Discussion

Page 1

‫اداب المناظرة‬

‫اداب المناظرة‬ ‫اح َدةً َو َال يَزَ الُونَ ُم ْختَلِفِينَ * إِ ﱠال َم ْن َر ِح َم َربﱡكَ‬ ‫بسم ﷲ القائل} َولَوْ َشا َء َر ﱡب َ‬ ‫ك لَ َج َع َل النﱠ َ‬ ‫اس أُ ﱠمةً َو ِ‬ ‫َولِ َذلِكَ خَ لَقَھُ ْم{ ]ھود‪.[110-118 :‬‬ ‫و لكثره االختالف بين الناس وجدت المناظرات القرار الحق و الوصول اليه‬ ‫و ھذا العلم من أرفع العلوم و أعظمھا شأنا ‪ ،‬ألنة السبيل الى معرفة االستدالل و تميز الحق من‬ ‫المحال ‪ ،‬و لوال تصحيح الوضع في الجدل لما قامت حجة و ال أتضحت محجة ‪ ،‬و ال علم‬ ‫‪1‬‬ ‫الصحيح من السقيم و ال المعوج من السقيم‬ ‫و قد كتبت ھذه السطور لسببين ‪-:‬‬ ‫االول جھل اخواننا بأدب الخالف‬ ‫الثاني عونا ألخواننا في الرد على شبھات أھل البدع و المغضوب عليھم و الضالين‬ ‫المناظرة ‪:‬‬ ‫المناظرة لغةً ‪ :‬يقال ‪ :‬ناظر فالنا ً ‪ :‬صار نظيراً له ‪ ،‬وناظر فالنا ً ‪ :‬باحثه وباراه في المجادلة ‪،‬‬ ‫وناظر الشّيء بالشّيء ‪ :‬جعله نظيراً له ‪.‬‬ ‫فالمناظرة مأخوذة من النّظير أو من النّظر بالبصيرة و نظر في الشئ أي ابصره‪.‬‬ ‫والمناظرة اصطالحا ً ‪ :‬ع ّرفھا اآلمدي بأنّھا تردد الكالم بين الشّخصين يقصد كل منھما تصحيح‬ ‫قوله وإبطال قول صاحبه ليظھر الحق ‪ ،‬وع ّرفھا طاش كبرى زاده "ھي النظر بالبصيرة من‬ ‫الجانبين في النسبة بين الشيئين إظھارا للحق"‬ ‫وقد رسم ابن خلدون في المقدمة معالم ھذا العلم‪ ،‬ومسوغاته وغاياته حين قال"فإنه لما كان‬ ‫باب المناظرة في الرد والقبول متسعا‪ ،‬وكل واحد من المتناظرين في االستدالل والجواب يرسل‬ ‫عنانه في االحتجاج‪ ،‬ومنه ما يكون صوابا ومنه ما يكون خطأ‪ ،‬فاحتاج األئمة إلى أن يضعوا‬ ‫آدابا وأحكاما يقف المتناظران عند حدودھا في الرد والقبول‪ ،‬وكيف يكون حال المستدل‬ ‫والمجيب‪ ،‬وحيث يسوغ له أن يكون مستدال‪ ،‬وكيف يكون مخصوصا منقطعا‪ ،‬ومحل اعتراضه‬ ‫أو معارضته‪ ،‬وأين يجب عليه السكوت ولخصمه الكالم واالستدالل‪ ،‬ولذلك قيل فيه إنه معرفة‬ ‫بالقواعد من الحدود واآلداب التي يتوصل بھا إلى حفظ رأي أو ھدمه‪"...‬‬ ‫و ھناك تعريف أخر ‪ :‬حوار بين شخصين أو فريقين يسعى كل منھما إلى إعالء وجھة نظره‬ ‫حول موضوع معين والدفاع عنھا بشتى الوسائل العلمية والمنطقية واستخدام األدلة والبراھين‬ ‫على تنوعھا محاوال تفنيد رأي الطرف اآلخر وبيان الحجج الداعية للمحافظة عليھا أو عدم قبولھا‬ ‫‪.‬‬ ‫و اذا لم تكن المناظرة ألظھار الحق كانت مراء و جداال و خصومه و وباال على صاحبھا‬ ‫قال اإلمام النووي – رحمه ﷲ ‪ ) : -‬مما يذم من األلفاظ المراء ‪ ،‬والجدال ‪ ،‬والخصومة (‪.‬‬ ‫قال اإلمام أبو حامد الغزالي ‪ :‬المراء طعنك في كالم الغير إلظھار خلل فيه ‪ ،‬لغير غرض سوى‬ ‫تحقير قائله وإظھار مزيتك عليه ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬وأما الجدال فعبارة عن أمر يتعلق بإظھار المذاھب وتقريرھا ‪.‬‬ ‫قال وأما الخصومة فلجاج في الكالم ‪ ،‬ليستوفي به مقصوده من مال أو غيره ‪.‬‬ ‫وتارة يكون ابتداء ً‪ ،‬وتارة يكون اعتراضا ً ‪ ،‬والمراء ال يكون إال اعتراضا ً(‬ ‫ثم قال اإلمام النووي ‪ ) :‬واعلم أن الجدال قد يكون بحق ‪ ،‬وقد يكون بباطل ‪ ،‬قال ﷲ تعالى ‪) :‬‬ ‫ب إِ ﱠال بِالﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن( سوره العنكبوت ‪46‬‬ ‫َو َال تُ َجا ِدلُوا أَ ْھ َل ْال ِكتَا ِ‬ ‫ت ﱠ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠال الﱠ ِذينَ َكفَرُوا ( غافر ‪4‬‬ ‫وقال تعالى ‪َ ) :‬ما ي َُجا ِد ُل فِي آيَا ِ‬ ‫‪ 1‬المنھاج في ترتيب الحجاج‬


‫اداب المناظرة‬

‫و الجدل في اللغة ‪ :‬المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة‪.‬مأخوذ من )جدلت الحبل إذا فتلته‬ ‫وأحكمت فتله؛ فإن كل واحد من المتجادلين يحاول أن يفتل صاحبه ويجدله بقوة وإحكام على رأيه‬ ‫الذي يراه‪ .‬فإذا اشتد اعتداد أحد المتخالفين أو كليھما بما ھو عليه من قول أو رأي أو موقف‪،‬‬ ‫وحاول الدفاع عنه‪ ،‬وإقناع اآلخرين به أو حملھم عليه سميت تلك المحاولة بالجدل‬ ‫ت ﱠ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠال الﱠ ِذينَ َكفَرُوا فَ َال يَ ْغرُرْ كَ تَقَ ﱡلبُھُ ْم فِي ْالبِ َال ِد { غافر ‪4‬‬ ‫} َما ي َُجا ِد ُل فِي آيَا ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫و قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬أبغض الرجال إلى ﷲ ‪ :‬األلد الخصم‬ ‫وقال صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬ما ضل قـوم بعد ھدى كانوا علـيه إال أوتـوا الجدل ‪ ،‬ثـم قرأ ‪َ :‬ما‬ ‫ض َربُوهُ لَكَ إِ ﱠال َجد ًَال ‪.3‬‬ ‫َ‬ ‫قال ابن عبد البر ـ رحمه ﷲ ـ تحت باب ما يكره فيه المناظرة والجدال والمراء ‪ :‬أن »اآلثار كلھا‬ ‫في ھذا الباب المروية عن النبي ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ إنما وردت في النھي عن الجدال والمراء‬ ‫في القرآن‪...‬وأما الفقه فأجمعوا على الجدال فيه والتناظر ألنه علم يحتاج فيه إلى رد الفروع على‬ ‫األصول للحاجة إلى ذلك‪ ،‬وليس االعتقادات كذلك‪ ،‬ألن ﷲ عز وجل ال يوصف عند الجماعة ـ‬ ‫أھل السنة ـ إال بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪.4«....‬‬ ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه ﷲ ‪..» :‬وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين و َمن‬ ‫بعدھم إذا تنازعوا في األمر اتبعوا أمر ﷲ تعالى في قوله‪﴿ :‬يا أيھا الذين آمنوا أطيعوا ﷲ وأطيعوا‬ ‫الرسول وأولي األمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ﷲ والرسول إن كنتم تؤمنون با‪s‬‬ ‫واليوم اآلخر ذلك خير وأحسن تأويال﴾ ]النساء ك‪.[59‬وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة‬ ‫مشاورة ومناصحة وربما اختلف قولھم في المسألة العلمية والعملية‪ ،‬مع بقاء األلفة والعصمة‬ ‫وأخوة الدين‪...‬ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تھاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة وال‬ ‫‪5‬‬ ‫أخوة «‪.‬‬ ‫دليل المناظرة من القران‬ ‫يل َربﱢكَ بِ ْال ِح ْك َم ِة َو ْال َموْ ِع َ‬ ‫} ا ْد ُ‬ ‫ظ ِة ْال َح َسنَ ِة َو َجا ِد ْلھُ ْم بِالﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن { ‪] .‬سورة النحل ‪16‬‬ ‫ع إِلَى َسبِ ِ‬ ‫‪[125 /‬‬ ‫قال ابن كثير في تفسيرھا‪)) :‬وقوله‪َ } :‬و َجا ِد ْلھُ ْم بِالﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن { أي‪ :‬من احتاج منھم إلى‬ ‫‪6‬‬ ‫مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب‪.((..‬‬ ‫وقال الشيخ ابن سعدي رحمه ﷲ‪ْ ...)) :‬‬ ‫فإن كان المدعو يرى ﱠ‬ ‫أن ما ھو عليه الحق أو كان داعية‬ ‫إلى الباطل فيجادل بالتي ھي أحسن وھي الطرق التي تكون أدعى الستجابته عقال ونقال‪ .‬ومن‬ ‫ذلك االحتجاج عليه باألدلة التي كان يعتقدھا فإنﱠه أقرب إلى حصول المقصود وأن ال تؤدي‬ ‫المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذھب بمقصودھا وال تحصل الفائدة منھا بل يكون القصد منھا‬ ‫‪7‬‬ ‫ھداية الخلق إلى الحق ال المغالبة ونحوھا((‪ .‬أھـ ‪.‬‬ ‫)فَ َم ْن َحآ ّجكَ فِي ِه ِمن بَ ْع ِد َما َجـآ َءكَ ِمنَ ْال ِع ْل ِم فَقُلْ تَ َعالَوْ ْا نَ ْد ُ‬ ‫ع أَ ْبنَآ َءنَا َوأَ ْبنَآ َء ُك ْم َونِ َسآ َءنَا َونِ َسآ َء ُك ْم‬ ‫َوأَنفُ َسنَا َوأَنفُ َس ُك ْم( }آل عمـران‪{٦١ :‬‬ ‫ب إِ ﱠال بِالﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن {العنكبوت ‪46 :‬‬ ‫} َو َال تُ َجا ِدلُوا أَ ْھ َل ْال ِكتَا ِ‬

‫‪ 2‬أخرجه البخاري ) ‪ ، ( 4523‬ومسلم ) ‪ ( 2668‬عن عائشة رضي ﷲ عنھا ‪.‬‬ ‫‪ 3‬أخرجه الترمذي ) ‪ ( 3253‬وابن ماجـه ) ‪ ( 48‬والحاكم ) ‪ ( 4472‬وصححه ‪ ،‬ووافقه الذھبي عن أبي أمامة‬ ‫رضي ﷲ عنه‬ ‫‪ 4‬جامع بيان العلم ‪113/2 :‬‬ ‫‪ 5‬مجموع الفتاوى ‪173-172/24 :‬‬ ‫‪ 6‬تفسير ابن كثير )‪(532 / 4‬‬ ‫‪ 7‬تفسير ابن سعدي )‪. (93 / 3‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫آج إِ ْب َرا ِھي َم فِي ِربﱢ ِه أَنْ آتَاهُ ّ‬ ‫ﷲُ ا ْل ُم ْلكَ إِ ْذ قَا َل إِ ْب َرا ِھي ُم َربﱢ َي الﱠ ِذي يُ ْحيِي َويُ ِميتُ‬ ‫» أَلَ ْم ت َ​َر إِلَى الﱠ ِذي َح ﱠ‬ ‫قَا َل أَنَا أُ ْحيِي َوأُ ِميتُ قَا َل إِ ْب َرا ِھي ُم فَإِنﱠ ّ‬ ‫س ِمنَ ا ْل َم ْ‬ ‫ﷲَ يَأْتِي بِال ﱠ‬ ‫ب فَبُ ِھتَ‬ ‫ت بِ َھا ِمنَ ا ْل َم ْغ ِر ِ‬ ‫ق فَأْ ِ‬ ‫ش ْم ِ‬ ‫ش ِر ِ‬ ‫الﱠ ِذي َكفَ َر َو ّ‬ ‫ﷲُ الَ يَ ْھ ِدي ا ْلقَ ْو َم الظﱠالِ ِمينَ « ‪ .‬البقرة ‪258‬‬ ‫ض َو َما بَ ْينَ ُھ َما إن ُكنتُم ﱡموقِنِينَ ‪،‬‬ ‫‪ » :‬قَا َل فِ ْرع َْونُ َو َما َر ﱡب ا ْل َعالَ ِمينَ ‪ ،‬قَا َل َر ﱡب ال ﱠ‬ ‫اوا ِ‬ ‫س َم َ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ‬ ‫س َل إِلَ ْي ُك ْم‬ ‫قَا َل لِ َمنْ َح ْولَهُ أَ َال تَ ْ‬ ‫ستَ ِم ُعونَ ‪ ،‬قَا َل َر ﱡب ُك ْم َو َر ﱡب آبَائِ ُك ُم ْاألَ ﱠولِينَ ‪ ،‬قَا َل إِنﱠ َر ُ‬ ‫سولَ ُك ُم الﱠ ِذي أُ ْر ِ‬ ‫ب َو َما بَ ْينَ ُھ َما إِن ُكنتُ ْم تَ ْعقِلُونَ ‪ ،‬قَا َل لَئِ ِن اتﱠ َخ ْذتَ إِلَھا ً َغ ْي ِري‬ ‫لَ َم ْجنُونٌ ‪ ،‬قَا َل َر ﱡب ا ْل َم ْ‬ ‫ق َوا ْل َم ْغ ِر ِ‬ ‫ش ِر ِ‬ ‫صا ِدقِينَ ‪،‬‬ ‫َألَ ْج َعلَنﱠكَ ِمنَ ا ْل َم ْ‬ ‫ت بِ ِه إِن ُكنتَ ِمنَ ال ﱠ‬ ‫ين ‪ ،‬قَا َل فَأْ ِ‬ ‫س ُجونِينَ ‪ ،‬قَا َل أَ َولَ ْو ِج ْئتُكَ بِش ْ‬ ‫َي ٍء ﱡمبِ ٍ‬ ‫اظ ِرينَ « ‪ .‬الشعراء‬ ‫َصاهُ فَإ ِ َذا ِھ َي ثُ ْعبَانٌ ﱡمبِينٌ ‪َ ،‬ونَزَ َع يَ َدهُ فَإ ِ َذا ِھ َي بَ ْي َ‬ ‫فَأ َ ْلقَى ع َ‬ ‫ضاء لِلنﱠ ِ‬ ‫صا ِدقِينَ { ]ھود‪.[32 :‬‬ ‫وح قَ ْد َجا َد ْلتَنَا فَأ َ ْكثَ ْرتَ ِجدَالَنَا فَأْتِنَا بِ َما تَ ِع ُدنَا إِنْ ُك ْنتَ ِمنَ ال ﱠ‬ ‫}يَا نُ ُ‬ ‫َ‬ ‫س َم ُع ت َ​َحا ُو َر ُك َما إِنﱠ ﱠ‬ ‫ﷲِ َو ﱠ‬ ‫شتَ ِكي إِلَى ﱠ‬ ‫س ِم َع ﱠ‬ ‫س ِمي ٌع‬ ‫ﷲُ ق ْو َل الﱠتِي ت َُجا ِدلُكَ فِي ز َْو ِج َھا َوتَ ْ‬ ‫ﷲ ُ يَ ْ‬ ‫ﷲَ َ‬ ‫}قَ ْد َ‬ ‫صي ٌر )‪ { (1‬المجادله‬ ‫بَ ِ‬ ‫} وقالوا كونوا ھوداً أو نصار تھتدوا قل ھاتوا برھانكم إن كنتم صادقين { البقرة ‪135‬‬ ‫}وقالوا لن يدخل الجنة إال من كان ھوداً أو نصارى تلك أمانيھم قل ھاتوا برھانكم عن كنتم‬ ‫صادقين { البقرة ‪111‬‬ ‫}وقالت اليھود والنصارى نحن أبناء ﷲ وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق‬ ‫{ المائده ‪18‬‬ ‫َ‬ ‫س َواء بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ْم أالﱠ نَ ْعبُ َد إِالﱠ ّ‬ ‫ش ْيئًا َوالَ‬ ‫ﷲَ َوالَ نُ ْ‬ ‫ش ِركَ بِ ِه َ‬ ‫ب تَ َعالَ ْو ْا إِ َلى َكلَ َم ٍة َ‬ ‫}قُ ْل يَا أَ ْھ َل ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫ُون ّ‬ ‫سلِ ُمونَ { ]‪ [64‬سورة آل‬ ‫ﷲِ فَإِن ت َ​َولﱠ ْو ْا فَقُولُو ْا ا ْ‬ ‫ش َھدُو ْا بِأَنﱠا ُم ْ‬ ‫يَتﱠ ِخ َذ بَ ْع ُ‬ ‫ضنَا بَ ْعضا ً أَ ْربَابًا ﱢمن د ِ‬ ‫عمران ‪.‬‬ ‫دليل المناظرة من السنه‬ ‫قال عليه الصالة والسالم‪)) :‬جاھدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم((‬ ‫قال ابن حزم ‪-‬رحمه ﷲ‪)) -‬وھذا حديث غاية في الصحة وفيه األمر بالمناظرة وإيجابھا كإيجاب‬ ‫الجھاد والنفقة في سبيل ﷲ(‬ ‫و مناظره الرسول الھل قريش و نصارى نجران‬ ‫‪8‬‬

‫»حكم تعلم ّ‬ ‫فن المناظرة«‬ ‫قال اآلمدي ‪ :‬ھذا الفن ال ش ّ‬ ‫ك في استحباب تحصيله ‪ ،‬وإنّما ال ّشك في وجوبه وجوبا ً كفائيّا ً ‪ ،‬فمن‬ ‫ألن ھذا ّ‬ ‫قال بوجوب معرفة مجادالت الفرق على الكفاية ‪ ،‬قال بوجوب التّحصيل ‪ّ ،‬‬ ‫الفن يعرف‬ ‫به كيفيّة المجادلة ‪ّ ،‬‬ ‫وإال فال ‪.‬‬ ‫وقال ّ‬ ‫ضالّة‬ ‫مال زاده تعليقا ً عليه ‪ :‬واعلم أنّه ذھب‬ ‫بعض إلى أنّ معرفة مجادالت الفرق ال ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ض ّر عن‬ ‫سنُ « وألنّھا دفع ال ّ‬ ‫ليجادلھم فرض كفاية لقوله تعالى ‪َ » :‬و َجا ِد ْل ُھم بِالﱠتِي ِھ َي أَ ْح َ‬ ‫المسلمين ‪ ،‬إذ يخاف أن يقعوا في اعتقاداتھم المض ّرة ‪ ،‬وذا فرض كفاية على من لم يكن مظنّة‬ ‫الوقوع فيه ‪ ،‬وفرض عين على من كان كذلك ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقال بعضھم ‪ :‬إنّھا حرام ألنّ العلم تابع للمعلوم ما لم يمنع عن التبعيّة ‪.‬‬ ‫حكم المناظرة باختالف الحاالت الّتي تجري فيھا ‪.‬‬ ‫قال ابن تيمية رحمه ﷲ ‪ ) :‬الجدال قد يكون واجبا أو مستحبا كما قال تعالى وجادلھم بالتى ھي‬ ‫أحسن وقد يكون الجدال محرما في الحج وغيره كالجدال بغير علم وكالجدال في الحق بعد ما‬ ‫‪9‬‬ ‫تبين(‬ ‫‪ 8‬رواه أحمد وغيره‬


