تفسير رسالة رومية القس انطونيوس فكري كنيسة العذراء الفجالة

Page 1

‫ﺗﻔﺴﻴﺮ‬ ‫رﺳﺎﻟﺔ روﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﻘﺲ اﻧﻄﻮﻧﻴﻮس ﻓﻜﺮي‬ ‫ﻛﻨﻴﺴﺔ اﻟﺴﻴﺪة اﻟﻌﺬراء ﺑﺎﻟﻔﺠﺎﻟﺔ‬ ‫اﻻﺻﺪار اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪2012‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية ‪ -‬جدول رسالة رومية‬ ‫رقم اإلصحاح‬

‫رقم اإلصحاح‬

‫مقدمة عن فكر‬ ‫بولس الرسول‬ ‫عن الخالص في‬ ‫المسيحية‬

‫ملخص‬ ‫لمقدمة رومية‬ ‫مع إيضاح‬ ‫اكثر لفكرة‬ ‫الخالص‬

‫مقدمة رومية‬

‫رقم اإلصحاح‬ ‫رومية ‪1‬‬ ‫رومية ‪2‬‬ ‫رومية ‪3‬‬ ‫رومية ‪4‬‬ ‫رومية ‪5‬‬

‫رقم اإلصحاح‬ ‫رومية ‪6‬‬ ‫رومية ‪7‬‬ ‫رومية ‪8‬‬ ‫رومية ‪9‬‬ ‫رومية ‪11‬‬

‫رقم اإلصحاح‬ ‫رومية ‪11‬‬ ‫رومية ‪12‬‬ ‫رومية ‪13‬‬ ‫رومية ‪14‬‬ ‫رومية ‪15‬‬

‫رقم اإلصحاح‬ ‫رومية ‪16‬‬

‫‪1‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫عودة للجدول‬

‫مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية‬

‫مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية‬ ‫مقدمــة‪:‬‬

‫اهلل خلق اإلنسان‬

‫إرادة اهلل أن يحيا اإلنسان‬ ‫إلى األبد‬

‫اهلل خلق اإلنسان ليحيا إلى األبد‬ ‫بالخطية مات اإلنسان وفقد حياته األبدية "بإنسان واحد دخلت الخطية إلى‬ ‫العالم وبالخطية الموت" (رو‪)5::1‬‬

‫‪4‬‬

‫خلق اإلنسان‬

‫‪1‬‬

‫‪:‬‬

‫‪3‬‬

‫الحياة األبدية في السماء‬

‫‪ .1‬السقوط والموت‪.‬‬

‫‪ .2‬بالفداء كانت القيامة األولى من موت الخطية (رؤ ‪ + 0225‬يو ‪)2020‬‬ ‫‪ .3‬المجيء الثاني للمسيح وبه نبدأ القيامة الثانية ونحيا فى المجد‪.‬‬

‫‪ .4‬فترة الحياة على األرض ما بين السقوط والمجيء الثاني‪ .‬هذه قال عنها إشعياء أنها لحيظة‪ ،‬أي فترة بسيطة‬ ‫جداً بالنسبة إلى الحياة األبدية‪ .‬بل إن هذه الفترة يستغلها اهلل ليؤدب اإلنسان فتصير إرادته كإرادة اهلل فيخلص‬

‫ويحيا لألبد‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫اهلل خلق اإلنسان ليحيا إلى األبد‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪.2‬‬

‫أول آية نقابلها في الكتاب المقدس هي "في البدء خلق اهلل‪( "...‬تك‪ )121‬وهذه ليست مصادفة‪ ،‬فالوحي‬

‫بهذا يريدنا أن نفهم خيرية وصالح ومحبة اهلل‪ ،‬الذي يريد أن يخلق حياة‪ ،‬فهو ال يخلق موت‪ ،‬وال يريد أن‬ ‫يخلق اإلنسان ليموت بل لكي يحيا حياة أبدية يتمتع فيها بمجد اهلل‪.‬‬

‫إستمر اهلل يخلق العالم ستة أيام‪ ،‬واليوم ليس ‪ 24‬ساعة كما هو اآلن‪ ،‬بل كان اليوم يقدر بمئات أو آالف‬

‫الماليين من السنين‪ ،‬وذلك قبل أن يخلق آدم‪ .‬وذلك حتى يجد آدم المحبوب األرض واذا هي جنة‪ .‬وليس من‬ ‫المعقول أن يظل اهلل يخلق العالم آالف الماليين من السنين‪ ،‬ثم يخلق آدم ليعيش عدة سنين ويموت‪ ،‬بل أن‬

‫عمر اإلنسان اآلن ال يتعدى ‪ 125‬سنة‪ .‬إذاً المنطق يقول أن اهلل خلق العالم فى آالف الماليين من السنين‪،‬‬ ‫ثم خلق آدم ليحيا إلى األبد‪.‬‬

‫‪.3‬‬

‫اهلل أوصى آدم أن يأكل من جميع شجر الجنة (تك‪ .)1:22‬وكان من ضمن شجر الجنة شجرة الحياة‬

‫‪.4‬‬

‫بعد الطوفان أعطى اهلل لنوح عالمة قوس قزح كدليل على إرادته في أن يحيا اإلنسان‪ ،‬وأن اهلل لن يعود‬

‫(تك‪ .)2423‬إذاً كان المتاح أمام آدم أن يأكل من هذه الشجرة فيحيا إلى األبد حسب إرادة اهلل‪.‬‬

‫يهلك العالم (تك‪ )11-8 29‬ولكننا نجد عالمة قوس قزح موجودة حول العرش اإللهي في المنظر شبه الزمرد‬ ‫(رؤ‪ .)324‬واذا فهمنا أن الزمرد بلونه األخضر يشير للحياة‪ .‬يكون معنى وجود عالمة قوس قزح حول‬

‫‪.0‬‬

‫العرش‪ ،‬أن إرادة اهلل لإلنسان أن يحيا لألبد‪ ،‬وأنه أماته مرة‪ ،‬ولن يميته ثانية بعد أن يقوم في القيامة الثانية‪.‬‬ ‫حينما مات اإلنسان كان الحل اإللهي بالفداء ليحيا اإلنسان إلى األبد فهذه إرادة اهلل‪ ،‬التي البد وستنفذ‪.‬‬

‫السقوط والموت‪:‬‬ ‫اهلل خلق اإلنسان ح اًر‪ ،‬واإلنسان بحريته سقط في الخطية‪ ،‬ألن آدم إختار أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر‬

‫التي أوصاه اهلل أن ال يأكل منها (تك‪ ،)1122‬وكان ذلك بدالً من أن يأكل من شجرة الحياة‪ .‬وكان األكل من‬

‫شجرة معرفة الخير والشر يعنى تذوق الشر‪ ،‬ولضعف جسده أحب الشر وفى هذا إنفصال عن اهلل واهلل حياة‪،‬‬ ‫وفى اإلنفصال عن اهلل موت‪ .‬لذلك مات آدم‪ ،‬كما حذره اهلل‪ ،‬ليس ألن اهلل يريد آلدم أن يموت‪ ،‬بل ألن آدم‬

‫بحريته إختار طريق الموت‪ ،‬كما نقول في القداس الغريغوري "أنا إختطفت لي قضية الموت"‪ .‬كان هذا ألن آدم‬ ‫ق ح اًر‪ ،‬وبحريته كانت له إرادة غير إرادة اهلل (مت‪ .)31223‬وبهذا ما عاد آدم قاد ًار أن يحيا حياة أبدية‪ ،‬بل‬ ‫ُخِل َ‬ ‫فقد القدرة على أن يصنع البر‪ ،‬كل هذا إلنفصاله عن اهلل الحي القدوس البار‪ .‬وبهذا فسد الجنس البشرى‬

‫(رو‪.)1223‬‬

‫والخطية سببت اللعنة‪" .‬ملعونة األرض بسببك" (تك‪ .)1123‬هذه آلدم وأما قايين فكانت عقوبته أشد "ملعون أنت‬

‫من األرض" تك‪ .1124‬ولذلك سمعنا أن آخر كلمات العهد القديم كانت "لعن" (مال‪ .):24‬والمعنى أن اهلل خلق‬ ‫حياة وفرح (معنى جنة عدن‪ ،‬جنة اإلبتهاج) وبسبب خطية اإلنسان دخلت اللعنة‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫ويقول بولس الرسول "ألن الجميع قد أخطأوا‪( "...‬رو‪ .)24-23 23‬وقوله الجميع يشير أنه ال يوجد استثناء‪،‬‬

‫فكل أوالد آدم صارت لهم طبيعة خاطئة‪ .‬ففي البداية كانت الطبيعة البشرية مخلوقة بال عيب وبدون أي خطيئة‪،‬‬

‫فاهلل خلق آدم بال دنس‪ ،‬خلقه كامالً بال عيب‪ ،‬ولديه اإلرادة واإلمكانية الحرة لكى يحيا حياة مقدسة فى الجنة‪،‬‬

‫ولكن بخطيئته صارت طبيعته مريضة فاسدة‪ ،‬وصارت طبيعتنا مريضة وخاطئة وفاسدة ألنها نابعة من طبيعة‬

‫جسد المعصية األول‪ .‬وصار اإلنسان غير قادر من تلقاء نفسه أن يتمم ناموس اهلل أو أن يسلك فى البر‪ ،‬لذلك‬ ‫إحتاج اإلنسان لطبيب يشفى طبيعته‪.‬‬

‫وهذا الذي حدث لإلنسان شرحه السيد المسيح في مثل السامري الصالح‪ .‬لقد صار اإلنسان الساقط كمن تركه‬

‫اللصوص (الشياطين) على قارعة الطريق بين حي وميت (لو‪ )35215‬مطروحاً‪ ،‬عاج اًز‪ ،‬مجروحاً غير قاد اًر أن‬ ‫يصعد مرتفعات البر كما كان قبالً‪ ،‬حتى أتى المسيح الذي هو الطبيب الشافي‪ ،‬السامري الصالح‪ ،‬ووضعه فى‬

‫كمل البر بمعونة النعمة الشافية التي شفت طبيعته‪ ،‬فأصبح قاد اًر أن‬ ‫فندق (الكنيسة) وصار تحت العالج‪ُ ،‬ي ّ‬ ‫يصنع البر تلقائياً بطبيعته الجديدة المتعافية‪.‬‬ ‫ويقول داود النبي "أنا قلت يا رب إرحمنى‪ ،‬إشف نفسي ألني قد أخطأت إليك" (مز‪ .)4241‬فالنفس إعتلت‬

‫وضعفت وفسدت وجرحت بالخطية‪ .‬وصارت تحتاج هلل الذى قال "أنا الرب شافيك" (خر‪ .)2:210‬والمسيح أتى‬

‫كطبيب ليشفى قائالً‪" 2‬ال يحتاج األصحاء إلى طبيب بل المرضـى لم آت ألدعـو أب ار اًر بل خطـاة" (مت‪-12 29‬‬

‫‪.)13‬‬

‫إذاً دخل الموت واللعنة بسبب الخطية‪ ،‬ولكن اهلل لم يقف عاج اًز‪ ،‬فكان الفداء‪ ،‬وجاء المسيح ليموت ويقوم‬

‫ويعطينا حياته نحيا بها حياة ابدية‪ ،‬وبهذا تكمل خطة اهلل األزلية فى أن يحيا اإلنسان لألبد‪ ،‬لقد إفتدانا المسيح‬

‫من لعنة الناموس لننال البركة عوضاً عن اللعنة غل‪.14-13 23‬‬

‫ولذلك أيضاً سمعنا الوعد "من يغلب يأكل من شجرة الحياة"‪ ،‬هذه التي لم يأكل منها آدم فمات (رؤ‪ )122‬وهذه‬

‫معناها أن كل من يختار المسيح تاركاً شرور هذا العالم يعطيه اهلل أن يأكل من شجرة الحياة‪ ،‬أي يحيا إلى‬

‫األبد‪ .‬لذلك نجد أن آخر آيات الكتاب المقدس "آمين تعال أيها يسوع" (رؤ‪ )21222‬فبمجيئه الثاني تبدأ حياتنا‬ ‫األبدية في السماء وتنفذ إرادة اهلل‪ .‬ونالحظ أن الفداء أعطانا الحياة األبدية على مرحلتين‪-2‬‬

‫األولى‪ 2‬هي ما يسمى بالقيامة األولى‪ ،‬فيها نحيا على األرض‪ ،‬وفيها نقوم من موت الخطية (يو‪ .)2020‬ولكن‬ ‫وسط ضيق العالم‪ ،‬هذا الذي يستخدمه اهلل في أن يؤدب أوالده فيكون لهم نصيب في القيامة الثانية‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬وهذه تأتى بعد مجيء المسيح الثاني للدينونة‪ ،‬وفيها تكون القيامة العامة التي بعدها ندخل السماء في‬ ‫المجد ونحيا لألبد‪.‬‬

‫ونالحظ أن الفترة منذ سقوط اإلنسان وحتى المجيء الثاني الذي يأتي المسيح فيه للدينونة‪ ،‬أى الفترة التي نعيشها‬ ‫على األرض في ضيق ال تتعدى بضعة آالف من السنين‪ ،‬وهذه اآلالف من السنين هي ال شئ بالنسبة لألبدية‬

‫الالنهائية‪ .‬وكأن خطة اهلل في أن يحيا اإلنسان لألبد لم تتعطل سوى فترة بسيطة جداً‪ .‬وهذا ما عبر عنه إشعياء‬

‫النبي بقوله "لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك" (أش‪.)1204‬‬

‫‪4‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫وليك الرب" (إش‪.)8204‬‬ ‫"بفيضان الغضب حجبت وجهي عنك لحظة وبإحسان أبدى أرحمك قال ّ‬ ‫هذه اللحيظة المذكورة في إشعياء‪ ،‬هي فترة اآلالم والضيق والموت الجسدي الذي عانى منه اإلنسان منذ سقوط‬ ‫آدم وحتى المجيء األول للمسيح الذي به بدأت مراحم اهلل التي ستكمل بالمجيء الثاني‪.‬‬ ‫اللعنة والبركة‬ ‫بسبب خطية آدم سمع آدم قول اهلل "ملعونة األرض بسببك" (تك‪ .)19-11 23‬فما هي لعنة األرض؟ لسنا نعلم‬ ‫تماماً أبعاد هذه اللعنة‪ ،‬ألننا لم نرى األرض في طبيعتها الجميلة قبل أن تلعن‪ .‬لكن لنا أن نتصور أن اهلل‬

‫كصانع خيرات ال يمكن أن يخلق سوى جنة كلها فرح‪ ،‬فكلمة "عدن" تعنى إبتهاج وفرح‪ .‬إذاً كل ما نراه اآلن من‬

‫أشياء أليمة هو من آثار اللعنة… مثل األمراض‪ ،‬األوبئة‪ ،‬الزالزل‪ ،‬البراكين‪ ،‬الفيضانات المهلكة‪ ،‬الحر والبرد‬ ‫الشديدين وهما يهلكان المزروعات‪ ،‬اآلفات الزراعية كالحشرات‪ ،‬التصحر والجفاف‪ .‬ونرى قبل كل هذا فساد‬

‫الجنس البشرى الذي رأيناه في صورة وحشية حين قتل قايين أخوه هابيل‪ .‬ثم رأينا بعد ذلك أن هذا الطبع الوحشي‬ ‫الذي صار لإلنسان بسبب خطيته قد إنعكس على الحيوانات التي صار لها طبيعة وحشية‪ .‬وربما بسبب طبع‬

‫اإلنسان الوحشي سمح له اهلل بأن يأكل اللحم (تك‪ )329‬بعد أن كان قد أعطاه ثمار األرض فقط ليأكل‬

‫(تك‪ .)2921‬وكان هذا أيضاً طعام الحيوانات (تك‪ .)3521‬من هذا نرى أن فساد الجنس البشرى إمتدت آثاره‬

‫لكل الخليقة الجامدة بل والحيوانية‪ .‬قد يفسر البعض هذه اآلثار تفسي اًر علمياً كالزالزل‪ ..‬وكالحشرات التي تصيب‬

‫المزروعات‪ ،‬ولكن لو راجعنا سفر حجى النبي لرأينا‪ ،‬أن كل هذه ما هي إال عقوبات في يد اهلل يستعملها ضدنا‬ ‫حين نخطئ‪.‬‬

‫لذلك يقول بولس الرسول كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت (رو‪ .)1220‬نقول كأنما‬ ‫يعنى أن ما يظهر أمامنا ونلمسه من آثار الخطية هو الموت‪ .‬ولكن أثار الخطية هي أبعد من هذا بكثير‪ ،‬فهناك‬

‫ما يمكننا أن ندركه‪ ،‬وهناك أيضاً ما ال يمكننا أن ندركه‪.‬‬

‫للبطل" (رو‪ .)2528‬ونرى في (رو‪28‬‬ ‫ولقد شرح بولس الرسول هذا بطريقة أخرى حين قال "إن الخليقة أخضعت ُ‬ ‫‪ )22-25‬أنه حين يستعلن المجد في أوالد اهلل ستتجدد الخليقة وستعتق من عبودية الفساد‪ ،‬هذا الفساد كان‬ ‫إنعكاساً لفساد اإلنسان الذي كان بسبب الخطية‪.‬‬

‫وكما إمتدت آثار اللعنة بسبب خطية اإلنسان‪ ،‬هكذا إمتدت آثار بركة الصليب‪ .‬هذه البركة التي أتى بها المسيح‬

‫بعد أن إفتدانا من لعنة الناموس‪ ،‬إذ صار لعنة ألجلنا (غل‪ .)1323‬فكان للمؤمنين البنوة والميراث األبدي‪،‬‬ ‫والبركة في حياتهم على األرض‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫وتغير طبيعة الوحوش‪2‬‬ ‫بل رأينا بركة القديسين تمتد لتبارك األرض ّ‬ ‫‪ )1‬شاول الطرسوسي تغيرت طبيعته الوحشية فصار بولس الرسول‪.‬‬ ‫‪ )2‬شعب روما الذي كان يتلذذ بإلتهام الوحوش للناس‪ ،‬تحول لكنيسة روما‪.‬‬ ‫‪ )3‬قيل أنه بسبب األنبا بوال كان اهلل يفيض مياه النيل‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫‪ )4‬تحول الثعبان فى مغارة األنبا برسوم العريان إلى حيوان أليف‪ ،‬فقد وحشيته‪.‬‬

‫لقد صارت البركة تشع من القديسين وتمتد آثارها فيما حولها‪ ،‬كما كانت آثار اللعنة والخطية تمتد وتشع وتخرب‬ ‫ما حولها‪.‬‬

‫وبعد المسيح صار طريق الخطية واللعنة والموت أو طريق البر والحياة واإليمان بالمسيح متاح لكل إنسان‬

‫(تث‪.)25-19 235‬‬ ‫صار لعنة ألجلنا‪:‬‬

‫هذه تشبه "والكلمة صار جسداً" (يو‪ )1421‬أي الالهوت صار جسداً وهذه ال تعنى تحوالً لالهوت إلى جسد‪ ،‬بل‬ ‫تعنى أن ما صار ظاه اًر أمامنا هو الجسد‪ .‬وحين يقال أن المسيح صار لعنة ألجلنا فهذا يعنى أنه وهو القدوس‬

‫البار الذي بال خطية‪ ،‬صار ظاه اًر أمامنا البساً اللعنة فهو مصلوب‪ ،‬والكتاب يقول "ملعون كل من علق على‬

‫خشبة" (غل‪( + )1323‬تث‪ .)23221‬حامالً على رأسه إكليل شوك‪ ،‬والشوك من آثار الخطية ولعنتها‬

‫(تك‪ ،)1823‬والمسيح عروه على الصليب‪ ،‬والعرى من أثار الخطية (تك‪ .)123‬إذاً حين قال بولس الرسول "كأنما‬ ‫يعبر بتواضع عن عدم فهمه تماماً لكل آثار الخطية وانعكاسها على‬ ‫بخطية واحد‪( "...‬رو‪ .)1220‬كان الرسول ّ‬ ‫األرض والخليقة‪ ،‬وكل الفساد الذي حدث‪ .‬إن الكون يحوى قوى وحقائق ال نعرف عنها إال القليل ولعل بينها‬ ‫تأثير الفرد في اآلخرين وفى البيئة‪ .‬سواء كان هذا بخطية الفرد أو بقداسة الفرد‪.‬‬

‫فالقداسة تنتقل تأثيراتها للغير كما رأينا‪ ،‬وكما نعرف أن شفاعات القديسين واضحة للجميع‪ ،‬وصلوات البعض‬

‫تأثيرها يمتد لآلخرين‪.‬‬

‫وكان إصالح فساد الجنس البشرى بتجسد المسيح الذي أعطى جسده للبشر قوة النصرة على الشر الذي فيهم‬

‫وفى العالم‪ ،‬وصار يخلق في البشر طبعاً جديداً يرتقى إلى الحياة كاملة النقاء في األبدية‪ .‬أما الذين يرفضون‬

‫فعله فيسكنهم الشر والقلق "ال سالم قال الرب لألشرار" (إش‪.)22248‬‬ ‫ماذا قدم المسيح لنا؟‬

‫‪ -5‬الفداء‪:‬‬

‫يقصد به دفع الثمن أو البديل‪ .‬وهذا ما حدث على الصليب‪ .‬والكلمة تشير في معناها للمبلغ المدفوع فداء عن‬ ‫شخص‪ .‬والمعنى هنا قيام الرب يسوع بالموت عن البشرية‪ .‬ذلك ألن الموت األبدي دخل إلى البشرية بالخطية‬

‫التي إمتزجت بها‪ .‬والجسد الذى أخذه الرب كان كامالً له روح وجسد وكان واحداً مع الالهوت الالمحدود‪ ،‬فصار‬

‫اإلله المتأنس أى الذى له كل صفات اإلنسان‪ .‬وغير محدود إلتحاد الالهوت بالناسوت‪ .‬فلما مات هذا اإلنسان‬ ‫كان قاد اًر في ال محدوديته أن يكون بديالُ للبشرية كلها‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫فكانت خطية اإلنسان غير محدودة ألنها كانت في حق اهلل واهلل غير محدود لذلك ما كان يمكن إلنسان أو‬

‫مالك أن يفدى آدم وذريته‪ ،‬ألن كل ذرية آدم أخطأوا‪ ،‬بل ولدوا بالخطية‪ ،‬والمالئكة محدودة‪ .‬وال يوجد غير‬ ‫محدود‪ ،‬وبال خطية غير اهلل‪ ،‬وما كان ممكناً أن يفدى اإلنسان سوى إنسان مثله‪ .‬لذلك كان التجسد‪.‬‬

‫وعن هذا الفداء كانت النبوات‪2‬‬

‫من يد الهاوية أفديهم‪ ،‬من الموت أخلصهم (هو ‪)14213‬‬

‫األخ لن يفدى اإلنسان ‪ ...‬إنما اهلل يفدى نفسي (مز‪)10،12 49‬‬

‫الرب قد فدى يعقوب وفى إسرائيل قد تمجد ‪ ..‬هكذا يقول الرب فاديك (إش ‪)24 ،23 ،:244‬‬

‫‪ -:‬الكفارة‬

‫لقد تعرى اإلنسان بالخطية وافتضح‪ .‬واهلل ستر على آدم بأقمصة من جلد‪ .‬والجلد أخذه آدم من حيوان قدمه‬

‫ذبيحة‪ ،‬أخذ اهلل جلدها وألبسه وكان هذا ليعطى اهلل فكرة عن المسيح القادم ليقدم نفسه على الصليب ذبيحة‬ ‫ليسترنا ويغطينا‪ .‬وكلمة كفارة معناها تغطية‪.‬‬

‫بالمفتدى‪ .‬ومن يستره المسيح بأن يثبت في‬ ‫والمسيح يسترنا بإتحادنا فيه واستتارنا فيه‪ ،‬هنا نرى الفادى قد إتحد‬ ‫َ‬ ‫المسيح ال يعود اآلب ي اره في ضعفه وخطيته‪ ،‬بل يرى المسيح الذي يغطيه فيخلص‪ ،‬لذلك يطلب منا المسيح‬ ‫في وأنا فيكم" (يو‪ )4210‬فهذا هو طريق الخالص‪ .‬واهلل سبق وشرح فكرة الكفارة بوضوح في طقوس يوم‬ ‫"أثبتوا ّ‬ ‫الكفارة‪ ،‬حيث يرش دم ذبيحة الكفارة على غطاء تابوت العهد المسمى بكرسي الرحمة فيكفِّر عن الشعب‬ ‫لتطهيرهم من جميع خطاياهم (ال ‪.)3521:‬‬

‫‪ -3‬التبرير‬

‫الفداء = المسيح يموت بدالً منا‬

‫الكفارة= المسيح يسترنا ويغطينا بأن يوحدنا فيه = صولحنا مع اهلل بموت أبنه‬ ‫التبرير= المسيح يعطينا حياته لنعيش أب ار اًر أي نكتسب بر المسيح أي بعد أن إستترنا في المسيح لبسنا رداء بره‬ ‫إذ تجددت طبيعتنا‪ ،‬وصرنا نسلك في البر بسهولة بحياته التي أعطاها لنا‪.‬‬

‫وهكذا أصلح المسيح البشرية التي فسدت بالخطية‪ ،‬بعد أن عجز الناموس عن أن يبرر اليهود وعجز الضمير‬

‫عن أن يبرر األمم‪.‬‬

‫المسيح إنتصر على الموت وقام بحياة منتصرة‪ .‬هذه الحياة أعطاها لنا لننتصر على الخطية ونسلك فى البر‪.‬‬

‫وهذا معنى نخلص بحياته (رو‪.)1520‬‬

‫وهذا التبرير تنبأ عنه إشعياء "بالرب يتبرر ويفتخر كل ‪( "...‬إش ‪" )20240‬قد قربت برى‪ .‬ال يبعد وخالصى ال‬

‫يتأخر" (إش ‪" )1324:‬أما خالصي فإلى األبد يكون وبرى ال ينقض" (إش ‪ ):201‬وقوله برى يعنى أن البر‬ ‫هنا هو بر اهلل وليس بر اإلنسان الذاتي‪.‬‬

‫إذاً نحن صولحنا مع اهلل بموت إبنه (رو ‪ )1520‬وذلك بالفداء والكفارة أي بإتحاد الفادى بنا‪ ،‬ثم صرنا نسلك‬

‫بالبر وأصلحت طبيعتنا إذ أعطانا المسيح حياته التي قام بها من الموت فصرنا "نخلص بحياته" (رو‪.)1520‬‬

‫‪7‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫والكتاب المقدس يدور حول محور واحد‬ ‫هو إصالح البشرية التي فسدت بالخطية‪ .‬ولنلقى نظرة سريعة على قصة الكتاب المقدس‪-2‬‬

‫‪ .1‬أسفار موسى‪ -2‬نرى فيها أن اهلل يخلق اإلنسان ليحيا لألبد‪ ،‬ثم يخطئ اإلنسان فيموت‪ ،‬فيرسل له اهلل‬ ‫مخلصاً (رم اًز للمسيح)‪ .‬ويخلص الشعب من العبودية بخروف الفصح (الصليب) ويعبرون البحر‬ ‫(المعمودية) ويأكلون المن (اإلفخارستيا) ويشربون شراباً روحياً (حلول الروح القدس)‪.‬‬

‫كل هذا شرحه بولس الرسول فى (‪1‬كو‪1 + :-1 215‬كو‪ .)8-1 20‬ثم يكون توهان الشعب في البرية هي قصة‬ ‫حياتنا على األرض التي تنتهي بدخولنا إلى كنعان السماوية عبو اًر بنهر األردن (الموت)‪.‬‬

‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬

‫األسفار التاريخية‪ -2‬نرى فساد الشعب إذ لم يكن ملك يحكم األرض (قض ‪ 1219‬و ‪ .)20221‬ثم تتكون‬ ‫المملكة‪ .‬رم اًز للملكة التي كونها المسيح‪.‬‬

‫األسفار الشعرية‪ -2‬نرى فيها عالقات المؤمن باهلل وبالعالم ففي األمثال نرى كيف نتصرف بحكمة‪ ،‬وفى‬

‫الجامعة نرى بطالن العالم‪ ،‬وفى النشيد نرى الحب بين اهلل والنفس المؤمنة‪ ،‬وفى سفر أيوب نرى تأديب‬ ‫اهلل للنفس‪ .‬لكن علينا أن نحيا بروح الصالة (المزامير)‪.‬‬

‫‪.4‬‬

‫األسفار النبوية‪ -2‬يمكن تلخيصها في إظهار فساد الشعب رم اًز لفساد الجنس البشرى‪ .‬ولكن دائماً هناك‬

‫‪.0‬‬

‫ثم يأتي العهد الجديد لنرى يسوع المخلص الفادي الذي تجسد ومات وقام ليعطينا حياته‪ ،‬ومن يسمع‬

‫رجاء في مخلص يأتي‪.‬‬

‫صوته تكون له الحياة أو ما يسمى بالقيامة األولى (يو ‪ .)2020‬ويسوع هذا هو الذي سوف يأتي ليدين‬

‫العالم وبمجيئه الثاني تبدأ الحياة األبدية في المجد‪ ،‬هذه التي يشتهيها كل مؤمن‪ ،‬وبها تتحقق إرادة اهلل في‬ ‫أنه خلق اإلنسان ليحيا لألبد‪ .‬هذا ما جعل يوحنا يصرخ في رؤياه "آمين تعال أيها الرب يسوع" حينما‬

‫سمع السيد المسيح يقول "أنا آتى سريعاً" (رؤ ‪.)25222‬‬ ‫البر وشفاء الطبيعة القديمة‪:‬‬ ‫"تدعون إسمه يسوع ألنه يخلص شعبه من خطاياهم (مت‪ .)2121‬وهكذا نرى أننا ال نستطيع أن نخرج من حالة‬ ‫العرج والكساح والجراح المتقيحة إلى حالة الشفاء التام والعودة إلى المشي الطبيعي إالّ بدوام تلقى المعونة‬ ‫والعناية من الطبيب السماوي‪ .‬ألن الطبيب ال يكتفي بأن يجعل الجراح تلتئم‪ ،‬بل يعطى للمريض عناصر‬

‫ضرورية لكمال صحة جسده بوجه عام‪ ،‬وطريقة تغذيته من الطعام كي تستمر حالة الشفاء التي وصل إليها‪ ،‬إن‬ ‫عناية اهلل الصالحة تمد كل من يعيش في الجسد بكل العناصر والوسائل التي يستخدمها الطبيب في عملية‬

‫الشفاء‪ .‬إن شفاء اهلل لنا ليس فقط في كونه يمحو خطايانا التي ارتكبناها‪ ،‬ولكن باألكثر كي يجعلنا نتجنب‬ ‫السقوط في الخطيئة أيضاً‪.‬‬

‫وكون اإلنسان غير قادر من نفسه على أن يلتزم بالناموس فهذا يتضح من قول بولس الرسول "إن كان بالناموس‬

‫بر فالمسيح إذاً مات بال سبب" (غل‪ .)2122‬ولكن المسيح مات ليعطيني أن أموت معه عن طبيعتي‬ ‫‪8‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫القديمة‪،‬وقام لكي أقوم معه بطبيعة جديدة‪ .‬وهذا ما يتم في المعمودية‪ .‬وبعد أن يحل الروح القدس على المعمد‬ ‫في سر الميرون يعطى الروح القدس للمؤمن أن يثبت في هذه الحياة الجديدة‪ ،‬وهى حياة المسيح‪ ،‬ويعطيه أن‬

‫تكون له حياة المسيح‪ ،‬وتكون له قوة ليسلك في البر‪ .‬بل يعطيه إرادة قوية ليسلك في هذه الحياة الجديدة‪ ،‬فإرادة‬

‫اإلنسان ليست كافية وحدها كي يتجنب اإلنسان السقوط في الخطايا‪ ،‬بل أن تلك اإلرادة نفسها تحتاج إلى سند‬

‫ومعونة من النعمة اإللهية‪ ،‬لذلك يقول بولس الرسول "اهلل هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة"‬

‫(فى‪ .)1322‬عمل الروح القدس هذا المبنى على أساس فداء المسيح هو ما يسمى بالنعمة ولكن النعمة ال تلغى‬ ‫حرية إرادة اإلنسان‪ .‬ولذلك يجب على كل مؤمن أن‪-2‬‬ ‫‪)1‬‬ ‫‪)2‬‬

‫يجاهد ويضبط شهواته ولسانه وأفكاره‪.‬‬

‫يصرخ طالباً المعونة اإللهية في صالة بال إنقطاع‪.‬‬

‫حقاً إن اهلل هو الشافي لطبيعتنا ولكن علينا أن نعمل نحن قدر إستطاعتنا كما يقول بولس الرسول "إننا عاملون‬

‫معه" (‪2‬كو‪ .)12:‬ونالحظ أن النعمة ال تلغ حرية اإلنسان‪ ،‬بل هي لمن يطلبها ويستخدمها بإرادة متضعة غير‬ ‫مفتخر ال بقوته وال بقدرته بل باهلل الذي يرحم‪.‬‬

‫إذاً بر اهلل ليس هو في وصايا الناموس التي تبث الخوف كما من مؤدب (غل‪ .)2423‬والتي يقف أمامها‬

‫اإلنسان شاع اًر بعجزه عن أن يتممها (أع‪ .)15210‬بل بر اهلل هو في الطبيعة الجديدة التي يعطيها اهلل ألوالده‪.‬‬ ‫وهذه الطبيعة الجديدة تجد السند والمعونة من نعمة المسيح التي بها يستطيع اإلنسان تكميل وصايا الناموس‪.‬‬

‫ناء هلل‪" .‬أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أوالد‬ ‫هذه النعمة هي التي تعطينا أن نصير أوالداً وأب ً‬ ‫اهلل" (يو‪ .)1221‬األمر الذي لم يكن عليه اإلنسان بحسب الطبيعة‪ ،‬وال يمكن أن يبلغه إطالقاً ما لم يكن قد أخذ‬

‫سلطاناً بالنعمة بعدما قبل المسيح‪ ،‬وبهذه النعمة تصير له طبيعة جديدة‪ .‬وما يميز هذه الطبيعة الجديدة‪ ،‬المحبة‪،‬‬

‫المحبة التي يسكبها فينا الروح القدس المعطى لنا (رو‪ .)020‬والمحبة إن ُوجدت تكون هلل ولكل إنسان حتى‬ ‫ألعدائنا‪ ،‬وتكون عالمة على حصولنا على الطبيعة الجديدة‪ .‬ألن المحبة ال يمكن الحصول عليها بطبيعتنا‬ ‫القديمة وال بإمكانياتنا البشرية‪ ،‬هي عطية من الروح القدس‪ .‬فالروح القدس هو الذي يغير طبيعتنا‪ ،‬ويعين‬

‫ضعفاتنا ويسند إمكانياتنا‪ ،‬ويشفى طبيعتنا المريضة التي ولدنا بها من آدم‪ .‬بالخطية ولدتني أمي (مز‪.)0201‬‬ ‫وهو العامل في األسرار المقدسة التي تثبتني في المسيح وهو الذي يبكتني إن أخطأت (يو‪ .)821:‬بإختصار هو‬

‫الذي يثبتني في المسيح فتكون لي حياة المسيح فأخلص‪ .‬لذلك فالروح القدس هو نعمة النعم‪ .‬الروح القدس هو‬

‫نعمة اهلل الذي بربنا يسوع المسيح‪ .‬الروح القدس هو يعطى معونة وقوة لنسلك في الحياة الجديدة التي هي حياة‬

‫المسيح‪ .‬فهو الذي يعين ضعفاتنا رو‪.2:28‬‬ ‫في المسيح‪:‬‬ ‫في وأنا فيكم‪ ..‬الذي‬ ‫هو تعبير يستخدمه بولس الرسول كثي اًر‪ .‬وهذا التعبير متفق مع قول السيد المسيح "إثبتوا ّ‬ ‫في وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير" (يو‪ .)0-4 210‬وهذا التعبير يعنى عند بولس الرسول أننا بالمعمودية‬ ‫يثبت ّ‬

‫‪9‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫صرنا أعضاء في جسد المسيح‪ .‬كلنا صرنا جسد واحد هو جسد المسيح‪ ،‬والمسيح هو الرأس "وهو رأس الجسد‬

‫الكنيسة" (كو‪.)1821‬‬

‫ألننا جميعاً بروح واحد إعتمدنا إلى جسد واحد (‪1‬كو‪( )13212‬أى دخلنا في جسد المسيح وأصبحنا فيه‬

‫بالمعمودية) وجميعنا سقينا روح واحد (هذا عن حلول الروح القدس في سر الميرون)‪ .‬وقوله سقينا عن حلول‬

‫إلى ويشرب‪ ..‬من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من‬ ‫الروح القدس متفق مع قول المسيح "إن عطش أحد فليقبل ّ‬ ‫بطنه أنهار ماء حي‪ .‬قال هذا عن الروح" (يو‪ .)39-31 21‬إذاً كل مؤمن إذ يعتمد يصبح عضواً فى جسد‬ ‫لتكون جسد المسيح‪ ،‬وكما أن للجسد البشرى أعضاؤه (يد‪ /‬رجل‪ /‬أنف‪..‬‬ ‫المسيح‪ .‬وكل األعضاء تتكامل معاً ِّ‬

‫تكمل األخرى) هكذا جسد المسيح مكون من أعضاء‪ ،‬ولكل عضو موهبته وعمله المكلّف به‬ ‫ولكل منها وظيفة ّ‬ ‫(أف‪1 + 1522‬كو‪ + 35-4 212‬أف‪ .)12-11 24‬إذاً الكنيسة كيان متكامل والمسيح هو الرأس‪.‬‬ ‫ألننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه‬

‫(أف‪.)3520‬‬

‫أما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أف ارداً‬

‫(‪1‬كو‪.)21212‬‬

‫ومن هو في المسيح فهو قديس‪" .‬إلى كنيسة اهلل التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع" (‪1‬كو‪+ 221‬‬

‫فى‪ .)121‬وفى المسيح ننال كل نعمة "نعمة اهلل المعطاة لكم فى يسوع المسيح‪ .‬إنكم في كل شئ إستغنيتم فيه‪"..‬‬ ‫‪1‬كو‪ .0-4 21‬وطالما نحن فى المسيح يسوع فلقد صارت أعضاؤنا هي أعضاؤه هو‪" .‬ألستم تعلمون أن‬

‫أجسادكم هى أعضاء المسيح‪ .‬أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية حاشا" (‪1‬كو‪ .)102:‬لذلك فالزانى‬

‫يخطئ فى حق جسد المسيح (‪1‬كو‪ .)182:‬وبنفس المفهوم يقول الرسول "وأما نحن فلنا فكر المسيح"‬

‫(‪1‬كو‪ .)1:22‬ومن هو فى المسيح فهو له الطبيعة الجديدة "إذاً إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة"‬

‫(‪2‬كو‪ .)1120‬والحظ تكرار الفكرة فى (أف‪" .)14-121‬المؤمنين فى المسيح يسوع‪ ...‬الذى باركنا بكل بركة‬ ‫روحية فى السماويات فى المسيح‪ ...‬كما إختارنا فيه‪ ...‬إذ سبق فعيننا للتبنى بيسوع المسيح‪ ...‬الذى فيه لنا‬

‫الفداء بدمه‪ ...‬الذى فيه أيضاً نلنا نصيباً‪ ...‬الذى فيه أيضاً إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس"‪.‬‬

‫وفى (أف‪" )1522‬ألننا نحن عمله مخلوقين فى المسيح يسوع ألعمال صالحة‪ ."..‬وفى (أف‪" .)22-21 22‬الذى‬

‫فيه كل البناء مركباً معاً ينمو هيكالً مقدساً فى الرب الذى فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً هلل فى الروح"‪.‬‬

‫والحظ هذه اآليات "يسلم عليكم فى الرب كثي اًر أكيال وبريسكال" (‪1‬كو‪" .)1921:‬محبتى مع جميعكم فى المسيح‬

‫يسوع" (‪1‬كو‪" + )2421:‬أمام اهلل فى المسيح نتكلم" (‪2‬كو‪ .)19212‬فالرسول بولس يرى أن أى عالقات بين‬

‫األعضاء هى من خالل ثباتهم فى المسيح‪ ،‬حتى السالم وعالقات المحبة‪ ،‬والكالم‪ .‬هذا ألنه إن لم نكن ثابتين‬

‫فى المسيح يسوع فسالمنا لبعضنا البعض ومحبتنا بل وكالمنا سيكون خالياً من المحبة‪ ،‬وسيكون غاشاً‪ .‬وبنفس‬ ‫المفهوم نسمع الرسول يقول "أشتاق إلى جميعكم فى احشاء يسوع المسيح" (فى‪ .)821‬ونسمع أنه ال فرح إال فى‬

‫المسيح "إفرحوا فى الرب" (فى‪.)424‬‬

‫ونسمع فى (‪1‬كو‪ )123‬قوله ألهل كورنثوس أنهم "أطفال فى المسيح" (‪1‬كو‪ .)123‬فالمؤمن يولد فى المعمودية‬

‫ويصير بهذا فى المسيح‪ ،‬ويبدأ كطفل فى المسيح ثم ينمو وينمو‪ .‬وهذا ليس عجيباً‪ ،‬ألم يكن المسيح نفسه ينمو‬

‫‪10‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫فى الحكمة والقامة والنعمة ويتقدم فيهم (لو‪ .)4522،02‬وراجع اآليات (‪2‬تس‪2 + 321‬كو‪+10215‬‬ ‫أف‪1+1024‬تس‪.)1524‬‬

‫ولكن ثباتنا فى المسيح له شروط نسمع عن أحدها فى (غل‪" ):20،102:‬ألنه فى المسيح يسوع ال الختان ينفع‬

‫شيئاً وال الغرلة‪ ،‬بل اإليمان العامل بالمحبة"‪ .‬مما سبق نرى أن بولس الرسول يرى أنه بالمعمودية نصير أعضاء‬

‫ثابتة فى المسيح‪ ،‬كل عضو له عمل وله مواهب‪ .‬بل كل واحد فينا‪ ،‬أعضاؤه هى أعضاء المسيح‪ ،‬نحن أعضاء‬

‫جسمه من لحمه ومن عظامه‪ ،‬بل صار لمن هو ثابت فى المسيح‪ ،‬فكر المسيح‪ .‬بل العالقات بين األعضاء ال‬

‫تكن صحيحة إالّ لو كنا فى المسيح‪ ،‬حتى السالمات واإلشتياقات‪ .‬وأن المؤمنين مقدسين طالما هم فى المسيح‪.‬‬ ‫وقطعاً نحن بثباتنا فى المسيح يسوع إبن اهلل نصير أبناء هلل‪ .‬وبإتحادنا فى المسيح يحل علينا الروح القدس‪.‬‬

‫ومن هو فى المسيح يتحول إلى صورة المسيح "يا أوالدى الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم"‬

‫غل‪" + 1924‬ألن كلكم الذين إعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل‪ " + )2123‬بل البسوا الرب يسوع المسيح‬

‫وال تصنعوا تدبي اًر للجسد ألجل الشهوات" (رو‪" + )14213‬ولبستم الجديد الذى يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه"‬

‫(كو‪ )1523‬ومن يكون له صورة المسيح هنا على األرض‪ ،‬ستكون له صورة المسيح فى مجده فى السماء‬

‫(‪1‬يو‪ )223‬وكل من يلبس المسيح إبن اهلل فإنه يصير بإتحاده بإبن اهلل‪ ،‬إبناً هلل‪ .‬له صورة المسيح‪ .‬وهذه العطية‪،‬‬

‫عطية البنوة هلل تعطى بالروح القدس إذ هو روح التبنى (رو‪ + 11-10 28‬غل‪ .)1-4 24‬وهو روح التبنى إذ أنه‬

‫يثبتنا فى المسيح اإلبن (‪2‬كو‪" )2121‬ولكن الذى يثبتنا معكم فى المسيح وقد مسحنا هو اهلل" "والروح أيضاً يشهد‬

‫ألرواحنا أننا أوالد اهلل" (رو‪ )1:28‬وحينما يشهد لنا الروح أننا أوالد اهلل نصرخ لآلب قائلين "يا آبا اآلب"‬

‫(غل‪ .):24‬واألبناء يرثون األمجاد مع إبن اهلل الذى صار وارثاً لكل شئ ألجلنا (رو‪ + 1128‬غل‪124‬‬ ‫‪+‬عب‪.)221‬‬

‫فى وماذا يعنى وأنا فيكم‪:‬‬ ‫ماذا يعنى إثبتوا َّ‬ ‫‪ 5‬إثبتوا فى = نحن فى المسيح‬ ‫خلق اهلل آدم وأخذ منه ضلعاً كون منه حواء وبهذا صارت حواء جزءاً من آدم‪ .‬واألوالد هم جزء من آدم وجزء‬

‫من حواء وبالتالى هم جزء من آدم‪.‬‬ ‫آدم‬

‫آدم‬

‫آدم وحواء‬

‫األوالد‬

‫آدم رأس الخليقة‬

‫كل العالم‬

‫وبهذا يكون آدم رأس الخليقة‪ ،‬فكل منا هو جزء من آدم‪ ،‬وطالما مات األصل تموت األجزاء‪ .‬وبهذا يصير آدم‬ ‫رأس لجسد ميت‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫المسيح رأس الكنيسة‬

‫كل منا يصير فى المسيح‬

‫الكنيسة‬

‫المسيح أتى ليكون رأساً لجسد حى فكل منا ينتمى لجسد المسيح بالمعمودية‪ .‬وبهذا يصير المسيح رأس للكنيسة‪.‬‬ ‫ويصير كل مؤمن معمد يسلك فى وصايا المسيح داخل هذا المثلث الجديد‪ .‬وكل مؤمن معمد بهذا يصير فى‬

‫المسيح‪ .‬كل من هو فى داخل المثلث (جسد المسيح) يصير فى المسيح‪ .‬وكل من هو فى المسيح يصير جزء‬ ‫من جسد المسيح‪ .‬وتشبيه بولس الرسول أن كل منا هو عضو فى الجسد‪ ،‬فأحدنا رجل واآلخر يد وهناك من هو‬ ‫عين وهكذا‪ .‬راجع (‪1‬كو‪ )12‬وكلنا نتكامل‪ .‬فلكل واحد منا عمله الذى يتكامل مع عمل اآلخرين‪ .‬وهذا الجسد‬ ‫حتى إن مات أعضاؤه فسيقومون وتكون لهم حياة أبدية ألن المسيح أعطاهم حياته وهذا معنى وأنا فيكم‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫وأنا فيكم = المسيح فينا‬

‫المسيح مات وقام ليعطينا حياته‪" .‬لى الحياة هى المسيح" (فى‪)2121‬‬

‫فى" (غل‪)2522‬‬ ‫"مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا ّ‬ ‫"فباألولى كثي اًر ونحن مصالحون نخلص بحياته" (رو‪)1520‬‬ ‫"واآلن نحن أحياء هلل بالمسيح يسوع ربنا" (رو‪)112:‬‬

‫لقد صرنا بذرة حية حتى لو دفنت فى األرض‪،‬فبسبب الحياة التى فيها تخرج شجرة حية (‪1‬كو‪)38-30 210‬‬

‫واذا كان المسيح يحيا فينا فهو يستخدم أعضائنا كآالت بر (رو‪)132:‬‬ ‫لذلك يقول بولس الرسول‪:‬‬ ‫"ألستم تعلمون أن أجسادكم هى أعضاء المسيح‪ .‬أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء ازنية" (‪1‬كو‪)102:‬‬ ‫والحياة التى نأخذها هى حياة المسيح القائم من األموات فالرسول يقول‪2‬‬

‫"ألنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته" (رو‪)02:‬‬ ‫لذلك فالحياة التى نأخذها هى حياة أبدية فالرسول يقول‪2‬‬

‫"عالمين أن المسيح بعدما أقيم من األموات ال يموت أيضاً‪ .‬ال يسود عليه الموت بعد" (رو‪)92:‬‬

‫وهذه الحياة نأخذها بعد المعمودية مباشرة (رو‪)42:‬‬

‫وطالما هى هكذا فلماذا نحرم منها األطفال إذا كانت ستعطيهم حياة أبدية‪.‬‬

‫كيف نصير فى المسيح‪:‬‬

‫هذا يتم بالمعمودية ‪" ...‬ألننا جميعاً بروح واحد إعتمدنا إلى جسد واحد" (‪1‬كو‪.)13212‬‬

‫‪12‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫وما هى المعمودية؟‬ ‫"أم تجهلون أن كل من إعتمد ليسوع المسيح إعتمدنا لموته‪ .‬فدفنا معه بالمعمودية للموت‪ .‬حتى كما‬

‫أقيم المسيح من األموات هكذا نسلك نحن أيضاً فى جدة الحياة ألنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه‬ ‫صِلب معه ليبطل جسد الخطية كى ال نعود‬ ‫موته نصير أيضاً بقيامته‪ .‬عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد ُ‬ ‫نستعبد أيضاً للخطية‪ .‬ألن الذى مات قد تب أر من الخطية‪ .‬فإن كنا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا‬

‫أيضاً معه" (رو‪.)8-3 2:‬‬

‫"مدفونين معه فى المعمودية التى فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل اهلل الذى أقامه من األموات‪.‬‬

‫واذ كنتم أمواتاً فى الخطية وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحاً لكم بجميع الخطايا" (كو‪.)12،13 22‬‬

‫أناس ُ​ُ منكم لكن أغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم بإسم الرب يسوع وبروح إلهنا"‬ ‫"وهكذا كان ُ‬ ‫(‪1‬كو‪.)112:‬‬ ‫ٍ‬ ‫بأعمال فى بر عملناها بل بمقتضى رحمته خلصنا‬ ‫"ولكن حين ظهر لطف مخلصنا اهلل واحسانه ال‬ ‫بغسل الميالد الثانى وتجديد الروح القدس الذى سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا"(تى‪):-423‬‬ ‫مما سبق نفهم أن المسيح مات على الصليب ليحمل خطايانا‪ ،‬ولكن من الذى يستفيد من الصليب؟‬

‫أحد الشروط هو المعمودية‪ .‬فمن يعتمد يموت مع المسيح ومن مات ال تحتسب له خطية‪ ،‬وذلك حتى‬ ‫فى القانون المدنى‪ ،‬فمن يموت أثناء محاكمته تنتهى وتسقط القضية بالنسبة له‪ .‬ومن مات فى‬

‫المعمودية يتب أر إذن من كل خطاياه السابقة‪ .‬بل يقوم بحياة جديدة‪ ،‬وطالما هو متحد بالمسيح رو‪02:‬‬ ‫تصير حياته الجديدة هى حياة المسيح القائم من األموات‪ ،‬وبهذا يصبح عضواً مبر اًر ومقدساً فى جسد‬

‫المسيح‪ .‬وهذا ما يصنعه الروح القدس فى سر المعمودية فهو يعطينا أن نموت مع المسيح ونقوم ثابتين‬

‫فى المسيح‪ ،‬ألننا جميعاً بروح واحد إعتمدنا إلى جسد واحد ‪1‬كو‪ .13212‬لذلك تسمى المعمودية والدة‬

‫من الماء والروح يو‪ .023‬وكما كان الروح يرف على المياه فخرجت منها حياة فى بدء الخليقة تك‪221‬‬ ‫هكذا اآلن‪ ،‬فالروح يرف على مياه المعمودية فيخرج المعمد منها وله حياة جديدة‪ ،‬وهذا معنى "جدة‬

‫الحياة" رو‪.42:‬‬

‫"ألنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع اهلل بموت إبنه فباألولى كثي اًر ونحن مصالحون نخلص‬

‫بحياته" (رو‪.)1520‬‬

‫ومعنى هذا أننا نتصالح مع اهلل إذ تغفر خطايانا وتسقط عنا‪ ،‬وهذا يتم لنا بالمعمودية‪ ،‬إذ يصلب‬

‫الجسد العتيق مع المسيح ويموت‪ .‬ولكن الموت مع المسيح فى المعمودية لغفران الخطية هو نصف‬ ‫الحقيقة‪ .‬أما النصف اآلخر فهو أننا نقوم مع المسيح‪ ،‬ويعطينا المسيح حياته‪ ،‬وهذا معنى نخلص‬

‫بحياته‪ .‬وهو حين يعطينا حياته فهو يعطينا أن نسلك كما سلك هو‪ ،‬أى نسلك فى بر‪ ،‬إذاً هو يعطينا‬

‫حياته وبره‪ .‬المسيح يعطينا أن نقوم معه فى حياة جديدة مقامة معه‪ .‬فنحن ندفن مع المسيح بالمعمودية‪،‬‬

‫أى يدفن إنساننا العتيق ونخرج من مياه المعمودية مشتركين فى قيامة المسيح لنسلك فى الحياة الجديدة‬

‫‪13‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫التى ظهرت أوالً فى قيامة المسيح رأس الخليقة الجديدة‪ .‬وكون أن المسيح يعطينا حياته لنحيا بها‬ ‫يشرحها بولس الرسول هكذا‪-:‬‬

‫في" (غل‪" + )2522‬لى الحياة هى المسيح"‬ ‫"مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا ّ‬ ‫(فى‪ )2121‬وهذا هو معنى أننا نخلص بحياته‪ .‬ولكن نفهم أيضاً "نخلص بحياته" على أنها تعنى أن‬ ‫المسيح هو حى عن يمين اآلب يشفع فينا‪ .‬هو حى بجسده الذى أخذه من البشر (رو‪.)3428‬‬ ‫ولكن شفاعة المسيح هى للمؤمن التائب (‪1‬يو‪ .)2-1 22‬وكانت هذه دعوة يسوع ‪" ..‬توبوا"‬

‫(مت‪ .)1124‬وشفاعة المسيح عنا ليست صالة لآلب‪ ،‬بل مجرد وجوده بجسده أمام اآلب فيه شفاعة‬ ‫كاملة ‪1‬تى‪ + 022‬عب‪.22-19 215‬‬

‫"مع المسيح صلبت" (غل‪ )2522‬إذاً حتى يكون لى حياة المسيح‪ ،‬يجب أن أصلب شهواتى‬

‫(غل‪.)2420‬‬

‫هل المعمودية تعطى موتاً تاماً لإلنسان العتيق؟‬

‫قطعاً هذا ال يحدث واال إلنتفت حرية اإلنسان‪ .‬فبالمعمودية يموت اإلنسان العتيق ولكن أنا لى كل‬

‫الحرية ألحييه من جديد‪ ،‬وأيضاً لى القوة أن أبقيه ميتاً‪ ،‬وهذه القوة يعطيها الروح القدس ونسميها النعمة‪.‬‬ ‫فاإلنسان العتيق يستمر فى مشاغباته‪ ،‬ويظل الجسد بشهواته مقاوماً لعمل الروح‪ ،‬وهذا ال ينتهى سوى‬

‫بالموت‪ .‬حقاً النعمة تعطينا قوة جبارة تجعل شهوات الجسد كأنها ميتة‪ ،‬ولكن أى تهاون من اإلنسان فى‬ ‫جهاده أو أى إستهتار وتهاون مع الخطية يجعل شهوات الجسد تثور داخله‪ ،‬لذلك يقول الرسول‪2‬‬

‫فجسدى مبيع تحت الخطية ‪ ..‬لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعل‪ .‬فاآلن لست بعد‬ ‫"أما أنا‬ ‫ٌ‬ ‫في‪ .‬ويحى أنا اإلنسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت"‬ ‫أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة ّ‬

‫(رو‪.)24-1421‬‬

‫"وانما أقول أسلكوا بالروح فال تكملوا شهوة الجسد‪ .‬ألن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد‪،‬‬

‫وهذان يقاوم أحدهما اآلخر‪ ،‬حتى تفعلون ما ال تريدون" (غل‪.)11-1: 20‬‬

‫وبنفس المفهوم فنحن بالمعمودية نصبح أوالداً هلل‪ ،‬ولكن نسمع فى (رو‪ )2328‬وليس هكذا فقط بل‬

‫نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضاً نئن فى أنفسنا متوقعين التبنى فداء أجسادنا‪ .‬فما حصلنا‬

‫عليه حتى اآلن من الروح القدس‪ ،‬إنما هو باكورة أو عربون‪ ،‬وما حصلنا عليه من تبنى هو أيضاً باكورة‬

‫أو عربون‪ ،‬فإبن اهلل الكامل ال يخطئ (‪1‬يو‪ .)923‬ولكننا مازلنا ونحن فى الجسد البد وأن نخطئ‬

‫(‪1‬يو‪.)821‬‬

‫ونرى فى اآليات اآلتية أننا حصلنا على الروح القدس‪" .‬الذى ختمنا أيضاً وأعطى عربون الروح فى‬

‫قلوبنا" (‪2‬كو‪2( + )2221‬كو‪ )020‬وأيضاً "ختمتم بروح الموعد القدوس الذى هو عربون ميراثنا لفداء‬

‫المقتنى" (أف‪ .)14-13 21‬والحظ أن بولس يوجه كالمه ألهل غالطية وهو معمدين‪ ،‬بل قال لهم فى‬

‫‪14‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫(غل‪" )023‬فالذى يمنحكم الروح ويعمل قوات فيكم ‪ "...‬فالرسول يوجه كالمه إلى مسيحيين منحهم اهلل‬

‫روحه القدوس‪ .‬إذاً فهم معمدين‪ .‬ومع ذلك يقول لهم أن الجسد يشتهى ضد الروح ويقاوم الروح ‪ ..‬حتى‬

‫تفعلون ما ال تريدون (غل‪ .)1120‬ومعنى الجسد هنا طبعاً ليس مادة الجسد‪ ،‬فأنها صالحة فى حد ذاتها‬ ‫واال لما أتخذ المسيح له جسداً مثلنا‪ .‬ولكن المقصود هو العثرات الجسدانية التى ال يقدر اإلنسان أن‬

‫يتحرر منها ال بتداريب المتنسكين وال بأعمال اإلماتة‪ ،‬وال حتى بالموت نفسه‪ ،‬فالخالص منها ال يكون‬ ‫إال بنعمة المخلص يسوع المسيح‪ .‬هذا هو معنى "الجسد" بحسب ما قصد الرسول بولس أن يبينه فقال‬

‫"ولكنى أرى ناموساً آخر فى أعضائى يحارب ناموس ذهنى ويسبينى إلى ناموس الخطيئة الذى فى‬

‫أعضائى" (رو‪ .)2321‬ونالحظ أنه يتكلم بصيغة الفعل المضارع وليس الماضى‪ .‬فالحاضر هو الذى‬ ‫يضغط عليه وليس ذكريات الماضى‪ .‬أنه يرى الناموس اآلخر ال يحارب فقط‪ ،‬بل يسبى قس اًر إلى‬

‫ناموس الخطيئة الكائن (وليس الذى كان) فى أعضائه (رو‪ .)2321‬ومن ثم صرخ "ويحى أنا اإلنسان‬

‫الشقى‪ ،‬من ينقذنى من جسد هذا الموت" (رو‪.)2421‬‬

‫إذاً قول بولس الرسول "الجسد يشتهى ضد الروح" (غل‪ )1120‬المقصود به أعمال الجسد وليس مادة‬

‫الجسد‪ ،‬أى األعمال التى تصدر عن األهواء الجسدانية أو نقول مباشرة أنها الخطيئة المذكورة فى‬

‫(رو‪" )122:‬إذاً ال تملكن الخطيئة فى جسدكم المائت كى تطيعوها فى شهواته" (رو‪ .)122:‬فالشهوات‬

‫على إن أستسلمت لها‪ ،‬ولى أيضاً سلطان أن أرفضها طالباً‬ ‫سوف تحاربنى ولكن لى سلطان أن أملكها ّ‬ ‫على‪.‬‬ ‫معونة النعمة اإللهية فال يصير لها سلطان ّ‬ ‫إذاً المقصود بالجسد هو اإلنسان العتيق‪ ،‬وهذا اإلنسان العتيق هو المولود من األب واألم بحسب‬

‫الطبيعة هأنذا باألثم صورت وبالخطية حبلت بى أمى (مز‪ .)0201‬وهذا اإلنسان العتيق هو الذى يصدر‬ ‫منه العثرات الجسدانية‪.‬‬

‫كيف نثبت فى المسيح وكيف تكون لنا حياة المسيح؟‬ ‫نحن بالمعمودية صارت لنا حياة المسيح وصرنا أعضاء ثابتين فى جسد المسيح‪ .‬ولكن من ينقاد‬

‫ألهوائه وشهواته مرة ثانية يوقظ هذا اإلنسان العتيق الفاسد فيفقد ثباته فى المسيح‪ ،‬فنحن نعلم أنه ال‬ ‫شركة للنور مع الظلمة وال إتفاق للمسيح مع بليعال (‪2‬كو‪ .)10-14 2:‬لذلك يقول بولس الرسول‪2‬‬

‫فى" (غل‪)2522‬‬ ‫"مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا ّ‬ ‫إذاً بقدر ما نمارس صلب النفس‪ ،‬بقدر ما نرى المسيح حياً فى داخلنا وبر المسيح ظاه اًر فى حياتنا‪.‬‬

‫لكن حياة المسيح فينا التى ننال إمكانياتها وبذرتها فى المعمودية هى قوة الحياة الجديدة التى نسلك بها‬

‫كأوالد اهلل فى هذا العالم‪.‬‬

‫"وأما ثمر الروح فهو محبة فرح‪ ..‬ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع األهواء والشهوات"‬

‫(غل‪.)24-22 20‬‬

‫‪15‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫واضح أن ثمر الروح ال يظهر إالّ فيمن صلبوا أهوائهم وشهواتهم وحسبوا أنفسهم كأموات‪ .‬وهذا ما قاله‬

‫فى وأنا فيه هذا يأتى بثمر كثير" (يو‪ .)0-4 210‬ومن حسب نفسه ميتاً عن‬ ‫السيد المسيح "الذى يثبت ّ‬ ‫أهواء وشهوات وخطايا العالم‪ ،‬هذا يثبت فى المسيح‪ ،‬فيأتى بثمر كثير هو ثمار الروح‪ .‬والحظ أيضاً‬

‫قول الرسول‪2‬‬

‫"وأما من جهتى فحاشا لى أن أفتخر إال بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به قد صلب العالم لى وأنا‬

‫للعالم" (غل‪.)142:‬‬

‫"حاملين فى الجسد كل حين إماتة الرب يسوع لكى تُظَهر حياة يسوع أيضاً فى جسدنا المائت‪"..‬‬ ‫(‪2‬كو‪" + )11-15 24‬إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه" (‪2‬تى‪.)1122‬‬

‫"لذلك ال نفشل بل وان كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيوماً" (‪2‬كو‪" + )1:24‬ونحن‬

‫أمواتاً بالخطايا أحيانا مع المسيح" (أف‪.)022‬‬

‫الملخص أن المسيح إفتدانا وبالمعمودية غفرت خطايانا‪ ،‬وأعطانا المسيح حياته‪ .‬ولكن من يصلب‬

‫أهواءه وشهواته يثبت فى المسيح‪ ،‬فتكون له حياة المسيح فيتبرر أى يحيا با اًر ويخلص‪.‬‬

‫الخالص باإليمان‬ ‫نحن األقباط األرثوذكس نتمم المعمودية لألطفال الصغار‪ .‬ولكن ماذا عن الكبار الذين لم يعتمدوا‬

‫صغا اًر؟‬

‫هنا نقول أن الشرط األول للخالص هو اإليمان‪ ،‬ويلى هذا المعمودية‪ ،‬لذلك يقول السيد المسيح "من‬

‫آمن وأعتمد خلص" (مر‪ .)1:21:‬وبهذا المفهوم فإن من أعتمد طفالً ثم ترك إيمانه بعد ذلك‪ ،‬يهلك وال‬

‫تفيده معموديته‪ .‬وبطرس بعد عظته يوم الخمسين حين آمن ‪ 3555‬نفس عمدهم (أع‪ )4122‬وبولس بعد‬

‫أن آمن سجان فيلبي عمده مع أهل بيته (أع ‪ )3321:‬والسيد المسيح يشدد على أهمية المعمودية‬

‫وبدونها ال ندخل الملكوت (يو‪ )023‬ولكن اإليمان هو المدخل لكل بركات العهد الجديد‪ ،‬لذلك يقول‬

‫بولس الرسول‪-2‬‬

‫بر اهلل باإليمان بيسوع المسيح ‪ ...‬متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح ‪ ..‬الذى قدمه اهلل‬

‫كفارة باإليمان بدمه إلظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة (رو‪.)20-22 23‬‬

‫راجع اإلصحاح الرابع من رسالة رومية لترى أن إبراهيم قد تبرر بإيمانه وليس بأعماله‪ .‬وايمان إبراهيم‬

‫هذا كان إيماناً باهلل الذى هو قاد اًر أن يعطى حياة [لشيخوخته ولمستودع سارة فيأتى منهم إبناً بل لو‬

‫مات االبن فاهلل قادر أن يحييه (عب‪ ])19-11211‬هذا اإليمان باهلل القادر أن يعطينا حياة كما أعطى‬ ‫حياة للمسيح وأقامه من األموات‪ ،‬هذا اإليمان هو المدخل للتبرير‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫فإذ قد تبررنا باإليمان لنا سالم مع اهلل بربنا يسوع المسيح (رو‪.)120‬‬

‫ولكن هل يعنى بولس الرسول بأن الخالص هو باإليمان‪ ،‬أن األعمال ال ضرورة لها للخالص؟! قطعاً هو ال‬

‫يعنى ذلك‪ ،‬بل نراه يشدد على أهمية الجهاد‪ .‬فما هو الجهاد؟!‬ ‫الجهاد واألعمال الصالحة‬

‫الجهاد هو أن يغصب اإلنسان نفسه على شئ صالح‪ ،‬لكنه ال يريد أن يفعله‪ .‬فمثالً شهوة الجسد أن ينام ويتلذذ‬

‫أما الجهاد فهو أن يقف ليصلى وجسده منهك‪ .‬الجهاد هو أن يصوم وهو يحب أن يأكل‪ ،‬ولكنه‬ ‫بشهوات العالم‪ّ ،‬‬ ‫يغصب نفسه على ذلك‪ .‬وهناك جهاد سلبى وجهاد إيجابى‪ .‬والجهاد السلبى هو أن يمنع اإلنسان نفسه عن‬

‫الخطية بأن يحسب نفسه ميتاً‪ .‬والجهاد اإليجابى هو أن يغصب اإلنسان نفسه أن يعمل أعمال البر (صالة‬

‫وصوم وخدمة وعبادة وتسبيح ‪ )..‬لذلك يقول السيد المسيح أن ملكوت السموات يغصب والغاصبون يختطفونه‬

‫(مت‪.)12211‬‬

‫وعن الجهاد السلبى يقول بولس الرسول‪-:‬‬ ‫كذلك أنتم أيضاً إحسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن احياء هلل بالمسيح يسوع ربنا‪ .‬إذاً ال تملكن‬

‫الخطية فى جسدكم المائت لكى تطيعوها فى شهواته وال تقدموا أعضائكم آالت إثم للخطية (جهاد‬

‫سلبى)‪ .‬بل قَ ّدموا ذواتكم كأحياء من األموات وأعضاءكم آالت بر (جهاد إيجابى) فإن الخطية لن‬ ‫تسودكم ألنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة (رو‪.)14-11 2:‬‬ ‫"فأميتوا أعضاءكم التى على األرض الزنا والنجاسة ‪( "...‬كو‪.)15-0 23‬‬

‫"فأطلب إليكم ‪ ..‬أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة‪ ..‬وال تشاكلوا هذا الدهر‪ .‬بل تغيروا عن شكلكم‬

‫بتجديد أذهانكم" (رو‪ )1،2 212‬وهذه معناها أن يسلك المؤمن كميت أمام شهواته وخطاياه‪.‬‬ ‫"كما هو مكتوب من أجلك نمات كل النهار‪ .‬قد حسبنا مثل غنم للذبح" (رو‪.)3:28‬‬ ‫"أقمع جسدى وأستعبده ‪ ...‬حتى ال أصير أنا نفسي مرفوضاً" (‪1‬كو‪.)2129‬‬

‫"فإثبتوا إذاً فى الحرية التى حررنا بها المسيح وال ترتبكوا بنير عبودية" (غل‪.)120‬‬ ‫"ال تصيروا الحرية فرصة للجسد" (غل‪.)1320‬‬

‫"أما أنت يا إنسان اهلل فإهرب من هذا" (يقصد محبة المال) (‪1‬تى‪.)12-15 2:‬‬ ‫"أما الشهوات الشبابية فإهرب منها" (‪2‬تى‪.)2222‬‬

‫"لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا ولنحاضر بالصبر فى الجهاد ‪ ..‬لم تقاوموا بعد حتى الدم‬

‫مجاهدين ضد الخطية" (عب‪.)4-1 212‬‬

‫كان هذا عن الجهاد السلبى‪ .‬ويقـول بولس الرسول عن‪2‬‬ ‫الجهاد اإليجابى أى لزوم أن نعمل أعماالً صالحة‪2‬‬

‫"قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعى حفظت اإليمان ‪2( "...‬تى‪.)8،1 24‬‬

‫‪17‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫"أما الذين بصبر فى العمل الصالح يطلبون المجد والكرامة فبالحياة األبدية‪ ..‬الذى سيجازى كل واحد‬

‫حسب أعماله" (رو‪.)1،: 22‬‬

‫راجع (رو‪ )21-9 212‬نرى الرسول هنا يحدثنا كيف تكون أعضائنا آالت بر‪.‬‬ ‫"لكى تمجدوا اهلل أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد" (رو‪.):210‬‬

‫"إن كان لى نبوة ‪ ...‬ولكن ليس لى محبة فلست شيئاً" (‪1‬كو‪.)13-2 213‬‬ ‫"إتبعوا المحبة ولكن جدوا للمواهب الروحية" (‪1‬كو‪.)1214‬‬

‫"كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين فى عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم ليس باطالً فى الرب"‬

‫(‪1‬كو‪.)08210‬‬

‫"إسهروا‪ ،‬إثبتوا فى اإليمان‪ .‬كونوا رجاالً‪ .‬تقووا‪ .‬لتصر كل أموركم فى محبة" (‪1‬كو‪.)14،13 21:‬‬

‫فإذ لنا هذه المواعيد لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح (جهاد سلبى) مكملين القداسة فى خوف‬

‫اهلل (جهاد إيجابى) (‪2‬كو‪.)121‬‬

‫"إن من يزرع بالشح فبالشح أيضاً يحصد‪ ،‬ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد" (‪2‬كو‪.):29‬‬

‫وهذه تعنى أن من يزرع أعماالً صالحة سوف يجنى بركات بقدر ما يزرع‪.‬‬

‫"ألن من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فساداً‪ .‬ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية‪ .‬فإن‬

‫الذى يزرعه اإلنسان إياه يحصد أيضاً فال نفشل فى عمل الخير ألننا سنحصد فى وقته إن كنا ال نكل"‬

‫(غل‪.)15-1 2:‬‬

‫"ألنه فى المسيح يسوع ال الختان ينفع شيئاً وال الغرلة بل اإليمان العامل بالمحبة" (غل‪+ :20‬‬

‫غل‪.)102:‬‬

‫"إتبع البر والتقوى واإليمان والمحبة والصبر والوداعة‪ .‬جاهد جهاد اإليمان الحسن وامسك بالحياة‬

‫األبدية" (‪1‬تى‪.)12،11 2:‬‬

‫"وأريد أن تقرر هذه األمور لكى يهتم الذين آمنوا باهلل أن يمارسوا أعماالً حسنة" (تى‪.)823‬‬ ‫"إتبعوا السالم مع الجميع والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب" (عب‪.)14212‬‬

‫"دم المسيح ‪ ..‬يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا اهلل الحى" (عب‪.)1429‬‬

‫والمقصود بالخدمة أى العبادة والوجود فى حضرة اهلل وتسبيح اهلل كالمالئكة فدم المسيح يطهرنا من األعمال‬

‫الميتة أى الخطايا‪ ،‬يطهر القلب والضمير ويحيى النفس ويقيمها ويؤهلها أن تقترب من حضرة اهلل لتخدم بالصالة‬ ‫والحب والتسبيح بقوة الروح القدس‪.‬‬

‫"فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين اهلل إهتموا بما فوق ال بما‬

‫على األرض‪ .‬ألنكم قد ُمتم وحياتكم مستترة مع المسيح فى اهلل" (كو‪.)3-1 23‬‬ ‫والخالصة‪:‬‬

‫‪18‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫من إعتمد وعاش مجاهداً يصلب أهوائه وشهواته (جهاد سلبى) ويكون مجاهداً فى أعمال صالحة (جهاد إيجابى)‬ ‫هذا يثبت فى المسيح ويقول مع بولس الرسول "ألن لى الحياة هى المسيح والموت هو ربح" (فى‪.)2121‬‬

‫وهنا يثور سؤال ‪ ..‬اآلن مطلوب منى أن أميت شهوات الجسد وأن أعمال أعماالً صالحة‪ ،‬فهل أنا لى القدرة من‬

‫ذاتى على ذلك‪ .‬وهل جهادى هو الذى يدخلنى السماء؟! قطعاً ال‪ .‬فالسيد المسيح يقول‪2‬‬ ‫"بدونى ال تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو‪ )0210‬ويرددها بولس هكذا‪2‬‬

‫"أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" (فى‪" .)1324‬والمسيح أرسل لنا الروح القدس ليعيننا فى‬

‫جهادنا‪ .‬فنحن نجاهد ولكن الروح يعين ضعفاتنا" (رو‪ .)2:28‬وقوة الروح القدس نسميها النعمة‪.‬‬ ‫"بالنعمة أنتم مخلصون" (أف‪.)022‬‬

‫"ليس من أعمال كى ال يفتخر أحد" (أف‪.)922‬‬

‫فأعمالنا العاجزة وقلبنا المخادع النجيس (أر‪ )9211‬غير قادر أن يدخلنا إلى ملكوت اهلل أو يخلصنا‪ .‬ولكن‬ ‫النعمة هى التى تعطينا الخالص‪ .‬ولكن النعمة ال تعمل مع المتكاسلين بل مع المجاهدين‪ .‬لذلك سمعنا عن‬

‫الجهاد والتزامنا أن نعمل أعماالً صالحة‪ .‬فمن يجاهد يستحق أن تعطيه النعمة معونة وقوة بل إن هذه القوة‬ ‫تعطيه أن يصير خليقة جديدة على شكل وصورة المسيح "إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة"‬

‫(‪2‬كو‪.)1120‬‬ ‫مثال‪:‬‬

‫إنسان له نظرة شهوانية ويقرر التوبة‪ ،‬يقول لنفسه إن عينى قد ماتت مع المسيح وليس لى الحق أن أنظر (هذا‬ ‫معنى قول السيد المسيح أنه عليه أن يقلع عينه)‪ .‬واذ يجاهد بجدية واضعاً عينيه فى التراب وبحريته يختار‬

‫طريق الموت عن شهوات العالم‪ ،‬تتدخل النعمة‪ ،‬ويعطيه الروح القدس شهوة ميتة فيجد نفسه واذ له طبيعة جديدة‬ ‫ال تشتهى أن تنظر‪ .‬هذه الطبيعة ليست منه بل هي هبة مجانية من اهلل لتعينه‪ .‬وتعطيه النعمة أن تكف عينه‬

‫أن تنظر لتشتهى العالم بشهواته‪ ،‬بل تبدأ فى أن تشتهى أن ترى مجد اهلل وتقول مع داود النبى "واحدة سألت من‬

‫الرب واياها ألتمس أن أسكن فى بيت الرب كل أيام حياتى لكى انظر إلى جمال الرب وأتفرس فى هيكله"‬

‫(مز‪ .)4221‬هنا تحولت العين من كونها آلة لإلثم إلى كونها آلة للبر وهذه هى الخليقة الجديدة‪ .‬وهذا يتكرر مع‬ ‫كل عضو في أجسادنا فنصير خليقة جديدة ونلبس المسيح‪ .‬وبهذه الطبيعة ندخل للسماء‪ .‬ونالحظ إن النعمة ال‬

‫تعمل وحدها بدون جهاد اإلنسان‪ .‬واال لو كان هذا صحيحاً فلماذا لم تحول النعمة كل البشر أو على األقل كل‬

‫المؤمنين إلى قديسين!!‬

‫عمل النعمة‪:‬‬

‫النعمة هى عمل الروح القدس فى اإلنسان‪ ،‬هى القوة التى تعينه وتغير طبيعته‪ .‬وهى تعطى لمن يجاهد طبيعة‬ ‫جديدة‪ ،‬وتكون فيها الطبيعة القديمة ميتة‪ ،‬أى أن اإلنسان العتيق ميت وهذا ما يسميه بولس الرسول ختان القلب‬ ‫بالروح‪( .‬رو‪ .)2922‬أى موت الخطية و محبتها فى القلب‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫"ألنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون ‪ ..‬ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون"‬

‫(رو‪ .)12،13 28‬فى هذه اآلية نرى عملنا (تميتون)‪ .‬بجانب عمل النعمة (بالروح تميتون)‪ .‬فالنعمة‬ ‫تؤازر وتعين من يجاهد فى أن يميت ذاته‪ .‬ومن يفعل يصير إبناً هلل‪.‬‬

‫"ألن كل الذين ينقادون بروح اهلل فأولئك هم أبناء اهلل" (رو‪ .)1428‬والروح القدس يدعو ويقود "توبنى‬

‫فأتوب ألنك أنت الرب إلهى" (أر‪ .)18231‬ويبكت المؤمن إن أخطأ (يو‪ )821:‬ثم يعطى معونة وقوة‬ ‫(رو‪ .)2:28‬ومن يتجاوب معه يعطيه أن يصير خليقة جديدة وبهذه الخليقة الجديدة نخلص وندخل‬

‫السماء‪ .‬لذلك نسمع "بالنعمة أنتم مخلصون" (أف‪ )022‬فالطبيعة القديمة مهما عملت من أعمال صالحة‬ ‫ال يمكن أن تدخل السماء (‪1‬كو‪ .)05210‬لحماً ودماً ال يقدران أن يرثا ملكوت اهلل وال يرث الفساد‬

‫(الطبيعة القديمة) عدم الفساد (مجد السماء)‪.‬بل أن النعمة تعطى قوة حتى أن الخطية تصبح غير قادرة‬

‫أن تسود علينا‪.‬‬

‫"فإن الخطية لن تسودكم ألنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة" (رو‪ .)142:‬إذاً فالنعمة هى القوة‬

‫الحافظة لمن يجاهد ويعمل‪ .‬ولكن على من يشعر بعمل النعمة‪ ،‬إذ يجد نفسه يحيا حياة صالحة‬ ‫والخطية ال تسوده‪ ،‬أن ال يفتخر بأعماله‪ ،‬فأعماله ليست هى السبب بل النعمة‪.‬‬ ‫"ليس من أعمال كى ال يفتخر أحد" (أف‪.)922‬‬

‫وفى هذا يقول معلمنا يعقوب "كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هى من فوق نازلة من عند أبى‬

‫فى هو من اهلل‪ ،‬فلماذا أفتخر بما لم أصنعه بنفسى‪ ،‬ويقول‬ ‫األنوار" (يع‪ .)1121‬فإذا كان الصالح الذى َّ‬ ‫بولس الرسول "إن كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ" (‪1‬كو‪ .)124‬وهذا معنى قول السيد‬ ‫المسيح "فال تعرف شمالك ما تفعل يمينك" (مت‪ .)32:‬أى إذا فعلت صدقة (عمل بر أى عمل يمينى)‬ ‫فال تفتخر وال تشعر ببرك الذاتى (فإن فعلت فهذا عمل يسارى)‪.‬‬ ‫ماذا قَّدم المسيح لنا؟‬ ‫معنى الخالص‪:‬‬

‫‪ .1‬صرنا بالمعمودية نموت مع المسيح‪ ،‬تموت حياتنا السابقة أى إنساننا العتيق وبهذا غفرت خطايانا‪ .‬وصارت‬ ‫لنا حياة المسيح وبره‪ ،‬أى صرنا خليقة جديدة رافضة للخطية‪ ،‬تشتهى عمل البر‪.‬‬

‫‪ .2‬النعمة تعطينا معونة‪ ،‬إن أردنا وجاهدنا بصلب الجسد مع األهواء والشهوات‪ .‬والنعمة تعطينا قوة حافظة ضد‬ ‫الخطية‪ ،‬فال تعود الخطية تسود علينا‪ ،‬بل تكون لنا حياة النصرة على الخطية والشهوات‪.‬‬

‫‪ .3‬بموتنا مع المسيح فى المعمودية ننال التبنى بقيامتنا متحدين بالمسيح اإلبن وثباتنا فيه‪ .‬ونحصل على كمال‬ ‫التبنى حين يعطينا اهلل الجسد الممجد بعد القيامة (رو‪ + 2328‬أف ‪ .)1421‬وهذا ما نراه فى (‪1‬كو‪210‬‬

‫‪ .)44-42‬والمسيح كان كسابق ألجلنا (عب‪ .)25-18 2:‬وهذا ما نصليه فى القداس الغريغورى "أصعدت‬ ‫باكورتى إلى السماء"‬

‫‪20‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫وقطعاً لن يدخل السماء إال كل من حصل على الطبيعة الجديدة التى هى على صورة المسيح‪ ،‬وشروط هذا‪2‬‬

‫[‪ ]1‬اإليمان‬

‫[‪ ]2‬المعمودية [‪ ]3‬الجهاد‬

‫وهل هذا ممكن لنا؟ البد أن نعلم أن قدرة اهلل التى‬

‫أقامت المسيح ومجدت جسده حين جلس عن يمين اآلب‪ .‬هذه القدرة هى متجهة لنا نحن البشر والى طبيعتنا‬

‫لنقوم ونرتفع إلى مجد اهلل بالمسيح‪.‬‬

‫ال أزال شاك اًر ألجلكم ذاك اًر إياكم فى صلواتى‪ .‬كى يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة‬ ‫واإلعالن فى معرفته‪ .‬مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه فى‬

‫القديسين‪ .‬وما هى عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته‪ .‬الذى عمله فى المسيح إذ‬ ‫أقامه من األموات وأجلسه عن يمينه فى السماويات ‪ ...‬وأقامنا معه وأجلسنا معه فى السماويات فى المسيح‬

‫يسوع (أف‪.):22- 1:21‬‬

‫فنحن اآلن ننتظر على الرجاء التبنى الكامل‪ ،‬وما يسميه بولس الرسول فداء األجساد (رو‪ .)2328‬وهذا معنى‬ ‫قوله ألننا بالرجاء خلصنا ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء‪ .‬ألن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضاً ولكن إن كنا‬ ‫نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر (رو‪ )20 ،2428‬فالخالص يتم على مراحل‪ ،‬فهو بدأ بميالد المسيح‬ ‫ثم صلبه ثم قيامته وصعوده‪ ،‬ثم إرساله للروح القدس الذى يعطينا النعمة لنحصل على الطبيعة الجديدة التي‬

‫ندخل بها السماء ولكن هذه الطبيعة الجديدة ونحن على األرض ما زالت ناقصة‪ ،‬فنحن نحيا لنجاهد على‬

‫رجاء أن نحصل على الجسد الممجد فى السماء وهذا هو كمال الخالص‪.‬‬

‫وطالما صرنا أبناء بثباتنا فى المسيح فنحن وارثين للمجد من خالل إبنه الذى جعله وارثاً لكل شئ (عب‪)221‬‬ ‫(وهذا الميراث الذى حصل عليه المسيح بجسده كان لحسابنا‪ .‬وان كنا أوالد فإننا ورثة أيضاً (رو‪+ 1128‬‬

‫عب‪.)252:‬‬

‫‪ .4‬الخالص ليس معناه أن نتخلص من األلم والتجارب ونحن مازلنا على األرض بل يعنى إمكانية أن نفرح‬

‫ونتعزى وسط التجارب واآلالم (كو‪ )2421‬والحظ قول بولس الرسول "إفرحوا فى الرب كل حين وأقول أيضاً‬

‫إفرحوا" (فى‪ )424‬هذه اآلية قالها بولس الرسول‪ ،‬وهو فى سجنه مقيداً بالسالسل‪ ،‬ولكن مع هذا تطغى على‬

‫الرسالة نغمة الفرح‪.‬‬

‫أ‪ .‬جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى فى المسيح يسوع يضطهدون (‪2‬تى‪ )1223‬هنا نرى األلم‬ ‫ضرورة ونحن في هذا العالم‪.‬‬

‫ب‪ .‬ألنه قد وهب لكم ألجل المسيح ال أن تؤمنوا به فقط بل أيضاً أن تتألموا ألجله (في‪ )2921‬هنا نرى‬ ‫األلم وقد صار هبة وليس ضرورة فقط‪.‬‬

‫ج‪ .‬وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب إذ قبلتم الكلمة فى ضيق كثير بفرح الروح القدس (‪1‬تس‪ ):21‬هنا‬ ‫نرى أن اهلل ال يتركنا وحدنا فى األلم‪ ،‬بل يعطينا عزاء وفرحاً‪ .‬ونفس هذا المفهوم نجده فى رسالة‬

‫كورنثوس الثانية اإلصحاح األول‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫د‪ .‬إن كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معه (رو‪ .)1128‬ومن يحتمل بصبر سيكون له نصيب فى مجد‬ ‫المسيح (رو‪.)1828‬‬

‫أما الراحة النهائية من اآلالم فلن تكون هنا على األرض بل فى السماء حيث يمسح اهلل كل دمعة‬

‫من عيوننا (رؤ‪ .)4221‬وبنفس المفهوم "واياكم الذين تتضايقون راحةً معنا عند إستعالن الرب يسوع‬

‫من السماء مع مالئكة قوته (‪2‬تس‪.)121‬‬

‫‪ 0‬من إعتمد فمات مع المسيح وقام معه‪ ،‬وجاهد وقمع جسده وصلبه‪ ،‬يثبت فى المسيح‪ ،‬ويعطيه المسيح حياته‪،‬‬ ‫ويكون خاضعاً للروح‪ ،‬والخطية ال تسود عليه‪ ،‬بل بالنعمة يسود هو على الخطية‪ ،‬مثل هذا ال تكون عليه‬

‫دينونة "إذاً ال شئ من الدينونة اآلن على الذين هم فى المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب‬

‫الروح" (رو‪.)128‬‬

‫‪ :‬نال المؤمن بركات عظيمة بعد المعمودية إذ إتحد بالمسيح‪ .‬ألن‬ ‫المسيح كان جسده متحداً بالهوته‪ .‬وصار المسيح بهذا كرأس‬

‫للكنيسة مصد اًر لكل البركات اإللهية من مجد سماوى ومجد أرضى‬

‫وقداسة وحياة أبدية وحكمة ونعمة وامتالء من الروح وهذا ما شرحه‬

‫النبى زكريا فى اإلصحاح ال اربـع أى رؤيا المنارة‪ ،‬والكوز على‬

‫رأسها‪ .‬فالمنارة هى الكنيسة والزيت هو الروح القدس الذى تحصل‬ ‫عليه الكنيسة من المسيح ورمزه هنا الكوز‪ .‬والكوز يمتلئ من‬

‫زيتونتان‪ ،‬فى إشارة المتالء المسيح من الروح القدس يوم المعمودية‬ ‫فى األردن لحساب كنيسته‪.‬‬ ‫بل أن المسيح حل فيه كل ملء الالهوت فى جسده كما يقول الرسول "فإنه فيه يحل كل ملء الالهوت جسدياً‪.‬‬

‫وأنتم مملوؤون فيه" (كو‪ )15،9 22‬وهذا يشير ألن إتحاده هو بالهوته‪ ،‬واتحادنا نحن به جسدياً صار مصد اًر‬

‫لكل البركات‪ ،‬وهذا ما أسماه الرسول "كل‬

‫ملء اهلل" (أف‪ )1923‬أى نمتلئ من كل البركات اإللهية بحسب إمكانياتنا‪ .‬وهذا يمكن تشبيهه كما يلى‪2‬‬ ‫هذا الصمام يفتح بشروط‪:‬‬

‫خزان ضخم مملوء يمثل‬

‫‪ )1‬اإليمان‬ ‫‪ )2‬النقاوة‬ ‫‪ )3‬قبول الصليب بشكر‬

‫المسيح الذي حل فيه كل ملء‬ ‫الالهوت جسديا‬ ‫×‬ ‫التجسد‬

‫خزان‬ ‫صغير‬

‫‪22‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫الخزان الصغير يمثل اإلنسان المؤمن الثابت فى المسيح‪2‬‬ ‫[‪ ]1‬باإليمان‬

‫[‪ ]2‬بالمعمودية‬

‫[‪ ]3‬بالتوبة‬

‫[‪ ]4‬بالتناول‬

‫وهذا الخزان الصغير متصل بالكبير ويمتلئ منه إشارة إلتحادنا بالمسيح المتجسد بواسطة المعمودية‪ ،‬وبحياتنا‬ ‫النقية وبالتناول‪ .‬وبهذا اإلتصال نمتلئ‪ .‬ولكن ما يحدد إمتالءنا‪2‬‬ ‫‪ .1‬محدودية طبيعتنا (خزان صغير)‪.‬‬

‫‪ .2‬اإليمان والنقاوة وقبول الصليب بشكر وعدم التذمر‪.‬‬ ‫هل يمكن للمؤمن أن يرتد ويهلك‪:‬‬ ‫بعد كل هذا الذى أعطاه اهلل للمؤمن‪ ،‬هل ممكن أن يرتد ويهلك؟‬

‫فإنى لست أريد أيها اإلخوة أن تجهلوا أن أباءنا كانوا تحت السحابة وجميعهم إجتازوا فى البحر ‪..‬‬

‫واعتمدوا ‪ ..‬وأكلوا طعاماً روحياً (رم اًز للتناول) وجميعهم شربوا شراباً روحياً (من الماء المنسكب من‬

‫سر اهلل ألنهم طرحوا فى القفر‪ .‬وهذه األمور حدثت‬ ‫الصخرة رم اًز لحلول الروح القدس) لكن بأكثرهم لم ُي ّ‬ ‫مثاالً لنا حتى ال نكون مشتهين شرو اًر كما إشتهى أولئك (‪1‬كو‪ .):-1 215‬نفهم من هذا أن المعمد‬

‫الذى نال الروح القدس وتناول من جسد الرب ودمه‪ ،‬إذا إشتهى شرو اًر وترك الرب وارتد يمكن أن يهلك‬ ‫كما هلك اآلباء فى البرية ولم يدخلوا كنعان (رمز كنعان السماوية)‪.‬‬

‫ديماس تلميذ بولس الرسول الذى أشار إليه كأحد تالميذه (كو‪ )1424‬قال عنه بولس الرسول "ديماس‬

‫تركنى إذ أحب العالم الحاضر" (‪2‬تى‪.)924‬‬

‫فلنخف أنه مع بقاء وعد بالدخول إلى راحته ُيرى أحد منكم أنه قد خاب منه (أى فقده) (عب‪.)124‬‬ ‫كونوا متمثلين بى معاً أيها اإلخوة والحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عندكم قدوة‪ .‬ألن كثيرين‬

‫يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم م ار اًر واآلن أذكرهم أيضاً باكياً وهم أعداء صليب المسيح الذين نهايتهم‬

‫الهالك (فى‪.)19-11 23‬‬

‫فإنه إن أخطأنا بإختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق ‪ ..‬بل قبول دينونة مخيف ‪ ..‬مخيف هو الوقوع فى‬

‫يدى اهلل الحى (عب‪.)31-2: 215‬‬

‫راجع (رو‪ )22-11 211‬لترى إمكان قطع المؤمن من الزيتونة أى الكنيسة جسد المسيح‪.‬‬

‫ونرى فى (عب ‪ )8-4 2:‬عقوبة المرتد الرهيبة "ألن الذين إستنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية‬

‫وصاروا شركاء الروح القدس ‪ ..‬وسقطوا ال يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة ‪ ...‬وقريبة من اللعنة التى‬

‫نهايتها الحريق"‪.‬‬

‫بولس يقول عن نفسه "أقمع جسدى وأستعبده حتى بعدما كرزت لآلخرين ال أصير أنا نفسى مرفوضاً"‬

‫(‪1‬كو‪.)2129‬‬

‫‪23‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫عمل الروح القدس فى المؤمن‪:‬‬ ‫الروح القدس الذى حل فينا يعطينا أن نصبح خليقة جديدة‪ ،‬فهو الذى يعمل فى األسرار‪ .‬وفى سر المعمودية‬

‫نموت مع المسيح ونقوم معه‪ ،‬ويكون لنا سلطان على الخطية (رو‪ .)142:‬وان أخطأنا يبكتنا (يو‪ )821:‬فهو‬

‫الذى يتوبنا فنتوب (أر‪ .)18231‬وهو الذى يعطى المعونة (رو‪ )2:28‬ويعطينا أن تكون لنا ثمار (غل‪20‬‬

‫‪ .)23،22‬ويعطينا المواهب (‪1‬كو‪ )11212‬وهو الذى يعلمنا ويذكرنا بكل كالم السيد المسيح (يو‪ .)2:214‬وهو‬

‫عرفنا المسيح‪ ،‬ويخبرنا بمحبته وصفاته (يو‪ .)1421:‬ويفتح أعيننا على أمجاد السماء (‪1‬كو‪.)12-922‬‬ ‫الذى ُي ِّ‬ ‫وما ننظره اآلن من أمجاد السماء ننظره كما في لغز (‪1‬كو‪ )12213‬وننتظر وليس لدينا سوى اإليمان والرجاء‬ ‫والمحبة‪ ،‬هؤالء هم الذين يثبتون اآلن (‪1‬كو‪ )13213‬ألننا باإليمان نسلك ال بالعيان (‪2‬كو‪.)120‬‬

‫والروح القدس هو الذى يعطينا القوة والنصح والمحبة ‪2‬تى‪ 121‬وهو الذى يثبتنا فى المسيح (‪2‬كو‪ )2121‬وذلك‬

‫من خالل عمله فى أسرار الكنيسة‪ .‬وهو بهذا يعطينا البنوة ويشهد بالبنوة داخلنا (رو‪.)1:28‬‬

‫إن كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسبب البر‪ .‬وان كان روح الذى أقام‬

‫يسوع من األموات ساكناً فيكم فالذي أقام المسيح من األموات سيحيى أجسادكم المائتة أيضاً بروحه‬

‫الساكن فيكم (رو‪.)15،11 28‬‬

‫وعالمة من هو فى المسيح أنه يهتم بالروحيات "الذين حسب الروح فبما للروح (يهتمون)" (رو‪)028‬‬

‫وعالمة أخرى أن يكون لهم ثمر (غل‪ )22،23 20‬والروح حين يعطى قوة تميت اإلنسان العتيق‪ ،‬تموت‬ ‫محبة الخطية فى القلب‪ ،‬وهذا ما يسميه الرسول ختان القلب بالروح (رو‪ .)2922‬فالختان الجسدى هو‬

‫قطع جزء من الجسم وتركه ليموت‪ .‬والختان الروحى هو قطع محبة الخطية من القلب وهذا يتم بالنعمة‬

‫أى بعمل الروح القدس‪ .‬ومن ينقاد بروح اهلل يصير إبناً هلل (رو‪( )1428‬هذا ألن الروح سيثبته فى‬

‫المسيح اإلبن‪ .‬وهذا اإلبن بالروح يميت أعمال الجسد فيحيا (رو‪ )12،13 28‬والروح يعين ضعفاتنا‬

‫(رو‪ .)2:28‬إذاً هو الذى يعطى المعونة أى النعمة لمن يحاول ويجاهد‪ .‬ومن يشعر بعمل النعمة فيه‬ ‫عليه أال يفتخر بأعماله‪.‬‬

‫فإن كان بالنعمة فليس بعد باألعمال واال فليست النعمة بعد نعمة (رو‪ ):211‬ونحن صرنا هيكالً‬

‫للروح القدس (‪1‬كو‪1 +1:23‬كو‪ .)192:‬وبمقارنة اآليتين نستنتج أن الروح القدس هو اهلل‪ .‬والسيد‬

‫المسيح قال عن الروح أنه يعلمنا (يو‪ )2:214‬وهذا ردده بولس الرسول فى (‪1‬كو‪" )1322‬التى نتكلم بها‬

‫أيضاً ال بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس‪.‬‬

‫ولكن حين ظهر لطف اهلل واحسانه ال بأعمال فى بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل‬

‫الميالد الثانى وتجديد الروح القدس ‪ ..‬حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة األبدية‬

‫(تى‪.)8-4 23‬‬

‫إنما أقول أسلكوا بالروح فال تكملوا شهوة الجسد (غل‪ .)1:20‬ومن هنا نفهم أن من يستجيب لعمل‬

‫الروح القدس فيه الذى يقنعه ويبكته وال يقاوم عمل الروح‪ ،‬يعطيه الروح قوة فال يكمل شهوة الجسد‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫وما نأخذه من الروح القدس اآلن هو عربون ما سنحصل عليه فى السماء (‪2‬كو‪2 + 2221‬كو‪.)020‬‬

‫وما نحصل عليه اآلن نحصل عليه باإليمان (غل‪ )2522‬وبالرجاء (رو‪ )24،20 28‬وبالمحبة‬ ‫(غل‪.):20‬‬ ‫معنى كلمة عربون‪:‬‬

‫ونحن اآلن على األرض حصلنا على التبنى "ألن كل الذين ينقادون بروح اهلل هم أبناء اهلل (رو‪ .)1428‬ولكن فى‬

‫السماء سنأخذ األجساد الممجدة التى ال تخطئ (‪1‬كو‪ + 10‬فى‪ .)2123‬وهذا ما يسميه بولس الرسول التبنى‬

‫فداء األجساد (رو‪ .)2328‬ولكن اآلن مازالت أجسادنا غير ممجدة ومازالت تخطئ‪ .‬أما إبن اهلل الكامل ال يخطئ‬

‫(‪1‬يو‪.)923‬‬

‫والروح القدس يجعلنا قادرين على حفظ الوصية‬ ‫يقول السيد المسيح "الذى عنده وصاياى ويحفظها فهو الذى يحبنى ‪ ..‬إن أحبنى أحد يحفظ كالمى ‪( ..‬يو‪214‬‬

‫‪.)21،22‬‬

‫ويقول بولس الرسول "ليس الختان شيئاً وليست الغرلة شيئاً بل حفظ وصايا اهلل (‪1‬كو‪.)1921‬‬

‫وهنا نرى إهتمام السيد المسيح ورسوله بولس بأن نحفظ الوصايا‪ .‬ولكننا نفهم من كالم السيد المسيح أن حفظ‬

‫الوصايا هو لمن يحب المسيح‪ .‬وهذا ما يفعله الروح القدس "ألن محبة اهلل قد إنسكبت فى قلوبنا بالروح القدس‬ ‫المعطى لنا" (رو‪ )020‬فالروح يعطينا أن نحب اهلل ومن يحب ال يخالف وصايا من يحبه‪ .‬الحب يحول قلوبنا‬

‫الحجرية إلى ألواح قلب لحمية (‪2‬كو‪ )323‬نقش عليها الروح القدس الوصايا بالحب‪ .‬وهذا ما تنبأ عنه حزقيال‬

‫النبى فى (حز‪ )19211،25‬بأنه سيكون لنا قلوباً لحمية لنسلك بها فى فرائض الرب عوضاً عن القلوب‬

‫الحجرية‪ .‬ومن نقش على قلبه وصايا اهلل بالحب ال يحتاج أللواح حجرية منقوش عليها الوصايا كألواح موسى‪.‬‬

‫فاهلل نقش الوصايا على ألواح حجرية تتناسب مع قلوب شعب إسرائيل الحجرية إذ فقدوا حب اهلل‪.‬‬

‫وهذا ما تنبأ به أرمياء قائالً عن العهد الجديد أنه حينئذ سوف تكتب الشريعة على قلوبنا وأذهاننا (أر‪-31 231‬‬

‫‪ + 34‬عب‪ )12-15 28‬إذاً كان النبي أرمياء يتنبأ عن العهد الجديد‪ ،‬حين ينسكب الروح القدس فى قلوبنا‬ ‫ويعطينا محبة اهلل التي بها نطيع وصاياه‪.‬‬

‫ومن أجل كل ما سبق صار أهم سؤال نسأله هلل هو أن يمألنا من روحه القدوس‪ ،‬كما يقول الرسول إمتألوا‬

‫بالروح (أف‪.)25-18 20‬‬ ‫اإلمتالء بالروح‪:‬‬

‫اإلمتالء بالروح هو نعمة النعم‪ ،‬والنعمة تعنى عطية اهلل المجانية لنا‪ .‬ولكن كما قال األباء فالنعمة ال تعطى إال‬

‫لمن يستحقها‪ ،‬ويجاهد ليحصل عليها فما هو الجهاد المطلوب للحصول على نعمة اإلمتالء من الروح القدس؟‬

‫‪25‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫يقول السيد المسيح يعطى الروح القدس‬ ‫(لو‪.)13211‬‬

‫يسألونه‬

‫للذين‬

‫جهاد إيجابى‬

‫نعمة مجانية‬

‫فهذه النعمة المجانية وهى اإلمتالء من الروح القدس تستلزم جهاد هو الصالة‪ .‬والمطلوب الصالة بلجاجة‪.‬‬

‫ويقول بولس الرسول‬ ‫(أف ‪)25-18 20‬‬

‫إمتلئوا بالروح‬ ‫نعمــة‬

‫مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير تسابيح شاكرين على كل شئ‬ ‫خاضعين بعضكم لبعض فى خوف اهلل‬ ‫جهــاد‬

‫ويقول بولس الرسول عن ثمار الروح القدس (غل‪ .)22،23 20‬وهذه تعطى لمن يصلب الجسد مع األهواء‬

‫والشهوات (جهاد سلبى) (غل‪ )2420‬ويقول بولس الرسول ال تطفئوا الروح وهذه عكس إمتلئوا بالروح ويقول أيضاً‬

‫ال تحزنوا الروح (أف‪1 + 32-11 24‬تس ‪ .)1120‬ومن هذه اآليات نفهم ما الذى يطفئ الروح فينا وهو الكالم‬ ‫البطال والسلوك فى الخطايا‪ .‬لذلك نفهم مما سبق أنه لكى نمتلئ من الروح‪2‬‬ ‫‪ .1‬الصالة والطلب من اهلل بلجاجة‪.‬‬

‫‪ .2‬االمتناع عن الكالم البطال وترديد المزامير والتسابيح‪.‬‬ ‫‪ .3‬الشكر فى كل حين وعدم التذمر‪.‬‬

‫‪ .4‬التوبة عن الخطايا‪ ،‬وأن نحيا فى خوف اهلل‪.‬‬ ‫‪ .0‬صلب األهواء والشهوات أى نحيا كأموات عن الخطايا‪.‬‬

‫وفيما يلى المزيد من التفاصيل والدراسة عن اإلمتالء‪.‬‬ ‫طريق اإلمتالء بالروح‬

‫مما سبق رأينا عمل الروح القدس فى المؤمن‪ .‬لذلك يوصى بولس الرسول أهل أفسس ويوصينا معهم قائالً إمتلئوا‬

‫بالروح (أف‪ .)1820‬ويوصى تلميذه تيموثاوس قائالً أذ ّكرك أن تضرم موهبة اهلل التى فيك بوضع يدى‬

‫(‪2‬تى‪ .):21‬واإلضرام معناه اإلمتالء‪ ،‬فكلما إمتألنا إزدادت ثمار الروح فينا‪ .‬فكيف نمتلئ أو كيف يمألنا اهلل من‬ ‫الروح القدس؟‬

‫‪ .1‬الروح القدس يعطيه اهلل للذين يسألونه (لو‪ + 13211‬لو‪ + 9211‬لو‪ + 1218‬يو‪ .)2421: ، 14214‬وهكذا‬ ‫أوصى بولس الرسول أهل تسالونيكى "صلوا بال إنقطاع" (‪1‬تس‪+ 1120‬أف‪1 + 182:‬كو‪+ 1321:‬‬

‫فى‪ + :24‬كو‪ )224‬والروح ح ّل على التالميذ وهم مجتمعون للصالة (أع‪ )422‬لذلك تصلى الكنيسة ‪4‬مرات‬ ‫يومياً (مرة فى صالة الساعة الثالثة وثالث مرات فى نصف الليل)‪ ،‬لطلب الروح القدس قائلة "أيها الملك‬

‫‪26‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫السمائى المعزى‪ ."..‬ونسمع فى (رو‪ )2:28‬بأن الروح يشفع فينا بأنات ال ينطق بها‪ ،‬وهذه تعنى أن الروح‬ ‫يعطينا مشاعر وأفكار‪ ،‬ربما ال نستطيع أن نعبر عنها‪ ،‬بل نئن فقط‪ .‬ولكن هذا يعنى أن الروح يعلمنا أن‬

‫نصلى بتلذذ‪ ،‬وأن نصلى صالة حقيقية‪ ،‬صالة بالروح [هذا معنى قول الرسول بولس‪" ،‬اهلل الذى أعبده‬

‫بروحى" (رو‪ ])921‬فالروح يعين ضعفاتنا‪ ،‬فنصلى هلل ونسجد ونسبح‪ ،‬بل نعمل كل أعمال المسيح التى‬

‫أوصانا بها بقوة الروح القدس يه‪ .25‬إذاً فلنغصب نفوسنا على الصالة (جهاد) حتى وان لم نكن نشعر بلذة‪.‬‬ ‫وهذا يعطينا إمتالء (نعمة)‪ .‬وحينما نمتلئ نصلى فى الروح وبلذة‪ ،‬بل حينما نمتلئ فلنكف عن الصالة‬

‫لنسمع الروح ونفهم رسالته‪.‬‬

‫‪ .2‬التسبيح المستمر وترتيل المزامير (‪1‬كو‪ + 2:214‬أف‪ + 1920‬كو‪ + 1:23‬عب‪ .)10213‬ونالحظ أن‬

‫المزامير هى موحى بها من الروح القدس (‪2‬تى‪2 + 1:23‬بط‪ .)2121‬وداود النبى نفسه يقول ان لسانه قلم‬ ‫كاتب ماهر‪ ،‬أى أن الكاتب الماهر هو الروح القدس‪ ،‬والروح القدس هو الذى يضع كلمات المزامير على‬

‫لسان داود فيرددها داود (مز‪.)1240‬‬

‫‪ .3‬الشكر المستمر (أف‪ + 25،4 20‬كو‪1 + 11،10 23‬تس‪.)1820‬‬ ‫‪ .4‬أن ال نقاوم الروح (أع‪ + 0121‬رو‪ )1428‬وال نطفئه (‪1‬تس ‪ )1920‬وال نحزنه (أف‪ .)3524‬ومن يسلك‬

‫بحسب اإلنسان العتيق سالكاً فى شهوات هذا العالم يحزن الروح القدس‪ .‬فالروح يبكت على خطية وعلى بر‬

‫(يو‪ )821:‬فمن يسمع ويمتنع عن الخطية ويسلك فى البر ال يحزن الروح وال يطفئه‪ .‬إذاً علينا أن ال نسلك‬

‫بحسب اإلنسان العتيق متشبهين بأهل العالم (أف‪ + 32-11 24‬أف‪ .)18-3 20‬وبولس يعطى وصايا من‬

‫يتبعها ال يحزن روح اهلل (أف‪ + 3-1 2:‬رو‪ + 15-8 213‬كو‪1 + 20-18 23‬تس‪ .)8-3 24‬وراجع‬

‫إصحاحات(‪ )14-12‬من رسالة رومية‪ .‬بل يطلب الرسول أيضاً اإلمتناع عن كل شبه شر (‪1‬تس‪.)2220‬‬

‫واإلمتناع عن الشر هو الجهاد السلبى‪ .‬وهكذا يطلب من تلميذه الهرب من الشهوات الشبابية (‪2‬تى‪.)2222‬‬

‫وكما رأينا فى (غل‪ )24-22 20‬فإن ثمار الروح القدس تظهر فيمن صلبوا الجسد مع األهواء والشهوات‪.‬‬

‫وهكذا قال القديس باسيليوس الكبير "إن الروح القدس حاضر فى جميع الذين يستحقونه ولكنه ال ُيظهر قوته‬ ‫إال فى الذين تطهروا من األهواء‪.‬‬ ‫‪ .0‬علينا أن نسلك فى الجهاد اإليجابى‪ .‬فالرسول يطلب أن نتبع طريق المحبة للجميع (أف‪+ 4-1 24‬‬

‫‪20‬‬

‫‪1 + 3224 + 2،1‬كو‪1 + 1321:‬كو‪ + 13‬كو‪ .)14-12 23‬ويطلب أن نتمسك بالحسن (‪1‬تس‪+ 2120‬‬

‫فى‪ .)9،8 24‬ويطلب من تلميذه تيموثاوس قائالً "اعكف على القراءة والوعظ والتعليم" (‪1‬تى‪.)1324‬‬

‫روى (أم‪ .)20211‬ويطلب الرسول أن نهتم بما فوق (كو‪-123‬‬ ‫فبالقراءة والوعظ نمتلئ ُ‬ ‫"فالمروى هو أيضاً ُي َ‬ ‫‪ )4‬فاإلهتمام باألرضيات يطفئ الروح‪ .‬ويطلب أن نتمم خالصنا بخوف ورعدة (فى‪ )1222‬فالمستهتر يطفئ‬

‫الروح‪.‬‬

‫‪ .:‬فى اآليات (كو‪ )15-0 23‬يطلب الرسول أن نميت أعضائنا التى على األرض‪ ،‬الزنا والنجاسة ‪ ...‬إذ‬

‫خلعتم اإلنسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذى يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه‪ .‬هنا نرى صورة لما‬

‫‪27‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫حدث فى الفداء فبعد موت المسيح قام ثم صعد ثم أرسل الروح القدس‪ .‬وهكذا يحدث معنا فمن يختار طريق‬

‫الموت عن شهواته يعطيه الروح القدس أن يقوم مع المسيح ثم يحيا فى السماويات لكن على األرض‪ ،‬ثم‬ ‫يمتلئ من الروح القدس‪.‬‬

‫‪ .1‬نالحظ أن الروح القدس حل على التالميذ إذ كانوا مجتمعين بنفس واحدة‪ ،‬فالمحبة التى تجمعنا فى نفس‬

‫واحدة خصوصاً لو إجتمعنا للصالة بهذه الروح‪ ،‬هذه المحبة بها نمتلئ من الروح القدس (أع‪+ 4-1 22‬‬

‫فى‪.)222‬‬

‫‪ .8‬ما يساعدنا على اإلمتالء بالروح هو إخالء الذات والتواضع (فى‪ .)9-3 22‬ولنرى كيف يتحدث بولس‬ ‫الرسول عن نفسه فهو يقول "الخطاة الذين أولهم أنا" (‪1‬تى‪ )1021‬ويسمى نفسه بالسقط (‪1‬كو‪.)1،8 210‬‬ ‫هنا نرى شعور بولس بعدم إستحقاقه لما هو فيه من نعمة‪ .‬وهذا ما أشار إليه أشعياء النبى أن اهلل يسكن‬

‫عند المتواضع (أش‪.)10201‬‬

‫‪ .9‬من البديهيات أن الروح القدس يحل على المعمد بعد مسحه بزيت الميرون وان كان كبي اًر يجب أوالً أن يعلن‬ ‫إيمانه وتوبته ثم يعتمد‪ .‬وهذا ما طلبه بطرس يوم الخمسين أن يتوبوا وأن يعتمدوا‪ .‬فبالتوبة يتجدد فعل الروح‬

‫القدس الذى حصلنا عليه (أع‪ .)3822‬وسر الميرون هو البديل عن وضع اليد (أع‪ .):219‬وهكذا يطلب‬ ‫بولس الرسول تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم (رو‪.)2212‬‬

‫‪ .15‬تكريس القلب للمسيح‪ .‬وأن ُنخضع له كل شئ فى حياتنا (عواطفنا واهتمامتنا ‪ )...‬وال نهتم بالماديات بل‬ ‫ونسلّم له ذواتنا ونقبل الصليب بال تذمر‪ .‬ومن يريد أن يمجد المسيح‬ ‫بما هو فوق‪ ،‬بما ال ُيرى (‪2‬كو‪ُ )1820‬‬ ‫فى حياته يمأله الروح القدس ليمجد المسيح فيه‪ ،‬فهذا هو عمل الروح القدس "ذاك يمجدنى" (يو‪)1421:‬‬

‫لكن من يريد أن يمجد نفسه فلن يمتلئ‪ .‬إذاً لكى نمتلئ علينا أن نطلب أن نمجد المسيح فى حياتنا‪.‬‬

‫إلى ويشرب‪ ،‬من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى‪ .‬قال‬ ‫‪ .11‬يقول السيد المسيح "إن عطش أحد فليقبل ّ‬ ‫هذا عن الروح" (يو‪ .)39-3121‬إذاً األساس هو الشعور باالحتياج‪ ،‬وهذا عكس حال مالك كنيسة الودكية‬

‫(رؤ‪ .)1123‬والصالة هي التعبير عن العطش إلى اهلل‪ .‬وبهذا العطش مع الصالة بإيمان يجري داخلنا ينبوع‬ ‫حي‪ .‬والحظ إرتباط اإليمان باإلمتالء من الروح القدس‪ .‬فمن يبدأ بإيمان بسيط ويصلى يمتلئ من الروح‬ ‫ماء ّ‬ ‫القدس‪ ،‬ويكون من ثمار الروح القدس إيمان جبار (غل‪.)22،23 20‬‬

‫عالمات اإلمتالء من الروح القدس‪:‬‬

‫‪ .1‬الشعور بحضور المسيح وسطنا‪ ،‬فالروح يشهد للمسيح "لكى يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة‬

‫بروحه فى اإلنسان الباطن ليحل المسيح باإليمان فى قلوبكم" ‪ +‬يو‪ + 18214‬يو‪" 1:21:‬ثم بعد قليل أيضاً‬

‫تروننى"‪ .‬إذاً هو يفتح أعيننا الداخلية فنرى المسيح حاض اًر ونعرفه فنحبه‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلمتالء من الحكمة‪ ،‬فالحكمة ناشئة من الثبات فى المسيح أقنوم الحكمة‪.‬‬ ‫‪ .3‬اإلمتالء من ثمار الروح (غل‪ )2220،23‬ونتيجة الفرح التسبيح المستمر‪.‬‬ ‫‪ .4‬السلطان على الخطية (رو‪.)142:‬‬

‫‪28‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫‪ .0‬االمتالء من القوة‪ .‬قارن موقف بطرس وخوفه من خادمة فأنكر‪ ،‬وموقفه بعد حلول الروح وعظته التي آمن‬ ‫بسببها ‪ 3555‬نفس‪.‬‬

‫نبذة عن الروح القدس‪:‬‬

‫"عن كتاب الصليب والمعمودية للدكتور نصحي عبد الشهيد"‬

‫لم يكن ممكناً أن يجئ الروح القدس المعزى إلى الكنيسة قبل أن يتم تدبير المسيح نفسه‪ ،‬أي تتميمه للخالص‬

‫بصعوده للسموات‪ ،‬أى دخوله بجسده الممجد الذي أخذه من طبيعتنا للسماء (أع‪ .)32،33 22‬فالطبيعة البشرية‬

‫أصبحت عن طريق جلوس المسيح عن يمين اآلب‪ ،‬أى حين صار لجسد المسيح الذي أخذه من البشر مجد‬

‫الالهوت‪ ،‬صارت الطبيعة البشرية ممجدة بمجد الالهوت‪.‬‬

‫لذلك قال المسيح خير لكم أن أنطلق ألنه إن لم أنطلق ال يأتيكم المعزى" (يو‪ .)1،8،13،14 21:‬إذاً كان البد‬

‫للمسيح أن يجلس أوالً عن يمين اآلب وبشفاعته ينسكب الروح‪.‬‬

‫والروح القدس هو الذي يعلن شخص الرب يسوع‪ ،‬فيجعلنا نرى المسيح ظاه اًر في قلوبنا "ال أترككم يتامى إنى‬

‫آتى إليكم" (يو‪ )18214‬فالروح يجعل حضور المسيح فينا‪ ،‬وتنفتح عيوننا الداخلية فنرى المسيح الحي الممجد‬

‫ساكن فى داخلنا "ثم بعد قليل أيضاً تروننى" (يو‪ .)1:21:‬ويصير المسيح شخصاً حقيقياً حاض اًر بالنسبة لنا‪.‬‬

‫ألن الروح بملئه لنا يحضر فى أعماقنا صورة المسيح الحي الممجد (‪2‬كو‪ .)1823‬أي أننا ننظر مجد المسيح‬ ‫وننظره في قلوبنا فنتغير إلى صورة المسيح التى يكشفها الروح لقلوبنا (غل‪ .)1924‬لذلك ال يستطيع أحد أن يقول‬

‫أن يسوع رب إال بالروح القدس (‪1‬كو‪ .)3212‬وحين نعرف المسيح وندرك محبته لنا سنحبه ونسلّم له الحياة‪.‬‬

‫يقول معلمنا بولس الرسول أن المسيح هو رئيس كهنة الخيرات العتيدة (عب‪ .)1129‬والخيرات هى الروح القدس‬

‫(قارن مت‪ 1،11 21‬مع لو‪ .)13211‬فبالروح القدس نتذوق طعم الحياة األبدية‪ ،‬وما نأخذه اآلن هو العربون‪.‬‬ ‫والسيد المسيح يحثنا أن نطلبه فى الصالة "يعطى الروح القدس للذين يسألونه" (لو‪.)13211‬‬

‫والروح القدس يعلن لنا اآلب فنصرخ يا آبا اآلب (غل‪ )924‬وبهذا فهو يعلن لنا سر الثالوث‪ ،‬فهو يعلن لنا اآلب‬

‫واإلبن‪ ،‬والروح القدس هو الذى يعد الكنيسة كعروس لعريسها المسيح لتتحد معه فى عرسه األبدى فى مجد ال‬ ‫يوصف‪.‬‬

‫والروح يعطى قوة لمن يريد أن يموت عن الخطية تساعده على الموت عنها فعالً (رو‪ )1328‬وهذا ما أسماه‬

‫الرسول ختان القلب بالروح‪ .‬إذاً فلنبدأ بالتغصب‪ ،‬ومن يغصب نفسه ويمتنع عن الخطية يتحنن الرب عليه‪،‬‬

‫وينقذه من أعدائه (الخطية الساكنة فينا والشيطان) ويمأله من الروح القدس المعين‪ ،‬حينئذ يستطيع أن ينفذ كل‬ ‫وصايا الرب بالحق وبدون تغصب وبدون صعوبة أو تعب‪ ،‬وهذا ما عناه الرسول حين قال "إن كان أحد فى‬

‫المسيح فهو خليقة جديدة (‪2‬كو‪.)1120‬‬

‫والهدف من إنضمامنا إلى جسد المسيح بالمعمودية هو أن نحصل على ملء الروح الموجود فى الكنيسة‬

‫والساكن فيها منذ يوم الخمسين‪ .‬واإلمتالء هو إمتداد ونمو للعطية التى نلناها يوم المعمودية فى سر الميرون‪.‬‬

‫وهذا طلب الرسول أن نمتلئ بالروح أى نفتح قلبنا وكياننا كله للروح القدس لكى يمألنا‪ .‬فالروح منسكب بملئه‬ ‫‪29‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫بإستمرار من المسيح وينتظر القلب المستعد والنفس المطيعة الخاضعة للمسيح الرأس حتى يفيض فيها بملئه‪.‬‬ ‫واإلمتالء ال يحدث مرة واحدة‪ ،‬بل مرات وكل العمر (أع‪ + 422‬أع‪ )3124‬ويتكرر بحسب الحاجة خاصة فى‬

‫المواقف التى فيها شهادة وك ارزة بإسم المسيح (مت‪.)25-11 215‬‬

‫والروح القدس يعطينا كل هذا من خالل الصالة واألسرار اإللهية‪ .‬وبقدر إمتالئنا من الروح القدس بقدر ما نعرف‬ ‫المسيح حقاً ونثبت فى المسيح ونحيا فى المسيح‪ ،‬ويحيا المسيح فينا ونمتلئ سالماً يفوق كل عقل (فى‪)124‬‬ ‫ونمتلئ محبة هلل وللجميع حتى ألعدائنا‪ .‬ونمتلئ فرحاً يعيدنا للحالة األولى فى الفردوس (جنة عدن = جنة‬

‫الفرح)‪.‬‬

‫األرثوذكسية هى الموقف الوسط الصحيح‬ ‫بين إنحرافين فى التفكير‬

‫تنادى بعض الطوائف بأن الخالص ال يعتمد على دين أو إيمان الشخص بل يتوقف على أعماله فقط‪ .‬وتنادى‬

‫بعض الطوائف بأن الخالص يعتمد على النعمة فقط وال أهمية ألعمال اإلنسان‪ ،‬بل من يؤمن ينال الخالص‬ ‫بالنعمة‪.‬‬

‫والرد على الطائفة األولى‪:‬‬ ‫نلخصه فى آية واحدة قالها بولس الرسول "ألنه إن كان بالناموس (اليهودية) بر فالمسيح إذاً مات بال سبب"‬

‫(غل‪ )2122‬فإن كان الخالص ال يعتمد على اإليمان بالمسيح فلماذا تجسد المسيح وصلب؟! والسيد نفسه وضع‬ ‫هذا الشرط للحياة "من آمن بى ولو مات فسيحيا" (يو‪ .)20211‬وبولس الرسول يقول بدون إيمان ال يمكن‬

‫إرضاؤه (عب‪.):211‬‬

‫والرد على الطائفة الثانية‪:‬‬ ‫تجده تحت عنوان "الجهاد واألعمال الصالحة"‬ ‫الرأي الصحيح األرثوذكسي كما نفهمه من الكتاب المقدس هو لزوم الجهاد مع النعمة ولنأخذ أمثلة على ذلك‪-2‬‬

‫‪ .1‬يطلب اهلل من نوح أن يبنى فلكاً ليحميه من الماء المنهمر بغ ازرة والذى سيطفو عليه الفلك‪ ،‬فهل كان نوح فى‬

‫ذلك الوقت يملك الخبرات الفنية (التكنولوجيا) التى بها يبنى هذا الفلك الذى سيكون بمثابة غواصة؟ قطعاً ال‪.‬‬ ‫ولكن كان على نوح أن يبذل كل جهده فى بناء الفلك‪ .‬ولقد إستمر فى هذا (الجهاد أو العمل) عشرات‬

‫السنين‪ .‬هذا هو جهاد نوح‪ .‬ثم يأتى دور النعمة وهذا ما نسمعه فى اآلية (تك‪" )1:21‬وأغلق الرب عليه" اهلل‬ ‫بنعمته أغلق على نوح‪ ،‬وأكمل ضعفات ونقص خبرة نوح وحفظه من الغرق‪ .‬لكن كان البد أن يجاهد نوح‬

‫ويبنى الفلك‪.‬‬

‫‪ .2‬فى معجزة الخمس خبزات والسمكتين‪ ،‬طالب السيد تالميذه أن يحضروا ما يجدونه‪ ،‬هذا هو الجهاد‪ ،‬أما‬

‫المسيح فبنعمته أطعم اآلالف وتبقى ‪ 12‬قفة فلماذا طلب المسيح من التالميذ أن يأتوا بما يجدوه‪ ،‬أما كان‬

‫قاد اًر على عمل المعجزة بدون الخمس خبزات والسمكتين؟! لكن السيد أراد أن يظهر أن على اإلنسان أن‬ ‫يفعل ما يقدر أن يفعله وهذا ما نسميه الجهاد‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫‪ .3‬عندما أقام المسيح لعازر‪ ،‬لماذا طلب من الناس أن يرفعوا الحجر؟ هذا هو الجهاد‪ ،‬هذا أقصى ما يستطيعه‬ ‫أما المسيح فبنعمته أقام الميت وأعطاه حياة‪.‬‬ ‫البشر؟ ّ‬ ‫‪ .4‬فى معجزة تحويل الماء إلى خمر‪ ،‬طلب المسيح أن يمألوا األجران‪ ،‬وكان ملء األجران عملية شاقة‪ ،‬فكانوا‬ ‫يحملون األوعية إلى أقرب عين ماء ويمألوها ويأتون ليصبوها فى األجران‪ ،‬وهكذا عدة مرات حتى تمتلئ‬

‫األجران‪ .‬فإن كان المسيح قد ّحول الماء إلى خمر فهو قطعاً كان يمكنه تحويل الهواء إلى خمر بدون تعب‬ ‫(وجهاد) الخدام‪ ،‬وكان بهذا سيريح الخدام‪ .‬ولكن سيبقى السؤال‪ ،‬وأين الجهاد لتأتى النعمة؟‬

‫واذا فهمنا أن هذا الماء كان للتطهير يكون المعنى أنه علينا أن نعمل ما يمكننا عمله‪ ،‬وبقدر إستطاعتنا‬

‫لنطهر أنفسنا (جهاد سلبى وجهاد إيجابى) والمسيح بنعمته يعطينا أن نصير خليقة جديدة مملوئين من الروح‬

‫القدس‪ .‬ومن إمتأل من الروح يمتلئ فرحاً‪ ،‬والخمر ترمز للفرح‪ .‬لذلك يقول بولس الرسول "أميتوا أعضاءكم‬

‫التى على األرض" (كو‪ )023‬ومن سيطيع هذا سيعطيه اهلل أن يصير خليقة جديدة بعمل النعمة‪.‬‬

‫‪ .0‬فى معجزة صيد سمكة يجد بطرس بداخلها أستا اًر نرى مثاالً حياً للجهاد والنعمة‪ .‬فلو قال له المسيح "يا‬

‫بطرس أنت صياد إذهب واصطاد سمكاً وبعه وبالثمن إدفع الضريبة "كان هذا يعنى أن الخالص باألعمال‬ ‫دون تدخل المسيح‪ .‬ولو أتى المسيح باألستار لبطرس من الهواء دون تعب من بطرس لكان الخالص‬

‫بالنعمة‪ .‬لكن نجد أن السيد المسيح يستغل موهبة بطرس كصياد‪ ،‬وبنعمته يصطاد بطرس سمكة بها المال‬

‫المطلوب لدفع الجزية‪.‬‬

‫‪ .6‬مثال من تعاليم المسيح عن النعمة والجهاد‬ ‫يقول السيد المسيح أحبوا أعدائكم‪ .‬باركوا العنيكم‪ .‬أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا ألجل الذين يسيئون إليكم‬

‫ويطردونكم (مت‪.)4420‬‬

‫والمحبة هى عطية من اهلل‪ ،‬وهى ثمرة من ثمار الروح القدس (غل‪ )23، 2220‬وهى تنسكب فى قلوبنا بالروح‬

‫القدس (رو‪ .)020‬إذاً هى نعمة من اهلل أى عطية مجانية‪ ،‬فكيف يأمرنا السيد المسيح بأن نحب أعدائنا بالرغم‬ ‫من‪2‬‬

‫‪ .1‬أنه طلب صعب جداً على البشر‪.‬‬

‫‪ .2‬المحبة هى عطية منه‪ .‬فلماذا لم يعطيها لنا دون أن يأمرنا؟!‬ ‫السبب أنه حتى نحصل على النعمة وهى هنا محبة األعداء‪ ،‬علينا أن نجاهد‪ ،‬فال نعمة دون جهاد‪ .‬وما هو‬

‫الجهاد المطلوب هنا؟‬

‫‪ )1‬أن نبارك من يلعننا= أى نتكلم عليه كالماً طيباً مباركاً‪ ،‬قد يكون عكس ما هو فى قلوبنا‪ ،‬وهذا ال يأتى‬ ‫سوى بالتغصب فملكوت السموات يغصب (مت‪ )12211‬والتغضب هو ما نسميه الجهاد‪.‬‬

‫‪ )2‬أن نحسن لهم= حتى لو بالتغصب‪ ،‬نقدم لهم خدمات يحتاجون لها‪.‬‬ ‫‪ )3‬أن نصلى ألجلهم= حتى لو بالتغصب‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫ففى هذه اآلية نرى أن الحصول على محبة األعداء أى النعمة نحصل عليها بأن نغصب أنفسنا ونجاهد ضد‬

‫طبيعتنا الفاسدة التى تكره اآلخرين خصوصاً لو كانوا أعداء لها‪ .‬فإن جاهدنا وغصبنا أنفسنا تنسكب النعمة فينا‪،‬‬ ‫فنجد أنفسنا قادرين بسهولة أن نحب أعدائنا وهذا ما يسميه الرسول "الخليقة الجديدة" (‪2‬كو‪.)1120‬‬ ‫مثال من تعاليم بولس الرسول (أف‪.)21-18 20‬‬

‫‪.7‬‬

‫"إمتلئوا بالروح‬

‫مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير‬

‫نعمة‬

‫جهاد‬

‫شاكرين‬ ‫جهاد‬

‫فى خوف اهلل"‬ ‫جهاد‬

‫فاإلمتالء من الروح هو عطية من اهلل‪ ،‬هو عطية مجانية‪ .‬إذاً هو نعمة‪ .‬هذا ليس فى إمكان بشر‪ .‬لكن حتى‬ ‫نمتلئ‪ ،‬وحتى يسكب اهلل فينا هذه النعمة نرى ما يلزم أن نجاهد فيه لنحصل على النعمة‪.‬‬

‫‪ .1‬أن ال تخرج كلمة ردية من أفواهنا‪ ،‬وال تكون اجتماعاتنا للهزل‪ ،‬بل تكون اجتماعات صالة وتسبيح‪.‬‬ ‫‪ .2‬الشكر فى كل حين‪ ،‬حتى وسط اآلالم‪ .‬وبال تذمر‪.‬‬

‫‪ .3‬السلوك فى خوف اهلل واإلمتناع عن كل شر وكل خطية‪.‬‬ ‫لو كان الخالص بالنعمة فقط دون أن يكون لإلنسان دور‪ ،‬فلماذا لم يجعل اهلل كل الناس قديسون بعمل نعمته‪،‬‬

‫أو على األقل لماذا لم يجعل كل المؤمنين قديسين؟! لو إفترضنا أن الخالص هو بالنعمة فقط‪ ،‬هذا سيكون مبر اًر‬ ‫للخطاة يوم الدينونة أن يقولوا "لم تعمل فينا النعمة كما عملت فى القديسين وبهذا ينسبون هلل المحاباة وعدم‬

‫العدل‪ .‬ولو كان العمل هو عمل النعمة فقط دون جهاد من المؤمن‪ ،‬فهل يخلص الجميع‪ ،‬ونحن نعلم أن اهلل يريد‬

‫أن الجميع يخلصون (جميع الناس) (‪1‬تى‪)422‬؟ كما قلنا سابقاً فإن عمل النعمة ال يعطل حرية اإلنسان‪.‬‬

‫فاإلنسان بحريته وله كامل الحرية واإلرادة أن يقبل اهلل أو أن يرفض اهلل ويعطل إرادة اهلل الصالحة من نحوه‪.‬‬

‫وهذا ما قاله السيد المسيح "يا أورشليم ‪ ...‬كم مرة أردت أن أجمع أوالدك ‪ ...‬ولم تريدوا" (هنا نرى أن أورشليم‬

‫كان لها حرية شخصية فى رفض اهلل ولكنها عطلت إرادة اهلل الصالحة من نحوهم)‪.‬‬ ‫والنتيجة ‪" ...‬هوذا بيتكم يترك لكم خراباً" (مت‪.)31،38 223‬‬

‫ونفهم من قول بولس الرسول "إننا عاملون معه" (‪2‬كو‪ )12:‬أن أمر خالصنا متوقف على إرادتنا وجهادنا‪ ،‬ومن‬ ‫يريد ويجاهد ويغصب نفسه تعطيه النعمة طبيعة جديدة بها يخلص‪ .‬فملكوت السماوات يغصب (مت‪.)12211‬‬

‫وهذا ما كان الرسول يعنيه بقوله "أقمع جسدى وأستعبده (جهاد سلبى) حتى بعد ما كرزت لآلخرين (جهاد‬

‫إيجابى) ال أصير أنا نفس مرفوضاً" (‪1‬كو‪ .)2129‬ويتصور البعض أن قول الرسول بالنعمة أنتم مخلصون‬

‫(أف‪ )022‬ليس من أعمالي كي ال يفتخر أحد (أف‪ .)922‬أن هذا فيه إثبات لعدم ضرورة األعمال‪ .‬وهنا ينبغى‬ ‫أن نفهم أن هناك نوعين من النعمة‪-2‬‬

‫‪ .1‬نعمة ال دخل لألعمال فيها‪ ،‬مثل تجسد المسيح وفدائه وارسال الروح القدس على الكنيسة‪ .‬فالمسيح مات‬ ‫عنا ونحن خطاة (رو‪ .)820‬وكوننا خرجنا للعالم فوجدنا أنفسنا مسيحيين‪ .‬نحن لم نعمل شيئاً لنحصل‬

‫على كل هذا‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫‪ .2‬النعمة التى هى القوة التى تغيرنا من طبيعتنا القديمة إلى طبيعة جديدة وخليقة جديدة على صورة‬

‫المسيح‪ ،‬نحيا فى بر‪ .‬هذه النعمة ال تعطى إال لمن يستحقها أى لمن يجاهد‪ .‬ولكن جهادنا فى حفظ‬ ‫أنفسنا طاهرين ال يساوى أكثر من خمس خبزات وسمكتين‪ ،‬أما الخليقة الجديدة بالنعمة فهذه تساوى‬

‫إشباع الجموع‪.‬‬

‫فمن يجاهد ويغصب نفسه بجهاد سلبى (يميت أعضاؤه وشهواته ويصلبها كمن هو مصلوب مع المسيح) وبجهاد‬ ‫إيجابى (صالة‪ /‬صوم‪ /‬خدمة‪ /‬تسبيح ‪ )...‬يعطيه اهلل بنعمته الطبيعة الجديدة‪ .‬ويحيا المسيح فيه (غل‪)2522‬‬

‫ويتحول إلى صورة المسيح (غل‪ .)1924‬بهذه الطبيعة نخلص وليس بأعمالنا‪ .‬ونحن لذلك ال نفتخر بأعمالنا‪ .‬وال‬ ‫نعِّرف شمالنا ما تفعله يميننا‪ ،‬بل نجاهد صارخين هلل أن يمألنا من الروح القدس أى بنعمته‪ ،‬والروح القدس هو‬

‫الذى يعطينا أن نكون خليقة جديدة بها نخلص‪.‬‬ ‫الضمير والناموس والنعمة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫بسقوط آدم فسدت الطبيعة البشرية‪ .‬وهكذا صار كل أوالد آدم‪ .‬لكن اهلل كان قد طبع وصاياه على قلب‬

‫اإلنسان‪ ،‬وهذا ما يسمى الضمير أو الناموس الطبيعي‪ .‬وكان هذا هو الحافظ لإلنسان من اإلندفاع فى‬

‫طريق الشر‪ ،‬وكان لإلنسان قدرة فى معرفة اهلل من خالل الطبيعة (رو‪ )2521‬مستخدماً عقله‪ .‬ولكن بفساد‬

‫اإلنسان تحجر قلبه وتقسى وفقد طبيعة الحب التى تجعل الوصايا مطبوعة فى القلب‪ .‬وبهذا فسد‬

‫الضمير‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪.3‬‬

‫أعطى اهلل الناموس بيد موسى مكتوباً‪ ،‬وذلك بدالً من الضمير الذى فسد‪ .‬وكان هذا الناموس كمساعد‬

‫يغير طبيعة اإلنسان‪ ،‬بل كان‬ ‫لإلنسان نعمة من اهلل (حز‪ .)11،12 225‬ولكن الناموس لم يكن قاد اًر أن ّ‬ ‫لكبح جماح شهواته‪ ،‬كان الناس يخافون من إرتكاب الشر خوفاً من عقوبات الناموس‪ ،‬لذلك قال الرسول‬ ‫عن الناموس أنه مؤِّدب (غل‪ )2423‬ونصلى فى القداس الغريغورى "أعطيتنى الناموس عوناً"‪.‬‬

‫جاء المسيح متجسداً‪ ،‬ومات لنموت معه فى المعمودية‪ ،‬وقام لنقوم معه فى المعمودية‪ ،‬نموت عن الطبيعة‬

‫القديمة‪ ،‬ونقوم بطبيعة جديدة متحدة بالمسيح‪ ،‬وفى سر الميرون يحل فينا الروح القدس ويثبتنا فى المسيح‬ ‫لتغير طبيعتنا لطبيعة جديدة بها نستطيع أن نعمل بسهولة ما عجز عنه المؤمن‬ ‫ويعطينا نعمة تعمل فينا ّ‬ ‫فى ظل الناموس‪ ،‬وأصبحنا نجاهد ضد الخطية بسهولة (عب‪ .)1212‬ولكن لكى تعمل فينا النعمة علينا‬

‫أن نجاهد‪.‬‬

‫أ‪ -‬جهاد سلبى (نميت شهواتنا ونصلبها ونحيا كأموات أمام الخطية)‪.‬‬ ‫ب‪ -‬جهاد إيجابى (فى صلوات وأصوام ‪.)...‬‬

‫والروح يعطى معونة لمن يفعل هذا ويجاهد "إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد" (رو‪ + 1:-13 28‬رو‪2:28‬‬ ‫‪ +‬رو‪ .)2922‬والروح يعطينا طبيعة جديدة على شكل صورة المسيح (غل‪ )1924‬وبهذه الطبيعة نخلص‬

‫‪33‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫(غل‪ )102:‬وقول الرسول "بالنعمة أنتم مخلصون" (أف‪ )822‬يعنى أننا نخلص بهذه الطبيعة الجديدة التى‬ ‫أعطتها لنا النعمة وليس بأعمالنا (أف‪ .)922‬وكمثال لهذا‪-2‬‬

‫إنسان مؤمن يعانى من شهوة النظر (بطبيعته القديمة الخاطئة) ويسمع صوت اإلنجيل أميتوا أعضاءكم التى‬

‫على األرض (كو‪ )023‬فيكف ويجاهد حتى يكف عن النظر‪ ،‬واضعاً عينيه فى األرض‪ ،‬صارخاً هلل أن يعينه‪،‬‬

‫حاسباً نفسه ذبيحة حية‪ ،‬وأنه ليس من الالئق لمن حسب نفسه ذبيحة حية أن يستمتع بنظرات خاطئة‪ .‬إلى هنا‬

‫فعمله هذا لن يدخله السماء‪ ،‬بل يجعله أهالً أن تنسكب النعمة عليه وتغير طبيعته‪ ،‬وال يعود يشتهى أن ينظر‬ ‫نظرات خاطئة‪ ،‬ويطرح عنه الخطية بسهولة‪ ،‬لقد صارت له طبيعة جديدة‪ ،‬لقد صار خليقة جديدة بها يدخل‬

‫السماء‪ .‬هذا معنى بالنعمة أنتم مخلصون (أف‪ .)822‬وليس من محاوالته األولية لذلك عليه أن ال يفتخر بجهاده‬ ‫وبما عمله (أف‪.)922‬‬

‫تأمل فى مزمور (‪: ):2-51 :551‬‬ ‫إفتحوا لى أبواب البر (هذه شهوة قلب المرنم للتبرير بالمسيح أى بالنعمة)‬

‫هذا الباب للرب (بر المسيح‪ ،‬والمسيح هو الباب‪ .‬وهذا التبرير هو عطية من الرب ‪ ...‬ولكن لمن؟)‬

‫الصديقون يدخلون فيه (لن يدخل من الباب حتى يتبرر إال من يغصب نفسه ويدخل من الباب الضيق بأن‬ ‫يحسب نفسه ميتاً عن شهوات العالم الخاطئة‪ ،‬مجاهداً فى صالته)‬

‫ومن يغصب نفسه ُيحسب صديقاً‪ .‬والصديق ُيحسب أهالً للدخول من الباب فيتبرر بالنعمة‪ .‬والتبرير بالنعمة هو‬ ‫فى يا اهلل‬ ‫الخليقة الجديدة التى بها يدخل المؤمن للسماء‪ .‬هذا ما إشتهاه داود دائماً إذ كان يصرخ قلباً نقياً إخلق ّ‬

‫وروحاً مستقيماً جدد فى داخلى (مز‪.)15201‬‬ ‫األسرار والخالص‪:‬‬

‫كما رأينا فى (رو‪ )0-3 2:‬أن سر المعمودية يعنى الموت عن اإلنسان العتيق وقيامة إنسان جديد‪ ،‬يحيا فى‬

‫حياة جديدة "هوذا الكل قد صار جديداً" (‪2‬كو‪ .)1120‬فالمعمودية إذاً هى موت وحياة‪ ،‬وهى من الماء والروح‪.‬‬ ‫ولكن اإلنسان فى خالل رحلة حياته معرض للسقوط‪ ،‬والقديس يوحنا يعترف بهذا ويقول "إن قلنا أنه ليس لنا‬

‫خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا (‪1‬يو‪ .)821‬لذلك أسس السيد المسيح س اًر آخر هو سر التوبة واإلعتراف‪.‬‬

‫حيث يكمل القديس يوحنا قائالً "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل‬

‫إثم" (‪1‬يو‪ .)921‬وحيث أن اإلعتراف يطهر من كل إثم يسمى اآلباء‪ ،‬التوبة واإلعتراف‪ ،‬معمودية ثانية‪ .‬ولكن‬

‫ويتَِّوب‬ ‫سر اإلعتراف يجب أن يسبقه توبة‪ .‬والروح القدس الذى يعمل فى األسرار هو الذى يبكت ويدفع اإلنسان ُ‬

‫"توبنى فأتوب ألنك أنت الرب إلهى" (أر‪ )18231‬وهو الذى يبكت اإلنسان لوأخطأ (يو‪ .)821:‬وهو الذى يعين‬

‫فى طريق التوبة (رو‪ .)2:28‬وهو الذى يعطى الغفران فى سر اإلعتراف حينما يصلى الكاهن التحليل (يو‪225‬‬

‫‪ .)22،23‬فهو الذى يحرك مشاعر التوبة وذلك بتوبيخه وتبكيته للخاطئ واقناعه له بأن يترك خطيته (أر‪)1225‬‬

‫‪34‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫فيذهب للكاهن معترفاً بخطيته‪ ،‬وهناك يعطى الروح غفراناً‪ .‬ونالحظ أنه بالخطية نفقد ثباتنا فى المسيح فنموت‪،‬‬ ‫وباإلعتراف تغفر الخطية فنحيا‪ .‬لذلك سمعنا قول السيد فى مثل اإلبن الضال "إبنى هذا كان ميتاً فعاش"‬

‫(لو‪ )24210‬ولكن كما قلنا أن بولس الرسول يطلب منا أن نصلب ذواتنا ونميت شهواتنا الخاطئة وأعضائنا‪ ،‬بل‬ ‫ونقدم أجسادنا ذبائح حية وذلك بقرار توبة "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو‪ + 2212‬غل‪+ 2522‬‬

‫غل‪ + 2420‬كو‪ + 023‬رو‪ .)112:‬فالتوبة هى قرار بأن أموت عن الخطية وهو قرار يدعمه الروح القدس‬ ‫بالنعمة‪ .‬وبالنعمة نحيا كأموات عن الخطية وأحياء فى المسيح‪ .‬إذاً فسر التوبة واإلعتراف هو أيضاً موت وحياة‪.‬‬

‫هو سر يعمل فيه الروح القدس‪.‬‬

‫ويأتى بعد هذا سر اإلفخارستيا‪ .‬ونالحظ أن القديس كيرلس له قسمة رائعة (رقم ‪ 19‬فى الخوالجى) يقول فيها‬

‫"وعند إصعاد الذبيحة على مذبحك تضمحل الخطية من أعضائنا بنعمتك"‪ .‬والكنيسة األرثوذكسية تتناول الجسد‬

‫منفصالً عن الدم‪ .‬فنحن حين نتناول الجسد المكسور نشترك مع المسيح المصلوب فى موته‪،‬وحين أقبل أن‬

‫ب مع المسيح‪ ،‬أى أصلب أهوائى مع شهواتى‪ ،‬يعطينى الروح القدس قوة ونعمة أصير بها ميتاً عن‬ ‫ُصلَ ْ‬ ‫أ ْ‬ ‫الخطية‪ ،‬هذا ما يعنيه القديس كيرلس بقوله تضمحل الخطية فى أعضائنا"‪ .‬ثم بعد تناول الجسد نتناول الدم‪،‬‬ ‫والدم فى الكتاب المقدس يشير للحياة‪ .‬فمن يقبل أن ُيصلب مع المسيح تكون له حياة المسيح‪" .‬مع المسيح‬ ‫فى" (غل‪ .)2522‬إذاً بالتناول نشترك مع المسيح فى صليبه (تضمحل‬ ‫صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا ّ‬

‫الخطية فى أعضائنا)‪ .‬ونشترك معه فى حياته "من يأكلنى يحيا بى" (يو‪ .)012:‬وراجع أيضاً (يو‪.)08-32 2:‬‬

‫وبهذا نفهم أن سر اإلفخارستيا هو أيضاً سر موت وحياة‪ ،‬موت عن اإلنسان العتيق وحياة وثبات فى المسيح‪.‬‬ ‫وسر الميرون ُي ِعطى للمعمد أن يحل عليه الروح القدس الذى يعمل كل هذه األعمال‪ .‬ومن (غل‪.)24-22 20‬‬ ‫فال تظهر ثمار الروح‪ ،‬أى ال يمتلئ من الروح إال كل من قبل أن يصلب جسده مع أهوائه وشهواته‪ .‬لذلك أيضاً‬

‫فهذا السر هو موت عن أهواء الخطية لنحيا ممتلئين بالروح‪ .‬وسر الكهنوت هو خادم كل األسرار‪ .‬إذاً فاألسرار‬

‫قد أسسها الرب لتعين وتعطى المؤمن موتاً عن إنسانه العتيق وتعطيه قيامة باإلنسان الجديد‪ ،‬وثباتاً فى جسد‬

‫المسيح‪ .‬ومن هو ثابت فى المسيح يكون جسده ميتاً عن شهواته‪ ،‬أى إنسانه العتيق ميتاً‪ ،‬ولكنه تكون له فى‬

‫الوقت نفسه حياة المسيح‪ .‬فعمل الروح يعطى موت عن اإلنسان العتيق وحياة جديدة فى المسيح "إن كان‬

‫المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحيوة بسبب البر" (رو‪ .)1528‬بإختصار فاألسرار كلها‬

‫هدفها تثبيتنا فى جسد المسيح السرى‪ ،‬بأن نموت عن العالم ونحيا فى المسيح‪ .‬واألسرار هى نعمة غير منظورة‬

‫نحصل عليها تحت أعراض منظورة‪ .‬فالمعمودية هى غفران للخطايا‪ ،‬وهى موت عن الحياة الماضية وقيام‬

‫أما المنظور فهو الغمر والتغطيس فى الماء مع الصلوات‪ .‬وتعريف المعمودية‬ ‫إنسان جديد حاصل على التبنى‪ .‬و ّ‬ ‫بأنها موت وقيامة مع المسيح فنجده فى (رو‪ ،)15-3 2:‬فهل فعالً كل من أعتمد يصير ميتاً عن العالم؟ نقول‬

‫ال … فإنه يلزم الجهاد بأن نحسب أنفسنا أمواتاً‪ .‬لذلك ُيكمل الرسول بقوله "كذلك أنتم أيضاً إحسبوا أنفسكم أمواتاً‬ ‫عن الخطية ولكن أحياء هلل بالمسيح يسوع ربنا" (رو‪ .)112:‬إذاً ال نعمة بدون جهاد‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫مسح بالميرون أو وضعت عليه اليد يكون‬ ‫وسر الميرون هو سر حلول الروح القدس على المعمد‪ ،‬فهل كل من ُي َ‬ ‫ممتلئاً من الروح القدس؟ قطعاً ال‪ .‬واال لما قال بولس الرسول لتلميذه "فلهذا السبب أذ ّكرك أن تضرم أيضاً موهبة‬

‫يدى (‪2‬تى‪.):21‬‬ ‫اهلل التى فيك بوضع َّ‬

‫وهكذا فى التوبة واإلعتراف‪ ،‬فمن يعترف تغفر له خطيته (‪1‬يو‪ .)921‬لكن هذا لمن يجاهد بأن يحسب نفسه ميتاً‬

‫عن الخطية (كو‪ + 023‬رو‪ + 1328‬رو‪.)112:‬‬

‫وهكذا في التناول‪ ،‬فالتناول ثبات في المسيح‪ ،‬ولكن هذا الثبات لمن يحسب نفسه ميتاً عن الخطية (كو‪+023‬‬

‫رو‪ +1328‬رو‪.)112:‬‬

‫وهكذا فى سر الزواج‪ ،‬فالروح القدس يجمع بين الزوجين فى محبة روحانية‪ ،‬ويجعلهما متوافقين وفي محبة‪ .‬ولكن‬ ‫هذا لمن يجاهد ويصلى ويصوم ويتناول تائباً عن خطاياه‪ ،‬أما من ليس له عالقة باهلل ويحيا فقط ساعياً وراء‬ ‫ملذات العالم وشهوات جسده‪ ،‬ال يعمل فيه الروح القدس هذا العمل فيكره زوجته وتدب الخالفات بينهما‪.‬‬

‫لذلك نفهم أننا من خالل األسرار نحصل على نعمة تعطينا حياة ثابتة فى جسد المسيح‪ ،‬لذلك فهى أساس‬

‫الخالص‪ .‬لكن هذه النعمة تزداد بجهادنا وتضمحل بإستهتارنا وتهاوننا‪ .‬وهذا ما قصده الرسول بقوله "ال تطفئوا‬

‫الروح" (‪1‬تس‪ )1920‬وبقوله "ال تحزنوا الروح" (أف‪ )3524‬وهذا يعنى أن من يسلك فى شهوات العالم يطفئ‬

‫الروح ويحزنه فيفقد عمل النعمة فيه‪[ .‬إذاً النعمة التى نأخذها من األسرار هى رصيد يمكننا أن نزيده بالجهاد‬ ‫ويمكننا أن نخسره إذا لم نجاهد]‪.‬‬

‫مفهوم األلم والتجارب‬ ‫بولس الرسول الذى كرز فى أوروبا كلها تقريباً‪ ،‬هذا اإلناء المختار والذى كتب نصف أسفار العهد الجديد نرى‬

‫أنه عانى معاناة شديدة جداً‪-2‬‬

‫‪ .1‬كان يعانى من ضعف فى عينيه (غل‪ + 1024‬غل‪ .)112:‬وكان جسده يفرز صديداً مستم اًر (أع‪)12219‬‬ ‫يجعل رائحته منفرة (غل‪ .)13،14 24‬ولعل هذه هى ما قصدها بولس بالشوكة فى الجسد الذى ضربه بها‬

‫مالك الشيطان (‪2‬كو‪.)1212‬‬

‫‪ .2‬كان اليهود يقاومونه فى كل مكان‪ ،‬بل والوثنيون أيضاً (راجع سفر األعمال)‪.‬‬ ‫‪ .3‬بل حتى من المؤمنين كان هناك من يقاومونه (فى‪.)10،1: 21‬‬

‫‪ .4‬أثاروا ضده شائعات أنه ليس برسول وليس فى مستوى تالميذ المسيح‪ ،‬لذلك كان مضط اًر أن ُيدافع عن نفسه‬ ‫لتثبيت تعاليمه واإليمان الذى يبشر به (غل‪.)1،11 21‬‬ ‫‪ .0‬أثاروا ضده أنه ينتفع بالعطايا العينية لذلك أصر أن تكون العطايا العينية لفقراء أورشليم عن طريق أناس‬ ‫يعرفونهم (‪2‬كو‪.)24-1: 28‬‬

‫‪ .:‬هو لخص بعض اآلالم التى عانى منها فى (‪2‬كو‪.)28-23 211‬‬ ‫‪ .1‬بل هو فرض على نفسه قمعاً للجسد (‪1‬كو‪.)2129‬‬

‫‪36‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫فلماذا يا رب كل هذه اآلالم لهذا الرسول األمين ؟ !‬ ‫‪ )1‬كان بولس محبوباً بشكل غير عادى (أع‪.)31،38 225‬‬

‫‪ )2‬حسبه البعض إلهاً وقدموا له ذبائح (أع‪.):228 + 10-8 214‬‬ ‫‪ )3‬كان يختطف إلى السماء (‪2‬كو‪.):-1 212‬‬

‫‪ )4‬كان يصنع آيات عجيبة حتى أنه أقام ميتاً (أع‪.)11-1 225‬‬

‫لذلك خاف عليه اهلل أن ينتفخ فيضيع بولس الرسول العظيم‪ ،‬لذلك سمح له اهلل بهذه التجارب (‪2‬كو‪.)1212‬‬ ‫وبولس فهم هذا فقال "أنه بضيقات كثيرة ينبغى أن ندخل ملكوت اهلل" (أع‪ .)22214‬بل هو فهم أن اآلالم صارت‬ ‫ِ‬ ‫ب أن كل األمور‬ ‫هبة من اهلل (فى‪ .)2921‬لذلك يقول أن كل األشياء تعمل معاً للخير (رو‪ )2828‬وهو َحس َ‬ ‫الحاضرة والمستقبلة هى لصالح قضية الخالص‪ .‬فما يسمح به اهلل من آالم مصمم خصيصاً من أجل خالص‬ ‫نفوس أوالده األحباء‪ .‬وهذا معنى "أبلوس أم بولس أم صفا أم العالم أم الحيوة أم الموت أم األشياء الحاضرة أم‬

‫المستقبلة كل شئ لكم" (أى لخيركم وخالص نفوسكم) (‪1‬كو‪.)2223‬‬

‫وراجع قصة أيوب‪ ،‬فاهلل سمح بآالم أيوب ليتنقى من خطايا ال يعرفها أيوب‪ .‬وهذا ما فعله بولس الرسول مع‬

‫خاطئ كورنثوس إذ أسلمه للشيطان ليهلك الجسد (باألمراض مثالً) ولكن تخلص الروح فى يوم الرب‬

‫(‪1‬كو‪ .)020‬وبهذا نجد بولس يسلّم الخاطئ لمالك الشيطان لينقيه من خطية موجودة فيه‪ ،‬واهلل يسلّم بولس‬

‫الرسول لمالك الشيطان أيضاً لكن ليحميه من خطية هى اإلنتفاخ‪ ،‬وهو معرض للسقوط فيها‪ .‬وبهذا نرى أن‬

‫للتجارب فائدتين‪-2‬‬ ‫‪-1‬‬

‫تنقية من خطية موجودة‪.‬‬

‫‪ -2‬حماية من خطية يكون اإلنسان معرضاً لها‪.‬‬

‫والمعنى أن التجارب يسمح بها اهلل لخالص اإلنسان‪ .‬بل أن بولس رأى أن اآلالم هى شركة صليب مع المسيح‬

‫إستعداداً لشركة المجد "إن كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معه" (رو‪ .)1128‬ويقول أيضاً "إن خفة ضيقتنا‬

‫الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً (‪2‬كو‪ )1124‬فاآلالم فى رأى بولس الرسول إذاً هى إعداد للمجد‬

‫األبدى‪.‬‬

‫وهذا ما كان يقصده القديس غريغوريوس واضع القداس الغريغورى حينما قال "حولت لى العقوبة خالصاً"‪ .‬فاأللم‬ ‫والمرض كانا نتيجة وعقوبة للخطية‪ .‬ولكن بعد المسيح صا ار خالصاً أى سبب خالص‪ ،‬بل حتى الموت الذى‬

‫كان عقوبة للخطية صار القنطرة الذهبية التى نعبر بها من هذا العالم المظلم إلى نور ومجد وفرح األبدية‪.‬‬

‫تأمل فى اآلية (رؤ‪:)54:7‬‬

‫المتسربلون بالثياب البيض "هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الخروف"‪.‬‬ ‫الضيقة العظيمة هى هذا العالم الذى نعيش فيه بضيقاته وآالمه فلماذا يسمح اهلل بالضيقات فى هذا العالم؟ رأينا‬

‫فيما سبق أنها نتيجة حتمية بسبب دخول الخطية إلى العالم‪ .‬لكن اهلل سمح بها ألوالده األحباء ألجل تنقيتهم‪ .‬فلو‬ ‫وجد شخص عادى قطعة حديد يعلوها الصدأ لرماها إذ سيجدها بال فائدة وال تصلح لشئ‪ .‬أما لو وجدها إنسان‬

‫‪37‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المسيحية)‬

‫خبير ماهر سيأتى بمبرد ويقوم بتلميعها فتصبح صالحة ألشياء عديدة‪ ،‬فاآلالم والتجارب هي هذا المبرد الذي‬

‫ينقى اإلنسان‪ ،‬ولكن هل حقاً أن اآلالم هى التى تعطينا النقاوة والثياب البيض التى ندخل بها للسماء كما نرى‬

‫فى هذه اآلية‪ ،‬هل اآلالم قادرة على تنقية أحد؟! قطعاً ال‪ .‬بل كما نرى من هذه اآلية أن التنقية هى بدم المسيح‪،‬‬ ‫والثياب البيض هى عالمة النقاوة‪ ،‬ثيابنا أى حياتنا صارت بيضاء (عالمة البر) بدم المسيح‪.‬‬ ‫إذاً ما هى فائدة التجارب؟‬

‫‪ .1‬كما هو مكتوب فإن محبة العالم عداوة هلل (يع‪ .)424‬ونحن بعد السقوط صار فينا إنحراف‪ ،‬إذ أصبحنا‬ ‫نشتهى العالم بملذاته وشهواته وأمجاده‪ .‬اهلل أعطانا العالم لنستعمله ولكنه صار هدفاً لنا‪ .‬كان المفروض أن‬ ‫يكون هدفنا هو السماء ومجد اهلل‪ ،‬لكن بسبب الخطية صارت شهواتنا لملذات العالم لذلك صار من يشتهى‬

‫العالم معادياً هلل‪ ،‬فاهلل من محبته يسمح بهذه اآلالم حتى نزهد فى هذا العالم ونشتهى الراحة فى السماء‪،‬‬

‫وأمجاد السماء‪.‬‬

‫‪ .2‬فى حالة كحالة بولس الرسول‪ .‬فاهلل خاف على بولس أنه بسبب ما رآه ويراه من أمجاد السماء وحب الناس له‬ ‫ومعجزاته‪ ،‬يبدأ يرى فى نفسه أنه يقوم بأعمال عظيمة فينتفخ‪ .‬ولكن إذ يرى آالمه ُيدرك ضعفاته‪ ،‬ويتعمق فى‬ ‫داخله فكر أنه ال يعمل كل هذا بنفسه بل أن ما يعمله إنما هو عمل اهلل‪ .‬هو عمل النعمة التى تؤازره أما هو‬ ‫فضعيف فال ينتفخ (‪1‬كو‪1 + 15210‬تى‪.)1021‬‬

‫‪ .3‬دم المسيح هو الذى ينقى ويبيض‪ ،‬ولكن ينقى من؟ هل ينقى كل إنسان؟ قطعاً ال بل هو ينقى كل من‬

‫يحتمى به‪ ،‬راجعاً بتوبة حقيقية كاإلبن الضال الذى ألبسه أبوه الحلة األولى (المالبس البيضاء)‪ .‬فكانت فائدة‬ ‫المجاعة التى حدثت له وفائدة اآلالم لنا أن نترك ملذات العالم ونعود ألحضان اهلل فنتطهر بدم المسيح‪.‬‬

‫‪ .4‬لذلك قال القديس بولس الرسول "لذلك ال نفشل بل وان كان إنساننا الخارج يفنى (يقصد بالتجارب واآلالم)‬ ‫فالداخل يتجدد يوماً فيوماً (‪2‬كو‪ .)1:24‬ومن هنا نفهم أن اآلالم هي معونة من اهلل لتساعدنا لتجديد الداخل‪.‬‬ ‫لذلك قال بولس الرسول أنها صارت هبة من اهلل "ألنه قد وهب لكم ألجل المسيح ال أن تؤمنوا به فقط بل‬

‫أيضاً أن تتألموا ألجله" (في‪.)2921‬‬

‫‪38‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫عودة للجدول‬

‫مقدمة رسالة رومية‬ ‫المقدمة‬

‫‪ 1‬روما سميت هكذا ألن الذي أسسها هو رومليوس سنة ‪ 103‬ق‪.‬م‪ .‬فحملت إسمه‪ .‬وبنيت علي مكـان مرتفـع‪ ،‬علـي‬ ‫أكمة من األكام السبع تم اتسعت لتمتد فتشمل كل األكام‪.‬‬

‫‪ 2‬إتســع نطاقهــا ونفوذهــا حتــى صــارت عاصــمة الدولــة الرومانيــة التــي اســتولت علــي حــوض البحــر المتوســط كلــه‪.‬‬

‫وصــارت رومــا ملتقــى ساســة العــالم وقادتــه‪ ،‬ومركـ اًز للعلــوم واآلداب والفلســفة‪ ،‬واشــتهرت بالقــانون الرومــاني الــذي ال‬

‫يزال ُي َد ّرس في أغلب جامعات العـالم‪ .‬وكبلـد مفتـوح امـتألت رومـا بقبـائح الرجاسـات الوثنيـة القادمـة مـن كـل العـالم‪،‬‬ ‫ويظهــر ذلــك بوضــوح مــن اإلصــحاح األول‪ .‬بــل نعــرف مــن التــاريخ أن شــعبها فــي وثنيتــه كــان لهــم طبع ـاً وحشــياً‬ ‫ويتلذذون بإلقاء العبيد للوحوش تأكلهم‪ ،‬ويتلذذون بصراعات العبيد حتى الموت وذلك في مالعبهم‪.‬‬

‫يقدر سكان روما في القرن األول بحـوالي ‪ 2‬مليـون‪ .‬وكـان ثلـث سـكانها مـن العبيـد‪ .‬وكـان بالمدينـة عـدد كبيـر مـن‬ ‫‪ّ 3‬‬ ‫اليهــود الــذين قــادهم بمبيــوس القائــد الرومــاني كأســري حينمــا إســتولي علــي ســوريا ســنة ‪ :3‬ق‪.‬م وأســكنهم قســماُ فــي‬ ‫المدينة‪ .‬ثم تحرر هؤالء اليهود وتكـاثروا حتـي أصـبحوا حـوالي ‪1:‬ألـف نسـمة فـي عهـد بـولس الرسـول‪ .‬وكـان هـؤالء‬ ‫اليهود في سالم وراحة معظم وقتهم في روما‪ ،‬إال في عهد طيباريوس سـنة ‪19‬م‪ .‬وفـي عهـد كلوديـوس قيصـر سـنة‬

‫‪49‬م‪ .‬الذي أمر بطردهم جميعاً من روما (أع ‪ .)2218‬وذلك غالباً بسـبب شـغب اليهـود ضـد المسـيحيين‪ ،‬فكـان أن‬ ‫‪4‬‬

‫طرد طيباريوس اليهود والمسيحيين‪.‬‬ ‫نشأة المسيحية في روما‬

‫أمــة مــن بيــنهم "رومــانيون‬ ‫أ جــاء فــي ســفر أعمــال الرســل أنــه فــي يــوم الخمســين حضــر يهــود أتقيــاء مــن كــل ّ‬ ‫مستوطنون يهود ودخالء أع ‪ "1522‬هؤالء قبلوا اإليمان بالسيد المسيح وعادوا من أورشليم إلـي رومـا يكـرزون‬ ‫بــين إخــوتهم اليهــود‪ .‬واذا عرفنــا أن مــن آمــن واعتمــد يــوم الخمســين كــانوا ‪ 3555‬شــخص مــن كــل الجنســيات‪،‬‬ ‫وليكن بينهم عدة مئات من روما‪ ،‬هؤالء كانوا الخميرة للمسيحية‪ .‬وكان الروح القدس يعمـل بشـدة مـع الكـارزين‬

‫في الكنيسة األولي لـذلك سـريعاً مـا إنتشـرت المسـيحية فـي رومـا‪ .‬والرسـالة إلـي روميـة كتبـت حـوالي سـنة ‪01‬م‬ ‫أي بعد ما يقرب من ‪ 23‬سنة من عظة بطرس يوم الخمسين‪ .‬في هذه المدة نمت الكنيسة في روما‪.‬‬

‫ب إذ تميــزت الدولــة الرومانيــة بالحريــة وســهولة االنتقــال فيمــا بينهــا وخاصــة بــين البلــدان المختلفــة والعاصــمة‪،‬‬ ‫وكانت رومـا ملتقـى كبـار القـادة والتجـار‪ ،‬فقـد دخلهـا بـال شـك جماعـة مـنهم سـواء مـن أصـل يهـودي أو أممـي‪،‬‬

‫جــاءوا يشــهدون للــرب فــي رومــا‪ .‬مــن بــين ه ـؤالء أنــاس ســمعوا تعــاليم بــولس الرســول فــي بعــض مــدن إخائيــة‬

‫ومكدونيــة (بــالد اليونــان)‪ ،‬ومــدن أســيا الصــغرى وآمن ـوا بهــذه التعــاليم‪ ،‬ويؤكــد ذلــك ســالم القــديس بــولس علــي‬ ‫كثيرين ذكرهم بأسمائهم في اإلصحاح األخير من الرسالة‪ ،‬مما يـدل علـي أنهـم كـانوا مـن تالميـذه ومعارفـه مـع‬

