ضحينا بنحو مليوين �شخ�ص من �أبناء �شعبنا دفاعا عن ديننا‬ ‫وعقيدتنا‪ .‬جتاوز عدد الأرامل لدينا ن�صف مليون‪ ،‬ف�ضال عن مئات الآالف من الأيتام و�أكرث من مليونني من املعاقني يف بلدنا‪.‬‬ ‫كل واحد من �أبناء هذا ال�شعب هو �ضحية هذا ال�صراع الدائر‪ ،‬وال يخلو مكان يف البلد من الدمار �أو انعدام الأمان نتيجة لذلك‬ ‫ال�صراع‪ .‬ونحن هنا لكي ن�سرد الو�ضع الراهن يف هذا البلد الذي مزقته احلروب‪ ،‬ون�شارككم �آالمه و�آماله وتطلعاته‪.‬‬ ‫حترتق �أفغان�ستان يف لهب احلرب منذ �أربعة عقود م�ضت‪� ،‬إال �أن احلرب التي فر�ضت علينا‪ ،‬خا�صة يف ال�سنوات الـ ‪ 17‬املا�ضية‪،‬‬ ‫مختلفة متام االختالف‪ .‬فنتيجة لهذه احلرب املفرو�ضة تنتهك‪ ،‬وب�شكل يومي ومتوا�صل‪ ،‬جميع القيم واملبادئ الإ�سالمية‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪21‬‬


‫والقومية‪.‬‬ ‫لقد خلقت احلرب الدائرة و�ضعا �أ�صبح معه انعدام الأمن يف كل مكان‪ .‬وقد �أ�صبحت بيوتنا وم�ساجدنا و�أ�سواقنا ومكاتبنا‬ ‫وغريها من الأماكن العامة واخلا�صة عر�ضة لتهديدات خطرية ب�شكل م�ستمر‪ .‬تقتل الأمهات والأطفال وكبار ال�سن واملر�ضى‬ ‫والرجال والن�ساء‪ .‬جميع �أفراد املجتمع ي�شعرون بانعدام الأمن وتتهددهم املخاطر‪ .‬الهجمات االنتحارية ت�ستهدف امل�ساجد‬ ‫ومراكز حتفيظ القر�آن واجلنائز واملدار�س واجلامعات وحتى امل�ست�شفيات مل ت�سلم من التفجريات‪ .‬نحن نعاين من هذه الأعمال‬ ‫الوح�شية النكراء التي ال يت�صورها �إن�سان وال يقبلها �أي �ضمري �إن�ساين‪.‬‬ ‫ومن كل هذه الفظائع‪ ،‬مل يرتك هذا ال�شعب البا�سل ن�ضاله من �أجل ال�سالم‪ .‬جميع فئات ال�شعب مبن فيهم من العلماء واملجاهدون‬ ‫وال�شيوخ وال�سيدات وال�شباب قد �أطلقوا حمالت من �أجل ال�سالم‪ .‬ويف الآونة الأخرية‪ ،‬حتولت هذه االنتفا�ضة الوطنية من �أجل‬ ‫حتقيق ال�سالم �إلى حركة قوية مل ي�شهد لها تاريخ العامل مثيال‪ ،‬واحلمد هلل متخ�ضت عنها نتائج �إيجابية‪.‬‬ ‫بد�أت الأمة ب�أ�سرها مناق�شات جادة فيما بينها حول �ضمان حتقيق ال�سالم واال�ستقرار‪ .‬قدم �أهل البلد تو�صياتهم القيمة‬ ‫ومدخالتهم حول حتقيق ال�سالم يف البالد‪ .‬كانت الرغبة الرئي�سية هي �إيجاد طرق حلل ال�صراع احلايل مع ال�شروط والظروف‬ ‫التي يجب �أن ت�ضمن احلفاظ على القيم واملبادئ الدينية والوطنية بحيث يتم �إيجاد طرق لإنهاء ال�صراع احلايل من خالل‬ ‫املفاو�ضات الكرمية‪ .‬لقد اتخذت قيادة حكومة جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية خطوات قوية لإحالل ال�سالم‪ .‬وبناء على ما طرح‬ ‫من تو�صيات واقرتاحات ومطالب من مختلف طبقات ال�شعب‪ ،‬طرح رئي�س �أفغان�ستان خارطة طريق �شاملة من �أجل ال�سالم‬ ‫وقدمها �إلى طالبان‪ .‬وقد لقيت خارطة الطريقة تلك ترحيبا وا�سعا ودعما من جميع �أفراد ال�شعب الأفغاين والدول الإقليمية‬ ‫والعامل الإ�سالمي واملجتمع الدويل‪ .‬وحتتوي خطة ال�سالم ال�شاملة هذه على جميع مطالب حركة طالبان وتوفر �أر�ضية لإجراء‬ ‫حوار ومفاو�ضات بني الأفغان ب�صورة كرمية‪ .‬وقد عززت خريطة الطريق هذه رغبة ال�شعب يف حتقيق ال�سالم والتزامه بذلك‪،‬‬ ‫كما حولت جهود ال�سالم �إلى حركة وطنية‪.‬‬ ‫ونظرا مل�س�ؤوليتهم الإ�سالمية الهامة‪ ،‬فقد كثف العلماء الأفغان‪ ،‬يف الآونة الأخرية‪ ،‬جهودهم من �أجل ال�سالم ورفعوا �أ�صواتهم‬ ‫يف كل �أنحاء البالد لإنهاء هذا ال�صراع الب�شع‪ .‬وكان عقد م�ؤمتر ثالثي الأطراف لعلماء كل من �أفغان�ستان و�إندوني�سيا وباك�ستان‬ ‫�أحد هذه اجلهود‪� .‬إ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬اجتمع نحو ‪ 2907‬من العلماء الأفغان من جميع واليات البالد يف كابول و�أ�صدروا فتوى‬ ‫بالإجماع‪ ،‬وهي «فتوى ال�سالم»‪ .‬و�صفت هذه الفتوى ال�صراع احلايل ب�أنه (حرام) وجعلت �إحالل ال�سالم �أمرا واجبا‪ .‬كما قدم‬ ‫العلماء تو�صيات محددة لكل من احلكومة الأفغانية وطالبان‪ .‬دعا العلماء‪� ،‬إلى جانب مطالب �أخرى‪ ،‬كال الطرفني �إلى �إعالن‬ ‫وقف �إطالق النار وبدء مفاو�ضات مبا�شرة‪� .‬إننا ممتنون لأن رئي�س جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية ا�ستجاب ب�شكل �إيجابي‬ ‫لدعوتنا بالإعالن عن وقف �إطالق النار ملدة ثمانية �أيام‪ .‬كما نعرب عن تقديرنا حلركة طالبان لردها باملثل و�إعالنها وقف‬ ‫�إطالق النار ملدة ثالثة �أيام فقط هي �أيام عيد الفطر‪ .‬كانت هذه خطوة جيدة للغاية‪ ،‬حيث �أتيحت الفر�صة لل�شعب لق�ضاء ثالثة‬ ‫�أيام بهيجة‪ .‬ونتمنى �أن لو كان وقف �إطالق النار هذا قد ا�ستمر �إلى الأبد حتى يظل ال�شعب ينعم بال�سالم والأمن‪.‬‬ ‫البد و�أن نتوجه بال�شكر جلميع الدول والعلماء والقادة الذين رفعوا �أ�صواتهم لدعم ا�ستمرار وقف �إطالق النار‪ .‬وبا�سم �شعب‬ ‫وحكومة �أفغان�ستان‪ ،‬ف�إنني �أعرب عن خال�ص االمتنان‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬خلادم احلرمني ال�شريفني‪ ،‬امللك �سلمان بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫‪22‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫ولإمامي احلرمني ال�شريفني‪ ،‬ف�ضيلة ال�شيخ عبد الرحمن ال�سدي�س وف�ضيلة ال�شيخ عبد اهلل البعيجان لدعمهم وقف �إطالق النار‪.‬‬ ‫بارك اهلل فيهم جميعا‪.‬‬ ‫�أثبتت الهدنة بو�ضوح �أن هذا ال�شعب متعط�ش لل�سالم‪ .‬فخالل �أيام العيد قام املقاتلون من الطرفني مبعانقة بع�ضهم البع�ض‪،‬‬ ‫و�أدوا ال�صالة مع بع�ضهم‪ ،‬وكانت دموع الفرح ت�سيل من �أعني النا�س حيث كانت هذه هي املرة الأولى‪ ،‬يف املناطق التي مزقتها‬ ‫احلرب‪ ،‬التي ي�شعر النا�س فيها بالأمن والأمان‪ .‬كما �أثبتت الهدنة ب�أن احلكومة الأفغانية وطالبان وال�شعب يريدون ال�سالم‪.‬‬ ‫ولعلكم �شاهدمت التقارير يف و�سائل الإعالم حول احتفاالت ال�شعب املليئة بالعواطف اجليا�شة ب�أيام الهدنة وذلك لأننا جميعا‬ ‫ن�ؤمن بكتاب واحد ودين واحد ولدينا ثقافة وقيم م�شرتكة‪.‬‬ ‫وتكمن امل�شكلة يف �أنه ال تزال هناك بع�ض الأيادي اخلفية التي ال تريد لل�شعب الأفغاين �أن يحيا يف �سالم‪ ،‬وتوا�صل هذه الأيادي‬ ‫فر�ض احلرب على �أبناء �شعبنا حتقيقا مل�صاحلها ال�شخ�صية‪ .‬ونحن نطلب منكم جميعا �أن ت�ساعدوننا يف �إنهاء هذا ال�صراع‬ ‫امل�ؤ�سف وذلك ب�أن تقوموا بدور الو�سيط بني احلكومة الأفغانية وطالبان‪.‬‬ ‫كما نود �أي�ضا �أن نتوجه بال�شكر مرة �أخرى �إلى خادم احلرمني ال�شريفني‪ ،‬امللك �سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬وملنظمة التعاون‬ ‫الإ�سالمي على ا�ست�ضافتهم وتنظيمهم لهذا امل�ؤمتر امليمون‪� .‬إن ال�شعب الأفغاين ينتظر بفارغ ال�صرب ما �سيقدمه لهم علماء‬ ‫العامل الإ�سالمي من �أجل و�ضع حد لآالمهم ومعاناتهم وذلك يف �ضوء تعاليم الدين الإ�سالمي احلنيف‪.‬‬ ‫بالطبع‪ ،‬ميكننا فعل الكثري‪ .‬ميكن �أن ن�ضطلع بدور هام لأن العلماء هم ورثة النبي محمد �صلى اهلل عليه و�سلم وب�إمكانهم �أن‬ ‫ي�ضعوا حدا مل�شكالتنا‪.‬‬ ‫نحن مفو�ضون من قبل فخامة رئي�س جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية محمد �أ�شرف غني يف عملية الو�ساطة بكامل ال�صالحيات‪.‬‬ ‫ونحن اليوم‪ ،‬ووفقا ملبادئ الدين الإ�سالمي احلنيف‪ ،‬نود �أن ن�سلم لكم هذا التفوي�ض بجميع �صالحياته حتى ت�سهموا يف عملية‬ ‫ال�سالم يف �أفغان�ستان‪� .‬إن م�ساهمتكم‪ ،‬وبتوفيق من اهلل‪ ،‬قد ت�ضع �أر�ضية لأفغان�ستان التي تنعم بال�سالم وقد ت�ساعد ال�شعب‬ ‫الأفغاين يف �أن يحيا يف �سالم وازدهار‪.‬‬ ‫نحن ن�ؤمن �أنه لي�س هناك وقت �أف�ضل مما نحن فيه لإجراء مفاو�ضات ال�سالم مع طالبان‪ ،‬حيث مل يبق لطالبان حجة �أو مطلب‬ ‫مل تعاجله حكومة �أفغان�ستان‪ .‬لقد قدمت حكومة �أفغان�ستان عر�ضا �سخيا حظي بدعم كامل على من اجلميع على امل�ستويات‬ ‫الوطنية والإقليمية والدولية‪ .‬لقد �آن الأوان �أن تنخرط طالبان وقادتها يف محادثات ال�سالم‪ ،‬حيث مل يعد هناك �أي �سبب ديني �أو‬ ‫�أخالقي �أو �سيا�سي ال�ستمرار احلرب يف �أفغان�ستان‪ .‬نحن ن�ؤمن ب�أن ال�سالم والأمن يف �أفغان�ستان هو �سالم يف املنطقة ب�أ�سرها‪.‬‬ ‫فما مل تنعم �أفغان�ستان باال�ستقرار‪� ،‬ستظل املنطقة غري م�ستقرة‪ .‬لذلك‪ ،‬نحن علماء الأمة‪ ،‬من واجبنا �أن ننقذ �إخواننا الأفغان‬ ‫من هذه احلرب املفرو�ضة عليهم من اخلارج‪.‬‬ ‫ونتوقع �أن يخرج م�ؤمترنا هذا مبا يلي‪:‬‬ ‫‪� -1‬أن يطلب امل�شاركون يف هذا امل�ؤمتر من الطرفني �إعالن وقف طويل الأجل لإطالق النار والدخول يف محادثات مبا�شرة‪.‬‬ ‫‪ -2‬تعيني وفد من العلماء امل�شاركني يف امل�ؤمتر لإجراء محادثات مبا�شرة مع حركة طالبان‪.‬‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪23‬‬