‫اداب المناظرة‬

‫وقال النووي رحمه ﷲ ‪ ) :‬اعلم أن الجدال قد يكون بحق وقد يكون بباطل قال ﷲ تعالى ‪ :‬وال‬ ‫تجادلوا أھل الكتاب إال بالتي ھي أحسن وقال تعالى ‪ :‬وجادلھم بالتي ھي أحسن وقال ﷲ‬ ‫‪10‬‬ ‫تعالى‪ :‬ما يجادل في آيات ﷲ إال الذين كفروا ‪( ..‬‬ ‫»أ ّوالً ‪ -‬الوجوب«‬ ‫ً‬ ‫تكون المناظرة واجبة في حاالت منھا ‪:‬‬ ‫ق بإقامة الحجج العلميّة والبراھين القاطعة وح ّل المشكالت في الدّين ‪ ،‬لتندفع‬ ‫ نصرة الح ّ‬‫الشّبھات وتصفو االعتقادات عن تمويھات المبتدعين ومعضالت الملحدين ‪.‬‬ ‫ ومع أھل الكتاب إذا ظھرت مصلحة من إسالم من يرجى إسالمه منھم ‪ .‬وھي فرض عين‪ ،‬إذا‬‫لم يوجد سوى عالم واحد وكان أھالً للمناظرة في الحاالت الّتي تجب فيھا ‪.‬‬ ‫وتجب كذلك إذا عيّن الحاكم عالما ً لمناظرة أھل الباطل وكان أھالً لذلك ‪.‬‬ ‫ت ‪ :‬منھا إذا كان ھناك من أھل العلم غير واحد قادر على‬ ‫وتكون فرض كفاية في حاال ٍ‬ ‫المناظرات الواجبة ‪ ،‬وحينئ ٍذ فقيام واحد منھم يكفي لسقوط الحرج عن الباقين ّ‬ ‫وإال أثم الجميع‬ ‫بتركه ‪.‬‬ ‫قال العالمة ابن حزم ‪-‬رحمه ﷲ‪)) :-‬وال غيظ أغيظ على الكفار والمبطلين من ھتك أقوالھم‬ ‫بالحجة الصادعة وقد تھزم العساكر الكبار والحجة الصحيحة ال تغلب أبدا فھي أدعى إلى الحق‬ ‫وأنصر للدين من السالح الشاكي واألعداد الجمة((‬ ‫»ثانيا ً ‪ -‬النّدب«‬ ‫ق وتأييده ‪ ،‬ومع غير المسلمين الّذين يرجى‬ ‫ت منھا ‪ :‬تأكيد الح ّ‬ ‫والمناظرة تكون مندوبةً في حاال ٍ‬ ‫إسالمھم ‪.‬‬ ‫»ثالثا ً ‪ -‬الحرمة«‬ ‫ق ورفع الباطل ‪ ،‬وقھر مسلم ‪ ،‬وإظھار علم‬ ‫ت منھا ‪ :‬طمس الح ّ‬ ‫تكون المناظرة مح ّرمةً في حاال ٍ‬ ‫‪ ،‬ونيل دنيا أو مال أو قبول ‪ .‬او مناظرة طالب العلم المبتدئ ألھل االھواء او الجدال في االسماء‬ ‫و الصفات‬ ‫ قال تعالى ‪ } :‬وھم يجادلون في ﷲ وھو شديد المحال{ الرعد ‪13‬‬‫ قال تعالى ‪} :‬ما يجادل في آيات ﷲ إال الذين كفروا فال يغررك تقلبھم في البالد { غافر ‪4‬‬‫والمراد بھذا الخوض في كيفيتھا أو تأويلھا أو تحريفھا أو تشبيه ﷲ بخلقه أو االعتماد في‬ ‫إثبات الصفات ونفيھا على العقل ‪.‬‬ ‫قال البغوي في شرح السنة ) ‪ ) : ( 216 / 1‬واتفق علماء السلف من أھل السنة على النھي‬ ‫عن الجدال والخصومات في الصفات وعلى الزجر عن الخوض في علم الكالم وتعلمه (‬ ‫قال مالك رحمه ﷲ ‪ " :‬أدركت أھل ھذا البلد _ يعني المدينة _ وھم يكرھون المناظرة والجدل‬ ‫‪11‬‬ ‫إال فيما تحته عمل "‬ ‫عن أبي ھريرة عن النبي قال ‪ " :‬المراء في القرآن كفر " وفي رواية " الجدال في القرآن‬ ‫‪12‬‬ ‫كفر "‬ ‫‪ 9‬مجموع الفتاوى ) ‪( 107 / 26‬‬ ‫‪ 10‬األذكار ) ص ‪ 896 / 2 ) ( 531 – 530‬تحقيق الھاللي (‬ ‫‪ 11‬رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ) ‪( 232 / 19‬‬ ‫‪ 12‬أخرجه أحمد ) ‪ ( 286 ، 258 / 2‬وأبو داود ) ‪ ( 610 / 2‬برقم ) ‪ ( 4603‬وابن أبي شيبة في المصنف ) ‪/ 6‬‬ ‫‪ ( 142‬وابن حبان ) ‪ ( 324 / 4‬والحاكم في المستدرك ) ‪ ( 243 / 2‬والبيھقي في شعب اإليمان ) ‪( 416 / 2‬‬ ‫وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذھبي‬


‫اداب المناظرة‬

‫قال ابن حبان في صحيحه في تفسير الحديث ) ‪ ) : ( 324 / 4‬إذا مارى المرء في القرآن أداه‬ ‫ذلك ‪ -‬إن لم يعصمه ﷲ ‪ -‬إلى يرتاب في اآلي المتشابه منه وإذا ارتاب في بعضه أداه ذلك إلى‬ ‫الجحد فأطلق صلى ﷲ عليه وسلم اسم الكفر الذي ھو الجحد على بداية سببه الذي ھو المراء (‬ ‫• قال أبي قالبة رحمه ﷲ ‪ ) :‬ال تجالسوا أھل األھواء ‪ ،‬وال تجادلوھم ‪ ،‬فـإنـي ال آمن أن‬ ‫يغمسوكم في الضاللة ‪ ،‬أو يلبسوا عليكـم في الدين بعض ما لبس عليھم ( ‪.‬‬ ‫• و قال الحسن البصري ‪ ،‬ومحمد بن سيرين ‪ ) :‬ال تجالسوا أصحاب األھواء ‪ ،‬وال‬ ‫تجادلوھم ‪ ،‬وال تسمعوا منھم ( ‪.‬‬ ‫• وقال األوزاعي ‪ ) :‬إذا أراد ﷲ بقوم شراً ألزمھم الجدل ‪ ،‬ومنعھم العمل (‬

‫يقول أبي محمد عبد ﷲ بن محمد األندلسي القحطاني‪:‬‬ ‫تفن عمرك في الجدال مخاصما ‪ .... 0000 ....‬إن الجـدال يـخـل بـاألديـان‬ ‫ال ِ‬ ‫واحذر مجادلـة الرجـال فإنھـا ‪ .... 0000 ....‬تدعو إلـى الشحنـاء والشنـآن‬ ‫وإذا اضطررت إلى الجدال ولم تجد‪.... 0000 ....‬لك مھربا وتالقت الصفان‬ ‫فاجعل كتاب ﷲ درعا سابغا‪.... 0000 ....‬والشرع سيفك وابد في الميدان‬ ‫والسنة البيضاء دونك جنة‪.... 0000 ....‬واركب جواد العزم في الجوالن‬ ‫واثبت بصبرك تحت ألوية الھدى‪.... 0000 ....‬فالصبر أوثق عدة اإلنسان‬ ‫واطعن برمح الحق كل معاند ‪ .... 0000 ....‬در الفارس الطعان‬ ‫واحمل بسيف الصدق حملة مخلص ‪ .... 0000 ....‬متجرد غير جبان‬ ‫واحذر بجھدك مكر خصمك إنه ‪ .... 0000 ....‬كالثعلب البري في الروغان‬ ‫أصل الجدال من السؤال وفرعـه ‪ .... 0000 ....‬حسن الجواب بأحسـن التبيـان‬ ‫ال تلتفت عند السـؤال وال تعـد ‪ .... 0000 ....‬لفـظ السـؤال كالھمـا عيبـان‬ ‫وإذا غلبت الخصم ال تھـزأ بـه ‪ .... 0000 ....‬فالعجب يخمد جمـرة اإلحسـان‬ ‫فلربما انھزم المحـارب عامـدا ‪ .... 0000 ...‬ثم انثنى فسطا علـى الفرسـان‬ ‫واسكت إذا وقع الخصوم وقعقعوا ‪ .... 0000 ...‬فلربما ألقوك في بحران‬ ‫ولربما ضحك الخصـوم لدھشـة ‪ .... 0000 ....‬فاثبت وال تنكل عـن البرھـان‬ ‫فإذا أطالوا في الكالم فقل لھم ‪.... 0000 ....‬إن البالغة لجمت ببيان‬ ‫ال تغضبن إذا سئلت وال تصـح ‪ .... 0000 ....‬فكالھمـا خلـقـان مذمـومـان‬ ‫واحذر مناظرة بمجلـس خيفـة ‪ .... 0000 ....‬حتـى تبـدل خيـفـة بـأمـان‬ ‫ناظر أديبا منصفـا لـك عاقـال ‪ .... 0000 ....‬وانصفه أنت بحسب مـا تريـان‬ ‫ويكـون بينكمـا حكيـم حاكمـا ‪ .... 0000 ....‬عـدال إذا جئـتـاه تحتكـمـان‬ ‫ثمرة المناظرة الصحيحة‬ ‫‪ .1‬ھداية الضالين الى صراط رب العالمين‬ ‫ي من اعتكاف شھر ‪.‬‬ ‫ذكر عن بعض السلف قال ‪ :‬إلن أرد رجالً عن رأي سيئ أحب إل ﱠ‬ ‫‪ .2‬انتشار المنھج كما حدث مع االمام بن حزم الظاھرى و نشره لمذھبه في ربوع‬ ‫االندلس بالمناظرات‬ ‫‪ .3‬رجوع المخالف كما حدث مع االمام بن عباس و الخوارج‬ ‫‪ .4‬اثراء البحث العلمي‬ ‫‪ .5‬كشف الحق‬


‫اداب المناظرة‬

‫يقول الحافظ الذھبي ‪ ) :‬إنما وضعت المناظرة لكشف الح ﱢ‬ ‫ق ‪ ،‬وإفاد ِة العالِم األذكى العل َم‬ ‫األغفل األضعفَ (‪.‬‬ ‫لمن دونه ‪ ،‬وتنبي ِه‬ ‫َ‬ ‫‪ .6‬تعلم العلم‬ ‫قال عمر ابن عبد العزيز " ما رأيت رجال الح الرجال إال أخذ بجوامع الكلم"‪ .‬وقيل إلبن‬ ‫عباس رضي ﷲ عنه "بما نلت العلم؟"‪ ،‬قال‪" :‬بقلب عقول ولسان سئـُول"‪ .‬ولذلك قالوا "‬ ‫مستح ومستكبر‪ ،‬فالمستحي يمنعه حياءه أن يسأل والمستكبـر‬ ‫ال يطلب العلم رجالن‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫يمنعه الكبر أن يسأل"‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قال الخليل بن أحمد الفراھيدي ‪ :‬إِذا كنتَ الَ تَ ْد ِري ‪َ ،‬ول ْم تَ ُ‬ ‫ك بِال ِذي ‪ ...‬يُسائِ ُل َم ْن يَ ْد ِري ‪،‬‬ ‫فَ َك ْيفَ إِذاً تَ ْد ِري‬ ‫‪ .7‬قال اإلمام المزني ـ رحمه ﷲ ـ ‪»:‬ال تعدو المناظرة إحدى ثالث‪ :‬إما تثبيت لما يديه‪،‬‬ ‫أو انتقال من خطأ كان عليه‪ ،‬أو ارتياب فال يقدم من الدين على شك‪ .‬قال‪ :‬وكيف‬ ‫ينكر المناظرة من لم ينظر فيما به يردھا؟«‪13‬‬ ‫شروط المناظرة‪:‬‬ ‫األول‪ :‬أن يجمع بين خصمين متضادين ‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬أن يأتي كل خصم في نصرته لنفسه بأدلة ترفع شأنه وتعلي مقامه فوق خصمه‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬أن تصاغ المعاني والمراجعات صوغا ً لطيفا‪.‬‬ ‫التحذير من المناظرة‬ ‫تجنب المناظرة ما استطعت فأنھا مزله اقدام وقد كان كثير من السلف يھابون المناظرة‪ ،‬فقد‬ ‫كان محمد ابن سيرين إذا جاءه عمر بن عبيد من أھل االعتزال‪ ،‬يضع إصبعيه إلى صماخة‬ ‫إذنيه‪ ،‬ويقول‪ :‬أخشى أن يقع ذلك في قلبي‪ ،‬وال ينبغي التوسع في مثل ھذه المناظرات‪ ،‬إنما‬ ‫تكون على سبيل إقامة الحجة على أھل الضالل وإظھار دين ﷲ تعالى‪ ،‬وھذا ال ينبغي‬ ‫لإلنسان أن يكثر سماعه للمناظرات‪ ،‬ربما يقع في شبه وشبھات وضالالت‪.‬‬ ‫ار فِي ِھ ْم إِالﱠ ِم َرا ًء َ‬ ‫ت فِي ِھ ْم ِم ْنھُ ْم أَ َحدًا{ )الكھف(‪.‬‬ ‫ظا ِھرًا َوال تَ ْستَ ْف ِ‬ ‫}فَال تُ َم ِ‬ ‫الل بَ ِعي ٍد{ )الشورى(‪.‬‬ ‫}إِ ﱠن الﱠ ِذينَ يُ َمارُونَ فِي السﱠا َع ِة لَفِي َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫}فَبِأَيﱢ آال ِء َربﱢكَ تَتَ َما َرى{ )النجم(‪.‬‬ ‫}قَالُوا بَلْ ِج ْئنَاكَ بِ َما َكانُوا فِي ِه يَ ْمتَرُونَ {‪.‬‬ ‫} َذلِكَ ِعي َسى اب ُْن َمرْ يَ َم قَوْ َل ْال َح ﱢ‬ ‫ق الﱠ ِذي فِي ِه يَ ْمتَرُونَ { )مريم(‪.‬‬ ‫} ھَا أَ ْنتُ ْم ھَ ُؤ َال ِء َجاد َْلتُ ْم َع ْنھُ ْم فِي ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا فَ َم ْن ي َُجا ِد ُل ﱠ‬ ‫ﷲَ َع ْنھُ ْم يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة أَ ْم َم ْن يَ ُك ُ‬ ‫ون‬ ‫َعلَ ْي ِھ ْم َو ِك ً‬ ‫يال )‪ {(109‬النساء‬ ‫}أَفَتُ َمارُونَهُ َعلَى َما يَ َرى{ )النجم(‪.‬‬ ‫ق فَأ َ ْ‬ ‫اط ِل لِيُ ْد ِحضُوا بِ ِه ْال َح ﱠ‬ ‫ب{ )غافر(‪.‬‬ ‫خَذتُھُ ْم فَ َك ْيفَ َكانَ ِعقَا ِ‬ ‫} َو َجا َدلُوا بِ ْالبَ ِ‬ ‫} َوال تُ َجا ِدلْ ع َْن الﱠ ِذينَ يَ ْختَانُونَ أَنفُ َسھُ ْم إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ ال ي ُِحبﱡ َم ْن َكانَ َخ ﱠوانًا أَثِي ًما{ )النساء(‪.‬‬ ‫اطينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْ لِيَائِ ِھ ْم لِيُ َجا ِدلُو ُك ْم َوإِ ْن أَ َ‬ ‫ط ْعتُ ُموھُ ْم إِنﱠ ُك ْم لَ ُم ْش ِر ُكونَ { )األنعام(‪.‬‬ ‫} َوإِ ﱠن ال ﱠشيَ ِ‬ ‫تفن عمرك في الجدال مخاصما ‪ .... 0000 ....‬إن الجـدال يـخـل بـاألديـان‬ ‫ال ِ‬ ‫واحذر مجادلـة الرجـال فإنھـا ‪ .... 0000 ....‬تدعو إلـى الشحنـاء والشنـآن‬ ‫وإذا اضطررت إلى الجدال ولم تجد‪.... 0000 ....‬لك مھربا وتالقت الصفان‬ ‫فاجعل كتاب ﷲ درعا سابغا‪.... 0000 ....‬والشرع سيفك وابد في الميدان‬

‫‪ 13‬جامع بيان العلم ‪132/2 :‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫والسنة البيضاء دونك جنة‪.... 0000 ....‬واركب جواد العزم في الجوالن‬ ‫جاء رجل إلى الحسن البصري فقال ‪" :‬يا أبا سعيد إني أريد أن أخاصمك‪ .‬فقال الحسن‪ :‬إليك‬ ‫عني فإني قد عرفت ديني إنما يخاصمك الشاك في دينه" ‪.‬‬

‫فن المناظرة‬ ‫‪ .1‬أخالص النيه ‪s‬‬ ‫أسئل نفسك ھل نيتك خالصه ‪ s‬او ھناك نصيب للشھره ؟‬ ‫قال اإلمام المزني ـ رحمه ﷲ ـ ‪ »:‬وحق المناظرة أن يراد بھا ﷲ عز وجل‪ ،‬وأن يقبل‬ ‫منھا ما يتبين«‪14‬‬ ‫‪ .2‬أجعل نيتك اظھار الحق و بعيدا عن الرياء و المباھاة‬ ‫} فَھَدَى ﱠ‬ ‫ﷲُ الﱠ ِذينَ آ َمنُوا لِ َما ْ‬ ‫اختَلَفُوا فِي ِه ِمنَ ْال َح ﱢ‬ ‫ق بِإ ِ ْذنِ ِه { )البقرة‪(213:‬‬ ‫و على المتناظرين أخالص النية باالنقياد الى الحق‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫} فَبَ ﱢشرْ ِعبَا ِد )‪ (17‬الﱠ ِذينَ يَ ْستَ ِمعُونَ ْالقَوْ َل فَيَتﱠبِعُونَ أَحْ َسنَهُ أولَئِكَ الﱠ ِذينَ ھَدَاھُ ُم ﱠ‬ ‫ﷲُ َوأولَئِكَ ھُ ْم أولُو‬ ‫ب )‪ { (18‬الزمر‬ ‫ْاألَ ْلبَا ِ‬ ‫و اال يجادلوا و قد ثبت أن الحق بخالف ما يقولون‬ ‫}يجادلونك في الحق بعدما تبين{ االنفال ‪6‬‬ ‫قال الشافعي ‪" :‬ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ" "ما ناظرت أحداً ّإال وددت أن يظھر ّ‬ ‫ﷲ‬ ‫الح ّ‬ ‫ق على يديه" ) ما كلمت أحداً قطّ إال أحببت أن يُوفّق ويُس ّدد ويُعان ‪ ،‬وتكون عليه رعاية ﷲ‬ ‫ْت ! أَ َ‬ ‫وحفظه ‪.‬وما ناظرني فبالَي ُ‬ ‫ت الح ّجةُ على لسانه أو لساني ( )ما ناظرت أحداً فقبل مني‬ ‫ظھَ َر ِ‬ ‫الحجﱠة إال عظم في عيني ‪ ،‬وال ر ﱠدھا إال سقط في عيني(‪.‬‬ ‫" رأيي صواب يحتمل الخطأ ‪ ،‬ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"‬ ‫قال عبد الغنى‪" :‬لما رددت على ابى عبد ﷲ الحاكم االوھام التى في المدخل إلى الصحيح بعث‬ ‫‪15‬‬ ‫إلى يشكرني ويدعو لى فعلمت انه رجل عاقل‪".‬‬ ‫قال االمام الغزالي في شروط المناظرة ‪:‬أن يكون كل طرف من طرفي المناظرة في طلب الحق‬ ‫كناشد ضالة‪ ،‬ال يفرق بين أن تظھر الضالة على يده أو على يد من يعاونه‪ ،‬فھو يرى في رفيقه‬ ‫‪ 14‬جامع بيان العلم ‪132/2 :‬‬ ‫‪ 15‬تذكرة الحفاظ‬


