Leader

Page 1

‫القائد‬

‫القائد‬ ‫} َوأَ ْلقَي ُ‬ ‫ك َم َحبﱠةً ِمنﱢي َولِتُصْ نَ َع َعلَى َع ْينِي )‪{(39‬‬ ‫ْت َعلَ ْي َ‬

‫بسم ﷲ و الحمد ) و الصالة و السالم على رسول ﷲ‬ ‫وجدت العرب جميعا يبحثون في الطرقات في القاھرة و بغداد و بنغازي و الدار البيضاء و‬ ‫الرياض و بيروت و في مكة و المدينة بل و في طھران و اسالم باد و لندن و نيويورك ‪،‬‬ ‫فاستوقفت احدھم ‪":‬عن ماذا تبحثون ؟"‬ ‫نظر الى نظرته الى مجنون ‪":‬اال تعلم اننا نبحث عن قائد ؟؟ نبحث عن قائد يدير الشركة ‪ ،‬عن‬ ‫قائد يحكمنا ‪ ،‬عن قائد يحرر االقصى "‬ ‫قلت له ‪":‬و ما ھو ھذا القائد ؟؟ ھل ھو معدن ھل ھو من المالئكة ؟؟"‬ ‫تأكد اننى مجنون فقال و ھو يتراجع بظھره ‪":‬بل ھو من البشر و لكنه غير عادي"‬ ‫ھنا كان قد اطلق لساقية العنان فار من الجنان مستعيذا با) من الھذيان‬ ‫و جدت الجميع يبحث ‪ ،‬ال ادري ھل ابحث معھم و لكن عن ماذا ابحث ؟؟ عن انسان ؟؟ في وسط‬ ‫االف البشر ؟؟ ما ھي صفته ؟ عالمته ؟ مميزاته ؟؟؟‬

‫‪1‬‬


‫القائد‬

‫رأيت أحد الشعراء يقول ‪:‬‬ ‫" النـﱠصْ ـ ُر ْ‬ ‫بـأن تـَجـِـ َد الـقـَائِــ ْد ‪! . . .‬‬ ‫ال ْ‬ ‫ـف‬ ‫ضـي عَطـَشـَـا ً أوْ تـَحْ ـتَ القـَصْ ِ‬ ‫أن تـَقـْ ِ‬ ‫ب ِم ْ‬ ‫احـ ْد !"‬ ‫ـر ٍ‬ ‫بـ ِ َحـرْ ٍ‬ ‫ـن طـ َ َ‬ ‫ف َو ِ‬ ‫و رايت المتنبي يسير و خلفه الناس و ھو يردد‬ ‫وان تفق األنام و أنت منھم *** فان المسك بعض دم الغزال‬ ‫و األفوه األودي يقول ‪:‬‬ ‫ال يصلح الناس فوضى ال سراة لھم * وال سـراة إذاجھالھـم سـادوا‬ ‫والبيـت ال يبتنـى إال على عمد *** وال عمـاد إذا لم تـرس أوتـا ُد‬ ‫فـإن تجمـع أوتـاد وأعمـدة *** وسـاكن أبلغوا األمر الذي كادوا‬ ‫و رايت االديب الكبير على الطنطاوي فذھبت محييا اياه و سائال عن اھمية ذلك الشخص فاجابني‬ ‫"إن األمة الخاملة صف من األصفار‪ ،‬لكن إن بعث ﷲ لھا واحداً مؤمنا ً صادق اإليمان داعيا ً إلى‬ ‫ﷲ‪ ،‬صار صف األصفار مع الواحد مئة مليون‪ ،‬والتأريخ مليء بالشواھد على ما أقول"‪.‬‬ ‫الم تسمع الى قول اإلمام الذھب ّي "القادة األعالم يوم من أيام أحدھم أكبر من عمر آحاد الناس"‪.‬‬ ‫و قول َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ﷲِ ب ِْن َم ْسعُو ٍد ‪َ " :‬ما ِز ْلنَا أَ ِع ﱠزةً ُم ْن ُذ أَ ْسلَ َم ُع َم ُر "‬ ‫تركت اديبنا الكبير و ذھبت اتمشى الى بيتي افكر فرأيت شاعرا اعرفه بعشقة للصبايا في شعره‬ ‫فقلت ‪":‬لماذا اتعب ذھني فالذھب معه و امتع نفسي ‪ ،‬البد انه يبحث عن غيداء " فذھبت اليه‬ ‫مسرعا قائال ‪":‬عن ماذا تبحث يا شاعرنا"‬ ‫فقال لي و ھو مستمر في البحث‬ ‫أبحث في دفاتر التاريخ‬ ‫‪1‬‬ ‫عن أسامة بن زيد‬ ‫وعقبة بن نافع‬ ‫عن عمر عن حمزة‬ ‫عن خالد يزحف نحو الشام‬ ‫أبحث عن معتصم با)ِ‬ ‫حتى ينقذ النساء من وحشية السبي‬ ‫ومن ألسنة النيران !!‬ ‫أبحث عن رجال آخر الزمان‬ ‫‪ 1‬القصيدة االصليه اسامه بن منقذ و ھو شاعر راسل الصليبين‬

‫‪2‬‬


‫القائد‬

‫فال أرى في الليل إال قططا ً مذعورة‬ ‫تخشى على أرواحھا‬ ‫من سلطة الفئران !!‬ ‫ھل العمى القومي قد أصابنا ؟‬ ‫أم نحن نشكو من عمى األلوان ؟؟‬ ‫حتى انت تبحث عن القائد ؟؟ البد ان االمر جلل حتى ينتزعك من ذراعي بلقيس حبيبتك‬ ‫سرت في الطريق و اخترت ان اجلس على احد المقاھي و يبدو انھا قھوة للمثقفين و سمعت شابا‬ ‫يقول لرفاقه ‪:‬‬ ‫"البد أن المھدي المنتظر سينظر بعد قليل "‬ ‫"من قال لك ھذا ؟؟"‬ ‫"ھل تكذب بالمھدي المنتظر و قد ثبتت روايته "‬ ‫"ال و لكن لظھوره عالمات لم توجد بعد و ان كنت تتحدث عن النكبات التى نعيش فيھا فھى اشبه‬ ‫بالنكبات التى مرت على االمه ايام الصليبين و التتار و صمد امامھم رجال بقيادة صالح الدين و‬ ‫قطز و امثالھم "‬ ‫"اننا بحاجة الى قائد ‪ ،‬أن النجاح في سوق العمل او في السياسة او الحروب ينتظر القيادة‬ ‫الراشدة"‬ ‫قال احدھم ‪":‬اننا ان لم نجد قائدا لشركتنا فسوف نعلن االفالس "‬

‫رجعت الى بيتى ابحث عن صفه القائد االمثل الذي يمكن ان يقودنا‬ ‫ھل يشترط طول معين ؟؟ لون عين معين ؟؟‬ ‫أخذت أقلب في الكتب و في سير القادة و العظماء فعجبت حين وجدت ان البحث عن القائد من‬ ‫يل ِم ْن بَ ْع ِد ُمو َسى إِ ْذ قَالُوا لِنَبِ ﱟي لَھُ ُم ا ْب َع ْ‬ ‫ث لَنَا َملِ ًكا نُقَاتِلْ‬ ‫إل ِم ْن بَنِي إِس َْرائِ َ‬ ‫قديم االزل } أَلَ ْم ت َ​َر إِلَى ْال َم َ ِ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ{تأملت في االيات و قصة طالوت فوجدت ان القيادة ھى مجموعة من الصفات متى‬ ‫فِي َسبِ ِ‬ ‫توفرت في الشخص اصبحت قائدا جيدا و ال يلزم ان يكون من اصحاب الدماء الزرقاء‬ ‫و وجدت بالفعل صفات مشتركة بين القادة في كل زمان و مكان ‪ ،‬في ادارة الشركات و ادارة‬ ‫الجيوش ‪ ،‬في قادة العرب و البربر و الفايكنج و االوربيين‬

‫لكنى اخذت ابحث عن النموذج االمثل للقيادة الذي تتوافر به شروط القيادة كلھا على الوجة االمثل‬ ‫فوجدت الرسول صلى ﷲ عليه و سلم‬

‫‪3‬‬


‫القائد‬

‫وﷲ ما شرقت شمس وال غربت‪..‬اال وحبك مقرون بانفاسي‬ ‫وما خلوت الى قوم احدثھم‪ ..‬إال وكنت حديثي بين جالسي‬ ‫يقول المنفلوطي ‪ ":‬إن حياة النبي " أعظم مثال يجب أن يحتذيه المسلمون للوصول إلى التخلق‬ ‫ُ‬ ‫وأحسن مدرسة يجب أن يتعلموا فيھا كيف يكون‬ ‫بأكرم الخصال‪،‬‬ ‫بأشرف األخالق‪ ،‬والتحلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الصدق في القول‪ ،‬واإلخالص في العمل‪ ،‬والثبات على الرأي _ وسيلة إلى النجاح‪ ،‬وكيف يكون‬ ‫الجھاد في سبيل الحق سببا ً في علوه على الباطل‪.‬‬

‫ال حاجة لنا بتاريخ حياة فالسفة اليونان‪ ،‬وحكماء الرومان‪ ،‬وعلماء اإلفرنج؛ فلدينا في تاريخنا‬ ‫حياة شريفة مملوءة بالجد والعمل‪ ،‬والبر والثبات‪ ،‬والحب والرحمة‪ ،‬والحكمة والسياسة‪ ،‬والشرف‬ ‫الحقيقي‪ ،‬واإلنسانية الكاملة‪ ،‬وھي حياة نبينا " وحسبنا بھا وكفى‪".‬‬ ‫وكل أناس يتبعون إمامھم‬

‫وأنت ألھل المكرمات إمام‬

‫و يقول الشيخ بن باز ‪":‬كل من سلك مسلك الرسل من الدعاة و المصلحين ‪ ،‬نجح في دعوتة و‬ ‫فاز بالعاقبة الحميدة "‬ ‫يامن له عز الشفاعة وحده **** وھو المنزه ماله شفعاء‬ ‫لي في مديحك يا رسول عرائس **** تيمن فيك وشاقھن جالء‬ ‫ھن الحسان فإن قبلت تكرما **** فمھورھن شفاعة حسناء‬ ‫ما جئت بابك مادحا بل داعيا **** ومن المديح تضرع ودعاء‬ ‫أدعوك عن قومي الضعاف ألزمة **** في مثلھا يلقى عليك رجاء‬

‫لماذا اخترت النبي محمد كالقائد االعظم القدوة ؟‬ ‫ان رسول ﷲ ھو القدوة المثلي و القائد االعظم لكل من يعقل حتى و لو لم يكن مسلما‬ ‫• يرشد كل من سار مسترشدا بھدية »ت َ​َر ْك ُ‬ ‫َاب‬ ‫َض ﱡلوا َما تَ َم ﱠس ْكتُ ْم بِ ِھ َما ِكت َ‬ ‫ت فِي ُك ْم أَ ْم َري ِْن لَ ْن ت ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲِ َو ُسنﱠةَ نَبِيﱢ ِه«‬ ‫• احيا امه ميته و جعلھا خير امه بأذن ﷲ‬ ‫أخوك عيسى دعا ميتا ً فقام لهُ‬ ‫‪4‬‬

‫الرمم‪.‬‬ ‫وأنت أحييتَ أجياالً من‬ ‫ِ‬


‫القائد‬

‫يقول حافظ ابراھيم‬ ‫ھل تطلبون من المختار معجزة *****يكفيه شعب من األجداث أحياه‬

‫• اعظم شھادات التزكية من رب السماوات و االرض‬ ‫زكى لسانه فقال } َو َما يَ ْن ِط ُ‬ ‫ق ع َِن ْالھَ َوى )‪{(3‬‬ ‫ص ُر َو َما َ‬ ‫طغَى )‪{ (17‬‬ ‫و زكى بصرة } َما زَا َغ ْالبَ َ‬ ‫ب ْالفُؤَ ا ُد َما َرأَى {‬ ‫و زكى قلبه } َما َك َذ َ‬ ‫و زكى نفسه} فَبِ َما َرحْ َم ٍة ِمنَ ﱠ‬ ‫ﷲِ لِ ْنتَ لَھُ ْم َولَوْ ُك ْنتَ فَظًّا َغلِي َ‬ ‫ب َال ْنفَضﱡ وا ِم ْن َحوْ لِكَ‬ ‫ظ ْالقَ ْل ِ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫اورْ ھُ ْم فِي ْاألَ ْم ِر فَإ ِ َذا َعزَ ْمتَ فَت َ​َو ﱠكلْ َعلَى ﱠ‬ ‫فَا ْع ُ‬ ‫ﷲَ يُ ِحبﱡ‬ ‫ف َع ْنھُ ْم َوا ْستَ ْغفِرْ لَھُ ْم َو َش ِ‬ ‫ْال ُمت َ​َو ﱢكلِينَ )‪{(159‬‬ ‫َزي ٌز َعلَ ْي ِه َما َعنِ ﱡت ْم َح ِريصٌ َعلَ ْي ُك ْم بِ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ‬ ‫و زكى سلوكة } لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َرسُو ٌل ِم ْن أَ ْنفُ ِس ُك ْم ع ِ‬ ‫َر ُء ٌ‬ ‫وف َر ِحي ٌم )‪{(128‬‬ ‫َظ ٍيم )‪{(4‬‬ ‫قع ِ‬ ‫و زكى خلقه } َوإِنﱠكَ لَ َعلَى ُخلُ ٍ‬ ‫اإلي َم ُ‬ ‫ان‬ ‫و زكى طريقة } َو َك َذلِكَ أَوْ َح ْينَا إِلَ ْيكَ رُوحًا ِم ْن أَ ْم ِرنَا َما ُك ْنتَ تَ ْد ِري َما ْال ِكتَابُ َو َال ْ ِ‬ ‫اط‬ ‫ص َر ٍ‬ ‫ص َر ِ‬ ‫اط ُم ْستَقِ ٍيم )‪ِ (52‬‬ ‫َولَ ِك ْن َج َع ْلنَاهُ نُورًا نَ ْھ ِدي بِ ِه َم ْن نَ َشا ُء ِم ْن ِعبَا ِدنَا َوإِنﱠكَ لَتَ ْھ ِدي إِلَى ِ‬ ‫ض أَ َال إِلَى ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َصي ُر ْاألُ ُمو ُر )‪{ (53‬‬ ‫ﷲِ ت ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫ﷲِ الﱠ ِذي لَهُ َما فِي ال ﱠس َم َ‬ ‫ت َو َما فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫ُوحى {‬ ‫و زكى شريعتة } إِ ْن ھُ َو إِ ﱠال َوحْ ٌي ي َ‬ ‫و ايده بنصره } إِنﱠا َكفَ ْينَاكَ ْال ُم ْستَھ ِْزئِينَ )‪{ (95‬‬ ‫ق لِي ْ‬ ‫ين ْال َح ﱢ‬ ‫ﱢين ُكلﱢ ِه َولَوْ َك ِرهَ ْال ُم ْش ِر ُكونَ‬ ‫ُظ ِھ َرهُ َعلَى الد ِ‬ ‫} ھُ َو الﱠ ِذي أَرْ َس َل َرسُولَهُ بِ ْالھُدَى َو ِد ِ‬ ‫)‪{(33‬‬ ‫} َوإِ ْن ي ُِري ُدوا أَ ْن يَ ْخ َد ُعوكَ فَإ ِ ﱠن َح ْسبَكَ ﱠ‬ ‫ﷲُ ھُ َو الﱠ ِذي أَيﱠدَكَ بِنَصْ ِر ِه َوبِ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ )‪{(62‬‬ ‫و اختاره لدعوته و رسالته } ﱠ‬ ‫ﷲُ أَ ْعلَ ُم َحي ُ‬ ‫ْث يَجْ َع ُل ِر َسالَتَهُ{‬ ‫و اعانه على شيطانه فاسلم قالت السيدة عائشة يا رسول ﷲ أو معي شيطان قال نعم قلت‬ ‫ومع كل إنسان قال نعم قلت ومعك يا رسول ﷲ قال نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم‬

‫‪ 1‬مسلم‬

‫‪5‬‬

‫‪1‬‬


‫القائد‬

‫• أن سيرته صحيحة و ليست ضربا من الخيال و االساطير اليونانية و االغريقية و ليست‬ ‫مؤلفة و ال مخترعة و واقعية ليست مسرفة في المثالية‬ ‫صحيحة باعتراف علماء االديان النصاري و اليھود الذين يقفون مندھشين امام صحة السند و‬ ‫الجھد الذي بذله علماء الحديث حتى ينفوا الروايات غير الصحيحة‬ ‫و واقعية غير مسرفة في المثالية التى ال يطيقھا بشر فلم يأمر بأن نحب أعدائنا و ان ندير‬ ‫خدنا االيسر لمن يضربنا على خدنا االيمن‬ ‫واقعية فلم يأمر بشئ لم يفعله ھو شخصيا و صحابته الكرام و لم ينه عن شئ يخالف الفطرة‬ ‫فلم يأمر باجتناب النساء او الرھبنة او الصيام مدى الدھر او تعذيب البدن او االخصاء‬

‫• شھد له كل منصف و التالي قليل من كثير و قد تشرفوا بمدحه‬ ‫ما إن مدحت محمدا بمديحتي ‪ .‬بل إن مدحت مديحتي بمحمد‬ ‫شھد له كفار قريش و ھو عدو لھم بالصدق و االمانه‬ ‫شھد له ابو سفيان و ھو عدو له بالصدق و االمانه امام ھرقل ملك الروم و لم يجد له مطعنا‬

‫من كان فوق محل الشمس موضعه فليس يرفعه شيى وال يضع‬

‫‪ .1‬يقول مونتجمري ‪":‬من ھم أعظم قاده في كل األزمان ؟؟ إنھم بدون شكل‬ ‫‪1‬‬ ‫مؤسسي الديانات العظمى ‪ :‬المسيح و محمد و بوذا"‬ ‫و قد يتھم مونتجمرى أنه ادرج السيد المسيح تعصبا لدينه لكن ال يمكن اتھامه بالتعصب باالسالم‬ ‫او البوذية ‪ ،‬و نجد في الشخصيات الثالثة النبي محمد ھو القائد العسكري الوحيد و ھى اصعب‬ ‫القيادات و ھى المحك الحقيقي للقيادة ‪.‬‬

‫رجل في تفكير محمد‪ ،‬ھذا النبي‬ ‫‪ .2‬يقول برنارد شو )إن العالم أحوج ما يكون إلى‬ ‫ٍ‬ ‫الذي وضع دينه دائما ً موضع االحترام واإلجالل فإنه أقوى دين على ھضم‬ ‫جميع المدنيات‪ ،‬خالداً خلود األبد‪ ،‬وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا ھذا‬ ‫الدين على بينة‪ ،‬وسيجد ھذا الدين مجاله الفسيح في ھذه القارة )يعني أوروبا( ّ‬ ‫إن‬ ‫رجال الدين في القرون الوسطى‪ ،‬ونتيجةً للجھل أو التعصّب‪ ،‬قد رسموا لدين‬ ‫‪ 1‬السبيل الى القيادة لمونتجمرى و ھو أخر كتاب الفه و صدر عام ‪ 1962‬و لسنا نعتز بھذه الشھادات و نلھث ورائھا و لكن الحق ما‬ ‫شھدت به االعداء و نجد من ابناء جلدتنا من ال يقتنع اال بقولھم‬

‫‪6‬‬


‫القائد‬

‫محم ٍد صورةً قاتمةً‪ ،‬لقد كانوا يعتبرونه عد ًّوا للمسيحية‪ ،‬لكنّني اطّلعت على أمر‬ ‫ھذا الرجل‪ ،‬فوجدته أعجوبةً خارقةً‪ ،‬وتوصلت إلى أنّه لم يكن عد ًّوا للمسيحية‪،‬‬ ‫بل يجب ْ‬ ‫أن يس ّمى منقذ البشرية‪ ،‬وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم‪ ،‬لوفّق‬ ‫في ح ّل مشكالتنا بما يؤمن السالم والسعادة التي يرنو البشر إليھا(‪.‬‬ ‫‪ .3‬و يقول سنرستن اآلسوجي ‪،‬مستشرق آسوجي ولد عام ‪ ،1866‬أستاذ اللغات‬ ‫الساميّة‪ ،‬ساھم في دائرة المعارف‪ ،‬جمع المخطوطات الشرقية‪ ،‬محرر مجلة‬ ‫)العالم الشرقي( له عدة مؤلفات منھا‪) :‬القرآن اإلنجيل المحمدي( ومنھا )تاريخ‬ ‫حياة محمد( يقول )‪ ...‬إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما ھو عليه من عظيم‬ ‫الصفات وحميد المزايا‪ ،‬فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه‬ ‫الجھل والھمجية‪ ،‬مصراً على مبدئه‪ ،‬وما زال يحارب الطغاة حتى انتھى به‬ ‫المطاف إلى النصر المبين‪ ،‬فأصبحت شريعته أكمل الشرائع‪ ،‬وھو فوق عظماء‬ ‫التاريخ(‪.‬‬ ‫‪ .4‬و يقول تولستوي "‪ 1828‬ـ ‪"1910‬األديب العالمي الذي يعد أدبه من أمتع ما‬ ‫كتب في التراث اإلنساني قاطبة عن النفس البشرية يقول )يكفي محمداً فخراً أنّه‬ ‫خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة‪ ،‬وفتح على وجوھھم‬ ‫ق الرﱡ قي والتقدم‪ّ ،‬‬ ‫وأن شريعةَ محم ٍد‪ ،‬ستسو ُد العالم النسجامھا مع العقل‬ ‫طري َ‬ ‫والحكمة(‪.‬‬

‫‪ .5‬يقول العالمة األستاذ شبرل )إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم أليھا إذا رغم أميته استطاع قبل بضعت عشر قرن أن يأتي بتشريع‬ ‫سنكون نحن األوربيون اسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمته بعد إلفي سنه(‬

‫و ليس الغرض ان يغير المرء نفسه و يلبس ثياب غيره حتى يكون قائدا‪ ،‬بل كان نفسك و تعلم من‬ ‫القادة السابقين و خاصة ھادي البشرية و خض التجارب بنفسك و تعلم من أخطائك‬ ‫و كلما درست تاريخ عظماء الرجال كلما تجنبت االخطاء‬ ‫فكيف اذا درست سيرة رسول ﷲ ؟؟‬ ‫يقول أبي بكر لعمر ‪ :‬استمسك بغرزه " ‪ 1‬أي اعتلق به وأمسكه ‪ ،‬واتبع قوله وفعله ‪ ،‬وال تخالفه‬ ‫‪ ،‬فاستعار له الغرز ‪ ،‬كالذي يمسك بركاب الراكب ويسير بسيره ‪.‬‬ ‫يخرج من بيته علي بن ابي طالب‬ ‫و يخرج من بيته زيد بن حارثة قائد الجيش في غزوة مؤتة‬

‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪7‬‬


‫القائد‬

‫ص‬ ‫و يخرج من بيته اسامة بن زيد يغزو الروم و يعود بدون خسائر فَبَلَ َغ َذلِكَ ِھ َر ْق َل َوھُ َو بِ ِح ْم َ‬ ‫ار ْ‬ ‫فَ َدعَا بَ َ‬ ‫يرةَ َشھ ٍْر‬ ‫ت ْال َع َربُ تَأْتِي َم ِس َ‬ ‫ص َ‬ ‫ال ھَ َذا الّ ِذي َح ّذرْ تُ ُك ْم فَأَبَ ْيتُ ْم أَ ْن تَ ْقبَلُوهُ ِمنّي ‪ .‬قَ ْد َ‬ ‫ارقَتَهُ فَقَ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ْ ‪1‬‬ ‫تُ ِغي ُر َعلَ ْي ُك ْم ثُ ّم ت َْخ ُر ُج ِم ْن َسا َعتِھَا َولَ ْم تُكلَ ْم‬ ‫و يخرج من بيته سيدنا الحسن الذي قال عنه الحبيب » ﱠ‬ ‫إن ابني ھذا َسيﱢ ٌد ‪ ،‬ول َع ﱠل ﷲَ أَ ْن يُصلِ َح به‬ ‫‪2‬‬ ‫َين من المسلمين«‬ ‫َين َع ِظي َمت ِ‬ ‫بَ ْينَ فِئت ِ‬ ‫و يتخرج من مدرسته ابو بكر الصديق صديق االمه كاشف الغمة مدمر الفتنة‬ ‫و عمر بن الخطاب الفاروق مدمر امبراطوريه كسرى و قيصر تولي الخالفة فما قصر‬ ‫و عثمان بن عفان ذو النورين‬ ‫و خالد بن الوليد الذي خاض مائه زحف فلو اردنا تكريم موسوعة جينس لكتبنا اسمه في‬ ‫الموسوعة‬ ‫ألف من القو ِم إذا ما ْ‬ ‫أنتَ خي ٌر ْ‬ ‫ّجال‬ ‫ألف ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫كبت وجوهُ الر ِ‬

‫اس‬ ‫و من يتخذ قدوة غير الحبيب محمد فاقصى ما يمكن ان يبلغه نجاح مؤقت في الدنيا ﴿ فَ ِمنَ النﱠ ِ‬ ‫ق(‬ ‫َم ْن يَقُو ُل َربﱠنَا آتِنَا فِي ال ﱡد ْنيَا َو َما لَهُ فِي ِ‬ ‫اآلخ َر ِة ِم ْن خَال ٍ‬ ‫امامن يتخذ الحبيب محمد قدوة و اماما قيحق فيه قول ﷲ ) َو ِم ْنھُ ْم َم ْن يَقُو ُل َربﱠنَا آتِنَا فِي ال ﱡد ْنيَا‬ ‫َصيبٌ ِم ﱠما َك َسبُوا َو ﱠ‬ ‫ب﴾‬ ‫اآلخ َر ِة َح َسنَةً َوقِنَا َع َذ َ‬ ‫ﷲُ َس ِري ُع ْال ِح َسا ِ‬ ‫ار * أُولَئِكَ لَھُ ْم ن ِ‬ ‫َح َسنَةً َوفِي ِ‬ ‫اب النﱠ ِ‬

‫و خير مجتمع واقعي قلنا الصحابة } َوإِ ْن ي ُِري ُدوا أَ ْن يَ ْخ َد ُعوكَ فَإ ِ ﱠن َح ْسبَكَ ﱠ‬ ‫ﷲُ ھُ َو الﱠ ِذي أَيﱠدَكَ‬ ‫ض َج ِميعًا َما أَلﱠ ْفتَ بَ ْينَ قُلُوبِ ِھ ْم‬ ‫بِنَصْ ِر ِه َوبِ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ )‪َ (62‬وأَلﱠفَ بَ ْينَ قُلُوبِ ِھ ْم لَوْ أَ ْنفَ ْقتَ َما فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫َزي ٌز َح ِكي ٌم )‪ (63‬يَا أَ ﱡيھَا النﱠبِ ﱡي َح ْسبُكَ ﱠ‬ ‫َولَ ِك ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲُ َو َم ِن اتﱠبَ َعكَ ِمنَ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ )‪(64‬‬ ‫ﷲَ أَلﱠفَ بَ ْينَھُ ْم إِنﱠهُ ع ِ‬ ‫{‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه‬ ‫و اخرج االمام مسلم في صحيحة ان عَائِ َذ ْبنَ َع ْم ٍرو‪َ -‬و َكانَ ِم ْن أَصْ َحا ِ‬ ‫ب َرس ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫وسلم َدخَ َل َعلَى ُعبَ ْي ِد ﱠ‬ ‫ي إِنﱢي َس ِمع ُ‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم يَقُو ُل ‪:‬‬ ‫ْت َرس َ‬ ‫ﷲِ ب ِْن ِزيَا ٍد فَقَ َ‬ ‫ال‪ :‬أَيْ بُنَ ﱠ‬ ‫"إِ ﱠن َش ﱠر الرﱢ عَا ِء ْال ُح َ‬ ‫ب ُم َح ﱠم ٍد‬ ‫ط َمةُ "فَإِي ﱠاكَ أَ ْن تَ ُكونَ ِم ْنھُ ْم‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ال لَهُ‪ :‬اجْ لِسْ فَإِنﱠ َما أَ ْنتَ ِم ْن نُخَ الَ ِة أَصْ َحا ِ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ .‬فَقَا َل ‪َ :‬وھَلْ َكان ْ‬ ‫ت ال ﱡنخَ الَةُ بَ ْع َدھُ ْم َوفِي َغي ِْر ِھ ْم‪.‬‬ ‫َت لَھُ ْم نُخَ الَةٌ؟ إِن ﱠ َما َكانَ ِ‬ ‫وفي رواية عند ابن الجعد في مسنده‪ :‬أن عائذ بن عمرو رضي ﷲ عنه قال‪ :‬يا لَلمسلمين! وھل‬ ‫كان ألصحاب محمد صلى ﷲ عليه وسلم نخالة؟ بل كانوا لُبَابًا‪ ،‬بل كانوا لُبَابًا‪ .‬وﷲ ما أدخل عليك‬ ‫ي الروح‪.‬‬ ‫ما دام ف ﱠ‬

‫‪ 1‬مغازي الواقدي‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪8‬‬


‫القائد‬

‫قال العرباض بن سارية وعظنا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوما بعد صالة الغداة موعظة‬ ‫بليغة ذرفت منھا العيون ووجلت منھا القلوب فقال رجل إن ھذه موعظة مودع فماذا تعھد إلينا يا‬ ‫رسول ﷲ قال أوصيكم بتقوى ﷲ ‪ ،‬والسمع والطاعة وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم ير‬ ‫اختالفا كثيرا ‪ ،‬وإياكم ومحدثات األمور ‪ ،‬فإنھا ضاللة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة‬ ‫الخلفاء الراشدين المھديين عضوا عليھا بالنواجد‬

‫إني أحب أبا حفص وشيعته ‪........‬كما أحب عتيقا ً صاحب الغار‬ ‫وقد رضيت عليا ً قدوةً علما ً‪......‬ومارضيت بقتل الشيخ في الدار‬ ‫عار‬ ‫كل الصحابة سادتي ومعتقدي ‪.......‬فھل عل ﱠ‬ ‫ي بھذا القول من ِ‬ ‫يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه ﷲ ‪ ) :‬كان الكون قبلنا مظلما ً فخرجنا فأسرجناه ‪ ،‬كان الكون‬ ‫قبلنا ميتا ً فخرجنا فأحييناه ‪ ،‬كان الكون قبلنا جيفةً فبعثنا فيه الروح فانتفضت تشھد أن ال إله إال ﷲ‬ ‫(‪.‬‬

‫أولئك آبائي فجئني بمثلھم ‪ ..‬إذا جمعتنا يا جرير المجامع‬

‫و بھم ننصر‬ ‫ْ‬ ‫ال َر ُسو ُل ﱠ‬ ‫اس زَ َم ٌ‬ ‫ان فَيَ ْغ ُزو فِئَا ٌم‬ ‫ال أَبُو َس ِعي ٍد ْال ُخ ْد ِرىﱡ قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬يَأتِى َعلَى النﱠ ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَيَقُولُونَ نَ َع ْم ‪ .‬فَيُ ْفتَ ُح لَھُ ْم‬ ‫ب َرس َ‬ ‫اح َ‬ ‫ص َ‬ ‫اس ‪ ،‬فَيَقُولُونَ فِي ُك ْم َم ْن َ‬ ‫ِمنَ النﱠ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫اس زَ َم ٌ‬ ‫ب أَصْ َح َ‬ ‫اح َ‬ ‫ص َ‬ ‫اس ‪ ،‬فَيُقَا ُل ھَلْ فِي ُك ْم َم ْن َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫اب َرس ِ‬ ‫ان فَيَ ْغ ُزو فِئَا ٌم ِمنَ النﱠ ِ‬ ‫‪ .‬ثُ ﱠم يَأتِى َعلَى النﱠ ِ‬ ‫ْ‬ ‫اس زَ َم ٌ‬ ‫اس‬ ‫ان فَيَ ْغ ُزو فِئَا ٌم ِمنَ النﱠ ِ‬ ‫ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَيَقُولُونَ نَ َع ْم ‪ .‬فَيُ ْفتَ ُح لَھُ ْم ‪ ،‬ثُ ﱠم يَأتِى َعلَى النﱠ ِ‬‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَيَقُولُونَ نَ َع ْم‬ ‫ب أَصْ َح َ‬ ‫اح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ب َم ْن َ‬ ‫اح َ‬ ‫ص َ‬ ‫‪ ،‬فَيُقَا ُل ھَلْ فِي ُك ْم َم ْن َ‬ ‫اب َرس ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ .‬فَيُ ْفتَ ُح لَھُ ْم « ‪.‬‬ ‫كالنجوم ‪ ،‬فبأيﱢ ِھم اقتديتم اھتديتم«‪.‬‬ ‫» أصحابي‬ ‫ِ‬ ‫من تلق منھم تقل القيت سيدھم مثل النجوم التي يسري بھا الساري‬ ‫و قبل أن نتحدث عن القائد دعونا ننظر الى فريق العمل حيث ان القائد يخرج منھم قال عبد الملك‬ ‫بن مروان‪" :‬أنصفونا يا معشر الرعية‪ ،‬تريدون منا سيرة أبي بكر وعمر! وال تسيرون فينا وال‬ ‫في أنفسكم بسيرة رعية أبي بكر وعمر‬

‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪9‬‬


‫القائد‬

‫فريق العمل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُوف َويَنھَوْ نَ ع َِن ال ُمن َك ِر َوأولئِكَ ھُ ُم‬ ‫} َو ْلتَ ُك ْن ِم ْنك ْم أ ﱠمة يَد ُعونَ إِلى الخَ ي ِْر َويَأ ُم ُرونَ بِال َم ْعر ِ‬ ‫ْال ُم ْفلِحُونَ )‪{(104‬‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ض ُعفُوا َو َما‬ ‫ﷲِ َو َما َ‬ ‫} َو َكأَي ْﱢن ِم ْن نَبِ ﱟي قَات َ​َل َم َعهُ ِربﱢيﱡونَ َكثِي ٌر فَ َما َوھَنُوا لِ َما أَ َ‬ ‫صابَھُ ْم فِي َسبِ ِ‬ ‫ا ْستَ َكانُوا َو ﱠ‬ ‫ﷲُ ي ُِحبﱡ الصﱠابِ ِرينَ )‪ {(146‬ال عمران‬ ‫} ﱡم َح ﱠم ٌد ﱠرسُو ُل ﱠ‬ ‫ُح َماء بَ ْينَھُ ْم ت َ​َراھُ ْم ُر ﱠكعا ً ُسجﱠداً يَ ْبتَ ُغونَ‬ ‫ﷲِ َوالﱠ ِذينَ َم َعهُ أَ ِش ﱠداء َعلَى ْال ُكفﱠار ِر َ‬ ‫فَضْ الً ﱢمنَ ﱠ‬ ‫ﷲِ َو ِرضْ َوانا ً ِسي َماھُ ْم فِي ُوجُو ِھ ِھم ﱢم ْن أَثَ ِر ال ﱡسجُو ِد َذلِكَ َمثَلُھُ ْم فِي التﱠوْ َرا ِة‬ ‫ع أَ ْخ َر َج َش ْ‬ ‫ْجبُ ﱡ‬ ‫طأَهُ فَآزَ َرهُ فَا ْستَ ْغلَ َ‬ ‫الزرﱠا َع‬ ‫ظ فَا ْستَ َوى َعلَى سُوقِ ِه يُع ِ‬ ‫اإلن ِج ِ‬ ‫َو َمثَلُھُ ْم فِي ْ ِ‬ ‫يل كَزَ رْ ٍ‬ ‫ار َو َع َد ﱠ‬ ‫ت ِم ْنھُم ﱠم ْغفِ َرةً َوأَجْ راً َع ِظيما ً‬ ‫لِيَ ِغي َ‬ ‫ظ بِ ِھ ُم ْال ُكفﱠ َ‬ ‫ﷲُ الﱠ ِذينَ آ َمنُوا َو َع ِملُوا الصﱠالِ َحا ِ‬ ‫)‪{(29‬‬ ‫ﷲِ َج ِميعًا َو َال تَفَ ﱠرقُوا َو ْاذ ُكرُوا نِ ْع َمةَ ﱠ‬ ‫َص ُموا بِ َحب ِْل ﱠ‬ ‫ﷲِ َعلَ ْي ُك ْم إِ ْذ ُك ْنتُ ْم أَ ْعدَا ًء فَأ َلﱠفَ بَ ْينَ‬ ‫} َوا ْعت ِ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ار فَأ ْنقَ َذ ُك ْم ِم ْنھَا َك َذلِكَ يُبَي ُﱢن ﷲُ لَ ُك ْم آيَاتِ ِه‬ ‫قُلُوبِ ُك ْم فَأَصْ بَحْ تُ ْم بِنِ ْع َمتِ ِه إِ ْخ َوانًا َو ُك ْنتُ ْم َعلَى َشفَا ُحف َر ٍة ِمنَ النﱠ ِ‬ ‫لَ َعلﱠ ُك ْم تَ ْھتَ ُدونَ )‪ {(103‬ال عمران‬ ‫ال تَ َعالَى ‪} :‬‬ ‫يل َوال ﱠ‬ ‫ين قَ َ‬ ‫يل َو ْالقَبِ ِ‬ ‫قال االمام بن تيمية َوأَ ﱠما لَ ْفظُ " ال ﱠز ِع ِيم " فَإِنﱠهُ ِم ْث ُل لَ ْف ِظ ْال َكفِ ِ‬ ‫ض ِم ِ‬ ‫ير َوأَنَا بِ ِه زَ ِعي ٌم { فَ َم ْن تَ َكفﱠ َل بِأ َ ْم ِر طَائِفَ ٍة فَإِنﱠهُ يُقَا ُل ھُ َو زَ ِعي ٌم ؛ فَإ ِ ْن َكانَ قَ ْد‬ ‫َولِ َم ْن َجا َء بِ ِه ِح ْم ُل بَ ِع ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب"‬ ‫تَ َكفﱠ َل بِ َخي ِْر َكانَ َمحْ ُمودًا َعلَى َذلِكَ َوإِ ْن َكانَ َش ًّرا َكانَ َمذ ُمو ًما َعلَى َذلِكَ ‪َ .‬وأ ﱠما " َرأسُ ال ِح ْز ِ‬ ‫َصي ُر ِح ْزبًا فَإ ِ ْن َكانُوا ُمجْ تَ ِم ِعينَ َعلَى َما أَ َم َر ﱠ‬ ‫ﷲُ بِ ِه َو َرسُولهُ​ُ‬ ‫فَإِنﱠهُ َر ْأسُ الطﱠائِفَ ِة الﱠتِي تَت َ​َح ﱠزبُ أَيْ ت ِ‬ ‫ان فَھُ ْم ُم ْؤ ِمنُونَ لَھُ ْم َما لَھُ ْم َو َعلَ ْي ِھ ْم َما َعلَ ْي ِھ ْم ‪َ .‬وإِ ْن َكانُوا قَ ْد زَ ا ُدوا فِي َذلِكَ‬ ‫ِم ْن َغي ِْر ِزيَا َد ٍة َو َال نُ ْق َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ب لِ َم ْن َدخَ َل فِي ِح ْزبِ ِھ ْم بِ ْال َح ﱢ‬ ‫اض َع ﱠم ْن لَ ْم يَ ْد ُخلْ فِي ِح ْزبِ ِھ ْم‬ ‫َونَقَصُوا ِم ْث َل التﱠ َعصﱡ ِ‬ ‫ق َو ْالبَا ِط ِل َو ْ ِ‬ ‫اإل ْع َر ِ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َو َرسُولُهُ فَإ ِ ﱠن ﱠ‬ ‫ق الﱠ ِذي َذ ﱠمهُ ﱠ‬ ‫َس َوا ٌء َكانَ َعلَى ْال َح ﱢ‬ ‫ﷲَ َو َرسُولَهُ أَ َم َرا‬ ‫ق َو ْالبَا ِط ِل فَھَ َذا ِم ْن التﱠفَرﱡ ِ‬ ‫ف َوأَ َم َرا بِالتﱠ َعا ُو ِن َعلَى ْالبِرﱢ َوالتﱠ ْق َوى َونَھَيَا ع َْن‬ ‫بِ ْال َج َما َع ِة واالئتالف َونَھَيَا ع َْن التﱠ ْف ِرقَ ِة َو ِاال ْختِ َال ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال ‪} :‬‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫ﱠحي َحي ِْن ع َْن النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ان ‪َ .‬وفِي الص ِ‬ ‫اإل ْث ِم َو ْال ُع ْد َو ِ‬ ‫التﱠ َعا ُو ِن َعلَى ْ ِ‬ ‫َمثَ ُل ْال ُم ْؤ ِمنِينَ فِي ت َ​َوا ﱢد ِھ ْم َوت َ​َرا ُح ِم ِھ ْم َوتَ َعاطُفِ ِھ ْم َك َمثَ ِل ْال َج َس ِد إ َذا ا ْشتَ َكى ِم ْنهُ عُضْ ٌو تَدَا َعى لَهُ َسائِ ُر‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال ‪ْ } :‬ال ُم ْؤ ِم ُن‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫ﱠحي َحي ِْن َع ْنهُ َ‬ ‫ْال َج َس ِد بِ ْال ُح ﱠمى َوال ﱠسھَ ِر { َوفِي الص ِ‬ ‫ال ‪ْ } :‬ال ُم ْسلِ ُم‬ ‫ان يَ ُش ﱡد بَ ْع ُ‬ ‫يح َع ْنهُ أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫ضهُ بَ ْعضًا { َو َشبﱠكَ بَ ْينَ أَ َ‬ ‫صابِ ِع ِه ‪َ .‬وفِي الص ِ‬ ‫لِ ْل ُم ْؤ ِم ِن َك ْالبُ ْنيَ ِ‬ ‫ﱠح ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال ‪ } :‬اُ ْنصُرْ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫يح َع ْنهُ َ‬ ‫أَ ُخو ْال ُم ْسلِ ِم َال يُ ْسلِ ْمهُ َو َال يَ ْخ ُذ ْلهُ { َوفِي الص ِ‬ ‫ﱠح ِ‬ ‫ص ُرهُ َم ْ‬ ‫ظالِ ًما أَوْ َم ْ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ص ُرهُ َ‬ ‫أَخَ اك َ‬ ‫ال ‪ :‬تَ ْمنَ ُعهُ ِم ْن‬ ‫ظلُو ًما فَ َك ْيفَ أَ ْن ُ‬ ‫ﷲِ أَ ْن ُ‬ ‫ظالِ ًما قَ َ‬ ‫يل ‪ :‬يَا َرس َ‬ ‫ظلُو ًما قِ َ‬ ‫ﱡ‬ ‫ال ‪ } :‬خَ ْمسٌ ت َِجبُ لِ ْل ُم ْسلِ ِم َعلَى ْال ُم ْسلِ ِم ‪ :‬يُ َسلﱢ ُم‬ ‫يح َع ْنهُ أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫الظ ْل ِم ؛ فَ َذلِكَ نَصْ رُك إيﱠاهُ { ‪َ .‬وفِي الص ِ‬ ‫ﱠح ِ‬ ‫ض َويُ َش ﱢمتُهُ إ َذا َع َ‬ ‫س ؛ َوي ُِجيبُهُ إ َذا َدعَاهُ ‪َ .‬ويُ َشيﱢ ُعهُ إ َذا َماتَ { ‪َ .‬وفِي‬ ‫ط َ‬ ‫َعلَ ْي ِه إ َذا لَقِيَهُ ؛ َويَعُو ُدهُ إ َذا َم ِر َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال ‪َ } :‬واَل ﱠ ِذي نَ ْف ِسي بِيَ ِد ِه َال ي ُْؤ ِم ُن أَ َح ُد ُك ْم َحتﱠى ي ُِحبﱠ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫يح َع ْنهُ َ‬ ‫الص ِ‬ ‫ﱠح ِ‬ ‫يث َوأَ ْمثَالُھَا فِيھَا أَ ْم ُر ﱠ‬ ‫ِألَ ِخي ِه ِم ْن ْالخَ ي ِْر َما ي ُِحبﱡ لِنَ ْف ِس ِه { فَھَ ِذ ِه ْاألَ َحا ِد ُ‬ ‫ﷲِ َو َرسُولِ ِه بِ َما أَ َم َر بِ ِه ِم ْن‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَنﱠهُ‬ ‫ﱠحي َحي ِْن ع َْن النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ْض ‪َ .‬وفِي الص ِ‬ ‫وق ْال ُم ْؤ ِمنِينَ بَع ِ‬ ‫ُحقُ ِ‬ ‫ْض ِھ ْم َعلَى بَع ٍ‬ ‫طعُوا َو َال تَدَابَرُوا َو َال تَبَا َغضُوا َو َال ت َ​َحا َس ُدوا َو ُكونُوا ِعبَا َد ﱠ‬ ‫ﷲِ ْ‬ ‫ال ‪َ } :‬ال تَقَا َ‬ ‫إخ َوانًا { ‪َ .‬وفِي‬ ‫قَ َ‬ ‫إن ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال ‪ } :‬ﱠ‬ ‫ضى لَ ُك ْم ثَ َالثًا ‪ :‬أَ ْن تَ ْعبُ ُدوهُ َو َال‬ ‫ﷲَ يَرْ َ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫يحي ِْن َع ْنهُ َ‬ ‫ﱠح َ‬ ‫الص ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َاصحُوا َمن َوالهُ ﷲُ أ ْم َرك ْم {‬ ‫َص ُموا بِ َحب ِْل ﷲِ َج ِميعًا َوال تف ﱠرقوا ؛ َوأن تن َ‬ ‫تُ ْش ِر ُكوا بِ ِه ش ْيئا َوأن ت ْعت ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ض َل ِم ْن د َ​َر َج ِة الص َﱠال ِة‬ ‫ال ‪ } :‬أَ َال أُنَبﱢئُ ُك ْم بِأ َ ْف َ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَنﱠهُ قَ َ‬ ‫َوفِي ال ﱡسن َِن َع ْنهُ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ص َال ُح‬ ‫َوالصﱢ يَ ِام َوال ﱠ‬ ‫ال ‪َ :‬‬ ‫ﷲِ قَ َ‬ ‫ُوف َوالنﱠھ ِْي ع َْن ْال ُم ْن َك ِر ؟ قَالُوا ‪ :‬بَلَى يَا َرس َ‬ ‫ص َدقَ ِة َو ْاألَ ْم ِر بِ ْال َم ْعر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت البَي ِْن ِھ َي ال َحالِقة ال أقو ُل تَحْ لِق الشع َْر ‪َ .‬ول ِكن تَحْ لِق ال ﱢدينَ { فھَ ِذ ِه األ ُمو ُر‬ ‫ت ْالبَي ِْن فَإ ِ ﱠن ف َسا َد ذا ِ‬ ‫َذا ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِم ﱠما نَھَى ﱠ‬ ‫ﷲُ َو َرسُولُهُ َع ْنھَا ‪.‬‬ ‫‪ 1‬فتاوي بن تيمية‬

‫‪10‬‬


‫القائد‬

‫ُول ﱠ‬ ‫ال َعرْ فَ َجةَ َس ِمع ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يَقُو ُل » َم ْن أَتَا ُك ْم َوأَ ْم ُر ُك ْم َج ِمي ٌع َعلَى‬ ‫ْت َرس َ‬ ‫قَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫اح ٍد ي ُِري ُد أَ ْن يَ ُش ﱠ‬ ‫ق َج َما َعتَ ُك ْم فَا ْقتُلُوهُ «‬ ‫َصا ُك ْم أَوْ يُفَرﱢ َ‬ ‫قع َ‬ ‫َرج ٍُل َو ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫و قال رسول ﷲ ‪ ":‬يد ﷲ مع الجماعة"‬ ‫قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬وأنا آمركم بخمس ﷲ أمرني بِ ِھ ﱠن‪ :‬السم ُع والطاعةُ‬ ‫والجھا ُد ‪ ،‬والھجرةُ ‪ ،‬والجماعة ‪ ،‬فإنه من فارق الجماعة قِ ْي َد ِشبْر ‪ ،‬فقد خَ لَ َع ِر ْبقَةَ اإلسالم من‬ ‫ُعنُقِ ِه ‪ ،‬إال أن يُرا ِج َع ‪ ،‬ومن دعا دعوى الجاھلية ‪ ،‬فإنه من ُجثَى جھنم ‪ ،‬فقال رجل ‪ :‬يا رسول ﷲ‬ ‫وإن صام وإن صلﱠى ؟ قال ‪ :‬وإن صام وإن صلﱠى ‪ ،‬فا ْدعوا بدعوى ﷲ التي سماكم المؤمنين عبا َد‬ ‫‪3‬‬ ‫ﷲ«‬ ‫و قال ‪ ":‬من أراد بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وھو‬ ‫‪4‬‬ ‫من االثنين"‬ ‫‪5‬‬ ‫و قال ‪":‬إن ﷲ قد أجار أمتى أن تجتمع على ضاللة"‬ ‫و قال ‪» :‬إن ﷲ يرضى لكم ثالثاً‪ ،‬ويكره لكم ثالثاً‪ ،‬فيرضى لكم أن تعبدوه وال تشركوا به‬ ‫شيئاً‪ ،‬وأن تعتصموا بحبل ﷲ جميعاً‪ ،‬وال تفرقوا‪ ،‬ويكره لكم قيل وقال‪ ،‬وكثرة السؤال‪ ،‬وإضاعة‬ ‫المال«)‪.(1‬‬ ‫ارةَ إِالﱠ بِ َ‬ ‫ار ٍة ‪َ ،‬والَ إِ َم َ‬ ‫ال ُع َم ُر ‪ :‬الَ إِ ْسالَ َم إِالﱠ بِ َج َما َع ٍة ‪َ ،‬والَ َج َما َعةَ إِالﱠ بِإ ِ َم َ‬ ‫قَ َ‬ ‫طا َع ٍة ‪ ،‬فَ َم ْن َس ﱠو َدهُ‬ ‫‪6‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫قَوْ ُمهُ َعلَى الفَق ِه َكانَ َحيَاةً لَهُ َولَھُ ْم ‪َ ،‬و َم ْن َس ﱠو َدهُ قَوْ ُمهُ َعلَى َغي ِْر فِق ٍه َكانَ ھَالَكا لَهُ َولَھُ ْم‪.‬‬ ‫وقيل لرجل من عبس ما أكثر صوابكم ؟ قال ‪ :‬نحن ألف وفينا واحد حازم ونحن نشاوره‬ ‫ونطيعه فصرنا ألف حازم‬ ‫و كثير من االوامر الربانية تأتى بصيغة الجمع } َوتَ َعا َونُوا َعلَى ْالبِرﱢ َوالتﱠ ْق َوى{ } َو ْلتَ ُك ْن‬ ‫ُوف َويَ ْنھَوْ نَ ع َِن ْال ُم ْن َك ِر َوأُولَئِكَ ھُ ُم ْال ُم ْفلِحُونَ )‪(104‬‬ ‫ِم ْن ُك ْم أُ ﱠمةٌ يَ ْد ُعونَ إِلَى ْالخَ ي ِْر َويَأْ ُمرُونَ بِ ْال َم ْعر ِ‬ ‫َو َال تَ ُكونُوا َكالﱠ ِذينَ تَفَ ﱠرقُوا َو ْ‬ ‫اختَلَفُوا ِم ْن بَ ْع ِد َما َجا َءھُ ُم ْالبَيﱢن ُ‬ ‫َظي ٌم )‪{(105‬‬ ‫َات َوأُولَئِكَ لَھُ ْم َع َذابٌ ع ِ‬ ‫و كان اول ما ابتدأ به النبي ھو االخاء بين المھاجرين و االنصار‬ ‫أن العمل الجماعي يعطي قوة أضافية للشركة كعصير الليمون الذي يتكون من‬ ‫• ليمون‬ ‫• ماء‬ ‫• سكر‬ ‫لكن عندما يتكاملو يمتزج يعطى مذاقا رائعا‬ ‫يقول كريم عبد الجبار‪": 7‬يمكن لخمسه العبين يعملون معا في الملعب تحقيق اكثر مما يمكن‬ ‫لخمسة موھوبين يلعبون بمفردھم تحقيقه"‬

‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬الترمذي‬ ‫‪ 3‬الترمذي‬ ‫‪ 4‬االمام احمد‬ ‫‪ 5‬السلسلة الصحيحة‬

‫)‪ (1‬مسلم‪ ،‬كتاب األقضية‪ ،‬باب النھي عن كثرة المسائل من غير حاجة‪.‬‬ ‫‪ 6‬سنن الدارمي‬ ‫‪ 7‬الالعب األفضل في تاريخ الدوري األمريكي )‪ (NBA‬لكره السله مسجال أكثر من ‪ 38‬ألف نقطة‬

‫‪11‬‬


‫القائد‬

‫دعنى أسئل سؤاال ‪ .‬اين تجد شركة تعمل كل افرادھا بدون مرتب ؟؟؟و ال يرغبون في‬ ‫الحصول على راحه و كل منھم يساعد االخر في جو يسوده الحب و االحترام ؟؟‬ ‫ھل تعتقد باستحاله ھذا ؟؟ الحقيقه انه موجود في االف النوادي و فرق الكشافة و الجوالة‬ ‫حولنا ‪.‬‬ ‫أن ھناك صفات موجوده في الفرق الرياضية استوردھا لشركتك حتى تزدھر ‪:‬‬ ‫• تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة‬ ‫الكل للفرد و الفرد للكل‬ ‫في أحد غزوات المسلمين ضد الفرس لما لقى الفُرسْ نفرت خيل المسلمين من الفيلة‪ ،‬فعمد‬ ‫رجل ايجابي منھم فصنع فيال من طين وأنﱠس به فرسه حتى ألفه ‪ ،‬فلما أصبح لم ينفر فرسه من‬ ‫الفيل ‪ ،‬فحمل على الفيل الذى كان يقدمھا فقيل له ‪ :‬إنه قاتلك ‪ ،‬فقال ‪":‬ال ضير أن أقتل ويفتح‬ ‫للمسلمين"‬

‫و في غزوة أحد أجاز الحبيب محمد رافع بن خديج‪ ،‬وسمرة بن جندب على صغر‬ ‫سنھما‪ ،‬وذلك أن رافع بن خديج كان ماھرا في رماية النبل فأجازه‪ ،‬فقال سمرة ‪ :‬أنا أقوي‬ ‫من رافع‪،‬أنا أصرعه‪ ،‬فلما أخبر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بذلك أمرھما أن‬ ‫‪1‬‬ ‫يتصارعا أمامه فتصارعا‪ ،‬فصرع سمرة رافعا‪ ،‬فأجازه أيضا ‪.‬‬ ‫فواعجبا كيف يتنافس صغار السن حبا في الموت في سبيل ﷲ ‪ ،‬يبكى أحدھم عندما يعيده‬ ‫الحبيب محمد و يرفض ان يعرض نفسه للموت فتسيل العبرات‬ ‫• الروح المعنوية و االفتخار بوجودي في ھذه الشركة‬ ‫كان رسول ﷲ يحافظ على الروح المعنوية حتى في أحلك المواقف‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ير ِة‬ ‫ث َسلَ َمة ب ُْن ِھ َش ِام ب ِْن ال ُم ِغ َ‬ ‫لما عاد جيش المسلمين من موقعة مؤتة و َكانَ فِي َذلِكَ ْالبَ ْع ِ‬ ‫ُ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم فَقَالَ ْ‬ ‫فَ َدخَ لَ ْ‬ ‫ت أُ ّم َسلَ َمةَ َما لِي َال أَ َرى‬ ‫ج النّبِ ّي َ‬ ‫ت ا ْم َرأَتُهُ َعلَى أ ّم َسلَ َمةَ زَ وْ ِ‬ ‫ت ا ْم َرأَتُهُ َال َو َ ّ‬ ‫َسلَ َمةَ ْبنَ ِھ َش ٍام ؟ آ ْشتَ َكى َش ْيئًا ؟ قَالَ ْ‬ ‫ُوج إ َذا خَ َر َج‬ ‫ﷲِ َولَ ِكنّهُ َال يَ ْستَ ِطي ُع ْال ُخر َ‬ ‫يل ّ‬ ‫ت ‪ .‬فَ َذ َك َر ْ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ﷲِ ؟ « ‪َ .‬حتّى قَ َع َد فِي ْالبَ ْي ِ‬ ‫صاحُوا بِ ِه َوبِأَصْ َحابِ ِه » يَا فُرّا ُر أَفَ َررْ تُ ْم فِي َسبِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم بَلْ ھُ ْم‬ ‫ال َرسُو ُل ﷲِ َ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم فَقَ َ‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫َذلِكَ أ ّم َسلَ َمةَ لِ َرس ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ْ‬ ‫يل ّ‬ ‫ْ‬ ‫ﷲِ فَليَخرُجْ فَخَ َرج‬ ‫ْال ُكرّا ُر فِي َسبِ ِ‬ ‫ولما انتھى إلى رسول ﷲ عليه الصالة والسالم الخبر)بنقض بني قريظة العھد( وإلى‬ ‫المسلمين بعث رسول ﷲ عليه الصالة والسالم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ومعھما ابن‬ ‫رواحة وخوات بن جبير فقال انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن ھؤالء القوم فان‬ ‫كان حقا فالحنوا إلى لحنا حتى أعرفه وال تفتوا في أعضاد الناس وان كانوا على الوفاء‬ ‫فيما بيننا وبينھم فاجھروا بذلك للناس فخرجوا حتى أتوھم فوجدوھم على أخبث ما بلغھم‬ ‫عنھم نالوا من رسول ﷲ عليه الصالة والسالم وقالوا من رسول ﷲ ال عھد بيننا وبين‬ ‫محمد وال عقد فشاتمھم سعد بن معاذ وشاتموه وكان رجال فيه حدة فقال له سعد بن عبادة‬ ‫دع عنك مشاتمتھم فما بيننا وبينھم أربى من المشاتمة‪ ،‬وذكر ابن عائذ أن الذى شاتمھم‬ ‫‪ 1‬الرحيق المختوم‬ ‫‪ 2‬مغازي الواقدي‬

‫‪12‬‬


‫القائد‬

‫سعد بن عبادة والذى قال له ما بيننا وبينھم أربى من المشاتمة سعد بن معاذ ثم أقبل سعد‬ ‫وسعد ومن معھما على رسول ﷲ عليه الصالة والسالم فسلموا عليه ثم قالوا بمضل‬ ‫والقارة أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع فقال رسول ﷲ عليه الصالة والسالم‬ ‫‪1‬‬ ‫ﷲ أكبر أبشروا يا معشر المسلمين‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪ :‬وانتصار العاشر من رمضان‪ ..‬انتصار ماحق يعني ساحق‪ ،‬واألدھى‬ ‫من ذلك إنھم شافوا كل التوقيتات اللي اتقالت لھم ھيحصل كذا وھيحصل كذا‪ ،‬حصل‬ ‫بالظبط كأنما نقرأ في كتاب مفتوح‪ ،‬فده عالوة على رفع الروح المعنوية خلق ثقة جبارة‬ ‫بين إيه‪ ،‬بين الضباط والجنود األصاغر والقادة بتاعتھم كل فيما يتعلق به وأنا عندي‬ ‫صورة بأعتز بيھا جداً اللي ھي الصورة بتاعة يوم ‪ 8‬أكتوبر دول والظباط والعساكر‬ ‫مساكيني من كل ناحية‪ ،‬ويقولولي "التوجيه ‪" "41‬التوجيه ‪ "41‬اللي ھم عبروا بيه‪ ،‬اللي‬ ‫ھو فيه التفاصيل تفاصيل التفاصيل‪ ،‬اللي ھم عبروا به ونجحوا‪ .‬فطبعا ً كانت فرحة‬ ‫‪2‬‬ ‫عارمة‪،‬‬

‫• االحساس بأننا عائلة واحده‬ ‫و مما يساعد على ھذا وجود لقاءات خارج الشركة بعيدا عن العمل مثل "أقامه مباريات رياضيه‬ ‫" "حفلة على النيل" و توثيق ھذه اللقاءات بالتصوير الفيديو‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » -‬مثَ ُل ْال ُم ْؤ ِمنِينَ فِى ت َ​َوا ﱢد ِھ ْم َوت َ​َرا ُح ِم ِھ ْم َوتَ َعاطُفِ ِھ ْم َمثَ ُل ْال َج َس ِد‬ ‫قَ َ‬ ‫‪3‬‬ ‫إِ َذا ا ْشتَ َكى ِم ْنهُ عُضْ ٌو تَدَاعَى لَهُ َسائِ ُر ْال َج َس ِد بِال ﱠسھَ ِر َو ْال ُح ﱠمى «‪.‬‬ ‫قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪» : -‬ال يُبَلﱢ ُغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا ‪ ،‬فإني‬ ‫‪4‬‬ ‫أخرج إِليھم وأنا سلي ُم الصدر«‪.‬‬ ‫أُ ِحبﱡ أن‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫قال عبد ﷲ ‪ :‬فأُتِ َي رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بمال ‪ ،‬فقسمه‬ ‫ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫فانتھيت إِلى رجلين جالسين‪ ،‬وھما يقوالن ‪ :‬وﷲ ‪ ،‬ما أراد محمد بقسمته التي قسمھا وجه‬ ‫وسلم‪-‬‬ ‫ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فأخبرتهُ ‪،‬‬ ‫ار اآلخرة ‪ ،‬فثبَت حتى سمعتھا ‪ ،‬فأتيت‬ ‫َ‬ ‫ﷲ ‪ ،‬وال الد َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صبر‪.‬‬ ‫فاح ﱠمر وجھُه‪ ،‬فقال ‪َ :‬دعني عنك‪ ،‬فقد أوذي موسى بأكثر من ھذا ف َ‬ ‫ﱢ‬ ‫وفي رواية قال ‪ :‬قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » : -‬ال يبَلغني أحد عن أحد شيئا «‪.‬‬ ‫قال سفيان بن دينار ألبي بشير ـ وكان من أصحاب علي بن أبي طالب ـ رضي ﷲ عنه ـ أخبرني‬ ‫عن أعمال من كان قبلنا؟ قال‪» :‬كانوا يعملون يسيرًا ويؤجرون كثيرًا«‪ .‬فقال سفيان‪ :‬ولم ذلك؟‬ ‫قال‪» :‬لسالمة صدورھم«‬ ‫يقول مالكوم اكس في الرسالة كان قد ارسلھا إلي زوجته من جدة ‪ 20‬نيسان ‪ /‬ابريل ‪1964‬‬ ‫لم اشھد في حياتي ضيافة كريمة وروحا ً غامرة باألخوة الحقة كاللتين شھدتھما من أناس من شتي‬ ‫اللوان واألعراق في ھذه األرض العريقة المقدسة ‪ ،‬وطن إبراھيم و محمد وكل أنبياءالكتب‬ ‫المقدسة اآلخرين ‪ .‬فقدكنت خالل االسبوع الماضي مفتونا ً وعاجزاً عن التعبير عما رايته من‬ ‫كرم يعرضه الناس من حولي علي إختالف ألوانھم كان ھناك عشرات اآلالف من الحجاج من‬ ‫‪ 1‬عيون االثر‬ ‫‪ 2‬شاھد على العصر‬ ‫‪ 3‬مسلم‬ ‫‪ 4‬الترمذي و ابو داود‬

‫‪13‬‬


‫القائد‬

‫جميع أنحاء العالم‪،‬وكانوا من شتي األلوام من الشقر ذوي العيون الزرق ‪ ،‬إلي األفارقة السود‬ ‫البشرة ‪ .‬ولكنھم كانوا جميعا ً يمارسون الطقوس الروحية ذاتھا ‪ ،‬وكانوا يكشفون عن روح‬ ‫منالوحدة و األخوة التي قادتني خبرتي في أميركا إلي اإلعتقاد باستحالة وجودھا بينالبيض وغر‬ ‫البيض ‪ .‬إن أميركا لفي حاجة إلي فھم اإلسالم ‪ ،‬ألن ھذا ھو الدينالوحيد الذي يمحو مشكلة العرق‬ ‫من مجتمعھا ‪ .‬أثناء رحالتي في العالم اإلسالميالتقيت وتحدثت ‪ ،‬بل واكلت مع أناس كانوا‬ ‫سيعتبرون "بيضا ً" في أميركا ‪ .‬ولكن دين اإلسالم في قلوبھم أزال "البياض " من عقولھم ‪،‬‬ ‫فراحوا يمارسون أخوة حقيقية و صادقةمع الناس اآلخرين ايا يكن لونھم ]‪ [...‬أن اإلسالم الحقيقي‬ ‫يزيل العنصرية ‪،‬ألن الناس ) من شتي األلوان و األعراق ( الذين قبلوا مبادئه الدينية ويعبدون‬ ‫إلھا واحد ھوﷲ عز وجل يقبلون أيضا ً وتلقائيا ً واحدھم اآلخر بوصفھم إخوة و أخوات بغض‬ ‫النظر عن اختالفھم في المظھر ‪ .‬قد تصعقين حين تسمعين كالمي ھذا ‪،‬ولكنني كنت علي الدوام‬ ‫رجالً يحاول مواجھة الحقائق ‪،‬وتقبل واقع الحياة كما تكشف عنه المعارف و الخبرات الجديدة ‪.‬‬ ‫ولقد علمتني تجربة الحج ھذه الشئ الكثير‪ ،‬وكل ساعة أقضيھا في األرض المقدسة تفتح عيني‬ ‫أكثر فأكثر ‪ .‬وإذا تمكن اإلسالم من غرس روح األخوة الحقة في قلوب " البيض" الذين قابلتھم‬ ‫ھنا في أرض األنبياء ‪ ،‬فمن المؤكد أن باستطاعته أ ن يمحو سرطان العنصرية من قلوب‬ ‫األميركيين البيض‬ ‫ويصف محمد أسد إفاضته مع الحجيج من عرفات فيقول ‪" :‬ھا نحن أوالء نمضي عجلين ‪،‬‬ ‫مستسلمين لغبطة ال حد لھا‪ ،‬والريح تعصف في أذني صيحة الفرح‪ .‬لن تعود بع ُد غريباً‪ ،‬لن تعود‬ ‫… إخواني عن اليمين‪ ،‬وإخواني عن الشمال‪ ،‬ليس بينھم من أعرفه‪ ،‬وليس فيھم من غريب!‬ ‫صطخب جسد واحد‪ ،‬يسير إلى غاية واحدة‪ ،‬وفي قلوبنا جذوة من اإليمان الذي‬ ‫فنحن في التيار ال ُم‬ ‫ِ‬ ‫اتقد في قلوب أصحاب رسول ﷲ … يعلم إخواني أنھم قصّروا‪ ،‬ولكنھم ال يزالون على العھد‪،‬‬ ‫سينجزون الوعد"‪.‬‬ ‫• االستقرار و التالحم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ضهُ بَعضًا {‬ ‫ان يَ ُش ﱡد بَع ُ‬ ‫} ْال ُم ْؤ ِم ُن لِ ْل ُم ْؤ ِم ِن َك ْالبُ ْنيَ ِ‬

‫‪1‬‬

‫من أكبر المشاكل في مجال العمل "دوران العمل" و ھو انتقال الموظفين من شركه‬ ‫ألخرى مما يؤثر على التالحم بين افراد الشركة‬ ‫يقول بن تيمية "االعتصام بالجماعة واالئتالف من أصول الدين والفرع المتنازع فيه من الفروع‬ ‫الخفية فكيف يقدح في األصل بحفظ الفرع"‬ ‫• الشركة ثقة‬ ‫و أذكر أننا كنا نوقع عقد مع أحد الشركات و في اثناء النقاش قال أحدنا ‪":‬أن لم يكن‬ ‫ھناك ثقة فلن تكون ھناك شركة "‬ ‫• و يضاف الى ما سبق الخوف من ﷲ‬ ‫روى اإلمام أحمد في مسنده عن عبد ﷲ بن بشر ‪ ،‬قال‪ :‬لقد سمعت حديثا ً منذ زمان‪،‬‬ ‫يقول‪) :‬إذا كنت في قوم عشرين رجالً‪ ،‬أو أقل‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬فتصفحت في وجوھھم‪ ،‬فلم تر‬ ‫فيھم رجالً يُھاب في ﷲ‪ ،‬فاعلم أن األمر قد رق(‬

‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬

‫‪14‬‬


‫القائد‬

‫و من اسباب انھيار فريق العمل ‪ :‬الجدل و كثرة الخالف‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ض ﱠل قَوْ ٌم بَ ْع َد ھُدًى َكانوا َعل ْي ِه إِال أوتوا ال َجد َ​َل «‪.‬‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » -‬ما َ‬ ‫‪1‬‬ ‫َص ُمونَ (‪.‬‬ ‫ثُ ﱠم قَ َرأَ ) َما َ‬ ‫ض َربُوهُ لَكَ إِالﱠ َج َدالً بَلْ ھُ ْم قَوْ ٌم خ ِ‬ ‫ص َدقَ ُك ُم ﱠ‬ ‫ص ْيتُ ْم ِم ْن‬ ‫ﷲُ َو ْع َدهُ إِ ْذ تَ ُحسﱡونَھُ ْم بِإ ِ ْذنِ ِه َحتﱠى إِ َذا فَ ِش ْلتُ ْم َوتَنَازَ ْعتُ ْم فِي ْاألَ ْم ِر َو َع َ‬ ‫} َولَقَ ْد َ‬ ‫بَ ْع ِد َما أَ َرا ُك ْم َما تُ ِحبﱡونَ {‬ ‫و قد توعد رسول ﷲ من يخالف النظام و يخالف امر االمام } أما يخشى أحدكم إذا رفع‬ ‫‪2‬‬ ‫رأسه قبل اإلمام أن يجعل ﷲ رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار {‬

‫‪ 1‬مسند االمام احمد و سنن الترمذي‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪15‬‬


‫القائد‬

‫القيادة‬ ‫ال تَ َعالَى ‪:‬‬ ‫يل َوال ﱠ‬ ‫ين قَ َ‬ ‫يل َو ْالقَبِ ِ‬ ‫قال االمام بن تيمية َوأَ ﱠما لَ ْفظُ " ال ﱠز ِعي ِم " فَإِنﱠهُ ِم ْث ُل لَ ْف ِظ ْال َكفِ ِ‬ ‫ض ِم ِ‬ ‫ير َوأَنَا بِ ِه َز ِعي ٌم { فَ َم ْن تَ َكفﱠ َل بِأ َ ْم ِر َ‬ ‫طائِفَ ٍة فَإِنﱠهُ يُقَا ُل ھُ َو زَ ِعي ٌم ؛ فَإ ِ ْن‬ ‫} َولِ َم ْن َجا َء بِ ِه ِح ْم ُل بَ ِع ٍ‬ ‫‪1‬‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َكانَ قَ ْد تَ َكفﱠ َل بِ َخي ِْر َكانَ َمحْ ُمودًا َعلى ذلِكَ َوإِ ْن َكانَ َش ّرا َكانَ َمذ ُمو ًما َعلى ذلِكَ ‪.‬‬ ‫ت َوإِقَا َم‬ ‫قال ﷲ في القائد المسلم } َو َج َع ْلنَاھُ ْم أَئِ ﱠمةً يَ ْھ ُدونَ بِأ َ ْم ِرنَا َوأَوْ َح ْينَا إِلَ ْي ِھ ْم فِع َْل ْالخَ ي َْرا ِ‬ ‫الص َﱠال ِة َوإِيتَا َء ال ﱠز َكا ِة َو َكانُوا لَنَا عَابِ ِدينَ )‪{ (73‬االنبياء‬ ‫صرُونَ )‪(41‬‬ ‫ار َويَوْ َم ْالقِيَا َم ِة َال يُ ْن َ‬ ‫و في القائد االخر } َو َج َع ْلنَاھُ ْم أَئِ ﱠمةً يَ ْد ُعونَ إِلَى النﱠ ِ‬ ‫ُوحينَ )‪{ (42‬القصص‬ ‫َوأَ ْتبَ ْعنَاھُ ْم فِي ھَ ِذ ِه ال ﱡد ْنيَا لَ ْعنَةً َويَوْ َم ْالقِيَا َم ِة ھُ ْم ِمنَ ْال َم ْقب ِ‬ ‫تعريف القيادة ‪:‬‬ ‫لھا تعريفات عده اختار منھا »عملية تحريك مجموعة من الناس باتجاه محدد ومخطط وذلك‬ ‫بتحفيزھم على العمل باختيارھم«‬ ‫»عملية تحريك ‪ :‬لھا مدخالت و مخرجات ‪ ،‬المدخالت ھي االمكانيات المتاحة و المخرجات‬ ‫تحقيق الھدف‬ ‫مجموعة من الناس ‪ :‬القيادة تعنى االستعانة باالخرين و تنفيذ العمل من خاللھم‬ ‫باتجاه محدد ‪ :‬البد من وجود ھدف ليس بالمستحيل و ال بالھين فيتكاسل االتباعومخطط ‪:‬‬ ‫القيادة لھا نظرية مستقبلية و خطة للوصول للھدف المناسب لالمكانيات المتاحة‬ ‫وذلك بتحفيزھم على العمل باختيارھم‪ :‬القائد يحفز االتباع على تحقيق الھدف‬ ‫و عناصر القيادة‬ ‫• وجود مجموعة من االفراد‬ ‫ﱠ‬ ‫قال عليه الصالة والسالم‪" :‬ال حسد إال في اثنتين‪ :‬رجل آتاه ﷲ ماال فسلطه على ھلكته‬ ‫في الحق‪ ،‬وآخر آتاه ﷲ حكمة فھو يقضي بھا ويعلمھا"‪ ،2‬قال ابن حجر‪" :‬وفي الحديث‬ ‫الترغيب في والية القضاء لمن استجمع شروطه‪ ،‬وقوي على أعمال الحق‪ ،‬ووجد لھا‬ ‫أعوانًا‪ ،‬لما فيه من األمر بالمعروف‪ ،‬ونصر المظلوم‪ ،‬وأداء الحق لمستحقه‪ ،‬وكف يد‬ ‫الظالم‪ ،‬واإلصالح بين الناس‪ ،‬وكل ذلك من القربات"‪.‬‬ ‫و قد يتواجد رجل به صفات القيادة و يوجد الھدف و لكن ال يوجد اتباع فال تتحقق‬ ‫القيادة‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وآله وسلم ‪ :‬عرضت علي األمم فرأيت النبي ومعه الرھيط‬ ‫والنبي ومعه الرجل والرجالن والنبي وليس معه أحد إذ يرفع لي سواد عظيم فظننت‬ ‫أنھم أمتي فقيل لي ‪ :‬ھذا موسى وقومه ولكن انظر إلى األفق فنظرت فإذا سواد عظيم‬ ‫فقيل لي ‪ :‬انظر إلى األفق اآلخر فإذا سواد عظيم فقيل لي ھذه أمتك ومعھم سبعون ألفا‬ ‫‪3‬‬ ‫يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب‬ ‫و انظر الى مؤمن ال فرعون }وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أھدكم سبيل الرشاد{‬ ‫‪ 1‬فتاوى بن تيمية‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬صحيح‬

‫‪16‬‬


‫القائد‬

‫عن جعفر بن سليمان قال ‪ ):‬سمعت مالك بن دينار يقول ‪:‬لو استطعت أن الأنام لم أنم‬ ‫مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم ولووجدت أعوانا ً لفرقتھم ينادون في سائر الدنيا كلھا ‪:‬‬ ‫ياأيھا الناس ‪ :‬النار النار " ( ‪".‬‬ ‫• وجود ھدف‬ ‫واقعي محدد مكتوب‬ ‫• وجود القائد‬ ‫يقول اإلمام الذھبي رحمه ﷲ))إن يوما ً من أيام القادة اإلعالم خير من عمر آحاد الناس‬ ‫((‪.‬‬ ‫و ھو محور حديثنا االن‬ ‫يل ِم ْن بَ ْع ِد ُمو َسى إِ ْذ‬ ‫إل ِم ْن بَنِي إِس َْرائِ َ‬ ‫و تجد عناصر القيادة في االية التالية } أَلَ ْم ت َ​َر إِلَى ْال َم َ ِ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫قَالُوا لِنَبِ ﱟي لَھُ ُم ا ْب َع ْ‬ ‫ﷲِ {‬ ‫ث لَنَا َملِ ًكا نُقَاتِلْ فِي َسبِ ِ‬ ‫إل ِم ْن بَنِي إِس َْرائِي َل‬ ‫مجموعة االفراد ‪ْ :‬ال َم َ ِ‬ ‫القائد ‪ :‬لَھُ ُم ا ْب َع ْ‬ ‫ث لَنَا َملِ ًكا‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ‬ ‫الھدف ‪ :‬نُقَاتِلْ فِي َسبِ ِ‬

‫أھمية القائد‬ ‫ضالﱠالً فَھَدَا ُك ُم ﱠ‬ ‫ﷲُ بِي‪،‬‬ ‫ار أَلَ ْم أَ ِج ْد ُك ْم ُ‬ ‫تظھر اھمية القائد من قول النبي لالنصار } يَا َم ْع َش َر األَ ْن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ﷲُ بِي‪َ ،‬وعَالَةً فَأ َ ْغنَا ُك ُم ﱠ‬ ‫َو ُك ْنتُ ْم ُمتَفَرﱢ قِينَ فَأَلﱠفَ ُك ُم ﱠ‬ ‫ﷲُ بِي{‬ ‫فالقائد ھو صاحب البصيرة الذي يھدي اتباعة و يوحدھم في اتجاة الھدف و ھو حلقة الوصل بين‬ ‫العاملين و االھداف‬

‫فريد أنت فى دنيا الزعامه ومن ذا ال يكن لك إحترامه‬ ‫على قد حباك ﷲ عزة فأنت على جبين الدھر شامه‬ ‫علوج غرب ليس لھم عھود سل التاريخ كم خفروا ذمامه‬ ‫وما زالوا على اإلسالم حربا وحرب الكفر بالغه التمامه‬ ‫تحاصرك الذئاب و انت تعلو بالل يرتقي قمم الشھامة‬

‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪17‬‬


‫القائد‬

‫و تعلنھا مدوية تدوي و تمضي في الجھاد على استقامة‬ ‫و شعبك من ورائك مستميت و يرفع فوق ھام الكفر ھامة‬ ‫اليك تحياتي و الشعر يابى لغير الحر ان يھدي وساما‬ ‫قال شيخ اإلسالم ‪ ":‬فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر االجتماعات أن يولي أحدھم‬ ‫‪1‬‬ ‫كان ذلك تنبيھا على وجوب ذلك فيما ھو أكثر من ذلك"‬ ‫يقول االستاذ محب الدين الخطيب " مثل ذوي الطموح في األمم كمثل العزم النوراني الشفاف‬ ‫المنبث في مواكب األيام يدفعھا نحو مشاعلھا المتألقة في اآلفاق‪ ،‬أو كالقوة البخارية التي تحرك‬ ‫ب األنام؛ لتبلغ بھا غاياتھا المنشودة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مراجل مراك ِ‬ ‫وكما أن قيمة المواكب تقاس بمبلغ ما فيھا من نور العزائم‪ ،‬وقيمة المراكب تقاس بقوة البخار‬ ‫المحرك لمراجلھا _ فكذلك األمم ما زالت‪ ،‬ولن تزال تقدر بأقدار أفرادھا الممتازين‪ ،‬ورجالھا‬ ‫البعيدة مرامي أنظارھم‪ ،‬الذين ندعوھم بذوي الطموح‪".‬‬ ‫عليك سالم ﷲ قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما‬ ‫تحية من ألبسته منك نعمةً إذا زار عن شحط بالدك سلما‬ ‫وما كان قيس موته موت واحد ولكنه بنيان قوم تھدما‬ ‫و يقول اخر‬ ‫تعلم ما الرزية فقد مال وال شاة تموت وال بعير‬ ‫ولكن الرزية فقد حر يموت بموته بشر كثير‬ ‫ويقومون العمل‬ ‫يقول االستاذ احمد امين‪ ":‬إذا كانت جماھير الناس يعملون لألجر‪،‬‬ ‫ﱢ‬ ‫بالمال؛ فإن أُعطوا كثيراً عملوا كثيراً‪ ،‬وإن أُعطوا قليالً عملوا قليالً‪ ،‬ويفاضلون بين عمل‬ ‫ويقومون‬ ‫وعمل بقدر ما يدر من ربح _ فإن ھؤالء العظماء يعملون؛ ألنھم يل ﱡذھم العمل‪،‬‬ ‫ﱢ‬ ‫العمل بمقدار ما يحقق من خير ألمتھم‪ ،‬ولإلنسانية أجمع‪ ،‬يدأبون في العمل‪ ،‬ويعرﱢضون‬ ‫حياتھم للخطر في سبيل مرض يكتشفونه وداء يعالجونه به‪ ،‬أو في سبيل تحرير العقول من‬ ‫أغاللھا‪ ،‬أو تحرير العقيدة مما أفسدھا‪ ،‬أو يحاربون الظلمة والطغاة؛ لتحقيق العدل في األمة‬ ‫أو العالم‪ ،‬يحتملون في ذلك العذاب ألواناً؛ ألن عشقھم للحق غلب حبھم للذات‪ ،‬وھيامھم بـ‬ ‫)نحن( أضعف حبھم لـ )أنا(‪".‬‬ ‫ض ْ‬ ‫ت ْال َحرْ بُ أَ ْش َرفَ أَبُو ُس ْفيَانَ َعلَى ْال َجبَ ِل‬ ‫و انظر الى ما حدث عقب موقعة أحد َلَ ّما ا ْنقَ َ‬ ‫ال أَفِي ُك ْم ُع َم ُر ب ُْن‬ ‫ال أَفِي ُك ْم اب ُْن أَبِي قُ َحافَةَ ؟ فَلَ ْم يُ ِجيبُوهُ ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫فَنَادَى ‪ :‬أَفِي ُك ْم ُم َح ّم ٌد ؟ فَلَ ْم يُ ِجيبُوهُ فَقَ َ‬ ‫اإلس َْال ِم بِ ِھ ْم‬ ‫ْالخَ طّا ِ‬ ‫ب ؟ فَلَ ْم ي ُِجيبُوهُ َولَ ْم يَسْأَلْ ّإال ع َْن ھَ ُؤ َال ِء الثّ َالثَ ِة لِ ِع ْل ِم ِه َو ِع ْل ِم قَوْ ِم ِه أَ ّن قِ َوا َم ْ ِ‬ ‫ال يَا َع ُد ّو ّ‬ ‫ﷲِ ّ‬ ‫إن الّ ِذينَ َذكَرْ تھ ْم أَحْ يَا ٌء‬ ‫ال أَ ّما ھَ ُؤ َال ِء فَقَ ْد ُكفِيتُ ُموھُ ْم فَلَ ْم يَ ْملِ ْك ُع َم ُر نَ ْف َسهُ أَ ْن قَ َ‬ ‫فَقَ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫َوقَ ْد أَ ْبقَى ّ‬ ‫ﷲُ لَكَ َما يَسُو ُءك‬ ‫‪ 1‬الفتاوى‬ ‫‪ 2‬زاد الميعاد‬

‫‪18‬‬


‫القائد‬

‫و أنظر الى حرص الدولة اللقيطة دولة يھود‪ 1‬على قتل الرموز مثل الشيخ احمد ياسين و‬ ‫الرنتيسي و المھندس احمد عياش و مئات القادة‬ ‫و حرصھا على قتل الضباط المصريين االسري في حرب ‪ 1967‬و قال احدھم اننا بقتلنا‬ ‫ضابط مصري سنكلف المصريين تدريبات سنين النجاب قائد مثله اما العسكري فاي شاب يصلح‬ ‫ان يكون عسكري‬ ‫و حين مات الملك مودود صاحب الموصل ‪ ،‬قال ‪ :‬صلى ھو واألتابك طغتكين يوم الجمعة‬ ‫بالجامع ‪ ،‬ثم خرجا إلى الصحن ويد كل واحد منھما في يد اآلخر ‪ ،‬فطفر باطني على مودود ‪،‬‬ ‫فقتله ؛ رحمه ﷲ ‪ ،‬وجاء كتاب من الفرنج إلى المسلمين ‪ ،‬وفيه ‪ :‬إن أمة قتلت عميدھا في يوم‬ ‫‪2‬‬ ‫عيدھا في بيت معبودھا لحقيق على ﷲ أن يبيدھا ‪.‬‬ ‫يقول عثمان أحمد عثمان ‪":‬و كان أن فھمت كلمة كبير بمعنى مسؤول يتولى تحمل العبء و‬ ‫يضع التخطيط و يمارس التنفيذ و يشرف على كل أمر من االمور ‪ ،‬و بمعنى أخر مسؤول‬ ‫يقود اوركسترا العمل الذي يتواله فيوزع االدوار بين العازفين ليعزفوا لحنا متناسقا منسجما‬ ‫ليس فيه نشاز‬ ‫و يعني ايضا ان ھذا الكبير يجب أن يحاط علما بكل شئ مما يجري في مكان العمل من‬ ‫أصغر صغيرة الى أكبر كبيرة و أن تكون يداه واثقة في العمل و عليه أن يترك في نفس‬ ‫الوقت من يتولى التنفيذ ليتصرف بمنتھى المرونة و الثقة و ھو يعرف ان ھذا المسؤول ال‬ ‫يتدخل في امور عمله و لكن فقط يريد ان يعرف ماذا يفعل حتى يطمئن الى سالمة االداء"‬ ‫وبالجملة فال صالح للبشر إال بوجود القيادة كما قال الشاعر الجاھلي األفوه األودي‪:‬‬ ‫ال يصلح الناس فوضى ال سراة لھم * وال سـراة إذاجھالھـم سـادوا‬ ‫والبيـت ال يبتنـى إال على عمد *** وال عمـاد إذا لم تـرس أوتـا ُد‬ ‫فـإن تجمـع أوتـاد وأعمـدة *** وسـاكن أبلغوا األمر الذي كادوا‬ ‫يقول شيخ اإلسالم بن تيمية‪' :‬يجب أن يعرف أن والية أمر الناس من أعظم واجبات الدين‪،‬‬ ‫بل ال قيام للدين إال بھا فإن بني آدم ال تتم مصلحتھم إال باإلجماع لحاجة بعضھم إلى بعض‪ ،‬وال‬ ‫بد لھم عند االجتماع من رأس'‪.‬‬ ‫و من عالمات القائد المسلم‬ ‫ان ھدفه و غايته ليس المنصب و انما خدمة البالد و العباد منتظرا االجر و الثناء من ﷲ ‪،‬‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال ‪ » :‬طوبى لعبد آخذ ب ِعنان فرسه في سبيل ﷲ ‪ ،‬أ ْش َع َ‬ ‫ث‬ ‫عن‬ ‫ﱢ‬ ‫رأسُه ‪ُ ،‬م ْغبَرﱠة قدماه ‪ ،‬إن كان في الحراسة كان في الحراسة‪ ،‬وإن كان في الساقَة كان في الساقة ‪،‬‬ ‫‪3‬‬ ‫إن استأ َذن لم يُؤ َذن له ‪ ،‬وإن َشفَ َع لم يُ َشفﱠع «‬ ‫و القياده سنه ثابته ال يجوز تركھا كبر العدد او صغر‬ ‫ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫سفر فليؤ ﱠمكم أح ُدكم وأحقكم باإلمام ِة أقرؤكم "‬ ‫قال رسول ﷲ "إذا كنتم ثالثةً فى‬ ‫ٍ‬

‫‪4‬‬

‫أصاب قُريشا أخرجه ابو داود‬ ‫‪ 1‬يھود و ليست اليھود تحقيرا لھم كما قال رسول ﷲ‪ :‬يا معشر يھود ‪ ،‬أسلموا قب َل أن يصيبكم مث ُل ما‬ ‫َ‬ ‫‪ 2‬البداية و النھاية‬ ‫‪ 3‬البخاري‬ ‫‪ 4‬أخرجه ابن حبان )‪ ، 504/5‬رقم ‪ . (2132‬وأورده أيضًا ‪ :‬ابن عدى )‪ 425/3‬ترجمة ‪ 847‬سويد بن عبد العزيز(‬

‫‪19‬‬


‫القائد‬

‫و الحديث التالي يجعل القيادة اذا كنتما اثنين‬ ‫َ‬ ‫َذ َك َر ُم َح ﱠم ٌد َر ِح َمهُ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ب َح ِد َ‬ ‫َ‬ ‫ي َعل ْي ِه السﱠال ُم َكانَ فِي‬ ‫يث َس ْل َمانَ ب ِْن عَا ِم ٍر ‪ } :‬أ ﱠن النبِ ﱠ‬ ‫ﷲُ فِي ْال ِكتَا ِ‬ ‫ار ‪ -‬فَتَقَطﱠ َع النﱠاسُ ‪ -‬أَيْ تَفَ ﱠرقُوا ‪ -‬فِي َغلَبَ ِة النﱠوْ ِم‬ ‫ت اللﱠي ِْل ‪ -‬أَيْ َس َ‬ ‫ْض أَ ْسفَا ِر ِه ‪ ،‬فَأَس َْرى ِم ْن تَحْ ِ‬ ‫بَع ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فَ َمالَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ان ِمنھَا َوھُ َما‬ ‫ض َي ﷲُ َعنھُ َما بِ ِھ َما إلى َش َج َر ٍة ف َج َعلتَا ت ِ‬ ‫احلتَا أبِي بَك ٍر َوأبِي ُعبَ ْي َدةَ َر ِ‬ ‫ت َر ِ‬ ‫صيب َ ِ‬ ‫ضى النﱠبِ ﱡي َعلَ ْي ِه الس َﱠال ُم َوأَصْ َحابُهُ َونَزَ لُوا ‪ ،‬فَلَ ﱠما َكانَا بِ َحي ُ‬ ‫ان ‪ ،‬فَا ْستَ ْيقَ َ‬ ‫ْث يَ ْس َم ُعھُ َما النﱠبِ ﱡي‬ ‫ظا َوقَ ْد َم َ‬ ‫نَائِ َم ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُول ﷲِ ‪.‬‬ ‫نَادَاھُ َما ‪ :‬أ َال ھَلْ أ ﱠمرْ ت َما ؟ قَ َاال ‪ :‬بَلى يَا َرس َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُوص فَيَنبَ ِغي‬ ‫اب { ‪َ -‬و َكذلِكَ ال ُم َسافِرُونَ إذا خَ افوا اللص َ‬ ‫ص ْبتُ َما الص َﱠو َ‬ ‫ال ‪ :‬أَ َال َر ﱠش ْدتُ َما ‪ -‬أَيْ أَ َ‬ ‫فَقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َال ‪ ،‬فَأ ﱠما إذا ل ْم يَخَ افوا‬ ‫لَھُ ْم أَ ْن يُؤَ ﱢمرُوا َعل ْي ِھ ْم أ ِميرًا لِي ُِطيعُوهُ َويَصْ ُدرُوا ع َْن َرأيِ ِه ِعن َد ال َح َ‬ ‫اج ِة إلى القِت ِ‬ ‫س بِأ َ ْن َال يُؤَ ﱢمرُوا أَ َحدًا ‪1 .‬‬ ‫َذلِكَ فَ َال بَأْ َ‬ ‫قال ابن تيميه رحمه ﷲ‪ :‬يجب أن يعرف أن والية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل ال‬ ‫قيام للدين وال للدنيا إال بھا‪ .‬فإن بني آدم ال تتم مصلحتھم إال باالجتماع لحاجة بعضھم إلى بعض‪،‬‬ ‫وال بد لھم عند االجتماع من رأس‪ ،‬حتى قال النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":-‬إذا خرج ثالثة في‬ ‫سفر فليؤمروا أحدھم "‪ ،‬وروى اإلمام أحمد عن عبد ﷲ بن عمرو‪ ،‬أن النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم‪ -‬قال‪ ":‬ال يحل لثالثة يكونون بفالة من األرض إال أمروا عليھم أحدھم "‪ .‬فأوجب ‪-‬صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم‪ -‬تأمير الواحد في االجتماع القليل العارض في السفر‪ ،‬تنبيھا ً بذلك على سائر أنواع‬ ‫االجتماع‪ ،‬وألن ﷲ تعالى أوجب األمر بالمعروف والنھي عن المنكر وال يتم ذلك إال بقوة‬ ‫وإمارة‪ ،‬وكذلك سائر ما أوجب من الجھاد والعدل وإقامة الحج والجمع واألعياد ونصر المظلوم‪،‬‬ ‫فالواجب اتخاذ اإلمارة دينا ً وقربة يتقرب بھا إلى ﷲ فإن التقرب إليه بطاعتـه وطاعة رسوله من‬ ‫‪2‬‬ ‫أفضل القربات ‪.‬‬ ‫و من عالمات الساعة أن يتولى القيادة الشخص غير الكفء‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ِ » -‬إ َذا ُ‬ ‫ال َك ْيفَ‬ ‫ت األَ َمانَةُ فَا ْنت َِظ ِر السﱠا َعةَ « ‪ .‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ضيﱢ َع ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ُ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال » إِ َذا أ ْسنِ َد األَ ْم ُر إِلَى َغي ِْر أَ ْھلِ ِه ‪ ،‬فَا ْنت َِظ ِر السﱠا َعةَ «‬ ‫ﷲِ قَ َ‬ ‫ضا َعتُھَا يَا َرس َ‬ ‫إِ َ‬ ‫و قال االمام احمد حين رأى فساد القاده "إذا رأيتم اليوم شيئا ً مستويا ً فتعجبوا"‬ ‫و القيادة ھي تنفيذ المھمة بمعاونة االخرين ‪ ،‬فعليك أن تعلم أنت لن تفعل شئ بدون مساعديك‬ ‫و بدون بث الحماس و األمل فيھم و اقناعھم بالھدف و تدريبھم‬ ‫قال األفوه األزدي أحد شعراء الجاھلية وحكمائھا ‪:‬‬ ‫البيت ال يبنى إال على عمد *** وال عماد إذا لم ترس أوتاد‬ ‫فإن تجمع أوتاد وأعمدة*** يوما فقد بلغوا األمر الذي كادوأ‬ ‫ال يصلح الناس فوضى ال سراة لھم ** وال سراة اذا جھالھم سادوا‬ ‫تھدى االمور باھل الراي ما صلحت ** فان تولت فباالشرار تنقاد‬ ‫اذا تولى سراة الناس امرھم *** نمى على ذاك امر القوم فازدادوا‬

‫‪ 1‬شرح السير الكبير‬ ‫‪ 2‬الفتاوى‬ ‫‪ 3‬صحيح البخاري‬

‫‪20‬‬


‫القائد‬

‫وحده القياده‬ ‫ان الفريق الذي له قائدان ال يمكن ان يفلح‬ ‫ب ﱠ‬ ‫ﷲُ َمثَ ًال َع ْب ًدا َم ْملُو ًكا َال يَ ْق ِد ُر َعلَى َش ْي ٍء َو َم ْن َرزَ ْقنَاهُ ِمنﱠا ِر ْزقًا َح َسنًا فَھ َُو يُ ْنفِ ُ‬ ‫ق ِم ْنهُ‬ ‫ض َر َ‬ ‫" َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫لْ‬ ‫ْ‬ ‫لْ‬ ‫ْ‬ ‫ِس ًّرا َو َجھرًا ھَ يَستوُونَ ال َح ْمد ِ)ِ بَ أكث ُرھ ْم ال يَعل ُمونَ )‪" (75‬‬ ‫} ال تجعل مع ﷲ إلھا آخر فتقعد ملوما محسورا { ) اإلسراء‪( 22:‬‬ ‫روى ابي سعيد رضي ﷲ عنه ان رسول ﷲ }صلى ﷲ عليه وسلم{ قال اذا بويع لخليفتين‬ ‫‪1‬‬ ‫فاقتلوا اآلخر منھما "‬ ‫ألن الفتنه المترتبه على وجود خليفتين عظيمة جدا و شديدة الخطورة و ما ارسل رسول ﷲ‬ ‫قائدين لجيش و يخطأ من يقول ان رسول ﷲ ارسل الجيش في مؤتة و له ثالث قادة بل الصحيح‬ ‫انھم متعاقبين قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬زيد بن حارثة أمير الناس‪ ،‬فإن قتل زيد‬ ‫فجعفر بن أبي طالب‪ ،‬فإن قتل جعفر فعبد ﷲ بن رواحة‪ ،‬فإن قتل عبدﷲ بن رواحة فليرتض‬ ‫‪2‬‬ ‫المسلمون بينھم رجال فليجعلوه عليھم "‪.‬‬ ‫ما ھى مزايا القائد او المدير ؟؟؟؟‬ ‫• اجر كبير عند ﷲ‬ ‫قال العز بن عبد السالم في "قواعد األحكام"‪" :‬وأجمع المسلمون على أن الواليات من‬ ‫أفضل الطاعات‪ ،‬فإن الوالة المقسطين أعظم أجرا وأجل قدرا من غيرھم‪ ،‬لكثرة ما‬ ‫يجري على أيديھم من إقامة الحق ودرء الباطل‪ ،‬فإن أحدھم يقول الكلمة الواحدة فيدفع‬ ‫بھا مائة ألف مظلمة فما دونھا‪ ،‬أو يجلب بھا مائة ألف مصلحة فما دونھا‪ ،‬فيا له من كالم‬ ‫يسير وأجر كبير‪ ،‬فإذا أمر األمير بجلب المصالح العامة ودرء المفاسد العامة كان له‬

‫‪ 1‬صحيح مسلم‬ ‫‪ 2‬سيرة بن كثير‬

‫‪21‬‬


‫القائد‬

‫أجر بحسب ما دعا إليه"‪ ،‬أي أن األمير في أمره بالخير والصالح له أجر من عمل بذلك‬ ‫الخير كله‪ ،‬بحسب عدد أتباع ذلك األمير‪ ،‬ولو بلغوا مائة ألف‪،‬‬ ‫عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه قال ‪:‬سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول( ‪ :‬سبعة‬ ‫‪1‬‬ ‫يظلھم ﷲ في ظلّه يوم ال ظل إال ظله‪ :‬إمام عادل(‬ ‫• أعلى الناس أجراً‪.‬‬ ‫• يتمتعون باالحترام و االمان الوظيفي‪.‬‬ ‫• يتقدمون بسرعة في السلم الوظيفي ‪.‬‬ ‫• يتحكمون في مجريات االمور‪.‬‬

‫و لعلك تعجب رغم كل ھذه المزايا نجد اماكن خالية من القائد او يحتلھا ضباع يأكلون على‬ ‫كل الموائد و ھذا عائد الى ‪-:‬‬ ‫• الجھل بأمور القيادة‬ ‫و اعتقاد أنھا ملكه نادره ال يملكھا اال القليل‬ ‫و أن القائد ھو الذي يشغل المنصب االعلي‬ ‫و ان القائد يتمتع بكاريزما معينه‬ ‫• عجز الصالحين وقد قال عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪" :-‬أعوذ با) من عجز الثقة وجلد‬ ‫الفاجر" أخرجه ابن سعد في الطبقات‪.‬‬ ‫و لم ارى في عيوب الناس عيبا كفقص القادرين على التمام‬ ‫فكثير من اھل الفضل ال يتقدم الى الوالية و الى القيادة و يقول لنفسه‬ ‫ان الصحابي الكبير ابو ذر و ھو من ھو في فضله و علمه لم يعطه الرسول القيادة " عن‬ ‫أبي ذر أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك‬ ‫‪2‬‬ ‫ما أحب لنفسي ال تأمرن على اثنين وال تولين مال يتيم "‬ ‫صل ﱠى ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ار ِة ‪،‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫و حديث قَ َ‬ ‫اإل َم َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم ‪ " :‬إِنﱠ ُك ْم َستَحْ ِرصُونَ ‪َ 3‬على ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫اط َمة " ‪.‬‬ ‫ت الفَ ِ‬ ‫ض َعة ‪َ ،‬وبِئ َس ِ‬ ‫ت ال ُمرْ ِ‬ ‫صي ُر نَدَا َمة َو َحس َْرة ‪ ،‬فَنِ ْع َم ِ‬ ‫َو َستَ ِ‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬إنكم ستحرصون على اإلمارة وستكون ندامة يوم‬ ‫‪4‬‬ ‫القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة‬ ‫خزائن األرض إنّي حفيظٌ عليم"‪.‬‬ ‫و ينسى "قال اجعلني على‬ ‫ِ‬ ‫فالقاعدة ھى انك تتقدم للوالية اذا توفرت لديك االمور التالية‬ ‫• االخالص قال المھلب‪ :‬الحرص على الوالية ھو السبب في اقتتال الناس عليھا‪،‬‬ ‫حتى سفكت دماء واستبيحت األموال والفروج‪ ،‬وعظم الفساد في األرض"‬

‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 2‬مسلم و ھذا محمول على ضعف الرأي ؛ فإنه لو ولي مال يتيم ‪ ،‬ألنفقه كله في سبيل الخير ‪ ،‬ولترك اليتيم فقيرا ‪ .‬فقد ذكرنا أنه كان ال‬ ‫يستجيز ادخار انقدين ‪ .‬والذي يتأمر على الناس ‪ ،‬يريد أن يكون فيه حلم ومداراة ‪ ،‬وأبو ذر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬كانت فيه حدة ‪-‬كما ذكرناه‪-‬‬ ‫فنصحه النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬ ‫‪ 3‬إسناده متصل‪ ،‬رجاله ثقات‪ ،‬على شرط اإلمام مسلم‪.‬‬ ‫‪ 4‬البخاري‬

‫‪22‬‬


‫القائد‬

‫• القوة‬ ‫• االمانة‬ ‫• ال تعلم احد اولى منك بھا و افضل يقول الفاروق عمر" أيھا الناس إني قد وليت‬ ‫عليكم ولوال رجاء أن أكون خيركم لكم وأقواكم عليكم وأشدكم استطالعا بما‬ ‫ينوب من مھم أموركم ماوليت ذلك منكم ولكفى عمر مھما محزنا ً انتظار موافقة‬ ‫الحساب بأخذ حقوقكم كيف آخذھا ووضعھا أين أضعھا وبالسير فيكم كيف أسير‬ ‫فربي المستعان‪.‬فإن عمر أصبح اليثق بقوة والحيلة إن لم يتداركه ﷲ عز وجل‬ ‫برحمته وعونه وتأييده‪".‬‬ ‫و قد ولى رسول ﷲ رجال سئله الوالية في حديث وفد صداء }وكنت سألته قبل أن‬ ‫يؤمرني على قومي ويكتب لي بذلك كتابا ففعل{‬ ‫قال بن القيم "وفيھا جواز تأمير اإلمام وتوليته لمن سأله ذلك إذا رآه كفأ‪ ،‬وال يكون سؤاله‬ ‫مانعا من توليته‪ ،‬وال يناقض ھذا قوله في الحديث اآلخر‪" :‬إنا لن نولي على عملنا ھذا من أراده"‪،‬‬ ‫فإن الصدائي ‪ -‬زياد بن الحارث ‪ -‬إنما سأله أن يؤمره على قومه خاصة وكان مطاعا فيھم‪ ،‬محببا‬ ‫إليھم‪ ،‬وكان مقصوده إصالحھم ودعاءھم إلى اإلسالم‪ ،‬ورأى أن ذلك السائل ‪ -‬الذي في الحديث‬ ‫األول ‪ -‬إنما سأله الوالية لحظ نفسه ومصلحته ھو‪ ،‬فمنعه منھا؛ فولى للمصلحة‪ ،‬ومنع للمصلحة‪،‬‬ ‫فكانت توليته )‪ ،‬ومنعه )"‪.‬‬ ‫ما ھى مھام القائد او المدير ؟؟؟؟‬ ‫• توزيع المھام على االشخاص المناسبين لتنفيد سياسة الشركة او المؤسسة‬ ‫• وضع خطة عمل‬ ‫• تدريب أعضاء الفريق‬ ‫ما قلة األعداد نشكو ‪...‬وانما تشكو الكتائب قلة اإلعداد‬ ‫قال جعفر بن برقان‪ :‬كتب إلينا عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬وقال في كتابه ‪:‬‬ ‫" و ُمرْ أھل الفقه من جندك فلينشروا ماعلمھم ﷲ في مساجدھم ومجالسھم والسالم "‪.‬‬ ‫• اثارة حماس اعضاء الفريق‬ ‫أعلم أن الحماس معدى و اذا كنت متحمس للعمل و تجد المتعة به فسيجد االخرون المتعه‬ ‫في العمل معك‬ ‫• تنسيق الجھود‬ ‫• تطھير الصف من عناصر الفتنة‬ ‫كما فعل الحبيب محمد مع مسجد ضرار‬ ‫• متابعة و تقويم الفريق‬

‫‪23‬‬


‫القائد‬

‫قال جابر بن عبد ﷲ ‪ -‬رضي ﷲ عنھما ‪ » :-‬كان رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫ف في المسير ‪ ،‬في ُْز ِجي الضعيف ‪ ،‬ويُرْ ِد ُ‬ ‫يَتَخَ لﱠ ُ‬ ‫ف ‪ ،‬ويدعو لھم «‪ 1.‬و كان عمر بن‬ ‫الخطاب يفعل ھذا‬

‫حقوق القائد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫• الطاعة ما لم يأمر بمخالفه شرع } يَا أ ﱡيھَا ال ِذينَ آ َمنُوا أ ِطيعُوا ﷲَ َوأ ِطيعُوا‬ ‫ُول َوأُولِي ْاألَ ْم ِر ِم ْن ُك ْم فَإ ِ ْن تَنَازَ ْعتُ ْم فِي َش ْي ٍء فَ ُر ﱡدوهُ إِلَى ﱠ‬ ‫ُول إِ ْن‬ ‫ال ﱠرس َ‬ ‫ﷲِ َوال ﱠرس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُك ْنتُ ْم تُ ْؤ ِمنُونَ بِا)ِ َواليَوْ ِم ْاآلَ ِخ ِر َذلِكَ خَ ْي ٌر َوأحْ َس ُن تَأ ِو ً‬ ‫يال )‪{(59‬‬ ‫ثبت في الصحيحين في حديث األعمش عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن‬ ‫السلمي عن علي رضي ﷲ عنه قال استعمل رسول ﷲ رجال من األنصار على‬ ‫سرية بعثھم وأمرھم أن يسمعوا له ويطيعوا قال فأغضبوه في شيء فقال اجمعوا لي‬ ‫حطبا فجمعوا فقال أوقدوا نارا فأوقدوا ثم قال ألم يأمركم رسول ﷲ أن تسمعوا لي‬ ‫وتطيعوا قالوا بلي قال فادخلوھا قال فنظر بعضھم إلى بعض وقالوا إنما فررنا إلى‬ ‫رسول ﷲ من النار فسكن غضبه وطفئت النار فلما قدموا على رسول ﷲ ذكروا ذلك‬ ‫له فقال لو دخلوھا ما خرجوا منھا إنما الطاعة في المعروف‬ ‫قال ابن خلدون‪) :‬اعلم أن البيعة ھي العھد على الطاعة‪ ،‬كأن المبايع يعاھد أميره‬ ‫على أنه يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين‪ ،‬ال ينازعه في شيء من ذلك‪،‬‬ ‫ويطيعه فيما يكلفه به من األمر على المنشط والمكره‪ ،‬وكانوا إذا بايعوا األمير‬ ‫وعقدوا عھده جعلوا أيديھم في يده تأكيدا للعھد‪ ،‬فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري‪،‬‬ ‫فسمى بيعة‪ ،‬ھذا مدلولھا في عرف اللغة ومعھود الشرع‪ ،‬وھو المراد في الحديث في‬ ‫بيعة النبي صلى ﷲ عليه وسلم ليلة العقبة وعند الشجرة(‬ ‫• النصرة‬ ‫قال العباس بن عبد المطلب عم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ليشرح لالنصار في‬ ‫بيعة العقبة الثانية ـ بكل صراحة ـ خطورة المسئولية التي ستلقى على كواھلھم‬ ‫نتيجة ھذا التحالف ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫يا معشر الخزرج ـ وكان العرب يسمون األنصار خزرجًا‪ ،‬خزرجھا وأوسھا كليھما‬ ‫ـ إن محمدًا منا حيث قد علمتم‪ ،‬وقد منعناه من قومنا ممن ھو على مثل رأينا فيه‪،‬فھو‬ ‫في عز من قومه ومنعة في بلده ‪ .‬وإنه قد أبي إال االنحياز إليكم واللحوق بكم‪ ،‬فإن‬ ‫كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه‪ ،‬ومانعوه ممن خالفه‪ ،‬فأنتم وما تحملتم‬ ‫من ذلك ‪ .‬وإن كنتم ترون أنكم ُم ْسلِ ُموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن اآلن‬ ‫فدعوه ‪ .‬فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده ‪.‬‬ ‫• االلتزام بالرأى النھائي‬ ‫• تصويب رأيه‬