‫‪ -3‬نطلب من منظمة التعاون الإ�سالمي �أن تعقد قمة لقادة الدول الأع�ضاء من �أجل حتقيق ال�سالم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫‪ -4‬نرجو خادم احلرمني ال�شريفني‪ ،‬امللك �سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬وحكومة اململكة العربية ال�سعودية �أن يوجهوا الدعوة لطالبان‬ ‫من �أجل �إجراء محادثات ال�سالم يف احلرمني ال�شريفني‪.‬‬ ‫‪ -5‬نطلب من منظمة التعاون الإ�سالمي �أي�ضا �أن تنظم م�ؤمترا �آخر لعلماء الأمة الإ�سالمية على �أن ت�ست�ضيفه �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫‪ -6‬ندعو علماء العامل الإ�سالمي ومنظمة التعاون الإ�سالمي �إلى �إعالن موقفهم من احلرب الدائرة يف �أفغان�ستان ب�شكل وا�ضح‬ ‫و�صريح‪.‬‬ ‫‪ -7‬نحن علماء الأمة من واجبنا �أن نعلن موقفنا بو�ضوح على م�ستوى العامل الإ�سالمي جتاه العنف والقتل والتطرف والتفجريات‬ ‫والهجمات االنتحارية‪.‬‬ ‫‪ -8‬نطلب من جميع امل�شاركني يف هذا االجتماع املبارك �أن يدعموا الإعالنات التي ي�صدرها علماء �أفغان�ستان والإجراءات التي‬ ‫يتخذونها من �أجل حتقيق ال�سالم واال�ستقرار بهذا البلد‪.‬‬ ‫�أود �أن �أختتم كلمتي بدعوتكم جميعا �إلى زيارة �أفغان�ستان لكي تطلعوا �شخ�صيا على معاناة �شعبنا الذي يعاين طيلة الأربعني �سنة‬ ‫املا�ضية‪ ،‬ولكي ت�ستمعوا �إلى ق�ص�ص �آالمه‪� .‬سوف تكون لديكم �أي�ضا الفر�صة للنظر عن كثب يف ثقافة و�أ�سلوب حياة هذا البلد‬ ‫امل�سلم‪ .‬كما �ستتاح لكم فر�صة لقاء �ضحايا و�أرامل و�أيتام هذه الأمة البا�سلة‪ .‬نحن ن�ؤمن ب�شدة ب�أن معاناتهم �سوف تبكي �أعينكم‪.‬‬ ‫ونحن على يقني من �أنكم �ستن�ضمون �إلينا �أي�ضا يف حترمينا لهذه احلرب غري ال�شرعية التي ت�شن �ضد هذا ال�شعب وهذا البلد‪.‬‬ ‫�سوف تدركون �أن �شعب �أفغان�ستان امل�سلم ال ي�ستحق �أن يقتل على �أ�س�س دينية‪� .‬سوف تعرفون �أي�ضا �أنه ال يوجد �أي �شيء يتعار�ض‬ ‫مع الدين الإ�سالمي احلنيف يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬ينتظر ال�شعب الأفغاين بفارغ ال�صرب قرار هذا امل�ؤمتر ويتوقع �أن يجلب له علماء الأمة الإ�سالمية وم�شايخها‪ ،‬الذين‬ ‫اجتمعوا هنا يف �أر�ض احلرمني‪� ،‬أخبارا �سارة‪� ،‬أخبار نهاية هذه احلرب املفرو�ضة عليه‪ ،‬الأمر الذي �سيتيح للنا�س فر�صة العي�ش‬ ‫ب�أمان يف بالدهم‪.‬‬ ‫�إن الأفغان ممتنون لكم جميعا ويتمنون لكم مزيدا من النجاح‪ ،‬ويتعهدون ب�أن يكونوا �إلى جانبكم ويقدرون جهودكم من �أجل‬ ‫ال�سالم يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫بارك اهلل يف علمكم‪ ،‬وجعلكم �سبب عز للأمة الإ�سالمية‪ ،‬ور�ضي اهلل عنكم‪.‬‬ ‫�شكرا لكم‪،‬‬ ‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫كلمة‬ ‫معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد اهلل بن حميد‬ ‫إمام المسجد الحرام والمستشار في الديوان الملكي‬