‫اداب المناظرة‬

‫معينا وساعدا في الوصول للحق ال خصما‪ ،‬فلذلك يشكره إذا نبھه لموضع الخطأ‪ ،‬وأظھر له‬ ‫الحق‪ ،‬كما لو سلك طريقا خطأ في طلب ضالته‪ ،‬فنبھه صاحبه إلى أن ضالته سلكت الطريق‬ ‫اآلخر فإنه يسر به ويشكره‪..‬ثم قال‪.. :‬واعلم أن المناظرة لقصد الغلبة والتظاھر بالعلم والفضل‬ ‫والتشدق عند الناس وقصد المباھاة ھي‪ :‬منشأ جميع األخالق المذمومة عند ﷲ‪ ،‬المحمودة عند‬ ‫عدو ﷲ إبليس‪ ،‬ونسبتھا للفواحش من الكبر والعجب والحسد وحب الجاه وغير ذلك كنسب شرب‬ ‫‪16‬‬ ‫الخمر للفواحش الظاھرة من الزنا‪ ،‬والقتل والسرقة‬ ‫ق عبادة ‪.‬‬ ‫وجاء في ر ّد المحتار ‪ :‬المناظرة في العلم لنصرة الح ّ‬ ‫و قال إبن بطة العكبري رحمه ﷲ **‪ " :‬فالذي يلزم المسلمين في مجالسھم ومناظراتھم في‬ ‫أبواب الفقه واألحكام تصحيح النية بالنصيحة واستعمال اإلنصاف والعدل ومراد الحق الذي قامت‬ ‫به السماوات واألرض فمن النصيحة أن تكون تحب صواب مناظرك ويسوؤك خطأه كما تحب‬ ‫الصواب من نفسك ويسوؤك الخطأ منھا فإنك إن لم تكن كذلك كنت غاشا ألخيك ولجماعة‬ ‫المسلمين وكنت محبا أن يُخطأ في دين ﷲ وأن يكذب عليه وال يصيب الحق في دين ﷲ وال‬ ‫‪17‬‬ ‫يصدق ‪" ..‬‬ ‫قال اإلمام ابن الجوزي رحمه ﷲ تعالى‪ ..) :‬ومن ذلك‪ :‬أن المجادلة إنما وضعت ليستبين‬ ‫الصواب‪ ،‬وقد كان مقصود السلف المناصحة بإظھار الحق‪ ،‬وقد كانوا ينتقلون من دليل إلى دليل‪،‬‬ ‫‪18‬‬ ‫وإذا خفي على أحدھم شيء نبھه اآلخر‪ ،‬ألن المقصود كان إظھار الحق(‪.‬‬ ‫‪ .3‬العلم‬ ‫فيشترط العلم لمن يناظر و يعلم نقاط القوه و الضعف لدى الخصم و الثوابت و الفروع‬ ‫َ‬ ‫ْس لَ ُك ْم بِ ِه ِع ْل ٌم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ يَ ْعلَ ُم َوأ ْنتُ ْم َال‬ ‫اججْ تُ ْم فِي َما لَ ُك ْم بِ ِه ِع ْل ٌم فَلِ َم تُ َحاجﱡ ونَ فِي َما لَي َ‬ ‫} ھَا أَ ْنتُ ْم ھَ ُؤ َال ِء َح َ‬ ‫تَ ْعلَ ُمونَ )‪ {(66‬ال عمران‬ ‫}وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق{ غافر ‪5‬‬ ‫ان أَتَاھُ ْم َكب َُر َم ْقتًا ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ت ﱠ‬ ‫ﷲِ بِ َغي ِْر س ُْل َ‬ ‫ﷲِ َو ِع ْن َد الﱠ ِذينَ آ َمنُوا{ )غافر‪:‬‬ ‫}الﱠ ِذينَ ي َُجا ِدلُونَ فِي آيَا ِ‬ ‫ط ٍ‬ ‫‪.(35‬‬ ‫علم فتخرجوه لنا {االنعام ‪148‬‬ ‫} قل ھل عندكم من ٍ‬ ‫ثم قال‪ " :‬إيه يا عدى بن حاتم ؟ ألم تك ركوسيا ‪ 19‬؟ " قال قلت‪ :‬بلى‪.‬‬ ‫قال‪ " :‬أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع ؟ " قال قلت‪ :‬بلى‪.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫قال‪ " :‬فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك " قال‪ :‬قلت أجل وﷲ‪.‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم‪) :‬وكل من لم يناظر أھل اإللحاد والبدع مناظرة تقطع دابرھم لم يكن أعطى‬ ‫اإلسالم حقه وال وفى بموجب العلم واإليمان وال حصل بكالمه شفاء الصدور والطمأنينة في‬ ‫النفوس وال أفاد كالمه العلم واليقين(ا‪.‬ھـ‬ ‫و كان السلف ) ينھون عن المجادلة و المناظرة إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة و‬ ‫جواب الشبھة ( ‪. 21‬‬ ‫‪ 16‬إحياء علوم الدين‬ ‫‪ 17‬في اآلداب المرعية في المناظرة‬ ‫‪" 18‬معالم في طريق طلب العلم"‪ ،‬تأليف عبد العزيز بن محمد السدحان‪ ،‬ص‪ 239‬و‪240‬‬ ‫‪ 19‬و ھو دين وسط بين النصرانية و الصابئه ال يعرفه اال القله القليله‬ ‫‪ 20‬السيرة النبوية ل بن كثير‬ ‫‪21‬‬

‫الدرء ‪173/7‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫‪ .4‬أجاده فن المناظرة‬ ‫فال يكفي العلم بل البد من اجاده فن المناظره ‪ ،‬و كم من عالم ال يتمكن من المناظرة لعدم علمه‬ ‫بفن المناظرة ‪ ،‬و ال ينفع فن المناظرة بدون علم فھما كالروح و الجسد ال غنى ألحدھما عن‬ ‫األخر‬ ‫‪ .5‬البداية بالبسمله و الصاله و السالم على رسول ﷲ‬ ‫‪ .6‬صاله الحاجه‬ ‫و لھا سحر عجيب و مدد من الواحد االحد الفرد الصمد و تفتح على العبد علوم لم يكن يعرفھا‬ ‫‪22‬‬

‫‪ .7‬ان تحتج بالكتب التى يعتقدھا‬ ‫} كل الطعام كان حالً لبني إسرائيل إال ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة‬ ‫قل فأتوا بالتوراة فاتلوھا إن كنتم صادقين { ال عمران ‪94‬‬ ‫فأن كان يھوديا تحتج على سبيل المثال بالعھد القديم و التلمود ‪ ،‬و أن كان نصرانيا تحتج‬ ‫بالعھد الجديد و العھد القديم ‪ ،‬أن كان يدعي االسالم الزمه بالكتاب و السنه و ھكذا‬ ‫و من كان شيعيا كان ملزما بكتبھم مثل االستبصار و الصحيفة السجادية و الكافي و بحار‬ ‫األنوار و كتاب الجفر الجامع و من ال يحضره الفقيه و معاني االخبار و المجالس و علل‬ ‫الشرائع و تحفه العقول و وسائل السيعة‬ ‫و المنتمي لتنظيم الجھاد ملزم بالكتاب و السنه و اقوال السلف و كتب شيوخ التنظيم مثل "‬ ‫العمدة في إعداد العدة للجھاد " و "الجامع في طلب العلم الشريف" و حديثا "حركة المقاومة‬ ‫االسالمية العالمية "‬ ‫فال تحتج على نصرانيا مثال بالقران مثال و ال انجيل برنابا فأنه ال يعتقد بصحته‬ ‫و ال على الشيعي بصحيح البخاري و مسلم‬ ‫و المشاھد لزكريا بطرس يجده يستشھد بكتب على انھا اسالمية رغم انھا كتبت بيد قسيسين‬ ‫مثل "دائرة المعارف االسالمية " لعدد من المستشرقين و"تاريخ الشعوب االسالمية " لكارل‬ ‫بروكلمان و "دراسات اسالمية" لجولد تسھير و "حياة محمد" لمحمد حسين ھيكل و الذي ھو‬ ‫ترجمه ممسوخة لكتاب حياة محمد ل "وليم موير"‬ ‫و كان االمام أحمد في مناظرته للمتكلمه يقول ‪ " :‬أعطوني شيئًا من كتاب ﷲ وسنة رسوله"‬ ‫و من ھذا مناظرة عمر للخوارج وفيه ‪ » :‬قالوا ‪ :‬خالفت أھل بيتك وسميتھم الظلمة‪ ،‬فإما أن‬ ‫يكونوا على الحق أو يكونوا على الباطل؟‪ ،‬فإن زعمت أنك على الحق وھم على الباطل‬ ‫فالعنھم وتبر أ منھم‪ ،‬فإن فعلت فنحن معك وأنت منا‪ ،‬وإن لم تفعل فلست منا ولسنا منك‪.‬‬ ‫فقال عمر ‪ :‬إني قد علمت أنكم لن تتركوا األھل والعشائر وتعرضتم القتل والقتال إال وأنتم‬ ‫ترون أنكم مصيبون ولكنكم أخطأتم وضللتم وتركتم الحق‪ ،‬أخبروني عن الدين أواحد أو‬ ‫اثنان؟ قالوا ‪ :‬ال بل واحد‪ ،‬قال ‪ :‬فليسعكم في دينكم شيء يعجز عني؟ قالوا ‪ :‬ال ‪.‬قال ‪:‬‬ ‫أخبروني عن أبي بكر وعمر ما حالھما عندكم؟ قالوا ‪ :‬أفضل أسالفنا أبو بكر وعمر‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫‪ 22‬من أسباب كتابة ھذه السطور أنى ناقشت أحد الفرق فلم أجد لكالمي تأثير فلما راجعت نفسي و جدت أن أكثر‬ ‫استداللي كان بكالم الشيوخ االلباني و بن باز و بن عثيمين و ھذه الفرقه)رغم قولھا أنھا سلفية( ال تأخذ باقوالھم ‪،‬‬ ‫فجعلت كل استداللي من الكتاب و السنه و كالم السلف الصالح فوجدت استجابه سريعة و بحثت عن أكبر و أوثق‬ ‫كتاب لھم و درسته و ناقشتھم من ھذا الكتاب فانقطعوا و الحمد ‪s‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫ألستم تعلمون أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم لما توفي ارتدت العرب فقاتلھم أبو بكر فقتل‬ ‫الرجال وسبى الذرية والنساء‘ قالوا ‪ :‬بلى‪ ،‬قال عمر بن عبد العزيز ‪ :‬فلما توفي أبو بكر قام‬ ‫عمر رد النساء والذراري على عشائرھم‪ ،‬قالوا ‪ :‬بلى‪ ،‬قال عمر ‪ :‬فھل تبرأ عمر من أبي بكر‬ ‫ولعنه بخالفه إياه؟ قالوا ‪ :‬ال‪ ،‬قال ‪ :‬فتتولونھما على اختالف سيرتھما؟ قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬قال عمر ‪:‬‬ ‫فما تقولون في بالل بن مرداس ؟ قالوا ‪ :‬من خير أسالفنا بالل بن مرداس‪ ،‬قال ‪ :‬أفلستم قد‬ ‫علمتم أنه لم يزل كافا عن الدماء واألموال وقد لطخ أصحابه أيديھم في الدماء واألموال فھل‬ ‫تبرأت إحدى الطائفتين من األخرى أو لعنت إحداھما األخرى؟ قالوا ‪ :‬ال‪ ،‬قال ‪ :‬فتتولونھما‬ ‫جميعا على اختالف سيرتھما؟ قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬قال عمر ‪ :‬فأخبروني عن عبد ﷲ بن وھب‬ ‫الراسبي حين خرج من البصرة ھو وأصحابه يريدون أصحابكم بالكوفة فمروا بعبد ﷲ بن‬ ‫خباب فقتلوه وبقروا بطن جاريته ثم عدوا على قوم من بني قطيعة فقتلوا الرجال وأخذوا‬ ‫األموال وغلوا األطفال في المراجل وتأولوا قول ﷲ ﴿إنك إن تذرھم يضلوا عبادك وال يلدوا‬ ‫إال فاجرا كفارا﴾ ثم قدموا على أصحابھم من أھل الكوفة وھم كافون عن الفروج والدماء‬ ‫واألموال‪ ،‬فھل تبرأت إحدى الطائفتين من األخرى أو لعنت إحداھما األخرى؟ قالوا ‪ :‬ال‪ ،‬قال‬ ‫عمر ‪ :‬فتتولونھما على اختالف سيرتھما؟ قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬قال عمر ‪ :‬فھؤالء الذين اختلفوا بينھم‬ ‫في السيرة واألحكام لم يتبرأ بعضھم من بعض على اختالف سيرتھم ووسعھم ووسعكم ذلك ‪،‬‬ ‫وال يسعني حين خالفت أھل بيتي في األحكام والسيرة حتى ألعنھم وأتبرأ منھم؟ أخبروني عن‬ ‫اللعن أفرض على العباد؟ قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬قال عمر ألحدھما ‪ :‬متى عھدك بلعن فرعون؟ قال ‪ :‬ما‬ ‫لي بذلك عھد منذ زمان‪ ،‬قال عمر ‪ :‬ھذا رأس من رؤوس الكفر ليس لك عھد بلعنه منذ‬ ‫زمان‪ ،‬وأنا ال يسعني ألعن من خالفتھم من أھل بيتي! وذكر تمام الخبر«‪.23‬‬ ‫‪ .8‬حدد موضوع المناظرة‬ ‫فال تجعل المناظرة مفتوحه تناقش فيھا كل نقاط االختالف‬ ‫فاذا كنت تناقش نصرانيا فھل االفضل جعل موضوع الحديث مفتوحا ام تحديد موضوع معين‬ ‫مثل "ھل صلب المسيح" "النساء بين النصرانية و االسالم" "الوھية المسيح" ؟‬ ‫ركز على موضوع المناظرة و ليس شخصية من يناظرك‬ ‫‪ .9‬ال تسمح له بتغيير الموضوع‬ ‫و ھو ما يسميه العلماء "حيده"عن المناظرة‬ ‫فقد تناقش النصراني مثال في الوھيه المسيح و تطرح عليه دليال فيذھب بك الى حديث االفك‬ ‫و صحه انجيل برنابا و رواية دافنشي و اخبار االنتخابات االمريكيه و احداث ‪ 11‬سبتمبر‬ ‫فتمر الساعات دون فائده‬ ‫انظر الى صنيع سيدنا موسى مع فرعون الذي كان يريد تغيير موضوع المناظرة و استفزاز‬ ‫موسى الى موضوع أخر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ض َو َما بَ ْينَھُ َما إِ ْن ُك ْنت ْمُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رْ‬ ‫ت َواأل‬ ‫ال فِرْ عَوْ ُن َو َما َربﱡ ال َعال ِمينَ )‪ (23‬ق َ‬ ‫} قَ َ‬ ‫اوا ِ‬ ‫ال َربﱡ ال ﱠس َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ال إِ ﱠن‬ ‫ال َر ﱡب ُك ْم َو َربﱡ آَبَائِ ُك ُم ْاألَ ﱠولِينَ )‪ (26‬قَ َ‬ ‫ال لِ َم ْن َحوْ لَهُ أَ َال تَ ْستَ ِمعُونَ )‪ (25‬قَ َ‬ ‫ُموقِنِينَ )‪ (24‬قَ َ‬ ‫َرسُولَ ُك ُم الﱠ ِذي أُرْ ِس َل إِلَ ْي ُك ْم لَ َمجْ نُ ٌ‬ ‫ب َو َما بَ ْينَھُ َما إِ ْن ُك ْنتُ ْم‬ ‫ون )‪ (27‬قَ َ‬ ‫ق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫ال َربﱡ ْال َم ْش ِر ِ‬ ‫ال لَئِ ِن اتﱠ ْ‬ ‫ال أَ َولَوْ ِج ْئتُكَ بِ َش ْي ٍء‬ ‫خَذتَ إِلَھًا َغي ِْري َألَجْ َعلَنﱠكَ ِمنَ ْال َم ْسجُونِينَ )‪ (29‬قَ َ‬ ‫تَ ْعقِلُونَ )‪ (28‬قَ َ‬ ‫ان ُمبِ ٌ‬ ‫َصاهُ فَإ ِ َذا ِھ َي ثُ ْعبَ ٌ‬ ‫ين )‪(32‬‬ ‫ت بِ ِه إِ ْن ُك ْنتَ ِمنَ الصﱠا ِدقِينَ )‪ (31‬فَأ َ ْلقَى ع َ‬ ‫ين )‪ (30‬قَ َ‬ ‫ال فَأْ ِ‬ ‫ُمبِ ٍ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اظ ِرينَ {"‬ ‫َونَ َز َع يَ َدهُ فإِذا ِھ َي بَي َ‬ ‫ْضا ُء لِلن ِ‬ ‫‪ 23‬جامع بيان العلم ‪130-129/2 :‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫يقول اإلمام أبو الوفاء بن عقيل البغدادي الحنبلي في "كتاب الجدل" فأما آدابه )يقصد الجدل(‬ ‫التي إذا استعملھا الخصم وصل بغيته‪ ،‬وإن لم يستعملھا كثر غلطه واضطرب عليه أمره‪:‬‬ ‫تحديد السؤال والجواب‪ ،‬وترك المداخلة ‪ ،24‬واإلمھال إلى أن يأتي الخصم على آخر كالمه‪،‬‬ ‫وينتظم آخر معانيه‪ ،‬واإلقبال على خصمه واإلصغاء إليه دون غيره‪ ،‬وأن ال يخرج من مسألة‬ ‫إلى أخرى حتى يستوفي الكالم في األولى‪ ،‬واستعمال الحسن الجميل دون التشنيع والتقبيح‪،‬‬ ‫وحفظ المقول‪ ،‬لئال تجري مناكرة لما قيل‪ ،‬أو دعوى ما لم يقل‪ ،‬وال يغير كالمه بما يحيل‬ ‫المعنى‪ ،‬وال يلغو في نوبته‪ ،‬ألن ذلك يعمي عين البصيرة ويكسر حدة الخاطر"‪.‬‬ ‫أنظر الى سيدنا نوح مع قومه و ھم يغيرون الموضوع و يحاولون استفزازه لتغيير‬ ‫َ‬ ‫ال يَا قَوْ ِم ا ْعبُ ُدوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َما لَ ُك ْم ِم ْن إِلَ ٍه َغ ْي ُرهُ إِنﱢي أخَ ُ‬ ‫اف‬ ‫الموضوع } لَقَ ْد أَرْ َس ْلنَا نُوحًا إِلَى قَوْ ِم ِه فَقَ َ‬ ‫ين )‪ (60‬قَا َل يَا قَوْ ِم‬ ‫ال ْال َم َألُ ِم ْن قَوْ ِم ِه إِنﱠا لَن َ​َراكَ فِي َ‬ ‫اب يَوْ ٍم َع ِظ ٍيم )‪ (59‬قَ َ‬ ‫َعلَ ْي ُك ْم َع َذ َ‬ ‫ض َال ٍل ُمبِ ٍ‬ ‫ص ُح لَ ُك ْم َوأَ ْعلَ ُم‬ ‫ت َربﱢي َوأَ ْن َ‬ ‫ْس بِي َ‬ ‫لَي َ‬ ‫ض َاللَةٌ َولَ ِكنﱢي َرسُو ٌل ِم ْن َربﱢ ْال َعالَ ِمينَ )‪ (61‬أُبَلﱢ ُغ ُك ْم ِر َس َاال ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ِمنَ ﷲِ َما َال تَ ْعلَ ُمونَ )‪{ (62‬االعراف‬ ‫أن القران يعلمنا كيف نجيب على شبھات االخرين بدون الخروج عن الموضوع } َوإِ َذا فَ َعلُوا‬ ‫ﷲَ َال يَأْ ُم ُر بِ ْالفَحْ َشا ِء أَتَقُولُونَ َعلَى ﱠ‬ ‫ﷲُ أَ َم َرنَا بِھَا قُلْ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫اح َشةً قَالُوا َو َج ْدنَا َعلَ ْيھَا آَبَا َءنَا َو ﱠ‬ ‫ﷲِ َما‬ ‫فَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫صينَ لَهُ‬ ‫ْج ٍد َوا ْد ُعوهُ ُم ْخلِ ِ‬ ‫َال تَ ْعلَ ُمونَ )‪ (28‬قلْ أ َم َر َربﱢي بِالقِس ِ‬ ‫ْط َوأقِي ُموا ُوجُوھَ ُك ْم ِع ْن َد ُكلﱢ َمس ِ‬ ‫ال ﱢدينَ َك َما بَدَأَ ُك ْم تَعُو ُدونَ )‪{ (29‬االعراف‬ ‫‪ .10‬أختر من تناظر‬ ‫فھناك من ال ھم له اال اضاعة الوقت في المناظرات و ال يعود عن رأيه بل ينشر الشبھات و‬ ‫ال يقتنع ‪ ،‬مثل مؤتمرات حقوق االديان و الفاتيكان‬ ‫قال األمام الشافعي _ رحمه ﷲ تعالى_‪-:‬‬ ‫إذا ما كنت ذا فضل وعلـم بما اختلف األوائل واألواخرْ‬ ‫سكون حليما ال تلـ ﱠج وال تكابـرْ‬ ‫فناظر من تناظر في‬ ‫ٍ‬ ‫امتنان من النكت اللطيفة والنوادرْ‬ ‫يفيدك ما استفاد بال‬ ‫ٍ‬ ‫وإياك اللجوح ومن يرائـي بأني قد غلبت ومن يفاخـرْ‬ ‫فإن الشر في جنبات ھـذا يمني بالتقاطـع والتدابـرْ‬ ‫قال ابن عقيل الحنبلي ‪ ) :‬احذر ممن إذا غلبت عليه حال من األحوال ‪ ،‬استحال حتى لم‬ ‫يظھر فيه تقييد العقل عن الشطح ‪ ،‬وإن غضب تأسد ‪ ،‬فلم يبق فيه ما يكفه عن الصول ‪ ،‬وإن‬ ‫اعتراه الھم ‪ ،‬خرج بصورة رخم ساقطا ً على ما وجد من المطاعم ‪ ،‬ال يلوي عن تناول‬ ‫المستقذارات في الطبع والمكروھات في الشرع‪ ،‬وإن عرض بھا طالب الحق ومقتضى‬ ‫الشرع راغ روغان الثعلب ‪ ،‬ال يمزج روغانه ثبات ‪ ،‬وال إصغاء على إذعان ‪،‬وال استجابة‬ ‫لھذا الشأن ‪ ،‬فھذا ال يدخر عنده اإلحسان ‪ ،‬ألنه كالوعاء المخترق ‪ ،‬وال يرجى منه‬ ‫الخير‪.‬فاحذر معاشرة أمثاله ‪ ،‬فإنه من أعظم األخطار ‪ ،‬ومجموع ھذا في كلمة ‪ :‬ال تعاشر‬ ‫متلونا ً ( ‪.‬‬ ‫ْر ُ‬ ‫ف ُر ْتبَةَ َغي ِْر ِه ((‬ ‫قال اإلمام الذھبي ‪َ )) :‬‬ ‫الجا ِھ ُل الَ يَعلَ ُم ُر ْتبَةَ نَ ْف ِسه ‪ ،‬فَ َك ْيفَ يَع ِ‬ ‫‪ .11‬ناظر من ھو كفء لك‪.‬‬

