Inlp

Page 1

‫حياة العظماء‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬

‫كيف نحيا‬

‫حياة العظماء‬ ‫بسم ﷲ و الحمد " و الصاله و السالم على رسول ﷲ ‪.‬‬ ‫فلله در من قال ‪:‬‬ ‫“من نذر نفسه ليعيش لدينه سيعيش متعبا ولكنه سيحيا عظيما ويموت عظيما“‬ ‫من ھو العظيم ؟‬ ‫ما ھي حياة العظماء ؟؟‬ ‫ما ھو السبيل ألن نحيا حياة العظماء و نرتقي سلم المجد بأمتنا ؟؟‬ ‫في ھذا الكتاب سنجيب ان شاء ﷲ على ھذه االسئلة و نرى ما ھي الخطوات حتى يعيش‬ ‫المء عظيما و يموت عظيما و نناقش حياة العظماء عن طريق علم التنمية البشرية االسالمية‬ ‫و سنتناول ان شاء ﷲ موضوعات وفدت علينا من الغرب و أنا أتفھم أننا نظرا لما نحن فيه‬ ‫من تخلف حضاري أن نستورد منھم العلوم و الصناعات أما أن نستورد منھم الروحانيات و‬ ‫تنظيم الحياة بانبھار و دون تمييز فھذا ھو العجب العجاب !!!!‬ ‫أنا ال ألوم الغرب في تخطيط ِه ‪ ..‬ولكن ألوم المسلم المفتونَ‬ ‫و ألوم أمتنا التي رحلت ‪ ..‬على درب الخضوع ترافق التنينَ‬ ‫و قد حدث ھذا نتيجة فصل الدين عن الدنيا و عن اداره الحياة و جعل الدين منحصرا في‬ ‫صاله و صيام )جانب العبادات( و ليس له عالقة باالدارة و فرق العمل و تنظيم الوقت و‬ ‫التخطيط و اتخاذ القرارات‬ ‫و لعلك تعجبك ما عالقة ما سبق بالدين االسالمي ؟؟ و سوف نرى من خالل ھذه الصفحات‬ ‫العالقة الوثيقة بين الدين االسالمي بكل أمور الحياة‬

‫‪1‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و قد انتشر علم ‪ Neuro-Linguistic Programming nlp‬البرمجة اللغوية‬ ‫العصبية في بالدنا االسالمية و استقبلناه استقبال المشتاق الذي طال شوقه الى معشوقه ‪.‬‬ ‫و كأننا نفتقد ھذا العلم و ليس له اصل عندنا في االسالم ‪ .‬و كأنه ليس عندنا قدوه و نماذج‬ ‫فنقتدي ب "جورج واشنطن" و "اديسون" و "بيل جيتس" و "جيفار" و "اوناسيس"‬ ‫او ليس عندنا في السياسة "عمر بن الخطاب" "و معاوية بن ابي سفيان"‬ ‫و في العلم "بن سينا" "احمد زويل"‬ ‫و في حرب العصابات "عمر المختار" و "عبد الكريم الخطابي" و "عبد القادر الجزائري"‬ ‫و في المال "عبد الرحمن بن عوف "‬ ‫و ما سبق ھو قليل من كثير‬ ‫ُ‬ ‫ماض نسيناه‬ ‫ونحن كان لنا‬ ‫استرش َد الغربُ بالماضي فأرشده‪...........‬‬ ‫ٍ‬ ‫إنا مشينا وراء الغر ِ‬ ‫ب نقبسُ من‪...........‬ضيائ ِه فأصابتنا شظاياهُ‬ ‫أرى التفكير أدركه خمول *** ولم تعد العزائم في اشتعال‬ ‫وأصبح وعظكم من غير سحر *** وال نور يطل من المقال‬ ‫وعند الناس فلسفة وعلم *** ولكن أين تفكير الغزالي‬ ‫وجلجلة األذان بكل صوت *** ولكن أين صوت من بالل‬ ‫مآذنكم علت في كل حي *** ومسجدكم من العباد خالي‬

‫يقول الدكتور صالج الحصين ‪"/‬لن نتقدم مرة أخرى إال إذا استعدنا ثقتنا بأنفسنا‪ ،‬ولن نصل‬ ‫إلى ھذا الھدف بتدمير نظمنا االجتماعية وتقليد حضارة أجنبية‪ ،‬أجنبية عن ديننا وليس عن‬ ‫محيطنا التاريخي والجغرافي فحسب‪ ،‬وقد بين ﷲ لنا الطريق في كتابه المبين‬ ‫ﷲِ أُس َْوةٌ َح َسنَةٌ لِ َم ْن َكانَ يَرْ جُو ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲَ َو ْاليَوْ َم ْاآل ِخ َر { ]األحزاب‪"[21:‬‬ ‫} لَقَ ْد َكانَ لَ ُك ْم فِي َرس ِ‬ ‫و استنكر الحبيب محمد تقليد الغير و قال ‪ " :‬استنانا بفارس والروم"‬ ‫و قد عاب علمائنا على أحدھم أنه قال في ترجمه أحد الصالحين ‪":‬كأنما أدبه كسرى"‬ ‫قلنا ‪":‬سبحان ﷲ أصبح كسرى مؤدبا ؟؟؟ بل أدبه رسول الھدى "‬ ‫قال أحد الصالحين لألمام أحمد‪ :‬إن إبراھيم ابن ادھم يحكي عنه أنه قال‪ :‬لروعة صاحب‬ ‫عيال ‪ ..‬فما قدرت أن أتم الحديث حتى صاح بي ‪ ،‬وقال‪ :‬وقعنا في بنيات الطريق انظر عافاك ﷲ‬ ‫ما كان عليه محمد وأصحابه‪.‬‬ ‫قبح لمن نبذ الكتاب وراءه وإذا استدل يقول‪ :‬قال األخطل‬ ‫يقول عالم النفس البروفسور لويس روخاس المبھورين محذرا من الحضارة الغربية‪:‬‬ ‫"احذروا يا عرب‪ ،‬يا مسلمون أن تخلطوا تص ّوراتكم بالتصورات الغربية‪ ،‬فأنتم أھل حضارة‬ ‫عريقة لھا مقومات ال تملكھا حضارتنا ال تتطلعوا إلى الحضارة الغربية تطلّع الممجّد لھا‪ ،‬إنھا‬ ‫ستبلى "‪.‬‬ ‫جل من قلد الفرنجة منا قد أساء التقليد والتمثيال‬ ‫فأخذنا الخبيث منھم ولم نقبس من الطيبات إال القليال‬ ‫يوم سن الفرنج كذبة إبريل غدا كل عمرنا إبريال‬ ‫‪2‬‬


‫حياة العظماء‬

‫نشروا الرجس مجمال فنشرناه كتابا مفصال تفصيال‬ ‫و ال تجد خيرا اال و له اصل في ديننا ‪ ،‬و ما ترك رسول ﷲ خيرا اال دلنا عليه ‪ ،‬و ال شرا‬ ‫اال و حذرنا منه ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫طل َع النھا ُر فأطفِئوا القنديال‬ ‫التذكروا‬ ‫َ‬ ‫الكتب السﱠوالفَ عندهُ‬ ‫و علم ‪ nlp‬او التنمية البشرية ال اقول انه اكتشف حديثا او اخترعة ريتشارد بالمر او ستيفن‬ ‫كوفي او فالن او فالن بل ھو موجود في كل المجتمعات ‪ 1‬و الدليل استداللھم بكالم سقراط و‬ ‫كنفوشيوس و بوذا في كتب البرمجة اللغوية العصبية‬ ‫لكنھم الحقيقة قد اجادوا اطالق االسماء و وصفھا في الدعاية له و اضافه ھاله حوله ‪ ،‬و‬ ‫زخرفته و اطالق اسماء جذابه لكتبه مثل "العادات السبع" و "القبعات الست" و "شوربه دجاج"‬ ‫و رسم الخرائط الذھنية و الصور الجذابه‬ ‫و قالوا و قلنا‬ ‫قالوا ‪":‬أن كل سلعة و منتج لھا كتاب ارشاد حتى تتعلم كيف تتعامل معه ‪ ،‬فعلم البرمجة‬ ‫اللغوية ھو كتاب ارشاد ل"االنسان""‬ ‫قلنا ‪":‬اذا وافقنا جدال على كالمكم ‪ .‬اليس أحسن كتاب ارشاد ھو الذي يصدره المصنع ؟؟‬ ‫ق َوھُ َو‬ ‫أذن فأحسن كتاب ارشاد لألنسان ھو كتاب الخالق سبحانه و تعالى "}أَ َال يَ ْعلَ ُم َم ْن خَ لَ َ‬ ‫اللﱠ ِط ُ‬ ‫يف ْالخَ بِي ُر )‪{ (14‬‬ ‫} ثُ ﱠم َج َع ْلنَاكَ َعلَى َش ِري َع ٍة ِمنَ ْاألَ ْم ِر فَاتﱠبِ ْعھَا َو َال تَتﱠبِ ْع أَ ْھ َوا َء الﱠ ِذينَ َال يَ ْعلَ ُمونَ )‪ (18‬إِنﱠھُ ْم لَ ْن‬ ‫ْض َو ﱠ‬ ‫يُ ْغنُوا َع ْنكَ ِمنَ ﱠ‬ ‫صائِ ُر‬ ‫ﷲِ َش ْيئًا َوإِ ﱠن الظﱠالِ ِمينَ بَ ْع ُ‬ ‫ﷲُ َولِ ﱡي ْال ُمتﱠقِينَ )‪ (19‬ھَ َذا بَ َ‬ ‫ضھُ ْم أَوْ لِيَا ُء بَع ٍ‬ ‫اس َوھُدًى َو َرحْ َمةٌ لِقَوْ ٍم يُوقِنُونَ {‬ ‫لِلنﱠ ِ‬ ‫و الحقيقة ان في علم البرمجه اللغوية العصبية خير كثير و فيه دخن و به علماء بذلوا جھدا‬ ‫مشكورا في تيسير ھذا العلم ال ننكر جھدھم و به دجالون ‪.‬‬ ‫و لما كان ھذا العلم الغربي به دخن كثير } َوا ْستَ ْش ِھ ُدوا َش ِھي َدي ِْن ِم ْن ِر َجالِ ُك ْم فَإ ِ ْن لَ ْم يَ ُكونَا‬ ‫ضوْ نَ ِمنَ ال ﱡشھَدَا ِء{ ‪ ،‬فقد بذلت وسعى مستعينا با" في كتابته‬ ‫َان ِم ﱠم ْن تَرْ َ‬ ‫َر ُجلَي ِْن فَ َر ُج ٌل َوا ْم َرأَ‪2‬ت ِ‬ ‫مزيال منه الشعوذه و االخطاء معتمدا على المصادر االسالمية الصحيحة فقط ‪ .‬و لست أقدم‬ ‫ھنا االسالم كبديل عن البرمجة الغربية بل االسالم ھو االصل لكنه ال يجد من يدعو له و يحمله‬ ‫للعالمين ‪.‬‬ ‫و قد سبق بھذا الشيخ الغزالي ‪ 3‬رحمه ﷲ حين كتب كتاب "جدد حياتك" معارضا به كتاب‬ ‫"دع القلق و ابدأ الحياه" ل "ديل كارنيجي" نظرا لشھره الكتاب و افتنان المسلمين به رغم ملء‬ ‫الكتاب بعباده المسيح عليه السالم و الصليب الذي صلب عليه ‪ ،‬مع العلم انه بالنظر الى خاتمه‬ ‫‪ 1‬و نفس ھذا الكالم ذكرناه في كتاب "عون الرب في العناية بفن الحرب" عند الحديث عن حرب العصابات و رددنا على روبرت تابر‬ ‫قوله في كتاب"حرب المستضعفين" )ان حرب العصابات نظرية اجتماعية ماركسية – لينينية( حيث ان حرب العصابات مارستھا كل‬ ‫الشعوب المستضعفه منذ االف السنين حتى االن ھم فقط اطقلوا عليھا اسماء و شرحوھا‬ ‫‪ 2‬مثل المشي على النيران و الزجاج و لھا تفسير فيزيائي‬ ‫‪ 3‬الشيخ محمد الغزالي من الدعاه الى ﷲ و له كتب ال تجد لھا مثيل ‪ ،‬و له ذالت و كفى بالمرء نبال ان تعد معايبه‪ ،‬و لكن العجيب اال‬ ‫يبصر القمر فال يرى اال الفجوات ‪ ،‬و يبصر الواحه فال يرى اال الحشرات ‪ ،‬كالذباب ال يقع اال على الجروح و ال يطيب له اال القروح ‪،‬‬ ‫و قد وزنت اعمالى باعماله فرايت جبال واحدا بجواره شبرا من التراب كنت اظنه وقع منه فاذا ھو اعمالى‬

‫‪3‬‬


‫حياة العظماء‬

‫االثنين و انما }االعمال بالخواتيم{ ‪ 1‬نجد الشيخ الغزالي توفاه ﷲ و ھو يناظر و يدافع عن‬ ‫االسالم و ديل كارنيجي انتحر رغم ما كتبه و الفه ‪.‬‬ ‫و قد راعيت اال اكثر من االستشھادات و اال اسھب و اطنب ألن القارئ في زماننا يحتاج‬ ‫الى وجبه سريعه ‪ Take Away‬و قد ينصرف عن الكتاب اذا كثرت صفحاته غير عالما بقول‬ ‫القائل "اقصد البحر و خل القنوات"‬ ‫القارئ يقبل على كتب "تعلم البرمجة في ‪ 24‬ساعة" و "تعلم البرمجة في ‪ 10‬دقائق" و‬ ‫ينصرف عن "تعلم البرمجة في ‪ 10‬اعوام"‬ ‫يقول بن الجوزي يشكو اھل عصره ))كانت ھمم القدماء من العلماء َعلِيﱠة‪ ،‬تدلﱡ عليھا‬ ‫أعمارھم‪ ،‬إال أن أكثر تصانيفھم َدثَرت‪ ،‬ألن ِھمم الطالب ضعُفت‪،‬‬ ‫تصانيفھم‪ ،‬التي ھي زبدة‬ ‫ِ‬ ‫فصاروا يطلبون المختصرات وال ينشطون للمط ﱠوالت‪ ،‬ثم اقتصروا على ما يدرسون به من‬ ‫بعضھا‪ ،‬ف َدثَرت الكتب ولم تُنسخ((‪ 12‬اھـ‪.‬‬ ‫فماذا اقول في عصرنا ؟؟‬ ‫و الحق أن ھناك كتب كثيرة يمكن تلخيصھا في صفحات معدودات دون أن نفقد شيئا‬ ‫فموضوع مثل التخسيس ألفت فيه االف الكتب و يمكن تلخيصه في صفحه واحده ‪.‬‬ ‫و ھذا الموضوع الذي نحن بصدده يستحق عشره اضعاف ھذا الحجم و قد حذفت كثيرا من‬ ‫االستشھادات رغم صحتھا خوفا من الملل ‪ ،‬و لعل ﷲ أن ييسر لي او لغيرى السير على الدرب و‬ ‫شرح كل جزء في كتاب مستقل‬ ‫و قد ناقشت في ھذا الكتاب الطريق الى ان تكون من العظماء مثل "تحديد الھدف)النية( "‬ ‫ثم أوردت نماذج للناجحين و ختمت ب "االستغفار"‬ ‫و لعل من ھو أورع منى يلومني و لم يدر عني فأنى أجريت الكالم مجرى المجاز و الظاھر‬ ‫عندي الجواز‪.‬‬ ‫و أحب أن اوجھه كلمة شكر الى االساتذه ابراھيم الفقي و صالح الراشد و طارق السويدان‬ ‫الذين لوالھم ما تعلمنا علم البرمجة اللغوية العصبية‬ ‫المأخذ على علم البرمجة اللغوية العصبية الغربية‬ ‫‪ .1‬ان الدارس قد يستغرق الوقت منه ساعات ليأخذ شھادة بالخبرة و االحتراف‬ ‫لوال المشقة لساد الناس كلھم ***** الجود يفقر و االقدام قتال‬ ‫فكيف اثق بطبيب او معالج كل خبرته سويعات قضاھا بدون ممارسه‬ ‫باالضافة الى عدم وجود امتحان للمتدرب ‪ ،‬يمكنك الحصول على الشھادة بمجرد الحضور‬ ‫او شراء االسطوانات‪.‬‬ ‫‪ .2‬وجود شعوذه لجذب الناس مثل مشي المتدرب على النيران في نھاية الدورة و‬ ‫حجر الفيروز‬ ‫‪ .3‬اكثر الرابحين من البرمجة اللغوية ھم المدربين‬

‫‪ 1‬صحيح الجامع‬

‫‪4‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و الصواب ان البرمجة تزيد من كفاءه المتدرب في عمله سواء مديرا و مدرسا او محاسبا‬ ‫‪.....‬‬

‫مدربين فھذا غير معقول‬ ‫اما أن يكون الشعب كله ِ‬ ‫‪ .4‬افتقاد الجانب الروحي و االخالص يقول الدكتور طارق السويدان ‪":‬تعلمت في‬ ‫احد المعاھد االمريكية اسس االدارة ‪ ،‬فما تكلم أحد عن االخالص ‪ ،‬حتى دخل علينا‬ ‫دكتور و قال ‪":‬اھم شئ ھو االخالص ‪ ،‬أذا اعتقد الناس انك مخلص فستربح" "‬ ‫} فَأ َ ْع ِرضْ ع َْن َم ْن ت َ​َولﱠى ع َْن ِذ ْك ِرنَا َولَ ْم ي ُِر ْد إِ ﱠال ْال َحيَاةَ ال ﱡد ْنيَا )‪َ (29‬ذلِكَ َم ْبلَ ُغھُ ْم ِمنَ ْال ِعل ِمْ‬ ‫ض ﱠل ع َْن َسبِيلِ ِه َوھُ َو أَ ْعلَ ُم بِ َم ِن ا ْھتَدَى )‪{ (30‬النجم‬ ‫إِ ﱠن َربﱠكَ ھُ َو أَ ْعلَ ُم بِ َم ْن َ‬ ‫‪ .5‬انطالق البرمجة اللغوية العصبية من منطلق غربي و ھو "تحقيق المنفعة"‬ ‫بغض الطرف عن استفادة المجتمع و الضرر الواقع على االطراف االخرى‬ ‫‪ .6‬وجود بعض المخالفات الشرعية مثل االيمان باستنساخ االراواح ‪.‬‬ ‫‪ .7‬أن ھذا العلم حديث نسبيا‪ ،‬فھو مثل الجنين ما زال ينمو و عرضه لألضافه و‬ ‫الحذف معتمدا على التجربة و الخطأ و اعمال العقل‪ ،‬و كم من نظرية تعلمتھا ثم نسختھا‬ ‫نظرية أخرى تثبت خطأ النظرية االولى ‪ ،‬بينما الدين االسالمي كامل و تام } ْاليَوْ َم‬ ‫ض ُ‬ ‫ت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم َوأَ ْت َم ْم ُ‬ ‫أَ ْك َم ْل ُ‬ ‫اإلس َْال َم ِدينًا {‬ ‫ت َعلَ ْي ُك ْم نِ ْع َمتِي َو َر ِ‬ ‫يت لَ ُك ُم ْ ِ‬ ‫يقول سومرست موم ‪":‬إن اوربا قد نبذت اليوم إلھھا و امنت باله جديد ھو العلم و لكن‬ ‫العلم كائن متقلب فھو ينفي اليوم ما اثبه باالمس و يثبت غدا ما نفاه اليوم و لذلك تجد‬ ‫عباده في قلق دائم ال يستقرون"‬

‫و الذي اطلبه منك أن ال تقرأ الكتاب تبحث عن نھايته حتى تقول انك قرأته او تقرأه لمجرد‬ ‫المتعة ‪ ،‬كلما قرأت موضوعا فكر كيف تطبقة في حياتك ‪ ،‬و الذي اعدك به أنك ستتقدم في عملك‬ ‫و حياتك متى طبقت ما ورد بالكتاب‬ ‫اتمنى أن أسمع عنك قريبا‬ ‫أخوك‬ ‫عمر سليم‬

‫‪5‬‬


‫حياة العظماء‬

‫من ھو العظيم ؟؟؟‬ ‫ھل العظمة بالغنى ؟؟ ام بالغنى ام بالنسب ؟؟‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫ان العامة لديھا مقاييس للعظمة } َوقَالُوا لَوْ َال نز َل ھَذا القرْ ُ‬ ‫ءان َعلى َرج ٍُل ِمنَ القرْ يَتَي ِْن َع ِظ ٍيم‬ ‫)‪{ (31‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يرينَ‬ ‫از ٍم ع َْن ُم َح ﱠم ِد ب ِْن ِس ِ‬ ‫قال اإلمام البخاري رحمه ﷲ ‪َ :‬ح ﱠدثنَا ُم ْسلِ ُم ب ُْن إِب َْرا ِھي َم َح ﱠدثنَا َج ِري ُر ب ُْن َح ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ال لَ ْم يَتَ َكلﱠ ْم فِي ْال َم ْھ ِد إِ ﱠال ثَ َالثة ِعي َسى َو َكانَ فِي‬ ‫صلﱠى اللﱠھم َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم قَ َ‬ ‫ع َْن أَبِي ھُ َري َْرةَ ع َِن النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ت اللﱠھُ ﱠم َال‬ ‫ال أُ ِجيبُھَا أَوْ أُ َ‬ ‫ُصلﱢي َجا َء ْتهُ أُ ﱡمهُ فَ َد َع ْتهُ فَقَ َ‬ ‫يل َر ُج ٌل يُقَا ُل لَهُ ج َُر ْي ٌج َكانَ ي َ‬ ‫بَنِي إِس َْرائِ َ‬ ‫صلﱢي فَقَالَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت لَهُ ا ْم َرأَةٌ َو َكلﱠ َم ْتهُ فَأَبَى فَأَتَتْ‬ ‫ﱠض ْ‬ ‫صوْ َم َعتِ ِه فَتَ َعر َ‬ ‫ت َو َكانَ ُج َر ْي ٌج فِي َ‬ ‫تُ ِم ْتهُ َحتﱠى تُ ِريَهُ ُوجُوهَ ال ُمو ِم َسا ِ‬ ‫َت ُغ َال ًما فَقَالَ ْ‬ ‫َرا ِعيًا فَأ َ ْم َكنَ ْتهُ ِم ْن نَ ْف ِسھَا فَ َولَد ْ‬ ‫ْج فَأَتَوْ هُ فَ َك َسرُوا َ‬ ‫صوْ َم َعتَهُ َوأَ ْنزَ لُوهُ َو َسبﱡوهُ‬ ‫ت ِم ْن ج َُري ٍ‬ ‫ال‬ ‫صوْ َم َعتَكَ ِم ْن َذھَ ٍ‬ ‫ب قَ َ‬ ‫ال الرﱠا ِعي قَالُوا نَ ْبنِي َ‬ ‫ال َم ْن أَبُوكَ يَا ُغ َال ُم قَ َ‬ ‫صلﱠى ثُ ﱠم أَتَى ْال ُغ َال َم فَقَ َ‬ ‫فَت َ​َوضﱠأ َ َو َ‬ ‫ت‬ ‫يل فَ َم ﱠر بِھَا َر ُج ٌل َرا ِكبٌ ُذو َش َ‬ ‫ض ُع ا ْبنًا لَھَا ِم ْن بَنِي إِس َْرائِ َ‬ ‫ار ٍة فَقَالَ ِ‬ ‫ت ا ْم َرأَةٌ تُرْ ِ‬ ‫ين َو َكانَ ِ‬ ‫َال إِ ﱠال ِم ْن ِط ٍ‬ ‫ال اللﱠھُ ﱠم َال تَجْ َع ْلنِي ِم ْثلَهُ ثُ ﱠم أَ ْقبَ َل َعلَى ثَ ْديِھَا‬ ‫ب فَقَ َ‬ ‫اللﱠھُ ﱠم اجْ َع ِل ا ْبنِي ِم ْثلَهُ فَت َ​َركَ ثَ ْديَھَا َوأَ ْقبَ َل َعلَى الرﱠا ِك ِ‬ ‫ت‬ ‫ال أَبُو ھُ َري َْرةَ َكأَنﱢي أَ ْنظُ ُر إِلَى النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫يَ َمصﱡ هُ قَ َ‬ ‫صلﱠى اللﱠھم َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم يَ َمصﱡ إِصْ بَ َعهُ ثُ ﱠم ُم ﱠر بِأ َ َم ٍة فَقَالَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال اللھُ ﱠم اجْ َعلنِي ِمثلَھَا فَقَالَ ْ‬ ‫ال الرﱠا ِكبُ َجبﱠا ٌر‬ ‫ت لِ َم َذاكَ فَقَ َ‬ ‫اللﱠھُ ﱠم َال تَجْ َع ِل ا ْبنِي ِمث َل ھَ ِذ ِه فَت َ​َركَ ثَ ْديَھَا فَقَ َ‬ ‫ت َولَ ْم تَ ْف َعلْ *‬ ‫ت زَ نَ ْي ِ‬ ‫ِمنَ ْال َجبَابِ َر ِة َوھَ ِذ ِه ْاألَ َمةُ يَقُولُونَ َس َر ْق ِ‬

‫العظيم قد يكون غنيا ك "عبد الرحمن بن عوف" او فقيرا ك"عبدﷲ بن مسعود" او ملكا‬ ‫ك"سليمان" او مملوكا ك "لقمان" و قد يكون صحيحا ك" ابراھيم" او مريضا ك"ايوب"و قد‬ ‫يكون طويال ك "عمر" او قصيرا ك "بن مسعود" او ضخما ك "وكيع بن الجراح" او نحيال ك‬ ‫"بن حنبل " و قد يطول عمره ك"نوح" و قد يقصر ك"يحيى" او لينا ك"عيسى" او صلبا‬ ‫ك"موسى" و قد يصبح قائدا ك"خالد بن الوليد" او ال يستعمل ك"ابو ذر" و قد يكون عربيا‬ ‫ك"ابو بكر" و قد يكون حبشيا ك"بالل" او رومي ك"صھيب" او ھندي ك "اقبال " و قد يسجن‬ ‫ك "يوسف " و قد يؤذى ك "لوط" و قد يكون رجال ك"على" او تكون من النساء ك"فاطمة" و‬ ‫قد يكون نسيبا كالشافعي او اعجمي ك"صالح الدين" و قد يكون عسكريا ك "محمد الفاتح" او‬ ‫عالما ك "بن عباس" و قد يموت شابا ك"معاذ بن جبل" او يبدأ في طريق العظمة كھال ك"العز‬ ‫بن عبد السالم"‬ ‫فكل ھذا ليس مقياسا للعظمة لكن العظيم ھو من يترك شيئا طيبا خلفا‬ ‫كن رجالً إن أتوا بعده يقولون م ّر وھذا األثر‬ ‫و من عالمات العظمة اختالف الناس حوله ما بين مادح و قادح كشيخ االسالم بن تيمية و‬ ‫محمد بن عبد الوھاب‬

‫‪6‬‬


‫حياة العظماء‬

‫تحديد الھدف‬ ‫أن اول صفة مشتركة في حياةالعظماء ھي تحديد الھدف‬ ‫• إنما األعمال بالنيات ‪ ،‬وإنما لكل امرىء ما نوى ‪ ،‬فمن كانت ھجرته إلى دنيا‬ ‫‪1‬‬ ‫يصيبھا ‪ ،‬أو إلى امرأة ينكحھا ‪ ،‬فھجرته إلى ما ھاجر إليه‬ ‫عاب ﷲ على المنافقين انھم لم يريدوا الجھاد و قال بأنھم لو ارادوا الجھاد و جعلوا‬ ‫ُوج ألَ َع ﱡدوا لَهُ ُع ﱠدةً‬ ‫ھدفھمه الجھاد لبعثھم ھذا الھدف على االستعداد } َولَوْ أَ َرا ُدوا ْال ُخر َ‬ ‫َولَ ِك ْن َك ِرهَ ﱠ‬ ‫ﷲُ ا ْنبِ َعاثَھُ ْم فَثَبﱠ َ‬ ‫يل ا ْق ُع ُدوا َم َع ْالقَا ِع ِدينَ { التوبة‬ ‫طھُ ْم َوقِ َ‬ ‫ْت َو َما تَوْ فِيقِي إِ ﱠال بِ ﱠ‬ ‫الح َما ا ْستَ َ‬ ‫طع ُ‬ ‫ا"ِ َعلَ ْي ِه‬ ‫األصْ َ‬ ‫و االنبياء ھدفھم محدد )إن أُ ِري ُد إِ ﱠال ْ ِ‬ ‫ت َ​َو ﱠك ْل ُ‬ ‫ت َوإِلَ ْي ِه أُنِيبُ ()ھود‪. (88 :‬‬ ‫و عن شداد بن الھاد رضي ﷲ عنه أن رجال من األعراب جاء إلى النبي صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم فآمن به واتبعه ثم قال أھاجر معك فأوصى به النبي صلى ﷲ عليه وسلم بعض‬ ‫أصحابه فلما كانت غزوة غنم النبي صلى ﷲ عليه وسلم سبيا فقسم وقسم له فأعطى‬ ‫أصحابه ما قسم له وكان يرعى ظھرھم فلما جاء دفعوه إليه فقال‪ :‬ما ھذا؟ قالوا‪ :‬قسم‬ ‫قسمه لك النبي صلى ﷲ عليه وسلم فأخذه فجاء به إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال‪ :‬ما‬ ‫ھذا؟ قال )قسمته لك( قال‪ :‬ما على ھذا اتبعتك ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى ھاھنا ــ‬ ‫وأشار إلى حلقه ــ بسھم فأموت فأدخل الجنة فقال ) إن تصدق ﷲ يصدقك ( فلبثوا قليال‬ ‫ثم نھضوا في قتال العدو فأتي به النبي صلى ﷲ عليه وسلم يحمل قد أصابه سھم حيث‬ ‫أشار فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم ) أھو ھو ( قالوا‪ :‬نعم قال‪) :‬صدق ﷲ فصدقه( ثم‬ ‫كفنه النبي صلى ﷲ عليه وسلم في جبة النبي صلى ﷲ عليه وسلم ثم قدمه فصلى عليه‬ ‫فكان فيما ظھر من صالته )اللھم ھذا عبدك خرج مھاجرا في سبيلك فقتل شھيدا أنا شھيد‬ ‫‪2‬‬ ‫على ذلك(‬ ‫و عن أبي ھريرة رضي ﷲ تعالى عنه عن النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪-‬أنه قال‪) :‬كل‬ ‫أمتي يدخلون الجنة إال من أبى‪ ،‬قيل يا رسول ﷲ‪ ،‬ومن يأبى؟ قال‪ :‬من أطاعني دخل‬ ‫‪3‬‬ ‫الجنة‪ ،‬ومن عصاني فقد أبى(‬ ‫• و قال األصمعي قصه جميله توضح تحديد الھدف عند اربعه من الصحابة ‪:‬‬ ‫عن عبد الرحمن بن أبي زناد‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬اجتمع في الحجر مصعب‪ ،‬وعروة‪ ،‬وابن‬ ‫الزبير‪ ،‬وابن عمر‪.‬‬ ‫فقال عبد ﷲ بن الزبير‪ :‬أما أنا فأتمنى الخالفة‪.‬‬ ‫وقال عروة‪ :‬أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم‪.‬‬ ‫وقال مصعب‪ :‬أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت‬ ‫الحسين‪.‬‬ ‫وقال عبد ﷲ بن عمر‪ :‬أما أنا فأتمنى المغفرة‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫قال‪ :‬فنالوا كلھم ما تمنوا‪ ،‬ولعل ابن عمر قد غفر ﷲ له‪.‬‬

‫‪ 1‬حديث صحيح‬ ‫‪ 2‬النسائي‬ ‫‪ 3‬البخاري‬ ‫‪ 4‬البداية و النھاية‬

‫‪7‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال عمر بن عبد العزيز‪ :‬إن لي نفسا ً تواقة‪ ،‬لقد رأيتني وأنا بالمدينة غالم من الغلمان‪ ،‬ثم‬ ‫تاقت نفسي إلى العلم‪ ،‬إلى العربية والشعر‪ ،‬فأصبت منه حاجتي‪ ،‬وما كنت أريد‪ ،‬ثم تاقت نفسي‬ ‫في السلطان‪ ،‬فاستعملت على المدينة‪ .‬ثم تاقت الى الخالفة فاصبحت خليفة ثم االن تتوق نفسي‬ ‫للجنة‬ ‫وقف ربعي بن عامر كفرد من جيل قيادي مسلم‪ ،‬أمام رستم قائد الفرس‪ ،‬ليشرح له مھمة ھذه‬ ‫األمة القيادية قائالً‪ ' :‬إن ﷲ ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد‪ ،‬ومن‬ ‫ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا واآلخرة ومن جور األديان إلى عدل اإلسالم'‪.‬‬ ‫و كان محمد الفاتح يقول " حسنآ عن قريب سيكون لي فى قسطنطينيه عرش او يكون لي‬ ‫فيھا قبر"‬ ‫ً‬ ‫و قال ايضا ) إن لي قلبا كالصخر ال يھدأ حتى أحقق ما أريد ‪ ،‬ولي عين دامعة من خشية ﷲ‬ ‫‪ ،‬فكيف ال أحقق ما أريد ( !‬ ‫و كان الشيخ أحمد ياسين يقول ‪":‬أملي أن يرضى ﷲ عني"‬ ‫يقول محمد على كالي‬ ‫مايجعلني استمر ھي اھدافي‬

‫‪What keeps me going is goals‬‬

‫و كان صدام حسين فتره وجوده بمصر يقول للكويتين " يوما ما سأكون رئيسا للعراق و‬ ‫أغزوكم "‬ ‫يقول المھندس عثمان احمد عثمان ‪":‬كنت احلم كلما كنت أذھب مع خالي الى مواقع عمل‬ ‫الشركات االجنبية العمالقة في منطقة القناة أن أكون مقاوال مثله ‪ ،‬و لكن بنفص إمكانيات تلك‬ ‫الشركات بما لھا من أوناش كبية و معدات ضخمة و كان جميع العاملين فيھا من المصريين و‬ ‫كانت السيطرة لالجانب لذلك قلت لنفسي وقتھا لماذا ال يكون ھناك مھندس مصري يعمل مقاوال‬ ‫يستثمر طاقات بلده لصالح بلده"‬

‫‪8‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و يقول الدكتور احمد زويل ‪":‬و ان المرء ليعجب في الوقت الحاضر من مدي او درجة‬ ‫الجنون التى كنت عليھا وقتذاك و في تلك المرحلة المبكرة من العمر أو اننى لم اشغل فكري و‬ ‫بالي بالثروة و المال او اقتناء سيارة فاخرة او ما الى ذلك من متع الحياة المعھودة ‪ ،‬و لكن الذي‬ ‫شغل فكري و استولي على خيالي ھو ان احصل على العلم و ان أتبوا مركزا في دنياة و المرء‬ ‫دائما حيث يضع نفسه "‬ ‫**دخل اإلخشيدي ‪ -‬الذي حكم مصر أيام عھد المماليك ‪ -‬مع صاحب له مقيداً بالحديد ‪،‬‬ ‫فمرا على رجل له شوي ‪-‬أي مطعم (فقال صاحبه ‪ :‬أتمنى أن يشتريني صاحب ھذا‬ ‫الشوي فأشبع لحما ً‪..‬‬ ‫وقال األخشيدي ‪:‬أتمنى أن أحكم مصر بأكملھا ‪...‬ودارت األيااام واشترى صاحب‬ ‫الشوي ذلك المملوك‪،،‬وحكم اإلخشيدي مصر في قصة طويلة معروفة بالتاريخ ‪**...‬‬ ‫وللحافظ أبي الحسن طاھر بن مفوز المعافري األندلسي‪:‬‬ ‫عمدة الدين عندنا كلمات *** أربع من كالم خير البرية‬ ‫اتق الشبھات وازھد ودع ما *** ليس يعنيك واعملن بنية‬ ‫بــن الــشــبــل ‪:‬‬ ‫قـــال أبــو‬ ‫ﱢ‬ ‫عــلــي ِ‬ ‫فناج نف َسك بالـ ُمنى ‪َ ....‬و ْعداً‬ ‫الجنان ِعد ُ‬ ‫ُ‬ ‫وإذا ھممتَ‬ ‫َات‬ ‫فخيرات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األوقات‬ ‫يأسك ُجنﱠةً ‪ ....‬حتى‬ ‫تزول بھ ﱢمكَ‬ ‫َ‬ ‫واجعلْ رجا َءك ُدون ِ‬ ‫واسترْ عن ال ُجلَ َسا ِء بثﱠكَ إنما ‪ ....‬جلسا ُؤك ال ُحسﱠا ُد وال ﱡش ﱠم ُ‬ ‫ات‬ ‫ُ‬ ‫للحي ْ‬ ‫ممات‬ ‫ت‬ ‫ث إنه ‪....‬‬ ‫قبل المما ِ‬ ‫ودع التوقﱡ َع للحواد ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫للسرور ثبَ ُ‬ ‫ات‬ ‫ثبات مثل مــا ‪ ....‬في أھلِ ِه ما‬ ‫ليس لهُ‬ ‫فالھ ﱡم َ‬ ‫ِ‬ ‫لوال مغالطةُ‬ ‫ف للمتيقظينَ حياةُ‬ ‫النفوس عقولَھا ‪ ....‬لم تَصْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الشيخ خالد االزھري كان يعمل في الجامع االزھر وكانت مھنته في ھذ الجامع ان يشعل‬ ‫السرج‬ ‫‪9‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وفي مساء احد االيام وھو يمشي في الجامع االزھر وبيده الزيت _وقود السرج انذاك_‬ ‫تعثر بجسد رجل مستلق في المسجد فانسكب الزيت على الرجل فقال للشيخ غاضبا‬ ‫ومستھزء_ياشيخ االزھر _ فأسرھا الشيخ في نفسه وقال وﷲ ‪ ....‬ليكون‬ ‫وماھي اال سنين وصار الشيخ خالد شيخا لالزھر‬ ‫نشأ ) محمد إسماعيل الخياط ( عاميا ً ‪ ،‬ولكنه محب للعلم و العلماء فكان يحضر مجالسھم و‬ ‫حلقاتھم وال يفوته الجلوس في الصف األول ‪ .‬واشترى كتبا و استعان بالنابھين من الطلبـة فصار‬ ‫واحد زمانه في الفقه و األصول ‪ ،‬و كان في مھنته الخياطة ‪ ..‬فصار الناس يأتون إليه ويسألونه‬ ‫ويستفتونه ‪ ..‬فيجيبھم بما يعجز عنه كبار علماء عصره ‪ ..‬فترك الناس مفتي الشام ) آل العمادي (‬ ‫‪ ،‬ال يسألونه فساء ذلك العماديين ‪..‬‬ ‫كان الشيخ محمد إسماعيل الخياط يمر بحماره كل يوم بدار العماديين فيسلم و يردون عليه‬ ‫السالم ‪ .‬فمر يوما ‪ ،‬فوجد على الباب أخا ً للمفتي فرد عليه السالم ‪ ،‬وقال له ساخرا ً ‪ :‬إلى أين يا‬ ‫شيخ ؟ أذاھب إلى اسطنبول لتأتي بوالية اإلفتاء ؟ وضحك و ضحك من حوله ‪ ،‬أما الشيخ فلم يز‬ ‫على أن قال ‪ :‬إن شاء ﷲ ‪ ،‬و سار في طريقه و دخل داره و ودع أعله و أعطاھم نفقته و سافر ‪!.‬‬ ‫سافر حتى وصل القسطنطينيـة فذھب إلى الشيخ في دار المشيخـة حتى يأخذ والية اإلفتاء‬ ‫‪ ....‬و في قصـة طويلـة ‪ ،‬استطاع أن يأخذ إفتاء الشام ‪ ،‬فأعطاه الشيخ كتاب تولية إفتاء الشام ‪ ،‬و‬ ‫كيسا فيه ألف دينار ‪ .‬و عاد الشيخ إلى دمشق ‪ ،‬فركب حماره ودار حتى مر بدار العماديين ‪ ،‬فإذا‬ ‫بالمستھزئ عند الباب ‪ ،‬فسخر منه كما يسخر منه دائما ً وقال ‪ :‬من أين يا شيخ ؟ فقال الشيخ ‪ :‬من‬ ‫ھناك ‪ ،‬من اسطنبول ‪ ،‬أتيت بتوليـة اإلفتاء كما أرمتني ‪ ..‬ثم ذھب إلى القصر و قابل والي الشام‬ ‫بكتاب شيخ اإلسالم الذي ينص ‪ :‬بتولي الشيخ محمد إسماعيل إفتاء الشام ‪ ،‬فما إن قرأه الوالي ‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫حتى سلم الشيخ عمله في حفلة كبيرة‬ ‫مھم جدا ان تثق بنفسك وتؤمن بقدراتك ولو قال الناس عنك وقالوا‬

‫• أنك بمجرد أن تضع اھدافك فان كل شئ تفعله اما يقربك من ھدفك او يبعدك عنه‪.‬‬ ‫أن الطالب الذي ال يضع في ذھنه كليه معينه ‪ ،‬كلما جاءه صديق )يدعوه لسھرة او سينما(‬ ‫أنشغل به و نسى المذاكرة و لكن الذي له ھدف ينطلق نحوه و ال يتوقف أبدا‬ ‫أن الشخص بال ھدف كسفينة بدون دفه توجھھا الريح و االمواج اينما شائت حتى تتحطم‬ ‫على الصخور ‪ ،‬أو كمباراه بال أجوان‬ ‫و المتسلق الجيد يركز على ھدفه و ال ينظر الى اسفل حيث المخاطر التى تشتت الذھن‬ ‫و يمكن توضيح الصورة بين صاحب الھدف و من ال يمتلك ھدف بمثال "لعبه تجميع‬ ‫الصورة " و ھى لعبه المكعبات الصغيرة لالطفال فعندما تبدأ و لديك صورة للشكل المتكون‬

‫‪ 1‬كيف اصبحوا عظماء‬

‫‪10‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يسھل عليك األمر و لكن اذا كنت تبدأ و ليس لديك فكرة عن الشكل المتكون في النھاية فستتخبط‬ ‫و ربما تيأس‬ ‫• قم بتحديد و كتابه أھداف لحياتك و أھداف سنوية و أھداف شھرية و أھداف يومية‪.‬‬ ‫و كان الصالحون يكتوب اھدافھم و ما يحثھم على الثبات‬ ‫قال اللبيدي‪ :‬توفي أبو إسحاق رحمه ﷲ‪،‬ووجدت بعد موته رقعة تحت حصيره‪ ،‬مكتوبة بخطه‪:‬‬ ‫رجل وقف له ھاتف فقال له‪ :‬أحسن‪ ،‬أحسن عملك‪ .‬فقد دنا أجلك‪ .‬فقال لي ولده عبد الرحمن‪ :‬إنه‬ ‫‪1‬‬ ‫كان إذا قصّر في العمل‪ ،‬أخرج الرقعة‪ ،‬فنظر فيھا‪ ،‬ورجع الى ج ّده‪.‬‬ ‫فأكتب ھدفك و أجعله أمام عينيك و كرره حتى يكون حافزا لك في السير‬ ‫يقول محمد على كالي‬ ‫‪It's the repetition of affirmations that leads to belief. And once that belief‬‬ ‫‪becomes a deep conviction, things begin to happen.‬‬ ‫التكرار يؤدي الى االعتقاد من ثم يتحول الى قناعة التي بدورھا تبدأ في التحقق‬ ‫ما ھي صفات الھدف ؟؟‬ ‫للھدف صفات ان لم توجد كان خياال او امنية‬ ‫• أختر ھدفا واقعيا و مالئما لقدراتك و ال يكون سھال جدا ال يشكل تحديا و ال مبالغ‬ ‫فيه فتيأس‬ ‫ھناك من تجده يضع ھدف ان ينتھي اليوم من سماع ‪ 15‬شريط كل شريط مدتة ساعة‬ ‫ونصف و ذلك بعد العودة من العمل‬ ‫]و كذلك الحضارات فاالسكيمو يواجھون تحديا صعبا اما المناطق سھلة الزراعة و ال يوجد‬ ‫بھا مشاكل ال يقام بھا حضاره بل تجد الشعب في خمول [‬ ‫• ھدف يمكن قياسه‬ ‫• تحديد وقت لتحقيق الھدف و االنتھاء منه‬ ‫• أكتب أھدافك بصيغة الماضي "لقد أحرزت المركز االول " ال بصيغه المستقبل‬ ‫و كتبت والده الدكتور أحمد زويل على باب غرفته و ھو صغير "ھذه غرفة الدكتور أحمد زويل"‬ ‫• الھدف خالي من المنكرات الشرعية‬ ‫• يمثل حاجتك المادية و االجتماعية و العقلية‬ ‫و مثال على ھذه خطه ماليزيا لالصالح‬ ‫حدد مھاتير محمد في العديد من خطاباته ‪ ٩‬تح ّديات أو المشاكل التي يجب على ماليزيا‬ ‫تخطّيھا خالل سيرھا على خطة عام‪٢٠٢٠‬م‪:‬‬ ‫‪ -١‬إقامة أمة ماليزية متحدة األھداف و المصير المشترك‪ .‬و على ھذا يجب أن تكون األمة‬ ‫في سالم مع نفسھا‪ ،‬متكاملة إقليميا ً وعرقياً‪ ،‬وأن تعيش في وئام و شراكة كاملة و عادلة‪ ،‬و مكونة‬ ‫من ج ْنس ماليزي واحد حتى و إن تعددت األعراق‪ ،‬مع الوالء السياسي و التفاني من أجل األمة‪.‬‬ ‫‪ -٢‬التحرير النفسي اآلمن‪ ،‬و تطوير المجتمع الماليزي مع االيمان و الثقة في ذاته‪ ،‬و الفخر‬ ‫على ما ھو عليه‪ ،‬و ما أنجزه‪ ،‬و جعله قويا ً بما يكفي لمواجھة المحن‪ .‬و يجب أن يكون المجتمع‬ ‫‪ 1‬ترتيب المدارك‬

‫‪11‬‬


‫حياة العظماء‬

‫تابع ألحد أو‬ ‫الماليزي التميز و السعي للتفوق‪ ،‬و أن يكون على علم تام بجميع إمكانياته‪ ،‬غير ٍ‬ ‫متأثّر بأحد‪ ،‬محترما ً من قِبَل الشعوب األخرى‪.‬‬ ‫‪ -٣‬تعزيز وتطوير مجتمع ديمقراطياً‪ ،‬يمارس شكالً من أشكال النضج الديموقراطي‪ ،‬و أن‬ ‫تكون ماليزيا مثاالً يحتذى به لدى البلدان النامية األخرى‪.‬‬ ‫‪ -٤‬تقوية صورة المجتمع و رفع الروح المعنوية و المحافظة على األخالق الدينية‪.‬‬ ‫‪ -٥‬تعزيز مفھوم الليبرالية في المجتمع الماليزي‪ ،‬و نشر التسامح بين الماليزيين باختالف‬ ‫أعراقھم و أديانھم؛ و ضمان تم ّكنھم من ممارسة الشعائر الدينية و عاداتھم و ثقافاتھم بكل حريّة؛‬ ‫لوطن و أمة واحدة‪.‬‬ ‫مع التأكيد على أنھم ينتمون‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -٦‬إقامة مجتمع متق ّدم علميا و اجتماعيا‪ ،‬و أن يكون مجتمعا مبت ِكرا متطلعا لألمام و ليس‬ ‫مستھلك للتكنولوجيا‪ ،‬بل مساھما ً أيضا ً في األوساط العلمية و التكنولوجية و‬ ‫مجتمع‬ ‫مجرد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التطوير الحضاري‪.‬‬ ‫‪ -٧‬إقامة مجتمع متكامل‪ ،‬و رعاية الثقافة‪ ،‬و النظام االجتماعي في المجتمع و تقديم المجتمع‬ ‫على الذات بما فيه مصلحة الشعب التي ال تدور حول دولة أو فرد و لكن نحو مجتمع و نظام‬ ‫األسرة قوي و مرن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -٨‬ضمان مجتمع عادل اقتصاديا‪ .‬ھذا ھو المجتمع الذي يقوم على التوزيع العادل و‬ ‫المنصف لثروة األمة‪ ،‬و التي توجد فيھا شراكة كاملة نحو التقدم االقتصادي‪ .‬مثل ھذا المجتمع ال‬ ‫يمكن أن يكون له وجود ما دام ھناك تحديد في سباق مع الوظيفة االقتصادية‪ ،‬و تحديد التخلف‬ ‫االقتصادي مع العرق‪.‬‬ ‫‪ -٩‬إقامة مجتمع مزدھر ينافس الدول االقتصادية بديناميكية قوية و مرنة من خالل تطوير‬ ‫الزراعة و ازدھارھا‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يمكنك فعل كل شئ تريدة بخطوتين‬ ‫‪ .1‬تحديد الھدف‬ ‫‪ .2‬انطلق نحوه و افعل ما فعله الناجحين االخرين‬ ‫حدد ھدفك ھل تريد دخول كلية معينة ؟؟ او وظيفة معينة ؟؟ حدد ھدفك بدقة و أكتبه في صيغه‬ ‫الماضي‬ ‫الخطوة التالية ماذا كان يفعل الطالب الذين دخلوا ھذه الكلية ؟؟ كيف كانوا يذاكرون ؟؟ ھل كانوا‬ ‫يعتمدون على كتب الوزارة ام الكتب الخارجية ام الدروس الخصوصية ؟؟؟‬ ‫يقول مالكوم اكس ‪":‬في كل مره ترى فيھا شخصا ناجحا اكثر منك ‪ ،‬أعلم أنه يفعل شيئا ما ال‬ ‫تفعله أنت " "‬

‫‪13‬‬


‫حياة العظماء‬

‫· تعلمت أنه إذا كان ھناك من يقوم بعمل يشبه عملك ويتفوق عليك فھو ال محالة يفعل شيئا ال‬ ‫تفعله"‬ ‫ما ھو ھدفك ؟؟ نتخيل مثال بسيط أنك بالزيتون و تريد الذھاب للرمسيس ‪ ،‬الجواب السھل‬ ‫ساركب المترو او الميكروباص الذاھب الى رمسيس ‪ ،‬لكن العجيب ان جمع من الناس لم يحددوا‬ ‫اتجاھھم و ھناك من حدد ھدفه لكن ال مانع لديه من ركوب الميكروباص الذاھب الى العين شمس‬ ‫للتمتع بالمناظر الخالبة‬

‫ركز على ھدفك و انطلق و ال تلتفت و تذكر ما حدث يوم خيبر‬ ‫قال رسول ﷲ لعلى بن ابي طالب اذھب فقاتل حتى يفتح ﷲ عليك وال تلتفت قال فمشى ما‬ ‫شاء ﷲ ثم وقف فلم يلتفت فقال عالم أقاتل الناس قال قاتلھم حتى يشھدوا أن ال إله إال ﷲ وأن‬ ‫‪1‬‬ ‫محمدا رسول ﷲ فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا دماءھم وأموالھم إال بحقھا وحسابھم على ﷲ‬ ‫فتأمل في فعل علي رضى ﷲ عنه فحتى االلتفات الحسي لم يفعله‬

‫أخي فامض ال تلتفت للوراء طريقك قد خضبته الدماء‬ ‫وال تلتفت ھھنا أو ھناك وال تتطلع لغير السماء‬ ‫‪,‬كان في مجلس اإلمام مالك بن أنس رحمه ﷲ تعالى ‪ ،‬جماعة يأخذون عنه العلم ‪ ،‬فقال قائل‬ ‫‪ :‬قد حضر الفيل ‪.‬‬ ‫فخرج أصحابه كلھم للنظر إليه إال يحيى بن يحيى الليثي األندلسي ‪ ،‬فإنه لم يخرج ‪.‬‬ ‫فقال له مالك ‪ :‬ل َم ل ْم تخرج لترى ھذا الخلق العجيب فإنه لم يكن ببالدك ؟!‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬إنما جئت من بلدي ألنظر إليك ‪ ،‬وأتعلم من ھديك وعلمك ‪ ،‬ولم أجئ ألنظر إلى الفيل‬ ‫‪.‬‬ ‫فأعجب به مالك رضي ﷲ تعالى عنه ‪ ،‬وسماه عاقل أھل األندلس ‪ ،‬ثم إن يحيى عاد إلى‬ ‫األندلس‪ ،‬وانتھت إليه الرئاسة بھا ‪.‬‬ ‫و من الطريف ما حدث في أشھر المناظرات ‪ :‬مناظرة بن حزم مع ابو الوليد الباجي ‪ ،‬تقدم‬ ‫الباجي يناظربن حزم ‪ ،‬فأفحمه ابن حزم‪ .‬فأراد الباجي أن يمكر به وأن يحرض عليه فقراء‬ ‫الطالب والفالحين من رواد الحلقة فقال‪» :‬تعذروني فأكثر مطالعاتي كانت على سرج الحراس«‪.‬‬ ‫يقصد أنه كان فقيراً ال يجد مصباحا ً في بيته‪ ،‬فقراءته كانت على مصابيح الحراس الذين يمشون‬ ‫في الليل بمشاعل لحماية البالد من اللصوص‪ .‬فرد ابن حزم‪» :‬وتعذرني فأكثر مطالعاتي كانت‬ ‫على منابر الذھب والفضة«‪ .‬فقال الباجي‪» :‬أنا أعظم منك ھمة في طلب العلم! ألنك طلبته وأنت‬ ‫تُ ُ‬ ‫عان عليه‪ ،‬تسھر بمشكاة الذھب‪ ،‬وطلبته وأنا أسھر بقنديل السوق«‪ .‬فقال له ابن حزم‪» :‬ھذا كالم‬ ‫‪ 1‬النسائي‬

‫‪14‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عليك ال لك‪ .‬ألنك طلبت العلم بحال فاقة تريد تبديلھا بمثل حالي‪ ،‬وأنا طلبته في حين ما تعلمهُ وما‬ ‫َذ َكرته‪ .‬ال أرجو إال علو القدر في الدنيا واآلخرة«‪ .‬وصفق أتباع ابن حزم طرباً‪ ،‬وانھزم الباجي‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫حياة العظماء‬

‫انما العلم بالتعلم‬ ‫أن اكبر قاعدة و دليل على أمكانية تعلم صفه جديدة ھى ‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫• " انما العلم بالتعلم‪ ،‬وانما الحلم بالتحلم‪ ،‬وانما الصبر بالتصبّر"‬ ‫و ھى قاعده شرعية في امكانية االتصاف بصفه غير موجوده في الشخص ‪ ،‬اذا اردت أن‬ ‫تكون كريما فبدأ بالتصدق و لو بقليل و حافظ عليھا حتى تصبح عاده عندك ‪ ،‬ثم تصبح العاده‬ ‫صفه الزمه لالنسان و ھى قاعدة عند العظماء‬ ‫تعود بسط الكف حتى لو أنه ‪ ...‬ثناھا لقبض لم تجبه أنامله‬ ‫تراه إذا ما جئته متھلال ‪ ...‬كأنك تعطيه الذي أنت آمله‬ ‫ولو لم يكن في كفه غير روحه ‪ ...‬لجاد بھا فليتق ﷲ سائله‬ ‫ھو البحر من أي النواحي أتيته ‪ ...‬فلجته المعروف والجود ساحله‬ ‫و االنسان الذي بدأ في قياده السيارة تجده يجتھد و يتعب ثم ما تلبث أن تصبح القياده متطبعه‬ ‫به فيقود و ھو يتحدث و قد رأيت رجال يسوق السيارة و ھو واضع على الدركسيون جريده يقرأ‬ ‫بھا كلما توقف في أشاره !!‬ ‫و تأمل في سورة الشمس‬ ‫ار إِ َذا َجالھَا)‪َ (3‬واللﱠي ِْل إِ َذا‬ ‫س َوض َ‬ ‫} َوال ﱠش ْم ِ‬ ‫ُحاھَا)‪َ (1‬و ْالقَ َم ِر إِ َذا تَالھَا)‪َ (2‬والنﱠھَ ِ‬ ‫ُورھَا‬ ‫س َو َما َس ﱠواھَا)‪(7‬فَأ َ ْلھَ َمھَا فُج َ‬ ‫ض َو َما طَ َحاھَا)‪َ (6‬ونَ ْف ٍ‬ ‫يَ ْغ َشاھَا)‪َ (4‬وال ﱠس َما ِء َو َما بَنَاھَا)‪َ (5‬واألَرْ ِ‬ ‫اب َم ْن َدسﱠاھَا)‪.{(10‬‬ ‫َوتَ ْق َواھَا)‪(8‬قَ ْد أَ ْفلَ َح َم ْن زَ ﱠكاھَا)‪َ (9‬وقَ ْد خَ َ‬ ‫اقسم ﷲ على شئ واحد عشرة أقسام لبيان عظم ھذا الموضوع و ھو تزكية النفس فدل على‬ ‫أن االنسان يزكي و يربي نفسه و قد يضل نفسه و يفسدھا‬ ‫و في صحيح مسلم قول رسول ﷲ لألشج بني عبد قيس‪ » :‬إن فيك لخصلتين يحبھما ﷲ عز‬ ‫وجل ورسوله « قال ‪ :‬وما ھما ؟ قال ‪ » :‬الحلم ‪ ،‬واألناة« ‪ ،‬قال ‪ :‬أشيء استفدته ‪ ،‬أم شيء جبلت‬ ‫عليه ؟ قال ‪ » :‬بل شيء جبلت عليه « فقال ‪ :‬الحمد " الذي جبلني على ما أحب‬ ‫فيه دليل على أمكانية االتصاف بصفه غير موجودة و أكتسابھا ‪.‬‬ ‫و قوله ‪":‬ال تغضب " فلو كانت جبليه ما أمر رجل بما ليس في يديه‬

‫لوكانت األخالق تحوى وراثة ** ولو كانت األراء التتشعـبُ‬ ‫ألصبح كل الناس قد ضمھم ھوى ** كما ان كل الناس قد ضمھم أبُ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ »:-‬إِ ﱠن ھَ َذا ْالقُرْ آنَ نَزَ َل بِح ُْز ٍن فَإ ِ َذا قَ َر ْأتُ ُموهُ فَا ْب ُكوا فَإ ِ ْن لَ ْم‬ ‫قال َرس َ‬ ‫‪2‬‬ ‫تَ ْب ُكوا فَتَبَا َكوْ ا <<‬ ‫‪ 1‬رواه ابن حجر في فتح الباري مرفوعا ‪ 161\1‬والھيثمي ‪ 128\1‬و اوقفه بعض العلماء على بن مسعود‬ ‫‪ 2‬ھذا الحديث في سنن ابن ماجه ‪ ،‬وھو مروى عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم ذكره الحافظ المنذرى في كتابه‬ ‫"الترغيب والترھيب " بصيغة "رُوى" مما يدل على أنه غير صحيح ‪ ،‬وإن كان بعض أجزائه صحي ًحا‪ ،‬فقد روى مسلم "من لم يتغن‬ ‫بالقرآن فليس منا" والمراد بالتغنى والتحزن والخشوع ‪ ،‬ال التطريب المعروف الذى يخرج اللفظ عن قواعد النطق الصحيح ‪ ،‬قال‬ ‫الحافظ العراقي في تخريج أحاديث " اإلحياء" حديث "اقرءوا القرآن فابكوا فان لم تبكوا فتباكوا" إسناده جيد ‪.‬‬ ‫والخالصة أنه إن لم يكن صحيحًا فھو حسن يقبل في فضائل األعمال‬

‫‪16‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و قال االحنف بن قيس و ھو احلم العرب‪ :‬إني لست بحليم ‪ ،‬ولكني أتحالم‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫تكلم إبراھيم بن أدھم إلى رجل يكلم رجال ‪ ،‬فغضب حتى تكلم بكالم قبيح ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال له ‪» :‬‬ ‫يا ھذا اتق ﷲ ‪ ،‬وعليك بالصمت والحلم والكظم « ‪ ،‬قال ‪ :‬فأمسك ثم قال له ‪ :‬بلغني أن األحنف بن‬ ‫قيس ‪ ،‬قال ‪ :‬كنا نختلف إلى قيس بن عاصم نتعلم الحلم ‪ ،‬كما نختلف إلى العلماء نتعلم العلم ‪ ،‬قال‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ :‬فقال له ‪ » :‬ال أعود «‬ ‫قال األحنف بن قيس ‪ :‬تعلموا الحلم تعلما ‪ ،‬ولقد تعلمته من قيس بن عاصم ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أتي‬ ‫قيس بن عاصم بابنه قتيال ‪ ،‬فجاءوا بقاتله وھو أحد بني عمه ‪ ،‬فقال له ‪ » :‬نقصت عددك ‪،‬‬ ‫وأوھنت عزك ‪ ،‬وقتلت ابن عمك ‪ ،‬وقد عفوت عنك ‪ ،‬وإن أمه لثكلى ‪ ،‬وقد حملت لھا مائة من‬ ‫‪3‬‬ ‫اإلبل من مالي «‬ ‫و قد تتعب في أول مره ‪ %100‬و في الثانية ‪ %80‬و في الثالثة ‪ %60‬و بعد فترة تصبح‬ ‫عاده لديك ‪.‬‬ ‫أن مدخنى السجائر يتعب في أول سيجارة جدا و لكن في السيجارة الثانية أقل و ھكذا حتى‬ ‫يصبح مدمنا لھا ‪ ،‬فنريد أن ندمن قراءه القران و أن ندمن الصاله و نتصف بالحلم ‪.‬‬ ‫و الذي يعمل في عمل مسائي )كالحراسات الليلية( يتعب اول يوم نظرا لعدم تعود الجسم‬ ‫على السھر و قلب النھار ليال ثم يتعود و أذا أراد العودة الى النظام الطبيعي نجده للعجب يتعب‬ ‫اول يوم لكنه سريعا ما يتعود ألنه يساير فطرة النوم ليال و البحث عن المعاش نھارا‬ ‫قال الرافعي ‪ ":‬فمن ألزم نفسه الجود واإلنفاق راضھا رياضةً عمليةً كرياضة العضل بأثقال‬ ‫الحديد‪ ،‬ومعاناة القوة في الصراع ونحوه‪.‬‬ ‫أما الشح فال يناقض تلك الطبيعة‪ ،‬ولكنھا يدعھا جامدة مستعصية‪ ،‬ال تلين‪ ،‬وال تستجيب‪ ،‬وال‬ ‫تتيسر"‪.‬‬ ‫يقول االستاذ احمد امين ‪ ":‬انظر إلى من يريد أن يتعلم ركوب الدراجة أو كما نسميھا‬ ‫=البسكليت‪ +‬إن الشخص أول األمر ال يستطيع ضبطھا وال يحسن السير عليھا؛ فھو يتأرجح مرة‬ ‫ذات اليمين ومرة ذات اليسار‪ ،‬وكثيراً ما يبدأ ثم يقع‪ ،‬وأخيراً وبعد جھد جھيد تستقيم في يده‬ ‫البسكليت‪ ،‬ويسير بھا سيراً حسنا ً ويعدو بھا ويتجنب األخطاء حتى ليأتي باألعاجيب في السير‬ ‫بھا‪ ،‬فماذا حدث؟ البسكليت ھي البسكليت لم تتغير‪ ،‬وھي دائما ً مطيعة خاضعة‪ ،‬ولكن الذي تغير‬ ‫ھو راكبھا؛ فقد كان ال يحسن حركاتھا‪ ،‬ثم أحسنھا‪ ،‬وال يمكنه ضبط نفسه عليھا ثم ضبطھا؛‬ ‫فالتغير إنما حدث في النفس ال في البسكليت‪ ،‬كذلك الشأن في كل أنواع الحياة‪ ،‬البد من السيطرة‬ ‫أوالً على النفس ثم مواجھة األحداث‪ ،‬البد أوالً من تربية اإلرادة‪ ،‬وبعد ذلك يمكن مواجھة‬ ‫المشاكل باإلرادة وحلھا‪.‬‬ ‫إن ضعيف اإلرادة يتأرجح في أمره كما يتأرجح راكب الدراجة عند ركوبھا ألول مرة‪ ،‬فإذا‬ ‫ھو ربى إرادته سار سيراً متوازنا ً معتدالً متجنبا ً األخطاء‪ ،‬كما يفعل راكب الدراجة إذا اعتادھا‪.‬‬ ‫وكما يحتاج راكب الدراجة إلى جھد جھيد أول أمره حتى يستقيم له السير‪ ،‬وحتى يسير سيراً‬ ‫ھينا ً من غير بذل جھد كبير _ كذلك الشأن في تربية اإلرادة يحتاج المرء أول أمره إلى كبير‬ ‫جھد‪ ،‬وقوة وتصميم‪ ،‬وصحة عزم‪ ،‬واحتمال الشدائد‪ ،‬ثم تسير األمور بعد ذلك في يسر وسھولة‬ ‫من غير جھد ملحوظ‪ ،‬ولذلك جاء في الحديث‪= :‬إنما الصبر عند الصدمة األولى‪.+‬‬ ‫‪ 1‬مصنف بن ابي شيبه‬ ‫‪ 2‬شعب االيمان‬ ‫‪ 3‬شعب االيمان‬

‫‪17‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فمن صبر على الشدة األولى في تربية إرادته كان ما بعدھا أھون‪.‬‬ ‫ھو ُن ما يَ ُمرﱡ بِ ِه ال ُوحو ُل‬ ‫إِذا اِعتا َد الفَتى خَ َ‬ ‫وض ال َمنايا‪ .....‬فَأ َ َ‬ ‫إن الذي يفسد اإلرادة أن تعزم‪ ،‬وتَ ْع ِدلُ‪ ،‬ثم تعزم‪ ،‬وتعدل‪ ،‬فيكون شأنك شأن بَ ْكر ِة الخيط يلقي‬ ‫صاحبھا عليھا الخيط ثم ينقض ما لف‪.‬‬ ‫وبعدما يصبر المرء على الشيء الذي يريده ويربي فيه إرادته‪ ،‬يصبح عادة يأتي به من غير‬ ‫عناء كبير؛ فالرجل الفاضل الذي اعتاد اإلتيان باألعمال الفاضلة كالرجل الشرير الذي اعتاد أن‬ ‫يأتي باألعمال الشريرة‪ ،‬كالھما تصدر عنه األعمال في يسر وسھولة‪ ،‬وليس من فرق بينھما إال‬ ‫األول وجه إرادته وع ﱠودھا أعماالً صالحة‪ ،‬والثاني وجه إرادته وع ﱠودھا أعماالً سيئة‪.‬‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫"‬ ‫و قد تحتاج في بداية األمر أن تشتد على نفسك و تعزلھا كالنسر او الصقر أذا أريد‬ ‫ترويضھما و نقلھما الى األلفه فأنه يحبس في بيت مظلم حتى ينسى التحليق في الجو و يخلط‬ ‫باللحم الخضروات حتى يالفھا و يطعمة صاحبه حتى يكون ألفه‬ ‫فليقس أحيانا على من يرحم ‪.‬‬ ‫فقسا ليزدجروا ومن يك ذا حزم‬ ‫و الدابة البرية تأنف من اللجام و السرج ثم ما تلبث أن تألفھم‬ ‫قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حرملة سمعت ابن وھب يقول‪ :‬نذرت أني كلما اغتبت‬ ‫إنسانا أن أصوم يوما ‪ ،‬فأجھدني فكنت اغتاب ‪ ،‬وأصوم ‪ ،‬فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن‬ ‫ُ‬ ‫أتصدق بدرھم ‪ْ ،‬‬ ‫تركت الغيبة ‪.‬‬ ‫ب الدراھم‬ ‫فمن ُح ِ‬ ‫أنك عندما تقاوم اغراء بسيط تستطيع مقاومة أغراء أكبر‬ ‫نعم أنت من يصنع حياتك ال غيرك ‪ ،‬يمكنك أن تتعلم الصبر و القيادة و أن تكون غنيا فال‬ ‫تلتمس االعذار بالوراثة‬ ‫يقول االستاذ احمد امين ‪ ":‬كل إنسان في ھذه الحياة قادر _ إلى حد ما _ أن يصنع حياته‬ ‫فقيرة أو غنية‪ ،‬خصبة أو مجدبة‪ ،‬سعيدة أو شقية‪ ،‬باسمة أو عابسة‪.‬‬ ‫نعم إن للوراثة والبيئة دخالً في تحديد حياته‪ ،‬فھو _ إلى حد كبيرة _ ذكي أو غبي بالوراثة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫قوي األعصاب أو ضعيفھا بالوراثة‪ ،‬وھو ناشئ في وسط فقير أو غني بالبيئة‪ ،‬معتا ٌد عادا ٍ‬ ‫حسنةً أو سيئةً بالبيئة وھكذا‪...‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ولكن إرادةَ اإلنسان‪ ،‬وعزمه‪ ،‬وھمته‪ ،‬وتربيته نفسه قادرةٌ قدرةً كبيرةً على التغلب على‬ ‫عقبات الوراثة‪ ،‬والبيئة‪.‬‬ ‫نعم إنﱠك ال تقدر أن تكون في الذكاء قوةَ مائ ٍة إذا خلقت وذكاؤك قوة عشرين‪ ،‬ولكنك قادر أن‬ ‫تستعمل ذكاءك المحدود خير استعمال حتى يفيد فائدة أكثر ممن ذكاؤه مائة إذا أھمل؛ كمصباح‬ ‫الكھرباء إذا نُ ﱢ‬ ‫ظف وكانت قوته عشرين شمعة كان خيراً من مصباح قوته خمسون إذا َعلَ ْتهُ‬ ‫األتربة‪ ،‬وأھمل شأنه‪.‬‬ ‫ونعم إنك ال تقدر أن تساير أبناء األغنياء في ملبسھم‪ ،‬ومأكلھم‪ ،‬ومركبھم‪ ،‬ولكنك تستطيع أن‬ ‫وصحﱢية بدخلك القليل‪ ،‬حتى تفوق الغني في مظھره البراق إذا لم يسر على‬ ‫تعيش عيشة نظيفة‪ِ ،‬‬ ‫قوانين العقل‪ ،‬والصحة‪ ،‬وھكذا‪...‬‬ ‫إذاً فالوراثة والبيئة ال تعوقان اإلنسان عن إسعاد حياته إذا منح الھمة‪ ،‬وقوة اإلرادة‪ ،‬والتفكير‬ ‫الصحيح‪".‬‬

‫‪18‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪19‬‬


‫حياة العظماء‬

‫االيجابية‬

‫بالبحث في سير العظماء وجدت أن أكبر صفة مشتركة بينھم ھي االيجابية ‪.‬‬ ‫و ديننا يأمر بااليجابية و صفة أمتنا األساسية ھي االيجابية ‪ ،‬األمر بالمعروف و النھي عن‬ ‫المنكر‬ ‫ُوف َوتَ ْنھَوْ نَ ع َِن ْال ُم ْن َك ِر َوتُ ْؤ ِمنُونَ بِ ﱠ‬ ‫} ُك ْنتُ ْم خَ ي َْر أُ ﱠم ٍة أُ ْخ ِر َج ْ‬ ‫ا"ِ {‬ ‫اس تَأْ ُمرُونَ بِ ْال َم ْعر ِ‬ ‫ت لِلنﱠ ِ‬ ‫و ضرب ﷲ مثال للسلبي الذي ال يأمر بالمعروف و ال ينھى عن المنكر و االيجابي‬ ‫ب ﱠ‬ ‫ﷲُ َمثَ ًال َر ُجلَي ِْن أَ َح ُدھُ َما أَ ْب َكم َال يَ ْق ِد ُر َعلَى َش ْي ٍء َوھُ َو َكلﱞ َعلَى َموْ َالهُ أَ ْينَ َما ي َُوجﱢ ْھهُ‬ ‫ض َر َ‬ ‫} َو َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اط ُم ْستَقِ ٍيم )‪{(76‬‬ ‫ص َر ٍ‬ ‫ت بِ َخي ٍْر ھَلْ يَ ْست َِوي ھُ َو َو َم ْن يَأ ُم ُر بِال َع ْد ِل َوھُ َو َعلَى ِ‬ ‫َال يَأْ ِ‬ ‫قال رسول ﷲ } إن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا‬ ‫ھذا اتق ﷲ ودع ما تصنع فإنه ال يحل لك ثم يلقاه من الغد فال يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه‬ ‫وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب ﷲ قلوب بعضھم ببعض كال وﷲ لتأمرن بالمعروف ولتنھون عن‬ ‫المنكر ولتأخذن على يدى الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرًا أو‬ ‫‪1‬‬ ‫ليضربن ﷲ بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنھم {‬ ‫أنظر الى الصديق يتعلم أيات من الحبيب محمد فيخرج و يعود بسته من المبشرين بالجنه ‪،‬‬ ‫و حباب بن المنذر يقترح المكان المناسب في بدر و سلمان الفارسي يقترح حفر الخندق و‬ ‫خالد بن الوليد يأخذ الرايه و ھو جندي في مؤته فينتصر و يأخذ وسام "سيف ﷲ" و يأتى صحابي‬ ‫اسمه تميم الداري فينير المسجد النبوي فيدعو له النبي‬ ‫و تأتئ صحابية ايجابيه للرسول تقول له "غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما نأتيك فيه"‬ ‫فقال ‪ :‬اجْ تَمعن في يوم كذا وكذا ‪ ،‬في مكان كذا وكذا‬ ‫و في أحد غزوات المسلمين ضد الفرس لما لقى الفُرسْ نفرت خيل المسلمين من الفيلة‪ ،‬فعمد‬ ‫رجل ايجابي منھم فصنع فيال من طين وأنﱠس به فرسه حتى ألفه ‪ ،‬فلما أصبح لم ينفر فرسه من‬ ‫الفيل ‪ ،‬فحمل على الفيل الذى كان يقدمھا فقيل له ‪ :‬إنه قاتلك ‪ ،‬فقال ال ضير أن أقتل ويفتح‬ ‫للمسلمين‬ ‫نعم أنك ميت و لست بمخلد فليكن موتك لرفع رايه االسالم ‪.‬‬ ‫صى ْال َم ِدينَ ِة‬ ‫و تأمل في رجل جاء يوعظ قومه بعد أن جاء اليھم ثالثة انبياء } َو َجا َء ِم ْن أَ ْق َ‬ ‫ال يَا قَوْ ِم اتﱠبِعُوا ْال ُمرْ َسلِينَ )‪ (20‬اتﱠبِعُوا َم ْن َال يَسْأَلُ ُك ْم أَجْ رًا َوھُ ْم ُم ْھتَ ُدونَ )‪َ (21‬و َما‬ ‫َر ُج ٌل يَ ْس َعى قَ َ‬ ‫لِ َي َال أَ ْعبُ ُد الﱠ ِذي فَ َ‬ ‫ط َرنِي َوإِلَ ْي ِه تُرْ َجعُونَ )‪ (22‬أَأَت ﱠ ِخ ُذ ِم ْن ُدونِ ِه آَلِھَةً إِ ْن ي ُِر ْد ِن الرﱠحْ َم ُن بِضُرﱟ َال تُ ْغ ِن‬ ‫ين )‪ (24‬إِنﱢي آَ َم ْن ُ‬ ‫ُون‬ ‫ون )‪ (23‬إِنﱢي إِ ًذا لَفِي َ‬ ‫ض َال ٍل ُمبِ ٍ‬ ‫ت بِ َربﱢ ُك ْم فَا ْس َمع ِ‬ ‫َعنﱢي َشفَا َعتُھُ ْم َش ْيئًا َو َال يُ ْنقِ ُذ ِ‬ ‫ال يَا لَيْتَ قَوْ ِمي يَ ْعلَ ُمونَ )‪ (26‬بِ َما َغفَ َر لِي َربﱢي َو َج َعلَنِي ِمنَ ْال ُم ْك َر ِمينَ‬ ‫يل ا ْد ُخ ِل ْال َجنﱠةَ قَ َ‬ ‫)‪ (25‬قِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال يَا لَيْتَ‬ ‫يل ادخ ِل ال َجنة ق َ‬ ‫)‪ { (27‬فتأمل كيف ظل أيجابيا و ينصح لھم حتى بعد أن مات } قِ َ‬ ‫قَوْ ِمي يَ ْعلَ ُمونَ )‪{ (26‬‬ ‫ال أَ َال تَأْ ُكلُونَ )‪َ (91‬ما لَ ُك ْم َال تَ ْن ِطقُونَ )‪ (92‬فَ َرا َغ‬ ‫و الى سيدنا ابراھيم } فَ َرا َغ إِلَى آَلِھَتِ ِھ ْم فَقَ َ‬ ‫ين )‪{(93‬‬ ‫َعلَ ْي ِھ ْم َ‬ ‫ضرْ بًا بِ ْاليَ ِم ِ‬ ‫‪2‬‬

‫‪) 1‬أبو داود ‪ ،‬والبيھقى عن ابن مسعود(‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪20‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و كان عمر بن عبد العزيز ‪ -‬رحمه ﷲ ورضي ﷲ عنه ‪ -‬يقول ‪ " :‬لو كان كل بدعة يميتھا‬ ‫ﷲ على يدي ‪ ،‬وكل سنة ينقشھا أو يحيھا ﷲ على يدي ببضعة من لحمي ‪ -‬يعني تُقطع ‪ -‬حتى‬ ‫يأتي آخر ذلك على نفسي كان ذلك في ﷲ يسيرا " ‪.‬‬ ‫و لكل جسم في النحول بلية ‪ ...‬و بالء جسمي من تفاوت ھمتي‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َما لِ َي َال أ َرى‬ ‫بل أنظر ألى ايجابية الھدھد عندما وجد قوم ال يعبدون ﷲ } َوتَفق َد الطي َْر فق َ‬ ‫ْالھُ ْدھُ َد أَ ْم َكانَ ِمنَ ْالغَائِبِينَ )‪َ (20‬ألُ َع ﱢذبَنﱠهُ َع َذابًا َش ِديدًا أَوْ َألَ ْذبَ َحنﱠهُ أَوْ لَيَأْتِيَنﱢي بِس ُْل َ‬ ‫ين‬ ‫ان ُمبِ ٍ‬ ‫ط ٍ‬ ‫طت بِ َما لَ ْم تُ ِح ْ‬ ‫ين )‪ (22‬إِنﱢي َو َج ْد ُ‬ ‫ال أَ َح ُ‬ ‫ت ا ْم َرأَةً‬ ‫)‪(21‬فَ َم َك َ‬ ‫ث َغي َْر بَ ِعي ٍد فَقَ َ‬ ‫ط بِ ِه َو ِج ْئتُكَ ِم ْن َسبَإ ٍ بِنَبَإ ٍ يَقِ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ون‬ ‫تَ ْملِ ُكھُ ْم َوأُوتِيَت ِم ْن كلﱢ َش ْي ٍء َولھَا َعرْ شٌ ع ِ‬ ‫س ِم ْن ُد ِ‬ ‫َظي ٌم )‪َ (23‬و َج ْدتھَا َوقَوْ َمھَا يَ ْس ُج ُدونَ لِلش ْم ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲِ َوزَ ي ﱠنَ لَھُ ُم ال ﱠش ْي َ‬ ‫ط ُ‬ ‫يل فَھُ ْم َال يَ ْھتَ ُدونَ )‪ (24‬أَ ﱠال يَ ْس ُج ُدوا ِ ﱠ"ِ الﱠ ِذي‬ ‫ان أَ ْع َمالَھُ ْم فَ َ‬ ‫ص ﱠدھُ ْم ع َِن ال ﱠسبِ ِ‬ ‫ض َويَ ْعلَ ُم َما تُ ْخفُونَ َو َما تُ ْعلِنُونَ )‪ (25‬ﱠ‬ ‫ﷲُ َال إِلَهَ إِ ﱠال ھُ َو َربﱡ‬ ‫اوا ِ‬ ‫ي ُْخ ِر ُج ْالخَبْ َء فِي ال ﱠس َم َ‬ ‫ت َو ْاألَرْ ِ‬ ‫ش ْال َع ِظ ِيم )‪ {(26‬النمل‬ ‫ْال َعرْ ِ‬ ‫ان االيجابي ُعمله نادره به تحيا االمم و رب ھمه أحيت أمه‬ ‫كاإلبل المائة ‪،‬ال تجد فيھا راحلة «‪.‬‬ ‫قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬إنما الناسُ ِ‬ ‫و كان عمر بن الخطاب يعلم ندرة االيجابيين فقال عمر رضي ﷲ عنه ألصحابه ‪ :‬تمنوا‬ ‫فجعل كل رجل منھم يتمنى شيئا فقال ‪ :‬لكني أتمنى بيتا مملوءا رجاال مثل أبي عبيدة بن الجراح‬ ‫‪2‬‬ ‫فقالوا له ‪ :‬ما آلوت اإلسالم خيرا قال ‪ :‬ذلك أردت‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت أ ﱠمةٌ‬ ‫أن االيجابي ال ييأس مھما رآى أنتشار الباطل و طغيانه يعلم أن أجره على ﷲ } َوإِذ قَالَ ْ‬ ‫ِم ْنھُ ْم لِ َم تَ ِعظُونَ قَوْ ًما ﱠ‬ ‫ﷲُ ُم ْھلِ ُكھُ ْم أَوْ ُم َع ﱢذبُھُ ْم َع َذابًا َش ِديدًا قَالُوا َم ْع ِذ َرةً إِلَى َربﱢ ُك ْم َولَ َعلﱠھُ ْم يَتﱠقُونَ‬ ‫)‪ (164‬فَلَ ﱠما نَسُوا َما ُذ ﱢكرُوا بِ ِه أَ ْن َج ْينَا الﱠ ِذينَ يَ ْنھَوْ نَ ع َِن السﱡو ِء َوأَ ْ‬ ‫خَذنَا الﱠ ِذينَ َ‬ ‫س بِ َما‬ ‫ظلَ ُموا بِ َع َذا ٍ‬ ‫ب بَئِي ٍ‬ ‫َكانُوا يَ ْف ُسقُونَ )‪{(165‬االعراف‬ ‫‪1‬‬

‫عجبت لھم قالوا‪ :‬تماديت في المنى …وفي المثل العليا وفي المرتقى الصعب‬ ‫فاقصر وال تجھد يراعك إنما……ستبذر حبا في ثرى ليس بالخصب‬ ‫فقلت لھم‪ :‬مھالً‪ ،‬فما اليأس شيمتي …سأبذر حبي والثمار من الرب‬ ‫إذا أنا بلغت الرسالة جاھدا…ولم أجد السمع المجيب فما ذنبي؟‬ ‫و قد تكون االيجابية بسيطة فاذا دخلت مكان و وجدت شيئا تالفا فاصلحته )قطعه خشب او‬ ‫سلك بارز( او ناقصا قشتريته )قطعه صابون لمسجد( ھو خير من لعن المسؤولين‬ ‫و خير من لعن الظالم ‪ :‬ايقاد شمعه‬ ‫و من االمثلة الشائعة المحبطة ‪":‬ال ينال المخلص )في الشجار( اال تقطيع مالبسه "‬ ‫و ھو مثل سلبي خاطئ‬ ‫عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫"ال يقفن أحدكم موقفا ً يقتل فيه رجل ظلما ً فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا‬ ‫‪3‬‬ ‫عنه"‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫قال رسول ﷲ ‪ ":‬من مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت ﷲ قدميه يوم تزل األقدام "‬ ‫عن ابن عباس أنه قال ‪ )) :‬يا صاحب الذنب! ال تأمن سوء عاقبته ‪ ،‬ولما يتبع الذنب أعظم‬ ‫من الذنب إذا عملته ؛ قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال ‪-‬وأنت على الذنب‪ -‬أعظم من‬ ‫الذنب ‪ ،‬وضحكك وأنت ال تدري ما ﷲ صانع بك أعظم من الذنب ‪ ،‬وفرحك بالذنب إذا ظفرت به‬ ‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 2‬المستدرك‬ ‫‪ 3‬رواه الطبراني وفيه أسد بن عطاء قال األزدي‪ :‬مجھول‪،‬ومندل وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه أحمد وغيره‪،‬وبقية رجاله ثقات‪.‬‬ ‫‪ 4‬ابو نعيم في الحليه‬

‫‪21‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أعظم من الذنب ‪ ،‬وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب ‪ ،‬وخوفك من الريح إذا حركت‬ ‫ستر بابك وأنت على الذنب وال يضطرب فؤادك من نظر ﷲ إليك أعظم من الذنب ‪ .‬ويحك ؛ ھل‬ ‫تدري ما كان ذنب أيوب فابتاله ﷲ بالبالء في جسده وذھاب ماله ؟! استغاث به مسكين على ظالم‬ ‫يدرؤه عنه ‪ ،‬فلم يُ ِع ْنه ‪ ،‬ولم يَ ْنهَ الظالم عن ظلمه ‪ ،‬فابتاله ﷲ ((‬ ‫ي أَقِ ِم ال ﱠ‬ ‫ُوف َوا ْنهَ‬ ‫ص َالةَ َو ْأ ُمرْ بِ ْال َم ْعر ِ‬ ‫و دعنى اصارحك ستجد من يحاربك بنص االيه } يَا بُنَ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ور )‪ { (17‬سورة لقمان‬ ‫ع َِن ْال ُم ْن َك ِر َواصْ بِرْ َعلَى َما أَ َ‬ ‫صابَكَ إِ ﱠن َذلِكَ ِم ْن ع َْز ِم ْاأل ُم ِ‬ ‫صوْ ا بِ ْال َح ﱢ‬ ‫ق‬ ‫ت َوت َ​َوا َ‬ ‫ْر )‪ (2‬إِ ﱠال الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َو َع ِملُوا الصﱠالِ َحا ِ‬ ‫} َو ْال َعصْ ِر )‪ (1‬إِ ﱠن ْ ِ‬ ‫اإل ْن َسانَ لَفِي ُخس ٍ‬ ‫صب ِْر )‪{ (3‬‬ ‫اصوْ ا بِال ﱠ‬ ‫َوت َ​َو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫} أفَكل َما َجا َءك ْم َرسُو ٌل بِ َما َال تَھ َْوى أنف ُسك ُم ا ْستَكبَرْ تُ ْم فَفَ ِريقا َكذ ْبتُ ْم َوفَ ِريقا تَقتُلونَ )‪(87‬‬ ‫{البقرة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ت َوال ِذينَ َال‬ ‫و ستجد من الناس من يھاجمك } ال ِذينَ يَل ِم ُزونَ ال ُمط ﱢو ِعينَ ِمنَ ال ُم ْؤ ِمنِينَ فِي ال ﱠ‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫يَ ِج ُدونَ إِ ﱠال ُج ْھ َدھُ ْم فَيَسْخَ رُونَ ِم ْنھُ ْم َس ِخ َر ﱠ‬ ‫ﷲُ ِم ْنھُ ْم َولَھُ ْم َع َذابٌ أَلِي ٌم )‪{ (79‬‬ ‫وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادھا األجسام‬ ‫و انظر الى قول الراھب في الحديث ]كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال‬ ‫للملك إنى قد كبرت فابعث إلى غالما أعلمه السحر فبعث إليه غالما يعلمه فكان فى طريقه إذا‬ ‫سلك راھب فقعد إليه وسمع كالمه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراھب وقعد إليه فإذا أتى‬ ‫الساحر ضربه فشكا ذاك إلى الراھب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسنى أھلى وإذا خشيت أھلك‬ ‫فقل حبسنى الساحر فبينا ھو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم‬ ‫الساحر أفضل أم الراھب أفضل فأخذ حجرا فقال اللھم إن كان أمر الراھب أحب إليك من أمر‬ ‫الساحر فاقتل ھذه الدابة حتى يمضى الناس فرماھا فقتلھا ومضى الناس فأتى الراھب فأخبره فقال‬ ‫له الراھب أى بنى أنت اليوم أفضل منى قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فال تدل‬ ‫على[ ‪ 1‬فجعل سبب بالئه فضله‬ ‫اذا كان ثمن الفشل باھظا فالنجاح بدوره ثمنه مرتفع‪.‬‬ ‫لكن االجر كبير و من تأمل النھاية سھلت عليه البداية‬ ‫و تأمل في قول ورقة بن نزفل للنبي ‪ :‬ھذا الناموس الذي أنزل على موسى ‪ .‬يا ليتنى فيھا‬ ‫جذعًا ! ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك !‬ ‫فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬أو مخرجي ھم ؟ (‬ ‫قال ‪ :‬نعم‪ ،‬لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إال عودى ‪ .‬وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا‬ ‫‪2‬‬ ‫مؤزرًا ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حكمت بين الناس‪ ،‬فألزمتُھم الصالة‪ ،‬واألمر بالمعروف والنھي عن‬ ‫يقول االمام بن العربي ‪:‬‬ ‫المنكر حتى لم يك يرى في األرض منكر‪ ،‬واشتد الخطب على أھل الغصب‪ ،‬وعظم على الفسقة‬ ‫ي‪ ،‬فاستسلمت ألمر ﷲ‪ ،‬وأمرت كل من حولي أال يدفعوا عن‬ ‫الكرب‪ ،‬فتألبوا وألبوا‪ ،‬وثاروا عل ﱠ‬ ‫داري‪ ،‬وخرجت على السطوح بنفسي‪ ،‬فعاثوا علي حتى أمسيت سليب الدار‪ ،‬ولوال ما سبق من‬ ‫‪3‬‬ ‫حسن األقدار لكنت قتيل الدار _ يعني بقتيل الدار عثمان‬

‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬البداية ة النھاية‬ ‫‪ 3‬القواصم و العواصم‬

‫‪22‬‬


‫حياة العظماء‬

‫تدريب عملي ‪ :‬أرسل لي ما يخطر على ذھنك و أنت تقرأ الكتاب ‪ ،‬أعتراض او كلمة شكر‬ ‫او تعليق و أستمر في ارسال رسائل اذا اعجبك شيئا )زرت موقع فاعجبك ارسل لصاحب الموقع‬ ‫شكر او خطأ فنبھه ( او وجدت خطئا في حياتك العامة‬ ‫بريدى االلكتروني ‪engweb@gmail.com‬‬ ‫إن لم يكن للحق أنت فمن يكون‬ ‫إن لم تكن للحق أنت فمن يكون والناس في محراب لذات الدنايا عاكفون‬ ‫يروي لنا التابعي الكوفي‪ ،‬الفقيه النبيل عامر الشعبي‪ :‬أن رجاالً خرجوا من الكوفة‪ ،‬ونزلوا‬ ‫قريبا ً يتعبدون‪ ،‬فبلغ ذلك عبد ﷲ بن مسعود‪ ،‬فأتاھم‪ ،‬ففرحوا بمجيئه إليھم‪ ،‬فقال لھم‪ :‬ما حملكم‬ ‫على ما صنعتم؟ قالوا‪ :‬أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد‪ .‬فقال عبد ﷲ‪ :‬لو أن الناس فعلوا‬ ‫‪1‬‬ ‫مثل ما فعلتم فمن كان يقاتل العدو؟ وما أنا ببارح حتى ترجعوا‪.‬‬ ‫قال ابن الجوزي‪ :‬وعلى الحقيقة الزھاد في مقام الخفافيش‪ ،‬قد دفنوا أنفسھم بالعزلة عن‬ ‫الناس‪ ،‬وھي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير‪ ،‬من جماعة واتباع جنازة وعيادة مريض‪ ،‬إال أنھا‬ ‫‪2‬‬ ‫حالةُ الجبناء‪ .‬فأما الشجعان فھم يتعلمون ويعلمون‪ ،‬وھذه مقامات األنبياء عليھم السالم‪.‬‬ ‫قال محمد بن إبراھيم بن أبي سكينة‪ :‬أملى علي ابن المبارك سنة سبع وسبعين ومئة‪ ،‬وأنفذھا‬ ‫معي إلى الفضيل بن عياض من طرسوس‪:‬‬ ‫يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب‬ ‫من كان يخضب جيده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب‬ ‫أو كان يتعب خيلة في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب‬ ‫ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رھج السنابك والغبار االطيب‬ ‫ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق ال يكذب‬ ‫ال يستوي وغبار خيل ﷲ في * أنف امرئ ودخان نار تلھب‬ ‫‪3‬‬ ‫ھذا كتاب ﷲ ينطق بيننا * ليس الشھيد بميت ال يكذب‬ ‫و" در الدكتور حسان حتحوت إذ يقول ‪:‬‬ ‫حسبوا بأن الدين عزلة راھب واستمروا األوراد واألذكارا‬ ‫عجبا ً أراھم يؤمنون ببعضه وأرى القلوب ببعضه كفارا‬ ‫والدين كان وال يزال فرائضا ً‬ ‫ونوافالً " واستغفارا‬ ‫والدين ميدان وصمصام وفر سان تبيد الشر واألشرار‬ ‫بالعدل ال جورا وال استھتارا‬ ‫والدين حكم باسم ربك قائم‬ ‫فھذا الرافعي األديب يقول عن الذي انعزل الناس‪ " :‬يحسب انه قد فر من الرذائل إلى‬ ‫فضائله‪ ،‬ولكن قراره في مجاھدة الرذيلة ھو في نفسه لكل فضائله " وماذا تكون العفة واألمانة‪،‬‬ ‫والصدق والوفاء‪ ،‬والبر واإلحسان‪ ،‬إذا كانت فيمن انقطع في صحراء أو على رأس جبل‪ ،‬أيزعم‬ ‫أحد أن الصدق فضيلة إلنسان ليس حوله إال عشرة أحجار مع من يصدق ؟ وكيف نعرف صدقه‬ ‫وھو لم يدخل مع الناس فيخبرھم‪ ،‬أو يعاشرھم فيعرفون حاله ‪.‬‬ ‫‪ 1‬الزھد لعبدﷲ بن المبارك‬ ‫‪ 2‬صيد الخاطر‬ ‫‪ 3‬سير اعالم النبالء‬

‫‪23‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فقال موضحا ذلك‪ " :‬وأيم ﷲ إن الخالي من مجاھدة الرذائل جميعا لھو الخالي من الفضائل‬ ‫جميعا " ‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الدعاء‬ ‫قال تعالى‪} :‬وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جھنم‬ ‫داخرين{ ‪ ،‬وقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪)) :‬إن الدعاء ھو العبادة(( وقال‪)) :‬من لم يسأل ﷲ‬ ‫‪1‬‬ ‫يغضب عليه((‬ ‫‪2‬‬ ‫وقال ﷲ في حديث قدسي }يا عبادي كلكم ضال إال من ھديته‪ ،‬فاستھدوني أھدكم {‬ ‫} وقالوا الحمد " الذي ھدانا لھذا وما كنا لنھتدي لوال أن ھدانا ﷲ {‬ ‫و ھو سالح المؤمن و يمكن تشبيھه بتشبيه فيه تقليل كبير منه بأنه شيك على البياض من ملك‬ ‫الملوك او بأنك تملك مصباح عالء الدين فانظر ماذا تريد‬ ‫قال ابن كثير رحمه ﷲ في تفسير قول ﷲ تعالى‪):‬وقال ربكم ادعوني أستجب لكم‬ ‫")غافر‪"60:‬ھذا من فضله تبارك وتعالى وكرمه أنه ندب عباده إلى دعائه وتكفل لھم باإلجابة‬ ‫كما كان سفيان الثوري يقول‪:‬يا من أحب عباده إليه من سأله فأكثر سؤاله‪،‬ويا من أبغض عباده‬ ‫إليه من لم يسأله ‪،‬وليس أحد كذلك غيرك يارب )رواه ابن أبي حاتم)وذكر القرطبي في تفسير‬ ‫قوله تعالى المذكور حيث قال‪:‬عجيب لھذه األمة قيل لھا‪):‬ادعوني استجب لكم)أمرھم بالدعاء‬ ‫ووعدھم االستجابة‪،‬وليس بينھما شرط‪ 0‬قال له قائل‪:‬مثل ماذا؟ قال‪:‬مثل قول ﷲ تعالى‬ ‫(وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصالحات("البقرة‪" 25:‬فھاھنا شرط‪0‬وقوله‪):‬وبشر الذين ءامنوا أن‬ ‫لھم قدم صدق("يونس‪ "2:‬ليس فيه شرط عمل‪ ,‬ومثل قوله )فادعوا ﷲ مخلصين له‬ ‫الدين("غافر‪"14:‬فھا ھنا شرط وقوله تعالى( ‪ :‬ادعوني أستجب لكم (ليس فيه شرط‪0‬‬ ‫يقول المكودي رحمه ﷲ‪:‬‬ ‫إذا عرضت لي في زمان حاجة وقد أشكلت فيھا علي المقاصد‬ ‫وقفت باب ﷲ وقفة ضارع وقلت إلھي إنني لك قاصد‬ ‫ولست تراني واقفا ً عند باب من يقول فتاه سيدي اليوم راقد ا‬ ‫و قد يستغرب احدھم أن ندرج الدعاء في كتاب كھذا يناقش حياة العظماء و كيف نحياھا من‬ ‫منطلق التنمية البشرية االسالمية فاقول ‪:‬‬ ‫التنمية البشرية االسالمية تھتم بثالثة اشياء ‪:‬‬ ‫• معاملة الرجل لربه‬ ‫• معاملة الرجل لنفسه‬ ‫• معاملة الرجل للناس‬ ‫تأمل في خطاب شعيب لقومه‪} :‬أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا‪،‬‬ ‫وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنھاكم عنه‪ ،‬إن أريد إال اإلصالح ما استطعت{]ھود‪ [88:‬فلھذه‬ ‫األجوبة الثالثة ‪-‬على ھذا النسق‪ -‬شأن‪ :‬وھو التنبيه على أن العاقل يجب أن يراعي في كل ما‬ ‫يأتيه ويذره أحد حقوق ثالثة‪ :‬أھمھا وأعالھا حق ﷲ تعالى‪ ،‬وثانيھا‪ :‬حق النفس‪ ،‬وثالثھا‪ :‬حق‬ ‫الناس‪] .‬البيضاوي[‬ ‫قال اإلمام أحمد في السؤال ) يعني سؤال العباد (‪:‬ھو ظلم في حق الربوبية‪ ،‬وظلم في حق الخلق‪،‬‬ ‫وظلم في حق النفس‬ ‫أما في حق الربوبية‪ :‬فلما فيه من الذل لغير ﷲ‪ ،‬والتعوض عن سؤاله بسؤال المخلوقين‪،‬‬ ‫‪ 1‬حديث ضعيف أخرجه الترمذي ) ‪ ، (3373‬والبخاري في ) األدب المفرد ( )‪ (114 / 2‬عن حاتم بن إسماعيل ‪ ،‬وابن ماجه ) ‪(3827‬‬ ‫‪ ،‬وأحمد )‪ ، (477 ، 443 / 2‬وابن أبي شيبة )‪ ، (200 / 10‬والبزار في ) مسنده ( )ج‪ / 2‬ق‪ ، (2 / 232‬وابن عدي في ) الكامل ( )‪/ 7‬‬ ‫‪ ، (2750‬والبغوي في ) شرح السنة ( )‪ ، (188 / 5‬وفي ) تفسيره ( )‪(103 / 4‬‬ ‫‪ 2‬مسلم‬

‫‪25‬‬


‫حياة العظماء‬

‫والتعرض لمقته إذا سأل وعنده ما يكفيه يومه‪.‬‬ ‫وأما في حق النفس‪ :‬فبمنازعتھم ما في أيديھم بالسؤال‪ ،‬واستخراجه منھم‪ ،‬وأبغض ما إليھم ‪ ..‬من‬ ‫يسألھم ما في أيديھم‪ ،‬وأحب ما إليھم ‪ ..‬من اليسألھم ‪,‬فإن اموالھم محبوباتھم‪ ،‬ومن سألك محبوبك‬ ‫فقد تعرض لمقتك وبغضك‪.‬‬ ‫وأما في حق النفس‪ :‬فحيث امتھنھا‪ ،‬ورضي لھا بذل الطلب ممن ھو مثله ‪,‬وترك سؤال من ليس‬ ‫كمثله شئ وھو السميع البصير‪ ،‬فقد أقام السائل نفسه مقام الذل وأھانھا بذلك‪ ،‬ورضي أن يكون‬ ‫شحاذا من شحاذ مثله‪ ،‬فإن من تشحذه ھو أيضا شحاذ مثلك وﷲ وحده ھو الغني‪.‬‬ ‫وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي ﷲ عنھما عن النبي صلي ﷲ عليه وسلم قال‪ " :‬ال تزال‬ ‫المسألة بأحدكم حتي يلقي ﷲ وليس في وجھه مزعة لحم‪" .‬‬ ‫إذا لم يكن عون من ّ‬ ‫ﷲ للفتى * * فأ ّول ما يجني عليه اجتھاده‬ ‫فسؤال المخلوق للمخلوق سؤال الفقير للفقير‪ ،‬والرب تعالي كلما سألته كرمت عليه‪ ،‬ورضي‬ ‫عنك‪ ،‬وأحبك ‪,‬والمخلوق كلما سألته ھنت عليه وأبغضك وقالك‪ ،‬كما قيل‪:‬‬ ‫ﷲ يغضب إن تركت سؤاله **** وبني آدم حين يسأل يغضب‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪-‬رحمه ﷲ‪ " :-‬تأ ﱠملت أنفع الدعاء فإذا ھو‪ :‬سؤال ﷲ العون على‬ ‫مرضاته"‬ ‫• أختيار الوقت‬ ‫ال َسوْ فَ أَ ْستَ ْغفِ ُر لَ ُك ْم َربﱢي إِنﱠهُ ھُ َو‬ ‫} قَالُوا يَا أَبَانَا ا ْستَ ْغفِرْ لَنَا ُذنُوبَنَا إِنﱠا ُكنﱠا خَ ا ِطئِينَ )‪ (97‬قَ َ‬ ‫ﱠحي ُم )‪ { (98‬قال بن كثير كان عمر‪ ،‬رضي ﷲ عنه‪ ،‬يأتي المسجد فيسمع )‪ (2‬إنسانا‬ ‫ْال َغفُو ُر الر ِ‬ ‫يقول‪" :‬اللھم دعوتني فأجبت‪ ،‬وأمرتني فأطعت‪ ،‬وھذا الس َﱠح ُر فاغفر لي"‪ .‬قال‪ :‬فاستمع الصوت‬ ‫فإذا ھو من دار عبد ﷲ بن مسعود‪ .‬فسأل عبد ﷲ عن ذلك فقال‪ :‬إن يعقوب أ ﱠخر بنيه إلى السحر‬ ‫بقوله‪َ } :‬سوْ فَ أَ ْستَ ْغفِ ُر لَ ُك ْم َربﱢي {‬ ‫• الحمد قبل الدعاء‬ ‫و تأمل في قولك عند االنتھاء من الركوع " َس ِم َع ﷲً ُ◌ لِ َم ْن َح ِمدَه " اى ان ﷲ يسمع و‬ ‫الحم ُد " ثم تسجد و تدعو ﷲ فى‬ ‫يستجيب دعاء من يحمده ‪ ،‬و بعد ھذا تقول " الﱠلھُ ﱠم َربﱠنَا َولَكَ َ‬ ‫سجودك‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال ‪ :‬اللھُ ﱠم َربﱠنَا َولَكَ‬ ‫ال َس ِم َع ﷲً ُ◌ لِ َم ْن َح ِمدَه قَ َ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَي ِه َو َسل َم إِ َذا قَ َ‬ ‫و َكانَ َرسُو ُل ﷲِ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫الحم ُد‬ ‫َ‬ ‫• ادع و انت موقن بالدعاء‬ ‫باإل َجابَ ِة ‪ ،‬واعلموا ﱠ‬ ‫أن ﷲ‬ ‫قال رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : 2-‬ا ُدعوا ﷲَ َوأ ْنتُ ْم ُموقِنُونَ ِ‬ ‫ب غَافِ ٍل ال ٍه«‬ ‫ال يَ ْست َِجيبُ ُدعَاء من قَ ْل ٍ‬ ‫• ال تتعجل استجابة الدعاء‬ ‫ومن اآلفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه ‪ :‬أن يستعجل العبد ‪ ،‬ويستبطئ اإلجابة ‪،‬‬ ‫فيستحسر ويدع الدعاء ‪ ،‬وھو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا ‪ ،‬فجعل يتعاھده ويسقيه ‪،‬‬ ‫فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأھمله ‪.‬‬

‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 2‬الترمذي و قال االلباني حسن لغيره‬

‫‪26‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وفي البخاري من حديث أبي ھريرة أن رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬قال ‪ :‬يستجاب‬ ‫ألحدكم ما لم يعجل ‪ ،‬يقول ‪ :‬دعوت فلم يستجب لي ‪.‬‬ ‫وفي صحيح مسلم عنه ‪ :‬ال يزال يستجاب للعبد ‪ ،‬ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ‪ ،‬ما لم‬ ‫يستعجل ‪ ،‬قيل ‪ :‬يا رسول ﷲ ما االستعجال ؟ قال يقول ‪ :‬قد دعوت ‪ ،‬وقد دعوت ‪ ،‬فلم أر‬ ‫يستجاب لي ‪ ،‬فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء ‪.‬‬ ‫وفي مسند أحمد من حديث أنس قال ‪ :‬قال رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬ال يزال العبد‬ ‫بخير ما لم يستعجل ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول ﷲ كيف يستعجل ؟ قال ‪ :‬يقول قد دعوت ربي فلم‬ ‫يستجب لي ‪.‬‬ ‫ال يكن تأخر أمد العطاء مع اإللحاح في الدعاء موجبا ليأسك‪ ،‬فھو ضمن لك اإلجابة‪ ،‬فيما‬ ‫يختاره لك‪ ،‬ال فيما تختاره لنفسك‪ ،‬و في الوقت الذي يريد ال في الوقت الذي تريد‪.‬‬ ‫أحبتي‪ :‬لنكن عصاميين‪ ،‬وعلي أنفسنا معتمدين ‪,‬وعلي ربنا متوكلين‬ ‫• ال تعتد في الدعاء‬ ‫مين‬ ‫َس ِم َع ابن مغفل ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » : -‬ابنَهُ يقو ُل ‪ :‬اللﱠھُ ﱠم إني أسألُكَ القَصْ َر األبَي َ‬ ‫ْض عن يَ ِ‬ ‫ي َس ِل ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫رسول ﷲ‬ ‫سمعت‬ ‫النار ‪ ،‬فَإِني‬ ‫الجنﱠةَ ‪ ،‬وتَ َع ﱠو ْذ بِ ِه من‬ ‫َ‬ ‫ﷲَ َ‬ ‫َ‬ ‫الجنﱠ ِة إذا دَخلتُھَا ‪ ،‬فقال ‪ :‬أيْ بُن ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ھور وال ﱡدعَا ِء«‪.‬‬ ‫الط‬ ‫في‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫األ‬ ‫ھذه‬ ‫في‬ ‫يكون‬ ‫س‬ ‫‪:‬‬ ‫يقول‬ ‫‬‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫ﷲ‬ ‫صلى‬ ‫‬‫ٌ َ ونَ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫• افضل دعاء‬ ‫ھو ما كان من القرآن و السنه‬ ‫} اللھم اھدني ألحسن األخالق ‪ ،‬ال يھدي ألحسنھا إال أنت ‪ ،‬و اصرف عني سيئھا ‪ ،‬ال‬ ‫يصرف عني سيئھا إال أنت {‬ ‫قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه ﷲ ‪: -‬‬ ‫" أفضل الدعاء ‪ ..‬اللھم إني أسألك األنس بقربك "‬ ‫يتحقق لمؤمن فيھا أربع ‪..‬‬ ‫‪ .1‬عز من غير عشيرة ‪ .2‬علم من غير طلب‬ ‫‪ .2‬غنى من غير مال ‪ .4‬انس من غير جماعه‬ ‫فاحرص على ھذه الدعوة لك ‪..‬‬ ‫• لماذا ال يستجاب الدعاء؟؟‬

‫‪ 1‬ابو داود‬

‫‪27‬‬


‫حياة العظماء‬

‫مشى إبراھيم بن أدھم ذات يوم في سوق البصرة ‪،‬‬ ‫فلما عرف الناس أن إبراھيم بن أدھم بينھم ؛ أسرعوا إليه ‪ ،‬والتفوا حوله ‪ ،‬وھو العالم الزاھد‬ ‫العابد التق ّي الورع‬ ‫وقالوا له‪:‬يا أبا إسحاق‪ :‬ما لنا ندعو ﷲ فال يستجيبُ لنا ؟‬ ‫فقال إبراھيم بن أدھم‪ :‬لعشرة أسباب‪ -‬أرجو أن تتدبروا األسباب وأخبرونى عن سبب واحد‬ ‫ليس فينا ‪ ،‬فازيلوا االسباب يستجاب الدعاء‪-‬‬ ‫قالوا‪ :‬ھاتھا يرحمك ﷲ ‪..‬‬ ‫قال‪ :‬عرفتم ﷲ فلم تؤدوا حقوقه‪ ،‬و زعمتم أنكم تحبون رسول ﷲ وتركتم سنته‪ ،‬و قرأتم‬ ‫القرآن ولم تعملوا به‪،‬‬ ‫و أكلتم نعم ﷲ ولم تؤدوا شكرھا‪ ،‬و قلتم‪ :‬إن الشيطان لكم عدو ولم تخالفوه‪،‬‬ ‫و انتبھتم من نومكم فانشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم‪ ،‬و قلتم‪ :‬إن الموت حق ولم‬ ‫تستعدوا له‪،‬‬ ‫و قلتم‪ :‬إن الجنة حق ولم تعملوا لھا‪ ،‬و قلتم‪ :‬إن النار حق ولم تھربوا منھا‪ ،‬و دفنتم موتاكم‬ ‫ولم تعتبروا بھم‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫حياة العظماء‬ ‫الرجال من االرض و النساء من االرض ‪1‬‬

‫قال صلى ﷲ عليه وسلم " لم يرى للمتحابين مثل النكاح" والنكاح ھنا ليس معناه عقد الزواج‬ ‫وانما معناه قضاء الوطر (( ‪،‬‬ ‫و يقول االمام ابن القيم‪ :‬لو لم يكن في الزواج إال تعديل قوته الشھوانية الصارفة له عن تعلق قلبه‬ ‫بما ھو أنفع له في دينه ودنياه فإن تعلق القلب بالشھوة أو مجاھدته عليھا تصده عن تعلقه بما ھو‬ ‫أنفع له فإن الھمة متي انصرفت إلى شيء انصرفت عن غيره‬ ‫و اقلوا ‪ :‬وراء كل عظيم أمرأة‬ ‫أن ﷲ خلق الرجال و خلق النساء و أعطى لكل منھما صفات و فضل بعضھم على‬ ‫بعض } َو َال تَتَ َمنﱠوْ ا َما فَض َﱠل ﱠ‬ ‫َصيبٌ ِم ﱠما ا ْكتَ َسبُوا َولِلنﱢ َسا ِء‬ ‫ﷲُ بِ ِه بَع َ‬ ‫ال ن ِ‬ ‫ْض لِلرﱢ َج ِ‬ ‫ْض ُك ْم َعلَى بَع ٍ‬ ‫ﷲَ ِم ْن فَضْ لِ ِه إِ ﱠن ﱠ‬ ‫َصيبٌ ِم ﱠما ا ْكتَ َس ْبنَ َواسْأَلُوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َكانَ بِ ُك ﱢل َش ْي ٍء َعلِي ًما )‪{ (32‬‬ ‫ن ِ‬ ‫"وعن أم سلمة ‪-‬رضي ﷲ عنھا‪ -‬أنھا قالت ‪ :‬يا رسول ﷲ ! تغزو الرجال وال نغزو‪ ،‬ولنا‬ ‫‪2‬‬ ‫ْض) ] النساء ‪. [ 32 :‬‬ ‫نصف الميراث ؟ فأنزل ﷲ ‪َ ) :‬والتَتَ َمنﱠوا َما فَض َﱠل ﷲُ بِه بَع َ‬ ‫ْض ُك ْم َعلَى بَع ٍ‬ ‫و قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في من يريد أن يتشبه باألخر ‪ » :‬لعن ﷲ المتشبھات‬ ‫‪3‬‬ ‫من النساء بالرجال و المتشبھين من الرجال بالنساء«‬ ‫ق لَ ُك ْم ِم ْن أَ ْنفُ ِس ُك ْم أَ ْز َواجا ً لِتَ ْس ُكنُوا إِلَ ْيھَا َو َج َع َل بَ ْينَ ُك ْم َم َو ﱠدةً َو َرحْ َمةً إِ ﱠن فِي َذلِكَ‬ ‫) َو ِم ْن آيَاتِ ِه أَ ْن خَ لَ َ‬ ‫ت لِقَوْ ٍم يَتَفَ ﱠكرُونَ ( )الروم‪ .(21:‬قال جمع ُ​ُ◌ من المفسرين أن المودة ھي المحبة‪ ،‬وروي عن‬ ‫َآليا ٍ‬ ‫ابن عباس أنه قال ‪ :‬المودة حب الرجل امرأته والرحمة رحمته إياھا أي‪-‬يصيبھا بسوء‪ -‬وقال ابن‬ ‫كثير ‪ :‬وجعل بينھم وبينھن مودة وھي المحبة‪.‬‬

‫من تأمل القرآن علم أن كلمة )) السكن( ھي سر الكون الذي ھدي اليه القران في العالقه بين‬ ‫الرجل والمرأه )لتسكنوا اليھا( ولذا كان الھدف الرئيسي للمرأه في الحياة بعد حق ﷲ ان تتعلم‬ ‫كيف تكون سكنا لزوجھا واسرتھا‪.‬‬ ‫قال ﷲ تعالى )ولھن مثل الذي عليھن (‬ ‫و جعل االسالم الرجال و النساء متساويين في الحقوق و الواجبات بنص الحديث } " إنما‬ ‫‪4‬‬ ‫النساء شقائق الرجال " {‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْض‬ ‫ضي ُع َع َم َل عَا ِم ٍل ِم ْن ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر أوْ أ ْنثَى بَ ْع ُ‬ ‫} فَا ْست َ​َج َ‬ ‫اب لَھُ ْم َر ﱡبھُ ْم أنﱢي َال أ ِ‬ ‫ض ُك ْم ِم ْن بَع ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ار ِھ ْم َوأو ُذوا فِي َسبِيلِي َوقَاتَلُوا َوقُتِلُوا َأل َكفﱢ َر ﱠن َع ْنھُ ْم َسيﱢئَاتِ ِھ ْم‬ ‫فَالﱠ ِذينَ ھ َ‬ ‫َاجرُوا َوأ ْخ ِرجُوا ِم ْن ِديَ ِ‬ ‫ﷲِ َو ﱠ‬ ‫ت تَجْ ِري ِم ْن تَحْ تِھَا ْاألَ ْنھَا ُر ثَ َوابًا ِم ْن ِع ْن ِد ﱠ‬ ‫ب )‪ { (195‬ال‬ ‫َو َألُ ْد ِخلَنﱠھُ ْم َجنﱠا ٍ‬ ‫ﷲُ ِع ْن َدهُ ُحس ُْن الثﱠ َوا ِ‬ ‫عمران‬ ‫اال بدليل كفرض الجھاد على الرجال و االحكام الخاصة بالنساء‬ ‫وأخرج ابو داود وابن ماجه عن معاوية بن حكيم القشيري عن ابيه قال قلت يا رسول ﷲ ما‬ ‫حق زوجتنا علينا قال ان تطعمھا اذا طعمت وتكسوھا اذا اكتسيت وال تضرب الوجه وال تقبح وال‬ ‫تھجر اال في البيت‬

‫‪ 1‬و ھو معارضه لكتاب الرجال من المريخ و النساء من الزھرة ‪ ،‬و الذي يصور حتمية االختالف و كأن كل منھما من كوكب مختلف‬ ‫و كالمنا ھنا خاص باالزواج‬ ‫‪ 2‬رواه أحمد‪ ،‬والحاكم وغيرھما بسند صحيح ‪.‬‬ ‫‪ ) 3‬صحيح ( انظر حديث رقم ‪ 5100 :‬في صحيح الجامع‬ ‫‪ 4‬رواه أحمد و أبو داود و الترمذي عن عائشة ‪ ،‬و رواه البزار عن أنس و صححه االلباني و أنظر الى جمال الحديث كيف لم يجعل‬ ‫أحدھم من عطارد و االخر من بلوتو‬

‫‪29‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و وصى االسالم بالنساء و وضح أن ھناك أختالف بين الرجال و النساء فعلى الرجل أن‬ ‫يتفھم ھذا‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » :‬استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع و‬ ‫إن أعوج شيء في الضلع أعاله فإن ذھبت تقيمه كسرته و إن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا‬ ‫‪1‬‬ ‫بالنساء خيرا «‬ ‫"أال واستوصوا بالنساء خيرا فإنما ھن عوان عندكم ليس تملكون منھن شيئا غير ذلك إال أن‬ ‫يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاھجروھن في المضاجع واضربوھن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم‬ ‫فال تبغوا عليھم سبيال أال إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليھن أن ال يوطئن‬ ‫‪2‬‬ ‫فرشكم من تكرھون وحقھن عليكم أن تحسنوا إليھن في كسوتھن وطعامھن"‬ ‫أن ھناك موضوعات قد يراھا الرجل غير ذات أھمية لكن النساء تراھا ذات أھمية كبرى و‬ ‫ترى زواج جارتھا أھم من موضوع غزو أمريكا للعراق فعلى الرجل االحتمال و االستماع و‬ ‫أنظر الى ھادي البشرية الداعيه االول كيف يجلس و يستمع الى السيده عائشه و ھى تقص عليه‬ ‫حديث أم زرع ‪ 3‬ثم يعلق على حديثھا تعليق جميالو يختار أفضل نموذج في القصه‪ }:‬يا عائشة‬ ‫! كنت لك كأبي زرع ألم زرع إال أن أبا زرع طلق و أنا ال أطلق ‪{ . .‬‬ ‫و كان رسول ﷲ قدوتنا في خدمه أھله‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » :‬خيركم خيركم ألھله و أنا خيركم ألھلي «‬ ‫قَالَ ْ‬ ‫ال » ھَلْ ِع ْن َد ُك ْم‬ ‫ى النﱠبِ ﱡى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬ذاتَ يَوْ ٍم فَقَ َ‬ ‫ت عَائِ َشةَ أُ ﱢم ْال ُم ْؤ ِمنِينَ َدخ َ​َل َعلَ ﱠ‬ ‫‪5‬‬ ‫ْ‬ ‫صائِ ٌم « فال ترفع و صوتك و تقول ‪":‬و لماذا لم تعدوا الطعام"‬ ‫ال » فَإِنﱢى إِ ًذا َ‬ ‫َش ْى ٌء «‪ .‬فَقُلنَا الَ‪ .‬قَ َ‬ ‫و تتشاجر بل كن رحيما ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫• وقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في االنفاق على البيت و الزوجة ‪ » :‬إذا أعطى ﷲ‬ ‫‪6‬‬ ‫أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أھل بيته»‬ ‫] ] دينار أنفقته في سبيل ﷲ ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار‬ ‫أنفقته على أھلك أعظمھا أجرا الذي أنفقته على أھلك [ [‪ ] ] . 7‬أفضل دينار ينفقه الرجل دينار‬ ‫‪8‬‬ ‫ينفقه على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل ﷲ ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل ﷲ [ [‬ ‫وروى الشيخان ‪ :‬أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم قال لسعد بن أبي وقاص ‪ :‬وإنك لن تنفق‬ ‫نفقة تبتغي بھا وجه ﷲ إال أجرت عليھا حتى ما تجعل في في امرأتك‬ ‫• كن رقيقا مع زوجتك و تذكر المثل العربي ‪":‬من غاب عن عنزه جابت تيسا" ‪ 9‬و كوني‬ ‫رقيقه مع زوجك‬ ‫طال ال َسھاد وارّقت عيني الكوارث والنوازل‬ ‫لما جفاني من أحب وراح تشغله الشواغل‬ ‫أين الحديث العذب منك وأين ولﱠى سحر بابل‬ ‫‪ ) 1‬صحيح ( انظر حديث رقم ‪ 960 :‬في صحيح الجامع ‪.‬‬ ‫‪ 2‬بن ماجه و الترمذي‬ ‫‪ 3‬و ھو حديث عامر بالفوائد و ھو في صحيح البخاري و مسلم وشرحه الشيخ ابو اسحاق الحويني‬ ‫‪ 4‬الترمذي و صححه االلباني في صحيح الجامع رقم ‪.3314 :‬‬ ‫‪ 5‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 6‬صححه االلباني في السلسلة الصحيحة‬ ‫‪ 7‬مسلم‬ ‫‪ 8‬لمسلم والترمذي‬ ‫‪ 9‬ان لم تجد زوجتك عندك ما تريده بحثت عنه في مكان أخر‬

‫‪30‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اني أسائل أين عھده في الھوى إني أسائل‬ ‫ض َى ﱠ‬ ‫ﷲُ َع ْنھَا قَالَ ْ‬ ‫ت ‪ُ :‬ك ْن ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ف‬ ‫ت قَا ِع َدةً أَ ْغ ِز ُل َوالنﱠبِ ﱡى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يَ ْخ ِ‬ ‫ع َْن عَائِ َشةَ َر ِ‬ ‫ى َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ت فَنَ َ‬ ‫ق َو َج َع َل ع َ​َرقُهُ يَت َ​َولﱠ ُد نُورًا فَبُ ِھ ﱡ‬ ‫نَ ْعلَهُ فَ َج َع َل َجبِينُهُ يَع َْر ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫ظ َر إِلَ ﱠ‬ ‫ت؟ «‪ .‬قُ ْل ُ‬ ‫ال ‪َ »:‬ما لَ ِك يَا عَائِ َشةُ بُ ِھ ﱢ‬ ‫ت ‪َ :‬ج َع َل َجبِينُكَ يَ ْع َر ُ‬ ‫ق َو َج َع َل ع َ​َرقُكَ يَت َ​َولﱠ ُد نُورًا َولَوْ َرآكَ أَبُو‬ ‫فَقَ َ‬ ‫ير؟ «‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ت قُ ْل ُ‬ ‫ير ْالھُ َذلِ ﱡى لَ َعلِ َم أَنﱠكَ أَ َح ﱡ‬ ‫ت يَقُو ُل ‪:‬‬ ‫ْر ِه‪ .‬قَ َ‬ ‫ال ‪َ »:‬و َما يَقُو ُل أَبُو َكبِ ٍ‬ ‫َكبِ ٍ‬ ‫ق بِ ِشع ِ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ض َع ٍة َودَا ٍء ُمغيِ ِل‬ ‫َو ُمبَرﱠأ ِم ْن كلﱢ غب ِﱠر َحي َ‬ ‫ْض ٍة َوفَ َسا ِد ُمرْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ض ْال ُمتَھَل ِلﱢ‬ ‫ْ‬ ‫فَإ ِ َذا نَ َ‬ ‫ظرْ تَ إِلَى أَ ِس ﱠر ِة َوجْ ِھ ِه بَ َرقَت َكبَرْ ِ‬ ‫ق ال َع ِ‬ ‫ار ِ‬ ‫اك ﱠ‬ ‫قَالَ ْ‬ ‫ﷲُ يَا عَائِ َشةُ َعنﱢى‬ ‫ى َوقَ َ‬ ‫ى النﱠبِ ﱡى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬وقَب َﱠل بَ ْينَ َع ْينَ ﱠ‬ ‫ت فَقَا َم إِلَ ﱠ‬ ‫ال ‪َ »:‬جزَ ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ُورى ِم ْن ِك «‪.‬‬ ‫ُررْ ِ‬ ‫ت ِمنﱢى َك ُسر ِ‬ ‫خَ ْيرًا َما س ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت الخَ ا ِم َسة زَ وْ ِجى إِ ْن َدخَ َل فَ ِھ َد ‪َ ،‬وإِ ْن خَ َر َج أ ِس َد‪ .‬كناية على رقته‬ ‫وفي حديث ام زرع قَالَ ِ‬ ‫معھا و قوته بين الرجال‬ ‫إنما الحب صفاء النفس من حقد وبغض‬ ‫وجفون حذرات تلمح الحسن فَتُ ْغ ِظي‬ ‫يجعل اللذة قصداً ويرى العفة عاراً‬

‫أنه أفئدة تھوا وتأبى ھتك عرض‬ ‫إنني أكره حبا ً يجعل الفسق شعاراً‬ ‫أعلن الحرب على أصحابه ليالً ونھاراً‬

‫و قد جعل االسالم اللعب من الزوجة ثلث اللھو‬ ‫«ليس من اللھو إال ثالثة‪ :‬مالعبة الرجل أھله وتأديبه فرسه‪ ،‬ورميه بقوسه»‬ ‫ي ‪-‬صلى‬ ‫قالت عائشة ‪ -‬رضي ﷲ عنھا ‪ » :-‬كنت‬ ‫َاولُه النب ﱠ‬ ‫أشرب من اإلناء وأنا حائض ‪ ، ،‬ثم أُن ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ي«‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬فيضع فَاهُ على موضع فِ ﱠ‬ ‫عن عائشة أنھا قالت كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ‬ ‫‪4‬‬ ‫القرآن‬ ‫• وأما محبة الزوجات ‪ :‬فال لوم على المحب فيھا ‪ ،‬بل ھي من كماله ‪.‬‬ ‫وقد ﱠ‬ ‫امتن ﷲ سبحانه بھا على عباده فقال ‪ ) :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا‬ ‫لتسكنوا إليھا وجعل بينكم مودة ورحمة ) اآلية ]الروم ‪ [21:‬؛ فجعل المرأة سكنا للرجل ؛‬ ‫يسكن إليھا قلبه وجعل بينھما خالص الحب ‪ ،‬وھو المودة المقرونة بالرحمة ‪.‬‬ ‫وقد قال تعالى عقيب ذكره ما أحل لنا من النساء وما حرم منھن‪ ) :‬يريد ﷲ ليبين لكن‬ ‫ويھديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم وﷲ عليم حكيم ‪ .‬وﷲ يريد أن يتوب عليكم ويريد‬ ‫الذين يتبعون الشھوات أن تميلوا ميال عظيما ‪ .‬يريد ﷲ أن يخفف عنكم و خلق اإلنسان‬ ‫‪5‬‬ ‫ضعيفا ) ] النساء ‪.[28-26:‬‬ ‫قال ذا النون‪ » :‬أما إنه من الحمق التماس اإلخوان بغير الوفاء وطلب اآلخرة بالرياء ومودة‬ ‫‪6‬‬ ‫النساء بالغلظة «‬

‫‪ 1‬سنن البيھقي‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬اخرجه مسلم‬ ‫‪ 4‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 5‬تھذيب الداء و الدواء‬ ‫‪ 6‬شعب االيمان للبيھقي‬

‫‪31‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• و أعلم أن ھناك أحتمال لالختالف في اول ايام الزواج ‪ ،‬و ھو أمر غير مستغرب فأن‬ ‫المرأه الحامل تصاب بالغثيان نتيجة شعور جسدھا بوجود جسد جديد غير متعارف عليه‬ ‫ثم يحدث األلفه فالحب‬ ‫‪1‬‬ ‫و أحتمل منھا فقد قال رسول ﷲ } ال يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منھا خلقا رضي منھا‬ ‫‪2‬‬ ‫آخر{‬ ‫فقلت ال غير ليلى ليس يرضيني‬ ‫قالوا تخير سواھا فھي قاسية‬ ‫شخص أخرى وقد جاءت تناجيني‬ ‫فلو جمعتم جمال الكون اجًمعه في‬ ‫ِ‬ ‫وقلت ھذا جمال ليس يعنيني‬ ‫لكنت كالصخرة الصماء عاطفة‬ ‫ھي العيون التي بالھجر تبكيني‬ ‫إن العيون التي بالوصل تضحكني‬ ‫و ذھب شاب الى شيخ يطلب منه أن يساعده في أختيار زوجه من بنات القرية صفتھا‬ ‫‪":‬حافظة للقران ‪ ،‬شديدة الجمال ‪ ،‬تطيعنى ‪ ،‬غنية و ذات دين وذات حسب و و و " فقال له الشيخ‬ ‫‪3‬‬ ‫‪":‬طلبك عندي ‪ :‬الحور العين في الجنة ‪ ،‬أما في الدنيا فعلم نفسك التسامح"‬ ‫قال ابن عبد القوي في منظومة اآلداب ‪:‬‬ ‫وخير النساء من سرت الزوج منظراً ***** ومن حفظته في مغيب ومشھد‬ ‫قصيـرة ألفــاظ قصيـرة بيتــھا ***** قصيرة طرف العيـن عن كـل أبعـد‬ ‫عَل ْيكَ بذات الدين تظفر بالمنى الـ ***** ودود الولود األصل ذات التعبد‬ ‫و أمر النبي اال يفاجئ الرجل زوجته أذا كان على سفر اال بعد أن يرسل لھا من يخبرھا حتى‬ ‫تقابله مقابله حسنه ألن المرأه اذا غاب عنھا زوجھا ربما أھملت نفسھا ‪":‬إذا دخلت ليال فال تدخل‬ ‫‪4‬‬ ‫على أھلك حتى تستحد المغيبة و تمتشط الشعثة ‪" .‬‬ ‫و جعل ﷲ جزاء بر المرأة لزوجھا الجنة فقد قال رسول ﷲ ‪ ] ] :‬أيما امرأة ماتت وزوجھا‬ ‫‪5‬‬ ‫عنھا راض دخلت الجنة [ [‬ ‫] ] إذا صلت المرأة خمسھا وحصنت فرجھا وأطاعت بعلھا دخلت من أي أبواب الجنة‬ ‫‪6‬‬ ‫شاءت [ [‬ ‫و عن عائشة رضي ﷲ عنھا قالت ‪ :‬قلت يا رسول ﷲ أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال‬ ‫زوجھا ‪ :‬قلت أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال زوجھا ‪ :‬قلت فأي الناس أعظم حقا على‬ ‫‪7‬‬ ‫الرجل ؟ قال أمه [ [‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُول ﷲِ صلى ﷲ عليه‬ ‫ار ﱠ‬ ‫ي ‪ ،‬أ ﱠن َع ﱠمتَهُ أخبَ َرتهُ أنھَا أتَت َرس َ‬ ‫ص ٍن األن َ‬ ‫ص ْينَ ْبنَ ِمحْ َ‬ ‫عن ْال ُح َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ال لَھَا َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ت ؟ قَالَ ْ‬ ‫وسلم فِي َحا َج ٍة فَلَ ﱠما فَ َرغ ْ‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬أَ َذ ُ‬ ‫ت ‪ :‬نَ َع ْم‬ ‫َت قَ َ‬ ‫ج أَ ْن ِ‬ ‫ات زَ وْ ٍ‬ ‫ت ؟ قَالَ ْ‬ ‫ت ‪َ :‬ما آلُوهُ إِالﱠ َما ع َ​َج ْز ُ‬ ‫ت ِم ْنهُ ؟ فَإِنﱠهُ َجنﱠتُ ِك‬ ‫ت َع ْنهُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال ‪ :‬ا ْنظُ ِري أَ ْينَ أَ ْن ِ‬ ‫ال ‪َ :‬ك ْيفَ أَ ْن ِ‬ ‫‪8‬‬ ‫ُك‬ ‫َونَار ِ‬ ‫‪ 1‬يبغض‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬و انا اسئل نفسي لو كنت مكان الشيخ و عثرت على فتاه بھذه المواصفات فماذا اتركھا‬ ‫‪ 4‬صحيح الجامع‬ ‫‪ 5‬ابن ماجه والترمذي والحاكم‬ ‫‪ 6‬ابن حبان‬ ‫‪ 7‬رواة البزار و الحاكم‬ ‫‪ 8‬حديث حسن رواه أحمد ‪ ،‬والطبرانى فى الكبير ‪ ،‬واألوسط ‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح خال حصين ‪ ،‬وھو ثقة‬