‫احلمد هلل وحده وال�صالة وال�سالم على من ال نبي بعده‪ .‬وبعد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الإ�سالم دين ال�سالم وحتية الإ�سالم ال�سالم‪ ،‬والأمن والإميان قرينان} َف�أيُّ ا ْل َف ِري َقينِْ �أ َح ُّق ِبالأ ْم ِن �إِن ُكن ُت ْم َت ْع َل ُمونَ ‪ ،‬ا َّل ِذينَ‬ ‫�آ َم ُنو ْا َولمَ ْ َي ْل ِب ُ�سو ْا ِ�إ َميا َنهُم ِب ُظ ْل ٍم �أُ ْو َلـ ِئ َك َله ُ​ُم الأَ ْمنُ َوهُ م ُّم ْه َتدُونَ { والألف والالم يف قوله تعايل‪�}:‬أُ ْو َلـ ِئ َك َله ُ​ُم الأَ ْمنُ { لال�ستغراق‬ ‫ت�ستغرق جميع �أنواع الأمن‪ :‬من الأمن الإمياين والأمن الفكري والأمن االقت�صادي والأمن املعي�شي والأمن الغذائي والأمن املائي‬ ‫والأمن النف�سي وغريها مما نعرف وما ال نعرف‪.‬‬ ‫�إذن ـ �أيها احلفل الكرمي ـ ال�سالم بعد الإ�سالم والأمن بعد الإميان‪ .‬هو الأ�سا�س الأهم حلياة الأفراد والأمم والدول‪ .‬ال حياة‬ ‫ل�شعب وال قيام لدولة وال ا�ستقرار ملجتمع من غري حتقيق مناخ �آمن‪ .‬وال �سيا�سة م�ستقرة وال تنمية من�شودة �إال بال�سالم‪.‬‬ ‫ال�سالم هو الطرف الأهم الذي ت�سعى �إليه �أي حكومة لتحقيق �سيا�سة م�ستقرة‪ ،‬وقانون �سائد‪ ،‬وعدالة م�ستهدفة‪.‬‬ ‫كل �أنواع التنمية من اجتماعية واقت�صادية وزراعية وجتارية وتعليم وتربية ال ميكن حتقيقها �إال يف �أجواء الأمن وال�سالم‪،‬‬ ‫ي�ستوي يف ذلك الدولة الغنية والفقرية‪ ،‬وما �أهلك ال�شعوب وقو�ض الدول �إال النزاعات واحلروب واخل�صومات وال�صراعات‪ .‬هذه‬ ‫املهلكات التي تنغ�ص على النا�س معا�شهم وحياتهم‪ ،‬حترمهم من العي�ش الكرمي واالقت�صاد املزدهر والتجارة الرائجة الرابحة‪.‬‬ ‫ال ميكن احلديث عن ال�شباب وم�ستقبلهم وطموحاتهم �إال يف �أجواء الأمن وال�سالم‪� .‬إبداعهم ومبادراتهم وابتكاراتهم ال ميكن‬ ‫تبنيها وت�شجيعها وال بنا�ؤها �إال يف �أجواء ال�سالم من تناف�س �شريف وت�شجيع وا�سع وحياة وادعة واعدة‪ .‬كل هذا وغريه ال يكفله‬ ‫– ب�إذن اهلل وتوفيقه وعونه – �إال مناخ ال�سالم‪.‬‬ ‫�أيها احل�ضور الكرمي‪،‬‬ ‫ال�س ْل ِم َك�آ َّف ًة َو َال َت َّت ِب ُعو ْا‬ ‫وكل هذه امل�صالح واملكا�سب والغايات قد دل عليها قول احلق عز �ش�أنه } َيا �أَ ُّيهَا ا َّل ِذينَ �آ َم ُنو ْا اد ُْخ ُلو ْا يِف ِّ‬ ‫ُخ ُط َو ِات َّ‬ ‫ال�ش ْي َط ِان �إِ َّن ُه َل ُك ْم َع ُد ٌّو ُّم ِبنيٌ{‪.‬‬ ‫هل ت�أملتم الربط بني ن�شدان ال�سلم كافة وبني �إتباع خطوات ال�شيطان‪ .‬ومن لطائف اال�ستنباط لدى �أهل العلم �أن هذه الآية‬ ‫جاءت بعد �آيات احلج والتي قال اهلل فيها‪َ } :‬ف ِ�إ َذا َق َ�ض ْي ُتم َّم َنا�سِ َك ُك ْم َف ْاذ ُك ُرو ْا اللهّ َ َك ِذ ْك ِر ُك ْم �آ َباء ُك ْم �أَ ْو �أَ َ�ش َّد ِذ ْك ًرا{‪.‬‬ ‫تذكري ًا بنعمة اهلل على �أهل الإ�سـالم بعد �إ�سالمهم حينما كـان �أهـل اجلـاهلية فـي احلج ال يذكرون �إال املفاخر مب�آثر �آبائهم‬ ‫و�أجدادهم وحروبهم اجلاهلية ونزاعاتهم ومفاخرهم الآثمة‪ .‬وملزيد من البيان والربط ا�سرتجعوا قول نبينا محمد عليه ال�صالة‬ ‫وال�سالم يف املو�سم نف�سه ويف املوقف العظيم موقف عرفة‪( :‬ال ترجعوا بعدي كفار ًا ي�ضرب بع�ضكم رقاب بع�ض)‪.‬‬ ‫�إنها خطوات ال�شيطان التي تن�شر يف النفو�س العداوة‪ ،‬حتى يقاتل امل�سلم �أخاه امل�سلم‪ ،‬وحتى يكون القاتل واملقتول يف النار‪.‬‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪25‬‬


‫ال�ش ْي َطانَ َين َز ُغ َب ْي َنه ُْم ِ�إنَّ َّ‬ ‫�إنها خطوات ال�شيطان التي قال اهلل فيها‪َ } :‬و ُقل ِّل ِع َبا ِدي َي ُقو ُلو ْا ا َّل ِتي ِه َي �أَ ْح َ�سنُ ِ�إنَّ َّ‬ ‫ال�ش ْي َطانَ َكانَ‬ ‫ِلإ ْن َ�س ِان َع ُد ًّوا ُّم ِبي ًنا{‪.‬‬ ‫ل ِ‬ ‫�أيها الأخوة‪ ،‬من �أجل هذا جاءت ال�شريعة املطهرة ب�سد كل طريق يف�ضي �إلى النزاع والفرقة‪ ،‬وو�ضعت ال�ضوابط حلقن الدماء‬ ‫وحفظ املجتمعات واحتاد الكلمة‪.‬‬ ‫�إن رعاية ال�سالم‪ ،‬بجميع �صوره ومراحله‪ ،‬من الواجبات ال�شرعية املنوطة يف املقام الأول بالعلماء وال�سا�سة على حد قوله تعالى‪:‬‬ ‫} َو ْاع َت�صِ ُمو ْا ِب َح ْب ِل اللهِّ َجمِ ي ًعا َو َال َت َف َّر ُقو ْا َو ْاذ ُك ُرو ْا ِن ْع َم َة اللهِّ َع َل ْي ُك ْم �إِ ْذ ُكن ُت ْم �أَ ْع َداء َف�أَ َّل َف بَينْ َ ُق ُلو ِب ُك ْم َف�أَ ْ�ص َب ْح ُتم ِب ِن ْع َم ِت ِه �إِ ْخ َوا ًنا‬ ‫َو ُكن ُت ْم َع َل َى َ�ش َفا ُح ْف َر ٍة ِّمنَ ال َّنا ِر َف�أَن َق َذ ُكم ِّم ْنهَا َك َذ ِل َك ُي َبينِّ ُ اللهّ ُ َل ُك ْم �آ َيا ِت ِه َل َع َّل ُك ْم َت ْه َتدُونَ {‪ ،‬واملجتمع الذي ي�سوده ال�شقاق والنزاع‬ ‫هو حق ًا على �شفا حفرة‪ ،‬و�أمره �إلى الزوال واال�ضمحالل‪.‬‬ ‫�أيها احلفل الكرمي‪ :‬م�س�ؤولية العلماء يف حتقيق ال�سلم والدعوة �إليه ون�شره تنطلق من م�سارات ثالث‪:‬‬ ‫امل�سار الأول‪ :‬مد اجل�سور بني احلكام وال�شعوب وتوثيقها و�إحكامها وحفظ احلقوق وتر�سيخ هذه العالقة التكاملية على �أ�سا�س‬ ‫العدل وحفظ احلقوق وال�سمع والطاعة باملعروف‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬و َت َعا َو ُنو ْا َع َلى ا ْل ِّرب َوال َّت ْق َوى َو َال َت َعا َو ُنو ْا َع َلى الإِ ْث ِم َوا ْل ُع ْد َو ِان{‪.‬‬ ‫امل�سار الثاين‪ :‬تبني احلوار والت�صالح بني فئات املجتمع ورموزه وقياداته وتبني املبادرات االجتماعية التي ت�صب يف م�صلحة‬ ‫الأمة من �أجل �شراكة جمتمعية خللق املناعة واملتانة وحتقيق الوعي املجتمعي املحاط بقيم الدين والعدالة وال�صدق‪.‬‬ ‫امل�سار الثالث‪ :‬بث روح الت�سامح والتعاي�ش بني �أفراد املجتمع وفئاته وطبقاته ومذاهبه و�أعراقه و�أطيافه لي�سود التعاون‬ ‫واالنطالق امل�شرتك وبناء واق متني يقوم على ال�سلم والنه�ضة والرقي‪.‬‬ ‫ولتحقق ذلك فقد ذكر بع�ض �أهل العلم واحلكمة جملة �صاحلة من التوجيهات والو�صايا ليكون التالحم �أقوى والتعاون �أوفق‬ ‫فقد قالوا‪:‬‬ ‫ينبغي االبتعاد عن اجلدل واملمارة‪ ،‬و�إظهار التعايل والتمايز‪ ،‬وتعداد املكا�سب واخل�سائر‪ ،‬بل يجب دفن املمار�سات ال�سلبية التي‬ ‫قد تظهر يف ال�ساحة‪ ،‬وعدم احلديث عنها وعن �آثارها‪ ،‬فهذا يذكي نار الفنت‪ .‬كما ينبغي �أن ال يذكر املرء نف�سه و�إخوانه �إال بخري‪،‬‬ ‫وليحفظ لإخوانه غيبتهم وليجتنب �أ�ساليب التعري�ض والتلميح ف�ض ًال عن التجريح‪.‬‬ ‫كما يجب �إدراك اختالف الأفهام‪ ،‬و�أن تباين الآراء من �سنن اهلل يف احلياة‪ .‬فال يجوز �أن يكون االختالف يف الأفهام �سبب ًا‬ ‫للتقاطع وال�شقاق‪ ،‬بل �إنه عند الت�أمل والتحقيق والتدقيق يدرك �أن �سبب ال�شقاق هو البغي والهوى والتطلع �إلى املطامع واملراتب‪.‬‬ ‫كما �أنه قد ي�أتي بع�ض �أ�صحاب النفو�س املري�ضة في�ستغلون تباين الأنظار واختالف الر�ؤى والأفكار للتنفي�س عن �أهوائهم الباطنة‬ ‫وغاياتهم امل�شبوهة ومن ثم ينقلب احلوار والنقا�ش ويتحول �إلى عناد وجدل عقيم‪.‬‬ ‫وامل�سلم ب�إ�سالمه وقر�آنه و�سنة نبيه عليه ال�صالة وال�سالم هو الأدرى والأعلم ب�سنن اهلل يف املخل�صني واملنافقني و�أ�صحاب‬ ‫الأهواء وال�صادقني‪.‬‬ ‫ومعلوم يف ر�ؤية احلكماء �أن النا�س �إذا مل يجمعهم احلق فرقهم الباطل‪ .‬و�إذ مل توحدهم عبادة الرحمن فرقهم الهوى وال�شيطان‪.‬‬ ‫و�إذا مل ي�صدقوا فـي طلب الآخرة تقاتلوا على متاع الدنيا ( ال ترجعوا بعدي كفار ًا ي�ضرب بع�ضكم رقاب بع�ض)‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫هذا هو نهج �أهل العلم‪ ،‬وهذه و�صايا احلكماء‪ ،‬وتلك هي �سنن اهلل يف الأولني والآخرين‪ ،‬واهلل غالب على �أمره‪.‬‬ ‫وقبل �أن �أنهي كلمتي البد من وقفة عند ما تقوم به بالد احلرمني ال�شريفني اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬قلب العامل الإ�سالمي‬ ‫وقبلته من خدمة ق�ضايا الأمة وقيام عالقاتها الدولية على احلر�ص على احلفاظ على كيان �أهل الإ�سالم دو ًال و�شعوب ًا من �أجل‬ ‫ال�سلم وال�سالم‪.‬‬ ‫�إنها مبا حباه اهلل من خ�صائ�ص ومنَّ عليها مبزايا يف مكانتها الدينية وقيامها على رعاية احلرمني ال�شريفني وم�شاعر امل�سلمني‬ ‫ومقد�ساتهم‪ ،‬ومبا �أنعم عليها من وزن �سيا�سي وثقل اقت�صادي‪ ،‬وعالقاتها التميز مع معظم الدول‪ .‬كل ذلك جعل لها الت�أثري‬ ‫الكبري يف ال�ساحة الدولية والإقليمية‪ ،‬فهي متلك قوة �سيا�سية ودينية واقت�صادية م�ؤثرة يف �صنع القرار ال�سيا�سي واملتغريات‬ ‫الإقليمية والدولية‪ ،‬وبخا�صة فيما يتعلق بالق�ضايا العربية والإ�سالمية‪.‬‬ ‫وبالنظر �إلى ذلك كله‪ ،‬ف�إن نهج حكومة خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز و�سمو ويل عهده ‪ -‬حفظهما اهلل‬ ‫ـ ومن خالل م�ؤ�س�ساتها الر�سمية‪ ،‬ف�إنها تدعم وبقوة قرار امل�صاحلة لإخواننا الأفغانيني‪.‬‬ ‫و�إننا لنتطلع يف هذا االجتماع املبارك �إلى التو�صل �إلى نتائج مثمرة من �أجل �شعب م�سلم عزيز كفاه ما عانى وما قا�سى‪.‬‬ ‫و�إن ح�سن املقا�صد و�صدق العزائم و�صحة التدين قادرة على ر�سم توجه مخل�ص يوثق التالحم يف م�صلحة �صادقة لبها العقيدة‬ ‫ال�صحيحة و�سياجها حكم ال�شريعة بعيدة عن جتاذب التيارات وتباين التوجهات‪.‬‬ ‫وكفى بربك هادي ًا ون�صريا‪.‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪27‬‬