‫‪ 24‬المقاطعة‬


‫اداب المناظرة‬

‫فقد تتلجلج اذا ناظرت من تھابه ‪ ،‬و لن تكسب شيئا بمناظره العوام‪ .‬و أصل المناظرة من مناقشه‬ ‫من ھو نظير لك ‪ .‬الن طالب العلم الصغير يقف موقف المتعلم امام شيخه و ال يقدر على رد‬ ‫الحجه بالحجه‬ ‫ً‬ ‫قال االمام الشافعي رحمه ﷲ ‪ ) :‬ما جادلت عالما إال وغلبته ‪ ،‬وما جادلني جاھل إال غلبني ! (‬ ‫صدﱢيقاً‬ ‫ب إِب َْرا ِھي َم إِنﱠهُ َكانَ ِ‬ ‫و راع االدب أن كنت تناظر من ھو أكبر سنا او علما } َو ْاذ ُكرْ فِي ْال ِكتَا ِ‬ ‫ت إِنﱢي‬ ‫نَبِيًّا )‪ (41‬إِ ْذ قَ َ‬ ‫ص ُر َو َال يُ ْغنِي َع ْنكَ َش ْيئًا )‪ (42‬يَا أَبَ ِ‬ ‫ت لِ َم تَ ْعبُ ُد َما َال يَ ْس َم ُع َو َال يُ ْب ِ‬ ‫ال ِألَبِي ِه يَا أَبَ ِ‬ ‫ت َال تَ ْعبُ ِد ال ﱠش ْي َ‬ ‫طانَ إِ ﱠن‬ ‫ص َراطًا َس ِويًّا )‪ (43‬يَا أَبَ ِ‬ ‫قَ ْد َجا َءنِي ِمنَ ْال ِع ْل ِم َما لَ ْم يَأْتِكَ فَاتﱠبِ ْعنِي أَ ْھ ِدكَ ِ‬ ‫ال ﱠش ْي َ‬ ‫ت إِنﱢي أَخَ ُ‬ ‫اف أَ ْن يَ َمسﱠكَ َع َذابٌ ِمنَ الرﱠحْ َم ِن فَتَ ُكونَ‬ ‫صيًّا )‪ (44‬يَا أَبَ ِ‬ ‫طانَ َكانَ لِلرﱠحْ َم ِن َع ِ‬ ‫لِل ﱠش ْي َ‬ ‫ال أَ َرا ِغبٌ أَ ْنتَ ع َْن آَلِھَتِي يَا إِب َْرا ِھي ُم لَئِ ْن لَ ْم تَ ْنتَ ِه َألَرْ ُج َمنﱠكَ َوا ْھجُرْ نِي َملِيًّا‬ ‫ان َولِيًّا )‪ (45‬قَ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ون ﱠ‬ ‫)‪ (46‬قَ َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ال َس َال ٌم َعلَ ْيكَ َسأ َ ْستَ ْغفِ ُر لَكَ َربﱢي إِنﱠهُ َكانَ بِي َحفِيًّا )‪َ (47‬وأَ ْعت َِزلُ ُك ْم َو َما تَ ْد ُعونَ ِم ْن ُد ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َوأَ ْد ُعو َربﱢي َع َسى أال أكونَ بِ ُدعَا ِء َربﱢي َشقِيّا )‪ {(48‬مريم‬ ‫ت‬ ‫فانظر الى الرفق و اللين مع االب رغم كفره و تكرار يَا أَبَ ِ‬ ‫و طلب محمد بن الحسن الشيباني من الشافعي أن يناظره فقال الشافعي ‪ :‬اني أجلك عن المناظرة‬ ‫قال محمد بن الحسن للشافعي‪» :‬بلغنا أنك تخالفنا في مسائل الغصب«‪ .‬فقال الشافعي‪» :‬أصلحك‬ ‫ﷲ إنما ھو شيء أتكلم به في المنارة فإني أجلك عن المناظرة«‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫ت إِنﱢي قَ ْد َجا َءنِي ِمنَ ْال ِع ْل ِم َما‬ ‫و الجاھل العامي عليه أن يتبع العالم قال سيدنا ابراھيم ‪ }: :‬يَا أَبَ ِ‬ ‫ص َراطا ً َس ِويّا ً{)مريم‪.(43:‬‬ ‫لَ ْم يَأْتِكَ فَاتﱠبِ ْعنِي أَ ْھ ِدكَ ِ‬

‫‪ .12‬و جود حكم بينكم و أصول يرجع اليھا‬ ‫ما حكم كتاب كذا ؟ ھل ھو مرجع ؟‬ ‫فقد تستدل بحديث على أحد أھل البدع فيردھا بقوله ‪" :‬الحديث ليس بمتواتر "‬ ‫او يقول كتاب كذا ليس بحجه عندي‬ ‫وقال اإلمام الشاطبي‪ ...) :‬روينا أن الخصمين إما أن يتفقا على أصل يرجعان إليه أو ال فان لم‬ ‫يتفقا على شيء لم يقع بمناظرتھما فائدة بحال ‪(...‬‬ ‫و االصل ھو الرجوع للكتاب و السنه أن كان المتناظرين مسلمين } فإن تنازعتم في شيء فردوه‬ ‫إلى ﷲ و الرسول إن كنتم تؤمنون با‪ s‬و اليوم اآلخر ذلك خير و أحسن تأويال { ‪ .‬النساء ‪59‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية _ رحمه ﷲ _ ‪ ) :‬فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما‬ ‫تنازعوا فيه إلى ﷲ و الرسول ‪ ،‬فأي القولين دل عليه الكتاب و السنة وجب اتباعه ( ‪. 26‬‬ ‫و ال يجوز التحاكم إلى عقول الناس ألن العقول متفاوتة في الفھم و اإلدراك ‪ ،‬و ي االستقامة و‬ ‫االنحراف و لذا حسم ﷲ األمر في المرجعية عند التنازع و ال كالم مع كالم ﷲ _ تعالى _ و ھو‬ ‫أعلم بخلقه منھم بأنفسھم ‪.‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم ‪ ) :‬و ھذا ألن الناس ال يفصل بينھم النزا َع إال كتاب من السماء ‪ ،‬و إذا ردوا إلى‬ ‫عقولھم فلكل واحد منھم عقل ( ‪.27‬‬ ‫وكان أبو ھريرة يتوضأ مما مست النار‪ ،‬فبلغ ذلك ابن عباس‪ /‬فأرسل إليه‪ :‬أرأيت لو أخذت‬ ‫دھنة طيبة فدھنت بھا لحيتي أكنت متوضئاً؟ قال أبو ھريرة‪ :‬يا ابن أخي‪ ،‬إذا حدثت بالحديث‬ ‫عن النبي فال تضرب له األمثال جدالً‪.‬‬

‫‪ 25‬المقلد ال يجتھد اال في اختيار من يقلده‬ ‫‪ 26‬الفتاوي ‪12/20‬‬ ‫‪ 27‬الدرء ‪229/1‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫فأن كان غير مسلم كأن يكون يھوديا او نصرانيا فتناظره من كتبه و باالدلة العقلية و البراھين و‬ ‫من امثله االدله العقلية‬ ‫!‪-‬السبر والتقسيم كما في قوله تعالى ‪ } :‬أم خلقوا من غير شيء أم ھم الخالقون{ وقوله تعالى ‪:‬‬ ‫}اطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عھداً{ وقوله ‪} :‬آ‪ s‬أذن لكم أم على ﷲ تفترون {‬ ‫ب – التالزم كما في قوله تعالى ‪ } :‬قل يا أھل الكتاب لم تكفرون بآيات ﷲ وأنتم تشھدون{‬ ‫وقوله تعالى ‪ :‬لو كان فيھما آلھة إال ﷲ لفسدتا وقوله تعالى ‪ :‬قل لو أن عندي ما تستعجلون به‬ ‫لقضي األمر بيني وبينكم وربما يسمى قياس الخلف ‪.‬‬ ‫علم فتخرجوه لنا‬ ‫ج – المطالبة بالدليل على الدعوى كما في قوله تعالى ‪ :‬قل ھل عندكم من ٍ‬ ‫َ‬ ‫د – قياس األولى ومنه قوله تعالى ‪ :‬أَولم يروا أَ ّن ﱠ‬ ‫ق ال ﱠس َم َوات واألَرض قاد ٌر على أ ْن‬ ‫ﷲ الذي خَ لَ َ‬ ‫يخلق مثلھم وقوله تعالى ‪ :‬لخلق السماوات واألرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس ال‬ ‫‪28‬‬ ‫يعلمون وقوله ‪ :‬وھو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وھو أھون عليه‬ ‫‪ .13‬التزام المناظر باألدلة الشرعية في مناظرته فال يرد الخطأ بخطأ والباطل بباطل كأن‬ ‫يستدل بما ھو مذموم في الشرع كاألحاديث الواھية واآلراء الشاذة قال شيخ اإلسالم‪:‬‬ ‫)ومن أراد أن يناظر مناظرة شرعية بالعقل الصريح فال يلزم لفظا بدعيا وال يخالف دليال‬ ‫شرعيا وال عقليا فإنه يسلك طريقة أھل السنة والحديث(ا‪.‬ھــ‬ ‫‪ .14‬إن كنت ناقالً فالصحة ‪ ،‬وإن كنت م ﱠدعيّا ً فالدليل‬ ‫صا ِدقِينَ )‪{ (4‬‬ ‫} ا ْئتُونِي بِ ِكتَا ٍ‬ ‫ار ٍة ِم ْن ِع ْل ٍم إِ ْن ُك ْنتُ ْم َ‬ ‫ب ِم ْن قَب ِْل ھَ َذا أَوْ أَثَ َ‬ ‫))قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين((‬ ‫أحرص على صحه دليلك و ال يحسن بالمرء االستدالل بدليل ضعيف فال يستقيم الظل و العود‬ ‫أعوج‬ ‫و اذا الدعاوي لم تقم بدليلھا بالنص فھى على السفاه دليل‬

‫‪ 28‬المناظرة آدابھا وقواعدھا‬


‫اداب المناظرة‬

‫‪ .15‬ال تلتفت الى من يحاول اثاره الفتنه او الشغب بل كن ملفتا بكليتك الى نظيرك غير ملتفتا‬ ‫الى الجلوس سواء مدحوك او ذموك‬ ‫اجتمع متكلمان‪ ،‬فقال أحدھما لآلخر ‪:‬‬ ‫ھل لك في المناظرة؟‬‫فقال اآلخر ‪:‬‬ ‫على شرائط ‪:‬‬‫•أالّ تغضب‬ ‫•وال تعجب‬ ‫•وال تشغب‬ ‫•وال تحكم‬ ‫•وال تُقبل على غيري وأنا أكلمك‬ ‫•وال تجعل الدعوى دليال‬ ‫ّ‬ ‫•وال تج ّوز لنفسك تأويل آية على مذھبك إال جوزت لي تأويل مثلھا على مذھبي‬ ‫•وعلى أن تؤثر التصادق‬ ‫•وتنقاد للتعارف‬ ‫•وعلى أن كال ً منا يبني مناظرته على أن الحق ضالته والرشد غايته ‪. 29‬‬ ‫و كلما كان الحضور أقل كلما استجاب المتناظرين للحق و لم يكابرا و شاھدنا ما ورد في‬ ‫ال يَا أَبَا ْال َح َك ِم َما َر ْأيَك فِي َما َس ِمعْت ِم ْن‬ ‫الروض االنف أن ْاألَ ْخنَسُ أَتَى أَبَا َجھ ٍْل فَ َدخَ َل َعلَ ْي ِه بَ ْيتَهُ فَقَ َ‬ ‫ط َع ُموا فَأ َ ْ‬ ‫اف ال ّش َرفَ أَ ْ‬ ‫ط َع ْمنَا ‪َ ،‬و َح َملُوا فَ َح َم ْلنَا‬ ‫ال َما َذا َس ِمعْت ‪َ ،‬تنَازَ ْعنَا نَحْ ُن َوبَنُو َع ْب ِد َمنَ ٍ‬ ‫ُم َح ّم ٍد ؟ فَقَ َ‬ ‫طوْ ا فَأ َ ْع َ‬ ‫‪َ ،‬وأَ ْع َ‬ ‫َان قَالُوا ‪ِ :‬منّا نَبِ ّي يَأْتِي ِه ْال َوحْ ُي‬ ‫ط ْينَا ‪َ ،‬حتّى إ َذا ت َ​َحا َذ ْينَا َعلَى ال ّر َك ِ‬ ‫ب َو ُكنّا َكفَ َر َس ْي ِرھ ٍ‬ ‫ك ِم ْث َل ھَ ِذ ِه َو َ ّ‬ ‫ِم ْن ال ّس َما ِء فَ َمتَى نُ ْد ِر ُ‬ ‫ص ّدقُهُ ‪.‬‬ ‫ﷲِ َال نُ ْؤ ِم ُن بِ ِه أَبَدًا ‪َ ،‬و َال نُ َ‬ ‫فأنظر كيف لما خال به اعترف بالحق و لم يكابر‪.‬‬

‫‪ 29‬الراغب األصفھاني (توفي ‪1108‬م) محاضرات األدباء و محاورات الشعراء و البلغاء‬


‫اداب المناظرة‬

‫و على الحضور أن يلتزموا باداب االنصات و أن يستجيبوا للحق و ال يتعصبوا لرأي‬ ‫اس ھَلْ أَ ْنتُ ْم ُمجْ تَ ِمعُونَ )‪ (39‬لَ َعلﱠنَا نَتﱠبِ ُع الس َﱠح َرةَ إِ ْن َكانُوا ھُ ُم ْالغَالِبِينَ‬ ‫مسبق} َوقِ َ‬ ‫يل لِلنﱠ ِ‬ ‫)‪{(40‬الشعراء‬ ‫فھنا قد تعصبوا للسحره و الصواب أن يقولوا لعلنا نتبع الحق أن شاء ﷲ‬ ‫يقول إمام الحرمين أبي المعالي الجويني‪ -‬رحمة ﷲ عليه – " وقوم دأبھم التطفل في المناظرة ‪،‬‬ ‫ويستنكفون عن السؤال ‪ ،‬لقصورھم فيه ‪،‬ولم يبلغوا مبلغ أن يسألوا ‪،‬وربما اليفھمون أكثر ماجرى‬ ‫‪.‬‬ ‫ينتظرون فرصة أحد الخصمين على اآلخر فيأخذون في الشغب و الصياح ‪،‬إيھاما منھم لمن‬ ‫حضر المجلس من العوام و أھل النقض أنھم من جملتھم ‪،‬وھم صفر من صناعتھم ؛ فھؤالء‬ ‫‪30‬‬ ‫اليعدون في جمله أھل الجدل و النظر ‪".‬‬ ‫‪ .16‬االنصات التام للخصم و عدم مقاطعته‬ ‫و اذا لم تنصت لخصمك فلن ينصت لك و اذا لم تستمعا الى ارائكما فما الجدوى من المناظرة‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫و لنا في رسول ﷲ اسوه حسنه لما اتى عتبة رسول ﷲ فقال يا محمد أنت خير أم عبد ﷲ فسكت‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال أنت خير أم عبد المطلب فسكت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم قال فإن كنت تزعم أن ھؤالء خير منك قد عبدوا اآللھة التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير‬ ‫منھم فتكلم حتى نسمع قولك أما وﷲ ما رأينا سخطة أشأم على قومك منك فرقت جماعتنا وشتت‬ ‫أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى طار فيھم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاھنا‬ ‫ما ينتظر األمثل صيحة الحبلى بأن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى أيھا الرجل إن كان‬ ‫إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أغنى قريش رجال وإن كان إنما بك الباءة فاختر‬ ‫أي نساء قريش فنزوجك عشرا فقال له رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أفرغت قال نعم قال فقال‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم } حم تنزيل من الرحمن الرحيم { حتى بلغ } فإن أعرضوا فقل‬ ‫‪31‬‬ ‫أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود { فقال عتبة حسبك‬ ‫و قال الحسن بن علي البنه ‪ ):‬يا بن ّي إذا جالست العلماء ؛ فكن على أن تسمع أحرص منك على‬ ‫أن تقول ‪ ،‬وتعلًم ُح ْسنَ االستماع كما تتعلم حسن الكالم ‪ ،‬وال تقطع على أحد حديثا ً ‪ -‬وإن طال ‪-‬‬ ‫حتى يُمسك (‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رأيت رجُال التقم أذن النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫قال أنس بن مالك ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬ما‬ ‫‪32‬‬ ‫فَيُنَحﱢ ي رأسه ‪ ،‬وما رأيت رجال أخذ بيده فترك يده ‪ ،‬حتى يكون الرجل ھو الذي يَدَع يده «‪.‬‬ ‫‪ .17‬ال تنكر الحق في كالم خصمك‬ ‫قد يكون في كالم خصمك نقطة سليمة فال تجادل بھا و استمعالى المناظرة بين فرعون و سيدنا‬ ‫ال أَلَ ْم نُ َربﱢكَ فِينَا َولِيدًا َولَبِ ْثتَ فِينَا ِم ْن ُع ُم ِركَ ِسنِينَ )‪َ (18‬وفَ َع ْلتَ فَ ْعلَتَكَ الﱠتِي فَ َع ْلتَ َوأَ ْنتَ‬ ‫موسى } قَ َ‬ ‫ال فَ َع ْلتُھَا إِ ًذا َوأَنَا ِمنَ الضﱠالﱢينَ )‪ (20‬فَفَ َررْ ُ‬ ‫َب لِي َربﱢي‬ ‫ت ِم ْن ُك ْم لَ ﱠما ِخ ْفتُ ُك ْم فَ َوھ َ‬ ‫ِمنَ ْال َكافِ ِرينَ )‪ (19‬قَ َ‬ ‫يل )‪{(22‬الشعراء‬ ‫ي أَ ْن َعبﱠدْتَ بَنِي إِ ْس َرائِ َ‬ ‫ُح ْك ًما َو َج َعلَنِي ِمنَ ْال ُمرْ َسلِينَ )‪َ (21‬وتِ ْلكَ نِ ْع َمةٌ تَ ُم ﱡنھَا َعلَ ﱠ‬

‫‪ 30‬الكافية في الجدل‬ ‫‪ 31‬الراوي‪ :‬جابر بن عبدﷲ المحدث‪ :‬الھيثمي ‪ -‬المصدر‪ :‬مجمع الزوائد‬ ‫خالصة الدرجة‪ :‬فيه األجلح الكندي وبقية رجاله ثقات‬ ‫‪ 32‬أبو داود‬


‫اداب المناظرة‬

‫ص ْ‬ ‫اج َعلَ ْي ِھ ْم ‪ ،‬لَ ْم يُ ْقبَلْ بَيَانُهُ ‪،‬‬ ‫قال اإلمام الكرجي القصاب ‪َ )) :‬م ْن لَ ْم يُ ْن ِ‬ ‫ف ُخصُوْ َمهُ فِي االحْ تِ َج ِ‬ ‫َوأَ ْ‬ ‫ظلَ َم بُرْ ھَانُهُ ((‬ ‫‪ .18‬ال يستأثر احد المتكلمين بالكالم‬ ‫و تجنب كل مجلس ال يتساوى فيه المتناظرين في الكالم ‪ ،‬و يسمح ألحدھم و يمنع االخر او‬ ‫يكون الكالم بمقاطعه المتحدث و عدم تمكينه من االدالء بحجته ‪ ،‬فعلى كل متحدث أن يصبر و‬ ‫ال يقاطع مناظره حتى ينتھى ‪ ،‬و له مثل ذلك‬ ‫يقول ابن عقيل ‪ ) :‬وليتناوبا الكالم مناوبة ال مناھبة ‪ ،‬بحيث ينصت المعترض لل ُمستَ ِد ّل حتى‬ ‫يفرغ من تقريره للدليل ‪ ،‬ثم ال ُمست ِدلﱡ للمعترض حتى يُقرر اعتراضه ‪ ،‬وال يقطع أحد منھا على‬ ‫اآلخر كالمه وإن فھم مقصوده من بعضه ( ‪.33‬‬ ‫و أكثر سبب لألطاله في الحديث ھو العجب بالنفس و احتقار االخرين فاالحتقار طريق االحتكار‬ ‫ويقول ابن المقفع ‪ ) :‬تَعل ﱠ ْم حُسن االستماع كما تتعلم حسن الكالم ؛ ومن حسن االستماع ‪ :‬إمھال‬ ‫المتكلم حتى ينقضي حديثه ‪ .‬وقلة التلفت إلى الجواب ‪ .‬واإلقبال بالوجه ‪ .‬والنظر إلى المتكلم ‪.‬‬ ‫والوعي لما يقول ( ‪.‬‬ ‫‪ .19‬اال ترد على الخصم اال بعد الفھم التام لما قال و أن أحتجت أن يكرر ما يقول فال حرج‬ ‫من طلب ذلك منه‬ ‫كذاك عن دخـــــــــــــــل قبيل الفھم ** ال باس من اعـــــــــــــــادة للفھم‬ ‫ قال صاحب فواتح ال ّرحموت ‪ :‬إنّ المستد ّل إذا بيّن دعواه بدليل ‪ ،‬فإن خفي على الخصم‬‫مفھوم كالمه إلجمال أو غرابة فيما استعمل استفسره ‪ ،‬وعلى المستد ّل بيان مراده عند‬ ‫االستفسار ‪ّ ،‬‬ ‫وإال يبقى مجھوالً فال تمكن المناظرة ‪.‬‬ ‫ولو كان بال نقل من لغة أو أھل عرف أو بال ذكر قرينة فإذا اتّضح مراده ‪ :‬فإن كان جميع‬ ‫صواب‪.‬‬ ‫مقدّماته مسلّمةً وال خلل فيھا بوجه ال تفصيالً وال إجماالً لزم االنقطاع للبحث وظھر ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫سند‬ ‫سند أو مقرونا ً مع ال ّ‬ ‫وإال ‪ ،‬فإن كان الخلل في البعض تفصيالً يمنع ھذا المختل مج ّرداً عن ال ّ‬ ‫‪ ،‬ويطالب بالدّليل عليه فيجاب بإثبات المقدّمة الممنوعة ‪.‬‬ ‫وإن كان الخلل فيھا إجماالً ‪ ،‬وذلك الخلل ‪ :‬إ ّما أن يتخلّف الحكم عنه في صوره فيكون الدّليل‬ ‫حينئ ٍذ أع ّم من المدّعي ‪ ،‬أو لزوم محال آخر فينقض حينئ ٍذ ويدّعي فساد الدّليل ‪ ،‬فال ب ّد من إقامة‬ ‫دليل ‪.‬‬ ‫وإ ّما بوجود دليل مقابل لدليل المستد ّل وحاكم بمنافي ما يحكم ھو به فيعارض ‪.‬‬ ‫وفي ھذين أي النّقض والمعارضة تنقلب المناصب ‪ ،‬فيصير المعترض مستدالً والمستدل‬ ‫معترضا ً ‪.‬‬ ‫نقض أو معارضة ‪.‬‬ ‫فكل بحث ‪ -‬مناظرة ‪ -‬إ ّما منع أو‬ ‫ٌ‬ ‫وفي ذلك يقول طاش كبرى زاده في منظومته في آداب البحث ‪:‬‬ ‫ثالثة لسائل مناقضة والنّقض ذو اإلجمال والمعارضة‬ ‫فمنعه الصغرى من الدّليل أو منعه الكبرى على التّفصيل‬ ‫والتّفصيل في الملحق األصول ّي ‪.‬‬ ‫ال ترد على أحد جوابا ً حتى تفھم كالمه ‪ ،‬فإن ذلك يصرفك عن جواب كالمه إلى غيره ‪ ،‬و يؤكد‬ ‫الجھل عليك ‪ ،‬و لكن افھم عنه ‪ ،‬فإذا فھمته فأجبه و ال تعجل بالجواب قبل االستفھام ‪ ،‬و ال تستح‬ ‫أن تستفھم إذا لم تفھم فإن الجواب قبل الفھم ُح ُمق ( ‪.34‬‬