‫‪32‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال تعالى)) فالصالحات قانتات(( القنوت ھنا ھو المداومه على طاعة الزوج ‪ ،‬فالسياق كله‬ ‫في العالقه بين الخليلين ‪،‬الزوج والزوجه‪ ،‬ومن تأمل واقع حياة الناس وجد أن اسعد الناس قلبا‬ ‫ھي الطيعه السھله‪ ،‬وأنطدھن عيشا ھي الشرسه المعانده‪.‬‬ ‫س َماتَ اب ٌْن‬ ‫• و على المرأه اال تستقبل زوجھا بالمشاكل و لتكن قدوتھا ام سليم ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال أَنَ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ط ْل َحةَ ِم ْن أُ ﱢم ُسلَي ٍْم فَقَالَ ْ‬ ‫ت ألَ ْھلِھَا الَ تُ َح ﱢدثُوا أَبَا َ‬ ‫ألَبِى َ‬ ‫ال ‪-‬‬ ‫ط ْل َحةَ بِا ْبنِ ِه َحتﱠى أَ ُكونَ أنَا أ َح ﱢدثهُ ‪ -‬قَ َ‬ ‫صنﱠ َع ْ‬ ‫فَ َجا َء فَقَ ﱠربَ ْ‬ ‫َصن ﱠ ُع قَب َْل َذلِكَ‬ ‫ت لَهُ أَحْ َسنَ َما َكانَ ت َ‬ ‫ال ‪ -‬ثُ ﱠم تَ َ‬ ‫ب ‪ -‬فَقَ َ‬ ‫ت إِلَ ْي ِه َع َشا ًء فَأ َ َك َل َو َش ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اب ِم ْنھَا قَالَ ْ‬ ‫فَ َوقَ َع بِھَا فَلَ ﱠما َرأ ْ‬ ‫ت يَا أبَا َ‬ ‫طل َحةَ أ َرأيْتَ لَوْ أ ﱠن قَوْ ًما أعَارُوا‬ ‫ص َ‬ ‫ت أنﱠهُ قَ ْد َشبِ َع َوأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال الَ‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫ال‬ ‫َاريَتَھُ ْم أَ ْھ َل بَ ْي ٍ‬ ‫ب ا ْبنَكَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫َاريَتَھُ ْم ألَھُ ْم أ ْن يَ ْمنَعُوھُ ْم قَ َ‬ ‫ت فَاحْ ت َِس ِ‬ ‫طلَبُوا ع ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ت ثُ ﱠم أَ ْخبَرْ تِنِى بِا ْبنِى‪ .‬فَا ْن َ‬ ‫ال ت َ​َر ْكتِنِى َحتﱠى تَلَطﱠ ْخ ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى‬ ‫طلَ َ‬ ‫ق َحتﱠى أَتَى َرس َ‬ ‫ب َوقَ َ‬ ‫َض َ‬ ‫فَغ ِ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫اركَ ﱠ‬ ‫ﷲُ لَ ُك َما‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬فَأ َ ْخبَ َرهُ بِ َما َكانَ فَقَ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬بَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َت ُغالَ ًما فَقَالَ ْ‬ ‫فِى غَابِ ِر لَ ْيلَتِ ُك َما «‪ .‬فَ َولَد ْ‬ ‫ض ُعهُ أَ َح ٌد َحتﱠى تَ ْغ ُد َو بِ ِه َعلَى‬ ‫ت لِى أ ﱢمى يَا أَنَسُ الَ يُرْ ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬فَلَ ﱠما أَصْ بَ َح احْ تَ َم ْلتُهُ فَا ْن َ‬ ‫طلَ ْق ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى‬ ‫ت بِ ِه إِلَى َرس ِ‬ ‫َرس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال » لَ َع ﱠل أ ﱠم ُسلَي ٍْم َولَد ْ‬ ‫َت «‪ .‬قُ ْل ُ‬ ‫ت‬ ‫صا َد ْفتُهُ َو َم َعهُ ِمي َس ٌم فَلَ ﱠما َرآنِى قَ َ‬ ‫ال ‪ -‬فَ َ‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ - -‬قَ َ‬ ‫ض ْعتُهُ فِى َحجْ ِر ِه َو َدعَا َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ال ‪َ -‬و ِج ْئ ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫ت بِ ِه فَ َو َ‬ ‫ض َع ْال ِمي َس َم ‪ -‬قَ َ‬ ‫نَ َع ْم‪ .‬فَ َو َ‬ ‫وسلم‪ -‬بِ َعجْ َو ٍة ِم ْن َعجْ َو ِة ْال َم ِدينَ ِة فَالَ َكھَا فِى فِي ِه َحتﱠى َذابَ ْ‬ ‫صبِ ﱢى فَ َج َع َل‬ ‫ت ثُ ﱠم قَ َذفَھَا فِى فِى ال ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ال ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬ا ْنظُرُوا إِلَى حُبﱢ‬ ‫ال ‪ -‬فَقَ َ‬ ‫صبِ ﱡى يَتَلَ ﱠمظُھَا ‪ -‬قَ َ‬ ‫ﱠ ‪1‬‬ ‫ال فَ َم َس َح َوجْ ھَهُ َو َس ﱠماهُ َع ْب َد ﷲِ‪.‬‬ ‫ار التﱠ ْم َر «‪ .‬قَ َ‬ ‫األَ ْن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫وعن عباية بن رفاعة فلقد رأيت لھم بعد ذلك في المسجد سبعة كلھم قد قرأ القرآن‪.‬‬ ‫و في االصابة ‪ ":‬فجاءت بولد وھو عبد ﷲ بن أبي طلحة فأنجب ورزق أوالدا قرأ القرآن‬ ‫منھم عشرة "‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ـتسمت فردتهُ جديدا‬ ‫ھواي فابـ‬ ‫قد كان رث‬ ‫َ‬ ‫بل الزوجة سكن للرجل فانظر الى السيدة خديجةلما جاءھا رسول ﷲ يرجف فؤاده من رؤية‬ ‫و ضمه جبريل له دخل على خديجة بنت ُخويلد ‪ ،‬فقال‪ :‬ز ّملوني ‪ ،‬ز ّملوني ‪ ،‬فزملوه حتى ذھب‬ ‫عنه الرﱠوْ ع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فقال لخديجة ‪ -‬وأخبرھا الخبر ‪: -‬لقد خشيت على نفسي‪.‬‬ ‫َص ُل الرحم ‪ ،‬وتَصْ ُدق‬ ‫فقالت له خديجة ‪ :‬كال ‪ ،‬أبشر ‪ ،‬فوﷲ ال يُخزيك ﷲ أبدا ‪ ،‬إنك لت ِ‬ ‫َكسب المعدوم‪ .‬وتَ ْق ِري الضيف ‪ ،‬وتُعين على نوائب الحق‪.‬‬ ‫الحديث ‪ ،‬وتحمل ال َك ّل ‪ ،‬وت ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫فانطلقت به خديجة ‪ ،‬حتى أتت به ورقة بنَ نوفل بن أسد بن عبد ال ُعزى بن قصي ‪ -‬وھو ابن‬ ‫‪3‬‬ ‫عم خديجة ‪ ،‬أخي أبيھا ‪-‬‬ ‫و فى الحديث الذي صححة الشيخ االلباني " أال أخبركم بنسائكم في الجنة ؟ كل ودود ولود‬ ‫إذا غضبت أو أسيء إليھا ] أو غضب زوجھا [ قالت ‪ :‬ھذه يدي في يدك ال أكتحل بغمض حتى‬ ‫ترض "‬ ‫• تزين الزوجة لزوجھا و الزوج لزوجته‬ ‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬صفه الصفوة‬ ‫‪ 3‬صحيح البخاري‬

‫‪33‬‬


‫حياة العظماء‬

‫حالل للطير من كل جنس‬ ‫أحرام على بالبله الدوح‬ ‫عن ابن عباس قال ‪ :‬إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة الن ﷲ تعالى‬ ‫يقول ‪) * :‬ولھن مثل الذي عليھن بالمعروف( * وما أحب أن أستنظف جميع حقي عليھا الن ﷲ‬ ‫تعالى يقول ‪) * :‬وللرجال عليھن درجة( ‪.1‬‬ ‫ح َو ٌر‬ ‫إِنﱠ ال ُع ُيونَ الﱠتِي فِي طَ ْرفِ َھا َ‬

‫َق َت ْل َن َنا‬

‫م‬ ‫ُث ﱠ‬

‫م‬ ‫لَ ْ‬

‫ين‬ ‫حيِ َ‬ ‫ُي ْ‬

‫َق ْتال‬

‫نَا‬ ‫ه‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ح ﱠتى ال ِ‬ ‫ح َرا َ‬ ‫بِ َ‬ ‫ص َر ْع َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫ن ذَا اللﱡ ّ‬

‫ه أَ ْركَانَا‬ ‫خلْقِ اللﱠ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ض َع ُ‬ ‫ھ ﱠ‬ ‫َو ُ‬

‫يقول الرافعي ‪":‬تعطر ايھا العطر بلمس يديھا"‬ ‫• أظھار الغيره و االعتدال فيھا‬ ‫و ھو أمر مفتقد في الغرب حتى تقول أحدھن ‪":‬وددت أن زوجى أظھر الغيره على و منعنى‬ ‫من محادثة فالن و فالن زمالئي في العمل "‬ ‫‪2‬‬ ‫اما االسالم فيقول الحبيب محمد ‪ ":‬ال يدخل الجنة ديوث"‬ ‫و فى الحديث الذي صححة االلباني ‪ ":‬ثالثة ال ينظر ﷲ عز وجل إليھم يوم القيامة ‪ :‬العاق‬ ‫لوالديه و المرأة المترجلة و الديوث ‪ ،‬و ثالثة ال يدخلون الجنة ‪ :‬العاق لوالديه و المدمن الخمر و‬ ‫‪3‬‬ ‫المنان بما أعطى "‬ ‫وعن عمار بن ياسر رضي ﷲ عنه عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم قال ثالثة ال يدخلون‬ ‫الجنة أبدا الديوث والرجلة من النساء ومدمن الخمر قالوا يا رسول ﷲ أما مدمن الخمر فقد عرفناه‬ ‫فما الديوث قال الذي ال يبالي من دخل على أھله قلنا فما الرجلة من النساء قال التي تشبه‬ ‫‪4‬‬ ‫بالرجال‬ ‫أغار عليك من عيني ومنى ومنك ومن زمانك والمكان‬ ‫ولو أنى خبأتك في عيوني إلى يوم القيامة ما كفاني‬ ‫• الكلمة الجميلة‬ ‫و كان يقول الكالم الجميل‪ ":‬أحب الناس إلي عائشة و من الرجال أبوھا ‪ " .‬و تخيل وقع‬ ‫الكالم على السيده عائشة‬ ‫و حفظ الكالم عمار بن ياسر و وعاه فعن عمرو بن غالب ‪ -‬رحمه ﷲ ‪ » : -‬ﱠ‬ ‫أن رجال نال‬ ‫من عائشةَ عند ع ّمار بن ياسر ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ ، -‬فقال ‪ :‬ا ْغرُبْ َم ْقبُوحا َم ْنبُوحا ‪ ،‬تؤذي حبيبة‬ ‫‪6‬‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬؟ «‬ ‫ِ‬ ‫و كان رسول ﷲ يالعب عائشة و سابقھا مرتين و عد االسالم كل لھو باطل اال ثالث أحدھم‬ ‫مالعبه األھل " اللھو في ثالث ‪ :‬تأديب فرسك و رميك بقوسك و مالعبتك أھلك ‪" .‬‬ ‫قال ﷲ } َو َال تَ ْن َس ُوا ْالفَضْ َل بَ ْينَ ُك ْم{ ]البقرة‪[237 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫ان الزوجه بحاجة الى الكلمة الجميلة أكثر من حاجتھا الى الطعام الفاخر‬ ‫‪ 1‬مصنف بن ابي شيبة‬ ‫‪ 2‬الطبراني‬ ‫‪ 3‬النسائي‬ ‫‪ 4‬رواه الطبراني ورواته ال أعلم فيھم مجروحا وشواھده كثيرة‬ ‫‪ 5‬الترمذي و صححه االلباني في صحيح الجامع رقم ‪.177 :‬‬ ‫‪ 6‬الترمذي‬

‫‪34‬‬


‫حياة العظماء‬

‫خدعوھا بقولھم حسناء……و الغواني ‪ 1‬يغرھن الثناء‬ ‫ا تراھا تناست اسمي لما……كثرت في غرامھا األسماء‬ ‫جاذبتني ثوب العصا و قالت……أنتم الناس أيھا الشعراء‬ ‫فاتقوا ﷲ في خداع العذارى……فالعذارى قلوبھن ھواء‪.‬‬ ‫و انظر الى علي بن ابي طالب و قد راى سواك مع السيده فاطمة زوجته فقال‬ ‫لقد فزت يا عود األراك بثغرھا أما خفت يا عود األراك أراك‬ ‫لو كنت من أھل القتال قتلتك ما فاز مني يا سواك سواك‬ ‫و على الزوجة ايضا التفنن في الكالم الجميل‬ ‫ة‬ ‫عا ِ‬ ‫ش َق ٌ‬ ‫يِ َ‬ ‫يَا َق ْو ِ‬ ‫م ُأ ْذنِي لِبَ ْعضِ ال َ‬ ‫ح ّ‬

‫حيَانَا‬ ‫َواألُذ ُ‬ ‫ق َق ْب َ‬ ‫ْن تَ ْع َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ل ال َع ْي ِ‬

‫م‬ ‫قَالُوا‪ :‬بِ َ‬ ‫ْت لَ ُھ ْ‬ ‫ن ال تَ َرى تَ ْھذِي! َف ُقل ُ‬ ‫م ْ‬

‫ْب َما كَانَا‬ ‫األُذ ُ‬ ‫ن ُتوفِي ال َقل َ‬ ‫ْن كَال َع ْي ِ‬

‫ة‬ ‫اريَ ٍ‬ ‫ش ُغو ٍ‬ ‫َ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫ِن َد َوا ٍء لِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل م ْ‬ ‫ھ ْ‬ ‫ج ِ‬

‫يَ ْلقَى‬

‫َوفِي األَ ْ‬ ‫وب‬ ‫ظعَانِ آن َ‬ ‫ِس ٌة لَ ُع ٌ‬

‫بِلُ ْقيَانِ َھا‬

‫َر ْوحًا‬

‫حانَا‬ ‫َو َر ْي َ‬

‫حالال‬ ‫تَ َرى َق ْتلِي بِ َغ ْي ِر َد ٍم َ‬

‫قال تعالى)) عربا ً اترابا ً(( قال ابن عباس ‪:‬العروب ھي العاشقه المتعشقه لزوجھا ‪ ،‬الغنجات‬ ‫حسنات الكالم مع ازواجھن على الفراش‪.‬‬ ‫فالصالحه البد ان تجمع بين صفتين وھما‪:‬‬ ‫‪ -1‬تمام الحياء عند غير زوجھا‪.‬‬ ‫‪ -2‬كمال التكسر والتغنج والتعشق والخضوع اذا خلت ببعلھا‪.‬‬ ‫• وجود اسم ترقيق او تصغير‬ ‫عن عائشة قالت ‪ » :‬قال لي رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يوما ‪ :‬يا عائشُ ‪ ،‬ھذا جبريل‬ ‫يُقرئِ ِك السالم ‪ُ ،‬‬ ‫قلت ‪ :‬وعليه السال ُم ورحمةُ ﷲ وبركاته ‪ ،‬قالت ‪ - :‬وھو يرى ما ال أرى ‪-‬‬ ‫‪2‬‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪« -‬‬ ‫تريد ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عن عائشة رضي ﷲ عنھا قالت‪ :‬يا نبي ﷲ! أال تكنيني؟ فقال‪ " :‬اكتني بابنك"‪ ،‬يعني عبد ﷲ‬ ‫‪4‬‬ ‫بن الزبير‪ ،3‬فكانت تكنى ‪ :‬أم عبد ﷲ‪.‬‬ ‫الطاعة‬

‫‪ 1‬الغانية ‪ :‬ھى من استغنت بجمالھا عن الزينة‬ ‫‪ 2‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 3‬بن اختھا اسماء بنت ابو بكر الصديق‬ ‫‪ 4‬االدب المفرد‬

‫‪35‬‬


‫حياة العظماء‬

‫لقد وصﱠت األم العاقلة ابنتَھا فقالت‪" :‬يا بنية‪ ،‬احْ ملي عني عشر خصال‪ ،‬تكن لك ذخرًا وذكرًا‪:‬‬ ‫الصحبة بالقناعة‪ ،‬والمعاشرة بحسن السﱠمع والطاعة‪ ،‬والتعھﱡد لموقع عينه‪ ،‬والتف ﱡقد لموضع‬ ‫أنفِه‪ ،‬فال تقع عينُه منك على قبيح‪ ،‬وال ي َشم منك إال أطيب ريح؛ والكحل أحسن الحُسن‪،‬‬ ‫والماء ْ‬ ‫أطيب الطيب المفقود"‪.‬‬ ‫أوصت أم ابنتھا قبيل زواجھا فقالت‪ * :‬أي بنية! إنك فارقت الحواء الذي منه خرجت‪،‬‬ ‫وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه‪ ،‬وقرين لم تألفيه‪ ،‬فأصبح بملكه إياك رقيبا ً‬ ‫ومليكاً‪ ،‬فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكا ً‪ * .‬أي بنية! احفظي له عشر خصال يكن لك ذخراً‬ ‫وذكراً‪ *.‬فأما األولى والثانية‪ :‬الصحبة له بالقناعة‪ ،‬والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ‪.‬‬ ‫*وأما الثالثة والرابعة‪ :‬التعھد لموقع عينيه‪ ،‬والتفقد لموضع أنفه‪ ،‬فال تقع عيناه منك على‬ ‫قبيح‪ ،‬وال يشم منك إال أطيب الريح ‪.‬‬ ‫*وأما الخامسة والسادسة‪ :‬فالتفقد لوقت طعامه‪ ،‬والھدوء عند منامه‪ .‬فإن حرارة الجوع‬ ‫ملھبة‪ ،‬وتنغيص النوم مغضبة ‪.‬‬ ‫*أما السابعة والثامنة‪ :‬فاالحتفاظ بماله‪ ،‬واإلرعاء على حشمه وعياله‪ ،‬ألن االحتفاظ بالمال‬ ‫من حسن الخالل‪ ،‬ومراعاة الحشم والعيال من اإلعظام واإلجالل ‪.‬‬ ‫*أما التاسعة والعاشرة‪ :‬فال تفشي له سراً‪ ،‬وال تعصي له أمراً‪ ،‬فإنك إن أفشيت سره لم تأمني‬ ‫غدره‪ ،‬وإن عصيت أمره أوغرت صدره ‪.‬‬ ‫*ثم اتقي‪ -‬مع ذلك‪ -‬الفرح بين يديه إذا كان ترحاً‪ ،‬واالكتئاب عنده إن كان فرحاً‪ ،‬فإن‬ ‫الخصلة األولى من التقصير‪ ،‬والثانية من التذكير ‪.‬‬ ‫*وكوني أشد ما تكونين له إعظاما ً يكن أشد ما يكون لك إكراما ‪ً.‬‬ ‫*وكوني أكثر ما تكونين له موافقة‪ ،‬يكن أطول ما يكون لك مرافقة ‪.‬‬ ‫*واعلمي أنك ال تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك‪ ،‬وھواه على ھواك‬ ‫فيما أحببت وكرھت‬ ‫• أن غضب احد الزوجين فليھدأ االخر‬ ‫عن ميمونة قالت‪ :‬خرج رسول ﷲ‪ ،‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬ذات ليلة من عندي فأغلقت دونه الباب‬ ‫فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له فقال‪ :‬أقسمت إال فتحته لي‪ .‬فقلت له‪ :‬تذھب إلى أزواجك في‬ ‫‪1‬‬ ‫ليلتي ھذه‪ .‬قال‪ :‬ما فعلت ولكن وجدت حقنا من بولي‪.‬‬ ‫فيي لحظة الغضب الشيطان ھو الذي يتكلم و الدليل واضح و ھو } َولَ ﱠما َسكَتَ ع َْن ُمو َسى‬ ‫َضبُ { فالذي كان يتكلم و سكت ھو الغضب‬ ‫ْالغ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫غضبت تَ َر ﱠ‬ ‫وينصح أبو الدرداء زوجته بقوله‪" :‬إذا رأيتِني‬ ‫ضيْني‪ ،‬وإن رأيتُك غضب ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ض ْيتُك‪ ،‬وإالﱠ لم نص َ‬ ‫ط ِحب"‬ ‫ت َ​َر ﱠ‬ ‫خذي العفو مني تستديمي مودتي وال تنطقي في سورتي حين أغضب‬ ‫ّ‬ ‫الدف مرة فإنك ال تدرين كيف المغيّب‬ ‫نقرك‬ ‫وال تنقريني َ‬ ‫ّ‬ ‫وال تكثري من الشكوي فتذھب بالقوي ويأباك قلبي والقلوب تقلب‬ ‫فإني رأيت الحب في القلب واألذي إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذھب‬ ‫و قال إبن رزيق البغدادي‬ ‫ذل يُولِ ُعهُ‬ ‫ال تَع َذلِيه فَإ ِ ﱠن ال َع َ‬ ‫ض ﱠربِ ِه‬ ‫ت فِي نصحه َحداً أَ َ‬ ‫جاوز ِ‬ ‫َ‬ ‫‪ 1‬الطبقات البن سعد‬ ‫‪ 2‬العقد الفريد‬

‫‪36‬‬

‫يس يَس َم ُعهُ‬ ‫ت َحقا ً َولَ ِكن لَ َ‬ ‫َقد قَل ِ‬ ‫ِمن َح َ‬ ‫ت أَ ﱠن النصح يَنفَ ُعهُ‬ ‫يث قَدر ِ‬


‫حياة العظماء‬

‫الرفق ِفي تَأِنِيبِ ِه بَ َدالً‬ ‫ب ُموج ُعهُ‬ ‫ِمن عَذلِ ِه فَھ َُو ُمضنى القَل ِ‬ ‫فَاستَع ِملِي ِ‬ ‫َقد كانَ ُمض َ‬ ‫ب‬ ‫الدھر أَضلُ ُعهُ‬ ‫َف ُ‬ ‫ب يَح ِملُهُ‬ ‫ضيﱠقَت بِ ُخطُو ِ‬ ‫طلَعا ً بِالخَ ط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫وم ما يُرو ُعهُ‬ ‫يَكفِي ِه ِمن لَو َع ِة التَشتِي ِ‬ ‫أَ ﱠن لَهُ ِمنَ النَوى ُك ﱠل يَ ٍ‬ ‫زم يَز َم ُعهُ‬ ‫َرأ ُ‬ ‫آب ِمن َسفَ ٍر إِ ّال َوأَزع َ​َجهُ‬ ‫ما َ‬ ‫ي إِلى َسفَ ٍر بِال َع ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رتحل‬ ‫َكأَنﱠما ھُ َو فِي ِحلﱢ َو ُم‬ ‫ذر ُعهُ‬ ‫ُم َوك ٍل بِفضا ِء ﷲِ يَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫يل ِغن ًى‬ ‫َولَو إِلى ال َسن ّد أَضحى َوھُ َو يُز َم ُعهُ‬ ‫إِذا الزَ مانَ أَراهُ في َ‬ ‫الر ِح ِ‬ ‫تأبى المطام ُع إال أن تُ َج ّشمه‬ ‫للرزق كداً وكم ممن يود ُعهُ‬ ‫نسان تَق َ‬ ‫ط ُعهُ‬ ‫َوصلُهُ‬ ‫نسان ت ِ‬ ‫اإل ِ‬ ‫رزقَا ً َوال َد َعةُ ِ‬ ‫اإل ِ‬ ‫َوما ُمجاھَ َدةُ ِ‬ ‫لَم يَخلُق َ‬ ‫قَد َو ﱠزع َ‬ ‫لق رزقَھُ ُم‬ ‫ُضيﱢ ُعهُ‬ ‫قي َ‬ ‫ﷲُ ِمن خَ ل ٍ‬ ‫ﷲُ بَينَ الخَ ِ‬ ‫لَ ِكنﱠھُم ُكلﱢفُوا ِحرصا ً فلَستَ تَرى‬ ‫ت تُقنُ ُعهُ‬ ‫َرزقا ً َو ِسوى الغايا ِ‬ ‫ُمست ِ‬ ‫زق َواألَ‬ ‫صر ُعهُ‬ ‫غي ال َمر ِء يَ َ‬ ‫َو ِ‬ ‫رزاق قَد قُ ِس َمت بَ ِغ ُي أَ ّال إِ ﱠن بَ َ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الحرصُ في ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُعطي الفَتى ِمن َحيث‬ ‫ث يُط ِم ُعهُ‬ ‫يَمنَعُه إِرثا َويَمنَ ُعهُ ِمن َحي ِ‬ ‫َوالدھ ُر ي ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ع َ‬ ‫اِستَو ِد ُ‬ ‫رخ ِمن فَلَ ِك األ‬ ‫ﷲَ فِي بَغدا َد لِي قَ َمرا‬ ‫زرار َمطلَ ُعهُ‬ ‫َ‬ ‫بِال َك ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو ﱠدعتُهُ َوب ُو ّدي لَو ي َُو ﱢد ُعنِي‬ ‫الحيا ِة َوأنّي ال أود ُعهُ‬ ‫فو َ‬ ‫َ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َو َكم تَشب َ‬ ‫ُح ًى‬ ‫ت َوأد ُم ُعهُ‬ ‫َوأد ُم ِعي ُمستَ ِھال ٍ‬ ‫حيل ض َ‬ ‫ﱠث بي يَو َم َ‬ ‫الر ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال أَ ُكذبُ َ‬ ‫ُمنخَ ر ٌ‬ ‫بر‬ ‫ق َعنّي بِفرقَتِ ِه لَ ِكن أ َرقﱢ ُعهُ‬ ‫ﷲَ ثوبُ‬ ‫َ‬ ‫الص ِ‬ ‫إِنّي أَ َو ﱢس ُع ُعذري فِي َجنايَتِ ِه‬ ‫البين ِعنهُ َوجُرمي ال ي َُو ﱢس ُعهُ‬ ‫بِ ِ‬ ‫ُز ُ‬ ‫َو ُكلﱡ َمن ال يُسُوسُ ال ُملكَ يَخلَ ُعهُ‬ ‫حسن ِسيا َستَهُ‬ ‫قت ُملكا ً فَلَم أَ ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫كر َعلَي ِه فَإ ِ ﱠن َ‬ ‫وب النَ ِعيم‬ ‫ﷲَ يَنزَ ُعهُ‬ ‫َو َمن غَدا البِسا ً ثَ َ‬ ‫بِال َش ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما ُك ُ‬ ‫الدھر‬ ‫نت أَح َسبُ أَ ﱠن‬ ‫فج ُعنِي بِ ِه َوال أ ﱠن بِي األيّا َم تَفج ُعهُ‬ ‫يَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َحتّى َجرى البَ ُ‬ ‫ين فِيما بَينَنا‬ ‫بِيَ ٍد عَسرا َء تَمنَ ُعنِي َحظي َوتَمنَ ُعهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جازعا ً‬ ‫ق الﱠذي قَد ُك ُ‬ ‫قَد ُك ُ‬ ‫فَ ِرقا ً فَلَم أو ﱠ‬ ‫ب‬ ‫نت أجزَ ُعهُ‬ ‫نت ِمن َري ِ‬ ‫دھري ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫د َ​َرست آثا ُرهُ َو َعفَت ُمذ بِ ُ‬ ‫بِ َ‬ ‫يش الﱠذي‬ ‫نت أربُ ُعهُ‬ ‫نز َل ال َع ِ‬ ‫ا"ِ يا َم ِ‬ ‫ھَل الزَ ُ‬ ‫مان َم ِعي ُد فِيكَ لَ ﱠذتُنا‬ ‫رج ُعهُ‬ ‫أَم اللَيالِي الﱠتي أَ َ‬ ‫مضتهُ تُ ِ‬ ‫َوجا َد غ ٌ‬ ‫فِي ِذ ﱠم ِة َ‬ ‫ُمر ُعهُ‬ ‫ﷲِ ِمن أَصبَ َحت َمنزلَهُ‬ ‫َيث عَلى َمغناكَ ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ضيﱢ ُعهُ‬ ‫َمن ِعن َدهُ لِي عَھ ُد ال يُضيّ ُعهُ‬ ‫ق ال أ َ‬ ‫َكما لَهُ عَھ ُد ِ‬ ‫صد ٍ‬ ‫ُص ﱢد ُ‬ ‫كرهُ َوإِذا‬ ‫ُص ﱢد ُعهُ‬ ‫َجرى عَلى قَلبِ ِه ِذكري ي َ‬ ‫ع قَلبي ِذ َ‬ ‫َو َمن ي َ‬ ‫و من االساليب النافعة لسكون البيت و نزع فتيل المشاكل السالم بمجرد دخول المنزل‬ ‫فالشيطان ھو سبب المشاكل و السالم و ذكر ﷲ يطرد الشيطان‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ع َْن َجابِ ِر ب ِْن َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم يَقُو ُل‪" :‬إِ َذا َدخَ َل‬ ‫ي َ‬ ‫ض َي ﷲ َع ْنهُ‪ ،‬أَنﱠهُ َس ِم َع النﱠبِ ﱠ‬ ‫ﷲِ َر ِ‬ ‫ال ﱠر ُج ُل بَ ْيتَهُ فَ َذ َك َر ﱠ‬ ‫ﷲَ ِع ْن َد ُد ُخولِ ِه َو ِع ْن َد َ‬ ‫ال ال ﱠش ْيطَ ُ‬ ‫ان َال َمبِيتَ لَ ُك ْم َو َال َع َشا َء‪َ ،‬وإِ َذا َدخَ َل‬ ‫ط َعا ِم ِه قَ َ‬ ‫ان أَ ْد َر ْكتُ ْم ْال َمبِيتَ َوإِ َذا لَ ْم يَ ْذ ُك ِر ﱠ‬ ‫فَلَ ْم يَ ْذ ُك ِر ﱠ‬ ‫ﷲَ ِع ْن َد َ‬ ‫ال ال ﱠش ْي َ‬ ‫ط ُ‬ ‫ال أَ ْد َر ْكتُ ْم‬ ‫ط َعا ِم ِه قَ َ‬ ‫ﷲَ ِع ْن َد ُد ُخولِ ِه قَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ْال َمبِيتَ َوا ْل َع َشا َء"‬ ‫و الزوجة العاقلة تعلم غضب زوجھا بدون ان يتكلم‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫روت عائشة رضي ﷲ عنھا أَنﱠھَا ا ْشت َ​َر ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اويرُ‪ ،‬فل ﱠما َرآھَا َرسُو ُل ﷲِ صلى‬ ‫ت نُ ْم ُرقَة فِيھَا ت َ‬ ‫َص ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ت فِي َوجْ ِھ ِه ْال َك َرا ِھيَةَ‪ ،‬فَقُ ْل ُ‬ ‫ب فَلَ ْم يَ ْد ُخ ْلهُ‪ ،‬فَ َع َر ْف ُ‬ ‫ت‪ :‬يَا َرس َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ﷲ عليه وسلم قَا َم َعلَى ْالبَا ِ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫أَتُوبُ إِلَى ﱠ‬ ‫ﷲِ َوإِلَى َرسُولِ ِه صلى ﷲ عليه وسلم‪َ ،‬ما َذا أَ ْذنَب ُ‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ‬ ‫ْت؟ فَقَ َ‬ ‫عليه وسلم‪َ )) :‬ما بَا ُل ھَ ِذ ِه النﱡ ْم ُرقَ ِة؟(( قُ ْل ُ‬ ‫ال َرسُو ُل‬ ‫ت‪ :‬ا ْشت َ​َر ْيتُھَا لَكَ لِتَ ْق ُع َد َعلَ ْيھَا َوت َ​َو ﱠس َدھَا‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫‪ 1‬مسلم‬

‫‪37‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ﱠ‬ ‫اب ھَ ِذ ِه الصﱡ َو ِر يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة يُ َع ﱠذبُونَ ‪ ،‬فَيُقَا ُل لَھُ ْم أَحْ يُوا‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم‪)) :‬إِ ﱠن أَصْ َح َ‬ ‫ُ ‪1‬‬ ‫َما خَ لَ ْقتُ ْم((‪َ ،‬وقَا َل‪)) :‬إِ ﱠن ْالبَيْتَ الﱠ ِذي فِي ِه الصﱡ َو ُر َال تَ ْد ُخلُهُ ْال َم َالئِ َكة((‬ ‫و انظر الى رسول ﷲ لم يسرع بفعل عقاب قبل ان يستفسر و يتثبت عن الخطأ‬ ‫و قالت عائشة أرسل أزواج النبي صلى ﷲ عليه وسلم زينب بنت جحش إلى رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم وھي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى ﷲ عليه وسلم في المنزلة عند‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى " وأصدق‬ ‫حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذاال لنفسھا في العمل الذي تصدق به وتقرب به‬ ‫إلى ﷲ عزوجل ما عدا سورة من حد كانت فيھا تسرع فيھا الفيئة ‪ 2‬فاستأذنت على رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مع عائشة في مرطھا على الحال التي‬ ‫كانت دخلت فاطمة عليھا فأذن لھا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقالت يا رسول ﷲ إن‬ ‫أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة ووقعت بي فاستطالت وأنا أرقب‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم طرفه ھل يأذن لي فيھا فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ال يكره أن انتصر فلما وقعت بھا لم أنشبھا حتى أنحيت فقال رسوﷲ‬ ‫‪3‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم إنھا ابنة أبي بكر‬ ‫• ال تحاسب زوجتك محاسبة رجل الضرائب‬ ‫فقد تحب ان ترسل الى اھلھا و تخجل ان تقول لك‬ ‫ت ْالخَ ا ِم َسةُ زَ وْ ِجى إِ ْن َدخَ َل فَ ِھ َد ‪َ ،‬وإِ ْن خَ َر َج أَ ِس َد ‪َ ،‬والَ يَسْأ َ ُل َع ﱠما َع ِھ َد‬ ‫ففي حديث ام زرع قَالَ ِ‬ ‫‪4‬‬ ‫‪.‬‬ ‫خطب المغيرة بن شعبة وفتى من العرب امرأة‪ ،‬وكان الفتى شابا ً جميالً‪ ،‬فأرسلت إليھما أن‬ ‫يحضرا عندھا فحضرا‪ ،‬وجلست بحيث تراھما وتسمع كالمھما‪ ،‬فلما رأى المغيرة ذلك‬ ‫الشاب‪ ،‬وعاين جماله علم أنھا تؤثره عليه‪ ،‬فأقبل على الفتى وقال‪ :‬لقد أوتيت جماالً فھل‬ ‫عندك غير ھذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فعدد محاسنه ثم سكت‪ .‬فقال المغيرة‪ :‬كيف حسابك مع أھلك؟ قال‪:‬‬ ‫ي منه شيء‪ ،‬وإني ألستدرك منه أدق من الخردل‪ ،‬فقال المغيرة‪ :‬لكني أضع‬ ‫ما يخفى عل ﱠ‬ ‫البدرة في بيتي فينفقھا أھلي على ما يريدون فال أعلم بنفادھا حتى يسألوني غيرھا‪ .‬فقالت‬ ‫ي مثقال الذرة‪،‬‬ ‫ي من ھذا الذي يحصي عل ﱠ‬ ‫المرأة‪ :‬وﷲ لھذا الشيخ الذي ال يحاسبني أحب إل ﱠ‬ ‫فتزوجت المغيرة‪.‬‬ ‫• اجعل مكتبة بھا كتب مفيدة للتعامل بين الزوجين‬ ‫ك"القاموس فيما يحتاجة العروس" و "تحفة العروسين"‬ ‫تحذيرات ‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫قَالَ ْ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم الرﱢ َجا ُل َوالنﱢ َسا ُء‪،‬‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫ت أَ ْس َما َء بن ِ‬ ‫ت يَ ِزي َد ‪ُ :‬كنﱠا ِع ْن َد ِع ْن َد َرس ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ون بَ ْينَهُ َوبَ ْينَ أ ْھلِ ِه‪ ،‬أوْ َع َسى ا ْم َرأةٌ تُ َحدﱢث بِ َما يَ ُك ُ‬ ‫ال‪َ :‬ع َسى َر ُج ٌل ي َُحدﱢث بِ َما يَ ُك ُ‬ ‫ون بَ ْينَھَا َوبَ ْينَ‬ ‫فَقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫زَ وْ ِجھَافَأ َر ﱠم القَوْ ُم‪ ،‬فَقل ُ‬ ‫ال‪:‬فَال تَف َعلوا‪،‬‬ ‫ُول ﷲِ‪ ،‬إِنﱠھُ ْم لَيَف َعلونَ َوإِنﱠھ ﱠُن لَيَف َعلنَ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ت‪ :‬إِي َوﷲِ يَا َرس َ‬ ‫‪5‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫طانَ ٍة فِي َ‬ ‫ان لَقِ َي َش ْي َ‬ ‫فَإ ِ ﱠن ِم ْث َل َذلِكَ ِم ْث َل َش ْي َ‬ ‫يق‪ ،‬فَغ َِشيَھَا َوالنﱠاسُ يَ ْنظرُونَ ‪.‬‬ ‫ط ٍ‬ ‫ظھ ِْر الط ِر ِ‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬انظر كيف اثنت عليھا رغم وجود ما يكون بين الجارة و جارتھا‬ ‫‪ 3‬النسائي‬ ‫‪ 4‬البخاري‬ ‫‪ 5‬المعجم الكبير الطبراني و مسند االمام احمد‬

‫‪38‬‬


‫حياة العظماء‬ ‫لماذا ال تصاب الجمال بقرحة المعدة ‪1‬‬

‫سھرت عيون و نامت عيون في شئون تكون أو ال تكون‬ ‫إن ربا كفاك باألمس ما كان سيكفيـك في غد ما يـكـون‬ ‫عصرنا ھذا سماه الكثير بعصر "التوتر" و "عصر مرض القلب" و "عصر ضغط الدم" و‬ ‫تقريبا ثلث سكان امريكا مصاب اما "اضطراب القلب " او "قرحة المعدة" او "ضغط الدم"‬ ‫و ال تكاد ال تجد احدا اال و ھو قلق متوتر ال يعلم انه بتوتره لن يغير من االمر شئ فقط ھو‬ ‫يدمر نفسه و اسرته و لو أمن بأن كل شئ بقضاء ﷲ و قدره الستراح‬ ‫} َو ﱠ‬ ‫اس َال يَ ْعلَ ُمونَ )‪{(21‬سوره يوسف‬ ‫ﷲُ غَالِبٌ َعلَى أَ ْم ِر ِه َولَ ِك ﱠن أَ ْكثَ َر النﱠ ِ‬ ‫انظر الى الفرق بين المؤمن الواثق في ربه و الكافر المتربص للمصائب؟؟‬ ‫ﷲُ لَنَا ھُ َو َموْ َالنَا َو َعلَى ﱠ‬ ‫َب ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﷲِ فَ ْليَت َ​َو ﱠك ِل ْال ُم ْؤ ِمنُونَ )‪ (51‬قلْ ھَلْ‬ ‫ُصيبَنَا إِ ﱠال َما َكت َ‬ ‫} قُلْ لَ ْن ي ِ‬ ‫ُصيبَ ُك ُم ﱠ‬ ‫ب ِم ْن ِع ْن ِد ِه أَوْ بِأ َ ْي ِدينَا‬ ‫ﷲُ بِ َع َذا ٍ‬ ‫ت َ​َربﱠصُونَ بِنَا إِ ﱠال إِحْ دَى ْال ُح ْسنَيَي ِْن َونَحْ ُن نَتَ َربﱠصُ بِ ُك ْم أَ ْن ي ِ‬ ‫فَت َ​َربﱠصُوا إِنﱠا َم َع ُك ْم ُمت َ​َربﱢصُونَ )‪ { (52‬التوبة‬ ‫ان شركات التأمين تضارب على ھذا تعلم أن االنسان يتربص المصائب في كل خطوة ‪،‬‬ ‫فتراھن ان المصائب لن تأتى اال بنسبه ضئيل و تربح بھذا المليارات‬ ‫قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » :،‬ال يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع ‪ :‬يشھد أن ال إله إال ﷲ‬ ‫وحده ال شريك له وأني رسول ﷲ بعثني بالحق ‪ ،‬وأنه مبعوث بعد الموت ‪ ،‬ويؤمن بالقدر كله «‬

‫‪2‬‬

‫ان االطباء يقولون ان ابرز ما يميز الذين يعانون ضغط الدم ھو سرعة انفعالھم و استجابتھم‬ ‫لدواعي الغيظ و الحقد‬ ‫و يقول االطباء ايضا ان االزمات و الغضب يحول العصارات الھاضمة الى سموم فال‬ ‫تستفيد المعدة من أغنى االطعمة بالغذاء و أنھا تفتت جير الحديد و تزلزلھا من مستقرھا العتيد‬ ‫ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت االحياء‬ ‫كاسفا باله قليل الرجاء‬ ‫إنما الميت من يعيش كئيبا‬ ‫و ھناك من منعه االطباء و اوصى أھله اال يشاھد مباريات كرة القدم و خاصة االھلى و‬ ‫الزمالك‬ ‫و كلما انخفضت االسھم ارتفع ضغط الدم ألن الشيك مكتوب عليه "و اذا شيك فال انتقش"‬ ‫انك تخطو نحو الشيخوخة يوما مقابل كل دقيقة من الغضب‬ ‫احصائيات لمن ال يؤمن بالقضاء و القدر‬ ‫• واحد من كل عشرة أشخاص من سكان امريكا معرض لإلصابه بانھيار عصبي‬ ‫مرجعه في أغلب االحوال الى القلق‬ ‫• واحد من كل عشرين امريكيا سوق يقضي جزءا من حياته في مصحة عقلية‬

‫‪ 1‬و ھو معارضه لكتاب "لماذا ال يصاب الحمار الوحشي بقرحة المعده" واستخدمت الجمل ألن العرب ربوا الجمال‬ ‫‪ 2‬اخرجه الحاكم في المستدرك‬

‫‪39‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• واحد من كل سته شباب تقدموا لاللتحاق بالخدمة العسكرية في خالل الحرب‬ ‫العالمية الثانية رفضوا لمرض جسماني او نقص عقلي‬ ‫• يقول الدكتور "و ‪.‬س ‪ .‬الفاريز " ‪":‬أتضح أن أربعه من كل خمسه مرضى ليس‬ ‫لعلتھم أساس عضوي البته ‪ ،‬بل مرضھم ناشئ عن الخوف و القلق و البغضاء و األثرة‬ ‫المستحكمة و عجز الشخص عن المالئمة بين نفسه و الحياة"‬ ‫أنسى ھذه االحصائيات فالحمد " أنت تؤمن با" و القضاء و القدر ‪ ،‬و أكثر ھؤالء‬ ‫أصيبوا ليس بسبب مشكلة في الحاضر بل لتنبؤھم و توقعھم مصيبة في المستقبل ‪!.‬؟‬ ‫ب ِم ْن قَب ِْل أَ ْن نَب َْرأَھَا إِ ﱠن َذلِكَ‬ ‫ض َو َال فِي أَ ْنفُ ِس ُك ْم إِ ﱠال فِي ِكتَا ٍ‬ ‫ص َ‬ ‫} َما أَ َ‬ ‫اب ِم ْن ُم ِ‬ ‫صيبَ ٍة فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ﷲِ يَ ِسي ٌر )‪ (22‬لِ َكي َْال تَأ َسوْ ا َعلَى َما فَاتَ ُك ْم َو َال تَ ْف َرحُوا بِ َما آَتَا ُك ْم َو ﱠ‬ ‫َعلَى ﱠ‬ ‫ور‬ ‫ﷲُ َال يُ ِحبﱡ ُك ﱠل ُم ْخت ٍ‬ ‫َال فَ ُخ ٍ‬ ‫)‪{ (23‬الحديد‬ ‫ا"ِ يَ ْھ ِد قَ ْلبَهُ َو ﱠ‬ ‫ﷲِ َو َم ْن ي ُْؤ ِم ْن بِ ﱠ‬ ‫صيبَ ٍة إِ ﱠال بِإ ِ ْذ ِن ﱠ‬ ‫ﷲُ بِ ُكلﱢ َش ْي ٍء َعلِي ٌم )‪(11‬‬ ‫ص َ‬ ‫} َما أَ َ‬ ‫اب ِم ْن ُم ِ‬ ‫{التغابن‬ ‫أنظر إلى قول معن بن أوس‬ ‫لعمرك ما أھويت كفي لريبة …‪ ..‬وال حملتني نحو فاحشة رجلي‬ ‫وال قادني سمعي وال بصري لھا …‪ ..‬وال دلني رأي عليھا وال عقلي‬ ‫ولست بماش ما حييت لمنكر …‪ ..‬من األمر ال يمشي إلى مثله مثلي‬ ‫وال مؤثر نفسي على ذي قرابة …‪ ..‬و أوثر ضيفي ما أقام على أھلي‬ ‫و أعلم أني لم تصبني مصيبة …‪ ..‬من الدھر إال قد أصابت فتى قبلي‬ ‫قال عبدﷲ الحارثي ‪:‬‬ ‫اصبر على الدھر إن أصبحت منغمسا بالضيق في لـجج تھوى الى لــجج‬ ‫ال تيأسن إذا ما ضقت من فــــرج يأتي به ﷲ في الروحــــات والدلج‬ ‫فما تجرع كــــأس الصبر معتصم با" إال أتـــاه ﷲ بالفـــــرج‬

‫قال أبي علي األنباري‬ ‫إذا اشتد عسر فارج يســـرا فإنه قضى ﷲ أن العسر يتبعه يســـر‬ ‫إذا ما ألمت شدة فاصطبر لھـــا فخير سالح المرء في الشدة الصبر‬ ‫وإني ألستحــي من ﷲ أن أرى إلى غيره أشكو إذا مسني الضر‬ ‫عسى فرج يـــأتي به ﷲ إنه‬

‫‪40‬‬

‫له كل يوم في خليقته أمــــر‬


‫حياة العظماء‬

‫فكن عندما يأتي به الدھر حازما صبورا فإن الخير مفتاحه صبر‬ ‫فكم من ھموم بعد طول تكشفت وآخر معسور األمور له يسر‬ ‫انظر الى نبي ﷲ يعقوب و قد فقد احب ابنائه اليه } قَالُوا يَا أَبَانَا إِنﱠا َذھَ ْبنَا نَ ْستَبِ ُ‬ ‫ق َوت َ​َر ْكنَا‬ ‫يص ِه‬ ‫يُوسُفَ ِع ْن َد َمتَا ِعنَا فَأ َ َكلَهُ ال ﱢذ ْئبُ َو َما أَ ْنتَ بِ ُم ْؤ ِم ٍن لَنَا َولَوْ ُكنﱠا َ‬ ‫صا ِدقِينَ )‪َ (17‬و َجا ُءوا َعلَى قَ ِم ِ‬ ‫ص ْب ٌر َج ِمي ٌل َو ﱠ‬ ‫ال بَلْ َس ﱠولَ ْ‬ ‫ﷲُ ْال ُم ْستَ َع ُ‬ ‫َصفُونَ )‪{ (18‬‬ ‫بِد ٍَم َك ِذ ٍ‬ ‫ت لَ ُك ْم أَ ْنفُ ُس ُك ْم أَ ْمرًا فَ َ‬ ‫ب قَ َ‬ ‫ان َعلَى َما ت ِ‬ ‫سوره يوسف‬ ‫ال بَلْ َس ﱠولَ ْ‬ ‫ت لَ ُك ْم أَ ْنفُ ُس ُك ْم‬ ‫ثم انظر اليه و قد فقد االبن الثاني الذي كان يتعزى به عن يوسف }قَ َ‬ ‫ص ْب ٌر َج ِمي ٌل َع َسى ﱠ‬ ‫ﷲُ أَ ْن يَأْتِيَنِي بِ ِھ ْم َج ِميعًا إِنﱠهُ ھُ َو ْال َعلِي ُم ْال َح ِكي ُم )‪ { (83‬سوره يوسف‬ ‫أَ ْمرًا فَ َ‬ ‫}يَا بَنِ ﱠ ْ‬ ‫ح ﱠ‬ ‫ح ﱠ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ﷲِ إِنﱠهُ َال يَ ْيئَسُ ِم ْن َروْ ِ‬ ‫ي اذھَبُوا فَت َ​َح ﱠسسُوا ِم ْن يُوسُفَ َوأَ ِخي ِه َو َال تَ ْيئَسُوا ِم ْن َروْ ِ‬ ‫إِ ﱠال ْالقَوْ ُم ْال َكافِرُونَ )‪ {(87‬سوره يوسف‬ ‫و تأمل في االيات التى نزلت في غزوة أحد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫طائِفَة ِم ْن ُك ْم َو َ‬ ‫} ثُ ﱠم أَ ْنزَ َل َعلَ ْي ُك ْم ِم ْن بَ ْع ِد ْال َغ ﱢم أَ َمنَةً نُ َعاسًا يَ ْغ َشى َ‬ ‫طائِفَة قَ ْد أھَ ﱠم ْتھُ ْم أ ْنف ُسھُ ْم يَظ ﱡنونَ‬ ‫بِ ﱠ‬ ‫ق َ‬ ‫ا"ِ َغي َْر ْال َح ﱢ‬ ‫ظ ﱠن ْال َجا ِھلِيﱠ ِة يَقُولُونَ ھَلْ لَنَا ِمنَ ْاألَ ْم ِر ِم ْن َش ْي ٍء قُلْ إِ ﱠن ْاألَ ْم َر ُكلﱠهُ ِ ﱠ"ِ ي ُْخفُونَ فِي‬ ‫أَ ْنفُ ِس ِھ ْم َما َال يُ ْب ُدونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ َكانَ لَنَا ِمنَ ْاألَ ْم ِر َش ْي ٌء َما قُتِ ْلنَا ھَاھُنَا قُلْ لَوْ ُك ْنتُ ْم فِي بُيُوتِ ُك ْم لَبَ َرزَ‬ ‫حﱢص َما فِي قُلُوبِ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫اج ِع ِھ ْم َولِيَ ْبتَلِ َي ﱠ‬ ‫ﷲُ َما فِي ُ‬ ‫ﷲُ‬ ‫ور ُك ْم َولِيُ َم َ‬ ‫ب َعلَ ْي ِھ ُم ْالقَ ْت ُل إِلَى َم َ‬ ‫الﱠ ِذينَ ُكتِ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ص ُد ِ‬ ‫ان إِنﱠ َما ا ْستَزَ لﱠھُ ُم ال ﱠش ْيطَ ُ‬ ‫ْض‬ ‫َعلِي ٌم بِ َذا ِ‬ ‫ور )‪ (154‬إِ ﱠن الﱠ ِذينَ ت َ​َولﱠوْ ا ِم ْن ُك ْم يَوْ َم ْالتَقَى ْال َج ْم َع ِ‬ ‫ت الصﱡ ُد ِ‬ ‫ان بِبَع ِ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َما َك َسبُوا َولَقَ ْد َعفَا ﷲُ َع ْنھُ ْم إِ ﱠن ﷲَ َغفُو ٌر َحلِي ٌم )‪ (155‬يَا أ ﱡيھَا ال ِذينَ آَ َمنُوا َال تَ ُكونُوا َكال ِذينَ َكفَرُوا‬ ‫ض أَوْ َكانُوا ُغ ًّزى لَوْ َكانُوا ِع ْن َدنَا َما َماتُوا َو َما قُتِلُوا لِيَجْ َع َل ﷲُﱠ‬ ‫َوقَالُوا ِ ِإل ْخ َوانِ ِھ ْم إِ َذا َ‬ ‫ض َربُوا فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ﷲِ أوَْ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫يت َو ﱠ‬ ‫َذلِكَ َحس َْرةً فِي قُلُوبِ ِھ ْم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ يُحْ يِي َويُ ِم ُ‬ ‫ﷲُ بِ َما تَ ْع َملُونَ بَ ِ‬ ‫صي ٌر )‪َ (156‬ولَئِ ْن قُتِلتُ ْم فِي َسبِ ِ‬ ‫ُم ﱡت ْم لَ َم ْغفِ َرةٌ ِمنَ ﱠ‬ ‫ﷲِ َو َرحْ َمةٌ َخ ْي ٌر ِم ﱠما يَجْ َمعُونَ )‪{ (157‬‬ ‫ص ُر ُك ْم ِم ْن بَ ْع ِد ِه َو َعلَى ﱠ‬ ‫} إِ ْن يَ ْنصُرْ ُك ُم ﱠ‬ ‫ﷲِ فَ ْليَت َ​َو ﱠك ِل‬ ‫ب لَ ُك ْم َوإِ ْن يَ ْخ ُذ ْل ُك ْم فَ َم ْن َذا الﱠ ِذي يَ ْن ُ‬ ‫ﷲُ فَ َال غَالِ َ‬ ‫ْال ُم ْؤ ِمنُونَ )‪{ (160‬‬ ‫ص ْبتُ ْم ِم ْثلَ ْيھَا قُ ْلتُ ْم أَنﱠى ھَ َذا قُلْ ھُ َو ِم ْن ِع ْن ِد أَ ْنفُ ِس ُك ْم إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ َعلَى ُكلﱢ‬ ‫صيبَةٌ قَ ْد أَ َ‬ ‫} أَ َولَ ﱠما أَ َ‬ ‫صابَ ْت ُك ْم ُم ِ‬ ‫ان فَبِإ ِ ْذ ِن ﱠ‬ ‫ﷲِ َولِيَ ْعلَ َم ْال ُم ْؤ ِمنِينَ )‪َ (166‬ولِيَ ْعلَ َم الﱠ ِذينَ‬ ‫َش ْي ٍء قَ ِدي ٌر )‪َ (165‬و َما أَ َ‬ ‫صابَ ُك ْم يَوْ َم ْالتَقَى ْال َج ْم َع ِ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ أَ ِو ا ْدفَعُوا قَالُوا لَوْ نَ ْعلَ ُم قِت ًَاال َالتﱠبَ ْعنَا ُك ْم ھُ ْم لِ ْل ُك ْف ِر يَوْ َمئِ ٍذ‬ ‫نَافَقُوا َوقِ َ‬ ‫يل لَھُ ْم تَ َعالَوْ ا قَاتِلُوا فِي َسبِ ِ‬ ‫ْس فِي قُلُوبِ ِھ ْم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ أَ ْعلَ ُم بِ َما يَ ْكتُ ُمونَ )‪ (167‬الﱠ ِذينَ قَالُوا‬ ‫ان يَقُولُونَ بِأ َ ْفوا ِھ ِھ ْم َما لَي َ‬ ‫إلي َم ِ‬ ‫أَ ْق َربُ ِم ْنھُ ْم لِ ْ ِ‬ ‫ِ ِإل ْخ َوانِ ِھ ْم َوقَ َع ُدوا لَوْ أَ َ‬ ‫صا ِدقِينَ )‪َ (168‬و َال‬ ‫طا ُعونَا َما قُتِلُوا قُلْ فَا ْد َر ُءوا ع َْن أَ ْنفُ ِس ُك ُم ْال َموْ تَ إِ ْن ُك ْنتُ ْم َ‬ ‫ﷲِ أَ ْم َواتًا بَلْ أَحْ يَا ٌء ِع ْن َد َربﱢ ِھ ْم يُرْ زَ قُونَ )‪ (169‬فَ ِر ِحينَ بِ َما آَتَاھُ ُم ﱠ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲُ‬ ‫تَحْ َسبَ ﱠن الﱠ ِذينَ قُتِلُوا فِي َسبِ ِ‬ ‫ِم ْن فَضْ لِ ِه َويَ ْستَب ِْشرُونَ بِالﱠ ِذينَ لَ ْم يَ ْل َحقُوا بِ ِھ ْم ِم ْن خَ ْلفِ ِھ ْم أَ ﱠال خَ وْ ٌ‬ ‫ف َعلَ ْي ِھ ْم َو َال ھُ ْم يَحْ زَ نُونَ )‪(170‬‬ ‫ﷲِ َوفَضْ ٍل َوأَ ﱠن ﱠ‬ ‫يَ ْستَب ِْشرُونَ بِنِ ْع َم ٍة ِمنَ ﱠ‬ ‫ضي ُع أَجْ َر ْال ُم ْؤ ِمنِينَ )‪ (171‬الﱠ ِذينَ ا ْست َ​َجابُوا ِ ﱠ"ِ‬ ‫ﷲَ َال يُ ِ‬ ‫ال لَھُ ُم‬ ‫َظي ٌم )‪ (172‬الﱠ ِذينَ قَ َ‬ ‫ُول ِم ْن بَ ْع ِد َما أَ َ‬ ‫صابَھُ ُم ْالقَرْ ُح لِلﱠ ِذينَ أَحْ َسنُوا ِم ْنھُ ْم َواتﱠقَوْ ا أَجْ ٌر ع ِ‬ ‫َوال ﱠرس ِ‬ ‫اخ َشوْ ھُ ْم فَزَ ا َدھُ ْم إِي َمانًا َوقَالُوا َح ْسبُنَا ﱠ‬ ‫اس قَ ْد َج َمعُوا لَ ُك ْم فَ ْ‬ ‫ﷲُ َونِ ْع َم ْال َو ِكي ُل )‪{ (173‬‬ ‫النﱠاسُ إِ ﱠن النﱠ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال ُك ْن ُ‬ ‫ال » يَا ُغالَ ُم إِنﱢى‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يَوْ ًما فَقَ َ‬ ‫س قَ َ‬ ‫ت خَ ْلفَ َرس ِ‬ ‫ع َِن اب ِْن َعبﱠا ٍ‬ ‫ﷲَ يَحْ فَ ْ‬ ‫ﷲَ ت َِج ْدهُ تُ َجاھَكَ إِ َذا َسأ َ ْلتَ فَاسْأ َ ِل ﱠ‬ ‫ظكَ احْ فَ ِظ ﱠ‬ ‫ت احْ فَ ِظ ﱠ‬ ‫ﷲَ َوإِ َذا ا ْستَ َع ْنتَ فَا ْستَ ِعنْ‬ ‫أُ َعلﱢ ُمكَ َكلِ َما ٍ‬ ‫ت َعلَى أَ ْن يَ ْنفَعُوكَ بِ َش ْى ٍء لَ ْم يَ ْنفَعُوكَ إِالﱠ بِ َش ْى ٍء قَ ْد َكتَبَهُ ﱠ‬ ‫بِ ﱠ‬ ‫ا"ِ َوا ْعلَ ْم أَ ﱠن األُ ﱠمةَ لَ ِو اجْ تَ َم َع ْ‬ ‫ﷲُ لَكَ َولَ ِو‬ ‫اجْ تَ َمعُوا َعلَى أَ ْن يَضُرﱡ وكَ بِ َش ْى ٍء لَ ْم يَضُرﱡ وكَ إِالﱠ بِ َش ْى ٍء قَ ْد َكتَبَهُ ﱠ‬ ‫ت‬ ‫ت األَ ْقالَ ُم َو َجفﱠ ِ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْيكَ ُرفِ َع ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫الصﱡ ح ُ‬ ‫ُف «‪.‬‬ ‫‪ 1‬قَا َل أَبُو ِعي َسى الترمذي ھَ َذا َح ِد ٌ‬ ‫ص ِحي ٌح‪.‬‬ ‫يث َح َسنٌ َ‬

‫‪41‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪" :‬المؤمن القوي‬ ‫خير‪ ،‬وأحب إلى ﷲ من المؤمن الضعيف‪ .‬وفي كلﱟ خير‪ .‬احرص على ما ينفعك‪ ،‬واستعن با"‬ ‫ْجز ‪ ..‬وإن أصابك شيء فال تقل‪ :‬لو أني فعلت كذا‪ ،‬كان كذا وكذا‪ ،‬ولكن قل‪ :‬ق ﱠدر ﷲ‪ ،‬وما‬ ‫وال تَع َ‬ ‫‪1‬‬ ‫َ‬ ‫شاء فعل‪ ،‬فإن لوْ تفتح عمل الشيطان"‬ ‫و أعلم رجال كان شريكا في مصنع فاحترق المصنع امامه ھو و شريكه فجن شريكه و مات‬ ‫بعد فتره و ما زاد صاحبنا اال ان قال ‪":‬أنا " و انا اليه راجعون" و بعد أن انتھى الحريق اخذ‬ ‫بحصر التلفيات و قام بأنشاء المصنع من جديد‬ ‫} َولَنَ ْبلُ َونﱠ ُك ْم بِ َش ْي ٍء ِمنَ ْالخَ وْ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ت َوبَ ﱢش ِر‬ ‫س َوالث َم َرا ِ‬ ‫ص ِمنَ األ ْم َو ِ‬ ‫ال َواألنف ِ‬ ‫ُوع َونَق ٍ‬ ‫ف َوالج ِ‬ ‫اجعُونَ )‪ (156‬أُولَئِكَ َعلَ ْي ِھ ْم‬ ‫الصﱠابِ ِرينَ )‪ (155‬الﱠ ِذينَ إِ َذا أَ َ‬ ‫صابَ ْتھُ ْم ُم ِ‬ ‫صيبَةٌ قَالُوا إِنﱠا ِ ﱠ"ِ َوإِنﱠا إِلَ ْي ِه َر ِ‬ ‫صلَ َو ٌ‬ ‫ات ِم ْن َربﱢ ِھ ْم َو َرحْ َمةٌ َوأُولَئِكَ ھُ ُم ْال ُم ْھتَ ُدونَ )‪{ (157‬البقرة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع تُفَيﱢئُھَا الرﱢ ي ُح َم ﱠرةً ‪،‬‬ ‫قَ َ‬ ‫ال النﱠبِ ﱢى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ » -‬مثَ ُل ال ُم ْؤ ِم ِن َكالخَ ا َم ِة ِمنَ ال ﱠزرْ ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫اح َدةً « ‪.‬‬ ‫ق َكاألَرْ زَ ِة الَ تَزَ ا ُل َحتﱠى يَ ُكونَ ا ْن ِج َعافُھَا َم ﱠرةً َو ِ‬ ‫َوتَ ْع ِدلُھَا َم ﱠرةً ‪َ ،‬و َمثَ ُل ْال ُمنَافِ ِ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » :-‬ع َجبا ألمر المؤمن ! ﱠ‬ ‫إن أ ْم َره ُكلﱠه له خير ‪ ،‬وليس‬ ‫قال‬ ‫َ‬ ‫صبَر ‪ ،‬فكان‬ ‫ذلك ألحد إال للمؤمن ‪ ،‬إن أصاب ْتهُ َسرﱠا ُء شكر ‪ ،‬فكان خيرا له ‪ ،‬وإن أصاب ْتهُ ضرﱠا ُء َ‬ ‫خيرا له «‪.3‬‬ ‫و في الحديث القدسي الذي اخرجه الطبراني"قال ربكم إذا قبضت كريمة عبدى وھو بھا‬ ‫ضنين فحمدنى على ذلك لم أرض له ثوابا دون الجنة"‬ ‫ال تبكى على مال قد ضاع منك او صفقه لم تحققھا و اسمع الى كالم رسول ﷲ }من أصبح‬ ‫‪4‬‬ ‫منكم آمنا فى سربه معافًى فى بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا {‬

‫طلُبُ ْال َع ْب َد َك َما يَ ْ‬ ‫ق لَيَ ْ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫طلُبُهُ أَ َجلُهُ‪" .‬‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم ‪ " :،‬إِ ﱠن الرﱢ ْز َ‬ ‫ال النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫قَ َ‬ ‫طلُبُ ْال َع ْب َد َك َما يَ ْ‬ ‫ق لَيَ ْ‬ ‫طلُبُهُ أَ َجلُهُ‪" .‬‬ ‫ال أَبِي الدﱠرْ دَا ِء ‪ " :‬إِ ﱠن الرﱢ ْز َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ال أَتُ َحاجﱡ ونﱢي فِي ﱠ‬ ‫َان َو َال‬ ‫و انظر الى سيدنا ابراھيم امام التھديدات } َو َحا ﱠجهُ قَوْ ُمهُ قَ َ‬ ‫ﷲِ َوقَ ْد ھَد ِ‬ ‫أَخَ ُ‬ ‫اف َما تُ ْش ِر ُكونَ بِ ِه إِ ﱠال أَ ْن يَ َشا َء َربﱢي َش ْيئًا َو ِس َع َربﱢي ُك ﱠل َش ْي ٍء ِع ْل ًما أَفَ َال تَتَ َذ ﱠكرُونَ )‪َ (80‬و َك ْيفَ‬ ‫اف َما أَ ْش َر ْكتُ ْم َو َال تَخَ افُونَ أَنﱠ ُك ْم أَ ْش َر ْكتُ ْم بِ ﱠ‬ ‫ا"ِ َما لَ ْم يُنَ ﱢزلْ بِ ِه َعلَ ْي ُك ْم س ُْل َ‬ ‫طانًا فَأ َيﱡ ْالفَ ِريقَي ِْن أَ َح ﱡ‬ ‫أَخَ ُ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫بِ ْاألَ ْم ِن إِ ْن ُك ْنتُ ْم تَ ْعلَ ُمونَ )‪ (81‬الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َولَ ْم يَ ْلبِسُوا إِي َمانَھُ ْم بِظُ ْل ٍم أولَئِكَ لَھُ ُم ْاألَ ْم ُن َوھُ ْم ُم ْھتَ ُدونَ‬ ‫ت َم ْن نَ َشا ُء إِ ﱠن َربﱠكَ َح ِكي ٌم َعلِي ٌم )‪{ (83‬‬ ‫)‪َ (82‬وتِ ْلكَ ُح ﱠجتُنَا آَتَ ْينَاھَا إِ ْب َرا ِھي َم َعلَى قَوْ ِم ِه نَرْ فَ ُع د َ​َر َجا ٍ‬ ‫إني رأيت وفي األيام تجربة للصبر تجربة محمودة األثر‬ ‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬صحيح البخاري‬ ‫‪ 3‬مسلم‬ ‫‪ 4‬البخارى فى األدب ‪ ،‬والترمذى ‪ -‬حسن غريب ‪ -‬وابن ماجه ‪ ،‬والطبرانى عن سلمة بن عبيد ﷲ بن محصن الخطمى عن أبيه‬

‫‪42‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وقل من جد في أمر يطالبه فاستصحب الصبر إال فاز بالظفر‬ ‫و أنظر الى ما معك و أحمد ﷲ فانت في نعم ال تؤدي شكرھا‬ ‫جاء ثالثة نفر إلى عبد ﷲ بن عمرو بن العاص ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا أبا محمد ‪ ،‬إنا وﷲ ما نقدر على‬ ‫شيء ال نفقة ‪ ،‬وال دابة ‪ ،‬وال متاع ‪ ،‬فقال لھم ‪ :‬ما شئتم إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر ﷲ‬ ‫لكم ‪ ،‬وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان ‪ ،‬وإن شئتم صبرتم ‪ ،‬فإني سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم يقول ‪ » :‬إن فقراء المھاجرين يسبقون األغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا « قالوا ‪ :‬إنا‬ ‫نصبر ال نسأل شيئا ‪ ،‬فقال رجل ‪ :‬يا أبا محمد ‪ ،‬أنا من فقراء المھاجرين قال ‪ :‬ألك مسكن وزوجة‬ ‫‪1‬‬ ‫؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬أنت من األغنياء ‪ ،‬قال ‪ :‬إن لي خادما ‪ ،‬قال ‪ :‬إذا أنت من الملوك‬ ‫و أنظر الى الشاعر الذي حل المشيب برأسه فرحب به ‪ ،‬و يقول لو أننى لم أحيه و عبست في‬ ‫وجھه تركني لعبست ‪ ،‬و لكن الشئ الكريه اذا حل و تسامحت عنه النفس ‪ ،‬كان أريح لھا و أذھب‬ ‫‪2‬‬ ‫للكره‬ ‫و لما رأيت الشيب الح بعارضي و مفرق رأسي قلت للشيب مرحبا‬ ‫و لو خفت أنى إن كففت تحيتي تنكب عني ‪ ،‬رمت أن يتنكبا‬ ‫و لكن إذا ما حل كره فسامحت به النفس يوما كان للكره أذھبا‬ ‫يقول الزاھد بن عمران‬ ‫ذھب الشباب بجھله و بعاره**و أتى المشيب بحلمه و وقاره‬ ‫بينما احد الشعراء اقام مندبه على المشيب‬ ‫بكيت على الشباب بدمع عيني‪ ......‬فلم يغن ِ البكـاء وال النحــيب‬ ‫فيــا أسـفا ً أسـفت عـلى شباب‪ ......‬نعاه الشيب والرأس الخضيب‬ ‫عريت على الشباب وكان غــضا ً‪ .......‬كمــا يعــرى الـورق القــضيب‬ ‫أيــا لــيت الشـباب يعود يومــا ً‪ .......‬ألخــبره بمـا فعــل المشــيب‬ ‫و كان ابن عون ال يغضب وإذا أغضبه الرجل قال‪ :‬بارك ﷲ فيك‪.‬‬ ‫ھناك من يصاب بمرض السكر فيحس بأن أجله قد اقترب ‪ ،‬و يكتب وصيته و ال تراه يفكر‬ ‫اال في من مات بمرض السكر و ھناك من يصاب بمرض السكر فيحمد ﷲ على نعمه الصحه و‬ ‫توفر العالج و يبدأ في تنظيم مأكله و مشربه و يبتعد عن االنفعاالت و يتعامل معه بكل يسر‬ ‫‪3‬‬

‫عن محمد بن مالك بن ضيغم قال حدثني موالنا ابو أيوب مولى بني ھاشم قال قال أبوك مالك‬ ‫يومآ ‪ :‬يا أبا ايوب أحذر نفسك على نفسك‬ ‫فأني رأيت ھموم المؤمن في الدنيا ال تنقضي ‪ ،‬وأيم ﷲ لئن لم تأت االخرة المؤمن بالسرور‬ ‫لقد اجتمع عليه األمران ھم الدنيا وشقاء اآلخرة‬

‫‪ . 1‬رواه مسلم في الصحيح ‪ ،‬عن أبي الطاھر ‪ ،‬عن ابن وھب‬ ‫‪ 2‬و الصحيح أن الشيب وقار للمؤمن و ھيبة‬ ‫‪ 3‬صفة الصفوه‬

‫‪43‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و ال تنشغل بمن ھاجمك فھو عذاب و حرمان بل سامح و اعفو } َو َال يَأْت َِل أُولُو ْالفَضْ ِل‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ َو ْليَ ْعفُوا َو ْليَصْ فَحُوا أَ َال‬ ‫اج ِرينَ فِي َسبِ ِ‬ ‫ِم ْن ُك ْم َوال ﱠس َع ِة أَ ْن ي ُْؤتُوا أُولِي ْالقُرْ بَى َو ْال َم َسا ِكينَ َو ْال ُمھَ ِ‬ ‫ﷲُ لَ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫تُ ِحبﱡونَ أَ ْن يَ ْغفِ َر ﱠ‬ ‫ﷲُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم )‪ {(22‬النور‬ ‫سئل بعض االنبياء ربه تعالى أن يكف عنه السنة الناس‪ ،‬فاوحى ﷲ إليه إن ھذه خصلة لم‬ ‫اجعلھا لنفسي‪ ،‬فكيف اجعلھا لك؟‬ ‫يقول ابن قيم الجوزية ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫جئت ابن تيمية يوما ً مبشرا بموت أكبر أعدائه ‪ ،‬وأشدھم عداوة وأذى له فنھرني وتنكر لي‬ ‫واسترجع ‪ .‬ثم قام من فوره إلى بيت أھله فعزاھم ‪ ،‬وقال ‪ :‬إني لكم مكانه ‪ ،‬وال يكون لكم أمر‬ ‫تحتاجون فيه إلى مساعدة إال وساعدتكم فيه ‪ ،‬ونحو ھذا من الكالم ‪ .‬فسروا به ودعوا له ‪.‬‬ ‫وعظموا ھذه الحال منه ‪ .‬فرحمه ﷲ ورضي عنه‪ 1.‬فوددت وﷲ أني ألصحابي مثله ‪-‬يعني أبن‬ ‫تيمية‪ -‬ألعدائه وخصومه‬ ‫و أن تعجب فتعجب من ھذا االعرابي عن ابن عباس ‪ ،‬أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫دخل على أعرابي يعوده )‪ ، (2‬فقال ‪ » :‬ال بأس عليك ‪ ،‬طھور إن شاء ﷲ « ‪ ،‬قال ‪ :‬قال‬ ‫‪3‬‬ ‫األعرابي ‪ :‬بل ھي حمى تفور ‪ ،‬على شيخ كبير ‪ ،‬كيما تزيره القبور ‪ ،‬قال ‪ » :‬فنعم إذا «‬ ‫"نشر ﷲ عبدين من عباده أكثر لھما المال والولد فقال ألحدھما‪ :‬أي فالن بن فالن؟ قال‪ :‬لبيك‬ ‫رب وسعديك‪ .‬قال‪ :‬ألم أكثر لك من المال والولد؟ قال‪ :‬بلى أي رب‪ .‬قال‪ :‬وكيف صنعت فيما‬ ‫آتيتك؟ قال‪ :‬تركته لولدي مخافة العيلة عليھم‪ .‬قال‪ :‬أما إنك لو تعلم العلم لضحكت قليالً ولبكيت‬ ‫كثيراً‪ .‬أما إن الذي تخوفت عليھم قد أنزلت بھم‪ .‬ويقول لآلخر‪ :‬أي فالن بن فالن؟ فيقول‪ :‬لبيك‬ ‫رب وسعديك‪ .‬قال له‪ :‬ألم أكثر لك من المال والولد؟ قال‪ :‬بلى أي رب‪ .‬قال‪ :‬فكيف صنعت فيما‬ ‫آتيتك؟ قال‪ :‬أنفقت في طاعتك ووثقت لولدي من بعدي بحسن طولك‪ .‬قال‪ :‬أما إنك لو تعلم العلم‬ ‫‪4‬‬ ‫لضحكت قليالً ولبكيت كثيراً أما إن الذي قد وثقت لھم به قد أنزلت بھم"‬ ‫لماذا تتوقع المصائب ؟؟‬ ‫كنت أعمل في شركة و أنھينا أرسال المطلوب و عند عودتي للمنزل أتصل بي المدير‬ ‫ليخبرني أن ھناك خطأ ما فتدارست األمر معه و أتفقنا أن خير حل أن نصل الى الشركة مبكرا‬ ‫لحلھا و كان أمامي طريقين ‪ :‬االول أن أفكر بالمشكلة و الأنام و أتعب أعصابي و أصاب بالسكر‬ ‫و الضغط و الثاني ‪ :‬أطرح المشكلة جانبا و أنام فليس ھناك حل في يدي و أخترت الطريق الثاني‬ ‫في اليوم التالي ذھبت للعمل نشيطا مبكراقبل وصول المسؤول عن فتح الباب و قابلت المدير‬ ‫و أكتشنا أن الخطأ ليس من طرفنا و ليس ھناك مشكلة و الحمد "‬ ‫و في شركة أخرى علمت بأستدعاء المدير لي و ھو ما يعني أن االمر ليس خاص بالعمل‬ ‫و أال أعطاني أياه المدير المباشر في طريقي وجدت الشيطان يقول لي ‪":‬الشركة ھتستغنى‬ ‫عنك " "فالن بلغ عنك " "المدير سيخبرك أنه مبسوط من العمل و ال يريد أن يراك ثانية "‬ ‫فأستعذت با" و قلت " و لماذا ال يكون المدير يريدني لمكافأتى ؟؟" "أو السؤال عني "‬ ‫ﷲُ يَ ِع ُد ُك ْم َم ْغفِ َرةً ِم ْنهُ َوفَضْ ًال َو ﱠ‬ ‫ان يَ ِع ُد ُك ُم ْالفَ ْق َر َويَأْ ُم ُر ُك ْم بِ ْالفَحْ َشا ِء َو ﱠ‬ ‫} ال ﱠش ْي َ‬ ‫ط ُ‬ ‫اس ٌع َعلِي ٌم‬ ‫ﷲُ َو ِ‬ ‫)‪{(268‬البقرة‬

‫‪ 1‬ابن القيم ‪ -‬مدارج السالكين ‪259/2‬‬ ‫‪ 2‬يزوره في المرض‬ ‫‪ 3‬االدب المفرد للبخاري ‪ ،‬فنعم إذا ‪ :‬ھو ما تقول‬ ‫‪ 4‬رواه الطبراني في الصغير واألوسط وفيه يوسف بن الس ْفر وھو ضعيف‪.‬دد‬

‫‪44‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فدخلت و أنا منشرح البال مطمئن و سبحان ﷲ كان المدير يريدنى ألمر خير ‪ ،‬حتى تمنيت‬ ‫‪1‬‬ ‫أن يطلبني يوميا‬ ‫و كان زميل لي في الشركة يتوقع المصائب و يحس تحت كل أبتسامة سخرية و كل سالم‬ ‫خيانة فال عجب أن توترت عالقتة بالشركة و أستغنت عنه ‪.‬‬ ‫االحصائيات تقول ان ‪ % 93‬من االحداث السيئة التى نتوقعھا لن تقع‬ ‫و سبعة في المئه او اقل ال يمكننا التحكم فيھا‬ ‫اجتذب سبع خصال يستريح جسمك وقلبك ويسلم عرضك ودينك ‪-:‬‬ ‫ال تحزن على ما فات ‪ ..‬وال تحمل ھما لم ينزل بك ‪ ..‬وال تلم الناس على ما فيك مثله ‪..‬‬ ‫وال تطلب الجزاء على ما لم تعمل ‪..‬وال تنظر بشھوة إلى ما لم تملك ‪..‬‬ ‫وال تغضب على من لم يضرك غضبه ‪..‬وال تمدح من لم يعلم من نفسه خالف ذلك ‪..‬‬ ‫أنفض عن نفسك اليأس و القنوط فالمؤمن ال يعرف اليأس و اليأس ال يعرف المؤمن }{‬ ‫وجد القنوط إلى الرجال سبيله وإليك لم يجد القنوط سبيال‬ ‫ولرب فرد في سمو فعاله وعلوه خلقا ً يعادل جيال‬ ‫و تذكر أنه ال يوجد فشل بل تجارب و خبرات وأن النجاح يأتى من التجارب و التجارب تأتى‬ ‫من الفشل‬ ‫الحلم ما ھو مستحيل ما دام تحقيقه مباح‬ ‫‪2‬‬ ‫والليل لو صار طويل اكيد من بعده صباح‬ ‫ال تيأسوا فليس اليأس من أخالق المسلمين‪ ...‬وحقائق اليوم أحالم األمس‬ ‫وأحالم اليوم حقائق الغد‪ ...‬وال زال في الوقت متسع‪ ...‬وال زالت عناصر السالمة قوية عظيمة‬ ‫في نفوس شعوبكم رغم طغيان مظاھر الفساد‪ ...‬والضعيف ال يظل ضعيفا طول حياته‪ ..‬والقوي‬ ‫ال تدوم قوته أبد اآلبدين‪ ) ...‬ونريد أن نمن‪ ...‬على الذين استضعفوا في األرض ونجعلھم أئمة‬ ‫ونجعلھم الوارثين(‬ ‫و نحن نسقط لننھض و نھزم لننتصر و ننام لنستيقظ كما تغرب الشمس لتشرق من جديد‬ ‫و ھذا اسامة بن زيد يرتكب أمرا عظيما في بدايته فال يركن الى اليأس ‪ ،‬بل نراه بعد سنوات‬ ‫يقود جيشا يجالد الروم‬ ‫قال أُ َسا َمةَ ْبنَ زَ ْي ٍد ‪ -‬رضى ﷲ عنھما ‪ -‬بَ َعثَنَا َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬إِلَى‬ ‫صبﱠحْ نَا ْالقَوْ َم فَھَزَ ْمنَاھُ ْم َولَ ِح ْق ُ‬ ‫ار َر ُجالً ِم ْنھُ ْم ‪ ،‬فَلَ ﱠما‬ ‫ت أَنَا َو َر ُج ٌل ِمنَ األَ ْن َ‬ ‫ْالح َُرقَ ِة ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ال الَ إِلَهَ إِالﱠ ﱠ‬ ‫ارىﱡ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ﷲُ ‪ .‬فَ َك ﱠ‬ ‫ط َع ْنتُهُ بِ ُر ْم ِحى َحتﱠى قَت َْلتُهُ ‪ ،‬فَلَ ﱠما قَ ِد ْمنَا بَلَ َغ‬ ‫ف األَ ْن َ‬ ‫غ َِشينَاهُ قَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ال الَ إِلَهَ إِالﱠ ﱠ‬ ‫ﷲُ « قُ ْل ُ‬ ‫ت َكانَ‬ ‫ال » يَا أُ َسا َمةُ أَقَت َْلتَهُ بَ ْع َد َما قَ َ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَقَ َ‬ ‫النﱠبِ ﱠ‬ ‫‪3‬‬ ‫ْت أَنﱢى لَ ْم أَ ُك ْن أَ ْسلَ ْم ُ‬ ‫ال يُ َكرﱢ ُرھَا َحتﱠى تَ َمنﱠي ُ‬ ‫ت قَب َْل َذلِكَ ْاليَوْ ِم ‪.‬‬ ‫ُمتَ َع ﱢو ًذا ‪ .‬فَ َما زَ َ‬ ‫فقلت إني أعطي ﷲ عھدا أال أقتل رجال يقول ال إله إال ﷲ أبدا فقال النبي صلى ﷲ عليه‬ ‫‪4‬‬ ‫وسلم بعدي يا أسامة قال بعدك‬

‫‪ 1‬و في اليوم التالي لكتابه ھذه السطور استدعاني رئيس القسم "أترك العمل الذي في يدك و تعال" فذھبت و أنا اطرد عني الشيطان و‬ ‫أستبشر فوجدته يشرح لي "غرفة المكنات" و ھى أمنية لي نلتھا بعلو سند و أقول فيھا "حدثني" فالحمد "‬ ‫‪ 2‬الحلم العربي‬ ‫‪ 3‬صحيح البخاري‬ ‫‪ 4‬سير اعالم النبالء‬

‫‪45‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول مالكوم اكس ‪":‬يجب ان نتعلم من االطفال عدم الخجل من الفشل ‪ ،‬و أن نقوم و نعيد‬ ‫الكره ‪ ،‬ان معظم الكبار يرزحون تحت الخوف و الحذر و يركنون الى االمان و لذلك تجدھم‬ ‫مجفلين و خائفين و لذلك يفشل اكثرھم "‬

‫الح ّ‬ ‫ق في َوجْ ه األقويَاء وأن ال أقول البَاطل أل ْكسبْ تَصْ فيق‬ ‫يارب َساع ْدني عَلى أن أقول َكلمة َ‬ ‫َ‬ ‫الناحية األخرْ ى ِمنَ الص َّورة َوال تترك ْني أتّ ِھم خصومي بِأنّھ ْم خَونة ألنھّم‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫أن‬ ‫و‬ ‫فاء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الض َع َ‬ ‫ْ‬ ‫قلي‬ ‫ياربْ إذا أعطيتني َماالً فال تأخذ َسعادتي وإذا أعَطيتني ق ّوة فال تأخذ ّع ْ‬ ‫اختلفوا َمعي في الرأي َ‬ ‫ياربْ‬ ‫نجاحا ً فال تأخذ تَواضعْي وإذا أعطيتني تواضعا ً فال تأخذ اعتزازي بِكرامتي َ‬ ‫وإذا أعَطيتني َ‬ ‫‪46‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اسبْ النَاسْ َوعَلّم ْني ْ‬ ‫أن أحبّ النَاسْ َكما أحبّ نَفسْي َوعَلّمني ْ‬ ‫عَل ّم ْني ْ‬ ‫أن‬ ‫أحا ِسب نَفسْي َكما َ‬ ‫أن َ‬ ‫أح ِ‬ ‫الت َسامح ھَو أ ْكبَر َمراتب الق ّوة َو ّ‬ ‫أصاب‬ ‫ياربْ ال تدعني َ‬ ‫أن حبّ االنتقام ھَو أولْ َمظا ِھر الض ْعفَ ‪َ .‬‬ ‫بِالغرور إذا ن َ​َجحْ ت َوال باليأس إذا ْفشلت بَل ذ ّكرني دائِما ً أن الفَ َشل ھَو الت َجارب التي ت ْسبِق‬ ‫ْ‬ ‫فاترك لي األمل َوإذا َجرّدتني ِمنَ النجﱠاح فاترك لي ق ّوة ال ِعنَاد‬ ‫ياربْ إذا َجرﱠدتني ِمن المال‬ ‫النّ َجاح‪َ .‬‬ ‫ياربْ إذا أ َسأت‬ ‫َحتّى أتغلب عَلى الفَشل َوإذا َجرّدتني َمن نعْمة الصﱠحة فاترك لي نعمة اإليمان‪َ .‬‬ ‫اربّ‬ ‫شجاعَة ال َع ْف َو وإذا نَسيتك يَ َ‬ ‫شجاعَة االعتذار وإذا أ َساء لي النﱠاس فا ْع ِط ْني َ‬ ‫إلى الناس فَا ْع ِطني َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫َفوك َوحْ لمك فأنت ال َعظيْم القَھّار القَا ِدرْ عَلى ك ّل شيء‪..‬‬ ‫أرجو أن ال تن َساني َم ْن ع ِ‬ ‫التخلص من القلق‬ ‫‪ .1‬اذكر ﷲ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫} الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َوتَط َمئِ ﱡن قلوبُھُ ْم بِ ِذك ِر ﷲِ أ َال بِ ِذك ِر ﷲِ تَط َمئِ ﱡن القلوبُ )‪{ (28‬‬ ‫إذا اُبتليت فثق با" وال تجزع‪ ..‬وإذا عوفيت فاشكر ﷲ وال تقطع‪ ..‬وإذا وقف بك أمر فال‬ ‫تيأس وال تطمع وفوض أمرك إلى ﷲ فنعم المرجع‪..‬وفي جوف الليل لربك اركع‪..‬ومن‬ ‫عظمته وخشيته ادمع‪ ..‬وعن طاعته ال ترجع واعلم أن أنين التائبين عند ربك عظيم‪..‬‬ ‫فإذا فعلت فقد فزت بخير الدارين أجمع‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ظ ﱡن ُك ُم الﱠ ِذي َ‬ ‫و ال تسئ الظن بربك } َو َذلِ ُك ْم َ‬ ‫اس ِرينَ {‬ ‫ظنَ ْنتُ ْم بِ َربﱢ ُك ْم أرْ دَا ُك ْم فَأصْ بَحْ تُ ْم ِمنَ الخَ ِ‬ ‫وإذا العناية الحظتك عيونھا‪...‬نم فالحوادث ُك ﱡل ﱠ‬ ‫ھن ُ‬ ‫آمان‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬من قرأ " قل ھو ﷲ أحد ‪ ،‬وقل أعوذ برب الفلق‬ ‫حين يصبح وحين يمسي كفاه ﷲ كل ما أھمه " ‪..‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬ ‫" من قال حين يصبح وحين يمسي حسبي ﷲ ال إله إال ھوعليه توكلت وھو رب العرش‬ ‫العظيم ‪ ،‬سبع مرات ؛كفاه ﷲ كل ما أھمه من أمر الدنيا واآلخرة " ‪.‬‬

‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬ ‫"من لزم االستغفار جعل ﷲ له من كل ضيق مخرجا ‪ ،‬ومن كل ھم فرجا ‪ ،‬ورزقه من‬ ‫حيث ال يحتسب‪" .‬‬ ‫سادسا ً ‪ :‬جع ُل الھموم ھما ً واحداً ‪:‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬ ‫"من جعل الھموم ھما ً واحداً ھم اآلخرة كفاه ﷲ ما أھمه ‪ ،‬ومن تشعبت به الھموم لم‬ ‫‪2‬‬ ‫يبال ﷲ به في أي أودية الدنيا ھلك‬ ‫‪".‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬ ‫‪ 1‬الدعاء المذكور ليس فيه ما يخالف الشرع حسب اطالعنا المفتي‪ :‬مركز الفتوى بإشراف د‪.‬عبدﷲ الفقيه‬ ‫‪ 2‬صححة االلباني‬

‫‪47‬‬


‫حياة العظماء‬

‫" من قال ‪ :‬اللھم إني عبدك وابن عبدك ابن أمتك ‪ ،‬ناصيتي بيدك ‪،‬‬ ‫ماض في حكمك ‪ ،‬عدل في قضاؤك ‪ ،‬أسألك بكل أسم ھو لك سميت به نفسك ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أو أنزلته في كتابك ‪ ،‬أو علمته أحداً من خلقك ‪ ،‬أو استأثرت به في علم الغيب عندك ؛‬ ‫أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ‪ ،‬وشفاء صدري ‪ ،‬وجالء ھمي وغمي ؛‬ ‫إال أبدله ﷲ مكان الھم فرجا ً [" ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ :‬أنتعلمھا ؟ ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫" ينبغي لكل من سمعھا أن يتعلمھا " ‪.‬‬ ‫و ادعو بدعاء كشف الكرب‬ ‫ال َكانَ النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬يَ ْد ُعو ِعن َدْ‬ ‫س ‪ -‬رضى ﷲ عنھما ‪ -‬قَ َ‬ ‫ع َِن اب ِْن َعبﱠا ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ض ‪َ ،‬ربﱡ‬ ‫ْالكَرْ ِ‬ ‫ب » الَ إِلَهَ إِال ﷲُ ال َع ِظي ُم ال َحلِي ُم ‪ ،‬الَ إِلهَ إِال ﷲُ َربﱡ ال ﱠس َم َوا ِ‬ ‫ت َواألرْ ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ش ْال َع ِظ ِيم «‬ ‫ْال َعرْ ِ‬ ‫يقول الفيلسوف االمريكي "و ھو استدالل لبيان ان الحضارة االمريكية انتبھت الھمية‬ ‫االيمان" ‪":‬ان اعظم عالج للقلق ھو االيمان "‬ ‫و يقول ھنري لنك في كتابة "العودة الى االيمان "‪ ":‬ان كل من يعتنق دينا او يتردد على‬ ‫دار عباده يتمتع بشخصية اقوى و افضل ممن ال دين له و ال يزاول عبادة"‬ ‫ألم تر أن ربك ليس تحصى×××× أياديه الحديثة والقديمه‬ ‫تسل عن الھموم فليس شيء ×× يقيم وما ھمومك بالمقيمه‬ ‫إذا أصابك ھ ّم ‪ ..‬ال تقل يارب لي ھ ّم كبير ‪ ..‬بل قل يا ھ ّم لي رب كبير‬ ‫قل لمن يحمل ھما ‪ ..‬إن ھمك ال يدوم مثلما تفنى السعادة‪ ..‬ھكذا تفنى الھموم‪.‬‬ ‫" لو كنت متوكالً عليه حق التوكل لما قلقت للمستقبل‪ ،‬ولو كنت واثقا ً من رحمته تمام‬ ‫الثقة لما يئست من الفرج‪ ،‬ولو كنت موقنا ً بحكمته كل اليقين لما عتبت عليه في قضائه‬ ‫وقدره‪ ،‬ولو كنت مطمئنا ً إلى عدالته بالغ االطمئنان لما شككت في نھاية الظالمين‪2 " .‬‬ ‫عن عبد ﷲ بن عباس قال‪ :‬كنت خلف رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوما قال يا غالم ‪،‬‬ ‫إني أعلمك كلمات ‪ :‬احفظ ﷲ يحفظك ‪ ،‬احفظ ﷲ تجده تجاھك ‪ ،‬إذا سألت فاسأل ﷲ ‪،‬‬ ‫وإذا استعنت فاستعن با" ‪ ،‬واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ‪ ،‬لم‬ ‫ينفعوك بشيء إال قد كتبه ﷲ لك‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إال‬ ‫بشيء قد كتبه ﷲ عليك ‪ ،‬رفعت األقالم وجفت الصحف‪.‬‬ ‫‪ .2‬كن مؤمنا بالقضاء و القدر‬ ‫فھو خير بلسم للمصائب و الكوارث و خير معين عليھما‬ ‫رُوي ﱠ‬ ‫أن سع َد بن أبي وقاص كان يدعو للناس لمعرفتھم له بإجابة دعوته ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬لو‬ ‫ي من بصري ‪.‬‬ ‫دعوتَ ﷲ لِبصرك ‪ ،‬وكان قد أض ﱠر ‪ ،‬فقال ‪ :‬قضا ُء ﷲ أحبﱡ إل ﱠ‬ ‫ف اس َم ﷲ األعظم ‪ ،‬فلو سألته ْ‬ ‫َعر ُ‬ ‫كشفَ‬ ‫أن يَ ِ‬ ‫وابتلي بعضُھم بالجُذام ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬بلغنا أنﱠك ت ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ما بك ؟ فقال ‪ :‬يا ابن أخي ‪ ،‬إنﱠه ھو الذي ابتالني ‪ ،‬وأنا أكره ْ‬ ‫أن أُرا ﱠده‬ ‫وكان عمران بن حصين مجاب الدعوة و روى ‪ :‬أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم‬ ‫نھى عن الكي ‪ -‬قال عمران ‪ :‬فاكتوبنا فما أفلحنا وال أنجحنا‬ ‫وكان في مرضه تسلم عليه المالئكة فاكتوى ففقد التسليم ثم عادت إليه وكان به استسقاء‬ ‫فطال به سنين كثيرة وھو صابر عليه وشق بطنه وأخذ منه شحم وثقب له سرير فبقي‬ ‫عليه ثالثين سنة ودخل عليه رجل فقال ‪ :‬يا أبا نجيد وﷲ إنه ليمنعني من عيادتك ما أرى‬ ‫بك !‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬علمتني الحياة‬ ‫‪ 3‬جامع العلوم و الحكم‬

‫‪48‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فقال ‪ :‬يا ابن أخي فال تجلس فوﷲ إن أحب ذلك إلي أحبه إلى ﷲ عز و جل‬

‫‪1‬‬

‫يقول االمام الشافعي المطلبي‪:‬‬ ‫توكلت في رزقي على ﷲ خالقي **** وأيقنت أن ﷲ ال شك رازقي‬ ‫وما يكون من رزقي فليس يفوتني **** ولو كان في قاع البحار العوامق‬ ‫سيأتي به ﷲ العظيم بفضله **** ولو لم يكن مني اللسان بناطق‬ ‫ففي أي شيء تذھب النفس حسرة **** وقد قسم الرحمن رزق الخالئق‬ ‫و أنت و أنا ال نعلم لعل فيما نكرة خيرا كثيرا و فيما نرجو شرا كثير } َو َع َسى أَ ْن‬ ‫تَ ْك َرھُوا َش ْيئًا َوھُ َو َخ ْي ٌر لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْن تُ ِحبﱡوا َش ْيئًا َوھُ َو َشرﱞ لَ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ يَ ْعلَ ُم َوأَ ْنتُ ْم َال تَ ْعلَ ُمونَ‬ ‫)‪{(216‬‬ ‫قال رجل ليوسف عليه السالم‪ :‬إني أحبك يا صفي ﷲ‪ ،‬فقال‪ :‬ھل أتيت إال من محبة الناس‬ ‫لي‪ :‬أحبني أبي فحسدني إخوتي حتى ألقوني في الجب‪ ،‬وأحبتني امرأة العزيز فلبثت‬ ‫بضع سنين في السجن‪،‬‬ ‫فكان الحب بالء علية و كان رمية في الجب ثم في السجن خير كثير‬ ‫‪ .3‬تذكر عاقبه الصابرين‬ ‫ان ﷲ معه} إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ َم َع الصﱠابِ ِرينَ )‪{ (153‬‬ ‫َ‬ ‫ب )‪{ (10‬‬ ‫و لھم عظيم االجر} إِنﱠ َما ي َُوفﱠى الصﱠابِرُونَ أجْ َرھُ ْم بِ َغي ِْر ِح َسا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ور )‪{(43‬‬ ‫و } َولَ َم ْن َ‬ ‫صبَ َر َو َغفَ َر إِ ﱠن َذلِكَ لَ ِم ْن ع َْز ِم ْاأل ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫صبَ َر أولُو ْال َع ْز ِم ِمنَ الرﱡ س ُِل{‬ ‫و أمر ﷲ نبيه بالصبر }فَاصْ بِرْ َك َما َ‬ ‫قال النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬يَ َو ﱡد أھل ال َعافِية يوم القيامة ‪ ،‬حين يُ ْع َ‬ ‫طى أھ ُل البالء‬ ‫‪2‬‬ ‫الثﱠواب ‪ ،‬لو أن جُلودَھم كانت قُ ِرضت في الدنيا بالمقاريض «‪.‬‬ ‫ال َع َ‬ ‫س أَالَ أُ ِريكَ ا ْم َرأَةً ِم ْن أَ ْھ ِل ْال َجنﱠ ِة قُ ْل ُ‬ ‫ال‬ ‫ت بَلَى ‪ .‬قَ َ‬ ‫اح قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ال لِى اب ُْن َعبﱠا ٍ‬ ‫طا ُء ب ُْن أَبِى َربَ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَقَالَ ْ‬ ‫ع ‪َ ،‬وإِنﱢى أَتَ َك ﱠش ُ‬ ‫ت إِنﱢى أصْ َر ُ‬ ‫ف‬ ‫ت النﱠبِ ﱠ‬ ‫ھَ ِذ ِه ْال َمرْ أَةُ السﱠوْ دَا ُء أَتَ ِ‬ ‫ت ﱠ‬ ‫ع ﱠ‬ ‫ت َدعَوْ ُ‬ ‫فَا ْد ُ‬ ‫ﷲَ أَ ْن يُ َعافِيَ ِك « ‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫ﷲَ لِى ‪ .‬قَ َ‬ ‫ت َولَ ِك ْال َجنﱠةُ َوإِ ْن ِش ْئ ِ‬ ‫صبَرْ ِ‬ ‫ال » إِ ْن ِش ْئ ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ع ﱠ‬ ‫ت أَصْ بِ ُر ‪ .‬فَقَالَ ْ‬ ‫فَقَالَ ْ‬ ‫ف فَا ْد ُ‬ ‫ت إِنﱢى أَتَ َك ﱠش ُ‬ ‫ﷲَ أَ ْن الَ أَتَ َك ﱠشفَ ‪ ،‬فَ َدعَا لَھَا‬ ‫صيبُ المسلم إال كفﱠر ﷲ عنه‬ ‫قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » : -‬ما ِم ْن ُمصيبة تُ ِ‬ ‫‪4‬‬ ‫بھا ‪ ،‬حتى ال ﱠشوك ِة يُشا ُكھا «‪.‬‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » :-‬إن العبد إذا َسبَقَ ْ‬ ‫ت له من ﷲ َم ْن ِزلة فلم يَ ْبلُ ْغھا‬ ‫و قال‬ ‫َ‬ ‫صبﱠرهُ على‬ ‫‪ ،‬ابتاله ﷲ تعالى في جسده ‪ ،‬أو في ماله ‪ ،‬أو في ولَ ِده ‪ -‬زاد في رواية ‪ :‬ثم َ‬ ‫‪5‬‬ ‫ذلك ‪ ،‬ثم اتفقا ‪ -‬حتى يُبَلﱢغَه المنزلةَ التي سبقت له من ﷲ عز وجل «‬ ‫ذھب بصفِيﱢه‬ ‫قال رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬إِ ﱠن ﷲَ ال يرضى لعبده المؤمن إِذا‬ ‫َ‬ ‫‪6‬‬ ‫ب ]وقال ما أُمر به[ ‪ :‬بثواب دونَ الجن ِة «‬ ‫من أھل األرض فصبر‪ ،‬واحتَ َس َ‬ ‫‪ 1‬اسد الغابه‬ ‫‪ 2‬أخرجه الترمذي‪.‬‬ ‫‪ 3‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 4‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 5‬ابو داود‬ ‫‪ 6‬النسائي‬

‫‪49‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال المرﱡ وذي ‪ :‬سمعت أبا عبدﷲ يقول ‪ " :‬ما أعدل بفضل الفقر شيئا‪ ،‬تدري اذا سألك‬ ‫أھلك حاجة ال تقدر عليھا أي شيء لك من األجر ؟ " ‪.‬‬ ‫و قال‪-‬صلى ﷲ عليه و آله و سلم‪» :-‬اذا جمع الخالئق يوم القيامة نادى مناد‪ :‬اين اھل‬ ‫الفضل؟ فيقوم ناس‪-‬و ھم يسير‪-‬فينطلقون سراعا الى الجنة‪ ،‬فتتلقاھم المالئكة فيقولون‪ :‬انا‬ ‫نراكم سراعا الى الجنة؟ فيقولون نحن اھل الفضل‪ .‬فيقولون‪ :‬ما كان فضلكم؟ فيقولون‪:‬‬ ‫كنا اذا ظلمنا صبرنا و اذا اسىء الينا عفونا‪ ،‬و اذا جھل علينا حلمنا‪ .‬فقال لھم‪ :‬ادخلوا‬ ‫الجنة فنعم اجر العاملين« ‪.‬‬ ‫عن زيد بن أسلم قال ‪ :‬مات لداود عليه السالم ولد ‪ ،‬فحزن عليه حزنا ً كثيراً ‪ ،‬فأوحى‬ ‫ﷲ إليه ‪ » :‬يا داود ‪ ،‬ما كان يعدل ھذا الولد عندك ؟ قال ‪ :‬يا رب ‪ ،‬كان يعدل ھذا عندي‬ ‫ً ‪1‬‬ ‫ملء األرض ذھبا ً ‪ ،‬قال ‪ :‬فلك عندي يوم القيامة ملء األرض ثوابا «‬ ‫وعن محمد بن خلف قال ‪ :‬كان إلبراھيم الحربي ابن له إحدى عشرة سنة قد‬ ‫حفظ القرآن ‪ ،‬ولقنه أبوه من الفقه والحديث شيئا ً كثيراً ‪ ،‬فمات فأتيته العزيه ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫كنت أشتھي موته ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬يا أبا إسحاق ‪ ،‬أنت عالم الدنيا ‪ ،‬تقول مثل ھذا في صبي قد‬ ‫أنجب ‪ ،‬وحفظ القرآن ‪ ،‬ولقنته الحديث والفقه ؟ ! قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬رأيت في النوم كأن القيامة‬ ‫قد قامت ‪ ،‬وكأن صبيانا ً بأيديھم القالل فيھا ماء ‪ ،‬يستقبلون الناس يسقونھم ‪ ،‬وكان اليوم‬ ‫يوم يوما ً حاراً شديد الحر‪ .‬فقلت ألحدھم ‪ :‬إسقني من ھذا الماء‪ .‬فنظر إلي ‪ ،‬وقال ‪ :‬لست‬ ‫أنت أبي ‪ ،‬قلت ‪ :‬فأي شيء أنتم ؟ قالوا ‪ :‬نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا ‪ ،‬وخلفنا‬ ‫آباءنا ‪ ،‬فنستقبلھم ونسقيھم ‪ ،‬فلھذا تمنيت موته‪.‬‬

‫‪ .4‬العبادات‬ ‫فقد ذكر ﷲ ان صفه الھلع متأصله في خلق االنسان ال يستثنى منھا اال من اتصف بصفات ‪:‬‬ ‫ق ھَلُوعًا )‪ (19‬إِ َذا َم ﱠسهُ ال ﱠشرﱡ َج ُزوعًا )‪َ (20‬وإِ َذا َم ﱠسهُ ْالخَ ْي ُر َمنُوعًا )‪ (21‬إِ ﱠال‬ ‫اإل ْن َسانَ ُخلِ َ‬ ‫} إِ ﱠن ْ ِ‬ ‫ص َالتِ ِھ ْم دَائِ ُمونَ )‪َ (23‬وال ﱠ ِذينَ فِي أَ ْم َوالِ ِھ ْم َح ﱞ‬ ‫ق َم ْعلُو ٌم )‪ (24‬لِلسﱠائِ ِل‬ ‫صلﱢينَ )‪ (22‬الﱠ ِذينَ ھُ ْم َعلَى َ‬ ‫ْال ُم َ‬ ‫ب َربﱢ ِھ ْم ُم ْشفِقُونَ )‪ (27‬إِ ﱠن‬ ‫ُوم )‪َ (25‬والﱠ ِذينَ يُ َ‬ ‫ﱢين )‪َ (26‬والﱠ ِذينَ ھُ ْم ِم ْن َع َذا ِ‬ ‫َو ْال َمحْ ر ِ‬ ‫ص ﱢدقُونَ بِيَوْ ِم الد ِ‬ ‫ْ‬ ‫اج ِھ ْم أَوْ َما َملَ َك ْ‬ ‫ت‬ ‫َع َذ َ‬ ‫ُوج ِھ ْم َحافِظُونَ )‪ (29‬إِ ﱠال َعلَى أَ ْز َو ِ‬ ‫ون )‪َ (28‬والﱠ ِذينَ ھُ ْم لِفُر ِ‬ ‫اب َربﱢ ِھ ْم َغ ْي ُر َمأ ُم ٍ‬ ‫أَ ْي َمانُھُ ْم فَإِنﱠھُ ْم َغ ْي ُر َملُو ِمينَ )‪ (30‬فَ َم ِن ا ْبتَغَى َو َرا َء َذلِكَ فَأُولَئِكَ ھُ ُم ْال َعا ُدونَ )‪َ (31‬والﱠ ِذينَ ھُ ْم‬ ‫ص َالتِ ِھ ْم‬ ‫ِألَ َمانَاتِ ِھ ْم َو َع ْھ ِد ِھ ْم َرا ُعونَ )‪َ (32‬والﱠ ِذينَ ھُ ْم بِ َشھَادَاتِ ِھ ْم قَائِ ُمونَ )‪َ (33‬والﱠ ِذينَ ھُ ْم َعلَى َ‬ ‫ت ُم ْك َر ُمونَ )‪{(35‬‬ ‫ي َُحافِظُونَ )‪ (34‬أُولَئِكَ فِي َجنﱠا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪ } :‬من عمل صالحا ً من ذكر أو أنثى وھو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة ولنجزينھم أجرھم‬ ‫بأحسن ما كانوا يعملون { النحل ‪. 97 /‬‬

‫‪ 1‬الدر المنثور‬

‫‪50‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .5‬أقرأ القرآن بتأمل‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫} بِ ْس ِم ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﱠح ِيم )‪َ (3‬مالِ ِك يَوْ ِم‬ ‫ﱠح ِيم )‪ (1‬ال َح ْم ُد ِ"ِ َربﱢ ال َعال ِمينَ )‪ (2‬الرﱠحْ َم ِن الر ِ‬ ‫ﷲِ الرﱠحْ َم ِن الر ِ‬ ‫ص َرا َ‬ ‫ين )‪ (5‬ا ْھ ِدنَا الصﱢ َرا َ‬ ‫ﱢين )‪ (4‬إِي ﱠاكَ نَ ْعبُ ُد َوإِيﱠاكَ نَ ْستَ ِع ُ‬ ‫ط الﱠ ِذينَ أَ ْن َع ْمتَ‬ ‫ط ْال ُم ْستَقِي َم )‪ِ (6‬‬ ‫الد ِ‬ ‫ْ‬ ‫ﱢ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب َعل ْي ِھ ْم َو َال الضﱠالينَ )‪{ (7‬‬ ‫َعلَ ْي ِھ ْم َغي ِْر ال َمغضُو ِ‬ ‫أستعذ اوال با" من الشيطان الرجيم و من استعاذ بالملك اعاذه‬ ‫بِس ِْم ﱠ‬ ‫ﱠح ِيم )‪(1‬‬ ‫ﷲِ الرﱠحْ َم ِن الر ِ‬ ‫رحمن و رحيم فلم القلق ؟‬ ‫ْال َح ْم ُد ِ ﱠ"ِ َربﱢ ْال َعالَ ِمينَ )‪ (2‬رب االنس و الجن فممن تخاف و قد استعذ بملك الملوك؟؟؟‬ ‫رب و انت عبد ‪ ،‬نعم عبد " و لفظ العبودية " لفظ جميل اما العبودية للبشر فمكروه‬ ‫النه عبودية ﷲ تعطينا الخير و عبوديتنا للبشر تسلب منا كل خير‬ ‫ﱠح ِيم )‪ (3‬كرر وصف الرحمه‬ ‫الرﱠحْ َم ِن الر ِ‬ ‫تأمل كم بين قوله تعالى‪} :‬لعلك باخع نفسك أال يكونوا مؤمنين{‬ ‫وقوله‪} :‬ورأيت الناس يدخلون في دين ﷲ أفواجا{؟‬ ‫إنھا سنوات قليلة ال تساوي شيئا في أعمار األجيال! ج‪.‬تدبر‬ ‫ض إِ ﱠال َعلَى ﱠ‬ ‫ﷲِ ِر ْزقُھَا َويَ ْعلَ ُم ُم ْستَقَ ﱠرھَا‬ ‫اذا تعسر بك الزرق فتأمل ‪َ ":‬و َما ِم ْن دَابﱠ ٍة فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫ين )‪"(6‬‬ ‫َو ُم ْستَوْ َد َعھَا ُكلﱞ فِي ِكتَا ٍ‬ ‫ب ُمبِ ٍ‬ ‫و اذا اصبت بمصيبة الموت ‪ ":‬لِ ُكلﱢ أُ ﱠم ٍة أَ َج ٌل إِ َذا َجا َء أَ َجلُھُ ْم فَ َال يَ ْستَأْ ِخرُونَ َسا َعةً َو َال‬ ‫يَ ْستَ ْق ِد ُمونَ )‪"(49‬‬ ‫و ان اصابك فقر فتأمل ‪َ ":‬ولَنَ ْبلُ َونﱠ ُك ْم بِ َش ْي ٍء ِمنَ ْالخَ وْ ِ ْ‬ ‫ال‬ ‫ص ِمنَ ْاألَ ْم َو ِ‬ ‫ُوع َونَ ْق ٍ‬ ‫ف َوالج ِ‬ ‫صيبَةٌ قَالُوا إِنﱠا ِ ﱠ"ِ َوإِنﱠا‬ ‫ت َوبَ ﱢش ِر الصﱠابِ ِرينَ )‪ (155‬الﱠ ِذينَ إِ َذا أَ َ‬ ‫صابَ ْتھُ ْم ُم ِ‬ ‫س َوالثﱠ َم َرا ِ‬ ‫َو ْاألَ ْنفُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫صلَ َو ٌ‬ ‫ات ِم ْن َربﱢ ِھ ْم َو َرحْ َمةٌ َوأولَئِكَ ھُ ُم ْال ُم ْھتَ ُدونَ‬ ‫اجعُونَ )‪ (156‬أولَئِكَ َعلَ ْي ِھ ْم َ‬ ‫إِلَ ْي ِه َر ِ‬ ‫)‪"(157‬‬ ‫َصبٌ َو َما ھُ ْم ِم ْنھَا بِ ُم ْخ َر ِجينَ )‪{(48‬‬ ‫اذا تعبت فتذكر الجنة } َال يَ َم ﱡسھُ ْم فِيھَا ن َ‬ ‫اذا تعبت من شدة الحر او البرد } ُمتﱠ ِكئِينَ فِيھَا َعلَى ْاألَ َرائِ ِك َال يَ َروْ نَ فِيھَا َش ْمسًا َو َال‬ ‫زَ ْمھَ ِريرًا )‪{ (13‬‬ ‫اذا جعت } إِ ﱠن لَكَ أَ ﱠال تَجُو َع فِيھَا َو َال تَع َْرى )‪{ (118‬‬ ‫اذا احاطت بك الفتن } َولَقَ ْد ھَ ﱠم ْ‬ ‫ت بِ ِه َوھَ ﱠم بِھَا لَوْ ال أَن رﱠأَى بُرْ ھَانَ َربﱢ ِه َك َذلِكَ لِنَصْ ِرفَ َع ْنهُ‬ ‫صينَ { كان نجاه سيدنا يوسف باالخالص‬ ‫السﱡو َء َو ْالفَحْ َشآ َء إِنﱠهُ ِم ْن ِعبَا ِدنَا ْال ُم ْخلَ ِ‬ ‫‪ .6‬ال تتوقع المصائب في المستقبل‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْب أَ ِم اتﱠخَ َذ ِعن َدْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بعض الناس يتوقع الرسوب في االمتحان و الفصل من العمل } أطل َع الغي َ‬ ‫الرﱠحْ َم ِن َع ْھدًا )‪{(78‬‬ ‫المستقبل بيد ﷲ فاعبده و توكل عليه و كن مطمئا الختيار ﷲ لك ‪ ،‬مصليا لصاله‬ ‫االستخارة في كل أمورك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱡ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ض َوإِل ْي ِه يُرْ َج ُع األ ْم ُر كلهُ فاعبُدهُ َوت َ​َوكلْ َعل ْي ِه َو َما َربﱡكَ‬ ‫اوا ِ‬ ‫} َو ِ ﱠ"ِ َغيْبُ ال ﱠس َم َ‬ ‫ت َواألرْ ِ‬ ‫بِغَافِ ٍل َع ﱠما تَ ْع َملُونَ )‪{ (123‬‬

‫‪51‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .7‬تأمل في نعم ﷲ التى حولك‬ ‫األعمى يتمنى أن يشاھد العالم واألصم يتمنى سماع األصوات والمقعد يتمنى المشي‬ ‫خطوات‬ ‫واألبكم يتمنى أن يقول كلمات وأنت تشاھد وتسمع وتمشى وتتكلم فھل حمدت رب‬ ‫األرض‬ ‫والسماوات؟ احمد ربك ‪ ،‬قل ) الحمد " ( على كل حال‪.‬‬ ‫احصي و اكتب النعم التى انعمھا ﷲ عليك‬

‫‪ .8‬الصالة و السالم على رسول ﷲ‬ ‫فعن محمد بن يحيى بن حبان عن أبيه عن جده رضي ﷲ عنه أن رجال قال يا رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه و سلم أجعل ثلث صالتي عليك )ثلث دعائي( قال نعم إن شئت‬ ‫قال الثلثين قال نعم إن شئت‬ ‫قال فصالتي كلھا قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم إذا يكفيك ﷲ ما أھمك من أمر‬ ‫‪1‬‬ ‫دنياك وآخرتك‬ ‫‪ .9‬صالة االستخارة فھي تشرح الصدر و من وكل الملك نال ما يتمنى‬ ‫‪ .10‬أنظر الى الجانب المشرق من المصيبة‬ ‫قد تستغرب العبارة السابقة لكنھا صحيحة‬ ‫و تأمل معي في كالم االمام بن تيمية‬ ‫"ما يفعل أعدائي بي ؟ ‪..‬‬ ‫أنا جنتي و بستاني في صدري ‪..‬‬ ‫أين ما رحت فھي معي ‪..‬‬ ‫أنا حبسي خلوة ‪..‬‬ ‫و نفيي سياحة ‪ )..‬يعني الترحيل عن البلد (‬ ‫و قتلي شھادة ‪..‬‬ ‫المأسور من أسره ھواه ‪..‬‬ ‫و المحبوس من حبس قلبه عن ربه ‪"..‬‬ ‫يرى في حبس السجن خلوه مع ربه و في غربته عن االوطان سياحة يدفع فيھا االف‬ ‫الجنيھات و فتله شھادة "اللھم ارزقنا الشھادة"‬ ‫و انك تجد في المرض رقة قلب و غفران الذنوب و خلوه بربك‬ ‫‪ 1‬رواه الطبراني بإسناد حسن‬

‫‪52‬‬


‫حياة العظماء‬

‫رمى يوسف في البئر و بيع بيع العبيد و ھو الحر و سليل االنبياء } َو َجا َء ْ‬ ‫ﱠارةٌ‬ ‫ت َسي َ‬ ‫ضا َعةً َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلِي ٌم بِ َما‬ ‫ال يَا بُ ْش َرى ھَ َذا ُغ َال ٌم َوأَ َسرﱡ وهُ بِ َ‬ ‫ار َدھُ ْم فَأ َ ْدلَى د َْل َوهُ قَ َ‬ ‫فَأَرْ َسلُوا َو ِ‬ ‫س د َ​َرا ِھ َم َم ْع ُدو َد ٍة َو َكانُوا فِي ِه ِمنَ ال ﱠزا ِھ ِدينَ )‪ {(20‬فكانت‬ ‫يَ ْع َملُونَ )‪َ (19‬و َش َروْ هُ بِثَ َم ٍن بَ ْخ ٍ‬ ‫النتيجة } َوقَ َ‬ ‫ال الﱠ ِذي ا ْشت َ​َراهُ ِم ْن ِمصْ َر ِال ْم َرأَتِ ِه أَ ْك ِر ِمي َم ْث َواهُ َع َسى أَ ْن يَ ْنفَ َعنَا أَوْ نَتﱠ ِخ َذهُ‬ ‫ث َو ﱠ‬ ‫ﷲُ غَالِبٌ َعلَى أَ ْم ِر ِه‬ ‫يل ْاألَ َحا ِدي ِ‬ ‫ض َولِنُ َعلﱢ َمهُ ِم ْن تَأْ ِو ِ‬ ‫َولَدًا َو َك َذلِكَ َم ﱠكنﱠا لِيُوسُفَ فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫اس َال يَ ْعلَ ُمونَ )‪َ (21‬ولَ ﱠما بَلَ َغ أَ ُش ﱠدهُ آَتَ ْينَاهُ ُح ْك ًما َو ِع ْل ًما َو َك َذلِكَ نَجْ ِزي‬ ‫َولَ ِك ﱠن أَ ْكثَ َر الن ﱠ ِ‬ ‫ْال ُمحْ ِسنِينَ )‪{ (22‬‬ ‫ال ْال َملِ ُ‬ ‫ك‬ ‫و راودته امرأه العزيز و دخل السجن و لبث فيه سنين فكانت النتيجة } َوقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ين أَ ِم ٌ‬ ‫ال إِنﱠكَ ْاليَوْ َم لَ َد ْينَا َم ِك ٌ‬ ‫ال اجْ َعلنِي‬ ‫ين )‪ (54‬قَ َ‬ ‫ا ْئتُونِي بِ ِه أَ ْست َْخلِصْ هُ لِنَ ْف ِسي فَلَ ﱠما َكلﱠ َمهُ قَ َ‬ ‫ض يَتَبَ ﱠوأُ ِم ْنھَا‬ ‫ض إِنﱢي َحفِيظٌ َعلِي ٌم )‪َ (55‬و َك َذلِكَ َم ﱠكنﱠا لِيُوسُفَ فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫َعلَى خَ زَ ائِ ِن ْاألَرْ ِ‬ ‫َحي ُ‬ ‫ضي ُع أَجْ َر ْال ُمحْ ِسنِينَ )‪َ (56‬و َألَجْ ُر ْاآلَ ِخ َر ِة خَ ْي ٌر‬ ‫صيبُ بِ َرحْ َمتِنَا َم ْن نَ َشا ُء َو َال نُ ِ‬ ‫ْث يَ َشا ُء نُ ِ‬ ‫لِلﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َو َكانُوا يَتﱠقُونَ )‪{ (57‬‬ ‫و لتعلم ان االزمة العالمية استفدت منھا بأننى قرأت بھا عشرات الكتب و الفت فيھا ما‬ ‫يقارب عشرة كتب "منھا ھذا الكتاب" و حضرت بعض الدورات العلمية و الحمد "‬ ‫اوال و اخيرا‬ ‫و لربما كان في الغمة الخير و في انكشاف الغمة شر لك " ولو رحمناھم وكشفنا ما بھم‬ ‫من ضر للجوا في طغيانھم يعمھون) ‪ " ( 75‬فانت ال تعرف اين يوجد الخير ‪.‬‬

‫‪ .11‬إياك والذنوب ‪..‬فإنھا مصدر الھموم واألحزان ‪ ..‬وھي سبب النكبات وباب المصائب‬ ‫واألزمات‪.‬‬ ‫‪ .12‬ال تقف كثيرا عند أخطاء ماضيك ‪ ..‬ألنھا ستحيل حاضرك جحيما ‪..‬ومستقبلك‬ ‫حُطاما يكفيك منھا وقفة اعتبار ‪ ..‬تعطيك دفعة جديدة في طريق الحق والصواب‪..‬‬ ‫‪ .13‬المشي و خاصة بالحدائق الخضراء و التفكير في حل المشكلة ال المشكلة نفسھا‬ ‫و اعلم ان كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر ‪ ...‬إال المصيبة تبدأ كبيره ثم تصغر ‪.‬‬ ‫‪ .14‬تناول الماء‬ ‫‪ .15‬توقف عن التفكير فيما يسبب لك القلق‬ ‫فحتى متى ال تصحو وقد قرب المدى ‪ ...‬وحتى متى ال ينجاب عن قلبك السكر‬ ‫‪1‬‬ ‫بل سوف تصحو حين ينكشف الغطا ‪ ...‬وتذكر قولــي حــيــن ال ينفع الذكر‬

‫‪ 1‬المدھش‬

‫‪53‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪54‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال تغضب‬ ‫ان السيطرة ضارة اال سيطرتك على نفسك‬ ‫ال‬ ‫صنِى ‪ .‬قَ َ‬ ‫ع َْن أَبِى ھُ َري َْرةَ ‪ -‬رضى ﷲ عنه ‪ -‬أَ ﱠن َر ُجالً قَ َ‬ ‫ال لِلنﱠبِ ﱢى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬أَوْ ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ضبْ « ‪.‬‬ ‫ال » الَ تَ ْغ َ‬ ‫ضبْ « ‪ .‬فَ َر ﱠد َد ِم َرا ًرا ‪ ،‬قَ َ‬ ‫» الَ تَ ْغ َ‬ ‫ات َو ْاألَرْ ضُ أُ ِع ﱠد ْ‬ ‫ضھَا ال ﱠس َم َو ُ‬ ‫ت لِ ْل ُمتﱠقِينَ )‪(133‬‬ ‫ار ُعوا إِلَى َم ْغفِ َر ٍة ِم ْن َربﱢ ُك ْم َو َجنﱠ ٍة َعرْ ُ‬ ‫} َو َس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫الﱠ ِذينَ يُ ْنفِقُونَ فِي ال ﱠسرﱠا ِء َوال ﱠ‬ ‫اس َوﷲُ ي ُِحبﱡ ال ُمحْ ِسنِينَ‬ ‫ضرﱠا ِء َوال َك ِ‬ ‫اظ ِمينَ ال َغ ْيظ َوال َعافِينَ ع َِن الن ِ‬ ‫)‪ {(134‬ال عمران‬ ‫َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْس ال ﱠش ِدي ُد بِالصﱡ َر َع ِة «‪ .‬قَالوا فَال ﱠش ِدي ُد أ ﱡي َم ھُ َو يَا‬ ‫قال َرس َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬لَي َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ال » ال ِذى يَ ْملِ ُ‬ ‫ب «‪.‬‬ ‫ك نَف َسهُ ِع ْن َد الغ َ‬ ‫ﷲِ قَ َ‬ ‫َرس َ‬ ‫َض ِ‬ ‫وعن عبادة قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫"أال أنبئكم بما يشرف ﷲ تعالى به البنيان ويرفع به الدرجات؟"‪ .‬قالوا‪ :‬بلى يا رسول ﷲ‪.‬‬ ‫قال‪" :‬أن تحلم على من جھل عليك‪ ،‬وأن تصل من قطعك‪ ،‬وتعطي من حرمك‪ ،‬وتعفو عن من‬ ‫‪3‬‬ ‫ظلمك"‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫س ‪َ ،‬و َكانَ ِمنَ النﱠفَ ِر ال ِذينَ‬ ‫قَ ِد َم ُعيَ ْينَةُ ب ُْن ِحصْ ِن ب ِْن ُح َذ ْيفَةَ فَنَزَ َل َعلَى اب ِْن أ ِخي ِه الحُرﱢ ب ِْن قَ ْي ٍ‬ ‫َ‬ ‫ال ُعيَ ْينَةُ‬ ‫س ُع َم َر َو ُم َشا َو َرتِ ِه ُكھُوالً َكانُوا أوْ ُشب ﱠانًا ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫يُ ْدنِي ِھ ْم ُع َم ُر ‪َ ،‬و َكانَ ْالقُرﱠا ُء أَصْ َح َ‬ ‫اب َم َجالِ ِ‬ ‫ال‬ ‫ال َسأ َ ْستَأْ ِذ ُن لَكَ َعلَ ْي ِه ‪ .‬قَ َ‬ ‫ير فَا ْستَأْ ِذ ْن لِى َعلَ ْي ِه ‪ .‬قَ َ‬ ‫ِالب ِْن أَ ِخي ِه يَا ا ْبنَ أَ ِخى ‪ ،‬لَكَ َوجْ هٌ ِع ْن َد ھَ َذا األَ ِم ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فَ َو ﱠ‬ ‫ﷲِ َما‬ ‫س فَا ْستَأْ َذنَ ْالحُرﱡ لِ ُعيَ ْينَةَ فَأ َ ِذنَ لَهُ ُع َم ُر ‪ ،‬فَلَ ﱠما َدخَ َل َعلَ ْي ِه قَ َ‬ ‫ال ِھ ْى يَا ا ْبنَ ْالخَ طﱠا ِ‬ ‫اب ُْن َعبﱠا ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ير ال ُم ْؤ ِمنِينَ‬ ‫ال لَهُ الحُرﱡ يَا أ ِم َ‬ ‫ب ُع َم ُر َحتﱠى ھَ ﱠم بِ ِه ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫َض َ‬ ‫ْطينَا ْال َج ْز َل ‪َ ،‬والَ تَحْ ُك ُم بَ ْينَنَا بِال َع ْد ِل ‪ .‬فَغ ِ‬ ‫تُع ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ف َوأ ْع ِرضْ ع َِن ال َجا ِھلِينَ (‬ ‫ﷲَ تَ َعالَى قَ َ‬ ‫ال لِنَبِيﱢ ِه ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ُ ) -‬خ ِذ ال َع ْف َو َوأ ُمرْ بِالعُرْ ِ‬ ‫ﱠ ‪4‬‬ ‫َوإِ ﱠن ھَ َذا ِمنَ ْال َجا ِھلِينَ ‪َ .‬و ﱠ‬ ‫ب ﷲِ ‪.‬‬ ‫او َزھَا ُع َم ُر ِحينَ تَالَھَا َعلَ ْي ِه ‪َ ،‬و َكانَ َوقﱠافًا ِع ْن َد ِكتَا ِ‬ ‫ﷲِ َما َج َ‬ ‫وقال األحنف بن قيس البنه‪ :‬يا بني‪ ،‬إذا أردت أن تواخي رجالً‪ ،‬فأغضبه‪ ،‬فإن أنصفك‬ ‫وإال فاحذره‬ ‫• يقول السباعي ـ رحمه ﷲ ـ‪ :‬احذر ضحك الشيطان منك في ست ساعات؛ ساعة‬ ‫الغضب‪ ،‬والمفاخرة‪ ،‬والمجادلة‪ ،‬وھجمة الزھد المفاجئة‪ ،‬والحماس وأنت تخطب في‬ ‫الجماھير‪ ،‬والبكاء وأنت تعظ الناس‪.‬‬

‫العالج‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 3‬رواه الطبراني‪ ،‬وفيه أبو أمية بن يعلى وھو ضعيف‪.‬‬ ‫‪ 4‬البخاري‬

‫‪55‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• اكسر دائرة الغضب‬ ‫)المؤثر او الشخص الذي اغضبك – زيادة دقات القلب – توقف التفكير و تحكم الغضب(‬ ‫و يكون كسر دائرة الغضب باالستعاذة او الوضوه او الصمت او ذكر ﷲ و قراءه القرأن‬ ‫او تدبر عاقبة الغضب‬ ‫و يحذر من اتخاذ اي اجراء في حاله الغضب و في بعض المؤسسات يتم معاقبة من‬ ‫‪1‬‬ ‫يتقدم بشكوى قبل مرور ‪ 24‬ساعة‬ ‫• االستعاذة‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪،-‬‬ ‫قال معاذ بن جبل ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » :: -‬ا ْستَبﱠ رجالن عند‬ ‫ﱢ‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬إِني ألعل ُم كلمة لو‬ ‫حتى ُع ِرفَ الغضب في وجه أحدھما ‪ ،‬فقال‬ ‫ﱡ‬ ‫‪2‬‬ ‫الشيطان الرجيم «‪.‬‬ ‫َضبُه ‪ :‬أعو ُذ با"ِ من‬ ‫قالھا لذھب غ َ‬ ‫ِ‬ ‫• الوضوء‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ‪ -‬إِذ َدخَ َل َعل ْي ِه‬ ‫ال كنا ُجلوسا ِعن َد عُرْ َوةَ ب ِْن ُم َح ﱠم ٍد ‪ -‬ق َ‬ ‫صن َعانِ ﱞى ُم َرا ِدىﱞ ‪ -‬ق َ‬ ‫ال أَبُو َوائِ ٍل ‪َ -‬‬ ‫قَ َ‬ ‫ال َح ﱠدثَنِى أَبِى ع َْن‬ ‫ب قَا َم ثُ ﱠم عَا َد إِلَ ْينَا َوقَ ْد ت َ​َوضﱠأ َ فَقَ َ‬ ‫َض َ‬ ‫ضبَهُ ‪ -‬قَ َ‬ ‫َر ُج ٌل فَ َكلﱠ َمهُ بِ َكالَ ٍم أَ ْغ َ‬ ‫ال ‪ -‬فَلَ ﱠما أَ ْن غ ِ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫َطيﱠةَ ‪َ -‬وقَ ْد َكان ْ‬ ‫ب ِمنَ‬ ‫َض َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬إِ ﱠن ْالغ َ‬ ‫ال قَ َ‬ ‫َت لَهُ صُحْ بَةٌ ‪ -‬قَ َ‬ ‫َجدﱢى ع ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ال ﱠش ْي َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب أ َح ُدك ْم فَليَتَ َوضﱠأ «‪.‬‬ ‫ان َوإِ ﱠن الش ْيطانَ خلِ َ‬ ‫َض َ‬ ‫ار َوإِن َما تطفَأ النا ُر بِال َما ِء فَإِذا غ ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫ق ِمنَ الن ِ‬ ‫• السكوت‬ ‫َ‬ ‫ال » َعلﱢ ُموا َويَ ﱢسرُوا َوالَ تُ َع ﱢسرُوا َوإِ َذا‬ ‫س ع َِن النﱠبِ ﱢى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أنﱠهُ قَ َ‬ ‫ع َِن اب ِْن َعبﱠا ٍ‬ ‫ب أَ َح ُد ُك ْم فَ ْليَ ْس ُك ْ‬ ‫ت «‪.‬‬ ‫َض َ‬ ‫غ ِ‬ ‫• الجلوس‬ ‫و قال الرسول ‪":‬أَال وإن الغضب َج ْم َرة في قلب ابن آدم‪ .‬أما رأيتم إِلى ُح ْم َرة عينيه ‪،‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ص ْق باألرض‪".‬‬ ‫وانتفاخ أوداجه؟ فمن أحسّ بشيء من ذلك فَ ْليَ ْل َ‬ ‫• تدبر عاقبة كظم الغيظ‬ ‫ﱢ‬ ‫رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » :-‬من كظم غيظا ‪ -‬وھو يستطيع أن يُنفذه ‪ -‬دعاه ﷲ‬ ‫قال‬ ‫َ‬ ‫‪5‬‬ ‫يوم القيامة على رؤوس الخالئق‪ ،‬حتى يخي َﱢره من أي الحُور شاء «‪.‬‬

‫‪ 1‬في بالدنا اذا مر ساعة فقد ضاع حقك‬ ‫‪ 2‬الترمذي‬ ‫‪ 3‬احمد‬ ‫‪ 4‬الترمذي و احمد‬ ‫‪ 5‬الترمذي‬

‫‪56‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الحلم‬ ‫ال ْال َم َألُ الﱠ ِذينَ َكفَرُوا ِم ْن قَوْ ِم ِه إِنﱠا لَن َ​َراكَ فِي َسفَاھَ ٍة َوإِنﱠا‬ ‫أنظر الى حلم سيدنا ھود } قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ْس بِي َسفَاھَة َول ِكني َرسُو ٌل ِم ْن َربﱢ ال َعال ِمينَ )‪(67‬‬ ‫ال يَا قَوْ ِم لي َ‬ ‫لَنَظُ ﱡنكَ ِمنَ ْال َكا ِذبِينَ )‪ (66‬قَ َ‬ ‫{االعراف‬ ‫أنظر اليه كيف لم يواجه كالمھم بمثله و ترفع عن تبادل االتھامات و ھذا شأن االكابر‬ ‫ظيم ال َعظائِ ُم‬ ‫ير صغارُھا‬ ‫َوتَصْ ُغ ُر في عَين ال َع ِ‬ ‫َوتَ ْعظُ ُم في ع ِ‬ ‫َين الصّغ ِ‬ ‫وقال رجل من كلب للحكم بن عوانة‪ :‬إنما أنت عبد فقال‪ :‬وﷲ ألعطينك عطية ما تعطيھا‬ ‫العبيد! فأعطاه مائة رأس من السبي‪.‬‬ ‫ومن أمثال العرب‪ :‬احلم تسد‪.‬‬ ‫ويروى أن ھشاما ً غضب على رجل من أشراف الناس‪ ،‬فشتمه فوبخه الرجل وقال له‪:‬‬ ‫أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة ﷲ في أرضه؟ فأطرق ھشام واستحى وقال له‪ :‬اقتص!‬ ‫فقال‪ :‬أنا إذاً سفيه مثلك! قال‪ :‬فخذ عن ذلك عوضا ً من المال‪ .‬قال‪ :‬ما كنت ألفعل! قال‪ :‬فھبھا‬ ‫"‪ .‬قال‪ :‬ھي " ثم لك! فنكس ھشام رأسه وقال‪ :‬وﷲ ال أعود لمثلھا‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫لن يبلغ المجد أقوام وإن شرفوا حتى يذلوا وإن عزوا ألقوام‬ ‫‪1‬‬ ‫ويشتموا فترى األلوان مسفرة ال صفح ذل ولكن صفح إكرام‬ ‫و استطال رجل على علي بن الحسين فتغافل عنه‪ ،‬فقال له الرجل‪ :‬إياك أعني‪ ،‬فقال له‬ ‫علي بن الحسين رضي ﷲ عنه‪ :‬وعنك أغضي‪.‬‬ ‫‪ .‬وكان مسلم بن نوفل سيد بني كنانة قد ضربه رجل من قومه بسيفه فأخذ فأتى به إليه‬ ‫فقال له‪ :‬ما الذي فعلت أما خشيت انتقامي؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فلم؟ قال‪ :‬ما سودناك إال أن تكظم‬ ‫الغيظ وتعفو عن الجاني‪ ،‬وتحلم على الجاھل وتحتمل المكروه في النفس والمال‪ ،‬فخلى سبيله‪.‬‬ ‫تزيد سفاھه فأزيد حلما‬

‫كعودا زاده االحراق طيبا‬

‫وقال رجل لعمرو بن العاص رضي ﷲ عنه‪ :‬وﷲ ألتفرغن لك! فقال له‪ :‬اآلن وقعت في‬ ‫‪2‬‬ ‫الشغل‬ ‫من لي بأنسان كلما أغضبته و جھلت كان الحلم رد جوابه‬ ‫و تراه يصغي للحديث بقلبه و بــسمـعه و لعــلـه أدرى به‬ ‫ومر المسيح عليه السالم ‪ 3‬على قوم من اليھود فقالوا شراً فقال لھم خيراً‪ ،‬فقيل له‪ :‬إنھم‬ ‫يقولون شراً وأنت تقول لھم خيراً! فقال‪ :‬كل ينفق مما عنده‪.‬‬ ‫‪ 1‬سراج الملوك‬ ‫‪ 2‬سراج الملوك‬ ‫‪3‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب َال تَ ْغلُوا ِفي ِدينِ ُك ْم َو َال تَقُولُوا َعلَى ﷲِ إِ ﱠال ال َح ﱠ‬ ‫ق إِنﱠ َما ال َم ِسي ُح ِعي َسى ابْنُ َمرْ يَ َم َرسُو ُل ﷲِ َو َك ِل َمتُهُ ألقَاھَا إِلَى‬ ‫و ھو مسلم } يَا أ ْھ َل ال ِكتَا ِ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت َو َما فِي‬ ‫َمرْ يَ َم َورُو ٌح ِم ْنهُ فَآ ِمنُوا بِا"ِ َو ُر ُس ِل ِه َو َال َتقولوا ثَ َالثَة ا ْنتَھُوا َخ ْيرًا لَ ُك ْم إِنﱠ َما ﷲُ إِلَهٌ َوا ِح ٌد ُس ْب َحانَهُ أ ْن يَ ُكونَ لَهُ َولَ ٌد لَهُ َما فِي ال ﱠس َما َوا ِ‬ ‫ض َو َكفَى بِ ﱠ‬ ‫ا"ِ َو ِك ً‬ ‫يال )‪ (171‬لَ ْن يَ ْستَ ْن ِكفَ ْال َم ِسي ُح أَ ْن يَ ُكونَ َع ْبدًا ِ ﱠ"ِ َو َال ْال َم َال ِئ َكةُ ْال ُمقَ ﱠربُونَ َو َم ْن يَ ْستَ ْن ِك ْ‬ ‫ف ع َْن ِعبَا َد ِت ِه َويَ ْستَ ْكبِرْ‬ ‫ْاألَرْ ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ْنُ‬ ‫صدقا لِ َما َبيْنَ يَ َد ﱠ‬ ‫ي ِمنَ التوْ َرا ِة‬ ‫فَ َسيَحْ ُش ُرھُ ْم إِل ْي ِه َج ِميعًا )‪{ (172‬النساء } َوإِذ قا َل ِعي َسى اب َمرْ يَ َم يَا بَنِي إِ ْس َرائِي َل إِني َرسُو ُل ﷲِ إِل ْيك ْم ُم َ‬ ‫ت قَالُوا ھَ َذا ِسحْ ٌر ُمبِينٌ )‪َ (6‬و َم ْن أَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب َوھُ َو‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫ﷲ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ظلَ ُم ِم ﱠم ِن ا ْف َ َ‬ ‫ِ ِ َ‬ ‫َو ُمبَ ﱢشرًا بِ َرسُو ٍل يَأْتِي ِم ْن بَ ْع ِدي ا ْس ُمهُ أَحْ َم ُد فَلَ ﱠما َجا َءھُ ْم بِ ْال َبيﱢنَا ِ‬ ‫اإلس َْال ِم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َال يَ ْھ ِدي ْالقَوْ َم الظﱠالِ ِمينَ )‪{ (7‬الصف‬ ‫يُ ْدعَى إِلَى ْ ِ‬