‫‪28‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫إعالن المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين‬ ‫حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬ ‫جدة – مكة املكرمة‬ ‫اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫‪� 27 – 26‬شوال ‪1439‬هـ‬ ‫(‪ 11 – 10‬يوليو ‪2018‬م)‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وال�صالة وال�سلم على �سيد الأنبياء واملر�سلني نبينا محمد وعلى �آله و�صحبه ومن ا�سنت ب�سنته واهتدى‬ ‫بهديه �إلى يوم الدين‪� ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫فامتثا ًال لأمر ال�شارع احلكيم يف تعزيز الأمن وال�سلم يف املجتمع امل�سلم‪ ،‬ونبذ االقتتال والتفرق‪ ،‬وملا ندب �إليه ال�شرع احلكيم‬ ‫من الإ�صالح بني امل�سلمني ودعوتهم لالجتماع على كلمة احلق والرد �إلى �أحكام ال�شريعة عند اخل�صومة والتنازع‪ ،‬فقد عقدت‬ ‫منظمة التعاون الإ�سالمي «امل�ؤمتر العاملي لعلماء امل�سلمني حول ال�سلم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان» يف مدينتي جدة ومكة املكرمة‬ ‫خالل الفرتة ‪� 27 – 26‬شوال ‪1439‬هـ‪ ،‬املوافق ‪ 11-10‬يوليو ‪2018‬م‪ ،‬وذلك با�ست�ضافة كرمية من اململكة العربية ال�سعودية‪،‬‬ ‫وبرعاية كرمية من �صاحب ال�سمو امللكي الأمري خالد الفي�صل‪ ،‬م�ست�شار خادم احلرمني ال�شريفني‪� ،‬أمري منطقة مكة املكرمة‪،‬‬ ‫حفظه اهلل‪ ،‬انطالق ًا من دور املنظمة يف رعاية م�صالح الدول الأع�ضاء‪ ،‬وامتداد ًا مل�ساعيها يف ن�شر اخلري وتعزيز الأمن وال�سلم‬ ‫يف املجتمعات امل�سلمة وفق ما جاء يف كتاب اهلل و�سنة ر�سوله‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم‪.‬‬ ‫وتنفيذ ًا لقرار جمل�س وزراء خارجية الدول الإ�سالمية يف دورته الأربعني املنعقدة يف جمهورية غينيا كوناكري عام ‪2013‬م‪،‬‬ ‫واملُ�ؤ َّكد عليه يف جمل�س وزراء اخلارجية يف دورته اخلام�سة والأربعني يف جمهورية بنغالدي�ش ال�شعبية عام ‪2018‬م‪.‬‬ ‫وقد تدار�س امل�شاركون يف امل�ؤمتر ما يعانيه ال�شعب الأفغاين امل�سلم من �إراقة دماء م�صانة‪ ،‬و�إزهاق لنف�س مع�صومة‪ ،‬وتبديد‬ ‫مقدَّرات الدولة امل�سلمة‪ ،‬يف حالة ال يقرها الدين الإ�سالمي احلنيف الذي �أعلى مكانة الأمن وت�ضافرت ن�صو�صه الثابتة يف‬ ‫وجوب �إحالل ال�سالم يف املجتمع امل�سلم‪ ،‬ووجوب امل�صاحلة بني امل�سلمني‪ ،‬وجعلها من � َّأجل القربات �إلى اهلل جل وعال‪.‬‬ ‫وقد �صدر عن امل�شاركني يف امل�ؤمتر البيان التايل‪:‬‬ ‫‪� .1‬إن �أفغان�ستان دولة �إ�سالمية‪� ،‬أهلها م�سلمون مع�صومو الدم متطلعون لل�سالم والأمن‪ ،‬و�إن ما يجري فيها من قتل للأبرياء‪،‬‬ ‫ينايف مبادئ الإ�سالم وثوابته‪ ،‬ويناق�ض مبادئ الوحدة والت�ضامن واحلفاظ على متا�سك املجتمع امل�سلم‪.‬‬ ‫و�إننا ندعو الدول واملنظمات والنخب امل�سلمة ليقوموا بدورهم الب ّناء يف �إحالل الأمن وال�سلم يف �أفغان�ستان‪ ،‬م�ستخدمني‬ ‫�إمكاناتهم ونفوذهم يف هذا العمل اجلليل للو�صول �إلى حياة �آمنة كرمية يتعاون فيها امل�سلمون يف بناء وتنمية بالدهم وفق ما‬ ‫�أراده اهلل ور�سوله لهم‪.‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪29‬‬