‫‪ 1‬أخرجه أَبو داود‬

‫‪24‬‬


‫القائد‬

‫مقارنة بين المدير و القائد‬ ‫المدير‬ ‫تخطيط ‪ ،‬تنظيم ‪ ،‬توجية ‪،‬‬ ‫رقابة‬

‫العمليات‬ ‫مجال عمله‬

‫‪1‬‬

‫التغيير‬ ‫المدى‬ ‫مجال التأثير‬

‫الحاضر‬ ‫يتفاعل مع التغيير‬ ‫تفاصيل‬ ‫العاطفة‬

‫القائد‬ ‫تحديد االتجاة‪،‬‬ ‫حشد القوى في ھذا االتجاة ‪،‬‬ ‫تحريض فريق العمل‬ ‫المستقبل ‪ ،‬صاحب نظرة‬ ‫مستقبلية‬ ‫يصنع التغيير‬ ‫الكليات‬ ‫المنطق‬

‫قد تقول ‪":‬أننى لست في منصب قيادى يؤھلنى ألتخاذ القرارات "‬ ‫و الرد ال تنتظر أن توھب لك القيادة بل تدرب و تعلم كيف تتحمل المسؤوليه فھناك موظف‬ ‫من أول يوم يتحمل المسؤوليه و مدير له نصف قرن في المكان يميل الى التفويض المطلق او‬ ‫استشارة رئيس الشركة في كل أمر ‪ .‬ال تقل للمدفأه ‪":‬أعطيني دفئا و سوف أعطيك حطبا ً"‬ ‫و يمكنك أن تتدرب على القياده من خالل التطوع في النادى و النشاطات التطوعية مثل‬ ‫الجوالة‬ ‫و ال تنس تعرف القيادة االسالمي الذي ال يشترط ان تكون مديرا لشركة او منصب في‬ ‫اع َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه‬ ‫اع ‪َ ،‬و ُك ﱡل ُك ْم َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه ‪ِ ،‬‬ ‫اإل َما ُم َر ٍ‬ ‫الدولة حتى تكون قائدا » ُك ﱡل ُك ْم َر ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت زَ وْ ِجھَا َو َم ْسئُولَةٌ ع َْن‬ ‫اع فِى أَ ْھلِ ِه َو ْھ َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه ‪َ ،‬وال َمرْ أةُ َرا ِعيَةٌ فِى بَ ْي ِ‬ ‫‪َ ،‬وال ﱠر ُج ُل َر ٍ‬ ‫ال َو َح ِسب ُ‬ ‫اع‬ ‫ْت أَ ْن قَ ْد قَ َ‬ ‫ال َسيﱢ ِد ِه َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه ‪ -‬قَ َ‬ ‫اع فِى َم ِ‬ ‫ال ‪َ -‬وال ﱠر ُج ُل َر ٍ‬ ‫َر ِعيﱠتِھَا ‪َ ،‬و ْالخَ ا ِد ُم َر ٍ‬ ‫‪2‬‬ ‫اع َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه «‬ ‫فِى َم ِ‬ ‫ال أَبِي ِه َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه َو ُك ﱡل ُك ْم َر ٍ‬ ‫يقول عثمان احمد عثمان ‪":‬و أعود بذاكرتي الى تلك االيام عندما كنت اصغر زمالئي في‬ ‫المدرسة سنا و عندما كنت أجد فسحة من الوق اللتقي مع زمالئي في المدرسة لكى نلعب و أذكر‬ ‫أنھم كانوا يفتحون لي مجال القيادة بينھم و كانوا يستجيبون دائما الى كل ما كنت أطرحه عليھم‬ ‫من اقتراحات او افكار ‪ ،‬أطلب منھم تنفيذھا دون فرض مني و لكن بكامل الرغبة منھم"‬ ‫سؤال ھل القادة يولدون أم يصنعون؟؟‬ ‫أن القيادة ھي مھارات مكتسبه اذا ما تحققت في المرء أصبح قائدا‪.‬‬ ‫و دليلي قول رسول ﷲ لألشج بني عبد قيس‪ » :‬إن فيك لخصلتين يحبھما ﷲ عز وجل‬ ‫ورسوله « قال ‪ :‬وما ھما ؟ قال ‪ » :‬الحلم ‪ ،‬واألناة« ‪ ،‬قال ‪ :‬أشيء استفدته ‪ ،‬أم شيء جبلت عليه‬ ‫؟ قال ‪ » :‬بل شيء جبلت عليه « فقال ‪ :‬الحمد ) الذي جبلني على ما أحب‬ ‫و قوله ‪":‬ال تغضب " فلو كانت جبليه ما أمر رجل بما ليس في يديه‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫قول َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم‪":‬إِنﱠ َما ْال ِع ْل ُم بِالتﱠ َع ﱡل ِم‪َ ،‬وإِنﱠ َما ْال ِح ْل ُم بِالتﱠ َح ﱡل ِم"‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫و َ‬ ‫‪ 1‬بينما المحاسب عمله ‪ :‬الماضي‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪ 3‬صححه االلباني مرفوعا و اوقفه كثيرون على بن مسعود‬ ‫‪25‬‬

‫‪3‬‬


‫القائد‬

‫لوكانت األخالق تحوى وراثة ** ولو كانت األراء التتشعـبُ‬ ‫ألصبح كل الناس قد ضمھم ھوى ** كما ان كل الناس قد ضمھم أبُ‬ ‫ادرس شخصية احد القيادات التى انبھرت بھا و ما ھي الصفات التى أھلته ليقود‪ ،‬و أكتسب‬ ‫ھذه الصفات‬ ‫فتشبھوا إن لم تكونوا مثلھم إن التشبه بالكرام فالح‬

‫‪26‬‬


‫القائد‬

‫ما ھي صفات القائد ؟؟‬ ‫و اعلم وفقنى ﷲ تعالى و اياك انه ال يشترط ان تكون في القائد كل ھذه الصفات بل لن تجدھا‬ ‫بتمامھا اال في النبي محمد ‪ ،‬و انما يكون نصيب نجاح القائد بقدر تمتعه بھذه الصفات‬ ‫}ھـؤالء الذين ھـدى ﷲ فبھُداھُـم اقتده{‬ ‫‪1‬‬

‫قال ابن وھب ‪ ،‬وابن القاسم ‪ ،‬كالھما عن مالك قال ‪ :‬بلغني أن عبد ﷲ بن مسعود قال ‪:‬‬ ‫يرحم ﷲ معاذ بن جبل ‪ ،‬كان أمة قانتا ) ‪ .‬فقيل ‪ :‬يا أبا عبد الرحمن ؛ إنما ذكر ﷲ بھذا‬ ‫إبراھيم ‪ ،‬فقال ابن مسعود ‪ :‬إن األمة الذي يعلم الناس الخير ‪ ،‬وإن القانت ھو المطيع ‪.‬‬ ‫وقال الشعبي ‪ :‬حدثني فروة بن نوفل األشجعي قال ‪ :‬قال ابن مسعود ‪ :‬إن معاذا كان‬ ‫أمة قانتا ) حنيفا ‪ .‬فقلت في نفسي ‪ :‬غلط أبو عبد الرحمن ‪ ،‬إنما قال ﷲ تعالى ‪ :‬إن إبراھيم‬ ‫كان أمة قانتا ) حنيفا ‪ .‬فقال ‪ :‬أتدري ما األمة القانت ؟ قلت ‪ :‬ﷲ أعلم ‪ .‬قال ‪ :‬األمة الذي يعلم‬ ‫الخير ‪ .‬والقانت ) ‪ :‬المطيع ) ولرسوله ‪ ،‬وكذلك كان معاذ بن جبل يعلم الخير ‪ ،‬وكان‬ ‫مطيعا ) ولرسوله ‪.‬‬ ‫و عن أبي ھريرة‪ ،‬رضي ﷲ عنه قال‪ :‬قال رسول ﷲ ‪.." :‬فعن معادن العرب تسألون ) وفي‬ ‫‪2‬‬ ‫رواية مسلم "تجدون الناس معادن(‪ ،‬خيارھم في الجاھلية خيارھم في اإلسالم إذا فقھوا‪.‬‬ ‫فھناك صفات للقيادة اذا اضيف اليھا االسالم ف )نور على نور (‬ ‫رساله يقول‬

‫و كان لدى خالد بن الوليد صفات القيادة فارسل له اخوه الوليد بن الوليد‬ ‫فيھا "بسم ﷲ الرحمن الرحيم‪،‬‬ ‫أ ّما بعد فإني لم أر أعجب من ذھاب رأيك عن اإلسالم و عقلك ‪ ،‬و مثل اإلسالم يجھله أحد؟؟‬ ‫و قد سألني رسول ﷲ ص فقال‪:‬أين خالد ؟ ‪ ،‬فقلت له يأتي ﷲ به ‪ .‬فقال‪ :‬ما مثل خالد يجھل‬ ‫اإلسالم ‪ ،‬ولو جعل نكايته وحده من المسلمين على المشركين لكان خيراً له و لقدمناه على‬ ‫غيره ‪ .‬فإستدرك يا أخي ما فاتك منه ‪ ،‬فقد فاتتك مواطن صالحة"‪.‬‬

‫و ھناك صفات اساسية ال يمكن للقائد النجاح بدونھا مثل‬ ‫)ثقة اعضاء الفريق في قائدھم – الكفاءة – العلم (‬ ‫و ھناك صفات غير اساسية مثل )الجسم القوي (‬ ‫فتوجد في بعض القادة ) قال إن ﷲ اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ( و ال توجد‬ ‫في قادة اخرون‬

‫و ليس من صفات القائد العصمه و عدم الخطأ‬ ‫‪ 1‬و قد توسعت في ذكر صفات القائد للفائده‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪27‬‬


‫القائد‬

‫عن عبد ﷲ بن عمرو وأبي ھريرة رضي ﷲ عنھما قاال‪ :‬قال رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم‪ :-‬إذا حكم الحاكم فاجتھد وأصاب فله أجران‪ ،‬وإذا حكم فاجتھد فأخطأ فله أجر واحد‬ ‫بل القائد عليه أن يجتھد و يتحمل خطأه و يستفيد منه‬

‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬

‫‪28‬‬

‫‪1‬‬


‫القائد‬

‫صفات القائد‬ ‫‪ .1‬ثقة اعضاء الفريق في قائدھم‬ ‫أول صفة من صفات القائد الثقة‬ ‫انظر الى ثقة الصحابة بالقائد االعلى و خاصة في الغزوات‬ ‫ففي غزوة بدر تم عقد مجلس فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن‪،‬ثم قام عمر بن الخطاب فقال‬ ‫وأحسن‪،‬ثم قام المقداد بن عمرو فقال ‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬امض لما أراك ﷲ‪،‬فنحن معك‪،‬وﷲ ال‬ ‫نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى ‪ } :‬فَ ْاذھَبْ أَنتَ َو َربﱡكَ فَقَاتِال إِنﱠا ھَاھُنَا قَا ِع ُدونَ { ]‬ ‫المائدة ‪ ، [24 :‬ولكن اذھب أنت وربك فقاتال إنا معكما مقاتلون‪ ،‬فوالذي بعثك بالحق لو‬ ‫سرت بنا إلى بَرْ ك ال ِغ َماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه ‪.‬‬ ‫فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم خيرًا ودعا له به ‪.‬‬ ‫وھؤالء القادة الثالثة كانوا من المھاجرين‪ ،‬وھم أقلية في الجيش‪ ،‬فأحب رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم أن يعرف رأي قادة األنصار؛ ألنھم كانوا يمثلون أغلبية الجيش‪ ،‬وألن ثقل‬ ‫المعركة سيدور على كواھلھم‪ ،‬مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمھم بالقتال خارج ديارھم‪،‬‬ ‫فقال بعد سماع كالم ھؤالء القادة الثالثة ‪ ) :‬أشيروا عل ّى أيھا الناس ( وإنما يريد األنصار‪،‬‬ ‫وفطن إلى ذلك قائد األنصار وحامل لوائھم سعد بن معاذ ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬وﷲ‪ ،‬ولكأنك تريدنا يا رسول ﷲ ؟‬ ‫قال ‪ ) :‬أجل ( ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فقد آمنا بك‪ ،‬فصدقناك‪ ،‬وشھدنا أن ما جئت به ھو الحق‪ ،‬وأعطيناك على ذلك عھودنا‬ ‫ومواثيقنا على السمع والطاعة‪ ،‬فامض يا رسول ﷲ لما أردت‪ ،‬فوالذي بعثك بالحق لو‬ ‫استعرضت بنا ھذا البحر فخضته لخضناه معك‪ ،‬ما تخلف منا رجل واحد‪ ،‬وما نكره أن تلقى‬ ‫ص ﱠدق في اللقاء‪ ،‬ولعل ﷲ يريك منا ما تَقَ ﱠر به عينك‪،‬‬ ‫صبُر في الحرب‪ُ ،‬‬ ‫بنا عدونا غدًا‪ ،‬إنا ل ُ‬ ‫فسرْ بنا على بركة ﷲ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬لعلك تخشى أن تكون‬ ‫األنصار ترى حقًا عليھا أال تنصرك إال في ديارھم‪ ،‬وإني أقول عن األنصار وأجيب عنھم ‪:‬‬ ‫وصلْ َحبْل من شئت‪ ،‬واقطع حبل من شئت‪ ،‬وخذ من أموالنا ما شئت‪،‬‬ ‫فاظعن حيث شئت‪ِ ،‬‬ ‫وأعطنا ما شئت‪ ،‬وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت‪ ،‬وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع‬ ‫ألمرك‪ ،‬فھو ﷲ لئن سرت حتى تبلغ البرك من ِغ ْمدان لنسيرن معك‪ ،‬ووﷲ لئن استعرضت‬ ‫بنا ھذا البحر فخضته لخضناه معك ‪.‬‬ ‫فَ ُس ﱠر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بقول سعد‪ ،‬ونشطه ذلك‪ ،‬ثم قال ‪ ) :‬سيروا وأبشروا‪ ،‬فإن‬ ‫‪1‬‬ ‫ﷲ تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين‪ ،‬وﷲ لكإني اآلن أنظر إلى مصارع القوم ( ‪.‬‬ ‫يقول مالكوم اكس ‪":‬الزعيم الحقيقي يكسب ثقة اتباعة و يستحقھا"‬ ‫كيف تتكون الثقة ؟؟؟؟‬ ‫تتكون الثقة من وجود سوابق ظھر فيھا صواب قول القائد ففي حديث عدي لما شاھد بعينيه‬ ‫تحقق وعدين تيقن من تحقق الثالثة‬ ‫قال عدي بن حاتم ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬بينما أنا عند النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬إِذ أتاهُ‬ ‫رجل‪ .‬فشكا إِليه الفاقة ‪ ،‬ثم أتاهُ آخر فشكا إِليه قَ ْ‬ ‫طع السبيل فقال )يا عدى بن حاتم أسلم تسلم‬ ‫‪2‬‬ ‫فلعلك إنما يمنعك من اإلسالم أنك ترى بمن حولى خصاصة وأنك ترى الناس علينا إلبا( يا‬ ‫يرةَ ؟ قلت‪ :‬لم أرھا ‪ ،‬وقد أنبئت عنھا ‪،‬قال‪ :‬إن طالت بك حياة لَت َ​َريَ ﱠن‬ ‫الح َ‬ ‫عدي ‪ ،‬ھل رأيت ِ‬ ‫الحيرة حتى تطوف بالكعبة‪ .‬ال تخاف أحدا إِال ﷲ تعالى‪.‬‬ ‫الظﱠعينة ترحل من ِ‬ ‫‪ 1‬الرحيق المختوم‬ ‫‪ 2‬مسند احمد‬

‫‪29‬‬


‫القائد‬

‫قلت‪ :‬فيما بيني وبين نفسي ‪ :‬فأين ُد ﱠعا ُر طَ ﱢيء الذين س ﱠعروا في البالد ؟ ‪ -‬ولئن طالت بك حياة‬ ‫لتفتحن كنوز كسرى ‪ ،‬قلت‪ِ :‬كسرى بن ھُرْ ُمز ؟ قال‪ :‬كسرى بن ھرمز‪ ،‬ولئن طالت بك حياة‬ ‫لَت َ​َريَ ﱠن الرجل يُخرج ِملء َكفﱢه من ذھب أو فضة يطلب من يَ ْقبَلُهُ‪ ،‬فال يجد أحدا يقبله منه ‪،‬‬ ‫ولَيَ ْلقِيَ ﱠن ﷲ أح ُدكم يوم يلقاه ‪ ،‬وليس بينه وبينه حجاب ‪ ،‬وال تَرْ جمان يُترجم له‪ .‬فليقولن ‪ :‬ألم‬ ‫ضلْ عليك ؟‬ ‫أبعث إِليك رسوال فيُبلغك ؟ فيقول ‪ :‬بلى يا رب ‪ ،‬فيقول ‪ :‬ألم أعطك ماال وأُ ْف ِ‬ ‫فيقول ‪ :‬بلى ‪ ،‬فينظر عن يمينه ‪ ،‬فال يرى إِال جھنم ‪ ،‬وينظر عن يساره فال يرى إِال جھنمي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فسمعت النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول ‪ :‬اتقوا النار ‪ ،‬ولو بشق تَمرة‪ ،‬فمن لم‬ ‫قال عدي ‪:‬‬ ‫يجد ِش ﱠ‬ ‫ق تمرة فبكلمة طيبة‪.‬‬ ‫قال عدي ‪ :‬فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ال تخاف إِال ﷲ‪ .‬وكنتُ‬ ‫فيمن افتتح كنوز كسرى بن ھرمز‪ .‬ولئن طالَت بكم حياة لَت َ​َر ُو ﱠن ما قال أبو القاسم ‪-‬صلى ﷲ‬ ‫‪1‬‬ ‫عليه وسلم‪ -‬يُخرج «‪.‬‬ ‫و عن الحسن أن عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه ‪ ،‬وفي‬ ‫القوم سراقة بن مالك بن جعشم قال ‪ :‬فألقى إليه سواري كسرى بن ھرمز ‪ ،‬فجعلھما في يديه‬ ‫فبلغا منكبيه فلما رآھما في يدي سراقة قال ‪ :‬الحمد ) سواري كسرى بن ھرمز في يد سراقة‬ ‫بن مالك بن جعشم أعرابي من بني مدلج ‪ .‬وذكر الحديث ‪ .‬قال الشافعي رحمه ﷲ ‪ :‬وإنما‬ ‫ألبسھما سراقة ألن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه ‪ » :‬كأني بك قد‬ ‫لبست سواري كسرى « ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬وقال عمر رضي ﷲ عنه حين أعطاه سواري‬ ‫كسرى ‪ :‬البسھما ‪ ،‬ففعل فقال ‪ :‬قل ‪ :‬ﷲ أكبر ‪ .‬قال ‪ :‬ﷲ أكبر ‪ .‬قال ‪ :‬قل ‪ :‬الحمد ) الذي‬ ‫‪2‬‬ ‫سلبھما كسرى بن ھرمز وألبسھما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج‬ ‫وأخرج أحمد والبزار والطبراني وأبو نعيم عن أبي بكرة قال لما كتب رسول ﷲ }صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم{ إلى كسرى كتب كسرى إلى عامله باليمن باذان أن بلغني أنه خرج من قبلك‬ ‫رجل يزعم أنه نبي فقل له فليكفف عن ذلك أو ألبعثن إليه من يقتله وقومه فوجه باذان إلى‬ ‫النبي }صلى ﷲ عليه وسلم{ فقال له ھذا فقال النبي }صلى ﷲ عليه وسلم{ ) لو كان ھذا‬ ‫الشيء فعلته من قبلي لكففت عنه ولكن ﷲ بعثني فأقام الرسول عنده فقال له النبي }صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم{ إن ربي قد أھلك كسرى فال كسرى بعد اليوم وقد قتل قيصر فال قيصر بعد اليوم‬ ‫فكتب قوله في الساعة التي حدثه واليوم والشھر الذي حدثه ثم رجع إلى باذان فإذا كسرى قد‬ ‫مات وإذا قيصر قد مات‬ ‫واخرج الديلمي عن عمر بن الخطاب قال قال رسول ﷲ }صلى ﷲ عليه وسلم{ لرسولي‬ ‫كسرى عظيم فارس لما بعثھما إليه ) إن ربي قد قتل ربكما الليلة قتله إبنه سلطه ﷲ عليه‬ ‫فقوال لصاحبكما إن تسلم أعطك ما تحت يدك وإن ال تفعل يعن ﷲ عليك (‬ ‫فاسلم باذان‬ ‫عن عائشة رضي ﷲ عنھا قالت ‪ :‬لما أسري بالنبي صلى ﷲ عليه و سلم إلى المسجد‬ ‫األقصى يتحدث الناس بذلك فارتد ناس فمن كان آمنوا به و صدقوه و سمعوا بذلك إلى أبي‬ ‫بكر رضي ﷲ عنه فقالوا ‪ :‬ھل لك إلى صاحبك يزعم أسرى به الليلة إلى بيت المقدس ؟ قال‬ ‫‪ :‬أو قال ذلك ؟ قالوا ‪ :‬نعم قال ‪ :‬لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا ‪ :‬أو تصدقه أنه ذھب الليلة‬ ‫إلى بيت المقدس و جاء قبل أن يصبح ؟ قال ‪ :‬نعم إني ألصدقه فيما ھو أبعد من ذلك أصدقه‬ ‫‪3‬‬ ‫بخبر السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبو بكر الصديق‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬دالئل النبوة‬ ‫‪ 3‬صحيح رواه الحاكم في المستدرك و قال الذھبي صحيح‬

‫‪30‬‬


‫القائد‬

‫او حدوث حدث‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال لَھُ ْم نَبِ ﱡيھُ ْم إِ ﱠن آيَة ُمل ِك ِه أن يَأتِيَك ُم التابُوت فِي ِه َس ِكينَة ِمن َربﱢك ْم َوبَقِيﱠة ِم ﱠما ت َ​َركَ آ ُل ُمو َسى‬ ‫} َوقَ َ‬ ‫َوآَ ُل ھَارُونَ تَحْ ِملُهُ ْال َم َالئِ َكةُ إِ ﱠن فِي َذلِكَ َآلَيَةً لَ ُك ْم إِ ْن ُك ْنتُ ْم ُم ْؤ ِمنِينَ )‪{ (248‬‬ ‫و تتكون من ثقة القائد بنفسه و الحق الذي معه‬ ‫انظر الى رسول ﷲ حين يكلمه عمه في أن يترك ما يدعو اليه } يا عم‪ ،‬وﷲ لو وضعوا‬ ‫الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك ھذا األمر ـ حتى يظھره ﷲ أو أھلك فيه ـ‬ ‫ما تركته{‬ ‫و يوم حنين كانت المفاجأة شديدة ففر الجيش فَأ َ ﱠما َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَلَ ْم يَفِ ﱠر‬ ‫آخ ٌذ بِلِ َجا ِمھَا ‪َ ،‬والنﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه‬ ‫‪ ،‬فَلَقَ ْد َرأَ ْيتُهُ َوإِنﱠهُ لَ َعلَى بَ ْغلَتِ ِه ْالبَي َ‬ ‫ْضا ِء َوإِ ﱠن أَبَا ُس ْفيَانَ ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫وسلم ‪ -‬يَقُو ُل » أَنَا النﱠبِ ﱡى الَ َك ِذبْ أَنَا اب ُْن َع ْب ِد ْال ُمطﱠلِبْ « ‪.‬‬ ‫و تتكون من استقامة القائد )ستأتى بأذن ﷲ(‬ ‫‪ .2‬الرحمة و الرفق بمن معه‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫} فَبِ َما َرحْ َم ٍة ِمنَ ﱠ‬ ‫ﷲِ لِ ْنتَ لَھُ ْم َولَوْ ُك ْنتَ فَظا َغلِي َ‬ ‫ب َال ْنفَضﱡ وا ِم ْن َحوْ لِكَ فَا ْع ُ‬ ‫ف َع ْنھُ ْم‬ ‫ظ القَل ِ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫اورْ ھُ ْم فِي ْاألَ ْم ِر فَإ ِ َذا َعزَ ْمتَ فَت َ​َو ﱠكلْ َعلَى ﱠ‬ ‫ﷲَ ي ُِحبﱡ ْال ُمت َ​َو ﱢكلِينَ )‪{(159‬‬ ‫َوا ْستَ ْغفِرْ لَھُ ْم َو َش ِ‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪):‬اللھم من ولي من أمر أمتي أمرا فرفق بھم فارفق به‬ ‫‪2‬‬ ‫ومن ولي من أمر أمتي أمرا فشق عليھم فاشقق عليه (‬ ‫و حين عرض عليه اھالك اھل الطائف قال } بل أرجو أن يخرج من أصالبھم من يعبد ﷲ‬ ‫ً ‪3‬‬ ‫وحده ال يشرك به شيئا‪{ .‬‬ ‫ھذان في الدنيا ھم الرحماء‬ ‫وإذا رحمت فأنت أ ّم أو أب‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه‬ ‫و اخرج االمام مسلم في صحيحة ان عَائِ َذ ْبنَ َع ْم ٍرو‪َ -‬و َكانَ ِم ْن أَصْ َحا ِ‬ ‫ب َرس ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫وسلم َدخَ َل َعلَى ُعبَ ْي ِد ﱠ‬ ‫ي إِنﱢي َس ِمع ُ‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم يَقُو ُل ‪:‬‬ ‫ْت َرس َ‬ ‫ﷲِ ب ِْن ِزيَا ٍد فَقَ َ‬ ‫ال‪ :‬أَيْ بُنَ ﱠ‬ ‫"إِ ﱠن َش ﱠر الرﱢ عَا ِء ْال ُح َ‬ ‫ب ُم َح ﱠم ٍد‬ ‫ط َمةُ "فَإِي ﱠاكَ أَ ْن تَ ُكونَ ِم ْنھُ ْم‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ال لَهُ‪ :‬اجْ لِسْ فَإِنﱠ َما أَ ْنتَ ِم ْن نُخَ الَ ِة أَصْ َحا ِ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ .‬فَقَا َل ‪َ :‬وھَلْ َكان ْ‬ ‫ت ال ﱡنخَ الَةُ بَ ْع َدھُ ْم َوفِي َغي ِْر ِھ ْم‪.‬‬ ‫َت لَھُ ْم نُخَ الَةٌ؟ إِن ﱠ َما َكانَ ِ‬ ‫شر الرعاء الحطمة ھو الذي يكسر عنق كل من خالفه‬ ‫وقد أخرج البخاري عن عائشة أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال لھا‪" :‬يَا عَائِ َشةُ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ َرفِي ٌ‬ ‫ق‬ ‫ق فِي األَ ْم ِر ُكلﱢ ِه"‪.‬‬ ‫ي ُِحبﱡ الرﱢ ْف َ‬ ‫و قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم لبالل حين مر بامرأتين من اليھود ) صفية ومعھا ابنة ع ّم‬ ‫لھا( على قتالھما " أنزعت الرحمة من قلبك حتى مررت بالمرأتين على قتالھما ؟‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬مسلم‬

‫‪31‬‬


‫القائد‬

‫جاء رجل إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال ‪ :‬إني ألتأخر عن صالة الصبح من أجل فالن‬ ‫مما يطيل بنا ‪ ،‬فما رأيت النبي صلى ﷲ عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد من غضب‬ ‫يومئذ ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أيھا الناس ‪ ،‬إن منكم منفّرين ‪ ،‬فأيكم أ ﱠم الناس فليوجز ‪ ،‬فإن من ورائه الكبير‬ ‫‪1‬‬ ‫والصغير وذا الحاجة ((‬ ‫َ‬ ‫بَ َع َ‬ ‫ث النبي صلى ﷲ عليه وسلم َعلِ ّي ْبنَ أبِي طالب فِي مفرزة إلى َما ِء بَ ْد ٍر في مھمة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫استخباراتية لجمع المعلومات‪ ،‬فوجدوا غالمين يستقيان للمشركين‪ ،‬فأتَوْ ا بِ ِھ َما فَ َسألوھُ َما‪،‬‬ ‫َو َرسُو ُل ّ‬ ‫ش‪ .‬فطفق الصحابة يضربوھما‪،‬‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم ي َ‬ ‫ُصلّي‪ ،‬فقاال‪ :‬نَحْ ُن ُسقَاةُ قُ َر ْي ٍ‬ ‫حتى اضطر الغالمان لتغيير أقوالھما‪ .‬فلما أتم رسول ﷲ صالته؛ قال لھما مستنكرًا‪" :‬والذي‬ ‫ض َر ْبتُ ُموھُ َما‪َ ،‬وإِ َذا‬ ‫ص َدقَا ُك ْم َ‬ ‫نفسي بيده إنكم لتضربونھما إذا صدقا وتتركونھما إذا كذبا‪ ..‬إذا َ‬ ‫ص َدقَا‪َ ،‬و َ ّ‬ ‫ْش"]‬ ‫َك َذبَا ُك ْم ت َ​َر ْكتُ ُموھُ َما؟!‪َ ،‬‬ ‫ﷲِ إنّھُ َما لِقُ َري ِ‬ ‫و عن ابن مسعود رضي ﷲ عنه قال‪ ..‬كنا مع رسول ﷲ صلي ﷲ عليه وسلم في سفر‬ ‫فانطلق لحاجته فرأينا ُح ّمره )أي طائر( معھا فرخان‪ ..‬فأخذنا فرخيھا فجاءت ال ُح ّمرة ت ُعرّش‪..‬‬ ‫فجاء النبي صلي ﷲ عليه وسلم فقال" من فجع ھذه بولدھا؟؟ ردوا ولدھا إليھا"‬ ‫جاءت إليك حمامة مشتاقة تشكو إليك بقلب صب واجف‬ ‫من أخبر الورقاء أن مكانكم حر ٌم وأنك ملجأ للخائف‬ ‫أوصى أبو بكر رضي ﷲ تعالى عنه يزيد بن أبي سفيان‪ :‬إني قد وليتك ألبلوك وأجربك‬ ‫وأخرجك من فئ أھلك‪ ،‬فإن أحسنت زدتك‪ ،‬وإن أسأت عزلتك فعليك بتقوى ﷲ فإنه يرى من‬ ‫باطنك مثل الذي يرى من ظاھرك‪ ،‬وإن أولى الناس بالناس أشدھم توليا ً له وأقرب الناس من‬ ‫ﷲ أشدھم تقربا ً إليه بعمله‪ ،‬وقد وليتك عمل خالد بن الوليد فإياك وعبية الجاھلية‪ ،‬فإن ﷲ‬ ‫يبغضھا ويبغض أھلھا‪ ،‬وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتھم وابدأھم بالخير وعدھم إياه‪،‬‬ ‫وإذا وعظتھم فأوجز فإن كثير الكالم ينسي بعضه بعضاً‪ ،‬فأصلح نفسك يصلح الناس لك‪،‬‬ ‫و خطب الفاروق اول ما تولى الخالفة "بلغني أن الناس ھابوا شدتي وخافوا غلظتي‬ ‫وقالوا لقد اشتد عمر ورسول ﷲ بين أظھرنا واشتد علينا وأبو بكر والينا دونه‬ ‫فكيف وقد صارت األمور إليه ؟‬ ‫أال فاعلموا أيھا الناس ‪ ،‬أن ھذه الشدة قد أضعفت ‪،‬أي تضاعفت ولكنھا إنما تكون على أھل‬ ‫الظلم والتعدي على المسلمين‪ .‬أما أھل السالمة والدين والقصد‪ ،‬فأنا ألين إليھم من بعضھم‬ ‫لبعض‪ .‬ولست أدع أحدا يظلم أحدا أو يعتدي عليه ‪ ،‬حتى أضع خده على األرض ‪ ،‬وأضع‬ ‫قدمي على خده اآلخر ‪ ،‬حتى يذعن للحق‪ .‬وإني بعد شدتي تلك ألضع خدي أنا على األرض‬ ‫ألھل الكفاف وأھل العفاف‪ .‬أيھا الناس ‪ ،‬إن لكم علي خصال ‪ ،‬أذكرھا لكم ‪ ،‬فخذوني بھا‪ .‬لكم‬ ‫علي أال أجتبي شيئا من خراجكم وما أفاء ﷲ عليكم إال من وجھه‪ .‬ولكم علي إن وقع في يدي‬ ‫أال يخرج إال في حقه‪ .‬ولكم علي أن أزيد عطياكم وأرزاقكم إن شاء ﷲ تعالى‪ .‬ولكم علي أال‬ ‫ألقيكم في التھلكة ولكم علي أن أسد ثغوركم إن شاء ﷲ تعالى‪ .‬ولكم علي إن غبتم في البعوث‬ ‫) أي في المعارك( فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليھم‪ .‬فاتقوا ﷲ ‪ ،‬وأعينوني على أنفسكم بكفھا‬

‫‪ 1‬متفق عليه‬

‫‪32‬‬


‫القائد‬

‫عني ‪ ،‬وأعينوني على نفسي باألمر بالمعروف والنھي عن المنكر ‪ ،‬وإحضار النصيحة فيما‬ ‫والني ﷲ من أموركم‪" .‬‬ ‫عن االحنف بن قيس قال‪ :‬وفدما الى عمر‪ ،‬رضوان ﷲ عليه بفتح عظيم‪ ،‬فقال‪ :‬اين نزلتم؟‬ ‫فقال‪ :‬في مكان كذا‪ ،‬فقام معنا حتى انتھينا الى مناخ رواحلنا‪ .‬فجعل يتخللھا ببصره ويقول‪ :‬أال‬ ‫أتقيتم ﷲ في ركابكم ھذه؟ أما علمتم ان لھا عليكم حقا؟ اال خليتم عنھا؟ فأحببنا التسرع الى‬ ‫امير المؤمنين والى المسلمين بما يسرھم‪ ،‬ثم انصرف راجعا ونحن معه‪ ،‬فلقيه رجل فقال يا‬ ‫امير المؤمنين انطلق معي فاعدني على فالن‪ ،‬فانه ظلمني‪ ،‬قال‪ :‬فرفع الدره فخفق بھا راسه‬ ‫وقال تدعون عمر وھو معرض لكم حتى اذا اشتغل بأمر من امور المسلمين أتيتموه اعدني‬ ‫اعدني ) اي دعني االن( فانصرف الرجل وھو يتذمر فقال عمر‪ :‬علي بالرجل فألقى اليه‬ ‫المخفقة فقال‪ :‬امسك واضربني قال‪ :‬ال ولكن ادعھا ﷲ ولك قال‪ :‬ليس كذالك‪ ،‬أما تدعھا ﷲ‬ ‫واراده ما عنده‪ ،‬او تدعھا لي فاعلم ذالك قال‪ :‬ادعھا ﷲ‪ ،‬قال‪ :‬انصرق ثم جاء يمشي حتى‬ ‫دخل منزله‪ ،‬ونحن معه فافتتح الصالة فصلى ركعتين‪ ،‬ثم جلس فقال‪ :‬يا ابن الخطاب‪ ،‬كنت‬ ‫وضيعا فرفعك ﷲ‪ ،‬وكنت ضاال فھداك ﷲ‪ ،‬وكنت ذليال فأعزك ﷲ ‪ ،‬ثم حملك على رقاب‬ ‫المسلمين‪ ،‬فجاءك رجل يستعديك فضربته‪ ،‬ما تقول لربك غدا اذا أتيته؟ فجعل يعاتب نفسه‬ ‫معاتبة ظننت أنه خير أھل االرض‪.‬‬

‫أرسل علي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه إلى مالك بن الحارث األشتر النخعي بعد أن واله‬ ‫مصر بقوله‪:‬‬ ‫وال برعيته من إحسانه إليھم‪ ،‬وتخفيضه المؤونات‬ ‫إعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن ٍ‬ ‫عليھم‪ ،‬وترك استكراھه إياھم على ما ليس له قبلھم‪ ،‬وليكن منك في ذلك أمر يجمع لك حسن‬ ‫الظن برعيتك‪ ،‬فإن حسن الظن يقطع عنك نصبا ً طويالً‪ ،‬وإن أحق من حسن به ظنك لمن‬ ‫حسن بالؤك عنه‪ ،‬وال تنقض سنة صالحة عمل بھا صدور ھذه األمة‪ ،‬واجتمعت عليھا‬ ‫الرعية‪ ،‬وال تحدثن سنة تضر بشيء مما مضى من تلك السنن‪ ،‬فيكون األجر لمن سنھا‬ ‫والوزر عليك بما نقضت منھا ·‬ ‫قال الحسن البصري لعمر بن عبد العزيز "اإلمام العادل يا أمير المؤمنين كاألب الحاني على‬ ‫ولده يسعى لھم صغاراً ‪ ،‬ويعلمھم كباراً ‪ ،‬ويكتب لھم في حياته ويدخرھم بعد مماته ‪ ،‬واإلمام‬ ‫العادل يا أمير المؤمنين كاألم الشفيقة البّرة الرفيقة بولدھا حملته كرھا ً ووضعته كرھا ً ‪،‬‬ ‫وربته طفالً ‪ ،‬تسھر بسھره ‪ ،‬وتسكن بسكونه ترضعه تارة وتطعمه أخرى ‪ ،‬وتفرح بعافيته‬ ‫وتغت ّم بشكايته ‪ ،‬واإلمام العادل يا أمير المؤمنين وص ّى اليتامى ‪ ،‬وخازن المساكين يربي‬ ‫صغيرھم واإلمام العادل يا أمير المؤمنين ھو القائم بين ﷲ وبين عباده يسمع كالم ﷲ‬ ‫ويسمعھم وينظر إلى ﷲ ويريھم وينقاد إلى ﷲ ويقودھم فال تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك‬ ‫ﷲ كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله ‪ ،‬فب ّدد ‪ ،‬وشرّد العيال ‪ ،‬فأفقر أھله وفرّق ماله" ‪.‬‬ ‫و عن أبي عثمان الثقفي قال‪» :‬كان لعمر بن عبد العزيز غالم يعمل على بغل له يأتيه بدرھم‬ ‫كل يوم‪ ،‬فجاءه يوما ً بدرھم ونصف‪ ،‬فقال‪ :‬ما بدا لك؟ فقال‪ :‬نفقت السوق‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬ولكنك‬ ‫أتعبت البغل‪ ،‬أَ ِرحْ ه ثالثة أيام«‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫القائد‬

‫‪ .3‬االستقامة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫} إِ ﱠن الﱠ ِذينَ قَالوا َربﱡنَا ﷲُ ث ﱠم ا ْستَقا ُموا تَتَنَز ُل َعل ْي ِھ ُم ال َم َالئِ َكة أال تَخَ افوا َو َال تَحْ زَ نوا َوأب ِْشرُوا‬ ‫بِ ْال َجن ﱠ ِة الﱠتِي ُك ْنتُ ْم تُو َع ُدونَ )‪{(30‬‬ ‫اح ٌد فَا ْستَقِي ُموا إِلَ ْي ِه َوا ْستَ ْغفِ ُروهُ َو َو ْي ٌل‬ ‫ي أَنﱠ َما إِلَھُ ُك ْم إِلَهٌ َو ِ‬ ‫} قُلْ إِنﱠ َما أَنَا بَ َش ٌر ِم ْثلُ ُك ْم يُو َحى إِلَ ﱠ‬ ‫لِ ْل ُم ْش ِر ِكينَ )‪{(6‬‬ ‫و ھى اال يكذب و ال يخدع و ال يغش ‪ ،‬اذا سقط القائد في احد ھذه الحفر سقطت الثقة من‬ ‫قلوب اتباعه‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم ‪ " :‬ا ْستَقِي ُموا َولَ ْن تُحْ صُوا ‪َ ،‬وا ْعلَ ُموا أَ ﱠن خَ ي َْر أَ ْع َمالِك ُمُ‬ ‫ال َرسُو ُل ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الصﱠالةُ َوال يُ َحافِظ َعلَى ال ُوضُو ِء إِال ُم ْؤ ِم ٌن "‬ ‫قال أبو سفيان بن حرب ‪ ،‬أنه كان بالشام في المدة التي كانت بين النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪،‬‬ ‫وبين كفار قريش ‪ .‬قال أبو سفيان فوجدنا قيصر ببعض الشام فانطلقوا بي وبأصحابي حتى قدمنا‬ ‫إيلياء فأدخلنا عليه فإذا ھو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج وإذا حوله عظماء الروم ‪ ،‬فقال‬ ‫لترجمانه سلھم أيھم أقرب نسبا إلى ھذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ‪ .‬قال أبو سفيان ‪ :‬فقلت ‪ :‬أنا‬ ‫أقربھم إليه نسبا ‪ .‬فقال ‪ :‬ما قرابته بينك وبينه ‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬ھو ابن عمي ‪ ،‬وليس يومئذ من بني‬ ‫عبد مناف غيري ‪ .‬قال قيصر ‪ :‬ادنه مني ‪ ،‬ثم أمر بأصحابي يجعلوا خلف ظھري عند كتفي ‪ ،‬ثم‬ ‫قال لترجمانه ‪ :‬قل لھم ‪ :‬إني سائل ھذا الرجل عن ھذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ‪ .‬فإن كذب‬ ‫فكذبوه ‪ .‬قال أبو سفيان ‪ :‬فوﷲ لوال الحياء يومئذ بأن يأثر أصحابي علي الكذب لحدثته عنه حين‬ ‫‪1‬‬ ‫سألني ولكن استحييت أن يأثروا علي الكذب فصدقته عنه ‪.‬‬ ‫) فاستقم كما أمرت ومن تاب معك وال تطغوا إنه بما تعملون بصير ) ‪ ( 112‬وال تركنوا إلى‬ ‫الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون ﷲ من أولياء ثم ال تنصرون ) ‪(. ( 113‬‬ ‫قوله عز وجل ‪ ) :‬فاستقم كما أمرت ( أي ‪ :‬استقم على دين ربك ‪ ،‬والعمل به ‪ ،‬والدعاء إليه كما‬ ‫أمرت ) ومن تاب معك ( أي ‪ :‬ومن آمن معك فليستقيموا قال عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه ‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫االستقامة أن تستقيم على األمر والنھي ‪ ،‬وال تروغ روغان الثعلب ‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫عن عمر قال ‪ :‬إن الناس لن يزالوا مستقيمين ما استقامت لھم أئمتھم وھداتھم‬ ‫ت أَ ْن تَ ِميلُوا َم ْيالً َع ِظيما ً()النساء‪. (27 :‬‬ ‫) َوي ُِري ُد الﱠ ِذينَ يَتﱠبِعُونَ ال ﱠشھَ َوا ِ‬ ‫ض ِعيفًا َوإِنﱢى‬ ‫و ال تكفي االستقامة بغير قوة بقول الرسول البو ذر » يَا أَبَا َذرﱟ إِنﱢى أَ َراكَ َ‬ ‫‪4‬‬ ‫ال يَتِ ٍيم «‪.‬‬ ‫أُ ِحبﱡ لَكَ َما أُ ِحبﱡ لِنَ ْف ِسى الَ تَأ َ ﱠم َر ﱠن َعلَى ْاثنَي ِْن َوالَ ت َ​َولﱠيَ ﱠن َم َ‬ ‫ابو ذر الذي قال عنه َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ » -‬ما أَ َ‬ ‫ت‬ ‫ت ْالخَ ضْ َرا ُء َوالَ أَقَلﱠ ِ‬ ‫ظلﱠ ِ‬ ‫ق لَھ َْجةً ِم ْن أَبِى َذرﱟ «‬ ‫ْال َغب َْرا ُء ِم ْن َرج ٍُل أَصْ َد َ‬

‫‪ 1‬النسائي‬ ‫‪ 2‬تفسير البغوي‬ ‫‪ 3‬بن سعد‬ ‫‪ 4‬مسلم‬

‫‪34‬‬


‫القائد‬

‫‪ .4‬الثبات‬ ‫اح َدةً َك َذلِكَ لِنُثَبﱢتَ بِ ِه فُؤَ ادَكَ َو َرتﱠ ْلنَاهُ تَرْ تِ ً‬ ‫يال‬ ‫}( َوقَ َ‬ ‫ال الﱠ ِذينَ َكفَرُوا لَوْ َال نُ ﱢز َل َعلَ ْي ِه ْالقُرْ آَ ُن ُج ْملَةً َو ِ‬ ‫)‪{ (32‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ﱢ‬ ‫ب َعنك ْم ِرجْ زَ‬ ‫اس أ َمنَة ِمنهُ َويُنَز ُل َعل ْيك ْم ِمنَ ال ﱠس َما ِء َما ًء لِيُطھ َﱢرك ْم بِ ِه َويُذ ِھ َ‬ ‫} إِ ْذ يُ َغشيك ُم الن َع َ‬ ‫ان َولِيَرْ بِ َ‬ ‫ال ﱠش ْي َ‬ ‫ط َعلَى قُلُوبِ ُك ْم َويُثَبﱢتَ بِ ِه ْاألَ ْقدَا َم )‪{ (11‬‬ ‫ط ِ‬ ‫ي َعلَ ْينَا َغي َْرهُ َوإِ ًذا َالتﱠخَ ُذوكَ خَ لِ ً‬ ‫يال )‪(73‬‬ ‫} َوإِ ْن َكا ُدوا لَيَ ْفتِنُونَكَ ع َِن الﱠ ِذي أَوْ َح ْينَا إِلَ ْيكَ لِتَ ْفت َِر َ‬ ‫َولَوْ َال أَ ْن ثَبﱠ ْتنَاكَ لَقَ ْد ِكدْتَ تَرْ َك ُن إِلَ ْي ِھ ْم َش ْيئًا قَلِ ً‬ ‫ض ْعفَ‬ ‫ض ْعفَ ْال َحيَا ِة َو ِ‬ ‫يال )‪ (74‬إِ ًذا َألَ َذ ْقنَاكَ ِ‬ ‫َصيرًا )‪{(75‬‬ ‫ت ثُ ﱠم َال ت َِج ُد لَكَ َعلَ ْينَا ن ِ‬ ‫ْال َم َما ِ‬ ‫انظر الى رسول ﷲ حين يكلمه عمه في أن يترك ما يدعو اليه } يا عم‪ ،‬وﷲ لو وضعوا‬ ‫الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك ھذا األمر ـ حتى يظھره ﷲ أو أھلك فيه ـ‬ ‫ما تركته{‬ ‫و عن خباب بن األرت قال شكونا إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وھو متوسد بردة له في‬ ‫ظل الكعبة فقلنا أال تستنصر لنا أال تدعو لنا فقال قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في‬ ‫األرض فيجعل فيھا فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد‬ ‫ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه وﷲ ليتمن ھذا األمر حتى يسير الراكب من‬ ‫‪1‬‬ ‫صنعاء إلى حضرموت ال يخاف إال ﷲ والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون‬ ‫و يوم حنين كانت المفاجأة شديدة ففر الجيش فَأ َ ﱠما َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَلَ ْم يَفِ ﱠر‬ ‫آخ ٌذ بِلِ َجا ِمھَا ‪َ ،‬والنﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه‬ ‫‪ ،‬فَلَقَ ْد َرأَ ْيتُهُ َوإِنﱠهُ لَ َعلَى بَ ْغلَتِ ِه ْالبَي َ‬ ‫ْضا ِء َوإِ ﱠن أَبَا ُس ْفيَانَ ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫وسلم ‪ -‬يَقُو ُل » أَنَا النﱠبِ ﱡى الَ َك ِذبْ أَنَا اب ُْن َع ْب ِد ْال ُمطﱠلِبْ « ‪.‬‬ ‫بقول أحدھم‪ « :‬لكي يحافظ القائد على ھدوئه‪ ،‬عليه أن يعتاد على معالجة األمور المفجعة‬ ‫وكأنھا عادية‪ ،‬بدالً من معالجة األمور العادية وكأنھا فواجع »‪ ،‬ويقول كذلك‪ « :‬على القائد‬ ‫الذي يود أن يكون أھالً للقيادة أن يبدأ بقيادة نفسه وال يمكن لمن ال يسيطر على نفسه أن‬ ‫يسيطر على اآلخرين » ‪.‬‬ ‫‪ .5‬االيجابية‬ ‫القائد ايجابي و يحرص على وجود ايجابيين حوله‬ ‫ال يرى مشكلة اال و يبادر بحلھا‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫قال أنس بن مالك ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬كان فزع بالمدينة ‪ ،‬فاستعار‬ ‫ﱡ‬ ‫فرسا من أبي طلحة ‪ ،‬يقال له ‪ :‬المندوب ‪ ،‬فركب ‪ ،‬فلما رجع ‪ ،‬قال ‪ :‬ما رأينا من شيء ‪ ،‬وإن‬ ‫وجدناه لبحرا «‪.‬‬ ‫وفي رواية قال ‪ » :‬كان رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أحسنَ الناس َوجْ ھا ‪ ،‬وكان أجو َد‬ ‫ت‪،‬‬ ‫الناس‪ ،‬وكان أشجع الناس‪ ،‬ولقد فزع أھ ُل المدينة ذات ليلة ‪ ،‬فانطلق نَاس ِمن قِبَ ِل الصﱠوْ ِ‬ ‫فتلقاھم رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬راجعا ‪ ،‬وقد سبقھم إِلى الصوت ‪ -‬وفي رواية ‪ :‬وقد‬ ‫استبرأ الخبر ‪ -‬وھو على فرس ألبي طلحة عُرْ ي ‪ ،‬في ُعنُقِ ِه الس ُ‬ ‫تراعوا‪ .‬قال‬ ‫ﱠيف ‪ ،‬وھو يقول ‪ :‬لن َ‬ ‫‪ :‬وجدناه بحرا ‪ -‬أو إنه لبحر ‪ -‬قال ‪ :‬وكان فرسه يُبَطﱠأ ُ «‪.‬‬ ‫وفي أخرى مختصرا قال ‪ » :‬استقبلھم النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬على فرس عُرْ ي ‪ ،‬ما عليه‬ ‫َسرْ ج‪ ،‬في عنقه سيف «‪ .‬أخرجه البخاري ‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪35‬‬


‫القائد‬

‫‪ .6‬الذكاء االجتماعي‬

‫كل ما تريده سوف تحققه بمساعده االخرين‬ ‫أحرص على معاملة الموظفين كما تحب أن يعاملوك و عامل كل موظف كبر ام صغر في السلم‬ ‫الوظيفي كانه يساوى مليون جنية و أجعله يشعر و كأنه صاحب الشركة ال موظف لسان حاله و‬ ‫ت َوھُ ْم يَ ْنظُرُونَ {ويقول اثناء العمل } َربﱠنَا ا ْك ِش ْ‬ ‫ف َعنﱠا‬ ‫ھو ذاھب للعمل } َكأَنﱠ َما يُ َساقُونَ إِلَى ْال َموْ ِ‬ ‫اب إِنﱠا ُم ْؤ ِمنُونَ )‪ {(12‬و ينتظر ساعة الخروج } َربﱠنَا أَ ْخ ِرجْ نَا ِم ْنھَا فَإ ِ ْن ُع ْدنَا فَإِنﱠا َ‬ ‫ظالِ ُمونَ‬ ‫ْال َع َذ َ‬ ‫)‪{(107‬‬

‫‪36‬‬


‫القائد‬

‫ال تھمل المشاكل االسرية للموظفين و تعامل معھم كأخ لھم ال كاالت أنتاج و أحرص على عدم‬ ‫تأخير المرتب فلكل موظف التزامات مما سيؤثر على حالته النفسية‬ ‫قال رسول ﷲ} ثالثة أنا خصمھم يوم القيامة رجل أعطى بى ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه‬ ‫‪1‬‬ ‫ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره{‬ ‫‪2‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ير أجْ َرهُ قب َْل أ ْن يَ ِج ﱠ‬ ‫ف ع َ​َرقهُ «‪.‬‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ » -‬أَ ْعطُوا األَ ِج َ‬ ‫قال معاوية لضرار الصدائي‪ :‬صف لي عليأَ‪ ،‬فقال‪ :‬اعفني‪ .‬قال‪ :‬لتصفنه لي‪ ،‬قال‪ :‬أما إذا ال بد من‬ ‫وصفه؛ كان وﷲ بعيد المدى شديد القوى يقول فصالً ويحكم عدالً‪ ،‬يتفجر العلم من جوانبه وتنطق‬ ‫الحكمة من نواحيه‪ ،‬يستوحش من الدنيا وزھرتھا‪ ،‬ويأنس إلى الليل ووحشته‪ ،‬وكان عزيز العبرة‬ ‫طويل الفكرة يعجبه من اللباس ما قصر‪ ،‬ومن الطعام ما خشن‪ ،‬كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه‪،‬‬ ‫ويبينا إذا استبناه ونحن وﷲ مع تقريبه إيانا وقربه منا‪ ،‬ال نكاد نكلمه ھيبة له‪ ،‬يعظُم أھل الدين‬ ‫ويقرب المساكين‪ ،‬ال يطمع القوي في باطله وال ييأس الضعيف من عدله‪ .‬وأشھد لقد رأيته في‬ ‫بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه‪ ،‬قابضا ً على لحيته يتململ تململ السليم‬ ‫ي تشوقت؛ ھيھات قد باينتك‬ ‫ويبكي بكاء الحزين‪ ،‬ويقول‪ :‬يا دنيا غرُي غيري‪ ،‬إلي تعرضت أو إل ﱠ‬ ‫‪3‬ثالثا ً ال رجعة فيھا‪ ،‬فعمرك قصير وخطرك كثير‪ ..‬آه آه من قلة الزاد‪ ،‬وبعد السفر‪ ،‬ووحشة‬ ‫الطريق‪ ،‬فبكى معاوية‪ ،‬وقال‪ :‬رحم ﷲ أبا الحسن كان وﷲ كذلك‪.،‬‬ ‫يقول سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫يعني مثالً أنا في قياداتي اللي فاتت كلھا كنت دايما ً أحب أكون على اتصال مباشر بالضباط‬ ‫والجنود‪ ،‬وكانت القيادات بتاعتي تسمح لي بھذا‪ .‬يعني أنا لما كنت قائد كتيبة‪،‬كنت بأشوف‬ ‫الضباط والجنود يوماتي‪ ،‬وأنكلم معاھم‪ .‬لما أصبحت مثالً قائد لواء أو قائد القوات الخاصة‪،‬‬ ‫أستطيع إن أنا أشوفھم كل أسبوع‪ ،‬يعني بحيث ما يمرش أسبوع من غير ما أشوف الضابط‬ ‫والعسكري‪ ،‬كل ضابط وعسكري‪ ،‬أتكلم معاه‪ .‬ولما رحت منطقة البحر األحمر ‪-‬األلف كيلو‪ -‬دي‬ ‫كنت باخد ‪ ..‬آخدھا من الشمال في الجنوب تاخد مني ‪ 15‬يوم!! يعني بأفوت على كل ضابط‬ ‫وعسكري مرة كل شھر‪.‬‬ ‫و‪ 15‬يوم اللي ھم بتوع القمرة دي اللي إسرائيل بيھجموا فيھا أقعدھم في غرفة العمليات علشان‬ ‫أحاورھم بقى‪.‬‬ ‫عشان أتابع‪ ،‬فكنت بأشوف الضباط والجنود كل شھر‪ .‬طب‪ ،‬لما جيت أنا رئيس األركان‪،‬‬ ‫والقوات منتشرة من اإلسكندرية‪...‬إلى أسوان‪ ،‬ومن ھنا لمرسى مطروح لكذا لكذا لكذا‪ ،‬كيف‬ ‫يمكنني أن أنا أربط شخصيتي وأفكاري مع الضباط والجنود؟ ابتكرت يرضه حاجة جديدة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬أنا أعمل مؤتمر شھري أدعو فيه مستويين أقل مني أنا بيني وبين العسكري سبع قيادات‪..‬‬ ‫وكل واحد منھم بيوصل األوامر للي تحت منه‪ ،‬إذا حصل أي خلل في إيه؟ في حلقة من الحلقات‬ ‫دي‪ ،‬ھتبقى النتيجة مش جيدة‪ .‬فأنا عايز أسيطر على الحلقة دي كلھا بحيث االتصال بيني وبين‬ ‫الجندي يبقى شبه مباشر‪.‬‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬رواة بن ماجة و ھو حسن لغيره‬ ‫‪ 3‬طلقتك‬

‫‪37‬‬


‫القائد‬

‫فابتديت قلت‪ :‬أعمل إيه؟ المؤتمر الشھري إن أنا بأدعو فيه قيادتين أقل‪ ،‬القيادتين األقل إيه؟ اللي‬ ‫ھي‪ :‬قيادات القوات الكبيرة‪ ،‬القوات الجوية‪ ،‬والدفاع الجوي‪ ،‬والبحرية وإلى آخره‪ .‬المستوى‬ ‫األقل منه في القيادة وييجي قائد الجيوش البرية‪ ،‬الجيش الثاني‪ ،‬الجيش الثالث‪ ،‬منطقة البحر‬ ‫األحمر‪ ،‬وييجي قادة الفرق‪ ،‬يبقى أنا حققت مستويين أقل مني بأشوفھم مرة كل شھر‪ ،‬وكل واحد‬ ‫منھم يحكي لي على مشكلته‪ ،‬وأحلھا له وإحنا قاعدين‪.‬‬ ‫أنا رئاسة األركان بتاعتي فيھا عدد ضخم من الضباط‪ ،‬إنما على قمتھم ‪ 40‬لواء‪ ،‬كل واحد في‬ ‫تخصص معين‪ ،‬فبألم الـ ‪ 40 ..‬لواء دول مع القيادات التانيين اللي ھي المستويين دول بيكونوا‬ ‫حوالي ‪ ،50 -40‬يبقى بنكون حوالي ‪ 90‬أو ‪ 100‬واحد‪.‬‬ ‫ده بيشتكي الحل بتاعه عند التاني‪.‬‬ ‫وده بيشتكي الحل التاني عنده قائد فرقة‪ ،‬لما ييجوا مثالً بتوع ‪ ..‬يقول لك‪ :‬القادة الميدانيين ما‬ ‫بيستخدموش المعدات استخدام صح‪ ،‬وبيرموا الحاجات على الصيانة وكذا وكذا وكذا‪ ،‬والتانيين‬ ‫يقول لك‪ :‬الروتين كذا كذا كذا‪ .‬فأنا راجل أصبحت على قمة الجھازين‪ ،‬فبأوفق بينھم فعملت نوع‬ ‫من التمازج والتزاوج بحيث إن أصبح القادة الميدانيين أخذوا ‪ ..‬ياخدوا ثقة في‪...‬‬ ‫أحمد منصور ]مقاطعا ً‪]:‬‬ ‫ودي لعبت دور في اإلعداد للحرب؟‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫طبعا ً ‪ ..‬طبعا ً‪.‬‬ ‫أحمد منصور‪:‬‬ ‫لعبت دور في إزالة المشاكل الموجودة بين القيادات وبين األسلحة‪.‬‬

‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫وإذا كانت ھناك مشكلة من المشاكل العويصة اللي ما تقدرش تتحل في الوقت‪ ،‬فأروح مشكل‬ ‫ي قبل المؤتمر التاني‪ ،‬فتيجي محلولة في‬ ‫لجنة مشتركة من الطرفين‪ ،‬وعلى أساس أن تعرض عل ﱠ‬ ‫الدور ‪ ..‬اللقاء اآلخر‪.‬‬ ‫أحمد منصور‪:‬‬ ‫ھذا على مستوى اإلعداد فيما يتعلق باألفراد‪...‬‬ ‫سعد الدين الشاذلي ]مقاطعا ً‪]:‬‬ ‫ده لسه ‪ ..‬ده لسه‪ ،‬ده أنا بعد كده ھوك علشان خدت ثالثة مستويات منھم بالتوجيھات‪ ،‬وصلت إلى‬ ‫قائد سرية‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫القائد‬

‫أحمد منصور ]مقاطعا ً‪]:‬‬ ‫يعني ربطتَ نفسك وأنتَ في قمة الھرم‪.‬‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫بالعسكري ‪ ..‬بالعسكري‪.‬‬ ‫أحمد منصور‪:‬‬ ‫أنت بتعتبر إنك أول رئيس أركان يقوم بھذا األمر؟‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫صح‪ ،‬وال أحد يستطيع أن يقول‪ :‬أنه عمله قبلي‪ ،‬أو حتى استمر عليه من بعدي‪ ،‬أو حتى استمر ‪..‬‬ ‫لألسف حتى استمر عليه من بعدي غير موجود‪.‬‬ ‫أحمد منصور‪:‬‬ ‫ما تحليك العسكري لھذا األمر في عملية اإلعداد؟ لعب دور كبير؟‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫طبعا ً ‪ ..‬طبعاً‪ ،‬ألنه من ضمن التوجيھات اللي بأقول عليھا دي التوجيه‪ 41‬اللي ھو الفرقة المشاة‬ ‫في عبور مانع مائي‪ .‬ھذا التوجيه ‪ ..‬اسم التوجيه إلى صفحتين ثالثة‪ ،‬ده حوالي ‪ 750‬صفحة‪،‬‬ ‫ويشمل واجب قائد الفرقة‪ ،‬اعتباراً من قائد الفرقة إلى أحدث عسكري ‪ ..‬يعمل إيه من ساعة ما‬ ‫نقوله الحرب الساعة كذا‪ ،‬يوم كذا‪ .‬يصبح بينفذ طابور تكتيكي دوله‪ ،‬يعني بخطة موضوعة‪.‬‬ ‫أحمد منصور‪:‬‬ ‫ده كان جاھز قبل الحرب بأد إيه؟‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫كان جاھز قبل الحرب بأد إيه؟ يعني تقدر تقول ‪ ..‬نقول‪ :‬إنه ُجھﱢز في حوالي شھر مارس‬ ‫‪1973‬م‪ ،‬وإنما أخذ إعداده ييجي ‪ 5 ،4‬أشھر‪ ،‬يعني بدأت فيه من بدري‪ ،‬ولكن كل ما فتح أبص‬ ‫تالقي إيه؟ بتتفتح حاجات‪.‬‬ ‫أحمد منصور‪:‬‬ ‫تقدر تقول‪ :‬إنك في الفترة دي‪ ،‬إن الجو النفسي في الجيش أعدت أو تم إعادة الثقة للجندي الذي‬ ‫ھزم في حرب ‪1967‬م؟‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬

‫‪39‬‬


‫القائد‬

‫طبعا ً‪.‬‬ ‫أحمد منصور‪:‬‬ ‫أصبح ھذا الجندي وھذا الضابط يتوقع أنه يمكنه أن يدخل معركة وينتصر؟‬ ‫سعد الدين الشاذلي‪:‬‬ ‫ده كان واثقا ً‪ ،‬يعني ألن ھذه الثقة كانت منبعثه من عندي فكانت بتنعكس على الجنود‪ .‬أنا كنت‬ ‫داخل الحرب وأنا أعلم تماما ً أننا ال بد وأن ننتصر‪ ،‬البد أن ننتصر وسننتصر‪ .‬وانتصرنا بإذن‬ ‫ﷲ‪ ،‬بالعكس ده أنا كنت مقدر خسائر أكثر مما حدث‪ ،‬يعني في تقديري على إن الخسائر بتاعة‬ ‫العبور قد تصل إلى ‪ 1500‬قتيل‪...‬‬

‫‪40‬‬


‫القائد‬

‫‪ .7‬يحسن معاملة اتباعة‬ ‫قال ابو بكر الصديق لعمرو بن العاص‪ :‬أرفق بجندك في مسيرك‪ ،‬وتعھدھم بنفسك‪ ،‬وإذا‬ ‫انتھيت إلى فلسطين فعسكر ھناك حتى تلحقك الجيوش‪ ،‬وإياك والوھن‪ ،‬وال تقل رمي بي في‬ ‫نحر العدو فقد رأيت نصر ﷲ إيانا ونحن قليل‪ ،‬وأكرم وجوه من معك تستنزل نصائحھم‪،‬‬ ‫وتستخرج ما عندھم‪.‬‬ ‫‪ .8‬حرص على وحدة الصف‬ ‫رسول ّ‬ ‫ب معه‬ ‫قال جابر ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪َ :: -‬غ َزوْ نا مع‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬وقَ ْد ثَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َض َ‬ ‫ناسٌ من المھاجرين حتى َكثُرُوا ‪،‬وكان ِمن المھاجرينَ رج ٌل لَعﱠابٌ ‪ ،‬فَ َك َس َع أنصاريّا ‪ ،‬فَغ ِ‬ ‫ْ‬ ‫نصاريﱡ َغ ّ‬ ‫المھاجريﱡ ‪:‬‬ ‫ار ‪ ،‬وقال‬ ‫ال األ ْن َ‬ ‫األ َ‬ ‫ِ‬ ‫ضبا شديدا ‪ ،‬حتى تَدَاعَوْ ا ‪،‬وقال األنصاريﱡ ‪ :‬يَ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال ‪َ :‬ما بَال َد ْع َوى الجاھلية ؟ ثم قال ‪َ :‬ما‬ ‫يال المھاجرينَ ‪ ،‬فَخَ َر َج‬ ‫َ‬ ‫ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ :‬د ُعوھا‬ ‫صاريﱢ ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال‬ ‫َشأْنُھُ ْم ؟ فأخبر ب َك ْس َع ِة المھا ِجريﱢ األ ْن‬ ‫ﱡ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬فإنھا خبيثةٌ ‪ ،‬وقال عب ُد ّ‬ ‫ﷲ ُ‬ ‫سلول ‪ :‬أَقَ ْد تَدَاعَوْ ا علينا ؟ لئن َر◌َ َج ْعنَا إلى المدينَ ِة‬ ‫بن‬ ‫ٍ‬ ‫بن أُبَ ﱢى ِ◌ ِ‬ ‫الخبيث ؟ ‪ -‬لعب ِد ّ‬ ‫لَي ُْخ ِر َج ﱠن األَع ﱡَز منھا األ َذ ﱠل ‪ ،‬قال عمر ‪ :‬أالَ نَ ْقتُ ُل يا نبي ّ‬ ‫َ‬ ‫ﷲَ ‪ -‬فقال‬ ‫ﷲِ ھذا‬ ‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » :‬ال يَت َ​َح ﱠد ُ‬ ‫ث النﱠاسُ أَنﱠهُ كان يَ ْقتُ ُل أصحابَهُ «‪.‬‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي صلى ﷲ عليه وسلم فَ َسألهُ القَ َو َد ؟ فقال ‪ :‬د ُعوھا ‪،‬‬ ‫النب‬ ‫َى‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫نه‬ ‫أ‬ ‫إال‬ ‫‪،‬‬ ‫نحوه‬ ‫رواية‬ ‫وفي‬ ‫ﱠ‬ ‫فإنھا ُمن ْتنَةٌ‪ ...‬الحديث ‪ ،‬ھذه رواية البخاري ‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫الحسن ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجبال ‪،‬‬ ‫ثال‬ ‫عاويةَ بِ َكتَائِ َ‬ ‫قال الحسن البصري ‪ -‬رحمه ﷲ ‪:-‬ا ْستَ ْقبَ َل وﷲِ‬ ‫ِ‬ ‫ب أَ ْم ِ‬ ‫بن عل ّي ُم ِ‬ ‫فقال َع ْمرو ُ‬ ‫ب ال تُولﱢي حتى تَ ْقتُ َل أ ْق َرانَھَا ‪ ،‬فقال ]له[‬ ‫بن‬ ‫العاص لِ ُم َعاويةَ ‪ :‬إِنﱢي ألرى كتَائِ َ‬ ‫ِ‬ ‫معاويةُ ‪ -‬وكان وﷲِ خَ ي َْر الرجلين ‪ : -‬أَي عمرو ‪ » :‬أَرأيتَ ْ‬ ‫إن قَت َ​َل ھؤالء ھؤالء‪ ،‬وھؤالء‬ ‫ُ‬ ‫ضي َعتِھم ؟ « فَبَ َع َ‬ ‫ُلين من‬ ‫مور‬ ‫الناس ؟ َم ْن لي بِن َسائِ ِھ ْم ؟ َم ْن لي بِ َ‬ ‫ث إليه َرج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ھؤالء‪َ ،‬م ْن لي بأ ِ‬ ‫ش من بني عبد َشمس ‪ :‬عب َد الرحمن بن َس ُمرة ‪ ،‬وعب َد ﷲ بن عامر ‪ ،‬فقال‪ْ :‬اذھَبا إلى‬ ‫قري ٍ‬ ‫ضا عليه ‪ ،‬وقوال لَهُ ‪ ،‬واطلُبا إِليه ‪ ،‬فَأَتَيَاهُ ‪ ،‬فَدَخال عليه ‪ ،‬وتَ َكلﱠ َما ‪ ،‬وقاال له ‪،‬‬ ‫اعر َ‬ ‫الر ِ‬ ‫ﱠجل فَ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ُ‬ ‫صبْنا من ھذا المال‪ ،‬وإِ ﱠن ھذه‬ ‫طلَبا إليه ‪ ،‬فقال لھم‬ ‫علي ‪ :‬إنﱠا بَنُو عب ِد المطلب قَد أَ َ‬ ‫الحسن بن ﱟ‬ ‫ْرضُ عليك كذا وكذا ‪ ،‬ويَ ْ‬ ‫طلُبُ إليكَ ويسألُكَ ؟ قال ‪:‬‬ ‫األ ﱠمةَ قد عاثَت في ِدمائِ ِھا ‪ ،‬قاال‪ :‬فإنه يَع ِ‬ ‫صالَ َحهُ ‪ ،‬قال‬ ‫فَ َمن لي بھذا ؟ ‪ .‬قاال ‪ :‬نحن لك به ‪ ،‬فما َسأَلَھُما شيئا إال قاال ‪ :‬نَحْ ُن لك به ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬على المنبَ ِر‬ ‫رأيت‬ ‫سمعت أبا بَ ْك َرةَ يقول ‪:‬‬ ‫الحسن ‪ :‬ولقد‬ ‫َ‬ ‫علي إلى َج ْنبِ ِه ‪ ،‬وھو يُ ْقبِ ُل على الناس َم ﱠرة ‪ ،‬وعليه أخرى ‪ ،‬ويقول ‪ » :‬ﱠ‬ ‫والحسن ُ‬ ‫ُ‬ ‫إن ابني‬ ‫بن ﱟ‬ ‫‪1‬‬ ‫َين من المسلمين«‬ ‫َين َع ِظي َمت ِ‬ ‫ھذا َسيﱢ ٌد ‪ ،‬ول َع ﱠل ﷲَ أَ ْن يُصلِ َح به بَ ْينَ فِئت ِ‬

‫‪ .9‬علو الھمه‬

‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪41‬‬


‫القائد‬

‫أن االسالم يعلمنا علو الھمة قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ) إذا سألتم ﷲ تعالى‬ ‫فاسألوه الفردوس األعلى في الجنة (‬ ‫‪1‬‬ ‫َ‬ ‫معالي األمور وأشرافھا‪ ،‬ويكره سفسافھا(‬ ‫))إن ﷲ ‪ -‬تعالى ‪ -‬يحبﱡ‬ ‫َ‬ ‫و نزل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم بأعرابي فأكرمه فقال له رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه و سلم ‪ :‬تعھدنا ائتنا ‪ 2‬فأتاه األعرابي فقال له رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ‪ :‬ما‬ ‫حاجتك ؟ فقال ‪ :‬ناقة برحلھا و بحر لبنھا أھلي فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ‪ :‬عجز‬ ‫ھذا أن يكون كعجوز بني إسرائيل فقال له أصحابه ‪ :‬ما عجوز بني إسرائيل يا رسول ﷲ ؟‬ ‫فقال ‪ :‬إن موسى حين أراد أن يسير ببني إسرائيل ضل عنه الطريق فقال لبني إسرائيل ما‬ ‫ھذا ؟ قال فقال له علماء بني إسرائيل ‪ :‬إن يوسف عليه السالم حين حضره الموت أخذ علينا‬ ‫موثقا من ﷲ أن ال نخرج من مصر حتى تنقل عظامه معنا فقال موسى ‪ :‬أيكم يدري أين قبر‬ ‫يوسف ؟ فقال علماء بني إسرائيل ما يعلم أحد مكان قبره إال عجوز لبني إسرائيل فأرسل إليھا‬ ‫موسى فقال ‪ :‬دلينا على قبر يوسف قالت ‪ :‬ال و ﷲ حتى تعطيني حكمي فقال لھا ‪ :‬ما حكمك ؟‬ ‫قالت ‪ :‬حكمي أن أكون معك في الجنة فكأنه كره ذلك قال فقيل له ‪ :‬اعطھا حكمھا فأعطاھا‬ ‫حكمھا فانطلقت بھم إلى بحيرة مستنقعة ماء فقالت لھم ‪ :‬انضبوا ھذا الماء فلما انضبوا قالت‬ ‫لھم ‪ :‬احفروا فحفروا فاستخرجوا عظام يوسف فلما أن أقلوه من األرض إذ الطريق مثل‬ ‫‪3‬‬ ‫ضوء النھار‬ ‫فتامل كيف غضب رسول ﷲ من االعرابي حين ھبطت ھمته الى الدنيا ‪ ،‬و عجب اال‬ ‫يكون كعجوز بني اسرائيل التى طلبت مرافقة االنبياء في الجنة‬ ‫مثل ما يقو ُل‬ ‫و قال رسول ﷲ ضاربا لنا نموذج في علو الھمه ‪ :‬إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا َ‬ ‫ى صالةً صلى ﷲُ عليه بھا عشرًا ثم سلوا ﷲَ لى الوسيلةَ فإنﱢھا‬ ‫ى فإنﱠه َم ْن صلى عل ﱠ‬ ‫ثم صلﱡوا عل ﱠ‬ ‫أن أكونَ أنا ھو فمن سأل لى الوسيلةَ‬ ‫منزلةٌ فى الجن ِة ال تنبغى إال لعب ٍد من عبا ِد ﷲِ وأرجو ْ‬ ‫ُ‪4‬‬ ‫ْ‬ ‫حلت عليه الشفاعة‬ ‫ُ‬ ‫وأوصيت‬ ‫قال صالح الدين ‪ " :‬في نفسي أنه متى يسّر ﷲ لي فتح بقية الساحل قسّمت البالد ‪،‬‬ ‫وو ّدعت ‪ ،‬وركبت ھذا البحر إلى جزائره أتبعھمم فيھا ‪ ،‬حتى ال أبقي على وجه األرض من‬ ‫يكفر با) ‪ ،‬أو أمــــــــــــــــوت "‬ ‫‪ .10‬يمتلك رؤية مستقبلية لالحداث‬ ‫يمكنه التنبؤ بما سيحدث بناء على تجارب سابقة و المعلومات المتوفرة‬ ‫ھناك ادارة تنتظر وقوع المشكلة التخاذ اجراءات حل المشكلة و ھناك ادارة تملك نظرة‬ ‫مستقبلية لتالفي المشكلة و معرفة المشكلة قبل حدوثھا‬ ‫مثلما حدث في غزوة االحزاب كانت ھناك جبھتين الجبھه االولى بقيادة الرسول و الجبھه‬ ‫االخرى اليھود و قريش و غطفان‬ ‫" لم تكن المدينة غافلة عما يجري ضدھا في مكه و يبن مضارب البدو في نجد ‪ ،‬فقد كانت‬ ‫استخبارتھا العسكرية على غاية من التيقظ و النشاط‬ ‫‪" 1‬صحيح الجامع"؛ لأللباني‬ ‫‪ 2‬كان رسول ﷲ يكأفئ كل من أحسن معه‬ ‫‪ 3‬ھذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه‬ ‫‪ 4‬مسلم‬

‫‪42‬‬


‫القائد‬

‫فقد كان رجالھا يتتبعون حركات الوفد اليھودي منذ فصل من خيبر في اتجاة مكه ‪ ،‬و كانت‬ ‫على علم تام بكل ما يجري بين الوفد اليھودي و بين قريش اوال ثم غطفان ثانيا‬ ‫فكان رجال ھذه االستخبارات يبعثون بمعلوماتھم الخطيرة عن مفاوضات االحزاب اوال باول‬ ‫فظل المسلمون على غاية من الحذر و الترقب ينتظرون النتائج النھائية للمساعي التى كان‬ ‫يقوم بھا وفد خيبر لدى تلك القبائل العربية المعادية للمسلمين‬ ‫و بمجرد حصول الوفد اليھودي على موافقة قريش و غطفان على انشاء االتحاد العسكري‬ ‫الثالثي المؤلف من اليھود و غطفان و قريش تلقت المدينة من رجال استخبارتھا ھذا النبأ‬ ‫الخطير ‪ ،‬كما تلقت المدينة بعد ذلك من رجال استخبارات جيشھا ما يجب أن تحصل عليه‬ ‫من معلومات دقيقة عن مبلغ قوة جيوش االحزاب و عدد جنوده و اسماء قادته و متى سيكون‬ ‫ميعاد تحركه نحو المدينة‬ ‫و فور حصول المدينة على ھذه المعلومات عن العدو شرع الرسول في اتخاذ االجراءات‬ ‫الفورية الدفاعية الالزمة و دعا الى اجتماع عاجل حضره كبار قاده الجيش من المھاجرين و‬ ‫االنصار ‪ "1‬و تم اقرار خطة سلمان بحفر الخندق و استمر العمل به ليال و نھارا‬ ‫على الجانب االخر فقد فوجئوا بالخندق مفاجأة كامله‬ ‫"فقد وقف قادة االحزاب حائرين أمام ھذه المكيدة الكبيرة "الخندق" ھذه المكيدة التى ما كان‬ ‫‪2‬‬ ‫العرب يكيدونھا و ال يعرفون عنھا شيئا في تاريخھم الطويل"‬ ‫و قبل الھجرة ارسل جزء من المھاجرين الى الحبشة و ارسل مصعب بن عمير الى المدينة‬ ‫في نظرة مستقبلية لالحداث‬ ‫و حين عرض عليه اھالك اھل الطائف قال } بل أرجو أن يخرج من أصالبھم من يعبد ﷲ‬ ‫ً ‪3‬‬ ‫وحده ال يشرك به شيئا‪{ .‬‬ ‫عن تميم الداري رضي ﷲ عنه قال ‪ ) : :‬سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم يقول ‪:‬‬ ‫ليبلغن ھذا األمر مبلغ الليل و النھار و ال يترك ﷲ بيت مدر و ال وبر إال أدخله ھذا الدين بعز‬ ‫‪4‬‬ ‫عزيز أو بذل ذليل يعز بعز ﷲ في اإلسالم و يذل به في الكفر (‬ ‫و في قصة سيدنا يوسف رؤية مستقبلية لالحداث و معالجة المشكلة قبل حدوثھا بسبع سنوات‬ ‫حيث اشار على الملك بادخار ما ينتج من الزراعة في سنوات الرخاء اال ما يكفي لالكل تحسبا‬ ‫لسنوات عجاف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ان يَأكلھ ﱠُن َس ْب ٌع ِع َج ٌ‬ ‫ُف أَ ﱡيھَا الصﱢ دﱢي ُ‬ ‫}يُوس ُ‬ ‫ت خضْ ٍر‬ ‫اف َو َسب ِْع ُسنب َُال ٍ‬ ‫ق أفتِنَا فِي َسب ِْع بَقَ َرا ٍ‬ ‫ت ِس َم ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱢ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ص ْدتُ ْم‬ ‫َوأُخَ َر يَابِ َسا ٍ‬ ‫ال تَز َر ُعونَ َس ْب َع ِسنِينَ دَأبًا فَ َما َح َ‬ ‫اس لَ َعلھُ ْم يَ ْعلَ ُمونَ )‪ (46‬قَ َ‬ ‫ت لَ َعلي أرْ ِج ُع إِلَى الن ِ‬ ‫فَ َذرُوهُ فِي ُس ْنبُلِ ِه إِ ﱠال قَلِ ً‬ ‫يال ِم ﱠما تَأْ ُكلُونَ )‪ (47‬ثُ ﱠم يَأْتِي ِم ْن بَ ْع ِد َذلِكَ َس ْب ٌع ِشدَا ٌد يَأْ ُك ْلنَ َما قَ ﱠد ْمتُ ْم لَھ ﱠُن إِ ﱠال‬ ‫صنُونَ )‪ (48‬ثُ ﱠم يَأْتِي ِم ْن بَ ْع ِد َذلِكَ عَا ٌم فِي ِه يُغ ُ‬ ‫قَلِ ً‬ ‫ْصرُونَ )‪{ (49‬‬ ‫َاث النﱠاسُ َوفِي ِه يَع ِ‬ ‫يال ِم ﱠما تُحْ ِ‬ ‫‪ 1‬موسوعة الغزوات الكبرى‬ ‫‪ 2‬موسوعة الغزوات الكبرى‬ ‫‪ 3‬مسلم‬ ‫‪ 4‬صححه االلباني‬

‫‪43‬‬


‫القائد‬

‫يقول محمد علي كالي‬ ‫‪The man who has no imagination has no wings‬‬ ‫الذي ال يحلم ليست لديه اجنحه‬ ‫و يقول محمد علي كالي‬ ‫"االبطال اليصنعون في صاالت التدريب ‪ ،‬االبطال يصنعون من اشياء عميقة في داخلھم‬ ‫ھى االرادة و الحلم و الرؤية "‬ ‫القائد الحق ھو الذي لدية رؤية مستقبلية واضحة و يستطيع نقلھا لألخرون‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھو‬ ‫قال خباب بن األرت ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪َ » : -‬ش َكوْ نا إِلى‬ ‫ِ‬ ‫ص ُر لنا؟ أال تَ ْدعو ]ﷲ[ لنا؟ فقال‪ :‬قد كان َم ْن قبلكم‬ ‫متوسﱢد بُرْ دة له في ظل الكعبة ‪ ،‬فقلنا‪ :‬أال تَ ْستَ ْن ِ‬ ‫ض ُع على ْ‬ ‫رأسه ‪ ،‬فيُجْ َع ُل‬ ‫يُؤخَ ُذ الرجل ‪ ،‬فيُحْ فَر له في األرض‪ ،‬فَيُجْ َع ُل فيھا‪ ،‬ثم ي ُْؤتَى بالمنشار‪ ،‬فيو َ‬ ‫نصفين ‪ ،‬ويُ ْم َشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ‪ ،‬ما يَص ﱡده ذلك عن دينه ‪ ،‬وﷲ لَيُتِ ﱠم ﱠن ﷲُ‬ ‫والذئب على غنمه ‪،‬‬ ‫ھذا‬ ‫َ‬ ‫األمر حتى يَ َ‬ ‫َ‬ ‫سير الراكبُ من صنعا َء إِلى َحضْ َر َموْ تَ ‪ ،‬ال يخاف إِال ﷲَ‬ ‫‪1‬‬ ‫ولكنﱠكم تستعجلون«‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ى ْبنَ َحاتِ ٍم ‪ -‬رضى ﷲ عنه ‪ُ -‬ك ْن ُ‬ ‫ت ِع ْن َد َرسُو ِل ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَ َجا َءهُ َر ُجالَ ِن‬ ‫قال َع ِد ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » -‬أ ﱠما‬ ‫يل ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫أَ َح ُدھُ َما يَ ْش ُكو ال َع ْيلَةَ ‪َ ،‬واآل َخ ُر يَ ْش ُكو قَط َع ال ﱠسبِ ِ‬ ‫قَ ْ‬ ‫ير ‪َ ،‬وأَ ﱠما ْال َع ْيلَةُ فَإ ِ ﱠن‬ ‫يل فَإِنﱠهُ الَ يَأْتِى َعلَ ْيكَ إِالﱠ قَلِي ٌل َحتﱠى ت َْخر َ‬ ‫ط ُع ال ﱠسبِ ِ‬ ‫ُج ْال ِعي ُر إِلَى َم ﱠكةَ بِ‪َ 2‬غي ِْر خَ فِ ٍ‬ ‫ص َدقَتِ ِه الَ يَ ِج ُد َم ْن يَ ْقبَلُھَا ِم ْنهُ‬ ‫السﱠا َعةَ الَ تَقُو ُم َحتﱠى يَطُوفَ أَ َح ُد ُك ْم بِ َ‬ ‫ارةَ إِالﱠ بِ َ‬ ‫ار ٍة ‪َ ،‬والَ إِ َم َ‬ ‫ال ُع َم ُر ‪ :‬الَ إِ ْسالَ َم إِالﱠ بِ َج َما َع ٍة ‪َ ،‬والَ َج َما َعةَ إِالﱠ بِإ ِ َم َ‬ ‫قَ َ‬ ‫طا َع ٍة ‪ ،‬فَ َم ْن َس ﱠو َدهُ‬ ‫‪3‬‬ ‫ْ‬ ‫قَوْ ُمهُ َعلَى الفَ ْق ِه َكانَ َحيَاةً لَهُ َولَھُ ْم ‪َ ،‬و َم ْن َس ﱠو َدهُ قَوْ ُمهُ َعلَى َغي ِْر فِ ْق ٍه َكانَ ھَالَكا ً لَهُ َولَھُ ْم‪.‬‬ ‫وروي عن عمر ‪ ،‬رضي ﷲ عنه ‪ ،‬أنه رأى في روث فرس شعيرا في عام مجاعة فقال ‪:‬‬ ‫لئن عشت ألجعلن له من غرز النقيع ما يغنيه عن قوت المسلمين أي يكفه عن أكل الشعير ‪ ،‬وكان‬ ‫يومئذ قوتا غالبا للناس ؛ يعني الخيل واإلبل ؛ عنى بالغرز ھذا النبت ؛ والنقيع ‪ :‬موضع حماه‬ ‫عمر ‪ ،‬رضي ﷲ عنه ‪ ،‬لنعم الفيء والخيل المعدة للسبيل ‪.‬‬ ‫و تأمل في قول مؤسس الدولة العباسية محمد بن على بن عبدﷲ بن عباس}"إن الشام أموية‬ ‫وال يعرفون إال آل أبي سفيان‪ ،‬والبصرة عثمانية ‪-‬نسبة إلى عثمان بن عفان‪ -‬أي يدينون بالكف‬ ‫عن القتل والقتال‪ ،‬ويقولون كن عبد ﷲ المقتول وال تكن عبد ﷲ القاتل‪ ،‬والكوفة شيعة علي‪ ،‬وأما‬ ‫الجزيرة‪ -‬بين دجلة والفرات‪ -‬فخوارج مارقة‪ ،‬أعراب مسلمون في أخالق النصارى‪ ،‬وأما مكة‬ ‫والمدينة فتعيشان على ذكرى أبي بكر وعمر‪ ،‬وأما خراسان ففيھا العدد الكثير والجلد الظاھر‪،‬‬ ‫وصدور سليمة‪ ،‬وقلوب فارغة لم تتقسمھا األھواء"‪ .‬فأھل خراسان بتعبير اليوم ھم " مادة‬ ‫خام"‪{.‬‬ ‫و تأمل في صنع نور الدين الزنكي في صناعة المنبر قبل تحرير القدس بسنين و مات قبل‬ ‫تحريرھا بسنين و لكن كانت لديه وجھه نظر مستقبلية لالحداث‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬سنن الدارمي‬

‫‪44‬‬


‫القائد‬

‫‪ .11‬القوة‬ ‫} ﱠ‬ ‫خير من استأجرتَ القويﱡ األمين {‬ ‫إن َ‬ ‫‪1‬‬

‫ض َي ﱠ‬ ‫‪ 1‬قال االمام بن تيمية َفصْ ٌل اجْ تِ َما ُ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ يَقُو ُل ‪ :‬اللﱠھُ ﱠم أَ ْش ُكو إلَيْك َجلَ َد‬ ‫ب َر ِ‬ ‫اس قَلِي ٌل ؛ َو َكانَ ُع َم ُر بْنُ ْالخَطﱠا ِ‬ ‫ع ْالقُ ﱠو ِة َو ْاألَ َمانَ ِة فِي النﱠ ِ‬ ‫اجبُ فِي ُك ﱢل ِو َاليَ ِة ْ َ‬ ‫ظ ُم أَ َمانَةً َو ْاآل َخ ُر أَ ْع َ‬ ‫األصْ لَ ُح بِ َح ْسبِھَا ‪ .‬فَإ ِ َذا تَ َعيﱠنَ َرج َُال ِن أَ َح ُدھُ َما أَ ْع َ‬ ‫ك‬ ‫ظ ُم قُ ﱠوةً ؛ قُ ﱢد َم أَ ْنفَ ُعھُ َما لِتِ ْل َ‬ ‫ْالفَا ِج ِر َوعَجْ َز الثﱢقَ ِة ‪ .‬فَ ْال َو ِ‬ ‫ب ال ﱠر ُج ُل ْالقَ ِويﱡ ال ﱡش َجا ُ‬ ‫ع ‪َ -‬وإِ ْن َكانَ فِي ِه فُجُو ٌر ‪َ -‬علَى ال ﱠر ُج ِل ال ﱠ‬ ‫يف ْال َعا ِج ِز َوإِ ْن‬ ‫ْال ِو َاليَ ِة ‪َ :‬وأَقَ ﱡلھُ َما َ‬ ‫ض ِع ِ‬ ‫ض َررًا فِيھَا ؛ فَيُقَ ﱠد ُم فِي إ َما َر ِة ْال ُحرُو ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ض ِعيفٌ َم َع أيﱢ ِھ َما يُ ْغزَى ؟‬ ‫اإل َما ُم أحْ َمد ‪ :‬ع َْن ال ﱠر ُجلَ ْي ِن يَ ُكونَا ِن أ ِمي َر ْي ِن فِي الغ َْز ِو َوأ َح ُدھُ َما قَ ِو ﱞ‬ ‫صالِ ٌح َ‬ ‫ي فَا ِج ٌر َواآل َخ ُر َ‬ ‫َكانَ أَ ِمينًا ؛ َك َما ُسئِ َل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَقَا َل ‪ :‬إ ﱠما ْالفَا ِج ُر ْالقَ ِويﱡ فَقَوْ لهُ لِل ُم ْسلِ ِمينَ َوفجُو ُرهُ َعلى نَف ِس ِه ؛ َوأ ﱠما الصﱠالِ ُح ال ﱠ‬ ‫ض ْعفهُ َعلى ال ُم ْسلِ ِمينَ فَيُغزَى َم َع‬ ‫ص َال ُحهُ ِلنَف ِس ِه َو َ‬ ‫ض ِعيفُ َف َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫إن ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ق لَھُ ْم { ‪َ .‬وإِ ْن لَ ْم يَ ُكنْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم } ﱠ‬ ‫ْالقَ ِو ﱢ‬ ‫ي بِأق َو ِام ال َخال َ‬ ‫ﷲَ يُ َؤ ﱢي ُد ھَ َذا ال ﱢدينَ بِال ﱠر ُج ِل الفا ِج ِر ‪َ .‬ور ُِو َ‬ ‫ي ْالفَا ِج ِر ‪َ .‬وقَ ْد قَا َل النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫صْ‬ ‫رْ‬ ‫صلى ﷲُ َعلي ِه َو َسل َم يَستع ِم ُل خَالِ َد بْنَ‬ ‫ب ِم ﱠمن ھ َو أ ل ُح ِمنهُ فِي الدﱢي ِن إذا ل ْم يَ ُسد َم َسدهُ ‪َ .‬و ِلھَذا كانَ النبِ ﱡي َ‬ ‫فَا ِجرًا كانَ أوْ لى بِإ ِ َما َر ِة ال َح ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْفٌ‬ ‫ْ‬ ‫حْ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫‪.‬‬ ‫{‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ﷲ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫َا‬ ‫خ‬ ‫إن‬ ‫}‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫انَ‬ ‫ينَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ِ ُ ِ ﱡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ب ُم ْن ُذ أَ ْسلَ َم َو َ‬ ‫ُ ِ​ِ‬ ‫ْال َولِي ِد َعلَى ْال َحرْ ِ‬ ‫َو َسلﱠ َم َحتﱠى إنﱠهُ ‪َ -‬م ﱠرةً ‪ -‬قَا َم ثُ ﱠم َرفَ َع يَ َد ْي ِه إ َلى ال ﱠس َما ِء َوقَا َل ‪ } :‬اللﱠھُ ﱠم إنﱢي أَ ْب َرأُ إلَيْك ِم ﱠما فَ َع َل خَالِ ٌد { لَ ﱠما أَرْ َسلَهُ إلَى بَنِي َج ِذي َم َة فَقَتﱠلَھُ ْم َوأَ َخ َذ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ك َوأَ ْن َك َرهُ َعلَ ْي ِه بَعْضُ َم ْن َم َعهُ ِم ْن ال ﱠ‬ ‫ض ِمنَ أَ ْم َوالَھُ ْم ؛‬ ‫ع ُش ْبھَ ٍة َولَ ْم يَ ُك ْن يَجُو ُز َذلِ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َو َ‬ ‫ص َحابَ ِة َحتﱠى َودَاھُ ْم النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫أَ ْم َوالَھُ ْم بِنَوْ ِ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ْ‬ ‫صْ‬ ‫رْ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ْر‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ھ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫؛‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َا‬ ‫ز‬ ‫َو َم َع ھَ َذا فَ َما‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وْ‬ ‫َ‬ ‫انَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع تَأْ ِوي ٍل ‪َ .‬كانَ أَبُو َذ ﱟر َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ض ِعيفًا َوإِنﱢي أُ ِحبﱡ لَك َما أُ ِحبﱡ لِنَ ْف ِسي ‪:‬‬ ‫أَصْ لَ َح ِم ْنهُ فِي ْاألَ َمانَ ِة َوال ﱢ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم } َيا أَبَا َذ ﱟر إنﱢي أَ َراك َ‬ ‫ق ؛ َو َم َع َھ َذا فَقَا َل لَهُ النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ص ْد ِ‬ ‫ظلﱠ ْ‬ ‫ض ِعيفًا َم َع أَنﱠهُ قَ ْد َر َوى ‪َ } :‬ما أَ َ‬ ‫ت‬ ‫اإل َما َر ِة َو ْال ِو َاليَ ِة ِألَنﱠهُ َرآهُ َ‬ ‫َال تَأ َ ﱠم َر ﱠن َعلَى ْاثنَ ْي ِن َو َال ت َ​َولﱠيَ ﱠن َما َل يَ ِت ٍيم { َر َواهُ ُم ْسلِ ٌم ‪ .‬نَھَى أَبَا َذ ﱟر ع َْن ْ ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْالخَضْ َرا ُء َو َال أَقَلﱠ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ت ْال َغ ْب َرا ُء أَصْ َد َ‬ ‫ق لَ ْھ َج ًة ِم ْن أَبِي َذ ﱟر { ‪َ .‬وأَ ﱠم َر النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫صلﱠى ﷲُ َعل ْي ِه َو َسل َم َم ﱠرة َع ْم َرو بْنَ العاص فِي غَز َو ِة " ذا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الس َﱠال ِس ِل ‪ -‬ا ْستِ ْع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ك َكانَ يَ ْستَ ْع ِم ُل‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ل‬ ‫أل‬ ‫؛‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ھ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫‬‫م‬ ‫ھ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ث‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ار‬ ‫ق‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َ ُ ِ ُ َ ﱠ َ َ َ ْنَ ٍ ِ ِ‬ ‫طا ِ ِ ِ ِ ِ ينَ َ َ ُ ِ ْ َ َ‬ ‫صلﱠى ُﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ونُ‬ ‫ﷲ‬ ‫ﷲ‬ ‫ل‬ ‫ُو‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ة‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ُو‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ھ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫اإل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ھ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ير‬ ‫م‬ ‫األ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ح‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫انَ‬ ‫َ ِ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ﱠر ُج َل لِ َمصْ لَ َح ِة َ ِ َ ٍ َ َ‬ ‫َ ٍ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ ِ َ ِ َ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫اق َوال ﱠش ِام َوبَد ْ‬ ‫َت ِم ْنهُ ھَفَ َو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫رْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ات َكانَ لَهُ فِيھَا تَأْ ِوي ٌل َو َق ْد‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫وح‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ھ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ًا‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫َا‬ ‫خ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َا‬ ‫ز‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َر ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُذ ِك َر لَهُ َع ْنهُ أَنﱠهُ َكانَ لَهُ فِيھَا ھَ ًوى فَ َل ْم يَ ْع ِز ْلهُ ِم ْن أَجْ لِھَا ؛ بَلْ عَاتَ َبهُ َعلَ ْيھَا ؛ لِرُجْ َحا ِن ْال َمصْ لَ َح ِة َعلَى ْال َم ْف َس َد ِة فِي بَقَائِ ِه َوأَ ﱠن َغ ْي َرهُ لَ ْم يَ ُك ْن يَقُو ُم‬ ‫َمقَا َمهُ ؛ ِألَ ﱠن ْال ُمتَ َولﱢ َي ْال َكبِي َر إ َذا َكانَ ُخلُقُهُ يَ ِمي ُل إلَى اللﱢي ِن فَ َي ْنبَ ِغي أَ ْن يَ ُكونَ ُخلُ ُ‬ ‫ق نَا ِئبِ ِه يَ ِمي ُل إلَى ال ﱢش ﱠد ِة ؛ َوإِ َذا َكانَ ُخلُقُهُ يَ ِمي ُل إلَى ال ﱢش ﱠد ِة‬ ‫ﱠ‬ ‫ض َي ﷲُ َع ْنهُ ي ُْؤثِ ُر ا ْستِنَابَةَ خَالِ ٍد ؛ َو َكانَ ُع َم ُر بْنُ‬ ‫صدﱢي ُ‬ ‫فَيَ ْنبَ ِغي أَ ْن يَ ُكونَ ُخلُ ُ‬ ‫ق نَا ِئبِ ِه يَ ِمي ُل إلَى ال ﱢلي ِن ؛ لِيَ ْعتَ ِد َل ْاألَ ْم ُر ‪َ .‬ولِھَ َذا َكانَ أَبُو بَ ْك ٍر ال ﱢ‬ ‫ق َر ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ب َوأبَا ُعبَ ْي َدةَ‬ ‫ض َي ﷲُ َعنهُ ِأل ﱠن خَالِدًا َكانَ َش ِديدًا َك ُع َم ِر ْب ِن الخَطا ِ‬ ‫ﷲُ َعنهُ ي ُْؤثِ ُر عَز َل خَالِ ٍد َوا ْستِنَابَةَ أبِي ُع َب ْي َدةَ ْب ِن ال َجرﱠاحِ َر ِ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫ْالخَطﱠا ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫صلى ﷲُ َعل ْي ِه‬ ‫َكانَ لَيﱢنًا كَأبِي بَك ٍر ؛ َوكانَ األصْ ل ُح لِك ﱢل ِمنھُ َما أن يُ َول َي َمن َوالهُ ؛ لِيَكونَ أ ْم ُرهُ ُم ْعتَ ِدال َويَكونَ بِذلِ َ‬ ‫ك ِمن خلفا ِء َرسُو ِل ﷲِ َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ضحُو ُ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم } أَنَا َنبِ ﱡي الرﱠحْ َم ِة أَنَا نَبِ ﱡي ْال َم ْل َح َم ِة { َوقَا َل ‪ } :‬أَنَا ال ﱠ‬ ‫ك ْالقَتﱠا ُل { ‪َ .‬وأُ ﱠمتُ ُه‬ ‫َو َسلﱠ َم الﱠ ِذي ھُ َو ُم ْعتَ ِد ٌل ؛ َحقًّا َقا َل النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ار ُر َح َما ُء بَ ْينَھُ ْم تَ َراھُ ْم ُر ﱠكعًا ُس ﱠجدًا يَ ْبتَ ُغونَ فَضْ ًال ِمنَ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َو َسطٌ قَا َل ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲِ َو ِرضْ َوانًا { َوقَا َل تَ َعالَى ‪ } :‬أَ ِذلﱠةً‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫ﷲُ تَ َعا َلى فِي ِھ ْم ‪ } :‬أَ ِش ﱠدا ُء َعلَى‬ ‫ِ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫صا َرا كَا ِملَ ْي ِن فِي ْال ِو َاليَ ِة َوا ْعتَ َد َل ِم ْنھُ َما َما َكانَ‬ ‫ﷲُ َع ْنھُ َما َ‬ ‫َعلَى ْال ُم ْؤ ِمنِينَ أَ ِع ﱠزةً َعلَى ْالكَافِ ِرينَ { ‪َ .‬ولِھَ َذا لَ ﱠما تَ َولﱠى أَبُو بَ ْك ٍر َو ُع َم ُر َر ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم }‬ ‫يُ ْن َسبَا ِن ِفي ِه إلَى أَ َح ِد الطﱠ َرفَ ْي ِن فِي َحيَا ِة النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم ِم ْن لِي ِن أَ َح ِدھَا َو ِش ﱠد ِة ْاآل َخ ِر َحتﱠى قَا َل فِي ِھ َما النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ا ْقتَدُوا بالذين ِم ْن بَ ْع ِدي أَبِي بَ ْك ٍر َو ُع َم َر { ‪َ .‬و َ‬ ‫ب فِي قِتَا ِل أَ ْھ ِل ال ﱢر ﱠد ِة َو َغي ِْر ِھ ْم ‪َ :‬ما بَ َر َز بِ ِه َعلَى ُع َم َر‬ ‫ظھَ َر ِم ْن أَبِي بَ ْك ٍر ِم ْن َش َجا َع ِة ْالقَ ْل ِ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ﷲُ َع ْنھُ ْم أَجْ َم ِعينَ ‪َ .‬وإِ َذا كَان ْ‬ ‫اجةُ فِي ْال ِو َاليَ ِة إلَى ْاألَ َمانَ ِة أَ َش ﱠد قُ ﱢد َم ْاألَ ِمينُ ‪ِ :‬م ْث ُل ِح ْف ِظ ْاألَ ْم َوا ِل َونَحْ ِوھَا ؛ فَأ َ ﱠما‬ ‫َت ْال َح َ‬ ‫َو َسائِ ِر الص َ‬ ‫ﱠحابَ ِة َر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك فِي‬ ‫ا ْستِ ْخ َرا ُجھَا َو ِح ْفظُھَا فَ َال بُ ﱠد فِي ِه ِم ْن ق ﱠو ٍة َوأ َمانَ ٍة فَي َُولى َعل ْيھَا شَا ﱞد قَ ِو ﱞ‬ ‫ي يَ ْستَخ ِر ُجھَا ِبق ﱠوتِ ِه َوكَاتِبٌ أ ِمينٌ َيحْ فَظھَا بِ ِخ ْب َرتِ ِه َوأ َما َن ِت ِه ‪َ .‬و َكذلِ َ‬ ‫ت إ َذا َل ْم تَتِ ﱠم ْال َمصْ َل َحةُ بِ َر ُج ِل َوا ِح ٍد‬ ‫ب إ َذا أَ َم َر ْاألَ ِمي ُر بِ ُمشَا َو َر ِة أَ ْھ ِل ْال ِع ْل ِم َوالدﱢي ِن َج َم َع بَيْنَ ْال َمصْ لَ َحتَ ْي ِن ؛ َوھَ َك َذا فِي َسائِ ِر ْال ِو َاليَا ِ‬ ‫إ َما َر ِة ْال َحرْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﱡ‬ ‫ضا ِء ‪ْ :‬األَ ْعلَ ُم ْاألَوْ َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صْ‬ ‫َرْ‬ ‫ع ْاألَ ْكفَأ ُ ؛‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫َا‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫اح‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫األ‬ ‫يح‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫؛‬ ‫د‬ ‫ِ وْ َ ِ َ وْ‬ ‫َج َم َع بَيْنَ َع َد ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ َِ ِ​ِ ﱟ َُ ُ ِ ِ َِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَإ ِ ْن َكانَ أَ َح ُدھُ َما أَ ْعلَ َم َو ْاآل َخ ُر أَوْ َر َع ؛ قُ ﱢد َم ‪ -‬فِي َما قَ ْد يَ ْ‬ ‫ع ؛ َوفِي َما يَ ُد ﱡ‬ ‫ظھَ ُر ُح ْك ُمهُ َويُ َخافُ فِي ِه ْالھَ َوى ‪ْ -‬األَوْ َر ُ‬ ‫ق ُح ْك ُمهُ َويُ َخافُ فِي ِه ِاال ْشتِبَاهُ ‪:‬‬ ‫إن ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَنﱠهُ قَا َل ‪ } :‬ﱠ‬ ‫ت َويُ ِحبﱡ ْال َع ْق َل ْالكَا ِم َل ِع ْن َد‬ ‫ﷲَ ي ُِحبﱡ ْال َب َ‬ ‫ث ع َْن النﱠ ِب ﱢي َ‬ ‫ص َر النﱠافِ َذ ِع ْن َد ُورُو ِد ال ﱡشبُھَا ِ‬ ‫ْاألَ ْعلَ ُم ‪ .‬فَفِي ْال َح ِدي ِ‬ ‫ب أَوْ ْال َعا ﱠم ِة ‪َ .‬ويُقَ ﱢد ُم ْاألَ ْكفَأ َ ‪ْ .‬‬ ‫ت { ‪َ .‬ويُقَ ﱠد َما ِن َعلَى ْاألَ ْكفَأ ِ ْ‬ ‫ضا ُء‬ ‫إن َكانَ ْالقَ َ‬ ‫ضي ُم َؤيﱠدًا تَأْيِيدًا تَا ّمًا ِم ْن ِجھَ ِة َوالِي ْال َحرْ ِ‬ ‫إن َكانَ ْالقَا ِ‬ ‫ُحلُو ِل ال ﱠشھَ َوا ِ‬ ‫ض َي ْال ُم ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ق يَحْ تَا ُج أَ ْن يَ ُكونَ عَالِ ًما عَا ِد ًال قَا ِدرًا ‪ .‬بَلْ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫اض‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫َا‬ ‫ع‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫يَحْ تَا ُج إلَى قُ ﱠو ٍة‬ ‫ط َل َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع ؛ فَإ ِ ﱠن ْالقَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ظھَ َر ْالخَ لَ ُل بِ َسبَبِ ِه َو ْال َكفَا َءةُ ‪ :‬إ ﱠما بِقَھ ِْر َو َر ْھبَ ٍة ؛ َوإِ ﱠما بِإِحْ َسا ِن َو َر ْغبَ ٍة َوفِي‬ ‫صفَ ٍة ِم ْن َھ ِذ ِه ال ﱢ‬ ‫َك َذلِ َ‬ ‫ت نَ َق َ‬ ‫صفَا ِ‬ ‫ك ُكلﱡ َوا ٍل لِ ْل ُم ْسلِ ِمينَ فَأَيﱡ ِ‬ ‫إن كَان ْ‬ ‫ق أَوْ َجا ِھ ٌل َديﱢنٌ ؛ فَأ َ ﱡيھُ َما يُقَ ﱠد ُم ؟ فَقَا َل ‪ْ :‬‬ ‫ضا ُء ؛ ﱠإال عَالِ ٌم فَا ِس ٌ‬ ‫َت‬ ‫ْال َحقِيقَ ِة فَ َال بُ ﱠد ِم ْنھُ َما ‪َ .‬و ُسئِ َل بَعْضُ ْال ُعلَ َما ِء ‪ :‬إ َذا لَ ْم يُو َج ْد َم ْن يُ َولﱠى ْالقَ َ‬ ‫ْال َحا َجةُ إلَى ال ﱠديﱢ ِن أَ ْكثَ َر لِ َغ َلبَ ِة ْالفَ َسا ِد قُ ﱢد َم ال ﱠديﱢنُ ‪َ .‬وإِ ْن كَان ْ‬ ‫ت قُ ﱢد َم ْال َعالِ ُم ‪َ .‬وأَ ْكثَ ُر ْال ُعلَ َما ِء يُقَ ﱢد ُمونَ َذا‬ ‫َت ْال َح َ‬ ‫اجةُ إلَى ْال ِع ْل ِم أَ ْكثَ َر ِل َخفَا ِء ْال ُح ُكو َما ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َلْ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ھ‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ط‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫وا‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫اخ‬ ‫و‬ ‫؛‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ھ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ھ‬ ‫أ‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫َ ِ بُ‬ ‫َ ونَ‬ ‫الدﱢي ِن ؛ فَإ ِ ﱠن ْاألَئِ ﱠمةَ ُمتﱠفِقُونَ َعلَى أَنﱠهُ َال بُ ﱠد فِي ْال ُمتَ َولﱢي ِم ْن َ ونَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ َِ َ‬ ‫َِ ِ ِ ِ‬ ‫اجبُ تَوْ لِ َيةُ ْاألَ ْمثَ ِل َف ْاألَ ْمثَ ِل َك ْيفَ َما َتيَ ﱠس َر ؟ َعلَى ثَ َالثَ ِة أَ ْق َوا ٍل ‪َ .‬وبُ ِس َ‬ ‫ك ِفي َغي ِْر ھَ َذا‬ ‫ط ْالك َ​َال ُم َعلَى َذلِ َ‬ ‫ُمجْ تَ ِھدًا أَوْ يَجُو ُز أَ ْن يَ ُكونَ ُمقَلﱢدًا أَوْ ْال َو ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض ِع ‪َ .‬و َم َع أَنﱠهُ يَجُو ُز تَوْ ِليَةُ َغي ِْر ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حْ‬ ‫إصْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫صْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال َحقًّا يَ ْك ُم ُل فِي‬ ‫و‬ ‫األ‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫ُو‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ُو‬ ‫ر‬ ‫ض‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ھ‬ ‫بُ‬ ‫َ‬ ‫وْ‬ ‫انَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْال َموْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِ‬ ‫األ ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اس َما َال بُ ﱠد لَھُ ْم ِم ْنهُ ِم ْن أُ‬ ‫ي فِي َوفَا ِء َد ْينِ ِه َوإِ ْن َكانَ ِفي ْال َحا ِل َال ي ْ‬ ‫ت َو ِْ‬ ‫م‬ ‫ُطلَبُ‬ ‫اإل َما َرا ِ‬ ‫ور ْال ِو َاليَا ِ‬ ‫ت َونَحْ ِوھَا ؛ َك َما يَ ِجبُ َعلَى ْال ُم ْع ِس ِر ال ﱠس ْع ُ‬ ‫ُ‬ ‫النﱠ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ُسقُو ِط ِه لِ ْل َعجْ ِز فَإ ِ ﱠن َما َال يَتِ ﱡم ْال َوا ِجبُ ﱠإال بِ ِه فَھُ َو‬ ‫ِم ْنهُ ﱠإال َما يَ ْق ِد ُر َعلَ ْي ِه َو َك َما يَ ِجبُ ِاال ْستِ ْعدَا ُد لِ ْل ِجھَا ِد بِإ ِ ْعدَا ِد ْالقُ ﱠو ِة َو ِربَا ِط ْال َخ ْي ِل فِي َو ْق ِ‬ ‫ف ِاال ْستِ َ‬ ‫ُوب ھُنَا َال َيتِ ﱡم ﱠإال بِھَا ‪.‬‬ ‫صيلُھَا ِألَ ﱠن ْال ُوج َ‬ ‫طا َع ِة فِي ْال َح ﱢج َونَحْ ِوھَا فَإِنﱠهُ َال يَ ِجبُ تَحْ ِ‬ ‫َوا ِجبٌ بِ ِخ َال ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ُد‬ ‫ْرفَةُ ْاألَصْ لَحِ َو َذلِ َ‬ ‫ُر َفت ال َمقَا ِ‬ ‫فَصْ ٌل َوأَھَ ﱡم َما فِي ھَ َذا ْالبَا ِ‬ ‫ْرفَ ِة ط ِر ِ‬ ‫يق ال َمقصُو ِد ؛ فَإِذا ع ِ‬ ‫ْرفَ ِة َمقصُو ِد ال ِو َاليَ ِة َو َمع ِ‬ ‫ك إنﱠ َما َيتِ ﱡم بِ َمع ِ‬ ‫ب َمع ِ‬ ‫ص ِد َو َكانَ َم ْن‬ ‫ك قَصْ ُد ال ﱡد ْنيَا ؛ ُدونَ الدﱢي ِن ؛ َق ﱠد ُموا فِي ِو َاليَتِ ِھ ْم َم ْن يُ ِعينُھُ ْم َعلَى تِ ْل َ‬ ‫َو ْال َو َسائِ ُل تَ ﱠم ْاألَ ْم ُر ‪ .‬فَلِھَ َذا لَ ﱠما َغلَ َ‬ ‫ك ْال َمقَا ِ‬ ‫ب َعلَى أَ ْكثَ ِر ْال ُملُو ِ‬ ‫يَ ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صلﱢي بِ ْال ُم ْسلِ ِمينَ ْال ُج ُم َعةَ َو ْال َج َما َعةَ َويَ ْخطُبُ بِ ِھ ْم ‪ :‬ھُ ْم أُ َم َرا ُء‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ﱡ‬ ‫ال‬ ‫َت‬ ‫ن‬ ‫َا‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫؛‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ئ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫طلُبُ ِرئَا َسةَ نَ ْف ِس ِه ي ُْؤثِ ُر تَ ْق ِدي َم َم ْن ُ ِ ُ ِ َ ُ َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫جْ‬ ‫رْ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم أَ َبا بَ ْك ٍر فِي الص َﱠال ِة قَ ﱠد َمهُ ْال ُم ْسلِ ُمونَ فِي إ َما َر ِة‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ھ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫؛‬ ‫د‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫األ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ط‬ ‫ﱡل‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ھ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ﱠابُ‬ ‫َ‬ ‫ينَ‬ ‫ِ ََِ ﱠ َ ِ ﱡ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْال َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم إ َذا بَ َع َ‬ ‫ك إ َذا ا ْستَ ْع َم َل‬ ‫ب َكانَ ھُ َو الﱠ ِذي يُ َؤ ﱢم ُرهُ لِلص َﱠال ِة بِأَصْ َحابِ ِه َو َك َذلِ َ‬ ‫ث أَ ِميرًا َعلَى َحرْ ٍ‬ ‫ب َو َغي ِْرھَا ‪َ .‬و َكانَ النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ْال َحرْ ِ‬ ‫ف َو َع ِليًّا َو ُم َعا ًذا َوأَبَا ُمو َسى َعلَى ْاليَ َم ِن‬ ‫َرج ًُال نَائِبًا َعلَى َم ِدينَ ٍة َك َما ا ْستَ ْع َم َل َعتﱠ َ‬ ‫اب بْنَ أَ ِسي ٍد َعلَى َم ﱠكةَ َوع ُْث َمانَ بْنَ أَبِي العاص َعلَى الطﱠائِ ِ‬ ‫ك ُخلَفَا ُؤهُ بَ ْع َدهُ َو َم ْن‬ ‫ب َو َك َذلِ َ‬ ‫َو َع ْم َرو بْنَ َح ْز ٍم َعلَى نَجْ رَانَ ‪َ :‬كانَ نَائِبُهُ ھُ َو الﱠ ِذي يُ َ‬ ‫صلﱢي بِ ِھ ْم َويُ ِقي ُم فِي ِھ ْم ْال ُحدُو َد َو َغ ْي َرھَا ِم ﱠما يَ ْف َعلُهُ أَ ِمي ُر ْال َحرْ ِ‬ ‫بَ ْع َدھُ ْم ِم ْن ْال ُملُو ِ ُ‬ ‫صلﱠى ﷲُﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك ِأل ﱠن أھَ ﱠم أ ْم ِر الدﱢي ِن الص َﱠالةُ َوال ِجھَا ُد ؛ َولِھَ َذا كَان ْ‬ ‫ْض ْال َعبﱠا ِسيﱢينَ ؛ َو َذلِ َ‬ ‫ث ع َْن النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫َت أ ْكثَ ُر األ َحا ِدي ِ‬ ‫ك ْاأل َم ِويﱢينَ َوبَع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َالة َويَنكَأ لك َع ُد ًّوا { ‪َ } .‬ول ﱠما بَ َع َ‬ ‫ث الن ِب ﱡي‬ ‫ف َع ْبدَك يَشھَ ُد لك َ‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم فِي الص َﱠال ِة َوال ِجھَا ِد َو َكانَ إذا عَا َد َم ِريضًا يَقو ُل ‪ } :‬اللھُ ﱠم اش ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ‪ :‬يَا ُم َعا ُذ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َي ﷲُ َعنهُ يَكتبُ‬ ‫إن أَھَ ﱠم أَ ْم ِرك ِع ْن ِدي الصﱠالة { ‪َ .‬وكذلِ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم ُم َعا ًذا إلَى ْاليَ َم ِن قَ َ‬ ‫َ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫ك كانَ ُع َم ُر بْنُ الخَطا ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ضا َع ٍة " }‬ ‫إ‬ ‫د‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َا‬ ‫ھ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ھ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫ھ‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ھ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫؛‬ ‫ة‬ ‫ﱠال‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ور‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ھ‬ ‫أ‬ ‫إن‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ َ َِ​ِ‬ ‫َﱠ ُ ِ ْ ِ ِ‬ ‫إلَى ُع ﱠما ِ ِ‬ ‫َ َ َ انَ ِ َ ِ َ‬ ‫َ َ َ َِ َ َِ ِ ُ َ َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫َر‬ ‫‪َ .‬و َذلِ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ك ِألَ ﱠن النﱠبِ ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم قَا َل ‪ { :‬الص َﱠالةُ ِع َما ُد الدﱢي ِن } ‪ .‬فَإ ِ َذا أَقَا َم ْال ُمتَ َولﱢي ِع َما َد الدﱢي ِن ‪ :‬فَالص َﱠالةُ تَ ْنھَى ع َْن ْالفَحْ شَا ِء َو ْال ُم ْنك ِ‬