‫‪39‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫أنه لم يكن قد ذهب إلي روما قبل كتابة هذه الرسالة‪ .‬والحظ قول بولس الرسول في (رو ‪" ):21،1‬الموجودين‬

‫في رومية‪ "...‬إذاً هم ليسوا من أهلها األصليين بل إنتقلوا إليها أو نزحوا إليها مؤخ اًر‪.‬‬ ‫ج إذ طُـ ِـرد كثيــر مــن اليهــود إن لــم يكــن جمــيعهم مــن رومــا بــأمر كلوديــوس إلــي مــدن أخــري ثــم عــادوا إليهــا م ـرة‬ ‫أخــري‪ ،‬كــان بعضــهم قــد آمــن بالســيد المســيح مثــال ذلــك أكــيال وبريســكال اللــذان إلتقيــا مــع بــولس الرســول فــي‬

‫كورنثوس (أع ‪ )1218،2‬وآمنا علـي يديـه‪ .‬هـذان وغيرهمـا قـد إشـتركوا فـي تأسـيس الكنيسـة هنـاك (رو ‪)021:‬‬ ‫فكـان لهمــا كنيســة فـي بيتهمــا‪ .‬وهمــا حمـال أخبــار كنيســة روميــة لبـولس ومنهمــا عــرف َم ْـن ِمـ َـن المــؤمنين الــذين‬ ‫آمنوا علي يديه قد سكن في روما فأرسل يسلِّم عليهم في اإلصحاح ‪ 1:‬من رسالته‪.‬‬ ‫د واضح من الرسالة أن أحداً من الرسل لم يكن قد أنشأ هذه الكنيسة حتي كتابة هذ الرسالة‪ ،‬فقد كان مبدأ بولس‬ ‫الرسول "كنت محترصاً أن أبشر هكذا‪ ،‬ليس حيث ُس ِّم َي المسيح لئال أبني علي أسـاس آلخـر (رو‪ .)2210‬واذ‬ ‫يكتب في نفس الرسـالة معلنـاً شـوقه الشـديد للتوجـه إلـيهم‪ ،‬وانـه منـع مـ ار اًر وأخيـ اًر قـرر زيارتهـا (رو‪+ )921،15‬‬

‫(رو‪ .)24-22210‬هذا يؤكد أن أحداً من الرسل لم يكـن قـد زار رومـا مـن قبـل‪ .‬ونـري أشـواق بـولس لزيـارة‬

‫روميــة أيض ـاً فــي أع ‪ 21219‬واجابــة اهلل علــي أش ـواقه نجــدها فــي (أع‪ .)1223‬ولق ـد توجــه بــولس إلــي‬

‫روما فعالً ولكن كأسير ولكنه كرز فيها من خالل سجنه اوالً‪ .‬وهو قد وجد فيها مسيحيين (أع ‪.)10-13228‬‬

‫ج كــان بــولس الرســول يشــعر أنــه رســول األمــم (غــل‪ )122،11‬لــذا أحــس بالمســئولية تجــاه هــذه المدينــة كعاصــمة‬ ‫العالم األممي في ذلك الحين‪.‬‬

‫ح يقــول األخــوة الكاثولي ـك أن بطــرس توجــه إلــي رومــا ســنة ‪41‬م بعــد أن أخرجــه الــرب مــن الســجن (أع‪-1212‬‬ ‫‪ .)11‬وف ــي (أع‪ )11212‬يق ــول أن بط ــرس خ ــرج وذه ــب إل ــي موض ــع آخ ــر‪ .‬ويق ــول الكاثولي ــك أن روم ــا ه ــي‬ ‫الموضع األخـر‪ .‬ويقولـون أن بطـرس إسـتمر فـي رومـا ‪ 20‬سـنة وكـان أول أسـقف لهـا‪ .‬ولكـن غالبيـة الدارسـين‬

‫في الشرق والغرب ال يقبلوا هذا الرأي‪ .‬فمن جهة كان بطرس حاض اًر في أورشليم حتى المجمـع الرسـولي الـذي‬

‫إنعقد سنة ‪ 05‬م تقريباً (أع ‪ .)10‬وكان في إنطاكية سنة ‪00‬م حيث إجتمع مع بولس هناك (ابط‪ .)1320‬ولو‬

‫كان بطرس هو الذي أسس كنيسة روما لما كتب بولس رسالته إلي رومية ولمـا أعلـن إشـتياقه لزيارتهـا فهـو ال‬

‫يبشر حيث ُس ِّم َي المسيح‪ .‬ولو كان بطرس في روما لكان بولس الرسول قد ذكر إسمه أول األسماء التي يسلم‬ ‫علي أصحابها (رو ‪ .)1:‬ورسائل األسر التي كتبها بولس وهو في سجنه في روما ال يذكر فيها اسم بطرس‪.‬‬ ‫لكن تنظيم كنيسة رومية تم بعد ذلك بواسطة بولس وبطرس فيما بين سنة ‪ ، :2‬سنة ‪:1‬م‬

‫‪ 1‬زمان ومكان كتابة الرسالة‬

‫كتب الرسول هذه الرسالة وهو يتوقع زيارته لروما ‪.‬وقد قرر ذلك فى طريقه الـى أسـبانيا (رو‪ .)24-23210‬وذلـك بعـد‬

‫ذهاب ــه إل ــى أورش ــليم ح ــامالً مع ــه عطاي ــا مس ــيحيي مكدوني ــة واخائي ــة إل ــى إخ ــوتهم فقـ ـراء أورش ــليم (رو‪+ 20،2: 210‬‬

‫اكو‪2 + 1:-121:‬كو‪ .)4-128‬بهذا يكون قد كتبها أثناء رحلته التبشيرية الثالثة من كورنثوس‪ ،‬فى بيـت رجـل إسـمه‬ ‫غـ ـ ــايس وص ـ ـ ــفه الرس ـ ـ ــول أن ـ ـ ــه مض ـ ـ ــيفى ومض ـ ـ ــيف الكنيس ـ ـ ــة كله ـ ـ ــا (رو‪ .)2321:‬وه ـ ـ ــو أح ـ ـ ــد اثن ـ ـ ــين ق ـ ـ ــام الرس ـ ـ ــول‬

‫بتعميــدهما(‪1‬كــو‪ )1421‬أمالهــا الرســول علــى ترتيــوس‪ ،‬فبــولس الرســول كــان نظـره ضــعيفاً جـداً ‪.‬وقــد حملتهــا إلــى رومــا‬ ‫‪40‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫الشماسة فيبى‪ ،‬خادمة كنيسة كنخريا(‪ )1210‬وكنخريا ميناء شرقي كورنثوس‪ .‬واذ ذهب بولس الرسول إلى أورشليم فى‬

‫ربيع سنة ‪08‬م‪ ،‬لذا يرى غالبية الدارسين أنها كتبت ما بين سنة‪،01‬‬ ‫‪ :‬األباطرة الذين عاصرهم بولس الرسول‬

‫فى أيامه آمن بولس‬

‫‪ 1‬طيباريوس‬ ‫‪ 2‬كاليجوال‬

‫‪ 3‬كلوديوس‬ ‫‪ 4‬نيرون (‬

‫فى أيامه إستشهد بولس)‬

‫‪ 7‬جدول تواريخ خدمة بولس الرسول‬

‫مات سنة ‪31‬م حكم ‪18‬سنة‬

‫مات سنة ‪41‬م‬ ‫مات مسموماً سنة ‪04‬م‬

‫مات منتح اًر سنة ‪:8‬م‬

‫قبول بولس لإليمان المسيحي‬

‫‪ 3:‬م‬

‫أول زيارة لبولس ألورشليم‬

‫‪38‬‬

‫ثانى زيارة لبولس ألورشليم‬

‫‪44‬‬

‫بدء أول رحلة تبشيرية‬

‫‪40‬‬

‫ثالث زيارة لبولس ألورشليم ‪ +‬أول مجمع للرسل في أورشليم‬

‫‪49‬‬

‫رابع زيارة ألورشليم‬

‫‪04‬‬

‫بدء ثاني رحلة تبشيرية‬

‫‪05‬‬

‫بدء ثالث رحلة تبشيرية‬

‫‪04‬‬

‫خامس زيارة ألورشليم وهي آخر زيارة‬

‫‪08‬‬

‫السجن في قيصرية‬

‫الترحيل إلي روما‬

‫أول سجن لبولس في روما‬

‫سنة ‪08‬م‪.‬‬

‫‪:5 – 08‬‬

‫خريف‪:1 - :5‬‬

‫‪:3 - :1‬‬

‫البراءة وبدء ك ارزته في أوروبا ثانية‬

‫‪:1‬‬

‫إعادة القبض عليه وسجنه‬

‫‪ :1‬أو ‪:8‬‬

‫اإلستشهاد‬

‫‪ 1‬أهمية الرسالة وغايتها‬

‫‪:8‬‬

‫أ‪ -‬ألهميــة هــذه الرســالة كــان القــديس يوحنــا ذهبــي الفــم يق أرهــا مـرتين أســبوعياً‪ .‬وكانــت هــذه الرســالة هــي الســبب‬ ‫المباشــر لتوبــة وتغييــر القــديس أغســطينوس‪ .‬ولقــد ســميت هــذه الرســالة كاتدرائيــة اإليمــان المســيحي إذ تحــوي‬ ‫عناصر اإليمان المسيحي‪ .‬ويسمون اإلصحاح الثامن من هذه الرسالة قدس أقـداس الكاتدرائيـة‪ .‬هـذه الرسـالة‬

‫ويعبر عن الحياة اإلنجيلية بدقة حتى دعيت "إنجيل بولس"‬ ‫قدمها بولس الرسول كمقال يمس إيمان الكنيسة ّ‬ ‫ألنه كان مزمعاً أن يتوجه لزيارة روما‪ ،‬أراد الرسول أن يعالج المشاكل الموجودة في روما قبل توجهه‬ ‫ب‪-‬‬ ‫إليها‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫ج‪-‬‬

‫كان أعضاء الكنيسة األولـي فـي رومـا خليطـاً مـن اليهـود المتنصـرين واألمـم المتنصـرين‪ ،‬وربمـا كـان‬

‫العنصر اليهودي غالباً‪ .‬وكان كالم الرسول موجهـاً لكـال العنصـرين حتـى يتعايشـوا فـي محبـة وسـالم وينعمـوا‬ ‫بوحدانيــة الــروح كأعضــاء فــي جســد واحــد ألن اليهــود بتـربيتهم المتعصــبة المتزمتــة وتعصــبهم الشــديد لجنســهم‬

‫وثقــافتهم وفكــرهم الــديني لــم يقــدروا ان ينزع ـوا أنفســهم بســهولة عــن شــعورهم باإلمتيــاز عــن غيــرهم حتــى بعــد‬ ‫قبولهم لإليمان المسيحي فكانوا يستخفون باألمم المتنصرين تحت دعوي‪2‬‬ ‫‪ -1‬أنهم أبناء إبراهيم وأصحاب الوعد كنسل إبراهيم‬ ‫‪ - 2‬أنهم مستلمو الناموس الموسوي دون سواهم‪.‬‬

‫‪ -2‬أنهم شعب اهلل المختار وحدهم‪.‬‬

‫تأصــل فــيهم الكبريــاء عــن عــدم فهــم للبنــوة‬ ‫ولــذلك فخــالل هــذا الفكــر الــذي عاشــوه فــي ماضــيهم اليهــودي ّ‬ ‫إلبراهيم وال غاية الناموس وال معني اختيار اهلل لشعبه فظنوا أنهم حتى بعد قبول اإليمان بالمسيا يبقون في‬

‫أمــا األمــم فقــد أخــذوا موقف ـاً مضــاداً كــرد فعــل للفكــر اليهــودي‪ ،‬فــإحتقروا اليهــود‬ ‫مرتبــة أســمي مــن غيــرهم‪ .‬و ّ‬ ‫ونظ ــروا إلـ ـيهم كش ــعب جاح ــد وأن الب ــاب ق ــد أغل ــق عل ــي اليه ــود لينف ــتح عل ــي مصــراعيه لألم ــم‪ ،‬باإلض ــافة‬ ‫إلعجابهم بفلسفتهم وعلومهم وعظمتهم‪.‬‬

‫وكتــب بــولس رســالته ليشــرح لليهــود معنــي البنــوة إلب ـراهيم وأن بنــوتهم إلبـراهيم أو النــاموس لــن يكونــا ســبب‬

‫خــالص له ــم‪ .‬وكتــب لألم ــم أن فلس ــفتهم لــن تخلص ــهم‪ .‬وأن ال فضــل إلنس ــان ف ــي قبولــه الخ ــالص وقبول ــه‬ ‫اإليمــان بــل هــي نعمــة ورحمــة مــن اهلل‪ .‬فالنــاموس يشــير للخطيــة لكنــه ال يعطينــي قــوة لكــي أتجنبهــا‪ .‬أمــا‬

‫فلســفات األمــم فلقــد قــادتهم للســقوط فــي النجاســات‪ .‬لــذلك تحــدث الرســول عــن إحتيــاج الجميــع يهــوداً وأمــم‬

‫للخــالص‪ ،‬وتحــدث عــن عموميــة الخــالص‪ .‬وأن البــاب قــد إنفــتح لألمــم كمــا لليهــود خــالل اإليمــان‪ .‬وشــرح‬ ‫بولس مفهوم اإليمان ضرورته للخالص‪.‬‬

‫د‬

‫نراه في هذه الرسالة يدعو إلحترام الحكام ودفع الجزية بالرغم من إضطهادهم للكنيسة‪.‬‬

‫‪ 1‬المواضيع الرئيسية في الرسالة‪:‬‬ ‫‪ .5‬األيمان والخالص المجاني‬

‫عاش القـديس بـولس قبـل اإليمـان بالسـيد المسـيح فـي صـراع داخلـي مـر‪ .‬ففـي الخـارج يظهـر إنسـاناً معتـداً بجنسـه وبـره‬

‫وفريسـيته‪ ،‬بكونــه عبرانيـاً أصــيالً مـن شــعب اهلل المختـار وفريســياً وحافظـاً للنــاموس‪ ،‬يمـارس الطقــوس فـي جديــة ويحفــظ‬ ‫الطقوس والوصايا‪ ،‬لكنه في أعماق نفسـه الدفينـة متـي صـارح نفسـه يجـد أنـه ضـعيف للغايـة أمـام الخطيـة وعـاجز عـن‬ ‫التمتع بالحياة المقدسة الداخلية‪ ،‬محتاج ال إلي وصايا وتعاليم بل بالحري إلي تجديـد طبيعتـه‪ .‬والحـظ إفتخـاره ببـره قبـل‬

‫إيمانه بالمسيح‪ ..‬من جهـة البـر الـذي فـي النـاموس بـال لـوم فـي (‪ ):-421‬وصـعوبة الحيـاة المقدسـة فـي ظـل النـاموس‬

‫َعب َ​َّر عنها التالميذ أنفسهم بقولهم لمن أرادوا الزام األمم المتنصرين بالناموس "فاآلن لماذا تجربون اهلل بوضع نير علي‬ ‫عنــق التالميــذ لــم يســتطع أباؤنــا وال نحــن أن نحملــه" (أع‪ .)15210‬ولقــد وجــد الرســول بــولس فــي اإليمــان بربنــا يســوع‪،‬‬

‫‪42‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫وباإليمــان وحــده ال بأعمــال النــاموس الحرفيــة مــن ختــان وغســالت وتطهي ـرات أنــه يــدفن مــع المســيح ويقــوم فــي ميــاه‬

‫المعمودية ليصير "خليقة جديدة‪ ،‬األشياء العتيقة قد مضت‪ ،‬هوذا الكل قد صار جديداً" (‪2‬كو‪.)1120‬‬

‫هنا نري أن وضع البشر قبل المسيح يشبه وضع التالميذ عندما حاولوا صيد السـمك طـوال الليـل بـال فائـدة‪ .‬ولكـن لمـا‬

‫دخل الرب يسوع المركب تغير الوضع واصطادوا سمكاً كثي اًر‪ .‬لقد عجز العالم أن يعيش في البر قبل المسـيح وتسـاوي‬ ‫في ذلك األمم الذين ليس لديهم ناموس مع اليهود الذين لهـم النـاموس‪ ،‬والفـارق أن النـاموس كـان يخيـف اليهـود فيمتنـع‬

‫البعض عن الخطية خوفاً‪ ،‬لذلك قال الرسول أن الناموس مؤدبنا إلي المسيح (غـل‪ .)2423‬ولكـن هـذا ال يمنـع مـن أنـه‬ ‫كــان يوجــد داخــل الــنفس كبــت واشــتياق للخطيــة‪ ،‬وهــذا مــا عبــر عنــه التالميــذ فــي (أع‪ .)15210‬لكــن لمــا جــاء المســيح‬ ‫ودخل حياتنا وأعطي الخالص باإليمـان نـال المـؤمنين التبريـر الحقيقـي‪ .‬ولقـد إختبـر بـولس الحيـاة الجديـدة فـي المسـيح‬

‫يسوع ال كتغيير مظهري وال إعتناقاً لتعاليم جديدة إنمـا مـا هـو أعظـم‪ ..‬لقـد تمتـع بقـوة اإليمـان الحـي وتغييـر شـامل فـي‬ ‫حياته الجديدة فيه تقديس للقلـب واألحاسـيس والفكـر والعواطـف وكـل طاقـات الـنفس والجسـد بـالروح القـدس الـذي يسـكن‬

‫فيه‪( ...‬تقديس أي تكريس وتخصيص هلل‪"...‬يا ابني إعطني قلبك" (أم‪ )2:223‬هذا التغيير يتحقق خـالل تغييـر مركـز‬ ‫اإلنسان من حالة العداوة مع اهلل خالل ناموس الخطية (ألنه لم يوجد اإلنسان الذي إستطاع تنفيذ كل أوامر النـاموس)‬ ‫إلي حالة البنوة هلل (التي نحصل عليها باإليمان بالرب يسوع والمعمودية التـي بهـا نثبـت ونتحـد بالمسـيح اإلبـن فنصـير‬

‫أبناء هلل اآلب) األمر الذي كان ناموس موسى عاج از عنه‪.‬‬

‫وحينمــا يتحــدث الرســول هنــا عــن اإليمــان وحــده دون األعمــال فهــو ال يتحــدث عــن الجهــاد الروحــي النــابع عــن اإليمــان‬

‫الحق (جهاد ايجابي وجهاد سـلبي) وال يتحـدث عـن أهميـة األعمـال والجهـاد حتـى تعمـل النعمـة فـي المـؤمن المعمـد بـل‬

‫هو يتحدث عن‬

‫أ‪ -‬األعم ــال الناموس ــية ف ــي حرفيته ــا‪ ،‬فق ــد ك ــان الخ ــالف ب ــين عنص ــري الكنيس ــة األول ــي م ــن متنصـ ـرين يه ــود‬

‫ومتنصـرين مــن األمــم ال فــي أمــر الجهــاد الروحــي وانمــا أعمــال النــاموس‪ ،‬إذ طالــب اليهــود المتنصـرين التـزام‬

‫األمــم بــأن يتهــودوا أوالً بالختــان وممارســة الغســالت اليهوديــة والتطهيـرات حتــى ُيقبلـوا فــي اإليمــان المســيحي‪.‬‬ ‫والرسول يهاجم هذه الحركة التي ترد المؤمن إلي حرفية الناموس ومظهرية إتمام أعماله‪.‬‬

‫ب‪-‬‬

‫أعمال اإلنسان قبل اإليمان بالمسيح فمهما عمل اإلنسان من بر دون إيمان بالمسـيح‪ ،‬فهـذا ال فائـدة‬

‫منه‪ ،‬فالداخل نجس (أر‪.)9211‬‬

‫ج‪-‬‬

‫األعمال التي يعملها المؤمن ويتفاخر بها علي أنها السبب في خالصه‪ ،‬وهذا يعتبر بـر ذاتـي‪ ،‬سـقط‬

‫فيــه اليهــود إذ كــانوا يبحثــون عــن بــر أنفســهم (رو‪ )3215‬أمــا الرســول فلقــد ركــز علــي اإليمــان الحــي العملــي‬

‫العامل بالمحبة (غل‪ ):20‬والذي به يرتبط المؤمن بربنا يسوع ويتحد معه بالمعمودية (رو‪ )02:‬ويصلب معه‬

‫(رو‪ ):2:‬ويقوم معه (رو‪ )02:‬ويحيا معه (رو‪ )82:‬ويتمجد معه (رو‪ )1128‬ويرث معـه (رو‪ )1128‬ويتـألم‬ ‫معــه (رو‪ .)1128‬لقــد مــات إبــن اهلل عوض ـاً عنــا ألجــل غف ـران خطايانــا واآلن يحيــا فينــا ألجــل تحريرنــا مــن‬ ‫سلطان الخطية‪ .‬نحن اآلن نحيا بحياته فينا فنخلص (غـل‪ + 2522‬رو‪ .)1520‬حياتـه فينـا هـي التـي تعطينـا‬

‫أن نصبح خليقة جديدة ال سلطان للخطية عليها‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫‪ .:‬عمومية الخالص‪:‬‬ ‫إيمان الرسول بولس بالسيد المسيح زعزع أساسات فكره المتعصب‪ ،‬فبعد ما كان مثل كـل اليهـود يعتنـق فكـرة أن العـالم‬

‫كله قد خلق من أجل الرجل اليهودي ولخدمته‪ ،‬أدرك حب اهلل الشامل لكـل البشـر بغـض النظـر عـن جنسـيته أو جنسـه‬ ‫أو إمكانياته أو سلوكه‪ ،‬جاء المسيح لليهـودي كمـا لألممـي‪ ،‬للرجـل كمـا للمـرأة‪ ،‬للطفـل كمـا للشـيخ‪ ،‬جـاء يطلـب الخطـاة‬ ‫والفجار ليقدسهم له‪ .‬جاء ألجل الجميع‪ .‬لذا تكررت كلمة "الجميع" أو ما يماثلها حوالي ‪ 15‬مرة في هذه الرسالة‪ .‬وفنـد‬

‫الرسول حجة اليهود أنهـم أبنـاء إبـراهيم أب األبـاء‪ ،‬فطـالبهم بـالبنوة الروحيـة لـه بحمـل إيمانـه‪ ،‬بـل رفعهـم للبنـوة هلل وهـذه‬

‫تهب الحرية الداخلية‪ .‬وفند حجتهم أنهم مستلمو الناموس معلناً أن غرض الناموس أنه كان فقط كمرآة تفضح الخطايـا‬ ‫والعيوب ولكن ال قوة للناموس أن يغير طبيعتنا‪ .‬الناموس أعلن الحكم عليهم بالموت‪ ،‬ولكن قادهم إلي المخلص واهب‬

‫الحياة‪ .‬وهذا هو هدف الناموس (رو‪ .)4215‬وأخيـ اًر فنـد حجـتهم أنهـم شـعب اهلل المختـار لـيعلن بسـط اهلل ذراعيـه للعـالم‬

‫كله ليضم له شعباً لم يكن يعرفه‪ ،‬ويجعل من األمم التي كانت غير محبوبـة‪ ،‬محبوبـة لـه بإيمانهـا بـه بعـد جحـود طـال‬

‫زمانه‪ ...‬فاهلل خالق الكل والمهتم بخالص الجميع‪.‬‬ ‫‪ -52‬كلمات تكررت في الرسالة‪:‬‬

‫هناك مصطلحات تكررت في هذه الرسالة وهي "النعمة والبر والقداسة" والرسول ال يقدم تعاريف نظرية ومفاهيم فكرية‪،‬‬

‫إنما تشعر وكأنه يود أن يدخل بكل مؤمن إلي التمتع بهذه النعم والعطايا اإللهية التي إختبرها هو‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬النعمة ‪charisma‬‬

‫إذ يعالج الرسول بـولس موضـوع "عموميـة الخـالص" يكثـر الحـديث عـن النعمـة كمقابـل ألعمـال النـاموس الحرفيـة‪ ،‬فقـد‬

‫أراد اليهود أن يتبرروا بأعمال الناموس لكن جاء السيد المسيح ليهب النعمة المجانية لكل البشر للتبريـر (أف‪)9-022‬‬

‫ولقــد اســتخدم الرســول كلمــة "نعمــة" مقابــل كلمــة "أجـرة"‪ .‬فمــا ننالــه مــن اهلل لــيس أجـرة عــن عمــل نمارســه‪ ،‬إنمــا هــو هبــة‬ ‫مجانية قدمها اهلل خالل ذبيحة الصليب وهي نابعة عن فيض حبه اإللهي‪ .‬والحظ أننا لو تكلمنا عن األجرة في حديثنا‬

‫مــع اهلل‪ ،‬فمــن صــلي أو صــام ثــم يطلــب أج ـرة يــذكر لــه اهلل خطايـاه‪ ..‬وأج ـرة الخطيــة مــوت‪ .‬أمــا مــن يشــعر ويــؤمن أنــه‬ ‫حصل علي البنوة‪ ،‬صـار إبنـاً هلل وحصـل علـي النعمـة التـي غيـرت طبيعتـه‪ ،‬تجـده يصـوم ويصـلي عـن حـب إبـن ألبيـه‬

‫أمـا مـن عـاش شـاع اًر بمحبـة‬ ‫غير طالباً اجرة مـن أبيـه‪ ،‬ومـن يطلـب األجـرة فهـو مـازال يعـيش بـالفكر الضـيق اليهـودي‪ّ .‬‬ ‫المســيح‪ ،‬متمتع ـاً بعمــل النعمــة فيــه التــي غيــرت مرك ـزه كــإبن‪ ،‬ال كعبــد يطلــب أج ـرة عــن أعمالــه‪ ،‬فهــذا لــه حيــاة أبديــة‬

‫(رو‪ + 232:‬رو‪.)1020‬‬

‫ويالحظ أن كلمة نعمة "خاريزما" هي تعبير عكسري‪ ،‬يسـتخدم عنـدما يتـولي اإلمب ارطـور العـرش أو يحتفـل بعيـد مـيالده‬

‫حيث يهب جنوده عطايا مجانية خالل كرم اإلمبراطور وسخائه‪ ،‬هي ليست في مقابل عمل معين عملوه‪ .‬وكـأن السـيد‬ ‫المسيح إذ إرتفع علي عرش الصليب وملك علي النفوس قـدم نعمـة لكـل البشـر‪ ،‬هـي عملـه الخالصـي الـذي يتركـز فـي‬ ‫حلولــه فــي الــنفس لتثبيــت المــؤمن فيــه بروحــه القــدوس فيــنعم باألحضــان األبويــة‪ .‬هــذه هــي عطيتــه أن يتمتــع المــؤمن‬

‫بالثالوث األقـدس فـي اسـتحقاقات الـدم الثمـين‪ ،‬ليحمـل الصـورة اإللهيـة ويـنعم بسـمات سـماوية فائقـة‪ .‬والسـؤال هنـا‪ ..‬أي‬

‫‪44‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫عمــل عملــه اإلنســان ليســتحق كــل هــذا؟ بــل كانــت أعمــال اإلنســان كلهــا نجاســة!! لــذلك نفهــم أن فــداء المســيح وارســال‬

‫الروح القدس للكنيسة هي نعمة مجانية ليست في مقابل أي عمل عمله إنسان ما‪.‬‬

‫ويــري القــديس البابــا أثناســيوس الرســولي أن هــذه النعمــة اإللهيــة التــي تجلــت فــي كمــال قوتهــا بالصــليب ليســت بــاألمر‬

‫ميـز اإلنسـان عـن بـاقي الخليقـة‪ ،‬بـل خلقـه‬ ‫الجديد‪ ،‬فعند الخلقة اقـام اهلل بالنعمـة الخليقـة مـن العـدم إلـي الوجـود وبنعمتـه ّ‬ ‫علي صورته ومثاله‪ .‬بل من نعمته وهبه الوصية حتي ال يفقد الفردوس‪ .‬بل يحيا فيه لألبد بال حزن وال ألم وال قلق بل‬

‫في فرح دائم‪ .‬وعندما فقد اإلنسان النعمة اإللهية جاء إبن اإلنسان متجسداً ليرد لإلنسان ما فقده بتجديـد طبيعتـه بنعمـة‬

‫أعظم‪.‬‬

‫وهناك تعريف ألحد الدارسين "النعمة هي قوة اهلل المودعة في يدي اإلنسان مجاناً‪ ..‬لكنها ال تُعطي بدون شـرط‪ ،‬وهـي‬ ‫تهيــئ اإلنســان بــالروح القــدس لتقدمــة الخــالص للتمتــع بالحيــاة األبديــة الجديــدة النهائيــة‪ ،‬المعلنــة والمــدبرة فــي الكتــاب‬ ‫المقدس‪ ..‬بواسطة يسوع المسيح والمقدمة للعالم كله"‬

‫لذلك نفهم أن هناك نوعين من النعمة‬

‫‪ .1‬عمــل المســيح وفدائــه (تجســده وصــلبه وقيامتــه) وارســال الــروح القــدس هــذه نعمــة مجانيــة موجهــة لكــل العــالم‪ ،‬وهــي‬ ‫متاحة لكل من يؤمن‪.‬‬

‫‪ .2‬النعمــة التــي هــي قــوة التغييــر التــي تغيــر المــؤمن وتصــيره خليقــة جديــدة وهــي عمــل الــروح الــذي يســكن فــي المــؤمن‪،‬‬ ‫حتى يغيره إلي صورة المسيح (غل‪ .)1924‬هذه النعمة متوقفة علي جهادنا‪ .‬فالنعمة ال تنزع حرية اإلرادة‪ .‬مـن هنـا‬

‫نفهم أن جهادنا الروحي (السلبي واإليجابي) نحن ال نقدمه كثمن للنعمة وانما كإعالن عن جدية قبولنا وتجاوبنا مع‬ ‫نعم ــة اهلل المجاني ــة‪ ،‬أم ــا المق ــاومون والمعان ــدون ف ــإنهم يخس ــرون عم ــل النعم ــة ف ــيهم‪ ،‬ال ــذين يمتنع ــون ع ــن الجه ــاد‬

‫الروحي‪ ،‬أو الذين يجرون وراء شـهواتهم الحسـية أو خطايـاهم معانـدين صـوت الـروح القـدس‪ ،‬هـؤالء يخسـرون عمـل‬ ‫النعم ــة ف ــيهم‪ ،‬ب ــل ويش ــتكون م ــن س ــطوة الخطي ــة عل ــيهم‪ .‬إن الجه ــاد ض ــروري لخالص ــنا حت ــي ال نخس ــر نعم ــة اهلل‬

‫المجانيــة‪ .‬لكننــا ال نحســب جهادنــا أو أعمالنــا الصــالحة ب ـ اًر ذاتي ـاً مــن جانبنــا‪ .‬فــالمؤمن ال يعــرف شــماله (اإلفتخــار‬ ‫بعمله) ما تفعله يمينه (جهاده وأعماله الصالحة)‪.‬‬

‫إذاً لنقبــل نعمــة اهلل ومبادرتــه بالحــب‪ ..‬هــذه النعمــة تعمــل فينــا لتقــديس مشــيئتنا وأعمالنــا‪ .‬وبجــديتنا فــي تقــديس المشــيئة‬ ‫والعمل ينفتح القلب أكثر لقبول العمل اإللهي‪ ،‬وهكذا نرتفع مـن مجـد إلـي مجـد‪ ،‬ونمـارس الحيـاة المقدسـة بجهـاد وتعـب‬

‫خالل النعمة المجانية‪.‬‬

‫النعمة إذاً هي عطية اهلل اآلب وتدبيره الخالصي التي يقدمها لنا في إبنه يسوع المسيح الذي بالصليب حملنا فيه لننعم‬ ‫بمــا لــه‪ .‬ووهبنــا روحــه القــدوس روح الشــركة الــذي يســكن فينــا‪ ،‬الــذي يرفعنــا إلــي األحضــان األبويــة كأبنــاء مقدســين فــي‬ ‫الحق‪ .‬بهذا إرتبطت كلمة النعمة في ذهن بولس الرسول بعمل اهلل الخالصي المجـاني‪ ،‬غايتهـا أن ترفعنـا مـن حالـة مـا‬

‫تحت الناموس أي تحت أحكامه إلي حالة البنوة ومركزنا الجديد (رو‪)220‬‬

‫وهن ــاك ح ــاالت م ــن عطاي ــا اهلل ونعمت ــه الت ــي يعطيه ــا لل ــبعض مث ــل نعم ــة الرس ــولية الت ــي وهبه ــا اهلل لب ــولس الرس ــول‬

‫(رو‪)10210‬‬

‫‪45‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫وفي الفقرة القادمة نري رسماً يوضح حالة اإلنسان ما قبل الناموس وما بعد الناموس وما بعـد النعمـة نـري فيـه ضـرورة‬

‫صــر‬ ‫الجهــاد حتــى تعمــل النعمــة عملهــا فــي كــبح الشــهوات الخاطئــة وتجعــل الخطيــة كأنهــا ميتــة (رو‪ .)328‬لكــن إذا قَ ّ‬

‫اإلنسان في جهاده تنطفئ النعمة (‪1‬تس‪ )1920‬وبهذا تسود الخطية اإلنسان‪.‬‬ ‫عمل النعمة‪:‬‬ ‫الضمير‬

‫* إنسان ما قبل المسيح وما قبل الناموس‬ ‫‪ +‬الضمير هو الناموس الطبيعي‬

‫ناموس‬

‫نجد هنا أن ناموس الخطية له قوة ضاغطة على اإلنسان‪.‬‬

‫الخطية‬

‫الضمير‬

‫الناموس‬

‫والضمير يقاوم الخطأ ولكن ناموس الخطية له سطوة‪.‬‬ ‫* اإلنسان في عهد ناموس موسى‬

‫ناموس‬ ‫الخطية‬

‫‪ +‬صــار النــاموس بمــا لــه مــن قــوة تأديــب وعقــاب مســاعداً للنــاموس‬ ‫الطبيعـ ــي ضـ ــد نـ ــاموس الخطيـ ــة‪ .‬لـ ــذلك قـ ــال بـ ــولس الرسـ ــول أن‬

‫النـ ــاموس مؤدبنـ ــا إلـ ــى المسـ ــيح (رو‪" )2423‬أعطيتنـ ــي النـ ــاموس‬ ‫عوناً"‬

‫ناموس‬ ‫الخطية‬ ‫بالمسيح كان لنا النعمة وهي‬ ‫قوة جبارة ولكن لمن يجاهد‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬التبرير‬

‫الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد‬ ‫وهذان يقاوم أحدهما اآلخر (غل‪)1:71‬‬

‫ناموس‬ ‫روح الحياة‬ ‫الضمير الناموس‬

‫النعمة‬ ‫ناموس‬ ‫الخطية‬

‫ناموس روح‬ ‫الحياة (رو‪)2:2‬‬ ‫النعمة‬

‫ناموس الخطية‬

‫إنساااان ج يجاهاااد ونجاااد هاااذا‬ ‫اإلنسااااااان يشااااااتكي ماااااان أن‬ ‫للخطية قوة قاهرة عليه‬

‫* المؤمن المسيحي‬

‫إنسان مجاهد‪ .‬هنا نرى النعماة تكابح‬ ‫نااموس الخطياة وكااان اإلنساان ميا‬ ‫عنها وأعضاؤه ميتة أمامها‪.‬‬

‫الخاطئ خاطئ بطبعـه‪ ،‬وكلنـا خطـاة بالو ارثـة مـن أبينـا آدم‪ .‬فأنـا كنـت فـي آدم حـين أخطـأ‪ .‬وحيـث أننـي ولـدت مـن آدم‬

‫أغيـر هـذه الطبيعـة أو‬ ‫فأنا جزء منه‪ ،‬جزء خاطئ مولود بالخطيـة (مـز‪ )0201‬ولـيس فـي سـلطاني أي شـئ ألفعلـه لكـي ّ‬ ‫هــذه الحقيقــة‪ ،‬حتــى لــو حاولــت تحســين ســلوكي‪ .‬فلــو كــان جــدي قــد مــات وهــو فــي ســن الثالثــة‪ ،‬مــا كنــت أنــا قــد وجــدت‬

‫أصـالً بــل كنــت أنــا قــد ُمــت فيــه أيضـاً‪ ،‬فأنــا كنــت فــي آدم حــين أخطــأ ففســدت طبيعتــه وورثــت أنــا منــه طبيعتــه ونتــائج‬ ‫‪46‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫خطيتــه‪( .‬هــذا مــا يســمي وحــدة البش ـرية‪ ،‬فكــل البش ـرية خارجــة مــن شــخص آدم)‪ .‬وصــار مســتحيالً علــي أي إنســان أن‬

‫يحيا با اًر‪ .‬ليس فقط ال يصنع الشر بل أيضـاً يصـنع البـر‪ ،‬صـار مسـتحيالً علـي أي إنسـان أن يمتنـع عـن السـلبيات أو‬ ‫أن يفعــل اإليجابيــات‪ .‬وشــعر اإلنســان بفشــله فــي أن يتبــرر أمــام اهلل "لــيس بــار وال واحــد" (رو‪ .)1523‬وخــالل النــاموس‬

‫الطبيعي صرخ أيوب التقي فكيف يتبرر اإلنسان عند اهلل (أي‪ +229‬أي‪ + :-4 220+ 1:-14210‬مز‪)134‬‬

‫واهلل أعطانا الناموس عوناً‪ ،‬لكن الناموس كشف الخطايا كالمرآة ولكـن لـم يكـن ليسـتطيع أن يغيـر مـن طبيعتنـا فنصـنع‬ ‫البــر‪ ،‬ولــذلك لــم يســتطع أي إنســان فــي ظــل النــاموس الموســوي أن يلتــزم بــه‪ ،‬فإنــه إذ يكســر اإلنســان وصــية واحــدة ولــو‬

‫بالفكر أو بالنية يحسب كاس اًر للناموس وال يتبرر‪ .‬بل كان الناموس نير لـم يسـتطع أحـد مـن اآلبـاء حملـه (أع‪)15210‬‬

‫لكن اليهود حاولوا أن يتبرروا في أعين أنفسهم‪ ،‬حاسبين أن البـر يكمـن فـي إنتسـابهم إلبـراهيم أبـيهم جسـدياً أو حفظهـم‬

‫حرفياً ألعمال الناموس أو إنتمائهم لشعب اهلل المختار إياً كانت حياتهم‪ ..‬وكانت النتيجـة انهـم سـعوا وراء بـر النـاموس‬

‫ال ــذي يق ــوم عل ــي حفظ ــه ش ــكلياً (رو‪ .)22215‬ول ــم يفهمـ ـوا أن الن ــاموس ك ــان غرض ــه أن يش ــعروا بض ــعفهم وعج ــزهم‬

‫ـي يـا اهلل وروحـاً مسـتقيماً جـدد فـي أحشـائي"‬ ‫واحتياجهم لمخلّـص‪ .‬وهـذا مـا أدركـه داود إذ صـرخ "قـائالً قلبـاً نقيـاً إخلقـه ف ّ‬ ‫(مز‪.)01‬‬ ‫والبر في الكتاب المقدس يعني عمل الصالح والخلو من الخطيئة‪ .‬ولـذلك فـالبر هـو صـفة اهلل وحـده القـدوس الـذي بـال‬

‫خطيــة‪ .‬لــذلك حــين ســأل الشــاب الســيد المســيح قــائالً أيهــا المعلــم الصــالح‪ ،‬كــان رد المســيح "لــيس صــالحاً إال اهلل وحــده"‬ ‫وه ــذا ليلف ــت نظـ ـره أن الب ــر ه ــو ص ــفة اهلل وح ــده‪ .‬أم ــا اليه ــودي فك ــان يفتخ ــر بأن ــه ب ــار بحس ــب الن ــاموس (ف ــي‪+ :23‬‬

‫رو‪ .)1923،25‬ومن هذا نفهم أن اليهود لم يكونوا فقط يفتخرون ببرهم‪ ،‬بـل يحبـون أن يعطـوا أنفسـهم ألقابـاً رنانـة تـدل‬ ‫علي صالحهم وبرهم‪ .‬ونفهم أيضا مـن رد المسـيح علـي الشـاب أنـه يصـحح هـذه المفـاهيم‪ ،‬فـالبر فـي المفهـوم اليهـودي‬

‫كان هو اإللتـزام بوصـايا النـاموس‪ ،‬وكـانوا يحـاولون اإللتـزام بهـا رغمـاً مـن فسـاد الـداخل ووجـود الكبـت داخلهـم واشـتهاء‬

‫الخطية‪ .‬وكان من يلتزم خارجياً بوصايا الناموس يسقط في خطية البر الذاتي وهي كبرياء أعمي إذ كانوا ال يروا فساد‬ ‫الــداخل لــذلك شــبههم الســيد بــالقبور المبيضــة مــن الخــارج وداخلهــا عظــام أمـوات ونجاســة‪ ،‬فــاليهود إذ ظنـوا أن التـزامهم‬

‫بحرفية النـاموس يبـررهم كـان ذلـك سـبباً فـي إعجـابهم بـذواتهم‪ ،‬وبهـذا فهـم نسـبوا البـر لـذواتهم‪ .‬لـذلك فهنـا السـيد المسـيح‬ ‫يلفت نظر الشاب أن البر هو هلل وحده‪ .‬والمعني من وراء هذا‪ ..‬ال تبحث عن البر والصـالح فـي تنفيـذ وصـايا بـل فـي‬

‫وجــود اهلل داخلــك‪ .‬ويعنــي أنــه ال داعــي أن تقــول عنــي صــالح إن لــم تــؤمن بــأنني اهلل‪ ،‬وايمانــك بــأنني اهلل هــو الــذي‬ ‫سيعطيك الحياة األبدية‪ .‬وهذا ما أتي المسيح ألجله‪ .‬فالمسيح أتي ال ليعطينا وصايا جديدة بـل يعطينـا حياتـه ويكسـونا‬

‫ببره بعد أن يطهرنا بفدائه‪ ،‬ألبسـنا المسـيح رداء بـره فصـار العـدل اإللهـي ينظـر إلينـا مـن خـالل بـر المسـيح‪ .‬بإختصـار‬

‫التبرير في المسيحية هو إكتساب بر المسيح‪ ،‬ألن اإلنسان لم يستطع أن يكون با اًر بالطبيعـة (بالنـاموس الطبيعـي) وال‬ ‫بالناموس الموسـوي‪ .‬فنـاموس موسـى ال يـؤدي للخـالص‪ ،‬بـل هـو كـان مؤدبنـا إلـي المسـيح‪ ،‬بينمـا كـان للخطيـة سـلطان‬

‫رهيب في ظل الناموس‪ ،‬ومن يمتنع عن الخطيـة يمتنـع خوفـاً مـن عقوبـات النـاموس ممـا يسـبب كبـت‪ .‬أمـا بـر المسـيح‬ ‫فهو تجديد شامل للحياة وتطهير للضمائر بدم المسيح (عب‪ .)22215+ 1429‬ونـري فـي رسـالة روميـة تبريـر المسـيح‬

‫المجــاني (‪+ 920 +2423،20‬غــل‪ .)1:22‬ومعنــي الخــالص المجــاني والتبريــر المجــاني أن المســيح قــدم نفســه ذبيحــة‬

‫‪47‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (المقدمة)‬

‫عنــا لــيس لبــر فينــا‪ ،‬بــل مــات عنــا ونحــن بعــد خطــاة (رو‪ )820‬وقولنــا أن اهلل بــار فهــذا يعنــي أنــه قــدوس‪ ،‬وأنــه بــار فــي‬

‫وعوده لنا (رو‪ )323،4‬رغم ان البشرية لم تتجاوب مع عمله الخالصي‪.‬‬

‫كيف يتبرر اإلنسان‬

‫اهلل هــو الــذي يبــرر أي يعطــي ب ـره لإلنس ـان‪ ،‬وهــذا مــا عملــه المســيح إذ مــات عنــا فإســتوفي حــق العدالــة اإللهيــة عنــا‪،‬‬

‫فغفرت خطايانا‪ ،‬وقام ليقيمنا معه‪ ،‬معطياً لنا حياته وبره نحيا بهما‪ ،‬فالبر هو تجلـي سـمات المسـيح فـي حياتنـا‪ .‬الحيـاة‬ ‫في بر مستحيلة علي اإلنسان دون عمل المسيح ونعمته‪.‬‬

‫التبريئ والتبرير‬

‫يبرئ‪ :‬أي يصير الشخص بال إتهام‪ .‬وذلك ألن المسيح بموته عنا دفع الفدية وغفرت الخطايا السابقة‪.‬‬

‫يبرر‪ :‬أي يحيا اإلنسان يعمل أعمال بر عن شغف وحب وح اررة‪.‬‬

‫مثال‪ -:‬رجل ضبط امرأته في وضع خيانة له فسلمها للقضاء لـيحكم عليهـا‪ .‬هـذا كـان وضـعنا قبـل المسـيح‪ .‬ولنتصـور‬

‫أن القضاء حكم علي المرأة بالبراءة (هذا عمـل دم المسـيح الغـافر) لكـن هـذا ال يكفـي المـرأة إذ هـي مـا ازلـت محرومـة‬ ‫من بيتها وأوالدها‪ .‬هنا يأتي المعني الكامل للتبرير‪ ،‬فهذا ليس معناه غفران الخطايـا فقـط بـل أن المسـيح أعطانـا حياتـه‬

‫متحــداً بنــا لنحيــا فــي بــر كــأوالد اهلل‪ ،‬مــن أهــل بيتــه (هــذا يشــبه رجــوع الم ـرأة لبيتهــا)‪ .‬التبريــر إذاً لــيس فقــط هــو غف ـران‬ ‫الخطايـا‪ ،‬بــل كــون أن المــؤمن يصــير مزكــي عنــد اهلل‪ ،‬مــن أهــل بيــت اهلل‪ ،‬إبنــا هلل‪ ،‬وأوالد اهلل يحيــون ليصــنعوا البــر فهــم‬ ‫علــي صــورة اهلل‪ ،‬وهــذا ال يمكــن أن يكــون بقــوة عمــل اإلنســان بــل بــأن يحيــا المســيح اإللــه فينــا معطيـاً لنــا حياتــه‪ .‬وهـذه‬

‫األعمال البارة التي يقوم بها المؤمن هي التي تنفعه يوم الدينونة حيث يجـازي اهلل كـل واحـد بحسـب أعمالـه (رو‪-:22‬‬

‫‪ .)8‬إذاً التبريــر هــو فــي معنــاه الكامــل رفــع الغضــب عنــا وســكب رضــي األبــوة اإللهيــة بكــل عطاياهــا‪ ،‬وهــذا كــان بــأن‬ ‫المسيح غفر خطايانا بدمه واآلب صالحنا في الحال لنفسه‪.‬‬

‫ولكن ليس معني أن المسيح أعطانا حياته لندخل إلي بره أن نتهاون أو يكون إيماننا لفظياً (فينطبق علينا قول الكتاب‬

‫أمــا قلبــه فمبتعــد عنــي بعيــداً (مــت‪ .)8210‬لكــن اهلل يطلــب اإليمــان العامــل بالمحبــة‬ ‫هــذا الشــعب يســبحني بشــفتيه فقــط ّ‬ ‫(غل‪ .):20‬ولنالحظ أهمية الجهاد حتي يكون لنا هذا البر‪ .‬والحـظ اآليـة "مـع المسـيح صـلبت فأحيـا ال أنـا بـل المسـيح‬

‫ـي أن أقبـل صـلب أهـوائي وشـهواتي الخاطئـة‪ .‬وكمـا أن‬ ‫في" (غل‪ )2522‬من هنا نفهم أن شرط ان يحيا المسـيح ف ّ‬ ‫يحيا ّ‬ ‫الــروح القــدس يبكتنــا علــي خطيــة فهــو يبكتنــا علــي بــر أي يبكتنــا لــو لــم نصــنع البــر‪ .‬فــالروح يبكــت أوالً علــي خطيــة أي‬ ‫يقنعنا بفساد طريق الخطية ثم يعطينا معونة حتي نترك خطيتنا ثم يبكت علي بر أي يقنع اإلنسان المؤمن بأن يصنع‬

‫البر وحين يقتنع يعطيه المعونة ليفعل البر "فالروح يعين ضـعفاتنا" (رو‪ .)2:28‬فـالروح القـدس الـذي فينـا يحولنـا دائمـاً‬

‫لصورة المسيح البار (غل‪ )1924‬نرفض الشر ونصنع البر‪ .‬فالبر في سلبيته هو توقف عن عمـل الشـر وفـي إيجابيتـه‬ ‫هو حمل سمات المسـيح عاملـة فينـا‪ .‬والحـظ أهميـة أن نجاهـد بـأن نعمـل أعمـال بـر‪ ،‬فـالروح ال يعـين المتـراخين‪ .‬لـذلك‬

‫فهذه الرسالة التي تكلمنا عن البر المجاني‪ ،‬تهتم بأن تظهر أهمية أن نجاهد لنعمل البر (إصحاحات‪.)10-12‬‬

‫‪48‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة رسالة رومية)‬ ‫طريق التبرير والتقديس والتمجيد‪:‬‬

‫هنا ننتقل لمرحلة العيان ونرى اهلل وجهاً لوجه‬

‫القيامة والحصول علي الجسد الممجد (‪1‬كو‪)43210‬‬ ‫هذاهوالمجد العتيد ان يستعلن فينا (رو‪.)1828‬‬ ‫(‪2‬كو‪)12:3‬‬

‫الموت بالجسد (رو‪.)2421‬‬ ‫من يسكن اهلل فيه فهذا هو المجد (زك‪ )022‬ولكن مالنا‬ ‫من المجد اآلن فهو مخفي غير ظاهر‪.‬‬ ‫من يتقدس يصير مسكناً للثالوث (يو‪1(+ )23214‬كو‪.)1:23‬‬ ‫التقديس هو أن نتخصص ونتكرس هلل وتصير أعضائنا‬ ‫تعمل لحساب مجد إسمه‪.‬‬ ‫كلما نسير في طريق التبرير تموت أعضائنا عن‬ ‫الخطية فال تكون آالت إثم بل تتخصص هلل وتكون آالت بر (رو‪.)132:‬‬

‫التبرير طريق التقديس‬

‫في" (غل‪. )2522‬‬ ‫بهذا يتحقق "مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا ّ‬

‫الروح يأخذ من بر المسيح وحياته ويعطي للمؤمن (‪2‬كو‪)2120‬‬ ‫الروح يبكت علي بر (يو‪ )821:‬أي يقنع المؤمن بأن يعمل أعمال بر إيجابية‪.‬‬ ‫ب مع المسيح‪.‬‬ ‫عمل الروح القدس (النعمة) يعطي للمؤمن قوة ليصلب شهواته ُفيصلَ ْ‬ ‫الروح القدس يقنع المسيحي بفساد طريق الخطية (أر‪.)1225‬‬ ‫الروح القدس يبكتنا علي كل خطية نرتكبها (يو‪ )821:‬ثم سر اإلعتراف‪.‬‬ ‫بالمعمودية نصير أوالداً هلل ثم بالميرون يحل علينا الروح القدس‪.‬‬

‫بالمعمودية غفران الخطايا وبهذا يتب أر اإلنسان من خطيته (رو‪ .)12:‬إذ دفع المسيح الثمن‪.‬‬ ‫الخطوة الثانية هي المعمودية وهي موت وقيامة مع المسيح (رو‪.)8-32:‬‬ ‫المدخل للتبرير هو اإليمان "واذ قد تبررنا باإليمان" (رو‪.)120‬‬

‫‪49‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (مقدمة رسالة رومية)‬

‫ثالثاً‪ :‬التقديس‬

‫القداسة سمة خاصة باهلل نفسه الذي يدعو نفسه القدوس (ال‪ + 2222 + 2:225 + 44211،40‬ابط‪.)1:21‬‬

‫وهو يسكب هذه السمة علي خليقته المحبوبة لديه فيحسبهم قديسين ناسباً نفسه إليهم بدعوته قدوس القديسين‬

‫(دا‪ )2429‬ويسمي شعبه سواء في العهد القديم أو الجديد أمة مقدسة (خر‪ + :219‬ابط‪ .)922‬والروح القدس‬

‫يسمي روح القداسة هو الذي يهبنا الحياة المقدسة بأن يدخل بنا إلي الثبوت في المسيح القدوس‪ ،‬فنحمل سماته‬

‫فينا ويتحقق القول أن نكون قديسين كما أنه قدوس (ال‪1 + 44211‬بط‪ .)1:21‬هذه الهبة المجانية تُعطي‬ ‫للمجاهدين ال ثمناً لجهادهم‪ ،‬وانما من أجل تجاوبهم مع فيض نعمة اهلل المجانية ليسلكوا في القداسة‪ .‬والرسول‬ ‫يدعو المؤمنين المجاهدين "مدعوين قديسين" (رو‪ )121‬ليس ألنهم بلغوا الحياة المقدسة في كمالها وانما ألنهم‬ ‫يسيرون فيها مشتاقين البلوغ إلي كمالها‪ .‬وقولنا أن اهلل قدوس تعني أنه المرتفع عن كل العالم واألرضيات‬

‫والماديات‪ .‬والمكان الذي يحل فيه اهلل يصير مقدساً بمعني أنه ال ُيقترب منه إالّ بشروط (خر‪ )023‬لذلك ابتدأت‬ ‫تتسحب القداسة علي كل ما يخص اهلل علي األرض‪ ،‬فالهيكل وأدواته والكهنة واألعياد والسبت‪ ،‬والشعب‬ ‫وأورشليم بل كل أرض فلسطين هي مقدسة‪ .‬فاهلل نقول عنه قدوس بمعني الذي يتسامي عن األرضيات‪ ،‬وما يقال‬

‫عنه مقدس فهو الذي صار مخصصاً هلل‪ .‬واإلنسان المقدس أي الذي يصير مخصصاً هلل بفكره وحواسه‬

‫وأعضاؤه‪ ،‬منشغالً بالسماويات وباهلل‪ ،‬مكرساً نفسه هلل‪ .‬والتقديس يأتي بعد التبرير فيستحيل أن يقال عن قديس‬

‫أنه لم تغفر خطاياه‪ .‬القديس تتحول أعضاؤه تدريجيا آلالت بر مخصصة هلل بدالً من أن تكون آالت إثم تعمل‬

‫لحساب العالم‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص‬

‫عودة للجدول‬

‫ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص‬ ‫فكر بولس الرسول عن الخالص ومقدمة لرسالة رومية‬

‫اهلل خلقنا لحياة أبدية ‪-:‬‬

‫‪ -1‬أول آية فى الكتاب "فى البدء خلق‪ "...‬فاهلل يعلن إرادته فى إعطاء حياة فهو ال يخلق موتا‪.‬‬

‫‪ -2‬اهلل خلق العالم فى مليارات السنين ليحيا اإلنسان فى جنة جميلة ‪ ،‬فهل يعقل بعد ذلك أنه يخلقه ليحيا‬ ‫عدة سنوات قليلة ثم يموت‪.‬‬

‫‪ -3‬كانت شجرة الحياة متاحة آلدم ولو إختاراألكل منها لما مات ولكنه إختار شجرة المعرفة بحريته‪.‬‬

‫‪ -4‬قوس قزح كان عالمة لنوح أن اهلل ال يريد أن يهلك العالم مرة أخرى‪ .‬ثم نسمع فى سفر الرؤيا أن يوحنا‬ ‫رأى قوس قزح حول العرش شبه الزمرد (وهو أخضر اللون) والمعنى أن اهلل يذكر ميثاقه مع اإلنسان فى‬

‫أنه ال يريد أن يهلكه ‪ ،‬بل أن يحيا حياة أبدية (اللون األخضر يشير للحياة)‪.‬‬ ‫‪ -0‬فداء المسيح كان لنحيا أبدياً‪.‬‬

‫اهلل خلقنا لنفرح ‪-:‬‬

‫‪ -1‬إسم الجنة َع ْد ْن وهى كلمة عبرية تعنى فرح ‪ ،‬فهذه إرادة اهلل أن نفرح‪.‬‬ ‫‪ -2‬كان الفرح نتيجة حب متبادل مع اهلل ‪ ،‬فاهلل محبة وآدم مخلوق على صورة اهلل‪ .‬والفرح ينشأ عن المحبة‪.‬‬ ‫‪ -3‬اهلل بارك اإلنسان (تك‪.)28 2 1‬‬

‫‪ -4‬المسيح أعاد لنا المحبة والفرح ‪( ....‬ثمار الروح القدس)‪.‬‬ ‫وسقط اإلنسان إذ إختار بحريته إرادة غير إرادة اهلل فتذوق الشر فإنفصل عن اهلل ومات‪ .‬كان اهلل يعرف أن آدم‬

‫كان ضعيفا فلم يرد أنه يتذوق الشر قبل أن يختار األكل من شجرة الحياة ‪ ،‬لذلك نهاه عن األكل من شجرة‬

‫المعرفة‪ .‬وكانت الوصية فى مقابل الحرية كحماية له‪ .‬وكان آدم ح ار فهو على صورة اهلل‪.‬‬ ‫مخالفة الوصية أدت إلى ‪-:‬‬

‫أنا إختطفت لى قضية الموت (القداس الغريغورى)‬

‫ص َر عمر اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ -1‬الموت بأنواعه (أدبى ‪ /‬روحى ‪ /‬جسدى ‪ /‬أبدى)‪ .‬والموت عكس الحياة‪ .‬بل وقَ ُ‬ ‫‪ -2‬العبودية (آخر كلمات سفر التكوين فمصر هى أرض العبودية)‪ .‬والعبودية عكس الحرية‪.‬‬

‫‪ -3‬اللعنة (آخر كلمات العهد القديم) وهى لعنة لألرض (ملعونة األرض بسببك) ‪ .‬ولعنة لإلنسان (ملعون‬ ‫أنت من األرض) واللعنة عكس البركة (والبركة تصاحب وجود اهلل ‪ ،‬أما اللعنة فهى فى إنفصال اهلل عن‬

‫اإلنسان أو المكان)‪ .‬ولعنة األرض الندرى مداها إذ ال ندرى ماذا كانت ولكن ما نراه من زالزل وبراكين‬

‫‪51‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫وأوبئة‪ ...‬هذا ما نراه من نتائج اللعنة‪ .‬ولعنة اإلنسان تسببت فى تحوله للطبع الوحشى مما إنعكس على‬

‫الوحوش ‪ ،‬فسمح اهلل لإلنسان بأكل اللحم ‪.‬‬

‫‪ -4‬إختفى الفرح إذ طرد اإلنسان من جنة الفرح وخدع الشيطان اإلنسان بأن اللذة الحسية هي الفرح‪.‬‬ ‫‪ -0‬المرض بأنواعه (جسدية ونفسية‪.)....‬‬

‫‪ -:‬فساد طبيعة اإلنسان ‪ 2‬كان اإلنسان مخلوقا على غير فساد ‪ ،‬والخطية أفسدته ‪ ،‬وصارت لإلنسان‬ ‫طبيعة فاسدة‪ .‬صار اإلنسان غير قادر أن ينفذ الناموس وال أن يصنع البر‪.‬‬

‫‪ -1‬نزع الروح القدس من اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -8‬فقدان صورة اهلل وفقدان البنوة‪.‬‬ ‫وكان هذا ناتجا عن أن الخليقة أخضعت للباطل لكن على رجاء (رو‪ .)25 2 8‬وهذا من مراحم اهلل إذ يقول‬

‫"لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك ‪ .‬بفيضان الغضب حجبت وجهى عنك لحظة وبإحسان أبدى أرحمك‬ ‫قال وليك الرب" (إش‪. )8 ، 1 2 04‬‬

‫واحتاج اإلنسان إلى طبيب وكان هو المسيح الذى َّ‬ ‫قدم لنا الفداء‬

‫شافيك"خر‪2: 2 10‬‬

‫فماذا أخذنا بالفداء ؟‪" ....‬أنا هو الرب‬

‫‪ -1‬األلم دخل نتيجة للخطية ‪ ،‬واهلل حول العقوبة خالصا فالموت تحول لقيامة أولى هنا على األرض بالتوبة‬ ‫وفى النهاية قيامة ثانية لحياة أبدية‪.‬‬

‫‪ -2‬المسيح أتى لشفاء طبيعتنا (السامرى الصالح) فنعود لصورة المسيح (غل‪ )19 2 4‬وهكذا فى السماء‬

‫(‪1‬يو‪ . )2 2 3‬وتغيرت طبيعة الناس فشعب روما الدموى تغير وشاول الطرسوسى تغير والزناة وعبدة‬ ‫األوثان تغيروا ‪ ،‬بل إنعكس هذا على طبع الوحوش (األنبا برسوم العريان والثعبان) ‪ ،‬بل وعلى الطبيعة‬

‫فاهلل كان يفيض ماء النيل بسبب األنبا بوال‪ .‬ورأينا كيف أن القداسة تنتقل كما تنتقل اللعنة‪.‬‬

‫‪ -3‬الكفارة = إذ تعرينا جاء المسيح ليسترنا ويغطينا (يكفر = يغطى)‪ .‬فال يرانا اآلب بل يرى إبنه‪ .‬لذلك‬ ‫فى " ‪.‬‬ ‫يقول لنا الرب " إثبتوا َّ‬ ‫‪ -4‬الفداء = يلخص بولس الرسول هذا بقوله "صولحنا مع اهلل بموت إبنه ‪ ....‬ونخلص بحياته" رو‪2 0‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪ -0‬بموت المسيح‪....‬دفننا معه فماتت الطبيعة القديمة وتم تنفيذ حكم الناموس فينا فغفرت خطايانا إذ دفع‬ ‫ٍ‬ ‫وكاف لغفران‬ ‫المسيح الثمن‪ .‬فالمسيح إلتحاد الهوته غير المحدود مع ناسوته كان فدائه غير محدود‬ ‫خطايا الجميع فى كل زمان ومكان ‪ " .‬من يد الهاوية أفديهم ‪ ،‬من الموت أخلصهم " (هو‪)14 2 13‬‬ ‫‪ .‬بالمعمودية نموت مع المسيح فنتب أر من خطايانا السالفة‪.‬‬

‫نخلص بحياته‪ ....‬بالمعمودية نقوم مع المسيح متحدين به ويعطينا حياته ‪ ،‬وإلتحادنا به ننال البنوة هلل‪ .‬وبهذه‬ ‫الحياة يمكننا أن نسلك فى بر‪ ،‬وان سلكنا فى بر نتبرر ‪ ،‬ولكنه بر اهلل الذى بإتحادنا بالمسيح (‪2‬كو‪.)21 2 0‬‬ ‫وتتحول أعضائنا آلالت بر بدالً من أن تكون أالت إثم ‪ .‬راجع (رو‪ .):‬وهذه الخليقة الجديدة فى المسيح هى‬

‫‪52‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫التى تَ ْخلُص (غل‪ .)10 2 :‬ولكن هذا لمن يصلب الجسد األهواء مع الشهوات‪( ..‬غل‪ . )24 2 0‬حينئذ يقول‬ ‫فى " (غل‪.)25 2 2‬‬ ‫مع بولس الرسول " مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا َّ‬

‫‪ -:‬اللعنة تحولت إلى بركة‪ ،‬إذ صار المسيح لعنة ألجلنا "فملعون كل من علق على خشبة" (تث‪)23 2 21‬‬ ‫فهو تحمل عنا كل نتائج الخطية (موت‪/‬لعنة‪/‬عرى‪/‬شوك‪)..../‬‬

‫هو حمل كل خطايانا‪.‬‬

‫‪ -1‬صار وارثا ألجلنا ‪ ...‬بأن مجد ناسوته ليعطينا هذا المجد (يو‪ .)22 ، 0 2 11‬وأما على األرض هنا‬ ‫فلقد عاد لنا السالم والفرح وباقى ثمار الروح القدس‪ .‬أما األشرار فهم بال سالم‪.‬‬

‫وهذه قصة الكتاب المقدس‬

‫أسفار موسي ‪ :‬اهلل يعطى حياة ولكن يموت اإلنسان ويرسل اهلل موسى ليخلص الشعب من عبودية فرعون ونرى‬ ‫كل قصة فداء المسيح كرموز‪.‬‬

‫األسفار التاريخية ‪ :‬نرى أنه بدون ملك ساد فساد (القضاة) ثم ُي َك ِّون اهلل مملكة كرمز لمملكة المسيح‪.‬‬

‫األسفار الشعرية ‪ :‬هى عالقة تصاعدية للمؤمن مع اهلل ‪ ،‬وتبدأ بالتصادم مع اهلل (أيوب) ثم اللجوء هلل بالصالة‬ ‫والروح القدس يعين ويعزى ويضع كلمات على الفم (المزامير) والروح القدس يعطى حكمة (األمثال) وتأتى قمة‬

‫الحكمة فى قول سليمان أن العالم باطل (الجامعة) ولكن قمة الروعة تصل فى ( النشيد ) فى عالقة الحب مع‬

‫اهلل‪.‬‬

‫األنبياء ‪ :‬يتلخص كالم األنبياء فى إظهار بشاعة حال اإلنسان ‪ ،‬وأنه يستحق الهالك ولكن‪ ...‬يشير كل‬ ‫األنبياء ألن الحل فى المسيح الذى سيأتى للفداء راجع مثال (هو‪ – 8 2 0‬هو‪.)3 2 :‬‬

‫وينتهى العهد القديم بكلمة لعن ‪ ....‬إنتظا ارً للمسيح الذى يحول اللعنة إلى بركة‪.‬‬

‫العهد الجديد ‪ :‬نرى تحقيق الوعد فيه "باركنا بكل بركة روحية فى السماويات فى المسيح (أف‪ . )3 2 1‬وينتهى‬ ‫بقول يوحنا الرائى "آمين تعال أيها الرب يسوع" لتنتهى أالم األرض ونحيا فى الفرح والمجد ‪.‬‬

‫والمسيح ذراع اهلل (إش‪ )1: ، 1 2 09 + 11 – 9 2 01‬وهو تمم الفداء وأرسل الروح القدس إصبع اهلل‬ ‫(قارن مت‪ 28 2 12‬مع لو‪ )25 2 11‬ليتمم تجديد طبيعتنا ‪.‬‬

‫‪-5‬‬

‫عمل الروح القدس معنا فى تجديد طبيعتنا‬

‫اهلل لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح (‪:‬تى‪.)7 : 5‬‬

‫‪ ‬القوة ‪ :‬قوة لنسلك فى البر وقوة تساند إرادتنا باإلقناع وهذا ما يسمى بالنعمة ‪ .‬ولكن ال بد من الجهاد‬ ‫كما يقول الرسول "فإذ نحن عاملون معه" (‪2‬كو‪ .)1 2 :‬وهى قوة فى مواجهة أى شئ مخيف‪.‬‬

‫‪ ‬المحبة ‪ :‬الروح يسكب فينا محبة اهلل ومحبة الجميع حتى أعدائنا‪ .‬وبهذه المحبة تكون لنا إمكانية حفظ‬ ‫الوصايا ‪ .‬وبالمحبة نثبت فى المسيح (يو‪ . )9 2 10‬وبدون الروح القدس ال توجد محبة حقيقية‪ .‬والروح‬ ‫يعرفنا بالمسيح ويعطينا رؤية حقيقية له فنحبه (يو‪ ، )1: – 122 1:‬وبهذا يسكب محبة اهلل فى قلوبنا‬

‫(رو‪ .)0 2 0‬والروح يعلمنا ويذكرنا بكل تعاليم رب المجد ‪ ،‬ويفتح أعيننا على السماء (‪1‬كو‪.)2‬‬

‫‪53‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫‪ ‬النصح ‪ :‬الروح يعطينا المشورة إلتخاذ القرار السليم‪ .‬النصح فى اإلنجليزية‬ ‫(‪ . )sound mind‬فالروح ينصح ويقنع المؤمن بأن يترك الخطية ويسلك فى البر‬ ‫(إر‪ + 1 2 25‬يو‪.)8 2 1:‬‬

‫‪ -2‬األسرار الكنسيــــــــة ‪ :‬وبواسطتها يبدأ عمل الروح القدس فينا ‪-2‬‬

‫‪ ‬المعمودية ‪ -:‬وبها نستفيد من موت المسيح وقيامته (رو‪ ، ):‬فيها نموت مع المسيح ونقوم متحدين معه‬ ‫‪ .‬ولكن علينا بعد ذلك أن نستمر كأموات أمام الخطية والروح يعين‪.‬‬

‫‪ ‬الميرون ‪ -:‬بهذا السر يسكن الروح القدس فى المعمد ‪ ،‬ويعمل الروح القدس على أن يثبت المعمد فى‬ ‫المسيح (‪2‬كو‪ . )22 ، 21 2 1‬وهذا يتم بأنه ‪ )1‬يبكتنا على فعل الخطية ‪ )2 .‬يبكتنا على عدم فعل‬ ‫البر‬

‫‪ )3‬يبكت على دينونة‪ ...‬فلماذا نلتمس ألنفسنا األعذار إذا أخطأنا فالروح يعطى نعمة أعظم‬

‫(يع‪ )1 – 4 2 4‬والروح يعين ضعفاتنا (رو‪ )2: 2 8‬فلماذا نخطئ ‪ .‬والحظ أن المسيح داس الشيطان‬

‫وأعطانا هذا السلطان‪ ،‬ودان الخطية فى الجسد (رو‪ )3 2 8‬أى أضعف سلطانها وأماتها ولكننا بحريتنا‬

‫نرتد عن كل هذا‪ .‬وهذا كله يعنى أن لنا سلطان على الخطية‪ ،‬ولهذا قال الكتاب " أعطاهم سلطانا أن‬

‫يصيروا أوالد اهلل‪( "...‬يو‪ )12 2 1‬فما يفصلنا عن البنوة هو الخطية‪ .‬توبنا يا رب فنتوب ‪ .‬وكما رأينا‬ ‫فالروح القدس يسكب المحبة فى قلوبنا ‪ ،‬وبالمحبة نحفظ الوصايا ‪ ،‬وبالمحبة وحفظ الوصايا نثبت فى‬

‫المسيح‪.‬‬ ‫‪ ‬التوبة واإلعتراف ‪ -:‬هو قرار بالموت عن الخطية لنحيا فى بر‪ .‬والروح القدس فى سر اإلعتراف ينقل‬ ‫الخطايا التى إعترفنا بها هلل أمام الكاهن إلى المسيح فيغفرها دم المسيح فى ذبيحة اإلفخارستيا‪.‬‬

‫‪ ‬اإلفخارستيا ‪" -:‬من يأكلنى يحيا بى" (يو‪.)01 2 :‬‬

‫‪ ‬مسحة المرضى ‪ -:‬ليست لشفاء الجسد فقط بل هى لشفاء اإلنسان كله نفسا وجسدا وروحا بل قد يكون‬ ‫المرض عمل إلهى لشفاء الروح لتخلص أبديا‪ .‬والحظ صلوات سر مسحة المرضى " إشف يا رب‬ ‫(فالن) ‪ ....‬وان كان قد فعل خطية تغفر له" ‪ .‬وهذا ما علَّم به القديس يعقوب (يع‪.)1: – 142 0‬‬

‫‪ -3‬والروح القدس يعطى مواهب لبناء الكنيسة كجسد واحد ليقدم عروس واحدة لعريسها المسيح‪ .‬ونالحظ قول‬ ‫السيد المسيح‪......‬‬

‫‪54‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫من آمن واعتمد خلص (مر‪)56 : 56‬‬

‫‪ ‬آمن نظريا بالمسيح‬

‫‪ ‬قَبِ َل أن يموت مع المسيح عن خطيته‬ ‫العالم وخطاياه‪.‬‬

‫‪ +‬يموت مع المسيح ويقوم مع المسيح‬

‫‪ +‬يستمر فى ممارسة موت الجسد‬

‫(رو‪ ، 1 2 12‬رو‪ )11 2 :‬وبهذا تثبت حياة المسيح فيه‪.‬‬

‫إذن اإليمان ليس ترديد كلمات أو قبول المسيح كمخلص نظريا بل هو قبول الموت مع المسيح بالطبيعة القديمة‪،‬‬ ‫فيكون الخالص هو حياة جديدة تعمل البر‪ ،‬وخليقة جديدة (‪2‬كو‪.)11 2 0‬‬ ‫وأنا أريد أن أب أر من الطبيعة القديمة ‪......‬‬ ‫هذا جه ـ ـ ــادى أنا‬

‫والروح يعين‬

‫وهذا عمل النعمة أى معونة الروح‬

‫وهذا ما قاله الرسول ‪.......‬‬

‫إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد (رو‪)53 : 1‬‬

‫عمل النعمة التى تعين‬

‫إماتة أعمال الجسد هى باإلرادة الحرة وهذا هو الجهاد‬

‫والجهاد هو التغصب على عمل الصالح (مت‪)11 2 12‬‬

‫ولهذا نقول أن الروح القدس هو الروح المحيى ‪ ،‬فهو يثبتنا فى اإلبن فتكون لنا حياة اإلبن ومن له حياة تكون له‬ ‫ثمار ‪ .‬ومن يثبت فى اإلبن يحصل على البنوة ‪ .‬والروح يشهد ألرواحنا قائال يا آبا اآلب‪ .‬فهو روح التبنى‪.‬‬

‫الجهاد والنعمة‬

‫الجهاد ‪ 2‬هو ببساطة التغصب على فعل إرادة اهلل وهذا ما علَّم به الرب‪" ...‬ملكوت السموات يغصب" (مت‪2 11‬‬ ‫‪. )12‬‬

‫النعمة ‪ 2‬هى معونة الروح القدس وهى عطية مجانية ‪ ،‬ولكن بحسب فكر األباء فهى تعطى لمن يستحقها‪.‬‬ ‫الجهاد واألعمال ‪ 2‬نوعين ‪ -1‬جهاد سلبى‬

‫‪ -2‬جهاد إيجابى‪.‬‬

‫وكال النوعين يحتاج للتغصب‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫الجهاد السلبى ‪ :‬هو أن نقف أمام الخطية كأموات (رو‪ + 14 – 11 2 :‬كو‪ )0 2 3‬ونرى فى ( رو‪)1 2 12‬‬ ‫= تقديم الجسد ذبيحة حية ‪ ،‬وهذا يعنى أن ال ننقاد لشهواتنا ثانية ‪ ،‬فال شركة للنور مع الظلمة‪ .‬ويقول بولس‬ ‫الرسول "أقمع جسدى وأستعبده ‪1(...‬كو‪ )21 2 9‬وهذا صليب إختيارى ‪ .‬وهذا أيضا نراه فى كيفية التمتع بثمار‬

‫الروح القدس فينا ‪ ،‬ألن هذه الثمار هى لمن يصلب جسده األهواء مع الشهوات (غل‪ . )24 2 0‬بل اهلل يساعدنا‬ ‫بصليب من عنده كما أعطى لبولس الرسول شوكة فى الجسد‪ .‬ويقول الرسول "مع المسيح صلبت فأحيا‪"...‬‬

‫(غل‪ )25 2 2‬لذلك فبقدر ما نمارس صلب النفس بقدر ما نرى المسيح حيا فينا وبره ظاه ار فينا (‪2‬كو‪– 15 2 4‬‬ ‫‪ . ")1:‬فكلما يفنى انساننا الخارج بأالم الصليب يتجدد الداخل يوماً فيوماً" ‪ .‬إذن الجهاد السلبى هو قبول أن‬

‫على والصليب اإلختيارى بدون تذمر‪.‬‬ ‫فى ‪ ،‬هو قبول الصليب الموضوع َّ‬ ‫تموت الطبيعة القديمة التى َّ‬ ‫الجهاد اإليجابى ‪ :‬عمل البركالصالة والتسابيح والصوم ‪ ...‬وبذل الذات فى الخدمة‪ ،‬وفى هذا يقول الرسول‬

‫"جاهدت الجهاد الحسن‪2( "....‬تى‪ )1 2 4‬ويوصى تلميذه تيموثاوس بهذا (‪1‬تى‪ . )12 2 :‬ويقول الرسول أيضا‬

‫أنه تعب أكثر من جميعهم (‪1‬كو‪ .)15 2 10‬ويقول "أما الذين بصبر فى العمل الصالح‪....‬سيجازى كل واحد‬

‫بحسب أعماله" (رو‪ . )1 ، : 2 2‬إذن الجهاد اإليجابى هو أن نقبل السلوك فى الحياة الجديدة التى على صورة‬

‫المسيح (غل‪ ، )19 2 4‬وبحياة المسيح التى فينا …‪" ..‬عيشوا كما يحق إلنجيل المسيح" (فى‪.)21 2 1‬‬

‫إذن الحياة الجديدة هى قبول الموت عن الخطية والحياة فى بر بحياة المسيح التى فينا‪ .‬فنستعيد صورة اهلل‪.‬‬

‫لكن هل الجهاد وحده يكفى؟‬

‫قطعا ال فلماذا ‪-:‬‬

‫داع لموت المسيح‪.‬‬ ‫‪ -1‬لو كان الجهاد وحده يكفى ما كان هناك ٍ‬

‫‪ -2‬لو كان بالناموس بر إذاً المسيح مات بال سبب (غل‪.)21 2 2‬‬

‫‪ -3‬يقول السيد المسيح "بدونى ال تقدرون أن تفعلوا شيئا (يو‪.)0 2 10‬‬ ‫‪ -4‬يقول بولس الرسول "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" (فى‪.)13 2 4‬‬ ‫لذلك كان هناك إحتياج للنعمة وهى معونة إلهية لمن يجاهد‬

‫النعمة ‪ :‬نوعين ‪ -1‬دون عمل منا‬

‫‪ -2‬نعمة تحتاج إلى جهاد منا‬

‫‪ -1‬كان الصليب والفداء وارسال الروح القدس ليس إلستحقاق أى مخلوق ‪ .‬ومهما عمل أى مخلوق ومهما‬ ‫بلغت درجة قداسته فما كان له إستحقاق فى الخالص بدون عمل الفداء ‪ .‬وتقول السيدة العذراء والدة‬

‫اإلله وأطهر المخلوقات " تبتهج روحى باهلل مخلصى" (لو‪ )41 2 1‬فهى وهى والدة اهلل تحتاج للخالص‬ ‫بدم إبنها ‪ .‬كان الفداء عطية مجانية من اهلل للبشر ليخلصوا‪.‬‬

‫‪ -:‬لكن هناك نعمة تحتاج إلى جهاد منا ‪ ،‬وهى معونة اهلل لنا لنكمل وتتجدد طبيعتنا فنخلص‪ .‬وهذه قيل‬

‫عنها "ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد " فالروح يؤازر أعمال الجسد (رو‪ )29 2 2‬ويعين‬

‫‪56‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫ضعفاتنا (رو‪ .)2: 2 8‬والنعمة تسندنا أمام خداعات قلبنا النجيس (إر‪ .)9 2 11‬وعن هذا النوع من‬ ‫النعمة نقول أنها تحتاج إلى جهاد‪.‬‬

‫أمثلة للجهاد والنعمة‬

‫فلك نوح ‪ :‬نوح عمل ما إستطاعه (جهاد) لكن اهلل أغلق عليه (نعمة) فلم يتسرب الماء للفلك (تك‪.)1: 2 1‬‬

‫الخمس خبزات = (جهاد) فهذا كل ما إستطاعوا جمعه ‪ ،‬و (بالنعمة) أشبع الرب ‪ 0555‬نفس‪.‬‬

‫إقامة لعازر ‪ :‬ألم يكن الرب الذى أقامه (نعمة) قاد ار على رفع الحجر ولكن كان هذا هو جهاد البشر‪.‬‬

‫تحويل الماء إلى خمر ‪ :‬مأل األجران (جهاد) و(بالنعمة) َح َّول الرب الماء إلى خمر‪.‬‬ ‫أستار فى بطن سمكة ‪ :‬مثل رائع للزوم الجهاد مع النعمة‪ .‬لو الجهاد بدون النعمة لطلب الرب من بطرس‬ ‫أن يصطاد سمكا كثي ار ليبيعه ويدفع الجزية‪ .‬ولو النعمة بدون جهاد كافية ألحضر الرب أستا ار من السماء‪.‬‬ ‫يقول الرسول إمتلئوا بالروح (وهذا بالنعمة فالروح هو عطية من اهلل مجانية) لكن هذا اإلمتالء يحتاج إلى‬

‫جهاد يعلمه لنا الرسول بقوله "مكلمين بعضكم بمزامير ومرنمين ومسبحين‪( "...‬أف‪.)21 – 18 2 0‬‬

‫أحبوا أعدائكم (المحبة هى نعمة فهى عطية من اهلل) لكنها تعطى لمن يغصب نفسه على أن يتكلم حسنا‬ ‫على الناس = باركوا العنيكم ‪ +‬يحسن إليهم ‪ +‬يصلى ألجلهم ‪ ،‬وهذا التغصب يسمى جهاد ‪.‬‬

‫لو كان بالنعمة فقط فلماذا ال يتحول الكل إلى قديسين !! ولكن الرب يقول " كم مرة أردت لكنكم لم تريدوا"‬

‫(مت‪ . )31 2 23‬وما زال يسأل كل منا "أ تريد أن تبرأ" (يو‪ .): 2 0‬والحظ قول الرسول "إننا عاملون معه"‬ ‫(‪2‬كو‪ + )1 2 :‬قوله " تعبت أكثر منهم (جهاد)‪...‬ال أنا بل (نعمة) اهلل التى معى (‪1‬كو‪.)15 2 10‬‬ ‫الضمير والناموس والنعمة‬

‫الضمير ‪ -:‬اهلل طبع وصاياه على قلب آدم بالمحبة إذ كان فى الجنة يحب اهلل فهو مخلوق على صورة اهلل ‪،‬‬ ‫ومن يحب اهلل يحفظ وصاياه (يو‪ .)23 2 14‬والضمير هو عطية إلهية لكل البشر‪.‬‬

‫الناموس ‪ -:‬بالسقوط فسدت طبيعة اإلنسان ولم يعد يحب اهلل ‪ ،‬فما عاد قاد اًر على حفظ الوصايا‪ .‬فأعطاه اهلل‬ ‫الناموس عونا (القداس الغريغورى) ليكون مؤدبا لإلنسان حتى يأتى المسيح (غل‪ )24 2 3‬وذلك لكبح جماح‬

‫البشر بالخوف من عقوبات الناموس ‪ .‬وكانت الوصايا على لوحى حجر لتناسب حالة قلب البشر الذى تحجر‪.‬‬

‫وكان الناموس هو عطية اهلل لليهود‪.‬‬

‫النعمة ‪ -:‬هى عمل الروح القدس فى اإلنسان المعمد‪ .‬ولكن من يطفئ الروح ويحزنه ال يعود يشعر بهذه‬ ‫النعمة‪.‬‬ ‫وبهذا يتمتع اإلنسان المسيحى بالضمير والناموس وعمل النعمة ‪.‬‬ ‫بولس الرسول يهاجم األعمال ‪..‬فأي أعمال هذه التى يهاجمها؟!‬ ‫‪ -1‬أعمال الناموس الطقسية من ختان وخالفه‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫‪ -:‬األعمال بفكر يهودى أى الذين يشعرون أن أعمالهم تبررهم وهى سبب خالصهم ‪ ،‬وهم يفتخرون بها‬ ‫ويفتخرون ببرهم الذاتى ‪ .‬هم ال يشعرون أنهم فى إحتياج لمعونة من اهلل‪ .‬وهذه هي الفريسية‪.‬‬

‫‪ -3‬كل أعمال اإلنسان قبل المسيح القيمة لها للخالص بدون دم المسيح‪( .‬هذا ما يناقشه بولس الرسول)‪.‬‬ ‫‪ -4‬أما بعد اإليمان فالجهاد واألعمال شرط للحصول على النعمة (وهذا ما يناقشه يعقوب الرسول)‪.‬‬

‫‪ -1‬وحتى اآلن فكل من يشعر أنه بأعماله هو شئ ‪ ،‬ويفتخر بأعماله ‪ ،‬ويتصور أنه بأعماله يحاسب اهلل لو‬ ‫سمح له اهلل بتجربة قائال ‪....‬لماذا هذا وأنا أصلى وأصوم‪ ...‬فهو ساقط فى البر الذاتى كالفريسيين‪.‬‬

‫بالنعمة أنتم مخلصون ليس من أعمال كيال يفتخر أحد (أف‪)1 ، 1: :‬‬ ‫هل تعنى هذه اآلية حقا أن الخالص هو بالنعمة فقط وبدون أعمال ؟!‬ ‫* لو قال بولس الرسول " بالنعمة أنتم مخلصون ليس من أعمال " وسكت لكانت األعمال فعال ال لزوم لها‪.‬‬

‫* ونالحظ أن بولس الرسول يركز على اإليمان والنعمة ‪ ،‬أما القديس يعقوب فيركز على األعمال التى بدونها‬ ‫اإليمان يكون إيمان ميت ‪ .‬فما معنى هذا وهل هناك تعارض بين كال الرأيين ؟‬

‫* وما معنى اإليمان الميت واإليمان الحى ؟‬

‫لنشرح هذا كله لنأخذ مثاال ‪-:‬‬

‫لو طلبت منك أن تنزل إلى البحر لترفع رجال ضخم الجثة وأنت ال تعلم شيئا عن قوة دفع الماء ‪ ،‬فسترفض‬

‫قطعا لثقل وزن الرجل ‪.....‬ومع محاوالتى إلقناعك سيكون أمامك أحد موقفين ‪ .‬األول ‪ -:‬أن تقول أنا واثق فيك‬

‫لكن ال أستطيع ‪ .‬والثانى ‪ -:‬أن تنفذ وتنزل إلى الماء ‪ .‬مع الموقف الثانى ستجد نفسك قاد ار على حمل الرجل‬ ‫بسهولة فقوة دفع الماء حقيقة هى التى تحمل الرجل ‪ .‬لنرى اآلن‪ ....‬هل لو خرجت من الماء وبكبرياء شديد‬ ‫إفتخرت بقوتك ‪ ،‬وبأنك رفعت هذا الرجل‪ .‬أفال يستهزئ بك من يعلم نظرية دفع الماء ‪ .‬واآلن لنفهم تفسير‬

‫المثل‪-2‬‬

‫‪ ‬الرجل الثقيل = الوصايا وهكذا قال تالميذ المسيح (أع‪.)15 2 10‬‬

‫‪ ‬قوة دفع الماء = النعمة التى تساندنا دون أن يراها أحد‪ .‬الروح يعين ضعفاتنا (رو‪.)2: 2 8‬‬ ‫‪ ‬الموقف األول الرافض لنزول الماء والقول أثق فيك لكن لن أنزل = اإليمان الميت‪.‬‬

‫‪ ‬الموقف الثانى وهو قبول النزول للماء = اإليمان الحى‪ ..‬وهذا بالضبط ما قاله القديس بطرس للسيد‬ ‫المسيح " على كلمتك ألقى الشبكة " (لو‪.)0 2 0‬‬

‫‪ ‬اإلفتخار = البر الذاتى والكبرياء‪.‬‬

‫‪ ‬تصديق الرجل وتنفيذ ما طلب منه بتغصب = الجهاد‬ ‫إذاً اإليمان الحي هو قرار بحرية كاملة أن ننفذ الوصايا ونموت عن الخطية ونسلك فى البر واثقين أن النعمة‬

‫ستساندنا ‪ .‬وسنجد حينئذ أن الوصية سهلة ‪ ،‬فالمسيح حقيقة هو من يحمل الحمل ‪ ،‬لذلك قال " إحملوا نيرى فهو‬ ‫هين وحملى فهو خفيف " ‪ .‬اإليمان الحى هو أن يغصب اإلنسان نفسه وينفذ الوصية فيجد التنفيذ سهال (رو‪15‬‬

‫‪58‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫‪( + )11 – 1 2‬عب‪ )1 2 12‬ولذلك يقول السيد " ملكوت السموات يغصب ‪( "...‬مت‪ )12 2 11‬ولكنه يقول‬

‫أيضا أن حمله خفيف ‪ ،‬فمن يغصب نفسه يجد المسيح يحمل عنه‪ .‬والحظ قول الرب " إن فعلتم كل ما أمرتم به‬ ‫فقولوا إننا عبيد بطالون " (لو‪ )15 2 11‬وذلك لمنع اإلفتخار فبداية السقوط الكبرياء‪ .‬وهذا هو دائما فكر بولس‬ ‫الرسول أن اهلل هو الذى يعطى فلماذا اإلفتخار ومصدر النعمة هو اهلل " وان كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك‬

‫لم تأخذ " (‪1‬كو‪.)1 2 4‬‬

‫يسمى‬ ‫أهمية اإليمان الحى ‪ - :‬بدون إيمان ال خالص ‪ .‬المسيح مات وبدمه غفران الخطايا ولكن هناك ما َّ‬

‫إستحقاق الدم ‪ ،‬وأول الشروط هو اإليمان ‪ ،‬وتأتى بعد هذا األسرار وجهاد اإلنسان ‪ .‬وأهمية اإليمان أن من آمن‬

‫بالمسيح فقد عرف من هو المسيح وأحبه ‪ ،‬وهذا يكون قد عرف اهلل ‪ ،‬فالمسيح هو صورة اهلل ورسم جوهره (كو‪1‬‬

‫‪ + 10 2‬عب‪ )3 2 1‬فمن لم يعرف المسيح هو لم يعرف اهلل (يو‪ . )19 2 8‬واإليمان الحى يجعلنا مستعدين أن‬ ‫ننفذ وصايا اهلل ‪ ،‬ونقدم أنفسنا ذبائح حية ‪.‬‬

‫أهمية قرار اإلنسان بأن ينفذ الوصية‬ ‫يقول القديس أغسطينوس " إن اهلل الذى خلقك بدونك ال يستطيع أن يخلصك بدونك " وفى هذا يقول السيد‬ ‫المسيح " كم مرة أردت ‪...‬لكنكم لم تريدوا " (مت‪. )31 2 23‬‬

‫واهلل يريد أن الجميع يخلصون (‪1‬تى ‪ )4 2 2‬فهل يخلص كل الناس ؟ قطعا ال ‪.‬‬

‫ويقول الكتاب " هكذا أحب اهلل العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى ال يهلك كل من يؤمن به بل تكون له حياة أبدية‬

‫" فهل يخلص كل الناس وتكون لهم حياة أبدية ؟‬

‫قطعا ال ‪.‬‬

‫اذاً المهم أن يكون هناك ق ار ار واضحا بالموت عن الخطية والطبيعة القديمة والحياة بحسب الحياة الجديدة‬

‫وما زال سؤال الرب لكل واحد " أتريد أن تب أر "‬

‫األرثوذكسية هى موقف وسط بين إنحرافين فى التفكير ‪-:‬‬

‫الخالص باإليمان فقط دون أعمال‪ -:‬قول بولس الرسول " بالنعمة أنتم مخلصون‪ "...‬هو رد على اليهود‬ ‫والمتهودين ولكل من يفتخر بأعماله أمام اهلل حتى اآلن ويطالب بثمن جهاده‪.‬‬

‫الخالص باألعمال فقط دون إيمان ‪ -:‬والرد على هذا " لو كان بالناموس بر (أعمال وتنفيذ وصايا) فالمسيح إذا‬ ‫مات بال سبب‪.‬‬ ‫تعريفات‬

‫* النعمة ‪-:‬‬ ‫بولس الرسول تكلم عن النعمة كمقابل لألجرة بحسب الفكر اليهودى فى مقابل برهم الذاتى‪ .‬وكلمة النعمة فى‬ ‫أصلها " خاريزما " وهى هبة مجانية يعطيها قيصر لجيشه ورجاله يوم ميالده أو جلوسه على العرش ‪ ،‬وكانت‬

‫‪59‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫تعبي ار عن كرم قيصر وليست فى مقابل عمل معين ‪ .‬وقال أباء الكنيسة أن النعمة عطية مجانية لكنها تُعطى‬ ‫لمن يستحقها أى لمن يجاهد‪.‬‬ ‫* التبرير ‪-:‬‬

‫الناموس يحكم بالموت على كل من أخطأ ‪ .‬أما المسيح فقد جاء ليموت فيغفر خطايانا فنتصالح مع اهلل ‪ .‬وقام‬

‫ليعطينا حياته لنعمل أعمال بر‪ .‬وأعضاءنا التى صارت أعضاء له تكون أالت بر‪.‬‬ ‫غفران الخطايا = تبرئ‬

‫تبرئ ‪ +‬عمل البر = تبرير‬

‫* التقديس ‪-:‬‬

‫اهلل هو القدوس ‪ .‬والروح يكرسنا ويخصصنا هلل فنصير قديسين مخصصين هلل ‪ .‬لذلك نقول عن الروح القدس أنه‬ ‫روح القداسة‪ .‬وكل ما يخص اهلل يقال عنه مقدس‪.‬‬ ‫* اإليمان الميت ‪-:‬‬

‫هو من ظن اإليمان كلمات نرددها مثل أنا مسيحى وأؤمن بالمسيح أنه مخلصى‬

‫كمن يخطئ ويقول‬

‫مؤمن‪.‬‬

‫ولكن دون أعمال ‪ .‬أو‬

‫أن المسيح بدمه غفر كل خطايانا وخلصنا‪ ....‬وبالتالى لى خالص مهما أخطأت فأنا‬

‫اإليمان الحى ‪-:‬‬ ‫هو قول ما سبق ‪ +‬أن تكون هناك أعمال تثبت هذا‪ ،‬ومن يحاول أن يعمل ولو بالتغصب سيجد هناك معونة‬

‫هى النعمة = قوة من الروح القدس ‪ .‬وهذا تعليم بولس الرسول " إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد " (رو‪2 8‬‬ ‫‪ )13‬وبنفس المعنى " ختان القلب بالروح " (رو‪ )29 2 2‬أي قطع الخطايا المحبوبة بالتغصب والروح يعين‪.‬‬ ‫إن كنتم بالروح‬

‫تميتون أعمال الجسد (رو‪)13 2 8‬‬

‫النعمة التى تعين‬

‫من يجاهد يختبر‬

‫إرادتك الحرة ‪+‬تغصبك = جهادك‬

‫اإليمان الحي = تغصب ‪ +‬ثقة فى نعمة تعين‬

‫‪60‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫هل المعمودية تعطى موتا كامال عن الجسد ( اإلنسان العتيق )‬ ‫‪ -1‬المقصود بالجسد = شهوات الجسد‪ .‬والجسد يستمر فى مشاغباته بعد المعمودية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬قطعا المعمودية ال تعطى موتا كامال واال تعطلت الحرية‪.‬‬

‫‪ -3‬ويظل الجسد يشتهى ضد الروح والروح يشتهى ضد الجسد (أعمال الجسد) (غل‪.......)2: – 1: 2 0‬‬ ‫ولكن الروح يعطى نعمة أعظم (يع‪ .)9 2 4‬ولكن هذا لمن يريد أن يسلك بالروح ‪ ،‬أى يطيعه وال يقاومه‬ ‫بأن يصر على مسلكه الخاطئ ‪ .‬مثل هذا سيجد معونة من الروح وهذه المعونة هى ما تسمى بالنعمة‪.‬‬

‫‪ -4‬وهذا الصراع بين الروح والجسد لن ينتهى سوي فى السماء‪ .‬لذلك نحن نقول مع بولس الرسول " ويحى‬ ‫أنا اإلنسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت " (رو‪ )24 2 1‬ونقول معه أيضا " نحن أنفسنا‬

‫أيضا نئن فى أنفسنا متوقعين التبنى فداء أجسادنا " (رو‪ .)232 8‬فبالجسد الجديد الممجد الذى نلبسه‬

‫فى السماء لن نستطيع أن نخطئ ‪ ،‬وهذه هى البنوة الكاملة (‪1‬يو‪ .)92 3‬أما ما حصلنا عليه حتى اآلن‬

‫من بركات الفداء فهو عربون ‪ ،‬أو باكورة البركات األبدية التى هى نصيبنا فى السماء (لنا باكورة الروح‬

‫رو‪ + 23 2 8‬عربون الروح ‪1‬كو‪ + 22 2 1‬روح الموعد الذى هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى‬ ‫أف‪ )14 2 1‬وفداء المقتنى هو فداء الجسد أى حصولنا على الجسد الممجد‪.‬‬ ‫هل يمكن للمؤمن أن يهلك ؟‬

‫‪ -1‬سبق وقلنا أن المعمودية ال تلغى حرية أحد ومن يريد بإرادته الحرة أن يسلك بالروح هو من يجد معونة‬

‫من النعمة‪ .‬أما من يريد أن يرضى شهواته حتى آخر المدى ‪ ،‬فهو له حريته وان أصر على عدم التوبة‬

‫فسيهلك‪.‬‬

‫‪ -2‬هلك شعب اهلل فى البرية بعد أن إعتمدوا فى البحر مع موسي وأكلوا طعاما روحيا وشربوا شرابا روحيا‪،‬‬ ‫وذلك إلصرارهم على الخطية (‪1‬كو‪.)12 – 1 2 15‬‬

‫‪ -3‬وديماس إذ أحب العالم الحاضر إرتد وترك بولس الرسول (‪2‬تى‪ )9 2 4‬وراجع أيضا‬ ‫فى‪ + 19 – 11 2 3‬عب‪ + 8 – 4 2 :‬رو‪.) 22 – 11 2 11‬‬

‫(عب‪+ 1 2 4‬‬

‫‪ -4‬يكفى أن نستمع لبولس الرسول وقوله " أقمع جسدى وأستعبده حتى بعدما كرزت لآلخرين ال أصير أنا‬ ‫نفسى مرفوضا " (‪1‬كو‪.)29 2 9‬‬

‫‪ -0‬وننهى بقول الرب نفسه " بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون " (لو‪.)0 2 13‬‬

‫‪61‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫* المؤمن المسيحي وعمل النعمة معه لكنها تحتاج إلى جهاد‬ ‫الضمير‬ ‫ناموس‬ ‫الخطية‬

‫الضمير‬

‫الناموس‬

‫ناموس‬

‫الخطية‬

‫* إنسان ما قبل المسيح وما قبل الناموس‬ ‫‪ +‬الضمير هو الناموس الطبيعي‬

‫نجد هنا أن ناموس الخطية له قوة ضاغطة على اإلنسان‪.‬‬

‫والضمير يقاوم الخطأ ولكن ناموس الخطية له سطوة‪.‬‬ ‫* اإلنسان في عهد ناموس موسى‬

‫‪ +‬صــار النــاموس بمــا لــه مــن قــوة تأديــب وعقــاب‪ ،‬مســاعداً للنــاموس الطبيعــي ضــد‬ ‫ن ــاموس الخطي ــة‪ .‬ل ــذلك ق ــال ب ــولس الرس ــول أن الن ــاموس مؤدبن ــا إل ــى المس ــيح‬

‫(رو‪" )2423‬أعطيتني الناموس عوناً"‬

‫ناموس‬ ‫الخطية‬ ‫بالمسيح كان لنا النعمة وهي‬ ‫قوة جبارة ولكن لمن يجاهد‪.‬‬

‫الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد‬ ‫وهذان يقاوم أحدهما اآلخر (غل‪)1:71‬‬

‫ناموس‬ ‫روح الحياة‬ ‫الضمير الناموس‬

‫ناموس روح‬ ‫الحياة (رو‪)2:2‬‬

‫النعمة‬

‫النعمة‬

‫ناموس‬ ‫الخطية‬

‫ناموس الخطية‬

‫إنساااان ج يجاهاااد ونجاااد هاااذا‬ ‫اإلنسااااااان يشااااااتكي ماااااان أن‬ ‫للخطية قوة قاهرة عليه‬

‫* المؤمن المسيحي‬

‫إنسان مجاهد‪ .‬هنا نرى النعماة تكابح‬ ‫نااموس الخطياة وكااان اإلنساان ميا‬ ‫عنها وأعضاؤه ميتة أمامها‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫فى المسيــــــــــح‬

‫اإلتحاد بالمسيح ← نحن نجاهد ألجل هذا اإلتحاد هنا‪ ......‬أما هناك فاتحاد كامل‬ ‫هنا نسمي ”عروس المسيح”‬

‫اإليمان واالسرار‬

‫جسدنا‬ ‫االمحدود‬

‫هناك نسمي ”امرأة الخروف‬

‫حل فيه كل‬

‫النقاوة‬

‫ملء‬

‫قبول الصليب بشكر‬

‫الالهوت‬ ‫االتجسد‬

‫جسديا‬

‫فى المسيح‬

‫فى وأنا فيكم " فأخذ بولس الرسول هذه العبارة وجعلها أساس فكر الخالص‬ ‫قال السيد المسيح له المجد " إثبتوا َّ‬ ‫وأطلق األباء على عبارة فى المسيح التى رددها بولس الرسول تقريبا فى كل رسائله م ار اًر‬

‫الرسول " ‪ .‬فالخالص عند الرسول هو لمن هو فى المسيح ‪-:‬‬

‫" الهوت بولس‬

‫‪ ‬ال خالص سوى بثباتنا فى المسيح‬ ‫‪ ‬كل بر هو فى المسيح‪.‬‬

‫‪ ‬حتى سالمنا ومحبتنا بعضنا لبعض هما فى المسيح واال كانت غشا مثل يهوذا‪1( .‬كو‪، 19 2 1:‬‬ ‫‪.)24‬‬

‫‪ ‬وكل من هو فى المسيح هو قديس ( طبعا هناك درجات)‪.‬‬ ‫فى ‪-:‬‬ ‫اثبتوا َّ‬ ‫المسيح (آدم األخير رأس الكنيسة)‬

‫قاعدة المثلث هى من هم في‬

‫آدم رأس الخليقة األولى‬

‫قاعدة المثلث هى كل البشرية أبناء آدم‬ ‫‪63‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫المسيح عبر العصور‬

‫البشر كلهم جسد آدم ‪ -2‬فحواء هى من آدم ‪ ،‬واألوالد من كالهما ‪ ....‬إذاً البشرية كلها جسد واحد‪.‬‬

‫المؤمنين المعمدين ‪ -2‬يتحدون بالمسيح كخليقة جديدة ويصيرون أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه‬

‫(أف‪ .)35 2 0‬وصار كل منا عضو فى هذا الجسد ‪ ،‬وبالتالى فكل عضو له عمله الذى يحدده له الروح القدس‬ ‫ويزوده بالمواهب (‪1‬بط ‪ )4 2‬فنحن مخلوقين فى المسيح يسوع ألعمال صالحة سبق اهلل وأعدها لكى نسلك فيها‬

‫(أ ف‪ . )15 2 2‬والحظ فى هذه اآلية أننا لنا خلقتين‪ ..‬نحن عمله ( الخلقة األولى)‪ ..‬مخلوقين فى المسيح (‬ ‫الخلقة الثانية)‪.‬‬

‫وراجع (أف‪ .)14 – 1 2 1‬وكون كل عضو له عمله فهذا هو ما يسمى بالتكامل بين أعضاء الجسد‪ .‬والمسيح‬ ‫هو رأس الجسد (الكنيسة)‪ .‬ولكن من يصر على الخطأ بدون توبة لن يستمر فى الثبات فى الجسد (جسد‬

‫المسيح) فال شركة للنور مع الظلمة‪ .‬لذلك يقول الرب " توبوا"‪(....‬لو‪ .)0 2 13‬والتوبة قيامة أولى ومن يستمر‬

‫فى حياة التوبة فله قيامة ثانية في المجد ‪ .‬وواضح طبعا أن كل هذا بسبب تجسد المسيح ‪.‬‬

‫ونحن نصير فى المسيح بالمعمودية " ألننا جميعا بروح واحد إعتمدنا إلى جسد واحد " (‪1‬كو‪.)13 2 12‬‬

‫وأنا فيكم ‪ -:‬نخرج من المعمودية متحدين بالمسيح وتكون لنا حياته ‪ ،‬وهى حياة أبدية " فالمسيح بعدما أقيم من‬ ‫األموات ال يموت أيضا‪( "....‬رو‪ .)9 2 :‬وهذه أيضا للمؤمن التائب الذى يحسب نفسه ميتا أمام الخطية (رو‪:‬‬

‫‪ . )11 2‬فمن يقول مع المسيح صلبت‬

‫في (غل‪ .)25 2 2‬وله أن يقول‬ ‫(عن أهواء الخطايا)‪......‬له أن يقول المسيح يحيا َّ‬ ‫المسيح‪(....‬فى‪.)21 2 1‬‬

‫لى الحياة هى‬

‫وحينما صرنا فى المسيح ‪ ،‬حل علينا الروح القدس (روح المسيح) والروح القدس يثبتنا فى المسيح ‪ ،‬وكلما نثبت‬

‫فى المسيح نمتلئ من الروح القدس ‪ .‬وكلما إمتألنا من الروح القدس ‪ ،‬كلما ثبتنا فى المسيح‪.‬‬ ‫ما ذا حصلنا عليه من إتحادنا وثباتنا فى المسيح‬

‫راجع الرسم الصفحة السابقة ‪ .‬فنحن نتحد بالمسيح ‪ )1‬باإليمان واألسرار ‪ )2‬النقاوة ‪ )3‬قبول الصليب بشكر‪.‬‬ ‫وألن المسيح حل فيه كل ملء الالهوت جسديا (كو‪ )19 ، 9 2 2‬صار هذا لنا مصد ار لكل البركات التى نحن‬

‫فى إحتياج إليها ‪ -1‬سكنى الروح القدس فينا ‪ -2‬قداسة ‪ -3‬بركات روحية ومادية‬ ‫‪ -4‬حياة أبدية ‪ -0‬بنوة‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫زيتونة‬

‫زي‬ ‫‪1‬‬

‫زي‬

‫زيتونة‬ ‫‪2‬‬ ‫كوز‬

‫‪ 2،1‬هما إبنا الزي الواقفان‬ ‫عند سيد األرض كلها‬ ‫منارة ذهب لها سبع سرج‬

‫رؤيا زكريا النبى (زك ‪ )4‬ورأى فيها منارة تستمد زيتها التى به تنير من كوز فوقها ‪ ،‬وهذا له زيتونتان كمصدر‬ ‫للزيت ‪ .‬وليس مجال شرح المعنى الكامل للنبوة ولكن نقول أن المنارة إشارة للكنيسة المملوءة من الروح القدس‬

‫فتكون منارة لكل العالم‪ .‬والكوز إشارة للمسيح رأس الكنيسة فهو المملوء بجسده من الروح ويعطى للكنيسة كل‬ ‫إحتياجها‪.‬‬ ‫مفهوم الصليب واأللم فى المسيحية‬ ‫‪ -1‬مع كل هذه البركات فهناك صليب وأالم للمؤمن ‪ ،‬ولكن تغير مفهومها عن العهد القديم ‪ ،‬فما عادت‬

‫عقابا وغضبا من اهلل بل تأديب وشركة أالم مع المسيح ويليها شركة مجد (رو‪ )11 2 8‬بل قال الكتاب‬

‫عن الصليب مجد (يو‪ .)39 – 31 2 1‬وصار شرطا لنكون تالميذ للمسيح فنتشبه به فى حبه الباذل‪.‬‬ ‫ومن تذوق حب المسيح حقيقة يشتهى أن يتألم معه بل قال عنه الرسول أنه صار هبة (فى‪.)29 2 1‬‬

‫‪ -2‬قيل أن المسيح تكمل باألالم (عب‪= )15 2 2‬أى ليشبهنا فى كل شئ ‪ .‬ونحن نكمل باألالم لنقترب من‬ ‫صورته (غل‪ .)19 2 4‬فمن تألم فى الجسد ُك َّ‬ ‫ف عن الخطية (‪1‬بط‪.)1 2 4‬‬

‫‪ -3‬بولس الرسول بالرغم من كل أالمه (شوكة فى الجسد ‪ +‬مقاومة من اليهود والوثنيين بل من المسيحيين‬

‫الذين أشاعوا ضده شائعات وشككوا فى صحة رسوليته بل فى أمانته فى أموال التبرعات ‪2 +‬كو‪)11‬‬ ‫نجده يقمع جسده ويستعبده ‪ .‬فهو الذى علَّم بأن ثمار الروح هى لمن يصلب شهواته (غل‪ .)24 2 0‬واهلل‬ ‫شرح له سبب شوكته ‪ ،‬وأنه معرض للكبرياء من (اإلستعالنات والرؤى ‪ /‬إختطف إلى السماء ‪ /‬حسبوه‬

‫إلها وأرادوا أن يذبحوا له ‪ /‬صنع معجزات وأقام موتى ‪ /‬محبة الكل له)‪ .‬فاألالم صارت أدوية ‪ )1 -2‬إما‬

‫للشفاء من مرض (مثال ‪ - 2‬أيوب) أو ‪ )2‬للحماية من مرض (مثال ‪ -2‬بولس)‪ .‬ربطتنى بكل‬

‫األدوية المؤدية للخالص وليس معنى هذا أن األالم تغفر الخطايا بل دم المسيح فقط‪...‬لكن المجاعة‬ ‫أعادت اإلبن الضال فغفر له‪ .‬وبولس نفسه أدب زانى كورنثوس إذ أسلمه للشيطان ليؤذى جسده‬ ‫‪65‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫فتخلص روحه (‪1‬كو‪ .)0 2 0‬وقال بولس أيضا حين يفنى الجسد الخارج يتجدد الداخل يوما فيوما‬

‫(‪2‬كو‪.)1: 2 4‬‬

‫‪ -4‬من ال يستطيع أن يصلب أهواءه يساعده اهلل بصليب من عنده‪ ،‬حتى ال ينجذب لمحبة العالم‪.‬‬

‫‪ -0‬يقول رب المجد " إحملوا نيرى فهو خفيف‪ "...‬وهو يعلم أنه " سيكون لنا فى العالم ضيق ولكنه غلب‬

‫العالم " والمعنى =إرتبطوا بى فأنا الذى سأحمل الحمل حقيقة (سواء صليب أو تنفيذ وصية) بل روعة‬ ‫الصورة التى رسمها الكتاب " شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى " أى أنه يحتضن المتألم‪ .‬وهو ال‬

‫جرب فوق ما نحتمل بل يعطى مع التجربة المنفذ (‪1‬كو‪ )13 2 15‬وكونه غلب العالم إذاً ونحن‬ ‫يدعنا ُن َّ‬ ‫فيه سنغلب التجربة ولكن ليس بالخروج منها بل بإحتمالها بعزاء ‪ ،‬وهذه هى النصرة فى المسيحية‬

‫‪66‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬ ‫طريق التبرير والتقديس والتمجيد‪:‬‬

‫هنا ننتقل لمرحلة العيان ونرى اهلل وجهاً لوجه‬ ‫القيامة والحصول علي الجسد الممجد (‪1‬كو‪)43210‬‬ ‫هذاهوالمجد العتيد ان يستعلن فينا (رو‪.)1828‬‬

‫(‪2‬كو‪)12:3‬‬

‫الموت بالجسد (رو‪.)2421‬‬ ‫من يسكن اهلل فيه فهذا هو المجد (زك‪ )022‬ولكن مالنا‬ ‫من المجد اآلن فهو مخفي غير ظاهر‪.‬‬ ‫من يتقدس يصير مسكناً للثالوث (يو‪1(+ )23214‬كو‪.)1:23‬‬ ‫التقديس هو أن نتخصص ونتكرس هلل وتصير‬

‫أعضائنا تعمل لحساب مجد إسمه‪.‬‬

‫كلما نسير في طريق التبرير تموت أعضائنا عن‬ ‫الخطية فال تكون آالت إثم بل تتخصص‬

‫هلل وتكون آالت بر (رو‪.)132:‬‬ ‫التبرير طريق التقديس‬

‫في"(غل‪)2522‬‬ ‫بهذا يتحقق "مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا ّ‬

‫الروح يأخذ من بر المسيح وحياته ويعطي للمؤمن (‪2‬كو‪)2120‬‬

‫الروح يبكت علي بر (يو‪ )821:‬أي يقنع المؤمن بأن يعمل أعمال بر إيجابية‪.‬‬ ‫ب مع المسيح‪.‬‬ ‫عمل الروح القدس (النعمة) يعطي للمؤمن قوة ليصلب شهواته ُفيصلَ ْ‬ ‫الروح القدس يقنع المسيحي بفساد طريق الخطية (أر‪.)1225‬‬ ‫الروح القدس يبكتنا علي كل خطية نرتكبها (يو‪ )821:‬ثم سر اإلعتراف‪.‬‬

‫بالمعمودية نصير أوالداً هلل ثم بالميرون يحل علينا الروح القدس‪.‬‬

‫بالمعمودية غفران الخطايا وبهذا يتب أر اإلنسان من خطيته (رو‪ .)12:‬إذ دفع المسيح الثمن‪.‬‬ ‫الخطوة الثانية هي المعمودية وهي موت وقيامة مع المسيح (رو‪.)8-32:‬‬

‫المدخل للتبرير هو اإليمان "واذ قد تبررنا باإليمان" (رو‪.)120‬‬

‫ما هو الخالص‬ ‫خلقنا اهلل على صورته (تك‪ .)2: 2 1‬وبالخطية فسدت هذه الخلقة األولى ‪ ،‬وسكنت الخطية فى داخلنا (رو‪2 1‬‬ ‫‪ + 25‬مز‪ .)0 2 01‬فما عدنا نرى اهلل بسبب ذلك (‪1‬كو‪ + 0 ، 1 2 10‬خر‪ . )25 2 33‬وكان الفداء ودفع‬

‫المسيح ثمن خطايانا بل أعطانا أن نكون خليقة جديدة فيه (‪2‬كو‪ )11 2 0‬وبهذه الخليقة نخلص (غل‪. )10 2 :‬‬ ‫ومدخلنا لكل هذه البركات هو اإليمان ثم المعمودية‪.....‬أنظر الرسم العلوى ‪....‬إلى أن ننتهى فى المجد واألفراح‬

‫األبدية فى السماء ‪ .‬حقا لقد خسرنا الفردوس ومتنا بالخطية‪...‬ولكن عطية المسيح فاقت أضعاف ما خسرناه‬

‫‪67‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫بشكل عجيب ‪ .‬فلقد حصلنا على جسد ممجد غير قابل للموت وال يستطيع أن يخطئ ‪ ،‬خسرنا جنة فحصلنا‬

‫على مكان فى عرش اهلل‬

‫(رؤ‪ )21 2 3‬ولخص الرسول هذا حين قال " ولكن ليس كالخطية هكذا أيضا الهبة " (رو‪.)10 2 0‬‬

‫إذاً الخالص وهو بركات الفداء يعنى ‪- :‬‬ ‫‪ -1‬غفران الخطايا السابقة بدم المسيح = صولحنا بموته (رو‪ )15 2 0‬وموت الطبيعة القديمة أى اإلنسان‬ ‫العتيق (رو‪ )0 ، 4 2 3‬وقيام طبيعة جديدة فينا بالمسيح الذى يحيا فينا (فى‪ .)21 2 1‬وحياة المسيح‬ ‫فينا أبدية وحينما نموت بالجسد نكون كبذرة تدفن لتثمر (‪1‬كو‪(+ )38 – 30 2 10‬رو‪.)9 2 :‬‬

‫‪ -2‬نعمل أعمال بر بحياة المسيح التى فينا فهو يستخدم أعضائنا (‪2‬كو‪ + 21 2 0‬رو‪.)13 2 :‬‬

‫‪ -3‬صرنا جسد المسيح من لحمه ومن عظامه (أف‪ )35 2 0‬وبإتحادنا به وهو اإلبن صرنا أبناء هلل‬ ‫(مت‪ + 9 2 :‬رو‪ )0 2 3‬واإلبن يرث (رو‪ + 11 2 8‬يو‪.)22 2 11‬‬

‫(عدن = فرح) وبالخطية فقدنا هذا‪ .‬وخدعنا إبليس بأن اللذة‬ ‫‪ -4‬آدم فى الجنة إذ كان يحب اهلل كان فى فرح ْ‬ ‫الحسية هى الفرح‪ .‬وبسكنى الروح القدس فينا عدنا للحالة الفردوسية األولى فهو يسكب محبة اهلل فى‬ ‫قلوبنا فتكون ثماره (محبة فرح‪( .).......‬غل‪ .)23 ، 22 2 0‬وكل ما حصلنا عليه هو مجرد عربون ما‬ ‫سنحصل عليه فى السماء فهناك فرح أبدى ال ينطق به ومجيد (‪1‬بط‪ )8 2 1‬وهناك يمسح اهلل كل دمعة‬ ‫من العيون وهناك ال عطش وال جوع (سفر الرؤيا)‪ .‬والبنوة هناك ستكمل متوقعين التبنى (رو‪)23 2 8‬‬

‫‪....‬حقا المسيح أكمل الفداء لكن سنستفيد من كل بركات الفداء فى السماء ‪ .‬وهناك يقتادنا الخروف إلى‬

‫ينابيع ماء حية (رؤ‪ )11 2 1‬أما هنا فنحن أخذنا عربون الروح ‪.‬‬

‫‪ -0‬طالما يسكن الثالوث فينا فنحن فى مجد غير مستعلن وغير مرئى (راجع الرسم الصفحة السابقة)‬ ‫هنا مجد غير مستعلن‪ ..‬وهناك مجد مستعلن ونرى اهلل وجها لوجه‪..‬يكون لنا جسد ممجد‬

‫باإليمان‬

‫رو‪1 + 18 2 8‬كو‪12 2 13‬‬

‫فى ‪1 + 21 2 3‬يو‪2 2 3‬‬ ‫وبهذا الجسد الممجد نرى اهلل‬

‫اإلتحاد بالمسيح‬

‫نحن هنا نجاهد ألجل هذا اإلتحاد‬

‫تسمى الكنيسة هنا عروس المسيح‬

‫وهناك إتحاد كامل‬

‫وتسمى هناك إمرأة الخروف (رؤ‪)1 2 19‬‬

‫‪68‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫‪ -:‬صارت الكنيسة كلها جسد واحد كعروس واحدة للمسيح ‪ ،‬وكل منا عضو يعطيه الروح موهبة لبناء‬

‫الكنيسة ‪ .‬وسنقوم كجسد واحد ونصعد للسماء فالمسيح كان باكورة وسابق لنا (عب‪ )25 – 18 2 :‬وهذا‬

‫ما نصليه فى القداس الغريغورى‬

‫(يو‪) 14‬‬

‫" أصعدت باكورتى إلى السماء " =أنا أمضى ألعد لكم مكانا‬

‫‪ -1‬كل من يثبت فى المسيح يحسب كامالً وبال لوم وبال دينونة (كو‪ + 28 2 1‬أف ‪ + 4 2 1‬رو‪)1 2 8‬‬

‫ولكن من هم الثابتين فى المسيح ؟ هم السالكين بحسب الروح ومنقادين له بال مقاومة للروح ‪ ،‬وليسوا‬

‫سالكين حسب الجسد (رو‪ )1 2 8‬وسنناقش اآلية فى حينه‪ .‬وهذا معنى ما ورد فى سفر النشيد حين قال‬

‫العريس لعروسته حمامتى كاملتى فالحمام دائما يرجع لبيته ‪ ،‬وابن اهلل إذا إبتعد بالخطية وعاد بالتوبة‬

‫ُيحسب كامال فيسمى الحمامة (ألنها عادت لبيتها عب‪ : 2 3‬فنحن بيته) وكاملة (ألنها فى المسيح)‪.‬‬ ‫‪ -8‬لم يعد للموت الجسدى غلبة وال شوكة فهو ال يمنعنا من أن نحيا لألبد (‪1‬كو‪ . )00 2 10‬ولكن الشوكة‬ ‫ما زالت توجع وتؤلم دون أن تميت أبديا ‪ ،‬لذلك ما زال عدو ألننا نحزن على فراق أحبائنا الذين يرقدون‬

‫لكن ليس كالباقين الذين ال رجاء لهم (‪1‬تس‪ )13 2 4‬وكحزانى ونحن دائما فرحون (‪2‬كو‪ )15 2 :‬وهذا‬

‫عمل الروح المعزى‪ ....‬الدموع من خارج والتعزية من داخل (يو‪.)2: 2 10‬‬

‫‪ -9‬األلم والصليب صا ار َلن ْك ُمل ولكن هناك تعزية (راجع صفحة ‪ )11‬عموما فالصليب مالزم للمؤمن فكل‬ ‫الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى فى المسيح يسوع يضطهدون (‪2‬تى‪ )12 2 3‬والهنا الذى يخرج من‬ ‫الجافى حالوة جعل هذه األالم طريقا لنا إلى السماء‪( .‬راجع ‪1‬كو‪2 + 13 2 15‬كو‪.)1 – 3 2 1‬‬

‫‪ -15‬الروح القدس صار يسكن فينا ويساندنا على حفظ الوصية‪ ،‬وأن نثبت فى المسيح ‪ ،‬بل صار شريكا لنا فى‬ ‫كل عمل صالح (‪1‬كو‪2 + 1: 2 3‬كو‪2 + 14 2 13‬كو‪.)21 2 1‬‬

‫‪ -11‬سكب الروح القدس المحبة هلل فى قلوبنا (رو‪ ، )0 2 0‬والمحبة تتحول إلى فرح (غل‪ )22 2 0‬ومن يحب‬ ‫اهلل يتحول قلبه الحجرى ليصير قلب لحم (حز‪ . )19 2 11‬ومن ُي ِّحب يحفظ الوصايا (يو‪ ،)23 2 14‬وهذا‬ ‫معنى أن الوصايا كتبت على قلوبنا (هذا تم بالحب) (عب‪ .)15 2 8‬ومثل هذا اإلنسان ال يحتاج إلى ناموس‬

‫(غل‪ .)23 2 0‬وألن قلوبنا كانت حجرية كتبت الوصايا على ألواح حجرية ‪ ،‬وبالحب كتبت على قلوبنا ‪ ،‬وليس‬ ‫معنى هذا أن نلغى الناموس بل نثبته (رو‪ ، )31 2 3‬فلماذا ؟‬ ‫‪ ‬هومرشد لنا ‪ ،‬فهو كلمة اهلل وهذه التسقط أبداً‪.‬‬

‫ويظهر إحتياجنا إليه فهو الذى يعين‪.‬‬ ‫‪ ‬هو يقودنا للمسيح ُ‬ ‫‪ ‬هو وسيلة إيضاح للعهد الجديد (الحروب مثال هى شرح للحروب مع إبليس) ‪.‬‬

‫‪ ‬النبوات عن المسيح تثبت صحة الكتاب وتثبت محبة اهلل وخطته األزلية فى الفداء‪.‬‬ ‫‪ ‬حب اهلل الذى يمنعنا من عمل الشر هو درجة عالية ‪ .‬فلنسلك خطوة خطوة حتى نصل للحب الكامل‪.‬‬ ‫‪ ‬الوصايا األخالقية لم تبطل‪ .‬الطقوس فقط بطلت فهى كانت رمز للمسيح‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫‪ ‬قال األباء أننا يمكننا أن نجد العهد الجديد داخل القديم ‪ ،‬وقالوا كان اليهود بحفظهم للناموس أمناء‬

‫مكتبة المسيحية‪ .‬وقصص العهد القديم نرى فيها معامالت اهلل مع شعبه واهلل ال يتغير فهذه المعامالت‬

‫هى نفسها معامالت اهلل معنا "يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم والى األبد " ‪ " +‬اهلل ليس عنده تغيير‬

‫وال ظل دوران " (عب‪ + 8 2 13‬يع‪. )11 2 1‬‬

‫‪ -12‬وحَّد المسيح كنيسته فى جسد واحد وجعلها له عروس واحدة بل وحد السمائيين مع األرضيين وصار لهما‬ ‫رأسا واحدا (أف‪1( + ): – 1 2 4 + 23 ، 22 ، 15 2 1‬كو‪ .)12‬وحينما تجتمع الكنيسة كجسد واحدوفى‬

‫محبة ينسكب عليها الروح القدس (مز‪ .)133‬والروح يثبتها فى المسيح اإلبن فيحملها إلى حضن اآلب (شكل‬ ‫بناء الكنيسة)‪ .‬والروح يصرخ فينا يا آبا اآلب لنشعر بأبوة اهلل‪.‬‬

‫‪ -13‬أقامنا معه (اآلن من موت الخطية) وأعطانا أن نحيا حياة سماوية ونحن ما زلنا فى الجسد = وأجلسنا‬ ‫معه فى السماويات (أف‪ . ): 2 2‬وهذا معنى طأطأ السموات ونزل (مز‪ .)9 2 18‬ألم يقل السيد أنه سيكون‬ ‫وسط أى إثنين أو ثالثة يجتمعون بإسمه‪ .‬وحيثما يوجد المسيح يكون المكان سماء‪.‬‬

‫‪ -13‬يقول القديس بطرس أننا صرنا شركاء الطبيعة اإللهية (‪2‬بط‪ )4 2 1‬ويقول القديس بولس الرسول أن‬

‫المسيح يحل فيه كل ملء الالهوت جسديا ونحن مملؤون فيه (كو‪ )15 ، 9 2 2‬فما معنى هذا ؟ هل نحن‬ ‫نمتلئ بالالهوت الذى إمتأل به المسيح ؟! حاشا‪ ......‬قطعا ال فنحن أجساد محدودة ولن نصير آلهة ‪ .‬ولكن‬ ‫بتجسد المسيح واتحادنا به بالمعمودية وثباتنا فيه ‪ ،‬وألن جسده مملوءاً من الهوته ‪ ،‬صار المسيح مصد ار لكل ما‬ ‫نحتاج إليه ‪ .‬هو يمألنا على قدر إحتمالنا من كل البركات التى نحتاجها ‪ ،‬وهذا قال عنه الرسول " كل ملء اهلل‬

‫" (أف‪ . )19 2 3‬لنتصور هذا ‪ ...‬تصور أن هناك خزان ضخم جدا جدا وفى أسفل هذا الخزان ماسورة متصلة‬ ‫بكوز صغير (راجع رسم صفحة ‪ . )9‬فسنجد أن الكوز يمتلئ على قدر سعته المحدودة مما فى هذا الخزان ‪.‬‬ ‫والخزان الكبير هو جسد المسيح المملوء من الهوته ‪ ،‬والكوز الصغير هو أنا وأنت ‪ ،‬وتم اإلتصال بتجسد‬

‫المسيح وبالمعمودية (وقطعا بقية األسرار‪ . )...‬فماذا نأخذ من هذا اإلتحاد من بركات ؟‬

‫‪ ‬حياة أبدية ‪ -:‬ونقول هل لو وضع إنسان بعض األموال فى بنك ليحيا من عائدها ‪ ،‬فهل يصير البنك‬ ‫كله ملكا له بأمواله وممتلكاته وموظفيه بحجة أنه صار شريكا فى رأس مال البنك عن طريق المال الذى‬ ‫وضعه ‪....‬قطعا ال إنما هو يأخذ فقط ما يحيا به ‪ " .‬كما أرسلنى اآلب الحى وأنا حى باآلب فمن‬

‫يأكلنى يحيا بى" (يو‪.)01 2 :‬‬

‫‪ ‬قداسة ‪ -:‬بالروح القدس الساكن فينا ورش دم المسيح وبمقتضى علم اهلل السابق (‪1‬بط‪ )2 2 1‬ولذلك‬ ‫كان بولس الرسول يسمى المؤمنين قديسين (رو‪ . )1 2 1‬ولنأخذ مثاال ‪ -2‬نحن ندخل الشمس إلى بيوتنا‬

‫لتنظيف وتطهير البيوت من أى ميكروبات ‪ .‬فهل نحن ندخل قرص الشمس نفسه ؟! وأين هو البيت‬ ‫الذى يسع هذا الكوكب أو يحتمل ح اررته؟! بل كل ما نحتاجه هو شعاع من نور الشمس وهذا يكفى‬ ‫لتطهير الحجرة‪ .‬وشعاع خارج من الشمس = اإلبن المولود من اآلب = نور من نور ‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫‪ ‬مجد ‪ -:‬المسيح تمجد بناسوته (يو‪ )0 2 11‬ليعطينا هذا المجد (يو‪ . )22 2 11‬المسيح بناسوته صار‬ ‫وارثا (عب‪ )2 21‬لنرث نحن فيه (رو‪ . )11 2 8‬والسؤال ‪ .......‬هل يكون لنا نفس مجده ‪ .‬حاشا‪.‬‬

‫قطعا ال‪ .‬فالمسيح صار له نفس مجد اآلب = جلس عن يمين اآلب = أجلس مع أبى فى عرشه (رؤ‪3‬‬

‫‪ . )21 2‬أما نحن فنأخذ كل واحد بحسب جهاده = من يغلب يجلس معى فى عرشى = ينعكس عليه‬

‫من مجدى بحسب حالته ‪ .‬فنجم يمتاز عن نجم فى المحد (‪1‬كو‪ . )41 2 10‬المسيح له المجد فى ذاته‬

‫‪ ،‬أما نحن فسوف نعكس هذا المجد حينما نراه كما هو (‪1‬يو‪.)2 2 3‬‬

‫‪ ‬حرية ‪ -:‬إن حرركم اإلبن‪(.......‬يو‪.)3: 2 8‬‬

‫‪ ‬سكنى الروح القدس ‪ -:‬الذى يشترك معنا فى كل عمل ‪ ،‬ويعطينا نعمة تساندنا ويجدد طبيعتنا ويعطينا‬ ‫مواهب وثمار‪....‬الخ ‪ .‬وكل بركة يجدنا فى إحتياج إليها‪.‬‬

‫رسالة رومية‬ ‫لمن كتبت الرسالة‬ ‫‪ ‬كان فى روما حوالى ‪ 1:555‬يهودى جاءهم من آمن واعتمد يوم الخمسين فى أورشليم ‪ .‬كان هؤالء‬ ‫هم الخميرة‪ .‬باإلضافة لتأثرهم بمن أتى من هنا ومن هناك يشهد للمسيح ‪ ،‬فروما مدينة مفتوحة‪.‬‬

‫‪ ‬كتبت سنة ‪ 01‬م أى بعد عظة بطرس بحوالى ‪ 22‬سنة ‪ .‬وكان الروح القدس يعمل بشدة فى الكنيسة‬ ‫األولى‪.‬‬

‫‪ ‬بشر بولس فى تركيا واليونان ‪ .‬وهناك تجارة متبادلة بينهم وبين روما‪.‬‬

‫‪ ‬طرد كلوديوس قيصر اليهود من روما ‪ ،‬وآمن البعض على يد بولس وعادوا مؤمنين‪.‬‬ ‫‪ ‬لم يكن هناك ك ارزة للرسل وال لبطرس وقت كتابة الرسالة‪.‬‬

‫‪ ‬بطرس لم يكن فى روما والدليل أن بولس يقول أنه يريد أن يذهب لهم ليمنحهم هبة روحية وهو مستعد‬ ‫لتبشيرهم‪ ،‬فهل يصح أن يقول بولس هذا الكالم وبطرس هناك‪ ،‬بل أن بولس يقول أنه ال يبنى على‬ ‫أساس آخر‪ ،‬بل فى إرساله السالم لمن يعرف أنهم هناك لم يذكر إسم بطرس‪.‬‬ ‫كان مسيحيو روما قسمين ‪-:‬‬ ‫‪ -5‬من أصل أممى‪ -:‬فإحتقروا اليهود‪..‬ونظروا إليهم كشعب جاحد أغلق اهلل الباب فى وجوههم وفتحه لهم‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات اكثر لفكرة الخالص)‬

‫وكان هذا كرد فعل لموقف اليهود منهم فكان اليهود يحتقرون األمم‬ ‫‪ -:‬من أصل يهودى ‪ -:‬يشعرون باإلمتياز كأوالد إلبراهيم ‪ ،‬وهم مستلمو الناموس ‪،‬وهم شعب اهلل المختار‬ ‫وهذا أعطاهم شعو ار بالكبرياء بل تأصل فيهم هذا الشعور‪.‬‬

‫وفى الرسالة هاجم بولس كالهما وأظهر إحتياج الكل للمسيح = الخالص هو لكل العالم‪...‬وطالب الكل‬

‫بالمحبة‬

‫‪72‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫اإلصحاح األول‬

‫عودة للجدول‬

‫‪5‬‬ ‫يل ِ‬ ‫ِ‬ ‫سوالً‪ ،‬ا ْلم ْفرُز ِإل ْن ِج ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫يح‪ ،‬ا ْل َم ْد ُع ُّو َر ُ‬ ‫س‪َ ،‬ع ْب ٌد ل َي ُ‬ ‫آية (‪ُ " -:)5‬بولُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫س = هـي كلمـة التينيـة معناهـا الصـغير‪ ،‬فمـن عـادة العبـرانيين تسـمية الشـخص بإسـمين‪ .‬وبـولس كـان إسـمه‬ ‫بُولُ ُ‬

‫فضـل‬ ‫أيضا شاول وتعني مطلـوب مـن اهلل‪ .‬ويقـول أغسـطينوس أن بـولس كـان نحيـف الجسـم قصـير القامـة‪ .‬وهـو ّ‬

‫استخدام إسم بولس من قبيل التواضع ومشي اًر ألنه أصغر الرسل‪.‬‬

‫ايح = كــان معلمــي اليهــود يتفــاخرون بألقــاب مثــل ســيدي أو معلمــي واليهــود عموم ـاً يتفــاخرون‬ ‫َع ْب ا لد لَيَ ُ‬ ‫سااو َل ا ْل َم َ‬ ‫سا َ‬ ‫بيهوديتهم واألمم بفلسفاتهم‪ ،‬أما بولس فيعلمهم أنه يفتخر بكونه عبداً للمسيح‪ .‬واذا كان الكل عبيداً للمسيح فلمـاذا‬ ‫يتفاخر اليهودي علي األممي أو األممي علـي اليهـودي‪ .‬وهـو عبـد للمسـيح ألن المسـيح إفتـداه واشـتراه بدمـه وفكـه‬ ‫من األسر وصار ِمْلكاً لهُ‪ .‬ونفهم أن العبودية للمسيح تحرر‪ ،‬وال يمكن أن يكـون اإلنسـان عبـداً للمسـيح حقيقـة مـا‬ ‫لم يختبر فـي الوقـت نفسـه الحريـة الحقيقيـة‪ .‬إن عبـد المسـيح ال ُيسـتعبد ألي إنسـان آخـر وال حتـي لشـهوات جسـده‬ ‫الخاصة‪ ،‬وال يستطيع أحد أن يبعده عن تأديـة واجبـه‪ ،‬وال تسـيطر عليـه عـادة معينـة‪ ،‬وال يسـتطيع العـالم أن يغريـه‬

‫بمفاتنه أو أن يجذبه إليه‪ .‬إنه يعيش في األرض كإنسان سماوي‪ ،‬وبعد أن كان عبـداً للخطيـة صـار كاهنـاً وملكـاً‪.‬‬

‫هــو يعــيش فــي الجســد ولكــن يســلك فــي الــروح عبــداً ليســوع المســيح‪ .‬وهــذا مــا جعــل حتــى إخــوة المســيح بالجســد‬ ‫يفتخرون بأنهم عبيد له‪ ،‬ولم يفتخروا بكونهم أقرباء له بالجسد (يه‪ + 1‬يـع‪ .)121‬فبـولس بعـد أن ظهـر لـه المسـيح‬

‫في الطريق شعر أنه صار مكرساً للمسيح يسوع من كل قلبه ونفسه وجسده‪.‬‬ ‫سااوجا = كــأن ال فضــل لــه فـي إيمانــه وال إرســاليته بــل هـي دعــوة مــن اهلل‪ .‬وهــو يسـمي نفســه رسـوالً مثــل‬ ‫ا ْل َما ْدع رُو َر ُ‬ ‫اإلثني عشر‪ .‬وتظهر أهمية هذه العبارة خصوصاً في الرسائل التي حاول أهلها ان يتنكروا ألحقية بـولس الرسـول‬ ‫في الخدمـة وبهـذا يشـككوا فـي تعاليمـه‪ .‬وكـان بـولس مضـط اًر ألن يثبـت أنـه مرسـل مـن اهلل إلثبـات صـدق تعاليمـه‬

‫لتثبيت المؤمنين‪.‬‬ ‫يل = مفرز تعني بريسي باآلرامية ومنها فريسي (فريزي) أي مختار أو معين‪ .‬أي أن بولس إنتقل من‬ ‫ا ْل ُم ْف َر ُز َإل ْن َج َ‬ ‫فريسيته اليهودية إلي فريسية أخري بنعمة اهلل‪ ،‬هي فريسية اإلنجيل‪ ،‬أي أن اهلل إختاره وأفرزه لكي يبشر باإلنجيل‪.‬‬

‫وكان الفريسيون اليهود مفـروزون لد ارسـة النـاموس‪ ،‬وكلمـة فريسـي تنـاظر دكتـوراه فـي الالهـوت‪ .‬وكـان بـولس أحـد‬ ‫هؤالء الفريسيين‪ .‬واهلل بسابق علمه أفرزه وعينه للتبشير باإلنجيل‪ .‬وكانت تلمذته لغماالئيل نوع من اإلعداد‪ ،‬ولكن‬

‫يل للاَ = إنجيـل تعنـي بشـارة مفرحـة‪ .‬وهنـا‬ ‫اهلل سبق وأفرزه من البطن (غـل‪ + 1021‬أع‪ + 2213‬أر‪َ )0، 421‬إل ْن َج َ‬ ‫يقول إنجيل اهلل‪ .‬وفي مواضع أخري يقول إنجيل يسوع المسيح ويقول فى (رو‪ )921‬إنجيل ابنه‪ .‬فاهلل هو مصدر‬ ‫الخالص بيسوع المسيح‪ ،‬جوهر اإلنجيل أو جوهر البشارة المفرحة هي في مجيء الرب يسوع وفدائه للبشرية‪ .‬اهلل‬

‫قد سبق منذ القديم وأعد برنامج الخالص المفرح للبشر الذي تحقق بمجيء المسيح له المجد‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫والقديس إمبروسيوس الحظ أن اسم المسيح في هذه اآلية قد استخدمه الرسول قبل إسم اهلل في الترتيب‪ ،‬واستخدم‬

‫هــذا فــي الــرد علــي آريــوس أن اهلل والمســيح متســاويان‪ .‬وهــذا يتضــح أيض ـاً مــن كــون أن اإلنجيــل هــو إنجيــل اهلل‬

‫وانجيل ابنه في نفس الوقت (آية‪ ،1‬آية‪.)9‬‬

‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ :‬‬ ‫َّس ِة‪" .‬‬ ‫س َب َ‬ ‫ق فَ َو َع َد ِبه ِبأَ ْن ِب َيائه في ا ْل ُكتُ ِب ا ْل ُمقَد َ‬ ‫آية (‪ " -:):‬الَّذي َ‬ ‫الكتاب المقدس موحى به من اهلل‪ .‬وهذه الك ارزة بالخالص سبق اهلل فوعد بها في القديم بواسـطة األنبيـاء‪ ،‬فقبـل أن‬ ‫يعمــل اهلل أعمــاالً عظيمــة يســبق ويهيــئ لهــا زمان ـاً طــويالً‪ ،‬هــذا باإلضــافة إلــي أن نب ـوات األنبيــاء عــن الخــالص‬ ‫بالمسيح تشير ألن هذا الخالص هـو خطـة أزليـة‪ ،‬وأن اهلل قـد أعـد خـالص البشـر منـذ األزل‪ .‬وبـولس هنـا يطمـئن‬

‫سامعيه أن إنجيله الذي يبشر به قد وضعت أساساته منذ البدء‪ .‬وأن ك ارزة بولس ال تتعارض مـع الكتـاب المقـدس‬

‫لليهود بل هي تفسره وتشرحه‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫س ِد‪" .‬‬ ‫ص َار م ْن َن ْ‬ ‫س ِل َد ُاوَد م ْن ِج َهة ا ْل َج َ‬ ‫آية (‪َ " -:)3‬ع ِن ْابنه‪ .‬الَّذي َ‬ ‫َن ا ْبنَ َه = عن راجعة لآلية السابقة‪ ،‬فوعود األنبياء كانت عن المسيح‬ ‫ع َ‬ ‫س َل دَا ُو َد = وقارن مع (رو‪ )328‬لنرى سبق وجود اإلبن قبل التجسد‪ .‬ويالحظ في كلمة إبنه‬ ‫ار َمنْ نَ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ا ْبنَ َه‪ .‬الَّ َذي َ‬

‫انهــا فــي أصــلها اليونــاني مســبوقة بــأداة تعريــف‪ ،‬إشــارة إلــي بنــوة المســيح الوحيــدة الفريــدة‪ ،‬التــي بالطبيعــة وليســت‬ ‫سا َد = فالمسـيح لـه بنوتـان‪،‬‬ ‫بالتبني مثلنا‪ .‬وهذا اإلبن األزلي الذي هو إبن اهلل صار إبناً لإلنسـان = َمانْ َج َها َة ا ْل َج َ‬ ‫س َل دَا ُو َد = فالعذراء مريم من نسل داود‪ .‬وقيل عن المسـيح‬ ‫بنوة هلل وبنوة لإلنسان هو إبن اهلل وابن اإلنسان‪َ .‬منْ نَ ْ‬

‫أنه من ذرية داود (رؤ‪.)1:222‬‬

‫اار = أخــذ حالــة جديــدة علــي حالتــه‪ ،‬إتحــد الهوتــه بناســوته كإتحــاد الحديــد بالنــار‪ ،‬ولكــن الهوتــه لــم يتــأثر ولــم‬ ‫صا َ‬ ‫َ‬ ‫يتحول إلي ناسوت‪ ،‬وناسـوته كـان ناسـوتاً كـامالً‪ ،‬شـابهنا فـي كـل شـئ ماعـدا الخطيـة وحـدها‪ .‬لقـد إنتقـل مـن حالـة‬ ‫إبن اهلل غير المنظور (بالهوته) إلي حالة إبن اهلل المنظور في الجسد‪ .‬ولم يظهر للناس سوي أنـه إنسـان عـادي‪.‬‬

‫حينمـا أخـذ جسـداً أخفــي الهوتـه‪ ،‬ولكـن الهوتــه ظـل كـامالً دون أن يزيــد أو يـنقص‪ ،‬فهـو كامــل مطلـق ألنـه الكــل‪.‬‬ ‫ولكن بقيامته ظهر أنه إبن اهلل‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫ِ‬ ‫وح ا ْلقَ َداس ِة‪ِ ،‬با ْل ِقي ِ ِ‬ ‫َّن ْاب َن ِ‬ ‫يح َرِّب َنا‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫اهلل ِبقُ َّوٍة ِم ْن ِج َه ِة ُر ِ‬ ‫سو َ‬ ‫آية (‪َ " -:)4‬وتَ َعي َ‬ ‫امة م َن األ َْم َوات‪َ :‬ي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫تَ َعيَّنَ = أي ظهر ما كان مخفياً‪ .‬هذه ال تعني أنه صـار فيمـا بعـد إبـن اهلل‪ .‬بـل لقـد ظهـرت لنـا بنوتـه هلل وشـهد لهـا‬

‫قيامته من األموات بقوة فائقة للطبيعة‪ .‬كلمة تعَّين تعني إتضـح انـه ‪/‬ظهـر‪ُ /‬شـ ِه َد لـهُ‪ /‬صـدق علـي أنـه‪ /‬تبـين أنـه‪/‬‬ ‫إعتُِرف بأنه‪ /‬تحقق بأنه ابن اهلل‪.‬‬ ‫ت=‬ ‫بَقُ ا َّوة = اإلعــالن عــن بنــوة المســيح هلل واثبــات الهوتــه جــاء بقــوة‪ .‬فالقيامــة كانــت بقــوة بَا ْلقَيَا َم ا َة َماانَ األَ ْما َاوا َ‬ ‫فالقيامة من األموات واإلنتصار علي الموت عمل قوي جداً‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫س َة = روح القداسة ليس هو الروح القدس‪ .‬فالروح القدس لم يكـن هـو الـذي أقـام المسـيح‪ ،‬ألن‬ ‫وح ا ْلقَدَا َ‬ ‫َمنْ َج َه َة ُر َ‬

‫المسيح كان الهوته متحداً بناسوته‪ ،‬والذي أقامه هو الهوته‪ .‬ولماذا قال روح القداسة؟ هذا يعني أن سبب قيامة‬ ‫المســيح هــو إنتصــاره علــي الخطيــة‪ ،‬إذ كــان بــال خطيــة‪ ،‬فالخطيــة هــي التــي تــأتي بــالموت‪ ،‬وألن المســيح كــان بــال‬ ‫خطية "من منكم يبكتني علي خطية" وألنه إنتصر علي إبليس في حروبه وألنه قال "رئيس هذا العالم يـأتي ولـيس‬

‫في شئ" لهـذا انتصـر علـي المـوت بسـبب قداسـته‪ .‬المسـيح كـان وهـو علـي األرض مخفيـاً الهوتـه فـي ناسـوته‪،‬‬ ‫له َّ‬ ‫ولــم يظهــر الهوتــه إال فــي إنتصــاره علــي المــوت وعلــي الجحــيم الــذي فتحــه واخــرج منــه نفــوس األبـرار‪ .‬فقولــه روح‬

‫القداسة هذا يشير ألن الذي أقام المسيح الهوته‪ ،‬ولكن ذلك راجع لقداسة المسيح بالجسد وكلمة تعيَّن هنا هي في‬ ‫مقابل كلمة صار في اآلية السابقة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َج ِل ِ ِ‬ ‫‪ِ ِ 1‬‬ ‫اع ِة ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ُمِم‪.‬‬ ‫ان ِفي َج ِم ِ‬ ‫سالَ ًة‪ِ ،‬إلطَ َ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬الَّذي ِبه‪ ،‬أل ْ ْ‬ ‫اسمه‪ ،‬قَ ِب ْل َنا ن ْع َم ًة َو ِر َ‬ ‫يع األ َ‬ ‫اإل َ‬ ‫س َم َه = قارن مع (أف‪ .)12، : ، 0 2 1‬الَّ َذي بَ َه = نحن ال نحصل علي شئ من اآلب إال من‬ ‫الَّ َذي بَ َه‪ ،‬ألَ ْج َل ا ْ‬ ‫أجل المسيح‪ .‬لـذلك يطلـب منـا المسـيح أن نطلـب مـن اآلب بإسـمه (يـو‪ .)2: ، 24 2 1:‬ولـذلك تضـيف الكنيسـة‬ ‫علي الصالة الربانية "بالمسيح يسوع ربنا" فـنحن ال يمكـن قبولنـا أمـام اآلب وال قبـول طلباتنـا إالّ بالمسـيح‪ .‬ومعنـي‬ ‫س َم َه = أي مـا أخـذنا فلنعمـل‬ ‫كالم الرسول هنا أنه أخذ ما أخذ من خالص ورسولية بالمسيح‪ .‬وما الهدف؟ ألَ ْج َل ا ْ‬ ‫ساالَةا = أي‬ ‫سالَةا = نعمة (إرجع للمقدمة) َو َر َ‬ ‫به ونتاجر به ألجل مجد اسمه‪ .‬وماذا أخذ بولس الرسول؟ نَ ْع َمةا َو َر َ‬

‫إرساليته كرسول لألمم‪.‬‬ ‫نَ ْع َمةا = هنا بولس يشير لعمل النعمة فيه التي حولته من مضـطهد للكنيسـة إلـي مسـيحي حصـل علـي الخـالص‪،‬‬ ‫بل والي رسول‪ .‬إن اهلل دعاه ويداه ملوثتان بالدماء ليغير طبيعته فيصير في المسيح خليقـة جديـدة (‪2‬كـو‪.)1120‬‬ ‫وعملـه كرسـول كــان مـن أجــل األمـم ليطيعـوا اإليمـان‪َ 2‬إل َ‬ ‫اان = نـري بــولس الـذي يشــعر بنعمـة اهلل التــي‬ ‫اإلي َما َ‬ ‫طا َعا َة َ‬

‫اان = تعنـي أننـا يجـب أن نتقبــل‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫غيرتـه‪ ،‬يـري أن اهلل قـادر أن يغيـر األمـم أيضـاً فيؤمنـوا ويطيعـوا اهلل‪ .‬إَطَاعَا َة َ‬ ‫قضايا اإليمان وحقائقه بكـل خضـوع‪ ،‬فحقـائق اإليمـان هـي أمـور مـوحى بهـا وليسـت للمناقشـات العقليـة‪ ،‬علينـا ان‬

‫نخضع الذهن إلعالنات اهلل بالصالة ‪ ،‬أى نجعل الروح هـو الـذى يقـود العقـل ‪ ،‬وال نتـرك العقـل يعمـل باإلنفصـال‬

‫عن الروح فيضل ‪.‬‬ ‫يع األُ َم َم = الرسالة هي لكل األمم بال إستثناء‪.‬‬ ‫فَي َج َم َ‬

‫‪6‬‬ ‫يح‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫آية (‪ " -:)6‬الَِّذ َ‬ ‫ين َب ْي َن ُه ْم أَ ْنتُ ْم أ َْي ً‬ ‫ضا َم ْد ُع ُّوو َي ُ‬ ‫ومــن بــين هـؤالء األمــم فــإنكم يــا أهــل روميــة مــدعوين لكــي تكونـوا مــن خاصــة المســيح‪ .‬وال فضــل ألحــد فــي هــذه‬

‫الدعوة بل هي نعمة اهلل المجانية التي لو قبلها أحد آلمن بالمسيح‪ .‬وهذه النعمة هي به وألجل إسمه (آية ‪.)0‬‬

‫‪75‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬ ‫‪7‬‬ ‫ين‪ِ :‬نعم ٌة لَ ُكم وسالَم ِم َن ِ‬ ‫اهلل‪ ،‬م ْدع ِّو َ ِ ِ‬ ‫َحبَّاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫يع ا ْلموجوِد َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل أَِبي َنا‬ ‫َ ُ‬ ‫آية (‪ " -:)7‬إِلَى َجم ِ َ ْ ُ‬ ‫ين في ُرو ِم َي َة‪ ،‬أ َ‬ ‫ين قدِّيس َ ْ َ‬ ‫ْ َ َ ٌ‬ ‫يح‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫الر ِّ‬ ‫َو َّ‬ ‫سو َ‬ ‫ب َي ُ‬

‫ِّيسينَ = المسيحية عند بولس هي قداسة‪ ،‬واإليمان بالمسيح هو تقديس‪ ،‬والمـؤمنين بالمسـيح قديسـين‪،‬‬ ‫َم ْدع ُِّوينَ قَد َ‬ ‫أي مفــروزين عــن العــالم ليلتصــقوا بــاهلل‪ ،‬ويكونـوا مخصصــين لــه‪ .‬وقــد قبلـوا روح اهلل ليعيــنهم علــي ذلــك‪ ،‬وعلــي أن‬

‫يحيـوا بــالتقوي والطهــارة والقلــب العابــد‪ .‬والقداســة هــي ســلم نصــعد عليــه فلــيس الكــل قــد وصــل للكمــال‪ ،‬بــل القداســة‬ ‫درجــات‪ .‬وقولــه َم ا ْدع ُِّوينَ = إذاً هــم مثلــه‪ ،‬فهــو أيضـاً مــدعو (آيــة‪ .)1‬ولكــن لكــل منــا عمــل مختلــف‪ .‬فهــو يفتخــر‬ ‫بخدمة أحباء اهلل المدعوين‪.‬‬ ‫س االَ لم = كلمــة نعمــة هــي تحيــة اليونــانيين وكلمــة ســالم هــي تحيــة اليهــود‪ ،‬فهــو يكتــب لإلثنــين‪ .‬ولكــن‬ ‫نَ ْع َم اةل لَ ُك ا ْم َو َ‬ ‫بمعني آخر فالنعمة هي عمل الروح القدس في المؤمن والذي نتيجته السالم‪ ،‬لذلك فالنعمة تسبق السالم رو ‪120‬‬ ‫والنعمــة هــي أعمــال رحمــة اهلل عموم ـاً‪ ،‬الفــداء وارســال الــروح القــدس‪ ،‬وكــل الخيــر الــذي أعطــاه اهلل لنــا‪ ،‬والخيــر‬ ‫ساو َل‬ ‫األعظم هو إرسال الروح القـدس‪ ،‬ومـن نعمـة اهلل غفـران خطايانـا ومنحنـا رتبـة البنـوة‪َ .‬مانَ للاَ أَبَينَاا َوالا َّر ِّ‬ ‫ي يَ ُ‬

‫يح = هذه تشير لتساوي اآلب واإلبن فالنعمة والسالم يصدران عن كليهما‪.‬‬ ‫ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ش ُكر إِل ِهي ِبيسو َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫يع ُكم‪ ،‬أ َّ ِ‬ ‫ادى ِب ِه ِفي ُك ِّل ا ْل َعالَِم‪" .‬‬ ‫يما َن ُك ْم ُي َن َ‬ ‫َُ‬ ‫ع ا ْل َمسي ِح م ْن ج َهة َجم ْ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أ ََّوالً‪ ،‬أَ ْ ُ‬ ‫َن إ َ‬ ‫الرسول يبدأ بالجانب اإليجابي ليشجعهم‪ ،‬فهو هنا يمدح إيمانهم قبل أن يبدأ الهجوم‪ .‬وبولس لم يراهم‪ ،‬ولكنه فرح‬ ‫بنمو الكنيسة في كل مكان‪ ،‬لذلك علينا ان نصلي لنمو الكنيسة وانتشار اإلنجيل‪ .‬ولنتعلم من بولس أن نبدأ دائما‬

‫بالشكر علي ما يعطيه لنا اهلل‪ ،‬وما يعطيه من خير لآلخرين كأنه أعطاه لنا‪ .‬إَل َهي = جميل جداً أن يقـول إلهـي‪.‬‬

‫هذه مثل "أنا لحبيبي وحبيبي لي" هو يشعر بالعالقة الخاصة التي تربطه باهلل‪ ،‬هو إلهـي وقـد إمتلكنـي‪ ،‬وأنـا عبـده‬ ‫الذي يشعر بمحبته فأُ َسلِّم نفسي له كعبد لثقتي في محبته‪ .‬واهلل يرد فـي المقابـل ويقـول أنـا إلـه إبـراهيم والـه إسـحق‬ ‫واله يعقوب‪.‬‬

‫يح = فنحن غير مقبولين أمام اآلب إال بالمسيح موضع سروره‪.‬‬ ‫بَيَ ُ‬ ‫سو َل ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫إَي َمانَ ُك ْم = هم لهم إيمان ولكننا سنري أن بولس يريـد أن يصـحح مفـاهيمهم ويخلصـهم مـن تعـاليم النـاموس‪ .‬ولكـن‬ ‫واضح أن إيمانهم ذاع وانتشر في كل العالم‪.‬‬

‫ش ِ‬ ‫َعب ُده ِبر ِ‬ ‫َِّ‬ ‫وحي‪ِ ،‬في إِ ْن ِج ِ‬ ‫‪ِ1‬‬ ‫اع أَ ْذ ُك ُرُك ْم‪" .‬‬ ‫ف ِبالَ ا ْن ِقطَ ٍ‬ ‫يل ْاب ِن ِه‪َ ،‬‬ ‫اه ٌد لِي َك ْي َ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬فَإ َّن اهللَ الذي أ ْ ُ ُ ُ‬ ‫وحي = وقارن مع عبادتكم العقلية (رو‪ .)1212‬وطالما نسمع هنا عن عبادة بالروح‪ ،‬فقطعاً توجـد عبـادة‬ ‫أَ ْعبُ ُدهُ بَ ُر َ‬ ‫بالجسد‪ .‬هذه هي عبادة الفروض والواجبات‪ ،‬هي ممارسات بدون قلب‪ .‬كمن يصوم ويتباهي أمام النـاس أو حتـى‬

‫ِّرف شماله مـا تفعلـه يمينـه‪.‬‬ ‫أمام نفسه بأنه صام أكثر من الجميع‪ ،‬وهكذا في مطانياته وصلواته ولكن مثل هذا ُيع ْ‬ ‫وخطورة هذا النوع من العبادة أنه لو صادفت هذا اإلنسـان تجربـة‪ ،‬سـريعاً مـا يلـوم اهلل أنـه سـمح لـه بهـذه التجربـة‪،‬‬ ‫ولم يذكر له خدمته وعبادته وأصوامه وصلواته‪ ..‬وهـذه جربهـا بـولس الرسـول فـي يهوديتـه (فهـذه طريقـة الفريسـيين‬

‫في العبادة) ولم تشبعه ولم تعطه فرحاً وسالماً‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫أما العبادة بالروح‪ ،‬فهي عبادة يقودها الروح‪ ،‬هي عبادة في القلب‪ ،‬وال تظهر أمام الناس‪ ،‬بـال مظـاهر وال إدعـاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بل في إنسحاق للقلب وخضوع لصوت الروح القدس‪ ،‬والروح القدس ال يجبر أحد علي شئ‪ ،‬بل هو يقنع اإلنسان‬ ‫المؤمن إقناعاً عقلياً بكل ما سيقوم بـه فـي عبادتـه (لـذلك فلقـد سـميت عبـادة عقليـة رو‪ )1212‬وبهـذا تكـون العبـادة‬ ‫بحرية اإلرادة أي بكامل حريتنا‪ ،‬وبإرادتنا‪ ،‬وبإختيارنا‪ ،‬من كل القلب وبكل رغبة وشوق ويضع اإلنسان كل طاقاته‬

‫الروحية والنفسية والجسدية في خدمة اهلل والروح يقود كل شئ‪ ،‬واإلنسان يكرس كل شئ هلل‪.‬‬

‫فمــثالً يفــتح الــروح عينــي المــؤمن علــي صــورة المســيح المصــلوب‪ ،‬ويقنــع المــؤمن قــائالً هــل تتمتــع بالطعــام اللذيــذ‬ ‫والمسيح متألم‪ ،‬هنا يقدم اإلنسان صوماً ال ليتباهي به بل ليشترك مع المسيح في ألمه‪ ،‬هنا يكون كأم رفضت أن‬

‫تأكل لمرض إبنها‪ ،‬وذلك عن حب‪ ،‬ليس طمعاً في أجر ستحصله منه لذلك فمن يقـدم هـذا النـوع مـن العبـادة‪ ،‬لـن‬ ‫يطالب اهلل حين وقوعه فـي تجربـة‪ ،‬بـأن يرفـع عنـه التجربـة مـذك اًر اهلل بأعمالـه وأصـوامه‪ ،...‬فمـن يعبـد بـالروح هـو‬

‫يقــدم عبادتــه هلل عــن حــب لــيس طمع ـاً فــي أجــر‪ .‬ومثــل هــذا يتلــذذ بعبادتــه ويشــبع بهــا‪ ،‬فالحــب مشــبع‪ .‬وهكــذا فــي‬ ‫الصالة‪ ،‬فاإلنسان يبدأ بأن يغصب نفسـه (جهـاد) تـم تبـدأ النعمـة عملهـا فيتلـذذ اإلنسـان بصـالته ولكـن فـي مرحلـة‬

‫التغصــب‪ ،‬يســمع المــؤمن صــوت الــروح القــدس‪ ،‬معلن ـاً لــه حــب المســيح لــه‪ ،‬لقــد بــذل المســيح ألجلــك‪ ،‬أفــال تقــف‬

‫للصالة وتفرح قلب اهلل بك‪ .‬ولو إستجاب واقتنع بصوت الروح القدس لوجد لذة في صالته‪ .‬فهل لو كان يتلذذ في‬ ‫صلواته سيطالب اهلل بـأجر مـع أن اهلل قـد أعطـاه هـذه اللـذة‪ .‬الحـظ أن بـولس الرسـول فـي مسـيحيته قـد إختبـر هـذا‬ ‫النوع من العبادة‪ ،‬فإختبر الفرح والسالم الذي يفوق كل عقل‪ .‬بل أن الروح القدس في هذا النوع من العبادة يعطي‬

‫للمؤمن أن يشعر بمشـاعر وأحاسـيس حـب اهلل فيبادلـه حبـاً بحـب‪ ،‬وربمـا ال يجـد كلمـات يعبـر بهـا عـن هـذا الحـب‬ ‫الذي مأل قلبـه فيـئن فقـط (رو‪ .)2:28‬والعبـادة بـالروح ال تكـون بالضـرورة باللسـان فقـط‪ ،‬بـل فـي شـركة عميقـة مـع‬

‫اهلل‪ ،‬هي شركة بال إنقطاع تنفيذاً لقـول الرسـول "صـلوا بـال إنقطـاع" (‪1‬تـس‪ .)1120‬هـي شـركة فـي اليقظـة ‪ ،‬وهـي‬

‫أيضا في النوم "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" (نش‪ )220‬وهي في المنزل وفي الكنيسة‪ ،‬في العمل وفي الطريق‪.‬‬

‫ولكن من قصة إيليا (امل‪ )13 ، 12 2 19‬نسمع أن إيليا إستمع لصوت اهلل في الهدوء‪ ،‬فكيف نسمع صوت اهلل‬

‫وسط ضجيج العالم (نش‪ .)2 2 3‬البد لنا من وقفة هادئة فـي المخـدع يوميـاً‪ ،‬فـي صـالة وفـي تأمـل للكتـاب حتـى‬ ‫نسمع صوت الـروح القـدس فـي داخلنـا‪ .‬وكيـف نسـمع صـوت الـروح القـدس ونحـن غـارقين فـي الخطايـا التـي تغلـق‬

‫حواسنا الروحية‪ ،‬إنما ألنقياء القلب فقط إمكانية رؤية اهلل وسـماع صـوته (مـت‪ )820‬فلـن نسـمع صـوت الـروح فـي‬

‫داخلنا ما لم نقدم توبة أوالً‪ .‬وكيف نسمع صوت الروح القدس إن كنا في صـالتنا نـتكلم طـوال الوقـت‪ ،‬لـذلك علينـا‬ ‫ان نص ــمت بع ــض الوق ــت لنعط ــي فرص ــة لل ــروح الق ــدس أن ي ــتكلم‪ .‬وحساس ــية أذانن ــا ت ــزداد م ــع الوق ــت‪ ،‬وتض ــيع‬

‫الحساســية إذا عانــدنا صــوت الــروح القــدس‪ ،‬وتــزداد الحساســية حــين نخضــع لصــوته‪ .‬واذا اســتمعنا لصــوته يعطينــا‬

‫اإلقناع العقلي‪ .‬إذاً العبادة بالروح هي عبادة عقلية‪.‬‬

‫ومن يقدم عبادة بالجسد ال يري في نفسه غير أنه كامل‪ ،‬إذ أنه يفعل كذا وكـذا‪ ،‬أمـا مـن يقـدم عبـادة بـالروح‪ ،‬فـإن‬

‫الــروح القــدس يفــتح عيني ــه علــي خطايــاه وع ــدم إســتحقاقه‪ ،‬لــذلك يق ــول بــولس الرســول "الخط ــاة الــذين أولهــم أن ــا"‬

‫(‪1‬تــي‪ .)1021‬وبينمــا مــن يقــدم عبــادة بالجســد نجــده يلــوم اهلل إذا وقعــت لــه تجربــة‪ ،‬نجــد مــن يعبــد اهلل بــالروح‪ ،‬إذا‬

‫‪77‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫جاءت عليه تجربة يقول أنا أستحق هذا وأكثر‪ ،‬ألنه يري خطاياه‪ ،‬بل سيشعر بفرح ألنـه طالمـا أن اهلل يؤدبـه‪ ،‬إذاً‬

‫هــو يحبــه (عــب‪ .):212‬بــل إن أتــاه خيــر يشــعر بأنــه ال يســتحقه‪ ،‬كمــا صــرخ بطــرس "أخــرج يــارب مــن ســفينتي"‬ ‫(لو‪ )820‬إذ شعر بأنه خاطئ ال يستحق كل هذه الخيرات‪.‬‬ ‫بَالَ ا ْنقَطَاال أَ ْذ ُكا ُر ُك ْم = الـذي يصـلي بـالروح ال يهـتم بنفسـه بـل هـو مشـغول بـأالم وخـالص نفـوس اآلخـرين‪ ،‬يشـكر‬ ‫علــي توبــة فــالن‪ ،‬ويبكــي علــي خطيــة فــالن‪ ،‬ألنــه ســيهلك بســببها‪ ،‬ويصــرخ لشــفاء فــالن‪ ،‬يطلــب الســالم للعــالم‬

‫المضطرب المتألم‪ .‬مثل هذا سيتشبه باهلل في إهتمامه بالناس‪.‬‬

‫يل ا ْبنَ َه = هذه العبادة بالروح تظهر أيضاً في ك ارزتي وخدمتي وتبشيري بإنجيل المسيح‪.‬‬ ‫فَي إَ ْن َج َ‬ ‫‪52‬‬ ‫َن ِ‬ ‫يئ ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫آت َي إِلَ ْي ُك ْم‪" .‬‬ ‫َن َيتَ​َي َّ‬ ‫س َر لِي َم َّرةً ِب َم ِش َ‬ ‫اهلل أ ْ‬ ‫اآلن أ ْ‬ ‫سى َ‬ ‫آية (‪ُ " -:)52‬متَ َ‬ ‫صلَ َواتي َع َ‬ ‫ضِّر ًعا َدائ ًما في َ‬ ‫هو يشعر بالمسئولية تجاه روما‪ ،‬فهـو خـائف علـي الكنيسـة مـن التهـود‪ .‬ولكـن لنـتعلم أن لـيس كـل مـا نريـده يوافـق‬