‫‪ .2‬انطالقا من ن�صو�ص القر�آن وال�سنة على �أن الإ�سالم دين �سالم ورحمة‪ ،‬و�أن امل�ؤمنني ُرحما ًء َبينهُم‪ ،‬و�أن امل�سلمني دماءهم‬ ‫و�أموالهم و�أعرا�ضهم حرام‪ ،‬ف�إننا ن�ؤكد �أن الهجمات االنتحارية التي ت�ستهدف الأبرياء‪ ،‬وكذا االقتتال بني امل�سلمني عم ٌل ح َّرمه‬ ‫اهلل ور�سوله بن�صو�ص قطعية الثبوت والداللة‪ ،‬م�صداق ًا لقوله تعالى‪َ « :‬و َمن َي ْق ُت ْل ُم�ؤ ِْم ًنا ُّم َت َع ِّمدًا َف َج َزا�ؤُ ُه َج َه َّن ُم َخا ِلدًا ِفيهَا َو َغ�ضِ َب‬ ‫اللهّ ُ َع َل ْي ِه َو َل َع َن ُه َو�أَ َع َّد َل ُه َع َذا ًبا َع ِظي ًما»‪.‬‬ ‫وبناء على ذلك؛ ف�إننا ندين حالة االقتتال يف �أفغان�ستان‪ ،‬وندعو جميع �أطراف النزاع �إلى اال�ستجابة �إلى �أمر اهلل‪ ،‬جل وعال‪ ،‬يف‬ ‫وقف القتال وال�صلح بني الإخوة و�إخماد نار الفتنة‪ ،‬ف�إننا ننادي احلكومة الأفغانية وحركة طالبان بالإذعان للهدنة ووقف �إطالق‬ ‫النار وبدء املفاو�ضات الأفغانية املبا�شرة‪.‬‬ ‫يفرق‬ ‫‪ .3‬الإ�صالح بني امل�سلمني املتقاتلني من �أعظم و� ّأجل �أنواع ال ُقربات‪ ،‬لكون �إراقة الدماء من �أعظم الكبائر ومن �أعظم ما ِّ‬ ‫ال�صفوف ِّ‬ ‫وميزق الأمة و ُي�ض ِعفها‪ ،‬و�إننا بهذا ُننا�شد امل�سلمني ب�شكل عام؛ والعلماء ب�صفة خا�صة‪� ،‬أن يوا�صلوا وقوفهم احلازم‬ ‫�أمام دعاة العنف والتطرف‪ ،‬دفاع ًا عن دينهم‪ ،‬وحفاظ ًا على وحدة �أمتهم الإ�سالمية‪.‬‬ ‫‪� .4‬إن احلوار الوطني هو ال�سبيل الأمثل لإنهاء ال�صراع بني احلكومة الأفغانية وحركة طالبان‪ ،‬و�أن احلل لق�ضية �أفغان�ستان‬ ‫ونثمن ون ّ�ؤِيد يف هذا ال�صدد جهود علماء �أفغان�ستان الأخرية يف‬ ‫امل�سلمة البد �أن يتم عرب التفاهم والتفاو�ض ال�سلمي املبا�شر‪ِّ ،‬‬ ‫�إجناح امل�صاحلة الأفغانية‪ ،‬ون�شيد بجهود رئي�س جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية‪ ،‬فخامة الدكتور محمد �أ�شرف غني ودعوته‬ ‫حلركة طالبان للبدء بحوار �سلمي ومبا�شر دون �شروط م�سبقة واالعرتاف باحلركة كحزب �سيا�سي يكون هدفه �سيادة الأمن يف‬ ‫�أفغان�ستان‪ ،‬وندعو حركة طالبان لال�ستجابة لدعوة حكومة �أفغان�ستان الإ�سالمية لتج ّنب العنف‪ ،‬ووقف القتال واجللو�س على‬ ‫طاولة احلوار للتفاو�ض‪ ،‬كما ن�ؤكد على ما ورد يف الفقرة (رابع ًا) من قرار جممع الفقه الإ�سالمي الدويل التابع ملنظمة التعاون‬ ‫الإ�سالمي رقم (‪ )195-204‬بتاريخ (‪ 19-15‬محرم ‪1435‬هـ) يف دورته احلادية والع�شرين ملجل�س املجمع املت�ضمنة ما ن�صه‪:‬‬ ‫«الت�أكيد على �أ�سلوب احلوار ح�سبما جاء يف القرار ذي الرقم ‪ )8/19(182‬و�سيلة لف�ض اخلالفات والنزاعات ال�سيا�سية‪ ،‬ويف‬ ‫العالقة بني القيادات احلاكمة والرعية والأحزاب املختلفة وعدم اللجوء �إلى العنف والقوة وال�سالح بني �أبناء الأمة والبلد الواحد‬ ‫واالبتعاد عن التع�صب والطائفية واحلزبية ال�ضيقة»‪.‬‬ ‫‪ .5‬نتقدم بال�شكر اجلزيل للمملكة العربية ال�سعودية بقيادة خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز �آل �سعود‪،‬‬ ‫و�سموه ويل عهده الأمني الأمري محمد بن �سلمان‪ ،‬الهتمامهما بق�ضايا امل�سلمني يف كل مكان‪ ،‬وال�ست�ضافتهما لهذا امل�ؤمتر‪،‬‬ ‫م�شيدين مبتابعة خادم احلرمني ال�شريفني واهتمامه بالهدنة التي مت التو�صل �إليها خالل عيد الفطر املبارك بني احلكومة‬ ‫نثمن عالي ًا مواقف اململكة وجهودها‬ ‫الأفغانية وحركة طالبان‪ ،‬وننا�شد جميع الأطراف لال�ستجابة للدعوة �إلى متديدها‪ ،‬كما ِّ‬ ‫الداعمة لإحالل الأمن وال�سلم يف �أفغان�ستان‪ ،‬وال�ساعية لتهيئة �أجواء احلوار ال�سلمي و�إنهاء حالة االحرتاب و�إزهاق الأنف�س‬ ‫املع�صومة‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫‪ .6‬نتقدم بال�شكر اجلزيل ملنظمة التعاون الإ�سالمي لعقدها هذا امل�ؤمتر املهم‪ ،‬ون�شيد مب�ساعيها املقدَّرة وجهودها امل�شكورة‪،‬‬ ‫ونتطلع �إلى ا�ستمرار دورها النبيل يف حل �سلمي لق�ضية �أفغان�ستان امل�سلمة‪.‬‬ ‫‪ .7‬نطلب من معايل الأمني العام رفع برقية �شكر وتقدير خلادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبد العزيز‪ ،‬حفظه اهلل‪،‬‬ ‫وويل العهد الأمري محمد بن �سلمان‪ ،‬حفظه اهلل‪ ،‬وحكومة و�شعب اململكة العربية ال�سعودية على اال�ست�ضافة الكرمية وح�سن‬ ‫الرتتيب والتنظيم‪ ،‬وللجهود املخل�صة التي تبذلها اململكة لدعم جهود امل�صاحلة الوطنية يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫واهلل ويل التوفيق‪ ،‬وهو الهادي �إلى �سواء ال�سبيل‪.‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪31‬‬


‫المؤتمر الدولي للعلماء حول‬ ‫السلم واالستقرار في أفغانستان‬ ‫تقرير املنظمة‬

‫اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫‪ 11-10‬يوليو ‪2018‬‬

‫تنفيذ ًا للقرار ال�صادر عن جمل�س وزراء اخلارجية يف دورته الأربعني التي عُ قدت يف كوناكري بجمهورية غينيا �سنة ‪،2013‬‬ ‫والذي �أكده املجل�س يف دورته اخلام�سة والأربعني يف جمهورية بنغالدي�ش ال�شعبية‪ ،‬عقدت منظمة التعاون الإ�سالمي «امل�ؤمتر‬ ‫الدويل للعلماء من �أجل ال�سلم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان» يف مدينتي جدة ومكة املكرمة يومي‪ 26‬و‪� 27‬شوال ‪1439‬ه (‪11-10‬‬ ‫يوليو ‪ ،)2018‬وفق ًا للربنامج الوارد يف املرفق رقم (‪ .)1‬وا�ست�ضافت اململكة العربية ال�سعودية هذا امل�ؤمتر الذي عُ قد حتت رعاية‬ ‫�صاحب ال�سمو امللكي الأمري خالد الفي�صل‪ ،‬م�ست�شار خادم احلرمني ال�شريفني و�أمري منطقة مكة املكرمة‪.‬‬ ‫ت�ضمن جدول الأعمال البنود التالية‪:‬‬ ‫• تعزيز ال�سلم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‬ ‫• �إدانة الإرهاب والتطرف العنيف بجميع �صوره وجتلياته‬ ‫ح�ضر امل�ؤمتر ‪ 106‬من كبار علماء امل�سلمني قدموا من جميع بقاع العامل‪ .‬وتوجد قائمة امل�شاركني يف املرفق (‪.)2‬‬ ‫افتتح الأمني العام ملنظمة التعاون الإ�سالمي‪ ،‬الدكتور يو�سف بن �أحمد العثيمني‪ ،‬امل�ؤمتر بكلمة �أبرز فيها الهدف من عقد امل�ؤمتر‬ ‫م�ؤكد ًا �أن ذلك ي�أتي تنفيذ ًا للتكليف ال�صادر عن جمل�س وزراء اخلارجية وان�سجام ًا مع الر�ؤية ال�سيا�سية للملكة العربية ال�سعودية‬ ‫بتمتني عرى الأخوة بني �أبناء ال�شعب الأفغاين‪ ،‬وم�ساعدتهم على معاجلة �صراعاتهم وخالفاتهم الداخلية و�إ�شاعة التعاي�ش‬ ‫‪32‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫ال�سلمي والتناغم يف �أفغان�ستان‪ .‬و�أعرب الأمني العام عن تقديره العميق للدور الذي ي�ضطلع به العلماء يف حتقيق امل�صاحلة‪،‬‬ ‫معرب ًا عن امتنانه للعلماء امل�سلمني حل�ضورهم هذا امل�ؤمتر وال�ستجابتهم للحاجة امللحة �إلى امل�صاحلة يف �أفغان�ستان‪ .‬وا�ست�شهد‬ ‫الأمني العام بالقر�آن الكرمي وبالأحاديث النبوية ال�شريفة التي تطرقت �إلى دور العلماء يف تعزيز �أوا�صر الأخوة وامل�صاحلة بني‬ ‫الأطراف املتنازعة‪ ،‬داعي ًا العلماء �إلى اغتنام هذه الفر�صة لالطالع على الو�ضع يف �أفغان�ستان ومعاجلة اختالف الآراء بني‬ ‫الفقهاء حول موا�ضيع اجلهاد والقتال واال�ستخدام املفرط للقوة يف حق املدنيني‪ ،‬و�ضرورة الن�أي عن اجلماعات ال�ضالة التي‬ ‫تقرتف الفظائع وترتكب الأعمال الإرهابية با�سم الإ�سالم‪ .‬كما دعا �إلى تبيان املوقف من اتباع القيادة ال�سيا�سية واحلكومة‬ ‫ال�شرعية للدولة باعتبار ذلك واجب ًا �شرعي ًا‪.‬‬ ‫و�أعرب �شيخ احلديث مولوي قيم الدين ك�شاف‪ ،‬ممثل جمل�س علماء �أفغان�ستان‪ ،‬عن �شكره اجلزيل للأمني العام وللمملكة‬ ‫العربية ال�سعودية على ا�ست�ضافتها هذا امل�ؤمتر املهم يف هذه الظرفية املهمة‪ ،‬حيث �أ�ضحت امل�صاحلة يف �أفغان�ستان �ضرورة ملحة‬ ‫�أكرث من ذي قبل‪ .‬و�أثار انتباه امل�شاركني �إلى عقود الدمار واحلرب يف �أفغان�ستان والتي كان لها الأثر البالغ على حياة الإن�سان‬ ‫واملجتمع واالقت�صاد والن�سيج ال�سيا�سي للبالد‪� .‬إال �أن عزم ال�شعب الأفغاين على حتقيق احلياة ال�سلمية وامل�صاحلة مع املا�ضي‬ ‫وحتقيق ال�سالم بني الأطراف املتنازعة يظل را�سخ ًا‪ .‬وقد حملت ا�سرتاتيجية امل�صاحلة ال�شاملة التي و�ضعتها احلكومة الأفغانية‬ ‫�آماال جديدة لدى ال�شعب الأفغاين ويلتزم القطاع الأكرب من املجتمع الأفغاين‪ ،‬بقيادة العلماء‪ ،‬التزام ًا خال�ص ًا باغتنام هذه‬ ‫الفر�صة النادرة لتعزيز ال�سلم امل�ستدام بني جميع الطوائف املتحاربة‪.‬‬ ‫و�أعرب ال�شيخ ك�شاف‪ ،‬نيابة عن علماء �أفغان�ستان‪ ،‬عن دعم العلماء الالم�شروط جلميع مبادرات امل�صاحلة وا�ستعدادهم‬ ‫لالنخراط مع جميع الأطراف حلل اخلالفات بطريقة ودية‪ ،‬نربا�سهم يف ذلك القر�آن وال�سنة‪ .‬وطلب ال�شيخ ك�شاف من الأمني‬ ‫العام للمنظمة �أن ي�سارع �إلى عقد م�ؤمتر �آخر يف كابول متثل فيه قيادة طالبان متثي ًال وا�سع ًا‪.‬‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪33‬‬