‫‪ 33‬فن الجدل‬ ‫‪ 34‬جامع بيان العلم و فضله ‪148/1‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫‪ .20‬تخير االلفاظ السليمة و تجنب العامية و الكلمات غير المفھومة و الكلمات التى لھا‬ ‫معنيين و اللغات االجنبية‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫) َوأَ ِخي ھَا ُر ُ‬ ‫ُص ﱢدقنِي(‪.‬‬ ‫ص ُح ِمنﱢي لِ َسانا فأرْ ِسلهُ َم ِع َي ِردءا ي َ‬ ‫ون ھُ َو أَ ْف َ‬ ‫قال طاش كبرى زاده المتوفى سنة ‪ 968‬في كتابه )علم البحث والمناظرة( ‪:‬‬ ‫"‪ ..‬واما اداب المناظرة فتسعة اداب ‪:‬‬ ‫ناظر ان يحترز من االيجاز واالطناب وعن استعمال االلفاظ الغريبة وعن‬ ‫انه ينبغي لل ُم ِ‬ ‫المجمل وال باس باالستفسار وعن الدخل في كالم الخصم قبل الفھم وال باس باالعادة وعن‬ ‫التعرض لما ال دخل له في المقصود وعن الضحك ورفع الصوت وعن المناظرة مع اھل‬ ‫المھابة واالحترام وانه يحسب الخصم حقيرا" ‪.‬‬ ‫‪ .21‬أسئل أسئله غير متوقعه تتعلق بجانب من جوانب المناظرة‬ ‫فأن الخصم يكون حاضرا و متوقعا لعده أسئله قد حھز الرد عليھا ففاجئه بسؤال لم يعدجوابه‬ ‫ابن الحق ‪:‬‬ ‫‪ - .22‬اھدم الباطل ثم ِ‬ ‫) المناظر الذي اختار البدء بالمناظرة وشرع في االستدالل لمذھبه أوالً ‪ ،‬فإنه يقوم بالبناء‬ ‫وذكر األدلة والمقدمات لمذھبه‪.‬‬ ‫والمعترض المخالف له ال يمكنه أن يبدأ باالستدالل لمذھبه ھو بعد أن يفرغ المستدل من ذكر‬ ‫أدلته ‪ ،‬فھذا يؤدي إلى تعارض األدلة ‪ ،‬وسقوطھا ‪ ،‬وتعطل المناظرة ‪ ،‬واإلخالل بوظائف‬ ‫وحقوق المستدل والمعترض‪.‬‬ ‫وھذا أيضا ً ال يحصل به مقصود المناظرة من النصح وتمييز الصحيح من الفاسد ‪ ،‬ورد‬ ‫المخطئ إلى الحق‪ ،‬ألن المعترض لم يبين للمستدل فساد قوله وبطالن أدلته على ما ساقه له‪.‬‬ ‫فإذا واجب المعترض أوالً النقض والرد والھدم ‪ ،‬ثم البناء وتصحيح قوله بذكر أدلته ‪.‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم بان تيمية ‪ " :‬فإن الدليل إن لم تقرر مقدماته ويجاب عما يعارضھا لم يتم"‪.‬‬ ‫وقال أيضا ً ‪ " :‬فإن المبتدع الذي بنى مذھبه على أصل فاسد متى ذكرت له الحق الذي عندك‬ ‫ابتداءاً أخذ يعارضك فيه ‪ ،‬لما قام في نفسه من الشبھة ‪.‬‬ ‫فينبغي إذا كان المناظر مدعيا ً أن الحق معه أن يبدأ بھدم ما عنده ‪ ،‬فإذا انكسر وطلب الحق‬ ‫فأعطه إياه ‪ ،‬وإال فما دام معتقداً نقيض الحق لم يدخل الحق إلى قلبه ‪ ،‬كاللوح الذي كتب فيه‬ ‫‪35‬‬ ‫كالم باطل ‪ ،‬أمحه أوالً ‪ ،‬ثم اكتب فيه الحق (‬ ‫‪ .23‬ادخال الشك في نفس الخصم‬ ‫كأن تقول للنصراني كيف ثالثة يكونون واحد و كما قال الخليل ابراھيم ‪:‬‬ ‫ال إِب َْرا ِھي ُم ألَبِي ِه آزَ َر أَتَتﱠ ِخ ُذ أَصْ نَا ًما آلِھَةً { اتتخذ االحجار الھه ؟؟؟‬ ‫} َوإِ ْذ قَ َ‬ ‫و الظاھر ان ھذا لم يكن في اول مناظرة له مع ابيه و قومه بل كانت بعض مناظرات ھادئه‬ ‫بلين و لطف‬

‫‪ .24‬ال تطيل الكالم و حاول االختصار الذي ال يخل بالمعنى‬ ‫فإذا أطالوا في الكالم فقل لھم ‪.... 0000 ....‬إن البالغة الجمت ببيان‬ ‫‪ 35‬أصول الجدل والمناظرة الشيخ الفاضل ‪ :‬حمد العثمان‬


‫اداب المناظرة‬

‫جاء في وفيات األعيان ‪ 269/4‬في ترجمة الباقالني‪:‬‬ ‫وكان كثير التطويل في المناظرة مشھورا بذلك عند الجماعة ‪ ،‬وجرى يوما بينه ‪ ،‬وبين أبي سعيد‬ ‫الھاروني مناظرة ‪ ،‬فأكثر القاضي أبو بكر المذكور فيھا الكالم ‪ ،‬ووسع العبارة ‪ ،‬وزاد في‬ ‫اإلسھاب ‪ ،‬ثم التفت إلى الحاضرين ‪ ،‬وقال‪ :‬اشھدوا علي أنه إن أعاد ما قلت ال غير لم أطالبه‬ ‫بالجواب !‬ ‫فقال الھاروني‪ :‬اشھدوا علي أنه إن أعاد كالم نفسه سلمت له ما قال!‬ ‫وقال طاش في منظومته عن اداب المناظرة ‪:‬‬ ‫وليجتنب فيھا عن االطـــــــــــــناب ** ثم عن االيجاز والخــــــــــــــطاب‬ ‫الى رفـــــــــــــــيع القدر والمھابة ** وعن كالم شــــــــــــــابه الغرابة‬ ‫ومجمل من غير ان يفصــــــــــــال ** كذا تعرّض لما ال مدخـــــــــــــــال‬ ‫كذاك عن دخـــــــــــــــل قبيل الفھم ** ال باس من اعـــــــــــــــادة للفھم‬ ‫وال يظن خصمه حقــــــــــــــــــــيرا ** وليلزم التعظيم والتوقـــــــــــــيرا‬ ‫ثم عن الضحــــــــــــك وما قد ٌذكرا ** وما عنيـــــــــــــــــناه ومنا صدرا‬ ‫ايراده قد صــــــــــــــح في ذا الباب ** فھذا خواتــــــــــــــــــــــيم االداب‬ ‫‪ .25‬ال تناظر و أنت خائف أو جائع او مريض او غضبان‬ ‫ألن كل ھذا يشغل الخاطر و يفزع القلب فالمناظر في مجلس السلطان و الذي يخشى على نفسه‬ ‫القتل ال يلقن حجته‬ ‫ْ‬ ‫ال لَئِ ِن اتﱠ ْ‬ ‫َ‬ ‫خَذتَ إِلَھًا َغي ِْري َألجْ َعلَنﱠكَ ِمنَ ال َم ْسجُونِينَ )‪{(29‬الشعراء‬ ‫} قَ َ‬ ‫واحذر مناظرة بمجلـس خيفـة ‪ .... 0000 ....‬حتـى تبـدل خيـفـة بـأمـان‬ ‫‪ .26‬اجعل خصمك يوافقك في بعض نقاط الفروع ليسھل عليه الموافقة في نھاية المناظرة‬ ‫و ھو نوع من انواع االعداد النفسي‬ ‫وحلْ ما استطعت بينه وبين ) ال (‬ ‫َد ْع صاحبك في الطرف اآلخر يوافق ويجيب بـ ) نعم ( ‪ِ ،‬‬ ‫؛ ألن كلمة ) ال ( عقبة كؤود يصعب اقتحامھا وتجاوزھا ‪ ،‬فمتى قال صاحبك ‪ ) :‬ال ( ؛‬ ‫أوجبَ ْ‬ ‫ت عليه كبرياؤه أن يظ ّل مناصراً لنفسه ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وقد قال علماؤنا ‪ :‬إن أكثر الجھل إنما يقع في النفي ؛ الذي ھو الجحود والتكذيب ؛ ال في‬ ‫اإلثبات ‪ ،‬ألن إحاطة اإلنسان بما ي ُْثبتُه أيسر من إحاطته بما ينفيه ؛ لذا فإن أكثر الخالف الذي‬ ‫يُورث الھوى نابع ؛ من أن كل واحد من المختلفين مصيب فيما ي ُْثبته أو في بعضه ‪ ،‬مخطيء‬ ‫في نفي ما عليه اآلخر‪.‬‬ ‫فم ﱠما يذكر عن سقراط ‪-‬وھو أحد حكماء اليونان‪ ،-‬أنه كان يبدأ مع خصمه بنقاط االتفاق‬ ‫بينھما‪ ،‬ويسأله أسئلة ال يملك الخصم أن يجيبه عليھا إال بنعم‪ ،‬ويظل ينقله إلى الجواب تلو‬ ‫اآلخر‪ ،‬حتى يرى المناظر أنه أصبح يُقر بفكرة كان يرفضھا من قبل‬ ‫مرتبط بأصل ‪ ،‬والخصم ال يوافقك في األصل‪ .‬مثالً ‪ :‬ال تناقش‬ ‫فرع‬ ‫‪ .27‬ال تناقش في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نصرانيا ً في حرمة الخمر ألنه ال يصدﱢق ببعثة الرسول وشرع االسالم ‪.‬فھذا فيه اضاعه‬ ‫للوقت اال في حاالت معينه‬ ‫في المثال السابق اما ان تقول له أن تحريم الخمر جزء من االسالم ‪ ،‬و بدال من المناظرة في‬ ‫نقاط فرعيه فلنناقش االصل فأن اقتنعت باالسالم فقد اقتنعت باالصل و الفرع تبع ‪ ،‬و اال‬ ‫فمناقشه الفرع ھو نوع من العبث‬


‫اداب المناظرة‬

‫او تقول له ‪ :‬أن العلم الحديث أثبت ضرر الخمر و الخمر يذھب العقل و شارب الخمر كذا و‬ ‫كذا‬ ‫فأذا اقتنع ربما يسلم‬ ‫‪ .28‬يجب ان يكون لديك اكثر من مسئله تلقيھا على من يناظرك ‪.‬‬ ‫فال تذھب و في جعبتك سھم واحداو اثنين فقد يتخلص منھا بحنكه‬ ‫ﱠ‬ ‫}الَ ْم ت َ​َر إِلَى الﱠ ِذي َحا ﱠج إِب َْرا ِھي َم فِي َربﱢ ِه أَ ْن آَتَاهُ ﱠ‬ ‫ال إِب َْرا ِھي ُم َرب َﱢي ال ِذي يُحْ يِي‬ ‫ﷲُ ْال ُم ْلكَ إِ ْذ قَ َ‬ ‫ال إِب َْرا ِھي ُم فَإ ِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ يَأْتِي بِال ﱠ‬ ‫ال أَنَا أُحْ يِي َوأُ ِم ُ‬ ‫َويُ ِم ُ‬ ‫ت بِھَا ِمنَ‬ ‫يت قَ َ‬ ‫يت قَ َ‬ ‫ق فَأْ ِ‬ ‫س ِمنَ ْال َم ْش ِر ِ‬ ‫ش ْم ِ‬ ‫ب فَبُ ِھتَ الﱠ ِذي َكفَ َر َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َال يَ ْھ ِدي ْالقَوْ َم الظﱠالِ ِمينَ )‪ { (258‬البقره‬ ‫ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫‪ .29‬تجنب عبارات الشتم واللعن‪ ،‬والسخرية واإلستھزاء والتھكم‬ ‫َ‬ ‫يل َربﱢكَ بِ ْال ِح ْك َم ِة َو ْال َموْ ِع َ‬ ‫} ا ْد ُ‬ ‫ظ ِة ْال َح َسنَ ِة َو َجا ِد ْلھُ ْم بِالﱠتِي ِھ َي أحْ َس ُن{ النحل ‪125‬‬ ‫ع إِلَى َسبِ ِ‬ ‫}اذھب أنت وأخوك بآياتي وال تنيا في ذكري* اذھبا إلى فرعون انه طغى* فقوال له قوال لينا‬ ‫لعله يتذكر أو يخشى {‪) .‬سورة طه‪ ،‬اآليات ‪.(44،43،42‬‬ ‫} وقل لعبادي يقولوا التي ھي أحسن إن الشيطان ينزغ بينھم إن الشيطان كان لإلنسان عدوا مبينا‬ ‫{‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ب إِ ﱠال بِالتِي ِھ َي أحْ َس ُن إِ ﱠال ال ِذينَ َ‬ ‫ظلَ ُموا ِم ْنھُ ْم { )العنكبوت‪(46 :‬‬ ‫} َوال تُ َجا ِدلوا أ ْھ َل ال ِكتَا ِ‬ ‫ً‬ ‫}وال تسبّوا الذين يدعون من دون ﷲ فيسبّوا ﷲ عدوا بغير علم{ )سورة االنعام‪ ،‬اآلية ‪(108‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪ .‬قال صلى ﷲ عليه وسلم‪)) :‬ليس المؤمن بالطعﱠان‪ ،‬وال اللعﱠان‪ ،‬وال الفاحش‪ ،‬وال البذيء(( ‪.‬‬ ‫ناظر أبو زيد الدبوسي مرة رجالً فجعل الرجل يبتسم ويضحك‪ ،‬فأنشد أبو زيد لنفسه‪:‬‬ ‫مالي إذا ألزمتُه حجةً‬ ‫قابلني بالضحك والقھق ْه‬ ‫ْ‬ ‫إن كان ضح ُ‬ ‫فالضب في الصحراء ما أفقھ ْه‬ ‫ك المرء من فقھه‬ ‫قال الشيخ طاش كبرى زاده في كتابه )علم البحث والمناظرة( في اداب الجدال‬ ‫وال يظن خصمه حقــــــــــــــــــــيرا وليلزم التعظيم والتوقـــــــــــــيرا‬ ‫وقد لخص اإلمام الشافعي ‪-‬رحمه ﷲ تعالى‪ -‬آداب المناظرة في أبيات قال فيھا‪:‬‬ ‫إذا ما كنت ذا فضل وعلم****بما اختلف األوائل واألواخرْ‬ ‫فناظر من تناظر في سكو ٍن****حليما ال تل ﱠج وال تكابرْ‬ ‫يفيدك ما استفاد بال امتنا ٍن****من النكت اللطيفة والنوادرْ‬ ‫وإياك اللجوح ومن يرائي****بأني قد غلبت ومن يفاخرْ‬ ‫فإن الشر في جنبات ھذا****يمني بالتقاطع والتدابرْ‬ ‫‪ .30‬ضبط النفس وعدم اإلنفعال‪ ،‬عن ابن عون رحمه ﷲ أنه إذا أغضبه رجل‪ ،‬قال له‪ :‬بارك‬ ‫ﷲ فيك؛ وروي عن يوسف ابن اإلمام ابن الجوزي من ضبط نفسه في أثناء المناظرة‪:‬‬ ‫أنه كان يناظر‪ ،‬وال يحرك جارحة ! وورد عن عبد ﷲ بن أحمد بن محمد بن قدامة‪ :‬أنه‬ ‫كان ال يناظر أحدا إال وھو يتبسم‪ ،‬حتى قال بعض الناس‪ :‬ھذا الشيخ يقتل خصمه بالتبسم‬ ‫!‬

‫‪ 36‬أخرجه ابن أبي شيبة )‪ ،(30338‬وأحمد )‪ ،(3839‬والبخاري في األدب المفرد )‪ ،)312‬والترمذي )‪،(1977‬‬ ‫وابن أبي عاصم في السنة )‪).1014‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫كان الوجيه ] ھو ‪ :‬المبارك بن المبارك الضرير النحوي[ قد التزم سماحة األخالق ‪ ،‬وسعة‬ ‫الصدر ‪ ،‬فكان ال يغضب من شيء ‪ ،‬ولم يره أحد قط حردان ‪ ،‬وشاع ذلك عنه ‪ ،‬وبلغ ذلك‬ ‫بعض الحرفاء ‪ ،‬فقال‪ :‬ليس له من يغضبه ‪ ،‬ولو أغضب لما غضب ‪ ،‬وخاطروه على أن‬ ‫يغضبه ‪ ،‬فجاءه ‪ ،‬فسلم عليه ‪ ،‬ثم سأله عن مسألة نحوية ‪ ،‬فأجابه الشيخ بأحسن جواب ‪ ،‬ودله‬ ‫على محجة الصواب ‪.‬‬ ‫فقال له‪ :‬أخطأت ‪ ،‬فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب ‪ ،‬وسھل طريقته ‪ ،‬وبين له‬ ‫حقيقته ‪.‬‬ ‫فقال له‪ :‬أخطأت أيھا الشيخ ‪ ،‬والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ‪ ،‬ويھتدي بك في العلوم ‪،‬‬ ‫وھذا مبلغ معرفتك ‪ ،‬فالطفه ‪ ،‬وقال‪ :‬له يا بني لعلك لم تفھم الجواب ‪ ،‬وإن أحببت أن أعيد‬ ‫القول عليك بأبين من األول فعلت ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فھمت ما قلتَ ‪ ،‬ولكن لجھلك تحسب أنني لم أفھم ‪.‬‬ ‫قال له‪:‬كذبت ! لقد‬ ‫فقال له الشيخ‪ :‬وھو يضحك قد عرفت مرادك ‪ ،‬ووقفت على مقصودك ‪ ،‬وما أراك إال وقد‬ ‫ُغلبت ‪ ،‬فأد ما بايعت عليه ‪ ،‬فلست بالذي تغضبني أبدا ‪ ،‬وبعد يا بني ‪ :‬فقد قيل إن بقة جلست‬ ‫على ظھر فيل ‪ ،‬فلما أرادت أن تطير قالت له‪ :‬استمسك فإني أريد الطيران ! فقال لھا الفيل‪:‬‬ ‫وﷲ يا ھذه ما أحسست بك لما جلست ‪ ،‬فكيف أستمسك إذا أنت طرت !‬ ‫‪37‬‬ ‫وﷲ يا ولدي ما تحسن أن تسأل ‪ ،‬وال تفھم الجواب ‪ ،‬فكيف أستاء منك ‪.‬‬ ‫‪ .31‬تجنب أسلوب التحدي فأن التحدي قد يجعل الخصم يكابر و ال يعترف بخطئه حتى لو‬ ‫أقتنع به شخصيا ً ‪ ،‬و تحلى بأداب المناظرة‬ ‫‪ .32‬ال تسفة رأي خصمك‬ ‫فاالصل في المناظرة ھو دعوة مناظرك الى رأيك و اعالمه بھا‬ ‫" تسفيه وجھة نظر اآلخر ومحاولة إسقاطھا ليسا الھدف الذي ال يكون الحوار مجديا ً إال إذا‬ ‫تحقق‪ .‬إن من أھداف الحوار تعريف اآلخر على وجھة نظر ال يعرفھا‪ ،‬ومحاولة إقناعه بالتي ھي‬ ‫‪38‬‬ ‫أحسن بموقف ينكره أو يتنكر له"‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أحسن { فيه أربعة أوجه‪:‬‬ ‫وجادلھُم بالتي ھي‬ ‫وقال الماوردي في النكت والعيون‪} :‬‬ ‫أحدھا‪ :‬يعني بالعفو‪.‬الثاني‪ :‬بأن توقظ القلوب وال تسفه العقول‪ .‬الثالث‪ :‬بأن ترشد الخلف وال تذم‬ ‫السلف‪.‬الرابع‪ :‬على قدر ما يحتملون‪.‬‬ ‫إذا ُعرض ألي شخص قول أو رأي ال يرى فيه الصواب فمن الحكمة أن يفنده برويّة وحكمة‬ ‫مستندًا إلى األدلة والبراھين‪ ،‬دون اللجوء إلى التجريح‪ ،‬الذي ال طائل تحته‪ ،‬إال الجفاء بين‬ ‫اإلخوة‪.‬‬ ‫وما ليس من الحكمة‪ ،‬فينبغي أن نتركه‪ ،‬ونتجاوز عنه‪ .‬ورحم ﷲ امرءا سھال لينا إذا تحاور‬ ‫وحاور"‪.‬‬ ‫‪ .33‬اال يكون شرط المناظرة االعتراف بالخطأ‬ ‫و ھذا من مستحدثات عصرنا الذى لم نسبق اليه فتجد الفتيكان مثال يشترط للمناظرة االعتراف‬ ‫قبل المناظرة بتحريف القران‬ ‫‪ .34‬ال يكن دليلك دعوى‬ ‫‪ 37‬معجم األدباء ‪. 44/5‬‬ ‫‪ 38‬ثقافة الحوار في االسالم‪ :‬حرّ ية االختيار وحق االختالف‬