‫مخططات اهلل‪.‬‬ ‫‪55‬‬ ‫َر ُكم‪ ،‬لِ َكي أَم َنح ُكم ِهب ًة ر ِ‬ ‫وح َّي ًة لِثَ​َب ِات ُك ْم‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)55‬أل َِّني ُم ْ‬ ‫اق أ ْ‬ ‫شتَ ٌ‬ ‫ْ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫َن أ َا ْ‬ ‫أَ ْمنَ َح ُك ْم َهبَاةا = سـؤال‪ ..‬هـل لـو كـان بطـرس موجـوداً فـي رومـا منـذ ‪ 1:‬سـنة وقـد أسـس كرسـيها كمـا يقـول اإلخـوة‬

‫الكاثوليــك‪ ،‬هــل كــان يصــح أن يقــول بــولس هــذا وأيــن بطــرس؟ ولمــاذا ال يمــنحهم بطــرس هــذه الهبــة؟‪ .‬والهبــة التــي‬ ‫وحيَّااةا = ألنهــا مــن عمــل الــروح القــدس‪ ،‬وهــي تثبيــتهم فــي اإليمــان الصــحيح‬ ‫يريــد بــولس أن يمنحهــا هــي َهبَااةا ُر َ‬

‫وابعادهم عن التهود‪ ،‬وهي أيضاً البركة الرسولية‪.‬‬

‫‪5:‬‬ ‫ان الَِّذي ِفي َنا ج ِميعا‪ ،‬إِ ِ‬ ‫َي لِ َنتَ َع َّزى َب ْي َن ُك ْم ِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫يم ِاني‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)5:‬أ ْ‬ ‫َ ً‬ ‫يمان ُك ْم َوِا َ‬ ‫َ‬ ‫اإل َ‬

‫نالحظ هنا رقة واتضاع بولس الرسول‪ ،‬فهو يظهـر هنـا إحتياجـه لهـم‪ ،‬وأنـه سـيتعزي بإيمـانهم (ف ِ‬ ‫ـالمروي هـو أيضـاً‬

‫ـروي أم‪ )20211‬وهــم ســيتعزون أي يفرحــون بإيمانــه‪ .‬ولكننــا نلمــح هنــا أن الرســول يقــول أن إيمــانهم مختلــف عــن‬ ‫يـ َ‬ ‫إيمانه‪ ،‬فإيمانهم إستلموه من مسيحيين من أصل يهودي ومتأثرين بيهوديتهم‪ .‬لذلك ففي (‪ )1021‬يقول أنه مسـتعد‬ ‫لتبشــيرهم أي تصــحيح إيمــانهم‪ .‬فحتــي األمــم مــنهم إســتلموا اإليمــان علــي يــد يهــود‪ ،‬وهــو يريــد أن يصــحح اإليمــان‬ ‫ويلغي ما هو متهود فيه مثل لزوم الختان للخالص‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫‪53‬‬ ‫َن ِ‬ ‫اإل ْخوةُ أ ََّن ِني ِمر ا ِ‬ ‫اآلن‪،‬‬ ‫ت أْ‬ ‫يد أ ْ‬ ‫آت َي إِلَ ْي ُك ْم‪َ ،‬و ُم ِن ْع ُ‬ ‫ص ْد ُ‬ ‫ت أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫ت َحتَّـى َ‬ ‫آية (‪ " -:)53‬ثُ َّم لَ ْ‬ ‫َن تَ ْج َهلُوا أَي َ‬ ‫يرةً قَ َ‬ ‫ُّها ِ َ‬ ‫ار َكث َ‬ ‫ًَ‬ ‫ضا َكما ِفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِي ُك َ ِ‬ ‫ُمِم‪" .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سائ ِر األ َ‬ ‫ون لي ثَ َمٌر في ُك ْم أ َْي ً َ‬

‫الرسول ال يريد الخدمة السهلة‪ ،‬بل هو يريد أن يذهب ليصحح لهـم إيمـانهم‪ .‬ولـنالحظ أنـه كثيـ اًر مـا نطلـب طلبـات‬ ‫جيدة‪ ،‬كما طلب الرسول هنا واهلل يؤجل اإلستجابة لوقت مناسب يراه اهلل (هـذا أسـماه مـلء الزمـان) ثَ َما لر = حيثمـا‬

‫‪78‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫يــزداد الشــر يريــد الرس ــول أن يــذهب ليكــون لــه ثم ــر أي مــؤمنين إيمان ـاً صــحيحاً‪ ،‬وه ــذا لكــي تُعلَ ـن قــوة اإلنجي ــل‬ ‫باألكثر‪.‬‬ ‫ين وا ْلب ارِبرِة‪ ،‬لِ ْلح َكم ِ‬ ‫آية (‪54" :-)54‬إِ ِّني م ْدي ٌ ِ ِ‬ ‫اء َوا ْل ُج َهالَ ِء‪" .‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ون ل ْل ُيوَنان ِّي َ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫الرسول يشعر أن اهلل و ّكله علي وكالة وأعطـاه نعمـة ألجـل كـل األمـم‪ ،‬وهـو شـعر بـأن هـذا ديـن فـي رقبتـه يـود لـو‬ ‫صفي حسابه معهم بأن يجعلهم يؤمنون‪ .‬وهو شعر بأن هناك ديناً في رقبته‪2‬‬ ‫‪ .1‬فهو ِّ‬ ‫مقدر لعظمة ما أخذه من نعم‪.‬‬ ‫‪ .2‬لمحبته لكل الناس واشتياقه لخالصهم‪.‬‬

‫‪ .3‬هو يشعر بأن مـا أخـذه ال يسـتحقه إذ يشـعر ببشـاعة ماضـيه ومـع كـل هـذا أخـذ‪ .‬لـذلك شـعر بنـوع مـن‬ ‫اإللت ـزام نحــو الــذين لــم يتــذوقوا حريتــه التــي فــي المســيح والمجــد الــذي أخــذه‪ .‬لــذلك قــال "إذ الضــرورة‬

‫علي فويل لي إن كنت ال أبشر" (‪1‬كـو‪ .)1:29‬البرابرة= كـان اليونـانيين والرومـان يعتقـدون‬ ‫موضوعة َّ‬

‫انهم هم الحكماء وباقي الناس برابرة‪.‬‬

‫عموماً فمن يتذوق يشعر بأنه يريد أن الكل يتذوق‪ .‬بل يشعر بحزن إن ُح ِـرَم أحـد مـن نعمـة اهلل "مـن يعثـر وأنـا ال‬ ‫ألتهب‪ ،‬من يضعف وأنا ال أضعف"‪.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫ستَ َع ٌّد لِتَ ْب ِش ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫يرُك ْم أَ ْنتُ ُم الَِّذ َ‬ ‫ين ِفي ُرو ِم َي َة أ َْي ً‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَه َك َذا َما ُه َو لي ُم ْ‬ ‫َما ه َُو لَي‪ :‬أي أنني مكلف بهذا‪ ،‬أن أكرز باإلنجيل بين األمم‪ ،‬ما هو لي أي أن هذا هو عملـي الـذي خلقنـي اهلل‬ ‫ألجله‪ .‬أَ ْنتُ ُم الَّ َذينَ فَي ُرو َميَةَ = هـو يريـد ان يبشـر فـي رومـا مركـز الوثنيـة والخطيـة ومسـتعد إلحتمـال أي ألـم فـي‬

‫ضااا = هــو تعبيــر يشــير لصــعوبة التبشــير فــي رومــا التــي تمجــد القــوة‪ ،‬وهــو ســيذهب ليبشــر بنجــار‬ ‫ســبيل ذلــك‪ .‬أَ ْي ا‬ ‫مصــلوب وهــو مــوت العبيــد الــذين إرتكب ـوا أبشــع الج ـرائم‪ ،‬قــال أحــد فالســفة الرومــان‪" 2‬أتمنــي أن ال تخطــر فك ـرة‬

‫الصلب علي بال إنسان روماني شريف"‬

‫شااي َر ُك ْم = إذاً فإيمــانهم محتــاج لمراجعــة جذريــة‪ ،‬بســبب التقاليــد اليهوديــة التــي دخلــت إليمــانهم‪ .‬ولشــعوره بالــدين‬ ‫لَتَ ْب َ‬ ‫نحوهم هو مستعد للذهاب إليهم‪.‬‬ ‫‪56‬‬ ‫ـه قُ َّـوةُ ِ‬ ‫َستَ ِحي ِبِإ ْن ِج ِ‬ ‫ص لِ ُك ِّـل م ْـن ُي ْـؤ ِم ُن‪ :‬لِ ْل َي ُه ِ‬ ‫اهلل لِ ْل َخـالَ ِ‬ ‫ي أ ََّوالً ثُ َّـم‬ ‫يـل ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ـود ِّ‬ ‫ـيح‪ ،‬أل ََّن ُ‬ ‫سُ‬ ‫تأْ‬ ‫آية (‪ " -:)56‬أل َِّني لَ ْ‬ ‫َ‬ ‫لِ ْل ُيوَن ِان ِّي‪" .‬‬ ‫ست َ​َحي = قال في غالطية حاشا لي أن أفتخر إال بصليب ربنـا يسـوع‪( ..‬غـل‪ .)142:‬والرسـالة هنـا موجهـة‬ ‫س ُ أَ ْ‬ ‫لَ ْ‬

‫للرومان أغني وأعظم دولة في العالم‪ .‬وهـم فـي روميـة يفتخـرون بـالقوة والعظمـة ويعيشـون فـي زهـو وكبريـاء‪ .‬لكـن‬ ‫بـولس ال يسـتحي باإلنجيـل الـذي يبـدو فــي ظـاهره ضـعفاً‪ ،‬هـو ال يسـتحي بـأن يبشــر بـأن نجـا اًر مـات مصـلوباً بــين‬ ‫لصــين‪ ،‬وهــذا يــدعو إلشــمئزاز الرومــان‪ ،‬وربمــا كــان مســيحيو رومــا يشــعرون باإلســتحياء مــن هــذه الفك ـرة شــاعرين‬

‫‪79‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫بــالزهو أنهــم مــن ســكان رومــا القويــة ســيدة العــالم والرســول أراد ان يكســر مــن زهــوهم‪ ،‬وحتــي ال يســتحوا قــال‪ 2‬ال‬ ‫ست َ​َحي وهو ال يستحي ألنه شاعر بقوة عمل اهلل‪ .‬أما أهل غالطية فهم بؤساء وفي مذلة لـذلك يقـول لهـم أفتخـر‪.‬‬ ‫أَ ْ‬

‫عموماً فالطريق الذي يبـدأ بـال أسـتحي ينتهـي بـأفتخر‪ .‬ولـو سـألني أحـد أتعبـد المصـلوب؟ أقـول نعـم فهـذا الصـليب‬

‫عالمة محبته اإللهية غير المتناهية لي وعنايته بي‪.‬‬ ‫ص = هو ال يخجل مـن إنجيـل اهلل ألنـه يشـعر بقـوة هـذا اإلنجيـل‪ .‬فاإلنجيـل لـيس رسـالة نظريـة‬ ‫ألَنَّهُ قُ َّوةُ للاَ لَ ْل َخالَ َ‬ ‫أو فلسفة فكرية تعليمية‪ ،‬إنما هو عمل إلهي جبار‪ ،‬وحركة حب إلهي ال تتوقف لتبلغ باإلنسان إلي شركة األمجاد‬

‫اإللهية‪ .‬هو قوة يشعر بها بولس الرسول وسيشعر بها كل مؤمن‪ .‬هو قوة مجالها خالص اإلنسان‪ ،‬قـوة تعمـل فـي‬ ‫الفكــر واإلرادة والــنفس والشــعور والجســد‪ .‬بعظــة واحــدة مــن بطــرس آمــن ‪ 3555‬ألن الكلمــة لهــا قــوة جبــارة غيــرت‬

‫الدولة الرومانية نفسها للمسيحية‪ .‬فاإلنجيل قائم علي عملية تغيير كبري بواسطة المسيح‪ ،‬تعطي الخـالص وتهبـه‬ ‫ي أَ َّوجا = زمنيـاً فقـط‪ ،‬فـاليهود كـانوا أسـبق فـي إرتبـاطهم بـاهلل‪ .‬وقـد أخـذوا المواعيـد‬ ‫للذين يؤمنـون بالمسـيح‪ .‬لَ ْليَ ُهاو َد ِّ‬

‫بالخالص وأئتمنوا علي ناموس اهلل أوالً‪ .‬ولهذا فعليهم واجبات أكثر فال محاباة‪ ،‬هم عليهم اإليمان بالمسيح أوالً ثم‬ ‫ثُ َّم لَ ْليُونَانَ ِّي‪ 2‬فاألمم أيضا مدعوين‪.‬‬ ‫أن يبشروا هم األمم ‪.‬‬ ‫آية (‪57" -:)57‬أل ْ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َما ا ْل َب ُّار فَِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫يم ٍ‬ ‫يم ٍ‬ ‫ان َي ْح َيا»‪".‬‬ ‫وب‪«:‬أ َّ‬ ‫ان‪َ ،‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫اإل َ‬ ‫ان‪ِ ،‬إل َ‬ ‫َن فيه ُم ْعلَ ٌن ِب ُّر اهلل ِبإ َ‬ ‫فَي َه ُم ْعلَنل بَ رر للاَ = هذا اإلنجيل الـذي أبشـر بـه هـو قـوة اهلل للخـالص (آيـة ‪ )1:‬وكيـف ُي َخلِّـص ؟ هـذا بـأن يجعـل‬

‫المؤمن با اًر‪ .‬وهل يستطيع كل مؤمن أن يصبح با اًر ؟ قطعاً‪ ،‬فعمـل نعمـة اهلل التـي تبـرر عمـل قـوي جـداً جـداً‪ .‬اهلل‬ ‫يعطـي للمــؤمن المعمـد والممســوح بزيـت الميــرون‪ ،‬أن يحـل عليــه الـروح القــدس الـذي لــه قـوة جبــارة فـي تغييــر حيــاة‬

‫المــؤمن‪ ،‬مــن حيــاة الخطيــة إلــي حيــاة البــر‪ ،‬وتغييــر شــاول الطرسوســي نفســه إلــي بــولس الرســول خيــر شــاهد لــذلك‬ ‫(راجع معني التبرير في المقدمة)‪ .‬ولنفهم أنه علينا أن نغصب أنفسنا كمؤمنين لنفعل البر (جهاد إيجابي) والنعمة‬

‫تعطينــا أن نتلــذذ ونتعــزي بعمــل البــر‪ .‬والحــظ أننــا نصــير أب ـ ار اًر بحيــاة المســيح فينــا‪ .‬والحــظ أن بــر النــاموس كــان‬

‫أما في المسيحية فالتبرير يبدأ باإليمـان بالمسـيح فـال بـر خـارج عـن اإليمـان بالمسـيح‪ .‬ثـم يـأتي دور‬ ‫"إعمل فتحيا" ّ‬ ‫المعموديــة التــي فيهــا نمــوت ونقــوم مــع المســيح بحياتــه‪ .‬ويــأتي بعــد ذلــك دور حلــول الــروح القــدس الــذي يثبتنــا فــي‬ ‫المسيح‪ ،‬وبقدر ما نثبت فـي المسـيح ننمـو فـي البـر‪ .‬ونحـن نثبـت فـي المسـيح بقـدر مـا نصـلب أنفسـنا مـع المسـيح‬

‫ونجاهد (جهاد سلبي وجهاد إيجابي) لذلك فمدخل التبرير في المسيحية هو اإليمان ‪.‬‬

‫ُم ْعلَنل بَ رر للاَ بَإَي َمان‪َ ،‬إلي َمان = اإليمان ينمو ويزداد (‪2‬تـس‪ +321‬لـو‪ .)0211‬واهلل قسـم لكـل منـا قـدر مـن اإليمـان‬

‫أما ُن َن ِّمي هذا القدر أو ننقصه وكـل إيمـان نبلغـه ِّ‬ ‫يعبـر عـن مسـتوانا الروحـي الـذي وصـلنا إليـه‪،‬‬ ‫(رو‪ )3212‬ونحن ّ‬ ‫وطــوبي للجيــاع والعطــاش إلــي البــر ‪( ..‬مــت‪ .):20‬مثــل ه ـؤالء ينمــو باســتمرار مســتواهم الروحــي وبالتــالي ينمــو‬ ‫إيمانهم من إيمان إليمان أعمق وأعلي وهذا متوقف علي جهادنا (سلبي وايجابي) وعلي خضوعنا وتسليمنا الحياة‬

‫بين يدي اهلل بشكر وبال تذمر‪ ،‬بهذا ينمو اإليمان‪ ،‬بل ننمو في المجد‪ ،‬ومن مجد إلي مجد (‪2‬كـو‪ .)1823‬وقطعـاً‬

‫‪80‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫فكلما نزداد في درجتنا اإليمانية سنزداد في عمل البر وحياة البر‪ .‬والحظ أن اإليمان هو ثمرة لإلمـتالء مـن الـروح‬

‫القدس (غل‪ )23 ،2220‬واإلمتالء من الروح يأتي بالجهاد (راجع المقدمة)‪.‬‬ ‫اان يَ ْحيَاا = هـذه مـن نبـوة حبقـوق ‪ .422‬وكـان حبقـوق يقصـد بهـا أن بابـل سـتؤدب شـعب اهلل فقـط‬ ‫أَ َّما ا ْلبَ ر‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫ار فَبَ َ‬ ‫أمـا األبـرار الـذين‬ ‫لكنها لن تبيده لسبب بسيط هو أن هذا الشعب شعب اهلل‪ .‬والـذين عبـدوا األوثـان سـتبيدهم بابـل‪ّ ،‬‬ ‫يؤمنــون بــاهلل فســيحيون‪ ،‬بابــل ســتؤدبهم فقــط لَي ْكملـوا‪ ،‬لكنهــا ال تســتطيع أن تبيــدهم‪ .‬لكــن بــولس فهــم اآليــة أن البــر‬ ‫يكون باإليمان وليس باألعمال (أعمال الناموس) كما فهم اليهود‪ .‬وبولس عاش في يهوديته يمـارس أعمـاالً جيـدة‬ ‫لكنه لم يتذوق حياة البر النابعة عن إصالح الـداخل الـذي حـدث لـه باإليمـان‪ .‬خـالل أعمـال النـاموس كـان يشـعر‬

‫بفساد الداخل‪ ،‬وأنه يعمل أعماالً صالحة ولكن مع وجود كبت‪ ،‬وحنـين للخطيـة‪ .‬أمـا فـي ظـل اإليمـان فوجـد نفسـه‬

‫يعمل البر بسهولة وبرغبة صادقة‪.‬‬

‫تأمل‪ -:‬في اآلية كما قصدها حبقوق وبنفس مفهومه‪ ،‬فمن يقع في تجربة اآلن‪ .‬عليه أن ينظر هلل بإيمان بأن اهلل‬ ‫سيرحمه ويتحنن عليه‪ ،‬ويحول الضيقة لخيره فهو صـانع خيـرات‪ .‬وهـذا عكـس مـن يخاصـم اهلل وقـت التجربـة‪ .‬فـي‬ ‫هذه اآلية نجد أن المؤمن ينمو بإستمرار في بر المسيح‪ ،‬ولكـن هـذا ال يعنـي أننـا نصـير بـال خطيـة‪ ،‬فطالمـا نحـن‬

‫في الجسد فنحن معرضون ألن نخطئ ولكن التوبة واإلعتراف يغفران الخطية‪.‬‬ ‫الســم ِ‬ ‫ضــب ِ‬ ‫ـور َّ‬ ‫النـ ِ‬ ‫اء َعلَــى َج ِميـ ِـع فُ ُجـ ِ‬ ‫ون ا ْل َحـ َّ‬ ‫ـق‬ ‫آيــة (‪51" -:)51‬أل َّ‬ ‫ين َي ْح ِجـ ُـز َ‬ ‫ـاس َوِاثْ ِم ِهـِـم‪ ،‬الَّـ ِـذ َ‬ ‫ـن ِمـ َ‬ ‫اهلل ُم ْعلَـ ٌ‬ ‫َن َغ َ َ‬ ‫ـن َّ َ‬ ‫ِب ِ‬ ‫اإل ثِْم‪" .‬‬ ‫ألَنَّ = هــذه تعنــي أن هــذه اآليــة متعلقــة بمــا قبلهــا‪ .‬والمعنــي ان خطايــا النــاس‬ ‫مجد‬ ‫س َما َء = لـذلك كـان هـذا التبريـر باإليمـان‬ ‫ب للاَ ُم ْعلَنل َمنَ ال َّ‬ ‫ض َ‬ ‫أغضـبت اهلل= َغ َ‬

‫ضرورياً‪ .‬هذا الغضب ظهر ضد كل من ال يسلك في صـالح ووقـار مـن نحـو‬ ‫اهلل‪ .‬وضد من خالف الناموس الطبيعي األخالقي ولكل من تنكر للحـق وضـل‬

‫وراء العبادة الوثنية وحياتهـا وممارسـاتها الفـاجرة‪ .‬وبـولس هنـا يرسـم فـي اآليـات‬

‫إيمان‬ ‫يي‬

‫التاليــة صــورة للعــالم بــدون بــر اهلل أي بــدون المســيح‪ ،‬واإلنحــدار الــذي وصــلت‬

‫إليــه البش ـرية ممــا إســتوجب غضــب اهلل‪ .‬وكانــت البش ـرية بحالهــا هــذا تســتحق‬ ‫اإلفنــاء كمــا حــدث فــي الطوفــان‪ ،‬ولكــن اهلل وعــد نــوح بأنــه ال يكــرر الطوفــان إذ‬

‫غضب‬ ‫هللا‬ ‫هالك‬

‫هــو يريــد حيــاة العــالم‪ .‬والرســول بــدأ بش ـرور األمــم فــي هــذا اإلصــحاح قبــل أن‬

‫يذكر شرور اليهود حتى ال ُيتهَم بأنه معادي لليهود‪.‬‬ ‫لكــن كــان األمــم قــد كســروا النــاموس الطبيعــي واليهــود قــد كســروا النــاموس الموســوي لــذلك صــار الكــل فــي حاجــة‬

‫إما اإليمان بالمسيح للتبريـر ‪ ،‬وهـذا‬ ‫لتدخل إلهي كي يتبرروا باإليمان بالمسيح‪ .‬وبهذا صار هناك طريقين للبشر‪ّ ،‬‬ ‫اإليمان ينمو يوماً فيوم ‪ ،‬والنهاية مجد‪ ،‬أو السير في خطايـا تغضـب اهلل ‪ ،‬واإلنحـدار يومـاً فيـوم ‪ ،‬والنهايـة هـالك‬

‫‪81‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫(أنظر الرسم)‪ .‬اهلل أعلن البر في المسيح ليبطل الغضب‪ .‬ومن يؤمن يتبرر ومن ال يؤمن ينصب عليه الغضـب‪.‬‬

‫وكان البر بالمسيح معلن في الكتاب (آيات ‪.)11 ،1:‬‬ ‫اإل ْث َم‪ =.‬هذه الخطايا التي كان الوثنيون يمارسونها حجزت الحق أي جعلته غير ظـاهر وال‬ ‫الَّ َذينَ يَ ْح َج ُزونَ ا ْل َح َّ‬ ‫ق بَ َ‬ ‫واضح‪ ،‬تعبدهم لألوثان الباطلة وعدم تعبدهم هلل الحـق عطـل ظهـور الحقيقـة‪ ،‬وهـذه عكـس " ليـري النـاس أعمـالكم‬

‫أمــا طريــق النقــاوة فهــو طريــق‬ ‫الصــالحة فيمجــدوا أبــاكم الــذي فــي الســموات"‪ .‬عموم ـاً طريــق الخطيــة يقــود للعمــي ّ‬ ‫اإلمـتالء مــن الــروح القــدس الـذي يفــتح الحـواس الروحيــة‪ ،‬ومـن حواســه الروحيــة مفتوحــة فهـو حــي‪ ،‬والعكــس‪ .‬لــذلك‬ ‫قيل "لك إسم أنك حي وأنت ميت" (الخطية أغلقت حواسك الروحية) (رؤ‪ )123‬وعكـس ذلـك إذ عـاد اإلبـن الضـال‬

‫تائباً قيل" ابني هذا كـان ميتـاً فعـاش"‪ .‬والـروح القـدس أيضـاً هـو روح النصـح (‪2‬تـي‪ .)3121‬وهـو الـذي يعلمنـا كـل‬

‫شئ (عب‪ )1128‬لذلك حين جاء المسيح وهو الحق لم يعرفه اليهود بسبب خطاياهم‪ ،‬لكن كـان هنـاك مـن عرفـه‪.‬‬

‫فحب المال والحسد أعمي عيون رئيس الكهنة‪ .‬وما يقال علي العينين يقال عن بقية الحواس‪ .‬وفي قصـة القـديس‬

‫أغســطينوس‪ ،‬يقــول فــي إعترافاتــه انــه فــي خطيتــه قبــل أن يــؤمن وجــد الكتــاب المقــدس‪ ،‬كتابـاً عاديـاً أقــل مــن بــاقي‬ ‫الكتب (كانت عينه مغلقة عن رؤية الحق‪ ،‬كانت خطايـاه تحجـز عنـه رؤيـة الحـق)‪ .‬أمـا بعـد اإليمـان والتوبـة كـان‬

‫يقـ أر الكتــاب المقــدس وهــو يبكــي‪ .‬والســيد المســيح يقــول تعرفــون الحــق والحــق يحــرركم (يــو‪ .)3228‬فمــن ال يختــار‬ ‫المسيح الحـق سـيختار العـالم والخطيـة أي الباطـل‪ ،‬ويكـون مسـتعبداً لـه‪ ،‬يكـون هـذا الباطـل سـيداً والهـاً لـه (كالمـال‬

‫مثالً)‪ .‬أما من عرف المسيح تنفتح عينيه علي مجد المسيح فيحسب كل األشـياء التـي فـي العـالم نفايـة (فـي‪)823‬‬ ‫والبدايــة نقــاوة القلــب بالتوبــة‪ .‬والعكــس فمــن مــألت الخطيــة قلبــه ورفــض اهلل ينحــدر لمســتوي متــردي‪ ،‬فالمص ـريين‬

‫وغيرهم عبدوا الحيوانات واليونانيون عبدوا األمراض‪.‬‬ ‫ظ ِ‬ ‫آية (‪51" -:)51‬إِ ْذ مع ِرفَ ُة ِ‬ ‫َن اهللَ أَ ْظ َه َرَها لَ ُه ْم‪" .‬‬ ‫اه َرةٌ ِفي ِه ْم‪ ،‬أل َّ‬ ‫اهلل َ‬ ‫َْ‬ ‫إنهم يحجزون الحقيقة بسبب إنكارهم هلل وعبادتهم الفـاجرة لألوثـان فهـل لهـم أن يعتـذروا بأنـه لـم يكـن لهـم نـاموس؟‬

‫اإلجابة ال عذر لهم‪.‬‬

‫ألن المعرفــة الحقيقيــة عــن اهلل يســتطيع العقــل البشــري أن يتوصــل لهــا‪ .‬فــاهلل أعــد عقــول البشــر ليهتــدوا إليــه‪ ،‬اهلل‬

‫غــرس بــذرة اإليمــان فـي كــل إنســان‪ .‬واهلل أعطــي أيضـاً لكــل إنســان ضــمير يعــرف بــه الحــق (رو‪.)10 ، 14 2 2‬‬ ‫فمجرد التأمل في خلقة اإلنسان أو العـالم أو الكـون يثبـت ضـرورة وجـود هـذا اإللـه‪ .‬وكثيـرون مـن الفالسـفة شـعروا‬

‫بهذا وقالوا أن األوثان خرافة وانه البد أن يكون هناك إله وراء هذه الطبيعة ينبغي أن نعبده‪ .‬وهـذا الشـعور بوجـود‬ ‫إله ندركه من خالل أعمالـه هـو مـا يميـز اإلنسـان عـن الحيـوان‪ .‬والحـظ قبـول األطفـال هلل ومحبـتهم لـه وتصـديقهم‬

‫للحقــائق اإللهيــة‪ .‬إذاً إن كــان اهلل قــد أعطــي لليهــود نــاموس موســي‪ ،‬فهــو أعلــن عــن نفســه للــوثنيين خــالل الطبيعــة‬

‫المنظورة (مز‪ )1219‬فاهلل ال يبقي نفسه بال شاهد‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫ق ا ْلعالَِم م ْدرَك ًة ِبا ْلمص ُنوع ِ‬ ‫ـه‪،‬‬ ‫آية (‪:2" -:):2‬أل َّ‬ ‫ـه َّ‬ ‫الس ْـرَم ِد َّي َة َوالَ ُهوتَ ُ‬ ‫ات‪ ،‬قُ ْد َرتَ ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ورِة تُر َ‬ ‫ى ُم ْن ُذ َخ ْل ِ َ ُ َ‬ ‫ورهُ َغ ْي َر ا ْل َم ْنظُ َ‬ ‫ُم َ‬ ‫َن أ ُ‬ ‫َحتَّى إِ َّن ُه ْم ِبالَ ُعذ ٍ‬ ‫ْر‪" .‬‬ ‫اور َة = ‪ invisible nature‬أي قد ارتـه اإللهيـة‪ .‬فـاهلل أظهـر قوتـه فـي خليقتـه التـي صـنعها مـن‬ ‫اورهُ َغ ْي َار ا ْل َم ْنوُ َ‬ ‫أُ ُم َ‬ ‫أجل محبته لنا‪ .‬لكن تظل طبيعته اإللهية غير منظورة لإلنسان‪ ،‬وال يمكن بعيوننا الجسدية أن ندرك كماله‪ ،‬ولكن‬ ‫س ْر َم َديَّةَ = أزلية أبديـة‪ ،‬أي بـال بدايـة وال نهايـة‪،‬‬ ‫ت‪.‬‬ ‫يمكن ان ندركه من خالل أعماله = بَا ْل َم ْ‬ ‫قُد َْرتَهُ ال َّ‬ ‫صنُوعَا َ‬ ‫والمعني ان اهلل لم يخلقه أحد‪ ،‬هو واجب الوجود‪ ،‬هو القوة وراء كل المخلوقات والمصنوعات‬ ‫َحتَّى إَنَّ ُه ْم بَالَ ع ُْذر = هذه عن الوثنيين‪ .‬وهم بال عذر ألنه إذا كان يمكن إدراك اهلل بعقولنا فال عـذر لهـم وال ألي‬

‫إنسان ُينكر وجود اهلل‪ .‬ونالحظ أن بولس الرسول كرر هـذا القـول بالنسـبة لليهـود فـي اإلصـحاح الثـاني‪ ،‬فـال عـذر‬ ‫للوثنيين وال عذر لليهود‪ .‬ال عذر للوثنيين الذين عبدوا المخلوق وتركوا الخالق‪ ،‬وال عذر لليهـود الـذين أخطـأوا فـي‬ ‫حق اهلل‪ .‬وكم وكم نحن بال عذر نحن المسيحيين ونحن هياكل للروح القدس‪.‬‬

‫‪:5‬‬ ‫ش ُكروه َكِإ ٍ‬ ‫له‪َ ،‬ب ْل َح ِمقُوا ِفي أَ ْف َك ِ‬ ‫ارِه ْم‪َ ،‬وأَ ْظلَ َم َق ْل ُب ُه ُم ا ْل َغ ِب ُّي‪" .‬‬ ‫آية (‪" -:):5‬أل ََّن ُه ْم لَ َّما َع َرفُوا اهللَ لَ ْم ُي َم ِّج ُدوهُ أ َْو َي ْ ُ ُ‬ ‫هم بال عذر ألنهم علي الرغم من أنهم بواسـطة مـا فـي المصـنوعات ومـا فـي الخليقـة مـن عجائـب‪ ،‬وهـذه أعطـتهم‬ ‫أن يدركوا ويعرفـوا أن وراء كـل هـذا البـد مـن وجـود إلـه= ألَنَّ ُها ْم لَ َّماا ع َ​َرفُاوا للاَ = كـالم الرسـول يعنـي انهـم أو أن‬

‫اإلنســان أوالً عــرف اهلل‪ ،‬وأدرك وجــوده‪ ،‬وعــرف حكمتــه التــي خلــق بهــا هــذه األشــياء‪ .‬فمــا الــذي حــدث ؟ كيــف بــدأ‬

‫اإلنهيار؟‬

‫لَا ْم يُ َم ِّجادُوهُ أَ ْو يَشْا ُك ُروهُ = مـن أجـل هـذه المـراحم العديـدة التـي وهبهـا لهـم‪ .‬فشـكر اهلل وتمجيـده يرفعنـي فـي طريــق‬

‫النمو والعكس فالتذمر وتمجيد النفس (الذات) عوضاً عن تمجيد اهلل تجعلني أنحدر‪ .‬ويظـل اإلنحـدار حتـى يصـل‬ ‫اي ومـن هنـا تظهـر أهميـة التسـابيح الكثيـرة فـي الكنيسـة وكثـرة ترديـد صـالة‬ ‫اإلنسان لظالم القلب= أَ ْظلَ َم قَ ْلابُ ُه ُم ا ْل َ​َبَ ر‬ ‫الشــكر فــي كــل األوقــات وكــل المناســبات‪ .‬وكمــا يقــول ما ارســحق الس ـرياني "كــل عطيــة بــال شــكر هــي بــال زيــادة"‪.‬‬ ‫وحينمــا شــفي المســيح العشـرة البــرص عــاد واحــد مــنهم فقــط ليشــكر‪ ،‬فقــال المســيح فــأين التســعة (لــو‪.)19-12211‬‬

‫والحـظ ان المسـيح لـم يكـن يريــد عـودتهم ألنـه محتـاج لشـكرهم بــل حتـى يعطـيهم مـا هـو أكثــر‪ ،‬كمـا حـدث مـع هــذا‬ ‫األبــرص الــذي عــاد‪ ،‬إذ حصــل علــي الخــالص الروحــي بجانــب الشــفاء الجســدي‪ .‬فــاهلل يفــرح بمــن لــه روح الشــكر‬

‫ليزيــده مــن بركاتــه‪ .‬والعكــس فالتــذمر أهلــك اليهــود فــي بريــة ســيناء‪ .‬الشــكر يجعــل القلــب طيع ـاً فــي يــد اهلل‪ ،‬فيقــوده‬

‫للخالص‪ .‬فمثل هذا القلب الشاكر الطيِّع يسهل علي اهلل أن يتعامل معه ويعطيه إستنارة ليعرف أكثر فيمجد أكثر‬ ‫وهكذا‪ .‬أما التذمر فهو يقسى القلب فال يعود يري اهلل‪ ،‬ويظلـم هـذا القلـب‪ ،‬ومثـل هـؤالء فهـم يسـيروا وراء األكاذيـب‬

‫ومـن ثـم يتشـبثوا بالباطـل‪ ،‬ويفقـد القلـب وعيـه ويصـير بـال تمييـز ويغيـب عنـه نـور اهلل‪ .‬فـاهلل يعطـي المعرفـة بطــرق‬

‫شــتي لتنتهــي إلــي شــكره وتمجيــده علــي مراحمــه‪ .‬وعــدم اإلحســاس بمـراحم اهلل هــو أصــل كــل الشــرور‪ .‬فــإن لــم يكــن‬ ‫للمعرفة ثمر ‪ ،‬يرفع اهلل هذه المعرفة‪ ،‬فيكون هذا وباالً علي اإلنسان‪ ،‬فيبدأ يمجد نفسـه عوضـاً عـن أن يمجـد اهلل‪.‬‬ ‫بل إنحدر اإلنسان فصار يمجد العجول والقرود والفئران… واآلن هناك من يمجد المال والشهوات‪.‬‬

‫‪83‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬ ‫‪::‬‬ ‫ص ُاروا ُج َهالَ َء‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)::‬وَب ْي َن َما ُه ْم َي ْز ُع ُم َ‬ ‫اء َ‬ ‫ون أ ََّن ُه ْم ُح َك َم ُ‬ ‫بينمــا هــم يعتقــدون فــي أنفســهم أنهــم حكمــاء‪ ،‬فإنــه لســبب عــدم إدراكهــم الحقيقــة إد اركـاً صــحيحاً قــد أصــبحوا أغبيــاء‬

‫وجهالء‪ .‬فالمصريين أصحاب كل علم عبدوا العجل‪ .‬واليونانيين عبـدوا األمـراض والشـهوات البشـرية بـل أن هنـاك‬ ‫اآلن من يعبد الشيطان‪ .‬والحظ أن هذا الكالم موجه لمن آمن من الوثنيين وظـل يفتخـر بفلسـفات الـوثنيين‪ ،‬وكـأن‬

‫الرسول يقول لهم إلي أين قادتكم فلسفاتكم ؟ لقد قادتكم لإلنحطاط‪.‬‬

‫‪:3‬‬ ‫اب‪ ،‬وال َّزحَّافَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ورِة ِ‬ ‫ان الَِّذي َي ْف َنى‪َ ،‬والطُّ ُي ِ‬ ‫سِ‬ ‫ات‪.‬‬ ‫َّو ِّ َ‬ ‫ور‪َ ،‬والد َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫آية (‪َ " -:):3‬وأ َْب َدلُوا َم ْج َد اهلل الَّذي الَ َي ْف َنى ِبش ْبه ُ‬ ‫ص َ‬ ‫"‬

‫من يعبد اهلل يكون له كرامة ‪ ،‬ويقابل هذا الهوان لمن يعبد األوثان والحيوانـات‪ .‬فعوضـاً عـن اإللتصـاق بـاهلل الـذي‬

‫له كل المجد‪ -‬وهذا يقود اإلنسان للخلود‪ -‬إنحط اإلنسان وعبد الفانيات فصار مصيره الزوال‪.‬‬

‫شهو ِ‬ ‫آية (‪:4" -:):4‬لِذلِ َك أَسلَمهم اهلل أ َْي ً ِ‬ ‫ات ُقلُوِب ِهم إِلَى َّ‬ ‫س ِاد ِه ْم َب ْي َن َذ َو ِات ِهِم‪" .‬‬ ‫اس ِة‪ِ ،‬إل َها َن ِة أ ْ‬ ‫َج َ‬ ‫الن َج َ‬ ‫ضا في َ َ َ‬ ‫ْ َ ُ​ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وألجل أنهم سلكوا هذا السلوك المشـين وأهـانوا اهلل لـذلك فقـد نـزع اهلل مـنهم نعمتـه وتـركهم ليسـلكوا بحسـب شـهواتهم‬ ‫سالَ َم ُه ُم للاُ مـن يـده لشـهواتهم‪ .‬اهلل لـم يجعلهـم يفعلـون هـذا‪ .‬بـل هـو تـركهم وتخلـت نعمتـه‬ ‫الرديئة فـي كـل نجاسـة‪ .‬أَ ْ‬ ‫الحافظة عنهم فإنحطوا لهـذه الدرجـة‪ ،‬هـم صـاروا كمـريض رفـض عـالج الطبيـب فتـدهورت حالتـه‪ .‬اهلل أسـلمهم أي‬

‫سا َة = أي عـدم‬ ‫تركهم لما إشـتهته قلـوبهم ولمـا أرادوا أن يعملـوه‪ ،‬رفـع اهلل عـنهم يـده فـأكملوا شـهوة قلـوبهم فـي النَّ َجا َ‬

‫الطهــارة فــي العالقــات الجنســية والتــي تصــل للشــذوذ الجنســي فأهــانوا أجســادهم‪ .‬ولــنالحظ أن الخطيــة لهــا أض ـرار‬ ‫بدنية فضالً عن األضرار الروحية‪.‬‬

‫‪:1‬‬ ‫ون ا ْل َخـالِ ِ َّ ِ‬ ‫ـق ِ‬ ‫اسـتَ ْب َدلُوا َح َّ‬ ‫ـار ٌك إِلَـى‬ ‫اهلل ِبا ْل َك ِـذ ِب‪َ ،‬واتَّقَ ْـوا َو َع َب ُـدوا ا ْل َم ْخلُ َ‬ ‫ـوق ُد َ‬ ‫آية (‪ " -:):1‬الَّ ِـذ َ‬ ‫ين ْ‬ ‫ق‪ ،‬الـذي ُه َـو ُم َب َ‬ ‫األَب ِد‪ِ .‬‬ ‫ين‪" .‬‬ ‫آم َ‬ ‫َ‬

‫ق للاَ = هؤالء إستبدلوا اإلله الحقيقي ‪ ،‬الحق الذي أستعلن لهم في وعيهم العام باآللهة الوثنية الكاذبة‬ ‫ستَ ْب َدلُوا َح َّ‬ ‫ا ْ‬

‫غيــر الحقيقيــة‪ .‬ثــم كرس ـوا قلــوبهم ووجه ـوا عبــادتهم إلــي الخليقــة والمخلوقــات‪ .‬وهكــذا بــدالً مــن أن يكرم ـوا ويعبــدوا‬

‫وكون كـل المخلوقـات‪ ،‬والـذي يلـزم أن نقـدم لـه التمجيـد إلـي األبـد‪ ،‬عبـدوا المخلوقـات‪ .‬لقـد ظهـر‬ ‫الخالق الذي خلق َّ‬ ‫تقدير اهلل لإلنسان في أنه خلقه علي شبهه وعلي صورته بينما ظهرت حماقـة اإلنسـان وظـالم قلبـه فـي أنـه صـنع‬

‫ٍ‬ ‫صور فانية‪ .‬والحظ انحدار اإلنسان الذي جعل آلهته بهذه الصـور‪ ،‬فـإذا كانـت هـذه صـورة اآللهـة‬ ‫اهلل علي حسب‬ ‫ي فهـي شخصـيات وهميـة غيـر‬ ‫فكم تكون قيمـة اإلنسـان الـذي يعبـدها‪ .‬والحـظ أنـه يطلـق علـي اآللهـة الوثنيـة ا ْل َكا َذ َ‬ ‫حقيقية‪ ،‬بل هي تخفي الحق وال تفيد وال تضـر‪ .‬وأنظـر لمـن يتصـور أن أي شـهوة خاطئـة قـادرة ان تشـبعه فيجـري‬

‫وراءهــا العمــر كلــه ولكنــه ال يشــبع‪ ،‬كمــن يبحــث عــن مــاء ال يــروي أو عــن آبــار مشــققة ال تضــبط مــاء تارك ـاً اهلل‬

‫المشبع ينبوع المياه الحقيقي (أر‪ )1322‬فهذه المياه التي ال تروي هي الكذب‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫ار لك = حينما ذكر إهانات الوثنيين هلل لم يحتمل إهانتهم له وبارك اهلل‪.‬‬ ‫الذي ه َُو ُمبَ َ‬ ‫ال الطَّ ِب ِ‬ ‫َهــو ِ‬ ‫‪ِ ِ :6‬‬ ‫اء ا ْل َهـ َـو ِ‬ ‫ـي ِبالَّـ ِـذي َعلَــى‬ ‫ان‪ ،‬أل َّ‬ ‫االسـ ِـت ْع َم َ‬ ‫يعـ َّ‬ ‫اســتَ ْب َد ْل َن ْ‬ ‫َن إِ َنــاثَ ُه ُم ْ‬ ‫آيــة (‪ " -:):6‬لــذل َك أ ْ‬ ‫َس ـلَ َم ُه ُم اهللُ إِلَــى أ ْ َ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫يع ِة‪" .‬‬ ‫خالَف الط ِب َ‬ ‫مـن أجـل أنهـم عبـدوا المخلوقـات دون الخـالق فقـد منـع اهلل نعمتـه عـنهم إذ هـم ال يسـتحقونها‪ .‬الحـظ قـول المزمــور‬ ‫"الرب يعطك حسب قلبك" (‪ )4225‬فاهلل نزع عـنهم حمايتـه بسـبب قسـاوة قلـوبهم فتسـلطت علـيهم األهـواء الجسـدية‬

‫المخجلــة غيــر الش ـريفة‪ .‬أهـــواء الهـــوان= كــل إنح ارفــات الشــهوة‪ ،‬شــهوات الخــزي والعــار‪ ،‬الــذي وصــل للزنــا مــع‬ ‫الحيوانات‪ ،‬وهذا ما َّ‬ ‫حذر اهلل الشـعب منـه (خـر‪( )19222‬إذ هـو منتشـر فـي كنعـان) قبـل أن يـدخلوا كنعـان‪ .‬غالبـاً‬ ‫كان هذا ما يقصده الرسول هنا واستحي من ذكره‪.‬‬

‫شــهوِت ِهم بع ِ‬ ‫ال األُ ْنثَــى الطَّ ِب ِ‬ ‫ُّ‬ ‫‪ِ :7‬‬ ‫ض ـ ِه ْم لِـ َـب ْع ٍ‬ ‫ضــا تَـ ِ‬ ‫ض‪،‬‬ ‫ـي‪ ،‬ا ْ‬ ‫اسـ ِـت ْع َم َ‬ ‫يعـ َّ‬ ‫ـارِك َ‬ ‫ور أ َْي ً‬ ‫شــتَ َعلُوا ِب َ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫ين ْ‬ ‫آيــة (‪َ " -:):7‬و َكــذل َك الــذ ُك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ور‪ ،‬وَن ِائلِ َ ِ‬ ‫فَ ِ‬ ‫ضالَ لِ ِهِم ا ْل ُم ِحقَّ‪" .‬‬ ‫اء ُذ ُك ًا‬ ‫ين ا ْلفَ ْح َ‬ ‫اعلِ َ‬ ‫اء َ‬ ‫ين في أَ ْنفُس ِه ْم َج َز َ‬ ‫ور ِب ُذ ُك ٍ َ‬ ‫ش َ‬ ‫سا َه ْم‬ ‫ا ْلفَ ْحشَا َء = الفعل القبيح كالشذوذ الجنسي‪ .‬ونالحظ أن الشذوذ الجنسي ال ترتكبه الحيوانات‪ .‬نَااَِلَينَ فَاي أَ ْنفُ َ‬ ‫َجاازَا َء = هــم ضــروا أنفســهم وانحــدرت ك ـرامتهم‪ ،‬وهــم يســتحقوا هــذا فهــم الــذين إختــاروا طريــق اإلنفصــال عــن اهلل‪.‬‬ ‫ونري اآلن وباء اإليدز يحصد هؤالء الشواذ جنسياً‪.‬‬

‫‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َسـلَ َم ُهم اهللُ إِلَـى ِذ ْه ٍـن َم ْرفُـ ٍ‬ ‫ـوض لِ َي ْف َعلُـوا َمـا الَ‬ ‫ستَ ْح ِسـ ُنوا أ ْ‬ ‫آيـة (‪َ " -:):1‬و َك َمـا لَـ ْـم َي ْ‬ ‫َن ُي ْبقُـوا اهللَ فــي َم ْع ِـرفَت ِه ْم‪ ،‬أ ْ ُ‬ ‫يق‪" .‬‬ ‫َيلِ ُ‬ ‫هم لم يرغبوا أن تكون لهم المعرفة الحقيقية عن اهلل‪ ،‬لذلك تركهم اهلل فصار عقلهم عاج اًز عن أن يميز بين الحـق‬

‫والكذب‪ .‬وكان نتيجة ذلك أن فعلوا ما ال يجب وما هو غير الئق أخالقياً‪ .‬إن النعمة هي عطية اهلل لإلنسان فإذا‬ ‫أساء اإلنسان التصرف وأفسد سلوكه إستحق ان يرفع اهلل عنه نعمته ويسلمه إلي أهوائه وفضائحه‪ .‬والمسئولية ال‬

‫تقع علي اهلل بل علي اإلنسان‪ ،‬كـالمريض الـذي رفـض اإلنصـياع لنصـائح طبيبـه واختـار أن يعـالج مرضـه بنفسـه‬ ‫علي الرغم من جهله بذلك‪ .‬فإذا ساءت حالة المريض ال يـالم الطبيـب‪ .‬وكمـا يتخلـي الطبيـب عـن تقـديم النصـائح‬

‫المصر علي خطيته‪.‬‬ ‫لمريض يخالفه دائماً هكذا يتخلي اهلل عن الخاطئ‬ ‫ِّ‬

‫‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫وءا‪" .‬‬ ‫ش ّر َوطَ َم ٍع َو ُخ ْب ٍث‪َ ،‬م ْ‬ ‫ين ِم ْن ُك ِّل إِثٍْم َو ِزًنا َو َ‬ ‫ش ُحوِن َ‬ ‫آية (‪َ " -:):1‬م ْملُوِئ َ‬ ‫س ً‬ ‫اما َو َم ْك ًار َو ُ‬ ‫س ًدا َوقَتْالً َوخ َ‬ ‫ين َح َ‬ ‫صً‬ ‫اإل ْثم = الشر علي وجه العموم‪ ،‬كما يشار بكلمة البر للصالح علي وجه العموم‪.‬‬ ‫َ‬

‫شَر= يشار هنا إلي اإلضرار بالغير دون ان يحصل المرء علي كسب شخصي‪.‬‬

‫سداا = يقود للقتل (قايين وهابيل)‬ ‫ُخ ْبث= الميل النفسي اآلثم نحو اآلخرين‪َ .‬ح َ‬

‫الخصام= هو اإلضرار بالغير دون أن يصل األمر للقتل بل السعي لتكدير اآلخرين‪.‬‬

‫‪85‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫ثالبين = من ثلب = عاب شخصاً في غيابه وشهَّر به ليفسد سمعته‪.‬‬ ‫ــين مــد ِ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫هلل‪ ،‬ثَ ِ‬ ‫ــينِ ِ‬ ‫ين‪ ،‬م ْب ِغ ِ‬ ‫اآليــات (‪َ 32" -:)35-32‬ن َّم ِ‬ ‫ين ُم ْفتَ ِ‬ ‫ورا‪َ ،‬غ ْي َــر‬ ‫ين ُ‬ ‫ين‪ُ ،‬م ْبتَ ِــد ِع َ‬ ‫َّع َ‬ ‫ــال ِب َ‬ ‫ض َ‬ ‫ــام َ‬ ‫ش ُــر ً‬ ‫ين ُمتَ َعظم َ ُ‬ ‫ــر َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ط ِائ ِع َ ِ ِ ِ ‪ِ 35‬‬ ‫ِ‬ ‫ضى َوالَ َر ْح َم ٍة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ين ل ْل َوال َد ْين‪ ،‬بالَ فَ ْهم َوالَ َع ْهد َوالَ ُح ُن ٍّو َوالَ ر ً‬ ‫ُم َّد َعينَ = أي متعاظمين في أقوالهم ينسبون ألنفسهم ما ليس لهم‪.‬‬ ‫ش ُرو ارا = يبتكرون أنواع جديدة من الشر‪ .‬والمبتدع هو من‬ ‫ُم ْفتَ َرينَ = المفتري هو مختلق الكالم‪.‬‬ ‫ُم ْبتَ َد َعينَ ُ‬

‫يأتي ببدع جديدة في الشر كالهرطقات‪.‬‬ ‫جَ َع ْهد = ال يلتزمون بعهودهم مع اآلخرين‪.‬‬ ‫بَالَ فَ ْهم = يرفضون كل نصيحة‪.‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين يعملُ َ ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪3:" -:)3:‬الَِّذ َ ِ‬ ‫ت‪ ،‬الَ َي ْف َعلُوَن َهـا فَقَـ ْط‪َ ،‬ب ْـل‬ ‫ون ا ْل َم ْـو َ‬ ‫سـتَ ْو ِج ُب َ‬ ‫ون م ْث َل هـذه َي ْ‬ ‫ين إ ْذ َع َرفُوا ُح ْك َم اهلل أَ َّن الذ َ َ ْ َ‬ ‫ون‪" .‬‬ ‫ين َي ْع َملُ َ‬ ‫ون ِبالَِّذ َ‬ ‫س ُّر َ‬ ‫أ َْي ً‬ ‫ضا ُي َ‬ ‫الرســول هنــا يشــير إلــي األمميــين الــذين عرف ـوا أن ُح ْكااا َم للاَ هــو بمــوت مــن يفعــل هــذه الخطايــا‪ .‬ومــع هــذا فه ــم‬

‫يرتكبونهــا‪ .‬وهـذا دليــل علــي قســاوة القلــب‪ ،‬بــل هــم يفرحــون بــأن غيــرهم يرتكبهــا‪ ،‬وهــذا الفــرح هــو فــرح بنمــو مملكــة‬

‫الشيطان‪ .‬وهم يفعلون هذه الخطايا بكل رغبة وشوق ورضي‪ ،‬إذاً فخطأهم خطـأ متعمـد يصـدر عـن نيـة وقصـد ال‬ ‫تشبه فيها بالشيطان الذي يفرح بـأن‬ ‫عن غفلة وجهل‪ .‬هنا نري أن اإلنسان إستمر في اإلنحدار واإلنحطاط لدرجة ّ‬ ‫يخطئ إنسان ما‪ .‬بل صار اآلن بعض الناس يعبدون الشيطان‪.‬‬

‫تعليــق‪ :‬قيــل إن مــن أعظــم الفالســفة اليونــان مــن كــانوا يرتكبــون الشــذوذ الجنســي‪ ،‬بــل أن مــنهم مــا جعلــه ش ـريعة‬ ‫محرماً إياه علي العبيد‪ ،‬كأن فيه فضل يمتاز بـه األحـرار دون العبيـد‪ .‬إلـي هـذا المـدي إنحـدر هـؤالء الفالسـفة ولـم‬ ‫تنفعهم فلسفتهم‪.‬‬

‫هذا اإلصحاح نري فيه أن اإلنسان إما ينمو في الروح أو ينحدر ألسفل‪.‬‬

‫‪.1‬‬

‫مــن ينمــو فــي الــروح‪ -2‬هــذا مــن يجاهــد فينمــو إيمانــه‪ ،‬وينتقــل مــن‬

‫درجة إيمانية لدرجة أعلي (آية‪ )11‬هو يعبـد اهلل بـالروح (آيـة‪ )9‬وهـو يعمـل‬ ‫أعمــال بــر (آيــة‪ .)11‬ونهايــة هــذا الصــعود‪ ،‬نجــد اإلنســان يتشــبه بــاهلل الــذي‬ ‫يفرح بإيمان وبر أوالده‪ .‬وهنا نجد الرسول يفرح ويشكر اهلل علي إيمان أهل‬

‫رومية (آية‪)8‬‬

‫‪ .:‬اإلنحــدار‪ 2‬حالــة اإلنســان كمــن يصــعد علــي منحــدر فــي ســيارة‪ ،‬فهــو إمــا‬ ‫يصعد‪ ،‬واما ينحدر لو ترك السيارة (هذا هو من أهمل جهاده)‪.‬‬

‫يتشبه باهلل‬ ‫من يعبد بالروح‬ ‫ينمو إيمانه‬ ‫هللا قسم لنا قسم‬ ‫من اإليمان‬

‫إنحدار‬ ‫يتشبه بالشيطان‬

‫واإلنحدار هنا يصل باإلنسان ألحط الدرجات (آية‪ )21‬وهؤالء يظلم قلبهم (آية‪ )21‬وينحدروا إلـي مسـتوي أقـل‬

‫من الحيوانات وفي النهاية نجد هؤالء وقد تشبهّوا بالشيطان‪.‬‬

‫‪86‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح األول)‬

‫ملحوظــة‪ :‬هــو نــوع مــن خــداع الــنفس أن يتصــور إنســان أنــه وصــل إلــي مرحلــة روحيــة معقولــة‪ ،‬وأنــه أحســن مــن‬ ‫فيكف عن جهاده‪ ،‬مثل من تصور وهو يقود سيارته أنه وصل علي المنحدر إلرتفاع معقـول‪ ،‬فيرفـع قدمـه‬ ‫كثيرين‬ ‫ّ‬ ‫ويكف عن القيادة‪ ،‬مثل هذا البد وأن يبدأ في اإلنحدار سريعاً‪.‬‬ ‫عن البنزين‬ ‫ّ‬ ‫بإيمان إليمان‪ -:‬هذا هو النمو (أية‪ )11‬فاإليمان ينمو كما قلنا‪ .‬ولكنه كيف ينمو؟‬

‫‪ .1‬بالعشرة مع اهلل‪ ،‬وتطبيـق وصـاياه فنعرفـه (مـت‪ .)21-2421‬وكلمـا عرفنـاه واختبرنـاه يـزداد إيماننـا بـه‪ .‬والعشـرة‬ ‫‪.2‬‬

‫هي بالصالة والتسبيح ودراسة الكتاب‪.‬‬

‫بالشكر وسط الضيقات التي يسمح بها اهلل لنري يده ونعرفه (كو‪ )122‬كما سمح اهلل لبني إسرائيل في‬

‫المر حتى يروا يده‪.‬‬ ‫سيناء ببعض التجارب كالماء ّ‬

‫‪87‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫اإلصحاح الثاني‬

‫عودة للجدول‬

‫إدانــة اآلخــرين‪ -:‬هــذا اإلصــحاح يحــدثنا عــن أن اليهــود كــانوا يــدينون األمــم ولكــن حتــى نســتفيد مــن اإلصــحاح‬ ‫ألنفسنا‪ ،‬فعلينا أن نفهم أن هذا اإلصحاح موجه لنا قبل أن يوجه لليهود‪ .‬ولنفهم أن هناك خطـأ شـائع يغضـب اهلل‬

‫‪ ،‬أن الناس اعتادوا أن يتجاهلوا أخطاءهم معتمدين علـي أن النـاس ال تعرفهـا‪ ،‬ولكـنهم ال يـرون عـذ اًر لغيـرهم فيمـا‬ ‫يرتكبونه من أخطـاء‪ .‬ألنـه مـن السـهل أن أديـن اآلخـرين ومـن الصـعب أن أديـن نفسـي‪ .‬بينمـا أن اهلل يريـدنا أن ال‬

‫ننشغل بخطايا اآلخرين إنمـا نق ّـدم توبـة عـن خطايانـا (مـت‪ .)0-121‬وعلينـا أن نفهـم أننـا إن كنـا ال نخطـئ بـنفس‬

‫خطايا اآلخرين ‪ ،‬فذلك ليس راجعاً لقداستنا بل ألن اهلل يستر علينا‪ ،‬أما من يه أز بمن يخطئ فاهلل يرفع سـتره عنـه‬ ‫من أجل كبريائه‪ ،‬حينئذ سيخطئ نفس الخطأ‪ ،‬وذلك ليكتشف أنه له نفس الضعف‪ ،‬إنما من كـان يسـتر عليـه هـو‬

‫حماية اهلل‪ .‬أيضاً لتنكسر كبريائه فيشفي من أعظم خطية ويتضع‪.‬‬

‫ولـ ــيس معنـ ــي هـ ــذا أن نحكـ ــم علـ ــي الخطـ ــأ بأنـ ــه صـ ــحيح أو العكـ ــس‪ ،‬فهـ ــذا أيض ـ ـاً ال يرضـ ــي اهلل (أم‪+ 10211‬‬

‫أش‪ .)2520‬ولكن هذا لمن ُيسأل عن رأيه في قضية مـا‪ .‬ولكـن النصـيحة العامـة أن نـدين الموقـف ولكـن ال نـدين‬ ‫الشخص‪ ،‬بل نحاول أن نجد له عذ اًر (ظروفه‪ /‬مرضه‪ /‬مشاكل أسرية‪ )..‬فنحن ال نعرف ظروف اآلخرين‪.‬‬ ‫ولكي نتجنب اإلدانـة علينـا أن نكـون مثـل قائـد سـيارة‪ ،‬فهـذا عليـه أن ينشـغل بـالطريق ولـيس بـالراكبين معـه‪ .‬هكـذا‬

‫نحــن علينــا أن ننشــغل بالمســيح (والمســيح هــو الطريــق) وبالســماء حيــث نحــن ذاهبــين‪( ،‬نتأمــل فــي مزمــور ونــردد‬

‫تسابيح أو صالة يسوع)‪ ،‬ومن يفعـل‪ ]1[ 2‬يـري قداسـة اهلل [‪ ]2‬يـدرك مـدي نجاسـته هـو شخصـياً فيبكـت نفسـه [‪]3‬‬

‫سيزداد حباً في المسيح الذي غفر له كل هذا [‪ ]4‬ال يعود ينشغل بخطايـا اآلخـرين‪ ،‬فهـو مشـغول بـاألهم أي حـب‬

‫المسيح‪.‬‬

‫ون ــري فـ ــي هـــذا اإلصـ ــحاح مواص ــفات دينونـ ــة اهلل‪ ،‬وهـ ــذه ال يملكهـــا البشـ ــر فكي ــف ي ــدينون اآلخ ـ ـرين ولـــيس لهـــم‬

‫صالحيات هذا العمل‪.‬‬

‫‪ .1‬دينونة اهلل هي حسب الحق أما اإلنسان فيدين حسب الظاهر وال يعرف أعماق اآلخرين ‪( ..‬آية ‪.)2‬‬

‫‪ .2‬اهلل يطيــل أناتــه فهــو يــود لــو قَـ َّـد َم اإلنســان توبــة‪( ..‬أيــة‪ .)4‬فلــو قــدم الخــاطئ توبــة لغفــر لــه اهلل فكيــف أديــن مــن‬ ‫غفــر لــه اهلل‪ ،‬أو كيــف أعلــم هــل قــدم هــذا الخــاطئ توبــة أو لــم يقــدم‪ ،‬واهلل ال يفــرح بعقوبــة الخــاطئ بــل بتوبتــه‬ ‫(حز‪.)23218‬‬

‫‪ .3‬دينونة اهلل عادلة‪( ..‬أية‪ )0‬وبدون محاباة ‪.)11(..‬‬

‫‪ 4.‬دينونــة اهلل لــيس بحســب مــا يعلمــه اإلنســان بــل بحســب أعمالــه… (آيــات‪ )13 ، :‬أمــا اإلنســان فســينخدع بمــن‬ ‫ُي َعلِّم كثي اًر ويتكلم كثي اًر… (آيات‪.)29-11‬‬ ‫‪ .0‬اهلل يــدين األعمــاق الداخليــة للضــمير والفكــر وسـرائر النــاس… (آيــات‪ )1:، 10‬ولــنفهم أن إدانــة اآلخـرين هــي‬ ‫إعــالن عــن التعــب الــداخلي‪ .‬ونــري فــي قصــة داود وناثــان‪ ،‬أن داود أخطــأ فــي موضــوع أوريــا ثــم حكــم بمــوت‬

‫الخاطئ أمام ناثان النبي‪ ،‬فهو بهذا أدان نفسه‪ .‬فعنـدما نـدين اآلخـرين نحكـم علـي أنفسـنا بأنفسـنا‪ .‬وفـي موقـف‬ ‫‪88‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫المسيح من الزانية َد ْر ْس لنا‪ ،‬فهو بمحبته سامحها ولكـن طلـب منهـا أن ال تخطـئ ثانيـة‪ ،‬فـاهلل يطيـل أناتـه‪ ،‬أمـا‬ ‫اإلنســان فهــو يريــد أن يتشــفى‪ .‬والمســيح وجــه كالمــه لليهــود "مــن مــنكم بــال خطيــة فليرمهــا بحجــر"… ولــذلك‬ ‫إستقالوا كقضاة‪ .‬ولنالحظ أن المسيح وحده هو الذي بال خطية (يو‪ )4:28‬لذلك فمن حقه أن يدين‪.‬‬

‫هـذا اإلصــحاح موجـه حقـاً لليهـودي‪ ،‬ولكنــه موجـه أوالً للمســيحي‪ ،‬فالمسـيحي الــذي بـال حيــاة هـو أشــر مـن األممــي‬

‫واليهودي (عب‪ + 3-122‬عـب‪ .)32-2:215‬وعلـي الخـدام أن ال يسـحبهم المجـد الزمنـي وتلهـيهم الك ارمـات عـن‬ ‫الحياة الداخلية الملتهبة بالروح والحق‪.‬‬

‫وبولس بدأ بـاألمم حتـى ال يتهمـه اليهـود بالخيانـة لشـعبه‪ ،‬لكنـه فـي هـذا اإلصـحاح واإلصـحاح الثالـث أظهـر فسـاد‬

‫اليهود‪ ،‬بل كل البشر‪ ،‬واحتياج الكل للمسيح‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ُّها ِ‬ ‫ت ِبالَ ُعذ ٍ‬ ‫ـك‬ ‫ـك‪ .‬أل ََّن َ‬ ‫ين َغ ْي َر َك تَ ْح ُك ُم َعلَـى َن ْف ِس َ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬لِذلِ َك أَ ْن َ‬ ‫ين‪ .‬أل ََّن َك ِفي َما تَِد ُ‬ ‫ان‪ُ ،‬ك ُّل َم ْن َي ِد ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ْر أَي َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِب َع ْي ِن َها! "‬ ‫أَ ْن َ‬ ‫ت الَِّذي تَِد ُ‬ ‫ُم َ‬ ‫ين تَ ْف َع ُل ت ْل َك األ ُ‬

‫لَااذلَ َ ‪ :‬عائــدة علــي مــا فــات‪ .‬فبــولس هنــا يكلــم اليهــود الــذين يــدينون األمــم علــي أعمــالهم‪ ،‬بينمــا هــم يعملــون نفــس‬

‫األعمــال‪ ،‬بــالرغم مــن مع ـرفتهم بالنــاموس‪ .‬فالنــاموس مـرآة تكشــف ضــعف اليهــودي‪ ،‬ولكنــه بــدالً مــن أن يــري فيهــا‬

‫ضــعفاته ويتــوب تقســى قلبــه ‪ ،‬واغتصــب مكــان الــديان‪ ،‬وحــاكم اآلخ ـرين واحتقــرهم‪ .‬لقــد ظــن اليهــود أن مع ـرفتهم‬

‫بالنــاموس‪ ،‬وكــون أن اهلل ميــزهم بإعطــائهم النــاموس فهــذا ســيجعل لهــم وضــعاً خاصـاً يــوم الدينونــة‪ ،‬ويتغاضــي اهلل‬

‫عــن أخطــائهم لــذلك يقــول الرســول هنــا أن اهلل لــيس عنــده محابــاة (آيــة‪ .)11‬وكيــف ال يــدينهم اهلل‪ ،‬وهــم عرفـوا مــن‬ ‫النــاموس غضــب اهلل علــي الخطيــة والخطــاة‪ .‬بَ االَ ُعا ْاذر = قــال الرســول عــن األمــم أنهــم بــال عــذر (‪ )2521‬إذ لهــم‬

‫العقــل والضــمير (الن ـاموس الطبيعــي)‪ .‬وهنــا نــري أن اليهــود هــم أيض ـاً بــال عــذر إذ لهــم نــاموس موســى باإلضــافة‬ ‫للنــاموس الطبيعــي‪ .‬والنــاموس يعطــي إســتنارة أكثــر‪ ،‬وان كــان األممــي أخطــأ ضــد نــاموس الضــمير غيــر المكتــوب‬ ‫فاليهودي قد أخطأ وتعدي علي ناموس اهلل المكتـوب فمسـئوليته أعظـم وعقابـه أشـد فالنـاموس ال يبـرر مـن يسـمعه‬

‫أما المسيحي فهو بال عذر أيضاً ودينونته أشد من الكل إذ له فـوق النـاموس الطبيعـي‬ ‫بل من يعمل به (‪ّ .)1322‬‬ ‫وناموس موسى نـاموس روح الحيـاة (‪ )228‬أي النعمـة التـي تعطـي قـوة التغييـر‪ .‬علـي المسـيحي أن ال يحـتج بأنـه‬

‫كإنسان ضعيف له الحق أن يخطئ‪ ،‬واالّ ما فائدة الفداء وما فائدة حلول الروح القدس‪ ،‬وما هو عمل النعمة التي‬ ‫تعطي خلقة جديدة‪.‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ون ِم ْث َل‬ ‫آية (‪َ :" -:):‬وَن ْح ُن َن ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫ب ا ْل َح ِّ‬ ‫ين َي ْف َعلُ َ‬ ‫ق َعلَى الَِّذ َ‬ ‫سُ‬ ‫َن َد ْي ُنوَن َة اهلل ه َي َح َ‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه‪" .‬‬ ‫أمــا األســس التــي يــدين اإلنســان عليهــا فهــي ليســت بحســب الحــق‪ ،‬بــل‬ ‫اهلل حــق ويــدين بحســب الحــق (يــو‪ّ .)1:28‬‬ ‫باطلة‪ .‬فاهلل وحده هو الحق‪ .‬فالحق مشوش عند اإلنسان ‪ ،‬ولذلك فإن مقاييسه أيضاً غيـر صـحيحة‪ ،‬أمـا اهلل فهـو‬

‫‪89‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫أمــا اإلنســان فمعرفتــه بــالحق نســبية وذلــك ألن خطايانــا تعمــي‬ ‫الحــق ‪ ،‬وهــو وحــده الــذي يعــرف الحــق المطلــق‪ّ .‬‬ ‫عيوننا‪ ،‬وهذا معني يحجزون الحق باإلثم (‪.)1821‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ون ِم ْث َل ِ‬ ‫ُّها ِ‬ ‫ـك تَ ْن ُجـو ِم ْـن َد ْي ُنوَن ِـة‬ ‫ت تَ ْف َعلُ َها‪ ،‬أ ََّن َ‬ ‫هذ ِه‪َ ،‬وأَ ْن َ‬ ‫ين َي ْف َعلُ َ‬ ‫ين الَِّذ َ‬ ‫ان الَِّذي تَِد ُ‬ ‫س ُ‬ ‫آية (‪ " -:)3‬أَفَتَظُ ُّن ه َذا أَي َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل؟"‬ ‫إذا ظ ــن اليه ــودي أن اهلل ل ــن يدين ــه عل ــي أعمال ــه الشـ ـريرة بس ــبب كون ــه يه ــودي وابنـ ـاً إلبـ ـراهيم‪ ،‬وأن ــه م ــن الش ــعب‬

‫المختار‪ ،‬فهذا خطأ‪ .‬ونالحظ أننا ندين اآلخرين أمام الناس لنظهر نحـن أبـ ار اًر‪ ،‬إذ لسـنا نعمـل هـذه األعمـال‪ .‬لكـن‬ ‫في‪.‬‬ ‫هل لو تبررت أمام الناس سوف أتبرر أمام اهلل بالرغم من أن نفس الخطأ َّ‬

‫‪4‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ين ِب ِغ َنى لُ ْط ِف ِه َوِام َهالِ ِه َوطُ ِ‬ ‫اد َك إِلَى التَّْوَب ِة؟"‬ ‫ول أَ​َن ِات ِه‪َ ،‬غ ْي َر َعالٍِم أ َّ‬ ‫َن لُ ْط َ‬ ‫اهلل إِ َّن َما َي ْقتَ ُ‬ ‫ستَ ِه ُ‬ ‫آية (‪ " -:)4‬أ َْم تَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫أم أنك أيها اليهـودي‪( ..‬أو أيهـا المسـيحي) تسـتغل غنـي رحمـة اهلل وصـالحه وعظـيم صـبره وطـول أناتـه‪ ،‬دون أن‬

‫تعلم أن كون اهلل يعاملك بلطف أي بشفقة بدالً من أن يصب غضبه عليك بسبب أعمالك الرديئة‪ ،‬إنما هو يقصد‬ ‫أن يقودك ويدفعك للتوبة عن أعمالك الرديئة‪ .‬أما من يستغل طول أناة اهلل ويستهتر‪ ،‬فاهلل يعلن غضبه عليـه ألن‬

‫اهلل قدوس ال يحتمل الخطية‪.‬‬

‫آيــة (‪1" -:)1‬و ِ‬ ‫اسـ ِـت ْعالَ ِن‬ ‫ـك َغ ْيـ ِـر التَّ ِائـ ِـب‪ ،‬تَـذ َ‬ ‫ْخ ُر لِ َن ْف ِسـ َ‬ ‫ـاوِت َك َوَق ْل ِبـ َ‬ ‫لك َّنـ َ‬ ‫ضـ ًـبا ِفــي َيـ ْـوِم ا ْل َغ َ‬ ‫ـك َغ َ‬ ‫ـك ِمـ ْـن أ ْ‬ ‫ضـ ِـب َو ْ‬ ‫سـ َ‬ ‫َجـ ِـل قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َد ْي ُنوَن ِة ِ‬ ‫اهلل ا ْل َع ِادلَ ِة‪" .‬‬

‫سا َ = إذاً الدينونـة هـي‬ ‫اهلل يطيل أناته‪ ،‬ولكن إستهتارنا يزيد غضبه‪ ،‬والرسول لم يقل اهلل يـذخر لـك بـل تـذخر لَنَ ْف َ‬ ‫أمـا‬ ‫نتيجة العمل الخاطئ‪( .‬تـذخر مـن تَـ َد ِّخر)‪ .‬يَ ْاو َم ا ْل َ​َ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫ب = يـوم تظهـر دينونـة اهلل العادلـة علـي جميـع النـاس‪ّ ،‬‬ ‫اآلن فهــو وقــت اللطــف وطــول األنــاة والتوبــة‪ .‬لــو قــال الرســول أن اهلل يــذخر لنــا‪ ،‬فهــذا يعنــي أن اهلل يعاقــب نتيجــة‬

‫ساتَ ْعالَ َن= حيـث ينـال كـل إنسـان مـا‬ ‫أما قوله أننا نذخر ألنفسنا فهذا إشارة ألن العقاب هو العدالـة‪ .‬وهـو ا ْ‬ ‫إنفعال‪ّ ،‬‬ ‫يستحقه علناً‪.‬‬ ‫ٍِ‬ ‫‪ِ 6‬‬ ‫س ُي َج ِ‬ ‫َع َمالِ ِه‪" .‬‬ ‫بأْ‬ ‫سَ‬ ‫ازي ُك َّل َواحد َح َ‬ ‫آية (‪ " -:)6‬الَّذي َ‬ ‫هنا رد علي اإلخوة البروتستانت فالمجازاة حسب األعمال وليس اإليمان‪.‬‬

‫اة األَب ِدي ِ‬ ‫ون ا ْلم ْج َد وا ْل َكرام َة وا ْلبقَاء‪ ،‬فَ ِبا ْلحي ِ‬ ‫ين ِبص ْب ٍر ِفي ا ْلعم ِل َّ ِ‬ ‫آية (‪7" -:)7‬أ َّ ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫الصال ِح َي ْطلُ ُب َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َما الَّذ َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫الرسـول فــي هــذه اآليــة واآليــات التاليــة يركــز علــي حريــة اإلرادة األنســانية‪ ،‬ويبــدأ فــي هــذه اآليــة بمــن لهــم النصــيب‬

‫أما اإلنسان فيود أن يدين كل أحد‪.‬‬ ‫الصالح‪ ،‬فاهلل يود لو كان هذا نصيب الجميع‪ّ ،‬‬ ‫ص ا ْبر = أي بإســتمرار ضــد المشــقات واإلغ ـراءات وفــي تــأن ومثــابرة‪،‬‬ ‫وبالنســبة لمــن يعمــل األعمــال الصــالحة فــي َ‬ ‫طالبـاً مــن اهلل ا ْل َم ْج ا َد َوا ْل َك َرا َماةَ َوا ْلبَقَااا َء فــإن هـؤالء ســينالون ا ْل َحيَااا َة األَبَ َديَّا َة = هــم جاهــدوا ضــد الخطيــة إليمــانهم‬

‫‪90‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫وثقتهم بأمجاد الحياة األبدية لذلك سينالوا الحياة األبدية‪ .‬ونالحظ أنه ال يعمل األعمال الصالحة إال من له إيمـان‬

‫بلغ لمستوي الشركة مع المسيح ليتبرر‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ون ِل ِ ِ‬ ‫طِ‬ ‫طِ‬ ‫ب‪" .‬‬ ‫ون لِ ْل َح ِّ‬ ‫ق َب ْل ُي َ‬ ‫َه ِل التَّ َح ُّز ِب‪َ ،‬والَ ُي َ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬وأ َّ‬ ‫ين ُه ْم ِم ْن أ ْ‬ ‫او ُع َ‬ ‫او ُع َ‬ ‫َما الَِّذ َ‬ ‫س َخطٌ َو َغ َ‬ ‫ضٌ‬ ‫إل ثْم‪ ،‬فَ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ي = أي التعصــب والخصــام‪ .‬هـؤالء هــم الــذين رفضـوا اإليمــان ورفضـوا المســيح‬ ‫َوأَ َّمااا الَّا َذينَ ُه ا ْم َماانْ أَ ْها َل التَّ َحا راز َ‬ ‫ِ‬ ‫فأسلموا إلي شهواتهم وغرائزهم ليفعلوا ما ال يليق‪ .‬ويقصد بأهل التحزب هنا اليهـود المتعصـبون لجنسـهم محتقـرين‬

‫اام = رفضــهم لحــق المســيح‬ ‫األمــم‪ ،‬مفضــلين هــذا علــي إنتصــار الحــق أي دخــول األمــم لإليمــان‪ .‬يُطَاااا َوعُونَ اَ َإل ْث َ‬

‫يجعلهم يسقطون مباشرة في اإلثم‪.‬‬ ‫آية (‪ِ 1" -:)1‬ش َّدةٌ و ِ‬ ‫الش َّر‪ :‬ا ْل َي ُه ِ‬ ‫يق‪َ ،‬علَى ُك ِّل َن ْف ِ‬ ‫ان َي ْف َع ُل َّ‬ ‫سٍ‬ ‫ي أ ََّوالً ثُ َّم‬ ‫ود ِّ‬ ‫ض ٌ‬ ‫س إِ ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ا ْل ُيوَن ِان ِّي‪" .‬‬ ‫ي أَ َّوجا ثُا َّم ا ْليُونَاانَ ِّي = ألن اليهـود حصـلوا علـي عهـود‬ ‫كل من يفعل الشر فسـيواجه شـدة وأالم‪ .‬وضـيقات‪ .‬ل ْليَ ُهاو َد ِّ‬ ‫اهلل أوالً قبل األمم وأخذوا إمتيازات أكثر ومعرفة أكثر‪ ،‬ثم علي اليوناني وسائر البشر‪.‬‬ ‫‪52‬‬ ‫الصالَ َح‪ :‬ا ْل َي ُه ِ‬ ‫ي أ ََّوالً ثُ َّم‬ ‫سالَ ٌم لِ ُك ِّل َم ْن َي ْف َع ُل َّ‬ ‫ود ِّ‬ ‫ام ٌة َو َ‬ ‫آية (‪َ " -:)52‬و َم ْج ٌد َو َك َر َ‬ ‫ا ْل ُيوَن ِان ِّي‪" .‬‬ ‫سالَ لم‪ .‬لكل من يفعل الصالح‬ ‫وعلي عكس هذا فإن اهلل يهب َم ْج لد َو َك َرا َمةل َو َ‬ ‫ي أَ َّوجا = ألن اليهود أصحاب فضل‪ ،‬فالخالص جاء منهم ‪ ،‬آباءهم إبراهيم واسحق ويعقوب كـانوا أفضـل‬ ‫ل ْليَ ُهو َد ِّ‬

‫البشــر‪ ،‬والشــعب اليهــودي بمعرفتــه الســابقة بــاهلل كــانوا الشــعب الوحيــد الــذي يعــرف اهلل ولــه عالقــة بــاهلل فخب ـراتهم‬ ‫الروحيـة أكثـر‪ .‬لهــذا فهـم لهــم إمكانيـات التفـوق والعمــق الروحـي ومــن ي ِ‬ ‫رضـي اهلل مــنهم يكـون أوالً‪ .‬ثُا َّم ا ْليُونَااانَ ِّي =‬ ‫ُ‬

‫فالكل له نفس البركات‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫َن لَ ْيس ِع ْن َد ِ‬ ‫اهلل ُم َح َاباةٌ‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)55‬أل ْ َ‬ ‫اهلل سيعامل كل الشعوب بالعدالـة‪ ،‬اليهـود كـاألمم‪ ،‬دون تفريـق ألن اهلل ال يقبـل الوجـوه‪ .‬بـل إن اهلل سـيدين بـاألكثر‬

‫من نال معرفة أوفر أما المحاباة فهي صفة لإلنسان ألنه يحابي لمنفعته‪.‬‬

‫وس يهلِ ـ ُك‪ .‬و ُكـ ُّـل مـ ْـن أ ْ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ــد ِ َّ‬ ‫َخطَ ـأَ ِبـ ُـد ِ َّ‬ ‫ــام ِ‬ ‫ـام ِ‬ ‫وس‬ ‫آيــة (‪5:" -:)5:‬أل َّ‬ ‫َن ُكـ َّـل َمـ ْـن أ ْ‬ ‫وس فَ ِب ُ‬ ‫ـام ِ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َخطَ ـأَ فــي الن ُ‬ ‫َ‬ ‫ون النـ ُ‬ ‫ون النـ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫ان‪" .‬‬ ‫وس ُي َد ُ‬ ‫فَ ِبالن ُ‬ ‫من أخطأ بدون الناموس= اهلل وهب كل إنسان نور الطبيعة أي الضمير وبه يميـز اإلنسـان الطبيعـي بـين الخيـر‬ ‫والشر‪ .‬لذلك وجدنا وسط الوثنيين مبادئ فيها فكرة عن العدل والشفقة بحـارة يونـان) والطهـارة ومنـع القتـل والسـرقة‬

‫‪91‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫والكــذب والضــمير سيشــهد ضــد كــل واحــد حتــى لــو حاولنــا أن نســكته‪ .‬وأضــيف لليهــود نــور النــاموس‪ ،‬وأضــيف لنــا‬ ‫كمسيحيين فوق كل هذا نور اإلنجيل‪ .‬فاهلل ال يترك نفسه بال شاهد‪ .‬وكلما إزدادت اإلمكانيات إزدادت المسـئولية‪،‬‬

‫وبالنســبة لليهــود فالنــاموس لــيس مجــاالً لإلفتخــار بــل للعمــل بــه‪ ،‬ولكشــف الــنفس والتوبــة‪ .‬وهــذا هــو الفــرق بــين أن‬

‫يكون اإلنجيل للمعرفة واإلفتخار أو يكون حياة معاشة‪ .‬ولقد صـار النـاموس حمـالً ازئـداً علـي اليهـود بسـبب زيـادة‬ ‫المســئولية‪ ،‬لكــن كــان غــرض هــذا الحمــل المضــاعف أن يكتشــفوا عجــزهم عــن أن يقوم ـوا وحــدهم بتنفيــذ متطلبــات‬

‫ُون‬ ‫النــاموس‪ ،‬وأن يشــعروا بإحتيــاجهم لمخلــص‪ .‬لكــن لألســف تحــول النــاموس عنــد اليهــود إلــي أداة إفتخــار‪ .‬بَاااد َ‬ ‫س يَ ْهلَ ُ = فالخطية قاتلة‪ ،‬وسبباً كافياً للموت حتى بدون النـاموس‪ .‬فالسـرطان كمـرض كـان يميـت قبـل أن‬ ‫النَّا ُمو َ‬ ‫يكتشفه األطباء ويشخصونه‪ .‬وسدوم وعمورة هلكوا دون أن يكون هناك ناموس مكتوب‪.‬‬

‫تعدي علي حق اهلل ‪ ،‬فبدون الناموس ربما يجد الخطئ عـذ اًر ويقـول‬ ‫يُدَانُ = أي مع وجود ناموس تصبح الخطية ّ‬ ‫ال أعــرف ‪ ،‬ولكــن مــا عــذره إذ أعطــى اهلل الوصــية وهــو يكســرها متعمــدا ‪ .‬لــذلك تــزداد عقوبــة المتعــدي فهــو [‪]1‬‬

‫يموت بسبب الخطية [‪ ]2‬يحاسـب علـي تعديـه‪ .‬لـذلك قـال السـيد المسـيح يكـون لسـدوم وعمـورة حالـة أكثـر احتمـاالً‬ ‫يوم الدين من هؤالء الذين رفضوا دعوة المسيح (مت‪.)10215‬‬

‫‪53‬‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َي ْعملُـ َ َّ‬ ‫ســم ُع َ َّ‬ ‫ــام ِ‬ ‫وس ُه ْــم‬ ‫آيــة (‪ " -:)53‬أل ْ‬ ‫س الَّـ ِـذ َ‬ ‫ــام َ‬ ‫َن لَ ْــي َ‬ ‫ـون ِبالن ُ‬ ‫وس ُهـ ْـم أ َْب َــرٌار ع ْنـ َـد اهلل‪َ ،‬بــل الــذ َ َ‬ ‫ون الن ُ‬ ‫ين َي ْ َ‬ ‫ون‪" .‬‬ ‫ُي َب َّرُر َ‬

‫هناك من يحفظ الناموس ويعظ به ولكن ال يعمل به فدينونته سـتكون أشـد‪ ،‬مثـل هـذا قـد يتبـرر عنـد النـاس بسـبب‬

‫س ا َم ُعونَ = كــان اليهــود يقـرأون‬ ‫معرفتــه ولكــن لــيس لــدي اهلل‪ .‬لكــن مــن ســيتبرر هــو مــن يعمــل بحســب النــاموس‪ .‬يَ ْ‬ ‫س = لــذلك فــاهلل ســيبرر األممــي الــذي يعمــل أعمــاالً صــالحة (أهــل‬ ‫النــاموس كــل ســبت‪ .‬الَّاا َذينَ يَ ْع َملُااونَ بَالنَّااا ُمو َ‬ ‫نينوي‪ /‬كرنيليوس)‪ .‬وبنفس المفهوم فأنا لن أخلص لمجرد أننـي أدعـي مسـيحي‪ ،‬أو ألننـي دارس الكتـاب المقـدس‪،‬‬

‫بل ألنني أعـيش بحسـب اإلنجيـل‪ ،‬وال يعـرف قـوة اإلنجيـل إالّ مـن يعيشـه‪ .‬فمـن يعمـل يختبـر المسـيح ويعرفـه‪ ،‬فـال‬

‫ينهار من تشكيك الشيطان في محبة اهلل (مت‪.)21-2421‬‬

‫ِ‬ ‫الناموس‪ ،‬متَى فَعلُـوا ِبالطَّ ِب ِ‬ ‫ين لَ ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪َّ 54‬‬ ‫ـام ِ‬ ‫هـؤالَ ِء إِ ْذ‬ ‫وس‪ ،‬فَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُم ُم الَّذ َ َ‬ ‫يعـة َمـا ُه َـو فـي الن ُ‬ ‫س ع ْن َد ُه ُم ُ ُ َ‬ ‫آية (‪ " -:)54‬ألَن ُه األ َ‬ ‫َّ‬ ‫وس ألَ ْنفُ ِس ِهِم‪" .‬‬ ‫ام ٌ‬ ‫ام ُ‬ ‫لَ ْي َ‬ ‫وس ُه ْم َن ُ‬ ‫س لَ ُه ُم الن ُ‬ ‫كمــا أن مــن يخطــئ بــدون نــاموس يهلــك (بحســب نــاموس الطبيعــة أي الضــمير) هكــذا مــن يفعــل مــا فــي النــاموس‬ ‫بــدون نــاموس يحي ــا بعملــه الص ــالح (كرنيليــوس) (أع‪ .)30 ، 34 2 15‬وهكــذا رأين ــا فــي آبائن ــا البطاركــة إبــراهيم‬

‫واســحق ويعقــوب ويوســف وأيــوب أنهــم بــدون نــاموس مكتــوب‪ ،‬كــان النــاموس مكتوبـاً علــي قلــوبهم‪ ،‬كــان هــذا عمــل‬ ‫سا َه َم = أي علـي الـرغم مــن أن لـيس لهـم نـاموس مكتــوب فهـم لهـم نــاموس‬ ‫الضـمير‪ .‬وهـذا معنـي هــم نَاا ُم ل‬ ‫وس ألَ ْنفُ َ‬ ‫الضـمير‪ .‬وبهـذا النــاموس عمـل األمـم الــذين لـيس لهـم نــاموس‪ ،‬عملـوا أعمـاالً صــالحة مقـودين بناموسـهم الفطــري‪،‬‬ ‫ولكــن كمــا أن نــاموس موســى بــدون المســيح ال يخلِّــص‪ ،‬هكــذا هــذا النــاموس الفطــري (الضــمير) ال يخلِّــص بــدون‬

‫‪92‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫المسيح‪ .‬فكالهما مرشد ويؤدب لكن ال يخلِّـص‪ .‬والمقصـود مـن اآليـة "أنـتم أيهـا اليهـود لـيس لكـم فضـل أن عنـدكم‬ ‫الناموس‪ ،‬فاألممي الذي التزم بوصايا اهلل التي يمليها عليه ضميره يتساوى باليهودي الملتزم بالناموس"‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫ضـا َ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫يمـا َب ْي َن َهـا‬ ‫وبا ِفي ُقلُـوِب ِه ْم‪َ ،‬‬ ‫ين ُي ْظ ِه ُر َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬الَِّذ َ‬ ‫ـاه ًدا أ َْي ً‬ ‫وس َم ْكتُ ً‬ ‫يرُه ْم َوأَ ْف َك ُ‬ ‫ضـم ُ‬ ‫ـارُه ْم ف َ‬ ‫ون َع َم َل الن ُ‬ ‫شتَ ِك َي ًة أ َْو ُم ْحتَ َّج ًة‪" .‬‬ ‫ُم ْ‬ ‫ضا َمي ُر ُه ْم = كــل أممــي لــه مــا يدينــه مــن قبــل اهلل أي‬ ‫َم ْكتُوباااا فَااي قُلُااوبَ َه ْم = مثــل إبـراهيم ويوســف‪َ ..‬‬ ‫ضااا َ‬ ‫شااا َهداا أَ ْي ا‬

‫ش اتَ َكيَةا =‬ ‫ضــميره‪ .‬إذاً دينونــة اهلل العادلــة ســتكون علــي الكــل أممـاً ويهــود‪ُ .‬م ْحت ََّج اةا = مدافعــة بالحجــة والبرهــان‪ُ .‬م ْ‬ ‫ضمائرهم تحتج داخلهم إن أخطأوا‪ .‬هنا الضمير بدل الناموس المكتوب‪ .‬ويـوم الدينونـة سـيقف ضـمير كـل إنسـان‬

‫شاهداً ضده حينما يدينه اهلل‪ .‬فلقد سبق ضميره واحتج عليه‪ ،‬ولذلك سيتقبل حكـم اهلل عليـه‪ .‬ولـنالحظ أن النـاموس‬ ‫عملــه أنــه ينيــر بصــائر النــاس ليميــزوا بــين الحــق والباطــل‪ ،‬لكــن هــذا العمــل مكتــوب فــي ضــمائر الجميــع ويظه ـره‬

‫األمميون بتصرفاتهم األخالقية وبإحتجاج ضمائرهم داخلهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪ِ 56 -:)56‬في ا ْليوِم الَِّذي ِف ِ‬ ‫سر ِائر َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫يح‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫يه َي ِد ُ‬ ‫سَ‬ ‫َْ‬ ‫ب إِ ْن ِجيلي ِب َي ُ‬ ‫اس َح َ‬ ‫ين اهللُ َ َ َ‬ ‫عمل في العلن‪ ،‬أما اهلل فيدين السـرائر أي األعمـال الخفيـة واألفكـار واألسـرار‪.‬‬ ‫يَ َدينُ للاُ َ‬ ‫س َراَِ َر = الناس تدين ما ُي َ‬ ‫والذين يحافظون علي الناموس سوف يحكم اهلل ببرهم في اليوم الذي يدين فيه األعمال العلنية بل والخفية للبشر‪،‬‬

‫بحسب اإلنجيل الذي كرز به بولس‪ ،‬والذي فيه كرز بيسوع المسيح كديان لكل العالم والقاضي األعلى للشـعوب‪،‬‬ ‫وهو يدين بالحق= إَ ْن َجيلَي‪.‬‬

‫‪57‬‬ ‫وس‪ ،‬وتَ ْفتَ ِخر ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫آية (‪ُ " -:)57‬ه َوَذا أَ ْن َ‬ ‫ام ِ َ‬ ‫ت تُ َ‬ ‫ُ‬ ‫س َّمى َي ُهوديًّا‪َ ،‬وتَتَّك ُل َعلَى الن ُ‬ ‫س َّمى يَ ُهو َدياا = كـان إسـم يهـودي يثيـر عنـد صـاحبه الكبريـاء فهـم يظنـون فـي أنفسـهم أنهـم أفضـل مـن‬ ‫ه َُو َذا أَ ْن َ تُ َ‬

‫باقي الناس‪ ،‬محبوبين عند اهلل‪ ،‬مكرمين لذلك كانوا يصلون "اللهم أشكرك أنك لم تخلقني أممياً وال امـرأة وال عبـداً"‬

‫فهـو يشــعر أنــه فــوق العــالم‪ .‬هنـا يــوبخ الرسـول إســتعالئهم وشــهوتهم للعظمـة‪ .‬والحــظ إســتخفافهم بالمســيح والنــاس‪.‬‬ ‫والحظ قولهم لألعمي "ولدت في الخطية أنت بجملتك وأنت تعلمنا" (يو‪ .)3429‬وكان النـاموس لإلفتخـار دون أن‬ ‫ينفذوه‪ .‬ويفتخرون باهلل كما لو كان إلههـم وحـدهم‪ ،‬فهـم تكبـروا علـي األمـم وأسـموهم كـالب‪ .‬ولكـن النـاموس للتنفيـذ‬

‫ولــيس لإلفتخــار‪ .‬و ارجــع (ال‪ + 2:‬تــث‪ )28‬لتــري عقوبــة مــن ال ينفــذ النــاموس‪ .‬قيــل عــن اليهــود الــذين يفتخــرون‬ ‫بالناموس‪ ،‬أنهم كمجرم محكوم عليه باإلعدام ويفتخر بقانون الجنايات‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫ِّ ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫وس‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)51‬وتَ ْع ِر ُ‬ ‫ف َم ِش َ‬ ‫ُم َ‬ ‫ور ا ْل ُمتَ َخالفَ َة‪ُ ،‬متَ َعل ًما م َن الن ُ‬ ‫يئتَ ُه‪َ ،‬وتُ َم ِّي ُز األ ُ‬ ‫اور ا ْل ُمت َ​َخالَفَاةَ أي تميــز بـين الخيـر والشــر‪ .‬إذ‬ ‫شاايَ​َتَهُ = الخبـرة النظريـة فــي معرفـة مشـيئة اهلل‪ .‬تُ َميِّا ُز األُ ُما َ‬ ‫تَ ْعا َرُ​ُ َم َ‬

‫تثقفوا بثقافة الناموس‪.‬‬

‫‪93‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫‪51‬‬ ‫ق أ ََّن َك قَ ِائ ٌد لِ ْل ُع ْم َي ِ‬ ‫ين ِفي الظُّ ْل َم ِة‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)51‬وتَِث ُ‬ ‫ور لِلَِّذ َ‬ ‫ان‪َ ،‬وُن ٌ‬ ‫اان = هـذه كلمــاتهم عـن أنفسـهم وهـي تـدينهم بــاألكثر‪ .‬فكـانوا يسـمون أنفسـهم قائــد‬ ‫َوتَثَا ُ‬ ‫ق = تنـتفخ‪ .‬أَنَّا َ قَاَِا لد لَ ْل ُع ْميَ َ‬ ‫للعميان‪ /‬نُو لر لَلَّا َذينَ فَاي ال ر‬ ‫و ْل َما َة ‪ /‬مهـذب لألغبيـاء‪ /‬معلـم لألطفـال‪ .‬وهـذه البـد أن تكـون صـفات المعلمـين فعـالً‪.‬‬

‫لكن علي المعلم أن ال يفتخر بل َي ْعلَ ْم أن اهلل يعمل مـن خاللـه (العميـان واألغبيـاء والـذين فـي الظلمـة كـان يقصـد‬ ‫بهــم األممــين)‪ .‬وكــان اليهــود يســتهويهم األلقــاب لــذلك حــين قــال الشــاب للســيد المســيح أيهــا المعلــم الصــالح‪ ،‬كانــت‬ ‫إجابة المسيح تحمل معني "يـا إبنـي أنـا لسـت مثـل هـؤالء الـذين يعجبـون باأللقـاب" (لـو‪ )19 ، 18 2 18‬والمسـيح‬

‫بكت من يقبل مجداً من اآلخرين وال يعطي المجد هلل (يو‪.)4420‬‬

‫ِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪:2" -:):2‬ومه ِّذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صورةُ ا ْل ِع ْلِم َوا ْل َح ِّ ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫وس‪" .‬‬ ‫ََُ ٌ‬ ‫ب لألَ ْغ ِب َياء‪َ ،‬و ُم َعل ٌم لألَ ْطفَال‪َ ،‬ولَ َك ُ َ‬ ‫ق في الن ُ‬ ‫ال = الذين في طفولة الحياة الروحية‪.‬‬ ‫ُم َعلِّ لم لَألَ ْطفَ َ‬ ‫‪:5‬‬ ‫ِ‬ ‫ق؟‬ ‫سَ‬ ‫ـك؟ الَّ ِـذي تَ ْك ِـرُز‪ :‬أ ْ‬ ‫س ِـر ُ‬ ‫س َـر َ‬ ‫س َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)::-:5‬فَأَ ْن َ‬ ‫ق‪ ،‬أَتَ ْ‬ ‫َن الَ ُي ْ‬ ‫ـت إِ ًذا الَّـذي تُ َعلِّ ُـم َغ ْي َـر َك‪ ،‬أَلَ ْ‬ ‫ـت تُ َعلِّ ُـم َن ْف َ‬ ‫‪::‬‬ ‫ق ا ْلهي ِ‬ ‫ِ‬ ‫اك َل؟"‬ ‫الَِّذي تَقُو ُل‪ :‬أ ْ‬ ‫ستَ ْك ِرهُ األ َْوثَ َ‬ ‫س ِر ُ َ َ‬ ‫ان‪ ،‬أَتَ ْ‬ ‫َن الَ ُي ْزَنى‪ ،‬أَتَْزِني؟ الَّذي تَ ْ‬ ‫ساا َر ُ‬ ‫الرســول يــوبخهم إذ أنهــم إهتم ـوا بــالوعظ دون الحيــاة ففقــدت الكلمــة قوتهــا (‪1‬تــي‪ .)1: ، 13 ، 12 2 4‬أَتَ ْ‬ ‫ا ْل َهيَا َك َل = أباح اليهود سرقة هياكل األوثان‪ .‬ولنالحظ أنه علي من يعلِّم غيره أن يعلِّم نفسه أوالً ليكون قدوة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫‪َِّ :3‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫ين اهللَ؟"‬ ‫وس تُ ِه ُ‬ ‫وس‪ ،‬أَِبتَ َعدِّي الن ُ‬ ‫آية (‪ " -:):3‬الذي تَ ْفتَخ ُر ِبالن ُ‬ ‫هم يفتخرون بأن اهلل أعطاهم الناموس‪ .‬ولكنهم لم يدركوا أنهم حينما يخالفونه فهم بهذا يهينون اهلل الذي أعطاه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّف علَ ْي ِه ِبسب ِب ُكم ب ْي َن األ ِ‬ ‫وب‪" .‬‬ ‫آية (‪:4" -:):4‬أل َّ‬ ‫ُمم‪َ ،‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫َ​َ ْ َ‬ ‫اس َم اهلل ُي َجد ُ َ‬ ‫َن ْ‬ ‫َ‬ ‫هم بعصيانهم يتسببون في أن إسم اهلل يهان بين األمم (أش‪ + 0202‬حـز‪ 2 + 23-2523:‬صـم‪ .)24212‬لـذلك‬ ‫نصلي ليتقدس إسمك‪ .‬فإنه ال يوجد حل وسط‪ ،‬إما أن يتقدس إسم اهلل فينا أو يجدف عليه بسببنا‪.‬‬

‫واسم اهلل يتقدس فينا عندما نتقدس نحن ونعمل ما يليق بالقداسة‪ .‬ليري الناس أعمالنـا الصـالحة فيقدسـوا إسـم اهلل‪.‬‬ ‫والعكس فبسبب أعمالنا الشريرة يجدفوا علي إسم اهلل أي يوجهوا له اإلهانة‪.‬‬

‫ملحوظة‪ :‬اهلل كان يتمني أن يفيض من خيراته علي شعبه الملتزم بناموسه وتكون هذه عالمـة علـي أن اهلل َخِّي ْـر‪.‬‬ ‫وتكــون هــذه كـ ارزة بــاهلل الطيــب ِّ‬ ‫الخيــر‪ .‬وهــذا مــا حـدث ألبيمالــك إذ رأي خيـرات اهلل إلســحق فخــاف مــن إلــه إســحق‬

‫فإسحق أظهر ألبيمالك محبة اهلل ومجد اهلل ألبنائه (تك‪.)31-2:22:‬‬

‫‪94‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫فاهلل أعطاهم الناموس ليلتزموا به فيفيض عليهم من خيراته أمام األمم‪ ،‬وبهذا يتمجد اسـم اهلل وسـط األمـم‪ ،‬ويكـون‬

‫هذا ك ارزة وسط األمم‪ .‬وهنـا الرسـول يـوبخ اليهـود ألنهـم فشـلوا فيمـا خلقهـم اهلل ألجلـه وأعطـاهم النـاموس ألجلـه أي‬ ‫في أنهم يكونوا سبباً لمجد إسمه‪.‬‬ ‫‪:1‬‬ ‫ـت متَ َعــد ً َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـان َي ْنفَــعُ إِ ْن َع ِم ْلـ َ َّ‬ ‫ـام ِ‬ ‫ـك‬ ‫ـار ِختَا ُنـ َ‬ ‫آيــة (‪ " -:):1‬فَ ـِإ َّن ا ْل ِختَـ َ‬ ‫وس‪ ،‬فَقَـ ْـد َ‬ ‫ـام َ‬ ‫صـ َ‬ ‫ِّيا النـ ُ‬ ‫وس‪َ .‬ولكـ ْـن إ ْن ُك ْنـ َ ُ‬ ‫ـت ِبالنـ ُ‬ ‫ُغ ْرلَ ًة!"‬

‫فإن الختان ينفع إن عملت بالناموس‪ ،‬ولكن إن كنت متعدياً علي الناموس‪ ،‬فسيفقد الختـان كـل قيمـة لـه أمـام اهلل‪،‬‬ ‫ويصير كما لو كان ُغ ْرلَةا = المقصود أنه يصير كمن هو غير مختتن‪ ،‬فإن الختان هو عالمة اإلنتماء هلل كذلك‬ ‫العمل بالناموس هو عالمة إنتماء هلل‪ ،‬فكسر الختان أي اإلبقاء علي الغرلة يتساوي باإلمتناع عـن عمـل األعمـال‬ ‫الصالحة‪ ،‬فكالهمـا يعنـي عـدم اإلنتمـاء هلل‪ .‬والمقصـود هـو أن المهـم تكميـل أعمـال النـاموس ال اإلهتمـام بمظـاهره‬

‫فقط كالختان‪.‬‬

‫‪:6‬‬ ‫َح َك َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫ب ُغ ْرلَتُ ُه ِختَا ًنا؟"‬ ‫آية (‪ " -:):6‬إِ ًذا إِ ْن َك َ‬ ‫سُ‬ ‫وس‪ ،‬أَفَ َما تُ ْح َ‬ ‫ام الن ُ‬ ‫ان األَ ْغ َر ُل َي ْحفَظُ أ ْ َ‬ ‫وبــنفس المفهــوم الســابق‪ ،‬إن كــان األمــم غيــر المختــونين يحفظــون بالتمــام وصــايا النــاموس‪ ،‬فمم ـا ال شــك فيــه أن‬

‫غرلتهم ستحسب لهم كما لـو كانـت ختانـاً‪ .‬فـاهلل يطلـب أن يكـون اإلنسـان ملتزمـاً بالعمـل الفاضـل حتـى يصـير فـي‬

‫عالقة مع اهلل‪ ،‬والعمل الفاضل يجعله منتمياً هلل (نينوي‪ /‬كرنيليوس)‪.‬‬

‫‪:7‬‬ ‫ون ا ْل ُغ ْرلَ ُة الَِّتي ِم َن الطَّ ِب َ ِ ِ‬ ‫ـت الَّ ِـذي ِفـي ا ْل ِكتَ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ـاب َوا ْل ِختَ ِ‬ ‫ـان‬ ‫وس‪ ،‬تَ ِـدي ُن َك أَ ْن َ‬ ‫آية (‪َ " -:):7‬وتَ ُك ُ‬ ‫ـام َ‬ ‫ـي تُ َك ِّمـ ُل الن ُ‬ ‫يعـة‪َ ،‬وه َ‬ ‫َّ‬ ‫وس؟"‬ ‫ام َ‬ ‫تَتَ َعدَّى الن ُ‬

‫وهذا ما حدث مع كرنيليوس‪ .‬فـاألممي الـذي حفـظ النـاموس الطبيعـي أفضـل مـن اليهـودي غيـر الحـافظ للنـاموس‪.‬‬

‫فكرنيليوس بغرلته أفضل من قيافا المختون ورئيس الكهنة‪.‬‬ ‫ان الَِّذي ِفي الظَّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ود َّ ِ‬ ‫س ُه َو َي ُه ِ‬ ‫َن ا ْل َي ُه ِ‬ ‫اه ِر ِفي اللَّ ْحِم ِختَا ًنا‪" .‬‬ ‫آية (‪:1" -:):1‬أل َّ‬ ‫وديًّا‪َ ،‬والَ ا ْل ِختَ ُ‬ ‫ي في الظاه ِر لَ ْي َ‬ ‫ي فَي الوَّا َه َر = هو يهودي أعمال الناموس أي طقوسه‪ ،‬فهو في الظاهر مختون‪ ،‬ويتطهر بالماء… الـخ‪.‬‬ ‫ا ْليَ ُهو َد َّ‬ ‫ولكنه يتعدي علي الناموس‪ ،‬إذ ال يحفظ وصاياه‪ .‬وبسـببه يجـدف علـي اسـم اهلل فـي األمـم‪ .‬ولـنفهم أن اهلل ال يهـتم‬ ‫بالمظـاهر‪ ،‬بـل بالقلـب التقــي الـذي يخـاف اهلل ويحفــظ وصـاياه‪ .‬إذاً القصـد مــن قولـه اليهـودي فــي الظـاهر هـو هــذا‬

‫اليهودي المكتفي باألعمال الظاهرية‪.‬‬

‫ي ِفي ا ْل َخفَ ِ‬ ‫اء ُه َو ا ْل َي ُه ِ‬ ‫آية (‪َ :1" -:):1‬ب ِل ا ْل َي ُه ِ‬ ‫وح الَ ِبا ْل ِكتَ ِ‬ ‫ان‪ ،‬الَِّذي َم ْد ُح ُه‬ ‫الر ِ‬ ‫ود ُّ‬ ‫ود ُّ‬ ‫ان ا ْل َق ْل ِب ِب ُّ‬ ‫اب ُه َو ا ْل ِختَ ُ‬ ‫ي‪َ ،‬و ِختَ ُ‬ ‫اس ب ْل ِم َن ِ‬ ‫س ِم َن َّ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫الن ِ َ‬ ‫لَ ْي َ‬

‫‪95‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني)‬

‫ي فَي ا ْل َخفَا َء = أي الذي يعمل ويحفظ وصايا الناموس ال ليراه الناس‪ ،‬بـل ليـراه اهلل‪ ،‬هـذا يهـتم بقلبـه بمجـد‬ ‫ا ْليَ ُهو َد ر‬ ‫اهلل‪ .‬وهذا ما يمدحه اهلل‪ .‬أمـا اليهـودي فـي الظـاهر فهـو يأخـذ مديحـه مـن النـاس ألنـه يهـتم بـأن يظهـر أمـام النـاس‬

‫ليرضي الناس‪ .‬إذاً لنسعي ان يمدحنا اهلل عوضاً عن أن نسعي للمجد الباطل من الناس‪.‬‬ ‫ي = اليهــودي الكامــل‪ ،‬أو إس ـرائيلي حقيقــي (يــو‪ .)4121‬وهــذا مــا تعملــه النعمــة اآلن فــي المســيحي‪،‬‬ ‫ُااو ا ْليَ ُهااو َد ر‬ ‫ه َ‬

‫فاإليمان َح َّل محل الناموس الذي أخفق اليهود في أن يستخدموه للحصول علي عالقة مع اهلل‪.‬‬ ‫ب = َّعرفه الرسول في (كو‪ )12 ،1122‬بأنه خلع جسم خطايا البشرية‬ ‫َختَانُ ا ْلقَ ْل َ‬

‫بَ ر‬ ‫وح = قارن مع (رو‪ )1328‬فهذا يتم بالروح لمن يميت أعضائه التي علي األرض (كو‪ )023‬ويكون ميتاً‬ ‫الر َ‬ ‫أما النعمة فتقطع حب‬ ‫أمام الخطايا (رو‪ .)112:‬وهذا يتم بالروح وليس بالناموس الذي ليس له قوة علي التغيير‪ّ .‬‬

‫الخطية من القلب وتميتها كما يقطع الختان جزء من الجسم ويتركه ليموت‪ .‬لكن هذا لمن يصلب الجسد مع‬ ‫ي = بحسب طقوس الناموس فالختان هو وصية بالناموس‪ .‬الروح‬ ‫األهواء والشهوات (غل‪ .)2420‬جَ بَا ْل َكتَا َ‬ ‫يعطينا ان نكون خليقة جديدة (‪2‬كو‪.)1120‬‬

‫‪96‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫اإلصحاح الثالث‬

‫عودة للجدول‬

‫لــم يقــل بــولس فــي اإلصــحاح الثــاني أن النــاموس بــال نفــع أو أن الختــان بــال نفــع‪ ،‬بــل إن مــن يختــتن وال يعمــل‬

‫بالنــاموس فقــد صــار كــاألغرل‪ .‬إذاً هــو ال يقلــل مــن شــأن النــاموس‪ ،‬بــل يفضــح اليهــود الــذين لــم يعملـوا بــه‪ .‬ولكــن‬

‫بــولس حــين قــال أن اهلل ســيعامل اليهــودي كم ـا األممــي‪ ،‬وأن الكــل واحــداً أمــام اهلل‪ ،‬تصـ َّـور أن اليهــود فــي ثــورتهم‬ ‫سيتســاءلون‪ .‬أل ــم يكــرم اهلل اليه ــود ويعط ــيهم الختــان كعالم ــة عضــوية (ت ــث‪ + 29233‬خ ــر‪ + 0219‬أش‪.)8241‬‬

‫والناموس أسماه الكتاب أقوال حيـة (أع‪ .)3821‬والكتـاب بلغـتهم واألنبيـاء مـنهم‪ .‬إذاً إن كـان اهلل سـيعامل اليهـودي‬

‫كاألممي فلماذا الناموس ؟! وما فائدة الختـان ؟! وهـذا هـو مـا بـدأ الرسـول بـه اإلصـحاح‪ .‬السـؤال الـذي تص َّـور أن‬

‫اليهود سيسألونه‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫ض ُل ا ْل َي ُه ِ‬ ‫ي‪ ،‬أ َْو َما ُه َو َن ْفعُ ا ْل ِختَ ِ‬ ‫ان؟"‬ ‫ود ِّ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬إِ ًذا َما ُه َو فَ ْ‬ ‫المعطَـي لـه‪.‬‬ ‫إذا كان األممي قاد اًر علي أن يرضي اهلل إن عمل أعمـاالً صـالحة وذلـك بواسـطة النـاموس الطبيعـي ُ‬ ‫وما دام الكل قد سقط في الدينونة سواء أمم (بمخالفتهم الناموس الطبيعي) أو يهـود (بمخـالفتهم لنـاموس موسـى)‪.‬‬

‫فما فائدة الختان أو ماذا يميز اليهود؟‬ ‫َما أ ََّوالً فَأل ََّنهم استُ ْؤ ِم ُنوا علَى أَقْو ِال ِ‬ ‫‪ِ :‬‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫ير َعلَى ُك ِّل َو ْج ٍه! أ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ​ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫آية (‪َ " -:):‬كث ٌ‬ ‫أول مزايا اليهود أن اهلل إستأمنهم علي أقواله‪ .‬إذاً هـم كـانوا أفضـل مـن األمـم أمـام اهلل‪ ،‬فـاهلل لـم يكـن ليسـتأمن أحـد‬ ‫علي أقواله إن لم يكن جدي اًر بذلك‪ .‬وكان اليهود هم أول من يستأمنهم اهلل علي كالمه‪.‬‬ ‫ال للاَ = قيـل أنهـم‬ ‫وهنا الرسول يذكر ميزة واحدة لليهود وأكمل بـاقي مميـزاتهم فـي (رو‪ )429‬ا ْ‬ ‫سات ُْْ َمنُوا َعلَاى أَ ْق َاو َ‬

‫صـاروا أمنـاء مكتبـة المسـيحية‪ .‬كانـت التـوراة فيهـا نبـوات كاملــة عـن المسـيح‪ .‬كـان الكتـاب فـي أيـديهم بنبواتـه عــن‬

‫المسيح شـاهداً أن خطـة اهلل لخـالص العـالم كانـت خطـة أزليـة‪ .‬وهـم كـانوا بـال شـك أمنـاء علـي كتـابهم وسـلموه لنـا‬ ‫دون تحريف‪ .‬واهلل إختار إبراهيم المؤمن وحده وسط عالم وثني إنحرف عن الحق‪ ،‬كان إبراهيم أحسن الموجودين‬

‫في العالم‪ ،‬وأعطاه الختان الذي كان عالمة عهد اهلل معهم‪ ،‬فهم فعالً كانوا مميـزين عـن بـاقي الشـعوب المحيطـة‪.‬‬

‫واهلل إختارهم كشـعب خـاص لـه يخـرج مـنهم المسـيح والعـذراء والرسـل واألنبيـاء وكـل أبـرار العهـد القـديم‪ ،‬كـل هـؤالء‬

‫األبرار خرجوا في ظل الناموس‪ .‬ولنالحظ أن اهلل أعطي الضمير لكل الناس شاهداً للحق داخل قلوب البشر ولما‬ ‫فسد الضمير أعطي اهلل الناموس عوناً للبشر‪ ،‬لكنه أعطاه لمن ِّ‬ ‫يقدره‪ ،‬أي ألحسن الناس وكـان هـؤالء هـم اليهـود‪.‬‬ ‫وكـان هـذا حتـى يـأتي المسـيح وبنعمتــه ُي ْقَب ْـل كـل البشـر‪ ،‬إذ بالنعمـة ســيتغير الجميـع عـن طبيعـتهم القديمـة الفاســدة‬ ‫ويصيروا خليقة جديدة (‪2‬كو‪ .)1120‬أي أن الخالص لهـم ومـنهم ولكنـه لـيس حكـ اًر لهـم‪ .‬ولكـن فضـل اليهـود كـان‬

‫قبل مجيء المسيح‪ ،‬أما بعد المسيح فالكل واحد (غل‪.)2823‬‬

‫‪97‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬ ‫‪3‬‬ ‫ان قَوم لَم ي ُكوُنوا أُم َناء؟ أَ َفلَع َّل ع َدم أَما َن ِت ِهم ي ْب ِط ُل أَما َن َة ِ‬ ‫اهلل؟"‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ‬ ‫آية (‪ " -:)3‬فَ َما َذا إِ ْن َك َ ْ ٌ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫اهلل فــاض علــي اليهــود مــن خي ارتــه‪ ،‬ولكنــه لمــا جــاء يطلــب الثمــر لــم يجــد ســوي العقــوق وعــدم األمانــة‪ .‬ولكــن عــدم‬

‫أمـانتهم فـي المحافظــة علـي عهـود اهلل ووعــوده ال تبطـل أمانـة اهلل فــي خطتـه لخـالص البشـرية‪ ،‬عـدم التـزام اليهــود‬ ‫بالناموس لن يعطل خطة اهلل في أن المسيح سيأتي مـن نسـل اليهـود‪ .‬ذلـك ألنـه إذا وجـد بعـض مـن هـؤالء اليهـود‬

‫قــد أظهــروا عــدم أمانــة‪ ،‬فــإن عــدم أمــانتهم ال تعطــل أمانــة اهلل وال تبطــل حــب اهلل للحــق‪ ،‬وال تعطــل صــدق اهلل فــي‬

‫وعوده‪ .‬بولس هنا ال يسئ للناموس‪ ،‬بل لليهود مخالفي الناموس‪ ،‬بـولس لـم يقـل أن النـاموس بـال نفـع‪ ،‬بـل هـو لـه‬ ‫نفع لو إقترن بعمل الصـالح‪ .‬فَ َما َذا إَنْ َكاانَ قَ ْاو لم = الرسـول لـم يقـل الكـل‪ ،‬بـل إن كـان قـوم‪ .‬فهـو ال يعمـم الخطيـة‬

‫أما نحن فيوجد عندنا عيب أن ننسب الخطأ والعيب للكل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شا! ب ْل لِي ُك ِن اهلل ص ِادقًا و ُك ُّل إِ ْنس ٍ ِ‬ ‫ب‬ ‫وب‪« :‬ل َك ْي تَتَ​َب َّرَر في َكالَم َك‪َ ،‬وتَ ْغل َ‬ ‫ان َكاذ ًبا‪َ .‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫آية (‪َ " -:)4‬حا َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫متَى ح ِ‬ ‫ت»‪".‬‬ ‫وك ْم َ‬ ‫َ ُ‬

‫حتى لو ُو ِج َد العالم كله خاطئ لكن اهلل سيظل صادقاً‪ .‬والرسول لم يلجأ لتاريخ اليهود في كتابهم إلظهار‬ ‫ب‬ ‫خطاياهم وعدم أمانتهم في مقابل بر اهلل‪ ،‬بل لجأ لكالم داود النبي في المزمور لَ َك ْي تَتَبَ َّر َر فَي َكالَ َم َ ‪َ ،‬وتَ َْلَ َ‬ ‫َمتَى ُحو َك ْم َ فبالرغم من خطيتي وخطايا البشر وخطايا اليهود‪ ،‬فاهلل لم يعبأ بها بل أرسل إبنه الوحيد ألنه وعد‬ ‫ب َمتَى‬ ‫بذلك‪ .‬هنا يثبت بولس بناء على كالم داود صدق اهلل وأمانته وأنه صنع كل شئ لتبريرهم ولم يؤمنوا‪ .‬تَ َْلَ َ‬ ‫ُحو َك ْم َ = لو حاول خاطئ أن يبرر نفسه بأن له عذر‪ ،‬فاهلل سيظهر له أنه عمل كل شئ له حتى يخلص ولكنه‬ ‫هو الذي رفض‪ .‬واهلل عمل لليهود كل شئ ولم ينتفعوا بأعماله‪.‬‬

‫ملحوظــة‪ 2‬ال يصــح أن نضــطرب إذا رأينــا أناسـاً يتركــون اإليمــان‪ ،‬فهنــاك يهــوذا الــذي خــان الــرب بعــد كــل مــا رآه‪.‬‬ ‫وأيضاً هناك الشهداء األمناء للمسيح‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬و ِ‬ ‫س ِب‬ ‫لك ْن إِ ْن َك َ‬ ‫ب ا ْل َغ َ‬ ‫ضَ‬ ‫ان إِثْ ُم َنا ُي َب ِّي ُن ِب َّر اهلل‪ ،‬فَ َما َذا َنقُو ُل؟ أَلَ َع َّل اهللَ الَّذي َي ْجل ُ‬ ‫ب ظَال ٌم؟ أَتَ َكلَّ ُم ِب َح َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫سِ‬ ‫ان‪" .‬‬ ‫اإل ْن َ‬

‫بولس هنا يرد علي بعض الذين فهموا كالمه واستغلوه بطريقة خاطئة‪ ،‬حينما قال "حيث كثرت الخطية إزدادت‬

‫النعمة جداً" (رو‪ )2520‬وأيضاً يرد الرسول علي من قال من الوثنيين "أنه بسبب خطية اليهود ظهر بر اهلل‬ ‫وتجسد‪ .‬إذا فلنزداد في الخطية ليظهر بر اهلل باألكثر" فهناك من يستغلون أي شئ لتبرير خطاياهم ولإلستمرار‬

‫فيها‪ .‬ولقد تعود اإلنسان منذ أخطأ آدم أول مرة علي نفي الخطية عن نفسه بل وتحميلها لغيره‪ .‬ومعني اآلية إذا‬

‫كان إثمنا يظهر بر اهلل (بطريقة الـ‪ )CONTRAST‬فاهلل يصير ظالماً ألنه يغضب علي إثمنا وتصرفاتنا‬ ‫الخاطئة‪ .‬أنا هنا (بولس يقول) أتكلم وأفكر كما يفكر اإلنسان العادي الذي يحاول أن يبرر خطيته‪ .‬فالشر ال‬

‫يمكن أن يكون علّة للخير‪ ،‬لكن اهلل بحكمته يخرج من الشر خي اًر… يخرج من الجافي حالوة‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬ ‫‪6‬‬ ‫اك؟"‬ ‫ين اهللُ ا ْل َعالَ َم إِ ْذ َذ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)6‬حا َ‬ ‫شا! فَ َك ْي َ‬ ‫ف َي ِد ُ‬ ‫َحاشَا = هذه مثل إذهب عني يا شيطان‪ ،‬هي طرد للفكر الردئ‪ .‬فإنه من غير الممكن أن يكـون اهلل ظالمـاً‪ .‬فهـو‬

‫إن كـان بـره يــزداد ويظهــر بخطيتــي فكيــف يــدين وكيــف يحكـم علــي البشـرية ويجــازي كــل واحــد حســب أعمالــه‪ .‬إذاً‬

‫فهذا الفكر مرفوض‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫ان أَ​َنا بع ُد َك َخ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ان ِ‬ ‫اط ٍئ؟"‬ ‫اهلل قَِد ْازَد َ‬ ‫ص ْد ُ‬ ‫اد ِب َك ِذ ِبي لِ َم ْج ِد ِه‪َ ،‬فلِ َما َذا أ َُد ُ‬ ‫آية (‪ " -:)7‬فَِإ َّن ُه إِ ْن َك َ‬ ‫َْ‬ ‫معني اآلية‪ -2‬أن اهلل لن يستطيع أن يدين العالم إن كانت خطيتي تزيد بره‪ .‬والرسول قال في (آية‪ )4‬وكل إنسان‬ ‫كاذباً‪ ..‬ويقول هنا قَ َد ْ‬ ‫ق ليحيا هلل أي حسب الحق‪ .‬فمن ال يعيش هلل‬ ‫ازدَا َد بَ َك َذبَي فاهلل هو الحق‪ ،‬واإلنسان قد ُخلِ َ‬

‫إنما يعيش لنفسه فقد ترك الحق وصار كاذباً ألنه صار يحقق إرادة نفسه‪ ،‬ال إرادة اهلل‪ .‬صار يعيش بغير ما‬ ‫ق ليعيش به‪ .‬ولنالحظ‪ .‬أن أي إنحراف عن الحق هو كذب وضالل‪ .‬ومن يجري وراء شهوته فهو في ضالل‪.‬‬ ‫ُخلِ َ‬

‫إذاً فالخطية عموماً هي كذب أي الال حق‪ .‬وكل خطية فيها شئ من الكذب‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫الس ِّي ِ‬ ‫ين‬ ‫َما َك َما ُي ْفتَ​َرى َعلَ ْي َنا‪َ ،‬و َك َما َي ْز ُع ُم قَ ْوٌم أ ََّن َنا َنقُو ُل‪«:‬لِ َن ْف َع ِل َّ‬ ‫آت لِ َك ْي تَأ ِْت َي ا ْل َخ ْي َر ُ‬ ‫ات»؟ الَِّذ َ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أ َ‬ ‫َد ْي ُنوَنتُ ُه ْم َع ِادلَ ٌة‪" .‬‬ ‫أَ َما َك َما يُ ْفت َ​َرى َعلَ ْينَا = هناك قوم إفتروا وظلموا بولس ونسبوا له هذه األقوال‪ .‬وقد إُت ِه ْم رب المجد نفسه بأنه‬ ‫يتعاون مع بعلزبول‪ .‬والقاء التهم علي خدام الرب هي لعبة شيطانية قديمة‪ .‬فهم إفتروا علي بولس الرسول بأنه‬

‫يدعو المؤمن ين أن يفعلوا السيئات واألفعال الرديئة‪ .‬وهؤالء من العدل أن يدينهم اهلل فهم جعلوا من أنفسهم أداة‬ ‫ت = هم يبررون أنفسهم فيما يفعلون‪.‬‬ ‫في يد الشيطان‪.‬‬ ‫لَنَ ْف َع َل ال َّ‬ ‫سيِّآ َ‬

‫اآليات ‪ 218-9‬هي إدانة للكل يهود ويونانيين حتى يستد كل فم‪ ،‬ويطلب الكل الرحمة‪ .‬الرسول يظهر هنا أن‬

‫الكل أخطأ سواء يهوداً أم أمم‪ ،‬وصار البشر كلهم بأشد اإلحتياج للمسيح فيتبرر الكل باإليمان‪ .‬والتبرير نعمة‬

‫مجانية ال يسوغ معها اإلفتخار بأعمال الناموس‪ ،‬وليس ألحد فضل في هذا التبرير‪ .‬حقاً الخالص من اليهود‬

‫(يو‪ )1324‬ألنهم لهم العهود ومنهم جاء المسيح‪ .‬ومن آمن أو من يؤمن بالمسيح منهم حتى اآلن يقبله اهلل‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ت ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫ش َك ْوَنا أ َّ‬ ‫ْض ُل؟ َّكالَ ا ْل َبتَّ َة! أل ََّن َنا قَ ْد َ‬ ‫َج َم ِعي َن تَ ْح َ‬ ‫َن ا ْل َي ُه َ‬ ‫ود َوا ْل ُيوَن ِان ِّي َ‬ ‫ين أ ْ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬فَ َما َذا إِ ًذا؟ أَ​َن ْح ُن أَف َ‬ ‫أَنَ ْحاانُ = يقصــد اليهــود الــذين دخل ـوا اإليمــان ومــنهم بــولس نفســه‪ .‬وهــو هنــا يتســاءل هــل نحــن أفضــل مــن الوجهــة‬

‫الروحية واألخالقية من األمم‪ .‬وهو يجيب بال‪ .‬ألنه سبق وأوضح إدانة الكل سواء يهود أم أمم‪.‬‬

‫ش َك ْونَا = إتهمنا وأقمنا الحجة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪55‬‬ ‫‪52‬‬ ‫ِ‬ ‫ب اهللَ‪" .‬‬ ‫س َم ْن َي ْطلُ ُ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)55-52‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫س َم ْن َي ْف َه ُم‪ .‬لَ ْي َ‬ ‫س َب ٌّار َوالَ َواح ٌد‪ .‬لَ ْي َ‬ ‫وب‪«:‬أَنَّ ُه لَ ْي َ‬

‫‪99‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫ب‬ ‫س بَ ٌّ‬ ‫س َمنْ يَ ْطلُ ُ‬ ‫س َمنْ يَ ْف َه ُم (مقتبسة من مز‪ )2203 ،2214‬وأيضا لَ ْي َ‬ ‫اح لد (مقتبسة من جا‪ )2521‬لَ ْي َ‬ ‫لَ ْي َ‬ ‫ار َوجَ َو َ‬ ‫للاَ = ال يوجد شخص بار‪ ،‬وال واحد‪ .‬ال يوجد إنسان ما له فكر نقي غير ملتصق بالظالم‪ ،‬ظالم الخطيئة‪ ،‬أو‬ ‫قادر أن يدرك ويتفهم الحقائق األخالقية والدينية‪ .‬ليس هناك إنسان ما يبحث بشوق ورغبة شديدة لكي يعرف‬

‫اهلل‪ .‬وليس من َي ِّجد ويبحث في طلب معرفة اهلل‪ .‬وهذا ناتج عن التعلق بالشهوات الخاطئة‪.‬‬ ‫وحينما يخطئ اإلنسان تنطمس عيون ذهنه فال يعود قاد اًر أن يري ويدرك األسرار اإللهية‪ .‬مثال ذلك آدم إذ‬

‫أخطأ لم يعد قاد اًر أن يدرك محبة اهلل فإختبأ وهرب من وجه اهلل‪ .‬وحتى اآلن ليس من يفهم وليس من يطلب اهلل‪،‬‬ ‫فكم من المؤمنين يجدوا لذتهم وفرحتهم في الجلوس مع اهلل‪ ،‬من الذي إكتشف هذا؟ ليس كثيرين لألسف‪ .‬ولكن‬

‫الكثيرين لألسف أيضاً ال يعرفون سوي ملذات العالم واغراءاته‪ .‬لكن كلما يتنقى القلب يستطيع اإلنسان أن يبصر‬ ‫ويدرك لذة اهلل (أنقياء القلب يعاينون اهلل) وهذا ما تفعله التوبة‪.‬‬

‫آية (‪5:"- :)5:‬ا ْلج ِميع َاز ُغوا وفَس ُدوا معا‪ .‬لَ ْيس م ْن يعم ُل صالَحا لَ ْيس والَ و ِ‬ ‫اح ٌد‪" .‬‬ ‫َ َ ََْ َ ً‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ًَ‬ ‫راجع (مز‪ .)3203 + 3214‬حينما تركوا اهلل وتركوا طريق الفضيلة فسدوا‪.‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ت ِشفَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اه ِه ْم‪.‬‬ ‫َصالَ ِل تَ ْح َ‬ ‫آية (‪َ " -:)53‬ح ْن َج َرتُ ُه ْم قَ ْبٌر َم ْفتُ ٌ‬ ‫وح‪ِ .‬بأَْلس َنت ِه ْم قَ ْد َم َك ُروا‪ .‬س ُّم األ ْ‬ ‫ُوح = حنجـرة هـؤالء األشـرار تشـبه قبـ اًر مفتوحـاً فهـم‬ ‫راجع (مز‪( )920‬سبعينية) ‪( +‬مـز‪َ )32145‬ح ْن َج َرتُ ُه ْم قَ ْب لر َم ْفت ل‬ ‫سنَتَ َه ْم قَ ْد َم َك ُروا = يتكلمون كلمات معسولة ألجل‬ ‫يدبرون الموت للقريب‪ .‬والكالم خارج منهم له رائحة عفونة‪ .‬بَا َ ْل َ‬

‫أغ ـراض خبيثــة‪ .‬والحــظ قــول الســيد عــن الشــيطان أنــه الكــذاب وأبــو الكــذاب‪ ،‬فه ـؤالء يتــاجرون بالكــذب والخــداع‪،‬‬ ‫وكالمهم الرديء يقطر من شفاههم الخاطئة كالسم‪ .‬وفي هـذا إشـارة ألنهـم بكالمهـم يسـيئون للنـاس ويشـهرون بهـم‬

‫فيقتلونهم أدبياً‪ ،‬وربما إساءة السمعة تؤدي للقتل الجسدي‪ .‬أصالل= جمع صل وهي األفعى السامة‪.‬‬

‫ِ ِ‬ ‫اآليات (‪54" -:)51-54‬وفَمهم مملُوء لَع َن ًة ومرارةً‪51 .‬أَرجلُهـم س ِـريع ٌة إِلَـى ِ ِ ‪ِ 56‬‬ ‫ـاب‬ ‫ص ٌ‬ ‫سـ ْفك الـدَّم‪ .‬فـي طُ ُـرِق ِهم ا ْغت َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُْ َ َ‬ ‫َ ُ ُْ َ ْ ٌ ْ َ َ​َ َ‬ ‫‪57‬‬ ‫السالَِم لَم يع ِرفُوه‪51 .‬لَ ْيس َخو ُ ِ‬ ‫َّام ُع ُيوِن ِه ْم»‪".‬‬ ‫يق َّ‬ ‫ق‪َ .‬وطَ ِر ُ‬ ‫س ْح ٌ‬ ‫ْ َْ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َو ُ‬ ‫ف اهلل قُد َ‬ ‫ارةا (مز‪ )1215‬كلمات لعنة علي اهلل والبشر‪( .‬راجع إش‪ + 1209‬أم‪ + 1:21‬إش‪1 2 09‬‬ ‫فَ ُم ُه ْم َم ْملُو لء لَ ْعنَةا َو َم َر َ‬ ‫‪ + 8 ،‬مز‪ )123:‬بالترتيب‪ .‬ومن ليس عنده خوف اهلل يرتكب أي شر‪.‬‬ ‫النام ِ ِ‬ ‫ين ِفي َّ‬ ‫َّ‬ ‫ستَ َّد ُك ُّل فٍَم‪،‬‬ ‫آية (‪َ 51" -:)51‬وَن ْح ُن َن ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫وس فَ ُه َو ُي َكلِّ ُم ِب ِه الَِّذ َ‬ ‫وس‪ ،‬ل َك ْي َي ْ‬ ‫ام ُ‬ ‫ُ‬ ‫َن ُك َّل َما َيقُولُ ُه الن ُ‬ ‫اص ِم َن ِ‬ ‫صير ُك ُّل ا ْلعالَِم تَ ْح َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ٍ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫تق َ‬ ‫َ‬ ‫َوَي َ‬ ‫كل ما يقوله الناموس فهو يقوله للخاضعين للناموس أي اليهود‪ ،‬وهو بهذا يفضحهم ليكسر كبريائهم‪ .‬أي أن‬

‫الناموس الذي يفتخرون به ها هو يدينهم(لكن هو يفتح الجرح ويظهر مدي سوء الداخل دون أن يقدم العالج)‪.‬‬

‫وبهذا ينتهي بولس بأن الجميع قد أغلق عليهم في العصيان يهوداً وأمم‪ ،‬اليهودية بناموس موسى ‪ ،‬والوثنية‬

‫‪100‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫بناموس الضمير عجزتا عن خالص أتباعهم‪ ،‬وصار العالم في حاجة إلستعالن بر اهلل في البار الوحيد يسوع‬

‫المسيح‪.‬‬

‫نالحظ في اآليات السابقة أن بولس إستخدم آيات الناموس ليستد فم اليهود المتكبرين وال يعترضوا‪.‬‬ ‫وس مع ِرفَ َة ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ٍد الَ َيتَ​َب َّرر أَمام ُه‪ .‬أل َّ َّ‬ ‫آية (‪:2" -:):2‬أل ََّن ُه ِبأ ْ ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫ام ِ َ ْ‬ ‫وس ُك ُّل ذي َج َ‬ ‫َن ِبالن ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َع َمال الن ُ‬ ‫فمن ِمن البشر لم يخطئ في‬ ‫يقول معلمنا يعقوب أن من أخطأ في واحدة فقد صار مجرماً في الكل (يع‪َ .)1522‬‬ ‫واحدة‪ .‬فالناموس وضع ليحكم علي الخطايا ويدين الخطاة‪ ،‬ولكنه عاجز أن يبرر أحد ليقف أمام اهلل بال لوم‪.‬‬

‫وكان وضع الناموس لمحاصرة الخطية والخطاة تمهيداً لظهور بر اهلل الذي وحده له القدرة علي محو الخطية‬ ‫س َم ْع َرفَةَ ا ْل َخ َطيَّ َة = الناموس ليس علّة الخطية ولكن بواسطة‬ ‫وتبرير الخاطئ بأن يولد من جديد‪ .‬ألَنَّ بَالنَّا ُمو َ‬ ‫الناموس تكشف وضعنا في الحياة الروحية‪ .‬الناموس هنا كالمرآة أظهرت ما عليه البشرية من خطية وفساد‪ .‬ولم‬ ‫يستطع الناموس أن يبرر اإلنسان‪ ،‬ألن البشر عجزوا عن أن يتمموا وصاياه‪ .‬وهكذا بالناموس تأكد ما يستحقه‬

‫البشر جميعاً من قص اص اهلل نتيجة الخطية‪ .‬ومن المنطقي أن المجرم ال يستطيع أن يلجأ لقانون العقوبات (أي‬ ‫أما المنطقي أن يطلب الرحمة والغفران‪.‬‬ ‫الناموس) الذي يدينه طالباً العفو‪ّ ،‬‬ ‫‪:5‬‬ ‫وس واألَ ْن ِبي ِ‬ ‫ظهر ِب ُّر ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫اهلل ِب ُد ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫اء‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:):5‬وأ َّ‬ ‫وس‪َ ،‬م ْ‬ ‫ش ُه ً‬ ‫َما َ‬ ‫ام ِ َ َ‬ ‫اآلن فَقَ ْد َ َ َ‬ ‫ودا لَ ُه م َن الن ُ‬ ‫ون الن ُ‬ ‫فشل اإلنسان في أن يتبرر بناموس موسى وبالناموس الطبيعي وصار العالم في ظالم دامس وفقد الكل البر‪،‬‬ ‫كان هذا ليل اليوم السابع للخليقة‪َ .‬وأَ َّما اآلنَ = أشرقت شمس البر أي أتى المسيح ليقدم لنا بر اهلل بإتحاده بنا‬ ‫في‪.‬‬ ‫ُون النَّا ُمو َ‬ ‫فنحمل سمات اإلبن فينا ويصير بره ب اًر لنا‪ .‬بَ رر للاَ بَد َ‬ ‫س = بر للا أي اهلل مصدر كل بر ّ‬ ‫س=‬ ‫ُون النَّا ُمو َ‬ ‫بَد َ‬

‫‪ 1.‬ألن اليهود إستغلوا الناموس ليثبتوا بر أنفسهم (رو‪ )4 ، 3 2 15+ 32 ، 31 2 9‬فإنتفخوا‪ .‬ومثال لذلك نري‬ ‫بولس نفسه يقول عن نفسه أنه من جهة الناموس بال لوم‪ ،‬أما في ظل النعمة فقال عن نفسه أنه أول الخطاة‪.‬‬ ‫ولنفهم أن عالمة التوبة أن نمقت أنفسنا (حزقيال‪ .)43225‬ولماذا يمقت التائب نفسه‪ ،‬ألن التائب تنفتح عينـه‬

‫فيري كم هي نجسة خطاياه التي يفعلهـا‪ ،‬وأيضـاً تنفـتح عينـه ليـري نقـاوة اهلل‪ .‬ولكـن هـذا يتحـول لمحبـة وتسـبيح‬

‫للمسـيح ‪ ،‬الـذي قبلنــي مـع كـل قــذارتي ومـع أننـي ال أســتحق‪ .‬ومـن يغفـر لــه أكثـر يحـب أكثــر‪ .‬وهـذا عكـس بــر‬ ‫الناموس الذي يسبب الكبرياء‪.‬‬

‫‪ .2‬بــر اهلل بــدون النــاموس‪ ،‬كــان باإليمــان والمعموديــة التــي فيهــا يمــوت اإلنســان العتيــق مــع المســيح‪ ،‬ويقــوم مــع‬ ‫المسيح‪ ،‬يعطيه المسيح حياته ليكون خليقة جديدة‪.‬‬

‫‪ 3.‬الناموس هدفه أن نصـل للمسـيح وطالمـا ظهـر المسـيح إنتهـي دور النـاموس إذ قـد وصـل إلـي غايتـه العظمـي‪.‬‬ ‫إذاً دون عمل الناموس ظهر البر الذي يهبه اهلل‪.‬‬

‫‪ .4‬البــر الــذي للمســيح هــو للكــل يهــوداً وأممـاً‪ ،‬فكــان البــد أن يكــون بــدون النــاموس ليتبــرر األمــم الــذين ال يعرفــون‬ ‫ناموس موسى‪.‬‬

‫‪101‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫س َواألَ ْنبَيَااا َء = أي ســبق النــاموس واألنبيــاء وأخبــروا عــن المســيح والبــر الــذي بالمســيح‬ ‫َم ْ‬ ‫ش ا ُهوداا لَ اهُ َماانَ النَّااا ُمو َ‬

‫(أش‪ +13 ، 12 2 4:‬اش ‪ + :2:4 + 11-12:1 + 0 ، 4 2 01‬دا ‪ .)2429‬إذاً كـ ــان البـ ــر الـ ــذي بالمسـ ــيح‬ ‫في فكر اهلل األزلي وظهر في ملء الزمان‪.‬‬

‫آية (‪ِ ::" -:)::‬ب ُّر ِ‬ ‫اهلل ِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ق‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ون‪ .‬أل ََّن ُه الَ فَ ْر َ‬ ‫سو َ‬ ‫ين ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫يح‪ ،‬إِلَى ُك ِّل َو َعلَى ُك ِّل الَِّذ َ‬ ‫ان ِب َي ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫هذا البر ُيعطَي من اهلل بواسطة اإليمان بالمسيح يسوع (اإليمان هو المدخل وراجع المقدمة للتبرير)‪ .‬ولكن هناك‬ ‫خطوات متعددة‪ .‬فبدون المسيح ال نقدر أن نفعل شيئاً (يو‪ .)0210‬والحظ أن اإليمان ليس هو اإليمان النظري‬ ‫بأن اهلل واحد مثلث األقانيم… لكن اإليمان بأن المسيح قادر أن يعطيني حياة‪ ،‬وأن عمله في حياتي هو عمل‬

‫قوي‪ ،‬وأنه إله حنون كل ما يسمح به للخير‪ .‬وهذا معناه أن الخبرات اإليمانية تزداد يوماً فيوم (راجع تفسير‬

‫رو‪ )1121‬واإليمان يزداد‪-2‬‬

‫‪ .1‬بالصالة = يا رب أعن عدم إيماني‪.‬‬

‫‪ 2.‬بالعشرة مع اهلل (صالة‪ /‬تسبيح‪ /‬كتاب مقدس)‪.‬‬ ‫‪ .3‬بالشكر وسط الضيقات وبال تذمر (كو‪.)122‬‬

‫طــي إلــي كــل الــذين يؤمنــون‪ ..‬النعمــة ستصــل إَلَااى ُكا ِّل مــن يــؤمن ومنســكبة مــن الســماء َعلَااى ُكا ِّل مــن‬ ‫وهـذا البــر ُيع َ‬ ‫يــؤمن مــن اليهــود واألمــم ب االَ فَا ْار َ = ولهــذا ال معنــي أن يرفضـوا بعضــهم بعضـاً أو يحتقــروا بعضــهم أو يتفــاخروا‬

‫علــي بعضــهم الــبعض‪ .‬وهنــاك مــن فســر قــول الرســول َعلَااى ُكاا ِّل أن البــر ســيكون كتــاج واكليــل يوضــع علــي رأس‬ ‫المؤمن‪ .‬بل هو كرداء يلبسه (راجع اش ‪ ) 11- 152 :1‬والبر هو المسيح الذى نلبسه (رو‪)14 213‬‬ ‫وف ــي نب ــوة واض ــحة ع ــن المس ــيح أس ــماه إرمي ــاء النب ــي "ال ــرب برن ــا " ( إر ‪ . ) 8 -0 2 23‬وه ــذا معن ــي الثي ــاب‬

‫البيضاء التي رآها يوحنا في رؤياه ( رؤ ‪. ) 14 – 9 21‬‬ ‫بر االنسان ‪ 2‬ليس بار ليس وال واحد‪.‬‬

‫بر االنسان بالناموس ‪ 2‬بعد الناموس من حاول االلت ازم به فشل ‪ ،‬واذ نفذ بعض الوصايا حسب نفسه بارا‪.‬‬

‫بر اهلل ‪ 2‬ال يوجد بار بال خطية سوى اهلل ‪ .‬وال عادل سوى اهلل ‪ .‬كلمة بر وعدل هما لهما نفس المعنى ‪.‬‬ ‫ار ان ثبتنا فيه‬ ‫نصير نحن بر اهلل فيه ‪2( 2‬كو‪ ) 21 20‬نحن فى المسيح البار نحسب أبر اً‬

‫‪:3‬‬ ‫َعو َزُهم م ْج ُد ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫َخ َ‬ ‫آية (‪ " -:):3‬إِ​ِذ ا ْل َج ِميعُ أ ْ‬ ‫طأُوا َوأ ْ َ ْ َ‬ ‫ليس هناك تمييز ألن الجميع قد أخطأوا فإفتقروا للمجد الذي يمنحه اهلل‪ .‬ولقد لمع وجه موسى حين رأي جزءاً من‬

‫مجد اهلل‪ ،‬فماذا كان عليه مجد آدم في الفردوس‪ .‬ونحـن بالخطيـة خسـرنا صـورة هـذا المجـد وخسـرنا نعمـة اهلل‪ ،‬بـل‬

‫فقدنا رؤية اهلل (أش‪ .)10240‬ولنفهم أن المجد هو وجود اهلل وسطنا (زك‪ .)022‬فمجده يظهر وسـط أوالده‪ ،‬ال بـل‬ ‫ينعكس عليهم (‪1‬يو‪ .)223‬هذا هو مجدنا الحقيقي أن يكون اهلل وسطنا ويسكن فينا‪ .‬والمسيح أتي ليعيد لنا صورة‬

‫‪102‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫المجــد (يــو‪ ،)22211‬ويســكب علينــا مــن نعمتــه وبـره‪ .‬نحــن اآلن فــي مجــد غيــر ظـاهر لســكني اهلل فينــا ولكــن هــذا‬

‫المجد سيستعلن فينا في األبدية (رو‪.)1828‬‬ ‫إَ َذ ا ْل َج َمي ُع أَ ْخطَااُوا = نحـن فقـدنا صـورة المجـد بسـبب الخطيـة‪ ،‬صـرنا ال نحتمـل أن نـري مجـد اهلل بسـبب الضـعف‬

‫الذي حدث في طبيعتنا بسبب الخطية‪ ،‬فآدم لم يحتمل أن يري اهلل بعـد أن أخطـأ‪ ،‬لـذلك إختبـأ‪ ،‬واسـتمر الضـعف‪،‬‬

‫حتى أن موسى حينما طلـب أن يـري مجـد اهلل‪ ،‬قـال لـه اهلل ال ي ارنـي اإلنسـان ويعـيش (خـر‪ )25233‬هـذه مثـل مـن‬

‫يريد أن ينظر للشمس ولكـن ضـعف عينيـه لـن يحتمـل نـور الشـمس‪ .‬ولـذلك قـال بـولس الرسـول أن لحمـاً ودمـاً لـن‬

‫يرثــا ملكــوت اهلل (‪1‬كــو‪ .)05210‬فكيــف نــرث المجــد ونحــن غيــر قــادرين علــي أن نـراه‪ .‬هــذا لــن يكــون إال بعــد أن‬ ‫نلبس األجساد الممجدة‪.‬‬ ‫‪:4‬‬ ‫ِ ِ​ِ ِ ِ ِ‬ ‫يح‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫آية (‪ُ " -:):4‬متَ​َبِّر ِر َ‬ ‫ين َمجَّا ًنا ِبن ْع َمته ِبا ْلف َداء الَّذي ِب َي ُ‬ ‫ُمتَبَ ِّر َرينَ ‪ 2‬راجع المقدمة‪.‬‬

‫َم َّجاناا = ليس ألن الثمن رخيص‪ ،‬بل ألنه ال ُيقَّـدر بمـال‪ُ .‬يقـال أنهـم صـنعوا دواء للسـرطان تكلـف مئـات الماليـين‬ ‫مــن الجنيهــات اإلســترلينية وأرادوا أن يجربــوه‪ .‬وكانــت ام ـرأة هنــاك لهــا إبــن مصــاب بالســرطان‪ ،‬وذهبــت إلــي هــذا‬ ‫المستشــفي طالبــة العــالج إلبنهــا‪ .‬فقــالوا لهــا عنــدنا دواء تحــت التجربــة فقالــت لهــم فلنســتعمله‪ ،‬وشــفي الولــد‪ ،‬فســألت‬

‫عن ثمن العالج‪ ،‬ولما كان الثمن باهظاً‪ ،‬وهي ال تتصور الـثمن‪ ،‬قـالوا لهـا أن هـذا الـدواء مجانـاً‪ .‬لـذلك قـال السـيد‬

‫"مــن يــرد فليأخــذ مــاء الحيــاة مجان ـاً" (رؤ‪ .)11222‬فقــط علينــا أن نــؤمن فــنخلص بالنعمــة (اإليمــان مــدخل وهنــاك‬

‫خطوات أخري‪ .‬راجع المقدمة)‪.‬‬

‫‪َِّ :1‬‬ ‫الس ِالفَ ِة ِبِإم َه ِ‬ ‫َّم ُه اهللُ َكفَّ َارةً ِب ِ‬ ‫ان ِب َد ِم ِه‪ِ ،‬إل ْظ َه ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ال‬ ‫ط َايا َّ‬ ‫َج ِل َّ‬ ‫الص ْف ِح َع ِن ا ْل َخ َ‬ ‫ار ِبِّرِه‪ِ ،‬م ْن أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫اإل َ‬ ‫آية (‪ " -:):1‬الذي قَد َ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫اارةا = مــن ‪ COVER‬أي غطــاء‪ .‬فالمســيح غطانــا بدمــه‪ ،‬ولــم يعــد اآلب يــري مــن هــو ثابــت فــي المســيح‪ ،‬فــي‬ ‫َكفَّا َ‬

‫وضعه الضعيف‪ ،‬بل يري المسيح نفسه فيرضي علي من هو ثابت فيه‪ .‬ويشرح هذا تماماً تابوت العهد في العهد‬

‫القديم فكان موضوعاً في التابوت لوحي الشريعة وهما يناديان بالموت لكل من خالف وصية مكتوبـة فيهمـا‪ ،‬ومـن‬ ‫هو الذي لـم يخـالف؟ولكن كـان التـابوت لـه غطـاء (كـافورت مـن ‪ )COVER‬والغطـاء مغطـي بـدم ذبيحـة الكفـارة‪،‬‬

‫وكــان اهلل يرضــي علــي الشــعب ويغفــر خطايــاهم حــين يــري الــدم‪ .‬كــان هــذا رمـ اًز لمــا عملــه المســيح بصــليبه‪ ،‬وهــذا‬

‫معنــي أن المســيح حــي ُ​ُ ليشــفع فينــا (عــب‪ + )2021‬لــيس بــدم تيــوس وعجــول بــل بــدم نفســه دخــل مـرة واحــدة إلــي‬ ‫فداء أبدياً (عـب‪ .)2229‬الَّ َذي قَ َّد َمهُ للاُ = بمعنـي قـدم اهلل اآلب المسـيح ليكـون قُ ّدامـه دائمـاً‪ ،‬فيغفـر‬ ‫األقداس فوجد ً‬ ‫برحمتــه‪ ،‬ويعطــي ب ـره لمــن يــؤمن‪ ،‬وليكــون وســاطة للصــلح بينــه وبــين اإلنســان‪ ،‬والمــدخل لكــل ذلــك هــو اإليمــان‬

‫إلظهــار بــره= بســفك دمــه أظهــر المســيح عــدل اهلل‪ ،‬اهلل الــذي ال يحتمــل الخطيــة‪ ،‬والبــد للخطيــة مــن عقــاب‪ ،‬هــذا‬ ‫ح = لقـد أمهـل اهلل األبـاء ولـم يعـاقبهم علـي‬ ‫سالَفَ َة = السابقة‪َ .‬منْ أَ ْج َل ال َّ‬ ‫العقاب تحمله المسيح‪ .‬بره= عدله ال َّ‬ ‫صا ْف َ‬

‫‪103‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫ال للاَ = فاهلل لم ُي ِرد أن يهلك البشرية حتى يأتي المسيح ليصلح حال البشر‪ .‬ونفهم من‬ ‫خطاياهم‪ .‬وكان هذا بَإ َ ْم َه َ‬ ‫هذه اآلية أن دم المسيح وفدائه شمل األباء األبرار من آدم للمسيح بأثر رجعي‪.‬‬ ‫ان ا ْلح ِ‬ ‫ار َوُي َبِّرَر َم ْن ُه َو ِم َن ِ‬ ‫ار ِبِّرِه ِفي َّ‬ ‫يم ِ‬ ‫آية (‪ِ :6" -:):6‬إل ْظ َه ِ‬ ‫ع‪" .‬‬ ‫ون َب ًّا‬ ‫سو َ‬ ‫اض ِر‪ ،‬لِ َي ُك َ‬ ‫الزَم ِ َ‬ ‫ان ِب َي ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫َإل ْظ َها َر بَ ِّر َه = إلظهـار عدلـه‪ ،‬فـاهلل لـم ُيسـامح البشـر مجانـاً بـل تحمـل هـو عقوبـة الخطيـة‪ .‬فالعـدل والرحمـة تالقيـا‬

‫اض َر = أن المسيح بذل دمه كفارة‪ ،‬لكي يظهر عدله في الوقـت الحاضـر الـذي هـو‬ ‫ان ا ْل َح َ‬ ‫علي الصليب‪ .‬فَي ال َّز َم َ‬ ‫مــلء الزمــان (غــل‪ .)424‬لَيَ ُكااونَ بَا ا‬ ‫اارا = ال يوجــد بــار ســوي اهلل‪ ،‬ولقــد ظهــر ب ـره فــي فــداء المســيح [‪ ]1‬عدلــه فــي‬ ‫عقاب الخطية إذ هو قدوس [‪ ]2‬في تحقيق وعوده التـي وعـد بهـا البشـر أنـه سيخلصـهم ويفـديهم (أش‪، 22 2 44‬‬

‫‪ .)24‬والحــظ أن اآليــة الســابقة تظهــر أن المســيح بــرر األبــاء الــذين أت ـوا مــن قبلــه‪ ،‬بدمــه‪ ،‬وهــذه اآليــة تظهــر أن‬ ‫التبرير بدمه سيكون لكل مـن يـؤمن حتـى إنقضـاء الـدهر‪ .‬ألنـه هكـذا هـو بـار‪ ،‬ورحمتـه ستشـمل كـل البشـرية وهـذا‬

‫التبرير سهل المنال لكل من يؤمن (هذا هو المدخل) ويكون شاع اًر باإلحتياج لهذا التبرير‪.‬‬

‫وهذا هو تفسير رجوع الشمس أيام حزقيا الملك ‪ ،‬فهذا يعنى أن بر المسيح شمل أبرار العهد القديم ‪.‬‬

‫‪:7‬‬ ‫وس األ ْ ِ َّ َّ‬ ‫وس ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫ام ٍ‬ ‫يم ِ‬ ‫ان‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:):7‬فَأ َْي َن االف ِْت َخ ُار؟ قَِد ا ْنتَفَى‪ِ .‬بأ ِّ‬ ‫اإل َ‬ ‫َع َمال؟ كال‪َ .‬ب ْل ِب َن ُ‬ ‫وس؟ أَِب َن ُ‬ ‫َي َن ُ‬ ‫أَيْنَ اج ْفتَ َخا ُر = بعد ما فهمناه أن التبرير يكون باإليمان بـدم المسـيح فبمـاذا نفتخـر‪ ،‬أنفتخـر بنـاموس موسـى؟ هـذا‬

‫الذي يحكم علينا بالموت!! أو نفتخر بناموس األعمال ؟ هل نفتخر بأعمالنا ؟ وهل أعمالنا كانت تعطي لنا حياة‬ ‫اان = نــاموس أي قــانون‪.‬‬ ‫اإلي َما َ‬ ‫؟!‪ .‬بــل نفتخــر بعمــل المســيح الــذي أعطانــا حيــاة نحصــل عليهــا باإليمــان نَااا ُمو َ‬ ‫س َ‬ ‫فاإليمان ليس فوضي‪ ،‬بل له قانون نلتزم به‪ ،‬هو ناموس الحب والحرية‪ ،‬هو إيمان عامل بمحبة (غل‪ .):20‬وهو‬

‫تدبير الروح الجاد المدقق‪.‬‬

‫والحظ أن قول بولس هذا هو قول رجل عيناه مفتوحتان‪ ،‬فهو كان يقول "من جهة الناموس أنا بال لوم" (في‪):23‬‬

‫وبعــد النعمــة إنفتحــت عينــاه‪ ،‬فقــال "الخطــاة الــذين أولهــم أنــا" (‪1‬تــي‪ )1021‬واذ شــعر بخطايــاه فهــم أن أعمالــه ال‬ ‫تخلِّص وال تعطي حياة‪.‬‬ ‫‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫ون أ ْ ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫ان َيتَ​َب َّرُر ِب ِ‬ ‫َن ِ‬ ‫ان ِب ُد ِ‬ ‫اإلي َم ِ‬ ‫وس‪" .‬‬ ‫ب أ َّ‬ ‫س َ‬ ‫آية (‪ " -:):1‬إِ ًذا َن ْحس ُ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫َع َمال الن ُ‬ ‫ألنه لو كان للناموس فاعلية لظهرت قبل مجيء المسيح‪ .‬والناموس هنا أي التطهيرات والغسالت والختـان‪ .‬ولكـن‬

‫هذا ال ُيفهم منه أن الرسول يريد أن يبطل الوصايا األخالقية كالوصايا العشر مثالً‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ود فَقَ ْط؟ أَلَ ْي ِ‬ ‫آية (‪:1" -:):1‬أَِم اهللُ لِ ْل َي ُه ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫ُمِم أ َْي ً‬ ‫ُمِم أ َْي ً‬ ‫َ‬ ‫ضا؟ َبلَى‪ ،‬لأل َ‬ ‫س لأل َ‬ ‫بولس يوضح لليهود أن إحتقارهم لألمـم يهـين مجـد اهلل‪ ،‬ألنهـم يريدونـه إلهـاً لهـم وحـدهم‪ ،‬وال يريدونـه إلهـاً للجميـع‪،‬‬

‫فــإن كــان إله ـاً للجميــع‪ ،‬يحاســب الجميــع ويضــبط الجميــع وخــالق الجميــع‪ ،‬فهــو كإلــه للجميــع فإنــه عليــه أن يهــتم‬

‫‪104‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫بالجميع ويخلِّص الجميع بذات الطريق أي اإليمان‪ .‬أَ َم للاُ لَ ْليَ ُهاو َد = بـولس هنـا يكلـم اليهـود الـذين آمنـوا بالمسـيح‬

‫قائالً‪ ،‬إذا كنتم قد فهمـتم أن الخـالص لـيس بالنـاموس وال باألعمـال‪ ،‬بـل باإليمـان‪ ،‬فـاألمم أيضـاً يمكـنهم الخـالص‬ ‫بنفس الشرط أي اإليمان‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان َوا ْل ُغ ْرلَ َة ِب ِ‬ ‫ان ِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ان‪" .‬‬ ‫آية (‪32" -:)32‬أل َّ‬ ‫س ُي َبِّرُر ا ْل ِختَ َ‬ ‫َن اهللَ َواح ٌد‪ُ ،‬ه َو الَّذي َ‬ ‫اإل َ‬ ‫اإل َ‬ ‫اهلل واحد لليهود ولألمم‪ ،‬وسيبرر كليهما باإليمان بالمسيح يسوع‪.‬‬ ‫ت َّ‬ ‫‪َّ ِ 35‬‬ ‫وس ِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫وس‪" .‬‬ ‫ان؟ َحا َ‬ ‫شا! َب ْل ُنثَِّب ُ‬ ‫النا ُم َ‬ ‫ام َ‬ ‫اإل َ‬ ‫آية (‪ " -:)35‬أَفَ ُن ْبط ُل الن ُ‬ ‫هذه اآلية تظهر إرتباط العهدين‪ ،‬فاهلل أوحي بهما كليهما‪ .‬والسيد المسيح قال "ما جئت النقض بل ألكمل" (مت‪0‬‬ ‫‪ .)18 ، 11 2‬وكما فهمنا فإن الناموس يعجز عن تحقيق الخالص‪ .‬ولكن بولس يثبته فلماذا؟‬

‫‪ .1‬ألنه باإليمان تتحقق غاية الناموس في أن يتبرر اإلنسان (رو‪ )428‬ولكـن لـيس بالنـاموس وحـده بـل بالمسـيح‪.‬‬ ‫بل إن غاية الناموس هو المسيح (رو‪ .)4215‬فمن يتبع الناموس البد وسيصل للمسيح‪ ،‬وأكبر دليل علي ذلك‬

‫أمــا‬ ‫هــم تالميــذ المســيح‪ ،‬الــذين عاشـوا فــي بســاطتهم متبعــين وصــايا النــاموس بــال كبريــاء لــذلك عرفـوا المســيح‪ّ ،‬‬

‫الكهنة والفريسيين فهم عاشوا ليثبتوا بر أنفسهم فلم يعرفوا المسيح‪.‬‬

‫‪ .2‬الن ــاموس يفض ــح خطايان ــا ويظه ــر ض ــعفاتنا وع ــدم ق ــدرتنا أن نحف ــظ وص ــاياه فنلج ــأ للمس ــيح‪ ،‬الن ــاموس يعل ــن‬ ‫إحتياجنا الدائم للمسيح‪.‬‬

‫‪ 3.‬بالمسيح نكون كاملين كما أراد الناموس‪.‬‬ ‫‪ 4.‬الناموس سبق وتحدث عن المواعيد التي حققها المسيح‪.‬‬

‫‪ .0‬المسيح صلب ليصفح عن خطايا تعدياتنا ضد الناموس‪.‬‬ ‫‪ .:‬الناموس مرشد لنا في جهادنا‪ .‬فعلينا أن نتبع الوصايا األخالقية فيه‪.‬‬

‫نفهم ممـا سـبق أن العكـس هـو الصـحيح‪ ،‬فعـدم اإليمـان بالمسـيح يبطـل النـاموس ألن النـاموس يشـهد للمسـيح‪ .‬بـل‬

‫نفهم اننا نثبت الناموس فشهادة الناموس بنبواته عن المسيح هي اثبات لفكر اهلل االزلي عن الفداء الذي بالمسـيح‬

‫‪ .‬وهي شهادة لليهود وللجميع عن المسيح فالنبوات تحمل صورة واضحة عن المسيح منذ ميالده حتي صعوده ‪.‬‬ ‫ا ْل َج َمي ُع أَ ْخطَاُوا َوأَع َْوزَ ُه ْم َم ْج ُد للاَ ( رو‪):3 :3‬‬ ‫ماذا تعني كلمة خطية؟‬

‫خطية باليونانية هى من يخطئ الهدف واليصيبه فتضيع منه المكافأة‪.‬‬ ‫وروحياً فكل من يخالف وصايا اهلل فهذا خطية عليه لذلك تضيع منه المكافأة‪.‬‬

‫ومــا هــى المكافــأة؟ هــى مجــد اهلل‪ .‬وهــذا معنــى أعــوزهم مجــد اهلل‪ ،‬أى حرم ـوا أنفســهم مــن مجــد اهلل‪ ،‬والوجــود فــي‬ ‫حضرته‪ ،‬إذ الشركة للنور مع الظلمة‪ ( .‬كلمة معوز أى فاقد للشئ أو فقير إليه )‪.‬‬

‫‪105‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫لماذا أعطى اهلل الوصية؟‬ ‫اهلل اليريـد أن يـتحكم فـي النـاس يـل يريـد للنـاس أن يتمتعـوا بالمجــد الـذي يريـده لهـم‪ .‬ولمـا كـان اهلل قـد خلقنـا أحـ ار اًر‬ ‫علــى صــورته كــان البــد أن يعطينــا الوصــية كإرشــاد لنــا حتــى النفقــد هــذا المجــد‪ ،‬فالوصــية هــى أفضــل ماأعــده اهلل‬

‫لإلنسان وبها نصل للمجـد‪ ،‬فـال نعـود معـوزين للمجـد ( حـز‪ .)11 225‬اهلل لـم يقـل أنـه شـق لهـم البحـر أو حـررهم‬

‫مــن مصــر‪ ....‬إلــخ بــل يــرى أن أفضــل مــا أعطــاه لهــم هــو الوصــية إذ هــى طريــق الحيــاة والمجــد ‪ .‬إذاً إن قلنــا أن‬

‫الهدف هو أن نحصل على مايريده اهلل لنا‪ ،‬فلنرى كيف خلقنا اهلل‪2‬‬

‫‪ .1‬اهلل أعطانا حياة لنحيا إلى األبد‪ .‬هذا إن أكلنا من شجرة الحياة‪ ،‬وشجرة الحياة معناها اإلتحاد باهلل‪.‬‬ ‫‪ .2‬كنا في حضرة اهلل في مجد منعكس علينا من مجد اهلل‪.‬‬

‫‪ .3‬اهلل خلقنا فى جنة َع ْدن وكلمة َع ْدن تعني فرح‪ ،‬فاهلل يريد لنا أن نفرح‬ ‫‪ -3‬فرح‬ ‫‪ -2‬مجد‬ ‫إذاً اهلل يريد لنا‪ -1 2‬حياة أبدية‬ ‫ولما أخطأنا أى إخترنا إختيا ارً خاطئاً فقدنا الهدف‬

‫‪ .1‬حــين إنفصــلنا عــن اهلل إذ الشــركة للنــور مــع الظلمــة‪ ،‬واهلل حيــاة‪ ،‬خسـرنا الحيــاة ودخــل المــوت إلــى العــالم‪.‬‬

‫ـذوقنا للخطيـة جعلنـا ننفصـل عـن اهلل ونمـوت ‪ ،‬ألن اهلل حيـاة ‪.‬‬ ‫وهذا معنـى شـجرة معرفـة الخيـر والشـر‪ ،‬فت ُ‬ ‫وكان هذا إختيا اًر ح اًر لكنه خاطئ إذ ضاعت المكافأة‪ ،‬إذ ضاع الهدف الذي أراده اهلل‪.‬‬

‫‪ .2‬فقدنا المجد إذ ما عدنا نرى اهلل‪ ،‬وال عاد مجده ينعكس علينا‪.‬‬ ‫‪ .3‬طُردنا من جنة الفرح وصرنا في حزن في العالم‪.‬‬