‫¬¬و�ألقى الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز �آل ال�شيخ‪ ،‬وزير ال�ش�ؤون الإ�سالمية والدعوة والإر�شاد يف اململكة العربية‬ ‫ال�سعودية كلمة بالنيابة عن البلد امل�ضيف‪ .‬و�أكد الوزير على �أهمية امل�ؤمتر وا�سرت�شد بالثوابت الإ�سالمية لينا�شد العلماء‬ ‫باغتنام هذه الفر�صة ملعاجلة �آثار عقود طويلة من احلرب يف �أفغان�ستان وحتقيق ال�سلم الدائم و�إر�ساء نظام اجتماعي جديد‬ ‫يف املجتمع الأفغاين‪ .‬و�شدد الوزير على رف�ض جميع �أ�شكال وجتليات الإرهاب‪ ،‬وال�سيما الأعمال الإرهابية التي تقرتف با�سم‬ ‫الإ�سالم وتت�سرت حتت الرداء الزائف للجهاد الذي ال �سلطة لأحد للقيام به �إال للدولة‪.‬‬ ‫و�ألقى الدكتور �صالح بن حميد‪� ،‬إمام احلرم‪ ،‬كلمة بالنيابة عن العلماء �أبرز فيها �أهمية دور العلماء يف جهود امل�صاحلة‪ ،‬داعي ًا‬ ‫العلماء امل�سلمني �إلى الإقرار بدورهم كما ن�ص عليه القر�آن وال�سنة وال�سعي �إلى �إ�صالح ذات البني بني الأطراف املت�صارعة‪ ،‬وحل‬ ‫اخلالفات بني اجلماهري والقيادات‪ ،‬وت�شجيع ثقافة احلوار والت�سامح والأخوة يف املجتمع‪ .‬وحذر الدكتور بن حميد كذلك من‬ ‫مخاطر اخلطاب والدعاية التي �أ�ضرت بالن�سيج االجتماعي للمجتمع امل�سلم وبثت بذور اخلالف بني العلماء كذلك‪.‬‬ ‫تلت حفل االفتتاح جل�ستان مو�ضوعيتان حول‪:‬‬ ‫‪ .1‬امل�صاحلة يف الإ�سالم‪ :‬دور العلماء يف حتقيق ال�سالم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‬ ‫‪ .2‬موقف الإ�سالم من الإرهاب والتطرف العنيف‬ ‫اجلل�سة الأولى‪ :‬امل�صاحلة يف الإ�سالم‪ :‬دور العلماء يف حتقيق ال�سالم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‬

‫�أدار هذه اجلل�سة الدكتور �صالح بن عبد اهلل بن حميد‪� ،‬إمام وخطيب امل�سجد احلرام وامل�ست�شار بالديوان امللكي يف اململكة‬ ‫العربية ال�سعودية‪ .‬قال الدكتور بن حميد يف كلمته �إن الإ�سالم دين ال�سالم الذي هو �أحد ركائز ديننا وعقيدتنا‪ .‬لذلك فمن‬ ‫واجب امل�سلم �أن يحقق ال�سالم‪ ،‬ومن واجب الدولة كذلك �أن تن�شئ نظام ًا �سلمي ًا يف املجتمع‪� .‬إن ال�شقاق والنزاع يتعار�ضان مع‬ ‫مبادئ الإ�سالم وي�ؤديان يف نهاية املطاف �إلى اخلراب والفو�ضى و�إلى تقوي�ض �سبل عي�ش النا�س‪.‬‬ ‫وت�ضمنت اجلل�سة عر�ض ًا لل�شيخ محمد �إ�سماعيل لبيب‪ ،‬نائب مدير جامعة ال�سالم يف كابول تلته مناق�شات عامة للدكتور ع�صام‬ ‫‪34‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫�أحمد الب�شري‪ ،‬وزير ال�ش�ؤون الدينية يف ال�سودان �سابق ًا والرئي�س ال�سابق ملجمع الفقه الإ�سالمي يف ال�سودان‪ ،‬والدكتور �إ�سماعيل‬ ‫لطفي‪ ،‬محا�ضر يف جامعة جاال يف تايالند‪.‬‬ ‫عر�ض ال�شيخ محمد �إ�سماعيل لبيب‪ ،‬نائب مدير جامعة ال�سالم يف كابول‬

‫�ألقى ال�شيخ لبيب خطاب ًا �شام ًال حول �أهمية امل�صاحلة يف الإ�سالم‪ ،‬م�ستد ًال بن�صو�ص من القر�آن وال�سنة‪ .‬ويف معر�ض مناق�شته‬ ‫للو�ضع احلايل جلهود امل�صاحلة‪ ،‬تطرق ال�شيخ لبيب �إلى النقاط التالية‪:‬‬ ‫‪� .1‬أعدت ا�سرتاتيجية امل�صاحلة يف �أفغان�ستان بعد م�شاورات م�ستفي�ضة �أجريت خالل ال�سنوات الثالث املا�ضية مع طيف وا�سع‬ ‫يف املجتمع من القبائل والعلماء وال�سيا�سيني والأكادمييني واملجتمع املدين �إلى غري ذلك‪.‬‬ ‫‪ .2‬ويف �ضوء توجهات الر�أي العام‪ ،‬قدم املجل�س الأعلى لل�سلم تقريرا لرئي�س �أفغان�ستان يو�صي فيه باعتماد خارطة طريق‬ ‫للم�صاحلة بني الأطراف املتحاربة‪.‬‬ ‫‪ .3‬نتج عن ذلك �إطالق املفاو�ضات مع طالبان يف فرباير ‪ 2018‬حيث عقدت على مراحل متقطعة على م�ستويات متنوعة ويف‬ ‫مناطق مختلفة‪ ،‬وكان �آخرها تلك التي عقدت يف مايو ‪ 2018‬يف �إندوني�سيا‪.‬‬ ‫ويتمثل الهدف الوحيد ال�سرتاتيجية امل�صاحلة يف‪:‬‬ ‫‪� .1‬إعطاء فر�صة لل�شعب الأفغاين وللأطراف املتحاربة املختلفة‪ ،‬وهم جميعهم م�سلمون ويحر�صون على �أداء �شعائر دينهم على‬ ‫الوجه الأكمل‪ ،‬لت�سوية خالفاتهم على �ضوء تعاليم الدين الإ�سالمي‪.‬‬ ‫‪ .2‬متكني �أفغان�ستان من ال�شروع من جديد يف حياة عادية وطبيعية‪.‬‬ ‫‪� .3‬إقرار العلماء مب�س�ؤوليتهم واال�ضطالع بدورهم املنوط بهم يف ت�سوية اخلالفات و�إعداد �أر�ضيات م�شرتكة للأطراف‬ ‫املت�صارعة‪.‬‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪35‬‬


‫الدكتور ع�صام �أحمد الب�شري‪ ،‬وزير ال�ش�ؤون الدينية يف ال�سودان �سابق ًا والرئي�س ال�سابق ملجمع الفقه الإ�سالمي يف ال�سودان‬