‫‪57‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وقال أكثم بن صيفي‪ :‬من حلم ساد ومن تفھم ازداد‪ ،‬وكفر النعمة لؤم وصحبة الجاھل‬ ‫شؤم‪ ،‬ولقاء اإلخوان غنم والمباشرة يمن‪ ،‬ومن الفساد إضاعة الزاد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وسب رجل الشعبي بقبائح نسبھا إليه‪ ،‬فقال الشعبي‪ :‬إن كنت كاذبا فغفر ﷲ لك‪ ،‬وإن كنت‬ ‫صادقا ً فغفر ﷲ لي! وقال رجل ألبي بكر الصديق رضي ﷲ عنه‪ :‬ألسبنك سبا ً يدخل معك في‬ ‫قبرك! فقال أبو بكر‪ :‬معك يدخل ال معي! وقال رجل لألحنف بن قيس‪ :‬إن قلت لي كلمة‬ ‫لتسمعن عشرة! فقال له األحنف‪ :‬لكنك لو قلت لي عشراً لم تسمع مني واحدة‪ .‬وروي أن‬ ‫رجالً سب األحنف وھو يماشيه في الطريق‪ ،‬فلما قرب من المنزل وقف األحنف وقال‪ :‬يا ھذا‬ ‫إن كان بقي معك شيء فقله ھھنا‪ ،‬فإني أخاف أن يسمعك فتيان الحي فيؤذوك‪ .‬وسب رجل‬ ‫‪1‬‬ ‫بعض الحكماء‪ ،‬فقال له الحكيم‪ :‬لست أدخل في حرب الغالب فيه شر من المغلوب‪.‬‬ ‫وقيل لألحنف بن قيس‪ :‬ممن تعلمت الحلم؟ قال‪ :‬من قيس بن عاصم‪ ،‬قيل‪ :‬فما بلغ من‬ ‫حلمه؟ قال‪ :‬بينما ھو جالس في داره إذ أتته خادمة له بسفود عليه شواء فسقط السفود من يدھا‬ ‫على ابن فعقره فمات‪ ،‬فدھشت الجارية‪ ،‬فقال‪ :‬ليس يسكن روع ھذه الجارية إال العتق فقال‬ ‫لھا‪ :‬أنت حرة ال بأس عليك‪ .‬وكان عون بن عبد ﷲ إذا عصاه غالمه قال‪ :‬ما أشبھك‬ ‫بموالك؟موالك يعصي مواله وأنت تعصي موالك‪ ،‬فأغضبه يوما ً فقال‪ :‬إنما تريد أن أضربك‬ ‫اذھب فأنت حر‪ .‬وكان عند ميمون بن مھران ضيف فاستعجل على جاريته بالعشاء فجاءت‬ ‫مسرعة ومعھا قصعة مملوءة‪ ،‬فعثرت وأراقتھا على رأس سيدھا ميمون؛ فقال‪ :‬يا جارية‬ ‫أحرقتني‪ ،‬قالت‪ :‬يا معلم الخير ومؤدب الناس ارجع إلى ما قال ﷲ تعالى قال‪ :‬وما قال ﷲ‬ ‫تعالى؟ قلت‪ :‬قال‪ " :‬والكاظمين الغيظ " قال‪ :‬قد كظمت غيظي‪ ،‬قالت‪ " :‬والعافين عن الناس‬ ‫" قال‪ :‬قد عفوت عنك‪ ،‬قالت‪ :‬زد فإن ﷲ تعالى يقول‪ " :‬وﷲ يحب المحسنين " قال‪ :‬أنت حرة‬ ‫لوجه ﷲ تعالى‪ .‬وقال ابن المنكدر‪ :‬إن رجالً من أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫ضرب عبداً له فجعل العبد يقول‪ :‬أسألك با" أسألك بوجه ﷲ‪ ،‬فلم يعفه فسمع رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم صياح العبد فانطلق إليه‪ ،‬فلما رأى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه سلم‪ :‬أمسك يده‬ ‫فقال رسول ﷲ‪ " :‬سألك بوجه ﷲ فلم تعفه فلما رأيتني أمسكت يدك " قال‪ :‬فإنه حر لوجه ﷲ‬ ‫‪2‬‬ ‫يا رسول ﷲ‪ ،‬فقال‪ " :‬لو لم تفعل لسفعت وجھك النار "‬ ‫اذا ركلك الناس فإعلم انك في المقدمة‬ ‫أال إن حلم المرء أكرم نسبة ‪ .........‬تسامى بھا عند الفخار حليم‬ ‫فيا رب ھب لي منك حلما فإنني‪ .....‬أرى الحلم لم يندم عليه كريم‬ ‫أحب مكارم األخالق جھدي‪ .......‬وأكره أن أعيب وأن أعابا‬ ‫وأصفح عن سباب الناس حلما‪ ......‬وشر الناس من يھوى السبابا‬ ‫ومن ھاب الرجال تھيبوه‪ ............‬ومن حقر الرجال فلن يھابا‬

‫‪ 1‬سراج الملوك‬ ‫‪ 2‬احياء علوم الدين‬

‫‪58‬‬


‫حياة العظماء‬

‫إِنﱠ ﱠ‬ ‫س ِھ ْم‬ ‫ﷲَ َال يُ َغيﱢ ُر َما بِقَ ْو ٍم َحتﱠى يُ َغيﱢ ُروا َما بِأ َ ْنفُ ِ‬ ‫قاعدة التغير ‪ :‬التغير يبدأ من الداخل ‪ :‬من نفسك اذا تغيرت النفس تغير كل شئ‬ ‫أذا أنتظر أن يأتي شخص و يغير لك حياتك و يجبرك على ترك التدخين و ممارسة الرياضة‬ ‫و الحلم فأبشر فسوف يطول أنتظارك ‪.‬‬ ‫دواؤك فيك وما تبصر وداؤك منك وما تشعر‬ ‫وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم االكبر‬ ‫يقول بن القيم ‪":‬من أحب تصفية األحوال‪ ،‬فليجتھد في تصفية األعمال‪ .‬قال ﷲ عز وجل‪:‬‬ ‫وألو استقاموا على الطريقة ألسقيناھم ماء غدقا‪ .‬قال النبي فيما يروي عن ربه عز وجل‪ :‬لو أن‬ ‫عبادي أطاعوني لسقيتھم المطر بالليل‪ ،‬وأطلعت عليھم الشمس بالنھار‪ ،‬ولم أسمعھم صوت‬ ‫الرعد‪ .‬وقال ‪ :‬البر ال يبلى‪ ،‬واإلثم ال ينسى‪ ،‬والديان ال ينام‪ ،‬وكما تدين تدان‪ .‬وقال أبو سليمان‬ ‫الداراني‪ :‬من صفى صفي له‪ ،‬ومن كدر كدر عليه‪ ،‬ومن أحسن في ليلة كوفىء في نھاره‪ ،‬ومن‬ ‫أحسن في نھاره كوفىء في ليله ‪ .‬وكان شيخ يدور في المجالس‪ ،‬ويقول‪ :‬من سره أن تدوم له‬ ‫العافية‪ ،‬فليتق ﷲ عز وجل‪ .‬وكان الفضيل بن عياض‪ ،‬يقول‪ ] :‬إني ألعصي ﷲ‪ ،‬فأعرف ذلك في‬ ‫خلق دابتي وجاريتي [‪ .‬واعلم ـ وفقك ﷲ ـ أنه ال يحس بضربة مبنج‪ ،‬وإنما يعرف الزيادة من‬ ‫النقصان المحاسب لنفسه ومتى رأيت تكديرا في حال فاذكر نعمة ما شكرت‪ ،‬أو زلة قد فعلت‪،‬‬ ‫واحذر من نفار النعم‪ ،‬ومفاجأة النقم‪ ،‬وال تغتر بساط الحلم‪ ،‬فربما عجل انقباضه‪ .‬وقد قال ﷲ عز‬ ‫وجل‪ :‬إن ﷲ ال يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسھم‪ .‬وكان أبو علي الروذباري يقول‪ :‬من‬ ‫‪1‬‬ ‫االغترار أن تسىء‪ ،‬فيحسن إليك‪ ،‬فتترك التوبة‪ ،‬توھما أنك تسامح في العقوبات‪".‬‬

‫س ‪ :‬ما تفسيـر قـول الحق تبارك وتعـالى في سـورة الرعـد ‪) :‬إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ ال يُ َغيﱢ ُر َما بِقَوْ ٍم َحتﱠى‬ ‫يُ َغيﱢرُوا َما بِأ َ ْنفُ ِس ِھ ْم( ؟‬ ‫قال الشيخ عبد العزيز بن باز‪ :‬اآلية الكريمة آية عظيمة تدل على أن ﷲ تبارك وتعالى بكمال‬ ‫عدله وكمال حكمته ال يُغير ما بقوم من خير إلى شر ‪ ،‬ومن شر إلى خير ومن رخاء إلى شدة ‪،‬‬ ‫ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسھم ‪ ،‬فإذا كانوا في صالح واستقامة وغيروا غير ﷲ‬ ‫عليھم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب والقحط ‪ ،‬والتفرق وغير ھذا من أنواع العقوبات‬ ‫جزاء وفاقا قال سبحانه ‪َ ) :‬و َما َربﱡكَ بِ َ‬ ‫الم لِ ْل َعبِي ِد(‬ ‫ظ ٍ‬ ‫وقد يمھلھم سبحانه ويملي لھم ويستدرجھم لعلھم يرجعون ثم يؤخذون على غرة كما قال‬ ‫اب ُكلﱢ َش ْي ٍء َحتﱠى إِ َذا فَ ِرحُوا بِ َما أُوتُوا أَ ْ‬ ‫خَذنَاھُ ْم‬ ‫سبحانه ‪) :‬فَلَ ﱠما نَسُوا َما ُذ ﱢكرُوا بِ ِه فَتَحْ نَا َعلَ ْي ِھ ْم أَب َْو َ‬ ‫بَ ْغتَةً فَإ ِ َذا ھُ ْم ُم ْبلِسُونَ ( يعني آيسون من كل خير ‪ ،‬نعوذ با" من عذاب ﷲ ونقمته ‪ ،‬وقد يؤجلون‬ ‫إلى يوم القيامة فيكون عذابھم أشد كما قال سبحانه ‪َ ) :‬وال تَحْ َسبَ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ غَافِ ًال َع ﱠما يَ ْع َم ُل الظﱠالِ ُمونَ‬ ‫ْصا ُر( والمعنى أنھم يؤجلون ويمھلون إلى ما بعد الموت ‪،‬‬ ‫إِنﱠ َما يُؤَ ﱢخ ُرھُ ْم لِيَوْ ٍم تَ ْشخَ صُ فِي ِه ْاألَب َ‬ ‫فيكون ذلك أعظم في العقوبة وأشد نقمة ‪.‬‬ ‫وقد يكونون في شر وبالء ومعاصي ثم يتوبون إلى ﷲ ويرجعون إليه ويندمون ويستقيمون‬ ‫على الطاعة فيغير ﷲ ما بھم من بؤس وفرقة ومن شدة وفقر إلى رخاء ونعمة واجتماع كلمة‬ ‫‪ 1‬صيد الخاطر‬

‫‪59‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وصالح حال بأسباب أعمالھم الطيبة وتوبتھم إلى ﷲ سبحانه وتعالى وقد جاء في اآلية األخرى ‪:‬‬ ‫) َذلِكَ بِأ َ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ لَ ْم يَ ُ‬ ‫ك ُم َغيﱢرًا نِ ْع َمةً أَ ْن َع َمھَا َعلَى قَوْ ٍم َحتﱠى يُ َغيﱢرُوا َما بِأ َ ْنفُ ِس ِھ ْم( فھذه اآلية تبين لنا أنھم‬ ‫إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير ثم غيروا بالمعاصي غير عليھم ‪ -‬وال حول وال قوة إال با" ‪ -‬وقد‬ ‫يمھلون كما تقدم والعكس كذلك إذا كانوا في سوء ومعاص ‪ ،‬أو كفر وضالل ثم تابوا وندموا‬ ‫واستقاموا على طاعة ﷲ غي ﱠر ﷲ حالھم من الحالة السيئة إلى الحالة الحسنة ‪ ،‬غير تفرقھم إلى‬ ‫اجتماع ووئام ‪ ،‬وغير شدتھم إلى نعمة وعافية ورخاء ‪ ،‬وغير حالھم من جدب وقحط وقلة مياه‬ ‫‪1‬‬ ‫ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ونبات األرض وغير ذلك من أنواع الخير ‪.‬‬ ‫ال تنتظر ان ياتى اليك المدير و يحدثك بطريقة مختلفة اذا كنت محافظا على طريقتك في‬ ‫التأخير و االھمال‬ ‫ال تنتظر ان تبدأ زوجتك في العناية بك و أنت لم تتغير معھا‬ ‫غير نفسك و سلوكك تتغير الحياة من حولك‬ ‫الخطوات العملية‬ ‫• ارتفع بمستوى طموحك‬ ‫• اعرف اماكن النقص في نفسك في كل مجال )االجتماعي – الصحي – المھنى –‬ ‫النفسي ‪ (......‬و اكتبھا في ورقة و عالجھا‬ ‫قال ابن ال ُمقَفﱠع رحمه ﷲ ‪ )) :‬و على العاقل أن يحصي على نفسه مساوئھا في الدين ‪ ،‬و‬ ‫في األخالق و في اآلداب ‪ ،‬فيجمع ذلك كله في صدره أو في كتاب ‪ ،‬ثم يكثر عرضه‬ ‫على نفسه ‪ ،‬و يكلفھا إصالحھا ‪ ،‬و يوظف ذلك عليھا توظيفا من إصالح الخلة أو‬ ‫الخلتين في اليوم ‪ ،‬أو في الجمعة ‪ ،‬أو في الشھر ‪ ،‬فكلما أصلح شيئا محاه ‪ ،‬و كلما نظر‬ ‫إلى محو استبشر ‪ ،‬و كلما نظر إلى مثبت اكتأب (( ‪.‬‬ ‫• جدد حياتك‬

‫‪ 1‬من برنامج نور على الدرب الشريط الثالث عشر‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال تبكي على اللبن المسكوب‬ ‫ان العظماء لديھم اھداف لتحقيقھا فال ينظرون للخلف‬ ‫كثير من الناس يبكى على اللبن المسكوب و يقول ‪" :‬ليتنى فعلت كذا و كذا " و يلوم نفسه‬ ‫و يكثر ھذا مع الطلبه في االمتحانات و يتمنى أن يعود به الزمن القھقري ليذاكر جزء من‬ ‫كتاب و ھيھات‬ ‫اھتم باللحظة التى تعيشھا ‪ ،‬اجعلھا احسن لحظة ‪ ،‬قرب فيھا من ربك ‪ ،‬أسعد نفسك و الناس‬ ‫يقول الحسن البصري ما من يوم اال و يقول "يا أيھا الناس أنى يوم جديد‪ ،‬وعلى ما يعمل في‬ ‫شھيد‪ ،‬وأنى لو قد آبت شمسي لم أرجع اليكم إلى يوم القيامة‪".‬‬ ‫} يَقُولُونَ ھَلْ لَنَا ِمنَ ْاألَ ْم ِر ِم ْن َش ْي ٍء قُلْ إِ ﱠن ْاألَ ْم َر ُكلﱠهُ ِ ﱠ"ِ ي ُْخفُونَ فِي أَ ْنفُ ِس ِھ ْم َما َال يُ ْب ُدونَ لَكَ‬ ‫ب َعلَ ْي ِھ ُم ْالقَ ْت ُل‬ ‫يَقُولُونَ لَوْ َكانَ لَنَا ِمنَ ْاألَ ْم ِر َش ْي ٌء َما قُتِ ْلنَا ھَاھُنَا قُلْ لَوْ ُك ْنتُ ْم فِي بُيُوتِ ُك ْم لَبَ َرزَ الﱠ ِذينَ ُكتِ َ‬ ‫حﱢص َما فِي قُلُوبِ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫اج ِع ِھ ْم َولِيَ ْبتَلِ َي ﱠ‬ ‫ور‬ ‫ﷲُ َما فِي ُ‬ ‫ور ُك ْم َولِيُ َم َ‬ ‫إِلَى َم َ‬ ‫ﷲُ َعلِي ٌم بِ َذا ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ت الصﱡ ُد ِ‬ ‫ص ُد ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ان إِنﱠ َما ا ْستَزَ لھُ ُم ال ﱠش ْي َ‬ ‫ط ُ‬ ‫ْض َما َك َسبُوا َولَقَ ْد َعفَا‬ ‫)‪ (154‬إِ ﱠن ال ِذينَ ت َ​َولوْ ا ِم ْن ُك ْم يَوْ َم التَقَى ال َج ْم َع ِ‬ ‫ان بِبَع ِ‬ ‫ﷲُ َع ْنھُ ْم إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﷲَ َغفُو ٌر َحلِي ٌم )‪ (155‬يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا َال تَ ُكونُوا َكال ِذينَ َكفَرُوا َوقَالوا ِ ِإل ْخ َوانِ ِھ ْم إِ َذا‬ ‫ض أَوْ َكانُوا ُغ ًّزى لَوْ َكانُوا ِع ْن َدنَا َما َماتُوا َو َما قُتِلُوا لِيَجْ َع َل ﱠ‬ ‫ﷲُ َذلِكَ َحس َْرةً فِي‬ ‫َ‬ ‫ض َربُوا فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يل ﷲِ أوْ ُم ﱡت ْم لَ َم ْغفِ َرةٌ‬ ‫قُلُوبِ ِھ ْم َوﷲُ يُحْ يِي َويُ ِم ُ‬ ‫يت َوﷲُ بِ َما تَ ْع َملونَ بَ ِ‬ ‫صي ٌر )‪َ (156‬ولَئِ ْن قتِلتُ ْم فِي َسبِ ِ‬ ‫ِمنَ ﱠ‬ ‫ﷲِ َو َرحْ َمةٌ خَ ْي ٌر ِم ﱠما يَجْ َمعُونَ )‪{ (157‬ال عمران‬ ‫} الﱠ ِذينَ قَالُوا ِ ِإل ْخ َوانِ ِھ ْم َوقَ َع ُدوا لَوْ أَ َ‬ ‫طا ُعونَا َما قُتِلُوا قُلْ فَا ْد َر ُءوا ع َْن أَ ْنفُ ِس ُك ُم ْال َموْ تَ إِ ْن ُك ْنتُ ْم‬ ‫صا ِدقِينَ )‪ {(168‬ال عمران‬ ‫َ‬

‫‪61‬‬


‫حياة العظماء‬

‫انشغل بنفسك‬ ‫وا َوالَ تَقُولُ ْ‬ ‫ﷲِ فَتَبَيﱠنُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫يل ّ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫وا لِ َم ْن أَ ْلقَى إِلَ ْيك ُمُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال تعالى‪} :‬يَا أ ﱡيھَا ال ِذينَ آ َمنوا إِذا َ‬ ‫ض َر ْبت ْم فِي َسبِ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يرة َكذلِكَ كنتم ﱢمن ق ْب ُل‬ ‫ض ْال َحيَا ِة ال ﱡدنيَا ف ِعن َد ﷲِ َمغَانِ ُم َكثِ َ‬ ‫ال ﱠسالَ َم لَسْتَ ُم ْؤ ِمنا ً تَ ْبتَ ُغونَ ع َ​َر َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ُك ْم فَتَبَيﱠنُ ْ‬ ‫وا إِ ﱠن ّ‬ ‫فَ َم ﱠن ّ‬ ‫ﷲَ َكانَ بِ َما تَ ْع َملُونَ خَ بِيراً{ ]النساء‪[94 :‬‬ ‫عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه قال قال رسول ﷲ عليه وسلم‪) :‬من حسن إسالم المرء‬ ‫‪1‬‬ ‫تركه ما ال يعنيه(‬ ‫قال الحسن‪" :‬من عالمة إعراض ﷲ تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما ال يعنيه"‪ .‬وقيل‬ ‫للقمان‪" :‬ما بلغ بك ما نرى يريدون الفضل‪ .‬فقال‪ :‬صدق الحديث وأداء األمانة وترك ما‬ ‫ال يعنيني"‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫تشوقك الى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوقك الى ما حجب عنك من الغيوب ) (‬ ‫لقي زاھ ٌد زاھداً ‪ ،‬فقال له ‪ :‬يا أخي ؛ أحبك في ﷲ ‪ .‬قال اآلخَ ر ‪ :‬لو علمتَ ما في نفسي‬ ‫ُ‬ ‫علمت من نفسي ما تعلم من نفسك لكان لي من‬ ‫ألبغضتَني في ﷲ ‪ .‬قال له األ ّول ‪ :‬لو‬ ‫نفسي ُشغـ ُ ٌل عن بغضك‬ ‫شر الورى بعيوب الناس مشتغل مثل الذباب يراعي موطن العلل‬ ‫قال بكر بن عبدﷲ المزني ‪":‬أذا رأيت الرجل قد أنشغل بعيوب الناس عن عيب نفسه‬ ‫فأعلم أنه قد مكر به "‬ ‫‪ .‬أنا مشغول بذنبي عن ذنوب العالمين وخطايا أثقلتني جعلت قلبي حزينا‬ ‫ولقد كنت جليال في عيون الناظرين سرت في ظلمات قبري ثاويا فيھا رھينا‬ ‫قال ابن أبي ُملَيْكة ‪ :‬أدركت ثالثين من أصحاب محمد كلھم يخاف النفاق على نفسه‪ ،‬ال يقول‬ ‫واحد منھم ‪ :‬إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل ‪.‬‬ ‫و خشي عمر بن الخطاب على نفسه من النفاق فكان يسئل حذيفه بن اليمان ‪":‬أسمانى رسول ﷲ‬ ‫في المنافقين " و ھو امير المؤمنين‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال َح ْن َ‬ ‫ال‬ ‫ال ‪ -‬لَقِيَنِى أَبُو بَ ْك ٍر فَقَ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ظلَةَ األُ َسيﱢ ِدىﱢ ‪َ -‬و َكانَ ِم ْن ُكتﱠا ِ‬ ‫ب َرس ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال ُسب َْحانَ ﱠ‬ ‫ق َح ْن َ‬ ‫َك ْيفَ أَ ْنتَ يَا َح ْن َ‬ ‫ال قُ ْل ُ‬ ‫ال قُ ْل ُ‬ ‫ت نَ ُك ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬‬ ‫ت نَافَ َ‬ ‫ﷲِ َما تَقُو ُل قَ َ‬ ‫ظلَةُ قَ َ‬ ‫ظلَةُ قَ َ‬ ‫ون ِع ْن َد َرس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬‬ ‫ار َو ْال َجنﱠ ِة َحتﱠى َكأَنﱠا َرأ َ‬ ‫ى َعي ٍْن فَإ ِ َذا خَ َرجْ نَا ِم ْن ِع ْن ِد َرس ِ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يُ َذ ﱢك ُرنَا بِالنﱠ ِ‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر فَ َو ﱠ‬ ‫ﷲِ إِنﱠا لَن َْلقَى‬ ‫اج َواألَوْ الَ َد َوال ﱠ‬ ‫ت فَن َِسينَا َكثِيرًا قَ َ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عَافَ ْسنَا األَ ْز َو َ‬ ‫ض ْي َعا ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ظلَةُ‬ ‫ق َح ْن َ‬ ‫ِم ْث َل ھَ َذا‪ .‬فَا ْن َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قُ ْل ُ‬ ‫طلَ ْق ُ‬ ‫ت نَافَ َ‬ ‫ت أَنَا َوأَبُو بَ ْك ٍر َحتﱠى َدخَ ْلنَا َعلَى َرس ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » -‬و َما َذاكَ «‪ .‬قُ ْل ُ‬ ‫ﷲِ نَ ُك ُ‬ ‫ون ِع ْندَكَ‬ ‫ت يَا َرس َ‬ ‫ﷲِ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫يَا َرس َ‬ ‫ْ‬ ‫اج َواألَوْ الَ َد‬ ‫ى َعي ٍْن فَإ ِ َذا خَ َرجْ نَا ِم ْن ِع ْن ِدكَ عَافَ ْسنَا األَ ْز َو َ‬ ‫ار َو ْال َجنﱠ ِة َحتﱠى َكأَنﱠا َرأ َ‬ ‫تُ َذ ﱢك ُرنَا بِالنﱠ ِ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫َوال ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » -‬والﱠ ِذى نَ ْف ِسى بِيَ ِد ِه إِ ْن لَوْ تَ ُدو ُمونَ‬ ‫ت نَ ِسينَا َكثِيرًا‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ض ْي َعا ِ‬ ‫ظلَةُ‬ ‫ُش ُك ْم َوفِى طُ ُرقِ ُك ْم َولَ ِك ْن يَا َح ْن َ‬ ‫َعلَى َما تَ ُكونُونَ ِع ْن ِدى َوفِى ال ﱢذ ْك ِر لَ َ‬ ‫صافَ َح ْت ُك ُم ْال َمالَئِ َكةُ َعلَى فُر ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫َسا َعةً َو َسا َعةً «‪ .‬ثَالَ َ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫ث َمرﱠا ٍ‬ ‫لنفسي أبكي ال أبكى لغيرھا لنفسي من نفسي عن الناس شاغل‬

‫قال اإلمام الشوكاني‬

‫‪ 1‬الترمذي‬ ‫‪ 2‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 3‬صحيح مسلم‬

‫‪62‬‬

‫‪-‬رﺤﻤﻪ اﷲ‪:-‬‬


‫حياة العظماء‬

‫والمتحري لدينه في اشتغاله بعيوب نفسه ما يشغله عن نشر مثالب األموات‪ ،‬وسبﱢ‬ ‫من ال يدري كيف حاله عند بارئ البريﱠات‪ ،‬وال ريب أن تمزيق عرض من قَ ِد َم على‬ ‫ما قَ ﱠد َم‪ ،‬وجثا بين يدي من ھو بما تُ ِك ﱡنهُ الضمائر أعلم ‪-‬مع عدم ما َيحْ ِم ُل على ذلك من‬ ‫جرح أو نحوه‪ -‬أحموقة ال تقع لمتيقﱢ ٍظ‪ ،‬وال يصاب بِ ِم ْثلھا ُمتدين بمذھب‪ ،‬ونسأل ﷲ‬ ‫ت‬ ‫السالمة بالحسنات‪ ،‬ويتضاعف عند وبيل عقابھا الحسرات‪ ،‬اللھم اغفر لنا تَفَ ﱡلتَا ِ‬ ‫اللسان‪ ،‬والقلم في ھذه الشعاب والھضاب‪ ،‬وج ﱢنبنا عن سلوك ھذه المسالك التي ھي‬ ‫في الحقيقة مھالك ذوي األلباب‪.‬‬ ‫قال عمر رضي ﷲ عنه‪ :‬رحم ﷲ امرءاً أھدى إلينا عيوبنا!‪.‬‬ ‫وھذا عمر بن عبد العزيز ـ الخليفة الراشد‪ ،‬التابعي العالم‪ ،‬الزاھد التقي‪ ،‬اإلمام القرشي ـ يقول‬ ‫لمواله مزاحم‪ :‬إن الوالةَ جعلوا العيونَ على العوام‪ ،‬وأنا أجعلك عيني على نفسي‪ ،‬فإن سمعت مني‬ ‫‪1‬‬ ‫كلمةً تَربأ ُ بي عنھا‪ ،‬أو فعالً ال تحبﱡه‪ ،‬فعظني عنده‪ ،‬وانھني عنه‬ ‫ً ‪2‬‬ ‫قال بالل بن سعد لصاحبه‪ :‬بلغني أن المؤمن مرآةُ أخيه‪ ،‬فھل تستريبُ من أمري شيئا؟‬ ‫يقول له في‬ ‫الرجل ال ينص ُح أخاه حتى‬ ‫قال ميمون بن مھران‪ :‬قولوا لي ما أكرهُ في وجھي‪ ،‬ألن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وجھه ما يكره ‪.‬‬ ‫قيل للربيع بن الھيثم ‪ :‬ما نراك تعيب أحدا ؟‬ ‫فقال ‪ :‬لست عن نفسي راضيا حتى أتفرغ لذم الناس‪.‬‬ ‫قال رسول ﷲ ‪}:‬كان رجالن فى بنى إسرائيل متواخيان وكان أحدھما مذنب واآلخر مجتھد فى‬ ‫العبادة وكان ال يزال المجتھد يرى اآلخر على الذنب فيقول أقصر فوجده يوما على ذنب فقال له‬ ‫أقصر فقال خلنى وربى أبعثت على رقيبا فقال وﷲ ال يغفر ﷲ لك أو ال يدخلك ﷲ الجنة فقبض‬ ‫روحھما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لھذا المجتھد أكنت بى عالما أو كنت على ما فى يدى‬ ‫‪3‬‬ ‫قادرا وقال للمذنب اذھب فادخل الجنة برحمتى وقال لآلخر اذھبوا به إلى النار{‬ ‫وقال سفيان بن الحسين‪ :‬كنت جالسا ً عند إياس بن معاوية‪ ،‬فنلت من إنسان‪.‬‬ ‫فقال لي‪ :‬ھل غزوت في ھذا العام الترك والروم؟ فقلت‪ :‬ال‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫فقال‪ :‬سلم منك الترك والروم‪ ،‬وما سلم منك أخوك المسلم؟‬

‫‪ 1‬عيون االخبار‬ ‫‪ 2‬الزھد البن المبارك‬ ‫‪ 3‬احمد‬ ‫‪ 4‬الرسالة القشيرية‬

‫‪63‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الصحبه‬ ‫أن كل عظيم يحرص على صحبة الصالحين و العظماء و مخالطتھم‬ ‫يبحث عنھم و ينقب عنھم حتى يعثر على أحدھم فيلتزمه‬ ‫قال ربي و أحق القول قول ربي موصيا رسول ﷲ و أمته بمصاحبه الصالحين } َواصْ بِرْ‬ ‫نَ ْف َسكَ َم َع الﱠ ِذينَ يَ ْد ُعونَ َربﱠھُ ْم بِ ْال َغدَا ِة َو ْال َع ِش ﱢي ي ُِري ُدونَ َوجْ ھَهُ َو َال تَ ْع ُد َع ْينَاكَ َع ْنھُ ْم تُ ِري ُد‬ ‫ِزينَةَ ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا َو َال تُ ِط ْع َم ْن أَ ْغفَ ْلنَا قَ ْلبَهُ ع َْن ِذ ْك ِرنَا َواتﱠبَ َع ھ َ​َواهُ َو َكانَ أَ ْم ُرهُ فُ ُرطًا )‪{ (28‬‬ ‫‪1‬‬ ‫قال رسول ﷲ } الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل {‬ ‫و قال رسول ﷲ }إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير‪،‬‬ ‫فحامل المسك إما أن يھديك‪ ،‬وإما أن تبتاع منه‪ ،‬وإما أن تجد منه ريحا ً طيبة‪ ،‬ونافخ الكير‬ ‫‪2‬‬ ‫إما أن يحرق ثيابك‪ ،‬وإما أن تجد ريحا خبيثة‪{.‬‬ ‫و قد شاھدنا الماء و الھواء يفسدان بمجاوره الجيف فكيف بالطبائع البشرية‬ ‫ﱠ‬ ‫ْض َع ُد ﱞو إِ ﱠال ْال ُمتﱠقِينَ { ]الزخرف‪َ } :. [67:‬ويَوْ َم يَ َعضﱡ الظالِ ُم‬ ‫} ْاألَ ِخ ﱠال ُء يَوْ َمئِ ٍذ بَ ْع ُ‬ ‫ضھُ ْم لِبَع ٍ‬ ‫َعلَى يَ َد ْي ِه يَقُو ُل يَا لَ ْيتَنِي اتﱠ ْ‬ ‫خَذ ُ‬ ‫ُول َسبِيالً * يَا َو ْيلَتَى لَ ْيتَنِي لَ ْم أَتﱠ ِخ ْذ فُالنا ً خَ لِيالً {‬ ‫ت َم َع ال ﱠرس ِ‬ ‫]الفرقان‪. [28 - 27:‬‬ ‫عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم أتاكم أھل اليمن ھم أرق‬ ‫أفئدة وألين قلوبا اإليمان يمان والحكمة يمانية والفخر والخيالء في أصحاب اإلبل‬ ‫‪3‬‬ ‫والسكينة والوقار في أھل الغنم‬ ‫‪4‬‬ ‫و قال الحبيب " )) ال تصاحب إال مؤمنا ً ‪ ،‬وال يأكل طعامك إال تقي (( ‪" .‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ال تصحب من ال ينھضك حاله ‪ ،‬و ال يدلك على ﷲ مقاله‬ ‫قال بالقل بن سعد احد التابعين ‪:‬‬ ‫اخ لك كلما لقيك ذكرك بنصيبك من ﷲ ‪،‬واخبرك بعيب فيك ‪،‬احب اليك ‪،‬وخير‬ ‫لك من اخ كلما لقيك وضع فينه كفك دينارا((‬ ‫اط ِن‬ ‫قَ َ‬ ‫آن بِالتﱠ َدب ِﱡر ‪َ ،‬وخَ َال ُء ْالبَ ِ‬ ‫ال إب َْرا ِھي ُم ْال َخ ﱠواصُ ‪ :‬د َ​َوا ُء ْالقُلُو ِ‬ ‫ب خَ ْم َسةُ أَ ْشيَا َء ‪ :‬قِ َرا َءةُ ْالقُرْ ‪ِ 6‬‬ ‫ضرﱡ ُ‬ ‫ع ِع ْن َد الس َﱠح ِر ‪َ ،‬و ُم َجالَ َسةُ الصﱠالِ ِحينَ ‪.‬‬ ‫‪َ ،‬وقِيَا ُم اللﱠي ِْل ‪َ ،‬والت ﱠ َ‬ ‫َو ْال َع َربُ تَقُو ُل ‪ :‬لَوْ َال ْال ِوئَا ُم لَھَلَكَ ْاألَنَا ُم ‪.‬‬ ‫ضھُ ْم بَ ْعضًا فَيَ ْقتَ ِدي بِ ِھ ْم فِي ْالخَ ي ِْر لَھَلَ ُكوا ‪.‬‬ ‫اس يَ َرى بَ ْع ُ‬ ‫أَيْ لَوْ َال أَ ﱠن النﱠ َ‬ ‫ار َم َو ﱠدةُ‬ ‫َولِ َذلِكَ قَ َ‬ ‫ار ‪َ ،‬و ِم ْن َشرﱢ ِاال ْختِيَ ِ‬ ‫ار صُحْ بَةُ ْاألَ ْخيَ ِ‬ ‫ال بَعْضُ ْالبُلَغَا ِء ‪ِ :‬م ْن خَ ي ِْر ِاال ْختِيَ ِ‬ ‫ار ‪.‬‬ ‫ْاألَ ْش َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫ق ‪ ،‬فَتَصْ لُ ُح أَ ْخ َال ُ‬ ‫ق ْال َمرْ ِء‬ ‫ص َ‬ ‫ص ِحي ٌح ؛ ِألَ ﱠن لِ ْل ُم َ‬ ‫َوھَ َذا َ‬ ‫احبَ ِة تَأثِيرًا فِي ا ْكتِ َسا ِ‬ ‫ب ْاألَ ْخ َال ِ‬ ‫احبَ ِة أَ ْھ ِل ْالفَ َسا ِد ‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫ح َوتَ ْف ُس ُد بِ ُم َ‬ ‫بِ ُم َ‬ ‫صا َحبَ ِة أَ ْھ ِل الص َﱠال ِ‬ ‫ال ال ﱠشا ِع ُر ‪:‬‬ ‫َولِ َذلِكَ قَ َ‬ ‫ص َال َح ْال َمرْ ِء يُصْ لِ ُح أَ ْھلَهُ َويُ ْع ِدي ِھ ْم ِع ْن َد ْالفَ َسا ِد إ َذا َف َس ْد‬ ‫َرأَيْت َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ت فِي ْاألَ ْھ ِل َو ْال َولَ ْد‬ ‫يُ َعظﱠ ُم فِي ال ﱡد ْنيَا بِفَضْ ِل َ‬ ‫ص َال ِح ِه َويُحْ فَظُ بَ ْع َد ْال َموْ ِ‬ ‫قال علي رضي ﷲ عنه‪:‬عليكم ب اإلخوان فإنھم عدة في الدنيا و اآلخرة‪،‬أال‬ ‫تسمع إلى قول أھل النار"فما لنا من شافعين وال صديق حميم"الشعراء‪100‬‬ ‫‪ 1‬صحيح رواه الترمذي و ابو داود‬ ‫‪ 2‬متفق عليه واللفظ لمسلم‬ ‫‪ 3‬البخاري‬ ‫‪ 4‬الترمذي‬ ‫‪ 5‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 6‬المدخل‬ ‫‪ 7‬ادب الدنيا و الدين‬

‫‪64‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أنظر عندما ھاجر رسول ﷲ من مكه أختار معه الصديق االكبر صديق األمه أبو بكر‬ ‫َص َرهُ ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َار إِ ْذ يَقو ُل‬ ‫الصديق }إِ ﱠال تَ ْن ُ‬ ‫صرُوهُ فَقَ ْد ن َ‬ ‫ﷲُ إِ ْذ أَ ْخ َر َجهُ الﱠ ِذينَ َكفَرُوا ثَانِ َي ْاثنَي ِْن إِ ْذ ھُ َما فِي ْالغ ِ‬ ‫ﷲَ َم َعنَا فَأ َ ْنزَ َل ﱠ‬ ‫احبِ ِه َال تَحْ ز َْن إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲُ َس ِكينَتَهُ َعلَ ْي ِه َوأَيﱠ َدهُ بِ ُجنُو ٍد لَ ْم ت َ​َروْ ھَا َو َج َع َل َكلِ َمةَ الﱠ ِذينَ‬ ‫لِ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َزيز َح ِكي ٌم )‪ { (40‬التوبه‬ ‫َكفَرُوا ال ﱡسفلى َو َكلِ َمة ﷲِ ِھ َي العُليَا َوﷲُ ع ِ‬ ‫و في حديث الرجل الذي قتل تسعه و تسعون نفسا ذھب الى عالم و سئله }فَھَلْ لَهُ ِم ْن‬ ‫ض َك َذا َو َك َذا فَإ ِ ﱠن بِھَا أُنَاسًا يَ ْعبُ ُدونَ ﱠ‬ ‫ال نَ َع ْم َو َم ْن يَحُو ُل بَ ْينَهُ َوبَ ْينَ التﱠوْ بَ ِة ا ْن َ‬ ‫تَوْ بَ ٍة فَقَ َ‬ ‫ﷲَ‬ ‫طلِ ْق إِلَى أَرْ ‪ِ 1‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَا ْعبُ ِد ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ضكَ فَإِنھَا أرْ ضُ َسوْ ٍء{ فأمره بالخروج من القرية التى ال تأمر‬ ‫ﷲَ َم َعھُ ْم َوالَ تَرْ ِج ْع إِلى أرْ ِ‬ ‫بالمعروف و تنھى عن المنكر و يذھب الى قرية أھلھا صالحون‬ ‫عن المرء ال تسأل وسل عن قرينه وكل قرين بالمقارن مھتدي‬ ‫و رأى احدھم غراب يطير مع صقر فعجب من ذلك فلما ھبطا الى االرض اذا كالھما‬ ‫يعرجان‬ ‫وحكى عن الشيخ العارف أبي العباس المرسي أن امرأة قالت له‪ :‬كان عندنا قمح مسوس‬ ‫فطحناه فطحن السوس معه‪ .‬وكان عندنا فول مسوس فدششناه فخرج السوس حيا ً فقال لھا‪ :‬صحبة‬ ‫األكابر تورث السالمة‪ .‬قلت‪ :‬ويقرب من ھذا‪ ،‬ما حكاه ابن عطية في تفسير سورة الكھف‪ ،‬أن‬ ‫والده حدثه عن أبي الفضل الجوھري الواعظ بمصر‪ ،‬أنه قال في مجلس وعظه‪ :‬من صحب أھل‬ ‫الخير عادت عليه بركتھم‪ ،‬ھذا كلب صحب قوما ً صالحين فكان من بركتھم عليه أن ذكره ﷲ‬ ‫تعالى في القرآن وال يزال يتلى على األلسنة أبداً‪ .‬ولذلك قيل‪ :‬من جالس الذاكرين انتبه من غفلته‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ومن خدم الصالحين ارتفع بخدمته‪.‬‬ ‫وقال آخر‪:‬‬ ‫واحذر مؤاخــــاة الدنيء ألنه *** يعدي كما يعدي الصحيح األجرب‬ ‫واختر صديقك واصطفيه تفاخراً *** إن القرين إلى المقارن يُنســب‬ ‫فاالنسان مطبوع على مصداقتة من يوافقه في الصفات حتى في الموت ال ينازل اال من‬ ‫يكافئه ففي غزوة بدر ]حمى عند ذلك عتبة بن ربيعة‪ ،‬وأراد أن يظھر شجاعته‪ ،‬فبرز بين أخيه‬ ‫شيبة وابنه الوليد‪ ،‬فلما توسطوا بين الصفين دعوا إلى البراز‪ ،‬فخرج إليھم فتيه من االنصار‬ ‫ثالثة‪ ،‬وھم عوف ومعاذ ابنا الحارث وأمھما غفراء‪ ،‬والثالث عبدﷲ بن رواحة فيما قيل‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫من أنتم ؟ قالوا رھط من االنصار‪.‬‬ ‫فقالوا‪ :‬ما لنا بكم حاجة‪.‬‬ ‫وفى رواية فقالوا‪ :‬أكفاء كرام‪ ،‬ولكن أخرجوا إلينا من بنى عمنا‪ ،‬ونادى مناديھم‪ :‬يا محمد‬ ‫أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬قم يا عبيدة بن الحارث‪ ،‬وقم يا حمزة‪ ،‬وقم يا على "‪[.‬‬ ‫قال رأى ابن عباس رجال فقال إن ھذا ليحبني قالوا وما علمك قال إني ألحبه واألرواح جنود‬ ‫‪1‬‬ ‫مجندة فما تعارف منھا أئتلف وما تناكر منھا اختلف‬ ‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬حياة الحيوان‬ ‫‪ 3‬السيرة النبوية لبن كثير‬

‫‪65‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و مـــا الـــمرء إال بأخـــوانه‬ ‫و ال خير في الكف مقطوعة‬

‫كما يقبض الكف بالمعصم‬ ‫و ال خير في الساعد األجذم‬

‫و كان عبدﷲ بن مسعود يقول ألصحابه ‪":‬أنتم جالء حزني"‬ ‫ما ذاقت النفس على شھوة ألذ من حب صديق أمين‬ ‫فذلك المغبون حق اليقين‬ ‫مـن فـاته ود أخ صالـح‬ ‫وقال بعض السلف‪ :‬أعجز الناس من قصر في طلب اإلخوان‪ ،‬وأعجز منه من ضيع من ظفر‬ ‫‪2‬‬ ‫منھم‪،‬‬ ‫يقول محمد علي كالي‬ ‫‪Friendship is the hardest thing in the world to explain. It's not‬‬ ‫‪something you learn in school. But if you haven't learned the meaning of‬‬ ‫‪friendship, you really haven't learned anything.‬‬ ‫الصداقة ھي اصعب شي يمكن تفسيره بالعالم ‪ ..‬انھا ليست امرا تتعلمه في المدرسة ولكن ان‬ ‫لم تتعلم معنى الصداقه فانك لم تتعلم شيئا في حياتك‬ ‫يقول على الطنطاوي ‪ ":‬األصحاب خمسة‪ :‬فصاحب كالھواء ال يستغنى عنه‪ ،‬وصديق‬ ‫كالغذاء ال عيش إال به‪ ،‬ولكن ربما ساء طعمه‪ ،‬أو صعب ھضمه‪ ،‬وصاحب كالدواء مرﱞ كريه‪،‬‬ ‫ولكن ال بد منه أحياناً‪ ،‬وصاحب كالصھباء تل ﱡذ شاربھا‪ ،‬ولكنھا تودي بصحته وشرفه‪ ،‬وصاحب‬ ‫كالبالء‪.‬‬ ‫أما الذي ھو كالھواء‪ :‬فھو الذي يفيدك في دينك‪ ،‬وينفعك في دنياك‪ ،‬وتلذك عشرته‪ ،‬وتمتعك‬ ‫صحبته‪.‬‬ ‫وأما الذي ھو كالغذاء‪ :‬فھو الذي يفيدك في الدنيا والدين‪ ،‬لكنه يزعجك أحيانا ً بغلظته‪ ،‬وثقل‬ ‫دمه‪ ،‬وجفاء طبعه‪.‬‬ ‫وأما الذي ھو كالدواء‪ :‬فھو الذي تضطرك الحاجة إليه‪ ،‬وينالك النفع منه‪ ،‬وال يرضيك دينه‬ ‫وال تسلﱢيك عشرته‪.‬‬ ‫وأما الذي ھو كالصھباء‪ :‬فھو الذي يبلﱢغك ل ﱠذتك‪ ،‬وينيلك رغبتك‪ ،‬ولكن يفسد خلقك‪ ،‬ويھلك‬ ‫آخرتك‪.‬‬ ‫وأما الذي ھو كالبالء‪ ،‬فھو الذي ال ينفعك في دنيا وال دين‪ ،‬وال يمتعك بعشرة وال حديث‪،‬‬ ‫ولكن ال بد لك من صحبته‪.‬‬ ‫وعليك أن تجعل الدين مقياساً‪ ،‬ورضا ﷲ ميزاناً؛ فمن كان يفيدك في دينك فاستمسك به‪ ،‬إال‬ ‫أن يكون ممن ال تقدر على عشرته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومن كان يضرك فاطﱠرحه‪ ،‬واھجره‪ ،‬إال أن تكون مضط ﱠرا إلى صحبته؛ فتكون ھذه الصحبة‬ ‫ضرورة‪ ،‬والضرورات تبيح المحظورات‪ ،‬بشرط أال تجاوز ھذه الصحبة ح ﱠد الضرورة‪.‬‬ ‫وأما الذي ال يضرﱡ ك في دينك‪ ،‬وال ينفعك في دنياك‪ ،‬ولكنه ظريف ممتع _ اقتصرت منه‬ ‫على االستمتاع بظرفه‪ ،‬على أال تمنعك ھذه الصحبة من الواجب‪ ،‬وال تمشي بك إلى عبث أو إثم‪.‬‬ ‫وما كان وراء ذلك فھو الذي قيل في مثله‪:‬‬ ‫‪ 1‬روضه العقالء‬ ‫‪ 2‬قوت القلوب‬

‫‪66‬‬


‫حياة العظماء‬

‫إذا كنت ال عل ٌم لديك تفيدنا‬

‫وال أنت ذو دين فنرجوك للدين‬

‫وال أنت ممن يرتجى لمل ّمة‬

‫مثل شخصك من طين‬ ‫عملنا مثاالً َ‬

‫قال الحسن البصري ‪ -‬رحمه ﷲ‪" :-‬استكثروا من األصدقاء المؤمنين فإن لھم شفاعةً يوم‬ ‫القيامة"‪.‬‬ ‫صفات الصديق‬ ‫كان أبو سعيد الثوري يقول‪ :‬إذا أردت أن تؤاخي رجالً فأغضبه ثم دس عليه من يسأله عنك‬ ‫وعن أسرارك‪ ،‬فإن قال خيراً وكتم سرك فاصحبه‪.‬‬ ‫وقال غيره‪ :‬ال تؤاخين أحداً حتى تبلوه وتفشي إليه س ّراً‪ ،‬ثم إجفه واستغضبه وانظر‪ ،‬فإن‬ ‫أفشاه عليك فأجتنبه‪ ،‬وقيل ألبي يزيد‪ :‬من أصحب من الناس قال‪ :‬من يعلم منك ما يعلم ّ‬ ‫ﷲ ع ّز‬ ‫وجلّ‪ ،‬ويستر عليك ما يستر ّ‬ ‫ﷲ تعالى‪،‬وكان ذو النون يقول‪ :‬ال خير لك في صحبة من ال يحب ْ‬ ‫أن‬ ‫ً ‪1‬‬ ‫يراك إالّ معصوما‬ ‫أبل الرجال إذا أردت إخاءھم ‪ ...‬وتوسمن أمورھم وتفقد‬ ‫فإذا وجدت أخا األمانة والتقى ‪ ...‬فبه اليدين قرير عين فاشدد‬ ‫قيل لحكيم‪ :‬ما الصديق؟ قال‪ :‬إنسان ھو أنت إال انه غيرك‪.‬‬ ‫أختر أصداقك كما تحب انت أن تكون ‪ ،‬أبحث عن الناجحين و المتفائلين ‪ ،‬ابحث عن ذوى‬ ‫الھمم العالية ‪ ،‬الذي تقول له قرات أمس مئه صفحة فتراه قرأ ألف و ال تصاحب من اذا علم انك‬ ‫قرأت مئه صفحة ھاله االمر و قال لك أرحم عينك ‪،‬‬ ‫قال المأمون‪ :‬األخوان على ثالث طبقات‪ :‬طبقة كالغذاء ال يستغنى عنه‪ ،‬وطبقة كالدواء الذي‬ ‫يحتاج إليه‪ ،‬وطبقى كالنفس ال تمكن الحياة إال به‪.‬‬ ‫العاقل من يقدم التجريب قبل التقريب‬ ‫وإذا صاحبت فاصحب صاحبا ذا حياء وعفاف وكرم‬ ‫قوله لك ال إن قلت ال وإذا قلت نعم قال نعم‬

‫من لي بإنســــان إذا أغضبته وجھلت كان الحـلم رد جـــــــوابه‬ ‫وإذا صبوت إلى المـدام شربت من أخالقــــه وســكرت مــن آدابـــه‬ ‫وتراه يصغي للحـــديث بطرفــــه وبســـمعـــه ولعـــله أدرى بــــه‪.‬‬ ‫حب الخير الخيك‬ ‫عن أم الدرداء‪ ،‬قالت‪ :‬كان البي الدرداء ستون وثالث منه خليل في ﷲ‪.‬‬ ‫يدعو لھم في الصالة‪ ،‬فقلت له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬إنه ليس رجل يدعو الخيه في الغيب‪.‬‬ ‫‪ 1‬قوت القلوب‬

‫‪67‬‬


‫حياة العظماء‬

‫إال وكل ﷲ به ملكين يقوالن‪ :‬ولك بمثل‪.‬أفال أرغب أن تدعو لي المالئكة‬

‫‪1‬‬

‫أقسام االجتماع باإلخوان‬ ‫»أحدھما ‪ «:‬اجتماع على مؤانسة الطمع وشغل الوقت‪ ،‬فھذا مضرته أرجح من منفعته‪ ،‬وأقل‬ ‫ما فيه يفسد القلب ويضيع الوقت ‪.‬‬ ‫»ثانيھما ‪ «:‬االجتماع بھم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق‪ ،‬والصبر ‪ .‬فھذا‬ ‫من أعظم الغنيمة وأنفعھا ‪ .‬ولكن فيه ثالث آفات ‪:‬‬ ‫»األولى ‪ «:‬تزين بعضھم لبعض ‪.‬‬ ‫»الثانية ‪ «:‬الكالم والخلطة أكثر من الحاجة ‪.‬‬ ‫»الثالثة ‪ «:‬أن يصير ذلك شھوة وعادة ينقطع بھا عن المقصود ‪.‬‬ ‫وبالجملة فاالجتماع والخلطة لقاح إما للنفس األمارة وإما للقلب والنفس المطمئنة‪ ،‬والنتيجة‬ ‫مستفادة من اللقاح‪ ،‬فمن طاب لقاحه طابت ثمرته‪ ،‬وھكذا األرواح الطيبة لقاحھا من الملك‬ ‫والخبيثة لقاحھا من الشيطان ‪ .‬وقد جعل ﷲ سبحانه برحمته الطيبات للطيبين‪ ،‬والطيبين للطيبات‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وعكس ذلك ‪.‬‬ ‫قال الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين‪:‬‬ ‫لقاء الناس ليس يفيد شيئا ً ***** سوى الھذيان من قيل وقال‬ ‫فأقلل من لقاء الناس إال ***** ألخذ العلم أو إصالح حال‬ ‫أنت في الناس تقاس*****بالذي اخترت خليالً‬ ‫فاصحب األخيار تعلوا*****وتنل ذكرا جميالً‬ ‫يقول بن القيم عن ايثار الصديق ]وال يقطع عليك طريقا أي ال يقطع عليك طريق الطلب‬ ‫والمسير إلى ﷲ تعالى مثل أن تؤثر جليسك على ذكرك وتوجھك وجمعيتك على ﷲ فتكون قد‬ ‫آثرته على ﷲ وآثرت بنصيبك من ﷲ ما ال يستحق اإليثار فيكون مثلك كمثل مسافر سائر على‬ ‫الطريق لقيه رجل فاستوقفه وأخد يحدثه ويلھيه حتى فاته الرفاق وھذا حال أكثر الخلق مع‬ ‫الصادق السائر إلى ﷲ تعالى فإيثارھم عليه عين الغبن وما أكثر المؤثرين على ﷲ تعالى غيره‬ ‫وما أقل المؤثرين ﷲ على غيره[‬ ‫أخر عالج "الكي"‬ ‫يقول بن عباس رضي ﷲ عنه ‪) :‬لما توفي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قلت لرجل من‬ ‫األنصار ‪ :‬ھلم نسأل أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فإنھم اليوم كثير ‪ ،‬فقال ‪ :‬واعجبا لك‬ ‫يا بن عباس ! أترى الناس يحتاجون إليك‪ ،‬وفي الناس من أصحاب النبي عليه السالم من ترى ؟‬ ‫فترك ذلك ‪ .‬وأقبلت على المسألة ‪ ،‬فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وھو قائل ‪ ،‬فأتوسد‬ ‫ردائي على بابه ‪ ،‬فتسفى الريح على التراب ‪ ،‬فيخرج فيراني ‪ ،‬فيقول‪ :‬يابن عم رسول ﷲ ! أال‬ ‫أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول ‪:‬أنا أحق أن آتيك ‪ ،‬فأسألك ‪ .‬قال‪ :‬فبقى الرجل حتى رآني وقد اجتمع‬ ‫الناس علي‪ :‬فقال ‪ ):‬ھذا الفتى أعقل مني (‪.‬‬ ‫فلما ريتك ال صاحب تقى‬ ‫‪ 1‬سير اعالم النبالء‬ ‫‪ 2‬الفوائد‬

‫‪68‬‬

‫و ال انت بالعابد‬


‫حياة العظماء‬

‫و ال بالعداوة بالمتقيك‬ ‫ذھبت بك السوق سوق الرقيق‬ ‫فما ان رايت سوى واحد‬ ‫فبعتك منه بال شاھد‬ ‫و عدت الى منزلى حامد‬

‫و ال بالصداقة بالحامد‬ ‫و ناديت ھل من شاھد‬ ‫يزيد على درھم واحد‬ ‫مخافة ردك بالشاھد‬ ‫و عاد البالء على الناقد‬

‫كيف تقول "ال"‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ما قال ال قَط إال في تَشھده ‪ ...‬لوالَ التَ َشھُ ُد كانَت الؤهُ نَ َع ُم‬ ‫"ال" اصعب كلمه و أفضل كلمه‬ ‫اصعب كلمه على النفس‬ ‫و افضل كلمه اذا كانت في "ال اله اال ﷲ "‬ ‫و ھناك من الرفقاء من يقضون معك الوقت بنيه حسنه و ھى المؤانسه لكنھم يضيعون‬ ‫وقتك و وقتھم و قد اشتكى منھم اإلما ُم ُ‬ ‫صيْد‬ ‫الجوزيﱢ ‪ -‬رحمه ﷲ ‪ -‬في كتابه الجميل " َ‬ ‫ابن َ‬ ‫الخاطر" بأ ﱠن ھناك ُز ﱠوارًا ثُقال َء كانوا يأتونه بكثر ٍة‪ ،‬ولم يستط ْع ْ‬ ‫ُخرجھم ِمن بيته‪ ،‬فكان‬ ‫أن ي َ‬ ‫يُق ﱢ‬ ‫ت الذي يأتيه فيه أولئك ال ﱡثقالء‪ ،‬ويَبري األقال َم‪ ،‬حتﱠى إذا خرج‬ ‫طع الورق في ذاك الوق ِ‬ ‫ﱡ‬ ‫الز ﱠوار شرع في التﱠصنيف والتﱠأليف‪ ،‬وال ِكتابة بأقال ِمه بتلك األوراق التي قطﱠعھا‪ ،‬فيكون قد‬ ‫استغ ﱠل وقتَه بما ينفعه فيما بع ُد‪.‬‬ ‫كيف تقول ال لمضيعي االوقات‬ ‫• ال تتحرج من قول "ال "‬ ‫إذا قلت في شئ نعم فأتمه * فإن نعم دين على الحر واجب‬ ‫وإال فقل ال فاسترح وأرح بھا * لكيال يقول الناس إنك كاذب‬

‫‪69‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الصورة الذاتية‬ ‫أن أفضل اعداد للنجاح ھو تكوين صورة ذاتية ايجابية‬ ‫تأمل في قول محمد على كالي في الحلبه ‪":‬أنا االعظم"‬ ‫‪I am the greatest, I said that even before I knew I was‬‬ ‫انا االفضل ‪ ..‬كنت اقولھا حتى قبل ان اعلم اني كذلك‬

‫‪I figured that if I said it enough, I would convince the world that I‬‬ ‫‪really was the greatest.‬‬ ‫عرفت اني اذا قلتھا باستمرار ‪ -‬انني االفضل ‪ -‬سأقنع العالم بأنني فعال االفضل‬ ‫يقول اقبال‪: 1‬‬ ‫و تحسب أنك جر ٌم صغي ٌر‪ .‬و فيك انطوى العال ُم األكب ُر‬ ‫ان كال منا لدية ھبات من ﷲ و اقل واحد منا عنده من الھبات ما اذا استغله لذكره اھل زمانه‬ ‫و اثنوا عليه ‪ ،‬و انت متميز يكفي انك مسلم و تجيد القراءه و تھواھا و تسعى الى تطوير نفسك‬ ‫كان المدرب يقول لنا و نحن صغار ‪":‬تخيل نفسك و أنت تفعلھا قبل أن تفعلھا "‬ ‫لقد أعطى كل منا قالب طوب احمر لنحطمه بأيدينا و كان محروقا فكان شديد الصالبه‬ ‫فتكسرت ايدينا فأخبرنا المدرب ‪":‬تخيل نفسك و أنت تفعلھا تخيل يدك و ھى تحطم قالب الطوب‬ ‫تخيل الصورة بقوه و ستحطمه " و ھو ما حدث بالفعل ‪.‬‬ ‫و في أحد المرات كان احد اصدقائي يمسك شيئا و يرفعه عاليا حتى اقفز و المسه بقدمي ‪ ،‬ثم‬ ‫رفعه الى مستوى اعلى بكثير عن اعلى مستوى وصلت اليه و كان تحدى و امام العديد فتخيلت‬ ‫نفسي اقفز ھذه القفزة العالية و الحمد " كسبت التحدي‬ ‫يقول احمد امين ]إذا اعتقدت أنك مخلوق للصغير من األمور لم تبلغ في الحياة إال الصغير‪،‬‬ ‫وإذا اعتقدت أنك مخلوق لعظائم األمور شعرت بھمة تكسر الحدود والحواجز‪ ،‬وتنفذ منھا إلى‬ ‫الساحة الفسيحة‪ ،‬والغرض األسمى‪.‬‬ ‫ومصداق ذلك حادث في الحياة المادية‪ ،‬فمن دخل مسابقة مائة متر شعر بالتعب إذا ھو‬ ‫قطعھا‪ ،‬ومن دخل مسابقة أربعمائة متر لم يشعر بالتعب من المائة والمائتين؛ فالنفس تعطيك من‬ ‫الھمة بقدر ما تحدد من الغرض‪ ،‬حدد غرضك‪ ،‬وليكن ساميا ً صعب المنال‪ ،‬ولكن ال عليك في‬ ‫ذلك ما دمت كل يوم تخطو إليه خطواً جديداً‪[.‬‬ ‫]ثم ال شيء أقتل للنفس من شعورھا بضعتھا‪ ،‬وصغر شأنھا‪ ،‬وقلة قيمتھا‪ ،‬وأنھا ال يمكن أن‬ ‫يصدر عنھا عمل عظيم‪ ،‬وال ينتظر منھا خير كبير‪.‬‬ ‫ھذا الشعور بالضعة يفقد اإلنسان الثقة بنفسه‪ ،‬واإليمان بقوتھا؛ فإذا أقدم على عمل ارتاب في‬ ‫مقدرته‪ ،‬وفي إمكان نجاحه‪ ،‬وعالجه بفتور؛ ففشل فيه‪.‬‬ ‫الثقة بالنفس فضيلة كبرى عليھا عماد النجاح في الحياة‪ ،‬وشتان بينھا وبين الغرور الذي يعد‬ ‫الزائف‪ ،‬والثقةَ بالنفس‬ ‫الكبر‬ ‫الخيال‪ ،‬وعلى‬ ‫الغرور اعتماد النفس على‬ ‫رذيلة‪ ،‬والفرق بينھما أن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعتما ُدھا على مقدرتھا على تحمل المسؤولية‪ ،‬وعلى تقوية ملكاتھا‪ ،‬وتحسين استعدادھا‪[.‬‬ ‫‪ 1‬الشاعر المسلم الھندي الكبير يقول عنه طاغور ـ شاعر الھند‪:‬‬ ‫"لقد خلفت وفاة إقبال في أدبنا فرا ًغا أشبه بالجرح المثخن الذي ال يندمل إال بعد أمد طويل‪ ،‬إن موت شاعر عالمي كإقبال مصيبة تفوق‬ ‫احتمال الھند التي لم ترتفع مكانتھا في العالم"‪.‬‬

‫‪70‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول على الطنطاوي]وھذا العالمة المؤرخ الشيخ الخضري أصيب في أواخر عمره بِتَ َو ﱡھ ِم‬ ‫أن في أمعائه ثعباناً‪ ،‬فراجع األطباء‪ ،‬وسأل الحكماء؛ فكانوا يدارون الضحك حياءاً منه‪،‬‬ ‫ويخبرونه أن األمعاء قد يسكنھا الدود‪ ،‬ولكن ال تقطنھا الثعابين‪ ،‬فال يصدق‪ ،‬حتى وصل إلى‬ ‫طبيب حاذق بالطب‪ ،‬بصير بالنفسيات‪ ،‬قد َس ِمع بقصته‪ ،‬فسقاه ُم َسھﱢالً وأدخله المستراح‪ ،‬وكان‬ ‫وضع له ثعبانا ً فلما رآه أشرق وجھه‪ ،‬ونشط جسمه‪ ،‬وأحس بالعافية‪ ،‬ونزل يقفز قفزاً‪ ،‬وكان قد‬ ‫صعد متحامالً على نفسه يلھث إعياءاً‪ ،‬و يئن ويتوجع‪ ،‬ولم يمرض بعد ذلك أبداً‪.‬‬ ‫ما َشفِي الشيخ ﱠ‬ ‫ألن ثعبانا ً كان في بطنه ونَزَ ل‪ ،‬بل ألن ثعبانا ً كان في رأسه وطار؛ ألنه أيقظ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ى إذا عرفتم كيف تفيدون منھا صنعت‬ ‫قوى نفسه التي كانت نائمة‪ ،‬وإن في النفس اإلنسانية لقو ً‬ ‫لكم العجائب‪[.‬‬ ‫يقول االستاذ مصطفى لطفي المنفلوطي ‪ ":‬من العجز أن يزدري المرء نفسه فال يقيم لھا‬ ‫وزناً‪ ،‬وأن ينظر إلى من فوقه من الناس نظر الحيوان األعجم إلى الحيوان الناطق‪ ،‬وعندي أن‬ ‫من يخطئ في تقدير قيمته مستعليا ً خير ممن يخطئ في تقديرھا متدلياً؛ فإن الرجل إذا صغرت‬ ‫نفسه في عين نفسه يأبى لھا من أعماله وأطواره إال ما يشاكل منزلتھا عنده؛ فتراه صغيراً في‬ ‫علمه‪ ،‬صغيراً في أدبه‪ ،‬صغيراً في مروءته وھمته‪ ،‬صغيراً في ميوله وأھوائه‪ ،‬صغيراً في جميع‬ ‫شؤونه وأعماله؛ فإن عظمت نفسه عظم بجانبھا كل ما كان صغيراً في جانب النفس الصغيرة‪.‬‬ ‫ولقد سأل أح ُد األئمة العظماء ولدَه _ وكان نجيبا ً _‪ :‬أيﱡ غاية تطلب في حياتك يا بني؟ وأي‬ ‫رجل من عظماء الرجال تحب أن تكون ؟‬ ‫فأجابه‪ :‬أحب أن أكون مثلك‪ ،‬فقال‪ :‬ويحك يا بني لقد ص ﱠغرت نفسك‪ ،‬وسقطت ھمتك؛ فلتبك‬ ‫على عقلك البواكي‪ ،‬لقد ق ّدرت لنفسي يا بني في مبدأ نشأتي أن أكون كعلي بن أبي طالب؛ فما‬ ‫ُ‬ ‫بلغت تلك المنزلة التي تراھا‪ ،‬وبيني وبين علي ما تعلم‪ ،‬من الشأو البعيد‬ ‫زلت أج ﱡد‪ ،‬وأكدح حتى‬ ‫والمدى الشاسع؛ فھل يسرك‪ ،‬وقد طلبت منزلتي أن يكون ما بينك وبيني من المدى مثل ما بيني‬ ‫وبين عل ّي ؟"‬ ‫ال ترسم لنفسك صورة سلبية النك خسرت تجربة او لم تجتاز مقابلة شخصية انك لن تنجح‬ ‫‪ ،‬كل الناجحين مروا بتجارب فشل بل و بمعدالت اكبر من الفاشلين لكنھم لم ييأسوا‬

‫و ال تدع احدا يرسم لك صورتك الذاتية السلبية ‪:‬‬ ‫لالسف نجد كثيرا من الناس يرسمون لنا صورتنا الذاتية ‪ ،‬فالمدرس يقول للتلميذ ‪":‬يا فاشل "‬ ‫ألنه أخطا في حل مسئله ‪ ،‬و ال يعلم انه بھذه الجمله بالنسبه للطفل اشبه بالقاضي الذي اصدر‬ ‫حكم عليه مدى الحياة‬ ‫و تذكر‬ ‫"مھما كان اعتقادك عن نفسك فأنت افضل منه "‬

‫‪71‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الشكر‬ ‫من لم يشكر النعم ‪ ،‬فقد تعرض لزوالھا و من شكرھا فقد قيدھا بعقالھا‬ ‫سمع ﷲ لمن حمده‬ ‫كان النبي صلى ﷲ عليه وسلم إذا تھجد من الليل قال ‪ ) :‬اللھم ربنا لك الحمد ‪ ،‬أنت قيم‬ ‫السموات واألرض ‪ ،‬ولك الحمد ‪ ،‬أنت رب السماوات واألرض ومن فيھن ‪ ،‬ولك الحمد ‪،‬‬ ‫أنت نور السموات واألرض ومن فيھن ‪ ،‬أنت الحق ‪ ،‬وقولك الحق ‪ ،‬ووعدك الحق ‪ ،‬ولقاؤك‬ ‫الحق ‪ ،‬والجنة حق ‪ ،‬والنار حق ‪ ،‬والساعة حق ‪ ،‬اللھم لك أسلمت ‪ ،‬وبك آمنت ‪ ،‬وعليك‬ ‫توكلت ‪ ،‬وإليك خاصمت ‪ ،‬وبك حاكمت ‪ ،‬فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ‪ ،‬وأسررت وأعلنت‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ ،‬وما أنت أعلم به مني ‪ ،‬ال إله إال أنت ( ‪.‬‬ ‫‪ .1‬من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ‪ ،‬و من لم يشكر الناس ‪ ،‬لم يشكر ﷲ ‪ ،‬و‬ ‫‪3‬‬ ‫التحدث بنعمة ﷲ شكر ‪ ،‬وتركھا كفر ‪ ،‬و الجماعة رحمة ‪ ،‬و الفرقة عذاب‬ ‫‪1‬‬

‫إذا كنت في نعمة فارعھا فأن المعاصي تزيل النع ْم‬ ‫وداوم عليھا بشكر اإلل ِه فأن اإلله سريع النق ْم‬

‫مفاتيح الشخصية‬ ‫ً‬ ‫أن لكل شخصية مفتاحا تصل به الى صاحبھا‬ ‫أنظر الى رسول ﷲ‬ ‫َ‬ ‫َار أبِى ُس ْفيَانَ فَھ َُو آ ِم ٌن‬ ‫• يعلم أن أبو سفيان رجل يحب الفخر فيقول ‪َ » :‬م ْن َدخَ َل د َ‬ ‫‪4‬‬ ‫«‬ ‫• يأتى إلَ ْي ِه ْال ُحلَي َ‬ ‫ْس ْبنَ ع َْلقَ َمةَ يوم الحديبية َو َكانَ يَوْ َمئِ ٍذ َسيّ َد االحباش ؛ فَلَ ّما َرآهُ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫َرسُو ُل ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ي فِي َوجْ ِھ ِه َحتّى‬ ‫إن ھَ َذا ِم ْن قَوْ ٍم يَتَأَلّھُونَ فَا ْب َعثُوا ْالھَ ْد َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم قَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ول‬ ‫ض ْال َوا ِدي فِي قَ َالئِ ِد ِه َوقَ ْد أَ َك َل أَوْ بَ َ‬ ‫يَ َراهُ فَلَ ّما َرأَى ْالھَ ْد َ‬ ‫ارهُ ِم ْن طُ ِ‬ ‫ي يَ ِسي ُل َعلَ ْي ِه ِم ْن عُرْ ِ‬ ‫‪ 1‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 2‬صحيح الجامع‬ ‫‪ 3‬صحيح الترغيب‬ ‫‪ 4‬صحيح مسلم‬

‫‪72‬‬


‫حياة العظماء‬

‫صلّى ّ‬ ‫صلْ إلَى َرسُو ِل ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم إ ْع َ‬ ‫ظا ًما‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ش ‪َ ،‬ولَ ْم يَ ِ‬ ‫ْس ع َْن َم ِحلّ ِه َر َج َع إلَى قُ َر ْي ٍ‬ ‫ْال َحب ِ‬ ‫ال اب ُْن‬ ‫ال فَقَالُوا لَهُ اجْ لِسْ فَإِنّ َما أَ ْنتَ أَ ْع َرابِ ّي َال ِع ْل َم لَك ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال لَھُ ْم َذلِكَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫لَ َما َرأَى ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ق ‪ :‬فَ َح ّدثَنِي َع ْب ُد ّ‬ ‫ش‬ ‫ْحا َ‬ ‫ب ِع ْن َد َذلِكَ َوقَ َ‬ ‫َض َ‬ ‫ﷲِ ب ُْن أَبِي بَ ْك ٍر ‪ :‬أَ ّن ْال ُحلَي َ‬ ‫إس َ‬ ‫ْس غ ِ‬ ‫ال يَا َم ْع َش َر قُ َر ْي ٍ‬ ‫ت ّ‬ ‫َ‬ ‫َو َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﷲِ َم ْن َجا َء ُم َعظّ ًما لهَُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﷲِ َما َعلى ھَذا َحالفنَاك ْم ‪َ ،‬و َال َعلى ھَذا عَاق ْدنَاك ْم ‪ .‬أيُ َ‬ ‫ص ّد ع َْن بَ ْي ِ‬ ‫يش نَ ْف َرةَ َرج ٍُل‬ ‫ْس بِيَ ِد ِه لَتُخَلّ ّن بَ ْينَ ُم َح ّم ٍد َوبَ ْينَ َما َجا َء لَهُ أَوْ َألَ ْنفِ َرن بِ ْاألَ َحابِ ِ‬ ‫َواَلّ ِذي نَ ْفسُ ْال ُحلَي ِ‬ ‫ال فَقَالُوا لَهُ َم ْه ُك ّ‬ ‫ضى بِ ِه‬ ‫ف َعنّا يَا ُحلَيْسُ َحتّى نَأْ ُخ َذ ِألَ ْنفُ ِسنَا َما نَرْ َ‬ ‫اح ٍد ‪ .‬قَ َ‬ ‫َو ِ‬ ‫• قال أنس بن مالك رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬ما سئل رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫على اإلسالم شيئا إال أعطاه ‪ ،‬ولقد جاءه رجل فأعطاه غَنما بين جبَلين ‪ ،‬فرجع إلى قومه‬ ‫فقال ‪ :‬يا قوم أسلِ ُموا ‪ ،‬فإن محمدا يعطي عطا َء من ال يخشى الفقر ‪ ،‬وإن كان الرج ُل‬ ‫ُ‬ ‫يلبث إال يسيرا حتى يكون اإلسالم أحبﱠ إليه من الدنيا وما‬ ‫لَيُ ْسلِ ُم ما ي ُِريد إال الدنيا ‪ ،‬فما‬ ‫عليھا «‪.1‬‬ ‫و تعلم بن مسعود الدرس من المعلم مر ذات يوم في موضع من نواحي الكوفة وإذا الفساق قد‬ ‫اجتمعوا في دار رجل منھم وھم يشربون الخمر ومعھم مغن يقال له زاذان كان يضرب بالعود‬ ‫ويغني بصوت حسن فلما سمع ذلك عبد ﷲ بن مسعود قال ما أحسن ھذا الصوت لو كان بقراءة‬ ‫كتاب ﷲ تعالى كان أحسن‬ ‫وجعل رداءه على رأسه فمضى فسمع ذلك الصوت زاذان فقال من ھذا قالوا كان عبد ﷲ بن‬ ‫مسعود صاحب رسول ﷲ قال وايش قال قالوا "قال ما أحسن ھذا الصوت لو كان بقراءة كتاب‬ ‫ﷲ كان أحسن"‬ ‫فدخلت الھيبة في قلبه فقام وضرب بالعود على األرض فكسره ثم أدركه وجعل المنديل على‬ ‫عنق نفسه وجعل يبكي بين يدي عبد ﷲ فأعتنقه عبد ﷲ وجعل يبكي كل واحد منھما ثم قال عبد‬ ‫ﷲ "كيف ال أحب من أحب ﷲ"‬ ‫فتاب من ضربه بالعود وجعل مالزما عبد ﷲ حتى تعلم القرآن وأخذ الحظ الوافر من العلم‬ ‫حتى صار إماما في العلم‬ ‫و تعال لننظر الى حكمه المحدث شعبة مع القعنبي اكبر الرواه عن مالك‬ ‫لم يرو القعنبي عن شعبة غير حديث واحد وله شرح‪ :‬حدثني بعض القضاة عن بعض ولد‬ ‫القعنبي بالبصرة قال‪ :‬كان أبي يشرب النبيذ ويصحب األحداث فدعاھم يوما ً وقد قعد على الباب‬ ‫ينتظرھم فمر شعبة على حماره والناس خلفه يھرعون فقال‪ :‬من ھذا؟ قيل‪ :‬شعبة قال‪ :‬وأيش‬ ‫شعبة؟ قالوا‪ :‬محدث‪.‬‬ ‫فقام إليه وعليه إزار أحمر فقال له‪ :‬حدثني فقال له‪ :‬ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك‬ ‫فأشھر سكينه وقال‪ :‬تحدثني أو أجرحك؟ فقال له‪ :‬حدثنا منصور عن ربعي عن أبي مسعود قال‪:‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " فرمى سكينه ورجع إلى‬ ‫منزله فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب فھراقه وقال ألمه‪ :‬الساعة أصحابي يجيئون‬ ‫فأدخليھم وقدمي الطعام إليھم فإذا أكلوا فخبريھم بما صنعت بالشراب حتى ينصرفوا ومضى من‬ ‫وقته إلى المدينة فلزم مالك بن أنس فأثر عنه ثم رجع إلى البصرة وقد مات شعبة فما سمع منه‬ ‫غير ھذا الحديث‪.‬‬ ‫أن فھم لمفاتيح شخصية محدثك يسھل عليك الكثير من األمور ‪ :‬فقد يكون صالحا يكفيه أن‬ ‫تقول له ‪ :‬قال ﷲ ‪ ،‬قال رسول ﷲ ‪،‬‬ ‫‪ 1‬أخرجه مسلم‬

‫‪73‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و قد يكون محتاجا لكلمه مديح ‪ ،‬او شقي ال ينتھى اال بالزجر و التھديد‬ ‫ھناك أشخاص مرتبطون بأسرھم فلو دخلت اليه من منطلق اآلسره لسھل عليك الوصول ‪،‬‬

‫يل ﱠ‬ ‫ض ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ‬ ‫ﷲِ َال تُ َكلﱠفُ إِ ﱠال نَ ْف َ‬ ‫فَقَاتِ ْل فِي َ‬ ‫سب ِ ِ‬ ‫سكَ َو َح ﱢر ِ‬ ‫أبدأ بنفسك فأنت مسؤول عنھا و أدعو غيرك فلك أجر من تبعك‬ ‫كان عبد الواحد ن زياد يقول ‪":‬ما بلغ الحسن البصري إلى ما بلغ اال لكونه إذا امر الناس‬ ‫بشئ يكون أسبقھم اليه و إذا نھاھم عن شئ يكون أبعدھم منه"‬ ‫و أحذر أن تدعو الى الخير و ال تأتية و تدعو الى الباطل و أنت واقع فيه‬ ‫يا أيھا الرجل المعلم غيره ===== ھال لنفسك كان ذا التعليم‬ ‫ابدأ بنفسك فانھھا عن غيھا ==== فإذا انتھيت عنه فأنت حكيم‬ ‫فھناك يقبل ما تقول ويقتدى ===== بالقول منك وينفع التعليم‬ ‫ال تنه عن خلق وتأتي مثله ===== عار عليك إذا فعلت عظيم‬ ‫‪1‬‬

‫ض َوھُ َو ْال َع ِزي ُز ْال َح ِكي ُم )‪ (1‬يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا لِ َم‬ ‫اوا ِ‬ ‫} َسب َﱠح ِ ﱠ"ِ َما فِي ال ﱠس َم َ‬ ‫ت َو َما فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫تَقُولُونَ َما َال تَ ْف َعلُونَ )‪َ (2‬كب َُر َم ْقتًا ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ﷲِ أَ ْن تَقُولُوا َما َال تَ ْف َعلُونَ )‪{ (3‬الصف‬ ‫وقال رجل البن عباس‪ :‬أريد أن آمر بالمعروف وأنھى عن المنكر‪ ،‬فقال له ابن عباس‪ :‬إن لم‬ ‫اس بِ ْالبِرﱢ‬ ‫تخش أن تفضحك ھذه اآليات الثالث فافعل‪ ،‬وإال فابدأ بنفسك‪ ،‬ثم تال‪ :‬أَتَأْ ُمرُونَ النﱠ َ‬ ‫َاب أَفَال تَ ْعقِلُونَ ]البقرة‪.[44:‬‬ ‫َوتَ ْن َسوْ نَ أَ ْنفُ َس ُك ْم َوأَ ْنتُ ْم تَ ْتلُونَ ْال ِكت َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ :‬كب َُر َم ْقتا ً ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ﷲِ أَ ْن تَقُولُوا َما ال تَ ْف َعلُونَ ]الصف‪.[3:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السالم‪َ :‬و َما أ ِري ُد أَ ْن أخَ الِفَ ُك ْم إِلَى َما أَ ْنھَا ُك ْم َع ْنهُ ]ھود‪:‬‬ ‫‪.[88‬‬

‫االجتھاد‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫} َوال ِذينَ َجاھَدوا فِينَا لنھ ِديَنھُ ْم ُسبُلنَا{‬ ‫و كان رسول ﷲ يستعيذ من الكسل }اللھم إني أعوذ بك من الھم والحزن ‪ ،‬والعجز‬ ‫‪2‬‬ ‫والكسل ‪ ،‬والبخل ‪ ،‬والجبن ‪ ،‬وضلع الدين ‪ ،‬وغلبة الرجال{‬ ‫‪3‬‬ ‫من اشرقت بدايته اشرقت نھايته‬ ‫ال تخف أبداً من المحاولة‪ ،‬تذكر أن ھواة بنوا سفينة نوح‪ ..‬وخبراء بنوا سفينة التايتانيك‬ ‫‪ 1‬النساء ايه ‪84‬‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬الحكم العطائية‬

‫‪74‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فرصتك في النجاح تزداد مع كل محاولة‬ ‫وقل من جد في أمر يحاوله * * * وأستعمل الصبر إال فاز بالظفر‬ ‫من رمى بسھم وأخطأ فإنه حتما يصحح موقعه ‪ ،‬وإن رغبتم بلوغ الھدف اتخذوا رامي‬ ‫السھام مثال‪.‬‬ ‫قال محمد علي كالي‬ ‫‪I hated every minute of training, but I said, ''Don't quit. Suffer now‬‬ ‫‪and live the rest of your life as a champion''.‬‬ ‫كرھت كل لحظة من التدريب ولكني كنت اقول ) التستسلم ( اتعب االن ثم عش بطال‬ ‫باقي حياتك‬ ‫يقول عثمان احمد عثمان ‪":‬تعلمت أنه من جد وجد و من زرع حصد و تعلمت أن الرزق‬ ‫ض َذلُ ً‬ ‫وال‬ ‫ال يسعى الى االنسان و لكن كما قال ﷲ سبحانه و تعالى } ھُ َو الﱠ ِذي َج َع َل لَ ُك ُم ْاألَرْ َ‬ ‫فَا ْم ُشوا فِي َمنَا ِكبِھَا َو ُكلُوا ِم ْن ِر ْزقِ ِه َوإِلَ ْي ِه ال ﱡن ُشو ُر )‪"{ (15‬‬ ‫يقول االستاذ احمد امين ‪ ]:‬كل شيء في الحياة يجاھد‪ ،‬الجسم يجاھد المكروبات حوله‬ ‫وفيه‪ ،‬والصحة ال تعتمد على الوقاية وحدھا‪ ،‬وإنما خير من الوقاية =الحيوية‪ +‬بالرياضة‬ ‫والعمل والحركة والنشاط وما إلى ذلك‪.‬‬ ‫وإنما يعتمد على الوقاية‪ ،‬والسكون‪ ،‬وقلة الحركة والسير الدقيق على طرق العالج _‬ ‫ص َحاء فيعتمدون قليالً على الوقاية‪،‬‬ ‫المرضى في أَ ِس ﱠرتِھم‪ ،‬والمرضى في المستشفيات‪ ،‬أَ ﱠما األَ ِ‬ ‫وكثيراً على الحيوية والعمل‪.‬‬ ‫والعقل يجاھد األفكار السقيمة‪ ،‬والخياالت السامة‪ ،‬وخير وسيلة للتغلب عليھا حيويته‪،‬‬ ‫ونشاطه‪ ،‬وتفكيره المنتج‪ ،‬ال خنوعه واستسالمه‪.‬‬ ‫وھكذا كل شيء في الحياة جھاد‪ ،‬والجھاد الصحيح يعتمد على اإلرادة الصحيحة‪،‬‬ ‫والتجارب الدائمة‪ ،‬والعمل المستمر‪.‬‬ ‫ى متفاعلة أبداً‪ ،‬من‬ ‫إن العالم مملوء بالحيوية‪ ،‬وھو في حركة دائمة‪ ،‬ونشاط مستمر‪ ،‬وقُو ً‬ ‫كھرباء وقوى ذرية‪ ،‬وحرارة وبرودة‪ ،‬ورياح وعواصف‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫النشيط إنما ھو َمن انسجم معه بالعمل والقوة‬ ‫المتحرك‬ ‫العالم‬ ‫فالذي ينجح في ھذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحيوية‪ ،‬ولذلك كان السكون التام موتا ً‪[.‬‬ ‫وال ينال المعالي الغر غير فتى *** يدوس شوك العوالي غير منتعل‬ ‫من جد وجد و من زرع حصد‬ ‫يقول االمام الشافعي‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫سھرى لتنقيح العلوم ألذ لى * من وصل غانية وطيب عناق‬ ‫وتمايلى طربا لحل عويصة * أشھى وأعظم من مدامة ساق‬ ‫وألذ من نقر الفتاة لدفھا * نقرى أللقى الرمل عن أوراقى‬ ‫وصرير أقالمى على صفحاتھا * أبھى من العشق والعشاق‬ ‫أأبيت سھران الدجى وتبيته * نوما وتبغى بعد ذاك لحاقى؟‬

‫‪75‬‬


‫حياة العظماء‬

‫إن عالي الھمة يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته ‪،‬وتحقيق بغيتته ‪ ،‬النه يعلم‬ ‫أن المكارم منوطة بالمكاره ‪.‬‬ ‫وأعلم ّ‬ ‫بأن العلم ليس يناله من ھمه في مطعم أو ملبس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فاجعل لنفسك منه حظا وافرا واھجر له طيب الرقاد وعبس‬ ‫فلعل يوما ً إن حضرت بمجلس كنت الرئيس وفخر ذاك المجلس‬ ‫قال بعض الصالحين ‪" :‬ا ﱠدخر راحتك لقبرك‪ ،‬وقﱢلل من لھوك ونومك‪ ،‬ﱠ‬ ‫فإن من ورائك‬ ‫نومةً صبحھا يوم القيامة"‪.‬‬ ‫بصرت بالراحة الكبرى فلم أرھا ‪........‬تُنال إال على جسر من التعب ِ‬ ‫وقال آخر ‪:‬‬ ‫فقل لمرجي معالي األمور ‪..........‬بغير اجتھاد ‪ :‬رجوت المحـــاال‬ ‫وقال آخر ‪:‬‬ ‫لوال المشقة ساد الناس كلھ ُم ‪..........‬الجود يفقر واإلقدام قتــﱠال‬ ‫وقال آخر ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األھوال من بعـد قحــم ْ‬ ‫والذي يركب بحـــرا سيرى ‪.........‬ق َحـــــ َم‬ ‫ِ‬ ‫وقال آخر ‪:‬‬ ‫الذل في دَعــة النفوس والأرى ‪ِ .........‬عــ ﱠز المعيـشـــة دون أن يشقى لھا‬ ‫‪--------‬‬‫كان أبو موسى األشعري رضي ﷲ عنه ــــ يصوم حتى يعود كالخالل ـ‬ ‫العود الذي يخلل األسنان ــ فقيل له ‪:‬‬ ‫" لو أجممت نفسك ؟ " ــ أي ‪:‬‬ ‫تركتھا تستريح ــ فقال ‪:‬‬ ‫" ھيھات ! إنم يسبق من الخير ال ُمضمرة "‬ ‫‪----------------‬‬‫و قد قيل‪ :‬من طلب الراحة ‪ ،‬ترك الراحة ‪.‬‬ ‫و سافر بن عساكر فوصف رحلته قائال‬ ‫وأنا الذي سافرت في طلب الھدى‪........‬سفرين بين فدافد وتنائف‬ ‫وأنا الذي ط ﱠوفت غير مدينـــة‪........‬من أصبھان إلى حدود الطائف‬ ‫الشرق قد عاينت أكثر مــدنه‪ .........‬بعد العراق وشامنا المتعارف‬ ‫وجمعت في األسفار كل نفيسة‪ .........‬ولقيت كل مخالف ومؤالف‬ ‫وسمعت سنة أحمد من بعد ما‪ .........‬أنفقت فيھا تالدي مع طارفي‬ ‫و قال عطاء بن أبي رباح مفتي مكة‪:‬‬ ‫" ألن أرى في بيتي شيطانا ً ‪ ،‬خير من أن أرى فيه وسادة النھا تدعو إلى النوم "‬ ‫قال اإلمام المحقق ــ رحمه ﷲ ــ‪:‬‬ ‫) وقد أجمع عقالء كل أمة على أن النعيم اليدرك بالنعيم ‪،‬‬ ‫وأن من آثر الراحة ‪ ،‬فاتته الراحة ‪ ،‬وأن بحسب ركوب األھوال ‪،‬‬ ‫واحتمال المشاق ‪ ،‬تكون الفرحة واللذة ‪ ،‬فال فرحة لمن الھم له ‪،‬‬ ‫وال لذة لمن الصبر له ‪ ،‬والنعيم لمن الشقاء له ‪ ،‬وال راحة لمن التعب له‬ ‫‪76‬‬


‫حياة العظماء‬

‫بل إذا تعب العبد قليالً ‪ ،‬استراح طويالً ‪ ،‬وإذا تحمل مشقة الصبر ساعة قادة لحياة األبد‬ ‫وكل مافيه أھل النعيم المقيم فھو صبر ساعة وﷲ المستعان ‪،‬‬ ‫والقوة إال با" ‪.‬‬ ‫وكلما كانت النفوس أشرف ‪ ،‬والھمة أعلى ‪ ،‬كان تعب البدن أوفر‬ ‫وحظه من الراحة أقل ‪ ،‬كما قال المتنبي ‪:‬‬ ‫وإذا النفوس ُكن كباراً ‪........‬تعبت في مرادھا األجسام‬ ‫وقال ابن الرومي ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مضي األمور ونفسٌ لھوھا التعبُ‬ ‫قلب يطل على على أفكاره وي ٌد ‪........‬ت ِ‬ ‫وقال مسلم في "صحيحه " ‪:‬‬ ‫) قال يحيى بن أبي كثير ‪ " :‬اليُنال العلم براحة البدن "(‬ ‫والريب عند كل عاقل أن كمال الراحة بحسب التعب ‪،‬‬ ‫وكمال النعيم بحسب تحمل المشقة في طريقه ‪،‬‬ ‫وإنما تخلص الراحة واللذة والنعيم في دار السالم‬ ‫فاما في ھذه الدار فكال ول ﱠما (‬ ‫يحسدني قومي علي صنعتي النّني بينھم فارس‬ ‫سھرت في ليلي و استنعسوا لن يستوي الدارس و الناعس ‪.‬‬

‫و لن يكون ألى أنسان مكان تحت الشمس ‪ ،‬اذا كان يجلس طول الوقت في ظل الكسل‪.‬‬ ‫على المرء أن يسعى الى الخير جھدة***** و ليس عليه أن تتم المطالب‬ ‫ُ‬ ‫انقطعت عن حضور درس العالّمة أبي المعالي محمود شكري‬ ‫قال الشيخ بھجة األثري ‪" :‬‬ ‫كثير الوحل ؛ ظنا ً مني أنه ال يَحْ ضُر إلى‬ ‫غزير المطر‬ ‫مزعج شدي ِد الريح‬ ‫اآللوسي في يوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫المدرسة ‪ ،‬فلما‬ ‫حضرت في اليوم التالي إلى الدرس صار يُ ْن ِش ُد بلَھ َْجة الغضبان ‪ :‬وال خير فيمن‬ ‫عاقه الح ُر والبر ُد ‪"..‬‬ ‫صب ِْر أَ ْن يَحْ َ‬ ‫ب أَ ْن يَلِ َجا‬ ‫اجتِ ِه‬ ‫أَ ْخلِق ب ِذي ال ﱠ‬ ‫ظى بَ َح َ‬ ‫ع لألبوا ِ‬ ‫َو ُم ْد ِمن القَرْ ِ‬ ‫و ما نيل المطالب بالتمنى و لكن تؤخذ الدنيا غالبا‬ ‫ب‬ ‫إني رأيت وقوف الماء يفسده إن **** ساح طاب وإن لم يجري لم يط ِ‬ ‫ب‬ ‫واألُسد لوال فراق األرض ما افترست **** والسھم لوال فراق القوس لم يص ِ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫والشمس لو وقفت في الفلك دائمة **** لملّھا الناس من ُعجم ومن عر ِ‬ ‫البذر‬ ‫زمن‬ ‫التفريط في‬ ‫تزر ْع وأبصرْ تَ حاصداً ‪ ...‬ند ْمتَ على‬ ‫إِذا أنتَ لم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫الر َ‬ ‫بَصرْ تَ بِ َ‬ ‫ْر ِمنَ التﱠ َع ِ‬ ‫اح ِة ال ُك ْب َرى فَلَ ْم ت َ​َرھَا ‪ ...‬تُنَا ُل إِال َعلَى ِجس ٍ‬ ‫‪ 1‬سمط النجوم‬

‫‪77‬‬

‫‪1‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول مصطفي السباعي ‪ ":‬المؤمن يرفه عن جد الحياة بما ينعش روحه‪ ،‬وبذلك يعيش حياته‬ ‫إنسانا ً كامالً‪ ،‬وغير المؤمن يرفه عن جد الحياة بما يفسد إنسانيته‪ ،‬وبذلك يعيش حياته نصف‬ ‫‪1‬‬ ‫إنسان‪" .‬‬ ‫يقول مالكوم اكس‪" 2‬المستقبل ينتمي الى ھؤالء الذين يع ّدون له اليوم‪".‬‬ ‫تعلم من النملة التى تجتھد في منتصف الصيف لتدخر طعام الشتاء ‪ ،‬و تعلم في الشتاء انه‬ ‫ليس نھاية المطاف بل ھناك صيف قادم ‪ ،‬و ال تستسلم ابدا مھما كانت المشكالت‬ ‫فعليك بذر الحب ال قطف الجنى‪..........‬وﷲ للساعين خير معين‬ ‫ستسير فلك الحق تحمل جنده‪.............‬وستنتھي للشاطئ المأمون‬ ‫َكانَ َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يعوذ با" من العجز و الكسل » اللﱠھُ ﱠم إِنﱢى أَ ُعو ُذ بِكَ ِمنَ‬ ‫ت نَ ْف ِسى تَ ْق َواھَا َوزَ ﱢكھَا أَ ْنتَ خَ ْي ُر َم ْن‬ ‫ب ْالقَب ِْر اللﱠھُ ﱠم آ ِ‬ ‫ْال َعجْ ِز َو ْال َك َس ِل َو ْال ُجب ِْن َو ْالب ُْخ ِل َو ْالھَ َر ِم َو َع َذا ِ‬ ‫س الَ‬ ‫زَ ﱠكاھَا أَ ْنتَ َولِ ﱡيھَا َو َموْ الَھَا اللﱠھُ ﱠم إِنﱢى أَ ُعو ُذ بِكَ ِم ْن ِع ْل ٍم الَ يَ ْنفَ ُع َو ِم ْن قَ ْل ٍ‬ ‫ب الَ يَ ْخ َش ُع َو ِم ْن نَ ْف ٍ‬ ‫‪3‬‬ ‫تَ ْشبَ ُع َو ِم ْن َد ْع َو ٍة الَ يُ ْست َ​َجابُ لَھَا «‪.‬‬ ‫إني رأيت وفي األيام تجربة للصبر عاقبة محمودة األثر‬ ‫فقل من جد في شيء يطالبه فاستصحب الصبر إال فاز بالظفر‬ ‫حب السالمة يثني صاحبة عن السالمة و يغري المرء بالكسل‬ ‫قال ابن الجوزية ‪ -‬رحمه ﷲ ‪) :‬النعيم ال يدرك بالنعيم‪ ،‬ومن اثر الراحة فاتته الراحة‪،‬بحسب‬ ‫ركوب االھوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة‪ ،‬فال فرحة لمن ال ھم له‪ ،‬وال لذة لمن ال‬ ‫صبر له‪ ،‬وال نعيم لمن ال شقاء له ‪،‬وال راحة لمن ال تعب له ‪،‬بل إذا تعب العبد قليالً ‪..‬استراح‬ ‫طويالً ‪ ..‬وإذا تحمل مشقة الصبر ساعة ‪ ..‬قاده لحياة األبد ‪ ،‬وكل ما فيه أھل النعيم المقيم فھو‬ ‫صبر ساعة ‪ ،‬وﷲ المستعان وال قوة إال با" ‪،‬وكلما كانت النفوس أشرف والھمة أعال ‪ ،‬كان تعب‬ ‫البدن أوفر وحظه من الراحة أقل (‬ ‫و نھى رسول ﷲ عن التثاؤب عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫قال ) التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال ھا ضحك‬ ‫‪4‬‬ ‫الشيطان(‬ ‫عرف زمانك من تكون ارضي طموحك اجتھد‬ ‫يبصر بھا من جاء بعد‬ ‫افتح لمرآتك عيون‬ ‫وتعلم تبقى جريء‬ ‫اتحدى الكون واتمرد‬ ‫خطوة تبدأ بطريق‬ ‫مشوار االف ميل‬ ‫يبعدنا يوم انما‬ ‫جايز ظالم الليل‬ ‫‪1‬‬ ‫يوصل البعد سما‬ ‫يقدر شعاع النور‬ ‫‪ 1‬ھكذا علمتني الحياة‬ ‫‪ 2‬مالكوم إكس أو الحاج مالك شباز )‪ 19‬مايو ‪ 21 - 1925‬فبراير ‪ .(1965‬المتحدث الرسمي لمنظمة أمة اإلسالم ومؤسس كل من‬ ‫"مؤسسة المسجد االسالمي" و "منظمة الوحدة األفريقية األمريكية"‪ .‬تم أغتياله في فبراير ‪ 1965‬ويعد من أشھر المناضلين السود في‬ ‫الواليات المتحدة‬ ‫‪ 3‬مسلم‬ ‫‪ 4‬البخاري و مسلم‬

‫‪78‬‬


‫حياة العظماء‬

‫توقف عن االفتخار باجدادك و اصنع من المجد مايفتخر به احفادك ‪":‬‬ ‫تحم القديم بحادث‬ ‫إذا أنت لم ِ‬ ‫من المجد لم ينفعك ما كان من قبل "‬

‫‪ 1‬الحلم العربي‬

‫‪79‬‬


‫حياة العظماء‬

‫علو الھمه‬ ‫أن االسالم يعلمنا علو الھمة قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ) إذا سألتم ﷲ تعالى‬ ‫فاسألوه الفردوس األعلى في الجنة (‬ ‫معالي األمور وأشرافَھا‪ ،‬ويكره سفسافھا(‪1‬‬ ‫))إن ﷲ ‪ -‬تعالى ‪ -‬يحبﱡ‬ ‫َ‬ ‫و يأمرنا بفعل أفضل االشياء و قول افضل الكالم‬ ‫) َوقُلْ لِ ِعبَا ِدي يَقُولُوا الﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن(‬ ‫ُ‬ ‫نز َل إِلَ ْي ُكم ﱢمن ﱠربﱢ ُكم(‬ ‫) َواتﱠبِعُوا أَحْ َسنَ َما أ ِ‬ ‫) وكتبنا له في األلواح من كل شيء موعظة وتفصيال لكل شيء فخذھا بقوة وأمر قومك‬ ‫يأخذوا بأحسنھا سأريكم دار الفاسقين (‬ ‫)لِيَ ْبلُ َو ُك ْم أَ ﱡي ُك ْم أَحْ َس ُن َع َمالً(‬ ‫ال ۡاليَتِ ِيم إالﱠ بالﱠتِى ِھى أَ ۡح َس ُن َحتﱠى يَ ۡبلُ َغ أَ ُش ﱠدهُ َوأَ ۡوفُ ۟‬ ‫) َوالَ ت َۡق َربُ ۟‬ ‫وا ۡال َك ۡي َل َو ۡال ِميزَ انَ بِ ۡالقِ ۡس ِط‬ ‫وا َم َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﷲِ أَ ۡوفُ ۟‬ ‫اع ِدلُ ۟‬ ‫وا َولَ ۡو َكانَ َذا قُ ۡربَى َوبِ َع ۡھ ِد ّ‬ ‫ف ن َۡفسًا إِالﱠ ُو ۡس َعھَا َوإِ َذا قُ ۡلتُمۡ فَ ۡ‬ ‫الَ نُ َكلﱢ ُ‬ ‫وا ٰ َذلِ ُكمۡ َوصﱠا ُكم بِ ِه‬ ‫لَ َعلﱠ ُكمۡ تَ َذ ﱠكرُونَ (‬ ‫صفُونَ (‬ ‫) ۡادفَ ۡع بِالﱠتِى ِھ َى أَ ۡح َس ُن ال ﱠسيﱢئَةَ ن َۡح ُن أَ ۡعلَ ُم بِ َما يَ ِ‬ ‫ب إِ ﱠال بِالﱠتِى ِھ َى أَ ۡح َس ُن إِ ﱠال الﱠ ِذينَ َ‬ ‫ظلَ ُموا ِم ۡنھُمۡ َوقُولُوا آ َمنﱠا بِالﱠ ِذى‬ ‫) َو َال تُ َجا ِدلُوا أَ ۡھ َل ۡال ِكتَا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اح ٌد َون َۡح ُن لَهُ ُم ۡسلِ ُمونَ (‬ ‫نز َل إِلَ ۡي ُكمۡ َوإِلَھُنَا َوإِلَھُ ُكمۡ َو ِ‬ ‫أن ِز َل إِلَ ۡينَا َوأ ِ‬ ‫ٓ‬ ‫)الﱠ ِذينَ يَ ۡستَ ِمعُونَ ۡالقَ ۡو َل فَيَتﱠبِعُونَ أَ ۡح َسنَهُ أُ ۡو ٰلَئِكَ الﱠ ِذينَ ھَدَاھُ ُم ﱠ‬ ‫ب(‬ ‫ﷲُ َوأُ ۡو ٰلَـئِكَ ھُمۡ أُ ۡولُوا ۡاألَ ۡلبَا ِ‬ ‫َاوةٌ َكأَنﱠهُ‬ ‫) َو َال ت َۡست َِوى ۡال َح َسنَةُ َو َال ال ﱠسيﱢئَةُ ۡادفَ ۡع بِالﱠتِى ِھ َى أَ ۡح َس ُن فَإ ِ َذا الﱠ ِذى بَ ۡينَكَ َوبَ ۡينَهُ َعد َ‬ ‫َولِ ﱞى َح ِمي ٌم(‬ ‫ي آتَ ْينَاهُ آيَاتِنَا فَان َسلَخَ ِم ْنھَا فَأ َ ْتبَ َعهُ ال ﱠش ْي َ‬ ‫ط ُ‬ ‫ان‬ ‫و يحذرنا من دناءه الھمة } َوا ْت ُل َعلَ ْي ِھ ْم نَبَأ َ الﱠ ِذ َ‬ ‫ب‬ ‫ض َواتﱠبَ َع ھ َ​َواهُ فَ َمثَلُهُ َك َمثَ ِل ْال َك ْل ِ‬ ‫فَ َكانَ ِمنَ ْالغ ِ‬ ‫َاوينَ َولَوْ ِش ْئنَا لَ َرفَ ْعنَاهُ بِھَا َولَ ِكنﱠهُ أَ ْخلَ َد إِلَى األَرْ ِ‬ ‫ث أَوْ تَ ْت ُر ْكهُ يَ ْلھَث ﱠذلِكَ َمثَ ُل ْالقَوْ ِم الﱠ ِذينَ َك ﱠذب ْ‬ ‫إِن تَحْ ِملْ َعلَ ْي ِه يَ ْلھَ ْ‬ ‫ص‬ ‫ص َ‬ ‫ُص ْالقَ َ‬ ‫ُوا بِآيَاتِنَا فَا ْقص ِ‬ ‫ُوا بِأَن يَ ُكونُ ْ‬ ‫لَ َعلﱠھُ ْم يَتَفَ ﱠكرُونَ {و وبخ المنافقين} َرض ْ‬ ‫ف{و قال عن المخلفين‪َ }:‬ولَوْ‬ ‫وا َم َع ْالخَ َوالِ ِ‬ ‫يل ا ْق ُع ُد ْ‬ ‫ُوج ألَ َع ﱡد ْ‬ ‫أَ َرا ُد ْ‬ ‫وا لَهُ ُع ﱠدةً َولَ ِكن َك ِرهَ ّ‬ ‫ﷲُ انبِ َعاثَھُ ْم فَثَب ﱠ َ‬ ‫وا َم َع ْالقَا ِع ِدينَ {و‬ ‫طھُ ْم َوقِ َ‬ ‫وا ْال ُخر َ‬ ‫حذر المسلمين من ترك الجھاد و الركون الى الدنيا }يَا أَيﱡھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُ ْ‬ ‫يل لَ ُك ُم‬ ‫وا َما لَ ُك ْم إِ َذا قِ َ‬ ‫انفِر ْ‬ ‫يل ّ‬ ‫اآلخ َر ِة فَ َما َمتَا ُ‬ ‫ع ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا‬ ‫ضيتُم بِ ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا ِمنَ‬ ‫ِ‬ ‫ض أَ َر ِ‬ ‫ُوا فِي َسبِ ِ‬ ‫ﷲِ اثﱠاقَ ْلتُ ْم إِلَى األَرْ ِ‬ ‫ال ُمو َسى لِقَوْ ِم ِه ا ْستَ ِعينُوا بِ ﱠ‬ ‫ا"ِ َواصْ بِرُوا إِ ﱠن‬ ‫اآلخ َر ِة إِالﱠ قَلِي ٌل{‪ .‬و وبخ المنھزمين نفسيا } قَ َ‬ ‫فِي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُورثُھَا َم ْن يَ َشا ُء ِم ْن ِعبَا ِد ِه َو ْال َعاقِبَةُ لِ ْل ُمتﱠقِينَ )‪ (128‬قَالُوا أو ِذينَا ِم ْن قَب ِْل أَ ْن تَأتِيَنَا‬ ‫ْاألَرْ َ‬ ‫ض ِ ﱠ"ِ ي ِ‬ ‫ض فَيَ ْنظُ َر َك ْيفَ تَ ْع َملُونَ‬ ‫َو ِم ْن بَ ْع ِد َما ِج ْئتَنَا قَ َ‬ ‫ال َع َسى َر ﱡب ُك ْم أَ ْن يُ ْھلِكَ َع ُد ﱠو ُك ْم َويَ ْست َْخلِفَ ُك ْم فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫)‪ { (129‬سورة األعراف‬

‫و كل من أنصرف عن طلب االخره و لقاء ﷲ فال يمكن أن يتصف بعلو الھمه فھو‬ ‫منصرف عن االخره الى الدنيا الدنيه‬ ‫اليك و اال ال تشد الركائب و منك و اال فالمؤمل خائب‬ ‫و فيك و اال فالغرام مضيع و عنك و اال فالمحدث كاذب‬ ‫تعريف الھمه لألمام بن الجوزي‪ ":‬استصغار ما دون النھاية من معالي األمور " ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫"صحيح الجامع"؛ لأللباني‬

‫‪80‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول ابن الجوزي رحمه ﷲ ‪ " :‬وقد ُعرف بالدليل أن الھمة مولودة مع اآلدمي وإنما‬ ‫تقصر فيه تقصر بعض الھمم في بعض األوقات تفتر أو تقتر ‪ ،‬فإذا حُثت سارت فمتى رأيت‬ ‫في نفسك عجزاً فسل المنعم ‪ ،‬أو كسالً فسل الموفق فلن تنال خيراً إال بطاعته فمن الذي أقبل‬ ‫عليه ولم يرد كل مراد " ‪.‬‬ ‫قد ھيئوك ألمر لو فطنت له فربأ بنفسك أن ترعى مع الغنم‬ ‫قال ابن القيم رحمه ﷲ‪ " :‬و" الھمم ما أعجب شأنھا وما أشد تفاوتھا فھمم متعلقة‬ ‫بالعرش وھمم حائمة حول األنتان والحُش "‪ .‬و صدق فھمه ھمھا رضى الرب و ھمه ھمھا‬ ‫االكل و الشرب‬ ‫] من أعمل فكره الصافي دله على طلب أشرف المقامات و نھاه عن الرضى بالنقص في‬ ‫كل حال‬ ‫و قال بن القيم ‪":‬‬ ‫(فالنفوس الشريفة الترضى من األمور إال أعالھا وأرفعھا وأسماھا منزلة‪ ،‬والنفوس‬ ‫الدنيئة تحوم حول الدناءات‪ ،‬فھذه النفوس الدنيئة مثل الذباب ال يقع إال على الجروح ‪).‬‬ ‫"‬ ‫يقول الراغب األصفھاني‪ :‬و الكبير الھمة ھو من ال يرضى بالھمم الحيوانية قدر وسعه‪ ،‬فال‬ ‫يصير عارية ببطنه و فرجه بل يجتھد أ‪ ،‬يتخصص بمكارم الشريعة فيصير من أولياء ﷲ و‬ ‫خلفائه في الدنيا و من مجاوريه في اآلخرة‬ ‫و يقول صاحب منازل السائرين‪ :‬الھمة ما يملك االنبعاث للمقصود صرفا و ال يتمالك‬ ‫صاحبھا و ال يلتفت عنھا‬ ‫و قد قال أبو الطيب المتنبي ‪:‬‬ ‫) و لم أر في عيوب الناس عيبا ‪ ...‬كنقص القادرين على التمام (‬ ‫فينبغي للعاقل أن ينتھي إلى غاية ما يمكنه‬ ‫فلو كان يتصور لآلدمي صعود السموات لرأيت من أقبح النقائص رضاه باألرض‬ ‫و لو كانت النبوة تحصل باإلجتھاد رأيت المقصر في تحصيلھا في حضيض غير أنه إذا‬ ‫لم يمكن ذلك فينبغي أن يطلب الممكن‬ ‫و السيرة الجميلة عند الحكماء خروج النفس إلى غاية كمالھا الممكن لھا في العلم و‬ ‫‪1‬‬ ‫العمل[‬ ‫قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)البكاء ينبغي أن يكون على خساسة الھمم(‬ ‫قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه اجتھد أن ال تكون دنيء الھمة فاني‬ ‫ما رأيت أسقط لقدم اإلنسان من تداني ھمته‪ .‬وقال عمرو بن العاص المرء حيث وضع نفسه‬ ‫يريد إن أعز نفسه عال أمره‪ ،‬وان أذله ذل وھان قدره‪ .‬وتفسير معنى الھمة أن يرفع نفسه فإن‬ ‫أنفة القلب من ھمم االكابر النھم يعرفون قدر أنفسھم فيعزونھا وال يرفع قدر أحد حتى يكون‬ ‫ھو الرافع لقدر نفسه‪ .‬واعزاز المرء نفسه أن ال يختلط باالراذل وال يشرع في عمل ما ال‬ ‫يجوز لمثله أن يعمله وال ما يعاب به والھمة واآلنفة للملوك ألن ﷲ ركب فيھم الخصلة‬ ‫‪2‬‬ ‫ليتعلمھا منھم الوزراء والندماء كما جاء في الحكاية‪.‬‬ ‫رمت المعالي فامتنعن ولم يزل ‪ ...‬أبدا يمانع عاشقا معشوق‬ ‫‪ 1‬صيد الخاطر‬ ‫‪ 2‬التبر المسبوك‬

‫‪81‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول علي بن المقرب ‪:‬‬ ‫عدمت فؤاداً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اليبيت وھمه‪ ....‬كرام المساعي وارتقا ٌء إلى المج ِد‬ ‫لعمري ما َد ْع ٌد بِھَ ﱢمي وإن ْ‬ ‫واللي من ھند غرام وال وجْ د‬ ‫دنت‪....‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ولكن َوجْ دي بالعال وصبابتي‪ ....‬لعارف ٍة أُسدي ومكرمة أُجدي‬ ‫ونحن أناسٌ ال توس َ‬ ‫ُ‬ ‫ط بيننا ‪ ...‬لنا الصدو ُر دونَ العالمين أو القب ُر‬ ‫‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خطب الحسنا َء لم يغلھا المھ ُر‬ ‫تھون علينا في المعالي نفوسُنا ‪ ...‬ومن‬ ‫‬‫َ‬ ‫أبو فراس الحمداني‬ ‫رب ھمه أحيت امه‬ ‫اذا لم تزد شيئا في الحياة كنت أنت زائدا عن الحياة‬

‫فخذ لك زادين من سيرة ** ومن عمــــل صـــالح يدخر‬ ‫وكن في الطريق عفيف الخطى ** شريف السماع كريــــــم النظر‬ ‫وكن رجــال ان اتو بعده ** يقولون مــــــــــــر وھذا االثر‬ ‫و من تكن العلياء ھمه نفسه ‪ .......‬فكل الذي يلقاه فيھا محبب‬ ‫ذو الھمة ان حطّ فنفسه تأبى إال عل ّواً كال ّشعلة من النار يص ّوبھم صاحبھم وتأبى إال‬ ‫ارتفاعا ً‪.‬‬ ‫أطلب األعلى دائما ً وما عليك فإن موسى لما اختصه ﷲ بالكالم‪:‬‬ ‫ال َربﱢ أَ ِرنِي أَنظُرْ إِلَ ْيكَ }‬ ‫{قَ َ‬ ‫و نزل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم بأعرابي فأكرمه فقال له رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه و سلم ‪ :‬تعھدنا ائتنا ‪ 1‬فأتاه األعرابي فقال له رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ‪ :‬ما‬ ‫حاجتك ؟ فقال ‪ :‬ناقة برحلھا و بحر لبنھا أھلي فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ‪ :‬عجز‬ ‫ھذا أن يكون كعجوز بني إسرائيل فقال له أصحابه ‪ :‬ما عجوز بني إسرائيل يا رسول ﷲ ؟‬ ‫فقال ‪ :‬إن موسى حين أراد أن يسير ببني إسرائيل ضل عنه الطريق فقال لبني إسرائيل ما‬ ‫ھذا ؟ قال فقال له علماء بني إسرائيل ‪ :‬إن يوسف عليه السالم حين حضره الموت أخذ علينا‬ ‫موثقا من ﷲ أن ال نخرج من مصر حتى تنقل عظامه معنا فقال موسى ‪ :‬أيكم يدري أين قبر‬ ‫يوسف ؟ فقال علماء بني إسرائيل ما يعلم أحد مكان قبره إال عجوز لبني إسرائيل فأرسل إليھا‬ ‫موسى فقال ‪ :‬دلينا على قبر يوسف قالت ‪ :‬ال و ﷲ حتى تعطيني حكمي فقال لھا ‪ :‬ما حكمك ؟‬ ‫قالت ‪ :‬حكمي أن أكون معك في الجنة فكأنه كره ذلك قال فقيل له ‪ :‬اعطھا حكمھا فأعطاھا‬ ‫حكمھا فانطلقت بھم إلى بحيرة مستنقعة ماء فقالت لھم ‪ :‬انضبوا ھذا الماء فلما انضبوا قالت‬

‫‪ 1‬كان رسول ﷲ يكأفئ كل من أحسن معه‬

‫‪82‬‬


‫حياة العظماء‬

‫لھم ‪ :‬احفروا فحفروا فاستخرجوا عظام يوسف فلما أن أقلوه من األرض إذ الطريق مثل‬ ‫‪1‬‬ ‫ضوء النھار‬ ‫فتامل كيف غضب رسول ﷲ من االعرابي حين ھبطت ھمته الى الدنيا ‪ ،‬و عجب اال‬ ‫يكون كعجوز بني اسرائيل التى طلبت مرافقة االنبياء في الجنة‬ ‫مثل ما يقو ُل‬ ‫و قال رسول ﷲ ضاربا لنا نموذج في علو الھمه ‪ :‬إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ى صالةً صلى ﷲُ عليه بھا عشرًا ثم سلوا ﷲَ لى الوسيلةَ فإنھا‬ ‫ى فإنﱠه َم ْن صلى عل ﱠ‬ ‫ثم صلﱡوا عل ﱠ‬ ‫أن أكونَ أنا ھو فمن سأل لى الوسيلةَ‬ ‫منزلةٌ فى الجن ِة ال تنبغى إال لعب ٍد من عبا ِد ﷲِ وأرجو ْ‬ ‫ُ‪2‬‬ ‫ْ‬ ‫حلت عليه الشفاعة‬ ‫انظر الى علو ھمة الصديق عندما قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬من أنفق زوجين‬ ‫في سبيل ﷲ ‪ ،‬نودي من أبواب الجنة ‪ :‬يا عبد ﷲ ھذا خير ‪ ،‬فمن كان من أھل الصالة دعي‬ ‫من باب الصالة ‪ ،‬ومن كان من أھل الجھاد دعي من باب الجھاد ‪ ،‬ومن كان من‬ ‫أھل الصيام دعي من باب الريان ‪ ،‬ومن كان من أھل الصدقة دعي من باب الصدقة ‪.‬‬ ‫فقال أبو بكر رضي ﷲ عنه ‪ :‬بأبي وأمي يا رسول ﷲ ‪ ،‬ما على من دعي من تلك األبواب‬ ‫‪3‬‬ ‫من ضرورة ‪ ،‬فھل يدعى أحد من تلك األبواب كلھا ؟ ‪ .‬قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬وأرجو أن تكون منھم ‪.‬‬ ‫و أنظر الى صديق االمه قبل وفاته "وﷲ ما نمت فحلمت وال شھدت فتوھمت وإنى ل َعلَى‬ ‫طريق ما زغت"‬ ‫و قيل لھند بنت عتبه عن سيدنا معاوية و ھو طفل ‪":‬معاوية يسود قومه" قالت " ثَ ِكلَ ْتهُ‬ ‫ْ‬ ‫إن لَ ْم يَ ُس ﱠد ﱠإال قَوْ َمهُ "‬ ‫‪4‬‬ ‫ّ‬ ‫وقيل ليزيد بن المھلب‪ :‬أالّ تبني دارأ؟ فقال‪ :‬منزلي دار اإلمارة أو الحبس‪.‬‬ ‫عالى الھمه يسمع حديث عبد ﷲ بن عمرو بن العاصي ‪ :‬بينما نحن حول رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم نكتب‪ ،‬إذ سئل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬أي المدينتين تفتح أوال‬ ‫أقسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ":‬مدينة ھرقل تفتح أوال ‪ .‬يعني‬ ‫‪5‬‬ ‫قسطنطينية " ‪.‬‬ ‫فيقول ‪":‬أن شاء ﷲ سأكون أنا الفاتح لمدينه روما"‬

‫‪ 1‬ھذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬صحيح الجامع‬ ‫‪ 4‬عيون االخبار‬ ‫‪ 5‬السلسله الصحيحة‬

‫‪83‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وقال اإلمام الشافعي رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫ﱡ‬ ‫أمس‬ ‫لقلع ضرس وضرب حبس *** ونزع نفس ورد‬ ‫ِ‬ ‫شمس‬ ‫وقرﱡ بر ٍد وقو ُد فر ٍد *** ودب ُغ جل ٍد بغير‬ ‫ِ‬ ‫رس‬ ‫وأكل ضبﱟ وصي ُد ُدبﱟ *** وصرف حبﱟ‬ ‫بأرض خَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لس‬ ‫دار بربع فِ ِ‬ ‫عار *** وبي ُع ٍ‬ ‫نار وحم ُل ٍ‬ ‫ونف ُخ ٍ‬ ‫س‬ ‫ألف‬ ‫إلف *** وضربُ ٍ‬ ‫ف وعد ُم ٍ‬ ‫وبي ُع ُخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بحبل ْقل ِ‬ ‫نحس !‬ ‫= أھون من وقفة الحُرﱢ يـ** ـرجو نواالً بباب‬ ‫ِ‬ ‫**دخل اإلخشيدي ‪ -‬الذي حكم مصر أيام عھد المماليك ‪ -‬مع صاحب له مقيداً بالحديد ‪،‬‬ ‫فمرا على رجل له شوي ‪-‬أي مطعم (فقال صاحبه ‪ :‬أتمنى أن يشتريني صاحب ھذا‬ ‫الشوي فأشبع لحما ً‪..‬‬ ‫وقال األخشيدي ‪:‬أتمنى أن أحكم مصر بأكملھا ‪...‬ودارت األيااام واشترى صاحب‬ ‫الشوي ذلك المملوك‪،،‬وحكم اإلخشيدي مصر في قصة طويلة معروفة بالتاريخ ‪**...‬‬ ‫على قدر أھل العزم تأتي العزائ ُم وتأتي على قدر الكرام المكارم‬ ‫ظيم ال َعظائِ ُم‬ ‫ّغير صغارُھا َوتَصْ ُغ ُر في عَين ال َع ِ‬ ‫َوتَ ْعظُ ُم في ع ِ‬ ‫َين الص ِ‬ ‫قال عمر بن عبد العزيز ‪ ":‬إن لي نفسا تواقة تاقت إلى أعظم مناصب الدنيا فلما نالت‬ ‫تاقت إلى مناصب اآلخرة "‬ ‫له ھمم ال منتھى لكبارھا ‪ ...‬و ھمته الصغرى أجل من الدھر‬ ‫‪84‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و مما يشھد لھذا المعني ان سيدنا موسى لما كلمه ﷲ تاقت نفسه للنظر اليه‬ ‫بلغنا السما مجدا وجودا وسوددا ‪ ...‬وأنا لنرجو فوق ذلك مظھرا‬ ‫و من يتھيب صعود الجبال يعش ابد الدھر بين الحفر‬ ‫و وصف االمام البنا اصحابة ‪":‬ان احدھم ينام على أفضل العزائم"‬ ‫و تأمل في الحديث التالي و علو الھمة‬ ‫ُ‬ ‫قال ربيعة بن كعب األسلمي ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ُ » :-‬‬ ‫رسول ﷲ ‪ ،‬فآتيه ب َوضوئه‬ ‫أبيت مع‬ ‫كنت‬ ‫ِ‬ ‫غير ذلك ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫قلت ‪:‬‬ ‫وبحاجته ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬اسألني ‪،‬‬ ‫أو َ‬ ‫فقلت ‪ :‬إني أسألك مرافَقتكَ في الجنة ‪ ،‬قال ‪َ :‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ھو ذاك ‪ ،‬قال ‪ :‬فأ ِعنﱢي على نَ ْف ِسك بكثر ِة السجود «‪.‬‬ ‫فأنظر الى ھمه ربيعة لم يسئل ماال او جاھا و ال زوجة و أنما سئل الجنة بل الفردوس‬ ‫االعلى بل مرافقة النبي في الجنة‬ ‫إذا القوم قالوا‪ :‬من فتى؟ خلت أنني ‪ ...‬عينت‪ ،‬فلم أكسل ولم أتبلد‬ ‫أن القدوة لنا ھم االنبياء و الذين اثنى ﷲ عليھم بأنھم أولوا العزم } فاصبر كما صبر أولوا‬ ‫العزم من الرسل { ‪.‬‬ ‫إذا أعجبتك خصال أمرء ‪ ........‬فكنه يكن منك ما يعجبك‬ ‫فليس على الجود والمكرمات‪ ......‬إذا جئتھا حاجب يحجبك‬ ‫و بعلو الھمه تنال الدرجات العلى قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ » :‬من سأل ﷲ الشھادة‬ ‫‪2‬‬ ‫بصدق ‪ ،‬بلغه ﷲ منازل الشھداء ‪ ،‬وإن مات على فراشه «‬ ‫قيل لبعض ذوي الھمم العالية جاءه رجل وقال لي ‪ :‬عندك حويجة ! فقال له ‪ " :‬اطلب لھا‬ ‫رجيالً " ‪ ،‬إن كانت حاجتك صغيرة فاذھب صغير يقضيھا لك وأما أنا فال أنظر إال إلى معالي‬ ‫األمور وكبارھا ‪.‬‬ ‫اذا كان حب الھائمين من الورى بليلى و سلــمى يســـلب العــقـل‬ ‫فماذا عسى يصنع الھائم الذي كوى قلبه شوقا الى العالم االعلى‬ ‫]واعلم أنك في ميدان سباق واألوقات تنتھب‪ .‬وال تخلد إلى كسل‪.‬‬ ‫فما فات ما فات إال بالكسل‪ .‬وال نال من نال إال بالجد والعزم‪.‬‬ ‫وإن الھمة لتغلي في القلوب غليان ما في القدور‪ ،‬وقد قال بعض من سلف‪:‬‬ ‫ليس لي مال سوى كرّي ‪ ...‬فبه أحيا من العدم‬ ‫‪3‬‬ ‫قنعت نفسي بما رزقت ‪ ...‬وتمطت في العال ھممي[‬ ‫وقيل لبعض العلماء لي سؤال صغير قال اطلب له رجل صغير ‪.‬‬ ‫وال يعني ذلك أن ال يُجاب عن السؤال ولكن نحن نلفت النظر إلى ما يُنظر إليه بل إن اإلنسان‬ ‫ليعجب من المواقف التي ينتبه إليھا بعض الناس ‪.‬‬ ‫إذا غامرت في شرف مروم ‪ ...‬فال تقنع‪ ،‬بما دون النجوم‬ ‫فطعم الموت في أمر صغير ‪ ...‬كطعم الموت في أمر عظيم‬ ‫‪ 1‬أخرجه مسلم وأبو داود‪.‬‬ ‫‪ 2‬المستدرك‬ ‫‪ 3‬صيد الخاطر‬

‫‪85‬‬


‫حياة العظماء‬

‫جاء رجل من الكرام قو ٌم قالوا ‪ :‬جئناك في حاجة ال ترزأك ‪ -‬يعني ال تُنقص منك شيء ‪-‬‬ ‫فقال ‪ " :‬ھالّ طلبتم لھا سفاسف الناس " ‪.‬‬ ‫ولما خرج عبد الرحمن الداخل من البحر أول قدومه على األندلس أتوه بخمر‪ ،‬فقال‪ :‬إني‬ ‫محتاج لما يزيد في عقلي‪ ،‬ال لما ينقصه‪ ،‬فعرفوا بذلك قدره؛ ثم أھديت إليه جارية جميلة فنظر‬ ‫إليھا وقال‪ :‬إن ھذه من القلب والعين بمكان‪ ،‬وإن أنا اشتغلت عنھا بھمتي فيما أطلبه ظلمتھا‪ ،‬وإن‬ ‫‪1‬‬ ‫اشتغلت بھا عما أطلبه ظلمت ھمتي‪ ،‬وال حاجة لي بھا اآلن‪ ،‬وردھا على صاحبھا‪.‬‬ ‫وكان صالح الدين قبل مرضه قد أحضر ولده األفضل عليا وأخاه الملك العادل أبا بكر ‪،‬‬ ‫واستشارھما فيما يفعل ‪ ،‬وقال ‪ :‬قد تفرغنا من الفرنج ‪ ،‬وليس لنا في ھذه البالد شاغل فأي جھة‬ ‫نقصد ؟ فأشار عليه أخوه العادل بقصد خالط ‪ ،‬ألنه كان قد وعده ‪ ،‬إذا أخذھا ‪ ،‬أن يسلمھا إليه ‪.‬‬ ‫وأشار ] عليه [ ولده األفضل بقصد بلد الروم التي بيد أوالد قلج أرسالن ‪ ،‬وقال ‪ :‬ھي أكثر بالدا‬ ‫وعسكرا وماال ‪ ،‬وأسرع مأخذا ‪ ،‬وھي أيضا طريق الفرنج إذا خرجوا على البر ‪ ،‬فإذا ملكناھا‬ ‫منعناھم من العبور فيھا‪. 2‬‬ ‫فقال ‪ :‬كالكما مقصر ناقص الھمة ‪ ،‬بل أقصد أنا بلد الروم‬ ‫) تقولين ما في الناس مثلك وامق ‪ ...‬جدي مثل من أحببته تجدي مثلي (‬ ‫) ذريني أنل ما ال ينال من العلى ‪ ...‬فصعب العلى في الصعب والسھل (‬ ‫) تريدين إدراك المعالي رخيصة ‪ ...‬وال بد دون الشھد من إبر النحل (‬ ‫يقول محمد علي كالي‬ ‫‪He who is not courageous enough to take risks will accomplish‬‬ ‫‪nothing in life‬‬ ‫من اليجرأ على على المخاطرة لن يحقق شيئا في حياته‬ ‫‪Life is a gamble. You can get hurt, but people die in plane crashes,‬‬ ‫‪lose their arms and legs in car accidents; people die every day. Same with‬‬ ‫‪fighters: some die, some get hurt, some go on. You just don't let yourself‬‬ ‫‪believe it will happen to you.‬‬ ‫الحياة مقامرة ربما ستتأذى وتنجرح ولكن الناس ايضا ممكن ان يموتوا في تحطم طائرة ‪ ..‬يفقدوا‬ ‫ايديھم وارجلھم في حادث سيارة ‪ ..‬الناس تموت كل يوم ونفس الشي يحصل المالكمين البعض‬ ‫يموت والبعض يتعرض لالذٮوالبعض يمضي في طريقه فقط التفكر انه ربما سيحصل لك ھذا‬ ‫وامضي في تحقيق ھدفك‬ ‫و تأمل كيف تحصل الدببه على طعامھا أنھا تقف على حافه الشالل و قد تسقط في أي لحظة‬ ‫و تترقب الفرصة في ھيئه سمكة‬

‫‪ 1‬نفح الطيب‬ ‫‪ 2‬الكامل في التاريخ‬

‫‪86‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و يكفي أن تعلم أن المصور ظل أسابيع حتى تمكن من التقاط ھذه الصورة و فاز بھا في‬ ‫مسابقة كبري‬ ‫وعن عبدﷲ بن جعفر بن أبي طالب أنه جاءته امرأة فسألته ماالً فأعطاھا شيئا ً عظيما ً فقيل له‬ ‫‪ :‬إنھا ال تعرفك وكان يرضيھا اليسير ! قال ‪ " :‬إن كان يرضيھا اليسير فأنا ال أرضى إال بالكثير‬ ‫وإن كانت ال تعرفني فأنا أعرف نفسي " ‪.‬‬ ‫وتُروى ھذه المنقبة أيضا ً عن يزيد المھلبي الذي كان من األمراء المشھورين بالكرم إذ م ّر‬ ‫ببادية من األعراب فسألوه فأعطاھم شيئا ً كثيراً فقيل له ‪ :‬إنھم ال يعرفونك ! قال ‪ :‬ولكني أعرف‬ ‫نفسي ‪.‬‬ ‫قلت للصقر وھو في الجو عال ‪ ...‬اھبط‬ ‫األرض فالھواء جديبُ‬ ‫َ‬ ‫قال لي الصقر‪ :‬في جناحي وعزمي ‪...‬‬ ‫وعنان السما ِء مرع ًى خصيبُ‬ ‫ِ‬ ‫وكان عمرو يقول‪ :‬عليكم بكل أمر مزلق ٍة مھلك ٍة‪ .‬أي عليكم بجسام األمور‪.‬‬ ‫ومن لطائف ما يُذكر في ذلك أن رجل رأى ابن المبارك يعضﱡ يد خادمه فقال له ‪ :‬أتعض يد‬ ‫خادمك ؟! قال ‪ :‬كم آمره أال يعد الدراھم على السّؤال وأقول له أحث حثواً وال سمعني ‪.‬‬ ‫قال الجنيد ‪":‬عليك بحفظ الھمه فإن الھمه مقدمة االشياء"‬ ‫عداتي لھم فضل على ومنة ‪ ...‬فال أبعد الرحمن عنى األعاديا‬ ‫فھم بحثوا عن زلتي فاجتنبتھا ‪ ...‬وھم نافسوني فارتكبت المعاليا‬ ‫عالي الھمة ال يأخذ بالرخص‪َ :‬دخَ َل أَحْ َم ُد ب ُْن دَا ُود ْال َح ﱠدا ُد َعلَى أَبِي َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ْس قَب َْل‬ ‫ﷲِ ْال َحب َ‬ ‫ْض َك َال ِم ِه يَا أَبَا َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ص ْبيَ ٌ‬ ‫ان َوأَ ْنتَ َم ْع ُذو ٌر َكأَنﱠهُ يُ َسھﱢ ُل‬ ‫ب فَقَ َ‬ ‫ﷲِ َعلَيْك ِر َجا ٌل َولَك ِ‬ ‫الضﱠرْ ِ‬ ‫ال لَهُ فِي بَع ِ‬ ‫ال لَهُ أَحْ َم ُد ب ُْن َح ْنبَ ٍل ْ‬ ‫إن َكانَ ھَ َذا َع ْقلَك فَقَ ْد ا ْست َ​َرحْ ت‬ ‫اإل َجابَةَ فَقَ َ‬ ‫َعلَ ْي ِه ْ ِ‬ ‫) فال تحسبوا أن المعالي رخيصة ‪ ...‬وال أن ادراك العلى ھين سھل (‬ ‫) فما كل من يسعى إلى المجد ناله ‪ ...‬وال كل من يھوى العال نفسه تعلو (‬ ‫من تذكر حالوة العاقبة نسي مرارة الصبر‪ ،‬الرجولية بالھمة ال بالصورة ‪،‬نزول ھمة‬ ‫الكساح حطه في بئر األنجاس‪ ،‬قنديل الفكر في محراب قلبك مظلم فاطلب له زيت خلوة وفتيلة‬