‫فماذا حدث حين ضاع الفرح من اإلنسان؟‬

‫إستبدل اإلنسان الفرح الحقيقـي الـذي يعطيـه اهلل بشـئ آخـر هـو الملـذات الحسـية وأسـماها عـن طريـق الخطـأ فـرح‪،‬‬ ‫وعِلما أنهما‬ ‫لذلك فبعد الخطية مباشرة نسمع " فإنفتحت أعينهما َ‬ ‫عريانان" (تك‪ )1 ،: 23‬لكن مع الملذات الحسية دخل الحزن والشقاء‬ ‫إذاً الخطية هى أن نبحث عما نريده نحن ال ما يريده اهلل فننفصل عن اهلل‪،‬‬ ‫ويضيع منا كل ماأعده لنا اهلل‪.‬‬

‫وما يريده اهلل هو القداسة ومعناها أن نرتفع عن كل ماهو خاطئ في األرض طالبين الحياة‬

‫ولم يتركنا اهلل ‪ ..........‬وتجسد المسيح‬

‫السماوية(‪1‬تس‪)3 24‬‬

‫ـى وأنــا فــيكم" (يــو‪ .)4 210‬وألن المســيح‬ ‫‪ .1‬ليتحــد بطبيعتنــا‪ ،‬ولكــن ما ازلــت لنــا الحريــة‪ ،‬لــذلك يق ـول "إثبت ـوا فـ ّ‬ ‫حياة‪ ،‬فسنحيا لألبد‪.‬‬ ‫‪ .2‬إذ صار المسيح فينا‪ ،‬عاد لنا المجد "أكـون مجـداً فـي وسـطها" ( زك‪ .)0 22‬ولكنـه مجـد غيـر ُمعلـن اآلن‬ ‫(رو‪ .)18 28‬والمســيح بتجســده تمجــد بالجســد ليعطينــا نحــن ان نتمجــد بهــذا المجــد قــارن االيتــين (يــو‬ ‫‪ )0 2 11‬و(‪.)22 2 11‬‬

‫‪106‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫‪ .3‬أعــاد المســيح لنــا الفــرح بــالرغم مــن الحــزن الــذي فــي العــالم ( يــو‪ )22 21:‬وهــذه إرادة اهلل أن نفــرح لــذلك‬ ‫يقــول بــولس الرســول "إفرحـوا فــي الــرب كــل حــين وأيضـاً أقــول لكــم إفرحـوا" (فــي‪ )424‬يقــول هــذا وهــو فــي‬

‫السجن مقيد بسالسل‪ .‬وهذه هى النصرة في المسيحية أن ينتصر الفرح الذي فينا على اآلالم الخارجية‪.‬‬

‫وأرسل المسيح لنا الروح القدس‬

‫ويعيننـا (رو‪ )2: 28‬وبهـذا يظـل إتحادنـا بالمسـيح الـذي يبـدأ‬ ‫‪ .1‬ليثبتنا فيه بأن ُيبكتنا لو أخطأنا (يـو‪ُ )8 21:‬‬ ‫بالمعموديـة ثـم األسـرار التـي هـى عمـل الـروح القـدس ثـم المسـاعدة علـى الثبـات فـي المسـيح عـن طريـق‬ ‫التبكيت والمعونة‪.‬‬

‫‪ .2‬وجود المسيح فينا وثباتنا فيه يجعلنا أحياء‪ ،‬ولو ُوجدت الحياة يوجد ثمار‪ ،‬ومن ثمار الروح القدس الفرح‪.‬‬ ‫‪ .3‬الروح القدس يوجهنا للمسيح ويحكي لنا عنه (يو‪ )14 21:‬فندرك حالوتـه إذ عرفنـاه ‪ ،‬فنبحـث عنـه عـن‬ ‫حب إذ عرفناه ‪ .‬وهذا معنى ظهور الروح القدس يوم المعمودية على هيئة حمامة التي تشير للبساطة‪.‬‬

‫‪ .4‬كلمة بساطة باإلنجليزية = ‪SINGLE HEARTED‬‬

‫أى يكون لنا هدف واحد هو أن نتجه إلى المسيح كما يعود الحمام الزاجل إلى بيتـه‪ .‬بقلـب واحـد غيـر منقسـم بـين‬

‫البحث عن المسيح والبحث عن الخطية " ياإبني إعطني قلبك " (أم‪ .)2: 223‬وبهذا نثبت في المسيح‪ .‬والنطلـب‬ ‫سواه‪ ،‬والمسيح نور‪ ،‬فنستنير ونكون نو اًر ( مت‪.)22 2:‬‬

‫ولكن هذا يتطلب أن النقاوم الروح القدس ‪ ......‬فهل نسمع له؟!‬

‫فاإلنسان كان ومايزال ُح اًر تماماً‬ ‫فهل تريد أن تب أر ( يو‪.): 20‬‬

‫تسلسل عمل اهلل مع البشر‬

‫‪-2‬‬

‫خلق اهلل آدم عل صورته واهلل محبة‪ ،‬فكان قلب آدم مملوء محبة‪.‬‬

‫‪-3‬‬

‫اهلل يقول لـذاتي فـي بنـى آدم ( أم ‪ )31 28‬لـذلك كـان آدم الـذي علـى صـورة اهلل يحـب اهلل‪ ،‬ويجـد‬

‫‪-4‬‬

‫وع ْـدن كلمـة عبريـة تعنـى فـرح‪ .‬أى كـان آدم‬ ‫والفرح كان نتيجة هذا‪ .‬لذلك كان آدم في جنـة َع ْـدن َ‬ ‫يحيا في فرح‪.‬‬

‫لذته في اهلل ‪.‬‬

‫‪-1‬‬ ‫‪-6‬‬

‫كــان آدم يطيــع اهلل عــن حــب‪ ،‬والقلــب المملــوء حب ـاً ُيســمى قلــب لحــم ‪ .‬هكــذا جبــل اهلل اإلنســان‬ ‫مايسمى الضمير أو الناموس الطبيعي‪.‬‬ ‫والوصايا مطبوعة على قلبه اللحمي وهذا ُ‬ ‫سقط آدم‪ ،‬وبدأ يهرب من اهلل بل بدأ ُحب العالم يدخل لقلب البشر (بني آدم )‪ .‬ولكثرة اإلثم تبـرد‬ ‫المحبة (مت ‪.)12 224‬‬

‫‪-:‬‬

‫وتحــول القلــب إلــى قلــب حجــر‪ ،‬وماعــاد البشــر يحبــون اهلل واختفــى الفــرح‪ ،‬وحلــت اللــذة الخادعــة‬ ‫مكان الفرح ‪ .‬واعتاد اإلنسان الخطية ‪ .‬وصار يشرب اإلثم كالماء ( أى ‪. )1: 210‬‬ ‫اهلل المحب للبشر يعلم أن الخطية تُهلك ‪ .‬وكان أن أعطى اهلل لإلنسان‬

‫‪107‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث)‬

‫( الناموس عوناً ) ‪ .‬ولكنه أعطاه على لوحى حجر كطبيعة قلب اإلنسان الحجرية‪.‬‬

‫‪-8‬‬

‫وع َد اهلل اإلنسان أنه سيأتي يوم ويحول له قلب الحجر إلى قلب لحم‬ ‫َ‬ ‫( حز ‪ .) 2: 23:‬ووعد آخر بأن يعود ويكتب الوصية على القلب‬

‫‪-9‬‬

‫الم َّعمــد‪ ،‬ليســكب محبــة اهلل فــي القلــوب ويحولهــا‬ ‫وكــان الفــداء‪ ،‬وحــل ال ـروح القــدس علــى المــؤمن ُ‬ ‫لقلوب لحم‪ .‬وصار تنفيذ الوصية سهالً ‪ ،‬فكل من يحب المسيح يطيعه ( يو‪.) 10 214‬‬

‫( أر ‪ )33 231‬وكأن المعنى واحداً‪ ،‬فالقلب اللحم هو قلب مملوء محبة‪ ،‬ويطيع اهلل في حب‪.‬‬

‫‪َ -15‬من له ثمار الروح فهو مملوء من حب اهلل لذلك اليحتاج لوصايا الناموس‪ ،‬فهى مطبوعة على قلبه‬ ‫اللحمي كما قال بولس الرسول ( غل‪ . )22 20‬والمقصود ليس أن يلغي الناموس ولكن هو ُمرشد لكل‬ ‫واحد ولكن ليس خوفاً من عقوبات ‪ ،‬بل محبة هلل ‪ ،‬هو ينفذ الوصايا‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫اإلصحاح الرابع‬

‫عودة للجدول‬

‫في اإلصحاحات (‪ )11-4‬يرد الرسول علي أراء اليهود ومعتقداتهم ويفند حججهم‪ ،‬فهـم يفتخـروا ببنـوتهم الجسـدية‬ ‫إلب ـراهيم‪ ،‬وبــأن لهــم النــاموس والش ـريعة‪ ،‬وأنهــم هــم الشــعب المختــار‪ ،‬شــعب اهلل المختــار‪ .‬وممــا ســبق فهمنــا مــن‬

‫الرسول أنه علي كل واحد أال يفتخر إال باإليمان بالمسيح‪ ،‬فهذا اإليمان هو الذي يبرره ‪ ،‬وبالتالي يكون له حياة‪.‬‬

‫وكالم الرسول بهذا‪ ،‬في هذه اإلصحاحات (‪ )11-4‬يعني أن على اليهود أال يفتخـروا بـأنهم أبنـاء إبـراهيم بالجسـد‬ ‫وال بناموســهم وال بكــونهم الشــعب المختــار وال بالختــان‪ ..‬الــخ بــل باإليمــان بالمســيح‪ ،‬وبهــذا فهــم يتشــبهون بــأبيهم‬

‫إبراهيم الذي تبرر باإليمان‪.‬‬

‫ولماذا إختار إبراهيم بالذات؟ ولم يختار نوح أو هابيل… مع أن هؤالء وغيرهم كثيرين كانوا أب ار اًر‪.‬‬

‫‪ 1.‬ألن اليهود كانوا يتفـاخرون بـإبراهيم (يـو‪ .)3328‬ولكـن تفـاخرهم هـذا أدي لعجـرفتهم وكبريـائهم دون أن يحـاولوا‬ ‫أن يتشبهوا به‪.‬‬

‫‪ .2‬اهلل وعد إبراهيم أن يجعله أباً لجمهور كثير من األمم‪ ،‬ولم يكن هذا الوعد إال إلب ارهيم‪.‬‬

‫‪ 3.‬إبراهيم هو حلقة الوصل بين أهل الغرلة وأهل الختان‪ .‬عاش متبر اًر باإليمان وهو بعد في الغرلة (تك‪+ :210‬‬ ‫تــك‪ )15211‬وحصــل علــي الختــان كعالمــة للعهــد‪ .‬لكنــه تبــرر قبــل الختــان‪ ،‬أي بــدون ختــان‪ .‬وبــدون أعمــال‬ ‫الناموس‪ ،‬فلم يكن هناك ناموس أيام إبراهيم‪.‬‬

‫‪ .4‬بولس يري أن الفداء والتبرير باإليمان لم يبدءا بالمسيح ولكنهما بدءا من أيام إبراهيم‪ ،‬حينما كشف لـه اهلل أنـه‬ ‫يخــرج حيــاة مــن المــوت (مــن جســده المائــت)‪ .‬وكــان فــداء المســيح هــو النهايــة التــي رأينــا فيهــا أن المســيح يبــرر‬

‫الخطاة الذين هم أموات بالخطية (لو‪ )32210‬وهذا التبرير كان باإليمان الذي بدأ بإبراهيم‪.‬‬

‫إيمان إبراهيم‬ ‫إبراهيم قيل عنه أنه تبرر باإليمان (تك‪ .):210‬وكان هذا قبل الختـان بحـوالي ‪ 20‬سـنة (تـك‪ .)15211‬وقبـل أن‬

‫يقدم إبنه ذبيحة (تك‪.)22‬و أيضاً قبـل نـاموس موسـى بحـوالي‪ 435‬سـنة‪ .‬وكـان هـذا لمصـلحة األمـم‪ ،‬فبهـذا صـار‬ ‫من حق األمم أن يتشبهوا بإبراهيم الذي تبرر باإليمـان قبـل النـاموس وقبـل عهـد الختـان‪ ،‬وقبـل األعمـال أي تقـديم‬

‫إبنه ذبيحة‪ .‬ولذلك أسماه اهلل أب لجمهور مـن األمـم = إبـراهيم‪ .‬فكـل مـن يشـابه إبـراهيم فـي إيمانـه يتبـرر‪ .‬وايمـان‬ ‫إبراهيم كان يتلخص في أن اهلل قادر أن يخرج من الموت حياة‪.‬‬

‫المركـز التجاريـة أيامهـا‪ ،‬وكانـت علـي الخلـيج‪ ،‬إلـي المجهـول‪ ،‬خـرج بإيمـان أن‬ ‫‪ .1‬هو خرج مـن أور أعظـم ا‬ ‫اهلل سيعطيه حياة‪.‬‬

‫‪ .2‬إيمان إبراهيم ظهر في صراع رجاله مع لوط ورجاله‪ ،‬فترك للوط كـل مـا أراد مؤمنـا أن اهلل يعطيـه حيـاة‬ ‫إذ أن لوط ورجاله إستولوا علي األراضي الجيدة تاركين األراضي الصحراوية إلبراهيم‪.‬‬

‫‪109‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫‪ 3.‬ظهــر إيمــان إب ـراهيم فــي أن اهلل البــد وســيعطيه إســحق طالمــا وعــد بــذلك‪ ،‬حتــي مــع شــيخوخته ومماتيــة‬ ‫مستودع سارة‬

‫‪ .4‬ظهـر إيمانـه فـي تقــديم إبنـه إسـحق ذبيحـة‪ ،‬مؤمنـاً بـأن اهلل سـيقيمه إذ أن اهلل وعـده أنــه بإسـحق يكـون لــه‬ ‫نسل‪.‬‬

‫ومن يتشابه إيمانه اآلن بإيمان إبراهيم‪ ،‬أي أن اهلل قادر أن يخرج من المـوت حيـاة يصـير إبنـاً إلبـراهيم باإليمـان‪.‬‬ ‫وهذه قصة الفداء‪ .‬فأي إنسان هو ميت بالخطية‪ ،‬ومن يؤمن بالمسيح ويعتمد يموت إنسانه العتيق مع المسيح في‬

‫المعموديــة ويخــرج ثابت ـاً فــي المســيح ولــه حيــاة المســيح‪ .‬فهــذا هــو إيمــان إب ـراهيم‪ ،‬أن اهلل يخــرج حيــاة مــن المــوت‪.‬‬ ‫فإيمان إبراهيم يتطابق مع قصة الخالص وخطة اهلل للخالص‪ .‬وحتـى اآلن فمـن هـو غـارق فـي خطايـاه ويريـد أن‬

‫يحيا بدالً من موته كخاطئ‪ ،‬عليه أن يبدأ بإيمـان فـي أن يحسـب نفسـه ميتـاً عـن الخطيـة فتـدب فيـه حيـاة المسـيح‬

‫(رو‪ .)112:‬فالخــاطئ ميــت ولكــن اهلل قــادر أن يخــرج حيــاة مــن هــذا المــوت‪ ،‬كمــا أخــرج حيــاة مــن مســتودع ســارة‬ ‫المائــت‪ .‬بــل المســيح أتــي مــن مســتودع بــال أمــل فــي خــروج حيــاة منــه‪ ،‬إذ هــو مســتودع عــذراء‪ .‬لكــن الــروح القــدس‬

‫أعط ــي جس ــداً حيـ ـاً ه ــو جس ــد المس ــيح ف ــي بط ــن الع ــذراء‪ .‬وب ــنفس الطريق ــة ف ــالروح الق ــدس ي ــرف عل ــي وج ــه مي ــاه‬

‫المعموديــة‪ ،‬فيعطــي للمعمــد حيــاة‪ ،‬هــي حيــاة المســيح كمــا كــان الــروح القــدس فــي القــديم يــرف فــوق الميــاه فخرجــت‬

‫حيــاة فــي العــالم (تــك‪ .)221‬وهــذا هــو الفــارق بــين إســحق واســمعيل فــي والدتهــم فإســحق هــو إبــن الموعــد أي لــيس‬ ‫بحسب الطبيعة كإسمعيل‪ ،‬لكن بحسب ما آمن به إبراهيم‪ ،‬أن اهلل يخرج حياة من الموت‪ .‬ومعني كالم بولس هنـا‬

‫أن هـذا هــو الخــالص أي اإليمــان بــأن اهلل يخــرج حيــاة مــن المــوت‪ .‬وهــذا لكــل مــن يــؤمن "مــن آمــن بــي ولــو مــات‬

‫فسيحيا" (يو‪ )20211‬فمن يؤمن بالمسيح تكون له حياة‪ .‬واهلل فرح بـإبراهيم ألن إيمانـه كـان متطابقـاً مـع خطـة اهلل‬ ‫للخالص‪ ،‬لذلك جعل اهلل إبـن إبـراهيم رمـ اًز إلبنـه الـذي سـيعطي حيـاة مـن المـوت‪ ،‬لـذلك يقـول بـولس الرسـول نحـن‬

‫أوالد الموعد كإسحق (غل‪ .)2824‬وكان الختان عالمة ظاهرية أو ختم إليمان إبـراهيم‪ .‬والخـتم هـو تصـديق علـي‬ ‫معاهــدة بــين ط ـرفين‪ .‬لقــد ظــل إب ـراهيم ســنوات طويلــة يــؤمن بــاهلل‪ .‬وجــاء اهلل ليقــول إلب ـراهيم "سأضــع عالمــة فــي‬

‫جسدك شاهدة إليمانك" وهذه العالمة هي الختان‪ .‬هي قطـع جـزء مـن جسـدك وتركـه ليمـوت وبهـذه العالمـة تـدخل‬ ‫في معاهدة معي وتصير من شعبي‪ ،‬ومن يدخل في معاهدة مع اهلل ويصير من خاصته تكون له حيـاة‪ .‬وبالتـالي‬ ‫فإن هذه العالمة هي نفس إيمان إبراهيم‪ ،‬هي مـوت (جـزء اللحـم المقطـوع) وحيـاة (حيـاة إبـراهيم إذ دخـل فـي عهـد‬

‫مع اهلل)‬

‫وصار الختان رمـ اًز للمعموديـة التـي هـي مـوت وحيـاة‪ .‬وهـذا مـا يعملـه الـروح القـدس‪ ،‬فهـو يميـت حـب الخطيـة فـي‬

‫القلب‪ ،‬وهذا ما أسماه الرسول ختان القلب بالروح (رو‪ + 2922‬رو‪.)1328‬‬

‫‪5‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ِد؟"‬ ‫سَ‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫يم قَ ْد َو َج َد َح َ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬فَ َما َذا َنقُو ُل إ َّن أ َ​َبا َنا إ ْب َراه َ‬ ‫س َد = يقصد حسب أعمالـه‪ ،‬أي الختـان وتقـديم إبنـه ذبيحـة‪ .‬ولكـن لمـاذا لـم يقـل‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫س َ‬ ‫قَ ْد َو َج َد = ماذا إستفاد‪َ .‬ح َ‬

‫حســب األعمــال؟ بــدالً مــن قولــه حســب الجســد‪ ]1[ .‬هــو يريــد أوالً ان يهــاجم اإلفتخــار باألعمــال‪ ]2[ .‬هــو يريــد أن‬

‫‪110‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫يهاجم اليهود الذين يفتخـرون ببنـوتهم إلبـراهيم بحسـب الجسـد وكـل مـا يفكـرون فيـه هـو ميـراثهم األرضـي أل ارضـي‬ ‫كنعان‪ ،‬ولكنهم ال يفكرون في الميراث السماوي‪ ،‬هذا الذي ينالونه باإليمان‪ ،‬مثـل إبـراهيم‪ .‬هـو يريـد أن يقـول لهـم‪،‬‬ ‫ماذا أخذتم ببنوتكم الجسدية إلبراهيم‪ ،‬حتى تفتخروا بها‪ ،‬أو بأعمالكم‪ .‬لو كـان إبـراهيم قـد إفتخـر بأعمالـه أمـام اهلل‬

‫مثالُ في أنه تـرك أور‪ ،‬لكـان اهلل قـد حسـب هـذا دينـاً عليـه وألعطـاه مكانـاً أفخـم مـن أور‪ ،‬وإلنتهـي الموضـوع بهـذا‪.‬‬

‫أمــا بســبب إيمانــه فلقــد جعــل اهلل إب ـراهيم عظيم ـاً فــي األرض وفــي الســماء‪ .‬ولقــد قيــل أن اهلل بــرره بإيمانــه ولــيس‬

‫بأعماله (تك‪ .):210‬وكالم بولس هذا يفسح المجال لألمم ليؤمنوا فيتبرروا هم أيضاً‪ .‬أمـا إصـرار اليهـود علـي أن‬ ‫إنتمائهم إلبراهيم هو بالجسد فهذا يضعف صلتهم به‪ ،‬فالصلة الروحية أقوي وهي باقية في السماء‪ .‬فَ َما َذا نَقُو ُل =‬ ‫بعــد أن قلــت مــا قلتــه عــن اإليمــان والتبريــر باألعمــال‪ ،‬تعــالوا نأخــذ مثــاالً‪ ،‬أنــتم كلكــم تحبونــه وتعرفونــه‪ ،‬أال وهــو‬

‫إبراهيم أبونا‪.‬‬

‫لك ْن لَ ْيس لَ َدى ِ‬ ‫ال َفلَ ُه فَ ْخر‪ ،‬و ِ‬ ‫ان إِ ْبر ِ‬ ‫َعم ِ‬ ‫آية (‪:" -:):‬أل ََّن ُه إِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫اه‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫يم قَ ْد تَ​َب َّرَر ِباأل ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫إبراهيم قطعاً كان أحسن الموجودين أيامـه‪ ،‬ومـع هـذا فعليـه أن ال يفتخـر أمـام اهلل ال بختانـه وال بأعمالـه الصـالحة‬

‫لماذا؟ [‪ ]1‬من ناحيـة الختـان فـاهلل هـو الـذي أمـره بـأن يختـتن [‪ ]2‬اهلل هـو الـذي أعطـاه ويعطـي كـل أحـد أن يعمـل‬

‫األعمـ ــال الصـ ــالحة (يـ ــع‪ .)11 ، 1: 2 1‬وان افتخـ ــر أحـ ــد فهـ ــو يفتخـ ــر بمـ ــا لـ ــيس لـ ــه‪ ،‬فـ ــاهلل صـ ــاحب الفضـ ــل‬

‫(‪1‬كــو‪ .)124‬ومــن يفتخــر فهــو يعــرف شــماله بمــا تعملــه يمينــه‪ .‬واهلل هــو العامــل فينــا أن نريــد وأن نعمــل ( فــي ‪22‬‬ ‫‪ )13‬فكيف نفتخر أمام اهلل وهو الذي عمل فينا هذا العمـل [‪ ]3‬بـل عليـه أن يفتخـر بإيمانـه بـاهلل الـذي أعطـاه كـل‬

‫هـذه البركـات‪ .‬ولـو قـورن إبـراهيم بمعاصـريه مـن البشـر فهـو األحسـن‪ ،‬ولكــن إن إفتخـر فليفتخـر أمـام النـاس‪ ،‬مــثالً‬

‫بالختان فهذا معناه أنه في عهـد مـع اهلل‪ .‬أو بأعمالـه‪ ،‬فالنـاس يهتمـون بالمظـاهر‪( ،‬ولكـن اهلل يهـتم بالقلـب)‪ .‬ولكـن‬ ‫ال يفتخر أمام اهلل بكل هذا‪ ،‬ألن اهلل هـو مصـدر كـل عمـل صـالح‪ .‬بـل يفتخـر بإيمانـه الـذي بـه إرتمـي فـي حضـن‬

‫اهلل ‪ ،‬ليغتصب المواعيد من اهلل ويحسب با اًر في عينيه‪ ،‬اإلفتخار عموماً يقود للكبرياء ‪ ،‬والكبريـاء بدايـة السـقوط‪،‬‬ ‫وهذا هو معنى ماقصده السيد المسيح بأن ال نعرف شمالنا ماتعمله يميننـا مـن أعمـال بـر‪ ،‬نحـن نفتخـر بمـا عملـه‬

‫اهلل بواسطتنا أو بنا‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب لَ ُه ِب ًّار»‪.‬‬ ‫يم ِباهلل فَ ُحس َ‬ ‫آية (‪ -:)3‬أل ََّن ُه َما َذا َيقُو ُل ا ْلكتَ ُ‬ ‫اب؟ «فَ َ‬ ‫آم َن إ ْب َراه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب له كما لو كان قد تمم كـل أوامـر النـاموس‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫في (تك‪ ):210‬قيل فَآ َمنَ إَ ْب َرا َهي ُم بَاهللَ فَ ُح َ‬ ‫ب لَهُ بَ ارا = إيمانه ُحس َ‬

‫ولكــن بــالرجوع لرســالة يعقــوب (يــع‪ .)23-2122‬نجــده يســتخدم نفــس اآليــة إلثبــات أن إب ـراهيم قــد تبــرر باألعمــال‬ ‫ولكن معلمنـا يعقـوب يقـول "أن اإليمـان َع ِم َـل مـع أعمالـه وباألعمـال أكمـل اإليمـان‪ "..‬فهـل هنـاك تعـارض بـين مـا‬ ‫قاله يعقوب وما قاله بولس؟! أبداً‪ .‬فبولس يناقش موضوع مختلف عن الموضوع الذي يناقشـه يعقـوب‪ .‬بـولس يـرد‬ ‫علي اليهود المنتفخين بأعمالهم في بر ذاتي (مثال الفريسي والعشار) وبولس يقول ال تفتخروا علي اهلل بأعمالكم‪،‬‬

‫فهــل يعقــل أن يقــف اليهــودي ليفتخــر علــي اهلل بأنــه مختــون واهلل هــو الــذي قــال لــه إعمــل كــذا وكــذا‪ ..‬إذا أراد أن‬

‫‪111‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫يفتخر فليفتخر علي جيرانه الغلف (‪1‬كو‪ .)124‬باإلضافة أنه يجب أن نعلم أن كل عطيـة صـالحة هـي نازلـة مـن‬

‫فوق (يع‪.)11 ، 1: 2 1‬‬

‫روحياً‪ ،‬يجب أن نقف أمام اهلل ونقول كل عمل صالح أنا عملته أنـت الـذي أعطيتنـي إيـاه‪ .‬وبـولس مـع أنـه مـؤمن‬ ‫لم يمتنع عن العمل بل قال "جاهدت الجهاد الحسن‪"..‬‬

‫أمــا يعقــوب فهــو يعــالج نقطــة أخــري‪ ،‬فهــو يــرد علــي مــن قــال أنــا آمنــت ‪ ،‬واتكــل علــي هــذا وامتنــع عــن أن يعمــل‬ ‫أعمـاالً صـالحة‪ .‬مثــل مـن يقــول "أنـا آمنــت إذاً أنـا دخلــت السـماء"‪ .‬ومعنــي كـالم يعقــوب "لـو كــان إيمانـك صــحيحاً‬ ‫لظهر هذا في أعمالك"‪ .‬أمثلة‪ 2‬من يؤمن أن هناك قيامة‪ ،‬لماذا يحزن بيـأس علـي إنتقـال أحـد أحبائـه‪ .‬ومـن يـؤمن‬

‫بــأن هنــاك مي ـراث ســماوي فــي المجــد لمــاذا يحــزن علــي ضــياع أشــياء أرضــية‪ .‬ومــن يــؤمن بــأن اهلل موجــود لمــاذا‬

‫يخطئ كأن اهلل ال يراه‪ .‬هذه أمثلة علي اإليمان الحي‪.‬‬

‫فيعقوب يناقش أهمية أن يكون لك أعمال بعد اإليمان‪ ،‬وبولس يقول أن أعمالك مهما كانت فهي ال تخلِّـص دون‬ ‫إيمان‪ ،‬بدون إيمان أعمالك بـال فائـدة‪ .‬كـالم يعقـوب علـي أهميـة األعمـال نفهمـه مـن المثـال اآلتـي‪ -2‬طالـب دخـل‬

‫كلية الطب (مثل إنسان آمن بالمسيح) مثل هذا البد أن يذاكر لينجح ويصبح طبيباً (مثل المؤمن يجب أن يعمـل‬ ‫بجانـب إيمانـه‪ ،‬وهــذا معنـي كــالم يعقـوب‪ .‬أمـا الطالــب الـذي ال يــذاكر فسيفشـل ويرفـت (والمــؤمن المسـتهتر يهلــك)‬

‫وهــذا مــا قالــه الــرب " مــن يغلــب لــن أمحــو إســمه مــن ســفر الحيــاة األبديــة " (رؤ‪ .)0 2 3‬إذاً معنــي كــالم بــولس‬

‫ـي أال أكــف عــن العمــل‪ .‬فبــولس كــان مؤمنـاً وجاهــد الجهــاد‬ ‫ـي أن أؤمــن أوالً‪ ،‬لكــن بعــد اإليمــان علـ َّ‬ ‫ويعقــوب أن علـ َّ‬

‫الحسن (‪2‬تـي‪ .)8 ، 1 2 4‬وأعمـال بـولس كانـت نابعـة عـن إيمـان‪ ،‬فبـدون إيمـان ال يمكـن إرضـاؤه (عـب‪.):211‬‬

‫ولكن بعد اإليمان البد من أن نعمل ونجاهد‪ ،‬وبولس خاف بعد ماعمله من ك ارزة وجهاد يصير هو نفسه مرفوضاً‬

‫( ‪1‬كو‪ )21 29‬واهلل أيضاً خاف عليه من أن ينتفخ ويضيع فأعطاه شوكة في الجسد ( ‪2‬كو‪. )1 212‬‬

‫والطبيعة تعلم هذا‪ ،‬فاألرض ال تطرح أرغفة خبز‪ ،‬بل قمحاً يجب أن تجري عليه أعماالً كثيـرة ليتحـول إلـي خبـز‪.‬‬

‫وحينم ــا تكاس ــل أه ــل تسـ ــالونيكي وامتنعـ ـوا ع ــن العم ــل‪ ،‬أرسـ ــل له ــم الرس ــول يق ــول لهـ ــم "م ــن ال يعم ــل ال يأكـ ــل"‬ ‫(‪2‬تــس‪ )1523‬فالطبيعــة تعلمنــي ان أعمــل حتــى آكــل فلمــاذا يعلِّــم الــبعض فــي الناحيــة الروحيــة أن النعمــة كافيــة‬ ‫للخــالص وال داعــي للعمــل‪ .‬ويقــول بــولس الرســول "لــيس الـزارع شــيئاً وال الســاقي لكــن اهلل الــذي ينمــي" (‪1‬كــو‪)123‬‬ ‫لكن األرض ال تعطي الزرعة بدون أن يزرع أحد ويروي أرضه‪ .‬وسفر التكـوين يعلمنـا أن األرض كانـت خربـة إذ‬

‫لم يكـن إنسـان يعمـل األرض (تـك‪ .)022‬واهلل خلـق آدم ليعمـل الجنـة ويحفظهـا (تـك‪ .)1022‬ونحـن كخليقـة جديـدة‬

‫في المسيح مخلوقين ألجل أعمال صالحة… (أف‪.)1522‬‬

‫ومــن يغصــب نفســه (كمــن يصــلي بالغصــب) تنســكب فيــه النعمــة فيفــرح ويتعــزي‪ .‬ولكــن علــي اإلنســان أالّ يفتخــر‬

‫بعمله فاهلل هو الذي ينمي‪ .‬فالفالح ال يفتخر أمام اهلل بأن األرض أخرجت زرعاً فاهلل هو الذي أخـرج الـزرع‪ .‬ربمـا‬ ‫يفتخر الفالح علي زميله بأنه أكفأ منه‪ ،‬ولكن ليس علي اهلل‪ .‬ولكن هذا يحدث مع البعض منا فـي وقـت التجربـة‪،‬‬

‫إذ يقول البعض هلل "لقد صليت لك وصمت لـك… ومـع هـذا سـمحت بهـذه التجربـة لـي‪ ..‬أو لـم تعطنـي خيـ اًر كنـت‬

‫أرجوه" مع أن الصالة ليست تفضالً منا بل هي تفضل من اهلل علينا‪ ،‬إذ يسمح بأن نقف أمامه كالمالئكـة‪ ،‬فـنحن‬

‫‪112‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫الذين نأخذ في الصالة كرامة ونحن ال نستحق‪ .‬جميل أن يقول بطرس للسيد "أخرج يا رب مـن سـفينتي فأنـا رجـل‬

‫خــاطئ" (لــو‪ )820‬إذاً ًُ علينــا أن نعمــل ولكــن علينــا أن نقــول دائم ـاً أننــا ال نســتحق‪ ،‬وال نعـ ِّـرف شــمالنا (اإلفتخــار‬ ‫بالعمل) ما تعمله يميننا (عمل الخير) ونقول مع داود "يا رب من يدك أعطيناك"‪.‬‬ ‫وفي (رؤ‪ )222‬اهلل يقول أنا عارف أعمالك… إذاً ال داعي ألن تذكرني بها حينما أبدأ في العتاب معك‪.‬‬

‫مــن يفتخــر بأعمالــه يحســبها اهلل لــه كــدين علــي اهلل ويعوضــه كثي ـ اًر‪ ،‬فمــثالً إن كــان إب ـراهيم قــد إفتخــر علــي اهلل‬ ‫بأعماله‪ ،‬لكان اهلل قد بارك له في ماشيته وأمواله وأوالده وألنتهت قصته بذلك‪ ،‬لكن إيمان إبراهيم ماذا أعطـي لـه؟‬

‫ـرس لــك" (تــك‪ )1210‬وبهــذا صــار إب ـراهيم يتغنــي مــع عــروس النشــيد "أنــا لحبيبــي‬ ‫لقــد أعطــى اهلل نفســه لــه "أنــا تـ ٌ‬ ‫وحبيبي لي"‪.‬‬ ‫واإليمان الذي يبرر هو‪-:‬‬

‫‪ 1.‬حب اهلل وتقديرنا لسموه واإللتجاء إليه‪.‬‬ ‫‪ 2.‬إيماننا أنه يبرر الخاطئ‪.‬‬

‫‪ .3‬أنه الشفيع لدي اآلب الذي يصالحنا معه وبأنه المخلص‪.‬‬

‫‪ .4‬به نقدر علي كل شئ‪ ،‬وبه نتحول من كوننا أشرار إلي أبرار‪ ،‬فهو يخرج من الموت حياة‪.‬‬ ‫‪ -0‬اإليمان الذي يبرر هو أيضاً أن أقبل أن أموت مع المسيح عـن الخطايـا وبهـذا تكـون لـى حيـاة ‪ ،‬وهـذا معنـى‬ ‫َمن آمن وأعتمد خلص ( مر‪ . )1: 21:‬وبهـذا نـرى تكامـل أقـوال بـولس الرسـول مـع يعقـوب الرسـول ‪ .‬فبـدون‬ ‫المسيح وتبريره وعمله الفدائي ماكانت كل أعمال الدنيا قادرة أن تخلص‪ ،‬فخطيـة واحـدة بحسـب النـاموس تقـود‬ ‫للموت ‪ .‬واإليمان بالمسيح هو البداية لإلستفادة من بركات هذا الفداء ‪ .‬وتأتي بعـد هـذا المعموديـة وهـى مـوت‬

‫وحياة مع المسيح ‪ .‬أما األعمال فهى أن أقبل أن أحيا كميت أمام الخطية فأنال حياة أبدية بالمسيح‬

‫ُجرةُ علَى س ِب ِ ِ ٍ‬ ‫(آية ‪4" -:)4‬أ َّ ِ‬ ‫س ِب ِ‬ ‫يل َد ْي ٍن‪" .‬‬ ‫ب لَ ُه األ ْ َ َ‬ ‫سُ‬ ‫يل ن ْع َمة‪َ ،‬ب ْل َعلَى َ‬ ‫َ‬ ‫َما الَّذي َي ْع َم ُل فَالَ تُ ْح َ‬ ‫أمــا الــذي يعمــل= الرســول يقصــد ه ـؤالء الــذين يعملــون ويفتخــرون بأعمــالهم (رو‪ )212 3‬وهــل معنــي هــذا أن ال‬ ‫نعمل؟ قطعاً ال‪ .‬فمن الخطأ أن نمسك آية واحدة ونبنـي عليهـا عقيـدة‪ .‬فنسـمع فـي (لـو‪ )1215‬أن الفاعـل مسـتحق‬

‫أجرتــه‪ .‬وفــي (مــت‪ )42215‬مــن ســقي أحــد هـؤالء الصــغار كــأس مــاء بــارد… ال يضــيع أجـره‪ .‬وفــي (رؤ‪)13214‬‬

‫نعــرف شــمالنا مــا تعملــه‬ ‫األعمــال تتبــع المــؤمنين ‪( +‬رؤ‪ )13 ، 12 2 25‬و ارجــع المقدمــة‪ .‬ولكــن المطلــوب أن ال ِّ‬ ‫يميننا‪ .‬فالرسـول يقصـد بمـن يعمـل "الـذي يفتخـر بأعمالـه أمـام اهلل‪ ،‬أو الـذي يظـن أن أعمالـه تخلصـه" (أنظـر إلـي‬

‫جمال طقـس قـداس الكنيسـة األرثوذكسـية‪ ،‬فـنحن دائمـاً نـردد "يـا رب إرحـم" بمعنـي أننـا ال نسـتحق شـئ‪ ،‬وال نطلـب‬

‫سوي رحمتك يا رب)‪.‬‬ ‫يل نَ ْع َمة = ولنأخذ إبراهيم كمثال‪-2‬‬ ‫س ُ‬ ‫ب لَهُ األُ ْج َرةُ َعلَى َ‬ ‫فَالَ ت ُْح َ‬ ‫سب َ َ‬

‫إبراهيم كتب عنه فـي (تـك‪" ):210‬فـآمن إبـراهيم…" ولـم نسـمع أنـه قـال هلل‪ ،‬أنـا عملـت كـذا وكـذا فـأين أجـري‪ ،‬هـو‬

‫أطاع اهلل في إيمان ولم يطلـب أجـ اًر… لـذلك كانـت أجرتـه أكبـر مـن تصـور مخلـوق‪ ،‬كانـت أجرتـه اهلل نفسـه‪ ،‬فـاهلل‬

‫‪113‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫ـرس ُ​ُ لـك‪ ،‬أجـرك كثيـر جـداً‪ ..‬وفـي ترجمـة أخـري "أنـا أجـرك العظـيم جـداً" ‪ +‬أن اهلل‬ ‫يقول لـه فـي (تـك‪ )1210‬أنـا ت ُ‬ ‫برره‪.‬‬ ‫يل َد ْيان = مثـال‪ -2‬موظـف مرتبـه ‪25‬ج يوميـاً‪ .‬حـدثت لـه مشـكلة مـا ضـايقته‪ ،‬فيقـول هلل‪ ،‬لقـد خـدمتك‬ ‫بَ ْل َعلَى َ‬ ‫ساب َ َ‬ ‫سـنين هــذه مقـدارها (نفــس خطــأ األخ األكبـر لإلبــن الضــال لـو‪ .)29210‬فلمــاذا تسـمح لــي بهــذه التجربـة‪ .‬هنــا فــاهلل‬ ‫يحسب له خدمته علي سبيل أن اهلل مديون له‪ ،‬ويقول كم يوم خدمتني وكم كان أجرك فيهم‪ ،‬وسأعطيك أكثر مما‬

‫خــدمتني بــه‪ ،‬وســيكون المبلــغ عــدة جنيهــات‪ ،‬وقــارن بــاألجر الــذي حصــل عليــه إب ـراهيم‪ ،‬والحــظ أن العشــار الــذي‬

‫أما الفريسـي فلـم يتبـرر‪ .‬والفريسـي‬ ‫صلي بشعور عدم اإلستحقاق خرج مبر اًر ألنه قال يا رب إرحمني أنا الخاطئ‪ّ ،‬‬ ‫الذي إستضاف رب المجد (وتكلف في المأدبة الكثير) لم يتبرر‪ ،‬والمرأة الخاطئة تبررت‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫َما‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬وأ َّ‬ ‫أَ َّمااا الَّا َذي جَ يَ ْع َما ُل‬

‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب لَ ُه ِب ًّرا‪" .‬‬ ‫سُ‬ ‫يما ُن ُه ُي ْح َ‬ ‫الذي الَ َي ْع َم ُل‪َ ،‬ولك ْن ُي ْؤم ُن ِبالذي ُي َبِّرُر ا ْلفَاج َر‪ ،‬فَإ َ‬ ‫= بالمقارنـة باآليــة الســابقة فهـذه تعنــي مـن يعمــل ولكنــه ال يفتخـر بعملــه أمـام اهلل‪ ،‬بــل يقــول هلل‬

‫في"‪ .‬لكنها ال تعني أنه ليس علينا أن نعمل‪ ،‬واال لماذا قال بولس الرسول نفسه "جاهدت‬ ‫"أنت يا رب الذي تعمل َّ‬

‫الجهاد الحسن…" بولس هنا يـرد علـي اليهـود الـذين يتشـامخون بأعمـالهم وناموسـهم‪ .‬ونحـن ال نفتخـر بـل نثـق أن‬ ‫اج َر = الفاجر في نظـر‬ ‫اهلل هو العامل فينا (يو‪ + 0210‬في‪1 + 322‬كو‪ + 923‬يع‪ .)2:22‬يُ ْ​ْ َمنُ بَالَّ َذي يُبَ ِّر ُر ا ْلفَ َ‬ ‫اهلل ميت‪ ،‬فالخطيـة تعنـي مـوت (لـو‪ + 32210‬رؤ‪ .)123‬ويـؤمن بالـذي يبـرر الفـاجر يعنـي أن اهلل قـادر أن يخـرج‬ ‫من الموت حيـاة‪ ،‬وهـذا هـو نفـس إيمـان إبـراهيم‪ .‬فـاهلل قـادر أن يحـول الفـاجر إلـي قـديس [ قيـل عـن الفنـان العظـيم‬

‫مايكل أنجلو أنه كان ينظر بإعجاب لقطعـة مـن الرخـام قـائالً مـا أجملهـا‪ ،‬فتسـاءل الواقفـون عـن سـر إعجابـه بهـا‪،‬‬ ‫وهــي ما ازلــت رخــام خــام‪ ،‬فقــال أنــا ال أنظــر إليهــا بحالتهــا اآلن‪ ،‬بــل مــاذا أســتطيع ان أعملــه بهــا] فــإذا كــان مايكــل‬

‫ـي‪ .‬واهلل أخــرج مــن األمــم الــوثنيين شــعوباً‬ ‫أنجلــو قــاد اًر أن يخــرج تمثــاالً رائعـاً مــن الرخــام‪ ،‬فمــا الــذي يســتطيعه اهلل فـ َّ‬ ‫مقدسة‪ .‬هذا النوع من اإليمان‪ ،‬أن اهلل يبرر الفاجر‪ ،‬أو أن اهلل يخرج مـن المـوت حيـاة‪ ،‬هـو مـدخل التبريـر (أنظـر‬

‫المقدمة)‪ .‬اإليمان هو الباب الذي ندخل منه لحياة البر‪ .‬يبرر الفاجر = يبـرر ال تعنـى أن يغفـر لـه اهلل خطايـاه ‪،‬‬ ‫بل أن يحوله اهلل ليعمل أعمال بر ‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ِ‬ ‫اإل ْنس ِ ِ‬ ‫ضا ِفي تَ ْط ِو ِ‬ ‫ـر ِب ُـد ِ‬ ‫ـوبى‬ ‫ـه اهللُ ِب ًّا‬ ‫ـب لَ ُ‬ ‫ون أ ْ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)1-6‬ك َما َيقُو ُل َد ُاوُد أ َْي ً‬ ‫َع َمـال‪« :‬طُ َ‬ ‫ان الَّـذي َي ْحس ُ‬ ‫يب ِ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِلَِّذ َ ِ‬ ‫ب َخ ِط َّي ًة»‪".‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫ب لَ ُه َّ‬ ‫س ِت َر ْت َخطَ َاي ُ‬ ‫وبى ل َّلر ُج ِل الَّذي الَ َي ْحس ُ‬ ‫اه ْم‪ .‬طُ َ‬ ‫ام ُه ْم َو ُ‬ ‫ين ُغف َر ْت آثَ ُ‬ ‫ستَ َرتْ َخطَايَا ُه ْم = نري في هذه اآلية غف ارنـاً للخطيـة وسـتر عليهـا أي تبريـر‪ ،‬فمـا عـادت الخطيـة‬ ‫ُغفَ َرتْ آثَا ُم ُه ْم َو ُ‬

‫ظاهرة‪ .‬ونري أيضاً أن الغفران والستر لم يحدثا نتيجـة أي عمـل‪ .‬اهلل سـتر بكفارتـه (دم تـيس الكفـارة عنـد اليهـود)‪.‬‬ ‫والكفارة هي بدم المسيح الذي يستر علينا بكفارته فأي عمل كان يساوي دم المسـيح‪ ،‬لـذلك فمـا أعطـاه المسـيح لنـا‬ ‫كان نعمة أي عطيـة مجانيـة أحصـل عليهـا باإليمـان كمـدخل‪ .‬ودم المسـيح غطـي وسـتر علـي كـل خطايانـا‪ .‬لـيس‬

‫معني هذا أنه ال توجد خطية‪ ،‬ال بل هناك خطية‪ ،‬ولكن أيضاً هناك ستر‪ .‬إذاً التبريـر ال يعنـي محـو الخطيـة مـن‬ ‫الوجــود‪ ،‬بــل أن اهلل ال يحســبها علينــا‪ .‬وداود ال يــذكر أي أعمــال فــي مقابــل هــذا الســتر‪ ،‬بــل غفــرت هــذه الخطايــا‬

‫‪114‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫بالنعمة‪ ،‬ونال صـاحبها التطويـب‪ .‬فمـن آمـن وتبـرر يتأهـل بـاألكثر للبركـة التـي خاللهـا ينـزع الخـزي ليحـل المجـد‪.‬‬

‫وداود في هذا يشير لنفسه‪ ،‬فاهلل ستر علي خطيته بنعمته‪ ،‬دون أن يكـون هـذا التبريـر فـي مقابـل أعمـال صـالحة‪.‬‬

‫بل أن تبرير اهلل مبني علي رحمته وفضله ومحبته‪ ،‬لذلك كم َّ‬ ‫تغني داود بمراحم اهلل الذي برره ولم يهلكه‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ضــا؟ أل ََّن َنــا َنقُــو ُل‪ :‬إِ َّنـ ُ ِ‬ ‫ـب ُهـ َـو َعلَــى ا ْل ِختَـ ِ‬ ‫ـب‬ ‫ـان فَقَ ـ ْط أ َْم َعلَــى ا ْل ُغ ْرلَـ ِـة أ َْي ً‬ ‫ـه ُحسـ َ‬ ‫اآليــات (‪ " -:)52-1‬أَفَه ـ َذا التَّ ْط ِويـ ُ‬ ‫‪52‬‬ ‫ِ‬ ‫ف ح ِسب؟ أَو ُهو ِفي ا ْل ِختَ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اهيم ِ‬ ‫س ِفي ا ْل ِختَ ِ‬ ‫ان‪َ ،‬ب ْل ِفي ا ْل ُغ ْرلَ ِة! "‬ ‫يم ُ‬ ‫ان أ َْم في ا ْل ُغ ْرلَة؟ لَ ْي َ‬ ‫ان ِب ًّرا‪ .‬فَ َك ْي َ ُ َ َ َ‬ ‫اإل َ‬ ‫إل ْب َر َ‬

‫إذاً إب ـراهيم تبــرر باإليمــان‪ ،‬قبــل الختــان بمــدة تت ـراوح بــين ‪ 20-14‬ســنة وقبــل النــاموس بمــدة ‪ 435‬ســنة‪ ،‬أي أن‬

‫التطويــب الــذي نالــه إبـراهيم والتبريــر الــذي أخــذه كــان وهــو فــي الغرلــة‪ ،‬وقبــل أن يختــتن‪ .‬إذاً هــذا التطويــب يخــص‬

‫األمم كما يخص اليهود‪ .‬إذاً هو لكل من آمن (راجع مقدمة هذا اإلصحاح نقطة رقم ‪.)3‬‬

‫‪55‬‬ ‫ان َختْ ًما لِ ِبِّر ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫َخ َذ َعالَ َم َة ا ْل ِختَ ِ‬ ‫ين‬ ‫ـون أ ًَبـا لِ َج ِم ِ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)5:-55‬وأ َ‬ ‫يـع الَّ ِـذ َ‬ ‫ـان ِفـي ا ْل ُغ ْرلَ ِـة‪ ،‬لِ َي ُك َ‬ ‫ان الَّ ِـذي َك َ‬ ‫اإل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـن ا ْل ِختَ ِ‬ ‫ضـا ا ْل ِب ُّـر‪َ 5: .‬وأ ًَبـا لِ ْل ِختَ ِ‬ ‫ضـا‬ ‫سـوا ِم َ‬ ‫ـان لِلَّ ِـذ َ‬ ‫ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫ـان فَقَـ ْط‪َ ،‬ب ْـل أ َْي ً‬ ‫ـب لَ ُه ْـم أ َْي ً‬ ‫س َ‬ ‫ين لَ ْي ُ‬ ‫ـي ُي ْح َ‬ ‫ون َو ُه ْم فـي ا ْل ُغ ْرلَـة‪َ ،‬ك ْ‬ ‫ات إِيم ِ ِ ِ ِ‬ ‫ون ِفي ُخطُو ِ‬ ‫ان َو ُه َو ِفي ا ْل ُغ ْرلَ ِة‪" .‬‬ ‫يم الَِّذي َك َ‬ ‫سلُ ُك َ‬ ‫َي ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ان أَبي َنا إ ْب َراه َ‬ ‫أخـذ إبـراهيم عالمــة الختــان‪ ،‬كعالمــة خارجيــة‪ ،‬كخــتم يؤكــد ويظهــر إيمانــه‪ ،‬وأنــه تبــرر نتيجــة إيمانــه‪ .‬وابـراهيم آمــن‬ ‫وح ِسـب لهـم هـذا‬ ‫وتبرر وهو في الغرلة‪ .‬وهكذا صار إبراهيم أباً روحيـاً لكـل هـؤالء الـذين لـم يختتنـوا ولكـنهم آمنـوا‪ُ .‬‬ ‫اإليمــان بـ اًر‪ .‬وصــار أيضـاً أبـاً لليهــود الــذين لــم يقتصــروا علــي الختــان‪ ،‬ولكــنهم ســلكوا فــي اإليمــان الــذي ســلك فيــه‬

‫إبراهيم وهو في الغرلة‪ ،‬فال ُيـدعي اليهـود أوالداً إلبـراهيم إن لـم يسـلكوا فـي خطواتـه ويعملـوا أعمالـه (يـو‪، 39 2 8‬‬ ‫‪ .)44‬ونالحــظ بــنفس المفهــوم أن ال يــدعي مســيحياً إال مــن يتبــع نفــس خطـوات المســيح‪ .‬ونالحــظ أن أبــوة إبـراهيم‬ ‫لمــن هــم فــي الغرلــة تســبق أبوتــه لمــن هــم فــي الختــان‪ .‬ونــري أنــه ال تعــارض بــين أعمــال النــاموس (الختــان) وبــين‬

‫اإليمان‪ .‬بل جاء الختان كختم مؤكداً اإليمان ولكنه جـاء الحقـاً لـه‪ .‬الختـان صـار عالمـة تميـز المـؤمن عـن بـاقي‬ ‫األمـم‪ ،‬عالمــة علــي إيمانـه‪ ،‬وكــل مــن يحمـل هــذه العالمــة عليـه أن يلتــزم باإليمــان‪ .‬ونالحـظ أن الختــان يعنــي أننــا‬ ‫ول ــدنا بطبيع ــة فاس ــدة يلزمه ــا الخت ــان الروح ــي ال ــذي يرم ــز ل ــه الخت ــان الجس ــدي‪ .‬وه ــذا الخت ــان ص ــار به ــذا رمـ ـ اًز‬

‫للمعمودية‪ .‬الختان هو عالمة في الجسد ولكنها ليست للفخر‪ ،‬بل هى إعالن أن هناك جزء ميت في داخلي وهـو‬

‫شهوة الخطية‪ ،‬وبهذا كل من يحيـا هكـذا مائتـاً عـن خطايـاه‪ ،‬قـابالً هـذا أن ُيصـلب جسـده‪ ،‬أهـواءه مـع شـهواته فهـو‬ ‫يحيا‪ .‬وهذا تعليم القديس بولس الرسول ( غل‪ )24 -22 20‬فثمار الروح هى لمن يصـلب جسـده‪ ( .‬الثمـار تكـون‬

‫لإلنسان الحى )‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫آية (‪53" -:)53‬فَِإ َّن ُه لَ ْي َ َّ‬ ‫ارثًا لِ ْل َعالَِم‪َ ،‬ب ْل ِب ِبِّر ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ون َو ِ‬ ‫ان‪" .‬‬ ‫سلِ ِه أ ْ‬ ‫َن َي ُك َ‬ ‫وس َك َ‬ ‫يم أ َْو ل َن ْ‬ ‫اإل َ‬ ‫س ِبالن ُ‬ ‫ان ا ْل َو ْع ُد إل ْب َراه َ‬ ‫رأينــا مــن قبــل أن إب ـراهيم تبــرر باإليمــان وهــو غيــر مختــون‪ ،‬وفهمنــا مــن هــذا أن الختــان لــم يكــن شــرطاً للتبريــر‪.‬‬

‫فالختان أتي بعد إعالن اهلل عن إبراهيم أنه تبرر باإليمان بحوالي‪ 20-14‬سنة‪ .‬وهنا يضيف الرسـول فـي اآليـات‬

‫التاليـة أن إبـراهيم تبــرر أيضـاً بــدون نــاموس‪ ،‬فالنــاموس أعطــاه اهلل لموســى بعــد إبـراهيم بحـوالي‪ 435‬ســنة‪ ،‬أي أن‬

‫‪115‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫إب ـراهيم لــم يــري النــاموس أص ـالً‪ ،‬وهــذا يقولــه الرســول رداً علــي اليهــود الــذين يقولــون أنــه ال تبريــر بــدون نــاموس‪.‬‬ ‫س َكاانَ ا ْل َوعْا ُد = اهلل أعطـي وعـداً إلبـراهيم وهـو‬ ‫ويريدون أن يتهود األمم قبل أن يصيروا مسيحيين‪ .‬لَ ْي َ‬ ‫س بَالنَّا ُمو َ‬

‫فــي الغرلــة ويتبــارك فــي نســلك جميــع أمــم األرض (تــك‪ .)18222‬وكــان هــذا الوعــد بالبركــة إلب ـراهيم قبــل النــاموس‬

‫بـ ـ‪ 435‬ســنة‪( .‬ومعنــي الوعــد هــو مجــيء المســيح الــذي فيــه يتبــارك كــل أمــم األرض)‪ .‬ويعلــق بــولس الرســول فــي‬

‫(غل‪ )1:23‬أن الكتاب قال نسلك ولم يقـل أنسـال‪ ،‬فهـو يـتكلم عـن واحـد فقـط ولـيس كـل نسـل إبـراهيم‪ .‬والحـظ فـي‬

‫إصحاح ‪ 22‬من سفر التكوين أن إبراهيم حين آمن بوعد اهلل‪ ،‬زاد اهلل الوعد بأن يكون من نسله المسـيح‪ .‬إذاً وعـد‬ ‫اهلل إلبراهيم لم يكن أبداً بواسطة ناموس موسى‪.‬‬

‫‪54‬‬ ‫ان الَِّذ َ ِ َّ‬ ‫وس ُه ْم َو َرثَ ًة‪ ،‬فَقَ ْد تَ َعطَّ َل ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫ط َل ا ْل َو ْع ُد‪:‬‬ ‫ان َوَب َ‬ ‫يم ُ‬ ‫آية (‪ " -:)54‬أل ََّن ُه إِ ْن َك َ‬ ‫اإل َ‬ ‫ين م َن الن ُ‬ ‫الوعد إلبراهيم بأن يرث كان في (تك‪ )0 ، 4 2 10‬والوعد بأن يتبارك في نسله كل األمم كان في (تك‪.)18222‬‬

‫وهــذا وذاك قبــل النــاموس ب ـ‪ 435‬ســنة تقريبـاً‪ .‬ووعــود اهلل كانــت بنــاء علــي إيمــان إبـراهيم فقــط‪ ،‬فلــو قلنــا أن هنــاك‬

‫شروطاً أخـري لينفـذ الوعـد مثـل النـاموس‪ ،‬فمعنـي هـذا أن الوعـد ظـل معطـالً لمـدة ‪ 435‬سـنة حتـى يـأتي النـاموس‬ ‫علــي يــد موســى‪ ،‬فــي حــين أن الوعــد لــم يســتلزم إال اإليمــان فقــط‪ ،‬بــل أن حتــى الوعــد إلبـراهيم مــا كــان إبـراهيم قــد‬

‫إستفاد به‪ ،‬إذ لم يكن هناك ناموس أيام إبراهيم بل أنه لـم يوجـد أي إنسـان إسـتطاع اإللتـزام تمامـاً بالنـاموس‪ ،‬فهـل‬ ‫معنــي هــذا أن وعــد اهلل كــان بــال معنــي وغيــر قابــل للتطبيــق‪ ،‬بــل حتــى موســى نفســه واضــع النــاموس لــم يلتــزم‬

‫بالناموس تماماً‪.‬‬ ‫آية (‪51" -:)51‬أل َّ َّ‬ ‫ضا تَ َعدٍّ‪" .‬‬ ‫ض ًبا‪ ،‬إِ ْذ َح ْي ُ‬ ‫س أ َْي ً‬ ‫وس ُي ْن ِشئُ َغ َ‬ ‫وس لَ ْي َ‬ ‫ام ٌ‬ ‫ث لَ ْي َ‬ ‫ام َ‬ ‫س َن ُ‬ ‫َن الن ُ‬ ‫الناموس كامل ومقدس‪ ،‬وليس هناك عيب في الناموس‪ ،‬لكن بسبب ضعف اإلنسان لم يوجد من يلتزم بالناموس‪،‬‬

‫وأصــبح مــن يخطــئ مــع وجــود النــاموس فهــو يتعـ ّـدى علــي وصــايا اهلل‪ ،‬ومــن يتعـ ّـدى علــي وصــايا اهلل يغضــبه =‬ ‫ضااباا = إن كســر وصــية واحــدة كـ ٍ‬ ‫ـاف إلغضــاب اهلل فبــدون النــاموس يخطــئ اإلنســان‪ ،‬ولكــن‬ ‫شاا َُ َغ َ‬ ‫النَّااا ُم َ‬ ‫وس يُ ْن َ‬ ‫الغضب ينشأ باألكثر حيث يوجد ناموس‪ .‬فربما مع عدم وجود ناموس يبرر اإلنسان نفسـه ويقـول ال أعلـم‪ ،‬ولكـن‬ ‫ما عذر اإلنسان بعد أن أعطي اهلل الناموس‪ .‬فمع وجود الناموس فالخطية باإلضافة لكونها خطية صـارت تعـدي‬

‫علــي النــاموس (غــل‪ .)1523‬ونالحــظ أن الوعــود كانــت فــي ظــل إيمــان إب ـراهيم ولــيس النــاموس فالنــاموس مثــل‬ ‫القانون‪ ،‬ال يكافئ من ال يقتل‪ ،‬لكنه يعدم من يقتل‪.‬‬

‫س ِب ِ‬ ‫يـع َّ‬ ‫يل ِّ‬ ‫آية (‪56" -:)56‬لِه َذا ُه َو ِم َن ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫س‬ ‫يـدا لِ َج ِم ِ‬ ‫ـون ا ْل َو ْع ُـد َو ِط ً‬ ‫الن ْع َم ِة‪ ،‬لِ َي ُك َ‬ ‫ان‪َ ،‬ك ْي َي ُك َ‬ ‫الن ْ‬ ‫س ِـل‪ .‬لَ ْـي َ‬ ‫ون َعلَى َ‬ ‫اإل َ‬ ‫اهيم‪ ،‬الَِّذي ُهو أَب لِج ِم ِ‬ ‫ضا لِم ْن ُهو ِم ْن إِيم ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫يع َنا‪" .‬‬ ‫َ ٌ َ‬ ‫وس فَقَ ْط‪َ ،‬ب ْل أ َْي ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫ل َم ْن ُه َو م َن الن ُ‬ ‫ان إ ْب َر َ‬ ‫لَه َذا ه َُو = يقصد الوعد (آية ‪)14‬‬ ‫ان = الوعد كان بسبب إيمان إبراهيم ‪ ،‬ولكن لماذا أعطي اهلل الوعد باإليمان؟‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫َمنَ َ‬

‫‪116‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫يل النِّ ْع َما َة‪ 2‬ولــيس الــدين‪ ،‬فلـو أعطــي اهلل إلبـراهيم حسـب أعمالــه‪ ،‬ألعطــي لـه غنــي مــادي‬ ‫اي يَ ُكااونَ َعلَااى َ‬ ‫س اب َ َ‬ ‫‪َ .1‬كا ْ‬ ‫(ماشية وأموال) تعوضه عن تركه ألور‪.‬‬ ‫‪ .2‬لَيَ ُكونَ ا ْل َو ْع ُد َو َطياداا‪ 2‬فلـم يكـن عهـد األعمـال وطيـداً (ثابتـاً و ارسـخاً) بسـبب ضـعف الجسـد المسـتمر وسـقوطه‪.‬‬ ‫لــذلك‪ -2‬فإنــه خطــأ شــديد أن نقــول أننــي ســأدخل الســماء بســبب أعمــالي الجيــدة‪ ،‬فلــو كانــت البركــة فــي مقابــل‬ ‫األعمال‪ ،‬لما كانت ثابتة ووطيدة‪ ،‬فلـم يوجـد مـن هـو كامـل‪ ..‬لـذلك فلنصـرخ دائمـاً قـائلين يـا رب أرحـم… وهـذا‬ ‫هو المنهج األرثوذكسي كما نراه في القداس‪.‬‬

‫سا َال = فلــو كــان بالنــاموس لكــان محصــو اًر فــي اليهــود (رو‪ )429‬وأمــا حــين يكــون باإليمــان‬ ‫اع النَّ ْ‬ ‫‪ .3‬لَيَ ُكااونَ لَ َج َميا َ‬ ‫فسينتفع به كثيرون من اليهود وكذلك األمم‪ .‬ولذلك َّ‬ ‫غيـر اهلل إسـم إبـرام إلـي إبـراهيم = أب لجمهـور مـن األمـم‪،‬‬ ‫ي لَ َج َمي َعنَا‪.‬‬ ‫(تك‪ .)0-3211‬أي يكون أباً لكل من يمتثل بإيمانه = أَ ل‬ ‫‪ .4‬لو كان الوعد بالنـاموس لجلـب غضـب ولعنـة‪ ،‬فالكـل سـقط فـي التعـدي فالنـاموس يبعـدنا عـن ميـراث المواعيـد‪،‬‬ ‫لذا كان من اإليمان ُليرفع الحظر‪.‬‬

‫‪57‬‬ ‫ِ َِّ‬ ‫وب‪«:‬إِ ِّني قَ ْد َج َع ْلتُ َك أ ًَبا ألُمٍم َك ِث ٍ‬ ‫آم َن ِب ِه‪ ،‬الَّ ِـذي ُي ْح ِيـي ا ْل َم ْـوتَى‪،‬‬ ‫آية (‪َ " -:)57‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ام اهلل الذي َ‬ ‫يرة»‪ .‬أ َ‬ ‫َ‬ ‫َم َ‬ ‫ودةٌ‪" .‬‬ ‫َوَي ْد ُعو األَ ْ‬ ‫ود ِة َكأ ََّن َها َم ْو ُج َ‬ ‫اء َغ ْي َر ا ْل َم ْو ُج َ‬ ‫ش َي َ‬ ‫يارة‬ ‫في اآلية السابقة قال أن إبراهيم صار أب لجميعنا‪ ،‬وهنا يقول لماذا ؟ ألن اهلل قـال لـه قَا ْد َج َع ْلتُا َ أَبااا ألُ َمام َكثَ َ‬ ‫(تك‪ 0211‬سبعينية) أَ َما َم للاَ = أي في إعتبـار اهلل صـرنا أوالداً إلبـراهيم‪ ،‬اهلل وهـو يقـول هـذا إلبـراهيم َج َع ْلتُا َ أَبااا‬

‫ألُ َماام َكثَيا َارة = كــان اهلل يضــع فــي إعتبــاره أننــا ســنكون بإيماننــا أوالداً إلبـراهيم ونــرث بركتــه… هــذا لكــل مــن آمــن‬ ‫بحسب شكل إيمان إبراهيم = الَّ َذي يُ ْحيَي ا ْل َم ْوتَى = فهـو آمـن بـأن اهلل قـادر أن يحيـي مسـتودع سـارة الميـت‪ ،‬وأن‬ ‫يخلــق م ــن الع ــدم‪ ،‬ويق ــيم إس ــحق بع ــد أن يقدم ــه محرقــة (ع ــب‪ .)19211‬والمس ــيح أق ــام لع ــازر م ــن الم ــوت‪ ،‬وأق ــام‬

‫الشعوب الوثنية من موت الخطية باإليمان‪ ،‬وهكذا كل خاطئ فاهلل قادر أن يقيمه من مـوت الخطيـة (قصـة اإلبـن‬ ‫الضال "إبني هـذا كـان ميتـاً فعـاش" ‪( +‬أف‪ + 1420 +022‬مـت‪ )923‬ففـي (مـت‪ )923‬فالحجـارة الميتـة يقـام منهـا‬ ‫شيَا َء َغ ْي َر ا ْل َم ْو ُجو َد َة‬ ‫أحياء‪ .‬وان كان اهلل قد وهبنا الوجود من العدم أفال يهتم بنا ونحن اآلن موجودين‪َ .‬ويَ ْدعُو األَ ْ‬ ‫َكاَنَّ َها َم ْو ُجو َدةل = فكـل األمـم الوثنيـة الميتـة التـي آمنـت قـد رآهـا اهلل قبـل آالف السـنين أنهـا صـارت حيـة بإيمانهـا‪،‬‬ ‫وصــارت أوالداً إلبـراهيم‪ ،‬واب ـراهيم أبـاً لهــا باإليمــان‪ .‬وكــون إب ـراهيم أبـاً ألمــم كثي ـرة فهــذا يعنــي األمــم الوثنيــة ولــيس‬

‫اليهود فقط‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫صير أَبا أل ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء‪ ،‬آم َن علَى َّ ِ ِ‬ ‫الرج ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـون‬ ‫يـرٍة‪َ ،‬ك َمـا ِق َ‬ ‫يـل‪«:‬ه َكـ َذا َي ُك ُ‬ ‫َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَ ُه َو َعلَى خالَف َّ َ‬ ‫ُمـم َكث َ‬ ‫الر َجاء‪ ،‬ل َك ْي َي َ ً َ‬ ‫سلُ َك»‪".‬‬ ‫َن ْ‬

‫اهلل أعطــي المواعيــد إلبـراهيم وابـراهيم آمــن وصــار لــه رجــاء فــي أن يكــون لــه نســل مــن ســارة‪ ،‬وهــذا الرجــاء عكــس‬

‫الرجاء الطبيعي‪ ،‬إذ أن إبراهيم بلغ عم اًر يجعله يفقـد الرجـاء فـي أن يكـون لـه إبـن‪ ،‬وام أرتـه سـارة بـال رجـاء طبيعـي‬ ‫فمستودعها ميت وال تصـلح لإلنجـاب‪ .‬هكـذا ليتنـا نـؤمن بـأن اهلل قـادر أن يـتمم مواعيـده مهمـا كانـت العوائـق‪ .‬واهلل‬

‫‪117‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫يفرح حينما يكون لنا رجاء أن نصير قديسين‪ ،‬وليس فقط أن نهزم خطية ما‪ .‬اهلل قادر أن يشـفي طبيعتنـا إن كـان‬ ‫لنا إيمان المرأة النازفة الدم التي لمست هدب ثوبه‪ .‬إن طلبنا بإيمان أكيد فاهلل يستجيب‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ض ِعيفًا ِفي ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ـن َن ْح ِـو ِم َئ ِـة‬ ‫ـان ْاب َ‬ ‫ـار ُم َماتًـا‪ ،‬إِ ْذ َك َ‬ ‫آية (‪َ " -:)51‬وِا ْذ لَ ْم َي ُك ْن َ‬ ‫س َـدهُ ­ َو ُه َـو قَ ْـد َ‬ ‫ان لَ ْم َي ْعتَِب ْـر َج َ‬ ‫صَ‬ ‫اإل َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫س َارةَ‪" .‬‬ ‫س َنة ­ َوالَ ُم َمات َّي َة ُم ْ‬ ‫ستَ ْوَد ِع َ‬ ‫َ‬

‫ألنه لم يكن ضعيفاً في إيمانه‪ ،‬فإنه لم يقس األمور بمـا يتفـق وحالتـه واسـتعداده لإلنجـاب‪ .‬هكـذا علـي المـؤمن أن‬ ‫ال يقيس قدرة اهلل بالمنطق البشري‪ .‬بل لنالحظ أن القوة التي أعطاهـا اهلل إلبـراهيم إسـتمرت معـه فعـاد وأنجـب مـن‬ ‫قطورة‪ .‬إن عدم اإليمان هو الذي يدفع اإلنسان للتفكير في المعطالت والمشكالت (المستودع= الرحم)‪.‬‬

‫‪:2‬‬ ‫ان مع ِطيا م ْج ًداِ ِ‬ ‫ان ارتَاب ِفي و ْع ِد ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اهلل‪َ ،‬ب ْل تَقَ َّوى ِب ِ‬ ‫هلل‪.‬‬ ‫يم ٍ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫يم ِ ُ ْ ً َ‬ ‫اإل َ‬ ‫آية (‪َ " -:):2‬والَ ِب َع َدم إ َ‬ ‫الريبة تأتي من العقل والشكوك التي تمألهُ‪ .‬وكلمة إرتاب هي خطية (رو‪ + 23214‬يع‪ .)1 ، : 2 1‬فهي حالة‬

‫عدم إيمان‪ .‬وحينما يطرح اإلنسان الشك‪ ،‬يأتيه اليقين إتياناً ليمالً الفراغ الذي إحتله الشك‪ .‬والحظ أن القلب‬

‫المملوء ثقة ِّ‬ ‫يمجد اهلل‪ .‬فاهلل يتمجد في اإليمان‪ .‬وابراهيم لم يعتريه أي شك في وعد اهلل‪.‬‬

‫ان = تعلق فكره وقلبه باهلل كمنفذ‪ .‬ومن يفعل يزداد إيمانه ويتقوي‪ .‬فمن يبدأ بإيمان ضعيف يقوي اهلل‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫تَقَ َّوى بَ َ‬

‫له إيمانه‪.‬‬

‫ولكن كيف ُيقَِّوى اهلل إيمان اإلنسان ؟‬

‫اهلل يريد أن يقوى إيمان كل إنسان‪ .‬ولكن هذا لمن يتجاوب مع اهلل‪ .‬وهذا التجاوب يكون ‪-2‬‬

‫‪ – )1‬بالعشرة الطويلة مع اهلل فى الصالة ودراسة وتأمل وترديد آيات الكتاب المقدس ‪ ،‬وبهذا نعرفه فنحبه‪.‬‬ ‫‪ – )2‬بالشكر فى التجارب (كو‪ )1 2 2‬فهى بسماح من اهلل ‪ ،‬وحينما نرى أعماله العجيبة يزداد إيماننا‪.‬‬

‫ويبدأ اهلل مع اإلنسان بتجربة بسيطة ‪ ،‬فإذا لم يتذمر بل شكر اهلل يرى يده وقوته التى تسانده ‪ ،‬ويبدأ إيمانه فى‬

‫النمو‪ .‬ثم يسمح اهلل بتجربة َّ‬ ‫أشد وهكذا ‪ ،‬ومع مراقبة هذا اإلنسان الذى أحب اهلل وعرفه واختبر معونته العجيبة‬ ‫وسط الضيقات يزداد إيمانه وينمو‪.‬‬

‫ونجد تالميذ المسيح يطلبون من الرب قائلين " زد إيماننا " (لو‪ . )0 2 11‬وبولس الرسول يشكر اهلل ألنه وجد أن‬

‫إيمان أهل تسالونيكى ينمو (‪2‬تس‪. )3 2 1‬‬

‫وهذا ما فعله اهلل مع شعبه بعد أن أخرجهم من أرض مصر‪ .‬فهم بدأوا يعرفون اهلل حينما ضرب المصريين وحين‬

‫شق البحر‪ .‬ولكى ينقلهم من مستوى العيان إلى مستوى اإليمان ‪ ،‬بدأ الرب فى تجربة الشعب بأنهم حين عطشوا‬

‫ماء م اًر‪ .‬فتذمروا عوضا عن أن يصرخوا هلل الذى سبق و أروا أعماله ‪ ،‬ولو فعلوا لكانوا قد‬ ‫واحتاجوا الماء وجدوا ً‬ ‫أروا يد اهلل وازداد إيمانهم‪ .‬وتوالت التجارب ولكن شعب إسرائيل لم يتعلم ! ولنالحظ أن التجربة ليست لكى يعرف‬ ‫اهلل ما فى داخل قلب اإلنسان فهو فاحص القلوب والكلى‪ .‬لكن التجربة هى لكى أرى أنا يد اهلل فينمو إيمانى‪.‬‬

‫التجربة هى كما يحدث فى المدارس ‪ ،‬فبعد الدروس النظرية تُجرى للتالميذ تجارب عملية ليثبت الدرس فى‬

‫عقولهم‪.‬‬

‫‪118‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫ونجد أن ما فشل فيه شعب إسرائيل فى البرية ‪ ،‬لم يفشل فيه إبراهيم ‪ ،‬ولنرى منهج اهلل معه ‪-2‬‬ ‫‪ )1‬اهلل دعا إبراهيم لترك أور (أع‪ )3 ، 2 2 1‬فسار وراء اهلل دون أن يتساءل‬

‫" كيف أعيش " فلما وجد‬

‫أن اهلل يعوله تقوى إيمانه‪ .‬ولكنه تعطل فى حاران بسبب أبيه (أع‪ . )4 2 1‬فلما مات أبيه دعاه اهلل مرة‬

‫أخرى للخروج من حاران‪ ،‬واذ كان إبراهيم قد نما إيمانه إستجاب هلل وسار وراء اهلل الذى وثق به ‪ ،‬إلى‬

‫المجهول‪.‬‬

‫‪ )2‬يحدث صراع بين رعاة إبراهيم ورعاة لوط ‪ ،‬فيختار لوط األرض الجيدة ويترك إلبراهيم األرض السيئة‪.‬‬ ‫ولم يتشكك ويتساءل " كيف أعيش " بل قال فى قلبه " اهلل الذى دبَّر ما مضى لن يتخلى عنى‪ ،‬وقد‬

‫تحقق هذا ‪ ،‬فتقوي إيمان إبراهيم باألكثر‪.‬‬ ‫‪ )3‬اهلل َي ِع ْد إبراهيم بنسل فيؤمن إبراهيم بأن اهلل قادر إذ سبق ورأى أعماله‪ .‬ولم يقل إبراهيم " كيف "‪.‬‬ ‫‪ )4‬وبعد أن نما إيمان إبراهيم إلى هذه الدرجة نجد أصعب تجربة إلبراهيم وهى أن يقدم إبنه ذبيحة‪ .‬ولكنه‬ ‫فعل إذ كان إيمانه يسمح بهذا ‪ ،‬فهو آمن أنه وان ذبح إبنه فاهلل سوف يقيمه (عب‪ " .)19 2 11‬فاهلل ال‬ ‫يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون " (‪1‬كو‪ )13 2 15‬وبهذا إستحق إبراهيم أن يرمز لآلب الذى بذل‬

‫إبنه ‪.‬‬

‫وهذا نفس ما حدث مع يوسف ‪ ،‬إذ سمح له اهلل بتجارب شديدة ‪ ،‬ولكن ماذا صار يوسف بعدها‪.‬‬

‫إن من يريد منه اهلل مهاماً عظيمة يجربه اهلل تجارب عديدة ‪ ،‬ال ليعرف ما فى قلبه ‪ ،‬بل حتى يؤهله للقيام بهذه‬ ‫المهمة التى سيقوم بها‪.‬‬

‫ضا‪" .‬‬ ‫آية (‪َ :5" -:):5‬وتَ​َيقَّ َن أ َّ‬ ‫َن َما َو َع َد ِب ِه ُه َو قَ ِادٌر أ ْ‬ ‫َن َي ْف َعلَ ُه أ َْي ً‬ ‫حينما تقوي إيمانه إزداد يقينه أن اهلل سيفعل ما وعده به‪.‬‬

‫ِ‬ ‫‪ِ ِ ::‬‬ ‫ب لَ ُه ِب ًّار»‪".‬‬ ‫آية (‪" -:)::‬لذل َك أ َْيضاً‪ُ :‬حس َ‬ ‫لنراجع عناصر إيمان إبراهيم‬ ‫‪ 1.‬اهلل يحيي الموتى ويدعو األشياء غير الموجودة كأنها موجودة‪.‬‬ ‫‪ 2.‬علي خالف الرجاء آمن علي الرجاء‪.‬‬

‫‪ .3‬لم يعتبر مماتية جسده أو مماتية مستودع سارة عائقاً يمنع وعد اهلل من أن يتحقق‪.‬‬

‫‪ .4‬لم يرتاب في وعد اهلل بل تيقن أن ما وعد به اهلل يفعله‪ ،‬هذه الثقـة وهـذا اإليمـان هـو الـذي يبـرر‪ ،‬هـو المـدخل‬ ‫للتبرير (المقدمة)‪.‬‬

‫‪ -0‬وبعد هذا قبل أن يقدم إسحق ذبيحة مؤمناً أن اهلل سيعطى إسحق حيـاة بعـد ذلـك‪ ،‬وعـاد إسـحق حيـاً‪ .‬بـل أخـذ‬ ‫وعداً ونعمة أن يصير أباً للمسيح الذي كان إسحق رم اًز له ( تك‪ ، )18 -10 222‬واألعمال المطلوبة منا أن‬ ‫نقبل أن نقدم أجسادنا ذبيحة حية فيحيا المسيح فينا ‪.‬‬

‫‪119‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫فبداية تبرير إبراهيم كانت إيمانه ( تك‪ )10‬فالمدخل للتبرير هو اإليمان وهذا تعليم بولس الرسول ‪ .‬وبعد ذلك‬

‫أكمل إبراهيم بأعماله وقدم إسحق ذبيحة ‪ ،‬فإستمرت حياة التبرير ألن إيمانه كان حيا ًُواتضـح هـذا فـي عمـل‬ ‫تقديم إبنه ذبيحة مؤمناً أن اهلل يحييه ثانيـة ( عـب ‪ )19 211‬وهـذا هـو تعلـيم يعقـوب الرسـول أن األعمـال هـى‬ ‫قبول تنفيذ وصايا اهلل مؤمنين أن في هذا التنفيذ حياة‪ .‬وهذا هو اإليمان الحى ( يع ‪.)22 22‬‬

‫ِ‬ ‫لك ْن لَم ي ْكتَ ْب ِم ْن أ ْ ِ ِ‬ ‫آية (‪":3 -:):3‬و ِ‬ ‫ب لَ ُه‪" .‬‬ ‫َجله َو ْح َدهُ أ ََّن ُه ُحس َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫في ختام اإلصحاح يطبق ما قاله عن إبراهيم علينا لنكون أوالداً إلبراهيم ونتبرر باإليمان‪.‬‬ ‫‪:4‬‬ ‫ين ُن ْؤ ِم ُن ِبم ْن أَقَام يسوعَ رَّب َنا ِم َن األَمو ِ‬ ‫ات‪" .‬‬ ‫ب لَ َنا‪ ،‬الَِّذ َ‬ ‫ضا‪ ،‬الَِّذ َ‬ ‫َجلِ َنا َن ْح ُن أ َْي ً‬ ‫آية (‪َ " -:):4‬ب ْل ِم ْن أ ْ‬ ‫سُ‬ ‫َْ‬ ‫س ُي ْح َ‬ ‫ين َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ب لَنَا = مكتوبة بصورة المستقبل‪ .‬فكل من يـؤمن‪ ،‬كـل األيـام والـي إنقضـاء الـدهر يتبـرر‪ .‬والتبريـر مسـتمر‬ ‫س ُ‬ ‫سيُ ْح َ‬ ‫َ‬ ‫في الكنيسة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫‪ِ :1‬‬ ‫َج ِل تَ ْب ِر ِ‬ ‫يرَنا‪.‬‬ ‫َج ِل َخ َ‬ ‫يم أل ْ‬ ‫ُسلِ َم ِم ْن أ ْ‬ ‫آية (‪ -:):1‬الَّذي أ ْ‬ ‫ط َايا َنا َوأُق َ‬ ‫سلَ َم = أسلم بإرادة اآلب كما بإرادته هو ليكفر عن خطايانا [وقـارن مـع "لـيس أحـد يأخـذها منـي بـل أضـعها‬ ‫الَّ َذي أُ ْ‬ ‫أنــا مــن ذاتــي‪ .‬لــي ســلطان أن أضــعها ولــي ســلطان أن أخــذها أيضـاً" يــو‪ ]18215‬وأقــيم ليهبنــا حياتــه‪ ،‬وبـره عــامالً‬

‫فينا‪ .‬القوة التي أقامت المسيح من األموات هي التـي تعمـل فينـا لتقيمنـا مـن األمـوات (أف‪ )19 2 1‬مـوت الخطيـة‬

‫اآلن ثم من موت الجسد في القيامـة العامـة‪ .‬فالمسـيح وفَّـى ديوننـا بموتـه‪ ،‬وبقيامتـه وهبنـا بـره عـامالً فينـا إذ نحمـل‬ ‫الحيــاة الجديــدة المقامــة فــي داخلنــا‪ .‬مــن هــذه اآليــة نــري أن الخــالص يــتم علــي مــرحلتين‪ ،‬وقــارن مــع (رو‪)1520‬‬ ‫فاآليتين بنفس المعني‪ .‬ثم قارن عمل المعمودية بهما (رو‪)0-32:‬‬

‫المرحلة الثانية‬

‫المرحلة األولى‬ ‫‪ -1‬أسلم من أجل خطايانا‬

‫‪ -2‬ألنه إن كنا ونحن أعـداء قـد صـولحنا مـع اهلل‬ ‫بموت إبنه‬

‫‪-3‬‬

‫‪ -3‬بالمعمودية نموت مع المسيح‬

‫‪ -1‬وأقيم ألجل تبريرنا‬

‫‪ -2‬فبـــاألولي كثيـــ ارً ونحـــن مصـــالحون نخلــــص‬ ‫بحياته‬

‫‪ -3‬وبالمعمودية نقوم مع المسيح‬ ‫‪-4‬‬

‫‪( -1‬رو‪)2024‬‬

‫الخالص يتم علي مرحلتين‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪( -2‬رو‪)1520‬‬

‫‪(-3‬رو‪) 0-32:‬‬

‫ُسـلِ َم للمـوت عنـا ليحمـل خطايانـا فنتصـالح مـع اآلب‪ .‬وبالمعموديـة‬ ‫غفران الخطايـا= كـان هـذا بـأن المسـيح أ ْ‬ ‫نموت مع المسيح فتغفر خطايانا (فمن يموت في أثناء نظر قضيته تسقط عنـه القضـية) ونحـن بموتنـا مـع‬

‫المسيح في المعمودية سقطت عنا خطايانا وحكم الموت وتصالحنا مع اهلل‪ .‬ولكن هـذا الوضـع يشـبه إنسـاناً‬

‫‪120‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع)‬

‫‪.2‬‬

‫فح ِكـ َـم عليــه‪ ،‬وجــاء مــن دفــع عنــه ثمــن الخبــز فحصــل علــي الب ـراءة‪ .‬لكــن إذا خــرج مــن‬ ‫ســرق خب ـ اًز ليأكــل‪ُ ،‬‬ ‫السجن سيسرق ثانية ليأكل بسبب جوعه‪ .‬لذلك كانت القيامة ليعطينا المسيح حياته لنسلك في البر‪.‬‬ ‫التبرير = غفران الخطايا كان هو الحكـم بـالبراءة‪ .‬ولكـن بالقيامـة مـع المسـيح فـي المعموديـة يعطينـا المسـيح‬

‫ـي‬ ‫حياتـــه وب ـ ـره‪ ،‬فنســـلك بـ ــالبر وال نعـــود نسـ ــقط‪ .‬نحـــن نقـ ــوم فـ ــي حيـ ــاة جدي ــدة (رو‪ .)42:‬المسـ ــيح يحيـ ــا فـ ـ ّ‬ ‫ـي‪ .‬إذاً فالقيامــة صــارت لحســابي فالمســيح أعطــاني حياتــه‬ ‫(غــل‪ )2522‬فأصــير بــا اًر‪ ،‬بالمســيح الــذي يحيــا فـ ّ‬ ‫المقامة من األموات‪ .‬والروح القدس الذي نحصل عليه في سر الميرون يثبتنا في المسيح فتثبت فينا حياته‬

‫فنعمل البر ‪ ،‬لكن هذا لمن يقبل أن يسلم أعضاءه للمسـيح الـذي فيـه ‪ ،‬فالمسـيح أعطانـا حياتـه‪ .‬ومـن يسـلم‬ ‫أعضــاءه للمســيح‪ ،‬تص ــير أعضــاءه آالت ب ــر ( رو‪ )13 2:‬يســتعملها المســيح ‪ ،‬فاآلل ــة يســتخدمها إنس ــان‬ ‫لعمل ما‪ .‬والروح القدس يبكت لو تركنا أعضاءنا لعدو الخير ليستعملها كاآلت إثم‪ ،‬وهذا معنى‬

‫" يبكت على خطية " وأيضاً " يبكت على بر" كل من اليقبل أن يعطي أعضاءه للمسيح ليستعملها ‪ .‬ومن‬ ‫يستجيب لتبكيت الروح القدس يعينه الروح القدس ( رو‪ )2: 28‬ويثبته في المسيح فيحيا حياة أبدية ‪.‬‬

‫لذلك فالمعمودية هي موت وقيامة مع المسيح‪ .‬في الموت نصطلح مع اآلب إذ تغفر خطايانا‪.‬‬

‫وبالقيام ــة يك ــون لن ــا حي ــاة المس ــيح ف ــنخلص بحيات ــه‪ .‬وه ــذا م ــا س ــوف ن ــراه ف ــي اإلص ــحاح الخ ــامس آي ــة (‪.)15‬‬

‫‪121‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫اإلصحاح الخامس‬

‫عودة للجدول‬

‫ِ‬ ‫آية (‪5" -:)5‬فَِإ ْذ قَ ْد تَ​َب َّرْرَنا ِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫يح‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫سالَ ٌم َم َع اهلل ِب َرِّب َنا َي ُ‬ ‫ان لَ َنا َ‬ ‫اإل َ‬ ‫فَإ َ ْذ = إذاً هذه اآلية عائدة علي ما قبلها‪ .‬وآخر آية في اإلصـحاح السـابق كـان عـن أننـا تبررنـا‪ .‬تَبَ َّر ْرنَاا = ( ارجـع‬ ‫سالَ لم َم َع للاَ = هناك سالم من اهلل وهو سالم داخلـي يفـوق كـل عقـل‪.‬‬ ‫ان = هذا هو المدخل‪ .‬لَنَا َ‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫المقدمة)‪ .‬بَ َ‬ ‫(فــي‪ .)124‬ولكــن الســالم مــع اهلل فهــذا يعنــي تغييــر شــامل لمركزنــا مــن حالــة العــداوة إلــي حالــة البنــوة والصــداقة‬

‫والحــب‪ .‬نختفــي فــي المســيح لنحســب أب ـ ار اًر فيــه ومصــالحين وهــذا يعنــي المصــالحة مــع اهلل "اهلل كــان فــي المســيح‬

‫مصالحاً العالم لنفسه" (‪2‬كـو‪ )1920‬صـرنا نحيـا كأبنـاء فـي سـالم حقيقـي مـع اآلب‪ .‬مثـال‪ -2‬زوجـة خائنـة طردهـا‬

‫زوجها وصارت في الشارع‪ ،‬بل سلمها للقضاء لتأديبها (هذا كان حالنا قبل المسيح) وبرأتها المحكمة (هذه تساوي‬ ‫ُسـلِ َم ألجــل خطايانــا ‪ .)2024‬ولكنهـا ما ازلــت مشــردة‪ .‬فــإذا أعادهـا زوجهــا لبيتهــا وأوالدهـا ومركزهــا الســابق لعاشــت‬ ‫أْ‬ ‫في سالم مع عائلتها (= سالم مع اهلل) وكان هذا عن طريق قيامة المسـيح (أقـيم ألجـل تبريرنـا)‪ .‬فبالقيامـة إتحـدنا‬

‫يح = كل مـا حصـلنا عليـه كـان بفـداء المسـيح‪ .‬فـإن كـان المسـيح قـد‬ ‫بالمسيح‪ .‬وصرنا أبناء هلل‪ .‬بَ َربِّنَا يَ ُ‬ ‫سو َل ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫فعل كل هذا واذا كنا قد آمنا‪ ،‬فلماذا يوجد البعض في حالة خصام مع اهلل‪ ،‬لماذا لم يثبت الكل في هذا البر وهـذا‬

‫السالم ؟ اإلجابة ببساطة أن اإليمان هو المدخل لكن بعد اإليمان هناك جهاد مطلوب‪ .‬جهـاد سـلبي بـأن ال نعـود‬ ‫لحياتنا السابقة ولخطايانا القديمة‪ .‬وجهاد إيجابي في صلوات وأصوام‪ .‬لنحافظ علي حالة السالم‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫النعم ِـة الَِّتـي َن ْح ُ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اإليم ِ ِ‬ ‫ص َار لَ َنا ُّ‬ ‫ـون‪َ ،‬وَن ْفتَ ِخ ُـر‬ ‫يم َ‬ ‫آية (‪ " -:):‬الَِّذي ِب ِه أ َْي ً‬ ‫ـن ف َ‬ ‫ضا قَ ْد َ‬ ‫يهـا ُمق ُ‬ ‫ان‪ ،‬إلَـى هـذه ِّ ْ َ‬ ‫الد ُخو ُل ِب ِ َ‬ ‫اء م ْج ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫َعلَى َر َج َ‬ ‫عنـا‪ .‬والحاضـر… نحـن فـي سـالم‪ .‬والمسـتقبل‪ ..‬نحـن‬ ‫الزمن لم يعد مرعبـاً‪ .‬فالماضـي‪ ..‬نحـن نـذكر مـوت المسـيح ّ‬ ‫نحيا على رجاء مجد اهلل‪ .‬وبواسطة اإليمان حملنـا المسـيح وأدخلنـا إلـي حالـة النِّ ْع َما َة = إتحـاد مـع المسـيح‪ /‬حلـول‬

‫ال ــروح الق ــدس‪ /‬مج ــد مع ــد ف ــي المس ــتقبل ومج ــد غي ــر مرئ ــي اآلن‪ /‬س ــالم م ــع اهلل أي صـ ـرنا م ــن أه ــل بي ــت اهلل‬

‫(الكنيسة)‪.‬‬

‫الاااد ُرخو ُل إَلَاااى = تعن ــي أنن ــا ل ــم نك ــن ف ــي ه ــذه الحال ــة قب ــل اإليم ــان وذل ــك أنن ــا ق ــد ول ــدنا بالطبيع ــة أبن ــاء للغض ــب‬ ‫(أف‪ .)322‬والمسيح نقلنا من حالة الغضب والمعصية التي ولدنا فيها إلي النعمة التي صرنا إليها‪.‬‬

‫ُمقَي ُمونَ = تعنـي إسـتم اررية هـذه النعمـة هنـا وفـي السـماء‪ ،‬هـي حـق مكتسـب فـي هـذه الحيـاة ولألبـد‪ ،‬لقـد أصـبحنا‬ ‫أوالد اهلل ولــن يطردنــي مــن هــذه البنــوة ســوي تركــي أنــا لبيــت أبــي‪ .‬هــي حــق لــن يســتطيع أحــد أن ينزعــه منــي‪ ،‬ال‬ ‫الموت وال الشيطان‪ ،‬بل أن الموت سيؤكد هذه النعمة إذ سنشترك في المجد اإللهي‪.‬‬

‫َونَ ْفت َ​َخا ُر َعلَااى َر َجااا َء َم ْجا َد للاَ = هـذه الحالــة التــي نقــيم فيهــا اآلن والتــي هـي موضــع فخــر للمــؤمنين‪ ،‬ألننــا ننتظــر‬ ‫علي أساسها ونرجو ما سوف يهبه اهلل من مجد للمؤمنين فيما بعد‪ .‬وبهذا ينتهي التبرير والتقديس للتمجيد‪.‬‬

‫‪122‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الض َ ِ‬ ‫الضيقَ ِ‬ ‫الص ْـب ُر‬ ‫ين أ َّ‬ ‫َن ِّ‬ ‫ضا ِفي ِّ‬ ‫ص ْـب ًرا‪َ ،‬و َّ‬ ‫ات‪َ ،‬عالِ ِم َ‬ ‫س ذلِ َك فَقَ ْط‪َ ،‬ب ْل َن ْفتَ ِخ ُر أ َْي ً‬ ‫يق ُي ْنشـئُ َ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)1-3‬ولَ ْي َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ا ْلقُ ُد ِ‬ ‫س ا ْل ُم ْعطَى لَ َنا‪" .‬‬ ‫اء الَ ُي ْخ ِزي‪ ،‬أل َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫س َك َب ْت ِفي ُقلُوِب َنا ِب ُّ‬ ‫اء‪َ ،‬و َّ‬ ‫َن َم َح َّب َة اهلل قَد ا ْن َ‬ ‫الر َج ُ‬ ‫تَْزك َي ًة‪َ ،‬والتَّْزك َي ُة َر َج ً‬ ‫ت = الحظ أنه كـان يـتكلم علـي المجـد‪ ،‬لكـن قبـل أن نتصـور أننـا وصـلنا المجـد‪ ،‬نجـده‬ ‫ضا فَي ِّ‬ ‫بَ ْل نَ ْفت َ​َخ ُر أَ ْي ا‬ ‫الضيقَا َ‬

‫يـذكرنا بأننـا مازلنـا علـي أرض الشــقاء (كانـت خيمـة االجتمـاع وهـي رمــز للكنيسـة علـي األرض‪ ،‬حوائطهـا وســقفها‬ ‫فــي منتهــى الجمــال‪ ،‬ولكــن أرضــيتها ت ـراب‪ .‬وهــذا يعنــي أننــا ونحــن فــي الكنيســة اآلن حينمــا نتأمــل الســماء نفــرح‬

‫بجمالها‪ ،‬ولكننا نعود نذكر أننا مازلنا علي األرض بآالمها‪ ،‬ولكـن التأمـل فـي السـماء يعطـي فرحـاً وتعزيـات‪ ،‬أمـا‬

‫الســماء فيمثلهــا الهيكــل وأرضــياته مــن ذهــب‪ ،‬فــال ألــم فــي الســماء)‪ .‬والمعنــي أنــه البــد أن تكــون هنــاك أالم ونحــن‬ ‫علي األرض‪ .‬ولكن لماذا نفتخر فـي اآلالم؟ هـب أن اهلل أعطـاني موهبـة مـا‪ ،‬وبهـا فرحـت‪ ،‬فأنـا البـد وسأشـكر اهلل‬

‫علي محبته‪ .‬والضيقة واأللم هما أيضاً عالمـات حـب اهلل لـي فمـن يحبـه الـرب يؤدبـه (عـب‪ .):212‬وهـذا التأديـب‬ ‫هو إلعدادي للسماء‪ ،‬لذلك نفتخـر بالضـيقات فهـي عالمـة حـب ولـنفهم أن اهلل صـانع خيـرات‪ ،‬ال يمكـن أن يسـمح‬

‫إال بما هو خير‪ .‬إذاً فالضيق خير حتى لو لم نفهم اآلن لكننا سنفهم فيما بعد (يو‪ )1213‬مثـل إبـن فاشـل أتـي لـه‬ ‫أبــوه بعصــا للتأديــب ‪ ،‬ونجــح وصــار رجـالً المعـاً ‪ .‬مثــل هــذا الرجــل ســيظل يفتخــر بهــذه العصــا العمــر كلــه‪ ،‬فهــي‬ ‫الســبب فيمــا هــو فيــه مــن مجــد‪ .‬وبــنفس المفهــوم فــأيوب اآلن فــي الســماء يــذكر آالمــه بكــل فخــر‪ ،‬فهــي الســبب فــي‬ ‫دخوله للمجد‪ .‬لذلك علينا باإليمان اآلن أن نفتخر ونشكر اهلل علـي الضـيقات فهـي طريـق المجـد‪ ،‬هـي تنشـئ ثقـل‬

‫مجد أبدي (‪2‬كو‪ )1124‬عموماً‪ -2‬اهلل ال يسمح بأي شـئ فـي حيـاتي إال لـو كـان الزمـاً لخـالص نفسـي (‪1‬كـو‪2 3‬‬

‫‪ .)22 ، 21‬لذلك فنحن نشكره كصانع خيرات‪ .‬والضيقات بهذا المفهوم هي خير نشكره عليه‪.‬‬ ‫صا ْب ارا = الصـبر هنـا لـيس هـو بـالتمرين وال شـجاعة إنسـانية وال هـو بـرود أعصـاب أو‬ ‫الضاي َ‬ ‫عَالَ َمينَ أَنَّ ِّ‬ ‫شا َُ َ‬ ‫ق يُ ْن َ‬

‫إنتظار لعـوض مـادي‪ .‬بـل هـو عطيـة إلهيـة‪ .‬فـاهلل ال ينـزع الضـيقات‪ ،‬بـل يعطينـا أن نرتفـع فوقهـا‪ ،‬اهلل ُي ِّ‬ ‫غيـر الفكـر‬ ‫والقلب فنتقبل الضيقات‪ ،‬إذ نراها الزمة للخالص‪ ،‬بل هي طريق الشركة مع المسيح المتألم‪ ،‬أما أوالد العالم فكثرة‬

‫الضيق تضيع صبرهم‪ .‬ولكن متي تأتي عطية الصبر وسط الضيق؟‬

‫ـي أن أفكــر هكــذا‪ 2‬إذا كنــت أنــت يــا رب قــد إحتملــت كــل هــذا ألجلــي فألحتمــل معــك يــا رب لنكــون شــركاء‬ ‫‪ .1‬علـ َّ‬ ‫ألم‪ ،‬وشركاء األلم هـم شـركاء مجـد (رو‪ .)1128‬فلـنكن كـأم يتـألم إبنهـا وتقـول "يـا ليتنـي كنـت أنـا بـدلك" لـذلك‬ ‫علينا في ضيقاتنا أن نتأمل في أالم المسيح ونقول يـا ليتنـي كنـت أنـا‪ ..‬وبهـذا نحتمـل األلـم‪ .‬فكلمـا زاد الحـب‬

‫يــزداد إشــتهاء األلــم مــع المســيح‪ .‬وهــذا مــا دفــع الشــهداء لأللــم‪ ،‬وبعــد أن إنتهــى عصــر اإلستشــهاد بــدأ عصــر‬ ‫الرهبنة حباً في مشاركة المسيح األلم‪ .‬والحظ أن اهلل مازال يتضايق ويتألم بسبب خطايا البشر‪.‬‬

‫‪ .2‬إذا فهمنــا أن اهلل يســتخدم األلــم كــأداة تطهيــر واعــداد للســماء ســنفهم أن األلــم هبــة مــن اهلل كمــا قــال بــولس‬ ‫الرسول (في‪ .)2921‬فاأللم هو أداة خير‪ ،‬ولخالص النفس وشركة مع المسيح المتألم في األلم وفي المجد‪.‬‬

‫ـي أن‬ ‫ـي أالّ تخــرج كلمــة تــذمر مــن فمــي‪ ،‬بــل شــكر دائــم‪ ،‬فــاأللم عالمــة محبــة مــن اهلل (عــب‪ .):212‬علـ َّ‬ ‫‪ .3‬علـ َّ‬ ‫أصــمت وأحتمــل األلــم دون كلمــة تــذمر واحــدة‪ .‬ومــن يفعــل تنســكب العطيــة اإللهيــة وهــي الصــبر فــي داخلــه‬ ‫كنعمة إلهية باإلضافة إلصالح الفساد الداخلي‪ ،‬الذي سمح اهلل بسببه بهذا األلم‪.‬‬

‫‪123‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫أمـا لـو أجـروا لـه العمليـة‬ ‫مثال‪ -:‬مـريض محتـاج لعمليـة جراحيـة‪ ،‬يجـب أوالً أن يخـدروه حتـى تـنجح العمليـة‪ّ ،‬‬ ‫وهــو مســتيقظ فلســوف تفشــل العمليــة‪ .‬هــذا المـريض هــو أنــا‪ ،‬فــاهلل يريــد أن يشــفيني مــن مــرض روحــي‪ ،‬وذلــك‬ ‫يكون باأللم الذي يسمح به اهلل‪ ،‬فإن صمت بدون تذمر (يكون هذا مثل من خدروه) ينجح العالج‪ .‬والعكس‪.‬‬

‫ولــيس فقــط اإلمتنــاع عــن التــذمر بــل الشــكر وســط الضــيقة‪ .‬وهــذا هــو اإليمــان بــأن اهلل ال يســمح إالّ بــالخير‪.‬‬

‫وليس من المهم أن نفهم (يو‪. )1 2 13‬‬ ‫نسلِّم حياتنا هلل‪ ،‬أي ال نعترض علي ما يسمح به وهنا تأتي نعمة الصبر‪.‬‬ ‫‪ .4‬إذا فهمنا كل هذا فلُ َ‬ ‫يوحنا شريككم في الضيقة وفـي ملكـوت المسـيح وصـبره (رؤ‪2 + 921‬كـو‪ )8-321‬وردت كلمـة التعزيـة ‪15‬مـرات‪،‬‬ ‫وكلمة الضيقة واأللم ‪15‬مرات بمعني أن اهلل يعطي العزاء وسط الضـيقة وبقـدر الضـيقة‪ .‬وهـذا معنـي اآليـة شـماله‬ ‫تحت رأسي (الضيقة) ويمينه تعانقني (التعزيات) (نش‪ + :22‬مثال الثالث فتية في أتون النار (سفر دانيال) فاهلل‬

‫طريقتــه هــي أن ال يخرجنــي مــن الضــيقة‪ ،‬بــل يــأتي ليحمــل الصــليب معــي وتكــون هــذه هــي التعزيــة‪ .‬وبهــذا يعنــي‬

‫الصبر الثبات واإلحتمال‪.‬‬

‫ومــن يــري أوالد اهلل فــي تعزيــاتهم وســط الضــيقات قــد يقــول أنهــم غيــر متــألمين‪ .‬هــذا كمــن يطلــب مــن شــخص أن‬

‫يحمل شخصاً آخر في الماء حينئذ سيقول ال أستطيع ألنه ال يفهم قـانون الطفـو‪ .‬أمـا لـو حـاول فسـيحمله بسـهولة‬

‫ألن الماء يحمل معه‪ .‬وهكذا فمن يري أوالد اهلل وسط ضيقاتهم ال يفهم كيف يحتملون األلم‪ ،‬من أين هذا الصبر؟‬

‫واإلجابــة أن المســيح يحمــل معهــم‪ ،‬أو بــاألحرى هــو يحملهــم‪ .‬إذاً هــو قــوة غيــر مرئيــة لآلخ ـرين ‪ ،‬لكــن يشــعر بهــا‬

‫المــؤمن الــذي يتــألم لكــن بشــكر‪ .‬واذا أتــت التجربــة قــد يخــاف اإلنســان‪ ،‬أو قــد نخــاف اآلن أن تــأتي علينــا تجربــة‪.‬‬ ‫ولكن هذا الشعور طبيعي‪ .‬كشعور العطش إذا نقص المـاء فـي الجسـم‪ ،‬ولكـن شـعور العطـش يـدفعني للبحـث عـن‬

‫المــاء‪ ،‬فأحيــا‪ .‬وشــعور الخــوف يــدفعني لإللتجــاء هلل ليحمينــي فأجــد التعزيــات‪ .‬ولكــن بــدون اإللتجــاء هلل لــن تــأتي‬ ‫التعزيــات‪ .‬ارجــع(‪2‬كــو‪ .)15-0212‬اهلل دائمـاً يخــرج مــن الجــافي (األلــم) حــالوة (التعزيــات والصــبر)‪ ،‬بــل واصــالح‬

‫طبيعتي كإعداد لي لدخولي السماء‪.‬‬ ‫ص ْب ُر ت َْز َكيَةا = التزكية هي نجـاح المـرء فـي امتحـان واجتيـازه لـه بنجـاح‪ .‬وفـي العـالم مـن يجتـاز إمتحانـاً بنجـاح‬ ‫َوال َّ‬ ‫يرتقي لدرجة أعلي‪ ،‬أي يـزداد ويعلـو فـي مسـتواه‪ .‬وهكـذا مـن يصـبر علـي األلـم يـنجح فـي إمتحانـه‪ ،‬ويـتخلص مـن‬ ‫شـوائبه التــي بســببها ســمح اهلل بالتجربــة‪ ،‬فالتزكيــة تعنــي الـتخلص مــن الشـوائب‪ ،‬كتزكيــة الــذهب بالنــار‪ .‬فمــن يقابــل‬

‫الضــيقات بثبــات دون تــذمر يعطيــه اهلل الصــبر والتعزيــات‪ ،‬واذا صــبر علــي آالمــه يتزكــي أي يتنقــى ويرتفــع به ـذا‬ ‫مستواه الروحي‪ .‬ويظل يرتفع بالضيقات حتى يشترك مع المسيح في مجده‪.‬‬

‫لــذلك فأبنــاء اهلل يفهمــون أن الخــالص مــن الضــيقة لــيس هــو إنتهــاء الضــيقة بــل إرتفــاعهم فوقهــا‪ ،‬وبالتعزيــات التــي‬ ‫تمألهــم يجتــازون فــي الضــيقة بكــل ثقــة أنهــا لخيــرهم‪ ،‬وي ـرافقهم فيهــا تعزيــات المســيح‪ .‬بــل أن مــن يتــألمون بصــبر‬ ‫ينــالون أعظــم اإلختبــارات هــذه التــي ال يختبرهــا الــذين هــم بــال تجربــة‪ .‬ولهــذا دعيــت الضــيقات إمتحــان‪ ،‬فهــي كمــا‬

‫ُيمتَحن الذهب بالنار ليتنقي‬

‫‪124‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫َوالتَّ ْز َكيَةُ َر َجا اء = مع األلم تزداد التعزيات ويزداد النقاء‪ ،‬ومن يتنقي يري اهلل (مت‪ )820‬لذلك قال األنبا بوال "مـن‬

‫يهــرب مــن الضــيقة يهــرب مــن اهلل"‪ .‬وبزيــادة التعزيــات‪ ،‬ومــع النقــاوة نســتطيع أن نــري اهلل أي نشــعر بمحبتــه وأبوتــه‬ ‫(وهذه ال يختبرها غير المتألم)‪ .‬وبهذا يزداد الرجاء‪ .‬لذلك يطالبنا معلمنا يعقـوب بـالفرح فـي التجـارب (يـع‪، 2 2 1‬‬

‫‪ .)12‬والتزكيــة ليســت أســاس الرجــاء‪ ،‬بــل هــي رفيــق لــه‪ .‬وكلمــا إزدادت التزكيــة‪ ،‬أي كلمــا تنقــي اإلنســان إنفتحــت‬

‫عينــاه وازداد رجــاؤه‪ .‬وكلمــا تنقــي اإلنســان تــزداد عطايــا الــروح فاإليمــان والمحبــة والرجــاء يــزدادوا‪ .‬وهــذا ال َّر َجااا ُء جَ‬ ‫يُ ْخ َزي‪ ،‬ألَنَّ َم َحبَّةَ للاَ‪ =..‬قد يسأل إنسان‪ ..‬وكيف لنا أن نعرف أن اهلل مازال سخياً في عطايـاه‪ ،‬أو مـا الـدليل أن‬ ‫اهلل سيدخلني السماء؟ نحن في داخلنا رجاء‪ ،‬فما الذي يؤكده ؟ اإلجابة هنا واضحة أن الرجاء لن يخزي إذا إمتأل‬ ‫القلب محبة هلل‪ ،‬بل أن اإلنسان قد إكتشف محبة اهلل‪" ،‬فنحن نحبه ألنه أحبنا أوالً" (‪1‬يو‪ .)1924‬وهذا عمل الروح‬ ‫القدس‪ ،‬الذي يشـهد للمسـيح (يـو‪ .)1421:‬ويعطينـي أن أفهـم مقـدار حبـه لـي‪ ،‬ويعطينـي أن أمتلـئ مـن حبـه‪ ،‬فهـو‬

‫يســكب حبــه ســكيباً داخــل القلــب‪ .‬فــإذا وجــدنا هــذا الحــب يمــأل القلــب فرجاؤنــا لــن يخزينــا‪ ،‬ألنــه مــن المؤكــد أن لنــا‬

‫نصيب في السماء‪ ،‬فالمحبة ال تسقط أبداً (‪1‬كو‪ )8213‬وهذه المحبة تتحول إلي فـرح يمـأل القلـب يطغـي علـي أي‬ ‫ألم‪ ،‬ويتحول الحب ليس فقط هلل‪ ،‬بـل لكـل إنسـان حتـى أعـداءنا‪ ،‬ويتحـول لشـهوة أن نقضـي كـل أيامنـا وأوقاتنـا مـع‬

‫اهلل‪ ،‬وفي طاعة وصاياه‪ .‬واهلل يعطي هذه المحبـة بفـيض = إنساكب = فهـي محبـة تلهـب قلوبنـا‪ ،‬محبـة ناريـة هلل‪.‬‬

‫وهذه المحبة تعطـي ثقـة فـي وعـوده‪ ،‬وهـذا يزيـد الرجـاء‪ .‬هـذه المحبـة هـي التـي دفعـت الشـهداء لإلستشـهاد حبـاً فـي‬

‫المسيح‪ .‬هذا الحب يعطينا لذة في تنفيذ الوصايا الصعبة واحتمال اآلالم‪ ،‬ولكن هـذا هـو معنـي قـول السـيد إحملـوا‬ ‫نيري فهو خفيف‪ ،‬فالمسيح الـذي نحبـه يحمـل كـل الحمـل عنـا‪ .‬هـذه المحبـة وهـذا الرجـاء عكـس اإلطمئنـان ال ازئـف‬

‫الذي عند بعض ال ناس‪ ،‬الذين يقولون أننا سنخلص ألننا مسيحيين‪ .‬فإنتمائي باإلسم للمسيح ال يكفي‪ .‬والمحك…‬ ‫هــل نحتمــل الضــيقة بصــبر‪ ،‬هــل القلــب يســتمر فــي محبتــه مــع فقــدان الخي ـرات الماديــة‪ ،‬هــل نطيــع الوصــايا‪ ،‬هــل‬ ‫لمحبتنا في المسيح نحن علي إستعداد لتـرك شـرور وملـذات العـالم؟ مثـل هـؤالء ال يتـذوقون الحـب النـاري‪ ،‬بـل هـم‬

‫من قال عنهم الكتاب أنهم مطمئنين علي غير سبب لالطمئنان (إش‪ +15 ، 8 2 41‬دا ‪ .)2028‬إذاً من ال يزال‬

‫متمسكاً بشره‪ ،‬ليس له الحق في اإلطمئنان‪.‬‬ ‫س ا ْل ُم ْعطَى لَنَا‬ ‫س َكبَ ْ فَي قُلُوبَنَا بَ ر‬ ‫ألَنَّ َم َحبَّةَ للاَ قَ َد ا ْن َ‬ ‫وح ا ْلقُ ُد َ‬ ‫الر َ‬ ‫‪ .1‬اهلل محبــة (‪1‬يــو‪ )824‬وهــذه تعنــي أن المحبــة هــي جــوهر اهلل وهــو يشــعها فــي كــل‬ ‫مكان وفي كل إتجاه‪ .‬ولكل الخليقة‪.‬‬

‫‪ 2.‬وقبــل أن تكــون هنــاك خليقــة كــان اآلب يفــيض هــذا الحــب لإلبــن لــذلك نســمع فــي‬ ‫(أف‪ ):21‬أن اإلبن هو "المحبوب"‪.‬‬

‫‪ 3.‬والروح القدس هو روح المحبة‪ ،‬يحمل الحب من اآلب لإلبن‪.‬‬ ‫‪ 4.‬بالتجسد والفداء‪ ،‬إتحد المسيح بنا وصار الروح القدس الذي يحمل المحبة من اآلب لإلبن‪ ،‬يحمل هـذه المحبـة‬ ‫لمن إتحدوا باإلبن وصاروا أبناء‪.‬‬

‫‪ 0.‬حــين إنســكبت محبــة اهلل فــي قلوبنــا بــالروح القــدس‪ .‬ص ـرنا نحــب اهلل كمــا َّ‬ ‫عبــر‬ ‫بولس الرسول عن ذلك في (رو‪.)39-3028‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫روح‬ ‫المحبة‬

‫المؤمنين‬ ‫المتحدين بالمسيح‬

‫اآلب‬

‫اإلبن المحبوب‬

‫‪125‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫‪ .:‬وعالمة هذا الحب حفظ الوصية (يو‪.)21-10214‬‬

‫‪ 1.‬المحبة في القلب تحوله من قلب حجري إلي قلب لحمي (حز‪.)19211‬‬ ‫‪ .8‬وبذلك فبدالً من أن تكتب الوصايا علي ألواح حجرية كما‬

‫في العهد القديم صارت تكتب علـي القلـوب بالحـب (أر‪ .)33-31231‬لـذلك فمـن يحـب اهلل يحفـظ وصـاياه‪ .‬وهـذه‬ ‫تشبه زوجة تحب زوجها‪ ،‬هذه ال تحتـاج لمـن يقـول لهـا وصـية ال تزنـي (غـل‪ )2320‬فهـي لمحبتهـا لزوجهـا‪ ،‬ال‬ ‫يمكن أن تفكر في خيانة زوجها‪.‬‬

‫ونالحظ عمل الثالوث معنا فاآلب يعطينا الحب األبـوي "أبانـا الـذي فـي السـموات" واإلبـن هـو عـريس نفوسـنا وهـو‬ ‫كــأخ بكــر وســط إخوتــه‪ .‬إذاً اآلب واإلبــن يعطياننــا كــل أن ـواع الحــب التــي تحتاجهــا الــنفس‪ .‬أمــا الــروح القــدس‬

‫فيعطينا أن نحـب اهلل بشـدة‪ .‬وبهـذا نكـون أسـوياء‪ .‬فعلـم الـنفس يقـول أن الشـخص ال يكـون سـوياً إالّ بـأن ُي ِّحـب‬ ‫ويحَّب‪ .‬وهكذا نفهم كيف يحيا الراهب في وحدته‪.‬‬ ‫ُ‬

‫تعليق‪:‬‬ ‫الروح القدس يعطى‪2‬‬

‫‪ .1‬أن نحب اهلل‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن نشعر بمحبة اهلل لنا‪.‬‬

‫وبالنسبة لألولى قال بولس الرسول "من سيفصلنا عن محبة المسيح‪( "...‬رو‪.)3028‬‬ ‫وبالنسبة للثانية قال بولس الرسول‪2‬‬

‫‪" .1‬محبة المسيح تحصرنا" (‪2‬كو‪.)1420‬‬

‫‪" .2‬ثم بما أنكم أبناء أرسل اهلل روح إبنه إلى قلوبكم صارخاً يا آبا اآلب" (غل‪.):24‬‬

‫ومن تبادل هذا الحب مع اهلل يقوى رجاءه أى أمله فى الخالص وبالتأكيد فإن رجاءه هذا ال يخزى‪.‬‬ ‫ات ِفي ا ْلوق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َج ِل ا ْلفُج ِ‬ ‫ْت ا ْل ُم َعي ِ‬ ‫َّار‪" .‬‬ ‫آية (‪6" -:)6‬أل َّ‬ ‫اء‪َ ،‬م َ‬ ‫َّن أل ْ‬ ‫يح‪ ،‬إِ ْذ ُك َّنا َب ْع ُد ُ‬ ‫َن ا ْل َمس َ‬ ‫َ‬ ‫ض َعفَ َ‬ ‫فـي آيـة ‪ 0‬رأينــا الـروح القــدس يسـكب محبــة اهلل فينـا‪ .‬وهنــا نـري عمــل الـروح القــدس كيـف يســكب المحبـة‪ .‬فــالروح‬

‫القدس يفتح أعيننا فنري بشاعة خطايانا‪ ،‬وكلما شعرنا بها سنشعر بمـا قدمـه لنـا المسـيح‪ ،‬الـذي مـات ألجـل فجـار‬

‫ليغفر لهم ويجعلهم محبـوبين لـدي اهلل‪ .‬ومـن يغفـر لـه أكثـر يحـب أكثـر (لـو‪ .)4121‬فـالروح القـدس ال يقـدم معرفـة‬

‫فكرية فقط‪ ،‬بل معرفة إختبارية‪ ،‬بها نختبر حب المسيح‪ ،‬فنحبه ألنه أحبنا أوالً‪ .‬وطريقة الروح القدس هـي اإلقنـاع‬

‫(إر‪ ،)1225‬فهو يقنع المؤمن بأن المسيح أحبه بأنه يفتح عينيه علي خطيته‪ ،‬وعلي صليب المسيح الذي غفر به‬ ‫كل خطايانا ‪ ،‬فيلتهب القلب بمحبته ونشتهي أن نرد الحب بالحب‪.‬‬ ‫ض ا َعفَا َء = عــاجزين عــن إنقــاذ أنفســنا مــن الخطيــة التــي لهــا‬ ‫ايح = تتــرجم وبــاألكثر المســيح‪ .‬إَ ْذ ُكنَّااا بَ ْع ا ُد ُ‬ ‫سا َ‬ ‫ألَنَّ ا ْل َم َ‬ ‫سلطان ساحق علينا (كمثال لهذا… الشعب فـي مصـر ال أمـل لهـم فـي النجـاة مـن عبوديـة فرعـون وأرسـل اهلل لهـم‬

‫‪126‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫موسى‪ ،‬والعبودية لفرعون هي رمز للعبودية للشيطان)‪ .‬هكذا أرسل اهلل لنـا المسـيح فـي أرض عبوديتنـا‪َ .‬مااتَ فَاي‬ ‫ا ْل َو ْق َ ا ْل ُم َعيَّ َن = أي في ملء الزمان حينما أتم الناموس مهمته‪ ،‬وحينما ظهر فشـل اليهـود فـي اإللتـزام بالنـاموس‪.‬‬ ‫بل الحظ أن الناس وصلوا في خطيتهم أن صاروا فجار‪ .‬ومع هذا مات المسيح عنهم‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫َج ِل َّ ِ‬ ‫َح ٌد أل ْ ِ‬ ‫وت‪" .‬‬ ‫ضا أ ْ‬ ‫َن َي ُم َ‬ ‫آية (‪ " -:)7‬فَِإ َّن ُه ِبا ْل َج ْه ِد َي ُم ُ‬ ‫َح ٌد أ َْي ً‬ ‫َّما أل ْ‬ ‫س ُر أ َ‬ ‫وت أ َ‬ ‫الصال ِح َي ْج ُ‬ ‫َجل َب ّار‪ُ .‬رب َ‬ ‫تعريف يهودي‪ -2‬البار = هو من يقول لصاحبه ما هو لي فهو لي وما هو لك فهو لك (أي يحكم بالحق)‪.‬‬

‫ح = من يقول ما هو لي فهو لك‪ ،‬فهو بذلك قادر علي العطاء‪ .‬التعريف المسيحي= البر هو بالمسيح‬ ‫ال َّ‬ ‫صالَ َ‬ ‫والصالح هو بحمل المسيح فينا‪ .‬ومعني اآلية أنه من الصعب وبالجهد يموت أحد ألجل صالح أو بار‪ .‬ولكن‬ ‫المسيح بين محبته في أنه مات عنا ونحن خطاة فجار‪.‬‬

‫ِ‬ ‫آية (‪1" :)1‬و ِ‬ ‫َجلِ َنا‪" .‬‬ ‫َّن َم َحبَّتَ ُه لَ َنا‪ ،‬أل ََّن ُه َوَن ْح ُن َب ْع ُد ُخطَاةٌ َم َ‬ ‫لك َّن اهللَ َبي َ‬ ‫يح أل ْ‬ ‫ات ا ْل َمس ُ‬ ‫َ‬ ‫هل هناك حب أعظم من هذا أن يموت المسيح إلسترضاء اآلب نحو هذا العالم واإلنسان الخاطئ (‪1‬يو‪.)1524‬‬ ‫ون َ ِ ِ‬ ‫ض ِب! "‬ ‫آية (‪1" -:)1‬فَ ِباأل َْولَى َك ِث ًا‬ ‫ير َوَن ْح ُن ُمتَ​َبِّرُر َ‬ ‫ص ِب ِه ِم َن ا ْل َغ َ‬ ‫اآلن ِب َدمه َن ْخلُ ُ‬ ‫المعني ال تستصعبوا الخالص اآلن‪ ،‬فهو اآلن أسهل بعد الصليب‪ .‬فأيهما أسهل‪ ،‬خـالص رومـا التـي كانـت تقـدم‬ ‫البشر للوحـوش للتسـلية‪ ،‬أم خالصـها اآلن‪ .‬وبـنفس المفهـوم فخالصـي أنـا اآلن أسـهل‪ .‬علينـا أال نصـدق الشـيطان‬

‫الذي يوحي لنا بأن الخالص صعب‪ ،‬فـإذا كـان اهلل َح َّـول وحـوش رومـا إلـي قديسـين فهـل ال يحـولني أنـا اآلن إلـي‬ ‫قديس‪ .‬لقد مات المسيح عن فجار لم يسمعوا عنه من قبل ليبررهم ويخلصهم‪ ،‬أفال يبحث عن خالصي أنا اآلن‪.‬‬ ‫ااص = الخــالص عنــد بــولس عمــل مســتمر بــدأ بالصــليب وال ينتهــي‪ ،‬لــذلك فهــو يســتعمل ‪3‬أفعــال فــي صــيغ‬ ‫نَ ْخلُ ُ‬ ‫الماضي والحاضر والمستقبل للتعبير عن الخالص‪-2‬‬

‫‪ 1‬الماضي‪ -:‬ألننا بالرجاء خلصنا (رو‪.)2428‬‬

‫‪ 2‬المضارع الدائم‪ -:‬بالنعمة أنتم مخلصون (أف‪.)8 2 0 2 2‬‬ ‫‪ 3‬المستقبل‪ -:‬هذه اآلية ‪( +‬رو‪1 + 13215‬كو ‪.)023‬‬

‫فعمل الخالص بدأ بميالد المسيح وينتهي بالمجيء الثـاني‪ .‬وخالصـي أنـا بـدأ بالمعموديـة أو باإليمـان لمـن يتعمـد‬

‫كبي اًر ‪ ،‬وسيستمر حتى نلبس الجسد الممجد في السماء (رؤ‪.)15212‬‬

‫‪52‬‬ ‫َع َداء قَ ْد صولِ ْح َنا مع ِ‬ ‫ون‬ ‫اهلل ِب َم ْو ِت ْاب ِن ِه‪ ،‬فَ ِباأل َْولَى َك ِث ًا‬ ‫صالَ ُح َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ير َوَن ْح ُن ُم َ‬ ‫ُ‬ ‫آية (‪ " -:)52‬أل ََّن ُه إِ ْن ُك َّنا َوَن ْح ُن أ ْ ٌ‬ ‫ص ِب َح َي ِات ِه! "‬ ‫َن ْخلُ ُ‬

‫‪127‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫أنظر تفسير اآلية (رو‪ .)2024‬جاء المسيح ليصنع الصلح مع اهلل بأن أرضي اهلل بطاعته حتى الموت فصولحنا‬

‫مع اهلل بموته‪ ،‬إذ بالمعمودية نموت معه وبدمه ستر خطايانا‪ .‬ونحن أيضاً نخلص بحياته أي بقيامته من‬ ‫ص بَ َحيَاتَ َه تعني‪-2‬‬ ‫األموات وصعوده للمجد مع أبيه‪ .‬ونَ ْخلُ ُ‬ ‫‪ .1‬أعطانا حياته التي أصبحت هي القوة لنا لنسـلك فـي البـر‪ .‬والمسـيح يسـتخدم أعضـائنا كـأالت بـر ‪ .‬وحياتـه‬

‫هــذه هــي التــي إنتصــر بهــا علــي الخطيــة وعلــي المــوت‪ .‬صــار يحيــا فينــا ونحــن نمتلــئ بنعمــة حياتــه‪ .‬وكلمــا‬ ‫نسلِّم أنفسنا للموت تظهر حياته فينا (عب‪ +20 ، 24 2 1‬غل‪ + 2522‬في‪2 + 2121‬كو‪.)1124‬‬

‫‪ .2‬المسيح قائم أمام اآلب ليشفع فينا‪ ،‬ليحملنا فيه إلي حضن اآلب‪.‬‬

‫‪ .3‬هـذه الحيــاة هـي حيــاة أبديــة فالمسـيح لــن يمــوت ثانيـة‪ ،‬وبهــذا فــإن متنـا بالجســد فســنقوم فحياتـه التــي أعطانــا‬ ‫إياها هي حياة أبدية (كبذرة تدفن في التربة لكنها بعد فترة تخرج كشجرة جميلة)‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫ِ‬ ‫صالَ َح َة‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫يح‪ ،‬الَِّذي ِن ْل َنا ِب ِه َ‬ ‫س ذلِ َك فَقَ ْط‪َ ،‬ب ْل َن ْفتَ ِخ ُر أ َْي ً‬ ‫اآلن ا ْل ُم َ‬ ‫ضا ِباهلل‪ِ ،‬ب َرِّب َنا َي ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)55‬ولَ ْي َ‬ ‫صار اهلل موضوع حبنا وفخرنا‪ ،‬نفرح به أكثر من فرحنا بالملكوت‪ ،‬نفرح باهلل أكثر من عطاياه‪ .‬ولكن ال يمكن‬

‫ألحد أن يصل لهذا إال لو إمتأل قلبه حباً هلل‪ .‬وهذا يأتي‪-2‬‬ ‫‪ 1.‬بالتأمل في محبته وفدائه لي أنا الخاطئ‪.‬‬ ‫‪ .2‬بالعشرة الطويلة معه لنعرفه‪.‬‬

‫‪ 3.‬بتنفيذ وصاياه‪.‬‬

‫‪ .4‬بطلب الروح القدس ليمألني وبلجاجة‪.‬‬ ‫‪5:‬‬ ‫اح ٍـد َد َخلَ ِـت ا ْل َخ ِطيَّـ ُة إِلَـى ا ْلعـالَِم‪ ،‬وِبا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫ـان و ِ‬ ‫ـاز‬ ‫اجتَ َ‬ ‫َج ِل ذلِ َ‬ ‫َّـة ا ْل َم ْـو ُ‬ ‫ت‪َ ،‬وه َكـ َذا ْ‬ ‫آية (‪ِ " -:)5:‬م ْن أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ٍ َ‬ ‫ـك َكأ ََّن َمـا ِبِإ ْن َ‬ ‫ت إِلَى َج ِمي ِع َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫طأَ ا ْل َج ِميعُ‪" .‬‬ ‫َخ َ‬ ‫اس‪ ،‬إِ ْذ أ ْ‬ ‫ا ْل َم ْو ُ‬ ‫َكاَنَّ َما = يقولها بولس بتواضع إعالناً منه بأنه غير فاهم تماماً لكل أثار الخطية‪ ،‬هـو ال يـري أمامـه سـوي إنتشـار‬

‫الخطية والموت (راجع الدراسة عن فكر بولس الرسول عن الخالص في المقدمة)‬

‫نقول في القداس الباسيلي "يا اهلل العظيم األبدي… الذي جبل اإلنسان علي غير فساد" ونفهم من هذا أن الخطية‬ ‫غريبة عن الجنس البشري… ثم د َ​َخلَ َ ا ْل َخ َطيَّةُ إَلَى ا ْل َعالَ َم بإنسان واحد هو آدم‪َ .‬وبَا ْل َخ َطيَّ َة ا ْل َم ْوتُ = ألن الخطية‬ ‫إنفصال عن اهلل‪ .‬فال شـركة للنـور مـع الظلمـة‪ .‬ونحـن ورثنـا مـن آدم طبيعـة منفتحـة علـي الخطيـة وعلـي الشـيطان‬

‫أي ص ـرنا نميــل للخطيــة‪ .‬صــار إحتمــال الخطيــة وارد ولكنــه لــيس حتمــي‪ ،‬بــدليل وجــود شخصــيات بــارة كــإبراهيم‬ ‫واسحق ويعقوب ويوسف وأيـوب‪ ،‬واهلل دعـا إبـراهيم واسـحق ويعقـوب أحيـاء‪ .‬ولكـن آدم سـلَّمنا طبيعـة تعـرف الخيـر‬ ‫والشر وتميل للشر‪ ،‬وليس لها قوة كبيرة علي مقاومته‪ .‬والحظ قول بولس إَ ْذ أَ ْخطَا َ ا ْل َج َميا ُع = فالكـل أخطـأ ويمـوت‬ ‫بمسئوليته الشخصية والمعني الموجه لنا‪ ..‬ال داعي أن نقول أن آدم هو السبب فيما حدث لنا من موت ألن الكل‬

‫قد أخطأ‪ .‬ونالحظ أن اإلنسان لم يرث طبيعة محتم عليها السقوط واال لما كـان يدينـه‪ .‬ولـذلك قـال اهلل لقـايين عـن‬

‫‪128‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫الخطية "إليك إشتياقها وأنت تسـود عليهـا" (تـك‪ .)124‬ونالحـظ أننـا نمـوت ال بخطيـة آدم‪ ،‬بـل بطبيعـة آدم وبسـبب‬ ‫خطايانا التي نصنعها بإرادتنا نحـن‪ .‬فـنحن نخطـئ بطبيعـة آدم وبإرادتنـا نحـن‪ .‬وبـذلك صـارت الخطيـة منتشـرة فـي‬

‫ـت‪ .‬وكمـا أنـه بخطيـة واحـد دخـل المـوت للجميـع هكـذا ببـر المسـيح وفدائـه‬ ‫وم ْ‬ ‫الطبع البشري‪ .‬وفـي آدم سـقطت أنـا ُ‬ ‫صارت حياة لكل من يؤمن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سُ ِ‬ ‫َّ‬ ‫‪َّ ِ 53‬‬ ‫ام ِ‬ ‫وس‪" .‬‬ ‫وس َكا َن ِت ا ْل َخ ِط َّي ُة ِفي ا ْل َعالَِم‪َ .‬ع َلى أ َّ‬ ‫ام ٌ‬ ‫َن ا ْل َخط َّي َة الَ تُ ْح َ‬ ‫ب إ ْن لَ ْم َي ُك ْن َن ُ‬ ‫آية (‪ " -:)53‬فَإن ُه َحتَّى الن ُ‬ ‫قبل الناموس كانت الخطية موجودة وقاتلة‪ ،‬ولكن كان يمكن لإلنسان أن يعتذر بأنه ال يعرف‪ .‬ولكن بعد‬ ‫الناموس صارت الخطية تعدي‪ ،‬فصارت تميت‪2‬‬

‫[‪ ]2‬أنها تعدي علي ناموس اهلل‪.‬‬ ‫[‪ ]1‬لكونها خطية‪.‬‬ ‫اب = أي ال تحســب أنهــا تعــدي‪ ،‬قبــل النــاموس كانــت الخطيــة‬ ‫سا ُ‬ ‫َكانَ ا َ ا ْل َخ َطيَّاةُ فَااي ا ْل َعااالَ َم‪َ .‬علَااى أَنَّ ا ْل َخ َطيَّاةَ جَ ت ُْح َ‬ ‫منتشـرة لكنهـا غيـر معروفـة أو محـددة بنـاموس مكتـوب وجـاء النـاموس ليحاصـرها‪ .‬ولكـن حتـى قبـل النـاموس كـان‬

‫المــوت يســري علــي الجميــع بســبب خطيــة آدم وأخطــاء الجميــع‪ .‬فــالموت هــو نتيجــة طبيعيــة للخطيــة‪ ،‬ولكــن بعــد‬ ‫النــاموس صــارت العقوبــة أكبــر بســبب الخطيــة ‪ +‬التعــدي‪ ،‬لهــذا قيــل عمــن ي ـرفض دعــوة التالميــذ "ســتكون لســدوم‬

‫وعمورة حاالً أكثر إحتماالً يوم الدين" (مت‪ .)10215‬كمثال‪ 2‬ربما يأتي إبني بتصرفات خاطئة تنشئ غضباً ولكن‬

‫إذا قلــت لــه يوم ـاً ال تفعــل كــذا ثــم خــالف ســيكون الغضــب أكثــر جــداً‪ .‬أو الســيجارة كانــت خطــأ (أن يحــرق إنســان‬

‫أموالــه علــي ال شــئ)‪ ،‬ولكــن اآلن بعــد أن عــرف أن الســجائر تســبب الســرطان فصــار مــن يــدخن لــيس فقــط يحــرق‬

‫أمواله‪ ،‬بل أيضاً صحته‪ ،‬صار كمن ينتحر‪ .‬واكتشاف الطب لضرر السجائر مشابه لعمل الناموس الذي شخص‬

‫الخطية وحددها‪.‬‬

‫آية (‪ِ 54" -:)54‬‬ ‫آد َم‪،‬‬ ‫وسـى‪َ ،‬وذلِ َ‬ ‫ين لَ ْـم ُي ْخ ِط ُئـوا َعلَـى ِش ْـب ِه تَ َعـدِّي َ‬ ‫ت ِم ْـن َ‬ ‫لك ْن قَ ْد َملَ َك ا ْل َم ْو ُ‬ ‫ـك َعلَـى الَّ ِـذ َ‬ ‫آد َم إِلَـى ُم َ‬ ‫الَِّذي ُهو ِمثَا ُل ِ‬ ‫اآلتي‪" .‬‬ ‫َ‬

‫ساى وسـيكون حسـاب هـؤالء بحسـب نـاموس‬ ‫قَ ْد َملَ َ ا ْل َم ْوتُ = لكونهم حاملين طبيعة قابلة للموت‪َ .‬منْ آ َد َم إَلَى ُمو َ‬ ‫الطبيعة (الضـمير) الـذي وضـعه اهلل فـي كـل إنسـان‪ .‬ولكـن حتـى لـو ُو ِج َـد مـن لـم يخطـئ فهـو أيضـاً يمـوت بسـبب‬ ‫طبيعته التي حملها من آدم‪ .‬قَ ْد َملَ َ ا ْل َم ْوتُ = كان الناس يعيشون في مملكة إسمها مملكـة المـوت والقـانون الـذي‬ ‫يسود فيها هو الخطية‪ .‬وجاء المسيح ليؤسس مملكة الحياة ويسودها قانون البر‪.‬‬

‫ش ْب َه تَ َعدِّي آ َد َم = هذه تعني‪-:‬‬ ‫َوذلَ َ َعلَى الَّ َذينَ لَ ْم يُ ْخ َطَُوا َعلَى َ‬ ‫‪ 1.‬أي علي كل البشر الذين لم يسقطوا في نفس خطية آدم‪.‬‬

‫‪ 2.‬بل حتى علي األطفال الذين لم يعرفوا خطية‪ ،‬هؤالء ماتوا بالرغم من أنهم لم يتعدوا علي شريعة اهلل كآدم‪.‬‬ ‫‪ .3‬تعني أن الناس صارت تخطئ نظ اًر لطبيعتها الخاطئـة‪ ،‬وألن الخطيـة صـارت سـاكنة فـيهم (رو‪ )2521‬أمـا آدم‬

‫فلم تكن الخطية ساكنة فيه قبل أن يسقط‪.‬‬ ‫الَّ َذي ه َُو َمثَا ُل اآلتَي‪ 2‬أي هو مثال ليسوع المسيح الذي سيأتي بالجسد‪-2‬‬

‫‪129‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫‪ 1.‬المسيح أخذ جسداً كآدم‪.‬‬

‫‪ 2.‬آدم صار رأساً للبشرية والمسيح صار رأساً للكنيسة‪.‬‬

‫‪ .3‬كــان آدم مثــاالً للمســيح إذ قضــي فت ـرة مــن عم ـره بــال خطيــة‪ ،‬لــم تكــن الخطيــة ســاكنة فيــه قبــل الســقوط‪ ،‬فشــابه‬

‫المســيح الــذي بــال خطيــة‪ .‬والحــظ أن نــوح كــان أكثــر شــبهاً بالمســيح‪ ،‬فنــوح صــار أرس ـاً للخليقــة الجديــدة (رمــز‬ ‫الكنيسة الخارجة من مياه المعمودية)‪ .‬ولكـن نـوح مـن يـوم مـيالده كانـت الخطيـة سـاكنة فيـه لـذلك أخـذ الرسـول‬

‫هنا آدم كرمز للمسيح إذ قضي آدم فترة بال خطية‪.‬‬

‫‪ .4‬كما بواحـد الـذي هـو آدم صـار الحكـم علـي الجميـع‪ ،‬هكـذا بواحـد الـذي هـو المسـيح صـار البـر لكـل المـؤمنين‪.‬‬ ‫وكما سقط الكل مع آدم مع أنهم لم يأكلوا معه‪ .‬هكذا مع المسيح تبرر الجميع دون فضل منهم‪.‬‬ ‫َّة و ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لك ْن لَ ْيس َكا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫آية (‪51" -:)51‬و ِ‬ ‫ات‬ ‫اح ٍد َم َ‬ ‫ضا ا ْل ِه َب ُة‪ .‬أل ََّن ُه إِ ْن َك َ‬ ‫َّة ه َك َذا أ َْي ً‬ ‫ان ِب َخطي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ير ِنعم ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ْع َم ِة الَِّتي ِب ِ‬ ‫اهلل‪َ ،‬وا ْل َع ِط َّي ُة ِب ِّ‬ ‫اد ْت لِ ْل َك ِث ِ‬ ‫سِ‬ ‫ين!‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫يح‪ ،‬قَِد ْازَد َ‬ ‫سو َ‬ ‫ير َ‬ ‫ان ا ْل َواحد َي ُ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫َكث ًا ْ َ‬

‫ِ‬ ‫ون‪ ،‬فَ ِباألَ ْولَى‬ ‫ير َ‬ ‫ا ْل َكث ُ‬ ‫"‬

‫خطية آدم إنتقلت أثارها لكل البشرية‪ .‬وفداء المسيح إنتقل أثره لكل المؤمنين‪ .‬ولكن عطية المسيح لم يكن من‬

‫الممكن أن تساوي خطية آدم‪ .‬ولكن عطية المسيح فاقت بكثير أثار خطية آدم‪-2‬‬

‫‪ .1‬لـم يعــد البشـر لمــا كـان عليــه آدم‪ ،‬فمــثالً لـو رجعنــا لـنفس وضــع آدم‪ ،‬لكــان األمـر يحتــاج لفـداء جديــد لكــل‬ ‫خطية‪.‬‬

‫‪ .2‬ولكن فداء المسيح صـار غف ارنـاً لكـل خطايـا النـاس‪ ،‬ولكـل زمـان‪ ،‬ولكـل مكـان… لكـل مـن يـؤمن ويعتمـد‪.‬‬

‫آدم لــم يكــن إبنـاً ألنــه لــم يكــن متحــداً بالمســيح‪ ،‬فالمســيح لــم يكــن قــد تجســد بعــد ولكــن بعــد تجســد المســيح‬

‫إتحدنا به فصرنا أبناء‪.‬‬

‫‪ .3‬بالخطية خسرنا حياة آدم وصرنا نموت‪ ،‬وبالنعمة صارت لنـا حيـاة المسـيح‪ ،‬لقـد صـارت حياتنـا هـي حيـاة‬ ‫المسيح فينا (غل‪ + 2522‬في‪.)2121‬‬

‫‪ .4‬كان آدم يحيا في األرض‪ ،‬واآلن نحن نحيا في السماء (أف‪.):22‬‬

‫‪ .0‬خطيــة واحــدة آلدم‪ ،‬كــان الحكــم عليــه بســببها المــوت‪ ،‬أمــا اآلن فالتوبــة واإلعتـراف يمحـوان أي خطيــة مــن‬

‫خطايانا المتكررة‪ .‬فدم يسوع المسـيح يطهرنـا مـن كـل خطيـة (‪1‬يـو‪ .)15-121‬الغفـران صـار مسـتم اًر لكـل‬ ‫تائب‪.‬‬

‫‪ .:‬بالخطية خسرنا جسداً ترابياً قابل للموت وبنعمة المسيح سيصير لنا جسداً ممجداً له حياة أبدية هى حياة‬ ‫المسيح وهذه نحصل عليها بالمعمودية‪.‬‬

‫‪ .1‬بالخطية خسرنا الفردوس ‪ ،‬وهذا الفردوس ما هو إال حديقة علـى األرض وبنعمـة المسـيح صـار لنـا مكانـاً‬ ‫فى عرش المسيح (رؤ‪.)2123‬‬

‫‪130‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫‪ .8‬بالخطية خسرنا جسداً معرضاً للخطية ألنه معرض لتجارب إبليس ‪ ،‬وبنعمة المسيح صـارت الخطيـة بـال‬ ‫سلطان على اإلنسان ‪ ،‬ألننا تحت النعمة ولسنا تحت الناموس (رو‪ .)142:‬بل أنه فى السماء لـن تـدخل‬

‫الشياطين إلى أورشليم السماوية فأبوابها لن يدخل منها شيئا دنس (رؤ‪.)21221‬‬

‫الموضوع يشبه انسان كان يسكن فى الدور العاشر وبالخطية هبط إلى الشارع وجاء المسيح ليرفعه للدور المئة‪.‬‬

‫َماتَ ا ْل َكثَي ُرونَ = يقصد مات الجميع (ماعدا إيليا وأخنوخ)‪ .‬ولكنه يقول الكثيرون‪2‬‬ ‫‪ 1.‬فالكل قد يكونوا قليلون‬

‫‪ .2‬ليظهر بشاعة الخطية وأثرها الرهيب‪.‬‬ ‫َن ا ْلح ْكم ِم ْـن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪56" -:)56‬ولَ ْيس َكما ِبو ِ‬ ‫َمـا ا ْل ِه َبـ ُة فَ ِم ْـن َج َّـرى‬ ‫َخ َ‬ ‫اح ٍـد لِلد َّْي ُنوَن ِـة‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫اح ٍد قَ ْد أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫طأَ ه َك َذا ا ْل َعط َّي ُة‪ .‬أل َّ ُ َ‬ ‫َخ َ ِ‬ ‫يرٍة لِلتَّْب ِر ِ‬ ‫ير‪" .‬‬ ‫ط َايا َكث َ‬ ‫معني اآلية بترجمة أبسط "ولكن العطية التي حصلنا عليها من المسيح ال تعادل الدينونة التي وقعت علينا بسبب‬

‫آدم‪ ،‬فالدينونة التي وقعت علينا هـي المـوت‪ .‬ولكـن مـا حصـلنا عليـه هـو المجـد والميـراث والحيـاة األبديـة والبنـوة‪..‬‬ ‫يارة‬ ‫احاد لَل َّد ْينُونَا َة = الواحـد هـو آدم والمـوت هـو الدينونـة َوأَ َّماا ا ْل َهبَاةُ فَ َمانْ َجا َّرى َخطَايَاا َكثَ َ‬ ‫الـخ"‪ .‬ألَنَّ ا ْل ُح ْك َم َمنْ َو َ‬

‫أما الهبة التي أعطاها المسيح كانت لغفران خطايا كثيرة (بل هي خطايا كل البشر في كل مكان وكل‬ ‫لَلتَّ ْب َري َر = ّ‬ ‫زمان) وذلك ليتبرر اإلنسان‪ ،‬ويصـير بـا اًر (لـيس غفـران الخطايـا فقـط بـل إمكانيـة صـنع البـر) إذاً النعمـة والخطيـة‬ ‫ليسا متشابهان ألن المسيح والشيطان ليسا متساويان‪ .‬الموت دخل بسبب خطية واحد‪ ،‬ولكن هبة المسيح صارت‬

‫لغفران كل خطايا العالم‪.‬‬ ‫ت ِبا ْلو ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫آية (‪57" -:)57‬أل ََّن ُه إِ ْن َك َ ِ ِ‬ ‫ض ِّ‬ ‫الن ْع َم ِـة‬ ‫اح ِد‪ ،‬فَ ِباأل َْولَى َك ِث ًا‬ ‫ون فَ ْـي َ‬ ‫ين َي َنـالُ َ‬ ‫يـر الَّ ِـذ َ‬ ‫ان ِب َخطيَّة ا ْل َواحد قَ ْد َملَ َك ا ْل َم ْو ُ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع ِط َّي َة ا ْل ِبِّر‪ ،‬سيملِ ُك َ ِ‬ ‫يح! "‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ون في ا ْل َح َياة ِبا ْل َواحد َي ُ‬ ‫َ​َ ْ‬

‫قدم المسيح خي اًر كثي اًر‪ ،‬أكثر بكثير مما سببه سقوط آدم والخطية‪-2‬‬ ‫ض النِّ ْع َم َة =‬ ‫ما قدمه المسيح يسميه الرسول هنا فَ ْي َ‬ ‫‪ 1.‬نلنا التحرر من العقاب‪.‬‬ ‫‪ 2.‬نلنا التحرر من الشر‪.‬‬ ‫‪ 3.‬الميالد الجديد‪.‬‬ ‫‪ 4.‬الحياة المقامة‪.‬‬

‫‪ 0.‬صرنا إخوة لإلبن وشركاء الميراث‪.‬‬ ‫‪ :.‬إتحدنا به‪.‬‬

‫‪ 1.‬صرنا أب ار اًر‪.‬‬

‫‪ 8.‬صارت لنا حياة المسيح‪.‬‬ ‫‪َ 9.‬غ َر َس النعمة في حياتنا‪.‬‬

‫‪131‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫‪ .15‬اهلل لم يمنح البراءة فقط من الخطية بل التبرير (راجع المقدمة عن التبرير)‪.‬‬ ‫‪ .11‬صرنا هياكل للروح القدس ومنزالً لآلب واإلبن‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫يـع َّ‬ ‫ـار ِت ا ْل ِه َبـ ُة‬ ‫ص َار ا ْل ُح ْك ُـم إِلَـى َج ِم ِ‬ ‫ـاس للد َّْي ُنوَنـة‪ ،‬ه َكـ َذا ِب ِب ّـر َواحـد َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَِإ ًذا َك َما ِب َخطيَّة َواح َدة َ‬ ‫صَ‬ ‫ير ا ْلحي ِ‬ ‫الن ِ ِ‬ ‫يع َّ‬ ‫اة‪" .‬‬ ‫إِلَى َج ِم ِ‬ ‫اس‪ ،‬لتَ ْب ِر ِ َ َ‬ ‫احااد أي المســيح صــارت الحيــاة لكــل المــؤمنين‪.‬‬ ‫اح ادَة هــي خطيــة آدم صــار المــوت للكــل وهكــذا بَبَاار َو َ‬ ‫بَ َخ َطيَّااة َو َ‬

‫احاد = طاعـة المسـيح‬ ‫لَتَ ْب َري َر ا ْل َحيَا َة = ننال حياة مبررة في المسيح‪ ،‬حياة ال تتبع الخطية والموت والدينونة‪ .‬بَر َو َ‬ ‫حتى الصليب‪.‬‬

‫ِ​ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫آية (‪51" -:)51‬أل ََّن ُه َكما ِبمع ِ‬ ‫ص َي ِة ِ‬ ‫س ِ‬ ‫س ُـي ْج َع ُل‬ ‫ون ُخ َ‬ ‫يـر َ‬ ‫طـاةً‪ ،‬ه َكـ َذا أ َْي ً‬ ‫ضـا ِبِإ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫اعـة ا ْل َواحـد َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ـان ا ْل َواحـد ُجع َـل ا ْل َكث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ون أ َْب َرًارا‪" .‬‬ ‫ير َ‬ ‫ا ْل َكث ُ‬ ‫احا َد = أي آدم الـذي سـلم لذريتـه الطبيعـة التـي َزلَّـت‪ ،‬الطبيعـة الفاقـدة النعمـة والقابلـة‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ان ا ْل َو َ‬ ‫ألَنَّهُ َك َما بَ َم ْع َ‬ ‫س َ‬ ‫صيَ َة َ‬ ‫للمــوت‪ ،‬وكــان المــوت الجســدي صــورة منظــورة للمــوت الروحــي‪ .‬واهلل ســمح بهــذا المــوت أن يســود علــي اإلنســان‬

‫ليخـاف ويتهــذب وينصـلح حالــه‪ ،‬وفـي حالــة تأدبـه يصــلح أن يتقــدس فيتحصـن مــن السـقوط والمــوت األبـدي‪ُ .‬ج َعا َل‬ ‫ا ْل َكثَيا ُرونَ ُخطَااةا هـو يقصــد الكـل ولكنـه يقـول الكثيـرون‪ ،‬ألن الخطيـة ليســت عمـالً إلزاميـاً فحريـة اإلرادة هـي التــي‬ ‫اان = المعصـية هنـا‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫تجعل اإلنسان خاطئاً‪ ،‬وكذلك حرية اإلرادة هي التـي سـتجعل طالـب البـر بـا اًر‪َ .‬م ْع َ‬ ‫س َ‬ ‫صايَ َة َ‬ ‫هي التعدي علي وصية اهلل التي سلمها آلدم‪.‬‬ ‫اح ا َد = أرســل اهلل المســيح ليحمــل طبيعــة اإلنســان ليرتقــي بهــا إلــي فــوق الطبيعــة الخاطئــة التــي‬ ‫ه َك ا َذا بَإَطَا َع ا َة ا ْل َو َ‬

‫لإلنسان الساقط‪ .‬فغرس في طبيعة اإلنسان النعمة عوضاً عن الخطية‪ .‬ووهبها روح الحياة األبدية والقداسة لتقوي‬ ‫علــي ســلطان المــوت وتدوســه‪ .‬كــان هــذا كلــه بإطاعــة الواح ـد‪ ،‬أي إطاعــة المســيح حتــى المــوت مــوت الصــليب‬

‫(فــي‪ .)822‬ولــنالحظ أن الطبيعــة المبــررة التــي فينــا تعطينــا أن نطيــع الوصــية كمــا أطــاع هــو‪ .‬فالنعمــة ال تنــزع‬ ‫الخطايا فقط‪ ،‬بل تهب البر‪ .‬نحن ورثنا عن آدم عصيانه وحملنا هذه الطبيعة فينا‪ .‬لذا جاء السيد المسيح بنعمته‪،‬‬

‫يقدم لنا طاعته لنحياها ونحمل طاعة المسيح فينا‪.‬‬ ‫‪:2‬‬ ‫َما‬ ‫آية (‪َ " -:):2‬وأ َّ‬ ‫وس فَد َ​َخ َل‬ ‫َوأَ َّما النَّا ُم ُ‬

‫الناموس فَ َد َخ َل لِ َكي تَ ْكثُر ا ْل َخ ِط َّي ُة‪ .‬و ِ‬ ‫اد ِت ِّ‬ ‫الن ْع َم ُة ِج ًّدا‪" .‬‬ ‫لك ْن َح ْي ُ‬ ‫ث َكثَُر ِت ا ْل َخ ِط َّي ُة ْازَد َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫لَ َك ْي تَ ْكثُ َر ا ْل َخ َطيَّةُ (الترجمة األدق التعدي) وقوله دخل يشير إلي أنه وقتي وليس أصيالً‬

‫(غل‪ )2323‬ولكن ما الذي جعل الخطية تكثر‪-2‬‬

‫‪ 1.‬الممنوع مرغوب والمنع جعل الشهوة تزداد‪ .‬وهذا بسبب طبيعة العصيان التي صارت فينا (هذه عكس طاعة‬ ‫المسيح)‪.‬‬

‫‪132‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس)‬

‫‪ .2‬الخطية كانت غير معروفة‪ ،‬ولكنها صارت معروفة ومحددة‪ ،‬بل صارت تعدي علي ناموس اهلل وكسر‬ ‫لوصايا وضعها اهلل‪.‬‬

‫ولم يكن السبب لعيب في الناموس بل إلهمال من قبلوه‪ ،‬وكان البد هلل أن يعلن عن الخطية ليتحاشاها اإلنسان‬

‫وال يهلك‪ .‬ولنالحظ أن الناموس كان كالمرآة‪ ،‬فالمرآة ال تسبب العيب الذي في وجه اإلنسان بل هي تكشفه‪ .‬هي‬

‫تكشفه لكن ال تصلحه‪ ،‬وهذا هو الفارق بين الناموس والنعمة‪.‬‬ ‫َول َكنْ َح ْي ُ‬ ‫ت ا ْل َخ َطيَّةُ ْ‬ ‫ت النِّ ْع َمةُ َج ادا = كان هـذا بمجـيء المسـيح فـي عـالم سـاده اإلثـم والخطيـة‪ .‬ومعنـي‬ ‫ازدَا َد َ‬ ‫ث َكثُ َر َ‬ ‫اآلية أنه في األماكن التي تكثر فيها الخطيـة يـزداد عمـل اهلل وتـزداد النعمـة جـداً‪ .‬وحيـث كثـر عمـل الشـيطان فـان‬

‫اهلل ال يترك له المجال‪ ،‬بل يزداد عمل اهلل جداً ليسند اإلنسان بقوة وليحفظ اهلل أوالده‪ .‬ولنالحظ تركيب اآلية‪.‬‬

‫حيث كثرت الخطية…‪ .‬إزدادت النعمة جداً‪.‬‬

‫لو كانت الخطية ‪0‬وحدات…‪.‬‬

‫لكانت النعمة ‪15‬وحدات‪.‬‬

‫لو كثرت الخطية إلي ‪ 15‬وحدات إلزدادت النعمة إلي ‪155‬وحدة‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫آية (‪َ :5" -:):5‬حتَّى َك َما َملَ َك ِت ا ْل َخ ِط َّي ُة ِفي ا ْل َم ْو ِت‪ ،‬ه َك َذا تَ ْملِ ُك ِّ‬ ‫يح‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫الن ْع َم ُة ِبا ْل ِبِّر‪ ،‬ل ْل َح َياة األ َ​َبديَّة‪ِ ،‬ب َي ُ‬ ‫َرِّب َنا‪" .‬‬ ‫تقريباً هي نفس المعني في (آية‪)11‬‬

‫أمامنا هنا مملكتان‪ .‬مملكة تسودها الخطية ونهاية شعب هذه المملكة الموت‪ .‬ومملكة يسودها البر ونهايتها حياة‬

‫أبدية‪ .‬في المملكة األولي الخطية تملك علي الناس (رو‪ .)122:‬والثانية تملك النعمة علي الناس فيها‪ .‬وهم‬ ‫كملِك يتسيد (تسودكم‪ )142:‬وهي‬ ‫يعيشون في بر (رو‪ .)142:‬والحظ كم هي مرعبة هذه الخطية فهي تملك َ‬ ‫تقتل (رو‪ .)1121‬فهي تقود الناس إلي الموت‪ .‬لو كانت الخطية سهلة لما كان األمر يستدعي تجسد المسيح‬

‫وفدائه‪ .‬فالخطية تعمل للموت‪ ،‬والناموس يساندها‪ ،‬ويحكم علي الخاطئ بالموت‪ .‬أما بعد المسيح وبعد أن قَ َّدم‬

‫المسيح نعمته‪ ،‬لم نعد نخاف الخطية وال نرهب الموت‪ ،‬بل ننشغل باألمجاد المعدة لنا‪ .‬بر اهلل ألغي الموت‬

‫فإنكسرت شوكة الخطية وفقدت سلطانها الذي تحصنت فيه‪ .‬والعكس فالنعمة أورثت الروح ُمْلك الحياة األبدية‬ ‫ومْل َكها في الموت‪-‬‬ ‫ببر اهلل‪ .‬وهكذا تماماً كما ملكت الخطية وسيطرت علي الجنس البشري‪ ،‬وظهر سلطانها ُ‬

‫فدولة الموت هي دولة الخطية‪ -‬هكذا أيضاً تملك النعمة بواسطة عطية البر حتى تسود الحياة األبدية بواسطة‬ ‫يسوع المسيح ربنا‪ .‬فالنعمة تقود للحياة األبدية‪ .‬ودولة البر (التبرير) هي دولة الحياة األبدية‪.‬‬

‫‪133‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫اإلصحاح السادس‬

‫عودة للجدول‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫نــري فــي هــذا اإلصــحاح عمــل المعموديــة‪ ،‬وأنهــا دفــن مــع المســيح ومــوت ثــم قيامــة معــه‪ ،‬صــلب لإلنســان العتيــق‬ ‫ليقوم اإلنسان الجديد‪ .‬ويلزمنا هنا أن نضع تعريفات تساعدنا علي الفهم‪-2‬‬

‫اإلنسان العتيق‪ -2‬يقول داود النبي "باإلثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي" (مز‪ )0201‬وفـي (رو‪ )2521‬نسـمع‬ ‫ـي‪ ،‬وفـ ــي (رو‪ ):2:‬نسـ ــمع تعبيـ ــر اإلنسـ ــان العتيـ ــق‪ ،‬وكـ ــذلك فـ ــي (كـ ــو‪+ 923‬‬ ‫قـ ــول الرسـ ــول الخطيـ ــة السـ ــاكنة فـ ـ َّ‬ ‫أف‪ .)2224‬وفي (رو‪ ):2:‬نسـمع تعبيـر جسـد الخطيـة‪ .‬مـن كـل هـذا نفهـم أننـا ولـدنا بطبيعـة خاطئـة شـريرة وذلـك‬ ‫قبل اإليمان والمعمودية‪ .‬هذه الطبيعة الخاطئة لها دوافع شريرة وتقود اإلنسان ليفعل الشر‪ ،‬وهي تسـتخدم أعضـاء‬

‫جسد اإلنسان كآالت إثم‪ ،‬أي لتنفيذ الشر‪ .‬واإلنسان العتيق هذا يموت في المعمودية ويولد بدالً منه إنسان جديد‪.‬‬

‫اإلنسان الجديد‪( -2‬كو‪ )1523‬ونسمع في (‪2‬كو‪ )1:24‬عن اإلنسان الداخلي "لذلك ال نفشل بل وان كان إنسـاننا‬ ‫الخارج يفني فالداخل يتجدد يوماً فيوم" اإلنسان الجديد الداخلي يقوده الروح القدس‪.‬‬

‫اإلنســـان الخـــارجي‪ -2‬هــو أعضــاء الجســم (اليــد والرجــل والعــين… الــخ) واهلل يســمح بــأن يتــألم الجســد (اإلنســان‬ ‫الخارجي) حتى يتجدد الداخلي (‪2‬كو‪ )1:24‬وتشبيه الرسول الخطية بإنسان أو بجسد يعنـي أنهـا تمثـل كـائن حـي‬

‫يتصـرف ليسـقطنا‪ .‬ونالحـظ تكـرار كلمـة عبـد فـي اآليـات(‪ )23-10‬ثمـان مـرات‪ .‬وهـذا يشـير لسـطوة الخطيـة التــي‬ ‫تسود اإلنسان وتستعبده‪ ،‬هي تستعبد أعضاء اإلنسان الخارجي ليطيعها ويصنع الخطية‪ ،‬وتصبح األعضاء أالت‬

‫إثم‪ .‬وبالمعمودية يمـوت هـذا اإلنسـان العتيـق ويولـد إنسـان جديـد يقـوده الـروح القـدس‪ ،‬وهـو أيضـاً قـادر أن يسـتعبد‬

‫أعضاء الجسم ويقودها لتصنع البر‪ ،‬وبهذا تصير أعضاء اإلنسان الخـارج آالت بـر‪ .‬إذاً اإلنسـان الـداخلي‪ ،‬سـواء‬ ‫العتيــق أو الجديــد قــادر أن يقــود أعضــاء الجســم‪ .‬والمعموديــة تعطــي موت ـاً لإلنســان العتيــق‪ ،‬ولكنــه يشــبه المــوت‬

‫اإلكلينيكي الذي فيـه يتوقـف القلـب‪ ،‬ولكـن المـخ ال يـزال يعمـل‪ ،‬وبالصـدمات الكهربائيـة يعـود القلـب للعمـل‪ .‬وهكـذا‬

‫اإلنسان العتيق لو أثرته بالشهوات أو الكلمات أو الصور الخليعة… الخ يعـود لينشـط‪ .‬وأيضـاً اإلنسـان الجديـد إذا‬ ‫ط أي مــن اإلنسـانين الــداخليين‪ .‬اإلنسـان العتيــق ينشــط‬ ‫أعطيتـه غــذاؤه ينشـط‪ .‬بعــد المعموديـة‪ .‬أنــا ُح ْـر فــي أن أ َُن ِّشـ ْ‬

‫بممارسة الشر‪ ،‬واثارة الشهوات… الـخ واإلنسـان الجديـد ينشـط بالصـالة والتسـابيح ود ارسـة الكتـاب والخدمـة… ألـخ‬ ‫هذا هو غذاء كل منهما‪.‬‬

‫قصة‪ -:‬أب وأم من أمريكا أرادا الذهاب لنزهة ألسبوع فإتصال بجليسة األطفال لتأتي لطفلهما الرضيع‪ ،‬فوعـدتهما‬ ‫بأن تـأتي‪ ،‬فسـاف ار وتركـا طفلهمـا الرضـيع‪ ،‬ونسـيت جليسـة األطفـال الموضـوع‪ ،‬وعـادا األب واألم بعـد أسـبوع ليجـدا‬ ‫إبنهما واذا به جثة هامدة لماذا؟ ألنهما نسيا أن يطعماه‪.‬‬

‫ونحن في المعمودية يولـد لنـا إنسـان داخلـي فهـل نطعمـه ونغذيـه أم نتركـه يمـوت‪ .‬أي اإلنسـانين الـداخليين نغذيـه‪.‬‬

‫الموضوع في يدنا‪ .‬فالمعمودية ال تلغي حريتنا‪ .‬ولكن بالمعمودية المسيح يحررنـا مـن الطبيعـة الخاطئـة فـال يجـوز‬

‫‪134‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫إمــا فــي نمــو‪ ،‬واإلنســان الجديــد ينمــو‬ ‫أن نعــود لعبوديتهــا م ـرة أخــري فــإن العبوديــة لهــا تقــود للمــوت‪ .‬والحــظ أننــا ّ‬ ‫واإلنسان العتيق يضمحل أو العكس ننحدر وينمو اإلنسان العتيق ويضمحل اإلنسان الجديد‪.‬‬

‫اإلنسان العتيق‪:‬‬

‫اإلنسان العتيق‬ ‫"الخطية"‬

‫نح ـ ــن مولــ ــودين هكــ ــذا بطبيعـ ـ ــة منفتح ـ ــة علــ ــي الشـ ـ ــر والخطيــ ــة‬ ‫والشيطان‪ .‬طبيعة منحرفة‪ .‬فيها اإلنسـان العتيـق يسـتخدم أعضـاء‬

‫الجسم الخارجي كآالت إثم‪ .‬القائد هنا هو الخطية‪.‬‬

‫اإلنسان الخارجي‬

‫بالمعمودية‬

‫ووِلـ َـد اإلنســان الجديــد‪ ،‬حياتــه هــي حيــاة المســيح‬ ‫مــات اإلنســان العتيــق ُ‬ ‫القائم من بين األموات‪ .‬وهـذا اإلنسـان الجديـد منفـتح علـي اهلل‪ ،‬حواسـه‬ ‫مفتوحــة علــي الســماء‪ .‬وال يشــبعه ســوي اهلل‪ .‬ويســتخدم أعضــاء الجســد‬

‫اإلنسان الجديد‬

‫الخارجي كآالت بر لخدمة اهلل الذي يحبه‪ ،‬القائد هنا هو الروح القدس‬ ‫‪ .‬ه ـ ــذا ي ـ ــتم بالمعمودي ـ ــة للص ـ ــغار أو باإليم ـ ــان أوالً والمعمودي ـ ــة ثانيـ ـ ـاً‬ ‫للكبــار‪ .‬بالمعمودي ــة تم ــوت الطبيعــة الفاس ــدة‪ .‬مث ــل هــذا اإلنس ــان يج ــد‬

‫جسد الخطية‬

‫للنعمة سلطان جبار‪ ،‬قادرة أن تحفظه من الخطية بل تقوده لعمل البر‬ ‫بلذة‪.‬‬

‫ونحصل علي طبيعة اإلنسان الجديد كاآلتي ‪2‬‬ ‫‪ .1‬من آمن واعتمد خلص (إيمان ‪ +‬معمودية)‪.‬‬ ‫‪ .2‬أميتوا أعضاءكم… (جهاد سلبي)‪.‬‬

‫‪ .3‬تغذية هذا اإلنسان الجديد (جهاد ايجابي)‪.‬‬

‫"إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق" (كو‪)123‬‬ ‫المرتد عن اإليمان (من يثير اإلنسان العتيق)‬