‫اداب المناظرة‬

‫النه أن كان دعوى لم يكن دليال ‪ ،‬و عند بعض المحاورين براعة تزيين الدعوى و تزين االلفاظ‬ ‫حتى تعتقد أنه دليل على صحه دعواه‬ ‫‪ .35‬اجعل صوتك وسطا ال ضعيفا و ال عاليا‬ ‫ال تغضبن إذا سئلت وال تصـح ‪ .... 0000 ....‬فكالھمـا خلـقـان مذمـومـان‬ ‫فأن الصوت العالي يورث الحدة و الشحناء و ال يوصل الى اتفاق‬ ‫و الصوت المنخفض يورث النوم‬ ‫و االصل ھو التوسط غير أن االنسان قد يضطر اال تغيير نبرات الصوت تبعا للموقف و نوع‬ ‫االسلوب ‪ ،‬لينسجم الصوت مع االسلوب‬ ‫و يجوز رفع الصوت على االخر اذا بغى و تجاوز حده‬ ‫} ال ي ُِحبﱡ ﱠ‬ ‫ﷲُ ْال َجھ َْر بِالسﱡو ِء ِمنَ ْالقَوْ ِل إِ ﱠال َم ْن ظُلِم { )النساء‪ :‬من اآلية‪(148‬‬ ‫و في حاله وجود المناظرة كتابه كالمنتديات او الشات فال تكتب بخط صغير جدا ال يقرأ و ال‬ ‫بخط كبير أحمر كأنه صراخ‬ ‫‪ .36‬ترك االعجاب بالنفس و التزم التواضع‬ ‫"إن التزام األدب وحسن الخلق عموما‪ ،‬والتواضع على وجه الخصوص‪ ،‬له دور كبير في‬ ‫إقناع الطرف اآلخر‪ ،‬وقبوله للحق وإذعانه للصواب‪ ،‬فكل من يرى من ُمحاوره توقيرا‬ ‫وتواضعا‪ ،‬ويلمس خلقا كريما‪ ،‬ويسمع كالما طيبا‪ ،‬فإنه ال يملك إال أن يحترم ُمحاوره‪ ،‬ويفتح‬ ‫قلبه لسماع رأيه"‬ ‫قال منصور بن إسماعيل الفقيه المصري ‪:‬‬ ‫ْجب لمـا ***قال مثلي ال يراجع‬ ‫قلـت لل ُمع َ‬ ‫ياقريب العھد بالمـ *** ـخرج لـم ال تتواضـع‬ ‫‪ .37‬تجنب استخدام ضمير المتكلم‬ ‫مثل ‪" :‬في رأيي " "أرى" فھي ثقيله على النفس و الصواب "يقول المختصون" "و الراجح"‬ ‫"مما سبق يتبين "‬ ‫‪ .38‬تنبه الخصم الى التناقض في كالمه‬ ‫و اال لم يتحقق الغاية من المناظرة على اال يكون االمر تصيدا لالخطاء التى تعلم أنه لم‬ ‫‪ ،‬فأن أشكل عليك فنبھه فأن أقر أنه‬ ‫يقصدھا و انما كان خطأ في النطق او ما شابه‬ ‫خطأ لسان فتجاوز عنه‬ ‫و من أمثله التناقض‬ ‫اح ٌر أَوْ َمجْ نُ ٌ‬ ‫ون )‪{ (39‬الذاريات‬ ‫} فَت َ​َولﱠى بِ ُر ْكنِ ِه َوقَ َ‬ ‫ال َس ِ‬ ‫اح ٌر أَوْ َمجْ نُ ٌ‬ ‫ون )‪ {(52‬الذاريات‬ ‫ُول إِ ﱠال قَالُوا َس ِ‬ ‫} َك َذلِكَ َما أَتَى الﱠ ِذينَ ِم ْن قَ ْبلِ ِھ ْم ِم ْن َرس ٍ‬ ‫فاالصل في الساحر شده الذكاء و الدھاء و المجنون فاقد للعقل و ھذا تناقض بين‬ ‫قال العالمة الشاطبي في اإلفادات واإلنشادات ص‪:156‬‬ ‫وقع يوما بيني وبين بعض من يتعاطى النظر في العلم من اليھود كالم في بعض المسائل إلى‬ ‫أن أنجز الكالم إلى عيسى عليه السالم‪ ،‬فأخذ ينكر خلقه من غير أب ‪ ،‬ويقول‪ :‬وھل يكون‬ ‫شيء من غير مادة ؟‬


‫اداب المناظرة‬

‫فقلت له بديھة‪ :‬فيلزمك إذا أن يكون العالم مخلوقا من مادة ‪ ،‬وأنتم معشر اليھود ال تقولون‬ ‫بذلك ‪ ،‬فأحد األمرين الزم إما صحة خلق عيسى من غير أب ‪ ،‬وإما بطالن خلق‬ ‫العالم من غير مادة ‪) .‬فبھت الذي كفر وﷲ ال يھدي القوم الظالمين(‪.‬‬ ‫كتب الشاه اسماعيل الصفوي الرافضي للسلطان بايزيد العثماني ‪:‬‬ ‫نحن أناس قد غدا طبعنا **** حب علي بن أبي طالب‬ ‫يعيبنا الناس على حبه **** فلعنة ﷲ على العائب‬ ‫فأجابه السلطان ‪:‬‬ ‫ما عيبكم ھذا ولكنه **** بغض الذي لقب بالصاحب‬ ‫وكذبكم عنه وعن بنته **** فلعنة ﷲ على الكاذب‬ ‫‪ .39‬انصاف الخصم‬ ‫مثال شيخ اإلسالم ابن تيمية عندما تكلم في بعض العلماء مثل‪ :‬الجويني و الباقالني‬ ‫مساع مشكورة وحسنات مبرورة‪،‬‬ ‫والمتكلمين قال‪ :‬ثم ما من ھؤالء إال من له في اإلسالم‬ ‫ٍ‬ ‫ولھم في الرد على كثير من أھل اإللحاد والبدع واالنتصار لكثير من أھل السنة والدين ما ال‬ ‫وعدل وإنصاف‪.‬‬ ‫ق‬ ‫ٍ‬ ‫يخفى على من عرف أحوالھم وتكلم فيھم ٍ‬ ‫بعلم وصد ٍ‬ ‫‪ .40‬االشفاق علي الخصم‬ ‫االشفاق عليه أن يستمر في خطئه فتدعوه و تحببه في الحق‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال الﱠ ِذي آَ َمنَ يَا قَوْ ِم إِنﱢي أَخَ ُ‬ ‫وح َوعَا ٍد َوثَ ُمو َد‬ ‫} َوقَ َ‬ ‫ب )‪ِ (30‬مث َل دَأ ِ‬ ‫اف َعلَ ْي ُك ْم ِم ْث َل يَوْ ِم ْاألَحْ زَا ِ‬ ‫ب قَوْ ِم نُ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫َوالﱠ ِذينَ ِم ْن بَ ْع ِد ِھ ْم َو َما ﷲُ ي ُِري ُد ظل ًما لِل ِعبَا ِد )‪َ (31‬ويَا قَوْ ِم إِنﱢي أخَ ُ‬ ‫اف َعلَ ْي ُك ْم يَوْ َم التﱠنَا ِد )‪ (32‬يَوْ َم‬ ‫ص ٍم َو َم ْن يُضْ لِ ِل ﱠ‬ ‫تُ َولﱡونَ ُم ْدبِ ِرينَ َما لَ ُك ْم ِمنَ ﱠ‬ ‫ﷲُ فَ َما لَهُ ِم ْن ھَا ٍد )‪ {(33‬غافر‬ ‫ﷲِ ِم ْن عَا ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َو َما قَوْ ُم‬ ‫وح أوْ قَوْ َم ھُو ٍد أوْ قَوْ َم َ‬ ‫ص َ‬ ‫صيبَ ُكم ﱢمث ُل َمآ أ َ‬ ‫} َو ٰيقَوْ ِم الَ يَجْ ِر َمنﱠ ُك ْم ِشقَاقِ ۤي أن يُ ِ‬ ‫صالِ ٍ‬ ‫اب قَوْ َم نُ ٍ‬ ‫وط ﱢمن ُكم بِبَ ِعي ٍد {‬ ‫لُ ٍ‬ ‫و انظر الى سيدنا ابراھيم لم يتبرأ من أبيه رغم كفره و تھديده لسيدنا ابراھيم بالقتل‬ ‫ت لِ َم تَ ْعبُ ُد َما َال يَ ْس َم ُع َو َال‬ ‫صدﱢيقا ً نﱠبِيّا ً )‪ (41‬إِ ْذ قَ َ‬ ‫ال ِألَبِي ِه يَا أَبَ ِ‬ ‫ب إِب َْرا ِھي َم إِنﱠهُ َكانَ ِ‬ ‫} َو ْاذ ُكرْ فِي ْال ِكتَا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ص َراطا ً‬ ‫ت إِنﱢي قَ ْد َجاءنِي ِمنَ ْال ِع ْل ِم َما لَ ْم يَأتِكَ فَاتﱠبِ ْعنِي أَ ْھ ِدكَ ِ‬ ‫ْص ُر َو َال يُ ْغنِي عَنكَ َشيْئا ً )‪ (42‬يَا أَبَ ِ‬ ‫يُب ِ‬ ‫طانَ إِ ﱠن ال ﱠش ْي َ‬ ‫ت َال تَ ْعبُ ِد ال ﱠش ْي َ‬ ‫ت إِنﱢي أَخَ ُ‬ ‫اف أَن‬ ‫َصيّا ً )‪ (44‬يَا أَبَ ِ‬ ‫طانَ َكانَ لِلرﱠحْ َم ِن ع ِ‬ ‫َس ِويّا ً )‪ (43‬يَا أَبَ ِ‬ ‫ال أَ َرا ِغبٌ أَنتَ ع َْن آلِھَتِي يَا إِبْرا ِھي ُم لَئِن ل ﱠ ْم‬ ‫ان َولِيّا ً )‪ (45‬قَ َ‬ ‫يَ َمسﱠكَ َع َذابٌ ﱢمنَ الرﱠحْ َمن فَتَ ُكونَ لِل ﱠش ْيطَ ِ‬ ‫ال َس َال ٌم َعلَ ْيكَ َسأ َ ْستَ ْغفِ ُر لَكَ َربﱢي إِنﱠهُ َكانَ بِي َحفِيّا ً )‪(47‬‬ ‫تَنتَ ِه َألَرْ ُج َمنﱠكَ َوا ْھجُرْ نِي َملِيّا ً )‪ (46‬قَ َ‬ ‫ون ﱠ‬ ‫ﷲِ َوأَ ْد ُعو َربﱢي َع َسى أَ ﱠال أَ ُكونَ بِ ُدعَاء َربﱢي َشقِيّا ً{‬ ‫َوأَ ْعت َِزلُ ُك ْم َو َما تَ ْد ُعونَ ِمن ُد ِ‬ ‫‪ .41‬اختالف الرأي ال يوجب فساد الود بين اإلخوان‪:‬‬ ‫ولذلك يقول يونس الصدفي ‪ :‬ما رأيت أعقل من الشافعي ‪ ،‬ناظرته يوما ً في مسألة‪ ،‬ثم افترقنا‬ ‫ولقيني‪ ،‬فأخذ بيدي‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أبا موسى أال يستقيم أن نكون إخوانا ً وإن لم نتفق في المسألة؟!‬ ‫وكذلك يقول العباس العنبري ‪ :‬كنت عند أحمد بن حنبل وجاء علي بن المديني وھو على‬ ‫دابة‪ ،‬فتناظرا في مسألة وارتفعت األصوات حتى خفت أن يقع بينھا جفاء‪ ،‬فلما أراد علي‬ ‫االنصراف قام أحمد فأخذ بركابه؛ أخذ بركاب الدابة وكرمه وعززه وھو ينصرف‪.‬‬ ‫قال االمام بن تيمية ‪" :‬ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تھاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة‬ ‫‪39‬‬ ‫وال أخوة «‪.‬‬

‫‪ 39‬مجموع الفتاوى ‪173-172/24 :‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫‪ .42‬اجعل من يحاورك ھو الذي يقيم الحجه على نفسه‬ ‫يقول ربي‬ ‫) أم خلقوا من غير شيء أم ھم الخالقون ) ‪ ( 35‬أم خلقوا السماوات واألرض بل ال يوقنون‬ ‫) ‪( ( 36‬‬ ‫ﷲ عليه وسلّم فقال ‪ :‬يا رسول ّ‬ ‫ورد عن أبي أمامة قال ‪ » :‬إنّ فت ًى شابا ً أتى النّب ّي صلّى ّ‬ ‫ﷲ‬ ‫‪ ،‬ائذن لي بال ّزنا ‪ ،‬فأقبل القوم عليه فزجروه ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬مه مه ‪ ،‬فقال ‪ :‬أدنه ‪ .‬فدنا منه قريبا ً‬ ‫وﷲ ‪ ،‬جعلني ّ‬ ‫‪ ،‬قال ‪ :‬فجلس ‪ ،‬قال ‪ :‬أتحبه أل ّمك ؟ قال ‪ :‬ال ّ‬ ‫ﷲ فداءك ‪ .‬قال ‪ :‬وال النّاس‬ ‫ﷲ ‪ ،‬جعلني ّ‬ ‫وﷲ يا رسول ّ‬ ‫يحبونه أل ّمھاتھم ‪ ،‬قال ‪ :‬أفتحبه البنتك ؟ قال ‪ :‬ال ّ‬ ‫ﷲ فداءك ‪.‬‬ ‫وﷲ ‪ ،‬جعلني ّ‬ ‫قال ‪ :‬وال النّاس يحبونه لبناتھم ‪ .‬قال ‪ :‬أفتحبه ألختك ؟ قال ‪ :‬ال ّ‬ ‫ﷲ فداءك ‪.‬‬ ‫وﷲ ‪ ،‬جعلني ّ‬ ‫قال ‪ :‬وال النّاس يحبونه ألخواتھم ‪ .‬قال ‪ :‬أفتحبه لع ّمتك ؟ قال ‪ :‬ال ّ‬ ‫ﷲ فداءك ‪.‬‬ ‫وﷲ ‪ ،‬جعلني ّ‬ ‫قال ‪ :‬وال النّاس يحبونه لع ّماتھم ‪ .‬قال ‪ :‬أفتحبه لخالتك ؟ قال ‪ :‬ال ّ‬ ‫ﷲ فداءك ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬وال النّاس يحبونه لخاالتھم ‪ .‬قال ‪ :‬فوضع يده عليه وقال ‪ :‬اللّھ ّم اغفر ذنبه وط ّھر‬ ‫صن فرجه ‪ .‬فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء « ‪.‬‬ ‫قلبه وح ّ‬ ‫و تأمل في قول سيدنا ابراھيم لقومه‬ ‫َ‬ ‫سألُو ُھ ْم إِنْ َكانُوا‬ ‫}قَالُوا أَأَ ْنتَ فَ َع ْلتَ َھ َذا بِآَلِ َھتِنَا يَا إِ ْب َرا ِھي ُم )‪ (62‬قَا َل بَ ْل فَ َعلَهُ َكبِي ُر ُھ ْم َھ َذا فَا ْ‬ ‫وس ِھ ْم‬ ‫س ِھ ْم فَقَالُوا إِنﱠ ُك ْم أَ ْنتُ ُم الظﱠا ِل ُمونَ )‪ (64‬ثُ ﱠم نُ ِك ُ‬ ‫سوا َعلَى ُر ُء ِ‬ ‫يَ ْن ِطقُونَ )‪ (63‬فَ َر َج ُعوا إِلَى أَ ْنفُ ِ‬ ‫ُون ﱠ‬ ‫ض ﱡر ُك ْم‬ ‫ﷲِ َما َال يَ ْنفَ ُع ُك ْم َ‬ ‫ش ْيئًا َو َال يَ ُ‬ ‫لَقَ ْد َعلِ ْمتَ َما َھؤ َُال ِء يَ ْن ِطقُونَ )‪ (65‬قَا َل أَفَتَ ْعبُدُونَ ِمنْ د ِ‬ ‫ُون ﱠ‬ ‫ﷲِ أَفَ َال تَ ْعقِلُونَ )‪{(67‬‬ ‫)‪ (66‬أُفﱟ لَ ُك ْم َولِ َما تَ ْعبُدُونَ ِمنْ د ِ‬ ‫و في قول سيدنا يوسف‬ ‫َ‬ ‫اب ُمتَفَ ﱢرقُونَ َخ ْي ٌر أ ِم ﱠ‬ ‫اح ُد ا ْلقَ ﱠھا ُر )‪َ (39‬ما تَ ْعبُدُونَ ِمنْ دُونِ ِه‬ ‫س ْج ِن أَأَ ْربَ ٌ‬ ‫احبَ ِي ال ﱢ‬ ‫} يَا َ‬ ‫ﷲُ ا ْل َو ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫س ْل َ‬ ‫س ﱠم ْيتُ ُموھَا أَ ْنتُ ْم َوآَبَا ُؤ ُك ْم َما أَ ْنزَ َل ﱠ‬ ‫ان إِ ِن ا ْل ُح ْك ُم إِ ﱠال ِ ﱠ ِ أَ َم َر أَ ﱠال تَ ْعبُدُوا‬ ‫إِ ﱠال أَ ْ‬ ‫ﷲُ بِ َھا ِمنْ ُ‬ ‫س َما ًء َ‬ ‫ط ٍ‬ ‫س َال يَ ْعلَ ُمونَ )‪{(40‬‬ ‫إِ ﱠال إِيﱠاهُ َذلِكَ الدﱢينُ ا ْلقَيﱢ ُم َولَ ِكنﱠ أَ ْكثَ َر النﱠا ِ‬ ‫و كان أبا العباس الطوسي سيء الرأي في أبي حنيفة‪ ،‬وكان أبو حنيفة يعرف ذلك‪ ،‬فأقبل‬ ‫عليه يوما وقال له ‪ :‬يا أبا حنيفة‪ ،‬إن أمير المؤمنين يدعو الرجل منا فيأمره بضرب عنق‬ ‫الرجل ال يدرى ما ھو‪ ،‬أيسعه أن يضرب عنقه ؟‬ ‫قال أبو حنيفة ‪ :‬يا أبا العباس‪ ،‬أمير المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل ؟‬ ‫قال أبو العباس ‪ :‬بالحق‬ ‫‪40‬‬ ‫قال أبو حنيفة ‪ :‬أنفذ الحق حيث كان وال تسأل عنه‬ ‫فلما رحل أبو العباس‪ ،‬قال أبو حنيفة لمن حوله ‪ :‬إن ھذا أراد أن يوثقني فربطته ‪..‬‬

‫‪ 40‬من الثابت أنه ال يفھم عقيدته الرجل و ال رأيه من المناظرات فأن العالم قد يسلم لمن امامه باشياء لكي‬ ‫يستدرجه ‪ ،‬فليتنبه لھذا‬