‫‪87‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عزم ‪ ،‬بينك وبين المتقين حبل الھوى نزلوا بين يديه ونزلت خلفه فاطو فضل منزل تلحق‪ ،‬لو‬ ‫‪1‬‬ ‫علوت نشز الجد بانت بانة الوادي‬ ‫سل الرماح العوالي عن معالينا ‪ ...‬واستشھد البيض ھل خاب الرجا فينا‬ ‫لقد مضينا فلم تضعف عزائمنا ‪ ...‬عما نروم وال خابت مساعينا‬ ‫قوم إذا خاصموا كانوا فراعنة ‪ ...‬يوما وإن حكموا كانوا موازينا‬ ‫تدرعوا العقل جلبابا فإن حميت ‪ ...‬نار الوغى خلتم فيھا مجانينا‬ ‫إن الزرازير لما قام قائمھا ‪ ...‬توھمت أنھا صارت شواھينا‬ ‫أخلوا المساجد من أشياخنا وبغوا ‪ ...‬حتى حملنا فأخلينا الدواوينا‬ ‫ثم انثنينا وقد ظلت صوارمنا ‪ ...‬تسمو عجابا وتھتز القنالينا‬ ‫قال بعض السلف ‪ :‬ھب أن المسيء عفي عنه أليس قد فاته ثواب المحسنين‬ ‫) فيا مذنب يرجو من ﷲ عفوه ‪ ...‬أترضى بسبق المتقين إلى ﷲ (‬ ‫كان الشيخ عز الدين‪ ،‬إذا قرأ القارىء عليه من كتاب وانتھى إلى آخر باب من أبوابه ال يقف‬ ‫عليه‪ ،‬بل يأمره أن يقرأ من الباب الذي بعده ولو سطراً‪ ،‬ويقول‪ :‬ما أشتھي أن تكون ممن يقف‬ ‫على األبواب‪.‬‬ ‫قنعت نفسي بما رزقت ‪ ...‬وتناھت في العلى ھممي‬ ‫ليس لي مال سوى كرمي ‪ ...‬وبه أمنى من العدم‬ ‫قال رسول ﷲ في من علت ھمته للشھادة ‪":‬من سأل ﷲ الشھادة بصدق بلغه ﷲ منازل‬ ‫الشھداء وإن مات على فراشه "‪.2‬‬ ‫قال زيد بن أسلم‪ :‬يؤتى يوم القيامة بفقير و غني اصطحبا في ﷲ فيوجد للغني فضل عمل‬ ‫فيما كان يصنع في ماله فيرفع على صاحبه فيقول الفقير ‪ :‬يا رب لما رفعته و إنما اصطحبنا فيك‬ ‫و عملنا لك فيقول ﷲ تعالى ‪ :‬له فضل عمل بما صنع في ماله فيقول ‪ :‬يا رب لقد علمت لو‬ ‫أعطيتني ماال لصنعت مثل ما صنع فيقول ‪ :‬صدق فارفعوه إلى منزلة صاحبه و يؤتى بمريض و‬ ‫صحيح اصطحبا في ﷲ فيرفع الصحيح بفضل عمله فيقول المريض ‪ :‬يا رب لم رفعته علي‬ ‫فيقول ‪ :‬بما كان يعمل في صحته فيقول ‪ :‬يا رب لقد علمت لو أصححتني لعملت كما عمل فيقول‬ ‫ﷲ ‪ :‬صدق فارفعوه إلى درجة صاحبه و يؤتى بحر و مملوك اصطحبا في ﷲ فيقول مثل ذلك و‬ ‫يؤتى بحسن الخلق و سيء الخلق فيقول ‪ :‬يا رب لم رفعته علي و إنما اصطحبنا فيك و عملنا‬ ‫‪3‬‬ ‫فيقول ‪ :‬بحسن خلقه فال يجد له جوابا‬ ‫قال الشاعر في محمد بن القاسم فاتح بالد السند وھو ابن سبع عشرة سنة‪:‬‬ ‫قاد الجيوش لسبع عشرة حجة ‪ ... ...‬ولداته إذ ذاك في أشغال‬ ‫‪4‬‬ ‫قعدت بھم لذاتھم وسمت به ‪ ... ...‬ھمم الملوك و َسوْ رة األبطال‬ ‫وقال آخر ‪:‬‬ ‫ال تعجبوا من علو ھمته ‪ ... ...‬وسنه في أوان منشاھا‬ ‫‪5‬‬ ‫إن النجوم التي تضيء لنا ‪ ... ...‬أصغرھا في العلو أعالھا‬ ‫و من أراد الزيادة فليقصد البحر و ليترك القنوات و يذھب ل "صالح األمة في علو الھمة "‬ ‫للشيخ " سيد حسين عفاني "‬

‫‪ 1‬المدھش‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬لطائف المعارف‬ ‫‪ 4‬تھذيب الرياسة‬ ‫‪ 5‬تھذيب الرياسة‬

‫‪88‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أستحي من الكافرين و العصاه‬ ‫فأن لم تحرك ھمتك ما سبق فتعال ننظر ال الكفار و العصاة لعلك تغار‬ ‫فقد حدثني شاب صالح قال كنت ذاھب ألفتن فأخذت أتذكر سير الصالحين فلم يثبتني اال‬ ‫موقف ‪ .‬كان قد نھى أخاه عن صحبه السوء فلم يرتدع فجرده من قميصه و أوقفه في البلكون في‬ ‫الشتاء لعله يرتدع فصبر ‪ ،‬فاستحى أن يصبر أخاه على الباطل و يفتن ھو ‪.‬‬ ‫} َوا ْن َ‬ ‫ق ْال َم َألُ ِم ْنھُ ْم أَ ِن ا ْم ُشوا َواصْ بِرُوا َعلَى آَلِھَتِ ُك ْم إِ ﱠن ھَ َذا لَ َش ْي ٌء ي َُرا ُد )‪{ (6‬ص‬ ‫طلَ َ‬ ‫وكان أحمد بن حنبل رحمه ﷲ كثيرا ما يقول‪ :‬رحم ﷲ أبا نعيم الحداد‪ ،‬فقال له ابنه‪ :‬يا أبت‬ ‫من أبو نعيم الحداد ھذا؟ الذي كثيرا ما تدعو له‪ ،‬قال‪ :‬أال تعرف أبا نعيم الحداد الطرار اللص‬ ‫الذي يطر الجيوب ‪-‬أي يشق الجيوب ويسرق النقود‪ -‬قال‪ :‬عندما أدخلت السجن وجيء بي من‬ ‫أجل الضرب سمعت رجال من ورائي يقول‪ :‬يا أحمد فالتفت‪ ،‬قال‪ :‬ھل تعرفني؟ أنا أبو نعيم‬ ‫الحداد‪ ،‬الطرار اللص‪ ،‬في ديوان أمير المؤمنين ‪-‬المأمون‪ -‬أني جلدت ثمانية عشر ألف سوط‬ ‫وصبرت من أجل الدنيا ومن أجل الشيطان‪ ،‬فاصبر أنت من أجل الرحمن‪ ،‬قال‪ :‬وﷲ لقد أثرت‬ ‫في كلمات ھذا اللص‪ ،‬وصبرت وما أن جلدت ثمانية عشر سوطا حتى جاء األمر من أمير‬ ‫المؤمنين أن يخرجوني أو أن يوقفوا عني العذاب‬ ‫وقال المتوكل لخالد الحداد ما بلغ من جلدك ؟ قال ‪ :‬امأل لي جرابي عقارب ثم أدخل يدي فيه‬ ‫وإنه ليؤلمني ما يؤلمك وأجد آلخر سوط من األلم ما أجد ألول سوط ولو وضعت في فمي خرقة‬ ‫وأنا أضرب الحترقت من حرارة ما يخرج من جوفي ولكنني وطنت نفسي على الصبر فقال له‬ ‫الفتح ‪ :‬ويحك مع ھذا اللسان والعقل ما يدعوك إلى ما أنت عليه من الباطل فقال ‪ :‬أحب الرياسة‬ ‫فقال المتوكل ‪ :‬نحن خليديه قال الفتح ‪ :‬أنا خليدي وقال رجل لخالد ‪ :‬يا خالد ما أنتم لحوم ودماء‬ ‫فيؤلمكم الضرب فقال ‪ :‬بلى يؤلمنا ولكن معنا عزيمة صبر ليست لكم وقال داود بن علي ‪ :‬لما قدم‬ ‫بخالد اشتھيت أن أراه فمضيت إليه فوجدته جالسا غير متمكن لذھاب لحم إليتيه من الضرب وإذا‬ ‫حوله فتيان فجعلوا يقولون ‪ :‬ضرب فالن وفعل بفالن كذا فقال لھم ‪ :‬ال تتحدثون عن غيركم‬ ‫‪1‬‬ ‫افعلوا أنتم حتى يتحدث عنكم غيركم‬ ‫وقال األشعث بن قيس و قد حمى الوطيس ‪ ":‬يامعشر العرب إنه الينبغي ان يكون ھؤالء‬ ‫أجرأ على الموت وال أسخى أنفسا عن الدنيا منكم تنافسوا وال تجزعوا من القتل فأنة أماني الكرام‬ ‫‪2‬‬ ‫ومنايا الشھداء وترجل"‬ ‫وكان خلف بن أيوب ال يطرد الذباب عن وجھه في الصالة‪ ،‬فقيل له‪ :‬كيف تصبر‪ .‬فقال‪:‬‬ ‫بلغني أن الفساق يتصبرون تحت السياط ليقال فالن صبور‪ .‬وأنا بين يدي ربي أفال أصبر على‬ ‫‪3‬‬ ‫ذباب يقع علي‬ ‫ھمم الحيوانات‬ ‫الھمم تتفاوت في جميع الحيوانات العنكبوت من حين تولد تنسج لنفسھا بيتا وال تقبل منه األم‬ ‫والحية تطلب ما حفره غيرھا إذ طبعھا الظلم الغراب يتبع الجيف واألسد ال يأكل البايت الكلب‬ ‫ينضنض لترمى له لقمة والفيل يتملق حتى يأكل ‪ ،‬للصيد كالب وللمدبغة كالب أين اإلنفة ؟؟‬ ‫النحل يغضب فيترضى من لجاج والخنفساء تطرد فتعود ‪ ،‬األختبار يظھر جواھر الرجال بعثت‬ ‫‪ 1‬تلبيس ابليس‬ ‫‪ 2‬االكتفاء بما تضمنته من مغازي‬ ‫‪ 3‬المستطرف‬

‫‪89‬‬


‫حياة العظماء‬

‫بلقيس إلى سليمان ھدية لتسبر بھا قدر ھمته فإن رأتھا قاصرة علمت أنھا ال تصلح للمعاشرة وإن‬ ‫رأتھا عالية تطلب ما ھو أعلى تيقنت أنه يصلح‬ ‫يا ھذا‪ .‬الدنيا ھدية بلقيس فھل تقبلھا أو تطلب ما ھو أنفس ؟ ويحك أحسن ما في الدنيا قبيح‬ ‫ألنه يشغل عما ھو أحسن منه أترى لو ابتليناك بترك عظيم كيف كنت تفعل إنما رددناك عن دنس‬ ‫ومنعناك من كدر ثم ما علمت أن الثواب على قدر المشقة ويحك إن األرباح الكثيرة في األسفار‬ ‫البعيدة الصبر والھوى ضرتان فاختر إحدى الضرتين فما يمكن الجمع من دام به الخمار في ديار‬ ‫الھوى لم يفتح عينيه إال في منازل البلى من غرق بنھر المعلى طفا تحت البلد واعجبا أعدم نظر‬ ‫العقل بمرة أو بعينه رمد لو قيل لك ارم ثوبك على ھدف مرمى لم تفعل إشفاقا عليه وھذا دينك في‬ ‫عرض عرضك قد تمزق من نبل الھوى لو قيل زد في النفقه خفت على المال وقد حفت في إنفاق‬ ‫العمر على معشوق البطالة رميت يوسف قلبك في جب الھوى وجئت على قميص األمانة بدم‬ ‫كذب ويحك كلما أوغلت في الھوى زاد التعرقل ويحك ما يساوي النصاب المسروق قطع اليد‬ ‫مجلسنا بحر والفكر غواص يستخرج الدر ومراكب القلوب تسير إلى بلد الوصل وأنت تقف على‬ ‫الساحل ) وترى الفلك مواخر فيه ( إن قعر جھنم لبعيد ولكن ھمتك أسفل منه خنقنا دخان‬ ‫‪1‬‬ ‫التخويف افتحوا للرواح‬

‫أح ُد ُك ْم إِ ّم َعة‬ ‫ال ي ُكنْ َ‬ ‫قال حذيفة ‪ ،‬وابن مسعود ‪ -‬رضي ﷲ عنھما ‪ :-‬قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬ال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أسأت ‪ ،‬ولكن‬ ‫أحسنت‪ .‬وإن أساءوا‬ ‫أح ُد ُك ْم إِ ّم َعة ‪ ،‬يقول‪ :‬أنا مع الناس ‪ ،‬إِن أحْ َسنَ الناسُ‬ ‫ي ُك ْن َ‬ ‫‪2‬‬ ‫َو ﱢ‬ ‫طنُوا أنفسكم إن أحسن الناسُ أن تُحْ ِسنُوا ‪ ،‬وإن أساءوا أن ال تظلِ ُموا «‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫} َوالﱠ ِذينَ َكفَرُوا يَتَ َمتﱠعُونَ َويَأ ُكلُونَ َك َما تَأ ُك ُل ْاأل ْن َعا ُم َوالنﱠا ُر َمث ًوى لَھُ ْم )‪{ (12‬‬ ‫و قال ﷲ عن الذين سفلت ھمتھم‬ ‫ف َوطُبِ َع َعلَى قُلُوبِ ِھ ْم فَھُ ْم َال يَ ْفقَھُونَ )‪ {(87‬التوبه‬ ‫} َرضُوا بِأ َ ْن يَ ُكونُوا َم َع ْالخَ َوالِ ِ‬ ‫ف َوطَبَ َع ﱠ‬ ‫ﷲُ‬ ‫} إِنﱠ َما ال ﱠسبِي ُل َعلَى الﱠ ِذينَ يَ ْستَأْ ِذنُونَكَ َوھُ ْم أَ ْغنِيَا ُء َرضُوا بِأ َ ْن يَ ُكونُوا َم َع ْالخَ َوالِ ِ‬ ‫َعلَى قُلُوبِ ِھ ْم فَھُ ْم َال يَ ْعلَ ُمونَ )‪ { (93‬التوبه‬ ‫ُوج َألَ َع ﱡدوا لَهُ ُع ﱠدةً َولَ ِك ْن َك ِرهَ ﱠ‬ ‫ﷲُ ا ْنبِ َعاثَھُ ْم فَثَبﱠ َ‬ ‫يل ا ْق ُع ُدوا َم َع ْالقَا ِع ِدينَ‬ ‫طھُ ْم َوقِ َ‬ ‫} َولَوْ أَ َرا ُدوا ْال ُخر َ‬ ‫)‪{(46‬‬ ‫س أَ ْن تَ ُموتَ إِ ﱠال بِإ ِ ْذ ِن ﱠ‬ ‫ﷲِ ِكتَابًا ُمؤَ ج ًﱠال‬ ‫و ذكرمن ھمته الدنيا و من ھمته االخره } َو َما َكانَ لِنَ ْف ٍ‬ ‫اب ْاآلَ ِخ َر ِة نُ ْؤتِ ِه ِم ْنھَا َو َسنَجْ ِزي ال ﱠشا ِك ِرينَ )‪{ (145‬‬ ‫اب ال ﱡد ْنيَا نُ ْؤتِ ِه ِم ْنھَا َو َم ْن ي ُِر ْد ثَ َو َ‬ ‫َو َم ْن ي ُِر ْد ثَ َو َ‬ ‫و روى الطبراني في الثالثة عن سھل بن سعد الساعدي )رضي ﷲ عنه( قال‪ :‬قال رسول ﷲ‬ ‫)صلى ﷲ عليه وآله وسلم(‪» :‬إن اإلسالم بدأ غريباً‪ ،‬وسيعود غريبا ً كما بدأ‪ ،‬فطوبى للغرباء‪ .‬قيل‪:‬‬ ‫ومن الغرباء يا رسول ﷲ؟ قال‪ :‬الذين يُصلحون إذا فسد الناس«‪.‬‬ ‫روى البخاري عن عدي بن حاتم الطائي ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ -‬قال ‪" :‬وفدت في وفد على أمير‬ ‫المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه فجعل يدعو رجالً رجالً ويُسميھم‪ ،‬فقلت‪:‬أما تعرفني يا‬ ‫أمير المؤمنين؟ قال بلى!! أسلمت إذ كفروا‪ ،‬وأقبلت إذ أدبروا‪ ،‬ووفيت إذ عذروا‪ ،‬وعرفت إذ‬ ‫أنكروا‪ ،‬فقال عدي‪ :‬فال أبالي إذاً"‬ ‫قد رشحوك ألمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الغنم‬ ‫و اذا شئت فانظر الى ھذا المخلوق و ھو يقول ‪ ":‬مرة يھنينى ومرة يبكيني مأنا كلمة تجيبني‬ ‫وكلمة تودينى "‬ ‫‪ 1‬المدھش‬ ‫‪ 2‬الترمذي‬

‫‪90‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وما أنا إال من غزية إن غوت ‪ ...‬غويت وإن ترشد غزية أرشد‬ ‫أن الرجل التبع لألنسان ‪ ،‬الذي سفلت ھمته ھو من أھل النار‬ ‫ض ِع ُ‬ ‫ار خَ ْم َسةٌ ال ﱠ‬ ‫يف الﱠ ِذى الَ زَ ْب َر لَهُ ‪1‬الﱠ ِذينَ ھُ ْم فِي ُك ْم تَبَعًا الَ يَ ْتبَعُونَ‬ ‫قال رسول ﷲ " َوأَ ْھ ُل النﱠ ِ‬ ‫أَ ْھالً َوالَ َماالً َو ْالخَائِ ُن الﱠ ِذى الَ يَ ْخفَى لَهُ َ‬ ‫ط َم ٌع َوإِ ْن َد ﱠ‬ ‫ق إِالﱠ خَ انَهُ َو َر ُج ٌل الَ يُصْ بِ ُح َوالَ يُ ْم ِسى إِالﱠ َوھُ َو‬ ‫يُخَ ا ِد ُعكَ ع َْن أَ ْھلِكَ َو َمالِكَ "‪ 2‬وذكر » البخل أو الكذب والشنظير الفحاش «‬ ‫يخبرني البواب أنك نائم وأنت إذا استيقظت أيضا فنائم‬ ‫أتي الزبرقان بن بدر عمر بن الخطاب ‪ ،‬وكان سيد قومه ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين ان جروال‬ ‫ھاجني يعني الحطيئة فقال عمر ‪ :‬بم ھجاك ؟ فقال بقوله ‪:‬‬ ‫دع المكارم ال ترحل لبغيتھا واقعد فانك أنت الطاعم الكاسي )يقول له ال تبحث عن‬ ‫المكارم وأقعد مستريحا في بيتك(‬ ‫فقال عمر ‪ :‬ما أسمع ھجاء ‪ ،‬إنما ھي معاتبة ‪ ،‬فقال الزبرقان ‪ :‬يا أمير المؤمنين والذي نفسي‬ ‫بيده ما ھجي أحد بمثل ما ھجيت به ‪ ،‬فخذ لي ممن ھجاني ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬على بابن الفريعة ‪ ،‬يعني‬ ‫حسان بن ثابت ‪ ،‬فلما أتي به‬ ‫قال له يا حسان ‪ :‬إن الزبرقان يزعم أن جروال ھجاه ‪ ،‬فقال حسان بم ؟ قال بقوله ‪:‬‬ ‫دع المكارم ال ترحل لبغيتھا واقعد فانت الطاعم الكاسي‬ ‫فقال حسان ‪ :‬ما ھجاه يا أمير المؤمنين ‪ ،‬قال فماذا صنع به ؟ قال سلح عليه ‪ ،‬فقال عمر ‪:‬‬ ‫‪3‬‬ ‫علي بجرول ‪ ،‬فلما جئ به قال له ‪ :‬يا عدو نفسه تھجو المسلمين فأمر به فسجن ‪،‬‬ ‫شباب قنع ال خير فيھم وبورك في الشباب الطامحينا‬ ‫وما أنا إال من ُغ َزيﱠةَ إن غوت غويت وإن ترشد ُغ َزيﱠةُ أرشد‪.‬‬ ‫قال قطري بن الفجاءه‪:‬‬ ‫المتاع‬ ‫إذا ما عد من سقط‬ ‫وما للمرء خير في حياة‬ ‫ِ‬ ‫بمستطاع‬ ‫فصبرا في مجال الموت صبرا فما نيل الخلود‬ ‫ِ‬ ‫فقط السمك الميت ھو الذي يسير مع التيار !! فھل انت سمكة ميتة ؟؟‬ ‫أن الھوان حمار األھل يعرفه ‪ ...‬والحر ينكره والجسرة األجد‬ ‫وال يقيم بدار الھون يعرفھا ‪ ...‬إال األذالن عير األھل والوتد‬ ‫ھذا على الخسف مربوط برمته ‪ ...‬وذا يشج فما يرثى له أحد‬ ‫يقول شكيب ارسالن ‪":‬تأتيني كتب كثيرة من المغرب و جاوا و مصر و سوريا و العراق و‬ ‫نفس فلسطين بلدكم ‪ ،‬مقترحا اصحابھا عقد مؤتمر اسالمي او انتخاب خليفة او ما شابه ذلك و‬ ‫يكون جوابي دائما ‪":‬يجب ان نؤسس من تحت ‪ ،‬يجب أن نربي الفرد " "‬ ‫"اما ان نعقد مؤتمرا يحضره مجموعا من الضعفاء ليس لھم ارادة مستقلة و ھم ال يقدرون أن‬ ‫ينفذوا قرارا فما فائده ذلك اتريد؟؟؟اتريد ان نجمع اصفارا "‬

‫‪ 1‬ال زبر له ‪ :‬ال عقل له يزبره وينھاه عن اإلقدام على ما ال ينبغي‬ ‫‪ 2‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 3‬كنز العمال‬

‫‪91‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال حاتم طيء‪:‬‬ ‫لحى ّ‬ ‫ً‬ ‫ﷲ صعلوكا مناه وھ ّمه ‪ ...‬من العيش أن يلقى لبوسا ومطعما‬ ‫يرى الخمص تعذيبا وإن يلق شبعة ‪ ...‬يبت قلبه من قلّة الھ ّم مبھما‬ ‫ّ‬ ‫وﷲ صعلو ٌ‬ ‫ك يساور ھ ّمه ‪ ...‬ويمضي على األھوال والدھر مقدما‬ ‫ب لدن المھ ّزة مخذما‬ ‫يرى قوسه أو رمحه ومجنّه ‪ ...‬وذا شط ٍ‬

‫ال تخش من الرفض‬ ‫ال تخش من رفض الناس لما تقول و ال تيأس من صد الناس عنك ‪ ،‬فنبي ﷲ نوح دعى الى‬ ‫ﷲ ‪ 950‬عاما و لم يتبعه اال قليل‬

‫ھل تريد أن اعطيك مثاال عكسيا لتحفيزك ؟؟؟ مؤسس مجلة "‪ "PLAY POY‬لقد قرأت‬ ‫قصه حياته و قد واجه رفض فكرته عشرات المرات و سخروا منه ‪ ،‬لكنه كافح من أجل نشر‬ ‫الفساد ‪ ،‬فلماذا ال تكافح أنت لتعمير االرض ؟؟؟‬

‫لقد واجھت الرفض في كل شئ ألن الناس أعداء ما يعرفون و يخشون من كل جديد ‪ ،‬لقد‬ ‫اقترحت انشاء صندوق للزماله ففوجئت بالرفض التام ‪ ،‬و رابطه لتعليم اھل منطقتى ادارة النفس‬ ‫و الحاسوب مجانا فوجدت الصد و التھديد ‪.‬‬ ‫لكن ھذه سنه الحياه فال تيأس و كل ناجح واجه الصعوبات و الحياه ملئ بالحجاره فال تتعثر‬ ‫بھا بل ابن بھا طريقا لمن يأتى خلفك‬ ‫أھم شئ اال تخش الرفض و ثق في نفسك فأن لم تثق في نفسك فمن ذا الذي سيثق بك؟؟؟‬ ‫و تأمل في صفات المؤمنين‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫} يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َم ْن يَرْ تَد ِمنك ْم عَن ِدينِ ِه ف َسوْ فَ يَأتِي ﷲُ بِقوْ ٍم ي ُِح ﱡبھُ ْم َويُ ِحبﱡونَهُ أ ِذل ٍة َعلى‬ ‫ﷲِ َو َال يَخَ افُونَ لَوْ َمةَ َالئِ ٍم َذلِكَ فَضْ ُل ﱠ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ ي ُْؤتِي ِه‬ ‫ْال ُم ْؤ ِمنِينَ أَ ِع ﱠز ٍة َعلَى ْال َكافِ ِرينَ ي َُجا ِھ ُدونَ فِي َسبِ ِ‬ ‫َم ْن يَ َشا ُء َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َوا ِس ٌع َعلِي ٌم )‪{(54‬‬ ‫‪ .1‬ي ُِح ﱡبھُ ْم َوي ُِحبﱡونَهُ‬ ‫‪ .2‬أَ ِذلﱠ ٍة َعلَى ْال ُم ْؤ ِمنِينَ‬ ‫‪92‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .3‬أَ ِع ﱠز ٍة َعلَى ْال َكافِ ِرينَ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ‬ ‫‪ .4‬ي َُجا ِھ ُدونَ فِي َسبِ ِ‬ ‫‪َ .5‬و َال يَخَ افُونَ لَوْ َمةَ َالئِ ٍم‬ ‫تأمل في الصفه الخامسه َو َال يَخَ افُونَ لَوْ َمةَ َالئِ ٍم ال يردھم عما ھم فيه من طاعة ﷲ‪ ،‬وقتال‬ ‫أعدائه‪ ،‬وإقامة الحدود‪ ،‬واألمر بالمعروف والنھي عن المنكر‪ ،‬ال يردھم عن ذلك راد‪ ،‬وال‬ ‫‪1‬‬ ‫يصدھم عنه صاد‪ ،‬وال يحيك فيھم لوم الئم وال عذل عاذل‪.‬‬ ‫عن ابن عباس قوله‪":‬اتقوا ﷲ حق تقاته"‪ ،‬قال‪":‬حق تقاته"‪ ،‬أن يجاھدوا في ﷲ حق جھاده‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وال يأخذھم في ﷲ لومةُ الئم‪ ،‬ويقوموا " بالقسط ولو على أنفسھم وآبائھم وأبنائھم‪.‬‬ ‫قال االنصار في بيعه العقبه ‪":‬يا رسول ﷲ عالم نبايعك ؟" قال‪ " :‬تبايعوني على السمع‬ ‫والطاعة في النشاط والكسل‪ ،‬والنفقة في العسر واليسر‪ ،‬وعلى االمر بالمعروف والنھى عن‬ ‫المنكر‪ ،‬وأن تقولوا في ﷲ ال تخافوا في ﷲ لومة الئم‪ ،‬وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا‬ ‫‪3‬‬ ‫قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة‬ ‫با" عليك لو كنت في السبعين انصاري ھل كنت ستبايع الرسول االمين ؟؟‬ ‫و حدثني أحد رجال االعمال أنه كان ھناك شاب يحضر الجلسات االدارية و ال يدلى برأي و‬ ‫في ذات يوم تمشى معه بعد أحد الجلسات و التى لم يشارك بھا برأى كالعاده و اثناء الحديث‬ ‫الودي طرح ھذا الشاب افكارا مذھلة مفيده ‪ ،‬فلما تعجب لماذا ال يطرحھا امام الزمالء قال‬ ‫‪":‬أخاف الرفض و سخرية الزمالء " و لھذا تم تدبير االمر بحيث تطرح االراء ثم تناقش الفكره‬ ‫مفصوله عن صاحبھا و دون تجريح‬

‫قيمة كل امرئ ما يحسن‬ ‫امرئ‬ ‫قال بعض أھل العلم أحسن كلمة قالته العرب ھو قول‬ ‫علي رضي ﷲُ عنهُ ‪ :‬قيمةُ كلﱢ‬ ‫ﱞ‬ ‫ٍ‬ ‫ُحس ُن ‪.‬‬ ‫ما ي ِ‬ ‫و قال بن عبد البر ‪":‬ما أعرف بعد كالم ﷲ و كالم نبيه خير من ھذه الكلمه"‬ ‫وقال زين الدين عمر الوردي‬ ‫ال تقل اصلي وفصلي أبدا * * * إنما أصل الفتى ما قد حصل‬ ‫قد يسود المرء من غير أب * * * وبحسن السبك قد ينفى الزغل‬ ‫إنما الورد من الشوك وما * * * ينبت النرجس اال من بصل‬ ‫قيمة االنسان ما يحسنه * * * أكثر االنسان منه أم أقل‬ ‫وروى الخطيب البغدادي عن أحمد بن عبد الجليل‪ ،‬أنه قال من قصيدة له‪:‬‬ ‫ال يكون السري مثل الدني ‪ ...‬ال وال ذو الذكاء مثل الغبي‬ ‫‪4‬‬ ‫قيمة المرء كلما أحسن المر ‪ ...‬ء قضاء من اإلمام علي‬

‫‪ 1‬تفسير بن كثير‬ ‫‪ 2‬تفسير الطبري‬ ‫‪ 3‬سيرة بن كثير‬ ‫‪ 4‬اداب العلماء و المتعلمين‬

‫‪93‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قيمتك ما تحسنه و عن النبي صلى ﷲ عليه و سلم قال ‪ :‬يقال له اقرأ و رتل كما كنت ترتل‬ ‫في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأھا‬ ‫و أن تفق االنام و أنت منھم **** فأن المسك بعض دم الغزال‬ ‫أن قطعة الحديد الخام = عشرون جنيھا ‪ ،‬أذا قمت بتشكيلة في ھيئه حدوات للحصان‬ ‫ترتفع قيمته الى ‪ 100‬جنيه ‪ ،‬و اذا شكلته على ھيئه آبر خياطة تصبح قيمته ‪ 400‬جنية ‪ ،‬و‬ ‫اذا شكلته في ھيئه تروس للساعات تصبح قيمته ‪ 1500‬جنية‬ ‫و كذلك االنسان كلما تعلم لغة او حرفة او علما زادت قيمته‬

‫االستمرار‬ ‫َ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬أحب األعمال إلى ﷲ أ ْد َو ُمھا وإِ ْن قَ ﱠل « ‪.‬‬ ‫قال النﱠبِ ﱠ‬ ‫كثير منا ال يكمل الطريق الى أخره ‪ ،‬يبدأ ممارسة الرياضة بكل جديه ثم بعد أيام يتركھا ‪ ،‬يبدأ في‬ ‫تعلم االنجليزية ثم يتركھا‬ ‫‪1‬‬

‫قالت عائشة ‪ -‬رضي ﷲ عنھا ‪ :-‬كان للنبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬حصي ٌر ‪ ،‬وكان ي َُحجﱢ ُرهُ‬ ‫باللﱠيل فيُصلي فيه ‪ ،‬ويَ ْب ُسطُهُ بِالنﱠھار ‪ ،‬فَيَجْ لِس عليه ‪ ،‬فجعل النﱠاسُ يَثُوبُونَ إلى النﱠبي ‪ -‬صلى ﷲ‬ ‫ُص ﱡلونَ بصالته ‪ ،‬حتﱠى َكثُرُوا ‪ ،‬فأقبَ َل ‪ ،‬فقال ‪ » :‬يا أيﱡھا النﱠاسُ ‪ُ ،‬خ ُذوا من األعمال‬ ‫عليه وسلم ‪ ، -‬ي َ‬ ‫فإن ﷲ ال يَ َملﱡ حتﱠي تَملﱡوا ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ما تطيقون ‪ ،‬ﱠ‬ ‫أحبﱠ األعمال إلى ﷲ ما دَا َم وإن ق ﱠل «‪.‬‬ ‫وإن َ‬ ‫زاد في رواية ‪» :‬وكان آ ُل مح ﱠم ٍد إذا َع ِملُوا عَمالً أثبَتُوه «‪.‬‬ ‫وفي رواية قال ‪ :‬ﱠ‬ ‫ُئل ‪ ،‬أيﱡ ال َع َمل أحبﱡ إلى ﷲ ؟ قال‬ ‫إن‬ ‫رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬س َ‬ ‫َ‬ ‫‪» :‬أ ْد َو ُمهُ ْ‬ ‫وإن قَ ﱠل «‪.‬‬ ‫زا َد في رواية » وا ْكلَفُوا من ْال َع َم ِل ما تُطيقون «‪.‬‬ ‫وفي رواية ﱠ‬ ‫أن رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬قال ‪َ » :‬س ﱢد ُدوا وقاربُوا ‪ ،‬واعلموا أنﱠهُ لَ ْن‬ ‫وأن أحبﱠ األعمال إلى ﷲ أ ْد َو ُمھا ْ‬ ‫الجنﱠةَ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫وإن ق ﱠل «‪.‬‬ ‫أح َد ُكم َع َملُهُ َ‬ ‫يُ ْد ِخ َل َ‬ ‫وأبشرُوا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وال أنتَ يا رسول ﷲ ؟ قال ‪ :‬وال أنا ‪ ،‬إال أن يَتَ َغ ﱠمدَني‬ ‫زاد في أخرى ‪» :‬‬ ‫ِ‬ ‫ورحْ َم ٍة «‪.‬‬ ‫ﷲُ بِ َم ْغفِ َر ٍة َ‬ ‫ھذه روايات البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫وللبخاري و» الموطأ «‪ .‬قالت ‪ :‬كان أحبﱡ األعمال إلى ﷲ الذي يدو ُم عليه صاحبُهُ‪.‬‬ ‫ولمسلم ‪ :‬كان أحبﱡ األعمال إلى ﷲ أدو َمھا وإن ق ﱠل‪.‬‬ ‫ت العمل لَ ِز َم ْتهُ‪.‬‬ ‫وكانت عائشة إذا َع ِمل ِ‬ ‫وفي رواية الترمذي ‪ :‬كان أحب العمل إلى رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬ما ديم عليه‪.‬‬ ‫‪) 1‬البخارى ‪ ،‬ومسلم عن عائشة(‬

‫‪94‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وفي أخرى له قال ‪ُ :‬سئِلَ ْ‬ ‫رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ‬ ‫ت عائِشةُ وأ ﱡم َسلَ َمة ‪ :‬أيﱡ العمل كان أحبﱠ إلى‬ ‫ِ‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬؟ قالتا ‪ :‬ما ِدي َم َعلَ ْي ِه ْ‬ ‫وإن قَ ﱠل‪.‬‬ ‫وفي رواية أبي داود ‪ :‬ﱠ‬ ‫أن‬ ‫رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬قال ‪ » :‬ا ْكلَفوا من العمل ما‬ ‫َ‬ ‫ﱡ‬ ‫فإن ﷲ ال يَملﱡ حتﱠى تَملوا ‪ ،‬ﱠ‬ ‫تُطيقون ‪ ،‬ﱠ‬ ‫العمل إلى ﷲ أدو ُمهُ وإن ق ﱠل ‪ ،‬وكان إذا عمل‬ ‫وإن أحبﱠ‬ ‫ِ‬ ‫عمالً أثبته «‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫سألت عائشةَ ‪ :‬كيف كان عم ُل رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬؟ ھل‬ ‫وفي أخرى له قال ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫كان يَ ُخصﱠ شيئًا من األيام ؟ قالت ‪ :‬ال ‪ ،‬كان عَمله ِديمة ‪ ،‬وأيﱡكم يستطيع ما كان رسول ﷲ ‪ -‬صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم ‪ -‬يستطيع ؟‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وفي رواية النسائي‪ .‬قالت ‪ :‬كان لرسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬حصيرة يَ ْب ُسطھا ‪،‬‬ ‫ويحتجرھا باللي ‪ ،‬فيُصلي فيھا ‪ ،‬ففَ ِطنَ له النﱠاس ‪ ،‬فصلﱠوْ ا بصالتِ ِه ‪ ،‬وبينھم وبينه الحصيرة ‪ ،‬فقال‬ ‫فإن ﷲ تبارك وتعالى ال يمل حتﱠى تم ﱡلوا ‪ ،‬ﱠ‬ ‫مل ما تُطيقون ‪ ،‬ﱠ‬ ‫فإن أحبﱠ العمل إلى‬ ‫‪» :‬اكلَفُوا ِمنَ ال َع ِ‬ ‫قبضه ﷲ ع ﱠز وج ﱠل ‪ ،‬وكان إذا َع ِم َل‬ ‫صالﱠه ذلك‪ .‬فما عاد له حتى‬ ‫َ‬ ‫ﷲ أ ْد َو ُمهُ وإن قَ ﱠل ‪ ،‬ثُ ﱠم تركَ ُم َ‬ ‫عمالً ْأثبَتَهُ «‪.‬‬ ‫و في حديث ضعيف لكن معناه صحيح ))فإن ال ُم ْنبَ ﱠ‬ ‫ت ال أرضا قطع‪ ،‬وال ظھرا أبقى((‪.‬‬ ‫المنبت‪ :‬ھو الذي يواصل السير مواصلة مستمرة‪ ،‬ثم يكون من آثار مواصلته أنه يسير مثال‬ ‫خمسة أيام ما أراح نفسه وال أراح جمله‪ .‬ففي ھذه الخمسة قد يسير ويقطع‪ ،‬يقطع مسيرة خمسة‬ ‫عشر يو ًما في خمسة أيام‪ ،‬ثم يبرك به جمله ويھزل وينقطع به‪ ،‬فينقطع في برية يعني صحراء‪،‬‬ ‫فال ھو الذي رفق ببعيره حتى يوصله ولو بعد عشرين يو ًما‪ ،‬وال ھو الذي قطع األرض كلھا‪ ،‬بل‬ ‫برك به بعيره في برية؛ وذلك ألنه كلف نفسه‪ ،‬وكلف بعيره فسار عليه حتى أھزله‪.‬‬ ‫ھذا يسمى المنبت؛ ال أرضا قطع ال قطع األرض كلھا التي ھي مسيرة شھر‪ ،‬وال أبقى‬ ‫ظھره؛ يعني‪ :‬رفق بظھره أي‪ :‬ببعيره الذي يركب على ظھره‪ .‬تسمى الرواحل ظھرا‪ .‬أما إذا سار‬ ‫برفق؛ فإنه يصل ولو بعد مدة طويلة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أبو حنيفة رضي ﱠ‬ ‫ﷲ عنه ألبي يوسف‪ُ " :‬ك ْنتَ بليداً‪ْ ،‬‬ ‫أخرجتك مواظبتك"‪.‬‬

‫‪95‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أعرف نفسك‬ ‫أجلس مع نفسك و تعرف عليھا بمميزاتھا و عيوبھا و نقاط القوة و نقاط الضعف و الفرصة‬ ‫المتاحة لك و العقبات التى امامك و كن صادقا مع نفسك‬ ‫ان بداية التنمية البشرية ھو معرفة النفس فكيف ستعالج المشكلة و انت ال تعرفھا ؟؟ فقد‬ ‫تعالج االنعزال بمعرفة عدد اكثر من الناس بينما انت ال تعانى من االنعزال و عدد اصدقائك‬ ‫الحاليين يزيد على االلف ‪ ،‬و مشكلتك االساسية ھى تنظيم الوقت ؟؟ و قد تختار مجال دراسة او‬ ‫عمل ال تحبه و لن تبدع به ألنك لم تعرف نفسك و تجلس معھا و تتعرف عليھا‬ ‫يقول االستاذ احمد امين]نقطة البدء في حياة الشباب يجب أن تكون ھي دراسة نفسه‪ ،‬وتعرﱡ فهُ‬ ‫موضع نبوغه‪ ،‬ومواضع ضعفه‪ ،‬واختيار العمل الذي يعمله‪ ،‬ونوع الدراسة التي تناسبه‪ ،‬وتحديد‬ ‫الغاية التي ينشدھا‪.‬‬ ‫وليس يستطيع أي عالم‪ ،‬أو مرشد‪ ،‬أو ولي أمر أن يستكشف موضع النبوغ في الشاب كما‬ ‫يستطيع الشاب نفسه؛ فنفسه بين جنبيه ھو أقدر على أن يقيسھا ويقيس اتجاھاتھا‪ ،‬وھو لو دقق‬ ‫النظر‪ ،‬وأخلص النية في تَعرﱡ ف جوانبھا ولم تغره المطامع الخادعة‪ ،‬والمظاھر الكاذبة_ لعرف‬ ‫س ﱠر نفسه‪ ،‬وموضع عظمته‪[.‬‬ ‫و بداية اقول لك انت تبحث عن النجاح و دليلى انك تقرأ في علوم التنمية البشرية و من‬ ‫يبحث عن شئ يجده ان استعان با" و بحث بھمه و نشاط في المكان الصحيح‬ ‫يوصي محمد اسد ‪" :‬يجب على المسلم أن يعيش عالي الرأس ‪ ،‬ويجب عليه أن يتحقّق أنه‬ ‫متميز ‪ ،‬وأن يكون عظيم الفخر ألنه كذلك ‪ ،‬وأن يعلن ھذا التميز بشجاعة بدالً من أن يعتذر عنه‬ ‫!"‬ ‫اعرف نفسك فقد تكتشف ان الكنز الذي تبحث عنه ليس في اھرام المكسيك و ال في جنزب‬ ‫افريقيا بل في نفسك و في منزلك‬ ‫يروى احد االستراليين قصة اسالمة فيقول جلست انتظر اشاره من ﷲ السلم او ايه او ظھور‬ ‫ت‬ ‫ق ال ﱠس َما َوا ِ‬ ‫شئ ما فلما لم يظھر شئ فتحت المصحف فوجدت اول اية اقرأھا )إِ ﱠن فِي خَ ْل ِ‬ ‫اس َو َما أَنز َ​َل ّ‬ ‫ض َو ْ‬ ‫ﷲُ ِمنَ‬ ‫ار َو ْالفُ ْل ِك الﱠتِي تَجْ ِري فِي ْالبَحْ ِر بِ َما يَنفَ ُع النﱠ َ‬ ‫اختِالَ ِ‬ ‫ف اللﱠي ِْل َوالنﱠھَ ِ‬ ‫َواألَرْ ِ‬ ‫ض بَ ْع َد َموْ تِھَا َوبَ ﱠ‬ ‫ب‬ ‫ال ﱠس َماء ِمن ﱠماء فَأَحْ يَا بِ ِه األرْ َ‬ ‫اح َوالس َﱠحا ِ‬ ‫ث فِيھَا ِمن ُكلﱢ دَآبﱠ ٍة َوتَصْ ِر ِ‬ ‫يف الرﱢ يَ ِ‬ ‫ت لﱢقَوْ ٍم يَ ْعقِلُون(‬ ‫ض آليَا ٍ‬ ‫ْال ُم َس ﱢخ ِر بَ ْينَ ال ﱠس َماء َواألَرْ ِ‬ ‫كل شعب قام يبني نھضة وأرى بنيانكم منقسما‬ ‫لھف نفسي كيف صرتم أمما‬ ‫في قديم الدھر كنتم أمة‬ ‫فھو أولى الناس طرا بالفناء‬ ‫كل من أھمل ذاتيته‬ ‫كل من قلد عيش الغرباء‬ ‫لن يرى في الدھر قوميته‬ ‫طالما كنتم مثاال للبشر‬ ‫فكروا في عصركم واستبقوا‬ ‫مرة أخرى بھا روح عمر‬ ‫واملؤوا الصحراء عزما وابعثوا‬

‫اعرف نفسك ھل تجيد الشعر ام القيادة الحربية ام قوة الحفظ ام التأليف ام االبتكار ام الذكاء‬ ‫الوجداني‬ ‫فتخيل ان شاعر مجيد كحسان بن ثابت لم يعرف موھبته و أصر ان يقود جيشا كسيدنا خالد‬ ‫او ان سيدنا خالد لم يعرف موھبته و اكتفي بقرض الشعر ؟؟ كيف كانت ستقوم األمة ؟؟‬

‫‪96‬‬


‫حياة العظماء‬

‫غير نفسك‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صلى )‪{ (15‬‬ ‫} قَ ْد أَفل َح َمن تَزَ كى )‪َ (14‬وذ َك َر ا ْس َم َربﱢ ِه ف َ‬ ‫اب َم ْن‬ ‫ُورھَا َوتَ ْق َواھَا )‪ (8‬قَ ْد أَ ْفلَ َح َم ْن زَ ﱠكاھَا )‪َ (9‬وقَ ْد خَ َ‬ ‫س َو َما َس ﱠواھَا )‪ (7‬فَأ َ ْلھَ َمھَا فُج َ‬ ‫} َونَ ْف ٍ‬ ‫َدسﱠاھَا )‪{(10‬‬ ‫إن أول طريق النجاح في العمل و الحياة ھو نجاحك في ادارة ذاتك و تطويرھا و التعامل‬ ‫معھا بفاعلية‬ ‫حياتك لن تتغير بتغير المدير او زوجتك او سيارتك ‪ ،‬حياتك ستتغير عندما تتطور نفسك بناء‬ ‫على معرفتك بھا‬

‫ق ُم َ‬ ‫كار َم أَخال ٌ‬ ‫طھَرةٌ = فَال ّد ُ‬ ‫ين أَ َو ﱡلھا َوال َعق ُل ثانيھا‬ ‫إِ ﱠن ال َم ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحل ُم رابِ َعھا = َوالجو ُد خا ِمسُھا َوالفَص ُل ساديھا‬ ‫َوال ِعل ُم ثالِثھا َو ِ‬ ‫تاسعُھا َواللَ ُ‬ ‫ين باقيھا‬ ‫َوالبِرﱡ سابِعُھا َوال َ‬ ‫صب ُر ثا ِمنُھا = َوال ُشك ُر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوالنَفسُ تَعلَم أَنّي ال أصا ِدقُھا = َولَ ُ‬ ‫ست أر ُش ُد إِال حينَ أعصيھا‬ ‫َوال َع ُ‬ ‫ين تَعلَ ُم ِمن عَينَي ُمح ﱢدثِھا = إِن كانَ ِمن ِحزبِھا أَو َمن يُعاديھا‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫عَيناكَ قَد َدلتا عَيناي ِمنكَ عَلى = أشيا َء لَوالھُما ما ُكنتَ تُبديھا‬

‫وق‬ ‫ُدلﱠنِى َعلَى ال ﱡ‬ ‫س ِ‬ ‫انظر الى عظيم من عظماء االسالم فھو واحد من العشرة المبشرين بالجنة و باالضافة لھذا‬ ‫نجده اكبر التجار في جزيرة حياة تعال لننظر الى بدايتة‬ ‫ف ‪ ،‬فَآخَ ى النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه‬ ‫ال قَ ِد َم َع ْب ُد الرﱠحْ َم ِن ب ُْن عَوْ ٍ‬ ‫س ‪ -‬رضى ﷲ عنه ‪ -‬قَ َ‬ ‫ع َْن أَنَ ٍ‬ ‫ال َع ْب ُد‬ ‫صفَهُ أَ ْھلَهُ َو َمالَهُ ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ارىﱢ ‪ ،‬فَ َع َر َ‬ ‫يع األَ ْن َ‬ ‫ض َعلَ ْي ِه أَ ْن يُنَا ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫وسلم ‪ -‬بَ ْينَهُ َوبَ ْينَ َس ْع ِد ب ِْن ال ﱠربِ ِ‬ ‫اركَ ﱠ‬ ‫ﱡوق ‪.‬‬ ‫الرﱠحْ َم ِن بَ َ‬ ‫ﷲُ لَكَ فِى أَ ْھلِكَ َو َمالِكَ ‪ُ ،‬دلﱠنِى َعلَى الس ِ‬ ‫ض ٌر ِم ْن‬ ‫فَ َربِ َح َش ْيئًا ِم ْن أَقِ ٍط َو َس ْم ٍن ‪ ،‬فَ َرآهُ النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬بَ ْع َد أَي ٍﱠام َو َعلَ ْي ِه َو َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ال يَا َرس َ‬ ‫ال النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ » -‬م ْھيَ ْم يَا َع ْب َد الرﱠحْ َم ِن « ‪ .‬قَ َ‬ ‫ص ْف َر ٍة ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تَ‬ ‫ب ‪ .‬فقا َل النبِ ﱡى ‪-‬‬ ‫ال َوزنَ ن َ​َوا ٍة ِمن ذھَ ٍ‬ ‫ال » ف َما ُسق فِيھَا « ‪ .‬فق َ‬ ‫ار ‪ .‬ق َ‬ ‫تَزَ ﱠوجْ ت ا ْم َرأة ِمنَ األن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬أَوْ ِل ْم َولَوْ بِ َشا ٍة «‬ ‫أنظر الى سيدنا عبد الرحمن بن عوف يعرض عليه نصف المال بال تعب فيرفضه شاكرا و‬ ‫يسئل فقط عن مكان السوق و يذھب الى سوق يھود بني قينقاع و ليس معه مال فيعمل اجير يحمل‬ ‫‪ 1‬صحيح البخاري‬

‫‪97‬‬


‫حياة العظماء‬

‫البضائع حتى تجمع معه ماال )يدخر رأس المال( فيبدأ تجاره خاصه به قوامھا االخالق االسالمية‬ ‫و الصدق فيربح و يتزوج بعد ايام من وجوده بالمدينة‬ ‫وعن أبي سعيد ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪) :‬التاجر الصدوق‬ ‫‪1‬‬ ‫األمين مع النبيين‪ ،‬والصديقين‪ ،‬والشھداء(‬ ‫وقال أبو سليمان الداراني‪ :‬ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يتعب لك‪ ،‬ولكن أبدأ‬ ‫برغيفك فأحرزه ثم تعبد‪ .‬قال ابن الجوزي‪ :‬األولى للعالم أن يجتھد في طلب الغناء وفي الكسب‬ ‫وإن ضاع بذلك زمان فإن يصون بعرضه‪ ،‬والعرض ھو المال المتخذ عرضه‬

‫‪ 1‬الترمذي‬

‫‪98‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فقة االختالف‬ ‫تأمل الى نبيين عظيمين اختلفا في الحكم على أمر من االمور ‪ ،‬فلم يتھاجرا بل قبال الصواب‬ ‫ث إِ ْذ نَفَ َش ْ‬ ‫ت فِي ِه َغنَ ُم ْالقَوْ ِم َو ُكنﱠا لِ ُح ْك ِم ِھ ْم َشا ِھ ِدينَ )‪(78‬‬ ‫ان فِي ْال َحرْ ِ‬ ‫} َودَا ُوو َد َو ُسلَ ْي َمانَ إِ ْذ يَحْ ُك َم ِ‬ ‫فَفَھﱠ ْمنَاھَا ُسلَ ْي َمانَ َو ُك ًّال آَتَ ْينَا ُح ْك ًما َو ِع ْل ًما {االنبياء‬ ‫كل منا يرى االشياء من وجھه نظرة و سابق خبرته و ادراكك للشئ ليس ھو الشئ و أنما ھو‬ ‫صورته من الجھه التى تنظر منھا‪ ،‬بينما أخيك ينظر من الجھه االخرى فتتكون من رؤيتككما‬ ‫صورة مجثمة ‪ ،‬فاالعتقاد ال يشترط الصحة فليس ما تعتقدة ھو الصحة المطلقة‬ ‫فالتلفاز يراه البعض بيت ابليس و يراه االخر اداه لتضيع الوقت و يراه ثالث اداه أن أحسن‬ ‫أستخدمھا فخير و أن أسيئ استخدامھا فشر‬ ‫ً‬ ‫و عند كل واحد علم و قيم يبنى عليه اراءه ليست عند االخر ]وقد قال اإلمام مالك ر ﱠدا على‬ ‫الخليفة أبي جعفر المنصور عندما َ‬ ‫س‬ ‫ب يَتَوسﱠط فيه بينَ ر‬ ‫طلب منه تأْليفَ ِكتا ٍ‬ ‫ابن عبا ٍ‬ ‫ُخَص ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقاويل‪ ،‬وسمعوا أحاديث‪،‬‬ ‫ابن عمر‪ ،‬قال‪» :‬ال تَ ْف َعل يا َ‬ ‫وشدائ ِد ِ‬ ‫أمير المؤمنين‪ ،‬فقَد َسبَقَت إلى الناس ِ‬ ‫ُ‬ ‫اختار كلﱡ قَوْ ٍم أل ْنف ِسھم« وفي رواي ٍة أنه قال‪ » :‬ﱠ‬ ‫إن‬ ‫َع الناس وما‬ ‫َ‬ ‫وأخذ كل ٍ‬ ‫قوم بما َسبَق إلي ِھم‪ ،‬فَد ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫قوم عل ٌم‪ْ ،‬‬ ‫ي واح ٍد تكون‬ ‫أصْ َ‬ ‫حاب رسول ﷲ تَفَرﱠقوا في األ ْمصار‪ ،‬و ِع ْن َد كل ٍ‬ ‫فإن َح َملتَھم على رأ ٍ‬ ‫فتنة«[‬

‫وروى أحمد وأبو داود أن رسول ﷲ ) صلى ﷲ عليه وسلم ( مر ليلة باب بكر وھو يصلي‬ ‫يخفت صوته ‪ ،‬ومر بعمر وھو يصلي رافعا صوته ‪ ،‬فلما اجتمعا عند رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم ( قال ‪ :‬يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفت صوتك ‪ ،‬فقال له ‪ :‬يا رسول ﷲ قد أسمعت‬ ‫من ناجيت ‪ ،‬وقال لعمر ‪ :‬مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك فقال يا رسول ﷲ ‪ :‬أوقظ الوثنان‬ ‫وأطرد الشيطان‪ .‬فقال ) صلى ﷲ عليه وسلم (‪ :‬يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا‪ .‬وقال لعمر‪:‬‬ ‫اخفض من صوتك شيئا"‪.‬‬

‫لفرع أنت أصله‬ ‫و قال عبد الرحمن الناصر البنه المنذر ‪:‬إن فيك لتيھا ً مفرطاً‪ ،‬فقال له‪ :‬حق‬ ‫ٍ‬ ‫أن يعلو‪ ،‬فقال له‪ :‬يابني إن العيون تمج التائه‪ ،‬والقلوب تنحرف عنه‪ ،‬فقال‪ :‬ياأبي لي من العز‬ ‫والنسب وعلو المكان والسلطان ما يجمل من ذلك‪ ،‬وإني لم أر العيون إال مقبلة علي‪ ،‬وال األسماع‬ ‫إال مصغية إلي‪ ،‬وإن لھذا السلطان رونقا ً يرنقه التبذل‪ ،‬وعلواً يخفضه االنبساط‪ ،‬وال يصونه‬ ‫ويشرفه إال التيه واالنقباض‪ ،‬وإن ھؤالء األنذال لھم ميزان يسبرون به الرجل منا‪ ،‬فإن رأوه‬ ‫راجحا ً عرفوا له قدر رجاحته‪ ،‬وإن رأوه ناقصا ً عاملوه بنقصه‪ ،‬وصيروا تواضعه صغراً‪،‬‬ ‫وتخضعه خسةً‪ ،‬فقال له أبوه‪ " :‬أنت فابق وما رأيت‪.‬‬ ‫قال االمام بن حنبل ‪":‬ما عبر الجسر الينا احد مثل اسحاق بن راھوية و ان كان يخالفنا في‬ ‫اشياء فال زال الناس يختلفون "‬ ‫يقول بن عبد البر ‪ ":‬جائز ما قلت أنت وجائز ما قلت أنا وكالنا نجم يھتدي به فال علينا شيء‬ ‫من اختالفنا"‬

‫‪99‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قيم االنسان‬ ‫لماذا تجد الناس يتصرفون تصرفات مختلفة ؟؟ احدھما يقبل الرشوه و االخر ال ‪ ،‬أحدھم‬ ‫يھمل العمل و االخر يتقنه ‪ ،‬شخص يسمع االذان قيقوم ليصلي و االخر ال يقوم ؟؟‬ ‫حتى نفھم ھذه االسئلة دعنا نأخذ ھذه القاعدة ‪.‬‬ ‫يتصرف االنسان وفق ما استقر في نفسه من قيم ‪.‬‬ ‫كيف تتكون القيم ؟‬ ‫تتكون القيم من مؤثرات تحدث لدي الفرد انتباة فيتولد لديه اھتمام يتحول الى قيم ‪.‬‬ ‫في أى عمر تتكون القيم ؟‬ ‫تبدأ القيم في التكون من عمر ‪ 3‬شھور ‪،‬‬ ‫و يفرق الطفل بين الذكر و االنثي في عمر ‪ 6‬شھور و يبدأ موقفة يتحدد من العمل الجماعي‬ ‫من ‪ 9‬شھور‬ ‫و لھذا من العجيب أن يبدأ االب في تعليم ابنه و غرس القيم فيه مثل االمانة و الصدق و‬ ‫االيثار من عمر ‪ 10‬اعوام ‪ .‬بينما الطفل تكونت لديه قيم من رؤيته السرته و تصرفات العائلة‬ ‫و ليس معنى ھذا ان وقت التغير قد مضى و لكنه يحتاج الى بذل جھد‬ ‫}قَ ْد أَ ْفلَ َح َم ْن زَ ﱠكاھَا{ ]الشمس‪.[9 :‬‬ ‫قدينفع األدب األوالد في صغر ‪ ....‬وليس ينفعھم من بعده أدب‬ ‫إن الغصون إذا عدلتھا اعتدلت ‪......‬واليلين ولو لينته الخشب‬ ‫ما اھمية القيم ؟؟؟‬ ‫سلوك االنسان يتغير حسب ما يستقر داخلة من مشاعر و افكار متكونه من القيم‬ ‫فھناك من اقصى امانية ان يكسب مليون جنية ال يبالي ام من حرام ام من حالل ‪ ،‬فھذا القيمة‬ ‫االولى لدية ھى المال و ترسب ھذا داخله من مؤثرات متراكمه‬ ‫و ھناك من قيمة الوازع الديني لدية كبير فال يفكر ھل يقبل الرشوى ام ال و يصنع مقارنه بل‬ ‫يرفضھا من اول وھلة ‪ ،‬ألنه تربى على الخوف من ﷲ و الطمع في الجنه‬ ‫و ھناك من أثرت به مؤثرات كثيره اسست لديه قيم التضحية و الشھادة و البذل‬ ‫و ھناك من لديه ھذه القيم بھا خلل‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ْج ِد ْال َح َر ِام َك َم ْن آ َمنَ بِ ﱠ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ا"ِ َو ْاليَوْ ِم ِ‬ ‫اآلخ ِر َو َجاھَ َد فِي َسبِ ِ‬ ‫}أَ َج َع ْلتُ ْم ِسقَايَةَ ْال َحاجﱢ َو ِع َما َرةَ ْال َمس ِ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ َو ﱠ‬ ‫َال يَ ْستَوُونَ ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ﷲُ َال يَ ْھ ِدي ْالقَوْ َم الظﱠالِ ِمينَ * الﱠ ِذينَ آ َمنُوا َوھ َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫َاجرُوا َو َجاھَ ُدوا فِي َسبِ ِ‬ ‫ظ ُم د َ​َر َجةً ِع ْن َد ﱠ‬ ‫بِأ َ ْم َوالِ ِھ ْم َوأَ ْنفُ ِس ِھ ْم أَ ْع َ‬ ‫ﷲِ َوأُولَئِكَ ھُ ُم ْالفَائِ ُزونَ { ]التوبة‪.[20 ،19 :‬‬ ‫و لما كانت المؤثرات على أمرأه العزيز سلبية او انتفت المؤثرات االيجابية )بدليل استماعھا‬ ‫بعد ذلك لمكر النسوه و اعداد وليمة و متكئ للنسوة و ارسلھا لدعوتھم ‪ ،‬مما يدل على كثره‬ ‫او َد ْتهُ الﱠتِي ھُ َو فِي‬ ‫الفراغ بحياتھا و خلوھا من المؤثرات االيجابية( راودت سيدنا يوسف } َو َر َ‬ ‫اب َوقَالَ ْ‬ ‫ت ھَيْتَ لَكَ {‬ ‫ت ْاألَب َْو َ‬ ‫بَ ْيتِھَا ع َْن نَ ْف ِس ِه َو َغلﱠقَ ِ‬

‫‪100‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال َم َعا َذ ﱠ‬ ‫اي‬ ‫ﷲِ إِنﱠهُ َربﱢي أَحْ َسنَ َم ْث َو َ‬ ‫لكن القيم التى تربى عليھا سيدنا يوسف جعلته صامدا} قَ َ‬ ‫إِنﱠهُ َال يُ ْفلِ ُح الظﱠالِ ُمونَ )‪{(23‬‬ ‫ال‬ ‫ع َْن أَبِي ھُ َري َْرةَ قَ َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ َال يَ ْنظُ ُر إِلَى ص َُو ِر ُك ْم َوأَ ْم َوالِ ُك ْم َولَ ِك ْن يَ ْنظُ ُر إِلَى‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫قُلُوبِ ُك ْم َوأَ ْع َمالِ ُك ْم‬ ‫فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن‪ ،‬واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن؛ فإن من استُعبد‬ ‫بدنُه‪ ،‬وا ْستُر ﱠ‬ ‫ق‪ ،‬وأسر ‪ -‬ال يبالي إذا كان قلبه مستريحا ً من ذلك‪ ،‬مطمئناً‪ ،‬بل يمكنه االحتيال في‬ ‫الخالص‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأما إذا كان القلب الذي ھو ملك البدن رقيقا‪ ،‬مستعبدا‪ُ ،‬متيما لغير ﷲ ‪ -‬فھذا ھو الذل‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫واألسر المحض‪ ،‬والعبودية الذليلة لما استعبد القلب‪.‬‬ ‫"إذا امتأل القلب بالمحبة أشرق الوجه‪ ،‬إذا امتأل بالھيبة خشعت الجوارح‪ ،‬وإذا امتأل بالحكمة‬ ‫‪3‬‬ ‫استقام التفكير‪ ،‬وإذا امتأل بالھوى ثار البطن والفرج‪".‬‬ ‫يقول اقبال عن المسلمين و كيف كانت قيمھم االسالمية اعلى من الذھب‪:‬‬ ‫كنا نري األصنام مـن ذھـب فنھدمھـا ونھـدم فوقھاالكفـارا‬ ‫لو كان غير المسلمين لحازھـا كنزا وصاغ الحلي والدينـارا‬ ‫ومن األلى ِ​ِ◌ ِ◌ ِ◌حملوا بعزم أكفھم باب المدينة يوم غزوة خيبرا‬ ‫أم من رمى نار المجوس فأطفئت وأبان وجه الحق أبلج نيرا‬ ‫و من الذي بذل الحياة رخيصة ورأى رضاك أعز شئ فاشترى‬ ‫نحن الذين إذا دعوا لصالتھم والحرب تسقي األرض جاما أحمرا‬ ‫جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبروا في مسمع الروح األمين فكبرا‬

‫أمثلة للقيم في حياتنا ‪:‬‬ ‫ھناك من يرى ان التعامل مع السافل يكون بالنزول الى مستواه و ھناك من يرى العكس‬ ‫ھناك من تكونت لدية قيمة االعتماد على النفس و ھناك من تكونت عنده قيمة االعتماد على‬ ‫الغير )مدلل نتيجة شدة خشية االباء على االبناء فيفسدونھم من حيث يريدون اصالحھم(‬ ‫ھناك من يرى السعادة في المال‬ ‫و ھناك من لدية قيم ان االغنياء تعساء و انه اذا اصبح غنيا فسيخسر السعادة‬ ‫ھناك من تكونت لديه قيمه احترام العلماء و العلم و ھناك من بنيت قيمه على "مدرسة‬ ‫المشاغبين" فانھار به‬ ‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬كتاب العبودية لشيخ االسالم بن تيمية‬ ‫‪ 3‬ھكذا علمتني الحياة لمصطفي السباعي‬

‫‪101‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ھناك من تكونت لديه قيمة احترام صحيح البخاري )حتى ان شاب قام امام فأخطأ في القراءه‬ ‫و قرأ االھكم التكاثر بدل " أَ ْلھَا ُك ُم التﱠ َكاثُ ُر"و من حوله يصحح له و ھو مصر فلما انتھى من‬ ‫الصاله و نبھوه قال ‪":‬و ھل أخطأت في البخاري " و لم يدر رحمه ﷲ انه أخطأ في كتاب ﷲ(‬ ‫وفي الناس من ع ﱠد التواضع ذلة‬ ‫و في اختالف الھمم يقول المتنبي‪:‬‬ ‫وتعظم في عين الصغير صغارھا‬ ‫له ھمم ال منتھى لكبارھا‬ ‫و رحم ﷲ من قال ‪:‬‬ ‫خلق ﷲ للمعالي اناسا‬

‫وع ﱠد اعتزاز النفس من جھله كبرا‬

‫وتصغر في عين العظيم العظائم‬ ‫وھمته الصغرى أجل من الدھر‬

‫و اناسا لقسعه و ثريد‬

‫و ھناك من لدية قيم ثابته فيكفي أن يرى مشھد اعتداء صھيوني على اھل فلسطين حتى يقرر‬ ‫المقاطعة التامة للمنتجات االمريكية و االسرائيلية و ھناك من يرى المشھد فيأثر و يقرر المقاطعة‬ ‫لكن ليس لدية قيم راسخة ينتج عنھا افكار و مشاعر فيأثر تأثر عكسي بمجرد ان يرى اعالن‬ ‫ماكدونالذ او كنتاكي او بيبسي و يبحث عن أي شبھه لتبرير موقفه‬ ‫و أنظر الى سيدنا ابو بكر الصديق حين رفض بعضھم دفع الزكاه قال أبو بكر لو منعوني‬ ‫ولو عقاال مما أعطوا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم لجاھدتھم قال ثم تال )وما محمد إال رسول‬ ‫قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم(‪.‬‬ ‫فالمسئلة ليست ماال بل ھي قيم‬ ‫و تفھمنا للقيم و تأثيرھا يمكننا من تفھم السلوك و معالجته عن طريق تعريض الشخص الى‬ ‫مؤثرات ايجابية و نفي المؤثرات السلبية‬

‫‪102‬‬


‫حياة العظماء‬

‫مشاعر‬

‫افكار‬

‫السلوك‬

‫قناعات‬

‫القيم‬

‫اھتمام‬

‫انتباة‬

‫شكل يوضح العالقة بين المؤثر و القيم و االفكار و السلوك‬

‫عرض الشخص لمؤثر تحصد اھتمام‬ ‫االھتمام يكون قيم‬ ‫القيم تكون قناعات‬ ‫القناعات تكون افكار‬ ‫االفكار تكون مشاعر‬ ‫المشاعر تكون سلوك‬ ‫السلوك تكون عادات‬ ‫العادات تكون شخصية‬

‫‪103‬‬

‫مثير او مؤثر‬


‫حياة العظماء‬

‫مصطلحات‬ ‫القيم ‪ :‬القناعات التى يبنى عليھا السلوك‬ ‫العادات ‪ :‬مجموعة السلوك و االفعال التى تتكرر من الفرد او االفراد‬ ‫االعراف‪ :‬العادات التى اعتادتھا مجتمع ما‬ ‫التقاليد ‪ :‬مجموعة العادات و االعراف التى تكررت لفترة زمنية طويلة و توارثتھا االجيال‬

‫كيف نغير سلوك ؟؟؟؟‬ ‫مشكلتنا اننا نريد التغير من النھاية او من قمة الھرم فالسلوك ھو الظاھر لنا )كالم او فعل او‬ ‫نشاط‪ (......‬لكن يسبقة و يختبئ تحته مشاعر و افكار و قناعات ناتجة من قيم تكونت من‬ ‫التعرض لمؤثرات او مثيرات )ايجابية او سلبية (‬ ‫قال االمام محمد بن عبد الوھاب "ما نطق به اللسان و لم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح‬ ‫كما قال تعالى‪" :‬يقولون بألسنتھم ما ليس في قلوبھم"‪".‬‬ ‫و تتكون القيم في القلب فبصالحه يصلح االنسان و المجتمع و بفساده يفسدا‬ ‫ْ‬ ‫ﱡ‬ ‫صلَ َح ْ‬ ‫صلَ َح ال َج َس ُد ُكلهُ َوإِ َذا‬ ‫ت َ‬ ‫قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪) :‬أَ َال َوإِ ﱠن فِي ْال َج َس ِد ُمضْ َغةً إِ َذا َ‬ ‫‪1‬‬ ‫فَ َسد ْ‬ ‫َت فَ َس َد ْال َج َس ُد ُك ﱡلهُ أَ َال َو ِھ َي ْالقَ ْلبُ (‬ ‫فالشاب الذي لديه قيم سليمة عندما يرى منكرا ينكره بقلبه فان استطاع بقلبه و لسانه فعل فان‬ ‫كان يستطيع االنكار بقلبه و لسانه و يده و لم يترتب على االنكار مفسده اكبر فعل ‪ ،‬فأن لم ينكر‬ ‫بقلبه بدايه فليس في قلبه ايمان او قيم‬ ‫و لم يغير رسول ﷲ بناء الكعبة رغم انه القائد النه علم ان في تغييره مفسدة اكبر نظرا الن‬ ‫قيمھم الجاھلية لم تتبدل كليا‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫قالت عائشة رضي ﷲ عنھا‪َ :‬سأ َ ْل ُ‬ ‫ت ھُ َو؟ قَا َل‪:‬‬ ‫ي َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم ع َْن ْال َج ْد ِر أَ ِمنَ ْالبَ ْي ِ‬ ‫ت النﱠبِ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ال‪) :‬إِ ﱠن قَوْ َم ِك قَص َﱠر ْ‬ ‫ت بِ ِھ ْم النﱠفَقَةُ(‪ ،‬قُ ْل ُ‬ ‫)نَ َع ْم( قُ ْل ُ‬ ‫ت‪ :‬فَ َما َشأ ُن بَابِ ِه‬ ‫ت؟ ق َ َ‬ ‫ت‪ :‬فَ َما لَھُ ْم لَ ْم يُ ْد ِخلُوهُ فِي ْالبَ ْي ِ‬ ‫ك َح ِد ٌ‬ ‫يث‬ ‫ُمرْ تَفِعًا؟ قَ َ‬ ‫ال‪) :‬فَ َع َل َذلِكَ قَوْ ُم ِك لِيُ ْد ِخلُوا َم ْن َشا ُءوا َويَ ْمنَعُوا َم ْن َشا ُءوا‪َ ،‬ولَوْ ال أَ ﱠن قَوْ َم ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َع ْھ ُدھُ ْم بِ ْال َجا ِھلِيﱠ ِة‪ ،‬فَأَخَ ُ‬ ‫ض(‬ ‫ص َ‬ ‫ت َوأَ ْن أ ْل ِ‬ ‫اف أَ ْن تُ ْن ِك َر قُلُوبُھُ ْم أَ ْن أ ْد ِخ َل ْال َج ْد َر فِي ْالبَ ْي ِ‬ ‫ق بَابَهُ بِ ْاألَرْ ِ‬ ‫ب أَ ﱠو ُل َم ْن بَدَأَ بِ ْال ُخ ْ‬ ‫ال َ‬ ‫صالَ ِة َمرْ َو ُ‬ ‫ال‬ ‫طبَ ِة يَوْ َم ْال ِعي ِد قَب َْل ال ﱠ‬ ‫ق ب ِْن ِشھَا ٍ‬ ‫ان فَقَا َم إِلَ ْي ِه َر ُج ٌل فَقَ َ‬ ‫و قَ َ‬ ‫ار ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫صالَةُ قَب َْل ْال ُخ ْ‬ ‫ضى َما َعلَ ْي ِه َس ِمع ُ‬ ‫ْت‬ ‫ال ﱠ‬ ‫ال أَبُو َس ِعي ٍد أَ ﱠما ھَ َذا فَقَ ْد قَ َ‬ ‫ال قَ ْد تُ ِركَ َما ھُنَالِكَ ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫طبَ ِة‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يَقُو ُل » َم ْن َرأَى ِم ْن ُك ْم ُم ْن َكرًا فَ ْليُ َغيﱢرْ هُ بِيَ ِد ِه فَإ ِ ْن لَ ْم يَ ْست َِط ْع فَبِلِ َسانِ ِه‬ ‫َرس َ‬ ‫‪3‬‬ ‫فَإ ِ ْن لَ ْم يَ ْست َِط ْع فَبِقَ ْلبِ ِه َو َذلِكَ أَضْ َع ُ‬ ‫ان «‪.‬‬ ‫اإلي َم ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ﷲُ ع َِن ْال ُم ْؤ ِمنِينَ إِ ْذ يُبَايِعُونَكَ تَحْ تَ ال ﱠش َج َر ِة {والمبايعة سلوك‬ ‫تأمل في قول ﷲ }لَقَ ْد َر ِ‬ ‫نابعة من قيم بالقلب}فَ َعلِ َم َما فِي قُلُوبِ ِھ ْم {‬ ‫} َذلِكَ َو َمن يُ َعظﱢ ْم َش َعائِ َر ﱠ‬ ‫ب{‬ ‫ﷲِ فَإِنﱠھَا ِمن تَ ْق َوى ْالقُلُو ِ‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬متفق عليه‬ ‫‪ 3‬صحيح مسلم‬

‫‪104‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و في حديث الثالثة الذين خلفوا } جاءني رسول ملك غسان دفع إلي كتابا من ملك غسان ‪،‬‬ ‫وكتب كتابا فإذا فيه ‪ ،‬أما بعد ‪ :‬فقد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك ﷲ بدار ھوان ‪ ،‬وال‬ ‫منقصة ‪ ،‬الحق بنا نواسك فقلت حين قرأته ‪ :‬وھذا أيضا من البالء فتيممت التنور فسجرته بھا {‬ ‫فسيدنا كعب بن مالك أخطأ و تخلف عن تبوك لكن لدية قيم ثابته‬ ‫و روى عمرو بن تغلب ان رسول ﷲ قال } أما بعد فوﷲ إنى ألعطى الرجل وأدع الرجل‬ ‫والذى أَ َد ُ‬ ‫ى من الذى أعطى ولكن أعطى أقواما لما أرى فى قلوبھم من الجزع والھلع‬ ‫ع أَ َحبﱡ إِلَ ﱠ‬ ‫‪1‬‬ ‫ب{‬ ‫َوأَ ِك ُل أقواما إلى ما جعل ﷲ فى قلوبھم من الغنى والخير منھم َع ْمرُو ب ُْن تَ ْغلِ َ‬ ‫فقال عمرو ما احب ان لى بكلمة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حمر النعم‬ ‫وأنفسھم وﷲُ علي ٌم‬ ‫اآلخر أن يُجاھدوا بأموالِھم‬ ‫واليوم‬ ‫ك الذينَ يُؤمنونَ با"‬ ‫) َال يستأ ِذنُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫اآلخر وارْ تابت قلوبُھم فھ ْم في َر ْيبِ ِھ ْم‬ ‫واليوم‬ ‫بالمتقينَ ‪ .‬إنما يَستأ ِذنُكَ الذينَ ال يُؤمنونَ با"‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَت َ​َر ﱠد ُدونَ (‪ .‬التوبة ‪.45 :‬‬ ‫تقول السيدة عائشة في حديث االفك "وكان كبر ذلك عند عبد ﷲ بن أبي بن سلول في رجال‬ ‫من الخزرج مع الذي قال مسطح وحمنه بنت جحش ‪ ،‬وذلك أن اختھا زينب بنت جحش كانت‬ ‫عند رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه تناصبني في المنزلة عنده غيرھا ‪.‬‬ ‫فأما زينب فعصمھا ﷲ بدينھا فلم تقل إال خيراً ‪ ،‬وأما حمنة فأشاعت من ذلك ما أشاعت‬ ‫تضارني ألختھا فشقيت بذلك ‪".‬‬ ‫قال الحسن البصري رحمه ﷲ تعالى ‪ :‬ليس اإليمان بالتمني وال بالتحلي ولكن شيء وقر في‬ ‫القلب وصدقه العمل "‬ ‫يقول مالك بن نبي ‪":‬قبل قصة كل استعمار ‪ ،‬ھناك قصة شعب يقبل االستخذاء"‬ ‫يقول الدكتور عمر المقبل ‪" :‬إذا أردت أن تعرف قيمة عمل القلب‪ ،‬ومنزلته عند ﷲ‪ ،‬فتأمل‬ ‫ھذه اآلية‪:‬‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ﷲُ ع َِن ْال ُم ْؤ ِمنِينَ إِ ْذ يُبَايِعُونَكَ تَحْ تَ ال ﱠش َج َر ِة فَ َعلِ َم َما فِي قُلُوبِ ِھ ْم{‬ ‫}لَقَ ْد َر ِ‬ ‫فماذا ترتب على صدقھم وإخالصھم؟‬ ‫} فَأ َ ْنزَ َل ال ﱠس ِكينَةَ َعلَ ْي ِھ ْم َوأَثَابَھُ ْم فَ ْتحًا قَ ِريبًا * َو َمغَانِ َم َكثِي َرةً يَأْ ُخ ُذونَھَا { ]الفتح‪.[19-18:‬‬ ‫فما أحوجنا لتفقد قلوبنا!"‬ ‫و بتغير القيم تتغير المشاعر و االفكار و من ثم السلوك تأمل في قول سعد بن معاذ حين اقبل‬ ‫‪2‬‬ ‫عليه اسيد }"أحلف با" لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذى ذھب به من عندكم"{‬ ‫ما ھى امثلة المؤثرات التى يتعرض لھا االنسان و تغير من قيمه ؟؟‬ ‫كل ما يتعرض له االنسان يؤثر في قيمه و لو باليسير‬ ‫و المنزل يؤثر و يزداد ھذا التأثير في حاله االم ربه المنزل و وجود االخوه و الجو االسري‬ ‫يقول الشيخ على الطنطاوي عن أخوته )"أ ﱠما ناجي‪ ،‬فاشتر َك ْ‬ ‫ت في ت ْك ِوينِه تربيةُ أبيه‪ ،‬وآثا ُر‬ ‫مدرسته‪ ،‬وما ع ِم ْلتُهُ أنا‪ ،‬وأ ﱠما عبدالغني‪ ،‬فتَوْ ِجيھي أنا‪ ،‬وأَثَ ُر المدرسة أ ْق َوى فِيه من أثر أبي ‪-‬‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬السيرة النبوية البن كثير‬

‫‪105‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ُ‬ ‫صنعت‬ ‫رحمه ﷲ ‪ -‬وأ ﱠما سعيد‪ ،‬فكنت أنا العا ِم َل الوحي َد فِي تَرْ بيَتِه الدينِي ﱠة‪ ،‬والسلو ِكيﱠة‪ ،‬والثﱠقافِيﱠة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وكنت‬ ‫له ‪ -‬والفَضْ ُل " ال لِي ‪ -‬أ ْكثَ َر مما صنع لِي أبِي ‪ -‬رحمه ﷲ ‪ -‬كان أبي مشغوالً أحْ يانًا َعنﱢي‪،‬‬ ‫ب معًا "(‬ ‫أنا دائ ًما معه‪ ،‬وسي َﱠرني أبي في‬ ‫يق ال ِع ْلم وطريق األَ َد ِ‬ ‫طريق ال ِع ْلم فقط‪ ،‬وسيﱠرْ تُه فِي طر ِ‬ ‫ِ‬

‫الشيخ علي الطنطاوي‬ ‫و يقول االستاذ احمد امين ‪ ":‬ثم إن اللبن الذي ترضعه األم أوالدھا توعز إليھم الجبن أو‬ ‫الشجاعة بسلوكھا؛ فإن ھي ربتھم تربية األرانب فأدفأتھم وأشبعتھم‪ ،‬وحاطتھم بكل ضروب‬ ‫العناية‪ ،‬ولم تسمح لھم أن يجربوا‪ ،‬وأن يخاطروا وأن يجازفوا‪ ،‬ثم حدثتھم من األحاديث ما يخلع‬ ‫قلوبھم‪ ،‬ويحبب إليھم الحياة بأي ثمن‪ ،‬وعلمتھم أن ال قيمة للعقيدة بجانب حياتھم‪ ،‬وال للوطن‬ ‫بجانب سالمتھم‪ ،‬وصاحت وولولت يوم يجندون‪ ،‬وفقدت رشدھا يوم يسلحون‪ ،‬فھناك ترى صورة‬ ‫جند وال جند‪ ،‬ويرى أشكال الرجال وال رجال‪ ،‬وترى أجساما ً ضخاما ً وقلوبا ً ھواءاً‪.‬‬ ‫وإن ھي ربتھم من صغرھم على المخاطرة والمجازفة‪ ،‬وحدثتھم أحاديث األبطال وعظماء‬ ‫الرجال‪ ،‬وعودتھم مكافحة الحياة والتغلب على الصعاب‪ ،‬وعلمتھم أن المبادئ فوق األشخاص‪،‬‬ ‫والوطن فوق حياة األفراد‪ ،‬وعيرتھم يوم يفرون من واجب‪ ،‬وأنبتھم يوم يأتون بنقيصة‪ ،‬وفخرت‬ ‫بھم يوم يضحون لمبدأ‪ ،‬واعتزت بھم يوم يخاطرون ألمة _ فھناك الرجال‪ ،‬وھناك العزة‪ ،‬وھناك‬ ‫الشرف‪".‬‬ ‫و تأمل كيف خرج من بيت صفية بنت عبد المطلب "الزبير بن العوام "ألنھا كانت تربية‬ ‫على االعتماد على النفس و المھا اعمامه النھا تضربه فقالت ‪:‬‬ ‫من قال قد أبغضته فقد كذب ‪ .........‬وإنما أضربه لكي يلب‬ ‫و يھزم الجيش و يأتي بالسلب‬ ‫و كيف خرج من بيت اسماء بنت ابي طالب "عبد ﷲ بن الزبير" و ھى القائلة له ‪:‬يا بني ال‬ ‫ترض الدنية؛ فإن الموت ال ب ﱠد منه‪ ،‬فلما قال لھا‪ :‬إني أخاف أن يمثﱠل بي‪ ،‬قالت‪ :‬إن الكبش إذا ذبح‬ ‫َ‬ ‫ال يؤلمه السلخ_ و قالت ‪ ":‬إن ضربة بسيف في عز خي ٌر من لطمة في ذل‪".‬‬ ‫و كيف خرج من بيت ھند بنت عتبه "معاوية بن ابي سفيان"و ھى القائلة تشجع الجيش‬ ‫))ان تقبلوا نعانق (( )) ونفرش النمارق (( ))او تدبروا نفارق (( ))فراق غير وامق((‬ ‫و نشأ عمر بن عبد العزيز في المدينة‪ ،‬فلما شبّ وعقل وھو غالم صغير كان يأتي عبد ﷲ‬ ‫بن عمر بن الخطاب لمكان أمه منه‪ ،‬ثم يرجع إلى أمـه فيقول‪ :‬يا أمـه‪ ،‬أنا أحب أن أكون مثل‬ ‫خالي ـ يريد عبد ﷲ بن عمر ـ فتؤفف به ثم تقول له‪ :‬أغرب أنت تكون مثل خالك‪ ،‬وتكرر عليه‬ ‫ذلك غير مرة‪ .‬فلما كبر سار أبوه عبد العزيز بن مروان إلى مصر أميراً عليھا‪ ،‬ثم كتب إلى‬ ‫زوجته أم عاصم أن تقدم عليه وتقدم بولدھا‪ ،‬فأتت عمھا عبد ﷲ بن عمر فأعلمته بكتاب زوجھا‬ ‫عبد العزيز إليھا فقال لھا‪ :‬يا ابنة أخي‪ ،‬ھو زوجك فالحقي به‪ ،‬فلما أرادت الخروج قال لھا‪ :‬خلفي‬ ‫ھذا الغالم عندنا ـ يريد عمر ـ فإنه أشبھكم بنا أھل البيت‪ ،‬فخلفته عنده ولم تخالفه‪ ،‬فلما قدمت على‬

‫‪106‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عبد العزيز اعترض ولده فإذا ھو ال يرى عمر‪ ،‬قال لھا‪ :‬وأين عمر؟ فأخبرته خبر عبد ﷲ‪ ،‬وما‬ ‫سألھا من تخليفه عنده لشبھه بھم‪ ،‬فس ّر بذلك عبد العزيز‪ ،‬وكتب إلى أخيه عبد الملك يخبره بذلك‪،‬‬ ‫فكتب عبد الملك أن يجري عليه ألف دينار في كل شھر‪ ،‬ثم قدم عمر على أبيه مسلما ً‬

‫و االفالم تؤثر تأئيرا عظيما حيث يرى المشاھد ما كتبه السيناريو و كأنه واقع امام عينية‬ ‫يشھد عليه‬ ‫و االلعاب حيث يتقمص الالعب أحدى الشخصيات و قد تكون لعبه مثل ‪ gate‬فيقوم بدور‬ ‫مجرم يحرب الشرطة و يقتل و تراه يتحدث بفخر ثم ال تستغرب عندما تقرأ عن طفل في‬ ‫االعدادية قتل و سرق‬ ‫و المدرسة و زمالء الدراسة‬ ‫قال صاحب "أنباء نجباء األبناء" ‪:‬‬ ‫) بلغني أن أبا سليمان داود بن نصير الطائي رحمه ﷲ لما بلغ من العمر خمس سنين‬ ‫أسلمه أبوه إلى المؤدب فابتدأه بتلقين القرآن وكان لَقِنا ً فلماتعلم سورة‬ ‫ان ِح ٌ‬ ‫ين ﱢمنَ ال ﱠد ْھ ِر لَ ْم يَ ُكن َش ْيئًا ﱠم ْذ ُكورًا (‬ ‫)ھَلْ أَتَى َعلَى اإلن َس ِ‬ ‫وحفظھا رأته أمه يوم جمعة مقبالً على حائط وھو يفكر ويشير بيده فخافت عليه وقالت له ‪:‬‬ ‫" قم ياداود فاخرج والعب مع الصبيان "‬ ‫فلم يجبھا فضمته إلى صدرھا ودعت بالويل فقال ‪:‬‬ ‫" مالك ياأماه ؟ "‬ ‫فقالت " أبكَ بأسٌ "‬ ‫قال ال‬ ‫قالت ‪ " :‬أين ذھنك ؟ كلمتُك فلم تسمع "‬ ‫قال ‪ " :‬مع عباد ﷲ "‬ ‫قالت ‪ :‬فأين ھم ؟‬ ‫قال ‪ :‬في الجنة " قالت ‪ " :‬مايصنعون ؟ " قال ‪:‬‬ ‫) ُمتﱠ ِكئِينَ فِيھَا َعلَى األرائك ال يَ َروْ نَ فِيھَا َش ْمسًا َوال زَ ْمھَ ِريرًا َودَانِيَةً َعلَ ْي ِھ ْم ِظاللُھَا َو ُذلﱢلَ ْ‬ ‫ت‬ ‫قُطُوفُھَا ت َْذلِيال(‬ ‫ومر في السورة وھو شاخص ببصره كأنه ينظر إليھم حتى بلغ قوله تعالى ) َو َكانَ َس ْعيُ ُكم‬ ‫ﱠم ْش ُكورًا(‬ ‫ثم قال ياأماه !ماكان سعيھم ؟ " فلم تدر ماتجيبه به فقال ‪ " :‬قومي عني حتى أتنزھه عندھم‬ ‫ساعة "‬ ‫فلم تدر ماتجيبه وأرسلت إلى والده فجاء فأخبرته الخبر فقال له ‪ " :‬ياداود كان سعيھم‬ ‫مشكوراً أنھم قالوا ‪ :‬الإله إال ﷲ محمد رسول ﷲ " فكان داود بعد ذلك اليدع أن يقول‬ ‫" الإله إال ﷲ محمد رسول ﷲ "‬ ‫ﱢ‬ ‫و المدرس يقول االستاذ على الطنطاوي "المعلم االبتدائي ھو األساسُ ‪ ،‬والبناء الذي حدثونا‬ ‫عنه في أمريكا وقالوا‪ :‬ﱠ‬ ‫إن فيه مائة طبقة‪ ،‬مائة دَوْ ٍر بعضھا فوق بعض‪ ،‬ال يقوم وال ينتفع به إِ ْن لم‬ ‫يحْ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ولكن البناء ال يقوم إال عليه‪ ،‬ھذا‬ ‫مله أساسٌ متين غائض في األرض‪ ،‬واألساس ال يُ َرى‪،‬‬ ‫األساس ھو التعليم االبتدائي‪ ،‬ال يراه الناسُ على حقيقته وال يقدرونه قدره‪ ،‬ولو كان بيدي شيء‬ ‫من األمر‪ ،‬أو كان لرأيي قلي ٌل من الوزن‪ ،‬القترحت أن يشترط في معلم االبتدائي الشھادة‬ ‫مثل راتب أستاذ الشھادة الثانوية‪،‬‬ ‫الجامعيﱠة‪ ،‬وفوقھا دورة في التربية وتعليم الصغار‪ ،‬وأن يُعطى َ‬

‫‪107‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ْطيَه الكثير‪ ،‬ﱠ‬ ‫إن ضعْف معلم االبتدائي ال تصلحه ق ﱠوة مدرس الثانوي وال‬ ‫نطالبه بالكثير بعد أن نُع ِ‬ ‫أستاذ الجامعة"‬ ‫و يول ايضا "إن جاءكم من يريد تعلم النحو في ثالثة أيام فال تقولوا له إن ھذا مستحيل بل‬ ‫علموه‪ ،‬فلعل اشتغاله ھذه الثالثة األيام بالنحو‪ ،‬تحببه إليه"‪.‬‬ ‫انظر الى الموقف التالي العجيب حين يسئل السلطان بن التلمساني العالم الكبير عن مسئله‬ ‫فيقول ان تلميذ يحسن جوابھا فيسئل السلطان التلميذ فيجيب فيدنية منه ‪ ،‬فتأمل كيف أثر الشيخ‬ ‫التلميذ على نفسه و كيف تكون لديه قيم اقوى من عشرات الدروس في االيثار!!!‬ ‫و كان الصالحين يحرصون على أخذ ابنائھم الى مجالس العلماء كما حدث مع االمام‬ ‫السيوطي أذ أخذه و الده الى بن حجر و عمره ثالث سنوات‬ ‫و النادي يمضي الطفل وقتا يلعب مع اصدقائه يلتقط منھم قيمه‬ ‫يقول االستاذ احمد امين ‪ ":‬وكثير من الشباب يقع في العادات السيئة من غير تفكير وعن‬ ‫غير قصد‪ ،‬إنما ھم ينساقون مع التيار‪ ،‬يجدون بعض الشبان المستھترين يتجھون اتجاھا ً سيئاً؛‬ ‫فيسيرون في اتجاھھم من غير وعي وال تفكير وال إعمال عقل في النتائج‪ ،‬وكان يجب أن يقدروا‬ ‫ھذا االتجاه ويزنوا نتائجه‪ ،‬ثم يسلطوا إرادتھم؛ لتجنيبھم ھذا االتجاه السيئ‪.‬‬ ‫إن أكثر ما يفسد الشبان ويضعف إرادتھم ھو اإلغراء‪ ،‬يجلس الشاب مثالً مع بعض أصحابه‪،‬‬ ‫فيجد اثنين منھم أو ثالثة يدخنون‪ ،‬فيعزمون عليه بسيجارة‪ ،‬فيأبى فيلحون عليه‪ ،‬ويبررون‬ ‫تدخينھم بمبررات‪ ،‬مثل أنه يبھج النفس‪ ،‬أو يزيل الكرب‪ ،‬أو نحو ذلك من علل فاسدة؛ فيشرب‬ ‫أول سيجارة فال يحس لھا طعماً‪ ،‬وقد يشعر بشيء من الدوخان؛ فيكرھھا‪ ،‬وينفر منھا‪".‬‬ ‫و المجالت يقول االستاذ علي الطنطاوي و قد رأي مجلة في يد تلميذ "فجعلت أفَ ﱢك ُر في‬ ‫ھؤالء األطفال المساكين‪ ،‬كيف يكونون رجاالً صالحين ذوي إرادة وعزم وفھم للواقع وحب‬ ‫لالتحاد‪ ،‬إذا كانت المجالت الم ْد َر ِسيﱠة‪ ،‬التي تنشأ لتوجيھھم إلى الخير والفضيلة‪ ،‬إنما توجھھم إلى‬ ‫الغش واالحتيال؟"‬ ‫و القصص‬ ‫ق َو َموْ ِعظَةٌ‬ ‫} َو ُك ًّال نَقُصﱡ َعلَ ْيكَ ِم ْن أَ ْنبَا ِء الرﱡ س ُِل َما نُثَب ُ‬ ‫ﱢت بِ ِه فُؤَ ادَكَ َو َجا َءكَ فِي ھَ ِذ ِه ْال َح ﱡ‬ ‫َو ِذ ْك َرى لِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ )‪{(120‬‬ ‫و القصص انواع منھا ما ھو كالعالج من االمراض و منھا ما ھو كالسم الزعاف‬ ‫و لھذا يحذر من قراءه القصص و الكتب التى تربي التشاؤم‬ ‫يقول االستاذ على الطنطاوي "ال أدري لِ َم لم ينتفع المعلمون والمربون بھذا الميل المستقر في‬ ‫كلﱢ نفس‪ ،‬فيجعلوا دروسھم ومواعظھم حكايات وقصصًا؟ ولِ َم يَ َد ُعون الميدان كلﱠه لھؤالء‬ ‫المفسدين‪ ،‬الذين يستغلون وحدھم ھذا المي َْل‪ ،‬فينشرون في الناس القصص المفسدة لل ُخلُق‪ ،‬من‬ ‫قصص )أرسين لوبين( وأشباھھا‪ ،‬أو المفسدة للعقل كقصص السحرة والعفاريت"‬ ‫و يقول مصطفي السباعي ‪ ":‬كل مؤلف تقرأ له‪ ،‬يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد‪ ،‬فال تقرأ‬ ‫إال لمن تعرفه بعمق التفكير‪ ،‬وصدق التعبير‪ ،‬وحرارة القلم‪ ،‬واستقامة الضمير‪" .‬‬

‫‪108‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و الشارع حيث ترى السيارات الفارھه فيتحول قلبك و ترى الفتن تعرض على القلوب‬ ‫ب أَ ْن َك َرھَا نُ ِكتَ فِي ِه نُ ْكتَةٌ‬ ‫ب أُ ْش ِربَھَا نُ ِكتَ فِي ِه نُ ْكتَةٌ َسوْ دَا ُء َوأَىﱡ قَ ْل ٍ‬ ‫ير ُعودًا ُعودًا فَأَىﱡ قَ ْل ٍ‬ ‫" َك ْال َح ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ت ال ﱠس َم َو ُ‬ ‫ض ِم ْث ِل ال ﱠ‬ ‫ات َواألَرْ ضُ‬ ‫ير َعلَى قَ ْلبَي ِْن َعلَى أَ ْبيَ َ‬ ‫َص َ‬ ‫بَ ْي َ‬ ‫صفَا فَالَ تَضُرﱡ هُ فِ ْتنَةٌ َما َدا َم ِ‬ ‫ضا ُء َحتﱠى ت ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫ْر ُ‬ ‫ب ِم ْن ھ َ​َواهُ"‬ ‫ف َم ْعرُوفا َوالَ يُن ِك ُر ُمن َكرًا إِال َما أش ِر َ‬ ‫وز ُم َجخيًا الَ يَع ِ‬ ‫َواآلخَ ُر أس َْو ُد ُمرْ بَا ّدا َكالك ِ‬ ‫و االغاني‪ 2‬و الموسيقي يضعھا علماء النفس في المؤثرات االيجابية و لكنى اضعھا في‬ ‫المؤثرات السلبية لما بھا من قول كالم ال يعتقده القلب و ال يفعله } يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا لِ َم تَقُولُونَ‬ ‫َما َال تَ ْف َعلُونَ )‪َ (2‬كب َُر َم ْقتًا ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ﷲِ أَ ْن تَقُولُوا َما َال تَ ْف َعلُونَ {‬ ‫‪3‬‬ ‫وعن مجاھد في قوله‪َ ):‬والﱠ ِذينَ ال يَ ْشھَ ُدونَ ﱡ‬ ‫ور ( قال‪ :‬ال يسمعون الغناء‪.‬‬ ‫الز َ‬ ‫و لوجود معاني ساقطة للھمه مثل "كاتش كادر ايش قالوله كمان نانه"‬ ‫قال بن القيم ‪ :‬فبينما ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبھاء العقل‬ ‫وبھجة اإليمان ووقار اإلسالم وحالوةالقرآن‬ ‫فإذا سمع الغناء ومال إليه ‪ ..‬نقص عقله ‪ ،‬وقل حياؤه وذھبت مروءته‪ ،‬وفارقه بھاؤه‬ ‫وتخلى عنه وقاره وفرح به شيطانه ‪ ،‬وشكا إلى ﷲ إيمانه ‪ ،‬وثقل عليه قرآنه‪.‬‬ ‫اعتزل ذكر األغاني والغزل * * * وقل الفصل وجانب من ھزل‬ ‫ودع الذكر أليام الصبا * * * فأليام الصبا نجم أفل‬ ‫ملك كسرى عنه تغني كسرة * * * وعن البحر اجتزاء بالوشل‬

‫و قال القحطاني‬ ‫ال خير في صور المعازف كلھا والرقص واإليقاع في القضبان‬ ‫إن التقي لربه متنزه عن صوت أوتار وسمع أغان‬ ‫وتالوة القرآن من أھل التقى سيما بحسن شجا وحسن بيان‬ ‫أشھى وأوفى للنفوس حالوة من صوت مزمار ونقر مثان‬ ‫وحنينه في الليل أطيب مسمع من نغمة النايات والعيدان‬ ‫أعرض عن الدنيا الدنية زاھدا فالزھد عند أولي النھى زھدان‬ ‫زھد عن الدنيا وزھد في الثنا طوبى لمن أمسى له الزھدان‬ ‫كل ما سبق يؤثر تأثيرا سلبيا او ايجابيا و علينا ان نتخير المؤثرات االيجابية ‪ ،‬فتوجد العاب‬ ‫يقوم الالعب بدور الفدائي الفلسطيني الذين يحارب اليھود و يحرر المسجد االقصى‬ ‫و توجد افالم تربيويه خالية من المحاذر الشرعية نافعه على قلتھا كبرنامج خواطر لالستاذ‬ ‫احمد الشقيري‬ ‫و اعلم ان وقع المؤثر االيجابي على القلوب الحية كوقع الندى على االراضي الزراعية‬ ‫قال أبو موسى األشعري ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ :-‬قال رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » : -‬ﱠ‬ ‫إن‬ ‫ث أصاب أرضًا ‪ ،‬فكانت منھا َ‬ ‫طائِفَةٌ طيﱢبَةٌ ‪ ،‬قَبِلَت‬ ‫َمثَ َل ما بعثني ﷲ به من الھدى والعلم ‪ ،‬كمثل َغ ْي ٍ‬ ‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬من الحزم عدم االخذ برأى بن حزم في الغناء‬ ‫‪ 3‬تفسير الطبري‬

‫‪109‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اس ‪ ،‬فشربوا‬ ‫ب الكثير ‪ ،‬وكان منھا أجا ِدبُ أ ْم َسكت الما َء ‪ ،‬فنفع ﷲ بھا النﱠ َ‬ ‫الما َء فأ ْنبَتت الكأل وال ُع ْش َ‬ ‫ت كألً‬ ‫طائِفَةً منھا ْ‬ ‫وأصاب َ‬ ‫ك ماءا ‪ ،‬وال تُ ْنبِ ُ‬ ‫أخرى ‪ ،‬إنﱠما ھي قِي َع ٌ‬ ‫مس ُ‬ ‫منھا ‪ ،‬و َسقَوْ ا و َرعَوا ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ان ال تُ ِ‬ ‫‪ ،‬فذلك َمثَ ُل َم ْن فَقُه في دين ﷲِ ع ﱠزو ج ﱠل ‪ ،‬ونَفَ َعهُ ما بعثني ﷲ به ‪ ،‬فعلِ َم وعلﱠم ‪ ،‬و َمثَ ُل من لم يَرْ فع‬ ‫‪1‬‬ ‫بذلك َرأسًا ‪ ،‬ول ْم يقبل ھُدى ﷲِ الذي أرْ ِس ْل ُ‬ ‫ت به «‪.‬‬ ‫و تكرار المؤثر يرسخة اكثر يقول محمد علي كالي ‪:‬‬ ‫‪It's the repetition of affirmations that leads to belief. And once that‬‬ ‫‪belief becomes a deep conviction, things begin to happen.‬‬ ‫التكرار يؤدي الى االعتقاد من ثم يتحول الى قناعة التي بدورھا تبدأ في التحقق‬ ‫يقول البوصيري في البردة ‪:‬‬ ‫ﱡ‬ ‫الخيل باللجُم‬ ‫جماح من غوايتھا كما ير ﱡد جماح‬ ‫من لي برﱢ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فال ترم بالمعاصي كسر شھوتھا إن الطعام يقوي شھوة النﱠھم‬ ‫الرضاع وإن تفطمهُ ينفطم‬ ‫والنفس كالطفل إن تھملهُ شبﱠ على حب‬ ‫ِ‬ ‫فاصرف ھواھا وحاذر أن توليه إن الھوى ما تولى يصم أو يصم‬ ‫األعمال سائمةٌ وإن ھي استحلت المرعى فال تسم‬ ‫وراعھا وھي في‬ ‫ِ‬ ‫يدر أن السم فى الدسم‬ ‫كم حسنت لذةً للمر ِء قاتلة من حيث لم ِ‬ ‫مثال للمؤثرات ‪ :‬عند حدوث شجار نجد الناس الذي يفضون الشجار يقولون للمتخاصمين‬ ‫مذكرا با" ‪":‬اذكر ﷲ " "صلى على النبي " "وحد ﷲ " و كل ھذه مؤثرات ايجابية و خاصه‬ ‫عندما يستجيب المتخاصم و يردد احد ھذه االذكار‬ ‫و عكس ھذا المساببه و ھى ان تضع من امامك في مقابل مؤثر سلبي فيؤثر عليه و يكون‬ ‫تصرفه سلبي‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫يل‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬إِ ﱠن ِم ْن أَ ْكبَ ِر ْال َكبَائِ ِر أَ ْن يَ ْل َعنَ ال ﱠر ُج ُل َوالِ َد ْي ِه « ‪ .‬قِ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال » يَسُبﱡ ال ﱠر ُج ُل أَبَا ال ﱠرج ُِل ‪ ،‬فَيَسُبﱡ أَبَاهُ ‪َ ،‬ويَسُبﱡ أَ ﱠمهُ «‬ ‫ﷲِ َو َك ْيفَ يَ ْل َع ُن ال ﱠر ُج ُل َوالِ َد ْي ِه قَ َ‬ ‫يَا َرس َ‬ ‫‪2‬‬

‫و يمكن تقسيم المؤثرات الى ‪-:‬‬ ‫• سمعية ‪ :‬كسماع القرآن او سماع االغاني‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي أَنﱠهُ ا ْستَ َم َع نَفَ ٌر ِمنَ ْال ِجنﱢ فَقَالوا إِنﱠا َس ِم ْعنَا قرْ آنًا َع َجبًا )‪ (1‬يَ ْھ ِدي إِلَى‬ ‫وح َي إِلَ ﱠ‬ ‫• } قُلْ أُ ِ‬ ‫الرﱡ ْش ِد فَآ َ َمنﱠا بِ ِه َولَ ْن نُ ْش ِركَ بِ َربﱢنَا أَ َحدًا )‪َ }{ (2‬وأَنﱠا لَ ﱠما َس ِم ْعنَا ْالھُدَى آَ َمنﱠا بِ ِه فَ َم ْن يُ ْؤ ِم ْن‬ ‫بِ َربﱢ ِه فَ َال يَخ ُ‬ ‫َاف بَ ْخسًا َو َال َرھَقًا )‪{ (13‬‬ ‫• بصرية و انت حاليا تتأثر بمؤثر بصري و أنت تقرا ھذا الكتاب‬ ‫كل الحوادث مبداھا من النظر ‪ ...‬ومعظم النار من مستصغر الشرر‬ ‫والمرء ما دام ذا عين يقلبھا ‪ ...‬في أعين العين موقوف على الخطر‬ ‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪110‬‬


‫حياة العظماء‬

‫كم نظرة فعلت في قلب فاعلھا ‪ ...‬فعل السھام بال قوس وال وتر‬ ‫يسر ناظره ما ضر خاطره ‪ ...‬ال مرحبا ً بسرور عاد بالضرر‬ ‫و يقول أخر‬ ‫تَ َمتﱠ ْعتُما يا مقلت ّي بنظـر ٍة * * * * * وأوردتما قـلـبـي أ َم ﱠر المــوارد‬ ‫أعين ّي ُكفﱠا عن فؤادي فإنه * * * * * من الظلم سع ُي اثنين في قتل واحد‬ ‫و يقول ثالث‬ ‫فوﷲ مـا أدري أنفسـي ألو ُمھـا * * * * * على الحبّ أم عيني الم ُشو َمةَ أم قلبي‬ ‫أبصر ْ‬ ‫ت * * * * * وإن لُ ْم ُ‬ ‫فإن لُ ْم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫العين‬ ‫ت قلبي قال لي‬ ‫َ‬ ‫ت عيني قالت الذنبُ للقلـ ِ‬ ‫ب‬ ‫فعينـي وقلبـي قد تقاسمتمـا دمي * * * * * فياربّ كن عونا ً على العين والقل ِ‬ ‫• حسية ‪ :‬عندما تجلس بجوار شخص ايجابي او سلبي ينتقل لك بعض الشحنات منه‬ ‫بدون لمس ‪ ،‬فكيف يكون االمر حين يكون ھناك لمس‬ ‫قال ابن ھشام ‪ :‬وحدثني أن فضالة بن عمير بن الملوح الليثي أراد قتل النبي صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم وھو يطوف بالبيت عام الفتح ؛ فلما دنا منه ‪ ،‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم ‪ :‬أفضالة ؟ قال ‪ :‬نعم فضالة يا رسول ﷲ ؛ قال ‪ :‬ماذا كنت تحدث به نفسك ؟‬ ‫قال ‪ :‬ال شيء ‪ ،‬كنت أذكر ﷲ ؛ قال ‪ :‬فضحك النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬ ‫استغفر ﷲ ‪ ،‬ثم وضع يده على صدره ‪ ،‬فسكن قلبه ؛ فكان فضالة يقول ‪ :‬وﷲ ما رفع يده‬ ‫عن صدري حتى ما من خلق ﷲ شيء أحب إلي منه ‪.‬‬ ‫قال فضالة ‪ :‬فرجعت إلى أھلي ‪ ،‬فمررت بامرأة كنت أتحدث إليھا ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ھلم إلي‬ ‫الحديث ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ال ‪ ،‬وانبعث فضالة يقول ‪:‬‬ ‫قالت ھلم إلى الحديث فقلت ال * يأبى عليك ﷲ واإلسالم‬ ‫لوما رأيت محمداً وقبيله * بالفتح يوم تكسر األصنام‬ ‫لرأيت دين ﷲ أضحى بينا * والشرك يغشى وجھه اإلظالم‬

‫ھل تؤثر السلوك على القيم ؟؟‬ ‫نعم و لھذا امرنا بذكر ﷲ‬ ‫و امرنا بالتوبة } إن العبد إذا اخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة سوداء‪ ،‬فإن ھو نزع واستغفر‬ ‫وتاب صقل قلبه‪ ،‬فإن عاد زيد فيھا‪ ،‬حتى تعلو قلبه‪ ،‬وھو الران الذي ذكر ﷲ في كتابه‪َ ﴿ :‬كال بَلْ‬ ‫‪1‬‬ ‫َرانَ َعلَى قُلُوبِ ِھ ْم َما َكانُوا يَ ْك ِسبُونَ ﴾ ]المطففين‪{[14:‬‬ ‫‪ 1‬الترمذي‬

‫‪111‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و نھينا عن اسبال الثوب لما فيه من عجب بالنفس‬ ‫ْ‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ )) :‬من ج ﱠر ثوبه خيالء لم يَنظر ﷲ إليه يوم القيامة ((‬

‫‪1‬‬

‫و عن التشبه بالكفار قال حذيفة بن اليمان‪ :‬من تشبه بقوم فھو منھم؛ وما ذاك إال ألن المشابھة‬ ‫في بعض الھدي الظاھر يوجب المقاربة ونوعا من المناسبة يفضي إلى المشاركة في خصائصھم‬ ‫‪2‬‬ ‫التي انفردوا بھا عن المسلمين والعرب(‪.‬‬ ‫وقال ابن القيم‪) :‬ونھى عن التشبه بأھل الكتاب وغيرھم من الكفار في مواضع كثيرة ألن‬ ‫‪3‬‬ ‫المشابھة الظاھرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة‪ ،‬فإنه إذا أشبه الھدي الھدي أشبه القلب القلب(‬ ‫و نھى رسول ﷲ عن التثاؤب عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫قال ) التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال ھا ضحك‬ ‫‪4‬‬ ‫الشيطان(‬ ‫يقول اإلمام عبد ﷲ بن المبارك‪:‬‬ ‫رأيت الذنوب تميت القلوب * و يتبعھا الذل إدمانھا‬ ‫و ترك الذنوب حياة القلوب * و خير لنفسك عصيانھا‬

‫ھل االيمان يزيد و ينقص ؟؟؟‬ ‫نعم و اقرأ كالم ﷲ‬ ‫{‬ ‫ليزدادوا إيمانا مع إيمانھم‬ ‫}‬ ‫} وزدناھم ھدى {‬ ‫{‬ ‫} ويزيد ﷲ الذين اھتدوا ھدى‬ ‫} والذين اھتدوا زادھم ھدى وآتاھم تقواھم {‬ ‫} ويزداد الذين آمنوا إيمانا {‬ ‫{‬ ‫} أيكم زادته ھذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتھم إيمانا‬ ‫} فاخشوھم فزادھم إيمانا {‬ ‫} وما زادھم إال إيمانا وتسليما{‬ ‫و في الحديث }إن اإليمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب‪ ،‬فاسألوا ﷲ أن يجدد‬ ‫‪5‬‬ ‫اإليمان في قلوبكم‪{.‬‬ ‫ھل تكفي خطبة الجمعة مثال للتغير االيماني ؟؟؟‬ ‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 2‬الفتاوي الكبري البن تيمية‬ ‫‪ 3‬اغاثة اللھفان‬ ‫‪ 4‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 5‬الطبراني‬

‫‪112‬‬


‫حياة العظماء‬

‫خطبه الجمعة ‪)1‬على قيمتھا االيمانية ( أقل من ساعة فاذا اضفنا درس بعد العشاء يكون‬ ‫المحصلة ‪ 3‬ساعات من المثيرات االيجابية اسبوعيا تعطي شحنه ايمانية‬ ‫لكن في المقابل ‪ 165‬ساعة )‪ (3-168‬في االسبوع مؤثرات سلبية )اباحية – سلبية – حب‬ ‫النفس (‬ ‫و كيف يبلغ البنيان يومه تمامه اذا كنت تبني و غيرك يھدم‬ ‫ان نسبه المؤثرات االيجابية للسلبية ال تزيد عن ‪ %2‬فكيف تقوم أمه‬ ‫أرى ألف بان ال يقوموا لھادم‪.............‬فكيف بباني خلفه ألف ھادم‪.‬‬ ‫و الحل ھو زيادة المؤثرات االيجابية مثل‬ ‫• قراءه جزء من القران يوميا )الحد االدنى(‬ ‫و القرآن ھو المعجزة الخالدة التى كونت لنا القدوة المثلى "رسول ﷲ" فقد كان خلقه‬ ‫القرآن و قدمت لنا الجيل الفريد جيل الصحابة‬ ‫يقول اقبال عن القرآن "إنه ليس بكتاب فحسب إنه أكثر من ھذا ‪ ،‬إذا دخل في القلب تغير‬ ‫االنسان و اذا تغير االنسان تغير العالم"‬ ‫يقول اقبال ‪ :‬مسل ًما إن ترد حياة فيھـا ما بغير القرآن تأتي الحياة‬ ‫و دخل عليه أبوه وھو يقرأ القرآن بعد الفجر وھو يالعب أخته الطفلة الصغيرة فقال ‪ :‬يا‬ ‫إقبال اقرأ القرآن كأنه أنزل عليك‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فأخذت بھذه الوصية ‪ ،‬وكنت أقرأ القرآن كأنه أنزل علي فتأثر بذلك ‪.‬‬ ‫يقول عمر بن عبد العزيز »ما حسدت الحجاج عدو ﷲ على شيء حسدي إياه على حبه‬ ‫القرآن وإعطائه أھله‪ ،‬وقوله حين حضرته الوفاة‪ :‬اللھم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك ال‬ ‫تفعل«‪.‬‬ ‫و مشكلتنا اننا انشغلنا عن القران و العمل به باالھتمام بختم القرآن و حفظة بال فھم و ال‬ ‫تطبيق فانشغلنا بالوسائل )القرآة و الحفظ و التجويد( عن الھدف )تطبيق القرآن و ان‬ ‫يكون كل منا قرآن يمشي على االرض(‬ ‫تجد معھد "القرأت" او "خدمة القرآن" او "عالية القرآت" و ال يھتم بمعرفة احكام‬ ‫القرآن بل بمعرفة المدود و الوقف و اھم من حكم الوقف ‪ ،‬الوقف عند حدود ﷲ‬ ‫ُ‬ ‫قال رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ »: -‬ﱠ‬ ‫إن بعدي من أَ ﱠمتى ‪-‬أو سيكون بعدي من أمتي ‪-‬‬ ‫قوم ‪ ،‬يقرؤون القرآن ال يجاوز َحالقِي َمھم ‪ ،‬يَجْ رجون من الدﱢين كما ي ُخر ُج السھم من‬ ‫‪2‬‬ ‫ال ﱠر ِميﱠ ِة ‪ ،‬ثم ال يعودون فيه ‪ ،‬ھم َشرﱡ الخَ ْلق والخَ لِقَ ِة«‪.‬‬

‫يقول د‪ .‬عصام العويد‪":‬عدد أحرف سورتي الفلق والناس )‪ (153‬حرفا فقط‪ ،‬وعدد‬ ‫أحرف سورتي ھود ويوسف )‪ (14781‬حرفا‪ ،‬ومع ھذا فالمعوذتان أفضل بنص الحديث‬ ‫الصحيح‪ ،‬كتاب ربنا كتاب معاني‪ ،‬ومع ھذا ما زال بعضنا يركض في حفظه وتالوته‬ ‫يستكثر الحسنات في غفلة عن المعاني العظيمات!"‬

‫‪ 1‬و ليس ھذا تقليل من شان خطبه الجمعه انما ھو لفت النظر اال نقتصر عليھا‬ ‫‪ 2‬مسلم‬

‫‪113‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• الصالة في المسجد‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫قال ‪ -‬تعالى ‪ ) : -‬إِ ﱠن الصﱠالةَ تَنھَى ع َْن الفَحْ َشا ِء َوال ُمن َك ِر َولَ ِذك ُر ﷲِ أكبَ ُر ( ] العنكبوت‬ ‫‪[45‬‬ ‫فإن الصالة فيھا دفع مكروه‪ ،‬وھو الفحشاء والمنكر‪ ،‬وفيھا تحصيل محبوب‪ ،‬وھو ذكر‬ ‫ﷲ‪.‬‬ ‫وحصول ھذا المحبوب أكبر من دفع ذلك المكروه؛ فإن ذكر ﷲ عبادة‪ ،‬وعبادة القلب‬ ‫‪1‬‬ ‫مقصودة لذاتھا‪ ،‬وأما اندفاع الشر فھو مقصود لغيره على سبيل التبع‪.‬‬ ‫و انت في صالة ما انتظرت الصالة‬ ‫• النوم على طھارة و وضوء ‪،‬فتكون ساعات النوم كلھا مؤثرات ايجابية‬ ‫روى الترمذي والطبراني عن أبي أمامة رضي ﷲ عنه قال ‪ :‬سمعت رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم يقول } من آوى إلى فراشه طاھرا يذكر اسم ﷲ ‪ -‬تعالى ‪ -‬حتى يدركه‬ ‫النعاس لم ينقلب ساعة من الليل يسأل ﷲ ‪ -‬عز وجل ‪ -‬فيھا شيئا من خير الدنيا واآلخرة‬ ‫إال أعطاه ﷲ إياه { قال الترمذي حديث حسن ‪ .‬وروى أبو القاسم الطبراني في األوسط‬ ‫بإسناد جيد عن ابن عباس رضي ﷲ عنھما أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال }‬ ‫طھروا ھذه األجساد طھركم ﷲ ؛ فإنه ليس من عبد يبيت طاھرا إال بات معه في شعاره‬ ‫ملك ال ينقلب ساعة من الليل إال قال ‪ :‬اللھم اغفر لعبدك فإنه بات طاھرا {‬ ‫وروى أبو نعيم في الحلية عن ابن جبر أنه قال ‪ :‬قال لي ابن عباس رضي ﷲ عنھما " ‪:‬‬ ‫ال تنام إال على وضوء فإن األرواح تبعث على ما قبضت عليه ‪ .‬وروى ابن المبارك في‬ ‫الزھد عن أبي الدرداء موقوفا } إذا نام العبد على طھارة رفع روحه إلى العرش {‬ ‫ورواه البيھقي في الشعب موقوفا على عبد ﷲ بن عمرو بن العاص رضي ﷲ عنھما ‪.‬‬ ‫وروى الحاكم الترمذي عن عمرو بن حريث مرفوعا } النائم الطاھر كالصائم القائم { ‪.‬‬ ‫وبسنده عن أبي الدرداء موقوفا } إن النفس تعرج إلى ﷲ ‪ -‬تعالى ‪ -‬في منامھا ‪ ،‬فما كان‬ ‫طاھرا سجد تحت العرش ‪ ،‬وما كان غير طاھر تباعد في سجوده ‪ ،‬وما كان جنبا لم‬ ‫يؤذن لھا في السجود {‬ ‫‪ .‬وقال طاوس " من بات على طھر وذكر كان فراشه له مسجدا حتى يصبح " رواه ابن‬ ‫أبي الدنيا ‪ .‬وسئل الحكم بن عتيبة الكندي ‪ -‬رحمة ﷲ عليه ‪ : -‬أينام الرجل على غير‬ ‫وضوء ؟ قال ‪ :‬يكره ذلك وإنا لنفعله ‪.‬‬ ‫• اذكار الصباح و المساء‬ ‫لقول الرسول }ال يزال لسانك رطبا ً من ذكر ﷲ{‬ ‫و اذا بدأت كل عمل ب"بسم ﷲ" و تعودت عليھا ستبتعد ان شاء اللھعن المعصية‬ ‫• قراءه كتاب في المواصالت )لمنع النظر ( قال ﷲ تعالى‪َ } :‬و َال تَ ُم ﱠد ﱠن َع ْينَ ْيكَ إِلَى َما‬ ‫َمتﱠ ْعنَا بِ ِه أَ ْز َواجًا ِم ْنھُ ْم َز ْھ َرةَ ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا لِنَ ْفتِنَھُ ْم فِي ِه َو ِر ْز ُ‬ ‫ق َربﱢكَ خَ ْي ٌر َوأَ ْبقَى{ ]طه‪:‬‬ ‫‪.[131‬‬ ‫او سماع شريط نافع‬ ‫• حضور دروس العلم‬ ‫‪ 1‬كتاب العبودية لشيخ االسالم بن تيمية‬

‫‪114‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و اعلم ان منفعة حضور درس العلم اضعاف المنفعة المتحصلة من سماع نفس الدرس‬ ‫في المنزل لوجود مؤثرات ايجابية من حضور المالئكة و تنزل السكينة‬ ‫} ما جلس قوم فى مسجد من مساجد ﷲ يتلون كتاب ﷲ ويتدارسونه بينھم إال نزلت‬ ‫عليھم السكينة وغشيتھم الرحمة وحفتھم المالئكة وذكرھم ﷲ فيمن عنده{‬ ‫ﱠ‬ ‫ال‪َ :‬كانَ نَبِ ﱡي ﷲِ صلى‬ ‫اويَةَ بن قُرﱠة ع َْن أَبِي ِه قَ َ‬ ‫وفي حضور االطفال مجالس العلم حديث ُم َع ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ص ِغي ٌر يَأتِي ِه ِم ْن‬ ‫س يَجْ لِسُ إِلَ ْي ِه نَفَ ٌر ِم ْن أَصْ َحابِ ِه َوفِي ِھ ْم َر ُج ٌل لهُ اب ٌْن َ‬ ‫ﷲ عليه وسلم إِ َذا َجلَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ف َ‬ ‫ظھ ِْر ِه فَيُ ْق ِع ُدهُ بَ ْينَ يَ َد ْي ِه‬ ‫خَ ْل ِ‬ ‫• محادثة الصالحين‬ ‫َ‬ ‫و نكتفي بقول العالم للرجل الذي قتل مائه نفس ‪ ":‬ا ْن َ‬ ‫ض َك َذا َو َك َذا فَإ ِ ﱠن بِھَا‬ ‫طلِ ْق إِلَى أرْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ﷲَ فَا ْعبُ ْد ﱠ‬ ‫أُنَاسًا يَ ْعبُ ُدونَ ﱠ‬ ‫ضكَ فَإِنﱠھَا أرْ ضُ َسوْ ٍء‪" .‬‬ ‫ﷲَ َم َعھُ ْم َو َال تَرْ ِج ْع إِلَى أَرْ ِ‬ ‫وما أجمل قول أنس بن النضر رضي ﷲ عنه لما مر بقوم من المسلمين قد ألقوا‬ ‫بأيديھم فقال ‪ :‬ما تنتظرون ؟ فقالوا ‪ :‬قتل رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ، -‬فقال ‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ما تصنعون في الحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه »‬ ‫• التزام السنه و ترك البدعة‬ ‫عن سعيد بن المسيب؛ أنه رأى رجال يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين‪ ،‬يكثر‬ ‫فيھا الركوع والسجود‪ ،‬فنھاهُ‪ .‬فقال‪ :‬يا أبا محمد! يعذبُني ﷲُ على الصالة؟! قال‪ :‬ال‪ ،‬ولكن‬ ‫‪3‬‬ ‫يع ﱢذبُك على خالف السنة‪.‬‬ ‫بھذا يكون اكثر من ‪ % 60‬من المؤثرات ايجابية ]بدون اعتزال الناس او ترك العمل [ و‬ ‫ستجد انك مشحون بطاقة ايجابية باقي اليوم تغلب المؤثرات السلبية فعندما تجد زميلك ياخذ رشوة‬ ‫و انت مصلي الفجر في المسجد و قرات القرآن ستجد نفسك تنھاه و ستجد نظرتك لالشياء مختلفة‬ ‫و لدينا أمر من رسول ﷲ بالتماس و البحث عن مواطن الصالح و الخير‬ ‫عن محمد بن مسلمة قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫"إن لربكم في أيام دھركم نفحات‪ ،‬فتعرضوا لھا لعل أحدكم أن يصيبه منھا نفحة ال يشقى‬ ‫ً ‪4‬‬ ‫بعدھا أبدا"‪.‬‬ ‫وعن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫"افعلوا الخير دھركم وتعرضوا لنفحات رحمة ﷲ‪ ،‬فإن " نفحات من رحمته يصيب بھا من‬ ‫‪5‬‬ ‫يشاء من عباده‪ ،‬وسلوا ﷲ أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم"‪.‬‬ ‫و يضاف الى ما سبق ايجاد القدوة و ھو نوعين ‪-:‬‬ ‫‪ .1‬قدوة تاريخية‬ ‫يقول احمد شوقي‬ ‫كلقيط عي في الناس انتسابا‬ ‫مثل القوم نسوا تاريخھم‬ ‫او كمغلوب على ذاكرة يشتكي من صلة الماضي انقضابا‬ ‫‪ 1‬النسائي و صححه االلباني‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬البيھقي‬ ‫‪ 4‬رواه الطبراني في األوسط والكبير بنحوه وفيه من لم أعرفھم ومن عرفتھم وثقوا‪.‬‬ ‫‪ 5‬رواه الطبراني وإسناده رجاله رجال الصحيح غير عيسى بن موسى بن إياس بن البكير وھو ثقة‪.‬‬

‫‪115‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فربي ابنك على القدوة الحسنة كأن تروي قصص للصحابة و التابعين او نماذج للناجحين‬ ‫و العرب تقول "لوال الوئام لھلك األنام"‪ .‬اي لوال السير على سير الصالحين و االئتناس بھم لھلك‬ ‫الناس‬ ‫امرئ‬ ‫وإذا أعجبتك خصا ُل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫مثل ما يعجبك‬ ‫فَك ْنهُ تَك ْن َ‬ ‫فليس على المجد والمكرمات‬ ‫إذا جئتھا حاجبٌ يحجبك‬ ‫يقول اقبال ‪) " :‬اقرأ مرة أخرى في سيرتك األولى‪ ،‬اقرأ دروس الصدق والعدل‬ ‫والشجاعة‪ ،‬ألنك أنت المنشود؛ لتسود العالم مرة ثانية‪ ،‬أنت تملك العالم باألخوة وتحكمه‬ ‫بالمحبة‪ ،‬ما الذي محا استبداد )قيصر( وشدة )كسرى(؟! أكانت ھناك قوة في العالم‬ ‫تحارب الجبابرة سوى قوة )علي( كرم ﷲ وجھه‪ ،‬وفقر )أبي ذر( وصدق )سليمان(‬ ‫رضي ﷲ عنھم؟!(" و عزيمة ابو بكر و عدل عمر و كلھم مقتبس من نور الحبيب محمد‬ ‫يقول ابوعمرو بن العالء ‪":‬ما نحن فيمن مضى اال بقل في اصول نخل طوال "‬ ‫يا صاح إن الركب قد سار مسرعا ً *** ونحن قعود ما الذي أنت صانع‬ ‫أترضى بأن تبقى المخلف بعدھم *** صريع األماني والغرام ينازع‬ ‫وھذا لسان الكون ينطق جھرة *** بأن جميع الكائنات قواطع‬ ‫يقول محمد الخضر حسين ‪ ":‬وتنشأ قوة اإلرادة من درس التاريخ؛ فالذي يخطر في باله أمر‬ ‫قرأ في سيرة شخص أنه كان قد ھم بمثله وعمل لحصوله فنجح عمله وصلحت عاقبته _ شأنُه أن‬ ‫يعزم على ذلك الخاطر‪ ،‬ويجعله بعد العزم عمالً نافذاً؛ فمن يخطر في باله أن يدعو الحاكم الجائر‬ ‫بالموعظة الحسنة‪ ،‬وقد قرأ سير العلماء الذين كانوا يأمرون بعض الجبارين بالمعروف‬ ‫فيأتمرون‪ ،‬أو يكظمون في األقل غيظھم وال يبطشون‪ ،‬يكون أقوى عزما ً على الدعوة ممن لم يقرأ‬ ‫في ھذا الشأن خبراً؛ لمــا عرفه من أن للحق الذي يخرج في أسلوبه الحكيم سطوةً على النفوس‬ ‫وإن كانت طاغية؛ فيقدم على وعظه في رفق وحسن خطاب‪ ،‬فإن لم يھده سبيل الرشد قضى حق‬ ‫النصيحة له‪ ،‬وما على الذين أوتوا الحكمة إال البالغ ‪".‬‬ ‫ھذي مناقبه في عھد دولته ** للشاھدين ولالعقاب احكيھا‬ ‫في كل واحدة منھن نابلة ** من الطبائع تغذو نفس واعيھا‬ ‫لعل في امة االسالم نابتة ** تجلو لحاضرھا مرآة ماضيھا‬ ‫حتى ترى بعض ماشادت اوائلھا ** من الصروح وما عاناه بانيھا‬ ‫وحسبھا ات ترى ماكان من عمر ** حتى ينبه منھا عين غافيھا‬ ‫يقول المنفلوطي ‪ ":‬إن عاراً عن التاريخ المصري أن يعرف المسلم الشرقي في مصر من‬ ‫تاريخ بونابرت ما ال يعرف من تاريخ عمرو بن العاص‪ ،‬ويحفظ من تاريخ الجمھورية الفرنسية‪،‬‬ ‫ما ال يحفظ من تاريخ الرسالة المحمدية‪ ،‬ومن مبادئ ديكارت‪ ،‬وأبحاث دارون ما ال يحفظ من‬ ‫حكم الغزالي وأبحاث ابن رشد‪ ،‬ويروي من الشعر لشكسبير‪ ،‬وھوجو‪ ،‬ما ال يروي للمتنبي‬ ‫والمعري‪.‬‬

‫‪116‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال مانع من أن يُ َعرﱢب لنا المعرﱢ بون المفيد النافع من مؤلفات علماء الغرب‪ ،‬والجيد الممتع من‬ ‫أدب ُكتﱠابھم‪ ،‬وشعرائھم على أن ننظر فيه نظر الباحث المنتقد ال الضعيف المستسلم؛ فال نأخذ كل‬ ‫قضية مسلمة‪ ،‬وال نطرب لكل معنى أدبي طربا ً متھوراً‪.‬‬ ‫وال مانع من أن ينقل إلينا الناقلون شيئا ً من عادات الغربيين‪ ،‬ومصطلحاتھم في مدنيتھم على‬ ‫أن ننظر إليه نظر من يريد التبسط في العلم والتجربة واالختبار‪ ،‬ال على أن نقلدھا‪ ،‬ونتقلدھا‪،‬‬ ‫وننتحلھا قاعدتنا في استحسان ما نستحسن من شؤوننا‪ ،‬واستھجان ما نستھجن من عاداتنا‪.‬‬ ‫وبعد فليعلم ُكتﱠاب ھذه األمة وقادتھا‪ :‬أنه ليس من عادات الغربيين‪ ،‬وأخالقھم الشخصية‬ ‫الخاصة بھم ما نحسدھم عليه كثيراً؛ فال يخدعون أمتھم عن نفسھا‪ ،‬وال يفسدوا عليھا دينھا‬ ‫وشرقيتھا‪ ،‬وال يزينوا لھا تلك المدنية تزيينا ً يرزؤھا في استقاللھا النفسي‪ ،‬وبعدما رزأتھا السياسة‬ ‫في استقاللھا الشخصي‪".‬‬ ‫وخزرج‬ ‫وألن عرف التاريخ أوسا ً وخزرجا فلله أوس قادمون‬ ‫َ‬ ‫وإن كنوز الغيب تخفي طالئع حرة رغم المكائد تخر َج‬ ‫صبح تنفس بالضياء وأشرقا وھذه الصحوة الكبرى تھز البيرقا‬ ‫وشبيبة اإلسالم ھذا فيلق في ساحة األمجاد يتبع فيلقا‬ ‫و قوافل اإليمان تتخذى المدى ضربا ً و تصنع للمحيط الزورقا‬ ‫وما أمر ھذه الصحوة الكبرى سوى وعد من ﷲ الجليل تحققا‬ ‫ھى نخلة طاب الثرى فنمى لھا جذع طويل في التراب وأعذقا‬ ‫ھى في رياض قلوبنا زيتونة في جزعھا غصن الكرامة أورقا‬ ‫فجر تدفق من سيحبس نوره ؟! أرنى يداً سدت علينا المشرقا‬

‫‪ .2‬قدوة يراھا بعينه‬ ‫ففعل رجل في الف رجل خير من قول الف رجل برجل‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ع فَتَفَ ﱠرقُوا ‪ ،‬فَنَ َ‬ ‫ظرْ ُ‬ ‫ال ‪َ :‬كانَ بِ ْال َم ِدينَ ِة فَزَ ٌ‬ ‫ت إِلَى َسالِ ٍم‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ قَ َ‬ ‫اص َر ِ‬ ‫ع َْن َع ْم ِرو ب ِْن ْال َع ِ‬ ‫ت بِ َس ْيفِي فَاحْ تَبَي ُ‬ ‫صنَ َع َسالِ ٌم َدعَوْ ُ‬ ‫َموْ لَى أَبِي ُح َذ ْيفَةَ قَ ْد أَخَ َذ َس ْيفَهُ ُمحْ تَبِيًا ‪ ،‬فَلَ ﱠما َرأَي ُ‬ ‫ْت بِ ِه‬ ‫ْت َما َ‬ ‫ال ‪ :‬أَ ﱡيھَا النﱠاسُ ‪ ،‬أَال يَ ُك ُ‬ ‫‪ ،‬فَخَ َر َج َرسُو ُل ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ون فَزَ ُع ُك ْم إِلَى ﷲِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ُالن ْال ُم ْؤ ِمنَا ِن‬ ‫َع ﱠز َو َج ﱠل َو َرسُولِ ِه ‪َ ،‬ما ھَ َذا ؟ أَال فَ َع ْلتُ ْم َك َما فَ َع َل ال ﱠرج ِ‬ ‫و التصدق له فائده عظيمة جدا في ترقيق القلب و لقد تعجبت عندما قرأت النتونى روبنز انه‬ ‫يحرص سنويا على التصدق بجزء من ماله قال انه تقريبا = ‪ 2.5‬من ماله يشترى به بطاطين و‬ ‫ما شابه و يتصدق به على الفقراء و يحرص ان يوصلھا بنفسه‬ ‫و ال حاجه بي ان اورد ما يدل من االسالم على الحث علي ھذا فھو اشھر من ان يذكر و‬ ‫يعلمه غير المسلمين و فيه ترقيق لقلب المتصدق و جبر قلب الفقير و الغاء الحقد الطبقي‬ ‫صينَ (‬ ‫و االھم االخالص لقول ﷲ ) َك َذلِكَ لِنَصْ ِرفَ َع ْنهُ السﱡو َء َو ْالفَحْ َشا َء إِنﱠهُ ِم ْن ِعبَا ِدنَا ْال ُم ْخلَ ِ‬ ‫يقول االستاذ مصطفي السباعي ‪":‬الرعد الذي ال ماء معه ال ينبت العشب و كذلك العمل الذي‬ ‫‪2‬‬ ‫ال اخالص فيه ال يثمر الخير"‬ ‫‪ 1‬االحاد و المثاني‬ ‫‪ 2‬ھكذا علمتني الحياة‬