‫ه ــذا ه ــو م ــن يثي ــر ش ــهواته ويجع ــل جس ــد الخطي ــة يس ــتيقظ‪.‬‬ ‫ويهمــل جهــاده (ســلبي وايجــابي)‪ .‬فهــو يغــذي جســد الخطيــة‬

‫اإلنسان الجديد‬ ‫جسد الخطية‬

‫بخطايــاه ويحــرم اإلنســان الجديــد مــن غــذاؤه (إهمــال الصــالة‬

‫والكتـاب المقـدس ووســائط النعمـة‪ )..‬هنـا يعــود جسـد الخطيــة‬ ‫ليقود أعضاء اإلنسان ويجعلها آالت إثـم‪ ،‬مثـل هـذا اإلنسـان‬

‫ال يشـ ــبعه سـ ــوي العـ ــالم وال يعـ ــود يـ ــري اهلل‪ ،‬فـ ــال يطلـ ــب اهلل‬ ‫ليشبعه فهو ال يفهم سوي شهوات العالم ‪ .‬هـذا اإلنسـان يجـد‬

‫للخطية سلطان جبار‪.‬‬

‫‪135‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫يقول بولس الرسول أن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد (غل‪.)1120‬‬

‫ـي والــروح يقصــد بــه الــروح القــدس الــذي يقــود‬ ‫والرســول يقصــد بالجســد هنــا الشــهوة الخاطئــة‪ ،‬أو الخطيــة الســاكنة فـ َّ‬ ‫اإلنسان الجديد‪ .‬ولكن بولس ال يهـاجم الجسـد الخـارجي بأعضـائه‪ ،‬بـل يهـاجم اإلنسـان العتيـق المنفـتح علـي الشـر‬ ‫ويســتعبد أعضــاء اإلنســان الخــارجي فتتلــذذ بالشــر‪ .‬وحــين يكــون اإلنســان العتيــق هــو القائــد‪ ،‬يكــون هــذا اإلنســان‬ ‫شهواني أما لو كان اإلنسـان الجديـد هـو القائـد‪ ،‬يكـون هـذا اإلنسـان روحـاني‪ .‬والرسـول ال يهـاجم الجسـد بأعضـائه‬

‫الخارجية‪ ،‬فالجسد ليس نجاسة واالّ ما كان المسيح أخذ جسداً مثلنا‪ .‬بل أن عظام إليشع أقامت ميت‪ .‬وحتى اآلن‬ ‫فعظام القديسين تصنع معجزات‪.‬‬

‫عمل النعمة وعمل الخطية‬ ‫هناك ظاهرة طبيعية تفسر ما يحدث تسمي ظاهرة الرنين‪ ،‬فهناك آالف الموجات الالسلكية تمـر فـي الجـو حولنـا‪،‬‬

‫ولكن إذا حدث توافق بين دوائر الراديو ودوائر أي محطة إرسال يحدث تقوية إلشارات هذه المحطة ونجـد الراديـو‬ ‫يذيعها‪.‬‬

‫هنــاك عش ـرات المحطــات تبعــث بإرســالها ويســتقبلها اإلي ـ‬

‫بحس ــب مفت ــاح إختي ــار المحط ــات نوف ــق دوائ ــر الرادي ــو م ــع‬

‫إحـ ــدى المحطـ ــات‪ .‬وحينمـ ــا يحـــدث توافـ ــق تتضـ ــخم إشـ ــارات‬

‫المحطة رقم ‪ 12‬مع االختيار لمحطة رقـم ‪ 12‬فيـذيع الراديـو‬

‫عشرات اإلشارات‬ ‫من محطات مختلفة‬ ‫السماعة‬ ‫مفتاح اختيار‬ ‫المحطات‬

‫تتضـ ــخم النعمـ ــة داخلـ ــي‪ .‬وحينـ ــا تتطـ ــابق إرادتـ ــي م ـ ــع إرادة‬

‫نسمع‬ ‫إذاعة‬ ‫‪12‬محطة‬

‫راديو‬

‫صوت محطة رقم ‪.12‬‬

‫بـ ــنفس الفك ـ ـرة السـ ــابقة حينمـ ــا تتطـ ــابق إرادتـ ــي مـ ــع إرادة اهلل‬

‫إيريال‬

‫محطة لذة الجسد‬ ‫إرادة الشيطان المتع‬ ‫العالمية‬

‫محطة مجد للا‬ ‫إرادة للا خالص‬ ‫نفسي‬

‫الشــيطان تشــتعل الشــهوات الخاطئــة داخلــي والموضــوع فــي‬ ‫ي ــدي‪ .‬االختي ــار ف ــي ي ــدي‪ .‬فحينم ــا تك ــون أعم ــالي وجه ــادي‬

‫لحس ــاب مج ــد اهلل تنس ــكب النعم ــة داخل ــي نعم ــة ف ــوق نعم ــة‬

‫(يو‪ )1:21‬والعكس‪.‬‬

‫وهكذا إذا حدث توافق بين إرادتي وبين الخطية أجد أن‬

‫إرادتي‬ ‫خالص نفسي‬

‫إرادتي‬ ‫متعة عالمية‬

‫اإلختيار في يدي‬ ‫(مفتاح اختيار المحطات)‬

‫الخطيــة لهــا قــوة جبــارة قــاهرة‪ .‬واذا حــدث توافــق بــين إرادتــي وبــين إرادة اهلل‪ ،‬أجــد أن النعمــة لهــا قــوة جبــارة تجعلنــي‬ ‫غيــر قــادر علــي عمــل الشــر‪ ،‬بــل أعمــل البــر بلــذة‪ .‬لــذلك ســأل الســيد المســيح المقعــد "هــل تريــد أن تبـرأ" (يــو‪):20‬‬ ‫ويقول السيد "كم مرة أردت ولم تريدوا (مت‪ .)31223‬فمن يغذي اإلنسـان الجديـد بالصـالة والكتـاب المقـدس "لـيس‬

‫بالخبز وحده يحيـا اإلنسـان بـل بكـل كلمـة تخـرج مـن فـم اهلل (مـت‪ .)424‬ويغـذي إنسـانه الجديـد بإرادتـه‪ ،‬فتتفـق فـي‬ ‫هــذا إرادة اإلنســان مــع إرادة اهلل الــذي يريــد أن الجميــع يخلصــون (‪1‬تــي‪ )422‬إذا حــدث هــذا اإلتفــاق‪ ،‬يكــون للنعمــة‬

‫قوة جبارة حافظة تمنع السقوط‪.‬‬

‫‪136‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬ ‫‪:‬‬ ‫ين متْ َنـا ع ِـن ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫شـا! َن ْح ُ َّ ِ‬ ‫اآليات (‪5" -:):-5‬فَما َذا َنقُو ُل؟ أَ​َن ْبقَى ِفي ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫َّة لِ َكـي تَ ْكثُ َـر ِّ‬ ‫َّـة‪،‬‬ ‫الن ْع َمـ ُة؟ َحا َ‬ ‫َ‬ ‫ـن الـذ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫يها؟"‬ ‫َك ْي َ‬ ‫ف َن ِع ُ‬ ‫يش َب ْع ُد ف َ‬ ‫سبق بولس وقال أنه حيث كثرت الخطية إزدادت النعمة جداً‪ .‬وربما أثار هذا القول بعض الناس فتسـاءلوا أَنَ ْبقَى‬

‫فَي ا ْل َخ َطيَّ َة لَ َك ْي تَ ْكثُ َر النِّ ْع َمةُ واإلجابة َحاشَا = أي ال يجب أن ننطق بهذه األقوال التي ال ترضي اهلل‪ .‬هذا سؤال‬ ‫ِ‬ ‫ـع لتـزداد النعمـة أال وهـو دم المسـيح‪ .‬وهـو سـؤال يـدل علـي عـدم فهـم لمـا حـدث علـي‬ ‫من ال يعـرف الـثمن الـذي ُدف َ‬ ‫الصليب‪ .‬فالمسيح لم يمت ألجل خطيته فهو بار بال خطية‪ ،‬بل هو مات بجسد البشرية كلها‪ ،‬وأنا واحد مـن هـذه‬ ‫البشرية‪ ،‬فهو مات من أجلي‪ .‬فصار موته موتي= نَ ْحنُ الَّا َذينَ ُم ْتنَاا والـذي مـات هـو اإلنسـان العتيـق‪ .‬ومـن يعتمـد‬ ‫فهو يموت مع المسيح فتموت خطيته‪ .‬فالمعمودية أماتت الخطية فينا وأعطتنا أن نكون خليقة جديدة‪ .‬ولكي تظل‬

‫الخطيــة ميتــة‪ ،‬علينــا أن نســتمر فــي الجهــاد بــأن نقــف أمــام الخطيــة كــأموات‪ .‬المســيح مــات بجســد بش ـريتنا‪ ،‬وأنــا‬ ‫أشترك مع المسيح في موته بالمعمودية‪ .‬وقوة هذا الموت تعمل فينا‪2‬‬

‫‪ 1.‬باإليمان‪.‬‬

‫‪ 2.‬بالمعمودية‪.‬‬ ‫‪ 3.‬بإرادتنا بأن نحسب أنفسنا أمواتاً عن الخطية (رو‪ )112:‬وبهذا تظهر حياة يسوع فينا (‪2‬كو‪.)12 ، 11 2 4‬‬

‫وبقــوة هــذا المــوت تمــوت الخطيــة فــي أعضــائنا بقــوة الــروح الــذي فينــا (كــو‪ + 023‬رو‪ .)1328‬هــذا مــا عنــاه بــولس‬

‫الرســول حينمــا قــال مــع المســيح صــلبت (غــل‪ .)2522‬وفــي (غــل‪ )2420‬نــري العمــل اإلرادي لإلنســان بوضــوح "‬

‫ولكــن الــذين هــم للمســيح قــد صــلبوا الجســد مــع األهـواء والشــهوات"… هـؤالء نجــد فــيهم ثمــر الــروح (غــل‪، 22 2 0‬‬

‫‪ )23‬ومن ثمر الروح‪ ..‬النعمة‪ .‬لذلك يقول بولس الرسول "أقمع جسدي وأستعبده"‪ .‬ولكن من يعـود بإرادتـه ويعـيش‬ ‫فــي الخطيــة يثــور فيــه جســد الخطيــة م ـرة ثانيــة وبقــوة‪ .‬وكــل إنســان حــر فــي أن يختــار‪ ،‬إذا إختــار أن يمــوت مــع‬

‫المســيح ويحســب نفســه مصــلوباً عــن عــالم الخطيــة ســيجد قــوة تعمــل فــي داخلــه هــي قــوة مــوت المســيح‪ ،‬ويجــد أن‬

‫الخطية تضمحل في أعضائه واذا إختار أن يعيش للخطية لن يختبر هذه القوة بل سيشعر أن الخطية تسود عليه‬ ‫بقوة وتقهره‪.‬‬

‫ـلم قـانوني سـار عليـه المسـيح ‪،‬‬ ‫فالنعمة هي عمل الروح القدس‪ ،‬والروح القـدس يمـأل مـن صـلب جسـده ‪ .‬وهنـاك س َّ‬ ‫وينبغــي أن نســير عليــه نحــن أيض ـاً ‪ .‬فــالروح القــدس حـ َّـل علــى الكنيســة بعــد الصــعود‪ .‬والصــعود أتــي بعــد القيامــة‬ ‫والقيامة أتت بعد الموت‪ ..‬والموت أتي بعد الصلب‪.‬‬

‫وهذا ما هو مطلوب منا‪ ..‬فلكي نتـذوق الحيـاة السـماوية (الصـعود) ينبغـي أن نقـوم مـع المسـيح‪ ،‬أي يحيـا المسـيح‬

‫في‪ ،‬أي أحيا بحياة المسيح القائم من األموات (قيامة) وليتم هذا يجب أن أقف كميت أمام الخطية (الموت) وهـذا‬ ‫َّ‬ ‫بأن أحكم علي جسدي بالصلب عن أهوائه وشهواته‪ ،‬هذا معني "مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيـا‬ ‫في" (غـل‪ ،)2522‬والسـيد المسـيح يقـول "مـن أراد أن يبنـي برجـاً فليحسـب حسـاب النفقـة" والبـرج هـو أن نحيـا حيـاة‬ ‫َّ‬ ‫سماوية‪ .‬والنفقة هي جسد مائت مصلوب‪ .‬ونالحظ أن المسيح عاش علي األرض مختب اًر حيـاة المـوت‪ ،‬ومـن أراد‬

‫أن يكون له تلميذاً فليحمل صليبه ويتبعه في ممارسـة المـوت اإلختيـاري‪ .‬ولقـد قبـل المسـيح المعموديـة رمـ اًز لموتـه‬

‫‪137‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫قبــل أن يمــوت علــي الصــليب‪ ،‬وكــان هــذا عالمــة لقبولــه المــوت بإرادتــه‪ .‬وهــذا هــو معنــي أن تزهــر عصــا هــرون‬

‫الميتــة‪ .‬وهــذا معنــي "مــن أحــب نفســه يهلكهــا"‪ .‬والمـرأة التــي ســكبت الطيــب (مــر‪ .)9-3214‬قــال عنهــا المســيح أن‬ ‫عملها هذا سيكون ك ارزة‪ ،‬ألن الك ارزة هي أن يسكب اإلنسان نفسه حتى الموت ألجل المسيح‪ .‬العـالم يـري أن هـذا‬

‫إتالف‪ ،‬ولكن اهلل يستحق أن أترك ألجله كل شئ‪.‬‬

‫ونالحظ أن الرسول تكلم من قبل عن بنوتنا إلبراهيم‪ ،‬وهنا يرفعنا لدرجة أعلي هي البنوة هلل في المعمودية ليعيش‬

‫الكل كأبناء هلل (أمم ويهـود) فـي جـدة الحيـاة أي الحيـاة الجديـدة المقامـة مـع المسـيح‪ .‬فـنحن بالمعموديـة نمـوت مـع‬

‫ـي) يعطينـي بـره‪ ،‬فأحيـا ألصـنع بـ اًر‪ .‬وتكـون أجسـادنا‬ ‫المسيح (عن الخطية) ثم نقوم بحياة المسـيح (المسـيح يحيـا ف َّ‬

‫في ألصنع البر‪ .‬هـذا هـو مفهـوم الحريـة‪ ،‬أي ممارسـة الحيـاة المقدسـة بالنعمـة‬ ‫آالت بر‪ .‬وقوة قيامة المسيح تعمل َّ‬ ‫اإللهية‪ ،‬بروح البنوة هلل‪.‬‬ ‫ولكن هل يوجد إنسان بـال خطيـة‪ ،‬نقـول ال‪ .‬فكـل منـا لـه خطايـاه (‪1‬يـو‪ )15 ، 8 2 1‬لكـن أوالد اهلل يسـقطون عـن‬

‫ضعف ويقومـون سـريعاً مقـدمين توبـة‪ ،‬يقومـون سـريعاً كمـن هـم غربـاء عـن هـذا العمـل‪ ،‬وال يطيقـون أن يحيـوا فـي‬

‫الخطية‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫ِ‬ ‫ـه ِبا ْلم ْعم ِ‬ ‫ِ ِ ِ ‪َّ ِ 4‬‬ ‫ود َّيـ ِـة‬ ‫ع ا ْل َم ِسـ ِ‬ ‫ســو َ‬ ‫اآليــات (‪ " -:)4-3‬أ َْم تَ ْج َهلُـ َ‬ ‫ـيح ْ‬ ‫ـون أ ََّن َنــا ُكـ َّـل َمـ ِـن ْ‬ ‫اعتَ َمـ َـد ل َي ُ‬ ‫اعتَ َمـ ْـد َنا ل َم ْوتــه‪ ،‬فَـ ُـدفنا َم َعـ ُ َ ُ‬ ‫َّة ا ْلحي ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلب‪ ،‬ه َك َذا َنسلُ ُك َن ْح ُن أ َْي ً ِ‬ ‫لِ ْلمو ِت‪ ،‬حتَّى َكما أ ُِقيم ا ْلم ِسيح ِم َن األَمو ِ‬ ‫ات‪ِ ،‬بم ْج ِد ِ‬ ‫اة؟"‬ ‫ضا في ِجد َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ايح = هـي فـي أصـلها إعتمـد فـي يسـوع المسـيح ا ْعتَ َما ْدنَا لَ َم ْوتَا َه = إعتمـدنا فـي موتـه‪ .‬صـرنا‬ ‫ا ْعتَ َم َد لَيَ ُ‬ ‫ساو َل ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫بالمعموديــة مشــتركين فــي صــليب موتــه‪( .‬هــذه تشــبه جنــين فــي بطــن أمــه‪ ،‬لــو ماتــت األم يمــوت الجنــين معهــا)‬ ‫فبالمعمودية أصير في المسيح‪ .‬وبطن األم هنا هي المعمودية التي فيها نموت مع المسيح‪.‬‬

‫إنسـاننا العتيــق قــد صـلب ومــات كمــا صـلب المســيح علــي الصــليب ومـات‪ .‬المســيح مــات ودفـن بالجســد‪ ،‬أمــا نحــن‬

‫فنمــوت بالنســبة للخطيــة‪ .‬فجوهرنــا ال يمــوت‪ ،‬بــل إنســان الخطيــة أي الشــر هــو الــذي يمــوت‪ .‬فأنــا مــت مــع المســيح‬ ‫ي = أي أن ـه‬ ‫وفيــه بجســد الخطيــة ‪ ،‬ثــم قمــت معــه‪ .‬فــال ينســب للمســيح مــوت دون قيامــة فهــو القيامــة‪ .‬بَ َم ْج ا َد اآل َ‬ ‫بالقيامة ظهـر مجـد اآلب وتحققـت كـل مواعيـد اهلل ون ارهـا اآلن باإليمـان‪َ .‬جا َّد َة ا ْل َحيَاا َة = أي الحيـاة الجديـدة‪ .‬نقـوم‬ ‫مع المسيح في حياة جديدة فاضلة ونوجه سلوكنا بما يتفق وهذه الحياة الجديدة‪ .‬هي حيـاة بإمكانيـات جديـدة‪ ،‬هـي‬

‫حيـاة المسـيح القـائم مــن األمـوات‪ .‬جـدة الحيـاة هــذه فـي مقابـل حالــة المـوت التـي كنـا نحياهــا كخطـاة‪ .‬وجـدة الحيــاة‬

‫تعني حياة تتجدد وال تشيخ‪ .‬هي حياة لها قوانين جديدة وأهداف جديدة ومبادئ جديدة وأصدقاء جدد‪ .‬والحظ قولـه‬ ‫‪4‬فَ ُدفَنَّا َم َعهُ بَا ْل َم ْع ُمو َديَّ َة فالدفن في المعمودية يشير ألهمية عقيدة التغطيس في المعمودية‪.‬‬ ‫ولكن لنالحظ ان المعمودية التحرمني من الحرية التى جبلني اهلل عليها ‪ .‬اهلل خلقني علي صـورته حـ ار ولـن يعـود‬

‫يحرمني من نعمة أعطاها لي من قبل ‪ .‬إذاً لقد مت في المسيح في المعمودية ‪ ،‬وقمت متحداً به ‪ .‬وبإتحـادي بـه‬

‫صــارت لــي حيــاة المســيح "لــي الحيــاة هــي المســيح" (فــي ‪ ) 21 2 1‬لــذلك فلقــد حصــلت فــي المعموديــة علــي حيــاة‬

‫أبديـة ‪ ،‬فالمسـيح لـن يمـوت ثانيـة ‪ ،‬وحياتــه التـي حصـلت عليهـا هـي أبديــة ‪ .‬ولكـن‪ ،‬علـي أن أجاهـد أن أظـل ميتــا‬

‫‪138‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫في ‪ .‬ويمكننا ان نقـول كـل مـن يجاهـد أن يبقـي ميتـا بحيـاة آدم سـيظل حيـاً لألبـد‬ ‫أمام الخطية فتظل حياة المسيح َّ‬ ‫ـي‬ ‫بحياة المسيح ‪ .‬وهذا معني "مـن آمـن واعتمـد خلص"(مـر ‪ ) 1: 2 1:‬فالمعموديـة سـر يتممـه الكـاهن ولكـن عل َّ‬

‫ـي وأنـا فـيكم " ‪ .‬المعموديـة ليسـت طقـس يـتم‬ ‫أن أجاهد حتـي أظـل ثابتـا فـي المسـيح ‪ .‬لـذلك يقـول المسـيح "إثبتـوا ف َّ‬ ‫وانتهي األمر ‪ ،‬لكن ال بد أن يتبعها قرار بإستمراري ميتا أمام الخطيـة ( رو ‪ ) 11 2 :‬فنظـل ثـابتين فـي المسـيح‬ ‫‪ ،‬وبالتالي فـالروح القـدس الـذي إنسـكب علـي المسـيح يـوم معموديتـه يمألنـا ‪ ،‬وهـو الـذي يعطـى النعمـة التـي تجـدد‬

‫طبيعتنــا وتجعلنــا خليقــة جديــدة ‪ .‬فســر الميــرون يســمى ســر التثبيــت ألن الــروح القــدس هــو الــذي يبكتنــا إن أخطأنــا‬

‫وهو الذى يعين ضعفاتنا فيعيدنا للثبات في المسيح إن أخطأنا ‪ ،‬والخطية قطعاً تفصلنا عن المسيح‪ .‬واذا أعادنـا‬

‫الروح للثبات في المسيح تعود لنا الحياة ‪ ،‬لذلك نسمي الروح القدس الروح المحيي‪.‬‬

‫صير أ َْي ً ِ‬ ‫ِ ِ ِ​ِ ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬أل ََّن ُه إِ ْن ُك َّنا قَ ْد ِ‬ ‫ام ِت ِه‪" .‬‬ ‫ص ْرَنا ُمتَّ ِح ِد َ‬ ‫ين َم َع ُه ِبش ْبه َم ْوته‪َ ،‬ن ُ‬ ‫ضا ِبق َي َ‬ ‫ش ْب َه َم ْوتَا َه = ألن المسـيح مـات بالجسـد‪ ،‬أمـا‬ ‫ُمتَّ َح َدينَ َم َعهُ = المعمودية هي فرصة اإلتحاد الحقيقي مع المسـيح بَ َ‬ ‫نحن فنموت عن الخطية‪ ،‬الذي يموت فينا هو اإلنسـان العتيـق‪ .‬إذاً طريـق حياتنـا صـعب فهـو طريـق مـوت‪ .‬لكنـه‬

‫مــبهج‪ ،‬فهــو أيض ـاً طريــق قيامــة‪ .‬الخطيــة تمــوت والبــر يعــيش ويقــوم ونحيــا فــي حيــاة ســماوية (أف‪ ):22‬اإلنســان‬

‫القديم ينتهي والجديد السماوي يعيش‪ .‬إننا نقوم في هذه الحياة الجديدة لنحيا بحياة المسيح القائم من بـين األمـوات‬

‫في هي حياته المقامة من بـين األمـوات‪ .‬ومـن يسـمع صـوته‬ ‫فنحن إتحدنا معه في موته وفي قيامته‪ ،‬فالحياة التي َّ‬ ‫اآلن ويتوب يقوم من مـوت الخطيـة وهـذه هـي القيامـة األولـي‪ ،‬ومـن يعيشـها تكـون لـه القيامـة الثانيـة أي يقـوم مـن‬ ‫بين األموات لحياة أبدية في مجد اهلل في المجـيء الثـاني (يـو‪ .)29-2420‬إذاً إن كنـا قـد إتحـدنا معـه بالمعموديـة‬

‫التي تشبه موته‪ ،‬فإنـه كنتيجـة طبيعيـة لـذلك سنصـبح أيضـاً واحـداً معـه‪ ،‬مـع المسـيح‪ ،‬متحـدين معـه بقيامتـه‪ ،‬علـي‬

‫أساس أن نظل أمواتاً عن الخطايا‪ ،‬فنظل ثابتين فيه‪ .‬ونالحظ أن هناك نوعين من الموت‪2‬‬

‫[‪ ]1‬الموت‬

‫[‪ ]2‬اإلماتة‬

‫الموت‪ -:‬هو عمل المسيح فينا بدفن خطايانا السابقة‪ .‬وهذا هو هبة منه‪.‬‬

‫اإلماتــة‪ -:‬فلكــي نبقــي أموات ـاً عــن الخطيــة بعــد المعموديــة يلزمنــا الجهــاد حتــى الــدم (عــب‪ .)4212‬ويكــون الجهــاد‬ ‫ضاا‬ ‫صاي ُر أَ ْي ا‬ ‫موضع إهتمامنا حتى يعيننا اهلل (كو‪ + 023‬رو‪ .)112:‬ونالحظ أنه لم يقل نصير بشبه قيامتـه‪ .‬بل نَ َ‬ ‫بَقَيَا َمتَ َه فهو قدم لنا عربون القيامة المقبلة خالل حياتنـا الزمنيـة‪ .‬هـذه هـي القيامـة األولـي = جـدة الحيـاة‪ .‬إن كـان‬

‫السـيد المســيح يهبنـا أن نمــوت معــه فـي المعموديــة‪ ،‬إنمــا ليقـدم لنــا إمكانيــة السـلوك هكــذا‪ ،‬والجهــاد كـل أيــام غربتنــا‬ ‫حتى ال نفقد نعمة المعمودية أو ثمرهـا فينـا‪ .‬فـإن المعموديـة ال يقـف سـلطانها عنـد حـد محـو خطايانـا السـالفة‪ ،‬بـل‬

‫تهبنا أماناً من جهة المعاصي الالحقة‪ ،‬لكن هذا يحتاج إلظهار تغيير النيـة (إماتـة عـن الخطايـا‪ ،‬وتجديـد للـذهن)‬

‫فالمعمودية موت وقيامة بحياة جديدة‪.‬‬

‫واآلن نفهم لماذا ترتل الكنيسة وتقـول " بموتك يا رب نبشر وبقيامتك نعتـرف "بينمـا كـان المفـروض أن مـا نفتخـر‬ ‫به ونبشر به هو القيامة ‪ .‬لكن السؤال هو ‪ ...‬كيف نبشر ‪ ..‬هل يكون هذا بالكالم ؟ هـذه أضـعف وسـيلة للكـ ارزة‬

‫‪139‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫‪ .‬لكن الك ارزة والبشارة تكون فعالـة إذا كنـا نحيـا بمـا نـتكلم بـه ‪ .‬فـإن رآنـا النـاس نحيـا كـأموات أمـام الخطيـة ‪ .‬فهـذه‬

‫هــي الك ـ ارزة‪ ،‬وبهــذا نكــون نــو ار للعــالم ‪ .‬والس ـؤال التــالي يكــون ‪ ..‬ومــا الــذي يجعلنــا نحيــا كــأموات امــام الخطيــة ؟‬ ‫‪....‬هذا ألننا نؤمن أنه لنا حيـاة كلهـا مجـد وفـرح فـي السـماء ‪ ،‬بعـد أن نقـوم مـن األمـوات ‪ .‬ولكـن هـذا يسـتلزم أوال‬

‫أن نؤمن بأن هناك قيامة من االموات ‪ ،‬وبان قيامة المسيح كانـت لحسـابي أنـا ‪،‬أي لكـي تكـون لـي أنـا قيامـة مـن‬ ‫األم ـوات ‪ .‬إذاً أن نحيــا كــأموات للخطيــة فهــذا ألننــا نعتــرف ب ـأن لنــا حيــاة أخــري ســنحياها ‪ ،‬ألن المســيح قــام مــن‬

‫األموات ‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫يـق قَ ْـد ِ‬ ‫ضـا‬ ‫ين ه َذا‪ :‬أ َّ‬ ‫ـه لِ ُي ْب َ‬ ‫ـي الَ َن ُع َ‬ ‫ب َم َع ُ‬ ‫سا َن َنا ا ْل َع ِت َ‬ ‫آية (‪َ " -:)6‬عالِ ِم َ‬ ‫سـتَ ْع َب ُد أ َْي ً‬ ‫صـل َ‬ ‫ـود ُن ْ‬ ‫ط َـل َج َ‬ ‫ُ‬ ‫َن إِ ْن َ‬ ‫س ُـد ا ْل َخطيَّـة‪َ ،‬ك ْ‬ ‫لِ ْل َخ ِطي ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫لَيُ ْب َ‬ ‫ضاا لَ ْل َخ َطيَّا َة = ولـم‬ ‫س ُد ا ْل َخ َطيَّ َة = أي شرور اإلنسان‪ .‬وال يقصد الجسـد لـذلك قـال َكا ْي جَ نَ ُعاو َد نُ ْ‬ ‫ساتَ ْعبَ ُد أَ ْي ا‬ ‫ط َل َج َ‬

‫يقل نستعبد للجسد فالجسد ليس عنصر ظلمة يجب الخالص منه ومقاومته فهو من صنع اهلل الصالح‪ ،‬إنما نحن‬ ‫أفسدناه بإنحراف األحاسيس والعواطف‪ .‬وعندما تنزع هذه األعمال المسببة للموت يظهـر الجسـد فـي أمـان‪ .‬ولـيس‬

‫الجســد ه ـو ال ــذي يصــلب مــع المس ــيح بــل الســلوك األخالق ــي‪ ،‬أو الطبيعــة الفاســدة الت ــي ط ـرأت عليــه وأحاس ــيس‬ ‫الخطيــة‪ .‬ولــنالحظ أن ش ـريكنا فــي الطريــق هــو المســيح الــذي نمــوت معــه‪ ،‬فيعطينــا حيــاة معــه ويهبنــا قــوة وغلبــة‬

‫ونصرة وفكر جديد وتسبحة جديـدة‪ .‬واذ يمـوت جسـد الخطيـة فنتحـرر مـن الخطيـة التـي كانـت مالكـة علينـا‪ .‬ويقـوم‬ ‫إنسان جديد يمجد اهلل‪ ،‬كبذرة زرعت لتخرج شجرة جميلة‪.‬‬

‫ساا ُد ا ْل َخ َطيَّاا َة = هــو الطبيعــة الش ـريرة التــي ولــدنا بهــا مــن بطــون أمهاتنــا‪ ،‬قبــل اإليمــان‬ ‫سااانَنَا ا ْل َعتَياا َ‬ ‫ق ‪َ 000‬ج َ‬ ‫إَ ْن َ‬ ‫ساتَ ْعبَ ُد‬ ‫والمعمودية‪ .‬ولما مات العتيق ما عاد قـاد اًر أن يسـتعمل أعضـاء الجسـد الخـارجي كـآالت إثـم = وجَ نَ ُعاو َد نُ ْ‬

‫ضا لَ ْل َخ َطيَّ َة‪.‬‬ ‫أَ ْي ا‬

‫ات قَ ْد تَب َّأرَ ِم َن ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫آية (‪7" -:)7‬أل َّ‬ ‫َن الَِّذي َم َ‬ ‫َ‬ ‫هذه تعني‬ ‫‪ 1.‬بالموت تسقط الخطية عن المتهم‪.‬‬ ‫‪ 2.‬بالموت تمت عقوبة الناموس فينا‪.‬‬

‫‪ .3‬مــات اإلنســان العتيــق ومــا عــاد قــاد اًر أن يســتعمل األعضــاء كــآالت إثــم‪ .‬بــل صــار الجديــد يســتعملها‬ ‫كآالت بر‪.‬‬

‫إذاً بالمعمودية يموت اإلنسان مع المسيح وبهذا فهو تقبـل حكـم المـوت عـن خطايـاه‪ .‬ويقـوم مـع المسـيح متحصـالً‬

‫علــي حكــم البـراءة مــن خطايــاه (رو‪ )2024‬والــذي مــات يكــف عــن أن يخطــئ وال يتعــرض لســلطان الخطيــة‪ .‬بهــذا‬

‫الموت تنقطع الصلة بين اإلنسان والخطية‪ ،‬إال إذا شاء اإلنسان من جديد أن يعود بجسده إلي ما كان عليه أوالً‪،‬‬ ‫أي يعود به إلي عبودية الخطية‪.‬‬

‫‪140‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬ ‫‪1‬‬ ‫ضا َم َع ُه‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)1‬فَِإ ْن ُك َّنا قَ ْد ُمتْ َنا َم َع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫س َن ْح َيا أ َْي ً‬ ‫يح‪ُ ،‬ن ْؤ ِم ُن أ ََّن َنا َ‬ ‫خاف بولس أن يستثقل المؤمن الطريق ألنه موت مع المسيح‪ ،‬لذلك يوضح أن موتنا عن الخطية ليس حرماناً أو‬

‫خسارة بل ممارسة لقوة الغلبة والنصرة التي لنا بالمسيح غالب الخطية والموت‪ .‬هي حيـاة سـنحياها فـي نصـرة مـع‬

‫المسيح‪ .‬نحن قمنا معـه بإسـتحقاق بـره وقداسـته‪ .‬وأخـذنا حيـاة مـن حياتـه‪ ،‬بهـذه الحيـاة ننـال الفـرح هنـا وحيـاة أبديـة‬

‫هناك‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫َن ا ْلم ِسيح بع َدما أ ُِقيم ِم َن األَمو ِ‬ ‫ت َب ْع ُد‪" .‬‬ ‫ود َعلَ ْي ِه ا ْل َم ْو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ات الَ َي ُم ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬عالِ ِم َ‬ ‫وت أ َْي ً‬ ‫ضا‪ .‬الَ َي ُ‬ ‫َْ‬ ‫ين أ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫المســيح هــزم المــوت وألغــي ســلطانه وهــو اآلن فــي مجــد أبيــه وقــد أعطانــا حياتــه نحيــا بهــا باإليمــان‪ ،‬ومعنــي كــالم‬

‫الرسول أنه لو أردنا أن نحيا للمسيح وال نعود للخطية فهذا ممكـن‪ ،‬وال يكـون للخطيـة سـلطان علينـا مـا دمنـا معـه‪.‬‬

‫ومع أن الخطية عنيفة جداً إال أن المسيح هدم سلطانها‪ ،‬فـال نخـاف أن نسـير معـه فـي الطريـق‪ .‬واآليـة تعنـي أنـه‬ ‫مادام المسيح لن يعـود للمـوت بعـد أن قـام‪ ،‬هكـذا ال يصـح أن نعـود للخطيـة بعـد أن قمنـا معـه وصـرنا نحيـا بحيـاة‬ ‫المسيح‪ ،‬فلماذا نحكم علي إنساننا الداخلي الجديد بالموت مع أنه يحيا بحياة المسيح‪ .‬واآلية تعني أن الحياة التـي‬

‫حصلنا عليها بالمعمودية هـي حيـاة أبديـة‪ ،‬فحيـاة المسـيح هـي حيـاة أبديـة‪ ،‬فهـو لـن يمـوت ثانيـة‪ .‬ونحـن حتـى وان‬

‫متن ــا بالجس ــد فس ــنعود ونق ــوم به ــذه الحي ــاة األبدي ــة الت ــي أخ ــذناها وه ــذا معن ــى "م ــن آم ــن ب ــي ول ــو م ــات فس ــيحيا"‬ ‫(يو‪.)20211‬‬

‫‪52‬‬ ‫اهاِ ِ‬ ‫َّة م َّرةً و ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َن ا ْلمو َ ِ‬ ‫هلل‪" .‬‬ ‫اها فَ َي ْح َي َ‬ ‫اح َدةً‪َ ،‬وا ْل َح َياةُ الَِّتي َي ْح َي َ‬ ‫آية (‪ " -:)52‬أل َّ َ ْ‬ ‫ت الَّذي َماتَ ُه قَ ْد َماتَ ُه ل ْل َخطي َ َ‬ ‫َماتَ اهُ لَ ْل َخ َطيَّا َة = لــم يمــت المســيح عــن ضــعف خــاص بــه إنمــا بســبب خطايانــا‪ ،‬لكــي يحطــم خطايانــا ويبــدد قوتهــا‬

‫احا َدةا ولـم يسـد عليـه‬ ‫ويحل سلطان الخطية فال يعـود لهـا علينـا سـلطان مـا دمنـا فـي إتحـاد معـه‪ .‬وهـو مـات َما َّرةا َو َ‬

‫الموت فقد قام ‪ ،‬ولن يموت ثانية بعد قيامته‪.‬‬ ‫َوا ْل َحيَاااةُ الَّتَااي يَ ْحيَا َهااا فَيَ ْحيَا َهااا َهللَ = بعــد أن قــام صــار يحيــا حياتــه لكــي يمجــد اهلل بــأن يهــب نفــوس البشــر حيــاة‬ ‫مقدسة‪ ،‬يعطينا حياته وبره وبهمـا نمجـد اهلل‪ .‬يهبنـا المـوت عـن الخطيـة والحيـاة لـآلب كأبنـاء لـه‪ .‬والرسـول يريـد أن‬

‫يقول… إن كنا قد حصلنا علي حكم براءة أبدية فبأي منطق نعود للخطية ثانية‪ ،‬هـذا يكـون كمـن يعـود للقبـر بعـد‬ ‫أن قام حياً‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫َحيـاءِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ضا ْ ِ‬ ‫ع‬ ‫هلل ِبا ْل َم ِس ِ‬ ‫سـو َ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)54-55‬كذلِ َك أَ ْنتُ ْم أ َْي ً‬ ‫ـيح َي ُ‬ ‫سـ ُك ْم أ َْم َواتًـا َع ِـن ا ْل َخطيَّـة‪َ ،‬ولك ْـن أ ْ َ ً‬ ‫احس ُبوا أَ ْنفُ َ‬ ‫ِ ِ ‪53‬‬ ‫رِّب َنا‪5: .‬إِ ًذا الَ تَملِ َك َّن ا ْل َخ ِط َّي ُة ِفي جس ِـد ُكم ا ْلم ِائ ِـت لِ َك ِ‬ ‫ـاء ُك ْم آالَ ِت إِثْ ٍـم‬ ‫وهـا ِفـي َ‬ ‫يع َ‬ ‫َع َ‬ ‫ِّموا أ ْ‬ ‫شَ‬ ‫ض َ‬ ‫ـي تُط ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ـه َواته‪َ ،‬والَ تُقَـد ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫‪54‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـن األَمـو ِ‬ ‫هلل َكأ ْ ٍ ِ‬ ‫َّة‪ ،‬ب ْل قَدِّموا َذو ِات ُكم ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ـود ُك ْم‪ ،‬أل ََّن ُك ْـم‬ ‫س َ‬ ‫َع َ‬ ‫ات َوأ ْ‬ ‫ل ْل َخطي َ‬ ‫ـاء ُك ْم آالَت ِب ّـرِ هلل‪ .‬فَـِإ َّن ا ْل َخطيَّـ َة لَ ْـن تَ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫َح َيـاء م َ ْ َ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ستُم تَ ْح َ َّ‬ ‫ت ِّ‬ ‫ام ِ‬ ‫الن ْع َم ِة‪" .‬‬ ‫وس َب ْل تَ ْح َ‬ ‫لَ ْ ْ‬ ‫ت الن ُ‬

‫‪141‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫نري فيها مفهوم التكريس الحقيقي‪ .‬فيهـا يشـرح الرسـول أننـا يجـب أن نحسـب أنفسـنا أمواتـاً عـن الخطيـة وأحيـاء هلل‬ ‫في المسيح‪ .‬إن كان المسيح مات عنا ليبطل لنا سلطان الخطية فإنه ال يليق بنا إالّ أن ُن َسلِّم القلب عرشاً له‪ .‬إذاً‬ ‫لنمت عن الخطية فال تملك علينا بعد ولنحيا هلل بالمسيح يسوع الذي يملك فينا ويقيم مملكة داخل قلوبنا‪ ،‬مقـدمين‬ ‫كل أعضاء جسدنا وكل طاقاتنا لحساب ملكوته كآالت بر بعد أن كانت خاضعة للشهوات كآالت إثم للخطية‪.‬‬ ‫َن ا ْل َخ َطيَّ َة = المعني أن تحكم علـي نفسـك بأنـك إنسـان ميـت أمـام الخطيـة وبـال خـوف فلـم يعـد‬ ‫آية ‪ :55‬أَ ْم َواتاا ع َ‬

‫لها سلطان علينا‪ ،‬بل لقد تب أرنـا منهـا‪ ،‬تب أرنـا بمـا قـدمنا عنـه توبـة واعترفنـا بـه‪ .‬وبعـد ذلـك نقطـع كـل صـلة لنـا بهـا‪.‬‬ ‫وأَ ْحيَااا اء َهللَ = كمــا أن المســيح يحيــا هلل (آيــة‪ )15‬هكــذا يجــب علــيكم أن تعيش ـوا متحــدين بالمســيح‪ ،‬بحيــاة جديــدة‪.‬‬ ‫سااو َل َربِّنَااا = فبدونــه ال نقــدر أن نعمــل شــيئاً (يــو‪ )0210‬فــال يمكــن أن نحيــا هلل بــدون المســيح‪ ،‬وفيــه‬ ‫ايح يَ ُ‬ ‫بَا ْل َم َ‬ ‫سا َ‬ ‫نتراءى أمام اهلل ونعيش أمام اهلل‪.‬‬

‫آية ‪ :5:‬وعلـي ذلـك فـال يجـب أن تتسـلط الخطيـة وتملـك علـي جسـدكم الـذي مـات عـن الخطيـة‪ .‬أي ال يجـب أن‬ ‫نطيعهــا منجــذبين ومنــدفعين بشــهوات هــذا الجســد‪ .‬ومــن يفعــل ويقــرر أن ال ينــدفع وراء شــهواته ســيجد أن النعمــة‬ ‫تعينه فالروح القدس يجعل الشهوات تهدأ والجسد يكون كميت أمامها‪ .‬ولكن لو عاد اإلنسان وتهـاون وبـدأ يـداعب‬

‫الخطية تستيقظ حاالً شهواته‪ ،‬فاإلنسان كان وسيظل ح اًر‪ .‬إذاً خـذوا قـراركم واسـتعملوا القـوة والسـلطان الـذي يعطيـه‬ ‫الروح القدس‪ ،‬ولو سقطتم سارعوا بالتوبة‪ .‬والحظ أنه قال جَ تَ ْملَ َكنَّ ا ْل َخ َطيَّةُ = ولم يقل ال تدعها توجد هناك‪ ،‬فهـي‬ ‫موجودة بالفعل‪ ،‬مادمنا نحمل جسداً قابالً للموت فستحاربنا الخطية‪ .‬ولكن ليتك ال تملكها‪ .‬هي فقدت قدرتها علي‬ ‫أن تملـك‪ ،‬فــال تُم ِّ‬ ‫لك ْهــا أنــت فلــو بــدأت تطيعهــا ســتملك‪ .‬كــأن عبـداً قــد تحــرر بــثمن بــاهظ فنقــول لــه ال تعــود تســتعبد‬ ‫َ‬ ‫ألحــد ثانيــة فهــو اآلن حــر ال ســيد لــه‪ .‬ومــن الــذي تملــك عليــه الخطيــة؟ هــو مــن يجــري وراء شــهوات العــالم فيحيــي‬ ‫اإلنسان العتيـق فتملـك عليـه الخطيـة‪ .‬كثعبـان متجمـد مـن الـثلج‪ ،‬لـو أدفأتـه فـي جيبـي‪ ،‬فـأول مـا سيسـتيقظ يلـذعني‬

‫فأتسمم وأموت‪ .‬هذا الثعبان المتجمد هو الخطية التي قتلتها النعمة‪.‬‬ ‫ْضاااا َء ُك ْم ‪ 2‬هــي الرجــل واليــد والعــين‪ ..‬والفهــم والــذكاء واإلرادة بــل وكــل الملكــات الجســدية والنفســية‬ ‫آيـــة ‪ :53‬أَع َ‬ ‫والروحيــة‪ .‬فــال تقــدموها كــآالت ووســائل لإلثــم‪ ،‬حتــى ال تحــاربكم الخطيــة وتنتصــر علــيكم بواســطة هــذه األعضــاء‪.‬‬

‫فلنحذر أن نخضع أي حاسة من حواسنا الجسدانية للخطية… مثال‪-2‬‬

‫لــو غضــبت ال تحــرك لســانك بالشــتيمة وال يــدك للضــرب‪ ،‬فحينمــا ال يكــون هنــاك آالت للخطيــة ستتالشــي الخطيــة‬

‫يوماً فيوم‪.‬‬

‫والرسول ال يكتفي بمجرد التحذير من الوقوع في الخطية‪ ،‬ولكنه يضيف ناحية إيجابيـة فـي حياتنـا الروحيـة‪ .‬فعلـي‬

‫المؤمنين ليس فقط أن ينقطعوا عن الشر بل يقدموا ذواتهم أي كيانهم كله كتقدمة مكرسـة هلل‪ .‬وهـو قبـل أن يطلـب‬ ‫ت‪ .‬قد حصلنا علي حياة جديدة مقدسة‪ .‬بمعني‬ ‫تقديم أعضاءنا آالت بر هلل يطالبنا بتقديم ذواتنا َكا َ ْحيَاء َمنَ األَ ْم َوا َ‬ ‫أنه لن تتقـدس أعضـاءنا الجسـدية مـا لـم يتقـدس كياننـا ككـل‪ ،‬ونقبـل أن نكـون كالمسـيح أحيـاء هلل آيـة‪ 15‬أي نحيـا‬

‫لمجــد اهلل‪ .‬ثــم نكــرس كــل عضــو مــن أعضــاء جســدنا هلل لكــي تكــون آالت فضــيلة‪ ،‬تســتخدم فــي إظهــار مجــد اهلل‪.‬‬

‫وذلك بممارسة األعمال الفاضلة‪ .‬وهذا معني أن الروح يبكت علي خطية (تموت أعضائنا عـن الخطيـة) ثـم علـي‬

‫‪142‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫بر (نصنع ب اًر)‪ .‬والرسول هنا يؤكد أن الدعوة للموت مع المسيح ليست هي دعوة لتحطيم كيان الجسد بل تقديسه‬

‫[الي ــد عوضـ ـاً أن أس ــتعملها ف ــي الض ــرب والسـ ـرقة (آالت إث ــم) تم ــوت ع ــن الخطي ــة ف ــال تم ــارس ه ــذه األعم ــال ث ــم‬

‫صـلَب ال أعضـاء‬ ‫أستخدمها (كآالت بر) في الصالة ومساعدة المحتـاج‪ ،‬وخدمـة اهلل] فاإلنسـان العتيـق هـو الـذي ُي ْ‬ ‫الجسد‪ .‬والدعوة للموت مع المسيح ليست دعوة سلبية للخسارة والتبديد‪ ،‬إنما هي دعوة إيجابية للـربح‪ .‬فـالموت هنـا‬

‫هو ربح إذ فيه تمتـع بالمعيـة مـع المسـيح المصـلوب القـائم مـن األمـوات القـادر أن يقـيم أعضـائنا كـآالت بـر واهبـاً‬

‫إياها تقديساً من عندياته‪ .‬نحن قد تسلمنا من آدم جسداً إنفتحت حواسـه وأعضـاؤه وملكاتـه (فكـره وارادتـه…) علـي‬ ‫الشيطان (ولكنها غير مجبرة علـي الخضـوع لـه)‪ .‬أمـا المسـيح فجـاء ليميـت فينـا هـذه الطبيعـة المجروحـة المفتوحـة‬ ‫علي الشيطان‪ .‬وأمات الخطية في الجسد ففقدت الخطية تسلطها علي أعضـاء اإلنسـان‪ ،‬وحـرر المسـيح أعضـائنا‬

‫وجعلها مفتوحة علي اهلل لتسمعه وتراه‪.‬‬

‫أالت بـــر وأالت إثـــم ‪ =2‬االل ــة يس ــتخدمها أح ــد ‪ .‬والمقص ــود هن ــا اعض ــاء جس ــدى ‪ .‬ف ــإن أعطيته ــا للمس ــيح ال ــذي‬

‫اعطاني حياته تصبح أالت بر وان تركتها لحياة االنسان العتيق الذي في فهي تصبح أالت إثم‪.‬‬ ‫آيــة ‪ :54‬وأنــتم تســتطيعون أن تبلغ ـوا هــذه الدرجــة مــن الحيــاة الروحيــة ألن ا ْل َخ َطيَّااةَ ال ســلطان لهــا علــيكم= لَاانْ‬ ‫ساتُ ْم‬ ‫سو َد ُك ْم (لن تتملك عليكم) ألن النعمة سوف تدينها أي تجعلها كامنة داخلي كأنها ميتـة (رو‪ .)328‬ألَنَّ ُكا ْم لَ ْ‬ ‫تَ ُ‬

‫س‪ .‬ال ــذي ك ــان عمل ــه أن يفص ــل ب ــين الخي ــر والش ــر دون أن يه ــب الق ــوة عل ــي بل ــوغ حي ــاة‬ ‫ت َْحااا َ س ــلطان النَّاااا ُمو َ‬ ‫البر‪.‬الناموس هـو مجـرد مـرآة تظهـر العيـوب ‪ ،‬لكنـه غيـر قـادر علـي تغييـر شـئ ‪ .‬لكـنكم اآلن أعضـاء فـي مملكـة‬ ‫ت لكــم خطايــاكم الســابقة وأصــبحتم بواســطة هــذه النعمــة قــادرين علــي الســير بأمــان فــي طريــق القداســة‬ ‫البــر‪ُ ،‬غ ِفـ َـر ْ‬ ‫والفضيلة‪ ،‬وهذا يؤكد علي اإلمكانيات الجديـدة التـي صـارت لنـا خـالل النعمـة التـي تعمـل فينـا فـي ميـاه المعموديـة‬ ‫كما في جهادنا اليومي‪ .‬اإلمكانيات الواهبة للغلبة‪.‬‬

‫ت َْحا َ النِّ ْع َما َة‪ 2‬النعمـة هــي قـوة عاملــة فينــا ‪ ،‬تميـت فينــا محبـة الخطيــة‪ .‬وهــي مـن عنايــة اهلل ورعايتـه وتــدبيره لتقــود‬ ‫اإلنسـان لمي ارثـه األبــدي‪ .‬ولـو خضــع اإلنسـان لتيــار النعمـة ال تعـود الخطيــة تسـود عليــه‪ .‬فالنعمـة هنــا هـي قــوة اهلل‬

‫السـرية الخفيـة التــي تسـكن أعضــاء اإلنسـان العـائش تحــت خضـوع النعمــة والـذي يضـبط شــهواته ويميـت أعضــاءه‬

‫عن الشهوات الخاطئة (رو‪ .)1212‬والروح القدس يعطي لمن يريد قوة واقناع (أر‪ )1225‬لترك الخطية والحياة في‬

‫بر ‪ ،‬باإلقناع أوالً ثم قوة للعمل ثانياً (رو‪.)2:28‬‬

‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫س َنا تَ ْح َ َّ‬ ‫ت ِّ‬ ‫ام ِ‬ ‫شا! "‬ ‫الن ْع َم ِة؟ َحا َ‬ ‫وس َب ْل تَ ْح َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَ َما َذا إِ ًذا؟ أَُن ْخطئُ أل ََّن َنا لَ ْ‬ ‫ت الن ُ‬ ‫أيكون بعد كل ما قيل أن نفهم الحرية في المسيح أنها عودة للخطية‪ .‬إذا أخطأ إنسان وقال أنـا حـر فهـو بالحقيقـة‬

‫مستعبد للخطية‪ ،‬الحرية الحقيقية هي عبودية هلل وفيها يجد اإلنسان أن قوة تسانده ليفعل البر‪ ،‬هي عبودية الحـب‬

‫اإلختيــاري ولــيس عبوديــة العنــف اإلل ازمــي‪ .‬ولــنالحظ أن النعمــة والخطيــة ال يجتمعــان‪ ،‬فــال يقــدر أحــد أن يخــدم‬

‫سيدين (مت‪ + 242:‬يـو‪ .)3: ، 34 2 8‬هنـاك مـن أسـاء فهـم نـاموس النعمـة والحريـة وقـال نخطـئ ألننـا أحـ ار اًر‪،‬‬

‫‪143‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫ـي أن ال أســتعبد للخطيــة‬ ‫ولكــن هــذا كمــن يســتغل كــرم صــديقه بالخيانــة واإلســاءة إليــه‪ ،‬فــداء المســيح حررنــي‪ ،‬وعلـ َّ‬ ‫ثانية (يو‪.)3:28‬‬ ‫‪56‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـه ع ِبيـ ًـدا ِللطَّ ِ‬ ‫َن الَّـ ِـذي تُقَــدِّم َ ِ‬ ‫يعوَن ـ ُه‪ :‬إِ َّمــا‬ ‫ـون أ َّ‬ ‫ســتُ ْم تَ ْعلَ ُمـ َ‬ ‫َ‬ ‫ون َذ َوات ُكـ ْـم لَـ ُ َ‬ ‫آيــة (‪ " -:)56‬أَلَ ْ‬ ‫اعــة‪ ،‬أَ ْنــتُ ْم َع ِبيـ ٌـد للَّــذي تُط ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫اع ِة لِ ْل ِبِّر؟"‬ ‫ل ْل َخطيَّة ل ْل َم ْوت أ َْو للطَّ َ‬

‫من نوجه حياتنا وذواتنا له نكون عبيداً له ونلتزم بطاعته فال يوجد سوي سيد واحد‪ .‬واهلل كسيد يبرر ويعطي حيـاة‬

‫أمــا الخطيــة كســيد فتقــود للمــوت‪ .‬وبحســب مــا رأينــاه فــي مقدمــة اإلصــحاح فاإلنســان الــداخلي هــو الــذي‬ ‫لــو أطعنــا‪ّ .‬‬ ‫يقود األعضـاء الخارجيـة‪ .‬ونحـن أحـرار فـي أن نجعـل أحـدهما ينمـو واآلخـر يضـمحل أو العكـس‪ .‬ومـن هـو فيهمـا‬

‫القوي سيقود األعضاء الخارجية‪ .‬فلـو جعلـت اإلنسـان الجديـد ينمـو‪ ،‬هـذا الـذي حصـلت عليـه فـي المعموديـة‪ ،‬فهـو‬

‫ســيقود اإلنســان الخــارجي لطاعــة اهلل وليتبــرر‪ .‬ولــو قــاد اإلنســان العتيــق اإلنســان الخــارجي لقــاده للخطيــة والمــوت‪.‬‬ ‫ولنالحظ أن هناك من يستعبد لشهواته الخاطئـة‪ ،‬وهنـاك مـن يسـتعبد للبـر مثـال خـادم صـحته منهكـة ولكـن م ِ‬ ‫صـّْر‬ ‫ُ‬ ‫علي الخدمة‪ ،‬وال يستطيع ترك خدمته‪ ،‬أو مريض م ِ‬ ‫صـّْر علي الصيام‪ ،‬ويجد لذته فيه‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪57‬‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل‪ ،‬أ ََّن ُكم ُك ْنتُم ع ِب ً ِ ِ ِ ِ‬ ‫ش ْك ارًِ ِ‬ ‫وها‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)57‬فَ ُ‬ ‫سلَّ ْمتُ ُم َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ورةَ التَّ ْعليم الَّتي تَ َ‬ ‫يدا ل ْل َخطيَّة‪َ ،‬ولك َّن ُك ْم أَطَ ْعتُ ْم م َن ا ْل َق ْل ِب ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ب = الحرية التي نمارسها ليس عن قوة أو إضطرار إنما تمارس خالل الحب بكامل إرادتنـا‪ .‬صـورة‬ ‫أَطَ ْعتُ ْم َمنَ ا ْلقَ ْل َ‬

‫= كلمة تفيد طبعة أصيلة للتعليم‪.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫َّة ِ‬ ‫ُع ِت ْقتُم ِم َن ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫يدا لِ ْل ِبِّر‪" .‬‬ ‫ص ْرتُ ْم َع ِب ً‬ ‫آية (‪َ " -:)51‬وِا ْذ أ ْ ْ‬ ‫إذ تحرروا من الخطية إرتبطـوا بـالبر‪ ،‬ال يسـتطيعون إال أن يعملـوا البـر كـأنهم عبيـد للبـر‪ ،‬ويجـدوا لـذتهم فـي ذلـك‪.‬‬

‫فالحرية في المسيح هي عبودية للبر‪.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ضاء ُكم ع ِب ً ِ‬ ‫فج ِ‬ ‫َج ِل َ ِ‬ ‫اإل ثْ ِـم لِ ِ‬ ‫اس ِـة َو ِ‬ ‫إل ثْ ِـم‪،‬‬ ‫َّمتُ ْم أ ْ‬ ‫س ِانيًّا ِم ْن أ ْ‬ ‫َع َ َ ْ َ‬ ‫يدا ل َّلن َج َ‬ ‫ض ْع َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬أَتَ َكلَّ ُم إِ ْن َ‬ ‫سد ُك ْم‪ .‬أل ََّن ُه َك َما قَد ْ‬ ‫ضاء ُكم ع ِب ً ِ ِ‬ ‫اس ِة‪" .‬‬ ‫ه َك َذا َ‬ ‫ِّموا أ ْ‬ ‫َع َ َ ْ َ‬ ‫يدا ل ْل ِبِّر ل ْلقَ َد َ‬ ‫اآلن قَد ُ‬ ‫سااانَياا = أكلمكــم بحســب ضــعف طبيعــتكم التــي ال ازلــت جســدية لدرجــة أنكــم تتكلمــون وتعتقــدون أن عمــل‬ ‫أَتَ َكلَّ ا ُم إَ ْن َ‬

‫الفضيلة كما لو كان فيه عبودية ِعلماً بأن عبودية البر هي في حقيقتها حرية للجسد والروح‪ .‬فألنكم لـم تنمـوا بعـد‬

‫فــي النعمــة قــد تتصــورون أن المســيح أو الكنيســة تريــد أن تســتعبدكم‪ .‬وهــذا يحــدث مــع المبتــدئين روحي ـاً‪ ،‬فلــو قلنــا‬ ‫لشاب أن هناك يوم روحي نقضيه في الصلوات واالجتماعات فسيعترض من كثرتها ولكن نقـول لـه بلغتـه‪ ،‬لـيكن‪،‬‬

‫أنــت تتصــور أن هــذه الصــلوات واالجتماعــات فيهــا عبوديــة‪ ،‬ولكنهــا عبوديــة للبــر‪ ،‬واذا مــارس هــذه م ـرة بعــد م ـرة‬ ‫سيكتشــف لــذة طريــق اهلل وأنهــا ليســت عبوديــة بــل هــي تنمــي اإلنســان الــداخلي فيحيــا فــي الســماويات‪ .‬وهنــاك مــن‬

‫يعترض ويقول أن الكنيسة تستعبدنا بكثـرة صـلواتها وأصـوامها‪ .‬فنـرد علـيهم قـائلين "مـوافقين… ولكـن أيهمـا أفضـل‬

‫أن تســتعبدك الكنيســة بأصـوامها وصــلواتها‪ ،‬أم تُســتَعبد للخطيــة بفضــائحها‪ ،‬لكــن عليــك أن تعلــم أنــك لــو إســتعبدت‬

‫‪144‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫نفسك للبر بحريتك فسيقودك هذا للحرية الحقيقية‪ ،‬كما يحـدث اآلن ويـأتي شـخص تـذوق لـذة الصـيامات طالبـاً أن‬

‫يصوم ويعمل مطانيات في الخمسين المقدسة‪.‬‬

‫سا َة = أي لخدمـة الخطيـة التـي تـنجس اإلنسـان‪ .‬ولـيس أقسـى مـن أن يسـتعبد الجسـد للخطيـة أو أحـط‬ ‫َعبَيداا لَلنَّ َجا َ‬ ‫رسل اإلبـن ليرعـي مـع خنـازير قَاد ْماتُ ْم = أي بإختيـاركم‪ ،‬فالشـيطان ال سـلطان لـه علـي إجبارنـا‪ .‬وهـذا مـا‬ ‫من أن ُي َ‬ ‫يبرر اهلل في هالك الخطاة‪ ،‬فهم يبيعون أنفسهم لعمل الشر‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ويق ِّـوي العـادات الخاطئـة‪.‬‬ ‫اإلث َم لَ َإلث َم = إن خطية واحدة تجعل القلب أكثر ميالً لألخري‪ .‬وكل عمـل خـاطئ ُي ِّثبـت ُ‬ ‫فمن يسلك في طريق الخطية تزداد حياته ش اًر ويزداد قلبه قساوة‪ .‬ومن يزرع الـريح يحصـد الزوبعـة (هـو‪ )128‬هـذا‬ ‫يصير عبداً للنجاسة واإلثم لخدمة اإلثم‪.‬‬ ‫ـف أعضـاؤنا عـن خدمـة الخطيـة‪ ،‬يجـب أن ال تبقـي عاطلـة بـل‬ ‫ْضا َء ُك ْم َعبَيداا لَ ْلبَ ِّار لَ ْلقَدَا َ‬ ‫قَ ِّد ُموا أَع َ‬ ‫سا َة = عنـدما تك ّ‬ ‫ـتخدم فــي خدمــة اهلل‪ .‬وهــذا يبــدأ بالتغصــب فملكــوت اهلل يغصــب (مــت‪ )12211‬ولكــن مــن يفعــل يقــوده الــروح‬ ‫لتُسـ َ‬ ‫القدس للقداسة‪ ،‬أي يتخصص اإلنسان كله هلل‪ ،‬وهذا يالزمه السـالم والفـرح‪ .‬ولـنالحظ أن العبوديـة للفضـيلة ليسـت‬

‫إالّ حرية‪.‬‬ ‫آية (‪:2" -:):2‬أل ََّن ُك ْم‬ ‫لما كنتم عبيداً للخطية‬

‫يد ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫ار ِم َن ا ْل ِبِّر‪" .‬‬ ‫َح َرًا‬ ‫لَ َّما ُك ْنتُ ْم َع ِب َ‬ ‫َّة‪ُ ،‬ك ْنتُ ْم أ ْ‬ ‫كنتم تحررون أنفسكم من اإللتـزام بمطالـب البـر وكنـتم تسـمون أنفسـكم أحـ ار اًر‪ .‬ولكـنكم كنـتم‬

‫فــي أشــد درجــات اإلنحطــاط وفــي النهايــة هــالك‪ .‬فــي الواقــع هــذه ليســت حريــة بــل هــي حريــة مســلوبة‪ .‬إذاً أيهمــا‬ ‫األفضل أن تستعبدوا للبر فنهايته حياة واآلن فرح‪ ،‬أم تستعبدوا للخطية وتعيشوا اآلن في م اررة والنهاية هالك‪.‬‬

‫‪:5‬‬ ‫ـك األ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلن؟ أل َّ ِ‬ ‫ـن األُمـ ِ ِ‬ ‫ِ ٍِ ِ‬ ‫ـي‬ ‫آيــة (‪ " -:):5‬فَـأ ُّ‬ ‫ون ِب َهــا َ‬ ‫ســتَ ُح َ‬ ‫َي ثَ َمـ ٍـر َكـ َ‬ ‫ـور الَّتــي تَ ْ‬ ‫َن ن َه َايـ َة ت ْلـ َ ُ‬ ‫ـان لَ ُكـ ْـم حي َنئــذ مـ َ ُ‬ ‫ُمــور هـ َ‬ ‫ت‪" .‬‬ ‫ا ْل َم ْو ُ‬ ‫هنا مقارنة بين العبودية لإلثم والعبودية للبر‪ .‬فاألولي قاسية مخزية نهايتها الموت وتثمر عا اًر والثانية تثمر قداسة‬

‫وحيــاة أبديــة‪ .‬والسـؤال هنــا لهــم مــاذا إنتفعــتم مــن حيــاة الخطيــة‪ ،‬بــل أنــتم تســتحون اآلن مــن حيــاتكم الســابقة عنــدما‬ ‫تتذكرونها‪ ،‬بل كنتم معرضين للموت بسبب خطاياكم‪.‬‬

‫‪::‬‬ ‫ِ‬ ‫صرتُم ع ِب ً ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اآلن إِ ْذ أ ْ ِ ِ‬ ‫س ِة‪َ ،‬و ِّ‬ ‫الن َه َاي ُة َح َياةٌ أ َ​َب ِد َّي ٌة‪".‬‬ ‫آية (‪َ " -:)::‬وأ َّ‬ ‫َما َ‬ ‫ُعت ْقتُ ْم م َن ا ْل َخطيَّة‪َ ،‬و ْ ْ َ‬ ‫يداِ هلل‪َ ،‬فلَ ُك ْم ثَ َم ُرُك ْم ل ْلقَ َدا َ‬ ‫أمــا اآلن حيــث أنكــم قــد تحــررتم مــن الخطيــة بالمعموديــة وأخضــعتم أنفســكم هلل فــإنكم قــد إكتســبتم بكــل تأكيــد نم ـواً‬ ‫ّ‬ ‫س َة = أنتم الذين تستطيعون أن تحكموا علي ثمركم اآلن في ظل حيـاة‬ ‫وتقدماً في حياة القداسة= فَلَ ُك ْم ثَ َم ُر ُك ْم لَ ْلقَدَا َ‬

‫القداســة‪ ،‬بالمقارنــة مـع ثمــركم المـ ّـر أيــام الخطيــة‪ .‬والحــظ قــول بــولس أننــا بــدون قداســة لــن نــري اهلل (عــب‪)14212‬‬ ‫والنهاية حياة أبدية‪.‬‬

‫‪145‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس)‬

‫َما ِهب ُة ِ‬ ‫ُجرةَ ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫ع َرِّب َنا‪" .‬‬ ‫آية (‪:3" -:):3‬أل َّ‬ ‫اهلل فَ ِه َي َح َياةٌ أ َ​َب ِد َّي ٌة ِبا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َّة ِه َي َم ْو ٌ‬ ‫ت‪َ ،‬وأ َّ َ‬ ‫يح َي ُ‬ ‫َن أ ْ َ‬ ‫لقد كنتم آنذاك عبيداً يائسين‪ .‬ألن أجرة الخطية التي تدفعها (اللذة الوقتية) لمن يتعبدون لها هي الموت‪ .‬أما‬ ‫العطية َهبَةُ للاَ هي عطية مجانية وليست أجرة‪ ،‬هذه التي يهبها اهلل لعبيده‪ ،‬وهي حياة أبدية تتحقق لنا بواسطة‬

‫سو َل َربِّنَا‪ .‬وكلمة أجرة التي أستخدمها الرسول هنا هي بمعني أجرة زهيدة تعطي لعبد وتأتي‬ ‫يح يَ ُ‬ ‫إتحادنا بَا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫بمعني أدام (طعام أو غموس) يعطي للعبد لسد الرمق‪ .‬وهي كلمة تشير للمتعة الوقتية الزهيدة للخطية ونهايتها‬

‫الموت‪ .‬أما هبة اهلل فهي عطية اهلل الوفيرة بكل الحب واالبتهاج‪ ،‬وهي مجانية‪.‬‬

‫‪146‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫اإلصحاح السابع‬

‫عودة للجدول‬

‫يحدثنا هذا اإلصحاح عن ثالثة مواضيع‬ ‫‪ .1‬بفداء المسيح‪ ،‬وبالنعمة التي حصل عليها المؤمن إنقطعت صلته بالناموس اآليات (‪.):-1‬‬ ‫‪ .3‬لماذا كان الناموس أصال ًُ؟ كان أداة لكشف الخطية اآليات(‪.)13-1‬‬ ‫في اآليات(‪.)20-14‬‬ ‫‪ .3‬ولماذا أخفق الناموس ألنه لم يستطيع عالج الخطية الساكنة ّ‬

‫‪5‬‬ ‫وس ­ أ َّ َّ‬ ‫ارِف َ َّ‬ ‫ود َعلَى ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫ُّها ِ‬ ‫سِ‬ ‫اإل ْخ َوةُ ­ أل َِّني أُ َكلِّ ُم ا ْل َع ِ‬ ‫ام‬ ‫س ُ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬أ َْم تَ ْج َهلُ َ‬ ‫ون أَي َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫وس َي ُ‬ ‫ام َ‬ ‫َن الن ُ‬ ‫ين ِبالن ُ‬ ‫ان َما َد َ‬ ‫َحيًّا؟"‬

‫كانت المشكلة الكبيرة في الكنيسة األولي‪ ،‬أن المسـيحيين مـن أصـل يهـودي أرادوا أن يتهـود األمـم قبـل إنضـمامهم‬ ‫للكنيسة وأن يلتزموا بالناموس مثـل الختـان‪ .‬وبـولس ال يريـد أن يهـاجم النـاموس ولكنـه يريـدهم أن يفهمـوا أن الفـرح‬ ‫الحقيقــي هــو بفــداء المســيح وبـره‪ ،‬ويتمســكوا ال بشــكليات النــاموس بــل بالنعمــة التــي حصــلوا عليهــا‪ .‬وأن يفهمـوا أن‬

‫الناموس كان درجة بدائية في التعامل مع اهلل‪ ،‬أما النعمة فهي إرتقاء في التعامل مع اهلل‪ .‬وهو بهذا يحطم كبرياء‬

‫اليهود في أنهم أصحاب الناموس‪ ،‬دون أن يهاجم الناموس ألن الناموس مقدس إذ هو نـاموس اهلل‪ ،‬لكنـه كمرحلـة‬ ‫أولــي ســلَّمنا إلــي المســيح الــذي هــو الدرجــة األعلــى فــي التعامــل مــع اهلل‪ .‬وعمــل النــاموس بهــذا قــد انتهــى إذ ســلَّمنا‬ ‫للمسيح‪ .‬فالناموس كان يفضـح الخطيـة ولكنـه ال يعالجهـا‪ ،‬لـذا فهـو ال يبـرر الخطـاة‪ .‬ووضـع أمامنـا الرسـول مثـال‬

‫عريســين وعروســة واحــدة العريســين همــا النــاموس والمســيح والعروســة هــي أنــا‪ .‬وكانــت العروســة مرتبطــة بــالعريس‬ ‫األول‪ .‬فإذا مات أحدهما العريس أو العروسة يتحرر الطرفان إذ انتهى هذا الزواج‪ ،‬ولمـا كـان الرسـول ال يريـد أن‬

‫يقــول أن النــاموس يمــوت‪ ،‬إذ هــو نــاموس اهلل‪ ،‬قــال أن العروســة ماتــت مــع المســيح فــي المعموديــة‪ .‬والحــظ أن فــي‬ ‫إرتبــاط العروســة مــع النــاموس كــان النــاموس يحكــم عليهــا بــالموت ألنهــا خاطئــة‪ ،‬والنــاموس يــدين‪ .‬ولكــن بمــوت‬ ‫العروسة خرجت من دائرة الناموس‪ ،‬إذ ال سلطان عليها منه‪ ،‬فأقسى النـواميس ال يسـتطيع إال أن يقتـل الجسـد وال‬

‫ســلطان لــه بعــد ذلــك‪ .‬وبهــذا تحــررت وصــارت مــن حقهــا أن تـرتبط بــآخر الــذي هــو المســيح‪ .‬بعــد أن تحــررت مــن‬

‫الناموس‪.‬‬ ‫آية‬ ‫ِم ْن‬

‫الرج ِل ا ْلح ِّي‪ .‬و ِ‬ ‫(‪:" -:):‬فَِإ َّن ا ْلم أرَةَ الَِّ‬ ‫ت ر ُجل ِهي م ْرتَِبطَ ٌة ِب َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫الر ُج ُل فَقَ ْد تَ َح َّـرَر ْت‬ ‫الن‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ات َّ‬ ‫َ‬ ‫لك ْن إِ ْن َم َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وس ِب َّ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ام ِ‬ ‫الر ُج ِل‪" .‬‬ ‫وس َّ‬ ‫َن ُ‬

‫المـرأة مرتبطــة برجلهــا طالمــا هــو حــي وفق ـاً لتعــاليم النــاموس‪ .‬فــالمرأة هــي األمــة اليهوديــة‪ ،‬أو هــي أنــا‪ ،‬واألهــم أن‬

‫األمم ال داعي لتهودهم إذ هم أصالً متحررين مـن النـاموس وغيـر مـرتبطين بـه‪ .‬ومـوت أحـد الطـرفين يلغـي العقـد‬ ‫بين المرأة وحرف الناموس وطقوسه‪ .‬لكن طبعاً ليس من أخالقيات الناموس‪ ،‬وال النبوات التي تشهد للمسيح‪.‬‬

‫‪147‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫آخـر‪ .‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 3‬‬ ‫ِ‬ ‫ـن‬ ‫ـات َّ‬ ‫ام َّ‬ ‫لك ْـن إِ ْن َم َ‬ ‫ـي ُح َّـرةٌ ِم َ‬ ‫ـار ْت ل َر ُجـل َ َ َ‬ ‫الر ُجـ ُل َحيًّـا تُ ْـد َعى َزان َيـ ًة إِ ْن َ‬ ‫صَ‬ ‫آية (‪ " -:)3‬فَـإ ًذا َمـا َد َ‬ ‫الر ُجـ ُل فَه َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫آخ َر‪" .‬‬ ‫ص َار ْت لِ َر ُجل َ‬ ‫س ْت َزان َي ًة إِ ْن َ‬ ‫وس‪َ ،‬حتَّى إِ َّن َها لَ ْي َ‬ ‫الن ُ‬ ‫الرجـل اآلخــر هـو أعمــال النعمــة اإللهيـة التــي ال تتفــق مـع حرفيــات النـاموس‪ ،‬مــن ذبــائح وختـان وتطهيـرات‪ .‬ومــن‬ ‫يموت زوجها أو إذا سقط العقد (بموتها هي) ال تصير زانية إن صارت لرجل آخر (المسيح)‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ِ‬ ‫صـيروا َ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس ِبجس ِد ا ْلم ِس ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ـن‬ ‫ـيم ِم َ‬ ‫آية (‪ " -:)4‬إِ ًذا َيا إِ ْخ َوِتي أَ ْنتُ ْم أ َْي ً‬ ‫ـي تَ ُ‬ ‫ام ِ َ َ َ‬ ‫ضا قَ ْد ُمتُّ ْم للن ُ‬ ‫آلخ َـر‪ ،‬للـذي قَ ْـد أُق َ‬ ‫ـيح‪ ،‬ل َك ْ‬ ‫ات لِ ُنثْ ِمرِ ِ‬ ‫األَمو ِ‬ ‫هلل‪" .‬‬ ‫َْ‬ ‫َ‬

‫ال يقدر أن يقول إن الناموس مات‪ ،‬فهو ناموس اهلل المقدس (رو‪ .)1421 + 3123‬ولكن قـال إن الـذي مـات هـو‬

‫اإلنســان ‪ ،‬ليحيــا للمســيح ولكنــه بموتــه تحــرر مــن حكــم الرجــل األول أي النــاموس بحرفيتــه‪ .‬والمســيح لــم يكســر‬

‫عنا ومات عنا ودخل هو كعريس للجماعـة التـي حكـم عليهـا العـريس األول بـالموت‪ .‬إذاً موتنـا‬ ‫الناموس بل أكمله ّ‬ ‫للناموس لحساب إتحادنا مع المسـيح ال يعنـي إنهيـار النـاموس بـل تحقيـق غايتـه بتقـديمنا للرجـل اآلخـر الـذي أقـيم‬ ‫ـت‬ ‫من األموات لنقوم معه‪ .‬قَ ْد ُمتر ْم لَلنَّا ُمو َ‬ ‫علي بالموت بسـبب خطيتـي‪ ،‬ولكنـي بالمعموديـة ُم ْ‬ ‫س فالناموس قد حكم ّ‬ ‫َصاي ُروا َ‬ ‫آلخ َار = لكـي ترتبطـوا بـآخر أي المسـيح‬ ‫اي ت َ‬ ‫مع المسيح واتحدت بجسد المسيح الممات علي الصـليب‪ .‬لَ َك ْ‬ ‫الذي قام من األموات (‪2‬كو‪ .)1020‬ولكي نحصل بإتحادنا به (كثمـرة لهـذا الـزواج) ثمـار حيـاة فاضـلة يتمجـد بهـا‬

‫اهلل = لنثماار هلل واإلنســان الحــي يثمــر كمــا يثمــر النبــات الحــي‪ ،‬ونحــن صـرنا أحيــاء بحيــاة المســيح فينــا‪ .‬بينمــا فــي‬ ‫عالقتنــا بالنــاموس لــم نثمــر ال لســبب خــاص بالنــاموس بــل بســبب طبيعــة العصــيان التــي كانــت لنــا‪ .‬والنتيجــة أن‬

‫النــاموس حكــم علــيهم بــالموت‪ .‬فثمــار الخطيــة مــوت وثمــر الحيــاة مــع اهلل بــر وحيــاة أبديــة‪ .‬واآلن إذا كنــا عــروس‬ ‫للمسيح فهي خيانة له أن نتركه ونكون لغيره‪ ،‬لذلك قيل إن محبة العالم عداوة هلل (يع‪.)424‬‬

‫قَ َّدم الرسول ‪ 3‬أسباب تجعل الناموس بال صالحية وال سلطان إزاء المؤمن المسيحي‪-2‬‬ ‫‪ .1‬المســيح ونحــن فيــه أكمــل النــاموس‪ .‬هــو كــان اإلنســان الكامــل‪ ،‬وطالمــا أنــا ثابــت فيــه أحســب كــامالً بــالرغم مــن‬ ‫خطاياي‪ ،‬وبهذا أدخل السماء‪ .‬ونحن نثبت في المسيح باإليمان والمعمودية وحياة التوبـة والجهـاد‪ .‬وهـذا معنـى‬

‫أن المسيح كان مولوداً تحت الناموس (غل‪ )424‬أي أنه أكمـل النـاموس‪ .‬بـل هـو الوحيـد الـذي أكمـل النـاموس‬ ‫ألصير فيه كامالً‪.‬‬

‫‪ .2‬المســيح بموتــه أكمــل الفــداء وأكمــل حكــم اللعنــة والمــوت وجعلنــا بــال خطيــة والنــاموس ال ســلطان لــه إالّ علــي‬ ‫الخطاة‪.‬‬

‫‪ .3‬قمنا مع المسيح‪ ،‬وبحياة المسيح‪ ،‬والناموس يحكم بالموت على من يمكن أن يموت ولكن ما دام لنا حياة‬ ‫المسيح األبدية ‪ ،‬وهذه غير قابلة للموت فهى أبدية فالناموس ال سلطان له علينا ليحكم علينا بالموت ‪ .‬طبعاُ‬

‫هذا لمن هو ثابت في المسيح ‪.‬‬

‫‪148‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫ـائ َنا‪ ،‬لِ‬ ‫ضـ ِ‬ ‫وس تَعم ـ ُل ِ‬ ‫ـه لَ َّمــا ُك َّنــا ِفــي ا ْلجسـ ِ‬ ‫اء ا ْل َخطَ َايــا الَِّتــي ِب َّ‬ ‫آيــة (‪1" -:)1‬أل َّ‬ ‫ـام ِ‬ ‫ـي ُنثْ ِمـ َـر‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫َع‬ ‫أ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫الن‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫َه‬ ‫أ‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫َن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫لِ ْل َم ْو ِت‪" .‬‬

‫س َد = المقصود بالجسد أنه حينما كان اإلنسان العتيق هـو الـذي يقـود ويسـتعبد أعضـائي‪ .‬ولـم يقـل‬ ‫لَ َّما ُكنَّا فَي ا ْل َج َ‬ ‫لما كنا في الناموس حتى ال يستهين أحد بالناموس‪ .‬وأيضاً يعني بقوله في الجسد‪ ،‬لما كنا بدون نعمة تساندنا‪.‬‬ ‫س = أي الخطايــا التــي كشــفها النــاموس‪ ،‬فــاألمراض كانــت موجــودة وتميــت النـاس دون أن‬ ‫ا ْل َخطَايَااا الَّتَااي بَالنَّااا ُمو َ‬ ‫ْضاااَِنَا = ألن‬ ‫يعرفهــا أحــد‪ ،‬ثــم جــاء الطــب وكشــفها‪ .‬لكــن النــاموس يكشــف ويــأمر ولكنــه ال يعــين ‪ .‬تَ ْع َم ا ُل فَااي أَع َ‬

‫ـي أي اإلنســان العتيــق الــذي يقــود‬ ‫الســبب فــي الخطيــة ليســت األعضــاء أص ـالً‪ ،‬إنمــا األفكــار‪ ،‬والخطيــة الســاكنة فـ َّ‬ ‫األعضــاء‪ .‬والرســول يريــد أن يقــول أنــه اآلن نتيج ـة لهــذا االتحــاد الروحــي الجديــد مــع المســيح ســوف نثمــر للحيــاة‬

‫الفاضلة ذلك ألنه عندما كنا نحيا حياة جسدية كانت أهواء الخطايا تعمل في أعضاء جسدنا‪ .‬وكانـت تتخـذ دافعـاً‬ ‫ت = نعمل خطايا تقودنا‬ ‫لها لما يحرم الناموس فعله‪ .‬وكانت لها قوة وتأثير سيئ علي أعضاء جسدنا‪ .‬نُ ْث َم َر لَ ْل َم ْو َ‬

‫للموت (يع‪.)1021‬‬

‫‪6‬‬ ‫يـه‪ ،‬حتَّـى َنعب َـد ِب ِجـد ِ‬ ‫ين ِف ِ‬ ‫وس‪ ،‬إِ ْذ م َ ِ‬ ‫اآلن فَقَ ْد تَ َح َّرْرَنا ِم َ َّ‬ ‫ـام ِ‬ ‫لـر ِ‬ ‫وح الَ‬ ‫َّة ا ُّ‬ ‫آية (‪َ " -:)6‬وأ َّ‬ ‫س ِـك َ‬ ‫َما َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ـات الَّـذي ُك َّنـا ُم ْم َ‬ ‫َ‬ ‫ـن الن ُ‬ ‫ق ا ْلحر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‪" .‬‬ ‫ِبعتْ ِ َ ْ‬ ‫سا َكينَ فَيا َه =‬ ‫ت َ​َح َّر ْرنَا = الكلمـة اليونانيـة تشـير أنـه لـم يعـد هنـاك أثـر أو فاعليـة ألننـا متنـا= إَ ْذ َمااتَ الَّا َذي ُكنَّاا ُم ْم َ‬

‫سا َكينَ فَيا َه = فـي‬ ‫الذي مـات هـو اإلنسـان العتيـق الـذي كـان ممسـكاً بالخطيـة (ولـيس النـاموس ولـيس الجسـد)‪ُ .‬م ْم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممسكين به إن َك َسـر‬ ‫وم ْستَع ْبداً أعضاء جسدي ويقودها‪ .‬واآلن فالقيد الذي كنا َ‬ ‫قبضته‪ .‬كان اإلنسان العتيق ُم ْمسكاً ُ‬ ‫وتبدد (مات) حتى إن الخطية التي كنا ممسكين بها ال تعود تمسك بنا‪.‬‬

‫وح = لـم نعـد بعـد نسـتعبد للحالـة القديمـة حـين كـان النـاموس الحرفـي يسـود‪ .‬إنمـا صـارت لنـا‬ ‫َحتَّى نَ ْعبُ َد بَ َجا َّد َة ر‬ ‫الار َ‬ ‫عبادة الروح‪ .‬وفي عبادة الروح صار الروح القدس يعطي لإلنسان إمكانيات جديدة فوق مستوي الناموس [ال تـزن‬ ‫ِ‬ ‫لتشته‪ ،‬وال تقتل صارت ال تغضب‪ ،‬وبينما ندر وجود بتوليون في العهد القديم إزداد عددهم بكثرة‬ ‫صارت ال تنظر‬ ‫في العهد الجديد‪ ،‬وزاد عدد الشهداء‪ ،‬وعلَّمنا المسيح أن نحب األعداء] فلم َي ُع ْد ما يحكمنا اآلن هو الناموس الذي‬ ‫يــدين‪ ،‬بــل مــا يقودنــا اآلن الــروح الــذي يعــين (رو‪ .)2:28‬صـرنا ال نعتمــد علــي الشــكليات كــاليهود (‪2‬كــو‪، 3 2 3‬‬

‫‪.):‬‬

‫ُ = أي الشـريعة‪ .‬ووردت القصـة‬ ‫ُ = عتق = ِق َد ْم أي الحرفية التي يريد اليهود أن يعيشوا بهـا‪ .‬ا ْل َح ْار َ‬ ‫ق ا ْل َح ْر َ‬ ‫َع ْت َ‬ ‫اآلتية في جريدة األهرام وهـي تعبـر عـن حرفيـة اليهـود ومظهريـات عبـادتهم دون روح‪ .‬فالنـاموس يمنـع العمـل يـوم‬ ‫الس ــبت‪ ،‬فك ــان أن اليه ــود يس ــتأجرون عم ــال مس ــلمين م ــن الفلس ــطينيين ليعملـ ـوا له ــم‪ ،‬حت ــى ف ــي إض ــاءة األنـ ـوار‬

‫واطفائها‪ .‬أما عبادتنا نحن المسيحيين فهي بالروح والحق (يو‪.)2424‬‬

‫‪149‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬ ‫‪7‬‬ ‫َع ِـر ِ‬ ‫شـا! ب ْـل لَـم أ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ـام ِ‬ ‫ف‬ ‫وس‪ .‬فَـِإ َّن ِني لَ ْـم أ ْ‬ ‫ـام ُ‬ ‫وس َخطيَّـ ٌة؟ َحا َ َ ْ‬ ‫َع ِـرف ا ْل َخطيَّـ َة إال ِبالن ُ‬ ‫آية (‪ " -:)7‬فَ َما َذا َنقُو ُل؟ َهل الن ُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫شتَ ِه»‪".‬‬ ‫وس‪«:‬الَ تَ ْ‬ ‫ام ُ‬ ‫الش ْه َوةَ لَ ْو لَ ْم َي ُقل الن ُ‬ ‫وس َخ َطيَّاةل =‬ ‫بعد أن أعلن فرحته إذ تحرر من النـاموس يتسـاءل مـع السـامع‪ ،‬هـل النـاموس بـه عيـب= ه َ​َال النَّاا ُم ُ‬

‫شااا = أبــداً ‪ ،‬فبدونــه كــان اإلنســان قــد إنحــط‬ ‫هــل هــو شـريعة للشــر‪ ،‬وكيــف يكــون كــذلك واهلل هــو الــذي وضــعه‪َ .‬حا َ‬ ‫للحيوانيــة‪ .‬ومــا يجــب أن نفهمــه أن النــاموس كــالمرآة فــاحص لإلنســان هــو يفضــح الخطيــة ولكــن ال يعالجهــا‪ ،‬هــو‬ ‫يفتح الجرح ويعده للشفاء الذي كان بالمسيح‪ .‬هو عاجز عن أن يعطي معونة لإلنسان هذه التـي تعطيهـا النعمـة‪.‬‬

‫فــالمرآة (النــاموس) تظهــر العيــوب‪ ،‬والنعمــة هــي طبيــب التجميــل الــذي يعــالج‪ .‬كــان النــاموس مؤدبنــا إلــي المســيح‬ ‫في‪ .‬وبهذه الطبيعة صار كل ممنوع مرغوب‪ .‬وكان هذا‬ ‫(غل‪ .)2423‬ولكن الناموس كشف طبيعة العصيان التي َّ‬

‫وي ْم َن ْع عنه تلتهب الشهوة فيه باألكثر‪.‬‬ ‫ليس عيباً في الناموس ولكن في طبيعة اإلنسان‪ ،‬الذي عندما يشتهي شيئاً ُ‬ ‫شتَ َه = هذه هي الوصية العاشرة‪.‬‬ ‫جَ تَ ْ‬

‫صـي ِ‬ ‫لك َّن ا ْل َخ ِطيَّـ َة و ِهـي متَّ ِخـ َذةٌ فُرصـ ًة ِبا ْلو ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬و ِ‬ ‫َن ِب ُـد ِ َّ‬ ‫ـامو ِ‬ ‫س ا ْل َخ ِطيَّـ ُة‬ ‫ـي ُك َّـل َ‬ ‫َّة أَ ْن َ‬ ‫َت ِف َّ‬ ‫شـأ ْ‬ ‫ش ْـه َوٍة‪ .‬أل ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ون الن ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َم ِّيتَ ٌة‪" .‬‬

‫الخطيــة كانــت ميتــة بالنســبة إلنتبــاه اإلنســان‪ ،‬أي أن اإلنســان لــم يكــن منتبه ـاً إليهــا كعنصــر ش ـرير مفســد وقاتــل‪.‬‬ ‫ولكنها كانت موجودة بالفعل يمارسها اإلنسان دون أن يعيها أو يعي خطورتهـا‪ ،‬وكانـت تقتلـه دون أن يـدري‪ .‬هـذه‬

‫اآلية تشبه ما قاله السيد المسيح "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية" (يو‪.)22210‬‬ ‫س ا ْل َخ َطيَّةُ َميِّتَةل = ال يعني الرسول أن الخطية لم يكن لها وجود بدون الناموس‪ ،‬بل يعني أن عملها‬ ‫ُون النَّا ُمو َ‬ ‫بَد َ‬ ‫ونشاطها كان أشبه بحالة من الموت بـدون النـاموس‪ -2‬مثـال ثعبـان فـي الشـتاء يكـون متجمـداً ويكـون أشـبه بميـت‬

‫وحينما تسطع الشمس بح اررتها (الناموس) يتحرك الثعبان ويعود للحياة‪ .‬هنا ُي ْش َك ْر الناموس الذي يفضـح اسـتعداد‬ ‫في‪ ،‬وزادت خطية العنـاد‪ .‬هـذا معنـي الممنـوع مرغـوب‪ .‬هـذا مـا‬ ‫اإلنسان للخطية‪ ،‬لقد أظهر الطبيعة المتمردة التي َّ‬ ‫ويــالم اإلنســان الــذي َحـ َّـول إســتعداد الخطيــة إلــي فعــل تعـ ٍـد بإرادتــه وحــب‬ ‫جعــل الوصــية تثيــر فـ َّ‬ ‫ـي شــهوة الخطي ـة‪ُ .‬‬ ‫صيَّ َة = متخذة فرصة تعني أنها قد أعلنت الحـرب ضـدي‬ ‫إستطالعه للشر‪َ .‬ول َكنَّ ا ْل َخ َطيَّةَ َو َه َي ُمتَّ َخ َذةل فُ ْر َ‬ ‫صةا بَا ْل َو َ‬ ‫في شهواتي بدافع أن كل ممنوع مرغوب (هذه هي طبيعة العصيان والتمرد التي صـارت فـي اإلنسـان بعـد‬ ‫وأثارت َّ‬ ‫الســقوط) كمــا أقــول إلنســان إفــتح كــل هــذه الــدواليب‪ ،‬مــا عــدا هــذا الــدوالب‪ ،‬ســتجده يفتحــه وربمــا أول دوالب يقــوم‬ ‫بفتحــه‪ .‬وهــذا مــا جعــل ســليمان يقــول أن الميــاه المســروقة حلــوة (أم‪ .)1129‬ولــنعلم أن اإلنســان بالنــاموس الطبيعــي‬

‫أي الضــمير كــان يعــرف أن الخطيــة خاطئــة‪ ،‬وجــاء النــاموس يحــددها ويحــدد الشــهوة بدقــة‪ .‬وكــان اإلنســان يعــرف‬ ‫الشهوة قبل الناموس (سدوم وعمورة ‪/‬زوجة فوطيفار‪ )..‬لكن الناموس كشـفها للخـارج وقننهـا (صـارت لهـا قـوانين)‪.‬‬

‫ش ا ْه َوة‪ .‬كانــت‬ ‫ولــنالحظ أن بــولس الــذي كــان بــال لــوم مــن جهــة البــر الــذي فــي النــاموس كــان شــاع اًر بــأن فيــه ُكا َّل َ‬

‫الخطية الساكنة فيه هي التي أنشأت فيه كل شهوة بسبب الطبيعة الفاسدة‪ .‬والخطية إنتهزت فرصة بالوصية‪ ،‬هذه‬

‫‪150‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫إقتبسها بولس الرسول مـن تصـرف الحيـة مـع حـواء أي يمكـن تعـديل اآليـة ووضـع كلمـة إبلـيس بـدالً مـن الخطيـة‪.‬‬ ‫ومنذ سقط آدم صار كل ممنوع مرغوب بسبب طبيعة التمرد والعصيان التي صارت في آدم‪.‬‬

‫ولكن هل ُيعاب الناموس= أبداً ولنقارن بـين الشـعب اليهـودي واألمـم الـذين وصـلوا إلنحطـاط غيـر عـادي‪ .‬إذ قـال‬ ‫فالس ــفتهم أن الش ــذوذ الجنس ــي ه ــو ميـ ـزة للس ــادة ال يج ــب أن يتمت ــع به ــا العبي ــد‪ ،‬وبه ــذا إنحطـ ـوا بدرج ــة أق ــل م ــن‬

‫أما الناموس فحفظ اليهود وقلل خطاياهم بقدر اإلمكان وسيطر عليهم نسبياً فصاروا أفضل من األمم‪،‬‬ ‫الحيوانات‪ّ ،‬‬ ‫وهذا معني أعطيتني الناموس عوناً‪ .‬فاليهود بال ناموس كانوا سينحطون لدرجة أقل من الحيوانات كاألمم‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫لك ْن لَ َّما جاء ِت ا ْلو ِ‬ ‫شا قَ ْبالً‪ .‬و ِ‬ ‫ت ِب ُد ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫ش ِت ا ْل َخ ِط َّي ُة‪ ،‬فَ ُم ُّ‬ ‫ت أَ​َنا‪"،‬‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أ َّ‬ ‫ص َّي ُة َعا َ‬ ‫وس َع ِائ ً‬ ‫َما أَ​َنا فَ ُك ْن ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ون الن ُ‬ ‫شااا قَ ا ْبالا = لــم يقــل حي ـاً‪ .‬فقولــه عائش ـاً هــذه تشــبه قــول إنســان فقيــر ال يعــرف ملــذات الحيــاة ‪ ،‬أو إنســان‬ ‫ُك ْن ا ُ عَاَِ ا‬

‫مريض ال يستمتع بشيء "أهي عيشة وبس"‪ .‬هو كان يتصور في أوهامه أنه حي وفي حالة جيدة ولكنه كان ميت ًا‬ ‫بسبب الخطية حتى مع عدم وجود وصية‪ ،‬فالخطية قاتلة‪ .‬ولكن لمـا ظهـر نـور الشـمس (النـاموس) داخـل الحجـرة‬

‫(قلبي) ظهرت القذارة التي في الداخل‪ ،‬وانتعش الثعبان المتجمد بسبب ح اررة الشـمس‪ ،‬هـذا معنـي عَاشَا َ ا ْل َخ َطيَّاةُ‬ ‫= أي إنتعشت بعد أن كانت غير ظاهرة لي‪ .‬و ُم ر أَنَا علمت أنه بسبب الخطية وانحرافي الـداخلي الـذي إكتشـفته‬ ‫أنني سأموت‪ .‬قبل النـاموس كانـت الخطيـة موجـودة والشـهوة موجـودة‪ ،‬وبسـببهما أهلـك اهلل العـالم بالطوفـان وأحـرق‬

‫سدوم وعمـورة‪ ،‬ثـم جـاء النـاموس ليضـيف لإلنسـان إتهامـاً أشـد‪ .‬فمـن ال يطيـع الوصـية يسـقط فـي التعـدي‪ .‬وصـار‬

‫اإلنســان يعلــم أنــه ســيموت بســبب التعــدي‪ ،‬ولكنــه كــان غيــر قــادر علــي إصــالح حالــه‪ ،‬وال إصــالح إنح ارفــه الفاســد‬ ‫وميله لإلرتداد‪.‬‬

‫‪52‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َها لِي لِ ْل َم ْو ِت‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)52‬فَ ُو ِج َدت ا ْل َوص َّي ُة الَّتي ل ْل َح َياة ه َي َن ْف ُ‬ ‫هنا الرسول يبرئ الوصية من أي عيب والدليل أن كثيرين صارت لهم حياة بسـببها مـن أبـرار العهـد القـديم‪ .‬ولكـن‬

‫العيب كان في من يخالفها‪.‬‬ ‫صي ِ‬ ‫َن ا ْل َخ ِط َّي َة‪ ،‬و ِهي متَّ ِخ َذةٌ فُرص ًة ِبا ْلو ِ‬ ‫َّة‪َ ،‬خ َد َعتْ ِني ِب َها َوقَتَلَتْ ِني‪" .‬‬ ‫آية (‪55" -:)55‬أل َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫بإسـتبدال كلمـة الخطيـة بكلمـة إبلــيس‪ ،‬نجـد أن هـذا مـا فعلــه إبلـيس حـين خـدع حـواء بواسـطة الوصـية‪ ،‬وكـان ذلــك‬

‫بمزج جزء من الحق بجزء من الكذب‪ .‬وهكذا يفعل إبليس دائماً (فمن يريد أن يحلل لنفسه شـرب الخمـر ي َّـدعي أن‬

‫بولس الرسول قال أن قليل من الخمر يصلح المعدة‪ ،‬وهذا لم يقله بولس أبداً ارجـع ‪1‬تـي‪ .)2320‬والشـيطان أيضـاً‬ ‫إتخــذ منــع الوصــية لــبعض الخطايــا بأنــه أثــار اإلنســان ليعملهــا‪ .‬الخــدع مســتمرة منــذ قالــت الحيــة لح ـواء لــن تموتــا‬

‫ـي إتخـذت دافعـاً مـن الوصـية‬ ‫فخدعتهم وقتلـتهم‪ .‬لقـد قـادتني الوصـية إلـي المـوت ألن الخطيـة التـي كانـت سـاكنة ف َّ‬ ‫وخدعتني فأماتتني‪ .‬كما أثارت الحية في حواء شهوة أن تصير مثل اهلل متخذة فرصة بوصية اهلل آلدم وحواء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َّ ِ5:‬‬ ‫صالِ َح ٌة‪" .‬‬ ‫َّس ٌة َو َعادلَ ٌة َو َ‬ ‫َّس‪َ ،‬وا ْل َوص َّي ُة ُمقَد َ‬ ‫وس ُمقَد ٌ‬ ‫ام ُ‬ ‫آية (‪ " -:)5:‬إ ًذا الن ُ‬ ‫هـو يبــرر النـاموس ويلقــي التهمـة علــي اإلنسـان‪ .‬ويقــول أن النـاموس مقــدس وكـل وصــية مـن وصــاياه هـي مقدســة‬ ‫وعادلة وصالحة‪ .‬واهلل أعطي هذا الناموس الصالح ألجل إصالح اإلنسانية‪ .‬وكل أهدافه خيرة‪.‬‬

‫‪151‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬ ‫‪53‬‬ ‫الصـالِ ِح َم ْوتًـا‪،‬‬ ‫شا! َب ِل ا ْل َخ ِط َّي ُة‪ .‬لِ َك ْي تَ ْظ َه َر َخ ِطيَّـ ًة ُم ْن ِش َـئ ًة لِـي ِب َّ‬ ‫ص َار لِي َّ‬ ‫الصالِ ُح َم ْوتًا؟ َحا َ‬ ‫آية (‪ " -:)53‬فَ َه ْل َ‬ ‫صي ِ‬ ‫اط َئ ًة ِجدًّا ِبا ْلو ِ‬ ‫صير ا ْل َخ ِط َّي ُة َخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫َ‬ ‫ل َك ْي تَ َ‬ ‫صالَ ُح َم ْوتاا ؟ هل صارت الوصية الصالحة سبباً لمـوتي‪ .‬وهـل القاضـي الـذي يحكـم بـالموت علـي‬ ‫ار لَي ال َّ‬ ‫ص َ‬ ‫فَ َه ْل َ‬

‫مجرم عدالً يصبح قاتالً‪ .‬بَ َل ا ْل َخ َطيَّةُ‪ .‬لتَ ْو َه َار َخ َطيَّاةا = الخطيـة إختفـت وراء الوصـية‪ ،‬تخـدع اإلنسـان وتصـور لـه‬ ‫ح (الوصــية) َم ْوتاااا = إذ تخــدعني‬ ‫ش اَ​َةا لَااي بَال َّ‬ ‫الخطيــة بلــذتها أنهــا خيـ اًر‪ ،‬وتخفــي عنــه أن عقوبتهــا المــوت‪ُ .‬م ْن َ‬ ‫صااالَ َ‬

‫فأنجذب من شهوتي فأموت‪.‬‬ ‫اطَ​َااةا َج ا‬ ‫صاايَّ َة = لقــد ظهــرت بشــاعة الخطيــة مــن نتائجهــا (المــوت واللعنــة والحــزن‬ ‫َص َ‬ ‫اادا بَا ْل َو َ‬ ‫ااير ا ْل َخ َطيَّااةُ َخ َ‬ ‫اي ت َ‬ ‫لَ َكا ْ‬ ‫والخراب واأللم…) ظهر كم هي رديئة هذه الخطية إذ أنها بواسطة الناموس الـذي هـو مقـدس وصـالح‪ ،‬قـد حملـت‬ ‫في ‪ ]2[ .‬مخالفـة الوصـية صـارت تعـدي)‪ .‬لكـن العيـب‬ ‫لي الموت (وذلك بسبب‪ ]1[ 2‬طبيعة التمرد التي صارت َّ‬ ‫لــيس فــي الوصــية بــل فــي مــن تســلم الوصــية ولــم يصــدق أنهــا لصــالحه‪ .‬فالشــمس تخــرج مــن بســتان الزهــر رائحــة‬

‫جميلة وتخرج من كومة القاذورات رائحة عفنـة‪ .‬الشـمس نفسـها التـي تـذيب الشـمع تقسـي اللَـبِ ْن‪ .‬كلمـة واحـدة تكـون‬ ‫فرصة حياة لشخص وسبب موت آلخر‪ .‬بل قيل عن المسيح نفسه أنه قد وضع لسقوط وقيام كثيرين (لو‪.)3422‬‬ ‫ِ ِ ‪51‬‬ ‫النـاموس ر ِ‬ ‫َن َّ‬ ‫ـت‬ ‫اآليات (‪54" -:):1-54‬فَِإ َّن َنا َن ْعلَ ُـم أ َّ‬ ‫س ِـد ٌّ‬ ‫ـي‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫وح ٌّ‬ ‫س ُ‬ ‫ي َم ِبيـعٌ تَ ْح َ‬ ‫ـت ا ْل َخطيَّـة‪ .‬أل َِّنـي لَ ْ‬ ‫َمـا أَ​َنـا فَ َج َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫‪56‬‬ ‫يـدهُ‪ ،‬فَـِإ ِّني‬ ‫َع ِر ُ‬ ‫ـت أ ُِر ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ض ُه فَِإيَّاهُ أَف َْع ُل‪ .‬فَـِإ ْن ُك ْن ُ‬ ‫ت أَف َْع ُل َما أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫يدهُ‪َ ،‬ب ْل َما أ ُْب ِغ ُ‬ ‫أْ‬ ‫ـت أَف َْعـ ُل َمـا لَ ْ‬ ‫ف َما أَ​َنا أَف َْعلُ ُه‪ ،‬إِ ْذ لَ ْ‬ ‫‪51‬‬ ‫‪57‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ُص ِاد ُ َّ‬ ‫س‬ ‫ت َب ْع ُد أَف َْع ُل ذلِ َك أَ​َنا‪َ ،‬ب ِل ا ْل َخ ِط َّي ُة َّ‬ ‫ـاك َن ُة ِف َّ‬ ‫َعلَ ُـم أ ََّن ُ‬ ‫سُ‬ ‫س ٌن‪ .‬فَ َ‬ ‫ـي‪ .‬فَـِإ ِّني أ ْ‬ ‫اآلن لَ ْ‬ ‫ـه لَ ْـي َ‬ ‫وس أ ََّن ُه َح َ‬ ‫ام َ‬ ‫أ َ‬ ‫ق الن ُ‬ ‫ادةَ ح ِ‬ ‫اك ٌن ِف َّي‪ ،‬أ ِ‬ ‫سِ‬ ‫ت أِ‬ ‫َن ِ‬ ‫َج ُد‪51 .‬أل َِّني‬ ‫صالِ ٌح‪ .‬أل َّ‬ ‫اض َرةٌ ِع ْن ِدي‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫س ِدي‪َ ،‬‬ ‫َما أ ْ‬ ‫سُ‬ ‫اإل َر َ َ‬ ‫س َنى َفلَ ْ‬ ‫َن أَف َْع َل ا ْل ُح ْ‬ ‫ْ‬ ‫ش ْي ٌء َ‬ ‫َي في َج َ‬ ‫َ‬ ‫‪:2‬‬ ‫يده‪ ،‬ب ِل َّ ِ‬ ‫ت أَفْع ُل َّ ِ ِ‬ ‫يـدهُ إِيَّـاهُ أَف َْعـ ُل‪،‬‬ ‫ـت أ ُِر ُ‬ ‫س ُ‬ ‫يـدهُ فَِإيَّـاهُ أَف َْعـ ُل‪ .‬فَـِإ ْن ُك ْن ُ‬ ‫ت أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫الصال َح الَّذي أ ُِر ُ ُ َ‬ ‫ـت َمـا لَ ْ‬ ‫الش َّر الَّذي لَ ْ‬ ‫لَ ْ‬ ‫سُ َ‬ ‫الس ِ‬ ‫ـاك َن ُة ِف َّ ‪َّ ِ ِ:5‬‬ ‫َن َّ‬ ‫الش َّـر‬ ‫سـ َنى أ َّ‬ ‫ت َب ْع ُد أَف َْعلُ ُه أَ​َنا‪َ ،‬ب ِل ا ْل َخ ِط َّي ُة َّ‬ ‫يـد أ ْ‬ ‫وس لِـي ِحي َن َمـا أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫َن أَف َْع َـل ا ْل ُح ْ‬ ‫َفلَ ْ‬ ‫ـام َ‬ ‫ـي‪ .‬إ ًذا أَج ُـد الن ُ‬ ‫ضـ ِ‬ ‫ِ ‪ِ :3‬‬ ‫اضــر ِع ْنـ ِـدي‪:: .‬فَـِإ ِّني أُسـ ُّـر ِب َنــام ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سـ ِـب ِ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ـائي‬ ‫وســا َ‬ ‫َع َ‬ ‫آخـ َـر ِفــي أ ْ‬ ‫ام ً‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫وس اهلل ِب َح َ‬ ‫َ‬ ‫َح ٌ‬ ‫ـان ا ْل َبــاط ِن‪َ .‬ولك ِّنــي أ َ​َرى َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ضِ‬ ‫َّـة ا ْل َك ِ‬ ‫وس ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫وس ِذ ْه ِني‪َ ،‬وَي ْ ِ ِ‬ ‫ـائي‪َ :4 .‬وْي ِحـي أَ​َنـا ِ‬ ‫ـام ِ‬ ‫ـان َّ‬ ‫ُي َح ِ‬ ‫الش ِـق ُّي! َم ْـن‬ ‫س ُ‬ ‫َع َ‬ ‫ـائ ِن ِفـي أ ْ‬ ‫ار ُ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ام َ‬ ‫س ِبيني إلَى َن ُ‬ ‫ب َن ُ‬ ‫‪:1‬‬ ‫اهلل‪ ،‬و ِ‬ ‫َخ ِـدم َنـاموس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫لك ْـن‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫س ِد ه َذا ا ْل َم ْو ِت؟ أَ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫يح َرِّب َنا! إِ ًذا أَ​َنـا َن ْفسـي ِبـذ ْهني أ ْ ُ ُ َ‬ ‫ش ُك ُر اهللَ ِب َي ُ‬ ‫ُي ْنق ُذني م ْن َج َ‬ ‫ِبا ْلجس ِد َناموس ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫َ َ ُ َ‬

‫قال البعض أن بولس الرسول في هذه اآليات يعبر عن حالته ما قبل النعمة‪ .‬وفي إصحاح ‪ 8‬يعبر عن حالته ما‬ ‫بعد النعمة‪ .‬وهذا كالم غير صحيح‪ .‬فما الداعي ألن يكتب بولس الرسول عن حالته ما قبل النعمة‪ .‬ويقولون هل‬

‫ـي!! ونقـول أن بـولس كتـب لتيموثـاوس عـن نفسـه قـائالً‬ ‫يعقل أن بولس الرسول بعد النعمة يقول الخطية الساكنة ف ّ‬ ‫"الخطاة الذين أولهم أنا" (‪1‬تي‪ ،)1021‬ويطلب من تيموثاوس أن يهـرب مـن محبـة المـال (‪1‬تـى‪ )11 2 :‬ويطلـب‬ ‫منه أن يهرب من الشهوات الشبابية (‪2‬تى‪ )222 2‬وتيموثاوس هذا له درجة أسقفية ويرسم أساقفة (‪1‬تى‪)22 2 0‬‬

‫‪ .‬ويكتــب ألهــل غالطيــة أن الجســد يشــتهي ضــد الــروح ‪ ،‬والــروح ضــد الجســد وهــذان يقــاوم أحــدهما اآلخــر حتــى‬ ‫تفعلون ما ال تريدون (غل‪ .)1120‬وهـذا الصـراع سيسـتمر طالمـا نحـن فـي الجسـد‪ .‬ولكـن ألن بـولس الرسـول كـان‬

‫ممتلئـاً مــن الــروح وعينــه مفتوحــة رأي خطايــا إشــمئز منهــا‪ ،‬ال ن ارهـا نحــن فقــال الخطــاة الــذين أولهــم أنــا‪ .‬الموضــوع‬

‫‪152‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫ببساطة أن هناك درجات للمـؤمنين‪ .‬فكلمـا قـدم اإلنسـان توبـة يسـلك فـي النـور فتقـل خطايـاه وتـزداد النعمـة داخلـه‪،‬‬ ‫ولكن البد من وجود خطايا مهما كانت صغيرة‪ ،‬وهذه تحدد كمية الفـرح والسـالم اللـذان يتمتـع بهمـا المـؤمن‪ ،‬ويـئن‬

‫المؤمن مشتاقاً للخالص من هذا الجسد ليـتخلص مـن أهـواء الخطايـا الموجـودة وبـذلك يحصـل علـي الفـرح الكامـل‬

‫ولذلك يقول الرسول" ويحي أنا اإلنسان الشقي‪ .‬من ينقذني من جسد هـذا المـوت" (رو‪ )2421‬وبـنفس المفهـوم فـي‬

‫رسالة فيلبـي يقـول "لـي إشـتهاء أن أنطلـق وأكـون مـع المسـيح فهـذا أفضـل جـداً" (فـي‪ )2321‬وهـذا أفضـل جـداً ألن‬

‫الفرح سيكون كامالً‪ ،‬ويكون اإلنسان قد تخلص تماماً من أهواء الخطيـة‪ ،‬فهـل كـان بـولس فـي رسـالة فيلبـي أيضـاً‬ ‫يعبر عن حالته ما قبل النعمة‪.‬‬

‫جهنم والعذاي األبدي‪ ..‬شقاء تام‬

‫ناموس الخطية يدفع في هذا اإلتجاه‬ ‫ناموس أذهاننا الجديدة يدفع في هذا اجتجاه‪.‬‬ ‫ناموس روح الحياة يعين في هذا اجتجاه‬

‫طريااق السااال فااي النااور‪ .‬تاارك‬ ‫الشاار واتجااه للخياار هااو طريااق‬ ‫زيادة الفرح‬

‫كل المسيحيين باختالُ درجاتهم‬

‫ما بعد اإليمان ينادفع الماْمن‬ ‫فااااي هااااذا اإلتجاااااه ياااانكم‬ ‫اإلنسااااااان العتيااااااق وينمااااااو‬ ‫اإلنسان الجديد‪.‬‬

‫مسيحي متاخر روحيا ا‬

‫إمكانيااات فعاال الصااالح تزيااد‬ ‫والخطايا تقل‪.‬‬

‫طريق السال في الولمة "هاذا‬ ‫الشاااااااعب أعطااااااااني القفاااااااا ج‬ ‫الوجااااه" هااااو طريااااق زياااااادة‬ ‫الشقاء‬

‫األعضاء آجت إثم‬

‫الخطاياااا تزياااد والميااال للشااار‬ ‫أكثر‪ .‬وإمكانيات فعل الصاالح‬ ‫تقل‪.‬‬

‫وضع ما قبل التوبة أو قبل اإليمان‬ ‫أقصى ما يصل إليه إنسان من شقاء على األرض‬

‫مسيحي متقدم روحيا‬

‫األعضاء آجت بر‬ ‫أقصى ما يبلَه القديسون على األرض من فرح‬ ‫سالم وفرح غير كاملين بسبب الجسد‬ ‫ما نحصل عليه اآلن هو عربون لما ناخذه في السماء‬

‫الجسد الممجد في السماء‪ ..‬سالم كامل وفرح كامل ألنه ج خطية‬ ‫رؤية للا وعشرة المالِكة‪ .‬تخلص المْمن من كل أهواء الخطية‬

‫‪153‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫فالمتأخر روحياً كثير السقوط‪ ،‬ناد اًر ما ينتصر‪ ،‬إنسان شهواني‪ ،‬قلَّما يتذوق الفرح‪ .‬أما المتقدم روحياً يقـل سـقوطه‬

‫ويكثــر إنتصــاره‪ ،‬ويكــون إنســاناً روحي ـاً‪ ،‬أي خاضــع للــروح القــدس‪ ،‬مملــوء نعمــة‪ ،‬خطايــاه مــن النــوع البســيط لكنــه‬ ‫بسببها محروم من الفرح الكامل‪ .‬فالروحاني تزعجه أي خطية وأي شر‪ ،‬بل وشبه شـر‪ ،‬ويـئن بإسـتمرار مـن وجـود‬

‫هــذا داخلــه‪ .‬و ارجــع قــول يوحنــا "إن قلنــا أن لــيس لنــا خطيــة نضــل أنفســنا ولــيس الحــق فينــا" (‪1‬يــو‪ .)821‬فهــل كــان‬ ‫يوحنا حينما قال هذا يعبر عن حالة ما قبـل النعمـة‪ .‬البـد وأن توجـد خطايـا‪ ،‬ولكـن النـاس درجـات‪ .‬فاإلنسـان كلمـا‬

‫ينمو روحياً يضمحل إنسانه العتيق وينمو اإلنسان الجديد والعكس صـحيح‪ .‬وكلمـا نمـا الجديـد صـار هـذا اإلنسـان‬

‫إنساناً روحياً‪ .‬أي خاضعاً بدرجة عالية للروح القدس‪.‬‬

‫نــاموس الخطيــة هــذا مغــروس فــي طبيعتنــا البشـرية‪ ،‬يقــف دائمـاً عائقـاً عــن التأمــل فــي ذلــك الصــالح الــذي يســحر‬ ‫أنظــار القديســين‪ ،‬وهــو يعوقنــا عــن رؤيــة اهلل‪ .‬ولنــذكر أن اهلل علمنــا أن نصــلي قــائلين أبانــا الــذي فــي الســموات…‬

‫واغفر لنا ذنوبنا‪ "..‬وهذه يصليها حتى القديسون‪ ،‬فمن هو الذي يدعي أنه غير خاطئ وبال ناموس للخطية‪ .‬وفي‬ ‫القداس نقول "يعطي لمغفرة الخطايا"‪ ،‬فهل وصل إنسان إلى أنه غير محتاج للتناول ألنه بال خطية‪ .‬ولنـرى بكـاء‬

‫األنبا أنطونيوس وحزنه الشديد إنه إستيقظ بعـد طلـوع الشـمس فتـأخر عـن الصـالة‪ ،‬واعتبـر هـذا خطيـة‪ .‬إذاً النـاس‬

‫درجات‪.‬‬

‫ت ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫الناموس ر ِ‬ ‫آية ‪54" -:54‬فَِإ َّن َنا َن ْعلَم أ َّ َّ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫س ِد ٌّ‬ ‫وح ٌّي‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫ي َم ِبيعٌ تَ ْح َ‬ ‫َما أَ​َنا فَ َج َ‬ ‫َن ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫فَإَنَّنَاااا نَ ْعلَااا ُم = إذاً م ــا ه ــو آت مـ ـرتبط باآلي ــة الس ــابقة‪ ،‬وكان ــت تق ــول إن الخطي ــة س ــببت الم ــوت ول ــيس الن ــاموس‪.‬‬

‫وح ٌّي = أي أوحي به الروح القدس‪ .‬ولو أطاعه إنسان لصار روحي يسلك في حياة روحية فاضلة‪.‬‬ ‫فالنَّا ُم َ‬ ‫وس ُر َ‬ ‫في الخطية‪ ،‬اإلنسان العتيق يستعبد أعضائي‪َ .‬مبَي لع ت َْحا َ ا ْل َخ َطيَّا َة =‬ ‫س َد ٌّ‬ ‫َوأَ َّما أَنَا فَ َج َ‬ ‫ي = أي من التراب‪ ،‬وتسكن َّ‬ ‫اإلنسان العتيق يستعبد أعضائي فأنا مولود بالخطية‪ ،‬هذه الحالـة ليسـت مـا قبـل المسـيح فقـط ‪ ،‬بـل مـا قبـل التوبـة‬

‫أيضاً‪ .‬وفيها يكون اإلنسان مستعبد لسيد هو الخطية‪ ،‬وشهوات جسده‪ .‬الخطية تمتلكه كما يمتلك السيد عبـده‪ .‬إذاً‬ ‫الخطيــة منــي أنــا وليســت مــن النــاموس‪ .‬لقــد ســعيت وراء الشــهوات البش ـرية الجســدية واســتعبدت للخطيــة فصــرت‬ ‫ت جســدياً‪ .‬هــذا اإلنســان ال تحركــه ســوي شــهوات جســده (حقــد ‪/‬حســد ‪/‬مــال‪ /‬إمــتالك‬ ‫فح ِسـ ْـب ُ‬ ‫ســاقطاً تحــت ناموســها ُ‬ ‫‪/‬جنس…)‬

‫اي = أي بــوحي مــن الــروح القــدس ويقــود اإلنســان فــي االتجــاه الروحــي‪ ،‬ولكنــه فقــط يــدين ويظهــر‬ ‫النَّااا ُم َ‬ ‫وس ُر َ‬ ‫وحا ٌّ‬ ‫أما النعمة فالروح القدس يسكن فينا ليعين ضعفاتنا‪ ،‬لذلك فالنـاموس يـدين‪ ،‬أمـا‬ ‫الفساد الداخلي‪ ،‬أوامر دون معونة ّ‬ ‫النعمة فتعين‪.‬‬

‫في ناموس الخطية؟‬ ‫ماذا فعل َّ‬ ‫‪ 5.‬شوه معرفتي‪ -:‬آيـة‪ 10‬هـي شـوهت التمييـز بـين الخيـر والشـر مـن كثـرة السـقوط واإلعتيـاد عليـه‪ ،‬فصـار الزنـا‬

‫يسمي حباً والرشوة تسمي هدية هذه حالة عمي روحي‪ .‬صار اإلنسان مسلوب التفكير‪ ،‬صـار كمـن ال يعـرف‪،‬‬ ‫غير قادر علي اإلحجام عن الخطية وعمل البر عوضاً عن الشر‪.‬‬

‫‪154‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫‪ .2‬أفقــدتني اإلرادة الصــالحة العاملــة‪ -2‬أيــة‪" 10‬مــا أبغضــه فإيــاه أفعــل" هــي شــوهت البصــيرة أوالً وســيطرت علــي‬ ‫اإلرادة فصارت شهوة جسدي هي التي تقودني‪ .‬والحظ أن قوله "ما أبغضه فإياه أفعل"‪ .‬أي لست مجب اًر ولـذلك‬

‫سأحاسب علي عملي إذ لست مجب اًر‪.‬‬

‫‪ .3‬أفسد جسدي‪-2‬‬

‫في ‪ .1‬رأينا ناموس الخطية يشوه المعرفة الروحية‪.‬‬ ‫وفي ‪ .2‬رأيناه يحطم اإلرادة القوية‪.‬‬

‫وهنا نراه في أية‪ 11‬يعطي سكني الخطية فـي اإلنسـان‪ ،‬فـي داخلـه‪ ،‬ويصـير ناموسـها عـامالً فـي أعضـائه‪،‬‬ ‫فصارت األعضاء آالت إثم تعمل لحسابه‪.‬‬

‫وماذا عن عهد النعمة؟‬

‫‪ .1‬المعمودية هي إستنارة (نق أر إنجيل األعمى يوم أحـد التناصـير‪ .‬عمومـاً الـروح القـدس يفـتح الحـواس ويـدربها‬ ‫(ع ــب‪ .)1420‬عمومـ ـاً الحـ ـواس الروحي ــة تنف ــتح عل ــي الس ــماء‪ ،‬فأنقي ــاء القل ــب ي ــرون اهلل ويمي ــزون ص ــوته‬

‫(مت‪ + 820‬يو‪.)4215‬‬

‫‪ .2‬اهلل يعــين اإلرادة الضــعيفة ‪ -2‬فــالروح القــدس يعــين (رو‪ .)2:28‬واهلل هــو العامــل فينــا أن نريــد وأن نعم ــل‬ ‫(في‪ .)1322‬ولكن هي تدعيم وليس إجبار‪.‬‬

‫‪ .3‬صرنا هياكل للروح القدس ليسكن فينا‪ ..‬هذه هي الخليقة الجديدة‪.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ض ُه فَِإيَّاهُ أَف َْع ُل‪" .‬‬ ‫َع ِر ُ‬ ‫ت أَف َْع ُل َما أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫سُ‬ ‫يدهُ‪َ ،‬ب ْل َما أ ُْب ِغ ُ‬ ‫تأْ‬ ‫ف َما أَ​َنا أَف َْعلُ ُه‪ ،‬إِ ْذ لَ ْ‬ ‫آية‪ " -:51‬أل َِّني لَ ْ‬ ‫كما قلنا فهذه حالة عمي روحي‪ ،‬كما يقول أحد "مش عارف أنا بأعمل كده ليه" هو مستعبد بالكامل للذته‪ .‬هو‬

‫يعرف أن هذا خطأ لكنه كأنه ال يعرف‪ ،‬فهناك دافع داخلي يدفعه ليخطئ‪ ،‬مثل من أتوا به للمسيح‪ ،‬وكان عليه‬

‫شيطان يرميه في النار وفي الماء‪ .‬الخطية صيرته كمجنون‪.‬‬ ‫س ُ أَ ْع َرُ​ُ = ليست المعرفة النظرية‪ ،‬فإنه بنـاموس الطبيعـة يعـرف اإلنسـان الخطيـة‪ ،‬ولكنـه يقصـد "صـرت‬ ‫ألَنِّي لَ ْ‬

‫كمن بال معرفة" غير قادر أن أمتنع عن الخطية‪ ،‬مثل السكير الذي يشرب الخمـر وهـو يعـرف ضـررها‪ ،‬كمـا قـال‬ ‫الشـاعر "داونــي بــالتي كانــت هــي الــداء"‪ .‬أفعــل مــا أفعلــه بعمــاء وأنــا َسـ ِـكر بــأهواء الخطيــة‪ .‬فأنــا ال أفعــل هــذا الــذي‬ ‫أريده من أعماق قلبي‪ ،‬بل أفعل هذا الذي أبغضه ألنني واقع تحت ظالم الخطيـة (هـذا هـو حـال المـدمن‪ ،‬أو مـن‬ ‫ـي مــا ال أريــده‪ .‬فــالنفس تكـره مــا أنــا فاعلــه وال‬ ‫يعــرف أن الســيجارة ســتقتله ومــازال يــدخن)‪ .‬إذاً مــن ذا الــذي يفعــل فـ َّ‬

‫تكون في اإلنسان ذاتاً أخـري غيـر ذاتـه‪،‬‬ ‫في‪ ،‬التي ِّ‬ ‫تريده‪ ،‬وهذا يشهد للناموس أنه حسن‪ .‬إذاً هي الخطية الساكنة َّ‬

‫إنسان أخر يثير حرباً‪ ،‬ويستعبد أعضائي‪ ،‬وأنصار هذا اإلنسان الشهوات الزائفة‪ ،‬هو روح الشـهوة التـي إن ازغـت‬

‫عن ما هي معدة له أثارت حرباً علي اإلنسان واستمالت حواسه‪ .‬وبالنسبة للمتقدمين روحياً فهذه اآلية تفسَّر علي‬

‫األفكـار ولـيس األفعـال‪ ،‬فاألفكـار ال إراديـة (‪2‬كـو‪ .)0215‬وهـذا نفـس مـا إشـتكي منـه داود (مــز‪.)13 ، 12 2 19‬‬

‫ونالحظ أننا ال نقدر أن نمنع الفكـر عـن أن يأتينـا مـن الخـارج إلـي ذهننـا‪ ،‬لكننـا قـادرون أن نمتنـع عـن طاعتـه أو‬

‫‪155‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫ممارســته‪ .‬واإلنســان الجســداني حينمــا يبــدأ تحولــه ليصــبح إنســاناً روحي ـاً يســقط أوالً فــي ممارســة بعــض األعمــال‬ ‫الخاطئة‪ ،‬ثم يمتنع عن األعمال ويتبقي بعض الشهوات‪ ،‬ثم يقتصر األمر علي بعض األفكار‪.‬‬

‫‪56‬‬ ‫ُص ِاد ُ َّ‬ ‫س ٌن‪" .‬‬ ‫ت أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫آية‪ " -:56‬فَِإ ْن ُك ْن ُ‬ ‫ت أَف َْع ُل َما لَ ْ‬ ‫وس أ ََّن ُه َح َ‬ ‫ام َ‬ ‫يدهُ‪ ،‬فَِإ ِّني أ َ‬ ‫ق الن ُ‬ ‫سا ُ أُ َريا ُدهُ = أي مــا يشــهد لـي النــاموس الطبيعــي (عقلــي وضــميري) بفسـاده‪ .‬فــإذا كنــت أشــعر بعــدم الرضــي‬ ‫َمااا لَ ْ‬

‫وعــدم اإلرتيــاح لمــا أفعلــه مــن إثــم‪ ،‬فأنــا إذاً أتفــق مــع وصــايا النــاموس‪ .‬وهنــاك س ـؤال‪ ..‬إذا كــان عقلــي يصــادق‬ ‫الناموس فلماذا أفعل عكس ما يقولـه ويشـهد بـه عقلـي؟ السـبب أن اإلنسـان العتيـق لـم يمـت بالكامـل‪ ،‬أو أكـون أنـا‬

‫أثرته وجعلته يستيقظ وأكون أهملت تغذية اإلنسان الجديد بكلمة اهلل‪.‬‬

‫‪57‬‬ ‫الس ِ‬ ‫اك َن ُة ِف َّي‪" .‬‬ ‫ت َب ْع ُد أَف َْع ُل ذلِ َك أَ​َنا‪َ ،‬ب ِل ا ْل َخ ِط َّي ُة َّ‬ ‫سُ‬ ‫آية‪ " -:57‬فَ َ‬ ‫اآلن لَ ْ‬ ‫ـي هــي كــدكتاتور مســتبد‪ ،‬هــي التــي تفعــل مــا أفعلــه وتلزمنــي بــه‪ .‬فمــا أفعلــه لــيس راجعـاً إلرادتــي‬ ‫الخطيــة الســاكنة فـ َّ‬

‫ـي والتــي إنحرفــت وورثتهــا أنــا مــن آدم‪ .‬ولكــن اهلل قــادر أن يــدعم إرادتــي‬ ‫وعقلــي‪ ،‬وانمــا مــن أصــل الشــهوة ال ارســبة فـ َّ‬ ‫(في‪.)1322‬‬

‫ادةَ ح ِ‬ ‫اك ٌن ِف َّي‪ ،‬أ ِ‬ ‫َعلَم أ ََّن ُه لَ ْيس س ِ‬ ‫َن ِ‬ ‫‪ِّ ِ 51‬‬ ‫َن‬ ‫صالِ ٌح‪ .‬أل َّ‬ ‫اض َرةٌ ِع ْن ِدي‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫س ِدي‪َ ،‬‬ ‫َما أ ْ‬ ‫اإل َر َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ش ْي ٌء َ‬ ‫َي في َج َ‬ ‫َ َ‬ ‫آية‪ " -:51‬فَإني أ ْ ُ‬ ‫ت أِ‬ ‫َج ُد‪" .‬‬ ‫سُ‬ ‫س َنى َفلَ ْ‬ ‫أَف َْع َل ا ْل ُح ْ‬ ‫ـي فــإني أقصــد فــي ذاتــي بعــد أن صــرت تحــت‬ ‫أي إنــي أعلــم أنــه ال يوجــد فــي داخلــي شــئ صــالح‪ .‬وعنــدما أقــول فـ َّ‬

‫ـي شـئ صـالح ألنـه مـن ناحيـة إرادتـي‬ ‫سيطرة وسلطان إنساني العتيـق الـذي ينجـذب بسـهولة إلـي الخطيـة‪ .‬ولـيس ف َّ‬

‫للخير ولعمل الفضيلة‪ ،‬هذه اإلرادة تحت سلطاني وفي مقـدوري‪ ،‬إالّ أن فعـل الصـالح وفعـل الخيـر والفضـيلة أمـر‬ ‫لــيس فــي متنــاولي‪ .‬هنــا نــري أن الرســول يميــز بــين اإلرادة والفعــل‪ ،‬فــاإلرادة تقابــل الرغبــة واإلختيــار‪ .‬ومــن عمــل‬

‫النعمة في المسيحية تقوية اإلرادة‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫يده‪ ،‬ب ِل َّ ِ‬ ‫ت أَفْع ُل َّ ِ ِ‬ ‫يدهُ فَِإيَّاهُ أَف َْع ُل‪" .‬‬ ‫ت أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫الصال َح الَّذي أ ُِر ُ ُ َ‬ ‫الش َّر الَّذي لَ ْ‬ ‫آية‪ " -:51‬أل َِّني لَ ْ‬ ‫سُ َ‬ ‫ـي وليســت فــي‬ ‫المشـكلة فــي العجــز عــن تنفيــذ الرغبــة الصــالحة وفعــل اإلرادة الصــالحة‪ ،‬هــي فــي الخطيــة الســاكنة فـ َّ‬ ‫جسـدي‪ ،‬فجســدي الــذي صـنعه اهلل هــو جســد صــالح‪ ،‬ولكـن ســكنت فيــه الشــهوة الخاطئـة‪ ،‬وصــارت تســتميله لصــنع‬

‫ـي‪ ،‬فـي داخلـي‬ ‫الشر‪ ،‬وتضعف إرادته لصنع الخير‪ .‬ولما جاء المسـيح حملنـي معـه ليصـلب الخطيـة ويسـكن هـو ف َّ‬

‫ـي (غـل‪ .)2522‬فــإن كنـا قـد سـبق وسـلمنا أعماقنـا للخطيـة‪ ،‬فلنحسـب أنفســنا‬ ‫فـأقول "أحيـا ال أنـا بـل المسـيح يحيـا ف َّ‬ ‫أمواتاً‪ ،‬فلنمت مع غالب الخطية فيملك هو فينا ونستتر نحن فيه (كو‪.)4، 3 2 3‬‬ ‫‪:2‬‬ ‫الس ِ‬ ‫اك َن ُة ِف َّي‪" .‬‬ ‫ت َب ْع ُد أَف َْعلُ ُه أَ​َنا‪َ ،‬ب ِل ا ْل َخ ِط َّي ُة َّ‬ ‫سُ‬ ‫ت أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫آية‪ " -::2‬فَِإ ْن ُك ْن ُ‬ ‫يدهُ إِيَّاهُ أَف َْع ُل‪َ ،‬فلَ ْ‬ ‫ت َما لَ ْ‬

‫‪156‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫عصـم مـن الخطـأ‪ ،‬بـل عليـه أن يسـتمر فـي جهـاده‬ ‫لنعلم أن اإلنسان طالمـا هـو فـي الجسـد‪ ،‬فـي زمـن الجهـاد‪ ،‬لـن ُي َ‬ ‫ليعينه اهلل في ضعفه حتى يكمل أيام غربته بسالم‪.‬‬ ‫الش َّر ح ِ‬ ‫‪َّ ِ ِ:5‬‬ ‫اضٌر ِع ْن ِدي‪.‬‬ ‫س َنى أ َّ‬ ‫يد أ ْ‬ ‫وس لِي ِحي َن َما أ ُِر ُ‬ ‫َن َّ َ‬ ‫َن أَف َْع َل ا ْل ُح ْ‬ ‫ام َ‬ ‫آية‪ " -::5‬إ ًذا أَج ُد الن ُ‬ ‫في‪ ،‬أجد في نفسي التي‬ ‫أَ َج ُد النَّا ُم َ‬ ‫وس = الناموس هنا هو قانون حياتي‪ ،‬أو نظام حياتي‪ .‬ونتيجة لسكني الخطية َّ‬

‫تريــد أن تفعــل الخيــر‪ .‬أجــد أن هنــاك قانون ـاً فــي داخلــي يجعــل الشــر أقــرب إلــي الخيــر‪ .‬علــي األقــل ســيحدث فــي‬ ‫ض ِرب قال لرئيس الكهنة ليضربك اهلل أيها‬ ‫الداخل أفكار خاطئة علي الرغم من عدم التنفيذ‪ .‬مثال‪ -2‬بولس حينما ُ‬ ‫الحائط المبيض‪ .‬ففي داخله إرادة أن ال يشتم لكنه وجد الشتيمة قد خرجت‪ ،‬أما المسيح الكامل فلم يفعل هذا‪.‬‬

‫اإل ْنسا ِن ا ْلب ِ‬ ‫آية‪::" -:::‬فَِإ ِّني أُس ُّر ِب َنام ِ ِ‬ ‫اط ِن‪" .‬‬ ‫َ‬ ‫س ِب ِ َ‬ ‫وس اهلل ِب َح َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫علي أنه من الواضح أنه علي الرغم من سلطان الشر‪ ،‬فإن عقلي وقلبي اللذان يمثالن‬

‫اإلنســان البــاطن يشــعران بســرور بمــا يوصــي بــه نــاموس اهلل‪ .‬علــي الــرغم مــن أن نــاموس الخطيــة يطلــب العكــس‪.‬‬

‫واإلنسان الباطن لبولس وألي مؤمن تائب هو اإلنسـان الجديـد المولـود بالمعموديـة (‪2‬كـو‪ + 1:24‬أف‪ )1:23‬هـو‬

‫اإلنسان الذي يقوده الروح القدس والمتصل باهلل‪.‬‬ ‫َّة ا ْل َك ِ‬ ‫وس ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫‪ِ :3‬‬ ‫وس ِذ ْه ِني‪َ ،‬وَي ْ ِ ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫ض ِائي ُي َح ِ‬ ‫ـائ ِن‬ ‫وسا َ‬ ‫َع َ‬ ‫آخ َر ِفي أ ْ‬ ‫ار ُ‬ ‫ام َ‬ ‫ام ً‬ ‫س ِبيني إلَى َن ُ‬ ‫ب َن ُ‬ ‫أية‪َ " -::3‬ولك ِّني أ َ​َرى َن ُ‬ ‫ض ِائي‪" .‬‬ ‫َع َ‬ ‫ِفي أ ْ‬

‫علي وتتحكم في أعضائي‪ ،‬هذه القـوة‪ ،‬وهـذا النـاموس‬ ‫علي إني أشعر بأن هناك ناموساً آخر وقوة أخري تسيطر َّ‬

‫هما ناموس الخطية وقوتها‪ .‬هذا الناموس يقف موقف المعارض والمقاوم لكل ما يقتنع به عقلي وقلبي وضميري‪،‬‬

‫كناموس صالح‪.‬‬

‫وس َذ ْهنَااي = هــو ضــميري (مــازال فــي ضــمير كــل إنســان بصــيص مــن نــور) والحــظ رقــة البحــارة مــع يونــان‪،‬‬ ‫نَااا ُم َ‬ ‫ونري فيهم صورة للضمير الذي وضعه اهلل في العالم كله‪ .‬وهو ناموس (قانون) ألننا لو طلبنا مـن أي إنسـان فـي‬

‫العالم كله وصايا لتحكم مجتمعه‪ ،‬فناموس الخطيـة العامـل فيـه (شـهوته) قـد تجعلـه يضـع قانونـاً يبـيح الزنـا‪ ،‬ولكـن‬ ‫ذهنه سيقول ال لئال يحدث هذا مـع زوجتـه أو إبنتـه… لـذلك سـنجده يضـع قانونـاً يقـول "ال تـزن" وبهـذا سـيتفق مـع‬

‫الوصايا العشرة‪ .‬إذاً العقل بال شك يسيطر علي جموح الشهوة‪.‬‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ان َّ ِ‬ ‫آية‪َ :4" -::4‬وْي ِحي أَ​َنا ِ‬ ‫س ِد ه َذا ا ْل َم ْو ِت؟"‬ ‫س ُ‬ ‫الشق ُّي! َم ْن ُي ْنق ُذني م ْن َج َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫هــذه اآليــة تعنــي أن الرســول يريــد أن يتحــرر مــن هــذا الجســد الحــالي الــذي هــو خاضــع لنــاموس الخطيــة‪ ،‬ليحصــل‬ ‫علي الجسـد الممجـد ‪ ،‬وليعـيش فـي كمـال الحريـة وكمـال البـر والفـرح والمجـد‪ .‬وهـو يجـد أن جسـده هـذا يعوقـه عـن‬ ‫كـل هـذا وعـن رؤيـة السـماء بأفراحهــا‪ .‬فيـئن ويشـتاق للحصـول علـي هــذا الجسـد الممجـد والطريـق الوحيـد‪ ،‬هومــوت‬

‫هذا الجسد الحالي (‪1‬كو‪ )43 ، 42 2 10‬وهذه اآلية متطابقة مع اآلية "لي إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسـيح‬

‫‪157‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السابع)‬

‫ت " قيلـت مـن بـولس‬ ‫سانُ ال َّ‬ ‫شقَ ري! َمنْ يُ ْنقَ ُذنَي َمنْ َج َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫س َد ه َذا ا ْل َم ْو َ‬ ‫ذاك أفضل جداً"‪ .‬لذلك فهذه اآليـة " َو ْي َحي أَنَا َ‬ ‫وهو في عهد النعمة‪ ،‬فال يمكن إلنسـان مهمـا كـان أن يشـتهي المـوت فيمـا قبـل عهـد النعمـة‪ .‬ونفـس المعنـي نجـده‬ ‫فــي (رو‪ )2328‬أنــه يــئن متوقع ـاً التبنــي‪ ،‬أي يشــتاق أن يغــادر جســده الحــالي ليلــبس الممجــد‪ ،‬ويعــيش فــي عش ـرة‬ ‫القديسين ويري اهلل‪.‬‬

‫‪:1‬‬ ‫لكـ ْـن ِبا ْلج ِ‬ ‫اهلل‪ ،‬و ِ‬ ‫َخـ ِـدم َنــاموس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس‬ ‫ع ا ْل َم ِسـ ِ‬ ‫أيــة‪ " -::1‬أَ ْ‬ ‫ســو َ‬ ‫ـام َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ـيح َرِّب َنــا! إِ ًذا أَ​َنــا َن ْفســي ِبـذ ْهني أ ْ ُ ُ َ‬ ‫شـ ُك ُر اهللَ ِب َي ُ‬ ‫ســد َنـ ُ‬ ‫ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬

‫إني أقدم الشكر هلل الذي خلصني بواسطة يسوع المسيح ربنا‪ .‬هو يشكر وسـط شـكواه‪ ،‬فالشـكر والتسـبيح يعطيـان‬

‫لذة وعالج ضد المخاوف واألحزان‪ .‬وهنا نري ناموسين يعمالن في بولس‪-2‬‬

‫ناموس ذهنه وناموس الخطية (الخطية الداخلية تستعبد أعضاءه) فبالنعمة اإللهية تقدسـت حياتـه‪ .‬ولكـن ما ازلـت‬ ‫الخطية تحاربه‪ ،‬ألنه مازال في الجسد‪ .‬وهذا هو مفهوم النصـرة اإللهيـة‪ ،‬فالنصـرة مرتبطـة بالجهـاد الـذي ال ينقطـع‬

‫ضد الخطيـة السـاكنة فينـا (عـب‪ .)4212‬وخـالل هـذا الجهـاد يسـندنا الـرب السـاكن فينـا ومـن يغلـب سـينال مكافأتـه‬ ‫(رؤ‪ )3 ، 2‬وحسب جهاده‪ .‬فبولس نفسه كان يقمع جسده ويستعبده‪ .‬والحظ أن اهلل لـم يخلـق إنسـاناً قديسـاً وانسـاناً‬ ‫شـري اًر‪ ،‬فحتــى رســوله بــولس يقــول أن هنــاك أهـواء خطيــة تجذبــه وتبعــده عــن األمــور الســماوية لينشــغل بذهنــه فــي‬ ‫أشــياء أرضــية‪ .‬وهــو بنــاموس ذهن ـه يفــرح بــاهلل ويســعي علــي الــدوام أن يكــون متحــداً بــه وحــده‪ ،‬ويقــول أن نــاموس‬ ‫الخطية هذا لم يستطع أن يمنع فرحه بنـاموس اهلل‪ .‬ولكـن الفـرح لـيس كـامالً فنـاموس الخطيـة الكـائن فـي أعضـائنا‬ ‫يمنعنا عن الفرح الكامل‪ ،‬وهذا سر شهوة القديسين لإلنطالق‪.‬‬

‫والحظ أن الرسول هنا يشكر علي أشياء روحية‪ ،‬أنه بذهنه يخدم ناموس اهلل‪ ،‬هذا ألن عينه مفتوحة‪ ،‬فهو يشكر‬

‫علي أشياء روحية (المجد المعد لنا والتبني…) أما ذوي العيون المغلقة فهم يشكرون علي أشياء مادية‪ ،‬وما الذي‬ ‫يح َربِّنَا‪ .‬وهذه تعني أنه ثابت في المسيح‪.‬‬ ‫فتح عين الرسول؟ أنه ثابت ومتحد بالمسيح= أَ ْ‬ ‫ش ُك ُر للاَ بَيَ ُ‬ ‫سو َل ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫ومن يثبت في المسيح يمتلئ بالروح‪ ،‬ومن يمتلئ بالروح تنفتح عيناه فيدرك عطايا اهلل الروحية‪.‬‬

‫‪158‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫اإلصحاح الثامن‬

‫عودة للجدول‬

‫‪5‬‬ ‫س ِد َب ْل‬ ‫ين ُه ْم ِفي ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ع‪َّ ،‬‬ ‫آية (‪ " -:)5‬إِ ًذا الَ َ‬ ‫سو َ‬ ‫السالِ ِك َ‬ ‫اآلن َعلَى الَِّذ َ‬ ‫ش ْي َء ِم َن الد َّْي ُنوَن ِة َ‬ ‫سَ‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫س َح َ‬ ‫ين لَ ْي َ‬ ‫يح َي ُ‬ ‫وح‪" .‬‬ ‫الر ِ‬ ‫ب ُّ‬ ‫سَ‬ ‫َح َ‬

‫إذاً= الحالــة الجديــدة فــي المســيح بعــد المعموديــة‪ .‬رأينــا فــي ص‪ 1‬ص ـراع مريــر بــين الــروح والجســد‪ .‬ورأينــا فــي‬

‫(‪ )120‬الســلوك بــالروح يهــب ســالماً‪ .‬ألن اهتمــام الجســد هــو مــوت ولكــن اهتمــام الـروح حيــاة وســالم (‪ .):28‬وهنــا‬

‫نرى أن بولس الرسول يستعلن قوة الروح القـدس العامـل فـي اإلنسـان لفكـه مـن رباطـات الخطيـة واعطائـه النصـرة‪.‬‬

‫َي َء َمنَ ال َّد ْينُونَ َة اآلنَ = ومما سبق وقلناه من أننا قد ُمتنا للنـاموس (‪ )421‬إذاً تمـت الدينونـة‪ ،‬نسـتنتج أنـه لـم‬ ‫جَ ش ْ‬ ‫ايح‬ ‫يعـد هنـاك أي نـوع مـن الدينونـة علـى الـذين قـد إتحـدوا مـع المسـيح وهـم ثـابتين فيـه= َعلَاى الَّا َذينَ هُا ْم فَاي ا ْل َم َ‬ ‫سا َ‬

‫سو َل = لماذا ال دينونة ولمن ؟ لمن هو ثابـت فـى المسـيح ‪ ،‬فـاآلب ال يـراه فـى خطيتـه بـل يـرى دم إبنـه المسـيح‬ ‫يَ ُ‬

‫ـى " ‪.‬‬ ‫وق ــد غط ــى ه ــذا اإلنس ــان وه ــذه ه ــى الش ــفاعة الكفاري ــة للمس ــيح ‪ .‬ل ــذلك يطل ــب ال ــرب من ــا ويق ــول " إثبتـ ـوا ف ـ َّ‬ ‫ـدي ومبيــع تحــت الخطيـة‪ ،‬أي أن نــاموس الخطيــة مــازال‬ ‫ال َّ‬ ‫اب ا ْل َج َ‬ ‫سا َ‬ ‫س َح َ‬ ‫سااالَ َكينَ لَا ْي َ‬ ‫سا َد = بـالرغم مــن أنــي أنــا جس ٌ‬ ‫ـي‪ .‬ومـع جهـاد المـؤمن يضـمحل‬ ‫في‪ ،‬ومعنى هذا أنني معرض للسقوط إالً أن نـاموس الحريـة أيضـاً يعمـل ف َّ‬ ‫يعمل َّ‬

‫نــاموس الخطيــة فيــزداد الفــرح والســالم‪ ،‬وبهــذا يشــتاق المــؤمن للفــرح الكامــل فــي الســماء وهــذا يعنــي إختفــاء نــاموس‬ ‫الخطية بالكامل وموت اإلنسان العتيق بالكامل وحصولي على التبني الكامل‪ ،‬وهذا ما أسماه الرسول "التبني فداء‬

‫األجساد" (رو‪ )2328‬وهـذا لـن يكـون إالّ فـي السـماء‪ .‬ومعنـى هـذا أنـه طالمـا نحـن مازلنـا فـي الجسـد علـى األرض‬

‫فنحن معرضين للسقوط ولكن السالك في النور يقوم من خطيته تائباً بسرعة‪ .‬فالمستعد للتوبة باستمرار هـو سـالك‬ ‫بــالروح ألنــه يســتجيب للــروح الــذي يبكــت علــى خطيــة (يــو‪ )821:‬وهــو يســتجيب إلقنــاع الــروح الــذي يقــود للتوبــة‬ ‫س َد = هم الذين ال يسـيرون وراء شـهوات‬ ‫"توبني فأتوب ألنك أنت ربي" (أر‪ )18231‬إذاً ال َّ‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫س َ‬ ‫س َح َ‬ ‫سالَ َكينَ لَ ْي َ‬ ‫الجسد خاضـعين لإلنسـان العتيـق بـال تفكيـر فـي التوبـة‪ .‬فبـر المسـيح ال يعمـل فـي المتهـاونين الـذين باستسـالمهم‬

‫مرة أخرى للشهوات الجسدية الخاطئة يوقظون اإلنسان العتيق‪.‬‬

‫وح = أي الــذين يلتزمــون بوصــايا الــروح القــدس ومطالبــه‪ ،‬وحــين يبكــتهم علــى خطيــة يقــدمون توبــة‬ ‫سا َ‬ ‫بَا ْل َح َ‬ ‫اب ال ا رر َ‬ ‫سريعة‪ .‬فالمسيح علمنا أن نصلي واغفر لنا ذنونبا‪ .‬إذاً البد من وجود خطايا وذنوب حتى للقديسين‪ .‬وهذا السالك‬ ‫بالروح من سماته النمو في الـروح‪ ،‬وتـرك الخطايـا الجسـيمة‪ .‬هـو ربمـا يسـقط فـي خطايـا بسـيطة وسـريعاً مـا يتـوب‬

‫عنهــا‪ .‬ويكــون واضــحاً إنقيــاده للــروح القــدس‪ ،‬محب ـاً للصــالة والكتــاب المقــدس والتســابيح‪ .‬ولــنعلم أن نعمــة المســيح‬ ‫تحــرر جميــع القديســين يومـاً فيــوم لمــن يخضــع ويســلم حياتــه للــروح القــدس‪ .‬ولكــن علينــا أن نــتمم خالصــنا بخــوف‬

‫ورعدة‪ ،‬نضع دائماً خطايانا أمامنا فنتواضع‪ .‬نحن ال نخاف من أن اهلل يتركنا ولكـن نخـاف مـن ضـعفي أنـا إذ أن‬ ‫اإلنسان العتيق يمكن أن ينفجر في أي لحظة مع إهمالي الجهاد‪ ،‬وانسياقي وراء شهواتي‪.‬‬

‫‪159‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫يرجى مراجعة تفسير اآليات (أف‪ + 4 2 1‬كو‪ . )28 2 1‬فمن هو ثابت فى المسيح يعتبر كامالً وبال لوم وال‬

‫دينونة عليه ‪.‬‬

‫وس ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫ع قَ ْد أ ْ ِ ِ‬ ‫وح ا ْلحي ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫َّة َوا ْل َم ْو ِت‪" .‬‬ ‫آية (‪:" -:):‬أل َّ‬ ‫اة ِفي ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫وس ُر ِ َ َ‬ ‫يح َي ُ‬ ‫ام َ‬ ‫َعتَقَني م ْن َن ُ‬ ‫َن َن ُ‬ ‫وح ا ْل َحيَااا َة‪ .‬ارجــع (المقدمـة) وكلمــة‬ ‫ألن= هـي رد علـي سـؤال " لمــاذا ال دينونـة " ؟ فــي اآليـة الســابقة‪ .‬نَاا ُم َ‬ ‫وس ُر َ‬ ‫وس = قانون بـال شـواذ‪ ،‬مثـل قـانون الجاذبيـة وهـو أن كـل جسـم تتركـه يسـقط علـي األرض إن لـم يكـن هنـاك‬ ‫نَا ُم َ‬ ‫قــوة تســنده‪ .‬وهــذا يحــدث فــي أي مكــان فــي العــالم‪ .‬وهكــذا نــاموس الخطيــة ‪ ،‬ففــي أي مكــان فــي العــالم‪ ،‬لــو أهــين‬ ‫إنســان ستشــتعل فــي داخلــه انفعــاالت الغضــب والكراهيــة والم ـ اررة وحــب االنتقــام‪ .‬وحتــى ال يســقط الجســم المتــروك‬

‫علي األرض بفعل قانون الجاذبية يحتاج لمن يسنده‪ .‬وهكذا روحياً فنـاموس روح الحيـاة‪ ،‬الـذي جعلـه اهلل كنـاموس‬ ‫آخر يعمل ضد ناموس الخطية والموت‪ .‬فناموس موسى ال قدرة له أن يسندني‪ ،‬هو فاضح للخطيـة ولـيس معـالج‬

‫لها‪ ،‬وأما ناموس الروح فيظهر المسيح الغالب الذي يشرق علينا باإلمكانيات اإللهية التي تعمل فيمن يؤمن‪ .‬وهذا‬ ‫ال يتم باإلجبار بل بروح اإلقناع (أر‪ )1225‬والروح يسكن فينا ويفتح حواسنا‪ ،‬ويدعم إرادتنا ويبكتنا علي خطايانا‪.‬‬

‫إذاً هذه القوة تسند المؤمن حتى ال يسقط‪ .‬هي قوة النعمة التي تزداد بالجهـاد‪ .‬فـالخمس عـذارى مـألن مصـابيحهن‬ ‫بالزيــت (النعمــة ) ومســئولية المــأل هــي مســئولية كــل مــؤمن‪ ،‬أن يجاهــد لكــي يمتلــئ‪ .‬لقــد قــدم لنــا هــذا الســفر قــوة‬ ‫إمكانيات الحياة المقدسة في الرب وتمتعنا ببر المسيح غالب ناموس الخطيـة فنـاموس روح الحيـاة يعطـي للمـؤمن‬

‫أن يسلك بحسب الروح ال بحسب الجسد‪ .‬فيحسب اإلنسان بكليته (جسداً ونفساً وروحاً) إنساناً روحياً ‪.‬‬ ‫وح = هــذه القــوة‬ ‫وح ا ْل َحيَااا َة = هــو نَااا ُم َ‬ ‫نَااا ُم َ‬ ‫وس = أي قــانون‪ ،‬فكــل مــن يعتمــد يحصــل علــي هــذه القــوة‪ُ .‬ر َ‬ ‫وس ُر َ‬ ‫ناشئة من الروح القدس الساكن فينا بسـر الميـرون‪ .‬ا ْل َحيَاا َة = فهـو يعطينـا حيـاة للـنفس والجسـد والـروح ‪ .‬حيـاة بـر‬

‫عوض ـاً عــن مــوت الخطيــة‪ ،‬حيــاة بنــوة عوض ـاً عــن حيــاة العبوديــة للخطيــة‪ ،‬فــنحن بالمســيح حصــلنا علــي غف ـران‬ ‫للخطايا ‪ +‬خليقـة جديـدة وطبيعـة جديـدة قـادرة علـى صـنع البـر‪ .‬الـروح القـدس محيـي ويعطـي حيـاة للـنفس والجسـد‬ ‫مع ـاً للمتحــدين مــع المســيح‪ ،‬هــذه القــوة قــد حررتنــا مــن نــاموس الخطيــة‪ ،‬ومــن قــوة الخطيــة وجــذبها ومــن المــوت‪.‬‬ ‫فناموس الروح هو تمتع بعطية الروح ‪ ،‬ألنه يحطم فينا عنف الخطية ويسندنا في صراعنا ضدها‪.‬‬

‫مــا عجــز عنــه موســى (عبــور األردن) تممــه يشــوع= مــا عجــز عنــه النــاموس تممــه يســوع المســيح‪ .‬مــا الفــرق بــين‬

‫نــاموس موســى الــذي اســماه الرســول روحــي (‪ )1421‬ونــاموس روح الحيــاة ؟ األول أعطــاه الــروح القــدس ليــدين ‪،‬‬ ‫والثاني يهب الـذين يتقبلونـه الـروح بـال حـدود ‪ .‬ولـذلك هـو نـاموس حيـاة‪ ،‬يحـرر ويحيـي ويبـرر ويعـين ويعطـي قـوة‬

‫للمــؤمن ليســلك روحي ـاً ويصــارع الخطيــة ‪ ،‬ويعطــي قــوة لعمــل الخيــر ويــدعم إرادة اإلنســان فــال يتعــرض المــؤمن‬

‫للدينونة والحكم‪.‬‬ ‫ت فــأتحرر مـن عبـوديتي للخطيــة التـي حتمـاً ســتقودني‬ ‫س ا ْل َخ َطيَّا َة َوا ْل َم ْاو َ‬ ‫أَ ْعتَقَنَاي = أعطـاني قــوة اغلـب بهـا نَااا ُمو َ‬ ‫للموت‪.‬‬

‫‪160‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ض ِعيفًا ِبا ْلج ِ‬ ‫وس َع ِ‬ ‫آية (‪3" -:)3‬أل ََّن ُه ما َك َ َّ‬ ‫س ِـد‬ ‫اج ًاز َع ْن ُه‪ِ ،‬في َما َك َ‬ ‫ان َ‬ ‫س َل ْاب َن ُه فـي ش ْـبه َج َ‬ ‫سد‪ ،‬فَاهللُ إِ ْذ أ َْر َ‬ ‫َ َ‬ ‫ام ُ‬ ‫ان الن ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َج ِل ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫س ِد‪".‬‬ ‫َّة‪َ ،‬د َ‬ ‫َّة‪َ ،‬وأل ْ‬ ‫ان ا ْل َخط َّي َة في ا ْل َج َ‬ ‫َاجزاا َع ْنهُ = الناموس كان هدفه أن يحيا اإلنسان في بر‪ ،‬ولكنه عجز عـن أن يـتمم هـذا‪،‬‬ ‫ألَنَّهُ َما َكانَ النَّا ُم ُ‬ ‫وس ع َ‬ ‫س ا َد‪ .‬فلــم‬ ‫ض ا َعيفاا بَا ْل َج َ‬ ‫ال لعيــب فــي النــاموس ولكــن بســبب ضــعف اإلنســان‪ ،‬ضــعف جســد اإلنســان = فَااي َمااا َكااانَ َ‬

‫أمـا سـبب ضـعف اإلنسـان كـان أن الخطيـة سـكنت‬ ‫يستطع أحد أن يلتـزم بالنـاموس ويتممـه إالّ الـرب يسـوع وحـده‪ّ .‬‬ ‫أما ناموس روح الحياة فقد حررني فيما عجـز عنـه نـاموس موسـى‪ ،‬ألن نـاموس موسـى‬ ‫فيه واستعبدت أعضاءه ‪ّ .‬‬ ‫لم يعطـى الـروح القـدس ألحـد‪ .‬والـروح القـدس هـو الـذي يسـتطيع أن يتغلـب وينتصـر علـي اهتمامـات الجسـد‪ ،‬فهـو‬ ‫س َل ا ْبنَهُ = لما عجز الناموس عن أن يبرر الناس‪ ،‬أرسل اهلل ابنه ليعمـل عمـل‬ ‫يعين ضعفاتنا (آية‪ )2:‬فَاهللُ إَ ْذ أَ ْر َ‬ ‫الفداء‪ ،‬ثم يرسل الروح القدس‪ ،‬يعطي نعمة نتبرر بها‪.‬‬

‫س َد ا ْل َخ َطيَّ َة = أي جسد كامل مثل جسدنا‪ ،‬ولكن الحـظ دقـة بـولس الرسـول فهـو لـم يقـل فـي شـبه جسـد‬ ‫ش ْب َه َج َ‬ ‫فَي َ‬ ‫إنسان‪ ،‬فهو كان كامالً كإنسان‪ ،‬ولكن بال خطية ومثال لهذا الحية النحاسية فهي تشبه الحية الحقيقيـة ولكنهـا بـال‬ ‫سم يقتل‪ .‬وكما كانت الحية النحاسـية قـادرة علـي الشـفاء‪ ،‬هكـذا المسـيح اسـتطاع أن يبـرر المـؤمنين‪ .‬دَانَ ا ْل َخ َطيَّاةَ‬

‫سا َد = المســيح حمــل كــل خطايــا البشـرية فــي جســده‪ ،‬ومــات بجســده لــيحكم علــي الخطيــة ويميتهــا ويــدينها‪.‬‬ ‫فَااي ا ْل َج َ‬

‫وبقدر جهاد اإلنسان في أن يميتها تساعده النعمة في ذلك‪ ،‬لذلك يطلب الرسـول قـائالً "احسـبوا أنفسـكم أمواتـاً عـن‬

‫في فهذا عالمة علي أنني مملوء نعمة وجهادى‬ ‫الخطية" (رو‪ )112:‬وبهذا أ‬ ‫يبر اإلنسان وكلما كانت الخطية ميتة َّ‬ ‫في فهذا عالمة علـي أننـي محتـاج لجهـاد كثيـر ألمتلـئ مـن النعمـة‪ .‬واذا كانـت‬ ‫مقبول وكلما كانت الخطية متفجرة َّ‬ ‫علي (آية‪)1‬‬ ‫الخطية ميتة داخلي فال دينونة َّ‬ ‫ـي‪ .‬مــوت الخطيــة فــي اإلنســان المعمــد هــذا مــا ال‬ ‫َوألَ ْج َ‬ ‫اال ا ْل َخ َطيَّاا َة = أرســل اهلل المســيح ليكســر شــوكة الخطيــة فـ َّ‬ ‫يستطيعه الناموس لكن هذا عمل النعمة‪.‬‬

‫ين لَ ْيس حسب ا ْلج ِ‬ ‫وس ِفي َنا‪َ ،‬ن ْح ُن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ4‬‬ ‫َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫وح‪" .‬‬ ‫الر ِ‬ ‫ب ُّ‬ ‫سَ‬ ‫سد َب ْل َح َ‬ ‫السالك َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)4‬ل َك ْي َيت َّم ُح ْك ُم الن ُ‬ ‫س فَينَاا = بـر النـاموس حسـب ترجمـة اليسـوعيين والترجمـة اإلنجليزيـة‪ .‬فالنـاموس كـان هدفـه‬ ‫لَ َك ْي يَتَ َّم ُح ْك ُم النَّا ُمو َ‬ ‫أن يتبرر اإلنسان‪ ،‬ولما عجز الناموس أرسل اهلل ابنه ليدين الخطية أي يميتهـا فـي المـؤمن فيتبـرر‪ ،‬وبهـذا يتحقـق‬

‫ما أراده الناموس أن ال نصنع الشر ونفعل البر‪ .‬هـذا الـذي أصـبح بإمكاننـا أن نعملـه بـالروح القـدس السـاكن فينـا‪.‬‬ ‫ولو فهمنا الكلمة بحسب هذه الترجمة ُح ْكم ‪ ،‬فهذا تم أيضا ‪ ،‬فالناموس يحكم على الخـاطئ بـالموت ‪ ،‬ونحـن متنـا‬

‫مع المسيح فى المعمودية ‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ون‪ ،‬و ِ‬ ‫ين ُهم حسب ا ْلجس ِد فَ ِبما لِ ْلج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح‪".‬‬ ‫وح فَ ِب َما لِ ُّلر ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ب ُّ‬ ‫لك َّن الَِّذ َ‬ ‫سَ‬ ‫ين َح َ‬ ‫سد َي ْهتَ ُّم َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬فَِإ َّن الَّذ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫الرسول هنا ال يقارن بين الجسد كأعضاء وبين الروح‪ .‬ولكن بين إنسان عتيق يقود األعضاء وبـين إنسـان جديـد‬

‫سا َد (مـن أيقـظ إنسـانه العتيـق وأهمـل‬ ‫اب ا ْل َج َ‬ ‫س َ‬ ‫مولود من المعموديـة يقـوده الـروح القـدس‪ .‬األول أسـماه الَّا َذينَ هُا ْم َح َ‬

‫‪161‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫وح (هـذا اإلنسـان يجاهـد ويسـتجيب للـروح القـدس)‬ ‫اب ر‬ ‫س َ‬ ‫جهاده فإنكمش إنسانه الجديد)‪ .‬والثاني أسماه الَّ َذينَ َح َ‬ ‫الار َ‬

‫األول صار كأنه جسد بال روح يسلك بحسب شهوات جسده فصار جسدانياً شهوانياً‪ ،‬والثاني صار كمن هـو روح‬ ‫بــال جســد‪ .‬واهتمامــات الجســد هــي الملــذات والك ارمــة والشــهوات‪ .‬واهتمامــات الــروح هــي إرضــاء اهلل والتفكيــر فــي‬ ‫الروحيات والخدمة لحساب مجد اهلل واالهتمام باألبدية‪.‬‬

‫لك َّن ْ ِ‬ ‫ت‪ ،‬و ِ‬ ‫اه ِتمام ا ْلج ِ‬ ‫سالَ ٌم‪".‬‬ ‫آية (‪6" -:)6‬أل َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫ام ُّ‬ ‫وح ُه َو َح َياةٌ َو َ‬ ‫سد ُه َو َم ْو ٌ َ‬ ‫َن ْ َ َ َ َ‬ ‫اهت َم َ‬ ‫ألَنَّ = هـذه عائــدة علـى آيــة ‪ 3‬ليكـون المعنــى أن اهلل أرسـل إبنــه ليـدين الخطيــة التـي فينــا أى بفدائـه وبعمــل الــروح‬ ‫القدس (النعمة ) تضمحل الخطية فـي أعضـاءنا فتتحقـق غايـة النـاموس فينـا أى أن نسـلك بـالبر (آيـة ‪ )4‬فقـد كنـا‬

‫سالكين بحسب شهواتنا الجسدية بسـبب الخطيـة السـاكنة فينـا قبـل المسـيح والمسـيح أرسـل الـروح القـدس ليكـون لنـا‬

‫إهتمامات روحية بدالً من الخطية ( آية ‪)0‬‬ ‫س َد = إرضاء الشهوات والمتع والملذات‪ ،‬هذا ينطبق أيضـاً علـي مـن يهـتم بعملـه كـل الوقـت‪ ،‬وال وقـت‬ ‫ا ْهتَ َما َم ا ْل َج َ‬ ‫سا َد ه َُاو َم ْاوتل ‪ .‬والحـظ أن هـذا اإلنسـان ال‬ ‫عنده هلل‪ .‬ولكن مثل هذا اإلنسان ينفصل عن اهلل‪ ،‬فيمـوت= ا ْهتَ َما َم ا ْل َج َ‬ ‫يهـتم ســوى بمــا سـوف يفنــي‪ ،‬فكــل مـا للجســد ســوف يفنـي‪ .‬ولــو تــرك اإلنسـان شــهواته تقــوده تمـوت نفســه ثــم جســده‬

‫ساالَ لم = مـن يهـتم بـأن يرضـي اهلل ويعمـل مـن أجـل‬ ‫(‪1‬تي‪ ):20‬ثم يخسر أبديتـه‪َ .‬ول َكنَّ ا ْهتَ َما َم ر‬ ‫وح ه َُاو َحيَااةل َو َ‬ ‫الر َ‬ ‫أبديته يفـرح بالصـالة والصـوم‪ ،‬فـالروح يسـكب فيـه فـرح وسـالم ويصـير حيـاً أمـام اهلل‪ ،‬يختبـر سـالم اهلل الـذي يفـوق‬ ‫كــل عقــل ثــم تكــون لــه حيــاة أبديــة‪ ،‬إذ بجهــاده هــذا ظــل ثابت ـاً فــي المســيح‪ ،‬والعالمــة أن الــروح ســكب فيــه ســالم‬