‫اداب المناظرة‬

‫‪ .43‬نھاية المناظرة‬ ‫تنتھي المناظرة في االصل بعجز احد المناظرين و انقطاعه و قبوله برأى مناظره او اذا توصل‬ ‫المناظران الى شرعية منھجھما و أنه يسوغ لكل واحد منھما التمسك به ما دام أنه في دائرة‬ ‫الخالف السائغ‬ ‫يقول ابن تيمية رحمه ﷲ ‪ ) :‬وكان بعضھم يعذر كل من خالفه في مسائل االجتھادية ‪ ،‬وال يكلفه‬ ‫أن يوافقه فھمه ( ا ھـ ‪ .‬من المغني‬ ‫يقول طاش كبرى زاده في منظومته ‪:‬‬ ‫مآلھا البحث عن أمرين محقّقا ً إحداھما في البين‬ ‫إ ّما بأن قد يعجز الم َعلﱢل وعن إقامة الدّليل يعدل‬ ‫لمدّعاه وھو عنھا ساكت وذا ھو اإلفحام عنھم ثابت‬ ‫سائل عن تعرض إلى دليل الخصم والمعترض‬ ‫أو يعجز ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫فينتھي الدّليل ِمن مقدّمة ضرورة القبول أو مسلمة‬ ‫وذلك العجز ھو اإللزام فتنتھي القدرة والكالم‬ ‫يقول ابن عقيل ‪ ) :‬وليقبل كل واحد منھما من صاحبه الحجة ؛ فإنه أنبل لقدره ‪ ،‬وأعون على‬ ‫إدراك الحق وسلوك سبيل الصدق ‪(.‬‬ ‫و من أمثله ھذا‬ ‫جلس عبد الجبار المعتزلي لمناظرة أبي إسحاق اإلسفراييني‬ ‫فقال عبد الجبار في ابتداء جلوسه للمناظرة ‪ :‬سبحان من تنزه عن الفحشاء !‬ ‫فأجابه اإلسفراييني ‪ :‬سبحان من ال يقع في ملكه إال ما شاء‬ ‫فقال عبد الجبار ‪ :‬أفيشاء ربنا أن يعصى ؟‬ ‫قال اإلسفراييني ‪ :‬أيعصى ربنا قھرا ؟‬ ‫فقال عبد الجبار ‪ :‬أفرأيت إن منعني الھدى‪ ،‬وقضى عل ّي بالردى‪ ،‬أحسن إل ّي أم أسا ؟‬


‫اداب المناظرة‬

‫فأجابه اإلسفراييني ‪ :‬إن كان منعك ما ھو لك فقد أسا‪ ،‬وإن منعك ما ھو له فيختص برحمته من‬ ‫يشاء ‪..‬‬ ‫فانقطع عبد الجبار ‪...‬‬ ‫و ناظر يھوديا مسلما في مجلس المرتضى‬ ‫فقال اليھودي ‪ :‬إيش أقول في قوم سماھم ﷲ مدبرين ؟ )يعني النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه‬ ‫يوم حنين(‬ ‫فقال المسلم ‪ :‬فإذا كان موسى أدبر منھم ؟!‬ ‫قال اليھودي ‪ :‬كيف ؟؟؟‬ ‫ّ‬ ‫قال المسلم ‪ :‬ألن ﷲ تعالى قال في موسى "فولى مدبرا ولم يعقب" وھؤالء ما قال فيھم ‪ :‬ولم‬ ‫يعقبوا ‪..‬‬ ‫فانقطع اليھودي ‪...‬‬ ‫قال أبو إسحاق الزجاج‪ :‬لما قدم المبرد بغداد أتيته ألناظره؛ وكنت أقرأ على أبي العباس ثعلب‪،‬‬ ‫وأميل إلى قول الكوفيين‪ ،‬فعزمت على إعنات المبرد‪ ،‬فلما فاتحني ألجمني بالحجة وطالبني‬ ‫بالعلة؛ وألزمني إلزامات لم أھتد إليھا‪،‬فتبينت فضله‪ ،‬واسترجحت عقله وجددت في مالزمته‪.‬‬ ‫و قد ال تنتھي بتسليم احد المناظرين بصحه رأي خصمه عندا و تكبرا او تنتھي بالسباب و‬ ‫القطيعة و ھنا يكون الحوار و المناظرة قد فشلت‬ ‫} َو َج َح ُدوا بِھَا َوا ْستَ ْيقَنَ ْتھَا أَ ْنفُ ُسھُ ْم ظُ ْل ًما َو ُعلُ ًّوا{‬ ‫} فَأ َ ْع ِرضْ َع ْنھُ ْم َو ِع ْ‬ ‫ظھُ ْم َوقُلْ لَھُ ْم فِي أَ ْنفُ ِس ِھ ْم قَوْ ًال بَلِي ًغا )‪{(63‬النساء‬ ‫} فَاصْ فَحْ َع ْنھُ ْم َوقُلْ َس َال ٌم فَ َسوْ فَ يَ ْعلَ ُمونَ )‪ { (89‬الزخرف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت بِ َما أ ْنزَ َل ﱠ‬ ‫ب َوأ ِمرْ ُ‬ ‫ع َوا ْستَقِ ْم َك َما أُ ِمرْ تَ َو َال تَتﱠبِ ْع أَ ْھ َوا َءھُ ْم َوقُلْ آَ َم ْن ُ‬ ‫} فَلِ َذلِكَ فَا ْد ُ‬ ‫ت‬ ‫ﷲُ ِم ْن ِكتَا ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﷲُ َربﱡنَا َو َر ﱡب ُك ْم لَنَا أ ْع َمالُنَا َولَ ُك ْم أ ْع َمالُ ُك ْم َال ُح ﱠجةَ بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ُم ﱠ‬ ‫ِألَ ْع ِد َل بَ ْينَ ُك ُم ﱠ‬ ‫ﷲُ يَجْ َم ُع بَ ْينَنَا َوإِلَ ْي ِه‬ ‫صي ُر )‪{ (15‬الشورى‬ ‫ْال َم ِ‬ ‫قال ابن القيم ‪ ) :‬فإن المحاجة والمجادلة بعد وضوح الشيء وظھوره نوع من العبث ‪ ،‬بمنزلة‬ ‫المحاجة في طلوع الشمس (‬ ‫و قال بن القيم )حذار حذار من رد الحق لمخالفته ھواك فإنك تعاقب بتقليب القلب ورد ما يرد‬ ‫عليك من الحق رأسا وال تقبله إال إذا برز في قالب ھواك قال تعالى نقلب أفئدتھم وأبصارھم كما‬ ‫‪41‬‬ ‫لو لم يؤمنوا به أول مرة فعاقبھم على رد الحق اول مرة بأن قلب افئدتھم وأبصارھم بعد ذلك(‬ ‫ال إِنﱢي أُ ْش ِھ ُد ﱠ‬ ‫ﷲَ َوا ْشھَ ُدوا أَنﱢي بَ ِري ٌء ِم ﱠما تُ ْش ِر ُكونَ )‪ِ (54‬م ْن ُدونِ ِه فَ ِكي ُدونِي َج ِميعًا ثُ ﱠم َال‬ ‫} قَ َ‬ ‫ت َعلَى ﱠ‬ ‫ُون )‪ (55‬إِنﱢي ت َ​َو ﱠك ْل ُ‬ ‫صيَتِھَا إِ ﱠن َربﱢي َعلَى‬ ‫ﷲِ َربﱢي َو َربﱢ ُك ْم َما ِم ْن دَاب ﱠ ٍة إِ ﱠال ھُ َو آَ ِخ ٌذ بِنَا ِ‬ ‫تُ ْن ِظر ِ‬ ‫ُ‬ ‫اط ُم ْستَقِ ٍيم )‪ (56‬فَإ ِ ْن تَ َولﱠوْ ا فَقَ ْد أَ ْبلَ ْغتُ ُك ْم َما أرْ ِس ْل ُ‬ ‫ت بِ ِه إِلَ ْي ُك ْم َويَ ْست َْخلِ ُ‬ ‫ف َربﱢي قَوْ ًما َغي َْر ُك ْم َو َال‬ ‫ص َر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تَضُرﱡ ونَهُ َش ْيئًا إِ ﱠن َربﱢي َعلَى ُكلﱢ َش ْي ٍء َحفِيظٌ )‪َ (57‬ولَ ﱠما َجا َء أَ ْم ُرنَا نَ ﱠج ْينَا ھُودًا َوالﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َم َع ُه‬ ‫َصوْ ا ُر ُسلَهُ َواتﱠبَعُوا‬ ‫ب َغلِ ٍ‬ ‫بِ َرحْ َم ٍة ِمنﱠا َونَ ﱠج ْينَاھُ ْم ِم ْن َع َذا ٍ‬ ‫ت َربﱢ ِھ ْم َوع َ‬ ‫يظ )‪َ (58‬وتِ ْلكَ عَا ٌد َج َح ُدوا بِآَيَا ِ‬ ‫ﱠار َعنِي ٍد )‪َ (59‬وأُ ْتبِعُوا فِي ھَ ِذ ِه ال ﱡد ْنيَا لَ ْعنَةً َويَوْ َم ْالقِيَا َم ِة أَ َال إِ ﱠن عَادًا َكفَرُوا َربﱠھُ ْم أَ َال بُ ْعدًا‬ ‫أَ ْم َر ُكلﱢ َجب ٍ‬ ‫لِ َعا ٍد قَوْ ِم ھُو ٍد )‪ {(60‬ھود‬ ‫‪ .44‬عدم التشھير بالمناظر‬ ‫ّ‬ ‫قال اإلمام ابن الجوزي‪ ... " :‬ومن ذلك‪ :‬ترخصھم في الغيبة بحجة الحكاية عن المناظرة‪،‬‬ ‫فيقول أحدھم‪ :‬تكلمت مع فالن فما قال شيئا ! ويتكلم بما يوجب التشفي من غرض خصمه‬ ‫بتلك الحجة"‪.‬‬

‫‪ 41‬بدائع الفوائد‬


‫اداب المناظرة‬

‫نماذج للمناظرات‬ ‫‪ .1‬مناظرة عبدﷲ بن عباس رضي ﷲ عنه الحرورية فيما أنكروه على علي رضي ﷲ عنه‬

‫لما خرجت الحرورية – وھم نسبة إلى حروراء بفتحتين وسكون الواو وراء أخر ى وألف ممدودة‬ ‫وھي قرية على ميلين من الكوفة كان أول اجتماع الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب به فنسبوا‬ ‫إليه ‪ -.‬لما خرجوا اعتزلوا في دار وكانوا ستة اآلف وأجمعوا على أن يخرجوا على علي فكان ال يزال‬ ‫يجئ إنسان فيقول ياأمير المؤمنين إن القوم خارجون عليك ‪.‬‬ ‫فيقول ‪ :‬دعوھم فإني ال أقاتلھم حتى يقاتلوني وسوف يفعلون ‪ .‬فلما كان ذات يوم أتيته فبل صالة‬ ‫الظھر فقلت لعلي ‪ :‬ياأمير المؤمنين أبرد بالصالة لعلﱢي أكلم ھؤالء القوم ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فإني أخافھم عليك ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬كال وكنت رجالً حسن الخلق ال أؤذي أحداً ‪.‬‬ ‫فأذن لي فلبست حلة من أحسن ما يكون من اليمن وترجلت ودخلت عليھم في دار نصف النھار وھم‬ ‫يأكلون فدخلت على قوم لم أر ق ﱡ‬ ‫ط أش ﱠد منھم اجتھاداً جباھھم قَ ِر َحة من السجود وأياديھم كأنھا ثفن‬ ‫ص مرحضة مش ﱢمرين مسھمة وجوھھم ‪.‬‬ ‫اإلبل وعليھم قُ ُم ٌ‬ ‫فسلمت عليھم فقالوا مرحبا ً بك ياابن عباس ! وما ھذه الحلة عليك ؟ !‬ ‫قلت ‪ :‬ما تعيبون مني فقد رأيت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أحسن ما يكون في ثياب اليمنية ثم‬ ‫قرأت ھذه اآلية ‪) :‬قُ ْل َمنْ َح ﱠر َم ِزينَةَ ﱠ‬ ‫ق ()ألعراف‪ :‬من‬ ‫ت ِمنَ ﱢ‬ ‫ﷲِ الﱠتِي أَ ْخ َر َج لِ ِعبَا ِد ِه َوالطﱠ ﱢيبَا ِ‬ ‫الر ْز ِ‬ ‫اآلية‪) 32‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬فما جاء بك ؟‬ ‫قلت لھم ‪ :‬أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى ﷲ عليه وسلم المھاجرين واألنصار ومن عند عم النبي‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم وصھره – وعليھم نزل القرآن فھم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منھم أحد –‬ ‫ألبلغكم ما يقولون وأبلغھم ما تقولون ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ص ُمونَ ()الزخرف‪ :‬من‬ ‫فقالت طائفة منھم ‪ :‬ال تخاصموا قريشا ً فإن ﷲ عز وجل يقول ‪) :‬بَ ْل ُھ ْم ق ْو ٌم َخ ِ‬ ‫اآلية‪). 58‬‬ ‫فانتحى لي نفر منھم فقال اثنان أو ثالثة ‪ :‬لنكلمنه ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬ھاتوا ما نَقَ َمتُ ُكم على أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وابن عمه ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬ثالث أما إحداھن فإنه ح ﱠكم الرجال في أمر ﷲ وقال ﷲ ‪) :‬إِ ِن ا ْل ُح ْك ُم إِ ﱠال ِ ﱠ ِ()األنعام‪ :‬من‬ ‫اآلية‪ (57‬ما شأن الرجال والحكم ؟‬ ‫قلت ‪ :‬ھذه واحدة ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم إن كانوا كفار لقد حل سبيھم ولئن كانوا مؤمنين ما‬ ‫ح ﱠل سبيھم وال قتالھم ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬ھذه ثنتان فما الثالثة ؟ وذكر كلمة معناھا ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬محى نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فھو أمير الكافرين ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬ھل عندكم شئ غير ھذا ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬حسبنا ھذا ‪.‬‬ ‫قلت لھم أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب ﷲ جل ثناؤه وسنة نبيه صلى ﷲ عليه وسلم ما يرد قولكم‬ ‫أترجعون ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬أما قولكم ‪ " :‬حكم الرجال في أمر ﷲ " فإني أقرأ عليكم في كتاب ﷲ أن قد صيﱠر ﷲ حكمه إلى‬ ‫الرجال في ثمن درھم فأمر ﷲ تبارك وتعالى أن يُ َح ﱠكموا فيه ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ْي َد َوأ ْنتُ ْم ُح ُر ٌم َو َمنْ ق َتلَهُ ِم ْن ُك ْم ُمتَ َع ﱢمداً‬ ‫أرأيت قول ﷲ تبارك وتعالى ‪َ ) :‬يا أَ ﱡي َھا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا ال تَ ْقتُلُوا ال ﱠ‬ ‫فَ َجزَ ا ٌء ِم ْث ُل َما قَتَ َل ِمنَ النﱠ َع ِم َي ْح ُك ُم بِ ِه َذ َوا َعد ٍْل ِم ْن ُك ْم ()المائدة‪ :‬من اآلية‪) 95‬وكان من حكم ﷲ أنه‬ ‫صيﱠره إلى الرجال يحكمون فيه ولو شاء يحكم فيه فجاز من حكم الرجال ‪.‬‬ ‫أنشدكم با ! أحكم الرجال في إصالح ذات البين وحقن دمائھم أفضل أو في أرنب ؟ !‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى بل ھذا أفضل ‪.‬‬ ‫ق بَ ْي ِن ِھ َما فَا ْب َعثُوا َح َكما ً ِمنْ أَ ْھلِ ِه َو َح َكما ً ِمنْ أَ ْھلِ َھا ()النساء‪ :‬من‬ ‫شقَا َ‬ ‫وفي المرأة وزوجھا ‪َ ) :‬وإِنْ ِخ ْفتُ ْم ِ‬ ‫اآلية‪ (35‬فنشدتكم با ! حكم الرجال في صالح ذات بينھم وحقن دمائھم أفضل من حكمھم في بضع‬ ‫امرأة ؟ !‬ ‫خرجت من ھذه ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪.‬‬


‫اداب المناظرة‬ ‫قلت ‪ :‬وأما قولكم ‪ " :‬قاتل ولم يسب ولم يغنم " أفتسبون أمكم عائشة تستحلون منھا ما تستحلون‬ ‫من غيرھا وھي أمكم ؟ فإن قلتم ‪ :‬إنا نستحل منھا ما نستحل من غيرھا فقد كفرتم وإن قلتم ‪ :‬ليست‬ ‫اجهُ أ ُ ﱠم َھاتُ ُھ ْم ()األحزاب‪ :‬من اآلية‪ (6‬فأنتم‬ ‫س ِھ ْم َوأَ ْز َو ُ‬ ‫بأمنا فقد كفرتم ‪) :‬النﱠبِ ﱡي أَ ْولَى ِبا ْل ُمؤْ ِمنِينَ ِمنْ أَ ْنفُ ِ‬ ‫بين ضاللتين فأتوا منھا بمخرج ‪.‬‬ ‫أفخرجت من ھذه ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫وأما محي نفسه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بما ترضون ‪ :‬إن نبي ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوم‬ ‫الحديبية صالح المشركين فقال لعلي ‪ " :‬اكتب ياعلي ! ھذا ما صالح عليه محمد رسول ﷲ " قالوا ‪:‬‬ ‫لو نعلم أنك رسول ﷲ ما قاتلناك فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ":‬امح ياعلي ! اللھم إنك تعلم‬ ‫أني رسول ﷲ امح ياعلي ! واكتب ھذا ما صالح عليه محمد بن عبدﷲ " وﷲ لرسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم خي ٌر من علي وقد محى نفسه ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوة !‬ ‫أخرجت من ھذه ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫فرجع منھم ألفان وخرج سائرھم فقتلوا على ضاللتھم قتلھم المھاجرون واألنصار‬