‫‪117‬‬


‫حياة العظماء‬

‫حُكي ﱠ‬ ‫أن أبا حام ٍد الغزالي بلغه أنه من أخلص " أربعين يوما ً تفجﱠرت ينابيع الحكمة من قلبه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على لسانه ‪..‬قال ‪ :‬فأخلصت أربعين يوما فلم يتفجﱠر شيء ‪ ..‬فأخلصت أربعين يوما فلم يتفجﱠر‬ ‫شيء ‪ ،‬فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي ‪ :‬إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص " تبارك وتعالى‬ ‫‪ ..‬إنما أخلصت لتتفجﱠر الحكمة بين يديك وعلى لسانك ولم تخلص " ربّ العالمين‪.‬‬ ‫يقول االمام بن تيمية‬ ‫فا" يصرف عن عبده ما يسوؤه من الميل إلى الصور‪ ،‬والتعلق بھا‪ ،‬ويصرف عنه الفحشاء‬ ‫بإخالصه "‪.‬‬ ‫ولھذا يكون قبل أن يذوق حالوة العبودية "‪ ،‬واإلخالص له بحيث تغلبه نفسه على اتباع‬ ‫‪1‬‬ ‫ھواھا؛ فإذا ذاق طعم اإلخالص‪ ،‬وقوي في قلبه انقھر بال عالج‪.‬‬ ‫و قال ايضا ]وبذلك يصرف ﷲ عن أھل اإلخالص " السوء والفحشاء كما قال ‪ -‬تعالى ‪) : -‬‬ ‫صينَ ( ]يوسف ‪ [24‬فإن المخلص "‬ ‫َك َذلِكَ لِنَصْ ِرفَ َع ْنهُ السﱡو َء َو ْالفَحْ َشا َء إِنﱠهُ ِم ْن ِعبَا ِدنَا ْال ُم ْخلَ ِ‬ ‫ذاق من حالوة عبوديته ما يمنعه من محبة غيره؛ إذ ليس عند القلب السليم أحلى‪ ،‬وال أل ﱡذ‪ ،‬وال‬ ‫أطيب‪ ،‬وال أسر‪ ،‬وال أنعم من حالوة اإليمان المتضمن عبوديته "‪ ،‬وإخالص الدين له‪ ،‬وذلك‬ ‫يقتضي انجذاب القلب إلى ﷲ‪ ،‬فيصير القلب منيبا ً إلى ﷲ‪ ،‬خائفا ً منه‪ ،‬راغباً‪ ،‬راھبا ً‪[.‬‬ ‫] وإذا كان العبد مخلصا ً له اجتباه ربه‪ ،‬فأحيا قلبه‪ ،‬واجتذبه إليه‪ ،‬فينصرف عنه ما يضاد ذلك من‬ ‫السوء والفحشاء‪ ،‬ويخاف ضد ذلك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بخالف القلب الذي لم يخلص "؛ فإنه فيه طلبا‪ ،‬وإرادة‪ ،‬وحبا مطلقا‪ ،‬فيھوى ك ﱠل ما يسنح له‪،‬‬ ‫ويتشبث بما يھواه‪ ،‬كالغصن أي نسيم م ﱠر به عطفه‪ ،‬وأماله‪ ،‬فتارة تجتذبه الصور المحرمة‪ ،‬وغير‬ ‫المحرمة‪ ،‬فيبقى أسيراً عبداً لمن لو اتخذه ھو عبداً له لكان ذلك عيبا ً ونقصا ً وذما ً‪.‬‬ ‫وتارة يجتذبه الشرف والرئاسة‪ ،‬فترضيه الكلمة‪ ،‬وتغضبه الكلمة‪ ،‬ويستعبده من يثني عليه‬ ‫ولو بالباطل‪ ،‬ويعادي من يذمه ولو بالحق‪.‬‬ ‫القلوب‪ ،‬والقلوبُ تھواھا‪،‬‬ ‫وتارة يستعبده الدرھم والدينار‪ ،‬وأمثال ذلك من األمور التي تستعبد‬ ‫َ‬ ‫فيتخذ إلھه ھواه‪ ،‬ويتبع بغير ھدى من ﷲ‪.‬‬ ‫ومن لم يكن خالصا ً "‪ ،‬عبدا ًله‪ ،‬قد صار قلبه ُم َعبﱠداً لربه وحده‪ ،‬ال شريك له بحيث يكون ﷲ‬ ‫أحب إليه مما سواه‪ ،‬ويكون ذليالً له خاضعا ً‪ ،‬وإال استعبدته الكائنات‪ ،‬واستولت على قلبه‬ ‫‪2‬‬ ‫الشياطين‪ ،‬وصار فيه من السوء و الفحشاء ما ال يعلمه إال ﷲ‪ ،‬وھذا أمر ضروري ال حيلة فيه‪[.‬‬ ‫يقول الثوري ‪":‬لو علمت أحد يطلب الحديث " لسرت اليه في بيته أحدثه "‬ ‫و يقول االمام مالك ‪":‬ما تعلمت العلم اال لنفسي و ما تعلمته ليطلبني الناس "‬ ‫اما في حالة عدم التعرض لمؤثر ايجابي فكبر عليه ‪ 4‬تكبيرات‬ ‫َ‬ ‫ثالث ُج َمع تھاونا بھا طبَع ﷲ على قلبه«‪.‬‬ ‫تركَ‬ ‫سول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ »:-‬من َ‬ ‫قال ر َ‬ ‫وعند الترمذي » من ترك الجمعة ثالث مرﱠات تَھا ُونا بھا َ‬ ‫طبَ َع ﷲ على قلبه «‪.‬وفي رواية ذكرھا‬ ‫ئ ﷲ منه «‪.‬‬ ‫رزين » فقد بَ ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خَ‬ ‫ت ف َسوْ فَ يَلقوْ نَ غيّا )‪{(59‬‬ ‫} فَخَ لَفَ ِم ْن بَ ْع ِد ِھ ْم لف أ َ‬ ‫ضاعوا الصﱠالة َواتبَعُوا الشھَ َوا ِ‬ ‫ما الفرق بين المربي و الشرطي ؟؟‬ ‫‪ 1‬العبودية‬ ‫‪ 2‬العبودية‬ ‫‪ 3‬النسائي و ابو داود‬

‫‪118‬‬

‫‪3‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يشترك الداعية و الشرطى ان كالھما يقومان السلوك االنساني ‪،‬‬ ‫لكن الشرطي يھتم بالسلوك بينما المربي يھتم بالسلوك و المشاعر و القيم‬ ‫الشرطي مھمته تطبيق القانون و معاقبة المخالف بينما المربي ليس ھدفه المعاقبة بل عدم‬ ‫تكرار الخطأ‬ ‫ﱠ‬ ‫يقول احمد امين ] وليس يُوفق اإلنسان في كل شيء كما يوفق إلى مربﱟ ينمي ملكاتِه‬ ‫ويعو ُده السماحة وسعة الصدر‪ ،‬ويعلمه أن خير غرض‬ ‫الطبيعيةَ‪ ،‬ويعادل بينھا‪ ،‬ويوسع أفقه‪،‬‬ ‫ﱢ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خير للناس بقدر ما يستطيع‪ ،‬وأن تكون نفسه شمسا مشعة للضوء‪،‬‬ ‫يسعى إليه أن يكون َمصْ د َ​َر ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والحب‪ ،‬والخير‪ ،‬وأن يكون قلبه مملوءا‪ ،‬عطفا‪ ،‬وبرا‪ ،‬وإنسانية‪ ،‬وحبا إليصال الخير لكل من‬ ‫اتصل به‪[.‬‬

‫ھل معنى ھذا ان المربي ال يعاقب ؟؟؟‬ ‫ال بل ھناك عقاب لكنه ليس ھدف بل وسيلة مثلما امر الرسول الصحابة بمقاطعه الثالثة‬ ‫الذين خلفوا عن غزوة تبوك‬ ‫و ينبغي ان تتناسب العقوبة مع المخالفة حتى ال تحدث خلخله في المفاھيم ‪ .‬وتتناسب مع‬ ‫المرحلة العمرية ‪ ،‬يقول االستاذ علي الطنطاوي حين سئل عن ضرب االطفال "يا سيدي‪ ،‬المسألة‬ ‫ْ‬ ‫صيﱠة والحدث‪ ،‬فبعض األخطاء ينبغي‬ ‫ما فيھا )نعم( للجميع أو )ال( للجميع‪ ،‬المسألة مرتَبِطة‬ ‫بالشخ ِ‬ ‫أن يُضْ رب الطفل عليھا‪ ،‬وقد يكون ھناك ِط ْف ٌل آخر يكفيه التوبي ُخ‪ ،‬وضرب المعلم للطفل في‬ ‫المدرسة ينبغي أن يكونَ مثل ضرب األب له"‬ ‫و اال تكون ھناك استثنائات في تطبيق العقوبة‬ ‫قالت عائشة ‪-‬رضي ﱠ‬ ‫أن المرأَ ِة ال َمخزوميﱠ ِة التي َس َرقَ ْ‬ ‫ﷲ عنھا‪ » :-‬ﱠ‬ ‫إن قُ َريشا أَھَ ﱠمھُ ْم َش ُ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول ﱠ‬ ‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬؟ فقالوا ‪ :‬و َم ْن يَجتري ُء عليه إال أسا َمةُ بن‬ ‫فقالوا ‪َ :‬م ْن يُكلّ ُم فيھا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬؟ فَكلﱠ َمهُ أ َسا َمةُ ‪ ،‬فقال رسو ُل ﱠ‬ ‫رسول ﱠ‬ ‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫زَ ي ٍد ‪ِ ،‬حبﱡ‬ ‫ِ‬ ‫وسلم‪ : -‬أتَشفَ ُع في ح ٍد ِم ْن حُدو ِد ﱠ‬ ‫ﷲ ؟ ثم قام فَ ْ‬ ‫اخت َ‬ ‫ب ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إنﱠما أَھلك الذين قبلكم ‪ :‬أنﱠھ ْم كانوا‬ ‫ط َ‬ ‫ق فيھم الضعيف أقاموا عليه الح ّد‪َ .‬وأ ْي ُم ﱠ‬ ‫أن فاطمةَ‬ ‫ﷲِ لَوْ ﱠ‬ ‫ق فيھم ال ﱠش ُ‬ ‫ريف تَ َر ُكوه ‪ ،‬وإذا َس َر َ‬ ‫إذا َسر َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫لقطعت يَ َدھَا«‪.‬‬ ‫ب ْنتَ محم ٍد َس َرقَت‬ ‫و اال تكون كل العقوبات مادية و كذلك اال تكون كل المكافأت مادية )مثل ربط السلوك بمنع‬ ‫او منح الشيكوالته فتعطي الطفل المال لشراء شيكوالته فيرتبط في ذھنه ان المال يشتري السعادة‬ ‫(‬ ‫يقول اقبال جاء سائل‪ ،‬فطرق بابنا بعنف‪ ،‬فضربته بعصا على رأسه‪ ،‬فتناثر ما جمعه‪ ،‬فتألم‬ ‫والدي وسال الدمع من عينيه وقال‪) :‬يا بني غدًا تجتمع أمة خير البشر أمام موالھا‪ ،‬ويحشر أھل‬ ‫الملة البيضاء حكماؤھا والشھداء والعلماء والعصاة ويأتي ھذا السائل المسكين صائحًا شاكيًا‪،‬‬ ‫فماذا أقول إذا قال لي النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬إن ﷲ أودعك شابًا مسل ًما‪ ،‬فلم تؤدبه بأدبي‪،‬‬ ‫بل لم تستطع أن تجعله إنسانًا‪ ،‬فانظر يا ولدي عتاب النبي الكريم ومقامي في خجلي بين الخوف‬ ‫والرجاء‪ ،‬أتفضح أباك أمام مواله؟! يا ولدي كن برع ًما في غصن المصطفى‪ ،‬وكن وردة من‬ ‫نسيم ربيعه‪ ،‬وخذ من خلقه الطيب بنصيب(‪.‬‬

‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪119‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪120‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وفي السماء رزقكم وما توعدون‬ ‫قال األصمعي ‪ » :‬أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة فبينا أنا في بعض سككھا إذ‬ ‫أقبل أعرابي جلف جاف على قعود له ‪ ،‬متقلدا سيفه ‪ ،‬وبيده قوس ‪ ،‬فدنا وسلم ‪ ،‬وقال ‪ :‬ممن‬ ‫الرجل ؟ فقلت ‪ :‬من بني األصمع ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬أنت األصمعي ؟ قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬من أين أقبلت ؟‬ ‫قلت ‪ :‬من موضع يتلى كالم الرحمن فيه ‪ ،‬قال ‪ :‬أو للرحمن كالم يتلوه اآلدميون ؟ فقلت ‪ :‬نعم يا‬ ‫أعرابي ‪ ،‬فقال ‪ :‬أتل علي شيئا منه ‪ ،‬فقلت ‪ :‬انزل من قعودك ‪ ،‬فنزل وابتدأت بسورة الذاريات‬ ‫ذروا حتى انتھيت إلى قوله تعالى ‪ ) :‬وفي السماء رزقكم وما توعدون ( قال األعرابي ‪ :‬ھذا‬ ‫كالم الرحمن ؟ قلت ‪ :‬إي والذي بعث محمدا بالحق إنه لكالمه أنزله على نبيه محمد صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬حسبك ‪ ،‬فقام إلى ناقته فنحرھا بسيفه ‪ ،‬وقطعھا بجلدھا وقال ‪ :‬أعني على‬ ‫تفرقتھا ‪ ،‬فوزعناھا على من أقبل وأدبر ‪ ،‬ثم كسر سيفه ‪ ،‬وقوسه ‪ ،‬وجعلھا تحت الرملة ‪ ،‬وولى‬ ‫مدبرا نحو البادية ‪ ،‬وھو يقول ‪ ) :‬وفي السماء رزقكم وما توعدون ( يرددھا فلما تغيب عني في‬ ‫حيطان البصرة ‪ ،‬أقبلت على نفسي ألومھا ‪ ،‬وقلت ‪ :‬يا أصمعي ‪ ،‬قرأت القرآن منذ ثالثين سنة‬ ‫ومررت بھذه وأمثالھا وأشباھھا فلم تتنبه لما تنبه له ھذا األعرابي ‪ ،‬ولم يعلم أن للرحمن كالما ‪،‬‬ ‫فلما قضى ﷲ من أمري ما أحب ‪ ،‬حججت مع ھارون الرشيد أمير المؤمنين فبينا أنا أطوف‬ ‫بالكعبة إذا أخبرنا بھاتف يھتف بصوت رقيق ‪ :‬تعال يا أصمعي ‪ ،‬تعال يا أصمعي ‪ ،‬قال فالتفت ‪،‬‬ ‫فإذا أنا باألعرابي منھوكا مصفارا ‪ ،‬فجاء ‪ ،‬وسلم علي ‪ ،‬وأخذ بيدي وأجلسني وراء المقام ‪ ،‬فقال‬ ‫‪ :‬اتل من كالم الرحمن ذلك الذي تتلوه فابتدأت ثانيا بسورة الذاريات ‪ ،‬فلما انتھيت إلى قوله ‪) :‬‬ ‫وفي السماء رزقكم وما توعدون ( صاح األعرابي ‪ ،‬وقال ‪ :‬قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ‪ ،‬قد‬ ‫وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يا أصمعي ‪ ،‬ھل غير ھذا للرحمن كالم ؟ قلت ‪ :‬نعم يا‬ ‫أعرابي ‪ ،‬يقول ﷲ عز وجل ‪ ) :‬فورب السماء واألرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ( ‪ :‬فصاح‬ ‫األعرابي عندھا وقال ‪ :‬يا سبحان ﷲ ‪ ،‬من ذا أغضب الجليل حتى حلف ؟ أفلم يصدقوه بقوله‬ ‫‪1‬‬ ‫حتى ألجؤوه إلى اليمين قالھا ‪ :‬ثالثا وخرجت نفسه «‬

‫المال‬ ‫ير ْال ُمقَ ْن َ‬ ‫ض ِة‬ ‫ب َو ْالفِ ﱠ‬ ‫ط َر ِة ِمنَ ال ﱠذھَ ِ‬ ‫اس حُبﱡ ال ﱠشھَ َوا ِ‬ ‫} ُزيﱢنَ لِلنﱠ ِ‬ ‫ت ِمنَ النﱢ َسا ِء َو ْالبَنِينَ َو ْالقَنَا ِط ِ‬ ‫ع ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا َو ﱠ‬ ‫ث َذلِكَ َمتَا ُ‬ ‫ب )‪ (14‬قُلْ أَ ُؤنَبﱢئُ ُك ْم‬ ‫ﷲُ ِع ْن َدهُ ُحس ُْن ْال َمآ َ ِ‬ ‫َو ْالخَ ي ِْل ْال ُم َس ﱠو َم ِة َو ْاألَ ْن َع ِام َو ْال َحرْ ِ‬ ‫طھ َﱠرةٌ‬ ‫ات تَجْ ِري ِم ْن تَحْ تِھَا ْاألَ ْنھَا ُر خَ الِ ِدينَ فِيھَا َوأَ ْز َوا ٌج ُم َ‬ ‫بِخَ ي ٍْر ِم ْن َذلِ ُك ْم لِلﱠ ِذينَ اتﱠقَوْ ا ِع ْن َد َربﱢ ِھ ْم َجنﱠ ٌ‬ ‫ﷲِ َو ﱠ‬ ‫ان ِمنَ ﱠ‬ ‫َو ِرضْ َو ٌ‬ ‫صي ٌر بِ ْال ِعبَا ِد )‪{ (15‬‬ ‫ﷲ ُ بَ ِ‬ ‫االسالم يأمر بالوسطية في االنفاق} َو َال تَجْ َعلْ يَدَكَ َم ْغلُولَةً إِلَى ُعنُقِكَ َو َال تَ ْبس ْ‬ ‫ْط‬ ‫ُطھَا ُك ﱠل ْالبَس ِ‬ ‫صيرًا‬ ‫فَتَ ْق ُع َد َملُو ًما َمحْ سُورًا )‪ (29‬إِ ﱠن َربﱠكَ يَ ْب ُسطُ الرﱢ ْز َ‬ ‫ق لِ َم ْن يَ َشا ُء َويَ ْق ِد ُر إِنﱠهُ َكانَ بِ ِعبَا ِد ِه خَ بِيرًا بَ ِ‬ ‫ق نَحْ ُن نَرْ ُزقُھُ ْم َوإِيﱠا ُك ْم إِ ﱠن قَ ْتلَھُ ْم َكانَ ِخ ْ‬ ‫طئًا َكبِيرًا )‪{(31‬‬ ‫)‪َ (30‬و َال تَ ْقتُلُوا أَوْ َال َد ُك ْم خَ ْشيَةَ إِ ْم َال ٍ‬

‫‪ 1‬شعب االيمان للبيھقي‬

‫‪121‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يل َو َال تُبَ ﱢذرْ تَ ْب ِذيرًا )‪ (26‬إِ ﱠن ْال ُمبَ ﱢذ ِرينَ َكانُوا إِ ْخ َوانَ‬ ‫} َوآَ ِ‬ ‫ت َذا ْالقُرْ بَى َحقﱠهُ َو ْال ِم ْس ِكينَ َوا ْبنَ ال ﱠسبِ ِ‬ ‫ين َو َكانَ ال ﱠش ْيطَ ُ‬ ‫ان لِ َربﱢ ِه َكفُورًا )‪{ (27‬‬ ‫ال ﱠشيَ ِ‬ ‫اط ِ‬ ‫ْرفِينَ )‪{(141‬‬ ‫ْرفُوا إِنﱠهُ َال ي ُِحبﱡ ْال ُمس ِ‬ ‫} َو َال تُس ِ‬ ‫ات الصﱠالِ َح ُ‬ ‫}( ْال َما ُل َو ْالبَنُونَ ِزينَةُ ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا َو ْالبَاقِيَ ُ‬ ‫ات خَ ْي ٌر ِع ْن َد َربﱢكَ ثَ َوابًا َوخَ ْي ٌر أَ َم ًال‬ ‫)‪{(46‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ار اآل ِخ َرةَ ل ِھ َي ال َحيَ َو ُ‬ ‫ان لوْ َكانوا يَ ْعل ُمونَ )‪{ (64‬‬ ‫} َو َما ھَ ِذ ِه ال َحيَاة ال ﱡدنيَا إِال ل ْھ ٌو َول ِعبٌ َوإِ ﱠن ال ﱠد َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ض ھَوْ نًا َوإِذاَ‬ ‫َ‬ ‫و انظر الى صفات عباد الرحمن } ِعبَا ُد الرﱠحْ َم ِن ال ِذينَ يَ ْمشونَ َعلى األرْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خَ ا َ‬ ‫طبَھُ ُم ْال َجا ِھلُونَ قَالُوا َس َال ًما )‪َ (63‬والﱠ ِذينَ يَبِيتُونَ لِ َربﱢ ِھ ْم ُس ﱠجدًا َوقِيَا ًما )‪َ (64‬والﱠ ِذينَ يَقولونَ َربﱠنَا‬ ‫اب َجھَنﱠ َم إِ ﱠن َع َذابَھَا َكانَ غ َ​َرا ًما )‪ (65‬إِنﱠھَا َسا َء ْ‬ ‫اصْ ِر ْ‬ ‫ت ُم ْستَقَ ًّرا َو ُمقَا ًما )‪َ (66‬والﱠ ِذينَ إِ َذا‬ ‫ف َعنﱠا َع َذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْرفوا َولَ ْم يَقتُرُوا َو َكانَ بَ ْينَ َذلِكَ قَ َوا ًما )‪{ (67‬‬ ‫أَ ْنفَقُوا لَ ْم يُس ِ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ال ‪َ ،‬و َك ْث َرةَ‬ ‫ال ‪َ ،‬وإِ َ‬ ‫يل َوقَ َ‬ ‫ﷲَ َك ِرهَ لَ ُك ْم ثَالَثًا قِ َ‬ ‫قال النﱠبِ ﱠ‬ ‫ضا َعةَ ْال َم ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ال « ‪.‬‬ ‫السﱡؤَ ِ‬ ‫و لھذا علينا قبل الشراء ان نسئل لماذا سنشتري تلك البضاعة ھل لحاجة ام لشھوة ام لتقليد‬ ‫ت ‪ :‬ا ْشتَھَي ُ‬ ‫ال ‪َ :‬ما ھَ َذا يَا َجابِ ُر ؟ فَقُ ْل ُ‬ ‫ْت لَحْ ًما‬ ‫ال َرأَى ُع َم ُر لَحْ ًما ُم َعلﱠقًا فِي يَ ِدي فَقَ َ‬ ‫َر َوى َجابِ ٌر قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ال أَ َو ُكل َما ا ْشتَھَيْتَ ا ْشت َ​َريْتَ يَا َجابِ ُر ؟ أ َما تَخَ ُ‬ ‫اف ھَ ِذ ِه اآليَةَ ‪ } :‬أذھَ ْبتُ ْم طَيﱢبَاتِ ُك ْم فِي‬ ‫فَا ْشت َ​َر ْيتُهُ ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫َحيَاتِ ُك ْم ال ﱡد ْنيَا { ‪.‬‬ ‫المال ھو عصب الحياه‬ ‫عن أبي واقد الليثي قال‪ :‬كنا نأتي النبي صلى ﷲ عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي فيحدثنا‪،‬قال‬ ‫لنا ذات يوم‪" :‬إن ﷲ عز وجل قال‪ :‬إنا أنزلنا المال إلقام الصالة وإيتاء الزكاة ولو كان البن آدم‬ ‫واد ألحب أن يكون إليه ثان ولو كان له واديان ألحب أن يكون إليھما ثالث وال يمأل جوف ابن‬ ‫‪3‬‬ ‫آدم إال التراب ثم يتوب ﷲ على من تاب"‪.‬‬ ‫قال عمرو بن العاص‪ :‬بعث إلى النبي صلى ﷲ عليه و سلم فأمرنى أن آخذ على ثيابي‬ ‫وسالحى ثم آتيه ففعلت فأتيته وھو يتوضأ فصعد إلى البصر ثم طأطأ ثم قال يا عمرو إني أريد أن‬ ‫أبعثك على جيش فيغنمك ﷲ وأزعب لك زعبة من المال صالحة قلت إني لم اسلم رغبة في المال‬ ‫إنما أسلمت رغبة في اإلسالم فأكون مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم فقال يا عمرو نعم المال‬ ‫‪4‬‬ ‫الصالح للمرء الصالح‬ ‫و روى بن المبارك في سير اعالم النبالء أن ابن المبارك كان يتجر ويقول‪ :‬لوال خمسة ما‬ ‫ضيْل بن عياض‪ ،‬وابن الس ﱠماك‪ ،‬وابن ُعلية؛ فيصلھم‬ ‫اتجرت‪ ،‬السفيانان‪ ،‬وف َ‬ ‫لما حضرت قيس بن عاصم رضي ﷲ عنه الوفاة دعا بنيه‬ ‫فقال ‪:‬‬ ‫) يا بني احفظوا عني فال أحد أنصح لكم مني ‪ ،‬إذا أنا مت فسودوا كباركم ‪ ،‬وال تُسودوا‬ ‫صغاركم ‪ ،‬فتسفه الناس كباركم ‪ ،‬وتھونوا عليھم ‪ ،‬وعليكم بإصالح المال ‪ ،‬فإنه منبھة للكريم ‪،‬‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬الرياض النضره في مناقب العشره‬ ‫‪ 3‬رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح‪.‬‬ ‫‪ 4‬صححه الشيخ االلباني‬

‫‪122‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ويستغني به عن اللئيم ‪ ،‬وإياكم ومسألة الناس ‪ ،‬فإنھا آخر كسب المرء وال تقيموا علي نائحة فإني‬ ‫سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم نھى عن النائحة (‬

‫و ھو خادم صالح و رئيس فاسد‬ ‫يقول مصطفي السباعي ‪ " :‬من استعان بماله على حفظ كرامته فھو عاقل‪ ،‬ومن استعان به‬ ‫على تكثير أصدقائه فھو حكيم‪ ،‬ومن استعان به على طاعة ﷲ فھو محسن ؟ إن رحمت ﷲ قريب‬ ‫من المحسنين‪" .‬‬ ‫قال أبو العتاھية‬ ‫إذا المرء لم يعتق من المال نفسه ‪ ...‬تملكه المال الذي ھو مالكه‬

‫‪123‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول شوقي‬ ‫و لم ارى مثل جمع المال داء و ال مثل البخيل به مصابا‬

‫أنت للمال إن أمسكته‬ ‫مثل الرزق الذي تطلبه‬ ‫أنت ال تدركه متبعا‬

‫فإذا أنفقه فالمال لك‬ ‫مثل الظل الذي يمشي معك‬ ‫فإذا وليت عنه تبعك‬

‫احرص على أن يكون دخلك اكبر من نفقاتك و بقدر مدك لردلك فليكن غطاؤك‬ ‫يقول مالكوم اكس ‪":‬القرض ھوالخطوة االولى نحو الدين فالعبودية"‬ ‫حكمه قالھا الشيخ كشك رحمه ﷲ " تسطر بماء الذھب"‬ ‫ذقت الطيبات كلھا فلم أجد أطيب من العافية ‪..‬‬ ‫وذقت المرارات كلھا فلم أجد أم ّر من الحاجة إلى الناس‬ ‫ونقلت الحديد والصخر فلم أجد أثقل من الدين ‪..‬‬ ‫‪124‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اعلم إن الدھر يومان يوما لك ويوم عليك‬ ‫فان كان لك فال تبطر وان كان عليك فاصطبر فكالھما سينحسر‪.‬‬ ‫و في الحديث )خير المال سكة مأبورة أو مھرة مأمورة(‬ ‫))سكة مأبورة(( ‪ :‬طريقة مصطفة من النخل مؤبرة والتأبير تلقيح النخل ‪)) ،‬مأمورة(( ‪:‬‬ ‫كثيرة النتاج يقال أمرھم ﷲ فأمروا أى كثروا ‪.‬‬ ‫في ھذا الحديث حث على المشروعات الخاصة التى تأتى بالخير الكثير على الجھد القليل و‬ ‫ال تشغل وقت صاحبھا‬ ‫‪1‬‬

‫يمكنك تقسيم الفائض من مالك الى اقسام و االستثمار في احد المجاالت التالية ‪-:‬‬ ‫شراء سلعة مثل الذھب سعرھا يرتفع مع الزمن‬ ‫شراء قطعه أرض و تأجيرھا‬ ‫شراء حقوق فكرية‬ ‫القيام بمشروع خاص‬

‫تطوير النفس‬ ‫أكتسب كل يوم حكمه او معلومة أو تعلم حرفة ‪ ،‬و اذا لم تحاول أن تفعل شئ ابعد مما اتقنته‬ ‫فأنك لن تتقدم ابدا‬ ‫أتصل بأحد مراكز تعلم اللغات او مراكز تعلم الحاسوب و سئل عن الدورات و مواعيدھا و‬ ‫تكلفتھا و أستثمر في نفسك ‪ .‬االن االن و البدار البدار‬ ‫أن لم تتطور فأنت تتدھور‬ ‫انك ان لم تحاول ان تفعل شئ ابعد مما اتنته فانك لن تتقدم ابدا و ستظل مكانك يمر بك من‬ ‫كانوا خلفك‬ ‫أفعل شئ حتى لو فعلته خطأ ألنك ستصححه‬ ‫قال محمد بن نصر ‪ :‬سنعت أحمد بن حنبل يقول ‪ " :‬كل شيء من الخير تَھ ّم به‪ ،‬فبادر به قبل‬ ‫أن يُحال بينك وبينه‪" .‬‬

‫‪ 1‬العسكرى فى األمثال عن سويد بن ھبيرة‬

‫‪125‬‬


‫حياة العظماء‬

‫العالم يتغير و يتطور من حولك فلماذا ال تتحرك أنت ايضا‬ ‫قال بعض السلف "إذا اتى على يوم ال ازداد فيه علما يقربني الى ﷲ فال بورك لي في شمس‬ ‫ذلك اليوم"‬ ‫قال إبراھيم الحربي عن اإلمام أحمد‪ :‬ولقد صحبته عشرين سنةً صيفا ً وشتا ًء وحراً وبرداً‬ ‫وليالً ونھاراً‪ ،‬فما لقيته في يوم إال وھو زائ ٌد عليه باألمس‬ ‫رضاك رضاك يا موالي عني فھل يرضيك أن قدمت نفسي‪.‬‬ ‫ذبحت الروح فيك وكل ذبح لغير ھداك مقرون بنحس‪.‬‬ ‫قال محمد علي كالي‬ ‫‪A man who views the world the same at fifty as he did at twenty has‬‬ ‫‪.wasted thirty years of his life‬‬ ‫الرجل الذي يرى العالم وھو في الخمسين بنفس النظرة كما كان في عمر العشرين يكون‬ ‫ضيع ثالثين عاما بال فائدة‬

‫حدثنا طبيب مصري أنه كان في الحجاز يقود سيارة فوجدت الشرطة أوقفته ألنه كان يقود‬ ‫السيارة بسرعة أقل من السرعة المقررة و في ھذا خطورة ألن ھذا الطريق به منحنيات و الذي‬ ‫يقود بسرعة اقل من السرعة المقررة ستصدم به السيارة التالية‬

‫‪126‬‬


‫حياة العظماء‬

‫تحرك و ال تكن ھمتك اقل من ھمه الكفار‬ ‫ار ُعونَ فِي ْال ُك ْف ِر {‬ ‫} َو َال يَحْ ُز ْنكَ الﱠ ِذينَ يُ َس ِ‬ ‫صيبَنَا دَائِ َرةٌ فَ َع َسى ﱠ‬ ‫ﷲُ أَ ْن‬ ‫ار ُعونَ فِي ِھ ْم يَقُولُونَ ن َْخ َشى أَ ْن تُ ِ‬ ‫} فَتَ َرى الﱠ ِذينَ فِي قُلُوبِ ِھ ْم َم َرضٌ يُ َس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ح أَوْ أَ ْم ٍر ِم ْن ِع ْن ِد ِه {‬ ‫يَأتِ َي بِالفَ ْت ِ‬ ‫س َما َكانُوا يَ ْع َملُونَ )‪(62‬‬ ‫ان َوأَ ْكلِ ِھ ُم السﱡحْ تَ لَبِ ْئ َ‬ ‫اإل ْث ِم َو ْال ُع ْد َو ِ‬ ‫ار ُعونَ فِي ْ ِ‬ ‫} َوتَ َرى َكثِيرًا ِم ْنھُ ْم يُ َس ِ‬ ‫{‬

‫عمل يحيى النحوي في بداية حياته مالحا ً يعبّر الناس في سفينته‪ ،‬فإذا ما عبر معه قوم من دار‬ ‫العلم والدرس في جزيرة اإلسكندرية فكانوا يتحاورون فيما مضى لھم من النظر في العلم‪ ،‬وكان‬ ‫يسمع الحوار الذي يدور بينھم‪ ،‬فتھش نفسه إلى طلب العلم‪ ،‬ولما قويت رؤيته في العلم ف ّكر في‬ ‫أمره قائال‪ " :‬قد بلغت نيفا ً وأربعين عاما ً من العمر وما عرفت غير المالحة‪ ،‬فكيف يمكنني أن‬ ‫أتعرف شيئا ً من العلم " فجمع أمره‪ ،‬وباع سفينته‪ ،‬والزم دار العلم‪ ،‬وبدأ بعلم النحو واللغة‬ ‫والمنطق وبرع في ھذه العلوم فنسب إليھا‪ ،‬وتتلمذ على( أمونيوس(‪ ،‬وأدرك )أبرقلس(‬

‫التنويم الكھرومغناطيسي‬ ‫احذر التنويم المغناطيسي فھو ھالك لك‬ ‫يسئل الكثير عن التنويم المغناطيسي و ينسون او يتناسون التنويم الكھرومغناطيسي‬ ‫و ھو منتشر جدا حتى أنه يندر أال يتعرض له شخص يوميا ‪ ،‬و يقوم ببث أفكار يقنع بھا‬ ‫الشخص المنوم و نجد ضحاياه بالمليارات و ھو يواظبون عليه ساعات يوميا‪.‬‬ ‫تجد المشاھد يصدق ما يراه على الشاشة و ان خالف الواقع الحقيقي و مما يروى ان محشش‬ ‫كان سايق سيارة إسعاف في الحرب نقل ‪ 35‬قتيل ‪،‬سمع في الراديو سقوط ‪ 30‬قتيل ! وقف وفتح‬ ‫الباب وقال‪ :‬الخمسه اللي يستھبلون ينزلون ألحين !‬ ‫أنظر الى خطر االفالم و التى ال تخلو من مشھد عاري و قبل و أحضان ‪ ،‬فكيف يرضى‬ ‫االب أن تشاھد ابنته و ابنه ھذا الفساد‬

‫يقول صالح المغامسي ‪":‬‬ ‫من أعظم طرق الشيطان في إغواء بني آدم‪ :‬كشف العورات‪ ،‬كما قال تعالى ‪:‬‬ ‫} لِي ُِريَھُ َما َسوْ َءاتِ ِھ َما { ]األعراف‪[27:‬‬ ‫وھكذا شياطين اإلنس اليوم‪ ،‬في قنوات ماكرة وشبكات فاجرة؛ ألنه متى استمرأت األسرة‬ ‫ذلك انحلت أخالقھا‪ ،‬وانحل بعد ذلك دينھا‪.‬‬

‫‪127‬‬


‫حياة العظماء‬

‫"‬ ‫َ‬ ‫يقول االستاذ على الطنطاوي ‪" ":‬الذي أعرفه أن الفن ھو الذي يبحث عن الجمال بحث العلم‬ ‫عن الحقيقة‪ ،‬وأنه يدرك بالعاطفة كما يدرك العلم بالعقل‪ ،‬فمن قال إن الجمال ال يكون إال في‬ ‫الفحشاء والمنكر؟" "‬ ‫و أصبح االب االن ال يربي أبناءه بل يتركھم للتلفاز فيخرج االبن على طريقة "مدرسة‬ ‫المشاغبين" في معامله استاذه‬ ‫أرى ألف بان ال يقوموا لھادم‪.............‬فكيف بباني خلفه ألف ھادم‪.‬‬ ‫يقول معروف وصفي ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫فكيف تظن باألبناء خيرا ‪ ...‬إذا نشأوا بحضن الجاھالت‬ ‫قال بن القيم ‪ :‬فبينما ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبھاء العقل‬ ‫وبھجة اإليمان ووقار اإلسالم وحالوةالقرآن‬ ‫فإذا سمع الغناء ومال إليه ‪ ..‬نقص عقله ‪ ،‬وقل حياؤه وذھبت مروءته‪ ،‬وفارقه بھاؤه‬ ‫وتخلى عنه وقاره وفرح به شيطانه ‪ ،‬وشكا إلى ﷲ إيمانه ‪ ،‬وثقل عليه قرآنه‪.‬‬ ‫و خطر اخر ھو طرح قدوات و ابطال في الحضيض ‪ :‬البطل و البطلة العالمي ‪ ،‬حل بعضھم‬ ‫مشكلته بالسجائر و الخمر او حل كل المشاكل ب "ما تيجي نرقص"‬ ‫و أقتص الجزء التالي من محادثة بين الشيخ محمد العوضى و عمرو دياب‬ ‫]عمرو‪ :‬تصور أنني ظھرت في إحدي األغنيات المصورة بلحيتي ثم بعدھا فوجئت بأنھا‬ ‫أصبحت موضة وعدد كبير من الشباب أطلق لحيته‪.‬‬ ‫وطلب عمرو من العوضي تفسير ھذه الظاھرة‪.‬‬ ‫العوضي‪ :‬الشباب حاليا يبحث عن رمز أو قدوة يسير علي خطاھا‪ ،‬وكاريزما النجم ھي أھم‬ ‫النماذج التي تجعل الشباب يقلدون النجم حتي لو قدم النجم تقليعات غريبة أو ال تعقل‪ .‬وبھذه‬ ‫الطريقة يشبع الشباب حاجته النفسية‪ ،‬لذلك تجد الشركات تستعين بنجوم للترويج لمنتجاتھا حتي‬ ‫لو كانت تافھة أو رديئة‪ ،‬وھذه النظرية تسمي باالقتران الشرطي‪ ،‬وھذا االرتباط بين النجم‬ ‫المحبوب والسلعة يحقق لھا نسبة مبيعات عالية‪ ،‬مثل اإلعالن الذي يروج لمشروب عن طريق‬ ‫ھيفاء وھبي ونجم األرسنال ھنري‪ ،‬والھدف من ذلك ھو استغالل الجمھور وليس إمتاعه‪ ،‬فھل‬ ‫توافقني يا عمرو علي ھذا الرأي؟‬ ‫عمرو‪ :‬ھذا الكالم حقيقي‪ ،‬ويحدث بالفعل‪ ،‬ولكني أحب أن أسألك‪ ..‬نحن نشأنا في مجتمعات‬ ‫زرعت فينا أن الحرام الوحيد ھو العري‪ ،‬ولكن ھناك أمورًا أخري لم يسلط عليھا الضوء مثل‬ ‫الظلم وأكل حقوق الناس وغيرھا من األمور‪ ،‬فما ھو رأيك في ذلك؟[‬ ‫و أنظر الى افالم الكرتون التى تغرس في عقول االطفال عقائد غريبة و يشكلونھا على‬ ‫ھواھم‬ ‫لسان حالھم كما قال أقبال‬ ‫قصص االسد من الحديث القديم‬ ‫علموا الليث جفله الظبي و امحوا‬ ‫و استمع الى الراديو فاجد من تقول "حبيبي الكتاكيت" ‪ ،‬كتاكيت ؟؟ اال تعلمين ان ھناك‬ ‫حداية على حدودنا ؟؟ قولي اشبال او صقور‬ ‫و أنظر الى خطر االعالنات التى صممھا خبراء متخصصون و أنفق عليھا المليارات من‬ ‫أجل أقناعك بطرق شتى بشراء سلعة ال تحتاجھا ‪ ،‬ضررھا اكثر من نفعھا‬

‫‪128‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ت ‪ :‬ا ْشتَھَي ُ‬ ‫ال ‪َ :‬ما ھَ َذا يَا َجابِ ُر ؟ فَقُ ْل ُ‬ ‫ْت لَحْ ًما‬ ‫ال َرأَى ُع َم ُر لَحْ ًما ُم َعلﱠقًا فِي يَ ِدي فَقَ َ‬ ‫َر َوى َجابِ ٌر قَ َ‬ ‫ال أَ َو ُكلﱠ َما ا ْشتَھَيْتَ ا ْشت َ​َريْتَ يَا َجابِ ُر ؟ أَ َما تَخَ ُ‬ ‫اف ھَ ِذ ِه ْاآليَةَ ‪ } :‬أَ ْذھَ ْبتُ ْم طَيﱢبَاتِ ُك ْم فِي‬ ‫فَا ْشت َ​َر ْيتُهُ ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫َحيَاتِ ُك ْم ال ﱡد ْنيَا { ‪.‬‬

‫الوقت ھو الحياة‬ ‫دقات قلب المرء قائلة له‬

‫ان الحياة دقائق و ثواني‬

‫الوقت ھو رأس مال المسلم الذي عليه استثمارة ليعود له باحسن االرباح ‪ ،‬و يقول الغربيون‬ ‫"الوقت من الذھب" و الحق أنه أغلى من الذھب و اال فكم مليردير يريد شراء وقتا من الالھين و‬ ‫ال يستطيع كما انه ال يمكن تخزينه ‪ ،‬أن الوقت ھو الحياة‬ ‫و كلنا متساويين في الوقت )‪ 24‬ساعة يوميا و ‪ 868‬ساعة في السبوع و ‪ 8760‬ساعة سنويا‬ ‫‪ (2‬لكن ھناك من ال يستفيد منه و ھناك من يكسب المليارات من ورائه كقطعه الحديد الخام‬ ‫تساوي جنيھات معدودة فاذا حولناھا الى مسامير زادت قيمتھا ‪ ،‬و اذا حولناھا الى موبيالت‬ ‫اصبحت قيمتھا باالف و اذا دخلت في صناعة المعالج تضاعفت قيمتھا‬ ‫تعريف "ادارة الوقت" ل القعيد" عملية االستفادة من الوقت المتاح والمواھب الشخصية‬ ‫المتوفرة لدينا ؛ لتحقيق األھداف المھمة التي نسعى إليھا في حياتنا ‪ ،‬مع المحافظة على تحقيق‬ ‫التوازن بين متطلبات العمل والحياة الخاصة ‪ ،‬وبين حاجات الجسد والروح والعقل "‬ ‫و ذكر الجريسي ‪":‬أن إدارة الوقت تعني إدارة الذات و أن المدير الفعّال ھو َم ْن يبدأ بالنظر‬ ‫إلى وقته قبل الشروع في ُمھماته و أعماله و أن الوقت يُعد من أھم الموارد فإذا لم تتم إدارته فلن‬ ‫يتم إدارة أي شيء آخر"‬

‫‪ 1‬الرياض النضره في مناقب العشره‬ ‫‪ 2‬ان كنت تشعر انك ال تحصل على نصيبك كامال فيومك ‪ 5‬ساعات فقط فيمكنك ان تشتكي في محطة مصر‬

‫‪129‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم لرجل وھو يعظه ‪ » :‬اغتنم خمسا قبل خمس ‪ :‬شبابك‬ ‫قبل ھرمك ‪ ،‬وصحتك قبل سقمك ‪ ،‬وغناءك قبل فقرك ‪ ،‬وفراغك قبل شغلك ‪ ،‬وحياتك قبل‬ ‫‪1‬‬ ‫موتك «‬ ‫ْ‬ ‫قال النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬نعمتان َمغبُون فيھما كثير من الناس‪ :‬الصحة ‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫والفراغ«‪.‬‬ ‫يقول الفاروق عمر ‪":‬أحذركم عاقبة الفراغ ‪ ،‬فأنة اجمع البواب المكروة من ال ُسكر "‬ ‫و مر الفاروق على خزيمة بن ثابت فقال له الفاروق ‪":‬ما يمنعك أن تغرس أرضك "‬ ‫فقال له ‪":‬أنا شيخ كبير أموت غدا "‬ ‫فقال له الفاروق ‪":‬زمت عليك لتغرسنھا "‬ ‫يقول ابنه عمارة ‪":‬فلقد رايت عمر بن الخطاب يغرسھا بيده مع ابي"‬ ‫يقول الشافعي ‪" :‬نفسك أن لم تشغلھا بالحق شغلتك بالباطل" " صحبت الصوفية فلم‬ ‫أستفد سوى حرفين ‪ ،‬أحدھما‪ :‬قولھم‪ :‬الوقت سيف ‪ ،‬فإن لم تقطعه قطعك‪ ،‬ونفسك إن شغلتھا‬ ‫بالحق وإال شغلتك بالباطل "‬ ‫قال ابن عقيل يرحمه ﷲ ‪ّ ) :‬‬ ‫إن أج ّل تحصيل عند العقالء بإجماع العلماء ھو الوقت ‪ ،‬فھو‬ ‫اطفة( ‪.‬‬ ‫َغنِ ْي َمة تُ ْنتَھَز فيھا الفُ َرص ‪ ،‬فالتكاليف كثيرة ‪ ،‬واألوقات خَ ِ‬ ‫ھمم!‬ ‫"إني ال يحل لي أن أضيع ساعةً من عمري‪ ،‬حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة‬ ‫ومناظرة‪ ،‬وبصري عن مطالعة‪ ،‬أعملت فكري في حالة راحتي وأنا مستطرحٌ‪ ،‬فال أنھض إال‬ ‫وقد خطر لي ما أسطره‪ .‬وإني ألجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما‬ ‫كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة" ]ابن عقيل الحنبلي‪ -‬الذيل على الطبقات‪[145/1‬‬ ‫يذكر األمام الغزالي رحمه ﷲ‪ " :‬أن الوقت ثالث ساعات ‪ :‬ماضية ذھبت بخيرھا وشرھا وال‬ ‫يمكن إرجاعھا ‪ ،‬ومستقبلة ال ندري ما ﷲ فاعل فيھا ولكنھا تحتاج إلى تخطيط ‪ ،‬وحاضرة ھي‬ ‫رأس المال "‬ ‫و قال ابن مسعود ‪ " :‬إني ألمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شئ من عمل الدنيا وال‬ ‫اآلخرة‬ ‫و عن عبدﷲ بن مسعود "قال ما ندمت على شئ ندمي على يوم غربت فيه شمسي نقص‬ ‫فيه اجلي و لم يزد فيه عملي"‬ ‫غير َح ﱟ‬ ‫ض أ ﱠداه‪ ،‬أو‬ ‫ق قَ َ‬ ‫و قال احد الصالحين" َمن أَمضى يو ًما ِمن ُع ُم ِره في ِ‬ ‫ضاه‪ ،‬أو فَرْ ٍ‬ ‫ق يو َمه‪ ،‬و َ‬ ‫ير أسﱠسه‪ ،‬أو ِع ٍلم اقتب َسه ‪ -‬فقد َع ﱠ‬ ‫ظلم نَف َسه"‪.‬‬ ‫َمجْ ٍد أثﱠله‪ ،‬أو َحم ٍد حصﱠله‪ ،‬أو خَ ٍ‬ ‫ولم أستفد علما ً فما ذاك من عمـري‬ ‫إذا مر بي يـوم ولم أقتبس ھـــدى‬ ‫و عمر بن عبد العزيز يقول" الليل والنھار يعمالن فيك فاعمل فيھما"‬ ‫وقال رجالً لعمر بن عبد العزيز ل ّما ولي الخالفة‪ :‬تفرّغ لنا‪ .‬فقال‪ :‬قد جاء شغل شاغل‪،‬‬ ‫وعدلت عن طرق السّالمة‪ ،‬ذھب الفراغ فال فراغ لنا إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫الحسن البصري " إنما أنت أيام فإذا ذھب يوم ذھب بعضك"‬ ‫‪ 1‬مستدرك الحاكم » ھذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه «‬ ‫‪ 2‬أخرجه البخاري‪ ،‬والترمذي‪.‬‬

‫‪130‬‬


‫حياة العظماء‬

‫"و اعلم أن الفراغ من شأن االموات و االشتغال من شأن االحياء فأن قدرت أن ال تكون‬ ‫اال حيا فافعل "‬

‫علم وعبادة!‬ ‫أذكر أن الوالد رحمه ﷲ كان بمجرد ما يدخل البيت يستفتح ‪ -‬إن كان الوقت وقت صالة‬ ‫ فيصلي ما ُكتب له‪ ،‬ال أذكر أنه دخل وجلس على فراشه في حياتي كلھا معه‪ ،‬فيدخل ثم‬‫ينقلب على كتبه‪ ،‬ويقرأ فيھا ما شاء ﷲ له أن يقرأ‪ ،‬حتى إنه في بعض األحيان يستم ّر إلى‬ ‫قرابة منتصف الليل‪] .‬محمد المختار الشنقيطي[وكان يقول ‪':‬وأنا أقصر بغاية جھدي أوقات‬ ‫أكلي حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز ‪ ،‬ألجل ما بينھما من تفاوت المضغ ‪،‬‬ ‫توفراً على مطالعة أو تسطير فائدة لم أدركھا ' "‬ ‫يقول مالك بن دينار إن من عرف ﷲ تعالى في شغل شاغل وويل لمن ذھب عمره باطال‬ ‫ يقول أحد الصالحين ‪" :‬أوقات العبد أربعة ال خامس لھا‪ :‬النعمة‪ ،‬والبلية‪ ،‬والطاعة‪،‬‬‫والمعصية ‪ .‬و " عليك في كل وقت منھا سھم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية‬ ‫‪ :‬فمن كان وقته الطاعة فسبيله شھود المنﱠة من ﷲ عليه أن ھداه لھا ووفقه للقيام بھا‪ ،‬ومن‬ ‫كان وقته النعمة فسبيله الشكر‪ ،‬ومن كان وقته المعصية فسبيله التوبة واالستغفار‪ ،‬ومن كان‬ ‫وقته البلية فسبيله الرضا والصبر"‬ ‫جارية محمد بن سحنون التي كانت تلقمه الطعام ‪ ،‬وبعد فراغه مماھو منھمك فيه طلب‬ ‫الطعام فقلت ‪ :‬ألقمتك إياه‬ ‫قال أحدھم لعامر بن عبد قيس قف ألكلمك فقال‪ " :‬أمسك الشمس "‬ ‫يقول طيفور البطامي‪" :‬إن الليل والنھار رأس مال المؤمن‪ ،‬ربحھا الجنة وخسرانھا‬ ‫النار"‬ ‫و دخل ابو العباس على الجنيد وقت احتضارة فسلم علية فلم يجبة ثم اجاب بعد فترة من‬ ‫الوقت و قال ‪":‬اعذرني فأنى كنت في وردي " ثم ولي وجھه جھه القبلة و كبر و مات‬ ‫و كان الفتح بن خاقان وزير الخليفة المتوكل يحمل الكتب في كمه فإذا قام من بين يدي‬ ‫المتوكل للخالء او لصالة اخرج كتابة فنظر فيه و ھو يمشي حتى يبلغ الموضع الذي يريده ‪،‬‬ ‫ثم يفعل مثل ذلك في رجوعه الى أن يأخذ مجلسه بين يدي المتوكل فأذا اراد المتوكل القيام‬ ‫لحاجة أخرج الفتح الكتاب من كمه و قرأة الى ان يعود الخليفة‬ ‫ويقول اإلمام ابن القيم الجوزية رحمه ﷲ في كتابه ( الجواب الكافي " ‪ ) :‬فالعارف لزم‬ ‫وقته ‪ ،‬فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلھا ‪ ،‬فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت ‪ ،‬وان‬ ‫ضيعه لم يستدركه أبدا ‪ ..‬فوقت اإلنسان عمره في الحقيقة ‪ ،‬وھو مادة حياته األبدية في النعيم‬ ‫المقيم ‪ ،‬ومادة معيشته الضنك في العذاب األليم ‪ ،‬وھو يمر أسرع من مر السحاب ‪ .‬فما كان‬ ‫من وقته " وبا" فھو حياته وعمره ‪ ،‬وغير ذلك ليس محسوبا من حياته ‪ ،‬وان عاش فيه‬ ‫عاش عيش البھائم ‪ .‬فإذا قطع وقته في الغفلة والسھو واألماني الباطلة ‪ ،‬وكان خير ما قطعه‬ ‫به النوم والبطالة ‪ ،‬فموت ھذا خير له من حياته " ص ‪.157‬‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ط ْل َحةَ ب ِْن ُعبَ ْي ِد ﱠ‬ ‫ع َْن َ‬ ‫َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬وكانَ‬ ‫ﷲِ أَ ﱠن َر ُجلَي ِْن قَ ِد َما َعلَى َرس ِ‬ ‫احبِ ِه فَغَزَ ا ْال ُمجْ تَ ِھ ُد ِم ْنھُ َما فَا ْستُ ْش ِھ َد ثُ ﱠم َم َك َ‬ ‫ث‬ ‫إِ ْسالَ ُمھُ َما َج ِميعا ً َو َكانَ أَ َح ُدھُ َما أَ َش ﱠد اجْ تِھَاداً ِم ْن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫اآلخَ ُر بَ ْع َدهُ َسنَةً ثُ ﱠم تُ ُوفﱢ َى قَا َل َ‬ ‫ط ْل َحةُ فَ َرأَي ُ‬ ‫ب ْال َجنﱠ ِة إِ َذا أَنَا بِ ِھ َما‬ ‫ْت فِي َما يَ َرى النﱠائِ ُم َكأَنﱢى ِع ْن َد بَا ِ‬ ‫اآلخ َر ِم ْنھُ َما ثُ ﱠم خَ َر َج فَأ َ ِذنَ لِلﱠ ِذى ا ْستُ ْش ِھ َد ثُ ﱠم َر َج َعا‬ ‫ار ٌج ِمنَ ْال َجنﱠ ِة فَأ َ ِذنَ لِلﱠ ِذى تُ ُوفﱢ َى ِ‬ ‫َوقَ ْد خَ َر َج خَ ِ‬ ‫ط ْل َحةُ ي َُحد ُ‬ ‫ى فَقَاالَ لِى ارْ ِج ْع فَإِنﱠهُ لَ ْم يَأْ ِن لَكَ بَ ْع ُد‪ .‬فَأَصْ بَ َح َ‬ ‫اس فَ َع ِجبُوا لِ َذلِكَ فَبَلَ َغ َذلِكَ‬ ‫ﱢث بِ ِه النﱠ َ‬ ‫إِلَ ﱠ‬ ‫‪131‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ُول ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ھَ َذا َكانَ‬ ‫ْجبُونَ «‪ .‬قَالُوا يَا َرس َ‬ ‫ال » ِم ْن أَىﱢ َذلِكَ تَع َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فَقَ َ‬ ‫َرس َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ث ھَ َذا بَ ْع َدهُ َسنَةً‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْس قَ ْد َم َك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال » ألي َ‬ ‫يل ﷲِ َو َدخَ َل ھَذا ال َجنة ق ْبلهُ‪ .‬فق َ‬ ‫أَ َش ﱠد اجْ تِھَادا ث ﱠم ا ْستش ِھ َد فِى َسبِ ِ‬ ‫صلﱠى َك َذا َو َك َذا َسجْ َدةً فِى ال ﱠسنَ ِة «‬ ‫صا َمهُ « قَالُوا بَلَى‪َ » .‬و َ‬ ‫ضانَ فَ َ‬ ‫«‪ .‬قَالُوا بَلَى‪َ » .‬وأَ ْد َركَ َر َم َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ض«‬ ‫قَالُوا بَلَى‪ .‬قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬فَلَ َما بَ ْينَھُ َما أَ ْب َع ُد َما بَ ْينَ ال ﱠس َما ِء َواألَرْ ِ‬ ‫يقول أبوبكر بن عياش ‪ :‬إن أحدھم لو سقط منه درھم لظل يومه يقول‪ :‬إنا "‪ ،‬ذھب‬ ‫درھمي‪ .‬وال يقول ذھب يومي ما عملت فيه‪.‬‬ ‫يقول بعض السلف ‪ :‬من عالمة المقت ‪ ..‬إضاعة الوقت‬ ‫‪.‬يقول ابن الجوزي ‪ :‬ينبغي لالنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته فال يضيع منه‬ ‫لحظة من غير قربه‬ ‫قال الخليفه المنصور لذاك الشاب صاحب المھارة الذي أنھك سنين شبابه وضياع عمره‬ ‫في أمر ال ينفعه ‪:‬المائة درھم جزاء مھارتك‪ ،‬والمائة سوط جزاء إضاعة وقتك فيما ال فائدة‬ ‫فيه ‪.‬‬ ‫قال حكيم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫من أمضى يو ًما من عمره في غير َح ﱟ‬ ‫ق قضاه أو فَرْ ض أ ﱠداه أو مجد أثله ‪ -‬و ﱠرثَه ‪ -‬أو‬ ‫ْ‬ ‫ق يو َمه و َ‬ ‫َح ْم ٍد َحصﱠله أو خير أ ﱠس َسه أو علم اقتبَ َسه فقد َع ﱠ‬ ‫ظلَم نَف َسه‬ ‫والوقت أسھل ما عنيت بحفظه ‪ ...‬وأراه أسھل ما عليك يضيع‪...‬‬ ‫الشباب‬ ‫كانت حفصة بنت سيرين‪ :‬يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فإني ما رأيت‬ ‫‪2‬‬ ‫العمل إال في الشباب‪.‬‬ ‫عن عطاء عن رجل قال‪ُ :‬كنّا جلوسا ً مع حذيفة‪ ،‬فم ّر رجلٌ‪ ،‬فقال له حذيفة‪ :‬يا فالن ما يمنعك‬ ‫أن تجالسنا؟ قال‪ :‬وﷲ ما يمنعني من ذاك إال ھؤالء الشباب الذين ھم حولك‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫قال‪ :‬فغضب حذيفة وقال‪ :‬أما سمعت ﷲ تعالى يقول )قَالُوا َس ِم ْعنَا فَتًى يَذ ُك ُرھُ ْم يُقَا ُل لَهُ‬ ‫إِب َْرا ِھي ُم( )إِنﱠھُ ْم فِ ْتيَةٌ آ َمنُوا بِ َربﱢ ِھ ْم( وھل الخير إال في الشباب!‪.‬‬ ‫وعن يزيد أن الحسن قال‪ :‬قدﱢموا إلينا أحداثَكم فإنھم أفرغ قلوباً‪ ،‬وأحفظ لما سمعوا‪ ،‬فمن أراد‬ ‫ﷲ أن يتمه له أتمه‬ ‫كان اإلمام الزھري يقول للفتيان والشباب‪" :‬ال تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم‪ ،‬فإن عمر بن‬ ‫‪3‬‬ ‫الخطاب كان إذا نزل به األمر المعضل دعا الفتيان‪ ،‬فاستشارھم‪ ،‬يبتغي حدة عقولھم"‬ ‫يقول مالكوم اكس ‪":‬لو كان السود رجاال و نساء ينفقون من الوقت على تنمية عقولھم ما‬ ‫ينفقون من الوقت تليين شعورھم الصبحت احوالھم افضل االف المرات مما ھى عليه"‬ ‫أن متوسط الوقت الذي نمضية في السيارة ألف ساعة سنويا ‪ ،‬فلماذا ال تضع مجموعة من‬ ‫الشرائط )قران – خطب – تطوير النفس – تعليم لغة أجنبية ( تسمعھا في سيارتك ‪ ،‬أن الف‬ ‫ساعة تساوي عام دراسي كامل ‪ ،‬و يمكنك أذا لم تكن أن السائق أن تقرأ كتابا في السيارة‬ ‫قال أبو الوليد الباجي‪:‬‬ ‫إذا ُ‬ ‫كنت أعل ُم ِع ْل ًما يقيناً‬ ‫ض ِن ْ◌نًا بِھا‬ ‫فَلِ ْم ال أ ُكون َ‬ ‫‪ 1‬مسند االمام احمد‬ ‫‪ 2‬صفه الصفوه‬ ‫‪ 3‬جامع بيان العلم البن عبدالبر‬

‫‪132‬‬

‫ﱠ‬ ‫بأن جمي َع حياتي َكسا َع ْه‬ ‫صالح وطا َع ْه‬ ‫وأَجْ َعلُھا في‬ ‫ٍ‬

‫‪1‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و لكنا نضيعھا في مشاھدة مباريات القدم و مشاھدة االفالم و الجلوس مع االصدقاء بما ال‬ ‫ينفع أنظر الى قول الثوري ‪":‬نعم المرض لوال العياده " يشتكى من مجئ الناس له بما يشغله عن‬ ‫ذكر ﷲ‬ ‫قال ابن القيم ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬في ))روضة المحبين(( ‪-‬وھو يتكلم عن ِع ْشق العلم‪)) :-‬وحدثني‬ ‫الج ﱡد )أبو‬ ‫أخو شيخنا )يعني أحمد ابن تيمية( عب ُدالرحمن ابن تيمية‪ ،‬عن أبيه )عبدالحليم( قال‪ :‬كان َ‬ ‫البركات( إذا دخل الخالء يقول لي‪ْ :‬‬ ‫اقرأ في ھذا الكتاب وارْ فَ ْع صوتكم حتى اسم ُع((‪.‬‬ ‫وفي ))تبيين كذب المفتري(( البن عساكر أنه قال في ترجمة الفقيه ُسلَيْم بن أيوب الرازي‪:‬‬ ‫)) ُحد ُ‬ ‫ﱢثت عنه أنه كان يحا ِسب نف َسه على األنفاس‪ ،‬ال يدع وقتًا يمضي عليه بغير فائدة‪ ،‬إما ينسخ‬ ‫أو يُدَرس أو يقرأ‪ ...‬ولقد حدثني عنه شي ُخنا أبو الفراج اإلسفراييني أنه نزل يو ًما إلى داره ورجع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قرأت جز ًءا في طريقي((‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬قد‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫وقال‪ :‬إنه كان يُحرﱢ ك شفتيه إلى أن يَقط القلم‪.‬‬ ‫)إن عمرك وقتك اللذي انت فيه ( فال تبن على زيادة ‪،‬فتتوان عن استثمار لحضتك القائمة‬ ‫‪،‬آنك الحاضر ‪.‬لحظتك اعطينھا واللحظة الثانية ال يدري المرء اھي من عمره أم خارج العمر‬ ‫اللذي ال يعود‪.‬‬ ‫)إن عمرك عدد انفاسك وعليھا رقيب يحصيھا (وھو العليم بما ذھب منھا وما بقي ‪،‬وانت‬ ‫التدري مالك بعد نفسك االخير من انفاس ‪،‬ولست المھمل ‪،‬او المغفول عنك في ما تقضي فيه‬ ‫العمر وتصرف االنفاس ‪،‬فكل نفس يعني مسؤلية كبيرة ‪،‬يستتبع موقفا عسيرا ‪ ،‬وعذابا طويال‬ ‫مريرا‪.‬وقد يعقبك جنة الخلد ورضوان ﷲ ‪..‬‬ ‫النفس الواحدة ليس عملة صغيرة ‪،‬عملة ضخمة ‪.‬تشتري بھا حياة االبدسعادة ‪،‬او يخلد بھا‬ ‫المرء حياة االبد شقاء عمر النفس يمكن ان يصرف في كلمة ھادمة او بانية ‪،‬مصلحة او مفسدة‬ ‫‪،‬تشعل فتنة ‪،‬او تطفىء نار حرب تنحرف بالمسيرة قرونا او تردھا الى الطريق ‪،‬فاليستھان بعمر‬ ‫نفس في حساب ﷲ العليم الخبير ‪.‬‬ ‫)ما نقصت ساعة من دھرك اال بقطعة من عمرك (فالساعة إذن عزيزة والعمر دائما في‬ ‫نقصان ‪،‬والكثير الذي يعرضه النقص دائما قليل ‪،‬والغاية التي ال يتوقف عنھا السير في ليل او‬ ‫نھار قريبة ‪،‬فالبد ان يتحه النظر اليھا ‪،‬وينصب الحساب عليھا ‪.‬ھذا لوعلم انھا على راس مدى‬ ‫بعيد ‪ ،‬فكيف اذا كان التوقع ان توافي السائر في اي لحضة من غير ميعاد ‪،‬وفي اي نقطة من نقاط‬ ‫الطريق ؟!‬ ‫)كن على عمرك اشح منك على درھمك ودينارك (عمرك تستطيع ان تشتري به ما ال‬ ‫تستطيع ان تشتريه بدرھمك ودينارك ‪،‬وما لك من دخل عمرك‪،‬وليس عمرك من دخل مالك‬ ‫‪.‬وليست خسارة المال كخسارة العمر ‪،‬فان تعقب خسارة المال حسرة فھي حسرة قصيرة اما‬ ‫خسارة العمر فحسرتھا مقيمة وعاقبتھا وخيمة ‪،‬وسطوھا شديد وعذابھا مديد وما اقل الناس عقال‬ ‫حين ال يبذلون اموالھم اال في ما يريح ‪،‬اما اعمارھم فھم بھا اسخياء في كسل وھزل ولعب وعبث‬ ‫‪،‬وفي ما يؤدي الى عذاب أليم مقيم !!!‬ ‫و في حديث الرجل الذي قتل تسع و تسعون نفسا ثم قتل الراھب نصحه العالم بالخروج من‬ ‫ت فِي ِه َمالَئِ َكةُ‬ ‫َص َم ْ‬ ‫ت فَ ْ‬ ‫قريته الى قرية صالحه } فَا ْن َ‬ ‫ق أَتَاهُ ْال َموْ ُ‬ ‫َصفَ الطﱠ ِري َ‬ ‫طلَ َ‬ ‫اخت َ‬ ‫ق َحتﱠى إِ َذا ن َ‬ ‫‪ 1‬ترييب المدارك‪125/8 :‬‬

‫‪133‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ت َمالَئِ َكةُ الرﱠحْ َم ِة َجا َء تَائِبًا ُم ْقبِالً بِقَ ْلبِ ِه إِلَى ﱠ‬ ‫ﷲِ‪َ .‬وقَالَ ْ‬ ‫ب فَقَالَ ْ‬ ‫ب‬ ‫ت َمالَئِ َكةُ ْال َع َذا ِ‬ ‫الرﱠحْ َم ِة َو َمالَئِ َكةُ ْال َع َذا ِ‬ ‫إِنﱠهُ لَ ْم يَ ْع َملْ َخ ْيرًا قَ ﱡ‬ ‫ط‪ .‬فَأَتَاھُ ْم َملَ ٌ‬ ‫ضي ِْن فَإِلَى‬ ‫ال قِيسُوا َما بَ ْينَ األَرْ َ‬ ‫ُور ِة آ َد ِم ﱟى فَ َج َعلُوهُ بَ ْينَھُ ْم فَقَ َ‬ ‫ك فِى ص َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ض ْتهُ َمالَئِ َكةُ الرﱠحْ َم ِة «{‬ ‫ض الﱠتِى أَ َرا َد فَقَبَ َ‬ ‫أَيﱠتِ ِھ َما َكانَ أَ ْدنَى فَھ َُو لَهُ‪ .‬فَقَاسُوهُ فَ َو َج ُدوهُ أَ ْدنَى إِلَى األَرْ ِ‬ ‫فلو لم يستغل الوقت و ضيعه لربما مات في قريته الظالمة و حشر مع الظالمين‬ ‫إن كان يؤذيك حر المصيف‬ ‫و يلھيك حسن زمان الربيع‬

‫و يبس الخريف و برد الشتا‬ ‫فأخذك للعلم قل لي متى‬

‫اذبح الفراغ بسكينة العمل و كن على عمرك اشح منك على درھمك‬ ‫يقول االستاذ على الطنطاوي ]كلفتني المجلة بھذا الفصل من شھر‪ ،‬فما زلت أماطل به‪،‬‬ ‫والوقت يمر‪ ،‬أيامه ساعات‪ ،‬وساعاته دقائق‪ ،‬ال أشعر بھا‪ ،‬وال أنتفع منھا‪ ،‬فكأنھا صناديق ضخمة‬ ‫خالية‪ ،‬حتى إذا دنا الموعد ولم يبق إال يوم واحد‪ ،‬أقبلت على الوقت أنتفع به‪ ،‬فكانت الدقيقة‬ ‫ساعة‪ ،‬والساعة يوماً‪ ،‬فكأنھا العلب الصغيرة المترعة جوھراً وتبراً‪ ،‬واستفدت من كل لحظة حتى‬ ‫لقد كتبت أكثره في محطة ) باب اللوق ( وأنا أنتظر الترام في زحمة الناس‪ ،‬وتدافع الركاب‪،‬‬ ‫ي من تلك األيام كلھا‪ ،‬وأسفت على أمثالھا‪ ،‬فلو أني فكرت كلما وقفت أنتظر‬ ‫فكانت لحظة أبرك عل ﱠ‬ ‫الترام بشيء أكتبه‪ ،‬وأنا أقف كل يوم أكثر من ساعة متفرﱢقة أجزاؤھا _ لربحت شيئا ً كثيرا‪ً.‬‬ ‫ولقد كان الصديق الجليل األستاذ الشيخ بھجة البيطار يتردد من سنوات بين دمشق وبيروت‪،‬‬ ‫يعلم في كلية المقاصد وثانوية البنات‪ ،‬فكان يتسلى في القطار بالنظر في كتاب ) قواعد التحديث(‬ ‫لإلمام القاسمي‪ ،‬فكان من ذلك تصحيحاته وتعليقاته المطبوعة مع الكتاب‪.‬‬ ‫والعالمة ابن عابدين كان يطالع دائماً‪ ،‬حتى إنه إذا قام إلى الوضوء أو قعد لألكل أمر من‬ ‫يتلو عليه شيئا ً من العلم فأَلﱠف )الحاشية(‪.‬‬ ‫والسرخسي أَ ْملَى وھو محبوس في الجب‪ ،‬كتابه )المبسوط( أَ َج ﱠل كتب الفقه في الدنيا‪.‬‬ ‫ضيّق الوقت إال الغفلة أو الفوضى؛ انظروا كم‬ ‫وأنا أعجب ممن يشكو ضيق الوقت‪ ،‬وھل يُ َ‬ ‫يقرأ الطالب ليلة االمتحان‪ ،‬تروا أنه لو قرأ مثله _ ال أقول كل ليلة‪ ،‬بل كل أسبوع مرة _ لكان‬ ‫َعالﱠ َمة الدنيا‪ ،‬بل انظروا إلى ھؤالء الذين ألﱠفوا مئات الكتب كابن الجوزي والطبري والسيوطي‪،‬‬ ‫والجاحظ‪ ،‬بل خذوا كتابا ً واحداً كنھاية اإلرب‪ ،‬أو لسان العرب‪ ،‬وانظروا‪ ،‬ھل يستطيع واحد منكم‬ ‫أن يصبر على قراءته كله‪ ،‬ونسخه مرة واحدة بخطه‪ ،‬فضالً عن تأليف مثله من عنده؟‬ ‫والذھن البشري‪ ،‬أليس ثروة؟ أما له ثروة؟ أما له ثمن؟ فلماذا نشقى بالجنون وال نسعد‬ ‫بالعقل؟ لماذا ال نمكن للذھن أن يعمل‪ ،‬ولو عمل لجاء بالمدھشات؟[‬ ‫و كان الصحابة يعرفون ضيق الوقت فيسئلون عن أحب االعمال الى ﷲ ليتم لھم استغالل‬ ‫االوقات في تحصيل الدرجات و تحصيل االھم فالمھم‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬أَىﱡ ْال َع َم ِل أَ َحبﱡ إِلَى ﱠ‬ ‫ال َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ﷲِ بن مسعود َسأ َ ْل ُ‬ ‫ال »‬ ‫ﷲِ قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ت النﱠبِ ﱠ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ «‬ ‫ال ﱠ‬ ‫ال ثُ ﱠم أَىﱡ قَ َ‬ ‫ال » ثُ ﱠم بِرﱡ ْال َوالِ َدي ِْن « ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال ثُ ﱠم أَىﱡ قَ َ‬ ‫صالَةُ َعلَى َو ْقتِھَا « ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال » ْال ِجھَا ُد ِفى َسبِ ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫زَ‬ ‫َزَ‬ ‫ْ‬ ‫ال َحدثنِى بِ ِھن َول ِو است دتهُ ل ا َدنِى ‪.‬‬ ‫‪ .‬قَ َ‬ ‫عن عبد ﷲ بن سالم قال‪ :‬قعدنا نفر من أصحاب النبي صلى ﷲ عليه وسلم وقلنا‪ :‬لو نعلم أي‬ ‫ت َوما في‬ ‫األعمال أحب إلى ﷲ تبارك وتعالى عملناه‪ ،‬فأنزل ﷲ تعالى ) َسبَ َح ِ ﱠ"ِ ما في ال َس َموا ِ‬

‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬صحيح البخاري و فيه حكمه عدم التثقيل على الشيخ‬

‫‪134‬‬


‫حياة العظماء‬

‫األَ‬ ‫صفّا ً( إلى آخر‬ ‫الحكي ُم( إلى قوله )إِ ﱠن ﷲَ ي ُِحبﱡ الﱠذينَ يُقاتِلونَ في َسبيلِ ِه َ‬ ‫رض َوھُ َو ال َعزي ُز َ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫السورة‪ ،‬فقرأھا علينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫األعمال‬ ‫رسول ﷲ‪ :‬أيﱡ‬ ‫ﱠحابي الجلي ُل أبو ذرﱟ ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ -‬فيقول‪ :‬قلت‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫يحدﱢث الص ﱡ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫والجھا ُد في سبيلِه((‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أيﱡ الرﱢ قاب أفضلُ؟ قال‪)) :‬أنفسُھا‬ ‫اإليمان با"ِ‪،‬‬ ‫أَفضلُ؟ قال‪)) :‬‬ ‫ِ‬ ‫عن َد أھلِھا‪ ،‬وأَكثرُھا ثمنًا((‪ ،‬قال‪ُ :‬‬ ‫قلت‪ْ :‬‬ ‫ق((‪،‬‬ ‫فإن لم أفعلْ ؟ قال‪)) :‬تُعين صانعًا‪ ،‬أو تَصن ُع ألَخر َ‬ ‫ضع ُ‬ ‫رسول ﷲ‪ :‬أرأيتَ ْ‬ ‫ُفت عن بعض العمل؟ قال‪)) :‬ت ﱡ‬ ‫عن النﱠاس‪ ،‬فإنﱠھا‬ ‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا‬ ‫إن َ‬ ‫َ‬ ‫َكف َشرﱠكَ ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫صدقةٌ منكَ على نفسكَ ((‬ ‫ْج ِدى‬ ‫ال » َ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬قَ َ‬ ‫ع َْن أَبِى ھُ َري َْرةَ ‪ -‬رضى ﷲ عنه ‪ -‬أَ ﱠن النﱠبِ ﱠ‬ ‫صالَةٌ فِى َمس ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ْج َد ْال َح َرا َم «‬ ‫ف َ‬ ‫ھَ َذا خَ ْي ٌر ِم ْن أَ ْل ِ‬ ‫صالَ ٍة فِي َما ِس َواهُ إِالﱠ ْال َمس ِ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » :-‬من َغسﱠل ]يو َم الجمعة[ وا ْغتَ َس َل ‪ ،‬وب ﱠكر وا ْبتَ َك َر‪،‬‬ ‫قال‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اإلمام‪ ،‬ولم يَل ُغ واستم َع ‪ :‬كانَ لهُ بكلﱢ ُخطوة أج ُر عمل سنة ‪ :‬صيا ِمھا‬ ‫ومشى ولم يَ‪4‬رْ كَبْ ‪ ،‬ودنا ِمن ِ‬ ‫‪ ،‬وقيا ِمھا «‬ ‫ص أَنﱠهُ َكانَ قَا ِعدًا ِع ْن َد‬ ‫و كانوا يندمون ان فاتھم االجر فقد حدث عَا ِم ِر ب ِْن َس ْع ِد ب ِْن أَبِى َوقﱠا ٍ‬ ‫ال يَا َع ْب َد ﱠ‬ ‫َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ﷲِ ب ِْن ُع َم َر إِ ْذ َ‬ ‫ﷲِ ْبنَ ُع َم َر أَالَ تَ ْس َم ُع َما يَقُو ُل أَبُو‬ ‫ُور ِة فَقَ َ‬ ‫احبُ ْال َم ْقص َ‬ ‫طلَ َع خَ بﱠابٌ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫صلﱠى‬ ‫ھُ َري َْرةَ إِنﱠهُ َس ِم َع َرس َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يَقُو ُل » َم ْن خَ َر َج َم َع َجنَازَ ٍة ِم ْن بَ ْيتِھَا َو َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫يرا َ‬ ‫صلى َعلَ ْيھَا ث ﱠم َر َج َع‬ ‫ير ٍ‬ ‫اط ِمث ُل أ ُح ٍد َو َم ْن َ‬ ‫ان ِم ْن أجْ ٍر ُكلﱡ قِ َ‬ ‫َعلَ ْيھَا ثُ ﱠم تَبِ َعھَا َحتﱠى تُ ْدفَنَ َكانَ لَهُ قِ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫َكانَ لَهُ ِمنَ األَجْ ِر ِم ْث ُل أُ ُح ٍد «‪ .‬فَأَرْ َس َل ا ْب ُن ُع َم َر خَ ب ﱠابًا إِلَى عَائِ َشةَ يَسْأَلُھَا ع َْن قَوْ ِل أَبِى ھُ َري َْرةَ ثُ ﱠم‬ ‫يَرْ ِج ُع إِلَ ْي ِه فَي ُْخبِ ُرهُ َما قَالَ ْ‬ ‫ْج ِد يُقَلﱢبُھَا فِى يَ ِد ِه َحتﱠى َر َج َع إِلَ ْي ِه‬ ‫ْضةً ِم ْن َح َ‬ ‫ت َوأَخَ َذ اب ُْن ُع َم َر قَب َ‬ ‫صى ْال َمس ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال قَالَ ْ‬ ‫ض‬ ‫ص َد َ‬ ‫صى ال ِذى َكانَ فِى يَ ِد ِه األرْ َ‬ ‫ب اب ُْن ُع َم َر بِال َح َ‬ ‫ض َر َ‬ ‫ق أبُو ھُ َري َْرةَ‪ .‬فَ َ‬ ‫ت َعائِ َشةُ َ‬ ‫ال ﱠرسُو ُل فَقَ َ‬ ‫‪5‬‬ ‫ْ‬ ‫ير ٍة‪.‬‬ ‫اريطَ َكثِ َ‬ ‫ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫ال لَقَ ْد فَرﱠطنَا فِى قَ َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫و لن يعرف الغافل قيمة الوقت ال حين تأتيه سكرات الموت } َحتﱠى إِ َذا َجا َء أ َح َدھُ ُم ال َموْ ُ‬ ‫ال‬ ‫ت قَ َ‬ ‫صالِحًا فِي َما ت َ​َر ْك ُ‬ ‫ت َك ﱠال إِنﱠھَا َكلِ َمةٌ ھُ َو قَائِلُھَا َو ِم ْن َو َرائِ ِھ ْم بَرْ زَ ٌخ إِلَى‬ ‫ُون )‪ (99‬لَ َعلﱢي أَ ْع َم ُل َ‬ ‫َربﱢ ارْ ِجع ِ‬ ‫يَوْ ِم يُ ْب َعثُونَ )‪{ (100‬‬ ‫خطوات عملية‬ ‫ صاحب الذين يرون الوقت كنزا و ال يرونه عدوا يجب قتله و تذكر انه ال قيمة‬ ‫للوقت لدى الفارغين و ال قيمة للفارغين في الحياة و ان لم تزد انت في الحياة كنت‬ ‫انت زائدا في الحياة‬ ‫ حدد ھدفك و اكتبه )حفظ القران (و قسم ھذا الھدف الى مراحل)حفظ صفحة يوميا(‬ ‫فھذا يجعل ال تضيع الوقت و ال تقل ليس لدي وقت للتخطيط و اسمع الى ھذه القصه‬ ‫ْ‬ ‫ولكن فأ َسه لم ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫يشحذھا ِمن‬ ‫تكن حا ﱠدةً؛ ألنﱠه لم‬ ‫قطع شجر ٍة في الغابة‪،‬‬ ‫كان َحطﱠابًا يجتھد في‬ ‫ِ‬ ‫قبلُ‪ ،‬وأثنا َء عمله م ﱠر عليه شخصٌ ما‪ ،‬فرآه على تلك الحالة‪ ،‬فقال له‪ :‬لماذا ال تَشح ُذ‬ ‫فأ َسكَ ؟ قال الحطﱠاب ‪ -‬وھو ُمنھم ٌ‬ ‫ك في عمله ‪ :-‬أالَ ترى أنﱠني مشغو ٌل في عملي؟!‬ ‫ امح ما استقر في النفوس ان تنظيم الوقت معناه عدم وجود وقت للراحة ‪ ،‬بل العكس‬ ‫انك بتنظيم وقت توفر وقتا تقضية مع نفسك و اسرتك‬

‫‪ 1‬اسباب نزول القران ‪ ،‬الترمذي‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬البخاري‬ ‫‪ 4‬النسائي‬ ‫‪ 5‬مسلم‬

‫‪135‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫تنظيم الوقت ھو وسيلة فال تعجلھا غاية و تقض بھا الساعات ‪ ،‬فساعة واحدة تنظم‬ ‫بھا وقتك ‪ ،‬و لكن ال تقضي وقتك كله في رسم الخطط‬ ‫خطط ليومك قبل ان تنام او في الصباح الباكر‬ ‫الوقت محدود و المھام كثيرة و عليك اجراء المقارنات لمعرفة االھم من المھم‬ ‫ال تبالغ في وضع قائمة االنجازات اليومية‬ ‫احتفظ بورقة في جيبك بھا مواعيدك و اھدافك‬ ‫بعد تحديد الھدف و قبل اداء اي عمل أسئل نفسك ھل ھذا العمل يقربني من ھدفي ام‬ ‫ال ‪.‬‬ ‫توقف عن اي نشاط غير منتج‬ ‫استمتع بكل عمل تقوم به‬

‫ خصص لكل مھمه وقتا و ركز بھا ‪ ،‬وانتھي من الصعب اوال و الثقيل على النفس‬ ‫ اجعل المھمة كالمشروع و قم بالعمليات االدارية‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪ .1‬اجمع المعلومات حول المھمة )تعلم انجليزي ‪ :‬انسب طرق الدراسة و‬ ‫االماكن الجيدة(‬ ‫‪ .2‬خطط )الوقت الالزم و نقطة البداية و نقطة النھاية(‬ ‫‪ .3‬نظم‬ ‫‪ .4‬نفذ )اذھب و انتھى من مھمتك(‬ ‫‪ .5‬متابعة و تعديل‬ ‫كافئ نفسك اذا نفذت اھدافك و لم تھدر وقتك )بشراء شئ محبب لنفسك( و عاقبھا اذا‬ ‫اھدرت )بصيام ‪(....‬‬ ‫ابتعد عن التوتر فالتوتر يجعلك تنجز المطلوب منك في ضعف الوقت‬ ‫تخلص من االعمال غير الضرورية‬ ‫فوض ما يمكن تفويضة من االعمال و قدم العون لمن فوضته و كافئه عند نجاحه‬ ‫استغل االوقات الھامشية مثل االنتظار و المواصالت‬ ‫اترك وقتا للطوارئ‬

‫معوقات تنظيم الوقت ‪-:‬‬ ‫ھؤالء ھم لصوص الوقت فاحرص على تجنبھم‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫تمرين ‪:‬‬

‫‪136‬‬

‫عدم وجود خطة و طريق لك ‪ <-----‬أحرص على وجود خطة لك في حياتك ‪.‬‬ ‫التكاسل ‪ <-----‬كن نشيطا‬ ‫نسيان الخطة ‪ <-----‬احتفظ بالحطة و مواعيدك مكتوبة‬ ‫عدم اكمال االعمال ‪ <-----‬ال تبدأ بعمل قبل أن تنھى السابق‬ ‫مقاطعات االخرين ‪ <-----‬اعتذر بلباقة و حسم‬ ‫قضاء الوقت في ما ال يفيد كالعاب الحاسوب و المجالت التافھه‬


‫حياة العظماء‬

‫أكتب لمدة أسبوع االعمال التى تنفق فيھا الوقت و ال تغير شيئا في ھذا االسبوع‪ ،‬ثم أخلو‬ ‫بنفسك و أنظر في أى مجال يضيع وقتك‬ ‫قد تجد أنك تقضي الساعات امام التلفاز دون أن تستفيد شيئا او تجد أنك تقضي وقتا مع‬ ‫اصدقائك في كالم ال يفيد ‪ ،‬أنت الرقيب على نفسك‬

‫التنظيم‬ ‫تنظيم اعمالك و مكتبك و االھم تنظيم قلبك‬ ‫يقول الرافعي " ان الخطأ كل الخطأ ان تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك"‬

‫‪َ :‬د ْع َما يُ ِريبُكَ إلَى َما َال يُ ِريبُكَ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ب ِسب ِْط َرسُو ِل ﱠ‬ ‫ع َْن أَبِي ُم َح ﱠم ٍد ْال َح َس ِن ب ِْن َعلِ ﱢي ب ِْن أبِي َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم َو َري َْحانَتِ ِه‬ ‫طالِ ٍ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﱠ ‪1‬‬ ‫ال‪َ :‬حفِ ْ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ظ ُ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲُ َع ْنھُ َما‪ ،‬قَ َ‬ ‫َر ِ‬ ‫ت ِم ْن َرس ِ‬ ‫قال رسول ﷲ )ال يبلُ ُغ العب ُد أَن يكون من المتقين حتى يدع ما ال بأس به ‪ ،‬حذرا مما به‬ ‫‪2‬‬ ‫البَأْسُ (‬

‫التوازن‬ ‫كثير من الناس تجده متفوقا في عمله ‪ ،‬على حساب عالقته االسريه‬ ‫و عندما يترك العمل نجده حزينا لم يكون أسره ناجحه و لم يظل في الشركة اال أن يموت‬ ‫فأحرص على قضاء جزء من وقتك مع أسرتك‬ ‫يقول الشيخ سليمان الراجحي عن كيفية توفيقه بين عمله و بيته على الرغم من كثرة شركاته‬ ‫و زوجاته األربع و أوالده و مشاغله ‪ ،‬قال ) أعتقد أن اإلنسان يجب عليه تنظيم وقته فال ينام‬ ‫النھار و يسھر الليل أو يسھر في إجتماعات ليس لھا فائدة ‪ ،‬ويجب وضع نظام و برامج ‪ ،‬و‬ ‫عندي عائلة طيبة تحترمني و أحترمھم و نتعامل بود و حب و كرامة و تقدير (‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه النسائي و الترمذي‬ ‫‪ 2‬الترمذي‬

‫‪137‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أقرأ‬ ‫صفة مشتركة بين العظماء ‪":‬القراءة المستمرة "‬

‫كثير من اھل عصرنا منصرفين عن القراءه ‪ ،‬و لو علموا ما فيھا لجالدوا اصحابھا عليھا ‪ ،‬و‬ ‫كثير متشوق للقراءه لكنه يشكو من ھجوم النعاس عليه عند فتح الكتاب ؟؟‬ ‫و الحق أنه مخدوع و موھوم فالكتب تزيد من عمرك و تضيف عمر كاتبھا الى عمرك‬ ‫و عليك ان تعلم ان الذي يتلذذ بالقراءه ال يفرق عنك شئيا اال انه ازال الصوره الكاذبه التى‬ ‫وضعھا الناس امامه ‪ ،‬و عليك أن تبدأ بالكتب السھلة المحببه للنفس مثل السيرة النبوية ك‬ ‫"الرحيق المختوم" و سير الصالحين "اصحاب الرسول" او الروايات السليمة مثل "عداله‬ ‫السماء" ل "محمود شيت خطاب"او كتب الرحالت او حتى كتب االطفال‬ ‫يقول الشيخ علي الطنطاوي في مذكراته حين تعثر نطق اخيه و سخر منه زمالئه‪:‬‬ ‫ت ﷲ‪ْ ،‬‬ ‫وخ ْف ُ‬ ‫"استَخَ رْ ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫عن ال ِعلم‪ ،‬فَھَدَانِي ﷲُ‬ ‫وأخ َرجْ تُهُ منھا‪ِ ،‬‬ ‫أن ينقطع عن ْال ُمطالَ َع ِة‪ ،‬ثم يَبْت ِعد ِ‬ ‫فا ْشتري ُ‬ ‫صةَ َع ْنت َ​َرة‪ ،‬في ثماني ِة ُم َجلﱠدات‪ ،‬وھي موْ ضوعَة وأ ْشعارُھا َمصْ نوعَة‪ ،‬ولكن فيھا‬ ‫ْت لَهُ قِ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫الناس‪ ،‬فَ َحفِ َ‬ ‫ظ‬ ‫أخبا ُر الجا ِھلِيﱠ ِة ُك ﱡلھا‪ ،‬وفيھا أسْما ُء أبْطالِھا وأ ْنبا ُء ِرجالِھا‪ ،‬وكان َذ ِكيًّا من ْأذ َكى‬ ‫ِ‬ ‫وأشعارھا‪ ...‬ثم خلﱠي ُ‬ ‫تحان وال يُكلﱠ ُ‬ ‫باع‬ ‫بارھا‬ ‫َ‬ ‫أ ْخ َ‬ ‫ْت بينه وبين الم ْكتَبَ ِة فَقَرأَ وقرأ‪ ،‬ال يطالَبُ با ْم ٍ‬ ‫ف باتﱢ ِ‬ ‫ضا َع َعلَ ْي ِه َش ْيء‬ ‫ج‪ ،‬ثم أ َع ﱠد نف َسه‬ ‫ق ِرفَا َ‬ ‫المتحان ال ِكفايَ ِة‪ ،‬فَ َدخَ لَهُ ولَ ِح َ‬ ‫ق الم ْد َر َس ِة‪ ،‬فما َ‬ ‫ِ‬ ‫َم ْنھَ ٍ‬

‫‪138‬‬


‫حياة العظماء‬

‫في أحصائية وجدوا أن الصفة المشتركة للعظماء ھي القراءه ‪ 1‬و وجدوا متوسط عدد‬ ‫الكتب التى يقرأونھا ‪ 50‬كتاب سنويا‪ ،‬دعونا نسئل لماذا ؟؟‬ ‫عندما تقرأ كتابا فأنت تضيف عمر و خبرة كاتب الكتاب الى خبرتك ‪ ،‬و كأنك خضت ھذه‬ ‫التجارب و خسرت و تعلمت و كسبت و اال فكن مستعدا لخوض ھذه التجارب و خسارة ما لديك‬ ‫حتى تتعلم‬ ‫أننا نجد البحارة في المراكب الشراعية يسئل المقبل المبحر و المبحر المقبل عن حالة قاع‬ ‫النھر في المناطق الضحلة و يستفيد من خبرته‪.‬‬ ‫فاذا كنت مديرا فأحصل على كتب االدارة و تعلم منھا و ان كنت مھندسا فتابع الكتب الحديثة‬ ‫و ال تكتفي بما درسته‬ ‫و وسع دائرة اطالعك و أقرأ ايضا خارج مجال تخصصك‬ ‫و احرص على الكتب النافعة التى تقربك من ﷲ‬ ‫ق{ أنت تقرأ بأسم ﷲ فال تقرأ ما يغضب ﷲ‬ ‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم }ا ْق َر ْأ بِاس ِْم َربﱢكَ الﱠ ِذي خَ لَ َ‬ ‫و أبتعد عن الكتب التى تنشر التشاؤم فأنھا كالطعام الفاسد للجسد و تذكر التجربه التى كنا‬ ‫نؤديھا و نحن صغارحين نضيف لون للمياه التى نسقى بھا الزرع فنجد بعد قليل أن غصون‬ ‫الشجرة تلونت بھذا اللون ‪،‬‬ ‫و أبدأ بقراءه المقدمة و الفھرس و أغلب الناس يمرون عليھا بغير القاء نظرة و ھى تلخص‬ ‫لك ما يحتوية الكتاب و قد تجد فصوال بعيده عن اھتمامك و قد توفر عليك وقتا طويال اذا كان‬ ‫الكتاب يناقش قضية اخرى‬ ‫و نظم المكان الذي ستقرأ به ‪ :‬فالقراءه في المكان المنظم المريح لك تجعلك اكثر استيعابا و‬ ‫لكل منا طريقة المحببة في الجلوس فأختر جلستك المريحة‬ ‫و احتفظ بجوارك بورقة و قلم تكتب فيھا ما تستملحة كبيت من الشعر او تلخيص للكتاب او‬ ‫فائدة‬ ‫و الزم نفسك بقراءة عدد معين من الكتب خالل شھر مثال‬ ‫كتب ينصح بھا‬ ‫ القران الكريم‬‫ رياض الصالحين لالمام النووي‬‫ كتاب "الرحيق المختوم " للمباركفوري‬‫ كتاب "فقه السيرة" للشيخ محمد الغزالي‪.‬‬‫ كتاب "جدد حياتك" لمحمد الغزالي‪.‬‬‫ كتاب "ال تحزن" للدكتور عائض القرني‪.‬‬‫ كتاب "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة" للشيخ السعدي‬‫ كتاب "محرمات استھان بھا الناس" للشيخ محمد صالح المنجد‬‫ كتاب "قصص من التاريخ " على الطنطاوي‬‫ كتاب "القراءة منھج حياة " للدكتور راغب السرجاني‬‫ كتاب "مختصر منھاج القاصدين " البن قدامة المقدسي‬‫‬‫‪ 1‬العامل العادي في اليابان يقرأ ‪ 40‬كتاب سنويا و المواطن في الوطن العربي يقرأ بمتوسط كتاب كل عشر سنوات ‪ ،‬تقريبا ست دقائق‬ ‫سنويا خارج المنھج الدراسي ‪ ،‬بمعنى انه يقرأ عشرين صفحة سنويا‬

‫‪139‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اكتب‬ ‫صفة مشتركة بين اكثر العظماء انھم يحتفظون بقلم و نوتة او ورقة‬ ‫احتفظ بكشكول اكتب به ‪-:‬‬ ‫• االنجازات التى حققتھا ‪ ،‬حتى تعود اليھا كلما اصابك اليأس لتكتسب ثقة بنفسك ‪.‬‬ ‫• أھدافك حتى تكون امام عينك‬ ‫• جمل تحفزك على اكمال الطريق‬ ‫قال اللبيدي‪ :‬توفي أبو إسحاق رحمه ﷲ‪،‬ووجدت بعد موته رقعة تحت حصيره‪ ،‬مكتوبة بخطه‪:‬‬ ‫رجل وقف له ھاتف فقال له‪ :‬أحسن‪ ،‬أحسن عملك‪ .‬فقد دنا أجلك‪ .‬فقال لي ولده عبد الرحمن‪ :‬إنه‬ ‫‪1‬‬ ‫كان إذا قصّر في العمل‪ ،‬أخرج الرقعة‪ ،‬فنظر فيھا‪ ،‬ورجع الى ج ّده‪.‬‬ ‫قال الخليفة المأمون ‪" :‬سجل افضل ما تسمع واحفظ افضل ما سجلت"‪.‬‬ ‫• اكتب ما تعلمته و كان الحكيم العربي يقول وقوله حق ‪:‬‬ ‫) العلم صيد والكتابة قيد ‪ .‬وإذا ضاع القيد ذھب الصيد (‬ ‫• و ال تنسى كتابة الكتب و الشرائط التى تستعيرھا او تعيرھا و تاريخ االعادة‬ ‫• من طرق التدبر أن يجعل لنفسه في كل وقت آية يتأملھا بخصوصھا‪ ،‬ويمكن أن‬ ‫يعلق في ورقة ليراھا طول اليوم‪ ،‬وبجانبھا ورقة‪ ،‬فكلما طرأ له معنى كتبه فيھا‪.‬‬ ‫ج‪.‬تدبر‬

‫‪ 1‬ترتيب المدارك‬

‫‪140‬‬


‫حياة العظماء‬

‫لكل داء دواء فإذا اصيب دواء الداء برأ باذن ﷲ‬ ‫عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم انه قال لكل داء دواء فإذا اصيب دواء الداء برأ باذن ﷲ‬ ‫‪1‬‬ ‫عزوجل‬ ‫و ھو كالم صادق في طب االبدان و االرواح فقد تجد سعادتك في قراءه القرآن أو في الصيام‬ ‫أو في الصدقة أو في الجھاد‬ ‫ْ‬ ‫العي‬ ‫و دليل انھا ليست خاصة باالبدان الحديث " أال سألوا إذ لم يعلموا ‪ ،‬فإنما شفاء‬ ‫ﱢ‬ ‫‪2‬‬ ‫السؤال"‬ ‫و السعيد من وفقه ﷲ لما يحب‬ ‫أنظر الى قول بن مسعود ‪":‬إذا صمت ضعفت عن الصالة و أنا أختار الصالة على الصوم"‬ ‫و الى خالد بن الوليد صلى بالقوم فأخطأ في القراءه فلما أنتھى بكى و قال "شغلنى الجھاد عن‬ ‫القرآن"‬ ‫فلو داواك كل طبيب داء بغير كالم ليلى ما شفاكا‬ ‫و كتب عبد ﷲ العمري العابد إلى مالك يحضه على االنفراد والعمل‪.‬‬ ‫فكتب إليه مالك‪) :‬إن ﷲ قسم االعمال كما قسم االرزاق‪ ،‬فرب رجل فتح له في الصالة‪ ،‬ولم‬ ‫يفتح له في الصوم‪ ،‬وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم‪ ،‬وآخر فتح له في الجھاد‪.‬‬ ‫فنشر العلم من أفضل أعمال البر‪ ،‬وقد رضيت بما فتح لي فيه‪ ،‬وما أظن ما أنا فيه بدون ما‬ ‫أنت فيه‪ ،‬وأرجو أن يكون كالنا على خير وبر‪(.‬‬ ‫ُ‬ ‫أفضل منه في‬ ‫العمل المعي ُﱠن‬ ‫التفطن له‪ :‬وھو أنه قد يكون‬ ‫قال ابن القيم‪ :‬وھاھنا أم ٌر ينبغي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حق غيره‪ ،‬فالغني الذي بلغ له ما ٌل كثي ٌر ونفسُه ال تسم ُح ببذل شيء منه فصدقتُه وإيثارُه أفض ُل له‬ ‫العدو سطوتَهُ‪ :‬وقوفُهُ في الصف‬ ‫من قيام الليل وصيام النھار نافلة‪ ،‬والشجاع الشديد الذي يھاب‬ ‫ﱡ‬ ‫ساعة‪ ،‬وجھا ُدهُ أعدا َء ﷲ أفض ُل من الحج والصوم والصدقة والتطوع‪.‬‬ ‫ق الخير والشر‪ :‬مخالطتُهُ للناس‬ ‫والعال ُم الذي قد عرف السنة‪ ،‬والحالل والحرام‪ ،‬وطر َ‬ ‫وتعلي ُمھم ونصحھم في دينھم أفض ُل من اعتزاله وتفريغ وقته للصالة وقراءة القرآن والتسبيح‬ ‫وإنصاف‬ ‫وولي األمر الذي قد نصبه ﷲ للحكم بين عباده‪ :‬جلو ُسهُ ساعةً للنظر في المظالم‬ ‫ِ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱢ‬ ‫وقمع المبطل أفض ُل من عبادة سنين من غيره‪،‬‬ ‫ق‬ ‫المح‬ ‫ونصر‬ ‫الحدود‬ ‫ة‬ ‫وإقام‬ ‫الظالم‬ ‫من‬ ‫المظلوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ومن غلبت عليه شھوةُ النساء فصومه له أنف ُع وأفض ُل من ذكر غيره وصدقته‪.‬‬ ‫قال أبو سليمان الدارانى ‪ :‬فإذا وجدت قلبك في القيام فال تركع‪ ،‬وإذا وجدته في الركوع فال‬ ‫‪4‬‬ ‫ترفع ‪.‬‬ ‫} )وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منھم طائفة ليتفقھوا في الدين‬ ‫ولينذروا قومھم إذا رجعوا إليھم لعلھم يحذرون( {‬ ‫يقول النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬من أنفق زوجين في سبيل ﷲ نودي من أبواب الجنة‪ :‬يا‬ ‫عبدﷲ ھذا خير‪ ،‬فإن كان من أھل الصالة دعي من باب الصالة‪ ،‬وإن كان من أھل الجھاد دعي‬ ‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬ابو داود‬ ‫‪ 3‬عده الصابرين‬ ‫‪ 4‬مختصر منھاج القاصدين‬

‫‪141‬‬


‫حياة العظماء‬

‫من باب الجھاد‪ ،‬وإن كان من أھل الصيام دعي من باب الريان‪ ،‬ومن كان من أھل الصدقة دعي‬ ‫‪1‬‬ ‫من باب الصدقة‪".‬‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول‪" :‬أرحم أمتي بأمتي أبوبكر‪ ،‬وأشدھم في أمر ﷲ عمر‪،‬‬ ‫وأصدقھم حيا ًء عثمان‪ ،‬وأقرؤھم لكتاب ﷲ أبي بن كعب‪ ،‬وأفرضھم زيد بن ثابت‪ ،‬وأعلمھم‬ ‫بالحالل والحرام معاذ بن جبل‪ ،‬ولكل أمة أمين وأمين ھذه األمة أبوعبيدة"‬ ‫اط ِن‬ ‫قَ َ‬ ‫آن بِالتﱠ َدب ِﱡر ‪َ ،‬وخَ َال ُء ْالبَ ِ‬ ‫ال إب َْرا ِھي ُم ْال َخ ﱠواصُ ‪ :‬د َ​َوا ُء ْالقُلُو ِ‬ ‫ب خَ ْم َسةُ أَ ْشيَا َء ‪ :‬قِ َرا َءةُ ْالقُرْ ‪ِ 2‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ضرﱡ ُ‬ ‫ع ِعن َد الس َﱠح ِر ‪َ ،‬و ُم َجال َسة الصﱠالِ ِحينَ ‪.‬‬ ‫‪َ ،‬وقِيَا ُم اللي ِْل ‪َ ،‬والت َ‬

‫‪ 1‬متفق عليه‬ ‫‪ 2‬المدخل‬

‫‪142‬‬


‫حياة العظماء‬

‫طلب العلم‬ ‫ضى إِلَ ْيكَ َوحْ يُهُ َوقُل رﱠبﱢ ِز ْدنِي ِع ْل ًما(‬ ‫آن ِمن قَب ِْل أَن يُ ْق َ‬ ‫فقال ﷲ ‪-‬تعالى‪َ ) :-‬وال تَع َ‬ ‫ْجلْ بِ ْالقُرْ ِ‬ ‫]طه‪.[114 /‬‬ ‫ً‬ ‫أمر نبي ﱠه أن يسأله المزي َد منه((‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪-‬رحمه ﷲ‪)) :-‬وكفى بھذا شرفا للعلم‪ ،.‬أن َ‬ ‫وقال ابن كثير في ))تفسيره((‪)) :‬أي‪ :‬زدني منك عل ًما‪ ،‬قال ُ‬ ‫ابن ُعيينة ‪-‬رحمه ﷲ‪ :-‬ولم يزل‬ ‫) في زيادة حتﱠى توفﱠاه ﷲ ‪-‬عز وجل‪((-‬‬ ‫ب الزيادة في شي ٍء إال في العلم‪.‬‬ ‫وما َ‬ ‫أمر ﷲُ رسولَه بطل ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عبدﷲ بن مسعود ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬كان إذا تلى قوله تعالى‪َ ) :‬وقل رﱠبﱢ ِز ْدنِي ِعل ًما( قال‪:‬‬ ‫))اللھم ِز ْدني ِع ْل ًما وإيمانًا ويقينًا((‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬إِ ﱠن ِ ﱠ"ِ َمالَئِ َكةً يَطُوفُونَ فِى ﱡ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ُق ‪ ،‬يَ ْلتَ ِمسُونَ أَ ْھ َل‬ ‫قَ َ‬ ‫الطر ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﱡ‬ ‫ال فَيَ ُحفونَھُ ْم بِأجْ نِ َحتِ ِھ ْم إِلَى‬ ‫اجتِ ُك ْم ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال ﱢذ ْك ِر ‪ ،‬فَإِ َذا َو َج ُدوا قَوْ ًما يَذ ُكرُونَ ﷲَ تَنَادَوْ ا ھَل ﱡموا إِلَى َح َ‬ ‫ال فَيَسْأَلُھُ ْم َر ﱡبھُ ْم َو ْھ َو أَ ْعلَ ُم ِم ْنھُ ْم َما يَقُو ُل ِعبَا ِدى قَالُوا يَقُولُونَ يُ َسبﱢحُونَكَ ‪،‬‬ ‫ال ﱠس َما ِء ال ﱡد ْنيَا ‪ .‬قَ َ‬ ‫َويُ َكبﱢرُونَكَ ‪َ ،‬ويَحْ َم ُدونَكَ َويُ َمجﱢ ُدونَكَ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال يَقولونَ‬ ‫ال فَيَقو ُل َو َك ْيفَ لَوْ َرأوْ نِى قَ َ‬ ‫ال فَيَقُولُونَ الَ َوﷲِ َما َرأوْ كَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال فَيَقُو ُل ھَلْ َرأَوْ نِى قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ال يَقو ُل فَ َما يَسْألونِى قَ َ‬ ‫لَوْ َرأَوْ كَ َكانُوا أ َش ﱠد لَكَ ِعبَا َدةً ‪َ ،‬وأ َش ﱠد لَكَ تَ ْم ِجيدًا ‪َ ،‬وأ ْكثَ َر لَكَ تَ ْسبِيحًا ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال يَقُولُونَ الَ َو ﱠ‬ ‫ال يَقُو ُل فَ َك ْيفَ لَوْ‬ ‫ﷲِ يَا َربﱢ َما َرأَوْ ھَا ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال يَقُو ُل َوھَلْ َرأَوْ ھَا قَ َ‬ ‫يَسْأَلُونَكَ ْال َجنﱠةَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫ظ َم فِيھَا َر ْغبَةً‬ ‫طلَبًا ‪َ ،‬وأَ ْع َ‬ ‫ال يَقُولُونَ لَوْ أَنﱠھُ ْم َرأَوْ ھَا َكانُوا أَ َش ﱠد َعلَ ْيھَا ِحرْ صًا ‪َ ،‬وأَ َش ﱠد لَھَا َ‬ ‫أَنﱠھُ ْم َرأَوْ ھَا قَ َ‬ ‫ال يَقُولُونَ الَ َو ﱠ‬ ‫ﷲِ َما َرأَوْ ھَا ‪.‬‬ ‫ال يَقُو ُل َوھَلْ َرأَوْ ھَا قَ َ‬ ‫ار ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال فَ ِم ﱠم يَتَ َع ﱠو ُذونَ قَ َ‬ ‫‪ .‬قَ َ‬ ‫ال يَقُولُونَ ِمنَ النﱠ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ال يَقُولُونَ لَوْ َرأوْ ھَا َكانُوا أ َش ﱠد ِم ْنھَا فِ َرارًا ‪َ ،‬وأ َش ﱠد لَھَا َمخَ افَةً ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال يَقُو ُل فَ َك ْيفَ لَوْ َرأوْ ھَا قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فَيَقُو ُل فَأ ْش ِھ ُد ُك ْم أنﱢى قَ ْد َغفَرْ ُ‬ ‫ال يَقُو ُل َملَ ٌ‬ ‫ْس ِم ْنھُ ْم إِنﱠ َما َجا َء‬ ‫ك ِمنَ ال َمالَئِ َك ِة فِي ِھ ْم فُالَ ٌن لَي َ‬ ‫ت لَھُ ْم ‪ .‬قَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ال ھُ ُم ْال ُجلَ َسا ُء الَ يَ ْشقَى بِ ِھ ْم َجلِي ُسھُ ْم « ‪.‬‬ ‫اج ٍة ‪ .‬قَ َ‬ ‫لِ َح َ‬ ‫العلم زين وتشريف لصاحبه فاطلب ھديت فنون العلم واألدبا‬ ‫كم سيد بطل آباؤه نجب كانوا الرؤوس فأمسى بعدھم ذنبا‬ ‫خامل اآلباء ذي أدبً نال المعالي با آلداب والرﱡ تبا‬ ‫قرف‬ ‫و ُم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫العلم كن ٌز وذخ ٌر ال فناء له نعم القرين إذا ما صاحبٌ صحبا‬ ‫قد يجمع المال شخصٌ ثم يحرمه عما قليل فيلقى الذل والحربا‬ ‫وجامع العلم مغبوط به أبداً وال يحاذر منه الفوت والسلبا‬ ‫يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه وال تعدلن به ُد ّراً وال ذھبا‬ ‫يقول أبو بكر األندلسي حين يوصي ابنه ويمدح العلم فيقول له‪-:‬‬ ‫ھو العضب المھند ليس ينبو تصيب به مضارب من أردتا‬ ‫وكنز ال تخاف عليه لصا ً خفيف الحمل يوجد حيث كنتا‬ ‫يزيد بكثرة اإلنفاق منه وينقص إن به كفا ً شددتا‬ ‫و احل ﷲ ما صيد بكلب او طائر مدرب و معلم } يَسْأَلُونَكَ َما َذا أُ ِح ﱠل لَھُ ْم قُلْ أُ ِح ﱠل لَ ُك ُم‬ ‫ح ُم َكلﱢبِينَ تُ َعلﱢ ُمونَھ ﱠُن ِم ﱠما َعل ﱠ َم ُك ُم ﱠ‬ ‫الطﱠيﱢبَ ُ‬ ‫ﷲُ فَ ُكلُوا ِم ﱠما أَ ْم َس ْكنَ َعلَ ْي ُك ْم َو ْاذ ُكرُوا‬ ‫ات َو َما َعلﱠ ْمتُ ْم ِمنَ ْال َج َو ِ‬ ‫ار ِ‬ ‫ﷲَ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲِ َعلَ ْي ِه َواتﱠقُوا ﱠ‬ ‫ا ْس َم ﱠ‬ ‫ب )‪{(4‬‬ ‫ﷲَ َس ِري ُع ْال ِح َسا ِ‬ ‫‪ 1‬صحيح البخاري‬

‫‪143‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال العسكري وإن كنت ‪-‬أيھا األخ‪ -‬ترغب في سمو القدر‪ ،‬ونباھة الذكر‪ ،‬وارتفاع المنزلة‬ ‫بين الخلق‪ ،‬وتلتمس عزاً ال ت َْثلِمه الليالي واأليام‪ ،‬وال تَتحيﱠفُه الدھور واألعوام‪ ،‬وھيبةً بغير‬ ‫أجر‪،‬‬ ‫غير عشيرة‪ ،‬وأعوانا ً من غير ٍ‬ ‫سلطان‪ ،‬وغن ًى بال مال‪ ،‬ومنفعةً بغير سالح‪ ،‬وعالءاً من ِ‬ ‫وجنداً بال ديوان وفرض ‪ -‬فعليك بالعلم؛ فاطلبه في مظانه تأتِك المنافع عفواً‪ ،‬وتلق ما تعتمد منھا‬ ‫صفواً‪.‬‬ ‫من لم يشرب من بحر العلم مات عطشا في صحراء الجھل‬ ‫قال ابو الطيب الغزي ‪:‬‬ ‫اذا فرط المرء ما أمكنه *********ومال الى الجھل واستحسنه‬ ‫فدعه فقد ساء تدبيره*********** سيضحك يوما ويبكي سنة‬ ‫قال الزھري رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫بأفضل من العلم (‬ ‫) ما ُعب َد ﷲ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ب(( ]الزمر‪[9 :‬‬ ‫))قُلْ ھَلْ يَ ْست َِوي ال ِذينَ يَ ْعلَ ُمونَ َوال ِذينَ الَ يَ ْعلَ ُمونَ إِنﱠ َما يَتَ َذ ﱠك ُر أوْ لوا األلبَا ِ‬ ‫َ‬ ‫حديث أبي ھريرة ‪-‬‬ ‫و َعقَد البخاريﱡ في ))صحيحه((‪) :‬بابٌ الحرصُ على الحديث( وذكر فيه‬ ‫ُ‬ ‫ظننت يا أبا ھريرةَ أن‬ ‫رضي ﷲ عنه‪ -‬وسؤاله النبي ) عن أسْعد الناس بشفاعته؟ وقوله له‪)) :‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫ث‪.((...‬‬ ‫ث أح ٌد أ ﱠو َل منكَ ‪ ،‬لِ َما‬ ‫صكَ على الحدي ِ‬ ‫رأيت من ِحرْ ِ‬ ‫ال يسألني عن ھذا الحدي ِ‬ ‫قال البدر العيني في ))عمدة القاري((‪)) :‬فيه الحرص على العلموالخير‪ ،‬فإن الحريص يبلغ‬ ‫بحرصه إلى البحث عن الغوامض ودقيق المعاني‪ ،‬ألن الظواھر يستوي الناسُ في السؤال عنھا‪،‬‬ ‫العتراضھا أفكارھم‪ ،‬وما لَطُفَ من المعاني ال يسأل عنھا إال الراسخ فيكون ذلك سببًا للفائدة‪،‬‬ ‫ويترتب عليھا أجرھا وأجر من عمل بھا إلى يوم القيامة(( ‪.‬‬ ‫قال الماوردي في‪)) :-‬وال يَ ْقنَع من العلم بما أدرك‪ ،‬ألن القناعة فيه زھ ٌد‪ ،‬ﱡ‬ ‫والزھد فيه تر ٌ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫والتر ُ‬ ‫ك له جھ ٌل!‪.‬‬ ‫ولما ُسئِل اإلمام أحمد‪ :‬إلى متى تطلب العلم؟ قال‪ :‬مع المحبرة إلى المقبرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فقلت‪ :‬دعيني‬ ‫مال‬ ‫وقائل ٍة أنفقتَ في ال ُك ْت ِ‬ ‫ب ما َح َوت يمينُك من ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ألخ ِذ كتابي آ ِمنًا بيميني‬ ‫لعلﱢي أرى فيھا كتابًا يَ ُد ﱡلني‬ ‫قال اإلمام ابن القيم في ))روضة المحبﱢين((‪ :‬وح ﱠدثني شيخنا ‪-‬يعني ابنَ تيمية‪ -‬قال‪ :‬ابتدأني‬ ‫مرضٌ ‪ ،‬فقال لي الطبيب‪ :‬إن ُمطالعتك وكالمك في العلم يزيد المرض‪ ،‬فقلت له‪ :‬ال أصبر على‬ ‫المرض؟‬ ‫ذلك‪ ،‬وأنا أحاكمك إلى علمك‪ ،‬أليست النفس إذا فرحت و ُسرﱠت وقَ ِويت الطبيعةُ فدفعت‬ ‫َ‬ ‫فقال‪ :‬بلى‪ ،‬فقلت له‪ :‬فإن نفسي تُسرﱡ بالعلم فتقوى به الطبيعةُ فأج ُد راحةً‪ ،‬فقال‪ :‬ھذا خار ٌج عن‬ ‫عالجنا‪.((...‬‬ ‫وقال ُ‬ ‫صداع و ُح ﱠمى وكان الكتاب عند‬ ‫ابن القيم أيضًا‪)) :‬وأعرف من أصابه مرض من‬ ‫ٍ‬ ‫ب وض َعه‪ ،‬فدخل عليه الطبيبُ يو ًما وھو كذلك فقال‪ :‬إن ھذا‬ ‫رأسه‪ ،‬فإذا وجد إفاقةً قرأ فيه‪ ،‬فإذا ُغلِ َ‬ ‫ال يحلﱡ لك فإنك تُعين على نفسك وتكون سببًا لِفَوْ ت مطلوبك((‬ ‫سئل الشعبي رحمه ﷲ من أين لك ھذا العلم ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫) بنفي االعتماد ‪ ،‬والسير في البالد ‪ ،‬وصبر كصبر الحمار ‪ ،‬وبكور كبكور الغراب (‬ ‫قال الشافعي‬ ‫سانبيك عن تفصيلھا ببيان‬ ‫أخي لن تنال العلم إال بست ٍة‬ ‫‪ 1‬أدب الدنيا والدين‬

‫‪144‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ذكاء ‪ ،‬وحرص ‪ ،‬واجتھاد ‪ ،‬وبلغة وصحبة أستاذ وطول زمان‬ ‫و أن تعجب فتعجب من خبر االمام بن عقيل الحنبلي صاحب كتاب " الفنون " في ثمانمئه‬ ‫ابن الجوزي‬ ‫مجلد و ذكر ابن رجب الحنبلي في ))الذيل على طبقات الحنابلة(( في ترجمته ‪ ،‬عن ِ‬ ‫رأيت بخَ ﱢ‬ ‫طه‪ :‬إني ال يح ّل لي أن أُضيع ساعةً‬ ‫ُ‬ ‫أنه قال عنه‪)) :‬كان دائم التشا ُغل بالعلم‪ ،‬حتى إني‬ ‫ُ‬ ‫أعملت فِكري في‬ ‫من عمري‪ ،‬حتى إذا تعطﱠل لساني عن مذاكرة ومناظرة‪ ،‬وبصري عن ُمطالعة‪،‬‬ ‫َطرحٌ‪ ،‬فال أنھض إال وقد خطر لي ما أسطره‪ .‬وإني ألجد من ِحرصي على‬ ‫حالة راحتى وأنا ُم ْست ِ‬ ‫العلم وأنا في َع ْشر الثمانين أش ّد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة(( اھـ‪.‬‬ ‫ونقل ُ‬ ‫نفسه‪)) :‬أنا أقصر بغاية جھدي أوقات‬ ‫َ‬ ‫ابن رجب من ))الفنون(( البن عقيل أنه قال عن ِ‬ ‫أكلي‪ ،‬حتى أختار ﱠ‬ ‫سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز‪ ،‬ألجل ما بينھما من تفاوت المضغ‪،‬‬ ‫توفّرًا على مطالع ٍة‪ ،‬أو تسطير فائدة لم أدركھا فيه((‬ ‫و االسالم ال يحث على طلب العلوم الشرعية فقط‬ ‫فقد جعل فداء االسير في غزوة بدر تعليم عشرة من غلمان المدينة القراءه و الكتابه‬ ‫و قال زيد بن ثابت أمرني رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فتعلمت له كتاب اليھود وقال إني وﷲ‬ ‫ما آمن يھود على كتابي ‪ .‬فتعلمته ‪ ،‬فلم يمر بي إال نصف شھر حتى حذقته ‪ ،‬فكنت أكتب له إذا‬ ‫‪1‬‬ ‫كتب ‪ ،‬وأقرأ له إذا كتب إليه‬ ‫يقولون في اإلسالم ظلما بأنه *** يصد ذويه عن طريق التقدم‬ ‫ھل العلم في اإلسالم إال فريضة *** وھل أمة سادت بغير التعلم‬ ‫لقد أيقظ اإلسالم للمجد والعال *** بصائر أقوام عن المجد نوم‬ ‫فأشرق نور العلم من حجراته ***على وجه عصر بالجھالة مظلم‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال أَحْ صُوا لِي َك ْم يَ ْلفِظُ ْ‬ ‫اإلس َْال َم‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم فَقَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫وع َْن ُح َذ ْيفَةَ قَ َ‬ ‫ال ُكنﱠا َم َع َرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫اف َعلَ ْينَا َونَحْ ُن َما بَ ْينَ الس ﱢ‬ ‫ﷲِ أَتَخَ ُ‬ ‫ﱢت ِمائَ ٍة إِلَى ال ﱠسب ِْع ِمائَ ٍة‬ ‫ال فَقُ ْلنَا يَا َرس َ‬ ‫)علم االحصاء(قَ َ‬ ‫و تأمل في االية من سورة يونس‬ ‫اب َما‬ ‫َاز َل لِتَ ْعلَ ُموا َع َد َد ال ﱢسنِينَ َو ْال ِح َس َ‬ ‫} ھُ َو الﱠ ِذي َج َع َل ال ﱠش ْم َ‬ ‫س ِ‬ ‫ضيَا ًء َو ْالقَ َم َر نُورًا َوقَ ﱠد َرهُ َمن ِ‬ ‫ق ﱠ‬ ‫ﷲُ َذلِكَ إِ ﱠال بِ ْال َح ﱢ‬ ‫ت لِقَوْ ٍم يَ ْعلَ ُمونَ )‪{ (5‬‬ ‫ق يُفَ ﱢ‬ ‫خَ لَ َ‬ ‫ص ُل ْاآلَيَا ِ‬ ‫و كنت منذ دقائق في صاله التراويح و قرا علينا االمام ھذه االبيات في الركعه االولى‬ ‫ت ِمنَ ْال َح ﱢي َذلِ ُك ُم ﱠ‬ ‫} إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ فَالِ ُ‬ ‫ﷲُ فَأَنﱠى‬ ‫ت َو ُم ْخ ِر ُج ْال َميﱢ ِ‬ ‫ي ِمنَ ْال َميﱢ ِ‬ ‫ق ْال َحبﱢ َوالنﱠ َوى ي ُْخ ِر ُج ْال َح ﱠ‬ ‫تُ ْؤفَ ُكونَ )‪ (95‬فَالِ ُ‬ ‫يز ْال َعلِ ِيم‬ ‫اح َو َج َع َل اللﱠي َْل َس َكنًا َوال ﱠش ْم َ‬ ‫ق ِْ‬ ‫س َو ْالقَ َم َر ُح ْسبَانًا َذلِكَ تَ ْق ِدي ُر ْال َع ِز ِ‬ ‫اإلصْ بَ ِ‬ ‫ت لِقَوْ ٍم يَ ْعلَ ُمونَ‬ ‫ت ْالبَرﱢ َو ْالبَحْ ِر قَ ْد فَص ْﱠلنَا ْاآلَيَا ِ‬ ‫)‪َ (96‬وھُ َو الﱠ ِذي َج َع َل لَ ُك ُم النﱡجُو َم لِتَ ْھتَ ُدوا بِھَا فِي ظُلُ َما ِ‬ ‫اح َد ٍة فَ ُم ْستَقَرﱞ َو ُم ْستَوْ َد ٌ‬ ‫ت لِقَوْ ٍم يَ ْفقَھُونَ )‪(98‬‬ ‫ع قَ ْد فَص ْﱠلنَا ْاآلَيَا ِ‬ ‫س َو ِ‬ ‫)‪َ (97‬وھُ َو الﱠ ِذي أَ ْن َشأ َ ُك ْم ِم ْن نَ ْف ٍ‬ ‫َضرًا نُ ْخ ِر ُج ِم ْنهُ َحبًّا‬ ‫َوھُ َو الﱠ ِذي أَ ْنزَ َل ِمنَ ال ﱠس َما ِء َما ًء فَأ َ ْخ َرجْ نَا بِ ِه نَبَاتَ ُكلﱢ َش ْي ٍء فَأ َ ْخ َرجْ نَا ِم ْنهُ خ ِ‬ ‫ُمت َ​َرا ِكبًا َو ِمنَ النﱠ ْخ ِل ِم ْن َ‬ ‫ط ْل ِعھَا قِ ْن َو ٌ‬ ‫ب َوال ﱠز ْيتُونَ َوالرﱡ ﱠمانَ ُم ْشتَبِھًا َو َغي َْر‬ ‫ت ِم ْن أَ ْعنَا ٍ‬ ‫ان دَانِيَةٌ َو َجنﱠا ٍ‬ ‫ت لِقَوْ ٍم ي ُْؤ ِمنُونَ )‪ { (99‬االنعام‬ ‫ُمتَ َشابِ ٍه ا ْنظُرُوا إِلَى ثَ َم ِر ِه إِ َذا أَ ْث َم َر َويَ ْن ِع ِه إِ ﱠن فِي َذلِ ُك ْم َآلَيَا ٍ‬ ‫فأنظر و تأمل الى العلوم التى حفلت بھا االيه و حثت عليھا كعلم الفلك و االحياء‬ ‫‪ 1‬سنن ابي داود و ھو صحيح قال العالمة المحدث محمد ناصر الدين األلباني في كتابه الزاھر الموسوم بـ‬ ‫)سلسلة األحاديث الصحيحة (‪:‬وھذا الحديث في معنى الحديث المتداول على األلسنة ‪ " :‬من تعلم لسان قوم أمن‬ ‫من مكرھم " ولكن ال أعلم له أصالً بھذا اللفظ ‪ ،‬وال ذكره أحد ممن ألف في األحاديث المشتھرة على األلسنة ‪،‬‬ ‫فكأنه إنما اشتھر في األزمنة المتأخرة ( ‪ .‬السلسلة الصحيححة ‪366/1‬‬ ‫‪ 2‬مسند الصحابة في الكتب التسعه‬ ‫‪145‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و عزل سيدنا عمر احد الواله لما سئلة ان يصف جغرفيا البالد التى استعمله عليھا فلم‬ ‫يستطع و كان دائم السؤال لوالته عن جغرافيا البالد كسؤاله سيدنا سعد بن ابي وقاص في حروب‬ ‫الفرس‬ ‫و اھتمام سيدنا عمر باالختراعات الحديثة ظاھر في سؤاله البو لؤلؤة المجوسي ان يصنع له‬ ‫رحى‬ ‫علم الحساب له مزايا جمه و به يزيد المرء في العرفان‬ ‫و النحو قنطره العلوم جميعھا و مبين غامضھا و خير لسان‬ ‫و كذلك الجغرافيا ھادية الفتي لمسالك البلدان و الوديان‬ ‫و اذا عرفت لسان قوم يا فتي نلت االمان به و أي بيان‬ ‫خطوات طلب العلم‬ ‫• ياطالب العلم اترك المعاصي‬ ‫ﷲَ يَجْ َعلْ لَ ُك ْم فُرْ قَانًا َويُ َكفﱢرْ َع ْن ُك ْم َسيﱢئَاتِ ُك ْم َويَ ْغفِرْ لَ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫}أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا إِ ْن تَتﱠقُوا ﱠ‬ ‫ﷲُ ُذو‬ ‫ْالفَضْ ِل ْال َع ِظ ِيم )‪{(29‬االنفال‬ ‫} يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا اتﱠقُوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َوآَ ِمنُوا بِ َرسُولِ ِه ي ُْؤتِ ُك ْم ِك ْفلَي ِْن ِم ْن َرحْ َمتِ ِه َويَجْ َعلْ لَ ُك ْم نُورًا‬ ‫تَ ْم ُشونَ بِ ِه َويَ ْغفِرْ لَ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم )‪{(28‬الحديد‬ ‫وقال رجل لإلمام مالك‪" :‬يا أبا عبد ﷲ‪ ،‬ھل يصلح لھذا الحفظ شيء ؟ قال‪ :‬إن كان‬ ‫‪1‬‬ ‫يصلح له شيء‪ ،‬فترك المعاصي"‬ ‫يقول ابن جزي الغرناطي‪:‬‬ ‫وقائلة لم ھجرت التصابي*** وسنك في عنفوان الشباب‬ ‫يمر زمان الصبا ضائعا***ولم تله فيه ببيض الكعاب‬ ‫ولم تدر لذة طيب الھوى***ولم ترو من سلسبيل الرضاب‬ ‫فقلت‪:‬ابى العلم اال التقى***وھجر المعاصي ووصل المتاب‬ ‫ومن لم يفده طالب العلوم***رجاءالثواب و خوف العقاب‬ ‫فخير له الجھل من علمه***وادنى له من اليم العقاب‬ ‫فخير له الجھل من علمه***وادنى له من اليم العقاب ‪. . .‬‬ ‫قال اإلمام الذھبي ‪ :‬إن العلم ليس بكثرة الرواية‪ ،‬ولكنه نور يقذفه ﷲ في القلب‬ ‫وشرطه اإلتباع ‪ ،‬والفرار من الھوى واالبتداع‪.‬‬ ‫و قال أبي حامد الغزالي عن العلم‪ :‬إنه عبادة القلب‪ ،‬وصالة السر‪ ،‬وقربة الباطن إلى ﷲ‪،‬‬ ‫وكما ال تصح الصالة التي ھي وظيفة الجوارح الظاھرة إال بتطھير الظاھر من األحداث‬ ‫واألخباث‪ ،‬فكذلك ال تصح عبادة الباطن‪ ،‬وعمارة القلب بالعلم إال بعد طھارته من خبائث‬ ‫األخالق‪.‬‬ ‫• علو الھمة‬ ‫يقول المنفلوطي ]إن علو الھمة إذا لم يخالطه كبر يزري به‪ ،‬ويدعو صاحبه إلى التنطع‬ ‫وسوء العشرة _ كان أحسنَ ذريعة يتذرع بھا اإلنسان إلى النبوغ في ھذه الحياة‪ ،‬وليس‬ ‫في الناس من ھو أحوج إلى علو الھمة من طالب العلم؛ ألن حاجة األمة إلى نبوغه أكثر‬

‫‪ 1‬الجامع للخطيب‬

‫‪146‬‬


‫حياة العظماء‬

‫من حاجتھا إلى نبوغ سواه من الصانعين والمحترفين‪ ،‬وھل الصانعون والمحترفون إال‬ ‫حسنة من حسناته‪ ،‬وأثر من آثاره؟‬ ‫بل ھو البحر الزاخر الذي تستقي منه الجداول والغدران‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فيا طالب العلم كن عالي الھمة‪ ،‬وال يكن نظرك في تاريخ عظماء الرجال نظرا يبعث في‬ ‫قلبك الرھبة والھيبة؛ فتتضاءل وتتصاغر كما يفعل الجبان المستطار حينما يسمع قصة‬ ‫من قصص الحروب‪ ،‬أو خرافة من خرافات الجان‪ ،‬وحذار أن يملك اليأس عليك قوتك‬ ‫وشجاعتك؛ فتستسلم استسالم العاجز الضعيف‪ ،‬وتقول‪ :‬من لي بِ ُسلﱠم أصعد فيھا إلى‬ ‫السماء حتى أصل إلى قبة الفلك؛ فأجالس فيھا عظماء الرجال؟‬ ‫يا طالب العلم‪ ،‬أنت ال تحتاج في بلوغك الغاية التي بلغھا النابغون من قبلك إلى خلق غير‬ ‫خلقك‪ ،‬وجو غير جوك‪ ،‬وسماء وأرض غير سمائك وأرضك‪ ،‬وعقل وأداة غير عقلك‬ ‫وأداتك‪.‬‬ ‫ولكنك في حاجة إلى نفس عالية كنفوسھم‪ ،‬وھمة عالية كھممھم‪ ،‬وأمل أوسع من رقعة‬ ‫األرض‪ ،‬وأرحب من صدر الحليم‪ ،‬وال يقعدن بك عن ذلك ما يھمس به حاسدوك في‬ ‫خلواتھم من وصفك بالوقاحة أو بالسماجة؛ فنعم الخلق ھي إن كانت السبيل إلى بلوغ‬ ‫الغاية؛ فامض على وجھك‪ ،‬ودعھم في غيھم يعمھون‪.‬‬ ‫جناحان عظيمان يطير بھما المتعلم إلى سماء المجد والشرف‪ :‬علو الھمة والفھم في‬ ‫العلم[‬ ‫• أستعن على العلم بأھل العلم‬ ‫قال جابر بن عبد ﷲ ‪ -‬رضي ﷲ عنھما ‪» :-‬خرجنا في سفر ‪ ،‬فأصاب رجال منا َح َجر‬ ‫فشجﱠه في رأسه ‪ ،‬فاحتلم ‪ ،‬فسأل أصحابه ‪ :‬ھل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا ‪ :‬ما‬ ‫نجد لك رُخصة وأنت تقدر على الماء ‪ ،‬فاغتسل فمات ‪ ،‬فلما قَ ِد ْمنا على رسول ﷲ ‪-‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وأُ ْخبِر بذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬قتلوه‪ ،‬قتلھم ﷲ ‪ ،‬أال سألوا ْإذ لم يعلموا ‪ ،‬فإنما‬ ‫ب ‪ ،‬شك موسى ‪ -‬على‬ ‫شفاء‬ ‫عص َ‬ ‫ْصر ‪ -‬أو يَ ِ‬ ‫العي السؤال ‪ ،‬إنما كان يكفيه أن يتيمم ويَع ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫‪1‬‬ ‫رْ‬ ‫َجرحه ِخ قة ‪ ،‬ثم يمسح عليھا ‪ ،‬ويغسل سائر جسده «‬ ‫قال ابن أبي مليكة عن السيدة عائشة ))كانت ال تسمع شيئا ال تعرفه إال راجعت فيه‬ ‫حتى تعرفه(‬ ‫من دخل في العلم وحده خرج وحده‪ .‬أي‪ :‬من طلبه بال شيخ خرج بال علم‬ ‫يظن الغمر أن الكتب تھدي * أخا فھم إلدراك العلوم‬ ‫وما يدري الجھول بأن فيھا * غوامض حيرت عقل الفھيم‬ ‫إذا رمت العلوم بغير شيخ * ضللت عن الصراط المستقيم‬ ‫‪2‬‬ ‫وتلتبس العلوم عليك حتى * تصير أضل من توما الحكيم‬

‫و مر ابو حنيفه على جماعه يتفقھون فقال ‪":‬ألھم رأس؟"‬ ‫قالوا ‪":‬ال"‬ ‫قال ‪":‬أذن ال يفحون"‬ ‫أن رمت حقا لھذا الدين مصلحه‬ ‫‪ 1‬ابو داود‬ ‫‪ 2‬طبقات الشافعية‬

‫‪147‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال تظلم القوس أعط القوس باريھا‬

‫ْ‬ ‫الحز ُن‬ ‫أمدعيا ً علـما ً ولست بقاري ٍء كتـابا ً على شيخ به يسھل‬ ‫أتزعم ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫الذھن‬ ‫أن الذھن يوضح مشكالً بال موضح ؟ كالّ لقد كذب‬ ‫وإن الذي تبــغيه دون معلم كموق ٍد مصبــاح وليس له ُد ُ‬ ‫ھن‬ ‫ومن طريف ما قاله ابن الدھان النحوي ‪:‬‬ ‫ال تحســبن أن بالكتـ ب مثلنـا ستصــي ُر‬ ‫فللــدجاجة ريــشٌ‬

‫لكنﱠــھا ال تطــي ُر ‪.‬‬

‫يقول بن عباس رضي ﷲ عنه ‪) :‬لما توفي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قلت لرجل من‬ ‫األنصار ‪ :‬ھلم نسأل أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فإنھم اليوم كثير ‪ ،‬فقال ‪ :‬واعجبا لك‬ ‫يا بن عباس ! أترى الناس يحتاجون إليك‪ ،‬وفي الناس من أصحاب النبي عليه السالم من ترى ؟‬ ‫فترك ذلك ‪ .‬وأقبلت على المسألة ‪ ،‬فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وھو قائل ‪ ،‬فأتوسد‬ ‫ردائي على بابه ‪ ،‬فتسفى الريح على التراب ‪ ،‬فيخرج فيراني ‪ ،‬فيقول‪ :‬يابن عم رسول ﷲ ! أال‬ ‫أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول ‪:‬أنا أحق أن آتيك ‪ ،‬فأسألك ‪ .‬قال‪ :‬فبقى الرجل حتى رآني وقد اجتمع‬ ‫الناس علي‪ :‬فقال ‪ ):‬ھذا الفتى أعقل مني (‪.‬‬ ‫و قال أھل العلم‬ ‫"ال تأخذ القرآن من مصحفي‪ ،‬وال تأخذ الحديث من صحفي"‬ ‫من لم يشافه عالما ً بأصوله فيقينه في المشكالت ظنون‬ ‫من أنكر األشياء دون تيقن وتثبت فمعاند مفتون‬ ‫الكتب تذكرة لمن ھو عالم وصوابھا بمحالھا معجون‬ ‫‪1‬‬ ‫والفكر غواص عليھا مخرج والق فيھا لؤلؤ مكنون‬ ‫و قال القاضي عبد الوھاب بن نصر في من ال يذھب للتعلم من العلماء و يكتفى بانصاف‬ ‫و ارباع طلبة العلم‬ ‫إذا استقت البحار من الركايا‬ ‫متى تصل العطاش إلى ارتواء‬