‫(رو‪.)120‬‬

‫س ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اه ِتمام ا ْلج ِ‬ ‫امو ِ‬ ‫ستَ ِطيعُ‪".‬‬ ‫آية (‪7" -:)7‬أل َّ‬ ‫اهلل‪ ،‬أل ََّن ُه أ َْي ً‬ ‫ضا الَ َي ْ‬ ‫سد ُه َو َع َد َاوةٌِ هلل‪ ،‬إِ ْذ لَ ْي َ‬ ‫َن ْ َ َ َ َ‬ ‫س ُه َو َخاض ًعا ل َن ُ‬ ‫َاوةل َهللَ = الجسـد لـيس عـدواُ هلل‪ ،‬فـاهلل حـين خلقـه وجـده حس ٌـن جـداً‪ .‬لكـن المقصـود هـو‬ ‫ألَنَّ ا ْهتَ َما َم ا ْل َج َ‬ ‫س َد ه َُاو عَاد َ‬ ‫اإلنســان العتيــق‪ ،‬واهتمــام الجســد أي تغذيــة اإلنســان العتيــق بإثــارة شــهواته وعــدم االهتمــام بغــذاء اإلنســان الجديــد‪،‬‬

‫الذي يتغذى علي كالم اهلل‪ .‬ولكن عدو اهلل هو هذا العالم ورئيسه (الشيطان)‪ .‬والجسد إذا إنحاز للعالم صار عدواً‬

‫أمــا لــو تحــول العــالم إلــى‬ ‫هلل بالتبعيــة ‪ .‬فــاهلل خلقنــي فــي العــالم ألســتعمل العــالم وال أنســي تبعيتــي هلل فأظــل أعبــده‪ّ ،‬‬ ‫هدف وصارت الشهوة وارضاءها‪ ،‬أو المال والمقتنيات إلهاً‪ ،‬يصير من يتبع هـذا اإللـه أداة فـي يـد الشـيطان يهـين‬ ‫بهــا اهلل‪ ،‬ويتعــدى علــي وصــاياه ويصــير فــي عــداوة مــع اهلل‪ ،‬لــذلك ســمعنا أن محبــة العــالم هــي عــداوة هلل (يــع‪)424‬‬

‫ولكن هل معني هذا أالّ نأكل ونشرب ونعمل؟ ال بـل نعطـي لقيصـر مـا لقيصـر ومـا هلل هلل‪ .‬المهـم أن يكـون هنـاك‬ ‫نصـيب للـروح‪ .‬فالجسـداني الـذي هــو فـي عـداوة مـع اهلل ينسـى الروحيــات النشـغاله بالجسـديات‪ .‬واإلنسـان الروحــي‬ ‫يصوم ال لعيب في الطعام‪ ،‬بل هـو يضـغط علـي نفسـه ويمنـع نفسـه ممـا يحبـه وذلـك حتـى ينمـو فـي الـروح‪ .‬لـذلك‬

‫طلــب اهلل مــن البــدء أن يعمــل اإلنســان ‪ :‬أيــام ويتفــرغ هلل يومـاً واحــداً‪ .‬إذاً المطلــوب التـوازن‪ .‬وعــدم االهتمــام بــأمر‬

‫‪162‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫وترك باقي األمور‪ .‬فشعب تسالونيكي حينما قالوا نهتم بالروحيات ونترك أعمالنا غضب بولس الرسول وقال "مـن‬

‫ال يشتغل ال يأكل" (‪2‬تس‪ .)1523‬ولذلك قيل في آية (‪ ):‬اهتمام الجسد هو موت لماذا؟ ألن هذا هو عداوة هلل‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬لماذا ٍاعتبر السيد المسيح المال إلهاً يعبـد؟ علـي اإلنسـان أن يعمـل ليتكسـب ويعـيش‪ ،‬ويـدخر ليـزوج أوالده‪.‬‬

‫لكــن بــدون َهـ ْـم‪ ،‬وبــدون أن يضــع فــي قلبــه أنــه كلمــا زادت أموالــه إطمــأن قلبــه علــي المســتقبل‪ ،‬بهــذا هــو خلــط بــين‬ ‫أما الروحي فهو يعلـم أن المـال قـد يضـيع فـي لحظـة‪ ،‬واهلل هـو‬ ‫المال كأداة أعيش بها‪ ،‬أو هو هدف أسعى وراءهُ‪ّ .‬‬ ‫س للاَ = أي أن اإلنسـان العتيـق ال يسـتطيع أن يخضـع‬ ‫الضامن للمستقبل‪ ،‬اهلل وحده‪ .‬إَ ْذ لَ ْي َ‬ ‫س ه َُاو َخ َ‬ ‫اضا اعا لَنَاا ُمو َ‬ ‫لناموس اهلل فطبيعته عاصية متمردة‪.‬‬ ‫ست َ​َطي ُع = فالجسد بـدون الـروح القـدس مسـتحيل أن يخضـع هلل ولوصـاياه‪ .‬وكيـف نمتلـئ مـن الـروح؟‬ ‫ضا جَ يَ ْ‬ ‫ألَنَّهُ أَ ْي ا‬ ‫هـذا بـأن نهـتم بـالروح بالصـالة والصـوم ود ارسـة الكتـاب‪ ،‬واجتماعـات الكنيسـة والقداسـات والتسـابيح والمزاميـر‪..‬الخ‬

‫(لو‪ + 13 2 11‬أف‪. )21 – 11 2 0‬‬

‫ين ُهم ِفي ا ْلجس ِد الَ ي ِ‬ ‫‪َِّ 1‬‬ ‫ضوا اهللَ‪" .‬‬ ‫ون أ ْ‬ ‫يع َ‬ ‫َن ُي ْر ُ‬ ‫َْ‬ ‫ستَط ُ‬ ‫َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬فَالذ َ ْ‬ ‫س َد = ليس لهم الطبيعة الجديدة‪ ،‬خاضعين إلنسانهم العتيـق‪ ،‬يسـعون وراء شـهوات الجسـد‪ .‬فمثـل‬ ‫الَّ َذينَ ُه ْم فَي ا ْل َج َ‬ ‫هذا قد أطفأ الروح وجعل إنسانه الجديـد يـنكمش‪ ،‬هـذا الـذي يقـوده الـروح القـدس‪ .‬وهـذا أيقـظ اإلنسـان العتيـق الـذي‬

‫هو بطبيعته متمرد علي اهلل‪ .‬هذا ال يستطيع أن يرضي اهلل فمن هو في الجسد فهو ليس فـي الـروح وال هـو ثابـت‬ ‫في المسيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اك ًنا ِفـي ُكم‪ .‬و ِ‬ ‫اهلل س ِ‬ ‫ان روح ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫الر ِ‬ ‫س ِد َب ْل ِفي ُّ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬وأ َّ‬ ‫لك ْـن إِ ْن َك َ‬ ‫ـان أ َ‬ ‫وح‪ ،‬إِ ْن َك َ ُ ُ‬ ‫َما أَ ْنتُ ْم َفلَ ْ‬ ‫َحـ ٌد لَ ْـي َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ستُ ْم في ا ْل َج َ‬ ‫لَ ُه روح ا ْلم ِس ِ ِ‬ ‫س لَ ُه‪".‬‬ ‫يح‪ ،‬فَذل َك لَ ْي َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫وح = اعتمــدوا وحــل علــيهم‬ ‫الـذين تركـوا تيــار الشــهوات العالميـة يصــيروا كــروح بــال جسـد َوأَ َّمااا أَ ْناتُ ْم ‪ 000‬فَااي الا رار َ‬

‫الــروح القــدس (بــالميرون ) ابتعــدوا عــن تيــار الشــهوات‪ .‬ه ـؤالء يهتمــون اهتمامــات روحيــة وبهــذا يضــرمون الــروح‬

‫القـدس فـيهم ويمتلئـون منـه (‪2‬تــي‪ ):21‬وبهـذا يصـيروا خاضـعين للـروح القــدس‪ .‬المهـم أن يسـأل كـل إنسـان نفســه‪،‬‬ ‫هــل أنــا ٍباهتمامــاتي الجســدية أطفــئ الــروح‪ ،‬أم هــل أنــا ٍباهتمامــاتي الروحيــة أضــرمه ومــن يضــرم الــروح يســكن فيــه‬ ‫ايح فهـذا يكـون مملـوء مـن‬ ‫الروح ويقـوده‪ .‬وكيـف نعلـم هـل نحـن فـي الجسـد أم الـروح = إَنْ َكاانَ أَ َحا لد لَاهُ ُر ُ‬ ‫وح ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫الــروح القــدس‪ .‬فهــدف الــروح القــدس أن يجعلنــا نلــبس المســيح وأن يتصــور المســيح فينــا (غــل‪ +1924‬رو‪)14213‬‬

‫فمن له صفات المسيح من محبة ووداعة وتواضع‪(..‬هذا معني روح المسيح) فهذا إنسان يسكن فيه روح اهلل‪.‬‬ ‫‪52‬‬ ‫ت ِبسب ِب ا ْل َخ ِطي ِ‬ ‫ان ا ْلم ِس ِ‬ ‫س َب ِب ا ْل ِبِّر‪".‬‬ ‫َما ُّ‬ ‫َّة‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫س ُد َم ِّي ٌ َ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)52‬وِا ْن َك َ َ ُ‬ ‫وح فَ َح َياةٌ ِب َ‬ ‫يح في ُك ْم‪ ،‬فَا ْل َج َ‬ ‫ايح فَااي ُك ْم = إن كــان المســيح متحــداً بنــا وثابت ـاً فينــا‪ .‬وهــذا طبع ـاً لــن يحــدث إالّ لمــن يســلك بــالروح‬ ‫سا ُ‬ ‫َوإَنْ َكااانَ ا ْل َم َ‬ ‫س ُد َميِّ ل = هذه تعني‪ ]1[ 2‬اإلنسان العتيق ميت بالمعمودية ‪ ،‬فالمعمودية‬ ‫ويميت الجسد (أي اإلنسان العتيق) فَا ْل َج َ‬

‫‪163‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫هــى مــوت مــع المســيح وقيامــة معــه متحــدين بحياتــه األبديــة ‪ .‬والحــظ أن المســيح حــين قــام ‪ ،‬أن الحيــاة األبديــة‬

‫إتحــدت مــع جســده المائــت‪ ]2[ .‬بنــاء علــى النقطــة الســابقة إذا علــى اإلنســان أن يميــت نفســه‪ ،‬أي يمــارس أعمــال‬ ‫اإلماتة‪ ،‬منع كل الشهوات ‪ +‬أصوام ‪ +‬مطانيات‪ .‬حتـى تظـل حيـاة المسـيح األبديـة ثابتـة فيـه [‪ ]3‬واهلل يعمـل مـن‬

‫ناحيتـه علـي إذالل الجسـد حتـى ال تثـور الشـهوات كمـا ســمح لبـولس بشـوكة فـي الجسـد ‪ +‬إن كـان إنسـاننا الخــارج‬ ‫يفني فالداخل يتجدد يوماً فيوم (‪2‬كو‪ٍ + )1:24‬فان من تألم في الجسد ُك َّ‬ ‫ـف عـن الخطيـة (‪1‬بـط ‪ ]4[ .)124‬يظـل‬

‫الجسد في ألم وضيقات وأخي اًر يموت الجسد‪ .‬ولكن هل معني هذا أن اإلنسان الروحي مات نهائياً ؟ قطعاً ال ألن‬ ‫ب ا ْلبَ ِّار ولمـاذا يسـمح اهلل بكـل هـذا األلـم؟‬ ‫الروح ستكون حية‪ ،‬ألنه عاش في بر= تبـرر= َوأَ َّماا ر‬ ‫الار ُ‬ ‫وح فَ َحيَااةل بَ َ‬ ‫ساب َ َ‬

‫ب ا ْل َخ َطيَّ َة = حتـى ال تثـور شـهوات الجسـد‪ .‬ومـن هـو ثابـت فـي المسـيح سـتكون شـهواته الخاطئـة ميتـة‪ .‬لـذلك‬ ‫بَ َ‬ ‫سب َ َ‬ ‫نسمع في القسمة (رقم‪ )19‬في الخوالجي "فالتناول يثبتنا في المسيح" "وعند ٍاصعاد الذبيحة علي مذبحك تضمحل‬

‫الخطية من أعضائنا بنعمتك" ولكـن حتـى يعمـل التنـاول فينـا هـذا العمـل علينـا أن نميـت أنفسـنا عـن الخطيـة‪ .‬أَ َّماا‬ ‫وح فَ َحيَاةل = أي اإلنسان الجديد القائم مع المسيح من األموات‪ .‬ومن هـو حـي بـالروح حـين يأتيـه مـوت الجسـد‬ ‫ر‬ ‫الر ُ‬ ‫ينتقل من حياة إلى حياة أبدية‪ .‬والحظ أننا نبدأ حياتنا األبدية هنا علي األرض حينما تكون لنا حياة المسيح‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫ـن األَمــو ِ‬ ‫ـاك ًنا ِفــي ُكم‪ ،‬فَالَّـ ِـذي أَقَــام ا ْلم ِسـ ِ‬ ‫ات سـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـان ر َّ ِ‬ ‫ات‬ ‫ســو َ‬ ‫ع ِمـ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫آيــة (‪َ " -:)55‬وِا ْن َكـ َ ُ ُ‬ ‫ـيح مـ َ ْ َ‬ ‫ـن األ َْمـ َـو َ‬ ‫ـام َي ُ‬ ‫ْ‬ ‫وح الــذي أَقَـ َ‬ ‫الس ِ‬ ‫ضا ِبر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اك ِن ِفي ُك ْم‪".‬‬ ‫وح ِه َّ‬ ‫سَ‬ ‫س ُي ْح ِيي أ ْ‬ ‫َج َ‬ ‫َ‬ ‫اد ُك ُم ا ْل َمائتَ َة أ َْي ً ُ‬ ‫هل تتصور أن موضوع القيامة صعب؟ هذا ما يصوره لنا الشيطان‪ .‬خصوصاً القيامة من موت الخطية والرسول‬

‫هنا يؤكد أن الذي أقام المسيح من األموات قادر أن يقيمك من موت الخطيـة أوالً‪ ،‬ثـم فـي القيامـة العامـة سـيقيمك‬

‫بجســد ممجــد‪ .‬ونفــس الفكـرة نجــدها فــي (أف‪ )1921‬أى أن نفــس القــوة التــي أقامــت المســيح مــن األمـوات قــادرة أن‬ ‫سا َد ُك ُم ا ْل َماَِتَةَ = لذلك نسـمي الـروح القـدس الـروح‬ ‫سيُ ْحيَي أَ ْج َ‬ ‫تعمل فيكم لتقيمكم في القيامة األولى والقيامة الثانية َ‬ ‫المحيي ‪.‬‬

‫ملخص‪ :‬ماذا أعطاني ناموس الروح ‪:‬‬ ‫‪ )1‬أعطاني روح الغلبة والنصرة فنواجه حرب الخطايا بقوة‪.‬‬

‫‪ )2‬اعتقني من الدينونة فإن سلكت حسب الروح تكون لي حياة أبدية‪.‬‬ ‫‪ )3‬ص ـرنا أبنــاء بعــد أن كنــا عبيــد‪ .‬المســيح حمــل مالنــا (مــوت وخطيــة وعبوديــة) وأعطانــا مــا لــهُ (ص ـرنا أبنــاء‬ ‫وأحباء)‪ .‬وبهذا صار لنا الميراث‪.‬‬

‫‪ )4‬صار لنا الروح القدس معيناً‪.‬‬

‫لذلك اعتبرنا الرسول مديونون للروح القدس وليس للجسد‪.‬‬ ‫‪5:‬‬ ‫ون لَ ْي ِ‬ ‫ُّها ِ‬ ‫س ِد‪".‬‬ ‫س ِد ِل َن ِع َ‬ ‫سَ‬ ‫آية (‪ " -:)5:‬فَِإ ًذا أَي َ‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫يش َح َ‬ ‫س ل ْل َج َ‬ ‫اإل ْخ َوةُ َن ْح ُن َم ْد ُيوُن َ َ‬

‫‪164‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫رأينا ماذا يعطينا الروح‪ ،‬أما الجسد فيعطيني لذة لحظات يعقبها كآبـة وتعـب‪ .‬لـذلك ومـن أجـل عظـم مـا أعطـاه لنـا‬

‫ال ــروح ف ــنحن م ــديونون لل ــروح‪ .‬وال ــذي يش ــعر ان ــه م ــديون لل ــروح م ــاذا يعم ــل [‪ ]1‬يس ــتعمل وزنات ــه ليمج ــد إس ــم اهلل‬ ‫(الوزنات= الصحة ‪/‬المال ‪/‬الذكاء‪ ]2[ )..‬أن ال نجعل الشهوات تسودنا ثانية‪ ،‬ونخضع للروح القدس‪.‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ون‪ ،‬و ِ‬ ‫شـــتُم حســـب ا ْلج ِ‬ ‫ِ‬ ‫سـ ِــد‬ ‫ــالر ِ‬ ‫ــن إِ ْن ُك ْنـــتُ ْم ِبـ ُّ‬ ‫َع َمـ َ‬ ‫لكـ ْ‬ ‫آيــة (‪ " -:)53‬أل ََّنـ ُ‬ ‫وح تُ ِميتُـ َ‬ ‫ــون أ ْ‬ ‫ــال ا ْل َج َ‬ ‫ســـتَ ُموتُ َ َ‬ ‫ســـد فَ َ‬ ‫ــه إِ ْن ع ْ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ستَ ْح َي ْو َن‪".‬‬ ‫فَ َ‬ ‫ساتَ ُموتُونَ = أي إن عشــتم عبيــداً لشــهوات أجســادكم فــإنكم ستتعرضــون للمــوت األبــدي‬ ‫إَنْ َع ْ‬ ‫سا َد فَ َ‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫سا َ‬ ‫شاتُ ْم َح َ‬

‫(االنفصال األبدي عن اهلل)‪.‬‬ ‫وح‬ ‫إَنْ ُك ْنتُ ْم بَ ر‬ ‫الر َ‬ ‫هذا عمل النعمة‬

‫س َد‬ ‫تُ َميتُونَ أَ ْع َما َل ا ْل َج َ‬ ‫هذا قراري وهذا هو جهادي‬

‫يجاهد‬

‫‪( +‬رو‪)112:‬‬

‫والنعمة تعمل مع من‬

‫أن أميت أعضائي (كو‪)023‬‬

‫أما جهادى أنا أن أقف أمام الخطية كميت‪ .‬وهذه اآلية تساوى تمامـاً قـول الرسـول‬ ‫النعمة= الروح يعين ضعفاتنا‪ّ .‬‬ ‫[‪ٍ ]2‬ايجــابي‬ ‫ختـان القلــب بــالروح (رو‪ )2922‬والجهــاد المطلــوب[‪ ]1‬ســلبي (نحسـب أنفســنا أمواتـاً عــن الخطيــة)‬ ‫(صالة وتسبيح وصوم ومطانيات‪)..‬‬

‫وهناك طريقين للجهاد‪:‬‬

‫‪ .1‬بالعزيمة وقوة اإلرادة تزيد كل يوم األصوام والصلوات‪ ..‬ولكن هذه عبادة بالجسد‪ ،‬تشبه الفريسـية‪ .‬ومـن يفعـل‬ ‫هذا تجده يطالب اهلل باألجر‪.‬‬

‫‪ .2‬عبادة الروح (راجع تفسير رو‪ )921‬أن نتسمع صوت الـروح القـدس فـي هـدوء يطالبنـا ويقنعنـا بمـا نعمـل‪ ،‬فـال‬

‫نطال ــب ب ــأجر ب ــل نج ــد ل ــذة فيم ــا نفعل ــه‪ .‬ولك ــن علين ــا أوالً أن نغص ــب أنفس ــنا‪ ،‬فملك ــوت الس ــموات يغص ــب‬

‫(مت‪ )12211‬ثم نطلـب المعونـة مـن الـروح فيبـدأ اإلقنـاع فنصـوم ونزهـد فـي الملـذات ألننـا نجـد لـذة وتعزيـات‬ ‫في العبادة بالروح‪.‬‬

‫ُولئ َك ُهم أ َْب َناء ِ‬ ‫اهلل‪ ،‬فَأ ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫آية (‪54" -:)54‬أل َّ‬ ‫ون ِب ُر ِ‬ ‫ين َي ْنقَ ُ‬ ‫اد َ‬ ‫َن ُك َّل الَِّذ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫نحن نحصل علي البنوة بثباتنا في المسيح االبن‪ ،‬ونحن نتحد بـاالبن فـي سـر المعموديـة‪ ،‬وننفصـل عنـه بالخطيـة‬ ‫ونعــود للثبــات بســر التوبــة واالعتـراف والتنــاول مــن جســد الــرب ودمــه‪ ،‬وكــل األسـرار‪ ،‬فـٍـان العامــل فيهــا هــو الــروح‬ ‫القدس‪ .‬والروح أيضاً هو الذي يبكتنا لو أخطأناً ومن ينقاد بروح اهلل يظل ثابتاً في المسيح‪ ،‬ويظل أبناً هلل بالتالي‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضــا لِ ْل َخــو ِ‬ ‫وح ا ْل ُع ُب ِ‬ ‫صـ ُـر ُ ‪َ «:‬يــا أ َ​َبــا‬ ‫ف‪َ ،‬بـ ْـل أ َ‬ ‫ود َّيـ ِـة أ َْي ً‬ ‫َخ ـذْتُ ْم ُر َ‬ ‫آيــة (‪ " -:)51‬إِ ْذ لَـ ْـم تَأْ ُخ ـ ُذوا ُر َ‬ ‫وح التََّب ِّنــي الَّــذي ِبــه َن ْ‬ ‫ْ‬ ‫اآلب»‪".‬‬ ‫ُ‬

‫‪165‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫وح ا ْل ُعبُو َديَّ َة = كان هذا في ظل الناموس‪ .‬كان اإلنسان يمتنع عن الشر خوفاً من عقوبة الناموس‪ ،‬واذا عمـل‬ ‫ُر َ‬

‫شيئاً صالحاً يطلب األجر عنه فالعبد يعيش خائفاً‪ ،‬طالباً األجر‪ ،‬بل هو يعمل من أجل أجر زهيد يعطيه له سيده‬

‫نظير عمله‪ .‬وهناك من يعيش مع اهلل هكذا‪ ،‬يطلب من اهلل طلبات متواضعة كالمال والصحة‪ ..‬الخ‪ .‬واذا لم يأخذ‬

‫وح‬ ‫طلباتــه يــذكر اهلل بأعمالــه طالبـاً أجـره عنهــا‪ .‬واآليــة الســابقة حــدثتنا عــن أن مــن ينقــاد بــالروح يصــبح أبنـاً هلل ُر َ‬ ‫التَّبَنِّي = ماذا يفرق االبن عن العبد؟ االبن يعمل في محبة‪ ،‬وال يطلب من اهلل نظير عمل عمله بل بدالة البنوة ‪،‬‬ ‫وطلباتــه ألبيــه ليســت متواضــعة فهــو يطلــب مجــد الســماء‪ ،‬بــل هــو يطلــب اهلل نفســه "أنــا لحبيبــي وحبيبــي لــي"‪ .‬فــي‬

‫العهــد القــديم كــان العقــاب زمنيـاً والمكافــأة زمنيــة أيضـاً‪ .‬واآلن صــارت لنــا مكافــأة هــي اهلل نفســه نــنعم بــه أبـاً أبــدياً‪،‬‬ ‫اآلي»‪.‬‬ ‫ص ُر ُخ‪«:‬يَا أَبَا‬ ‫والروح القدس يشهد في داخلنا بهذه البنوة‪ .‬وبهذه الروح‪ ،‬روح البنوة نَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫آبــا= بالعبريــة ‪( abba‬آبــا) اآلب باليونانيــة ‪(pateir‬بــاتير)= أي يــا بابــا الــذي هــو اآلب‪ .‬وهــي عبــارة تشــير‬ ‫لوحدة اليهود واألمم (اليونانيين) فكلمة آبا تشير لبنوة اليهـود هلل وكلمـة بـاتير تشـير لبنـوة األمـم هلل‪ .‬فـالبنوة صـارت‬ ‫لكليهما فاليهود يخاطبون اهلل بقولهم ‪ abba‬واليونانيين يخاطبونه ‪. pateir‬‬

‫ُ = هناك نوعان من الخوف‪2‬‬ ‫ُر َ‬ ‫وح ا ْل ُعبُو َديَّ َة لَ ْل َخ ْو َ‬

‫‪ .1‬خوف مقدس طاهر وأمثلته‪ 2‬طالب يخاف من الفشل وهذا يدفعه لمزيد من الجهد الستذكار دروسه‪.‬‬

‫‪ .2‬خوف مرضي مثل من يدخل االمتحان وال يجيـب أسـئلة االمتحـان بسـبب خوفـه الفظيـع‪ ،‬مـع أنـه يعـرف‬ ‫اإلجابة‪.‬‬

‫وروحياً‪]1[ 2‬‬

‫خوف مقدس طاهر قيل عنه تمموا خالصكم بخوف ورعدة‬

‫( في‪ + )1222‬ال تستكبر بل خف (رو‪ .)25211‬هنا نخاف اهلل ولكن ليس عن فزع بل خوف المحب‬

‫الــذي يخــاف أن يحــزن قلــب محبوبــه‪ ،‬هــو خــوف يــدفع للجهــاد‪ ]2[.‬خــوف مرضــي قيــل عنــه أنــه ُيطـ َـرد‬ ‫بالحب الكامل (‪1‬يو ‪.)18 24‬‬

‫‪56‬‬ ‫اح َنا أ ََّن َنا أَوالَ ُد ِ‬ ‫شه ُد ألَرو ِ‬ ‫اهلل‪".‬‬ ‫س ُه أ َْي ً‬ ‫آية (‪ " -:)56‬اَ ُّلر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ضا َي ْ َ ْ َ‬ ‫وح َن ْف ُ‬ ‫الروح القدس يعطي لقلوبنا وأرواحنا أن تشعر بالبنوة‪ ،‬هذه الشهادة المعزية ال تعطـي إال لمـن لهـم طبيعـة البنـين‪،‬‬

‫أي ثــابتين فــي المســيح‪ .‬والــروح القــدس يعطينــا اإلحســاس بــأن محبــة المســيح تحصـرنا فنتحمــل األلــم‪ .‬ولكــن حتــى‬

‫نســمع ص ــوت الــروح الق ــدس فه ــذا يحتــاج لجلس ــة هادئــة م ــع الكت ــاب المقــدس‪ ،‬والص ــالة بهــدوء والس ــكوت بع ــض‬ ‫األحيــان‪ .‬واذا فعلــت هــذا فــي ألمــك ستســمع صــوت الــروح قــائالً "أنــا بجانبــك فلمــاذا تخــاف‪ ...‬أنــت إبــن اهلل‪ ،‬فهــل‬ ‫يترك اهلل أوالده ويتخلي عنهم ال تخف وتشدد"‪.‬‬

‫يح‪ .‬إِ ْن ُك َّنا َنتَـأَلَّم مع ُ ِ‬ ‫ضا‪ ،‬ورثَ ُة ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫‪َّ ِ 57‬‬ ‫اهلل َو َو ِ‬ ‫َّـد‬ ‫ون َم َع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ـي َنتَ َمج َ‬ ‫ارثُ َ‬ ‫ُ َ​َ‬ ‫آية (‪ " -:)57‬فَإ ْن ُكنا أ َْوالَ ًدا فَإن َنا َو َرثَ ٌة أ َْي ً َ َ‬ ‫ـه ل َك ْ‬ ‫ضا َم َع ُه‪".‬‬ ‫أ َْي ً‬

‫‪166‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫نــرث اهلل ألننــا صـرنا أبنــاء لــه‪ ،‬ونــرث مــاذا‪ ..‬نــرث مجــده ونــرث مــع المســيح حيــث أنــه قــد وضــع نفســه كــأخ لنــا‬

‫(ي ــو‪ )2: ، 24 ، 22 2 11‬آي ــة عجيب ــة‪ .‬أن ن ــرث اهلل ون ــرث م ــع المس ــيح ولكنه ــا تفس ــر مـ ـا قال ــه الرس ــول ف ــي‬ ‫(عب‪ )221‬فالمسيح تمجد بجسده هـذا معنـي صـار وارثـاً لكـل شـيء وذلـك لحسـابنا‪ ،‬فـنحن جسـده‪ .‬وهـو الـذي قـال‬ ‫حيــث أكــون أنــا تكونــون أنــتم أيض ـاً" (يــو‪ )3214‬وقــال أيض ـاً مــن يغلــب يجلــس معــي فــي عرشــي (رؤ‪ )2123‬بــل‬ ‫سيصــير لنــا صــورة مجــده (فــي‪1+ 2123‬يــو‪ )223‬هــذه األمجــاد ال يمكــن تصــورها أو تخيلهــا فهنــاك "مــا لــم ت ـره‬ ‫ع ــين‪ "..‬حقـ ـاً م ــن يف ــتح اهلل عيني ــه عل ــي م ــا ه ــو مع ــد ف ــي الس ــماء فس ــيدرك أن الع ــالم وم ــا في ــه م ــا ه ــو إال نفاي ــة‬

‫(فــي‪ .)823‬ولقــد حســب اليهــود أنهــم وحــدهم ورثــة‪ ،‬وبــولس فــي هــذه اآليــات يؤكــد أن المي ـراث لكــل البنــين الــذين‬

‫يقولون يا آبا اآلب وهم ظنوا الميراث أرضي زمني ‪ ،‬لذلك فالرسول يقول بل هنا آالم‪.‬‬ ‫إَنْ ُكنَّا نَتَاَلَّ ُم َم َعهُ = قبل أن نعيش في أفكـار المجـد والميـراث‪ ،‬يـذكرنا هنـا الرسـول‪ ،‬بأننـا مازلنـا علـي األرض وفـي‬ ‫ضاا‬ ‫اي نَتَ َم َّجا َد أَ ْي ا‬ ‫الجسد‪ ،‬ومادمنا في الجسد فهناك قطعـاً آالم‪ .‬ولكـن ُي ْك ِم ْـل لمـن يحتمـل األلـم بشـكر‪ ،‬أن األلـم‪ ..‬لَ َك ْ‬ ‫َم َعاهُ = لشــرح هــذا لنــذكر قصــة داود الهــارب المطــارد مــن شــاول الملــك وهــو فــي آالم فظيعــه وكــان يرافقــه بضــعة‬

‫أصــحاب صــدقوا وآمن ـوا بوعــد اهلل لــداود‪ ،‬أنــه سيصــبح الملــك‪ ،‬فالزم ـوا داود ط ـوال فت ـرة آالمــه‪ .‬وحينمــا َّ‬ ‫تمجــد داود‬

‫َّ‬ ‫مجــدهم معــه‪ ،‬فكــان مــنهم القــادة والــوزراء‪..‬الخ‪ ،‬فهــل نصـ ّـر علــي مالزمــة المســيح فــي فت ـرة آالمنــا علــي األرض‪.‬‬ ‫والميراث هو لمن يتألم مع المسيح وبشكر‪ .‬ولنعلم أن اهلل يسمح باأللم لنكف عن الخطية (‪1‬بط‪.)124‬‬ ‫اض ِر الَ تُقَاس ِبا ْلم ْج ِد ا ْلع ِت ِ‬ ‫ان ا ْلح ِ‬ ‫آية (‪51" -:)51‬فَِإ ِّني أ ْ ِ‬ ‫َن آالَم َّ‬ ‫ستَ ْعلَ َن ِفي َنا‪" .‬‬ ‫يد أ ْ‬ ‫الزَم ِ َ‬ ‫َحس ُ‬ ‫َن ُي ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب أ َّ َ‬ ‫اآلالم الحاضرة هي ال شيء وال تُذ َكر بجانب األمجاد المعَّدة لنا‪2‬‬ ‫‪ .1‬مهما كان األلم فهو بسيط جداً بجانب المجد المعد‪.‬‬ ‫‪ .2‬زمن اآلالم أيام واألمجاد فهي لألبد‪ ،‬بال نهاية‪.‬‬

‫‪ .3‬اآلالم هنا هي حتى نكمل‪ ،‬وهي شركة آالم مع المسيح‪ ،‬ويصاحبها تعزيات (‪2‬كو‪ )8-321‬حتى أن من تذوق‬ ‫اآلالم مع التعزيات إشتهي اآلالم‪ ،‬لـذلك اعتبرهـا بـولس الرسـول هبـة (فـي‪ )2921‬ولكـن لـنعلم أن التـذمر يوقـف‬ ‫التعزيات‪ .‬وهذا ما جعل السيد المسيح يقول "احملوا نيرى (اآلالم التـي أسـمح بهـا ‪ +‬الوصـايا التـي آمـركم بهـا)‬

‫فهو خفيف (مت‪.)29211،35‬‬

‫‪ .4‬كلما ازداد األلم إزداد المجد "ألن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً (‪2‬كو‪.)1124‬‬ ‫ساتَ ْعلَنَ = أي المجـد الـذي نحـن فيـه اآلن غيـر مرئـي‪ ،‬وأمـا فـي‬ ‫ستَ ْعلَنَ فَينَا = ا ْل َعتَي َد = اآلتي‪ .‬يُ ْ‬ ‫ا ْل َم ْج َد ا ْل َعتَي َد أَنْ يُ ْ‬

‫األبديــة سيصــير مرئيـاً‪ .‬فــنحن َحـ َّـل علينــا الــروح القــدس وهــو كألســنة نــار‪ ،‬فهــل يــري أحــد هــذه النــار‪ .‬والتنــاول مــن‬ ‫الجسد والدم المتحدان بالالهوت‪ ،‬هذا فـي وسـطنا يوميـاً‪ ،‬لكـن هـل يـري أحـد الالهـوت المتحـد بجسـد المسـيح ؟ إذاً‬ ‫نحن في مجد لكن غير مستعلن ‪ ،‬وسيستعلن في األبدية ولنرجع لقصـة داود مـع شـاول فلقـد كـان شـاول فـي مجـد‬ ‫ظاهري (جيش وخدم وخضوع الناس له‪ ،‬وقوة ظاهرية‪ )..‬وداود كان في ضـعف ولكنـه فـي مجـد‪ ،‬ألن الـروح كـان‬

‫‪167‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫ع منه الروح القـدس‪ .‬ثـم مـات الملـك شـاول وجـاء داود فإسـتعلن المجـد الـذي كـان فيـه‬ ‫يمأل داود‪ ،‬وأما شاول فقد ُن ِز َ‬ ‫خفياً‪.‬‬ ‫اء ِ‬ ‫ظار ا ْل َخِليقَ ِة يتَوقَّع اس ِتعالَ َن أ َْب َن ِ‬ ‫آية (‪51" -:)51‬أل َّ ِ‬ ‫اهلل‪".‬‬ ‫َ​َ ُ ْ ْ‬ ‫َن ا ْنت َ َ‬ ‫الخليقة هي العالم بكل ما فيه من جمادات فاهلل خلـق العـالم ألجـل اإلنسـان‪ ،‬واهلل خلقـه فوجـده حسـن ‪ ،‬كـان العـالم‬

‫جميالً جداً‪ .‬لكن حينمـا فسـد اإلنسـان إنعكـس فسـاده علـي األرض لـذلك سـمعنا قـول اهلل "ملعونـة األرض بسـببك‪..‬‬ ‫شوكاً وحسـكاً‪( "..‬تـك‪ )18 ، 11 2 3‬وحـين قـاوم اإلنسـان إلهـه قاومتـه الخليقـة‪ ،‬كمـا إظلمـت الشـمس حـين ِ‬ ‫ب‬ ‫صـل َ‬ ‫ُ‬ ‫رب المجـد‪ .‬فالفيضـانات المـدمرة والتصـحر المهلـك‪ ،‬والـزالزل المـدمرة القاتلـة عكسـت فسـاد اإلنسـان بـل أن وحشـية‬ ‫الناس ( قايين ‪/‬شعب رومـا بمالعبـه التـي يعـذبون فيهـا العبيـد‪ )..‬انعكسـت علـي الحيوانـات فصـارت وحوشـاً تأكـل‬ ‫بعضها‪ .‬صارت الخليقة كالمرآة تعكـس حـال اإلنسـان‪ .‬وعكـس هـذا فقداسـة برسـوم العريـان انعكسـت علـي الثعبـان‬

‫ففقد وحشيته‪ .‬وبسبب األنبا بوال قيل إن اهلل يفـيض ميـاه النيـل‪ .‬لهـذا تصـور بـولس الرسـول هنـا إن الخليقـة تنتظـر‬

‫أن يستعلن مجد أبناء اهلل فينعكس هذا عليها‪ ،‬وتستعيد صورتها الجميلة األولى وبهائها‪.‬‬ ‫ساتَ ْعالَنَ أَ ْبنَااا َء للاَ = حــين يعلــن المجــد المســتتر اآلن فــي أبنــاء اهلل‪ .‬وهــذا لــن يحــدث إالّ فــي األبديــة حينمــا يعــود‬ ‫ا ْ‬ ‫اإلنسان لألحضان اإللهية‪.‬‬

‫الرج ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫آية (‪:2" -:):2‬إِ ْذ أ ْ ِ ِ‬ ‫اء‪" .‬‬ ‫س َ‬ ‫َج ِل الَِّذي أ ْ‬ ‫َخ َ‬ ‫ط ْو ًعا‪َ ،‬ب ْل ِم ْن أ ْ‬ ‫ض َع َها ­ َعلَى َّ َ‬ ‫ُخض َعت ا ْل َخليقَ ُة ل ْل ُب ْط ِل ­ لَ ْي َ‬ ‫إمــا‬ ‫لقــد اســتعبدت الخليقــة للبطــل ‪ VANITY‬أي صــارت بــال قيمــة صــارت كس ـراب‪ ،‬مهمــا كنــز اإلنســان‪ ،‬فهــو ّ‬ ‫يضيع أو يتركه اإلنسان ويموت‪ .‬وعكس هذه الكلمـة نجـد كلمـة حقيقـى ‪ ،‬فالمسـيح هـو خبـز حقيقـى ونـور حقيقـى‬ ‫فهو أبدى ويعطى حياة أبدية ‪ .‬ولكن كان إستعباد الخليقة هذا علي رجاء‪ ،‬هو أن هذا الوضع سـينتهي‪ .‬وكـان مـا‬

‫حـدث مــع الشـعب حينمــا ذهبـوا لســبي بابــل رمـ اًز لمــا حـدث مــع الخليقـة فــاهلل وعــد الشـعب بــأن يـذهبوا للســبي تحــت‬

‫العبوديــة لملــك بابــل نبوخــذ نصــر ولكــن كــان ذلــك لمــدة محــدودة هــي ‪ 15‬ســنة‪ ،‬وبعــدها يتحــرروا بيــد كــورش ملــك‬ ‫فارس‪ .‬والخليقة والبشر إستعبدوا في يد إبليس (نبوخذ نصـر) لكـن لمـدة محـددة حتـى يـأتي المسـيح (كـورش) الـذي‬

‫يحررهـا مـن يــده‪ .‬ولكـن سـتظل الخليقــة فـي صــورتها الحاليـة حتـى إســتعالن مجـد أوالد اهلل وهـذا لــن يحـدث إالّ فــي‬

‫المجــيء الثــاني‪ .‬وكمــا أصــدر اهلل أم ـ اًر بــأن يســتعبد الشــعب لملــك بابــل ولكــن علــي رجــاء العــودة‪ ،‬أصــدر اهلل أم ـ اًر‬ ‫بإخضـاع الخليقــة للباطــل (إبلــيس) مــع رجــاء فــي فــك ســبي اإلنســان وتجديــد الخليقــة ( إر‪ )12-8220‬وهــذا األمــر‬ ‫وذاك كانا بسبب الخطية ومن يعود للخطية يستعبد ثانية‪.‬‬

‫ونالحظ أن سليمان النبي أكد علي هذه الحقيقة أن العالم هو باطل األباطيل فبسبب الخطية فقدت الخليقة صورة‬ ‫الحق والجمال لكن على رجاء‪ ،‬فإذا كانت الخليقة الجامدة لها رجاء أن تتجـدد صـورتها‪ ،‬فهـل يتركنـي أنـا اإلنسـان‬

‫المخلوق علي صورته‪.‬‬

‫‪168‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫و ارجــع (‪2‬بــط‪ + 1523‬مــز‪ +2: ، 20 2 152‬إش‪ + :201‬رؤ‪ ،)1221‬ومــن كــل ه ـذا نفهــم أن األرض ســتزول‬ ‫وتنحــل العناصــر محترقــة‪ ،‬ولكــن هــذا يفهــم بأنــه كمــا يمــوت اإلنســان قبــل أن يكتســب صــورة الجســد الممجــد‪ ،‬هكــذا‬

‫هاءهُ‪.‬‬ ‫ستنتهي صورة العالم الحالي الملعونة‪ ،‬تمهيداً لكي يستعيد َب َ‬ ‫َّة م ْج ِد أَوالَِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودي ِ‬ ‫آية (‪:5" -:):5‬أل َّ ِ‬ ‫ق ِم ْن ُع ُب ِ‬ ‫َّة ا ْلفَ َ ِ ِ‬ ‫اهلل‪".‬‬ ‫ستُ ْعتَ ُ‬ ‫س َها أ َْي ً‬ ‫ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫َن ا ْل َخليقَ َة َن ْف َ‬ ‫ساد إلَى ُحِّري َ‬ ‫الرجـاء الــذي تنتظـره الخليقــة أنهـا هــي ســتعتنق وســتتحرر مـن عبوديــة البطــل والفســاد وال تعـود فاســدة‪ .‬ســيكون لهــا‬ ‫نصيب في ُح ِّريَّ َة َم ْج َد أَ ْوجَ َد للاَ = أي ستنتهي صورة العبودية التي تعاني منها = ُح ِّريَّ َة‪ .‬وستنتهي حالة الفساد=‬ ‫َم ْجا َد‪ .‬كــل هـذا مـن أجــل خـاطر أوالد اهلل‪ .‬إذ قـال اآلبــاء‪ ،‬إن األب يلـبس المربيــة وخـدام البيـت مالبــس جديـدة يــوم‬

‫ميالد االبن‪ ،‬أو في عيد ميالده أو عرسه وهذا ال يفهم منه أن األرض ستعود فردوساً يحيا فيـه اإلنسـان كمـا أيـام‬

‫آدم‪ ،‬فهــذا ضــد فكــر الكتــاب المقــدس (فملكــوت الســموات لــيس أكــالً وال ش ـرباً رو‪ )11214‬وهنــاك ال يزوجــون وال‬ ‫يتزوجــون (مــت‪ .)35222‬وال جــوع وال عطــش (رؤ‪ )1:21‬ولكــن الرس ــول يريــد أن يظهــر فاعليــة عمــل المس ــيح‪،‬‬ ‫فالخليقة ستتجدد واإلنسان سيتمجد‪ ،‬فهل نرتبك بأالم الحياة والطبيعة لها رجاء‪ ،‬بل هي ستتجدد من أجلك أنت يا‬

‫ابــن اهلل‪.‬؟ ولكــن نحــن لــن نعــيش فــي األرض ثانيــة بــل فــي الســماء‪ ،‬لكــن اهلل خلــق األرض والســماء ولــن يســتغني‬ ‫عنهما بل سيكون لهما صـورة جديـدة‪ .‬المهـم أن الصـورة الحاليـة لـألرض سـتختفي‪ ،‬ولـن نعـرف مـاذا سـوف يحـدث‬

‫تمامـاً‪ ،‬ولكـن هنــاك صـورة جديـدة للخليقــة سـوف تولـد وهــذا معنـي تـئن وتــتمخض (آيـة‪ )22‬ولكننـا لــن نحتـاج لنــور‬

‫الشمس مثالً‪ ،‬فالمسيح بنوره سينير لنا‪ ،‬ولن يكون هناك ليل (رؤ‪.)0222‬‬

‫بسبب الخطية إحتجب اهلل عن اإلنسان وعن األرض ‪ ،‬فصـارت األرض ملعونـة بسـبب خطيـة اإلنسـان ‪ ،‬واختفـى‬ ‫بهاءهــا الــذى كــان ‪ .‬ولكــن حــين يتمجــد اإلنســان وهــذا ســيكون بإنعكــاس مجــد اهلل عليــه (‪1‬يــو‪ ، )2 2 3‬ســتأخذ‬ ‫الخليقة هى األخرى صورة مجد ‪ ،‬إذ لن يعود مجد اهلل محتجبـا عنهـا ‪ .‬والرسـول يصـور الخليقـة هنـا أنهـا متشـوقة‬ ‫وتئن منتظرة هذا اليوم الذى يتمجد فيه اإلنسان ‪ ،‬أى يوم يظهر مجد اهلل وينعكس عليه ‪ ،‬وبالتالى يـنعكس عليهـا‬

‫أيضا ‪.‬‬

‫اآلن‪".‬‬ ‫آية (‪::" -:)::‬فَِإ َّن َنا َن ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫َن ُك َّل ا ْل َخلِيقَ ِة تَِئ ُّن َوتَتَ َم َّخ ُ‬ ‫ض َم ًعا إِلَى َ‬ ‫بــولس الرســول يصــور الخليقــة الجامــدة علــي أنهــا شــخص وهــذا قــد فعلــه األنبيــاء فــي العهــد القــديم‪ ،‬فهــم صــوروا‬ ‫الطبيعة كأن لها أحاسيس تعبر بها عن بركات اهلل في فرح وتهليل‪ ،‬أو تئن وتتألم مع غضب اهلل‪ .‬وهذا ما يسمي‬

‫بالتصوير الشعري أمثلة‪ -2‬األنهار تصفق باأليادي (مز‪ )8298‬والتالل تقفز والجبال تتحرك‪ ..‬المعني أن بركـات‬

‫اهلل كأنها أثارت الخليقـة غيـر الحسـية فتهللـت (حـب‪ + 1122‬أي‪ .)38231‬ولكـن هنـاك أحـداث فعليـة فغضـب اهلل‬

‫مثالً يظهر في الطبيعة (طوفان ‪/‬حريق سدوم وعمورة ‪/‬إظالم الشمس يوم الصليب‪.)..‬‬

‫ورأينا الطبيعـة تطيـع‬

‫اهلل‪ ،‬بل وتطيع رجال اهلل‪ .‬فالبحر والريح أطاعا المسـيح (مـر‪ .)3924‬والشـمس والقمـر أطاعـا يشـوع (‪، 12 2 15‬‬ ‫‪ .)13‬بــل الوحــوش أيضـاً كــان للقديســين ســلطان علــيهم (دانيــال ) والسـواح ســكن بعضــهم مــع الوحــوش‪ ،‬والغربــان‬

‫‪169‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫عال ــت ال ــبعض‪ .‬وه ــذا ل ــيس قاع ــدة عام ــة ب ــل اهلل يس ــمح به ــذا ليس ــاند اإليم ــان ولتأكي ــد عطاي ــاه اإللهي ــة واألمج ــاد‬

‫ض = تئن بسبب فسادها والذي هو انعكاس آلالم البشر بسبب فسادهم‪ .‬ولكن من وسط هذا‬ ‫المرتقبة‪ .‬تَ​َ​َنر َوتَتَ َم َّخ ُ‬ ‫الفساد ستولد صورة جديدة لذلك يشبه الخليقة بأم علي وشك الوالدة (المخاض هو آالم الوضع) والـذي سـيولد هـو‬ ‫صــورة الخليقــة الجديــدة التــي ســتكون بــال نقــائص (زالزل وبـراكين‪ .)..‬فــأوالد اهلل حينمــا يكونــون فــي مجــد ســينعكس‬

‫هذا أيضاً علي الخليقة فالخليقة كمرآة تعكس حالة أوالد اهلل‪ .‬واهلل أسـلمنا للباطـل لنـئن فـي آالم نتنقـى بهـا ونتـأدب‬ ‫حتى نليق بحالة المجد المرتقب‪ .‬كما سلم اهلل اليهود لنبوخذ نصر ليتأدبوا‪ ،‬فلما عادوا‪ ،‬عادوا وقد شفوا من الوثنية‬

‫تماماً‪.‬‬ ‫‪:3‬‬ ‫ين‬ ‫الر ِ‬ ‫ورةُ ُّ‬ ‫ضا َن ِئ ُّن ِفي أَ ْنفُ ِس َنا‪ُ ،‬متَ​َوقِّ ِع َ‬ ‫س ه َك َذا فَقَ ْط‪َ ،‬ب ْل َن ْح ُن الَِّذ َ‬ ‫س َنا أ َْي ً‬ ‫وح‪َ ،‬ن ْح ُن أَ ْنفُ ُ‬ ‫آية (‪َ " -:):3‬ولَ ْي َ‬ ‫ين لَ َنا َبا ُك َ‬ ‫ِ‬ ‫س ِاد َنا‪".‬‬ ‫اء أ ْ‬ ‫َج َ‬ ‫التََّب ِّن َي ف َد َ‬ ‫وح = بنـوة ‪ /‬محبـة‬ ‫ورةُ ر‬ ‫ليست الخليقة وحدها هي التي تئن‪ ،‬بل نحن أنفسنا علي الرغم من أننا قد أخـذنا بَا ُك َ‬ ‫الار َ‬

‫‪ /‬سالم ‪ /‬فرح‪ ..‬إالّ أننا بسبب الخطية التي مازلنا نعاني منها‪ ،‬وبسبب فساد طبيعتنا التي لم نـتخلص منهـا كليـة‪،‬‬

‫وبســبب فســاد العــالم حولنــا‪ ،‬مازلنــا نــئن خصوصـاً بعــد أن تــذوقنا العربــون‪ ،‬صـرنا نشــتهي كمــال عطايــا الــروح فــي‬

‫السماء‪ .‬حينما تتحرر أجسادنا بالكامل من الفساد‪ ،‬ونحصل على كمال التبنـي بعـد أن تقـوم أجسـادنا مـن المـوت‪،‬‬ ‫ساا َدنَا تعنـي‬ ‫فالمسيح بدمه َّ‬ ‫أم َـن خـالص نفوسـنا وأجسـادنا لتشـترك أجسـادنا فـي مجـد أوالد اهلل‪ .‬وان عبـارة فَادَا َء أَ ْج َ‬ ‫قيامــة األجســاد مــن المــوت‪ ،‬وبــال مــوت بعــد ذلــك‪ .‬بــل نقــوم بأجســاد ممجــدة فــي حالــة تبنــي كامــل ( بــال خطيــة‬ ‫‪1‬يو‪ )923‬في فرح كامل‪ .‬سيكون لنا صورة جسد المسيح الممجد (‪1‬كو‪ +03 ، 42 2 10‬في‪1 +2123‬يو‪.)223‬‬

‫‪:4‬‬ ‫ـاء َخلَصـ َنا‪ .‬و ِ‬ ‫الرجـ ِ‬ ‫ـف‬ ‫ـاء‪ ،‬أل َّ‬ ‫لكـ َّ‬ ‫ـن َّ‬ ‫َحـ ٌـد َك ْيـ َ‬ ‫َن َمــا َي ْنظُـ ُـرهُ أ َ‬ ‫اآليــات (‪ " -:):1-:4‬أل ََّن َنــا ِب َّ َ‬ ‫س َر َجـ ً‬ ‫ـور لَـ ْـي َ‬ ‫الر َجـ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ـاء ا ْل َم ْنظُـ َ‬ ‫يرجوه أ َْي ً ‪ِ :1‬‬ ‫الص ْب ِر‪".‬‬ ‫س َنا َن ْنظُ​ُرهُ فَِإ َّن َنا َنتَ​َوقَّ ُع ُه ِب َّ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫ضا؟ َولك ْن إِ ْن ُك َّنا َن ْر ُجو َما لَ ْ‬ ‫صانَا = بـدأت قصـة الخـالص بمـيالد وفـداء المسـيح وسـتنتهي بحصـولنا علـي الجسـد الممجـد فـي‬ ‫ألَنَّنَا بَال َّر َجا َء َخلَ ْ‬

‫الس ــماء‪ .‬وبالنس ــبة ل ــي تب ــدأ فص ــول عم ــل الخ ــالص بالمعمودي ــة وتنته ــي بحص ــولي عل ــي الجس ــد الممج ــد‪ .‬وه ــذا‬ ‫الخــالص وهــذا التبنــي الكامــل‪ ،‬واألجســاد الممجــدة هــي حــاالت أخرويــة لــن تعلــن إالّ فـي الــدهر اآلتــي‪ ،‬ومــا نحيــاه‬ ‫اآلن في قصة الخـالص نحيـاه باإليمـان الـذي بـه نبـدأ طريـق الخـالص‪ .‬وبالرجـاء نبـدأ نتـذوق هـذه البركـات‪ ،‬وهـذا‬

‫العربون‪ ،‬فالرجاء يفتح القلب لمعاينة هذا الخـالص‪ .‬ولكـن دون أن نـرى شـيئاً محسوسـاً‪ .‬كـل مـا حصـلنا عليـه هـو‬ ‫عربون مثل اضمحالل الخطية في جسدنا ‪ ،‬هو عربـون الحيـاة بـال خطيـة فـي الجسـد الممجـد فـي السـماء‪ ،‬شـهادة‬ ‫الــروح القــدس فينــا بــالبنوة هــي عربــون البنــوة الكاملــة فــي الســماء‪ .‬اإليمــان يتطلــع إلــى الوعــد‪ ،‬والرجــاء يتطلــع إلــى‬

‫الموعود به‪ .‬وبعض الناس يفسرون هذه اآلية أنه تم لنا الخالص‪ ،‬لكن كيف ؟ فلو كان الخـالص مؤكـداً مـا كـان‬ ‫هناك معني للرجاء‪ ،‬فهل سمعنا طالب فـي كليـة الطـب يقـول لـي رجـاء أن ادخـل كليـة الطـب‪ .‬ولـو كـان الخـالص‬

‫مؤكداً‪ ،‬هل كان بولس الرسول يقول تمموا خالصكم بخوف ورعـدة (فـي‪ )1222‬فـالخالص بـدأ ومسـتمر وسـيكمل‪،‬‬

‫‪170‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫(رجـع تفسـير رو‪ .)920‬ولكـن قولـه‬ ‫لذلك يستعمل بولس فعل الماضي والحاضر والمستقبل للتعبيـر عـن الخـالص ا‬

‫خلصنا أن المسيح تمم عمل الخالص ونحن بدأنا‪ ،‬لكن علينا أن نكمل العمل بخوف‪.‬‬ ‫س َر َجااا اء = لــو كــان الخــالص منظــو اًر مــا كــان هنــاك معنــي للرجــاء‪ .‬لكننــا مــع وجــود الرجــاء‬ ‫اور لَا ْي َ‬ ‫ال َّر َجااا َء ا ْل َم ْنوُا َ‬

‫(األم ــل) وه ــذا يعطين ــا ف ــرح‪ ،‬فهن ــاك آالم يس ــمح به ــا اهلل َلن ْك ُم ـ ْـل ونص ــلح للس ــماء‪ ،‬فالع ــالم ه ــو الض ــيقة العظيم ــة‬ ‫(رؤ‪ ) 1421‬ونحن نصبر بسبب الرجاء‪ ،‬نتحمل األلم ألن عيوننا تثبتت علي ما نرجوه والصبر هو عطية من اهلل‬ ‫ص ْب َر‪.‬‬ ‫أيضاً= فَإَنَّنَا نَت َ​َوقَّ ُعهُ بَال َّ‬ ‫‪:6‬‬ ‫َجلِ ِـه َكمـا ي ْنب ِغـي‪ .‬و ِ‬ ‫ين َ ِ‬ ‫وح‬ ‫لك َّ‬ ‫ـن ُّ‬ ‫آية (‪َ " -:):6‬و َكذلِ َك ُّ‬ ‫ضا ُي ِع ُ‬ ‫صـلِّي أل ْ‬ ‫وح أ َْي ً‬ ‫الـر َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ض َعفَات َنا‪ ،‬أل ََّن َنا لَ ْ‬ ‫َ‬ ‫سـ َنا َن ْعلَ ُـم َمـا ُن َ‬ ‫شفَع ِفي َنا ِبأ ََّن ٍ‬ ‫ق ِب َها‪".‬‬ ‫ات الَ ُي ْن َ‬ ‫طُ‬ ‫س ُه َي ْ ُ‬ ‫َن ْف َ‬

‫رأينا في اآلية السابقة ان اهلل يعطينا الصبر إلحتمال آالم هذا العالم‪ ،‬بينما عيوننا مثبته فـي رجـاء نحـو الخـالص‬

‫المعـد فــي السـماء‪ .‬ولكــن اهلل ال يعطينــا الصـبر فقــط بـل أرســل لنــا الـروح القــدس ليرافقنـا فــي خــالل رحلتنـا فــي هــذا‬ ‫العالم وحتى نصل للسماء‪ ،‬ويعيننا في ضعفاتنا‪.‬‬ ‫فيماذا يعين الروح ضعفاتنا‪-:‬‬

‫‪ .1‬هــو الــروح المعــزى فــي وســط الضــيقات‪ ،‬لمــن يشــكر‪ .‬ولكــن مــن يتــذمر يتقســى قلبــه ويحــرم نفســه مــن التعزيــات‬ ‫والبركات السماوية‪.‬‬

‫‪ .2‬هو روح النصح (‪2‬تي‪ )121‬نحتاجه وسط مشاكل هذا العالم‪ ،‬ليعطينا نصيحة مناسبة‪.‬‬

‫‪ .3‬يبكت علي خطية بأن يقنعنا علي تركها‪ ،‬ولو إقتنعنا يعطي قوة ننتصر بها علي ضعفات الجسد وشهواته‪ .‬ثـم‬ ‫يبكت علي بر‪ ،‬أي يقنعنا بعمل البر وحينما نقتنع يعطينا قوة نسلك بها في حياة البر‪.‬‬

‫‪ .4‬يذكرنا دائماً بإحسانات اهلل فنشكره عليها‪ ،‬وبعقاب األشرار المعد لهم فنخاف خوفاً مقدساً علي أبديتنا‪ ،‬ويـذكرنا‬ ‫بكل تعاليم السيد المسيح ويعطينا قوة علي التنفيذ ( مثل محبة األعداء وعدم االنتقام‪.)..‬‬

‫‪ .0‬يعطينا قوة نجابه بها المخاطر‪ ،‬ويعطينا كلمة أمام الملوك والرؤساء‪.‬‬ ‫‪ .:‬إن توانينا في عبادة اهلل وتكاسلنا فهو ينشطنا ويشدد عزيمتنا‪.‬‬

‫‪ 1.‬هــو يعطينــا مــا نصــلي بــه (هــو‪ )2 ، 1 2 14‬فــالروح يعطينــا كالم ـاً نقولــه هلل ‪ ،‬واذا طلبنــا طلبــات ليســت فــي‬ ‫مصــلحتنا أو ال يوافــق اهلل عليهــا‪ ..‬أمثلــة (طلــب بــولس الشــفاء لنفســه وهــذا لــيس فــي مصــلحته‪ /‬طلــب خي ـرات‬

‫زمنية قد تبعدنا عن اهلل‪ /‬طلب مجد كطلب ابني زبـدى أو طلـبهم نـا اًر تحـرق مـن رفضـوا المسـيح ظنـاً مـنهم أن‬

‫هذا يمجد اهلل واهلل ال يرى أن هذا يمجده‪ /‬قد يطلب أحـد الرهبنـة وهـذا لـيس طريقـه‪ )..‬يكـون دور الـروح القـدس‬

‫أن يقنــع المــؤمن أن مــا يطلب ـه لــيس بحســب مشــيئته ( أقنعتنــي يــا رب فإقتنعــت (أر‪ + 1225‬إن طلبنــا شــيئاً‬ ‫بحسب مشيئته فإنه يستجيب لنـا (‪1‬يـو‪ .)1420‬بـل قـد يقنعنـي الـروح القـدس بمـا يريـده اهلل فأطلبـه‪ ،‬أو يقنعنـي‬

‫بأن طلبي ليس في مصلحتي فأتخلى عنه‪ .‬عموماً سواء هذا أو ذاك سأصلى من قلبي لتكن مشيئتك‪.‬‬

‫‪171‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫ض َعفَاتَنَا = ولكنه كمن يرى رجالً يحمل حمالً فيتقدم ليعينه‪ .‬فالروح لن يعـين سـوى مـن يحـاول‬ ‫ر‬ ‫الر ُ‬ ‫ضا يُ َعينُ َ‬ ‫وح أَ ْي ا‬ ‫ويجاهــد فــي العمــل‪ .‬ال أن نجلــس كســالي نطلــب المعونــة ونتوقــع أن الــروح القــدس يــتمم كــل شــيء‪ .‬فبــدون اهلل ال‬ ‫نقدر أن نفعل شئ‪ .‬وبدوننا ال يريـد هـو أن يفعـل شـيء‪ .‬ولـنالحظ أنـه يعـين حتـى فـي أتفـه األمـور ويقوينـا ويشـدد‬ ‫قوانــا الطبيعيــة الضــعيفة‪ .‬وكلمــة يعــين فــي أصــلها اليونــاني هــي "يســاعد مــع" فــالروح ال يعــين مــن ال يرفــع يــده‬

‫بالصــالة فمعونــة الــروح متوقفــة علــي إرادة وجهــاد وتغصــب اإلنســان فــي الصــالة‪ ،‬فمــن يغصــب نفســه يعينــه الــروح‬

‫بأن يعطيه لذة في الصالة‪.‬‬ ‫صلِّي ألَ ْجلَ َه = الحظ أن المتألم يصلي لكي تحل مشكلته أو يشفي من مرضـه‪ ،‬آيـة‪ 20‬انتهـت‬ ‫ألَنَّنَا لَ ْ‬ ‫سنَا نَ ْعلَ ُم َما نُ َ‬ ‫بأننا نصبر وسط آالم هذا العالم وآية‪ 2:‬رأينا فيها الروح القدس يعين ضعفاتنا‪ .‬ثم نسمع عن الصالة وسط األلـم‬

‫فكيف يعـين الـروح القـدس مـن يصـلي؟ الـروح يرشـد مـن يصـلي عـن طريـق اإلقنـاع مـثالً كمـا حـدث مـع بـولس أن‬ ‫الشفاء ليس في مصلحته وانه ضد إرادة اهلل التي هـي الخيـر بالنسـبة لـه‪ ،‬فهـو صـانع خيـرات‪ .‬ولكـن نحـن ال نعلـم‬

‫هذا الخير‪ ،‬وال نعلم ما يجب أن نطلبه في صلواتنا‪ .‬فهناك قديسون صـلوا لـيس بحسـب مشـيئة اهلل‪ ،‬فبـولس صـلي‬

‫طالباً أن يري روما‪ ،‬وموسى اشـتهي أن يـري فلسـطين‪ .‬وأرميـاء طلـب عـن اليهـود‪ ،‬وصـموئيل عـن شـاول وابـراهيم‬ ‫عن سـدوم‪ ،‬هنـا نجـد قلـوب مقدسـة تحـب اآلخـرين‪ ،‬ولكـنهم ال يعرفـون مـا يصـلون ألجلـه‪ ،‬وقـد نصـلي ألمـور ضـد‬

‫خالصــنا‪ ،‬كمــا صــلي بــولس حتــى تنــزع منــه الشــوكة (المــرض)‪ .‬حســناً قــال الســيد المســيح ليعقــوب ويوحنــا "لســتما‬ ‫تعلمــان مــا تطلبــان" فغمــوض المســتقبل يجعلنــا ال نعــرف مــا نصــلي ألجلــه‪ ،‬ونصــلي ألجــل طلبــات قــد يكــون فيهــا‬

‫ضرر كبير لنا‪.‬‬

‫وعمل الروح القدس في داخلنا أنه يقودنا في الصالة ليعطينا ماذا نقول ويقنعنـي بـإرادة اهلل أو بـأن مـا أطلبـه لـيس‬

‫في مصلحتي فأسلم بإرادة اهلل‪ ،‬وقد يبدأ اإلنسان صـالته بـأن يطلـب طلـب مـا‪ ،‬ومـع اسـتمرار الصـالة يقنعـه الـروح‬

‫القدس بقبول إرادة اهلل فيقول لتكن مشيئتك‪ ،‬وحين يسلم اإلنسان أموره هلل يصير مقبوالً أمام اهلل‪ .‬فالصالة ال تغير‬ ‫مشــيئة اهلل بــل هــي تغيــر مشــيئتي بعمــل الــروح القــدس حتــى تتطــابق مشــيئتي مــع مشــيئة اهلل‪ .‬ولكــن حتــى نســمع‬ ‫صوت الروح القدس مطلوب أن نهدأ ونسكت لنسمع‪ .‬ال تتكلم طول الوقت أثناء الصـالة‪ ،‬بـل إهـدأ لتسـمع صـوت‬

‫الــروح القــدس‪ .‬يقــول الســيد المســيح "كــل مــا تطلبونــه فــي الصــالة مــؤمنين تنالونــه" (مــت‪ .)22221‬فهــل لــو طلبــت‬ ‫شيئاً خطأ‪ ،‬أو ليس في مصلحتي يعطيه اهلل لـي؟ ال‪ .‬لكـن علينـا أن ال نتعامـل مـع آيـة واحـدة‪ .‬وضـع أمامـك هـذه‬ ‫اآلية "وهذه هي الثقة التي لنا عنده إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا" (‪1‬يو‪ .)1420‬فاهلل لن يستجيب إال لو‬ ‫كانــت صــالتنا متطابقــة مــع مشــيئته‪ .‬وكيــف نعــرف مشــيئته؟ هــذا هــو عمــل الــروح القــدس الــذي يقنعنــي بالتســليم‬

‫الكامل له‪ .‬وبهذا أصير مقبـوالً لـدي اهلل‪ .‬وهـذه هـي شـفاعة الـروح القـدس‪ .‬فحينمـا نقـول أن المسـيح شـفيع لنـا لـدي‬

‫اآلب (‪1‬يو‪ ،)122‬فهـذا لـيس معنـاه أن المسـيح يطلـب مـن اآلب عنـا‪ ،‬فهـذه شـفاعة توسـلية وهـذا عمـل السـمائيين‪،‬‬ ‫أما المسيح فشفاعته كفارية‪ ،‬بمعني أننا بسبب خطايانا فنحن غير مقبـولين أمـام اآلب‪ ،‬لكـن المسـيح غطانـا بدمـه‬

‫( َكفََّرعنــا) فص ـرنا مقبــولين أمــام اآلب‪ .‬وبــنفس المنطــق فــإختالف مشــيئتي عــن مشــيئة اآلب يجعلنــي غيــر مقبــول‬ ‫أما الروح القدس الذي يقنعني بأن أسلم مشيئتي لآلب فهو بهذا يجعلني مقبوالً لدي اآلب‪ ،‬وبهـذا فهـو يشـفع‬ ‫لديه‪ّ ،‬‬

‫‪172‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫ق بَ َهاا‪ 2‬الـذي يـئن هـو أنـا فـالروح ال يـئن‪ ،‬فـالروح يضـع فينـا‬ ‫سه ُ ي َ ْ‬ ‫شفَ ُع فَينَا بَاَنَّات جَ يُ ْنطَا ُ‬ ‫في لدي اآلب= ر‬ ‫وح نَ ْف َ‬ ‫الر َ‬ ‫ّ‬ ‫مشاعر حب وشكر هلل واشتياق وحنين للسماء‪ ،‬ويعطينا ما نقوله في الصالة‪ .‬والروح ال يخلق البالغـة والفصـاحة‬ ‫فــي صــلواتنا بــل االشــتياق هلل‪ .‬والــنفس قــد تكــون متألمــة بســبب تجربــة تلــم بهــا ويقــف صــاحب التجربــة ليصــلي‪،‬‬ ‫ويعطيــه الــروح أن يضــع كــل ثقتــه فــي اهلل الــذي يحبــه بــالرغم مــن التجربــة‪ ،‬بــل أن التجربــة هــي طريقــه للســماء‪،‬‬ ‫ويلتهــب قلبــه بالحــب هلل وال يجــد مــا يعبــر بــه نحــو اهلل‪ ،‬يعبــر بــه عــن مشــاعره‪ ،‬ال يجــد كلمــات تعبــر عــن هــذه‬

‫المشـاعر فيــئن‪ .‬واهلل يســمع هــذه األنــات التــي تعبــر عــن تجــارب الــنفس مــع الــروح القــدس‪ .‬اهلل يســمع هــذه األنــات‬ ‫المقبولــة (آيــة ‪ )21‬كمــا ســمع ص ـراخ موســى دون أن يصــرخ ودون أن يــتكلم كلمــة (خــر‪ )10214‬وســمع ص ـراخ‬ ‫إسمعيل في عطشه دون أن يفتح فاه (تك‪ )11221‬وسمع أنات أم صموئيل (‪1‬صم‪ ،)1321‬واهلل يسمع أي يعرف‬ ‫من يتجاوب مع الروح القدس‪ .‬وفي آية‪" 21‬نسمع بحسب مشيئة اهلل" فعمل الروح القدس يجعـل مشـيئتي تتطـابق‬

‫مع مشيئة اهلل‪ .‬ونالحظ أن هذا هو ما حدث مع المسيح‪ .‬ففي وقت التجربة أصرخ هلل أياماً وشهور والروح القدس‬ ‫يقنعني خالل كل هذه المدة أن أسلم مشيئتي هلل‪ .‬وكلما تقدم اإلنسان روحياً يختزل هذا الوقـت جـداً‪ .‬ومـع المسـيح‬ ‫إختزل هذا الوقت إلى ال شيء يذكر‪ ،‬والحظ صالة المسيح "إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس‪ .‬ولكـن لـيس كمـا‬

‫أريـد أنـا بـل كمـا تريــد أنـت"‪ .‬وكمـا اختـزل الوقــت بـين طلبتـي وبـين تسـليم مشــيئتي بالكامـل هلل كلمـا ارتفعـت قــامتي‬ ‫صـ ْـر علــي طلــب مــا وينهــي صــالته وقــد َســلَّ َم األمــر تمامـاً ليــدي اهلل فــي ثقــة‬ ‫روحيـاً‪ .‬فــالمؤمن يبــدأ صــالته وهــو ُم ِّ‬ ‫ويـذهب وقلبــه مملـوء ســالماً‪ .‬والــروح يشـفع فينــا أي يعطينـا أن نكــون مقبــولين أمـام اهلل فتنســكب فينـا بركاتــه ومنهــا‬

‫الســالم الــذي يم ـالً القلــب فمعنــي أن الــروح يشــفع ه ـو أنــه يجعلنــا نتصــل بــاهلل بطريقــة صــحيحة (واالتصــال هــو‬

‫الصالة) ‪.‬‬

‫كيف يعمل الروح القدس داخلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬قد أبدأ الصالة في حالة ضيق من أمر ما‪ ،‬وأطلب من أجل تغييره‪.‬‬

‫‪ -2‬الـروح يـتكلم فـي داخلـي‪ ،‬وهـذا لمـن صـارت حواسـه مدربـة ( عـب‪ )13 20‬ويقنعنـي بـأن مايحــدث‬ ‫هو خير ‪.‬‬

‫لى عالمة قسوة اهلل في أحكامه ضدي‪.‬‬ ‫‪ -3‬قد يحاربني عدو الخير بأن مايحدث ّ‬ ‫‪ -4‬الروح يجيب صارخاً في داخلي كيف يقسو اهلل عليك وهو أبوك ‪.‬‬ ‫وهذا معنى‪ (2‬أ ) يعطينا أن نصرخ ياآبا اآلب ( آية ‪)10‬‬

‫( ب) مثل السيد المسيح أن األب اليعطي ألوالده ثعبان أو عقرب ‪.‬‬

‫ف ــالروح هن ــا ي ــتكلم ف ــي داخل ــي عـ ـن طري ــق وض ــع فكـ ـرة ف ــي داخل ــي يقنعن ــي به ــا أن اهلل أب لـ ـى‬ ‫‪-0‬‬

‫فأستريح وينتهي الضيق ‪.‬‬

‫المرحلة التالية هى بأن يضع في داخلي مشاعر تجاه أبي السماوى هذا الذي يدبر كل الخير‬

‫لى بما ظننته ضرر لى‪ .‬وهذه المشاعر هى مشاعر حب اليمكن التعبير عنها ( وهذا معنى‬

‫األنين )‪ .‬إذاً الروح يتكلم داخلنا عن طريق ( أ ) اإلقناع بالفكر ( أر ‪)1 225‬‬

‫‪173‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫( ب ) المشاعر تجاه اهلل ( رو‪)0 20‬‬ ‫ـيئ ِة ِ‬ ‫ـن الَّـ ِـذي ي ْفحــص ا ْل ُقلُــوب يعلَــم مــا ُهــو ْ ِ‬ ‫آيــة (‪:7" -:):7‬و ِ‬ ‫شـفَعُ ِفــي‬ ‫لكـ َّ‬ ‫ـام الـ ُّـر ِ‬ ‫اهلل َي ْ‬ ‫سـ ِـب َم ِشـ َ‬ ‫وح‪ ،‬أل ََّنـ ُ‬ ‫ـه ِب َح َ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اهت َمـ ُ‬ ‫ا ْل ِقد ِ‬ ‫ين‪" .‬‬ ‫ِّيس َ‬

‫وي = اهلل هو فاحص القلوب والكلي (رؤ‪ )2322‬أي هو عارف بكـل مـا فـي قلبـي‪ .‬يَ ْعلَا ُم َماا ه َُاو‬ ‫الَّ َذي يَ ْف َح ُ‬ ‫ص ا ْلقُلُ َ‬

‫وح = الروح القدس هو الذي يعطي اإلقناع كما قلنا بشيء معين‪ .‬وهو وحده الـذي يعـرف هـل اقتنعـت‬ ‫ا ْهتَ َما ُم ر‬ ‫الر َ‬ ‫ـى حتــى أقتنــع‬ ‫قلبيـاً بمــا حــاول أن يقنعنــي بــه أم ال‪ .‬فــإذا وجــدنى مــا زلــت غيــر مقتنــع يظــل الــروح يحــاول ويلِّــح علـ َّ‬ ‫شاايَ​َ َة للاَ يَشْافَ ُع‪ .‬أي أن الـروح القـدس يحـاول مــع اإلنسـان الروحـي أن يغيـر قـ ارره فــي‬ ‫(إر‪ )12 25‬ألَنَّاهُ بَ َح َ‬ ‫ب َم َ‬ ‫سا َ‬ ‫الصالة‪ ،‬ويغير طلبته لتتطابق مع مشيئة اهلل وهذه هي الشـفاعة فصـالتي لـن تغيـر مشـيئة اهلل‪ ،‬بـل تغيـر مشـيئتي‬

‫ِّيسااينَ = عمــل الــروح القــدس هــذا لــن يجــدي مــع‬ ‫لتتطــابق مــع مشــيئة اهلل فأصــير مقب ـوالً لــدي اهلل‪ .‬يَ ْ‬ ‫ش افَ ُع فَااي ا ْلقَد َ‬ ‫اإلنسان الجسداني فهذا ال يسمع أصالً للروح القدس‪.‬‬

‫ملحوظة‪ 2‬لـيس المهـم أن نـتكلم كثيـ اًر فـي الصـالة بـل أن نتسـمع صـوت الـروح القـدس فـي داخلنـا‪ ،‬ونـئن بمـا يمليـه‬ ‫علينا‪.‬‬

‫‪:1‬‬ ‫شــي ِ‬ ‫ـب‬ ‫ـن َن ْعلَـ ُـم أ َّ‬ ‫ين ُهـ ْـم َمـ ْـد ُع ُّو َ‬ ‫ـون اهللَ‪ ،‬الَّـ ِـذ َ‬ ‫ين ُي ِح ُّبـ َ‬ ‫اء تَ ْع َمـ ُل َم ًعــا لِ ْل َخ ْيـ ِـر لِلَّـ ِـذ َ‬ ‫آيــة (‪َ " -:):1‬وَن ْحـ ُ‬ ‫سـ َ‬ ‫َن ُكـ َّـل األَ ْ َ‬ ‫ون َح َ‬ ‫ص ِد ِه‪".‬‬ ‫قَ ْ‬

‫نعـم إننـا نــئن ولكننـا مــن ناحيـة أخـرى نعلــم أنـه بالنســبة لهـؤالء الَّا َذينَ يُ َحبراونَ للاَ فــإن كـل شــيء يتعـاون ويتضــافر‬ ‫ويعمــل معهــم مــن أجــل خيــرهم وصــالحهم ولبنيــان نفــس المــؤمن الحقيقــي‪ .‬حتــى مــا ن ـراه مــن أمــور معاكســة أو‬

‫مضـادة‪ ،‬وحتـى المـؤلم منهـا (كشـوكة بـولس الرسـول) فهـي تعمـل ألجـل خـالص نفـس المـؤمن‪ .‬وهـذه اآليـة متعلقــة‬ ‫بالسابقة‪ .‬فالروح يقنعني في وقت ضيقتي بأن ما يحدث في حياتي فهو للخير فأقول لتكن مشيئتك‪.‬‬

‫نَ ْحنُ نَ ْعلَ ُم = أي هذه أمـور بديهيـة ال تحتـاج إلـى إثبـات أن اهلل صـانع خيـرات‪ ،‬وال يسـتطيع أن يعمـل شـ اًر ألوالده‪.‬‬ ‫وحتى ما أراه ش اًر فاهلل قادر أن يخرج من الجافي (األلم) حالوة (خالص نفس‪1‬كو‪.)2223‬‬ ‫تَ ْع َم ُل َم اعا = الشيء وحده قد يبدو سيئاً وغير مفهوم بسبب غرابته وقسوته (نقصد األلم) ولكن حينمـا يضـاف إلـى‬ ‫األعمــال األخــرى والظــروف األخــرى التــي أتــت والتــي ســوف تــأتى فــإن كــل هــذه الظــروف معـاً تعمــل ألجــل هــدف‬

‫واحد‪ ،‬تعمل للخير بإنسجام‪ ،‬وما هو الخير= خالص نفسي‪.‬‬

‫تأمل علمي لشرح اآلية ‪-:‬‬ ‫حينما تؤثر عدة قوي علي جسم يتحـرك هـذا الجسـم فـي إتجـاه‬ ‫محص ــلة الق ــوي‪ .‬وه ــذه له ــا طريق ــة لحس ــابها ‪ .‬والم ــؤمن ال ــذي‬ ‫يحب اهلل يتعرض لمجموعتين من القوي‪-2‬‬

‫تجااااااااااااااري‬ ‫وضاااااااايقات‬ ‫يساااااامح للا‬ ‫إلبلاااايس أن‬ ‫يجربنا بها‬

‫‪ ‬أعمااااااااااااااااااال‬ ‫إحساااانات للا‬ ‫ومحبته‪.‬‬

‫‪ ‬خيااارات روحياااة‬ ‫وزمنية‪.‬‬

‫المْمن‬

‫‪174‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫األولى= أعمال إحسانات اهلل وخيراته الزمنية والروحية‪.‬‬

‫الثانية= أعمــال مقاومــات إبلــيس والتجــارب والضــيقات ولكنهــا‬ ‫بسماح من اهلل (قصةأيوب)‬

‫واحسانات اهلل هدفها جذب المؤمن هلل‪ .‬وابليس حين يهاجم بتجاربه فهو يقصد أن يبعد اإلنسان عن اهلل‪ ،‬لكـن اهلل‬

‫يسمح بها لينقي المؤمن‪-2‬‬

‫‪ .1‬شوكة بولس هي من إبليس‪ .....‬واهلل سمح بها ليحميه من الكبرياء (‪2‬كو‪.)1212‬‬ ‫‪ .2‬آالم أيوب كانت من إبليس‪ .....‬واهلل سمح بها ليشفيه من بره الذاتي‪.‬‬

‫‪ .3‬خـاطئ كورنثـوس َح َكـ َـم عليـه بــولس بـان ُيســلم للشـيطان لهــالك الجسـد لكــي تخلـص الــروح فـي يــوم الـرب يســوع‬ ‫(‪1‬كو‪.)420‬‬ ‫الحـظ أن إبلـيس يوجـه ضـرباته وتجاربـه للمـؤمن حتــى يتـذمر علـي اهلل ولكــن اهلل فـي محبتـه يســمح بهـذا مـن أجــل‬

‫خالص نفس المؤمن‪ .‬وكل األمور التي تجري في حياتي (سـواء مـا أراه أمـو ار حسـنة أو مـا أراه مؤلمـا = وهـذا مـا‬

‫تشــير لــه كلمــة معاا ا) هــدفها أن أســير فــي إتجــاه (المحصــلة) وهــي لهــا إتجــاه واحــد هــو خــالص نفســي‪ ،‬هــو الخيــر‬ ‫دائماً لمن يحبون اهلل‪.‬‬

‫مثـــال‪ :‬لــو كانــت كــل عطايــا اهلل خي ـرات زمنيــة (مــال ‪/‬صــحة ‪/‬أمجــاد زمنيــة ‪ )..‬لتعلقنــا بــاألرض ولرفضــنا فك ـرة‬ ‫المــوت‪ .‬ولــو كانــت عطايــا اهلل كلهــا خيـرات روحيــة (تلــذذ بالصــالة ‪/‬مواهــب شــفاء‪ )..‬إلتــتفخ اإلنســان وتكبــر ولفقــد‬

‫خالص نفسه‪ .‬لذلك نقول‪ .‬أن إبليس هدفه من التجارب التي يصـيب بهـا المـؤمن أن يفصـله عـن اهلل‪ ،‬واهلل يسـمح‬ ‫بهــا فهــو وحــده الــذي يعلــم مــا الــذي يحتاجــه اإلنســان لــيخلص‪ ،‬وهــو وحــده الــذي يعلــم كيــف يحمــي أبنائــه مــن أي‬

‫انحراف حتى ال يهلكوا‪ .‬واهلل وحـده هـو الـذي يعلـم تفسـير كلمـة معاا ا كيـف يوجـه اإلحسـانات والتجـارب كليهمـا فـي‬ ‫اتجــاه خــالص نفــس أحبــاؤه‪ .‬لــذلك يوجــه الشــيطان ض ـرباته ليفصــل المــؤمن عــن اهلل‪ ،‬واهلل يســتهزئ بــه ويضــحك‬ ‫عليــه‪ ،‬إذ أنــه بهــذا يــتمم مــا أراده اهلل بالضــبط (مــز‪ )4-122‬وحتــى وقــت الضــيق فــاهلل ال يتــرك أوالده وحــدهم‪ ،‬بــل‬

‫يعطيهم تعزيات ليجتازوا الضيقة بسالم "شماله تحت رأسي (الضيقات) ويمينه تعانقني (تعزياته)" (نش‪" )328‬عند‬

‫كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي" ( مز‪.)19294‬‬

‫َّ‬ ‫أما الذين ال يحبـون اهلل فهنـاك قـانون آخـر يحكمهـم هـو "ملعونـة األرض بسـببك" فهـم يعـانون‬ ‫ال َذينَ يُ َحبرونَ للاَ = ّ‬ ‫ويتألمون بال فائدة كثمرة لخطاياهم‪ ،‬وبسبب لعنة األرض‪.‬‬ ‫وما يفسد عمل اهلل هو التذمر علي ما يسمح به اهلل‪ ،‬فهذا قد يوقف التدبير اإللهي‪ ،‬بـل قـد يرفـع اهلل عـن اإلنسـان‬ ‫التجربة التي كانت لخالص نفسه ولبنيانه‪ ،‬ويرتد المتذمر إلى مشيئة نفسه‪ ،‬وتتخلى عنـه العنايـة اإللهيـة‪ .‬ويضـيع‬

‫من أمامه طريق الترقي لبلوغ القصد اإللهي األسمى‪ .‬فكل ما نراه في حياتنا من األمور التي يقال عنها شر‪ ،‬هي‬ ‫إمــا تفطمنــا عــن العــالم أو تقربنــا للســماء وتؤهلنــا لهــا‪ .‬ونالحــظ فــي (حــز‪ )13215‬أن كــل البكـرات (الظــروف التــي‬ ‫ّ‬ ‫تؤثر في حياتنا ومصيرنا) كأنها بكرة (يعني وحدة الهدف والتناسق واإلنسـجام والتعـاون معـاً) والهـدف الواحـد لمـن‬ ‫يحبــون اهلل هــو خــالص نفوســهم‪ .‬الَّاا َذينَ هُاا ْم َماا ْدع رُوونَ = الــذين يحبــون اهلل‪ ،‬قــد دع ـوا واختيــروا بحســب علــم اهلل‬

‫‪175‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫ص َد َه = قصد اهلل نراه في آية‪" 29‬ليكونوا مشابهين صورة ابنه"‪ .‬فإن كان اهلل قد دعاهم وهـذا هـو‬ ‫ب قَ ْ‬ ‫س َ‬ ‫السابق‪َ .‬ح َ‬ ‫قصده فكيف ال تعمل كل األمور من أجل صالحهم وخيرهم‪.‬‬ ‫آية (‪:1" -:):1‬أل َّ ِ‬ ‫ـر َب ْـي َن إِ ْخ َـوٍة‬ ‫ون ُه َـو ِب ْك ًا‬ ‫ق فَ َع َّي َن ُه ْم لِ َي ُكوُنوا ُم َ‬ ‫س َب َ‬ ‫س َب َ‬ ‫ورةَ ْاب ِن ِه‪ ،‬لِ َي ُك َ‬ ‫شا ِب ِه َ‬ ‫ين ُ‬ ‫ق فَ َع َرفَ ُه ْم َ‬ ‫َن الَّذي َن َ‬ ‫ص َ‬ ‫َك ِث ِ‬ ‫ين‪" .‬‬ ‫ير َ‬

‫ســبق فعــرفهم= إذاً إختيــار اهلل ودعوتــه ليســا عــن محابــاة‪ ،‬بــل هــو يعــرف مــن ســيقبله كمخلــص‪ ،‬ويقبــل دعوتــه‪،‬‬ ‫اارفَ ُه ْم ‪ .‬ومــن ســبق فع ـرفهم ســبق فعيــنهم = عيــنهم لَيَ ُكونُااوا‬ ‫ساابَ َ‬ ‫ق فَ َع َ‬ ‫وبمعرفــة اهلل الكاملــة عــرف اســتحقاقاتهم= َ‬ ‫اورةَ ا ْبنَ ا َه = أي يكتســبوا نفــس الصــورة الروحيــة واألخالقيــة التــي لالبــن‪ .‬المســيح شــابهنا فــي موتنــا‬ ‫ُم َ‬ ‫شااابَ َهينَ ُ‬ ‫صا َ‬ ‫لنشبهه في حياته‪ .‬نشبهه في صفاته وقداسته‪ ،‬بل ومجد حالة ابن اهلل‪ .‬إذاً هو الـذي يـدعو وهـو الـذي يبـرر‪ ،‬وهـو‬ ‫الذي يمجد ولكن ليس في سلبية مـن جهتنـا‪ .‬فـاهلل يـدعو الكـل (‪1‬تـي‪ )422‬ولكـن قـد يريـد اهلل وال يريـد اإلنسـان فـال‬

‫تكمل إرادة اهلل "أنا أردت‪ ..‬لكنكم لم تريدوا" (مت‪ .)31223‬فماذا نعمل لنشابه صورة ابنه؟‬

‫يقــول بــولس الرســول فــي (رو‪" )2212‬تغيــروا عــن شــكلكم‪ ..‬وال تشــاكلوا هــذا الــدهر" إذاً بقــدر مــا نتغيــر عــن شــكل‬

‫هذا الدهر نتشكل كأبناء هلل‪ ،‬نشبهه في قبوله لأللم والصـليب‪ ،‬وفـي قداسـته وطهارتـه ورفضـه للخطيـة فنشـبهه فـي‬

‫عدم موته‪ .‬إذاً من تم اختيارهم‪ ،‬أختيـروا للقداسـة أي لمشـابهة المسـيح‪ ،‬فلـيس هنـا مجـال ألن يقـول أحـد طالمـا أنـا‬

‫مختــار فألخطــئ كمــا أريــد ‪ ،‬فكيــف يخطــئ مــن هــو علــى صــورة المســيح ؟! (‪2‬تــس‪ .)1322‬ونحــن قــد ُولــدنا علــي‬ ‫صورته في المعمودية بموت العتيق فينا وقيامة الجديد مـع المسـيح‪ ..‬وعمـل الـروح القـدس فينـا أن ُيص ِّـور المسـيح‬

‫فينــا (غــل‪ .)1924‬فــنحن نتغيــر إلــى صــورة المســيح المتــألم علــي األرض لنأخــذ صــورة جســد مجــده فــي الســماء‬

‫(‪2‬كو‪ +1823‬كو‪1 +1523‬كو‪ +49210‬في‪1 +2123‬يو‪.)223‬‬

‫لَيَ ُكونَ ه َُو بَ ْك ارا بَيْنَ إَ ْخ َوة َكثَي َرينَ = [‪ ]1‬بك ـ ــر أي ه ـ ــو االب ـ ــن الوحي ـ ــد الق ـ ــدوس ل ـ ــآلب‪ ،‬ه ـ ــو عق ـ ــل اهلل وحكمت ـ ــه‬

‫ممـا كـان (يـو‪ )321‬فهـو أول ومؤسـس الخليقـة كلهـا‪.‬‬ ‫(‪1‬كـو‪ .)2421‬هـو بـه كـان كـل شـيء وبغيـره لـم يكـون شـيء ّ‬ ‫وهو أيضاً رأس الخليقة الجديدة ‪ ،‬ونحن فيه نصير أوالداً هلل ‪.‬‬ ‫[‪]2‬‬

‫كلمة بكر تعني فاتح رحم أمه العـذراء وال تعنـي بالضـرورة وجـود‬

‫آدم البكر‬

‫المسيح البكر‬

‫إخوة ليكون هو بك اًر لهم‪.‬‬

‫[‪ ]3‬هو بكر الخليقـة الجديـدة مـات وقـام‪ ،‬ونحـن بالمعموديـة نمـوت ونقـوم‬ ‫معــه‪ ،‬فــنحن نــدخل الخليقــة الجديــدة بــه وفيــه (كــو‪ .)1021‬فهــو مؤســس‬

‫كل البشر‬

‫الكنيسة‬

‫وأول الخليقــة الجديــدة‪ .‬وهــو الســابق لنــا فــي دخــول الســماء فــي األمجــاد‪،‬‬

‫هو أول من دخلها‪ .‬هو البكر ألنه هو األول كإبن هلل ونحن تاليين له باتحادنا به وتشابهنا معه في صورته‪.‬‬

‫[‪ ]4‬هو بديل آدم البكر‪ ،‬بكر الخليقة‪ ،‬فالمسيح صار آدم األخير ونحن صرنا أبكا اًر باتحادنا بالمسيح‪ .‬صرنا‬ ‫وارثين كأبكار (عب‪.)23212‬‬

‫‪176‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫[‪]0‬‬

‫هو بديل إسرائيل ابن اهلل البكر‪ ،‬فلقب البكر انتقل إليه‪ ،‬إذ فقد إسرائيل بكوريته بسبب خطيته‪ .‬وكذلك‬

‫فإسرائيل حمل لقب البكر ألن المسيح سيأتي منه ويصير هو البكر الحقيقي وسينوب عنه‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫ين َب َّـرَرُه ْم‪،‬‬ ‫اه ْم‪ ،‬فَ ُ‬ ‫ق فَ َع َّي َن ُه ْم‪ ،‬فَ ُ‬ ‫ين َد َع ُ‬ ‫هؤالَ ِء َد َع ُ‬ ‫س َب َ‬ ‫ضا‪َ .‬والَّـ ِذ َ‬ ‫ضا‪َ .‬والَِّذ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)32‬والَِّذ َ‬ ‫هؤالَ ِء َب َّرَرُه ْم أ َْي ً‬ ‫اه ْم أ َْي ً‬ ‫ين َ‬ ‫ضا‪".‬‬ ‫فَ ُ‬ ‫هؤالَ ِء َمج َ‬ ‫َّد ُه ْم أ َْي ً‬ ‫ِّن الذي يعـرف أنهـم يقبلـون نعمتـه فـي كمـال حـريتهم‪ .‬كمـا قـال اهلل ألرميـاء "قبلمـا صـورتك‬ ‫سب َ َ‬ ‫َ‬ ‫ق فَ َعيَّنَ ُه ْم = هو ُي َعي ْ‬ ‫في الـبطن عرفتـك" ("ر‪َ .)021‬دعَاا ُه ْم = بواسـطة الكـ ارزة لإليمـان واآلن هـذه الـدعوة هـي دعـوة داخليـة ومـن يقبلهـا‬

‫يتبرر ومن يتبرر يتمجد‪.‬‬ ‫‪35‬‬ ‫ان اهللُ َم َع َنا‪ ،‬فَ َم ْن َعلَ ْي َنا؟ "‬ ‫آية (‪ " -:)35‬فَ َما َذا َنقُو ُل لِه َذا؟ إِ ْن َك َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫أمــا محبــة اهلل فكــل مــا نعرفهــا‬ ‫ف َماااذا نَقُااو ُل لَهاذا = هــذه كلمــة تعجــب‪ .‬فأشــياء العــالم متــي عرفناهــا ينتهــي تعجبنــا‪ّ ،‬‬ ‫نزداد عجباً‪ .‬إَنْ َكانَ للاُ َم َعنَا = يسكن فينا روحه القدوس ومتحدين بالمسيح‪ ،‬فاهلل يساندنا‪ ،‬يحفظنا ويحرسـنا‪ ،‬هـو‬ ‫فــي صــفنا‪ .‬فمــن يمكنــه أن يعمــل ضــدنا‪ ،‬وال حتــى الشــيطان يقــوي علــي هــذا‪ .‬فَ َماانْ َعلَ ْينَااا = ال أحــد يســتطيع أن‬

‫يؤذينا طالما نحن في حمايته وحصانته‪ .‬بل إن كان اهلل معي فحتى األمور التي هي ضدي تتحـول لحسـابي‪ .‬إن‬

‫سلبت مال المؤمن تصير باألكثر صرافاً لمكافأته‪ ،‬وان تحدثت عنه بشر ُيحسب هذا الشر مصدر بهاء جديد في‬ ‫عيني اهلل‪ ،‬وان حرمته من الطعام أشبعه اهلل من تعزياته‪ ،‬وان قدمته لإلستشهاد فسينعم بإكليل الحياة األبدية‪.‬‬ ‫‪3:‬‬ ‫ش ْي ٍء؟"‬ ‫آية (‪ " -:)3:‬اَلَِّذي لَ ْم ُي ْ‬ ‫ضا َم َع ُه ُك َّل َ‬ ‫ين‪َ ،‬ك ْي َ‬ ‫ش ِف ْ‬ ‫َج َم ِع َ‬ ‫ف الَ َي َه ُب َنا أ َْي ً‬ ‫َجلِ َنا أ ْ‬ ‫ق َعلَى ْاب ِن ِه‪َ ،‬ب ْل َب َذلَ ُه أل ْ‬ ‫إن اهلل الـذي وهبنـا إبنــه الوحيـد وقدمــه للمـوت مــن أجلنـا‪ ،‬كيـف ال يهبنــا معـهُ جميــع العطايـا والــنعم التـي يحتاجهــا‬

‫خالصنا‪ .‬إن كان اهلل قد وهبنا المسيح فكيف ال يهبنا معه كل ما نحتاجـه لكـي يتحقـق خالصـنا‪ .‬وان كـان اهلل قـد‬ ‫بذلـه عنـا ونحـن أعـداء‪ ،‬فهـل يحجـب الخـالص اآلن عـن التائـب‪ .‬ولكـن مـازال إبلـيس يخـدع الـبعض كمـا فعـل مـع‬

‫األخ األكبـر لإلبـن الضـال‪ ،‬الـذي إشـتكي مـن أن أبيـه لـم يعطـه جـدياً بينمـا الميـراث كلـه لـه‪ ،‬فمـازال إبلـيس يصــنع‬ ‫نفس الشيء معنا ويصور لنا أن اهلل ال يحبنا إذ قد حرمنـا مـن أشـياء ماديـة (مـال ‪/‬صـحة ‪/‬مركـز ‪/‬ترقيـة‪ )..‬ونبـدأ‬

‫نشتكي مرددين ما وضعه الشيطان في أذاننا مـن شـكوي علـي اهلل‪ .‬والرسـول هنـا يتعجـب مـن هـذا!! هـل نتخاصـم‬ ‫مع من أعطانا إبنه ! هل نشتكي أنه لم يعطنا كذا وكذا وهو أعطانا إبنه لنحصل بهـذا علـي ميـراث السـماء! هـل‬ ‫من أعطانا إبنه يبخل علينا بأي شيء يكون فيه فائدة لنا! لكن لـنفهم أنـه يهبنـا كـل شـيء يجهزنـا للسـماء‪ ،‬أمـا مـا‬

‫يبعدنا عن السماء فلن يعطيه لنا ‪ ،‬لمحبته لنا‪ .‬وهـذا اإليمـان بمحبـة اهلل وهـذا الفكـر بأنـه يعطينـا مـا يجعلنـا نصـل‬ ‫للسماء سيعطينا النصرة علي اآلالم والمضايقات‪ .‬بعد هذا الحـب يجـب أن نقبـل أي صـليب‪ ،‬بـل نطلـب أن نرتفـع‬

‫بصليبنا إلى األحضان األبوية‪ .‬وال نطلب شيئاً آخر‪ ،‬فنحن أمام هذا الحب وبسبب خطايانـا نخجـل أن نطلـب أي‬

‫شيء‪.‬‬

‫‪177‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫‪33‬‬ ‫اري ِ‬ ‫شتَ ِكي َعلَى ُم ْختَ ِ‬ ‫اهلل؟ اَهللُ ُه َو الَِّذي ُي َبِّرُر‪" .‬‬ ‫س َي ْ‬ ‫آية (‪َ " -:)33‬م ْن َ‬ ‫الشيطان هو المشتكي (رؤ‪َ )15 ، 9 2 12‬للاُ ه َُو الَّ َذي يُبَ ِّر ُر = أي يمنح أوالده بره الخاص أي نعمتـه المجانيـة‪.‬‬

‫حينمــا يبــرر النــاس أنفســهم تبقــي الشــكوى قائمــة‪ ،‬ولكــن حــين يبــرر اهلل يســتر تمامـاً‪ ،‬وتبطــل كــل شــكوي‪ ،‬اهلل يغفــر‬

‫تماماً كل خطايا الذين بررهم‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ِ‬ ‫ضـا َع ْـن َي ِم ِ‬ ‫ـين‬ ‫ات‪َ ،‬ب ْل ِبا ْل َح ِر ِّ‬ ‫يح ُه َو الَِّذي َم َ‬ ‫آية (‪َ " -:)34‬م ْن ُه َو الَِّذي َي ِد ُ‬ ‫ضـا‪ ،‬الَّ ِـذي ُه َـو أ َْي ً‬ ‫ام أ َْي ً‬ ‫ين؟ اَْل َمس ُ‬ ‫ي قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫شفَعُ ِفي َنا‪".‬‬ ‫ضا َي ْ‬ ‫اهلل‪ ،‬الَِّذي أ َْي ً‬ ‫نحن هنا أمام صورة محكمـة‪ ..‬المـتهم هـو أنـا‪ ..‬الـذي يـدين (القاضـي) وهـو المسـيح فـاآلب أعطـى الدينونـة لإلبـن‬

‫(يــو‪ )2220‬والــذي يشــتكي (المـ َّـدعي ‪/‬النيابــة) هــو الشــيطان (رؤ‪ .)15 ، 9 2 12‬الــذي يشــفع فينــا (المحــامي) هــو‬ ‫عنــا وقــام‪ ،‬فلــو لــم يقــم لكنــا قــد بقينــا حيــث نحــن‪ ،‬وهــو ممجــد عــن يمــين العظمــة اإللهيــة‬ ‫أيضـاً المســيح الــذي مــات ّ‬ ‫ويتشفع أمام اهلل ألجلنا‪ .‬فحبيبنا الذي يشفع فينا هو نفسه القاضي الـذي يـديننا‪ .‬الـذي يحكـم علينـا هـو نفسـه الـذي‬ ‫غسلنا بدمه‪ .‬هذا المشهد جعل بولس الرسول ينشد نشيد المحبة اآلتي‪.‬‬

‫تسلسل أفكار اآليات ‪34 – 5‬‬

‫‪ -: 56 – 5‬من يسلك بالروح يصير إبناً هلل ‪.‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ -2‬أوالد اهلل يرثون المجد مع المسيح ‪ ،‬ولكن مازال هناك أالم على األرض‪.‬‬ ‫‪ -2‬حينما نرى هذا المجد سنجد أن األالم التى إحتملناها هى الشئ بالنسبة لهذا المجد ‪.‬‬

‫‪ -2 :3 – 51‬ليس اإلنسان وحده هو الذى سيتمجد ‪ ،‬بل كل الخليقة ‪ ،‬فالخليقـة لعنـت بسـبب اإلنسـان ‪ ،‬فحينمـا‬ ‫يتمجـد اإلنســان سـتتمجد كــل الخليقـة معــه ‪ .‬ولكننـا فــى وســط أالم هـذا العــالم ‪ ،‬عيوننـا ُم َعلَّقــة بهـذا المجــد المنتظــر‬ ‫على رجاء ‪.‬‬ ‫‪:4‬‬

‫‪ -2‬لماذا الرجاء ؟ ألننا واثقين أن المسيح قد تمم كل شئ للخالص ‪ ،‬ولكننا لسنا بعد نرى هذا المجد‬

‫المعَّد عياناً ‪ ،‬بل ننتظره متوقعينه باإليمان والرجاء ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -2‬وعلينا إحتمال األالم بصبر لثقتنا فى وعد اهلل‪.‬‬ ‫‪:1‬‬

‫‪ -2 :7 ، :6‬والروح يعطى معونة ويشفع فينا حتى تتفق إرادتنا مع إرادة اهلل فنصير مقبولين مامه ‪.‬‬ ‫‪:1‬‬

‫‪ -2‬ما يعطينا الصبر أيضا ثقتنا فى أن كل ما يسمح بـه اهلل مـن ضـيقات هـو للخيـر ‪ .‬إذاً فهـذه اآلالم‬

‫يسمح بها اهلل لخالص نفوسنا ‪.‬‬

‫‪ -2 32 ، :1‬وما هو قصد اهلل تجاهنا ؟ أن نصير مشابهين لصورة إبنه ‪.‬‬

‫‪ -2 34 – 35‬هــل هنــاك حــب أعظــم م ـن هــذا ؟! وهــل مــن بــذل إبنــه ألجلنــا ســيحرمنا مــن أى شــئ تافــه علــى‬ ‫األرض ‪ .‬وهذا فيه رد على كل متألم يشككه إبليس فى محبة اهلل له ‪ .‬وأن اهلل ال يحبه إذ هو يسمح له بهذا األلم‬

‫‪178‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫‪ .‬والــرد هنــا ‪ ....‬هــل مــن بــذل إبنــه ألجلــى ‪ ،‬يقبــل أن يتركنــى لأللــم دون أن يكــون هــذا األلــم لــه فائــدة أن أحصــل‬

‫على صورة إبنه ‪.‬‬

‫اضـ ِ‬ ‫ـيح؟ أ ِ‬ ‫آيــة (‪31" -:)31‬مـ ْـن سي ْف ِ‬ ‫طـ ٌـر أ َْم‬ ‫ص ـلُ َنا َعـ ْـن َم َح َّبـ ِـة ا ْل َم ِسـ ِ‬ ‫ي أ َْم َخ َ‬ ‫ـط َه ٌ‬ ‫ق أَِم ْ‬ ‫ضـ ْـي ٌ‬ ‫َشـ َّـدةٌ أ َْم َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫اد أ َْم ُجــوعٌ أ َْم ُعـ ْـر ٌ‬ ‫ف؟ "‬ ‫س ْي ٌ‬ ‫َ‬ ‫أمام كل ما عمله المسيح من تجسد وفداء وأالم لتبريرنا وارسال الروح القدس واعطائنا ناموس روح الحياة لم يجـد‬ ‫ايح = محبتنــا نحــن‬ ‫الرســول فــي نفســه إالّ تســبحة الحــب هــذه ليــرد الحــب بالحــب‪َ .‬ماانْ َ‬ ‫ص الُنَا َعاانْ َم َحبَّا َة ا ْل َم َ‬ ‫سيَ ْف َ‬ ‫سا َ‬

‫ق = ظهر هذا في تسليم الشهداء أنفسـهم للمـوت حبـاً فـي المسـيح‪( .‬لمـا أتـى الجنـود ليحرقـوا‬ ‫ض ْي ل‬ ‫ش َّدةل أَ ْم َ‬ ‫للمسيح‪ .‬أَ َ‬ ‫القـديس بوليكربــوس وجـاءت لــه فرصـة للهــرب‪ ،‬طلـب منــه شــعبه أن يهـرب‪ ،‬فقــال‪ ،‬المسـيح كــان معـي ‪ 8:‬ســنة لــم‬ ‫أرى فيهــا منــه خيانــة فهــل أخونــه أنــا اآلن بعــد ‪ 8:‬ســنة)‪ .‬الشــدائد موجهــة لنــا حتــى نتــرك المســيح‪ ،‬ولكــن الــروح‬ ‫القدس يسكب محبته فينا هلل فنجوز في الضيقات التي تفرض علينا كل يوم منتصرين عليها‪ ،‬بسبب هذه المحبـة‪.‬‬

‫لم تعد الضيقات وال اآلالم تحطم النفس بل سبباً لدخول موكب الغلبة والنصرة تحت قيادة المسيح المتألم‪.‬‬

‫‪36‬‬ ‫ار‪ .‬قَ ْد ح ِس ْب َنا ِم ْث َل َغ َنٍم لِ َّ‬ ‫ات ُك َّل َّ‬ ‫الن َه ِ‬ ‫لذ ْب ِح»‪"..‬‬ ‫َجلِ َك ُن َم ُ‬ ‫وب‪«:‬إِ َّن َنا ِم ْن أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)36‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫هذه اآلية مأخوذة من (مز‪ُ )22244‬ك َّل النَّ َها َر = يعني كل الزمان الذي نحياه ونتألم فيه‪ .‬نُ َماتُ = قد تعني موتاً‬

‫نح ــن معرض ــون ل ــه م ــن أع ــداء المس ــيح بس ــبب تمس ــكنا بالمس ــيح‪ ،‬وه ــذه الص ــورة ‪ ،‬ص ــورة الغ ــنم الم ــأخوذة لل ــذبح‬

‫إســتعملها الرســول هنــا ‪ ،‬ألننــا نحــن نتعــرض علــي الــدوام للمخــاطر والمــوت مــن الــذين يضــطهدوننا وينظــرون إلينــا‬ ‫س ْبنَا َم ْث َل َغنَم‪ .‬وقد تفهم علي أننا نقدم أنفسنا كذبائح حية في خدمة‪ ،‬وأصـوام وصـلوات‬ ‫كأننا غنم معدة للذبح= ُح َ‬ ‫غير مبالين بآالم الجسد بل نخدم اهلل حتى النفس األخير‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ ِ ِ ِ ِ 37‬‬ ‫َح َّب َنا‪" .‬‬ ‫ص ُارَنا ِبالَّذي أ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)37‬ولك َّن َنا في هذه َجميع َها َي ْعظُ ُم ا ْنت َ‬ ‫صا ُرنَا = فـي ترجمـة أخـرى "أعظـم مـن منتصـرين"‪ .‬هـذه طريقـة غريبـة لالنتصـار تشـبه إنتصـار المسـيح‪،‬‬ ‫يَ ْعوُ ُم ا ْنتَ َ‬ ‫أمــا طريــق‬ ‫الــذي إنتصــر علــي الرياســات بالصــليب‪ .‬طريقــة العــالم فــي االنتصــار هــي االنتصــار بالنــار والســيف‪ّ ،‬‬ ‫المسيحي في االنتصار هي عن طريق احتماله النار والسيف بإيمان وصبر‪ ،‬بل بهذا يصبح أعظم مـن منتصـر‪،‬‬

‫أمـا نحـن فمـاذا نخسـر؟! بعـض اآلالم‪ ..‬ولكـن هـذه‬ ‫فكل ما يكسبه منتصر في معركة عالمية يخسر أمامه شـيء‪ّ ،‬‬ ‫اآلالم هي النار التي تنقي الذهب‪ .‬حتى خسارة الجسد فهي ليست خسارة فهو تراب وأرضي‪ .‬فالخسائر قليلـة جـداً‬ ‫والمكاسب ثقل مجد أبدي ومجد وكرامة وسالم هنا علي األرض‪ .‬إن من يحاربنا يحارب اهلل نفسه‪.‬‬

‫تأمل في الحسد‪ -2‬هل نخاف من الحسد؟ حسد الناس ال يضر ألنني محفوظ في يد اهلل‪( .‬يـو‪.)12 ، 11 2 11‬‬

‫فمن يحفظه اآلب واالبن هل يقدر أحد أن يؤذيه‪ .‬ولكننا نصـلي فـي صـالة الشـكر‪" ..‬كـل حسـد وكـل تجربـة وكـل‬

‫فعل الشيطان" فكل نعمة نحصل عليها تزيد حقـده ضـدنا‪ ،‬ويـدبر المـؤامرات ضـدنا ‪ ،‬واهلل يسـمح بهـذا ولكـن نخـرج‬

‫‪179‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫مــن هــذه المـ ـؤامرات بمكاســب عظيمــة‪ .‬وم ــا يشــرح هــذه الفكـ ـرة مــا حــدث م ــع الملــك يهوشــافط ارج ــع القصــة ف ــي‬

‫(‪2‬أي‪ )25‬فهو لقداسته أهاج الشياطين التي أهاجت أعداؤه ضده‪ ،‬لكن ماذا كانت نتيجة المؤامرة ؟! غنيمة عادوا‬ ‫بها وظلوا ينقلونها عدة أيام هذا معني أعظم مـن منتصـرين‪ .‬ولكـن نحـن بتواضـع نقـول هلل "ال تـدخلنا فـي تجربـة"‪،‬‬

‫أما لو سمح اهلل بتجربة فسنعود أعظم من منتصرين وهكذا تواضع األنبا أنطونيوس أمام الشياطين‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪31‬‬ ‫ات‪ ،‬والَ أُمـور ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اض َـرةً‬ ‫اآليات (‪ " -:)31-31‬فَِإ ِّني ُمتَ​َيقِّ ٌن أ ََّن ُه الَ َم ْو َ‬ ‫ـاء َوالَ قُ َّـو َ ُ َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ت َوالَ َح َياةَ‪َ ،‬والَ َمالَ ئ َكـ َة َوالَ ُر َؤ َ‬ ‫‪31‬‬ ‫َّـة ِ‬ ‫صـلَ َنا ع ْـن محب ِ‬ ‫َن تَ ْف ِ‬ ‫ع‬ ‫اهلل الَِّتـي ِفـي ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ق‪َ ،‬والَ َخلِيقَـ َة أ ْ‬ ‫ُخ َـرى‪ ،‬تَ ْق ِـد ُر أ ْ‬ ‫سـو َ‬ ‫ستَ ْق َبلَ ًة‪َ ،‬والَ ُع ْل َو َوالَ ُع ْم َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َوالَ ُم ْ‬ ‫ـيح َي ُ‬ ‫َرِّب َنا‪".‬‬ ‫جَ َم ْوتَ َوجَ َحيَاةَ = صار الموت غير مخيف فهو إنتقال إلى أحضان القديسين في رفقة المالئكة‪ .‬فأهوال الموت‬

‫أو ملذات الحياة غير قادرة أن تفصلنا عن محبة المسيح‪ .‬لن ننفصل عنه ال فـي هـذه الحيـاة وال بعـد المـوت‪َ .‬وجَ‬ ‫سا َء َوجَ‪ =222‬الرؤساء والقوات هم رتب للمالئكة‪ .‬والمالئكـة نوعـان‪ ]1[ 2‬أبـرار وهـؤالء ال يريـدون‬ ‫َمالََِ َكةَ َوجَ ُرؤَ َ‬ ‫أش ـرار وهــم الشــياطين وه ـؤالء ال يقــدرون أن يفصــلونا‪ .‬األب ـرار يفرحــون‬ ‫أن يفصلونا عن محبة المسيح‪]2[ .‬‬ ‫س اتَ ْقبَلَةا = فــاهلل ضــابط الكــل‪ ،‬حيــاتي فــي يــده وهــو‬ ‫اضا َارةا َوجَ ُم ْ‬ ‫بتوبتنــا واألش ـرار مقيــدين بالصــليب‪َ .‬وجَ أُ ُما َ‬ ‫اور َح َ‬

‫ق = عمـق‬ ‫يحبني وفداني‪َ .‬وجَ ُع ْل َو = علو النجاح والرخـاء والمجـد الكـاذب (ألنـه غيـر دائـم) والمناصـب‪َ .‬وجَ ُع ْما َ‬ ‫الشدائد والخزي والعار‪ .‬وقد يشير العلو لما في السماء من عواصـف وأنـواء‪ .‬وقـد يشـير العلـو لمـا فـي السـماء مـن‬

‫عواصــف‪ ،‬والعمــق لمــا فــي أعمــاق البحــار أو أعمــاق الســجون‪ .‬ال شــيء يرفعنــا إلــى فــوق أو ينــزل بنــا إلــى اســفل‬ ‫قادر أن يفصلنا عن محبة المسـيح‪َ .‬وجَ َخلَيقَاةَ أُ ْخ َارى = حتـى إن وجـدت خليقـة أخـرى ال نعرفهـا فلـن تقـدر علـي‬

‫سو َل َربِّنَا = ثباتنا في المسيح هـو الـذي أعطانـا هـذه المحبـة الشـيء إذاً يفصـلنا‬ ‫يح يَ ُ‬ ‫هذا َم َحبَّ َة للاَ الَّتَي فَي ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫ـي‪ ،‬وتنطفـئ‬ ‫عن محبة اهلل‪ ..‬إالّ شيء واحد‪ ..‬الخطية بال توبة‪ .‬فالخطية تطفئ الروح القدس الذي يسكب الحب ف َّ‬ ‫حواســي الروحيــة فــال أعــود أرى المســيح‪ ،‬وبالتــالي أفقــد محبتــه‪ .‬الــروح القــدس الــذي قــال عنــه الرســول أنــه يســكب‬

‫محبة اهلل في قلوبنا (رو‪ )020‬هو الذي سكب كل هذا الحب في قلبه‪.‬‬

‫تعليق على اإلصحاحات السابقة‬ ‫كيف كان آدم يعيش فى جنة عدن؟‬ ‫ـب اهلل‪ .‬وكانـت لـذة آدم فـى حبـه هلل‪،‬‬ ‫آدم مخلوق على صورة اهلل (تك‪ )2121‬واهلل محبـة (‪1‬يـو‪ .)824‬فكـان آدم ُي ِح ْ‬ ‫ألن اهلل لذاته فى بنى آدم (أم‪ .)3128‬ومـرة ثانيـة كـان هـذا ألن آدم علـى صـورة اهلل‪ .‬ولمـا كـان آدم ُي ِحـب اهلل مـن‬ ‫ومخصصة هلل‪ .‬وهذا كان يؤدى إلى أن آدم كان فـى حالـة‬ ‫الح ْ‬ ‫كل قلبه‪ ،‬كانت طاقة ُ‬ ‫ب فى آدم ُمقدسة أى ُمكرسة ُ‬

‫فرح عجيب ال يعرفها إنسان اآلن‪ ،‬وهذا معنى كلمة َع ْد ْن التى هى كلمة عبرية تعنى فـرح وبهجـة‪ .‬إذا كانـت هـذه‬ ‫هى إرادة اهلل فى خلقة اإلنسان‪...‬‬ ‫أن يحيا اإلنسان فى فرح أبدى‬

‫‪180‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫والمحبة طاقة جبارة داخل اإلنسان تجعله فى إتجاه دائم نحو اهلل‪ ،‬وكلما إتجه اإلنسان هلل يزداد فرحه‪.‬‬ ‫ماذا بعد الخطية والسقوط؟‬ ‫كــان آدم فــى الجنــة كمـا ُقلنــا لــه هــدف واحــد‪ ،‬هــو اهلل‪ .‬والهــدف الواحــد يعنــى كمــا تُشــير كلمــة بســاطة فــى‬ ‫الكتـاب المقـدس (باإلنجليزيـة) ‪ ،SINGLE HEARTED‬أى أن القلـب كلـه كــان ُمتجهـا هلل‪ ،‬ال هـدف لـه ســوى‬ ‫اهلل‪ ،‬ومن قوانين المحبة أنك تُص ِّـدق مـا يقولـه لـك مـن تُحبـه وتثـق فيـه وفـى محبتـه‪ .‬وكانـت سـقطة آدم أنـه ص ّـدق‬ ‫الشيطان َّ‬ ‫وكذب اهلل الذى ُيحبه‪ ،‬فتغيَّر إتجاه قلب آدم ولم َي ُعـد بسـيطاً‪ .‬وكانـت بسـاطة قلـب آدم تعنـى فرحـه الـدائم‬

‫الحـب التـى كانـت فـى آدم‪ ،‬بـل إتجهـت‬ ‫وفرح اهلل به‪ .‬وتعنى أن آدم كان جسده ِّنيـ اًر (مـت‪ .)222:‬وتش َّـوهت طاقـة ُ‬ ‫لشهوات فاسدة ولم تَ ُع ْد ُمقدسـة ففقـد الفـرح والحالـة النورانيـة‪ .‬مـألت الشـهوات الفاسـدة قلبـه‪ .‬وورث هـذه الحالـة عنـه‬ ‫كــل بنــى آدم‪ ،‬وهــذا معنــى طــرده مــن الجنــة أى خســارته لهــذا الوضــع الــذى كــان فيــه‪ ،‬بــل مــات آدم ونســله ( ارجــع‬

‫تـك‪ )0‬لتـرى أن كـل أوالد آدم‪ ،‬وألنهــم علـى صـورة آدم مــاتوا مثلـه‪ .‬وفقـد أوالد آدم طبيعــتهم النورانيـة والفـرح األبــدى‬

‫الع َكــارة‬ ‫الــذى أراده اهلل لهــم‪ .‬دخــل إلــى حيــاتهم َع َكــارة طينيــة‪ ،‬صــاروا مثــل كــوب بــه مــاء ش ـفَّاف ودخلــت فيــه هــذه َ‬ ‫َّ‬ ‫فتعك ــرت المي ــاه وفق ــدت ش ــفافيتها‪ ،‬وه ــذه ه ــى م ــا ُنس ــميها الخطي ــة األص ــلية أو ِّ‬ ‫الجدي ــة الت ــى ورثناه ــا ك ــأوالد آدم‪.‬‬ ‫وانتشــرت الخطيــة فــى العــالم‪ ،‬وقــال بــولس "أن الجميــع ازغـوا وفســدوا" (رو‪ )1223‬ومــات البشــر وضــاعت فــرحتهم‬ ‫وحزن اهلل على هذا‪ .‬حزن على عدم طاعة آدم‪ ،‬فالطاعة دليل المحبة‪ .‬فكانـت محبـة اهلل تتضـح فـى عطايـاه آلدم‬

‫(جنة أى خليقة جميلة ويحيا فيها فى فرح عجيب‪.)...‬‬

‫المقابل كانت محبة آدم هلل تظهر فى طاعته‪ .‬فلما أظهر عدم طاعة حزن اهلل على ذلك‪ ،‬وحزن اهلل على أن‬ ‫وفى ُ‬ ‫البشــر خســروا حالــة الفــرح والحيــاة األبديــة التــى أرادهــا لهــم‪ .‬ومــع أن اإلنســان ســقط إال أن اهلل حتــى ُيســاعده بقــدر‬ ‫ب الرب إلهك من كل قلبك‬ ‫اإلمكان أن يفرح طلب منه فى وصاياه ‪ )1 -2‬ال تشته (الوصايا العشر)‪ِ )2 ،‬ح ْ‬

‫(تث‪،)02:‬‬

‫ومن يحاول أن يفعل ستعود إليه حالة الفرح جزئياً‪.‬‬

‫هل تكون هذه هى النهاية؟‬ ‫ال يمكن على اإلطالق أن اهلل تكون له خطة ثم تفشل هذه الخطة نتيجة لحسد إبليس‪ ...‬وكـان الفـداء‪...‬‬

‫وكانـت المعموديــة التــى بهــا ُنــدفن مــع المســيح ونقــوم معــه متحــدين بــه (رو‪ ،)02:‬فتكــون لنــا حيــاة أبديــة هــى حيــاة‬ ‫المســيح الــذى إتحــدنا بــه (رو‪ )82:‬وهــى أبديــة ألن المســيح لــن يمــوت ثانيــة (رو‪ .)92:‬لكــن البــد مــن الجهــاد‪،‬‬ ‫والجهاد هنا هو‪2‬‬

‫‪ )1‬أن َن ْغ ِ‬ ‫صب أنفُسنا على أن نظل أمواتاً عن الخطية (رو‪ )112:‬ولقد صار لنـا سـلطان قـوى علـى الخطيـة‬ ‫بســبب النعمــة (قــوة عمــل الــروح القــدس فينــا) (رو‪ )142:‬وان أخطأنــا فــالروح القــدس ِّ‬ ‫يبكتنــا علــى خطيتنــا‬ ‫(يو‪.)821:‬‬

‫‪ )2‬أن نظل فى حالة إتجاه دائم نحو المسيح (صالة‪ ،‬تسبيح‪ ،‬ترديد مزامير‪ ،‬صالة بـال إنقطـاع) وان أخطأنـا‬ ‫ُن ِّ‬ ‫قدم توبة ونعود‪ .‬ودم يسوع المسيح يطهـر مـن كـل خطيـة‪ .‬ولـنالحظ أننـا البـد وسـنخطئ ألننـا مازلنـا فـى‬

‫‪181‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫هــذا الجســد الــذى تســكن فيــه الخطيــة (رو‪ ،)2521‬ولكــن دائم ـاً هنــاك حــل وهــذا مــن بركــات الفــداء‪ ،‬فــإن‬ ‫إعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل فيغفرها لنا‪.‬‬

‫مايســميه الكتــاب البســاطة‬ ‫إذاً التوبــة هــى إتجــاه دائــم نحــو اهلل (‪1‬يــو‪ .)15-:2 1‬وهــذا اإلتجــاه الــدائم نحــو اهلل هــو ُ‬ ‫(‪ (single hearted‬لذلك يقول العـريس لعروسـه فـى سـفر النشـيد "يـا حمـامتى يـا كـاملتى" (نـش‪ )220‬فالحمـام لـه‬ ‫صــفة البســاطة‪ ،‬أى اإلتجــاه دائمـاً إلــى المكــان الــذى خــرج منــه (فلــك نــوح‪ ،‬البــرج الــذى خــرج منــه‪ ،‬الحمــام ال ازجــل)‬ ‫وحياة التوبة هى خروج دائم من الشر واتجاه دائم نحو المسيح‪ .‬وهذا هو ما ُي ِ‬ ‫فرح قلـب المسـيح فنقـول يـا حمـامتى‬

‫ـى) يــا كــاملتى (فــنحن ُنحســب كــاملين فــى المســيح) ومــن يتجــه دائم ـاً للمســيح فــى توبــة تارك ـاً‬ ‫(التــى تتجــه دائم ـاً إلـ َّ‬

‫خطيته تثبت فيه حياة المسيح‪ ،‬والعكس من يترك المسيح ساعياً وراء خطيتـه يفقـد حياتـه األبديـة فـال شـركة للنـور‬

‫(المســيح) مــع الظلمــة (الســلوك فــى الخطيــة التــى يعرضــها علينــا إبلــيس) ومــن يثبــت فــى حيــاة المســيح‪ ،‬تكــون لــه‬

‫أعمال صالحة‪ ،‬أعمال بِ ْر‪ ،‬وتكون أعضاؤه آالت بِ ْر (رو‪ ،)132:‬وتكون أعماله الصـالحة تمجـد اآلب السـماوى‪،‬‬ ‫فهو ُيعطينا حياته لنسلك فى بِ ْر لمجد إسم اهلل‪ .‬ومن ال يسلك فى البِ ْر يبكتـه الـروح القـدس علـى بِـ ْر ال يسـلك فيـه‬

‫(يو‪ )821:‬وهذا هو ما ُيسمى الجهاد اإليجابى‪.‬‬ ‫بالخطية ولدتنى أمى(المزمور الخمسون)‪2‬‬

‫نحن نولد هكذا بالخطية = العكارة الطينية تمأل كوب الماء الشفَّاف‪ .‬فنكره ونشتهى‪...‬‬ ‫بركات الفداء ‪2‬‬ ‫غف ـران الخطايــا ‪ /‬البنــوة هلل ‪ /‬حلــول الــروح القــدس فينــا ‪ /‬الفــرح والس ـالم نتيجــة المحبــة التــى يســكبها روح اهلل فينــا‬

‫(رو‪ُ / )020‬ن ْح َســب كــاملين فــى المســيح ‪ /‬النعمــة التــى تُعطينــا الســلطان علــى الخطيــة ‪ /‬نــدوس الحيــات والعقــارب‬ ‫وكل قوة العدو ‪ /‬نسلك فى بِ ْر ونمجد اهلل ‪ /‬نحيا حياة سـماوية ‪ /‬نـرث اهلل نـرث مـع المسـيح فـى حيـاة أبديـة ومجـد‬ ‫أبدى وفرح أبدى‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫هل تحقق هذا كله؟ ‪:‬‬ ‫هذا كله قد تحقق‪ ...‬ولكن نحن ما زلنـا فـى الجسـد الـذى تمـأله العكـارة الطينيـة‪ .‬وعمـل إبلـيس دائمـاً هـو أنـه يـأتى‬ ‫ليحِّرك المياه إلثارة العكارة فتظهر الشهوات و ِ‬ ‫الحقد والبغضـاء وتَ َمِّنـى الشـر لآلخـرين‪ ...‬ألـخ‪ ،‬لكـن لـنعلم أن إبلـيس‬ ‫َُ‬ ‫ويص ِّـدق‬ ‫ليس له سلطان علينا بل هو مجرد قوة فكرية فقط‪ .‬هو يعـرض علينـا الخطيـة ومـن يقبلهـا وينجـذب يعـود ُ‬ ‫الشيطان أن هناك ل ّذة وسعادة فى الخطية فينخدع من شهوته (يع‪ ،)1421‬وبهذا فهو يكرر سقطة آدم الذى َّ‬ ‫كذب‬ ‫َّ‬ ‫وصدق إبليس ففقد فرحه‪ ،‬الفارق بيننا وبين آدم هو أن آدم حينما سقط لم يكن هناك وسيلة لغفران خطيته أو‬ ‫اهلل‬ ‫تجديد طبيعته‪ ،‬فمات‪.‬‬

‫ويعيـد لنـا الحيـاة‪ .‬حقـاً بسـبب هـذا لـم نحصـل علـى كـل بركـات‬ ‫وجاء المسـيح بدمـه ُليكفِّـر أى ُيغطـى علـى خطيتنـا ُ‬ ‫مايسـمى العربـون (أف‪ .)1421‬بـدأنا فـى تـذوق نعمـة اإلنتصـار علـى إبلـيس وعلـى‬ ‫الفداء بعد‪ .‬نحن حصلنا علـى ُ‬

‫الخطية وعلى الشهوة‪ .‬وبدأنا فى تذوق الفرح والتلذذ بـالبنوة‪ .‬ولكـن بقيـة بركـات الفـداء سنحصـل عليهـا فـى السـماء‬

‫‪182‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫مايسـمى التبنــى فـداء أجســادنا (رو‪ )2328‬وهـذا مـا نتوقعــه‪ .‬وهنـا الفـرح الكامــل‬ ‫حينمـا نلـبس الجسـد الممجــد وهـذا ُ‬ ‫والســالم الكامــل والمجــد األبــدى‪ .‬فــاإلبن الكامــل ال يســتطيع أن ُيخطــئ (‪1‬يــو‪ .)923‬ولكننــا مازلنــا ُنخطــئ كمــا قــال‬

‫مرات ويقوم" (أم‪ ،)1:224‬ويوحنـا يقـول "إن ُقلنـا أنـه لـيس لنـا خطيـة ُنضـل‬ ‫الكتاب "الصديق يسقط فى اليوم سبع َّ‬ ‫انفســنا‪ ...‬ونجعلــه كاذب ـاً" (‪1‬يــو‪ .)15، 8 2 1‬ونحــن نســقط فــى الخطيــة بســبب إثــارة الشــيطان للعكــارة التــى فينــا‪،‬‬ ‫وبهـذا نفقـد حالــة الفـرح الكامـل‪ ...‬وهــذا مـا جعــل بـولس الرسـول يقــول "ويحـى أنــا اإلنسـان الشـقى‪ ،‬مــن ينقـذنى مــن‬

‫جسد هذا الموت" ( رو‪ )2421‬وذلك ليحيا حياة الفرح الكامل حينما يترك جسده‪.‬‬ ‫ناموس روح الحياة ‪2‬‬

‫مايســمى نــاموس الخطيــة (رو‪ )2321‬وهــذه هــى العكــارة الطينيــة التــى ورثناهــا عــن أبونــا آدم‪ .‬وبالفــداء‬ ‫حقـاً هنــاك ُ‬ ‫قوة قادرة أن تكتم هذه العكـارة إلـى أسـفل الكـوب فيعـود المـاء‬ ‫أرسل المسيح الروح القدس يس ُكن فى داخلنا ُليعطينا َّ‬ ‫شفَّافاً وهذا ما أسماه بولس الرسول هنا "دان الخطية فى الجسد" (رو‪ ،)328‬وكلما جاهـدنا (جهـاد إيجـابى وسـلبى)‬

‫تزداد النعمة فى داخلنا وتدين الخطية أى تُعيد العكارة سـاكنة أسـفل الكـوب ويعـود المـاء لشـفافيته ويعـود لنـا الفـرح‬ ‫والشــعور بــالبنوة واإلحســاس بمحبــة اهلل (رو‪ .)39-3128‬وهــذا هــو نــاموس روح الحيــاة أى هــو قــانون (نــاموس)‬

‫جديد وضعه فينا الروح القدس (روح الحياة) فهو ُيعيد لنا الحياة األبدية بأن ُيثبتنا فى المسيح حينما نترك الخطية‬ ‫ونتجه ناحية المسيح‪.‬‬ ‫حمامتى كاملتى‪2‬‬ ‫رأينا أننا ُنحسب كاملين إذا كان إتجاهنا دائماً نحو المسيح كما يتجه الحمام دائمـاً إلـى بيتـه‪ ،‬وكمـا عـادت حمامـة‬ ‫الفلك‪ .‬لذلك رأينا أنه من ضمن بركات الفداء التبنى (البنوة هلل)‪ .‬ولكن كما قال يوحنا أن اإلبن الكامل ال‬ ‫نوح إلى ُ‬

‫يستطيع أن ُيخطئ ولكن نحن مازلنا ُنخطئ‪ .‬إذاً ما معنى عربـون البنـوة؟ هـو أننـا بالتوبـة واإلعتـراف أى باإلتجـاه‬ ‫دائماً للمسيح نستعيد بنوتنا وذلك بثباتنا فى المسيح‪ ،‬عن طريق غفران خطايانـا فنكـون الحمامـة الكاملـة التـى وان‬

‫خرجت من برجها أى بيتها تعود إليه دائماً‪ .‬والحظ جمال اآلية وترتيبها فى الرسالة األولى ليوحنا‪2‬‬ ‫دم يسوع المسيح إبنه ُيطهرنا من كل خطية‪ ...‬وهل هناك من ال ُيخطئ؟‬ ‫إن قلنا إنه ليست لنا خطية ُن ِ‬ ‫ضل أنفسنا‪ ...‬وكيف الرجوع؟‬ ‫إن إعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا‪.‬‬

‫وال حظ أنه فى يـوم معموديـة السـيد المسـيح إبـن اهلل كـان األب فرحـاً بعـودة أوالده (نحـن) إلـى حضـنه = هـذا هـو‬

‫إبنى الحبيب الذى به سررت‪ ،‬وكان اإلبن فى الماء إعالناً عن قبوله الموت وفى خروجه كان إعالناً عن قيامته‬

‫حصـلنا علـى البنـوة بفـداء المسـيح الـذى كـان سـيتم بالصـليب‬ ‫(الفداء)‪ .‬وكان عماده تأسيساً لسر المعمودية‪ .‬فنحن ُ‬ ‫وعن طريق المعمودية التى كان يؤسسها يوم األردن‪.‬‬

‫وكان الروح القدس علـى شـكل حمامـة يحـل علـى جسـد المسـيح الـذى هـو كنيسـته‪ ،‬وشـكل الحمامـة هـذا ألن عمـل‬ ‫الروح القدس أنه يثبتنا فى المسيح (بالمعمودية وسر الميرون والتوبة واإلعتراف واإلفخارستيا أى األسرار عموماً)‬

‫‪183‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫التى تثبتنا فى جسد المسيح وهو الذى يمألنا محبـة تجعـل لنـا اإلتجـاه الواحـد نحـو المسـيح‪ ،‬وذلـك عـن طريـق أنـه‬

‫يمألنا من محبة المسيح واذا خرجنا (بالخطية) نعود بعمـل الـروح‪ .‬فنكـون فـى حالـة رجـوع دائـم للمسـيح‪ .‬فالبـد أن‬ ‫نخطئ طالما كنا فى الجسد‪ ،‬ولكن المهم الرجوع الدائم مثل الحمام الذى يخرج من بيته لكنه يعود إلى بيتـه دائمـاً‬

‫يس ُكن فيه فنصير فى المسيح دائماً‪.‬‬

‫وهــذا يس ــتمر حت ــى نحص ــل علــى ف ــداء أجس ــادنا الكام ــل أى حص ــولنا علــى الجس ــد الممج ــد ال ــذى ال يس ــتطيع أن‬ ‫ُيخطــئ‪ ،‬وال يــأتى إليــه إبلــيس‪ ،‬وهــذا معنــى أن أورشــليم الســماوية لهــا أب ـواب (رؤ‪ )13221‬فــنحن نــدخل وال نخــرج‪.‬‬ ‫وابلـ ــيس ال يـ ــدخل "ال يـ ــدخلها شـ ــئ دنـ ــس وال مـ ــا يصـ ــنع رجس ـ ـاً وكـ ــذباً إالَّ المكتـ ــوبين فـ ــى سـ ــفر حيـ ــاة الخـ ــروف"‬

‫(رؤ‪ )21221‬أى من إستطاعوا أن يثبتوا فى المسيح الذى هو الحياة األبدية‪.‬‬

‫أما ما يعرضه علينا الشيطان من ملذات الخطية فهو خداع فهو "كذاَّب وأبو َّ‬ ‫الكذاب" (يو‪.)44218‬‬

‫الروح القدس يس ُكب محبة اهلل فى قلوبنا (رو‪2)1:1‬‬ ‫كانــت محبــة اهلل تمــأل قلــب آدم فــى الجنــة وتشـ َّـوهت بالخطيــة فأحــب العــالم ومافيــه وتقلصــت محبــة اهلل فــى قلبــه‪.‬‬

‫المعطى لنا‪ .‬لكن كيف؟‬ ‫وبالفداء إنسكبت فينا محبة اهلل بالروح القدس ُ‬ ‫ويعطينا‪ ،‬أى يحكى لنا عن المسيح فنحبه (يو‪.)1421:‬‬ ‫‪ )1‬الروح يأخذ مما للمسيح ُ‬

‫‪ )2‬يدين الخطية التى فينا أى يكتم الشهوات التى فينا فتكون كأنها ميتـة فيعـود لكـوب المـاء شـفافيته = يعـود‬ ‫ب اهلل ويمأل القلب‪.‬‬ ‫ُح ْ‬

‫‪184‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫‪ )3‬هذا التحول فى حالة القلب هو ما ُيسمى قلب لحمى عوضاً عن قلوبنا الحجرية التى تحجرت فما عـادت‬ ‫تشعر بحب اهلل (حز‪.)19211‬‬ ‫هذا ما أسماه ارميا "أجعل شريعتى فى داخلهم وأكتبها على قلوبهم" (ار‪ .)33231‬وكتابة الشريعة على القلب‬ ‫اللحمى معناها أن اإلنسان ُينفِّذ وصية حبيبه ألنه ُيحبه‪ .‬فالمرأة التى تُ ِحب زوجها ال يمكن أن تُ ِّ‬ ‫فكر حتى فى‬

‫خيانته‪ ،‬وهذا ما قاله السيد المسيح (يو‪ .)23214‬لذلك أطلق أرميا على هذا "العهد الجديد" (أر‪ )31231‬عهد‬

‫ب الذى مأل الروح القدس قلوبنا به‪،‬‬ ‫الح ْ‬ ‫الح ْ‬ ‫ب‪ ،‬القلب الذى شعر بمحبة اهلل فأحب اهلل وحفظ وصاياه‪ .‬هذا هو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب وليس تنفيذاً ألوامر‬ ‫هذا هو ناموس روح الحياة‪ .‬لذلك فمن إمتأل قلبه حباً للمسيح يطيع المسيح عن ُح ْ‬

‫الناموس (غل‪ )23 ،2220‬ومن إمتأل قلبه من محبة المسيح يتجه إتجاه دائم للمسيح‪ ،‬ومهما إبتعد بسبب الخطية‬ ‫فهو يشعر بغربة فى مكان الخطية ويعود سريعاً للمسيح كالحمامة‪ ،‬يساعده على هذا الروح القدس‪ ،‬لذلك نسمع‬

‫قول العريس (المسيح) فى سفر النشيد لعروسه (النفس البشرية) أو الكنيسة "إرجعى إرجعى" (نش‪ )132:‬فنحن‬ ‫فى هذه الحياة فى رحلة رجوع دائم إلى اهلل‪ .‬وحينما نلبس الجسد الممجد ال نعود نخرج ثانية إلى خارج‪.‬‬

‫أنا هو الرب شافيك (خر‪):6 : 51‬‬ ‫تصلى الكنيسة فى أوشية المرضى وتقول " ألنك أنت هو الطبيب الحقيقى الذى ألنفسنا وأجسادنا وأرواحنا "‬

‫والسيد المسيح بفدائه َّ‬ ‫قدم لنا هذا الشفاء الكامل الذى ألنفسنا وأجسادنا وأرواحنا ‪.‬‬ ‫‪ )5‬شفاء النفس‬

‫المقصود بالنفس هو المشاعر والعواطف‪....‬إلخ ‪ .‬فاهلل خلق اإلنسان ليفرح ‪ .‬وبالخطية فقدنا الفرح ‪ .‬وبالفداء‬

‫أرس ــل اهلل لن ــا روح ــه الق ــدوس ليس ــكن فين ــا وال ــذى م ــن ثم ــاره المحب ــة والفرح‪(......‬غ ــل‪ .)22 2 0‬فب ــدال م ــن‬ ‫الكراهيــة لآلخ ـرين ص ـرنا نحــب حتــى األعــداء ‪ .‬وبــدال مــن الحــزن عــاد لنــا الفــرح ‪ .‬ويقــول رب المجــد " اآلن‬

‫عنـدكم حــزن ‪ .‬ولكنــى ســأراكم أيضــا فتفـرح قلــوبكم وال ينــزع أحــد فــرحكم مـنكم ‪....‬أطلبـوا تأخــذوا ليكــون فــرحكم‬

‫كــامال " (يــو‪ . )24 – 25 2 1:‬ومــاذا نطلــب ليكــون فرحنــا كــامال ســوى الــروح القــدس الــذى هــو الموضــوع‬ ‫الذى كان الرب ُيكلِّم تالميـذه عنـه فـى هـذا اإلصـحاح (يـو‪ . )1:‬ويقـول فـى هـذا أيضـا ربنـا يسـوع " فـإن كنـتم‬ ‫وأنـتم أشـرار تعرفـون أن تعطـوا أوالدكـم عطايــا جيـدة فكــم بـالحرى اآلب الــذى مـن الســماء يعطـى الــروح القــدس‬

‫للـذين يســألونه (لــو‪ . )13 2 11‬وألن الفـرح صــار متاحــا ألوالد اهلل بـل هــو هــدف اهلل مـن خلــق اإلنســان يقــول‬ ‫بـولس الرســول " إفرحـوا فــى الـرب كــل حـين وأقــول أيضــا إفرحـوا " (فــى‪ . )4 2 4‬وكمـا عــاد الفـرح عــاد الســالم‬

‫الــذى هــو أيضــا مــن ثمــار الــروح القــدس ‪ .‬وفــى هــذا يقــول رب المجــد " ســالماً أتــرك لكــم ‪ .‬ســالمى أعطــيكم ‪،‬‬ ‫لــيس كمــا يعطــى العــالم أعطــيكم أنــا " (يــو‪ . )21 2 14‬العــالم يعطــى المــال والملــذات الحســية ‪...‬إلــخ ‪ ،‬أمــا‬

‫‪185‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫المســيح ملــك الســالم هــو يعطــى ســالما مــن نــوع آخــر ‪ ،‬ســالماً يمــأل القلــب ‪ ،‬قــال عنــه المـرنم " الــرب حصــن‬ ‫حياتى ممن أرتعب ‪.....‬إن نزل على جيش ال يخاف قلبى‪( "....‬مز‪. ): – 1 2 21‬‬

‫‪ ):‬شفاء الروح‬ ‫الروح حين تنفصل عن اهلل تموت فاهلل هو الحياة ‪ .‬وكان هـذا مـا حـدث بالخطيـة فمـات اإلنسـان ‪ ،‬فـال شـركة‬

‫بــين اهلل الــذى هــو نــور وبــين الخطيــة التــى هــى ظلمــة ‪ .‬ولكــن كــان فــى الفــداء شــفاء للــروح ‪ .‬فالمســيح المتحــد‬ ‫جسده بالهوته إتحد باإلنسان فعادت لإلنسان الحياة األبدية‪.‬‬

‫اإلنسان كان مخلوقا على غير فساد ‪ ،‬وبالخطية فسدت الخليقة األولى ‪ ،‬وانفصـلت عـن اهلل ‪ .‬وكـان الفـداء ‪،‬‬ ‫فماذا قدم لنا المسيح بفدائه ‪-2‬‬

‫اإلنسان هو جسد ونفس وروح وبالخطية فسد الجسد وخسرت النفس سالمها وانفصلت الروح عن اهلل ‪.‬‬

‫وكان الفداء الذى بدأ بالتجسد ‪...‬ولماذا أخذ إبن اهلل جسداً ؟ كان هذا لكى يمكن لـه أن يمـوت بهـذا الجسـد‬ ‫فالالهوت ال يموت ‪ .‬والمسيح مات لكى يقوم ‪....‬وقام لكى يصعد ويتمجد بجسده اإلنسانى (يو‪. )0 2 11‬‬

‫ولمــاذا كــان كــل ذلــك ؟ بالمعموديــة ص ـرنا نتحــد بالمســيح فــى موتــه وقيامتــه ‪ .‬ومــن يغلــب ويظــل متحــدا بــه‬ ‫سيتمجد أيضا معه (يو‪. )22 2 11‬‬

‫جسد المسيح قبل موته على الصليب كان جسدا له حياة إنسانية قابلة ألن تنفصل عن الجسد فيموت ‪.‬‬

‫أما فى القيامة فلقد صارت للمسيح حياة أبدية ال تنفصل عنه ‪.‬‬

‫ونحن بالمعمودية صرنا نموت بالخليقة األولى ونقوم متحدين بالمسيح ولنا حياته األبدية ‪.‬‬

‫ونالحظ أن المسيح فى القبر كان جسده ميتا وحدثت القيامة واتحدت حياة أبدية بالجسد المائت ‪.‬‬ ‫وهذا نفسه يحدث لنا اآلن ‪ ،‬نموت فى المعمودية بجسد الخطية ثم تتحد بنا حياة المسيح األبدية ‪.‬‬

‫لذلك علينا أن نظل مجاهدين ُلنبقى جسد الخطية هذا ميتاً أمام الخطية لتستمر حياة المسيح فينا ‪.‬‬ ‫وهنــاك ط ـريقين أمــام اإلنســان ‪...‬طريــق الحيــاة وطريــق المــوت (وهــذا كمــا قــال موســى النبــى لشــعب إس ـرائيل‬ ‫(تث‪ . )25 – 10 2 35‬وهكذا وبنفس المفهـوم يقـول بـولس الرسـول " أم لسـتم تعلمـون أن مـن إلتصـق بزانيـة‬ ‫هو جسد واحد‪....‬وأما من إلتصق بالرب هو روح واحد " (‪1‬كو‪. )11 ، 1: 2 :‬‬

‫فشفاء الروح يكون باإللتصاق بالرب حاسبين أنفسنا أمواتاً أمام الخطية فتستمر حياة المسيح األبدية التى قـام‬

‫بها من المـوت متحـدة بنـا أبـدياً ‪ .‬وتكـون لنـا حيـاة أبديـة‪ .‬و ارجـع (رو‪ + 1 2 12‬رو‪ + 11 2 :‬كـو‪– 1 2 3‬‬

‫‪ + 11‬غل‪ + 24 2 0‬غل‪. )14 2 :‬‬

‫مرة أخرى نقول إن المسيح بعد ما تمم عمله الفدائى أرسل لنا الروح القدس الذى يثبتنا فى المسيح ‪.‬‬

‫كيف نعيش اآلن‬

‫مــن يحيــا كميــت ي ـراه النــاس مختلف ـاً فــى أ ارئــه وميولــه عــنهم ‪ ،‬ال ينــدمج معهــم فــى طريــق خطايــاهم وملــذاتهم‬ ‫الحسية ‪ ،‬يحيا كمن صلب نفسه عن العالم (غل‪ )14 2 :‬وما الذى يدفعه لهذا ؟ إيمانه بالمجد المعد له فى‬

‫‪186‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثامن)‬

‫السماء ‪ .‬إيمانه بأنـه لـو إختـار طريـق األلـم وتـرك ملـذات الـدنيا فلـه نصـيب فـى المجـد مـع المسـيح ‪ .‬وهـذا مـا‬

‫قاله بولس الرسـول " إن كنـا نتـألم معـه لكـى نتمجـد أيضـا معـه " (رو‪ . )11 2 8‬وبهـذا المفهـوم ترتـل الكنيسـة‬

‫قائلة ‪...‬بموتك يارب نبشر وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السموات نعترف ‪.‬‬

‫بموتك نبشر = ليست البشارة بأن المسيح مات ولكن بأننا نمارس حياة اإلماتة أى الموت عن الخطية ‪.‬‬ ‫وبقيامتك نعترف = أى نؤمن ولنا رجاء فى مجد أبدى ‪.‬‬

‫‪ )3‬شفاء الجسد‬

‫قطعـاً األمـراض الجســدية هــى مــن نتــائج الخطيــة ‪ ،‬والمســيح قـ َّـدم الشــفاء للكثيـرين ‪ ،‬فــاهلل يريــد لإلنســان صــحة‬ ‫الجســد ولقــد خلقنــا اهلل أوالً كــاملين بــال عيــب ‪ .‬ولكــن اهلل المحــب الــذى حــول لنــا العقوبــة خالصــا ‪ ،‬نجــده اآلن‬ ‫يسمح ببعض األمراض والتى بهـا يشـفى الـروح فـنخلص ‪ -2‬مثـال أيـوب وبـولس الرسـول حـين سـمح للشـيطان‬ ‫أن يؤدب زانى كورنثوس ‪ ،‬بل اهلل سمح للشيطان أن يضرب بولس الرسول نفسه ليبعد عنه اإلرتفاع من فرط‬

‫اإلعالنات (‪1‬كو‪2 + 0‬كو‪ . )12‬ومن تألم فى الجسد ُك َّ‬ ‫ف عن الخطية (‪1‬بط‪. )1 2 4‬‬ ‫إذاً مــا هــو المقصــود بشــفاء الجســد ؟ اهلل خلــق اإلنســان ليعمــل الجنــة ويحفظهــا (تــك‪ )10 2 2‬ونجــد بــولس‬ ‫الرسول فى العهد الجديد يقول أننـا " كخليقـة جديـدة مخلـوقين ألعمـال صـالحة " (أف‪ . )15 2 2‬فـاهلل أعطانـا‬ ‫الجسد بأعضائه لنتمم به العمل المطلوب منا ‪ .‬ومن ينجح فى أن يستخدم أعضاءه بنجاح ليتمم ما يريده اهلل‬

‫يقول عنه بولس الرسول أن أعضاءه صارت أالت بر (رو‪ ):‬والعكس فمـن يسـلك فـى طريـق الخطيـة تصـبح‬

‫أعضاءه أالت إثم ‪ .‬إذاً شفاء الجسد يعنى أن اإلنسان يؤدى العمل الذى خلق من أجله بنجاح ‪.‬‬

‫فه ــل هن ــاك تع ــارض ب ــين أن يك ــون لإلنس ــان أعض ــاء ه ــى أالت ب ــر بينم ــا ه ــو ف ــى حال ــة م ــرض أو ض ــعف‬

‫ظ ِهر فيه قوته بل هو كرز لكـل أوروبـا‬ ‫جسدى؟‪....‬ال تعارض والدليل ضعف بولس الرسول الجسدى ‪ ،‬واهلل ُي ْ‬ ‫وهو غير قادر صحيا ‪.‬‬

‫مثال ‪ -:‬التليفزيون مصمم ليعطينا صورة وصوت ‪ ،‬وهذا عن طريق دوائـر الكترونيـة موضـوعة فـى صـندوق‬ ‫من الخشب مثال ‪ .‬فلنفترض أن هذا الصندوق مشوه أو مكسور لكن الصورة جميلة والصوت واضـح ‪ ،‬حينئـذ‬

‫نقول أن هذا التليفزيون يؤدى عمله بكفاءة ‪.‬‬

‫ومرة ثالثة نقول أن الروح القدس الذى سكن فينا يعطى لكل منا موهبته التى يؤدى بها عمله بنجاح‬

‫(‪1‬كو‪ .)11 - 4 2 12‬وان كان جسده ضعيفا ‪ ،‬فالروح يعين ضعفاتنا (رو‪ )2: 2 8‬وقوة اهلل تعمل وتساند‬ ‫هذا اإلنسان الضعيف " قوتى فى الضعف تُ ْك َمل " (‪2‬كو‪. )9 2 12‬‬

‫‪187‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫اإلصحاح التاسع‬

‫عودة للجدول‬

‫يناقش بولس الرسول اليهود في هذه الرسالة في ثالثة مواضيع‪-2‬‬

‫‪ .1‬بنوتهم إلبراهيم بالجسـد كإمتيـاز خـاص لهـم‪ .‬وأوضـح لهـم أن بنـوتهم لـه باإليمـان أهـم‪ ،‬واألهـم بنـوتهم هلل‪ ،‬هـذه‬ ‫التي كانت بالمسيح‪.‬‬

‫‪ 2.‬الحاجة ليست للناموس‪ ،‬بل أن غاية الناموس هو المسيح‪ .‬فالنـاموس عجـز عـن التبريـر‪ ،‬بـل لـم يسـتطع سـوي‬ ‫أن يكشف عن الخطية فقط‪ ،‬أما اإليمان بالمسيح فيبرر‪.‬‬

‫‪ .3‬إمتيــاز اليهــود كشــعب مختــار‪ ،‬وهــذا مــا يناقشــه فــي اإلصــحاحات (‪ )11-9‬وهــذا أمــر حســاس بالنســبة لليهــود‪،‬‬ ‫والرسول بحساسية شديدة يود أن يكسبهم دون أن يغلق الباب أمام األمم‪ .‬والرسول ال ينكـر أن اهلل قـد إختـارهم‬

‫كشعب له‪ ،‬إنما أكد أن هذا األمر ال يقوم علي إمتياز فيهم أو عن إستحقاق خاص لهم‪ ،‬إنما محبة اهلل "الـذي‬ ‫يرحم من يشاء" وخالل هذا الفهم أعلن اهلل أيضاً حبه لألمم فإختارهم أيضـاً‪ .‬وفـي ص (‪ )11‬يحـذر األمـم مـن‬ ‫أن يتكبـروا علـي اليهـود‪ ،‬فـاليهود هـم الزيتونـة األصـلية واألمـم قـد طعمـوا فيهـا‪ .‬وفـي نهايـة األيـام سـيقبل اليهـود‬

‫اإليمــان بالمســيح بعــد جحــودهم لزمــان طويــل‪ .‬وفــي ص (‪ )11‬تحــذير لألمــم مــن كبريــائهم‪ ،‬فالكبريــاء يعــرض‬

‫صاحبه أن يقطع من شجرة الزيتون (شعب اهلل سواء في العهد القديم أو العهد الجديد)‪.‬‬

‫إن الرسول في هذا اإلصحاح ال يعالج مشـكلة حريـة اإلرادة عنـد البشـر‪ ،‬بـل حـق اهلل فـي إختيـار األمـم‪ ،‬كمـا كـان‬ ‫له الحق في اختيار اليهود‪ ،‬لكن المشكلة أن اليهود أنكروا علي اهلل حقه في إختيار األمم‪ .‬والرسول يريد أن يثبت‬ ‫إن إختيار األمم من حق اهلل‪ .‬لقد رحم اهلل اليهود دون فضـل مـنهم سـوي رحمـة اهلل‪ ،‬وهـذه المـراحم لهـا حـق العمـل‬

‫في غيرهم أيضاً‪ ،‬ولكن الرسول خالل الرسالة يؤكد علي حرية اإلرادة اإلنسانية وتقديس اهلل لها‪ ،‬بل هو واهبها‪.‬‬ ‫آنية الكرامة وآنية الهوان‪:‬‬ ‫يقــول بــولس الرســول فــي هــذا اإلصــحاح أن اهلل كخـزاف (صــانع آنيــة الفخــار مــن الطــين) حـ ّـر فــي أن يصــنع آنيــة‬ ‫للكرامة من كتلة من الطين‪ ،‬وأن يصنع آنية هوان من كتلة أخري (آية‪ .)21‬فاهلل حر أن يخلق موسى آنية كرامة‬ ‫وأن يخلــق يهــوذا اإلســخريوطي آنيــة ه ـوان‪ ،‬وفهــم الــبعض هــذا ال ـرأي بطريقــة خاطئــة ففهم ـوا أن هــذا ضــد حريــة‬

‫اإلنسان‪ ،‬فاهلل إختار وحدد مثالً أن فالن يكون آنية هوان‪ ،‬ومهما فعلت فالبد أن أهلك‪ ،‬فاهلل إختار هذا‪.‬‬

‫وهذا مفهوم ساذج‪ .‬والمهم أن نعرف لماذا كتب بولس الرسول هذا الكالم فاليهود يقولـون عـن أنفسـهم نحـن شـعب‬

‫اهلل المختــار وحــدنا‪ ،‬ولــيس مــن حــق اهلل أن يختــار األمــم ليكون ـوا شــعباً لــه‪ .‬وبــولس يــرد قــائالً بــل مــن حــق اهلل أن‬ ‫ِّن اليهــود كشــعب مختــار فتـرة مــن الزمــان واألمــم كإنــاء للهـوان فتـرة مــن الزمــان ثــم هــو حـ ّـر فــي أن يقبــل األمــم‬ ‫ُيعــي ْ‬ ‫وقتما يشاء‪ .‬إذاً الموضوع الذي يناقشه بولس هنا ليس هو حريـة اإلنسـان بـل حريـة اهلل‪ .‬فـالمهم أن نفهـم المناسـبة‬

‫التي قيلت فيها اآلية حتى نفهمها‪.‬‬

‫‪188‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫ِّن إنس ــان‬ ‫ومــا نريــد أن نؤكــده‪ ،‬فهــذا مفهــوم الكتــاب المقــدس كل ــه‪ ،‬أن اهلل لــيس ضــد حريــة اإلنســان‪ ،‬فــاهلل ال ُيعــي ْ‬ ‫للخالص وانسان للهالك‪ ،‬بل أن اهلل يريد أن الجميع يخلصون ‪1‬تي ‪ .422‬وما يعطل إرادة اهلل هذه هو حريتي أنا‬ ‫وارادتي أنا‪ .‬مت ‪.31223‬‬

‫أما حرية اإلنسان فهي واضحة من تمرد كثيرين وشعوب كثيرة علي اهلل بـل واهـانتهم هلل (الشـعوب الشـيوعية لفتـرة‬ ‫ّ‬ ‫من الزمان)‪ ،‬ومع ذلك فاهلل يشرق عليهم بشمسه ويعطيهم طعاماً وشراباً‪.‬‬ ‫واذا كان اهلل هو الذي يحدد من يهلـك ومـن يخلـص‪ ،‬فكيـف يحاسـب اهلل النـاس يـوم الدينونـة‪ ،‬وكيـف تنطبـق اآليـة‬

‫تتبرر في أقوالك وتغلب إذا حوكمت‪ .‬ما نود أن ُيفهم أن اهلل مثـل المـدرس‪ ،‬يعـرف مـن سـينجح ومـن سيرسـب فـي‬ ‫اإلمتحان‪ ،‬ولكنه يبذل مجهوده بأمانة في التدريس لكل واحـد فـي فصـله فـاهلل أعطـي الكـل فـرص للخـالص‪ ،‬ولكـن‬

‫إستجابة كل واحد لعمل اهلل يكون بحسب حريته هو‪ ،‬اهلل يعطي كل واحد وزنات‪ ،‬وسيطلب مـن كـل واحـد بحسـب‬ ‫ما أعطاه‪ ،‬من أعطاه خمس سيطلب منه خمس ومن أعطاه إثنتين سيطلب منه إثنتين‪.‬‬

‫اهلل يريد أن يخلق الكل آنية مجد والدليل أن اهلل خلق اإلنسان علي صورته ولما فسد اإلنسان جاء المسيح وأرسل‬

‫الروح القدس ليعيـدنا ثانيـة إلـي صـورة اهلل كـو ‪ + 1523‬غـل ‪ .1924‬فـاهلل إذاً ال يريـد أن يخلـق إنسـاناً ليكـون آنيـة‬ ‫هوان‪ .‬ولنأخذ أمثلة‪.‬‬

‫الشــيطان‪ :‬اهلل خلــق الشــيطان فــي أجمــل صــورة ليكــون آنيــة مجــد‪ ،‬ولكنــه هــو بنفســه إختــار أن يكــون آنيــة ه ـوان‪،‬‬ ‫والحظ المرثاة التي قالهـا اهلل بحـزن إذ سـقط المـالك الكـاروبيم وأصـبح شـيطاناً بعـد أن كـان كامـل الجمـال‪ .‬والحـظ‬ ‫األوصاف التي قالها اهلل عن الشيطان وكيف كـان (أش‪ +12214‬حزقيـال‪ .)10-11228‬فـإرادة اهلل أن يكـون كـل‬ ‫خليقته آنية مجد وأن كل خليقته تخلص‪ .‬ولكـن إبلـيس إختـار الخطيـة‪ ،‬واهلل تركـه ليكـون آنيـة للهـوان‪ ..‬ولكـن كـان‬

‫له أيضاً دور في خطـة اهلل األزليـة لخـالص أوالده فكـان الشـيطان أداة تأديـب ألوالد اهلل‪ .‬فمـثالً كـان الشـيطان هـو‬ ‫الــذي دبــر خطــة الصــليب لفــداء البشــر‪ .‬وهــو الــذي ســمح لــه اهلل بــأن يضــرب بــولس ليمنعــه مــن الكبريــاء‪ .‬ويــؤدب‬

‫أيوب ليتنقي ويب أر من خطيته‪.‬‬

‫يهــوذا‪ :‬هــل إختــار اهلل يهــوذا ليكــون آني ـة ه ـوان؟ أبــداً‪ .‬فــاهلل إختــاره مــن بــين التالميــذ اإلثنــي عشــر‪ ،‬وأعطــاه كمــا‬ ‫أعطي بقية التالميذ‪ ،‬نفس المواهب‪ ،‬وتتلمذ علي يد السيد المسـيح ثـالث سـنوات كالبـاقين‪ ،‬وسـمع تعـاليم المسـيح‪،‬‬

‫ورأي معجزاته‪ ،‬بل شفي مرضي وأخرج أرواح نجسة‪ ،‬بل وغسل السيد قـدمى يهـوذا ‪ .‬لكـن يهـوذا هـو الـذي إختـار‬ ‫أن يكون آنية هوان بعد أن خلقه اهلل وأعده المسيح ليكون آنية مجد‪ .‬كان اهلل يعلـم أن يهـوذا سـيعمل هـذه الخيانـة‬

‫لكـن هـل يمكـن أن يقـال أن المسـيح أعـده ليكـون آنيـة هـوان‪ ،‬والحظنـا أن يهـوذا حصـل علـي نفـس فـرص التالميـذ‬ ‫اإلثني عشـر‪ ..‬ولكـن خطـأ يهـوذا كـان جـزءاً مـن خطـة الخـالص‪ ،‬فـاهلل قـادر أن يخـرج مـن الجـافي (خيانـة يهـوذا)‬

‫حالوة (الخالص)‪.‬‬

‫ويهــوذا دخلــه الشــيطان ألنــه رفــض بحريتــه كــل فــرص الخــالص‪ ،‬التــي عرضــها عليــه الســيد المســيح‪ ،‬والحــظ آخــر‬

‫محاولة للمسيح أنـه يأخـذه فـي حضـنه بـل يعطيـه اللقمـة فـي فمـه معلنـاً محبتـه للنهايـة‪ ،‬بـل كـان عتـاب المسـيح لـه‬

‫الذي يكسر القلب "أبقبلة تسلم إبن اإلنسـان" ربمـا دفعـه هـذا العتـاب للتوبـة‪ ،‬ولـو فعـل لقبلـه اهلل‪ .‬ولمـا رفـض يهـوذا‬

‫‪189‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫كــل فــرص الخــالص تخلــي عنــه المســيح‪ ،‬فصــار صــيداً ســهالً للشــياطين‪ ،‬فالمســيح كــان يحفــظ تالميــذه مــن الزلــل‬

‫(يــو‪" )12211‬حينمــا كنــت معهــم كنــت أحفظهــم" ولمــا رفــع المســيح حمايتــه عنــه بعــد أن تــرك هــو المســيح بكامــل‬ ‫إرادتــه صــار آنيــة لله ـوان (مــا حــدث كــان يشــبه مــا قيــل عــن شــاول الملــك أن روح الــرب فارقــه فدخلــه روح رديء‬

‫(‪1‬صم‪ ..)1421:‬ولكن حينما دخله الشيطان إستخدمه اهلل أيضاً كجزء من الخطـة األزليـة للخـالص‪ ،‬فكـل خليقـة‬ ‫اهلل‪ ،‬ك ــل واح ــد ل ــه دوره ف ــي خط ــة الخ ــالص‪ .‬ف ــاهلل خل ــق اإلنس ــان حـ ـ اًر وال يجبـ ـره عل ــي ش ــئ‪ ،‬ولكن ــه يع ــرف م ــدي‬ ‫إستجابته للفرص التي يعطيها له اهلل‪،‬فمن إستجاب لهذه الفرص كان له دوره في خطة الخالص كآنية مجد‪ ،‬ومن‬

‫رفــض يــد اهلل الممــدودة لــه صــار لــه دوره فــي خطــة الخــالص أيضـاً ولكــن كآنيــة هـوان (أم‪ )421:‬ومــا الــذي يمنــع‬

‫الفخاري من عمل كتلة من الطين آنية للمجد؟ أن توجد زلطة أو قطعة حجـر فـي الطـين‪ ،‬وهـذا يماثـل وجـود حـب‬ ‫الخطية في قلب إنسان‪ ،‬وهذا هو الذي يحوله آلنية هوان‪.‬‬

‫فاهلل يعطي لكل واحـد فـرص متسـاوية للخـالص‪ ،‬حتـى تنطبـق اآليـة "لكـي تتبـرر فـي أقوالـك وتغلـب إذا حوكمـت"‪.‬‬

‫ولكن كما رأينا لكل واحد دوره في خطة الخالص حتى لو كـان إنـاء هـوان‪ .‬اهلل خلـق الكـل لغرضـه والشـرير أيضـاً‬

‫ليوم الشر (أم‪.)421:‬‬

‫فرعــون‪ :‬موســى يطلــب منــه خــروج الشــعب فيـرفض وتبــدأ الضـربات‪ .‬اهلل لــم يجعلــه يعانــد‪ ،‬لكــن بعــد أن عانــد عــدة‬

‫مرات‪ ،‬إستغل اهلل عناده‪.‬‬

‫قسى اهلل قلب فرعون= أي تركه علي قساوته نتيجة لعنـاده مـع اهلل‪ .‬ولكـن اهلل إسـتغل عنـاده وقلبـه القاسـي ليخـرج‬ ‫من هذا خيـر لكـال الشـعبين اليهـودي والمصـري‪ ،‬فـاليهود عرفـوا مـن هـو يهـوه إلههـم‪ ،‬وعرفـوا إمكانياتـه الجبـارة وأن‬

‫آلهة المصريين هي ال شـئ أمامـه‪ ،‬والمصـريين عرفـوا تفاهـة آلهـتهم أمـام اهلل‪ .‬مـا يمكـن أن نقولـه أن اهلل لـم يخلـق‬ ‫أو يجعــل فرعــون معانــداً‪ ،‬لكــن اهلل إســتغل عنــاده وغبــاوة قلبــه ليكــون آلــة وجــزءاً مــن خطــة الخــالص‪ ،‬فــاهلل يســتغل‬