‫‪ .2‬مناظرة شيخ المحدثين بأذنة لشيخ المعتزلة أحمد بن أبى دؤاد بحضرة الخليفة العباسى‬ ‫الواثق با‪s‬‬ ‫ھارون بن المعتصم با‪ s‬محمد بن ھارون الرشيد بن المھدي محمد بن المنصور العباسي‬ ‫قال أبو بكر اآلجرى فى )) كتاب الشريعة (( ‪ :‬حدثنا أبو عبد ﷲ جعفر بن إدريس القزويني قال ‪:‬‬ ‫حدثنا أحمد بن الممتنع بن عبد ﷲ القرشي التيمي قال ‪ :‬حدثنا أبو الفضل صالح بن علي بن‬ ‫يعقوب بن منصور الھاشمى ‪ -‬وكان من وجوه بني ھاشم ‪ ،‬وأھل الجاللة ‪ ،‬والسبق منھم ‪ -‬قال ‪:‬‬ ‫حضرت المھتدي با‪ s‬أمير المؤمنين رحمة ﷲ تعالى عليه ‪ ،‬وقد جلس ينظر في أمور المسلمين‬ ‫في دار العامة ‪ ،‬فنظرت إلى قصص الناس ‪ ،‬تقرأ عليه من أولھا إلى آخرھا ‪ ،‬فيأمر بالتوقيع فيھا‬ ‫وإنشاء الكتب ألصحابھا ‪ ،‬ويختم ويرفع إلى صاحبه ‪ ،‬بين يديه ‪ ،‬فسرني ذلك ‪ ،‬وجعلت أنظر إليه‬ ‫ي ‪ ،‬فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مراراً ثالثا ً ‪ ،‬إذا نظر إلي‬ ‫‪ ،‬فرفع رأسه ونظر إل ﱠ‬ ‫غضضت ‪ ،‬وإذا اشتغل نظرت ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬يا صالح ‪ ،‬فقلت ‪ :‬لبيك يا أمير المؤمنين ‪ ،‬وقمت قائما ً‬ ‫‪ ،‬فقال ‪ :‬في نفسك مني شيء تحب أن تقوله ؟ أو قال ‪ :‬تريد أن تقوله ‪ ،‬فقلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬يا سيدي يا‬ ‫أمير المؤمنين ‪ ،‬قال لى ‪ :‬عد إلى موضعك ‪ .‬فعدت ‪ ،‬وعاد في النظر ‪ ،‬حتى إذا قام ‪ ،‬قال للحاجب‬ ‫‪ :‬ال يبرح صالح ‪ .‬فانصرف الناس ثم أذن لي ‪ ،‬وقد أھمتني نفسي فدخلت فدعوت له ‪ ،‬فقال لي ‪:‬‬ ‫اجلس ‪ ،‬فجلست ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا صالح ‪ ،‬تقول لي ‪ :‬ما دار في نفسك ‪ ،‬أو أقول أنا ‪ :‬ما دار في نفسي‬ ‫أنه دار في نفسك ؟ قلت ؟ يا أمير المؤمنين ‪ ،‬ما تعزم عليه ‪ ،‬وما تأمر به ‪ ،‬فقال ‪ :‬أقول ‪ :‬كأني‬ ‫بك وقد استحسنت ما رأيت منا ‪ ،‬فقلت ‪ :‬أيﱡ خليفة خليفتنا ‪ ،‬إن لم يكن يقول ‪ :‬القرآن مخلوق ؟ ‪،‬‬ ‫فورد على قلبي أمر عظيم ‪ ،‬وأھمتني نفسي ‪ ،‬ثم قلت ‪ :‬يا نفس ‪ ،‬ھل تموتين إال مرة ؟ وھل‬ ‫تموتين قبل أجلك ؟ وھل يجوز الكذب في جد أو ھزل ؟ ‪ ،‬فقلت ‪ :‬وﷲ يا أمير المؤمنين ما دار في‬ ‫نفسي إال ما قلت ‪ .‬فاطرق مليا ً ‪ ،‬ثم قال لي ‪ :‬ويحك ‪ ،‬اسمع مني ما أقول ‪ ،‬فوﷲ لتسمعن الحق ‪،‬‬ ‫فسري عني ‪ ،‬وقلت ‪ :‬يا سيدي ومن أولى بقول الحق منك ؟ وأنت أمير المؤمنين وخليفة رب‬ ‫العالمين ‪ ،‬وابن عم سيد المرسلين ‪ ،‬من األولين واآلخرين ‪ .‬فقال لي ‪ :‬ما زلت أقول ‪ :‬إن القرآن‬ ‫مخلوق صدراً من خالفة الواثق ‪ ،‬حتى أقدم علينا أحمد بن أبي دؤاد شيخا ً من أھل الشام من أھل‬ ‫أذنة ‪ ،‬فادخل الشيخ على الواثق مقيداً ‪ ،‬وھو جميل الوجه ‪ ،‬تام القامة ‪ ،‬حسن الشيبة ‪ ،‬فرأيت‬ ‫الواثق قد استحيى منه ‪ ،‬ور ﱠ‬ ‫ق له ‪ ،‬فما زال يدنيه ويقربه ‪ ،‬حتى قرب منه ‪ ،‬فسلم الشيخ فأحسن‬ ‫السالم ‪ ،‬ودعا فأبلغ الدعاء ‪ ،‬وأوجز‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬اجلس ‪ .‬ثم قال له ‪ :‬يا شيخ ‪ ،‬ناظر ابن أبي دؤاد على ما يناظرك عليه ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬ابن أبي دؤاد يقل ويضيق ‪ ،‬أو يضعف عن المناظرة ‪.‬‬ ‫فغضب الواثق ‪ ،‬وعاد مكان إكرامه له غضبا ً عليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬أبو عبد ﷲ بن أبي دؤاد يضيق أو‬ ‫يقل ويضعف عن مناظرتك أنت ؟ ‪.‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫فقال له الشيخ ‪ :‬ھ ﱢون عليك يا أمير المؤمنين ما بك ‪ ،‬وائذن لي في مناظرته ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬ما دعوتك إال للمناظرة ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أحمد بن أبي دؤاد ‪ ،‬إالم دعوت الناس ودعوتني إليه ؟ ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬إلى أن تقول ‪ :‬القرآن مخلوق ‪ ،‬ألن كل شيء دون ﷲ عز وجل مخلوق ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬إن رأيت أن تحفظ علي ما أقول ‪ ،‬وعليه ما يقول ‪.‬‬ ‫قال الواثق ‪ :‬أفعل ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أحمد ‪ ،‬أخبرني عن مقالتك ھذه ‪ ،‬أواجبة داخلة في عقد الدين ‪ ،‬فال يكون الدين‬ ‫كامالً حتى يقال فيه ما قلت ؟ ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أحمد ‪ ،‬أخبرني عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حين بعثه ﷲ عز وجل إلى‬ ‫عباده ‪ ،‬ھل أس ﱠر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم شيئا ً مما أمره ﷲ عز وجل به في دينه ؟ ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ال ‪.‬‬ ‫قال الشيخ‪ :‬فدعا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم األمة ‪ ،‬إلى مقالتك ھذه ؟ ‪ ،‬فسكت ابن أبي دؤاد ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬تكلم ‪ ،‬فسكت ‪ ،‬فالتفت الشيخ إلى الواثق ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬واحدة ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬واحدة ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أحمد ‪ ،‬أخبرني عن ﷲ عز وجل ‪ ،‬حين أنزل القرآن على رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم فقال )) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم دينا ً (( كان‬ ‫ﷲ عز وجل الصادق في إكمال دينه ‪ ،‬أم أنت الصادق في نقصانه ‪ ،‬فال يكون الدين كامالً حتى‬ ‫يقال فيه بمقالتك ھذه ؟ ‪ ،‬فسكت ابن أبي دؤاد ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬أجب يا أحمد ‪ ،‬فلم يجبه ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أمير المؤمنين اثنتان ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬اثنتان ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬أخبرني عن مقالتك ھذه ‪ ،‬أعلمھا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أم جھلھا ؟ ‪ ،‬فقال‬ ‫ابن أبي دؤاد ‪ :‬علمھا ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬فدعا الناس إليھا ؟ ‪ ،‬فسكت ابن أبي دؤاد ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أمير المؤمنين ثالث ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬ثالث ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أحمد ‪ ،‬فاتسع لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم إذ علمھا كما زعمت ‪ ،‬ولم يطالب‬ ‫أمته بھا ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال الشيخ ‪ :‬واتسع ألبي بكر الصديق رضي ﷲ عنه وعمر بن الخطاب‬ ‫وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي ﷲ عنھم ؟ ‪ ،‬فقال ابن أبي دؤاد ‪ :‬نعم ‪ ،‬فاعرض‬ ‫الشيخ عنه ‪ ،‬وأقبل على الواثق ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬قد قدمت لك القول أن أحمد يضيق أو يقل أو يضعف عن المناظرة ‪ ،‬يا‬ ‫أمير المؤمنين ‪ ،‬إن لم يتسع لك من اإلمساك عن ھذه المقالة ‪ ،‬ما اتسع لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم ‪ ،‬وألبي بكر ولعمر وعثمان وعلي رضى ﷲ عنھم ‪ ،‬فال وسع ﷲ على من لم يتسع له ما‬ ‫اتسع لھم من ذلك ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬نعم إنه لم يتسع لنا من اإلمساك عن ھذه المقالة ما اتسع لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم ‪ ،‬وألبي بكر وعمر وعثمان وعلى رضي ﷲ عنھم ‪ ،‬فال وسع ﷲ علينا ‪ ،‬اقطعوا قيد الشيخ‬ ‫‪ ،‬فلما قطعوه ‪ ،‬ضرب الشيخ بيده إلى القيد ليأخذه ‪ ،‬فجذبه الجالد عليه ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬دع الشيخ ليأخذه ‪ ،‬فأخذه الشيخ ‪ ،‬فوضعه في كمه ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬لم جابذت عليه ؟ ‪.‬‬ ‫ﱡ‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬ألني نويت أن أتقدم إلى من أوصي إليه إذا مت ‪ :‬أن يجعله بيني وبين كفني ‪ ،‬حتى‬ ‫أخاصم ھذا الظالم عند ﷲ عز وجل يوم القيامة ‪ ،‬ثم أقول ‪ :‬يا رب ‪ ،‬سل عبدك ھذا ‪ ،‬لم قيدني ‪،‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫ور ﱠوع أھلي وولدي وإخواني بال حق أوجب ذلك علي ‪ ،‬وبكى الشيخ ‪ ،‬وبكى الواثق فبكينا ‪ ،‬ثم‬ ‫سأله الواثق أن يجعله في حل وسعة مما قال ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬وﷲ يا أمير المؤمنين ‪ ،‬لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم ‪ ،‬إكراما لرسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬إذ كنت رجالً من أھله ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬لي إليك حاجة ‪ ،‬فقال الشيخ ‪ :‬إن كانت ممكنة فعلت ‪.‬‬ ‫فقال الواثق ‪ :‬تقيم فينا ‪ ،‬فينتفع بك فتياننا ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬إن ردك إياي الى الموضع الذي أخرجني منه ھذا الظالم أنفع لك‬ ‫من مقامي عندك ‪ ،‬وأخبرك بما في ذلك ‪ :‬أصير إلى أھلي وولدي فاكف دعاءھم عليك ‪ ،‬فقد‬ ‫خلفتھم على ذلك ‪.‬‬ ‫فقال له الواثق ‪ :‬فتقبل منا ما تستعين بھا على دھرك ‪.‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬ال تحل لي ‪ ،‬أنا عنھا غني ‪ ،‬وذو مرة سوي ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فتسأل حاجتك ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬أو تقضيھا يا أمير المؤمنين ؟ قال ‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬تخلي سبيلي إلى الثغر الساعة ‪ ،‬وتأذن لي ‪ ،‬قال ‪ :‬أذنت لك ‪ ،‬فسلم الشيخ وخرج ‪.‬‬ ‫قال صالح ‪ :‬قال المھتدي با‪ s‬رحمة ﷲ تعالى عليه ‪ :‬رجعت عن ھذه المقالة منذ ذلك اليوم ‪،‬‬ ‫وأظن الواثق با‪ s‬كان قد رجع عنھا من ذلك الوقت ‪.‬‬ ‫أشھر المناظرين‬ ‫‪ .1‬االمام أحمد بن حنبل‬ ‫‪ .2‬االمام بن تيميه‬ ‫‪ .3‬االمام بن حزم‬ ‫‪ .4‬للشيخ رحمت ﷲ الھندي‬ ‫‪ .5‬الشيخ أحمد ديدات‬ ‫أشھر المناظرات‬ ‫‪ .1‬مناظرة سيدنا موسى مع فرعون‬ ‫‪ .2‬مناظرة سيدنا ابراھيم مع النمرود‬ ‫‪ .3‬مناظرات احمد ديدات‬ ‫‪ .4‬مناظرة أحمد بن حنبل للقائلين بخلق القران‬

‫‪42‬‬

‫كتب المناظرات‬ ‫‪ " .1‬مناظرات أئمة السلف مع حزب إبليس وأفراخ الخلف " للشيخ سليم الھاللي‬ ‫‪ .2‬حاشية على شرح الشريفية المشتھر بالرشيدية للعالمة فخر الھند عبد الحي اللكنوي‬ ‫‪" .3‬تقرير القوانين المتداولة من علم المناظرة" للعالم محمد ابن أبي بكر المرعشي‬ ‫المعروف بساجقلي زاده‬ ‫‪" .4‬الوليدية في آداب البحث والمناظرة" للعالمة محمد المرعشي‬ ‫‪ .5‬أصول الجدل و المناظرة في الكتاب و السنة ل الشيخ الدكتور المتقن ‪ /‬حمد بن‬

‫إبراھيم العثمان حفظه ﷲ‬

‫‪42‬‬

‫ظلم‬

‫و ھي مفيده جدا ألن غالب الشبھات التى تطرحھا الفرق الضاله سبق الرد عليھا و ھذه شنشنه نعرفھا من قدم و من شابه اباه فما‬


‫اداب المناظرة‬

‫‪ .6‬كتاب الكافية في الجدل لإلمام الجويني‬ ‫‪ .7‬المنھاج في ترتيب الحجاج للباجي‬ ‫‪ .8‬تاريخ الجدل البي زھرة‬ ‫‪ .9‬منھج الجدل والمناظرة في تقرير مسائل االعتقاد الدكتور ‪ /‬عثمان علي حسن‪.‬‬ ‫‪ .10‬ترجيح أساليب القرآن البن الوزير اليماني‬ ‫‪ .11‬المناظرات الفقھية البن سعدي‬ ‫‪ .12‬آداب البحث و المناظرة لألمين الشنقيطي‬ ‫‪ .13‬المنــــــــــاظرة األستاذ ‪ :‬خالد خميس فــ ﱠراج‬

‫‪ .14‬مناظرات ابن تيمية ألھل الملل والنحل جمع وتعليق د‪.‬عبد العزيز بن محمد بن علي آل‬ ‫عبد اللطيف‬ ‫‪ .15‬مناظرات ومحاورات فقھية وأصولية تأليف‪ :‬أبو الطيب مولود السريري السوسي‬ ‫‪ .16‬رسالة في آداب الجدل والمناظرة للشيخ محي الدين عبد الحميد‬ ‫‪. .17‬علم البحث والمناظرة لطاش كبرى زاده‪.‬‬ ‫‪ .18‬ضوابط المعرفة وأصول االستدالل والمناظرة للشيخ حنبكة الميداني‬ ‫‪ .19‬أصول الجدل وآداب المحاجة في القرآن الكريم لمحمد علي نوح‬ ‫‪ .20‬تاريخ الجدل للعالمة أبو زھرة وھو نفيس في الرصد التاريخي‪.‬‬ ‫‪ .21‬علم الجذل في علم الحدل للطوفي الحنبلي وقد حققه ‪.‬بعض المستشرقين األلمان‬ ‫‪ .22‬الجدل عند االصوليين تأليف‪ :‬الدكتور مسعود بن موسى فلوسى‬ ‫‪ .23‬المعونة فى الجدل تأليف‪ :‬ابواسحق الشيرازى ‪ ،‬تحقيق‪ :‬على عبدالعزيز‬ ‫‪ .24‬المنتخل فى الجدل تأليف‪ :‬ابى حامد الغزالى‬ ‫‪ .25‬حكاية المناظرة فى القران تأليف‪ :‬ابن قدامة المقدسي ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدﷲ بن يوسف الجديع‬ ‫‪ .26‬مناھج الجدل فى القران الكريم ‪ ،‬لمؤلفه‪ :‬زاھر عواض االلمعى‬ ‫‪ " .27‬أصول الجدل والمناظرة للشيخ حمد بن إبراھيم العثمان‬ ‫‪ - .28‬وقائع مناظرة اإلمام الباقالني للنصارى بحضرة ملكھم ‪ /‬محمد الطيب الباقالني ؛‬ ‫جمعھا و نسقھا محمد بن عبدالعزيز الخضيري‬ ‫‪ .29‬حكاية المناظرة في القرآن مع بعض اھل البدعة ‪ /‬تصنيف عبدﷲ بن أحمد بن محمد‬ ‫المقدسي موفق الدين بن قدامة ؛ تحقيق عبدﷲ بن يوسف الجديع ‪.‬‬ ‫‪ .30‬أدب الحوار و المناظرة لعلي جريشة ط‪1410 1‬ھـ ‪1989 ،‬م‬ ‫‪ - .31‬المناظرة الكبرى في مقارنة األديان بين الشيخ ديدات و القس سويجارت ‪ /‬تقديم و‬ ‫دراسة و تعليق محمود علي حماية‪.‬‬ ‫‪ .32‬في أصول الحوار و تجديد علم الكالم ‪ /‬لطه عبدالرحمن ‪.‬‬ ‫‪ .33‬مناظرة مع قس نصراني ‪ /‬إبراھيم بن سليمان الجبھان ‪.‬‬ ‫‪ .34‬مناظرة في الرد على النصارى ‪ /‬فخرالدين الرازي ابو عبدﷲ محمد بن عمر ؛ تقديم و‬ ‫تحقيق عبدالمجيد النجار ‪1407 .‬ھـ ‪1986 ،‬م‬ ‫‪ .35‬المناظرة الكبرى بين الشيخ رحمت ﷲ و الدكتور فندر ‪ :‬مناظرة في مسألتي النسخ‬ ‫والتحريف ‪ /‬تحقيق و تعليق محمد عبدالقادر خليل ‪ .‬ط‪1‬‬ ‫‪ .36‬ضوابط المعرفة و أصول االستدالل و المناظرة ‪ :‬صياغة للمنطق و أصول البحث‬ ‫متمشية مع الفكر االسالمي ‪ /‬تأليف عبدالرحمن حسن حنبكة الميداني ‪.‬‬ ‫‪ .37‬مقامة في المفاخرة و المناظرة بين العلم و الجھل ‪ /‬محمد بن عبدالرحمن الديسي الحسني‬ ‫الجزائري ؛ اعداد و نشر محمد بدرالدين ابو صالح الحاروني ‪.‬‬ ‫‪ .38‬ط‪ 3‬مقدمة ‪1397‬ھـ ‪1977 ،‬م ‪ 32‬ص؛‬


‫اداب المناظرة‬

‫‪ .39‬مناظرة لغوية أدبية ‪ /‬عبدﷲ البستاني ‪ ،‬عبدالقادر المغربي ‪ ،‬انستاس الكرملي ‪1355 .‬ھـ‬ ‫‪1935 ،‬م ‪ 96‬ص؛‬ ‫‪ - .40‬مناظرات في األدب ‪ /‬جمع و شرح ألفاظھا عزت العطار ‪ .‬البن نباتة المصري ‪ :‬ت ‪:‬‬ ‫‪768‬ھـ ‪1354‬ھـ ‪1934 ،‬م ‪ 48‬ص؛‬ ‫‪ - .41‬الرشيدية على الرسالة الشريفية في آداب البحث و المناظرة للسيد الشريف الجرجاني ‪/‬‬ ‫شرح عبدالرشيد الجونغوري ‪1350 .‬ھـ ‪1931 ،‬م ‪ 111‬ص؛‬ ‫‪ - .42‬حاشية الصبان على شرح آداب البحث‪ :‬للصبان محمد بن علي ‪ :‬ت ‪1206 :‬ھـ‪.‬‬ ‫‪ - .43‬المنتخب الجليل من تخجيل من صرف االنجيل ؛ مناظرة بين المؤلف وأحد علماء‬ ‫النصرانية ‪ /‬تأليف أبى الفضل المالكى المسعودى ‪ .‬و يليه السؤال العجيب فى الرد على‬ ‫أھل الصليب ‪ /‬لناظمه أحمد على المليجى ‪1322‬ھـ ‪1904 ،‬م‬ ‫‪ .44‬آداب البحث و المناظرة ‪ /‬محمد االمين الشنقيطي ‪.‬‬ ‫‪ .45‬المناظرة في األدب العربي ‪ -‬االسالمي ‪ /‬حسين الصديق ‪.‬‬ ‫‪ .46‬اثر الجدل في أصول الفقه ‪ :‬الحد و الموضوع ‪ -‬المبادي و المقدمات ‪ /‬اعده علي بن‬ ‫عبدالعزيز العميريني ‪ .‬مجلة جامعة اإلمام محمد بن سعود االسالمية ‪ :‬مجلة علمية‬ ‫محكمة ‪ -.‬ع‪ ) 8‬رجب ‪ ، 1413‬يناير ‪ -. ( 1993‬ص ‪294 – 191‬‬ ‫‪ - .47‬المناظرة بين مكة و المدينة ‪ ،‬لعلي بن يوسف الزرندي ‪ ) :‬ت ‪ 772‬ھـ ( ‪ ،‬تحقيق و‬ ‫تقديم سعيد عبدالفتاح ‪ /‬يحيى عبدﷲ المعلمي ‪.‬‬ ‫‪ .48‬عالم الكتب ‪ :‬مجلة متخصصة ‪ - ...‬مج‪ ، 16‬ع‪ ) 1‬رجب ‪ /‬شعبان ‪ ، 1415‬يناير ‪/‬‬ ‫فبراير ‪ -. ( 1995‬ص ‪85 – 80‬‬ ‫‪ - .49‬نموذج المحاضرة في أدب البحث و المناظرة ‪ /‬عبدالمتعال عطيه ابو الخي‬ ‫‪ .50‬المناظرة صفحة مضيئة من حوار العقل المسلم ‪ /‬إبراھيم نويري ‪.‬‬ ‫‪ .51‬المجلة العربية ‪ :‬مجلة شھرية ثقافية مصورة ‪ -.‬س ‪ ، 24‬ع‪ ) 26‬جمادى االولى ‪، 1420‬‬ ‫سسبتمبر ‪ -. ( 1999‬ص ‪95 – 92‬‬ ‫‪ - .52‬تنقيح المناظرة في تصحيح المخابرة ‪ /‬تاليف محمد بن إبراھيم بن سعد ﷲ بن جماعة ؛‬ ‫تحقيق ودراسة سلمان بن سالم بن رجاء السحيمي‬ ‫‪ .53‬مجلة الجامعة االسالمية ‪ -.‬س ‪ ، 27‬ع‪ -. ( 1417 / 1416 ) 104 - 103‬ص ‪– 295‬‬ ‫‪.391‬‬ ‫‪ - .54‬الحوار في الكتاب و السنة ‪ :‬تأليف ‪ :‬د ‪ /‬يحيى زمزمي ‪ .‬ط ‪ .‬في مجلد ‪.‬‬ ‫‪ - .55‬الحوار من منظور إسالمي عباس الحرازي ‪ 1420 ،‬ھـ‬ ‫‪ - .56‬الحوار في األدب المصري القديم ‪ :‬بقلم ‪ :‬عبد العزيز حليم ‪1957 ،‬ھـ ‪.‬‬ ‫‪ - .57‬حوار حول مشكالت حضارية ‪ :‬لمحمد سعيد البوطي ‪1405 ،‬ھـ ‪.‬‬ ‫‪ - .58‬حوار بين الحق و الباطل ‪ :‬للشيخ‪ :‬عبد كشك‪1407 .‬ھـ ‪.‬‬ ‫‪ - .59‬حوار المفكرين ‪ :‬عبد ﷲ زكريا األنصاري ‪1978 ،‬ھـ‪.‬‬ ‫مواقع للرد على النصارى‬

‫‪http://www.imanway.com‬‬ ‫‪http://www.alhakekah.com/‬‬ ‫‪http://www.baladynet.net/‬‬ ‫‪http://www.barsoomyat.com/‬‬


‫اداب المناظرة‬

‫قال الشيخ عبد الكريم النملة حفظه ﷲ ))ال يخلو الكالم من خلل إال كالم من عصمة ﷲ من الزلل‬ ‫‪ .‬خصوصا إذا علم ھذا الناظر فيه اني لم اقصد بھذا الشرح إال نفع طالب العلم ‪....‬فعليه إن‬ ‫يصححه مصلحا ال مفسدا’ ومعاونا ال معاندا‪ ،‬ومعاضدا وال حاسدا ‪ ،‬ليكسب األجر والثواب من‬ ‫ﷲ إن ﷲ ال يضيع اجر من أحسن عمال‪(((.‬‬

‫اتمنى ان يكون الكتاب قد نال رضاك‬ ‫لمزيد من المعلومات عن كاتب ھذا الكتاب و للتواصل زر الصفحة التالية‬ ‫‪/http://newmilk.wordpress.com/about‬‬ ‫كتبه ‪:‬‬ ‫عمر سليم‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.