‫قدم الدكتور الب�شري نبذة �شاملة عن التحديات التي تعرت�ض امل�صاحلة ودور العلماء يف حاالت ال�صراع والنزاع‪ .‬و�سلط الدكتور‬ ‫الب�شري ال�ضوء على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬مفهوم‪« :‬التكفري» �أ�ضر كثريا بوحدة امل�سلمني وبث الفرقة بينهم و�أجج ال�صراع يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫‪ .2‬الق�صور احلا�صل يف فهم و�إدراك املفاهيم الإ�سالمية مثل «اجلهاد» و «القتال» ي�شكل �أحد �أكرب م�صادر النزاعات املعا�صرة‪.‬‬ ‫‪ .3‬الفهم اجليد ملفهوم «الأمر باملعروف والنهي عن املنكر» ولدور ومكانة القائد �أو رئي�س الدولة هو مفتاح حل النزاعات وعملية‬ ‫احلوار التي تليها‪.‬‬ ‫‪ .4‬من الواجب الأكرب للعلماء �إر�ساء احلوار بني الأطراف املتحاربة وتوعيتهم بر�سالة الإ�سالم التي حت�ض على امل�صاحلة‪.‬‬ ‫‪ .5‬ال ميكن �أن تنجح امل�صاحلة وت�ستمر �إال �إذا بنيت على احلياد وخلت من �أوجه التحيز الديني والثقايف وال�سيا�سي واالجتماعي‪.‬‬ ‫‪ .6‬ينبغي للعلماء �أن يعلنوا بالإجماع عن حرمة النف�س الب�شرية و�أن يفتوا بو�ضوح ب�أن جميع الأعمال الإرهابية هي حرام‪.‬‬ ‫‪ .7‬ينبغي على جميع العلماء �أن يوحدوا �صفوفهم و�أن ي�سخروا نفوذهم حلمل كافة اجلماعات الأفغانية على اجللو�س �إلى طاولة‬ ‫املفاو�ضات‪.‬‬ ‫الدكتور �إ�سماعيل لطفي‪� ،‬أ�ستاذ محا�ضر يف جامعة جاال يف تايالند‬

‫حتدث الدكتور لطفي عن خربته يف ميدان حتقيق امل�صاحلة بني �أتباع الديانات املختلفة يف تايالند وعي�شهم يف وئام‪ ،‬الأمر‬ ‫الذي حتقق عرب احلوار ال�صريح وباتباع نهج منفتح وعملي يف مواجهة التحديات املطروحة ويف معاجلة �أ�سباب ال�صراع‪ .‬ن�صح‬ ‫الدكتور لطفي العلماء الأفغان بابتغاء الهدى يف القر�آن وال�سنة‪ ،‬و�أن يربطوا نزاعاتهم واختالفاتهم يف الر�أي باحلاالت امل�شابهة‬ ‫التي عرفها عهد الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم وما بعده‪ ،‬وبالتايل �إيجاد حل ينا�سب حالتهم‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫�أ�شاد الدكتور لطفي �أميا �إ�شادة بالدور الذي ا�ضطلعت به اململكة العربية ال�سعودية يف �إحالل ال�سلم واال�ستقرار يف �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫طالب ًا من املنظمة ومن اململكة اال�ستمرار يف دعم الأ�شقاء الأفغان وتوفري مثل هذا املنرب للحوار والتفاو�ض‪.‬‬ ‫بعد ذلك �أعطيت الكلمة للعلماء امل�شاركني الذين متحورت مداخالتهم العامة حول النقاط التالية‪:‬‬

‫‪� .1‬أعربوا بالإجماع عن �شكرهم للأمني العام ملنظمة التعاون الإ�سالمي وللمملكة العربية ال�سعودية على عقد هذا امل�ؤمتر‪.‬‬ ‫‪ .2‬ينبغي عقد مثل هذا امل�ؤمتر ب�شكل متواتر لتمكني العلماء على مختلف امل�ستويات من ت�شجيع املناق�شات ال�صريحة واحلرة‬ ‫ب�ش�أن التحديات التي تواجه امل�صاحلة و�أ�سباب النزاع وال�صراع‪.‬‬ ‫‪ .3‬ينبغي للعلماء �أن يدركوا امل�س�ؤوليات امللقاة على عاتقهم �أثناء ن�شوب النزاعات و�أن يكونوا على وعي بواجبهم يف و�ضع حد‬ ‫ملثل تلك الأو�ضاع‪.‬‬ ‫‪ .4‬ال غنى عن الفهم ال�صحيح لتعاليم الإ�سالم واال�ستعداد للم�صاحلة والت�صدي للنزاعات وال�صراعات من �أجل �إحالل ال�سالم‬ ‫الدائم يف املجتمع‪ .‬وعدم الفهم احلا�صل هو الذي يجعل جهود امل�صاحلة حتى الآن غري فعالة �إلى حد بعيد‪.‬‬ ‫‪ .5‬تعزيز احليادية ونبذ االنحياز ال�شخ�صي والطائفي والقبلي هما �أمران جوهريان لنجاح عملية احلوار‪.‬‬ ‫‪ .6‬حرمة النف�س الب�شرية‪ ،‬بغ�ض النظر عن �أية خلفيات‪ ،‬هي �أحد تعاليم الإ�سالم الأ�سا�سية‪ .‬ولذلك فلي�س هناك مربر لإراقة‬ ‫الدماء با�ستثناء حاالت �إنفاذ القانون واحلروب امل�شروعة التي تخو�ضها الدولة‪.‬‬ ‫‪ .7‬على العلماء �أن يحذروا من �أن يخدموا‪ ،‬دون ق�صد‪ ،‬م�صالح العنا�صر الأجنبية‪.‬‬ ‫اجلل�سة العامة الثانية‪ :‬موقف الإ�سالم من الإرهاب والتطرف العنيف‪:‬‬

‫افتتح اجلل�سة العامة الثانية ف�ضيلة ال�شيخ الدكتور �شوقي �إبراهيم عالم‪ ،‬مفتي جمهورية م�صر العربية بو�صفه مدير اجلل�سة‪.‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪37‬‬


‫قدم ال�سيد محمد قا�سم حليمي‪ ،‬ع�ضو جمل�س علماء �أفغان�ستان واملتحدث با�سمه‪ ،‬عر�ض ًا حول مو�ضوع اجلل�سة‪ ،‬فيما قدم‬ ‫الدكتور عبد ال�سالم العبادي‪ ،‬الأمني العام ملجمع الفقه الإ�سالمي الدويل‪� ،‬آراءه بعد هذا العر�ض‪.‬‬ ‫�شكر مدير اجلل�سة‪ ،‬يف مالحظاته االفتتاحية املوجزة‪ ،‬اململكة العربية ال�سعودية ومنظمة التعاون الإ�سالمي على ا�ست�ضافة‬ ‫وتنظيم م�ؤمتر العلماء‪ .‬وقد �أ�شاد �إ�شادة بالغة بخادم احلرمني ال�شريفني وويل العهد لدعمهما القوي للم�سلمني والإ�سالم‪ .‬و�أ�شار‬ ‫مدير اجلل�سة �إلى �أن �أتباع الأيديولوجيات التكفريية والإرهابية يحيدون عن م�سار الإ�سالم‪ ،‬كما �أكد على �ضرورة تقدمي ال�صورة‬ ‫ال�صحيحة للإ�سالم و�إظهار الرحمة يف التعامل مع الآخرين‪.‬‬ ‫عر�ض ال�سيد محمد قا�سم حليمي‪ ،‬ع�ضو جمل�س علماء �أفغان�ستان واملتحدث با�سمه‪:‬‬

‫بعد املالحظات املوجزة التي �أدلى بها مدير اجلل�سة‪ ،‬قدم ال�سيد محمد قا�سم حليمي عر�ضه حول موقف الإ�سالم من الإرهاب‬ ‫والتطرف العنيف‪ .‬قدم حليمي ملحة عامة عن �أفغان�ستان‪ ،‬وتركيبتها ال�سكانية‪ ،‬ف�ض ًال عن الدين‪ ،‬والأحكام الد�ستورية املتعلقة‬ ‫بالإ�سالم يف �أفغان�ستان ودور احلكومة لتعزيز االعتدال يف حل امل�شكالت‪.‬‬ ‫ذكر حليمي �أن الإ�سالم يعزز امل�صاحلة والتفاو�ض والت�سامح من �أجل تعزيز ال�سالم واال�ستقرار ويحظر التع�صب وقتل النا�س‬ ‫با�سم الدين‪ .‬وبالإ�شارة �إلى الأن�شطة الإرهابية اجلارية يف �أفغان�ستان‪ ،‬ذكر حليمي �أن احلرب امل�ستمرة يف �أفغان�ستان تدور بني‬ ‫�أفراد ال�شعب الأفغاين وهم �أنف�سهم �ضحايا هذا ال�صراع‪.‬‬ ‫كما �أطلع امل�شاركني على �أن�شطة اللجنة امل�شكلة لتنفيذ تو�صيات االجتماعات وامل�ؤمترات التي عقدت يف وقت �سابق يف مختلف‬ ‫واليات �أفغان�ستان‪ ،‬التي تقوم بها على امل�ستويات الوطنية والإقليمية والدولية‪ .‬ثم �أنهى حليمي عر�ضه معربا عن �أمله وثقته يف‬ ‫قدرة الأمة على �ضمان ال�سالم واال�ستقرار والأمن يف �أفغان�ستان وخارجها‪.‬‬ ‫الدكتور عبد ال�سالم العبادي‪� ،‬أمني عام جممع الفقه الإ�سالمي الدويل‪:‬‬

‫طرح الدكتور العبادي وجهات نظره حول املو�ضوع والعر�ض التقدميي �أي�ض ًا‪ .‬و�أ�شار �إلى �أعماله البحثية حول الإرهاب‪ ،‬و�إلى قرار‬