‫أخطاء البشر لتنفيذ خطته للخالص‪.‬‬

‫اهلل يعمل بنعمته مع كل إنسان ‪ ،‬فاهلل يريد أن الجميع يخلصون (‪1‬تى‪ )4 2 2‬لذلك رأينا فى مثل الـزارع (مـت‪13‬‬

‫‪ )9 - 1 2‬أن الزارع (اهلل) وهو يعلم بنوعية كل نوع مـن األ ارضـى لـم يحـرم أى نـوع منهـا مـن بـذاره سـواء األرض‬ ‫الجيدة أو المحجرة أو التى بها شوك بل حتى الطريق نال نفس النصيب ‪.‬‬

‫وهذا قد عمله اهلل مع فرعون فقد دعاه موسى وحذره وبدأ فرعـون بعـد عـدة ضـربات بسـيطة يفهـم ويتجـاوب ويقـول‬

‫لموسى وهرون صليا عنى ‪ ،‬بل يعترف بأنه أخطأ هو وشعبه (خر‪ . )21 2 9 + 28 2 8‬بل عجيب هو اهلل فى‬ ‫نعمته التى يفيض بها حتى على مقاوميه ‪ ،‬فلقد أخبر فرعون بأن عليه أن يحمى مواشيه التى فى الحقل حتى ال‬ ‫الب َرْد (خـر‪ . )19 2 9‬ولقـد رأى فرعـون أن كـل مـا ح َّـذره اهلل بـه قـد حـدث ‪ ،‬فكـان عليـه أن يفهـم‬ ‫تهلك من ضربة َ‬ ‫من هـو اهلل ومـا هـى الخطـورة فـى أن يعانـده ‪ ،‬ولكنـه هـو الـذى قسَّـى قلبـه ‪ ،‬ولمـاذا كـان يقسِّـى قلبـه ؟ ألن هنـاك‬ ‫شــهوة فــى قلبــه ‪ ،‬فهــو يريــد أن يبقــى شــعب اهلل كعبيــد يعملــون مجانــا فــى مقابــل طعــامهم ‪ .‬واهلل كمــا يقــول بــولس‬

‫الرسول " ال ُي ْش َمخ عليه " (غل‪ )1 2 :‬فال يستطيع أحد أن يتمتع بنعمته وهو يعانده ظانـاً أنـه يسـتطيع أن يجمـع‬ ‫بين نعمة اهلل وبين اإلستمتاع بشهواته ‪ ،‬وهذا ينطبق اآلن على كل خاطئ ‪.‬‬

‫‪190‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫حتـى اآلن كانـت نعمــة اهلل تحفـظ فرعـون مــن الغضـب العظـيم ‪ ،‬فحتــى اآلن لـم تحـدث خســائر للبشـر ‪ ،‬ولـم تهلــك‬

‫نفس إنسان فالخسائر محصورة فى المزروعات والحيوانات وبعض المضايقات كالحشرات وخالفه ‪.‬‬

‫ولكن أمام إصرار فرعون على تحدى إرادة اهلل ‪ ،‬منع اهلل نعمته الحافظة عن فرعـون فبـدأ الغضـب العظـيم وبـدأت‬

‫الضربات تشتد ويموت األبكار ثم يغرق جيش فرعون فى البحر األحمر ‪.‬‬

‫هــذا هــو نفــس المعنــى الموجــود فــى اآليــة " أســلمهم اهلل إلــى ذهــن مرفــوض " (رو‪ )28 2 1‬فــاهلل لــم يعطهــم فكــر‬ ‫خــاطئ بــل هــو رفــع عــنهم نعمتــه الحافظــة التــى ال يســتحقونها ‪ ،‬فهــم إســتمروا فــى عنــادهم مــع اهلل َيجــرون وراء‬ ‫شهواتهم ‪ ،‬فإنحدروا إلى أهواء الهوان (رو‪. )2: 2 1‬‬

‫شاول الطرسوسي‪ /‬بولس الرسول‪ -2‬شاول الطرسوسي كان إناء هوان وهو يضطهد‬

‫الكنيسة ويقتل المسيحيين‪ ،‬ولكنه لـم يعانـد دعـوة اهلل فتحـول آلنيـة ك ارمـة‪ .‬وهكـذا بتوبـة أي إنسـان واسـتجابته لنـداء‬ ‫اهلل يتحول من آنية هـوان آلنيـة ك ارمـة‪ .‬فـاهلل يحـاول مـع كـل إنسـان ليتـوب ويتحـول إلـي آنيـة ك ارمـة "تـوبني فـأتوب‬

‫ألنك أنت الرب إلهي" (أر‪ )18231‬إذاً اهلل يدعو كل واحد للتوبة‪ ،‬ومن يستجيب يصير آنية كرامة‪.‬‬

‫قصــة الشــعب المختــار‪ -2‬اهلل إختــار اليهــود ألنهــم "أحســن الوحشــين" وألن آبــائهم إب ـراهيم واســحق ويعقــوب كــانوا‬ ‫األفضل في هذا العالم‪ .‬وذلك ليعد هذا الشعب ليأتي منه المسيح‪ ،‬ولكن اليهود فهموا هذا علي أنهم هم شعب اهلل‬ ‫المختار والباقين مرفوضين (بل أسموهم كالب)‪ .‬ولكن حين يأتي المسيح يأتي للكل‪ ،‬فاهلل هو إله العالم كله‪ .‬هذا‬

‫يشبه إختيار قطعة أرض وتنظيفها واعدادها وزراعة نـوع مـن القمـح الممتـاز‪ ،‬ومعالجـة هـذا النـوع‪ ،‬حتـى الوصـول‬ ‫به ألفضل ساللة ممكنة‪ .‬وبعد ذلك يأتي التوسع في زراعتهـا فـي كـل الحقـول‪ .‬ومـا كـان لألمـم أن يعترضـوا لمـاذا‬ ‫لم يأتي منهم المسيح‪ ،‬فالمسيح ال يمكن أن يأتي من كل شعوب العـالم فـي وقـت واحـد‪ ،‬والبـد أن يـأتي مـن شـعب‬

‫تم إعداده‪ .‬وليس لليهود أن يعترضوا علي خالص األمم‪ ،‬فاهلل إله الجميع‪ ،‬إختارهم ليكونـوا شـعبه فـي وقـت معـين‬

‫وله ــدف معـ ــين‪ ،‬انته ــى بمجـ ــيء المسـ ــيح‪ .‬وأوالً وأخيـ ـ اًر لـ ــيس ألح ــد أن يعتـ ــرض علـ ــي اهلل فحكمت ــه فـ ــوق الجميـ ــع‬

‫(رو‪.)3:-33211‬‬

‫خالصــة الموضــوع انــه ال يصــح أن يقــول أحــد مبــر اًر خطيتــه أن اهلل خلقــه هكــذا كآنيــة هـوان‪ ،‬فكــل واحــد يعلــم فــي‬

‫داخله أنه يخطئ بإرادته‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ا ْلقُ ُد ِ‬ ‫ض ِم ِ‬ ‫س‪" :‬‬ ‫الر ِ‬ ‫ق ِفي ا ْل َم ِس ِ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬أَقُو ُل ِّ‬ ‫اه ٌد لِي ِب ُّ‬ ‫يري َ‬ ‫الص ْد َ‬ ‫ب‪َ ،‬و َ‬ ‫يح‪ ،‬الَ أَ ْكذ ُ‬ ‫بعد أن تأمل بولس الرسول في النعمة التي حصل عليها والتي هو فيها مقيم والمجد الذي ينتظـره بعـد ذلـك‪ .‬يقـف‬

‫فجـأة ليتـذكر إخوتــه وكيـف حرمـوا أنفسـهم ممــا حصـل هــو عليـه‪ .‬بــولس الـذي كــان يخـدم ويتــألم حتـي يصــل أوالده‬ ‫لصورة المسيح‪ ،‬نجده هنا وقد تشبه بالمسيح في مشاعره ومحبته‪2‬‬

‫‪ .1‬الذي بكي علي أورشليم‪.‬‬

‫ايح = قولـه فـي المسـيح‬ ‫‪ .2‬الذي يريد أن الجميع يخلصون [لو‪1 +42 ،41219‬تـي‪ .]422‬أَقُو ُل ِّ‬ ‫الصا ْد َ فَاي ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫تلخــص كــل مــا أخــذه بــولس الرســول باإليمــان‪ .‬وتعنــي أنـه بإرتباطــه بالمســيح واتحــاده بــه صــار ال يســتطيع أن‬

‫‪191‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫س = ويشــهد علــي قــولي هــذا ضــميري الــذي إســتنير‬ ‫ض ا َمي َري َ‬ ‫شااا َه لد لَااي بَا ر‬ ‫يقــول ســوي الصــدق‪َ .‬و َ‬ ‫وح ا ْلقُ ا ُد َ‬ ‫االر َ‬ ‫بالروح القدس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ:‬‬ ‫يما َو َو َج ًعا ِفي َق ْل ِبي الَ َي ْنقَ ِطعُ‪".‬‬ ‫آية (‪ " -:):‬إ َّن لي ُح ْزًنا َعظ ً‬ ‫لقــد إتهمـوا بــولس بمعــاداة اليهــود (أع‪ .)24220 + 22222+ 28221‬وهــو هنــا يؤكــد محبتــه العميقــة لهــم‪ .‬بــل إن‬ ‫حبه لليهود ورغبته في خالصهم لهو دليل علي محبته هلل التي أعلنها في نهاية ص ‪ .8‬وحزنه راجع لعدم إيمانهم‬

‫فهم إخوته‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ِد "‬ ‫وما ِم َن ا ْل َم ِس ِ‬ ‫آية (‪ " -:)3‬فَِإ ِّني ُك ْن ُ‬ ‫ت أ َ​َوُّد لَ ْو أَ ُك ُ‬ ‫يح أل ْ‬ ‫سَ‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫َج ِل إِ ْخ َوِتي أَ ْنس َبائي َح َ‬ ‫ون أَ​َنا َن ْفسي َم ْح ُر ً‬ ‫س َد = فهناك إخوة اآلن حسب الروح‪ .‬فـالروح جمعنـا كلنـا فـي‬ ‫ب ا ْل َج َ‬ ‫س َ‬ ‫هذه العبارة تشير لمحبته الشديدة إلخوته‪َ .‬ح َ‬

‫جسد المسيح الواحد‪ .‬هذه اآلية تؤكد رغبة الرسول الشديدة في رجوع اليهود وايمانهم بالمسيح‪.‬‬

‫وفي نهاية ص‪ 8‬سـمعنا مـن الرسـول أن ال شـئ يفصـله عـن محبـة المسـيح‪ ،‬فهـل يقصـد بأنـه مسـتعد ألن يضـحي‬

‫بالمســيح ؟ قطعـاً ال‪ ،‬فهــو فرحــان ويفتخــر بمــا حصــل عليــه‪ ،‬ولكنــه فــي محبتــه يقــول أنــه يتــألم ألمـاً شــديداً لحرمــان‬

‫إخوته مما يتذوقه هو‪ .‬مثال‪ -2‬أب ذهب في مأمورية في بلد بعيد وهناك تذوق أطعمة لذيذة جداً‪ ،‬هنا يقف ليفكر‬ ‫فـي زوجتـه وأوالده المحـرومين مــن هـذه األطعمـة‪ ،‬ويقــول يـا ليتنـي مـا جئــت إلـي هنـا حتــي ال أتـذوق هـذا وأحبــائي‬

‫محرومين منه‪ .‬وهناك تفسير لطيف للقديس فم الذهب لهذه العبارة‪ ،‬بأن إبراهيم قَ َّد َم إسحق إبنه ذبيحة وهو مؤمن‬ ‫أن اهلل قــادر أن يقيمــه‪ ،‬وبــولس يقــدم نفســه هنــا ذبيحــة عــن إخوتــه مؤمن ـاً أن اهلل لــن يســمح لبــولس أن ُيحــرم مــن‬ ‫بهاء ومجداً في عيني اهلل ألنه يمارس عمل محبة‪ ،‬بل في إيمان اليهود بالمسيح مجداً هلل‪،‬‬ ‫المسيح‪ ،‬ولكنه سيزداد ً‬ ‫فبــولس بهــذا يطلــب مجــد اهلل حتــى لــو علــي حســاب نفســه لمحبتــه فــي المســيح‪ .‬هنــا بــولس يشــبه موســي الــذي قــال‬

‫إغفر خطيتهم واالّ فأمحني من كتابك (خر‪.)32232‬‬

‫‪4‬‬ ‫ادةُ وا ْلمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ود واال ْ ِ‬ ‫يد‪" ،‬‬ ‫اع ُ‬ ‫س َرِائيلِي َ‬ ‫آية (‪ " -:)4‬الَِّذ َ‬ ‫ين ُه ْم إِ ْ‬ ‫شت َراعُ َوا ْلع َب َ َ َ َ‬ ‫ُّون‪َ ،‬ولَ ُه ُم التََّب ِّني َوا ْل َم ْج ُد َوا ْل ُع ُه ُ َ‬ ‫حزن بـولس علـي اإلسـرائيليين ألنهـم إبتعـدوا عـن الخـالص الـذي أعـده المسـيح‪ ،‬مـع أنهـم أحفـاد يعقـوب الـذي أخـذ‬

‫إسم إسرائيل كتكريم له‪ ،‬وهم حصلوا علي إسم أبيهم كتكريم لهم (تك‪ )8232‬وقد تبناهم اهلل‪ ،‬وظهر لهم فـي مجـد‪.‬‬

‫وأعطي لهم العهد القديم والناموس…‬

‫س َراَِيلَيرونَ = كلمة إسرائيل أي يملك كـاهلل‪ .‬واسـرائيل ملـك إلـي حـين‪ .‬ولكـن إسـرائيل الحقيقـي (الكنيسـة) ال تملـك‬ ‫إَ ْ‬ ‫في الزمنيات‪ ،‬بل تنعم بشركة المجد اإللهي مع ملك الملـوك (رؤ‪ .):21‬واسـرائيل هـو لقـب فخـر وعـزة عنـد اليهـود‬ ‫ويشير للقوة والمجد عكس يعقوب الذي يشير ليعقوب الضعيف الهارب‪.‬‬

‫التَّبَنِّااي = قـال اهلل عــنهم إسـرائيل إبنـي البكــر (خــر‪ + 2224‬هـو‪ + 1211‬تــث‪ + 1214‬إر‪ .)9231‬ولكــنهم مارسـوا‬ ‫العصيان (إش‪ + 221‬مل‪ .):21‬لذلك إحتاجوا لتغيير شامل بسكني روح التبني فيهم‪ ،‬وطريق هـذا التبنـي اإليمـان‬ ‫بالمسيح‪.‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫ا ْل َم ْجااااا ُد= ه ـ ــم الش ـ ــعب الوحي ـ ــد ال ـ ــذي رأي مج ـ ــد اهلل عيانـ ـ ـاً (خ ـ ــر‪ )11224‬وأيضـ ـ ـاً بعم ـ ــود ن ـ ــور وعم ـ ــود س ـ ــحاب‬

‫(خــر‪1 + 38-34245‬مــل‪ .)1128‬وكــان مجــد اهلل يظهــر مــن بــين كــاروبي تــابوت العهــد‪ ،‬ولمــا أخــذ الفلســطينيون‬ ‫تابوت العهد قالت إمـراة فينحـاس "زال المجـد مـن إسـرائيل" والمسـيح اآلن ‪ ،‬هـو مجـد شـعبه (زك‪ ، )0 2 2‬المسـيح‬

‫وسط شعبه ويسكن فيهم‪.‬‬

‫ا ْل ُع ُهو ُد= اهلل دخل في عهود مع شعبه ولكنهم تجاوزوها (هو‪ + 128‬خر‪ )18211‬لذلك صار المؤمنون في حاجة‬ ‫لإللتقاء مـع اهلل علـي مسـتوي عهـد جديـد يـنقش داخـل القلـب بـالروح القـدس‪ .‬وال ننسـي أن اهلل دخـل فـي عهـود مـع‬ ‫األبــاء إب ـراهيم وموســي‪ .‬ولكــن هــذه العهــود كانــت حــول مي ـراث كنعــان‪ ،‬أمــا العهــد الجديــد فــالميراث الموعــود هــو‬

‫السماء‪.‬‬

‫ش اتَ َرا ُل= هــي شـريعة أعطاهــا اهلل نفســه‪ ،‬ولــيس كبــاقي الشــعوب الــذين وضــع النــاس شـرائعهم‪ ،‬هــم نــالوا شـريعة‬ ‫اج ْ‬ ‫لكنهم لم يحفظوها‪.‬‬

‫ا ْل َعبَااا َدةُ = مبــادئ وأصــول خدمــة اهلل مــن طقــوس وصــلوات وســجود وتســبيح وأعيــاد‪ ،‬وذبــائح (والكــل رمــز للعهــد‬ ‫الجديد)‪.‬‬

‫َوا ْل َم َوا َعي ُد = هم نـالوا وعـوداً كثيـرة مثـل ميـراث أرض كنعـان‪ ،‬والوعـد بمـيالد إسـحق‪ ،‬وكلهـا مواعيـد مفرحـة‪ .‬وأهـم‬

‫وعد حصل عليه اليهود هو أن المسيح يأتي منهم‪ ،‬لذلك فمن يؤمن مـنهم بالمسـيح هـو الـذي يظـل إسـرائيلي حقـاً‪،‬‬ ‫ومن يرفض المسيح فهو ليس إسرائيلي بالحقيقة‪ ،‬لذلك قال المسيح عن نثنائيل أنه إسرائيلي حقا ال غش فيه حين‬

‫أت ــي إلي ــه ث ــم آم ــن ب ــه ي ــو ‪ 4121‬فم ــا ك ــان يمي ــز اليه ــود أنه ــم أوالد وع ــد‪ ،‬ف ــإذا رفضـ ـوا الموع ــود ب ــه يص ــيروا ه ــم‬

‫مرفوضين‪.‬‬

‫آية (‪1" -:)1‬ولَهم اآلباء‪ ،‬و ِم ْنهم ا ْلم ِسيح حسب ا ْلجس ِد‪ ،‬ا ْل َك ِائ ُن علَى ا ْل ُك ِّل إِلها مبارًكا إِلَى األَب ِد‪ِ .‬‬ ‫ين‪".‬‬ ‫آم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ​ُ َ ُ َ ُ​ُ َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ً َُ َ‬ ‫ايح = جـاء مـنهم بالجسـد ولـذلك خصـهم‬ ‫س ُ‬ ‫َولَ ُه ُم اآلبَا ُء = األباء البطاركة (إبراهيم واسحق ويعقوب‪َ )..‬و َم ْن ُه ُم ا ْل َم َ‬ ‫سا َد‪ ،‬ا ْل َكااَِنُ َعلَاى ا ْل ُكا ِّل إَل اهاا = نـري هنـا المسـيح اإللـه‬ ‫س ُ‬ ‫اب ا ْل َج َ‬ ‫س َ‬ ‫يح َح َ‬ ‫اهلل بكل هذا التكريم‪ ،‬ويكفيهم هذا فخـ اًر‪ .‬ا ْل َم َ‬ ‫المتأنس‪ .‬بالهوته المتحد بناسوته‪ .‬ا ْل َكاَِنُ َعلَى ا ْل ُك ِّل إَل اها = تعني أن اهلل هو إله اليهود واألمم أيضاً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آيـــة (‪6" -:)6‬و ِ‬ ‫يل ُهـ ْــم‬ ‫سـ َــرِائ َ‬ ‫ين ِمـ ْ‬ ‫ســـقَطَ ْت‪ .‬أل ْ‬ ‫لكـ ْ‬ ‫س َج ِميـــعُ الَّـ ِــذ َ‬ ‫ــن إِ ْ‬ ‫َن لَـ ْــي َ‬ ‫س ه َكـــ َذا َحتَّـــى إِ َّن َكل َمـــ َة اهلل قَـ ْــد َ‬ ‫ــن لَـ ْــي َ‬ ‫َ‬ ‫ُّون‪" ،‬‬ ‫س َرِائيلِي َ‬ ‫إِ ْ‬ ‫سق َ َ‬ ‫ط ْ إذ أن ما يبدو للعين أن اهلل قـد رفـض اليهـود بعـد‬ ‫س ه َك َذا = أي ليس كما يتصور أحد إَنَّ َكلَ َمةَ للاَ قَ ْد َ‬ ‫لَ ْي َ‬ ‫كل هـذه البركـات والمواعيـد التـي حصـلوا عليهـا‪ .‬ولكـن لـنفهم أن وعـود اهلل لليهـود لـم تسـقط‪ ،‬بـل هـي مسـتمرة لمـن‬

‫يؤمن منهم بالمسيح‪ ،‬الذي هو هدف ناموسهم‪ .‬فإسرائيل الحقيقي تفهم بمعني روحي وليس لمن هم حسب الجسـد‬

‫(رو‪ .)29 ، 28 2 2‬واس ـرائيل الروحــي هــو مــن بقــي أمين ـاً علــي مي ارثــه اإليمــاني الــذي تســلمه مــن األبــاء‪ ،‬فــآمن‬ ‫أمــا مــن رفــض المســيح‪ ،‬فهــم نســل إب ـراهيم حســب‬ ‫بالمســيح‪ ،‬الــذي هــو منتهــى الوعــد والبركــة إلب ـراهيم وإلس ـرائيل‪ ،‬و ّ‬ ‫الجسد‪ ،‬وليس هم أصحاب ميـراث الوعـد ببركـة إبـراهيم (‪ .)8 ، 1 2 9‬ورأينـا فـي (رو‪ )29 ، 28 2 2‬أن إسـرائيل‬ ‫‪193‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫الحقيقي هو من ختن قلبه بالروح‪ ،‬والروح ال يفعل هذا إال لكل مؤمن معمد بالماء والروح فمن ال يـؤمن بالمسـيح‪،‬‬

‫ال يكــون بعــد إس ـرائيلياً حقيقي ـاً‪ ،‬وه ـؤالء اليهــود الــذين آمن ـوا بالمســيح وأيض ـاً األمــم المــؤمنين بــه أســماهم الرســول‬

‫إسرائيل اهلل (غل‪ .)1:2:‬وحينما يضاف إسم اهلل لشئ‪ ،‬ففي المفهوم العبري هذا يعني تضخيم الشيء‪ ،‬كمـا نقـول‬

‫جـيش اهلل= جــيش ضـخم‪ ،‬وهكــذا جبـل اهلل‪ ..‬وحينــا يقـول إسـرائيل اهلل يعنـي الكنيســة التـي ضــمت كـل العــالم يهــوداً‬

‫وأمم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫آية (‪7" -:)7‬والَ أل ََّنهم ِم ْن َن ِ ِ ِ‬ ‫س ٌل»‪" .‬‬ ‫س َح َ‬ ‫اق ُي ْد َعى لَ َك َن ْ‬ ‫يعا أ َْوالَ ٌد‪َ .‬ب ْل « ِبِإ ْ‬ ‫ْ‬ ‫يم ُه ْم َجم ً‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫سل إ ْب َراه َ‬ ‫يفتخــر اليه ــود بك ــونهم نسـ ـالً إلب ـراهيم‪ ،‬والرس ــول ي ــرد عل ــيهم‪ ،‬أن ل ــيس كــل أوالد إبـ ـراهيم بالجس ــد ه ــم أوالد وع ــد‪،‬‬

‫فإسماعيل مثالً ال ُيدعي نسالً إلبـراهيم علـي أسـاس الوعـد‪ ،‬والحـظ أن الوعـد كـان بإسـحق الـذي هـو رمـز للمسـيح‬ ‫فكالهما من مستودع ال يمكن أن ينجب (يلـد) بحسـب الطبيعـة فالوعـد إذاً خـاص بمجـيء المسـيح الـذي هـو لـيس‬ ‫بحسب الطبيعة‪ .‬لذلك فإن اإلسرائيلي الحقيقي هو من آمن بالوعد أي آمن بالمسيح‪ .‬لذلك قال السـيد عـن نثنائيـل‬

‫أنه إسرائيلي حقـاً إذ قـال عـن المسـيح أنـه إبـن اهلل وملـك إسـرائيل‪ .‬هنـا الرسـول يقـدم إسـحق رمـ اًز للبنـوة‪ ،‬ألنـه لـيس‬

‫حســب قــوة الجســد وال نــاموس الطبيعــة‪ ،‬بــل علــي حســب قــوة الوعــد اإللهــي‪ ،‬إذاً نســل إب ـراهيم هــم الــذين ينعمــون‬ ‫بالوالدة ال حسب الجسد بل حسب اإليمان‪ .‬هكذا نحن أيضاً نولد بواسـطة كلمـة اهلل‪ ،‬ففـي جـرن المعموديـة تُ َش ِّـكْلنا‬

‫وتلــدنا كلمــة اهلل أف ‪ .2:20‬إذاً نحــن نولــد مــن جديــد مثــل إســحق بعــد أن غلبتنــا شــيخوخة الخطيــة‪ .‬ومازلنــا نولــد‬ ‫بالمعمودية ال خالل الجسد وال بهوي إنسان‪ ،‬إنما بالروح القدس بقوة الكلمة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪1" -)1‬أَي لَ ْيس أَوالَ ُد ا ْلج ِ‬ ‫سالً‪".‬‬ ‫س ُب َ‬ ‫ون َن ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫سد ُه ْم أ َْوالَ َد اهلل‪َ ،‬ب ْل أ َْوالَ ُد ا ْل َم ْو ِعد ُي ْح َ‬ ‫َ َ‬ ‫ما يميز إسرائيل أنهم أوالد إسحق أي إبـن الموعـد‪ ،‬واسـحق هـو نبـوة عـن المـوت الـذي يحولـه اهلل إلـي حيـاة‪ ،‬وهـذا‬ ‫عمل المسيح بفدائه‪ .‬إذاً أوالد اهلل ليسوا هم من يولدوا بحسب النواميس الطبيعية بل وفقاً لمواعيد اهلل‪.‬‬ ‫ْت وي ُك ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ​ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬أل َّ ِ‬ ‫س َارةَ ْاب ٌن»‪.‬‬ ‫َن َكل َم َة ا ْل َم ْو ِعد ه َي هذه‪«:‬أَ​َنا آتي َن ْح َو ه َذا ا ْل َوق َ َ‬ ‫ون ل َ‬ ‫إذاً إبـراهيم الميــت جســدياً وســارة ميتــة المســتودع ليســا همــا أبـوا إســحق‪ ،‬بــل إســحق هــو إبــن الوعــد‪ .‬وبهــذا نفهــم أن‬

‫أوالد اهلل هم أوالد الوعد‪ .‬ليسوا أوالداً بحسب الطبيعة بل بنعمة اهلل‪.‬‬

‫‪52‬‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫اق أ َُبوَنا‪55 .‬أل ََّن ُه َو ُه َمـا‬ ‫س َح ُ‬ ‫س ذلِ َك فَقَ ْط‪َ ،‬ب ْل ِرْفقَ ُة أ َْي ً‬ ‫ضا‪َ ،‬و ِه َي ُح ْبلَى م ْن َواحد َو ُه َو إِ ْ‬ ‫اآليات (‪َ "-:)5:-52‬ولَ ْي َ‬ ‫ار‪ ،‬لَ ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعم ِ‬ ‫االخ ِت َي ِ‬ ‫ال َب ْل ِم َن الَِّذي َي ْـد ُعو‪،‬‬ ‫ب ْ‬ ‫لَ ْم ُيولَ َدا َب ْع ُد‪َ ،‬والَ فَ َعالَ َخ ْي ًار أ َْو َ‬ ‫ش ًّرا‪ ،‬لِ َك ْي َيثْ ُب َ‬ ‫سَ‬ ‫ت قَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ص ُد اهلل َح َ‬ ‫س م َن األ ْ َ‬ ‫‪5:‬‬ ‫ِ‬ ‫لص ِغ ِ‬ ‫ير»‪".‬‬ ‫ستَ ْع َب ُد ِل َّ‬ ‫ِق َ‬ ‫ير ُي ْ‬ ‫يل لَ َها‪«:‬إ َّن ا ْل َك ِب َ‬ ‫ما زال الرسول يدافع عن وجهة نظره‪ ،‬في أن اهلل له الحرية أن يختـار األمـم‪ ،‬فهـو ال يختـار بحسـب األعمـال وال‬ ‫بحســب الختــان وال النــاموس والرســول لــم يكتـ ِ‬ ‫ـف بمثــال مــيالد إســحق فلربمــا قــالوا إن إســمعيل إبــن جاريــة وأن أوالد‬

‫قطورة أصغر سناً‪ ،‬وقطورة أيضاً جارية‪ ،‬أما نحن اليهود فنحن أوالد سـارة الحـرة‪ .‬لـذلك ضـرب الرسـول مثـاالً آخـر‬

‫‪194‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫عن يعقوب وعيسـو فهمـا مـن أب واحـد وأم واحـدة‪ ،‬بـل مـن بطـن واحـد إلنهمـا تـوأمين (عيسـو يمثـل اليهـود األكبـر‬

‫ورِفضوا لعدم اإليمان) واهلل رفض عيسو مع أنـه بالجسـد إبـن إسـحق‪ .‬ألن بسـابق‬ ‫سناً واألكثر خبرة في معرفة اهلل ُ‬ ‫معرفتـه‪ ،‬هـو يعـرف مـن هـو الصـالح روحيـاً (رو ‪ .)2928‬باإلضــافة إلـي أن يعقـوب جـاء أيضـاً بكلمـة وعـد "كبيــر‬

‫يســتعبد لصــغير تــك ‪ "23220‬وأيضــا رفقــة لــم تكــن تنجــب‪ ،‬واســتجاب اهلل لصــالة إســحق مــن أجلهــا تــك ‪.21220‬‬ ‫فيعقوب هو إبن صالة‪ ،‬وموعود بالبركة (كبير يستعبد لصغير)‪.‬‬

‫لماذا إختار اهلل يعقوب دون عيسو؟‬

‫‪ .1‬بسابق معرفته‪،‬فهو َع ِرف من سيتجاوب مع محبته ويقبل دعوته‪ ،‬حتـي لـو تعـرض للسـقطات والضـعفات فنيتـه‬ ‫صــادقة‪ .‬ورفضــه لعيســو يقــوم علــي رفــض عيســو هلل ومقاومتــه لــه‪( .‬رو ‪ .)2928‬ومــن خــالل قصــة يعقــوب‬ ‫وعيسو في الكتاب المقدس ندرك فعالً صحة إختيار اهلل من وحشية واستهتار عيسو وقداسة يعقوب‪.‬‬

‫‪ .2‬وهما لم يولدا بعد= أراد الرسول هنا أن يبرر أن اإلختيار تم قبل أن يتعامال مع الناموس أو الختان أو غيره‪،‬‬ ‫بل بنعمة اهلل المجانية‪ .‬فاهلل أظهر محبته وهو يعلم أن يعقوب سيقبل دعوته المجانية وعمله اإللهي فيه‪ .‬لكنه‬

‫إختاره قبل أن يكون له أعمال‪.‬‬

‫‪ .3‬اليهــود يعجــزون أن يفســروا ســبب إختيــار يعقــوب‪ ،‬وهكــذا يعجــز الكــل عــن أن يــدركوا ســر إنفتــاح بــاب اإليمــان‬ ‫لألمم كما لليهود‪.‬‬

‫‪ 4.‬الرســول هنــا ال يقلــل مــن دور اإليمــان فــي الجهــاد‪ ،‬لكنــه يؤكــد أن خــالص اإلنســان ال يتحقــق بالعمــل الصــالح‬ ‫خارج دائرة اإليمان‪ .‬ولكن اهلل سيجازي كل واحد بحسب أعماله (مت‪ .)2121:‬وكل واحد يأخذ أجرته بحسـب‬

‫تعبه (‪1‬كو‪ .)08210‬واألموات أعمالهم تتبعهم (رؤ‪.)13214‬‬

‫‪ .0‬الرسول يظهر لنا اهلل كأنه حر في إختياره المسبق حتي ال يجهد أحد نفسه في فحص أمور اهلل التي ال يمكـن‬ ‫أن تفحــص‪ .‬ومــن يريــد أن يفكــر فليضــع بديهيــة قبــل أن يفكــر وهــي أن اهلل عــادل فــي أمــوره‪ .‬ولــو عرفنــا كــل‬

‫أســباب حكمــه لقلنــا آمــين‪ .‬ولكــن اهلل غيــر ملــزم أن يشــرح لنــا كــل األســباب فــي إختيــاره حتــي نقبــل أحكامــه بــال‬ ‫فحص‪ ،‬وال نضعها تحت قياسـات عقلنـا القاصـر بـل نقبلهـا بالرضـى والشـكر‪ .‬ولثقتنـا فـي عـدل اهلل فـي إختيـاره‬

‫فإننـا نعلــم أن اهلل يختــار مــن يختــاروا اهلل‪ .‬عمومـاً فــنحن لــن نفهـم كــل أحكــام اهلل اآلن "لســت تعلــم مــا أنــا فاعــل‬ ‫اآلن لكنك ستفهم فيما بعد" (يو‪.)1213‬‬

‫‪ .:‬بحــث بــولس الرس ــول يريــد أن يص ــل إلــي أن اهلل ال يعطــي بـ ـره علــي أس ــاس أعمــال بــل عل ــي أســاس الوع ــد‪،‬‬ ‫واإليمان مربوط بالوعد‪ ،‬فاهلل يدعو واإلنسان يؤمن‪ .‬فاإليمان هو إستجابة للـدعوة‪ .‬واألعمـال مربوطـة باإليمـان‬

‫والدعوة‪ .‬وبعد أن جاء المسيح فال إختيار إال في المسيح وبالتالي اإليمان به‪ .‬ومـا قبـل المسـيح كـان اإلختيـار‬

‫لمــن ســيأتي مــنهم المســيح‪ .‬أمــا بعــد المســيح فكــل مــؤمن هــو مختــار ‪ ،‬ولكــن علــى المــؤمن أن يثبــت فــى إيمانــه‬ ‫ومحبته فيغلب (رؤ‪.)3 ، 2‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ضُ ِ‬ ‫يس َو»‪".‬‬ ‫وب َوأ َْب َغ ْ‬ ‫َح َب ْب ُ‬ ‫وب‪«:‬أ ْ‬ ‫ت َي ْعقُ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)53‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫تع ُ‬

‫‪195‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫والحق أن مواعيد اهلل هذه قد صدقت وتمت وفقاً لما ذكـره النبـي مالخـي (‪ .)221‬فأحـب اهلل يعقـوب ونسـله‪ ،‬وكـان‬ ‫لهم الهيكل وميراث كنعان‪ ،‬وأبغض الرب عيسو‪.‬‬

‫آية (‪54" -:)54‬فَما َذا َنقُو ُل؟ أَلَع َّل ِع ْن َد ِ‬ ‫شا! "‬ ‫اهلل ظُ ْل ًما؟ َحا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إذا كــان اإلختيــار والتفضــيل يعتمــد أساس ـاً علــي اهلل الــذي يــدعو اإلنســان‪ ،‬فهــل يكــون اهلل قــد ســلك بــالظلم ضــد‬ ‫عيسو؟ حاشا= ليحذر أن يخطـر علـي بالنـا شـئ كهـذا‪ .‬فـنحن ال يمكننـا أن نـدرك كـل أسـرار حكمـة اهلل‪ .‬اهلل لـيس‬

‫بظالم حتى وان بدا حكمه غير مفهوم لنا‪.‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫اء ُ‬ ‫اء ُ‬ ‫ف»‪ .‬فَـِإ ًذا لَ ْـي َ‬ ‫ف َعلَـى َم ْـن أَتَ َـر َ‬ ‫وسـى‪«:‬إِ ِّنـي أ َْر َح ُـم َم ْـن أ َْر َح ُـم‪َ ،‬وأَتَ َـر َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)56-51‬أل ََّن ُه َيقُو ُل ل ُم َ‬ ‫شاء والَ لِم ْن يسعى‪ ،‬ب ْلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل الَِّذي َي ْر َح ُم‪".‬‬ ‫ل َم ْن َي َ ُ َ َ َ ْ َ َ‬

‫حين سأل موسي اهلل أن يـري مجـده (خـروج‪ )33‬أجابـه اهلل بهـذه اإلجابـة‪ ،‬وكأنـه أراد أن يقـول لـه "مـع كـل تقـديري‬

‫لجهــادك وتعبــك‪ .‬لكــن رؤيــة مجــدي هــي عطيــة مجانيــة إلهيــة تُعطــي‪ ،‬ولــيس ثمنـاً لألعمــال‪ ،‬لكنهــا قطعـاً ال توهــب‬ ‫للمتراخين والمتكاسلين"‪ .‬واهلل وحده يعرف من هو الذي يستحق عطايا محبتـه‪َِ .‬هللَ الَّ َذي يَ ْار َح ُم = فـاهلل ال يعطـي‬ ‫بحســب األعمــال بــل بحســب رحمتــه‪ ،‬فــال توجــد أعمــال فــي هــذه الــدنيا يســتحق صــاحبها أن يــري مجــد اهلل‪ .‬ولــيس‬

‫معنــي هــذا عــدم أهميــة األعمــال ‪ ،‬فــاهلل يطلــب أن نصــلي لكــي يعطينــا (مــت‪ )38 ، 31 2 9‬فعلــة وخــدام ليــزداد‬ ‫الحصاد‪ .‬والرحمة هنا في معناها العـام تعنـي عطايـا اهلل وخي ارتـه التـي حصـل عليهـا إسـرائيل دون األمـم لفتـرة مـن‬

‫الزمن‪.‬‬

‫والحـظ أن اهلل لـم يقـل أرحـم مـن أرحــم وأُهلـك مـن أُهلـك‪ ،‬فهـو يسـتخدم ســلطانه فـي ال أرفـة والحـب والرحمـة‪ ،‬فــاهلل ال‬

‫يريد هـالك الخـاطئ مثلمـا يرجـع ويحيـا (حـز‪ .)23218‬واهلل محبـة لكنـه ال يلـزم أحـد بمحبتـه ولـذلك لـم يلـزم عيسـو‬

‫بها‪.‬‬

‫ونالحــظ أن اهلل يــوزع مراحمــه علــي الكــل‪ ،‬ولــو منــع رحمتــه عــن أي إنســان مــا عــاش لحظــة‪ ،‬فهــو يــرحم الجميــع‬

‫ويش ـرق شمســه علــي األب ـرار واألش ـرار ويعطــي كــل واحــد قوتــه‪ .‬وحتــي أعمالنــا الصــالحة هــو أعطانــا برحمتــه أن‬ ‫نعملهــا (يــع‪ )1121‬ولــيس أن أعمالنــا الصــالحة تســتدر مراحمــه‪ .‬لكــن الرســول مــازال مهتم ـاً بــإبراز حريــة اهلل فــي‬ ‫اإلختيار‪ ،‬فهو يختار بمراحمه وليس بحسب أعمال أحد‪ .‬يريـد أن يظهـر سـلطان اهلل المطلـق فـي إختيـاره مختاريـه‬

‫(وهو يقصد األمم طبعاً)‪.‬‬ ‫سا َعى = هـذه تشــبه قولـه فــي (‪1‬كـو‪" )123‬لــيس الغـارس شــيئاً وال السـاقي بــل اهلل الــذي‬ ‫س لَ َماانْ يَ َ‬ ‫شااا ُء َوجَ لَ َماانْ يَ ْ‬ ‫لَا ْي َ‬ ‫ينمــي" فهــل يفهــم مــن هــذه اآليــة أن اهلل ألغــي عمــل الغــارس والســاقي‪ .‬وهــل الــزرع يمكــن أن ينمــو دون غــارس أو‬

‫ســاقي ‪ ،‬ونجــد أن الرســول يقــول أيضــا أنــه زرع وأبلــوس ســقى واهلل هــو الــذى ينمــى (‪1‬كــو‪ .): 2 3‬لكــن المهــم قــوة‬ ‫النمو التي هـي مـن قبـل اهلل‪ ،‬ولكـن قـوة النمـو هـذه يلزمهـا زارع وسـاقي‪ .‬ال يمكـن أن نضـع أمامنـا آيـة بمعـزل عـن‬

‫بــاقي الكتــاب‪ .‬فأمامنــا آيــات أخــري مثــل "تمم ـوا خالصــكم بخــوف ورعــدة" ‪ " +‬الــذي يصــبر إلــي المنتهــي فــذاك‬

‫يخلص" ‪" +‬كن أميناً إلى الموت" فهذه اآليـات فيهـا طلـب أن نقبـل اهلل بإرادتنـا الحـرة‪ .‬ومعنـي هـذا أننـا ال نسـتطيع‬ ‫‪196‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫أن نتجاهل دور اإلنسان اإليجابي في تمتعه بالخالص المجاني‪ .‬واهلل يريد إرادتنا الحرة أو مشيئتنا اإلختيارية مـع‬

‫سعينا الجاد‪ .‬فالكتاب وحدة متكاملة ال نتعامل مع جزئياته أي ال نتعامل مع آية واحدة دوناً عن باقي الكتاب‪.‬‬

‫وهنـا بـولس الرسـول ال يــتكلم عـن مشـكلة تخــص األفـراد‪ ،‬بـل عــن قبـول األمـم‪ ،‬وهــل مـن حـق اهلل أن يقــبلهم أم ال‪.‬‬

‫فمنطــق اليهــود أن اهلل ال يجــب أن يقبــل األمــم‪ .‬أمــا بالنســبة لنــا كــأفراد‪ ،‬فــنحن بمشــيئتنا الح ـرة نســعي ونجاهــد واهلل‬ ‫يعين فهو دائم العطاء‪ .‬فحين يقول اهلل أَت َ​َرا َءُ​ُ َعلَى َمنْ أَت َ​َارا َءُ​ُ = يجـب أن نضـع بجانبهـا أن اهلل عـادل وبـار‪،‬‬ ‫فهو بالتالي سيتراءف علي من يستحق رأفاته‪.‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـك‪ ،‬لِ َكــي أُ ْظ ِهــر ِفيـ َ ِ‬ ‫ـي‬ ‫ـاب لِ ِف ْر َعـ ْو َن‪«:‬إِ ِّنــي ِله ـ َذا ِب َع ْي ِنـ ِـه أَقَ ْمتُـ َ‬ ‫اآليــات (‪ " -:)51-57‬أل ََّنـ ُ‬ ‫ـه َيقُــو ُل ا ْلكتَـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ـك قُـ َّـوتي‪َ ،‬ول َكـ ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪51‬‬ ‫اس ِمي ِفي ُك ِّل األ َْر ِ‬ ‫اء‪".‬‬ ‫اء‪َ ،‬وُيقَ ِّ‬ ‫سي َم ْن َي َ‬ ‫ض»‪ .‬فَِإ ًذا ُه َو َي ْر َح ُم َم ْن َي َ‬ ‫ُي َن َ‬ ‫ادى ِب ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫المشكلة التـي يعالجهـا الرسـول أن اليهـود ينكـرون علـي اهلل أن يضـم األمـم إلـي حظيـرة الخـالص‪ ،‬فهـم فـي نظـرهم‬

‫ليسوا من شعب اهلل‪ .‬وكأن اليهود يريدوا أن يحددوا سلطان اهلل‪ ،‬لذلك فالرسول يظهـر اهلل هنـا أنـه مطلـق السـلطان‬

‫يفعل ما يشاء‪ ،‬ال شئ يحد من سلطانه‪ ،‬ولكن سلطانه هذا ال يشوبه أي ظلم قطعاً‪.‬‬

‫واهلل إختــار موســى ورفــض فرعــون ألنــه يعلــم قلــب موســى فسـانده ليتمجــد فيــه خــالل الرحمــة‪ ،‬واهلل يعلــم قســوة قلــب‬

‫فرعون فتركه في عناده‪ ،‬والحظ أن فرعون هو الذي إستمر فـي عنـاده واهاناتـه هلل‪ ،‬فلـم ينـزع اهلل هـذه القسـوة حتـى‬ ‫يتمجد اهلل خالل هـذا العنـف الشـرير‪ ،‬وبهـذا يكمـل موسـى كـأس مجـده ويكمـل فرعـون كـأس شـره‪ .‬واهلل يتمجـد بهـذا‬

‫كما بذاك‪ .‬فسواء اإلنسان البار أو اإلنسان الشرير فاهلل يستخدمهما كليهمـا فـي تنفيـذ خطتـه األزليـة‪ .‬فـاهلل إسـتخدم‬ ‫قساوة فرعون ولم ينزعها‪ ،‬اهلل رفع يـده ورحمتـه عنـه فبقـي فـي قسـاوته ليـري المصـريون واليهـود مجـد يهـوه ويـدركوا‬

‫تفاهــة األوثــان‪ .‬وهك ــذا تــرك اهلل إسـ ـرائيل ‪ 2555‬ســنة ف ــي قســوتها وتش ــتتها‪ ،‬لــيعلم الع ــالم أن اهلل تركهــا ورفض ــها‬ ‫وسيعود اهلل ويقبلها في نهاية األيام‪ .‬وبنفس المنطق ترك اهلل العالم الوثني يثور ويتقسي قلبـه ثـم رحمـه اهلل وقبلـه‪،‬‬

‫واهلل بهذا المنطق قسى قلب يهوذا واسرائيل ليتم الفداء فبزلتهم صار الخالص (راجع مقدمة اإلصحاح)‪.‬‬

‫الرسول هنا يربك اليهـود بـذات فكـرهم‪ ،‬فهـم قبلـوا رحمـة اهلل لهـم وسـقوط فرعـون تحـت قسـوته دون إعتـراض مـنهم‪،‬‬

‫فلمــاذا ال يقبلــون اآلن أن اهلل يفــتح بــاب مراحمــه لألمــم‪ .‬عمومـاً فاإلنســان غيــر المــؤمن يقــف مــن اهلل دائمـاً موقــف‬ ‫َّ‬ ‫فلنصل لكي يعطينا اهلل حكمة لنفهم ونقبل تصرفاته‪.‬‬ ‫الناقد‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َن َم ْن ُيقَ ِ‬ ‫يئتَ ُه؟» "‬ ‫اوُم َم ِش َ‬ ‫وم َب ْع ُد؟ أل ْ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَ َ‬ ‫ستَقُو ُل لي‪«:‬ل َما َذا َيلُ ُ‬ ‫هنا رد علي سؤال غبي سيثيره النقاد "إن كان اهلل يقسي من يشاء وال أحد يستطيع مقاومته‪ ،‬فلمـاذا تـدينني يـا رب‬

‫وأنــت خلقتنــي هكــذا ؟ ونجــد الرســول مســتمر فــي أســلوبه فــي إثبــات حريــة اهلل‪ .‬فاإلجابــة المنطقيــة علــي تســاؤالت‬

‫الناقدين‪ ..‬أن اهلل لم يجعل فرعون قاسياً وال يهوذا …الخ لكن هم بحريتهم قاوموا اهلل‪ ،‬واهلل لم يغير طبيعـتهم‪ ،‬وأن‬ ‫اهلل عــادل ولــيس عنــده محابــاة… هــذا هــو الــرد المنطقــي‪ ،‬ولكننــا نجــد الرســول ال يســتخدم هــذا الــرد‪ ،‬بــل يكمــل فــي‬

‫شيَ​َتَهُ‪.‬‬ ‫أسلوبه مثبتاً سلطان اهلل المطلق= َمنْ يُقَا َو ُم َم َ‬

‫‪197‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬ ‫‪:2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـان الَّـ ِـذي تُ َجـ ِ‬ ‫ُّهــا ِ‬ ‫ص ـ َن ْعتَِني‬ ‫آيــة (‪َ " -:):2‬بـ ْـل َمـ ْـن أَ ْنـ َ‬ ‫سـ ُ‬ ‫ـاو ُ‬ ‫ـت أَي َ‬ ‫ب اهللَ؟ أَلَ َعـ َّـل ا ْل ِج ْبلَ ـ َة تَقُــو ُل ل َجا ِبل َهــا‪«:‬ل َمــا َذا َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ه َك َذا؟»"‬

‫الجبلــة= الخلقــة أي الشــيء المخلــوق‪ .‬وبــدون شــك ال يســتطيع أحــد أن يقــاوم مشــيئة اهلل‪ ،‬ولــيس ألحــد الحــق أن‬ ‫يراجع اهلل ويسأله عن عمله‪ .‬ولكن أبناء اهلل يسألونه بدالة المحبة والبنوة (إر‪.)1212‬‬

‫بل من أنـت ؟ = هـل أنـت شـريك هلل فـي سـلطانه‪ ،‬بـل أنـت وأنـا لسـنا أكثـر مـن طـين صـنعه اهلل وش َّـكله‪ ،‬فهـل مـن‬ ‫حقي أن أحاكم اهلل‪ .‬واهلل كخزاف (صانع آنية من طين) يتوق أن يجعـل كـل اآلنيـة‪ ،‬آنيـة للك ارمـة‪ ،‬ولكـن اهلل يكـرم‬ ‫ِ‬ ‫ين للـنفس والجسـد والـروح‪ .‬فـاهلل يريـد أن الجميـع‬ ‫المقَ ِّد َسـت ْ‬ ‫حرية إرادتنا‪ ،‬واذ نرفض نبقي بال ك ارمـة ونفقـد عمـل يديـه ُ‬ ‫ص ْـر أن يبقـي آنيـة‬ ‫ـي ال أخرجـه خارجـاً (يـو‪ .)312:‬لكـن مـن ُي ِّ‬ ‫يخلصون (‪1‬تي‪ .)422‬وهو الذي يقول من يقبـل إل ّ‬ ‫هوان مثل فرعون فسوف يتمجد اهلل به أيضاً إذ سيظهر فيه سخطه علي الخطية‪.‬‬

‫اح َد ٍة إِ َناء لِ‬ ‫َن يص َنع ِم ْن ُك ْتلَ ٍة و ِ‬ ‫آية (‪:5" -:):5‬أَم لَ ْيس لِ ْل َخ َّز ِ‬ ‫ان َعلَى الطِّ‬ ‫آخ َر لِ ْل َه َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان؟ "‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫ين‬ ‫ط‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫اف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ام ِة َو َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فكرة الخزاف وآنية الطين مأخوذة من (أر‪ )15-1218‬وليس المطروح هنا هو أن اهلل إن أراد يخلقني آنية للهوان‬ ‫ـي سـوي أن‬ ‫وان أراد يخلقني آنية للمجد‪ ،‬بل إنني طين في يدي خزاف‪ ،‬هو ُح ُر ُ​ُ أن يصنعني كما يشـاء‪ ،‬ومـا عل َّ‬ ‫أطيع وأكف عن الجدال‪ .‬ولكن ال يصح أن نحمل المثل فوق ما يحتمل وال نأخذ منه سـوي الـذي قصـده الرسـول‪،‬‬ ‫بأن يظهر سلطان اهلل المطلق‪ .‬ولكن اهلل يحترم حرية إرادتنا‪ ،‬فلو إستجبنا له بحرية إرادتنـا يحولنـا إلـي آنيـة مجـد‪،‬‬

‫لمجد إسمه بطريقة عجيبة (بـولس الرسـول نفسـه مثـال لهـذا)‪ .‬فمـن يطيـع يصـير آنيـة مجـد‪ .‬ومـن ال يطيـع يصـير‬

‫آني ــة هـ ـوان‪ .‬ولك ــن لن ــري محب ــة اهلل‪ ،‬ف ــاهلل ح ــين ص ــنع اإلنس ــان م ــن ط ــين ألول مـ ـرة ص ــنعه عل ــي ص ــورته ه ــو‬ ‫(تك‪ .)2121‬وحين جدد اهلل خلقتنا بالمسيح يحولنا لصـورة المسـيح (كـو‪ + 1523‬غـل‪ .)1924‬وحريـة اإلنسـان فـي‬

‫تحديــد دوره كآنيــة مجــد أو آنيــة ه ـوان تتضــح فــي (‪2‬تــي‪ )21 ، 25 2 2‬هنــا يظهــر الرســول ســلطان اهلل المطلــق‪.‬‬

‫ولكن نضيف نحن علي ذلك عدله ومحبته‪.‬‬ ‫‪::‬‬ ‫ـاة َك ِثيـرٍة ِ‬ ‫احتَم َـل ِبأَ​َن ٍ‬ ‫ض ٍـب‬ ‫يـد أ ْ‬ ‫ض َـب ُه َوُي َب ِّـي َن قُ َّوتَ ُ‬ ‫ان اهللُ‪َ ،‬و ُه َو ُي ِر ُ‬ ‫آية (‪ " -:)::‬فَ َما َذا؟ إِ ْن َك َ‬ ‫آن َيـ َة َغ َ‬ ‫َن ُي ْظ ِه َـر َغ َ‬ ‫َ‬ ‫ـه‪َ ْ ،‬‬ ‫ُم َه َّيأَةً لِ ْل َهالَ ِك‪" .‬‬ ‫اهلل إحتمــل بطــول أناتــه= أَنَاااة َكثَيا َارة آنيــة غضــب كانــت تســتحق الهــالك أي األمــم ليظهــر قوتــه فــيهم بعــد ذلــك إذ‬

‫يحــولهم إلــي قديســين‪ .‬واهلل إحتمــل فرعــون الــذي كــان يســتحق الهــالك ليظهــر قوتــه أمــام اليهــود والمصـريين‪ .‬فآنيــة‬

‫الهــالك يكونــون مجــاالً إلظهــار غضــب اهلل‪ ،‬وبالتــالي تظهــر قداســته وعــدم رضــاه عــن الخطيــة‪ .‬وهــذا ظهــر أيــام‬

‫الطوفان وأيام سدوم وعمورة‪ .‬ولكـن اهلل يعطـي فرصـاً كثيـرة آلنيـة الهـوان‪ ،‬فـال يهلكهـا فـو اًر ليظهـر مراحمـه ومحبتـه‬

‫وأنــه ال يشــاء مــوت الخــاطئ مثــل أن يرجــع ويحيــا (خــر‪ .)23218‬ولكــن بعــد أن يعطيــه فرص ـاً عديــدة يتمجــد فيــه‬ ‫(بإهالكه فيظهر قداسة اهلل ورفضه للخطية أو بأن يكون له فرصة ليتجاوب مع اهلل ويصير قديساً (األمـم‪ /‬بـولس‬

‫الرسول) أو بأن يكون له دور في خطة الخالص (يهوذا‪ /‬فرعون)‪.‬‬

‫‪198‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬ ‫‪:3‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّها لِ ْل َم ْج ِد‪" ،‬‬ ‫َعد َ‬ ‫س َب َ‬ ‫ق فَأ َ‬ ‫آية (‪َ " -:):3‬ولِ َك ْي ُي َب ِّي َن غ َنى َم ْجده َعلَى آن َية َر ْح َمة قَ ْد َ‬ ‫وبَّين غني مجده في موسى الذي لمع وجهه‪،‬‬ ‫اهلل يبين غني مجده في اليهود الذين كانوا آنية رحمة لفترة طويلة ‪َ ،‬‬

‫وبَّين غني مجده لبولس الذي رأي ما لم تره عين‪ ..‬وفي قديسين كثيرين‪ .‬والحظ أنه قال آنَيَ َة َر ْح َمة ولـم يقـل آنيـة‬ ‫َ‬ ‫عمل صالح ُليظهر سلطان اهلل المطلق‪ .‬ونحن نستطيع أن نهلك أنفسنا ولكن ال نستطيع أن نخلص أنفسـنا بـدون‬

‫رحمة اهلل‪ ،‬والحـظ حكمـة كنيسـتنا األرثوذكسـية التـي تكثـر مـن ترديـد عبـارة "يـا رب إرحـم" فالخطـاة يؤهلـون أنفسـهم‬

‫لجهــنم‪ ،‬ولكــن اهلل يؤهــل القديســين للســماء‪ .‬وقطعـاً فــاهلل يؤهــل للســماء بنــاء علــي مــا إخترتــه أنــا بحريتــي‪ ،‬ولــو كــان‬

‫العمل هو عمل اهلل وحده لحصل الكل علي المجد‪.‬‬

‫‪:4‬‬ ‫ِ‬ ‫َّاها‪ ،‬لَ ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضا‪.‬‬ ‫ضا َد َعا َنا َن ْح ُن إِي َ‬ ‫ُمِم أ َْي ً‬ ‫آية (‪ " -:):4‬الَِّتي أ َْي ً‬ ‫َ‬ ‫س م َن ا ْل َي ُهود فَقَ ْط َب ْل م َن األ َ‬ ‫رحمة اهلل شملت اليهود واألمم‪ ،‬بالرغم من أن اليهود كأمة رفضوا المسيح‪.‬‬ ‫‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب ًة‪".‬‬ ‫ش ْع ِبي َ‬ ‫س َ‬ ‫آية (‪َ " -:):1‬ك َما َيقُو ُل ِفي ُهو َ‬ ‫ش َع أ َْي ً‬ ‫وب ًة َم ْح ُب َ‬ ‫س ْت َم ْح ُب َ‬ ‫ش ْع ِبي‪َ ،‬والَّتي لَ ْي َ‬ ‫سأ َْد ُعو الَّذي لَ ْي َ‬ ‫ضا‪َ «:‬‬ ‫قارن مع (هو‪1 + 2322‬بط‪ .)1522‬فالرسول إقتبس من هوشع النبي ما قالـه هنـا (ولكـن مـن الترجمـة السـبعينية‬ ‫س شَاا ْعبَي = لــوعمي‪ .‬والرســول يقصــد أن هوشــع تنبــأ عــن أن اهلل‬ ‫س ا ْ َم ْحبُوبَ اةا = لورحامــة أي بــال رحمــة‪ .‬لَ ا ْي َ‬ ‫لَ ْي َ‬

‫سيختار األمم‪ ،‬فهم لم يكونوا مـن شـعبه وصـاروا مـن شـعبه‪ ،‬ولـم يكونـوا مرحومـون فصـاروا مرحـومين‪ .‬بـولس هنـا‬

‫يقول لليهود الرافضين لقبول األمم‪ .‬ما رأيكم في هذا الكالم الذي قاله هوشع في كتابكم المقدس‪.‬‬

‫‪:6‬‬ ‫اك ي ْدعو َن أ َْب َناء ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ون ِفي ا ْلمو ِ‬ ‫اهلل ا ْل َح ِّي»‪".‬‬ ‫ض ِع الَِّذي ِق َ‬ ‫ستُ ْم َ‬ ‫آية (‪َ " -:):6‬وَي ُك ُ‬ ‫ش ْع ِبي‪ ،‬أ ََّن ُه ُه َن َ ُ َ ْ‬ ‫يل لَ ُه ْم فيه‪ :‬لَ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫وسوف يحدث أنه في المكان الذي كان يتعبد فيه األمم لألوثان حين قيل لهم لستم شعبي‪ ،‬في نفس هذا الموضع‬

‫سي ْع َبد في كل مكان‪.‬‬ ‫دع ْون أبناء اهلل الحي‪ ،‬وال داعي ألن يذهبوا إلي أورشليم‪ ،‬بل اهلل ُ‬ ‫وس ْي َ‬ ‫سيقدم األمم العبادة هلل ُ‬ ‫ض َع الَّ َذي‪ = ..‬هذه النبوة مأخوذة من (هو‪ )1521‬وذلك‬ ‫ض َع أي كل مكان في العالم ويكون فَي ا ْل َم ْو َ‬ ‫قوله فَي ا ْل َم ْو َ‬ ‫مـن ترجمـات أخـري (مثـل‪ .) NKJV، KJV‬ويفهـم اليهـود كلمـة موضـع علـي أنهـا الهيكـل فـي أورشـليم‪ ،‬فالعبـادة‬ ‫تكون في موضع واحد‪ ،‬أ ّما نحن فمن قول المسيح للسامرية نفهم أن اهلل سيعبد في كل مكان‪.‬‬ ‫‪:7‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص‪.‬‬ ‫س َرِائ َ‬ ‫س َرِائ َ‬ ‫آية (‪َ " -:):7‬وِا َ‬ ‫يل‪َ «:‬وِا ْن َك َ‬ ‫ان َع َد ُد َبني إِ ْ‬ ‫ص ُر ُ م ْن ِج َهة إِ ْ‬ ‫اء َي ْ‬ ‫سـتَ ْخلُ ُ‬ ‫يل َك َرْم ِل ا ْل َب ْح ِر‪ ،‬فَا ْل َبقيَّـ ُة َ‬ ‫ش ْع َي ُ‬ ‫"‬

‫النبوة مـن (أش‪( )23 ، 22 2 15‬سـبعينية)‪ .‬وكـان إشـعياء يتنبـأ عـن العـودة مـن السـبي‪ ،‬فقليلـون هـم الـذين عـادوا‬

‫من السبي‪ .‬وهذا ما حدث أيام المسيح‪ ،‬فاألقلية آمنوا واألغلبية رفضوا المسيح‪ .‬وهنا يسمي الرسـول الـذين آمنـوا=‬ ‫ا ْلبَقَيَّاةُ كمــا أســماهم إشــعياء‪ .‬والبقيــة قــد تكــون إشــارة إليمــان اليهــود فــي آخــر الزمــان‪ .‬لكــن كلمــة البقيــة هــي إشــارة‬ ‫واضحة ألن الكنيسة في العهد القديم أو العهد الجديـد هـي شـجرة زيتـون واحـدة‪ ،‬وبعـد المسـيح قطعـت األفـرع التـي‬

‫رفضت اإليمان‪ ،‬وبقي المؤمنون علي الزيتونة‪.‬‬

‫‪199‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫ب يص َنع أَم ار م ْق ِ‬ ‫ضيًّا ِب ِه َعلَى األ َْر ِ‬ ‫آية (‪:1" -:):1‬أل ََّن ُه ُمتَ ِّمم أ َْم ٍر َوقَ ٍ‬ ‫ض»‪" .‬‬ ‫اض ِبا ْل ِبِّر‪ .‬أل َّ‬ ‫َن َّ‬ ‫الر َّ َ ْ ُ ْ ً َ‬ ‫ُ‬ ‫ألَنَّهُ ُمتَ ِّم ُم أَ ْمر َوقَاض بَا ْلبَ ِّر = (إش‪ .)23215‬حينما يبدأ اهلل عمالً فهو البد وسيكمله‪ ،‬سواء عمل دينونة أو عمل‬ ‫رحمة‪ .‬واسرائيل كان يستحق اللعنة بسبب رفضهم المسيح‪ .‬ولكن اهلل الذي بدأ معهم سيكمل معهم ويخلص البقية‬ ‫ض = هـذا األمـر هـو‬ ‫ي يَ ْ‬ ‫ويتمم عمله بالبر‪ ،‬وهذا سيتم في نهايـة األيـام‪ .‬ألَنَّ الا َّر َّ‬ ‫صانَ ُع أَ ْما ارا َم ْق َ‬ ‫ضاياا بَا َه َعلَاى األَ ْر َ‬ ‫اإليمان الذي يجلب الخالص والبر لكل من يؤمن‪ ،‬يهوداً وأمم‪ ،‬وبإنتشار الكنيسة في كل العالم‪.‬‬ ‫‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ا ْل ُج ُنـ ِ‬ ‫ـاب ْه َنا‬ ‫ـال‪« :‬لَـ ْـوالَ أ َّ‬ ‫َن َر َّ‬ ‫اء فَقَـ َ‬ ‫وم َو َ‬ ‫ق إِ َ‬ ‫سـ َـب َ‬ ‫شـ َ‬ ‫ـود أ َْبقَــى لَ َنــا َن ْ‬ ‫سـالً‪ ،‬لَصـ ْـرَنا م ْثـ َـل َ‬ ‫شـ ْـع َي ُ‬ ‫آيــة (‪َ " -:):1‬و َك َمــا َ‬ ‫سـ ُـد َ‬ ‫ورةَ»‪".‬‬ ‫َع ُم َ‬

‫مقتبســة مــن (إش‪ .)921‬والمعنــي هــو‪ -2‬لــو أن الــرب لــم يبــق لنــا بقيــة ولــم يجعــل مــن بــين األحفــاد بعــض النســل‬

‫الصالح المختار ‪ ،‬لصرنا مثـل سـدوم وعمـورة أي بـال بقيـة‪ .‬وقـد تشـير كلمـة النسـل للمسـيح الـذي جـاء مـن اليهـود‬ ‫ليخلص اليهود واألمم‪ .‬وربما تشير للقلة التي آمنت ببشارة التالميذ‪.‬‬ ‫‪32‬‬ ‫ِ‬ ‫س َع ْوا ِفي أَثَ ِر ا ْل ِبِّر أ َْد َرُكوا ا ْل ِب َّر‪ ،‬ا ْل ِب َّر الَِّذي ِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ان‪" .‬‬ ‫ُم َم الَِّذ َ‬ ‫ين لَ ْم َي ْ‬ ‫اإل َ‬ ‫آية (‪ "-:)32‬فَ َما َذا َنقُو ُل؟ إ َّن األ َ‬ ‫سا َع ْوا فَااي أَثَا َر ا ْلبَا ِّار = أي هــم لــم‬ ‫فَ َماا َذا نَقُااو ُل = مـا هــي النتيجــة لمــا ســبق وقلنـاه حتــى اآلن‪ .‬إَنَّ األُ َما َم الَّا َذينَ لَا ْم يَ ْ‬

‫يكون ـوا يســعون ألن يتبــرروا فهــم ال يعرفــون شــيئاً ولــم يشــعروا بــإثمهم أمــام اهلل‪ ،‬بــل لــم يســمعوا عــن اهلل وال علــي‬ ‫الناموس‪ .‬أَد َْر ُكوا ا ْلبَا َّر = حصـلوا علـي التبريـر بواسـطة اإليمـان بالمسـيح الـذي سـمعوا عنـه ودون أن يسـمعوا عـن‬ ‫الناموس‪ .‬وصدقوا ببساطة أن اهلل قد قبلهم‪ ،‬ففرحوا به وآمنوا به‪ ،‬وبإيمانهم صاروا أب ار اًر‪ ،‬دون أن يكون لـديهم أي‬ ‫ان = وليس بالتحول إلي اليهودية‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫خبرة سابقة من ناموس أو أعمال‪ .‬هذه هي نعمة اهلل المجانية‪ .‬ا ْلبَ َّر الَّ َذي بَ َ‬

‫أوالً‪ .‬وبهذا رأينا صدق مواعيد اهلل‪ ،‬فالذين ليسوا من شعبه صاروا من شعبه ويسبحونه بل أبنائه‪.‬‬

‫‪3:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 35‬‬ ‫ام ِ‬ ‫ـه‬ ‫س َرِائ َ‬ ‫وس ا ْل ِب ِّـر! ِل َمـا َذا؟ أل ََّن ُ‬ ‫يل‪َ ،‬و ُه َو َي ْ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)33-35‬ولك َّن إِ ْ‬ ‫ام َ‬ ‫وس ا ْل ِبِّر‪ ،‬لَ ْم ُي ْد ِر ْك َن ُ‬ ‫س َعى في أَثَ ِر َن ُ‬ ‫ِ ‪33‬‬ ‫ِ‬ ‫ان‪َ ،‬ب ْل َكأ ََّن ُه ِبأ ْ ِ َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫س ِب ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ـوب‪َ « :‬هـا‬ ‫ط َد ُموا ِب َح َج ِـر َّ‬ ‫اصـ َ‬ ‫الص ْـد َمة‪َ ،‬ك َمـا ُه َـو َم ْكتُ ٌ‬ ‫وس‪ .‬فَـِإ َّن ُه ُم ْ‬ ‫فَ َع َل ذل َك لَ ْي َ‬ ‫َع َمال الن ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫ٍ‬ ‫أَ​َنا أ َ ِ ِ‬ ‫ص ْخ َرةَ َعثَْرٍة‪َ ،‬و ُك ُّل َم ْن ُي ْؤ ِم ُن ِب ِه الَ ُي ْخ َزى»‪".‬‬ ‫ص ْد َمة َو َ‬ ‫َضعُ في ص ْه َي ْو َن َح َج َر َ‬ ‫مشـكلة اليهــود أنهــم شــعروا أنهــم قــادرين أن يتبــرروا بـدون اهلل‪ ،‬بــل هــم يفتخــرون علــي اهلل ببــرهم‪ ،‬فمــن يســتطيع أن‬

‫يتبرر من دون حاجة هلل لن يشعر بإحتياجه هلل‪ .‬وهذا يحدث حتى اآلن وأمثلة لذلك‪-2‬‬

‫‪ .1‬من يقول أنا إستطعت أن أبقـي بـال خطيـة فتـرة طويلـة‪ ،‬فقولـه "أنـا" فيهـا إفتخـار بذاتـه‪ .‬ولـم يـدرك أنـه لـم يسـقط‬ ‫بسبب حماية اهلل له‪.‬‬

‫‪ 2.‬من يعمل عمالً ويشعر في داخله أنه عمل شيئاً‪ ،‬ويفتخر به‪ ،‬هذا ما قال عنه السيد المسيح "ال تعرف شمالك‬ ‫ما تفعل يمينك"‪.‬‬

‫‪ .3‬من يشعر في داخله أنه أفضل حاالً ممن حوله‪.‬‬ ‫‪200‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫كــل هـؤالء مشــكلتهم أنهــم لــم يعرف ـوا أن اهلل هــو الــذي يعمــل فــيهم العمــل الصــالح‪ ،‬هــم ظنـوا فــي أنفســهم أنهــم شــئ‬ ‫صـالح فاصـلين أنفسـهم عــن اهلل مصـدر كـل صــالح‪ ،‬وعلـي الجانـب اآلخــر فهنـاك مـا يســمي صـغر الـنفس ومثــال‬

‫لذلك‪-2‬‬

‫من يقول أنا ال أمل لي في اإلصالح‪ ،‬هذا يشعر أيضاً أنه وحده دون معونة من المسيح‪ ،‬هو ال يطلـب المسـيح‪،‬‬

‫واذ يج ــد نفس ــه ع ــاج اًز يق ــول أن ــه ال فائ ــدة‪ .‬ونالح ــظ أن الكبري ــاء وص ــغر ال ــنفس هم ــا وجه ــان لعمل ــة واح ــدة ه ــي‬

‫اإلنفصال عن اهلل‪ ،‬أما المؤمن بالمسيح فيقول‪-2‬‬

‫‪ 1.‬أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني (في‪.)1324‬‬ ‫‪ 2.‬ال أنا بل نعمة اهلل التي معي (‪1‬كو‪.)15210‬‬

‫‪ .3‬منك الجميع ومن يدك أعطيناك (‪1‬أي‪.)14229‬‬

‫وقارن بين الفريسي الذي إستضاف المسيح (لو‪ )1‬والمرأة الخاطئة‪ ،‬هو كان يشـعر فـي نفسـه أنـه بـار فلـم يحصـل‬

‫علي شئ‪ ،‬أما المرأة الخاطئة فتبررت ألنها شعرت بخطيتها واحتياجها للمسيح‪.‬‬

‫وأنظر قول السيد المسيح "كذلك أنتم أيضاً متي فعلتم ُك ّل مـا أمـرتم بـه فقولـوا إننـا عبيـد بطـالون‪ ،‬ألننـا إنمـا عملنـا‬ ‫ما كان يجب علينا (لو‪ .)15211‬فشعورنا الداخلي أننا "عبيد بطالون" قد فعلنـا الواجـب يحمينـا مـن الكبريـاء الـذي‬ ‫هــو بدايــة الســقوط‪ .‬ومــا يشــرح فكــر اليهــود المثــال الــذي إســتعمله الســيد المســيح عــن الفريســي والعشــار‪ .‬فمــا فعلــه‬

‫الفريسي هو مثال يشرح هذه اآليات‪.‬‬

‫وما ذكرناه سابقاً هو سقطة الشيطان الذي شعر بإمكانياته (قوته وجماله‪ )..‬بغيـر اهلل‪ ،‬واإلنفصـال عـن اهلل سـقوط‬ ‫فــي المحدوديــة التــي تعنــي المــوت‪ ،‬واإلتصــال بــاهلل يعنــي الالنهائيــة أي الحيــاة األبديــة‪ .‬مثــال لــذلك بــولس الرســول‬

‫بفلسفته وعلمه وتلمذته لغماالئيل كان قبل اإليمان محدوداً‪ ،‬ولكنه بعد إيمانه صار غير محدود‪ ،‬فهو َب َّشر أوروبـا‬ ‫كلها ومازال يعمل حتى اآلن‪.‬‬

‫إذاً فالمؤمن المسيحي يشعر دائماً أنه محتاج هلل "إن عطش أحـد‪ ..‬تجـري مـن بطنـه أنهـار مـاء حـي" (يـو‪-3121‬‬

‫‪ + 39‬راجع أيضاً رؤ‪ .)1123‬أيضاً المـؤمن ال يقـول أنـا عملـت كـذا… بـل المسـيح َدَّب َـر كـذا وكـذا‪ ،‬وبهـذا يسـتمر‬ ‫المؤمن في إتحاد مع المسيح وينطلق لالنهائية في عملـه‪ ،‬ويضـمن حياتـه األبديـة‪ .‬والمـؤمن تكـون عينـه مفتوحـة‪.‬‬ ‫ويري نفسه أنه نجس خاطئ (إر‪.)9211‬‬

‫أمــا اليهــود فكــانوا ال يشــعرون باحتيــاجهم هلل‪ ،‬بــل كــانوا يشــعرون فــي داخلهــم أنهــم أب ـرار‪ ،‬هــم أرادوا أن يثبت ـوا بــر‬ ‫أنفســهم‪ .‬وهــذا عكــس مــا حــدث مــع األمــم الــذين لــم يحــاولوا إثبــات بــر أنفســهم‪ ،‬بــل هــم فــي بســاطة آمنـوا بالمســيح‬

‫فتبرروا وخرج منهم مارجرجس واألنبا أنطونيوس‪. .. ..‬‬

‫اليهــود كــان لهــم النــاموس الــذي كــان قــاد اًر أن يقــودهم للمســيح‪ ،‬فغايــة النــاموس هــي المســيح لمــن يســلك بتواضــع‬

‫وانســحاق‪ ،‬ومثــل هــذا يكتشــف المســيح ويعرفــه وهــذا مــا حــدث مــع التالميــذ اإلثنــي عشــر مــثالً‪ ،‬أمــا رئــيس الكهنــة‬ ‫المنتفخ بكبريائه وبره لم يعرف المسيح‪ .‬بل أن التالميـذ إعترفـوا أنهـم لـم يسـتطيعوا اإللتـزام بالنـاموس (أع‪)15210‬‬

‫‪201‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح التاسع)‬

‫أي هـم شــعروا بإحتيــاجهم هلل‪ ،‬أمــا اليهــود المتكبـرين فلــم يعرفـوا المســيح المتواضــع فكـان لهــم حجــر صــدمة فتعثــروا‬

‫فيه‪ ،‬فاهلل ال يسكن سوى عند المنسحق القلب والمتواضع(إش‪ +10201‬مز‪.)11201‬‬ ‫س ا ْلبَا ِّار = يســعون خــالل حرفيــات النــاموس دون روحــه‪ ،‬إلثبــات بــر‬ ‫سا َاراَِي َل‪َ ،‬و ُها َاو يَ ْ‬ ‫َول َكاانَّ إَ ْ‬ ‫س ا َعى فَااي أَثَ ا َر نَااا ُمو َ‬

‫أنفسهم‪ .‬وهم ظنوا أن هذه األعمال تبـررهم دون اإللتـزام بـروح النـاموس مـن تواضـع وانسـحاق أمـام اهلل‪ .‬لـذلك فهـم‬ ‫في خطاياهم وكبريائهم حين ظهر المسيح لم يؤمنوا به إذ كانوا يبحثون في كبرياء عن تبرير ذواتهم ال عـن مجـد‬

‫ص ْد َمة‪ .‬ولو كانوا قد إلتزموا قلبياً بالناموس لكانوا قد تعرفوا علي المسيح‬ ‫اهلل‪ .‬بل هم إصطدموا به فكان لهم َح َج َر َ‬ ‫وآمنـوا بــه حـين أتــي لهـم‪ ،‬كمــا حـدث مــع التالميـذ‪ .‬ومــع أن المسـيح كــان معروفـاً عنــد األنبيـاء‪ ،‬ولكــن اليهـود كــانوا‬ ‫لكبريــائهم كالعميــان فتعثــروا فيــه (أش‪ +1:228 +1428‬لــو‪1 + 3422‬بــط‪ .):22‬ولقــد فهــم الربيــون آيــات إشــعياء‬ ‫عن حجر الصدمة أنها علي المسيح الموعود به‪.‬‬

‫وس ا ْلبَا ِّار = لــم يســتطيعوا حتــى اإللتـزام بالنــاموس‪.‬‬ ‫واليهــود بــالرغم مــن ســعيهم فــي إثــر نــاموس البــر لَا ْم يُا ْد َركْ نَااا ُم َ‬ ‫ان = لكـي نفهـم هـذا‪ ،‬لنتـذكر قصـة بطـرس حـين سـار علـي المـاء (مـت‪-28214‬‬ ‫لَ َما َذا؟ ألَنَّهُ فَ َع َل ذلَ َ لَ ْي َ‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫س بَ َ‬ ‫‪ )32‬فهــو تمكــن مــن الســير علــي المــاء حــين كــان مثبت ـاً نظ ـره علــي المســيح‪ ،‬وغــرق إذ نظــر لنفســه وللمــوج ولــم‬ ‫يصدق‪ ،‬ولكن لما صرخ إنتشله يسـوع‪ ،‬فصـرخته هـذه كانـت هـي إعالنـه أنـه محتـاج للمسـيح‪ .‬فـاليهود فـي تنفيـذهم‬

‫لوصــايا النــاموس كــانوا نــاظرين ألنفســهم إلثبــات أنهــم قــادرين علــي اإللتــزام بالنــاموس ليتبــرروا فــي أعــين أنفســهم‬

‫وأعين الناس‪ ،‬وبهذا لم يشعروا في داخلهم أبداً أنهم في إحتياج إلي مخلص‪ .‬أما الـذين تواضـعوا أمـام اهلل فشـعروا‬ ‫بإحتياجهم وأنهم في ضعفهم غير قادرين علي اإللتزام بالناموس والوصـايا (أع‪ )11 ، 15 2 10‬هـؤالء الـذين فـي‬

‫تواضــع شــعروا بإحتيــاجهم لمخلــص‪ ،‬حينمــا أروا المســيح إكتشــفوه وآمن ـوا بــه "يــا رب إلــي مــن نــذهب‪ .‬كــالم الحيــاة‬ ‫األبديـة عنـدك" (يــو‪ .):9 ، :8 2 :‬بمجـيء المسـيح إنتهــي تـاريخ اليهــود والعمـل بالنـاموس ليبــدأ اإليمـان بصــخر‬

‫الدهور وحجر الزاويـة‪ .‬ولكـن اليهـود رفضـوا اإليمـان بعنـاد‪ ،‬فرفضـوا البـر مـع الرحمـة واسـتمروا يعملـون ليقيمـوا بـر‬

‫أنفسهم‪ .‬وبقفزهم فوق الحجر (المسيح برفضهم له) ترضضوا وانكسرت أمجـادهم‪ ،‬ثـم تحـدوه وصـلبوه فوقعـوا تحـت‬ ‫الحجــر فســحقهم‪ ،‬ولكــن الــذين قبلــوه إكتشــفوا الطريــق الجديــد الصــاعد للســماء‪ .‬فالمســيح هــو النســل الموعــود بــه‬

‫إلبراهيم الذي يتركز فيه اإلختيار كما يتركز الرفض‪.‬‬

‫ُك رل َمنْ يُ ْ​ْ َمنُ بَ َه جَ يُ ْخزَى = كل من يذهب هلل معلناً إحتياجه في إيمان فاهلل سيعطيه ولن يخزيه وسيحوله إلي‬ ‫قديس‪ .‬وكل من عاش من اليهود بروح اإلنسحاق الناشئ عن اإلحساس بالحقيقة‪ ،‬أن الناموس يطلب الطهارة‬

‫ف‬ ‫وكل إنسان عاجز عن ذلك يشعر بإحتياج لمن يخلصه من نجاسته‪ ،‬فكل من عاش كذلك من اليهود َع ِر َ‬ ‫أما رئيس الكهنة المنتفخ الذي يبحث عن بر نفسه لم يكتشف المسيح بل صلبه ألنه لم يبحث عن بر‬ ‫المسيح‪ّ .‬‬

‫اهلل أي البر الذي يعطيه اهلل بل بحث عن بر نفسه فتعثر في المسيح‪ .‬عموماً هما طريقان متضادان ال يمكن أن‬

‫يلتقيا‪ ،‬بر اهلل وبر الذات‪ .‬فدائماً المعجب بنفسه لن يكتشف المسيح‪.‬‬

‫‪202‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح العاشر)‬

‫اإلصحاح العاشر‬

‫عودة للجدول‬

‫‪5‬‬ ‫َج ِل إِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإل ْخوةُ‪ ،‬إِ َّن مس َّرةَ َق ْل ِبي و َِ ِ‬ ‫يل ِهي لِ ْل َخالَ ِ‬ ‫ص‪" .‬‬ ‫طل َبتي إِلَى اهلل أل ْ ْ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬أَي َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّها ِ َ‬ ‫س َرائ َ َ‬ ‫في(‪ )129‬نري الرسول حـزين علـيهم‪ ،‬ولكـن الحـزن وحـده ال يكفـي لعـودة الخـاطئ‪ ،‬لـذلك نـري الرسـول هنـا مصـلياً‬

‫ألجلهم بالرغم من عنادهم ليحصلوا علي الخالص‪ .‬ومحبة بولس لشعبه وصالته ألجلهم لم يتوقفا علي الرغم من‬

‫هج ـ ــومهم المس ـ ــتمر علي ـ ــه فش ـ ــابه ص ـ ــموئيل ح ـ ــين ق ـ ــال "كي ـ ــف أخط ـ ــئ إل ـ ــي اهلل وأك ـ ــف ع ـ ــن الص ـ ــالة ألجلك ـ ــم"‬ ‫(‪1‬صم‪.)23212‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب ا ْل َم ْع ِرفَ ِة‪".‬‬ ‫ش َه ُد لَ ُه ْم أ َّ‬ ‫آية (‪ " -:):‬أل َِّني أَ ْ‬ ‫سَ‬ ‫س َح َ‬ ‫َن لَ ُه ْم َغ ْي َرةًِ هلل‪َ ،‬ولك ْن لَ ْي َ‬ ‫اب ا ْل َم ْع َرفَ ا َة = فهنــاك مــن يقتــل شــعب اهلل ظانـاً أنــه يقــدم خدمــة هلل (يــو‪.)221:‬‬ ‫سا َ‬ ‫س َح َ‬ ‫هنــاك َغ ْيا َارةا َهللَ‪َ ،‬ول َكاانْ لَا ْي َ‬

‫وبولس نفسه سقط هذه السقطة من قبل أع ‪ 129‬ويسقط في هذا كل من لـه فكـر تعصـب أعمـي دون إتسـاع قلـب‬

‫في محبة الغير‪ .‬والحظ هنا أن بولس يشهد لهـم وهـم ألـد أعـداؤه‪ ،‬فالسـيد قـال "بـاركوا العنـيكم"‪ .‬ومعناهـا أن نـذكر‬ ‫أعداءنا بأحسن ما فيهم‪ .‬ا ْل َم ْع َرفَ َة = هم يطبقون الناموس في غيرة هلل لكن إلثبات بـر أنفسـهم ولـيس لكـي يمجـدوا‬

‫اهلل وينسحقوا شاعرين باإلحتياج إليه‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫ضعوا لِ ِبِّر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون ِب َّر ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫ون أ ْ‬ ‫اهلل‪َ ،‬وَي ْطلُ ُب َ‬ ‫آية (‪ " -:)3‬أل ََّن ُه ْم إِ ْذ َكا ُنوا َي ْج َهلُ َ‬ ‫َن ُيثِْبتُوا ِب َّر أَ ْنفُس ِه ْم لَ ْم ُي ْخ َ ُ‬ ‫ض ُعوا لَبَ ِّر للاَ = هـذه لـيس معناهـا أن اهلل بـار‪ ،‬بـل البـر الـذي‬ ‫س َه ْم = لم يعرفوا عمل اهلل فـيهم‪ .‬لَ ْم يُ ْخ َ‬ ‫يُ ْثبَتُوا بَ َّر أَ ْنفُ َ‬

‫يهبــه اهلل لإلنســان فيجعلــه بــا اًر بــاهلل‪ .‬محــاولتهم إلثبــات بــر أنفســهم راجعــة لكبريــائهم أي فســادهم الــداخلي‪ ،‬فحينمــا‬ ‫تتضخم األنا وتمأل القلب‪ ،‬ال تطيق آخر في داخله‪ ،‬وحتى إذ تدينت تعمل لحساب ذاتها المغلقة تطلب تثبيت بر‬

‫نفســها‪ ،‬عوض ـاً عــن إتســاعها بالحــب لتقبــل نعمــة اهلل واهبــة البــر باإليمــان‪ .‬ه ـؤالء ظن ـوا أن الصــالح والبــر مــن‬ ‫عنــدياتهم ولــيس هــو عطيــة إلهيــة‪ ،‬لهــذا لــم يخضــعوا لبــر اهلل إذ أنهــم متكبــرون‪ .‬وفــي إعتــدادهم بــذواتهم إحتقــروا‬

‫النعمة‪ ،‬فلما أتي المسيح لم يؤمنوا به‪ .‬هم طلبوا بر ذواتهم والمجد لذواتهم (يو‪ .)44 ، 42 2 0‬وفقدوا محبـتهم هلل‬

‫لذلك تخلي عنهم (رو‪2 + 2821‬أي‪.)2 ، 1 2 10‬‬

‫ِ‬ ‫النام ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫يح لِ ْل ِبِّر لِ ُك ِّل َم ْن ُي ْؤ ِم ُن‪".‬‬ ‫آية (‪4" -:)4‬أل َّ‬ ‫وس ه َي‪ :‬ا ْل َمس ُ‬ ‫َن َغ َاي َة ُ‬ ‫النــاموس و ِ‬ ‫ضــع ليمهــد للمســيح ويعمــل لحســابه‪ ،‬ليكتشــف اإلنســان ضــعفه واحتياجــه لمخلــص‪ ،‬إذ هــو عــاجز عــن‬ ‫ُ‬ ‫تنفيذ الوصايا التي في الناموس (أع‪)15210‬‬

‫هكـذا شـعر التالميـذ‪ .‬وكـان هـذا هـو عمـل األنبيـاء إذ تنبـأوا عـن مجـيء المخلـص‪ .‬فالنـاموس لـم يوضـع ليبقـي بــل‬

‫ليعمل لحساب المسيح‪ .‬فإن شهادة يسـوع هـي روح النبـوة (رؤ‪ .)15219‬حتـى إذا جـاء المسـيح يكـون النـاموس قـد‬ ‫بلــغ غايتــه ونهايتــه‪ .‬النــاموس و ِ‬ ‫ضــع لكيمــا إذا إســتخدمه اليهــود باإليمــان‪ ،‬أي بالعالقــة الصــحيحة مــع اهلل‪ ،‬فإنــه‬ ‫ُ‬ ‫‪203‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح العاشر)‬

‫س‬ ‫سينتهي بهم حتماً إلي اإلستنارة الروحية واعداد الفكر لقبول المسيح الذي يبرر من يؤمن به= ألَنَّ َغايَةَ النَّا ُمو َ‬ ‫يح لَ ْلبَ ِّر = أي يكتشف اإلنسان إحتياجه للمسيح فيذهب إليه‪ ،‬ومن يفعـل بإيمـان سـيبرره المسـيح‪ .‬لكـنهم‬ ‫س ُ‬ ‫َه َي‪ :‬ا ْل َم َ‬ ‫اســتخدموا النــاموس بطريقــة خطــأ وأرادوا إثبــات بــر أنفســهم أي لحســابهم ولــيس لحســاب مجــد اهلل‪ .‬لــذلك رفض ـوا‬

‫المسيح وصلبوه‪ .‬فالناموس ال يبرر بل يقود للمسيح الذي يبرر من يؤمن‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫اإل ْنس َ ِ‬ ‫َِّ‬ ‫َن موسى ي ْكتُ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫س َي ْح َيا ِب َها»‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أل َّ ُ َ َ ُ‬ ‫ان الَّذي َي ْف َعلُ َها َ‬ ‫وس‪« :‬إِ َّن ِ َ‬ ‫ب في ا ْل ِبِّر الذي ِبالن ُ‬ ‫اآلن التبريــر هــو فقــط بواســطة اإليمــان بالمســيح‪ .‬ألن موســى يكتــب عــن التبريــر الــذي يجــئ بواســطة النــاموس‬

‫وأعمال الناموس الموسوي قائالً‪" 2‬إن اإلنسان الذي سيتمم كل وصايا الناموس سوف يحيا وهو وحده الـذي يمكـن‬

‫ان يتبــرر (ال‪ .)0218‬علــي أن المحافظــة علــي النــاموس بصــورة تامــة أمــر مســتحيل وغيــر ممكــن بســبب فســاد‬

‫الطبيعة البشرية‪ ،‬فمن يستطيع أن ال يشتهي ما عند قريبـه (الوصـية العاشـرة)‪ .‬هـذه ال يطبقهـا إالّ الـذي مـات عـن‬

‫العالم مع المسيح فزهد في العالم كله‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫ـك‪ :‬مـ ْـن يصــع ُد إِلَــى َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َمــا ا ْل ِبـ ُّـر الَّـ ِـذي ِب ِ‬ ‫يمـ ِ‬ ‫َي‬ ‫اآليــات (‪َ " -:)1-6‬وأ َّ‬ ‫السـ َـماء؟» أ ْ‬ ‫ـان فَ َيقُــو ُل ه َك ـ َذا‪«:‬الَ تَ ُقـ ْـل فــي َق ْل ِبـ َ َ َ ْ َ‬ ‫اإل َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ات ‪ِ 1‬‬ ‫ـن األَمـو ِ‬ ‫اوي ِـة؟» أَي لِيص ِـع َد ا ْلم ِس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لك ْـن َمـا َذا َيقُـو ُل؟ «اَْل َكلِ َمـ ُة‬ ‫َ َ‬ ‫ـيح‪« ،‬أ َْو‪َ :‬م ْـن َي ْهـ ِبطُ إِلَـى ا ْل َه ِ َ‬ ‫ل ُي ْحد َر ا ْل َمس َ‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫ـيح م َ ْ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫َي َكلِ َمـ ُة ِ‬ ‫يمـ ِ‬ ‫ع‪،‬‬ ‫ـالر ِّ‬ ‫ـك ِبـ َّ‬ ‫ـت ِبفَ ِمـ َ‬ ‫ـان الَِّتــي َن ْكـ ِـرُز ِب َهــا‪ :‬أل ََّنـ َ‬ ‫ـك َوِفــي َق ْل ِبـ َ‬ ‫ـك‪ِ ،‬فــي فَ ِمـ َ‬ ‫يبـ ٌة ِم ْنـ َ‬ ‫ســو َ‬ ‫اعتَ​َرْفـ َ‬ ‫ـك إِ ِن ْ‬ ‫قَ ِر َ‬ ‫ـك» أ ْ‬ ‫ب َي ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‪".‬‬ ‫ت ِب َق ْل ِب َك أ َّ‬ ‫صَ‬ ‫آم ْن َ‬ ‫ام ُه م َن األ َْم َوات‪َ ،‬خلَ ْ‬ ‫َن اهللَ أَقَ َ‬ ‫َو َ‬ ‫في آية‪ 0‬حدثنا الرسول عن صعوبة الخالص بواسطة أعمال النـاموس وهنـا يـتكلم عـن اإليمـان ليثبـت أن طريـق‬

‫اإليمان أسـهل مـن طريـق األعمـال والنـاموس‪ .‬بـل إن مطاليـب العهـد الجديـد تبـدو للوهلـة األولـي أصـعب جـداً مـن‬

‫مطاليــب العهــد القــديم‪ .‬فالعهــد القــديم يوصــي بــأال تزنــي‪ ،‬أمــا العهــد الجديــد فيمنــع النظ ـرة لإلشــتهاء‪ .‬ولكــن مجــرد‬

‫اإليمان مع محاولة تنفيذ الوصايا سنجد المعونة والعمل اإللهـي الـذي يبـرر‪ .‬وهـذا كـان مسـتحيالً فـي العهـد القـديم‬

‫أما العهد الجديد ففيه الروح القدس يعين المؤمن‪.‬‬ ‫الذي يقف ليدين الخاطئ ّ‬ ‫وفــي هــذه اآليــات نجــد أن بــولس أعــاد صــياغة مــا قالــه موســى النبــي فــي (تــث‪ .)14-11235‬وأعــاد تفصــيل هــذه‬ ‫اآليات بإرشاد الروح القدس لتفهم بمفهوم العهد الجديد‪ .‬فموسى كان يقصد أن يقول لشعبه‪ ..‬ال تقولوا أن الوصية‬

‫صعبة أو هي في السماء ال أستطيع أن أصعد إليهـا‪ ،‬وال هـي فـي عبـر البحـر فكيـف أسـافر إليهـا بعيـداً‪ .‬وهـذا مـا‬

‫قالــه اهلل لقــايين عــن الخطيــة "وأنــت تســود عليهــا" لكــن مــا رأينــاه عملي ـاً أن ضــعف اإلنســان حــال بينــه وبــين تنفيــذ‬

‫النــاموس بالكامــل فبــدا لنــا النــاموس صــعباً‪ .‬لــذلك فهــم بــولس الرســول أن موســى حــين كــان يقــول هــذا عــن ســهولة‬ ‫الوصية إنما كان يتنبأ عن المسيح‪ ،‬الذي مـات بجسـده ليعطينـي أن أمـوت وأقـوم معـه بالمعموديـة‪ .‬فـاآلن أنـا أنفـذ‬ ‫الوصية ألن الروح القـدس أعطـاني إمكانيـة أن أمـوت مـع المسـيح عـن الخطيـة‪ ،‬وأعطـاني أن أقـوم معـه فيعطينـي‬

‫المســيح حياتــه ألعمــل البــر‪ ،‬وهــذا مــا نســميه النعمــة‪ .‬وهــذا مــا طلبــه المســيح أن نحمــل نيـره أي نـرتبط معــه‪ ،‬وهــو‬

‫حقيقة من يحمل حمل تنفيذ الوصية‪.‬‬

‫‪204‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح العاشر)‬

‫وبولس الرسول رأي في كلمات موسي أن الوصية هـي رمـز للمسـيح‪ ،‬فالمسـيح هـو غايـة النـاموس‪ ،‬والنـاموس فـي‬

‫نهايتــه هــو إســتعالن شــخص المســيح‪ ،‬فرفــع بــولس كلمــة الوصــية مــن آيــات التثنيــة ووضــع مكانهــا المســيح واهــب‬ ‫البر‪ .‬وعبور البحر فهمه بـولس الرسـول أنـه مـوت المسـيح‪ ،‬فأعمـاق البحـر رمـز للهاويـة مكـان األمـوات‪ .‬وقـال أن‬

‫المســيح لــم يســتمر ميتـاً بــل قــام‪ ،‬وبالتــالي أعطــاني أال أمكــث مهزومـاً مــن الخطيــة والمــوت‪ .‬وكمــا أن القيامــة مــن‬

‫الموت أصبحت سهلة بقيامة المسيح‪ ،‬علينا أالّ نستصعب إتصال المسيح بنا بعـد صـعوده‪ ،‬فصـعوده للسـموات ال‬ ‫يعني إنفصاله عنا‪ ،‬بل هو صعد ليعطينا حياته نحيا بها‪ .‬إذاً سهولة الوصية اآلن راجعة لموت المسـيح وقيامتـه‪،‬‬

‫منــا أن نــؤمن ثــم نقــرر أن‬ ‫فص ـرنا نمــوت معــه ثــم نقــوم معــه ليعطينــا حياتــه فنســلك بهــا فــي البــر‪ .‬وكــل المطلــوب ّ‬ ‫ـي" (غـل‪« .)2522‬جَ تَقُا ْل فَاي قَ ْلبَا َ ‪َ :‬مانْ‬ ‫نصلب مـع المسـيح "مـع المسـيح صـلبت فأحيـا ال أنـا بـل المسـيح يحيـا ف َّ‬ ‫ايح = أي ال داعــي أن تتصــور لــزوم وجــود المســيح وســطنا اآلن بجســده‬ ‫س ا َما َء؟» أَ ْ‬ ‫يَ ْ‬ ‫ص ا َع ُد إَلَااى ال َّ‬ ‫سا َ‬ ‫ي لَيُ ْح ا َد َر ا ْل َم َ‬ ‫ليمكن لنا أن ننفذ الوصية فالمسـيح صـعد حقـاً لكنـه أعطانـا حياتـه لنحيـا بـه فـي كلماتنـا وتصـرفاتنا وكـل مشـاعرنا‬

‫أمــا النعمــة فجــاء بنفســه مــن أجلهــا‪ .‬جــاء ليعطينــا قــوة قيامتــه‬ ‫وأحاسيســنا‪ .‬المســيح أرســل النــاموس بواســطة خــادم‪ّ ،‬‬ ‫عاملــة فينــا‪ ،‬ويســكن فينــا البــر ليــزداد برنــا علــي بــر الفريســيين‪ .‬والمســيحي إبــن إبـراهيم باإليمــان يــؤمن أن المســيح‬

‫قادر أن يقيمه من موت الخطية‪ ،‬ويعطيه حياة مقامة في المسيح‪ .‬والروح القدس الذي أوحي لموسي بما قاله هـو‬

‫فسـر وشــرح مـا قيــل لبــولس‪ .‬فبـولس إقتــبس كلمــات موسـي وأعطاهــا مســحة إنجيليـة ليظهــر أنــه ال داعــي أن‬ ‫الـذي َّ‬

‫نصعد للسماء وال أن نموت ونهبط للهاوية فهذا صنعه المسيح ليبررنا‪.‬‬ ‫وفي آية‪ 9‬ألَنَّا َ = صـحة ترجمتهـا وهـي‪ ...‬وهـذه ارجعـة لكلماة اإليماان التاي نكارز بهاا فاي آيـة‪ .8‬فمـا هـي كلمـة‬ ‫سولَ‪َ ،‬وآ َم ْن َ بَقَ ْلبَ َ = القلب يشير للحياة الداخلية والفم‬ ‫اإليمان التي يكرز بها الرسل= إن ا ْعت َ​َر ْف َ بَفَ َم َ بَال َّر ِّ‬ ‫ي يَ ُ‬ ‫يشــير للحيــاة الظــاهرة‪ .‬وايماننــا يمــس أعماقنــا الداخليــة وتص ـرفاتنا الظــاهرة‪ .‬اإليمــان هــو المــدخل للبــر والتقــديس‬

‫والمجد‪ .‬وبدون القلب يصير إعترافنـا الظـاهري لغـواً وتعصـباً وشـكليات‪ .‬وبـدون الحيـاة العاملـة واالعتـراف الظـاهر‬

‫يكــون إيماننــا ميت ـاً (رســالة يعقــوب) فــال نــنعم بالمكافــأة واإلعت ـراف بــالفم هــو مــا قــال عنــه الســيد المســيح "كــل مــن‬

‫يعت ــرف ب ــي ق ـ ّـدام الن ــاس أعت ــرف أن ــا أيضـ ـاً ب ــه‪ "...‬واإلعتـ ـراف ب ــالفم ل ــيس ب ــالكالم فق ــط‪ ،‬ب ــل بالحي ــاة واألعم ــال‬ ‫(مت‪ .)1:20‬بل في اإلعتراف حتى الموت ثمنـاً لهـذه الشـهادة كمـا فعـل الشـهداء‪ .‬والحـظ أنـه ال يسـتطيع أحـد أن‬ ‫يشهد للمسـيح حتـي المـوت إن لـم تكـن لـه حيـاة مسـيحية فـي قداسـة وفـي محبـة هلل‪ .‬هنـا تكـون الحيـاة التـي نحياهـا‬ ‫متفقة مع اإليمان الذي في القلب‪ .‬واإلعتراف بالفم يعني أن إسـم المسـيح يمـأل الفـم وال يعلـو عليـه إسـم آخـر‪ .‬وأن‬

‫إسم المسيح قَ َّد َس الحياة والفم‪ ،‬فال تعظيم إالّ للمسيح وال خوف سوي منه وال رجـاء إالّ فيـه وال شـهوة إالّ لـه‪ .‬وهـذا‬ ‫ص َ ‪ .‬وفي أية‪8‬‬ ‫يساوي أن اإلنسان مات مع المسيح وقام‪ .‬وهذا هو الخالص إن ا ْعت َ​َر ْف َ ‪َ 000‬وآ َم ْن َ ‪َ 000‬خلَ ْ‬

‫َوفَي قَ ْلبَ َ = هذا ما يعمله الروح القدس الذي يسكب المحبة في القلب (رو‪ )020‬فنلتزم بالوصايا‪.‬‬ ‫ف ِب ِه لِ ْل َخالَ ِ‬ ‫ص‪".‬‬ ‫آية (‪52" -:)52‬أل َّ‬ ‫ب ُي ْؤ َم ُن ِب ِه لِ ْل ِبِّر‪َ ،‬وا ْلفَ َم ُي ْعتَ​َر ُ‬ ‫َن ا ْل َق ْل َ‬

‫‪205‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح العاشر)‬

‫اب يُا ْاْ َمنُ بَا َه لَ ْلبَا ِّار = فــأول خطــوة للتبريــر هــي اإليمــان‪ .‬والمعنــي إنــك ســوف تتبــرر ألنــه بقلبــك إذا آمنــت‬ ‫ألَنَّ ا ْلقَ ْلا َ‬ ‫فإنك ستحصل علي البـر ثمـرة لهـذا اإليمـان‪ ،‬ألن المسـيح سـيكون فـي القلـب فتتحـول أعضـاؤنا بـدالً مـن أن تخـدم‬ ‫الخطيــة‪ ،‬لتخــدم اهلل‪ .‬إيمــان القلـب هــو تك ـريس للــنفس (العقــل واإلرادة) َوا ْلفَ ا َم يُ ْعتَا َارُ​ُ بَ ا َه = فــي الصــالة والتســبيح‬ ‫واإلعتراف أمام الناس‪ ،‬وهذا هو تكريس الجسد‪ .‬وهذه تعني أيضاً أنه بحياتك تعترف بالمسيح‪ ،‬أو باألحرى "حيـاة‬ ‫المسيح فيك" وتعني إعتراف الفم األعمال الصالحة الناشئة عن حياة المسيح فينا‪.‬‬

‫تكريس النفس أو اإليمان بالقلب تعني خضوع العقل واإلرادة خضوعاً داخلياً مخلصاً‪ .‬وتكريس الجسد أي إعتراف‬ ‫الفم تعني أن أعضاء جسدي صارت آالت بر‪ .‬وهذا التكريس الكلي بالنفس والجسد هو طريق التبريـر والخـالص‬

‫وينســب البــر لإليمــان فاإليمــان هــو المــدخل للتبريــر‪ ،‬ولكــن اإليمــان قــد يكــون ميت ـاً‪ ،‬فــال نكمــل الطريــق للخــالص‪.‬‬

‫واإليمان يكون حياً لو كان هناك أعمال‪ .‬لذلك نسبت األعمال (الفم يعترف به‪ )..‬للخالص‪.‬‬

‫آية (‪55" -:)55‬أل َّ ِ‬ ‫اب َيقُو ُل‪ُ «:‬ك ُّل َم ْن ُي ْؤ ِم ُن ِب ِه الَ ُي ْخ َزى»‪" .‬‬ ‫َن ا ْلكتَ َ‬ ‫مقتبسة من (إش‪( )1:228‬سـبعينية)‪ .‬والمعنـي أنـت سـوف تنـال الخـالص ألن الكتـاب يقـول ُكا رل َمانْ يُ ْاْ َمنُ بَا َه جَ‬ ‫يُ ْخاازَى أي ســيتحقق لــه الخــالص ألن بأعمــال النــاموس يمكــن أن نخــزي‪ ،‬إذ نعجــز عــن أن نتبــرر‪ ،‬أمــا اإليمــان‬

‫الحــي فلــن ُيخـ ِـزي‪ .‬والحــظ قولــه ُك ا رل = فهــي تشــير لعموميــة الخــالص‪ ،‬فلمــاذا ي ـرفض اليهــود األمــم وكتــابهم يشــير‬ ‫لخالص ــهم‪ .‬جَ يُ ْخااازَى = م ــن آم ــن بالمس ــيح س ــيكون ل ــه المج ــد والحي ــاة األبدي ــة‪ ،‬أم ــا المتعل ــق بالن ــاموس كطري ــق‬ ‫للخالص فسيخزي ألنه لم ولن يوجد من التزم بالناموس بالكامل‪ .‬واآلية جاءت في ترجمات أخرى "كل من يؤمن‬

‫به ال يهرب"= أي يهرب من اآلالم‪ ،‬فهو لن يخزيه إرتباطه بالمسيح المصلوب المتألم المرفوض‪ ،‬ويزداد تعلقاً بـه‬

‫مع زيادة األلم‪.‬‬

‫‪5:‬‬ ‫َن رًّبــا و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق َبـ ْـي َن ا ْل َي ُهـ ِ‬ ‫ين‬ ‫ـود ِّ‬ ‫ـه الَ فَـ ْـر َ‬ ‫اآليــات (‪ " -:)53-5:‬أل ََّنـ ُ‬ ‫احـ ًـدا لِ ْل َج ِميـ ِـع‪َ ،‬غ ِن ًّيــا لِ َج ِميـ ِـع الَّـ ِـذ َ‬ ‫ي َوا ْل ُيوَنــان ِّي‪ ،‬أل َّ َ َ‬ ‫ص»‪".‬‬ ‫ون ِب ِه‪53 .‬أل َّ‬ ‫الر ِّ‬ ‫اسِم َّ‬ ‫َي ْد ُع َ‬ ‫َن « ُك َّل َم ْن َي ْد ُعو ِب ْ‬ ‫ب َي ْخلُ ُ‬ ‫اع = هــذه عائــدة علــي "كــل" فــي اآليــة الســابقة‪ .‬الرســول هنــا يعــالج رفضــهم حــب اهلل الشــامل‬ ‫ألَنَّ َرباااا َو َ‬ ‫احاداا لَ ْل َج َميا َ‬

‫للجميــع يهــوداً وأمم ـاً‪ .‬ويقــول أن اهلل هــو رب الجميــع‪ ،‬خــالق الجميــع‪ ،‬إذاً هــو مســئول عــن الجميــع‪ .‬ولــذلك ســيقبل‬ ‫الجميع‪ ،‬كل من يؤمن‪ ،‬من اليهود أو اليونانيين‪ .‬واستند بولس الرسول علي آية أخري من يوئيل إن ُك َّل َمنْ يَ ْدعُو‬

‫ص = (‪ .)3222‬طبعاً ال أحد سوف يـدعو إن لـم يـؤمن أوالً ثـم يـدعو بإسـم الـرب‪ .‬فالوعـد هنـا فـي‬ ‫بَا ْ‬ ‫س َم ال َّر ِّ‬ ‫ي يَ ْخلُ ُ‬ ‫يوئيل هو للكل أيضاً‪ ،‬لكل من يصلي مؤمناً بالرب‪.‬‬

‫‪54‬‬ ‫ون‬ ‫س َم ُعوا ِب ِه؟ َو َك ْي َ‬ ‫ون ِب َم ْن لَ ْم ُي ْؤ ِم ُنوا ِب ِه؟ َو َك ْي َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)51-54‬فَ َك ْي َ‬ ‫س َـم ُع َ‬ ‫ف ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫ف َي ْد ُع َ‬ ‫ف َي ْ‬ ‫ون ِب َم ْن لَ ْم َي ْ‬ ‫‪51‬‬ ‫ِبـالَ َكـ ِ‬ ‫السـالَِم‪ ،‬ا ْل ُم َب ِّ‬ ‫ام ا ْل ُم َب ِّ‬ ‫ين‬ ‫ين ِب َّ‬ ‫ـار ٍز؟ َو َك ْيـ َ‬ ‫شـ ِـر َ‬ ‫شـ ِـر َ‬ ‫ـف َي ْكـ ِـرُز َ‬ ‫ـوب‪َ «:‬مــا أ ْ‬ ‫سـلُوا؟ َك َمــا ُهـ َـو َم ْكتُـ ٌ‬ ‫ون إِ ْن لَـ ْـم ُي ْر َ‬ ‫َج َمـ َـل أَ ْقـ َـد َ‬ ‫ِبا ْل َخ ْير ِ‬ ‫ات»‪" .‬‬ ‫َ‬

‫‪206‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح العاشر)‬

‫الرسول يوجه اللـوم لليهـود ويفضـح تقصـيرهم‪ ،‬إذ كـان المفـروض أن يكونـوا نـو اًر للعـالم‪ ،‬وبمعـرفتهم للـرب أوالً كـان‬ ‫يجب أن يكونوا سفراء للعالم كله‪ ،‬ويقوموا بدور كرازي‪ ،‬ويعلنوا اهلل لهم‪ .‬لكن بسبب كبريائهم وبـرهم الـذاتي‪ ،‬دخلـوا‬

‫في مناقشات غبية بتشـامخ وكبريـاء ضـد األمـم‪ .‬فكـانوا عثـرة لألمـم وسـبب نفـور األمـم مـن اهلل‪ .‬واآلن لقـد أتـي اهلل‬ ‫ليقبــل األمــم‪ ،‬واليهــود يرفضــون ذلــك‪ ،‬بينمــا أن المفــروض أن إيمــان األمــم بــاهلل يســعدهم‪ .‬ألن إســم اهلل يتمجــد فــي‬

‫العالم‪ ،‬هذا إن كانوا يحبون اهلل فعالً‪ ،‬لكن هم كانوا يحبون أنفسهم‪ ،‬وهذا معني أنهم يطلبون بر أنفسهم‪ .‬هم كانوا‬ ‫بناموســهم الــذي يشــهد للمســيح‪ ،‬قــادرين أن يكتشــفوا المســيح ويكــرزوا بــه لألمــم‪ ،‬لكــنهم لألســف بســبب كبريــائهم لــم‬

‫يقوموا بدورهم الذي أراده لهم اهلل‪.‬‬ ‫فَ َكيْفَ يَ ْدعُونَ = هذه راجعة لآليـة‪ 13‬كـل مـن يـدعو بإسـم الـرب‪ ..‬وهنـا يتسـاءل بـولس الرسـول كيـف يـدعوا األمـم‬

‫اهلل فيخلصوا وهم لَ ْم يُ ْ​ْ َمنُوا بَ َه وحتى يؤمنوا باهلل كان يجب أن يسمعوا بـه= وهـذا لـم يحـدث ألنـه لـم يوجـد كـارز‬ ‫يعرفهم باهلل فيؤمنوا به ثم يدعون بإسمه فيخلصوا‪ .‬هنا الرسول يلوم اليهود‪ ،‬إذ كان عليهم بسابق معرفتهم باهلل أن‬

‫يكونوا أول المؤمنين بالمسيح‪ ،‬بل كارزين به للعالم أجمع‪ ،‬لكن عوضاً عـن ذلـك إذ بهـم يسـدون آذانهـم حتـى عـن‬ ‫سالُوا = لـم يرسـلهم الـروح القـدس بواسـطة‬ ‫نبوات أنبيائهم‪ ،‬فلم يعرفوا المسيح‪ ،‬ولم يؤمنوا به‪ ،‬ولم يكرزوا به‪ .‬لَا ْم يُ ْر َ‬ ‫الكنيســة ليكــرزوا‪ ،‬وكيــف يخــدم إنســان كســفير مــالم يقــدم أوراق إعتمــاده‪ .‬والملــك ال ُيرســل ســفي اًر مــا لــم يكــن أه ـالً‬ ‫لذلك‪ .‬فاهلل لم ُيرسلهم للك ارزة إذ أنهم ال يستحقون بسبب كبريائهم‪ .‬وهنا يشير الرسول للخدمة القانونية التي تستلزم‬ ‫خادماً ُرِس َم بالطريقة القانونية‪ .‬والـذي يرسـل الخـدام هـو رب الحصـاد ولكنـه يتـرك هـذا لقـادة الكنيسـة حتـى يحكمـوا‬ ‫ع لي مقدرته وصالحياته‪ ،‬وال يتـرك لكـل إنسـان أن يحكـم علـي نفسـه‪ ،‬وذلـك يـؤول لحفـظ نظـام الكنيسـة فهـم الـذين‬ ‫ُعطـوا السـلطان (اهلل أعطــي السـلطان للكنيسـة) إلقامــة الخـدام‪ ،‬وبهـذا تحــتفظ الكنيسـة بخالفـة الرســل‪ .‬ولـذلك رأينــا‬ ‫أْ‬

‫أنـه بينمــا إختــار اهلل بـولس وبرنابــا للكـ ارزة‪ ،‬قامـت الكنيســة بوضــع اليـد عليهمــا لترســلهما (أع‪ )3 ، 2 2 13‬وحينمــا‬ ‫س االَ َم (إش‪ .)1202‬وهــذه اآليــة‬ ‫َخ ِســر اليهــود دورهــم ككــارزين وســط األمــم خســروا بركــات أن يكونـوا ا ْل ُمبَ ِّ‬ ‫ش ا َرينَ بَال َّ‬ ‫قيلت عن خالص إسرائيل من سبي بابـل‪ ،‬لكـن بـولس رأي فيهـا مـا هـو أبعـد مـن ذلـك‪ ،‬رأي أنهـا تشـير لمـن يبشـر‬

‫بالسالم الذي تحقق بدم المسيح بين اهلل والناس‪ .‬والذي يبشر بالمسيح هو يبشر بالسالم فالمسيح ملك السالم‪.‬‬ ‫ش َرينَ = في نظر سامعيهم الذين آمنوا بك ارزتهم‪ .‬لكن اليهود بعنادهم خسروا هذه البركات‪.‬‬ ‫َما أَ ْج َم َل أَ ْقدَا َم ا ْل ُمبَ ِّ‬

‫‪ِ 56‬‬ ‫اعوا ِ‬ ‫َّق َخ َب َرَنا؟» "‬ ‫يل‪ ،‬أل َّ‬ ‫اء َيقُو ُل‪َ «:‬ي َار ُّ‬ ‫س ا ْل َج ِميعُ قَ ْد أَ َ‬ ‫اإل ْن ِج َ‬ ‫َن إِ َ‬ ‫صد َ‬ ‫ط ُ‬ ‫ب َم ْن َ‬ ‫ش ْع َي َ‬ ‫آية (‪ " -:)56‬لك ْن لَ ْي َ‬ ‫عدم إيمان اليهود بالمسيح‪ ،‬هذا كان النبي إشعياء قـد تنبـأ بـه مـن قبـل (‪ )1203‬فقليلـون هـم الـذين صـدقوا وآمنـوا‪.‬‬ ‫ص َّد َ َخبَ َرنَا = من يؤمن بكلمات الك ارزة‪.‬‬ ‫اإل ْن َجي َل = ليس المهم أن نسمع ونعرف بل أن نطيع‪ .‬من َ‬ ‫قَ ْد أَطَاعُوا َ‬ ‫ان ِبا ْل َخب ِر‪ ،‬وا ْل َخبر ِب َكلِم ِة ِ‬ ‫آية (‪57" -:)57‬إِ ًذا ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫يم ُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫اإل َ‬ ‫اإلي َمانُ بَا ْل َخبَ َر = الخبـر فـي اإلنجليزيـة ‪ HEARING‬أي سـماع‪ .‬وكلمـة الخبـر هنـا راجعـة علـي كلمـة خبرنـا‬ ‫إَ اذا َ‬ ‫في اآلية السابقة‪ .‬والمعني أنه البـد مـن اإلسـتماع لكلمـة اهلل حتـي يـؤمن اإلنسـان‪ ،‬فبدايـة اإليمـان ونمـوه تـأتي مـن‬

‫‪207‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح العاشر)‬

‫السماع‪ ،‬سماع كلمة اهلل= َوا ْل َخبَ ُر بَ َكلَ َم َة للاَ‪ .‬وألن الخبر هو كلمة اهلل فمـن يـرفض الكلمـة التـي كـرز بهـا الرسـل‪،‬‬

‫فإنه يرفض اهلل‪.‬‬

‫تأمل‪ 2‬هناك أخبار حلوة كثيرة هى وعود من إلهنا السماوى ليس فقط فيما يخص ميراثنا السماوى ولكن أيضاً فيما‬ ‫يخص بحمايته لنا وعنايته بنا وتدبي ارتـه لكـل أمـور حياتنـا علـى األرض‪ .‬ونحـن نحيـا لنختبـر صـدق هـذه المواعيـد‬

‫اإلي َماانُ‬ ‫أى صدق هذه األخبار وكلما نرى ونختبر صدق هذه المواعيد يزداد إيماننا باهلل‪ .‬وبهذا يتحقق قول اآلية َ‬ ‫بَا ْل َخبَ َر‪.‬‬

‫ض َخـــرج صــوتُهم‪ ،‬وِالَـــى أَقَ ِ‬ ‫‪ِ ِ 51‬‬ ‫اصـــي‬ ‫ــم ُعوا؟ َبلَـــى! «إِلَــى َج ِميـ ِ‬ ‫آيــة (‪ " -:)51‬لك َّننـــي أَقُــو ُل‪ :‬أَلَ َعلَّ ُهـ ْــم لَـ ْــم َي ْ‬ ‫ــع األ َْر ِ َ َ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫سَ‬ ‫س ُكوَن ِة أَق َْوالُ ُه ْم»‪".‬‬ ‫ا ْل َم ْ‬ ‫ولكنني أقول هل اليهود لم يسمعوا كلمة اهلل‪ .‬بكل تأكيد هم سمعوا‪ .‬ألن صوت الكـارزين ببشـارة الخـالص قـد ذاع‬

‫ووصــل إلــي كــل األرض‪ .‬وأقـوال الكـ ارزة قــد وصــلت إلــي أقاصــي المســكونة‪ .‬فبــولس هنــا يثبــت علــي اليهــود أنــه ال‬ ‫عذر لهم في رفض الكلمة‪ ،‬لكـنهم هـم سـامعين ال يسـمعون (مـت‪ .)13213‬ولقـد إقتـبس الرسـول مـن (مـز‪.)0219‬‬

‫ولكن المزمور كان يتكلم عن شهادة الفلك والطبيعة هلل‪ ،‬فالكواكب بنظامها العجيـب تنطـق بوجـود اهلل‪ ،‬لكـن بـولس‬

‫فهــم المزمــور أنــه عــن شــهادة الرســل وكـ ارزتهم التــي بلغــت أقاصــي المســكونة (مــر‪ + 1021:‬مــت‪ .)19228‬فكمــا‬ ‫رتب اهلل أن تذاع أعماله في الخليقة عن طريق الشمس والقمر والكواكب‪ ،‬هكـذا رتـب اآلن أن تـذاع أعمـال الفـداء‬

‫وأعمال محبته لكل العالم بواسطة ك ارزة الرسل‪ ،‬لذلك يسمي الرسل كواكب‪.‬‬

‫ُم ٍـة َغ ِبي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 51‬‬ ‫َّـة‬ ‫ُمـ ًة‪ِ .‬بأ َّ‬ ‫س أ َّ‬ ‫س َرِائ َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬لك ِّني أَقُو ُل‪ :‬أَلَ َع َّل إِ ْ‬ ‫يـرُك ْم ِب َمـا لَ ْـي َ‬ ‫يل لَ ْـم َي ْعلَ ْـم؟ أ ََّوالً ُم َ‬ ‫وسـى َيقُـو ُل‪«:‬أَ​َنـا أُغ ُ‬ ‫أِ‬ ‫ُغيظُ ُك ْم»‪" .‬‬ ‫هو يقصد أن إسرائيل سمع وعلم‪ .‬ولكنه لم يريد أن يفهم ألن األمم سمعوا وفهموا وآمنوا‪ .‬فكان يليق باليهود الذين‬

‫لهــم األنبيــاء والعالمــات أن يفهمـوا‪ .‬واهلل يغــيظهم بقبولــه لألمــم لعلهــم يرجعـوا ويؤمنـوا‪ .‬فــاهلل لــم يغلــق بابــه إذاً أمــام‬

‫اليهود‪ .‬ولكـن عنـاد اليهـود أفقـدهم وجـودهم كأمـة‪ ،‬ودخـل بـدالً مـنهم األمـم‪ .‬وبـولس يقتـبس مـن (تـث‪ )21232‬قـول‬ ‫موسى بَا ُ َّمة َغبَيَّة أُ َغيوُ ُك ْم = فاألمم كانوا أمة غبية إللتصاقهم باألوثان‪ ،‬فمهما سمت حكمة الشـعوب الوثنيـة فهـم‬

‫بعيــداً عــن اهلل ال تزيــد حكمــتهم عــن كونهــا غبــاء‪ .‬ونــري غــيظ اليهــود مــن قبــول األمــم فــي أع‪+ 0211 + 40213‬‬

‫‪ .)22222 + 13211‬اليهود كانوا كاألخ األكبر الذي تضايق من عودة أخيه األصغر‪ ،‬اإلبن الضال‪.‬‬

‫‪:2‬‬ ‫ت ظَـ ِ‬ ‫ين لَــم ي ْطلُبــوِني‪ ،‬و ِ‬ ‫ت ِمـ َ ِ‬ ‫سـأَلُوا‬ ‫آيــة (‪ " -:):2‬ثُـ َّـم إِ َ‬ ‫صـ ْـر ُ‬ ‫اسـ ُـر َوَيقُــو ُل‪ُ «:‬و ِجـ ْـد ُ‬ ‫ـاه ًار لِلَّـ ِـذ َ‬ ‫ـن الَّــذ َ ْ َ ُ‬ ‫ين لَـ ْـم َي ْ‬ ‫َ‬ ‫اء َيتَ َج َ‬ ‫شـ ْـع َي ُ‬ ‫َع ِّني»‪".‬‬

‫س ُر ويقول علي لسان الرب‪ُ .‬و َجدْتُ َمنَ‬ ‫إن إشعياء وهو واحد من اليهود‪ ،‬وكان يحتقر عبدة األوثان‪ ،‬إالّ أنه يَت َ​َجا َ‬ ‫الَّ َذينَ لَ ْم يَ ْطلُبُونَي = (إش‪ )3-12:0‬أي صرت إلهاً لألمم‪ .‬فإشعياء تنبأ هنا عن قبول األمم‪.‬‬

‫‪208‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح العاشر)‬

‫ِ‬ ‫آية (‪:5" -:):5‬أ َّ ِ‬ ‫ول َّ‬ ‫ش ْع ٍب ُم َع ِان ٍد َو ُمقَ ِ‬ ‫الن َه ِ‬ ‫اوٍم»‪".‬‬ ‫ت َي َد َّ‬ ‫يل فَ َيقُو ُل‪«:‬طُ َ‬ ‫س َرِائ َ‬ ‫ي إِلَى َ‬ ‫س ْط ُ‬ ‫َما م ْن ِج َهة إِ ْ‬ ‫ار َب َ‬ ‫تابع نفس نبوة إشعياء (‪ .)3-12:0‬هنا نري اهلل طُو َل النَّ َها َر = أي علي الدوام كأب غيور رحيم يمد يده‬ ‫ي = فيها إشارة للصليب حيث بسط المسيح يديه يطلب‬ ‫س ْط ُ يَ َد َّ‬ ‫ليحتضن هذا الشعب إالّ أنهم رفضوا‪ .‬بَ َ‬

‫المصالحة ويريد أن يحتضن الكل‪ ،‬يبحث عمن يلبي النداء‪ .‬طُو َل النَّ َها َر = أي أن الزمان محدود‪ ،‬فالنهار يعقبه‬ ‫ليل‪ ،‬والليل إشارة لغضب اهلل (راجع يو‪ 35213‬قول الكتاب عن يهوذا حين دخله الشيطان إذ كان الرب قد‬ ‫رفضه فذاك لما أخذ اللقمة خرج للوقت‪ .‬وكان ليالً)‪ .‬والنهار محدد بساعات محدودة‪ .‬فاهلل ال ينتظر دائماً‬

‫(نش‪ ):-220‬في النشيد نجد الحبيب تحول عن محبوبته (إذ طال إنتظاره) وعبر‪ .‬إن رحمة اهلل العجيبة ‪،‬‬ ‫عجيبة جداً ألن صالحه لم يغلبه شر اإلنسان‪ ،‬وشر اإلنسان لعجيب جداً ألن شره لم يغلبه صالح اهلل‪.‬‬

‫‪209‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫اإلصحاح الحادى عشر‬

‫عودة للجدول‬

‫ف ــي ه ــذا اإلص ــحاح يوج ــه الرس ــول كالم ــه لألم ــم حت ــى ال ينتفخـ ـوا أو يس ــتخفوا ب ــاليهود معلنـ ـاً أن اليه ــود س ــيؤمنوا‬

‫بالمسيح فـي أواخـر الـدهور‪ ،‬فهـو وبـخ اليهـود سـابقاً ليفتحـوا قلـوبهم لألمـم‪ ،‬وهنـا يـوبخ األمـم ليفتحـوا قلـوبهم لليهـود‬

‫الراجعين هلل باإليمان‪ ،‬هو يود أن يري الجميع‪ ،‬الكنيسة الواحدة كلها في محبة‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫اهيم ِم ْن ِس ْب ِط ِب ْني ِ‬ ‫ضا إِسرِائيلِ ٌّي ِم ْن َن ِ ِ ِ‬ ‫ين‪.‬‬ ‫ش ْع َب ُه؟ َحا َ‬ ‫ض َ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬فَأَقُو ُل‪ :‬أَلَ َع َّل اهللَ َرفَ َ‬ ‫ام َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫شا! أل َِّني أَ​َنا أ َْي ً ْ َ‬ ‫سل إ ْب َر َ‬ ‫"‬

‫اهلل لم يرفض شعبه ودليل عدم رفض اليهود أن اهلل قبل بولس وهو يهودي وجعله رسوالً لـه‪ ،‬وبالتـالي فهـو سـيقبل‬ ‫كل يهودي يؤمن بالمسيح الذي تنبأ عنه كتاب اليهود المقدس‪ ،‬ومن يؤمن بالمسيح فهو اإلسرائيلي الحقيقـي ومـن‬

‫يرفض المسيح فقد قطع نفسه من الزيتونة‪ ،‬ومن يؤمن من األمم فقـد طعـم فـي الزيتونـة‪ ،‬لكـن الزيتونـة هـى زيتونـة‬

‫واحدة أي الكنيسة وهى تضم اليهود واألمم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات (‪:" -:)1-:‬لَ ْم َي ْرفُ ِ‬ ‫ـف‬ ‫ض اهللُ َ‬ ‫اب ِفـي إِيلِيَّـا؟ َك ْي َ‬ ‫س َب َ‬ ‫ستُ ْم تَ ْعلَ ُم َ‬ ‫ون َما َذا َيقُو ُل ا ْلكتَ ُ‬ ‫ق فَ َع َرفَ ُه‪ .‬أ َْم لَ ْ‬ ‫ش ْع َب ُه الَّذي َ‬ ‫‪3‬‬ ‫ض َّـد إِسـرِائ َ ِ‬ ‫اهلل ِ‬ ‫س ُل إِلَى ِ‬ ‫ـون‬ ‫ـار ُّ‬ ‫َيتَ​َو َّ‬ ‫ـاء َك َو َه َـد ُموا َمـ َذا ِب َح َك‪َ ،‬وَب ِق ُ‬ ‫يـت أَ​َنـا َو ْح ِـدي‪َ ،‬و ُه ْـم َي ْطلُ ُب َ‬ ‫ب‪ ،‬قَتَلُـوا أَ ْن ِب َي َ‬ ‫يل قَـائالً‪َ « :‬ي َ‬ ‫َْ‬ ‫ـت لِ َن ْف ِســي س ْـبع َة آالَ ِ‬ ‫َن ْف ِسـي!»‪ِ 4 .‬‬ ‫ف َر ُجــل لَـ ْـم ُي ْح ُنـوا ُرْك َبـ ًة لِ َب ْعــل»‪1 .‬فَ َكــذلِ َك ِفــي‬ ‫ـه ا ْلـ َـو ْح ُي؟ «أ َْبقَ ْيـ ُ‬ ‫لكـ ْـن َمــا َذا َيقُــو ُل لَـ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ان ا ْلح ِ‬ ‫ار ِّ‬ ‫َّ‬ ‫اخ ِت َي ِ‬ ‫الن ْع َم ِة‪".‬‬ ‫ب ْ‬ ‫اض ِر أ َْي ً‬ ‫سَ‬ ‫الزَم ِ َ‬ ‫صلَ ْت َبق َّي ٌة َح َ‬ ‫ضا قَ ْد َح َ‬ ‫ق فَ َع َرفَهُ = شعب اهلل معروف لديه‪ ،‬إختارهم لسابق معرفته بأنهم كشعب سيقبلونه ويلتزموا بشريعته وأنه‬ ‫سب َ َ‬ ‫الَّ َذي َ‬ ‫يمكــن إعــدادهم حتــى يــأتي المســيح مــنهم (رو ‪ )2928‬واهلل لــن ينــدم علــي إختيــاره‪ ،‬فكيــف بعــد كــل ذلـك يرفضــهم‪.‬‬

‫ويضــرب الرســول مــثالً بأيــام إيليــا‪ ،‬فإيليــا تصـ َّـور أن األب ـرار قــد إنته ـوا مــن علــي األرض‪ ،‬ولكــن اهلل يقــول لــه‪ ..‬ال‬ ‫فهناك بقية مازالت تؤمن‪ ،‬ومع أن إيليا لم يراها لكن عين الرب عليها‪ ،‬علي هـذه البقيـة المؤمنـة‪ .‬وكلمـة بقيـة هـي‬

‫تعبير إشعياء أي الذين تبقوا في الزيتونة أي الذين آمنوا بالمسيح‪ .‬وما حدث أيام إيليا يحدث اآلن‪ ،‬فالصورة اآلن‬ ‫قاتمـة‪ ،‬ويبــدو أنــه ال يوجـد مــؤمنين وســط اليهـود‪ ،‬ولكــن الرســول يقـول ال فهنــاك بقيــة ي ارهـا اهلل وســط هـؤالء اليهــود‬

‫الرافضين‪ ،‬وهناك بقية يراها اهلل ستؤمن في األيام األخيرة ومن أجل هذه البقية فاهلل يحتمل خطايا اليهود كـل هـذه‬

‫الفتـرة‪ .‬والبقيــة الموجــودة أيــام الرســل هــم التالميــذ والرســل وال ـ ‪ 3555‬الــذين آمنـوا بعظــة بطــرس وال ـ ‪ 2555‬الــذين‬ ‫آمنـوا بعــد معجـزة بطــرس ويوحنــا مــع المقعــد وغيــرهم‪ .‬إذاً ال يمكــن أن نتصــور أن كــل اليهــود صــاروا مرفوضــين‪.‬‬ ‫اب ْ‬ ‫اختَيَااا َر النِّ ْع َم ا َة = أي أفــرزهم بحســب إختيــاره الــذي تــم بحســب نعمتــه‪ .‬ومــن‬ ‫سا َ‬ ‫ولكــن هنــاك بَقَيَّ اةل أفــرزهم اهلل َح َ‬ ‫المالحظ أن كلمة إختيار النعمة هنا تشـير إلـي أن هـذه البقيـة قـد نالـت التبريـر كعطيـة ومنحـة مـن قبـل اهلل‪ ،‬وهـي‬

‫نعمة ألنه ال يوجد واحد مستحق أن يموت المسـيح ألجلـه بسـبب أعمالـه‪ ،‬وال أن يحـل فيـه الـروح القـدس‪ ،‬وان كنـا‬

‫‪210‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫نستحق شيئاً بسبب أعمالنا‪ ،‬ال نستحق سوي الموت‪ ،‬فليس بيننا من لم يخطئ‪ ،‬ولكن بعد أن تم إختيارنـا بالنعمـة‬

‫علينا أن نعمل ونجاهد فتزداد فينا النعمة التي تغير طبيعتنا‪.‬‬ ‫ُ َر ُجل = ‪" 1555 ×1‬المعني أن اهلل يعرف األبرار واحداً واحداً"‬ ‫َ‬ ‫س ْب َعةَ آجَ َ‬

‫‪( = 4+3 =1‬النفس التي علي صورة الثالوث) ‪( +‬الجسد المأخوذ من العالم)‬

‫لذلك رقم ‪ 1‬يشير للكمال ألن اإلنسان هو أكمل خليقة هلل علي األرض‬

‫‪( =1+:=1‬اإلنسان الناقص) ‪( +‬اهلل الواحد) فاإلنسان بنفسه هو ناقص ولكنه باهلل يصبح كامالً‪.‬‬

‫‪ =1555‬هو رقم السمائيات فالمالئكة ألوف ألوف وربوات ربوات‪.‬‬

‫تأمل‪ -:‬حتى اآلن هناك مـن يتصـور أنـه لـم يعـد فـي العـالم أبـرار إال هـو‪ ،‬ولكـن لـو صـح هـذا لكـان اهلل قـد أحـرق‬ ‫العالم كسدوم وعمورة‪ .‬ولكن هناك أبرار دائماً في كل مكان‪ ،‬واهلل يعرفهم وعينه عليهم‪.‬‬

‫إذاً رقم ‪ 1555‬يشير لجماعة الكاملين روحياً الذين تقدست نفوسهم وأجسادهم بالروح القدس ليعيشوا بفكـر روحـي‬ ‫علي مستوي سماوي‪ .‬وكونهم رجاالً يعني حياة ناضجة بعيداً عن لهو األطفال وتدليل النساء (‪1‬كو‪.)1321:‬‬

‫‪6‬‬ ‫ان ِب ِّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َعم ِ‬ ‫َعم ِ‬ ‫س ِـت ِّ‬ ‫س‬ ‫الن ْع َمـ ُة َب ْع ُـد ِن ْع َمـ ًة‪َ .‬وِا ْن َك َ‬ ‫آية (‪ " -:)6‬فَِإ ْن َك َ‬ ‫ـال َفلَ ْـي َ‬ ‫ـال‪َ ،‬وِاال َفلَ ْي َ‬ ‫الن ْع َمة َفلَ ْي َ‬ ‫ـان ِباأل ْ َ‬ ‫س َب ْع ُد ِباأل ْ َ‬ ‫ون َب ْع ُد َع َمالً‪".‬‬ ‫َب ْع ُد ِن ْع َم ًة‪َ ،‬وِاالَّ فَا ْل َع َم ُل الَ َي ُك ُ‬ ‫هــذه اآليــة هــي إسترســال لآليــة الســابقة التــي قــال فيهــا أن إختيــار اهلل لألمــم كــان بالنعمــة أي مجانـاً‪ ،‬عطيــة إلهيــة‬

‫مجانية‪ ،‬وليس راجعاً إلي أية إمتيازات كانت فيهم‪ .‬وأي إختيار إلنسان ليدخل المسيحية هو نعمة‪ ،‬فمن هو الـذي‬

‫يســتحق مــا فعلــه المســيح‪ .‬حتــى لــو كــان لإلنســان أعمــال صــالحة‪ ،‬فمــن المؤكــد أن لــه أعمــال ش ـريرة‪ .‬لــذلك كــان‬ ‫ال = فإن كـان دخـولي للمسـيحية هـو عطيـة مجانيـة‬ ‫الدخول للمسيحية بالنعمة‪ .‬فَإَنْ َكانَ بَالنِّ ْع َم َة فَلَ ْي َ‬ ‫س بَ ْع ُد بَاألَ ْع َم َ‬

‫في‪ ،‬لو كان إختياري راجعاً لعمل صالح‪ ،‬فسيكون إختيـاري مكافـأة‬ ‫ال أستحقها‪ ،‬فلماذا أعود وأنسبها لشيء صالح َّ‬

‫علي أعمالي‪ ،‬وال يكون بعد نعمة أي عطية مجانية‬ ‫س َ النِّ ْع َمةُ بَ ْع ُد نَ ْع َمةا‪.‬‬ ‫= َوإَجَّ فَلَ ْي َ‬

‫س بَ ْع ُد نَ ْع َمةا‪َ ،‬وإَجَّ فَا ْل َع َم ُل جَ يَ ُكونُ بَ ْع ُد َع َمالا = دخولي لإليمان هو نعمـة أي عطيـة مجانيـة‬ ‫ال فَلَ ْي َ‬ ‫َوإَنْ َكانَ بَاألَ ْع َم َ‬ ‫ولكــن مــاذا بعــد دخــولي لإليمــان؟…بعــد الــدخول لإليمــان يــأتي دور جهــادي أي أعمــالي الصــالحة التــي بهــا تــزداد‬

‫النعمة‪ ،‬ويوماً بعد يوم تتغير طبيعتي فأتغير إلي صـورة المسـيح (كـو‪ .)1523‬هنـا أعمـالي الصـالحة تكـون إعالنـاً‬ ‫في (هذا مـا يسـمي بظـاهرة الـرنين) لـذلك سـأل السـيد‬ ‫عن إرادتي‪ ،‬وحين تتوافق إرادتي مع إرادة اهلل تنسكب النعمة َّ‬ ‫المسيح مريض بيت حسدا "هل تريد أن تبرأ" فهو يريد أن تتفق إرادة المريض مع إرادة المسيح حتى تنسكب نعمة‬

‫الشفاء في المريض‪ ،‬فالمسيح يريد أن يشفيه‪ ،‬ولكن مهم جداً إتفاق اإلرادتـين‪ .‬إذاً هنـاك كلمتـين مهمتـين‪" ،‬النعمـة"‬ ‫ـي وفــي الكنيسـة "واألعمــال" وهـذه خاصــة بـي‪ .‬واذا إتفقـوا تحـدث معجـزات ويخطـئ مــن يقـول أنــه‬ ‫وهـذه عمــل اهلل ف َّ‬

‫بعملــه يــدخل الســماء‪ ،‬ويخطــئ أيض ـاً مــن ال يجاهــد مســتنداً علــي أن النعمــة تخلصــه‪ .‬ولكــن مــن يعمــل يســتدعي‬ ‫النعمــة لتغي ـره وتعمــل معــه‪ .‬ومعنــي اآليــة ببســاطة "ال تخلط ـوا األمــور‪ ،‬فالنعمــة نعمــة واألعمــال أعمــال" ومــع أن‬

‫‪211‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫بولس الذي كلمنا كثي اًر عـن النعمـة ويعـرف قـدرها‪ ،‬كـان مـن المؤكـد أنـه مسـتنداً علـي النعمـة‪ ،‬إال أننـا نجـده يقـول‬

‫"جاه ــدت الجه ــاد الحس ــن…" فجه ــاده الزم حت ــى تالزم ــه النعم ــة وتعم ــل مع ــه وفي ــه‪ .‬والح ــظ أن اهلل يطل ــب فعل ــة‬ ‫للحصاد ولم يعمل هو كل شئ (مت‪ )3829‬فعلينا إذاً أن نعمل لنأكل (‪2‬تس‪ .)1523‬ونعمل لتعمـل معنـا النعمـة‪.‬‬ ‫فالنعمة حقيقية فيما يخص بر اهلل‪ ،‬والعمل حقيقي فيما يخص جهد اإلنسان‪.‬‬

‫آية (‪7" -:)7‬فَما َذا؟ ما ي ْطلُب ُه إِسرِائي ُل ذلِ َك لَم ي َن ْل ُه‪ .‬و ِ‬ ‫س ْوا "‬ ‫ون فَتَقَ َّ‬ ‫ون َنالُوهُ‪َ .‬وأ َّ‬ ‫َما ا ْل َباقُ َ‬ ‫لك ِن ا ْل ُم ْختَ ُار َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫الشعب اإلسرائيلي كان يطلب التبرير بواسطة الناموس ولم ينالوا التبرير ولكن الذين نالوا التبرير بواسطة اإليمـان‬

‫هم هؤالء الذين إختارهم اهلل من اإلسرائيليين‪ ،‬ليس إختيا اًر عشوائياً بل من إتفقت إرادته مع إرادة اهلل الذي يريد أن‬

‫الجميع يخلصون (‪1‬تي‪[ )422‬ظاهرة الرنين= حين تتفق دوائـر راديـو نختـار نحـن محطـة نريـد سـماعها مـع دوائـر‬ ‫أمــا البــاقون فقــد صــاروا قســاة بســبب عــدم‬ ‫هــذه المحطــة‪ ،‬يحــدث تضــخيم فــي إشــارات هــذه المحطــة فنســمعها]‪ّ .‬‬ ‫إيمــانهم‪ .‬هــم قــاوموا الحــق ولــم يتجــاوبوا مــع نعمــة اهلل لــذلك ترك ـوا لفســاد قلــبهم فإنحجبــت بصــيرتهم الداخليــة عــن‬ ‫معاينة اهلل وآذانهم عن اإلستماع لصوته‪ ،‬وهذا سـبق وأنبـأ بـه األنبيـاء (أيـة‪ .)8‬والحـظ قـول الرسـول َوأَ َّماا ا ْلبَااقُونَ‬

‫س ْوا = فهي تشير ألن القساوة من عنـدياتنا فـال مجـال ألحـد أن يقـول أن اهلل لـم يختـارني‪ ،‬بـل هـو لـم يتجـاوب‬ ‫فَتَقَ َّ‬ ‫مع عمل النعمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫س َـم ُعوا إِلَـى‬ ‫َعطَ ُ‬ ‫وب‪« :‬أ ْ‬ ‫اه ُم اهللُ ُر َ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬ك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫س َبات‪َ ،‬و ُع ُيوًنـا َحتَّـى الَ ُي ْبص ُـروا‪َ ،‬وآ َذا ًنـا َحتَّـى الَ َي ْ‬ ‫وح ُ‬ ‫ه َذا ا ْل َي ْوِم»‪".‬‬

‫مقتبســة مــن (أش‪ .)15229 + 15 ، 9 2 :‬فإشــعياء تنبــأ ألنــه ســبق فعــرف مــا ســيحدث مــنهم‪ ،‬وأنهــم لــن يفهم ـوا‬ ‫كلمــة اإلنجيــل نظ ـ اًر لغالظــة قلــوبهم التــي مألتهــم بــروح العنــاد والمقاومــة وقولــه أن اهلل أَ ْع َ‬ ‫طاااا ُه ُم َ ُعيُونااااا َحتَّاااى جَ‬ ‫ص ُروا = ال تُفهَم أن اهلل كـان السـبب فـي تضـليلهم‪ ،‬بـل هـم بعنـادهم وكبريـائهم وخطايـاهم لـم يـروا مـا رآه غيـرهم‬ ‫يُ ْب َ‬ ‫فآمنوا إذ أروا‪ .‬ونظ اًر لعنادهم رفـع اهلل عـنهم نعمتـه إذ هـم ال يسـتحقوها (إذ أنهـم ال يريـدون) فـإزدادوا عمـي وصـمم‬

‫سابَات = هـذه تسـاوي قولـه تقسـوا (آيـة ‪[ )1‬بلغـة ظـاهرة الـرنين‪ ،‬هـؤالء إختـاروا محطـة أخـري هـي المجـد‬ ‫كمن في ُ‬ ‫الذاتي والكبرياء‪ ،‬ولم يختاروا محطـة مجـد اهلل] إَلَاى ها َذا ا ْليَ ْاو َم = هـم لـم يـدركوا حتـي اليـوم ولـم يفهمـوا‪ ،‬ولـن تفـتح‬ ‫عيونهم ليفهموا إالّ في ذلك اليوم الذي هو في علم اهلل‪ ،‬في آخر األيام حين يؤمنوا بالمسيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ازةً لَ ُه ْم‪" .‬‬ ‫صا َو َعثَْرةً َو ُم َج َا‬ ‫آية (‪َ -:)1‬وَد ُاوُد َيقُو ُل‪«:‬لتَص ْر َمائ َدتُ ُه ْم فَ ًّخا َوقَ َن ً‬ ‫َص ْر َماَِ َدتُ ُه ْم فَ اخا = المائدة تشير‪-2‬‬ ‫قَنَ ا‬ ‫صا = شركاً أو فخاً‪ .‬لَت َ‬

‫أمـا مـن تمسـك‬ ‫‪ .1‬أقوال العهد القديم الدسمة بنبواتها‪ ،‬ومن فهمها بطريقة روحية وجد فيهـا شـخص المسـيح فـآمن‪ّ ،‬‬ ‫بالحرف صارت له َع ْث َرةا بل سبب دينونة له بسـبب عـدم إيمانـه بالمسـيح الـذي كـان ناموسـهم (مائـدتهم) تشـهد‬ ‫له= ُم َجازَاةا لَ ُه ْم‪ .‬فهذه المائدة ستكون شاهدة علي عنادهم‪.‬‬

‫‪212‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫‪ .2‬قد تشير ألن أفـراحهم ووالئمهـم سـتتحول إلـي حـزن ويتحـول فصـحهم إلـي غـم‪ .‬وهـذا مـا حـدث علـي يـد تـيطس‬ ‫سنة ‪15‬م‪ .‬واآلية مأخوذة من (مز‪.)222:9‬‬

‫‪52‬‬ ‫ِ‬ ‫ورُه ْم ِفي ُك ِّل ِح ٍ‬ ‫ين»‪".‬‬ ‫آية (‪ " -:)52‬لِتُ ْظلِ ْم أ ْ‬ ‫َع ُي ُن ُه ْم َك ْي الَ ُي ْبص ُروا‪َ ،‬وْلتَ ْح ِن ظُ ُه َ‬ ‫من (مز‪ )232:9‬لَتُ ْولَ ْم أَ ْعيُنُ ُه ْم = فرفضهم اإليمان بالمسيح حرمهم من الروح القدس الذي يفتح العيـون‪ .‬عنـادهم‬ ‫اور ُه ْم عالمـة الضـعف‬ ‫في إستمرارهم علي الحرف أعماهم (‪2‬كو‪ )18-1023‬وأظلمت عيون أذهانهم‪َ ،‬و ْلت َْح َن ظُ ُه َ‬

‫والعجز الروحي والعبودية للخطية‪ ،‬فالخطية ثقيلة ومرهقة والناموس يعجز عن رفعها بدون النعمة‪ .‬وظلمة العيون‬

‫وانحناء الظهر ليست لليهود فقط بل هذا يحدث لكـل مسـيحي يسـير فـي طريـق الخطيـة بـال توبـة‪ .‬وانحنـاء الظهـر‬ ‫هو لمـن يحمـل الحمـل وحـده‪ ،‬وهـذا مـا حـدث لليهـود إذ رفضـوا المسـيح‪ ،‬والمسـيح هـو الـذي يغفـر الخطايـا وحـده ‪،‬‬

‫إلى يا‬ ‫والخطايا حمل ثقيل‪ ،‬واذ رفضوا المسيح حملوا خطاياهم وحدهم فإنحنت ظهورهم‪ .‬لذلك يقول الرب " تعالوا َّ‬ ‫جميع المتعبين والثقيلى األحمال وأنا أريحكم " (مت‪. )28 2 11‬‬

‫معنى ظاهرة الرنين وتطبيقها (راجع مقدمة إصحاح ‪.):‬‬

‫‪55‬‬ ‫شا! ب ْل ِب َزلَِّت ِهم صار ا ْل َخالَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمِم ِإل َغ َارِت ِه ْم‪" .‬‬ ‫سقُطُوا؟ َحا َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)55‬فَأَقُو ُل‪ :‬أَلَ َعلَّ ُه ْم َعثَُروا ل َك ْي َي ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ​َ‬ ‫ص لأل َ‬ ‫ساقُطُوا = العثـرة تعنــي إصــطدام ووقــوع‪ ،‬هــو ســقطة يقــوم بعــدها اإلنســان‪ ،‬وهــذا إشــارة لتعثــر‬ ‫اي يَ ْ‬ ‫أَلَ َعلَّ ُها ْم َعثَا ُروا لَ َكا ْ‬

‫اليهــود فــي المســيح وصــلبهم لــه ورفضــهم إيــاه‪ .‬أمــا الســقوط فهــو ســقطة لــيس بعــدها قيــام ورفــض لألبــد كـرفض اهلل‬

‫للشياطين‪.‬‬

‫شااا = الرســول هنــا يحــاول رفــع نفســية اليهــود حتــي ال ييأسـوا‪ ،‬فيقــول لهــم أنهــم لــن يســقطوا لألبــد بــل أن كــل مــا‬ ‫َحا َ‬ ‫حدث أن بعض األغصان قطعت‪ ،‬وذلك ألن اهلل سبق وعرفهم واختارهم‪ ،‬واهلل ال يندم علـي سـابق إختيـاره فهـو ال‬ ‫يخطئ‪.‬‬

‫ص لَألُ َم َام = زلـتهم كانـت صـلب المسـيح‪ ،‬وبهـذا الصـلب صـار الخـالص للعـالم كلـه‪ ،‬ورفضـهم‬ ‫اار ا ْل َخاالَ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫بَزَ لَّتَ َه ْم َ‬

‫للمسـيح كـان سـبباً فـي دخــول األمـم ( ارجـع مثـل العـرس مــت‪ )15 ، 9 2 22‬فحينمـا رفـض المـدعوين (اليهــود) أن‬ ‫يأتوا للعرس‪ ،‬أرسل الملك صاحب العرس (اهلل) عبيده (الرسل) ليجمعوا من مفارق الطرق كل من وجدوه (األمم)‪.‬‬

‫ومثل الكرامين (مت‪ )43-33221‬فالكرم (كنيسة اهلل) أعطيت لكرامين جدد (األمم) حين رفض الك ارمـون األوائـل‬

‫(اليهــود) اإلبــن (المســيح) وقتلــوه‪ .‬وهــذا مــا رأينــاه فــي هيــاج اليهــود ضــد بــولس فــي كــل مكــان‪ ،‬فكــان يــذهب لألمــم‬ ‫(أع‪):218 +4:213‬‬ ‫ارتَ َه ْم = اهلل في حكمته يستخدم زلة اليهـود لخـالص األمـم‪ ،‬وفـي محبتـه يسـتغل خـالص األمـم إلغـارة اليهـود‬ ‫َإل َغ َ‬ ‫إلرجاعهم‪ .‬إنه صانع خيرات يحول الشر كما الخير لبنيان البشرية‪ .‬هو في محبته يستخدم كل وسيلة ليجذب كل‬

‫منا لنثبت في الزيتونة‪ .‬وان كان اهلل يفعل ذلك مع اليهود الذين صلبوه‪ ،‬فهو مـن المؤكـد يفعـل ذلـك معـي حتـى ال‬

‫أهلك‪.‬‬

‫‪213‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫آية (‪5:" -:)5:‬فَِإ ْن َكا َن ْت َزلَّتُهم ِغنى لِ ْلعالَِم‪ ،‬وُن ْقصا ُنهم ِغ ِ‬ ‫ي ِم ْل ُؤ ُه ْم؟"‬ ‫ُمِم‪ ،‬فَ َك ْم ِبا ْل َح ِر ِّ‬ ‫ُْ ً َ‬ ‫نى لأل َ‬ ‫َ َ ُْ ً‬ ‫صانُ ُه ْم = أي‬ ‫زَ لَّتُ ُه ْم َغن اى لَ ْل َعالَ َم = رفضهم للمسيح وصلبهم له كان بركة لكل العالم‪ ،‬بها نال األمم الخالص‪َ .‬ونُ ْق َ‬ ‫عــدم إيمــانهم‪ ،‬ألن بعــدم إيمــانهم هبطــت روحيــاتهم حتــي صــاروا أقــل مــن األمــم‪ .‬وكــان نقصــانهم وزلــتهم ســبباً فــي‬ ‫ي َم ْل ُْ ُه ْم = كلمـة ملـؤهم تشـير لرجـوع الغالبيـة العظمـي مـن اليهـود لإليمـان‪ .‬وتشـير‬ ‫هبات وفيرة لألمـم‪ .‬فَ َك ْم بَا ْل َح َر ِّ‬ ‫إلكتمال عددهم أو إكتمالهم‪ .‬وحين يكتمل عددهم كمؤمنين سيصير هذا منبعاً لبركات عظيمة للعالم هي القيامة‪.‬‬ ‫ونقــول القيامــة ألن مــا هــو أعظــم مــن إيمــان العــالم كلــه بالمســيح إالّ القيامــة‪ .‬كــأن اهلل بإيمــانهم ســيقول "كفايــة كــده‬

‫لي‪ ،‬إذاً كفاية قعاد في األرض‪ ،‬وهيا كلكم إلي مجد السماء"‪.‬‬ ‫علي العالم‪ ،‬إذا كان أوالدي رجعوا َّ‬

‫آية (‪53" -:)53‬فَِإ ِّني أَقُو ُل لَ ُكم أَيُّها األُمم‪ِ :‬بما أ َِّني أَ​َنا رسو ٌل لِأل ِ‬ ‫ُم ِّج ُد ِخ ْد َم ِتي‪"،‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُمم أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُ َ‬ ‫هنا يرد بولس علي من يتصور أنـه يـدافع عـن اليهـود تاركـاً األمـم خدمتـه األساسـية‪ .‬ولكننـا نلمـح فـي كـالم بـولس‬ ‫تحذي اًر لألمم‪ ،‬فاهلل قد يتخلي عنهم إذا تقست قلوبهم كاليهود‪.‬‬ ‫أُ َم ِّج ُد َخ ْد َمتَي = سأعمل وأجتهد لنشـر اإلنجيـل‬

‫وسط األمم‪.‬‬

‫‪ِ ِّ 54‬‬ ‫اسا ِم ْن ُه ْم‪" .‬‬ ‫ير أَ ْن ِس َب ِائي َوأ َ‬ ‫ص أَُن ً‬ ‫ُخلِّ ُ‬ ‫آية (‪ " -:)54‬لَ َعلي أُغ ُ‬ ‫لَ َعلِّي أُ َغي ُر = أي أجعلهم في غيرة‪ .‬هو ينشط وسط األمـم ويمجـد خدمتـه وسـطهم‪ .‬لعلـه بكثـرة المـؤمنين مـن األمـم‬ ‫يغار اليهود أنسباءه أي أقرباءه بالجسد فيؤمنون‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ون اق ِْتبالُهم إِالَّ حياةً ِم َن األَمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات؟"‬ ‫آية (‪ " -:)51‬أل ََّن ُه إِ ْن َك َ‬ ‫ان َرف ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َْ‬ ‫ْض ُه ْم ُه َو ُم َ‬ ‫صالَ َح َة ا ْل َعالَم‪ ،‬فَ َما َذا َي ُك ُ َ ُ ْ‬ ‫هنــا نــري أن رجــوع اليهــود هــو عالمــة الحيــاة للجميــع أي القيامــة الروحيــة للجميــع مــن األم ـوات‪ .‬هــذه نبــوة بقيامــة‬

‫جديدة من األموات للمسيحيين ومن هنا نفهم أن من عالمات نهاية األيام‪ ،‬وقبل القيامة العامة سيؤمن البقيـة مـن‬

‫اليهود‪.‬‬ ‫‪56‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان!"‬ ‫ص ُ‬ ‫ين! َوِا ْن َك َ‬ ‫َّس ًة فَ َكذلِ َك ا ْل َع ِج ُ‬ ‫ان األ ْ‬ ‫َّسا فَ َكذل َك األَ ْغ َ‬ ‫َص ُل ُمقَد ً‬ ‫ورةُ ُمقَد َ‬ ‫آية (‪َ " -:)56‬وِا ْن َكا َنت ا ْل َبا ُك َ‬ ‫ساةا فَ َكاذلَ َ ا ْل َع َجاينُ = كـان النـاموس يطلـب مـن اليهـود تقـديم بـاكورات ثمـارهم (أول حزمـة‬ ‫ورةُ ُمقَ َّد َ‬ ‫َوإَنْ َكانَ َ ا ْلبَا ُك َ‬ ‫س اةا = مخصصــة هلل‪ .‬فَ َكااذلَ َ ا ْل َع َجااينُ = العجــين مــأخوذ مــن‬ ‫تخــرج مــن الحقــل) هلل‪ ،‬فيتبــارك كــل المحصــول‪ُ .‬مقَ َّد َ‬

‫المحصول‪ .‬ولكن فكرة أن الشعب هو عجين تشير ألن الشـعب كلـه جسـد واحـد‪ .‬وبـولس رأي أن أبـاء اليهـود مثـل‬

‫إبراهيم واسحق ويعقـوب واألنبيـاء هـم البـاكورة المقدسـة‪ ،‬فهـم كرسـوا حيـاتهم هلل‪ ،‬وبـذلك فـإن العجـين أو أمـة اليهـود‬

‫كلها موضوعة لكي تصـبح مقدسـة أيضـاً‪ .‬واذا كـان األصـل أي اآلبـاء واألنبيـاء مقدسـاً فـإن األغصـان التـي تنبـت‬

‫من هذا األصـل أي اإلسـرائيليين موضـوعون ليكونـوا قديسـين (هنـا َشـَّبه اليهـود بشـجرة) ولـيس المقصـود طبعـاً كـل‬ ‫اليهود بل البقيـة التـي تـؤمن‪ ،‬فلـيس كـل اإلسـرائيليون هـم إسـرائيليون (رو ‪ .)129‬ولقـد كانـت العجينـة مقدسـة حتـى‬

‫‪214‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫خ ــرج منه ــا المس ــيح فص ــار م ــن ي ــؤمن بالمس ــيح ه ــو المق ــدس‪ .‬ه ــذا الك ــالم موج ــه لألم ــم حت ــى ال يرفضـ ـوا اليه ــود‬ ‫ويحتقروهم‪ ،‬حتى يزرع المحبة بين الجميع‪.‬‬

‫‪57‬‬ ‫ِ‬ ‫ـت ِفيهـا‪ ،‬فَ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫َص ِـل‬ ‫ت َ‬ ‫ص ْـر َ‬ ‫ـان‪َ ،‬وأَ ْن َ‬ ‫ان قَ ْد قُ ِط َع َب ْع ُ‬ ‫آية (‪ " -:)57‬فَِإ ْن َك َ‬ ‫ش ِـري ًكا فـي أ ْ‬ ‫ـت َزْيتُوَنـ ٌة َبِّريَّـ ٌة طُ ِّع ْم َ َ‬ ‫ـض األَ ْغ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫س ِم َها‪"،‬‬ ‫الزْيتُوَنة َوَد َ‬

‫في الطبيعة لو طعمنا غصناً م اًر ووضعناه في زيتونـة جيـدة فسـيخرج الفـرع المـر زيتونـاً مـ اًر‪ .‬ولهـذا فـالطبيعي أن‬

‫يطعم إنساناً غصناً جيداً في الزيتونة وانه لشئ غير طبيعي أن نطعم غصـناً مـ اًر مـن زيتونـة بريـة م ّـرة فـي زيتونـة‬ ‫جيــدة‪ ،‬والزيتونــة البريــة هــي األمــم والزيتونــة الجيــدة هــي اليهــود‪ .‬ولكــن عمــل النعمــة أعطــي طبيعــة جديــدة لألمــم‬

‫المؤمنــون فصــاروا غصــناً جيــداً‪ ،‬تــم تطعيمــه فــي الزيتونــة األصــلية‪ ،‬فــاألممي الــذي آمــن صــار فــي المســيح خليقــة‬ ‫جديدة‪ ،‬فاهلل حين يقدس (الفرع المـر) يغيـر الـنجس (الفـرع المـر) إلـي قـديس طـاهر = (فـرع جيـد)‪ ،‬مـن هـذا المثـل‬

‫نفهــم أن الزيتونــة هــي الكنيســة سـواء فــي العهــد القــديم أو العهــد الجديــد‪ ،‬فكنيســة العهــد الجديــد هــي إمتــداد لكنيســة‬ ‫اان = يقـول هـذا بطريقـة‬ ‫اليهود‪ ،‬وأن المسيحية هي مرحلة اإلسـتعالن األخيـر لتـدبير اهلل وبـره‪ .‬قُ َطا َع بَ ْع ُ‬ ‫اض األَ ْغ َ‬ ‫ص َ‬

‫لطيفــة فعمليـاً الغالبيــة مــن اليهــود قطعــت‪ .‬ومــن هــذا نفهــم كلمــة البقيــة أنهــا تشــير لمــن تبقــي علــي الزيتونــة‪َ .‬وأَ ْنا َ‬ ‫زَ ْيتُونَةل بَ ِّريَّةل = هذه ثمارها عديمة النفع وذلك ألن األمم كانوا في وثنية‪ .‬األغصان التي قطعـت هـم اليهـود الـذين‬ ‫لم يؤمنوا‪ ،‬ودخل مكانهم األمم الذين آمنوا‪.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ت لَس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صِ‬ ‫اك َي ْح ِم ُل! "‬ ‫َص ُل إِ َّي َ‬ ‫ان‪َ .‬وِا ِن افْتَ َخ ْر َ‬ ‫َص َل‪َ ،‬ب ِل األ ْ‬ ‫ت تَ ْحم ُل األ ْ‬ ‫ت‪ ،‬فَأَ ْن َ ْ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَالَ تَ ْفتَخ ْر َعلَى األَ ْغ َ‬ ‫إن كـان عـدو الخيـر قــد غلـب الكثيـرين مــن اليهـود برفضـهم اإليمــان‪ ،‬فإنـه ال يلقـي بســالحه أمـام الـذين يؤمنــون إذ‬

‫يحــاول تحطــيمهم بالكبريــاء‪ .‬وهنــا يحــذرهم الرســول مــن الكبريــاء‪ ،‬ومــن أن يحتقــروا اليهــود اآلبــاء‪ ،‬فــإن كــان األمــم‬

‫يتمتعون اآلن بالبركات اإللهية‪ ،‬فإن أصل الزيتونة أي اآلباء هم أصحاب الفضل في ذلك‪.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ان ألُطَ َّع َم أَ​َنا!»‪" .‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ستَقُو ُل‪« :‬قُط َعت األَ ْغ َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَ َ‬ ‫لعلك تبرر إفتخارك وتقول إن األغصان (اليهود) قطعت ألطعم أنا في الشجرة‪.‬‬

‫‪:2‬‬ ‫ت ِب ِ‬ ‫َج ِل َع َدِم ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ان ثَ​َب َّ‬ ‫ف! "‬ ‫ستَ ْك ِب ْر َب ْل َخ ْ‬ ‫ان قُ ِط َع ْت‪َ ،‬وأَ ْن َ‬ ‫س ًنا! ِم ْن أ ْ‬ ‫ت‪ .‬الَ تَ ْ‬ ‫آية (‪َ " -:):2‬ح َ‬ ‫اإل َ‬ ‫اإل َ‬ ‫أنت لم تطعم في الشجرة بسبب أعمالك بل بنعمة اهلل الذي آمنت به‬

‫ستَ ْكبَ ْر = فالكبرياء يمنع أن يكون لك ثمر‪ .‬فإن كان اهلل قد قطع األغصان الطبيعية األولي ألنه لم يجد فيها‬ ‫فالَ تَ ْ‬

‫ثمر (كان ذلك بسبب كبريائهم وبرهم الذاتي) فهو قطعـاً سـيقطع األممـي الـذي لـن يكـون لـه ثمـر بسـبب كبريائـه ‪.‬‬ ‫بَ ْل َخفْ = تواضع‪.‬‬

‫‪215‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬ ‫‪:5‬‬ ‫يعي ِ‬ ‫ان الطَّ ِب ِ‬ ‫صِ‬ ‫ضا! "‬ ‫َّة َفلَ َعلَّ ُه الَ ُي ْ‬ ‫ان اهللُ لَ ْم ُي ْ‬ ‫ش ِف ْ‬ ‫ش ِف ُ‬ ‫آية (‪ " -:):5‬أل ََّن ُه إِ ْن َك َ‬ ‫ق َعلَ ْي َك أ َْي ً‬ ‫ق َعلَى األَ ْغ َ‬ ‫علي ـ ــك أن تخ ـ ــف حت ـ ــى ال تقط ـ ــع فأنـ ـ ـت لس ـ ــت غص ـ ــناً طبيعيـ ـ ـاً‪" .‬إذاً م ـ ــن يظ ـ ــن أن ـ ــه ق ـ ــائم فلينظ ـ ــر ل ـ ــئال يس ـ ــقط‬

‫(‪1‬كو‪ .)11215‬وعلينا أن نستمر في جهادنا وال نستهتر حتى ال نقطع‪.‬‬ ‫‪::‬‬ ‫ـف ِ‬ ‫اهلل‬ ‫آية (‪ " -:)::‬فَ ُه َـوَذا لُ ْط ُ‬ ‫اللُّ ْط ِ‬ ‫ستُ ْقطَعُ‪.‬‬ ‫ف‪َ ،‬وِاالَّ فَأَ ْن َ‬ ‫ت أ َْي ً‬ ‫ضا َ‬

‫ـك‪ ،‬إِ ْن ثَ​َب َّ‬ ‫ـت ِفـي‬ ‫َمـا َّ‬ ‫سـقَطُوا‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫امتُ ُه‪ :‬أ َّ‬ ‫ـف َفلَ َ‬ ‫َمـا اللُّ ْط ُ‬ ‫ام ُة فَ َعلَـى الَّ ِـذ َ‬ ‫ين َ‬ ‫َو َ‬ ‫الص َـر َ‬ ‫ص َـر َ‬ ‫"‬