‫‪45‬‬


‫القائد‬

‫و يطلب سيدنا سليمان ان يتقدم احد من حوله لمھمه فيقوم عفريت من الجن و يقدم مصوغات‬ ‫تعيينه و تكون اول صفة القوة و يتقدم أخر استطاع ان يقدم عرض أفضل اكثر قوة و كفاءه‬ ‫ال ِع ْف ٌ‬ ‫ريت ِمنَ ْال ِجنﱢ أَنَا‬ ‫ال يَا أَ ﱡيھَا ْال َم َألُ أَ ﱡي ُك ْم يَأْتِينِي بِ َعرْ ِشھَا قَب َْل أَ ْن يَأْتُونِي ُم ْسلِ ِمينَ )‪ (38‬قَ َ‬ ‫} قَ َ‬ ‫آَتِيكَ بِ ِه قَب َْل أَ ْن تَقُو َم ِم ْن َمقَا ِمكَ َوإِنﱢي َعلَ ْي ِه لَقَ ِويﱞ أَ ِم ٌ‬ ‫ب أَنَا‬ ‫ين )‪ (39‬قَ َ‬ ‫ال الﱠ ِذي ِع ْن َدهُ ِع ْل ٌم ِمنَ ْال ِكتَا ِ‬ ‫آَتِيكَ بِ ِه قَب َْل أَ ْن يَرْ تَ ﱠد إِلَ ْيكَ َ‬ ‫طرْ فُكَ {‬ ‫و المقصود بھا الكفاءه و الفعالية في العمل الموكل اليه‬ ‫يقول أبو بكر لعمر )يوم سقيفة بنى ساعدة (‪ :‬أنت أقوى مني ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬أنت أفضل مني ‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫فقاالھا الثانية ‪ ،‬فلما كانت الثالثة قال له عمر ‪ :‬إن قوتي لك مع فضلك ‪ ،‬قال ‪ :‬فبايعوا أبا بكر‬ ‫و ھى من شروط القيادة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال لَھُ ْم نَبِ ﱡيھُ ْم إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ث لَك ْم َ‬ ‫ﷲَ قَ ْد بَ َع َ‬ ‫ك َعلَ ْينَا َونَحْ ُن أ َح ﱡ‬ ‫ون لَهُ ال ُمل ُ‬ ‫طالوتَ َملِ ًكا قَالوا أن ﱠى يَك ُ‬ ‫ق‬ ‫} َوقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫طفَاهُ َعلَ ْي ُك ْم َوزَ ا َدهُ بَ ْس َ‬ ‫ال إِ ﱠن ﷲَ اصْ َ‬ ‫طة فِي ال ِعل ِم َوال ِجس ِْم‬ ‫ال قَ َ‬ ‫بِ ْال ُم ْل ِك ِمنهُ َولَ ْم ي ُْؤتَ َس َعة ِمنَ ال َم ِ‬ ‫ﷲُ ي ُْؤتِي ُم ْل َكهُ َم ْن يَ َشا ُء َو ﱠ‬ ‫َو ﱠ‬ ‫اس ٌع َعلِي ٌم )‪{(247‬‬ ‫ﷲُ َو ِ‬ ‫و قد يكون ھناك من ھو اعلم في امور الدين و العمل يحتاج لرجل ذو قوة و مقدرة )حسابية ‪،‬‬ ‫قانونية ‪ ،‬طبية ( فيقدم الرجل صاحب القوة ما دام صاحب دين‬ ‫ففي غزوة مؤتة قتل قادة الجيش فأخذ الراية ثابت بن أقرم األنصاري ‪ ،‬فدفعھا إلى خالد بن‬ ‫الوليد ‪ ،‬فقال ‪ :‬لم تدفعھا إلي ؟ قال ‪ :‬أنت أعلم بالقتال مني «‬ ‫و ثابت بن اقرم من البدريين و سيدنا خالد لم يمض على اسالمه اال اربعه اشھر‬

‫ت َك َما قَا َل ﱠ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى ‪َ } :‬وا ْست َِعينُوا بِال ﱠ‬ ‫صب ِْر َوالص َﱠال ِة َوإِنﱠھَا لَ َك ِبي َرةٌ ﱠإال َعلَى ْالخَا ِش ِعينَ {‬ ‫َو ِھ َي الﱠتِي تُ ِعينُ النﱠ َ‬ ‫اس َعلَى َما ِس َواھَا ِم ْن الطﱠاعَا ِ‬ ‫إن ﱠ‬ ‫صب ِْر َوالص َﱠال ِة ﱠ‬ ‫ك بِال ﱠ‬ ‫َوقَا َل ُس ْب َحانَهُ َوتَ َعالَى ‪َ } :‬يا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا ا ْستَ ِعينُوا بِال ﱠ‬ ‫ص َال ِة‬ ‫ﷲَ َم َع الصﱠابِ ِرينَ { َوقَا َل لِنَ ِبيﱢ ِه ‪َ } :‬و ْأ ُمرْ أَ ْھلَ َ‬ ‫َواصْ َ‬ ‫ك َو ْال َعاقِ َبةُ لِلتﱠ ْق َوى { َو َقا َل تَ َعالَى ‪َ } :‬و َما َخلَ ْق ُ‬ ‫س ﱠإال لِيَ ْعبُدُو ِن { } َما أُ ِري ُد ِم ْنھُ ْم ِم ْن‬ ‫ك ِر ْزقًا نَحْ نُ نَرْ ُزقُ َ‬ ‫طبِرْ َعلَ ْيھَا َال نَسْأَلُ َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ت ْال ِج ﱠن َو ْ ِ‬ ‫ق َو َما أُ ِري ُد أَ ْن ي ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُط ِع ُمو ِن { } ﱠ‬ ‫إن ﷲَ ھُ َو ال ﱠرزا ُ‬ ‫ق ال ِذي َمتَى فَاتَھُ ْم‬ ‫ق ذو الق ﱠو ِة ال َم ِتينُ { ‪ .‬فَال َمقصُو ُد ال َوا ِجبُ بِال ِو َاليَا ِ‬ ‫ِر ْز ٍ‬ ‫ت ‪ :‬إصْ َال ُح ِدي ِن الخَ ل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َخ ِسرُوا خ ْس َرانا ُمبِينا َول ْم َينف ْعھُ ْم َما نَ ِع ُموا بِ ِه فِي ال ﱡدنيَا ؛ َوإِصْ ال ُح َما ال يَقو ُم الدﱢينُ إال بِ ِه ِمن أ ْم ِر ُدنيَاھُ ْم ‪َ .‬وھُ َو نَوْ عَا ِن ‪ :‬ق ْس ُم ال َما ِل َبيْنَ‬ ‫ُم ْستَ ِحقﱢي ِه ؛ َو ُعقُو َب ُ‬ ‫ب يَقُو ُل ‪ " :‬إنﱠ َما بَ َع ْثت ُع ﱠمالِي إلَ ْي ُك ْم لِيُ َعلﱢ ُمو ُك ْم‬ ‫ات ْال ُم ْعتَ ِدينَ فَ َم ْن لَ ْم يَ ْعتَ ِد أَصْ لَ َح لَهُ ِدينَهُ َو ُد ْنيَاهُ َولِھَ َذا َكانَ ُع َم ُر ْبنُ ْالخَطﱠا ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ض ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جْ‬ ‫جْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ت ْاألُ ُمو ُر ‪ .‬فَإ ِ َذا اجْ تَھَ َد الرﱠا ِعي‬ ‫ق‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫؛‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫َا‬ ‫ع‬ ‫الرﱡ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫{‬ ‫"‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ْأ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ﱢ‬ ‫ِ ِ َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َاب َربﱢ ُك ْم َو ُسنﱠةَ نَبِ ْ َ َ ِ ُ َ ْ‬ ‫ِكت َ‬ ‫ِ ِ َ ِ َ‬ ‫ض ِل ْال ُم َجا ِھ ِدينَ فِي َسبِي ِل ﱠ‬ ‫ب ِْ‬ ‫َ‬ ‫إصْ‬ ‫ي ‪ } :‬يَوْ ٌم ِم ْن إ َم ٍام‬ ‫ال‬ ‫فِي‬ ‫ﷲِ ؛ فَقَ ْد ر ُِو َ‬ ‫ض ِل أَ ْھ ِل َز َمانِ ِه َو َكانَ ِم ْن أَ ْف َ‬ ‫اإل ْمكَا ِن َكانَ ِم ْن أَ ْف َ‬ ‫ح ِدينِ ِھ ْم َو ُد ْنيَاھُ ْم بِ َح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫حْ‬ ‫ْ‬ ‫ﷲ إ َما ٌم عَا ِد ٌل‬ ‫َل‬ ‫خ‬ ‫ال‬ ‫بﱡ‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫}‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ﷲ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫َن‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ام‬ ‫م‬ ‫اإل‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫{‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫عَا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ينَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق إلَى ﱠ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم } َس ْب َعةٌ ي ُِظ ﱡلھُ ْم ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ َقا َل ‪ :‬قَا َل َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫َوأَ ْب َغ ُ‬ ‫ﷲُ‬ ‫ﷲُ َ‬ ‫ﱠحي َح ْي ِن ع َْن أَبِي ھُ َر ْي َرةَ َر ِ‬ ‫ضھُ ْم إ َل ْي ِه إ َما ٌم َجائِ ٌر { َوفِي الص ِ‬ ‫طا َع ِة ﱠ‬ ‫فِي ِظلﱢ ِه يَوْ َم َال ِظ ﱠل ﱠإال ِظ ﱡلهُ ‪ :‬إ َما ٌم عَا ِد ٌل َوشَابﱞ نَشَأ َ فِي َ‬ ‫ﷲِ َو َر ُج ٌل قَ ْلبُهُ ُم َعلﱠ ٌ‬ ‫ق بِ ْال َم ْس ِج ِد إ َذا َخ َر َج ِم ْنهُ َحتﱠى يَعُو َد إلَ ْي ِه َو َرج َُال ِن تَ َحابﱠا‬ ‫ب َو َج َما ٍل فَقَا َل ‪ :‬إنﱢي أَخَافُ ﷲَﱠ‬ ‫َ‬ ‫ك َوتَفَ ﱠرقَا َعلَ ْي ِه َو َر ُج ٌل َذ َك َر ﱠ‬ ‫فِي ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﷲِ اجْ تَ َم َعا َعلَى َذلِ َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ﷲَ خَالِيًا فَفَ َ‬ ‫اضت َع ْينَاهُ َو َر ُج ٌل َد َعتهُ ا ْم َرأة ذات َمن ِ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﷲُ َعنهُْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ص َدق ِة فأخفاھَا َحتى ال تَ ْعل ُم ِش َمالهُ َما تنفِ ُ‬ ‫َصد َ‬ ‫ق يَ ِمينهُ { ‪َ .‬وفِي َ‬ ‫ق ِب َ‬ ‫َربﱠ ال َعال ِمينَ َو َر ُج ٌل ت َ‬ ‫ار َر ِ‬ ‫اض ْب ِن ِح َم ٍ‬ ‫ص ِحيحِ ُم ْسلِ ٍم عَن ِعيَ ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫قَا َل ‪ :‬قَا َل َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم } أَ ْھ ُل ْال َجنﱠ ِة ثَ َال َثةٌ ‪ُ :‬ذو س ُْل َ‬ ‫طا ٍن ُم ْق ِس ٍط َو َر ُج ٌل َر ِحي ٌم َرقِي ُ‬ ‫ب بِ ُك ﱢل ِذي قُرْ بَى َو ُم ْسلِ ٍم َو َر ُج ٌل‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ق ْالقَ ْل ِ‬ ‫ق ك َْال ُم َجا ِھ ِد فِي َسبِي ِل ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ص َد َق ِة بِ ْال َح ﱢ‬ ‫َ‬ ‫ﱠاعي َعلَى ال ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﷲِ { َوقَ ْد قَا َل‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫}‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ﷲ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ﱡ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫{‬ ‫ق‬ ‫ص ﱢد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َغنِ ﱞي َعفِيفٌ ُمتَ َ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ِ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﷲُ َع َل ْي ِه َو َسلﱠ َم يَا َرسُو َل ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى ‪ -‬لَ ﱠما أَ َم َر بِ ْال ِجھَا ِد ‪َ } : -‬وقَاتِلُوھُ ْم َحتﱠى َال تَ ُكونَ ِف ْتنَةٌ َويَ ُكونَ الدﱢينُ ُك ﱡلهُ ِ ﱠ)ِ { } َوقِي َل لِلنﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ﷲِ ِھ َي ْالع ُْليَا فَھُ َو فِي َسبِي ِل ﱠ‬ ‫ﷲِ ؟ فَقَا َل ‪َ :‬م ْن قَاتَ َل لِتَ ُكونَ َكلِ َمةُ ﱠ‬ ‫ك فِي َسبِي ِل ﱠ‬ ‫ﷲِ {‬ ‫ال ﱠر ُج ُل يُقَاتِ ُل َش َجا َعةً َويُقَا ِت ُل َح ِميﱠةً َويُقَاتِ ُل ِريَا ًء فَأَيﱡ َذلِ َ‬ ‫ﷲِ ِھ َي ْالع ُْليَا َو َكلِ َمةُ ﱠ‬ ‫ص ِحي َح ْي ِن ‪ .‬فَ ْال َم ْقصُو ُد أَ ْن َي ُكونَ الدﱢينُ ُك ﱡلهُ ِ ﱠ)ِ َوأَ ْن تَ ُكونَ َكلِ َمةُ ﱠ‬ ‫أَ ْخ َر َجاهُ فِي ال ﱠ‬ ‫ض ﱠمنَھَا ِكتَابُهُ‬ ‫ﷲِ ‪ :‬ا ْس ٌم َجا ِم ٌع لِ َكلِ َما ِت ِه الﱠتِي تَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َوھَ َك َذا قَا َل ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َاب َوال ِمي َزانَ لِيَقو َم النﱠاسُ بِالقِ ْس ِط { فَال َمقصُو ُد ِم ْن إرْ َسا ِل الرﱡ ُس ِل‬ ‫ت َوأ ْنزَلنَا َم َعھُ ُم ال ِكت َ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى ‪ } :‬لَقَ ْد أرْ َسلنَا ُر ُس َلنَا بِالبَ ﱢينَا ِ‬ ‫ْ‬ ‫اس َولِيَ ْع َل َم ﷲُﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َوإِ ْنزَا ِل ْال ُكتُ ِ‬ ‫وق خَلقِ ِه ‪ .‬ث ﱠم قَا َل تَ َعالى ‪َ } :‬وأنزَلنَا ال َح ِدي َد فِي ِه بَأسٌ َش ِدي ٌد َو َمنَافِ ُع لِلن ِ‬ ‫وق ﷲِ َو ُحق ِ‬ ‫ب أ ْن يَقو َم الناسُ ِبالقِ ْس ِط ِفي ُحق ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي } عَن َجابِ ِر ْب ِن‬ ‫َم ْن يَ ْن ُ‬ ‫ْف ‪َ .‬وقد ر ُِو َ‬ ‫ف َوال ﱠسي ِ‬ ‫ب ق ﱢو َم بِال َح ِدي ِد ؛ َولِھَذا كانَ قِ َوا ُم الدﱢي ِن بِال ُمصْ َح ِ‬ ‫ب { ‪ .‬ف َمن َعد َ​َل عَن ال ِكتَا ِ‬ ‫ص ُرهُ َو ُر ُسلهُ ِبال َغ ْي ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫صْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َضْ‬ ‫ْ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫‬‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ھ‬ ‫َن‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‬‫ي‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫‬‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ھ‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ﷲ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ﷲ‬ ‫ل‬ ‫ُو‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ھ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ﷲ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ُ َ فَ‬ ‫َ‬ ‫ْفَ َ َ َ َ‬ ‫ِ َ َِ‬ ‫ﷲِ َ ِ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ِ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ُ َ ِ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ب إلَى ْال َم ْقصُو ِد َولِ َي ؛ فَإ ِ َذا كَان ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َت‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ھ‬ ‫ي‬ ‫ﱡ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫األ‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫األ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫ُو‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ھ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ھ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫انَ‬ ‫َ‬ ‫انَ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِ َ​َ‬ ‫ِ ِ َ ِ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫{ ‪ -‬فَإ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َال ٍة فَ َق ْ‬ ‫ب ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َحي ُ‬ ‫ﷲِ فَإ ِ ْن كَانُوا فِي ْالقِ َرا َء ِة‬ ‫ط ؛ قُ ﱢد َم َم ْن قَ ﱠد َمهُ النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ْال ِو َاليَةُ َم َث ًال ‪ -‬إ َما َمةَ َ‬ ‫ْث قَا َل ‪ } :‬يَ ُؤ ﱡم ْالقَوْ َم أَ ْق َر ُؤھُ ْم لِ ِكتَا ِ‬ ‫َس َوا ًء فَأ َ ْعلَ ُمھُ ْم بِال ﱡسنﱠ ِة فَإ ِ ْن كَانُوا فِي ال ﱡسنﱠ ِة َس َوا ًء فَأ َ ْق َد ُمھُ ْم ِھجْ َرةً فَإ ِ ْن كَانُوا فِي ْال ِھجْ َر ِة َس َوا ًء فَأَ ْق َد ُمھُ ْم ِسنًّا َو َال يَ ُؤ ﱠم ﱠن ال ﱠر ُج ُل ال ﱠر ُج َل فِي‬ ‫َ‬ ‫س ُْل َ‬ ‫طا ِن ِه َو َال يَجْ ِلسُ فِي َب ْيتِ ِه َعلَى تَ ْك ِر َمتِ ِه ﱠإال بِإ ِ ْذ ِن ِه { َر َواهُ ُم ْسلِ ٌم فَإِ َذا تَكَافَأ َ َرج َُال ِن ؛ َو َخفِ َي أَصْ َل ُحھُ َما أُ ْق ِر َع بَ ْينَھُ َما َك َما أَ ْق َر َع َس ْع ُد بْنُ أبِي‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم } لَوْ يَ ْعلَ ُم النﱠاسُ َما فِي النﱢدَا ِء َوالصﱠفﱢ األ ﱠو ِل‬ ‫َاجرُوا َعلَى األ َذا ِن ؛ ُمتَابَ َعة لِقَوْ لِ ِه َ‬ ‫اس يَوْ َم القَا ِد ِسيﱠ ِة لَ ﱠما َتش َ‬ ‫َوقﱠا ٍ‬ ‫ص بَيْنَ النﱠ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ثُ ﱠم لَ ْم يَ ِجدُوا إال أ ْن يستھموا َعل ْي ِه الستھموا { ‪ .‬فَإِذا َكانَ التق ِدي ُم ِبأ ْم ِر ﷲِ إذا ظھَ َر َوبِفِ ْعلِ ِه ‪َ -‬وھُ َو َما يُ َر ﱢج ُحهُ بِالقرْ َع ِة إذا َخفِ َي األ ْم ُر ‪َ -‬كانَ‬ ‫ت إ َلى أَ ْھلِھَا ‪.‬‬ ‫ت فِي ْال ِو َاليَا ِ‬ ‫ْال ُمتَ َولﱢي قَ ْد أَ ﱠدى ْاألَ َمانَا ِ‬ ‫‪ 1‬مصنف بن ابي شيبة‬

‫‪46‬‬


‫القائد‬

‫وعندما سئل اإلمام أحمد بن حنبل عن رجلين يكونان أميرين فى الغزو أحدھما قوي فاجر‬ ‫واآلخر صالح ضعيف‬ ‫مع ايھما يُغزى فقال ‪ ) :‬أما الفاجر فقوته للمسلمين وفجوره على نفسه وأما الصالح الضعيف‬ ‫فصالحه لنفسه وضعفه على المسلمين(‬ ‫وقد قال المودودي ) إنما تنتصر األمم باإليمان وإذا تخلت عن اإليمان فإنما تنتصر بقوتھا (‬ ‫و مما يزيد من القوة االستغفار‬ ‫ْ‬ ‫} يَا قَوْ ِم ا ْستَ ْغفِر ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُوا َربﱠ ُك ْم ثُ ﱠم تُوبُوا إِل ْي ِه يُرْ ِس ِل ال ﱠس َماء َعل ْيكم ﱢم ْد َرارا َويَ ِز ْدك ْم ق ﱠوةً إِلى ق ﱠوتِك ْم {‬ ‫سورة ھود‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ال ھَ َذا ِم ْن فَضْ ِل َربﱢي لِيَ ْبل َونِي أأشك ُر أ ْم أكف ُر َو َم ْن‬ ‫و شكر النعمة }فَلَ ﱠما َرآهُ ُم ْستَقِ ّرا ِعن َدهُ قَ َ‬ ‫َش َك َر فَإِنﱠ َما يَ ْش ُك ُر لِنَ ْف ِس ِه َو َم ْن َكفَ َر فَإ ِ ﱠن َربﱢي َغنِ ﱞي َك ِري ٌم )‪{ (40‬‬ ‫} َوإِ ْذ تَأ َ ﱠذنَ َر ﱡب ُك ْم لَئِ ْن َشكَرْ تُ ْم َألَ ِزي َدنﱠ ُك ْم َولَئِ ْن َكفَرْ تُ ْم إِ ﱠن َع َذابِي لَ َش ِدي ٌد )‪{ (7‬‬ ‫قال ابن تيمية‪ :‬والقوة في كل عمل بحسبھا‪ ،‬فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب‬ ‫وإلى الخبرة بالحروب‪ ،‬والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه‬ ‫القرآن والسنة وإلى القدرة على تنفيذ األحكام‪.‬‬ ‫‪ .12‬الثقافة و العلم‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫} يَرْ فَ ِع ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ت َوﷲُ بِ َما تَ ْع َملونَ خَ بِي ٌر )‪{ (11‬‬ ‫ﷲُ الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َوال ِذينَ أوتُوا ال ِعل َم د َ​َر َجا ٍ‬ ‫ص َراطًا َس ِويًّا )‪{ (43‬‬ ‫ت إِنﱢي قَ ْد َجا َءنِي ِمنَ ْال ِع ْل ِم َما لَ ْم يَأْتِكَ فَاتﱠبِ ْعنِي أَ ْھ ِد َ‬ ‫ك ِ‬ ‫} يَا أَبَ ِ‬ ‫ير ٍة أَنَا َو َم ِن اتﱠبَ َعنِي َو ُسب َْحانَ ﱠ‬ ‫)قُلْ ھَ ِذ ِه َسبِيلِي أَ ْد ُعو إِلَى ﱠ‬ ‫ﷲِ َو َما أَنَا ِمنَ ْال ُم ْش ِر ِكينَ (‬ ‫ص َ‬ ‫ﷲِ َعلَى بَ ِ‬ ‫)يوسف‪.(108:‬‬ ‫ُ‬ ‫ص ٍة‬ ‫} َو ْاذ ُكرْ ِعبَا َدنَا إِب َْرا ِھي َم َوإِس َْحا َ‬ ‫ار )‪ (45‬إِنﱠا أَ ْخلَصْ نَاھُ ْم بِخَ الِ َ‬ ‫وب أولِي ْاألَ ْي ِدي َو ْاألَب َ‬ ‫ق َويَ ْعقُ َ‬ ‫ْص ِ‬ ‫ار )‪َ (46‬وإِنﱠھُ ْم ِع ْن َدنَا لَ ِمنَ ْال ُمصْ َ‬ ‫ار )‪{ (47‬‬ ‫طفَ ْينَ ْاألَ ْخيَ ِ‬ ‫ِذ ْك َرى ال ﱠد ِ‬ ‫} َولَ ﱠما بَلَ َغ أَ ُش ﱠدهُ آَتَ ْينَاهُ ُح ْك ًما َو ِع ْل ًما َو َك َذلِكَ نَجْ ِزي ْال ُمحْ ِسنِينَ {‬ ‫}( َولَ ﱠما بَلَ َغ أَ ُش ﱠدهُ َوا ْستَ َوى آَتَ ْينَاهُ ُح ْك ًما َو ِع ْل ًما َو َك َذلِكَ نَجْ ِزي ْال ُمحْ ِسنِينَ )‪{ (14‬‬ ‫‪1‬‬

‫ار‪ :‬الفقه في الدين‪.‬‬ ‫ص‬ ‫قال ابن عباس‪ ،‬قوله) أُولِي األ ْي ِدي (‪ :‬أولي الق ّوة والعبادة‪ ،‬واأل ْب َ‬ ‫ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫سفر فليؤ ﱠمكم أح ُدكم وأح ﱡقكم باإلمام ِة أقر ُؤكم "‬ ‫قال رسول ﷲ "إذا كنتم ثالثةً فى‬ ‫ٍ‬

‫‪2‬‬

‫قال عمر ‪ :‬تفقھوا قبل أن تسودوا‪.‬‬ ‫و ھى حكمه بليغة ) تسودوا ( تصبحوا سادة ورؤساء ألنھم ربما استنكفوا عن الفقه والعلم عندئذ‬ ‫‪4‬‬

‫ُول ﱠ‬ ‫ال َع ِدىﱡ ب ُْن َحاتِ ٍم َ َدخَ ْل ُ‬ ‫ال لِى » يَا َع ِدىﱡ ْبنَ َحاتِ ٍم أَ ْسلِ ْم‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فَقَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ت َعلَى َرس ِ‬ ‫ال » أَنَا أَ ْعلَ ُم بِ ِدينِكَ ِم ْنكَ «‪ .‬فَقُ ْل ُ‬ ‫ال قُ ْل ُ‬ ‫ال‬ ‫ت أَ ْنتَ أَ ْعلَ ُم بِ ِدينِى ِمنﱢى‪ .‬قَ َ‬ ‫ين‪ .‬قَ َ‬ ‫تَ ْسلَ ْم «‪ .‬ثَالَثا ً قَ َ‬ ‫ت إِنﱢى َعلَى ِد ٍ‬ ‫وسيﱠ ِة َوأَ ْنتَ تَأْ ُك ُل ِمرْ بَا َع قَوْ ِمكَ «‪ .‬قُ ْل ُ‬ ‫ال » فَإ ِ ﱠن ھَ َذا الَ يَ ِحلﱡ لَكَ فِى‬ ‫ت بَلَى‪ .‬قَ َ‬ ‫» نَ َع ْم أَلَسْتَ ِمنَ ال ﱠر ُك ِ‬ ‫‪ 1‬اما االمامة الكبري فيشترط ان يكون من اھل االجتھاد قال امام الحرمين الجويني في االرشاد الى قواطعاالدلة في اصول االعتقاد‬ ‫)ص‪ :(426‬من شرائط االمام ان يكون من اھل االجتھاد بحيث ال يحتاج الىاستفتاءغيره في الحوادث‪ ،‬وھذا متفق عليه‪.‬‬ ‫‪ 2‬تفسير الطبير‬ ‫‪ 3‬أخرجه ابن حبان )‪ ، 504/5‬رقم ‪ . (2132‬وأورده أيضًا ‪ :‬ابن عدى )‪ 425/3‬ترجمة ‪ 847‬سويد بن عبد العزيز(‬ ‫‪ 4‬صحيح البخاري‬

‫‪47‬‬


‫القائد‬

‫اضع ُ‬ ‫اإل ْسالَ ِم تَقُو ُل‬ ‫ْت لَھَا فَقَ َ‬ ‫ال فَلَ ْم يَ ْع ُد أَ ْن قَالَھَا فَت َ​َو َ‬ ‫ِدينِكَ «‪ .‬قَ َ‬ ‫ال » أَ َما إِنﱢى أَ ْعلَ ُم َما الﱠ ِذى يَ ْمنَعُكَ ِمنَ ِ‬ ‫يرةَ «‪ .‬قُ ْل ُ‬ ‫ْر ُ‬ ‫ت لَ ْم أَ َرھَا َوقَ ْد‬ ‫ف ْال ِح َ‬ ‫إِنﱠ َما اتﱠبَ َعهُ َ‬ ‫ض َعفَةُ الن ﱠ ِ‬ ‫اس َو َم ْن الَ قُ ﱠوةَ لَهُ َوقَ ْد َر َم ْتھُ ُم ْال َع َربُ أَتَع ِ‬ ‫ال » فَ َوالﱠ ِذى نَ ْف ِسى بِيَ ِد ِه لَيُتِ ﱠم ﱠن ﱠ‬ ‫َس ِمع ُ‬ ‫ير ِة َحتﱠى‬ ‫ُج الظﱠ ِعينَةُ ِمنَ ْال ِح َ‬ ‫ﷲُ ھَ َذا األَ ْم َر َحتﱠى ت َْخر َ‬ ‫ْت بِھَا قَ َ‬ ‫ال قُ ْل ُ‬ ‫ت ِس َْرى ب ُْن ھُرْ ُمزَ ‪.‬‬ ‫ار أَ َح ٍد َولَيَ ْفتَ َح ﱠن ُكنُوزَ ِكس َْرى ب ِْن ھُرْ ُمزَ «‪ .‬قَ َ‬ ‫تَطُوفَ بِ ْالبَ ْي ِ‬ ‫ت فِى َغي ِْر ِج َو ِ‬ ‫ال َع ِدىﱡ ب ُْن َحاتِ ٍم فَھَ ِذ ِه الظﱠ ِعينَةُ‬ ‫ال » نَ َع ْم ِكس َْرى ب ُْن ھُرْ ُمزَ َولَيُ ْب َذلَ ﱠن ْال َما ُل َحتﱠى الَ يَ ْقبَلَهُ أَ َح ٌد «‪ .‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ار َولَقَ ْد ُك ْن ُ‬ ‫ير ِة فَتَطُ ُ‬ ‫ت فِي َم ْن فَت َ​َح ُكنُوزَ ِك ْس َرى ب ِْن ھُرْ ُمزَ‬ ‫ت َْخ ُر ُج ِمنَ ْال ِح َ‬ ‫وف بِ ْالبَ ْي ِ‬ ‫ت فِى َغي ِْر ِج َو ٍ‬ ‫‪1‬‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ ْد قَالَھَا‪.‬‬ ‫َوالﱠ ِذى نَ ْف ِسى بِيَ ِد ِه لَتَ ُكون ﱠَن الثﱠالِثَةُ ألَ ﱠن َرس َ‬ ‫قال عمر البي بكر في موقعة ذات السالسل و كان القائد عمرو بن العاص ؟ لم لم يدع عمرو‬ ‫الناس أن يوقدوا نارا ‪ ،‬أال ترى إلى ھذا الذي منع الناس منافعھم ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال أبو بكر ‪ :‬دعه قائما‬ ‫‪2‬‬ ‫واله رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم علينا لعلمه بالحرب‪.‬‬ ‫و يتضح ھذا مما حدث في ھذه الموقعة‬ ‫عن عمرو بن العاص أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بعثه في غزوة ذات السالسل فسأله‬ ‫أصحابه أن يوقدوا نارا فمنعھم فكلموا أبا بكر فكلمه فقال ال يوقد أحد منھم نارا إال قذفته فيھا‬ ‫قال فلقوا العدو فھزموھم فأرادوا أن يتبعوھم فمنعھم فلما انصرف ذلك الجيش ذكروا ذلك‬ ‫للنبي صلى ﷲ عليه وسلم وشكوه إليه فقال يا رسول ﷲ إني كرھت أن آذن لھم أن يوقدوا‬ ‫نارا فيرى عدوھم قلتھم وكرھت أن يتبعوھم فيكون لھم مدد فيعطفوا عليھم فحمد رسول ﷲ‬ ‫‪3‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم أمره‬

‫قال عبدﷲ بن مسعود رضي ﷲ عنه )لو ان علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم‬ ‫احياء االرض في كفة لرجح علم عمر بعلمھم وقد كانوا يرون انه ذھب بتسعة اعشار العلم‬ ‫و من فنون العلم ان يعرف القائد الفساد و االمراض التى تلحق بالعمل‬ ‫عرفت الشر ال للشــر لكــن لتالفيــه‬ ‫ومن ال يعرف الشر جدير أن يقع فيه‬ ‫وقال عمر ـ رضي ﷲ عنه وأرضاه ـ ‪ )) :‬إنما تنقض عري اإلسالم عروة عروة من أناس‬ ‫ولدوا في اإلسالم ما عرفوا الجاھلية ((‪.‬‬ ‫و قال عثمان أحمد عثمان ‪":‬كان في رأيى من البداية أن النجاح الذي كنت أحلم به يحتاج الى‬ ‫ثالثة عناصر رئيسية ھى العلم و الخبرة و المال تحت عنوان كبير أسمه القيم و االخالقيات‬ ‫في أصول الدين"‬ ‫عليك أن تتعلم كل ما يتعلق بمھنتك و كيفية االدارة‬ ‫القادة الناجحون يقرأون بمتوسط خمسون كتابا سنويا‬ ‫و انظر الى عمر بن عبد العزيز أرسل رسالة إلى سالم بن عبد ﷲ بن عمر بن الخطاب‪» :‬أما‬ ‫بعد‪ ،‬فإن ﷲ عز وجل ابتالني بما ابتالني به من والية أمر المسلمين عن غير مشورة مني وال‬ ‫طلب‪ ،‬فأسأل ﷲ الذي ابتالني بھذا األمر أن يعينني عليه‪ ،‬فإذا جاءك كتابي ھذا‪ ،‬فابعث لي بكتب‬ ‫‪ 1‬مسند احمد‬ ‫‪ 2‬مصنف بن ابي شيبة‬ ‫‪ 3‬موارد الظمآن‬

‫‪48‬‬


‫القائد‬

‫عمر بن الخطاب‪ ،‬وأقضيته وسيرته‪ ،‬فإني عازم على أن أتبع سيرته‪ ،‬وأسير على نھجه إن‬ ‫أعانني ﷲ على ذلك‪ ،‬والسالم«‪.‬‬ ‫و ارشح لك كتاب‬ ‫• فن صناعة الرموز للدكتور محمد فتحي‬ ‫• ايام من تجربتى ل المھندس عثمان أحمد عثمان‬ ‫• عون الرب في العناية بفن الحرب ل عمر سليم‬ ‫• حياة العظماء ل عمر سليم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫• سير و تراجم القادة } َويَسْألونَكَ ع َْن ِذي القَرْ نَي ِْن قُلْ َسأ ْتلو َعلَ ْي ُك ْم ِم ْنهُ ِذ ْكرًا ‪{(83‬‬ ‫اقرأ التاريخ إذ فيه العبــــر‬ ‫ضل قوم ليس يدرون الخبر‬

‫‪ .13‬االمانة‬ ‫} ﱠ‬ ‫خير من استأجرتَ القويﱡ األمين {‬ ‫إن َ‬ ‫ت ﱠ‬ ‫ﷲِ يَجْ َح ُدونَ {‬ ‫}قَ ْد نَ ْعلَ ُم إِنﱠهُ لَيَحْ ُزنُكَ الﱠ ِذي يَقُولُونَ فَإِنﱠھُ ْم ال يُ َك ﱢذبُونَكَ َولَ ِك ﱠن الظﱠالِ ِمينَ بِآيَا ِ‬ ‫قال ﷲ تعالى‪ ) :‬إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ت إِلَى أَ ْھلِھَا ( ‪.58‬‬ ‫ﷲَ يَأْ ُم ُر ُك ْم أَ ْن تُؤَ ﱡدوا األَ َمانَا ِ‬ ‫النبي‬ ‫نـزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار كان سادن الكعبة‪ ،‬فلما دخل‬ ‫ﱡ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم مكة يوم الفتح‪ ،‬أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح‪ ،‬فطلب رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم المفتاح‪ ،‬فقيل‪ :‬إنه مع عثمان‪ ،‬فطلب منه فأبى‪ ،‬وقال‪ :‬لـو علمت أنه‬ ‫رسول ﷲ لم أمنعه المفتاح‪ ،‬فلوى عل ّي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب فدخل‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين‪ ،‬فلما خرج سأله العباس أن يعطيه‬ ‫المفتاح ليجمع له بين السقاية والسدانة‪ ،‬فأنـزل ﷲ تعالى ھذه اآلية‪ ،‬فأمر رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم عليًّا أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه‪ ،‬ففعل ذلك عل ّي‪ ،‬فقال له عثمان‪ :‬يا‬ ‫عل ّي أكرھت وآذيت ثم جئت ترفق؟ فقال‪ :‬لقد أنـزل ﷲ تعالى في شأنك‪ ،‬وقرأ عليه ھذه اآلية‪،‬‬ ‫فقال عثمان‪ :‬أشھد أن محمدًا رسول ﷲ وأسلم‪ ،‬فجاء جبريل عليه السالم فقال‪" :‬ما دام ھذا‬ ‫البيت فإن المفتاح والسدانة في أوالد عثمان"‪ ،‬وھو اليوم في أيديھم‪.‬‬ ‫و عن سعد بن أبي وقّاص رضي ﷲ عنه قال ‪ " :‬لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد ﷲ بن‬ ‫سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان ‪ ،‬فجاء به حتى أوقفه على النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم‪ -‬فقال‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬بايع عبد ﷲ ‪ ،‬فرفع رأسه فنظر إليه ثالثا ً كل ذلك يأبى‪ ،‬فبايعه‬ ‫بعد ثالث‪ ،‬ثم أقبل على أصحابه فقال‪) :‬أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى ھذا حيث رآني‬ ‫كففت يدي عن بيعته فيقتله؟( فقالوا‪ :‬ما ندري يا رسول ﷲ ما في نفسك‪ ،‬أال أومأت إلينا‬ ‫‪1‬‬ ‫بعينك؟‪ ،‬قال‪) :‬إنه ال ينبغي لنبي أن تكون له خائنة األعين( "‪.‬‬ ‫‪ 1‬رواه أبو داود و البيھقي‬

‫‪49‬‬


‫القائد‬

‫يقول رسولنا الكريم صلى ﷲ عليه وسلم‪” :‬ال ايمان لمن ال امانة له وال دين لمن ال عھد له“‬

‫‪1‬‬

‫قال حذيفة بن اليمان‪ :‬ما منعنا أن نشھد بدرًا إال أني وأبي أقبلنا نريد رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم فأخذنا كفار قريش فقالوا‪ :‬إنكم تريدون محمدًا‪ ،‬فقلنا‪ :‬ما نريده إنما نريد المدينة‪ ،‬فأخذوا‬ ‫علينا عھد ﷲ وميثاقه لتصيرن إلى المدينة وال تقاتلوا مع محمد صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬لما‬ ‫جاوزناھم أتينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فذكرنا له ما قالوا وما قلنا لھم فيما ترى؟ قال‪:‬‬ ‫"نستعين ﷲ عليھم ونفي بعھدھم"!!‬ ‫وھذا الموقف من رسول ﷲ يعد من مفاخر أخالقيات الحروب في تاريخ اإلنسانية‪ ،‬فلم ير‬ ‫المؤرخون في تاريخ الحروب قاطبة موقفًا يناظر ھذا الموقف المبھر‪ ،‬ذلك الموقف الذي‬ ‫نرى فيه القيادة اإلسالمية تحترم العھود والعقود ألقصى درجة‪ ،‬حتى العھود التي أخذھا‬ ‫المشركون على ضعفاء المسلمين أيام االضطھاد‪ ،‬برغم ما يعلو ھذه العقود من شبه اإلكراه‪.‬‬ ‫كان ألبي بكر الصديق رضي ﷲ تعالى عنه مملوك يغل عليه فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة‬ ‫فقال له المملوك مالك كنت تسألني كل ليلة ولم تسألني الليلة قال حملنى على ذلك الجوع من‬ ‫أين جئت بھذا قال مررت بقوم في الجاھلية فرقيت لھم فوعدوني فلما أن كان اليوم مررت‬ ‫بھم فإذا عرس لھم فأعطوني قال إن كدت أن تھلكني فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ وجعلت‬ ‫ال تخرج فقيل له إن ھذه ال تخرج إال بالماء فدعا بطست من ماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى‬ ‫رمى بھا فقيل له يرحمك ﷲ كل ھذا من أجل ھذه اللقمة قال لو لم تخرج إال مع نفسي‬ ‫ألخرجتھا سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم يقول كل جسد نبت من سحت فالنار أولى‬ ‫‪2‬‬ ‫به فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من ھذه اللقمة‬

‫قال عمر بن الخطاب "صالح أمر الدولة والرعية في ثالث‪ : .‬أداء األمانة‪ .، .‬واألخذ بالقوة‪.‬‬ ‫‪ .،‬و الحكم بـما أنزل اﷲ"‬ ‫حسن العھد من االيمان و الوفاء و الود له ركنان‬ ‫اما الخيانة فھي شر الصفات‬ ‫) إن شر الدواب عند ﷲ الذين كفروا فھم ال يؤمنون الذين عاھدت منھم ثم ينقضون عھدھم‬ ‫في كل مرة وھم ال يتقون فإما تثقفنھم في الحرب فشرد بھم من خلفھم لعلھم يذكرون (‬ ‫‪ .14‬الحكمة‬ ‫الحكمة صفه القادة و االنبياء‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صْ‬ ‫ب )‪{(20‬‬ ‫} َو َش َد ْدنَا ُم ْل َكهُ َوآَتَ ْينَاهُ ْال ِح ْك َمة َوف َل ال ِخطا ِ‬ ‫}( َولَقَ ْد آَتَ ْينَا لُ ْق َمانَ ْال ِح ْك َمةَ أَ ِن ا ْش ُكرْ ِ ﱠ)ِ َو َم ْن يَ ْش ُكرْ فَإِنﱠ َما يَ ْش ُك ُر لِنَ ْف ِس ِه َو َم ْن َكفَ َر فَإ ِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ َغنِ ﱞي‬ ‫َح ِمي ٌد )‪{(12‬‬ ‫ﷲِ َو ْال ِح ْك َم ِة إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ت ﱠ‬ ‫ﷲَ َكانَ لَ ِطيفًا َخبِيرًا )‪{ (34‬‬ ‫} َو ْاذ ُكرْ نَ َما يُ ْتلَى فِي بُيُوتِ ُك ﱠن ِم ْن آَيَا ِ‬ ‫ث فِي ْاألُ ﱢميﱢينَ َرس ً‬ ‫َاب َو ْال ِح ْك َمةَ‬ ‫} ھُ َو الﱠ ِذي بَ َع َ‬ ‫ُوال ِم ْنھُ ْم يَ ْتلُو َعلَ ْي ِھ ْم آَيَاتِ ِه َويُزَ ﱢكي ِھ ْم َويُ َعلﱢ ُمھُ ُم ْال ِكت َ‬ ‫ين )‪{ (2‬‬ ‫َوإِ ْن َكانُوا ِم ْن قَ ْب ُل لَفِي َ‬ ‫ض َال ٍل ُمبِ ٍ‬ ‫‪ 1‬احمد‬ ‫‪ 2‬حلية االولياء‬

‫‪50‬‬


‫القائد‬

‫ْض الﱠ ِذي ت َْختَلِفُونَ فِي ِه فَاتﱠقُوا‬ ‫ال قَ ْد ِج ْئتُ ُك ْم بِ ْال ِح ْك َم ِة َو ِألُبَيﱢنَ لَ ُك ْم بَع َ‬ ‫ت قَ َ‬ ‫} َولَ ﱠما َجا َء ِعي َسى بِ ْالبَيﱢنَا ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُون )‪{ (63‬‬ ‫ﷲَ َوأَ ِطيع ِ‬ ‫َاب َو ْال ِح ْك َمةَ َوآَتَ ْينَاھُ ْم ُم ْل ًكا َع ِظي ًما )‪{ (54‬‬ ‫} فَقَ ْد آَتَ ْينَا آَ َل إِب َْرا ِھي َم ْال ِكت َ‬ ‫} َوقَت َ​َل دَا ُوو ُد َجالُوتَ َوآَتَاهُ ﱠ‬ ‫ﷲُ ْال ُم ْلكَ َو ْال ِح ْك َمةَ َو َعلﱠ َمهُ ِم ﱠما يَ َشا ُء {‬ ‫و ھي وضع الشئ في موضعة‬ ‫يقول بن قيم الجوزية ‪ ":‬فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي‪".‬‬ ‫فوضع الندي في موضع السيف بالعال‬ ‫مضر كوضع السيف في موضع الندي‬ ‫فانسحاب سيدنا خالد من مؤتة عبقرية حربية يستحق عليھا اعلى النياشين‬ ‫احةَ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬نَ َعى زَ ْيدًا َو َج ْعفَرًا َوا ْبنَ َر َو َ‬ ‫س ‪ -‬رضى ﷲ عنه أَ ﱠن النﱠبِ ﱠ‬ ‫ع َْن أَنَ ٍ‬ ‫يب ‪ ،‬ثُ ﱠم أَخَ َذ‬ ‫اس قَب َْل أَ ْن يَأْتِيَھُ ْم َخبَ ُرھُ ْم ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ص َ‬ ‫يب ‪ ،‬ثُ ﱠم أَخَ َذ َج ْعفَ ٌر فَأ ُ ِ‬ ‫ال » أَخَ َذ الرﱠايَةَ زَ ْي ٌد فَأ ُ ِ‬ ‫لِلنﱠ ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ان ‪َ -‬حتﱠى أخَ َذ َسي ٌ‬ ‫ُوف ﷲِ َحتﱠى فَت َ​َح ﷲُ َعلَ ْي ِھ ْم «‬ ‫ص َ‬ ‫ْف ِم ْن ُسي ِ‬ ‫اب ُْن َر َوا َحةَ فَأ ِ‬ ‫يب ‪َ -‬و َع ْينَاهُ تَذ ِرفَ ِ‬ ‫يقول بن عباس قال لي عمر إنه وﷲ يا ابن عباس ما يصلح لھذا األمر إال القوي في غير‬ ‫عنف اللين في غير ضعف الجواد في غير سرف الممسك في غير بخل قال يقول ابن عباس‬ ‫‪2‬‬ ‫فوﷲ ما أعرفه غير عمر‬ ‫قال معاوية‪ " :‬ال أضع سيفي حيث يكفيني سوطي وال أضع سوطي حيث يكفيني لساني‪ ،‬ولو‬ ‫أن بيني وبين الناس شعرةً ما انقطعت‪ .‬قيل‪ :‬وكيف ذاك؟ قال‪ :‬كنت إذا م ّدوھا خلّيتھا وإذا‬ ‫خلّوھا مددتھم " ‪.‬‬ ‫عن قبيصة بن جابر‪ :‬قد صحبت عمرو بن العاص‪ ،‬فما رأيت رجال أبين أو أنصع رأيا‪ ،‬وال‬ ‫‪3‬‬ ‫أكرم جليسا منه‪ ،‬وال أشبه سريرة بعالنية منه‬ ‫قيل لألحنف بن قيس‪ :‬بم أوتيت ما أوتيت من الوقار والحكمة ؟ فقال ‪ :‬بكلمات سمعتھن من‬ ‫عمر بن الخطاب حيث قال ‪ :‬من مزح استخف به ‪ ،‬ومن أكثر من شئ عرف به ‪ ،‬ومن كثر‬ ‫كالمه كثر سقطه ‪ ،‬ومن كثر سقطه قل حياؤه ‪ ،‬ومن قل حياؤه قل ورعه ‪ ،‬ومن قل ورعه‬ ‫مات قلبه‬ ‫‪ .15‬التوازن بين الطاقات االربع‬ ‫القائد يوازن بين طاقة العقل و طاقة الروح و طاقة الجسد و طاقة العاطفة‬

‫‪ .16‬االيمان‬ ‫ال يوجد اقوى من رجل مؤمن بفكرة‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬منھاج السيرة النبوية‬ ‫‪ 3‬سير اعالم النبالء‬

‫‪51‬‬


‫القائد‬

‫} َو َع َد ﱠ‬ ‫ض َك َما ا ْست َْخلَفَ الﱠ ِذينَ ِم ْن‬ ‫ﷲُ الﱠ ِذينَ آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َو َع ِملُوا الصﱠالِ َحا ِ‬ ‫ت لَيَ ْست َْخلِفَنﱠھُم فِي األَرْ ِ‬ ‫َضى لَھُ ْم َولَيُبَ ﱢدلَنﱠھُ ْم ِم ْن بَ ْع ِد خَ وْ فِ ِھ ْم أَ ْمنًا يَ ْعبُ ُدونَنِي ال يُ ْش ِر ُكونَ‬ ‫قَ ْبلِ ِھ ْم َولَيُ َم ﱢكن ﱠَن لَھُ ْم ِدينَھُ ُم الﱠ ِذي ارْ ت َ‬ ‫اسقُونَ {‬ ‫بِي َش ْيئًا َو َم ْن َكفَ َر بَ ْع َد َذلِكَ فَأُوْ لَئِكَ ھُ ُم ْالفَ ِ‬ ‫ص ُر ُر ُسلَنَا َوالﱠ ِذينَ آ َمنُوا فِي ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا َويَوْ َم يَقُو ُم األَ ْشھَا ُد{‬ ‫} إِنﱠا لَنَن ُ‬ ‫ْج ِد ْال َح َر ِام َك َم ْن آَ َمنَ بِ ﱠ‬ ‫يل‬ ‫}( أَ َج َع ْلتُ ْم ِسقَايَةَ ْال َحاجﱢ َو ِع َم َ‬ ‫ا)ِ َو ْاليَوْ ِم ْاآلَ ِخ ِر َو َجاھَ َد فِي َسبِ ِ‬ ‫ارةَ ْال َمس ِ‬ ‫ﷲِ َو ﱠ‬ ‫ﷲِ َال يَ ْستَوُونَ ِع ْن َد ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َاجرُوا َو َجاھَ ُدوا فِي‬ ‫ﷲُ َال يَ ْھ ِدي ْالقَوْ َم الظﱠالِ ِمينَ )‪ (19‬الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َوھ َ‬ ‫ظ ُم د َ​َر َجةً ِع ْن َد ﱠ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ بِأ َ ْم َوالِ ِھ ْم َوأَ ْنفُ ِس ِھ ْم أَ ْع َ‬ ‫ﷲِ َوأُولَئِكَ ھُ ُم ْالفَائِ ُزونَ )‪ (20‬يُبَ ﱢش ُرھُ ْم َر ﱡبھُ ْم‬ ‫َسبِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َظي ٌم‬ ‫ان َو َجنا ٍ‬ ‫ت لھُ ْم فِيھَا نَ ِعي ٌم ُمقِي ٌم )‪ (21‬خَ الِ ِدينَ فِيھَا أبَدًا إِ ﱠن ﷲَ ِعن َدهُ أجْ ٌر ع ِ‬ ‫بِ َرحْ َم ٍة ِمنهُ َو ِرضْ َو ٍ‬ ‫)‪{ (22‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْج َد ال َح َرا َم بَ ْع َد عَا ِم ِھ ْم ھَ َذا َوإِ ْن‬ ‫}( يَا أَ ﱡيھَا ال ِذينَ آ َمنُوا إِن َما ال ُمش ِركونَ ن َ​َجسٌ فَ َال يَق َربُوا ال َمس ِ‬ ‫ﷲُ ِم ْن فَضْ لِ ِه إِ ْن َشا َء إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ِخ ْفتُ ْم َع ْيلَةً فَ َسوْ فَ يُ ْغنِي ُك ُم ﱠ‬ ‫ﷲَ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم )‪{ (28‬‬ ‫قال الحبيب محمد))إذا كان أمراؤكم فساقكم وأغنياؤكم شراركم‪ ،‬وأموركم إلى نسائكم‪ ،‬فبطن‬ ‫األرض خير من ظھرھا((‬ ‫روى اإلمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى رضي ﷲ عنه قال ‪) :‬قلت لعمر رضى ﷲ‬ ‫عنه ّ‬ ‫إن لي كاتبا ً نصرانيا ً‪ .‬قال ‪ :‬مالك قاتلك ﷲ أما سمعت ﷲ يقول ‪) :‬يا أيھا الذين آمنوا ال‬ ‫ً‬ ‫تتخذوا اليھود والنصارى أولياء بعضھم أولياء بعضھم( ـ أال اتخذت حنيفا ؟ قال ‪ :‬قلت يا‬ ‫أمير المؤمنين ‪ :‬لي كتابته وله دينه‪ .‬قال ‪ :‬ال أكرمھم إذ أھانھم ﷲ‪ ،‬وال أعزھم إذ أذلھم ﷲ ‪،‬‬ ‫وال أدنيھم إذ أقصاھم ﷲ‪.‬‬ ‫وقد أخبر ابن حيان فى كتابه عن المنصور بن أبى عامر ‪:‬‬ ‫) وكان متسما ً بصحه باطنه ‪ ،‬واعترافه بذنبه ‪ ،‬وخوفه من ربه ‪ ،‬وكثرة جھاده ‪،‬واذا ُذ ّكر با)‬ ‫ذكر ‪ ،‬واذا ُخ ّوف من عقابه ازدجر ‪( ...‬‬ ‫وقال ابن خلدون مخبرا عن المنصور بن أبى عامر ‪:‬‬ ‫) أرخص للجند فى العطاء وأعلى مراتب العلماء وقمع أھل البدع ‪ ،‬وكان ذا عقل ورأى‬ ‫وشجاعة وبصر بالحروب ودين متين ‪( ..‬‬ ‫وذكر ابن سماك العاملى فى كتابه "الزھرات المنثورة" ‪ ،‬وذكرھا ابن اآلبار فى "إعتاب‬ ‫الكتاب" وغيرھما ‪ ،‬قال خلف بن حسين بن حيان ‪ ،‬وھو والد أبى مروان ابن حيان صاحب‬ ‫كتاب "نفح الطيب" وكان أبوه من كتاب المنصور بن أبى عامر ‪ ،‬فأخبر عن نفسه وقال ‪:‬‬ ‫) ب ّكتنى المنصور محمد بن أبى عامر يوما ً على ما أنكره منى تبكيتا ً بعث من فزعى ما‬ ‫اضطربت منه ‪ ،‬فلما أخلى مجلسه قال لى ‪:‬‬ ‫رأيت من فزعك وشدة روعك ما استنكرته منك ‪ ،‬ومن وثق با) برىء من الحول والقوة ) ‪،‬‬ ‫وإنما أنا آلة من آالت ﷲ تعالى ‪ ،‬أتصرف بمشيئته وأسطو بقدرته وأعفو عن إذنه ‪ ،‬وال أملك‬ ‫لنفسى إال ما أملك من نفسى لسواى ‪ ،‬فطأمن جأشك وأزل عنك روعك ‪ ،‬فإنما أنا ابن امرأة‬ ‫من تميم طالما تقوتت بثمن غزلھا ‪ ،‬أغدو به الى السوق وأنا أفرح الناس بمكانه ‪ ،‬ثم جاء من‬ ‫‪52‬‬


‫القائد‬

‫أمر ﷲ ما تراه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يابن حيان ‪ ،‬إن أفضل الناس غراسا من غرس الخير ‪ ،‬وإن أفضل‬ ‫السلطان غراسا ما أثمر فى اآلخرة ‪ ،‬ومن أنا عند ﷲ تعالى لوال عطفى على المستضعف‬ ‫المظلوم وقصمى للجبار الغشوم الالھى عن حقوق ربه بفسوقه ودنسه ‪..‬‬ ‫و يبدأ المھندس عثمان احمد عثمان كتابه "صفحات من تجربتي بكلمة "وجدت أقوى أسلحتى‬ ‫في االيمان بقوله تعالى "إن ﷲ يدافع عن الذين امنوا" فكانت ھذه التجربه‬

‫‪ .17‬القدوة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫} أُولَئِكَ الﱠ ِذينَ ھَدَى ﷲُ فَبِھُدَاھُ ُم اقتَ ِد ِه قلْ َال أسْأل ُك ْم َعلَ ْي ِه أجْ رًا إِ ْن ھُ َو إِال ِذك َرى لِل َعالَ ِمينَ )‪{ (90‬‬

‫القائد قائد التباعه ان سار على الحق ساروا و ان زاغ زاغوا و اذا اردت ان تكون إمامي فكن‬ ‫أمامي‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في رسالته إلى ھرقل ‪ ) :‬فإن أبيت فإن عليك إثم األريسيين(‪1‬‬ ‫رضي ﷲ عنھما‪ -‬قال‪ :‬اتخذ النبي ‪ ρ‬خات َما من‬ ‫و أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ذھب‪ ،‬فاتخذ الناس خواتيم من ذھب‪ ،‬فقال النبي‪ } ،‬إني اتخذت خات ًما من ذھب فنبذه وقال‪ :‬إني‬ ‫لن ألبسه أبدًا‪ ،‬فنبذ الناس خواتيمھم { )‪.(2‬‬ ‫القائد ملزم بتطبيق القرارات على نفسه اوال و يتقدم الصفوف‬ ‫عن على قال ‪ :‬كنا إذا حمى البأس ولقى القوم القوم اتقينا برسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪-‬‬ ‫‪4‬‬ ‫فما يكون منا أحد أقرب إلى العدو منه‬ ‫يقول علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ " :-‬من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل‬ ‫تعليم غيره ‪ ،‬وليكن تھذيبه لسيرته قبل تھذيبه بلسانه ‪ ،‬فمعلم نفسه ومھذبھا أحق باإلجالل من‬ ‫معلم الناس ومھذبھم "‬ ‫‪3‬‬

‫قال أبو طلحة ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪َ »: -‬ش َكوْ نا إِلى رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬الجوعَ‪ ،‬ورفعنا‬ ‫‪5‬‬ ‫ثِيَابَنا عن َح َج ٍر َح َج ٍر إلى بُطونِنا ‪ ،‬فرفع رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عن َح َج َري ِْن«‪.‬‬

‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬ ‫)‪ (2‬اﻟﺒﺨﺎري اﻻﻋﺘﺼﺎم ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ )‪ ، (6868‬ﻣﺴﻠﻢ اﻟﻠﺒﺎس واﻟﺰﻳﻨﺔ )‪ ، (2091‬اﻟﺘﺮﻣﺬي اﻟﻠﺒﺎس )‪ ، (1741‬اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﺰﻳﻨﺔ )‪ ، (5290‬أﺣﻤﺪ‬ ‫)‪ ، (116/2‬ﻣﺎﻟﻚ اﻟﺠﺎﻣﻊ )‪.(1743‬‬ ‫‪ 3‬ان من اسباب اقتدائنا برسول ﷲ ان ﷲ امرنا بھذا و انه بشر اذ لو كان لملك لقلنا ‪ :‬أنه يتحمل ما ال يتحمله بشر‬ ‫‪ 4‬الطيالسى ‪ ،‬وابن أبى شيبة ‪ ،‬وأحمد ‪ ،‬وأبو عبيدة فى الغريب ‪ ،‬والنسائى ‪ ،‬وأبو يعلى ‪ ،‬والحاكم ‪ ،‬وابن جرير وصححه ‪ ،‬والحارث ‪،‬‬ ‫والبيھقى فى الدالئل‬ ‫‪ 5‬الترمذي‬

‫‪53‬‬


‫القائد‬

‫ع َْن َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ير َكانَ أَبُو لُبَابَةَ َو َعلِ ﱡى ب ُْن أَبِى َ‬ ‫ب‬ ‫طالِ ٍ‬ ‫ﷲِ ْب ِن َم ْسعُو ٍد قَ َ‬ ‫ال ُكنﱠا يَوْ َم بَ ْد ٍر ُكلﱡ ثَالَثَ ٍة َعلَى بَ ِع ٍ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال َو َكان ْ‬ ‫ال‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫َت ُع ْقبَةُ َرس ِ‬ ‫زَ ِميلَ ْى َرس ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ال » َما أَ ْنتُ َما بِأ َ ْق َوى ِمنﱢى َوالَ أَنَا بِأ َ ْغنَى ع َِن األَجْ ِر ِم ْن ُك َما «‬ ‫فَقَاالَ نَحْ ُن نَ ْم ِشى َع ْنكَ ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫و انظر الى القائد كيف يبدأ بتطبيق القانون و التشريع على نفسه و اھل بيته‬ ‫ً‬ ‫قال سليمان بن عمرو بن األحوص ‪ -‬رحمه ﷲ ‪ :-‬ح ﱠدثني أبي ‪ :‬أنه شھ َد ح ﱠجة الوداع مع رسول‬ ‫أحر ُم ؟‬ ‫ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ، -‬فحمد ﷲ وأثنى عليه ‪ ،‬و َذ ﱠك َر ووعظ ‪ ،‬ثم قال ‪ » :‬أيﱡ يوم َ‬ ‫أحر ُم ؟ أي يوم أحر ُم ؟ « قال ‪ :‬فقال الناسُ ‪ :‬يو ُم الحج األكبر يا رسول ﷲ ‪ ،‬قال ‪ » :‬ﱠ‬ ‫فإن‬ ‫أي يوم َ‬ ‫َ‬ ‫وأعراضكم عليكم حرا ٌم كحرم ِة يومم ھذا ‪ ،‬في بلدكم ھذا ‪ ،‬في شھركم ھذا ‪ ،‬أال‬ ‫دما َءكم وأموالم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جان إال على نفسه ‪ ،‬وال يجني والد على ولده ‪ ،‬وال يَجني ول ٌد على والده أال إن المسلم‬ ‫ال يجني ٍ‬ ‫لمسلم من أخيه شيء إال ما أح ﱠل من نفس ِه‪ .‬أال ﱠ‬ ‫وإن ك ﱠل ربًا في الجاھلية‬ ‫أخو المسلم ‪ ،‬فليس يحلﱡ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ع ‪ ،‬ل ْكم رُؤوسُ أموال ِكم ال تَظلِ ُمون وال تُظلَمون ‪ ،‬غير ِربا العبﱠاس ‪ ،‬فإنﱠه موضو ٌ‬ ‫موضو ٌ‬ ‫ع كله ‪،‬‬ ‫أال وإن ك ﱠل د ٍَم كان في الجاھلية موضو ٌ‬ ‫دم أض ُع من دم الجاھلية ‪ :‬د ُم الحارث بن عبد‬ ‫ع ‪ ،‬وأ ﱠو ُل ٍ‬ ‫المطلب «‪.‬‬ ‫فالقيادة تكليف ال تشريف و القائد الحق ھو الذي يتحمل العناء‬ ‫و صحب "عبد ﷲ المروزي " أبوعلي الرباطي فقال‪ :‬على أن تكون أنت األمير أو أنا فقال‪ :‬بل‬ ‫أنت فلم يزل يحمل الزاد لنفسه وألبي علي على ظھره‪ ،‬فأمطرت السماء ذات ليلة فقام عبد ﷲ‬ ‫طول الليل على رأس رفيقه وفي يده كساء يمنع عنه المطر فكلما قال له عبد ﷲ ال تفعل يقول له‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ألم تقل إن اإلمارة مسلمة لي حتى قال أبو علي‪ :‬وددت أني مت ولم أقل له أنت األمير‪.‬‬ ‫و جاء في فتح المدائن ]وشرع سعد فخمسه وامر سلمان الفارسي فقسم االربعة االخماس بين‬ ‫الغانمين فحصل لكل واحد من الفرسان اثنتي عشرة الفا وكانوا كلھم فرسانا ومع بعضھم جنائب‬ ‫واستوھب سعد اربعة اخماس البساط ولبس كسرى من المسلمين ليبعثه الى عمر واالمسلمين‬ ‫بالمدينة لينظروا اليه ويتعجبوا منه فطيبوا له ذلك واذنوا فيه فبعثه سعد الى عمر مع الخمس‬ ‫فروينا ان عمر لما نظر الى ذلك قال ان قوما ادوا ھذا المناء فقال له علي بن ابي طالب انك‬ ‫عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعت ثم قسم عمر ذلك في المسلمين فاصاب عليا قطعة من‬ ‫‪3‬‬ ‫البساط فباعھا بعشرين الفا[‬ ‫‪ .18‬مبادر‬ ‫ُ‬ ‫ت َوھُ ْم لَھَا َسابِقُونَ {‬ ‫ار ُعونَ فِي ْالخَ ي َْرا ِ‬ ‫ار ُعونَ فِي ْالخَ ي َْرا ِ‬ ‫} إِنﱠھُ ْم َكانُوا يُ َس ِ‬ ‫ت{ } أوْ لَئِكَ يُ َس ِ‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫قال أنس بن مالك ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬كان فزع بالمدينة ‪ ،‬فاستعار‬ ‫ﱡ‬ ‫فرسا من أبي طلحة ‪ ،‬يقال له ‪ :‬المندوب ‪ ،‬فركب ‪ ،‬فلما رجع ‪ ،‬قال ‪ :‬ما رأينا من شيء ‪ ،‬وإن‬ ‫وجدناه لبحرا «‪.‬‬ ‫جْ‬ ‫وفي رواية قال ‪ » :‬كان رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أحسنَ الناس َو ھا ‪ ،‬وكان أجو َد‬ ‫ت‪،‬‬ ‫الناس‪ ،‬وكان أشجع الناس‪ ،‬ولقد فزع أھ ُل المدينة ذات ليلة ‪ ،‬فانطلق نَاس ِمن قِبَ ِل الصﱠوْ ِ‬ ‫فتلقاھم رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬راجعا ‪ ،‬وقد سبقھم إِلى الصوت ‪ -‬وفي رواية ‪ :‬وقد‬ ‫استبرأ الخبر ‪ -‬وھو على فرس ألبي طلحة عُرْ ي ‪ ،‬في ُعنُقِ ِه الس ُ‬ ‫تراعوا‪ .‬قال‬ ‫ﱠيف ‪ ،‬وھو يقول ‪ :‬لن َ‬ ‫‪ :‬وجدناه بحرا ‪ -‬أو إنه لبحر ‪ -‬قال ‪ :‬وكان فرسه يُبَطﱠأ ُ «‪.‬‬ ‫‪ 1‬مسند االمام احمد وابن ھشام ‪ 389 /2‬وحسنه األلباني في تحقيق فقه السيرة ‪167‬‬ ‫‪ 2‬احياء علوم الدين‬ ‫‪ 3‬البداية و النھاية‬

‫‪54‬‬


‫القائد‬

‫وفي أخرى مختصرا قال ‪ » :‬استقبلھم النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬على فرس عُرْ ي ‪ ،‬ما عليه‬ ‫َسرْ ج‪ ،‬في عنقه سيف «‪ .‬أخرجه البخاري ‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫وفي مغازي الواقدي في حادثة طويلة قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬من لھؤالء القوم‬ ‫الذين فعلوا ما فعلوا؟ فانتدب أول الناس عيينة بن حصن الفزاري‪ ،‬فقال‪ :‬أن وﷲ لھم‪ ،‬أتبع‬ ‫آثارھم ولو بلغوا يبرين حتى آتيك بھم إن شاء ﷲ‪ ،‬فترى فيھم رأيك فيھم رأيك أو يسلموا‪.‬‬ ‫فبعثه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في خمسين فارسا ً من العرب‪ ،‬ليس فيھا مھاجر واحد‬ ‫‪1‬‬ ‫وال أنصاري‬ ‫فواله رسول ﷲ النه اول من بادر‬ ‫و قال ﷲ لحبيبه محمد معلما ايانا المبادرة ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫} َوإِ ﱠما تَخَ افَ ﱠن ِم ْن قَوْ ٍم ِخيَانَةً فَا ْنبِ ْذ إِلَ ْي ِھ ْم َعلَى َس َوا ٍء إِ ﱠن ﷲَ َال ي ُِحبﱡ الخَ ائِنِينَ { )‪ 58‬األنفال (‬

‫ھناك قيادة تأتى الى االجتماع‪ 2‬و يسئل من حوله ‪":‬ما ھو موضوع الجلسة ؟؟" "ما الذي تم‬ ‫؟؟" "ماذا سنفعل ؟؟" و تجد ھذا النوع من القيادة يرتدي حذاء بال رباط "النه ال يحل و ال‬ ‫يربط "‬ ‫و ھناك قيادة الطريق لديھا واضح و ال تنتظر تحرك االخرين بل يتحرك ھو اوال نحو الھدف‬ ‫و قد ال يكون المبادر مديرا بل عضو عادي لكنه مبادر متحمل للمسؤولية و ال ينتظر التكليف‬ ‫فنجد االعضاء يلتفون حوله ينتظرون تعليماته فھو قائد حتى و لو لم يعين‬ ‫ال يَا ُمو َسى إِ ﱠن ْال َمألَ يَأْتَ ِمرُونَ بِكَ لِيَ ْقتُلُوكَ فَ ْ‬ ‫اخرُجْ إِنﱢي‬ ‫صى ْال َم ِدينَ ِة يَ ْس َعى قَ َ‬ ‫﴿و َجاء َر ُج ٌل ﱢم ْن أَ ْق َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫اص ِحينَ )‪) ﴾(20‬القصص(‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫نَ‬ ‫كَ‬ ‫ِ‬ ‫لَ ِ‬ ‫تأمل كيف جاء و تحرك و ھو غير مسؤول و غير معروف و لم يقل ھناك من سيقوم بھذا ‪،‬‬ ‫و ھل تحركي سيفيد ؟؟ بل تحرك من أقصى المدينة فاستحق الذكر في القران الكريم‬

‫‪ .19‬االستواء‬ ‫}( َولَ ﱠما بَلَ َغ أَ ُش ﱠدهُ َوا ْستَ َوى آَتَ ْينَاهُ ُح ْك ًما َو ِع ْل ًما َو َك َذلِكَ نَجْ ِزي ْال ُمحْ ِسنِينَ )‪{ (14‬‬ ‫‪ .20‬خالي من العيوب الجسدية المنفرة‬ ‫قال اإلمام إبن الجوزي يرحمة ﷲ )) تأملت الذين يختارھم الحق عزوجل لواليته والقرب‬ ‫منه ‪..‬فوجدته سبحانه اليختار إال شخصآ كامل الصوره العيب فيه والنقص فتراه حسن‬ ‫‪ 1‬المغازي للواقدي و ما ولى رسول ﷲ اعرابي على حضري و لم يول اعرابي اال اثنان‬ ‫‪ 2‬تعريف ساخر لالجتماعاتالغير منظمة ‪ :‬مكان يتحدث كل من به و ليس بينھم مصغ ليرفض الجميع كل القرارات فيما بعد‬

‫‪55‬‬


‫القائد‬

‫ب والمخادع‬ ‫الوجه معتدل القامه سليمآ معافى فى بدنه ‪..‬كامآل فى باطنه سخيآ جواد غير خ ٍ‬ ‫والحقود والحسود والعيب فيه من عيوب الباطن‬ ‫فذاك الذي يربيه من صغره ‪،‬فتراه فى الطفولة معتزآل عن الصبيان كأنه فى الصبا شيخ ‪.‬‬ ‫ينبو عن الرذائل ويفزع من النقائص ثم التزال شجرة ھمته تنمو حتى يرى ثمرھا متھدآل‬ ‫ساع لطلب‬ ‫على أغصان الشباب ‪ ،‬فھو حريص على العلم منكمش على العمل حافظ للزمان‬ ‫ٍ‬ ‫الفضائل ‪ ،‬خائف من النقائص‬ ‫لو رأيت التوفيق واإللھام الرباني يحوطه ‪،‬لرأيت كيف يأخذ بيده إن عثر‪ ،‬ويمنعه من الخطا‬ ‫عن ھم ‪ ،‬ويستخدمه فى الفضائل ((‬ ‫‪ .21‬العزم‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫} فَإ ِ َذا َعزَ ْمتَ فَت َ​َوكلْ َعلَى ﷲِ إِ ﱠن ﷲَ ي ُِحبﱡ ال ُمت َ​َو ﱢكلِينَ )‪{(159‬‬ ‫في غزوة أحد اراد النبي ان يجعل الحرب بينه و بين الكفار حرب مدن و اراد الشباب ان‬ ‫يحابوا خارج المدينة و استقر الرأى على الحرب خارج المدينة‬ ‫فلما صلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم الجمعة وعظ الناس وذكرھم‪ ،‬وأمرھم بالجد‬ ‫والجھاد‪ ،‬ثم انصرف من خطبته وصالته‪ ،‬فدعا بالمته فلبسھا‪ ،‬ثم أذن في الناس بالخروج‪.‬‬ ‫فلما رأى ذلك رجال من ذوى الرأى قالوا‪ :‬أمرنا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أن نمكث‬ ‫بالمدينة وھو أعلم با) وما يريد ويأتيه الوحى من السماء‪.‬‬ ‫فقالوا‪ :‬يا رسول ﷲ امكث كما أمرتنا‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬ما ينبغى لنبى إذا أخذ المة الحرب وأذن بالخروج إلى العدو أن يرجع حتى يقاتل‪ ،‬وقد‬ ‫دعوتكم إلى ھذا الحديث فأبيتم‬ ‫إال الخروج‪ ،‬فعليكم بتقوى ﷲ والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو وانظروا ماذا أمركم ﷲ به‬ ‫‪1‬‬ ‫فافعلوا‪.‬‬ ‫و لما قتل ابن الحضرمي واختلف الناس على علي طمع أھل فارس وكرمان في كسر الخراج‬ ‫فطمع أھل كل ناحية وأخرجوا عاملھم وأخرج أھل فارس سھل بن حنيف فاستشار علي‬ ‫الناس فقال له جارية بن قدامة‪ :‬أال أدلك يا أمير المؤمنين على رجل صلب الرأي عالم‬ ‫كاف لما ولي قال‪ :‬من ھو قال‪ :‬زياد‪.‬‬ ‫بالسياسة‬ ‫ٍ‬ ‫فأمر علي ابن عباس أن يولي زيادًا فسيره إليھا في جمع كثير فوطىء بھم أھل فارس وكانت‬ ‫قد اضطرمت فلم يزل يبعث إلى رؤويسھم يعد من ينصره ويمنيه ويخوف من امتنع عليه‬ ‫بعض وھربت طائفة وأقامت طائفة فقتل‬ ‫وضرب بعضھم ببعض فدل بعضھم على عورة‬ ‫ٍ‬ ‫بعضھم بعضًا وصفت له فارس ولم يلق منھم جمعًا وال حربًان وفعل مثل ذلك بكرمان‪.‬‬ ‫ثم رجع إلى فارس وسكن الناس واستقامت له ونزل إصطخر وحصن قلعة تسمى قلعة زياد‬ ‫‪2‬‬ ‫قريب إصطخر ثم تحصن فيھا بعد ذلك منصور اليشكري فھي تسمى قلعة منصور‪.‬‬ ‫‪ .22‬واسع الصدر‬ ‫قال رسول ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة‬ ‫إال أغلق ﷲ أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته (‬

‫‪ 1‬السيرة النبوية البن كثير‬ ‫‪ 2‬الكامل في التاريخ‬

‫‪56‬‬


‫القائد‬

‫‪ .23‬ال يكابر‬ ‫يقول الفاروق ‪ ":‬رحم ﷲ ابا بكر فقد كان اعرف بالرجال منى"‬

‫‪ .24‬تحمل االخطاء‬ ‫القائد الحق ھو من يتحمل االخطاء حتى الصادره من اتباعة و ال يوبخھم و يكتفى بلفت‬ ‫أنظارھم و عليك أن تكون قادرا على تحمل أخطاء المرؤسين اذا كنت ترغب في تطوير‬ ‫مبادرتھم و خبراتھم و االعتراف بالخطأ دليل على النضج و القوة‬ ‫اال ترى الى رسول ﷲ لم يعاتب الذين تراجعوا يوم أحد } َولَقَ ْد َعفَا َع ْن ُك ْم َو ﱠ‬ ‫ﷲُ ُذو فَضْ ٍل َعلَى‬ ‫ْال ُم ْؤ ِمنِينَ )‪ (152‬إِ ْذ تُصْ ِع ُدونَ َو َال ت َْلوُونَ َعلَى أَ َح ٍد َوال ﱠرسُو ُل يَ ْد ُعو ُك ْم فِي أُ ْخ َرا ُك ْم{‬ ‫بل ثبت و نظم صفوفھم ثم طارد بھم الكفار‬ ‫و لم يعنف من اكرھوه على الحرب خارج المدينة‬ ‫و يوم حنين لم يلم الفارين من سھام الكفار‬ ‫و بعد حنين دخل عليه سعد بن عبادة رضي ﷲ عنه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ﷲ إن ھذا الحي من‬ ‫األنصار قد وجدوا عليك في أنفسھم«‪ ،‬أي غضبوا »لما صنعت في ھذا الفيء الذي أصبت‪،‬‬ ‫قسمت في قومك‪ ،‬وأعطيت عطايا عظاما‪ ،‬ولم يكن في ھذا الحي من األنصار منھا شيء‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫فأين أنت من ذلك يا سعد؟ فقال‪ :‬يا رسول ﷲ ما أنا إال من قومي‬ ‫فانظر الى سعد بن عباده لم يتبرأ من قومه بل تحمل أخطائھم بشجاعة تعلمھا من أستاذه‬ ‫فالصندوق الممتلئ بالجواھر ال تجد لالحجار به مكان‬ ‫و تحمل "سيد جالل"‪ 2‬بشجاعة نادرة أخطاء مرؤوسيه و كتب في ورقه بيضاء أنه يتحمل‬ ‫كل أخطاء مرؤسية و انھم قد نفذوا اوامره الشفوية‬

‫‪ .25‬واثق بربه متوكل عليه‬ ‫ال َك ﱠال إِ ﱠن َم ِع َي َربﱢي‬ ‫ال أَصْ َحابُ ُمو َسى إِنﱠا لَ ُم ْد َر ُكونَ )‪ (61‬قَ َ‬ ‫ان قَ َ‬ ‫} فَلَ ﱠما ت َ​َرا َءى ْال َج ْم َع ِ‬ ‫ين{‬ ‫َسيَ ْھ ِد ِ‬ ‫طوبى لعبد كلمه مواله اجتباه من خلقه و اصطفاه‬ ‫نبي كريم حسن السجايا عين الكريم تكلؤه وترعاه‬ ‫مذ كان في الرحم محفوظ من جبروت فرعون ما أقساه‬ ‫‪ 1‬السيرة الحلبية‬ ‫‪ 2‬تجد ترجمته في أخر الكتاب‬

‫‪57‬‬


‫القائد‬

‫والوحي ينزل على أمه الثكلى اقذفيه في اليم فنحن نرعاه‬ ‫فتذعن والقلب متوكل على رب يحمي الضعيف الينساه‬ ‫وتنشئ يافرعون بيديك ذاك الذي كنت باألمس تخشاه‬ ‫فانظر لمشيئة مولى حين يحب عبدا فيصنعه بعينه منذ صباه‬ ‫َص َرهُ ﱠ‬ ‫َار إِ ْذ يَقُو ُل‬ ‫} إِ ﱠال تَ ْن ُ‬ ‫صرُوهُ فَقَ ْد ن َ‬ ‫ﷲُ إِ ْذ أَ ْخ َر َجهُ الﱠ ِذينَ َكفَرُوا ثَانِ َي ْاثنَي ِْن إِ ْذ ھُ َما فِي ْالغ ِ‬ ‫ﷲَ َم َعنَا فَأ َ ْنزَ َل ﱠ‬ ‫احبِ ِه َال تَحْ ز َْن إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲُ َس ِكينَتَهُ َعلَ ْي ِه َوأَيﱠ َدهُ بِ ُجنُو ٍد لَ ْم ت َ​َروْ ھَا َو َج َع َل َكلِ َمةَ الﱠ ِذينَ‬ ‫لِ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َزيز َح ِكي ٌم )‪{(40‬‬ ‫َكفَرُوا ال ﱡسفلى َو َكلِ َمة ﷲِ ِھ َي العُليَا َوﷲُ ع ِ‬ ‫} ومن لم يجعل ﷲ له نورا فما له من نور{‬ ‫يستمد صفات القائد من ربة }فبما رحمة من ﷲ لنت لھم{‬ ‫نجاحة من ﷲ } َو َما تَوْ فِيقِي إِ ﱠال بِ ﱠ‬ ‫ا)ِ َعلَ ْي ِه ت َ​َو ﱠك ْل ُ‬ ‫ت َوإِلَ ْي ِه أُنِيبُ {‬ ‫قال أبو سليمان الداراني )من وثق با) في رزقه ‪ :‬زاد في حسن خلقه وأعقبه الحلم ‪ ،‬وسخت‬ ‫نفسه ‪ ،‬وقلت وساوسه في صالته (‬ ‫و انظر الى عمر بن عبد العزيز أرسل رسالة إلى خاله سالم بن عبد ﷲ بن عمر بن الخطاب‪:‬‬ ‫»أما بعد‪ ،‬فإن ﷲ عز وجل ابتالني بما ابتالني به من والية أمر المسلمين عن غير مشورة مني‬ ‫وال طلب‪ ،‬فأسأل ﷲ الذي ابتالني بھذا األمر أن يعينني عليه‪ ،‬فإذا جاءك كتابي ھذا‪ ،‬فابعث لي‬ ‫بكتب عمر بن الخطاب‪ ،‬وأقضيته وسيرته‪ ،‬فإني عازم على أن أتبع سيرته‪ ،‬وأسير على نھجه إن‬ ‫أعانني ﷲ على ذلك‪ ،‬والسالم«‪.‬‬ ‫فرد عليه سالم بن عبدﷲ ان استعن با) »أما بعد‪ ،‬فقد جاءني كتابك الذي تذكر فيه أن ﷲ عز‬ ‫وجل ابتالك بإمرة المسلمين من غير طلب منك وال مشورة‪ ،‬وأنك تريد أن تسير بسيرة عمر‪ ،‬فال‬ ‫يَفُ ْتك أنك في زمان غير زمان عمر‪ ،‬وأنه ليس في رجالك من يماثل رجال عمر‪ ،‬ولكن اعلم أنك‬ ‫إن نويت الحق وأردته‪ ،‬أعانك ﷲ عليه‪ ،‬وأتاح لك عماال يقومون لك به‪ ،‬وأتاك بھم من حيث ال‬ ‫تحتسب‪ ،‬فإن عون ﷲ للعبد على قدر نيته‪ ،‬فمن تمت نيته في الخير تم عون ﷲ له‪ ،‬ومن قصرت‬ ‫نيته نقص من عون ﷲ له بقدر نقص نيته«‬ ‫‪ .26‬يثق بنفسه‬ ‫القائد الحقيقي يثق بنفسه فيثق به االخرون‬ ‫يعلم ان لديه قدرات من ﷲ و خبرات من حياته تعينه على تحقيق المھام الملقاه على عاتقة‬ ‫واجب عملي ‪:‬‬ ‫• تحدث مع نفسك و انظر اليھا كشخصية ناجحة ‪ ،‬لديھا كل مقومات النجاح‬ ‫• و تجنب المقارنات بينك و بين االخرين فكل انسان له مجاله الذي يبدع به‬ ‫• أبدأ في تحمل المسؤوليات‬ ‫• أشطب كلمة مستحيل من قاموسك‬

‫‪ .27‬يجيد تجميع الرجال حوله‬ ‫ھل تطلبون من المختار معجزة *****يكفيه شعب من األجداث أحياه‬ ‫‪58‬‬


‫القائد‬

‫القائد يجيد تجميع الرجال حوله و خاصة أھل الفضل‬ ‫كما فعل رسول ﷲ حين أيده ربه بابو بكر و عمر و عثمان و علي و المھاجرين و االنصار‬ ‫و لما قدم عمر بن عبد العزيز على المدينة واليا ً صلى الظھر دعا بعشرة‪ :‬عروة وعبيد ﷲ‬ ‫وسليمان بن يسار والقاسم وسالما ً وخارجة وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن سليمان‬ ‫وعبد ﷲ بن عامر‪ ،‬فحمد ﷲ وأثنى عليه ثم قال‪" :‬إني دعوتكم ألمر تؤجرون فيه‪ ،‬ونكون فيه‬ ‫أعوانا ً على الحق‪ ،‬ما أريد أن أقطع أمراً إال برأيكم‪ ،‬أو برأي من حضر منكم‪ ،‬فإن رأيتم أحداً‬ ‫يتعدى‪ ،‬أو بلغكم عن عامل ظالمة فأحرج با) على من بلغه ذلك إال أبلغني" ‪ .‬فجزوه خيراً‬ ‫وافترقوا‪.‬‬ ‫و كان من اثر ھذا ان اصبح عمر بن عبد العزيز ھو الخليفة الراشد الخامس و لتفھم كيف‬ ‫أقرأ معي ھذه القصة‬ ‫أن عمر بن عبد العزيز حبس رجالً فجاوز في حبسه القدر الذي يجب عليه‪ ،‬فكلمه مزاحم في‬ ‫إطالقه‪ ،‬فقال عمر‪ :‬ما أنا بمخرجه حتى أبلغ في الحيطة عليه بما ھو أكثر مما َم ﱠر عليه‪ ،‬فقال‬ ‫مزاحم‪ :‬يا عمر بن عبد العزيز إني أحذرك ليلة تمخض بالقيامة‪ ،‬في صبيحتھا تقوم الساعة‪،‬‬ ‫يا عمر! ولقد كدت أنسى اسمك مما أسمع‪ :‬قال األمير‪ ،‬قال األمير؛ فقال عمر‪ :‬فوﷲِ ما ھو‬ ‫إال أن قال ذلك‪ ،‬فكأنما كشف عن وجھي غطاء‪..‬‬

‫‪ .28‬يقود من مكان المعركة او العمل‬ ‫القائد ال يجلس خلف مكتبه العاجي و يتابع العمل من خالل عيون مرؤسية و يراقب من خالل‬ ‫التقارير و ال يراه المحظوظون من الموظفين اال بين سيارته و مكتبه‬ ‫بل تراه بين العمال يلتمس مواضع الخلل ليقومھا‬

‫‪ .29‬حسن الخلق‬ ‫قال رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ) -‬أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعھم منكم بسط‬ ‫‪1‬‬ ‫الوجه وحسن الخلق (‬

‫‪ .30‬يعلم قدرات من حوله و يجيد االستفادة منھا و تطويرھا‬

‫‪ 1‬مسلم‬

‫‪59‬‬


‫القائد‬

‫فان كان من معه متحمس و لكنه قليل الكفاءه فيھتم القائد بتوجيھه و تعليمة‬ ‫عن عبد ﷲ بن مسعود أنه قال ‪ :‬كنت غالما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط ‪،‬‬ ‫فجاء النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأبو بكر وقد فرا من المشركين فقاال ‪ :‬يا غالم ‪ ،‬ھل‬ ‫عندك من لبن تسقينا ‪ ،‬قلت ‪ :‬إني مؤتمن ولست ساقيكما ‪ ،‬فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫‪ :‬ھل عندك من جذعة لم ينز عليھا الفحل ؟ قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬فأتيتھما بھا فاعتقلھا النبي صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم ومسح الضرع ودعا فحفل الضرع ‪ ،‬ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة أو‬ ‫منقرة فاحتلب فيھا فشرب وشرب أبو بكر ثم شربت ‪ ،‬ثم قال للضرع ‪ :‬اقلص فقلص ‪،‬‬ ‫قال ‪ :‬فأتيته بعد ذلك فقلت ‪ :‬علمني من ھذا القول ‪ ،‬قال ‪ :‬إنك غالم معلم‬ ‫و ان كان صاحب كفاءه و لكن حماسه قليل فيقوم القائد بتشجيعة‬ ‫و أقرأ قصة أبو محذورة ‪ ،‬قال الذھبي رحمه ﷲ ‪:‬‬ ‫‪ " :‬مؤذن المسجد الحرام‪ ،‬وصاحب النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ." -‬وقد كان من أندى‬‫الناس صوتاً‪ ،‬فعن أبي محذورة قال‪ :‬لما رجع النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬من حنين‬ ‫خرجت عاشر عشرة من مكة نطلبھم‪ ،‬فسمعتھم يؤذنون للصالة‪ ،‬فقمنا نؤذن نستھزئ ‪ ،‬فقال‬ ‫النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬لقد سمعت في ھؤالء تأذين إنسان حسن الصوت(‪ .‬فأرسل إلينا‪،‬‬ ‫ﱡ‬ ‫فأذنﱠا رجالً رجالً‪ ،‬فكنت آخرھم‪ ،‬فقال حين أذنت تعال(‪ .‬فأجلسني بين يديه‪ ،‬فمسح على‬ ‫ي ثالث مرات‪ ،‬ثم قال‪) :‬اذھب فأذن عند البيت الحرام( ‪ .‬قلت‪ :‬كيف يا‬ ‫ناصيتي‪ ،‬وبارك عل ﱠ‬ ‫رسول ﷲ؟ فعلمني األولى كما يؤذنون بھا‪ ،‬وفي الصبح الصالة خير من النوم‪ ،‬وعلمني‬ ‫اإلقامة مرتين مرتين‪.‬‬ ‫قال زاذان ‪ُ :‬‬ ‫كنت غالما ً حسن الصمت جيد الضرب على الطمبور ‪-‬وھو آلة من آالت‬ ‫ب لنا وعندنا نبيذ ‪-‬خمر‪ -‬وأنا أغنيھم فمر ابن مسعود فدخل وضرب‬ ‫العزف‪ -‬فكنت مع صاح ٍ‬ ‫الباطية ‪-‬يعني‪ :‬إناء الخمر‪ -‬فبددھا وكسر الطمبور‪ ،‬ثم قال‪] :‬لو كان ما يسمع من حسن‬ ‫صوتك يا غالم بالقرآن كنتَ أنت أنت[‬ ‫أي‪ :‬لو كنت بدالً من أن تصرف ھذه الطاقة الصوتية الجميلة بھذا الغناء المحرم جعلته في‬‫القرآن كنتَ أنتَ ْ‬ ‫أنت‪ -‬ثم مضى فقلت ألصحابي‪ :‬من ھذا؟ قالوا‪ :‬ھذا ابن مسعود ‪ ،‬فألقي في‬ ‫نفسي التوبة فسعيت أبكي وأخذت بثوبه فأقبل علي فاعتنقني وبكى وقال‪] :‬مرحبا ً بمن أحبه‬ ‫ً ‪1‬‬ ‫ﷲ‪ ،‬اجلس ثم دخل وأخرج تمرا[‬ ‫وكثير من األسانيد تجد فيھا ھذا الرجل زاذان رحمه ﷲ‬ ‫‪.‬حيث اصبح من كبار العلماء رواة الحديث‬ ‫و ان كان ليس بكفء و غير متحمس يعالج القائد االمر بالتوجية و التشجيع‬ ‫و ان كان صاحب كفاءه و حماس يقوم القائد بتفويض بعض االمور له كما فعل النبي مع‬ ‫كثير من الصحابة كابو عبيدة بن الجراح و خالد بن الوليد و اسامة بن زيد و معاذ بن جبل‬ ‫تأمل الجواھر التى حولك‬ ‫أن االشخاص الذين تعمل معھم ھم كنوز و داخل كل منھم موھبة دفينة ‪ ،‬حاول أكتشافھا‬ ‫‪2‬‬ ‫و أستغاللھا و لن تعدم بشخص ميزة او موھبة‬

‫‪ 1‬سير اعالم النبالء‬ ‫‪ 2‬حتى شارون الدموي له ميزيتين االولى انه كان يضرب و يقتل بدون تجميل لسياسته مما كشف للعالم حقارته و الثانية الخنزير شكله‬ ‫يضحك‬

‫‪60‬‬


‫القائد‬

‫يقول النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬أرحم أمتي بأمتي أبوبكر‪ ،‬وأشدھم في أمر ﷲ عمر‪،‬‬ ‫وأصدقھم حيا ًء عثمان‪ ،‬وأقرؤھم لكتاب ﷲ أبي بن كعب‪ ،‬وأفرضھم زيد بن ثابت‪ ،‬وأعلمھم‬ ‫بالحالل والحرام معاذ بن جبل‪ ،‬ولكل أمة أمين وأمين ھذه األمة أبوعبيدة"‬ ‫و لما جئ للنبي بزيد بن ثابت أمره الرسول بتعلم لغة يھود و لم يأمر بھذا أحد من‬ ‫الصحابه لما لمس فيه من قوة الحفظ فأتقنھا في سبعه عشر يوما و لو أمر أحد من الصحابة‬ ‫االخرين لربما لبث فيھا أعواما‬ ‫و أسلم "نعيم بن مسعود" يوم الخندق فقال له "خزل عنا يا نعيم"‬ ‫و أسلم عمرو بن العاص فأرسله رسول ﷲ على رأس سرية "ذات السالسل"‬ ‫عن عمرو بن العاص قال ‪ :‬ما عدل بى رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬وبخالد بن‬ ‫الوليد أحدا من أصحابه فى حربه منذ أسلمنا‬ ‫ُ‬ ‫أسلمت يَ ْع ِد ُل بي‬ ‫و قال سيف ﷲ "فوﷲ ما كان رسول ﷲ ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ من يوم‬ ‫أحدًا من أصحابه فيما يحزبه )أي‪ :‬يُ ِھ ّمه("‪.‬‬ ‫و ارسل "دحية الكلبي" و كان حسن الصورة سفيرا للملوك‬ ‫و جعل "حسان بن ثابت" ھو شاعر االسالم‬ ‫َ‬ ‫ث َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫و لما اراد بناء منبر بَ َع َ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬إِلَى فالَنَةَ ‪ -‬ا ْم َرأ ٍة َق ْد َس ﱠماھَا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠار ‪ ،‬يَ ْع َم ُل لِى أ ْع َوادًا أجْ لِسُ َعلَ ْي ِھ ﱠن إِ َذا َكل ْم ُ‬ ‫س « ‪ .‬فَأ َم َر ْتهُ‬ ‫ت النﱠا َ‬ ‫َس ْھ ٌل ‪ » -‬أَ ْن ُم ِرى ُغالَ َم ِك النﱠج َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫طرْ فَا ِء ْالغَابَ ِة ثُ ﱠم َجا َء بِھَا ‪ ،‬فَأَرْ َسلَ ْ‬ ‫يَ ْع َملُھَا ِم ْن َ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬بِھَا ‪،‬‬ ‫ت إِلَى َرس ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ض َع ْ‬ ‫س َعلَ ْي ِه ‪.‬‬ ‫ت ‪ ،‬فَ َجلَ َ‬ ‫فَأ َ َم َر بِھَا فَ ُو ِ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬صلﱠى بالناس صالة‬ ‫قال مالك بن أنس‪ » :‬بلغني أن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أسقطت في ھذه السورة من شيء ؟ قال ‪ :‬ال‬ ‫يُجھر فيھا ‪ ،‬فأسقط آية ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا فالن ‪ ،‬ھل‬ ‫ُ‬ ‫ﱡ‬ ‫أدري ‪ ،‬ثم سأل آخر ‪ ،‬حتى سأل اثنين أو ثالثا ‪ ،‬كلھم يقول ‪ :‬ال أدري ‪ ،‬فقال ھل فيكم أبي ؟‬ ‫ُ‬ ‫أسقطت في ھذه السورة من‬ ‫بي‪ ،‬ھل‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم يا‬ ‫َ‬ ‫رسول ﷲ ‪ ،‬قال ‪ :‬فھو لھا إذا ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يا أُ ﱡ‬ ‫ُ‬ ‫ظننت أنھا نُ ِسخَت أو‬ ‫ي ؟ قال ‪:‬‬ ‫شيء ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬آية كذا ‪ ،‬قال ‪ :‬ما منعك أن تفتحھا عل ﱠ‬ ‫رف َع ْ‬ ‫أقوام يتلَى عليھم كتاب ﷲ فما‬ ‫ت ‪ ،‬ثم قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬ما بال‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فشھدت‬ ‫خرجت عظمةُ ﷲ من قلوب بني إسرائيل ‪،‬‬ ‫يدرون ما يُ ْتلى منه مما تُ ِرك ‪ ،‬ھكذا‬ ‫ْ‬ ‫وغابت قُلُوبُھم ‪ ،‬وال يَ ْقبَ ُل ﷲ من عبد عمال ‪ ،‬حتى يشھ َد بقلبه مع بدنه‬ ‫أَبدانُھم ‪،‬‬ ‫و يأتى صحابي كريم قال عنه الرسول» َما أَ َ‬ ‫ت ْال َغب َْرا ُء ِم ْن َرج ٍُل‬ ‫ت ْالخَ ضْ َرا ُء َوالَ أَقَلﱠ ِ‬ ‫ظلﱠ ِ‬ ‫ق لَھ َْجةً ِم ْن أَبِى َذرﱟ « يطلب ان يستعمله رسول ﷲ فيقول له » يَا أَبَا َذرﱟ إِنﱢى أَ َراكَ‬ ‫أَصْ َد َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال يَتِ ٍيم «‪.‬‬ ‫ض ِعيفًا َوإِنﱢى أ ِحبﱡ لَكَ َما أ ِحبﱡ لِنَ ْف ِسى الَ تَأ َ ﱠم َر ﱠن َعلَى ْاثنَي ِْن َوالَ ت َ​َولﱠيَ ﱠن َم َ‬ ‫َ‬ ‫و يوم حنين فر من ھول المفأجاة من فر و لكن رسول ﷲ يعرف ان العباس له صوت‬ ‫جھوري يسمع البعيد فيستخدمه و يعلم ان من سينصرونة ھم االنصار ‪ .‬فھل ھناك عبقرية‬ ‫قيادية تقترب من ھذه العبقرية المحمدية ؟؟؟ كيف و قد ھياه ﷲ ليكون قدوة لنا‬ ‫قال العباس ‪ :‬إني لمع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ‪ -‬وكنت امرءا جسيما شديد‬ ‫الصوت ‪ -‬فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ‪ -‬حين رأى ما رأى من الناس ‪ : -‬إلي أيھا‬ ‫الناس أنا النبي ال كذب أنا ابن عبد المطلب فلم أر الناس يلوون على شئ فقال ‪ :‬أي عباس‬ ‫اھتف بأصحاب السمرة فناديت ‪ :‬يا أصحاب السمرة ! يا أصحاب سورة البقرة ! فكان الرجل‬ ‫يريد أن يرد بعيره فال يقدر فيأخذ سالحه ويقتحم عن بعيره ويخلي سبيله ويؤم الصوت فأتوا‬ ‫من كل ناحية ‪ :‬لبيك لبيك حتى إذا اجتمع إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم منھم مائة‬ ‫استقبلوا الناس فاقتتلوا فكانت الدعوة أوال ‪ :‬يا لألنصار يا لألنصار ثم خلصت الدعوة ‪ :‬يا‬ ‫لبني الحارث بن الخزرج وكانوا صبرا عند الحرب‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬مسلم‬

‫‪61‬‬


‫القائد‬

‫واستمد خالد أبا بكر قبل خروجه من اليمامة فأمده بالقعقاع بن عمرو التميمي واستمده‬ ‫عياض قبل تحركه فأمده أبو بكر بعبد بن عوف الحميري وقيل ألبي بكر أتمد خالدا برجل قد‬ ‫أرفض عنه الناس فقال "ال يھزم جيش فيه مثل القعقاع وسيحشر من بينه وبين أھل العراق"‬ ‫‪1‬‬

‫دعونا نقف وقفة ‪ ،‬جيش يطلب مددا الن الجيش الذي امامةاضعافا مضاعفة و يستمد‬ ‫القائد االعلي فيمده برجل ؟؟؟ العجيب ان ھذا الرجل كان السبب في النصر "بعد ﷲ سبحانه‬ ‫و تعالى" و سبب نجاة خالد بن الوليد من الموت مما يدلنا على معرفة الصديق بمعادن‬ ‫الرجال‬ ‫وأرسل ھرمز أصحابه ليغدروا بخالد ثم خرج فنادى رجل أين خالد وقد عھد إلى فرسانه‬ ‫عھده فلما برز خالد نزل ھرمز ودعاه إلى البراز فبرز خالد يمشي إليه فالتقيا فاختلفا‬ ‫ضربتين واحتضنه خالد وحملت حامية ھرمز وغدرت فاستلحموا خالدا فما شغله ذلك عن‬ ‫قتله‬ ‫وحمل القعقاع بن عمرو واستلحم حماة ھرمز فأتاھم وخالد يماصعھم فانھزم أھل فارس‬ ‫وركب المسلمون أكتافھم إلى الليل وجمع خالد الرثاث والسالسل فكان وقر بعير ألف رطل‬ ‫‪2‬‬ ‫فسميت ذات السالسل‬

‫و خطب عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه بالجابية فقال‪ :‬من أراد أن يسأل عن القرآن‬ ‫فليأت أبى بن كعب‪ ،‬ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت‪ ،‬ومن أراد أن يسأل‬ ‫عن الفقه فليأت معاذ بن جبل‪ ،‬ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني‪ ،‬فإن ﷲ تعالى جعلني له‬ ‫خازنا وقاسما‪.‬‬ ‫نظر عمر إلى عمرو بن العاص‪ ،‬فقال‪ :‬ما ينبغي البي عبد ﷲ أن يمشي على االرض إال‬ ‫‪3‬‬ ‫أمير‬

‫وكان أبو محجن الثقفي مولعا ً بالشراب مشتھراً به‪،‬وكان سعد بن أبي وقاص رضي ﷲ‬ ‫تعالى عنه قد حبسھبسبب شربه الخمر‪ ،‬فلما كان يوم القادسيةوبلغه ما يفعل المشركون‬ ‫بالمسلمين وھو عند أم ولد لـسعد ‪ ،‬قال ھذا الشعر‪:‬‬ ‫كفى حزنا ً أن تطعن الخيل بالقنا ‪........‬وأترك مشدوداً علي وثاقيا‬ ‫إذا قمت عناني الحديد وغلقت‪ .........‬مغاليق من دوني تصم المناديا‬ ‫وقد كنت ذا أھل كثير وإخوة ‪......‬فقد تركوني واحداً ال أخا ليا‬ ‫أريني سالحي ال أبا لك إنني ‪.......‬أرى الحرب ال تزداد إال تماديا‬ ‫فقالت له أم ولد سعد ‪ ،‬وكانت تقريبا ً ھي القائمة على حراسته‪،‬‬ ‫قالت له‪ :‬أتجعل لي إن أطلقتك أن ترجع حتى أعيدك في الوثاق؟‬ ‫فقال‪ :‬نعم‪ .‬للمحبس كما كان‪ ،‬فأطلقته‪،‬‬ ‫وركب فرسا ً لـسعد بلقاء من خيول سعد الخاصة‪،‬‬ ‫‪ 1‬االكتفاء بما تضمنتة من مغازي‬ ‫‪ 2‬االكتفاء بما تضمنتة من مغازي‬ ‫‪ 3‬سير اعالم النبالء‬

‫‪62‬‬


‫القائد‬

‫وحمل على المشركين‪،‬‬ ‫فجعل سعد بن أبي وقاص رضي ﷲ تعالى عنه يراه وھو يقاتل‬ ‫فيقول‪ :‬لوال أن أبا محجن في الوثاق لظننت أنه أبو محجن وأنھا فرسي)يعلم الرجال و‬ ‫الخيل(‬ ‫وانكشف المشركون وجاء أبو محجن بعد أن فرغ من الجھاد فأعادته في الوثاق وأتت‬ ‫سعداً فأخبرته بما كان من أبي محجن ‪ ،‬فأرسل سعد إلى أبي محجن فأطلقه وقال‪:‬‬ ‫)وﷲ! ال حبستك فيھا أبداً(‬ ‫فقال أبو محجن ‪) :‬وأنا وﷲ! ال أشربھا بعد اليوم أبداً(‪.‬‬ ‫ودخل شاعر بدوي أسمه علي بن الجھم على المتوكل‬ ‫أنت كالكلب في الحفاظ َعلَى العھد وكالتيس في قراع الخطوب‬ ‫من كبار الدال كثير الذنوب‬ ‫أنت كالدلو ال عدمتك دلوا‬ ‫ال لھم الخليفة‪ :‬دعوه‪ ،‬فھذا‬ ‫فقالوا ھذا الخليفة ‪-‬أمير المؤمنين‪ -‬تشبھه بالكلب والتيس! فَقَ َ‬ ‫الشاعر ال يريد إال المدح‪ ،‬وال يقصد إال الثناء‪ ،‬ولم يقصد إال الجائزة من الخليفة‪ ،‬لكنه بدوي‬ ‫مسكين يعرف التيس ويرعى الغنم‪ ،‬ويعرف أن الكلب ھو الذي يحميھا من الذئب والوفاء عند‬ ‫ھذا البدوي متمثل في الكلب‪ ،‬والقوة عنده في التيس الذي يناطح الصخور والحجارة فھذا‬ ‫الذي يعرفه‪.‬‬ ‫ال‪:‬‬ ‫و أمر به فانتقل من الصحراء الى جسر تمر من عليه الجواري فجاء بعد فتره و قَ َ‬ ‫عيون المھا بين الرصافة والجسر جلبن الھوى من حيث أدري وال أدري‬ ‫سلوت و لكن زدن جمرا على جمر‬ ‫أعدن لي الشوق القديم و ام أكن‬ ‫فأنظر و تأمل الى الخليفة كيف أكتشف قوة الشعر من الكالم الذي ظاھرة الھجاء و أنتف‬ ‫بھذا الشاعر العبقري الذي كاد شعره في المره الثانية أن يذوب رقه‬ ‫]البصير الصادق يضرب في كل غنيمة بسھم و يعاشر كل طائفه على أحسن ما فيھا[‬ ‫ان البريق و اللمعان و الشفافية كلھا صفات للثلج و الماس فإما أن تذوب كالثلج او تصمد‬ ‫كالماس‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .31‬يمدح و يشجع علنا و يلوم سرا او بدون ذكر اسماء‬ ‫يقول النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬أرحم أمتي بأمتي أبوبكر‪ ،‬وأشدھم في أمر ﷲ عمر‪،‬‬ ‫وأصدقھم حيا ًء عثمان‪ ،‬وأقرؤھم لكتاب ﷲ أبي بن كعب‪ ،‬وأفرضھم زيد بن ثابت‪ ،‬وأعلمھم‬ ‫بالحالل والحرام معاذ بن جبل‪ ،‬ولكل أمة أمين وأمين ھذه األمة أبوعبيدة"‬ ‫‪2‬‬ ‫و يقول ‪ ":‬ولو كنت متخ ًذا خليال التخذت أبا بكر خليال وإن صاحبكم خليل ﷲ"‬ ‫‪3‬‬ ‫و يقول "أَ ْسلَ َم الناس وآمن عمرو بن العاصى "‬ ‫‪ 1‬منھاج السالكين‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬احمد‬

‫‪63‬‬


‫القائد‬

‫و يقول عن عثمان ‪ » ":‬أَالَ أَ ْست َِحى ِم ْن َرج ٍُل تَ ْست َِحى ِم ْنهُ ْال َمالَئِ َكةُ «‪".‬‬ ‫آسيَةُ‬ ‫ال َكثِي ٌر ‪َ ،‬ولَ ْم يَ ْك ُملْ ِمنَ النﱢ َسا ِء إِالﱠ ِ‬ ‫ويقول عن السيدة عائشة ‪َ » ":‬ك َم َل ِمنَ الرﱢ َج ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا ْم َرأَةُ فِرْ عَوْ نَ ‪َ ،‬و َمرْ يَ ُم بِ ْن ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ِع ْم َرانَ ‪َ ،‬وإِ ﱠن فَضْ َل عَائِ َشة َعلى الن َسا ِء َكفضْ ِل الث ِري ِد َعلى َسائِ ِر‬ ‫‪2‬‬ ‫الطﱠ َع ِام «"‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ع فَتَفَ ﱠرقُوا ‪ ،‬فَنَ َ‬ ‫ظرْ ُ‬ ‫ال ‪َ :‬كانَ بِ ْال َم ِدينَ ِة فَزَ ٌ‬ ‫ت إِلَى‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ قَ َ‬ ‫اص َر ِ‬ ‫و ع َْن َع ْم ِرو ب ِْن ْال َع ِ‬ ‫صنَ َع َسالِ ٌم َدعَوْ ُ‬ ‫َسالِ ٍم َموْ لَى أَبِي ُح َذ ْيفَةَ قَ ْد أَخَ َذ َس ْيفَهُ ُمحْ تَبِيًا ‪ ،‬فَلَ ﱠما َرأَي ُ‬ ‫ت بِ َس ْيفِي‬ ‫ْت َما َ‬ ‫فَاحْ تَبَي ُ‬ ‫ال ‪ :‬أَ ﱡيھَا النﱠاسُ ‪ ،‬أَال يَ ُك ُ‬ ‫ون‬ ‫ْت بِ ِه ‪ ،‬فَخَ َر َج َرسُو ُل ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫‪3‬‬ ‫ُالن ْال ُم ْؤ ِمنَا ِن‬ ‫فَزَ ُع ُك ْم إِلَى ﷲِ َع ﱠز َو َج ﱠل َو َرسُولِ ِه ‪َ ،‬ما ھَ َذا ؟ أَال فَ َع ْلتُ ْم َك َما فَ َع َل ال ﱠرج ِ‬ ‫‪1‬‬

‫َثل ما‬ ‫ش ‪ ،‬فنزل عن راحلته ‪ ،‬وانت َ‬ ‫و َ‬ ‫أقبل صھيبٌ مھاجرا من م ّكةَ‪ ،‬فاتﱠبعه رجا ٌل من قري ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫أضربُ بسيفي ما بقي‬ ‫سھم معي ‪ ،‬ثم‬ ‫َصلونَ إِل ﱠ‬ ‫في كنانَتِ ِه ‪ ،‬وقال ‪ :‬وﷲِ‪ ،‬ال ت ِ‬ ‫رمي بكلﱢ ٍ‬ ‫ي أو أ َ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫مال دفنتُهُ بم َكةَ ‪ ،‬وخَ ل ْيتُم سبيلي ‪ ،‬ففعلوا« ‪ ،‬فلما قد َم المدينةَ‬ ‫في يد ﱠ‬ ‫ي ‪ ،‬وإن شئتم دَللتُكم على ٍ‬ ‫ْ‬ ‫نزلت ‪ } :‬ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة‬ ‫رسول ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ﷲ‪ { ...‬اآلية ‪ ،‬فقال رسو ُل ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪َ » :‬ربِ َح البي ُع أبا يحيى« ‪ ،‬وتال عليه اآلية‬ ‫قال ابن ھشام ‪ :‬وذكر سفيان بن عيينة عن األجلح عن الشعبي ‪ :‬أن جعفر بن أبي طالب‬ ‫رضي ﷲ عنه قدم على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوم فتح خيبر فقبل رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم بين عينيه وألزمه وقال }ما أدري بأيھما أنا أسر ‪ :‬بفتح خيبر ‪ .‬أم بقدوم جعفر‬ ‫؟{‬ ‫ان االعتراف بمواھب االخرين يحقق لك النجاح مثلھم‬ ‫ال تغفل مكافأة من يعتقد لك الوفاء ويناضل عنك األعداء فمن حرمته مكافأة مثله زھد في‬ ‫‪4‬‬ ‫معاودة فعله‬ ‫و كان رسول ﷲ ال يصرح بأسم من ارتكب الخطأ‬ ‫يقول شوقي‬ ‫آفة النصح أن يكون لجاجا وأذى النصح أن يكون جھارا‬ ‫قالت السيدة عائشة ‪ » :‬كان النبي صلى ﷲ عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل ‪ :‬ما‬ ‫‪5‬‬ ‫بال فالن يقول ؟ ولكن يقول ‪ « :‬ما بال أقوام يقولون كذا وكذا‬ ‫صنَ َع رسو ُل ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬شيئًا‬ ‫و قالت السيدة عائشة ‪ -‬رضي ﷲ عنھا ‪َ :-‬‬ ‫ُول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ، -‬فَخَ َ‬ ‫ب ‪ ،‬فَ َح ِم َد ﷲ‬ ‫ط َ‬ ‫ص فيه ‪ ،‬فتَنَ ﱠزهَ َع ْنهُ قَوْ ٌم ‪ ،‬فبَلَ َغ ذلك رس َ‬ ‫فر ﱠخ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أصْ‬ ‫فوﷲِ إنﱢي أل ْعلَ ُمھُم بِا)ِ ‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫الشيء‬ ‫عن‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ام‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫ما‬ ‫»‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫‪،‬‬ ‫[‬ ‫عليه‬ ‫َى‬ ‫ن‬ ‫وأث‬ ‫]‬ ‫ُ َ ٍ َ ھونَ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫‪6‬‬ ‫وأ َش ﱡدھُم لهُ خَ ْشيَةً «‪.‬‬

‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬االحاد و المثاني‬ ‫‪ 4‬االمثال للثعالبي‬ ‫‪ 5‬دالئل النبوة‬ ‫‪ 6‬البخاري و مسلم‬

‫‪64‬‬


‫القائد‬

‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬ما با ُل أقوام‬ ‫قال أنس بن مالك ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » : -‬قال‬ ‫ﱡ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يرفعونَ أبصارھم إلى السماء في الصالة ‪ ،‬فاشت ﱠد قوله في ذلك ‪ ،‬حتى قال‪ :‬ليَنتَھ ﱠُن عن ذلك ‪ ،‬أو‬ ‫‪1‬‬ ‫لتُخ َ‬ ‫طفَ ﱠن أبصارُھم «‬ ‫و لما بلغه مقاله من االنصار طلب من سعد بن عباده أن يجمعھم في سقيفة فلما اجتمعوا له‬ ‫أتى سعد إليه فقال‪» :‬اجتمع لك ھذا الحي من األنصار‪ ،‬فأتاھم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬أي‬ ‫فقال لھم‪ :‬أفيكم أحد من غيركم؟ قالوا ال إال ابن أخت لنا‪ ،‬فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬إن‬ ‫‪2‬‬ ‫ابن أخت القوم منھم« وفي رواية‪» :‬قال‪ :‬من كان ھھنا من غير األنصار فليرجع إلى رحله«‬ ‫و أسر الى حذيفه بن اليمان بأسماء المنافقين قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم "فانى مسر اليك‬ ‫‪3‬‬ ‫سر اال تحدثن به احدا ابدا انى نھيت ان اصلى على فالن وفالن" رھط ذوى عدد من المنافقين‬ ‫و كان رسول ﷲ ال يفتش عن االخطاء و يقول ]ال تؤذوا عباد ﷲ‪ ،‬وال تعيروھم‪ ،‬وال تطلبوا‬ ‫‪4‬‬ ‫عوراتھم‪ ،‬فإن من طلب عورة أخيه المسلم طلب ﷲ عورته حتى يفضحه في بيته[‬ ‫و حين يذكر الخطأ من صالح عالم يسبقه بمدح‬ ‫ً‬ ‫يقول أبو الدرداء رضي ﷲ عنه‪ :‬كان رسول ﷲ عليه الصالة والسالم جالسا بين أصحابه‪،‬‬ ‫فشخص ببصره إلى السماء ثم قال‪" :‬ھذا أوان يُختلس العلم من الناس‪ ،‬حتى ال يقدرون منه على‬ ‫قرأنﱠه‬ ‫شيء"‪ .‬فقال زياد بن لبيد‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬كيف يُختلس منا وقد قرأنا القرآن؟ فوﷲ لَنقرأنﱠه ولنُ ِ‬ ‫إن ُ‬ ‫أبناءنا ونساءنا‪ .‬فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪" :‬ثكلتك أمك يا زياد‪ْ ،‬‬ ‫كنت ألع ﱡدك من‬ ‫‪5‬‬ ‫فقھاء أھل المدينة‪ ،‬ھذه التوارة واإلنجيل عند اليھود والنصارى‪ ،‬فماذا تغني عنھم"؟‬ ‫و قال ) نعم العبد عبد ﷲ لو كان يقوم الليل (‬

‫‪6‬‬

‫أن الناس ال يحبون ان يجدوا انفسھم مخطئين و مدافعين عن انفسھم لذلك الفت انتباھھم‬ ‫بصورة غير مباشرة الى الخطأ‬ ‫قال الشافعي ـ رحمه ﷲ‪:‬‬ ‫تغمدني بنصحــك في انفـــــــراد‬ ‫وجنبني النصيحة في الجماعة‬ ‫فـــإن النصــــــح بين الناس نوع‬ ‫من التوبيخ ال أرضي استماعه‬ ‫فإن خــــالفتني وعصيت قولـــــي‬ ‫فال تجزع إذا لم تعط طاعـــه‬ ‫تأثير المدح‬ ‫و للمدح تأثير عجيب على النفس و القائد الناجح ھو الذي يبحث عن ما يستحق المدح و‬ ‫يحاول ضبط موظفية و ھم يعملون جيدا لكي يمدحھم فيزداد انتاجھم ‪ ،‬دعونا نفكر في اسباب‬ ‫االستجابة السريعة للمدح؟؟‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬السيرة الحلبية‬ ‫‪ 3‬السنن الكبرى للبيھقي‬ ‫‪ 4‬صحيح الجامع‬ ‫‪ 5‬الترمذي‬ ‫‪ 6‬البخاري‬

‫‪65‬‬


‫القائد‬

‫أن لألنسان حاجات يحتاجھا للحياة ال تقتصر على المأكل و المشرب لكنه بحاجة ألن يحيا‬ ‫وسط جماعة و الشعور بذاته كفرد مستقل متميز في نفس الوقت و المدح يحقق له و يشبه حاجته‬ ‫للتفرد و التميزو عندما تصطاد السمك ال تضع الطعم الذي تحبه )موز ‪ -‬مشمش( بل الذي يحبه‬ ‫السمك و نحن صيادي قلوب و دعونا نتعلم ‪.‬‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال » لَقَ ْد َ‬ ‫ظنَ ْن ُ‬ ‫ت لَتَ ُكون ﱠَن‬ ‫ﷲِ َما َذا َر ﱠد إِلَ ْيكَ َربﱡكَ َع ﱠز َو َج ﱠل فِى ال ﱠشفَا َع ِة قَ َ‬ ‫ال أَبِى ھُ َري َْرةَ يَا َرس َ‬ ‫قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صكَ َعلَى ْال ِع ْل ِم َشفَا َعتِى لِ َم ْن يَ ْشھَ ُد أَ ْن الَ إِلَهَ إِالﱠ ﱠ‬ ‫ﷲُ ُم ْخلِصا ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أَ ﱠو َل َم ْن َسألنِى ِم ﱠما َرأيْت ِم ْن ِحرْ ِ‬ ‫ُص ﱢد ُ‬ ‫ق قَ ْلبُهُ لِ َسانَهُ َولِ َسانُهُ قَ ْلبَهُ «‪ 1.‬فكان ابو ھريرة اشد الصحابة حرصا على العلم‬ ‫ي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال َرسُو ُل ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬لوْ َرأ ْيتنِي‬ ‫ال ‪ :‬قَ َ‬ ‫ض َي ﷲُ َعنهُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ع َْن أبِي ُمو َسى ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ت ‪ :‬لَوْ َعلِ ْم ُ‬ ‫ال ‪ :‬قل ُ‬ ‫ت أنكَ تَ ْستَ ِم ُع‬ ‫آل دَا ُو َد ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ير ِ‬ ‫ار َحةَ ‪َ ،‬وأَنَا أَ ْستَ ِم ُع لِقِ َرا َءتِ ‪2‬كَ لَقَ ْد أوتِيتَ ِم ْن َمزَ ا ِم ِ‬ ‫ْالبَ ِ‬ ‫لِقِ َرا َءتِي لَ َحبﱠرْ تُھَا لَكَ تَحْ بِيرًا‪.‬‬ ‫قال أبو موسى األشعري ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ :-‬قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪» : -‬إني‬ ‫وأعر ُ‬ ‫ُ‬ ‫منازلَھم من أصواتِ ِھ ْم‬ ‫ف‬ ‫ألعرف أصواتَ رُفق ِة األ ْش َعرييﱢنَ بالقُرآن ‪ ،‬حين يدخلونَ باللﱠي ِْل ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالقُرآن بالليل ‪ ،‬وإن ُ‬ ‫الخيل ‪ -‬أو قال ‪:‬‬ ‫ھار ‪ ،‬ومنھم َحكيم إذا لقي‬ ‫َ‬ ‫كنت لم َ‬ ‫َازلَھم حين نَزَلوا بالنﱠ ‪ِ 3‬‬ ‫أر َمن ِ‬ ‫ال َع ُد ﱠو ‪ -‬قال لھم ‪ :‬إن أصحابي يَأ ُمرُونَكم أن تَ ْنظُروھم «‬ ‫ق َر ُج ٌل‬ ‫ق ‪َ -‬كانَ بِ ِد َم ْش َ‬ ‫ال قَيْسُ ب ُْن بِ ْش ٍر التﱠ ْغلِبِ ﱡى ع َْن أَبِي ِه ‪َ -‬و َكانَ َجلِيسا ً ألَبِى الدﱠرْ دَا ِء بِ ِد َم ْش َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ً‬ ‫ﱢ‬ ‫ً‬ ‫يُقَا ُل لَهُ اب ُْن ال َح ْن َ‬ ‫صالَ ٍة فَإ ِ َذا فَ َر َغ يُ َسبﱢ ُح َويُ َكبﱢ ُر َويُھَل ُل َحتﱠى‬ ‫ظلِي ﱠ ِة ُمت َ​َوحﱢدا الَ يَ َكا ُد يُ َكل ُم أ َحدا إِنﱠ َما ھُ َو فِى َ‬ ‫َ‬ ‫ال ‪ -‬فَ َم ﱠر َعلَ ْينَا َذاتَ يَوْ ٍم َونَحْ ُن ِع ْن َد أبِى الدﱠرْ دَا ِء‪.....‬‬ ‫يَرْ ِج َع إِلَى أَ ْھلِ ِه ‪ -‬قَ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال َس ِمع ُ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يَقُو ُل‬ ‫ْت َرس َ‬ ‫ال أَبُو الدﱠرْ دَا ِء َكلِ َمةً تَ ْنفَعُنا َوالَ تَضُرﱡ كَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫فَقَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َارهُ «‪ .‬فَبَلَ َغ َذلِكَ ُخ َريْما ً فَ َعج َﱠل فَأخَ َذ‬ ‫» نِ ْع َم ال ﱠر ُج ُل ُخ َر ْي ٌم األ َس ِدىﱡ لَوْ قَص َﱠر ِم ْن َش َع ِر ِه َوقَص َﱠر إِز َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْت َر ُجالً‬ ‫اويَةَ فَ َرأي ُ‬ ‫ال أبِى فَ َدخَ ل ُ‬ ‫اف َساقَ ْي ِه‪ .‬قَ َ‬ ‫ارهُ إِلَى أَ ْن َ‬ ‫ال ﱠش ْف َرةَ فَقَص َﱠر ِم ْن ُج ﱠمتِ ِه َو َرفَ َع إِزَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ت َعلَى ُم َع ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اف َساقَ ْي ِه قُل ُ‬ ‫ت َم ْن ھَ َذا قَالُوا ُخ َر ْي ٌم األ َس ِدىﱡ ‪.‬‬ ‫ير َش َع ُرهُ فَوْ َ‬ ‫ق أُ ُذنَ ْي ِه ُم ْؤت َِزراً إِلَى أ ْن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َم َعهُ َعلَى الس ِﱠر ِ‬ ‫عن خالد بن السائب قال دخلت على أسامة بن زيد فمدحني في وجھي فقال إنه حملني أن‬ ‫أمدحك في وجھك أني سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول‪" :‬إذا مدح المؤمن في وجھه‬ ‫ربا اإليمان في قلبه"‬ ‫النبي ‪-‬صلى‬ ‫خرج‬ ‫و للمدح تأثير عجيب و لھذا لم يكن يتركه رسول ﷲ ففي عمره القضاء‬ ‫َ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬فتَبِ َعته ا ْبنَةُ حمزةَ تنادي‪ :‬يا ع ﱡم ‪ ،‬يا عم ‪ ،‬فتناولھا عل ّي ‪ ،‬فأخذ بيدھا ‪ ،‬وقال‬ ‫دونك بنتَ َع ﱢم ِك ‪ ،‬فحملتھا ‪ ،‬فاختصم فيھا عل ّي وزيد وجعفر‪ ،‬قال عل ّي ‪ :‬أنا أخذتُھا وھي‬ ‫لفاطمة ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫بنت ع ّمي ‪ ،‬وخالتُھا تحتي‪ ،‬وقال زيد‪ُ :‬‬ ‫بنت ع ّمي ‪ ،‬وقال جعفر ‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪-‬‬ ‫بنت أخي‪ ،‬فقضى بھا‬ ‫ﱡ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬لخالتھا ‪ ،‬وقال ‪ :‬الخالةُ بمنزلة األم‪)،‬و حتى يجبر قلوب الصحابه ( وقال‬ ‫لعل ّي ‪ :‬أنتَ ِمنﱢي ‪ ،‬وأنا منك‪ ،‬وقال لجعفر ‪ :‬أشبھتَ خَ ْلقي و ُخلُقِي ‪ ،‬وقال لزيد‪ :‬أنت أخونا‬ ‫‪4‬‬ ‫وموالنا‪.‬‬ ‫و كلمه المدح قد تكون اقوى من مكافأة مادية او عالوة‬ ‫فعن عمرو بن تغلب ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ » -‬ﱠ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أُتِي بمال ‪ -‬أو‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫بي ‪ -‬فقسمه ‪ ،‬فأعطى ِرجاال ‪ ،‬وترك ِرجاال ‪ ،‬فَبَلَ َغهُ أن الذي ترك َعتَبُوا ‪ ،‬فح ِم َد ﷲ ‪ ،‬ثم أثنى‬ ‫َس ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي ِمنَ‬ ‫عليه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أما بعد ‪ ،‬فوﷲ إني ألعطي ] الرﱠجل[ ‪ ،‬وأ َدع الرجل‪ ،‬والذي أ َدع أحبﱡ إل ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ع والھَلَع ‪ ،‬وأ ِك ُل أقواما إلى ما‬ ‫الذي أعطي ‪ ،‬ولكنﱢي أعطي أقواما لما أرى في قلوبھم من الجزَ ِ‬

‫‪ 1‬مسند االمام احمد‬ ‫‪ 2‬مسند البزار‬ ‫‪ 3‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 4‬البخاري و مسلم‬

‫‪66‬‬


‫القائد‬

‫أحب أن لي بكلم ِة‬ ‫جعل ﷲ في قُلُوبِھ ْم من ال ِغنَي والخير ‪ ،‬منھم ‪ :‬عمرو بن تغلب(‪ ،‬فوﷲ ما ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ُ -‬ح ْم َر النﱠ َعم «‬ ‫ِ‬ ‫و روى البخاري عن عدي بن حاتم الطائي ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ -‬قال ‪" :‬وفدت في وفد على‬ ‫أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه فجعل يدعو رجالً رجالً ويُسميھم‪ ،‬فقلت‪:‬أما‬ ‫تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال بلى!! أسلمت إذ كفروا‪ ،‬وأقبلت إذ أدبروا‪ ،‬ووفيت إذ عذروا‪،‬‬ ‫وعرفت إذ أنكروا‪ ،‬فقال عدي‪ :‬فال أبالي إذاً"‬ ‫تحذير و يحذر من مدح الرجل بما ليس فيه و اعلم انه لن يخلو رجل من صفه حسنه مھما‬ ‫بلغ من سوءه فكن صيادا لما يستحق المدح كما ان ھناك صيادين لما يستحق الخصم‬ ‫عن مالك بن دينار قال مر عيسى بن مريم مع الحواريين على جيفة كلب فقال الحواريون ما‬ ‫‪2‬‬ ‫أنتن ريح ھذا فقال عيسى ما أشد بياض أسنانه يعظھم‬ ‫ما الفرق بين التقدير و التملق؟‬ ‫التقدير حقيقي و نابع من القلب و لھذا يؤثر‬ ‫و التملق زائف و صاحبه متسلق و ال يؤثر اال في النفوس الضعيفة‬ ‫خدعوھا بقولھم حسناء……و الغواني ‪ 3‬يغرھن الثناء‬ ‫ا تراھا تناست اسمي لما……كثرت في غرامھا األسماء‬ ‫جاذبتني ثوب العصا و قالت……أنتم الناس أيھا الشعراء‬ ‫فاتقوا ﷲ في خداع العذارى……فالعذارى قلوبھن ھواء‪.‬‬

‫‪ .32‬حريص على االتباع و يراعي العنصر البشري‬ ‫َزي ٌز َعلَ ْي ِه َما َعنِتﱡ ْم َح ِريصٌ َعلَ ْي ُكم بِ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ َر ُؤ ٌ‬ ‫ﱠحي ٌم {‬ ‫وف ر ِ‬ ‫}قَ ْد َجاء ُك ْم َرسُو ٌل ﱢم ْن أَنفُ ِس ُك ْم ع ِ‬ ‫عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عن النبي صلّى ﷲ عليه وسلم قال‪:‬ما بعث ﷲ نبيّا إالّ رعى‬ ‫‪4‬‬ ‫الغنم ‪ .‬فقال أصحابه ‪:‬وأنت؟ فقال ‪:‬نعم‪ ،‬كنت أرعاھا على قراريط ألھل مكة(‬ ‫و في رعاية الغنم سكينه و وقار و حرص و رحمة‬ ‫عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم الفخر والخيالء في‬ ‫‪5‬‬ ‫أصحاب اإلبل والسكينة والوقار في أھل الغنم‬ ‫انظر الى الحبيب عليه الصالة والسالم يھتم حتى بالطفل في أحشاء أمه عندما جاءت الغامدية‬ ‫إليه تطلب إقامة الحد عليھا‪ ،‬فأعرض عنھا صلى ﷲ عليه وسلم حتى قالت له‪ :‬وﷲ إني‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬حليه االولياء‬ ‫‪ 3‬الغانية ‪ :‬ھى من استغنت بجمالھا عن الزينة‬ ‫‪ 4‬البخاري‬ ‫‪ 5‬البخاري‬

‫‪67‬‬


‫القائد‬

‫لحبلى من الزنا‪ .‬فقال لھا‪ :‬أما اآلن ال‪ ،‬فاذھبي حتى تلدي‪ .‬فجاءت بالطفل عندما ولدت فقال‬ ‫‪1‬‬ ‫لھا صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬اذھبي حتى تفطميه‪ .‬فجاءت به وفي يده كسرة خبز‪.‬‬

‫وعن عطاء أخبرني جابر بن عبد ﷲ‬ ‫قال ‪ :‬تزوجت امرأة في عھد رسول ﷲ ) صلى ﷲ عليه وسلم ( فلقيت النبي ) صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم (‬ ‫فقال ‪:‬يا جابر ! تزوجت ؟‬ ‫قلت ‪:‬نعم‬ ‫قال ‪:‬بكر أم ثيب ؟‬ ‫قلت ‪:‬ثيب‬ ‫قال ‪ :‬مميز فھال بكرا تالعبھا ؟‬ ‫قلت ‪ :‬يا رسول ﷲ إن لي أخوات فخشيت أن تدخل بيني وبينھن‬ ‫‪2‬‬ ‫قال ‪ :‬فذاك إذن إن المرأة تنكح على دينھا ومالھا وجمالھا فعليك بذات الدين تربت يداك‬ ‫قال زيد بن أسلم خرج عمر بن الخطاب ليلة يحرس الناس فمر بامرأة وھى فى بيتھا وھى‬ ‫تقول ‪:‬‬ ‫تطاول ھذا الليل واسود جانبه وطال على أال خليل أالعبه‬ ‫فوﷲ لوال خشية ﷲ وحده لحرك من ھذا السرير جوانبه‬ ‫فلما أصبح عمر أرسل إلى المرأة فسأل عنھا فقيل ھذه فالنة بنت فالن وزوجھا غاز فى سبيل‬ ‫ﷲ فأرسل إليھا امرأة فقال كونى معھا حتى يأتى زوجھا وكتب إلى زوجھا فأقفله ثم ذھب‬ ‫عمر إلى حفصة بنته فقال لھا يا بنية كم تصبر المرأة عن زوجھا فقالت له يا أبه يغفر ﷲ لك‬ ‫أمثلك يسأل مثلى عن ھذا فقال لھا إنه لو ال أنه شى أريد أن انظر فيه للرعية ما سألتك عن‬ ‫ھذا قالت أربعة أشھر أو خمسة أشھر أو ستة أشھر فقال عمر يغزو الناس يسيرون شھرا‬ ‫ذاھبين ويكونون فى غزوھم أربعة أشھر ويقفلون شھرا فوقت ذلك للناس فى سنتھم فى‬ ‫‪3‬‬ ‫غزوھم ‪.‬‬ ‫و خرج عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه من الليل فسمع امرأة تقول‬ ‫تطاول ھذا الليل واسود جانبه وأرقني أن ال حبيب أالعبه‬ ‫فقال عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه لحفصة بنت عمر رضي ﷲ عنھا كم أكثر ما تصبر‬ ‫المرأة عن زوجھا فقالت ستة أو أربعة أشھر فقال عمر رضي ﷲ عنه ال أحبس الجيش أكثر‬ ‫‪4‬‬ ‫من ھذا‬ ‫عن معاوية بن قرة ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬قال ‪ :‬كان نبي ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم إذا جلس جلس إليه‬ ‫نفر من أصحابه ‪ ،‬و منھم رجل له ابن صغير ‪ ،‬يأتيه من خلف ظھره ‪ ،‬فيقعده بين يديه ‪،‬‬ ‫فھلك ‪ ،‬فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة بذكر ابنه ‪ ،‬فحزن عليه ‪ ،‬ففقده النبي صلى ﷲ عليه و‬ ‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬سنن سعيد بن منصور ‪ 210 /2‬ح ) ‪ ، ( 2463‬وعمر بن شبة في تاريخ المدينة ‪ ، 403/1‬وذكره ابن قدامة في المغني ‪.42/10‬‬ ‫‪ 4‬سنن البيھقي‬

‫‪68‬‬


‫القائد‬

‫سلم فقال ‪ :‬ما لي ال أرى فالنا ً ؟ فقالوا ‪ :‬يا رسول ﷲ بنيه الذي رأيته ھلك ‪ ،‬فلقيه النبي صلى‬ ‫ﷲ عليه و سلم ‪ ،‬فسأله عن بنيه ‪ ،‬فأخبره أنه ھلك ‪ ،‬فعزاه عليه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يا فالن ‪ ،‬أيما كان‬ ‫أحب إليك ‪ ،‬أن تمتع به عمرك ‪ ،‬أو ال تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة ‪ ،‬إال وجدته قد‬ ‫سبقك إليه ‪ ،‬يفتحه لك ؟ قال ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬بل يسبقني إلى باب الجنة ‪ ،‬يفتحھا لي أحب إلي‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫قال ‪ :‬فذلك لك "‬ ‫يقول عمر بن عبد العزيز حين جاء المال ‪ :‬إني أرى أن أجعل ھذا المال في أكباد جائعة فإنھا‬ ‫‪2‬‬ ‫أولى من الكعبة‪.‬‬ ‫و تأمل في فتح مكة‬ ‫قال سعد بن عبادة األنصاري رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ،‬عندما مر بأبي سفيان في كتيبة‬ ‫األنصار‪ " :‬اليوم يوم الملحمة ‪ ،‬اليوم تستحل الحرمة ‪ ،‬اليوم أذل ﷲ قريشا ً "‬ ‫ولما وصل الخبر لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وآله وسلم ‪ ،‬استنكره وقال كلمته الخالدة ))اليوم‬ ‫يوم المرحمة ‪ ،‬اليوم يعز ﷲ قريشا ً ‪ ،‬ويعظم الكعبة((‬ ‫‪ .‬وأرسل إلى سعد ونزع منه اللواء ‪ ،‬ودفعه إلى ابنه قيس ‪ ،‬ورأى أن اللواء لم يخرج عن‬ ‫سعد إذ صار إلى ابنه‪.‬‬ ‫و عن ثابت عن أنس رضي ﷲ عنه قال كان غالم يھودي يخدم النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫فمرض فأتاه النبي صلى ﷲ عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له أسلم فنظر إلى أبيه وھو‬ ‫عنده فقال له أطع أبا القاسم صلى ﷲ عليه وسلم فأسلم فخرج النبي صلى ﷲ عليه وسلم وھو‬ ‫يقول الحمد ) الذي أنقذه من النار‪ 3‬فتأمل كيف يفرح باسالم غالم على فراش الموت لن يفيد‬ ‫االسالم بشئ و لن يدعو او يجاھد‬ ‫و عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه } أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ‪ ،‬ففقدھا رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم فسأل عنھا بعد أيام فقيل له إنھا ماتت قال فھال آذنتموني ‪ ،‬فأتى قبرھا‬ ‫‪4‬‬ ‫فصلى عليھا {‬ ‫و استعمل عمر بن عبد العزيز جعونة بن الحارث على ملطية‪ ،‬فغزا فأصاب غنماً‪ ،‬ووفد ابنه‬ ‫إلى عمر‪ ،‬فلما دخل عليه وأخبره الخبر قال له عمر‪» :‬ھل أُصيب من المسلمين أحد« قال‪ :‬ال‬ ‫إالّ رويجل‪ ،‬فغضب عمر وقال‪» :‬رويجل! رويجل؟! مرتين‪ ،‬تجيئونني بالشاة والبقرة‪،‬‬ ‫ويُصاب رجل من المسلمين؟ ال تلي لي أنت وال أبوك عمالً ما كنت حيا ً«‪.‬‬ ‫يقول المھندس عثمان أحمد عثمان ‪":‬تعلمت أنه عندما تحرص على من معك فأنھم يحرصون‬ ‫عليك و أنك اذا ما ضحيت من أجلھم يضحون من أجلك و أذا ما احترمتھم يزداد تقديرھم لك‬ ‫‪5‬‬ ‫و اذا ما اعطيتھم كان عطاؤھم لك اكثر بكثير"‬

‫‪ 1‬النسائي‬ ‫‪ 2‬نھدي ھذا الفھم العميق لمن يحرص على الحج كل عام و بناء المساجد المتجاورة و ماليين المسلمين جوعى‬ ‫‪ 3‬البخاري‬ ‫‪ 4‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 5‬صفحات من تجربتي‬

‫‪69‬‬


‫القائد‬

‫‪ .33‬حفظ الجميل‬ ‫انظر الى رسول ﷲ حين يعود الى بلده "مكة" احب البالد الى ﷲ و احب البالد الى كل مسلم‬ ‫و لكنه يحفظ الجميل لالنصار و يعود معھم الى المدينة‬ ‫ُ‬ ‫»ل ﱠما أَفا َء ﷲ على رسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يوم ُحنَيْن قسم في الناس في المؤلف ِة قلوبُھُم‬ ‫أصاب الناس‪ ،‬فخطبھم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫صبھم ما‬ ‫ولم يُعط‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األنصار شيئا ‪ ،‬فكأنھم َو َجدوا ‪ ،‬إِ ْذ لم يُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫أجدكم ضُالال فھداكم ﷲ بي ؟ وكنتم ُمتفَرﱢقين ‪ ،‬فَألفَكم ﷲ بي ؟ وعالة‬ ‫معشر األنصار ‪ ،‬ألم ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫رسول‬ ‫فأ ْغنَا ُكم ﷲ بي ؟ كلما قال شيئا ‪ ،‬قالوا‪ :‬ﷲ ورسولهُ أ َم ﱡن ‪ ،‬قال ‪ :‬ما يمنعكم أن تجيبوا‬ ‫َ‬ ‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬؟ قالوا ‪ :‬ﷲ ورسولُهُ أَ َم ﱡن ‪ ،‬قال ‪ :‬لو شئتم قلتُم ‪ :‬جئتنا كذا وكذا ‪،‬‬ ‫بي إِلى رحالكم ؟ لوال الھجرةُ لكنت‬ ‫أَال تَرضون أن يذھب الناس بالشاة والبعير‪ ،‬وتذھبون بالن ﱠ ﱢ‬ ‫وش ْعبَھا ‪ ،‬األنصار‬ ‫ادي األن َ‬ ‫وشعبا لسلكت َو َ‬ ‫ار ِ‬ ‫ا ْم َرءا من األنصار‪ ،‬ولو سلك الناس واديا ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِشعار ‪ ،‬والناس ِدثار ‪ ،‬إِنكم َست َْلقَونَ بعدي أَثَرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض «‪.‬‬ ‫وعن أنس بن مالك قال‪ :‬خرج علينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقال‪:‬‬ ‫"أال إن لكل نبي تركة وصنيعة‪ ،‬وإن تركتي وصنيعتي األنصار فاحفظوني فيھم"‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫بلغ مصعب بن الزبير عن عريف األنصار شيء فھم به فدخل عليه أنس بن مالك فقال له‬ ‫سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم يقول ‪ :‬استوصوا باألنصار خيرا أو قال معروفا‬ ‫اقبلوا من محسنھم وتجاوزوا عن مسيئھم فالقي مصعب نفسه عن سريره وألزق خده بالبساط‬ ‫‪3‬‬ ‫وقال أمر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم على الرأس والعين فتركه‬ ‫و أكرم النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬عجوزاً جاءت إليه ‪ ،‬وقال ‪ ) :‬إنھا كانت تغشانا أيام‬ ‫‪4‬‬ ‫خديجة ‪،‬وإن حسن العھد من اإليمان (‬ ‫وإذا صحبت رأى الوفاء مجسّما في بُردك األصحاب والخلطاء‬

‫وقد وقف رجل على سيدنا لقمان الحكيم وقال له‪ :‬أنت لقمان عبد بنى النحاس؟ قال نعم‪ ،‬قال‬ ‫فأنت راعى الغنم األسود؟ قال أما سوادى فظاھر فما الذى يعجبك من أمرى؟ قال وطء الناس‬ ‫بساطك وغشيھم بابك ورضاھم بقولك‪ ،‬قال يا ابن أخى إن صنعت ما أقول لك كنت كذلك‪،‬‬ ‫قال ما ھو؟ قال لقمان‪ :‬غضى بصرى وكفى لسانى وعفة مطمعى وحفظى فرجى وقيامى‬ ‫بعدتى ووفائى بعھدى وتكرمتى ضيفى وحفظى جارى وتركى ما ال يعنينى فذاك الذى‬ ‫صيرنى كما ترى‪.‬‬ ‫‪ .34‬يلتمس االعذار‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َصحُوا‬ ‫ضى َوال َعلى ال ِذينَ ال يَ ِجدونَ َما يُنفِقونَ َح َر ٌج إِذا ن َ‬ ‫ْس َعلَى الضﱡ َعفا ِء َوال َعلى ال َمرْ َ‬ ‫} لَي َ‬ ‫يل َو ﱠ‬ ‫ﷲُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم )‪َ (91‬و َال َعلَى الﱠ ِذينَ إِ َذا َما أَتَوْ كَ‬ ‫ِ ﱠ)ِ َو َرسُولِ ِه َما َعلَى ْال ُمحْ ِسنِينَ ِم ْن َسبِ ٍ‬ ‫‪ 1‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 2‬رواه الطبراني في األوسط وإسناده جيد‪.‬‬ ‫‪ 3‬تعليق شعيب األرنؤوط ‪ :‬المرفوع منه صحيح وھذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان ومؤمل‬ ‫‪ 4‬الطبراني‬

‫‪70‬‬


‫القائد‬

‫لِتَحْ ِملَھُ ْم قُ ْلتَ َال أَ ِج ُد َما أَحْ ِملُ ُك ْم َعلَ ْي ِه ت َ​َولﱠوْ ا َوأَ ْعيُنُھُ ْم تَفِيضُ ِمنَ ال ﱠد ْم ِع َحزَ نًا أَ ﱠال يَ ِج ُدوا َما يُ ْنفِقُونَ‬ ‫طبَ َع ﱠ‬ ‫ف َو َ‬ ‫ﷲُ‬ ‫)‪ (92‬إِنﱠ َما ال ﱠسبِي ُل َعلَى الﱠ ِذينَ يَ ْستَأْ ِذنُونَكَ َوھُ ْم أَ ْغنِيَا ُء َرضُوا بِأ َ ْن يَ ُكونُوا َم َع ْالخَ َوالِ ِ‬ ‫َعلَى قُلُوبِ ِھ ْم فَھُ ْم َال يَ ْعلَ ُمونَ )‪{ (93‬‬ ‫القائد يثق اتباعه و يتقبل االعذار و ال يفتش خلفھا و يعلم ان خلف كل فعل دافع ايجابي ‪ ،‬و‬ ‫يتفھم الضعف البشري و ان البشر يأخدون قراراتھم بناء على عواطف و ليس بناء على‬ ‫حسابات عقلية‬ ‫و كان رسول ﷲ يقبل االعذار و يلتمسھا و ال يفتش خلفھا حتى قال عنه المنافقون ھو أذن‬ ‫ي َويَقُولُونَ ھُ َو أُ ُذ ٌن قُلْ أُ ُذ ُن خَ ي ٍْر لَ ُك ْم ي ُْؤ ِم ُن بِ ﱠ‬ ‫ا)ِ َوي ُْؤ ِم ُن لِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ‬ ‫} َو ِم ْنھُ ُم الﱠ ِذينَ ي ُْؤ ُذونَ النﱠبِ ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ لَھُ ْم َع َذابٌ أَلِي ٌم )‪{ (61‬‬ ‫َو َرحْ َمةٌ لِلﱠ ِذينَ آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َوال ﱠ ِذينَ ي ُْؤ ُذونَ َرس َ‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بالكالم فيه ويقولون‪} :‬‬ ‫يقول تعالى‪ :‬ومن المنافقين قوم يُؤذون‬ ‫َ‬ ‫ھُ َو أُ ُذ ٌن { أي‪ :‬من قال له شيئا صدقه‪ ،‬ومن حدثه فينا صدقه‪ ،‬فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا‪.‬‬ ‫روي معناه عن ابن عباس‪ ،‬ومجاھد‪ ،‬وقتادة‪ .‬قال ﷲ تعالى‪ } :‬قُلْ أُ ُذ ُن خَ ي ٍْر لَ ُك ْم { أي‪ :‬ھو أذن‬ ‫خير‪ ،‬يعرف الصادق من الكاذب‪ } ،‬ي ُْؤ ِم ُن بِ ﱠ‬ ‫ا)ِ َوي ُْؤ ِم ُن لِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ { أي‪ :‬ويصدق المؤمنين‪} ،‬‬ ‫ُول‬ ‫َو َرحْ َمةٌ لِلﱠ ِذينَ آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم { أي‪ :‬وھو حجة على الكافرين؛ ولھذا قال‪َ } :‬والﱠ ِذينَ يُ ْؤ ُذونَ َرس َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲِ لَھُ ْم َع َذابٌ أَلِي ٌم { ‪.‬‬ ‫قال البحتري ‪:‬‬ ‫اقبل معاذير من يأتيك معتـذراً إن ب ّر عندك فيما قال أو فجرا‬ ‫فقد أطاعك من يرضيك ظاھره وقد أجلك من يعضيك مستترا‬ ‫ٌ‬ ‫مؤمن مؤمنةً إن كره منھا خلقا ً رضي منھا آخر"‬ ‫يقول صلى ﷲ عليه وسلم ‪":‬ال يَ ْف َر ْك‬ ‫فضل إال فيه عيب‪ ،‬ولكن من‬ ‫عالم وال ذي‬ ‫و يقول سعيد بن المسيب‪":‬ليس من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شريف وال ٍ‬ ‫الناس من الينبغي أن تُذكر عيوبه "‬ ‫وكان زياد بن ابيه يبعث إلى الجماعة من الخوارج فيقول‪ :‬أأحسب الذي يمنعكم من إتياني إال‬ ‫الرجلة فيقولون‪ :‬أجل‪ ،‬فيحملھم ويقول‪ :‬اغشوني اآلن واسمروا عندي‪ .‬فبلغ ذلك عمر بن عبد‬ ‫العزيز‪ ،‬فال‪ :‬قاتل ﷲ زياداً! جمع لھم كما تجمع الذرة ‪ ،‬وحاطھم كما تحوط األم البرة‪،‬‬ ‫وأصلح العراق بأھل العراق‪ ،‬وترك أھل الشام بشأمھم ‪ ،‬وجبى العراق مائة ألف ألف وثمانية‬ ‫عشر ألف ألف‪.‬‬ ‫ومن كان ذا عذر لديك وحجة فعذري إقراري بأن ليس لي عذر‬ ‫قال أبو العباس‪ :‬وبلغ زياداً عن رجل يكنى أبا الخير‪ ،‬من أھل البأس والنجدة‪ ،‬أنه يرى رأي‬ ‫الخوارج‪ ،‬فدعاه فواله جندي سابور وما يليا‪ ،‬ورزقه أربعة آالف درھم في كل شھر‪ ،‬وجعل‬ ‫عمالته في كل سنة مائة ألف‪ ،‬فكان أبو الخير يقول‪ :‬ما رأيت شيئا ً خيراً من لزوم الطاعة‬ ‫والتقلب بين أظھر الجماعة! فلم يزل واليا ً حتى أنكر منه زياد شيئا ً فتنمر لزياد فحبسه‪ ،‬فلم‬ ‫يخرج من حبسه حتى مات‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫فالن = وقعود الفتى على الضيم عار‬ ‫قيل لي قد أساء فيك‬ ‫ً‬ ‫قلت قد جاءنا فأحدث عذرا = دية الذنب عنــــدنا االعتذار‬ ‫‪71‬‬


‫القائد‬

‫و من االسباب المعينة على ھذا ان تفرق بين الفعل و الفاعل كما فعل الحبيب محمد و أن تعلم‬ ‫ان الناس يختارون افضل اختيار لختيار لھم في حدود االمكانيات المتاحه لھم في وقت معين‬

‫روى البخاري أن رجال على عھد النبي صلى ﷲ عليه وسلم كان اسمه عبد ﷲ ‪،‬‬ ‫وكان يضحك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬وكان النبي صلى ﷲ عليه وسلم قد‬ ‫جلده في الشراب ‪ ،‬فأتي به يوما فأمر به فجلد ‪ ،‬فقال رجل من القوم ‪ :‬اللھم العنه ‪ ،‬ما‬ ‫أكثر ما يؤتى به ؟ فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬ال تلعنوه ‪ ،‬فوﷲ ما علمت إال‬ ‫أنه يحب ﷲ ورسوله ( ‪.‬فشرب الخمر ملعون و ليس شارب الخمر ‪ 1‬فال تقل لمن‬ ‫اخطى أنت مخطأ او انت فاشل فما تتوقع من شخص اذا قلت له انت حمار اال ان‬ ‫يرفصك ؟!؟! بل قل له "ھذا الفعل خطأ " او "ھذا الفعل في ھذا الوقت خطأ "‬ ‫قال أبا سعيد الخدري بعث علي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم من اليمن بذھيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابھا قال فقسمھا بين أربعة نفر بين‬ ‫عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل فقال‬ ‫رجل من أصحابه كنا نحن أحق بھذا من ھؤالء قال فبلغ ذلك النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال‬ ‫أال تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل غائر‬ ‫العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبھة كث اللحية محلوق الرأس مشمر اإلزار فقال يا رسول‬ ‫ﷲ اتق ﷲ قال ويلك أولست أحق أھل األرض أن يتقي ﷲ قال ثم ولى الرجل قال خالد بن‬ ‫الوليد يا رسول ﷲ أال أضرب عنقه قال ال لعله أن يكون يصلي فقال خالد وكم من مصل‬ ‫يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب عن‬ ‫‪2‬‬ ‫قلوب الناس وال أشق بطونھم‬ ‫مر أبو الدرداء رضي ﷲ عنه يوما على رجل قد أصاب ذنبا ‪ ،‬والناس يسبونه ‪،‬‬ ‫فنھاھم وقال ‪ ) :‬أرأيتم لو وجدتموه في حفرة ألم تكونوا مخرجيه منھا‪..‬؟)‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى‬ ‫قال رضي ﷲ عنه ‪ ) :‬فال تسبوه اذن ‪ ،‬وحمدوا ﷲ الذي عافاكم)‬ ‫قالوا ‪ :‬أنبغضه‪..‬؟‬ ‫قال رضي ﷲ عنه ‪ ) :‬إنما أبغضوا عمله ‪ ،‬فاذا تركه فھو أخي)‬ ‫و يأتية صفوان بن المعطل وكان من سادات المسلمين ‪ ،‬وكان ينام نوما شديدا حتى إنه كان‬ ‫ربما طلعت عليه الشمس وھو نائم ال يستيقظ ‪ ،‬فقال له رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ " :‬إذا‬ ‫استيقظت فصل " ‪ .‬فراعى الحبيب محمد انه ال يستيقظ لصفه خاصة به جبله به‬

‫‪ 1‬و على ھذا حملت حديث } سيكون فى آخر أمتى نساء يركبن على سروج كأشباه الرجال ينزلون على باب المسجد كاسيات عاريات‬ ‫على رءوسھن كأسنمة البخت العجاف فالعنوھن فإنھن ملعونات لو كانت وراءكم أمة من األمم خدمتھم كما يخدمكم نساء األمم قبلكم‬ ‫)الطبرانى عن ابن عمرو({ على لعن الفعل ال صاحبته فاذا وقعت العين على احدھن غضضت بصري و دعوت لھا بالھداية‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪72‬‬


‫القائد‬

‫و أقرأ ترجمة صالح الدين االيوبي في الكامل في التاريخ "و كان كثير التغافل عن ذنوب‬ ‫أصحابه ‪ ،‬يسمع من أحدھم ما يكره وال يعلمه بذلك وال يتغير عليه ‪.‬‬ ‫وبلغني أنه كان يوما جالسا وعنده جماعة ‪ ،‬فرمى بعض المماليك بعضا بسرموز فأخطأته ‪،‬‬ ‫ووصلت إلى صالح الدين فأخطأته ‪ ،‬ووقعت بالقرب منه ‪ ،‬فالتفت إلى الجھة األخرى يكلم‬ ‫جليسه ليتغافل عنھا ‪.‬‬ ‫وطلب مرة الماء فلم يحضر ‪ ،‬وعاود الطلب في مجلس واحد خمس مرات فلم يحضر ‪ ،‬فقال‬ ‫‪ :‬يا أصحابنا ‪ ،‬وﷲ قد قتلني العطش ! فأحضر الماء فشربه ولم ينكر التواني في إحضاره ‪.‬‬ ‫وكان مرة قد مرض مرضا شديدا أرجف عليه بالموت ‪ ،‬فلما برئ منه ‪ ،‬وأدخل الحمام كان‬ ‫الماء حارا ‪ ،‬فطلب ماء باردا ‪ ،‬فأحضره الذي يخدمه ‪ ،‬فسقط من الماء شيء على األرض ‪،‬‬ ‫فناله منه شيء ‪ ،‬فتألم له لضعفه ‪.‬‬ ‫ثم طلب البارد أيضا فأحضر ‪ ،‬فلما قاربه سقطت الطاسة على األرض ‪ ،‬فوقع الماء جميعه‬ ‫عليه ‪ ،‬فكاد يھلك ‪ ،‬فلم يزد على أن قال للغالم ‪ :‬إن كنت تريد قتلي ‪ ،‬فعرفني ! فاعتذر إليه ‪،‬‬ ‫فسكت عنه ‪".‬‬ ‫إني أل ْع ِرضُ عن أشيا َء أ ْس َمعُھا‬ ‫يقول رجا ٌل إن بي ُح ُمقَا‬ ‫حتى‬ ‫َ‬ ‫جواب سفي ٍه ال حيا َء له‬ ‫أخشى‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫س أنه صدقا‬ ‫فَس ٍْل‬ ‫وظن أنا ٍ‬

‫‪ .35‬يتفقد اتباعه‬ ‫ُ‬ ‫ال َما لِ َي َال أَ َرى ْالھُ ْدھُ َد أَ ْم َكانَ ِمنَ ْالغَائِبِينَ )‪َ (20‬أل َع ﱢذبَنﱠهُ َع َذابًا َش ِديدًا أَوْ‬ ‫} َوتَفَقﱠ َد الطﱠي َْر فَقَ َ‬ ‫َألَ ْذبَ َحنﱠهُ أَوْ لَيَأْتِيَنﱢي بِس ُْل َ‬ ‫ين )‪{(21‬‬ ‫ان ُمبِ ٍ‬ ‫ط ٍ‬ ‫ى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ -‬كانَ فِى َم ْغ ًزى لَهُ فَأَفَا َء ﱠ‬ ‫ال ألَصْ َحابِ ِه‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه فَقَ َ‬ ‫ع َْن أَبِى بَرْ زَ ةَ أَ ﱠن النﱠبِ ﱠ‬ ‫ال » ھَلْ تَ ْفقِ ُدونَ ِم ْن أَ َح ٍد «‪ .‬قَالُوا‬ ‫» ھَلْ تَ ْفقِ ُدونَ ِم ْن أَ َح ٍد «‪ .‬قَالُوا نَ َع ْم فُالَنًا َوفُالَنًا َوفُالَنًا‪ .‬ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫نَ َع ْم فُالَنًا َوفُالَنًا َوفُالَنًا‪.‬‬ ‫ال » لَ ِكنﱢى أَ ْفقِ ُد ُجلَ ْيبِيبًا فَ ْ‬ ‫ب ِفى ْالقَ ْتلَى‬ ‫اطلُبُوهُ «‪ .‬فَطُلِ َ‬ ‫ال » ھَلْ تَ ْفقِ ُدونَ ِم ْن أَ َح ٍد «‪ .‬قَالُوا الَ‪ .‬قَ َ‬ ‫ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫ال »‬ ‫ب َس ْب َع ٍة قَ ْد قَتَلَھُ ْم ثُ ﱠم قَتَلُوهُ فَأَتَى النﱠبِ ﱡى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فَ َوقَفَ َعلَ ْي ِه فَقَ َ‬ ‫فَ َو َج ُدوهُ إِلَى َج ْن ِ‬

‫‪73‬‬


‫القائد‬

‫ْس لَهُ إِالﱠ‬ ‫ض َعهُ َعلَى َسا ِع َد ْي ِه لَي َ‬ ‫ال فَ َو َ‬ ‫قَت َ​َل َس ْب َعةً ثُ ﱠم قَتَلُوهُ ھَ َذا ِمنﱢى َوأَنَا ِم ْنهُ ھَ َذا ِمنﱢى َوأَنَا ِم ْنهُ «‪ .‬قَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ض َع فِى قَب ِْر ِه‪َ .‬ولَ ْم يَ ْذ ُكرْ َغ ْسالً‪.‬‬ ‫َسا ِعدَا النﱠبِ ﱢى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫ال فَ ُحفِ َر لَهُ َو ُو ِ‬ ‫ال َر ُج ٌل ِم ْن‬ ‫و في غزوة تبوك َقَ َ‬ ‫ال َوھُ َو َجالِسٌ فِى ْالقَوْ ِم بِتَبُوكَ » َما فَ َع َل َكعْبُ ب ُْن َمالِ ٍك «‪ .‬قَ َ‬ ‫ظ ُر فِى ِع ْ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ َحبَ َسهُ بُرْ دَاهُ َوالنﱠ َ‬ ‫س َما قُ ْلتَ‬ ‫ال لَهُ ُم َعا ُذ ب ُْن َجبَ ٍل بِ ْئ َ‬ ‫طفَ ْي ِه‪ .‬فَقَ َ‬ ‫بَنِى َسلِ َمةَ يَا َرس َ‬ ‫ﷲِ َما َعلِ ْمنَا َعلَ ْي ِه إِالﱠ خَ ْيرًا‪ .‬فَ َسكَتَ َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫َو ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فَبَ ْينَ َما ھُ َو‬ ‫ﷲِ يَا َرس َ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ُ » -‬ك ْن‬ ‫َعلَى َذلِكَ َرأَى َر ُجالً ُمبَيﱢضًا يَ ُزو ُل بِ ِه الس َﱠرابُ فَقَ َ‬ ‫ص ﱠد َ‬ ‫ق بِ َ‬ ‫ارىﱡ َوھُ َو الﱠ ِذى تَ َ‬ ‫أَبَا خَ ْيثَ َمةَ «‪ .‬فَإ ِ َذا ھُو أَبُو َخ ْيثَ َمةَ األَ ْن َ‬ ‫اع التﱠ ْم ِر ِحينَ لَ َمزَ هُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫ْال ُمنَافِقُونَ ‪.‬‬ ‫‪ .36‬قريب من اتباعة ‪ ،‬محبوب منھم‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُصلﱡونَ َعلَ ْيك ْمُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ِ » :‬خيَا ُر أئِ ﱠمتِك ُم ال ِذينَ تُ ِحبﱡونَھُ ْم َوي ُِحبﱡونَك ْم َوي َ‬ ‫يل يَا‬ ‫صلﱡونَ َعلَ ْي ِھ ْم َو ِش َرا ُر أَئِ ﱠمتِ ُك ُم الﱠ ِذينَ تُ ْب ِغضُونَھُ ْم َويُ ْب ِغضُونَ ُك ْم َوت َْل َعنُونَھُ ْم َويَ ْل َعنُونَ ُك ْم «‪ .‬قِ َ‬ ‫َوتُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫صالَةَ َوإِ َذا َرأ ْيتُ ْم ِم ْن ُوالَتِ ُك ْم َش ْيئًا‬ ‫ال‪ »:‬الَ َما أقَا ُموا فِي ُك ُم ال ﱠ‬ ‫ُول ﷲِ أفَالَ نُنَابِذھُ ْم بِال ﱠ‬ ‫ْف فَقَ َ‬ ‫َرس َ‬ ‫سي ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ْ‬ ‫تَ ْك َرھُونَهُ فَاك َرھُوا َع َملَهُ َوالَ تَ ْن ِز ُعوا يَدًا ِم ْن طَا َع ٍة «‬ ‫سئل علي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه‪":‬كيف كان حبكم لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم؟"‬ ‫فقال‪) :‬وﷲ إن رسول ﷲ كان أحب إلينا من آبائنا وأمھاتنا وفلذات أكبادنا‪ ،‬وكان أحب إلينا‬ ‫من الماء البارد على الظمأ(‬ ‫يقول زيد بن ثابت رضي ﷲ عنه ‪:‬‬ ‫بعثني رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوم احد أطلب سعد بن الربيع فقال لي ‪ :‬ان رأيته‬ ‫فأقرئه مني السالم وقل له ‪ :‬يقول لك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬كيف تجدك؟؟ قال‬ ‫‪:‬فجعلت اطوف بين القتلى فأتيته وھو بأخر رمق فيه سبعون ضربة مابين طعنه برمح ورميه‬ ‫بسھم فقلت ‪ :‬ياسعد ان رسول ﷲ يقرأ عليك السالم ويقول لك‪ :‬اخبرني كيف تجدك؟ فقال ‪:‬‬ ‫وعلى رسول ﷲ عليه وسلم السالم قل له يارسول ﷲ أجد ريح الجنه‪ ،‬وقل لقومي االنصار‬ ‫‪:‬العذر لكم عند ﷲ ان خلص الى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وفيكم عين تطرف‪،‬وفاضت‬ ‫نفسه من وقته‬ ‫و انظر الى صحابي جليل ھو زيد بن الدثنة‬ ‫ُ‬ ‫ف ‪َ ،‬وبَ َع َ‬ ‫ص ْف َو ُ‬ ‫ص ْف َو ُ‬ ‫ان ب ُْن‬ ‫ان ب ُْن أُ َميّةَ لِيَ ْقتُلَهُ بِأَبِي ِه أ َميّةَ ب ِْن خَ لَ ٍ‬ ‫ث بِ ِه َ‬ ‫َوأَ ّما زَ ْي ُد ب ُْن ال ّدثِنّ ِة فَا ْبتَا َعهُ َ‬ ‫أُ َميّةَ َم َع َموْ لًى لَهُ يُقَا ُل لَهُ نِ ْس َ‬ ‫طاسُ إلَى التّ ْن ِع ِيم ‪َ ،‬وأَ ْخ َرجُوهُ ِم ْن ْال َح َر ِم لِيَ ْقتُلُوهُ ‪َ .‬واجْ تَ َم َع َر ْھطٌ ِم ْن‬ ‫ال لَهُ أَبُو ُس ْفيَانَ ِحينَ قَ ِد َم لِيُ ْقت َ​َل أَ ْن ُش ُدكَ ّ‬ ‫ﷲَ يَا زَ ْي ُد أَتُ ِحبّ أَ ّن‬ ‫ش ‪ ،‬فِي ِھ ْم أَبُو ُس ْفيَانَ ب ُْن َحرْ ٍ‬ ‫ب فَقَ َ‬ ‫قُ َر ْي ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ال َو َ ّ‬ ‫ﷲِ َما أ ِحبّ أَ ّن ُم َح ّمدًا ْاآلنَ‬ ‫ُم َح ّمدًا ِع ْن َدنَا ْاآلنَ فِي َم َكانِك نَضْ ِربُ ُعنُقَهُ َوأَنّك فِي أَ ْھلِك ؟ قَ َ‬ ‫ال يَقُو ُل أَبُو ُس ْفيَانَ َما َرأَيْت‬ ‫صيبُهُ َشوْ َكةٌ تُ ْؤ ِذي ِه َوأَنَا َجالِسٌ فِي أَ ْھلِي ‪ .‬قَ َ‬ ‫فِي َم َكانِ ِه الّ ِذي ھُ َو فِي ِه تُ ِ‬ ‫‪4‬‬ ‫ب ُم َح ّم ٍد ُم َح ّمدًا‬ ‫اس أَ َحدًا ي ُِحبّ أَ َحدًا َكحُبّ أَصْ َحا ِ‬ ‫ِم ْن النّ ِ‬ ‫أسرت قريش مسلما ً في غزوة فمضى بال َو َج ٍل إلى السياف‬ ‫سألوه ھل يرضيك أنك آمـن ولك النبي فدى من اإلجحاف‬ ‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬مسلم‬ ‫‪ 4‬سيرة بن ھشام‬

‫‪74‬‬


‫القائد‬

‫ُ‬ ‫سلمت من األذى ويصـاب أنف محمد برعاف‬ ‫فأجاب كال ال‬ ‫قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم } ثالثة ال ترفع صالتھم فوق رءوسھم شبرا ‪ :‬رجل أم قوما ‪،‬‬ ‫وھم له كارھون ‪ ،‬وامرأة باتت وزوجھا عليھا ساخط ‪ ،‬وأخوان متصارمان {‪ 1‬وفي‬ ‫الترمذي عن أبي أمامة قال " قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم } ثالثة ال تجاوز صالتھم‬ ‫آذانھم ‪ :‬العبد اآلبق حتى يرجع ‪ ،‬وامرأة باتت وزوجھا عنھا ساخط ‪ ،‬وإمام قوم ‪ ،‬وھم له‬ ‫كارھون {‬ ‫‪ .37‬يستمع و ال يقاطع‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم َو ِعن َدهُ نِ َسا ٌء ِم ْن‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ص ا ْستَأ َذنَ ُع َم ُر َعلَى َرس ِ‬ ‫ال َس ْع َد ْبنَ أَبِي َوقﱠا ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫اب فَأ ِذنَ لَهُ‬ ‫ش يُ َكل ْمنَهُ َويَ ْستَكثِرْ نَهُ عَالِيَة أصْ َواتُھ ﱠُن فَلَ ﱠما ا ْستَأ َذنَ ُع َم ُر ق ْمنَ يَ ْبتَ ِدرْ نَ ال ِح َج َ‬ ‫قُ َر ْي ٍ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َو َرسُو ُل ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫َرسُو ُل ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم يَضْ َح ُ‬ ‫ال ُع َم ُر أَضْ َحكَ‬ ‫ك فَقَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْت ِم ْن ھَ ُؤ َال ِء ﱠ‬ ‫ال ع َِجب ُ‬ ‫صوْ تَكَ ا ْبتَ َدرْ نَ‬ ‫ﷲِ قَ َ‬ ‫ﷲُ ِسنﱠكَ يَا َرس َ‬ ‫الالتِي ُك ﱠن ِع ْن ِدي فَلَ ﱠما َس ِم ْعنَ َ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ ُك ْنتَ أَ َح ﱠ‬ ‫ت أَ ْنفُ ِس ِھ ﱠن أَتَھَ ْبنَنِي‬ ‫ْال ِح َج َ‬ ‫ق أَ ْن يَھَ ْبنَ ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫ال ُع َم ُر فَأ َ ْنتَ يَا َرس َ‬ ‫اب قَ َ‬ ‫ال أَيْ َع ُد ﱠوا ِ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم قُ ْلنَ نَ َع ْم أَ ْنتَ أَفَ ﱡ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲُ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫َو َال تَھَ ْبنَ َرس َ‬ ‫ظ َوأَ ْغلَظُ ِم ْن َرس ِ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم َوال ِذي نَف ِسي بِيَ ِد ِه َما لَقِيَكَ ال ﱠش ْي َ‬ ‫طا ُن قَط َسالِ ًكا‬ ‫ال َرسُو ُل ﷲِ َ‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم قَ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ك‬ ‫فَ ًّجا إِ ﱠال َسلَكَ فَ ًّجا َغي َْر فَجﱢ َ‬ ‫قال رسول ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة‬ ‫‪3‬‬ ‫إال أغلق ﷲ أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته (‬ ‫و كان الحبيب يستمع الى الناس و ال يصدر حكما اال بعد االستماع الى جميع االطراف‬ ‫عن عمرو بن العاص أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بعثه في غزوة ذات السالسل فسأله‬ ‫أصحابه أن يوقدوا نارا فمنعھم فكلموا أبا بكر فكلمه فقال ال يوقد أحد منھم نارا إال قذفته فيھا‬ ‫قال فلقوا العدو فھزموھم فأرادوا أن يتبعوھم فمنعھم فلما انصرف ذلك الجيش ذكروا ذلك‬ ‫للنبي صلى ﷲ عليه وسلم وشكوه إليه فقال يا رسول ﷲ إني كرھت أن آذن لھم أن يوقدوا‬ ‫نارا فيرى عدوھم قلتھم وكرھت أن يتبعوھم فيكون لھم مدد فيعطفوا عليھم فحمد رسول ﷲ‬ ‫‪4‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم أمره‬ ‫عن أبي قيس ‪ ،‬أن عمرو بن العاص ‪ ،‬كان على سرية ‪ ،‬قال ‪ :‬احتلمت في ليلة باردة ‪ ،‬وذلك‬ ‫في غزوة ذات السالسل ‪ ،‬فأشفقت إن اغتسلت أن أھلك ‪ ،‬فتيممت ثم صليت بأصحابي‬ ‫الصبح ‪ ،‬فذكروا ذلك للنبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا عمرو ‪ ،‬صليت بأصحابك ؟‬ ‫فأخبرته بالذي منعني من االغتسال وقلت إني سمعت ﷲ يقول ‪ :‬وال تقتلوا أنفسكم اآلية‬ ‫‪5‬‬ ‫فضحك النبي صلى ﷲ عليه وسلم ولم يقل شيئا‬ ‫بل و كان يستمع و ال ينصت حتى لھذيان رؤوس الكفر فلما اتى عتبة رسول ﷲ فقال يا‬ ‫محمد أنت خير أم عبد ﷲ فسكت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال أنت خير أم عبد المطلب‬ ‫فسكت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال فإن كنت تزعم أن ھؤالء خير منك قد عبدوا اآللھة‬ ‫التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير منھم فتكلم حتى نسمع قولك أما وﷲ ما رأينا سخطة أشأم‬ ‫‪ 1‬بن ماجه‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬صححه االلباني‬ ‫‪ 4‬موارد الظمان‬ ‫‪ 5‬االوسط‬

‫‪75‬‬


‫القائد‬

‫على قومك منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى طار فيھم‬ ‫أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاھنا ما ينتظر األمثل صيحة الحبلى بأن يقوم بعضنا‬ ‫لبعض بالسيوف حتى نتفانى أيھا الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا حتى‬ ‫تكون أغنى قريش رجال وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش فنزوجك عشرا فقال‬ ‫له رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أفرغت قال نعم قال فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم }‬ ‫حم تنزيل من الرحمن الرحيم { حتى بلغ } فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة‬ ‫‪1‬‬ ‫عاد وثمود { فقال عتبة حسبك‬ ‫و أوصى أبو بكر رضي ﷲ تعالى يزيد بن أبي سفيان‪ :‬واسمر بالليل في أصحابك تأتك‬ ‫األخبار‪ ،‬وتنكشف عنك األستار‪،‬‬ ‫و أمر عمر بحرق باب أمير له حين بلغه ان ھذا الباب يمنع الناس من الوصول اليه‬ ‫فقد بنى سعد بن ابي وقاص بيتا وكانت االسواق تكون في موضعه بين يديه فكانت‬ ‫غوغاؤھم تمنع سعدا الحديث فلما بنى ادعى الناس عليه ما لم يقل وقالوا ) قال سعد"‬ ‫سكن عني الصويت"(‬ ‫وبلغ عمر ذلك وأن الناس يسمونه قصر سعد فدعا محمد بن مسلمة فسرحه إلى الكوفة‬ ‫وقال اعمد إلى القصر حتى تحرق بابه ثم ارجع عودك على بدئك فخرج حتى قدم الكوفة‬ ‫فاشترى حطبا ثم أتى به القصر فأحرق الباب وأتى سعد فأخبر الخبر فقال ھذا رسول‬ ‫أرسل لھذا من الشأم وبعث لينظر من ھو فإذا ھو محمد بن مسلمة فأرسل إليه رسوال بأن‬ ‫ادخل فأبى فخرج إليه سعد فأراده على الدخول والنزول فأبى وعرض عليه نفقة فلم يأخذ‬ ‫ودفع كتاب عمر إلى سعد ‪ ":‬بلغني أنك بنيت قصرا اتخذته حصنا ويسمى قصر سعد‬ ‫وجعلت بينك وبين الناس بابا فليس بقصرك ولكنه قصر الخبال انزل منه منزال مما يلي‬ ‫بيوت االموال واغلقه وال تجعل على القصر بابا يمنع الناس من دخوله" وتنفيھم به عن‬ ‫حقوقھم ليوافقوا مجلسك ومخرجك من دارك إذا خرجت فحلف له سعد ما قال الذي قالوا‬ ‫ورجع محمد بن مسلمة من فوره حتى إذا دنا من المدينة فنى زاده فتبلغ بلحاء من لحاء‬ ‫الشجر فقدم على عمر وقد سبق فأخبره خبره كله فقال فھال قبلت من سعد فقال لو أردت‬ ‫ذلك كتبت لي به أو أذنت لي فيه فقال عمر إن أكمل الرجال رأيا من إذا لم يكن عنده عھد‬ ‫من صاحبه عمل بالحزم أو قال به ولم ينكل وأخبره بيمين سعد وقوله فصدق سعدا وقال‬ ‫‪2‬‬ ‫ھو أصدق ممن روى عليه‬ ‫" روي أن رجالً استوقف المأمون ليسمع منه فلم يقف له ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين إن ﷲ‬ ‫استوقف سليمان بن داود ـ عليھما السالم ـ لنملة ليستمع منھا ‪ ،‬وما أنا عند ﷲ بأحقر من نملة‬ ‫‪ ،‬وما أنت عند ﷲ بأعظم من سليمان ‪ ،‬فقال له المأمون ‪ :‬صدقت ‪ ،‬ووقف له وسمع له‬ ‫وقضى حاجته "‬ ‫قال أبي الدرداء ‪ -‬رضي ﷲ تعالى عنه ‪ " :-‬إن ﷲ خلق لي أذنين ولسانا واحدا ؛ كي أسمع‬ ‫أكثر مما أقول " ‪.‬‬ ‫و قال عبد ﷲ بن الطاھر بن حسين ‪ " :‬أكثر األذن للناس عليك ‪ ،‬وأبرز لھم وجھك ‪ ،‬وسكن‬ ‫لھم حواسك " ‪.‬‬ ‫‪ 1‬الراوي‪ :‬جابر بن عبدﷲ المحدث‪ :‬الھيثمي ‪ -‬المصدر‪ :‬مجمع الزوائد‬ ‫خالصة الدرجة‪ :‬فيه األجلح الكندي وبقية رجاله ثقات‬ ‫‪ 2‬تاريخ الطبري‬

‫‪76‬‬


‫القائد‬

‫وقد روي عن أبي الدرداء ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ -‬أنه قال ‪ " :‬ال خير في الحياة إال ألحد رجلين ‪:‬‬ ‫منصت واع ‪ ،‬أو متكلم عالم " ‪.‬‬ ‫وقد كان من نصيحة بعض الحكماء البنه أن قال له ‪ " :‬يا بني ‪ ،‬تعلم حسن االستماع ‪ ،‬كما‬ ‫تتعلم حسن الحديث ‪ ،‬وليعلم الناس أنك أحرص على أن تسمع منك على أن تقول " ‪.‬‬

‫• الفائدة من االستماع للمستقبل‬ ‫االستفادة من اراء الجميع‬ ‫بركة الشورى‬ ‫معرفة ما يحدث و االطالع عليه‬ ‫معرفة وجه نظر أخرى‬ ‫يساعدك على النفاذ الى عقول االخرين‬ ‫يمتص غضب االخرين‬ ‫• الفائدة من االستماع للمرسل‬ ‫االحساس بالثقة بالنفس‬ ‫تبنى القرار الصادر‬ ‫• الفائدة من االستماع لفريق العمل‬ ‫القضاء على السلبية‬ ‫االبداع‬ ‫القضاء على التحزب‬ ‫االستفادة من جميع االراء‬

‫‪ .38‬يخبر اصحابة بسبب الفعل‬ ‫و للنظر الى الحديثين التاليين‬ ‫عن عمرو بن العاص أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بعثه في غزوة ذات السالسل فسأله‬ ‫أصحابه أن يوقدوا نارا فمنعھم فكلموا أبا بكر فكلمه فقال ال يوقد أحد منھم نارا إال قذفته فيھا‬ ‫قال فلقوا العدو فھزموھم فأرادوا أن يتبعوھم فمنعھم فلما انصرف ذلك الجيش ذكروا ذلك‬ ‫للنبي صلى ﷲ عليه وسلم وشكوه إليه فقال يا رسول ﷲ إني كرھت أن آذن لھم أن يوقدوا‬ ‫نارا فيرى عدوھم قلتھم وكرھت أن يتبعوھم فيكون لھم مدد فيعطفوا عليھم فحمد رسول ﷲ‬ ‫‪1‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم أمره‬

‫‪ 1‬موارد الظمان‬

‫‪77‬‬


‫القائد‬

‫وعن أبي قيس ‪ ،‬أن عمرو بن العاص ‪ ،‬كان على سرية )ذات السالسل( ‪ ،‬قال ‪ :‬احتلمت في‬ ‫ليلة باردة ‪ ،‬وذلك في غزوة ذات السالسل ‪ ،‬فأشفقت إن اغتسلت أن أھلك ‪ ،‬فتيممت ثم‬ ‫صليت بأصحابي الصبح ‪ ،‬فذكروا ذلك للنبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا عمرو ‪ ،‬صليت‬ ‫بأصحابك ؟ فأخبرته بالذي منعني من االغتسال وقلت إني سمعت ﷲ يقول ‪ :‬وال تقتلوا‬ ‫‪1‬‬ ‫أنفسكم اآلية فضحك النبي صلى ﷲ عليه وسلم ولم يقل شيئا‬ ‫ففي الحديثين و كالھما في نفس الموقعة كان عمرو بن العاص محقا و على صواب لكنه لم‬ ‫يخبر اصحابة بسبب الفعل ‪ ،‬فحدث لھم ضيق صدر و اتبعوه مرغمين‬ ‫‪ .39‬دراية باالحداث الجارية و الظروف المحيطة‬ ‫و يتضح ھذا في االمر بالسفر للحبشة وكان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قد علم أن‬ ‫أصْ َح َمة النجاشى ملك الحبشة ملك عادل‪ ،‬ال يظلم عنده أحد‪ ،‬فأمر المسلمين أن يھاجروا إلى‬ ‫‪2‬‬ ‫الحبشة فرارًا بدينھم من الفتن ‪.‬‬ ‫و متابعه للحرب بين الفرس و الروم‬ ‫" الم‪.‬غلبت الروم في أدنى االرض‪ ،‬وھم من بعد غلبھم سيغلبون‪.‬في بضع سنين‪ ) ،‬االمر‬ ‫من قبل ومن بعد‪ ،‬ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر ﷲ ينصر من يشاء وھو العزيز الرحيم "‪.‬‬ ‫عن ابن عباس قال‪ :‬كان المسلمون يحبون أن يظھر الروم على فارس النھم أھل كتاب‪ ،‬وكان‬ ‫المشركين يحبون أن تظھر فارس على الروم النھم أھل أوثان‪ ،‬فذكر ذلك المسلمون البي‬ ‫بكر‪ ،‬فذكره أبو بكر للنبى صلى ﷲ عليه وسلم فقال‪ " :‬أما أنھم سيظھرون " فذكر أبو بكر‬ ‫ذلك للمشركين فقالوا‪ :‬اجعل بيننا وبينك أجال‪ ،‬إن ظھروا كان لك كذا وكذا‪ ،‬وإن ظھرنا كان‬ ‫لنا كذا وكذا‪.‬‬ ‫فذكر ذلك أبو بكر للنبى صلى ﷲ عليه وسلم فقال‪ " :‬أال جعلته أداة "‪.‬‬ ‫قال‪ :‬دون العشر‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫فظھرت الروم بعد ذلك‪.‬‬ ‫‪ .40‬يستفيد مما حوله‬ ‫استفاد رسول ﷲ من تجارب سلمان في بالد الفرس و حفر الخندق‬ ‫كما استفاد عمر من الدواوين التى ماكانت تعرفھا العرب‬ ‫‪ .41‬مبتكر‬ ‫مثلما ابتكر رسول ﷲ نظام الصفوف في بدر و ماكانت العرب تعرف اال الكر و الفر‬ ‫‪ .42‬يتعلم باستمرار‬ ‫قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ »:-‬أتاني الليلة آت من ربي ‪ -‬وفي رواية ‪] :‬أتاني[ ربي‬ ‫ في أحسن صورة ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬يا محمد ‪ُ ،‬‬‫قلت ‪ :‬لبيك ربي وسعديك ‪ ،‬قال ‪ :‬ھل تدري فيم‬ ‫ُ‬ ‫يختصم المأل األعلى ؟ ُ‬ ‫وجدت بَرْ دَھا بين‬ ‫ي حتى‬ ‫قلت ‪ :‬ال أعلم ‪ ،‬قال ‪ :‬فوضع يده بين َكتِفَ ﱠ‬ ‫ي ‪ -‬أو قال ‪ :‬في نَحْ ِري ‪ -‬فَ َعلِ ْم ُ‬ ‫ت ما في السموات وما في األرض ‪ -‬أو قال ‪ :‬ما بين‬ ‫ثَ ْديَ ﱠ‬ ‫ت‬ ‫المشرق والمغرب‪ -‬قال ‪ :‬يا محمد ‪ ،‬أتدري فيم يختصم المأل األعلى ؟ قلت ‪ :‬نعم في ال ﱠد َرجا ِ‬ ‫ت المكروھات ‪،‬‬ ‫ونقل األقدام إلى الجماعات ‪،‬‬ ‫ت‪،‬‬ ‫وإسباغ الوضوء في ال ﱠسبَرا ِ‬ ‫والكفﱠارا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وانتظار الصالة بعد الصالة ‪ ،‬ومن حافظ عليھن عاش بخير ‪ ،‬ومات بخير‪ ،‬وكان من ذنوبه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫كيوم ولدته أمه ‪ ،‬قال ‪ :‬يا محمد ‪ ،‬قلت ‪ :‬لبيك وسعديكَ ‪ ،‬فقال ‪ :‬إذا صليتَ ‪ ،‬فقل ‪ :‬اللھم إني‬ ‫‪ 1‬االوسط‬ ‫‪ 2‬الرحيق المختوم‬ ‫‪ 3‬السيرة النبوية البن كثير‬

‫‪78‬‬


‫القائد‬

‫ت ‪ ،‬وحُبﱠ المساكين ‪ ،‬وإذا أردتَ بعبادك فِتنة فاقبِضْ ني‬ ‫ت ‪ ،‬وتَرْ كَ المنكرا ِ‬ ‫أسألكَ فِع َْل الخيرا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إليك غير مفتون ‪ ،‬قال ‪ :‬وال ﱠدرجات ‪ :‬إفشا ُء السالم ‪ ،‬وإطعا ُم الطعام ‪ ،‬والصالة بالليل والناس‬ ‫‪1‬‬ ‫نيام «‬

‫‪ .43‬يحب ﷲ و رسوله و يحبه ﷲ و رسوله‬ ‫ضي ﷲُ َع ْنهُ ‪ -‬تخلف عن رسُول‬ ‫ضي ﷲُ َع ْنهُ ‪ -‬قال‪ :‬كان علي ‪َ -‬ر َ‬ ‫عن مسلمة بن األكوع ‪َ -‬ر َ‬ ‫ﱠ‬ ‫صلى‬ ‫صلﱠى ﷲُ علي ِه َو َسلﱠ َم ‪ -‬في خيبر وكان به ر َم ْد‪ ،‬فقال‪ :‬أنا أتخلف عن رسُول ﷲِ ‪َ -‬‬ ‫ﷲِ ‪َ -‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫صلى ﷲُ علي ِه َو َسل َم ‪ -‬فلما كان مساء الليلة التي‬ ‫ﷲُ علي ِه َو َسل َم ‪ !-‬فخرج علي فلحق بالنﱠب ّي ‪َ -‬‬ ‫ﱠ‬ ‫صلﱠى ﷲُ علي ِه َو َسل َم ‪) :-‬ألعطين الراية ‪ -‬أو قال‪ :‬ليأخذن‬ ‫فتحھا في صباحھا فقال رسُول ﷲِ ‪َ -‬‬ ‫الرأية غداً رجل يحبه ﷲ ورسوله‪ ،‬أو قال‪ :‬يحب ﷲ ورسوله يفتح ﷲ عليه(‪ ،‬فإذا نحن بعلي‬ ‫‪2‬‬ ‫صلﱠى ﷲُ علي ِه َو َسلﱠ َم ‪-‬ففتح ﷲ عليه‪.‬‬ ‫وما نرجوه‪ ،‬فقالوا‪ :‬ھذا علي‪ ،‬فأعطاه رسُول ﷲِ ‪َ -‬‬

‫‪ .44‬يراعي المصالح‬ ‫في غزوة بني المصطلق‪ ،‬حاول رأس النفاق عبد ﷲ بن أبي أن يوقع بين األنصار‬ ‫والمھاجرين ثم قال‪ :‬وﷲ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز )أي ھو( منھا األذل )يقصد‬ ‫بذلك الرسول وأصحابه(‪ .‬فعلم الرسول ) بما قاله ابن أبى‪ ،‬ورجع إلى المدينة فلقيه أسيد بن‬ ‫حضير‪ ،‬فقال رسول ﷲ ) له‪) :‬أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبي بن سلول؟ زعم أنه إذا قدم‬ ‫المدينة سيخرج األعز منھا األذل(‪ ،‬فقال أسيد‪ :‬فأنت يا رسول ﷲ العزيز وھو الذليل‪.‬‬ ‫ولما علم عبد ﷲ بن أبي بن سلول أن رسول ﷲ ) قد بلغه ما قاله أسرع إليه ليعتذر له‪ ،‬ويقسم‬ ‫أنه لم يقل ھذا‪ ،‬وسرعان ما نزل القرآن بعد ذلك ليكشف عن كذب ھذا المنافق‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬ ‫}يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز منھا األذل و) العزة ولرسوله وللمؤمنين‬ ‫ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪] {1‬المنافقون‪.[8 :‬‬ ‫ثم قام عبد ﷲ بن أبي بن سلول ليركب ناقته ويعود إلى بيته‪ ،‬فأمسك ابنه عبد ﷲ بناقته وأراد‬ ‫أن يقتله‪ ،‬فمنعه المسلمون من ذلك‪ ،‬فقال لھم‪ :‬وﷲ ال أفارقه حتى يقول لرسول ﷲ ھو األعز‪،‬‬ ‫وأنا األذل‪.‬‬ ‫ثم ذھب عبد ﷲ إلى رسول ﷲ ) وقال له‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬بلغني أنك تريد قتل أبي‪ ،‬فوالذي‬ ‫بعثك بالحق‪ ،‬لئن شئت أن آتيك برأسه ألتيتك‪ ،‬فوﷲ لقد علمت الخزرج ما كان لھا من رجل‬ ‫أبر بوالده مني‪ ،‬وإني أخشى أن تأمر به غيري‪ ،‬فيقتله فال تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي‬ ‫يمشي في الناس فأقتله‪ ،‬فأقتل مؤمنًا بكافر فأدخل النار‪ .‬فقال رسول ﷲ )‪) :‬بل نترفق به‪،‬‬ ‫ونحسن صحبته ما بقى معنا( ]ابن ھشام[‪.‬‬ ‫ثم مات رأس المنافقين‪ ،‬وھدأت نفس عبد ﷲ بن عبد ﷲ‪ ،‬ثم جاء إلى رسول ﷲ ) فسأله أن‬ ‫يعطيه قميصه ليكفن فيه أباه‪ ،‬فأعطاه الرسول ) القميص‪ ،‬ثم سأله أن يصلي عليه‪ ،‬فقام رسول‬ ‫ﷲ ليصلي عليه‪ ،‬فقام عمر فأخذ بثوب رسول ﷲ )‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬أتصلي عليه وقد‬ ‫‪ 1‬الترمذي‬ ‫‪ 2‬مسلم‬

‫‪79‬‬


‫القائد‬

‫نھاك ﷲ أن تصلي عليه؟ فقال الرسول )‪) :‬إنما خيرني ﷲ فقال‪} :‬استغفر لھم أو ال تستغفر‬ ‫لھم إن تستغفر لھم سبعين مرة فلن يغفر ﷲ لھم{ ]التوبة‪ [80 :‬وسأزيد على سبعين(‪.‬‬ ‫فقال عمر‪ :‬إنه منافق‪ ،‬فصلى عليه الرسول ) إكرا ًما البنه‪ ،‬فأنزل ﷲ عز وجل‪} :‬وال تصل‬ ‫على أحد منھم مات أبدًا وال تقم على قبره إنھم كفروا با) ورسوله وماتوا وھم فاسقون{‬ ‫]التوبة‪) .[84 :‬متفق عليه(‪.‬‬

‫‪ .45‬المرونة‬ ‫قال رسول ﷲ ))مثل المؤمن كالخامة‪ 1‬من الزرع‪ ،‬تفيّؤھا الريح مرة‪ ،‬وتعدلھا مرة‪ ،‬ومثل‬ ‫‪2‬‬ ‫المنافق كاألرزة‪ ،‬ال تزال حتى يكون إنجعافھا مرة واحدة((‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم (( ‪ :‬أال أخبركم بمن يحرم النار أو بمن تحرم عليه النار ؟‬ ‫‪3‬‬ ‫تحرم على كل قريب ھين لين سھل ((‬ ‫)) ما ُخيّر رسول ﷲ بين أمرين قط إال أخذ أيسرھما ما لم يكن إثما ‪ ،‬فإن كان إثما كان أبعد‬ ‫الناس منه ‪ .‬وما انتقم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم لنفسه من شيء قط إال أن تنتھك حرمة‬ ‫‪4‬‬ ‫ﷲ فينتقم ﷲ تعالى ((‬ ‫القائد ال يغالب نواميس الكون بل يسير معھا و يستخدمھا للوصول لھدفه‬ ‫كالماء الذي يسير في طريقة فأن واجه عقبة التف حولھا‬ ‫و اقوى نموذج للمرونة ما فعله رسول ﷲ في صلح الحديبية‬

‫‪ .46‬مطاع‬ ‫ين )‪ُ (20‬م َ‬ ‫ين )‪{(21‬‬ ‫} إِنﱠهُ لَقَوْ ُل َرس ٍ‬ ‫اع ثَ ﱠم أَ ِم ٍ‬ ‫ش َم ِك ٍ‬ ‫ُول َك ِر ٍيم )‪ِ (19‬ذي قُ ﱠو ٍة ِع ْن َد ِذي ْال َعرْ ِ‬ ‫ط ٍ‬ ‫طاعة حذيفة بن اليمان اوامر الرسول رغم الخوف و البرد‬ ‫إذ استقبلنا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم رجال رجال حتى أتى على وما على جنة‬ ‫من العدو وال من البرد إال مرط المرأتي ما يجاوز ركبتي‪ ،‬قال‪ :‬فأتاني وأنا جاث على ركبتي‬ ‫فقال‪ :‬من ھذا ؟ فقلت‪ :‬حذيفة‪.‬‬ ‫‪ ) 1‬كالخامة ( بالخاء المعجمة وتخفيف الميم ھي الطاقة الطرية اللينة أو الغضة أو القضبة ‪ ،‬قال الخليل ‪ :‬الخامة الزرع أول ما ينبت‬ ‫على ساق واحد واأللف منھا منقلبة عن واو ‪ ،‬ونقل ابن التين عن القزاز أنه ذكرھا بالمھملة والفاء ‪ ،‬وفسرھا بالطاقة من الزرع‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬الترمذي‬ ‫‪ 4‬متفق عليه‬

‫‪80‬‬


‫القائد‬

‫فقال‪ :‬حذيفة ! فتقاصرت لالرض فقلت‪ :‬بلى يا رسول ﷲ‪.‬‬ ‫كراھية أن أقوم‪.‬‬ ‫فقمت فقال‪ :‬إنه كائن في القوم خبر فأتني بخبر القوم‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وأنا من أشد الناس فزعا وأشدھم قرا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فخرجت فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬اللھم احفظه من بين يديه ومن خلفه‪ ،‬وعن‬ ‫يمينه وعن شماله‪ ،‬ومن فوقه ومن تحته " قال‪ :‬فوﷲ ما خلق ﷲ فزعا وال قرا في جوفى إال خرج‬ ‫من جوفى فما أجد فيه شيئا ! قال‪ :‬فلما وليت قال‪ :‬يا حذيفة ال تحدثن في القوم شيئا حتى تأتيني‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت ضوء نار لھم توقد‪ ،‬وإذا رجل أدھم ضخم‬ ‫يقول بيديه على النار ويمسح خاصرته ويقول‪ :‬الرحيل الرحيل‪.‬‬ ‫ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك‪ ،‬فانتزعت سھما من كنانتي أبيض الريش فأضعه في كبد‬ ‫قوسى الرميه به في ضوء النار‪ ،‬فذكرت قول رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬ال تحدثن فيھم شيئا‬ ‫حتى تأتيني‪.‬‬ ‫) قدم األشعث بن قيس على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في ثمانين أو ستين راكبا ً من كندة‬ ‫فدخلوا عليه مسجده وقد رجلوا جممھم ‪ ،‬واكتحلوا ولبسوا جباب الحبرات مكثفة بالحرير‬ ‫) فلما دخلوا ‪ ،‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬أو لم تسلموا ؟ قالوا ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال ‪ :‬فما ھذا‬ ‫الحرير في أعناقكم ؟( وماذا كان الجواب ؟ ھل استمھلوا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم إلى‬ ‫زيارة ثانية ‪ ،‬وأن ال يعودوا في ألبستھم القادمة إليه ؟ كان الجواب ‪) :‬فشقوه ونزعوه وألقوه(‪.‬‬ ‫أخبرنا معمر عن أيوب قال ‪ :‬بلغني أن ابن رواحة سمع النبي صلى ﷲ عليه وسلم "على‬ ‫المنبر" وھو بالطريق يقول ‪ :‬اجلسوا ‪ ،‬فجلس في الطريق ‪ ،‬فمر به النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫فقال له ‪ :‬ما شأنك ؟ قال ‪ :‬سمعتك تقول ‪ :‬اجلسوا ‪ ،‬فجلست ‪ ،‬فقال له النبي صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم ‪ :‬زادك ﷲ طاعة‪.‬‬ ‫و ولى رسول ﷲ رجال حين علم انه مطاع يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك ؟ " قال قلت‬ ‫بل يا رسول ﷲ من ﷲ عز وجل ومن رسوله‬ ‫عن أنس بن مالك رضي ﷲ عنه قال كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب من‬ ‫فضيخ زھو وتمر فجاءھم آت فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة قم يا أنس فأھرقھا‬ ‫‪1‬‬ ‫فأھرقتھا‬ ‫و حادثة تحويل القبلة و بنو حارثة الذين وصلھم الخبر وھم يصلون عصر نفس اليوم؛ إذ مر‬ ‫أحد المسلمين الذين صلﱠوا مع رسول ﷲ ‪ ،r‬فوجدھم يصلون إلى بيت المقدس‪ ،‬فقال‪" :‬إن‬ ‫ُ‬ ‫نزل عليه الليلةَ‬ ‫ٌ‬ ‫قرآن‪ ،‬وقد أُ ِم َر أن يستقبل الكعبة‪ ،‬فاستقبلوھا‪ ،‬وكانت‬ ‫رسول ﷲ قد أ ِ‬ ‫وجوھھم إلى الشام؛ فاستداروا إلى الكعبة"؛ فس ﱢمي مسجدھم من يومھا )مسجد القبلتَيْن(‬ ‫و تأمل في قول علي بن ابي طالب لشيعته حين لم يطيعوه ‪ ":‬يا أشباه الرجال و ال رجال‪.‬‬ ‫حلوم األطفال و عقول ربات الحجال‪ .‬لوددت أنى لم أركم و لم أعرفكم‪ .‬معرفة و ﷲ جرت‬ ‫ندما و أعقبت سدما‪ .‬قاتلكم ﷲ لقد مألتم قلبى قيحا‪ .‬و شحنتم صدرى غيظا‪ .‬و جرعتمونى‬ ‫نغب التھام أنفاسا‪ .‬و أفسدتم على رأيى بالعصيان و الخذالن حتى لقد قالت قريش ان ابن أبى‬ ‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪81‬‬


‫القائد‬

‫طالب رجل شجاع و لكن ال علم له بالحرب‪ ) .‬أبوھم! و ھل أحد منھم أشد لھا مراسا و أقدم‬ ‫فيھا مقاما منى؟ لقد نھضت فيھا و ما بلغت العشرين‪ ،‬و ھا أناذا قد ذرفت على الستين‪ .‬و لكن‬ ‫‪1‬‬ ‫ال رأى لمن ال يطاع‪" .‬‬ ‫‪ .47‬يستشعر المسؤولية‬ ‫﴿وقِفُوھُ ْم إِنﱠھُ ْم َم ْسئُولُونَ )‪) ﴾(24‬الصافات(‬ ‫َ‬ ‫روى الشيخان عن ابن عمر رضي ﷲ عنھما أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال‪ ":‬أال‬ ‫كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته‪ ،‬فاألمير الذي على الناس راع وھو مسئول عن رعيته‬ ‫والرجل راع على أھل بيته وھو مسئول عنھم والمرأة راعية عن بيت بعلھا وولدھا وھي‬ ‫مسئولة عنھم والعبد راع على مال سيده وھو مسئول عنه أال فكلكم راع وكلكم مسئول عن‬ ‫رعيته"‬ ‫قال ابن حبان في كتابه روضة العقالء‪" :‬صرحت السنة عن المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫بأن كل راع مسؤول عن رعيته‪ ،‬فالواجب على كل َمن كان راعيا ً لزوم التعاھد لرعيته‪،‬‬ ‫فرعاة الناس العلماء‪ ،‬وراعي الملوك العقل‪ ،‬وراعي الصالحين تقواھم‪ ،‬وراعي المتعلم‬ ‫معلمه‪ ،‬وراعي الولد والده‪ ،‬كما أن حارس المرأة زوجھا‪ ،‬وحارس العبد مواله‪ ،‬وكل راع من‬ ‫الناس مسؤول عن رعيته‪ .‬وأكثر ما يجب تعاھد الرعية للملوك إذ ھم رعاة لھا‪ ،‬وھم أرفع‬ ‫الرعاة لكثرة نفاذ أمورھم وعقد األشياء وحلّھا من ناحيتھم‪ ،‬فاذا لم يراعوا أوقاتھم ولم‬ ‫يحتاطوا لرعيتھم ھلكوا وأھلكوا وربما كان ھالك عالم في فساد ملك واحد"‪.‬‬ ‫قال رسول ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬إنكم ستحرصون على األمارة وستكون ندامة يوم القيامة‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة(‬ ‫يقول عمر عندما تولى الخالفة }فو ﷲ ما أستطيع أن أصلي وما أستطيع أن أرقد‪ ،‬وإني‬ ‫ألفتح السورة فما أدري في أولھا أنا أو في آخرھا من ھ ّمي بالناس منذ جاءني ھذا الخبر‪{.‬‬ ‫و في اخر عمره عن سعيد بن المسيب ‪ :‬أن عمر لما أفاض من منى أناخ باألبطح فكوم كومة‬ ‫من بطحاء فطرح عليھا طرف ثوبه ثم استلقى عليھا ورفع يديه إلى السماء وقال ‪ :‬اللھم كبر‬ ‫‪3‬‬ ‫سنى ‪ ،‬وضعفت قوتى ‪ ،‬وانتشرت رعيتى فاقبضنى إليك غير مضيع وال مفرط‬ ‫و قال الفاروق ‪":‬لئن نمت النھار الضيعن الرعية و لئن نمت الليل الضيعن نفسي فكيف‬ ‫بالنوم مه ھذين "‬ ‫وعن ابن عمر قال قدمت رفقة من التجار فنزلوا المصلى فقال عمر لعبد الرحمن ھل لك أن‬ ‫تحرسھم الليلة من السرق فباتا يحرسانھم ويصليان ما كتب ﷲ لھما فسمع عمر بكاء صبي‬ ‫فتوجه نحوه فقال المه اتقي ﷲ واحسني إلى صبيك ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه فعاد إلى‬ ‫أمه فقال لھا مثل ذلك ثم عاد إلى مكانه فلما كان من آخر الليل سمع بكاءه فأتى أمه فقال لھا‬ ‫ويحك اني الراك أم سوء ما لي أرى ابنك ال يقر منذ الليلة قالت يا عبد ﷲ قد ابر متني منذ‬ ‫الليلة اني اريغه عن الفطام فيأبى قال ولم قالت الن عمر ال يفرض إال للفطم قال وكم له قالت‬ ‫كذا وكذا شھرا قال ويحك ال تعجيله فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء‬ ‫فلما سلم قال يا بؤسا لعمر كم قتل من أوالد المسلمين‬