‫‪ 1‬نفح الطيب‬

‫‪148‬‬

‫ومن يَ ْث ِن األصاغر عن مراد‬

‫وقد جلس األكابر في الزوايا‬

‫وإن ترفّ َع الوضعا ِء يوما ً‬ ‫ﱠ‬

‫على الرفعاء من إحدى الباليا‬

‫إذا استوت األصاغر واألعالي‬

‫فقد طابت منادمة المنايا‬


‫حياة العظماء‬

‫و يقول بن عرفة ان على الطالب ان يجتھد بنفسه ان لم يجد شيخا يشرح العلم ‪:‬‬ ‫إذا لم يكن في مجلس الدرس نكتة ‪ ...‬بتقرير إيضاح لمشكل صورة‬ ‫و عوز غريب انقل أو حل مقفل ‪ ...‬أو أشكال أبدته نتيجة فكرة‬ ‫فدع سعيه وانظر لنفسك واجتھد ‪ ...‬و ال تتركن فالترك أقبح خلة‬ ‫فرد عليه تلميذه ‪:‬‬ ‫يمينا يمن أوالك أرفع رتبة ‪ ...‬و زان بك الدنيا بأحسن زينة‬ ‫لمجلسك األحظى الكفيل بكل ما ‪ ...‬على حسن ما عنه المحاسن جلت‬ ‫فأبقاك من رقاك للناس رحمه ‪ ...‬و للدين سيفا قاطعا كل بدعة‬ ‫و يناقش سيد قطب مسئلة ھامه و ھي اخذ العلم من غير المسلم‬ ‫"إن اإلسالم يتسامح في أن يتلقى المسلم عن غير المسلم ‪ ،‬أو عن غير التقي من‬ ‫المسلمين ‪ ،‬في علم الكيمياء البحتة ‪ ،‬أو الطبيعة ‪ ،‬أو الفلك ‪ ،‬أو الطب ‪ ،‬أو الصناعة ‪ ،‬أو‬ ‫الزراعة ‪ ،‬أو األعمال اإلدارية والكتابية ‪ ..‬وأمثالھا ‪ .‬وذلك في الحاالت التي ال يجد فيھا‬ ‫مسلما ً تقيا ً يأخذ عنه في ھذا كله ‪ ،‬كما ھو واقع من يسمون أنفسھم المسلمين اليوم ‪،‬‬ ‫الناشئ من بُ ْع ِدھم عن دينھم ومنھجھم وعن التصور اإلسالمي لمقتضيات الخالفة في‬ ‫األرض ‪ -‬بإذن ﷲ ‪ -‬وما يلزم لھذه الخالفة من ھذه العلوم والخبرات والمھارات المختلفة‬ ‫‪ ..‬ولكنه ال يتسامح في أن يتلقى أصول عقيدته ‪ ،‬وال مقومات تصوره ‪ ،‬وال تفسير قرآنه‬ ‫وحديثه وسيرة نبيه ‪ ،‬وال منھج تاريخه وتفسير نشاطه ‪ ،‬وال مذھب مجتمعه ‪ ،‬وال نظام‬ ‫حكمه ‪ ،‬وال منھج سياسته ‪ ،‬وال موجبات فنه وأدبه وتعبيره … إلخ ‪ ،‬من مصادر غير‬ ‫إسالمية ‪ ،‬وال أن يتلقى عن غير مسلم يثق في دينه وتقواه في شي ٍء من ھذا كله‪.‬‬ ‫إن الذي يكتب ھذا الكالم إنسان عاش يقرأ أربعين سنة كاملة ‪ .‬كان عمله األول فيھا ھو‬ ‫القراءة واالطالع فـي معظم حقول المعرفة اإلنسانية ‪ ..‬ما ھو من تخصصه وما ھو مـن‬ ‫ھواياته ‪ ..‬ثم عاد إلى مصادر عقيدته وتصوره ‪ .‬فإذا ھو يجد كل ما قرأه ضئيال ًضئيالً‬ ‫إلى جانب ذلك الرصيد الضخم ‪ -‬وما كان يمكن أن يكون إال كذلك ‪ -‬وما ھو بنادم على‬ ‫ما قضى فيه أربعين سنة من عمره ‪ .‬فإنما عرف الجاھلية على حقيقتھا ‪ ،‬وعلى انحرافھا‬ ‫‪ ،‬وعلى ضآلتھا ‪ ،‬وعلى قزامتھا … وعلى جعجعتھا وانتفاشھا ‪ ،‬وعلى غرورھا‬ ‫وادعائھا كذلك !!! وعلم علم اليقين أنه ال يمكن أن يجمع المسلم بين ھذين المصدرين في‬ ‫التلقي !!! "‬ ‫• و ال تذھب لطلب العلم بغير كتابك‬ ‫ُ‬ ‫قال الزھري رحمه ﷲ ‪) :‬حضور المجلس بال نسخة ذ ّل(‬ ‫• اكتب ما تعلمته و كان الحكيم العربي يقول وقوله حق ‪:‬‬ ‫) العلم صيد والكتابة قيد ‪ .‬وإذا ضاع القيد ذھب الصيد (‬

‫‪149‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عن ثمامة قال‪ :‬قال لنا أنس‪ :‬قيدوا العلم بالكتابة‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫وقال الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه ﷲ – في الفوائد التي ينبغي تقييدھا ‪ " :‬الفوائد التي ال‬ ‫تكاد تطرأ على الذھن ‪ ،‬أو التي يندر ذكرھا والتعرض لھا ‪ ،‬أو التي تكون مستجدة تحتاج إلى‬ ‫بيان الحكم فيھا ‪ ،‬ھذه اقتنصھا ‪ ،‬قيدھا بالكتابة ال تقول ھذا أمر معلوم عندي ‪ ،‬وال حاجة أن أقيدھا‬ ‫‪ ،‬فإنك سرعان ما تنسى ‪،‬وكم من فائدة تمر باإلنسان فيقول ھذه سھلة ما تحتاج إلى قيد ‪ ،‬ثم بعد‬ ‫فترة وجيزة يتذكرھا وال يجدھا ‪ ،‬لذلك احرص على اقتناص الفوائد التي يندر وقوعھا أو يتجدد‬ ‫وقوعھا وأحسن ما رأيت في مثل ھذا كتاب " بدائع الفوائد " للعالمة ابن القيم ‪ ،‬فيه بدائع العلوم ‪،‬‬ ‫ما ال تكاد تجده في كتاب آخر ‪ ،‬فھو جامع في كل فن ‪ ،‬كلما طرأ على باله مسألة أو سمع فائدة قيد‬ ‫ذلك ‪ ،‬ولھذا تجد فيه من علم العقائد ‪ ،‬والفقه ‪ ،‬والحديث ‪ ،‬والتفسير ‪ ،‬والنحو ‪ ،‬والبالغة " ‪.‬‬ ‫• و تدرج في طلب العلم‬ ‫ْ‬ ‫ث َونَ ﱠزلنَاهُ تَ ْن ِز ً‬ ‫يال )‪{ (106‬‬ ‫اس َعلَى ُم ْك ٍ‬ ‫} َوقُرْ آَنًا فَ َر ْقنَاهُ لِتَ ْق َرأَهُ َعلَى النﱠ ِ‬ ‫قال الزھري رحمه ﷲ‪:‬‬ ‫) من طلب العلم جملة فاته جملة ‪،‬وإنما يُدرك العلم حديث وحديثان (‬ ‫و أنظر الى وصية االمام الھاشمي الشافعي الجامعة الماتعة‬ ‫دخل الشافعي يوما الى بعض حجر ھارون الرشيد ليستاذن له ومعه سراج الخادم اقعده‬ ‫عند ابي عبد الصمد مؤدب اوالد ھارون الرشيد فقال سراج للشافعي يا ابا عبد ﷲ ھؤالء‬ ‫اوالد امير المؤمنين وھذا مؤدبھم فلو اوصيته بھم فاقبل عليه فقال ليكن اول ما تبدا به‬ ‫من اصالح اوالد امير المؤمنين اصالحك نفسك فان اعينھم معقودة بعينك فالحسن‬ ‫عندھم ما تستحسنه والقبيح عندھم ما تكرھه علمھم كتاب ﷲ وال تكرھھم عليه فيملوه وال‬ ‫تتركھم منه فيھجروه ثم روھم من الشعر اعفه ومن الحديث اشرفه وال تخرجھم من علم‬ ‫‪2‬‬ ‫الى غيره حتى يحكموه فان ازدحام الكالم في السمع مضلة للفھم‪.‬‬ ‫قال ابن علية ‪ " :‬كنت آخذ من أيوب خمسة‪ ،‬ولو حدثني بأكثر من ذلك ماأردت" ‪.‬‬ ‫وقال سفيان ‪ " :‬كنت آتي األعمش منصوراً‪ ،‬فأسمع أربعة أحاديث أو خمسة ثم‬ ‫أنصرف‪ ،‬كراھة أن تكثر وتفلت " ‪.‬‬ ‫وقال شعبة ‪ " :‬كنت آتي قتادة فأساله عن حديثين فيحدثني‪ ،‬ثم يقول ‪ :‬أزيدك ؟ قلت ‪ :‬ال‪،‬‬ ‫حتى أحفظھا وأتقنھا" ‪.‬‬ ‫• أبدأ بالسھل و اجعل المحبب الى النفس مؤجال و تذكر قصه الحمامة المطوقة حيث‬ ‫وقعت في الشباك و من معھا فطاروا بالشبكة الى فأر صديق للحمامة المطوقة فبدأ‬ ‫قرض الشبكة من جھتھا ‪ ،‬فطلبت منه أن يجعلھا في النھاية و اال لو بدأ بھا لخارت‬ ‫عزيمته بسرعه‬ ‫• تخصص في علم واحد‬ ‫قال الخليل ابن أحمد الفراھيدي )ت ‪170‬ھـ(‪) :‬إذا أردت أن تكون عالما ً فاقصد لفن من‬ ‫‪3‬‬ ‫العلم‪ ،‬وإذا أردت أن تكون أديبا ً فخذ من كل شيء أحسنه(‬ ‫وقال أبو عبيد القاسم بن سالم )ت ‪224‬ھـ(‪) :‬ما ناظرني رجل قط وكان مفننا ً في العلوم‬ ‫‪4‬‬ ‫إال غلبته‪ ،‬وال ناظرني رجل ذو فن واحد إال غلبني في علمه ذلك(‬ ‫‪ 1‬رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح‪.‬‬ ‫‪ 2‬صفه الصفوه‬ ‫‪ 3‬جامع بيان العلم البن عبد البر‬ ‫‪ 4‬جامع بيان العلم البن عبد البر‬

‫‪150‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني تلميذ الشافعي )ت ‪260‬ھـ(‪) :‬سمعت الشافعي يقول‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫من تعلم علما ً فليدقق‪ ،‬لكيال يضيع دقيق العلم(‬ ‫و تعلم القليل من باقي العلوم‬ ‫وما أجمل وصية خالد بن يحيى بن برمك )ت ‪165‬ھـ( البنه‪ ،‬عندما قال له‪) :‬يا بني‪ ،‬خذ من كل‬ ‫علم بحظ‪ ،‬فإنك إن لم تفعل جھلت‪ ،‬وإن جھلت شيئا ً من العلم عاديته‪ ،‬وعزيز علي أن تعادي شيئا ً‬ ‫‪2‬‬ ‫من العلم(‬ ‫• تواضع لشيخك‬ ‫قال الشافعي رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)ال يطلب أحد ھذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح ‪ ،‬ولكن من طلبه بذل النفس وضيق‬ ‫العيش وخدمة العلماء أفلح (‬ ‫قال الربيع بن سليمان ‪":‬ما جرؤت على شرب الماء و الشافعي ينظر لي "‬ ‫و ال ينال ھذا العلم أثنان ‪:‬مستحي و مستكبر‬ ‫علم بال أدب كنار بال حطب‬ ‫من لم يصبر على جفاء أستاذه تجرع الخسران بتصدع مالذه‬ ‫و ال تماري شيخك فتخسر علما كثيرا قال الزھري وكان أبو سلمة يمارى بن عباس‬ ‫‪3‬‬ ‫رضي ﷲ عنھما فحرم بذلك علما كثيرا‬ ‫وعن الشعبي ‪ -‬رحمه ﷲ تعالى ‪ -‬قال‪ :‬صلى زيد بن ثابت ‪ -‬رضي ﷲ تعالى عنه ‪ -‬على‬ ‫جنازة‪ ،‬ثم قربت له بغلته ليركبھا‪ ،‬فجاء ابن عباس‪ ،‬فأخذ بركابه‪ ،‬فقال زيد خل عنه يابن‬ ‫عم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقال‪ :‬ھكذا نفعل بعلمائنا‪ ،‬فقيل زيد بن ثابت يد ابن‬ ‫‪4‬‬ ‫عباس‪ ،‬وقال‪ :‬ھكذا أمرنا أن نفعل بأھل بيت نبينا‪.‬‬ ‫للمعلم وفﱢ ِه التبجيال‬ ‫ق ْم‬ ‫ِ‬ ‫أعلمتَ‬ ‫أشرفَ أو أج ﱠل من الذي‬ ‫معلم‬ ‫سبحانَكَ اللّھ ﱠم َ‬ ‫خير ٍ‬ ‫العقل من ظلماتِه‬ ‫أخرجتَ ھذا‬ ‫َ‬ ‫المعلم تارةً‬ ‫وط ْب َعتهُ بيد‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫وإِذا المعل ُم لم يكن عدال مشى‬ ‫وإِذا المعل ُم سا َء لح َ‬ ‫ظ بصير ٍة‬ ‫ب الھوى‬ ‫اإلرشا ُد من سب ِ‬ ‫وإِذا أتى ِ‬

‫كاد المعل ُم أن يكونَ رسوال‬ ‫يبني وينشء أنفسا ً وعقوال‬ ‫عﱠلمتَ‬ ‫بالقلم القرونَ األولى‬ ‫ِ‬ ‫‪ 1‬األنساب المتفقة البن طاھر المقدسي‬ ‫‪ 2‬جامع بيان العلم البن عبد البر‬ ‫‪ 3‬التاريخ الكبير‬ ‫‪ 4‬سبل الھدى و الرشاد‬

‫‪151‬‬


‫حياة العظماء‬

‫النور المبينَ سبيال‬ ‫وھديتَهُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫صدئ الحدي ِد وتارة مصقوال‬ ‫َ‬ ‫ب ضئيال‬ ‫رو ُح العدال ِة في الشبا ِ‬ ‫ْ‬ ‫جاءت على يد ِه البصائ ُر حُوال‬ ‫رور فسﱢمه التضليال‬ ‫ومن ال ُغ ِ‬ ‫ترك االعتراض على االكابر محمود و كثرة المراء توغر الصدور‬ ‫فال ينبغي لطالب العلم أن يتكبر على المعلم ومن تكبره على المعلم أن يستنكف عن‬ ‫االستفادة إال من المرموقين المشھورين وھو عين الحماقة فإن العلم سبب النجاة والسعادة‬ ‫ومن يطلب مھربا من سبع ضار يفترسه لم يفرق بين أن يرشده إلى الھرب مشھور أو‬ ‫خامل وضراوة سباع النار بالجھال با" تعالى أشد من ضراوة كل سبع فالحكمة ضالة‬ ‫المؤمن يغتنمھا حيث يظفر بھا ويتقلد المنة لمن ساقھا إليه كائنا من كان فلذلك قيل‬ ‫العلم حرب للفتى المتعالي ‪ ...‬كالسيل حرب للمكان العالي‬ ‫فال ينال العلم إال بالتواضع وإلقاء السمع قال ﷲ تعالى إن في ذلك لذكرى لمن كان له‬ ‫قلب أو ألقى السمع وھو شھيد ومعنى كونه ذا قلب أن يكون قابال للعلم فھما ثم ال تعينه‬ ‫القدرة على الفھم حتى يلقى السمع وھو شھيد حاضر القلب ليستقيل كل ما ألقى إليه‬ ‫بحسن اإلصغاء والضراعة والشكر والفرح وقبول المنة‬ ‫فليكن المتعلم لمعلمه كأرض دمثة نالت مطرا غزيرا فتشربت جميع أجزائھا وأذعنت‬ ‫‪1‬‬ ‫بالكلية لقبوله‬

‫• و ال تقف على شيخ واحد‬ ‫و الذي يكتفي بشيخ واحد يأخذ أخطائه بال مناقشه و يضيف عليھا من عنده ‪.‬‬ ‫قال الخليل رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)ال يعرف الرجل خطأ معلمه حتى يجالس غيره(‬ ‫و من اكبر االمثلة المعاصرة على ھذا ما حدث مع اخونا االكبر "مالكوم اكس " حين‬ ‫سافر للحج او العمرة و تقابل مع رموز الدعوة االسالمية من بلدان شتى ‪ ،‬تغير مفھومة‬ ‫تماما عما كان سابقا ‪ ،‬حين حصر نفسه في فلك محمد اليجا‬ ‫‪ 1‬احياء علوم الدين‬

‫‪152‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• الحكمة ضاله المؤمن أينما وجدھا فھو أحق الناس بھا‬ ‫الحكمة ضالة المؤمن *** وبنو اإلسالم بھا أولى‬ ‫حيث تجدھا فعليك بھا *** عنھا أبدا ال تتخلى‬ ‫في القلب خواطر عن أمم *** في واقعھا قيم مثلى‬ ‫في القلب خواطر عن مثل *** بحضارتنا كانت أصال‬ ‫من واجبنا أن نعرفھا *** عن قرب وبھا نتحلى‬ ‫قيم أوصى المختار بھا *** ولنا فيه المثل األعلى‬ ‫فتخيل لو نتمثلھا *** كم تصبح دنيانا أحلى‬ ‫• الصبر في طلب العلم‬ ‫اصبر على مـر الجفـا من معلم ‪ ...‬فإن رسوب العلم في نفراته‬ ‫ومن لم يذق مر التعلم ساعــة ‪ ...‬تجرع ذل الجھل طول حياته‬ ‫ومن فاته التعليم وقت شبابــه ‪ ...‬فكبر عليه أربعا لوفاتــه‬ ‫وذات الفتى وﷲ بالعلم والتقى ‪ ...‬إذا لم يكونا ال اعتبار لذاته‬ ‫• القصد بالعلم العمل ال كثرة الحفظ‬ ‫يقول عبدﷲ بن المبارك ‪":‬فليكن أدبك كالدقيق و علمك كالملح"‬ ‫فاصبحنا ال دقيق عندنا و ال ملح‬ ‫قيل لألمام أحمد ‪":‬الرجل يكثر من كتابه الحديث و طلبه أيسوغ له ذلك ؟؟"‬ ‫قال ‪":‬ينبغي أن يكثر العمل به على قدر زيادته في الطلب"‬ ‫ذكر النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬شيئا‪ ،‬فقال‪ " :‬ذلك عند أوان ذھاب العلم‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول‬ ‫ﷲ! وكيف يذھب العلم‪ ،‬ونحن نقرأ القرآن‪ ،‬ونقرئه أبناءنا‪ ،‬ويقرئه أبناؤنا أبناءھم إلى يوم القيامة؟‬ ‫فقال‪ :‬ثكلتك أمك يا زياد! إن كنت ألراك من أفقه رجل بالمدينة‪ ،‬أو ليس ھذه اليھود والنصارى‪،‬‬ ‫يقرءون التوراة واإلنجيل‪ ،‬ال يعملون بشيء منھا ‪".‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ال ال ﱠربِي ُع ب ُْن ُسلَ ْي َمانَ ْال ُم َرا ِديﱡ ‪َ " :‬س ِمع ُ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه‬ ‫ي ‪َ ،‬و َذ َك َر َح ِديثا ع َِن النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ْت ال ﱠشافِ ِع ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫صلى‬ ‫ال ‪ُ :‬سب َْحانَ ﷲِ ! أرْ ِوي ع َْن َرسُو ِل ﷲِ َ‬ ‫ال لَهُ َر ُج ٌل ‪ :‬تَأ ُخذ بِ ِه يَا أبَا َع ْب ِد ﷲِ ؟ ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫َو َسلﱠ َم ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َش ْيئًا ال آ ُخ ُذ بِ ِه ؟ ! َمتَى ع َ​َر ْف ُ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم َح ِديثًا ‪َ ،‬ولَ ْم آ ُخ ْذ بِ ِه‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ت لِ َرس ِ‬ ‫َب " ‪.‬‬ ‫‪ ،‬فَأَنَا أُ ْش ِھ ُد ُك ْم أَ ﱠن َع ْقلِي قَ ْد َذھ َ‬

‫قال ابن تيمية رحمــه ﷲ‪ :‬من عمل بما علم أورثــه ﷲ علم ما لم يعلم‪ ،‬كما قال تعالى )‬ ‫والذين اھتـــدوا زادھــم ھدى وآتاھــــم تقواھــم (‬ ‫وكذلك من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعا ً لھــــواه ‪ ،‬فإن ذلك يورثـــه الجھل‬ ‫والضالل حتى يعمى قلبــه عن الحق الواضح ‪ ،‬كما قال تعالى ) فلما زاغـــوا أزاغ ﷲ قلوبـھــم‬ ‫وﷲ ال يھــــدي القوم الفاسقين (‪.‬‬ ‫ولھذا قال من قال من السلف ) إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدھا‪ ،‬ومن عقوبــة السيئـــة‬ ‫السيئــة بعدھــا (‬ ‫‪153‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• قال سفيان بن عيينة رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)ال يكون الرجل من أھل الحديث حتى يأخذ عمن فوقه ‪ ،‬وعمن ھو دونه ‪ ،‬وعمن ھو مثله(‬ ‫• ال تستحي في طلب العلم و ال تستكبر‬ ‫قالت عائشة ‪ ) :‬نعم النساء نساء األنصار ‪ ،‬لم يمنعھن الحياء أن يتفقھن في الدين ( ‪.‬‬ ‫رواه مسلم‬ ‫وقال مجاھد ‪ " :‬ال ينال العلم مستحي وال مستكبر " ‪.‬‬ ‫عن عمرو بن األسود العنسي ‪ :‬أنه كان إذا خرج من المسجد ‪ ،‬قبض بيمينه على شماله ‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫فسئل عن ذلك ؟ فقال ‪ :‬مخافة أن تنافق يدي ‪.‬‬ ‫من لم يخلع عنه رداء الكبر ‪ ،‬ظل جاھال من مھده الى القبر‬ ‫و اصطحب معك الوقار‬ ‫يقول الخطيب البغدادي رحمه ﷲ ‪ ) :‬يجب على طالب الحديث أن يتجنب اللعب ‪،‬‬ ‫والتبذل في المجالس بالسخف والضحك والقھقھة وكثرة التنادر وإدمان المزاح واإلكثار‬ ‫منه ‪ ،‬وإنما يستجاز من المزاح يسيره ونادره ‪ ،‬وطريفه الذي ال يخرج عن حد األدب‬ ‫وطريقة العلم ‪ ،‬فأما متصله وفاحشه وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر فإنه‬ ‫مذموم ‪ ،‬وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر ويزيل المروءة ( ) الجامع ألخالق‬ ‫الراوي وآداب السامع ‪( 156/1‬‬ ‫و طالب العلم بال وقار كمبتغي في النار جذوة نار‬ ‫• أعاره الكتب‬ ‫قال النجيب الحراني في مشيخته الصغرى ‪:‬‬ ‫أنشدنا أبو عبدﷲ العكبري الواعظ من لفظه وحفظه‪:‬‬ ‫كتبي ألھل العلم مبذولة ***** أيديھم مثل يدي فيھا‬ ‫متى أرادوھا بال منتي ***** عارية فليستعيروھا‬ ‫حاشاي أن اكتمھا عنھم ****** بخال كما غيري يخفيھا‬ ‫أعارنا أشياخنا كتبھم ********* وسنة األشياخ نحييھا‬ ‫فأن أعرت كتابا او استعرت كتابا فأكتب اسم الكتاب و اسم من اعارك و تاريخ االعاده‬ ‫فمأ أعارتھا لمن ال يعرف قدرھا و ال يستفاد منھا و ال يعيدھا فال و الف ال‬ ‫• أخرج زكاه علمك ‪ :‬قال سفيان الثوري رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)من بخل بعلمه ابتلي بثالث ‪ ،‬إما أن ينساه وال يحفظه ‪ ،‬وإما أن يموت ‪ ،‬وال ينتفع به ‪ ،‬وإما‬ ‫أن تذھب كتبه(‪.‬‬ ‫و ھي عظيمة أن تعلم االخرين مما علمك ﷲ و ال تبخل فيبخل عليك ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول ‪» :‬‬ ‫سمعت‬ ‫قال عبد ﷲ بن مسعود ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪:-‬‬ ‫َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫نَض َﱠر ﷲ امرءا سمع منﱠا شيئا ‪ ،‬فبلﱠ َغهُ كما سمعه ‪ ،‬فرُبﱠ ُمبَلغ أوْ عَى من سامع«‪.‬‬ ‫قال الخطيب البغدادي في الجامع ألخالق الراوي وآداب السامع ‪:415/2‬‬ ‫قال عبد العزيز بن أبي حازم‪ :‬قال أبي‪ ":‬كان الناس فيما مضى من الزمان األول إذا لقي‬ ‫الرجل من ھو أعلم منه قال‪ :‬اليو َم يو ُم ُغنمي ‪ ،‬فيتعلم منه ‪،‬‬ ‫وإذا لقي من ھو مثله قال‪ :‬اليوم يوم مذاكرتي ‪ ،‬فيذاكره ‪،‬‬ ‫‪ 1‬تسھيل الوصول‬

‫‪ 2‬أخرجه الترمذي‪.‬‬ ‫‪154‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وإذا لقي من ھو دونه علمه ‪ ،‬ولم يَـزهُ عليه ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬حتى صار ھذا الزمان ‪ ،‬فصار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء أن ينقطع منه ‪ ،‬حتى ال‬ ‫يرى الناس أن له إليه حاجة !‬ ‫وإذا لقي من ھو مثله لم يذاكره ‪ ،‬فھلك الناس عند ذلك‪.‬اھـ‬ ‫وقال سلمان رضي ﷲ عنه ‪:‬‬ ‫)علم ال يقال به ككنز ال يُنفَق منه(‬ ‫ويقول اإلمام األلبيري في وصف العلم في تائيته الشھيرة‪:‬‬ ‫ھو العضب المھند ليس ينبو****تصيب به مقاتل من أردتا‬ ‫وكنز ال تخاف عليه لصا****خفيف الحمل يوجد حيث كنتا‬ ‫يزيد بكثرة اإلنفاق منه***وينقص إن به كفا قبضتا‪.‬‬ ‫• اخرج زكاه مالك في من يستحقون فأنما الصدقات للفقراء و المساكين‬ ‫قال رسول ﷲ موضحا ان الصدقة تشمل اعمال البر } تبسمك فى وجه أخيك لك صدقة‬ ‫وأمرك بالمعروف ونھيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل فى أرض الضالل لك‬ ‫صدقة وبصرك للرجل الردىء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن‬ ‫‪1‬‬ ‫الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك فى دلو أخيك لك صدقة{‬ ‫و ليست زكاه العلم للمتكبرين الالھين يقول الشافعي‪:‬‬ ‫أأنثر درا وسط سارحة النعم ‪ ...‬أأنظم منثورا لراعية الغنم‬ ‫لعمري لئن ضيعت في شر بلدة ‪ ...‬فلست مضيعا بينھم غرر الحكم‬ ‫فان فرج ﷲ اللطيف بلطفه ‪ ...‬وصادفت أھال للعلوم وللحكم‬ ‫بثثت مفيدا واستفدت وداده ‪ ...‬وإال فمكنون لدي ومكتتم‬ ‫فمن منح الجھال علما أضاعه ‪ ...‬ومن منع المستوجبين فقد ظلم‬

‫التعليم‬ ‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪155‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أحدث النظريات في التعليم تقول بأن تدرس للطالب في االبتدائية مثال جسم االنسان بتبسيط‬ ‫ثم في االعدادية بتوسع و في الثانوية بتوسع اكبر‬ ‫و قد سبق الى ھذا الشيخ بن قدامة المقدسي حيث كتب العمدة في الفقة للمبتدئين‬ ‫"المقنع في الفقه" مجلد للمتوسطين‬ ‫"الكافي في الفقه" أربع مجلدات للثانوي‬ ‫" المغني في الفقه" عشر مجلدات للمستوي الجامعي‬

‫امثلة من السيرة الستخدام الرسول وسائل توضيحية يبقى اثرھا في نفس المشاھد و المستمع‬

‫‪1‬‬

‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » -‬و ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫اآلخ َر ِة إِالﱠ ِم ْث ُل َما يَجْ َع ُل‬ ‫• قَ َ‬ ‫ﷲِ َما ال ﱡد ْنيَا فِى ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ار يَحْ يَى بِال ﱠسبﱠابَ ِة ‪ -‬فِى اليَ ﱢم فَليَنظرْ بِ َم يَرْ ِج ُع «‪.‬‬ ‫أَ َح ُد ُك ْم إِصْ بَ َعهُ ھَ ِذ ِه ‪َ -‬وأ َش َ‬ ‫• أنس بن مالك ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ 0‬ﱠ‬ ‫َال‬ ‫أن النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬قال ‪َ » :‬من ع َ‬ ‫وض ﱠم أصابعهُ «‪ .‬ھذه رواية مسلم‪.‬‬ ‫اريَتَيْن َحتﱠى تَ ْبلُغَا ‪ ،‬جاء يَوْ َم القيامة أنَا وھُ َو ‪َ ،‬‬ ‫َج ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأخرجه الترمذ ّ‬ ‫دخلت أنا وھو الجنﱠة كھاتين ‪ ،‬وأشار‬ ‫عال جاريَتَيْن ‪،‬‬ ‫ي قال ‪َ » :‬من َ‬ ‫بأصبُ َع ْي ِه «‪.‬‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ار‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬أَنَا َو َكافِ ُل ْاليَتِ ِيم فِى ْال َجنﱠ ِة ھَ َك َذا « ‪َ .‬وأَ َش َ‬ ‫• قَ َ‬ ‫‪3‬‬ ‫بِال ﱠسبﱠابَ ِة َو ْال ُو ْس َ‬ ‫ﱠج بَ ْينَھُ َما َش ْيئًا‬ ‫طى ‪َ ،‬وفَر َ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬بُ ِع ْث ُ‬ ‫ت أَنَا َوالسﱠا َعةَ َكھَ ِذ ِه ِم ْن ھَ ِذ ِه أَوْ َكھَاتَي ِْن‬ ‫• قَ َ‬ ‫‪4‬‬ ‫ْ‬ ‫« ‪َ .‬وقَ َرنَ بَ ْينَ ال ﱠسبﱠابَ ِة َوال ُو ْس َ‬ ‫طى‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪-‬‬ ‫َب إِلَ ْينَا ُع َم ُر َونَحْ ُن بِأذ َربِ َ‬ ‫ال أَبِى ُع ْث َمانَ َكت َ‬ ‫• قَ َ‬ ‫يجانَ أ ﱠن النﱠبِ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ص ﱠ‬ ‫ف لَنَا النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬إِصْ بَ َع ْي ِه ‪.‬‬ ‫ير إِالﱠ ھَ َك َذا ‪َ ،‬و َ‬ ‫نَھَى ع َْن لُب ِ‬ ‫ْس ال َح ِر ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫َو َرفَ َع ُزھَ ْي ٌر ْال ُو ْس َ‬ ‫طى َوال ﱠسبﱠابَة ◌َ‬ ‫‪ 1‬تم االستعانة بكتاب " استخـــــــــــــدام الرسول صلى ﷲ عليه وسلم الوسائل التعليمية"‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬البخاري‬ ‫‪ 4‬البخاري‬

‫‪156‬‬


‫حياة العظماء‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬ابو داود‬ ‫‪ 3‬مسلم‬ ‫‪ 4‬سنن ابي داود‬ ‫‪ 5‬النسائي‬ ‫‪ 6‬مسلم‬ ‫‪ 7‬صحيح البخاري‬ ‫‪ 8‬احمد‬ ‫‪ 9‬الترمذي‬

‫‪157‬‬

‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬أَنَا َوا ْم َرأَةٌ َس ْف َعا ُء ْالخَ ﱠدي ِْن َكھَاتَ ْي ِن يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة‬ ‫قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫«‪َ .‬وأوْ َمأ يَ ِزي ُد بِال ُو ْسطَى َوال ﱠسبﱠابَ ِة » ا ْم َرأةٌ آ َمت ِم ْن زَ وْ ِجھَا َذ ُ‬ ‫ال‬ ‫ص ٍ‬ ‫ات َمن ِ‬ ‫ب َو َج َم ٍ‬ ‫‪2‬‬ ‫َحبَ َس ْ‬ ‫ت نَ ْف َسھَا َعلَى يَتَا َماھَا َحتﱠى بَانُوا أَوْ َماتُوا «‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫س يَتِ ٍيم لَ ْم يَ ْم َسحْ هُ إِالﱠ ِ ﱠ"ِ َكانَ لَهُ‬ ‫ال » َم ْن َم َس َح َرأ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫َرس َ‬ ‫بِ ُكلﱢ َشع َْر ٍة َمر ْ‬ ‫ﱠت َعلَ ْيھَا يَ ُدهُ َح َسن ٌ‬ ‫َات َو َم ْن أَحْ َسنَ إِلَى يَتِي َم ٍة أَوْ يَتِ ٍيم ِع ْن َدهُ ُك ْن ُ‬ ‫ت أَنَا َوھُ َو‬ ‫‪3‬‬ ‫ُ‬ ‫ق بَ ْينَ أصْ بُ َع ْي ِه ال ﱠسبﱠابَ ِة َو ْال ُو ْس َ‬ ‫طى‪.‬‬ ‫فِى ْال َجنﱠ ِة َكھَاتَي ِْن «‪َ .‬وفَ ﱠر َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ثُ ﱠم‬ ‫ع َْن ُم ِجيبَةَ ْالبَا ِھلِيﱠ ِة ع َْن أَبِيھَا أَوْ َع ﱢمھَا أَنﱠهُ أَتَى َرس َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ق فَأَتَاهُ بَ ْع َد َسنَ ٍة َوقَ ْد تَ َغي َﱠر ْ‬ ‫ا ْن َ‬ ‫ال »‬ ‫طلَ َ‬ ‫ْرفُنِى قَ َ‬ ‫ال يَا َرس َ‬ ‫ت َحالَتُهُ َوھَ ْيئَتُهُ فَقَ َ‬ ‫ﷲِ أَ َما تَع ِ‬ ‫ال » فَ َما َغي َﱠركَ َوقَ ْد ُك ْنتَ َح َسنَ‬ ‫ال أَنَا ْالبَا ِھلِ ﱡى الﱠ ِذى ِج ْئتُكَ عَا َم األَ ﱠو ِل‪ .‬قَ َ‬ ‫َو َم ْن أَ ْنتَ «‪ .‬قَ َ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ت َ‬ ‫ال َما أَ َك ْل ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫ار ْقتُكَ ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ط َعا ًما إِالﱠ بِلَي ٍْل ُم ْن ُذ فَ َ‬ ‫ْالھَ ْيئَ ِة «‪ .‬قَ َ‬ ‫ال‬ ‫ص ْم َشھ َْر ال ﱠ‬ ‫ال » ُ‬ ‫صب ِْر َويَوْ ًما ِم ْن ُكلﱢ َشھ ٍْر «‪ .‬قَ َ‬ ‫وسلم‪ » -‬لِ َم َع ﱠذبْتَ نَ ْف َسكَ «‪ .‬ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫ال‬ ‫ال » ُ‬ ‫ال » ُ‬ ‫ص ْم ثَالَثَةَ أَي ٍﱠام «‪ .‬قَ َ‬ ‫ال ِز ْدنِى‪ .‬قَ َ‬ ‫ص ْم يَوْ َمي ِْن «‪ .‬قَ َ‬ ‫ِز ْدنِى فَإ ِ ﱠن بِى قُ ﱠوةً‪ .‬قَ َ‬ ‫ص ْم ِمنَ ْال ُحر ُِم َوا ْتر ْ‬ ‫ص ْم ِمنَ ْال ُحر ُِم َوا ْتر ْ‬ ‫ُك «‪.‬‬ ‫ُك ُ‬ ‫ص ْم ِمنَ ْال ُحر ُِم َوا ْت ُر ْك ُ‬ ‫ال » ُ‬ ‫ِز ْدنِى‪ .‬قَ َ‬ ‫‪4‬‬ ‫ض ﱠمھَا ثُ ﱠم أَرْ َسلَھَا‪.‬‬ ‫صابِ ِع ِه الثﱠالَثَ ِة فَ َ‬ ‫ال بِأ َ َ‬ ‫َوقَ َ‬ ‫ت لِ ْلبَ َرا ِء َحد ْﱢثنِى َع ﱠما نَھَى َع ْنهُ َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﱠاك ُعبَ ْي ِد ب ِْن فَ ْي ُروزَ قُ ْل ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى‬ ‫قال أَبِى ال ﱠ‬ ‫ضح ِ‬ ‫ال قَا َم َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ص ُر‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬ويَ ِدى أَ ْق َ‬ ‫ضا ِحى‪ .‬قَ َ‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ِ -‬منَ األَ َ‬ ‫ضھَا‬ ‫يضةُ ْالبَي ُﱢن َم َر ُ‬ ‫ال » أَرْ بَ ٌع الَ يَج ُْزنَ ْال َعوْ َرا ُء ْالبَي ُﱢن ع َ​َو ُرھَا َو ْال َم ِر َ‬ ‫ِم ْن يَ ِد ِه فَقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َو ْال َعرْ َجا ُء البَي ُﱢن َ‬ ‫يرةُ التِى الَ تُ ْنقِى «‪ .‬قُل ُ‬ ‫ت إِنﱢى أ ْك َرهُ أ ْن يَ ُكونَ فِى القَرْ ِن‬ ‫ظل ُعھَا َوال َك ِس َ‬ ‫‪5‬‬ ‫ال َما َك ِر ْھتَهُ فَ َد ْعهُ َوالَ تُ َحرﱢ ْمهُ َعلَى أَ َح ٍد‪.‬‬ ‫نَ ْقصٌ َوأَ ْن يَ ُكونَ فِى ال ﱢسنﱢ نَ ْقصٌ ‪ .‬قَ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال يَا َرس َ‬ ‫ى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬وأَتَاهُ َر ُج ٌل فَقَ َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫أَبُو َمالِ ٍك ع َْن أَبِي ِه أَنﱠهُ َس ِم َع النﱠبِ ﱠ‬ ‫ال » قُ ِل اللﱠھُ ﱠم ا ْغفِرْ لِى َوارْ َح ْمنِى َوعَافِنِى َوارْ ُز ْقنِى «‪.‬‬ ‫َك ْيفَ أَقُو ُل ِحينَ أَسْأ َ ُل َربﱢى قَ َ‬ ‫‪6‬‬ ‫آخ َرتَكَ «‪.‬‬ ‫َويَجْ َم ُع أَ َ‬ ‫صابِ َعهُ إِالﱠ ا ِإل ْبھَا َم » فَإ ِ ﱠن ھَ ُؤالَ ِء تَجْ َم ُع لَكَ ُد ْنيَاكَ َو ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫صلﱠي ُ‬ ‫ْت َم َعهُ ‪ ،‬ثُ ﱠم‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬نَزَ َل ِجب ِْري ُل فَأ َ ﱠمنِى ‪ ،‬فَ َ‬ ‫قال َرس َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫صلﱠي ُ‬ ‫صابِ ِع ِه‬ ‫صليْت َم َعهُ « ‪ .‬يَحْ سُبُ بِأ َ‬ ‫صليْت َم َعهُ ‪ ،‬ث ﱠم َ‬ ‫صليْت َم َعهُ ‪ ،‬ث ﱠم َ‬ ‫ْت َم َعهُ ‪ ،‬ث ﱠم َ‬ ‫َ‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫صل َوا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫خَ ْم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ض َعھَا َعلَى‬ ‫صابِ َعهُ فَ َو َ‬ ‫ُول ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬ج َم َع أ َ‬ ‫س ب ِْن َمالِ ٍك أ ﱠن َرس َ‬ ‫ع َْن أَنَ ِ‬ ‫ال » ھَ َذا أَ َجلُهُ‬ ‫ض َعھَا خَ ْلفَ َذلِكَ قَلِيالً َوقَ َ‬ ‫ال » ھَ َذا اب ُْن آ َد َم «‪ .‬ثُ ﱠم َرفَ َعھَا فَ َو َ‬ ‫ض فَقَ َ‬ ‫األَرْ ِ‬ ‫‪8‬‬ ‫ال » َوثَ ﱠم أَ َملُهُ «‪.‬‬ ‫«‪ .‬ثُ ﱠم َر َمى بِيَ ِد ِه أَ َما َمهُ قَ َ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ت فَيَ ْع َم ُل بِ ِھ ﱠن أَوْ‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » -‬م ْن يَأْ ُخ ُذ َعنﱢى ھَ ُؤالَ ِء ْال َكلِ َما ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال أَبُو ھُ َري َْرةَ فَقُ ْل ُ‬ ‫ﷲِ فَأَخَ َذ بِيَ ِدى فَ َع ﱠد خَ ْمسًا‬ ‫ت أَنَا يَا َرس َ‬ ‫يُ َعلﱢ ُم َم ْن يَ ْع َم ُل بِ ِھ ﱠن «‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ض بِ َما قَ َس َم ﱠ‬ ‫اس‬ ‫اس َوارْ َ‬ ‫َوقَ َ‬ ‫ﷲُ لَكَ تَ ُك ْن أَ ْغنَى النﱠ ِ‬ ‫ار َم تَ ُك ْن أَ ْعبَ َد النﱠ ِ‬ ‫ال » اتﱠ ِ‬ ‫ق ْال َم َح ِ‬ ‫اس َما تُ ِحبﱡ لِنَ ْف ِسكَ تَ ُك ْن ُم ْسلِ ًما َوالَ تُ ْكثِ ِر‬ ‫اركَ تَ ُك ْن ُم ْؤ ِمنًا َوأَ ِحبﱠ لِلنﱠ ‪ِ 9‬‬ ‫َوأَحْ ِس ْن إِلَى َج ِ‬ ‫ﱠح ِك تُ ِم ُ‬ ‫ب «‪.‬‬ ‫يت ْالقَ ْل َ‬ ‫ﱠحكَ فَإ ِ ﱠن َك ْث َرةَ الض ِ‬ ‫الض ِ‬


‫حياة العظماء‬

‫• عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه‪ ،‬عن النبي أنه قال‪) :‬يقبـض العلـم ويـظـھر الجـھـل‬ ‫والفـتـن‪ ،‬ويكـثر الھرج‪ ،‬قيـل‪ :‬يـا رسول ﷲ وما الھرج؟ فقال‪ :‬ھكذا بيده فحرفھا‬ ‫كأنه يريد القتل (‬ ‫انتھاز الحدث لشرحه و االستفادة منه‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫• روى َجابِ ُر ب ُْن َع ْب ِد ﱠ‬ ‫َاخالً ِم ْن‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲِ أَ ﱠن َرس َ‬ ‫ﱡوق د ِ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم َم ﱠر بِالس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي أَ َس ﱠ‬ ‫ال‪)) :‬أَ ﱡي ُك ْم‬ ‫ك َميﱢ ٍ‬ ‫َاولَهُ فَأَخَ َذ بِأ ُذنِ ِه‪ ،‬ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫ت فَتَن َ‬ ‫ْض ْال َعالِيَ ِة َوالنﱠاسُ َكنَفَتَ ْيهُ‪ ،‬فَ َم ﱠر بِ َج ْد ٍ‬ ‫بَع ِ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫ي ُِحبﱡ أَ ﱠن ھَ َذا لَهُ بِ ِدرْ ھ ٍَم؟((‪ ،‬فَقَالُوا‪َ :‬ما نُ ِحبﱡ أَنﱠهُ لَنَا بِ َش ْي ٍء َو َما نَصْ نَ ُع بِ ِه؟! قَ َ‬ ‫))أَتُ ِحبﱡونَ أَنﱠهُ لَ ُك ْم؟((‪ ،‬قَالُوا‪َ :‬و ﱠ‬ ‫ﷲِ لَوْ َكانَ َحيًّا َكانَ َع ْيبًا فِي ِه ِألَنﱠهُ أَ َس ﱡك‪ ،‬فَ َك ْيفَ َوھُ َو‬ ‫‪1‬‬ ‫ﷲِ لَل ﱡد ْنيَا أَ ْھ َو ُن َعلَى ﱠ‬ ‫ال‪)) :‬فَ َو ﱠ‬ ‫َمي ٌ‬ ‫ﷲِ ِم ْن ھَ َذا َعلَ ْي ُك ْم((‬ ‫ﱢت؟ فَقَ َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم بِ َسب ٍْي‪ ،‬فَإ ِ َذا ا ْم َرأَةٌ ِمن‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫• قَ َ‬ ‫ال ُع َم َر ب ِْن ْالخَ طﱠا ِ‬ ‫ب‪ :‬قُ ِد َم َعلَى َرس ِ‬ ‫صقَ ْتهُ بِبَ ْ‬ ‫ال ﱠسب ِْي تَ ْبتَ ِغي إِ َذا َو َجد ْ‬ ‫ال لَنَا‬ ‫ض َع ْتهُ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫طنِھَا َوأَرْ َ‬ ‫صبِيًّا فِي ال ﱠسب ِْي أَخَ َذ ْتهُ فَأ َ ْل َ‬ ‫َت َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم‪)) :‬أَتَ َروْ نَ ھَ ِذ ِه ْال َمرْ أَةَ َ‬ ‫ار؟((‪ ،‬قُ ْلنَا‪:‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ار َحةً َولَ َدھَا فِي النﱠ ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫ﷲِ َو ِھ َي تَ ْق ِد ُر َعلَى أَ ْن ال ت ْ‬ ‫ال َو ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم‪ َ )) :‬ﱠ"ُ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫َط َر َحهُ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫أَرْ َح ُم بِ ِعبَا ِد ِه ِم ْن ھَ ِذ ِه بِ َولَ ِدھَا((‬

‫سنَةٌ‬ ‫أُ ْ‬ ‫س َوةٌ َح َ‬ ‫} أُولَئِكَ الﱠ ِذينَ ھَدَى ﱠ‬ ‫ﷲُ فَبِھُدَاھُ ُم ا ْقتَ ِد ِه { االنعام‬ ‫ﷲَ َو ْاليَوْ َم ْاآلَ ِخ َر َو َذ َك َر ﱠ‬ ‫ﷲِ أُس َْوةٌ َح َسنَةٌ لِ َم ْن َكانَ يَرْ جُو ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲَ َكثِيرًا‬ ‫} لَقَ ْد َكانَ لَ ُك ْم فِي َرس ِ‬ ‫)‪{(21‬االحزاب‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫قال ابن مسعود ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪َ » :-‬من كانَ ُم ْستَنّا ‪ ،‬فَليَ ْست ﱠَن بمن قد ماتَ ‪ ،‬ﱠ‬ ‫ي ال‬ ‫فإن الح ﱠ‬ ‫أفضل ھذه األمة ‪:‬‬ ‫تُؤ َم ُن عليه الفِ ْتنَةُ ‪ ،‬أولئك أصحابُ محمد ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ، -‬كانوا‬ ‫َ‬ ‫فاعرفوا‬ ‫أبرﱠھا قلوبًا ‪ ،‬وأعمقَھا عل ًما ‪ ،‬وأقلﱠھا تك ﱡلفًا ‪ ،‬اختارھم ﷲ لصحبة نبيﱢه ‪ ،‬وإلقامة ِدينه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لھم فضلَھم ‪ ،‬واتبعُوھم على أثرھم ‪ ،‬وتمسﱠكوا بما استَطَ ْعتُم من أخالقِھم وسيَ ِرھم ‪ ،‬فإنھم كانوا‬ ‫على الھُدَى المستقيم «‪3 .‬‬ ‫كان فت ًى يجالس سفيان الثور ّ‬ ‫ي وال يتكلم ‪ .‬وكان سفيان يحب أن يسمع منه ليرى أين ھو‬ ‫من رجاحة العقل ‪ .‬فم ّر به يوما ً فقال ‪ :‬يا فتى ؛ ّ‬ ‫إن َمن كان قبلنا مرّوا على خيل ‪ ،‬وبقينا على‬ ‫حمير َدبِرة ؛ فقال الفتى ‪ :‬يا أبا عبد ﷲ ؛ ْ‬ ‫إن كنا على الطريق فما أسرع لحوقَنا بالقوم ‪.‬‬ ‫كن كالصحابة في زھد وفي ورع القوم ھم ما لھم في الناس أشباه‬ ‫عباد ليل إذا جن الظالم بھم كم عابد دمعه في الخد أجراه‬ ‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬جامع االصول الى احاديث الرسول‬

‫‪158‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وأسد غاب إذا نادى الجھاد بھم ھبوا إلى الموت يبغون لقياه ‪.‬‬ ‫قال علي بن الحسن‪):‬كنا نعلم مغازي النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬كما نعلم السورة من‬ ‫القرآن( سمعت محمد بن عبدﷲ يقول‪ :‬سمعت عمي الزھري يقول‪ :‬في علم المغازي علم اآلخرة‬ ‫والدنيا‪.‬‬ ‫وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ‪):‬كان أبي يعلمنا مغازي رسول ﷲ ‪ -‬صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم ‪ -‬يعدھا علينا ويقول ھذه مآثر آبائكم فال تضيعوا ذكرھا(‬ ‫أن البالء الذي حل باالمه ان قدوتھا ما بين مغنى و ممثل و العب كره‬

‫س ٌر لِ َما ُخلِ َ‬ ‫ا ْع َملُوا فَ ُك ﱞل ُميَ ﱠ‬ ‫ق لَهُ‬ ‫ق لَهُ ‪ ،‬أَ ﱠما َم ْن َكانَ ِم ْن أَ ْھ ِل ال ﱠس َعا َد ِة فَيُيَ ﱠس ُر لِ َع َم ِل أَ ْھ ِل ال ﱠس َعا َد ِة ‪،‬‬ ‫ال » ا ْع َملُوا فَ ُكلﱞ ُميَ ﱠس ٌر لِ َما ُخلِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫او ِة « ‪ .‬ثُ ﱠم قَ َرأَ ) فَأ َ ﱠما َم ْن أَ ْعطَى َواتﱠقَى *‬ ‫َوأَ ﱠما َم ْن َكانَ ِم ْن أَ ْھ ِل ال ﱠشقَا ِء فَيُيَ ﱠس ُر لِ َع َم ِل أَ ْھ ِل ال ﱠشقَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ق بِ ْال ُح ْسنَى (‬ ‫ص ﱠد َ‬ ‫َو َ‬ ‫اجلَةَ َعج ْﱠلنَا لَهُ فِيھَا َما نَ َشا ُء لِ َم ْن نُ ِري ُد ثُ ﱠم َج َع ْلنَا لَهُ َجھَن ﱠ َم يَصْ َالھَا َم ْذ ُمو ًما‬ ‫} َم ْن َكانَ ي ُِري ُد ْال َع ِ‬ ‫َم ْدحُورًا )‪َ (18‬و َم ْن أَ َرا َد ْاآلَ ِخ َرةَ َو َس َعى لَھَا َس ْعيَھَا َوھُ َو ُم ْؤ ِم ٌن فَأُولَئِكَ َكانَ َس ْعيُھُ ْم َم ْش ُكورًا )‪(19‬‬ ‫طا ِء َربﱢكَ َو َما َكانَ َع َ‬ ‫ُك ًّال نُ ِم ﱡد ھَ ُؤ َال ِء َوھَ ُؤ َال ِء ِم ْن َع َ‬ ‫طا ُء َربﱢكَ َمحْ ظُورًا )‪{(20‬‬

‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪159‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الفراسة‬ ‫) إن في ذلك آليات للمتوسمين ( سورة الحجر اآلية ‪ 75‬قال بعض اھل العلم للمتفرسين‬ ‫) ولو نشاء ألريناكھم فلعرفتھم بسيماھم ولتعرفنھم في لحن القول(‬ ‫‪1‬‬ ‫" اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور ﷲ "‬ ‫ً‬ ‫قال أنس – رضي ﷲ عنه –‪ :‬قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ":‬إن " عبادا يعرفون الناس‬ ‫‪2‬‬ ‫بالتوسم " ‪،‬‬ ‫قال أبو شجاع الكرمانى‪:‬‬ ‫"من عمر ظاھره باتباع السنة‪ ،‬وباطنه بدوام المراقبة‪،‬‬ ‫وكف نفسه عن الشھوات‪ ،‬وغض بصره عن المحارم‪ ،‬واعتاد أكل الحالل لم تخطئ له‬ ‫فراسة"‬ ‫ُ‬ ‫وب‬ ‫والفِراسة من التفرس بالشيء‪ ،‬كالتوسم‪ ،‬وھي خاطر يھجم على القلب‪ ،‬ويَثِب عليه ُوث َ‬ ‫األسد على فريسته‪ .‬ھذا أصل اشتقاقھا‪ ،‬وھي أنواع متعددة‪ ،‬وتختلف باختالف األشخاص‪،‬‬ ‫واألحوال‪ ،‬وقوة القلب‪ ،‬وصفائه‪ ،‬وقوة اإليمان‪ ،‬وضعفه‪ ،‬ومنھا ما يتعلق بالمتفرس خاصة‪ ،‬ومنھا‬ ‫فراسة الحكام والوالة الستخراج الحقوق ألربابھا‪ ،‬وقمع الظلمة‪.‬‬ ‫وقد ذكر ابن القيم ‪ -‬رحمه اللﱠـه ‪ -‬في »الطرق الحكمية« من أنواع الفراسة وأفرادھا أشياء‬ ‫عجيبة‪ .‬وقال في »تاج العروس شرح القاموس« ‪ :3‬و الفراسة ‪ -‬بالكسر ‪ -‬اسم من التفرس‪ ،‬وھو‬ ‫التوسم‪ ،‬يقال‪ :‬تفرس فيه الشي َء إذا توسمه‪ .‬وقال ابن القَطﱠاع‪ :‬الفراسةُ‬ ‫بالعين إدرا ُ‬ ‫ك الباطن‪ ،‬وبه‬ ‫ِ‬ ‫فسر الحديث‪» :‬اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور اللﱠـه« ‪ .‬وقال الصاغاني‪ :‬لم يثبت‪ ،‬قال ابن‬ ‫األثير يقال بمعنيين‪ :‬أحدھما‪ :‬ما دل ظاھر الحديث عليه‪ ،‬وھو ما يوقعه اللﱠـه تعالى في قلوب‬ ‫أوليائه ؛ فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات‪ ،‬وإصابة الظن‪ ،‬والحدس‪ .‬والثاني‪ :‬نوع‬ ‫يعلم بالدالئل‪ ،‬والتجارب‪ ،‬والخَ ْلق‪ ،‬واألخالق‪ ،‬فتعرف به أحوال الناس‪ ،‬وللناس فيه تآليف قديمة‬ ‫وحديثة‪.‬‬ ‫وقال ابن القيم ‪ -‬رحمه اللﱠـه تعالى ‪ -‬في »مدارج السالكين« في الكالم عـلى الفراسة ‪ :‬قال تعالى‬ ‫ت لﱢ ْل ُمت َ​َو ﱢس ِمينَ {… فإن الناظر متى نظر في آثار ديار المكذبين‪ ،‬ومنازلھم‪ ،‬وما‬ ‫}إِ ﱠن فِي َذلِكَ َآليَا ٍ‬ ‫آل إليه أمرھم‪ ،‬أورثه ذلك فراسة‪ ،‬و ِعبرة‪ ،‬وفكرة‪ .‬وقال تعالى في حق المنافقين } َولَوْ نَ َشا ُء‬ ‫ْرفَنﱠھُ ْم فِي لَحْ ِن ْالقَوْ ِل{ ‪ ،‬فاألول‪ :‬فراسة النظر والعين‪ ،‬والثاني‪:‬‬ ‫ألَ َر ْينَا َكھُ ْم فَلَ َع َر ْفتَھُم بِ ِسي َمـاھُ ْم َولَتَع ِ‬ ‫ق معرفتَه إياھم‬ ‫فراسة األذن والسمع‪ .‬وسمعت شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه اللﱠـه ‪ -‬يقول‪َ :‬علﱠ َ‬ ‫شرط‪ ،‬بل أخبر به خبرا مؤ ﱠكدًا بالقسم‪،‬‬ ‫بالنظر على المشيئة‪ ،‬ولم يعلق تعريفھم بلحن خطابھم على‬ ‫ٍ‬ ‫ْرفَنﱠھُ ْم فِي لَحْ ِن ْالقَوْ ِل{‪ ،‬وھو تعريض الخطاب‪ ،‬وفحوى الكالم‪ ،‬ومغزاه‪ .‬واللحن‬ ‫فقال‪َ } :‬ولَتَع ِ‬ ‫بعضكم‬ ‫ضربان‪ :‬صواب‪ ،‬وخطأ‪ ،‬فلحن الصواب‪ :‬نوعان‪ ،‬أحدھما‪ :‬الفطنة‪ ،‬ومنه الحديث »ولعل‬ ‫َ‬ ‫أن يكون أَلْ ْ◌ َحنَ بحجته من بعض« ‪ ، 4‬والثاني‪ :‬التعريض واإلشارة‪ ،‬وھو قريب من الكناية‪،‬‬ ‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ــو ِم ﱠمــا يَشت ِھي السﱠا ِمعُونَ يُوزَن َوزنا‬ ‫َو َح ِدي ٍ‬ ‫ث أَلـ َ ّذهُ َوھُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َم ْن ِط ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ث َما َكان لحْ نا‬ ‫ق َ‬ ‫صائِبٌ َويَل َحن أحْ ◌يَا نا َوخيْـ ُر ال َح ِدي ِ‬

‫‪ 1‬رواه الترمذي و ھو ضعيف‬ ‫‪ 2‬رواه الطبراني في " األوسط " ) ‪ ، ( 207 / 3‬وابن جرير الطبري في " التفسير " ) ‪. ( 46 / 14‬‬ ‫‪ 3‬ماده ) ف ر س (‬ ‫‪ 4‬البخاري‬

‫‪160‬‬


‫حياة العظماء‬

‫والثالث ‪ :‬فساد المنطق في اإلعراب‪ .‬وحقيقته تغيير الكالم عن وجھه‪ ،‬إما إلى خطأ‪ ،‬وإما إلى‬ ‫معنى لم يوضع له اللفظ… فإن معرفة المتكلم‪ ،‬وما في ضميره من كالمه أقربُ من معرفته‬ ‫بسيماه‪ ،‬وما في وجھه‪ .‬فإن داللة الكالم على قصد قائله وضميره أظھ ُر من السﱢي َماء المرئية‪.‬‬ ‫والفراسة تتعلق بالنوعين‪ :‬بالنظر والسماع‪ .‬وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي‬ ‫ﷲ عنه‪ -‬عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال‪» :‬اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور اللﱠـه« ‪ ،‬ثم تال‬ ‫ت لﱢ ْل ُمت َ​َو ﱢس ِمينَ {‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪} :‬إِ ﱠن فِي َذلِكَ َآليَا ٍ‬

‫والفراسة ثالثة أنواع‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫إيمانية ‪ … :‬وسببھا نور يقذفه اللـه في قلب عبده‪ ،‬يفرق به بين الحق والباطل‪ …،‬والصادق‬ ‫وب األسد‬ ‫والكاذب‪ .‬وحقيقتھا أنھا خاطر يھجم على القلب‪ ،‬ينفي ما يضاده‪ ،‬يثب على القلب ُوثـ ُ َ‬ ‫على الفريسة‪ …،‬وھذه الفراسة على حسب قوة اإليمان‪ ،‬فمن كان أقوى إيمانا‪ ،‬فھو أَ َح ﱡد‬ ‫فراسة‪ …،‬وقال عمرو بن نجيد‪ :‬كان شاه الكرماني حا ﱠد الفراسة ال يخطئ‪ ،‬ويقول‪ :‬من غض‬ ‫بصره عن المحارم‪ ،‬وأمسك نفسه عن الشھوات‪ ،‬وع ّمر باطنه بالمراقبة‪ ،‬وظاھره باتباع السنة‪،‬‬ ‫وتع ّود أكل الحالل‪ ،‬لم تخطئ فراسته… وقال ابن مسعود ‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬أفرس الناس ثالثة‪:‬‬ ‫العزيز في يوسف‪ ،‬حيث قال المرأته‪} :‬أَ ْك ِر ِمي َم ْث َواهُ َع َسى أَن يَنفَ َعنَا أَوْ نَتﱠ ِخ َذهُ َولَدًا { ‪ ،‬وابنة‬ ‫ْـر َم ِن ا ْستَأْ َجرْ تَ ْالقَ ِويﱡ ْاألَ ِم ُ‬ ‫ين{ ‪ ،‬وأبو بكر‬ ‫شعيب حين قالت ألبيھا في موسى‪} :‬ا ْستَأْ ِجرْ هُ إِ ﱠن خَ ي َ‬ ‫في عمر ‪ -‬رضي اللﱠـه عنھما‪ -‬حيث استخلفه‪ ،‬وفي رواية أخرى‪ :‬وامرأة فرعون‪ ،‬حين قالت‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫}قُر ُ‬ ‫ْـن لﱢي َولَكَ الَ تَ ْقتُلُوهُ َع َسى أَن يَنفَ َعنَا أَوْ نَت ﱠ ِخ َذهُ َولَدًا{ ‪.‬‬ ‫ﱠت َعي ٍ‬ ‫وكان الصديق ‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬أعظم األمة فراسة‪ ،‬وبعده عمر بن الخطاب ‪-‬رضي ﷲ عنه‪-‬‬ ‫ووقائع فراسته مشھورة‪ ،‬فإنه ما قال لشيء‪) :‬أظنه كذا( ‪ ،‬إال كان كما قال‪ ،‬ويكفي في فراسته‬ ‫موافقتُه َربﱠه في المواضع المعروفة… ]و قوله البنه حين رشح له بنت بائعه اللبن"تزوجھا وﷲ‬ ‫ليوشكن أن تأتي بفارس يسود العرب" فانجبت عمر بن عبد العزيز[‬ ‫وأصل ھذا النوع من الفراسة من الحياة و النور‪ ،‬اللﱠ َذي ِْن يھبھما اللﱠـه لمن يشاء من عباده ؛ فيحيا‬ ‫القلب بذلك‪ ،‬ويستنير؛ فال تكاد فراسته تخطئ‪ .‬قال اللﱠـه تعالى‪} :‬أَ َو َمن َكانَ َم ْيتًا فَأَحْ يَ ْينَاهُ َو َج َع ْلنَا‬ ‫اس َك َمن ﱠمثَلُهُ فِي ﱡ‬ ‫ج ﱢم ْنھَا{‪..‬‬ ‫ت لَي َ‬ ‫الظـلُ َمـا ِ‬ ‫لَهُ نُورًا يَ ْم ِشي بِ ِه فِي النﱠ ِ‬ ‫ْس بِخَ ِ‬ ‫ار ٍ‬ ‫الفراسة الثانية‪ :‬فراسة الرياضة‪ ،‬والجوع‪ ،‬والسھر‪ ،‬والتخلي‪ .‬فإن النفس إذا تجردت عن العوائق‬ ‫ب تجردھا‪ ،‬وھذه فراسة مشتركة بين المؤمن والكافر‪ ،‬وال‬ ‫صار لھا من الفراسة والكشف بِ َح َس ِ‬ ‫تدل على إيمان وال على والية‪ ،‬وكثير من الجھال يغتر بھا‪ ،‬وللرھبان فيھا وقائع معلومة‪ ،‬وھي‬ ‫فراسة ال تكشف عن حق نافع‪ ،‬وال عن طريق مستقيم‪ ،‬بل كشفھا جزئي‪ ،‬من جنس فراسة الوالة‪،‬‬ ‫وأصحاب تعبير الرؤيا‪ ،‬واألطباء‪ ،‬ونحوھم‪ .‬ولألطباء فراسة معروفة‪ِ ،‬من ِح ْذقـھم في صناعتھم‪،‬‬ ‫و َمن أحب الوقوف عليھا‪ ،‬فليطالع تاريخھم‪ ،‬وأخبارھم‪ .‬وقريبٌ من نصف الطب فراسة صادقة‪،‬‬ ‫يقترن بھا تجربة…‬

‫‪ 1‬الطبري‬

‫‪161‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الفراسة الثالثة ‪ :‬الفراسة الـخ َْلقية‪ ،‬وھي التي صنف فيھا األطباء وغيرھم واستدلوا بالخَ ْلق على‬ ‫ال ُخلُق؛ لما بينھما من االرتباط الذي اقتضته حكمة اللﱠـه‪ ،‬كاالستدالل بصغر الرأس الخارج عن‬ ‫العادة على صغر العقل‪ ،‬وبكبره‪ ،‬وبسعة الصدر‪ ،‬وبُعْد ما بين جانبيه على سعة ُخلق صاحبه‪،‬‬ ‫واحتماله‪ ،‬وبسطته‪ ،‬وبضيقه على ضيقه‪ ،‬وبجمود العين وكالل نظرھا على بالدة صاحبھا‪،‬‬ ‫وضعف حرارة قلبه‪ ،‬وبشدة بياضھا مع إشرابه بحمرة ‪-‬وھو ال ﱠش َكل‪ -‬على شجاعته‪ ،‬وإقدامه‪،‬‬ ‫وفطنته‪ ،‬وبتدويرھا مع حمرتھا وكثرة تقلبھا على خيانته‪ ،‬ومكره‪ ،‬وخداعه‪ .‬ومعظم تعلق الفراسة‬ ‫بالعين ؛ فإنھا مرآة القلب‪ ،‬وعنوان ما فيه‪ ،‬ثم باللسان؛ فإنه رسوله وترجمانه‪ .‬وباالستدالل‬ ‫بزرقتھا مع شقرة صاحبھا على رداءته‪ ،‬وبالوحشة التي ترى عليھا على سوء داخله وفساد‬ ‫طويته‪ ،‬وكاالستدالل بإفراط الشعر في السبوطة على البالدة‪ ،‬وبإفراطه في الجعودة على الشر‪،‬‬ ‫وباعتداله على اعتدال صاحبه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫الخلقَ ِة والصورة ھو من اعتدال المزاج والروح‪ ،‬وعن اعتدالھا‬ ‫وأصل ھذه الفراسة أن اعتدال ِ‬ ‫يكون اعتدال األخالق واألفعال‪ ،‬وبحسب انحراف الخلقة والصورة عن االعتدال يقع االنحراف‬ ‫ت النفسُ وطبيعتھا…‬ ‫في األخالق واألعمال‪ ،‬ھذا إذا ُخلﱢيَ ِ‬ ‫وفراسة المتفرس تتعلق بثالثة أشياء ‪ :‬بعينه‪ ،‬وأذنه‪ ،‬وقلبه‪ .‬فعينُه للسيماء والعالمات‪ .‬وأ ُذنه‬ ‫للكالم‪ ،‬وتصريحه وتعريضه‪ ،‬ومنطوقه ومفھومه‪ ،‬وفحواه وإشارته‪ ،‬ولحنه وإيمائه‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫و قلبُه للعبور واالستدالل من المنظور والمسموع إلى باطنه وخفيه‪ ،‬فيَ ْعبُر إلى ما وراء ظاھره‪،‬‬ ‫كعبور النﱠقَا ِد من ظاھر النقش والسﱢكة إلى باطن النقد‪ ،‬و االطالع عليه‪ ،‬ھل ھو صحيح أو زغل‪،‬‬ ‫وكذلك عبور المتفرس من ظاھر الھيئة و ال ﱠدل إلى باطن الروح والقلب‪ ،‬فنسبة نقده لألرواح من‬ ‫ْـرفِي‪ ،‬ينظر للجوھر من ظاھر السكة والنقد…‬ ‫األشباح كنسبة نقد ال ﱠ‬ ‫صي َ‬ ‫وللفراسة سببان‪:‬‬ ‫وح ﱠدةُ قلبه‪ ،‬وحسن فطنته‪.‬‬ ‫أحدھــما‪ :‬جودة ذھن المتفرس‪ِ ،‬‬ ‫والثــــاني ‪ :‬ظھور العالمات واألدلة على المتفرﱠس فيه‪ .‬فإذا اجتمع السببان‪ ،‬لم تكد تخطئ للعبد‬ ‫فراسة‪ ،‬وإذا انتفيا لم تكد تصح له فراسة‪ ،‬وإذا قوي أحدھما وضعف اآلخر كانت فراسته بَ ْينَ بَ ْينَ ‪.‬‬ ‫وكان إياس بن معاوية من أعظم الناس فراسة‪ ،‬وله الوقائع المشھورة‪ ،‬وكذلك الشافعي ‪ -‬رحمه‬ ‫اللﱠـه‪ -‬وقيل‪ :‬إن له فيھا تآليف‪ .‬ولقد شاھدت من فراسة شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه اللﱠـه ‪-‬‬ ‫أمورا عجيبة‪ ،‬وما لم أشاھده منھا أعظم وأعظم‪ .‬ووقائع فراسته تستدعي ِسفرا ضخـما… إلى‬ ‫آخر كالم ابن القيم في »مدارج السالكين« ‪.‬‬ ‫و العرب تعرف الفراسة و تعرف القيافة و الريافة و العيافة‬ ‫و ھناك االف القصص في الفراسه ‪ ،‬اورد منھا قصة واحدة لداللتھا على ان ھناك فراسة‬ ‫تكتسب‬ ‫قال أبو نعيم في الحلية ‪:143/9‬‬

‫‪162‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال محمد بن إدريس الشافعي خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة ‪ ،‬حتى كتبتھا ‪،‬‬ ‫وجمعتھا ‪ ،‬ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في الطريق ‪ ،‬وھو محتب بفناء داره أزرق‬ ‫العين ناتىء الجبھة سناط ‪ ،‬فقلت له‪ :‬ھل من منزل ؟‬ ‫فقال‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫قال الشافعي‪ :‬وھذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة ‪ ،‬فأنزلني ‪ ،‬فرأيته أكرم ما يكون من‬ ‫رجل ‪ ،‬بعث إلي بعشاء ‪ ،‬وطيب ‪ ،‬وعلف لدابتي ‪ ،‬وفراش ‪ ،‬ولحاف ‪ ،‬فجعلت أتقلب الليل أجمع‬ ‫ما أصنع بھذه الكتب إذا رأيت النعت في ھذا الرجل ‪ ،‬فرأيت أكرم رجل ‪ ،‬فقلت‪ :‬أرمي بھذه‬ ‫الكتب ‪ ،‬فلما أصبحت ‪ ،‬قلت للغالم‪ :‬أسرج ‪ ،‬فأسرج ‪ ،‬فركبت ‪ ،‬ومررت عليه ‪ ،‬وقلت له‪ :‬إذا‬ ‫قدمت مكة ‪ ،‬ومررت بذي طوى ‪ ،‬فاسأل عن محمد بن إدريس الشافعي ‪ ،‬فقال لي الرجل‪ :‬أمولى‬ ‫ألبيك أنا ؟‬ ‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ال ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فھل كانت لك عندي نعمة؟‬ ‫فقلت‪ :‬ال ‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬أين ما تكلفته لك البارحة ؟‬ ‫قلت‪ :‬وما ھو ؟‬ ‫قال‪ :‬اشتريت لك طعاما بدرھمين ‪ ،‬وإداما بكذا ‪ ،‬وكذا ‪ ،‬وعطرا بثالثة دراھم ‪ ،‬وعلفا لدابتك‬ ‫بدرھمين ‪ ،‬وكراء الفرش ‪ ،‬واللحاف درھمان !‬ ‫قال‪ :‬قلت يا غالم اعطه ‪ ،‬فھل بقي من شيء ؟‬ ‫قال‪ :‬كراء البيت فإني قد وسعت عليك ‪ ،‬وضيقت على نفسي ‪.‬‬ ‫قال الشافعي‪ :‬فغبطت بتلك الكتب ‪ ،‬فقلت له بعد ذلك‪ :‬ھل بقي لك من شيء ؟‬ ‫قال‪ :‬امض أخزاك ﷲ ‪ ،‬فما رأيت قط شرا منك !‬ ‫كان شريف مكة يلھج بتذكاره ] أي ‪ :‬الحكيم الطبيب داود األنطاكي رأس األطباء في زمانه‬ ‫[ ويستھدي من الحجاج تفاريق أخباره ‪.‬‬ ‫وھزه الشوق على أن استقدمه عليه واستحضره إليه ؛ ليجعل السماع عيانا ً والخبر برھانا ً ‪،‬‬ ‫فلما مثل بساحته طامعا ً في تقبيل راحته أمر أن يعرض عليه أحد حاضري مجلس أنسه ليختبر‬ ‫ذلك قوة حدسه ‪ ،‬فمذ صافحت يده ذلك الجليس قال ‪ :‬ھذه يد دعي خسيس ال يضوع منھا أرج‬ ‫النبوة وال يستنشق عرف الفتوة ‪ ،‬ثم أمر بعرضه على القوم واحداً بعد واحد حتى وصل إلى‬ ‫الشريف ‪ ،‬فقبل يده تقبيل المحب الواجد‪.‬‬ ‫المختار المصون من أعالم القرون ‪ ،‬للدكتور محمد موسى الشريف )‪.(1018/2‬‬ ‫و فيما يلي بعض الحركات التى يمكن استنتاج الحالة النفسية لصاحبھا‬

‫‪1‬‬

‫‪-:2‬‬

‫تداخل اليدين = في وضع دفاعي ؛ في غاية التوتر ؛ يائس‬ ‫تجميع قبضة اليدين = عازم ؛ غاضب ‪ ،‬مستثار ) غالبا ً في الجيب أو خلف الظھر( ) وھو‬ ‫نادر لدى النساء (‬ ‫حك راحة اليدين = توقع شيء إيجابي ؛ رضا عن النفس ؛ اھتمام بالمشاركة‬ ‫تشبيك اليدين خلف الرأس ) مع االستناد إلى الخلف ( = ثقة بالنفس ) سيد الموقف ( ) غالبا ً‬ ‫يصاحبھا وضع الساقين أحدھما فوق اآلخر ( ؛ شديد التركيز‬ ‫راحتا اليدين مثبتتان على الظھر ) مترافقة مع انحناء الذقن ( = استالم السلطة )لدى النساء‬ ‫‪ :‬بضمھما إلى أعلى وانخفاض العينين = مترددة ‪،‬‬ ‫‪ 1‬تم االستعانة بكتاب "مملكة اللغة"‬ ‫‪ 2‬من المفيد ربط الحركة في ذھنك بشخص تتكرر لدية ھذه الحركة‬

‫‪163‬‬


‫حياة العظماء‬

‫خجولة ‪ ،‬مداعبة (‬ ‫اليد في الجيب = ثقة بالنفس‬ ‫اللعب بالعملة = منشغل بالمال ) أو نقص في المال (‬ ‫اللعب بالمفاتيح = شعور بالغلبة ) غرور (‬ ‫ً‬ ‫اليد أمام الفم = مندھش ؛ مفاجأ ؛ كاذب ؛ غير واثق ؛ محرج )غالبا تكون حركة اليد‬ ‫قصيرة وتنقطع قبل الوصول إلى الفم (‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مسك المرفق باليد = غاضب ؛ عدائي ؛ خائب الظن ) غالبا تمسك اليد أيضا بأسفل الذراع‬ ‫‪ ،‬ويتلو ھذه الحركة عادة تحسب لبداية ھجوم (‬ ‫وضع السبابة على الشفاه = عدم ثقة ؛ رغبة في التوقف ؛ إحراج‬ ‫رفع السبابة = تعليم ‪ ،‬لوم ‪ ،‬تحذير‬ ‫وضع اليدين إحداھما فوق األخرى مع استناد أسفل الذراعين على الرجلين المتباعدتين =‬ ‫مطمئن ) يمكن أن يعطي تصوراً بأنه متوھم ‪ ،‬مغرور ‪ ،‬فخور ‪ ،‬أناني ( ) إعطاء المظھر‬ ‫الخارجي صفة االطمئنان إلخفاء حقيقة عدم األمان ( ؛ في حالة دفاع ضد االعتراضات‬ ‫النقر باألصابع = االضطراب ؛ عدم الصبر ) ومثلھا النقر بكعب الحذاء أو مقدمته أو‬ ‫الضرب بالقدم على األرض أو بالقلم على المكتب أو فتح القلم وإقفاله باستمرار (‬ ‫تشبيك الذراعين لدى الرجال = دفاعي ) غير موافق ‪ ،‬حماية النفس ‪ ،‬التراجع ‪ ،‬عدم‬ ‫االرتياح(؛‬ ‫لدى النساء = الخوف‬ ‫‪ – 1‬مع تجميع قبضة اليدين = في حالة دفاع كاملة‬ ‫‪ - 2‬مع يدين مفتوحتين = مدافع منتظر‬ ‫تحريك الذراعين بقوة عند المشي = رضا عن النفس ؛ متغطرس ) غالبا ً يصاحبھا رفع‬ ‫الذقن وحركات متصلبة من الساقين (‬ ‫فتح الذراعين وتثبيتھما على حافة الطاولة = في لھفة مع الثقة بالنفس‬ ‫خفض الرأس = محرج ؛ مھزوم ؛ معتذر ؛ غير واثق‬ ‫تجنب التقاء النظرات = مذنب ؛ خجل ؛ رد فعل كذبة‬ ‫إطالة النظرات = عدوانية ؛ ريبة ) النظر إلى مسافة بعيدة دون أن ترف العين = ملل (‬ ‫وضع الساقين إحداھما على األخرى = الرغبة في الصراع ؛ استرخاء ‪ ،‬أمان‬ ‫‪ +‬استناد أعلى الجسم إلى الوراء = مستريب ؛ راغب في التصعيد‬ ‫‪ +‬تأرجح القدم بين حين وآخر = واثق‬ ‫‪ +‬تأرجح القدم باستمرار = غير مھتم ‪ ،‬مصاب بالملل‬ ‫وضع الرجل فوق مسند المقعد = ادعاء التملك بعدوانية‬ ‫وضع القدمين باتجاه الباب = الرغبة في االنتھاء ‪ ،‬الرغبة في االنقطاع‬ ‫وضع القدمين فوق الطاولة = حق التملك في المكان‬ ‫التفاف القدمين على قوائم الكرسي = عدم األمان‬ ‫إرجاع القدمين تحت الكرسي = الرفض‬ ‫فك أزرار السترة = توجيه العناية ؛ التعاطف ؛ االسترخاء ) وكذلك في نزع السترة (‬ ‫الجلوس على حافة الكرسي = قبول الحل الوسط ؛ مھيأ لالتفاق ؛ جاھز للعمل )إلى نھاية‬ ‫المحادثة (‬ ‫االقتراب ‪ +‬الكالم دون كلفة = استعداد للھجوم ؛ حركة ھيمنة‬ ‫االقتراب = الفھم ؛ توجيه العناية ) االبتعاد = نفور ‪ ،‬اضطراب (‬ ‫التنحنح = مقيد ؛ خائف ) خاصة عندما يتغير الصوت بعد النحنحة (‬ ‫التصفير = قلق خائف ؛ مضيق عليه ؛ حريص على التركيز‬

‫‪164‬‬


‫حياة العظماء‬

‫بعض األوضاع العامة والحركات المصاحبة لھا ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫النزاع ‪ :‬إنزال أجزاء الحاجبين الداخلية إلى األسفل ‪ ،‬ضغط الشفتين والتقدم قليال إلى األمام ‪،‬‬ ‫توجيه نظرات محدقة‬ ‫الفزع ‪ :‬فتح الفم ‪ ،‬واتساع العينين‬ ‫التشنج ‪ :‬الدخول السريع ‪ ،‬عدم الجلوس إال بعد الطلب وفي مكان بعيد ‪ ،‬تشبيك الذراعين ‪،‬‬ ‫النظر من الشباك أو بشكل غير ثابت‬ ‫االستعداد للغزل ‪ :‬عضالت الجسم مشدودة ) يرتفع المنكبان ‪ ،‬وتشد منطقة العينين‪ ،‬وينتصب‬ ‫الجسم (‬ ‫‪ – 1‬لدى النساء ‪ :‬إصالح الشعر ‪ ،‬شد المالبس ‪ ،‬التمنظر في الشباك ‪ ،‬تدوير خفيف لمنطقة‬ ‫الحوض ‪ ،‬وضع الرجلين إحداھما فوق األخرى ببطء ‪ ،‬تدليك الركبة أو بطن الساق أو الفخذ ‪،‬‬ ‫إرخاء الحذاء وضبطھا على القدم ‪ ،‬إلقاء نظرة قصيرة ثم قطعھا وإلقاء نظرة أخرى‬ ‫‪ – 2‬لدى الرجال ‪ :‬ضبط المالبس العليا ‪ ،‬إقفال السترة وتھذيبھا‪ ،‬رفع الحواجب عند الجلوس‬ ‫‪ ،‬إلقاء نظرة فاحصة على األظافر ‪ ،‬جذب البطن إلى الداخل ‪.‬‬ ‫التقطيب = االعتراض ]أن عمر أتي بشراب من زبيب الطائف فقطب وقال ‪ :‬إن نبيذ‬ ‫الطائف له عرام ثم ذكر شدة ال أحفظھا ثم دعا بماء فصبه فيه ثم شرب‪[1‬‬ ‫تقطيب الجبين و اتساع حدقة العين = الغضب‬ ‫تحريك عضالت الوجة =العصبية‬ ‫الضغط على االسنان = التوتر‬ ‫مط الشفاه الى االمام = عدم الرضا‬ ‫فتح الفم بدرجة كبيرة = عدم التصديق‬ ‫فتح الفم نصف فتحة = الخوف‬ ‫‪2‬‬ ‫حك االنف مع تحاشي النظر في العين= الكذب‬ ‫اتكاء الرأس على راحه اليد = الملل و التعب‬ ‫حك الذقن اثناء الحديث = الشك في الكالم‬ ‫اليد على الرقبة من الخلف مع رفع الرأس قليال = ضبط النفس‬ ‫حك الرأس مع نزول الرأس قليال = ارتباك و عدم التركيز‬ ‫اخفاء اصبع االبھام داخل قبضة اليد = صعوبة حل المشكلة‬ ‫اصبع السبابة لالشارة – العدوانية و التحكم‬ ‫مسك الذقن = عدم الراحة‬ ‫باطن اليدين متطابقين = رغبه الشخص ف االقتناع‬ ‫ابعاد االصبع الصغير عن باقي االصابع= دليل على رغبه الشخص ان يكون مختلف‬ ‫َاب فِي ِه إِ ْل َحا ٌ‬ ‫ق َوإِصْ ال ٌح ‪ ،‬فَا ْشھَ ُدوا‬ ‫و للشافعي في الفراسة كالم جميل ﱠ يَقُو ُل ‪ " :‬إِ َذا َرأَ ْيتُ ُم ْال ِكت َ‬ ‫لَهُ بِالصﱢ ﱠح ِة " ‪.‬‬ ‫ال َحرْ َملَةُ ب ُْن يَحْ يَى ‪َ :،‬س ِمع ُ‬ ‫ْرفَ ال ﱠرج َُل أَ َكاتِبٌ ھُ َو ؟‬ ‫قَ َ‬ ‫ْت ال ﱠشافِ ِع ﱠ‬ ‫ي يَقُو ُل ‪ " :‬إِ َذا أَ َردْتَ أَ ْن تَع ِ‬ ‫ب"‪.‬‬ ‫ْس بِ َكاتِ ٍ‬ ‫ض َعھَا ع َْن ِش َمالِ ِه ‪ ،‬أَوْ بَ ْينَ يَ َد ْي ِه ‪ ،‬فَا ْعلَ ْم أَنﱠهُ لَي َ‬ ‫ض ُع د َ​َواتَهُ ؟ فَإ ِ ْن َو َ‬ ‫فَا ْنظُرْ أَ ْينَ يَ َ‬ ‫للمزيد من علم الفراسة‬ ‫• السياسة في علم الفراسة‬ ‫‪ 1‬صحيح‬ ‫‪ 2‬و السبب العلمي ان االدرينالين يكثر في الدم فتنقبض االوعية الدموية فيشعر بحاجة الى حك انفه‬

‫‪165‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• في الفراسة و الرمل‬ ‫• النفحة االنسية في الفراسة االنسيابية‬ ‫• مختصر في علم الفراسة‬

‫‪166‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وداعا للملل‬ ‫تنوعت أجناس األعمال لتنوع واردات األحوال‬ ‫‪2‬‬ ‫لما علم الحق منك وجود الملل ‪ ،‬لون لك الطاعات‬ ‫َكانَ َع ْب ُد ﱠ‬ ‫س ‪ ،‬فَقَا َل لَهُ َر ُج ٌل يَا أَبَا َع ْب ِد الرﱠحْ َم ِن لَ َو ِد ْدتُ‬ ‫ﷲِ بن مسعود يُ َذ ﱢك ُر النﱠ َ‬ ‫اس فِى ُكلﱢ خَ ِمي ٍ‬ ‫ال أَ َما إِنﱠهُ يَ ْمنَ ُعنِى ِم ْن َذلِكَ أَنﱢى أَ ْك َرهُ أَ ْن أُ ِملﱠ ُك ْم ‪َ ،‬وإِنﱢى أَتَخَ ﱠولُ ُك ْم بِ ْال َموْ ِعظَ ِة َك َما‬ ‫أَنﱠكَ َذ ﱠكرْ تَنَا ُك ﱠل يَوْ ٍم ‪ .‬قَ َ‬ ‫‪3‬‬ ‫َكانَ النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬يَتَخَ ﱠولُنَا بِھَا ‪َ ،‬مخَ افَةَ السﱠآ َم ِة َعلَ ْينَا‬ ‫‪1‬‬

‫صبْ )‪َ (7‬وإِلَى َربﱢكَ فَارْ غَبْ )‪(8‬‬ ‫]فَإ ِ َذا فَ َر ْغتَ فَا ْن َ‬ ‫فإن قلت ‪ :‬فكيف تعلق قوله ‪ } :‬فَإ ِ َذا فَ َر ْغتَ فانصب ) ‪ { ( 7‬بما قبله؟ قلت ‪ :‬لما عدد عليه‬ ‫نعمه السالفة ووعده اآلنفة ‪ ،‬بعثه على الشكر واالجتھاد في العبادة والنصب فيھا ‪ ،‬وأن يواصل‬ ‫بين بعضھا وبعض ‪ ،‬ويتابع ويحرص على أن ال يخلي وقتا ً من أوقاته منھا ‪ ،‬فإذا فرغ من عبادة‬ ‫ذنبھا بأخرى ‪ .‬وعن ابن عباس ‪ :‬فإذا فرغت من صالتك فاجتھد في الدعاء ‪ .‬وعن الحسن ‪ :‬فإذا‬ ‫فرغت من الغزو فاجتھد في العبادة ‪ .‬وعن مجاھد ‪ :‬فإذا فرغت من دنياك فانصب في صالتك ‪.‬‬ ‫وعن الشعبي ‪ :‬أنه رأى رجالً يشيل حجراً فقال ‪ :‬ليس بھذا أمر الفارغ ‪ ،‬وقعود الرجل فارغا ً من‬ ‫غير شغل أو اشتغاله بما ال يعينه في دينه أو دنياه ‪ :‬من سفه الرأي وسخافة العقل واستيالء الغفلة‬ ‫‪ ،‬ولقد قال عمر رضي ﷲ عنه ‪ :‬إني ألكره أن أرى أحدكم فارغا ً سھلالً ال في عمل دنيا وال في‬ ‫عمل آخرة ‪ .‬وقرأ أبو ال ّس ّمال ‪ :‬فرغت ‪ -‬بكسر الراء ‪ -‬وليست بفصيحة ‪ .‬ومن البدع ‪ :‬ما روى‬ ‫عن بعض الرافضة أنه قرأ ‪» :‬فانصب« بكسر الصاد ‪ ،‬أي ‪ :‬فانصب عليا ً لإلمامة؛ ولو ص ّح ھذا‬ ‫للرافضي لص ّح للناصبي أن يقرأ ھكذا ‪ ،‬ويجعله أمراً بالنصب الذي ھو بغض عل ّي وعداوته }‬ ‫وإلى َربﱢكَ فارغب ) ‪ { ( 8‬واجعل رغبتك إليه خصوصا ً ‪ ،‬وال تسأل إال فضله متوكالً عليه ‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫وقرىء ‪» :‬فرغب« أي ‪ :‬رغب الناس إلى طلب ما عنده ‪[.‬‬ ‫النح ُل لما َرع ْ‬ ‫َت من كلﱢ فاكھ ٍة‬ ‫علم تبلغ األمال‬ ‫احرص على كلﱢ ٍ‬ ‫لعلم واح ٍد كسال‬ ‫الشمع بالليل نو ٌر يُسْتضا ُء به‬ ‫وال تواصل ٍ‬ ‫أبدت لنا الجوھرين‪ :‬الشم َع وال َع َسالَ والشھ ُد يُبري بإذن البارى ِء ال ِعلَالَ‬

‫الثبات‬ ‫انظر الى ثبات رسول ﷲ في أحد و حنين حين فر الجيش المسلم و ثبت ھو في نفر قليل من‬ ‫أصحابه‬ ‫أبت لي عفتي وأبى بالئي * * * * * وأخذي الحمد بالثمن الربيح‬ ‫‪ 1‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 2‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 3‬صحيح البخاري‬ ‫‪ 4‬الزمخشري‬

‫‪167‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وإكراھي على المكروه نفسي * * * * * وضربي ھامة البطل المشيح‬ ‫وقولي كلما جشأت وجاشت * * * * * مكانك تحمدي أو تستريحي " ‪.‬‬ ‫قال رسول " للكفار حين ذھبوا لعمه ليساوموه ‪ ":‬ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على‬ ‫أن تشعلوا لي منھا شعلة "‪ 1.‬يعني الشمس‬ ‫و تأمل في ثبات السحرة لما لمس االيمان قلوبھم } فَأ ُ ْلقِ َي الس َﱠح َرةُ ُس ﱠجدًا قَالُوا آَ َمنﱠا بِ َربﱢ‬ ‫ال آَ َم ْنتُ ْم لَهُ قَب َْل أَ ْن آَ َذنَ لَ ُك ْم إِنﱠهُ لَ َكبِي ُر ُك ُم الﱠ ِذي َعلﱠ َم ُك ُم السﱢحْ َر فَ َألُقَ ﱢ‬ ‫ط َع ﱠن‬ ‫ھَارُونَ َو ُمو َسى )‪ (70‬قَ َ‬ ‫ُ‬ ‫وع النﱠ ْخ ِل َولَتَ ْعلَ ُم ﱠن أَيﱡنَا أَ َش ﱡد َع َذابًا َوأَ ْبقَى )‪(71‬‬ ‫أَ ْي ِديَ ُك ْم َوأَرْ ُجلَ ُك ْم ِم ْن ِخ َال ٍ‬ ‫ف َو َأل َ‬ ‫صلﱢبَنﱠ ُك ْم فِي ُج ُذ ِ‬ ‫ت َوالﱠ ِذي فَ َ‬ ‫ضي ھَ ِذ ِه‬ ‫اض إِنﱠ َما تَ ْق ِ‬ ‫قَالُوا لَ ْن نُ ْؤثِ َركَ َعلَى َما َجا َءنَا ِمنَ ْالبَيﱢنَا ِ‬ ‫ض َما أَ ْنتَ قَ ٍ‬ ‫ط َرنَا فَا ْق ِ‬ ‫ْال َحيَاةَ ال ﱡد ْنيَا )‪ (72‬إِنﱠا آَ َمنﱠا بِ َربﱢنَا لِيَ ْغفِ َر لَنَا خَ طَايَانَا َو َما أَ ْك َر ْھتَنَا َعلَ ْي ِه ِمنَ السﱢحْ ِر َو ﱠ‬ ‫ﷲُ خَ ْي ٌر َوأَ ْبقَى‬ ‫ت َربﱠهُ ُمجْ ِر ًما فَإ ِ ﱠن لَهُ َجھَن ﱠ َم َال يَ ُم ُ‬ ‫وت فِيھَا َو َال يَحْ يَى )‪َ (74‬و َم ْن يَأْتِ ِه ُم ْؤ ِمنًا قَ ْد‬ ‫)‪ (73‬إِنﱠهُ َم ْن يَأْ ِ‬ ‫ات ْالع َُال )‪َ (75‬جنﱠ ُ‬ ‫ت فَأُولَئِكَ لَھُ ُم ال ﱠد َر َج ُ‬ ‫ات َع ْد ٍن تَجْ ِري ِم ْن تَحْ تِھَا ْاألَ ْنھَا ُر خَ الِ ِدينَ‬ ‫َع ِم َل الصﱠالِ َحا ِ‬ ‫فِيھَا َو َذلِكَ َجزَ ا ُء َم ْن تَزَ ﱠكى )‪{ (76‬طه‬ ‫تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما‬ ‫فلسنا على األعقاب تدمي كلومنا ولكن على أسيافنا تقطر الدما‪.‬‬ ‫قال قطري بن الفجاءة ‪:‬‬ ‫أقول لھا وقد طارت شعاعا ××× من األبطال ويحك ال تراعي‬ ‫فانك لو سألت بقاء يوم ×××× على االجل الذي لك لم تطاعي‬ ‫فصبرا في مجال الموت صبرا ××× فما نيل الخلود بمستطاع‬ ‫وال ثوب الحياة بثوب عز ××××× فيطوى عن أخي الخنع اليراع‬ ‫سبيل الموت غاية كل حي ××× وداعيه ألھل االرض داعي‬ ‫وما للمرء خير في حياة ×××× اذا ما عد من سقط المتاع‬

‫الرفق‬ ‫ما كان الرفق في شئ اال زانه وال نزع من شئ اال شأنه‬ ‫أجن العسل و ال تكسر الخلية‬ ‫نعم أجن العسل و ال تكسر الخلية ‪ ،‬كثير منا معشر الشباب من يتعجل الثمرة فيقطع‬ ‫الشجرة ‪ ،‬يريد أن يغير طباع قوم فطم عليھا الصغير و شب عليھا الكبير في ايام معدودات‬ ‫فيتصادم مع السنن الكونية‬ ‫الشوك العنب‪ ،‬فكذا ال ينزل ﷲ األبرار منازل‬ ‫قال الحبيب محمد "كما ال يجتنى من‬ ‫ِ‬ ‫الفجار‪ .‬أيما طريق سلكتم وردتم على أھله"‬ ‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ 1‬قال الشيخ االلباني ‪ :‬و ھذا إسناد حسن رجاله كلھم رجال مسلم و في يونس به بكير و طلحة ابن يحيى كالم ال يضر ‪.‬و أما حديث ‪" :‬‬ ‫يا عم و ﷲ لو وضعوا الشمس في يميني ‪ ،‬و القمر في يساري على أن أترك ھذا األمر حتى يظھره أو أھلك فيه ما تركته " ‪ .‬فليس له‬ ‫إسناد ثابت و لذلك أوردته في " األحاديث الضعيفة "‬ ‫‪ 2‬حديث صحيح‬

‫‪168‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و اعلم ان كمية صغيره من العسل تصيد من الذباب اكثر من برميل من العلقم‬ ‫قصة معاوية بن الحكم حيث قال‪ :‬بينما أنا أصلي مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم إذ‬ ‫عطس رجل من القوم فقلت‪" :‬يرحمك ﷲ"‪ ،‬فرماني القوم بأبصارھم فقلت‪" :‬ما شأنكم‬ ‫تنظرون إلي" فجعلوا يضربون بأيديھم على أفخاذھم‪ ،‬فلما رأيتھم يصمتونني سكت‪ ،‬فلما‬ ‫صلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فبأبي ھو وأمي ـ ما رأيت معلما ً قبله وال بعده أحسن‬ ‫تعليما ً منه ـ فوﷲ ما نھرني وال ضربني وال شتمني قال‪" :‬إن ھذه الصالة ال يصلح فيھا شيء‬ ‫من كالم الناس‪ ،‬إنما ھي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"‪.‬‬

‫بل الرفق مع نفسك‬ ‫من لي بمثل سيرك المدلل تمشي الھوينا و تجئ في االولى‬ ‫كان للنبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬حصي ٌر ‪ ،‬وكان ي َُحجﱢ ُرهُ باللﱠيل فيُصلي فيه ‪ ،‬ويَ ْب ُسطهُ​ُ‬ ‫ُص ﱡلونَ بصالته‬ ‫بِالنﱠھار ‪ ،‬فَيَجْ لِس عليه ‪ ،‬فجعل النﱠاسُ يَثُوبُونَ إلى النﱠبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ، -‬ي َ‬ ‫‪ ،‬حتﱠى َكثُرُوا ‪ ،‬فأقبَ َل ‪ ،‬فقال ‪ » :‬يا أيﱡھا النﱠاسُ ‪ُ ،‬خ ُذوا من األعمال ما تطيقون ‪ ،‬ﱠ‬ ‫فإن ﷲ ال يَ َملﱡ‬ ‫‪3‬‬ ‫حتﱠي تَملﱡوا ‪ ،‬ﱠ‬ ‫أحبﱠ األعمال إلى ﷲ ما دَا َم وإن ق ﱠل «‪.‬‬ ‫وإن َ‬ ‫‪2‬‬

‫ي رسو ُل ﷲ ‪-‬‬ ‫عائشة ‪ -‬رضي ﷲ عنھا ‪ -‬قالت ‪ :‬كانت ِعندي امرأةٌ من بَني أ َس ٍد ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فدخل عل ﱠ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فقال ‪َ » :‬م ْن ھَ ِذ ِه ؟ « قُ ْل ُ‬ ‫صالَتِھا ‪،‬‬ ‫ت ‪ :‬فُالنة ‪ ،‬ال تنا ُم من الليل ‪ ،‬تذ ُك ُر من َ‬ ‫قال ‪َ » :‬مهُ ‪ ،‬عليكم من األعمال ما تُطيقون ‪ ،‬ﱠ‬ ‫فإن ﷲ ال يَ َملﱡ حتى تملﱡوا ‪ ،‬وكان أحبﱡ الدﱢين ما‬ ‫‪4‬‬ ‫داوم عليه صاحبُهُ «‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يصوم شھرا أكثر من شعبان‪ ،‬فإنه كان يصوم شعبان‬ ‫» لم يكن‬ ‫ﱡ‬ ‫كلﱠه ‪ ،‬وكان يقول ‪ُ :‬خ ُذوا من العمل ما تطيقون ‪ ،‬فإن ﷲ ال يَ َملﱡ حتى تَملﱡوا ‪ ،‬وأحبﱡ الصالة إِلى‬ ‫‪5‬‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬ما ُد ِو َم عليه ‪ ،‬وإِن قَلﱠت ‪ ،‬وكان إِذا صلﱠى صالة داوم عليھا «‪.‬‬

‫الطمع‬ ‫ما بسقت أغصان ذل اال على بذر طمع‬ ‫‪7‬‬ ‫انت حر بما أنت عنه ايس ‪ ،‬و عبد لما أنت له طامع‬ ‫سمعت رسو َل ﱠ‬ ‫قال عبد ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول ‪:‬‬ ‫ﷲ بن عباس ‪ -‬رضي ﷲ عنھما‪:-‬‬ ‫» لَوْ ﱠ‬ ‫ألحبﱠ أَ ْن يَ ُكونَ إليه ِم ْثلهُ ‪َ ،‬وال يَ ْمألُ َع ْينَ ابن آ َد َم إال‬ ‫البن آ ْد َم ِم ْث َل وا ٍد ِم ْن َذھَ ٍ‬ ‫ب َماال َ‬ ‫أن ِ‬ ‫‪8‬‬ ‫ال ﱡت َرابُ ‪ ،‬ويتوبُ ﱠ‬ ‫تاب «‪.‬‬ ‫ﷲ على من َ‬ ‫‪6‬‬

‫‪ 1‬صححة االلباني‬ ‫‪ 2‬و ليس ھذا الكالم لنا بل ھو لمن علت ھمته فوق مقدره البشر ‪ ،‬فال يقال ھذا الكالم للجالسين على المقاھي و امام التلفاز‬ ‫‪ 3‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 4‬أخرجه البخاري ومسلم والنسائي‪.‬‬ ‫‪ 5‬البخاري‬ ‫‪ 6‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 7‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 8‬البخاري و مسلم‬

‫‪169‬‬


‫حياة العظماء‬

‫سول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » :-‬م ْن أصبَ َح منكم آ ِمنا في ِسرْ به ‪ُ ،‬معافى في َج َس ِد ِه ‪،‬‬ ‫قال َر َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫قوت يو ِمه ‪ ،‬فكأنما ِحيزَت له الدنيا بحذافيرھا «‪.‬‬ ‫عندهُ‬ ‫عمر في خالفته ‪ ،‬فقال له عمر ‪:‬‬ ‫عن عبد ﷲ بن السعدي ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » : -‬أنه قَ ِد َم على‬ ‫َ‬ ‫ألم أُحدث أنك تلي من أعمال الناس أعماال ‪ ،‬فإذا أُعطيتَ العُمالة كرھتھا ؟ فقلت ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال عمر‬ ‫‪ :‬ما تريد إلى ذلك ؟ فقلت ‪ :‬إن لي أفراسا وأعبُدا ‪ ،‬وأنا بخير ‪ ،‬وأريد أن تكون عمالتي صدقة‬ ‫ُ‬ ‫على المسلمين ‪ ،‬قال عمر ‪ :‬ال تفعل ‪ ،‬فإني ُ‬ ‫أردت الذي أردتَ ‪ ،‬وكان رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬ ‫كنت‬ ‫أعط ِه أفقر إليه مني ‪ ،‬حتى أعطاني مرﱠة ماال ‪ ،‬فقلت ‪ :‬أ ْع ِط ِه‬ ‫عليه وسلم‪ -‬يعطيني العطا َء‪ ،‬فأقول ‪ِ :‬‬ ‫أفقر إليه مني ‪ ،‬فقال لي رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬خذه فت َم ﱠولهُ وتَص ﱠدق به ‪ ،‬فما جاءك‬ ‫‪2‬‬ ‫من ھذا المال من غير مسألة وال إشراف فخذه ‪ ،‬وما ال فال تُ ْتبِ ْعهُ نَ ْفسكَ «‪.‬‬ ‫ورحم ﷲ الشافعي القائل‪:‬‬ ‫أنا إن عشت لست أعدم قوتا ً === وإذا مت لست أعدم قبراً‬ ‫ھمتي ھمة الملوك ونفسي === نفس حر ترى المذلة كفراً‬ ‫وإذا ما قنعت بالقوت عمري === فلما ذا أخاف زيداً وعمراً ‪.‬‬ ‫فاقنع بما قسم ﷲ لك يقول االستاذ على الطنطاوي ]ومالك األمر كله ورأسه اإليمان‪ ،‬اإليمان‬ ‫ويقوي الضعيف‪ ،‬ويُ َس ﱢخي‬ ‫يشبع الجائع‪ ،‬ويدفئ المقرور‪ ،‬ويغني الفقير‪ ،‬ويُ َسلﱢي المحزون‪،‬‬ ‫ﱢ‬ ‫الشحيح‪ ،‬ويجعل لإلنسان من وحشته أنساً‪ ،‬ومن خيبته نُجحا ً‪.‬‬ ‫وأن تنظر إلى من ھو دونك‪ ،‬فإنك مھما قَ ﱠل ُم َر ﱠ‬ ‫ت◌َ بك‪ ،‬وساءت حالك أحسن من آالف البشر‬ ‫ممن ال يقل عنك فھما ً وعلماً‪ ،‬وحسبا ً ونسبا ً‪.‬‬ ‫وأنت أحسن عيشة من عبدالملك بن مروان‪ ،‬وھارون الرشيد‪ ،‬وقد كانا َملِ َكي األرض‪.‬‬ ‫فقد كانت لعبد الملك ضرس منخورة تؤلمه حتى ما ينام منھا الليل‪ ،‬فلم يكن يجد طبيبا ً‬ ‫يحشوھا‪ ،‬ويلبسھا الذھب‪ ،‬وأنت تؤلمك ضرسك حتى يقوم في خدمتك الطبيب‪.‬‬ ‫وكان الرشيد يسھر على الشموع‪ ،‬ويركب الدواب والمحامل وأنت تسھر على الكھرباء‪،‬‬ ‫وتركب السيارة‪ ،‬وكانا يرحالن من دمشق إلى مكة في شھر و أنت ترحل في أيام أو ساعات‪[.‬‬ ‫أقسم با" لمص النوى ××××××××× وشرب ماء القلب المالحه‬ ‫أعز لالنسان من حرصه ×××××××× ومن سؤال األوجه الكالحه‬ ‫فاستغن با" تكن ذا غنى ××××××× مغتبطا بالصفقة الرابحه‬ ‫اليأس عز والتقى سؤدد ×××××××× ورغبة النفس لھا فاضحة‬ ‫من كانت الدنيا به برة ××××××× ×× فإنھا يوما له ذابحه‬

‫التفاؤل‬ ‫كل عظيم متفائل‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫} ال ﱠش ْي َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ط ُ‬ ‫ضْ‬ ‫حْ‬ ‫اس ٌع َعلِي ٌم‬ ‫ان يَ ِع ُد ُك ُم الفق َر َويَأ ُم ُرك ْم بِالف شا ِء َوﷲُ يَ ِعدك ْم َمغفِ َرة ِمنهُ َوف ال َوﷲُ َو ِ‬ ‫)‪{(268‬‬ ‫‪3‬‬ ‫قال رسول ﷲ"يقول ﷲ أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه إذا دعانى"‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪~ :‬ال طيرة وخيرھا الفأل‪ ،‬قال‪ :‬وما الفأل؟ قال‪ :‬الكلمة‬ ‫الصالحة يسمعھا أحدكم‪ ~~.‬وفي رواية‪~ :‬ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة‪~~.‬‬ ‫‪ 1‬الترمذي‬ ‫‪ 2‬البخاري و مسلم و النسائي‬ ‫‪ 3‬مسلم و الترمذي‬

‫‪170‬‬


‫حياة العظماء‬

‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » :-‬ع َجبا ألمر المؤمن ! ﱠ‬ ‫إن أ ْم َره ُكلﱠه له خير ‪ ،‬وليس‬ ‫قال‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫صبَر ‪ ،‬فكان‬ ‫ذلك ألحد إال للمؤمن ‪ ،‬إن أصابتهُ َسرﱠا ُء شكر ‪ ،‬فكان خيرا له ‪ ،‬وإن أصابتهُ ضرﱠا ُء َ‬ ‫‪1‬‬ ‫خيرا له «‬ ‫غروب الشمس ھو وعد بالشروق‬ ‫و كانت العرب تسمى المريض سليم و الصحراء مفازة تفائال بالنجاه ‪،‬‬ ‫و أتصلت لألطمئنان على أمر فقال لي محدثي ‪ ":‬معي في المكتب نور و بدر " فتفائلت‬ ‫قائال ‪":‬أن شاء ﷲ منورين "‬ ‫]ال شيء يضيع ملكات الشخص ومزاياه كتشاؤمه في الحياة‪ ،‬وال شيء يبعث األمل‪ ،‬ويقرب‬ ‫من النجاح ويُنَ ﱢمي الملكات‪ ،‬ويبعث على العمل النافع لصاحبه وللناس‪ ،‬كاالبتسام للحياة‪.‬‬ ‫ليس المبتسمون للحياة أسعد حاالً ألنفسھم فقط‪ ،‬بل ھم كذلك أقدر على العمل‪ ،‬وأكثر احتماالً‬ ‫للمسئولية‪ ،‬وأصلح لمواجھة الشدائد‪ ،‬ومعالجة الصعاب‪ ،‬واإلتيان بعظائم األمور التي تنفعھم‪،‬‬ ‫وتنفع الناس‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫لو ُخي ُ‬ ‫س راضية باسمة _ الخترت الثانية؛ فما‬ ‫ﱠرت بين مال كثير‪ ،‬أو منصب خطير‪ ،‬وبين نَف ٍ‬ ‫المال مع العبوس؟ وما المنصب مع انقباض النفس؟ وما كل ما في الحياة إذا كان صاحبه ضيقا ً‬ ‫حرجا ً كأنه عائد من جنازة حبيب؟ وما جمال الزوجة إذا عبست‪ ،‬وقلبت بيتھا جحيماً؟ لَخَ ْي ٌر منھا‬ ‫ألف مرة زوجة لم تبلغ مبلغھا في الجمال‪ ،‬وجعلت بيتھا جنة‪.‬‬ ‫ھناك نفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء شقا ًءا‪ ،‬ونفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء‬ ‫ّ‬ ‫سعادة‪ ،‬ھناك المرأة في البيت ال تقع عينھا إال على الخطأ‪ ،‬فاليوم أسود؛ ﱠ‬ ‫ألن طبقا ً ُك ِسرْ‬ ‫وألن‬ ‫نوعا ً من الطعام زاد الطاھي في ملحه‪ ،‬أو أنھا عثرت على قطعة من الورق في الحجرة‪ ،‬فتھيج‪،‬‬ ‫وتسب‪ ،‬ويتعدى السباب إلى كل من في البيت‪ ،‬وإذا ھو شعلة من نار‪.‬‬ ‫وھناك رجل ين ﱢغص على نفسه‪ ،‬وعلى َم ْن حوله ِم ْن كلمة يسمعھا‪ ،‬أو يؤولھا تأويالً سيئاً‪ ،‬أو‬ ‫من عمل تاف ٍه حدث له‪ ،‬أو حدث منه‪ ،‬أو من ربح خسره‪ ،‬أو من ربح كان ينتظره فلم يحدث‪ ،‬أو‬ ‫نحو ذلك‪ ،‬فإذا الدنيا كلھا سوداء في نظره‪ ،‬ثم ھو يُ َس ﱢودھا على من حوله‪.‬‬ ‫ھؤالء عندھم قدرة المبالغة في الشر‪ ،‬فيجعلون من الحبة قبة‪ ،‬ومن البذرة شجرة‪ ،‬وليس‬ ‫عندھم قدرة على الخير‪ ،‬فال يفرحون بما أوتوا ولو كثيراً‪ ،‬وال ينعمون بما نالوا ولو عظيما ً‪.‬‬ ‫فن‪ ،‬ﱞ‬ ‫الحياة ﱞ‬ ‫وفن يُتَ َعلﱠم‪ ،‬ولَخي ٌر لإلنسان أن يَ ِج ﱠد في وضع األزھار‪ ،‬والرياحين‪ ،‬والحب في‬ ‫‪2‬‬ ‫حياته من أن يَ ِج ﱠد في تكديس المال في جيبه‪ ،‬أو في مصرفه‪[...‬‬

‫كن متفائال و أنظر الى نصف الكوب المملوء‬

‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬ابتسم للحياة الحمد امين‬

‫‪171‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أن نفس الموقف قد يراه أحدنا حسنا و يتفائل به و يراه االخر شؤم‬ ‫ب َم ْن يَتﱠ ِخ ُذ َما يُ ْنفِ ُ‬ ‫ق َم ْغ َر ًما َويَتَ َرب ﱠصُ بِ ُك ُم‬ ‫فھناك من يعتبر الصدقة مضيعه للمال } َو ِمنَ ْاألَ ْع َرا ِ‬ ‫ال ﱠد َوائِ َر َعلَ ْي ِھ ْم دَائِ َرةُ السﱠوْ ِء َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َس ِمي ٌع َعلِي ٌم )‪{ (98‬‬ ‫ب َم ْن ي ُْؤ ِم ُن بِ ﱠ‬ ‫ا"ِ َو ْاليَوْ ِم ْاآلَ ِخ ِر َويَتﱠ ِخ ُذ َما يُ ْنفِ ُ‬ ‫ق‬ ‫و ھناك من يرى الصدقه قربه " } َو ِمنَ ْاألَ ْع َرا ِ‬ ‫ﷲُ فِي َرحْ َمتِ ِه إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ُول أَ َال إِنﱠھَا قُرْ بَةٌ لَھُ ْم َسيُ ْد ِخلُھُ ُم ﱠ‬ ‫ت ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ﷲَ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‬ ‫قُ ُربَا ٍ‬ ‫ﷲِ َو َ‬ ‫صلَ َوا ِ‬ ‫ت ال ﱠرس ِ‬ ‫)‪{(99‬التوبة‬ ‫و انظر الى رسول ﷲ كيف يصحح المفاھيم‬ ‫عن عائشة رضى ﷲ عنھا قالت كانت لنا شاة ارادت ان تموت فذبحناھا فقسمناھا فجاء النبي‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم فقال يا عائشة ما فعلت شاتكم ؟‬ ‫قالت ارادت ان تموت فذبحناھا فقسمناھا ولم يبق عندنا منھا اال كتف قال الشاة كلھا لكم اال‬ ‫‪1‬‬ ‫الكتف‬ ‫و جاء إبراھيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته ‪ ،‬فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه ‪،‬‬ ‫فقالت ‪ :‬خرج يبتغي لنا ‪ ،‬ثم سألھا عن عيشھم وھيئتھم فقالت ‪ :‬نحن بشر في ضيق وشدة ‪ ،‬وشكت‬ ‫إليه ‪ .‬فقال ‪ :‬فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السالم ‪ ،‬وقولي له يغير عتبة بابه ‪ .‬فلما جاء إسماعيل‬ ‫كأنه آنس شيئا فقال ‪ :‬ھل جاءكم من أحد ؟ قالت ‪ :‬جاءنا شيخ صفته كذا وكذا ‪ ،‬فسألنا عنك ‪،‬‬ ‫فأخبرته ‪ ،‬وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جھد وشدة ‪ .‬قال ‪ :‬فھل أوصاك بشيء ؟ قالت ‪:‬‬ ‫نعم ‪ ،‬أمرني أن أقرأ عليك السالم ‪ ،‬ويقول لك ‪ :‬غير عتبة بابك ‪ .‬قال ‪ :‬ذاك أبي ‪ ،‬وقد أمرني أن‬ ‫أفارقك ‪ .‬الحقي بأھلك ‪ .‬فطلقھا وتزوج منھم أخرى ‪ ،‬فلبث عنھم إبراھيم ما شاء ﷲ ‪ ،‬ثم أتاھم‬ ‫بعد فلم يجده ‪ ،‬فدخل على امرأته فسألھا عنه ‪ ،‬فقالت ‪ :‬خرج يبتغي لنا ‪ .‬قال ‪ :‬كيف أنتم ؟ وسألھا‬ ‫‪ 1‬السنن الكبري للبيھقي‬

‫‪172‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عن عيشھم وھيئتھم ‪ ،‬فقالت ‪ :‬نحن بخير وسعة ‪ ،‬وأثنت على ﷲ ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما طعامكم قالت ‪ :‬اللحم‬ ‫‪ .‬قال ‪ :‬فما شرابكم ؟ قالت ‪ :‬الماء ‪ .‬قال ‪ :‬اللھم بارك لھم في اللحم والماء ‪ } .‬قال النبي صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم ‪ :‬لم يكن لھم يومئذ حب ‪ ،‬ولو كان لھم دعا لھم فيه { ‪ .‬قال ‪ :‬فھما ال يخلو عليھما أحد‬ ‫بغير مكة إال لم يوافقاه ‪ .‬قال ‪ :‬فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السالم ومريه يثبت عتبة بابه ‪ .‬فلما‬ ‫جاء إسماعيل قال ‪ :‬ھل أتاكم من أحد ؟ قالت ‪ :‬نعم ؛ أتانا شيخ حسن الھيئة ‪ ،‬وأثنت عليه ‪،‬‬ ‫فسألني عنك فأخبرته ‪ ،‬فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير ‪ .‬قال ‪ :‬فأوصاك بشيء ؟ قالت ‪:‬‬ ‫نعم ؛ ھو يقرأ عليك السالم ‪ ،‬ويأمرك أن تثبت عتبة بابك ‪ .‬قال ‪ :‬ذلك أبي ‪ ،‬وأنت العتبة ‪ ،‬أمرني‬ ‫أن أمسكك‬ ‫فالزوجة االولى نظرت الى الكوب الفارغ و تشعر بالسخط و الزوجة الثانية تحس‬ ‫باالطمئنان‬ ‫الزنابير‬ ‫تقول ھذا مجاج النـــــحل تمدحه ‪ ،،،،،،‬و إن تشأ قلتَ ذا قيء‬ ‫ِ‬ ‫تعبير‬ ‫ذما ً و مدحا ً و ما جاوزتَ وصفھما ‪ ،،،،،،‬و الـــحق قد يعتريه سوء‬ ‫ِ‬ ‫يقول محمد علي كالي‬ ‫‪I know where I'm going and I know the truth, and I don't have to be‬‬ ‫‪what you want me to be. I'm free to be what I want.‬‬ ‫اعرف طريقي واعرف الحقيقة وال اريد ان اكون كماتريده انت ‪ ..‬انا حر ان اكون ما اريد‬ ‫ان اكون‬ ‫يقول المھندس عثمان احمد عثمان ‪":‬أننى لم اعتبر شھادة الفقر بالرغم من كل ما سببته لي‬ ‫من االم نفسية دعوة لليأس بقدر ما أخذت أنظر اليھا باعتبارھا مناجاه لألمل كان على ان أنتصر‬ ‫على الواقع االليم لتحويله الى طلقة ھائلة تشق الظالم بھالة من النور"‬ ‫العظيم يتفائل فيري في المشكلة تجارب و فوائد ‪ ،‬و في النحلة عسلھا و في البقرى لبنھا‬ ‫اما المتشاءم فيري المصائب من حوله و يري القبيح في كل حسن‬ ‫و عين الرضا عن كل عيب كليلة و عين السخط تبدي المساؤئ‬ ‫و كان بن الرومي كثير التشاؤم و ال يفتح الباب الحد اال اذا سئله عن اسمه و تاكد ان االسم‬ ‫و الشخص ليس فيھم ما يدعو للتشاؤم و ذات مرة جائه شخص يطرق الباب فقال بن الرومي ‪:‬‬ ‫"ما اسمك " قال السائل ‪":‬اسمي حسن " فتشائم بن الرومي و قال ان حروف االسم قد تعكس‬ ‫فتصبح "نحس" و ابي ان يفتح له‬

‫أفضل وظيفة‬ ‫أن أفضل وظيفة و أكرم عمل ھو الدعوة الى ﷲ‬ ‫ألن الدعوة كانت عمل االنبياء و المرسلين‬

‫‪173‬‬


‫حياة العظماء‬

‫} َك َما أَرْ َس ْلنَا فِي ُك ْم َرس ً‬ ‫َاب َو ْال ِح ْك َمةَ َويُ َعلﱢ ُم ُك ْم َما‬ ‫ُوال ِم ْن ُك ْم يَ ْتلُو َعلَ ْي ُك ْم آَيَاتِنَا َويُزَ ﱢكي ُك ْم َويُ َعلﱢ ُم ُك ُم ْال ِكت َ‬ ‫ُون )‪{ (152‬‬ ‫لَ ْم تَ ُكونُوا تَ ْعلَ ُمونَ )‪ (151‬فَ ْاذ ُكرُونِي أَ ْذ ُكرْ ُك ْم َوا ْش ُكرُوا لِي َو َال تَ ْكفُر ِ‬ ‫ال يَا قَوْ ِم ا ْعبُ ُدوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َما لَ ُك ْم ِم ْن إِلَ ٍه َغ ْي ُرهُ إِنﱢي أَخَ ُ‬ ‫اف َعلَ ْي ُك ْم‬ ‫} لَقَ ْد أَرْ َس ْلنَا نُوحًا إِلَى قَوْ ِم ِه فَقَ َ‬ ‫اب يَوْ ٍم َع ِظ ٍيم )‪{ (59‬‬ ‫َع َذ َ‬ ‫} َولَقَ ْد أَرْ َس ْلنَا ُمو َسى بِآَيَاتِنَا َوس ُْل َ‬ ‫ين )‪ (96‬إِلَى فِرْ عَوْ نَ َو َملَئِ ِه فَاتﱠبَعُوا أَ ْم َر فِرْ عَوْ نَ َو َما‬ ‫ان ُمبِ ٍ‬ ‫ط ٍ‬ ‫أَ ْم ُر فِرْ عَوْ نَ بِ َر ِشي ٍد )‪{ (97‬‬ ‫صالِحًا أَ ِن ا ْعبُ ُدوا ﱠ‬ ‫ﷲَ {‬ ‫} َولَقَ ْد أَرْ َس ْلنَا إِلَى ثَ ُمو َد أَخَ اھُ ْم َ‬ ‫ُوال أَ ِن ا ْعبُ ُدوا ﱠ‬ ‫} َولَقَ ْد بَ َع ْثنَا فِي ُكلﱢ أُ ﱠم ٍة َرس ً‬ ‫ﷲَ َواجْ تَنِبُوا الطﱠا ُغوتَ {‬ ‫يل َربﱢكَ بِ ْال ِح ْك َم ِة َو ْال َموْ ِع َ‬ ‫و قال ﷲ لحبيبه محمد } ا ْد ُ‬ ‫ظ ِة ْال َح َسنَ ِة َو َجا ِد ْلھُ ْم بِالﱠتِي ِھ َي‬ ‫ع إِلَى َسبِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض ﱠل ع َْن َسبِيلِ ِه َوھُ َو أ ْعلَ ُم بِال ُم ْھتَ ِدينَ )‪{ (125‬‬ ‫أَحْ َس ُن إِ ﱠن َربﱠكَ ھُ َو أَ ْعلَ ُم بِ َم ْن َ‬ ‫و انظر الى سيدنا نوح‬ ‫ت قَوْ ِمي لَي ًْال َونَھَارًا فَلَ ْم يَ ِز ْدھُ ْم ُدعَائِي إِالﱠ‬ ‫قال نوح عليه السالم شاكيا لربه‪َ ** :‬ربﱢ إِنﱢي َدعَوْ ُ‬ ‫فِ َرارًا { أي‪ :‬نفورا عن الحق وإعراضا‪ ،‬فلم يبق لذلك فائدة‪ ،‬ألن فائدة الدعوة أن يحصل جميع‬ ‫المقصود أو بعضه‪.‬‬ ‫** َوإِنﱢي ُكلﱠ َما َدعَوْ تُھُ ْم لِتَ ْغفِ َر لَھُ ْم { أي‪ :‬ألجل أن يستجيبوا فإذا استجابوا غفرت لھم فكان ھذا‬ ‫صابِ َعھُ ْم فِي‬ ‫محض مصلحتھم‪ ،‬ولكنھم أبوا إال تماديا على باطلھم‪ ،‬ونفورا عن الحق‪َ ** ،‬ج َعلُوا أَ َ‬ ‫آ َذانِ ِھ ْم { حذر سماع ما يقول لھم نبيھم نوح عليه السالم‪َ ** ،‬وا ْستَ ْغ َشوْ ا ثِيَابَھُ ْم { أي تغطوا بھا‬ ‫صرﱡ وا { على كفرھم وشرھم ** َوا ْستَ ْكبَرُوا {‬ ‫غطاء يغشاھم بعدا عن الحق وبغضا له‪َ ** ،‬وأَ َ‬ ‫على الحق ** ا ْستِ ْكبَارًا { فشرھم ازداد‪ ،‬وخيرھم بعد‪.‬‬ ‫** ثُ ﱠم إِنﱢي َدعَوْ تُھُ ْم ِجھَارًا { أي‪ :‬بمسمع منھم كلھم‪.‬‬ ‫ت لَھُ ْم َوأَ ْس َررْ ُ‬ ‫** ثُ ﱠم إِنﱢي أَ ْعلَ ْن ُ‬ ‫ت لَھُ ْم إِس َْرارًا { كل ھذا حرص ونصح‪ ،‬وإتيانھم بكل باب يظن‬ ‫أن يحصل منه المقصود ‪ }،‬فَقُ ْل ُ‬ ‫ت ا ْستَ ْغفِرُوا َربﱠ ُك ْم { أي‪ :‬اتركوا ما أنتم عليه من الذنوب‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫واستغفروا ﷲ منھا‪.‬‬ ‫و الدعوة الى ﷲ يمكن ان يمراسھا الطبيب في مستشفاة او عيادتة و المدرس في المدرسة‬

‫و من المواد النافعة في تعلم اسلوب الدعوة ‪-:‬‬ ‫دراسة قصص االنبياء مع قومھم‬ ‫فن الدعوة للشيخ محمد حسين يعقوب‬ ‫طريقنا للقلوب للشيخ ابراھيم الدويش‬

‫‪ 1‬تفسير السعدي‬

‫‪174‬‬


‫حياة العظماء‬

‫س بِأ َ َمانِيﱢ ُك ْم‬ ‫لَ ْي َ‬ ‫العظمة ليست باالمانى و ال باالحالم‬ ‫ون ﱠ‬ ‫ﷲِ َولِيًّا َو َال‬ ‫}لَي َ‬ ‫ْس بِأ َ َمانِيﱢ ُك ْم َو َال أَ َمانِ ﱢي أَ ْھ ِل ْال ِكتَا ِ‬ ‫ب َم ْن يَ ْع َملْ سُو ًءا يُجْ زَ بِ ِه َو َال يَ ِج ْد لَهُ ِم ْن ُد ِ‬ ‫َصيرًا )‪ {(123‬النساء‬ ‫ن ِ‬ ‫ليس بالتمنى يدرك االنسان ما يريد و تأمل في الجمله التالية ‪:‬‬ ‫لو شجر ال "لو لو" طرح لمأل الدنيا مفيش ‪.‬‬ ‫عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪" :‬المؤمن القوي‬ ‫خير‪ ،‬وأحب إلى ﷲ من المؤمن الضعيف‪ .‬وفي كلﱟ خير‪ .‬احرص على ما ينفعك‪ ،‬واستعن با"‬ ‫ْجز ‪ ..‬وإن أصابك شيء فال تقل‪ :‬لو أني فعلت كذا‪ ،‬كان كذا وكذا‪ ،‬ولكن قل‪ :‬ق ﱠدر ﷲ‪ ،‬وما‬ ‫وال تَع َ‬ ‫‪1‬‬ ‫شاء فعل‪ ،‬فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان"‬ ‫و لسان حال المتمنى‬ ‫اذا تمنيت نمت الليل مغتبطا أن التمنى رأس مال المفاليس‬

‫‪ 1‬مسلم‬

‫‪175‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال أبو األسود الدؤلي رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫وما طلب المعيشة بالتمني ***** ولكن ألق دلوك في الدالء‬ ‫تجئك بملئھا يوما ويوما **** تجيء بحمأة وقليل ماء‬ ‫وال تقعد على كسل التمني *** تحيل على المقادر والقضاء‬ ‫فإن مقادر الرحمن تجري **** بأرزاق الرجال من السماء‬ ‫مقدرة بقبض أو ببسط ****وعجز المرء أسباب البالء‬

‫االتقان‬ ‫قال رسول ﷲ "إن ﷲ يحب إذا عمل أحدكم عمال أن يتقنه "‪1‬‬

‫عن عبد الرحمن بن حسان عن أمه سيرين قالت لما دفن إبراھيم رأى رسول ﷲ فُرْ َجةً فى اللبن فأمر‬ ‫‪2‬‬ ‫بسدھا و قال " إن العبد إذا عمل عمال أحب ﷲ أن يتقنه"‬

‫‪ 1‬البيھقى فى شعب اإليمان عن عائشة‬ ‫‪ 2‬الطبرانى‬

‫‪176‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الحفظ‬ ‫و قد اجاد الدكتور "يحيى الغوثاني" في وضع "طرق ابداعية لحفظ القران " و ھى متوفرة‬ ‫على االنترنت مجانا ‪ ،‬صوتا و كتابتا في أكثر من موقع مثل " منتدى البحوث والدراسات‬ ‫القرآنية "‬ ‫قالوا خير ما يستعان به على الحفظ الزبيب و الفول السوداني و االبتعاد عن الباذنجان‬ ‫قلت دعونا من ھذا و اسمعوا الى كالم االمام الشافعي‬ ‫شكوت الى وكيع سوء حفظى فارشدني الى ترك المعاصي‬ ‫و نور ﷲ ال يھدى لعاصي‬ ‫و قال لى أن الــعــلــم نــور‬ ‫وقال عبد ﷲ بن مسعود رضي ﷲ عنه ‪:‬‬ ‫) إني ألحسب الرجل ينسى العلم بالخطيئة يعملھا (‬ ‫• كرر ما تحفظه‬ ‫يقول ابن الجوزي في )الحث على حفظ العلم (‪" :‬الطريق إلى إحكامه كثرة اإلعادة‪.‬‬ ‫والناس يتفاوتون في ذلك‪ ،‬فمنھم من يثبت معه المحفوظ مع قلة التكرار‪ ،‬ومنھم من ال‬ ‫يحفظ إال بعد التكرار الكثير‪ .‬وكان أبو إسحاق الشيرازي )ت‪476‬ھـ( يعيد الدرس مائة‬ ‫مرة‪ ،‬وكان إلكيا الھراسي )‪504‬ھـ( يعيد سبعين مرة‪ .‬وقال لنا الحسن بن أبي بكر‬ ‫النيسابوري الفقيه‪ :‬ال يحصل الحفظ إلي حتى يعاد خمسين مرة‪ .‬وحكى لنا الحسن أن‬ ‫فقيھا أعاد الدرس في بيته مراراً كثيرة‪ ،‬فقالت له عجوز في بيته‪ :‬قد ‪ -‬وﷲ ‪ -‬حفظته أنا!‬ ‫فقال‪ :‬أعيديه‪ ،‬فأعادته ؛ فلما كان بعد أيام‪ ،‬قال‪ :‬يا عجوز‪ ،‬أعيدي ذلك الدرس‪ ،‬فقالت‪ :‬ما‬ ‫أحفظه‪ ،‬قال‪ :‬إني أكرر عند الحفظ لئال يصيبني ما أصابك"‬ ‫‪1‬‬

‫• أعمل بما علمت‬ ‫جاء عن أحد التابعين ‪":‬كنا نستعين على حفظ أحاديث رسول ﷲ بالعمل بھا "‬ ‫قال علي رضي ﷲ عنه ‪:‬‬ ‫) ھتف العلم بالعمل فإن أجابه وإال ارتحل (‬ ‫"أننا نتذكر ‪ %10‬أو أقل من الذي نسمعه و ‪ %25‬من الذي نراه و ‪ %90‬من الذي‬ ‫نعملة"‬ ‫قال الضحاك بن مزاحم رحمه ﷲ‪:‬‬ ‫) أول باب من العلم ‪ :‬الصمت‪ ،‬والثاني ‪ :‬استماعه والثالث ‪ :‬العمل به والرابع ‪ :‬نشره‬ ‫وتعليمه(‬ ‫• أكتب‬ ‫وقال الخليل بن أحمد رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)ما ُكتِب قَ ّر ‪ ،‬وما حُفظ فَ ﱠر (‬ ‫وقال الخليل بن أحمد الفراھيدي‪ " :‬ما سمعت شيئا ً إال كتبته‪ ،‬وال كتبته إال حفظته‪ ،‬وال‬ ‫‪2‬‬ ‫حفظته إال نفعني "‬ ‫يقول االمام الشافعي‬ ‫العلم صيد والكتابة قيده && قيد صيودك بالحبال الواثقة‬ ‫فمن الحماقة أن تصيد غزالة && وتتركھا بين الخالئق طالقة‬

‫‪ 1‬ينسب ھذا الشعر الى االمام الشافعي لكنى لم اعثر على أنه كان تلميذا لوكيع بن الجراح‬ ‫‪ 2‬جامع بيان العلم البن عبدالبر‬

‫‪177‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• استخدم ادواتك‬ ‫فال تقرأ بعينك بل كرره بلسانك و قلبك و اكتبه بيدك فتشترك حواسك في الحفظ‬ ‫قال والد الزبير بن بكار القرشي )ت ‪256‬ھـ( عندما رأى ابنه يتحفظ سرا‪ ،‬فقال له‪" :‬‬ ‫إنما لك من روايتك ھذه )أي‪ :‬تحفظك سراً( ما أدى بصرك إلى قلبك‪ .‬فإذا أردت الرواية‬ ‫)أي‪ :‬الحفظ(‪ ،‬فانظر إليھا‪ ،‬واجھر بھا ؛ فإنه يكون لك ما أدى بصرك إلى قلبك‪ ،‬وما أدى‬ ‫‪1‬‬ ‫سمعك إلى قلبك"‬ ‫• تخير اوقات الحفظ‬ ‫قال المنذر للنعمان ابنه "يا بني‪ ،‬أحب لك النظر في األدب بالليل‪ ،‬فإن القلب بالنھار‬ ‫‪2‬‬ ‫طائر‪ ،‬وبالليل ساكن‪ ،‬وكلما أوعيت فيه شيئا ً علقه"‪.‬‬ ‫فتعقب الخطيب البغدادي ھذه الوصية بقوله "إنما اختاروا المطالعة بالليل لخلو القلب‪،‬‬ ‫فإن خلوه يسرع إليه الحفظ‪ ،‬ولھذا )لما( قيل لحماد بن زيد‪ :‬ما أعون األشياء على الحفظ‬ ‫؟ قال‪ :‬قلة الغم‪) .‬قال الخطيب) وليس تكون قلة الغم إال مع خلو السر وفراغ القلب‪،‬‬ ‫‪3‬‬ ‫والليل أقرب األوقات إلى ذلك" ‪.‬‬ ‫وقال إسماعيل بن أبي أويس‪" :‬إذا ھممت أن تحفظ شيئاً‪ ،‬فنم‪ ،‬ثم قم عند السحر‪ ،‬فأسرج‪،‬‬ ‫‪4‬‬ ‫وانظر فيه‪ ،‬فإنك ال تنساه ‪ -‬بعد إن شاء ﷲ"( ‪.‬‬ ‫يقول اإلمام ابن جماعة ‪ ..‬أحد علماء اإلسالم المربّين الرائعين في رسالة ماجستير له‬ ‫بعنوان ) ّ‬ ‫فن التعليم عند ابن جماعة ( يقول ‪ " :‬أجود األوقات للحفظ األسحار ‪ ،‬وأجودھا‬ ‫للبحث األبكار ‪ ،‬وللتأليف وسط النھار ‪ ،‬وللمراجعة والمطالعة الليل "‪.‬‬ ‫وقال الشافعي ‪ :‬الظلمة أجلى للقلب‬ ‫قال العالمة الشيخ محمد حسين التستري رحمه ﷲ‪:‬‬ ‫األسحار‪.‬‬ ‫والبحث قد ُجرّب في األبكار ***** عندھم والحفظ في‬ ‫ِ‬ ‫النھار ***** والليل والنھار للتكرار‪.‬‬ ‫والكتب في أواسط‬ ‫ِ‬ ‫والكل حال الجوع ال حال الشبع ***** مجرب تأثيره فليُتّبع‪.‬‬ ‫تنحل فيه عقد المشا ِك ِل‪.‬‬ ‫واختر محالًّ خاليا ً من شاغل *****‬ ‫َ‬ ‫• استخدم الخرائط الذھنية‬ ‫• راجع الحفظ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ع َْن َع ْب ِد ﱠ‬ ‫آن‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫ﷲِ ب ِْن ُع َم َر أَ ﱠن َرس َ‬ ‫ال » إِنﱠ َما َمثَ ُل َ‬ ‫اح ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ب ْالقُرْ ِ‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫اإلبِ ِل ْال ُم َعقﱠلَ ِة إِ ْن عَاھَ َد َعلَ ْيھَا أَ ْم َس َكھَا َوإِ ْن أَ ْ‬ ‫طلَقَھَا َذھَبَ ْ‬ ‫ت«‬ ‫َك َمثَ ِل ِ‬ ‫وقال ابنَ بش ُكوال األندلسي رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)قرأت بخط بعض أصحابنا أنه سمع أبا بكر بن عطية يذكر أنه كرر البخاري سبع مئة‬ ‫مرة(‬ ‫‪ 1‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 2‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 3‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 4‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 5‬المربوطة بالحبال‬ ‫‪ 6‬صحيح مسلم‬

‫‪178‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قيل لألصمعي‪" :‬كيف حفظت ونسي أصحابك ؟! قال‪ :‬درست وتركوا"‬