‫‪38‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫جممع الفقه الإ�سالمي الدويل حول الإرهاب واملبادئ الإ�سالمية ب�ش�أن �إدارة احلياة ال�سلمية وال�ش�ؤون الأخرى‪� .‬أكد الدكتور‬ ‫العبادي على �أنه ال يوجد مكان للإرهاب يف الإ�سالم‪ ،‬كما �أن الإ�سالم ي�ضمن حرمة النف�س الب�شرية‪ .‬وتابع قائال �إن التعدي على‬ ‫�شخ�ص �أو قتله بال �سبب �أمر محرم يف الإ�سالم‪ .‬وعلى امل�سلم �أن يدير �ش�ؤونه �سالكا املنهاج القومي ومتبعا طريق احلق‪ .‬واعترب‬ ‫الدكتور العبادي �أن اجلهل هو �أكرب م�شكلة �أو نقطة �ضعف لدى �أتباع الإ�سالم ودعا اجلميع �إلى تنوير �أنف�سهم باملعرفة الدقيقة‬ ‫عن الإ�سالم وتعاليم الأنبياء‪.‬‬ ‫بعد مداوالت الدكتور العبادي‪ ،‬فتح الباب للنقا�ش‪� .‬شارك عدد من العلماء وال�شيوخ احلا�ضرين يف املناق�شات و�أدلوا ب�آرائهم‬ ‫ومالحظاتهم حول الإرهاب والتطرف العنيف‪ ،‬ودور الإ�سالم يف معاجلة هذه الق�ضية‪ .‬ودعوا جميع ًا الأ�شخا�ص واجلماعات‬ ‫املنخرطة يف العنف والفو�ضى يف �أفغان�ستان ويف �أماكن �أخرى �إلى نبذ م�سار العنف وتغليب حكمتهم وااللتزام باملفاو�ضات من‬ ‫�أجل الت�سوية ال�سلمية للخالفات‪.‬‬ ‫عقب ذلك قدم امل�شاركون مالحظات وتو�صيات مهمة برزت من النقا�ش بني العلماء وال�شيوخ‪:‬‬ ‫مالحظات‪:‬‬ ‫‪ -‬الإرهاب ظاهرة جرى ت�صديرها �إلى �أفغان�ستان‪.‬‬

‫‪ .1‬تعاين جميع الدول الإ�سالمية تقريبا من التطرف الديني والتدخل الأجنبي‪.‬‬ ‫‪ .2‬تعاين الأمة الإ�سالمية من �أزمات �سيا�سية وثقافية واقت�صادية حادة‪ .‬تبقي هذه الأزمات الأمة الإ�سالمية منق�سمة‪.‬‬ ‫‪ .3‬يدعو الإ�سالم �إلى ال�سالم والأمن وال�سكينة‪� .‬أولئك الذين ينتهكون هذه املبادئ �إمنا يعتدون على حدود اهلل وعلى‬ ‫تعاليم �أنبيائه‪.‬‬ ‫‪ .4‬الأمن واال�ستقرار هما �شرطان رئي�سيان لتوفر احلياة ال�سلمية‪.‬‬ ‫‪� .5‬إن �أنبياء اهلل مل يفتحوا العامل بقوة ال�سيف و�إمنا بر�سالة ال�سالم‪.‬‬ ‫‪� .6‬إن لدى طالبان يف �أفغان�ستان ف�صائل كثرية وال ميكنها ان تهزم بع�ضها‪.‬‬ ‫‪ .7‬هناك خم�س ق�ضايا هي التي ت�سبب الإرهاب وعدم اال�ستقرار‪:‬‬ ‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪39‬‬


‫‪ .i‬ظلم القادة‪.‬‬ ‫‪� .ii‬إخفاقات العلماء‪.‬‬ ‫‪ .iii‬جهل الأمة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫‪� .iv‬سوء احلكم‪.‬‬ ‫‪ .v‬ال�شقاقات بني امل�سلمني‪.‬‬ ‫التو�صيات‪:‬‬

‫ على امل�سلمني �أن يعرفوا املبادئ ال�صحيحة للإ�سالم‪.‬‬‫ تقع على الدول م�س�ؤولية �ضمان ال�سالم واال�ستقرار‪.‬‬‫ على امل�سلمني �أن يعززوا الت�سامح والعدل واملعرفة وامل�ساءلة‪.‬‬‫ على جميع الأطراف املعنية جتنب اخلطاب امل�سيء عند الإ�شارة �إلى �أي طرف ي�شارك يف اجتماعات �أو مفاو�ضات‪.‬‬‫ على الدول الإ�سالمية �أن تركز على كيفية احلفاظ على الإ�سالم من �أيدي حفنة من الإرهابيني الذين ي�ستخدمونه لتنفيذ‬‫مخططاتهم التي لها دوافعها‪.‬‬ ‫ على امل�سلمني �أن ي�ضعوا برناجما لدح�ض االتهامات التي توجه �إلى الإ�سالم‪.‬‬‫حفل اخلتام‪:‬‬

‫�أقيم احلفل اخلتامي للم�ؤمتر يوم ‪ 11‬يوليو ‪ 2018‬يف ق�صر ال�صفا مبكة املكرمة حيث �صدر �إعالن مكة حول ال�سلم والأمن يف‬ ‫�أفغان�ستان وقد وردت فيه النقاط البارزة التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬دعوة الدول واملنظمات والنخب امل�سلمة لت�ضافر اجلهود والقيام بدورهم البناء يف �إحالل الأمن وال�سلم يف �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫م�ستخدمني �إمكاناتهم ونفوذهم يف هذا العمل اجلليل للو�صول �إلى حياة �آمنة كرمية يتعاون فيها امل�سلمون يف بناء وتنمية‬ ‫بالدهم وفق ما �أراده اهلل ور�سوله لهم‪.‬‬ ‫‪ .2‬الت�أكيد على �أن الهجمات االنتحارية التي ت�ستهدف الأبرياء‪ ،‬وكذا االقتتال بني امل�سلمني عمل حرمه اهلل ور�سوله بن�صو�ص‬ ‫قطعية الثبوت والداللة‪.‬‬ ‫‪ .3‬دعوة احلكومة الأفغانية وحركة طالبان �إلى الإذعان للهدنة ووقف �إطالق النار وبدء م�سار املفاو�ضات الأفغانية املبا�شرة‪.‬‬ ‫‪ .4‬منا�شدة امل�سلمني ب�شكل عام‪ ،‬والعلماء ب�صفة خا�صة‪ ،‬ب�أن يوا�صلوا وقوفهم احلازم �أمام دعاة العنف والتطرف‪ ،‬دفاعا عن‬ ‫دينهم‪ ،‬وحفاظا على وحدة �أمتهم الإ�سالمية‪.‬‬ ‫‪� .5‬إن احلوار الوطني هو ال�سبيل الأمثل لإنهاء ال�صراع بني احلكومة الأفغانية وحركة طالبان‪ ،‬كما �أن احلل لق�ضية �أفغان�ستان‬ ‫امل�سلمة البد �أن يتم‪ ،‬وب�شكل خا�ص‪ ،‬عرب التفاهم املتبادل والتفاو�ض ال�سلمي املبا�شر‪.‬‬ ‫‪ .6‬دعوة حركة طالبان لال�ستجابة لدعوة حكومة جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية لتجنب العنف‪ ،‬ووقف القتال واجللو�س معا على‬ ‫طاولة التفاو�ض‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫رسالة رئيس دولة أفغانستان‬ ‫الرتجمة غري ر�سمية‬

‫الدكتور يوسف العثيمين‬ ‫الأمني العام ملنظمة التعاون الإ�سالمي‬ ‫ال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪،‬‬ ‫مع التحيات الصادقة‪ ،‬أهنئ لكم إقامة مؤمتر علامء اإلسالم الناجحة التي كانت مببادرة ومساعي منظمة‬ ‫التعاون اإلسالمي بقيادتكم الحكيمة‪ ،‬فأنا نيابة عن الشعب أبرز امتناين لهذه الخطوة العظيمة التي أعتربها‬ ‫مؤثرة جدا تجاه تأمني األمن وتدعيم محادثات السالم‪.‬‬ ‫�صاحب املعايل‪،‬‬ ‫إقامة هذا املؤمتر يف الوضع الحايل كانت من الرضوريات املهمة ألن سنوات الحرب أوقعت خسائر مالية‬ ‫وبرشية جسيمة للشعب يف أفغانستان‪ .‬وكانت عائقاً للتقدم والرفاه لشعبنا‪ .‬الشك أن مثل هذه الجلسات‬ ‫ستشكل ضغوطاً‪ ،‬لرتغيب أطراف الحرب إىل محادثات السالم‪.‬‬ ‫إن الحكومة والشعب يف أفغانستان ترحبان بالبيان الختامي لهذا املؤمتر‪ ،‬وتعلنان عن استعدادهام لتنفيذه‪.‬‬ ‫فأفغانستان مستعدة للتوصل بكل عمل مثمر من أجل تحقيق السالم واالستقرار يف أفغانستان واملنطقة‪.‬‬ ‫أكرر امتناين لكم إقامة هذا املؤمتر العظيم‪ ،‬وأمتنى توسعة للتعاون بني أفغانستان ومنظمة التعاون اإلسالمي‪.‬‬ ‫مع متنيايت مبوفور الصحة والتوفيق‪.‬‬

‫ ‬

‫محمد أشرف غني‬

‫ ‬

‫رئي�س جمهورية �أفغان�ستان الإ�سالمية‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪41‬‬


‫‪42‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬


‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان ‪43‬‬


‫‪44‬‬

‫المؤتمر الدولي للعلماء حول السلم واالستقرار في أفغانستان‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.