‫‪ 1‬نھج البالغة‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬الموطأ‬

‫‪82‬‬


‫القائد‬

‫ثم أمر مناديا فنادى إن ال تعجلوا صبيانكم على الفطام فأنا نفرض لكل مولود في اإلسالم‬ ‫‪1‬‬ ‫وكتب بذلك إلى اآلفاق أن يفرض لكل مولود في اإلسالم‪.‬‬ ‫و في حديث جمع القرآن‬ ‫أرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت وھو من كتاب الوحي فلما جاء زيد قال له أبو بكر ‪ :‬إنك‬ ‫شاب عاقل ال نتھمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم ) اسباب اختيار‬ ‫سيدنا زيد( فتتبع القرآن فاجمعه ‪.‬‬ ‫قال زيد ‪ :‬فوﷲ لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل على مما أمرني به من جمع‬ ‫‪2‬‬ ‫القرآن‬ ‫علق بن حجر رحمه ﷲ فقال )ذكر له أربع خصال مقتضية خصوصيته بذلك كونه شابا‬ ‫فيكون أنشط لما يطلب منه ‪ ،‬وكونه عاقال أوعى له ‪ ،‬وكونه ال يتھم فتركن النفوس إليه ‪،‬‬ ‫وكونه يكتب الوحي فيكون أكثر ممارسة له(‬ ‫حج سليمان بن عبد الملك فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر‪ :‬أما ترى ھذا الخلق ال يحصي‬ ‫عددھم إال ﷲ ؟ قال‪ :‬ھؤالء اليوم رعيتك‪ ،‬وھم غداً خصماؤك‪ .‬فبكى بكا ًء شديداً‪ .‬اصطحبه‬ ‫الخليفة سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام معسكر يعج بالعتاد‬ ‫والرجال ‪ ،‬سأله سليمان في زھوه‪ ":‬ما تقول في ھذا الذي ترى يا عمر؟" فقال ‪":‬أرى دنيا‪،‬‬ ‫يأكل بعضھا بعضا ً وأنت المسؤول عنھا والمأخوذ بھا" فقال له بعد أن بُھت‪":‬ما أعجبك!!"‬ ‫فقال عمر‪":‬بل ما أعجب من عرف ﷲ فعصاه‪ ،‬وعرف الشيطان فاتبعه‪ ،‬وعرف الدنيا فركن‬ ‫إليھا‬ ‫قال رجاء ‪ :‬لما تفرق الناس )بعد مباعتھم سليمان بن عبد الملك( جاءني عمر بن عبد العزيز‬ ‫فقال ‪ :‬أخشى أن يكون ھذا أسند إلي شيئا ً من ھذا األمر ‪ ،‬فأنشدك ﷲ وحرمتي و مودتي إال‬ ‫أعلمتني إن كان ذلك حتى استعفيه اآلن قبل أن تأتي حال ال أقدر فيھا على ما أقدر عليه ! قال‬ ‫رجاء ‪ :‬ال و ﷲ ما أنا بمخبرك حرفا ً ؛ قال ‪ :‬فذھب عمر غضبان‬ ‫و قال عمر بن عبد العزيز في اول خطبة له تولية الخالفة )) أيھا الناس إنه ال كتاب بعد‬ ‫بفارض ولكني منفذ‪ ،‬ولست‬ ‫القرآن‪ ،‬وال نبي بعد محمد صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬أال و أني لست‬ ‫ٍ‬ ‫بمبتدع‪ ،‬ولكني متبع‪ ،‬ولست بخير من أحدكم‪ ،‬ولكني أثقلكم حمالً‪ ،‬وإن الرجل الھارب من‬ ‫ق في معصية الخالق ((‪.‬‬ ‫اإلمام الظالم ليس بظالم‪ ،‬أال ال طاعة لمخلو ٍ‬ ‫قالت فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز ‪ :‬دخلت يوما ً عليه وھو جالس في مصاله واض ًع خده‬ ‫على يده ودموعه تسيل على خديه ‪ ،‬فقلت ‪ :‬مالك ؟ فقال ‪ :‬ويحك يا فاطمة ‪ ،‬قد وليت من ھذه‬ ‫األمة ما وليت ‪ ،‬فتفكرت في الفقير الجائع ‪ ،‬والمريض الضائع ‪ ،‬والعاري المجھود ‪ ،‬و اليتيم‬ ‫المكسور ‪ ،‬واألرملة الوحيدة و المظلوم المقھور ‪ ،‬والغريب و األسير ‪ ،‬والشيخ الكبير ‪ ،‬وذي‬ ‫العيال الكثير والمال القليل ‪ ،‬وأشباھھم في أقطار األرض و أطراف البالد ‪ ،‬فعلمت أن ربي‬ ‫عز وجل سيسألني عنھم يوم القيامة ‪ ،‬وأن خصمي دونھم محمد صلى ﷲ عليه وسلم فخشيت‬ ‫أن ال يثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت‬

‫‪ 1‬صفة الصفوة‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪83‬‬


‫القائد‬

‫قال عمر‪:‬لو كان كل بدعة يميتھا ﷲ على يدي وكل سنة ينعشھا ﷲ على يدي ببضعة من‬ ‫لحمي‪ ،‬حتى يأتي آخر ذلك من نفسي‪ ،‬كان في ﷲ يسيراً‪.‬‬

‫‪ .48‬العدل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بالعدل‪(58) ...‬‬ ‫الناس أن تحك ُموا‬ ‫ت إلى أھلھَا وإذا حكمتم بينَ‬ ‫}إنَ ﷲَ يأمركم أن تؤدوا االمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{ ) النساء(‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ھو أقربُ للتقوى‪ ) {(8) ...‬المائدة(‬ ‫يجر منكم‬ ‫شنئان قوم على أال تعدلوا اع ِدلوا َ‬ ‫}‪َ ...‬وال ِ‬ ‫ُ‬ ‫الولدين واالقربينَ إن‬ ‫بالقسط شھدا َء )ِ ولو على أنفسكم أو‬ ‫}يأيھا الذينَ ءامنوا كونوا قومينَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ُكن غنيّا ً أو فقيراً وأولى بھ َما‪ ) { (135) ...‬النساء(‬ ‫اس بِ ْال َح ﱢ‬ ‫ُضلﱠكَ ع َْن‬ ‫ق َو َال تَتﱠبِ ِع ْالھَ َوى فَي ِ‬ ‫ض فَاحْ ُك ْم بَ ْينَ الن ﱠ ِ‬ ‫} يَا دَا ُوو ُد إِنﱠا َج َع ْلنَاكَ خَ لِيفَةً فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ب )‪{ (26‬‬ ‫ﷲِ لَھُ ْم َع َذابٌ َش ِدي ٌد بِ َما نَسُوا يَوْ َم ْال ِح َسا ِ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠن الﱠ ِذينَ يَ ِ‬ ‫ض ﱡلونَ ع َْن َسبِ ِ‬ ‫َسبِ ِ‬ ‫قال شيخ اإلسالم ‪ ":‬إن ﷲ يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة وال يقيم الظالمة وإن كانت‬ ‫مسلمة ‪ ،‬ويقال ‪ :‬الدنيا تدوم مع العدل والكفر وال تدوم مع الظلم واإلسالم ‪...‬وذلك ألن العدل‬ ‫‪1‬‬ ‫نظام كل شيء"‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال َذاتَ يَوْ ٍم فِى ُخطبَتِ ِه‬ ‫ُول ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫ار ال ُم َجا ِش ِع ﱢى أ ﱠن َرس َ‬ ‫اض ب ِْن ِح َم ٍ‬ ‫ع َْن ِعيَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫» َوأَ ْھ ُل ْال َجنﱠ ِة ثَالَثَةٌ ذو سُل َ‬ ‫ق ُم َوفﱠ ٌ‬ ‫َص ﱢد ٌ‬ ‫ق َو َر ُج ٌل َر ِحي ٌم َرقِي ُ‬ ‫ب لِ ُكلﱢ ِذى قُرْ بَى‬ ‫ان ُمق ِسط ُمت َ‬ ‫ق القَل ِ‬ ‫ط ٍ‬ ‫‪2‬‬ ‫يف ُمتَ َعفﱢ ٌ‬ ‫َو ُم ْسلِ ٍم َو َعفِ ٌ‬ ‫ال «‪.‬‬ ‫ف ُذو ِعيَ ٍ‬ ‫عن أبي أمامة عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم أنه قال‪:‬‬ ‫"ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إال أتى ﷲ مغلوالً يوم القيامة يده إلى عنقه‪،‬فكه‬ ‫‪3‬‬ ‫بره‪،‬أو أوثقه إثمه‪،‬أولھا مالمة وأوسطھا ندامة وآخرھا خزي يوم القيامة"‪.‬‬ ‫وعن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫"ما من أمير عشرة إال جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه‪،‬حتى يطلقه الحق أو‬ ‫‪4‬‬ ‫يوثقه‪،‬ومن تعلم القرآن ثم نسيه لقي ﷲ تبارك وتعالى وھو أجذم"‪.‬‬ ‫وعن رجل عن سعد بن عبادة قال‪ :‬سمعته غير مرة وال مرتين يقول‪ :‬قال رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫‪5‬‬ ‫"ما من أمير عشرة إال يؤتى به يوم القيامة مغلوالً ال يفكه من ذلك الغل إال العدل"‪.‬‬ ‫قال لقمان‬ ‫ثالث من كن فيه فقد استكمل اإليمان ‪ ..‬من إذا رضي لم يخرجه رضاه إلى الباطل ‪ ..‬ومن‬ ‫إذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق ‪ ..‬ومن إذا قدر لم يأخذ ما ليس له‬ ‫قال ھشام لطاووس ‪ :‬عظني فقال طاووس‪ :‬سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‬ ‫رضي ﷲ عنه أن في جھنم حيات كالتالل‪ ،‬وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير ال يعدل في‬ ‫رعيته ثم قام وھرب‪.‬‬ ‫وعن خولة بنت قيس امرأة حمزة بن عبد المطلب قالت‪ :‬كان على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم وسق من تمر لرجل من بني ساعدة فأتاه يقتضيه فأمر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫‪ 1‬الحسبه‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬رواه أحمد والطبراني وفيه يزيد بن أبي مالك وثقه ابن حبان وغيره‪،‬وبقية رجاله ثقات‪.‬‬ ‫‪ 4‬رواه أحمد وابنه‪.‬‬ ‫‪ 5‬رواه أحمد والبزار والطبراني وفيه رجل لم يسم‪،‬وبقية أحد إسنادي أحمد رجالھا رجال الصحيح‪.‬‬

‫‪84‬‬


‫القائد‬

‫رجالً من األنصار أن يقضيه فقضاه تمراً دون تمره فأبى أن يقبله فقال‪ :‬أترد على رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم؟ قال‪ :‬نعم ومن أحق بالعدل من رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم؟!‬ ‫فاكتحلت عينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بدموعه ثم قال‪" :‬صدق‪ .‬من أحق بالعدل مني؟!‬ ‫ال قدس ﷲ أمة ال يأخذ ضعيفھا حقه من شديدھا وال يتعته"‪ .‬ثم قال‪" :‬يا خولة غ ّديه وادھنيه‬ ‫واقضيه فإنه ليس من غريم يخرج من عند غريمه راضيا ً إال صلت عليه دواب األرض‬ ‫ً ‪1‬‬ ‫ونون البحار وليس من عبد يلوي غريمه وھو يجد إال كتب ﷲ عليه في كل يوم وليلة إثما"‪.‬‬ ‫وعن عبد ﷲ بن أبي سفيان قال‪ :‬جاء يھودي يتقاضى النبي صلى ﷲ عليه وسلم تمراً فأغلظ‬ ‫للنبي صلى ﷲ عليه وسلم فھم به أصحابه فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬ ‫"ما قدس ﷲ ‪ -‬أو يرحم ﷲ ‪ -‬أمة ال يأخذون للضعيف منھم حقه غير متعتع"‪ .‬ثم أرسل إلى‬ ‫خولة بنت حكيم فاستقرضھا تمراً فقضاه ثم قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪" :‬كذلك يفعل عباد‬ ‫ً ‪2‬‬ ‫ﷲ الموفون أما إنه قد كان عندنا تمر ولكنه قد كان غبِرا"‪.‬‬ ‫قال صلى ﷲ عليه وسلم ألصحابه‪ ":‬إن شئتم أنبأتكم عن األمارة‪ ،‬أولھا مالمة وثانيھا ندامة‬ ‫‪3‬‬ ‫وثالثھا عذاب يوم القيامة‪ ،‬إال من عدل"‬ ‫تقيس الناس بنفسك؛ فال تأتي إليھم إال ما ترضى أن يؤتى إليك‬ ‫قال ابن المقفع‪ :‬أعد ُل ال ﱢسيَر أن‬ ‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫قال ابن حزم ‪ :‬من أراد اإلنصاف فليتوھم نفسه مكان خصمه؛ فإنه يلوح له وجه تعسفه ‪.‬‬ ‫عن جابر رضي ﷲ عنھما قال‪ :‬لما رجعت إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مھاجرة البحر‬ ‫قال‪" :‬أال تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ " قال فتية منھم‪ :‬بلى يا رسول ﷲ‪ ،‬بينا‬ ‫نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رھابينھم تحمل على رأسھا قُلةً من ماء‪ ،‬فمرت بفتى‬ ‫منھم فجعل إحدى يديه بين كتفيھا ثم دفعھا فخرت على ركبتيھا فانكسرت قُلَتھا فلما ارتفعت‪،‬‬ ‫التفتت إليه فقالت‪ :‬سوف تعلم يا غدر إذا وضع ﷲ الكرسي‪ ،‬وجمع األولين واآلخرين‪،‬‬ ‫وتكلمت األيدي واألرجل بما كانوا يكسبون فسوف تعلم أمري وأمرك عنده غداً‪ .‬قال يقول‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬صدقت صدقت كيف يقدس ﷲ أمة ال يؤخذ لضعيفھم من‬ ‫شديدھم "‬ ‫ض َى ﱠ‬ ‫ع َْن َع ْب ِد ﱠ‬ ‫ال إِ َذا‬ ‫اص ‪ :‬أَ ﱠن أَبَا بَ ْك ٍر الصﱢ دﱢي َ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ قَا َم يَوْ َم ُج ُم َع ٍة فَقَ َ‬ ‫ق َر ِ‬ ‫ﷲِ ب ِْن َع ْم ِرو ب ِْن ْال َع ِ‬ ‫ت ا ْم َرأَةٌ لِزَ وْ ِجھَا‬ ‫ضرُوا َ‬ ‫اإلبِ ِل تُ ْق َس ُم َوالَ يَ ْد ُخ ُل َعلَ ْينَا أَ َح ٌد إِالﱠ بِإ ِ ْذ ٍن فَقَالَ ِ‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫َكانَ بِ ْال َغدَا ِة فَأَحْ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ض َى ﱠ‬ ‫طا َم لَ َع ﱠل ﱠ‬ ‫ُخ ْذ ھَ َذا ْال ِخ َ‬ ‫ﷲُ َع ْنھُ َما قَ ْد‬ ‫ﷲَ يَرْ ُزقُنَا َج َمالً فَأَبَى ال ﱠر ُج ُل فَ َو َج َد أَبَا بَ ْكر َو ُع َم َر َر ِ‬ ‫ض َى ﱠ‬ ‫ال َما أَدْخَ لَكَ َعلَ ْينَا ثُ ﱠم أَ َخ َذ ِم ْنهُ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ فَقَ َ‬ ‫اإلبِ ِل فَ َدخَ َل َم َعھُ َما فَ ْالتَفَتَ أَبُو بَ ْك ٍر َر ِ‬ ‫َدخَ لُوا إِلَى ِ‬ ‫طاهُ ْال ِخ َ‬ ‫ض َربَهُ فَلَ ﱠما فَ َر َغ أَبُو بَ ْك ٍر ِم ْن قَس ِْم ا ِإلبِ ِل َدعَا بِال ﱠرج ُِل فَأ َ ْع َ‬ ‫ْال ِخ َ‬ ‫ال‬ ‫ال ا ْستَقِ ْد فَقَ َ‬ ‫طا َم َوقَ َ‬ ‫طا َم فَ َ‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر ‪ :‬فَ َم ْن لِى ِمنَ ﱠ‬ ‫لَهُ ُع َم ُر َو ﱠ‬ ‫ال ُع َم ُر‬ ‫ﷲِ يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة؟ فَقَ َ‬ ‫ﷲِ الَ يَ ْستَقِي ُد الَ تَجْ َع ْلھَا ُسنﱠةً قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ض َى ﱠ‬ ‫ض َى ﱠ‬ ‫ض ِه‪ .‬فَأ َ َم َر أَبُو بَ ْك ٍر الصﱢ دﱢي ُ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ ُغالَ َمهُ أَ ْن يَأتِيَهُ بِ َرا ِحلَتِ ِه‬ ‫ق َر ِ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ ‪ :‬أَرْ ِ‬ ‫َر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خَ‬ ‫رْ‬ ‫حْ‬ ‫ضاهُ بِھَا‪4.‬‬ ‫ير فأ َ‬ ‫َو َر لِھَا َوق ِطيف ٍة َو ْم َس ِة َدنَانِ َ‬ ‫قال المستورد القرشي ‪ ،‬عند عمرو بن العاص ‪ :‬سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم يقول‬ ‫"تقوم الساعة و الروم أكثر الناس " فقال له عمرو‪ :‬أبصر ما تقول‪ .‬قال‪ :‬أقول ما سمعت من‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬قال‪ :‬لئن قلت ذلك ‪ ،‬إن فيھم لخصاال أربعا‪ :‬إنھم ألحلم‬ ‫‪ 1‬رواه الطبراني في األوسط والكبير وفيه حبان بن علي وقد وثقه جماعة وضعفه آخرون‪.‬‬ ‫‪ 2‬رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح‪.‬‬ ‫‪ 3‬حسنه االلباني‬ ‫‪ 4‬سنن البيھقي‬

‫‪85‬‬


‫القائد‬

‫الناس عند فتنة ‪ ،‬و أسرعھم إفاقة بعد مصيبة ‪ ،‬و أوشكھم كرة بعد فرة ‪ ،‬و خيرھم لمسكين و‬ ‫يتيم و ضعيف ‪ ،‬و خامسة حسنة و جميلة ‪ :‬و أمنعھم من ظلم الملوك‪.‬‬ ‫وروى الطبراني أن عمرو بن العاص قال البنه ‪ :‬سلطان عادل خير من مطر وابل وسلطان‬ ‫غشوم خير من فتنة تدوم وزلة الرجل عظم يجبر وزلة اللسان ال تبقى وال تذر يا بني ‪:‬‬ ‫استراح من ال عقل له‬ ‫أرسل كسرى سبعة من حاشيته المقربين لزيارة عاصمة اإلسالم وملكھم عمر بن الخطاب‬ ‫حيث كان يظن انھا مملكة ‪ ..‬وأمرھم أن ينظروا كيف يعيش وكيف يتعامل مع شعبه فدخلوا‬ ‫المدينة بالفعل وأرشدوھم إلى المسجد فسألوا أين قصر أمير المؤمنين فضحك الصحابة من‬ ‫سؤالھم ھذا وأخذھم أحد الصحابة وقال لھم أترون ھذا البيت الطيني وعليه شعر ماعز وضعه‬ ‫عمر لكي ال يسقط المطر فينھدم البيت على رأس عمر وأوالده … نظر الرسل بعضھم الى‬ ‫بعض ظانين منھم أن ھذا البيت ربما كان المنتجع الصيفي أو مكانا ليقضي فيه بعض الوقت ھو‬ ‫وأھله فقالوا بل نريد قصر اإلمارة فقال لھم أن ھذا ھو ‪ ..‬فطرقوا الباب ففتح لھم عبد ﷲ بن عمر‬ ‫بن الخطاب فسألوه عن أبيه‪..‬فقال ربما كان في نخل المدينة ‪ ..‬فخرج معھم عبد ﷲ حتى وصلوا‬ ‫إلى ھناك فقال لھم أترون ھذا الرجل النائم ھناك إنه عمر بن الخطاب وقد كان المشھد الذى رآه‬ ‫وفد كسرى عبارة عن رجل نائم على ظھره يغط في نوم عميق على األرض يده اليسرى تحت‬ ‫رأسه وسادة ويده اليمنى على عينه تحميه من حرارة الشمس ‪ ..‬فقال قولة صدق أصبحت مثال‬ ‫واصبح الجيل بعد الجيل يرويھا )عدلت فأمنت فنمت يا عمر(‬ ‫بين الرعــية عطــال وھو راعيھا‬ ‫صاحب كسرى أن رأى عمـرا‬ ‫وراع‬ ‫َ‬ ‫وعھــــده بملـــــوك الفرس ﱠ‬ ‫سورا من الجند واألحراس يحميھا‬ ‫أن لھـا‬ ‫فيه الجــاللة في أســمى معانيھا‬ ‫رآه مســــــتغرقا في نومــــه فـرأى‬ ‫ببردة كـــاد طول العھد يبليھا‬ ‫فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتمال‬ ‫من األكـــاســـر والدنيا بأيديھا‬ ‫فھان في عينيه ما كــان يكبره‬ ‫فنمت نوم قـرير العــــين ھانيھا‬ ‫أمنـــت لما أقمــت العـــدل بينــھم‬

‫جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه ‪ ..‬وكان ھو نفسه الذي قتل أخاه زيد بن‬ ‫الخطاب في معركة اليمامة في حروب الردة ‪.‬‬ ‫ثم أسلم الرجل بعد ذلك ‪ ..‬وجاء إلى عمر رضي ﷲ عنه ‪..‬‬ ‫فقال له عمر‪ :‬أأنت الذي قتلت زيداً ؟‬ ‫قال‪ :‬نعم !‬ ‫قال عمر‪ :‬اغرب عن وجھي ‪ ..‬فإني ال أحبك حتى تحب األرض الدماء !‬ ‫أو يمنعني ھذا حقي ؟ قال‪ :‬ال !‬ ‫فقال الرجل‪ :‬يا أمير المؤمنين َ‬ ‫فقال ‪ :‬أيحل ھذا َجلد ظھري ؟ قال‪ :‬ال !‬ ‫فقال الرجل‪ :‬ما لي ولحبك ‪ ..‬إنما يبكى على الحب النساء !!‬ ‫و عن ابراھيم بن ھشام بن يحيى الغساني حدثني أبي عن جدي قال‪» :‬لما والّني عمر بن‬ ‫عبد العزيز الموصل قدمتھا فوجدتھا من أكبر البالد سرقا ً ونقباً‪ ،‬فكتبت إلى عمر أعلمه حال البلد‪،‬‬ ‫وأسأله‪ :‬آخذ من الناس بالمظنة‪ ،‬وأضربھم على التھمة‪ ،‬أو آخذھم بالبينة‪ ،‬وما جرت عليه عادة‬ ‫الناس‪ ،‬فكتب إلي أن آخذ الناس بالبينة‪ ،‬وما جرت عليه السنة‪ ،‬فإن لم يصلحھم الحق فال أصلحھم‬

‫‪86‬‬


‫القائد‬

‫ﷲ!! قال يحيى‪ :‬ففعلت ذلك‪ ،‬فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البالد‪ ،‬وأقلھا سرقا ً‬ ‫ونقبا ً«‪.‬‬ ‫و كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد قال‪» :‬جاءني كتابك تذكر أن قبلك قوما ً من‬ ‫العمال قد اختانوا ماالً فھو عندھم‪ ،‬وتستأذنني في أن أبسط يدك عليھم؛ فالعجب منك في‬ ‫استئمارك إياي في عذاب بشر‪ ،‬كأني ُجنّةٌ لك‪ ،‬وكأن رضائي عنك ينجيك من سخط ﷲ‪ ،‬فإذا‬ ‫جاءك كتابي ھذا فانظر من أق ّر منھم بشيء فخذه بالذي أق ّر به على نفسه‪ ،‬ومن أنكر فاستحلفه‬ ‫وخلﱢ سبيله؛ فلعمري ألن يلقوا ﷲ بخياناتھم أحبّ إل ّي من أن ألقى ﷲ بدمائھم والسالم«‪.‬‬ ‫قال الحسن القصاب ‪ :‬رأيت الذئاب ترعى مع الغنم البادية في خالفة عمر بن عبد العزيز‬ ‫فقلت ‪ :‬سبحان ﷲ ذئب مع غنم ال يضرھا ؟ فقال الراعي ‪ :‬إذا صلح الرأس فليس على الجسد‬ ‫بأس ‪.‬‬ ‫وقال مالك بن دينار ‪ :‬لما ولي عمر بن عبد العزيز قالت رعاء الشاء ‪:‬من ھذا الصالح قام‬ ‫على الناس خليفة ؟ عدله كف الذئاب عن شائنا ‪.‬‬ ‫و ان تعجب فتعجب من ھذا الخبر‬ ‫جاء رجل إلى ھشام بن عبد الملك فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة‬ ‫فأقرھا الوليد وسليمان حتى إذا استخلف عمر ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬نزعھا‪ ،‬فقال له ھشام‪ :‬أ ِع ْد مقالتك‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة‪ ،‬فأقرھا الوليد وسليمان حتى إذا استخلف‬ ‫عمر ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬نزعھا‪ ،‬فقال‪ :‬وﷲ إن فيك لعجباً‪ ،‬إنك تذكر من أقطع جدك قطيعة‪ ،‬ومن أقرّھا‬ ‫فال تترحم عليھم‪ ،‬وتذكر من نزعھا فتترحّم عليه‪ ،‬وإنا قد أمضينا ما صنع عمر رحمه ﷲ «‪.‬‬ ‫كيف يترحم على الخليفة العادل و ھو قد نزع منه ارضه و ما ھذا اال ان عمر بن العزيز‬ ‫"نحسبه " احبه ﷲ لعدله فنادي جبريل انى احب فالن فاحبه و وضع له القبول في االرض‬ ‫عمت صنائعه فعم ھالكه فالناس فيه كلھم مأجور‬ ‫والناس مأتمھم عليه واحد في كل دار رنة وزفير‬ ‫يثني عليك لسان من لم توله خيراً ألنك بالثناء جدير‬ ‫ردت صنائعه عليه حياته فكأنه من نشرھا منشور‬ ‫و ذكر ابن حيان فى كتابه عن المنصور بن ابي عامر ‪:‬‬ ‫) وأما عن عدله أنه وقف عليه رجل من العامة بمجلسه ‪ ،‬فنادى ‪ :‬ياناصر الحق ‪ ،‬إن لى‬ ‫مظلمة عند ذلك الوصيف الذى على رأسك ‪ ،‬وأشار الى الفتى صاحب الدرقة ‪ ،‬وكان من‬ ‫ت – لمكانته عند‬ ‫المقربين الى المنصور بن أبى عامر ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬وقد دعوته الى الحاكم فلم يأ ِ‬ ‫المنصور ‪ ، -‬فقال له المنصور وقد اشتد غضبه ‪:‬‬ ‫أو عبد الرحمن بن فطيس – القاضى ‪ -‬بھذا العجز والمھانة !! ‪ ،‬وكنا نظنّه أمضى من ذلك ؟‬ ‫َ‬ ‫أو كنت مھانا فلم‬ ‫ثم وجه كالمه للقاضى وقال له ‪:‬يا عبد الرحمن ‪ ،‬أعجزت أن تأخذ العدل ‪َ ،‬‬ ‫تصل اليه !! ‪ ،‬ثم قال للمظلوم ‪ :‬اذكر مظلمتك ياھذا ‪ ،‬فذكر الرجل معاملة كانت جارية بينھما‬ ‫ف ‪ ،‬فقال المنصور ‪:‬‬ ‫َص ٍ‬ ‫فقطعھا من غير ن َ‬ ‫‪87‬‬


‫القائد‬

‫ما أعظم بليتنا بھذه الحاشية ‪ ،‬ثن نظر الى الصقلب ّى وقد ُذھل عقله – أى الفتى – فقال له ‪:‬‬ ‫ادفع الدرقة الى فالن ‪ ،‬وانزل صاغرا – ذليال – وساو خصمك فى مقامه حتى يرفعك الحق او‬ ‫يضعك !!‬ ‫ففعل ومثل بين يديه ‪ ،‬ثم قال لصاحب شرطته الخاص به ‪ :‬خذ بيد ھذا الفاسق الظالم وقدمه‬ ‫مع خصمه الى صاحب المظالم لينفذ عليه حكمه بأغلظ ما يوجبه الحق من سجن أو غيره ‪..‬‬ ‫ففعل ذلك ‪ ،‬وعاد الرجل اليه شاكراً ‪ ،‬فقال له المنصور ‪ :‬قد انتصف أنت ‪ ،‬اذھب لسبيلك ‪،‬‬ ‫وبقى انتصافى أنا ممن تھاون بمنزلتى ‪ ..‬فتناول الصقلب ّى بأنواع من المذلة ‪ ،‬وأبعده عن الخدمة‬ ‫‪ ( ...‬انتھى كالم ابن حيان‬ ‫قال االوزاعي للمنصور يا أمير المؤمنين! قد سأل جدك العباس النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫امارة مكة أو الطائف أو اليمن فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪) :‬يا عباس يا عم النبي! نفس‬ ‫تحييھا خير من امارة ال تحصيھا(‬ ‫وقال عمر بن الخطاب‪) :‬األمراء أربعة؛ فأمير قوي ظلف نفسه وعماله فذلك كالمجاھد في‬ ‫سبيل ﷲ‪ ،‬يد ﷲ باسطة عليه بالرحمة‪ ،‬وأمير فيه ضعف ظلف نفسه وأرتع عماله لضعفه فھو‬ ‫على شفا ھالك إال أن يرحمه ﷲ‪ ،‬وأمير ظلف عماله وأرتع نفسه فذلك الحطمة الذي قال فيه‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪" :‬ش ّر الرعاة الحطمة" ]‪ ،[1‬فھو الھالك وحده‪ ،‬وأمير أرتع نفسه‬ ‫‪1‬‬ ‫وعماله فھلكوا جميعا(‪.‬‬ ‫كتاب سفيان الثوري لھارون الرشيد‬ ‫ذكر اإلمام ابن بلبان والغزالي وغيرھما ‪ :‬أن الرشيد لما ولي الخالفة زاره العلماء بأسرھم‬ ‫إال سفيان الثوري ‪ ،‬فإنه لم يأته ‪ ،‬وكان بينه وبينه صحبة ‪ ،‬فشق عليه ذلك ‪ ،‬فكتب إليه الرشيد‬ ‫كتابا ً يقول فيه ‪:‬‬ ‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬ ‫من عبد ﷲ ھارون أمير المؤمنين إلى أخيه في ﷲ سفيان بن سعيد الثوري أما بعد يا أخي فقد‬ ‫علمت أن ﷲ آخى بين المؤمنين وقد آخيتك في ﷲ مؤاخاة لم أصرم فيھا حبلك ولم اقطع فيھا ودك‬ ‫واني منطو لك على أفضل المحبة وانه لم لم يبق أحد من إخواني وإخوانك إال زارني وھنأني بما‬ ‫صرت إليه وقد فتحت بيوت األموال وأعطيتھم المواھب السنية بما فرحت به نفسي‬ ‫وقرت به عيني وقد استبطأتك وقد كتبت كتاب مني إليك أعلمك بالشوق الشديد إليك وقد‬ ‫علمت يا أبا عبد ﷲ ما جاء في فضل زيارة المؤ من ومواصلته فإذا ورد عليك كتابي ھذا فالعجل‬ ‫العجل‪.‬‬ ‫وأعطى ھارون الكتاب إلى احد رجاله ويدعى_عباد وأمره بإيصاله إلى سفيان الثوري وان‬ ‫يحصي عليه بسمعه وقلبه دقيق أمره وجليله ليخبره به‬ ‫قال عباد‪ :‬انطلقت إلى الكوفة فوجدت سفيان في مسجده فلما راني قام وقال أعوذ با) السميع‬ ‫العليم من الشيطان الرجيم واعو ذبك اللھم من طارق ال يطرق إال بالخير فنزلت عن فرسي بباب‬ ‫المسجد فقام سفيان يصلي ولم يكن وقت صاله فدخلت وسلمت فلم يرفع أحد جلسائه رأسه إلي‬ ‫فبقيت واقفا ً وما منھم من أحد يعرض علي الجلوس وقد علتني من ھيبتھم الرھبة فرمت إليه‬ ‫الكتاب فلما رآه ارتعد وتباعد عنه كأنه حيه عرضت له في محرابه فركع وسجد وسلم وادخل يده‬

‫‪ 1‬مواعظ الخلفاء‬

‫‪88‬‬


‫القائد‬

‫في كمه وأخذه وقلبه بيده ورماه إلى من كان خلفه وقال ليقرا بعضكم فاني استغفر ﷲ أن أمس‬ ‫شيئا ً مسه ظالم بيده‬ ‫فمد بعضھم يده إلى الكتاب وھو يرتعد ثم قرأه فجعل سفيان يبتسم تبسم المتعجب فلم فرغ من‬ ‫قراءته قال ‪ :‬اكتبوا للظالم على ظھره فقيل له يا أبا عبد ﷲ إنه خليفة فقال اكتبوا له في ظھره فان‬ ‫كان اكتسبه من حال ل فسوف يجزا به وان كان اكتسبه من حرام فسوف يصلى به وال يبقى شيء‬ ‫مسه ظالم بيده عندنا فيفسد علينا ديننا فقيل له‪:‬ما نكتب إليه؟‬ ‫قال سفيان الثوري اكتبوا إليه‪:‬‬ ‫بسم ﷲ الرحمان الرحيم‬ ‫من العبد الميت سفيان إلى العبد المغرور باآلمال ھارون الذي سلبت حالوة اإليمان ولذة‬ ‫قراءة القران ‪،‬أما بعد فاني كتبت إليك أعلمك إني قد صرمت حبلك وقطعت ودك وانك قد جعلتني‬ ‫شاھداً عليك بإقرارك على نفسك في كتابك فيما ھجمت على بيت مال المسلمين فأنفقته في غير‬ ‫حقه‬ ‫وأنفقته لغير حكمه ولم ترضى بما فعلته وأنت ناء عني حتى كتبت إلي تشھدني عليه فأما أنا‬ ‫فقد شھدت عليك وإخواني الذين حضروا قراءة كتابك وسنؤدي الشھادة غداً بين يدي ﷲ الحكم‬ ‫العدل‬ ‫يا ھارون ھجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاھم؟‬ ‫ھل رضي بفعلك المؤلفة قلوبھم والعاملون عليھا في أرض ﷲ والمجاھدون في سبيل ﷲ‬ ‫وابن السبيل أم رضي بذالك حمله القران وأھل العلم أم رضي بفعلك األيتام واألرامل أم رضي‬ ‫بذالك خلق من رعيتك؟‬ ‫فشد يا ھارون مئزرك واعد للمسالة جوابا ً والبالء جلبابا ً واعلم انك ستقف بين يدي الحكم‬ ‫العدل فاتق ﷲ في نفسك يا ھارون‬ ‫إذ سلبت حالوة العلم والزھد ولذة قراءة القران ومجالسة األخيار‬ ‫ورضيت لنفسك أن تكون ظالما ً وللظالمين إماما ً‬ ‫وتشبھت بالحجبة برب العالمين ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك وسترك‬ ‫يظلمون الناس وال ينصفون ويشربون الخمر ويحدون الشارب‬ ‫ويرتشون ويحدون الزاني ويسرقون ويقطعون يد السارق ويقتلون القاتل‬ ‫أفال كانت ھذه األحكام عليك وعليھم قبل أن يحكموا بھا على الناس‬ ‫فكيف بك يا ھارون غداً إذا نادى المنادي من قبل ﷲ الحكم العدل‬ ‫المنتقم الجبار احشروا الظلمة وأعوانھم فتقدمت بين يدي ﷲ ويداك مغلولتان إلى عنقك ال‬ ‫يفكھما إال عدلك وإنصافك والظالمون حولك وأنت لھم إمام أو سائق إلى النار وكأني بك يا‬ ‫ھارون وقد أخذت بضيق الخناق ووردت المساق والتفت الساق بالساق وأنت ترى حسناتك في‬ ‫ميزان غيرك وسيئات غيرك في ميزانك على سيئاتك بال على بال وظلمه فوق ظلمه فاتق ﷲ يا‬ ‫ھارون في رعيتك واحفظ محمداً في أمته واعلم أن ھذا األمر لم يصر إليك إال وھو صائر إلى‬ ‫غيرك وكذالك الدنيا تفعل بأھلھا واحداً بعد واحد فمنھم من تزود وزاد نفعه ومنھم من خسر دنياه‬ ‫وآخرته وإياك ثم إياك أن تكتب إلي بعد ھذا فاني ال أجيبك والسالم‪.‬‬ ‫يقول عباد رسول الرشيد إلى سفيان وألقى الكتاب منشوراً من غير طي وال ختم ‪ ،‬فأخذته‬ ‫وأقبلت به إلى سوق الكوفة ‪ ،‬وقد وقعت الموعظة بقلبي فناديت ‪ :‬يا أھل الكوفة من يشتري رجالً‬ ‫ھرب إلى ﷲ ؟ فأقبلوا إلي بالدراھم والدنانير ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ال حاجة لي بالمال ‪ ،‬ولكن جبة صوف‬ ‫وعباءة قطوانية ‪ ،‬فأتيت بذلك ‪ ،‬فنزعت ما كان علي من الثياب ‪ ،‬التي كنت أجالس بھا أمير‬ ‫المؤمنين ‪ ،‬وأقبلت أقود الفرس الذي كان معي ‪ ،‬إلى أن أتيت باب الرشيد حافيا ً راجالً ‪ ،‬فھزأ بي‬ ‫من كان على الباب ثم استؤذن لي ‪ ،‬فلما رآني على تلك الحالة ‪ ،‬قام وقعد ‪ ،‬وجعل يلطم رأسه‬ ‫ووجھه ‪ ،‬ويدعو بالويل والخراب ‪ ،‬ويقول ‪ :‬انتفع الرسول وخاب المرسل ‪ ،‬ما لي وللدنيا ‪،‬‬ ‫والملك يزول عني سريعا ً ‪ .‬فألقيت الكتاب إليه مثل ما دفع إلي ‪ ،‬فأقبل يقرؤه ودموعه تنحدر على‬ ‫‪89‬‬


‫القائد‬

‫وجھه ‪ ،‬وھو يشھق فقال بعض جلسائه ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬قد اجترأ عليك سفيان ‪ ،‬فلو وجھت‬ ‫إليه فأثقلته بالحديد ‪ ،‬وضيقت عليه السجن ‪ ،‬فجعلته عبرةً لغيره ‪ .‬فقال ھارون ‪ :‬اتركوا سفيان‬ ‫وشأنه يا عبيد الدنيا ‪ ،‬المغرور من غررتموه والشقي وﷲ – حقا ً – من جالستموه ‪ ،‬وإن سفيان‬ ‫أ ﱠمة وحده ولم يزل كتاب سفيان عند الرشيد يقرؤه دبر كل صالة ويبكي ‪ ،‬حتى توفي ‪ -‬رحمه ﷲ‬ ‫تعالى ‪.‬‬ ‫إحياء علوم الدين للغزالي ‪ ، 391 / 2 ، 353 / 2‬حياة الحيوان للدميري ‪ ، 74 / 2‬وھو‬ ‫مطبوع أيضا ً من ضمن مجموعة الرسائل المنيرية ‪.‬‬ ‫و انظر الى عاقبة الظلم }واستكبر ھو وجنوده في األرض بغير الحق وظنوا أنھم إلينا ال‬ ‫يرجعون ) ‪ ( 39‬فأخذناه وجنوده فنبذناھم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) ‪( 40‬‬ ‫وجعلناھم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة ال ينصرون ) ‪ ( 41‬وأتبعناھم في ھذه الدنيا لعنة‬ ‫ويوم القيامة ھم من المقبوحين ) ‪{( 42‬‬

‫‪ .49‬الصدق‬ ‫)ياأيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ وكونوا مع الصادقين (‬ ‫القائد ال يكذب فھو القدوة لمرؤسيه و تقول العرب الرائد ال يكذب أھله‬ ‫و علية التأكد من وجود صفة الصدق في كل من حوله و ال يتساھل‬ ‫ُ‬ ‫قال صفوان بن سليم رضي ﷲ عنه ‪ » :‬قلنا ‪ :‬يا رسول ﷲ‬ ‫أيكون المؤمن جبانا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫قيل ‪ :‬أيكون بخيال ؟ قال نعم ‪ ،‬قيل ‪ :‬أيكون المؤمن ك ﱠذابا ؟ قال ‪ :‬ال‬

‫ومما قال الصالحين والعلماء واألولياء ‪ :‬قال عمر بن الخطاب – رضي ﷲ عنه ‪) -‬عليك‬ ‫بالصدق وإن قتلك( وقال أيضا ً‪) :‬ألن يضعني الصدق ـ وق ّل ما يفعل ـ أحب إلى أن من أن‬ ‫يرفعني الكذب وق ّل ما يفعل( وقال ‪) :‬قد يبلغ الصادق بصدقه‪ .‬ما ال يبلغه الكاذب باحتياله(‬ ‫وقال ابن عباس رضي ﷲ عنھما‪) :‬أربع من كن فيه فقد ربح‪ :‬الصدق والحياء وحسن الخلق‬ ‫والشكر(‪ .‬وقال عمر بن عبد العزيز رحمه ﷲ‪" :‬ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه"‬ ‫وقال اإلمام األوزاعي رحمه ﷲ‪" :‬وﷲ لو نادى منا ٍد من السماء أن الكذب حالل ما كذبت"‬ ‫وقال يوسف بن أسباط رحمه ﷲ‪" :‬ألن أبيت ليلة أعامل ﷲ بالصدق أحب إلى من أن أضرب‬ ‫بسيفي في سبيل ﷲ"‪ ،‬وقال الشعبي رحمه ﷲ‪" :‬عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه‬ ‫ينفعك ‪.‬واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك" وقال عبد الملك بن مروان لمعلم‬ ‫أوالده‪" :‬علمھم الصدق كما تعلمھم القران"‪.‬ويقول الشاعر ‪:‬‬ ‫عود لسانك قول الصدق تحظ به *** إن اللسان لما عودت معتاد‬ ‫يقول اإلمام بن القيم رحمه ﷲ الصدق ثالثة أقسام‪ -1 :‬صدق في األقوال‪ -2 .‬وصدق في‬ ‫األعمال‪ -3 .‬وصدق في األحوال‬ ‫عن ابن مسعود ـ رضي ﷲ عنه ـ عن النبي صلي ﷲ عليه وسلم قال ‪:‬‬

‫‪ 1‬المؤطأ‬

‫‪90‬‬


‫القائد‬

‫)) إن الصدق يھدي إلى البر ‪ ،‬وإن البر يھدي إلى الجنة ‪ ،‬وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند‬ ‫ﷲ صديقـًا ‪ ،‬وإن الكذب يھدي إلى الفجور ‪ ،‬وإن الفجور يھدي إلى النار ‪ ،‬وإن الرجل ليكذب‬ ‫‪1‬‬ ‫حتى يكتب عند ﷲ كذابـًا ((‬ ‫و في حديث كعب بن مالك )فلما جلست بين يديه قلت يا رسول ﷲ إن من توبتي أن أنخلع من‬ ‫مالي صدقة إلى ﷲ وإلى رسول ﷲ قال رسول ﷲ أمسك عليك بعض مالك فھو خير لك قلت‬ ‫فإني أمسك سھمي الذي بخيبر فقلت يا رسول ﷲ إن ﷲ إنما نجاني بالصدق وإن من توبتي‬ ‫أن ال أحدث إال صدقا ما لقيت فوﷲ ما أعلم أحدا من المسلمين أباله ﷲ في صدق الحديث منذ‬ ‫ذكرت ذلك لرسول ﷲ أحسن مما أبالني ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول ﷲ إلى يومي ھذا‬ ‫كذبا وإني ألرجو أن يحفظني ﷲ فيما بقيت وأنزل ﷲ على رسوله لقد تاب ﷲ على النبي‬ ‫والمھاجرين واألنصار إلى قوله وكونوا مع الصادقين فوﷲ ما أنعم ﷲ علي من نعمة قط بعد‬ ‫أن ھداني لإلسالم أعظم في نفسي من صدقي لرسول ﷲ أن ال أكون كذبته فأھلك كما ھلك‬ ‫الذين كذبوا فإن ﷲ قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال ألحد فقال تبارك وتعالى‬ ‫سيحلفون با) لكم إذا انقلبتم إلى قوله فإن ﷲ ال يرضى عن القوم الفاسقين (‬ ‫اسمع كالم مصطفي صادق الرافعي ‪ ":‬إن األمة لن تكون في موضعھا إال إذا وضعت الكلمة‬ ‫في موضعھا‪ ،‬وان أول ما يدل علي صحة األخالق في أمة كلمة الصدق فيھا‪ ،‬واألمة التي ال‬ ‫يحكمھا الصدق ال تكون معھا كل مظھر الحكم إال كذبا وھزال ومبالغة‪" .‬‬

‫‪ .50‬الوفاء بالعھد‬ ‫انظر الى المثل االعلى في الوفاء عند الصديق حين يخطب رسول ﷲ ابنته و كان ھناك كلمه‬ ‫او شبھه كلمه مع رجل كافر‬ ‫جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون ‪ -‬رضي ﷲ تعالى عنھا ‪ -‬الى بيت ابي بكر‬ ‫تخطب ابنته الى رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم – فأتيت أم رومان‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أم رومان‪،‬‬ ‫ماذا أدخل ﷲ عليكم من الخير والبركة ؟ قالت‪ :‬وما ذاك ؟ قلت‪ :‬رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم ‪ -‬يذكر عائشة‪ ،‬قالت‪ :‬وددت‪ ،‬انتظري أبا بكر‪ ،‬فإن أبا بكر آت‪ ،‬قالت‪ :‬فجاء أبو بكر‪،‬‬ ‫فذكرت ذلك له فقال‪ ..... :‬انتظري‪ ،‬قالت‪ :‬وقام أبو بكر‪ ،‬فقالت لي أم رومان‪ :‬إن المطعم بن‬ ‫عدي قد كان ذكرھا على ابنه‪ ،‬وﷲ‪ ،‬وما أخلف أبو بكر وعدا قط‪ ،‬قالت‪ :‬فأتى أبو بكر المطعم‬ ‫بن عدي وعنده امرأته أم أھني‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقول في أم ھذه الجارية ؟ فأقبل على امرأته‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ما تقولين ؟ قالت‪ :‬فأقبلت على أبي بكر‪ ،‬فقالت‪ :‬لعلنا إن أنكحنا ھذا الصبي إليك تصبئه‪،‬‬ ‫وتدخله في دينك والذي أنت عليه‪ ،‬فأقبل أبو بكر عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقول أنت ؟ قال‪ :‬إنه أقول ما‬ ‫‪2‬‬ ‫تسمع‪.‬فقام أبو بكر ليس في نفسه شئ من الوعد‬

‫‪ .51‬التواضع‬ ‫‪ 1‬متفق عليه‬ ‫‪ 2‬سبل الخير و الرشاد‬

‫‪91‬‬


‫القائد‬

‫ض أَ ْنتَ َولِيﱢي‬ ‫اوا ِ‬ ‫ث فَ ِ‬ ‫يل ْاألَ َحا ِدي ِ‬ ‫اط َر ال ﱠس َم َ‬ ‫} َربﱢ قَ ْد آَتَ ْيتَنِي ِمنَ ا ْل ُم ْل ِك َو َعلﱠ ْمتَنِي ِم ْن تَأْ ِو ِ‬ ‫ت َو ْاألَرْ ِ‬ ‫فِي ال ﱡد ْنيَا َو ْاآلَ ِخ َر ِة ت َ​َوفﱠنِي ُم ْسلِ ًما َوأَ ْل ِح ْقنِي بِالصﱠالِ ِحينَ )‪{(101‬‬ ‫الخلق والخضو ُ‬ ‫و ھو ُ‬ ‫ع للح ﱢ‬ ‫الجناح ‪ ،‬وقيل ‪ :‬التواض َع ض ﱠد التَ َعالِي ‪،‬‬ ‫اللين مع‬ ‫ق وخفضُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫مال وال جا ٍه وال إمار ٍة وال وزار ٍة ‪،‬‬ ‫بمعنى أن ال يترف ُع‬ ‫اإلنسان على غيره بنس ٍ‬ ‫علم وال ٍ‬ ‫ب وال ٍ‬ ‫ً‬ ‫وقيل ‪ :‬أن ال يرى العبد من نفسه قيمة ‪ ،‬وھذا ھو تما ُم صورتِ ِه ‪.‬‬ ‫من لزم التواضع و االنكسار فتح له بذلك و سار كل مسار‬ ‫و كان الحبيب محمد يجالس المساكين في تواضع‬ ‫ي أن‬ ‫عن عياض بن حمار عن النبي الكريم صلى ﷲ عليه وسلم أنه قال ‪ }:‬إن ﷲ أوحى إل ﱠ‬ ‫تواضعوا حتى ال يفخر أح ٌد على أحد وال يبغي أحد على أحد { ) مسلم في المسند الصحيح‬ ‫‪.(2865‬‬ ‫أھـين لھم نفسي وأكرمھا بھم=وال تكرم النفـس الـتي ال تھينھـا‬ ‫ﱠ‬ ‫ٌ‬ ‫عن أبي ھريرةَ رضي ﷲ عنه ﱠ‬ ‫صدَقة ِمن‬ ‫أن‬ ‫صت َ‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال‪)) :‬ما نَقَ َ‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ً‬ ‫مال‪ ،‬وما زا َد ﷲُ عَبداً ب َعف ٍو إال ِع ّزا‪ ،‬وما تواض َع أح ٌد ) إال َرفَ َعه ﷲ((‬ ‫ُ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھو جالس‬ ‫أتيت‬ ‫قال عدي بن حاتم ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪» :-‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جئت بغير أمان ‪ ،‬وال كتاب‪ ،‬فلما‬ ‫وكنت‬ ‫في المسجد ‪ ،‬فقال القوم ‪ :‬ھذا عدي ]بن حاتم[ ‪،‬‬ ‫ُد ُ‬ ‫فعت إليه أخذ بيدي ‪ ،‬وقد كان بلغني أنه قال ‪ :‬إني ألرجو أن يجعل ﷲ يدَه في يدي ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫فقام بي ‪ ،‬فلقينا امرأة معھا صب ّي ‪ ،‬فقاال ‪ :‬ﱠ‬ ‫إن لنا إليك حاجة ‪ ،‬فقام معھما ‪ ،‬حتى قضى‬ ‫‪2‬‬ ‫حاجتھما‬ ‫و في حديث ضعيف }خادم القوم سيدھم {‬ ‫وكتب أبو بكر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬كتابا ً إلى خالد ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬وھو بالحيرة وقال فيھا "سر‬ ‫حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك‪ ،‬ولتھنئك ‪-‬أبا سليمان‪ -‬النية والخطوة‪ ،‬فأتمم يتمم ﷲ‬ ‫لك‪ ،‬وال يدخلنك عجب فتخسر وتخذل‪ ،‬وإياك أن تدل العمل‪ ،‬فإن ﷲ عز وجل له المن وھو‬ ‫ولي الجزاء"‪.‬‬ ‫و كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى االشعري أما بعد فان للناس نفرة من سلطانھم ‪،‬‬ ‫فأعوذ با) أن تدركني وإياك ‪ ،‬فأقم الحدود ولو ساعة من النھار ‪ ،‬وإذا حضر أمران أحدھما‬ ‫) ‪ ،‬واآلخر للدنيا فآثر نصيبك من ﷲ فان الدنيا تنفد واآلخرة تبقى وأخف الفساق واجعلھم‬ ‫يدا يدا ورجال ورجال عد مريض المسلمين واحضر جنائزھم ‪ ،‬وافتح بابك وباشر أمورھم‬ ‫بنفسك ‪ ،‬فانما أنت رجل منھم غير أن ﷲ جعلك أثقلھم حمال ‪ ،‬وقد بلغني أنه نشأ لك والھل‬ ‫بيتك ھيئة في لباسك ومطعمك ومركبك ‪ ،‬ليس للمسلمين مثلھا ‪ ،‬فاياك يا عبد ﷲ أن تكون‬ ‫بمنزلة البھيمة مرت بواد خصب ‪ ،‬فلم يكن لھا ھم إال التسمن وإنما حتفھا في السمن ‪ ،‬واعلم‬ ‫‪3‬‬ ‫أن العامل إذا زاغ زاغت رعيته ‪ ،‬وأشقى الناس من شقيت به رعيته‪.‬‬

‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬كنز العمال‬

‫‪92‬‬


‫القائد‬

‫و دخل أبو مسلم الخوالني على معاوية بن أبي سفيان رضي ﷲ عنھما فسلم عليه بلفظ‪":‬‬ ‫أيھا األجير" فلما استنكر الجالسون ذلك‪ ،‬قال‪ :‬إنما أنت أجير‪ ،‬استأجره رب ھذه الغنم‬ ‫لرعايتھا‪ ،‬فإن أنت ھنأت جرباھا وداويت مرضاھا وحبست أوالھا على أخراھا‪ ،‬وفﱠاك سيدھا‬ ‫أجرھا‪،‬وإن أنت لم تھنأ جرباھا ولم تداو مرضاھا ولم تحبس أوالھا على أخراھا عاقبك‬ ‫‪1‬‬ ‫سيدھا"‬ ‫وقال عمر رضي ﷲ عنه‪ :‬دلوني على أحد استعمله‪ ،‬قالوا‪ :‬كيف تريده ؟ قال‪ :‬إذا كان في‬ ‫القوم وليس أميرھم كان كأنه أميرھم‪ ،‬وإذا كان أميرھم كان كأنه رجل منھم‪ ،‬قالوا‪ :‬ما نعلمه‬ ‫‪2‬‬ ‫إال الربيع بن زياد الحارثي قال‪ :‬صدقتم ھو لھا‪.‬‬ ‫و خطب الفاروق أيھا الناس ‪ ،‬لقد كنت أسمى عميراً فصرت عمر ثم أمير المؤمنين ‪ ،‬وكنت‬ ‫أرعى الغنم على بضع دريھمات ‪ .‬فقال عبد الرحمن بن عوف ٍ ‪ :‬ما زدت على أن قمئت‬ ‫نفسك بين الناس ‪ .‬قال ‪ :‬يا ابن عوف ‪ ،‬لقد حدثتني نفسي أني أمير المؤمنين فأحببت أن‬ ‫ألجمھا ‪.‬‬ ‫عن الحسن ‪ ،‬قال ‪ :‬رأيت عثمان نائما في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد ‪ ،‬وھو أمير‬ ‫‪3‬‬ ‫المؤمنين ‪.‬‬ ‫روي عن ابن الجوزي عن الحسن أنه قال‪ :‬كنت مع ابن المبارك فأتينا على سقاية والناس‬ ‫يشربون منھا‪ ،‬فدنا منھا ليشرب ولم يعرفه الناس‪ ،‬فزحموه ودفعوه‪ ،‬فلما خرج قال لي‪ :‬ما‬ ‫العيش إال ھكذا‪ ،‬يعني حيث لم نعرف ولم نوقر‪.‬‬ ‫روي ھارون بن عبدﷲ الجمال فقال ‪ :‬جاءني احمد بن حنبل بالليل‪ ،‬فدق علي الباب ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬ ‫من ھذا ؟ فقال ‪ :‬انا احمد‪.‬‬ ‫فبادرت وخرجت اليه فمساني ومسيته ‪.‬‬ ‫‪ 1‬الحلية‬ ‫‪ 2‬كنز العمال‬ ‫‪ 3‬الحلية‬

‫‪93‬‬


‫القائد‬

‫فقلت ‪ :‬حاجة ابي عبدﷲ ؟‬ ‫قال ‪ :‬شغلت اليوم قلبي ‪.‬‬ ‫فقلت ‪ :‬بماذا يا ابا عبد ﷲ ؟‬ ‫قال ‪ :‬جزت عليك اليوم وانت قاعد تحدث الناس في الفيء )الظل( والناس في الشمس بأيديھم‬ ‫االقالم والدفاتر ‪.‬‬ ‫التفعل مرة اخري ‪.‬‬ ‫اذا قعدت فاقعد مع الناس ‪.‬‬ ‫قال بعض الحكماء ‪ " :‬من سقطت كلفته دامت ألفته ‪ ،‬ومن تمام ھذا األمر أن ترى الفضل‬ ‫إلخوانك عليك ‪ ،‬ال لنفسك عليھم ‪ ،‬فتنزل نفسك معھم منزلة الخادم "‬ ‫ﱢ‬ ‫المعتز‪" :‬أش ﱡد العلماء تواضعا ً أكثرُھم علماً‪ ،‬كما ﱠ‬ ‫ض أكث ُر البِقاع‬ ‫قال ابن‬ ‫أن المكانَ المنخفِ َ‬ ‫ما ًء"‬ ‫قال مطرف بن عبد ﷲ ألن أبيت نائما وأصبح نادما أحب إلي من أن أبيت قائما وأصبح‬ ‫‪1‬‬ ‫معجبا‬ ‫و سئل الفضيل عن التواضع قال‪" :‬ھو أن تخضع للحق وتنقاد له‪ ،‬ولو سمعته من صبي‬ ‫قبلته‪ ،‬ولو سمعته من أجھل الناس قبلته"‬ ‫ً‬ ‫وقال الحسن‪" :‬التواضع أن تخرج من منزلك وال تلقى مسلما إال رأيت له عليك فضالً"‬ ‫و أفتى اسحاق بن راھوية في مسأله فقيل له قال فيھا اخوك أحمد بمثل ما قلت فقال ‪":‬ما‬ ‫ظننت أن يقول برأى أحد "‬ ‫والفار ُ‬ ‫غات رُؤوس ﱠ‬ ‫ُھن َشوا ِم ُخ‬ ‫ُع ***‬ ‫ َمألَى الس ِ‬‫ِ‬ ‫ﱠنابل تَن َحني بتَواض ٍ‬ ‫وھو َرفي ُع‬ ‫ت َ‬ ‫در َ‬ ‫ تَوا َ‬‫لناظ ٍر *** عَال طَبَقا ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫الج ﱢو َ‬ ‫ض ْع تَ ُك ْن كالبَ ِ‬ ‫الناس ِرفعةً *** ﱠ‬ ‫َواض ُع‬ ‫ض ْع إذا مانِلتَ في‬ ‫وم َمن يَت َ‬ ‫ تَوا َ‬‫فإن َرفي َع القَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال أَنَا خَ ْي ٌر ِم ْنهُ‬ ‫ال َما َمنَ َعكَ أَ ﱠال تَ ْس ُج َد إِ ْذ أَ َمرْ تُكَ قَ َ‬ ‫و عكس التواضع الكبر و ھو صفة ابليس "قَ َ‬ ‫ين)‪" (12‬‬ ‫َار َوخَ لَ ْقتَهُ ِم ْن ِط ٍ‬ ‫خَ لَ ْقتَنِي ِم ْن ن ٍ‬ ‫} َسأَصْ ِر ُ‬ ‫ض بِ َغي ِْر ْال َح ﱢ‬ ‫ق َوإِ ْن يَ َروْ ا ُك ﱠل آَيَ ٍة َال ي ُْؤ ِمنُوا بِھَا‬ ‫ف ع َْن آَيَاتِ َي الﱠ ِذينَ يَتَ َكبﱠرُونَ فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫َي يَتﱠ ِخ ُذوهُ َسبِ ً‬ ‫يل الرﱡ ْش ِد َال يَتﱠ ِخ ُذوهُ َسبِ ً‬ ‫يال َذلِكَ بِأَنﱠھُ ْم َك ﱠذبُوا‬ ‫يال َوإِ ْن يَ َروْ ا َسبِ َ‬ ‫َوإِ ْن يَ َروْ ا َسبِ َ‬ ‫يل ْالغ ﱢ‬ ‫بِآَيَاتِنَا َو َكانُوا َع ْنھَا غَافِلِينَ )‪{ (146‬‬ ‫وصفه فرعون يفتخر بنھر ما أجراه ما أجراة‬ ‫و ختاما عامل من انت مسؤول عنھم كما تحب ان يعاملك من ھو مسؤول عنك و كن نفس‬ ‫الشخص الذي كنت عليه عندما بدأت نفس الھدوء و االبتسامة و نفس المالبس‬

‫‪ .52‬الحسم‬ ‫‪ 1‬الحلية‬

‫‪94‬‬


‫القائد‬

‫يقول عثمان احمد عثمان »ال أحب أبدا المواقف المترددة ‪ ..‬وأميل إلي الحسم السريع لألمور دون‬ ‫إغراق في التمحيص ‪ ..‬والتدقيق والدراسة«‬ ‫التقطعن ذنب الفعى وترسلھا إن كنت شھما فاتبع رأسھا الذنبا‬

‫‪ .53‬التفاؤل‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ح ﷲِ إِال القَوْ ُم ال َكافِرُونَ ﴾ )يوسف‪ :‬من اآلية ‪(87‬‬ ‫﴿إِنﱠهُ ال يَ ْيئَسُ ِم ْن َروْ ِ‬ ‫يقول الفاروق)تفاءلوا للخير ترزقوه(‪.‬‬

‫‪ .54‬مساعدة االخرين‬ ‫من كثرت نعم ﷲ عليه ‪ ،‬كثرت حوائج الناس إليه ‪ ،‬فإن قام بما يحب ﷲ فيھا عرضھا للدوام‬ ‫والبقاء ‪ ،‬وإن لم يقم فيھا بما يحب ﷲ عرضھا للزوال‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫قال رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪) -‬خير الناس أنفعھم للناس(‬ ‫ُ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھو جالس‬ ‫أتيت‬ ‫قال عدي بن حاتم ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪» :-‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جئت بغير أمان ‪ ،‬وال كتاب‪ ،‬فلما‬ ‫وكنت‬ ‫في المسجد ‪ ،‬فقال القوم ‪ :‬ھذا عدي ]بن حاتم[ ‪،‬‬ ‫ُد ُ‬ ‫فعت إليه أخذ بيدي ‪ ،‬وقد كان بلغني أنه قال ‪ :‬إني ألرجو أن يجعل ﷲ يدَه في يدي ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫فقام بي ‪ ،‬فلقينا امرأة معھا صب ّي ‪ ،‬فقاال ‪ :‬ﱠ‬ ‫إن لنا إليك حاجة ‪ ،‬فقام معھما ‪ ،‬حتى قضى‬ ‫‪2‬‬ ‫حاجتھما‬ ‫ال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪) :‬إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر‪ ،‬وإن من الناس‬ ‫مفاتيح للشر مغاليق للخير‪ ،‬فطوبى لمن جعل ﷲ مفاتيح الخير على يديه‪ ،‬ووي ٌل لمن جعل ﷲ‬ ‫‪3‬‬ ‫مفاتيح الشر على يديه(‬ ‫عياض رضي ﷲ عنه إذ جاءه رج ٌل فسأله‬ ‫عن فيض بن اسحق قال‪ :‬كنت عند الفضيل بن‬ ‫ٍ‬ ‫حاجةً فألح بالسؤال عليه‪ ،‬فقلت له‪ :‬ال تؤذ الشيخ‪ .‬فقال لي الفضيل‪ :‬اسكت يافيض‪ ،‬أما علمت أن‬ ‫حوائج الناس إليكم نعمةٌ من ﷲ عليكم‪ ،‬فاحذروا أن تملّوا النعم فتتح ّول‪ .‬أال تحمد ربّك أن جعلك‬ ‫‪4‬‬ ‫موضعا ً تسأل‪ ،‬ولم يجعلك موضعا ً تسأل ؟ !‬ ‫يقول محمد علي كالي ‪":‬‬ ‫‪Service to others is the rent you pay for your room here on earth‬‬ ‫خدمتك لالخرين ھو االيجار الذي تدفعه مقابل سكنك في الدنيا‪" .‬‬ ‫من يفعل الخير ال يعدم جوائزه ‪ ...‬ال يذھب العرف بين ﷲ والناس‬ ‫ليس حمل اثقل من البر من برك فقد اوثقك و من جفاك فقد اطلقك‬ ‫‪ 1‬حسن رواة البيھقي و الطبراني‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬رواه ابن ماجة رحمه ﷲ وصححه األلباني‬ ‫‪ 4‬لباب االداب‬

‫‪95‬‬


‫القائد‬

‫‪ .55‬حل المشاكل‬ ‫المدير او القائد يقوم بادراك المشكلة و حلھا‬ ‫تعريف المشكلة ‪ :‬عقبة تعترض سير عمل المشروع‬ ‫حل المشكلة )القرار( ‪ :‬رأى يتم اختيارة من عده بدائل متاحة من اجل حل مشكلة معينة او‬ ‫تحقيق ھدف معين‬ ‫و ھى الطريقة الحقيقية الختبار القادة فالبحر الھادئ ال يصنع بحارا ماھرا‬ ‫و افضل من يحل المشاكل ھو الرسول محمد و انظر الى قول برناردشو األديب اإلنكليزي‬ ‫المشھور يقول‪ :‬ما أحوج العالم إلى رجل كمحمد يحل مشاكله وھو يشرب فنجانا ً من القھوة‬ ‫ادراك المشكلة‬ ‫• تغذية عكسية‬ ‫• مقارنة مع اھداف الخطة‬ ‫• المقارنة مع مجموعات سابقة مشابھه‬ ‫• معلومات موثوقة‬ ‫و االنسان امام المشكلة ثالث اصناف‬ ‫• ينفي وجود المشكلة‬ ‫كالنعامة التى تضع رأسھا اسفل و ال تواجه المشكلة‬ ‫• يرى المشكلة و يحاول حلھا‬ ‫و ھو القائد الحق‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت ذلِكَ ِذك َرى‬ ‫ت يُذ ِھ ْبنَ ال ﱠسيﱢئَا ِ‬ ‫ار َوزلفا ِمنَ اللي ِْل إِ ﱠن ال َح َسنَا ِ‬ ‫} َوأَقِ ِم الص َﱠالةَ ط َرف ِي النھَ ِ‬ ‫لِل ﱠذا ِك ِرينَ )‪{(114‬‬ ‫• يرى المشكلة كارثة ضخمة و ييأس من حلھا‬ ‫ح ﱠ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠال ْالقَوْ ُم ْال َكافِرُونَ )‪{(87‬‬ ‫} إِنﱠهُ َال يَ ْيئَسُ ِم ْن َروْ ِ‬ ‫خطوات حل مشكلة ‪:‬‬ ‫• تجميع المعلومات و التثبت من المشكلة‬ ‫حث االسالم على التثبت من االخبار ‪} :‬يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا إِن َجاء ُك ْم فَا ِس ٌ‬ ‫ق بِنَبَأ ٍ فَتَبَيﱠنُوا أَن‬ ‫صيبُوا قَوْ ما ً بِ َجھَالَ ٍة فَتُصْ بِحُوا َعلَى َما فَ َع ْلتُ ْم نَا ِد ِمينَ {الحجرات‪6‬‬ ‫تُ ِ‬ ‫صا ِدقِينَ {‬ ‫}قُلْ ھَاتُوا بُرْ ھَانَ ُك ْم إِ ْن ُكنتُ ْم َ‬ ‫و في تجميع االخبار نضرب مثاال بغدر بني قرظة و اشتراكھم مع االحزاب فلما انتھى‬ ‫الخبر إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وإلى المسلمين بعث سعد بن معاذ‪ ،‬وھو يومئذ‬ ‫سيد االوس‪ ،‬وسعد بن عبادة وھو يومئذ سيد الخزرج‪ ،‬ومعھما عبدﷲ بن رواحة وخوات‬ ‫بن جبير قال‪ :‬انطلقوا حتى تأتوا ھؤالء القوم فتنظروا أحق ما بلغنا عنھم‪ ،‬فإن كان حقا‬ ‫فالحنوا لى لحنا أعرفه وال تفتوا في أعضاد المسلمين وإن كانوا على الوفاء فاجھروا به‬ ‫للناس‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فخرجوا حتى أتوھم‪.‬‬

‫‪96‬‬


‫القائد‬

‫قال موسى بن عقبة‪ ،‬فدخلوا معھم حصنھم فدعوھم إلى الموادعة وتجديد الحلف فقالوا‪:‬‬ ‫اآلن وقد كسر جناحنا وأخرجھم‪ ،‬يريدون بنى النضير‪.‬‬ ‫ونالوا من رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فجعل سعد بن عبادة يشاتمھم فأغضبوه فقال‬ ‫له سعد بن معاذ‪ :‬إنا وﷲ ما جئنا لھذا‪ ،‬ولما بيننا أكبر من المشاتمة‪.‬‬ ‫ثم ناداھم سعد بن معاذ فقال‪ :‬إنكم قد علمتم الذى بيننا وبينكم يا بنى قريظة‪ ،‬وأنا خائف‬ ‫عليكم مثل يوم بنى النضير أو أمر منه‪.‬‬ ‫فقالوا‪ :‬أكلت أير أبيك‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬غير ھذا من القول كان أجمل بكم وأحسن‪.‬‬ ‫وقال ابن إسحاق‪ :‬نالوا من رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وقالوا‪ :‬من رسول ﷲ ؟ ال‬ ‫عھد بيننا وبين محمد‪.‬‬ ‫فشاتمھم سعد بن معاذ وشاتموه‪ ،‬وكان رجال فيه حدة‪ ،‬فقال له سعد ابن عبادة‪ :‬دع عنك‬ ‫مشاتمتھم‪ ،‬لما بيننا وبينھم أربى من المشاتمة‪.‬‬ ‫ثم أقبل السعدان ومن معھما إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فسلموا عليه ثم قالوا‪:‬‬ ‫عضل والقارة‪.‬‬ ‫أي كغدرھم بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬ﷲ أكبر أبشروا يا معشر المسلمين‪.‬‬ ‫ص َد ْقتَ أَ ْم ُك ْنتَ ِمنَ ْال َكا ِذبِينَ )‪{(27‬‬ ‫ال َسنَ ْنظُ ُر أَ َ‬ ‫و قول سيدنا سليمان للھدھد } قَ َ‬ ‫خـذ ماتـراه ودع شـيئا سمعـت به ؛؛؛؛؛ في طلعـة البدر مايغـنيك عـن زحـل‬ ‫• رؤية المشكلة من وجھات نظر مختلفة‬ ‫و يستعان على ھذا بالشورى كما حدث في اسرى بدر فقال سيدنا ابو بكر رأي و قال‬ ‫سيدنا عمر رأي أخر‬ ‫و اذكر انه كانت ھناك مشكلة في شبكة الحواسيب بالشركة ناتجة عن خطأ مسؤول‬ ‫الشبكة و نقص خبرته و رغم ھذا يبحثون عنه لحل المشكلة فقلت لھم ‪":‬لن نستطيع حل‬ ‫المشكلة بنفس العقلية التى أوجدت المشكلة "‬ ‫• محاولة صياغتھا بصيغة مختلفة مثل الخريطة الذھنية‬ ‫• تقسيم المشكلة الكبيرة الى مشكالت صغيرة‬ ‫• اتخاذ القرار الحاسم‬ ‫القرارات ھي التى تحدد مصيرك و مصير الشركة و ليست الظروف‬ ‫و عدم اتخاذ قرار يساوي عدم وجود مستقبل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ﱠ‬ ‫زَ‬ ‫ُصليَن أ َحد ال َعصْ َر إِال فِى‬ ‫قَ َ‬ ‫ب » ال ي َ‬ ‫ال النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬لَ ﱠما َر َج َع ِمنَ األحْ ا ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫بَنِى قُ َر ْي َ‬ ‫ظة َ «‬ ‫و عاجز الرأي مضياع لفرصته * * * حتى إذا فات أمر عاتب القدرا‬ ‫‪ 1‬السيرة البن كثير‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪97‬‬


‫القائد‬

‫• التنفيذ‬ ‫ذھب الصحابة على الرغم من جراحھم و االمھم الى بني قريظة في نفس اليوم‬ ‫• ال تيأس و كرر المحاوالت‬ ‫نماذج لحل المشاكل‬ ‫• في رواية ابن اسحاق للبناء الكعبة قال‪ :‬ثم أن القبائل جمعت الحجارة لبنائھا كل‬ ‫قبيلة تجمع على حدة ثم بنوھا حتى بلغ البناء موضع الركن فاختصموا فيه كل قبيلة‬ ‫تريد أن ترفعه إلى موضعه دون األخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وأعدوا للقتال‬ ‫فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ً ثم تعاقدوا ھم وبنو عدي بن كعب بن لؤي‬ ‫على الموت وأدخلوا أيديھم في ذلك الدم في تلك الجفنة‪ ،‬فسموا لعقة الدم‪ .‬فمكثت‬ ‫قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا ً ثم إنھم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا‬ ‫فزعم )إذ يروي أن المشير على قريش مھشم بن المغيرة‪ ،‬ويكنى أبا حذيفة( بعض‬ ‫أھل الرواية‪ :‬أن أبا أمية بن المغيرة عبد ﷲ بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن‬ ‫قريش كلھا‪ ،‬قال‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من‬ ‫باب ھذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا‪ .‬فكان أول داخل عليھم رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم‪ -‬فلما رأوه قالوا‪ :‬ھذا األمين‪ ،‬رضينا‪ ،‬ھذا محمد‪ .‬فلما انتھى إليھم‬ ‫وأخبروه الخبر‪ ،‬قال ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ھل ّم إل ّي ثوباً‪ ،‬فأتي به‪ ،‬فأخذ الركن‬ ‫فوضعه فيه بيده ثم قال‪ :‬لنأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب‪ ،‬ثم ارفعوا جميعا ً ففعلوا‪.‬‬ ‫حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه ھو بيده ثم بني عليه‪.‬‬ ‫‪ .56‬الشجاعة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي ال ُمرْ َسلونَ )‪ (10‬إِ ﱠال َم ْن َ‬ ‫} يَا ُمو َسى َال تَخَ ْ‬ ‫ف إِنﱢي َال يَخَ ُ‬ ‫ظلَ َم ث ﱠم بَ ﱠد َل ُح ْسنًا بَ ْع َد سُو ٍء‬ ‫اف لَ َد ﱠ‬ ‫فَإِنﱢي َغفُو ٌر َر ِحي ٌم )‪{(11‬‬ ‫ﷲَ َو َكفَى بِ ﱠ‬ ‫ﷲِ َويَ ْخ َشوْ نَهُ َو َال يَ ْخ َشوْ نَ أَ َحدًا إِ ﱠال ﱠ‬ ‫ت ﱠ‬ ‫ا)ِ َح ِسيبًا )‪{ (39‬‬ ‫} الﱠ ِذينَ يُبَلﱢ ُغونَ ِر َس َاال ِ‬ ‫وقد ثبت في الصحيحين أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫))أحب الصالة إلى ﷲ صالة داود‪ ،‬وأحب الصيام إلى ﷲ صيام داود‪ :‬كان ينام نصف الليل‪،‬‬ ‫ويقوم ثلثه‪ ،‬وينام سدسه‪ ،‬وكان يصوم يوماً‪ ،‬ويفطر يوماً‪ ،‬وال يفر إذا القى((‪.‬‬ ‫رحم ﷲ سيدنا داود كان عابدا زاھدا صواما و شجاعا )و كان مميزا قبل نزول ادم الى‬ ‫االرض ففي الحديث القدسي فإذا رجال منھم أفواھھم النور‪ ،‬وإذا رجل يعجب آدم نوره‪،‬‬ ‫قال يا رب من ھذا؟‬ ‫قال ابنك داود(‬ ‫و الشجاعة نوعان ‪ :‬شجاعة ادبية و شجاعة في القتال و كالھما توافرت في اعلى درجاتھا‬ ‫في رسول ﷲ‬

‫‪98‬‬


‫القائد‬

‫ففي الشجاعة القتالية حسبنا حديث اسد المعارك على بن ابي طالب قال ‪ :‬كنا إذا حمى البأس‬ ‫ولقى القوم القوم اتقينا برسول ﷲ ‪ - 1‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فما يكون منا أحد أقرب إلى‬ ‫‪2‬‬ ‫العدو منه‬ ‫و الشجاعة االدبية حسبنا وقوفه وحده امام قريش‬ ‫روى أصحاب السنن قول النبي ‪" :‬ال يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو‬ ‫سمعه فإنه ال يقرب من أجل وال يباعد من رزق"‪..‬‬ ‫و القائد بحاجة ان يكون شجاع فال ينافق و يقول لكل من يقابله ‪":‬أنت محق "‬ ‫و ليس معنى الشجاعة اال يشعر بالخوف‬ ‫قال ھشام بن عبدالملك ألخيه مسلمة ‪-‬المسمى ليث الوغى ‪:-‬‬ ‫يا أبا سعيد ! ھل دخلك ذعر قط في حرب أو عدو؟‬ ‫قال له مسلمة ‪ :‬ما سلمت في ذلك من ذعر ينبﱢه على حيلة‪ ،‬ولم يغشني فيھا ذعر سلبني رأي‪.‬‬ ‫قال ھشام‪ :‬ھذه ھي البسالة‪.‬‬

‫‪ .57‬مكيث‬ ‫ذھب خباب بن األرت إلى الرسول صلى ﷲ عليه وسلم يشتكي من ضرورات المحنة‬ ‫وقسوتھا وطلب منه الدعاء لتخفيفھا ولكن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال كلماته الخالدة‬ ‫ليقطع بھا كل الوساوس التي قد تتبدر األذھان في مثل ھذه المرحلة‪ ،‬فعن خباب بن األرت‬ ‫قال‪ :‬قلنا يا رسول ﷲ أال تستنصر لنا‪ ،‬أال تدعو ﷲ لنا؟‪ .‬فقال‪ :‬إن من كان قبلكم كان أحدھم‬ ‫يوضع الميشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه ال يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط‬ ‫الحديد ما بين لحمه وعظمه ال يصرفه ذلك عن دينه‪ .‬ثم قال‪ :‬وﷲ ليتمن ﷲ ھذا األمر حتى‬ ‫يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ال يخاف إال ﷲ والذئب على غنمه ولكنكم قوم‬ ‫تستعجلون(‬ ‫ھذا سيدنا عمر بن عبد العزيز‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬عندما تولي الخالفة وبايعه الناس‪ ،‬رجع إلى‬ ‫بيته ليقيل‪ ،‬فنام‪ ،‬فدخل عليه ابنه فقال‪ :‬أتقيل يا أبت؟! أتقيل وقد ح ﱠملك ﷲ ھذه المسئولية؟!‬ ‫البد أن تقوم فتصلح ھذا الفساد‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني ذاك أمر شاب عليه الصغير وھرم عليه الكبير‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ي يو ٌم‪ ،‬إال وأنا‬ ‫ذھبت أحمل‬ ‫فإن‬ ‫َ‬ ‫ي أال يَ ُم ﱠر عل ﱠ‬ ‫الناس على الحق جملةً تركوه جملةً‪ ،‬ولكن ) عل ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫وأميت بدعة‪.‬‬ ‫أحيي سنة‬

‫‪ .58‬الصبر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫صبَرُوا َوكانوا بِآيَاتِنَا يُوقِنونَ { ]السجدة‪[24/‬‬ ‫} َو َج َع ْلنَا ِمنھُ ْم أئِ ﱠمة يَ ْھدونَ بِأ ْم ِرنَا ل ﱠما َ‬ ‫‪ 1‬ان من اسباب اقتدائنا برسول ﷲ ان ﷲ امرنا بھذا و انه بشر اذ لو كان لملك لقلنا ‪ :‬أنه يتحمل ما ال يتحمله بشر‬ ‫‪ 2‬الطيالسى ‪ ،‬وابن أبى شيبة ‪ ،‬وأحمد ‪ ،‬وأبو عبيدة فى الغريب ‪ ،‬والنسائى ‪ ،‬وأبو يعلى ‪ ،‬والحاكم ‪ ،‬وابن جرير وصححه ‪ ،‬والحارث ‪،‬‬ ‫والبيھقى فى الدالئل‬

‫‪99‬‬


‫القائد‬

‫و جعلنا منھم قادة يھدون بأمرنا و منھجنا لما صبروا‬ ‫) وتَ َم ْ‬ ‫ت َكلَ َم ُ‬ ‫صبَرُوا (‬ ‫آئيل بِ َما َ‬ ‫ت َربِكَ ْال ُحسْنى َعلَى بَني اِس َْر َ‬ ‫) َولَنَجْ ﱠ‬ ‫صبَروا اجْ َرھُم بِاحْ َس ِن َما َكانُوا يَ ْع َملُون (‬ ‫زين الذينَ َ‬ ‫}و إن تصبروا و تتقوا فإن ذلك من عزم األمور{‪،‬‬ ‫}و إن تصبروا و تتقوا ال يضركم كيد أعدائكم شيئا{‪،‬‬ ‫صبَرُوا {‬ ‫) اُولئِكَ ي ُْؤتَوْ نَ اَجْ َرھُ ْم َم ﱠرتَيْن بِ َما َ‬ ‫) انما يوفى الصابرون اجرھم بغير حساب (‬ ‫}و إنه من يتق و يصبر فإن ﷲ ال يضيع أجر المحسنين{‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫عن َع ْب َد ﱠ‬ ‫ال ‪:‬‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم قَ ْس ًما ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ال ‪ :‬قَ َس َم النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲِ بن مسعود َر ِ‬ ‫َر ُج ٌل إِ ﱠن ھَ ِذ ِه لَقِ ْس َمةٌ َما أُ ِري َد بِھَا َوجْ هُ ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ ،‬فَأَتَي ُ‬ ‫ب‬ ‫َض َ‬ ‫ي َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم فَأ َ ْخبَرْ تُهُ فَغ ِ‬ ‫ْت النﱠبِ ﱠ‬ ‫ال ‪ " :‬يَرْ َح ُم ﱠ‬ ‫َحتﱠى َرأَ ْي ُ‬ ‫صبَ َر "‬ ‫ي بِأ َ ْكثَ َر ِم ْن ھَ َذا فَ َ‬ ‫ﷲَ ُمو َسى قَ ْد أُو ِذ َ‬ ‫ب فِي َوجْ ِھ ِه ‪ ،‬ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫َض َ‬ ‫ت ْالغ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫‪.‬‬

‫قال ابن القيم رحمه ﷲ في التھذيب ‪" :‬فإنه ال خالف بين أھل العلم أن أظھر معاني الصبر‪:‬‬ ‫حبس النفس على المكرمة وأنه من أصعب المنازل على العامة وأوحشھا في طريق المحبة‪،‬‬ ‫وإنما كان صعبًا على العامة ألن العامي مبتدئ في الطريق وليس له دربة في السلوك وليس‬ ‫تھذيب المرتاض بقطع المنازل‪ ،‬فإذا أصابته المحن أدركه الجزع وصعب عليه احتمال البالء‬ ‫وعز عليه وجدان الصبر ألنه ليس في أھل الرياضة فيكون مستوطنًا للصبر‪ ،‬وال من أھل‬ ‫المحبة فيلتذ بالبالء في رضا محبوبه…(أھـ‪.‬‬ ‫‪ .59‬الحلم‬ ‫} إنك ألنت الحليم الرشيد { ) ھود ‪( 87 :‬‬ ‫}فأسرھا يوسف في نفسه ولم يبدھا لھم{‬ ‫يروى عن زين العابدين بن الحسين رضي ﷲ عنھما انه خرج مرة إلى المسجد فسبه رجل‬ ‫فقصده غلمانه‬ ‫ليضربوه ويؤذه فنھاھم زين العابدين وقال لھم ‪:‬كفوا أيديكم عنه ثم التفت إلى ذالك الرجل‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫يا ھذا أنا أكثر مما تقول وما ال تعرفه مني أكثر مما عرفته فان كان لك حاجه في ذكره‬ ‫ذكرته لك فخجل الرجل‬ ‫واستحيا فخلع زين العابدين قميصه وأمر له بألف درھم فمضى الرجل‬ ‫وھو يقول ‪:‬اشھد أن ھذا الشاب ولد رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫ال يحمل الحقد من تعلوا به الرتب‬

‫و ال ينال العال من طبعه الغضب‬

‫و يروى في كتب األدب أن "معن بن زائدة" كان أميراً على العراق وكان حليما ً كريما ً‬ ‫يضرب به المثل فيھما‪ ،‬وقد قدم عليه أعرابي يمتحن حلمه فقال له‪:‬‬ ‫أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعالك من جلد البعير‬ ‫‪ 1‬البخاري‬

‫‪100‬‬


‫القائد‬

‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬أذكر ذلك وال أنساه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فقال‪ :‬فسبحان الذي أعطاك ملكا وعلمك الجلوس في السرير‬ ‫قال‪ :‬سبحانه وتعالى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قال‪ :‬فلست مسلما ً إن عشت دھرا على معن بتسليم األمير‬ ‫قال‪ :‬يا أخا العرب‪ :‬السالم سنة‪،‬‬ ‫قال‪ :‬سأرحل عن بالد أنت فيھا ولو جار الزمان على الفقير‬ ‫قال‪ :‬يا أخا العرب إن جاورتنا فمرحبا ً بك‪ ،‬وإن رحلت فمصوحب بالسالمة‬ ‫قال‪ :‬فجدلي يا بن ناقصة بشيء فإني قد عزمت على المسير‬ ‫قال‪ :‬أعطوه ألف دينار يستعين بھا على سفره فأخذھا‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬قليل ما أتيت به وإني ····· ألطمع منك بالمال الكثير‬ ‫قال‪ :‬أعطوه ألفا ً آخر فأخذھا‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬سألت ّ‬ ‫ﷲ أن يبقيك ذخراً ····· فما لك في البرية من نظير‬ ‫قال‪ :‬أعطوه ألفا ً آخر‪،‬‬ ‫فقال األعرابي‪ :‬أيھا األمير ما جئت إال مختبراً حلمك لما بلغني عنك فلقد جمع ّ‬ ‫ﷲ فيك من‬ ‫الحلم ما لو قُسﱢم على أھل األرض لكفاھم‪ ،‬فقال معن‪ :‬يا غالم كم أعطيته على نظمه‪ :‬قال‪:‬‬ ‫ثالثة آالف دينار‪ ،‬فقال‪ :‬أعطه على نثره مثلھا‪ ،‬فأخذھا ومضى في طريقه شاكراً ·‬ ‫إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه = وصدق مـا يعتـاده مـن توھـم‬ ‫وعـادى محبيـه بقـول عداتـه = وأصبح في ليل من الشك مظلـم‬ ‫أصادق نفس المرء من قبل جسمه = وأعرفھـا فـي فعلـه والتكـلـم‬ ‫أجز ِه حلما ً عن الجھل ينـدم‬ ‫وأحلم عـن خلـي وأعلـم أنـه = متى ِ‬ ‫وإن بذل اإلنسان لي جود عابـس = جزيت بجـود التـارك المتبسـم‬ ‫وما كـل ھـاو للجميـل بفاعـل = وال كـل فعـال لــه بمتـمـم‬

‫وھذا معاوية بن أبي سفيان يخطب على المنبر يوم الجمعة ويقول ‪ :‬اسمعوا وأطيعوا ‪ .‬فيقول‬ ‫أبو مسلم الخوالني ‪ :‬السمـع والطاعـة ‪ ،‬كيف تمنع العطـاء !!؟ وإنـه ليس من كدك وال من‬ ‫كد أبيك ‪ ،‬وال من كد أمك ‪ ،‬فغضب معاويـة ‪ ، t‬ونزل عن المنبر ‪ ،‬ثم غاب برھة ثم عاد وقد‬ ‫اغتسل ثم قال ‪ :‬إن أبا مسلم كلمني بكالم أغضبني ‪ ،‬وإني سمعت رسول ﷲ ‪ r‬يقول ‪ ] :‬إن‬ ‫الغضب من الشيطان ‪ ،‬وإن الشيطان خلق من النار ‪ ،‬وإنما تطفأ النار بالماء ‪ ،‬فإذا غضب‬ ‫أحدكم فليتوضأ [ ـ أبو داود )‪ (167/7‬وقد ضعفه األلباني ـ ‪ ،‬وإني قد دخلت فاغتسلت ‪،‬‬ ‫وصدق أبو مسلم ‪ ،‬إنه ليس من كدي ‪ ،‬وال من كد أبي ‪ ،‬فھلموا إلى عطائكم ‪.‬‬ ‫و لما ولي عمر بن عبد العزيز الخالفة خرج ليلةً في الس َﱠح ِر إلى المسجد ومع َح َر ِس ﱞي‪ ،‬فمرﱠا‬ ‫الحرسي به‪ ،‬فقال‬ ‫برجل نائم على الطريق‪ ،‬ف َعثُر به‪ ،‬فقال‪ :‬أمجنون أنت؟ فقال عمر‪ :‬ال؛ فھ ﱠم‬ ‫ﱡ‬ ‫عمر‪َ :‬م ْه؛ فإنه سألني‪ :‬أمجنون أنت؟ فقلت‪ :‬ال‬ ‫‪ .60‬العفو‬ ‫)اذھبو فانتم الطلقاء(‬

‫‪101‬‬


‫القائد‬

‫حكي عن مصعب بن الزبير أنه لما ولي العراق جلس يوما ً لعطاء الجند‪ ،‬وأمر مناديه‪،‬‬ ‫فنادى‪ :‬أين عمرو بن جرموز_وھو الذي قتل أباه الزبير_فقيل له‪ :‬أيھا األمير‪ ،‬إنه قد تباعد‬ ‫في األرض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فقال‪ :‬أويظن الجاھل أني أقيده_أيْ أقتص منه_بأبي عبد ﷲ؟ فليظھر آمنا؛ ليأخذ عطاءه‬ ‫موفراً‪ ،‬فَ َع ﱠد الناسُ ذلك من مستحسن الكبر‬ ‫أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني ** فال أعاتبه صفحا ً وإھوانا‬ ‫وھكذا كنت في أھلي وفي وطني ** إن النفيس غريب حيثما كان‬ ‫وقال ابن القيم متحدثا ً عن حسن الخلق والعفو‪ ،‬واإلحسان إلى من أساء‪=:‬وما رأيت أحداً‬ ‫أجمع لھذه الخصال من شيخ اإلسالم ابن تيمية_ قدس ﷲ روحه_ وكان بعض أصحابه‬ ‫األكابر يقول‪ :‬وددت أني ألصحابي مثله ألعدائه‪.‬‬ ‫وما رأيته يدعو على أحد منھم قط‪ ،‬وكان يدعو لھم‪.‬‬ ‫وجئت يوما ً مبشراً له بموت أكبر أعدائه‪ ،‬وأشدھم عداوة وأذى له_فنھرني‪ ،‬وتن ﱠكر لي‪،‬‬ ‫واسترجع‪ ،‬ثم قام من فوره إلى بيت أھله‪ ،‬فعزاھم‪ ،‬وقال‪ :‬إني لكم مكانه‪ ،‬وال يكون لكم أمر‬ ‫تحتاجون فيه إلى مساعدة إال وساعدتكم فيه‪ ،‬ونحو ھذا من الكالم‪ ،‬فسُرﱡ وا به‪ ،‬ودعو له‪،‬‬ ‫وعظموا ھذه الحال منه‪ ،‬فرحمه ﷲ ورضي عنه‪.‬‬ ‫إن الكــــــريم لكالربيــ ـع تحبــــه للحسـن فيه‬ ‫وإذا تحــــرق حاسدوه بكى ورق لحـــــاسديه‬ ‫كالورد ينفـــح بالشذى حتى أنوف الســـارقيه‬ ‫يقول المقنع الكندي‬ ‫يعاتبني في الدين قومي وانما ديواني في أشياء تكسبھم حمدا‬ ‫أسدبه ماقد اخلوا وضيعوا * ثغورحقوق مااطاقوا لھا سدا‬ ‫فما زادني االقتاراال تـقربا*ومازادني فضل الغني منھم بعدا‬ ‫وان الذي بيني وبين بني ابي*وبين بني عمي لمختلف جـدا‬ ‫اراھم الى نصري بطاءوان ھم*دعوني الى نصراتيتھم شدا‬ ‫فان اكلوالحمي وفرت لحومھم*وان ھدموا مجدي بنيت لھم مجدا‬ ‫وان ضيعوا غيبي حفظت غيوبھم*وان ھم ھوواغيي ھويت لھم رشدا‬ ‫وان زجروا طير بنحس تمـر بي * زجرت لھم طيرا تـمر بـھم سعـدا‬ ‫والاحمل الحقد القديـم عليھــم* وليس رئيس القوم من يحمل الحقـدا‬ ‫لھم جل مالي ان تتابع لي غــنى * وان قل مالي لھم كلفھـــم رفـدا‬ ‫واني لعبد الضيف مادام ثاويا * وماشيمة لي غيرھا تشبه العبـــدا‬ ‫على ان قومي ماترى عين ناظر * كشيبتھم شيبا وال مردھم مــردا‬ ‫لفضل واحالم وجود وسؤدد * وقومي ربيع الزمان اذا شــــدا‪.‬‬ ‫و قال شاعر أخر ‪:‬‬ ‫المرء يعرف في األنام بفعله *** وخصائل الحر الكريم كأصله‬ ‫فاصبر على حلو الزمان ومره *** واعلم بأن ﷲ غالب أمره‬ ‫ال تستغيب فتستغاب ألنما *** من قال شيئا قيل فيه بمثله‬ ‫‪102‬‬


‫القائد‬

‫إياك والفحشاء ال تنطق بھا *** ما دمت في جد الكالم وھزله‬ ‫وإذا الصديق أساء اليك بجھله *** فاصفح ألجل الود ال ألجله‬ ‫كم عالم متفضل قد سبه *** من ال يساوي غرزه في نعله‬ ‫البحر تعلو فوقه جيف الفال *** والدر منبوذ بأسفل رمله‬ ‫عجبا لعصفور يزاحم باسقا *** إال لطيشه وخفة في عقله‬ ‫إياك تجني سكرا من حنظل *** فالشيء يرجع في المذاق ألصله‬ ‫في الجو مكتوب على صحف الھوى *** من يفعل المعروف يجز بمثله ‪.‬‬

‫‪ .61‬التغافل‬ ‫تأمل العيوب معيب فال تغالي في تحليل العيوب‬ ‫قال اإلمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"‬ ‫والحسن البصري يقول‪" :‬ما زال التغافل من فعل الكرام‬ ‫قال الحسن ‪:‬ما استقصى كري ٌم قط‪.‬‬ ‫وقال سفيان ‪:‬ما زال التغافل من شيم الكرام‪.‬‬

‫قال ابن األثير متحدثًا عن صالح الدين األيوبي‪':‬وكان صبورًا على ما يكره‪ ،‬كثير التغافل‬ ‫عن ذنوب أصحابه‪ ،‬يسمع من أحدھم ما يكره‪ ،‬وال يعلمه بذلك‪ ،‬وال يتغير عليه‪ .‬وبلغني أنه‬ ‫كان جالسًا وعنده جماعة‪ ،‬فرمى بعض المماليك بعضًا بسرموز‪ -‬يعني‪:‬بنعل‪ -‬فأخطأته‪،‬‬ ‫ووصلت إلى صالح الدين فأخطأته‪ ،‬ووقعت بالقرب منه‪ ،‬فالتفت إلى الجھة األخرى يكلم‬ ‫جليسه؛ ليتغافل عنھا'‪.‬‬ ‫وكان الشيخ محمد األمين الشنقيطي رحمه ﷲ كثير التغاضي عن كثير من األمور في حق‬ ‫نفسه‪ ،‬وحينما يسأل عن ذلك كان يقول‪:‬‬ ‫ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي‬ ‫• االمير المجاھد قتيبة بن مسلم والتغافل‬

‫دخل رجل على األمير المجاھد قتيبة بن مسلم الباھلي‪ ،‬فكلمه في حاجة له‪ ،‬ووضع نصل‬ ‫رجل األمير‪ ،‬وجعل يكلمه في حاجته وقد أدمى النص ُل‬ ‫سيفه على األرض فجاء على أُصبع‬ ‫ِ‬ ‫أُصبعه‪ ،‬والرجل ال يشعر‪ ،‬واألمير ال يظھر ما أصابه وجلساء األمير ال تكلمون ھيبة له‪،‬‬ ‫فلما فرغ الرجل من حاجته وانصرف دعا قتيبة بن مسلم بمنديل فمسح الدم من أُصبعه‬

‫‪103‬‬


‫القائد‬

‫وغسله‪ ،‬فقيل له‪ :‬أال نحﱠيت رجلك أصلحك ﷲ‪ ،‬أو أمرت الرجل برفع سيفه عنھا؟ فقال‪:‬‬ ‫خشيت أن أقطع عنه حاجته‪.‬‬ ‫من كان يرجو أن يسود عشيرة **** فعليه بالتقوى ولين الجانب‬ ‫ويغض طرفا عن إساءة من أساء **** ويحلم عند جھل الصاحب‬ ‫لماذا سمي حاتم األصم بذلك؟‬ ‫القدوة الرباني أبو عبد الرحمن حاتم بن عنوان بن يوسف البلخي ‪ ،‬الواعظ الناطق له كالم‬ ‫جليل في الزھد والمواعظ والحكم ‪ ،‬كان يقال له " لقمان ھذه األمة " ‪.‬‬ ‫قال أبو علي الدقاق‪ :‬جاءت امرأة فسألت حاتما ً عن مسألة ‪ ،‬فاتفق أنه خرج منھا صوت في‬ ‫تلك الحالة فخجلت ‪،‬فقال حاتم ‪ :‬ارفعي صوتك فأوھمھا أنه أص ّم فسرّت المرأة بذلك ‪ ،‬وقالت‬ ‫‪ :‬إنه لم يسمع الصوت فلقّب بحاتم األصم‪ .‬انتھى‪ ] .‬مدارج السالكين ج‪2‬ص‪. [ 344‬‬

‫وقال الحسن ‪" :‬ما استقصى كريم قط قال ﷲ تعالى عرف بعضه وأعرض عن بعض " ]‬ ‫تفسير القرطبي ج‪ 18‬ص‪. [188‬‬ ‫وقال الشاعر ‪:‬‬ ‫أحب من األخوان كل مواتي **** وكل غضيض الطرف عن ھفوات‬ ‫ومن المواقف الجلية في أدب التغافل ‪ ،‬ما ذكره ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح قال ‪ :‬إن‬ ‫الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأن لم أسمعه قط وقد سمعته قبل أن يولد‪ ] .‬تاريخ مدينة‬ ‫دمشق ج‪ 40:‬ص‪. [ 401:‬‬

‫وعن عبد الملك أو قيس عبد الملك قال‪ :‬قام عمر بن عبد العزيز إلى قائلته_يعني لنومة‬ ‫القيلولة_فعرض له رجل بيده طومار_صحيفة مطوية_فظن القوم أنه يريد أمير المؤمنين‪،‬‬ ‫فخاف أن يحبس دونه‪ ،‬فرماه بالطومار‪ ،‬فالتفت عمر‪ ،‬فوقع في وجھه‪ ،‬فشجﱠه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فنظرت إلى الدماء تسيل على وجھه وھو قائم في الشمس‪ ،‬فلم يبرح حتى قرأ الطومار‪،‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫وأمر له بحاجته‪ ،‬وخلى سبيله‪.‬‬ ‫‪ .62‬الجود و الكرم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْض َوبِ َما أنفقوا ِمن أ ْم َوالِ ِھ ْم {‬ ‫} الرﱢ َجا ُل قَ ﱠوا ُمونَ َعلى الن َسا ِء بِ َما فض َﱠل ﷲُ بَع َ‬ ‫ْضھُ ْم َعلى بَع ٍ‬ ‫‪104‬‬


‫القائد‬

‫قال أنس بن مالك رضي ﷲ عنه ‪ » :-‬ما سئل رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬على اإلسالم‬ ‫شيئا إال أعطاه ‪ ،‬ولقد جاءه رجل فأعطاه غَنما بين جبَلين ‪ ،‬فرجع إلى قومه فقال ‪ :‬يا قوم‬ ‫أسلِ ُموا ‪ ،‬فإن محمدا يعطي عطا َء من ال يخشى الفقر ‪ ،‬وإن كان الرج ُل لَيُ ْسلِ ُم ما ي ُِريد إال الدنيا‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫يلبث إال يسيرا حتى يكون اإلسالم أحبﱠ إليه من الدنيا وما عليھا «‪.‬‬ ‫‪ ،‬فما‬ ‫كأنك تعطيه الذي أنت سائله‬ ‫تراه إذا ما جئته متھلال‬ ‫عن صفوان بن أمية قال ‪ :‬لقد أعطانى رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬يوم حنين وإنه لمن‬ ‫أبغض الناس إلى فما زال يعطينى حتى إنه ألحب الخلق إلى‪2‬‬ ‫يجود بالنفس إن ﱠ‬ ‫ضن الجواد بھا والجود بالنفس أقصى غاية الجود‬ ‫و عن عمرو بن شعيب أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حين صدر من حنين وھو يريد‬ ‫الجعرانة سأله الناس حتى دنت به ناقته من شجرة فتشبكت بردائه حتى نزعته عن ظھره ]‬ ‫ص‪ [ 342 :‬فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ردوا علي ردائي أتخافون أن ال أقسم بينكم‬ ‫ما أفاء ﷲ عليكم والذي نفسي بيده لو أفاء ﷲ عليكم مثل سمر تھامة نعما لقسمته بينكم ثم ال‬ ‫تجدوني بخيال وال جبانا وال كذابا فلما نزل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قام في الناس فقال‬ ‫أدوا الخياط والمخيط فإن الغلول عار ونار وشنار على أھله يوم القيامة قال ثم تناول من‬ ‫األرض وبرة من بعير أو شيئا ثم قال والذي نفسي بيده ما لي مما أفاء ﷲ عليكم وال مثل ھذه‬ ‫إال الخمس والخمس مردود عليكم‬ ‫وإذا سخوت بلغت بالجود المدى‬

‫وفعلت ما لم تفعل األنواء‬

‫صلﱠى ﱠ‬ ‫س َكانَ َرسُو ُل ﱠ‬ ‫اس َو َكانَ أَجْ َو ُد َما يَ ُك ُ‬ ‫ون فِي‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ال اب ِْن َعبﱠا ٍ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم أَجْ َو َد النﱠ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َار ُسهُ القُرْ آنَ فَلَ َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ضانَ ِحينَ يَلقَاهُ ِجب ِْري ُل َو َكانَ يَلقَاهُ فِي ُكلﱢ لَ ْيلَ ٍة ِم ْن َر َم َ‬ ‫َر َم َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ضانَ فَيُد ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫الرﱢيح ال ُمرْ َسلَ ِة‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم أجْ َو ُد بِالخَ ي ِْر ِم ْن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مرض قيس بن سعد بن عبادة فاستبطأ إخوانه فقيل له إنھم يستحيون مما لك عليھم من الدين‬ ‫فقال أخزى ﷲ ماال يمنع اإلخوان من الزيارة ثم أمر مناديا فنادى من كان عليه لقيس بن سعد‬ ‫‪4‬‬ ‫حق فھو منه بريء قال فانكسرت درجته بالعشي لكثرة من زاره‬ ‫و سأل الرسول عليه الصالة والسالم جماعة من بني سلمة قبيلة عمرو بن الجموح فقال‪:‬‬ ‫من سيّدكم يا بني سلمة‪..‬؟‬ ‫قالوا‪ :‬الج ّد بن قيس‪ ،‬على بخل فيه‪..‬‬ ‫فقال عليه الصالة والسالم‪:‬‬ ‫وأي داء أدوى من البخل!!‬ ‫بل سيّدكم الجعد األبيض‪ ،‬عمرو بن الجموح‪..‬‬ ‫فس ّود عمرو بن الجموح لجوده وحق لعمرو بالنّدى أن يس ّودا‬ ‫وقال‪ :‬خذوه‪ ،‬انه عائد غدا‬ ‫اذا جاءه السؤال أذھب ماله‬ ‫عن أبي سھل الواسطي رفع الحديث قال ‪ ) : :‬إن ﷲ عز و جل اصطنع ھذا الدين لنفسه و‬ ‫‪5‬‬ ‫إنما صالح ھذا الدين بالسخاء و حسن الخلق فأكرموه بھما ‪.(.‬‬ ‫يقول زھير ‪:‬‬ ‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬ابن جرير فى تھذيبه ‪ ،‬وأبو يعلى ‪ ،‬وابن منده ‪ ،‬وابن عساكر‬ ‫‪ 3‬البخاري‬ ‫‪ 4‬احياء علوم الدين‬ ‫‪ 5‬شعب االيمان‬

‫‪105‬‬


‫القائد‬

‫ويذمم‬ ‫على قومه يستغنَ عنه‬ ‫ِ‬

‫مال فيبخل بماله‬ ‫ومن يك ذا ٍ‬ ‫وقال الشافعي‬ ‫أجود بموجود ولو بت طاويا على الجوع كشحا والحشا يتألم‬ ‫وأظھر أسباب الغنى بين رفقتي لم خافھم حالي وإني لمعدم‬ ‫وبيني وبين ﷲ أشكو فاقة حقيقا فإن ﷲ بالحال أعلم‬ ‫وإن كثرت عيوبك في البرايا‬ ‫ب‬ ‫تستر بالسخاء فكلﱡ عي ٍ‬

‫و َسرﱠكَ أن يكون لھا غطا ُء‬ ‫يُ َغ ﱢ‬ ‫طيه كما قيل السخاء‬

‫‪ .63‬يستمتع بالعمل‬ ‫اذا كنت تجد متعه في العمل فسيجد االخرون متعة في العمل تحت امرتك‬ ‫يقول خالد بن الوليد" ما ليلة يھدى إلى فيھا عروس بأحب إلى من ليلة شديدة الجليد فى سرية‬ ‫من المھاجرين أصبح بھم المشركين "‬

‫‪ .64‬الحفاظ على المال العام و الزھد فيه‬ ‫ال أَتُ ِم ﱡدون َِن‬ ‫َاظ َرةٌ بِ َم يَرْ ِج ُع ْال ُمرْ َسلُونَ )‪ (35‬فَلَ ﱠما َجا َء ُسلَ ْي َمانَ قَ َ‬ ‫} َوإِنﱢي ُمرْ ِسلَةٌ إِلَ ْي ِھ ْم بِھَ ِدي ﱠ ٍة فَن ِ‬ ‫ال فَ َما آَتَانِ َي ﱠ‬ ‫ﷲُ َخ ْي ٌر ِم ﱠما آَتَا ُك ْم بَلْ أَ ْنتُ ْم بِھَ ِديﱠتِ ُك ْم تَ ْف َرحُونَ )‪{ (36‬‬ ‫بِ َم ٍ‬ ‫انظر الى الرسل و زھدھم ) َما أَسْأَلُ ُك ْم َعلَ ْي ِه ِم ْن أَجْ ٍر()الفرقان‪) . (57 :‬قُلْ َما َسأ َ ْلتُ ُك ْم ِم ْن أَجْ ٍر‬ ‫فَھ َُو لَ ُك ْم()سـبأ‪(47 :‬‬ ‫}إن أريد إال اإلصالح ما استطعت{]ھود‪ [88:‬أي‪ :‬ليس لي من المقاصد إال أن تصلح‬ ‫أحوالكم‪ ،‬وتستقيم منافعكم‪ ،‬وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي‪ ،‬شيء بحسب‬ ‫استطاعتي‪ ،‬ولما كان ھذا فيه نوع تزكية للنفس‪ ،‬دفع ھذا بقوله‪} :‬وما توفيقي إال با){‪] .‬ابن‬ ‫سعدي[‬ ‫روى سويد بن الحارث قال‪ :‬وفدت على النبي سابع سبعة من رفقائي‪ ،‬فلما دخلنا عليه‪،‬‬ ‫وزيﱢنَا‪ ،‬فقال‪" :‬ما أنتم؟" قلنا‪ :‬مؤمنون‪ ،‬فتبسم رسول ﷲ وقال‪ " :‬لكل‬ ‫وكلمناه أعجبه من سمتنا ِ‬ ‫قول حقيقة‪ ،‬فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟ "‪.‬‬ ‫قال سويد‪ :‬قلنا‪ :‬خمسة عشر خصلة‪ ،‬خمس منھا أمرتنا رسلك أن نؤمن بھا‪ ،‬وخمس أمرتنا‬ ‫رسلك أن نعمل بھا‪ ،‬وخمس منھا تخلقنا بھا في الجاھلية‪ ،‬ونحن على ذلك إال أن تكره منھا‬ ‫شيئا ً‪.‬‬ ‫فقال رسول ﷲ " ما الخمس الخصال التي أمرتكم رسلي أن تؤمنوا بھا؟ "‬ ‫قلنا‪ :‬أمرتنا رسلك أن نؤمن با)‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬والبعث بعد الموت‪.‬‬ ‫قال‪ " :‬فما الخمس التي أمركم رسلي أن تعملوا بھن؟ "‪.‬‬