‫‪1‬‬

‫قال عبدﷲ بن بريدة في المراجعة مع االقران‪ " :‬قال لي علي بن أب طالب ‪ -‬رضي ﷲ‬ ‫عنه ‪ :-‬تزاوروا‪ ،‬وتذاكروا ھذا الحديث‪ ،‬فإنكم أن لم تفعلوا يدرس علمكم" ‪ ،2‬أي‪ :‬يبلى‬ ‫ويخلق‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫وقال أبو سعيد الخدري ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪" -‬تحدثوا‪ ،‬فإن الحديث يھيج الحديث"‪.‬‬ ‫وقال جماعة من السلف عبارة أصبحت شعاراً للمذاكرة‪ ،‬وھي قولھم‪" :‬إحياء الحديث‬ ‫‪4‬‬ ‫مذاكرته" ‪.‬‬ ‫ً ‪5‬‬ ‫يقول عبدﷲ بن المبارك‪" :‬إن أول منفعة الحديث‪ :‬أن يفيد بعضكم بعضا" ‪.‬‬ ‫ً ‪6‬‬ ‫ويقول اإلمام مالك‪" :‬بركة الحديث‪ :‬إفادة بعضھم بعضا"‬ ‫ويقول سفيان الثوري‪" :‬يا معشر الشباب‪ ،‬تعجلوا بركة ھذا العلم‪ ،‬فإنكم ال تدرون‪ ،‬لعلكم ال‬ ‫‪7‬‬ ‫تبلغون ما تؤملون منه‪ ،‬ليفد بعضكم بعضا ً" ‪.‬‬ ‫قيل لإلمام البخاري‪ :‬ما البالذر ؟ وھو دواء كانوا يظنون قديما ً أنه يقوي الذاكرة وينشط الذھن‬ ‫على الحفظ‪ ،‬فأجاب اإلمام البخاري‪ ،‬صارفا ً لھم إلى البالذر حقاً‪ ،‬حيث قال‪" :‬ھو إدامة النظر في‬ ‫‪8‬‬ ‫الكتب"‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫وقال عبد ﷲ بن المبارك‪" :‬من أحب أن يستفيد‪ ،‬فلينظر في كتبه"‬ ‫وقال الحافظ أبو مسعود أحمد بن الفرات )ت ‪258‬ھـ(‪" :‬لم نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء في‬ ‫‪10‬‬ ‫الحفظ‪ ،‬فأجمعوا أنه ليس شيء أبلغ فيه من كثرة النظر"‬ ‫وقال عبد ﷲ بن المبارك‪:‬‬ ‫ما لذتي إال رواية مسندا ت قيدت بفصاحة األلفاظ‬ ‫ومجالس فيھا تحل سكينة ومذاكرات معاشر الحفاظ‬ ‫نالوا الفضيلة والكرامة والنھى من ربھم برعاية وحفاظ‬ ‫الظوا برب العرش لما أيقنوا أن الجنان لعصبة لواظ‬

‫حفظ االسماء‬ ‫ھل تعاني من حفظ أسماء من يقابلك ؟؟ الكثير يعاني من نسيان أسماء االشخاص و الحقيقة‬ ‫أنه لم ينس فھو لم يتذكر أصال!! فلم يشغل ذھنه بحفظ االسم ‪.‬‬ ‫اليك بعض الطرق السھله و البسيطه لحفظ االسماء‬

‫‪ 1‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 2‬جامع بيان العلم البن عبدالبر‬ ‫‪ 3‬جامع بيان العلم البن عبدالبر‬ ‫‪ 4‬جامع بيان العلم البن عبدالبر‬ ‫‪ 5‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 6‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 7‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 8‬جامع بيان العلم البن عبدالبر‬ ‫‪ 9‬الجامع للخطيب‬ ‫‪ 10‬الجامع للخطيب‬

‫‪179‬‬


‫حياة العظماء‬

‫• أعلم وقع نداء الشخص باسمه و أنه وسيلة لبث السرور في قلبه‪ .‬و تذكر‬ ‫المثل "القيني و ال تغذيني"‬ ‫• بمجرد معرفتك باالسم كرره في حديثك ‪" .‬تشرفنا يا أستاذ أمجد"‬ ‫"فرصة سعيدة يا أستاذ عبد القادر "‬ ‫• أحد مندوبي المبيعات كان يحتفظ بكراسه بھا أسماء زبائنه و المعلومات‬ ‫الشخصية البسيطة مثل اسماء ابنائھم ‪ .‬و كلما قابل أحدھم قال له "كمثال"‬ ‫‪":‬كيف حالك أستاذ محمد و حال ابنك "أحمد""‬ ‫• ركز على وجھه و أنت تحدثه حتى ينطبع في ذھنك‪.‬و فيه من أظھار‬ ‫االھتمام ما يسر به المرء‬ ‫صافَ َح أوَْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال ‪َ :‬كانَ َرسُو ُل ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم إِ َذا َ‬ ‫َس ب ِْن َمالِ ٍك ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ع َْن أَن ِ‬ ‫ع يَ َدهُ ِم ْن يَ ِد ِه َحتﱠى يَ ُكونَ ال ﱠر ُج ُل يَ ْن ِز ُ‬ ‫صافَ َحهُ ال ﱠر ُج ُل ال يَ ْن ِز ُ‬ ‫ع ‪ ،‬فَإ ِ ِن ا ْستَ ْقبَلَهُ بِ َوجْ ِھ ِه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ص ِر ُ‬ ‫ف ‪َ ،‬ولَ ْم ي َُر ُمقَ ﱢد ًما ُركبَتَ ْي ِه بَ ْينَ يَ َديْ‬ ‫ال يَصْ ِرفهُ َعنهُ َحتﱠى يَ ُكونَ ال ﱠر ُج ُل يَن َ‬ ‫‪1‬‬ ‫س لَهُ‬ ‫َجلِي ٍ‬ ‫• و تذكر قول عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه " ثالث يصفين لك ود‬ ‫أخيك أن تسلم عليه إذا لقيته وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه "‬ ‫• أربط االسم بشئ لتذكره مثل أذا قال أن أسمه "مھند" فتربطه بشخص‬ ‫مشھور مثل "مھند الطاھر" الذي نحسبه من شھداء حماس أو أنه ينقصه حرف‬ ‫ال"س" ليكون مھندس ‪ ،‬و مثال أخر تعرفت على مھندس أسمه "عبدﷲ سيد" و‬ ‫فربطت أسمه بمھندس أعرفه أسمه "سيد عبدﷲ" و كالھما من نفس الكلية‬

‫الخرائط الذھنية‬

‫اليوم كان لدي مقابلة سأتحدث فيھا عن عشر موضوعات كل موضوع يحتاج ان اكتب فيه ‪15‬‬ ‫صفحة ‪ ،‬فقمت سريعا بتصميم خريطة ذھنية للمواضيع التى سنتحدث بھا في ورقة واحدة اغنت‬ ‫عن ‪ 150‬ورقة‬ ‫الخريطة الذھنية ھى طريقة سھلة و مبسطة لتنظيم االفكار و سھولة استعادتھا و سرعة التعلم و‬ ‫افضل من كتابتھا متتالية كما انھا طريفة ‪ ،‬و تكون بالشكل التالي‬

‫‪ 1‬فتح الباري‬

‫‪180‬‬


‫حياة العظماء‬

‫طريقة عمل الخرائط الذھنية‬ ‫احضر ورقة بيضاء و ارسم دائرة في منتصفھا‬ ‫اكتب الموضوع في قلب الدائرة )مثال ‪ :‬االعداد لرحلة(‬ ‫ارسم لكل فكرة فرعا من الدائرة )مثال ‪ :‬أخذ اجازة من العمل‪ ،‬شراء المستلزمات ‪(.....‬‬ ‫اذا كان ھناك تفرعات للفرع ارسمه و اكتب كلمه او كلمتين للداللة عليه )ال تكتب مقاله(‬ ‫استخدم االلوان و االشكال لتمييز االفكار‬

‫يمكنك استخدام الحاسب في اعداد الخريطة الذھنية و لكن في البداية عليك ان تتدرب عليه يدوي‬

‫‪181‬‬


‫حياة العظماء‬

‫االبداع‬

‫االبداع ھو االتيان بالجديد على غير مثال سابق‬ ‫او الن‬ ‫و ھو ھام لحياتنا فالذي يقف في مكانه و ال يتقدم سيصدمه من خلفه‬ ‫مفھوم خاطئ ‪ -:‬المبدع ھو شخص اسطوري ولد مبدع ‪.‬‬ ‫المبدع ھو شخص عادي له نفس امكانياتك و قدراتك لكنه فعل ما يمكنك فعله و ھو محاوه‬ ‫تطوير الواقع و رفض قيود "ليس في االمكان احسن مما كان "‬ ‫مفھوم خاطئ ‪ -:‬المبدع البد ان يكون فوضويا ‪ ،‬كارھا للنظام و النظافة‬ ‫قد يكون قله من المبدعين كذلك و نتيجة لطرافه الموضوع تم تركيز الضوء عليھم ‪ ،‬المبدع‬ ‫االصل به انه منظم و مرتب‬ ‫مفھوم خاطئ ‪ -:‬العرب و المسلمون ليس لديھم قدرة على االبداع‬ ‫يقول البروفيسور النداو ‪":‬ال يوجد ھناك سبب لالفتراض بأن العرب قد فقدوا قدرتھم على‬ ‫‪1‬‬ ‫االيمان او االبداع او الخيال فھم كانوا في حقبة من الزمن منھل )الخميرة الثقافية ( العلم للغرب"‬ ‫الخطوة االولى لالبداع ‪ -:‬أحرص على أن تفعل شيئا لم تفعلة قط من قبل‪.‬‬ ‫االبداع ‪:‬‬ ‫توفير حلول عديدة للمشكلة‬ ‫النظر الى االشياء نظرة مختلفة‬ ‫االضافة الى شئ قائم‬ ‫قيود على االبداع‪-:‬‬ ‫‪ .1‬الخوف من المغامرة ‪.‬‬ ‫‪ .2‬الظن أن العباقرة فقط ھم الذين من حقھم االبداع‬ ‫‪ .3‬االعتقاد بأن أرتكاب االخطاء أمر سئ ‪.‬‬ ‫‪ .4‬وجود أجابه واحدة لكل سؤال‬ ‫‪ .5‬االعتقاد بأن بعض االراء ھى قواعد ال يمكن مخالفتھا )مثلما كان يعتقد ان الشمس تدور‬ ‫حول االرض(‬ ‫‪ .6‬أحتقار النفس و االعتقاد أنك غير مبدع‬ ‫‪ 1‬عصر العلم‬

‫‪182‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .7‬الظن بأن السابقين لم يتركوا لنا شيئا لنصنعه‬ ‫‪" .8‬وإذا قيل لھم اتبعوا ما أنزل ﷲ قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا"‬ ‫‪ .9‬الركون الى الموجود و القول أنه ليس في االمكان خير مما كان‬

‫كن مع القليل‬ ‫ال تغتر بقله السائرين على طريق الحق و ال كثرة المتزاحمين على طريق الباطل فليس الحق‬ ‫و الباطل بالكثره‬

‫‪183‬‬


‫حياة العظماء‬

‫} َولَوْ أَنﱠا َكتَ ْبنَا َعلَ ْي ِھ ْم أَ ِن ا ْقتُلُوا أَ ْنفُ َس ُك ْم أَ ِو ْ‬ ‫ار ُك ْم َما فَ َعلُوهُ إِال قَلِي ٌل ِم ْنھُ ْم َولَوْ أَنﱠھُ ْم‬ ‫اخ ُرجُوا ِم ْن ِديَ ِ‬ ‫َظي ًما * َولَھَ َد ْينَاھُ ْم‬ ‫فَ َعلُوا َما يُو َعظُونَ بِ ِه لَ َكانَ َخ ْيرًا لَھُ ْم َوأَ َش ﱠد ت َْثبِيتًا * َوإِ ًذا آلتَ ْينَاھُ ْم ِم ْن لَ ُدنﱠا أَجْ رًا ع ِ‬ ‫ص َراطًا ُم ْستَقِي ًما {‬ ‫ِ‬ ‫يقول سيد قطب ‪ :‬قليل ھم الذين يحملون المبادىء وقليل من ھذا القليل الذين ينفرون من الدنيا‬ ‫من اجل تبليغ ھذه المبادىء وقليل من ھذه الصفوة الذين يقدمون أرواحھم ودمائھم من اجل نصرة‬ ‫ھذه المبادىء والقيم فھم قليل من قليل من قليل‪.‬‬ ‫قال سفيان رحمه ﷲ ‪ " :‬اسلكوا سبل الحق وال تستوحشوا من قلة أھلھا " ‪.‬‬ ‫وسمع عمر رضي ﷲ عنه رجالً يقول ‪ " :‬اللھم اجعلني من األقلين فتعجب عمر من ھذا‬ ‫الدعاء قال يا عبدﷲ وما األقلون ؟! قال سمعت ﷲ يقول ‪ }:‬وما آمن معه إال قليل { ‪ ،‬وقال ‪:‬‬ ‫} وقليل من عبادي الشكور { ‪ ،‬فقال عمر رضي ﷲ عنه ‪ :‬كل الناس أفقه من عمر ‪.‬‬ ‫وقال سلمان الداراني ‪ " :‬لو شك الناس كلھم في الحق ما شككت فيه وإن كنت وحدي " ‪.‬‬ ‫ال ‪ :‬يا ْبـنَ أَ ِخـي ! لَـوْ‬ ‫ض َي ﷲُ َع ْنهُ َر ُجالً يَقُـو ُل ‪ :‬اللﱠھُـ ﱠم أَ ْھـلِ ِك ْال ُمنَافِقِينَ ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫َس ِم َع ُح َذ ْيفَـةَ َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ـك !‬ ‫ھَـلَكَ ْال ُمنَافِقُـونَ ال ْستَوْ َح ْشتُـ ْم فِـي ط ُرقَاتِ ُكـ ْم ِم ْن قِلـ ِة السﱠالِ ِ‬ ‫تعيّرنا أنّا قليل عديدنا * فقلت لھا ّ‬ ‫إن الكرام قليل‬ ‫وما ضرّنا أنّا قلي ٌل وجارنا * عزي ٌز وجار األكثرين ذليل‬ ‫وإنّا أناس ال نرى القتل سبّة * إذا ما رأته عامر وسلول‬ ‫يقرّب حبّ الموت آجالنا لنا * وتكرھه آجالھم فتطول‬ ‫وقال بعض الصالحين‪:‬‬ ‫انفرادك في طريق طلبك دليل على صدق الطلب‬

‫‪184‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فعالي الھمة يترقى في مدارج الكمال‬ ‫بحيث يصير ال يأبه بقلة السالكين‬ ‫ووحشةالطريق‬ ‫ألنه يحصل مع كل مرتبة يرتقي إليھا‬ ‫من األنس با" ما يزيل ھذه الوحشة‬ ‫وإال انقطع به السبيل‪.‬‬ ‫وعن أنس رضي ﷲ عنه قال ‪:‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫لقد أُوذيت ٌفي ﷲ وما يؤذى أحد‪،‬وأخفت في ﷲ وما يخاف أحد ولقد أتت علي ثالثون من‬ ‫بين يوم وليلة ومالي ولبالل طعام يأكله ذو كبد إال شيء يواريه إبط بالل (‬ ‫يقول اإلمام المحقق‬ ‫ابن القيم ــ رحمه ﷲ تعالى ‪:‬ــ‬ ‫ً‬ ‫) و عالي الھمه اليكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنھم ھم األقلون قدرا وإن كانوا‬ ‫األكثرين عدداً ‪.‬‬ ‫كما قال بعض السلف ‪:‬‬ ‫" عليك بطريق الحق والتستوحش لقلة السالكين وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى‬ ‫سواھم فإنھم لن يغنوا عنك من ﷲ شيئا وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فال تلتفت إليھم‬ ‫فإنك متى التفت أليھم أخذوك وعافوك (‬ ‫التركيز‬ ‫و ھو مضاد للتشتت و ھو انشغال القلب بأكثر من أمر‬ ‫} َما َج َع َل ﱠ‬ ‫ﷲُ لِ َرج ٍُل ِم ْن قَ ْلبَ ْي ِن فِي َجوْ فِ ِه{ االحزاب االيه ‪4‬‬ ‫قال شعبة بن الحجاج رحمه ﷲ ‪):‬ما فقه رجل طلب الحديث على دابة( قصد‬ ‫الرجل المنشغل بالدنيا ‪ ،‬غير المتفرغ للعلم‪.‬‬ ‫أن تفعل شيئان في نفس الوقت يعني اال تفعل كالھما‬ ‫و الذي يطارد أرنبين ال يصطاد شيئا‬ ‫ومشتت العزمات ينفق عمره ‪ ...‬حيران ال ظفر وال اخفاق‬ ‫و الضبي أسرع من الكلب لكنه يكثر من االلتفات خلفه فيلحق به الكلب‬ ‫فيجب عليك ان تترك ما ال يجب فعله حتى تصبح قادرا على أن تؤدي بحماس ما يجب‬ ‫عليك فعله ‪.‬‬ ‫و من أسباب التشتت‬ ‫• أنشغال القلب بالدنيا‬ ‫‪1‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ) من مس الحصى فقد لغى (‬ ‫] ) مس الحصى ( أي عابثا به ‪ ) .‬لغا ( أي أتى بما ال يليق [ ‪.‬‬ ‫كان يحيي بن يحيي في مجلس مالك مع جماعة من أصحابه‪ ،‬فقال قائل قد حضر‬ ‫الفيل‪ ،‬فخرج أصحاب مالك كلھم لينظروا إليه‪ ،‬ولم يخرج يحيى‪ ،‬فقال له مالك‪ :‬مالك‬ ‫‪ 1‬صححه االلباني‬

‫‪185‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال تخرج فتراه ألنه ال يكون باألندلس فقال‪ :‬إنما جئت من بلدي لنظر إليك وأتعلم من‬ ‫ھديك وعلمك‪ ،‬ولم أجئ ألنظر إلى الفيل‪ ،‬فأعجب به مالك وسماه عاقل أھل‬ ‫‪1‬‬ ‫األندلس‪.‬‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫جھاز "المحمول " و ھو يقوم بتشتيت أنتباھك خاصة أذا كنت في محاضرة أو‬ ‫في الصالة ‪.‬‬ ‫محاولة انجاز الكثير في وقت قليل ‪.‬‬ ‫المقاطعات ‪.‬‬ ‫عدم تحديد االولويات‪.‬‬

‫و على المؤمن أزاله الشواغل‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ض َى ﱠ‬ ‫ص ٍة‬ ‫صلى فِى خَ ِمي َ‬ ‫ُول ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬‬ ‫ﷲُ َع ْنھَا ‪ :‬أ ﱠن َرس َ‬ ‫ع َْن عَائِ َشةَ َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يص ِة ‪ ،‬اذھَبُوا بِھَا إِلَى أبِى َجھ ٍْم َوأتُونِى‬ ‫لَھَا أَ ْعالَ ٌم فَقَ َ‬ ‫ال ‪َ »:‬ش َغلَتنِى أ ْعالَ ُم ھَ ِذ ِه الخَ ِم َ‬ ‫‪2‬‬ ‫بِأ َ ْنبِ َجانِيﱠتِ ِه «‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫عن أنس قال ‪ :‬كان قرام لعائشة قد سترت به جانب بيتھا ‪ ،‬فقال رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫‪4‬‬ ‫عليه وسلم ‪ » :‬حولي قرامك ؛ فإنه ال تزال تصاويره تعرض لي في صالتي «‬

‫الخيال‬ ‫الخيال يستخدم لصنع الواقع و ليس للھروب منه‬

‫العمل‬

‫‪ 1‬وفيات االعيان‬ ‫‪2‬‬ ‫ﱠحيحِ ع َْن قُتَ ْي َبةَ َو َر َواهُ ُم ْسلِ ٌم ع َْن أَبِى بَ ْك ِر ْب ِن أَبِى َش ْيبَةَ َو َغي ِْر ِه َع ِن ا ْب ِن ُعيَ ْينَة‪َ.‬‬ ‫َارىﱡ فِى الص ِ‬ ‫‪َ 3‬ر َواهُ ْالبُخ ِ‬ ‫ال ﱢس ْتر الرقيق من صوف ذى ْألوان‬ ‫‪ 4‬البخاري و احمد‬

‫‪186‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يقول الشيوعيون ‪":‬الدين افيون الشعوب" فھل ھذا صحيح ؟؟ ام ان الشيوعية ھى افيون‬ ‫الشعوب و حديثھا عن الكفاية في االنتاج و العدالة في التوزيع ھو وھم و سراب و عسل بة‬ ‫منوم حتى يعمل العامل و يكدح دون أن ياخذ شئيا سوى الحلم في غد أفضل !!! و ھل ھناك‬ ‫دولة طبقت الشيوعية و نفعت ؟؟ أن الصين طبقت االشتراكية و صدرت ماليين المنتجات و‬ ‫لكنھا حسب احصائيات السعادة من أكثر البالد تعاسة و العامل ال يحصل اال على ما يقيم‬ ‫صلبه‬ ‫أن االسالم يحث على العمل و اتقان العمل‬ ‫ضي ُع أَجْ َر َم ْن أَحْ َسنَ َع َم ًال )‪{(30‬‬ ‫} إِنﱠا َال نُ ِ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ب أَ َح ُد ُك ْم ح ُْز َمةً َعلَى َ‬ ‫ظھ ِْر ِه َخ ْي ٌر ِم ْن‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬ألَ ْن يَحْ ت َِط َ‬ ‫‪1‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْطيَهُ أوْ يَ ْمنَ َعهُ «‬ ‫أَ ْن يَسْأ َ َل أ َحدًا ‪ ،‬فَيُع ِ‬ ‫يقول عمر بن الخطاب ‪":‬إنى ألرى الرجل فيعجبني ‪ ،‬فإذا سئلت عنه فقيل ‪ :‬ال حرفه له‬ ‫سقط من عيني"‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫كم عن َ‬ ‫طلب الرﱢ زق ويقول‪ :‬اللھم ار ُزقني‪ ،‬وقد َعلِم‬ ‫قال عمر رضي ﷲ عنه‪ :‬ال يَق ُع ْد أح ُد ِ‬ ‫أن السﱠما َء ال تُ ْم ِط ُر َذھَبا ً وال فِضة؛ ّ‬ ‫الناس بعضھم من بعض‪ ،‬وتال‬ ‫وإن ﷲ تعالى إنما يَرْ زق‬ ‫َ‬ ‫الصالةُ فانتشروا في األرْ ض وأ ْبتَ ُغوا ِم ْن فَضْ ل ﷲ ْ‬ ‫واذ ُكرُوا‬ ‫قول ﷲ ج ّل وعال‪ " :‬فإذا قُضيت َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ﷲ كثيرا لَ َعل ُكم تُفلحُون " ‪ .‬وكان زيد بن مسلمة يغرس في أرضه فقال له عمر رضي ﷲ‬ ‫عنه‪ :‬أصبت‪ ،‬استغن عن الناس يكن أصون لدينك وأكرم لك عليھم‬ ‫أذا أنت لم تزرع و أبصرت حاصدا‬

‫ندمت على التقصير في زمن البزر‬

‫و أتى رجل الى أحد ھيئات الزكاه و كان يأخذ منھم مباغا شھريا ‪ ،‬و في أحد المرات قال له‬ ‫رئيس الجمعية ما دمت قويا و بصحتك فسأشترى لك "ترمس" و ما يلزمه و قم ببيعه في‬ ‫الطرقات ‪ ،‬و بعد فتره جاء الرجل مره أخرى و قال أبي رفض فأن ھذه المھنه ال تليق بي ‪.‬‬ ‫لنقل الصخر من قلل الجبال أحب الي من منــن الـرجـال‬ ‫و كل العار من كسب السؤال‬ ‫يقول الناس كسب فيه عار‬ ‫من ال يعمل ال يستحق الحياة‬ ‫يقول مالكوم اكس ‪":‬إناإلسالم جاء ليحارب الرذيلة والمخدرات والسرقة وكل شيء‬ ‫يذھب بعقولنا ويخدرناويقودنا إلى النوم والغفلة‪ ،‬إنه حين يحارب تلك المفاسد فإنه يدعونا إلى‬ ‫الصحوة وإلى التفكير في حياتنا بحيث ال يكون أمامنا إال العمل واإلنتاج‪ ،‬إنه يعلمنا كيف‬ ‫نحترم ذواتنا"‬ ‫و في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك‪ ،‬عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال‪ " :‬إن‬ ‫‪2‬‬ ‫قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ؛ فإن استطاع أن ال تقوم حتى يغرسھا‪ ،‬فليغرسھا"‪.‬‬

‫العالقات الشخصية‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬البخاري في االدب المفرد‬

‫‪187‬‬


‫حياة العظماء‬

‫يتعامل أحدنا مع زبائنه او عمالئه كما يتعامل مع البضاعة ‪ ،‬ال يھتم بالسؤال عنه و الترحيب‬ ‫به ‪.‬‬ ‫أن أكثر أصحاب الشركات نجاحا ھم الذين يبتسمون ‪ ،‬و يرحبون بالعميل و يحدثونه بصفة‬ ‫شخصية ‪.‬‬ ‫و بالمشاھدة أكثر الصيدليات نجاحا وجدت من بھا يستقبل المريض بأبتسامة و يطمئن على‬ ‫سير العالج معه بشكل سليم و ينصحة –و ھذا ھو العجيب‪ -‬ال حاجه لھذا الدواء بل يكفي كوب‬ ‫من الليمون او جبنه قريش ‪.‬‬ ‫قارن بين ھذا و بين من ياخذ الروشتة دون أن ينظر الى وجھك و يعطيك الدواء و غالبا ما‬ ‫يقول لك ‪":‬ھذا الدواء ناقص ‪ ،‬و الموجود ھو البديل بضعف السعر "‬ ‫و ربما كان الثاني حاصل على شھادات من بريطانيا و امريكا و اليابان ‪ ،‬لكن موظف مبتسم‬ ‫خير من دكتور جامعي‬ ‫الطفل يضحك ‪ 400‬مره في اليوم اما الكبير فاقصى معدل اربعه عشر مره‬ ‫قال ميمون بن مھران رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)التودد إلى الناس نصف العقل وحسن المسألة نصف الفقه (‬

‫‪188‬‬


‫حياة العظماء‬

‫البركة‬ ‫سبحان ﷲ تجد للعظيم بركة في ماله و وقته حتى تعتقد ان اليوم لدية خمسون ساعة و‬ ‫االسبوع اربعين يوما ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قال صلى ﷲ عليه وسلم " خفف على داود القرآن فكان يأمر بداوبه)خيله (فتسرج فيقرأ‬ ‫القرآن كله من قبل أن تُسرج دوابه و ثم قال صلى ﷲ عليه وسلم و ال يأكل إال من عمل يده‬ ‫‪1‬‬ ‫"‬ ‫ھل داود كان عنده قرآن!‬ ‫كيف ؟ قالو قرآن كل نبي ما أنزل عليه‬ ‫قال المناوي في ھذا الحديث "دل ھذا الحديث على أن الزمان يطوى لمن شاء من عباده‬ ‫كما يطوى لھم المكان"‬ ‫فما السبيل للوصول الى ھذا ؟؟‬ ‫من االسباب الجالبه للبركة‬ ‫‪ .1‬االيمان با"‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ض َولَ ِك ْن‬ ‫} َولَوْ أَ ﱠن أَ ْھ َل الق َرى آ َمنُوا َواتﱠقَوْ ا لَفَتَحْ نَا َعلَ ْي ِھ ْم بَ َر َكا ٍ‬ ‫ت ِمنَ ال ﱠس َما ِء َواألرْ ِ‬ ‫َك ﱠذبُوا فَأ َ ْ‬ ‫خَذنَاھُ ْم بِ َما َكانُوا يَ ْك ِسبُونَ )‪{(96‬‬ ‫يل َو َما أُ ْن ِز َل إِلَ ْي ِھ ْم ِم ْن َربﱢ ِھ ْم َألَ َكلُوا ِم ْن فَوْ قِ ِھ ْم َو ِم ْن‬ ‫اإل ْن ِج َ‬ ‫} َولَوْ أَنﱠھُ ْم أَقَا ُموا التﱠوْ َراةَ َو ْ ِ‬ ‫ص َدةٌ َو َكثِي ٌر ِم ْنھُ ْم َسا َء َما يَ ْع َملُونَ )‪{(66‬‬ ‫ت أَرْ ُجلِ ِھ ْم ِم ْنھُ ْم أُ ﱠمةٌ ُم ْقتَ ِ‬ ‫تَحْ ِ‬ ‫‪ .2‬االستغفار‬ ‫} فَقُ ْل ُ‬ ‫ت ا ْستَ ْغفِرُوا َربﱠ ُك ْم إِنﱠهُ َكانَ َغفﱠارًا )‪ (10‬يُرْ ِس ِل ال ﱠس َما َء َعلَ ْي ُك ْم ِم ْد َرارًا )‪(11‬‬ ‫ت َويَجْ َعلْ لَ ُك ْم أَ ْنھَارًا )‪{(12‬نوح‬ ‫ال َوبَنِينَ َويَجْ َعلْ لَ ُك ْم َجنﱠا ٍ‬ ‫َويُ ْم ِد ْد ُك ْم بِأ َ ْم َو ٍ‬ ‫و قبل البن الجوزي ‪":‬أيھم أفضل اسبح ام استغفر ؟"‬ ‫فأجاب ‪":‬الثوب الوسخ احوج للصابون من العطر "‬

‫‪ .3‬صلة الرحم‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ » -‬م ْن َس ﱠرهُ أَ ْن يُ ْب َس َ‬ ‫ط لَهُ ِر ْزقُهُ أَوْ يُ ْن َسأ َ لَهُ فِى‬ ‫قال َرس َ‬ ‫‪2‬‬ ‫صلْ َر ِح َمهُ «‬ ‫أَثَ ِر ِه فَ ْليَ ِ‬ ‫و قال ‪ ":‬يا عقبة أال أخبرك بأفضل أخالق أھل الدنيا واآلخرة تصل من قطعك‬ ‫وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك أال ومن أراد أن يبسط له فى رزقه ويمد له‬ ‫‪3‬‬ ‫فى عمره فليتق ﷲ وليصل رحمه"‬ ‫وعن ابن عباس عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم أنه قال‪:‬‬ ‫‪4‬‬ ‫"في التوراة مكتوب‪ :‬من أحب أن يزاد في عمره ويزاد في رزقه فليصل رحمه"‪.‬‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬احمد‬ ‫‪ 4‬رواه البزار‪ ،‬وفيه سعيد بن بشير وثقه شعبة وجماعة‪ ،‬وضعفه ابن معين وغيره‪ ،‬وبقية رجاله ثقات‪.‬‬

‫‪189‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .4‬شكر المنعم‬ ‫ﱠ‬ ‫} َما يَ ْف َع ُل ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﷲُ بِ َعذابِك ْم إِن َشكَرْ ت ْم َوآ َمنت ْم َو َكانَ ﷲُ َشا ِكرًا َعلِي ًما )‪{ (147‬النساء‬ ‫} َوإِ ْذ تَأ َ ﱠذنَ َر ﱡب ُك ْم لَئِ ْن َشكَرْ تُ ْم َألَ ِزي َدنﱠ ُك ْم َولَئِ ْن َكفَرْ تُ ْم إِ ﱠن َع َذابِي لَ َش ِدي ٌد )‪{ (7‬ابراھيم‬ ‫من االسباب الماحقة للبركة‬ ‫• الغش في التعامالت المالية‬ ‫• الربا‬ ‫• الحسد‬ ‫الغش في المعامالت المالية‬ ‫ﱠ‬ ‫رسول ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬قال ‪» :‬‬ ‫قال حكيم بن حزام ‪ -‬رضي ﷲ عنھما ‪ -‬أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُورك لھما في‬ ‫ﱢعان بالخيار ما لم يَتَفَرﱠقا « ‪ ،‬أو قال ‪ » :‬حتى يتَفرﱠقا ‪ ،‬فإن َ‬ ‫البي ِ‬ ‫صدَقا وبَيﱠنا ‪ ،‬ب ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بيعھما ‪ ،‬وإن َكتَما و َكذبا ‪ُ ،‬م ِحقت بَ َر َكة بَ ْي ِع ِھما «‪.‬‬ ‫بوركَ لھما في بَ ْي ِعھما ‪ ،‬وإن‬ ‫ص َد َ‬ ‫وفي رواية أخرى للبخاري ‪ » :‬فإن َ‬ ‫ق البي ِ‬ ‫ﱢعان وبيﱢنا ‪ِ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َكتَما وك َذبا ‪ ،‬فَ َع َسى ْ‬ ‫ُ‬ ‫اج َرة ‪َ :‬منفقة لِلسﱢل َع ِة ‪،‬‬ ‫محقا بر َكة ب ْي ِعھما ‪،‬‬ ‫أن يَرْ بَحا ِربحًا ما ‪ ،‬ويَ َ‬ ‫اليمين الف ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ب «‪.‬‬ ‫َم ْم َحقَةٌ لِ ْل َك ْس ِ‬ ‫َب لِى‬ ‫ال َكت َ‬ ‫َص َحا ‪َ ( 19 ) .‬وي ُْذ َك ُر ع َِن ْال َع ﱠدا ِء ب ِْن خَ الِ ٍد قَ َ‬ ‫ان َولَ ْم يَ ْكتُ َما َون َ‬ ‫باب إِ َذا بَيﱠنَ ْالبَيﱢ َع ِ‬ ‫النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬ھَ َذا َما ا ْشت َ​َرى ُم َح ﱠم ٌد َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ِ -‬منَ‬ ‫ال قَتَا َدةُ ْالغَائِلَةُ ﱢ‬ ‫الزنَا‬ ‫ْال َع ﱠدا ِء ب ِْن خَ الِ ٍد ‪ ،‬بَ ْي َع ْال ُم ْسلِ ِم ْال ُم ْسلِ َم ‪ ،‬الَ دَا َء ‪َ ،‬والَ ِخ ْبثَةَ ‪َ ،‬والَ غَائِلَةَ « ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫َوالس ِﱠرقَةُ َوا ِإلبَا ُ‬ ‫ى ُخ َرا َسانَ َو ِس ِج ْستَانَ فَيَقُو ُل‬ ‫آر ﱠ‬ ‫يل ِإل ْب َرا ِھي َم إِ ﱠن بَع َ‬ ‫ق ‪َ .‬وقِ َ‬ ‫ْض النﱠ ﱠخا ِسينَ يُ َس ﱢمى ِ‬ ‫ال ُع ْقبَةُ ب ُْن عَا ِم ٍر‬ ‫س ِم ْن ُخ َرا َسانَ ‪َ ،‬جا َء ْاليَوْ َم ِم ْن ِس ِج ْستَانَ ‪ .‬فَ َك ِرھَهُ َك َرا ِھيَةً َش ِدي َدةً ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫َجا َء أَ ْم ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ئ يَبِي ُع ِس ْل َعةً ‪ ،‬يَ ْعلَ ُم أَ ﱠن بِھَا دَا ًء ‪ ،‬إِالﱠ أَ ْخبَ َرهُ ‪.‬‬ ‫الَ يَ ِحلﱡ ِال ْم ِر ٍ‬ ‫عن ابن عمر ‪-‬رضي ﷲ عنھما‪ -‬قال‪ :‬أقبل علينا رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقال ‪:‬‬ ‫)) يا معشر المھاجرين ‪ ،‬خمس خصال إذا ابتليتم بھن وأعوذ با" أن تدركوھن لم تظھر‬ ‫الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بھا إال فشا فيھم الطاعون واألوجاع التي لم تكن مضت في‬ ‫أسالفھم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إال أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور‬ ‫السلطان عليھم ولم يمنعوا زكاة أموالھم إال منعوا القطر من السماء ولوال البھائم لم يمطروا‬ ‫ولم ينقضوا عھد ﷲ وعھد رسوله إال سلط ﷲ عليھم عدوا من غيرھم فأخذوا بعض ما في‬ ‫أيديھم وما لم تحكم أئمتھم بكتاب ﷲ تعالى ويتخيروا فيما أنزل ﷲ إال جعل ﷲ بأسھم بينھم‬ ‫‪3‬‬ ‫((‬

‫الربا‬ ‫‪ 1‬أخرجه الجماعة إال » الموطأ «‪.‬‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬صححه االلباني‬

‫‪190‬‬


‫حياة العظماء‬

‫} الﱠ ِذينَ يَأْ ُكلُونَ الرﱢ بَا َال يَقُو ُمونَ إِ ﱠال َك َما يَقُو ُم الﱠ ِذي يَتَ َخبﱠطُهُ ال ﱠش ْي َ‬ ‫ط ُ‬ ‫ان ِمنَ ْال َمسﱢ َذلِكَ بِأَنﱠھُ ْم‬ ‫قَالُوا إِنﱠ َما ْالبَ ْي ُع ِم ْث ُل الرﱢ بَا َوأَ َح ﱠل ﱠ‬ ‫ﷲُ ْالبَ ْي َع َو َح ﱠر َم الرﱢ بَا فَ َم ْن َجا َءهُ َموْ ِع َ‬ ‫ظةٌ ِم ْن َربﱢ ِه فَا ْنتَھَى فَلَهُ َما‬ ‫ُ‬ ‫ق ﱠ‬ ‫َسلَفَ َوأَ ْم ُرهُ إِلَى ﱠ‬ ‫ار ھُ ْم فِيھَا خَ الِ ُدونَ )‪ (275‬يَ ْم َح ُ‬ ‫ﷲُ الرﱢ بَا‬ ‫ﷲِ َو َم ْن عَا َد فَأولَئِكَ أَصْ َحابُ النﱠ ِ‬ ‫ت َو ﱠ‬ ‫ت َوأَقَا ُموا‬ ‫َويُرْ بِي ال ﱠ‬ ‫ار أَثِ ٍيم )‪ (276‬إِ ﱠن الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َو َع ِملُوا الصﱠالِ َحا ِ‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫ﷲُ َال يُ ِحبﱡ ُك ﱠل َكفﱠ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الص َﱠالةَ َوآَتَ ُوا الز َكاةَ لھُ ْم أجْ ُرھُ ْم ِعن َد َربﱢ ِھ ْم َو َال خَ وْ ٌ‬ ‫ف َعل ْي ِھ ْم َو َال ھُ ْم يَحْ زَ نونَ )‪ (277‬يَا أ ﱡيھَا‬ ‫الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا اتﱠقُوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َو َذرُوا َما بَقِ َي ِمنَ الرﱢ بَا إِ ْن ُك ْنتُ ْم ُم ْؤ ِمنِينَ )‪ (278‬فَإ ِ ْن لَ ْم تَ ْف َعلُوا فَأْ َذنُوا‬ ‫َظلِ ُمونَ َو َال تُ ْ‬ ‫ﷲِ َو َرسُولِ ِه َوإِ ْن تُ ْبتُ ْم فَلَ ُك ْم ُر ُءوسُ أَ ْم َوالِ ُك ْم َال ت ْ‬ ‫ب ِمنَ ﱠ‬ ‫ظلَ ُمونَ )‪َ (279‬وإِ ْن‬ ‫بِ َحرْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َص ﱠدقوا خَ ْي ٌر لك ْم إِ ْن كنت ْم تَ ْعل ُمونَ )‪َ (280‬واتقوا يَوْ ًما‬ ‫َكانَ ُذو ُع ْس َر ٍة فَن َِظ َرة إِلى َم ْي َس َر ٍة َوأ ْن ت َ‬ ‫ت َوھُ ْم َال ي ْ‬ ‫تُرْ َجعُونَ فِي ِه إِلَى ﱠ‬ ‫س َما َك َسبَ ْ‬ ‫ُظلَ ُمونَ )‪{ (281‬‬ ‫ﷲِ ثُ ﱠم تُ َوفﱠى ُكلﱡ نَ ْف ٍ‬ ‫الحسد‬ ‫تعريف الحسد‬ ‫ھو تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلھا‪.‬‬ ‫أنواعه‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬كراھه للنعمة على المحسود مطلقا وھذا ھو الحسد المذموم‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه وھذا الغبطة‪.‬‬ ‫مراتب الحسد‬ ‫‪ -1‬يتمني زوال النعمة عن الغير‪.‬‬ ‫‪ -2‬يتمنى زوال النعمة ويحب ذلك وإن كانت ال تنتقل إليه‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يتمنى زوال النعمة عن الغير بغضا ً لذلك الشخص لسبب شرعي كأن يكون ظالما ً‪.‬‬ ‫‪ -4‬أال يتمنى زوال النعمة عن المحسود ولكن يتمنى لنفسه مثلھا‪ ،‬وإن لم يحصل له مثلھا‬ ‫تمنى زوالھا عن المحسود حتى يتساويا وال يفضله صاحبه‪.‬‬ ‫‪ -5‬أن يحب ويتمنى لنفسه مثلھا فإن لم يحصل له مثلھا فال يحب زوالھا عن مثله وھذا ال‬ ‫بأس به‪.‬‬ ‫و اول من حسد ھابيل "وأتل عليھم نبأ ابني أدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدھما‬ ‫ولم يتقبل من األخر قال ألقتلنك قال أنما يتقبل ﷲ من المتقين"‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم دب اليكم داء االمم قبلكم الحسد والبغضاء ھي الحالقة‬ ‫حالقة الدين ال حالقة الشعر والذى نفس محمد بيده ال تؤمنوا حتى تحابوا أفال انبئكم بامر إذا‬ ‫فعلتموه تحاببتم أفشوا السالم بينكم‬ ‫ال ‪ )) :‬إيﱠاك ْمُ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬ق َ‬ ‫وعن أَبي ھريرة ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ :-‬أن النب ﱠ‬ ‫‪1‬‬ ‫الح َ‬ ‫الح َس َد ؛ فَ ﱠ‬ ‫ب (( ‪.‬‬ ‫ال ‪ )) :‬ال ُع ْش َ‬ ‫ب (( أَوْ قَ َ‬ ‫ط َ‬ ‫ت َك َما تَأ ُك ُل النﱠا ُر َ‬ ‫الح َس َد يَأ ُك ُل َ‬ ‫إن َ‬ ‫َو َ‬ ‫الح َسنَا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت اللﱠ ْيلَةَ لَ ْم ي َُر ِم ْثلُھ ﱠُن قَ ﱡ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ط )قلُْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َرسُو ُل ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬أل ْم ت َ​َر آيَا ٍ‬ ‫ق َ‬ ‫ت أن ِزل ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اس( «‪.‬‬ ‫ق( َو )قلْ أعوذ بِ َربﱢ الن ِ‬ ‫أَ ُعو ُذ بِ َربﱢ الفل ِ‬ ‫قال بن تيمية ‪":‬اركان الكفر أربعة ‪ :‬الكبر و الحسد و الغضب و الشھوة"‬ ‫‪ 1‬رواه أَبُو داود ‪.‬‬ ‫‪ 2‬صحيح مسلم‬

‫‪191‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال الفضيل بن عياض‪ :‬ما أحب أحد الرياسة إال أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب‬ ‫يذكر الناسُ أحداً عنده بخير‪ ،‬ومن عشق الرياسة فقد تُودﱢع من‬ ‫ليتميز ھو بالكمال‪ ،‬ويكره أن‬ ‫َ‬ ‫صالحه‪.‬‬ ‫قال عبيد ﷲ بن الحسن العنبري‪ :‬ألن أكون ذنبا ً في الحق‪ :‬أحبﱡ إلي من أن أكون رأسا ً‬ ‫‪1‬‬ ‫في الباطل‪.‬‬

‫أن الذين ال يعملون يؤذي نفوسھم أن يعمل الناس‬ ‫ولم أر أمثال الرجال تفاوتت ********الى الفضل حتى عد ألف بواحد‬ ‫ولن تستبين الدھر موضع نعمة ***** اذا أنت لم تدلل عليھا بحاسد‬

‫‪ 1‬تھذيب التھذيب‬

‫‪192‬‬


‫حياة العظماء‬

‫امتدح زھير بن أبي سلمى قوما من بني عبدﷲ بن غطفان‪،‬فقال ‪:‬‬ ‫لو كان يقعد فوق الشمس من كرم ×××××× قوم بأولھم أو مجدھم قعدوا‬ ‫قوم أبوھم سنان حين تنسبھم ××××××× طابوا وطاب من األوالد ما ولدوا‬ ‫إنس إذا أمنوا جن إذا فزعوا ×××××× مرزءون بھا ليل إذا حشدوا‬ ‫محسدون على ما كان من نعم ×××××× ال ينزع ﷲ منھم ماله حسدوا‬ ‫الى المحسود أقول‪:‬‬ ‫إذا كنت با" مستعصما *** فماذا يضيرك كيد العبيد‬ ‫أن الشجرة المثمرة ال تسلم من الحشرات و إن مرضى الحسد و النفاق ال يصيبان الى‬ ‫االقوياء المتفوقين ‪ ،‬فالحسد ال يصيب الى الناجح و النفاق ال يصيب الى الدولة القوية فال تجد‬ ‫منافقا في العھد المكي و أنما ظھر النفاق عندما انتقل االسالم الى العھد المدنى و أنتصر‬ ‫المسلمون في بدر‬ ‫قال الطرماح بن حكيم ‪:‬‬ ‫لقد زادني حبا لنفسي أنني ××× بغيض الى كل امرىء غير طائل‬ ‫وأني شقي باللئام وال ترى ××× شقيا بھم اال كريم الشمائل‬ ‫محسودون و شر الناس منزلة من عاش في الناس غير محسود‬ ‫و العالج سھل و ميسورفعن عبد ﷲ بن حبيب قال‪) :‬خرجنا في ليلة ممطرة فطلبت النبي‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه‪ ،‬فقال‪ :‬قل‪ ،‬فلم أقل شيئا‪ ،‬قال‪ :‬قلت يا رسول ﷲ ما‬ ‫أقول ؟ قال‪} :‬قل ھو ﷲ أحد{ و المعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثالث مرات تكفيك كل‬ ‫‪1‬‬ ‫شيء(‬ ‫‪2‬‬ ‫و المعوذتين ھما‬ ‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬ ‫ب )‪َ (3‬و ِم ْن َشرﱢ‬ ‫ق )‪ِ (1‬م ْن َشرﱢ َما خَ لَ َ‬ ‫ق إِ َذا َوقَ َ‬ ‫ق )‪َ (2‬و ِم ْن َشرﱢ غ ِ‬ ‫َاس ٍ‬ ‫قُلْ أَ ُعو ُذ بِ َربﱢ ْالفَلَ ِ‬ ‫اس ٍد إِ َذا َح َس َد )‪(5‬‬ ‫ت فِي ْال ُعقَ ِد )‪َ (4‬و ِم ْن َشرﱢ َح ِ‬ ‫النﱠفﱠاثَا ِ‬ ‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬ ‫اس )‪(4‬‬ ‫اس ْال َخنﱠ ِ‬ ‫اس )‪ِ (3‬م ْن َشرﱢ ْال َوس َْو ِ‬ ‫اس )‪ (2‬إِلَ ِه النﱠ ِ‬ ‫اس )‪َ (1‬ملِ ِك النﱠ ِ‬ ‫قُلْ أَ ُعو ُذ بِ َربﱢ النﱠ ِ‬ ‫اس )‪(6‬‬ ‫الﱠ ِذي ي َُوس ِْوسُ فِي ُ‬ ‫اس )‪ِ (5‬منَ ْال ِجنﱠ ِة َوالنﱠ ِ‬ ‫ور النﱠ ِ‬ ‫ص ُد ِ‬ ‫و عليك بكتمان سرك‬ ‫احفظ لسانك ال تبح بثالثة ****** سن ومال ان سئلت ومذھب‬ ‫فعلى الثالثة تبتلى بثالثة ****** بمكفر و بحاسد و مكذب‬ ‫و الى الحاسد أقول ‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫َصيبٌ ِم ﱠما اكتَ َسبُوا َولِلن َسا ِء‬ ‫} َو َال تَتَ َمنﱠوْ ا َما فَض َﱠل ﷲُ بِ ِه بَع َ‬ ‫ال ن ِ‬ ‫ْض لِلرﱢ َج ِ‬ ‫ْضك ْم َعلى بَع ٍ‬ ‫ﷲَ ِم ْن فَضْ لِ ِه إِ ﱠن ﱠ‬ ‫َصيبٌ ِم ﱠما ا ْكتَ َس ْبنَ َواسْأَلُوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َكانَ بِ ُك ﱢل َش ْي ٍء َعلِي ًما )‪{ (32‬‬ ‫ن ِ‬ ‫}‬ ‫‪ 1‬قال الترمذي حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪ 2‬ال تتعجب فقد قابلت من المسلمين من ال يعرفون المعوذتين‬

‫‪193‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اس َعلَى َما آتَاھُ ُم ّ‬ ‫َاب َو ْال ِح ْك َمةَ‬ ‫آل إِب َْرا ِھي َم ْال ِكت َ‬ ‫ﷲُ ِمن فَضْ لِ ِه فَقَ ْد آتَ ْينَآ َ‬ ‫}أَ ْم يَحْ ُس ُدونَ النﱠ َ‬ ‫َظي ًما{ سورة النساء اآلية )‪{(54‬‬ ‫َوآتَ ْينَاھُم ﱡم ْل ًكا ع ِ‬ ‫أقرأ قوله تعالى ‪ " :‬نحن قسمنا بينھم معيشتھم في الحياة الدنيا " فترك الحسد و اعلم أن‬ ‫رزقك عند ﷲ ‪،‬‬ ‫أعطيت ك ﱠل النﱠاس من نفسي الرﱢ ضا ‪ ...‬إالﱠ الحسود فإنﱠه أعياني‬ ‫ال ﱠ‬ ‫أن لي ذنبا ً لديه علمته ‪ ...‬إالﱠ تظاھر نعمة الرﱠحمن‬ ‫ق حشاه ألن رأى ‪ ...‬عندي كمال غن ًى وفضل بيان‬ ‫يطوي على حن ٍ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ماإن أرى يرضيه إال ذلتي ‪ ...‬وذھاب أموالي وقطع لساني‬ ‫و يقول شاعر أخر‬ ‫وداريت كل الناس لكن حاسدي * مداراته عـزت وعـز منالھـا‬ ‫وكيف يداري المرء حاسد نعمة * إذا كـان ال يرضيه إال زوالھـا‬ ‫اتعلم على من تعترض ؟؟ أنك تعترض على حكم ﷲ الذى وزع االرزاق ‪:‬‬ ‫أال قل لمن بات لي حاسداً ‪ ...‬أتدري على من أسأت األدب‬ ‫أسأت عـلـى ﷲ في فــعلـه ‪ ...‬ألنك لم ترض لي ما وھب‬ ‫جاء في مصنف بن ابي شيبة ‪ :‬لما رفع ﷲ موسى نجيا رأى رجال متعلقا بالعرش فقال ‪:‬‬ ‫يا رب ! من ھذا ؟ قال ‪ :‬عبدمن عبادي صالح ‪ ،‬إن شئت أخبرتك بعمله ‪ ،‬قال ‪ :‬يا رب !‬ ‫أخبرني ‪ ،‬قال ‪ :‬كان ال يحسد الناس ما آتاھم من فضله‪.‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪) :‬إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما‬ ‫‪1‬‬ ‫يعجبه فليدع له بالبركة فإن العين حق ‪.( .‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪) :‬أال أخبركم بما يذھب وحر الصدر ؟ صوم ثالثة‬ ‫‪2‬‬ ‫أيام من كل شھر‪.( .‬‬ ‫و قال الحسن )وال يجدون في صدورھم حاجة مما أوتوا( قال ‪ :‬الحسد‪.‬‬ ‫و ال تدري لعل من تحسده على وظيفة مثال عنده من الھموم بسبب ھذه الوظيفة ما ﷲ به‬ ‫‪3‬‬

‫عليم‬ ‫ھم يحسدونني على موتي فواسفاه‬

‫حتى على الموت ال أخلو من الحسد‬

‫قال معاوية بن أبي سفيان‪:‬كل الناس أرضيته إال حاسد نعمة‪،‬فإنه ال يرضيه إال زوالھا‪.‬‬ ‫أخذه الشاعر فقال‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫كلﱡ العداوة قد ترجى إماتتھا ‪ ...‬إال عداوة من عاداك من حسد‬ ‫قال معاوية بن أبي سفيان‪:‬ليس في خالل الشر أشر من الحسد‪ ،‬ألنه قد يقتل الحاسد قبل‬ ‫‪4‬‬ ‫أن يصل إلى المحسود‪.‬‬ ‫‪ 1‬صحيح الجامع‬ ‫‪ 2‬صحيح الجامع‬ ‫‪ 3‬مصنف بن ابي شيبة‬ ‫‪ 4‬بھجة المجالس‬

‫‪194‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الحسد الممدوح‬ ‫قال النبي صلى ﷲ عليه و سلم ال حسد إال في اثنتين رجل آتاه ﷲ القرآن فھو يقوم به‬ ‫‪1‬‬ ‫أناء الليل وآناء النھار ورجل آتاه ﷲ ماال فھو ينفقه آناء الليل وآناء النھار‬ ‫] قال االمام النووي ) ال حسد إال في اثنتين ( قال العلماء الحسد قسمان حقيقي ومجازي‬ ‫فالحقيقي تمني زوال النعمة عن صاحبھا وھذا حرام بإجماع األمة مع النصوص الصحيحة‬ ‫وأما المجازي فھو الغبطة وھو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالھا عن‬ ‫صاحبھا فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإن طاعة فھي مستحبة والمراد بالحديث ال‬ ‫غبطة محبوبة إال في ھاتين الخصلتين وما في معناھما ) آناء الليل وآناء النھار ( أي ساعاته‬ ‫واحده اآلن [‬

‫االبتسامة‬ ‫قال ابن عقيل الحنبلي ‪ :‬البشر مؤنس للعقول‪ ،‬ومن دواعي القبول‪ ،‬والعبوس ضده‬ ‫قال بن حبان ‪ ":‬البشاشة إدام العلماء وسجية الحكماء ألن البشر يطفئ نار المعاندة‬ ‫ويحرق ھيجان المباغضة وفيه تحطيم من الباغي ومنجاة من الساعي"‬ ‫وقال أبو جعفر المنصور‪ :‬إن أحببت أن يكثر الثناء الجميل عليك من الناس بغير‬ ‫نائل_ ْ‬ ‫فالقَھُ ْم ببشر حسن ‪.‬‬ ‫قيل للعتابي‪ :‬إنك تلقى الناس كلھم بالبشر!‬ ‫قال دفع ضغينة بأيسر مؤونة‪ ،‬واكتساب إخوان بأيسر مبذول ‪.‬‬ ‫وقال محمد بن حازم‪:‬‬ ‫وما اكتسب المحام َد حامدوھا بمثل البشر والوجه الطليق‬ ‫وقال آخر‪:‬‬ ‫البشر محبوب على حسن بشره ولن يعد َم البغضا َء من كان عابسا‬ ‫أخو‬ ‫ِ‬ ‫وقال آخر‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ق المود ِة والمحبة‬ ‫البِ ْش ُر يكسبُ أھلهُ‬ ‫صد َ‬ ‫ِ‬ ‫والتﱢ ْيهُ يستدعي لصا حبه المذمة والمسبـة‬ ‫االبتسامة مفتاح القلوب و عطاء ال ينقص من مالك‬ ‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬الفنون‬

‫‪195‬‬

‫‪2‬‬


‫حياة العظماء‬

‫واجب عملي‬ ‫أحرص اذا التقطت لك صورة في اي لحظة من ليل او نھار على غفله منك ان تكون‬ ‫مبتسما و ان يطلق عليك اصحابك لقب المبتسم‬

‫االتصال‬ ‫عملية اجتماعية مستمرة ذات اتجاھين تستھدف نقل و تبادل المعاني و المعلومات و‬ ‫االفكار من المرسل الى المستقبل بھدف الحصول على استجابة من المستقبل‬ ‫و دعنى اخبرك قبل أن تبدا ‪ :‬انه قديما كان االقوى ھو االقوى جسمانيا‬ ‫ثم اصبح االقوى ھو صاحب السلطة‬ ‫ثم اصبح االقوى ھو االغنى و االكثر ماال‬ ‫و االن اصبح االقوى و االعظم ھو الذي يجيد فن االتصال و التواصل فبالتواصل‬ ‫يمكنك ان تتفھم االخرين و تنقل اليھم فكرتك فنحن ال نملك عقول االخرين و لكن يمكننا فقط‬ ‫الطرق على باب العقول‬ ‫يقول مالكوم اكس ‪":‬لو كان المسلمون يستعملون مناھج العالقات العامة المتطورة لسار‬ ‫االسالم بسرعة مضاعفة"‬ ‫و قد يكون االتصال‬ ‫• مباشر و ينقسم الى‬ ‫‪ .1‬فردي و ھو افضل بالتأكيد حيث يمكنك التواصل مع الشخص حسب‬ ‫نمطه و استخدام مھارات االتصال و منادته بأسمه مما يؤثر به بسرعه‬ ‫‪ .2‬جماعي مثل خطبه الجمعة او مؤتمر‬ ‫• غير مباشر مثل الصحف و المجالت‬ ‫نجد في عملية االتصال ‪ 4‬تعريفات‬ ‫‪ .1‬المرسل‬ ‫‪ .2‬المستقبل‬ ‫‪ .3‬الرساله‬ ‫‪ .4‬وسيلة االتصال‬ ‫• المرسل و ھو صاحب رساله يريد ايصالھا و يتوجب عليه النجاح عملية‬ ‫التواصل ‪:‬‬ ‫تحديد الھدف و كتابة رؤوس المواضيع و ترتيب االفكار قبل االتصال ما امكن‬ ‫مراعاه حاجات و دوافع المرسل اليه‬ ‫استخدام لغة حوار مشتركة بينه و بين المرسل اليه‬ ‫الثقة في رسالته‬ ‫ترتيب الكالم‬ ‫نبره الصوت واضحة و ھادئه‬ ‫انفصل بمشاعرك عن التجربة‬ ‫‪196‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬ھَلَكَ ْال ُمتَنَ ﱢ‬ ‫طعُونَ «‪ .‬قَالَھَا ثَالَثًا‪.‬‬ ‫عدم التكلف قَ َ‬ ‫اختيار الكلمات المناسبة ‪ ،‬كل مصلح له أكثر من معنى ‪ ،‬حاول أختيار االنسب و‬ ‫االصلح و االجمل )تعال – اتفضل ( )متشكرين ‪ -‬جزاكم ﷲ خيرا( } َوقُلْ لِ ِعبَا ِدي‬ ‫طانَ يَ ْن َز ُ‬ ‫يَقُولُوا الﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن إِ ﱠن ال ﱠش ْي َ‬ ‫ان َع ُد ًّوا ُمبِينًا‬ ‫إل ْن َس ِ‬ ‫غ بَ ْينَھُ ْم إِ ﱠن ال ﱠش ْيطَانَ َكانَ لِ ْ ِ‬ ‫)‪{(53‬‬ ‫‪2‬‬ ‫البالغة و االقتصار في الكالم ‪“:‬كان النبي يحدث حديثا لو عده العاد ألحصاه“‪.‬‬ ‫وجود افتتاحية لجذب المستقبل " أرأيتم لو أخبرتكم أن خيالً بالوادي تريد أن تغير‬ ‫عليكم أكنتم مصدقي ؟"‬ ‫يھتم بطريقة فھم المرسل اليه الرساله‬ ‫ال فِي ُخ ْ‬ ‫ْ‬ ‫طبَتِ ِه ‪َ :‬م ْن ي ُِط ْع ﷲَﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ب ال ِذي قَ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم قَ َ‬ ‫َوقَ ْد ثَبَتَ } أَنﱠهُ َ‬ ‫ال لِلخَ ِطي ِ‬ ‫ص ِھ َما { ْال َح ِد َ‬ ‫س خَ ِطيبُ ْالقَوْ ِم أَ ْنتَ { لِ َج ْم ِع ِه بَ ْينَ‬ ‫يث } بِ ْئ َ‬ ‫َو َرسُولَهُ فَقَ ْد َر َش َد َو َم ْن يَ ْع ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ير ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْص‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم ‪َ } ،‬وقَ َ‬ ‫ير َرسُولِ ِه َ‬ ‫ﷲِ تَ َعالَى َو َ‬ ‫َ‬ ‫ض ِم ِ‬ ‫ض ِم ِ‬ ‫ال ‪ :‬قلْ ‪َ :‬و َم ْن يَع ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲَ َو َرسُولَهُ { ُ ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫• المستقبل و ھو المقصود بالرساله‬ ‫يحدد العالمة ابو حامد الغزالي صفات المستقبل فيقول " أن يكون مصغيا ً إلى ما‬ ‫يقوله القائل ‪ ،‬حاضر القلب ‪ ،‬قليل االلتفات إلى الجوانب متحرزاً عن النظر إلى‬ ‫وجوه المستمعين وما يظھر عليھم من أحوال الوجد ‪ ،‬مشتغالً بنفسه ومراعاة قلبه‪،‬‬ ‫ومراقبة ما يفتح ﷲ تعالى له من رحمته في سره ‪ ،‬متحفظا ً عن حركة تشوش على‬ ‫أصحابه‪" ...‬‬ ‫اسمع مخاطبة الجليس وال تكن * * * عجالً بنطقك قبلما تتفھـم‬ ‫لم تعط مع أذنيك نطقـا ً واحـداً * * * إال لتسمع ضعف ما تتكلم‬ ‫و النجاح عملية االتصال عليه‬ ‫االستماع و عدم المقاطعه و عدم التشويش‬ ‫االنصات بالقلب و العين )االنصات يعطيك فرصة للتفكير و يزيد من قدراتك و‬ ‫يتفاوض عنك و يمتص غضب من امامك و يكسبك محبتھم( يقول المأمون الحارثي‬ ‫‪ ":‬ارعونى اسماعكم و اصغوا الي بقلوبكم يبلغ الوعظ منكم حيث اريد"‬ ‫االنتباة الى االتصال غير اللفظي‬ ‫التركيز على االفكار االساسية‬ ‫االلتفات الى المرسل بكليتك ‪ ،‬عن عمرو بن العاص قال ‪ :‬كان رسول ﷲ يُقبل‬ ‫‪4‬‬ ‫بوجھه وحديثه عل ّي ‪ ،‬حتى ظننت أني خير القوم ‪.‬‬ ‫قال بعض الحكماء‪:‬‬ ‫إذا جالست الجھال فأنصت لھم‪.‬‬ ‫وإذا جالست العلماء فأنصت لھم‪.‬‬ ‫فإن في إنصاتك للجھال زيادة في الحلم ‪ ،‬وإن في انصاتك للعلماء زيادة في العلم‪.‬‬ ‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬متفق عليه‬ ‫‪ 3‬سبل السالم‬ ‫‪ 4‬الترمذي‬

‫‪197‬‬


‫حياة العظماء‬

‫دالئل االصغاء ‪:‬‬ ‫اعادة نص او جزء منه‬ ‫توجية االسئلة المتعلقة بالموضوع‬ ‫اعادة صياغة كالم المرسل‬ ‫التلخيص العام‬ ‫• الرساله‬ ‫و ھى تحويل االفكار الى رموز ذات معاني مشتركة بين المرسل و المستقبل‬ ‫و يشترط بھا ان تكون واضحة و مختصرة‬ ‫• وسيلة االتصال‬ ‫تختلف من عصر لعصر و من زمان الى زمان‬ ‫و يشترط فيھا‬ ‫• السرعة‬ ‫• مناسبة لعدد المستقبلين و للموضوع و الوقت‬ ‫و من الطريف ان أحد المسؤوليين عن شبكة انترنت محلية كان يريد وسيلة للتواصل و للتبليغ‬ ‫عن االعطال فكانت ھناك فكره أنشاء مدونة يمكن لمن تعطل االنترنت لديه الدخول الى االنترنت‬ ‫و تسجيل تعليق بالمدونة بوجود عطل لديه!!!‬ ‫فمما ال شك فيه أن االنترنت وسيلة قوية للتواصل ‪ ،‬لكن لن نستخدمة لالبالغ عن وجود عطل‬ ‫باالنترنت‬ ‫• التكلفة المناسبة‬ ‫و مما يروى في ھذا ان شريك في احد الشركات دخل عليه السكرتير فرحا و ھو يقول ‪":‬لقد‬ ‫حققنا ربحا و ألول مره منذ اعوام " فرح الشريك و قال ‪":‬ارسل الى شريكنا برقية حاال تبشره‬ ‫بھا"‬ ‫تردد السكرتير ثم قال ‪":‬لو ارسلت له برقية فسنتحول الى خانة الخسائر "‬ ‫و ينقسم االتصال الى‬ ‫‪ .1‬أتصال لفظى‬ ‫‪ .2‬اتصال ال لفظي‬ ‫و ھو يمثل اغلب االتصال و لھذا كان المنبر حتى يرى الحاضرين االمام و خطب‬ ‫الرسول محمد على ناقتة القصواء في الحج ليراه الحجاج‬ ‫و االتصال ال لفظي ينقسم الى ‪:‬‬ ‫• نبرة الصوت‬ ‫• و االيماءات الجسدية و تنقسم الى‬ ‫أ‪ -‬حركة االطراف‬ ‫مثل التلفت و تحريك الذراع‬ ‫ب‪ -‬حركة العين‬

‫‪198‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال على بن أبي طالب ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ق ُم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ار َم أَ ْخ َال ٌ‬ ‫طھ َﱠرة فال َعق ُل أ ﱠولھَا َوالد ُ‬ ‫ﱢين ثانِيھَا‬ ‫ا ﱠن ْال َم َك ِ‬ ‫َو ْال ِع ْل ُم ثَالِثُھَا َو ْال ِح ْل ُم َرابِ ُعھَا َو ْالجُو ُد خَ ا ِم ُسھَا َو ْالعُرْ ُ‬ ‫ف َسا ِديھَا‬ ‫َاس ُعھَا َواللﱢ ُ‬ ‫َاشيھَا‬ ‫َو ْالبِرﱡ َسابِ ُعھَا َوال ﱠ‬ ‫ين ع ِ‬ ‫ص ْب ُر ثَا ِمنُھَا َوال ﱡش ْك ُر ت ِ‬ ‫صيھَا‬ ‫َوالنﱠ ْفسُ تَ ْعلَ ُم أَنﱢي َال أُ َ‬ ‫ص ﱢدقُھَا َولَسْت أَرْ ُش ُد ﱠإال ِحينَ أَ ْع ِ‬ ‫َو ْال َعي ُْن تَ ْعلَ ُم فِي َع ْين َْي ُم َح ﱢدثِھَا َم ْن َكانَ ِم ْن ِح ْزبِھَا أَوْ ِم ْن أَعَا ِديھَا‬ ‫‪1‬‬ ‫ي ِم ْنك َعلَى أَ ْشيَا َء لَوْ َالھُ َما َما ُك ْنت تُ ْب ِديھَا‬ ‫َع ْينَاك قَ ْد َدلﱠتَا َع ْينَ ﱠ‬ ‫تريك أعينھم ما في صدورھم ‪ ...‬إن الصدور يؤ ّدي سرّھا النظر‬ ‫عيناك قد حكتا مبي ‪ ...‬تك كيف كنت وكيف كانا‬ ‫عين قد أرت ‪ ...‬ك مبيت صاحبھا عيانا ً‬ ‫ولرب ٍ‬

‫و ھناك ثالثة أنماط‬ ‫‪ .1‬حسي‬ ‫‪ .2‬سمعي‬ ‫‪ .3‬بصري‬ ‫و في حالة مخاطبة العديد من الناس تنقل بين االنماط الثالثة‬ ‫‪2‬‬

‫و أنظر معي في موقف على بن ابي طالب و أسمع الى ما قاله ‪........‬أننا نشعر في ھذا‬ ‫الموقف ب‪..............‬‬

‫الخطابة‬ ‫يحتاج العظيم في كثير من االحيان ان يخطب في اتباعه ليحثھم على فعل أمر‬ ‫وإذا خطبت فللمنابر ھزة **** تعرو الندى وللقلوب بكاء‬ ‫قال بعض الكلبيين ‪:‬‬ ‫خطل الكالم تقوله مختاالً‬ ‫فإذا خطبت على الرجال فال تكن ‪ِ 0.0‬‬ ‫واعلم بأن من السكوت إبانة ‪ 0.0‬ومن التكلم ما يكون خباالً‬ ‫و على الخطيب أن يبدأ بنفسه‬ ‫ض َوھُ َو ْال َع ِزي ُز ْال َح ِكي ُم )‪ (1‬يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا لِ َم‬ ‫اوا ِ‬ ‫} َسب َﱠح ِ ﱠ"ِ َما فِي ال ﱠس َم َ‬ ‫ت َو َما فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫تَقُولُونَ َما َال تَ ْف َعلُونَ )‪َ (2‬كب َُر َم ْقتًا ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ﷲِ أَ ْن تَقُولُوا َما َال تَ ْف َعلُونَ )‪{ (3‬الصف‬ ‫و اال يتحدث حتى يحس برغبه الحاضرين و شوقھم‬ ‫قال الخطيب البغدادي رحمه ﷲ تعالى‪:‬‬

‫‪ 1‬أدب الدنيا و الدين‬ ‫‪ 2‬الفراسة العربية لھا تقسيم قريب من ھذا يعتمد على تقسيم الوجة ثالثة اقسام ‪ ،‬و ادرجت ھنا ھذا التقسيم النه اشتھر بين الناس‬

‫‪199‬‬


‫حياة العظماء‬

‫"حق الفائدة أن ال تساق إال إلى مبتغيھا‪ ،‬وال تعرض إال على الراغب فيھا‪ ،‬فإذا رأى‬ ‫المحدث بعض الفتور من المستمع‪ ،‬فليسكت‪ ،‬فإن بعض األدباء قال‪ :‬نشاط القائل على قدر‬ ‫فھم المستمع"‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ‪ :‬إِني‬ ‫يل لهُ ‪ :‬ل َو ِد ْدنَا أنكَ ذكرْ تَنَا ك ﱠل يَوْ ٍم ‪ ،‬فق َ‬ ‫يس ‪ ،‬فقِ َ‬ ‫و َكانَ َع ْب ُد ﷲِ يُذك ُر يَوْ َم الخَ ِم ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم َكانَ يَتَ َخ ﱠولنَا بِال َموْ ِعظ ِة َك َرا ِھيَة السﱠآ َم ِة‬ ‫أَتَخَ ﱠولُ ُك ْم بِ ْال َموْ ِعظَ ِة ‪ ،‬إِ ﱠن َرس َ‬ ‫َعلَ ْينَا َور ﱢُوينَا فِي َك َرا ِھيَ ِة الت ﱠ ْ‬ ‫ﷲِ ب ِْن َم ْسعُو ٍد ‪َ ،‬و َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ب ‪َ ،‬و َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ﷲِ ب ِْن‬ ‫يل ع َْن ُع َم َر ب ِْن ْالخَ طﱠا ِ‬ ‫ط ِو ِ‬ ‫ال َع ْب ُد ﱠ‬ ‫س ‪َ ،‬وقَالَ ْ‬ ‫ﷲِ ب ُْن َم ْسعُو ٍد ‪:‬‬ ‫يط ِھ ْم َوقَ َ‬ ‫ت عَائِ َشةُ لِ ُعبَ ْي ِد ب ِْن ُع َم َر ‪ :‬إِيﱠاكَ َوإِ ْم َ‬ ‫اس َوتَ ْقنِ ِ‬ ‫َعبﱠا ٍ‬ ‫الل النﱠ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫يل ‪َ :‬و َما عَال َمةُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َرفَت َعنكَ قلوبُھُ ْم فَال ت َحدﱢثھُ ْم ‪ ،‬قِ َ‬ ‫ث القَوْ َم إِذا أقبَلت َعل ْيكَ قلوبُھُ ْم ‪ ،‬فَإِذا ان َ‬ ‫َح ﱢد ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْض‬ ‫ار ِھ ْم فَقَ ْد أقبَلت َعل ْيكَ قلوبُھُ ْم ‪ ،‬فَإِذا ات ِك َئ بَ ْع ُ‬ ‫ال ‪ :‬إِذا َح ﱠدثوكَ بِأ ْب َ‬ ‫َذلِكَ ؟ قَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ضھُ ْم َعلى بَع ٍ‬ ‫‪1‬‬ ‫َوتَثَا َءبُوا فَال تُ َحد ْﱢثھُ ْم‬ ‫قال لقمان الحكيم لولده‪ :‬يا بني ‪ ..‬إذا افتخر الناس بحسن كالمھم فافتخر أنت بحسن‬ ‫صمتك‬ ‫وتذكر ‪..‬من كثر كالمه كثر خطؤه‪.‬‬ ‫و أنظر الى أسلوب التشويق‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫قال سعد بن أبي وقاص ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » : -‬كنﱠا عن َد‬ ‫ِ‬ ‫يكسبُ‬ ‫ْج ُز أَ َح ُدكم أَن يَك ِس َ‬ ‫َ‬ ‫يوم أَلفَ حسنة؟ فسألَهُ سائِ ٌل ِمن ُجلَ َسائِ ِه ‪ :‬كيفَ ِ‬ ‫ب ك ﱠل ٍ‬ ‫فقال ‪ :‬أَيَع ِ‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫ألف حسن ٍة ‪ ،‬أو ي َُحط عنه ُ‬ ‫َسبيح ٍة ‪ ،‬فيُ ْكتَب له ُ‬ ‫ألف‬ ‫أح ُدنا ألفَ حسنة ؟ قال ‪ :‬يُسبﱢ ُح مائةَ ت َ‬ ‫‪2‬‬ ‫خطيئة«‪.‬‬ ‫أجعل موضوع الخطبه يھم الحاضرين فال تتكلم عن التبرع و الزكاة و الربا مع مسجد‬ ‫في منطقة ريفية فقيرة ‪ ،‬و ال عن موضوع زكاه الحبوب في مسجد بمنطقة صناعية و ال‬ ‫تحدث المكفوفيين "عن غض البصر" و ال عن مشاكل البلدة في مسجد اكثره مسافرون و ال‬ ‫عن مشاكل الزواج في مسجد اكثرة عزاب و لكن الفطنة الفطنة‬ ‫و اھتم بوحدة موضوع الخطبة فال تبدأ بالزكاه منتقال الى انفلونزا الخنازير الى ارھاب‬ ‫امريكا الى احكام فقھية و اجعل عناصر الخطبة توصل كل منھا الى االخر‬

‫؟"‬

‫و ال تناقش قضيه خالفية فأن المسجد يوفق و ال يفرق و ال تناقش شبھات مع العوام‬ ‫ُ ‪3‬‬ ‫ب ﱠ‬ ‫ﷲُ َو َرسُولهُ‬ ‫ْرفُونَ ‪ ،‬أَتُ ِحبﱡونَ أَ ْن يُ َك ﱠذ َ‬ ‫ال َعلِ ﱞى َح ﱢدثُوا النﱠ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫اس بِ َما يَع ِ‬ ‫ً‪4‬‬ ‫ال َع ْب َد ﱠ‬ ‫ْض ِھ ْم فِ ْتنَة‪.‬‬ ‫ﷲِ ْبنَ َم ْسعُو ٍد َما أَ ْنتَ بِ ُم َح ﱢد ٍ‬ ‫قَ َ‬ ‫ث قَوْ ًما َح ِديثًا الَ تَ ْبلُ ُغهُ ُعقُولُھُ ْم إِالﱠ َكانَ لِبَع ِ‬ ‫نوع في الخطبة فال تجعل كل الخطب عن النار مثال فيتسائل الناس ‪":‬متى سندخل الجنة‬

‫و أجعل أسلوب الخطبه يناسب الحضور‬ ‫فللعوام أسلوب و طريقة غير الطريقة التى تتواصل بھا مع أھل العلم ‪،‬‬ ‫‪ 1‬االداب للبيھقي‬ ‫‪ 2‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 3‬صحيح البخاري‬ ‫‪ 4‬صحيح مسلم‬

‫‪200‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬ھَلَكَ ال ُمتَنَ ﱢ‬ ‫طعُون‪ - 1‬قالھا ثالثا «‬ ‫و أنظر الى تأثير شريط "لماذا ال تصلى" للشيخ محمد حسين يعقوب و كيف وصل الى‬ ‫البسطاء من الناس‬ ‫و ذكر الشيخ "محمد حسين يعقوب" أنه أعطى شريط "الحجاب" للشيخ "وجدى غنيم"‬ ‫إلحدى المدرسات فلم تستفد منه شيئا رغم تأثيره في العديد من الفتيات لكنھا كانت بحاجة الى‬ ‫لغة سليمة و ليست لغة عاميه كالتى يستعملھا الشيخ وجدى حفضه ﷲ ليصل الى البسطاء من‬ ‫امثالنا‬ ‫‪2‬‬

‫و على الخطيب التحضير الجيد للخطبة ال من يوم الخميس بل من ليلة السبت يفكر‬ ‫بموضوع الخطبة و يبحث و يطالع و يتأمل‬ ‫ُ‬ ‫يقول عمر بن الخطاب في حديث السقيفة ‪» :‬وكنت ز ّوقت في نفسي مقالة« و في رواية‬ ‫" كنت قد زورت في نفسي مقالة أعجبتني أريد أن أقدمھا بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه‬ ‫بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرھت أن أغضبه فتكلم أبو بكر‬ ‫وكان أحلم مني وأوقر وﷲ ما ترك من كلمة اعجبتني في تزويري إال قال في بديھته مثلھا أو‬ ‫أفضل منھا‪" .‬‬ ‫• الخطبة مشروع بناء‬ ‫قال ابن القيم‪) :‬وكذلك كانت خطبه صلى ﷲ عليه وسلم إنما ھي تقرير االصول االيمان‬ ‫با" ومالئكته وكتبه ورسله ولقائه‪ ،‬وذكر الجنة والنار وما أعد ﷲ الوليائه وأھل طاعته وما‬ ‫أعد العدائه وأھل معصيته فيمال القلوب من خطبته إيمانا وتوحيدا ومعرفة با" وأيامه‪ ،‬ال‬ ‫كخطب غيره التي إنما تفيد أمورا مشتركة بين الخالئق‪ ،‬وھي النوح على الحياة والتخويف‬ ‫بالموت فإن ھذا أمر ال يحصل في القلب إيمانا با" وال توحيدا له وال معرفة خاصة وال‬ ‫تذكيرا بأيامه وال بعثا للنفوس على محبته والشوق إلى لقائه‪ ،‬فيخرج السامعون ولم يستفيدوا‬ ‫فائدة غير أنھم يموتون وتقسم أموالھم ويبلي التراب أجسامھم‪ ،‬فيا ليت شعري أي إيمان‬ ‫حصل بھذا وأي توحيد وعلم نافع يحصل به؟! ومن تأمل خطب النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫وخطب أصحابه وجدھا كفيلة ببيان الھدى والتوحيد وذكر صفات الرب جل جالله وأصول‬ ‫االيمان الكلية والدعوة إلى ﷲ وذكر آالئه تعالى التي تحببه إلى خلقه‪ ،‬وأيامه التي تخوفھم من‬ ‫بأسه واالمر بذكره‪ ،‬وشكره الذي يحببھم إليه فيذكرون من عظمة ﷲ وصفاته وأسمائه ما‬ ‫يحببه إلى خلقه‪ ،‬ويأمرون من طاعته وشكره وذكره ما يحببھم إليه فينصرف السامعون قد‬ ‫أحبوه وأحبھم‪ .‬ثم طال العھد وخفي نور النبوة وصارت الشرائع واالوامر رسوما تقوم من‬ ‫غير مراعاة حقائقھا ومقاصدھا‪ ،‬فأعطوھا صورھا وزينوھا بما‪ ،‬زينوھا به فجعلوا الرسوم‬ ‫واالوضاع سننا ال ينبغي االخالل بھا وأخلوا بالمقاصد التي ال ينبغي االخالل بھا فرصعوا‬ ‫الخطب بالتسجيع والفقر وعلم البديع‪ ،‬فنقص‪ ،‬بل عدم حظ القلوب منھا وفات المقصود بھا‪(.‬‬ ‫• و يستحب في الخطيب ان يكون نظيف الثوب ‪ ،‬جھير الصوت ھادئا قليل التلفت‬

‫‪ 1‬المتنطع المتعمق في الشىء المتكلف للبحث عنه الخائض فيما ال يبلغه عقله ‪ .‬المجاوز للحد في أقواله وأفعاله‬ ‫‪ 2‬مسلم‬

‫‪201‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الصبر‬ ‫مدح ﷲ الصابرين بجمل المدح‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ت َوبَ ﱢش ِر‬ ‫س َوالث َم َرا ِ‬ ‫} َولَنَ ْبلُ َونﱠ ُك ْم بِ َش ْي ٍء ِمنَ ْالخَ وْ ِ‬ ‫ص ِمنَ األ ْم َو ِ‬ ‫ال َواألنف ِ‬ ‫ُوع َونَق ٍ‬ ‫ف َوالج ِ‬ ‫اجعُونَ )‪ (156‬أُولَئِكَ‬ ‫الصﱠابِ ِرينَ )‪ (155‬الﱠ ِذينَ إِ َذا أَ َ‬ ‫صابَ ْتھُ ْم ُم ِ‬ ‫صيبَةٌ قَالُوا إِنﱠا ِ ﱠ"ِ َوإِنﱠا إِلَ ْي ِه َر ِ‬ ‫صلَ َو ٌ‬ ‫ات ِم ْن َربﱢ ِھ ْم َو َرحْ َمةٌ َوأُولَئِكَ ھُ ُم ْال ُم ْھتَ ُدونَ )‪ {(157‬البقره‬ ‫َعلَ ْي ِھ ْم َ‬ ‫فط ٌن *** لِ َما يش ﱡ‬ ‫ُدر ُ‬ ‫ت فعﱠا ُل‬ ‫ق على السادا ِ‬ ‫ك المج َد إالﱠ سيﱢ ٌد ِ‬ ‫ال ي ِ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫لوال الم َشقة سا َد الناسُ كلھُ ُم *** الجُو ُد يُفقِ ُر واإلقدا ُم قتﱠا ُل‬ ‫وعن زيد ‪ ،‬عن جبلة بن سحيم ‪ ،‬عن أبي المثنى العبدي ‪ ،‬عن بشير ابن الخصاصية‬ ‫السدوسي قال ‪ :‬أتيت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ألبايعه ‪ ،‬فاشترط علي ‪ » :‬تشھد أن ال‬ ‫إله إال ﷲ ‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله ‪ ،‬وتصلي الخمس ‪ ،‬وتصوم رمضان ‪ ،‬وتؤدي الزكاة ‪،‬‬ ‫وتحج البيت ‪ ،‬وتجاھد في سبيل ﷲ « ‪ .‬فقلت ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬أما اثنتان فال أطيقھما ‪ :‬فوﷲ‬ ‫ما لي إال عشر ذود ‪ ، 1‬رسل أھلي وحمولتھم ‪ ،‬وأما الجھاد ‪ ،‬فيزعمون أنه من ولى باء‬ ‫بغضب من ﷲ ‪ ،‬فأخاف إذا حضر قتال جشعت نفسي ‪ ،‬وكرھت الموت ‪ .‬فقبض رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم يده ‪ ،‬ثم حركھا ‪ ،‬ثم قال ‪ » :‬ال صدقة وال جھاد ‪ ،‬فبم تدخل الجنة ؟ «‬ ‫‪2‬‬ ‫فبايعته عليھن كلھن‬ ‫جسر من التعب ‪.‬‬ ‫بصرت بالراحة الكبرى فلم أرھا **** تنال إال على‬ ‫ٍ‬ ‫قال يحيى بن أبى كثير رحمه ﷲ‪:‬‬ ‫)ال يُستطاع العلم براحة الجسم (‬ ‫وقال ابن تيمية رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫)بالصبر واليقين تُنا ُل اإلمامةُ في الدين(‬ ‫و ھى من قوله تعالى ‪:‬‬ ‫صبَرُوا َو َكانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ()السجدة ‪(23 :‬‬ ‫) َو َج َع ْلنَا ِم ْنھُ ْم أَئِ ﱠمةً يَ ْھ ُدونَ بِأ َ ْم ِرنَا لَ ﱠما َ‬ ‫ان االمور اذا اشتدت مسالكھا ******* فالصبر يفتح منھا كل ما رتجا‬ ‫ال تياسن وان طالت مطالبه ******** اذا استعنت بصبر ان ترى فرجا‬

‫‪ 1‬ﱠ‬ ‫ث إلى ال َع ْشر‪ .‬والل ْف َ‬ ‫ظة ُمؤَنثةٌ‪ ،‬وال واح َد لھا من لَ ْف ِظھَا كالنﱠ َعم‬ ‫الذوْ ُد من اإلبل ‪ :‬ما بين الثﱠنتين إلى التﱢسْع‪ .‬وقيل ما بين الثﱠال ِ‬ ‫‪ 2‬المستدرك على الصحيحين‬

‫‪202‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ما أروع القرآن حين يكون مؤثرا في حياتنا كلھا‪ ،‬ومفزعا لحل مشاكلنا!‬ ‫شكى مسؤول للشيخ ابن باز ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬عقبات يجدھا في عمله‪ ،‬فأخذ الشيخ بيده وعقد‬ ‫أصابعه واحدا واحدا عند كل أمر من ھذه األوامر التي ختمت بھا السورة‪} :‬يا أيھا الذين‬ ‫آمنوا اصبروا‪،‬وصابروا‪،‬ورابطوا‪،‬واتقوا ﷲ لعلكم تفلحون{‪.‬‬

‫أبدأ من النھاية‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ْ‬ ‫ت َكالﱠ‬ ‫صالِحًا فِي َما ت َ​َرك ُ‬ ‫} َحتﱠى إِ َذا َجا َء أ َح َدھُ ُم ال َموْ ُ‬ ‫ُون )‪ (99‬لَ َعلي أ ْع َم ُل َ‬ ‫ت قَ َ‬ ‫ال َربﱢ ارْ ِجع ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫اب‬ ‫ور فَ َال أن َس َ‬ ‫إِنﱠھَا َكلِ َمةٌ ھُ َو قَائِلُھَا َو ِم ْن َو َرائِ ِھ ْم بَرْ َز ٌخ إِلَى يَوْ ِم يُ ْب َعثونَ )‪ (100‬فَإ ِ َذا نُفِخَ فِي الصﱡ ِ‬ ‫ازينُهُ فَأُولَئِكَ ھُ ُم ْال ُم ْفلِحُونَ )‪َ (102‬و َم ْن خَ فﱠ ْ‬ ‫بَ ْينَھُ ْم يَوْ َمئِ ٍذ َو َال يَتَ َسا َءلُونَ )‪ (101‬فَ َم ْن ثَقُلَ ْ‬ ‫ت‬ ‫ت َم َو ِ‬ ‫ازينُهُ فَأُولَئِكَ الﱠ ِذينَ خَ ِسرُوا أَ ْنفُ َسھُ ْم فِي َجھَنﱠ َم خَ الِ ُدونَ )‪ (103‬ت َْلفَ ُح ُوجُوھَھُ ُم النﱠا ُر َوھُ ْم فِيھَا‬ ‫َم َو ِ‬ ‫َكالِحُونَ )‪{ (104‬‬ ‫أبدأ و عينك على الھدف متخيال فرحة النصر‬ ‫كالذي يزرع عنبا او بلحا يھون تعبه عندما يتخيل جنات العنب و البلح او يتذكر الصورة‬ ‫التى راھا سابقا ‪.‬‬ ‫و تأمل في قول ورقة بن نزفل للنبي ‪ :‬ھذا الناموس الذي أنزل على موسى ‪ .‬يا ليتنى فيھا‬ ‫جذعًا ! ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك !‬ ‫فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬أو مخرجي ھم ؟ (‬ ‫قال ‪ :‬نعم‪ ،‬لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إال عودى ‪ .‬وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا‬ ‫‪1‬‬ ‫مؤزرًا ‪.‬‬ ‫فرسول ﷲ علم أنه مھاجر و مطارد من اول ايام البعثة‬ ‫وعن خباب بن األرت قال‪ :‬قلنا يا رسول ﷲ أال تستنصر لنا‪ ،‬أال تدعو ﷲ لنا؟‪ .‬فقال‪ :‬إن‬ ‫من كان قبلكم كان أحدھم يوضع الميشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه ال يصرفه ذلك‬ ‫عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه ال يصرفه ذلك عن دينه‪ .‬ثم قال‪ :‬وﷲ‬ ‫ليتمن ﷲ ھذا األمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ال يخاف إال ﷲ والذئب‬ ‫على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون(‪.‬‬ ‫عن عبد ﷲ بن عمرو رضي ﷲ عنھما ‪ ،‬أنه قال ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬أخبرني عن الجھاد‬ ‫والغزو ‪ ،‬فقال ‪ " :‬يا عبد ﷲ بن عمرو إن قاتلت صابرا محتسبا ‪ ،‬بعثك ﷲ صابرا محتسبا ‪،‬‬ ‫وإن قاتلت مرائيا مكاثرا بعثك ﷲ مرائيا مكاثرا ‪ ،‬يا عبد ﷲ بن عمرو على أي حال قاتلت ‪،‬‬ ‫أو قتلت بعثك ﷲ على تلك الحال " "‬ ‫دع‬ ‫ص ﱢل صالةَ مو ٍ‬ ‫}إذا قمتَ فى صالتِك فصلﱢ صالةَ‬ ‫مودع وال تكلم بكالم تعتذر منه غدا{‬ ‫ٍ‬ ‫صل الصالة و كأنھا أخر صالة لك في الدنيا و بعدھا تقبل على الملك و أنما االعمال‬ ‫بالخواتيم ‪،‬‬ ‫أنجز كل عمل و كأنه أخر عمل لك ماذا تريد أن يكون انطباع الناس‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 1‬البداية ة النھاية‬ ‫‪ 2‬أحمد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والطبرانى ‪ ،‬وأبو نعيم فى الحلية عن أبى أيوب ‪ ،‬قال المناوى ‪ :‬وإسناد أحمد حسن(‬

‫‪203‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قاموس العظماء‬ ‫قاموس العظماء ال يحوي "لو"‬ ‫لو شجر ال "لو لو" طرح لمأل الدنيا مفيش ‪.‬‬ ‫قاموس العظماء ال يحوي "مستحيل" و ال يعترف به‬ ‫يقول ابن القيم‪ -‬رحمه ﷲ‪ : -‬لو أن رجالً وقف أمام جبل وعزم على إزالته ؛ ألزاله ‪.‬‬ ‫ال يوجد أمر يريده االنسان و يعجز عن تحقيقه اال اذا كان يخالف سنه كونية او سنه شرعية‬ ‫ال إِب َْرا ِھي ُم فَإ ِ ﱠن ﱠ ْ‬ ‫س ِمنَ‬ ‫• سنه كونية ‪:‬كأالتيان بالشمس من المشرق }قَ َ‬ ‫ﷲَ يَأتِي بِال ﱠش ْم ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب فَبُ ِھتَ الﱠ ِذي َكفَ َر َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َال يَ ْھ ِدي القَوْ َم الظﱠالِ ِمينَ )‪{(258‬‬ ‫ت بِھَا ِمنَ ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫ق فَأْ ِ‬ ‫ْال َم ْش ِر ِ‬ ‫• سنه شرعية ‪:‬مثل الحج في غير ميقاته ) ْال َحجﱡ أَ ْشھُ ٌر َم ْعلُو َمات(‬ ‫َسوفَ تَأتِيكَ ال َم َعالي إن أَتيتَا ال تَقُل َسوفَ َع َسى أينَ َولَيتَا‬ ‫قاموس العظماء ال يحوي "عسى" "مھال" "ال استطيع"‬ ‫وعد من قريب واستجب واجتنب )غداً( ‪ ...‬وشمر عن ساق اجتھاد بنھضة‬ ‫وكن صارما ً كالوقت فالمقت في )عسى( ‪ ...‬وإياك )مھال( فھي أخطر علة‬ ‫فيا حسرات ما الى رد مثلھــــــــــــــــــــا سبيل و لو ردت لھان التحســــــــــــــر‬ ‫و لست بمدرك ما فات منــــــــــــــــــــي بلھف و ال بليت و ال لو انــــــــــــــــــــي‬ ‫قال الخليل بن أحمد الفراھيدي ‪ -‬رحمه ﷲ تعالى ‪-‬‬ ‫إن لم يكن لك لحم‪...‬كفاك خلﱞ وزيت‬ ‫إن ال يكن ذا وال ‪...‬ذا فكسرة وبيت‬ ‫تظل فيه وتأوي‪...‬حتى يجيئك موت‬ ‫ھذا لعمري كفاف‪...‬لكن تضرك ليت‬ ‫قاموس العظماء ال يحوي "ال استطيع" و االعذار السخيفة‬ ‫} َو ِم ْنھُ ْم َم ْن يَقُو ُل ا ْئ َذ ْن لِي َو َال تَ ْفتِنﱢي أَ َال فِي ْالفِ ْتنَ ِة َسقَطُوا َوإِ ﱠن َجھَن ﱠ َم لَ ُم ِحي َ‬ ‫طةٌ بِ ْال َكافِ ِرينَ‬ ‫)‪{(49‬‬

‫‪204‬‬


‫حياة العظماء‬

‫العالج‬ ‫من المعلوم ان العقل السليم في الجسم السليم و كم من انسان ال يستفاد بوقتة و ال يستمتع بحياتة‬ ‫نظرا لالمراض التى تتكاثر عليه و الوقاية خير من العالج‬ ‫ُ‬ ‫وسنان ابن ثابت‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ﱠاني‬ ‫و لما دخل عض ُد الدولة بغداد دخل عليه من األطباء أبو‬ ‫الحسن الحر ﱡ‬ ‫ِ‬ ‫من ھؤالء؟ قالوا‪ :‬األطباء‪ ،‬قال‪ :‬نحن في عافية‪ ،‬وما بنا حاجة إليھم‪ ،‬فقال له سنان‪ :‬أطال ﷲ بقاء‬ ‫موالنا‪ ،‬موضوع صناعتنا ِح ْفظُ الصحة ال مداواة المرضى‪ ،‬والملك أحوج الناس إلى حفظ‬ ‫الصحة‪ ،‬فقال عضد الدولة‪ :‬صدقت‪ ،‬وقرر لھما الجاري السنوي‪ ،‬وقرﱠبھما إلى مجلسه في طائفة‬ ‫من األطباء‪.‬‬ ‫و لدينا و الحمد " علم الطب ففي الكشاف‪ :‬يُحكى أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق‪ ،‬فقال‬ ‫لعلي ابن الحسين بن واقد‪ :‬ليس في كتابكم من علم الطب شيء‪ ،‬والعلم علمان‪ :‬علم األبدان‪ ،‬وعلم‬ ‫األديان‪ ،‬فقال له‪ :‬قد جمع ﷲ الطبﱠ في نصف آية من كتابه‪ ،‬قال‪ :‬وما ھي؟ قال‪َ ] :‬و ُكلُوا َوا ْش َربُوا‬ ‫ْرفِينَ [األعراف‪.31:‬‬ ‫ْرفُوا إِنﱠهُ ال ي ُِحبﱡ ْال ُمس ِ‬ ‫َوال تُس ِ‬ ‫و قد اعتنى الخلفاء المسلمون بانشاء المستشفيات معاملة المرضى و نضرب المثال بالمستشفى‬ ‫الذي أنشأه أبو يوسف المنصور يعقوب ابن يوسف بن عبدالمؤمن بن علي في مدينة مراكش‪ ،‬قال‬ ‫عبدالواحد المراكشي‪= :‬ذلك أنه بعد أن بنى المستشفى في ساحة فسيحة‪ ،‬وظھر في نقوشه البديعة‬ ‫وزخارفه المحكمة‪ ،‬وحفﱠه باألشجار ذات الثمار واألزھار‪ ،‬وأجرى فيه مياھا ً كثيرة تدور على‬ ‫جميع البيوت‪ ،‬وأمر له من الفرش النفيسة من أنواع الصوف والكتان والحرير واألديم وغيره مما‬ ‫يزيد عن الوصف ‪.‬‬ ‫ليل ونھار للنوم من جھاز الصيف والشتاء‪ ،‬فإذا نقه المريض‬ ‫ثم قال‪= :‬وأعد فيھا للمرضى‬ ‫َ‬ ‫ثياب ٍ‬ ‫أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يستقل‪.‬‬ ‫وقال‪ =:‬وكان في كلﱢ جمعة بعد صالته يركب‪ ،‬ويدخل يعود المرضى‪ ،‬ويسأل عن أھل بيت أھل‬ ‫بيت‪ ،‬ويقول‪ :‬كيف حالكم‪ ،‬وكيف القومةُ عليكم‪.‬‬ ‫من العالج المفيد ‪ :‬الصوم عن الطعام الطول فتره ممكنه و االعتماد على المياة‬ ‫و من اول الذين سمعت منھم ھذا العالج الشيخ االلباني في شريط له حيث ذكر أنه صام اربعين‬ ‫يوما اال عن الماء‬ ‫و أصيب شاب اسمه محمد علي بمرض الشلل الرعاش ‪ ،‬إال أنه ال يزال رمزاً رياضيا ً محبوبا ً‬ ‫إلى اآلن أثناء مرضه كان صابراً ألقصى درجة حيث انه كان دائما يقول ان ﷲ ابتاله ليقول له‬ ‫أنه ليس األعظم بل أن ﷲ ھو األعظم‪ .‬وقد تداوى من مرضه على طريقة الصوم الطبي وھو‬ ‫شرب الماء على فترة معينة على يد أطباء مختصين وكان ذلك بتشجيع من الشيخ أحمد كفتارو‬ ‫وقد شفى محمد علي كالي من كثير من أمراضه بذلك و ال يذكرون ھذه المعلومة ألنھا تمت في‬ ‫بلد عربي وعلى يد أطباء عرب مسلمين من سوريا‪.‬‬ ‫و من الحكم في العالج التداوى بالغذاء ما امكن ‪ ،‬فأن لم يتم لجأئنا الى الدواء فأن لم يتم لجأنا الى‬ ‫الجراحة‬ ‫ويذكر الكاتبون في سيرة الطبيب أبي المطرف عبدالرحمن بن محمد بن وافد األندلسي‪= :‬أنه كان‬ ‫ال يرى التداوي باألدوية ما أمكن التداوي باألغذية أو ما كان قريبا ً منھا‪ ،‬فإذا دعت الضرورة إلى‬ ‫األدوية فال يرى التداوي بمركبھا ما وصل إلى التداوي بمفردھا‪ ،‬فإن اضطر إلى المركب منھا لم‬ ‫يكثر التركيب‪ ،‬بل اقتصر على أقل ما يمكنه منه‬

‫‪205‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و من العالج قيام الليل فعن سلمان – رضي ﷲ عنه – قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬ ‫) عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين من قبلكم‪ ،‬وھو مطـردة للداء عن الجسد (‪.‬‬

‫‪206‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اداب الحديث‬ ‫• اال يكون المجلس لتمضية الوقت و قتله بل لالمر بالمعروف و النھى عن المنكر‬ ‫ُوف أَوْ‬ ‫ص َدقَ ٍة أَوْ َم ْعر ٍ‬ ‫ير ِم ْن نَجْ َواھُ ْم إِ ﱠال َم ْن أَ َم َر بِ َ‬ ‫و التعارف } َال َخي َْر فِي َكثِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ضا ِة ﷲِ فَ َسوْ فَ نُ ْؤتِي ِه أجْ رًا َع ِظي ًما‬ ‫اس َو َم ْن يَ ْف َعلْ َذلِكَ ا ْبتِغَا َء َمرْ َ‬ ‫ح بَ ْينَ النﱠ ِ‬ ‫إِصْ َال ٍ‬ ‫)‪{(114‬‬ ‫• اال يخلو المجلس من ذكر ﷲ او حديث‬ ‫رسول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال ‪» :‬من قعد‬ ‫أبو ھريرة ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ : -‬أَ ﱠن‬ ‫َ‬ ‫َم ْق َعدا لم يذكر ﷲ فيه كانت عليه من ﷲ تِ َرةٌ ‪ ،‬ومن اض َ‬ ‫ط َجع َمضْ َجعا ال يذكر ﷲ فيه‬ ‫كانت عليه من ﷲ تِ َرةٌ ‪ ،‬وما مشى أَ َح ٌد َم ْمشى ال يذكر ﷲ فيه إِال كانت عليه من ﷲِ‬ ‫تِرةٌ«‪.‬ھذه رواية أبي داود ‪.‬‬ ‫ُص ﱡلوا على‬ ‫ورواية الترمذي قال ‪ » :‬ما جلس قو ٌم مجلسا لم يذكروا ﷲ فيه ‪ ،‬ولم ي َ‬ ‫نبيﱢھم ‪ ،‬إِال كان عليھم تِرة ‪ ،‬فإن شاء َع ﱠذبھم ‪ ،‬وإِن شاء غفر لھم«‪.‬‬ ‫• قل خيرا ام اصمت‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫اآلخ ِر فَالَ ي ُْؤ ِذ‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ » -‬م ْن َكانَ ي ُْؤ ِم ُن بِا"ِ َواليَوْ ِم ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ض ْيفَهُ ‪َ ،‬و َم ْن َكانَ يُ ْؤ ِم ُن بِا"ِ َواليَوْ ِم‬ ‫َج َ‬ ‫اآلخ ِر فَليُك ِر ْم َ‬ ‫ارهُ ‪َ ،‬و َم ْن َكانَ ي ُْؤ ِم ُن بِا"ِ َواليَوْ ِم ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫اآلخ ِر فَليَقلْ خَ ْيرًا أوْ لِيَصْ ُمت « ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫} َكب َُرت َكلِ َمة تَخ ُر ُج ِم ْن أف َوا ِھ ِھ ْم إِ ْن يَقولونَ إِال َك ِذبًا )‪{(5‬‬ ‫يقول محمد علي كالي‬ ‫‪.Silence is golden when you can't think of a good answer‬‬ ‫السكوت من ذھب عندما التستطيع ان تفكر في اجابة جيدة‬ ‫طانَ يَ ْنـ َز ُ‬ ‫غ بَ ْينَھُ ْم إِ ﱠن ال ﱠ‬ ‫ش ْي َ‬ ‫} َوقُلْ لِ ِعبَا ِدي يَقُولُوا الﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن إِ ﱠن ال ﱠش ْي َ‬ ‫طانَ َكانَ‬ ‫ان َع ُد ًّوا ُمبِينًا{‬ ‫إل ْن َس ِ‬ ‫لِ ِ‬ ‫الصمت شيمته فإن ‪ ...‬أبدى مقاال كان فصال‬ ‫أبدى السكوت فإن تك ‪ ...‬لم لم يدع في القول فضال "‬ ‫احفظ لسانك ال تبح بثالثة ****** سن ومال ان سئلت ومذھب‬ ‫فعلى الثالثة تبتلى بثالثة ****** بمكفر و بحاسد و مكذب‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪207‬‬

‫أجعل نبرة صوتك معتدلة‬ ‫كن متواضعا في حديثك و أستئذن قبل التحدث‬ ‫تنازل عن الكالم لمن ھو أكبر منك سنا‬ ‫ال تقاطع المتحدث و أنتظر دورك‬ ‫ال تقل للمخطئ "أنت مخطئ" و لكن قل ‪":‬قد تكون على صواب أما أنا فأعتقد"‬


‫حياة العظماء‬

‫• أحفظ السر‬ ‫• أبتعد عن االمور الخالفية‬ ‫• ان وجدت الحوار ليس ھدفه الوصول للحق فاتركه ونبيﱡك صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫ربض الجنة لمن ترك ال ِمرا َء وإن كان ُمحقّا ً (‬ ‫ت في‬ ‫يقول ‪ ) :‬أنا زعي ٌم ببي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اذا اراد ﷲ بقوم شرا اعطاھم الجدل و منعھم العمل‬ ‫• تجنب الحديث عن نفسك و عن مرضك و مشاكلك فھو يسعد العدو و يحزن‬ ‫الصديق اال مع حكيم تستشيره‬ ‫• قال االحنف بن قيس ‪ ":‬جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام إني أبغض الرجل‬ ‫‪1‬‬ ‫يكون وصافا لفرجه وبطنه "‬ ‫• ال تھمس ألحد الجالسين و أنت في جلسه عامه‬ ‫• تجنب االفتاء بغير علم‬ ‫يقول مالك بن نبي ‪":‬أننا منذ خمسين عاما كنا نعرف مرضا واحدا يمكن عالجه ھو‬ ‫الجھل و األمية و لكنا اليوم أصبحنا نري مرضا جديدا مستعصيا ھو التعالم"‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫ال تتحدث اللغة االجنبية اذا كان ھناك من يجھلھا‬ ‫ال تدخل في تفاصيل ال تھم أحد‬ ‫أشكر من أستفدت منه علما‬ ‫دع ما يسبق الى القلوب انكاره و لو كان لديك اعتذاره‬ ‫ال تسئل أسئلة شخصية‬ ‫ال تعب شخصا‬

‫إذا أنت عبت الناس عابوا وأكثروا * عليك وأبدوا منك ما كان يست ُر‬ ‫وقد قال في بعض األقـاويل قائل * له منطـق فيـه كالم محــبﱠ ُر‬ ‫إذا ما ذكرت الناس فاترك عيوبھم * فال عيب إال دون ما منك يذك ُر‬ ‫فإن ِعبت قومـا ً بالذي ليس فيھم * فـذلك عند ﷲ والناس أكـب ُر‬ ‫وإن عبت قومـا ً بالذي فيك مثله * فكيف يعيب العور من ھو أعو ُر‬ ‫وكيف يعيب الناس من عيب نفسه * أش ﱡد إذا عـ ﱠد العيوب وأنكـ ُر‬ ‫متى تلتمس للنـاس عيبا ً تجـد لھم * عيوبـا ً ولكن الذي فيك أكث ُر‬ ‫فسالمھـ ُم بالكـفﱢ عنھم فإنھـم * بعيبك من عينيك أھدى وأبص ُر‬ ‫يقول بن سيرين ‪":‬ظلمك ألخيك أن تذكر أسؤا ما تعلم و تكتم خيره "‬ ‫• ال تسئل أسئلة فيھا أتھام‬ ‫• ال تتكلم فيما ال يفيد‬ ‫و ال تكن كجحا الذي صنع ساقيه على النھر لتأخذ الماء من النھر و لترد نفس الماء‬ ‫الى نفس النھر فلما تعجب الناس قال ‪":‬يكفيني نعيرھا"‬ ‫• ال تتكلم فيما ال يعنيك‬ ‫‪ 1‬تسھيل الوصول‬

‫‪208‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال وبرة بن عبد الرحمن أوصاني ابن عباس بكلمات لھن أحسن من الدھم الموقفة‬ ‫قال لي ‪ :‬يا وبرة ال تعرض فيما ال يعنيك فإن ذلك أفضل و ال آمن عليك الوزر ودع‬ ‫كثير مما يعنيك حتى ترى له موضعا فرب متكلف بحق تقي قد تكلم في األمر يعنيه‬ ‫في غير موضعه فعطب و ال تمارين حليما و ال سفيھا فإن الحليم يقليك و إن السفيه‬ ‫يرديك و اذكر أخاك إذا توارى عنك بكل ما تحب أن يذكرك به إذا تواريت عنه و‬ ‫دعه من كل ما تحب أن يدعك منه و اعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي بالحسنات‬ ‫‪1‬‬ ‫مأخوذ بالسيئات‬ ‫• تكلم وسدد ما استطعت فانما ****** كالمك حي والسكوت جماد‬ ‫• اغتنم ركعتين إلى ﷲ‪...‬إذا كنت فار ًغا مستريحًا‬ ‫وإذا ھممت بالنطق بالباطل‪...‬فاجعل مكانه تسبيحًا‬ ‫‪2‬‬ ‫فاغتنام السكوت أفضل من‪...‬خوض وإن كنت بالكالم فصيحًا‬

‫‪ 1‬شعب االيمان للبيھقي‬ ‫‪ 2‬تاريخ اإلسالم )‪(245/12‬‬

‫‪209‬‬


‫حياة العظماء‬

‫التعامل مع االخطاء‬ ‫القاعدة الذھبية في التعامل مع االخطاء ان اللوم ال يأتى بخير‬ ‫ْ‬ ‫س ‪ -‬رضى ﷲ عنه ‪ -‬قَ ِد َم َرسُو ُل ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْس لهُ خَا ِد ٌم ‪،‬‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬ال َم ِدينَة لي َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ال أَنَ ٍ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ط ْل َحةَ بِيَ ِدى ‪ ،‬فَا ْن َ‬ ‫فَأَخَ َذ أَبُو َ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠن‬ ‫طلَ َ‬ ‫ال يَا َرس َ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَقَ َ‬ ‫ق بِى إِلَى َرس ِ‬ ‫صنَعْتَ‬ ‫صنَ ْعتُهُ لِ َم َ‬ ‫ال لِى لِ َش ْى ٍء َ‬ ‫ض ِر ‪َ ،‬ما قَ َ‬ ‫ال فَخَ َد ْمتُهُ فِى ال ﱠسفَ ِر َو ْال َح َ‬ ‫أَنَسًا ُغالَ ٌم َكيﱢسٌ ‪ ،‬فَ ْليَ ْخ ُد ْمكَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ھَ َذا ھَ َك َذا َوالَ لِ َش ْى ٍء لَ ْم أَصْ نَ ْعهُ لِ َم لَ ْم تَصْ نَ ْع ھَ َذا‬ ‫تلم‬ ‫يا الئمي في الھوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫عدتك حالي ال سري بمستتر عن الوشاة وال دائي بمنحسم‬ ‫و عليك ان تتفھم الدوافع لھذا الخطأ‬ ‫ال تعذل المشتاق في زفراته ‪ #‬حتى يكون حشاك في أحشائه‬ ‫و توضح للمخطأ مكمن الخطأ‬ ‫أتى فتى من قريش النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول ﷲ ائذن لي في الزنا‪،‬فأقبل‬ ‫القوم عليه وزجروه فقالوا‪ :‬مه مه‪،‬فقال‪" :‬ادنه"‪،‬فدنا منه قريبا ً فقال‪" :‬أتحبه ألمك؟" قال‪ :‬ال وﷲ‬ ‫جعلني ﷲ فداك قال‪" :‬وال الناس يحبونه ألمھاتھم" قال‪" :‬أفتحبه البنتك؟" قال‪ :‬ال وﷲ يا رسول‬ ‫ﷲ جعلني ﷲ فداك قال‪" :‬وال الناس يحبونه لبناتھم" قال‪" :‬أفتحبه ألختك؟" قال‪ :‬ال وﷲ يا رسول‬ ‫ﷲ جعلني ﷲ فداك قال‪" :‬وال الناس يحبونه ألخواتھم" قال‪" :‬أتحبه لعمتك؟" قال‪ :‬ال وﷲ يا‬ ‫رسول جعلني ﷲ فداك قال‪" :‬وال الناس يحبونه لعماتھم" قال‪" :‬أتحبه لخالتك؟" قال‪ :‬ال و ﷲ يا‬ ‫رسول ﷲ جعلني ﷲ فداك قال‪" :‬وال الناس يحبونه لخاالتھم" قال‪ :‬فوضع يده عليه وقال‪" :‬اللھم‬ ‫‪3‬‬ ‫اغفر ذنبه وطھر قلبه وحصن فرجه"‪ .‬قال‪ :‬فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء‪.‬‬ ‫و الحظ العبارات الطيبه و عدم التعنيف و الدعاء للشاب ‪ ،‬فمن اراد الدعوة الى دين محمد‬ ‫فلتكن دعوته على نھج سيدنا محمد ‪ ،‬بال تعنيف‬ ‫و عن ابي ھريرة ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » : -‬ﱠ‬ ‫دخل المسج َد ورسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬ ‫أن أ ْع َرابيّا‬ ‫َ‬ ‫عليه وسلم‪َ -‬جالِس ‪ ،‬فصلﱠى ركعتين ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬اللﱠھُ ﱠم ارْ حمني ومحمدا ‪ ،‬وال ترح ْم معنا أحدا ‪ ،‬فقال‬ ‫اسعا ‪ ،‬ثم لم يَ ْلبَ ْ‬ ‫بال في ناحية المسجد ‪ ،‬فأس َْر َع‬ ‫ث أن َ‬ ‫النب ّي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬لقد ت َ​َحجﱠرْ تَ َو ِ‬ ‫ﱢرينَ ‪ ،‬ولم تُ ْب َعثُوا‬ ‫]إِليه[ النﱠاسُ ‪ ،‬فنھاھم‬ ‫ﱡ‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬وقال ‪ :‬إِنما بُ‪ِ 4‬ع ْثتُم ُميَس ِ‬ ‫صبﱡوا عليه َسجْ ال من ماء ‪ ،‬أو قال ‪َ :‬ذنُوبا من ماء «‪.‬‬ ‫ﱢرينَ ‪ُ ،‬‬ ‫ُمعس ِ‬ ‫اما ان كان الخطأ يتعلق بحد من حدود ﷲ فيطبق الحد مع فتح الباب للمخطأ ان يعود ‪ ،‬و‬ ‫حفظه من االنھزامية و تحقير النفس‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬البردة للبوصيري‬ ‫‪ 3‬احمد في الكبير و رجاله رجال الصحيح‬ ‫‪ 4‬الترمذي‬

‫‪210‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ضرْ بِ ِه ‪ ،‬فَ ِمنﱠا َم ْن‬ ‫ال أُتِ َى النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬بِ َس ْك َرانَ ‪ ،‬فَأ َ َم َر بِ َ‬ ‫ع َْن أَبِى ھُ َري َْرةَ قَ َ‬ ‫ال َر ُج ٌل َمالَهُ‬ ‫ص َرفَ قَ َ‬ ‫يَضْ ِربُهُ بِيَ ِد ِه ‪َ ،‬و ِمنﱠا َم ْن يَضْ ِربُهُ بِنَ ْعلِ ِه ‪َ ،‬و ِمنﱠا َم ْن يَضْ ِربُهُ بِثَوْ بِ ِه ‪ ،‬فَلَ ﱠما ا ْن َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫أَ ْخزَ اهُ ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬الَ تَ ُكونُوا عَوْ نَ ال ﱠش ْي َ‬ ‫ان َعلَى أَ ِخي ُك ْم «‬ ‫ﷲُ ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫روي عن عمر رضي ﷲ عنه أنه قال ‪ :‬ال تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لھا‬ ‫في الخير محمال ‪.‬‬ ‫قال جعفر بن محمد‪ :‬إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين‬ ‫‪2‬‬ ‫عذرا‪ ،‬فإن أصبته‪ ،‬وإال‪ ،‬قل لعل له عذرا ال أعرفه ‪.‬‬ ‫قال ابن سيرين ‪ :‬إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا‪ ،‬فإن لم تجد له عذرا فقل لعل له‬ ‫‪3‬‬ ‫عذرا‪.‬‬ ‫الحياة أقصر من أن نقضيھا في تسجيل األخطاء ‪..‬‬ ‫التي ارتكبھا غيرنا في حقنا‪..‬‬ ‫ال تلم كفى إذا السيف نبا‬ ‫رب ساع مبصر فى سعيه‬ ‫مرحبا بالخطب يبلونى إذا‬

‫صح منى العزم و الدھر أبى‬ ‫أخطأ التوفيق فيما طلبا‬ ‫كانت العلياء فيه السببا‬

‫و ھناك من العظماء من توھب له سيئاته للقاعدة الفقھية ‪":‬اذا بلغ الماء قلتين لم يحمل‬ ‫الخبث"‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬البيھقي في شعب االيمان‬ ‫‪ 3‬بن عساكر‬

‫‪211‬‬


‫حياة العظماء‬

‫العذر بالجھل‬ ‫قال بن تيمية رحمه ﷲ‪) :‬ولھذا كنت أقول للجھمية من الحلولية ‪ ،‬والنفاة الذين نفوا أن ﷲ ‪-‬‬ ‫تعالى ‪ -‬فوق العرش لما وقعت محنتھم‪ :‬أنا لو وافقتكم كنت كافراً؛ ألني أعلم أن قولكم كفر‪ ،‬وأنتم‬ ‫‪1‬‬ ‫عندي ال تكفرون؛ ألنكم جھال‪(...‬‬ ‫و العالم يعرف الجاھل ألنه كان جاھالً ‪،‬والجاھل ال يعرف العالم ألنه لم يكن عالما ً‬ ‫يقال أن الخليل بما أراد أن يضع العروض خال في بيت ووضع بين يديه طستا ً أو ما أشبه‬ ‫ذلك‪ ،‬وجعل يقرعه بعود ويقول‪ :‬فاعلن مستفعلن فعولن‪ ،‬فسمعه أخوه فخرج إلى المسجد وقال‪ّ :‬‬ ‫إن‬ ‫أخي قد أصابه جنون‪ ،‬وأدخلھم عليه وھو يضرب الطّست‪ .‬فقالوا‪ :‬يا أبا عبد الرحمن‪ ،‬ما لك‬ ‫أأصابك شيء؟ أتحبّ أن نعالجك؟ فقال‪ :‬وما ذاك!!؟ فقالوا‪ :‬أخوك يزعم أنك خولطت‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ‪ ...‬أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا‬ ‫لكن جھلت مقالتي فعذلتني ‪ ...‬وعلمت أن جاھ ٌل فعذرتكا‬

‫النقد للنقد‬ ‫و ھو داء انتشر في االمه نتيجة االعجاب بالنفس و ازدراء االخرين‬ ‫فيقول لك فالن يفعل كذا )و القصد ان يخبرك انه ال يفعل ھذا( و فالن ال يفعل كذا )و‬ ‫القصد اخبارك انه يفعل ھذا(‬

‫ايھا العائب افعال الورى أرنى با" ما اذا تفعل‬ ‫ال تقل عن عمل ذا ناقص جئ بأوفى ثم قل ذا أكمل‬ ‫إن يغب عن عين سار قمر فحرام أن يالم المشعل‬ ‫و اقسم با" انه ال يسلم منھم أحد و لو كان رسول ﷲ و تعال معى لتقرأ الحديث التالي‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھو يَ ْق ِسم قَسْما ‪،‬‬ ‫قال أبا سعيد الخدري‪ » :‬بينما نحن عند‬ ‫ِ‬ ‫لْ‬ ‫رسول ﷲ ‪ ،‬اع ِد ‪ ،‬فقال رسو ُل ﷲ ‪-‬‬ ‫صرة ‪ -‬وھو رجل من بني تَميم ‪ -‬فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫أتاه ذو ال ُخ َويَ ِ‬ ‫خسرْ ُ‬ ‫ك ‪ ،‬ومن يَ ْع ِد ُل إذا لم أ ْع ِدلْ ؟ ‪ -‬زاد في رواية‪ :‬قد ِخب ُ‬ ‫ت إن لم‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬ويلَ َ‬ ‫ْت َو ِ‬ ‫أ ْع ِدلْ ‪ -‬فقال عمر بن الخطاب ‪ :‬ائذن لي فيه فَ‬ ‫أضرب عنقه ‪ ،‬فقال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫ِ‬ ‫أح ُدكم صالتَه مع صالتِ ِھم ‪ ،‬وصيامه مع صيامھم « زاد في‬ ‫وسلم‪َ : -‬د ْعهُ‪ .‬فإن له أصْ َحابا يحقِر َ‬ ‫رواية » يقرؤون القرآن ال يجاوز تراقيھم ‪ ،‬يمرقُون من اإلسالم‪ .‬وفي رواية ‪ :‬من الدﱢين ‪ -‬كما‬ ‫نصلِه فال يوجد فيه شيء ‪ ،‬ثم ينظر إلى ِرصافِه فال يوجد‬ ‫يمرق السھ ُم ال ﱠر ِمي ِة ‪ ،‬ينظر أحدھم إلى ِ‬ ‫‪ 1‬دعاوي المناؤين لشيخ االسالم‬

‫‪212‬‬


‫حياة العظماء‬

‫َضي ﱠه ال يوجد فيه شيء ‪ -‬وھو القِ ْدح ‪ -‬ثم ينظر إلى قُ َذذه فال يوجد فيه‬ ‫فيه شيء ‪ ،‬ثم ينظر إلى ن ِ‬ ‫ق الفَرْ َ‬ ‫ث وال ﱠدم‬ ‫شيء ‪ ،‬سب َ‬ ‫ولم تزل قِلﱠةُ‬ ‫اإلنصاف قاطعةً بين الرجال وإن كانوا ذوي َر ِح ِم‬ ‫ِ‬ ‫العقل‬ ‫ھل‬ ‫الفضل *** إِال أُولو‬ ‫ھل‬ ‫ال يعرف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الفضل من أَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفضل ألَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ﱡ‬ ‫ھل النب ِل‬ ‫ھيھاتَ يدري‬ ‫الفضل من َ‬ ‫َ‬ ‫ليس له *** فض ٌل ولو كانَ من أ ِ‬ ‫إنما يعرف الفضل الھل الفضل اولى الفضل و انظر و تأمل في المثال التالي‬ ‫نشد في مجلس اإلمام علي بن أبي طالب قول الشاعر‪:‬‬ ‫أُ ِ‬ ‫فت ًى كان يُدنيه الغنى من صديقه‬ ‫إذا ما ھو استغنى ويبعده الفقر‬ ‫كأن الثريا ُعلﱢقت بجبينه‬ ‫وفي خَ دﱢه ال ﱢشعرى وفي اآلخر البدر‬ ‫فلما سمعھا علي بن أبي طالب ÷‪ ،‬قال‪ :‬ھذا طلحة بن عبيد ﷲ‪ ،‬رغم الخالف الواقع بينھما‬ ‫وقتئذ‬ ‫اختلف ابن عباس وزيد في الحائض تنفر فقال زيد ال تنفر حتى يكون آخر عھدھا الطواف‬ ‫بالبيت فقال ابن عباس لزيد سل نسياتك أم سليمان وصويحباتھا فذھب زيد فسألھن ثم جاء وھو‬ ‫يضحك فقال القول ما قلت وروى يونس بن عبد األعلى قال سمعت ابن وھب يقول سمعت مالك‬ ‫‪1‬‬ ‫بن أنس يقول ما في زماننا شيء أقل من االنصاف‬ ‫أكثر الناس يحكمون على الورى وھيھات أن يكونوا عدوال‬ ‫فلكم لقبوا البخيل كريما ولكم لقبوا الكريم بخيال‬ ‫ولكم أعطوا الملح فأغنوا ولكم أھملوا العفيف الخجوال‬ ‫رب عذراء حرة وصموھا وبغي قد صوروھا بتوال‬ ‫وقطيع اليدين ظلما ولص اشبع الناس كفه تقبيال‬ ‫وسجين صبوا عليه نكاال وطليق مدلل تدليال‬ ‫انما النقد للتصويب فيقول الشاعر‬ ‫ويعلم ﷲ أني ما انتقدتك** إال طمعا أن أراك فوق انتقاد‬

‫‪ 1‬جامع بيان العلم وفضله‬

‫‪213‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فإذا لزم النقد ‪ ،‬فال يكون الباعث الحقد ‪ ،‬ولكن موجھا إلى اآلراء بالتمحيص ال إلى‬ ‫األشخاص بالتنقيص‬

‫‪214‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الدنيا‬ ‫يا خاطب الدنيا إلى نفسھا تناه عن خطبتھا تسلم‬ ‫إن التي تخطب قتالة قريبة العرس من المأتم‬ ‫ط ْ‬ ‫قال الحبيب‪» :‬ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تُب َسط عليكم الدنيا كما ب ُِس َ‬ ‫ت على‬ ‫من كان قبلكم‪ ،‬فتنافسوھا كما تنافسوھا وتھلككم كما أھلكتھم«)‪.(2‬‬ ‫وقال أيضا‪» :‬يوشك األمم أن تداعى عليكم كما تداعى األكلة إلى قصعتھا فقالوا‪ :‬ومن قل ٍة‬ ‫ّ‬ ‫ولين‪¢‬زعن ﷲ م‪¢‬ن ص‪¢‬دور ع‪¢‬دوكم‬ ‫نحن يومئ ٍذ‪ ،‬قال‪ :‬بل أنتم يومئ ٍذ كثير ولك‪¢‬نكم غث‪¢‬اء كغث‪¢‬اء الس‪¢‬يل‬ ‫المھابة منكم وليقذفن ﷲ في قلوبكم الوھن‪ .‬فقال قائل‪ :‬يا رس‪¢‬ول ﷲ‪ ،‬وم‪¢‬ا ال‪¢‬وھن‪ .‬ق‪¢‬ال‪ :‬ح‪¢‬ب ال‪¢‬دنيا‬ ‫وكراھية الموت«)‪.(3‬‬ ‫ويق‪¢¢‬ول ص‪oo‬لى ﷲ علي‪oo‬ه و س‪oo‬لم‪» :‬إذا تب‪¢¢‬ايعتم بالعين‪¢¢‬ة)‪ (4‬وأخ‪¢¢‬ذتم أذن‪¢¢‬اب البق‪¢¢‬ر‪ ،‬ورض‪¢¢‬يتم‬ ‫بالزرع‪ ،‬وكرھتم الجھاد‪ ،‬سلّط ﷲ عليكم ذال‪ ،‬ال ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم«)‪.(5‬‬ ‫يقول الشافعي‪:‬‬ ‫ومن يذق الدنيا فإني طعمتھا ‪ ...‬وسيق إلى عذبھا وعذابھا‬ ‫فلم أرھا إال غروراً وباطالً ‪ ...‬كما الح في ظھر الفالة سرابھا‬ ‫وما ھي إال جيفة مستحيلة ‪ ...‬عليھا كالب ھمھن أجتذابھا‬ ‫فإن تجتنبھا عشت سلما ً ألھلھا ‪ ...‬وأن تجتذبھا ناھشتك كالبھا‬ ‫فطوبي لنفس أوطأت قعر بيتھا ‪ ...‬مغلقة األبواب مرخي حجابھا‬ ‫قال وھب وأقبل على عطاء الخراساني فقال له‪ :‬ويحك يا عطاء ألم أخبر أنك تحمل علمك‬ ‫إلى أبواب الملوك وأبناء الدنيا‪ ،‬ويحك يا عطاء أتاتي من يغلق عنك بابه ويظھر لك فقره ويواري‬ ‫عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه ويظھر لك غناه‪ ،‬ويقول‪ :‬ادعوني استجب لكم‪ ،‬ويحك يا عطاء‪،‬‬ ‫أرض بالدون من الدنيا مع الحكمة و ال ترض بالدون من الحكمة مع الدنيا‪ ،‬ويحك يا عطاء إن‬ ‫كنت يغنيك ما يكفيك فإن أدنى ما في الدنيا يكفيك‪ ،‬وإن كان ال يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا‬ ‫‪1‬‬ ‫شيء يكفيك‪ ،‬ويحك يا عطاء فإن بطنك بحر من البحور وواد من األودية وال يملؤه إال التراب‪.‬‬ ‫الدنيا كماء البحر‪ ...‬كلما ازددت منه شربا ‪ ...‬ازددت عطشا ‪.‬‬ ‫ان سبب الذل و الھوان الذي نحن فيه ھو حب الدنيا‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم‪:‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم قَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ع َْن ثَوْ بَانَ َموْ لَى َرس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُوش ُ‬ ‫ُول‬ ‫ق َك َما تَدَاعَى األَ َكلَةُ َعلَى قَصْ َعتِھَا(( قَا َل‪ :‬قُ ْلنَا‪ :‬يَا َرس َ‬ ‫))ي ِ‬ ‫ك أَ ْن تَدَاعَى َعلَ ْي ُكم ْاأل َم ُم ِم ْن ُكلﱢ أفُ ٍ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال‪)) :‬أَ ْنتُ ْم يَوْ َمئِ ٍذ َكثِي ٌر َولَ ِك ْن تَ ُكونُونَ ُغثَا ًء َك ُغثَا ِء ال ﱠسي ِْل؛ يَ ْنت َِز ُ‬ ‫ع ْال َمھَابَةَ ِم ْن‬ ‫ﷲِ أَ ِم ْن قِلﱠ ٍة بِنَا يَوْ َمئِ ٍذ؟ قَ َ‬ ‫)‪ (2‬البخاري‪ ،‬كتاب المغازي‪ ،‬باب شھود المالئكة بدراً‪.‬‬ ‫)‪ (3‬أبو داوود‪ ،‬كتاب المالحم‪ ،‬باب في تداعي األمم على اإلسالم‪.‬‬ ‫)‪ (4‬العين‪##‬ة‪ :‬ھ‪##‬ي أن ي‪##‬أتي الرج‪##‬ل رج ‪#‬الً ليستقرض‪##‬ه ف‪##‬ال يرغ‪##‬ب المق‪##‬رض ف‪##‬ي اإلق‪##‬راض طمع ‪#‬ا ً ف‪##‬ي الفض‪##‬ل ال‪##‬ذي ال ين‪##‬ال‬ ‫بالقرض‪ ،‬فيقول‪ :‬أبيعك ھذا الثوب بإثني عشر درھما ً إلى أج‪#‬ل وقيمت‪#‬ه عش‪#‬رة ويس‪#‬مى عين‪#‬ة‪ ،‬ألن المق‪#‬رض أع‪#‬رض‬ ‫عن القرض إلى البيع العين‪ .‬أنظر‪ :‬كتاب التعريفات للعالمة علي بن محمد السيد الش‪#‬ريف الجرج‪#‬اني‪ ،‬المت‪#‬وفى س‪#‬نة‬ ‫‪816‬ھـ‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد المنعم الحفنى‪ ،‬القاھرة‪ ،‬دار الرشاد‪ ،‬ص‪.181‬‬ ‫)‪ (5‬أبو داوود‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب في النھي عن العينة‪.‬‬ ‫‪ 1‬حلية االولياء‬

‫‪215‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ال‪)) :‬حُبﱡ ْال َحيَا ِة َو َك َرا ِھيَةُ‬ ‫ال‪ :‬قُ ْلنَا‪َ :‬و َما ْال َو ْھ ُن؟ قَ َ‬ ‫ب َع ُد ﱢو ُك ْم َويَجْ َع ُل فِي قُلُوبِ ُك ْم ْال َو ْھنَ (( قَ َ‬ ‫قُلُو ِ‬ ‫ت(( ‪.‬‬ ‫ْال َموْ ِ‬ ‫صالح الدين ومعلمه نور الدين‬ ‫كانا يمضيان على جوادين‪ ....‬والشمس خلفھما‪ ....‬وظلھما امامھما‪.‬‬ ‫فقال نور الدين لصالح الدين‪ -:‬يا صالح الدين‪ ،‬ھل يمكن ان تدرك ظلك؟‬ ‫فعدا صالح الدين بحصانه‪ ،‬فلم يقدر ان يدرك ظله!‬ ‫وفي طريق عودتھما استقبال الشمس فكان ظلھما خلفھما‪ ....‬فقال نور الدين‪ -:‬يا صالح‬ ‫الدين‪ ،‬ھل يمكنك ان تنفك عن ظلك الذي يتبعك؟‬ ‫فحاول صالح الدين فلم يقدر‪ ....‬فقال نور الدين‪ -:‬ان الدنيا مثل ھذا الظل ان طردته فر‪....‬‬ ‫وان فررت منه طلبك‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1‬يقول الحافظ ابن كثير رحمه ﷲ عن الملك نور الدين ‪ :‬كان كثير الصالة بالليل من وقت السحر إلى أن يركب‪.‬‬ ‫جمع الشجاعة والخشوع لديه ** ما أجمل الشجعان في المحراب‬ ‫وقال أيضا ً ‪ " :‬وكان مدمنا ً لقيام الليل‪ ،‬يصوم كثيراً‪ ،‬مجاھداً في الفرنج ‪ ،‬صحيح االعتقاد "‬

‫‪216‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عيش السعداء‬ ‫او ُ‬ ‫ات َو ْاألَرْ ضُ‬ ‫قال تعالى ‪َ * } :‬وأَ ﱠما الﱠ ِذينَ ُس ِع ُدوا فَفِي ْال َجنﱠ ِة خَ الِ ِدينَ فِيھَا َما دَا َم ِ‬ ‫ت ال ﱠس َم َ‬ ‫إِ ﱠال َما َشا َء َربﱡكَ َع َ‬ ‫طا ًء َغي َْر َمجْ ُذو ٍذ { ]ھود‪[ 108:‬‬ ‫قال رسول ﷲ )يا معاذ إن أردت عيش السعداء وميتة الشھداء والنجاة يوم المحشر‬ ‫واألمن يوم الخوف والنور يوم الظلمات والظل يوم الحرور والرى يوم العطش والوزن يوم‬ ‫الخفة والھدى يوم الضاللة فادرس القرآن فإنه ذكر الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان فى‬ ‫‪1‬‬ ‫الميزان(‬ ‫ھل تريد منى أن أرشدك الى طريق السعادة ؟؟؟تدفع كام ؟؟ اللھم صلى على محمد‬ ‫ال يوجد طريق للسعادة ‪،‬السعادة ھى نفسھا الطريق ‪،‬‬ ‫السعادة بداخلك من نفسك فال تنتظر الحصول عليھا من الخارج‬ ‫قال أنس بن مالك ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬كان رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يُ ْكثِ ُر أن‬ ‫ب القلوب ثب ْ‬ ‫ُ‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬قد آمنﱠا بكَ ‪ ،‬وبما جئتَ‬ ‫ﱢت قلبي على ِدينِكَ ‪،‬‬ ‫يقول ‪ :‬يا ُمقَلﱢ َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن ‪ ،‬يُقلبھا كيف‬ ‫به ‪ ،‬فھل تخاف علينا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬إن‬ ‫َ‬ ‫يشا ُء «‪.2.‬‬

‫يقول على الطنطاوي ‪":‬فيا أيھا القراء‪ :‬إنكم سعداء ولكن ال تدرون‪ ،‬سعداء إن عرفتم‬ ‫قدر النعم التي تستمتعون بھا‪ ،‬سعداء إن عرفتم نفوسكم وانتفعتم بالمخزون من قواھا‪ ،‬سعداء‬ ‫إن طلبتم السعادة من أنفسكم ال مما حولكم‪.‬‬ ‫سعداء إن كانت أفكاركم دائما ً مع ﷲ‪ ،‬فشكرتم كل نعمة‪ ،‬وصبرتم على كل بَلِيﱠة‪ ،‬فكنتم‬ ‫رابحين في الحالين‪ ،‬ناجحين في الحياتين‪".‬‬ ‫يقول علي بن أبي طالب ‪":‬السعادة الحقيقية ھي سعادة األخرة و ھي اربعه انواع‬ ‫بقاء بال فناء‬ ‫‪ 1‬الديلمى عن غضيف بن الحارث‬ ‫‪ 2‬الترمذي‬