‫‪106‬‬


‫القائد‬

‫قلنا‪ :‬أمرتنا رسلك أن نشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وأن محمداً رسول ﷲ‪ ،‬وأن نقيم الصالة‪ ،‬ونؤتي‬ ‫الزكاة‪ ،‬ونصوم رمضان‪ ،‬ونحج البيت‪ ،‬فنحن على ذلك‪.‬‬ ‫قال‪ " :‬وما الخمس الخصال التي تخلقتم بھا في الجاھلية؟ "‪.‬‬ ‫قلنا‪ :‬الشكر عند الرخاء‪ ،‬والصبر على البالء‪ ،‬والصدق عند اللقاء‪ ،‬ومناجزة األعداء‪ ،‬وفي‬ ‫رواية غيره وترك الشماتة بالمصيبة إذا حلت األعداء‪ ،‬والرضا بالقضاء‪.‬‬ ‫فتبسم رسول ﷲ وقال‪ " :‬أدباء فقھاء عقالء حلماء‪ ،‬كادوا أن يكونوا أنبياء‪ ،‬من خصال ما‬ ‫أشرفھا وأزينھا وأعظم ثوابھا "‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ثم قال رسول ﷲ " أوصيكم بخمس خصال لِتَك ُم َل عشرون خَ صْ لة‪.‬‬ ‫قلنا‪ :‬أوصنا يا رسول ﷲ‬ ‫قال‪ " :‬إن كنتم كما تقولون؛ فال تجمعوا ما ال تأكلون‪ ،‬وال تبنوا ما ال تسكنون‪ ،‬وال تنافسوا في‬ ‫شيء غداً عنه تزولون‪ ،‬وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون‪ ،‬واتقوا ﷲ الذي إليه‬ ‫‪1‬‬ ‫ترجعون وعليه تعرضون "‬ ‫ت رسول ﷲ ‪ ،‬فَ َو ﱠ‬ ‫ﷲِ َما َرأَي ُ‬ ‫يقول الفاروق َرفَع ُ‬ ‫ص َر َغي َْر‬ ‫ْت فِي ِه َش ْيئًا يَ ُر ﱡد ْالبَ َ‬ ‫ْت بَ َ‬ ‫ص ِرى فِى بَ ْي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫أَھَبَ ٍة ثَالَثَ ٍة ‪ .‬فَقُ ْل ُ‬ ‫ت ا ْد ُ‬ ‫س َوالرﱡ و َم ُو ﱢس َع َعلَ ْي ِھ ْم َوأ ْعطوا ال ﱡد ْنيَا ‪،‬‬ ‫ار َ‬ ‫ع ﷲَ فَلي َُو ﱢس ْع َعلَى أ ﱠمتِكَ ‪ ،‬فَإ ِ ﱠن فَ ِ‬ ‫َوھُ ْم الَ يَ ْعبُ ُدونَ ﱠ‬ ‫ب أُولَئِكَ قَوْ ٌم ُعجﱢ لَ ْ‬ ‫ت لَھُ ْم‬ ‫ﷲَ ‪َ ،‬و َكانَ ُمتﱠ ِكئًا ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ال » أَ َوفِى َش ﱟك أَ ْنتَ يَا ا ْبنَ ْالخَ طﱠا ِ‬ ‫َ‬ ‫طيﱢبَاتُھُ ْم فِى ْال َحيَا ِة ال ﱡد ْنيَا «‬ ‫وراودته الجبال الشم من ذھب *** عن نفسه فأراھا أيما شمم‬ ‫وأكدت زھده فيھا ضرورته *** إن الضرورة ال تعدوا عن العصم‬ ‫وكيف تدعوا إلى الدنيا ضرورة من **** لواله لم تخرج الدنيا من العدم‬ ‫محمد سيد الكونين والثقلين *** والفريقين من عرب ومن عجم‬ ‫ففھم عمر بن الخطاب جوھر الجواب فجاء باالمر العجاب و اذھل الشيوخ و الشباب فعن‬ ‫أنس رضي ﷲ عنه قال‪ ":‬كانت بطن عمر تقرقر عام الرماد من أكل الزيت‪ ،‬وكان قد حرم‬ ‫على نفسه السمن‪ ،‬قال‪ :‬فكان ينقر بطنه بأصبعـه ويقول قرقري أو ال تقرقري فوﷲ ال تأكلي‬ ‫السمن حتى يأكله الناس"‬ ‫ان جاع في شدة قوم شركتھم في الجوع أو تنجلى عنھم غواشيھا‬ ‫في الزھد منزلة سبحان موليھا‬ ‫جوع الخليفة والدنيا بقبضته‬ ‫أو من يحاول للفاروق تشبيھا‬ ‫فمن يبارى أبا حفص وسيرته‬ ‫يوم اشتھت زوجه الحلوى فقال لھا من أين لي ثمن الحلوى فأشريھا‬ ‫ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديھا‬ ‫بعد النبوة أخالق تحاكيھا‬ ‫كذاك أخالقه كانت وما عھدت‬ ‫قد كنت أعدى أعاديھا فصرت لھا بفضل ربك حصنا من أعاديھا‬ ‫و ھذا الصديق يرينا العجب العجاب فعن زيد بن أرقم قال كان ألبي بكر غالم يخرج له‬ ‫الخراج أي قد كاتبه على مال وكان يجيئه كل يوم بخراجه فيسأله من أين أتيت بھا فإن رضيه‬ ‫أكله وإال تركه قال فجاءه ذات ليلة بطعام وكان أبو بكر صائما فأكل منه لقمة ونسي أن يسأله‬ ‫ثم قال له من أين جئت بھذا فقال كنت تكھنت ألناس بالجاھلية وما كنت أحسن الكھانة إال أني‬ ‫خدعتھم فقال أبو بكر أف لك كدت تھلكني ثم أدخل يده في فيه فجعل يتقيأ وال يخرج فقيل له‬ ‫‪ 1‬البيھقي‬

‫‪107‬‬


‫القائد‬

‫إنھا ال تخرج إال بالماء فدعا بماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى قاء كل شيء في بطنه فقيل له‬ ‫يرحمك ﷲ كل ھذا من أجل ھذه اللقمة فقال رضي ﷲ عنه لو لم تخرج إال مع نفسي‬ ‫ألخرجتھا إني سمعت رسول ﷲ يقول كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به فخشيت أن‬ ‫ينبت بذلك في جسدي من ھذه اللقمة وقد تقدم قوله ال يدخل الجنة جسد غذي بحرام وإسناده‬ ‫صحيح‬ ‫عن علي بن ربيعة الوالبي عن علي بن أبي طالب قال جاءه بن التياح فقال يا أمير المؤمنين‬ ‫امتأل بيت مال المسلمين من صفراء وبيضاء قال ﷲ أكبر قال فقام متوكيا على بن التياح حتى‬ ‫قام على بيت مال المسلمين فقال ھذا جناي وخياره فيه وكل جان يده الى فيه يا بن التياح علي‬ ‫بأشياخ الكوفة قال فنودي في الناس فاعطى جميع ما في بيت المسلمين وھو يقول يا صفراء‬ ‫يا بيضاء غري غيري ھاوھا وھو يقول يا صفراء يا بيضاء غري غيري ھاوھا حتى ما بقي‬ ‫فيه دينار وال درھم ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين‬ ‫و رأى عمر إبالً سمانا ً حسنة الھيئة فأعجبته فسأل‪:‬‬ ‫لمن ھذه األبل؟‬ ‫قالوا‪ :‬إبل عبد ﷲ بن عمر‪.‬‬ ‫ارسل من يأتيه بعبد ﷲ فقال له‪:‬‬ ‫بخ بخ يا إبن أمير المؤمنين‪ ،‬ما ھذه اإلبل؟‬ ‫قال عبد ﷲ‪ :‬إنھا إبل إشتريتھا بمالي‪ ،‬أتاجر فيھا وأبتغي ما يبتغيه المسلمون‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ويقول الناس حين يرونھا‪ :‬إرعوا إبل إبن أمير المؤمنين ! إسقوا إبل إبن أمير المؤمنين‬ ‫! وھكذا تسمن إبلك‪ ،‬ويربوا ربحك يا ابن أمير المؤمنين ! يا عبد ﷲ بن عمر‪ ،‬خذ رأسمالك‬ ‫الذي اشتريت به ھذه األبل‪ ،‬واجعل الربح في بيت مال المسلمين‪.‬‬ ‫وامتثل الفقيه عبدﷲ بن عمر‪.‬‬ ‫ودخل أحدھم على عمر يعوده فإذا عليه قميص وسخ فقيل لفاطمة بنت عبد الملك زوج عمر‬ ‫بن عبد العزيز ‪،‬اغسلي قميص أمير المؤمنين ‪،‬قالت ‪ :‬نفعل إن شاء ﷲ ‪ ،‬ثم عاد فإذا القميص‬ ‫على حاله فقال ‪ :‬يا فاطمة ألم آمركم أن تغسلوا قميص أمير المؤمنين ؟ فإن الناس يعودونه ‪،‬‬ ‫فقالت ‪ :‬وﷲ ما له قميصٌ غيره‬ ‫واشتھى يوما ً تفاحا ً في المجلس فقال‪" :‬ھو شھي الطعم‪ ،‬طيب الرائحة‪ ،‬فقام أحد جلسائه‬ ‫بتفاح كثير‪ ،‬فشمه عمر وقال‪ :‬ما أطيب ريحه‪ ،‬ثم قال لغالمه‪ :‬ارجع‬ ‫وخرج‪ ،‬وبعث إليه‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وأعده إليه‪ ،‬وقل له‪ :‬قد بلغت ھديتك مكانھا عند أمير المؤمنين‪ ،‬ولم يذق منه شيئا وقال‪ :‬كانت‬ ‫الھدية للنبي ھدية‪ ،‬وھي لنا رشوة"‬ ‫يعد بألف من رجال زمانة لكنه في االلماعية واحد‬

‫‪108‬‬


‫القائد‬

‫ودخل رجل على ملك الروم فرآه حزينا ً فقال ‪ :‬ما شأن الملك ؟فقال ‪ :‬وما تدري ما حدث ؟‬ ‫قال ‪ :‬ما حدث ؟ قال ‪ :‬مات الرجل الصالح ‪ ،‬قال من ‪ ،‬قال ‪ :‬عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬ثم قال‬ ‫ملك الروم ‪ :‬ألحسب أنه لو كان أحد يحييى الموتى بعد عيسى بن مريم ‪ ،‬ألحياھم عمر بن‬ ‫عبد العزيز ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إني لست أعجب من الراھب أن أغلق بابه ورفض الدنيا ‪ ،‬وترھب‬ ‫وتعبد ‪ ،‬ولكن أعجب ممن كانت الدنيا تحت قدميه فرفضھا وترھب‬ ‫قال خليفة بن خياط ‪ :‬حدثنا إسماعيل بن إبراھيم ‪ ،‬عن أبيه أن يزيد بن الوليد ‪ ،‬خطب عند‬ ‫قتل الوليد ‪ ،‬فقال ‪ :‬إني وﷲ ما خرجت أشرا وال بطرا ‪ ،‬وال حرصا على الدنيا ‪ ،‬وال رغبة‬ ‫في الملك ‪ ،‬وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي ‪ ،‬ولكن خرجت غضبا ) ولدينه ‪ ،‬وداعيا‬ ‫إلى كتاب ﷲ وسنة نبيه ‪ ،‬حين درست معالم الھدى ‪ ،‬وطفئ نور أھل التقوى ‪ ،‬وظھر الجبار‬ ‫المستحل للحرمة ‪ ،‬والراكب البدعة ‪ ،‬فأشفقت إذ غشيكم ظلمه أن ال يقلع عنكم من ذنوبكم ‪،‬‬ ‫وأشفقت أن يدعو أناسا إلى ما ھو عليه ‪ ،‬فاستخرت ﷲ ‪ ،‬ودعوت من أجابني ‪ ،‬فأراح ﷲ منه‬ ‫البالد والعباد ‪.‬‬ ‫أيھا الناس إن لكم عندي إن وليت أن ال أضع لبنة على لبنة ‪ ،‬وال أنقل ماال من بلد إلى بلد‬ ‫حتى أسد الثغور ‪ ،‬فإن فضل شيء رددته إلى البلد الذي يليه ‪ ،‬حتى تستقيم المعيشة وتكون‬ ‫فيه سواء ‪ ،‬فإن أردتم بيعتي على الذي بذلت لكم ‪ ،‬فأنا لكم ‪ ،‬وإن ملت ‪ ،‬فال بيعة لي عليكم ‪،‬‬ ‫وإن رأيتم أقوى مني عليھا ‪ ،‬فأردتم بيعته ‪ ،‬فأنا أول من يبايع ‪ ،‬ويدخل في طاعته ‪ ،‬وأستغفر‬ ‫‪1‬‬ ‫ﷲ لي ولكم‬

‫عن الحسن قال كان عطاء سلمان الفارسي خمسة آالف وكان أميرًا على زھاء ثالثين ألفًا من‬ ‫المسلمين وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضھا ويلبس بعضھا فإذا خرج عطاؤه‬ ‫أمضاه ويأكل من سفيف يديه‪.‬‬ ‫وعن مالك بن أنس أن سلمان الفارسي كان يستظل بالفيء حيثما دار ولم يكن له بيت فقال له‬ ‫رجل أال نبني لك بيتا تستظل به من الحر وتسكن فيه من البرد فقال له سلمان‪ :‬نعم فلما أدبر‬ ‫صاح به فسأله سلمان‪ :‬كيف تبنيه؟ قال أبنيه إن قمت فيه أصاب رأسك‪ ،‬وإن اضطجعت فيه‬ ‫أصاب رجليك‪ ،‬فقال سلمان‪ :‬نعم‪ .‬وقال عبادة بن سليم كان لسلمان خباء من عباء وھو أمير‬ ‫الناس‪ .‬وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن سلمان أنه تزوج امرأة من كندة فلما كان ليلة البناء‬ ‫مشى معه أصحابه حتى أتى بيت المرأة فلما بلغ البيت قال ارجعوا أجركم ﷲ ولم يدخلھم‪،‬‬ ‫فلما نظر إلى البيت والبيت منجد قال أمحموم بيتكم أم تحولت الكعبة في كندة‪ ،‬فلم يدخل حتى‬ ‫نزع كل ستر في البيت غير ستر الباب‪ ،‬فلما دخل رأى متاعًا كثيرًا‪ ،‬فقال لمن ھذا المتاع؟‬ ‫قالوا متاعك ومتاع امرأتك‪ ،‬فقال ما بھذا أوصاني خليلي رسول ﷲ‪ ،‬أوصاني خليلي أن ال‬ ‫يكون متاعي من الدنيا إال كزاد الراكب‪ ،‬ورأى خد ًما فقال لمن ھذه الخدم؟ قالوا خدمك وخدم‬ ‫امرأتك‪ ،‬فقال ما بھذا أوصاني خليلي أوصاني خليلي أن ال أمسك إال ما أنكح أو أنكح فإن‬ ‫فعلت فبغين كان علي مثل أوزارھن من غير أن ينقص من أوزارھن شيء‪ ،‬ثم قال للنسوة‬ ‫الالتي عند امرأته ھل أنتن مخليات بيني وبين امرأتي؟ قلن نعم‪ ،‬فخرجن فذھب إلى الباب‬ ‫فأجافه وأرخى الستر ثم جاء فجلس عند امرأته فمسح بناصيتھا ودعا بالبركة فقال لھا‪ :‬ھل‬ ‫أنت مطيعتي في شيء آمرك به؟ قالت‪ :‬جلست مجلس من يطيع قال فإن خليلي أوصاني إذا‬

‫‪ 1‬سير اعالم النبالء‬

‫‪109‬‬


‫القائد‬

‫اجتمعت إلى أھلي أن أجتمع على طاعة ﷲ‪ ،‬فقام وقامت إلى المسجد فصليا ما بدا لھما ثم‬ ‫خرجا فقضى منھا ما يقضي الرجل من امرأته‪.‬‬ ‫عن النعمان بن حميد قال‪ :‬دخلت مع خالي على سلمان الفارسي بالمدائن وھو يعمل الخوص‬ ‫فسمعته يقول‪ :‬أشتري خوصًا بدرھم فأعمله فأبيعه بثالثة دراھم فأعيد درھ ًما فيه وأنفق‬ ‫درھ ًما على عيالي وأتصدق بدرھم‪ ،‬ولو أن عمر بن الخطاب نھاني عنه ما انتھيت‪ .‬وعن‬ ‫الحسن قال‪ :‬كان سلمان يأكل من سفيف يده‪.‬‬

‫عن ثابت قال‪ :‬كان سلمان أميرًا على المدائن فجاء رجل من أھل الشام ومعه حمل تبن وعلى‬ ‫سلمان عباءة رثة فقال لسلمان‪ :‬تعال احمل وھو ال يعرف سلمان فحمل سلمان فرآه الناس‬ ‫فعرفوه فقالوا ھذا األمير فقال‪ :‬لم أعرفك!! فقال سلمان إني قد نويت فيه نية فال أضعه حتى‬ ‫أبلغ بيتك‪.‬‬ ‫و يقول الشاعر خرقلة الدمشقى يحذر لصوص الشام من صرامة صالح الدين من خالل‬ ‫األبيات التالة‪:‬‬ ‫رويدكم يا لصوص الشام‬ ‫أتاكم سمى النبى الكريم‬ ‫فذاك يقطع أيدى النساء‬

‫فانى ناصح لكم فى المقال‬ ‫يوسف رب الحجا و الجمال‬ ‫و ھذا يقطع أيدى الرجال‬

‫قال اإلمام الشافعي‬ ‫ي عذبھا وعذابھا‬ ‫ومن يذق الدنيا فإني خبرتھا ‪......‬وسيق إل ﱠ‬ ‫فلم أرھا إال جيفة مستحيلة ‪...........‬عليھا كالب ھمھن اجتذابھا‬ ‫فإن تجتنبھا عشت سلما ً ألھلھا ‪........‬وإن تجتذبھا ناھشتك كالبھا‬ ‫و قال المقنع الكندي‬ ‫واذا رزقت من النوافل ثروة فامنح عشيرتك االداني فـضلـھا‬ ‫واسـبقھا لدفاع كل ملمة وأرفق بناشئھا وطاع كھـلــھا‬ ‫وأحلم اذا جھلت عليك غواتـھا حتى ترد بفضل حلمك جـھـلھا‬ ‫واعلم بأنك ال تكــون فتاھـم حتى ترى دمث الخالئق سـھـلھا‪.‬‬ ‫اما القائد غير الزاھد فھو دمار للمؤسسة التى يريدھا } َوإِ َذآ أَ َر ْدنَآ أَن ﱡن ْھلِكَ قَرْ يَةً أَ َمرْ نَا ُم ْت َرفِيھَا‬ ‫فَفَ َسقُ ْ‬ ‫وا فِيھَا فَ َح ﱠ‬ ‫ق َعلَ ْيھَا ْالقَوْ ُل فَ َد ﱠمرْ نَاھَا تَ ْد ِمي ًرا{‪.‬‬ ‫‪ .65‬الحسم‬ ‫)فاذا عزمت فتوكل على ﷲ (‬ ‫السلطة بال حزم تؤدي الى تسيب خطير و الحزم بال رحمة تؤدي الى طغيان أشد خطورة‬ ‫و الصورة المعكوسة ھى صورة يھود بني قريظة الذين نقضوا العھد حتى إذا دنا رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم من حصونھم قال يا إخوان القردة ھل أخزاكم ﷲ وأنزل بكم نقمته ؟‬ ‫‪110‬‬


‫القائد‬

‫وحاصرھم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جھدھم الحصار ‪ .‬وقذف‬ ‫ﷲ في قلوبھم الرعب ‪ .‬فقال لھم رئيسھم كعب بن أسد ‪ :‬إني عارض عليكم خالال ثالثا ‪،‬‬ ‫خذوا أيھا شئتم نصدق ھذا الرجل ونتبعه ‪ .‬فإنكم تعلمون أنه النبي الذي تجدونه مكتوبا عندكم‬ ‫في التوراة ‪.‬‬ ‫قالوا ال نفارق حكم التوراة أبدا ‪.‬‬ ‫قال فاقتلوا أبناءكم ونساءكم واخرجوا إليه مصلتي سيوفكم حتى يحكم ﷲ بينكم وبينه ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬فما ضر العيش بعد أبنائنا ونسائنا ؟‬ ‫قال فانزلوا الليلة ‪ .‬فعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوكم فيھا ألنھا ليلة السبت ‪ -‬لعلنا‬ ‫نصيب منھم غرة ‪ .‬قالوا ‪ :‬ال نفسد سبتنا ‪ .‬وقد علمت ما أصاب من اعتدوا في السبت ‪ .‬قال ما‬ ‫بات رجل منكم ‪ -‬منذ ولدته أمه ليلة من الدھر حازما ‪ .‬ثم نزلوا على حكم رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم‬ ‫‪ .66‬السرية‬ ‫} َو ْليَتَلَطﱠ ْ‬ ‫ف َو َال يُ ْش ِع َر ﱠن بِ ُك ْم أَ َحدًا )‪ {(19‬الكھف‬ ‫ي َال تَ ْقصُصْ ر ُْؤيَاكَ َعلَى إِ ْخ َوتِكَ فَيَ ِكي ُدوا لَكَ َك ْيدًا إِ ﱠن ال ﱠش ْي َ‬ ‫ان َع ُد ﱞو ُمبِ ٌ‬ ‫ين )‪(5‬‬ ‫} قَ َ‬ ‫ال يَا بُنَ ﱠ‬ ‫إل ْن َس ِ‬ ‫طانَ لِ ْ ِ‬ ‫{يوسف‬ ‫يقول الرسول صلى ﷲ عليه وسلم‪) :‬من كان يؤمن با) واليوم اآلخر فليقل خيرا أو ليصمت( ‪، 1‬‬ ‫)من سره أن يسلم فليلزم الصمت( ‪.2‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و سلم‪) :‬استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان‪ ،‬فإن ك ﱠل ذي نعم ٍة‬ ‫‪3‬‬ ‫محسود(‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫اس أَ ْن‬ ‫و جاء في مسند االمام احمد ]ع َْن عَائِ َشةَ أَ ﱠن َرس َ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أَ َم َر بِاألَجْ َر ِ‬ ‫تُ ْق َ‬ ‫َاق ا ِإلبِ ِل يَوْ َم بَ ْد ٍر‪[.‬‬ ‫ط َع ِم ْن أَ ْعن ِ‬ ‫قال )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ " :‬استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان "‬

‫‪4‬‬

‫]ومن األمثلة العلمية في ذلك اختيار اختيار دار االرقم بن ابي االرقم مقرا فقد كانت بعيدة عن‬ ‫اعين كفار قريش و مجالسھم كما أن لموقعھا أسفل جبل الصفا‪ ،‬ميزة أخرى تضاف إلى‬ ‫‪ 1‬متفق عليه‬ ‫‪ 2‬رواه البيھقي في شعب اإليمان‬ ‫‪ 3‬أخرجه السيوطي في الجامع الكبير‪ ،‬والطبراني في الكبير‪ ،‬وأبو نعييم في الحلية‪.‬‬ ‫‪ 4‬رواه الطبراني‬ ‫‪111‬‬


‫القائد‬

‫الميزات اآلنفة‪ ،‬فلو كانت في أعاله‪ ،‬ألصبحت مكشوفة وسھلت مراقبتھا ثم إن الدار ليس فيھا‬ ‫موضع‪ ،‬يمكن أن يستغله أعداء الدعوة‪ ،‬فيطلعوا من خالله على ما يدور بداخلھا‪ ،‬وھذا مما يجعل‬ ‫ما بداخلھا بعيدًا عن أعين األعداء‪ ..‬يضاف إلى ذلك‪ ،‬أن صاحبھا الصحابي ) األرقم (‪ ،‬ال يمكن‬ ‫أن يبوح بسر إعطائه ھذه الدار للمؤمنين‪ ،‬ھذا بخالف ما إذا كانت الدار لكافر‪.‬‬ ‫ـ كما أن األرقم لم يكن معروفًا بإسالمه‪ ،‬ولم يعلن إسالمه بعد‪ ،‬فما كان يخطر ببال قريش أن يتم‬ ‫لقاء الرسول صلى ﷲ عليه و سلم وأصحابه بداره‪ ..‬أضف إلى ذلك أنه كان فتى عند إسالمه‪ ،‬فلقد‬ ‫كان في حدود السادسة عشرة من عمره‪ ،‬ويوم تفكر قريش في البحث عن مركز التجمع‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬ال يتوقع أن تبحث في بيوت الفتيان الصغار من أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه و‬ ‫سلم‪ ،‬بل يتجه نظرھا وتفكيرھا إلى كبار الصحابة رضي ﷲ عنھم‪ ..‬ھذا إلى جانب أن األرقم من‬ ‫بني مخزوم‪ ،‬التي كانت تحمل لواء الحرب ضد بني ھاشم‪ ،‬فلو كان األرقم معروفًا بإسالمه‪،‬‬ ‫لصعب أن يكون اللقاء في داره‪ ،‬ألن ھذا يعني أنه يتم في قلب صفوف العدو ‪.‬‬ ‫ويالحظ أن ھذه الدار كانت محاطة بالكتمان التام‪ ،‬ولم يرد فيما اطلعنا عليه أن قري ًشا داھمت ذات‬ ‫دار عند الصفا‪..‬‬ ‫يوم ھذا المقر السري‪ ،‬بل أقصى ما توصلت إليه ھو شكھا أن يكون اللقاء في ٍ‬ ‫ومما يدل على ذلك‪ ،‬أن قياديًا مثل عمر بن الخطاب‪ ،‬رضي ﷲ عنه‪ ،‬عندما أراد إعالن إسالمه‪،‬‬ ‫لم يعرف مكان النبي صلى ﷲ عليه و سلم‪ ،‬فلو كانت تلك الدار معلومة لدى قريش‪ ،‬لما سأل‬ ‫عنھا‪ ،‬بل لذھب إليھا مباشرة‪ ..‬وھذا يظھر مدى حرص الصحابة رضي ﷲ عنھم على إخفاء خبر‬ ‫ھذه الدار‪ ،‬فلم يبوحوا بھا إلى أحد سوى المسلمين فقط‪.‬‬ ‫ـ ولعل تنظيم الدخول والخروج‪ ،‬من العوامل الھامة‪ ،‬التي ساعدت على االحتفاظ بسرية المقر‪،‬‬ ‫فعملية الخروج والدخول إذا لم تنظم‪ ،‬تعتبر من أخطر الجوانب األمنية‪ ،‬التي يؤدي إغفالھا إلى‬ ‫كشف ومعرفة المقر‪ ..‬وھذا التنظيم الدقيق‪ ،‬يظھر لنا من خالل موقفين‪:‬‬ ‫األول ‪ ،‬لسيدنا علي مع سيدنا أبي ذر‪ ،‬رضي ﷲ عنھما‪ .‬فعندما أراد سيدنا عل ّي أخذ سيدنا أبي ذر‬ ‫إلى دار األرقم‪ ،‬لمقابلة الرسول صلى ﷲ عليه و سلم‪ ،‬اتفق معه على مصطلح معين في حالة‬ ‫وجود مراقبة‪ ،‬أو متابعة من قِبَل األعداء‪ ،‬فقال له‪ ) :‬إن رأيت أحدًا أخافه عليك‪ ،‬قمت إلى الحائط‬ ‫كأني أصلح نعلي (‪ ،‬وفي لفظ‪ ) :‬كأني أريق الماء‪ ،‬فامض أنت ( ‪ .‬وبناء على ھذا النص‪ ،‬يتجلى‬ ‫االھتمام بعملية الذھاب إلى المقر‪ ،‬فھو يدل على أن عليًا بن أبي طالب‪ ،‬رضي ﷲ عنه‪ ،‬كان‬ ‫يراقب األعداء أثناء ذھابه إلى المقر‪ ،‬فإذا رأى من يراقبـه غيﱠر وجھتـه‪ ،‬وأمـر أبا ذر ھنا أن يغير‬ ‫وجھته‪ ،‬بقوله‪ ) :‬فامض أنت(‪.‬‬ ‫والموقف الثاني ‪ ،‬ألم جميل مع سيدنا أبي بكر رضي ﷲ عنھما‪ .‬فعندما أخذت أم جميل وأم الخير‬ ‫سيدنا أبا بكر رضي ﷲ عنه‪ ،‬إلى دار األرقم‪ ،‬قال ابن كثير‪ ) :‬فأمھلتا أي أم جميل وأم الخير حتى‬ ‫إذا ھدأت الرﱢ جْ لُ‪ ،‬وسكن الناس‪ ،‬خرجتا به‪ ،‬يتكئ عليھما‪ ،‬حتى أدخلتاه على رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه و سلم( ‪.‬‬ ‫ھذا السلوك‪ ،‬يعتبر قمة االحتياط‪ ،‬لعملية الذھاب‪ ،‬ففي ھذا الوقت‪ ،‬عندما تھدأ األرجل‪ ،‬ويسكن‬ ‫الناس‪ ،‬تقل أو تنعدم المراقبة‪ ،‬وبالتالي يكون الذھاب إلى المقر محاطًا باالحتياطات شبه التامة‪.‬‬ ‫ومن جوانب الحماية التي روعيت في دار األرقم‪ ،‬تصميم الباب الذي ترك فيه شقوق أي فتحات‬ ‫يمكن من خاللھا مشاھدة َمن بالخارج‪ ،‬ومعرفة ھويته‪ ،‬ومن ثم يتم التصرف‪ ،‬وفقًا لذلك‪ ،‬ويظھر‬ ‫لنا ذلك في قصة إسالم سيدنا عمر رضي ﷲ عنه‪ ،‬حين طرق الباب‪ ،‬فقبل أن يُفتح له‪ ،‬نظر أحد‬ ‫الصحابة من خلل الباب‪ ،‬فتأكد من ھوية الطارق‪ ،‬بأنه عمر‪ ،‬جاء متقلدًا سيفه ‪ ،‬فأخبر بذلك النبي‬ ‫صلى ﷲ عليه و سلم‪ ..‬فوجود ھذه الفتحات‪ ،‬ييسر معرفة الطارق‪ ..‬ولكن ھناك أمر البد من‬ ‫مراعاته‪ ،‬ھو أھمية تغطية ھذه الفتحات من الداخل أو تصميمھا بطريقة تمنع َمن بالخارج من‬ ‫رؤية الذي بالداخل‪ ،‬مثل ما تعارف الناس على تسميته اليوم ) بالعين السحرية ( ‪ ..‬وذلك حتى ال‬ ‫تكون ھذه الفتحات ثغرات‪ ،‬يطلع من خاللھا أعداء الدعوة على ما يدور بداخل المقر‪.‬‬ ‫ومن جوانب الحيطة أيضًا‪ ،‬التصرف السليم إبان حاالت الطوارئ‪ ،‬وھو شيء ضروري وھام‪،‬‬ ‫ويعد مكمالً لاللتزام بالمنھج األمني‪ ،‬فإذا ظھر طارئ‪ ،‬بالرغم من االحتياطات‪ ،‬يأتي ھنا دور‬ ‫‪112‬‬


‫القائد‬

‫التصرف السليم لدرء ھذا الطارئ‪ ،‬فما قام به النبي صلى ﷲ عليه و سلم تجاه سيدنا عمر‪ ،‬حينما‬ ‫دخل دار األرقم بن أبي األرقم‪ ،‬يعد تصرفًا مھ ًما ودقيقًا‪ ،‬يتناسب والموقف‪ ..‬فساعة دخول سيدنا‬ ‫عمر رضي ﷲ عنه‪ ،‬قام إليه النبي صلى ﷲ عليه و سلم فأخذ بمجامع ثوبه‪ ،‬وحمائل سيفه‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫) ما أنت بمنته يا عمر‪ ،‬حتى ينزل ﷲ بك من الخزي والنكال ما أنزله ﷲ بالوليد؟ ( ‪.‬‬ ‫والحكمة من ھذا التصرف‪ ،‬تظھر من أخذ النبي صلى ﷲ عليه و سلم بمجامع ثوبه‪ ،‬وحمائل‬ ‫سيفه‪ ،‬ليمنعه من استخدام سالحه‪ ،‬وفي ذات الوقت يسھل ردعه‪ ،‬إذا أبدى أي مقاومة‪ ،‬أضف إلى‬ ‫‪1‬‬ ‫ذلك أسلوب الترھيب‪[ .‬‬ ‫ومن األمثلة العلمية في ذلك ايضا أنه صلى ﷲ عليه وسلم لما أراد تأديب بني لحيان‪ ،‬الذين‬ ‫غدروا بدعاة المسلمين ‪ -‬وكان ھؤالء الدعاة ستة من كبار الصحابة ‪ -‬أظھر أنه يريد الشام‪.‬‬ ‫وتحرك فعال بقواته شماال‪ ،‬فلما اطمأن إلى انتشار أخبار تحركه إلى الشمال باتجاه الشام‪ ،‬عاد‬ ‫راجعا باتجاه مكة مسرعا في حركته حتى بلغ منازل بني لحيان‪.‬‬ ‫وقد ابتكر الرسول صلى ﷲ عليه وسلم "الرسالة المكتومة"‪ 2‬مراعاة للسﱢرﱢ ية واألمن‪ ،‬وحرمان‬ ‫أعداء المسلمين من الحصول على المعلومات التي تفيدھم عن تحركات المسلمين وأھدافھم‪ ،‬فقد‬ ‫بعث صلوات ﷲ وسالمه عليه َس ِريﱠة من المھاجرين‪ ،‬قوامھا اثنا عشر رجال بقيادة عبد ﷲ بن‬ ‫جحش األسدي في مھمة استطالعية في شھر رجب من السنة الثانية للھجرة‪ ،‬وسلمه رسالة‬ ‫"مكتومة" تحتوي على تفاصيل المھمة من حيث الھدف منھا ومكانھا وغير ذلك من التعليمات‪،‬‬ ‫وأمره أال يفتحھا إال بعد أن يسير يومين‪.‬‬

‫وھذا ما أكده أستاذنا محمود شيت خطاب بقوله ‪ ) :‬لقد أمن الرسول )صلى ﷲ عليه وسلم( حماية‬ ‫قواته في كافة غزواته ‪ ،‬وبذل جھده لمنع العدو من الحصول على المعلومات ‪ ،‬وبذلك طبق مبدأ‬ ‫األمن ‪ ..‬ودوريات االستطالع والطالئع التي كان يؤمنھا الرسول )صلى ﷲ عليه وسلم( في‬ ‫مسير االقتراب وعند العودة من غزواته كان لغرض حماية قواته من مباغتة العدو لھا ‪ ،‬كما‬ ‫حرص الرسول )صلى ﷲ عليه وسلم( على المعلومات عن أعدائه بشتى الوسائل ‪ ،‬فقد حرص‬ ‫أيضا ً على منع العدو من الحصول على المعلومات عن المسلمين بشتى الوسائل أيضا ً ‪ ،‬والحق‬ ‫أن المتتبع لحياة الرسول )صلى ﷲ عليه وسلم( يعجب أشد اإلعجاب بمعرفته الفائقة والسريعة‬ ‫بكل المعلومات االستخبارية التي تھمه كقائد وتؤثر على المصلحة العامة للمسلمين‪) .‬‬ ‫قال الشافعي رحمه ﷲ‬ ‫إذا المـرء أفشـى سـره بلسانـه والم عليـه غيـره فھـو أحمـق‬ ‫إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيـق‬

‫‪ 1‬في السيرة النبوية قراءة لجوانب الحذر و الحماية‬ ‫‪ 2‬يدعي االلمان أنھم أول من ابتكر الرساله المكتومة و لكن حقيقة ابتكار ھذا االسلوب أوضح من أن يمارى فيه ‪ ،‬و ھي أن الرسول‬ ‫كان أول من أبتكر ھذا االسلوب قبل أربعة عشر قرنا ‪ .‬الرسول القائد بقلم اللواء الركن محمود شيت خطاب‬

‫‪113‬‬


‫القائد‬

‫أوصى أبو بكر رضي ﷲ تعالى عنه يزيد بن أبي سفيان‪ :‬وإذا قدم عليك رسل عدوك‬ ‫فأكرمھم وأقلل لبثھم حتى يخرجوا من عسكرك وھم جاھلون به‪ ،‬وال تريثھم فيروا خللك‪،‬‬ ‫ويعلموا علمك‪ ،‬وأنزلھم في ثروة عسكرك‪ ،‬وامنع من قبلك من محادثتھم‪ ،‬وكن أنت المتولي‬ ‫لكالمھم‪ ،‬وال تجعل سرك كعالنيتك‪ ،‬وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة‪ ،‬وال‬ ‫تخزن عن المشير خبرك فتؤتي من قبل نفسك‪،‬‬

‫يقول المھندس عثمان أحمد عثمان في حديثه عن ايام طفولته‪":‬و اذكر اننى كنت اطلب اليھم‬ ‫اال يبوح أى منا بسر ما كنا نفعله ‪ ،‬حتى ال يتسرب الخبر الى ابائنا و امھاتنا حتى ال يحرمونا‬ ‫مما كنا نعتزم القيام به‬ ‫و كان لھذه التجربة فضل كبير على حياتى ‪ ،‬فقد تعلم منھا االحتفاظ بالسر و كان لھذه العاده‬ ‫الطيبة أثر كبير على حياتي العملية فيما بعد خاصة أن مجال مجال المقاوالت الذي يعتمد‬ ‫على نظام العطاءات ‪ ،‬يتطلب الكتمان الشديد في العمل"‬ ‫‪ .67‬ترتيب االولويات‬ ‫قال انس ابن مالك رضي ﷲ عنة جاء رجل الى النبي صلى ﷲ علية وسلم فقال متى الساعة‬ ‫يارسول ﷲ قال ولماذا تسأل عنھا ماذا اعدد لھا أتسأل عنھا ماذا اعددت لھا قال يارسول ﷲ‬ ‫لم اعمل شيئ ولكني احب ﷲ ورسولة فقال الرسول صلى ﷲ علية وسلم انت مع من احببت‬ ‫فاالولوية ان تعمل ال ان تعرف معرفة نظرية متى تقوم الساعة‬

‫‪ .68‬المروءة‬ ‫قال رسول ﷲ "إن ﷲ عز وجل كريم ‪ ،‬يحب الكرم ومعالي األخالق ‪ ،‬ويبغض سفسافھا"‬ ‫أحب مكارم األخالق جھدي وأكره أن أعيب و أن أعابا‬ ‫وأصفح عن سباب الناس حلما وشر الناس من يھوى السبابا‬ ‫ومن ھاب الرجال تھيبوه ومن حقر الرجال فلن يھابا‬ ‫قيل لسفيان بن عيينة رحمه ﷲ " قد استنبطت من القرآن كل شيء فأين المروءة في القرآن " قال‬ ‫في قول ﷲ تعالى " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاھلين‬ ‫قالت خديجة للحبيب محمد ‪ :‬إنك لتصل الرحم وتقري الضيف‪ ،‬وتحمل الكل‪ ،‬وتكسب‬ ‫المعدوم‪ ،‬وتعين على نوائب الحق‪1.‬‬ ‫ولما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مھاجرا نحو أرض الحبشة‪ ،‬حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه‬ ‫ابن الدغنة وھو سيد القارة ‪ ،‬فقال‪ :‬أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر‪ :‬أخرجنى قومي فأريد‬ ‫أن أسيح في االرض فأعبد ربى‪.‬‬ ‫فقال ابن الدغنة‪ :‬فإن مثلك يا أبا بكر ال يخرج وال يخرج مثله‪ ،‬إنك تكسب المعدوم‪ ،‬وتصل‬ ‫الرحم‪ ،‬وتحمل الكل‪ ،‬وتقري الضيف‪ ،‬وتعين على نوائب الحق‪ ،‬وأنا لك جار‪ ،‬فارجع فاعبد‬ ‫ربك ببلدك‪.‬‬ ‫قال الشافعي رحمه ﷲ‪ :‬لو علمت أن شرب الماء البارد ينقص مروءتي‪ ،‬ما شربته اال حارا‪.‬‬ ‫‪ 1‬السيرة النبوية‬

‫‪114‬‬


‫القائد‬

‫قال ابن عساكر ‪ :‬وعن أبي العالية الرياحي ‪} :‬قيل لـأبي بكر في مجمع من أصحاب رسول‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ .‬ھل شربت الخمر في الجاھلية؟‬ ‫فقال‪ :‬أعوذ با)‪ .‬فقيل‪ :‬ولم؟‬ ‫قال‪ :‬كنت أصون عرضي‪ ،‬وأحفظ مروءتي‪ ،‬فإن من شرب الخمر كان مضيعا ً في عرضه‪،‬‬ ‫ومروءته‪ ،‬فبلغ ذلك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬صدق أبو بكر ‪ ،‬صدق أبو بكر‬ ‫مرتين { وھذا مرسل غريب سنداً ومتنا ً‪.‬‬ ‫وقال ابن األثير ‪)) :‬وكان العباس بن مرداس ممن حرم الخمر في الجاھلية‪ ،‬فإنه قيل له‪ :‬أال‬ ‫تأخذ من الشراب‪ ،‬فإنه يزيد في قوتك؛ وجراءتك؟ فقال‪ :‬ال أصبح سيد قومي‪ ،‬وأمسي سفيھا ً‪،‬‬ ‫ال وﷲ ال يدخل جوفي شيء يحول بيني وبين عقلي أبداً(( ‪.1‬‬

‫و قال عنتره‬

‫‪:‬‬

‫وأغض طرفي إن بدت لي جارتي‬

‫حتى يواري جارتي مأواھا‬

‫‪ .69‬القيادة الميدانية‬ ‫تجد القائد في ميدان المعركة يراه الجميع و لھذا امكن للحباب بن المنذر ان يدلو برايه في‬ ‫اختيار مكان المعركة ببدر و خيبر‬ ‫يقول خطاب ‪ ":‬أين القائد ؟ القائد ھو الذي يعيش في الخنادق وليس من يعيش في الفنادق"‬ ‫القائد الذي ال يتواجد في ميدان العمل و يكتفي بالتقارير لن يسمع اال االخبار الجيدة ‪ ،‬و‬ ‫سيفاجأ بالمشاكل‬

‫‪ .70‬شخصية القائد‬ ‫او "الجاذبية الفطرية"‬ ‫و ھو ما يسمى بالكاريزما‬ ‫يقول البوصيري عن الحبيب محمد‬ ‫كأنه وھو فـرد فـي جاللتـه‬

‫‪ 1‬اسد الغابة ج ‪ 3‬ص ‪113‬‬

‫‪115‬‬

‫في عسكر حين تلقاه وفي حشم‬


‫القائد‬

‫و من الذين لھم كاريزما خاصة المنصور بن ابي عامر‬ ‫) انتھت ھيبة المنصور بن أبى عامر وضبطه للجند واستخدام ذكور الرجال وق ّوام الملك الى‬ ‫غاية لم يؤتھا مل ٌ‬ ‫ك قبله !! ‪ ،‬فكانت مواقفھم فى الميدان على احتفاله مثال فى الزماته‬ ‫واإلطراق ‪ ،‬حتى أن الخيل لتتمثل إطراق فرسانھا ‪ ،‬فال تكثر الصھيل والحمحمة ‪( !!!! ....‬‬

‫وسائل مساعدة لزيادة الكاريزما ‪-:‬‬ ‫ أحط نفسك بھالة من الغموض‬‫ كن ملتزما بأھدافك مظھرا لذلك‬‫‪ -‬انتھى من واجاباتك‬

‫‪116‬‬


‫القائد‬

‫مھام القائد‬ ‫‪ .1‬التخطيط‬ ‫تعريف التخطيط ‪":‬أرتكاب االخطاء على الورق" و البد للتخطيط من وضوح الھدف‬ ‫أن قضاء سبع ساعات في التخطيط أفضل من قضاء اسبوع بدون تخطيط‬ ‫و بداية التخطيط ھو تحديد الھدف ثم رسم خطة للوصول للھدف و تحخصيص الموارد‬ ‫المتاحة في اطار الفرص و المخاطر‬ ‫و ان قضاء سبعة ساعات في التخطيط بأفكار و أھداف واضحة خير من قضاء سبع ايام‬ ‫بال تخطيط او ھدف‬ ‫اھمية التخطيط ‪:‬‬ ‫• االستخدام االمثل للموارد‬ ‫• تقليل المخاطر المتوقعة‬ ‫• وضوح الرؤية‬

‫و المتأمل للسيرة النبوية يجد التخطيط في كل خطوة من خطوات الدعوة‬ ‫تأمل في تخطيط النبي للھجرة و كيف أخفى موضوع الھجرة حتى عن سيدنا ابو بكر‬ ‫وكان أبو بكر حين استأذن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في الھجرة فقال له‪ :‬ال تعجل لعل‬ ‫‪1‬‬ ‫ﷲ أن يجعل لك صاحبا‪ ،‬قد طمع بأن يكون رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم إنما يعنى نفسه‪.‬‬ ‫عن عائشة أم المؤمنين‪ ،‬أنھا قالت‪ :‬كان ال يخطئ رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أن يأتي‬ ‫بيت أبى بكر أحد طرفي النھار إما بكرة‪ ،‬وإما عشية‪.‬‬ ‫حتى إذا كان اليوم الذى أذن ﷲ فيه رسول ﷲ صلى عليه وسلم في الھجرة والخروج من‬ ‫مكة من بين ظھرى قومه أتانا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بالھاجرة في ساعة كان ال يأتي‬ ‫فيھا‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬فلما رآه أبو بكر قال‪ :‬ما جاء رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في ھذه الساعة إال‬ ‫المر حدث‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره‪ ،‬فجلس رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫وليس عند رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أحد إال أنا وأختى أسماء بنت أبى بكر‪ ،‬فقال‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬أخرج عنى من عندك " قال‪ :‬يا رسول ﷲ إنما ھما ابنتاى‪،‬‬ ‫وما ذاك فداك أبى وأمى ؟ قال‪ :‬إن ﷲ قد أذن لى في الخروج والھجرة‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬فقال أبو بكر‪ :‬الصحبة يا رسول ﷲ ؟ قال‪ :‬الصحبة‪.‬‬ ‫فاستأجرا عبدﷲ بن أرقط رجال من بنى الديل بن بكر‪ ،‬وكانت أمه من بنى سھم بن‬ ‫عمرو‪ ،‬وكان مشركا‪ ،‬يدلھما على الطريق‪ ،‬ودفعا إليه راحلتيھما‪ ،‬فكانتا عنده يرعاھما‬ ‫لميعادھما‪.‬‬

‫‪ 1‬السيرة النبوية ل بن كثير‬

‫‪117‬‬


‫القائد‬

‫و تأمل في مسار الرحلة النبوية و كيف لم يسر في طريق المسافر الى المدينة و كيف أن‬ ‫غار ثور يقع عكس االتجاه الذي يؤدى الى المدينة‬

‫قال ابن إسحاق‪ :‬ولم يعلم‪ ،‬فيما بلغني‪ ،‬بخروج رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أحد حين‬ ‫خرج إال على بن أبى طالب وأبو بكر الصديق وآل أبى بكر‪.‬‬

‫‪118‬‬


‫القائد‬

‫قال ابن إسحاق‪ :‬ثم عمدا إلى غار بثور‪ ،‬جبل بأسفل مكة‪ ،‬فدخاله‪.‬‬ ‫وأمر أبو بكر الصديق ابنه عبدﷲ أن يتسمع لھما ما يقول الناس فيھما نھاره‪ ،‬ثم يأتيھما‬ ‫إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر‪.‬‬ ‫وأمر عامر بن فھيرة مواله أن يرعى غنمه نھاره‪ ،‬ثم يريحھا عليھما إذا أمسى في الغار‪.‬‬ ‫فكان عبدﷲ بن أبى بكر يكون في قريش نھاره معھم‪ ،‬يسمع ما يأتمرون به‪ ،‬وما يقولون‬ ‫في شأن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأبى بكر‪ ،‬ثم يأتيھما إذا أمسى فيخبرھما الخبر‪.‬‬ ‫وكان عامر بن فھيرة يرعى في رعيان أھل مكة‪ ،‬فإذا أمسى أراح عليھما غنم أبى بكر‬ ‫فاحتلبا وذبحا‪ ،‬فإذا غدا عبدﷲ بن أبى بكر من عندھما إلى مكة أتبع عامر ابن فھيرة أثره‬ ‫‪1‬‬ ‫بالغنم يعفى عليه‪.‬‬ ‫سُئل أحد الحكماء ‪ :‬ممن تعلمت الحكمة ؟! قال‪ :‬من الرجل الضرير !؟‬ ‫ألنﱠه ال يضع قدمه على األرض إال بعد أن يختبر الطريق بعصاه ‪.‬‬ ‫و التخطيط يكون بناء على معلومات مؤكدة ‪ ،‬و اذا كانت المعلومات فاسدة كان التخطيط‬ ‫فاسد و كذلك التنفيذ فال يستقيم الظل و العود اعوج‬ ‫يقول ﷲ في من يقتل ابنه خوفا من حدث غير مؤكد و ھو الفقر‬ ‫ْ‬ ‫ق نَحْ ُن نَرْ ُزقُھُ ْم َوإِيﱠا ُك ْم إِ ﱠن قَ ْتلَھُ ْم َكانَ ِخطئًا َكبِيرًا )‪{ (31‬‬ ‫} َو َال تَ ْقتُلُوا أَوْ َال َد ُك ْم خَ ْشيَةَ إِ ْم َال ٍ‬

‫و التخطيط يشمل ‪-:‬‬ ‫تحديد االھداف‬ ‫توقع النتائج‬ ‫صفات الخطة الجيدة‬ ‫• الموضوعية‬ ‫• الواقعية ‪ :‬البعد عن المثالية المطلقة‬ ‫• التقدمية‬ ‫• المرونة ‪ :‬امكانية التعديل‬ ‫• الشمولية ‪ :‬كافة الجوانب المھمة‬ ‫• التوازن ‪ :‬بين كافة الجوانب المھمة‬

‫‪ .2‬الشورى‬ ‫الرأي السديد خير من البطل الشديد‬ ‫في عصرنا الحالي و في ظل تنوع المجاالت و تشعبھا ‪ ،‬لو كانت الشورى مستحبة ألصبحت في‬ ‫حقنا فرض ‪ ،‬فكيف و ھى فرض؟؟‬ ‫‪ 1‬سيرة بن كثير‬

‫‪119‬‬


‫القائد‬

‫} فَبِ َما َرحْ َم ٍة ِمنَ ﱠ‬ ‫ﷲِ لِ ْنتَ لَھُ ْم َولَوْ ُك ْنتَ فَظًّا َغلِي َ‬ ‫ب َال ْنفَضﱡ وا ِم ْن َحوْ لِكَ فَا ْع ُ‬ ‫ف َع ْنھُ ْم‬ ‫ظ ْالقَ ْل ِ‬ ‫ﷲِ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫اورْ ھُ ْم فِي ْاألَ ْم ِر فَإ ِ َذا َعزَ ْمتَ فَت َ​َو ﱠكلْ َعلَى ﱠ‬ ‫ﷲَ ي ُِحبﱡ ْال ُمت َ​َو ﱢكلِينَ { )آل‬ ‫َوا ْستَ ْغفِرْ لَھُ ْم َو َش ِ‬ ‫عمران‪.(159 :‬‬ ‫يقول اإلمام النووي رحمه ﷲ ‪" :‬وتغنى ھذه اآلية عن كل شيء ‪ ،‬فإنه إذا أمرا ) سبحانه‬ ‫وتعالى في كتابه نصا ً جليا نبيه صلى ﷲ عليه وسلم بالمشاورة مع إنه أكمل الخلق فما الظن‬ ‫بغيره ؟ "‬ ‫}والذينَ استجابوا لربھم وأقاموا الصلوةَ وأمرھم شورى بينھم ومما رزقنھم ينفقونَ {‬ ‫)‪) (38‬الشورى(‬ ‫قال ابن خويز منداد‪ :‬واجب على الوالة مشاورة العلماء فيما ال يعلمون‪ ،‬وفيما أشكل‬ ‫عليھم من أمور الدنيا‪ ،‬ومشاورة وجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب ووجوه الناس فيما يتعلق‬ ‫بالمصالح ووجوه الكتاب والع ﱠمال والوزراء فيما يتعلق بمصالح البالد وعمارتھا‪ .‬وحكى‬ ‫القرطبي عن ابن عطية أنه ال خالف في وجوب عزل من ال يستشير أھل العلم والدين‪].‬فتح‬ ‫القدير للشوكاني[‬ ‫وقال اإلمام الشافعي رحمه ﷲ‪" :‬إذا نزل بالحاكم األمر يحتمل وجوھا أو مشكل ينبغى له‬ ‫أن يشاور وال ينبغي له أن يشاور جاھال‪ ،‬ألنه ال معنى لمشاورته‪ ،‬وال عالما غير أمين‪ ،‬فإنه‬ ‫ربما أضل من يشاوره‪ ،‬ولكنه يشاور من جمع العلم واألمانة‪ ،‬وفي المشاورة رضا الخصم‬ ‫والحجة عليه"‪ ،‬وقال اإلمام البخاري رحمه ﷲ‪" :‬وكانت األئمة بعد النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫يستشيرون األمناء من أھل العلم"‪.‬‬ ‫و قال قتادة ‪ ":‬أمر ﷲ نبيه أن يشاور أصحابه في األمور‪ ،‬وھو يأتيه وحي السماء‪ ،‬ألنه‬ ‫أطيب ألنفس القوم ‪ /‬وان القوم إذا شاور بعضھم بعضا ً وأرادوا بذلك وجه ﷲ عزم لھم على‬ ‫‪1‬‬ ‫الرشدة‪".‬‬ ‫قال النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪) -‬البو الھيثم لما استضافه(‪ :‬ھل لك خادم ؟ قال ‪ :‬ال ‪،‬‬ ‫قال ‪ :‬فإِذا أَتانا َس ْب ٌي فائتِنا ‪ ،‬فأُتي النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬برأسين ليس معھما ثالث‪ ،‬فأتاه‬ ‫اختَرْ منھما‪ ،‬فقال ‪ :‬يا نبي ﷲ ‪ْ ،‬‬ ‫أبو الھيثم ‪ ،‬فقال النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ْ : -‬‬ ‫اختَرْ لي ‪،‬‬ ‫ار ُمؤتَ َم ٌن ‪ُ ،‬خ ْذ ھذا ‪ ،‬فإني َرأَيتُه يُصلي ‪،‬‬ ‫فقال النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬إن ال ُم ْستَ َش َ‬ ‫َوص به معروفا ‪ ،‬فانطلق أبو الھيثم إِلى امرأته ‪ ،‬فأخبرھا بقول رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬ ‫واست‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إِال أن تَ ْعتِقَه‬ ‫عليه وسلم‪ ، -‬فقالت امرأته ‪ :‬ما أنت بِبَالِ ٍغ فيه ما قال‬ ‫ﱡ‬ ‫‪ ،‬قال ‪ :‬فھو عتيق‪ ،‬فقال النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬إن ﷲ لم يبعث نَبيّا وال خليفة إِال وله‬ ‫بِ َ‬ ‫ق بطانةَ‬ ‫طانتان‪ :‬بطانةٌ تأمره بالمعروف‪ ،‬وتنھاه عن المنكر‪ ،‬وبطانة ال تأْلُوهُ خَ بَاال ‪ ،‬ومن يُو َ‬ ‫‪2‬‬ ‫قي«‪.‬‬ ‫ال ﱠشرﱢ فقد ُو َ‬ ‫عن عبد الرحمن بن غنم ‪ :‬أن رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬لما خرج إلى بنى‬ ‫قريظة قال له أبو بكر وعمر يا رسول ﷲ إن الناس يزيدھم حرصا على اإلسالم أن يروا‬ ‫عليك زيا حسنا من الدنيا فانظر إلى الحلة التى أھداھا لك سعد بن عبادة فالبسھا ليرى‬ ‫المشركون اليوم عليك زيا حسنا قال أفعل وأيم ﷲ لو أنكما تتفقان لى على أمر واحد ما‬ ‫عصيتكما فى مشورة أبدا ولقد ضرب لى ربى لكما مثال لقد ضرب مثلكما فى المالئكة كمثل‬ ‫جبريل وميكائيل فأما ابن الخطاب فمثله فى المالئكة مثل جبريل إن ﷲ لم يدمر أمة قط إال‬ ‫بجبريل ومثله فى األنبياء مثل نوح إذ قال رب ال تذر على األرض من الكافرين ديارا ومثل‬ ‫ابن أبى قحافة فى المالئكة كمثل ميكائيل إذ يستغفر لمن فى األرض ومثله فى األنبياء كمثل‬ ‫‪ 1‬الطبري‬ ‫‪ 2‬الترمذي‬

‫‪120‬‬


‫القائد‬

‫إبراھيم إذ قال فمن تبعنى فإنه منى ومن عصانى فإنك غفور رحيم ولو أنكما تتفقان على أمر‬ ‫‪1‬‬ ‫واحد ما عصيتكما ولكن شأنكما فى المشورة شتى كمثل جبريل وميكائيل ونوح وإبراھيم‬ ‫رأي الجماعة ال تشقى البالد به ‪ ...‬رغم الخالف‪ ،‬ورأي الفرد يشقيھا‬ ‫"ما خاب من استخار وال ندم من استشار "‬ ‫و قالوا " ما شقي عبد بمشورة وال سعد من استغنى برأي"‬ ‫عن سمرة بن جندب قال ‪ :‬قال عمر ‪ :‬الرجال ثالثة ‪ :‬رجل عفيف ھين لين ذو رأى‬ ‫ومشورة ‪ ،‬فإذا نزل به أمر ائتمر رأيه ‪ ،‬وصدر األمور مصادرھا ‪ ،‬ورجل ال رأى له ‪ ،‬إذا‬ ‫أنزل به أمر أتى ذا الرأى والمشورة فنزل عند رأيه ‪ ،‬ورجل حائر باتر ‪ ،‬ال يتم رشدا وال‬ ‫‪2‬‬ ‫يطيع مرشدا‬ ‫وقد قيل‪ :‬الناس ثالثة‪:‬‬ ‫رجل كامل ‪-‬أي الكمال النسبي‪ -‬وھو الذي له عقل ويستشير‪ ،‬ونصف رجل‪ :‬وھو الذي‬ ‫له عقل وال يستشير‪ ،‬والثالث‪ :‬ال شيء‪ ،‬وھو الذي ال عقل له وال يستشير ‪.‬‬ ‫قال على رضى ﷲ عنه نعم الموازنة المشاورة وبئس االستعداد االستبداد قال حكيم‬ ‫اجعل سرك الى واحد ومشورتك الى ألف وقيل ان من بدأ باالستخارة واثنى باالستشارة‬ ‫لحقيق ان ال يضل رأيه‬ ‫إذا كنت في حاجة مرسال ‪ ...‬فأرسل حكيما وال توصه‬ ‫وإن باب أمر عليك التوى ‪ ...‬فشاور لبيبا وال تعصه‬ ‫كان اإلمام الزھري يقول للفتيان والشباب‪" :‬ال تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم‪ ،‬فإن عمر بن‬ ‫‪3‬‬ ‫الخطاب كان إذا نزل به األمر المعضل دعا الفتيان‪ ،‬فاستشارھم‪ ،‬يبتغي حدة عقولھم"‬ ‫قال الحسن البصري ‪ :‬ما تشاور قوم قط بينھم إال ھداھم ﷲ ألفضل ما يحضرھم ‪ ،‬وفي‬ ‫‪4‬‬ ‫لفظ ‪ :‬إال عزم ﷲ لھم بالرشد أو بالذي ينفع ‪.‬‬ ‫وقال بعض العقالء ‪ :‬ما أخطأت قط !! إذا حزبني أمر شاورت قومي فعملت الذي يرون‬ ‫‪5‬‬ ‫فإن أصبت فھم المصيبون وان أخطأت فھم المخطئون ‪.‬‬ ‫وقال البخاري‪ :‬كان األئمة بعد النبي صلى ﷲ عليه وسلم "يستشيرون األمناء من أھل‬ ‫‪6‬‬ ‫العلم في األمور المباحة فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره" ‪.‬‬ ‫وقال ابن العربي ‪ :‬الشورى ألفة للجماعة ‪ ،‬ومسار للعقول ‪ ،‬وسبب إلى الصواب ‪ ،‬وما‬ ‫‪7‬‬ ‫تشاور قوم إال ھدوا ‪.‬‬ ‫و كان رسول ﷲ أكثر الناس شورى‬ ‫ار‬ ‫ففي يوم بدر قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬أشيروا على أيھا الناس " َو َس َ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫َرسُو ُل ّ‬ ‫ال أَ ِشيرُوا َعلَ ّي فِي‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم َحتّى نَزَ َل َع ِشيّا أَ ْدنَى َما ٍء ِم ْن ِميَا ِه بَ ْد ٍر ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1‬كنز العمال‬ ‫‪ 2‬ابن أبى شيبة ‪ ،‬وابن أبى الدنيا فى كتاب األشراف ‪ ،‬والخرائطى فى مكارم األخالق ‪ ،‬والبيھقى فى شعب اإليمان‬ ‫‪ 3‬جامع بيان العلم البن عبدالبر‬ ‫‪ 4‬فتح الباري ‪ ،340/13‬وقال ابن حجر‪ :‬أخرجه البخاري في األدب المفرد‪ ،‬وابن أبي حاتم بسند قوي‪.‬‬ ‫‪ 5‬تفسير القرطبي ‪.37/16‬‬ ‫‪ 6‬الصحيح ‪ ،‬كتاب االعتصام بالكتاب والسنة ‪ ،‬باب)‪.(28‬‬ ‫‪ 7‬أحكام القرآن ‪.1868/4‬‬

‫‪121‬‬


‫القائد‬

‫ُول ّ‬ ‫ﷲِ أَنَا عَالِ ٌم بِھَا َوبِقُلُبِھَا ‪ْ ،‬‬ ‫ب‬ ‫ير إلَى قُلُ ٍ‬ ‫إن َرأَيْتَ أَ ْن نَ ِس َ‬ ‫ال ْال ُحبَابُ ب ُْن ْال ُم ْن ِذ ِر ‪ :‬يَا َرس َ‬ ‫ْال َم ْن ِز ِل فَقَ َ‬ ‫ق ا ْلقَوْ َم إلَ ْيھَا َونُ َغ ّو َر َما ِس َواھَا ِم ْن ْال ِميَا ِه‬ ‫يرةُ ْال َما ِء ع َْذبَةٌ فَنَ ْن ِز َل َعلَ ْيھَا َونَ ْسبِ َ‬ ‫قَ ْد ع َ​َر ْفنَاھَا ‪ ،‬فَ ِھ َي َكثِ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َريشا تَك ُ‬ ‫ون فِي ِه ن ِع ّد ِعندَك َر َكائِبَك ‪ ،‬ث ّم نَلقى‬ ‫وق َ‬ ‫ال َس ْع َد ْبنَ ُم َعا ٍذ يَا نَبِ ّي ﷲِ أ َال نَ ْبنِي لك ع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َع ُد ّونَا ‪ ،‬فَإ ِ ْن أ َعزنَا ﷲُ َوأظھَ َرنَا َعلى َع ُد ّونَا ‪َ ،‬كانَ ذلِكَ َما أحْ بَ ْبنَا ‪َ ،‬وإِ ْن َكانَت األخ َرى ‪،‬‬ ‫ت بِ َم ْن َو َرا َءنَا ‪ ،‬فَقَ ْد تَخَ لّفَ َع ْنك أَ ْق َوا ٌم يَا نَبِ ّي ّ‬ ‫ت َعلَى َر َكائِبِك ‪ ،‬فَلَ ِحقَ ْ‬ ‫َجلَ َس ْ‬ ‫ﷲِ َما نَحْ ُن بِأ َ َش ّد لَك‬ ‫ظنّوا أَنّك ت َْلقَى َحرْ بًا َما تَخَ لّفُوا َع ْنك ‪ ،‬يَ ْمنَعُك ّ‬ ‫ُحبّا ِم ْنھُ ْم َولَوْ َ‬ ‫صحُونَكَ َوي َُجا ِھ ُدونَ‬ ‫ﷲُ بِ ِھ ْم يُنَا ِ‬ ‫ُول ّ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫َم َعك ‪ :‬فَأ َ ْثنَى َعلَ ْي ِه َرسُو ُل ّ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم خَ ْيرًا ‪َ ،‬و َدعَا لَهُ بِ َخي ِْر ‪ .‬ثُ ّم بُنِ َي لِ َرس ِ‬ ‫‪3‬‬ ‫صلّى ّ‬ ‫َريشٌ فَ َكانَ فِي ِه ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم ع ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫و في أحد شاورھم وقال فَإ ِ ْن َرأ ْيتُ ْم أ ْن تُقِي ُموا بِال َم ِدينَ ِة َوتَ ْد ُعوھُ ْم َحيْث نَزَ لوا ‪ ،‬فَإ ِ ْن أقَا ُموا‬ ‫‪4‬‬ ‫أَقَا ُموا بِ َش ّر ُمقَ ٍام َوإِ ْن ھُ ْم َدخَ لُوا َعلَ ْينَا قَات َْلنَاھُ ْم فِيھَا‬ ‫اورْ ھُ ْم فِي ْاألَ ْم ِر( بعد غزوة احد‬ ‫و العجيب ان تنزل اية ) َو َش ِ‬ ‫قال سيد قطب ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اورْ ھُ ْم فِي األ ْم ِر( ] سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪" [ 159‬وبھذا النص الجازم يقرر‬ ‫) َو َش ِ‬ ‫اإلسالم ھذا المبدأ‪ ،‬وھو نص قاطع‪ ،‬ال يدع لألمة المسلمة شكا في أن الشورى مبدأ أساسي‪،‬‬ ‫ال يقوم نظام اإلسالم على أساس سواه‪ ،‬أما شكل الشورى‪ ،‬والوسيلة التي تتحقق بھا‪ ،‬فھذه‬ ‫أمور قابلة للتحوير والتطوير‪ ،‬وفق أوضاع األمة ومالبسات حياتھا‪ ،‬وكل شكل‪ ،‬وكل وسيلة‬ ‫تتم بھا حقيقة الشورى ‪-‬ال مظھرھا‪ -‬فھي من اإلسالم"‪.‬‬ ‫"لقد جاء ھذا النص عقب وقوع نتائج للشورى تبدو في ظاھرھا خطيرة مريرة‪ ،‬فقد كان‬ ‫من جرائھا ظاھريا وقوع خلل في وحدة الصف المسلم‪ .‬اختلفت اآلراء قبل معركة أحد‪،‬‬ ‫فرأت مجموعة أن يبقى المسلمون في المدينة محتمين بھا‪ ،‬وتحمست مجموعة أخرى‪ ،‬فرأت‬ ‫الخروج للقاء المشركين‪ ،‬وكان من جراء ھذا االختالف ذلك الخلل في وحدة الصف‪ ،‬إذ عاد‬ ‫عبد ﷲ بن أبي بثلث الجيش )كما وقعت الھزيمة في المعركة(‪".‬‬ ‫ولقد كان من حق القيادة النبوية أن تنبذ مبدأ الشورى كله بعد المعركة‪ ،‬أمام ما أحدثته‬ ‫من انقسام في الصفوف في أحرج الظروف‪ ،‬وأمام النتائج المريرة التي انتھت إليھا المعركة‪.‬‬ ‫)ھكذا قد يبدو لنا األمر(‪ ،‬ولكن اإلسالم كان ينشئ أمة‪ ،‬ويربيھا‪ ،‬ويعدھا لقيادة البشرية‪ ،‬وكان‬ ‫ﷲ يعلم أن خير وسيلة لتربية األمة وإعدادھا للقيادة الرشيدة أن تربى بالشورى‪ ،‬وأن تدرب‬ ‫على حمل التبعة‪ ،‬وأن تخطئ لتعرف كيف تصحح خطأھا‪ ،‬وكيف تحمل تبعات رأيھا‬ ‫وتصرفھا‪ ،‬فھي ال تتعلم الصواب إال إذا زاولت الخطأ‪ ،‬والخسائر ال تھم إذا كانت الحصيلة‬ ‫ھي إنشاء األمة المدربة‪ ،‬المدركة‪ ،‬المقدرة للتبعة‪.‬‬ ‫إن وقوع تلك األحداث‪ ،‬ووجود تلك المالبسات لم يلغ ھذا الحق‪ ،‬ألن ﷲ ‪-‬سبحانه‬ ‫وتعالى‪ -‬يعلم أنه ال بد من مزاولته في أخطر الشئون‪ ،‬ومھما تكن النتائج‪ ،‬ومھما تكن‬ ‫الخسائر‪ ،‬فھذه كلھا جزئيات‪ ،‬ال تقوم أمام إنشاء األمة الراشدة‪ ،‬المدربة بالفعل على الحياة‪،‬‬ ‫المدركة لتبعات الرأي والعمل‪ ،‬الواعية لنتائج الرأي والعمل‪ ،‬ومن ھنا جاء ھذا األمر اإللھي‬ ‫في ھذا الوقت بالذات )فَا ْع ُ‬ ‫اورْ ھُ ْم فِي ْاألَ ْم ِر( ] سورة آل عمران‪،‬‬ ‫ف َع ْنھُ ْم َوا ْستَ ْغفِرْ لَھُ ْم َو َش ِ‬ ‫اآلية‪.[ 159 :‬‬ ‫و في غزوة االحزاب استشارھم فاشار سلمان الفارسي بحفر الخندق‬ ‫‪ 1‬السيرة النبوية‬ ‫‪ 2‬زاد المعاد‬ ‫‪ 3‬الروض االنف‬ ‫‪ 4‬سيرة بن ھشام‬

‫‪122‬‬


‫القائد‬

‫و في عمره الحديبية لما سمع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بأن قريشا ً تريد منعه عن‬ ‫البيت قال‪ :‬أشيروا عل ّي أيھا الناس‪ ،‬أتريدون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟‬ ‫و أخذ بمشورة السيدة ام سلمة ‪:‬‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم الصحابه‪ :‬قوموا فانحروا ثم احلقوا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فوﷲ ما قام منھم رجل‪ ،‬حتى قال ذلك ثالث مرات‪ ،‬فلما لم يقم منھم أحد دخل على‬ ‫أم سلمة فذكر لھا ما لقى من الناس‪ ،‬فقالت أم سلمة‪ :‬يا نبي ﷲ أتحب ذلك ؟ اخرج ثم ال تكلم‬ ‫أحدا منھم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك‪.‬‬ ‫فخرج فلم يكلم أحدا منھم حتى فعل ذلك‪ :‬نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه‪ ،‬فلما رأوا ذلك‬ ‫‪1‬‬ ‫قاموا فنحروا‪ ،‬وجعل بعضھم يحلق بعضا حتى كاد بعضھم يقتل بعضا غما‪.‬‬ ‫و تعلم منه صحابته ففي غزوه مؤته بلغ الناس أن ھرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء‬ ‫في مائة ألف من الروم وانضم إليھم من لخم وجذام والقين وبھراء وبلى مائة ألف منھم عليھم‬ ‫رجل من بلى يقال له مالك بن رافلة‪.‬‬ ‫فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرھم وقالوا نكتب إلى‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا فاما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا‬ ‫بأمره فنمضى له قال فشجع الناس عبدﷲ بن رواحة وقال يا قوم وﷲ إن الذى تكرھون للتى‬ ‫خرجتم لھا تطلبون الشھادة وما نقاتل الناس بعدد والقوة وال كثرة وما نقاتلھم إال بھذا الدين‬ ‫‪2‬‬ ‫الذى أكرمنا ﷲ به فانطلقوا فانما ھي إحدى الحسنيين إما ظھور وإما شھادة‪.‬‬ ‫عن ميمون بن مھران قال ‪ :‬كان أبو بكر إذا ورد عليه خصم نظر فى كتاب ﷲ فإن وجد‬ ‫فيه ما يقضى به قضى به بينھم وإن لم يجد فى كتاب ﷲ نظر ھل كانت من النبى ‪ -‬صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬فيه سنة فإن علمھا قضى بھا فإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين فقال أتانى كذا‬ ‫وكذا فنظرت فى كتاب ﷲ وفى سنة رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فلم أجد فى ذلك‬ ‫شيئا فھل تعلمون أن النبى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬قضى فى ذلك بقضاء فربما قام إليه‬ ‫الرھط فقالوا نعم قضى فيه بكذا وكذا فيأخذ بقضاء رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪-‬‬ ‫ويقول عند ذلك الحمد ) الذى جعل فينا من يحفظ عن نبينا وإن أعياه ذلك دعا رءوس‬ ‫المسلمين وعلماءھم فاستشارھم فإذا اجتمع رأيھم على األمر قضى به وإن عمر بن الخطاب‬ ‫كان يفعل ذلك فإن أعياه أن يجد فى القرآن والسنة نظر ھل كان ألبى بكر فيه قضاء فإن وجد‬ ‫أبا بكر قد قضى فيه بقضاء قضى به وإال دعا رءوس المسلمين وعلماءھم فاستشارھم فإذا‬ ‫‪3‬‬ ‫اجتمعوا على أمر قضى بينھم‬ ‫‪4‬‬ ‫قال على بن ابي طالب ‪":‬ما فعل عثمان الذي فعل في المصاحف اال عن مأل منا "‬ ‫قال عمر بن عبد العزيز ‪ ":‬إن المشورة والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة ال يقتل‬ ‫معھما رأي وال يفقد معھما حزم"‬ ‫نموذج للمستبد ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َخَ‬ ‫اسقِينَ {‬ ‫قال ﷲ سبحانه وتعالى‪} :‬فا ْست ف قوْ َمهُ فأطاعوهُ إِنھُ ْم كانوا قوْ ما ف ِ‬ ‫لما فتح ﷲ على رسوله مكة مشت أشراف ھوازن وثقيف بعضھا إلى بعض‪ ،‬فأشفقوا‪:‬‬ ‫أي خافوا أن يغزوھم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وقالوا‪ :‬قد فرغ لنا‪ ،‬فال ناھية‪ :‬أي ال‬ ‫‪ 1‬السيرة النبوية البن كثير‬ ‫‪ 2‬عيون االثر‬ ‫‪ 3‬الدارمي و البيھقي‬ ‫‪ 4‬فتح الباري‬

‫‪123‬‬


‫القائد‬

‫مانع له دوننا‪ ،‬والرأي أن يغزونا‪ ،‬فحشدوا وبغوا وقالوا‪ :‬وﷲ إن محمداً القى قوما ً ال‬ ‫يحسنون القتال‪ ،‬فأجمعت ھوازن أمرھا‪.‬ا ھـ‪ .‬أي جمعوا‪ ،‬وكان جماع أمر الناس إلى مالك بن‬ ‫عوف النصيري‪ :‬أي بالصاد المھملة رضي ﷲ تعالى عنه‪ ،‬فإنه أسلم بعد ذلك فاجتمع إليه من‬ ‫القبائل جموع كثيرة فيھم بنو سعد بن بكر وھم الذين كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫مسترضعا ً فيھم وحضر معھم دريد بن الصمة‪ ،‬وكان شجاعا ً مجرّبا ً لكنه كبر أي ألنه بلغ‬ ‫مائة وعشرين سنة‪ ،‬وقيل مائة وخمسين‪ ،‬وقيل مائة وسبعين‪ :‬أي وقيل قارب المائتين قاله ابن‬ ‫الجوزي‪ ،‬وقد عمي وصار ال ينتفع إال برأيه ومعرفته بالحرب‪ :‬أي ألنه كان صاحب رأي‬ ‫وتدبير ومعرفة بالحروب‪ ،‬وكان قائد ثقيف ورئيسھم كنانة بن عبد ياليل رضي ﷲ تعالى‬ ‫عنه‪ ،‬فإنه أسلم بعد ذلك‪ ،‬وقيل قارب بن األسود وكان سن مالك بن عوف إذ ذاك ثالثين سنة‪،‬‬ ‫فأمر الناس بأخذ أموالھم ونسائھم وأبنائھم معھم‪ ،‬فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيھم‬ ‫دريد بن الصمة‪ ،‬فقال دريد للناس‪ :‬بأي واد أنتم؟ قالوا‪ :‬بأوطاس‪ ،‬قال‪ :‬نعم محل الخيل‪ .‬وفي‬ ‫لفظ‪ :‬مجال الخيل بالجيم ال حزن ضرس‪ .‬والحزن‪ :‬بفتح الحاء المھملة وإسكان الزاي‬ ‫وبالنون‪ :‬ما غلظ من األرض‪ .‬والضرس بكسر الضاد المعجمة وإسكان الراء وبالسين‬ ‫المھملة‪ :‬ما صلب من األرض‪ ،‬وال سھل دھس‪ .‬والسھل‪ :‬ض ّد الحزن‪ .‬والدھس بفتح الدال‬ ‫المھملة والھاء وبالسين المھملة‪ :‬اللين كثير التراب‪ ،‬ما لي أسمع رغاء البعير ونھاق الحمير‬ ‫بضم النون‪ :‬أي صوتھا‪ ،‬وبكاء الصغير‪ ،‬ويعار الشاء‪ .‬واليعار بضم المثناة تحت وبالعين‬ ‫المھملة المخففة والراء‪ :‬صوت الشاء‪ :‬أي وخوار البقر أي صوتھا‪ ،‬قالوا‪ :‬ساق مالك بن‬ ‫عوف مع الناس أموالھم ونساءھم وأبناءھم‪.‬‬ ‫قال ابن مالك‪ :‬أي وكان توافق معه على أن ال يخالفه‪ ،‬فإنه قال له إنك تقاتل رجالً كريما ً‬ ‫قد أوطأ العرب‪ ،‬وخافته العجم‪ ،‬وأجلى يھود الحجاز‪ ،‬أي غالبھم‪ ،‬إما قتالً‪ ،‬وإما خروجا ً عن‬ ‫ذل وصغار‪ ،‬فقال له‪ :‬ال نخالفنك في أمر تراه‪ ،‬فقيل له‪ :‬ھذا مالك‪ ،‬فقال‪ :‬يا مالك أما إنك قد‬ ‫أصبحت رئيس قومك‪ ،‬وإن ھذا يوم كائن له ما بعده من األيام‪ ،‬ما لي أسمع رغاء البعير‬ ‫ونھاق الحمير‪ ،‬وبكاء الصغير‪ ،‬ويعار الشاء‪ ،‬وخوار البقر؟ قال‪ :‬سقت مع الناس أبناءھم‬ ‫ونساءھم وأموالھم‪ ،‬قال‪ :‬ولم؟ قال‪ :‬أردت أن أجعل خلف كل رجل أھله وماله ليقاتل عنھم‪،‬‬ ‫فأنقض به‪ .‬قال أبو ذر‪ :‬أي زجره كما تزجر الدابة‪ ،‬وھو أن يلصق اللسان بالحنك األعلى‬ ‫ويصوت به‪ ،‬وھو معنى قول األصل‪ :‬أي ص ّوت بلسانه في فيه‪ ،‬ثم قال له‪ :‬راعي‪ .‬وفي لفظ‪:‬‬ ‫رويعي ضأن‪ ،‬وﷲ ماله وللحرب‪ ،‬ثم أشار عليه برد الذرية واألموال وقال‪ :‬ھل ير ّد المنھزم‬ ‫شيء؟ إن كانت لك لم ينفعك إال رجل بسيفه ورمحه‪ ،‬وإن كانت عليك فضحت في أھلك‬ ‫ومالك‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما فعلت كعب وكلب؟ قالوا‪ :‬لم يشھدھا منھم أحد‪ ،‬قال‪ :‬غاب الحد والجد‪،‬‬ ‫األول بفتح الحاء المھملة والثاني بالمعجمة مكسورة ضد الھزل‪ ،‬وبفتحھا الحظ‪ ،‬لو كان يوم‬ ‫عال ورفعة ما غابا‪ ،‬ثم أشار عليه بأمور لم يقبلھا مالك منه وقال‪ :‬وﷲ ال أطيعك‪ ،‬إنك قد‬ ‫كبرت وضعف رأيك‪ ،‬فقال دريد لھوازن‪ :‬قد شرط يعني مالكا ً أن ال يخالفني فقد خالفني‪ ،‬فأنا‬ ‫أرجع إلى أھلي فمنعوه‪ ،‬وقال مالك‪ :‬وﷲ لتطيعنني يا معشر ھوازن أو ألتكئن على ھذا‬ ‫السيف حتى يخرج من ظھري‪ ،‬وكره أن يكون لدريد فيھا رأي أو ذكر‪ ،‬قالوا‪ :‬أطعناك‪ :‬أي ثم‬ ‫جعل النساء فوق اإلبل وراء المقاتلة صفوفاً‪ ،‬ثم جعلوا اإلبل صفوفا ً والبقر والغنم وراء ذلك‬ ‫لئال يفروا‪ .‬وفي لفظ‪ :‬صفت الخيل ثم الرجالة المقاتلة‪ ،‬ثم صفت النساء على اإلبل‪ ،‬ثم صفت‬ ‫‪1‬‬ ‫الغنم‪ ،‬ثم صفت النعم‬

‫‪ 1‬السية الحلبية‬

‫‪124‬‬


‫القائد‬

‫و كثير من المديرين يجذبون اليھم من يميل رأيھم الى راى المدير ‪ ،‬و يوافقونھم بال مناقشة‬ ‫و كان االسھل أن يحضروا ببغاءا او شريط تسجيل و يضمونه لمجلس االدارة‬ ‫و من المؤسف ان الرئيس السادات رحمه ﷲ استشار جميع القادة في مجلس الحرب في‬ ‫مسئلة الثغرة اال سيادة الفريق الشاذلي لعلمه انه يخالفه في الرأى‬ ‫لقد كان ھناك من أھل الحلم من يتظاھر برأى خاطئ ليرى من يوافقه من جلسائه فينحيه عنه‬ ‫عن الربيع بن زياد الحارثى ‪ :‬أنه وفد إلى عمر بن الخطاب فأعجبته ھيئته ونحوه فشكى‬ ‫عمر طعاما غليظا أكله فقال الربيع ‪ :‬يا أمير المؤمنين إن أحق الناس بطعام لين ومركب لين‬ ‫وملبس لين ألنت ‪ ،‬فرفع عمر جريدة معه فضرب بھا رأسه وقال أما وﷲ ما أراك أردت بھا ﷲ‬ ‫وما أردت بھا إال مقاربتى ‪ ،‬إن كنت ألحسب أن فيك ويحك ھل تدرى ما مثلى ومثل ھؤالء قال ‪:‬‬ ‫وما مثلك ومثلھم قال ‪ :‬مثل قوم سافروا فدفعوا نفقاتھم إلى رجل منھم فقالوا له ‪ :‬أنفق علينا ‪ ،‬فھل‬ ‫‪1‬‬ ‫يحل له أن يستأثر منھا بشىء قال ‪ :‬ال يا أمير المؤمنين قال ‪ :‬فكذلك مثلى ومثلھم‬ ‫اال ترى الصحابه كيف يشير كل منھم على الحبيب محمد كل برأيه ‪ ،‬فيشير ابو بكر‬ ‫بالعفو ‪ ،‬و يشير عمر بالعقوبه ‪.‬‬ ‫و اختلفا في قتال مانعي الزكاة‬ ‫و ثبت في الصحيح عن ابن عمر قال ‪ } :‬كاد الخيران أن يھلكا ‪ :‬أبو بكر وعمر ‪،‬‬ ‫رفعا أصواتھما عند النبي صلى ﷲ عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم ‪ ،‬فأشار أحدھما‬ ‫باألقرع بن حابس أخي بني مجاشع ‪ ،‬وأشار اآلخر برجل آخر قال نافع عنه ‪ :‬ال أحفظ‬ ‫اسمه ‪ ،‬فقال أبو بكر لعمر ‪ :‬ما أردت إال خالفي ‪ .‬قال ‪ :‬ما أردت ذلك ‪ ،‬فارتفعت‬ ‫أصواتھما في ذلك ( و رغم ھذا كان كال منھما يعرف قدر صاحبة‬ ‫و خالف بن مسعود عمر الفاروق في مسائل كثيرة بلغت مئه مسئلة و قال عنه مترحما‬ ‫‪ -:‬إن عمر كان لإلسالم حصنا حصينا ‪ ،‬يدخل فيه اإلسالم وال يخرج منه ؛ فلما قتل عمر‬ ‫انثلم الحصن‬ ‫و يعترض سعد بن معاذ و سعد بن عباده بأدب بعد السؤال في الصلح مع غطفان له‪ ":‬يا‬ ‫رسول ﷲ أمرا نحبه فنصنعه أم شيئا أمرك ﷲ به ال بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا "‬ ‫فلما تبين لھم أنه شئ صنعه النبي لھم طلبوا منه اال يتم الصلح‬ ‫ابن تيمية‪" :‬وأمرنا بالعدل والقسط فال يجوز لنا إذا قال يھودي أو نصراني فضال عن‬ ‫الرافضي قوال فيه حق أن نتركه أو نرده كله" فكيف يرد رأى مسلم نرجو خيره و نأمن شره‬ ‫و ال يذوب شخصية أحد في شخصية القائد او المدير اال كان في ھذا نكسه و خساره‬ ‫فنصيحتى لك اال تذوب في شخصيوة احد فأنت كجبل الجليد طاقاتك الداخلية اعظم مما‬ ‫يظھر على السطح‬

‫و الشورى تكون مع تقريب أھل العلم و الفضل و الدين الذين لھم خبرة و ليس لھم مصلحه‬ ‫شخصية في األمر‬

‫‪ 1‬بن سعد‬

‫‪125‬‬


‫القائد‬

‫كما في حديث االفك ‪ " ":‬فدعا علي بن أبي طالب رضوان ﷲ عليه ‪ ،‬و أسامة بن زيد ‪،‬‬ ‫فاستشارھما ‪ ،‬فأما أسامة فأثنى عل ّي خيراً و قاله ‪ ،‬قال ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬أھلك و ال نعلم منھم‬ ‫إال خيراً ‪ ،‬و ھذا الكذب و الباطل ‪ ،‬و أما علي فإنه قال ‪ :‬يا رسول ﷲ إن النساء لكثير ‪ ،‬و إنك‬ ‫‪1‬‬ ‫لقادر على أن تستخلف وسل الجارية ‪ ،‬فإنھا ستصدقك "‬ ‫و في الخندق ‪ " :‬أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بعث إلى سعد بن معاذ و سعد بن عبادة ‪،‬‬ ‫فذكر ذلك لھما ‪ ،‬و استشارھما فيه ‪ ،‬فقاال له ‪ :‬يا رسول ﷲ أمراً تحبه فنصنعه ‪ ،‬أم شيئا ً أمرك ﷲ‬ ‫به ‪ ،‬ال بد لنا من العمل به ‪ ،‬أم شيئا ً تصنعه لنا ؟ قال ‪ :‬بل شيء أصنعه لكم ‪ ،‬و ﷲ ما أصنع ذلك‬ ‫إال ألنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة و كالبوكم من كل جانب ‪ ،‬فأردت أن أكسر‬ ‫عنكم من شوكتھم إلى أمر ما ‪ ،‬فقال له سعد بن معاذ ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬قد كنا نحن و ھؤالء القوم‬ ‫على الشرك با) و عبادة األوثان ‪ ،‬ال نعبد ﷲ و ال نعرفه ‪ ،‬و ھم ال يطمعون أن يأكلوا منھا‬ ‫ثمرة إال قرى أو بيعا ً ‪ ،‬أفحين أكرمنا ﷲ باإلسالم و ھدانا له ‪ ،‬و أعزنا بك و به ‪ ،‬نعطيھم أموالنا‬ ‫! و ﷲ مالنا بھذا من حاجة ‪ ،‬و ﷲ ال نعطيھم إال السيف حتى يحكم ﷲ بيننا و بينھم ‪ ،‬قال‬ ‫رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه و سلم ‪ ، -‬فأنت و ذاك ‪ ،‬فتناول سعد بن معاذ الصحيفة ‪ ،‬فمحى ما‬ ‫‪2‬‬ ‫فيھا من الكتاب ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬ليجھدوا علينا "‬ ‫أمرعمر بن الخطاب ابو عبيدة بن مسعود أن يستشير أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪،‬‬ ‫‪3‬‬ ‫وأن يستشير سليط بن قيس فإنه رجل باشر الحروب‬ ‫وقال عمر بن عبد العزيز‪ :‬ألن يكون لي مجلس من عبيد ﷲ أحب إلي من الدنيا؛ " وقال‪ :‬وﷲ‬ ‫إني ألشتري ليلة من ليالي عبيد ﷲ بألف دينار من بيت المال‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬تقول ھذا‬ ‫مع تحريك وشدة تحفظك؟ فقال‪ :‬أين يذھب بكم؟ وﷲ إني ألعود برأيه وبنصيحته وبھدايته على‬ ‫بيت مال المسلمين بألوف وألوف‪ ،‬إن في المحادثة تلقيحا ً للعقل‪ ،‬وترويحا ً للقلب‪ ،‬وتسريحا ً للھ ّم‪،‬‬ ‫وتنقيحا ً لألدب "‪.‬‬ ‫مر حارثة بن زيد باألحنف بن قيس فقال ‪ :‬لوال أنك عجالن لشاورتك في بعض األمر قال ‪ :‬يا‬ ‫حارثة أجل كانوا ال يشاورون الجائع حتى يشبع ‪ ،‬والعطشان حتى ينقع ‪ ،‬واألسير حتى يطلق ‪،‬‬ ‫والمضل حتى يجد ‪ ،‬والراغب حتى يمنح وكان يقال استشر عدوك العاقل ‪ ،‬وال تستشر صديقك‬ ‫األحمق ‪ ،‬فإن العاقل يتقي على رأيه الزلل كما يتقي الورع على دينه الحرج ‪ ،‬وكان يقال ال تدخل‬ ‫في رأيك بخيال فيقصر فعلك ‪ ،‬وال جبانا فيخوفك ما ال يخاف ‪ ،‬وال حريصا فيبعدك عما ال يرجى‬ ‫‪4‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫و االبتعاد عن اھل الفساد } يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آَ َمنُوا َال تَت ﱠ ِخ ُذوا بِ َ‬ ‫طانَةً ِم ْن ُدونِ ُك ْم َال يَألُونَ ُك ْم َخبَ ًاال َو ﱡدوا َما‬ ‫ضا ُء ِم ْن أَ ْف َوا ِھ ِھ ْم َو َما تُ ْخفِي ُ‬ ‫ت إِ ْن ُك ْنتُ ْم تَ ْعقِلُونَ‬ ‫ت ْالبَ ْغ َ‬ ‫ص ُدو ُرھُ ْم أَ ْكبَ ُر قَ ْد بَيﱠنﱠا لَ ُك ُم ْاآلَيَا ِ‬ ‫َعنِ ﱡت ْم قَ ْد بَ َد ِ‬ ‫)‪{ (118‬‬ ‫و ال تشاور مشغوال وإن كان حازما‪ .‬بل أنتظر أن يفرغ لك و يصغي و يستمع اليك‬ ‫مزايا الشورى‬ ‫‪ .1‬أحساس أعضاء الفريق ان القرار قراراھم‬ ‫‪ .2‬التوصل ألفضل االراء‬ ‫‪ .3‬تحمل المسؤولية مشاركة‬ ‫‪ 1‬سيرة بن ھشام‬ ‫‪ 2‬سيرة بن ھشام‬ ‫‪ 3‬البداية و النھاية‬ ‫‪ 4‬االداب الشرعية‬

‫‪126‬‬


‫القائد‬

‫‪ .4‬اعداد قادة بأمكانھم اتخاذ القرار‬

‫‪ .5‬التنظيم‬ ‫كل شخص في المنظومة يعلم ما له و ما عليه و ما ھو المطلوب منه و ما ھو السلم االداري‬ ‫و حين يفوض احد المھام يوضح "من القائد" و ما ھى المھام المطلوبة على اال يتعدد القاده في‬ ‫نفس الوقت‬ ‫فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :‬زيد بن حارثة أمير الناس‪ ،‬فإن قتل زيد فجعفر بن أبي‬ ‫طالب‪ ،‬فإن قتل جعفر فعبد ﷲ بن رواحة‪ ،‬فإن قتل عبدﷲ بن رواحة فليرتض المسلمون بينھم‬ ‫‪1‬‬ ‫رجال فليجعلوه عليھم "‪.‬‬ ‫قال ابن عباس بت ذات ليلة عند ميمونة بنت الحارث فقام النبي صلى ﷲ عليه وسلم يصلي من‬ ‫‪2‬‬ ‫الليل فقمت عن يساره فأخذ بذؤابة كانت لي أو برأسي فأقامني عن يمينه ‪.‬‬ ‫وعن جابر بن عبد ﷲ ‪-‬رضي ﷲ عنھما‪ -‬قال‪ :‬قام رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬ليصلي فجئت‬ ‫فقمت عن يساره‪ ،‬فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه‪ ،‬ثم جاء جبار بن صخر فأخذ بأيدينا‬ ‫‪3‬‬ ‫جميعا ً فدفعنا حتى أقامنا خلفه(‬ ‫‪ .6‬التفويض‬ ‫ين أَ ِم ٌ‬ ‫ال إِنﱠكَ ْاليَوْ َم لَ َد ْينَا َم ِك ٌ‬ ‫ال ْال َملِ ُ‬ ‫ال‬ ‫ين )‪ (54‬قَ َ‬ ‫ك ا ْئتُونِي بِ ِه أَ ْست َْخلِصْ هُ لِنَ ْف ِسي فَلَ ﱠما َكلﱠ َمهُ قَ َ‬ ‫} َوقَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ض يَتَبَ ﱠوأ ِم ْنھَا‬ ‫ض إِنﱢي َحفِيظٌ َعلِي ٌم )‪َ (55‬و َك َذلِكَ َم ﱠكنﱠا لِيُوسُفَ فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫اجْ َع ْلنِي َعلَى خَ زَائِ ِن ْاألَرْ ِ‬ ‫َحي ُ‬ ‫ضي ُع أَجْ َر ْال ُمحْ ِسنِينَ )‪َ (56‬و َألَجْ ُر ْاآلَ ِخ َر ِة خَ ْي ٌر لِلﱠ ِذينَ‬ ‫صيبُ بِ َرحْ َمتِنَا َم ْن نَ َشا ُء َو َال نُ ِ‬ ‫ْث يَ َشا ُء نُ ِ‬ ‫آَ َمنُوا َو َكانُوا يَتﱠقُونَ )‪{(57‬‬ ‫ان {‬ ‫اونُوا َعلَى ْالبِرﱢ َوالتﱠ ْق َوى َو َال تَ َع َ‬ ‫} َوتَ َع َ‬ ‫اإل ْث ِم َو ْال ُع ْد َو ِ‬ ‫اونُوا َعلَى ْ ِ‬ ‫َت ْاآليَةُ قَ ْد أَوْ َجبَ ْ‬ ‫قال االمام بن تيمية ‪َ .‬وإِ َذا َكان ْ‬ ‫ت إلَى أَ ْھلِھَا َو ْال ُح ْك َم بِ ْال َع ْد ِل ‪:‬‬ ‫ت أَدَا َء ْاألَ َمانَا ِ‬ ‫ان ِج َما ُ‬ ‫ع ال ﱢسيَا َس ِة ْال َعا ِدلَ ِة َو ْال ِو َاليَ ِة الصﱠالِ َح ِة ‪.‬‬ ‫فَھَ َذ ِ‬ ‫َان ‪ .‬أَ َح ُدھُ َما ْال ِو َاليَ ُ‬ ‫ول ْاآليَ ِة ‪ .‬فَإ ِ ﱠن‬ ‫ات ‪َ :‬وھُ َو َكانَ َسبَ َ‬ ‫فَصْ ٌل أَ ﱠما أَدَا ُء ْاألَ َمانَا ِ‬ ‫ب نُ ُز ِ‬ ‫ت فَفِي ِه نَوْ ع ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫يح ْال َك ْعبَ ِة ِم ْن بَنِي َش ْيبَةَ َ‬ ‫طلَبَھَا ِم ْنهُ ْال َعبﱠاسُ ‪.‬‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم لَ ﱠما فَت َ​َح َم ﱠكةَ َوتَ َسل ﱠ َم َمفَاتِ َ‬ ‫ي َ‬ ‫النﱠبِ ﱠ‬ ‫ت فَأ َ ْنزَ َل ﱠ‬ ‫يح ْال َك ْعبَ ِة إلَى بَنِي َش ْيبَةَ ‪.‬‬ ‫ﷲُ ھَ ِذ ِه ْاآليَةَ فَ َدفَ َع َمفَاتِ َ‬ ‫لِيَجْ َم َع لَهُ بَ ْينَ ِسقَايَ ِة ْال َحاجﱢ َو ِسدَانَ ِة ْالبَ ْي ِ‬ ‫ال ْال ُم ْسلِ ِمينَ أَصْ لَ َح َم ْن يَ ِج ُدهُ لِ َذلِكَ ْال َع َم ِل‬ ‫فَيَ ِجبُ َعلَى َولِ ﱢي ْاألَ ْم ِر أَ ْن يُ َولﱢ َي َعلَى ُكلﱢ َع َم ٍل ِم ْن أَ ْع َم ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم } َم ْن َولِ َي ِم ْن أَ ْم ِر ْال ُم ْسلِ ِمينَ َش ْيئًا فَ َولﱠى َرج ًُال َوھُ َو يَ ِج ُد َم ْن ھُ َو‬ ‫ال النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫قَ َ‬ ‫أَصْ لَ ُح لِ ْل ُم ْسلِ ِمينَ ِم ْنهُ فَقَ ْد خَ انَ ﱠ‬ ‫صابَ ٍة َوھُ َو‬ ‫ﷲَ َو َرسُولَهُ { ‪َ .‬وفِي ِر َوايَ ٍة ‪َ } :‬م ْن َولﱠى َرج ًُال َعلَى ِع َ‬ ‫ضى ِ ﱠ)ِ ِم ْنهُ فَقَ ْد خَ انَ ﱠ‬ ‫ﷲَ َو َرسُولَهُ َوخَ انَ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ { َر َواهُ ْال َحا ِك ُم‬ ‫صابَ ِة َم ْن ھُ َو أَرْ َ‬ ‫يَ ِج ُد فِي تِ ْلكَ ْال ِع َ‬ ‫ال ُع َم ُر ب ُْن‬ ‫يح ِه ‪َ .‬و َر َوى بَ ْع ُ‬ ‫ي َذلِكَ َع ْنهُ ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ُو َ‬ ‫فِي َ‬ ‫ص ِح ِ‬ ‫ضھُ ْم أَنﱠهُ ِم ْن قَوْ ِل ُع َم َر ‪ِ :‬الب ِْن ُع َم َر ر ِ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ " َم ْن َولِ َي ِم ْن أَ ْم ِر ْال ُم ْسلِ ِمينَ َش ْيئًا فَ َولﱠى َرج ًُال لِ َم َو ﱠد ِة أَوْ قَ َرابَ ٍة بَ ْينَھُ َما فَقَدْ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫ْالخَ طﱠا ِ‬ ‫‪ 1‬سيرة بن كثير‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬مسلم‬

‫‪127‬‬


‫القائد‬

‫خَ انَ ﱠ‬ ‫اجبٌ َعلَ ْي ِه ‪ .‬فَيَ ِجبُ َعلَ ْي ِه ْالبَحْ ُ‬ ‫ت‬ ‫ث ع َْن ْال ُم ْستَ ِحقﱢينَ لِ ْل ِو َاليَا ِ‬ ‫ﷲَ َو َرسُولَهُ َو ْال ُم ْسلِ ِمينَ " ‪َ .‬وھَ َذا َو ِ‬ ‫ار ؛ ِم ْن ْاألُ َم َرا ِء الﱠ ِذينَ ھُ ْم نُ ﱠوابُ ِذي الس ْﱡل َ‬ ‫ضا ِة َونَحْ ِو ِھ ْم َو ِم ْن أُ َم َرا ِء‬ ‫ان َو ْالقُ َ‬ ‫ِم ْن نُ ﱠوابِ ِه َعلَى ْاألَ ْم َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ب َوال ﱠشا ِدينَ َوال ﱡس َعا ِة‬ ‫ال ‪ِ :‬م ْن ْال ُوزَ َرا ِء َو ْال ُكتﱠا ِ‬ ‫ار َو ُو َال ِة ْاألَ ْم َو ِ‬ ‫َار َو ْال ِكبَ ِ‬ ‫ْاألَجْ نَا ِد َو ُمقَ ﱢد ِمي ْال َع َسا ِك ِر الصﱢ غ ِ‬ ‫ْ‬ ‫اح ٍد ِم ْن ھَ ُؤ َال ِء أَ ْن‬ ‫اج َوال ﱠ‬ ‫ال الﱠتِي لِ ْل ُم ْسلِ ِمينَ ‪َ .‬و َعلَى ُكلﱢ َو ِ‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫ت َو َغي ِْر َذلِكَ ِم ْن ْاألَ ْم َو ِ‬ ‫َعلَى الخَ َر ِ‬ ‫يب َويَ ْستَ ْع ِم َل أَصْ لَ َح َم ْن يَ ِج ُدهُ ؛ َويَ ْنتَ ِھي َذلِكَ إلَى أَئِ ﱠم ِة الص َﱠال ِة َو ْال ُمؤَ ﱢذنِينَ َو ْال ُم ْق ِرئِينَ َو ْال ُم َعلﱢ ِمينَ‬ ‫يَ ْستَنِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُون َوال َح ﱠدا ِدينَ‬ ‫ان األ ْم َو ِ‬ ‫ﱠاس ال ُحص ِ‬ ‫ُون ال ِذينَ ھُ ْم القصﱠا ُد َوخز ِ‬ ‫َوأُ َم َرا ِء ال َحاجﱢ َوالبَ َر ِد َوال ُعي ِ‬ ‫ال َو ُحر ِ‬ ‫َار َو َعرْ فَا ِء ْالقَبَائِ ِل‬ ‫الﱠ ِذينَ ھُ ْم ْالبَ ﱠوابُونَ َعلَى ْال ُحص ِ‬ ‫ار َوالصﱢ غ ِ‬ ‫ُون َو ْال َمدَائِ ِن َونُقَبَا ِء ْال َع َسا ِك ِر ْال ِكبَ ِ‬ ‫اق َورُؤَ َسا ِء ْالقُ َرى الﱠ ِذينَ ھُ ْم " ال ﱠدھَاقِ ُ‬ ‫ين " ‪ .‬فَيَ ِجبُ َعلَى ُكلﱢ َم ْن َولِ َي َش ْيئًا ِم ْن أَ ْم ِر ْال ُم ْسلِ ِمينَ‬ ‫َو ْاألَس َْو ِ‬ ‫ض ٍع أَصْ لَ َح َم ْن يَ ْق ِد ُر َعلَ ْي ِه َو َال يُقَ ﱢد ُم ال ﱠرج َُل‬ ‫ِم ْن ھَ ُؤ َال ِء َو َغي ِْر ِھ ْم أَ ْن يَ ْستَ ْع ِم َل فِي َما تَحْ تَ يَ ِد ِه فِي ُكلﱢ َموْ ِ‬ ‫لِ َكوْ نِ ِه َ‬ ‫ب ؛ بَلْ يَ ُك ُ‬ ‫يح َع ْن النﱠبِ ﱢي‬ ‫ون َذلِكَ َسبَبًا لِ ْل َم ْن ِع ؛ فَإ ِ ﱠن فِي ال ﱠ‬ ‫ب ْال ِو َاليَةَ أَوْ َسبَ َ‬ ‫طلَ َ‬ ‫ق فِي الطﱠلَ ِ‬ ‫ص ِح ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم } أَ ﱠن قَوْ ًما َدخَ لُوا َعلَ ْي ِه فَ َسأَلُوهُ ِو َاليَةً ؛ فَقَا َل ‪ :‬إنﱠا َال نُ َولﱢي أَ ْم َرنَا ھَ َذا َم ْن َ‬ ‫طلَبَهُ {‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ارةَ فَإِنﱠك ْ‬ ‫إن أ ْع ِطيتھَا ِم ْن َغي ِْر‬ ‫اإل َم َ‬ ‫‪َ } .‬وقَ َ‬ ‫ال لِ َع ْب ِد الرﱠحْ َم ِن ب ِْن َس ُم َرةَ ‪ :‬يَا َع ْب َد الرﱠحْ َم ِن َال تَسْألْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صلﱠى ﷲُﱠ‬ ‫ال َ‬ ‫يحي ِْن َوقَ َ‬ ‫ﱠح َ‬ ‫َمسْأَلَ ٍة أُ ِع ْنت َعلَ ْيھَا ؛ َوإِ ْن أ ْع ِطيتھَا ع َْن َمسْألَ ٍة ُو ِكلت إلَ ْيھَا { أ ْخ َر َجاهُ فِي الص ِ‬ ‫ضا َء َوا ْستَ َعانَ َعلَ ْي ِه ُو ِك َل إلَ ْي ِه َو َم ْن لَ ْم يَ ْ‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم } َم ْن َ‬ ‫ضا َء َولَ ْم يَ ْستَ ِع ْن َعلَ ْي ِه ؛‬ ‫طلُبْ ْالقَ َ‬ ‫ب ْالقَ َ‬ ‫طلَ َ‬ ‫أَ ْنزَ َل ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َملَ ًكا يُ َس ﱢد ُدهُ { ‪َ .‬ر َواهُ أَ ْھ ُل ال ﱡسن َُن ‪ .‬فَإ ِ ْن َعد َ​َل ع َْن ْاألَ َح ﱢ‬ ‫ح إلَى َغي ِْر ِه ِألَجْ ِل‬ ‫ق ْاألَصْ لَ ِ‬ ‫ب أَوْ َ‬ ‫س ‪َ :‬ك ْال َع َربِيﱠ ِة‬ ‫صدَاقَ ٍة أَوْ ُم َرافَقَ ٍة فِي بَلَ ٍد أَوْ َم ْذھَ ٍ‬ ‫قَ َرابَ ٍة بَ ْينَھُ َما أَوْ َو َال ِء َعتَاقَ ٍة أَوْ َ‬ ‫ط ِريقَ ٍة أَوْ ِج ْن ٍ‬ ‫ب‬ ‫ال أَوْ َم ْنفَ َع ٍة ؛ أَوْ َغي ِْر َذلِكَ ِم ْن ْاألَ ْسبَا ِ‬ ‫ار ِسي ﱠ ِة َوال ﱡترْ ِكيﱠ ِة َوالرﱡ و ِمي ﱠ ِة ؛ أَوْ لَ ِر ْش َو ٍة يَأْ ُخ ُذھَا ِم ْنهُ ِم ْن َم ٍ‬ ‫َو ْالفَ ِ‬ ‫َاو ٍة بَ ْينَھُ َما ؛ فَقَ ْد خَ انَ ﱠ‬ ‫ضغ َِن فِي قَ ْلبِ ِه َعلَى ْاألَ َح ﱢ‬ ‫ﷲَ َو َرسُولَهُ َو ْال ُم ْؤ ِمنِينَ َو َدخ َ​َل فِي َما نُ ِھ َي‬ ‫أَوْ لِ َ‬ ‫ق أَوْ َعد َ‬ ‫َع ْنهُ فِي قَوْ له تَ َعالَى } يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا َال تَ ُخونُوا ﱠ‬ ‫ُول َوتَ ُخونُوا أَ َمانَاتِ ُك ْم َوأَ ْنتُ ْم تَ ْعلَ ُمونَ {‬ ‫ﷲَ َوال ﱠرس َ‬ ‫ال ‪َ } :‬وا ْعلَ ُموا أَن ﱠ َما أَ ْم َوالُ ُك ْم َوأَوْ َال ُد ُك ْم فِ ْتنَةٌ َوأَ ﱠن ﱠ‬ ‫َظي ٌم { ‪ .‬فَإ ِ ﱠن ال ﱠر ُج َل لِ ُحبﱢ ِه لِ َولَ ِد ِه‬ ‫ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫ﷲَ ِع ْن َدهُ أَجْ ٌر ع ِ‬ ‫ت أَوْ يُ ْع ِطي ِه َما َال يَ ْست َِح ﱡقهُ ؛ فَيَ ُك ُ‬ ‫ون قَ ْد خَ انَ أَ َمانَتَهُ ؛ َو َك َذلِكَ قَ ْد‬ ‫ْض ْال ِو َاليَا ِ‬ ‫أَوْ لِ َعتِيقِ ِه قَ ْد ي ُْؤثِ ُرهُ فِي بَع ِ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫ْض ْال ِو َاليَا ِ‬ ‫ي ُْؤثِ ُرهُ ِزيَا َدةً فِي َمالِ ِه أَوْ ِح ْف ِظ ِه ؛ بِأ َ ْخ ِذ َما َال يَ ْست َِح ﱡقهُ أَوْ ُم َحابَا ِة َم ْن يُدَا ِھنُهُ فِي بَع ِ‬ ‫ﱢي لِ ْألَ َمانَ ِة َم َع ُمخَالَفَ ِة ھ َ​َواهُ يُثَبﱢتُهُ ﱠ‬ ‫ون قَ ْد خَ انَ ﱠ‬ ‫ﷲَ َو َرسُولَهُ َوخَ انَ أَ َمانَتَهُ ‪ .‬ثُ ﱠم ﱠ‬ ‫فَيَ ُك ُ‬ ‫ﷲُ فَيَحْ فَظُهُ‬ ‫إن ْال ُمؤَ د َ‬ ‫فِي أَ ْھلِ ِه َو َمالِ ِه بَ ْع َدهُ َو ْال ُم ِطي ُع لِھَ َواهُ يُ َعاقِبُهُ ﱠ‬ ‫يض قَصْ ِد ِه فَيُ ِذلﱡ أَ ْھلَهُ َوي ُْذ ِھبُ َمالَهُ ‪َ .‬وفِي َذلِكَ‬ ‫ﷲُ بِنَقِ ِ‬ ‫ال ‪:‬‬ ‫ْض ا ْل ُعلَ َما ِء أَ ْن ي َُح ﱢدثَهُ َع ﱠما أَ ْد َركَ فَقَ َ‬ ‫ﱠاس َسأ َ َل بَع َ‬ ‫ُورةُ ؛ أَ ﱠن بَع َ‬ ‫ْال ِح َكايَةُ ْال َم ْشھ َ‬ ‫ْض ُخلَفَا ِء بَنِي ْال َعب ِ‬ ‫ال َوت َ​َر ْكتھ ْم‬ ‫يل لَهُ ‪ :‬يَا أَ ِم َ‬ ‫يز ؛ قِ َ‬ ‫ير ْال ُم ْؤ ِمنِينَ أَ ْقفَرْ ت أَ ْف َواهَ بَنِيك ِم ْن ھَ َذا ْال َم ِ‬ ‫أَ ْد َر ْكت ُع َم َر ْبنَ َع ْب ِد ْال َع ِز ِ‬ ‫ي ؛ فَأَدْخَ لُوھُ ْم ؛ َوھُ ْم بِضْ َعةَ َع َش َر‬ ‫ض َموْ تِ ِه ‪ -‬فَقَ َ‬ ‫ال ‪ :‬أَ ْد ِخلُوھُ ْم َعلَ ﱠ‬ ‫فُقَ َرا َء َال َش ْي َء لَھُ ْم ‪َ -‬و َكانَ فِي َم َر ِ‬ ‫ً‬ ‫ي َو َ ﱠ‬ ‫ْس فِي ِھ ْم بَالِ ٌغ فَلَ ﱠما َرآھُ ْم َذ َرفَ ْ‬ ‫ﷲِ َما َمنَ ْعتُ ُك ْم َحقّا ھُ َو لَ ُك ْم َولَ ْم أَ ُك ْن‬ ‫ت َع ْينَاهُ ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫َذ َكرًا لَي َ‬ ‫ال لَھُ ْم ‪ :‬يَا بَنِ ﱠ‬ ‫صالِ ٌح فَا َ ﱠ)ُ يَت َ​َولﱠى الصﱠالِ ِحينَ ؛‬ ‫اس فَأ َ ْدفَ َعھَا إلَ ْي ُك ْم ؛ َوإِنﱠ َما أَ ْنتُ ْم أَ َح ُد َر ُجلَي ِْن ‪ :‬إ ﱠما َ‬ ‫بِاَلﱠ ِذي آ ُخ ُذ أَ ْم َو َ‬ ‫ال النﱠ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْصيَ ِة ﱠ‬ ‫ف لَهُ َما يَ ْستَ ِع ُ‬ ‫ح فَ َال أخَ لﱢ ُ‬ ‫ْض‬ ‫ال ‪ :‬فَلَقَ ْد َرأَيْت بَع َ‬ ‫ﷲِ قُو ُموا َعنﱢي ‪ .‬قَ َ‬ ‫َوإِ ﱠما َغ ْي ُر َ‬ ‫ين بِ ِه َعلَى َمع ِ‬ ‫صالِ ٍ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ ؛ يَ ْعنِي أَ ْع َ‬ ‫طاھَا لَ ِم ْن يَ ْغ ُزو َعلَ ْيھَا ‪ .‬قُ ْلت ‪ :‬ھَ َذا َوقَ ْد َكانَ‬ ‫س فِي َسبِ ِ‬ ‫بَنِي ِه َح َم َل َعلَى ِمائَ ِة فَ َر ٍ‬ ‫س َو َغي ِْرھَا َو ِم ْن‬ ‫ق بِ َال ِد ال ﱡترْ ِك إلَى أَ ْق َ‬ ‫خَ لِيفَةُ ْال ُم ْسلِ ِمينَ ِم ْن أَ ْق َ‬ ‫صى ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫ب بِ َال ِد ْاألَ ْن َدلُ ِ‬ ‫صى ْال َم ْش ِر ِ‬ ‫اح ٌد‬ ‫ص ِم كطرسوس َونَحْ ِوھَا إلَى أَ ْق َ‬ ‫َجزَ ائِ ِر قُ ْبر َ‬ ‫صى ْاليَ َم ِن ‪َ .‬وإِنﱠ َما أَخَ َذ ُكلﱡ َو ِ‬ ‫ور ال ﱠش ِام َو ْال َع َوا ِ‬ ‫ُص َوثُ ُغ ِ‬ ‫ْض ْال ُخلَفَا ِء َوقَ ْد‬ ‫ضرْ ت بَع َ‬ ‫ال َو َح َ‬ ‫ِم ْن أَوْ َال ِد ِه ِم ْن ت َِر َكتِ ِه َش ْيئًا يَ ِسيرًا يُقَا ُل ‪ :‬أَقَلﱡ ِم ْن ِع ْش ِرينَ ِدرْ ھَ ًما ‪ -‬قَ َ‬ ‫ْضھُ ْم يَتَ َكفﱠ ُ‬ ‫اس ‪ -‬أَيْ‬ ‫ف النﱠ َ‬ ‫َار ؛ َولَقَ ْد َرأَيْت بَع َ‬ ‫اح ٍد ِم ْنھُ ْم ِستّ ِمائَ ِة أَ ْل ِ‬ ‫ا ْقتَ َس َم ت َِر َكتَهُ بَنُوهُ فَأَخَ َذ ُكلﱡ َو ِ‬ ‫ف ِدين ٍ‬ ‫ان َو ْال َم ْس ُمو َع ِة َع ﱠما قَ ْبلَهُ ؛‬ ‫ب ِم ْن ْال ِح َكايَا ِ‬ ‫يَسْأَلُھُ ْم بِ َكفﱢ ِه ‪َ -‬وفِي ھَ َذا ْالبَا ِ‬ ‫ت َو ْال َوقَائِ ِع ْال ُم َشاھَ َد ِة فِي ال ﱠز َم ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َعلَى أَ ﱠن ْال ِو َاليَ ِة أَ َمانَةٌ‬ ‫َما فِي ِه ِعب َْرةٌ لِ ُكلﱢ ِذي لُبﱟ ‪َ .‬وقَ ْد َدلﱠ ْ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ت ُسنﱠةُ َرس ِ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ار ِة ‪ :‬إنﱠھَا‬ ‫اإل َم َ‬ ‫ض َع ‪ِ :‬م ْث َل َما تَقَ ﱠد َم َو ِم ْث َل } قَوْ لِ ِه ِألَبِي َذرﱟ َر ِ‬ ‫يَ ِجبُ أَدَا ُؤھَا فِي َم َوا ِ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ فِي ْ ِ‬ ‫ي َونَدَا َمةٌ ﱠإال َم ْن أَخَ َذھَا بِ َحقﱢھَا َوأَ ﱠدى الﱠ ِذي َعلَ ْي ِه فِيھَا { َر َواهُ ُم ْسلِ ٌم ‪.‬‬ ‫أَ َمانَةٌ َوإِنﱠھَا يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة ِخ ْز ٌ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ال ‪} :‬‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم قَ َ‬ ‫ي َ‬ ‫اريﱡ فِي َ‬ ‫ﷲُ َع ْنهُ أَ ﱠن النﱠبِ ﱠ‬ ‫يح ِه ع َْن أَبِي ھُ َري َْرةَ َر ِ‬ ‫ص ِح ِ‬ ‫َو َر َوى ْالبُخَ ِ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ضيﱢ َع ْ‬ ‫ال ‪ :‬إ َذا ُو ﱢس َد ْاألَ ْم ُر إلَى‬ ‫إ َذا ُ‬ ‫إضا َعتُھَا ؟ قَ َ‬ ‫ﷲِ ‪َ :‬و َما َ‬ ‫يل يَا َرس َ‬ ‫ت ْاألَ َمانَةُ فَا ْنت َِظرْ السﱠا َعةَ ‪ .‬قِ َ‬ ‫ف‬ ‫َاظ َر ْال َو ْق ِ‬ ‫ي ْاليَتِ ِيم َون ِ‬ ‫ص ﱠ‬ ‫َغي ِْر أَ ْھلِ ِه فَا ْنت َِظرْ السﱠا َعةَ { ‪َ .‬وقَ ْد أَجْ َم َع ْال ُم ْسلِ ُمونَ َعلَى َم ْعنَى ھَ َذا ؛ فَإ ِ ﱠن َو ِ‬ ‫ال ﱠ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى ‪َ } :‬و َال تَ ْق َربُوا‬ ‫ح َك َما قَ َ‬ ‫يل ال ﱠرج ُِل فِي َمالِ ِه ؛ َعلَ ْي ِه أَ ْن يَت َ‬ ‫َو َو ِك َ‬ ‫ح فَ ْاألَصْ لَ ِ‬ ‫َصرﱠفَ لَهُ بِ ْاألَصْ لَ ِ‬ ‫‪128‬‬


‫القائد‬

‫اس‬ ‫َم َ‬ ‫اع َعلَى النﱠ ِ‬ ‫ال ْاليَتِ ِيم ﱠإال بِالﱠتِي ِھ َي أَحْ َس ُن { ‪َ .‬ولَ ْم يَقُلْ ﱠإال بِاَلﱠتِي ِھ َي َح َسنَةٌ ‪َ .‬و َذلِكَ ِألَ ﱠن ْال َوالِ َي َر ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱡ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اع َوكلك ْم َم ْسئو ٌل عَن َر ِعيﱠتِ ِه ؛‬ ‫بِ َم ْن ِزل ِة َرا ِعي ال َغن َِم ؛ َك َما قا َل النبِ ﱡي َ‬ ‫صلى ﷲُ َعل ْي ِه َو َسل َم } كلك ْم َر ٍ‬ ‫ت َزوْ ِجھَا َو ِھ َي‬ ‫اع ؛ َوھُ َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه َو ْال َمرْ أَةُ َرا ِعيَةٌ فِي بَ ْي ِ‬ ‫فَ ْ ِ‬ ‫اإل َما ُم الﱠ ِذي َعلَى النﱠ ِ‬ ‫اس َر ٍ‬ ‫ال َسيﱢ ِد ِه‬ ‫اع فِي َم ِ‬ ‫اع فِي َم ِ‬ ‫ال أَبِي ِه َوھُ َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه ؛ َو ْال َع ْب ُد َر ٍ‬ ‫َم ْسئُولَةٌ ع َْن َر ِعيﱠتِھَا َو ْال َولَ ُد َر ٍ‬ ‫ﱠحي َحي ِْن‬ ‫اع َو ُك ﱡل ُك ْم َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه { ‪ .‬أَ ْخ َر َجاهُ فِي الص ِ‬ ‫َوھُ َو َم ْسئُو ٌل ع َْن َر ِعيﱠتِ ِه ؛ أَ َال فَ ُك ﱡل ُك ْم َر ٍ‬ ‫اع يَ ْستَرْ ِعي ِه ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫وت يَوْ َم يَ ُم ُ‬ ‫ﷲُ َر ِعيﱠةً يَ ُم ُ‬ ‫وت َوھُ َو غَاشﱞ لَھَا ﱠإال‬ ‫ال َ‬ ‫َوقَ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم } َما ِم ْن َر ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اويَةَ ب ِْن أبِي ُسفيَانَ‬ ‫َح ﱠر َم ﷲُ َعل ْي ِه َرائِ َحةَ ال َجن ِة { َر َواهُ ُم ْسلِ ٌم ‪َ .‬و َدخَ َل أبُو ُم ْسلِ ٍم الخوالني َعلى ُم َع ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال الس َﱠال ُم َعليْك أ ﱡيھَا‬ ‫ال ‪ :‬الس َﱠال ُم َعلَيْك أَ ﱡيھَا ْاألَ ِجي ُر ؛ فَقَالُوا ‪ :‬قُلْ الس َﱠال ُم َعلَيْك أَ ﱡيھَا ْاألَ ِمي ُر ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫فَقَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال الس َﱠال ُم َعليْك أ ﱡيھَا األ ِجي ُر ‪ .‬فَقَالوا قلْ الس َﱠال ُم‬ ‫ْاألَ ِجي ُر ‪ .‬فَقَالوا ‪ :‬قلْ ‪ :‬الس َﱠال ُم َعليْك أ ﱡيھَا األ ِمي ُر ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫اويَةُ ‪َ :‬د ُعوا أَبَا ُم ْسلِ ٍم فَإِنﱠهُ أَ ْعلَ ُم بِ َما‬ ‫ال ‪ :‬الس َﱠال ُم َعلَيْك أَ ﱡيھَا ْاألَ ِجي ُر ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫َعلَيْك أَ ﱡيھَا ْاألَ ِمي ُر ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ال ُم َع ِ‬ ‫َاويْت‬ ‫يَقُو ُل ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫ال ‪ :‬إنﱠ َما أَ ْنتَ أَ ِجي ٌر ا ْستَأْ َج َرك َربﱡ ھَ ِذ ِه ْال َغن َِم لِ ِرعَايَتِھَا ؛ فَإ ِ ْن أَ ْنتَ ھَنَأْت َجرْ بَاھَا َود َ‬ ‫ضاھَا َو َحبَسْت أُ َ‬ ‫والھَا َعلَى أُ ْخ َراھَا ‪َ :‬وفَاك َسيﱢ ُدھَا أَجْ َرك َوإِ ْن أَ ْنتَ لَ ْم تَ ْھنَأْ َجرْ بَاھَا َولَ ْم تداو‬ ‫َمرْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫والھَا َعلَى أ ْخ َراھَا َعاقَبَك َسيﱢ ُدھَا ‪َ .‬وھَ َذا َ‬ ‫ضاھَا ؛ َولَ ْم تَحْ بِسْ أ َ‬ ‫ق‬ ‫ار ؛ فَإ ِ ﱠن الخَ ل َ‬ ‫َمرْ َ‬ ‫ظا ِھ ٌر فِي ِاال ْعتِبَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫وس ِھ ْم ؛ بِ َم ْن ِزلَ ِة أ َح ِد ال ﱠش ِري َكي ِْن َم َع‬ ‫ِعبَا ُد ﷲِ َوال ُو َالةُ نُ ﱠوابُ ﷲِ َعلَى ِعبَا ِد ِه َوھُ ْم ُو َك َال ُء ال ِعبَا ِد َعلَى نُف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ور ِه َرج ًُال َوت َ​َركَ َم ْن‬ ‫ْاآلخَ ِر ؛ فَفِي ِھ ْم َم ْعنَى ْال ِو َاليَ ِة َو ْال ِو َكالَ ِة ؛ ثُ ﱠم ْال َولِ ﱡي َو ْال َو ِكي ُل متى ا ْستَن َ‬ ‫َاب فِي أ ُم ِ‬ ‫ار ِم ْنهُ َوبَا َع الس ْﱢل َعةَ بِثَ َم ِن َوھُ َو يَ ِج ُد َم ْن يَ ْشت َِريھَا بِخَ ي ِْر ِم ْن َذلِكَ الثﱠ َم ِن ؛ فَقَ ْد‬ ‫ھُ َو أَصْ لَ َح لِلتﱢ َج َ‬ ‫ار ِة أَوْ ْال َعقَ ِ‬ ‫احبَهُ َال ِسيﱠ َما ْ‬ ‫ضهُ َويَ ُذ ﱡمهُ َويَ َرى‬ ‫صا ِحبَهُ يُ ْب ِغ ُ‬ ‫إن َكانَ بَ ْينَ َم ْن َحابَاهُ َوبَ ْينَهُ َم َو ﱠدةٌ أَوْ قَ َرابَةٌ فَإ ِ ﱠن َ‬ ‫خَ انَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْس َعلَ ْي ِه أ ْن يَ ْستَ ْع ِم َل ﱠإال أصْ لَ َح‬ ‫ص ِديقَهُ ‪ .‬فَصْ ٌل إ َذا ُع ِرفَ ھَ َذا فَلَي َ‬ ‫أَنﱠهُ قَ ْد خَ انَهُ َودَاھَنَ قَ ِريبَهُ أوْ َ‬ ‫ْال َموْ جُو ِد َوقَ ْد َال يَ ُك ُ‬ ‫ون فِي َموْ جُو ِد ِه َم ْن ھُ َو أَصْ لَ ُح لِتِ ْلكَ ْال ِو َاليَ ِة فَيَ ْختَا ُر ْاألَ ْمثَ َل فَ ْاألَ ْمثَ َل فِي ُكلﱢ‬ ‫ب‬ ‫ص ٍ‬ ‫اج ِ‬ ‫َم ْن ِ‬ ‫ب بِ َح ْسبِ ِه َوإِ َذا فَ َع َل َذلِكَ بَ ْع َد ِاالجْ تِھَا ِد التﱠا ﱢم َوأَخَ َذهُ لِ ْل ِو َاليَ ِة بِ َحقﱢھَا فَقَ ْد أَ ﱠدى ْاألَ َمانَةَ َوقَا َم بِ ْال َو ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ض ِع ِم ْن أئِ ﱠم ِة ال َع ْد ِل ال ُم ْق ِس ِطينَ ِع ْن َد ﷲِ ؛ َوإِ ْن ْ‬ ‫ب‬ ‫ص َ‬ ‫فِي ھَ َذا َو َ‬ ‫ور بِ َسبَ ِ‬ ‫ار فِي ھَ َذا ال َموْ ِ‬ ‫اختَ ﱠل بَعْضُ ْاأل ُم ِ‬ ‫ف ﱠ‬ ‫ﷲَ يَقُو ُل ‪ } :‬فَاتﱠقُوا ﱠ‬ ‫ك فَإ ِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ َما ا ْستَ َ‬ ‫ط ْعتُ ْم { َويَقُو ُل ‪َ } :‬ال يُ َكلﱢ ُ‬ ‫ِم ْن َغي ِْر ِه إ َذا لَ ْم يُ ْم ِك ْن ﱠإال َذلِ َ‬ ‫ﷲُ‬ ‫ْ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲِ َال تُ َكلﱠ ُ‬ ‫رﱢض‬ ‫ف ﱠإال نَ ْف َسكَ َو َح‬ ‫نَ ْفسًا ﱠإال ُو ْس َعھَا { َوقَ َ‬ ‫ﷲِ ‪ } :‬فَقَاتِلْ فِي َسبِ ِ‬ ‫ال فِي ال ِجھَا ِد فِي َسبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ﱠل إ َذا ا ْھتَ َد ْيتُ ْم { فَ َم ْن أَ ﱠدى‬ ‫ال ‪ } :‬يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا َعلَ ْي ُك ْم أَ ْنفُ َس ُك ْم َال يَضُرﱡ ُك ْم َم ْن َ‬ ‫ْال ُم ْؤ ِمنِينَ { َوقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم } إ َذا أَ َمرْ تُ ُك ْم بِأ َ ْم ِر فَأتُوا ِم ْنهُ َما‬ ‫ال النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ور َعلَ ْي ِه فَقَ ْد ا ْھتَدَى ‪َ :‬وقَ َ‬ ‫ب ْال َم ْق ُد َ‬ ‫اج َ‬ ‫ْال َو ِ‬ ‫ا ْستَ َ‬ ‫يحي ِْن ؛ لَ ِك ْن ْ‬ ‫ب َعلَى‬ ‫اج ٍة إلَ ْي ِه أَوْ ِخيَانَ ٍة ُعوقِ َ‬ ‫إن َكانَ ِم ْنهُ َعجْ ٌز بِ َال َح َ‬ ‫ﱠح َ‬ ‫ط ْعتُ ْم { أَ ْخ َر َجاهُ فِي الص ِ‬ ‫ال‬ ‫ص ٍ‬ ‫ان ‪ْ :‬القُ ﱠوةُ َو ْاألَ َمانَةُ ‪َ .‬ك َما قَ َ‬ ‫ْرفَ ْاألَصْ لَ َح فِي ُكلﱢ َم ْن ِ‬ ‫ب فَإ ِ ﱠن ْال ِو َاليَةَ لَھَا ُر ْكنَ ِ‬ ‫َذلِكَ ‪َ .‬ويَ ْنبَ ِغي أَ ْن يَع ِ‬ ‫ْ‬ ‫تَ َعالَى ‪ } :‬ﱠ‬ ‫إن خَ ي َْر َم ِن ا ْستَأ َجرْ تَ ْالقَ ِويﱡ ْاألَ ِم ُ‬ ‫احبُ ِمصْ َر لِيُوسُفَ َعلَ ْي ِه الس َﱠال ُم إنﱠك‬ ‫ال َ‬ ‫ين { َوقَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ين أَ ِم ٌ‬ ‫ْاليَوْ َم لَ َد ْينَا َم ِك ٌ‬ ‫ُول َك ِر ٍيم { } ِذي قُ ﱠو ٍة ِع ْن َد ِذي‬ ‫صفَ ِة ِجب ِْر َ‬ ‫ين َوقَ َ‬ ‫ال تَ َعالَى فِي ِ‬ ‫يل ‪ } :‬إن ﱠهُ لَقَوْ ُل َرس ٍ‬ ‫ين { } ُم َ‬ ‫ب تَرْ ِج ُع‬ ‫ين { ‪َ .‬و ْالقُ ﱠوةُ فِي ُكلﱢ ِو َاليَ ٍة بِ َح ْسبِھَا ؛ فَ ْالقُ ﱠوةُ فِي إ َم َ‬ ‫ار ِة ْال َحرْ ِ‬ ‫اع ثَ ﱠم أَ ِم ٍ‬ ‫ش َم ِك ٍ‬ ‫ْال َعرْ ِ‬ ‫ط ٍ‬ ‫ب ُخ ْد َعةٌ َوإِلَى ْالقُ ْد َر ِة َعلَى‬ ‫ب َوا ْل ُمخَا َد َع ِة فِيھَا ؛ فَإ ِ ﱠن ْال َحرْ َ‬ ‫ب َوإِلَى ْال ِخب َْر ِة بِ ْال ُحرُو ِ‬ ‫إلَى َش َجا َع ِة ْالقَ ْل ِ‬ ‫ال ﱠ‬ ‫َال ‪ِ :‬م ْن َر ْم ٍي َو َ‬ ‫ﷲُ تَ َعالَى ‪} :‬‬ ‫ب َو ُر ُكو ٍ‬ ‫ضرْ ٍ‬ ‫ب َو َكرﱟ َوفَرﱟ َونَحْ ِو َذلِكَ ؛ َك َما قَ َ‬ ‫ْن َو َ‬ ‫اع ْالقِت ِ‬ ‫طع ٍ‬ ‫أَ ْن َو ِ‬ ‫اط ْال َخي ِْل تُرْ ِھبُونَ بِ ِه َع ُد ﱠو ﱠ‬ ‫َوأَ ِع ﱡدوا لَھُ ْم َما ا ْستَ َ‬ ‫ال النﱠبِ ﱡي‬ ‫ﷲِ َو َع ُد ﱠو ُك ْم { ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ط ْعتُ ْم ِم ْن قُ ﱠو ٍة َو ِم ْن ِربَ ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ي ِم ْن أَ ْن تَرْ َكبُوا َو َم ْن تَ َعلﱠ َم ال ﱠر ْم َي ثُ ﱠم‬ ‫َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم } ارْ ُموا َوارْ َكبُوا َوإِ ْن تَرْ ُموا أَ َحبﱡ إلَ ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اس‬ ‫ن َِسيَهُ فلي َ‬ ‫ْس ِمنا { َوفِي ِر َوايَ ٍة ‪ } :‬ف ِھ َي نِع َمة َج َح َدھَا { َر َواهُ ُمسلِ ٌم ‪َ .‬والق ﱠوة فِي ال ُحك ِم بَينَ الن ِ‬ ‫تَرْ ِج ُع إلَى ْال ِع ْل ِم بِ ْال َع ْد ِل الﱠ ِذي َد ﱠل َعلَ ْي ِه ْال ِكتَابُ َوال ﱡسنﱠةُ َوإِلَى ْالقُ ْد َر ِة َعلَى تَ ْنفِي ِذ ْاألَحْ َك ِام ‪َ .‬و ْاألَ َمانَةُ‬ ‫تَرْ ِج ُع إلَى خَ ْشيَ ِة ﱠ‬ ‫صا ُل الثﱠ َال ُ‬ ‫ي بِآيَاتِ ِه ثَ َمنًا قَلِ ً‬ ‫ث الﱠتِي‬ ‫اس ؛ َوھَ ِذ ِه ْال ِخ َ‬ ‫ﷲِ َوأَ ﱠال يَ ْشت َِر َ‬ ‫يال َوت َ​َركَ خَ ْشيَةَ النﱠ ِ‬ ‫أَخَ َذھَا ﱠ‬ ‫اس َو ْ‬ ‫اخ َشوْ ِن َو َال تَ ْشتَرُوا‬ ‫اس ؛ فِي قَوْ له تَ َعالَى } فَ َال ت َْخ َش ُوا النﱠ َ‬ ‫ﷲُ َعلَى ُكلﱢ َم ْن َح َك َم َعلَى النﱠ ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫يال َو َم ْن لَ ْم يَحْ ُك ْم بِ َما أَ ْنزَ َل ﱠ‬ ‫بِآيَاتِي ثَ َمنًا قَلِ ً‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه‬ ‫ال النﱠبِ ﱡي َ‬ ‫ﷲُ فَأُولَئِكَ ھُ ُم ْال َكافِرُونَ { ‪َ .‬ولِھَ َذا قَ َ‬ ‫اض فِي ْال َجنﱠ ِة ‪ .‬فَ َر ُج ٌل َعلِ َم ْال َح ﱠ‬ ‫ضى بِ ِخ َالفِ ِه فَھ َُو‬ ‫ق َوقَ َ‬ ‫َو َسلﱠ َم } ْالقُ َ‬ ‫ضاةُ ثَ َالثَةٌ ‪ :‬قَ ِ‬ ‫اضيَ ِ‬ ‫ان فِي النﱠ ِ‬ ‫ار َوقَ ٍ‬ ‫ار ‪َ .‬و َر ُج ٌل َعلِ َم ْال َح ﱠ‬ ‫ضى بِ ِه فَھ َُو فِي‬ ‫ق َوقَ َ‬ ‫ار ‪َ .‬و َر ُج ٌل قَ َ‬ ‫ضى بَ ْينَ النﱠ ِ‬ ‫اس َعلَى َجھ ٍْل فَھ َُو فِي الن ﱠ ِ‬ ‫فِي النﱠ ِ‬ ‫ضى بَ ْينَ ْاثنَي ِْن َو َح َك َم بَ ْينَھُ َما َس َوا ٌء َكانَ خَ لِيفَةً أَوْ‬ ‫اضي ا ْس ٌم لِ ُكلﱢ َم ْن قَ َ‬ ‫ْال َجنﱠ ِة { َر َواهُ أَ ْھ ُل ال ﱡسن َِن ‪َ .‬و ْالقَ ِ‬

‫‪129‬‬


‫القائد‬

‫س ُْل َ‬ ‫ان‬ ‫طانًا أَوْ نَائِبًا أَوْ َوالِيًا ؛ أَوْ َكانَ َم ْنصُوبًا لِيَ ْق ِ‬ ‫ع أَوْ نَائِبًا لَهُ َحتﱠى َم ْن يَحْ ُك ُم بَ ْينَ الصﱢ ْب‪1‬يَ ِ‬ ‫ض َي بِال ﱠشرْ ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َوھُ َو َ‬ ‫ظا ِھ ٌر ‪.‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫فِي ْال ُخطُ ِ‬ ‫وط ‪ .‬إ َذا تَخَ ايَرُوا ‪ .‬ھَ َك َذا َذ َك َر أَصْ َحابُ َرس ِ‬ ‫أن القائد حريص على أيجاد قاده يحملون الراية من بعده و لھذا نجده يفوض المھام الى من‬ ‫يلتمس فيھم النجابه ‪ ،‬و يرشدھم و يوجھھم‬ ‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في بيعه العقبه الثانية ‪ " :‬أخرجوا إلى منكم اثنى عشر‬ ‫نقيبا‪ ،‬يكونون على قومھم بما فيھم "‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫فأخرجوا منھم اثنى عشر نقيبا‪ ،‬تسعة من الخزرج وثالثة من االوس‪.‬‬ ‫و قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم للنقباء‪ :‬أنتم على قومكم بما فيھم كفالء ككفالة‬ ‫‪3‬‬ ‫الحواريين لعيسى بن مريم‪ ،‬وأنا كفيل على قومي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ﷲِ ب ُْن ُع َم َر أَ َم َرنِى َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ال َع ْب ُد ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أ ْن آتِيَهُ بِ ُم ْديَ ٍة َو ِھ َى الشف َرةُ‬ ‫قَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فَأَتَ ْيتُهُ بِھَا فَأرْ َس َل بِھَا فَأرْ ِھفَت ث ﱠم أ ْع َ‬ ‫ى بِھَا «‪ .‬فَفَ َعل ُ‬ ‫ت فَخَ َر َج بِأصْ َحابِ ِه إِلَى‬ ‫طانِيھَا َوقَ َ‬ ‫ال » اغ ُدو َعلَ ﱠ‬ ‫ق َخ ْم ٍر قَ ْد ُجلِبَ ْ‬ ‫ق َما َكانَ ِم ْن تِ ْلكَ ﱢ‬ ‫ت ِمنَ ال ﱠش ِام فَأَخَ َذ ْال ُم ْديَةَ ِمنﱢى فَ ُش ﱠ‬ ‫اق ْال َم ِدينَ ِة َوفِيھَا ُزقَا ُ‬ ‫اق‬ ‫الزقَ ِ‬ ‫أَس َْو ِ‬ ‫بِ َحضْ َرتِ ِه ثُ ﱠم أَ ْعطَنِيھَا َوأَ َم َر أَصْ َحابَهُ الﱠ ِذينَ َكانُوا َم َعهُ أَ ْن يَ ْمضُوا َم ِعى )تعين قائد و تفويضه( َوأَ ْن‬ ‫ق خَ ْم ٍر إِالﱠ َشقَ ْقتُهُ)مھمه محدده( فَفَ َع ْل ُ‬ ‫ق ُكلﱠھَا فَالَ أَ ِج ُد فِيھَا ِز ﱠ‬ ‫ت فَلَ ْم‬ ‫اونُونِى َوأَ َم َرنِى أَ ْن آتِ َى األَس َْوا َ‬ ‫يُ َع ِ‬ ‫ْ ‪4‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أَ ْتر ْ‬ ‫ُك فِى أس َْواقِھَا ِزقا إِالﱠ َشقَقتُهُ‪.‬‬ ‫حض علي بن ابي طالب أصحابه على الجھاد‪ ،‬فسكتوا ملياً‪ ،‬فقال‪ :‬مالكم أمخرسون أنتم ؟‬ ‫قال قوم منھم‪ :‬يا أمير المؤمنين إن سرت سرنا معك‪ .‬فقال عليه السالم‪ :‬مالكم ال سددتم لرشد‪ ،‬وال‬ ‫ھديتم لقصد‪ ،‬أفي مثل ھذا ينبغي أن أخرج‪.‬؟ إنما يخرج في مثل ھذا رجل ممن أرضاه من‬ ‫شجعانكم وذوي بأسكم‪ ،‬وال لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباية األرض والقضاء بين‬ ‫المسلمين والنظر في حقوق المطالبين‪ ،‬ثم اخرج في كتيبة اتبع أخرى أتقلقل تقلقل القدح في‬ ‫الجفير الفارغ‪ ،‬وإنما أنا قطب الرحى تدور علي وأنا مكاني‪ ،‬فإذا فارقته استحار مدارھا‪،‬‬ ‫‪5‬‬ ‫واضطرب ثفالھا‪ ،‬ھذا لعمر ﷲ الرأي السوء‪.‬‬ ‫و درب الرسول ‪ 216‬قائدا عسكريا يشار لھم بالبنان‬ ‫و كان يختار من لدية المؤھالت القيادية‬ ‫و ھو القائل } ومن ولى واليًا من المسلمين شيئًا من أمور المسلمين وھو يعلم أن فى‬ ‫المسلمين من ھو خير للمسلمين منه وأعلم بكتاب ﷲ وسنة رسوله ) فقد خان ﷲ ورسوله وخان‬ ‫جماعة المسلمين ومن ولى شيئًا من أمور المؤمنين لم ينظر ﷲ له فى شىء من أموره حتى يقوم‬ ‫‪6‬‬ ‫بأمورھم ويقضى حوائجھم{‬ ‫يقول اإلمام الشافعي )) وال ينبغي أن يولّي اإلمام الغزو إال ثقة في دينه شجاعا ً في بدنه حسن‬ ‫األناة عاقالً للحرب بصيراً بھا غير عجل وال نزق وأن يقدم إليه وإلى من واله ‪ :‬أن ال يحمل‬ ‫المسلمين على مھلكة بحال وال يأمرھم بنقب حصن يخاف أن يشدخوا تحته وال دخول مطمورة‬ ‫يخاف أن يقتلوا وال يدفعوا عن أنفسھم فيھا وال غير ذلك من أسباب المھالك ((‪.‬‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر ِحينَ بَ َعثَنِى إِلَى ال ﱠش ِام يَا يَ ِزي ُد إِ ﱠن لَكَ قَ َرابَةً َع َسيْتَ‬ ‫ال قَ َ‬ ‫و ع َْن يَ ِزي َد ب ِْن أَبِى ُس ْفيَانَ قَ َ‬ ‫اف َعلَ ْيكَ فَإ ِ ﱠن َرسُو َل ﱠ‬ ‫ار ِة َو َذلِكَ أَ ْكبَ ُر َما أَخَ ُ‬ ‫ال » َم ْن‬ ‫ﷲِ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫اإل َم َ‬ ‫أَ ْن تُ ْؤثِ َرھُ ْم بِ ِ‬ ‫‪ 1‬الفتاوي‬ ‫‪ 2‬السيرة النبوية ل بن كثير‬ ‫‪ 3‬السيرة النبوية ل بن كثير‬ ‫‪ 4‬مسند االمام احمد‬ ‫‪ 5‬التذكرة الحمدونية‬ ‫‪ 6‬أخرجه الطبرانى )‪ ، 114/11‬رقم ‪ ، (11216‬قال الھيثمى )‪ : (205/4‬فيه حنش وھو متروك وزعم أبو محصن أنه شيخ صدق ‪.‬‬ ‫والخطيب )‪ ، (76/6‬وابن عساكر )‪. (13/43‬‬

‫‪130‬‬


‫القائد‬

‫ﷲِ الَ يَ ْقبَ ُل ﱠ‬ ‫َولِ َى ِم ْن أَ ْم ِر ْال ُم ْسلِ ِمينَ َشيْئا ً فَأ َ ﱠم َر َعلَ ْي ِھ ْم أَ َحداً ُم َحابَاةً فَ َعلَ ْي ِه لَ ْعنَةُ ﱠ‬ ‫صرْ فا ً َوالَ َع ْدالً‬ ‫ﷲُ ِم ْنهُ َ‬ ‫ﷲِ َشيْئا ً بِ َغي ِْر َحقﱢ ِه فَ َعلَ ْي ِه لَ ْعنَةُ ﱠ‬ ‫ﷲِ فَقَ ِد ا ْنتَھَكَ فِى ِح َمى ﱠ‬ ‫َحتﱠى يُ ْد ِخلَهُ َجھَنﱠ َم َو َم ْن أَ ْعطَى أَ َحداً ِح َمى ﱠ‬ ‫ﷲِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ت ِم ْنهُ ِذ ﱠمةُ ﱠ‬ ‫ال » تَبَرﱠأَ ْ‬ ‫ﷲِ َع ﱠز َو َج ﱠل «‬ ‫«‪ .‬أَوْ قَ َ‬ ‫و ال ننسى قول الرسول البو ذر )) يا أبا ذر إنك ضعيف‪ -‬مواجھة ومصارحة ‪ -‬إنك ضعيف‬ ‫وإنھا أمانة ‪ ،‬وإنھا يوم القيامة خري وندامة ‪ ،‬إال من أخذھا بحقھا ووفى الذي عليه فيھا ((‬ ‫و لعببد الرحمن بن سمرة "يا عبد الرحمن بن سمرة‪ ،‬ال تسأل اإلمارة‪ ،‬فإنك إن أعطيتھا عن غير‬ ‫‪2‬‬ ‫مسألة أُعنت عليھا‪ ،‬وإن أعطيتھا عن مسألة وكلت إليھا‪"...‬‬

‫و كان يصوب لمن يفوض اليھم أمرا من االمور و يعلمھم‬ ‫أقبل رجل من األنصار ومعه ناضحان له وقد جنحت الشمس ومعاذ يصلي المغرب فدخل‬ ‫معه الصالة فاستفتح معاذ البقرة أو النساء فلما رأى الرجل ذلك صلى ثم خرج قال فبلغه ان معاذا‬ ‫نال منه قال حجاج ينال منه قال فذكر ذلك للنبي صلى ﷲ عليه و سلم فقال أفتان أنت يا معاذ‬ ‫أفتان أنت يا معاذ فلوال قرأت سبح اسم ربك األعلى والشمس وضحاھا فصلى وراءك الكبير وذو‬ ‫‪3‬‬ ‫الحاجة والضعيف‬ ‫ً‬ ‫و لما أراد رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( أن يبعث معاذا إلى اليمن قال‪" :‬كيف تقضي إذا‬ ‫عرض عليك قضاء" قال‪ :‬أقضي بكتاب ﷲ‪ .‬قال‪" :‬فإن لم تجد في كتاب ﷲ"؟ قال‪ :‬فبسنة رسول‬ ‫ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬قال‪" :‬فإن لم تجد في سنة رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( وال في‬ ‫كتاب ﷲ"؟ قال‪ :‬أجتھد رأيي وال آلو‪ .‬فضرب رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( صدره وقال‪:‬‬ ‫‪4‬‬ ‫"الحمد ) الذي وفق رسول رسول ﷲ لما يرضي رسول ﷲ"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب عند رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬فقال‪َ :‬من ي ُِطع ﷲ ورسوله فقد‬ ‫» أَ ﱠن َرجُال خَ ِط َ‬ ‫ْصھما فقد َغ َوى ‪ ،‬فقال له رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬بئس الخطيب أنت ‪،‬‬ ‫ر َشد‪ ،‬ومن يَع ِ‬ ‫‪5‬‬ ‫ْص ﷲ ورسوله «‪.‬‬ ‫قل‪َ :‬و َم ْن يَع ِ‬ ‫كتب ميمون بن مھران إلى عمر بن عبد العزيز‪ :‬إني شيخ كبير رقيق‪ ،‬كلفتني أن أقضي بين‬ ‫الناس ‪ -‬وكان على الخراج والقضاء بالجزيرة ‪ -‬فكتب إليه‪ :‬إني لم أكلفك ما يُعنﱢيك‪ ،‬اِجب‬ ‫الطيب من الخراج‪ ،‬واقض بما استبان لك‪ ،‬فإذا لَبﱢس عليك شي ٌء‪ ،‬فارفعه إلي‪ ،‬فإن الناس لو‬ ‫َ‬ ‫‪6‬‬ ‫كان إذا كبر عليھم أم ٌر تركوه‪ ،‬لم يقم دين وال دنيا‪.‬‬ ‫و خرج عمرو بن العاص إلى بَ ْ‬ ‫ق ُعنة فى نفر من أصحابه فقال له البطريق ‪ :‬مرحبا بك‬ ‫ط ِري ٍ‬ ‫وأجلسه معه على سريره وحادثه وأطال ‪ ،‬ثم كلمه بكالم كثير وحاجه عمرو ودعاه إلى اإلسالم ‪،‬‬ ‫فلما سمع البطريق كالمه وبيانه وآدابه قال بالرومية ‪ :‬يا معشر الروم أطيعونى اليوم واعصونى‬ ‫الدھر ‪ ،‬ھذا أمير القوم أال ترون كلما كلمته كلمة أجابنى عن نفسه ال يقول ‪ :‬أشاور أصحابى ‪،‬‬ ‫وأذكر لھم ما عرضت على فليس إال أن نقتله قبل أن يخرج من عندنا ‪ :‬فتختلف العرب بيننا وبين‬ ‫أمرھم ‪ ،‬فقال من حوله من الروم ليس ھذا برأى ‪ ،‬وكان قد دخل مع عمرو بن العاص رجل من‬ ‫أصحابه يعرف كالم الروم ‪ ،‬فألقى إلى عمرو ما قال الملك ‪ ،‬وخرج عمرو من عنده فلما خرج‬ ‫من الباب كبر وقال ‪ :‬ال أعود لمثل ھذا أبدا ‪ ،‬وأعظم القوم ذلك وحمدوا ﷲ على مارزقوا من‬ ‫‪ 1‬مسند االمام احمد‬ ‫‪ 2‬متفق عليه‬ ‫‪ 3‬مسند االمام أحمد بن حنبل ‪ ،‬تعليق شعيب األرنؤوط ‪ :‬إسناده صحيح على شرط الشيخين‬ ‫‪ 4‬ابو داود‬ ‫‪ 5‬مسلم‬ ‫‪ 6‬سير اعالم النبالء‬

‫‪131‬‬


‫القائد‬

‫السالمة ‪ ،‬وكتب عمرو بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر الحمد ) على إحسانه إلينا وإياك والتغرير‬ ‫بنفسك أو بأحد من المسلمين فى ھذا وشبھه بحسب العلج منھم أن يتكلم من مكان سواء بينك وبينه‬ ‫فتأمن غائلته ويكون أكسر له فلما قرأ عمرو بن العاص كتاب عمر رحم عليه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬ما األب‬ ‫‪1‬‬ ‫البر لولده بأبر من عمر بن الخطاب لرعيته‬ ‫و خير ادارة المدير الذي يفوض و يقول لمرؤوسية ‪":‬ال تأتى اال بالمشاكل التى تعجز عن‬ ‫حلھا و ال تأتى بمشكلة اال و قد درستھا جيدا و بحثت عن حلول فأحدد لك بالخبرة أنسب الحلول‬ ‫"‬ ‫ھذه ھي القيادة الصحيحة ال القيادة التى تتولى كل أمر و يتدخل لحل كل مشكلة ‪.‬‬ ‫و اال فما معنى تفويض االمر الى شخص يعود الى كل خمس دقائق لينقل المشاكل للمدير‬ ‫لحلھا‬ ‫و ارسل عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة الى سعد بن ابي وقاص فخرج إليه سعد فأراده‬ ‫على الدخول والنزول فأبى وعرض عليه نفقة فلم يأخذ ودفع كتاب عمر إلى سعد ‪ .....‬ورجع‬ ‫محمد بن مسلمة من فوره حتى إذا دنا من المدينة فنى زاده فتبلغ بلحاء من لحاء الشجر فقدم على‬ ‫عمر وقد سنق فأخبره خبره كله فقال فھال قبلت من سعد فقال لو أردت ذلك كتبت لي به أو أذنت‬ ‫لي فيه فقال عمر إن أكمل الرجال رأيا من إذا لم يكن عنده عھد من صاحبه عمل بالحزم أو قال‬ ‫به ‪ 2‬يلمح الى خطأ انتظار االوامر في كل أمر من القائد‬ ‫اشت الروم وغزوا المسلمين براً وبحراً فاستعمل معاوية على الصائفة ‪ 3‬عبد الرحمن بن خالد بن‬ ‫الوليد فلما كتب له عھده قال‪ :‬ما أنت صانع بعھدي قال‪ :‬أتخذه إماما ً ال أعصيه‬ ‫قال‪ :‬اردد علي عھدي‪.‬‬ ‫ثم بعث إلى سفيان بن عوف الغامدي فكتب له عھده ثم قال له‪ :‬ما أنت صانع بعھدي قال‪ :‬أتخذه‬ ‫إماما ً أمام الحزم فإن خالفه خالفته‪.‬‬ ‫فقال معاوية‪ :‬ھذا الذي ال يكفكف من عجلة وال يدفع في ظھره من خور وال يضرب على األمور‬ ‫‪4‬‬ ‫ضرب الجمل الثفال‪.‬‬ ‫ارسل عمر بن عبدالعزيز بكتابة إلى عروة بن محمد ‪ -‬وكان ع امال عل ى ال يمن‪ ":-‬أم ا بع د‪،‬‬ ‫فإني أكتب إليك آمرك أن ترد على المسلمين مظالمھم‪ ،‬فتراجعني‪ ،‬وال تعرف بعد المسافة ما بيني‬ ‫وبينك‪ ،‬وال تعرف أحداث الموت‪ ،‬حت ى ل و كتب ت إلي ك أن اردد عل ى مس لم مظلم ة ش اة‪ ،‬لكتب ت ‪:‬‬ ‫أرددھا عفراء أو سوداء!‪ ،‬فانظر أن ترد على المسلمين مظالمھم‪ ،‬وال تراجعني"‪5‬‬ ‫كتب عمر بن عبد العزيز ل عدي بن أرط اة و ق د ارس ل يس ئلة ف ي أم ر ش رعي ‪":‬أم ا بع د‪،‬‬ ‫فإنك ال تزال تعني إلي رجال ‪ -‬أي تتعبه‪ -‬من المسلمين في الحر والبرد‪ ،‬تسألني عن الس نَة‪ ،‬كأن ك‬ ‫‪ 1‬كنز العمال‬ ‫‪ 2‬تاريخ الطبري‬

‫‪ 3‬الغزو بالصيف‬ ‫‪ 4‬العقد الفريد‬ ‫‪ 5‬طبقات بن سعد‬

‫‪132‬‬


‫القائد‬

‫إنما تعظمني بذلك‪ ،‬وايم ﷲ لحسبك بالحسن‪ -‬أي البصري‪ ، -‬فإذا أتاك كتابي ھذا فس ل الحس ن ل ي‬ ‫‪1‬‬ ‫ولك وللمسلمين‪"...‬‬ ‫قال عل ى ب ن أب ي طال ب‪» :‬ث م انظ ر ف ي أم ور عمال ك فاس تعملھم اختب ارًا وال ت ولھم محاب اة‬ ‫وأثرة‪ ،‬فإنھا جماع شعب الجور واليانة‪ ،‬وتو ﱠخ منھم أھل التجربة والحياء‪ ،‬أھل البيوتات الص الحة‬ ‫والقدم في اإلسالم المتقدمة‪ ،‬فإنھم أكرم أخالقًا وأصح أعراضًا‪ ،‬وأق ل ف ي المط امع إش رافًا‪ ،‬وأبل غ‬ ‫ف ي عواق ب األم ور نظ رًا‪ ،‬ث م أس بغ عل يھم األرزاق‪ ،‬ف إن ذل ك ق وة لھ م عل ى استص الح أنفس ھم‪،‬‬ ‫وغن ى لھ م ع ن تن اول م ا تح ت أي ديھم‪ ،‬وحج ة عل يھم إن خ الفوا أم رك أو ثلم وا أمانت ك‪ ،‬ث م تفق د‬ ‫أعمالھم‪ ،‬وابعث العيون من أھل الصدق والوفاء عليھم‪ ،‬فإن تعاھدك في السر ألمورھم ح دوة لھ م‬ ‫على استعمال األمانة والرفق بالرعية‪ ،‬وتحفظ من األعوان‪ْ ،‬‬ ‫ف إن أح د م نھم بس ط ي ده إل ى الخيان ة‬ ‫اجتمع ت بھ ا علي ه عن دك أخب ار عيون ك‪ ،‬اكتفي ت ب ذلك ش اھدًا‪ ،‬فبس طت علي ه العقوب ة ف ي بدن ه‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وأخذته بما أصاب من عمله‪ ،‬ثم نصبته بمقام المذلة ووسمته بالخيانة‪ ،‬وقلدته عار التھمة«‪.‬‬ ‫وھذه التربية بالعقاب والثواب تحدث عنھا القرآن الكريم وتتضح معالمھا جلية في قصة ذي‬ ‫ال أَ ﱠما َمن َ‬ ‫ظلَ َم فَ َسوْ فَ نُ َع ﱢذبُهُ ثُ ﱠم ي َُر ﱡد إِلَى َربﱢ ِه فَيُ َع ﱢذبُهُ َع َذابًا ﱡن ْكرًا ‪َ ‬وأَ ﱠما‬ ‫القرنين في قوله تعالى‪ ":‬قَ َ‬ ‫صالِحًا فَلَهُ َجزَ ا ًء ْال ُح ْسنَى َو َسنَقُو ُل لَهُ ِم ْن أَ ْم ِرنَا يُ ْسرًا" ]الكھف‪.[88 ،87 :‬‬ ‫َم ْن آ َمنَ َو َع ِم َل َ‬ ‫} إن ھذا القرآن الكريم يھدي للتي ھي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لھم‬ ‫أجرا كبيرا * وأن الذين ال يؤمنون باآلخرة أعتدنا لھم عذابا أليما{ )اإلسراء‪(10,9:‬‬ ‫طائِ َرهُ فِي ُعنُقِ ِه َونُ ْخر ُج لَهُ يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة ِكتَابًا يَ ْلقَاهُ َم ْن ُشورًا )‪ (13‬ا ْق َرأْ‬ ‫ان أَ ْلزَ ْمنَاهُ َ‬ ‫} َو ُك ﱠل إِ ْن َس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ضلﱡ‬ ‫ِكتَابَكَ َكفَى بِنَ ْف ِسكَ ْاليَوْ َم َعلَ ْيكَ َح ِسيبًا )‪َ (14‬م ِن ا ْھتَدَى فَإِنﱠ َما يَ ْھتَ ِدي لِنَ ْف ِس ِه َو َم ْن َ‬ ‫ض ﱠل فَإِنﱠ َما يَ ِ‬ ‫ث َرس ً‬ ‫از َرةٌ ِو ْز َر أُ ْخ َرى َو َما ُكنﱠا ُم َع ﱢذبِينَ َحتﱠى نَ ْب َع َ‬ ‫ُوال )‪{(15‬‬ ‫َعلَ ْيھَا َو َال ت َِز ُر َو ِ‬ ‫قال شيخ اإلسالم بن تيمية‪" :‬المؤمن للمؤمن كاليدين‪ ،‬تغسل إحداھما األخرى‪ ،‬وقد ال ينقطع‬ ‫الوسخ إال بنوع من الخشونة‪ ،‬لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة‪ ،‬ما نحمد معه ذلك‬ ‫التخشين"‪.‬‬ ‫و اذا اقلع عن الخطأ قبل منه كما حدث مع المرأة المخزومية التى سرقت‬ ‫قال بن شھاب قال عروة قالت عائشة فحسنت توبتھا بعد وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك‬ ‫فأرفع حاجتھا إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫و سيدنا حاطب بن ابي بلتعه‬ ‫و المدير الفاشل ھو الذي يخاف من وجود الكفاءات حوله و يبذل جھدة ليتفرد ھو‬ ‫و القائد الناجح ھو الذي يبحث عنھم و يجذبھم اليه و يدربھم و يفوض المھام اليھم ‪،‬‬ ‫و تأمل إن شئت في قول سيدنا موسى ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫ال َسنَش ﱡدُ‬ ‫ﱢ‬ ‫ُون )‪ (34‬قَ َ‬ ‫ص ُح ِمنﱢي لِ َسانًا فَأَرْ ِس ْلهُ َم ِع َي ِر ْد ًءا ي َ‬ ‫} َوأَ ِخي ھَارُونُ ھ َُو أَ ْف َ‬ ‫ُص ﱢدقنِي إِني أخَ افُ أ ْن يُ َكذب ِ‬ ‫ضدَكَ بِأ َ ِخيكَ َونَجْ َع ُل لَ ُك َما س ُْل َ‬ ‫صلُونَ إِلَ ْي ُك َما بِآيَا ِتنَا أَ ْنتُ َما َو َم ِن اتﱠبَ َع ُك َما ْالغَالِبُونَ )‪{ (35‬‬ ‫َع ُ‬ ‫طانًا فَ َال يَ ِ‬ ‫و قول الحبيب }اللھم أعز اإلسالم بأحب الرجلين إليك‪ ،‬عمر بن الخطاب وعمر بن ھشام{‬ ‫و قوله }تجدون الناس كإبل مائة‪ ،‬ال يجد الرجل فيھا راحلة{ فال يكاد القائد الحقيقي يجد‬ ‫صاحب كفاءه اال و يجذبه و يدربه و يفوضه‬ ‫قال العباس الترفقي‪ :‬خرج علينا سفيان بن عيينة يوما ً فنظر إلى أصحاب الحديث فقال‪ :‬أفيكم‬ ‫أحد من أھل مصر ‪ .‬فقالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬ما فعل فيكم الليث بن سعد ‪ .‬فقالوا‪ :‬توفي‪ ،‬فقال‪ :‬أفيكم‬ ‫‪ 1‬حلية االولياء‬ ‫‪ 2‬شرح نھج البالغة‪ ،‬ص )‪(616‬‬

‫‪133‬‬


‫القائد‬

‫أحد من أھل الرملة ‪ .‬فقالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال‪ :‬ما فعل ضمرة بن ربيعة الرملي ‪ .‬قالوا‪ :‬توفي ‪ ،‬قال‬ ‫‪ :‬ھل فيكم أحد من أھل حمص ‪ .‬قالوا‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬ما فعل بقية ابن الوليد ‪ .‬قالوا‪ :‬توفي ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ھل فيكم أحد من أھل دمشق ‪ .‬قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬ما فعل الوليد بن مسلم ‪ .‬قالوا ‪ :‬توفي ‪ ،‬فقال‬ ‫‪ :‬ھل فيكم أحد من أھل قيسارية ‪ .‬قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما فعل محمد بن يوسف الفريابي ‪ .‬قالوا‬ ‫‪ :‬توفي ‪ ،‬قال ‪ :‬فبكى طويالً ثم أنشد يقول ‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫خلت ال ّديار فسدت غير مسود ‪ ...‬ومن الشقاء تفردي بالسؤدد‬ ‫و التفويض في االسالم ليس اسميا بل حقيقه‬ ‫و تأمل في فعل الصديق امير المؤمنين حين يستأذن اسامه بن زيد )أحد قواده( في ترك عمر‬ ‫بن الخطاب )جندي في جيش اسامة( و لم يأخذه بغير اذن ‪":‬أن رأيت ان تعيننى بعمر فأفعل"‬ ‫يقول عثمان احمد عثمان"عملت ايضا على ان اعطى الثقة لكل قائد فى موقعه فال اتدخل فى‬ ‫تصريف شئونه اال بالقدر الذى يستلزم ذلك التدخل فكان ان زادت خبرتھم وقدرتھم وزادت‬ ‫ثقتھم فى انفسھم وانعكس كل ذلك على الشركة"‬ ‫و التفويض يكون في السلطات و ليس في المسؤولية‬ ‫قال عمر بن الخطاب " أيما عامل لي ظلم أحدا فبلغتني مظلمته فلم أغيرھا فأنا ظلمته"‬ ‫و قال سيدنا عثمان " أما بعد‪ ،‬فإني آخذ عمالي بموافاتي كل موسم‪ ،‬وقد رفع إلي أھل المدينة‬ ‫أن أقواما يشتمون ويضربون فمن ادعى شيئا من ذلك فليواف الموسم يأخذ حقه حيث كان‬ ‫مني أو من عمالي‪ ،‬وتصدقوا فإن ﷲ يجزي المتصدقين"‬ ‫‪2‬‬

‫و يعزل و يعاقب ان ثبت عليه التقصير او خطأ يخل بعمله‬ ‫روى أن النعمان بن عدى بن نضلة كان عامال لعمر بن الخطاب رضى ﷲ عنه فقال‪:‬‬ ‫من مبلغ الحسناء أن حليلھا * * بميسان يسقى في زجاج وحنتم‬ ‫إذا شئت غنتني دھاقين قرية * * ورقاصة تجذو على كل منسم‬ ‫فإن كنت ندمانى فباال كبر أسقني * * وال تسقنى باالصغر المتثلم‬ ‫لعل أمير المؤمنين يسوءه * * تنادمنا بالجوسق المتھدم‬ ‫فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه بالقدوم عليه‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬إى وﷲ إنى ليسوءني ذلك‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا مما قلت‪ ،‬وإنما كانت فضلة من القول‪ ،‬وقد قال ﷲ تعالى‪" :‬‬ ‫والشعرا يتبعھم الغاوون‪.‬‬ ‫ألم تر أنھم في كل واد يھيمون‪.‬‬ ‫وأنھم يقولون ما ال يفعلون " فقال له عمر‪ :‬أما عذرك فقد درأ عنك الحد‪ ،‬ولكن ال تعمل لى عمال‬ ‫أبدا وقد قلت ما قلت‪.‬‬ ‫قال أبو فراس ] الربيع بن زياد[ رحمه ﷲ ‪ :‬خَ َ‬ ‫طبنا عم ُر ُ‬ ‫بن الخطاب ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ ، -‬فقال‬ ‫في ُخ ْ‬ ‫طبَتِ ِه ‪ » :‬إني لم أب َع ْ‬ ‫ار ُكم‪ ،‬وال لِيَأْ ُخ ُذوا أ ْموال ُك ْم ‪ ،‬فَمن فُ ِع َل بِ ِه َذلك‬ ‫ث ُع ﱠمالي ليضربوا أب َش َ‬ ‫‪ 1‬حلية االولياء‬ ‫‪ 2‬طبقات بن سعد‬

‫‪134‬‬


‫القائد‬

‫بن العاص ‪ » :‬لو ﱠ‬ ‫ي ‪ ،‬أُقِصﱡ هُ منه «‪ ،‬فقال عمرو ُ‬ ‫بعض َر ِعيت ﱠ ِه ‪ ،‬أتُقِصﱡ ِه‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫أن َرجُال أَ ﱠد َ‬ ‫فَليَرْ فَ ْعهُ إِل ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫رأيت‬ ‫منه ؟ « قال ‪ » :‬إي والﱠذي نَ ْفسي بيده ‪ ،‬إال أُقِصﱡ هُ ‪ ،‬وقد‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬ ‫أقَصﱠ ِم ْن نَ ْف ِس ِه«‬ ‫يقول الشيخ الغزالى رحمه ﷲ " إن القانون ال يساوى ثمن الحبر الذى كتب به أو الورق الذى‬ ‫كتب عليه مالم يكن ھناك قوه اجبار ) العقاب ( مھما صيغ بأجمل األلفاظ وأدق العبارات"‬

‫‪ .7‬توزيع االعمال و تحديدھا بدقة‬ ‫بن‬ ‫قال عبد ﷲ بن عباس ‪ -‬رضي ﷲ عنھما ‪ : -‬قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬لمعا ِذ ِ‬ ‫أھل كتاب‪ ،‬فَإِذا جئتَھم فَا ْد ُعھم إِلى أَن‬ ‫جبل ‪ -‬حين بعثه إِلى اليمن ‪ » : -‬إِنﱠكَ ستأتي قوما َ‬ ‫يَشھدوا أَن ال إِلهَ إِال ﷲ ‪َ ،‬وأَ ﱠن ُمحمدا رسو ُل ﷲ ‪ ،‬فإن ھم أطاعوا لك بذلك‪ْ ،‬‬ ‫فأخبِرْ ھم ﱠ‬ ‫أن ﷲ قد‬ ‫فرض عليھم خمس صلوات في ُكلﱢ يوم وليلة‪ ،‬فإن ھم أطاعوا لك بذلك‪ ،‬فأخبرھم أن ﷲ قد‬ ‫ض عليھم صدقة تُؤخَ ُذ من أغنيائھم فتر ﱡد على فقرائھم‪ ،‬فإن ھم أطاعوا لك بذلك فإِيﱠاكَ‬ ‫فَ َر َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ق دعوةَ المظلوم‪ ،‬فإنه ليس بينھا وبين ﷲ ِح َجاب«‪.‬‬ ‫وكرائ َم أموالھم‪ ،‬واتﱠ ِ‬ ‫عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم أنه قال ‪ } :‬إخوانكم خولكم ‪ ،‬جعلھم ﷲ تحت أيديكم ‪ ،‬فمن كان‬ ‫أخوه تحت يده ‪ ،‬فليطعمه مما يأكل ‪ ،‬وليلبسه مما يلبس ‪ ،‬وال تكلفوھم ما يغلبھم ‪ ،‬فإن‬ ‫كلفتموھم فأعينوھم { متفق عليه وروى أبو ھريرة ‪ } ،‬أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ‪ ،‬وال يكلف من العمل ما ال يطيق { رواه الشافعي‬ ‫و عن جابر بن عبد ّ‬ ‫ﷲ ‪ -‬رضي ﷲ عنھما ‪ : -‬ﱠ‬ ‫ي صلى ﷲ عليه وسلم حين رج َع ِم ْن‬ ‫أن النب ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫ُع ْم َر ِة الجعْرانَ ِة بَ َع َ‬ ‫ب بالصبح ‪،‬‬ ‫ج ‪ ،‬ثَ ﱠو َ‬ ‫ث أَبَا ٍ‬ ‫بكر عَلى الحجﱢ ‪ ،‬فأ َ ْقبَلنا معه ‪ ،‬حتى إذا ُكنﱠا بال َعرْ ِ‬ ‫غوةُ ناقَ ِة‬ ‫ﱠعوةَ خَ ْلفَ ظھره ‪ ،‬فَوقفَ عن التﱠ ْكبِير ‪ ،‬فقال ‪ :‬ھذه َر َ‬ ‫ثم استوى ليُ َكبﱢر ‪ ،‬فسمع الر َ‬ ‫ُسول ّ‬ ‫رسُول ّ‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في الحجﱢ ‪،‬‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم ْال َج ْدعاء ‪ ،‬لقد بَدَا لر ِ‬ ‫فَلَ َعلﱠهُ ]أن[ يَ ُكونَ رسُول ّ‬ ‫علي َعلَيْھا ‪ ،‬فقال أبو‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬فَنُ َ‬ ‫صلﱢ َي َم َعهُ ‪ ،‬فإ َذا ﱞ‬ ‫بكر ‪ :‬أ ِميرٌ‪ ،‬أ ْم َرسُو ٌل ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬بل رُسولٌ‪ ،‬أرْ َسلَنِي رسو ُل ّ‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ب‬ ‫ٍ‬ ‫‪3‬‬ ‫»براءة «‪ ،‬أ ْق َر ُؤھا على النﱠاس في َمواقِف الح ﱢج‬ ‫ث َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ال َوبَ َع َ‬ ‫و بَ َع َ‬ ‫ث‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬أَبَا ُمو َسى َو ُم َعا َذ ْبنَ َجبَ ٍل إِلَى ْاليَ َم ِن ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال » يَس َﱢرا َوالَ تُ َعس َﱢرا ‪َ ،‬وبَ ﱢش َرا َوالَ‬ ‫اح ٍد ِم ْنھُ َما َعلَى ِم ْخالَ ٍ‬ ‫ان ثُ ﱠم قَ َ‬ ‫ف قَ َ‬ ‫ُك ﱠل َو ِ‬ ‫ال َو ْاليَ َم ُن ِم ْخالَفَ ِ‬ ‫تُنَفﱢ َرا « ‪ .‬فَا ْن َ‬ ‫ض ِه َكانَ‬ ‫طلَ َ‬ ‫اح ٍد ِم ْنھُ َما إِ َذا َس َ‬ ‫ار فِى أَرْ ِ‬ ‫اح ٍد ِم ْنھُ َما إِلَى َع َملِ ِه ‪َ ،‬و َكانَ ُكلﱡ َو ِ‬ ‫ق ُكلﱡ َو ِ‬ ‫‪4‬‬ ‫صا ِحبِ ِه أَحْ د َ‬ ‫َث بِ ِه َع ْھدًا ‪ ،‬فَ َسلﱠ َم َعلَ ْي ِه‬ ‫قَ ِريبًا ِم ْن َ‬ ‫إذا ال ِعبْ ُء الثقي ُل تو ﱠز َع ْتهُ‬

‫‪ 1‬ابو داود‬ ‫‪ 2‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 3‬النسائي‬ ‫‪ 4‬البخاري‬

‫‪135‬‬

‫القوم ﱠ‬ ‫ب‬ ‫رقابُ‬ ‫خف على الرﱢ قا ِ‬ ‫ِ‬


‫القائد‬

‫‪ .8‬التحفيز‬ ‫َال{االنفال ‪65‬‬ ‫} يَا أَ ﱡيھَا النﱠبِ ﱡي َح‬ ‫رﱢض ْال ُم ْؤ ِمنِينَ َعلَى ْالقِت ِ‬ ‫ِ‬ ‫س الﱠ ِذينَ َكفَرُوا َو ﱠ‬ ‫رﱢض ْال ُم ْؤ ِمنِينَ َع َسى ﱠ‬ ‫يل ﱠ‬ ‫ﷲُ أَ ْن يَ ُك ﱠ‬ ‫ﷲِ َال تُ َكلﱠ ُ‬ ‫ف إِ ﱠال نَ ْف َسكَ َو َح‬ ‫ﷲُ‬ ‫ف بَأْ َ‬ ‫}فَقَاتِلْ فِي َسبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ َش ﱡد بَأْسًا َوأَ َش ﱡد تَ ْن ِك ً‬ ‫يال )‪{(84‬النساء‬ ‫القائد يحفز اتباعه على العمل الجاد و المبادرة و طرح االفكار الجديدة بوسائل التحفيز‬ ‫المتنوعه )الترقية – المال – االجازه – كلمه تشجيع ‪ (.........‬بحسب معرفته بطبيعه من‬ ‫حوله و اعلم ان العمل الذي يكافئ يكرر‬ ‫عمر بن الخطاب‬ ‫روى البخاري عن عدي بن حاتم الطائي ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ -‬قال‪ » :‬أتيت‬ ‫َ‬ ‫في أُناس من قو ِمي ‪ ،‬فجعل يَ ْف ِرضُ للرجل من َ‬ ‫ْرضُ عنﱢي‪،‬قال‪ :‬فاستقبلته‬ ‫ط ﱢيء في ألفين ‪ ،‬ويُع ِ‬ ‫فأعرض عنﱢي ‪ ،‬ثم أتيتُه من ِحيال وجھه ‪ ،‬فأعرض عني‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬أتعرفني‬ ‫؟ قال‪:‬فضحك ‪ ،‬ثم قال‪ :‬نَ َع ْم ‪ ،‬وﷲ إنﱢي ألعرفك‪ ،‬آمنتَ إذ كفروا‪،‬وأقبلتَ إذ أدبروا ‪ ،‬ووفيتَ إذ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ووجوه أصحابه صدقةُ‬ ‫ﱠض ْ‬ ‫َغدَروا‪ ،‬ﱠ‬ ‫ت وجهَ‬ ‫أول صدقة بَي َ‬ ‫وإن َ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬ثم أخذ يعتذر ‪ ،‬ثم قال‪ :‬إنما فرضت لقوم‬ ‫طيء‪،‬جئتَ بھا إلى‬ ‫ﱢ‬ ‫أجْ َحفَ ْ‬ ‫ت بھم الفاقةُ ‪ ،‬وھم سادةُ عشائرھم‪،‬لما ينوبھم من الحقوق ‪ ،‬فقال عد ّ‬ ‫ي‪ :‬فال أُبالي إذا«‪.‬‬ ‫و يوم بدر قال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ : -‬قوموا إِلى جنة َعرْ ضُھا السموات‬ ‫رسول ﷲ ‪ ،‬جنة عرضھا السموات‬ ‫واألرض ‪ ،‬قال‪ :‬يقول ُع َميْر بن الحُمام األنصاري ‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫رسول ﷲ ‪ ،‬فقال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪: -‬‬ ‫واألرض ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬بخ بخ يا‬ ‫َ‬ ‫رسول ﷲ ‪ ،‬إِال َر َجا َء أن أكونَ من أھلھا‪ ،‬قال‬ ‫ما يحملك على قولك ‪ :‬بخ بخ ؟ قال ‪ :‬ال وﷲ يا‬ ‫َ‬ ‫‪ :‬فَإِنﱠكَ من أھلھا قال ‪ :‬فاخترج تَ َم َرات من قَ َرنِ ِه ‪ ،‬فجعل يأك ُل منھن‪ ،‬ثم قال ‪ :‬لئن أنا َحييتُ‬ ‫حتى آ ُكل تمراتي ھذه إِنﱠھا لحياة طويلة ‪ ،‬قال ‪ :‬فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلھم حتى‬ ‫‪1‬‬ ‫قُتِل«‬ ‫‪2‬‬ ‫و قال لسعد بن ابي وقاص يوم أحد ‪ ":‬ارم سعد فداك أبى وأمى" فماذا كانت نتيجة ھذا‬ ‫التحفيز‬ ‫‪3‬‬ ‫قال الزھري ‪ » :‬إن السھام التي رمى بھا سعد يومئذ كانت ألف سھم « ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫اجرُونَ ‪َ :‬سل َم ُ‬ ‫ان ِمنا‪،‬‬ ‫و يوم الخندق حين طرح سيدنا سلمان فكره حفر الخندق فَقَ َ‬ ‫ال ْال ُمھَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫صا ُر‪َ :‬س ْل َم ُ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم‪َ ":‬سل َم ُ‬ ‫ت" ‪.‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ان ِمنﱠا‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ت األَ ْن َ‬ ‫ان ِمنا أ ْھ َل البَ ْي ِ‬ ‫َوقَالَ ِ‬ ‫و يوم حنين فر المسلمون فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ » :‬يا عباس ناد في الناس يا أصحاب‬ ‫السمرة ‪ ،‬يا أصحاب سورة البقرة « ‪ ،‬قال سفيان ‪ :‬يذكرھم البيعة التي بايعوه تحت الشجرة ‪،‬‬ ‫والشجرة سمرة بايعوه تحتھا على أن ال يفروا ‪ ،‬قال العباس ‪ :‬فناديت فخلصت الدعوة إلى‬ ‫األنصار إلى بني الحارث بن الخزرج ‪ ،‬فأقبلوا ولھم حنين كحنين اإلبل ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬لبيك يا رسول‬ ‫ﷲ ‪ ،‬وسعديك ‪ ،‬فلما رآھم النبي صلى ﷲ عليه وسلم قد أقبلوا ‪ ،‬قال ‪ » :‬ھيه عطفة البقرة على‬ ‫أوالدھا ‪ ،‬اآلن حمي الوطيس «‬ ‫و يجوز للقائد في ظروف معينه أن يحفز بجوائز قبل العمل‬ ‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬البخاري و مسلم‬ ‫‪ 3‬ھذا حديث صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬ولم يخرجاه‬

‫‪136‬‬


‫القائد‬

‫فعن أنس رضي ﷲ عنه ‪ ،‬أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد وأصحابه حوله ‪ ،‬فقال‬ ‫‪ » :‬من يأخذ ھذا السيف ؟ « فبسطوا أيديھم ‪ ،‬يقول ‪ :‬ھذا أنا ‪ ،‬ويقول ‪ :‬ھذا أنا ‪ ،‬فقال ‪ » :‬من‬ ‫يأخذه بحقه ؟ « فأحجم القوم قيل وما حقه قال أن ال يقتل فيه مسلما وال تفر به عن كافر ‪ ،‬فقال‬ ‫سماك أبو دجانة ‪ :‬أنا آخذه بحقه ‪ ،‬فدفعه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬ففلق به يومئذ ھام‬ ‫‪1‬‬ ‫المشركين‬ ‫و قال رسول ﷲ السامة بن زيد ‪ :‬سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئھم الخيل ‪ ،‬فقد وليتك ھذا‬ ‫الجيش ‪ ،‬وأغر صباحا على أبنى ‪ ،‬وحرق عليھم ‪ ،‬وأسرع المسير تسبق الخبر ‪ ،‬فإن ظفرك ﷲ‬ ‫بھم فأقل اللبث فيھم‬ ‫‪ :‬قال على بن أبي طالب‪» :‬وال يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء‪ ،‬فإن في ذلك‬ ‫تزھيدًا ألھل اإلحسان في اإلحسان‪ ،‬وتدريبًا ألھل اإلساءة على اإلساءة‪ ،‬وألزم كالً منھم ما ألزم‬ ‫راع برعيته من إحسانه إليھم وتخفيفه المؤونات‬ ‫نفسه‪ ،‬واعلم أنه ليس بشيء أدعى إلى حسن ظن ٍ‬ ‫عليھم‪ ،‬وترك استكراھه إياھم على ما ليس قِبَلھم‪ ،‬فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن‬ ‫الظن برعيتك‪ ،‬فإن حسن الظن يقطع عنك نصبًا طويالً‪ ،‬وإن أحق من حسن ظنك به لمن حسن‬ ‫بالؤك عنده«) نھج البالغة‪ ،‬ص )‪،((61‬‬ ‫الخطأ في تطبيق التحفيز حين يكأفأ القائد من يتفقون معه في الرأي و يعاقب من يخالفه فتجد أن‬ ‫الجميع يؤيد رأى القائد بغض النظر عن الصواب و الخطأ على حساب المؤسسة و سترحل‬ ‫الكفائات‬ ‫أنظر الى رسول ﷲ كيف لم يعاقب عمر بن الخطاب حين خالفه في أمر أسرى بدر و في صلح‬ ‫الحديبية‬ ‫فقال عمر رضى ﷲ عنه‪ :‬فأتيت‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقلت‪ :‬ألست نبي ﷲ حقا ؟ قال‪ :‬بلى‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال‪ :‬بلى‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فلم نعطي الدنية ؟ في ديننا إذن ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إني رسول ﷲ ولست أعصيه وھو ناصري‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬أو لست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال‪ " :‬بلى‪ ،‬فأخبرتك أنا نأتيه العام " ؟‬ ‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ال‪.‬‬ ‫قال‪ " :‬فإنك آتيه ومطوف به "‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فأتيت أبا بكر فقلت‪ :‬يا أبا بكر أليس ھذا نبي ﷲ حقا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ألسنا على الحق وعدونا على الباطل‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قلت‪ :‬فلم نعطي الدنية في ديننا إذن‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أيھا الرجل إنه لرسول ﷲ وليس يعصي ربه وھو ناصره‪ ،‬فاستمسك بغرزه فوﷲ إنه على‬ ‫الحق‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬أفأخبرك أنك تأتيه العام‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬ال‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإنك آتيه ومطوف به‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫قال الزھري‪ :‬قال عمر‪ :‬فعملت لذلك أعماال‪.‬‬

‫‪ 1‬المستدرك و فى بعض روايات ھذا الحديث ان كبار الصحابه كأبو بكر و عمر و على و الزبير قاموا فلم يعطھم السيف‬ ‫‪ 2‬السيرة النبوية ل بن كثير‬

‫‪137‬‬


‫القائد‬

‫و ان مما يحفز العاملين على االبداع و المبادرة ھو مكافأه المبادر صاحب االقتراح الفعال امام‬ ‫الجميع و تكريمه ‪ ،‬فيتربى داخلھم شعور ان صناديق االقتراح ليست للزينة‬ ‫و يمكن لالتباع العمل ‪ 8‬ساعات يوميا من اجل الراتب ‪ ،‬لكنھم لن يعملوا ساعات اضافية بدون‬ ‫مرتب اال بفكرة يؤمنون بھا‬ ‫‪ .9‬اتخاذ القرار‬ ‫كثير من مديري االقسام ال يتخذون قرارا ‪ ،‬فھم يخافون من أتخاذ القرار و ال يتحملون مسؤوليته‬ ‫‪ ،‬و ال يعلمون أن أتخاذ القرار يتم بصفة يومية "ھل أفطر في البيت ام في العمل" "ھل اركب‬ ‫ميكروباص ام تاكسي"‬ ‫فلماذا يرضى أحدھم أن يكون "بوسطجي" بين الموظفين و المدير ؟؟ الغيا الصالحيات التى‬ ‫لديه لخوفه من اتخاذ القرار الخاطئ؟‬ ‫و أسلم احد االمريكان و كان قد قدم لطلب لعمل في أحد الشركات فقال له بعض المسلمين و ھو‬ ‫ذاھب لمقابلة ‪":‬غير ھيئتك و احلق لحيتك و ال تقل أنك مسلم" خوفا عليه انه اذا رفض يفتن‪.‬‬ ‫فقال في يقين ‪":‬أنى أسلمت ) و قد يترتب على ھذا ابتالء " فلما ذھب للمقابلة قالوا ‪":‬ما ھى‬ ‫مؤھالتك " قال ‪":‬اوال لي شروط حتى أعمل عندكم ‪ ،‬لقد كنت نصرانيا فاسلمت ‪ ،‬و اشترط أن‬ ‫يكون ھناك وقت للصاله" فقالوا ‪":‬لقد كنا نبحث عن شخصية تستطيع اتخاذ قرارات حاسمه و‬ ‫نرى أنك متوفر فيك شروطنا ‪ ،‬لقد عينت في منصب مدير"‬ ‫يقول عثمان احمد عثمان »ال أحب أبدا المواقف المترددة ‪ ..‬وأميل إلي الحسم السريع لألمور دون‬ ‫إغراق في التمحيص ‪ ..‬والتدقيق والدراسة«‬ ‫التقطعن ذنب الفعى وترسلھا إن كنت شھما فاتبع رأسھا الذنبا‬ ‫أحذر‬ ‫أتخاذ القرار قبل جمع المعلومات‬ ‫أن يكون القرار رد فعل غير مدروس‬ ‫أن تتخذ اول قرار يخطر ببالك دون دراسة و مقارنة بين البدائل‬ ‫ال تتخذ قرار مشابه لقرار أخر دون تمحيص ‪ ،‬فقد تكون الظروف مختلفة‬

‫‪ .10‬التعيين‬ ‫ت ا ْستَأْ ِجرْ هُ إِ ﱠن خَ ي َْر َم ِن ا ْستَأْ َجرْ تَ ْالقَ ِويﱡ ْاألَ ِم ُ‬ ‫ين )‪ { (26‬القصص‬ ‫} يَا أَبَ ِ‬ ‫}اجعلني على خزائن األرض إني حفيظ عليم{‬ ‫لم يقل سيدنا يوسف اوراق تعيينى انى نبي و بن نبي و حفيد نبي ‪ ،‬او انى من بلد كذا بل‬ ‫قال حفيظ عليم ‪ ،‬فمھمة "أمين المخازن" تحتاج لالمانة و العلم و قد ظھرت امانته و‬ ‫حفظة في قصة أمراه العزيز و علمه انه نشأ في بيت عزيز مصر‬ ‫قال رسول ﷲ عليه الصالة والسالم‪" :‬من استعمل رجالً من عصابة‪ ،‬وفي تلك العصابة‬ ‫من ھو أرضى ) منه‪ ،‬فقد خان ﷲ وخان رسوله وخان المؤمنين"‪ .‬أخرجه الحاكم‪.‬‬ ‫قال عثمان احمد عثمان ‪ ":‬كان البد ان اختار الرجال الذين يتحملون المسئوليات التفرغ‬ ‫الى ما ھو اھم"‬

‫‪138‬‬


‫القائد‬

‫من مھام المدير توظيف الموظفين و على المدير ان يبحث في من سيعينه على صفات‬ ‫اھمھا ‪-:‬‬ ‫• القوه‬ ‫عن أبي ذر قال‪ :‬قلت يا رسول ﷲ‪ :‬أال تستعملني؟ قال‪" :‬إنك ضعيف وإنھا أمانة‪ .‬وإنھا‬ ‫يوم القيامة لخزي وندامة‪ .‬إال من أخذھا بحقھا وأدى الذي عليه فيھا"‪.‬‬ ‫فلم يعينه رغم حبه البو ذر و سبقه في االسالم و دعوتة‬ ‫• الذكاء و القدرة على التعلم‬ ‫• االجتھاد‬ ‫• االمانة‬ ‫• التواصل مع زمالئه و رؤساءه و مرؤوسية‬ ‫و اما الصفات التى ينبغي تجنبھا ھي االنفعال و الموافقة على كل ما يقال‬ ‫تعيين اسامه بن زيد‬ ‫ُ‬ ‫ال أَ ﱠم َر َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬أ َسا َمةَ‬ ‫ع َِن اب ِْن ُع َم َر ‪ -‬رضى ﷲ عنھما ‪ -‬قَ َ‬ ‫ال » إِ ْن ت ْ‬ ‫ارتِ ِه ‪ ،‬فَقَ ْد َ‬ ‫َعلَى قَوْ ٍم ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ار ِة أَبِي ِه‬ ‫ط َع ْنتُ ْم فِى إِ َم َ‬ ‫َط َعنُوا فِى إِ َم َ‬ ‫ارتِ ِه ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ط َعنُوا فِى إِ َم َ‬ ‫ِم ْن قَ ْبلِ ِه ‪َ ،‬وا ْي ُم ﱠ‬ ‫ى ‪َ ،‬وإِ ﱠن ھَ َذا لَ ِم ْن‬ ‫إل َم َ‬ ‫اس إِلَ ﱠ‬ ‫ﷲِ لَقَ ْد َكانَ‪َ 1‬خلِيقًا لِ ِ‬ ‫ار ِة ‪َ ،‬وإِ ْن َكانَ ِم ْن أَ َحبﱢ النﱠ ِ‬ ‫ى بَ ْع َدهُ « ‪.‬‬ ‫اس إِلَ ﱠ‬ ‫أَ َحبﱢ النﱠ ِ‬ ‫وفي حديث حذيفة أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال ألھل نجران‪ ":‬ألبعثن إليكم رجال‬ ‫‪2‬‬ ‫أمينا حق أمين‪ ،‬قال‪ :‬فاستشرف له الناس فبعث أبا عبيدة بن الجراح رضي ﷲ عنه"‬ ‫و ارسل سيدنا ابو بكر جيشا و اخبر قائده انه في فتره اختبار‬ ‫عن الحارث بن الفضيل قال ‪ :‬لما عقد أبو بكر ليزيد بن أبى سفيان دعاه فقال له يا يزيد‬ ‫إنك شاب تذكر بخير قد رؤى منك وذلك شىء خلوت به فى نفسك وقد أردت أن أبلوك‬ ‫وأستخرجك من أھلك فانظر كيف أنت وكيف واليتك وأخبرك فإن أحسنت زدتك وإن‬ ‫‪3‬‬ ‫أسأت عزلتك‬ ‫وفي اإلصابة عن سمرة بن جندب أنه لما خرج النبي صلى ﷲ عليه وسلم إلى أحد‬ ‫وعرض أصحابه فرد من استصغر‪ ،‬ورد سمرة بن جندب وأجاز رافع بن خديج فقال‬ ‫سمرة لربيبه ‪ -‬زوج أمه‪ -‬عدي بن سنان‪ :‬يا أبت أجاز رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫رافع بن خديج وردني‪ ،‬وأنا أصرع رافع بن خديج فقال عدي يا رسول ﷲ‪ ،‬رددت ابني‬ ‫وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه‪ ،‬فقال رسول ﷲ لرافع وسمرة "تصارعا" فصرع‬ ‫سمرة رافعا ً فأجازه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مع المسلمين‪.‬‬ ‫فعين سمرة بن جندب و رافع بن خديج لكفائتھما رغم صغر سنھما‬ ‫وأرسل "أبو عبيدة" إلى "أبي بكر" يستشيره في األمر‪ ،‬فأم ﱠده الخليفة بجيش كبير‪ ،‬وكتب‬ ‫إليه يقول‪" :‬أما بعد‪ ،‬فإني قد وليت خالد بن الوليد قتال الروم في الشام فال تخالفه‪ ،‬واسمع‬ ‫له‪ ،‬وأطع أمره‪ ،‬فإني وليته عليك وأنا أعلم أنك خير منه‪ ،‬ولكن ظننت أن له فطنة في‬ ‫الحرب ليست لك‪ .‬أراد ﷲ بنا وبك سبيل الرشاد"‪.‬‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬البخاري و مسلم و اللفظ لمسلم‬ ‫‪ 3‬كنز العمال‬

‫‪139‬‬


‫القائد‬

‫و كان الخليفة عمر بن الخطاب ‪ ،‬رضي ﷲ عنه ‪ ،‬يشاور أفاضل الرجال في تعيين كبار‬ ‫موظفيه ‪ ،‬فقال لھم يوما ً ‪ :‬أشيروا علي ودلوني على رجل استعمله في أمر قد دھمني ‪،‬‬ ‫فقولوا ما عندكم ‪ ،‬فإنني أريد رجالً إذا كان في القوم وليس أميرھم كان كأنه أميرھم وإذا‬ ‫كان فيھم وھو أميرھم كان كأنه واحد منھم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬نرى لھذه الصفة الربيع بن زياد‬ ‫الحارثي ‪ ،‬فأحضره وواله ‪ .‬فوفق في عمله وقام فيه بما أربى على رجاء عمر وزاد عليه‬ ‫‪ ،‬فشكر عمر لمن أشاروا عليه بوالية الربيع‬ ‫تحدث عمر رضي ﷲ عنه مع الناس يوما فقال مبينا اھمية متابعة المرؤوسين ‪" :‬أرأيتم‬ ‫إذا استعملت عليكم خير من أعلم‪ ،‬ثم أمرته بالعدل‪ ،‬كنت قضيت ما عل ّي"‪ ،‬قالوا‪" :‬نعم"‪،‬‬ ‫فقال‪" :‬ال حتى أنظر عمله‪ ،‬أعمل بما أمرته أم ال؟… أيما عامل لي ظلم أحدا بلغتني‬ ‫مظلمته فلم أغيرھا فأنا ظلمته"‪ ،‬وقد ظلم أحد الوالة رجال من الرعية في أرضه فشكاه‬ ‫إلى عمر فبعث إليه يقول‪" :‬أنصف فالنا من نفسك‪ ،‬وإال فأقبل‪ ،‬والسالم"‪ ،‬فسارع الوالي‬ ‫بر ّد األرض إلى صاحبھا‪ ،‬وفي خطاب له إلى أحد الوالة يقول‪" :‬إفتح لھم بابك‪ ،‬وباشر‬ ‫أمورھم بنفسك‪ ،‬فإنما أنت رجل منھم‪ ،‬غير أن ﷲ جعلك أثقل منھم حمال"‪.‬‬

‫عن أبي خزيمة بن ثابت قال ‪ :‬كان عمر إذا استعمل رجال أشھد عليه رھطا من األنصار‬ ‫وغيرھم يقول ‪ :‬إني لم أستعملك على دماء المسلمين وال على أعراضھم ولكني استعملتك‬ ‫عليھم لتقسم بينھم بالعدل وتقيم فيھم الصالة واشترط عليه أن ال يأكل نقيا وال يلبس رقيقا‬ ‫‪1‬‬ ‫وال يركب برذونا وال يغلق بابه دون حوائج الناس‬ ‫و قال معاوية توضيحا لسياسة عمر ‪ :‬وﷲ إن لي في اإلسالم قدما‪ ،‬ولغيري كان أحسن‬ ‫قدما مني‪ ،‬ولكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني‪ ،‬ولقد رأى ذلك عمر ابن‬ ‫الخطاب‪ ،‬فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر ھوادة وال لغيري‪ ،‬ولم أحدث‬ ‫من الحدث ما ينبغي لي أن أعتزل عملي‪ ،‬ولو رأى ذلك أمير المؤمنين وجماعة المسلمين‬ ‫لكتب بخط يده فاعتزلت عمله‬ ‫) من استعمل رجالً على عصابة ‪ ،‬وفي تلك العصابة من ھو أرضى ) منه ؛ فقد خان‬ ‫‪2‬‬ ‫ﷲ ورسوله ‪ ،‬وخان جماعة المسلمين ( ‪.‬‬ ‫و ندب عمر الناس لقتال الفرس ثالثة ايام فلم يقم احد فلما كان اليوم الرابع كان أول من‬ ‫انتدب من المسلمين أبو عبيد بن مسعود الثقفي ثم تتابع الناس في االجابة‪ ،‬أمر عمر‬ ‫طائفة من أھل المدينة وأمر على الجميع أبا عبيد(‪ ،‬ھذا ولم يكن صحابيا‪ ،‬فقيل لعمر‪ :‬ھال‬ ‫أمرت عليھم رجال من الصحابة ؟ فقال‪ :‬إنما أومر أول من استجاب‪ ،‬إنكم إنما سبقتم‬ ‫‪3‬‬ ‫الناس بنصرة ھذا الدين‪ ،‬وإن ھذا ھو الذي استجاب قبلكم‪.‬‬

‫و لما تولى الخالفة عمر بن عبد العزيز دخل عليه شخصٌ فھنأه‪ ،‬قال‪" :‬يا أمير المؤمنين‬ ‫من كانت الخالفة شرفته فقد شرفتھا‪ ،‬ومن كانت زانته فقد زنتھا‪ ،‬وأنت أنت‪ ،‬ولزم‬ ‫‪ 1‬كنز العمال‬ ‫‪ 2‬السلسلة الضعيفة‬ ‫‪ 3‬البداية و النھاية‬

‫‪140‬‬


‫القائد‬

‫يصلي في المسجد ويقرأ فھم عمر أن يوليه على العراق ‪ -‬مما رأى من عبادته‪ -‬ثم قال‪:‬‬ ‫ھذا رجل له فضل فدس إليه رجالً ليختبره‪ ،‬يقول‪ :‬إن عملت لك في والية في العراق‪ ،‬ما‬ ‫تعطيني؟ فضمن له ماالً جليالً‪ ،‬فنفاه وأخرجه"‬ ‫وروى البخاري عن ھمام بن منبه عن أبي ھريرة قال ‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫وسلم ‪ } :‬غزا نبي من األنبياء ‪ ،‬فقال لقومه ‪ :‬ال يتبعني رجل ملك بضع امرأة وھو يريد‬ ‫أن يبني بھا ولما يبن بھا ‪ ،‬وال أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفھا ‪ ،‬وال أحد اشترى غنما أو‬ ‫خلفات وھو ينتظر والدھا {‬ ‫و ليس من مصوغات التعيين القرابة‬ ‫قال عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه ‪" :‬من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجال لمودة‬ ‫‪1‬‬ ‫أو قرابة بينھما فقد خان ﷲ ورسوله"‬ ‫وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى عامله على خراسان‪ ":‬إنه بلغني أنك استعملت عبدﷲ بن‬ ‫األھتم وإن ﷲ لم يبارك لعبدﷲ بن األھتم في العمل‪ ،‬فاعزله‪ ،‬وإنه على ذلك لذو قرابة‬ ‫ألمير المؤمنين‪ .‬وبلغني أنك استعملت عمارة‪ ،‬وال حاجة لي بعمارة‪ ،‬وال ضرب عماره‪،‬‬ ‫وال برجل قد صبغ يده في دماء المسلمين‪ ،‬فاعزله"‬ ‫ً‬ ‫رجل منكم جندا من ھذه‬ ‫و جمع أشراف بني أمية مرة‪ ،‬ثم قال‪" :‬أتحبون أن أولي كل‬ ‫ٍ‬ ‫األجناد ‪ -‬أي قيادة جيش من ھذه الجيوش‪ -‬فقال له رج ٌل منھم‪ :‬ل َم◌َ ◌َ ◌َ ◌َ تعرض علينا‬ ‫ماال تفعله؟ قال‪ :‬ترون بساطي ھذا؟ إني ألعلم أنه يصير إلى بلى‪ ،‬وإني أكره أن تدنسوه‬ ‫علي بأرجلكم فكيف أوليكم ديني؟ وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارھم تحكمون فيھم؟‬ ‫ھيھات ھيھات‪ ،‬قالوا‪ :‬ل َم أما لنا قرابة؟ أما لنا حق؟ قال‪ :‬ما أنتم وأقصى رجل من‬ ‫المسلمين عندي في ھذا األمر إال سواء"‪.‬‬ ‫و يتم تحديد المرتب المناسب‬ ‫قال صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":‬من كان لنا عامال ‪ ،‬فلم يكن له زوجة‪ ،‬فليكتسب له زوجه‪،‬‬ ‫فإن لم يكن له خادم‪ ،‬فليكتسب له خادما‪ ،‬فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا‪ ،‬ومن اتخذ‬ ‫‪2‬‬ ‫غير ذلك فھو غال أو سارق"‬ ‫كتب عمر بن عبدالعزيز كتابا إلى عماله‪ ":‬نرى أن ال يتجر إمام‪ ،‬وال يحل لعامل تجارة‬ ‫في سلطانه الذي ھو عليه‪ ،‬فإن األمير متى يتجر‪ ،‬يستأثر ويصيب أمورا فيھا عنت‪ ،‬وإن‬ ‫حرص أن ال يفعل"‬ ‫و من مسؤوليات المدير ايضا الترقية و أعلم اخي انك لن تترقي ما دمت تتجنب تحمل‬ ‫مسؤولية المھام الصعبة و الجديدة‬

‫و اصعب قرار يتخذة المدير ھو قرار فصل موظف‬ ‫‪ 1‬السياسة الشرعية‬ ‫‪ 2‬صحيح الجامع‬

‫‪141‬‬


‫القائد‬

‫عند حدوث خطأ كبير ابلغة على انفراد بخطورة الخطر و أطلب منه عدم تكرارة‬ ‫قال أبو مسعود البدري كنت أضرب غالما لي بالسوط فسمعت صوتا من خلفي ) اعلم أبا‬ ‫مسعود ( فلم أفھم الصوت من الغضب قال فلما دنا مني إذ ھو رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬ ‫و سلم فإذا ھو يقول ) اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود ( قال فألقيت السوط من يدي فقال )‬ ‫اعلم أبا مسعود أن ﷲ أقدر عليك منك على ھذا الغالم ( قال فقلت ال أضرب مملوكا بعده‬ ‫‪1‬‬ ‫أبدا‬ ‫و في رواية فقلت يا رسول ﷲ ھو حر لوجه ﷲ فقال ) أما لو لم تفعل للفحتك النار أو‬ ‫‪2‬‬ ‫لمستك النار (‬ ‫فقد كتب عمر بن عبدالعزيز ألحد عماله‪ ":‬لقد كثر شاكوك وقل شاكروك‪ ،‬فإما عدلت‬ ‫وإما اعتزلت"‪.‬‬ ‫االستراتيجية المتبعة في ابالغة بقرار الفصل ‪-:‬‬ ‫تحدث معه منفردا في مكتبك‬ ‫أبدأ اوال بذكر صفاته الحسنه )الحضور مبكرا – االمانة ‪ (......-‬و ھذا من المسؤولية‬ ‫االجتماعية اال نحطم فردا منتجا للمجتمع‬ ‫اذكر انك قد انذرته قبل ھذا‬ ‫كن صريحا في ابالغة القرار‬ ‫اختم بانه قد ينتج و يبدع في مكان أخر‬ ‫اذا كان الفصل ليس لسبب يسيئ العامل يتم توضيح ھذا امام الزمالء‬ ‫لما عزل عمر شرحبيل واستعمل معاوية قال له شرحبيل أعن سخطة عزلتني يا أمير‬ ‫المؤمنين قال ال إنك لكما أحب ولكن أريد رجال أقوى من رجل قال نعم فاعذرني في‬ ‫الناس ال تدركني ھجنة فقام في الناس فقال أيھا الناس أنى وﷲ ما عزلت شرحبيل عن‬ ‫‪3‬‬ ‫سخطة ولكني أردت رجال أقوى من رجل‬

‫‪ .11‬تقسيم العمل و توزيعه‬ ‫تقسيم العمل بحيث يتناسب مع االمكانيات و االھداف‬ ‫كما في حفر الخندق حيث قسم لكل بيت جزء و عمل‬ ‫‪ .12‬التنفيذ )من خالل االخرين(‬

‫‪ 1‬مسلم‬ ‫‪ 2‬مسلم‬ ‫‪ 3‬تاريخ الطبري‬

‫‪142‬‬


‫القائد‬

‫القائد ينفذ ما تم تخطيطه من خالل االخرين و ھو ما يسمى في االدارة الحديثة فصل‬ ‫التخطيط عن التنفيذ‬ ‫اذا كانت القرارت ال تنفذ فھى حبر ال ورق‬ ‫و الفاشلون قسمين ‪:‬قسم يخطط و ال ينفذ و قسم ينفذ بال تخطيط‬ ‫و االتباع يتبعون القائد قھرا او حبا‬ ‫و الذين يتبعون القائد قھرا خوفا من بطشه او الخصم من المرتب لن تجدھم وقت الشدة‬ ‫و الذين يتبعون القائد حبا يظلون معه في احلك المواقف و انظر الى حبيب بن عدي يقول لهَُ‬ ‫ال َال َو َ ّ‬ ‫أَبُو ُس ْفيَانَ و ھو سيصلب أَيَ ُسرّك أَ ّن ُم َح ّمدًا ِع ْن َدنَا تُضْ َربُ ُعنُقُهُ َوإِنّك فِي أَ ْھلِ ُ‬ ‫ﷲِ َما‬ ‫ك فَقَ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫صيبُهُ َشوْ َكةٌ تُ ْؤ ِذي ِه ‪.‬‬ ‫يَ ُس ّرنِي أَنّي فِي أَ ْھلِي َوأَ ّن ُم َح ّمدًا فِي َم َكانِ ِه الّ ِذي ھُ َو فِي ِه تُ ِ‬ ‫او كاالنصار يوم حنين‬ ‫قال العباس ‪ -‬وكنت رجال صيتا ‪ -‬فقلت باعلى صوتي‪ :‬أين االنصار‪ ،‬أين أصحاب السمرة‪،‬‬ ‫أين أصحاب سورة البقرة‪ ،‬قال‪ :‬وﷲ لكانما عطفتھم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على‬ ‫‪2‬‬ ‫أوالدھا‪.‬‬ ‫و يكون التنفيذ عن طريق اعطاء التعليمات للموظفين و له عده طرق ‪-:‬‬ ‫• االمر‬ ‫و ال نلجأ اليه اال مضطرين ك "ادارة االزمات" حيث ال يوجد وقت لعقد مجلس‬ ‫للشورى و يمتاز بالسرعة و عيبه عدم تبني العاملون معك للمشروع و يحتاج الى‬ ‫وجود رصيد من الثقة‬ ‫ففي حديث غزوة ذات السالسل على سبيل المثال‬ ‫عن عمرو بن العاص أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بعثه في غزوة ذات السالسل فسأله‬ ‫أصحابه أن يوقدوا نارا فمنعھم فكلموا أبا بكر فكلمه فقال ال يوقد أحد منھم نارا إال قذفته فيھا‬ ‫قال فلقوا العدو فھزموھم فأرادوا أن يتبعوھم فمنعھم فلما انصرف ذلك الجيش ذكروا ذلك‬ ‫للنبي صلى ﷲ عليه وسلم وشكوه إليه فقال يا رسول ﷲ إني كرھت أن آذن لھم أن يوقدوا‬ ‫نارا فيرى عدوھم قلتھم وكرھت أن يتبعوھم فيكون لھم مدد فيعطفوا عليھم فحمد رسول ﷲ‬ ‫‪3‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم أمره‬ ‫فھم قد اتبعو امره لكن بضيق نفس ‪ ،‬و لو كان استشارھم او وضح سبب االمر لكان افضل‬ ‫• االقناع‬ ‫و ھو ان تقنع المرؤوس بفائدة تنفيذ االمر‬ ‫• التعريض‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ض َي ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲُ َع ْنھُ َما‪َ :‬كانَ ال ﱠر ُج ُل فِي َحيَا ِة النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ال َسالِ ٌم ع َِن اب ِْن ُع َم َر َر ِ‬ ‫صل ﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم‪ ،‬فَتَ َمنﱠي ُ‬ ‫ْت أَ ْن أَ َرى ر ُْؤيَا‬ ‫َو َسلﱠ َم إِ َذا َرأَى ر ُْؤيَا قَ ﱠ‬ ‫صھَا َعلَى النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫زَب‪َ ،‬و ُك ْن ُ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم‪َ ،‬و ُك ْن ُ‬ ‫ت أَنَا ُم فِي‬ ‫ت ُغال ًما َشابًّا أَ ْع َ‬ ‫أَقُصﱡ ھَا َعلَى النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل ﱠ َم‪ ،‬فَ َرأَي ُ‬ ‫ْت فِي ْال َمن َِام َكأ َ ﱠن َملَ َكي ِْن أَخَ َذانِي‬ ‫ْج ِد َعلَى َع ْھ ِد النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ْال َمس ِ‬ ‫ار‪ ،‬فَإ ِ َذا ِھ َي َم ْ‬ ‫ط ِويﱠةٌ َك َ‬ ‫َان َكقَرْ نَي ْالبِ ْئ ِر َوإِ َذا فِيھَا‬ ‫ط ﱢي ْالبِ ْئ ِر‪َ ،‬وإِ َذا لَھَا قَرْ ن ِ‬ ‫فَ َذھَبَا بِي إِلَى النﱠ ِ‬ ‫‪ 1‬زاد المعاد‬ ‫‪ 2‬سبل الھدي و الرشاد‬ ‫‪ 3‬موارد الظمان‬

‫‪143‬‬


‫القائد‬

‫ار‪ ،‬أَ ُعو ُذ بِ ﱠ‬ ‫ت أَقُو ُل‪ :‬أَ ُعو ُذ بِ ﱠ‬ ‫نَاسٌ قَ ْد ع َ​َر ْفتُھُ ْم‪ ،‬فَ َج َع ْل ُ‬ ‫ار‪ ،‬فَلَقِيَھُ َما َملَ ٌ‬ ‫ك‬ ‫ا)ِ ِمن النﱠ ِ‬ ‫ا)ِ ِمن النﱠ ِ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫صةَ‪ ،‬فَقَ ﱠ‬ ‫ﷲُ‬ ‫صةُ َعلَى النﱠبِ ﱢي َ‬ ‫ص ْتھَا َح ْف َ‬ ‫صصْ تُھَا َعلَى َح ْف َ‬ ‫ال لِي‪ :‬لَ ْن تُ َراعَ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫آخَ ُر فَقَ َ‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم‪ ،‬فَقَا َل‪)) :‬نِ ْع َم ال ﱠر ُج ُل َع ْب ُد ﱠ‬ ‫ال َسالِ ٌم ‪ :‬فَ َكانَ َع ْب ُد‬ ‫ُصلﱢي بِاللﱠي ِْل((‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲِ لَوْ َكانَ ي َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲِ ال يَنَا ُم ِمن اللﱠي ِْل إِالﱠ قَلِيال‬ ‫• الشورى و الحوار‬ ‫كما حدث في اختيار موقع غزوة بدر و اسري بدر و الخروج يوم احد‬ ‫و ھو افضل االساليب حيث يجعل من يعملون معك يتحمسون لالمر و يعتبرونه من‬ ‫بنات افكارھم و يتبنونه‬ ‫َ‬ ‫ُول‬ ‫ال‪ :‬يَا َرس َ‬ ‫ي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَقَ َ‬ ‫وع َْن أَبِي أُ َما َمةَ قَ َ‬ ‫ال‪ :‬إِ ﱠن فَتًى َشابًّا أتَى النﱠبِ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﷲِ ا ْئ َذ ْن لِي بِ ﱢ‬ ‫ال‪)) :‬ا ْدنُ ْه(( فَ َدنَا ِم ْنهُ‬ ‫الزنَا! فَأ َ ْقبَ َل ْالقَوْ ُم َعلَ ْي ِه فَزَ َجرُوهُ قَالُوا‪َ :‬م ْه َمهْ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ﷲِ‪َ ،‬ج َعلَنِي ﱠ‬ ‫ال‪َ :‬ال َو ﱠ‬ ‫ال‪َ )) :‬و َال‬ ‫ﷲُ فِدَا َءكَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪)) :‬أَتُ ِح ﱡبهُ ِألُ ﱢمكَ؟(( قَ َ‬ ‫س‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َجلَ َ‬ ‫قَ ِريبًا قَ َ‬ ‫ُ‬ ‫النﱠاسُ يُ ِحبﱡونَهُ ِأل ﱠمھَاتِ ِھ ْم(( قَا َل‪)) :‬أَفَتُ ِح ﱡبهُ ِال ْبنَتِكَ ؟(( قَا َل‪َ :‬ال َو ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ‪َ ،‬ج َعلَنِي‬ ‫ﷲِ يَا َرس َ‬ ‫ُ‬ ‫ال‪َ :‬ال َو ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ال‪)) :‬أَفَتُ ِح ﱡبهُ ِأل ْختِكَ ؟(( قَ َ‬ ‫ال‪َ )) :‬و َال النﱠاسُ ي ُِحبﱡونَهُ لِبَنَاتِ ِھ ْم((‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲُ فِدَا َءكَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫َج َعلَنِي ﱠ‬ ‫ال‪)) :‬أَفَتُ ِحبﱡهُ لِ َع ﱠمتِكَ ؟((‬ ‫ال‪َ )) :‬و َال النﱠاسُ ي ُِحبﱡونَهُ ِألَخَ َواتِ ِھ ْم((‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲُ فِدَا َءكَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲِ‪َ ،‬ج َعلَنِي ﱠ‬ ‫ال‪َ :‬ال َو ﱠ‬ ‫ال‪)) :‬أَفَتُ ِحبﱡهُ‬ ‫ال‪َ )) :‬و َال النﱠاسُ يُ ِحبﱡونَهُ لِ َع ﱠماتِ ِھ ْم((‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲُ فِدَا َءكَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ال َو ﱠ‬ ‫ﷲِ‪َ ،‬ج َعلَنِي ﱠ‬ ‫ال‪َ )) :‬و َال النﱠاسُ يُ ِحبﱡونَهُ لِ َ‬ ‫خَاالتِ ِھ ْم(( قَا َل‪:‬‬ ‫ﷲُ فِدَا َءكَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫لِخَ الَتِكَ ؟((‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪)) :‬اللﱠھُ ﱠم ا ْغفِرْ َذ ْنبَهُ َو َ‬ ‫طھﱢرْ قَ ْلبَهُ َو َحصﱢ ْن فَرْ َجهُ((‪ ،‬فَلَ ْم يَ ُك ْن بَ ْع ُد‬ ‫ض َع يَ َدهُ َعلَ ْي ِه َوقَ َ‬ ‫فَ َو َ‬ ‫‪1‬‬ ‫َذلِكَ ْالفَتَى يَ ْلتَفِ ُ‬ ‫ت إِلَى َش ْي ٍء‪.‬‬ ‫فانظر لو كان امره النبي و زجره لكان امتثل و لكن مكرھا و عاد الى المعصية عند‬ ‫اول امتحان‬ ‫• القدوة‬ ‫وفي رواية صلح الحديبية بعد فراغ النبي من الكتاب أمرھم بالنحر والحلق قال ذلك‬ ‫ثالث مرات‪ ،‬فلم يقم منھم أحد‪ ،‬فدخل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم على أم سلمة‬ ‫رضي ﷲ عنھا‪ ،‬أي وھو شديد الغضب فاضطجع‪ .‬فقالت مالك يا رسول ﷲ مرارا‬ ‫وھو ال يجيبھا‪ ،‬ثم ذكر لھا ما لقي من الناس وقال لھا‪ :‬ھلك المسلمون؛ أمرتھم أن‬ ‫ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا‪ ،‬وفي لفظ قال‪ :‬عجبا يا أم سلمة‪ ،‬أال ترين إلى الناس؟‬ ‫آمرھم باألمر فال يفعلونه‪ ،‬قلت لھم‪ :‬انحروا واحلقوا وحلوا مرارا فلم يجبني أحد من‬ ‫الناس إلى ذلك وھم يسمعون كالمي وينظرون وجھي‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول ﷲ ال تلمھم‪،‬‬ ‫فإنھم قد داخلھم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح‬ ‫ورجوعھم بغير فتح‪ ،‬ثم أشارت عليه أن يخرج وال يكلم »أحدا منھم وينحر بدنه‬ ‫ويحلق رأسه‪ ،‬ففعل كذلك‪ :‬أي أخذ الحربة وقصد ھديه وأھوى بالحربة إلى البدن‬ ‫رافعا صوته‪ :‬بسم ﷲ وﷲ أكبر‪ ،‬ثم دخل قبة له من أدم أحمر ودعا بخراش فحلق‬ ‫رأسه ورمى شعره على شجرة فأخذه الناس وتحاصوه‪ ،‬وأخذت أم عمارة رضي ﷲ‬ ‫عنھا طاقات منه‪ ،‬فكانت تغسلھا للمريض وتسقيه فيبرأ‪ .‬فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا‬ ‫وحلقوا‬

‫‪ 1‬مسلم‬

‫‪144‬‬


‫القائد‬

‫رضي ﷲ عنھما‪ -‬قال‪ :‬اتخذ النبي ‪r‬‬ ‫أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫خات َما من ذھب‪ ،‬فاتخذ الناس خواتيم من ذھب‪ ،‬فقال النبي‪ } r ،‬إني اتخذت خات ًما من‬ ‫‪1‬‬ ‫ذھب فنبذه وقال‪ :‬إني لن ألبسه أبدًا‪ ،‬فنبذ الناس خواتيمھم {‬

‫ﻗﺎﻝت اﻝﻌﻠﻤﺎء‪ " :‬ﻓد ‪‬ل ذﻝك ﻋﻠﻰ أن اﻝﻔﻌل أﺒﻠﻎ ﻤن اﻝﻘول "‪.‬‬ ‫• التفاوض‬ ‫قال عمر بن عبد العزيز‪» :‬ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت‬ ‫لھم من الدنيا شيئا ً«‪.‬‬ ‫• االنكار‬ ‫اثارة التحدي لدى الموظف بأن تقول ‪ ":‬ال أظن انه يمكننا ذلك "‬

‫و لنتخيل انك موظف و قام المدير متأثرا بما يحدث في فلسطين بجمع التبرع بأحد‬ ‫ھذه االفعال‬ ‫أمر المحاسب بخصم مبلغ من كل موظف اجباريا‬ ‫•‬ ‫قام بالجلوس معكم و شرح لكم الموقف‬ ‫•‬ ‫قام بذكر فضل التبرع لفلسطين‬ ‫•‬ ‫قام بالتشاور معكم في المشكلة و سئل كل منكم ما الذي يمكنكم تقديمة‬ ‫•‬

‫‪ .13‬الرقابة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُول َوتَ ُخونُوا أ َمانَاتِ ُك ْم َوأنتُ ْم تَ ْعلَ ُمونَ {)األنفال‪(27‬‬ ‫}يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا الَ تَ ُخونُوا ﷲَ َوال ﱠرس َ‬ ‫كل عمل البد من رقابة عليه لمعرفة الخلل و عالجة ‪ ،‬و ال تجزع من وجود الخطأ فأى عمل‬ ‫البد من وجود أخطاء به ‪ ،‬و لكن تختلف كمية االخطاء ‪ ،‬و قبل بداية العمل يكون ھناك توقع‬ ‫لنسبة االخطاء )تأخير في مواعيد التسليم – سعر العملة ‪ (.....‬و يتم المقارنة بين االخطاء‬ ‫المتوقعه و االخطاء الحقيقية ‪-:‬‬ ‫اذا كانت نسبة الخطأ اكبر من المتوقع ھناك خلل‬ ‫اذا كانت نسبة الخطأ قريبة من المتوقع فھذا ھو المطلوب‬ ‫اذا لم يكن ھناك أخطاء فاليوجد او عمل او ھناك مشكلة في الرقابة‬

‫‪ ([1]) 1‬البخاري االعتصام بالكتاب والسنة )‪ ، (6868‬مسلم اللباس والزينة )‪ ، (2091‬الترمذي اللباس )‪ ، (1741‬النسائي الزينة‬ ‫)‪ ، (5290‬أحمد )‪ ، (116/2‬مالك الجامع )‪.(1743‬‬

‫‪145‬‬


‫القائد‬

‫و الرقابه في االسالم ال تقتصر على مراقبه الرئيس لمرؤسه بل ھناك ايضا رقابه ذاتيه و‬ ‫رقابه نصح و ارشاد العضاء المجتمع‬ ‫• مراقبه الرئيس لمرؤسه لتقويم المسار‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُوف َونَھَوْ ا َع ِن‬ ‫ض أَقَا ُموا الص َﱠالةَ َوآتَ ُوا ال ﱠز َكاةَ َوأ َمرُوا بِال َم ْعر ِ‬ ‫}الﱠ ِذينَ إِن ﱠم ﱠكنﱠاھُ ْم فِي ْاألَرْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ور {الحج‪.41‬‬ ‫ْال ُمن َك ِر َو ِ ﱠ)ِ عَاقِبَةُ ْاأل ُم ِ‬ ‫وصدق عمر رضي ﷲ عنه في قوله‪ ":‬لما يزع ﷲ بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن"‪1‬‬ ‫عن أبي حميد قال » استعمل رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم رجال على الصدقة ‪ .‬فلما‬ ‫قدم قال ھذا لكم وھذا أھدي إلي ‪ ،‬قال فقال النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ " -‬ما بال الرجل‬ ‫نستعمله على العمالة مما والنا ﷲ فيقول ھذا لكم وھذا أھدي إلي ! فھال جلس في بيت‬ ‫أبيه أو بيت أمه فينظر ھل يھدى إليه شيء أم ال ؟ والذي نفس محمد بيده ال يأخذ أحد‬ ‫منكم شيئا بغير حقه إال لقي ﷲ وھو يحمله يوم القيامة ‪ ،‬إن كان بعيرا له رغاء ‪ ،‬وإن‬ ‫كان بقرة لھا خوار ‪ ،‬أو شاة تيعر ‪ -‬ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال ‪ :‬اللھم ھل‬ ‫‪2‬‬ ‫بلغت " قالھا ثالثا « ‪.‬‬ ‫ُور لَقِ ُ‬ ‫يت أَبَا َذرﱟ بِال ﱠربَ َذ ِة ‪َ ،‬و َعلَ ْي ِه ُحلﱠةٌ ‪َ ،‬و َعلَى ُغالَ ِم ِه ُحلﱠةٌ ‪ ،‬فَ َسأ َ ْلتُهُ‬ ‫قَ َ‬ ‫ال األَحْ َد ِ‬ ‫ب ع َِن ْال َم ْعر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال إِنﱢى َسابَب ُ‬ ‫ال لِ َى النﱠبِ ﱡى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪-‬‬ ‫ْت َر ُجالً ‪ ،‬فَ َعيﱠرْ تُهُ بِأ ﱢم ِه ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ع َْن َذلِكَ ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ُ‬ ‫» يَا أَبَا َذرﱟ أَ َعيﱠرْ تَهُ بِأ ﱢم ِه إِنﱠكَ ا ْم ُر ٌؤ فِيكَ َجا ِھلِيﱠةٌ ‪ ،‬إِ ْخ َوانُ ُك ْم خَ َولُ ُك ْم ‪َ ،‬ج َعلَھُ ُم ﱠ‬ ‫ﷲُ تَحْ تَ أَ ْي ِدي ُك ْم‬ ‫‪ ،‬فَ َم ْن َكانَ أَ ُخوهُ تَحْ تَ يَ ِد ِه فَ ْلي ْ‬ ‫ُط ِع ْمهُ ِم ﱠما يَأْ ُك ُل ‪َ ،‬و ْلي ُْلبِ ْسهُ ِم ﱠما يَ ْلبَسُ ‪َ ،‬والَ تُ َكلﱢفُوھُ ْم َما يَ ْغلِبُھُ ْم‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ ،‬فَإ ِ ْن َكلﱠ ْفتُ ُموھُ ْم فَأ َ ِعينُوھُ ْم «‬ ‫قال أُ َسا َمةَ ْبنَ زَ ْي ٍد ‪ -‬رضى ﷲ عنھما ‪ -‬بَ َعثَنَا َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬إِلَى‬ ‫صبﱠحْ نَا ْالقَوْ َم فَھَزَ ْمنَاھُ ْم َولَ ِح ْق ُ‬ ‫ار َر ُجالً ِم ْنھُ ْم ‪ ،‬فَلَ ﱠما‬ ‫ت أَنَا َو َر ُج ٌل ِمنَ األَ ْن َ‬ ‫ْالح َُرقَ ِة ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ال الَ إِلَهَ إِالﱠ ﱠ‬ ‫ارىﱡ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ﷲُ ‪ .‬فَ َك ﱠ‬ ‫ط َع ْنتُهُ بِ ُر ْم ِحى َحتﱠى قَت َْلتُهُ ‪ ،‬فَلَ ﱠما قَ ِد ْمنَا بَلَ َغ‬ ‫ف األَ ْن َ‬ ‫غ َِشينَاهُ قَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ال الَ إِلَهَ إِالﱠ ﱠ‬ ‫ﷲُ « قُ ْل ُ‬ ‫ت َكانَ‬ ‫ال » يَا أُ َسا َمةُ أَقَت َْلتَهُ بَ ْع َد َما قَ َ‬ ‫ى ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬فَقَ َ‬ ‫النﱠبِ ﱠ‬ ‫‪4‬‬ ‫ْت أَنﱢى لَ ْم أَ ُك ْن أَ ْسلَ ْم ُ‬ ‫ال يُ َكرﱢ ُرھَا َحتﱠى تَ َمنﱠي ُ‬ ‫ت قَب َْل َذلِكَ ْاليَوْ ِم ‪.‬‬ ‫ُمتَ َع ﱢو ًذا ‪ .‬فَ َما زَ َ‬ ‫فقلت إني أعطي ﷲ عھدا أال أقتل رجال يقول ال إله إال ﷲ أبدا فقال النبي صلى ﷲ عليه‬ ‫‪5‬‬ ‫وسلم بعدي يا أسامة قال بعدك‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صلى ﷲُ َعل ْي ِه َو َسل َم َعلى‬ ‫وع َْن َع ْم ِرو ب ِْن ُش َع ْي ٍ‬ ‫ال‪ :‬خَ َر َج َرسُو ُل ﷲِ َ‬ ‫ب ع َْن أَبِي ِه عَن َج ﱢد ِه ق َ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫ب‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ان ِم ْن ْالغ َ‬ ‫َض ِ‬ ‫أَصْ َحابِ ِه َوھُ ْم يَ ْخت ِ‬ ‫َر‪ ،‬فَ َكأَنﱠ َما يُ ْفقَأ ُ فِي َوجْ ِھ ِه َحبﱡ الرﱡ ﱠم ِ‬ ‫َص ُمونَ فِي ْالقَد ِ‬ ‫ْض؟ بِھَ َذا ھَلَ َكت ْاألُ َم ُم قَ ْبلَ ُك ْم((‪،‬‬ ‫))بِھَ َذا أُ ِمرْ تُ ْم؟ أَوْ لِھَ َذا ُخلِ ْقتُ ْم؟ تَضْ ِربُونَ ْالقُرْ آنَ بَ ْع َ‬ ‫ضهُ بِبَع ٍ‬ ‫ﷲِ ب ُْن َع ْم ٍرو‪َ :‬ما َغبَ ْ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ال َع ْب ُد ﱠ‬ ‫س تَخَ ل ﱠ ْف ُ‬ ‫ط ُ‬ ‫ﷲُ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ال‪ :‬فَقَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ت فِي ِه ع َْن َرس ِ‬ ‫ت نَ ْف ِسي بِ َمجْ لِ ٍ‬ ‫‪6‬‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم َما َغبَ ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫س َوتَخَ ﱡلفِي َع ْنهُ‪.‬‬ ‫ت نَ ْف ِسي بِ َذلِكَ ْال َمجْ لِ ِ‬ ‫‪ 1‬تاريخ بغداد‬ ‫‪ 2‬رواه البخاري الھبة ‪ 220 / 5‬رقم ‪ 2597‬واأليمان والنذور ‪ 524 / 11‬رقم ‪ 6636‬والحيل ‪ 348 / 12‬رقم ‪ 6979‬واألحكام ‪/ 13‬‬ ‫‪ 164‬رقم ‪ 7197 ، 7174‬ومسلم اإلمارة ‪ 1463 / 3‬رقم ‪. 1832‬‬ ‫الغلول ‪ :‬ھي الخيانة ‪.‬‬ ‫قال الحافظ في الفتح ‪. 349 / 12‬‬ ‫بين الرسول صلى ﷲ عليه وسلم للعامل ‪ -‬أن الحقوق التي عمل ألجلھا ھي السبب في اإلھداء له وأنه لو قام في منزله لم يھد له شيء‬ ‫فال ينبغي له أن يستحلھا بمجرد كونھا وصلت إليه على طريق الھدية فإن ذاك إنما يكون حيث يتمحض الحق له ‪.‬‬ ‫‪ 3‬صحيح البخاري‬ ‫‪ 4‬صحيح البخاري‬ ‫‪ 5‬سير اعالم النبالء‬ ‫‪ 6‬بن ماجة‬

‫‪146‬‬


‫القائد‬

‫اويرُ‪ ،‬فَلَ ﱠما َرآھَا َرسُو ُل ﱠ‬ ‫و روت عائشة رضي ﷲ عنھا أَنﱠھَا ا ْشت َ​َر ْ‬ ‫ت نُ ْم ُرقَةً فِيھَا ت َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫َص ِ‬ ‫ت فِي َوجْ ِھ ِه ْال َك َرا ِھيَةَ‪ ،‬فَقُ ْل ُ‬ ‫ب فَلَ ْم يَ ْد ُخ ْلهُ‪ ،‬فَ َع َر ْف ُ‬ ‫ت‪ :‬يَا‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم قَا َم َعلَى ْالبَا ِ‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ﷲِ أَتُوبُ إِلَى ﱠ‬ ‫ُول ﱠ‬ ‫ﷲِ َوإِلَى َرسُولِ ِه صلى ﷲ عليه وسلم‪َ ،‬ما َذا أَ ْذنَب ُ‬ ‫ْت؟ فَقَ َ‬ ‫َرس َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﱡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪َ )) :‬ما بَا ُل ھَ ِذ ِه الن ْم ُرق ِة؟(( قلت‪ :‬اشتَ َر ْيتھَا لكَ لِتَق ُع َد َعل ْيھَا َوت َ​َو ﱠس َدھَا‪،‬‬ ‫ال َرسُو ُل ﱠ‬ ‫اب ھَ ِذ ِه الصﱡ َو ِر يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة يُ َع ﱠذبُونَ ‪،‬‬ ‫ﷲِ صلى ﷲ عليه وسلم‪)) :‬إِ ﱠن أَصْ َح َ‬ ‫فَقَ َ‬ ‫ُ ‪1‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪)) :‬إِ ﱠن البَيْتَ ال ِذي فِي ِه الصﱡ َو ُر َال تَ ْدخلهُ ال َم َالئِ َكة((‬ ‫فَيُقَا ُل لھُ ْم أحْ يُوا َما خَ لقت ْم((‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫صلﱠى ﱠ‬ ‫ال‪َ :‬رأَى َرسُو ُل ﱠ‬ ‫ْج ِد‪،‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫َس ب ِْن َمالِ ٍك قَ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلﱠ َم نُخَ ا َمةً فِي قِ ْبلَ ِة ْال َمس ِ‬ ‫وع َْن أَن ِ‬ ‫ار فَ َح ﱠك ْتھَا َو َج َعلَ ْ‬ ‫ب َحتﱠى احْ َم ﱠر َوجْ ھُهُ‪ ،‬فَقَا َم ْ‬ ‫ال‬ ‫ت َم َكانَھَا خَ لُوقًا‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ت ا ْم َرأَةٌ ِمن ْاألَ ْن َ‬ ‫َض َ‬ ‫فَغ ِ‬ ‫ص‪ِ 2‬‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم‪َ )) :‬ما أحْ َسنَ ھَ َذا((‬ ‫َرسُو ُل ﷲِ َ‬

‫و كان احد الصحابة و اسمه خوات بن جبير اسھم له رسول ﷲ في بدر له قصص قبل‬ ‫اسالمه مع النساء وكان خطر جدا في التمويه عليھن ھذ قبل اسالمة وبالطبع ا ليس بعد‬ ‫الكفر ذنب‬ ‫ورسول ﷲ عليه الصالة والسالم يعرف تاريخ الرجل‬ ‫و جاء في السيرة الحلبية أن خ ّواتا مر بنسوة في الجاھلية أعجبه حسنھن‪ ،‬فسألھن أن‬ ‫يفتلن له قيدا لبعيره وزعم أنه شارد؛ وجلس إليھن بھذه العلة‪ ،‬فمر عليه رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم وھو يتحدث إليھن‪ ،‬فإعرض عنه وعنھن‪ ،‬فلما أسلم سأله رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم عن ذلك البعير وھو يتبسم ‪) :‬ما فعل بعيرك الشارد( يعرّض بھذه القصة‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬قيده اإلسالم يا رسول ﷲ و في رواية قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم لخوات ما فعل‬ ‫بعيرك الشارد قال ما شرد منذ أسلمت‪.‬‬ ‫و قال عمر‪ :‬لئن عشت إن شاء ﷲ ألسيرن في الرعية حوالً فإني أعلم أن للناس حوائج‬ ‫تقطع دوني أما عمالھم فال يرفعونھا إلي‪ ،‬وأما ھم فال يصلون إلي‪ ،‬فأسير إلى الشام فأقيم‬ ‫شھرين‪ ،‬وبالجزيرة شھرين‪ ،‬وبمصر شھرين‪ ،‬وبالبحرين شھرين‪ ،‬وبالكوفة شھرين‪،‬‬ ‫وبالبصرة شھرين‪ ،‬وﷲ لنعم الحول ھذا‬ ‫كتب أبو بكر الصديق رضي ﷲ عنه إلى يزيد بن أبي سفيان رضي ﷲ عنه في مسيره‬ ‫بالجيش لقتال الروم قال‪ ":‬وأكثر حرسك وبددھم في عسكرك‪ ،‬وأكثر مفاجأتھم في‬ ‫محارسھم بغير علم منھم بك‪،‬فمن وجدته غفل عن محرسه فأدبه وعاقبه في غير إفراط‪،‬‬ ‫وأعقب بينھم بالليل واجعل النوبة األولى أطول من األخيرة فإنھا أيسرھما لقربھا من‬ ‫النھار وال تجاف عن عقوبة المستحق فتستجرح الناس‪ ،‬وال تلحن في العقوبة‪ ،‬وال تسرع‬ ‫إليھا وأنت تجد لھا مدفعاً‪ ،‬وال تغفل عن أھل عسكرك فتفسده وال تجسسه فتفضحھم‪ ،‬وال‬

‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬النسائي‬

‫‪147‬‬


‫القائد‬

‫تكشف الناس عن أسرارھم‪ ،‬واكتف بعالنيتھم وال تجالس العيابين‪ ،‬وجالس أھل الصدق‬ ‫‪1‬‬ ‫والوفاء‬ ‫و كتب عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه ألبي موسى األشعري رضي ﷲ عنه‪ :‬بلغني أنك‬ ‫تأذن للناس جما غفيرا‪ ،‬فإذا جاءك كتابي ھذا فأذن ألھل الشرف وأھل القرآن والتقوى‬ ‫والدين فإذا أخذوا مجالسھم فأذن للعامة"‬ ‫و أرسل عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه إلى أبي عبيدة أربعة آالف وأربعمائة درھم‬ ‫وقال لرسوله‪ :‬أنظر ما يصنع‪ .‬فقسمھا أبو عبيدة بين الناس‪ .‬فلما أخبر عمر بما صنع‬ ‫قال‪ :‬الحمد ) الذي جعل في اإلسالم من يصنع ھذا‪.‬‬ ‫و كان محمد بن مسلمة صاحب العمال أيام عمر بن الخطاب ‪ ،‬فكان عمر إذا شكي إليه‬ ‫‪2‬‬ ‫عامل أرسل محمدا يكشف الحال‬ ‫فعن زيد بن وھب رحمه ﷲ أنه قال‪:‬‬ ‫خرج عمر رضي ﷲ عنه ويداه في أذنيه‪ ،‬وھو يقول‪ :‬يا لبيكاه! يا لبيكاه!‬ ‫قال الناس‪ :‬ماله ؟!‬ ‫قال‪ :‬جاءه بريد من بعض أمرائه‪ :‬أن نھراً حال بينھم وبين العبور‪ ،‬ولم يجدوا سفُناً‪ ،‬فقال‬ ‫أميرھم‪ :‬اطلبوا لنا رجالً‪ ،‬يعلم غور الماء‪.‬‬ ‫فأتى بشيخ‪ ،‬فقال‪ :‬إني أخاف البرد‪ ،‬وذلك في البرد‪ ،‬فأكرھه‪ ،‬فأدخله‪ ،‬فلم يلبثه البرد‪،‬‬ ‫فجعل ينادي‪ :‬يا عمراه‪ ..‬يا عمراه‪ ..‬فغرق‪.‬‬ ‫فكتب إليه فأقبل فمكث أياما ً ُمعرضا ً عنه‪ ،‬وكان إذا َو َج َد على أح ٍد منھم فعل به ذلك‪ ،‬ثم‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ما فعل الرجل الذي قتلته ؟!‬ ‫ُ‬ ‫تعمدت قتله‪ ،‬لم نجد شيئا ً نعبر فيه‪ ،‬وأردنا أن نعلم غور الماء‪،‬‬ ‫قال يا أمير المؤمنين‪ ،‬ما‬ ‫ففتحنا كذا وكذا‪ ،‬وأصبنا كذا وكذا‪.‬‬ ‫فقال عمر رضي ﷲ عنه‪ :‬لرجل مسلم أحب إل ّي من كل شيء جئتَ به‪ ،‬لوال أن تكون‬ ‫‪3‬‬ ‫ُسنّة!! لضربت عنقك‪ ،‬اذھب فأعط أھله ديته‪ ،‬وأخرج فال أراك"‪.‬‬ ‫و وكان عمر يسأل الرعية إذا وفدت عليه في موسم الحج أو في غير موسمه عن حال‬ ‫أمرائھم وسيرتھم فيھم ‪ .‬روي عن األسود بن أبي يزيد قال ‪ :‬كان الوفد إذا قدم على عمر‬ ‫‪ ،‬سألھم عن أميرھم فيقولون خيراً ‪ ،‬فيقول ‪ :‬ھل يعود مرضاكم ؟ فيقولون نعم ! فيقول ‪:‬‬ ‫ھل يعود العبد ؟ فيقولون ‪ :‬نعم ! فيقول ‪ :‬كيف صنيعه بالضيف ؟ ھل يجلس على بابه ؟‬ ‫فإن قالوا لخصلة منھا ‪ :‬ال ! عزله ‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وكان عمر ال يولي عامالً إال إذا كتب له عھدا وأشھد عليه رھطا من المھاجرين‬ ‫واألنصار واشترط عليه أال يركب برذونا) حماراً ( ‪ ،‬وال يأكل نقيا ً وال يلبس رقيقا ً وال‬ ‫يتخذ بابا ً دون حاجات الناس وكان عمر يتفقد أحوال الرعية بنفسه ‪ ،‬ويطوف في‬ ‫األسواق وھو يقرأ القرآن ‪ ،‬ويقضي بين الناس حيث أدركه الخصوم ‪ ،‬بل لقد عزم على‬ ‫الطواف في الواليات اإلسالمية ليقف بنفسه على أحوال الرعية فيھا ‪ .‬فقد روي انه قال ‪:‬‬ ‫‪ 1‬الكامل‬ ‫‪ 2‬أسد الغابة‬ ‫‪ 3‬خبر صحيح‪ ،‬أخرجه البيھقي‬

‫‪148‬‬


‫القائد‬

‫لئن عشت إن شاء ﷲ السيرن في الرعية حوال ‪ ،‬فإني أعلم أن الناس حوائج تقطع دونى‬ ‫أما عمالھم فال يرفعونھا إلي ‪ ،‬وأما ھم فال يصلون إلي فأسير إلى الشام فأقيم بھا شھرين‬ ‫‪ ،‬ثم أسير إلى الكوفة فأقيم بھا شھرين ‪ ،‬ثم أسير إلى البصرة فأقيم بھا شھرين ‪ .‬وﷲ لنعم‬ ‫الحول ھذا ‪.‬‬ ‫و بنى سعد بن ابي وقاص بيتا وكانت االسواق تكون في موضعه بين يديه فكانت‬ ‫غوغاؤھم تمنع سعدا الحديث فلما بنى ادعى الناس عليه ما لم يقل وقالوا‬ ‫قال سعد" سكن عني الصويت"‬ ‫وبلغ عمر ذلك وأن الناس يسمونه قصر سعد فدعا محمد بن مسلمة فسرحه إلى الكوفة‬ ‫وقال اعمد إلى القصر حتى تحرق بابه ثم ارجع عودك على بدئك فخرج حتى قدم الكوفة‬ ‫فاشترى حطبا ثم أتى به القصر فأحرق الباب وأتى سعد فأخبر الخبر فقال ھذا رسول‬ ‫أرسل لھذا من الشأم وبعث لينظر من ھو فإذا ھو محمد بن مسلمة فأرسل إليه رسوال بأن‬ ‫ادخل فأبى فخرج إليه سعد فأراده على الدخول والنزول فأبى وعرض عليه نفقة فلم يأخذ‬ ‫ودفع كتاب عمر إلى سعد ‪ ":‬بلغني أنك بنيت قصرا اتخذته حصنا ويسمى قصر سعد‬ ‫وجعلت بينك وبين الناس بابا فليس بقصرك ولكنه قصر الخبال انزل منه منزال مما يلي‬ ‫بيوت االموال واغلقه وال تجعل على القصر بابا يمنع الناس من دخوله" وتنفيھم به عن‬ ‫حقوقھم ليوافقوا مجلسك ومخرجك من دارك إذا خرجت فحلف له سعد ما قال الذي قالوا‬ ‫ورجع محمد بن مسلمة من فوره حتى إذا دنا من المدينة فنى زاده فتبلغ بلحاء من لحاء‬ ‫الشجر فقدم على عمر وقد سبق فأخبره خبره كله ‪.....‬وأخبره بيمين سعد وقوله فصدق‬ ‫‪1‬‬ ‫سعدا وقال ھو أصدق ممن روى عليه‬ ‫و روى الطبري ) ‪ (20 /5‬أن عمر خطب الناس يوما ً فقال ‪ :‬أيھا الناس ! إني وﷲ ما‬ ‫أرسل عليكم عماالً ليضربوا أبشاركم ) جلودكم ( وال ليأخذوا أعشاركم ) أموالكم ( ولكن‬ ‫أرسلھم ليعلموكم دينكم وسنتكم فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي ‪ ،‬فوالذي نفس‬ ‫عمر بيده ألقصنّه منه فوثب عمرو بن العاص وقال ‪ :‬رأيتك يا أمير المؤمنين إن كان‬ ‫رجل من أمراء المسلمين على رعية فأدب بعض رعيته إنك لتقصنه ؟ قال عمر بن‬ ‫الخطاب ؟ ‪ :‬أي والذي نفس عمر بيده ألق ّ‬ ‫صنّه منه ‪ ،‬وقد رأيت رسول ﷲ ؟ يقص من‬ ‫نفسه‬ ‫و قال عمر بن العزيز لوالي المدينة‪ ":‬إذا جاءك كتابي ھذا فأرق القلم‪ ،‬وأجمع الخط‬ ‫واجمع الحوائج الكثيرة في الصحيفة الواحدة‪ ،‬فإنه ال حاجة للمسلمين في فضل قول أضر‬ ‫ببيت مالھم والسالم عليك"‬ ‫و كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وكان والي المدينة‬ ‫أما بعد فقد قرأت كتابك إلى سليمان تذكر فيه أنه كان يقطع لمن كان قبلك من أمراء‬ ‫المدينة من الشمع كذا وكذا يستضيئون به في مخرجھم فابتليت بجوابك فيه "ولعمري"لقد‬ ‫عھدتك يا ابن أم حزم وأنت تخرج من بيتك في الليلة الشاتية المظلمة بغير مصباح‬ ‫"ولعمري "ألنت يومتئذ خير منك اليوم ولقد كان في فتائل أھلك ما يغنيك والسالم‬ ‫• رقابه ذاتيه‬ ‫رقابة ذاتية على انفسنا تاتى من قيمة الخوف من ﷲ و رجاء جنته‬ ‫‪ 1‬تاريخ الطبري‬

‫‪149‬‬


‫القائد‬

‫ﷲَ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ت لِ َغ ٍد َواتﱠقُوا ﱠ‬ ‫}يَا أَ ﱡيھَا الﱠ ِذينَ آ َمنُوا اتﱠقُوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َو ْلتَ ْنظُرْ نَ ْفسٌ َما قَ ﱠد َم ْ‬ ‫ﷲَ َخبِي ٌر بِ َما‬ ‫تَ ْع َملُونَ { ]الحشر‪.[18 :‬‬ ‫قال تعالى‪ ":‬ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد" )ق ‪ .(18:‬وقال تعالى‪ ":‬إن ﷲ كان‬ ‫عليكم رقيبا" )النساء‪ ،(1:‬وفي حديث أبي برزة األسلمي مرفوعا‪ ":‬ال تزول قدما عبد‬ ‫يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل‪ ،‬وعن ماله من أين‬ ‫‪1‬‬ ‫اكتسبه وفيما أنفقه‪ ،‬وعن جسمه فيما أباله"‪.‬‬ ‫و سئل جبريل‪ :‬ما اإلحسان؟ فقال صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":‬أن تعبد ﷲ كأنك تراه فإن لم‬ ‫‪2‬‬ ‫تكن تراه فإنه يراك"‬ ‫و اكبر نموذج للرقابة الذاتية اجدھا في حديث ماعز و حديث الغامدية‬ ‫ُول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وھو في‬ ‫ففي حديث أبي ھريرة قال ‪ :‬أتَى َرجُل ِمن أ ْسلَم َرس َ‬ ‫ْ‬ ‫المسجد فناداه ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول ﷲ إن اآلخَ ر قد زنى ‪ -‬يَ ْعنِي نَف َسه ‪ -‬فأ ْع َرض عنه ‪،‬‬ ‫فتَنَ ﱠحى لِ ِش ّ‬ ‫ق َوجْ ھه الذي أ ْع َرض قِبَله ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول ﷲ إن اآلخر قد زنى ‪ ،‬فأعرض‬ ‫عنه فتَنَحﱠى لِ ِش ّ‬ ‫ق َوجْ ھه الذي أ ْع َرض قِبَله ‪ ،‬فقال له ذلك فأ ْع َرض عَنه فَتَنَحﱠى له الرﱠابِعة ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫فلما َش ِھد على نَفسه أربع شھادات ‪َ ،‬دعَاه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ھل بك جنون ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬فقال النبي‬ ‫صن ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬اذھبوا به فارْ ُج ُموه ‪ .‬وكان قد أُحْ ِ‬ ‫وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي ﷲ عنه ‪ :‬فَ َر ﱠده النبي صلى ﷲ عليه وسلم ِمرارًا ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ثم َسأل قَوْ َمه ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ما نَ ْعلَم بِه بَأسًا ‪.‬‬ ‫وفي حديث بُريدة رضي ﷲ عنه قال ‪ :‬جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول ﷲ َ‬ ‫طھﱢرْ ني ‪ ،‬فقال ‪ :‬وي َْحك ! ارْ ِجع فا ْستَ ْغفِر ﷲ وتُب إليه ‪ .‬قال ‪ :‬فَ َر َجع‬ ‫غير بعيد ثم جاء فقال ‪ :‬يا رسول ﷲ َ‬ ‫طھﱢرْ ني ‪ ،‬فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬ ‫َوي َْحك ! ارجع فا ْستَ ْغفِر ﷲ وتُب إليه ‪ .‬قال ‪ :‬فَ َر َجع غير بَ ِعيد ثم جاء ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول ﷲ‬ ‫َ‬ ‫طھﱢرْ ني فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم َم ْثل ذلك ‪ ،‬حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول‬ ‫ُ‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬فيما أ َ‬ ‫طھﱢرُك ؟ فقال ‪ِ :‬من الزنى ‪ .‬فسأل رسول ﷲ صلى ﷲ‬ ‫عليه وسلم أبِه جُنون ؟ فأ ُ ْخبِر أنه ليس بمجنون ‪ .‬فقال ‪ :‬أ َش ِرب خَ ْمرًا ؟ فقام َرجل‬ ‫فا ْستَ ْن َكھه ‪ ،‬فلم يَ ِجد ِمنه ِريح خَ ْمر ‪ .‬قال ‪ :‬فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬أَزَ نَيْت ؟‬ ‫ُجم ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬نعم ‪ .‬فأ َم َر بِه فَر ِ‬ ‫ثم لَ ﱠما أُقِيم عليه ْال َح ّد فأحسّ بالحجارة ھ َ​َرب ‪ ،‬فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم ألصحابه ‪:‬‬ ‫أال تركتموه ؟ لعله يتوب فيتُوب ﷲ عليه ‪ .‬رواه اإلمام أحمد والنسائي في الكبرى ‪.‬‬ ‫وب ّوب عليه اإلمام النسائي ‪ :‬السّتر على الزاني ‪.‬‬ ‫وفي حديث بريدة أيضا ‪ :‬فجاءت الغامدية ‪ ،‬فقالت ‪ :‬يا رسول ﷲ إني قد زَ نَيْت فَ َ‬ ‫طھﱢرْ ني‬ ‫‪ .‬وإنه َر ﱠدھا ‪ ،‬فل ﱠما كان الغَد قالت ‪ :‬يا رسول ﷲ لِ َم تَ ُر ّدني ؟ لعلك أن تَ ُر ّدني َكما َر َددْتَ‬ ‫َماعزا ؟ فو ﷲ إني لَ ُح ْبلَى ‪ .‬قال ‪ :‬إ ﱠما ال ْ‬ ‫فاذھبي َحتى تَلِ ِدي ‪ ،‬فل ﱠما َولَ ْ‬ ‫صبِ ّي في‬ ‫دت أتَ ْته بِال ﱠ‬ ‫ض ِعيه حتى تَ ْف ِط ِميه ‪ ،‬فل ﱠما فَ َ‬ ‫ط َم ْته أتته‬ ‫ِخرْ قَة ‪ ،‬قالت ‪ :‬ھذا قد َولَ ْدتُه ‪ .‬قال ‪ْ :‬اذھَبي فأرْ ِ‬ ‫بالصﱠبي في يَده ِكسْرة ُخبْز ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ھذا يا نَبِ ّي ﷲ قد فَ َ‬ ‫ط ْمتُه ‪ ،‬وقد أكل الطﱠعام ‪ ،‬فَدَفع‬ ‫‪ 1‬الترمذي‬ ‫‪ 2‬البخاري و مسلم‬

‫‪150‬‬


‫القائد‬

‫ص ْد ِرھا ‪ ،‬وأ َم َر الناس‬ ‫الصبي إلى َرجل من المسلمين ‪ ،‬ثم أ َم َر بِھَا فَ ُحفِر لَھَا إلى َ‬ ‫‪1‬‬ ‫فَ َر َج ُموھا ‪.‬‬ ‫• و رقابه نصح و ارشاد العضاء المجتمع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫} َو ْال ُم ْؤ ِمنُونَ َو ْال ُم ْؤ ِمن ُ‬ ‫ُوف َويَ ْنھَوْ نَ ع َِن ال ُم ْن َك ِر‬ ‫َات بَ ْع ُ‬ ‫ْض يَأ ُمرُونَ بِال َم ْعر ِ‬ ‫ضھُ ْم أَوْ لِيَا ُء بَع ٍ‬ ‫ﷲُ إِ ﱠن ﱠ‬ ‫ﷲَ َو َر ُسولَهُ أُولَئِكَ َسيَرْ َح ُمھُ ُم ﱠ‬ ‫َويُقِي ُمونَ الص َﱠالةَ َوي ُْؤتُونَ ال ﱠز َكاةَ َويُ ِطيعُونَ ﱠ‬ ‫َزي ٌز‬ ‫ﷲَ ع ِ‬ ‫َح ِكي ٌم )‪{(71‬التوبه‬ ‫صوْ ا‬ ‫ان دَا ُوو َد َو ِعي َسى اب ِْن َمرْ يَ َم َذلِكَ بِ َما َع َ‬ ‫} لُ ِعنَ الﱠ ِذينَ َكفَرُوا ِم ْن بَنِي إِس َْرائِ َ‬ ‫يل َعلَى لِ َس ِ‬ ‫س َما َكانُوا يَ ْف َعلُونَ‬ ‫َو َكانُوا يَ ْعتَ ُدونَ )‪َ (78‬كانُوا َال يَتَنَاھَوْ نَ َع ْن ُم ْن َك ٍر فَ َعلُوهُ لَبِ ْئ َ‬ ‫)‪{(79‬المائده‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫} ُكنتُ ْم خَ ي َْر أُ ﱠم ٍة أ ْخ ِر َج ْ‬ ‫ُوف َوتَ ْنھَوْ نَ ع َِن ال ُمن َك ِر َوتُ ْؤ ِمنُونَ بِا)ِ {آل‬ ‫اس تَأ ُمرُونَ بِال َم ْعر ِ‬ ‫ت لِلنﱠ ِ‬ ‫عمران‪110‬‬ ‫قال النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬مثل القائم على حدود ﷲ والواقع فيھا كمثل قوم‬ ‫استھموا على سفينة فأصاب بعضھم أعالھا وبعضھم أسفلھا فكان الذين في أسفلھا إذا‬ ‫استقوا من الماء مروا على من فوقھم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من‬ ‫‪2‬‬ ‫فوقنا فإن يتركوھم وما أرادوا ھلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديھم نجوا ونجوا جميعا‬ ‫‪3‬‬ ‫"ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم ال يجھد لھم وينصح إال لم يدخل معھم الجنة"‬ ‫و ھذه الرقابة تشمل حتى القائد اذا اخطأ و القائد الذي ال يقبل النصيحة قال ﷲ فيه } َوإِ َذا‬ ‫ق ﱠ‬ ‫س ْال ِمھَا ُد {‬ ‫اإل ْث ِم فَ َح ْسبُهُ َجھَنﱠ ُم َولَبِ ْئ َ‬ ‫قِ َ‬ ‫ﷲَ أَخَ َذ ْتهُ ْال ِع ﱠزةُ بِ ْ ِ‬ ‫يل لَهُ اتﱠ ِ‬ ‫فقد أتى عمر بن الخطاب مشربة بني حارثة فوجد محمد بن مسلمة فقال عمر ‪ :‬كيف‬ ‫تراني يا محمد ؟ فقال ‪ :‬أراك وﷲ كما أحب وكما تحب من يحب لك الخير أراك قويا‬ ‫على جمع المال ‪ :‬عفيفا عنه عدال في قسمه ولو ملت عدلناك كما يعدل السھم في الثقاب‬ ‫فقال عمر ‪ :‬ھاه وقال ‪ :‬لو ملت عدلناك كما يعدل السھم في الثقاب ؟ فقال ‪ :‬الحمد ﷲ‬ ‫الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني‪4‬‬ ‫ويأثر عن معاوية بن أبي سفيان أنه صعد المنبر يوم الجمعة فقال عند خطبته إنما المال مالنا‬ ‫والفيء فيئنا فمن شاء أعطيناه ومن شئنا منعناه فلم يجبه أحد فلما كان الجمعة الثانية قال مثل ذلك‬ ‫فلم يجبه أحد فلما كان الجمعة الثالثة قال مثل مقالته فقام إليه رجل ممن حضر المسجد فقال كال‬ ‫إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن حال بيننا وبينه حاكمناه إلى ﷲ بأسيافنا فنزل معاوية فأرسل إلى‬ ‫الرجل فأدخله فقال القوم ھلك الرجل ثم دخل الناس فوجدوا الرجل معه على السرير فقال معاوية‬ ‫للناس إن ھذا الرجل أحياني أحياه ﷲ سمعت رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪ -‬يقول سيكون‬ ‫أئمة من بعدي يقولون وال يرد عليھم يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة وإني تكلمت أول جمعة‬ ‫فلم يرد علي أحد فخشيت أن أكون منھم ثم تكلمت في الجمعة الثانية فلم يرد علي أحد فقلت في‬ ‫‪5‬‬ ‫نفسي إني من القوم ثم تكلمت في الجمعة الثالثة فقام ھذا الرجل فرد علي فأحياني أحياه ﷲ‬ ‫و عن أسامة بن زيد قال قيل له أال تدخل على عثمان فتكلمه فقال أترون أني ال أكلمه إال‬ ‫أسمعكم وﷲ لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا ال أحب أن أكون أول من فتحه وال‬ ‫أقول ألحد يكون علي أميرا إنه خير الناس بعد ما سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول‬ ‫‪ 1‬مسلم و انظر كيف كان يردھم النبي محمد ‪ ،‬فاالسالم ال يفرح بالرجم و قطع االيدي ‪ ،‬عكس الثورات كالثورة الفرنسية الدموية التى‬ ‫كانت تتفاخر بعدد من تختطفھم المقصلة يوميا‬ ‫‪ 2‬البخاري‬ ‫‪ 3‬مسلم‬ ‫‪ 4‬كنز العمال‬ ‫‪ 5‬الطبراني‬

‫‪151‬‬


‫القائد‬

‫يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بھا كما يدور الحمار بالرحى‬ ‫فيجتمع إليه أھل النار فيقولون يا فالن ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنھى عن المنكر فيقول‬ ‫بلى قد كنت آمر بالمعروف وال آتيه وأنھى عن المنكر وآتيه‬ ‫و مر حماد بن زيد عندما كان صغيرا ھو وأبوه على جدار فيه تبن فأخذ حماد عود تبن‪،‬‬ ‫فنھره أبوه وقال‪ :‬لماذا؟ فقال حماد‪ :‬يا أبتاه إنه عود تبن‪ ،‬فقال األب‪ :‬لو أخذ كل مارﱟ عود تبن ھل‬ ‫‪1‬‬ ‫يبقى في الجدار شيء؟‬ ‫ً‬ ‫و أمر السلطان سليم بقتل مائة وخمسين رجال من حفاظ الخزائن؛ فبلغ ھذا النبأ األستاذ عالء‬ ‫الدين الجمالي‪ ،‬وكان متوليا ً أمر الفتوى‪ ،‬فذھب إلى السلطان وقال له‪ :‬وظيفة أرباب التقوى أن‬ ‫يحافظوا على آخرة السلطان‪ ،‬وھؤالء الرجال ال يجوز قتلھم شرعاً؛ فعليك بالعفو عنھم‪ ،‬فغضب‬ ‫السلطان سليم‪ ،‬وقال له‪ :‬إنك تتعرض ألمر السلطنة‪ ،‬وليس ذلك من وظيفتك‪ ،‬فقال األستاذ عالء‬ ‫الدين‪ :‬ال بل أتعرض ألمر آخرتك‪ ،‬وإنه من وظيفتي؛ فإن عفوت فلك النجاة‪ ،‬وإال فعليك عقاب‬ ‫ب السلطان‪ ،‬وعفا عن الجميع‪.‬‬ ‫عظيم؛ فانكسرت َسوْ َرةُ غض ِ‬ ‫وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أھل الموسم بمكافأة لمن يرشده الى خطأ ‪ :‬أما بعد فإني أشھد‬ ‫ﷲ وأبرأ إليه في الشھر الحرام والبلد الحرام ويوم الحج األكبر أني بريء من ظلم من ظلمكم‪،‬‬ ‫وعدوان من اعتدى عليكم‪ ،‬أن أكون أمرت بذلك أو رضيته أو تعمدته‪ ،‬إال أن يكون وھما ً مني‪ ،‬أو‬ ‫أمراً خفي علي لم أتعمده‪ ،‬وأرجو أن يكون ذلك موضوعا ً عني مغفوراً لي إذا علم مني الحرص‬ ‫واالجتھاد‪ 0‬أال وإنه ال إذن على مظلوم دوني‪ ،‬وأنا معول كل مظلوم‪ ،‬أال وأي عامل من عمالي‬ ‫رغب عن الحق ولم يعمل بالكتاب والسنة فال طاعة له عليكم‪ ،‬وقد صيرت أمره إليكم حتى يراجع‬ ‫الحق وھو ذميم‪ 0‬أال وإنه ال دولة بين أغنيائكم وال أثرة على فقرائكم في شيء من فيئكم‪ ،‬أال وأيما‬ ‫وارد ورد في أمر يصلح ﷲ به خاصا ً أو عاما ً من ھذا الدين فله بين مائة دينار إلى ثالثمائة دينار‬ ‫على قدر ما نوى من الحسنة وتجشم من المشقة‪0‬رحم ﷲ امرءاً لم يتعاظمه سفر يحيي ﷲ به حقا ً‬ ‫لمن وراءه‪0‬لوال أن أشغلكم عن مناسككم لرسمت لكم أموراً من الحق أحياھا ﷲ‪ ،‬وأموراً من‬ ‫الباطل أماتھا ﷲ عنكم‪ ،‬وكان ﷲ ھو المتوحد بذلك فال تحمدوا غيره‪ ،‬فإنه لو وكلني إلى نفسي‬ ‫‪2‬‬ ‫كنت كغيري‪،‬‬

‫قال أعرابي لسليمان بن عبدالملك‪ :‬اني أكلمك يا أمير المؤمنين بكالم فاحتمله فإن وراءه إن‬ ‫قبلته ما تحبه قال‪ :‬ھاته يا أعرابي‪ ،‬فنحن نجود بسعة االحتمال على من ال نأمن غيبته وال نرجو‬ ‫نصيحته وأنت المأمون غيبا ً الناصح جيبا ً · قال‪ :‬فإني سأطلق لساني بما خرست عنه األلسن تأدية‬ ‫لحق ﷲ تعالى‪ ،‬إنه قد اكتنفك رجال أساؤوا االختيار ألنفسھم‪ ،‬وابتاعوا دنياك بدينھم ورضاك‬ ‫بسخط ربھم وخافوك في ﷲ ولم يخافوا ﷲ فيك‪ ،‬فھم حرب لآلخرة وسلم للدنيا‪ ،‬فال تأمنھم على ما‬ ‫ائتمنك ﷲ عليه فإنھم لم يألوا األمانة تضييعاً‪ ،‬واألمة خسفا ً وكسفا ً وأنت مسؤول عما اجترموا‬ ‫وليسوا مسؤولين عما اجترموا فال تصلح دنياھم بفساد آخرتك‪ ،‬فإن أعظم الناس عند ﷲ غبنا ً من‬ ‫باع آخرته بدنيا غيره ·‬ ‫فقال سليمان‪ :‬أما أنت يا أعرابي فقد سللت لسانك وھو سيفك‪ ،‬قال‪ :‬أجل يا أمير المؤمنين لك‬ ‫ال عليك ·‬ ‫وقال األصمعي ‪ " :‬دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك بن مروان وھو جالس على سريره‬ ‫‪ ،‬وحواليه األشراف من كل بطن ‪ ،‬وذلك بمكة المكرمة في وقت حجه بخالفته ‪ ،‬فلما نظر إليه قام‬ ‫إليه ‪ ،‬وأجلسه معه على السرير ‪ ،‬وقعد بين يديه ‪ ،‬وقال له ‪ :‬يا أبا محمد ما حاجتك ؟ فقال ‪ :‬يا‬ ‫‪ 1‬سير اعالم النبالء‬ ‫‪ 2‬التذكرة الحمدانية‬

‫‪152‬‬


‫القائد‬

‫أمير المؤمنين اتق ﷲ في حرم ﷲ ‪ ،‬وحرم رسوله ‪ ،‬فتعاھده بالعمارة ‪ ،‬واتق ﷲ في أوالد‬ ‫المھاجرين واألنصار ‪ ،‬فإنك بھم جلست ھذا المجلس ‪ ،‬وھم الذين فتحوا ھذه البالد ‪ ،‬واتق ﷲ في‬ ‫أھل الثغور ‪ -‬الحدود ‪ -‬فإنھم حصن المسلمين ‪ ،‬وتفقد أمور المسلمين ‪ ،‬فإنك وحدك المسؤول‬ ‫عنھم ‪ ،‬واتق وحدك َمن على بابك ‪ ،‬فال تغفل عنھم ‪ ،‬وال تغلق بابك دونھم ‪ ،‬فقال له ‪ :‬أفعل إن‬ ‫شاء ﷲ ‪ ،‬ثم نھض ‪ ،‬وقام ‪ ،‬فقبض عليه عبد الملك ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أبا محمد إنك سألتنا حاجة لغيرك ‪،‬‬ ‫وقد قضيناھا ‪ ،‬فما حاجتك ؟ قال ‪ :‬مالي إلى مخلوق حاجة ‪ ،‬ثم خرج ‪ ،‬فقال عبد الملك ‪ :‬ھذا وﷲ‬ ‫ھو الشرف‬ ‫و النصح رفق النصح رفق‬ ‫قال الفضيل بن الربيع‪ :‬كنت بمنزلي ذات يوم وقد خلعت ثيابي وتھيأت للنوم‪ ،‬فإذا بقرع شديد‬ ‫على بابي‪ ،‬فقلت في قلق‪ :‬من ھذا؟‪.‬‬ ‫قال الطارق‪ :‬أجب أمير المؤمنين‪ ،‬فخرجت مسرعا أتعثر في خطوي‪ ،‬فإذا بالرشيد قائما على‬ ‫ي ألتيتك‪.‬‬ ‫بابي وفي وجھه تجھّم حزين‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين لو أرسلت إل ﱠ‬ ‫فقال‪ :‬ويحك قد حاك في نفسي شيء أطار النوم من أجفاني وأزعج وجداني شيء ال يذھب به‬ ‫إال عالم تقي من زھادك‪ ،‬فانظر لي رجالً أسأله‪.‬‬ ‫ثم يقول ابن الربيع‪ :‬حتى جئت به إلى الفضيل بن عياض‪.‬‬ ‫فقال الرشيد‪ :‬امض بنا إليه‪ ،‬فأتيناه‪ ،‬وإذا ھو قائم يصلي في غرفته وھو يقرأ قوله تعالى‪ }:‬أم‬ ‫حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلھم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواء محياھم‬ ‫ومماتھم‪ ،‬ساء ما يحكمون{‪.‬‬ ‫فقال الرشيد‪ :‬إن انتفعنا بشيء فبھذا‪.‬‬ ‫فقرعت الباب‪.‬‬ ‫فقال الفضيل‪ :‬من ھذا؟‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬أجب أمير المؤمنين‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬ما لي وألمير المؤمنين‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬سبحان ﷲ‪ ،‬أما عليك طاعته؟‪.‬‬ ‫فنزل ففتح الباب‪ ،‬ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ السراج‪ ،‬ثم التجأ إلى زاوية من زوايا الغرفة‪،‬‬ ‫فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف الرشيد كفي إليه‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬يا لھا من كف ما ألينھا إن نجت من عذاب ﷲ تعالى غداً‪.‬‬ ‫قال ابن الربيع‪ :‬فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكالم نقي من قلب تقي‪.‬‬ ‫‪153‬‬


‫القائد‬

‫فقال الرشيد‪ :‬خذ فيما جئناك له يرحمك ﷲ‪.‬‬ ‫فقال الفضيل‪ :‬وفيما جئت وقد ح ّملت نفسك ذنوب الرعيّة التي سمتھا ھوانا‪ ،‬وجميع من معك‬ ‫من بطانتك ووالتك تضاف ذنوبھم إليك يوم الحساب‪ ،‬فبك بغوا وبك جاروا وھم مع ھذا أبغض‬ ‫الناس لك وأسرعھم فرارا منك يوم الحساب‪ ،‬حتى لو سألتھم عند انكشاف الغطاء عنك وعنھم أن‬ ‫يحملوا عنك سقطا _جزءا_ من ذنب ما فعلوه‪ ،‬ولكان أشدھم حبا لك أشدھم ھربا منك‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬إن عمر بن عبد العزيز لما ول ّي الخالفة دعا سالم بن عبد ﷲ ومحمد بن كعب ورجاء‬ ‫بن حيوة _ وھم ثالثة من العلماء الصالحين_ فقال لھم‪ :‬إني قد ابتليت بھذا البالء فأشيروا عل ّي‪.‬‬ ‫فع ّد الخالفة بالء‪ ،‬وعددتھا أنت وأصحابك نعمة‪.‬‬ ‫فقال سالم بن عبد ﷲ‪ :‬إن أردت النجاة غداً من عذاب ﷲ فليكن كبير المسلمين عندك أبا ً‪،‬‬ ‫وأوسطھم عندك أخا ً‪ ،‬وأصغرھم عندك ابنا ً‪ ،‬فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك‪.‬‬ ‫وقال رجاء بن حيوة‪ :‬إن أردت النجاة غداً من عذاب ﷲ فأحبّ للمسلمين ما تحب لنفسك‬ ‫واكره لھم ما تكره لنفسك‪ ،‬ثم مت إن شئت‪ ،‬واني أقول لك يا ھارون إني أخاف عليك أش ّد الخوف‬ ‫يوما تذل فيه األقدام فبكى ھارون‪.‬‬ ‫قال ابن الربيع‪ :‬فقلت أرفق بأمير المؤمنين‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا؟‬ ‫ثم قال‪ :‬يا حسن الوجه‪ ،‬أنت الذي يسألك ﷲ عز وجل عن ھذا الخلق يوم القيامة‪ ،‬فإن‬ ‫استطعت أن تقي ھذا الوجه فافعل‪ ،‬وإياك أن تصبح أو تمسي وفي قلبك غش ألحد من رعيّتك‪،‬‬ ‫فان النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال‪ ":‬من أصبح لھم غاشا ً لم يرح رائحة الجنة"‪.‬‬ ‫فبكى الرشيد‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬ھل عليك دين؟‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬نعم دين لربي لم يحاسبني عليه‪ ،‬فالويل لي إن سألني والويل لي إن ناقشني والويل لي‬ ‫إن لم ألھم حجتي‪.‬‬ ‫قال الرشيد‪ :‬انما أعني دين العباد‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬إن ربي لم يأمرني بھذا وقد قال عز وجل‪ }:‬وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون * ما‬ ‫أريد منھم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن ﷲ ھو الرزاق ذو القوة المتين{‪.‬‬ ‫فقال الرشيد‪ :‬ھذه ألف دينار خذھا وأنفقھا على عيالك وتق ّو بھا على عبادتك‪.‬‬ ‫قال‪ :‬سبحان ﷲ‪ .‬أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل ھذا‪.‬‬ ‫قال ابن الربيع‪ :‬فخرجنا من عنده‪.‬‬ ‫فقال ھارون الرشيد‪ :‬إذا دللتني على رجل فدلني على مثل ھذا‪ ،‬ھذا سيّد المسلمين اليوم‪.‬‬

‫‪154‬‬


‫القائد‬

‫ويحكى أن الرشيد قال له يوما ً‪ :‬ما أزھدك! فقال الفضيل‪ :‬أنت أزھد مني‪ ،‬قال‪ :‬وكيف ذلك؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ألني أزھد في الدنيا‪ ،‬وأنت تزھد في اآلخرة‪ ،‬والدنيا فانية واآلخرة باقية‪.‬‬

‫و الرقابة يرتبط بھا الكشف عن االخطاء و معالجتھا‬ ‫كنت أضرب غالما لي بالسوط ‪ ،‬فسمعتُ‬ ‫قال أبو مسعود البدري ‪ -‬رضي ﷲ عنه ‪ُ » :-‬‬ ‫صوتا من خلفي ‪ :‬ا ْعلَم أبا مسعود ‪ ،‬فلم أفھم الصوتَ من الغضب‪ ،‬قال ‪ :‬فلما دنا مني ‪ ،‬إِذا ھو‬ ‫رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬فإذا ھو يقول ‪ :‬اعلم أبا مسعود ‪ ،‬اعلم أبا مسعود ‪ ،‬قال‪ :‬فألقيت‬ ‫السوط من يدي ‪ ،‬فقال ‪ :‬اعلم أبا مسعود أن ﷲ أَ ْق َد ُر عليك منك على ھذا الغالم ‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬ال‬ ‫أَضرب مملوكا بعده أبدا «‪.‬‬ ‫وفي رواية ‪ » :‬فسقط من يدي ال ﱠسوطُ من ھيبته «‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي أُخرى ‪» :‬‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬ھو ُح ّر لوجه ﷲ تعالى ‪ ،‬فقال ‪ :‬أَ َما لو لم تفعل لَلَفَ َح ْتكَ‬ ‫النار ‪ -‬أو لَ َم ﱠس ْتكَ النا ُر «‪.‬‬ ‫وفي أُخرى ‪ » :‬أنه كان يضرب غالما له ‪ ،‬فجعل يقول ‪ :‬أعوذ با) ‪ ،‬فجعل يضربُه ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫أعو ُذ برسول ﷲ ‪ ،‬فتركه ‪ ،‬فقال رسو ُل ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪] : -‬وﷲِ[ َ ﱠ)ُ أقدر عليكَ منك‬ ‫عليه‪ ،‬قال‪ :‬فأ ْ‬ ‫عتَ ْقتُه «‪1.‬‬ ‫و دخل عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه على النبي صلى ﷲ عليه وسلم وھو على سرير‬ ‫من الليف ‪ ،‬قد أثر في جنبه الشريف صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فبكى عمر ‪ ،‬فقال له رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬ما يبكيك يا عمر ؟‬ ‫فقال ‪ :‬تذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه من سعة الدنيا ‪ ،‬وأنت رسول ﷲ تنام على‬ ‫سرير قد أثّر في جنبك ! فقال صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬ھؤالء قوم عجلت لھم طيباتھم في‬ ‫‪2‬‬ ‫حياتھم الدنيا ‪ ،‬ونحن قوم أخرت لنا طيباتنا في اآلخرة‬

‫‪ 1‬مسلم و ابو داود و الترمذي‬ ‫‪ 2‬البخاري‬

‫‪155‬‬


‫القائد‬

‫موضوعات تھم القائد‬ ‫‪1‬‬ ‫المفاوضات‬ ‫المتأمل في ارباح المسلمين من صلح الحديبية يعجب من حكمه الرسول صلى ﷲ عليه و‬ ‫سلم فمن ھذه االرباح‬ ‫‪ (1‬التفرغ ليھود خيبر فقد حيدت المعاھدة جانب قريش‬ ‫‪ (2‬دخول قبائل في احالف مع المسلمين دون أن تخشى قريش مثل خزاعه‬ ‫‪ (3‬اعتراف قريش بالدولة النبوية‬ ‫‪ (4‬تم استغالل فترة السالم في الدعوة لالسالم داخل الجزيرة و خارجھا‬ ‫‪ (5‬ادرك الكفار حول الحرم تعظيم المسلمين للحرم فتسامع العرب و لما منعتھم قريش‬ ‫علمت العرب ان قريش ظالمه‬ ‫‪ (6‬تبادل السفراء‬ ‫و جاء في كتاب "زاد المعاد"‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َض ّمنَ ْتھَا ھَ ِذ ِه ْالھُ ْدنَةُ‬ ‫ْض ال ِح َك ِم التِي ت َ‬ ‫اإل َش َ‬ ‫فَصْ ٌل فِي ْ ِ‬ ‫ار ِة إلَى بَع ِ‬ ‫ط بِھَا ّإال ّ‬ ‫ﷲُ الّ ِذي أَحْ َك َم أَ ْسبَابَھَا فَ َوقَ َع ْ‬ ‫َو ِھ َي أَ ْكبَ ُر َوأَ َج ّل ِم ْن أَ ْن يُ ِحي َ‬ ‫ت ْالغَايَةُ َعلَى ْال َوجْ ِه الّ ِذي‬ ‫َض ْتهُ ِح ْك َمتُهُ َو َح ْم ُدهُ ‪.‬‬ ‫ا ْقت َ‬ ‫ْ‬ ‫ح[‬ ‫] ُمقَ ّد َمةٌ لِلفَ ْت ِ‬ ‫ْ‬ ‫ظ ِم الّ ِذي أَ َع ّز ّ‬ ‫فَ ِم ْنھَا ‪ :‬أَنّھَا َكان ْ‬ ‫ح ْاألَ ْع َ‬ ‫ﷲُ بِ ِه َرسُولَهُ َو ُج ْن َدهُ َو َدخَ َل النّاسُ‬ ‫َت ُمقَ ّد َمةً بَ ْينَ يَ َديْ الفَ ْت ِ‬ ‫َت ھَ ِذ ِه ْالھُ ْدنَةُ بَابًا لَهُ َو ِم ْفتَاحًا َو ُم ْؤ ِذنًا بَ ْينَ يَ َد ْي ِه َوھَ ِذ ِه عَا َدةُ ّ‬ ‫ين ّ‬ ‫ﷲِ أَ ْف َواجًا فَ َكان ْ‬ ‫ﷲِ ُسب َْحانَهُ فِي‬ ‫بِ ِه فِي ِد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ور ْال ِع َ‬ ‫ت تُ ْؤ ِذ ُن بِھَا‬ ‫ت َوتَوْ ِطئَا ٍ‬ ‫ضيھَا قَ َدرًا َوشَرْ عًا أ ْن ي َُوط َئ لَھَا بَ ْينَ يَ َد ْيھَا ُمقَ ّد َما ٍ‬ ‫ظ ِام التِي يَق ِ‬ ‫ْاأل ُم ِ‬ ‫َوتَ ُد ّل َعلَ ْيھَا ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫] ِھ َي ِم ْن أ ْع َ‬ ‫وح [‬ ‫ظ ِم الفُتُ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضھُ ْم بَ ْعضًا َو ْ‬ ‫َو ِم ْنھَا ‪ :‬أَ ّن ھَ ِذ ِه الھُ ْدنَةَ َكان ْ‬ ‫اختَلَ َ‬ ‫اس أ ِمنَ بَ ْع ُ‬ ‫ط ال ُم ْسلِ ُمونَ‬ ‫وح فَإ ِ ّن النّ َ‬ ‫َت ِم ْن أ ْعظَ ِم الفُتُ ِ‬ ‫ار َوبَا َد ُءوھُ ْم بِال ّد ْع َو ِة َوأَ ْس َمعُوھُ ْم ْالقُرْ آنَ َونَا َ‬ ‫اإلس َْال ِم َجھ َْرةً آ ِمنِينَ َو َ‬ ‫ظھَ َر َم ْن َكانَ‬ ‫ظرُوھُ ْم َعلَى ْ ِ‬ ‫بِ ْال ُكفّ ِ‬ ‫اإلس َْال ِم َو َدخَ َل فِي ِه فِي ُم ّدةَ ْالھُ ْدنَ ِة َم ْن َشا َء ّ‬ ‫ﷲُ أَ ْن يَ ْد ُخ َل َولِھَ َذا َس ّماهُ ّ‬ ‫ال اب ُْن‬ ‫ﷲُ فَ ْتحًا ُمبِينًا ‪ .‬قَ َ‬ ‫ُم ْختَفِيًا بِ ْ ِ‬ ‫ضى ّ‬ ‫ﷲُ لَهُ بِ ْال ُح َد ْيبِيَ ِة ‪َ .‬و َحقِيقَةُ ْاألَ ْم ِر أَ ّن‬ ‫ال ُم َجا ِھ ٌد ‪ :‬ھُ َو َما قَ َ‬ ‫ضا ًء َع ِظي ًما َوقَ َ‬ ‫ض ْينَا لَك قَ َ‬ ‫قُتَ ْيبَةَ ‪ :‬قَ َ‬ ‫ص َل َم َع ْال ُم ْش ِر ِكينَ بِ ْال ُح َد ْيبِيَ ِة َكانَ َم ْس ُدودًا ُم ْغلَقًا‬ ‫ق َوالص ّْل ُح الّ ِذي َح َ‬ ‫ْالفَ ْت َح ‪ -‬فِي اللّ َغ ِة ‪ -‬فَ ْت ُح ْال ُم ْغلَ ِ‬ ‫َحتّى فَتَ َحهُ ّ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ت‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ب فَ ْت ِح ِه َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم َوأَصْ َحابِ ِه ع َْن ْالبَ ْي ِ‬ ‫ﷲُ َو َكانَ ِم ْن أَ ْسبَا ِ‬ ‫ص ّد َرس ِ‬ ‫اط ِن ِع ّزا َوفَ ْتحًا َونَصْ رًا َو َكانَ َرسُو ُل‬ ‫ّور ِة الظّا ِھ َر ِة َ‬ ‫َو َكانَ فِي الص َ‬ ‫ض ْي ًما َوھَضْ ًما لِ ْل ُم ْسلِ ِمينَ َوفِي ْالبَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ح ْال َع ِظ ِيم َو ْال ِع ّز َوالنّصْ ِر ِم ْن َو َرا ِء ِس ْت ٍر َرقِي ٍ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم يَ ْنظُ ُر إلَى َما َو َرا َءهُ ِم ْن الفَ ْت ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ب}‬ ‫ض ْم ِن ھَ َذا ْال َم ْكرُو ِه ِم ْن َمحْ بُو ٍ‬ ‫ْطي ْال ُم ْش ِر ِكينَ ُك ّل َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم يَ ْعلَ ُم َما فِي ِ‬ ‫َو َكانَ يُع ِ‬ ‫َو َع َسى أَ ْن تَ ْك َرھُوا َش ْيئًا َوھُ َو خَ ْي ٌر لَ ُك ْم { ] ْالبَقَ َرةُ ‪. [ 216‬‬ ‫َمحْ بُوبِھَا َسبَبًا َما ِم ْثلُهُ َسبَبٌ‬ ‫وس إلَى‬ ‫َو ُربّ َما َكانَ َم ْكرُوهُ النّفُ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ق بِنَصْ ِر ّ‬ ‫ﷲِ لَهُ َوتَأيِي ِد ِه َوأَ ّن ْال َعاقِبَةَ لَهُ َوأَ ّن تِ ْلكَ‬ ‫ُوط ُد ُخ َ‬ ‫فَ َكانَ يَ ْد ُخ ُل َعلَى تِ ْلكَ ال ّشر ِ‬ ‫ول َواثِ ٍ‬ ‫ال ّشرُو َ‬ ‫صبُوهُ لِ َحرْ بِ ِھ ْم‬ ‫ط َواحْ تِ َمالَھَا ھُ َو َع ْي ُن النّصْ َر ِة َوھُ َو ِم ْن أَ ْكبَ ِر ْال ُج ْن ِد الّ ِذي أَقَا َمهُ ْال ُم ْشت َِرطُونَ َونَ َ‬ ‫ْث أَ ْ‬ ‫طلَبُوا ْال ِع ّز َوقُ ِھرُوا ِم ْن َحي ُ‬ ‫َوھُ ْم َال يَ ْش ُعرُونَ فَ َذلّوا ِم ْن َحي ُ‬ ‫ْث َ‬ ‫ظھَرُوا ْالقُ ْد َرةَ َو ْالفَ ْخ َر َو ْال َغلَبَةَ َو َع ّز‬ ‫صلّى ّ‬ ‫َرسُو ُل ّ‬ ‫اإلس َْال ِم ِم ْن َحي ُ‬ ‫ْث ا ْن َك َسرُوا ِ ّ)ِ َواحْ تَ َملُوا ال ّ‬ ‫ض ْي َم لَهُ َوفِي ِه‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم َو َع َسا ِك ُر ْ ِ‬ ‫ظھَ َر ْ‬ ‫ق َوا ْنقَلَبَ ْ‬ ‫ت ْال َكس َْرةُ ِ ّ)ِ ِع ّزا بِا َ ّ)ِ َو َ‬ ‫اط ِل ُذ ّال بِ َح ّ‬ ‫ت‬ ‫س ْاألَ ْم ُر َوا ْنقَلَ َ‬ ‫َار ال ّدوْ ُر َوا ْن َع َك َ‬ ‫فَد َ‬ ‫ب ْال ِع ّز بِ ْالبَ ِ‬ ‫ِح ْك َمةُ ّ‬ ‫ﷲِ َوآيَاتُهُ َوتَصْ ِدي ُ‬ ‫ول‬ ‫ق َو ْع ِد ِه َونُصْ َرةُ َرسُولِ ِه َعلَى أَتَ ّم ْال ُوجُو ِه َوأَ ْك َملِھَا الّتِي َال ا ْقتِ َر َ‬ ‫اح لِ ْل ُعقُ ِ‬ ‫َو َرا َءھَا ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َان [‬ ‫اإلذع ِ‬ ‫ان َو ِ‬ ‫اإلي َم ِ‬ ‫] ِزيَا َدة ِ‬

‫‪ 1‬تعريف ساخر للمفاوضات ‪ّ :‬‬ ‫فـن تقسيم الكعكة بطريقة ينصرف بعدھا كل من الحضور معتقدا أنه حصل على الجزء األكبر‬

‫‪156‬‬


‫القائد‬

‫َان َو ِاال ْنقِيَا ِد َعلَى َما أَ َحبّوا َو َك ِرھُوا‬ ‫اإل ْذع ِ‬ ‫ان َو ْ ِ‬ ‫اإلي َم ِ‬ ‫َو ِم ْنھَا ‪َ :‬ما َسبّبَهُ ُسب َْحانَهُ لِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ِم ْن ِزيَا َد ِة ْ ِ‬ ‫ضا ِء ّ‬ ‫يق َموْ ُعو ِد ِه َوا ْنتِ َ‬ ‫ار َما ُو ِع ُدوا بِ ِه َو ُشھُو ِد‬ ‫ّضى بِقَ َ‬ ‫ص َل لَھُ ْم فِي َذلِكَ ِم ْن الر َ‬ ‫َو َما َح َ‬ ‫ﷲِ َوتَصْ ِد ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِمنّ ِة ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال التِي‬ ‫ﷲِ َونِ ْع َمتِ ِه َعل ْي ِھ ْم بِال ّس ِكينَ ِة التِي أنزَ لھَا فِي قلوبِ ِھ ْم أحْ َو َج َما َكانوا إل ْيھَا فِي تِلكَ ال َح ِ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِھ ْم ِم ْن َس ِكينَتِ ِه َما ْ‬ ‫ع لَھَا ْال ِجبَا ُل فَأ َ ْنزَ َل ّ‬ ‫ت بِ ِه نُفُو ُسھُ ْم َو ْ‬ ‫ت بِ ِه قُلُوبُھُ ْم َوقَ ِويَ ْ‬ ‫اط َمأَنّ ْ‬ ‫تُزَ ْع َز ُ‬ ‫ازدَا ُدوا‬ ‫بِ ِه إي َمانًا ‪َ .‬و ِم ْنھَا ‪ :‬أَنّهُ ُسب َْحانَهُ َج َع َل ھَ َذا ْال ُح ْك َم الّ ِذي َح َك َم بِ ِه لِ َرسُولِ ِه َولِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َسبَبًا لِ َما َذ َك َرهُ ِم ْن‬ ‫ْال َم ْغفِ َر ِة لِ َرسُولِ ِه َما تَقَ ّد َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه َو َما تَأ َ ّخ َر َو ِ ِإل ْت َم ِام نِ ْع َمتِ ِه َعلَ ْي ِه َولِ ِھدَايَتِ ِه الص َّرا َ‬ ‫ط ْال ُم ْستَقِي َم َونَصْ ِر ِه‬ ‫ضي ِْم َوإِ ْع َ‬ ‫ص ْد ِر ِه بِ ِه َم َع َما فِي ِه ِم ْن ال ّ‬ ‫طا ِء َما‬ ‫اح َ‬ ‫النّصْ َر ْال َع ِزيزَ َو ِر َ‬ ‫ضاهُ بِ ِه َو ُد ُخولِ ِه تَحْ تَهُ َوا ْن ِش َر ِ‬ ‫َال بِھَا ال ّرسُو ُل َوأَصْ َحابُهُ َذلِكَ َولِھَ َذا َذ َك َرهُ ّ‬ ‫ﷲُ ُسب َْحانَهُ َجزَ ا ًء َوغَايَةً‬ ‫ب الّتِي ن َ‬ ‫َسأَلُوهُ َكانَ ِم ْن ْاألَ ْسبَا ِ‬ ‫َوإِنّ َما يَ ُك ُ‬ ‫صفَ ‪-‬‬ ‫ُول َو ْال ُم ْؤ ِمنِينَ ِع ْن َد ُح ْك ِم ِه تَ َعالَى َوفَ ْت ِح ِه ‪َ .‬وتَأ َ ّملْ َك ْيفَ َو َ‬ ‫ون َذلِكَ َعلَى فِع ٍْل قَا َم بِال ّرس ِ‬ ‫ق فَ ِھ َي أَحْ َو َج َما َكان ْ‬ ‫َت إلَى ال ّس ِكينَ ِة‬ ‫َزي ٌز فِي ھَ َذا ْال َموْ ِط ِن ثُ ّم َذ َك َر أَ َش ّد ْالقَلَ ِ‬ ‫ُسب َْحانَهُ ‪ -‬النّصْ َر بِأَنّهُ ع ِ‬ ‫فَ ْ‬ ‫ازدَا ُدوا بِھَا إي َمانًا إلَى إي َمانِ ِھ ْم‬ ‫فما ھى الدروس النبوية في المفاوضات ؟؟‬ ‫• بداية عليك معرفة و تحديد ما تريد ‪.‬‬ ‫ت ﷲ إِال أعطيتُھم إِياھا{‬ ‫} والذي نفسي بيده ال يسألوني ُخطﱠة يعظّمون فيھا ُحرُما ِ‬ ‫كان ھدف النبي واضحا و ھو جعل ھدنة بين المسلمين و الكفار يتم فيھا تعظيم الحرم و‬ ‫تسمح بنشر االسالم‬ ‫• تجميع المعلومات قبل المفاوضات‬ ‫ي فِي َح ِديثِ ِه فَلَ ّما ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ال ّز ْھ ِر ّ‬ ‫صلى ﷲُ َعل ْي ِه َو َسل َم أتَاهُ بُ َد ْي ُل ب ُْن َورْ قا َء‬ ‫فَقَ َ‬ ‫اط َمأ َ ّن َرسُو ُل ﷲِ َ‬ ‫ت ي ُِري ُد‬ ‫ال ِم ْن ُخزَ ا َعةَ ‪ ،‬فَ َكلّ ُموهُ َو َسأَلُوهُ َما الّ ِذي َجا َء بِ ِه ؟ فَأ َ ْخبَ َرھُ ْم أَنّهُ لَ ْم يَأْ ِ‬ ‫ْال ُخزَ ا ِع ّي ‪ ،‬فِي ِر َج ٍ‬ ‫ال لِبِ ْش ِر ب ِْن ُس ْفيَانَ فَ َر َجعُوا‬ ‫ال لَھُ ْم نَحْ ًوا ِم ّما قَ َ‬ ‫ت َو ُم َعظّ ًما لِحُرْ َمتِ ِه ثُ ّم قَ َ‬ ‫َحرْ بًا ‪َ ،‬وإِنّ َما َجا َء زَ ائِرًا لِ ْلبَ ْي ِ‬ ‫ْجلُونَ َعلَى ُم َح ّم ٍد ّ‬ ‫َال َوإِنّ َما َجا َء‬ ‫ش ‪ ،‬إنّ ُك ْم تَع َ‬ ‫إن ُم َح ّمدًا لَ ْم يَأْ ِ‬ ‫ت لِقِت ِ‬ ‫ش فَقَالُوا ‪ :‬يَا َم ْع َش َر قُ َر ْي ٍ‬ ‫إلَى قُ َر ْي ٍ‬ ‫زَ ائِرًا ھَ َذا ْالبَيْتَ فَاتّھَ ُموھُ ْم َو َجبَھُوھُ ْم َوقَالُوا ‪َ :‬وإِ ْن َكانَ َجا َء َو َال ي ُِري ُد قِت ًَاال ‪ ،‬فَ َو ّ‬ ‫ﷲِ َال يَ ْد ُخلُھَا َعلَ ْينَا‬ ‫ُول ّ‬ ‫ي ‪َ :‬و َكان ْ‬ ‫َع ْن َوةً أَبَدًا ‪َ ،‬و َال ت َ​َح ّد َ‬ ‫ال ال ّز ْھ ِر ّ‬ ‫ث بِ َذلِكَ َعنّا ْال َع َربُ ‪ .‬قَ َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ح َرس ِ‬ ‫َت ُخزَا َعةُ ‪َ 2‬ع ْيبَةَ نُصْ ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم ُم ْسلِ ُمھَا َو ُم ْش ِر ُكھَا ‪َ ،‬ال ي ُْخفُونَ َع ْنهُ َش ْيئًا َكانَ بِ َم ّكةَ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬

‫• المعرفة بالمفاوضين و معامله كل مفوض بما يناسبه‬ ‫ُ‬ ‫ف ‪ ،‬أَخَ ا بَنِي عَا ِم ِر ب ِْن ل َؤ ّ‬ ‫ي ‪ ،‬فَلَ ّما َرآهُ َرسُو ُل‬ ‫قَ َ‬ ‫ص ب ِْن ْاألَ ْخيَ ِ‬ ‫ال ثُ ّم بَ َعثُوا إلَ ْي ِه ِم ْك َرزَ ْبنَ َح ْف ِ‬ ‫صلّى ﷲُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم ُم ْقبِ ًال قَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ال ھَ َذا َر ُج ٌل غَا ِد ٌر فَلَ ّما ا ْنتَھَى إلَى َرس ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ال لَهُ َرسُو ُل ّ‬ ‫ال لِبُ َدي ٍْل َوأَصْ َحابِ ِه‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم نَحْ ًوا ِم ّما قَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم َو َكلّ َمهُ قَ َ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ال لَهُ َرسُو ُل ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم ‪.‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ش فَأ َ ْخبَ َرھُ ْم بِ َما قَ َ‬ ‫فَ َر َج َع إلَى قُ َر ْي ٍ‬ ‫ْس ْبنَ ع َْلقَ َمةَ يوم الحديبية َو َكانَ يَوْ َمئِ ٍذ َسيّ َد االحباش ؛ فَلَ ّما َرآهُ َرسُو ُل ّ‬ ‫يأتى إلَ ْي ِه ْال ُحلَي َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ي فِي َوجْ ِھ ِه َحتّى يَ َراهُ فَلَ ّما‬ ‫إن ھَ َذا ِم ْن قَوْ ٍم يَتَأَلّھُونَ فَا ْب َعثُوا ْالھَ ْد َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم قَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْس ع َْن‬ ‫ض ال َوا ِدي فِي ق َالئِ ِد ِه َوق ْد أ َك َل أوْ بَ َ‬ ‫َرأَى الھَ ْد َ‬ ‫ارهُ ِم ْن ط ِ‬ ‫ول ال َحب ِ‬ ‫ي يَ ِسي ُل َعل ْي ِه ِم ْن عُرْ ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم إ ْع َ‬ ‫ظا ًما لَ َما َرأَى ‪،‬‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ش ‪َ ،‬ولَ ْم يَ ِ‬ ‫صلْ إلَى َرس ِ‬ ‫َم ِحلّ ِه َر َج َع إلَى قُ َر ْي ٍ‬ ‫ق‪:‬‬ ‫ْحا َ‬ ‫ال اب ُْن إس َ‬ ‫ال فَقَالُوا لَهُ اجْ لِسْ فَإِنّ َما أَ ْنتَ أَ ْع َرابِ ّي َال ِع ْل َم لَك ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال لَھُ ْم َذلِكَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫فَقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ش َو َﷲِ َما‬ ‫ب ِعن َد ذلِكَ َوقَ َ‬ ‫َض َ‬ ‫فَ َح ّدثنِي َع ْب ُد ﷲِ ب ُْن أبِي بَك ٍر ‪ :‬أ ّن ال ُحلي َ‬ ‫ْس غ ِ‬ ‫ال يَا َم ْع َش َر ق َر ْي ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ﷲِ َم ْن َجا َء ُم َعظ ًما لهُ َوال ِذي‬ ‫َعلَى ھَ َذا َحالَ ْفنَا ُك ْم ‪َ ،‬و َال َعلَى ھَ َذا عَاقَ ْدنَاك ْم ‪ .‬أي َ‬ ‫ُص ّد ع َْن بَ ْي ِ‬ ‫‪ 1‬البخاري‬ ‫‪ 2‬سيرة بن ھشام‬

‫‪157‬‬


‫القائد‬

‫اح ٍد‬ ‫يش نَ ْف َرةَ َرج ٍُل َو ِ‬ ‫ْس بِيَ ِد ِه لَتُخَلّ ّن بَ ْينَ ُم َح ّم ٍد َوبَ ْينَ َما َجا َء لَهُ أَوْ َألَ ْنفِ َرن بِ ْاألَ َحابِ ِ‬ ‫نَ ْفسُ ْال ُحلَي ِ‬ ‫ال فَقَالُوا لَهُ َم ْه ُك ّ‬ ‫ضى بِ ِه‬ ‫ف َعنّا يَا ُحلَيْسُ َحتّى نَأْ ُخ َذ ِألَ ْنفُ ِسنَا َما نَرْ َ‬ ‫‪ .‬قَ َ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ال ال ّز ْھ ِر ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم عُرْ َوةَ ْبنَ َم ْسعُو ٍد‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ي فِي َح ِديثِ ِه ثُ ّم بَ َعثُوا إلَى َرس ِ‬ ‫ْ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫الثّقَفِ ّي فَ َكلّ َمهُ َرسُو ُل ّ‬ ‫ت‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم بِنَحْ ٍو ِم ّما َكلّ َم بِ ِه أَصْ َحابَهُ َوأَ ْخبَ َرهُ أَنّهُ لَ ْم يَأ ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم َوقَ ْد َرأَى َما يَصْ نَ ُع بِ ِه أَصْ َحابُهُ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ي ُِري ُد َحرْ بًا ‪ .‬فَقَا َم ِم ْن ِع ْن ِد َرس ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ْر ِه َش ْي ٌء‬ ‫َال يَت َ​َوضّأ ُ ّإال ا ْبتَ َدرُوا ُوضُو َءهُ َو َال يَ ْب ُ‬ ‫قب َ‬ ‫ُصاقًا ّإال ا ْبتَ َدرُوهُ ‪َ .‬و َال يَ ْسقُطُ ِم ْن َشع ِ‬ ‫ش إنّي قَ ْد ِج ْئت ِكس َْرى فِي ُم ْل ِك ِه ‪،‬‬ ‫ش ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ال يَا َم ْع َش َر قُ َر ْي ٍ‬ ‫ّإال أَخَ ُذوهُ ‪ .‬فَ َر َج َع إلَى قُ َر ْي ٍ‬ ‫ي فِي ُم ْل ِك ِه ‪َ .‬وإِنّي َو َ ّ‬ ‫ﷲِ َما َرأَيْت َملِ ًكا فِي قَوْ ٍم قَطّ ِم ْث َل ُم َح ّم ٍد‬ ‫اش ّ‬ ‫َوقَي َ‬ ‫ْص َر فِي ُم ْل ِك ِه ‪َ .‬والنّ َج ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫ْ‬ ‫فِي أَصْ َحابِ ِه َولَقَ ْد َرأَي ُ‬ ‫ْت قَوْ ًما َال يُ ْسلِ ُمونَهُ لِ َش ْي ِء أَبَدًا ‪ ،‬فَ َروْ ا َرأيَ ُك ْم ‪.‬‬ ‫ُول ّ‬ ‫ي ‪ :‬ثُ ّم بَ َعثَ ْ‬ ‫ت قُ َريْشٌ ُسھَي َْل ْبنَ َع ْم ٍرو ‪ ،‬أَخَ ا بَنِي عَا ِم ِر ب ِْن لُ َؤ ّ‬ ‫ال ال ّز ْھ ِر ّ‬ ‫قَ َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫ي ‪ ،‬إلَى َرس ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫صالِحْ هُ َو َال يَ ُك ْن فِي ص ُْل ِح ِه ّإال أَ ْن يَرْ ِج َع َعناّ‬ ‫ت ُم َح ّمدًا فَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم َوقَالوا لَهُ ائ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫عَا َمهُ ھَ َذا ‪ ،‬فَ َو َﷲِ َال تُ َح ّدث ال َع َربُ َعنّا أنّهُ َدخَ لَھَا َعلَ ْينَا َعن َوةً أبَدًا ‪ .‬فَأتَاهُ ُسھَ ْي ُل ب ُْن َع ْم ٍرو ‪،‬‬ ‫صلّى ّ‬ ‫فَلَ ّما َرآهُ َرسُو ُل ّ‬ ‫ال قَ ْد أَ َرا َد ْالقَوْ ُم الص ّْل َح ِحينَ بَ َعثُوا ھَ َذا‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم ُم ْقبِ ًال ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم تَ َكلّ َم فَأ َ َ‬ ‫ال ْال َك َال َم‬ ‫ط َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ال ّرجُل فَلَ ّما ا ْنتَھَى ُسھَ ْي ُل ب ُْن َع ْم ٍرو إلَى َرس ِ‬ ‫‪2‬‬ ‫اج َعا ‪ ،‬ثُ ّم َج َرى بَ ْينَھُ َما الص ّْل ُح ‪.‬‬ ‫َوت َ​َر َ‬ ‫• التأثير على نفسية الخصم‬ ‫جاء عروه بن مسعود الثقفى ليأثر في معنويات المسلمين و يقول لھم أنھم قله و لن يثبتوا‬ ‫فعاد الى قريش و قلبه يرتجف‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ال ال ّز ْھ ِر ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم عُرْ َوةَ ْبنَ َم ْسعُو ٍد‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ي فِي َح ِديثِ ِه ثُ ّم بَ َعثُوا إلَى َرس ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال يَا ُم َح ّم ُد‬ ‫س بَ ْينَ يَ َد ْي ِه ث ّم قَ َ‬ ‫الثّقَفِ ّي فَخَ َر َج َحتى أتَى َرس َ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم فَ َجلَ َ‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫ضھَا بِ ِھ ْم إنّھَا قُ َريْشٌ قَ ْد خَ َر َج ْ‬ ‫ْضتِك لِتَفُ ّ‬ ‫ت َم َعھَا‬ ‫اس ثُ ّم ِج ْئتَ بِ ِھ ْم إلَى بَي َ‬ ‫أَ َج َمعْتَ أَوْ َش َ‬ ‫اب النّ ِ‬ ‫ﷲَ َال تَ ْد ُخلُھَا َعلَ ْي ِھ ْم َع ْن َوةً أَبَدًا ‪َ .‬واَ ْي ُم ّ‬ ‫ور يُ َعا ِھ ُدونَ ّ‬ ‫ْالعُو ُذ ْال َم َ‬ ‫ﷲِ‬ ‫طافِي ُل ‪ .‬قَ ْد لَبِسُوا ُجلُو َد النّ ُم ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ص ّدي ُ‬ ‫ال َوأَبُو بَ ْك ٍر ال ّ‬ ‫ﷲُ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫لِ َكأَنّي بِھَ ُؤ َال ِء قَ ْد ا ْن َك َشفُوا َع ْنك َغدًا ‪ .‬قَ َ‬ ‫ق خَ ْلفَ َرس ِ‬ ‫ال اُ ْمصُصْ بَ ْ‬ ‫ظ َر ّ‬ ‫الالتِي ‪ ،‬أَنَحْ ُن نَ ْن َك ِش ُ‬ ‫ال َم ْن ھَ َذا يَا ُم َح ّم ُد ؟‬ ‫ف َع ْنهُ ؟ قَ َ‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم قَا ِع ٌد فَقَ َ‬ ‫ال أَ َما َو َ ّ‬ ‫ﷲِ لَوْ َال يَ ٌد َكان ْ‬ ‫َت لَك ِع ْن ِدي لَ َكافَأْتُك بِھَا ‪َ ،‬ولَ ِك ْن ھَ ِذ ِه بِھَا‬ ‫ال ھَ َذا اب ُْن أَبِي قُ َحافَةَ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يرةُ ب ُْن‬ ‫ال َوال ُم ِغ َ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم َوھُ َو يُ َكل ُمهُ ‪ .‬قَ َ‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫َاو ُل لِحْ يَةَ َرس ِ‬ ‫ال ث ّم َج َع َل يَتَن َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُش ْعبَةَ َواقِ ٌ‬ ‫ال فَ َج َع َل يَق َر ُ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم فِي ال َح ِدي ِد ‪ .‬قَ َ‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫ع يَ َدهُ‬ ‫س َرس ِ‬ ‫ف َعلَى َرأ ِ‬ ‫ُول ﷲِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم َويَقُو ُل ا ْكفُ ْ‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫ف يَدَك ع َْن َوجْ ِه َرس ِ‬ ‫َاو َل لِحْ يَةَ َرس ِ‬ ‫إ َذا تَن َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال فَيَقُو ُل عُرْ َوةُ َوي َْحك َما أفَظكَ َوأ ْغلَظَك‬ ‫َص َل إلَيْك ؛ قَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلّى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم قَب َْل أ ْن َال ت ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال لَهُ عُرْ َوةُ َم ْن ھَ َذا يَا ُم َح ّم ُد ؟ قَا َل ھَ َذا اب ُْن‬ ‫صلى ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم فَقَ َ‬ ‫ال فَتَبَ ّس َم َرسُو ُل ﷲِ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يرةُ ب ُْن ُش ْعبَةَ ؛ قَا َل أيْ ُغ َد ُر َوھَلْ َغ َسل ُ‬ ‫ال اب ُْن ِھ َش ٍام ‪:‬‬ ‫س ‪ - .‬قَ َ‬ ‫أَ ِخيك ال ُم ِغ َ‬ ‫ت َسوْ أتَك ّإال بِ ْاأل ْم ِ‬ ‫يرةَ ْبنَ ُش ْعبَةَ قَب َْل إس َْال ِم ِه قَتَ َل َع َش َر َرج ًُال ِم ْن بَنِي َمالِ ٍك ‪ِ .‬م ْن‬ ‫أَ َرا َد عُرْ َوةُ بِقَوْ لِ ِه ھَ َذا أَ ّن ْال ُم ِغ َ‬ ‫يف ‪ :‬بَنُو َمالِ ٍك َر ْھطُ ْال َم ْقتُولِينَ َو ْاألَحْ َال ُ‬ ‫ير ِة فَ َودَى‬ ‫ّان ِم ْن ثَقِ ٍ‬ ‫ثَقِ ٍ‬ ‫ف َر ْھطُ ْال ُم ِغ َ‬ ‫يف ‪ .‬فَتَھَايَ َج ْال َحي ِ‬ ‫عُرْ َوةُ ْال َم ْقتُولِينَ ثَ َال َ‬ ‫ال ال ّز ْھ ِر ّ‬ ‫ي‪:‬‬ ‫ْحا َ‬ ‫ق ‪ :‬قَ َ‬ ‫ال اب ُْن إس َ‬ ‫ث َع ْش َرةَ ِديَةً َوأَصْ لَ َح َذلِكَ ْاألَ ْم َر ‪ .‬قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫فَ َكلّ َمهُ َرسُو ُل ّ‬ ‫ت ي ُِري ُد‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم بِنَحْ ٍو ِم ّما َكلّ َم بِ ِه أَصْ َحابَهُ َوأَ ْخبَ َرهُ أَنّهُ لَ ْم يَأ ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم َوقَ ْد َرأَى َما يَصْ نَ ُع بِ ِه أَصْ َحابُهُ َال‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫َحرْ بًا ‪ .‬فَقَا َم ِم ْن ِع ْن ِد َرس ِ‬ ‫‪ 1‬سيرة بن ھشام‬ ‫‪ 2‬مختصر سيرة بن ھشام‬

‫‪158‬‬


‫القائد‬

‫ص ُ‬ ‫ْر ِه َش ْي ٌء ّإال‬ ‫يَت َ​َوضّأ ُ ّإال ا ْبتَ َدرُوا ُوضُو َءهُ َو َال يَ ْب ُ‬ ‫ق بُ َ‬ ‫صاقًا ّإال ا ْبتَ َدرُوهُ ‪َ .‬و َال يَ ْسقُطُ ِم ْن َشع ِ‬ ‫ْص َر‬ ‫ش إنّي قَ ْد ِج ْئت ِكس َْرى فِي ُم ْل ِك ِه ‪َ ،‬وقَي َ‬ ‫ش ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ال يَا َم ْع َش َر قُ َر ْي ٍ‬ ‫أَخَ ُذوهُ ‪ .‬فَ َر َج َع إلَى قُ َر ْي ٍ‬ ‫اش ّي فِي ُم ْل ِك ِه ‪َ .‬وإِنّي َو َ ّ‬ ‫ﷲِ َما َرأَيْت َملِ ًكا فِي قَوْ ٍم قَطّ ِم ْث َل ُم َح ّم ٍد فِي‬ ‫فِي ُم ْل ِك ِه ‪َ .‬والنّ َج ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫أَصْ َحابِ ِه َولَقَ ْد َرأَي ُ‬ ‫ْت قَوْ ًما َال يُ ْسلِ ُمونَهُ لِ َش ْي ِء أَبَدًا ‪ ،‬فَ َروْ ا َر ْأيَ ُك ْم ‪.‬‬ ‫• تقديم االدلة على حسن النوايا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫س عَن اب ِْن‬ ‫ْحا َ‬ ‫ال اب ُْن إس َ‬ ‫قَ َ‬ ‫ق ‪َ :‬وقَ ْد َح ّدثَنِي بَعْضُ َمن ال أت ِھ ُم عَن ِعك ِر َمة َموْ لى اب ِْن َعبّا ٍ‬ ‫س ‪ :‬أَ ّن قُ َر ْي ًشا َكانُوا بَ َعثُوا أَرْ بَ ِعينَ َرج ًُال ِم ْنھُ ْم أَوْ خَ ْم ِسينَ َرج ًُال ‪َ ،‬وأَ َمرُوھُ ْم أَ ْن يُ ِطيفُوا‬ ‫َعبّا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُصيبُوا لھُ ْم ِمن أصْ َحابِ ِه أ َحدًا ‪ ،‬فأ ِخذوا أخذا ‪،‬‬ ‫ُول ﷲِ َ‬ ‫صلى ﷲُ َعل ْي ِه َو َسل َم لِي ِ‬ ‫بِ َع ْس َك ِر َرس ِ‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم فَ َعفَا َع ْنھُ ْم َوخَلّى َسبِيلَھُ ْم و قَ ْد َكانُوا َر َموْ ا فِي‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫فَأُتِ َي بِ ِھ ْم َرس َ‬ ‫‪2‬‬ ‫صلّى ّ‬ ‫ُول ّ‬ ‫ار ِة َوالنّب ِْل ‪.‬‬ ‫ﷲُ َعلَ ْي ِه َو َسلّ َم بِ ْال ِح َج َ‬ ‫ﷲِ َ‬ ‫َع ْس َك ِر َرس ِ‬ ‫• على كل من المفاوضين التنازل التمام المفاوضات‬ ‫دعا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم على بن أبى طالب فقال اكتب‪ :‬بسم ﷲ الرحمن‬ ‫الرحيم قال فقال سھيل بن عمرو ال أعرف ھذا ولكن اكتب باسمك اللھم فسكتبھا ثم قال‬ ‫اكتب ھذا ما صالح عليه محمد رسول ﷲ سھيل بن عمرو قال فقال سھيل بن عمرو لو‬ ‫شھدتك أنك رسول ﷲ لم أقاتلك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك قال فقال رسول ﷲ صلى‬ ‫ﷲ عليه وسلم اكتب ھذا ما صالح عليه محمد بن عبدﷲ سھيل بن عمرو اصطلحا على‬ ‫‪3‬‬ ‫وضع الحرب عن الناس عشر سنين‪.‬‬ ‫على اال يكون تنازل في اصل فيكتب ‪":‬بسم الالت و العزى" او يصف الرسول و المؤمنون‬ ‫بوصف ال يليق او عبادة احد غير ﷲ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫} قُلْ يَا أَ ﱡيھَا ْال َكافِرُونَ َال أَ ْعبُ ُد َما تَ ْعبُ ُدونَ َو َال أ ْنتُ ْم عَابِ ُدونَ َما أ ْعبُ ُد َو َال أنَا عَابِ ٌد َما َعبَ ْدتُ ْم َو َال‬ ‫ين {‬ ‫أَ ْنتُ ْم عَابِ ُدونَ َما أَ ْعبُ ُد لَ ُك ْم ِدينُ ُك ْم َولِ َي ِد ِ‬ ‫قال عمر بن عبد العزيز‪» :‬ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت لھم من‬ ‫الدنيا شيئا ً«‪.‬‬

‫• االلتزام بالعھد‬ ‫فبينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يكتب الكتاب ھو وسھيل بن عمرو إذ جاء أبو جندل‬ ‫بن سھيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وقد‬ ‫كان أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم خرجوا وھم ال يشكون في الفتح لرؤيا رآھا‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فلما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه رسول ﷲ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم في نفسه دخل الناس من ذلك عليھم أمر عظيم حتى كادوا يھلكون‬ ‫فلما رأى سھيل أبا جندل قام إليه وضرب وجھه وأخذ بتلبيبه تم قال يا محمد قد لحت‬ ‫القضية بينى وبينك قبل أن يأتيك ھذا‪ ،‬قال صدقت فجعل يبتزه بتلبيبه ويجره ليرده إلى‬ ‫قريش وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين‬ ‫‪ 1‬سيرة بن ھشام‬ ‫‪ 2‬سيرة بن ھشام‬ ‫‪ 3‬عيون االثر‬

‫‪159‬‬


‫القائد‬

‫يفتنونى في دينى فزاد الناس ذلك إلى ما بھم فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬يا أبا‬ ‫جندل اصبرو احتسب فان ﷲ جاعل لك ولن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا إنا قد‬ ‫‪1‬‬ ‫عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناھم على ذلك وأعطونا عھد ﷲ وانا ال نغدر بھم‪.‬‬

‫‪ 1‬عيون االثر‬

‫‪160‬‬

‫فإذا رحمت فأنت أ ﱞم أو أبٌ‬

‫ھذان في الدنيا ھما الرحماء‬

‫وإذا غضبتَ فإنما ھي غضبة‬

‫في الحق ال ضغن وال بغضاء‬

‫ارتياب كأنما‬ ‫وإذا قضيتَ فال‬ ‫َ‬

‫جاء الخصو َم من السماء قضا ُء‬

‫وإذا أخذت العھد أو أعطيته‬

‫فجميع عھدك ذمةٌ ووفاء‬


‫القائد‬

‫االقناع‬ ‫متطلبات نفسية ومفاھيم أساسية‪:‬‬ ‫عليك قبل أن تبدأ عملية االقناع ‪-:‬‬ ‫‪ .1‬ان تثق في قدرتك على االقناع و ان تحمد ﷲ على ھذه النعمة‬ ‫‪ .2‬ان تجعل ھدفك ھو الوصول للحق ال للمباھاه و الغلبه‬ ‫‪ .3‬أن تثق في صحه ما تريد االقناع به‬ ‫ال يَا قَوْ ِم ا ْعبُ ُدوا ﱠ‬ ‫ﷲَ َما لَ ُك ْم‬ ‫‪ .4‬ان تعتبر من تقنعه اخ لك ال عدو } َوإِلَى عَا ٍد أَخَ اھُ ْم ھُودًا قَ َ‬ ‫ِم ْن إِلَ ٍه َغ ْي ُرهُ أَفَ َال تَتﱠقُونَ )‪{ (65‬‬ ‫‪ .5‬صاله ركعتن الحاجة ان يشرح ﷲ صدره‬ ‫‪ .6‬ان تتصف برحابة الصدر و تقبل االعتراضات‬ ‫‪ .7‬االستغناء با) عن خلقه‬ ‫اثناء االقناع‬ ‫‪ .1‬استعن با) و استغفره فقد تمنع ذنوبك من امامك من االقتناع‬ ‫‪ .2‬ركز على الموضوع المحدد و احذر الشتات‬ ‫‪ .3‬اختر الوقت و المكان المناسبين للمناقشة ‪.‬‬ ‫‪ .4‬ال تسخر منه و ال تعلو بصوتك‬

‫‪161‬‬


‫القائد‬

‫‪162‬‬


‫القائد‬

‫العصف الذھني‬ ‫مثال للعصف الذھنى ‪-:‬‬ ‫بعد صالة ظھر اول يوم لنا برمضان في العمل قمنا بعمل "عصف ذھنى" حيث ذكر بعضنا‬ ‫اعمال خير و بر في رمضان قد نكون نسيناھا فيطرح احدنا الفكرة و نناقشھا بھدوء بصرف‬ ‫النظر عن قائلھا و ال يسخر احدنا من الفكرة بل يبحث عن جوانب القوة بھا‬ ‫فطرحت افكار مثل ‪-:‬‬ ‫• قراءه القرآن‬ ‫• المكث في المسجد حتى الشروق‬ ‫• اذكار الصباح و المساء‬ ‫• صله الرحم‬ ‫مزايا العصف الذھني ‪-:‬‬ ‫•‬ ‫•‬

‫تضاعف االفكار و المعلومات‬ ‫تشجيع الجميع على االدالء بأرائھم‬

‫عوامل مساعدة لنجاح العصف الذھنى‬ ‫• عدم رفض أي اقتراح‬ ‫• مناقشة الفكرة بصرف النظر عن مركز صاحبھا‬ ‫• وجود جو من المرح‬ ‫• كتابة االقتراحات امام الجميع في ورقة كبية او سبورة‬ ‫• معرفة الحاضرين مسبقا بموضوع الجلسة‬

‫يا أمة المجد قومي مزقي الحجيا‬ ‫وأشعلى في ليالي دھرك الشھبا‬ ‫ال تذكري صالح الدين سفسطة‬ ‫من غير بذل صالح الدين قد ذھبا‬ ‫قبر العظيم إذا ما زاره ذنب‬ ‫أرغى وأزبد ال حييت يا ذنبا‬ ‫لو أسمعوا عمر الفاروق نسبتھم‬ ‫وأخبروه الرزايا أنكر النسبا‬ ‫أبواب أجدادنا منحوتة ذھبا ً‬ ‫‪163‬‬


‫القائد‬

‫فھا ھيا كلنا قد أصبحت خشيا‬ ‫من زمزم قد سقينا الناس قاطبة‬ ‫وجيلنا اليوم من أعدائنا شربا‬ ‫لكن أبشر ھذا الكون أجمعه‬ ‫أنا صحونا وسرنا للعال عجبا‬ ‫بفتية طھر القرآن أنفسھم‬ ‫كاألسد تزأر في غاباتھا غضبا‬ ‫عافوا حياة الخنا والرجس واغتسلوا‬ ‫بتوبة ال تري في صفھا جنبا‬

‫‪164‬‬


‫القائد‬

‫الفھرس‬ ‫المقدمة‬ ‫فريق العمل‬ ‫القيادة‬ ‫صفات القائد‬ ‫مھام القائد‬ ‫موضوعات تھم القائد‬

‫‪165‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪146‬‬


‫القائد‬

‫اتمنى ان يكون الكتاب قد نال رضاك‬ ‫لمزيد من المعلومات عن كاتب ھذا الكتاب و للتواصل زر الصفحة التالية‬ ‫‪/http://newmilk.wordpress.com/about‬‬ ‫كتبه ‪:‬‬ ‫عمر سليم‬

‫‪166‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.