‫‪217‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و علم بال جھل‬ ‫و قدرة بال عجز‬ ‫و غنى بال فقر"‬ ‫يقول االستاذ مصطفي السباعي ‪":‬الحد الفاصل بين سعادة الروح و تعاسته ھو ان تكون‬ ‫‪1‬‬ ‫روحه عونا على المصائب او عونا للمصائب علية"‬ ‫و يقول ايضا "‬ ‫إذا كنت تحب السرور في الحياة فاعتن بصحتك‬ ‫إذا كنت تحب السعادة في الحياة فاعتن بخلقك‬ ‫إذا كنت تحب الخلود في الحياة فاعتن بعقلك‬ ‫إذا كنت تحب البر في الحياة فاعتن بأبنائك‬ ‫إذا كنت تحب اإلخالص في الحياة فاعتن بزوجك‬ ‫إذا كنت تحب الوفاء في الحياة فاعتن بأصدقائك‬ ‫إذا كنت تحب الوضوح في الحياة فاعتن بصدق قولك‬ ‫إذا كنت تحب الحب في الحياة فاعتن بمن حولك‬ ‫إذا كنت تحب التقدير في الحياة فاعتن بأدبك‬ ‫إذا كنت تحب الجمال في الحياة فاعتن بروحك‬ ‫و إذا كنت تحب كل ذلك فاعتن بدينك "‬ ‫و تعرف على نفسك تعرف ما يسرك و يسعدك‬ ‫يقول مصطفي السباعي " لذة العابدين في المناجاة‪ ،‬ولذة العلماء في التفكير‪ ،‬ولذة‬ ‫األسخياء في اإلحسان‪ ،‬ولذة المصلحين في الھداية‪ ،‬ولذة األشقياء في المشاكسة‪ ،‬ولذة اللئام‬ ‫في األذى‪ ،‬ولذة الضالين في اإلغواء واإلفساد‪" .‬‬ ‫و يقول االستاذ "احمد امين" ‪ ":‬يخطئ من يظن أن أسباب السرور كلھا في الظروف‬ ‫الخارجية‪ ،‬فيشترط لِيُ َس ﱠر ماالً وبنين وصحة؛ فالسرور يعتمد على النفس أكثر مما يعتمد على‬ ‫الظروف‪ ،‬وفي الناس من يشقى في النعيم‪ ،‬ومنھم من ينعم في الشقاء؛ وفي الناس من ال‬

‫‪ 1‬ھكذا علمتني الحياة‬

‫‪218‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ض َحكةً عميقةً بكل ماله وھو كثير‪ ،‬وفيھم من يستطيع أن يشتري‬ ‫يستطيع أن يشتري َ‬ ‫ضحكات عالية عميقة واسعة بأتفه األثمان‪ ،‬وبال ثمن‪".‬‬ ‫ْ‬ ‫و يقول االستاذ احمد امين " وأكثر الناس يخطئ في حقيقة بديھية‪ ،‬وھي أن ليست‬ ‫السعادة أن تكون عندك شيء‪ ،‬ولكن أن تعمل شيئاً؛ فالسعادة ليست في ال ِم ْلكية‪ ،‬ولكن في‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫إن َمث َل َم ْن يجمع المال؛ قصدا للسعادة كمثل َم ْن يتسلح للعدو‪ ،‬فيلبس دروعا ثقيلة‪،‬‬ ‫ويحمل أسلحة كثيرة؛ حتى يثقل ذلك عليه؛ فيمنعه من السير‪.‬‬ ‫تَسْأَلينني في آخر خطابك عن وسائل الحياة الطيبة‪ ،‬فأرى أنھا تقوم على أسس أربعة‪:‬‬ ‫أولھا‪ :‬العمل ـ ‪ 1‬وھو قَ ْد ٌر ال ب ﱠد منه للغني والفقير‪،‬والرجل و المرأة‪ ،‬و بدونه تصبح‬ ‫الحياة عبئا ً ثقيالً ال يطاق ‪.‬‬ ‫إن العمل واجب من ناحية األخالق؛ فمن أكل من مال األُمة وجب أن يقدم لھا أجر ما‬ ‫أكل‪ ،‬ومن سوء الحظ في المدنية الحاضرة والسابقة أن الجزاء فيھا ليس متكافئا ً مع العمل؛‬ ‫فاألمم كلھا ـ مع األسف ـ مملوءة باألمثلة العديدة ألناس يعملون كثيراً‪ ،‬ويعملون عمالً نافعا ً‬ ‫عظيما ً‪ ،‬ثم ال يكافئون على عملھم إال بالقليل الذي يسد رمقھم‪ ،‬وبجانبھم من يعمل قليالً‪ ،‬أو ال‬ ‫يعمل أصالً‪ ،‬أو يعمل شراً‪ ،‬ث ﱠم ھو يكافأ على ذلك من غير حساب‪.‬‬ ‫وھذا عيب في المدنية يجب أن يعالج‪ ،‬ثم العمل واجب من الناحية النفسية؛ فمن لم يعمل‬ ‫عوقب بالسآمة‪ ،‬والملل‪ ،‬والضجر‪ ،‬وكلما كان العمل لنفع الناس كان الجزا ُء عليه أوفى‪.‬‬ ‫وعبرة ذلك في التاريخ نفسه‪ ،‬فھو لم يحفظ لنا أسماء األغنياء‪ ،‬والوزراء‪ ،‬والمترفين‬ ‫بقدر ما حفظ لنا أسماء كبار العاملين الخيﱢرين‪.‬‬ ‫باألمس كنت أتحدث إلى صديق لي عن العالِ ْم الشھير)ابن حزم األندلسي( فكان مما قلته‬ ‫إنه كان عالما ً كبيراً‪ ،‬وأخالقيا ً عظيما ً‪ ،‬وكان من بيت كبير فقد كان أبوه وزيراً ‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬ما اسم أبيه؟ قلت نسيت ذلك‪ ،‬قال‪ :‬إن في ذلك لعبرة لقد حفظت وحفظ أمثالك اسم‬ ‫العالم ونسيت ونسي أمثالك اسم الوزير الذي كان ذا جاه عريض؛ فالحياة بال عمل حياة ميتة‪،‬‬ ‫و لست مخيراً أن تعمل؛ وكل اختيارك إنما ھو في نوع العمل الذي يصلح لك‪ ،‬ويصلح له‪،‬‬ ‫وإني ال أشك في أن األغنياء الذين ال عمل لھم من أشقى الناس‪ ،‬ولذلك يبحثون عن اللذائذ‬ ‫الرخيصة يضعون بھا سأمھم ولكن سرعان ما تنقضي لذائذھم فخير أكلة ما أكلھا اإلنسان‬ ‫على جوع‪ ،‬وخير نوم ما نامه اإلنسان بعد تعب‪ ،‬والراحة الدائمة في حاجة إلى إجازة أكثر‬ ‫من حاجة العمل إلى إجازة‪ ،‬ولعل سأم السيدات وخصوصا ً المترفات الالئي اعتمدن في عمل‬ ‫البيت‪ ،‬وتربية الطفل على الخدم‪ ،‬والحشم سببه ھذا‪ ،‬وھو الحياة بال عمل‪ ،‬وتَلَ ﱡمس السعادة من‬ ‫طريق اللذائذ التافھة‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫األساس الثاني للحياة الطبيعية‪ :‬الطبع الراضي ‪،‬أو المزاج الفرح‪ ،‬أو الطبيعة المتفائلة؛‬ ‫فنرى في الحياة وجوھھا الباسمة‪ ،‬وخيراتھا الكثيرة؛ فكثير من أسباب الشقاء يرجع إلى الطبع‬ ‫الساخط‪ ،‬الطبع الذي ال يرى في الحياة إالﱠ مصائبھا‪ ،‬وشرورھا‪ ،‬وأحزانھا‪ ،‬الطبع الذي يخلق‬ ‫من كل سرور بكاءاً‪ ،‬ومن كل لذة ألما ً‪ ،‬ومن كل مسرة محزنة‪،‬الطبع الذي إذا أتيت له‬ ‫بعشرين تفاحة كلھا جيدة ما عدا واحدة ال تقع عينه إال على الفاسدة‪ ،‬وإذا كان في بيته كل ما‬ ‫الغضب من طبق كسر‪ ،‬أو كرسي في غير موضعه‪.‬‬ ‫ق‬ ‫يسر لم يلتفت إليه‪ ،‬وخَ لَ َ‬ ‫َ‬ ‫الطبع الراضي متسامح في الصغائر‪ ،‬خالق للسعادة‪ ،‬باشﱞ مستبشر‪،‬يتوقع الخير أكثر مما‬ ‫يتوقع الشر‪،‬يضحك حتى في الھزيمة‪ ،‬وحتى عند الخسارة المادية‪ ،‬يرى أن مسرح الحياة‬ ‫كميدان لعب الكرة‪ ،‬يكسب الالعب فيضحك‪ ،‬ويخسر فينتظر الغلبة‪.‬‬ ‫علمتني الحياة أن أتلقى كل ألوانھا رضا وقبوال‬ ‫‪ 1‬و قد تحدثنا عنه في اكثر من موضع مثل االجتھاد‬ ‫‪ 2‬و قد تحدثنا عنه في التفائل و لماذا ال تصاب الجمال بقرحة المعدة‬

‫‪219‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ورأيت الرضا يخفف أثقالي ويلقي على المآسي سدوال‬ ‫والذي ألھم الرضا ال تراه أبد الدھر حاسدا أو عذوال‬ ‫أنا راض بكل ما كتب ﷲ ومزج إليه حمدا جزيال‬ ‫أنا راض بكل صنف من الناس لئيما ألفيته أو نبيال‬ ‫لست أخشى من اللئيم أذاه ال‪ ،‬ولن اسأل النبيل فتيال‬ ‫فسح ﷲ في فؤادي فال أرضى من الحب والوداد بديال‬ ‫في فؤادي لكل ضيف مكان فكن الضيف مؤنسا أو ثقيال‬ ‫ضل من يحسب الرضا عن ھوان أو يراه على النفاق دليال‬ ‫فالرضا نعمة من ﷲ لم يسعد بھا في العباد إال القليال‬ ‫و اما الذي ال يرضى‬ ‫صغير يطلب الكبر = وشيخ ود لو صغرا‬ ‫وخال يشتھي عمل = وذو عمل به ضجرا‬ ‫ورب المال في ضيق = وفي ضيق من افتقرا‬ ‫ويشقى المرء منـھزما = وال يرتـاح منتصرا‬ ‫األساس الثالث‪ :‬أن يكون لإلنسان غرض نبيل في حياته االجتماعية‪ ،‬يشعر بأن ھناك‬ ‫بائسين من نواحيھم ؛ فالدنيا مملوءة بآالم الناس من مرض‪ ،‬وفقر؛ فإذا استطاع أن يُ ْش َعر قَ ْلبَهَ‬ ‫الرحمة؛ فيعمل في جمعية تخفيف الفقر‪ ،‬أو تواسي المرضى‪ ،‬أو تسعف المنكوبين‪ ،‬أو نحو‬ ‫ذلك شعر ﱠ‬ ‫بأن حياته غنية بعمل الخير؛ فاغتبط وسعد؛ يَ ْسع ُد لمشاركة الخيرين في عملھم‪،‬‬ ‫ويسعد في شعوره بمحاولته إنقاذ البائسين من بؤسھم‪.‬‬ ‫وھذا عمل في متناول الرجال‪ ،‬والنساء على السواء؛ فكلﱞ يستطيع أن يشترك في خدمة‬ ‫اجتماعية يقدمھا؛ فيشعر بالغبطة والسرور‪ ،‬وال شيء يبعث الضجر والسأم كمعيشة اإلنسان‬ ‫لنفسه فقط‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫طفلي يصحب النفس الضيﱢقة في دور الطفولة؛ فمن‬ ‫إن األنانية وحب الذات)‪ (1‬خلق‬ ‫ﱞ‬ ‫كبر وال زال ال يحب إال نفسه كان ذلك عالمة طفولته‪ ،‬وصغر نفسه؛ األناني كثير السأم ألنه‬ ‫ال يشعر إال بنف ِسه ونَ ْف ُسهُ تدور حول نفسھا‪ ،‬أما الذين يشعرون بغيرھم فيضيفون نفوسا ً إلى‬ ‫نفوسھم‪ ،‬وآفاقا ً إلى آفاقھم‪ ،‬ويجدون ألنفسھم أغذية مختلفة من شعور اآلخرين وآرائھم‪.‬‬ ‫)‪ (1‬لو قال‪ :‬الغلو في حب الذات)م(‪.‬‬

‫‪220‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال صحبي ‪ :‬نراك تشكو جروحا أين لحن الرضا رخيما جميال‬ ‫قلت أما جروح نفسي فقد عودتھا بلسم الرضا لتزوال‬ ‫غير أن السكوت عن جرح قومي ليس إال التقاعس المرذوال‬ ‫لست أرضى ألمة أنبتتني خلقا شائھا وقدرا ضئيال‬ ‫أنا أبغي لھا الكرامة والمجد وسيفا على العدا مسلوال‬ ‫علمتني الحياة أني إن عشت لنفسي أعش حقيرا ھزيال‬ ‫األساس الرابع للحياة الطيبة‪ :‬أن يكون لك غرض في الحياة محدود ‪ ، 1‬ثم يكون لك‬ ‫اھتما ٌم في تحقيقه‪ ،‬وتعاون مع من يشاركك في برنامجه‪ ،‬توسع ثقافتك فيما ح ﱠددت من غرض‬ ‫وتتعشقه؛ حتى تتلذذ من العمل الذي يقرب من النجاح فيه؛ فحدد الغرض‪ ،‬وارسم برنامجه‪،‬‬ ‫ورتب خطواته‪ ،‬وأحبه‪ ،‬وأحب العمل للوصول إليه تشعر بسعادة ال تُقَ ﱠدر‪.‬‬ ‫إن كثيراً من البؤساء في الحياة سبب بؤسھم أنھم يعيشون وال يدركون لِ َم يعيشون‪ ،‬وما‬ ‫وظيفتھم في الحياة وما غرضھم منھا؛ فيكون كالسائر في الشارع بال غرض‪ ،‬يتسكع ھنا آنا ً‬ ‫ق الصدر‪ ،‬ملوالً ضجراً يغلب عليه الحزن‬ ‫ضي ﱢ َ‬ ‫وھنا آنا ً؛ فإذا رأيت رجالً متبرما ً من الحياة‪َ ،‬‬ ‫والكدر_ فاعلم أنه فقد عنصراً أو أساسا ً من عناصر الحياة الطيبة؛ فھو إما فارغ ال عمل له‬ ‫يعتمد على مال موروث‪ ،‬أو مال يأتي من عمل غيره‪ ،‬ويكتفي بھذا‪ ،‬ويركن إلى البطالة‪ ،‬أو‬ ‫بمنظار أسو َد دائما ً ولم يقاومه‪ ،‬أو ھو عاش لنفسه فقط؛ فلم‬ ‫ھو إنسان تع ﱠود أن يرى الحياة‬ ‫ٍ‬ ‫يشترك في عمل اجتماعي يشعره بالرحمة‪ ،‬والشفقة‪ ،‬وھي من النعم الكبرى على اإلنسان‪ ،‬أو‬ ‫عاش بال غرض كالريشة في الھواء ال يتحمس لعمل‪ ،‬وال ينظر غاية‪.‬‬ ‫ھذه ـ يا سيدتي ـ ھي أسباب الحياة الطيبة‪ ،‬وفقدانھا أو فقدان واحدة م ْنھا يجعلھا حياة‬ ‫تعسة بغيضة‪.‬‬ ‫فليختبر كل نفسه؛ ليعرف موضع مرضه‪" .‬‬ ‫قال الرافعي‪ ":‬إن السعادة اإلنسانية الصحيحة في العطاء دون األخذ‪ ،‬وإن الزائفة ھي‬ ‫األخذ دون العطاء‪ ،‬وذلك آخر ما انتھت إليه فلسفة األخالق‪".‬‬ ‫و يقول الدكتور القرضاوي‬ ‫قالوا‪ :‬السعادة في السكون وفي الخمـول وفي الخمـود‬ ‫في العيـش بيـن األھـل ال عيـش المھاجر والطريـد‬ ‫في لقمـة… تأتـي إليـك بغيـر ما جـھـد جـھـيـد‬ ‫في المشي خلف الركب في دعـة وفي خطـو وئـيـد‬ ‫في أن تـقـول كمـا يقـال فـال اعتـراض وال ردود‬ ‫في أن تـسيـر مع القطيـع وأن تـقـاد وال تـقـود‬ ‫في أن تـصيـح لكل وال عاش عـھـدكـم المـجـيـد‬ ‫‪ 1‬تحدثنا عنه في تحديد الھدف‬

‫‪221‬‬


‫حياة العظماء‬

‫في أن تـعيـش كما يراد وال تـعيـش كمـا تـريـد‬ ‫قـلت‪ :‬الحيـاة ھي التـحرك ال السكـون وال الھمـود‬ ‫وھي التـفاعل والتـطـور ال التـحجـر والجـمـود‬ ‫وھي الجـھـاد‪ ،‬وھل يجـاھـد من تـعلق بـالقـعود‬ ‫وھي الشعور باالنـتـصار وال انـتـصار بال جـھود‬ ‫وھي التـلـذذ بالمتـاعـب ال التـلـذذ بـالـرقـود‬ ‫ھي أن تـذود عـن الحـيـاض‪ ،‬وأي حـر ال يـذود؟‬ ‫ھي أن تـحـس بأن كـأس الـذل من مـاء صـديـد‬ ‫ھي أن تـعيش خليـفة في األرض شأنـك أن تـسود‬ ‫ھي أن تـخط مصيـر نفسك في التـھام وفي النـجود‬ ‫وتـقول‪ :‬ال‪ ،‬ولمـلء فـيـك لكـل جـبـار عنـيـد‬ ‫ھـذي الحيـاة وشـأنـھا من عـھـد آدم والجــدود‬ ‫فـإذا ركـنـت إلى السـكـون فـلذ بسكـان اللحـود‬ ‫أفبـعد ذاك تـظن أن‪ ...‬أخـا الخمـول ھو السعيـد‬

‫‪222‬‬


‫حياة العظماء‬

‫السر‬ ‫أخى الفاضل ما دمت أكملت المشوار الى ھذه الصفحة فقد ترافقنا طويال و اصبح لي‬ ‫حق عليك و اصبح لك حق علي‪.‬‬ ‫اما حقي عليك اال تبخل علي بنصيحة او ارشاد لخطأ او دعوة بغيب او كلمه تشجيع‪.‬‬ ‫اما حقك علي أن ارشدك الى السر ‪:‬‬ ‫أحرص على طاعة السر و أھرب من المعصية في الخلوة‬ ‫أنظر الى كيف و تدبر في الدعاء و الذكر خفيه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َضرﱡ عًا َوخفيَة لئِ ْن أن َجانَا ِم ْن ھَ ِذ ِه‬ ‫ت ْالبَرﱢ َو ْالبَحْ ِر تَ ْد ُعونَهُ ت َ‬ ‫} قُلْ َم ْن يُنَجﱢي ُك ْم ِم ْن ظُلُ َما ِ‬ ‫لَنَ ُكونَ ﱠن ِمنَ ال ﱠشا ِك ِرينَ )‪{ (63‬االنعام‬ ‫َضرﱡ عًا َو ُخ ْفيَةً {االعراف‬ ‫} ا ْد ُعوا َربﱠ ُك ْم ت َ‬ ‫ال َو َال تَ ُك ْن‬ ‫ضرﱡ عًا َو ِخيفَةً َو ُدونَ ْال َجھ ِْر ِمنَ ْالقَوْ ِل بِ ْال ُغ ُد ﱢو َو ْاآلَ َ‬ ‫} َو ْاذ ُكرْ َربﱠكَ فِي نَ ْف ِسكَ تَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِمنَ ْالغَافِلِينَ )‪{ (205‬االعراف‬ ‫اج ِع يَ ْد ُعونَ َربﱠھُ ْم َخوْ فًا َو َ‬ ‫ط َمعًا َو ِم ﱠما َرزَ ْقنَاھُ ْم يُ ْنفِقُونَ )‪(16‬‬ ‫} تَت َ​َجافَى ُجنُوبُھُ ْم ع َِن ْال َم َ‬ ‫ض ِ‬ ‫{فماذا كان جزائھم }فَ َال تَ ْعلَ ُم نَ ْفسٌ َما أُ ْخفِ َي لَھُ ْم ِم ْن قُ ﱠر ِة أَ ْعي ٍُن َجزَ ا ًء بِ َما َكانُوا يَ ْع َملُونَ )‪{ (17‬‬ ‫السجدة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت فَنِ ِع ﱠما ِھ َي َوإِ ْن تُ ْخفوھَا َوتُ ْؤتُوھَا الفقَ َرا َء فَھ َُو خَ ْي ٌر لَ ُك ْم َويُ َكفﱢ ُر َع ْن ُك ْم‬ ‫} إِ ْن تُ ْب ُدوا ال ﱠ‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫ِم ْن َسيﱢئَاتِ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﷲُ بِ َما تَ ْع َملونَ خَ بِي ٌر )‪ { (271‬البقرة‬ ‫‪1‬‬ ‫قال رسول ﷲ " من استطاع منكم أن يكون له خبئ من عمل صالح فليفعل "‬ ‫‪2‬‬ ‫"ال عمل أرجى للقبول من عمل يغيب عنك شھوده و يحتقر عندك وجوده "‬ ‫يقول أحد السلف‪ :‬لقد أدركنا أقوا ًما ما كان على ظھر األرض من عمل يقدرون على أن‬ ‫يعملوه في السر؛ فيكون عالنية أبدًا‪ ،‬يجلس الرجل منھم في المجلس المعمور بذكر ﷲ‪،‬‬ ‫فتأخذه الخشية‪ ،‬فتأتيه ال َعبَرة لتخرج فيردھا؛ فإذا خشي خروجھا خرج من مجلسه خوفًا من‬ ‫دواعي السمعة والرياء‪ .‬يصوم أحدھم يو ًما‪ ،‬ويفطر يو ًما لمدة أربعين سنة ال يعلم أھله به‪،‬‬ ‫كان ح ﱠماالً ‪-‬يعمل حماالً‪ -‬يحمل غداءه معه في الصباح‪ ،‬فيتصدق به في الطريق على أحد‬ ‫المساكين‪ ،‬ويرجع في المساء ليتعشى مع أھله؛ فذاك إفطاره وھو عشاؤھم‪ .‬بل إن ]ابن‬ ‫المبارك[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬كان يجاھد في سبيل ﷲ‪ ،‬وكان يضع اللثام على وجھه لئال يُعرف‬ ‫خوفًا على نيته أن يشوبھا شائب من الشوائب‪ .‬ھل عاش أولئك يو ًما من الدھر على وجه‬ ‫‪3‬‬ ‫األرض‪ .‬إي وﷲ ‪ ..‬اللھم إنا نشھدك أنﱠا نحبھم‪ ،‬اللھم احشرنا وإياھم في زمرة الصالحين‪.‬‬ ‫و تأمل في حديث السبعه الذين يظلھم ﷲ بظله‬ ‫}سبعة يظلھم ﷲ فى ظل عرشه يوم ال ظل إال ظله اإلمام العادل وشاب نشأ فى عبادة‬ ‫ﷲ ورجل قلبه معلق فى المساجد ورجالن تحابا فى ﷲ اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته‬ ‫امرأة ذات منصب وجمال فقال إنى أخاف ﷲ رب العالمين ورجل تصدق بصدقة فأخفاھا‬ ‫‪4‬‬ ‫حتى ال تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر ﷲ خاليا ففاضت عيناه{‬ ‫نجد في أخر رجلين يظھر جليا أخفاء العمل و قد يكون في السبعه و لكنه يتضح في‬ ‫النتصدق صدقه و ال يعلم بھا احد ‪ ،‬و من ذكر ﷲ خاليا منفردا ال يراه أحد فبكت عيناه‬

‫‪ 1‬صححه االلباني في السلسله الصحيحة و أوقفه كثير على الزبير بن العوام‬ ‫‪ 2‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 3‬على القرني‬ ‫‪ 4‬متفق عليه‬

‫‪223‬‬


‫حياة العظماء‬

‫و بلغنا عن عيسى بن مريم عليه السالم أنه قال ‪ :‬إذا كان يوم صوم أحدكم فليدھن لحيته‬ ‫و يمسح شفتيه من دھنه حتى ينظر إليه الناظر فيظن أنه ليس بصائم و عن ابن مسعود رضي‬ ‫ﷲ عنه قال ‪ :‬إذا أصبح أحدكم صائما فليترجل ـ يعني يسرح شعره ـ و يدھنه و إذا تصدق‬ ‫بصدقة عن يمينه فليخفھا عن شماله و إذا صلى تطوعا فليصل داخل بيته‬ ‫) وھبني كتمت السر أو قلت غيره ‪ ...‬أتخفى على أھل القلوب السرائر (‬ ‫) أبى ذاك إن السر في الوجه ناطق ‪ ...‬و إن ضمير القلب في العين ظاھر (‬ ‫قال رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪) -‬صالة الرجل تطوعا ً حيث ال يراه الناس تعدل‬ ‫‪1‬‬ ‫صالته على أعين الناس خمسا ً وعشرين(‬ ‫) كم اكتم حبكم عن األغيار ‪ ...‬و الدمع يذيع في الھوى أسرارى (‬ ‫) كم أستركم ھتكتمو أسرارى ‪ ...‬من يخفي في الھوى لھيب النار (‬ ‫يقول حسن البصري ‪":‬و أبك في ساعات الخلوة لعل موالك يطلع عليك فيرحم عبرتك‬ ‫‪2‬‬ ‫فتكون من الفائزين "‬ ‫خلق قلبك صافيا في األصل وإنما كدرته الخطايا وفي الخلوة يركد الكدر تلمح سبب ھذا‬ ‫التكدير فما يخفى الحال على متلمح كنت مقيما في دار اإلنابة نظيفا فسافرت في الھوى‬ ‫‪3‬‬ ‫فعالك وسخ أفال تحن إلى النظافة أال يحرك البدوي ذكر نجد‬ ‫لما ھبط المسلمون المدائن وجمعوا األقباض أقبل رجل بحق معه فدفعه إلى صاحب‬ ‫األقباض فقال الذين معه‪ :‬ما رأينا مثل ھذا قط‪ ،‬ما يعدله ما عندنا وال يقاربه‪ .‬فقالوا له‪ :‬ھل‬ ‫أخذت منه شيئاً؟ فقال‪ :‬أما وﷲ لوال ﷲ ما أتيتكم به فعرفوا أن للرجل شأنا ً‪ :‬فقالوا‪ :‬من أنت؟‬ ‫فقال‪ :‬ال وﷲ ال أخبركم لتحمدوني‪ ،‬وال غيركم ليقرظوني‪ ،‬ولكني أحمد ﷲ وأرضى بثوابه‬ ‫‪4‬‬ ‫فأتبعوه رجالً حتى انتھى إلى أصحابه فسأل عنه فإذا ھو عامر بن عبد قيس‪.‬‬ ‫و رأى الشيخ محمد حسان االمام أحمد بن حنبل في المنام فقال له أوصني قال‪" :‬حافظ‬ ‫على خلوتك"‬ ‫قال محمد بن إسحاق ))كان أناس بالمدينة يعيشون وال يدرون من أين يعيشون؟ومن‬ ‫يعطيھم؟فلما مات‬ ‫زين العابدين بن الحسين رضي ﷲ عنھما فقدوا ذالك فعرفوا انه ھو الذي كان يأتيھم‬ ‫بالليل بما‬ ‫يأتيھم به ولما مات وجدوا في ظھره وأكتافه اثر حمل الجرب أي الكيس إلى بيوت‬ ‫األرامل والمساكين((‬ ‫و تعال لننظر الى بن المبارك قال عبدة بن سليمان‪ :‬كنا في سرية مع عبد ﷲ بن المبارك‬ ‫في بالد الروم فصادفنا العدو فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز‪ ،‬فخرج‬ ‫إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله‪ ،‬ثم آخر فقتله؛ ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل‬ ‫فطارده ساعة فطعنه فقتله؛ فازدحم عليه الناس وكنت فيمن ازدحم عليه فإذا ھو ملثم وجھه‬ ‫بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا ھو عبد ﷲ بن المبارك فقال‪ :‬وأنت يا أبا عمرو ممن‬ ‫يشنع علينا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عن القاسم بن محمد قال‪ :‬كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيرا ما كان يخطر ببالي فأقول في‬ ‫نفسي‪ :‬بأي شيء فضل ھذا الرجل علينا حتى اشتھر في الناس ھذه الشھرة؟ إن كان يصلي‬ ‫إنا نصلي‪ ،‬ولئن يصوم إنا لنصوم‪ ،‬وإن كان يغزو فإنا لنغزو‪ ،‬وإن كان يحج إنا لنحج‪.‬‬

‫‪ 1‬حديث صحيح‬ ‫‪ 2‬الرقة و البكاء‬ ‫‪ 3‬المدھش‬ ‫‪ 4‬صفه الصفوه‬

‫‪224‬‬


‫حياة العظماء‬

‫قال‪ :‬فكنا في بعض مسيرتنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ طفئ السراج فقام‬ ‫بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح فمكث ھينھة ثم جاء بالسراج فنظرت إلى وجه ابن‬ ‫المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع‪ .‬فقلت في نفسي‪ :‬بھذه الخشية فضل ھذا الرجل علينا‪،‬‬ ‫ولعله حين فقد السراج فصار إلى الظلمة ذكر القيامة‪.‬‬ ‫قال المروزي‪ :‬وسمعت أبا عبد ﷲ بن حنبل قال‪ :‬ما رفع ﷲ ابن المبارك إال بخبيئة كانت‬ ‫‪1‬‬ ‫له‪.‬‬ ‫و قال بن حنبل ‪":‬طوبي لمن أخمد ﷲ تعالى ذكره"‬ ‫ً‬ ‫سفيان الثوري يقول‪ :‬بلغني أن العبد يعمل العمل سرا فال يزال به الشيطان حتى يغلبه‬ ‫فيكتب في العالنية‪ ،‬ثم ال يزال الشيطان به حتى يحب أن يحمد عليه فينسخ من العالنية فيثبت‬ ‫‪2‬‬ ‫في الرياء‪.‬‬ ‫قال بشر بن الحارث ال أعلم رجال أحب أن يعرف إال ذھب دينه وافتضح وقال بشر ال‬ ‫‪3‬‬ ‫يجد حالوة اآلخرة رجل يحب أن يعرفه الناس‬ ‫فصل ‪ :‬الجزاء على مقادر االخالص‬ ‫إن للخلوة تأثيرات تبين في الخلوة كم من مؤمن با ﷲ عز و جل يحترمه عند الخلوات‬ ‫فيترك ما يشتھي حذرا من عقابه أو رجاء لثوابه أو إجالال له فيكون بذلك الفعل كأنه طرح‬ ‫عودا ھنديا على مجمر فيفوح طيبه فيستشنقه الخالئق و ال يدرون أين ھو‬ ‫و على قدر المجاھدة في ترك ما يھوى تقوى محبته أو على مقدار زيادة دفع ذلك‬ ‫المحبوب المتروك يزيد الطيب و يتفاوت تفاوت العود‬ ‫فترى عيون الخلق تعظم ھذا الشخص و ألسنتھم تمدحه و ال يعرفون لم ؟ و ال يقدرون‬ ‫على وصفه لبعدھم عن حقيقة معرفته‬ ‫و قد تمتد ھذه األرابيح بعض الموت على قدرھا فمنھم من يذكر بالخير مدة مديدة ثم‬ ‫ينسى و منھم من يذكر مائة سنة ثم يخفى ذكره و قبره و منھم أعالم يبقى ذكرھا أبدا‬ ‫و على عكس ھذا من ھاب الخلق و لم يحترم خلوته بالحق فإنه على قدر مبارزته‬ ‫بالذنوب و على مقادير تلك الذنوب يفوح منه ريح الكراھة فتمقته القلوب فإن قل مقدار ما‬ ‫جنى قل ذكر األلسن له بالخير و بقي لمجرد تعظيمه و إن كثر كان قصارى األمر سكوت‬ ‫الناس عنه ال يمدحونه و ال يذمونه‬ ‫و رب خال بذنب كان سبب وقوعه في ھوة شقوة في عيش الدنيا و اآلخرة و كأنه قيل‬ ‫له ‪ :‬إبق بما آثرت فيبقى أبدا في التخبيط‬ ‫فانظروا إخواني إلى المعاصي أثرت و عثرت‬ ‫و قال أبو الدرداء رضي ﷲ عنه ‪ ] :‬إن العبد ليخلوا بمعصية ﷲ تعالى فيلقي ﷲ بغضه‬ ‫في قلوب المؤمنين من حيث ال يشعر [‬ ‫فتلحموا ما سطرته و اعرفوا ما ذكرته و ال تھملواخلواتكم و ال سرائركم فإن األعمال‬ ‫‪4‬‬ ‫بالنية و الجزاء على مقدار اإلخالص‬ ‫و أحذر معصية الخلوة‬ ‫قال رسول ﷲ " ألعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تھامة‬ ‫بيضا فيجعلھا ﷲ ھباء منثورا ‪ .‬قال ثوبان ‪ :‬يا رسول ﷲ صفھم لنا جلھم لنا أن‬ ‫ال نكون منھم و نحن ال نعلم ‪ ،‬قال ‪ :‬أما إنھم إخوانكم و من جلدتكم و يأخذون من‬ ‫‪ 1‬صفه الصفوه‬ ‫‪ 2‬حلية االولياء‬ ‫‪ 3‬حلية االولياء‬ ‫‪ 4‬صيد الخاطر‬

‫‪225‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الليل كما تأخذون و لكنھم أقوام إذا خلو بمحارم ﷲ انتھكوھا " ‪.‬‬ ‫قال يحيى بن معاذ الرازي ‪":‬من خان ﷲ في السر ھتك سره في العالنية"‬ ‫أين مــن ﷲ تــواريــة‬ ‫يـا كـــاتــم الـــسر و مـخــفــيـــة‬ ‫و أنت من جارك تخفية‬ ‫بارزت ﷲ بالعصيان رب العال‬ ‫قال أبا حامد الخلفاني ألحمد بن حنبل ‪ :‬يا أبا عبد ﷲ ھذه القصائد الرقاق التي في ذكر‬ ‫الجنة والنار أي شيء تقول فيھا ؟ فقال ‪ :‬مثل أي شيء ؟ قلت ‪ :‬يقولون ‪:‬‬ ‫) إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني (‬ ‫) وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني (‬ ‫فقال ‪ :‬أعد علي فأعدت عليه فقام ودخل بيته ورد الباب ‪ -‬فسمعت نحيبه من داخل وھو‬ ‫يقول ‪:‬‬ ‫) إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني (‬ ‫‪2‬‬ ‫) وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني (‬ ‫‪1‬‬

‫قال ابن رجب رحمه ﷲ ‪":‬خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد اليطلع عليھا‬ ‫الناس"‪.‬‬ ‫إذا ما خلوت الدھر يوما فال تقل‪ .......‬خلوت ولكن قل علي رقيب‬ ‫وال تحسبن ﷲ يغفل ساعة‪ .............‬وال أن ما تخفيه عنه يغيب‬

‫من عمل في السر عمل يستحي منه في العالنية فليس لنفسه عنده قدر‬ ‫وقال زھير بن أبي سلمى‬ ‫ومھما تكن عند امرء من خليقة ‪ ...‬وإن خالھا تخفي على الناس تعلم‬ ‫‪ 1‬السلسة الصحيحة للشيخ االلباني‬ ‫‪ 2‬تلبيس ابليس‬

‫‪226‬‬


‫حياة العظماء‬

‫خطوط حمراء‬

‫‪ .1‬كسر الحاجز‬ ‫} وال تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين{‬ ‫اعلم ان بينك و بين الھالك سور عظيم و ھناك سلسلة ال يظھر لك منھا اال حلقة واحدة ‪،‬‬ ‫لكنك اذا سحبت ھذه الحلقة ظھرت باقي الحلقات و يسھل عليك تجاھل الحلقة لكن‬ ‫يصعب عليك تجاھل السلسل ان بدأت في جذبھا‬ ‫السيجارة االولى ليست سيجارة واحدة بل ھي االف السجائر و بداية طريق المخدرات‬ ‫يقول حسن البنا "احذروا السيجارة األولى‪ ،‬والكأس األولى‪ ،‬والمرأة األولى"‪.‬‬ ‫‪ .2‬قتلوه قتلھم ﷲ‬ ‫أحذر الفتوى بغير علم‬ ‫قال عبد ﷲ بن عباس ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬أصاب رجال َجرْ ح في عھد رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم‪ -‬ثم احْ تَلَم ‪ ،‬فأ ُ ِمر باالغتسال ‪ ،‬فاغتسل فمات ‪ ،‬فبلغ ذلك رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫السؤال ؟ « أخرجه أبو داود‪.‬‬ ‫وسلم‪ ، -‬فقال ‪ :‬قتلوه ‪ ،‬قتلھم ﷲ ‪ ،‬ألم يكن شفا ُء ال ِع ﱢي‬ ‫َ‬ ‫وفي رواية رزين » ثم احتلم ‪ ،‬فسأل من ال علم له بال ﱡسنﱠة ‪ :‬ھل له رُخصة في التيمم ؟‬ ‫فقالوا له ‪ :‬ال ‪ ،‬فاغتسل فمات ‪ ،‬فبلغ ذلك رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬فقال ‪ :‬قتلوه‬ ‫ب على‬ ‫ْص َ‬ ‫قتلھم ﷲ ‪ ،‬ألم يكن شفاء العي السؤال ؟ فإنما كان يكفيه أن يتيمم ‪ ،‬وأن يَع ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫جرحه خرقة ‪ ،‬ثم يمسح عليھا ‪ ،‬ويغسل سائر جسده «‪.‬‬

‫‪ .3‬التسويف‬ ‫دع عنك التسويف فلم نرى عظيما يسوف‬ ‫يقول الصاحب شرف الدين األنصاري‬ ‫السيف أمضى‬ ‫ب‬ ‫وامض إِلى المعالي ‪...‬‬ ‫دع التسويفَ‬ ‫ِ‬ ‫بعزم من ذبا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ ْ‬‫خوان َر ْفضا‬ ‫واإل‬ ‫ِ‬ ‫وخذ في الج ﱢد وارفضْ من أباهُ ‪ ...‬من األھلين ِ‬ ‫ُ‬ ‫النصح َمحْ ضا‬ ‫كأس‬ ‫أشرت به فإِني ‪ ...‬صحبتُكَ منه‬ ‫واصغ لما‬ ‫‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يا مؤخرا توبته بمطل التسويف ) ألي يوم أجلت ( كنت تقول إذا شئت تبت فھذي شھور‬ ‫الصيف عناقد انقضت قدر أن الموت ال يأتي إال بغتة أليس مرض الموت يبغت ويحك قد نفذ‬ ‫السليط فاستدرك ذبالة المصباح في كل يوم تضع قاعدة إنابة ولكن على شفا جرف ھار كم‬ ‫تعزم على طاعة وتوبة يا ليلى الھوى ما تبصر توبة تبيت من العزم في شعار أويس فإذا‬ ‫‪ 1‬ابو داود‬

‫‪227‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أصبحت أخذت طريق قيس تنقض عرى العزايم عروة عروة كل صريع في الھوى رفيق‬ ‫عروة كم تدفن كثيرا من األعزة وما يرجع كثير عن حب عزة‬ ‫‪1‬‬ ‫) جنونك مجنون ولست بواجد ‪ ...‬طبيبا يداوي من جنون جنون (‬ ‫قيل لعمر بن عبد العزيز "يا أمير المؤمنين لو ركبت ـ في نزھة ـ فَتَ َر ﱠوحْ تَ ! أجابھم‪ :‬فمن‬ ‫يجزي عني عمل ذلك اليوم؟ قال‪ :‬تجزيه من الغد‪ ،‬أجاب عمر‪ :‬فَد َ​َحني عمل اليوم‪ ،‬فكيف إذا‬ ‫ي عم ُل يومين"‪..‬‬ ‫اجتمع عل ﱠ‬ ‫فخل لھا خلي مرادك معطيا ً ‪ ...‬قيدك من نفس بھا مطمئنة‬ ‫وامس خليا ً من حظوظك واسم عن ‪ ...‬حضيضك وأثبت بعد ذلك تنبت‬ ‫وسددوا قارب واعتصم واستقم لھا ‪ ...‬مجيبا ً إليھا عن إنابة مخبت‬ ‫وعد من قريب واستجب واجتنب )غداً( ‪ ...‬وشمر عن ساق اجتھاد بنھضة‬ ‫وكن صارما ً كالوقت فالمقت في )عسى( ‪ ...‬وإياك )مھال( فھي أخطر علة‬ ‫وقم في رضاھا واسع غير محاول ‪ ...‬نشاطا ً وال تخلد لعجز مفوت‬ ‫وسر زمنا ً وانھض كسراً فحظك ‪ ...‬البطالة ما اخرت من مالصحة‬ ‫وأقدم وقدم ما قعدت له مع ‪ ...‬الخوالف واخرج عن قيود التلفت‬ ‫وجد بسيف العزم سوف فإن تجد ‪ ...‬تجد نفسا ً فالنفس إن جدت جدت‬ ‫رأى رجل عمر بن عبدالعزيز وقد أصابه الجھد من كثرة العمل‪ ،‬فقال له‪ :‬يا أمير‬ ‫المؤمنين‪ ،‬لو تروحت وركبت‪ .‬قال‪ :‬كيف لي بعمل ذلك اليوم؟ قلت‪ :‬يكون في اليوم الذي‬ ‫يليه؟ قال‪ :‬حسبي عمل يوم في يومه‪ ،‬فكيف بعمل يومين في يوم‪"...‬‬ ‫أن أردت أن تسوف فسوف في أمور الدنيا و المعاصي تقول لك نفسك ‪":‬أنظر الى ھذه الفتاه "‬ ‫فقل لھا ‪":‬ليس االن ‪ ،‬بعد قليل" بعد ثواني تكون مرت بدون أن تخسر حسناتك فليس بين‬ ‫المعصية و الطاعة اال لحظات صبر‬ ‫و اعلم أن زمان اإلبتالء ضيف قراه الصبر كما قال أحمد بن حنبل ‪ ] :‬إنما ھو طعام‬ ‫دون طعام و لباس دون لباس و أنھا أيام قالئل فال تنظر إلى لذة المترفين و تلمح عواقبھم و‬ ‫ال تضق صدرا بضيق المعاش و علل الناقة بالحدو تسير ‪:‬‬ ‫) طاول بھا الليل مال النجم أم جنحا ‪ ...‬و ما طل النوم ضن الجفن أم سمحا (‬ ‫) فإن تشكت فعللھا المجرة من ‪ ...‬ضوء الصباح و عدھا بالرواح ضحى (‬ ‫و قد كان أھدي إلى أحمد بن حنبل ھدية فردھا ثم قال بعد سنة ألوالده ‪ ] :‬لو كنا قبلناھا‬ ‫كانت قد ذھبت [‬ ‫و مر بشر على بئر فقال له صاحبه ‪ :‬أنا عطشان فقال ‪ :‬البئر األخرى فمر عليھا فقال له‬ ‫‪ :‬األخرى ثم قال ‪ :‬كذا تقطع الدنيا‬ ‫و دخلوا إلى بشر الحافي و ليس في داره حصير فقيل له ‪ :‬أال بذا تؤذى ؟ فقال ‪ :‬ھذا أمر‬ ‫ينقضي‬ ‫و كان لداود الطائي دار يأوي إليھا فوقع سقف فانتقل إلى سقف إلى أن مات في الدھليز‬ ‫فھؤالء الذين نظروا في عواقب األمور و بعد ھذا فال أطالبك بھذه الرتبة بل أقول لك ‪:‬‬ ‫إن حصل لك شيء من المباح ال من فيه و ال أذى و ال نلته بسؤال و ال من يد ظالم تعلم أن‬

‫‪ 1‬المدھش‬

‫‪228‬‬


‫حياة العظماء‬

‫ماله حرام أو فيه شبھة فإفسح لنفسك في مباحاتھا بمقدار ما تحتاج إليه و كن مقدرا للنفقة غير‬ ‫مبذر‬ ‫فإن الحالل ال يحتمل السرف و متى أسرفت إحتجت إلى التعرض للخلق و التناول من‬ ‫األكدار‬ ‫و إن ضاق بك أمر فأصبر فإن ضعف الصبر فسل فاتح األبواب فھو الكريم و عنده‬ ‫مفاتح الغيب‬ ‫و إياك أن تبذل دينك بتصنع للخلق أو يتقرب إلى األمراء و تستعطي أموالھم‬ ‫و أذكر طريق السلف ‪ :‬كان ابن سمعون له ثياب يجلس فيھا للناس ثم يطويھا إلى‬ ‫المجلس اآلخر ورثھا عن أبيه بقيت أربعين سنة‬ ‫و كانت ميمونة بنت شاقولة تعظ الناس و لھا ثياب قد بقيت أربعين سنة‬ ‫و من صفا نظره و تھذب لفظه نفع وعظه و من كدر كدر عليه‬ ‫و الحالة العالية في ھذا إقبال القلب على ﷲ عز و جل و التوكل عليه و النظر إليه و‬ ‫إلتفات القلب عن الخلق‬ ‫فإن إحتجت فإسأله و إن ضعفت فإرغب إليه‬ ‫و متى ساكنت األسباب إنقطعت عنه و متى إستقام باطنك إستقامت لك األمور‪1‬‬ ‫" إذا ھ ّمت نفسك بالمعصية فذكرھا با"‪ ،‬فإذا لم ترجع فذكرھا بأخالق الرجال‪ ،‬فإذا لم‬ ‫ترجع فذكرھا بالفضيحة إذا علم بھا الناس‪ ،‬فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة قد انقلبت إلى‬ ‫‪2‬‬ ‫حيوان‪" .‬‬ ‫أسباب التسويف‬ ‫• الكسل‬ ‫أستعذ با" من الكسل‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ -‬كانَ يَقُو ُل » اللﱠھُ ﱠم‬ ‫ع َْن عَائِ َشةَ ‪ -‬رضى ﷲ عنھا ‪ -‬أَ ﱠن النﱠبِ ﱠ‬ ‫ب ْالقَب ِْر ‪،‬‬ ‫إِنﱢى أَ ُعو ُذ بِكَ ِمنَ ْال َك َس ِل َو ْالھَ َر ِم ‪َ ،‬و ْال َمأْثَ ِم َو ْال َم ْغ َر ِم ‪َ ،‬و ِم ْن فِ ْتنَ ِة ْالقَب ِْر َو َع َذا ِ‬ ‫ار ‪َ ،‬و ِم ْن َشرﱢ فِ ْتنَ ِة ْال ِغنَى ‪َ ،‬وأَ ُعو ُذ بِكَ ِم ْن فِ ْتنَ ِة ْالفَ ْق ِر ‪،‬‬ ‫ار َو َع َذا ِ‬ ‫ب النﱠ ِ‬ ‫َو ِم ْن فِ ْتنَ ِة النﱠ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ج َو ْالبَ َر ِد ‪،‬‬ ‫ﱠال ‪ ،‬اللﱠھُ ﱠم ا ْغ ِسلْ َعنﱢى خَ طَايَ َ‬ ‫يح ال ﱠدج ِ‬ ‫اى بِ َما ِء الثﱠل ِ‬ ‫َوأَ ُعو ُذ بِكَ ِم ْن فِ ْتنَ ِة ال َم ِس ِ‬ ‫ق قَ ْلبِى ِمنَ ْالخَ َ‬ ‫َونَ ﱢ‬ ‫َس ‪َ ،‬وبَا ِع ْد بَ ْينِى َوبَ ْينَ‬ ‫ب األَ ْبيَ َ‬ ‫طايَا ‪َ ،‬ك َما نَقﱠيْتَ الثﱠوْ َ‬ ‫ض ِمنَ ال ﱠدن ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫خَ َ‬ ‫ب«‬ ‫طا ي َ َ‬ ‫ق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫اى َك َما بَا َعدْتَ بَ ْينَ ْال َم ْش ِر ِ‬ ‫• ال احب ھذا العمل‬ ‫كان الدكتور احمد زويل يذاكر او باالصح يحفظ المواد رغم عقمھا حتى يتخرج‬ ‫بتقدير و يصبح معيد‬ ‫ھناك اعمال كثيرة يجب علينا عملھا ال نحبھا نصيحة ابدأ بھا حتى تتفرج لالعمال‬ ‫التى تحبھا‬ ‫• تردد‬ ‫احسم امرك و تذكر قصه الحمار )حفظكم ﷲ( الذي كان على يمينه حزمة برسيم و‬ ‫على شماله ماء فكلما اراد ان يذھب للبرسيم تردد و قال "اشرب اوال" فاذا فتجه‬ ‫للماء قال" بل اكل ثم اشرب" حتى مات جوعا و عطشا بينھما‬ ‫• خوف من المجھول‬ ‫اقتحم المجھول و الناس عدو ما يجھل ‪ ،‬فتوكل على ﷲ و ال تخشي من الماء و علم انه‬ ‫ھناك فرصة كبيرة للنجاح في المغامرة ‪ ،‬و ال توجد ادنى فرصة في الخوف و التردد‬ ‫‪ 1‬صيد الخاطر‬ ‫‪ 2‬ھكذا علمتني الحياة لالستاذ مصطفي السباعي‬ ‫‪ 3‬البخاري‬

‫‪229‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .4‬المتأمر الغبي‬ ‫نعم أنه متأمر و غبي ‪ ،‬ھل تعلمون لماذا ؟؟ ألنه يتأمر على نفسه حتى يھلكھا و يھلك رأس‬ ‫مالھا "الوقت" فتراه يجلس بالساعات الطوال امام التلفاز حتى أن أحدھم جلس يشاھد فيلم يتم‬ ‫اعادته كل ‪ 3‬ساعات لمده ثالثه ايام متصله ؟!؟!؟!؟!؟؟‬ ‫يقول االستاذ احمد امين ‪":‬الحقيقة أن كل إنسان ھو سائق قطار؛ أعني أن نفسه تسوق‬ ‫قطاراً‪ ،‬وأن مثل ھذه العادات السيئة مثل الخمر الذي يشربھا السائق تقوده إلى أشد األخطار‪،‬‬ ‫وليس ھناك دواء لتجنب ھذا الخطر إال اإلرادة القوية التي تحمي صاحبھا من السكر عند َسوْ ق‬ ‫القطار‪.‬‬ ‫ومع األسف كثير من الشبان ال يفھمون ھذا‪ ،‬ويسوقون قطار أنفسھم وھم سكارى‪ ،‬وال‬ ‫يفيقون من سكرھم إال بعد االصطدام‪ ،‬وفوات الوقت‪ ،‬وخسارة النفس‪.‬‬ ‫يعود الشاب نفسه إيقاظ العقل‪ ،‬وقوة اإلرادة‪ ،‬والشعور بالواجب؛ ليقاوم ھذا اإلغراء‪،‬‬ ‫البد أن ﱢ‬ ‫مثل ذلك مثل من استحلى النوم في السرير مع مجيء موعد عمله؛ فإنه إذا استسلم للنوم والخمول‬ ‫والكسل ضعفت إرادته‪.‬‬ ‫ولكن إذا أشعر نفسه بواجبھا‪ ،‬ونبﱠه وعيَه؛ لوجوب االنتباه‪ ،‬والقيام من السرير؛ لمباشرة عمله‬ ‫_ استطاع بذلك أن يقاوم اإلغراء‪ ،‬ويباشر العمل‪.‬‬ ‫وھكذا الشأن في شؤون الحياة كلھا‪ ،‬إذا استسلم للراحة‪ ،‬واستسلم لإلغراء خمل عقلُه‪ ،‬ونامت‬ ‫إرادتُه‪ ،‬ولم ينتبه إلى ما يجب أن يعمل إال بعد فوات األوان‪".‬‬ ‫وأنا الذي جلب المنية طرفه‬

‫فمن المطالب والقتيل القاتل‬

‫يقول المتنبي ‪ :‬أنا المسئول! أنا الذي نظر‪ ،‬وأنا الذي أصيب‪ ،‬وأنا المقتول وأنا القاتل؛ فمن‬ ‫الذي يحمل الدية؟‬ ‫ما يبلغ االعداء من جاھل ما يبلغ الجاھل من نفسه‬ ‫‪ .5‬من أوسع أودية الباطل الغلو في األفاضل‬ ‫ب َال تَ ْغلُوا فِي ِدينِ ُك ْم َو َال تَقُولُوا َعلَى ﱠ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠال ْال َح ﱠ‬ ‫ق إِنﱠ َما ْال َم ِسي ُح ِعي َسى اب ُْن َمرْ يَ َم‬ ‫} يَا أَ ْھ َل ْال ِكتَا ِ‬ ‫ﷲِ َو َكلِ َمتُهُ أَ ْلقَاھَا إِلَى َمرْ يَ َم َورُو ٌح ِم ْنهُ فَآ َ ِمنُوا بِ ﱠ‬ ‫َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ا"ِ َو ُر ُسلِ ِه َو َال تَقُولُوا ثَ َالثَةٌ ا ْنتَھُوا خَ ْيرًا لَ ُك ْم‬ ‫ض َو َكفَى بِ ﱠ‬ ‫إِنﱠ َما ﱠ‬ ‫ا"ِ َو ِك ً‬ ‫يال‬ ‫اح ٌد ُس ْب َحانَهُ أَ ْن يَ ُكونَ لَهُ َولَ ٌد لَهُ َما فِي ال ﱠس َما َوا ِ‬ ‫ﷲُ إِلَهٌ َو ِ‬ ‫ت َو َما فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫)‪{( 171‬النساء‬ ‫قال )المعلمي(‪) :‬من أوسع أودية الباطل الغلو في األفاضل ‪ :‬ومن أمضى أسلحته ‪ :‬أن يرمي‬ ‫الغالي كل من يحاول رده إلى الحق ببغض أولئك األفاضل ومعاداتھم( ‪.‬‬

‫‪ .6‬رضا الناس‬

‫‪230‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اذا كنت تنتظر المديح من االخرين فأنك سوف تصبح صيدا سھال لھم‬ ‫عظيما ابدا‬

‫اذا رضيت عني كرام عشيرتي‬

‫و لن تكون‬

‫فال زال غضبان لعى لئامھا‬

‫ان الناس ال يرضون اال أن تكون نسخة منھم اذا أكل أحدھم ست تمرات عاب على من‬ ‫أكل سبعة أنه أكثر من االكل و عاب على من أكل خمسه أنه لن يقوى على العمل‬ ‫} َو ﱡدوا لَوْ تَ ْكفُرُونَ َك َما َكفَرُوا فَتَ ُكونُونَ َس َوا ًء {‬ ‫ارى‬ ‫ص َ‬ ‫ضى َع ْنكَ ْاليَھُو ُد َو َال الن ﱠ َ‬ ‫و اذا رضى عنك اليھود و النصارى فاحذر } َولَ ْن تَرْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َحتﱠى تَتﱠبِ َع ِملﱠتَھُ ْم قُلْ إِ ﱠن ھُدَى ﱠ‬ ‫ﷲِ ھُ َو ا ْلھُدَى َولَئِ ِن اتﱠبَعْتَ أَ ْھ َوا َءھُ ْم بَ ْع َد ال ِذي َجا َءكَ ِمنَ ال ِعل ِم َما‬ ‫لَكَ ِمنَ ﱠ‬ ‫ير )‪{ (120‬‬ ‫ﷲِ ِم ْن َولِ ﱟي َو َال نَ ِ‬ ‫ص ٍ‬ ‫أن المعيار الحقيقي ھو رضا ﷲ و ليس رضا الناس‬ ‫ا"ِ لَ ُك ْم لِيُرْ ضُو ُك ْم َو ﱠ‬ ‫} يَحْ لِفُونَ بِ ﱠ‬ ‫ﷲُ َو َرسُولُهُ أَ َح ﱡ‬ ‫ق أَ ْن يُرْ ضُوهُ إِ ْن َكانُوا ُم ْؤ ِمنِينَ )‪{(62‬‬ ‫} أَت َْخ َشوْ نَھُ ْم فَ ﱠ‬ ‫ا"ُ أَ َح ﱡ‬ ‫ق أَ ْن ت َْخ َشوْ هُ إِ ْن ُك ْنتُ ْم ُم ْؤ ِمنِينَ )‪{ (13‬‬

‫‪231‬‬


‫حياة العظماء‬

‫أحد الناس قال ‪":‬أنا أتمنى أن يحبني فالن " و لو أحبه ﷲ لصرف قلوب العباد الى‬ ‫محبته‬ ‫ضحكت فقالوا ‪ :‬أال تحتشم ‪ :: ::‬بكيت فقالوا ‪ :‬أال تبتسم‬ ‫بسمت فقالوا ‪ :‬يرائى بھا ‪ :: ::‬عبست فقالوا ‪ :‬بدا ما كتم‬ ‫صمت فقالوا ‪ :‬كليل اللسان ‪ :: ::‬نطقت فقالوا ‪ :‬كثير الكالم‬ ‫حلمت فقالوا ‪ :‬ضعيف جبان ‪ :: ::‬ولو كان مقتدراً النتقم‬ ‫بسلت فقالوا ‪ :‬لبطش به ‪ :: ::‬ولو كان مجترئا ً لو حكم‬ ‫فأيقنت أنى مھما أرد ‪ :: ::‬رضى الناس البد ان اذم‬ ‫وقال محم ُد بن إدريس ال َشافعي‪ :‬احرصْ على ما يَنفعك و َد ْع كال َم الناس‪ ،‬فإنّه ال َسبيل‬ ‫ضرْ ه ما قال‬ ‫إلى السﱠالمة من ْألسنة العا ّمة‪ .‬ومثلُه قو ُل مالك بن ِدينار‪َ :‬من عَرف نَ ْف َسه لم يَ ِ‬ ‫الناسُ فيه‪.‬‬ ‫رضا الناس!‬ ‫عن الربيع بن صبيح أنه قال‪ :‬قلت للحسن‪" :‬إن ھاھنا قوما ً يتبعون السقط من كالمك ليجدوا‬ ‫إلى الوقيعة فيك سبيال‪ ،‬فقال‪:‬ال يكبر ذلك عليك‪ ،‬فلقد أطمعت نفسي في خلود الجنان فطمعت‪،‬‬ ‫وأطمعتھا في مجاورة الرحمن فطمعت‪ ،‬وأطمعتھا في السالمة من الناس فلم أجد إلى ذلك سبيال‪،‬‬ ‫ألني رأيت الناس ال يرضون عن خالقھم‪ ،‬فعلمت أنھم ال يرضون عن مخلوق مثلھم"‪] .‬حلية‬ ‫األولياء ‪[305/6‬‬

‫‪232‬‬


‫حياة العظماء‬

‫المقايسات‬ ‫كثير ما يسئل المرء نفسه ‪" :‬ھل انا سعيد ؟" "ھل احب ﷲ ؟" "ھل "‬ ‫و كثرت الكثير من البرامج على الشبكة العنكبوتية التى يجيب المرء على اسئلتھا فتفتيه بغير‬ ‫علم انه كذا و كذا ‪ ،‬فھى ك"حظك اليوم " يقبل عليھا المرء لقتل الوقت و التسليه‬ ‫فجمعت لك بعض المقايسات لتكون امامك كترمومتر لقياس حالتك االيمانية‬ ‫‪ .1‬ھل انا احب ﷲ‬ ‫ﷲَ فَاتﱠبِعُونِي يُحْ بِ ْب ُك ُم ﱠ‬ ‫و المقياس ھنا ھو االتباع } قُلْ إِ ْن ُك ْنتُ ْم تُ ِحبﱡونَ ﱠ‬ ‫ﷲُ َويَ ْغفِرْ لَك ْمُ‬ ‫ُذنُوبَ ُك ْم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم )‪ {(31‬ال عمران‬ ‫‪ .2‬من عالمات موت القلب ‪ :‬عدم الحزن على ما اتاك من الموافقات ‪ ،‬و ترك الندم‬ ‫‪1‬‬ ‫على ما فعلته من وجود الزالت‬ ‫‪ .3‬االسالم و االيمان و االحسان‬ ‫من صلى الفرائض في جماعة فھو مسلم‬ ‫و من صلى السنن فھو مؤمن‬ ‫و من قام الليل فھو محسن‬ ‫‪ .4‬اذا كنت تعصى ﷲ و ھو على أحسانه لك فأعلم انه استدراج لك كما استدرج‬ ‫النمرود و فرعون ‪ ،‬فتب‬ ‫ُ‬ ‫} َوالﱠ ِذينَ َك ﱠذبُوا بِآَيَاتِنَا َسنَ ْستَ ْد ِر ُجھُ ْم ِم ْن َحي ُ‬ ‫ْث َال يَ ْعلَ ُمونَ )‪َ (182‬وأ ْملِي لَھُ ْم إِ ﱠن َك ْي ِدي َمتِ ٌ‬ ‫ين‬ ‫)‪ { (183‬سوره االعراف‬ ‫و من جھل المريد أن يسئ االدب فتؤخر العقوبة عنه يقول ‪ :‬لو كان ھذا سوء أدب لقطع‬ ‫االمداد ‪ ،‬و أوجب االبتعاد فقد يقطع المدد عنه من حيث ال يشعر ‪ ،‬و لو لم يكن اال منع المزيد‬ ‫و لو لم يكن اال أن يخليك و ما تريد ‪2‬‬ ‫وكان ابن الس ّماك يقول ‪ :‬لقد أمھلكم حتى كأنه أھملكم ‪ .‬أما تستَحيون من ﷲ من طول ما‬ ‫التستَحيون؟!‬ ‫تعصي اإلله وأنت تظھر حبه عار عليك إذا فعلت شنيع‬ ‫لو كان حبك صادقا ألطعته إن المحب لمن أحب مطيع‬ ‫‪ .5‬اذا اردت ان تعرف مقامك فانظر فيما اقامك‬ ‫اذا اردت أن تعرف مقامك عند ﷲ فانظر فيما أقامك ﷲ ‪ ،‬قال احد المشايخ لطالبه ‪":‬ما الذي‬ ‫جاء بكم يا شباب ؟ ما الذي جاء بكم الى المسجد و ذھب بأخرين الى السينما "‬ ‫خلق ﷲ للمعالي رجاالً………ورجاالً لقصع ٍة وثري ِد‬ ‫‪ .6‬التوبة‬ ‫قال يحيى بن معاذ ‪" :‬و عالمة التائب ‪ :‬إسبال الدمعة و حب الخلوة و المحاسبة للنفس عند‬ ‫‪3‬‬ ‫كل ھمة"‬

‫‪ 1‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 2‬الحكم العطائية‬ ‫‪ 3‬صفه الصفوه‬

‫‪233‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .7‬قال بن مسعود‪":‬ال يسأل أحدكم عن نفسه اال القرآن ‪ ،‬فأن كان يحب القرآن و يعجبه فھو‬ ‫يحب ﷲ سبحانه و تعالى و رسوله و ان كان يبغض القرآن فھو يبغض ﷲ سبحانه و‬ ‫‪1‬‬ ‫رسوله"‬ ‫‪ .8‬عالمة المن على من احسنت اليه‬ ‫سئل الشيخ ابو حامد الغزالي ‪":‬ھل من عالمة يمتحن بھا المرء يعرف بھا أنه لم ير نفسه‬ ‫محسناً؟"‬ ‫فأجاب فاعلم أن له عالمة دقيقة واضحة وھو أن يقدر أن الفقير لو جنى عليه جناية مثالً ھل‬ ‫كان يزيد في استنكاره واستبعاده له على استنكاره قبل التصدق؟ فإن زاد لم تخل صدقته عن‬ ‫‪2‬‬ ‫شائبة المنة ألنه توقع بسببه ما لم يكن يتوقعه قبل ذلك‬ ‫وعالماته أن ال يجد في نفسه استثقاالً للذام عند تطويله الجلوس عنده أكثر مما يجده في‬ ‫المادح‪ ،‬وأن ال يجد في نفسه زيادة ھزة ونشاط في قضاء حوائج المادح فوق ما يجده في‬ ‫قضاء حاجة الذام‪ ،‬وأن ال يكون انقطاع الذام عن مجلسه أھون عليه من انقطاع المادح‪ ،‬وأن‬ ‫ال يكون موت المادح المطري له أشد نكاية في قلبه من موت الذام‪ ،‬وأن ال يكون غمه‬ ‫بمصيبة المادح وما يناله من أعدائه أكثر مما يكون بمصيبة الذام‪ ،‬وأن ال تكون زلة المادح‬ ‫أخف على قلبه وفي عينه من زلة الذام‪ .‬فمھما خف الذام على قلبه كما خف المادح واستويا‬ ‫من كل وجه فقد نال ھذه الرتبة وما أبعد ذلك وما أشده على القلوب! وأكثر العباد فرحھم‬ ‫بمدح الناس لھم مستبطن في قلوبھم وھم ال يشعرون حيث ال يمتحنون أنفسھم بھذه العالمات‪،‬‬ ‫وربما شعر العابد بميل قلبه إلى المادح دون الذام‪ ،‬والشيطان يحسن له ذلك ويقول‪ :‬الذام قد‬ ‫‪3‬‬ ‫عصى ﷲ بمذمتك‪ ،‬والمادح قد أطاع ﷲ بمدحك‪ ،‬فكيف تسوي بينھما؟‬ ‫‪ .9‬قال رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪) -‬من أرا َد أن يعلم ما لهُ عند ﷲ جل ذكرهُ‪ ،‬فلينظر‬ ‫‪4‬‬ ‫ما " عز وجل عندهُ(‬ ‫وفي رواية من أراد أن يعلم منزلته عند ﷲ فلينظر كيف منزلة ﷲ تعالى من قلبه فإن ﷲ‬ ‫تعالى ينزل العبد حيث أنزله العبد من نفسه قال ﷲ تعالى فأما من أعطي وأتقى وصدق‬ ‫بالحسنى فسنيسره لليسرى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال النﱠبِ ﱢى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ » -‬مثَ ُل الﱠ ِذى يَ ْق َرأ ْالقُرْ آنَ َكاأل ْت ُر ﱠج ِة َ‬ ‫ط ْع ُمھَا طَيﱢبٌ‬ ‫‪ .10‬قَ َ‬ ‫ُ‬ ‫طيﱢبٌ َوالﱠ ِذى الَ يَ ْق َرأ ْالقُرْ آنَ َكالتﱠ ْم َر ِة َ‬ ‫َو ِري ُحھَا َ‬ ‫اج ِر‬ ‫ط ْع ُمھَا طَيﱢبٌ َوالَ ِر َ‬ ‫يح لَھَا ‪َ ،‬و َمثَ ُل ْالفَ ِ‬ ‫اجر الﱠ ِذى الَ يَ ْق َرأُ‬ ‫طيﱢبٌ َو َ‬ ‫الﱠ ِذى يَ ْق َرأُ ْالقُرْ آنَ َك َمثَ ِل ال ﱠر ْي َحانَ ِة ِري ُحھَا َ‬ ‫ط ْ‪5‬ع ُمھَا ُم ﱞر ‪َ ،‬و َمثَ ُل ْالفَ ِ ِ‬ ‫ظلَ ِة َ‬ ‫ْالقُرْ آنَ َك َمثَ ِل ْال َح ْن َ‬ ‫يح لَھَا « ‪.‬‬ ‫ط ْع ُمھَا ُمرﱞ َوالَ ِر َ‬ ‫‪ .11‬الرضا‬ ‫قال ابن عون‪ :‬لن يصيب العبد حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عند الفقر كرضاه عند الغنى‪،‬‬ ‫كيف تستقضي ﷲ في أمرك ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفا ً لھواك ولعل ما ھويت من ذلك‬ ‫لو وفق لك فيه ھلكك‪ ،‬وترضى قضاءه إذا وافق ھواك؟ ما أنصفت من نفسك وال أصبت باب‬ ‫‪6‬‬ ‫الرضا‪.‬‬ ‫راض عني ؟ كان وراءه اإلمام الشافعي ‪،‬‬ ‫رجل يطوف حول الكعبة يقول ‪ :‬يا رب ‪ ،‬ھل أنت‬ ‫ٍ‬ ‫راض عن ﷲ حتى يرضى عنك ؟ قال يا سبحان ﷲ من أنت ؟ قال ‪:‬‬ ‫قال يا ھذا ھل أنت‬ ‫ٍ‬ ‫أنا محمد بن إدريس ‪ ،‬قال ‪ :‬كيف أرضى عن ﷲ وأنا أتمنى رضاه ؟! فقال اإلمام الشافعي ‪:‬‬ ‫إذا كان سرورك بالقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن ﷲ ‪.‬‬ ‫‪ 1‬االحياء‬ ‫‪ 2‬أحياء علوم الدين‬ ‫‪ 3‬االحياء‬ ‫‪ 4‬السلسلة الصحيحة لاللباني‬ ‫‪ 5‬البخاري‬ ‫‪ 6‬صفه الصفوه‬

‫‪234‬‬


‫حياة العظماء‬

‫إجتمع يوما‬ ‫سفيان الثوري ويوسف بن أسباط ووھيب بن الورد‬ ‫فقال سفيان ‪:‬‬ ‫وددت وﷲ أني ميت مخافة الفتن ‪.‬‬ ‫فرد عليه يوسف وقال ‪:‬‬ ‫وﷲ ما أحب أن أموت ‪.‬‬ ‫كيف وكل يوم أزيد " قربا؟!!‬ ‫وسكت وھيب فقيل له وأنت ؟‬ ‫ماذا تشتھي ؟؟‬ ‫فقال ‪:‬‬ ‫أحبھما إل ّي أحبھما إليه‬ ‫فقال سفيان ‪:‬‬ ‫ربانية ورب الكعبة‬ ‫وقبله بين عينيه‬ ‫‪ .12‬االيمان‬ ‫قال رسول ﷲ ‪":‬من سرته حسنته وساءته سيئته فھو مؤمن"‪1‬‬ ‫و أخرج البخاري عن ابن مسعود ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ " :-‬إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد‬ ‫تحت جبل يخاف أن يقع عليه‪ ،‬وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به ھكذا‪ ،‬قال‬ ‫أبو شھاب ‪ -‬بيده فوق أنفه ‪. " -‬‬ ‫‪ .13‬ھل أنت من أھل الدنيا ام من أھل االخرة‬ ‫اذا فرحت بمن يعطيك فأنت من أھل الدنيا و اذا فرحت بمن يأخذ منك )فقير او محتاج( فأنت‬ ‫من أھل االخرة‬ ‫ألن الناس يحبون من يعمرون لھم بيوتھم‬ ‫‪ .14‬البصيرة‬ ‫اجتھادك فيما ضمن لك و تقصيرك فيما طلب منك ‪ ،‬دليل على انطماس البصيرة‬ ‫‪ .15‬ھل ترجو رحمه ﷲ‬ ‫ُوا َو َجاھَ ُد ْ‬ ‫َاجر ْ‬ ‫قال ﷲ تعالى‪} :‬إِ ﱠن الﱠ ِذينَ آ َمنُ ْ‬ ‫يل ّ‬ ‫ﷲِ أُوْ لَـئِكَ يَرْ جُونَ َرحْ َمتَ‬ ‫وا َوالﱠ ِذينَ ھ َ‬ ‫وا فِي َسبِ ِ‬ ‫ﷲِ َو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﱠحي ٌم{ )البقرة‪(218:‬‬ ‫ﷲُ َغفُو ٌر ر ِ‬ ‫قال شيخنا بن عثيمين‪" :‬لو قال قائل في ھذه اآلية العظيمة‪ :‬أنا أرجو رحمة ﷲ وأخاف عذابه‬ ‫ننظر‪ :‬ھل ھو من المتصفين بھذه الصفات؟ فإن كان كذلك فھو صادق‪ ،‬وإال فھو ممن تمنى‬ ‫على ﷲ األماني؛ ألن الذي يرجو رحمة ﷲ حقيقة‪ ،‬ال بد أن يسعى لھا‪".‬‬

‫‪ 1‬احمد‬

‫‪235‬‬


‫حياة العظماء‬

‫‪ .16‬اذا كنت قد استفدت من الكتاب و تغيرت بعد قرائته عن ما كنت عليه قبل قرائته فلم‬ ‫اضيع وقتى ھدرا‬

‫‪236‬‬


‫حياة العظماء‬

‫البرمجيات الحره‬

‫‪1‬‬

‫ما الفرق بين البرامج الحرة ‪ gnu‬و البرامج المغلقة ؟؟‬ ‫البرامج الحره يحق لك ان تستخدمھا و تنسخھا الصدقائك و تغير شفرة الكود و تطور‬ ‫بھا ‪ ،‬وجود شفرة الكود في حد ذاته يضمن اال يتم غلقھا و من ثم احتكارھا و بيعھا بسعر‬ ‫كبير و ھى تسد الفجوة الرقمية الھائلة بيننا و بين الغرب ‪ ،‬و ھناك شركات عمالقة مثل‬ ‫‪ IBM , SUN , GOOGLE‬و دول تدعم البرامج الحرة مفتوحة المصدر ‪.‬‬ ‫اما البرامج المغلقة فمھما بلغت عبقريتك فأنت مجرد مستخدم عادي ال تدري ماذا يحدث‬ ‫و ما ھى الشفرة المكونة للبرنامج او نظام التشغيل ‪ .‬و النسخة التى اشتريتھا ال يمكنك‬ ‫اعطائھا لصديقك او نسخھا لمن يطلبھا منك و تجد اسعار البرامج بالماليين ‪.‬‬ ‫و اولى الدول باستخدام البرامج مفتوحة المصدر ھى بالدنا و خاصة البالد التى تعتمد‬ ‫على تصدير البترول حيث ان البترول ينفذ لكن البرامج التى نشتريھا من الغرب ھى افكار ال‬ ‫تنفذ و كل فترة يصدر برنامج احدث‬ ‫و البرامج مفتوحة المصدر في االصل فلسفه ل " ريشارد ستلمان " و ھو امريكي و ھو‬ ‫يرى ان المعرفة مكفولة للجميع و ليس من حق الذي اخترع او اكتشف شيئا ان يحتكر ھذا‬ ‫االكتشاف او االختراع‬ ‫قلت ‪ :‬و قد حسبنا انھم قد جائوا بكل جديد و خرجوا علينا بالرأي الرشيد ‪ ،‬و الفكر‬ ‫السديد و ما علموا انه عندنا من زمن بعيد و انھا بضاعتنا ردت الينا‬ ‫اسمع لسيد قطب و ھو يقول في كتاب "افراح الروح" ‪ ":‬إننا نحن إن )) نحتكر ((‬ ‫أفكارنا وعقائدنا ‪ ،‬ونغضب حين ينتحلھا اآلخرون ألنفسھم ‪ ،‬ونجتھد في توكيد نسبتھا إلينا ‪،‬‬ ‫وعدوان اآلخرين عليھا ! إننا إنما نصنع ذلك كله ‪ ،‬حين ال يكون إيماننا بھذه األفكار والعقائد‬ ‫كبيرا ‪ ،‬حين ال تكون منبثقة من أعماقنا كما لو كانت بغير إرادة منا حين ال تكون ھي ذاتھا‬ ‫أحب إلينا من ذواتنا !‪ .‬إن الفرح الصافي ھو الثمرة الطبيعية ألن نرى أفكارنا وعقائدنا ملكا‬ ‫لآلخرين ونحن بعد أحياء ‪ ،‬إن مجرد تصورنا لھا أنھا ستصبح – ولو بعد مفارقتنا لوجه ھذه‬ ‫األرض – زادا لآلخرين وريا ‪ ،‬ليكفي أن تفيض قلوبا بالرضا والسعادة واالطمئنان !‪.‬‬ ‫)) التجار (( وحدھم ھم الذين يحرصون على )) العالمات التجارية (( لبضائعھم كي ال‬ ‫يستغلھا اآلخرون ويسلبوھم حقھم من الربح أما المفكرون وأصحاب العقائد فكل سعادتھم في‬ ‫أن يتقاسم الناس أفكارھم وعقائدھم ويؤمنوا بھا إلى حد أن ينسبوھا ألنفسھم ال إلى أصحابھا‬ ‫األولين !‪ .‬إنھم ال يعتقدون أنھم )) أصحاب (( ھذه األفكار والعقائد ‪ ،‬وإنما ھم مجرد ))‬ ‫وسطاء (( في نقلھا وترجمتھا ‪ ..‬إنھم يحسون أن النبع الذي يستمدون منه ليس من خلقھم ‪،‬‬ ‫وال من صنع أيديھم ‪ .‬وكل فرحھم المقدس ‪ ،‬إنما ھو ثمرة اطمئنانھم إلى أنھم على اتصال‬ ‫بھذا النبع األصيل !…"‬

‫‪1‬‬

‫ادعوكم جميعا لتحميل البرامج الحره و العمل عليھا و ترك البرمجيات المقرصنة‬

‫‪237‬‬


‫حياة العظماء‬

‫تأمالت في كرة القدم‬ ‫بداية فال يتھمنى أحد بجھل لعبة كرة القدم فأنا المقر بھذا ‪ ،‬و الموضوع أنى كنت منتظر‬ ‫شخص ما بجوار ملعب كره صغير فتأمل فستفدت‬ ‫• ال يمكن اللعب بدون وجود شبكة يصوب عليھا و كذلك الدنيا ال يمكن الحياة بدون‬ ‫وجود ھدف ‪.‬‬ ‫• اذا لعبت و تمتعت و نشطت جسدك فقد فزت حتى و لو خسرت المباراه ‪.‬‬ ‫• كلما كان للفريق زي موحد كلما حقق نتائج أفضل و تعارف بسھولة ‪ ،‬ھذا في‬ ‫المالبس فكيف أن توافق في الطباع و االخالق‪.‬‬ ‫• للملعب مالبس لھا طبيعة تختلف عن مالبس العمل و عن مالبس المقابالت‬ ‫الشخصية ‪.‬فال تخلط االوراق‬ ‫• أن الالعب يستفيد أن يحرك جسده ‪ ،‬و المشاھد يقتل نفسه فما االنسان اال ساعات‬ ‫• أن فريقا يضم أقوى العبي العالم ليس ھو أفضل فريق في العالم حيث ينقصة روح‬ ‫المودة و االخاء‬ ‫• على كل العب أن يتمسك بموقعة الذي كلف به و ال يتحرك الى موقع أخر لھوى في‬ ‫نفسه ‪ ،‬فال يترك الدفاع ليصبح في الھجوم كمدير المشتريات الذي يريد أن يعمل‬ ‫مدير مخزن فيقصر في المشتريات فيتھم مدير المخزن أنه غير متعاون ‪ ،‬و كالمرأه‬ ‫العاملة التى تترك بيتھا لتعمل ثم تتھم زوجھا أنه مقصر في أعمال المطبخ‬ ‫• نحتاج الى حامل راية ينبھنا عند تسلل العدو الى منطقتنا و الى ثقافتنا‬ ‫• التعصب الكروي حمق و سخافة فلن تعود الى بيتك بجائزة اذا فاز احدى الفريقين ‪.‬‬ ‫• كرة القدم لعبة فال تخسر اصدقائك بسببھا ‪.‬‬ ‫• اذا كان شرط اللعب تساوي عدد اعضاء الفريقين ‪ ،‬فمن العدل توزيع الالعبين في‬ ‫المباريات الودية بين االصدقاء بحيث ينال كل فريق قدر متساوي من الالعبين‬ ‫المحترفين و المبتدئين‬ ‫• ان لعبه كره القدم رياضه جميلة اذا مارسناھا مره في االسبوع ‪ ،‬لكنه تصبح خيبة‬ ‫حين نتابع مباريات االمم و كأس العالم و المنتخب و الدوري كل يوم ساعتين مع‬ ‫تحليل قبلھا و تحليل بعدھا لمدة خمس ساعات و شراء الجرائد الكروية‬

‫‪238‬‬


‫حياة العظماء‬

‫التأمين االجتماعي‬ ‫اھتم االسالم بالتأمين االجتماعي حتى مع غير المسلمين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رأي بن الخطاب رضي ﷲ عنه وھو يسير يتفقد أمور الرعية‪ ،‬فلقي رجال شيخا من اليھود‪،‬‬ ‫وجده يسأل‪ ،‬فقال فما تسأل قال أسأل الجزية والحاجة والسلم‪ ،‬فقال ما أنصفناك إن أخذنا منك‬ ‫الجزية شابا ً وأھملناك شيخاً‪ ،‬ثم قال لخازن بيت ماله افرضوا له وألمثاله من بيت مال‬ ‫المسلمين ما يكفيه‪ ،‬ثم تلى قول ﷲ تعالى )إنما الصدقات للفقراء والمساكين( وقال ھذا من‬ ‫مساكين أھل الكتاب‬

‫‪239‬‬


‫حياة العظماء‬

‫التكامل‬ ‫ان االسالم دين متكامل و عندما ينادي منادي بتطبيق الشريعة فھو ال ينادي بقطع االيدي كما‬ ‫يتصور الواھمون ‪ ،‬و ليس دين شعائر فقط‬ ‫بل ال يقبل الصيام اذا كان الصائم يشھد وزرا‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫ليس "ِ حاجة‬ ‫ور والع َم َل بِ ِه ‪ ،‬ف َ‬ ‫قال رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » :-‬من لم يَ َد ْع َ‬ ‫قول الز ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫فِي أَن يَ َد َع َ‬ ‫ط َعا َمهُ و َش َرابَهُ «‪.‬‬ ‫قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪» : -‬أيﱡھا الناس ‪ ،‬إن ﷲ طيﱢب ‪ ،‬ال يقب ُل إال طيبا ‪ ،‬ﱠ‬ ‫وإن ﷲ‬ ‫أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ‪ ،‬فقال ‪} :‬يا أيﱡھا الرﱡ ُس ُل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا‬ ‫َ‬ ‫إني بما تعملون عليم{ ] المؤمنون ‪ [51 :‬وقال ‪} :‬يا أيﱡھا الذين آمنوا كلوا من طيبات ما‬ ‫َ‬ ‫أشعث أ ْغبَ َر ‪ ،‬يم ّد يديه إلى السماء ‪:‬‬ ‫الرجل يُطيل السﱠفر ‪،‬‬ ‫ذكر‬ ‫َ‬ ‫رزقناكم{ ]البقرة ‪ (172 :‬ثم َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُستجاب‬ ‫يا ربﱢ يارب‬ ‫ي بالحرام ‪ ،‬فأنﱠى ي َ‬ ‫ومطعمه حرام ‪ ،‬ومش َربُهُ حرام ‪ ،‬وملبَ َسهُ حرام‪ ،‬و ُغ ِذ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫لذلك ؟ «‪.‬‬ ‫يقول مالكوم اكس ‪":‬لو جمعنا بين النمو المادي و القيم الروحية الوجدنا الجنة على االرض"‬ ‫اإليمان والعمل الصالح من أعظم ما يضبط مسار المعامالت المالية‪ ،‬ألم يقل ﷲ تعالى‪} :‬وإن‬ ‫كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضھم على بعض إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات{)ص‪(24:‬‬ ‫فأين دعاة الفصل بين الدين والحياة؟ ]د‪.‬عمر المقبل[‬ ‫يقول محمد اسد ‪ ":‬إن اإلسالم يحمل اإلنسان على توحيد جميع نواحي الحياة … إذ يھتم‬ ‫اھتماما ً واحداً بالدنيا واآلخرة‪ ،‬وبالنفس والجسد‪ ،‬وبالفرد والمجتمع‪ ،‬ويھدينا إلى أن نستفيد‬ ‫أحسن االستفادة مما فينا من طاقات‪ ،‬إنه ليس سبيالً من السبل‪ ،‬ولكنه السبيل الوحيد ‪ ،‬وإن‬ ‫الرجل الذي جاء بھذه التعاليم ليس ھاديا ً من الھداة ولكنه الھادي ‪. .‬إن الرجل الذي أُرسل‬ ‫رحمة للعالمين ‪ ،‬إذا أبينا عليه ھُداه ‪ ،‬فإن ھذا ال يعني شيئا ً أقل من أننا نأبى رحمة ﷲ‪!".‬‬ ‫"اإلسالم ليس فلسفة ولكنه منھاج حياة ‪ ..‬ومن بين سائر األديان نرى اإلسالم وحده‪ ،‬يعلن أن‬ ‫الكمال الفردي ممكن في الحياة الدنيا‪ ،‬وال يؤجﱠل ھذا الكمال إلى ما بعد إماتة الشھوات‬ ‫الجسدية‪ ،‬ومن بين سائر األديان نجد اإلسالم وحده يتيح لإلنسان أن يتمتع بحياته إلى أقصى‬ ‫ح ٍد من غير أن يضيع اتجاھه الروحي دقيقة واحدة‪ ،‬فاإلسالم ال يجعل احتقار الدنيا شرطا ً‬ ‫للنجاة في اآلخرة ‪ ..‬وفي اإلسالم ال يحق لك فحسب‪ ،‬بل يجب عليك أيضا ً أن تفيد من حياتك‬ ‫إلى أقصى حدود اإلفادة ‪ ..‬إن من واجب المسلم أن يستخرج من نفسه أحسن ما فيھا كيما‬ ‫يُشرّف ھذه الحياة التي أنعم ﷲ عليه بھا‪ ،‬وكيما يساعد إخوانه من بني آدم في جھودھم‬ ‫الروحية واالجتماعية والمادية‪.‬‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬مسلم و الترمذي‬

‫‪240‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فن الحب‬ ‫اللھم ! إني أسألك حبك وحب من يحبك ‪ ،‬والعمل الذي يبلغني حبك ‪ .‬اللھم ! اجعل حبك أحب‬ ‫‪1‬‬ ‫إلي من نفسي وأھلي ‪ ،‬ومن الماء البارد‬

‫قال ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪) : -‬ال تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ‪ ،‬وال تؤمنوا حتى‬ ‫أوال أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السالم بينكم (‪.2‬‬ ‫تحابوا ‪َ ،‬‬ ‫و ألھميته و افتقادنا اياه في حياتنا ‪ ،‬فقد خصصنا له كتيبين منفصلين‬ ‫الطريق الى أن يحبك ﷲ‬ ‫الطريق الى محبة الناس‬ ‫و يمكن تحميلھما مجانا من‬ ‫‪WWW.AMRSELIM.NET‬‬

‫‪ 1‬سنن الترمذي‬ ‫‪ 2‬رواه مسلم‬ ‫‪241‬‬


‫حياة العظماء‬

‫فن المناظرة‬ ‫و ألھميته و حاجتنا اليه في دفع الشبھات ‪ ،‬فقد خصصنا له كتيب منفصل‬ ‫و يمكن تحميله مجانا من‬ ‫‪WWW.AMRSELIM.NET‬‬

‫‪242‬‬


‫حياة العظماء‬

‫نماذج للناجحين‬ ‫قال االمام ابو حنيفة ‪":‬الحكايات عن العلماء و محاسنھم أحب الي من كثير من الفقة ألنھا‬ ‫أداب القوم"‬

‫‪243‬‬


‫حياة العظماء‬

‫)الزبال( الذي أصبح بليونيراً‬ ‫من أجمل الدروس التي يستفاد منھا في الحياة تجارب األوائل في كل مجال‪ ،‬ومن أھم‬ ‫التجارب تلك التي اعتبرھا البعض معوقات ومصاعب ومشاكل ثم استطاعوا أن يتجاوزوھا‬ ‫بصبر وكفاح ونضال‪ ،‬فالمواقف الصعبة ھي التي تخلق القادة والمتميزين وتبرز العصاميين‬ ‫والمبدعين في جميع المجتمعات في العالم‪ ،‬وعلى مر العصور يظھر بعض المتميزين والمبدعين‬ ‫الذين نحترمھم ونقدر عصاميتھم ويجھل بعضنا تاريخھم وسجل كفاحھم الذي تجاوزوا فيه‬ ‫المعوقات والصعاب حتى وصلوا إلى القمة‬ ‫وفي بالدنا بعض النماذج يأتي في مقدمتھم المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه ﷲ وطيب ﷲ‬ ‫ثراه الذي تجاوز الصعاب الجسيمة واستطاع أن يجمع شمل ھذه الدولة المترامية األطراف‬ ‫ويوحد أطرافھا ويضع األسس لبنائھا لتكون دولة من ضمن أقوى دول العالم اقتصاديا ومن‬ ‫أھمھا‪ ،‬حيث بھا أحد أكبر مخزون عالمي للبترول‪ ،‬وأصبحت إحدى أكبر الدول المنتجة‬ ‫والمصدرة للبترول في العالم‪ ،‬وتعتبر من أھم الدول اإلسالمية العربية في الشرق األوسط التي‬ ‫تقوم بدور سياسي معتدل يضمن استقرار وأمن المنطقة ويجمع شمل المسلمين‬ ‫وفي مجال األعمال ھناك نماذج عصامية مشرفة من رجال األعمال في بالدنا استطاعت أن‬ ‫تبني إمبراطوريات مالية داخليا ً ودولياً‪ ،‬أمثال المرحوم الشيخ سليمان العليان )عامل شركة‬ ‫أرامكو في بداياتھا( والمرحوم الشيخ إسماعيل أبوداوود ) المدرس في مدارس الفالح موظف‬ ‫شركة مھد الذھب( والشيخ محمد سالم بن محفوظ ) عداد وصراف العملة( وسليمان الراجحي‪،‬‬ ‫وعبداللطيف جميل‪ ،‬وسعد المعجل رحمھم ﷲ‪ ،‬و) عامل السجاد( عبدالرحمن الجريسي‪،‬‬ ‫والمرحوم الشيخ محمد صالح أبوزنادة ) أول من أنار جزءاً من مدينة جدة (‪.‬‬ ‫وال نغفل بعضا ً من الرواد في بعض العائالت التجارية القديمة أمثال آل زينل وآل جمجوم‬ ‫وفقيه والزاھد وباناجه والخريجي وأبار وزيني ورجب وسلسة والشربتلي‪ ،‬وبن زقر وباسمح‬ ‫وغيرھم من مختلف أنحاء المملكة‪ ،‬والعذر لمن لم أذكرھم فالقائمة طويلة من جميع أنحاء المملكة‬ ‫لكنني قصدت بالتنويه استرجاع تاريخ العصاميين ولكل واحد من ھؤالء قصة كفاح عصامية في‬ ‫بداية حياته تحتاج إلى تأليف كتاب لكل منھم تُدرس في كليات إدارة األعمال كتجارب عملية‬ ‫ناجحة باإلمكان أن تكون دروسا ً يستفيد منھا الطلبة الذين يفكرون دخول العمل لحسابھم الخاص‪.‬‬ ‫ومن ھذا المنطلق وضعت كلية إدارة األعمال األھلية بجدة خطة الس‪7‬تقطاب بعض رجال‬ ‫األعمال العصاميين الذين بدأوا حياتھم بعصامية حتى وصلوا إلى قمة النجاح‪ .‬ومن ضمن سلسلة‬ ‫اللقاءات كان اللقاء المتميز يوم السبت الماضي مع رجل األعمال الشيخ صالح كامل محور‬ ‫مقالتي اليوم والذي ألقى محاضرة لمدة ساعتين متواصلتين في قاعه بھا ثالثمئة طالب وھو عضو‬ ‫ھيئة تدريس في الكلية طرح فيھا عدداً من المواضيع ال أود أن أتطرق لھا جميعا ً لضيق المساحة‬ ‫وإنما خصصت المقالة ألكتب عن نموذج عصامي كانت بدايته من صبي مطوف لدى المطوف‬ ‫عبدﷲ كامل ثم بائعا ً للعبة الكبوش وھي لعبة حجازية قديمة تستخدم فيھا عظام أطراف الخرفان‪،‬‬ ‫ثم بائعا ً لمحاضرات الدكاترة في جامعة الملك سعود في المرحلة الجامعية يقوم بطباعتھا‬ ‫وتصويرھا وبيعھا للطلبة زمالئه‪.‬‬ ‫ثم موظفا ً بعد تخرجه )ممثل مالي في وزارة المالية لعشر سنوات(‪ ،‬ثم أنھى خدماته من‬ ‫العمل الحكومي ليبدأ رحلة دخول العمل الخاص كساعي بريد يقوم من خالل مؤسسته‬ ‫المتخصصة بإيصال البريد للقرى والمناطق الصغيرة ثم تحول إلى مجال نظافة المدن وبدأ أول‬ ‫مناقصة نظافة لمدينة جدة وكان يتابع شخصيا ً ويوميا ً نظافة مدينة جدة ويحرص في األعياد‬ ‫‪244‬‬


‫حياة العظماء‬

‫واإلجازات أن يقضيھا مع عمال النظافة متابعا ً لھم في شوارع جدة القديمة وكان يحلو له أن‬ ‫يجيب عن سؤال زمالئه عندما يسألونه ما ھي طبيعة عملك بعد خروجك من الدولة فيجيب بكل‬ ‫جرأة آنذاك )وظيفتي زبال( أقوم بتنظيف مدينة جدة‪ ،‬وبكل الصراحة قالھا ورددھا أمام طلبة‬ ‫الكلية وعندھا صفق له جميع الحضور واھتزت القاعة من التصفيق تقديراً للعصامية والصراحة‬ ‫وبدون تعال )رغم أن المعنى المقصود للكلمة يختلف عن المضمون( ثم توالت العصامية للشيخ‬ ‫صالح كامل في مجال اإلبداع وفي مجاالت عديدة‬ ‫كان من أھمھا فكرة إنشاء شركة النقل الجماعي كوسيلة حضارية للنقل ساھمت في رفع‬ ‫المعاناة عن الركاب ثم وصل اإلبداع إلى المنافسة الشريفة للبنوك التجارية عندما قرر تحويل‬ ‫جميع معامالته المالية إلى التعامالت اإلسالمية بناء على أمر والدته )رحمھا ﷲ وأسكنھا فسيح‬ ‫جناته إن شاء ﷲ ( عندما أمرته بوقف العمل بأموال البنوك التجارية واستجابة لھا توقف وبدأ‬ ‫بالتعامل اإلسالمي من خالل نظام المضاربة مع أحد البنوك ثم أنشأ الشركة المتخصصة في‬ ‫التمويل اإلسالمي التي دفعت البعض من أمثال صالح كامل المؤمنين بفكر التمويل اإلسالمي‬ ‫للدخول في ھذا المجال الذي أتمنى على جميع بنوكنا السعودية أن تتحول له بالكامل يوما ً من‬ ‫األيام وأتمنى على حكومة بالدي أن تصدر الموافقة على إنشاء وترسيم البنوك اإلسالمية في‬ ‫المملكة ووضع نظام رقابي يشرف عليھا يضمن حقوق جميع األطراف‪.‬‬ ‫ثم أنتقل المحاضر صالح كامل ليتحدث عن البعد االجتماعي في العمل الخاص فتعرف‬ ‫الحضور على أھمية البعد االجتماعي في العمل وليس بالضرورة أن يكون في مجال بناء‬ ‫المساجد فقط وإنما أيضا ً في مجال دعم العلم وطلبة العلم ومن ھذه األعمال مركز االقتصاد‬ ‫اإلسالمي للبحوث في كلية االقتصاد اإلسالمي بجامعة الملك عبدالعزيز ومركز االقتصاد‬ ‫اإلسالمي في جامعة األزھر ومركز العلوم والتكنولوجيا في مدينة جدة وتبنيه تكلفة طباعة أكثر‬ ‫من مئة بحث علمي في مجال االقتصاد اإلسالمي وتبنيه إقامة الندوات والمؤتمرات المتخصصة‬ ‫مركز اقتصادي‬ ‫في مجال االقتصاد اإلسالمي ومؤخراً تفرغ لتحويل الغرفة اإلسالمية إلى‬ ‫ٍ‬ ‫للتعامالت التجارية اإلسالمية بين الدول اإلسالمية ‪.‬‬ ‫وله في مجال خدمة المجتمع أعمال يصعب حصرھا وال يرغب في نشرھا مثل ما يزعجنا‬ ‫به كل يوم البعض اآلخر‪.‬‬ ‫أخي القارئ ھذا نموذج من نماذج عديدة من الجيل الثاني منذ تأسيس المملكة وھو جيل‬ ‫تخرج من الجامعة وخدم في الدولة ثم خرج إلى مجال األعمال ليقدم لنا صورة مشرفة لرجال‬ ‫األعمال حتى وإن كان ھناك بعض من اختالف وجھات النظر معھم إال أن المحصلة النھائية ھي‬ ‫نموذج متميز نتمنى أن يتكرر ونتمنى على جيل الشباب من رجال األعمال أن يستفيدوا من ھذه‬ ‫التجارب وعلى ورثة األثرياء وورثة العصاميين أن يحافظوا على ھذا اإلرث الثمين في الخلق‬ ‫والسمعة والمال‪ ،‬ألن ما نراه اآلن من بعض الحاالت المؤسفة يجعلنا دائما ً نذكر األبناء بتاريخ‬ ‫اآلباء العصاميين‪ ،‬ويؤسفنا أن نرى اليوم الخالفات بين األبناء التي تعمل على ھدم الكيانات‬ ‫االقتصادية العائلية الكبيرة‪ .‬التي أسسھا اآلباء العصاميون حيث يعمل بعض الورثة على اإلساءة‬ ‫إلى سمعة آبائھم بتصرفاتھم الالمسؤولة في بعثرة المال في المظاھر الزائفة والتبذير غير العاقل‪،‬‬ ‫وتبني بعض السلوكيات غير األخالقية خارج الوطن وداخله‬ ‫أخي القارئ ‪،،،‬‬ ‫لم أرغب اليوم في مديح أحد رجال األعمال بقصد مصلحة خاصة منه فعالقتي مع نموذج‬ ‫الشيخ صالح كامل طويلة وتتجاوز الثالثين عاما ً وال تربطني به صلة عمل أو شراكة فيھا‬ ‫‪245‬‬


‫حياة العظماء‬

‫مصلحة خاصة‪ ،‬وإن كانت كلية إدارة األعمال التي أتشرف برئاستھا حصلت على قرض‬ ‫إسالمي من الشركة التي يرأسھا بضمان السكن العقاري الخاص بالشركاء بعد أن أعتذر الشيخ‬ ‫صالح عن أن يضمن قرض الكلية شخصيا ً ألن من ضمن مبادئه عدم كفالة عمالء شركته‪ ،‬ولم‬ ‫يتبرع ماليا ً للكلية أو يخصص منحا ً دراسية لھا ولكنني أحترم عصاميته وبعده االجتماعي الذي‬ ‫أتمنى أن يقتدي به جيل الشباب من رجال األعمال مؤمالً أن نرى مزيداً من العصاميين في الجيل‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫عبدﷲ صادق دحالن‬ ‫كاتب اقتصادي سعودي‬

‫‪246‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عبدالعزيز الجاسر‬ ‫)صاحب محالت العربية للعود(‬ ‫في عالم العطور الشرقية وباألخص ما يطلق عليه البعض البخور أو "العود" برز اسم الشيخ‬ ‫– عبد العزيزالجاسر‪ ،‬كأحد رواد ھذه التجارة التي تلقى إقباالً كبيراً من قبل األفراد في دول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي بالذات‪ ،‬فال يكاد يوجد منزل إال وجد البخور أو العود فيه‪.‬‬ ‫ومع ھذا اإلقبال الكبير من األفراد على استخدام ھذه األنواع من العطور والمنتجات المشتقة‬ ‫منھا إال أن السواد األعظم منھم ال يعرف الجيد من الرديء وكثيراً ما يسرد الحكايات عن‬ ‫المواقف أثناء شراء البخور…‬ ‫وفي المناسبات االجتماعية ترتبط درجة كرم المضيف بجودة البخور الذي يعطر به ضيوفه‬ ‫…‪..‬‬ ‫الشيخ عبد العزيز الجاسر رجل عرف بتجارة العود إذ بدأھا من حيث انتھى اآلخرون‬ ‫فأوصلھا لشعوب العالم… فبعد أن افتتح الفرع رقم )‪ (300‬من سلسلة فروعه المنتشرة في أكثر‬ ‫من خمس وعشرين دولة‪ ،‬يستعد اآلن الفتتاح فرع جديد يتوسط جادة الشانزليزيه في باريس بعد‬ ‫أن دشن فرع لندن في شارع أكسفورد الشھير‪.‬‬ ‫طموح ھذا الرجل كبير فھو يقول إن منتجات شركته ستغزو السوق األمريكية قريبا ً وسينتقل‬ ‫بسلسلة فروعه إلى دول أمريكا الجنوبية بعد ذلك …‪.‬‬ ‫واستطاع أن ينتج خلطات شرقية متميزة‪ ،‬اختيرت إحداھا ضمن خمسة عطور تنافس على‬ ‫لقب عطر العام العالمي في أكبر مسابقة دولية في ھذا المجال …‬ ‫بدأ ھذا الرجل نشاطه بمحل ال تتجاوز مساحته )‪ (20‬متراً مربعاً‪ ،‬وھا ھو اليوم وخالل ربع‬ ‫قرن فقط يقود أكبر شركة عطور في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫حوار مع الشيخ عبد العزيز الجاسر عن مشواره في عالم العطور من بداياته المتواضعة‬ ‫وحتى اليوم‪ ،‬فإليكم ھذا الحوار…‪.‬‬ ‫ھل لك أن تعطينا نبذة عن مولدكم ونشأتكم؟‬ ‫ولدت في الرياض عام ‪1960‬م وتعلمت في مدارسھا من المرحلة االبتدائية وحتى المرحلة‬ ‫الجامعية ومن ثم أكملت دراساتي العليا في علم االقتصاد‪ ،‬وأنا متزوج ولدي ثالثة أبناء‪.‬‬ ‫متى بدأ اھتمامك بتجارة العود‪ ،‬وكيف تبلورت بداياتك مع ھذا النوع من التجارة التي تحتاج‬ ‫إلى خبرة وممارسة كبيرة؟‬ ‫بداية اھتمامي بتجارة العود كانت أثناء دراستي بالصف الثاني الثانوي‪ .‬فقد كان األقرباء‬ ‫واألصدقاء يكلفونني بشراء العود للمناسبات‪ ،‬وبعد ذلك استمعت لنصيحة أحد األصدقاء وافتتحت‬ ‫أول محل للعود في حي الملز وأتذكر أن ذلك كان في أول سنة لي في المرحلة الجامعية‪ ،‬أي في‬ ‫حدود عام ‪1400‬ھـ وكانت مساحته ال تتجاوز العشرين متراً مربعا ً آنذاك‪.‬‬

‫‪247‬‬


‫حياة العظماء‬

‫عندما انتقلت من مرحلة المحل الواحد وبدأت تأسيس ھذا الكيان الكبير‪ ،‬ھل وضعت خطة‬ ‫للتوسع أم أن التوسع كان مسايراً لحجم الشركة؟‬ ‫منذ البدايات كنت أضع نصب عيني تطوير العمل في تجارة العود‪ ،‬وكنت من أوائل الذين‬ ‫خرجوا بھذه التجارة من النمط التقليدي إلى النمط الحديث‪ ،‬فقد طورت الكثير من منتجاته‪ ،‬وفي‬ ‫الحقيقة لم أصل حتى اآلن إلى تحقيق طموحاتي كاملة في ھذا المجال‪ ،‬ولكنني عاقد العزم على‬ ‫االنتقال بالعطور الشرقية إلى العالمية‪ ،‬وبمشيئة ﷲ سوف نواصل تقدمنا لنحقق أھدافنا في ذلك‪.‬‬ ‫أرجو أن تطلعنا على حجم استثماراتكم والعوامل التي ساعدتكم على تطوير ھذه الصناعة؟‬ ‫لقد قمنا بتأسيس سلسلة من المصانع والمكاتب في أكثر من خمس وعشرين دولة حول العالم‪،‬‬ ‫ويوجد لدينا اآلن مصنع العربية للعود في المملكة الذي يعتبر من أكبر المصانع في ھذا المجال‪.‬‬ ‫ولدينا كذلك المصنع العربي لدھن العود في تايلند‪ ،‬وشركات في إسبانيا وفرنسا لتصنيع العطور‪،‬‬ ‫ھذا غير استعانة الشركة بخبراء الروائح الذين يساعدوننا على إنتاج أفضل الخلطات العطرية‬ ‫الشرقية‪.‬‬ ‫كيف استطاع الشيخ عبد العزيز الجاسر الخروج بالعطور العربية من القالب التقليدي‪ ،‬وما‬ ‫ھي الخطوات التي تمت لتحقيق ذلك؟‬ ‫ھذا التطور لم يأت بفضل جھودي فقط‪ ،‬بل بتكاتف جھود عديدة من أخوة سعوديين وعرب‬ ‫ساھموا معي في تطوير ھذا العمل‪ ،‬ولعل الناس سيالحظون خالل األعوام القادمة مدى التطور‬ ‫في العمل باالستعانة بخبرات من الشباب السعوديين خاصة وأن جميع مديري اإلدارات بالشركة‬ ‫ھم سعوديون‪.‬‬ ‫متى كان أول ظھور لكم في أسواق الخليج واألسواق العالمية؟‬ ‫بداياتنا في السوق الخليجية كانت منذ أكثر من سبع سنوات‪ ،‬ونحن اآلن من أقوى الشركات‬ ‫في ھذا المجال على مستوى العالم بشھادة الجميع سواء من حيث عدد الفروع أو اإلدارات ليس‬ ‫على المستوى المحلي فقط بل على مستوى العالمية جعلتنا نفكر بتأسيس شركات في الواليات‬ ‫المتحدة وأوروبا‪ ،‬وبالفعل بدأنا الخطوات الفعلية لتأسيس ھذه الشركة بحيث تكون شقيقة للعربية‬ ‫للعود‪ ..‬وقد تستغرب إذا قلت إن ‪ %80-70‬من الزبائن والعمالء في فرع لندن ليسوا عربا ً بل‬ ‫أغلبھم من األوروبيين الذين عاشوا في الخليج ونسبة منھم من الذين يريدون أن يتعرفوا أكثر‬ ‫على العطور العربية كما يوجد عمالء كثر من الواليات المتحدة‬ ‫دشنت الشركة العربية للعود فرعھا في لندن‪ ،‬وال شك أن تكاليف افتتاحه كانت عالية‪ ،‬ألم‬ ‫يتردد الشيخ عبد العزيز الجاسر كثيراً في افتتاح فرع لندن عندما علم بحجم تكاليفه؟‬ ‫أبداً‪ ،‬فالتطور يحتاج إلى تمويل كبير وھذا التمويل من المؤكد أنه سيكون له عائد‪ ،‬حتى إذا لم‬ ‫يكن اآلن فسيكون في المستقبل القريب إن شاء ﷲ‪ ،‬ولقد بدأنا منذ اآلن في قطف ثمار المشروع‪،‬‬ ‫‪248‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وال سيما وبأن الشركة تستھدف ضمن خططھا أفراد دول مجلس التعاون الخليجي الذين يقضون‬ ‫إجازاتھم ھناك‪ ،‬ولك أن تعلم أن شركتنا ھي المورد الرئيس للعود لكثير من الشخصيات البارزة‬ ‫في دول الخليج وكثير من الھيئات الحكومية ورجال األعمال‪.‬‬ ‫وكم بلغت تكاليف فرع لندن اإلجمالية؟‬ ‫فرع لندن كلف أكثر من ‪ 2.5‬مليون جنيه استرليني )‪ 17‬مليون ﷼ سعودي(‪ ،‬والمبنى‬ ‫مكون من خمسة طوابق ويقع في أغلى موقع في أوروبا ومقابل أحد أعرق المحالت فيھا )سيلترا‬ ‫جت(‪ ،‬ولكن و" الحمد استرجعنا جزءاً كبيراً من رأس المال وتفتحت لنا آفاق جديدة في أوروبا‬ ‫كلھا‪.‬‬ ‫ما ھي أشھر البلدان المنتجة للعود؟‬ ‫في السابق كانت الھند أشھر البلدان المنتجة‪ ،‬ولكن ومنذ حوالي عشرين عاما ً ق ّل العود ھناك‬ ‫بشكل كبير حتى قارب على االنقراض‪ ،‬ونقوم اآلن باستيراد العود من كمبوديا وفيتنام والوس‬ ‫وماليزيا أما أكبر مورد للعود في الوقت الحاضر فھي إندونيسيا‪ ،‬إذ تورد ما نسبته ‪ %80-70‬من‬ ‫العود إلى كافة دول العالم‪ ،‬خاصة وأنھا بلد مترامية األطراف وتوجد بھا غابات شاسعة واآلن تم‬ ‫اكتشاف العود في أمريكا الجنوبية وقد وردتنا عينات من البرازيل‪ ،‬ولكنه ال يزال في البدايات‬ ‫ونحن عاقدين العزم في المستقبل القريب أن يكونا لنا تواجد في البرازيل‪.‬‬ ‫ماذا عن المنتجات األخرى التي اشتھرت بھا العربية للعود‪ ،‬مثل المخلطات ودھن العود‪،‬‬ ‫إلخ…؟‬ ‫الشركة العربية للعود كانت الرائدة في تجھيز خلطات خاصة بالنساء أو الرجال‪ ،‬حتى أن‬ ‫بعض شركات العطور الفرنسية الكبيرة أخذت منا بعض الخلطات إلدخالھا في العطور العالمية‪،‬‬ ‫ومن أخر األخبار لدينا أن الشركة العربية للعود بعد أن انضمت لھيئة العطور البريطانية وقد‬ ‫سارعت الھيئة لترشيح أحد العطور ليكون أفضل عطر في العالم‪ ،‬وھي المسابقة التي تقام سنويا ً‬ ‫في نيويورك‪ ،‬وسيكون أحد عطور العربية للعود أحد أفضل خمسة عطور تدخل في ھذه المنافسة‬ ‫ومن أھم منتجاتنا المرشحة للفوز بھذا اللقب عطر )كشخة(‪.‬‬ ‫كيف تختارون أسماء العطور؟‬ ‫ھناك لجنة استشارية تقوم باختيار وتسمية العطور‪ ،‬وتضم أكثر من ثمانية أشخاص من‬ ‫مختلف مناطق المملكة يجتمعون دوريا ً بالرياض‪ ،‬وقد يختلف أعضاء ھذه اللجنة في اختيار اسم‬ ‫معين وفي ھذه الحالة يلجأون إلى التصويت‪ ،‬وبمناسبة أسماء العطور قد يتحفظ بعض الزبائن‬ ‫على اسم أحد العطور‪ ،‬وحدث لنا ذلك في العطر الذي يحمل اسم )المقام( ولكننا أقنعناھم به وفي‬ ‫النھاية تم التداول بھذا االسم‪.‬‬ ‫ھل قام عبد العزيز الجاسر بنفسه بإعداد خلطة أحد عطور شركته؟‬ ‫‪249‬‬


‫حياة العظماء‬

‫نعم قمت بإعداد أحد المخلطات واسمه مخلط عبد العزيز وھو بالمناسبة من أجود المخلطات‬ ‫ليس ھذا رأيي بل بناء على أرقام المبيعات التي حققھا‪.‬‬ ‫من ھم أھم زبائن الشركة العربية للعود في الوقت الراھن؟‬ ‫لدينا العديد من أصحاب السمو األمراء وعدد من رؤساء الدول وبعضھم قاموا بزيارة‬ ‫لفروعنا‪ ،‬وكانت من آخر تلك الزيارات زيارة صاحب السمو الملكي األمير عبد العزيز بن فھد‬ ‫لفرع لندن ومن اھتمام وتشجيع سموه بھذه الخطوة فقد عبر لنا بأن ھذا الفرع يمثل الدول‬ ‫الخليجية والعربية خير تمثيل‪ ،‬وبشكل عام أستطيع القول بأن أغلب البيوت الكبيرة والشرائح‬ ‫الوسطى والشعبية في دول مجلس التعاون الخليجي يستخدمون منتجات شركتنا‪.‬‬ ‫كم بلغ عدد منتجات الشركة العربية للعود حتى اآلن؟‬ ‫بالنسبة للعطور فلدينا أكثر من ألفي نوع من العطور‪ ،‬أما المنتجات فقد بلغت حوالي ‪400‬‬ ‫منتج‪.‬‬ ‫ھل تقومون بتسجيل العطور في الخارج؟‬ ‫طبعا ً لدينا اتفاقية مع أكبر مكاتب المحاماة في الدول العربية‪ ،‬لتسجيل منتجات العربية للعود‬ ‫في الدول العربية وأمريكا وأوروبا‪ ،‬وننفق مبالغ كبيرة على تسجيل العالمات التجارية للعطور‪.‬‬ ‫ما ھي العقبات التي واجھتكم وكيف تغلبتم عليھا؟‬ ‫كانت ھناك مشاكل في جزئيات بسيطة من العمل‪ ،‬لكننا لم نواجه عقبات في طريقنا ألننا‬ ‫دائما ً نحتاط في عملنا‪ ،‬وأنا لست من النوع المغامر‪ ،‬وحتى لو كانت ھناك أي مغامرة فتكون‬ ‫مدروسة جيداً‪ ،‬لكي نتمكن من السيطرة على األوضاع إذا واجھتنا مشاكل‪.‬‬ ‫ما ھي طموحات الشيخ عبد العزيز لكي تصل الشركة إلى العالمية؟‬ ‫لدينا قائمة طويلة من األفراد والشركات الراغبة في الحصول على اتفاقيات توزيع وترويج‬ ‫منتجاتنا في مدن عربية وأفريقية وآسيوية بل وأوروبية لكننا حتى اآلن لم نتخذ قراراً نھائيا ً في‬ ‫ھذا الصدد‪ ،‬ونحن اآلن في طريقنا نحو العالمية‪ ،‬ونطمح خالل الخمس السنوات القادمة للوصول‬ ‫إلى األلف فرع في مختلف دول العالم‪ ،‬وخططنا اآلن تحمل اسم "خطة األلف فرع" ونتمنى قريبا ً‬ ‫أن نكون في السوق األمريكي وھو سوق ضخم جداً‪ ،‬وفي الدول األوروبية األخرى‪ ،‬وبعدھا‬ ‫مباشرة سنتوجه إلى شرق آسيا وخصوصا ً اليابان وكوريا‪ ،‬ودول أمريكا الجنوبية‪.‬‬

‫‪250‬‬


‫حياة العظماء‬

‫كم عدد الدول التي تتواجدون بھا اآلن غير المملكة؟‬ ‫كمكاتب للشركة نتواجد في حوالي ‪ 25‬بلداً حول العالم‪ ،‬لكن كفروع ال تتجاوز ‪ 12‬دولة‪.‬‬ ‫ما ھي نصائحكم لألجيال القادمة ؟‬ ‫النصيحة األولى أن يعمل الشاب فيما يھواه‪ ،‬والثانية أن يتعامل بالثقة ألن لھا أثر إيجابي‬ ‫ألدائه في المدى الطويل كرجل أعمال فكلما كانت ثقة الموردين أكثر كان ھذا ھو رأس المال‬ ‫الحقيقي وأنصحھم بالصبر حتى تتحقق أھدافھم وقبل كل شيء يجب أن يترافق الطموح مع الجد‬ ‫والمثابرة على اكتساب العلم والمعرفة‪.‬‬ ‫كيف تتعرفون إلى أنواع العود وتميزون بين الجيد والرديء؟‬ ‫لغير المتخصصين فذلك أمر معقد إلى حد االستحالة وربما كان ذلك ھو المدخل الذي ينفذ‬ ‫منه الكثيرون ممن يمارسون التحايل على بعض العمالء لكن بالنسبة لشركتنا فقد تراكمت الخبرة‬ ‫الكافية ولدينا األجھزة ذات الحساسية والمقدرة العالية إضافة إلى الخبراء الذين تمرسوا على‬ ‫تمييز جميع أنواع العود وكثيراً ما نتلقى استشارات من بعض صغار المتعاملين في ھذا المجال‬ ‫لمساعدتھم في فرز بعض أنواع العود التي تصلھم من مصادر خارجية ونقدم لھم النصائح‬ ‫واالستشارات التي تساعدھم‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪251‬‬


‫حياة العظماء‬

‫شيخ البرلمانيين ‪ :‬الحاج سيد جالل‬ ‫ولد ‪1899‬م ببنى عدي‪ -‬منفلوط ‪ ،‬ظل ‪ 40‬عاما في البرلمان عضواً بمجلس النواب في عھد‬ ‫الحكومة السعيدية قبل الثورة ومجلس األمة في عھد الرئيس جمال عبد الناصر عن باب الشعرية‬ ‫له مواقف كثيرة في الخير والبر في المستشفيات والمعاھد وأوجه الخير منھا مستشفي حكومي‬ ‫باسمه‪0‬‬ ‫ذاع صيته في أرجاء مصر كلھا لكثرة ما تبرع به من أموال للمستشفيات والمعاھد والمالجئ‬ ‫والمساجد والمدارس وبعضھا يحمل أسمه وأشھرھا مستشفي سيد جالل الحكومي بالقاھرة ‪0‬‬ ‫ظل بالبرلمان أربعين عاما ً حتي لقب بشيخ البرلمانين واشتھر بذلك لما قدمه ‪0‬‬ ‫و كان صديقا شخصيا للشيخ الشعراوي رحمه ﷲ‬ ‫نشأ سيد جالل في بنى عدي ‪-‬مركز منفلوط ‪ ،‬فكان والده يعمل في الحقول وكان مشھور عنه‬ ‫األمانة واإلخالص والوفاء والشجاعة والكرم بالرغم من فقره الشديد والقحط الذي كان يعيش فيه‬ ‫ولكن لآلن يتحدث الناس عن كرمه الشديد وفيما يروي عن كرم والده إنه رأي جماعة من العرب‬ ‫فدعاھم إلي الطعام فأجابوه فذبح لھم النعجة الوحيدة التي يمتلكھا واقترض من جاره الشيخ‬ ‫عبدالسالم ثمن الخبز وأدي واجب الضيافة معھم علي ما ھو مطلوب‬ ‫وتر ك أبنه سيد جالل بنى عدي في أواخر القرن الثاني من عمره بعد وفاة والده رحمه ﷲ‬ ‫وبعد أن تعلم مبادئ القراءة والكتابة و رحل إلي بور سعيد واإلسكندرية والقاھرة وتقلب في عدة‬ ‫أعمال حرة وتعرف علي أحوال الناس وذاق مر العيش وحلوه ثم جمع من أعماله ثروة كبيرة ‪0‬‬ ‫ويقول عبد الفتاح الديب في حديثه عن الذكريات البرلمانية التي نشرھا بمجلة مجلس الشعب‬ ‫في مارس ‪1995‬م ما نصه –‬ ‫في تاريخ المجلس التشريعي شخصيات برلمانية ال تنسي سواء بالنسبة لمواقفھا أو لتاريخھا‬ ‫أو لسماتھا وھي نعمة من ﷲ يعطيھا لمن يشاء ويكتب معھا القبول لدي الناس ومن ھؤالء الرواد‬ ‫التاريخيين نائب ظل نائبا ً طوال عمره وترك بصمة ال تمحي في سجل المجلس التشريعي وھو‬ ‫النائب سيد جالل نائب باب الشعرية الذي كان يجلس أمام لجنة االنتخابات لمجلس األمة خالعا ً‬ ‫طربوشه وھو يضعه علي ركبتيه وكان الناخبون يخرجون من بعد أن أدلوا بأصواتھم ويضع كل‬ ‫ناخب قرشا ً أو نصف قرش وھو يجلس مبتسما ً واثقا ً محاطا ً بالحب واإلعزاز في وقت كانت فيه‬ ‫أصوات الناخبين تشترى وكان الجنيه يقطع نصفين يأخذ الناخب نصف الورقة المالية ويحتفظ‬ ‫المرشح أو وكيله بالنصف اآلخر ليسترده الناخب بعد أن يقوم بالواجب لصالح المرشح الذي دفع‬ ‫‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اشتھر بأنه أحب شيئا وحيدا‪ ،‬كان ھو المفضل إلى قلبه‪ ،‬وھو استصالح األراضي البور‪،‬‬ ‫وتحويلھا‪ ،‬بضربة من يده‪ ،‬إلى أرض حية‪ ،‬تبعث على الفرح والبھجة‬ ‫ساع في شركة أجنبية لتجارة الغالل يملكھا يوناني‪ ،‬إلى وكيل الشركة‪ ،‬قبل أن‬ ‫ومن مجرد‬ ‫ٍ‬ ‫يعمل مستقالً في االستيراد والتصدير وتشييد المصانع المنتجة‪ .‬وكان سيد جالل يقترب من سن‬ ‫الستين حين اشترى شركة غارقة في الديون ھي شركة الصناعات المتحدة في شبرا الخيمة‪،‬‬ ‫ليتمكن من الوفاء بديونھا وتحويلھا إلى شركة تحقق أرباحا ً‬ ‫أما على الصعيد البرلماني‪ ،‬فقد خاض األب الروحي لدائرة باب الشعرية معارك عدة‬ ‫ت مختلفة‪ ،‬مثل استغالل النفوذ‪ ،‬ومحاكمة الوزراء‪ ،‬وخفض‬ ‫الستصدار قوانين وتشريعا ٍ‬ ‫اإليجارات الزراعية‪ .‬ولعل أبرز إنجازاته ھو نجاح حملته لمكافحة البغاء العلني‪ ،‬وھو ما أسفر‬ ‫عن إلغاء البغاء عام ‪1947‬‬

‫‪252‬‬


‫حياة العظماء‬

‫وحين توفي‪ ،‬كتب المھندس عثمان أحمد عثمان مؤسس شركة "المقاولون العرب" مقاالً‬ ‫ثان ‪ 1987‬تحت عنوان "سيد جالل‪..‬‬ ‫قصيراً نشرته جريدة "الجمھورية" في ‪ 7‬يناير كانون ٍ‬ ‫اإلنسان‪..‬ابن البلد‪ ..‬المدرسة"‪ ،‬قال فيه "لم يكن سيد جالل رجالً عظيما ً بماله وبما حققه‪ ،‬ولكن‬ ‫عظمته في أنه كان يعطي دون أن يتوقف عن العطاء"‬ ‫صورة نادرة لم تحدث من قبل أن يخرج عامل كان يحمل الزلط علي كتفيه وذاق قسوة الحياة‬ ‫يخرج من صفوف العمال الكادحين ليصلح مليونيرا وليدخل المجلس النيابي من أوسع أبوابه غير‬ ‫مستند إلي حزب أو قوة تدفعه إلي البرلمان ‪0‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كان سيد جالل تحت القبة فارسا ً من نوع نادر محتفظا بلھجته الصعيدية وكان فخورا بھا ‪00‬‬ ‫تحدث في أعقد القضايا وأدقھا ‪ 00‬تكلم في القضايا االقتصادية وكان يعبر عن رأيه باأللفاظ‬ ‫العامية البدائية التي فيھا بساطة وروح العدوية‬ ‫فإذا بأساتذة االقتصاد يصفقون له ‪0‬‬ ‫كان يحكي تحت القبة تجربته الشخصية في الحياة والدروس المستفادة منھا كأعظم أديب‬ ‫شعبي بأسلوبه السلس السھل فيغزل من الفلكلور موسوعة علمية‬ ‫زمالؤه النواب جميعا ً كانوا يحترمونه جداً ويقدرون آراءه حتي بعد قيام األحزاب السياسية‬ ‫في مصر ظل احترام النواب لسيد جالل قائما بصرف النظر عن اختالف االنتماءات الحزبية‪0‬‬ ‫وأذكر موقفا ً لسيد جالل ال شك أن كثيراً من أعضاء مجلس الشعب الذين اشتركوا في برلمان‬ ‫وادي النيل يذكرونه وذلك عندما كان برلمان وادي النيل مجتمعا ً في الخرطوم وكان مكونا ً من‬ ‫أعضاء مجلس الشعب في كل من مصر والسودان أيام الرئيس المصري الراحل أنور السادات‬ ‫وجعفر نميري رئيسا ً للسودان وأبدي بعض أعضاء مجلس الشعب المصري رغبتھم في أداء‬ ‫العمرة وھم في الخرطوم أقرب إلي األراضي المقدسة ‪0‬‬ ‫وأعلن النواب رغبتھم للرئيس أنور السادات أثناء مأدبة عشاء أقامھا الرئيس النميري في‬ ‫قصر الرئاسة فابتسم وقتھا الرئيس أنور السادات والتفت إلي فكري مكرم عبيد وكان وقتھا أمينا ً‬ ‫للحزب الوطني وقال له السادات بلھجته المعتادة يا فكري نظم لھم الرحلة واشتركت وقتھا في‬ ‫ھذه الرحلة بالمبلغ الذي حدد وقتھا ألداء العمرة من الخرطوم إلي جدة ليجد الجميع بعد نزولھم‬ ‫من الطائرة سيد جالل يستقبلھم في جدة ويشرف علي الترتيبات غير العادية التي اتخذت ألداء‬ ‫العمرة وزيارة مسجد الرسول عليه الصالة والسالم ‪0‬‬ ‫وكانت العالقات آنذاك بين مصر والسعودية تشوبھا بعض الشوائب ولكن عرفنا أن سيد‬ ‫جالل ومعه المرحوم أحمد أبـو إسماعيل الذي كان وزيراً للمالية كانا وراء ھذه التسھيالت‬ ‫الضخمة لألعضاء الذين أدوا العمرة لدرجة أنه ألول مرة يسمح لطائرة أجنبية وھي الطائرة‬ ‫المصرية التي تقل أعضاء مجلس الشعب بالطيران في األجواء السعودية من جدة للمدينة ‪ ،‬رحم‬ ‫ﷲ شيخ البرلمانيين الحاج سيد جالل جيالني مبروك العدوي‪0‬‬

‫‪253‬‬


‫حياة العظماء‬

‫العزيمة الصادقة‬ ‫جاء العامل السعودي الجنسية في نھاية يوم شديد الحرارة والرطوبة قاصدا برادة‬ ‫الماء ليشرب ‪ ..‬جاء مجھداً ومتعبا ً ويتصبب عرقا ً بعد عناء يوم طويل من العمل‬ ‫الشاق تحت حرارة الشمس ‪ ،‬وما أن مأل الكأس بالماء البارد وأراد أن يبرد جوفه‬ ‫إال وجاءه مھندس أمريكي وقال له بغالظه ‪ :‬أنت عامل وال يحق لك الشرب من‬ ‫الخدمات الخاصة بالمھندسين !‬ ‫رجع المسكين وأخذ يفكر أيام وأيام ويسأل نفسه ‪ :‬ھل أستطيع أن أكون مھندسا ً‬ ‫يوما ً ما وأكون مثل ھؤالء ؟‬ ‫اتكل على ربه وعقد العزم و بدأ بالدراسة الليلية ثم النھارية ‪ ،‬وبعد السھر والجھد‬ ‫والتعب والسنين حصل على شھادة الثانوية ‪.‬‬ ‫تم ابتعاثه إلى الواليات المتحدة األمريكية على حساب الشركة ‪ ،‬وحصل على‬ ‫بكالوريوس في الھندسة و رجع لوطنه ‪ .‬ظل يعمل بجد واجتھاد وأصبح رئيس قسم‬ ‫ثم شعبه ثم رئيس إدارة إلى أن حقق انجاز كبير بعد عدة سنوات وأصبح نائب‬ ‫رئيس الشركة ‪.‬‬ ‫سبحان ﷲ !!‬ ‫حدث وأن جاءه نفس المھندس األمريكي ) وكانوا يمضون عشرات السنين بالخدمة‬ ‫بالشركة ( قال له ‪ :‬أريد الموافقة على إجازتي وأرجو عدم ربط ما حدث بجانب‬ ‫برادة الماء بالعمل الرسمي ‪..‬‬ ‫فرد عليه بأخالق سامية ‪ :‬أحب أن أشكرك من كل قلبي على منعي من الشرب ‪..‬‬ ‫صحيح أنني حقدت عليك ذلك الوقت ولكن أنت السبب بعد ﷲ فيما أنا عليه اآلن‬ ‫!!‬ ‫وبعد العرق والكفاح واإلخالص والوفاء والوالء للعمل وللوطن أصبح رئيس‬

‫‪254‬‬


‫حياة العظماء‬

‫الشركة ‪.‬‬ ‫ھي من كبريات الشركات العمالقة في صناعة البترول ‪ ،‬شركة أرامكو السعودية ‪..‬‬ ‫وبعد ذلك اختارته القيادة العليا ليكون وزيراً للبترول ‪..‬‬ ‫ھذه قصة العامل السعودي والوزير السعودي المھندس علي النعيمي‬

‫معالي المھندس علي بن إبراھيم النعيمي‬ ‫وزير البترول والثروة المعدنية‬ ‫رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبدﷲ للعلوم والتقنية‬ ‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‬ ‫تولى معالي المھندس علي بن إبراھيم النعيمي منصب وزير البترول والثروة‬ ‫المعدنية في المملكة العربية السعودية في شھر أغسطس ‪ 1995‬وكان قبلھا قد تولى‬ ‫منصبي الرئيس وكبير اإلداريين التنفيذيين في شركة أرامكو السعودية لفتر ٍة تزيد‬ ‫على عشر سنوات‪.‬‬ ‫ولد معالي المھندس علي النعيمي في الراكة‪ ،‬وھي قرية صغيرة قرب الظھران‪ ،‬في‬ ‫المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية‪ ،‬وتلقى تعليمه األول في مدرسة‬ ‫الجبل التي افتتحتھا وكانت تديرھا شركة "أرامكو" كما كانت تسمى آنذاك‪ ،‬وتأھل‬ ‫بالتالي لشغل وظيفته األولى في الشركة‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1956‬م تم اختياره لمتابعة عدة دورات دراسية في الخارج‪ ،‬بدأت في‬ ‫بيروت حيث درس في الكلية العالمية )إنترناشونال كوليدج( ثم في الجامعة‬ ‫األمريكية وتابع تحصيله بعد ذلك في جامعة ليھاي في بنسلفانيا حيث نال درجة‬ ‫البكالوريوس في الجيولوجيا في عام ‪1962‬م‪ ،‬ثم حصل على درجة الماجستير في‬ ‫الجيولوجيا من جامعة ستانفورد في عام ‪1963‬م‪ .‬وقد ُمنح المھندس علي النعيمي‪،‬‬

‫‪255‬‬


‫حياة العظماء‬

‫في شھر يوليه من عام ‪1995‬م‪ ،‬الدكتوراه الفخرية من جامعة ھاريوت ‪ -‬واط في‬ ‫إدنبره باسكتلندا تقديراً إلنجازاته في مجال إدارة وإنتاج الزيت والغاز من خالل‬ ‫عمله المميز في أرامكو السعودية‪.‬‬ ‫شھدت السنوات التالية من خدمة المھندس النعيمي في أرامكو السعودية ترقيته إلى‬ ‫عدة وظائف في أعمال الزيت فمن مالحظ أشغال إلى ناظر مساعد‪ ،‬ثم من ناظر‬ ‫إلى مدير وشغل أول منصب إداري تنفيذي له في الشركة عام ‪1975‬م حين ُعيّن‬ ‫نائبا ً للرئيس لإلنتاج وحقن الماء وبحلول عام ‪1978‬م أصبح نائبا ً أعلى للرئيس‬ ‫ألعمال الزيت‪ ،‬و في عام ‪1980‬م‪ ،‬انتخب عضواً في مجلس إدارة الشركة‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1982‬م أصبح المھندس النعيمي نائب الرئيس التنفيذي لألعمال ثم أصبح‬ ‫أول سعودي يتم تعيينه رئيسا ً للشركة‪ ،‬وذلك في عام ‪1984‬م وفي عام ‪1988‬م‬ ‫أصبح كبير اإلداريين التنفيذيين باإلضافة إلى منصبه كرئيس للشركة‪.‬‬

‫‪256‬‬


‫حياة العظماء‬

‫المصادر‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬

‫‪257‬‬

‫القران الكريم‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫سنن الترمذي‬ ‫رياض الصالحين‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب ال ِعل ِم تألِ ُ‬ ‫ال ُم َش ّو ُ‬ ‫يف علي بن مح ّمد العمران‬ ‫ق إِلَى القِ َرا َء ِة َوطل ِ‬ ‫استمتع بحياتك للشيخ محمد العريفي‬ ‫جدد حياتك‬ ‫سراج الملوك‬ ‫مسند بن ابي شيبة‬ ‫االداب للبيھقي‬ ‫الحكم العطائية‬


‫حياة العظماء‬

:‫الكاتب‬ ‫ عمر عبدﷲ حسين سليم‬: ‫االسم‬ :‫كتب أخرى‬ ‫عون الرب في العناية بفن الحرب‬ http://amrselim.net/AOW/ARTOFWAR.doc ‫الطريق الى أن يحبك ﷲ‬ http://amrselim.net/download/waytoloveallah.doc ‫الطريق الى محبه الناس‬ http://amrselim.net/download/WAYTOLOVE.doc ‫فن المناظرة‬ http://amrselim.net/download/discussion.doc ‫حياة العظماء‬ http://amrselim.net/download/inlp.doc AUTOLISP‫شرح‬ http://amrselim.net/download/AUTOLISP.pdf SKETCH UP‫شرح‬ http://amrselim.net/download/Sketch%20up.pdf ‫سئلتني‬ http://amrselim.net/download/askme.doc magicad‫شرح ال‬ http://www.amrselim.net/download/MAGICAD.doc ‫ما يعرفه الرجال عن النساء‬ ‫و ما يعرفه النساء عن الرجال‬ http://www.amrselim.net/download/WHATWOMANKNOW.doc

258


‫حياة العظماء‬

‫‪259‬‬


‫حياة العظماء‬

‫رسائل حول الكتاب‬ ‫السالم عليكم و رحمة ﷲ‬ ‫اكتب ھذا اليميل بعد ان وصلت الى الواجب العملي في قراءة كتاب حياة العظماء و ابيت‬ ‫على نفسي ان اكون سلبية بعد االن فھذه اول مرة اتواصل مع كاتب موضوع عادة اقرأ و ال‬ ‫اعلق و حتى لو علقت يكون ذلك على كراستي الخاصة‬

‫كما ان الكتاب يبدو حتى االن برمجة عصبية بطريقة اسالمية و ھذا ما اخبرت به مدرب‬ ‫البرمجة العصبية السعودي الدكتور محمد العامري ان تقديم البرمجة العصبية لنا كما‬ ‫تعلموھا من الغرب و خاصة في باب العالج بخط الزمن امر ال يناسب مجتمعاتنا في ديننا‬ ‫االسالمي ما ھو اثرى و لكن كل ما نحتاجه ھو بعض التبويب و اعطاء مسميات جديدة اذا‬ ‫كان ذلك ضروريا بشكل يتماشى مع العصر الحالي و انه علوم البرمجة العصبية لم تزيد‬ ‫حرفا واحدا عن مورثنا الديني اال اننا ننظر الى الدين على شكل تقليد ورثناه و نتعامل معه‬ ‫بمنتھى السطحية بينما بھرتنا اللفاظ الرنانة و العناوين الكبيرة الرباب البرمجة العصبية و ال‬ ‫يالمون على ذلك فھذه البرمجة ربما تناسب مجتمعاتھم خاصة عندما يتعمقون في باب‬ ‫الطاقة الكونية و العقل الكوني ھذا افراز طبيعي لثقافتھم العلمانية فالروح لديھم مقيدة و ال بد‬ ‫من االرتباط بشيء علوي راحو يطلقوا عليه مسميات مختلفة على فكرة حضرت دورة‬ ‫بالبرمجة العصبية و بعد فترة كنت اسمع عن الديانة الطاوية و علمت انھم كانو يعلموننا في‬ ‫ھذه الدورة بعض طقوس الطاويين لكنھن انفسم ال يعلمون ذلك‬ ‫اسفة على االطالة‬ ‫شكرا على مجھدوكم الطيب في الكتاب‬ ‫جزاكم ﷲ كل خير‬ ‫االستاذة‬ ‫‪Fadia Shaker‬‬

‫‪260‬‬


‫حياة العظماء‬

‫اتمنى ان يكون الكتاب قد نال رضاك‬ ‫لمزيد من المعلومات عن كاتب ھذا الكتاب و للتواصل زر الصفحة التالية‬ ‫‪/http://newmilk.wordpress.com/about‬‬ ‫كتبه ‪:‬‬ ‫عمر سليم‬

‫‪261‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.