‫إن سقط اإلنسان واستهتر فسيجد الصرامة‪ ،‬وان ثبت وجد اللطف‪.‬‬ ‫آية (‪َ :3" -:):3‬و ُه ْم إِ ْن لَ ْم َيثْ ُبتُوا ِفي َع َدِم ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫ون‪ .‬أل َّ‬ ‫َن ُي َ‬ ‫س ُي َ‬ ‫َن اهللَ قَ ِادٌر أ ْ‬ ‫ط َّع ُم َ‬ ‫ط ِّع َم ُه ْم أ َْي ً‬ ‫ان َ‬ ‫اإل َ‬ ‫س اي ُ َ‬ ‫طعَّ ُمونَ ثانيــة‪ .‬ف ااهللَ قَااا َد لر = فمــن طعــم‬ ‫اان = إن عــاد الــذين قطعـوا إلــي اإليمــان‪َ .‬‬ ‫اإلي َما َ‬ ‫إَنْ لَا ْم يَ ْثبُتُااوا فَااي َعاد َ​َم َ‬ ‫األغصــان البريــة قــادر أن يعيــد األغصــان الطبيعيــة‪ .‬لكــن الحــظ هنــا حريــة اإلرادة‪ ،‬فاإلنســان حــر أن يثبــت فــي‬ ‫اإليمان أو يتركه‪.‬‬

‫‪:4‬‬ ‫ِ‬ ‫ت ِم َن َّ ِ‬ ‫ب الطَّ ِبيع ِـة‪ ،‬وطُ ِّعم َ ِ ِ َّ‬ ‫يع ِـة ِفـي‬ ‫ت قَ ْد قُ ِط ْع َ‬ ‫ت أَ ْن َ‬ ‫آية (‪ " -:):4‬أل ََّن ُه إِ ْن ُك ْن َ‬ ‫سَ‬ ‫ـت ِبخـالَف الط ِب َ‬ ‫الزْيتُوَنة ا ْل َبِّريَّة َح َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ين ُهم حسب الطَّ ِبيع ِة ِ‬ ‫ط َّعم ُ ِ ِ‬ ‫اص ِة؟ "‬ ‫‪،‬في َزْيتُوَن ِت ِهِم ا ْل َخ َّ‬ ‫َزْيتُوَن ٍة َج ِّي َد ٍة‪ ،‬فَ َك ْم ِبا ْل َح ِر ِّ‬ ‫هؤالَء الَّذ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ي ُي َ ُ‬

‫هــذا إشــارة لســهولة تطعــيمهم ورجــوعهم للزيتونــة األصــلية إن آمنـوا‪ ،‬وقولــه زيتــونتهم الخاصــة يشــير ألن اليهــود لــن‬ ‫ُ الطَّبَي َع ا َة = األمــم كــانوا زيتونــة بريــة‬ ‫سا َ‬ ‫يســقطوا (يرفضـوا لألبــد) ألن زيتــونتهم باقيــة‪َ .‬ح َ‬ ‫اب الطَّبَي َع ا َة‪ 000 ،‬بَ َخ االَ َ‬

‫بسـبب عبـادتهم لألوثــان ونجاسـتهم‪ ،‬والزيتونـة البريــة طعمهـا مـر‪ .‬والطبيعــي أن نطعـم غصـناً جيــداً فـي الزيتونــة ال‬

‫غصــناً م ـ اًر لنحســن الصــنف ولكــن تطعــيم غصــن مــر فــي زيتونــة جيــدة فهــذا بخــالف الطبيعــة‪ .‬ولكــن فــإن النعمــة‬

‫غيرت الفرع المر إلي فرع جيد‪.‬‬

‫‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن تَ ْجهلُوا ه َذا ِّ ِ َّ‬ ‫ُّها ِ‬ ‫اء‪ :‬أ َّ‬ ‫ـاوةَ‬ ‫اإل ْخ َوةُ أ ْ‬ ‫ت أ ُِر ُ‬ ‫سُ‬ ‫آية (‪ " -:):1‬فَِإ ِّني لَ ْ‬ ‫َ‬ ‫يد أَي َ‬ ‫سَ‬ ‫َن ا ْلقَ َ‬ ‫الس َّر‪ ،‬ل َئال تَ ُكوُنوا ع ْن َد أَ ْنفُس ُك ْم ُح َك َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ُمِم‪"،‬‬ ‫س َرِائ َ‬ ‫يل إِلَى أ ْ‬ ‫صلَ ْت ُج ْزِئيًّا ِإل ْ‬ ‫قَ ْد َح َ‬ ‫َن َي ْد ُخ َل م ْل ُؤ األ َ‬ ‫س َّر = السر هو عمل من أعمال اهلل الفائقة التي كانت مخفية عنده ثم أعلنه‪ .‬والسر هو أن القسـاوة حـدثت‬ ‫ه َذا ال ِّ‬

‫لجزء من اليهود فقط إذ قبل الجزء اآلخـر المسـيح‪ ،‬وحـدثت هـذه القسـاوة لفتـرة مـن الزمـان ‪ ،‬يعـود بعـدها اهلل ويقبـل‬ ‫الجــزء البــاقي= ُج ْزَِياااا‪ .‬واهلل ينتظــر َم ْلا ُْ األُ َما َام = أي أن يكمــل مــن إختــارهم وهــو يعــرف عــددهم‪ ،‬الــذين هــم تمامـاً‬ ‫بحسب ملء بيته (لو‪" )23214‬حتى يمتلئ بيتي" ‪( +‬رؤ‪ .)152:،11‬هؤالء هـم المختـارين مـن األمـم الـذين سـبق‬

‫فع ـرفهم ‪ ،‬فســبق وعيــنهم (رو‪ .)2928‬وببلــوغ األمــم ملــؤهم يعــود إس ـرائيل فيقبــل اإليمــان‪ ،‬وهــذا ال يعنــي الكــل بــل‬ ‫البقية‪ .‬نري هنا بولس الرسول يدافع عن بر اهلل لمن يتصور أن اهلل بعد أن إختار اليهود عاد ورفضهم‪.‬‬

‫‪216‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬ ‫‪:6‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـور‬ ‫س َـرِائ َ‬ ‫يل‪َ .‬ك َمـا ُه َـو َم ْكتُ ٌ‬ ‫ص َجميـعُ إِ ْ‬ ‫ـوب‪َ «:‬‬ ‫س َي ْخلُ ُ‬ ‫آية (‪َ " -:):6‬وه َك َذا َ‬ ‫س َـي ْخ ُر ُج م ْـن ص ْـه َي ْو َن ا ْل ُم ْنقـ ُذ َوَي ُـرُّد ا ْلفُ ُج َ‬ ‫وب‪" .‬‬ ‫َع ْن َي ْعقُ َ‬ ‫‪22‬‬ ‫س َاراَِي َل = لـيس الجميـع بـل‬ ‫ص َج َميا ُع إَ ْ‬ ‫سايَ ْخلُ ُ‬ ‫يقتبس الرسول هنا مـن (إش‪َ .)9221 + 21 ، 25 2 09‬وه َكا َذا َ‬

‫البقية (آية‪ ،)0‬وقوله الجميع يقصد به كل الذين سـيؤمنون ويبقـون علـي الزيتونـة‪ .‬هـؤالء سـيؤمنوا فـي نهايـة األيـام‬ ‫صا ْهيَ ْونَ ا ْل ُم ْنقَا ُذ = فالمسـيح خــرج مـن صــهيون فــي مجيئـه األول وآمنــت بــه‬ ‫بعـد أن يــتم ملـؤ األمــم‪َ .‬‬ ‫سايَ ْخ ُر ُج َماانْ َ‬ ‫البقية‪ .‬وفي آخر األيام سيخرج م ن صهيون النبيين إيليا وأخنوخ ليحركوا اإليمان في قلوب البقية ليؤمنوا بالمسيح‪.‬‬ ‫ور‪.‬‬ ‫فالسيد المسيح قبل مجيئه الثاني سيرسل من ينقذ البقية فيَ ُر رد ا ْلفُ ُج َ‬

‫آية (‪َ :7" -:):7‬وه َذا ُه َو‬ ‫اإلشارة لنزع الخطايا تتفق‬

‫اه ْم»‪" .‬‬ ‫ت َخ َ‬ ‫ط َاي ُ‬ ‫ا ْل َع ْه ُد ِم ْن ِق َبِلي لَ ُه ْم َمتَى َن َز ْع ُ‬ ‫مع (أر‪ )34-31231‬وفيهـا نبـوة بالعهـد الجديـد الـذي رفعـت فيـه الخطايـا بالفـداء‪ .‬وفـي‬

‫(أر‪ )31-30231‬نبوة برجوع البقية أي قبول اليهود لإليمان في نهاية األيام‪.‬‬ ‫َج ِل اآلب ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإل ْن ِج ِ‬ ‫آية (‪ِ :1" -:):1‬م ْن ِج َه ِة ِ‬ ‫االخ ِت َي ِ‬ ‫اء‪"،‬‬ ‫َجلِ ُك ْم‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫َما ِم ْن ِج َه ِة ْ‬ ‫َّاء ِم ْن أ ْ‬ ‫اء ِم ْن أ ْ‬ ‫يل ُه ْم أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ار فَ ُه ْم أَحب ُ‬ ‫َع َد ٌ‬ ‫يل‪ ....‬فإن اليهود بعدم إيمـانهم وبصـلبهم للمسـيح قـد صـاروا أعـداء هلل‪ ،‬مـن أجـل أن‬ ‫اإل ْن َج َ‬ ‫فيما يختص بالبشارة = َ‬ ‫تــدخلوا أنــتم لإليمــان إلــي ملكــوت المســيا‪ .‬أمــا فيمــا يخــتص بإختيــارهم الــذي ســبق وأعــده اهلل منــذ وقــت طويــل فهــم‬

‫محبوبون من اهلل من أجل آبائهم بالجسد‪ ،‬لذلك فرفضهم جزئياً‪.‬‬ ‫يل = هذه هي البشارة التي نبشر بها‪ ،‬قبولكم أنتم يا أمم اآلن‪ ،‬ثم قبولهم أخي اًر‪.‬‬ ‫اإل ْن َج َ‬ ‫َمنْ َج َه َة َ‬

‫ِ‬ ‫آية (‪:1" -:):1‬أل َّ ِ ِ ِ‬ ‫ام ٍة‪" .‬‬ ‫َن ه َبات اهلل َوَد ْع َوتَ ُه ه َي ِبالَ َن َد َ‬ ‫الــذي يــدعوه اهلل يعطيــه هبــات ‪ ،‬والــذي يهبــه اهلل يــدعوه‪ ،‬واهلل إختــار إس ـرائيل ووهبهــا الكثيــر‪ ،‬ودعاهــا إبنــي البكــر‬ ‫ليكون ـوا نــو اًر للشــعوب‪ .‬والــذين يح ــبهم اهلل يحــبهم إلــي المنتهــي‪ ،‬ف ــاهلل أحــبهم وهــم محبوبــون‪ ،‬ألن اهلل ال يتع ــرض‬ ‫لإلنخــداع والضــالل عنــدما يختــار وعنــدما يــدعو‪ ،‬ولــذلك فهــو ال ينــدم مــن أجــل العطايــا الت ـي وعــد أن يهبهــا وال‬ ‫يتراجع في الدعوة التي وجهها‪.‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪32‬‬ ‫ِ‬ ‫لك ِن َ ِ‬ ‫ون اهلل‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َي ِ‬ ‫اهؤالَ ِء‬ ‫هؤالَ ِء ه َك َذ ُ‬ ‫ان ُ‬ ‫اآلن ُرح ْمتُ ْم ِبع ْ‬ ‫يع َ َ َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)35-32‬فَِإ َّن ُه َك َما ُك ْنتُ ْم أَ ْنتُ ْم َم َّرةً الَ تُط ُ‬ ‫ِ‬ ‫ضا ِب َر ْح َم ِت ُك ْم‪".‬‬ ‫ضا َ‬ ‫يعوا لِ َك ْي ُي ْر َح ُموا ُه ْم أ َْي ً‬ ‫أ َْي ً‬ ‫اآلن‪ ،‬لَ ْم ُيط ُ‬ ‫ال يجب أن تتعجبـوا مـن أن وعـود اهلل وهباتـه البـد أن تـتم ألنكـم أنـتم أيضـاً أيهـا األمميـون كنـتم قـد دعيـتم مـن اهلل‬

‫قبل أن يـدعي إبـراهيم ولكـنكم فـي ذلـك الوقـت رفضـتم الـدعوة وعبـدتم األوثـان‪ ،‬وأمـا اآلن فـإنكم قـد رحمـتم بواسـطة‬

‫عدم إيمان اليهـود فقبلـتم أنـتم فـي حظيـرة اإليمـان‪ ،‬وهكـذا الحـال بالنسـبة لليهـود‪ ،‬فـإنهم اآلن ال يظهـرون طـاعتهم‬ ‫ضا بَ َار ْح َمتَ ُك ْم = أي بـنفس الصـورة التـي رحمـتم أنـتم‬ ‫وايمانهم ولكنهم سيقبلون اإليمان يوماً مـا‪ .‬لَ َك ْي يُ ْر َح ُموا ُه ْم أَ ْي ا‬ ‫بها‪ ،‬فكما حدث معكم سيحدث أيضاً معهم‪.‬‬

‫‪217‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫ِ‬ ‫يع معا ِفي ا ْل ِعصي ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يع‪".‬‬ ‫آية (‪3:" -:)3:‬أل َّ‬ ‫َن اهللَ أ ْ‬ ‫َغلَ َ‬ ‫َْ‬ ‫ان‪ ،‬ل َك ْي َي ْر َح َم ا ْل َجم َ‬ ‫ق َعلَى ا ْل َجم ِ َ ً‬ ‫ق = إستذنب أو دان‪ .‬والمعني أنه‪ ...‬ولقـد صـار عـدم إيمـان هـؤالء األمـم فـي بـادئ األمـر‪ ،‬كـذلك صـار عـدم‬ ‫أَ ْغلَ َ‬ ‫إيمان اليهود اآلن‪ .‬اليهود صلبوا المسيح‪ ،‬واألمم بوثنيتهم‪ ،‬ونحن الذين مازلنـا نخطـئ حتـى اآلن الكـل عصـي اهلل‬

‫وأهانه‪ ،‬واهلل يظهر رحمته للجميع‪.‬‬

‫ص وطُرقَ ُه ع ِن االس ِت ْقص ِ‬ ‫ق ِغ َنى ِ‬ ‫آية (‪َ 33" -:)33‬يا لَ ُع ْم ِ‬ ‫اء! "‬ ‫اهلل َو ِح ْك َم ِت ِه َو ِع ْل ِم ِه! َما أ َْب َع َد أ ْ‬ ‫ام ُه َع ِن ا ْلفَ ْح ِ َ ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َح َك َ‬ ‫في اآليات السابقة رأينا بولس الرسول يشرح كيف أن اهلل قبل اليهود ورفـض األمـم‪ ،‬ثـم قبـل األمـم ورفـض اليهـود‪،‬‬

‫ثم يقبل اليهود أخي اًر‪ ،‬وأخذ بولس الرسول يفكر في حكمة اهلل فرأي أنه لـن يمكنـه فهـم خطـة اهلل ولمـاذا فعـل ذلـك‪.‬‬ ‫وبنفس المنطق لـيس مـن حقـي أن أتسـاءل‪ ،‬مـا هـي حكمتـك يـارب فـي هـذا األمـر أو ذاك‪ ،‬هـل فـالن سـيخلص أم‬

‫ال‪ ،‬ال تفكر فحكمة اهلل أعلي من كل أفكارنا‪ .‬وال تفكر لماذا سـمح اهلل بهـذه التجربـة‪ ،‬فقـط قـل أن مـن المؤكـد أنهـا‬ ‫للخيــر حتــى مــع عــدم فهمنــا ولنضــع قــول الســيد المســيح لبطــرس (يــو‪ )1213‬لســت تفهــم أنــت اآلن مــا أنــا أصــنع‬

‫ولكنك ستفهم فيما بعد‪ .‬هكذا نسمع في (أش‪ )8200‬أن أفكار اهلل تعلو عن أفكارنا‪ .‬عموماً يصعب علي اإلنسـان‬

‫أن يفهم كل أحكام اهلل وأن يدرك كيف ُي َسّير األمور ويوجهها ليحقق الخالص للبشر فبولس أكثـر مـن عـرف عـن‬ ‫أسـرار اهلل يجلــس هنــا كمــن ال يفهــم وال يســتطيع إالّ أن يمجــد اهلل علــي عمــق أحكامــه إستقصــاء= فهــم وتبــين كــل‬ ‫الجوانب‪ .‬فكل شئ ٍ‬ ‫عار أمام اهلل‪ ،‬أما لي فأنا أعرف بعض المعرفة‪ ،‬اهلل فاحص القلوب والكلي أما أنا فال أعـرف‬

‫سوي الظاهر أمامي‪.‬‬

‫مثال ‪ -:‬إذا رأيت إنساناً طيباً أقول أن اهلل عليه أن يزيده ماالً وصحة‪ ،‬وهذا ألنني أحكم بمقياس مادي‪ ،‬وأجد اهلل‬ ‫يجربــه ويبتليــه‪ ،‬ألن اهلل يعلــم أنــه لــو زاده مــاالً لضــاعت منــه فرصــة خــالص نفســه‪ ،‬فحســابات اهلل غيــر حســاباتي‪،‬‬ ‫فحسابات اهلل سماوية‪ .‬اهلل يريد أن يكمل عبيده وقد يكون هـذا بـاآلالم وهـذا مـا حـدث للمسـيح نفسـه (عـب‪)1522‬‬

‫فكم باألولي لنا نحن البشر‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ِ‬ ‫َعطَاهُ فَ ُي َكافَأَ؟»‪".‬‬ ‫الر ِّ‬ ‫ف ِف ْك َر َّ‬ ‫َن َم ْن َع َر َ‬ ‫اآليات (‪« " -:)31-34‬أل ْ‬ ‫س َب َ‬ ‫ق فَأ ْ‬ ‫يرا؟ أَ ْو َم ْن َ‬ ‫ب؟ أ َْو َم ْن َ‬ ‫ص َار لَ ُه ُمش ً‬ ‫ق فَا َ ْعطَاهُ فَيُ َكافَا َ = من الذي أعطي الرب أو أقرضه شيئاً حتي يكون مـن حقـه أن يأخـذ مكافـأة فـي مقابـل‬ ‫سب َ َ‬ ‫َمنْ َ‬

‫عطائه هلل‪ .‬وبهذا فإسرائيل ليس من حقه أن يسـأل اهلل لمـاذا تركتنـي إذ رفـع اهلل رحمتـه عـنهم فـاهلل لـيس مـديناً لهـم‬ ‫وليس من حقي أنا أن أسال اهلل لماذا سمحت بهذا أو ذاك‪ ،‬وليس من حقي أن أطالب اهلل بشرح كل ما يسمح به‬

‫من مواقف فاهلل ليس مديناً ألحد‪.‬‬

‫اء‪ .‬لَ ُه ا ْلم ْج ُد إِلَى األَب ِد‪ِ .‬‬ ‫شي ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪36" -:)36‬أل َّ ِ‬ ‫ين‪" .‬‬ ‫آم َ‬ ‫َ‬ ‫َن م ْن ُه َوِبه َولَ ُه ُك َّل األَ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫إن اهلل يحكم كل األشياء ألنه هو الذي خلقها جميعاً بحكمته‪ .‬وألجل مجده تهتف وتتجه كل المخلوقات‪ ،‬فله‬ ‫يعطي كل المجد إلي دهر الدهور آمين‪.‬‬

‫‪218‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫اإلصحاح الثاني عشر‬

‫عودة للجدول‬

‫‪5‬‬ ‫ضـ َّـي ًة ِع ْنـ َـد ِ‬ ‫ـاد ُكم َذ ِبيح ـ ًة ح َّي ـ ًة مقَدَّس ـ ًة مر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّهــا ِ‬ ‫اهلل‪،‬‬ ‫ِّموا أ ْ‬ ‫آيــة (‪ " -:)5‬فَأَ ْطلُـ ُ‬ ‫ـب إِلَـ ْـي ُك ْم أَي َ‬ ‫َج َ‬ ‫َ َ ُ َ َْ‬ ‫سـ َ ْ‬ ‫اإل ْخـ َـوةُ ِب َأْرفَــة اهلل أَ ْن تُقَــد ُ‬ ‫ادتَ ُك ُم ا ْل َع ْقلِ َّي َة‪".‬‬ ‫ِع َب َ‬ ‫اب = حــرف الفــاء يشــير أن الحــديث القــادم إمتــداد لمــا ســبق وأن مــا ســيطلبه اآلن فــي اآليــات واإلصــحاحات‬ ‫فَا َ ْطلُا ُ‬

‫القادمــة مبنــي علــي مــا شــرحه فيمــا ســبق‪ .‬فالرسـول ســبق وشــرح جوانــب إيمانيــة تمــس الخــالص وأظهــر أن النعمــة‬ ‫باإليمان هي قوة إلهية تكسر حدة الخطيـة‪ .‬ونـري فيمـا يلـي أننـا علينـا أن نجاهـد‪ ،‬فلـيس معنـي النعمـة أن يتكاسـل‬

‫المـؤمن‪ ،‬واال فقــد عمـل النعمــة‪ .‬لــذلك يقـول الرســول إمــتألوا بـالروح (بالجهــاد) ويقــول ال تطفئـوا الــروح (باإلســتهتار‬

‫والخطية)‪ .‬وقطعا فإطفـاء الـروح هـو فقـدان لعمـل النعمـة أمـا الجهـاد فيعطينـا إمـتالء بنعمـة فـوق نعمـة (يـو‪)1:21‬‬

‫وهذا ما عناه الرسول بقوله إضرم موهبة اهلل التي فيك (‪2‬تي‪. ) :21 2‬‬

‫ولــو كانــت األعمــال ال لــزوم لهــا وهكــذا الجهــاد‪ ،‬وأن النعمــة تعمــل كــل شــيء‪ ،‬فمــا معنــي أن يطلــب الرســول مــن‬ ‫المــؤمنين أن يقوم ـوا بتنفيــذ هــذه الوصــايا‪ ،‬مثــل تقــديم أجســادنا ذبيحــة حيــة (هــذه اآليــة) فــال إنفصــال بــين اإليمــان‬

‫والســلوكيات (األعمــال) فمــثالً مــن يــؤمن بــأن النعمــة تعمــل كــل شــئ فهــو سيتكاســل ولــن يعمــل‪ ،‬ومــن يــؤمن بــأن‬ ‫الخالص تم في لحظة وأن إسمه كتب في سفر الحياة وأنه لن يهلـك مهمـا حـدث فهـذا سـيدفعه ألن يخطـئ طالمـا‬

‫ضــمن الخــالص‪ ،‬إذاً العقيــدة تــؤثر تــأثي اًر واضــحاً علــي األعمــال والســلوكيات‪ ،‬فــال ســلوك عملــي دون إيمــان‪ ،‬وال‬ ‫إيمان حي دون أعمال (رسالة يعقوب) فالسلوكيات تتشـكل بحسـب العقيـدة التـي شـرحها الرسـول فـى‪ 11‬إصـحاح‪.‬‬

‫مثال آخر‪ 2‬من يؤمن بالشفاعة تكون له صداقة مع السمائيين وعشرة حلوة معهم ولـه إنتمـاء للسـماء التـي صـارت‬ ‫مفتوحة‪ .‬هنا كعادة بولس الرسول يخصص الجزء األخيـر فـى رسـالته للوصـايا العمليـة كثمـرة لحيـاة اإليمـان وثمـرة‬

‫لسكني الروح القدس فى المؤمنين‪ .‬ولكن الروح القدس ال يعطي لمن ال يجاهد‪.‬‬ ‫بَ َر ْأفَ َة للاَ = قد تعنى "من أجـل أرفـات اهلل أتوسـل إلـيكم أن تعملـوا كـذا وكـذا ولكنهـا هـي تعنـى أنـه إن كنـت أطلـب‬ ‫إلــيكم أن تقــدموا أجســادكم ذبــائح حيــة وفــى هــذا بعــض اآلالم‪ ،‬فقبــل أن أطلــب هــذا أطمئــنكم أن اهلل ســيتعامل مــع‬

‫أجسادكم المقدمة برفق وسيعطيكم تعزيات لذيذة تتناسب مـع ذبـائحكم المقدمـة‪ .‬وتعنـى أيضـاً أنـه فـي مقابـل رحمـة‬

‫اهلل ورأفته علينا أن نعمل كذا وكذا‪...‬‬ ‫يح اةا َحيَّ اةا = الكــاهن هــو الــذي يقــدم ذبــائح‪ ،‬ومــن هنــا نفهــم قــول الكتــاب جعلنــا ملوكــا وكهنــة‬ ‫سااا َد ُك ْم َذبَ َ‬ ‫قَ ا ِّد ُموا أَ ْج َ‬ ‫(رؤ‪1+ :21‬بط ‪ .)922‬فهناك كهنوت خـاص‪ ،‬وهـذا هـو سـر الكهنـوت‪ ،‬خـادم أسـرار الكنيسـة وهنـاك كهنـوت عـام‬ ‫لكل المؤمنين فيه يقدم الكل ذبائح‪-2‬‬

‫‪ .1‬تسبيح (عب‪.)10213‬‬

‫‪ .2‬خدمة فقراء (عب‪.)1:213‬‬

‫‪ .3‬إنسحاق وتواضع (مز‪.)11201‬‬ ‫‪ .4‬صلوات ورفع أيادي (مز‪.)22141‬‬ ‫‪219‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫‪ .0‬تقديم األجساد ذبيحة حية (هذه اآلية)‪.‬‬ ‫يحاةا َحيَّاةا =شـرح الرسـول فيمـا سـبق مـا أعطـاه اهلل لنـا مـن نعمـة فمـاذا نقـدم لـه فـى المقابـل ؟ أجسـادنا‬ ‫سا َد ُك ْم َذبَ َ‬ ‫أَ ْج َ‬ ‫ذبيحة حية‪ .‬فالعبادة اليهودية كانت تقدم فيها ذبائح حيوانية (تذبح فعال) أما العبادة المسيحية فتقـدم فيهـا أجسـادنا‬

‫ذبائح حية‪ ،‬أي ال داعي ألن نموت فعالً بل أن نميت اإلنسان العتيق وذلـك بصـلب شـهواتنا (غـل‪ )2420‬وكـذلك‬

‫باألص ـوام والمطانيــات والصــلوات الطويلــة‪ .‬وأن نحســب أنفســنا أموات ـاً عــن الخطيــة فنكــف عــن أســتخدام أعضــائنا‬ ‫كآالت إثم تتلذذ بشهوات هذا العالم‪ ،‬وحينمـا نمنـع عـن اإلنسـان العتيـق الشـهوات الحسـية فإنـه يمـوت بعمـل الـروح‬

‫ومعونته (رو‪ )1328‬أمثلة لعدم إستخدام أعضائنا كآالت إثم‪2‬‬ ‫‪ .1‬ضع عينيك فى التراب‪.‬‬

‫‪ .2‬إقفل أذنيك عن سماع الخطأ وحتى ما هو شبه خطأ‪.‬‬ ‫‪ .3‬إمسك لسانك عن التكلم بالشر‪.‬‬

‫‪ .4‬إمتنع عما كنت تتلذذ به من خطايا العالم‪.‬‬

‫‪ .0‬إجهــد نفســك فــى عمــل الخيــر وقــد يكــون جســدك متعبــا= هــذا يســاوي تقــديم الجســد كذبيحــة حيــة‪ .‬والحــظ أن‬ ‫األجساد هى األداة التى تعبر عما فى القلب والفكر‪.‬‬ ‫ضيَّةا َع ْن َد للاَ = التقديس هو اإلفراز عن العالم والتخصيص هلل بال دنس‬ ‫ُمقَ َّد َ‬ ‫سةا َم ْر َ‬ ‫ضيَّةا َع ْنا َد للاَ = الـذبائح الدمويـة لـم تكـن مرضـية عنـد اهلل بقـدر الـذبائح الحيـة كاإلنسـحاق‪ ،‬وهـذا فهمـه اآلبـاء‪،‬‬ ‫َم ْر َ‬ ‫وداود َعَّب ــر ع ــن ه ــذا (م ــز‪" )11 ، 1: 2 01‬اهلل ال يس ــر بالمحرق ــات‪ ،‬فالذبيح ــة هلل روح منس ــحق"‪ .‬واهلل ال يس ــر‬ ‫بتقديم تيوس كذبائح‪ ،‬بل يسر بشـفتين تسـبحانه بـالرغم مـن آالم الجسـد (هـو‪ .)2214‬وذبيحتنـا تكـون مرضـية عنـد‬

‫اهلل عندما نقدمها بالحب في مقابل محبته‪.‬‬ ‫َعبَا َدتَ ُك ُم ا ْل َع ْقلَيَّاةَ = ارجـع تفسـير (رو‪ .)921‬تقـديم أجسـادنا ذبـائح حيـة هـي عبـادة يجـب أن نقـدمها ككهنـة باقتنـاع‬

‫عقلي وهذا ما يفعله الروح الذي يقنع المؤمن بهذا‪ .‬والعبادة العقلية هي تفهم ألسرار محبة اهلل‪ ،‬فيشتعل القلب حباً‬

‫هلل ويشتهي تقديم جسده ذبيحة حب هلل الذي أحبه كل هذا الحب‪.‬‬

‫العبادة العقلية هي إقناع الروح القدس للمؤمن بما يفعله (أر‪.)1225‬‬ ‫أمـا العبـادة العميـاء المنبعثـة عـن جهـل فـال تليـق إالّ باألصـنام‪ ،‬أمـا اهلل فيقـول هلـم نتحـاجج (أش‪ ،)1821‬فـاهلل ال‬ ‫يفرض علينا شئ غير معقول أو غير مقبول‪ .‬العبادة العقلية هي إقتناع بأن نسلِّم أعضائنا كآالت بر هلل بدالً من‬ ‫أن تكــون آالت إثــم‪ ،‬فاإلقتنــاع مهــم قبــل أن نقــدم أجســادنا ذبــائح حيــة "أقنعتنــى يــا رب فإقتنعــت" (أر‪ )1225‬هــي‬

‫عبـادة يشــترك فيهــا كـل قــوي اإلنســان‪ ،‬الـنفس والعقــل والجســد والـروح‪ .‬والحــظ أن اهلل يقنــع آدم بـأن يكــون لــه معينـاً‬ ‫نظيره قبل أن يخلق له حواء‪ ،‬وذلك بأن جعله يالحظ أن كل الخليقة تتكون من ذكر وأنثى‪ ،‬فيكون هـذا مطلبـاً لـه‬

‫أوالً ثم يحققه له اهلل بعد ذلك (تك‪ .)21-1822‬والحظ عمل الروح القدس في األطفال الـذين تجـدهم يفرحـون بـاهلل‬ ‫ويحبونه دون أن يفهموا شئ‪ ،‬ولكن الروح أعطاهم هذا اإلقناع وهذا الحب‪ .‬والعكس في العبادة الوثنيـة التـي كلهـا‬

‫‪220‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫أمــا الكهنــوت المســيحي فكــل كلمــة تقــال منشــورة فــى الخـوالجي‪ ،‬والكــل يفهمهــا ويــدركها‬ ‫غمــوض وكلمــات مبهمــة‪ّ ،‬‬ ‫درك بالعقل‪ ،‬فالروح القدس يعطي لنا أن نقبله ونقتنع به‪.‬‬ ‫والكل مقتنع بها‪ ،‬حتى ما يصعب علي أن ُي َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ادةُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شـ ِ‬ ‫شــ ْكلِ ُك ْم ِبتَ ْج ِديـ ِـد أَذ َ ِ ِ ِ‬ ‫اهلل‪:‬‬ ‫َّــروا َعـ ْـن َ‬ ‫آيــة (‪َ " -:):‬والَ تُ َ‬ ‫ـاكلُوا هــ َذا الــد ْ‬ ‫ــي إِ َر َ‬ ‫َّه َر‪َ ،‬بـ ْـل تَ َغي ُ‬ ‫ْهــان ُك ْم‪ ،‬لتَ ْختَب ُــروا َمــا ه َ‬ ‫ض َّي ُة ا ْل َك ِ‬ ‫الصالِح ُة ا ْلمر ِ‬ ‫املَ ُة‪".‬‬ ‫َّ َ َ ْ‬

‫هنــاك صــورة ألوالد اهلل‪ ،‬يكونــون فيهــا شــكل المســيح فــي محبتــه وقداســته ووداعتــه ‪ ...‬يكونــون نــو اًر للعــالم‪ .‬وهنــاك‬

‫صورة ألوالد العالم الذين كل همهم البهرجة والموضة والعنف والشهوة‪...‬هم في ظلمة‪.‬‬ ‫جَ تُشَا َكلُوا ه َذا ال َّده َْر‪ 2‬أكبر عدو للتغيير إلي صورة اهلل‪ ،‬هـو أن نتشـبه بالعـالم وصـورة أوالده‪ ،‬فالعـالم ازئـل ازئـف‪،‬‬ ‫ومن يأخذ شكله يصير فانيا مثله‪.‬‬

‫تُشَا َكلُوا = تتشبهوا وتقلدوا‪ .‬من الخطأ أن نقول "كل الناس بتعمل كده" لسبب بسيط أننى لست نـاس‪ ،‬بـل أنـا إبـن‬ ‫هلل‪ ،‬لقــد أصــبحنا بعــد المعموديــة مخلوقــات ســماوية وم ـواطنين ســماويين ونصــلي ألبينــا الــذي فــى الســموات‪ ،‬واهلل‬

‫فإما أن نتخلي عن كل هـذا الـذي حصـلنا عليـه ونصـير شـكل العـالم‪ ،‬أو نتـرك شـكل العـالم ونتغيـر =‬ ‫يسكن فينا‪ّ ،‬‬ ‫بَا ْل تَ َ​َيَّا ُروا = كلمــة تغيــروا تشــير للخليقــة الجديــدة والـوالدة الجديــدة بالمعموديــة التــى لهــا قــوة تعــين علــي ذلــك‪ ،‬هــى‬ ‫تعيننا علي أن نتغير إلي تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما مـن الـرب الـروح ‪2‬كـو ‪ .1823‬وبـولس يطلـب‬

‫أن نترك الشكل القديم معتمدين علي ما حصلنا عليه في داخلنا من قوة مؤازرة من الروح القدس‪ .‬وبقدر ما نتغير‬ ‫عن شكل هذا الدهر تتشـكل كأبنـاء هلل‪ ،‬فنحمـل شـكل المسـيح‪ .‬مـن لـه شـكل العـالم يصـير فانيـا مثلـه‪ ،‬ومـن يحمـل‬

‫شكل المسيح سيكون في مجد أبدي مثله‪ .‬وكيف يتم هذا التغيير؟‬ ‫بَت َْج َديااا َد أَ ْذهَاااانَ ُك ْم = بالمعمودي ــة ص ــار لن ــا إدراك روح ــي‪ ،‬وه ــذا‬ ‫يتفــتح بإســتمرار مــع الد ارســة والتأمــل والقـراءة‪ ،‬ومــع الوقــت يحــدث‬

‫تجديــد الــذهن‪ .‬ففــي كــل م ـرة يحــدث حالــة إرتقــاء ذهنــي ويتحــول‬

‫الــذهن الجســدي إلــى ذهــن روحــي‪1(.‬بــط‪.)2321‬‬

‫الذهن يبدأ اإلنسان في اإلهتمام بأن يوجد مع اهلل‬

‫شكل‬ ‫أوجد‬

‫للا‬

‫شكل‬ ‫أوجد‬

‫أنا‬

‫العالم‬

‫ومــع تفــتح‬

‫تاركاً أماكن الشر‪ ،‬ويوماً وراء يوم يجد نفسه وقد إنصرف تماما عنها‪.‬‬

‫في البداية تجده متذبذباً بين هذه وتلك‪ ،‬ربما يضغط علي نفسه ليذهب للكنيسـة‪ ،‬ولكنـه يسـعد بأمـاكن اللهـو‪ ،‬ومـع‬

‫الوقت ال يجد لذته سوي في الكنيسة‪ .‬ويوماً وراء يوم تتغير مبادئه‪ ،‬في شكله األول كان يهتم بـالنوادي‪ ....‬واآلن‬ ‫صــار اهتمامــه فقــط بتســبيح اهلل‪ ،‬وهــذا يحــدث بتــأثير الــروح القــدس الــذي يعطيــه اإلقنــاع العقلــي‪ .‬كلمــا قــدم جســده‬

‫ذبيحة حية كلما إستنار أكثر بالروح القدس الذي يعطيه تغيي اًر وتجديداً لذهنه‪ .‬بل ما كان يفرح به في الماضي ال‬

‫اي إَ َرا َدةُ‬ ‫يعـود يفرحـه اآلن‪ .‬زمــان كـان يفـرح بالمــال واقتنائـه واآلن مــا عـاد يفرحـه ســوي عشـرة اهلل‪ .‬لَت َْختَبَا ُروا َمااا َها َ‬ ‫ض ايَّةُ ا ْل َكا َملَ اةُ‪ =.‬كلمــا إقتــرب المــؤمن مــن شــكل أوالد اهلل ‪ ،‬يمتلــئ مــن الــروح القــدس ‪ ،‬والــروح‬ ‫للاَ‪ :‬ال َّ‬ ‫صااالَ َحةُ ا ْل َم ْر َ‬ ‫يعطيه إستنارة بأن إرادة اهلل دائماً صالحة فيرضي عنها إذ هي دائماً كاملة فيسلِّم حياته هلل تسليماً كامال‪ ،‬وتصير‬

‫‪221‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫نفسه في صفاء كامل ال يزعزعها أو يزعجها شئ‪ ،‬مثل هذا اإلنسان سينفذ إرادة اهلل في حياتـه إذ هـو يستحسـنها‪.‬‬

‫وال يع ــود ه ــذا الش ــخص يتس ــاءل أري ــد أن أع ــرف إرادة اهلل ف ــي ه ــذا الموض ــوع أو ذاك الموض ــوع‪ ،‬ف ــالروح يعط ــي‬ ‫إستنارة كاملة فيعرف طريقه‪ .‬وان كانت األمور عكس إرادته نجده يقول هي للصالح طالمـا هـي إرادة اهلل‪ ،‬فـاهلل ال‬ ‫يخطئ أبداً‪.‬‬

‫َن يرتَِ‬ ‫ق مـا ي ْنب ِ‬ ‫َن الَ يرتَِ‬ ‫النعم ِة ا ْلمعطَ ِ‬ ‫آية (‪3" -:)3‬فَِإ ِّني أَقُو ُل ِب ِّ‬ ‫اة لِي‪ ،‬لِ ُك ِّ‬ ‫ـي‪َ ،‬ب ْـل‬ ‫ئ‬ ‫أ‬ ‫ـي‬ ‫غ‬ ‫ـو‬ ‫ف‬ ‫ـي‬ ‫ئ‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ـو‬ ‫ه‬ ‫ـن‬ ‫م‬ ‫ـل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يرتَِئي إِلَى التَّع ُّق ِل‪َ ،‬كما قَسم اهلل لِ ُك ِّل و ِ‬ ‫ار ِم َن ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ان‪".‬‬ ‫اح ٍد ِم ْق َد ًا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫َْ َ‬ ‫عالقة هذه اآلية باآليات السابقة واآليات اآلتية‪2‬‬

‫آية‪ 21‬تقديم األجساد ذبيحة حية في مقابل كل ما عمله المسيح ألجلنا‪.‬‬ ‫آية‪ 22‬تغيير شكلنا إلي صورة أوالد اهلل‪.‬‬

‫آية‪ 23‬الحرب المتوقعة لمن يفعل ما سبق‪ ،‬الكبرياء‪ ،‬وأن الشخص قادر أن يكون كل شئ في الكنيسة‪ ،‬فهو وحده‬ ‫الصــالح المــؤمن الــذي إختبــر طريــق اهلل‪ .‬وتعنــي أنــه فــي طريقنــا الروحــي لتغييــر أذهاننــا أو تقــديم أجســادنا‬ ‫ذبيحة حية ال نطبق قوانين فوق مستوياتنا سـمعنا عنهـا عـن آبـاء كبـار‪ .‬لكـن يجـب أن نكـون تحـت إرشـاد‪.‬‬

‫فما يصلح لشخص ال يصلح آلخر‪.‬‬

‫آيات ‪ 2:-4‬الكنيسة كلها جسد واحد وكل له موهبته ولـه دوره‪ .‬هـذا عـالج مـن يظـن نفسـه كـل شـئ فـي الكنيسـة‪.‬‬ ‫أي ال تحتقر اآلخر فله دور كدورك‪.‬‬

‫باقي اإلصحاح‪ 2‬كيف أسلك كعضو صالح في الكنيسة‪.‬‬ ‫يَ ْرتَ​َ​َ َي = يري في نفسه‪ .‬إذاً نصيحة الرسول لمن تغير شكله أن ال يكون له إهتمام وتقدير لنفسه أكبر مما يجـب‬ ‫أن يكون له‪ .‬بل يكن له إتضاع الفكر‪ .‬فطوبي للمساكين بالروح‪ .‬بَ ْل يَ ْرتَ​َ​َ َي إَلَى التَّ َع رق َال = فـال يتسـرع وال يـتحمس‬ ‫بسرعة وال يقرر أموره بسرعة‪ ،‬فمثال يسمع عن طول صالة األنبا أنطونيوس فيقرر أن يفعل مثلـه‪ ،‬أو عـن صـيام‬

‫أحـد القديســين فيقلـده‪ ،‬أو مطانيــات أحــد اآلبـاء فيعمــل مثلـه‪ .‬هنــا تــأتي أهميـة أب االعتـراف‪ .‬ومـن عــدم التعقــل أن‬ ‫يظن أحد في نفسه أنه أهم شخص في الخدمة‪ ،‬وبدونه تنهار الكنيسة‪.‬‬

‫فـاهلل قســم لكـل واحــد وزنــات (مواهـب) ليــؤدي دوره‪ ،‬فمــن كانـت موهبتــه أقــل فـال يصــاب بصــغر نفـس‪ ،‬ومــن كانــت‬

‫مواهبه كبيـرة فـال يصـاب بالكبريـاء‪ .‬فصـغر الـنفس والكبريـاء ليسـا مـن التعقـل‪ .‬فمـن لـه عشـر وزنـات مطلـوب منـه‬ ‫عشر أخري‪ ،‬ومن له خمس لن يطلب منه عشر بل فقط خمس وزنات‪( .‬راجع آية‪ .)1:‬لذلك نسمع فيما يأتي أن‬

‫الكنيسة كلها جسد واحد وكلنا أعضاء‪ .‬وهذا ال يمنع أن نطلب لننمو أكثر‪ ،‬واهلل يعطي بحسب االحتياج علي أن‬

‫ال يشــعر مــن يأخــذ ويــزداد بالكبريــاء‪ ،‬بــل ليقــل المــؤمن "يــا رب لــم يرتفــع قلبــي ولــم تســتعل عينــاي ولــم أســلك فــي‬ ‫العظائم" (مز‪ )12131‬ويقول القديس أغسطينوس أن الكتاب حينما قـال "لـيس بكيـل يعطـي اهلل الـروح" كـان يـتكلم‬ ‫عن المسيح وليس اإلنسـان‪ ،‬ألن الـروح يسـكنه فـي كمـال الالهـوت‪ .‬لكـن بالنسـبة لإلنسـان فيعطـي كـل واحـد حتـى‬

‫‪222‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫يفيض (يو‪ .)3821‬ولكن كل واحد يصـل فقـط لكمـال ملئـه‪ ،‬وكـل واحـد حسـب موهبتـه المعطـاة لـه‪ ،‬وعنـدما يمتلـئ‬

‫يشتاق أن يأخذ أكثر وهكذا ينمو‪.‬‬

‫اان = العطيــة هــي حســب اإليمــان‪ ،‬واإليمــان عطيــة مــن اهلل فهــو الــذي قســمه‪ .‬واإليمــان ال يســلم‬ ‫اإلي َما َ‬ ‫َم ْقادَا ارا َماانَ َ‬ ‫للجميع بمقياس واحد أو برؤية واحدة أو بإتساع واحد أو بقوة واحدة‪ ،‬فاهلل بحسب سبق معرفتـه باإلنسـان مـاذا هـو‬

‫ومــاذا ســيكون‪ ،‬يمنحــه قســطاً مــن اإليمــان يتوافــق مــع جميــع إمكانياتــه وضــعفاته وطموحاتــه ومســئولياته‪ ،‬فأصــبح‬

‫اإليمان لدي كل واحـد خاصـاً بـه وحـده فـال يعرضـه للتبـاهي‪ ،‬أو ينـتفخ بـه فـاهلل هـو الـذي أعطـاه هـذا اإليمـان‪ ،‬وال‬ ‫يفرضه علي الناس متجاهالً إمكانياتهم‪ .‬ولكن من يجاهد ويضرم موهبـة اهلل التـي فيـه يزيـده اهلل إيمانـاً فـوق إيمـان‬ ‫ويزداد إيمانه‪ ،‬لذلك يقول بولس الرسول ألهل تسالونيكي أن إيمانكم ينمو (‪2‬تس‪ .)321‬والتالميذ طلبوا مـن السـيد‬

‫قائلين زد إيماننا (لو‪( .)0211‬راجع تفسير رو‪ )11 2 1‬واإليمان يزداد مع الشـكر وسـط الضـيقات التـي يسـتعملها‬ ‫اهلل لنري يده وسط الضـيقة فيـزداد إيماننـا‪ ،‬لكـن مـن يتـذمر ال يـري يـد اهلل‪ ،‬بـل يضـعف إيمانـه‪ .‬كـذلك كلمـا أعـرف‬

‫المسيح وقدرته ومحبته يزداد إيماني‪ ،‬وهذا يأتي بالعشرة الطويلة مع اهلل (صالة ودراسة كتاب‪. )...‬‬

‫ـاء لَهـا عمـ ٌل و ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات (‪4" -:)6-4‬فَِإ َّن ُه َكما ِفـي جس ٍـد و ِ‬ ‫اح ٌـد‪،‬‬ ‫َع َ‬ ‫س َج ِميـعُ األ ْ‬ ‫َع َ‬ ‫اح ٍـد لَ َنـا أ ْ‬ ‫َ َ​َ َ‬ ‫يـرةٌ‪َ ،‬ولك ْـن لَ ْـي َ‬ ‫ض ٌ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ـاء َكث َ‬ ‫َ‬ ‫‪6‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫ين‪ :‬جسـ ٌـد و ِ‬ ‫‪1‬ه َكـ َذا َن ْحـ ُ ِ‬ ‫ضــا لِـ َـب ْع ٍ‬ ‫ـب‬ ‫احـ ٌد ِفــي ا ْل َم ِسـ ِ‬ ‫ـاء َب ْع ً‬ ‫َع َ‬ ‫ـيح‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ض‪ُ ،‬كـ ُّـل َواحــد ل َخـ ِـر‪َ .‬ولكـ ْـن لَ َنــا َم َواهـ ُ‬ ‫ضـ ٌ‬ ‫ـن ا ْل َكثيـ ِـر َ َ َ َ‬ ‫طِ‬ ‫ِ‬ ‫س َب ِة إِلَى ِ‬ ‫اة لَ َنا‪ :‬أَُن ُب َّوةٌ فَ ِب ِّ‬ ‫س ِب ِّ‬ ‫يم ِ‬ ‫ان‪"،‬‬ ‫الن ْع َم ِة ا ْل ُم ْع َ‬ ‫الن ْ‬ ‫ُم ْختَلفَ ٌة ِب َح َ‬ ‫اإل َ‬ ‫اآليــات ‪ -20 ، 4‬كلنــا أعضــاء فــي جســد المســيح الواحــد‪ ،‬كــل عضــو يتكامــل مــع اآلخــر والجســد فــي إحتيــاج لكــل‬ ‫أعضــاؤه‪ ،‬الكــل يخــدم الكــل‪ .‬لــذلك علينــا كلنــا أن نخــدم فــي تواضــع‪ ،‬فــإذا كانــت كــل عطيــة هــي مــن اهلل فلمــاذا‬

‫الكبريــاء‪ .‬وهنــا نــري أن القــدم تحتــاج لكميــة دم أكبــر مــن اإلصــبع‪ ،‬مــن هنــا نفهــم أن اهلل قســم لكــل واحــد علــي قــدر‬

‫ـي‬ ‫عملــه‪ .‬وال يجــب أن يقــول أحــد أنــا لســت شــيئاً فألجلــس وأســكت‪ ،‬بــل أنــا فعـالً لســت شــيئاً‪ ،‬إنمــا المســيح عامــل فـ َّ‬

‫فألجتهد بقدر ما في وسعي ونعمته تساندني‪.‬‬

‫آيــة‪ 2:‬إن لنــا إمكانيــات مختلفــة وفق ـاً لنعمــة الــروح القــدس التــي أعطيــت لنــا‪ .‬وعلينــا أن نشــعر بالقناعــة تجــاه هــذه‬ ‫المواهب‪ ،‬وأال نبحث في أنانية ومحبة للذات عن تلك المواهـب التـي لـم تعـط لنـا مـن الـروح القـدس‪ .‬ولكـن نالحـظ‬

‫أن الرسول لم يميز بين مواهب عظيمة ومواهب قليلة فالكل من اهلل‪.‬‬ ‫ان = النبوة هي الـوعظ والكـ ارزة بكلمـة اهلل (‪1‬كـو‪ .)3-1214‬وهـي إعـالن أسـرار اهلل نحـو‬ ‫أَنُبُ َّوةل فَبَالنِّ ْ‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫سبَ َة إَلَى َ‬ ‫اإلنسان لبنيان الكنيسة وتمتع البشرية باألمجاد المقبلة‪ .‬أي الكشف ال عن أحداث زمنية بل مجد أبدي‪ .‬في العهد‬ ‫القديم كانت النبوة إشارة للمسيح واآلن هي الدخول بالنفوس إلي إنتظار مجيئه األخير لتنعم بشركة الميراث معه‪.‬‬

‫وهذا العمل ليس بشـرياً بـل هـو عطيـة اهلل للمـتكلم والسـامع‪ ،‬لـذا تحتـاج لإليمـان لينعمـا كليهمـا بهـذه البركـة اإللهيـة‬ ‫التي تنسكب متي وجدت أواني لإليمان‪ .‬فال نبوة إال للمؤمن‪ .‬آمنت لذلك تكلمـت (مـز‪ .)15211:‬فـالوعظ يحتـاج‬

‫إليمان من المتكلم وايمان من السامع‪ .‬فإذا لـم يكـن اإلنسـان لـه إيمـان بالحيـاة األبديـة فمـا الـذي سـيرغمه أن يحيـد‬

‫‪223‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫عــن الشــر والتوبــة التــي يــتكلم عنهــا ال ـواعظ‪ .‬والحــظ أنــه حتــى أنبيــاء العهــد القــديم لــم يكــن هــدفهم هــو التنبــؤ فقــط‬ ‫بالمستقبل بل حث الشعب علي التوبة‪.‬‬

‫ونالحــظ أن أول موهبــة هنــا يــذكرها الرســول هــي التنبــؤ ولــم يــذكر هنــا موهبــة الرســولية كمــا فعــل فــي رســالتيه إلــي‬

‫كورنثــوس وأفســس حــين تكلــم فــي نف ـس الموضــوع (أف‪1 + 124‬كــو‪ )28212‬وأيض ـاً‪ .‬هنــا لــم يــذكر أي درجــات‬ ‫كهنوتيــة مــن أســاقفة أو كهنــة‪ ،‬وال مواهــب شــفاء وال ألســنة‪ ،‬وذلــك ألن كنيســة رومــا لــم يــذهب لهــا أي رســول‪ .‬وال‬ ‫تأسست فيها كنيسة بالمعني المعروف قبل أن يذهب لها الرسوالن بطرس وبولس سنة ‪ :2‬تقريباً‪.‬‬ ‫آية (‪7" -:)7‬أَ ْم ِخ ْد َم ٌة فَ ِفي ا ْل ِخ ْد َم ِة‪ ،‬أَِم ا ْل ُم َعلِّ ُم فَ ِفي التَّ ْعلِ ِيم‪"،‬‬ ‫أَ ْم َخ ْد َمةل = المقصود بها الخدمات اإلدارية ومساعدة الفقـراء وخدمـة الموائـد‪ .‬بـل شـملت التعميـد وتأسـيس الكنـائس‬ ‫في الكنيسة األولي بل الك ارزة أيضاً‪ .‬فحتى الرسولية تدعي خدمة‪ .‬وكل عمل روحي هو خدمة‪ .‬والمقصود من لـه‬

‫خدمة فليكن أميناً في خدمته وال ينشغل باآلخرين‪.‬‬ ‫أَ َم ا ْل ُم َعلِّ ُم = أي تعليم الحقـائق اإللهيـة والعقائـد‪ ،‬والمعلـم يهـتم بـالفكر الد ارسـي‪ .‬وهـؤالء المعلمـين يسـاعدون الشـعب‬ ‫في تصحيح مساراتهم‪.‬‬

‫اج ِته ٍاد‪ِ َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ِ1‬‬ ‫س ُر ٍ‬ ‫ور‪.‬‬ ‫س َخاء‪ ،‬ا ْل ُم َد ِّب ُر فَ ِب ْ َ‬ ‫الراح ُم فَ ِب ُ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أَم ا ْل َواعظُ فَفي ا ْل َو ْعظ‪ ،‬ا ْل ُم ْعطي فَ ِب َ‬ ‫سا َ‬ ‫ااخاء = ألن‬ ‫ااوا َع ُ = يشــمل الحــث علــي التوبــة والتــأمالت ونصــح اآلخ ـرين وارشــادهم للفضــيلة‪ .‬ا ْل ُم ْع َطااي فَبَ َ‬ ‫ا ْل َ‬ ‫الرســول كــان يــتكلم عــن الخــدمات فــي الكنيســة فــيمكن فهــم أن المعطــي هــو الخــادم المســئول عــن التوزيــع علــي‬ ‫الفقراء‪ ،‬وهذا عليه أن يعطي بسخاء دون تفكير فـي الماديـات واهلل سيرسـل بركـات كثيـرة‪ ،‬قـال أحـد الخـدام األمنـاء‬

‫أمــا لـو وجــده ممتلئـاً فسـيتركه‪ .‬وهــذه اآليــة‬ ‫"فلـيكن صــندوقك فارغـا" (أي أعــط كثيـ اًر) فـاهلل ســيمأل الصــندوق الفـارغ‪ّ ،‬‬ ‫تطبق علي العطاء علي المستوي الشخصي‪ .‬ا ْل ُم َدبِّ ُر = هو الشخص المسئول عن تدبير إحتياجـات الكنيسـة‪ ،‬هـو‬ ‫يــد ِ‬ ‫سا ُرور = فكيــف يكــون حـزين‬ ‫اح ُم = مــن يقــدم أعمــال رحمــة كخدمــة األ ارمــل والمرضــي‪ .‬فَبَ ُ‬ ‫ورجــل الكــاهن‪ .‬الا َّر َ‬ ‫المالمح وهو يقدم خدمة للمسيح في شخص إخوته "كنت مريضاً فزرتموني" (مت‪.)3:220‬‬

‫الش َّر‪ ،‬م ْلتَ ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬اَْلمح َّب ُة َف ْلتَ ُك ْن ِبالَ ِري ٍ‬ ‫اء‪ُ .‬كوُنوا َك ِ‬ ‫ين ِبا ْل َخ ْي ِر‪" .‬‬ ‫ص ِق َ‬ ‫ارِه َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين َّ ُ‬ ‫ينتقــل الرســول إلــي األعمــال الســلوكية‪ ،‬ويبــدأ بالحــب األخــوي‪ ،‬فالحــب هــو الفكــر الســائد الــذي ي ـربط الكنيســة مع ـاً‬

‫كأعضاء حية متكاملة (‪1‬يو‪ )1423‬والمحبة هي األساس‪ .‬ولو كانت المحبة فيها رياء فال يمكن بناء شـئ صـالح‬ ‫فوقهـا‪ .‬اَ ْل َم َحبَّةُ فَ ْلتَ ُكنْ بَالَ َريَااء = هـي التـي ال تطلـب شـئ فـي مقابلهـا‪ .‬هـي التـي بـدافع إرضـاء اهلل وخدمـة النـاس‬

‫َصاقَينَ = كمـا يلتصـق الرجـل بام أرتـه‪ .‬عمومـاً مـن‬ ‫باإلخالص‪ ،‬وهذه ال يقدر عليها إال من سكن اهلل في قلبـه‪ُ .‬م ْلت َ‬

‫له محبة بال رياء يكون كارهاً للشر‪.‬‬

‫‪224‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬ ‫‪52‬‬ ‫ض ُكم بع ً ِ‬ ‫َّة‪ ،‬مقَد ِ‬ ‫َّة األ َ ِ‬ ‫ضا ِبا ْلمحب ِ‬ ‫ام ِة‪".‬‬ ‫ِّم َ‬ ‫آية (‪َ " -:)52‬واد َ‬ ‫ض ُك ْم َب ْع ً‬ ‫ِّين َب ْع ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين َب ْع ُ ْ َ ْ‬ ‫ضا في ا ْل َك َر َ‬ ‫َخ ِوي ُ‬ ‫َوادِّينَ = إظهار المحبة بح اررة‪ .‬والطريق الذي ينشئ هذه المودة سريعاً ويخلـق أصـدقاء هـو أن يسـعي كـل إنسـان‬

‫لتكريم قريبه فال نتسابق في طلب الكرامة بل في إعطاء الكرامة‪ .‬الود هو إظهار المحبة التي في القلب‪ .‬واظهـار‬

‫هذه المحبة سيزيد المحبة المتبادلة‪.‬‬ ‫آية (‪َ 55" -:)55‬غ ْير متَ َك ِ‬ ‫ب‪" ،‬‬ ‫الر َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫ين َّ‬ ‫ين ِفي ُّ‬ ‫وح‪َ ،‬عا ِب ِد َ‬ ‫االج ِت َه ِاد‪َ ،‬ح ِّار َ‬ ‫اسلِ َ‬ ‫ين ِفي ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫وح = الــروح هنــا هــو روح اإلنســان ولــيس الــروح القــدس‪ .‬ولكــن مــن يعبــد بح ـ اررة ســيمتلئ بــالروح‬ ‫َحا ِّ‬ ‫اارينَ فَ اي الا رار َ‬ ‫"إضرم موهبة اهلل التي فيك" (‪2‬تي‪ .):21‬وكلما إمتألنا بالروح سنعبد بح اررة‪ ،‬وكلما عبدنا نمتلئ من الروح وهكذا‪،‬‬ ‫والبدايــة أن نقــرر أن ال تكــون عبادتنــا فــاترة بــال طعــم‪ .‬وســر الحيــاة المســيحية كلهــا يكمــن فــي إقتنــاء الــروح القــدس‬

‫فهــو النــار التــي تحــرك اإلنســان وتجعلــه غيــر متكاســل فــي اإلجتهــاد‪ ،‬وذلــك بصــلوات طويلــة قويــة وانســحاق مــع‬ ‫مطانيات وأصـوام وتسـابيح‪ ،‬بـال تكاسـل فـي الخدمـة‪ .‬وحتـى نقبـل الـروح القـدس ونمتلـئ بـه علينـا بالصـالة بلجاجـة‬

‫(لو‪.)13211‬‬

‫‪5:‬‬ ‫ق‪ ،‬مو ِ‬ ‫ين ِفي َّ ِ‬ ‫الصالَ ِة‪"،‬‬ ‫ين َعلَى َّ‬ ‫اظ ِب َ‬ ‫صا ِب ِر َ‬ ‫آية (‪ " -:)5:‬فَ ِر ِح َ‬ ‫ين ِفي الض ْ‬ ‫الر َجاء‪َ ،‬‬ ‫َّي ِ ُ‬ ‫إذ نمتلــئ بــالروح القــدس ســنعبد بحـ اررة ويــزداد رجاؤنــا فيمــا أعــده المســيح لنــا فــي الســماء‪ ،‬وهــذا يعطينــا فرحـاً‪ ،‬فمــن‬ ‫عنده رجاء يفرح = فَ َر َحينَ فَي ال َّر َجا َء أيضا من لـه رجـاء فـي السـماء سـيحتمل ضـعفات اآلخـرين فعينـه أصـبحت‬

‫ق = ومهمـا زادت الضـيقات‪ ،‬فمـا يـراه بعينـي الرجـاء‬ ‫صاابَ َرينَ فَاي ال َّ‬ ‫مثبتة علي السماء التي هـو ذاهـب إليهـا‪َ .‬‬ ‫ضا ْي َ‬ ‫من األشياء غير المنظورة فـي السـماويات يعطيـه إحتمـاالً للضـيق‪ .‬ومـا يـراه بعينـى اإليمـان أن كـل األشـياء تعمـل‬

‫معا للخير (رو‪. )28 2 8‬‬

‫صالَ َة‬ ‫واظبَينَ َعلَى ال َّ‬ ‫وكيف نثبت في هذه الحالة = ُم َ‬ ‫‪53‬‬ ‫ضافَ ِة ا ْل ُغرب ِ‬ ‫ين‪ ،‬ع ِ‬ ‫اح ِتي ِ ِ ِ‬ ‫شتَ ِرِك َ ِ‬ ‫اء‪" .‬‬ ‫آية (‪ُ " -:)53‬م ْ‬ ‫اك ِف َ‬ ‫ين َعلَى إِ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫اجات ا ْلقدِّيس َ َ‬ ‫ين في ْ َ َ‬ ‫شتَ َر َكينَ = لم يقل معطين ألنهم ينالون أكثر ممـا يعطـوا‪ ،‬وألن اهلل أعطـاهم ليعطـوا هـم المحتـاجين‪ ،‬هـم يعطـون‬ ‫ُم ْ‬

‫مادي ــات مم ــا أعطاه ــا له ــم اهلل فيعوض ــهم اهلل برك ــات مادي ــة وروحي ــة أكث ــر‪ .‬والح ــظ أن ــه س ـ َّـمي الفقـ ـراء قديســـين=‬

‫والمســيح أســماهم إخوتــه‪َ .‬عااا َكفَينَ = أي ال ننتظــر حتــى يســألوننا بــل نســعي نحــن لــذلك كمــا فعــل إبـراهيم ولــوط‪.‬‬ ‫ولنالحظ أن الغرباء في هذه اآلية مقصود بهم المسيحيين الذين كانوا يلجأون لهم في وسط إضطهاداتهم‪.‬‬

‫ضطَ ِه ُدوَن ُك ْم‪َ .‬ب ِ‬ ‫آية (‪َ 54" -:)54‬ب ِ‬ ‫ارُكوا َوالَ تَ ْل َع ُنوا‪".‬‬ ‫ين َي ْ‬ ‫ارُكوا َعلَى الَِّذ َ‬ ‫بَا َر ُكوا = أي الـدعاء بالبركـة‪ .‬وذكـر محاسـنهم‪ ،‬وال نجـازي عـن شـتيمة بشـتيمة‪ ،‬ونصـلي ونطلـب لهـم الخيـرات وال‬ ‫نفكر في االنتقـام‪ .‬بَا َر ُكوا َوجَ تَ ْل َعنُاوا المسـيح حمـل اللعنـة التـي نسـتحقها ليهبنـا بركتـه عاملـة فينـا‪ ،‬فكيـف نسـتطيع‬

‫‪225‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫ِ‬ ‫هر أنـه‬ ‫نحن أن نلعن من رفع المسيح عنهم اللعنة‪ ،‬علينا أن نبارك كما باركنا المسيح‪ .‬ومن يبارك مضطهديه ُيظ ْ‬ ‫ُيس َّْر بإحتمال اآلالم من أجل المسيح‪ ،‬أما من يلعن مضطهديه سيبدأ بعد ذلك يلعن من حوله وقد يلعن اهلل نفسـه‬

‫(رؤ‪ .)11 ، 15 2 1:‬فلنمتنع عن عادة اللعن ولندرب ألسنتنا علي أن نبارك‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ين وب َكاء مع ا ْلب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين‪" .‬‬ ‫اك َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَ َر ًحا َم َع ا ْلفَ ِرح َ َ ُ ً َ َ َ‬ ‫هـذه ليسـت مجـامالت اجتماعيـة بـل شـركة األعضـاء متشـبهين بالمسـيح الـذي بكـي علـي قبـر لعـازر‪ ،‬وتهلـل فرحـاً‬

‫بالروح للبركات التي حصل عليها تالميذه (لو‪ .)21215‬وال يستطيع أحد أن يفرح مع اآلخرين إالّ من سكن يسوع‬ ‫فيه وأعطاه حياته فالفرح مع الفرحين أصعب بكثير من البكاء مع البـاكين‪ .‬ألن اإلنسـان الطبيعـي يحسـد النـاجح‪،‬‬

‫ولكن من هو خليقة جديدة سيتشبه بالمسيح‪ .‬وهذا ما سيحدث في السماء‪ ،‬فسنفرح مع من هم في مجد أكثر منـا‪.‬‬ ‫ولنالحظ أن إشتراكنا بمشاعرنا مع إخوتنا يزيد المحبة بيننا‪.‬‬

‫‪56‬‬ ‫ــل م ْنقَـ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اه ِتمامـــا و ِ‬ ‫ضـــ ُك ْم لِـ َــب ْع ٍ‬ ‫ُم ِ‬ ‫ين إِلَـــى‬ ‫احـ ً‬ ‫ــاد َ‬ ‫ــدا‪َ ،‬غ ْيـ َــر ُم ْهتَ ِّمـ َ‬ ‫آيـــة (‪ُ " -:)56‬م ْهتَ ِّمـ َ‬ ‫ــين َب ْع ُ‬ ‫ض ْ َ ً َ‬ ‫ور ا ْل َعال َيـــة َبـ ْ ُ‬ ‫ــين ِبـــاأل ُ‬ ‫ا ْلمتَّ ِ‬ ‫اء ِع ْن َد أَ ْنفُ ِس ُك ْم‪".‬‬ ‫ض ِع َ‬ ‫ين‪ .‬الَ تَ ُكوُنوا ُح َك َم َ‬ ‫ُ‬

‫‪12‬‬ ‫احداا = بحسب الترجمات المختلفة هذه تعني ‪ 2‬فليكن كلكم لكم الفكـر الواحـد‪،‬‬ ‫ُم ْهتَ ِّمينَ بَ ْع ُ‬ ‫ض ُك ْم لَبَ ْعض ا ْهتَ َما اما َو َ‬

‫وتكونوا في إنسجام في الفكر‪ ،‬متفقين مع بعض في إهتماماتكم "تقولوا جميعكم قوالً واحـداً " (‪1‬كـو‪ )1521‬ويكـون‬

‫لكــم الفكــر الواحــد (فــي‪ .)222‬لــتكن مشــاكل وأالم اآلخـرين‪ ،‬هــي آالمكــم حتــي تحــاولوا حلهــا كأنهــا آالمكــم‪ .‬تبحثـوا‬ ‫كيف تكونوا سبب فرح لآلخرين‪.‬‬

‫وهذا ال يمكن أن يحدث إالّ لو إمتأل الجميع من الروح القدس‪ .‬فسنهتم بما يهتم به اآلخـرين‪ ،‬ونفكـر فيمـا يفكـرون‬

‫فيه‪ ،‬نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم‪.‬‬ ‫َغ ْي َار ُم ْهتَ ِّمااينَ بَاااألُ ُمو َر ا ْل َعالَيَا َة = هـم كـانوا فــي رومـا العاصــمة فخـاف علـيهم مــن اإلنتفـاخ مــن إحتكـاكهم بعظمــاء‬ ‫روما‪ ،‬فيطلبون المجد الذاتي وغني هذا العالم وأمجـاده وكرامتـة‪ ،‬طـالبين أن يعاشـروا األغنيـاء والعظمـاء ليسـتفيدوا‬

‫منهم كما يحدث اآلن فيمن يلتصق بأصحاب النفوذ لينتفع منهم‪.‬‬

‫ض َعينَ = أي يعيشوا مع البسطاء في جو الكنيسة المقدس يخدمون المريض والفقير والمحتاج‬ ‫بَ ْل ُم ْنقَا َدينَ إَلَى ا ْل ُمتَّ َ‬ ‫(يع‪ + 122‬في‪ )1-022‬يشـاركونهم أالمهـم‪ ،‬مهتمـين بـأمور الكنيسـة والخدمـة‪ .‬هـذا الطريـق ينمـي اإليمـان ويمألنـا‬

‫بالروح‪ ،‬ومن خالله نستعد للسماء‪.‬‬ ‫س ُك ْم = جيد أن نكون حكماء ولكن شر أن نفكر في أنفسنا أننا حكماء (أم‪ .)1222:‬فال‬ ‫جَ تَ ُكونُوا ُح َك َما َء َع ْن َد أَ ْنفُ َ‬ ‫يجب أن نرفض المشورة فنخرب أنفسنا (أم‪ )10212‬وال يجب أن نظـن فـي أنفسـنا فـوق مـا ينبغـي ونعتقـد أن لـدينا‬ ‫العلم والمعرفة والحكمة وأننا لسنا في إحتياج لمسـاعدة اآلخـرين‪ .‬ولـنالحظ أن موسـى حـين لمـع وجهـه لـم يعلـم أن‬

‫وجهه يلمع (خر‪ .)29234‬والحكيم في عيني نفسه يعيش متصلفاً ال يقبل مشورة أحد‪ .‬وهـذه النصـيحة حـين تـأتي‬

‫‪226‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫ضااا َعينَ فهــي تعنــي‪ ،‬أن هنــاك مــن يظــن أنــه مــن الحكمــة أن نلتصــق باألقويــاء‬ ‫وراء قولــه بَااا ْل ُم ْنقَاااا َدينَ إَلَاااى ا ْل ُمتَّ َ‬ ‫والعظماء وذوي النفوذ واألغنياء لننتفع بهم لكن ملعون من يتكل علي بشر‪.‬‬

‫‪57‬‬ ‫ور ح ٍ‬ ‫يع َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫اس‪" .‬‬ ‫َّام َج ِم ِ‬ ‫ش ّر ِب َ‬ ‫َح ًدا َع ْن َ‬ ‫ش ّر‪ُ .‬م ْعتَِن َ‬ ‫آية (‪ " -:)57‬الَ تُ َج ُازوا أ َ‬ ‫ُم ٍ َ َ‬ ‫ين ِبأ ُ‬ ‫س َنة قُد َ‬ ‫سنَة = هذه مثل "لكي يري الناس أعمـالكم الصـالحة فيمجـدوا أبـيكم الـذي فـي السـموات" إذاً لنهـتم‬ ‫ُم ْعتَنَينَ بَا ُ ُمور َح َ‬

‫أن نشهد هلل أمام الناس لنمجده‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫ان مم ِك ًنا فَحسب طَاقَ ِت ُكم ِ‬ ‫يع َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫اس‪".‬‬ ‫َ َ​َ‬ ‫سال ُموا َجم َ‬ ‫ْ َ‬ ‫آية (‪ " :)51‬إِ ْن َك َ ُ ْ‬ ‫حــاول بقــدر مالــك مــن طاقــة أن تســالم جميــع النــاس‪ .‬ولكــن إذا رفــض النــاس كمــا حــدث مــع إرميــاء فكــان إنســان‬

‫خصام‪ ،‬فهذا أمر ال حيلة لنا فيه‪ .‬وهناك أناس يستحيل معهم السالم كالهراطقة مثالً‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب‪«:‬لِي َّ‬ ‫َعطُوا م َكا ًنا لِ ْل َغ َ ِ َّ‬ ‫ُج ِ‬ ‫ـازي‬ ‫َّاء‪َ ،‬ب ْل أ ْ‬ ‫الن ْق َمـ ُة أَ​َنـا أ َ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬الَ تَ ْنتَق ُموا ألَ ْنفُس ُك ْم أَي َ‬ ‫ُّها األَحب ُ‬ ‫َ‬ ‫ضب‪ ،‬ألَن ُه َم ْكتُ ٌ َ‬ ‫ب‪".‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫َيقُو ُل َّ‬ ‫سااا ُك ْم = المس ــيحي ال ين ــتقم لنفس ــه‪ ،‬فم ــن يتص ــور أن ل ــه الق ــوة أن ين ــتقم لنفس ــه يترك ــه اهلل لنفس ــه‪،‬‬ ‫جَ تَ ْنتَقَ ُماااوا ألَ ْنفُ َ‬

‫والمسيحي الحقيقي عاد طفال في تصرفاتة‪ ،‬والطفل حـين يؤذيـه أحـد يـذهب ألبيـه شـاكياً‪ ،‬وهـذا مـا يجـب أن أفعلـه‬

‫أن أذهب هلل شاكياً‪ ،‬هذا إن كنت أشعر أن اهلل هو المسئول عني‪.‬‬ ‫ب = إعطـوا مكانـا لغضـب اهلل لكـي يقـوم هـو باالنتقـام مـن األشـرار بحسـب رحمتـه وتقـديره‬ ‫بَ ْل أَ ْعطُاوا َم َكانااا لَ ْل َ​َ َ‬ ‫ضا َ‬

‫(تث‪ )30232‬واهلل في حكمته يحل مشاكلنا بطرق ال نتصورها‪ ،‬ولننظر كيف تعامل اهلل مع الدولة الرومانية التي‬ ‫إضــطهدت المســيحيين‪ ،‬إذ حولهــا للمســيحية‪ ،‬وكــذلك شــاول الطرسوســي‪ .‬وقــد تعنــي اآليــة ال تكــن س ـريعاً فــي رد‬

‫اإلســاءة فربمــا يهــدأ الــذي أخطــأ إليــك حينمــا يـراك وديعـاً مســالماً‪ .‬واهلل ال ينــتقم كمــا ينــتقم اإلنســان‪ ،‬فهــو قــد يحــول‬

‫عدوي إلي إنسان محب لي ويأتي آسفاً علي ما إرتكبه نحوي من خطأ‪.‬‬

‫‪:2‬‬ ‫ـع َج ْمـ َـر َنـ ٍ‬ ‫ـار َعلَــى‬ ‫اسـ ِـق ِه‪ .‬أل ََّنـ َ‬ ‫ـه‪َ .‬وِا ْن َع ِطـ َ‬ ‫ـك إِ ْن فَ َع ْلـ َ‬ ‫ـاع َعـ ُـد ُّو َك فَأَ ْط ِع ْمـ ُ‬ ‫آيــة (‪ " -:):2‬فَ ـِإ ْن َجـ َ‬ ‫ـت ه ـ َذا تَ ْج َمـ ْ‬ ‫ـش فَ ْ‬ ‫أر ِ‬ ‫ْس ِه»‪".‬‬ ‫َ‬

‫إَنْ َجا َل عَاد رُوكَ = وال تقـل إن اهلل قـد إنـتقم لـي بـل سـاعده فـي محنتـه وهكـذا طلـب منـا السـيد المسـيح "أحسـنوا إلـي‬ ‫مبغضيكم"‪ .‬واآلية كلها مأخوذة من (أم‪.)22 ، 21 2 20‬‬ ‫س َه = هذه قد تعني‪-2‬‬ ‫ت َْج َم ْع َج ْم َر نَار َعلَى َر ْأ َ‬ ‫‪ .1‬إن فعلت هذا فإنك تجعله يخجـل مـن تصـرفاته ويتعـرض لتأنيـب الضـمير الحـاد والنـدم‪ ،‬الـذي ال يقـل فـي قوتـه‬ ‫وفي ألمه عن األلم الذي يسببه وضع نار علي رأسه‪.‬‬

‫‪ 2.‬وقد تعني إشعال نار المحبة في قلبه من نحوك‪.‬‬

‫‪227‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫‪ .3‬العادة في الصـعيد أن الثـأر مـن القاتـل يمكـن العفـو عنـه‪ ،‬لـو حمـل اإلنسـان (المطلـوب قتلـه) كفنـه وذهـب إلـي‬ ‫ٍاألسرة صاحبة الدم‪ ،‬فإنه بهذا يحقـن الـدم ويوجـد السـالم‪ .‬والعـادة الرومانيـة بالنسـبة لمـن يريـد أن يحقـن الـدماء‬ ‫في موضوع الثأر أن يحمل علي رأسه نا اًر ويتقدم بها إلي غريمه عالمة أنه يقدم نفسه ذبيحة ويريد حقن الدم‪.‬‬ ‫وكان الغريم يقبل النار ويضعها علي رأسه عالمة الصلح‪.‬‬

‫اغلِ ِب َّ‬ ‫آية (‪:5" -:):5‬الَ َي ْغلِ َب َّن َك َّ‬ ‫الش َّر ِبا ْل َخ ْي ِر‪".‬‬ ‫الش ُّر َب ِل ْ‬ ‫ش َّر بَا ْل َخ ْي َر =‬ ‫ب ال َّ‬ ‫هذا ال يستطيعه إالّ كل من تمسك بالمسيح‪ ،‬ويستطيع أن يقول لي الحياة هي المسيح‪ .‬ا ْغلَ َ‬

‫بالصبر واإلحتمال واإلحسان للمسيء‪ .‬عموما كل ما يطالب به الرسول في هذا اإلصحاح يسهل علي من له‬

‫الطبيعة الجديدة فصارت أعضاؤه آالت بر‪.‬‬

‫‪228‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث عشر)‬

‫اإلصحاح الثالث عشر‬

‫عودة للجدول‬

‫‪5‬‬ ‫ان إِالَّ ِم َن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ض ْع ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫لسالَ ِط ِ‬ ‫ين ا ْل َك ِائ َن ُة ِه َي ُم َرتََّبـ ٌة‬ ‫اهلل‪َ ،‬و َّ‬ ‫س لِ َّ‬ ‫س ْل َ‬ ‫السالَ ِط ُ‬ ‫طٌ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬لِتَ ْخ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ين ا ْلفَائقَة‪ ،‬أل ََّن ُه لَ ْي َ‬ ‫ِم َن ِ‬ ‫اهلل‪" ،‬‬

‫إنتهي كالم الرسول في ص‪ 12‬عمـن يضـطهد المسـيحي مـن وسـط إخوتـه وكيـف يـتم التعامـل معـه‪ .‬وهنـا يكلمنـي‬ ‫عن إضـطهاد الدولـة‪ ،‬فقـد يتصـور أحـد أنـه يجـب أن نثـور علـي الدولـة التـي تضـطهدنا‪ .‬فبـولس يكتـب هـذا الكـالم‬

‫أيــام الدولــة الرومانيــة التــي إضــطهدت المســيحيين إضــطهاداً عنيف ـاً‪ .‬وهنــا يشــرح الرســول أنــه علــي المســيحي أن‬

‫يخضع للدولة التي تضطهده ويصلي عنها‪ ،‬فالمسيحي يصـلي عـن الملـك أو الـرئيس وعـن الدولـة‪ ،‬واهلل هـو الـذي‬

‫يتصرف معـه‪ ،‬فـنحن ال نفهـم مبـدأ الثـورة علـي الملـك أو الـرئيس فهـو ُم َع ّـين مـن اهلل‪ .‬قـد يكـون الملـك ظالمـاً ولكـن‬ ‫وج ــوده ه ــو بس ــماح م ــن اهلل ولحكم ــة يعلمه ــا اهلل وح ــده‪ .‬ولنس ــمع أن اهلل يق ــول لفرع ــون "إن ــي له ــذا بعين ــه أقمت ــك"‬

‫(رو‪ ،)1129‬فقسوة وغباء فرعون كانا السبب في إيمان اليهود بل والمصريون الذين عرفوا من هو يهوه‪ .‬واذا كان‬ ‫بـولس قــد رفــض ثــورة المـرأة علـي زوجهــا فــي خلــع غطــاء الـرأس (‪1‬كــو‪ )1:-1211‬فهــل يســمح بثــورة المســيحيين‬

‫ضــد الملــك‪ .‬والحــظ أن الدولــة الرومانيــة كانــت تتــوجس شـ اًر مــن المســيحيين إليمــانهم بالمســيح كملــك لهــم‪ ،‬فهــم لــم‬

‫يفهم ـوا معنــي الملــك الســماوي‪ ،‬ثاني ـاً ألن المســيحية كانــت ال ترتــاح لنظــام العبيــد الســائد‪ ،‬ولكــن مــع هــذا لــم تــدعو‬

‫المســيحية لثــورة العبيــد‪ ،‬فالمســيحية ال تصــلح األخطــاء بــالثورات بــل بإصــالح الــداخل‪ .‬ثالث ـاً فالدولــة الرومانيــة قــد‬

‫عانـت مـن ثـورات اليهـود‪ ،‬فكـان اليهــود يطبقـون الوصـية "إنـك تجعـل عليــك ملكـاً مـن وسـط إخوتـك" (تــث‪)10211‬‬ ‫بطريقة حرفية‪ ،‬فأثاروا الشغب حتى في رومـا ضـد قيصـر فطـردهم مـن رومـا كلوديـوس قيصـر (أع‪ )2218‬حـوالي‬

‫سنة ‪49‬م‪ .‬وعموما كان فكر اليهود أنهم إنتظروا المسيا ليخلصهم من السلطة الرومانية‪ .‬ويبسـط نفـوذهم إلـي كـل‬

‫أما المسيحي فيدرك أن السماء هي دائرة‬ ‫العالم (وهذا فكرهم لآلن) ولما لم يجدوا هذه الصورة في المسيح صلبوه‪ّ .‬‬ ‫إهتماماته الداخلية (كو‪.)2 ، 1 2 3‬‬ ‫وهكـ ــذا فـ ــنحن ال نطمـ ــع فـ ــي م اركـ ــز سياسـ ــية عالميـ ــة ألن كنيسـ ــتنا هـ ــي مؤسسـ ــة سـ ــماوية ونحـ ــن أيض ـ ـاً ال نهـ ــتم‬ ‫باإلضطهاد الذي يقع علينـا ونحـن ال نثـور ضـد مـن يضـطهدنا‪ .‬ونحـن نخضـع للـرئيس أو الملـك فـي كـل شـئ إال‬ ‫في شئ واحد هو أن يأمرنا بترك المسيح‪ .‬والحظ أن الرومـان نظـروا للمسـيحية علـي أنهـا شـيعة مـن اليهـود‪ ،‬وألن‬

‫اليهود ثائرين علي الدولة‪ ،‬ظن الرومان أن المسيحيين مثلهم‪ .‬ومع مالحظة أنـه فـي الوقـت الـذي كـان فيـه نيـرون‬ ‫يضطهد الكنيسة لم يري بولس الرسول أن علي الكنيسة أن تقاومه‪ ،‬بل رأي أنه أقيم بسـماح إلهـي لخيـر الكنيسـة‪،‬‬

‫بل طلب أن ترد الكنيسة بالحب علي إضطهاده وأن تصلي ألجله وتخضع له‪ .‬ومع كل هذا إتهم المسيحيين أنهم‬

‫مثيري فتن وسبب تكدير لألرض‪ ،‬وهذا ليجدوا مبر اًر لوحشيتهم‪ .‬وكان أقل خطأ من مسيحي يشـنع بـه فـي الحـال‪.‬‬ ‫ضعفاً بل طاعة في الرب‪ ،‬فنحن ال نخاف من الناس بل‬ ‫ومع هذا يقول الرسول لَت َْخ َ‬ ‫ض ْع = الخضوع هنا ال يعني َ‬ ‫من الشر‪.‬‬

‫‪229‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث عشر)‬

‫والمسيحي يشعر أن حياته ليست في يد الملك‪ ،‬بل في يد اهلل ضابط الكـل الـذي َعـيَّن الملـك‪ ،‬فالسـلطة مرتبـة مـن‬ ‫اهلل‪ ،‬لــذلك علينــا أن نخضــع للملــك مهمــا كــان ش ـري اًر‪ ،‬ولــيس للملــك وحــده بــل لكــل الهيئــة الحاكمــة معــه‪ ،‬وهكــذا‬

‫يتواصل هذا الكالم مع اإلصحاح السابق الذي قال فيه ال تجازوا أحـدا عـن شـر بشـر‪ .‬والكنيسـة تصـلي مـن أجـل‬ ‫سالَ َطينُ ا ْل َكاَِنَةُ = مهمـا كـان نوعهـا‬ ‫الملك والرئيس ومشيريه لكي يعطيهم الرب حكمة وسالم لصالح الكنيسة‪َ .‬وال َّ‬

‫ملكية أو جمهورية ُم َرتَّبَةل َمنَ للاَ‪.‬‬

‫وهـذا هـو ســبب خضـوعنا للسـلطان‪( .‬دا ‪ + 31 ، 28 ، 21 ، 25 2 2‬دا ‪ + 1124‬أر‪ + 8-: 221‬يــو‪.)1129‬‬

‫ونفس الفكر في هذه اآلية نجده في (‪1‬بط‪1 + 11-13 22‬بط‪ + 2122‬تي‪1 + 123‬تي‪ .)4-1 22‬وبولس يكتب‬ ‫هذا الكالم وهو طالما وقع في يد الرومان وقيد بسالسل‪.‬‬

‫اوم تَرِتيب ِ‬ ‫اهلل‪َ ،‬وا ْل ُمقَ ِ‬ ‫آية (‪َ :" -:):‬حتَّى إِ َّن َم ْن ُيقَ ِ‬ ‫ون ألَ ْنفُ ِس ِه ْم َد ْي ُنوَن ًة‪" .‬‬ ‫اوُم ُّ‬ ‫س َيأْ ُخ ُذ َ‬ ‫او ُم َ‬ ‫الس ْلطَ َ‬ ‫ان ُيقَ ِ ُ ْ َ‬ ‫ون َ‬ ‫اهلل هو الذي عَّين الملك‪( ،‬أم‪ )1028‬به تملك الملوك‪ ،‬فمن يقاوم الملك فأنه يقاوم اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َعمـ ِ‬ ‫‪ِ 3‬‬ ‫َّ‬ ‫الصــالِ َح ِة َبـ ْـل لِ ِّ‬ ‫ان؟ اف َْعـ ِـل‬ ‫ـاف ُّ‬ ‫ـال َّ‬ ‫َن الَ تَ َخـ َ‬ ‫يرِة‪ .‬أَفَتُ ِريـ ُـد أ ْ‬ ‫الس ـ ْلطَ َ‬ ‫ـام لَ ْي ُ‬ ‫لشـ ِّـر َ‬ ‫س ـوا َخ ْوفًــا لأل ْ َ‬ ‫آيــة (‪ " -:)3‬فَ ـإ َّن ا ْل ُحكـ َ‬ ‫ون لَ َك َم ْد ٌح ِم ْن ُه‪" ،‬‬ ‫َّ‬ ‫الصالَ َح فَ َي ُك َ‬

‫من يعمل أعماالً صالحة ال يخاف من الحاكم‪ .‬ومن يعمل الشر يخاف منه‪.‬‬

‫ف عبثًـا‪ ،‬إِ ْذ ُهـو َخ ِ‬ ‫لصـالَ ِح! و ِ‬ ‫ـادم ِ‬ ‫آية (‪4" -:)4‬أل ََّن ُ ِ‬ ‫ـت َّ‬ ‫ـاد ُم‬ ‫ـه الَ َي ْح ِمـ ُل َّ‬ ‫اهلل لِ َّ‬ ‫الش َّـر فَ َخ ْ‬ ‫ـف‪ ،‬أل ََّن ُ‬ ‫لك ْـن إِ ْن فَ َع ْل َ‬ ‫الس ْـي َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـه َخ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِب ِم َن الَِّذي َي ْف َع ُل َّ‬ ‫الش َّر‪".‬‬ ‫اهلل‪ُ ،‬م ْنتَ ِق ٌم لِ ْل َغ َ‬ ‫الحاكم هو خادم اهلل‪ ،‬اهلل وضع السيف (العقاب) في يده لقمع كل شر وذلك حتى ال تعم الفوضى‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ضا ِبسب ِب الض ِ‬ ‫َّم ِ‬ ‫ير‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)1‬لِذلِ َك َي ْل َزُم أ ْ‬ ‫س َب ِب ا ْل َغ َ‬ ‫َن ُي ْخ َ‬ ‫ض ِب فَقَ ْط‪َ ،‬ب ْل أ َْي ً َ َ‬ ‫س ِب َ‬ ‫ض َع لَ ُه‪ ،‬لَ ْي َ‬ ‫علينا أن نخضع للحاكم ليس خوفاً فقط بل من أجل الضمير‪ ،‬ألن اهلل َعي َ​َّنهُ أي علينا أن نفهم أننا ال نتعامـل مـع‬

‫إنسان عظيم فنخاف منه لعظمته‪ ،‬بل نحن نتعامـل مـع اهلل الـذي أمرنـا أن نخضـع لمـن عينـه‪ .‬لـذلك نحـن نخضـع‬

‫حتي في الخفاء‪ ،‬فالسلطان هو اهلل‪ ،‬واهلل يرانا حتى لـو كنـا فـي الخفـاء‪ ،‬والضـمير سـيثور ضـدي لـو خالفـت أوامـر‬ ‫اهلل‪ .‬والــروح القــدس الــذي فينــا أصــلح ضــميرنا فصــار حساس ـاً‪ ،‬وبــنفس المفهــوم‪ ،‬فلــو وجــدت طريقــة للتهــرب مــن‬

‫علي أن ال أستغلها‪.‬‬ ‫الضرائب َّ‬

‫‪6‬‬ ‫اهلل مو ِ‬ ‫ضا‪ ،‬إِ ْذ ُهم ُخدَّام ِ‬ ‫ون َعلَى ذلِ َك ِب َع ْي ِن ِه‪" .‬‬ ‫اظ ُب َ‬ ‫َج ِل ه َذا تُوفُ َ‬ ‫ون ا ْل ِج ْزَي َة أ َْي ً‬ ‫آية (‪ " -:)6‬فَِإ َّن ُك ْم أل ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪2‬فَإَنَّ ُك ْم ألَ ْج َل ها َذا ‪ = 000‬أي ألجـل الضـمير‪ .‬والحـظ أنـه علـي المسـيحي أن يكـون أمينـاً فـي موضـوع الضـرائب‬

‫المستحقة عليه‪.‬‬

‫‪230‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث عشر)‬ ‫‪7‬‬ ‫ِ‬ ‫ـه‬ ‫ـه ا ْل ِج َب َاي ـ ُة‪َ .‬وا ْل َخـ ْـو َ‬ ‫ف لِ َمـ ْـن لَـ ُ‬ ‫ـه ا ْل ِج ْزَيـ ُة‪ .‬ا ْل ِج َب َاي ـ َة لِ َمـ ْـن لَـ ُ‬ ‫ـع ُحقُــوقَ ُه ُم‪ :‬ا ْل ِج ْزَيـ َة لِ َمـ ْـن لَـ ُ‬ ‫آيــة (‪ " -:)7‬فَـأ ْ‬ ‫َعطُوا ا ْل َجميـ َ‬ ‫اإل ْكر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْل َخ ْو ُ ِ‬ ‫ام‪".‬‬ ‫ام ل َم ْن لَ ُه اإل ْك َر ُ‬ ‫ف‪َ .‬و َ َ‬

‫هــذه مثــل إعــط مــا لقيصــر لقيصــر‪ .‬علينــا أن نعطــي لهـؤالء الــذين فــي يــدهم الســلطان حقــوقهم وهــذا واجــب علينــا‪.‬‬ ‫ا ْل َج ْزيَةُ = ضريبة األرض وما يدفع من ضريبة علي األمـالك‪ ،‬وهـذا النـوع مـن الضـ ارئب دائمـة منتظمـة‪ .‬ا ْل َجبَايَاةَ‬ ‫= هذه تدفع بين الحين واآلخر حسبما تقتضي الظروف فهي ضريبة خاصة بالتجارة‪.‬‬

‫اإل ْك َرا َم= لكل من كانوا فوقنا من رؤساء ولألب ولألم حسب الوصية‪.‬‬ ‫ا ْل َخ ْوَُ = من الحاكم ألنه ينفذ مشيئة اهلل‪َ .‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ـب َغ ْيـ َـرهُ فَقَـ ْـد أَ ْك َمـ َـل‬ ‫ضــا‪ ،‬أل َّ‬ ‫َحـ َّ‬ ‫َن ُي ِحـ َّ‬ ‫َح ـ ٍد ِب َ‬ ‫ـي ٍء إِالَّ ِب ـأ ْ‬ ‫آيــة (‪ " -:)1‬الَ تَ ُكوُن ـوا َمـ ْـد ُيوِن َ‬ ‫ض ـ ُك ْم َب ْع ً‬ ‫ـب َب ْع ُ‬ ‫َن َمـ ْـن أ َ‬ ‫ين أل َ‬ ‫شـ ْ‬ ‫َّ‬ ‫وس‪".‬‬ ‫ام َ‬ ‫الن ُ‬

‫علي المؤمن أن ال يستريح إالّ بعد أن يسدد الديون التـي عليـه‪ ،‬وهـذا مـن شـأنه أنـه يبطـل أسـباب الشـجار والنـزاع‬

‫والكراهية واللجوء إلي القضاء‪.‬‬ ‫ضااا = تســديد ديــوني يعطينــي شــعو اًر بال ارحــة‪ ،‬ولكــن مــن ناحيــة المســيح‪ ،‬فلــن يحــدث هــذا‬ ‫إَجَّ بَااَنْ يُ َحا َّ‬ ‫اب بَ ْع ُ‬ ‫ضا ُك ْم بَ ْع ا‬ ‫الشعور أبداً‪ ،‬فالمسيح أعطاني الكثير جداً‪ ،‬فماذا قدمت له‪ ،‬أو ماذا قدمت من أعمال محبة ألوالده‪.‬‬

‫المسيحي شاعر دائماً أنه مديون هلل وللناس فهم أوالد اهلل‪ ،‬وهذا ما َعب َ​َّر عنه بولس الرسول "بأنه مديون لليونانيين‬ ‫والبرابرة للحكماء والجهالء فهكذا أنا مستعد لتبشيركم‪( "..‬رو‪ )10 ، 14 2 1‬فالـدين الـذي فـي رقبـة بـولس الرسـول‬

‫يسدده بالتبشير ‪ ،‬والدين الذي في رقبتي أسدده بخدمة اهلل وخدمـة النـاس‪ ،‬وأبـداً لـن يهـدأ اإلنسـان‪ ،‬وسيشـعر دائمـاً‬ ‫أنه مديون‪ .‬اهلل أحبنا وسنعيش كل حياتنا نرد حب اهلل بحب النـاس أوالد اهلل‪ .‬وهـذا الحـب هلل وللنـاس هـو ملخـص‬

‫الناموس كله (مت‪.)45-30222‬‬ ‫ـت و ِ‬ ‫ور‪ ،‬الَ تَ ْ ِ‬ ‫ش َه ْد ِب ُّ‬ ‫ـالز ِ‬ ‫ُخ َـرى‪،‬‬ ‫اآليات (‪1" -:)52-1‬أل َّ‬ ‫ص َّـي ًة أ ْ‬ ‫ق‪ ،‬الَ تَ ْ‬ ‫س ِر ْ‬ ‫َن «الَ تَْز ِن‪ ،‬الَ تَ ْقتُ ْل‪ ،‬الَ تَ ْ‬ ‫شـتَه»‪َ ،‬وِا ْن َكا َن ْ َ‬ ‫‪52‬‬ ‫يـب‪ ،‬فَا ْلمحبَّـ ُة ِ‬ ‫ِهي م ْجموع ٌة ِفي ِ‬ ‫ـر لِ ْلقَ ِر ِ‬ ‫ـي تَ ْك ِميـ ُل‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يب َك َك َن ْف ِس َك»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َن تُ ِح َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هذ ِه ا ْل َكلِ َم ِة‪«:‬أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب قَ ِر َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫وس‪".‬‬ ‫الن ُ‬ ‫قال الرسول في اآلية السابقة َّ‬ ‫إن مـن أحـب غيـره فقـد أكمـل النـاموس وهنـا يقـول لمـاذا‪ .‬ملخـص الوصـايا كلهـا أن‬

‫يمتلئ القلب بالحب الحقيقي وبهذا يمتلئ باهلل نفسه الذي يشـبع القلـب والـنفس والعواطـف واألحاسـيس‪ ،‬فـال يحتـاج‬

‫اإلنسان إلى ملذات العالم والجسـد ولـن تخدعـه الخطيـة‪ .‬وملخـص هـذه الوصـايا أن نعامـل اآلخـرين كمـا نحـب أن‬ ‫يعاملوننا‪ ،‬والذي يحب اآلخرين ال يمكن أن يفعل الشر بهم‪ ،‬وعلي ذلك سيسلك نحوهم بموجـب وصـايا النـاموس‪،‬‬

‫لذلك فالمحبة هي تكميل الناموس‪.‬‬

‫‪231‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث عشر)‬

‫ِ‬ ‫ـن َّ‬ ‫آية (‪55" -:)55‬ه َذا َوِا َّن ُك ْم َع ِ‬ ‫ب ِم َّمـا‬ ‫ون ا ْل َوق َ‬ ‫صـ َنا َ‬ ‫سـتَ ْي ِقظَ ِم َ‬ ‫ْت‪ ،‬أ ََّن َها َ‬ ‫ارفُ َ‬ ‫ْـر ُ‬ ‫س َ‬ ‫ـاع ٌة ل َن ْ‬ ‫الن ْـوِم‪ ،‬فَـِإ َّن َخالَ َ‬ ‫اآلن َ‬ ‫اآلن أَق َ‬ ‫آم َّنا‪" .‬‬ ‫ان ِح َ‬ ‫َك َ‬ ‫ين َ‬ ‫المجيء‬ ‫الثاني‬ ‫والقيامة‬ ‫العامة =‬ ‫خالصنا‬

‫المسافة صارت أقل‬

‫يوم آمنا‬ ‫أو‬ ‫إعتمدنا‬ ‫اآلن‬

‫المسافة أطول‬

‫صنَا = يقصد الخالص النهائي الذي سيكون حين يأتي الرب يسوع في مجيئه الثاني ودخولي للسماء بالجسـد‬ ‫َخالَ َ‬ ‫الممجد‪.‬‬

‫كل يوم يمر علينا نقترب من يوم خالصنا النهائي أي يوم مجيء المسيح النهائي‪ .‬ولكن هذا اليوم هو يوم دينونة‬ ‫ساتَ ْيقَ َ َماانَ النَّا ْاو َم = نــوم الغفلـة والخطيــة واالنغمــاس فـي شــهوات هــذا العـالم‪ .‬لــنكن أمنــاء ومحبــين‬ ‫لألشـرار‪ ،‬إذاً لَنَ ْ‬

‫للكل وهلل أوالً ألن أيامنا علي األرض مقصرة‪ ،‬كل يوم تقل عن اليـوم الـذي قبلـه‪ .‬هـذه اآليـة تشـبه قـولي إلبنـي "يـا‬ ‫إبنــي شــد حيلــك فاضــل كــام يــوم علــي االمتحــان"‪ .‬وقولــه لنســتيقظ إشــارة لحيــاة القيامــة والنصـرة علــي الخطيــة (نــوم‬ ‫وموت)‪ .‬ومن يستيقظ ويبدأ جهاده بالصالة والعبادة تتحـول السـاعات الزمنيـة لحسـاب األبديـة‪ ،‬ألنـه سـيحيا الحيـاة‬

‫األبدية من اآلن‪ .‬وأيضاً ينتقل من الموت إلي الحياة‪ ،‬من موت الخطية لحياة فيها المسيح يحيا فيه‪ ،‬وبهذا يخـرج‬

‫من ليل العالم إلي نهار األبدية‪ .‬هذه اآلية تتمشي مـع نـداء المسـيح إسـهروا (مـر‪ )30213‬العـريس علـي األبـواب‪،‬‬ ‫أفيكون بيننا وبين السماء خطوة واحدة ونتثاقل‪.‬‬

‫‪5:‬‬ ‫ِ‬ ‫َسلِ َح َة ُّ‬ ‫ب َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫ور‪" .‬‬ ‫َع َم َ‬ ‫آية (‪ " -:)5:‬قَ ْد تَ​َن َ‬ ‫الن َه ُار‪َ ،‬ف ْل َن ْخلَ ْع أ ْ‬ ‫اهى اللَّْي ُل َوتَقَ َار َ‬ ‫سأْ‬ ‫ال الظُّ ْل َمة َوَن ْل َب ْ‬ ‫ي النَّ َها ُر = لحظة مجيء المسيح أو إنتقالي‬ ‫ار َ‬ ‫تَنَاهَى اللَّ ْي ُل = لقد إقتربت نهاية األيام التي تنتشر فيها الخطية‪ .‬تَقَ َ‬ ‫أنا من هذا العـالم‪ .‬أَ ْع َما َل ال ر‬ ‫و ْل َم َة = فأعمـال الخطيـة تنشـأ فـي الظلمـة وتحـب الظلمـة لتختبـئ فيهـا وتنتهـي بظلمـة‬

‫سااالَ َحةَ النراااو َر = النــور هــو المســيح واألســلحة نق ـ أر عنهــا فــي (أف‪( ):‬صالة‪/‬إيمان‪/‬صــوم‪/‬كتاب مق ــدس‬ ‫جهــنم‪ .‬أَ ْ‬ ‫‪)...‬ولكــن مطلــوب ق ـرار منــي أن أســلك مــع اهلل ملتزم ـاً بوصــايا اهلل‪ .‬وال تقــل فــي قلبــك أن الخطيــة قويــة‪ ،‬بــل أن‬ ‫األسلحة التي معي أقوي بل تجعلني أكره الخطية‪ .‬إن الحياة الحاضرة تشبه الليل المظلم وهي في طريقها للزوال‪،‬‬ ‫والحياة اآلتية إقتربت وهذا ما يحفزنا علي حمل أسلحتنا للجهاد ضد الخطيـة‪ ،‬لكـن النهـار يشـرق فينـا حـين يسـكن‬

‫المسيح شمس البر فينا (‪1‬كو‪1 + 2921‬بط‪.)124‬‬ ‫‪ِ 53‬‬ ‫اجع وا ْلعه ِر‪ ،‬الَ ِبا ْل ِخ ِ‬ ‫سلُ ْك ِبلِ َياقَ ٍة َكما ِفي َّ‬ ‫الن َه ِ‬ ‫س ِد‪".‬‬ ‫ط ِر َوال ُّ‬ ‫ار‪ :‬الَ ِبا ْل َب َ‬ ‫س ْك ِر‪ ،‬الَ ِبا ْل َم َ‬ ‫آية (‪ " -:)53‬ل َن ْ‬ ‫ض ِ َ َ​َ‬ ‫صام َوا ْل َح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هذه اآلية هي التي غيرت القديس أغسطينوس مـن حيـاة الخطيـة إلـي القداسـة‪ ،‬فقـد كـان فـي حديقـة أحـد أصـدقائه‬ ‫وســمع ولــداً ينــادي خــذ واق ـ أر وكــان مــع الصــبي بضــع وريقــات‪ ،‬فأخــذها أغســطينوس‪ ،‬فكانــت مــن رســالة روميــة‪،‬‬ ‫‪232‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الثالث عشر)‬

‫وبالــذات هــذه اآليــة‪ ،‬التــي قــرر بعــدها تغييــر حياتــه‪ .‬والخطايــا المــذكورة هنــا هــي فــي صــورة ثنائيــات‪ ،‬فكــل واحــدة‬

‫مرتبطة باألخرى‪.‬‬

‫سلُ ْ بَلَيَاقَة = حقاً كل األشياء تحل لي ولكن ليس كل األشياء توافق أو تليق بي كمسـيحي‪َ .‬ك َماا فَاي النَّ َهاا َر =‬ ‫لَنَ ْ‬ ‫فلنسلك كما لو كانت أعين الجميع تراقب تصرفاتنا كمن في وضح النهار‪ .‬فلنسلك بكل أدب وخشوع ولياقة دائمـاً‬

‫ولنفهم أن أعين اهلل علينا كل األوقات في الليل والنهار‪.‬‬ ‫ساا ْك َر‪.‬‬ ‫ا ْلبَطَاا َر = عربــدة واف ـراط فــي األكــل وتهيــيص خــارج الحــدود‪ ،‬يســمي المــرح بوقاحــة وقطعــا فهــذا م ـرتبط بال ر‬ ‫اجع = ممارسة الشذوذ والزنا وتشير ألماكن الرذيلة‪.‬‬ ‫ا ْل َم َ‬ ‫ض َ‬ ‫َوا ْل َع َه ا َر = النجاســات مــن األفكــار والعواطــف وال ـرقص والنظ ـرات والكلمــات والكتــب الرخيصــة‪ .‬بــل كــل مــا يــؤدي‬ ‫س َد = فالخصام ينتج عن الحسد‪.‬‬ ‫ص َام َوا ْل َح َ‬ ‫للنجاسة‪ .‬جَ بَا ْل َخ َ‬

‫‪54‬‬ ‫الشهو ِ‬ ‫ع ا ْلم ِسيح‪ ،‬والَ تَص َنعوا تَ ْد ِب ا ِ‬ ‫ات‪".‬‬ ‫الر َّ‬ ‫سوا َّ‬ ‫س ِد أل ْ‬ ‫َج ِل َّ َ َ‬ ‫ير ل ْل َج َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫سو َ َ َ َ‬ ‫ب َي ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)54‬ب ِل ا ْل َب ُ‬ ‫ً‬ ‫سو َل = معناها تشبهوا بالرب يسوع أو لتكن لكم صورة الرب يسوع‪ .‬ونحـن بالمعموديـة نتحـد بجسـد‬ ‫سوا ال َّر َّ‬ ‫ي يَ ُ‬ ‫ا ْلبَ ُ‬

‫المسيح السري فنلبس الرب يسوع (غل‪ )2123‬ولكن باالنغماس في خطايا العالم نفقد هذه الصورة‪ ،‬وتعـود لتظهـر‬

‫ـي (غــل‪.)2522‬‬ ‫فينــا متــي صــلبنا الجســد مــع أهوائــه وشــهواته "مــع المســيح صــلبت فأحيــا ال أنــا بــل المســيح يحيــا فـ ّ‬ ‫وكلما تجددنا عموما نقترب من صورة الرب يسوع (أف‪+ 2424‬غـل‪1+ 1924‬كـو‪ .)49210‬وهنـاك رمـز لهـذا فـي‬ ‫العهــد القــديم يــوم ألــبس الــرب اإللــه آدم جلــد الذبيحــة‪ .‬فالذبيحــة هــي رمــز للمســيح المصــلوب‪ .‬فالمســيح يحيــا فينــا‬ ‫ويــدخل فينــا ويصــير هــو المنظــور فينــا ونحــن المســتورين فيــه ‪ ،‬يظهــر هــو فــي كــل عمــل (أف‪ .)18-1423‬هنــا‬

‫ـي‪ ،‬محبة‪/‬لطف‪/‬وداعة‪/‬تواضــع‪...‬‬ ‫ـي يعطينــي فضــائله تظهــر فـ َّ‬ ‫إختفــي إنســان الليــل وظهــر إنســان النــور‪ .‬المســيح فـ َّ‬ ‫وحينما أتحلي بكل هذه الصفات أكون قد لبست الرب يسوع‪.‬‬

‫ك ــل ش ــئ ع ــدا المس ــيح ه ــو أوراق مهلهل ــة ال تس ــتر‪ ،‬نح ــن بغيـ ـره مش ــوهون وع اري ــا‪ .‬إذاً نح ــن نل ــبس المس ــيح ف ــي‬

‫المعمودية ‪ .‬فلنستمر البسين المسيح بإخالص وحق‪ ،‬بحب الفضيلة وبغض الشـر واإلبتعـاد عنـه‪ ،‬وتـدريب أنفسـنا‬ ‫علي العفة واماتة شهواتنا وااللتصاق به اليوم كله (وهذا ما نسميه الجهاد)‪.‬‬ ‫ت = أي عدم اإلنغماس في الشهوات الزائدة والسعي‬ ‫س َد ألَ ْج َل ال َّ‬ ‫ومن يلبس الرب يسوع لنَ ي ْ‬ ‫صنَ ُع تَ ْدبَي ارا لَ ْل َج َ‬ ‫ش َه َوا َ‬ ‫إلثارة اإلنسان العتيق بإثارة شهوات الجسد‪ ،‬وعدم اإلرتباك والسعي وراء ملذات هذا العالم‪ .‬وهذا ال يتعارض مع‬

‫تدبير حاجات الجسد الضرورية‪ ،‬ولكن المقصود هو عدم السعي بإلحاح نحو ملذات هذا العالم‪ ،‬والذين يسلكون‬

‫في الروح لن يكملوا شهوة الجسد (غل‪.)1:20‬‬

‫‪233‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫اإلصحاح الرابع عشر‬

‫عودة للجدول‬

‫يري القديس ذهبي الفم أن بولس هنا يعالج مشكلة قامت بين اليهود المتنصرين بعضهم البعض‪ ،‬إذ كان الـبعض‬

‫يخشـي لــئال فــي أكلهــم اللحــوم يـأكلون لحــم الخنزيــر أو الجمــل وهــم ال يـدرون‪ ،‬فيكونـوا كاسـرين للنــاموس‪ ،‬واذ كــان‬

‫ضميرهم متشككاً تظاهروا بالصوم والتقشف فإمتنعوا عن أكل اللحـوم بالكليـة‪.‬بينما أدرك آخـرون أنهـم فـي المسـيح‬

‫يسوع نالوا الحرية من الطقوس الحرفية‪ ،‬فصاروا يأكلون اللحوم أياً كانت‪ .‬فدخلوا في صـراع فكـري ومناقشـات مـع‬

‫إخوتهم المتظاهرين بالصوم وهم في حقيقتهم ضعيفو اإليمـان‪ .‬والرسـول لـم يـرد أن يـدخل فـي هـذا الصـراع‪ ،‬وانمـا‬ ‫حسـب أن أمـر األكــل أتفـه مـن أن يشــغل فكـر المسـيحيين ووقــتهم‪ ،‬ولكـن المهـم أن ال يكــون هنـاك صـراع‪ ،‬بــل أن‬ ‫تسود المحبة‪ .‬الرسول كشف ضعف الضعفاء الذين يتشككون بسبب طول ممارساتهم للشريعة الموسوية ويصعب‬ ‫عليهم التخلص منها‪ .‬وفي الوقت نفسه هاجم األقوياء الذين يزدرون بإخوتهم الضعفاء‪ .‬ونالحظ أن بطـرس نفسـه‬

‫لــم يكــن ســهالً عليــه أن يــتخلص مــن العوائــد اليهوديــة‪ ،‬فكــان يمتنــع عــن األكــل مــع األمــم إذا دخــل يهــود عليــه‬

‫(غل‪ )1222‬واهلل أراه المالءة حتى يقبل أن يعمد كرنيليوس ويقبله في األيمان أع‪.)1: - 11 2 15‬‬

‫وقــد يكــون الصـراع ناشــئاً بــين طائفــة اليهــود المتنصـرين واألمــم علــي أكــل اللحــوم التــي حرمهــا النــاموس‪ ،‬فــاألممي‬

‫المتنصر إحتقر اليهودي علي إمتناعه عن أكل اللحوم لتشككه‪.‬‬

‫وهنـاك مشــكلة أخـري ناقشــها الرسـول فــي رسـالة كورنثــوس (‪1‬كــو‪ )15-8‬هـي مشــكلة اللحـوم التــي كانـت تقــدم فــي‬ ‫أعياد ومناسبات الوثنيين في هياكلهم فهناك جماعة إمتنعت عن أكل اللحوم ألن الوثنيون بعد أن يقدموا ذبائحهم‬

‫آللهتهم كانوا يبيعون هذه اللحـوم فـي محـال الجـ ازرة‪ ،‬فـإمتنع المتشـككين مـن أكـل اللحـوم وشـرب الخمـر تمامـاً لـئال‬ ‫يكون بينهما ما قدم في هياكل األوثان‬

‫وغالباً فالرسول يناقش في هذا اإلصحاح (رو‪ )14‬الطعام المحرم عند اليهود ذلك أنه يقول واحد يعتبر يومـاً دون‬ ‫يوم وآخر يعتبر كل يوم (ويقصد أعياد اليهود ويوم السبت)‪ .‬أما في (‪1‬كو‪ )8‬فنـاقش لحـوم هياكـل األوثـان‪ .‬علـي‬

‫أن هنــاك مشــكلة أخــري خاصــة بــاللحوم وهــي خاصــة بجماعــة األســينيين الــذين كــانوا يحرمــون أكــل اللحــم تمام ـاً‪.‬‬

‫وغالباً هؤالء ال يقصدهم الرسول‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫يف ِفي ِ‬ ‫ان فَاق َْبلُوهُ‪ ،‬الَ لِ ُم َحا َك َم ِة األَ ْف َك ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ار‪" .‬‬ ‫ض ِع ٌ‬ ‫آية (‪َ " -:)5‬و َم ْن ُه َو َ‬ ‫اإل َ‬ ‫يوجد نوع من المسيحيين ضعاف في إيمـانهم يعلقـون أمـر خالصـهم علـي التمييـز بـين أنـواع األطعمـة‪ ،‬وبـين يـوم‬ ‫ويوم‪ ،‬وعلي الكنيسة أن تقبل الكل برأفة‪ .‬جَ لَ ُم َحا َك َم َة األَ ْف َكا َر = أي دون إدانة أفكاره‪ ،‬فالدينونة هي عمـل اهلل‪ ،‬إذاً‬ ‫لنتركها له (لكن هذا الكالم ال ينطبق علي العقائد‪ ،‬فمن يعلِّم تعليماً مناقضاً إليماننا‪ ،‬يجب أن تقاومه الكنيسة)‪.‬‬

‫عمومـاً الكنيســة هــي مستشــفي لعــالج كــل م ـريض وليســت محكمــة إلدانــة النــاس‪ .‬وعلــي ذلــك يليــق بالمســيحي أن‬ ‫يترفق بأخيه الضعيف اإليمان ليسنده بروح الحب ال اإلدانـة حتـى يسـير الكـل فـي طريـق الخـالص‪ .‬والرسـول هنـا‬ ‫يدعو ألن نترك صغائر األمور ونلتفت لما هـو للبنيـان‪ .‬والعجيـب أن بـولس القـوي خضـع لهـذه األمـور‪ ،‬فهـو نـذر‬

‫‪234‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫نفســه بطقــس النــذير اليهــودي وخــتن تيموثــاوس ليـربح الضــعفاء‪ ،‬فصــار لليهــودي كيهــودي ليـربحهم (‪1‬كــو‪-9219‬‬

‫‪.)22‬‬

‫وهنا في رسالة رومية نري بولس غير مهـتم بـأن يلتـزم المـؤمن بيـوم أو بنـوع مـن األطعمـة أو ال يلتـزم‪ .‬ولكنـه فـي‬

‫رسـالة (كولوسـي‪ )1: ، 8 2 2‬منــع نهائيـاً هــذا الـتحكم اليهــودي وهكـذا فعـل فــي غالطيـة فلمــاذا ؟ السـبب أن أهــل‬ ‫رومــا حــديثي اإليمــان‪ ،‬فــال يريــد أن يـربكهم إلــي أن يحضــر هــو بنفســه ويعلِّــم التعلــيم الصـحيح الــذي يـرفعهم فــوق‬ ‫أمــا كولوســي وغالطيــة فهمــا كنــائس قــد‬ ‫مســتوي الش ـرائع اليهوديــة‪ ،‬فرومــا لــيس بهــا رســل يعلمــون الشــعب البســيط ّ‬ ‫تأسست ولها أساقفة وكهنة يعلِّمـونهم‪ .‬فأهـل رومـا حـديثي اإليمـان‪ ،‬وال يريـد أن يجعلهـم يتشـككون بسـبب ماضـيهم‬ ‫أمــا فــي كولوســي وغالطيــة فهــو يتشــدد مــع المعلمــين الــذين يــدعون للتهــود أوالً قبــل‬ ‫فــي اإليمــان‪ ،‬إذ هــم بســطاء‪ّ ،‬‬ ‫الدخول في المسيحية‪ .‬وبولس يراعي أن مـن أصـله يهـودي سـيعاني مـن ضـغوط ضـميره بسـبب نشـأته‪ ،‬فـال يـدقق‬

‫فيمــا يفعلــه ليـ ـريح ضــميره‪ ،‬وأمــا م ــن أصــله أمم ــي وثنــي ‪ ،‬وأقنعــه هـ ـؤالء المتهــودين مــن المعلم ــين بــأن يب ــدأ أوالً‬ ‫بالممارســات اليهوديــة كوســيلة للخــالص‪ ،‬فه ـؤالء يهــاجمهم بــولس الرســول كمــا فعــل مــع أهــل غالطيــة وكولوســي‪.‬‬ ‫فأهــل روميــة فعل ـوا مــا فعلــوه عــن ضــعف بســبب ماضــيهم مــع النــاموس واليهوديــة‪ ،‬أمــا أهــل غالطيــة فعــن عنــاد‬ ‫ومقاومة‪ .‬فكأن بولس أراد أن يدفن النـاموس الطقسـي بالتـدريج فكـان أهـل روميـة يشـيعونه إلـي قبـره بحـزن وبكـاء‪،‬‬

‫وبولس يحتملهم بصبر‪.‬‬

‫أما أهل غالطية فكـانوا ينبشـون قبـره فهـاجمهم‪ .‬فَاا ْقبَلُوهُ = هـو مقبـول عنـد اهلل فـإقبلوه أنـتم فـي محبـة وابعـدوا عـن‬

‫المناقشات التي تحيره وتربكه‪ ،‬فمن له معرفه يميل إلي اإلنتفاخ علي إخوته‪.‬‬ ‫َما الض ِ‬ ‫آية (‪:" -:):‬و ِ‬ ‫يف فَ َيأْ ُك ُل ُبقُوالً‪".‬‬ ‫ش ْي ٍء‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫َن َيأْ ُك َل ُك َّل َ‬ ‫َّع ُ‬ ‫اح ٌد ُي ْؤ ِم ُن أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َايء = قـال اهلل لبطـرس "مـا طهـره اهلل ال تدنسـه أنـت" (أع‪ )10215‬فـالقوي إيمانيـاً يـؤمن أنـه نـال فـي‬ ‫يَاْ ُك َل ُك َّل ش ْ‬ ‫المســيح الحريــة مــن الطقــوس الحرفيــة فيأكــل بــال إرتيــاب‪ .‬وهــذا تعلــيم الســيد المســيح الــذي لــم يمنــع أكــل الشــيء‪،‬‬ ‫ض َعيفُ فَيَاْ ُك ُل بُقُاوجا = خوفـاً مـن أكـل‬ ‫فاألكل ال ينجس إنما النجاسة تنبع من داخل اإلنسان (مت‪ .)11210‬أَ َّما ال َّ‬ ‫لحوم قد تكون محرمة كالخنزير (أو قدمت ألوثـان) فيكسـر بهـذا النـاموس‪ ،‬فالنـاموس منـع بعـض لحـوم الحيوانـات‬

‫واألسـماك والطيــور‪ ،‬لكــن لــم يمنــع البقــول ومــع أن هــذا التصـرف فيــه تزمــت وأفكــار ضــيقة لكــن يجــب أن نقبلــه وال‬ ‫ندينه‪.‬‬ ‫َن اهللَ قَ ِبلَ ُه‪" .‬‬ ‫آية (‪3" -:)3‬الَ َي ْزَد ِر َم ْن َيأْ ُك ُل ِب َم ْن الَ َيأْ ُك ُل‪َ ،‬والَ َي ِد ْن َم ْن الَ َيأْ ُك ُل َم ْن َيأْ ُك ُل‪ ،‬أل َّ‬ ‫هنا نجد الرسول يحذر مـن ضـربة يمينيـة‪ ،‬فـالقوي يشـعر بقوتـه ويحتقـر الضـعيف‪ ،‬وبـنفس مفهـوم هـذه اآليـة فعلـي‬ ‫البت ــول أن ال ي ــزدري ب ــالمتزوج وعل ــي المت ــزوج أن ال ي ــدين البت ــول‪ ،‬ف ــاهلل يقب ــل ه ــذا وذاك ف ــاهلل ال يقص ــف قص ــبة‬ ‫مرضوضة‪ ،‬فهل يقبله اهلل وأرفضه أنا‪ .‬و َمنْ جَ يَاْ ُك ُل جَ يَ َدنْ َمنْ يَاْ ُك ُل = فال يحسبه َن ِه ْم شهواني كاسر للناموس‪.‬‬

‫‪235‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع عشر)‬ ‫‪4‬‬ ‫ـت أَو يسـقُطُ‪ .‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن‬ ‫َّت‪ ،‬أل َّ‬ ‫َن اهللَ قَـ ِادٌر أ ْ‬ ‫سـ ُـيثَب ُ‬ ‫لك َّنـ ُ‬ ‫آيــة (‪َ " -:)4‬مـ ْـن أَ ْنـ َ‬ ‫ـت الَّـ ِـذي تَـ ِـد ُ‬ ‫ين َع ْبـ َـد َغ ْيـ ِـر َك؟ ُهـ َـو ل َمـ ْـوالَهُ َيثْ ُبـ ُ ْ َ ْ‬ ‫ـه َ‬ ‫َ‬ ‫ُيثَِّبتَ ُه‪".‬‬ ‫َمنْ أَ ْن َ الَّ َذي تَ َدينُ َع ْب َد َغ ْيا َركَ = هنـا يوجـه كالمـه للضـعيف الـذي يـدين القـوي ألنـه يأكـل ويعتبـره نهمـاً وسـاقطاً‪.‬‬

‫هــذه الطياشــة فــي الدينونــة هــي التــي قصــدها يعقــوب حــين قــال "ال تكونـوا معلمــين كثيـرين‪ "..‬ألننــا بدينونــة إخوتنــا‬

‫نجعل من أنفسنا سادة لهم‪ .‬والرب وحده هو سيد الجميع‪ ،‬ونحن كلنا عبيد له‪ .‬واذا كان اآلخـر لـيس عبـداً لـي بـل‬ ‫هلل فلماذا أدينه‪ ،‬اهلل يدينـه‪ .‬ه َُو لَ َم ْوجَهُ يَ ْثبُ ُ = إن ثبـت فـي إيمانـه سيكسـبه مـواله‪ ،‬وسـقوطه خسـارة لمـواله‪ .‬فـاألمر‬ ‫خــاص بــاهلل الــذي يشــتاق أن ي ـربح الكــل‪ .‬قــد نظــن أن اهلل لــن يقبــل الــذي يتصــرف بحريــة أو ســوف ي ـرفض مــن‬ ‫يتشــكك‪ .‬ولكــن اهلل قــادر أن يثبــت الواحــد فــي نزاهتــه واآلخــر فــي ارحــة ضــميره= ألَنَّ للاَ قَااا َد لر أَنْ يُثَبِّتَاهُ = فهــو ال‬

‫يقبله فقط بل يثبته‪.‬‬

‫آخر يعتَِبر ُك َّل يوٍم‪َ .‬ف ْليتَيقَّ ْن ُك ُّل و ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬و ِ‬ ‫اح ٍد ِفي َع ْقلِ ِه‪":‬‬ ‫اح ٌد َي ْعتَِب ُر َي ْو ًما ُد َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون َي ْوٍم‪َ ،‬و َ ُ َ ْ ُ‬ ‫هنــا يــتكلم عــن الســبت واألعيــاد والمواســم واألص ـوام اليهوديــة‪ ،‬فــاليهود المتنص ـرين مــا ازل ـوا يحترمــون أيــام الفصــح‬ ‫احد فَاي َع ْقلَا َه = أي‬ ‫والهالل الجديد ‪ ...‬واألمم يحترمون األحد بدالً من السبت الذي يقدسه اليهـود‪ .‬فَ ْليَتَيَقَّنْ ُك رل َو َ‬

‫يحكــم ضــميره وعقلــه فــي هــذا األمــر وذاك‪ .‬ويتخــذ قـ ارره دون إرتيــاب أو تشــكك‪ .‬كـ ُل ُ​ُ حســب النــور الــذي فــي قلبــه‬ ‫وك ُل ُ​ُ حسب إقتناعه‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ب َيأْ ُكـ ُل‬ ‫لـر ِّ‬ ‫لـر ِّ‬ ‫آية (‪ " -:)6‬الَِّذي َي ْهتَ ُّم ِبا ْل َي ْوِم‪َ ،‬فلِ َّلر ِّ‬ ‫ب الَ َي ْهـتَ ُّم‪َ .‬والَّ ِـذي َيأْ ُكـ ُل‪َ ،‬فلِ َّ‬ ‫ب َي ْهـتَ ُّم‪َ .‬والَّ ِـذي الَ َي ْهـتَ ُّم ِبـا ْل َي ْوِم‪َ ،‬فلِ َّ‬ ‫ش ُك ُر اهللَ‪".‬‬ ‫ش ُك ُر اهللَ‪َ .‬والَِّذي الَ َيأْ ُك ُل َفلِ َّلر ِّ‬ ‫ب الَ َيأْ ُك ُل َوَي ْ‬ ‫أل ََّن ُه َي ْ‬

‫هنا يرفع الرسول نظر أهل رومية من المسيحيين بدالً مـن أن ينشـغلوا بإدانـة بعضـهم الـبعض‪ ،‬علـيهم أن يشـكروا‬ ‫اهلل‪ ،‬لذلك يهتم المسيحيين أن يشكروا اهلل عند األكل‪ .‬الَّ َذي يَ ْهتَ رم بَا ْليَ ْو َم = مـن يعتبـر يومـاً أقـدس مـن بـاقي األيـام‬

‫كما يعتبر اليهود يوم السبت مقدساً‪ ،‬فهو يحترم السبت ويقدسـه لـيس إال ألن اهلل أمـر بهـذا‪ .‬هنـا بـولس يقـول مثـل‬ ‫ي جَ يَ ْهتَ رم = أي ال يخصص يـوم‬ ‫هذا يهتم باليوم ألنه في قلبه يعتبر هذا مجداً للرب‪َ .‬والَّ َذي جَ يَ ْهتَ رم بَا ْليَ ْو َم‪ ،‬فَلَل َّر ِّ‬ ‫معين‪ .‬فمن ال يهتم بالسـبت أو غيـره شـاع اًر بـأن المسـيح حـرره مـن هـذه الطقـوس‪ ،‬فهـو ال يهـتم ألنـه يمجـد الـرب‪.‬‬ ‫ش ُك ُر = شاع اًر أن الرب أعطاه الحرية ليأكل كـل شـئ‪َ .‬والَّا َذي جَ يَاْ ُكا ُل ‪َ 000‬ويَشْا ُك ُر = علـي‬ ‫َوالَّ َذي يَاْ ُك ُل‪ 000 ،‬يَ ْ‬ ‫باقي األطعمة والبركات التي أعطاها اهلل له‪ .‬ونحن المسيحيين نصوم ونصلي ليقبل اهلل هذا الصوم ذبيحة شكر‪،‬‬

‫ال ألن هناك طعاماً محرماً‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬ ‫َن لَ ْيس أَح ٌد ِم َّنا ي ِع ُ ِ ِ ِ‬ ‫ـيش‪َ ،‬وِا ْن‬ ‫لـر ِّ‬ ‫شـ َنا َفلِ َّ‬ ‫ـوت لِ َذ ِات ِـه‪ .‬أل ََّن َنـا إِ ْن ِع ْ‬ ‫ب َن ِع ُ‬ ‫َح ٌـد َي ُم ُ‬ ‫يش ل َذاته‪َ ،‬والَ أ َ‬ ‫َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)1-7‬أل ْ َ َ‬ ‫ب َن ْح ُن‪".‬‬ ‫ش َنا َوِا ْن ُمتْ َنا َفلِ َّلر ِّ‬ ‫ُمتْ َنا َفلِ َّلر ِّ‬ ‫وت‪ .‬فَِإ ْن ِع ْ‬ ‫ب َن ُم ُ‬

‫‪236‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫فــي حكمــة عجيبــة ســحب الرســول الطـرفين مــن النقــاش فــي هــذه األمــور ليرتفــع بفكــرهم‪ ،‬وفكرنــا فــوق محــيط األكــل‬

‫والشــرب واألعم ــال الزماني ــة التــي تخ ــتص به ــذا الــزمن ‪ ،‬إل ــي أف ــق أعلــي إيمانيـ ـاً وحياتيـ ـاً‪ ،‬فالقــديس ب ــولس يس ــمو‬

‫باإليمان المسيحي فوق أعمال هذا الزمان ليضع اإلنسان المسيحي في وضعه النهائي مع المسيح الذي يحتضن‬ ‫الجميع في شخصه‪ ،‬فالحياة كلها ينبغي أن تكون ألجل المسـيح الـذي خلقنـي‪ ،‬سـواء حيـاة ماديـة أو حيـاة روحيـة‪،‬‬

‫حياتنا هي لكي نمجد المسيح ونعمل مشيئته‪ .‬والموت به نذهب للمسيح وهذا أفضـل جـداً‪ ،‬خلقنـا ألعمـال صـالحة‬ ‫نمجــد اهلل بهــا‪ ،‬وبعــد أن ننهــي أعمالنــا نمــوت لنبــدأ حيــاة مــن نــوع آخــر نســبح فيهــا المســيح ونمجــده بطريقــة أخــري‬

‫(‪2‬كو‪ .)10 ، 14 2 0‬فما عدنا نحيا كما نريد حسب شهواتنا وملذاتنا‪ ،‬وما عدنا نخاف الموت‪ ،‬لقد مات المسيح‬ ‫وقام لكي يهبنا الحياة فنحسب أنفسنا مدينين له بحياتنا سواء في وجودنـا فـي هـذا العـالم الحاضـر أو إنتقالنـا منـه‪.‬‬

‫ـدف لنــا‪ ،‬نحــن نعــيش‬ ‫لــم نعــد ملكـاً ألنفســنا (فــي‪ .)2121‬لقــد صــارت إرادة المســيح هــي قــانون لنــا ومجــد المســيح هـ ٌ‬ ‫ونمــوت ونستشــهد لكــي نمجــده فــي كــل تصـرفات حياتنــا‪ .‬المســيح هــو المركــز الــذي فيــه تلتقــي كــل خطــوط الحيــاة‬

‫والموت‪ .‬المسيحية الحقة هي التي تجعـل المسـيح هـو الكـل فـي الكـل‪ .‬إذاً مـا دمنـا للمسـيح سـواء أحيـاء أو أمـوات‬ ‫فيجب أن كل أعمالنا نعملها من أجل اهلل وليس ألجل ذواتنا أو للعناد‪ ،‬فنحن لسنا لذواتنا بل هلل‪ .‬هذه اآليات ‪، 1‬‬

‫‪ 8‬تخــتم الفق ـرة التــي تتحــدث عــن إحت ـرام اآلراء وأن كــل عضــو يتكامــل مــع بــاقي األعضــاء‪ ،‬يعيش ـوا فــي محبــة‬

‫وتعــاون إذ الكــل يحيــا هلل‪ ،‬الكــل يســير فــي إتجــاه واحــد لهــدف واحــد‪ ،‬فلمــاذا الشــجار فــي الطريــق‪ .‬مــن عــاش محبـاً‬

‫لإلخوة فهو يعيش للرب‪ .‬فالمحبة الصادقة هي تطبيق حي لإليمان‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫اء واألَمو ِ‬ ‫ود علَى األ ْ ِ‬ ‫ات ا ْلم ِسيح وقَام وع َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‪.‬‬ ‫س َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أل ََّن ُه له َذا َم َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َح َي َ ْ َ‬ ‫اش‪ ،‬ل َك ْي َي ُ‬ ‫المسيح مات وقام لكي يكون َملِكاً علي الكل (أف‪ .)2221‬فكيف نزدري بمن هو واحد معنا في المسيح‪ ،‬والمسيح‬

‫يملــك علــي كلينــا‪ .‬إن كــان المســيح مــات وبــذل نفســه ألجــل النــاس فكيــف ُنحــزن الــذي مــات المســيح إلجلــه‪( .‬آيــة‬ ‫‪ .)10‬إن كان المسيح مات ليقبل الكل فهل نرفض الناس ألنهم يأكلون أو ال يـأكلون‪ .‬إن المهـم هـو ربـح النفـوس‬

‫فهــذا مــا يريــده المســيح‪ .‬وعلينــا أن ننشــغل بمــن مــات وقــام عوضـاً عــن إنشــغالنا باإلدانــة‪ .‬ونســلم لــه مشــاعرنا ألن‬

‫اإلدانة‪-2‬‬

‫‪ .1‬تفسد أعماقنا إذ تحمل ازدراء اإلخوة عوضا عن إتساع القلب لهم‪.‬‬ ‫‪ .2‬تسئ هلل بكونه هو الديان الذي يخضع له الكل‪.‬‬ ‫‪ .3‬تعثر اآلخرين‪.‬‬

‫‪52‬‬ ‫ِ‬ ‫ضا‪ ،‬لِما َذا تَْزَد ِري ِبأ ِ‬ ‫ـام‬ ‫آية (‪َ " -:)52‬وأ َّ‬ ‫ين أ َ‬ ‫َخ َ‬ ‫َخ َ‬ ‫ف َن ِقـ ُ‬ ‫س ْو َ‬ ‫اك؟ أ َْو أَ ْن َ‬ ‫َما أَ ْن َ‬ ‫ت‪َ ،‬فلِ َما َذا تَِد ُ‬ ‫يعا َ‬ ‫يك؟ أل ََّن َنا َجم ً‬ ‫ف أَ‬ ‫ت أ َْي ً َ‬ ‫َم َ‬ ‫يح‪"،‬‬ ‫ُك ْر ِس ِّي ا ْل َم ِس ِ‬

‫ألننا كلنا سنقف أمام كرسي المسيح‪ ،‬فعلينا أن ال نزدري بأحـد (مـن ال يأكـل) وال نـدين أحـد (مـن يأكـل)‪ .‬وكرسـي‬ ‫هنا تشير لكرسي القضاء فالمسيح هو الديان (يو‪.)2220‬‬

‫‪237‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع عشر)‬ ‫‪55‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫سٍ‬ ‫س َي ْح َم ُد اهللَ»‪".‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫وب‪«:‬أَ​َنا َح ٌّي‪َ ،‬يقُو ُل َّ‬ ‫آية (‪ " -:)55‬أل ََّن ُه َم ْكتُ ٌ‬ ‫ان َ‬ ‫ستَ ْجثُو ُك ُّل ُرْك َبة‪َ ،‬و ُك ُّل ل َ‬ ‫ب‪ ،‬إِ َّن ُه لي َ‬ ‫َ​َ‬ ‫حي أنا يقول‬ ‫َم ْكت ل‬ ‫ُوي = في (أش‪ )23240‬أنا َح ٌّي = وفي أشعياء وردت أقسمت بهذا نفهم أن قول اهلل أنا حي أو ٌ‬

‫الــرب‪ ،‬فــإن اهلل بهــذا يقســم‪ .‬أن اإلمتيــاز الــذي ينفــرد بــه اهلل هــو أنــه حــي فــي ذاتــه‪ .‬وبالمقارنــة مــع (فــي‪، 15 2 2‬‬

‫‪ )11‬نجد أن بولس يطبق أن كل ركبة ستجثو للمسـيح فهـو بهـذا فهـم أن المسـيح هـو اهلل‪ .‬وبـولس هنـا يرفـع ذهـن‬

‫ســامعيه إلــي اإلنشــغال بــالوقوف أمــام كرســي الــرب عوضـاً عــن اإلنشــغال بإدانــة النــاس‪ .‬أي لننشــغل بــاليوم الــذي‬

‫سندان فيه أمام اهلل عوضاً عن أن ننشغل بإدانة بعضنا‪.‬‬

‫اح ٍد ِم َّنا سيع ِطي ع ْن َن ْف ِس ِه ِحساباِ ِ‬ ‫آية (‪5:" -:)5:‬فَِإ ًذا ُك ُّل و ِ‬ ‫هلل‪".‬‬ ‫ًَ‬ ‫َ‬ ‫َُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ك ُل منا سيعطي حساباً هلل عن نفسه وليس عن اآلخرين‪.‬‬ ‫َن الَ ي َ ِ‬ ‫آية (‪53" -:)53‬فَالَ ُنح ِ‬ ‫ص َد َم ٌة أ َْو َم ْعثَ​َرةٌ‪" .‬‬ ‫ضا‪َ ،‬ب ْل ِبا ْل َح ِر ِّ‬ ‫ي ْ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ضا َب ْع ُ‬ ‫اك ْم أ َْي ً‬ ‫اح ُك ُموا ِبه َذا‪ :‬أ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫وض َع لألَ ِ َم ْ‬ ‫وعلي هذا فلنمتنع عن محاكمة بعضنا البعض‪ .‬ألن محاكمة اآلخـرين تضـع أمـامهم معطـالت وعوائـق تكـون لهـم‬ ‫ص ا َد َمةل = مــا يصــطدم بــه اإلنســان فيتعثــر= و َم ْعثَا َارةل‪ .‬فعوضـاً عــن أن نحــاكم اآلخـرين فنعثــرهم فلنهــتم برفــع أي‬ ‫َم ْ‬ ‫عثرة من أمامهم بمحبـة‪ ،‬لنرفـع عوائـق المحبـة وذلـك باإلمتنـاع عـن أكـل مـا يعثـرهم حتـى لـو كـان محلـالً أكلـه مـن‬

‫أجل ضعفهم (‪1‬كو‪.)1328+ 1929‬‬

‫‪54‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ـه‬ ‫الر ِّ‬ ‫آية (‪ " -:)54‬إِ ِّني َعالِ ٌم َو ُمتَ​َيقِّ ٌن ِفي َّ‬ ‫ب َ‬ ‫س َ‬ ‫ع أْ‬ ‫سا‪َ ،‬فلَ ُ‬ ‫سو َ‬ ‫سا ِب َذاته‪ ،‬إِالَّ َم ْن َي ْحس ُ‬ ‫ش ْي ًئا َن ِج ً‬ ‫ش ْي ٌء َن ِج ً‬ ‫َن لَ ْي َ‬ ‫ب َي ُ‬ ‫س‪".‬‬ ‫ُه َو َن ِج ٌ‬

‫خليقة اهلل طاهرة إن أكلناها بدون تشـكك (مـر‪ )10 ، 14 2 1‬وأمـا إن تشـكك أحـد أن شـيئاً نجسـاً وأكلـه فهـو بهـذا‬ ‫يخالف ضميره الذي يشـتكي عليـه فيكـون لـه هـذا الشـيء نجسـاً‪( .‬والكنيسـة تصـوم لـيس ألن الطعـام نجـس‪ ،‬فـنحن‬

‫نعود لنأكله بعد الصيام بل نحن نصوم لقمع الجسد وتدريبه وتدبيره حسناً تحت قيادة الروح القدس)‪.‬‬ ‫سو َل = هذا االقتناع أَْلهَ َمني إياه إتحادي مع المسـيح‪ .‬بهـذا المبـدأ هنـا فالرسـول يقـف فـي‬ ‫عَالَ لم َو ُمتَيَقِّنل فَي ال َّر ِّ‬ ‫ي يَ ُ‬ ‫صف اليهودي المتنصر الذي تربي ضميره من خالل الناموس علـي إعتبـار أن بعـض األطعمـة نجسـة‪ ،‬فلـو أكـل‬ ‫منها تكون له نجسة فعالً ألنه يخالف ضميره‪ .‬ويقف أيضـاً فـي صـف األمـم األقويـاء باإليمـان ألن ال شـئ نجـس‬ ‫بذاته‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ـك ِبطَع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـك‬ ‫ـك ذلِ َ‬ ‫ام َ‬ ‫ان أَ ُخ َ‬ ‫سَ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬فَِإ ْن َك َ‬ ‫س َ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫س َب ِب طَ َعام َك ُي ْح َز ُن‪َ ،‬فلَ ْ‬ ‫ـب ا ْل َم َحبَّـة‪ .‬الَ تُ ْهل ْ َ‬ ‫سـلُ ُك َب ْع ُـد َح َ‬ ‫وك ِب َ‬ ‫ِ‬ ‫َجلِ ِه‪".‬‬ ‫الَِّذي َم َ‬ ‫يح أل ْ‬ ‫ات ا ْل َمس ُ‬

‫المحبة أهم بكثير جداً من االقتناع بأن آكل لحماً محلالً فـأعثر أحـد‪ .‬فـإذا كـان بسـبب تناولـك بعـض األطعمـة أن‬ ‫يحزن أخوك (بل قد يرتد لليهودية فيهلك) أو يظن السوء بك ويتشكك في أنك تهين عقيدته فيهلـك بسـبب ضـعفه‪،‬‬

‫‪238‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫أو يقلدك ويأكل مما يعتبره هو نجسا ويخالف ضميره فيهلك (أية‪ .)23‬فبهذا فإنك ال تسلك بعد بمـا يتفـق والمحبـة‬ ‫ايح ألَ ْجلَا َه = فأنـت بهـذا تهلـك نفسـاً مـات‬ ‫س ُ‬ ‫ألنك تظل تتناول من األطعمة وتتسبب في حزن أخيك الَّ َذي َمااتَ ا ْل َم َ‬ ‫المسيح ألجلها‪ ،‬فإن كان المسيح قد قدم نفسـه ألجـل أخيـك‪ ،‬أفـال تقـدم مـا هـو أقـل وتتـرك طعامـاً‪ .‬ولقـد نفـذ بـولس‬

‫نفسه هذا المبدأ‪ ،‬فمع أنه غير مقتنع بالختان إال أنه ختن تيموثـاوس حتـى ال يعثـر اليهـود الـذين يخـدم تيموثـاوس‬

‫وسطهم‪ .‬وهذا المبدأ سائد علي كل من يعثر الناس فيما يعتقد أنه صحيح‪ .‬ويكـون بـذلك سـبباً فـي أنهـم يهـاجمون‬

‫مسيحيته‪.‬‬

‫‪56‬‬ ‫صالَ ِح ُك ْم‪"،‬‬ ‫آية (‪ " -:)56‬فَالَ ُي ْفتَ​َر َعلَى َ‬ ‫وي ْفتَ ِـري عليـك قـائالً‬ ‫أفكارك ومعتقداتك عن األكل بحرية هي معتقدات صالحة ولكن أخوك الضعيف سيتعثر فيك َ‬ ‫إنك غير صالح ويتكلم عليك بالسوء‪ .‬ونحن لن نستطيع أن نمنع اإلفتراء‪ ،‬ولكن علينا أن ال نكون سبباً فيه‪.‬‬ ‫‪57‬‬ ‫وت ِ‬ ‫وح ا ْلقُ ُد ِ‬ ‫س‪" .‬‬ ‫الر ِ‬ ‫سالَ ٌم َوفَ َر ٌح ِفي ُّ‬ ‫اهلل أَ ْكالً َو ُ‬ ‫آية (‪ -:)57‬أل ْ‬ ‫س َملَ ُك ُ‬ ‫ش ْرًبا‪َ ،‬ب ْل ُه َو ِبٌّر َو َ‬ ‫َن لَ ْي َ‬ ‫َملَ ُكااوتُ للاَ = حــين يملــك اهلل علــي القلــب‪ ،‬ويخضــع اإلنســان خضــوعاً قلبيـاً لســلطان اهلل‪ .‬حينئــذ لــن يهــتم اإلنســان‬ ‫س أَ ْكالا َوش ُْرباا = لن نفرح أو لن يكون فرحنا بسبب أكالت معينة أو أشـربة معينـة‪ ،‬وامتناعنـا‬ ‫باألكل والشرب= لَ ْي َ‬

‫عنها لن يكون سبباً في أن نفقد فرحنا‪ .‬فنحن في ملكوت اهلل نحيا مع المسيح حياة سماوية في ملكوت السموات‪،‬‬ ‫يمألنا ر‬ ‫س فيعطينـا أن نحيـا فـي بَ ٌّار َو َ‬ ‫ساالَ لم َوفَ َار لح أي نحيـا نهـتم أن نصـنع البـر ويمتلـئ القلـب سـالماً‬ ‫وح ا ْلقُا ُد َ‬ ‫الار َ‬ ‫وفرحاً‪ .‬إذاً إذا تركنا طعاماً ألجل إخوتنا لن نخسر شيئاً‪.‬‬

‫ملحوظة‪ 2‬دعي عهد اإلنجيل ملكوت اهلل‪ ،‬تميي اًز له عن عهد الناموس‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫ض ٌّي ِع ْن َد ِ‬ ‫هذ ِه فَهو مر ِ‬ ‫َن م ْن َخ َدم ا ْلم ِسيح ِفي ِ‬ ‫اهلل‪َ ،‬وم َزُكى ِع ْن َد َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫اس‪".‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫َُ َْ‬ ‫ُ‬ ‫آية (‪ " -:)51‬أل َّ َ‬ ‫ألَنَّ = هي توضيح لما سبق‪ ...‬فَي ه َذ َه = من عاش يخدم المسيح صانعاً بـ اًر وقلبـه مملـوء سـالماً وفرحـاً‪( ،‬ها َذ َه‬ ‫س الصـالحين‪ُ .‬مزَ ُكاى= مشـهود لـه بالنجـاح فـي‬ ‫هي السالم والفرح والبـر) فَ ُه َو َم ْر َ‬ ‫ض ٌّي َع ْن َد للاَ‪َ ،‬و ُمزَ ُكاى َع ْنا َد النَّاا َ‬

‫اإلختبار‪ ،‬هو من قيل عنه من يغلب‪( ..‬رؤ‪.)11 ، 11 ، 1 2 2‬‬

‫‪51‬‬ ‫ض َنا لِ َب ْع ٍ‬ ‫لسالَِم‪َ ،‬و َما ُه َو لِ ْل ُب ْن َي ِ‬ ‫ض‪".‬‬ ‫ف إِ ًذا َعلَى َما ُه َو لِ َّ‬ ‫آية (‪َ " -:)51‬ف ْل َن ْع ُك ْ‬ ‫ان َب ْع ُ‬ ‫لــتكن غايتنــا حفــظ الســالم فــي الكنيســة ووحــدتها بعيــداً عــن اإلنشــقاقات‪ .‬فــال بنيــان للكنيســة دون محبــة وال تثبيــت‬

‫لعمل اهلل دون سالم‪ .‬فليحتمل القوي الضعيف حتى تبني الكنيسة‪.‬‬

‫‪:2‬‬ ‫اهرةٌ‪ِ ،‬‬ ‫اء َ ِ‬ ‫شي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شٌّر لِ ِ‬ ‫سِ‬ ‫ان الَِّذي َيأْ ُك ُل ِب َعثَْرٍة‪" .‬‬ ‫لك َّن ُه َ‬ ‫آية (‪ " -:):2‬الَ تَ ْنقُ ْ‬ ‫ض أل ْ‬ ‫َج ِل الطَّ َعام َع َم َل اهلل‪ُ .‬ك ُّل األَ ْ َ‬ ‫إل ْن َ‬ ‫ط َ‬

‫‪239‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫ض = عمل اهلل كان الفداء ومازال يعمل لبنيان الكنيسة (‪ )19‬أما منازعات اإلنسان فهي تهدم ما يبنيه اهلل‪.‬‬ ‫جَ تَ ْنقُ ْ‬ ‫ومعن ـي اآليــة أن ال تحــاول بمثــل هــذه األمــور غيــر الجوهريــة فــي العبــادة (كاألطعمــة) أن تعطــل وتعــوق عمــل‬ ‫الخالص الذي دبره اهلل مـن أجـل أخيـك‪ .‬والرسـول سـبق وقـال ال تكـن بأكلـك سـبباً فـي هـالك أخيـك‪ .‬وهنـا يقـول ال‬ ‫ُهِل ْك أنا بتصـرفاتي إنسـاناً إختـاره اهلل أو أنقـض مـا يبنيـه اهلل ؟! مـن‬ ‫تكن سبباً في نقض عمل اهلل‪ .‬فهل يمكن أن أ ْ‬

‫المؤكد هذا ال يجوز‪ .‬واذا فعلت فأكون في صف الشـيطان الـذي يريـد هـالك الجميـع ونقـض كـل بنيـان‪ .‬بـل أكـون‬ ‫ض ــد اهلل ال ــذي يري ــد خ ــالص الجمي ــع‪ ،‬وأق ــاوم اهلل‪ .‬والح ــظ أن الرس ــول يس ــمي الم ــؤمنين عم ــل اهلل ويس ــميهم ف ــي‬ ‫ان الَّ َذي يَاْ ُك ُل بَ َع ْث َرة = تعني‪2‬‬ ‫(‪1‬كو‪ )923‬فالحة اهلل وبناء اهلل وهيكله‪ .‬ش ٌَّر لَ َإل ْن َ‬ ‫س َ‬ ‫‪ 1.‬أن يأكل إنسان بضمير مرتاب فيصبح ُم ْعثَ اًر‪.‬‬

‫(م ْعثِ اَر)‪.‬‬ ‫‪ .2‬يأكل أمام يهودي متشكك فيصير عثرة له ُ‬ ‫‪:5‬‬ ‫ف‪" .‬‬ ‫َن الَ تَأْ ُك َل لَ ْح ًما َوالَ تَ ْ‬ ‫صطَ ِد ُم ِب ِه أَ ُخ َ‬ ‫ب َخ ْم ًار َوالَ َ‬ ‫ض ُع ُ‬ ‫س ٌن أ ْ‬ ‫وك أ َْو َي ْعثُ​ُر أ َْو َي ْ‬ ‫ش َر َ‬ ‫ش ْي ًئا َي ْ‬ ‫آية (‪َ " -:):5‬ح َ‬ ‫جميــل أن تأكــل بإيمــان قــوي واألجمــل أن ال تفعــل مــا ُي ْعثِـ ْـر أخــوك‪ .‬فــاللحم والخمــر ليســا الزمــين للحيــاة البش ـرية‪،‬‬

‫واألهم نفس أخي‪.‬‬

‫ين َن ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان؟ َف ْلي ُك ْن لَ َك ِب َن ْف ِ‬ ‫آية (‪::" -:)::‬أَلَ َك إِ‬ ‫ستَ ْح ِس ُن ُه‪".‬‬ ‫َم‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫يم‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ام اهلل! طُ َ‬ ‫َ‬ ‫س ُه في َما َي ْ‬ ‫وبى ل َم ْن الَ َيد ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫هل لَ َ إَي َمانل (إيمان صـحيح فيمـا يخـتص باألطعمـة)‪ ...‬هـذا حسـن لـيكن لـك هـذا اإليمـان فـي نفسـك وليعرفـه اهلل‬

‫فقط‪ ،‬وال تتباهي بإيمانك القوي علي من ال يزال إيمانه ضعيفاً‪ .‬وكلمة إيمـان هنـا ال تعنـي اإليمـان بالمسـيح الـذي‬ ‫يبــرر‪ ،‬فهــذا البــد أن ُيعلَــن‪ ،‬بــل يقصــد الرســول هنــا بكلمــة اإليمــان‪ ..‬الحريــة التــي أعطتنــا أن نتحــرر مــن النــاموس‬ ‫سنُهُ‪( .‬هـذه‬ ‫سهُ فَي َما يَ ْ‬ ‫وصارت لنا المعرفة السليمة‪ ،‬ولكن هذه تسبب تشكك اآلخرين‪ .‬طُوبَى لَ َمنْ جَ يَ َدينُ نَ ْف َ‬ ‫ست َْح َ‬

‫تشبه ‪1‬يو‪ .)2123‬فطوبى لإلنسان الذي ال يشعر بتأنيب ضميره عندما يفعل هذا الذي سبق وفحصه بكل تـدقيق‬

‫واستحسن فعله‪ .‬لكنه خطر جداً أن يسمح اإلنسان بأن يفعل شيئاً ضد ضميره من أجل اللذة أو المنفعة ألن قلبـه‬ ‫(ضميره) سيوبخه‪ .‬فإن وبخه ضميره علي شئ ما وفعله ففي هذا ٍ‬ ‫تحد هلل واستهتار بوصايا اهلل‪.‬‬

‫آية (‪:3" -:):3‬وأ َّ ِ‬ ‫ـن ِ‬ ‫ـن ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ـان فَ ُهـ َو‬ ‫ان‪ ،‬أل َّ‬ ‫َن ذلِ َ‬ ‫س ِم َ‬ ‫س ِم َ‬ ‫اب فَِإ ْن أَ َك َـل ُي َـد ُ‬ ‫َما الَّذي َي ْرتَ ُ‬ ‫ـان‪َ ،‬و ُك ُّـل َمـا لَ ْـي َ‬ ‫ـك لَ ْـي َ‬ ‫َ‬ ‫اإل َ‬ ‫اإل َ‬ ‫َخ ِط َّي ٌة‪".‬‬ ‫كل من يأكل وهو متشكك يدان فلماذا ؟ هو ضعيف اإليمان‪ ،‬هذا هو قياس إيمانه حسب ما أعطاه له اهلل‪ .‬فلو‬

‫أكل يخطئ ضد إيمانه الذي قسمه له اهلل بالعدل حسب احتياجه للخالص ليكون كفيالً بخالصه‪ .‬ويكون بأكله‬

‫قد َخ َّرب ميزان خالصه بيده ألنه إن تعارض ما عمله مع ضميره ‪ ،‬فسيصرخ الضمير يوم الدين شاكياً صاحبه‬ ‫ومحتجاً‪ .‬وسيكون ضميره أداة دينونته ألنه سيكون قد أكل وشرب حسب شهوته وضد ضميره‪ .‬فكل شئ ال يتم‬ ‫بإقتناع وايمان باطني فهو خطية‪.‬‬

‫‪240‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫اإلصحاح الخامس عشر‬

‫عودة للجدول‬

‫اإلصحاح السابق إهتم بوضـع األطعمـة المحللـة والمحرمـة‪ ،‬واهـتم بـأن كـل واحـد ال يعثـر أخيـه وال يـدين أخيـه بـل‬ ‫نقدم المحبة علي المعلومات ‪ ،‬وأن نقبل األشياء البسيطة ولكن هذا الكـالم ال ينطبـق علـي العقائـد‪ ،‬فـال يصـح أن‬

‫تقبــل الكنيســة إيمان ـاً مشــوهاً بحجــة المحبــة‪ ،‬وكأمثلــة لمــا يمكــن أن نقبلــه بمحبــة "مــن ض ـربك علــي خــدك األيمــن‬

‫‪ "5555‬أي ســامح فيمــا هــو يخصــك ال فيمــا يخــص العقيــدة "البتوليــة والــزواج‪ "55‬أختــر مــا تريــد "وطــوبى لمــن ال‬ ‫يدين نفسه فيما يستحسنه " من سخرك ميالً فسر معه إثنين حتى تربح أخيك لإليمان‪.‬‬

‫إذاً ملخــص اإلصــحاح الســابق أن نتغاضــى عــن األشــياء الصــغيرة التــي عنــد الضــعفاء المتشــككين حتــى نكســبهم‬ ‫للمسيح لكن ليس علي حساب اإليمان المسلَّم مرة للقديسين (يه‪.)3‬‬ ‫ولكــن هــذا اإلصــحاح الســابق يبــدأ بمــا أســماه الرســول ســر المســيح أي قبــول األمــم فــي الكنيســة مــع اليهــود الــذين‬

‫يؤمنــون‪ .‬وطلــب الرســول هنــا أن يحيــا الكــل فــي محبــة وتوافــق وانســجام (هــارموني) فينســكب علــيهم الــروح القــدس‬

‫"هوذا ما أحسن وما أحلي أن يجتمع األخوة معاً‪ .‬مثل الدهن الطيب علي الرأس النازل علي اللحية‪ .‬لحية هرون"‬

‫(مز ‪.)2 ،12133‬‬

‫‪ .1‬الزيت (رمز للروح القدس ) والرائحة الزكية‬

‫( رمز للمسيح ‪2‬كو‪ .)1022‬واللحية هـي الكنيسـة المجتمعـة فـي محبـة‪ .‬تخـرج‬ ‫منها إذاً رائحة المسيح الزكية التي تجذب اآلخرين‪.‬‬

‫‪ .2‬كــل عضــو فــي الكنيســة لــه عمــل (نغمــة معينــة) فلــو كــان الكــل لهــم فكــر واحــد‬ ‫لكان الجميـع فـي هـارموني‪ ،‬الكـل يعمـل عملـه فيخـرج مـن هـذه الكنيسـة صـوت‬

‫المسيح الحلو– يجذب اآلخرين‪.‬‬

‫ـب أن كــل موهبــة لهــا لــون مــن ألـوان الطيــف فلــو إهــتم كــل واحــد أن يســتخدم موهبتــه‬ ‫وهـ ْ‬ ‫‪ .3‬كــل واحــد لــه موهبتــه‪َ ،‬‬ ‫لمجد إسم المسيح إلجتمعت ألوان الطيف وخرج منها اللون األبيض‪ ،‬لون المسيح شمس البر‪.‬‬ ‫هنا نري الكنيسة قد تجمعت مـن أمـم ويهـود والرسـول يقـول أنـه علـي الكنيسـة أي كـل عضـو فيهـا أن يقبـل اآلخـر‬

‫بانفتاح قلب محتملين ضعف الضعفاء أياً كان ماضيهم فيخرج من الكنيسة صوت ورائحة ولون المسيح الحلو‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ِ‬ ‫اف الض ِ‬ ‫ب َعلَ ْي َنا َن ْح ُن األَق ِ‬ ‫س َنا‪" .‬‬ ‫َض َع َ‬ ‫اء أَ ْن َن ْحتَ ِم َل أ ْ‬ ‫آية (‪ " -:)5‬فَ َي ِج ُ‬ ‫ُّعفَاء‪َ ،‬والَ ُن ْرض َي أَ ْنفُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْوَي َ‬ ‫الضا َعفَا َء =‬ ‫ضا َعاَُ‬ ‫نَ ْحنُ األَ ْق َويَا َء = اهلل هو الذي أعطانا اإليمان القوي وهذا ديـن علينـا أن نسـدده‪ ،‬بـأن نَ ْحتَ َما َل أَ ْ‬ ‫ر‬

‫فـاهلل نـزل الينـا يحمـل ضـعفنا ليرفعنـا لكمـال قوتـه وبهائـه ومجـده فلنحتمـل نحـن ضـعف إخوتنـا إن كـان المسـيح قـد‬ ‫سنَا = علينا أن ال‬ ‫ض َي أَ ْنفُ َ‬ ‫احتملنا وهو الذي ال يقصف قصبة مرضوضة (علي أن ال نقبل إيماناً مشوهاً) َوجَ نُ ْر َ‬ ‫نفعل فقط ما تحبه نفوسنا وما يرضيها‪.‬‬

‫‪241‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫ٍِ ِ‬ ‫آية (‪َ :" -:):‬ف ْل ُي ْر ِ‬ ‫َج ِل ا ْل ُب ْن َي ِ‬ ‫ان‪".‬‬ ‫يب ُه لِ ْل َخ ْي ِر‪ ،‬أل ْ‬ ‫ض ُك ُّل َواحد م َّنا قَ ِر َ‬ ‫علينا أن نفعل ما يرضي اآلخرين ولما فيه خيرهم وبنيانهم ونموهم في الفضيلة (وليس ألجل الخطية)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضا لَ ْم ُي ْر ِ‬ ‫يك َوقَ َع ْت َعلَ َّي»‪" .‬‬ ‫آية (‪3" -:)3‬أل َّ‬ ‫ات ُم َع ِّي ِر َ‬ ‫ير ُ‬ ‫يح أ َْي ً‬ ‫س ُه‪َ ،‬ب ْل َك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫َن ا ْل َمس َ‬ ‫ض َن ْف َ‬ ‫وب‪«:‬تَ ْعي َ‬ ‫المسـيح ألجلنــا تجســد وافتقــر وتـألم ولــم يكــن لــه أيـن يســند أرســه‪ ،‬وعــاش علـي المســاعدات‪ ،‬ورفــض الملــك‪ ،‬وأطــاع‬ ‫حتى الصليب وغسل األرجل‪ ..‬هو أخلى ذاته محتمالً ضعفاتنا‪ .‬فالذي له كل المجد قبل هذا أفال أقبلـه أنـا ألربـح‬

‫أخي‪.‬‬ ‫يراتُ ُم َعيِّ َري َ َوقَ َع ْ َعلَ َّي»‬ ‫بَ ْل َك َما ه َُو َم ْكت ل‬ ‫ُوي‪«:‬تَ ْعيَ َ‬ ‫َّ‬ ‫ص آخرين ولم يقدر أن يخلـص نفسـه‪ ،‬فالمسـيح إحتمـل‬ ‫‪ 1.‬قالوا للمسيح علي الصليب إن كنت إبن اهلل أنزل‪َ ..‬خل َ‬ ‫التعيير علي الصليب‪.‬‬ ‫‪ .2‬ب ــل أن ك ــل خطاي ــا الع ــالم ه ــي موجه ــة لش ــخص اآلب‪ ،‬وعل ــي الص ــليب إحتم ــل المس ــيح ك ــل ه ــذه التعييـ ـرات‬

‫واإلهانات التي وجهها العالم لشخص اآلب‪ .‬ومات المسيح مصلوباً ليحمل خطايا الجميع باإلضـافة للتعييـرات‬

‫التــي وجهــت لشــخص المســيح‪ .‬واآليــة مــن (مــز‪ .)15 ، 9 2 :9‬ومعنــي كــالم بــولس لهــم أنكــم أنــتم األقويــاء‬

‫صـرتم هكــذا أقويــاء ألن المســيح إحتمــل التعييــر (لــآلب ولــهُ) حــامالً ضــعفكم وعــار خطايــاكم‪ .‬إذاً فلنســند نحــن‬ ‫الضعفاء كما فعل المسيح معنا‪.‬‬ ‫‪ -3‬بسبب خطايا اليهود كان االمم يسخرون من إلههم وهذه تعييرات هلل حملها المسيح علي صليبه ‪.‬‬

‫وحتي االن فكل خطايانا هي تعييرات يحملها ‪ ،‬لذلك قال " ليري الناس اعمالكم الصالحة فيمجدوا ابوكم الذي في‬ ‫السموات ‪.‬‬

‫َج ِل تَعلِ ِ‬ ‫ق فَ ُك ِت ِ‬ ‫اء‪" .‬‬ ‫آية (‪4" -:)4‬أل َّ‬ ‫يم َنا‪َ ،‬حتَّى ِب َّ‬ ‫س َب َ‬ ‫الص ْب ِر َوالتَّ ْع ِزَي ِة ِب َما ِفي ا ْل ُكتُ ِب َي ُك ُ‬ ‫ب ُكت َ‬ ‫َ‬ ‫ب أل ْ ْ‬ ‫ون لَ َنا َر َج ٌ‬ ‫َن ُك َّل َما َ‬ ‫‪4‬‬ ‫اب ألَ ْجا َال‬ ‫اب = هــذا المزمــور الــذي أشــار إليــه فــي آيــة‪ 3‬وغيـره بــل كــل مــا كتــب فــي العهــد القــديم ُكتَا َ‬ ‫ألَنَّ ُكا َّل َمااا ُكتَا َ‬ ‫تَ ْعلَي َمنَاا‪ .‬فالعهـد القـديم لـيس مجموعـة مـن القصـص واألقـوال‪ ،‬بـل هـو رمـز للمسـيح وشـهادة لـه‪ ،‬لتعليمنـا وتحــذيرنا‬ ‫وتعزيتنا في وقت األلم ولنتمسك بالرجاء المقترن بالصبر والتقوية التي تعطيها الكتب المقدسة‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َن تَهتَ ُّموا ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع‪،‬‬ ‫س ِـب ا ْل َم ِس ِ‬ ‫له َّ‬ ‫سـو َ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)6-1‬وْل ُي ْع ِط ُك ْم إِ ُ‬ ‫الص ْب ِر َوالتَّ ْع ِزَية أ ْ ْ‬ ‫ـيح َي ُ‬ ‫يما َب ْيـ َن ُك ْم‪ِ ،‬ب َح َ‬ ‫اما َواح ًدا ف َ‬ ‫اهت َم ً‬ ‫اح َد ٍة وفٍَم و ِ‬ ‫سوِ‬ ‫‪ِ6‬‬ ‫اح ٍد‪".‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َ َ‬ ‫يح‪ِ ،‬ب َن ْف ٍ َ‬ ‫ل َك ْي تُ َم ِّج ُدوا اهللَ أ َ​َبا َرِّب َنا َي ُ‬

‫أمـا‬ ‫الرسول هنا يتوقف للصالة ‪ ،‬فالكالم والوعظ بدون صالة يصير بال فائدة وال فاعلية‪ .‬فالوعظ يخاطب األذن‪ّ ،‬‬ ‫اهلل فيخاطب القلب‪ .‬ونالحظ أن الرسول في آيـة‪ 4‬نسـب الصـبر والتعزيـة للكتـب المقدسـة ونسـبها هنـا هلل كمصـدر‬

‫لها‪ ،‬فهو إله الصبر والتعزية‪ .‬فالمصدر هو اهلل‪ ،‬لكنهما يصالن أيضاً لنا عبر الكتاب المقدس‪ .‬وصالة بولس أن‬

‫اح اداا = وهــذه الكلمــة تعنــي إنســجام الفكــر بحيــث ال يطغــي فكــر علــي فكــر‪ .‬هــذه الكلمــة تعنــي‬ ‫تَ ْهتَ رمااوا ا ْهتَ َما امااا َو َ‬ ‫هــارموني (اهتمام ـاً واحــداً) والهــارموني فــي الموســيقي هــو أن يكــون هنــاك عــدة نغمــات وعــدة أص ـوات مــن آالت‬ ‫‪242‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫متعــددة ولكنهــا كأنهــا صــوت واحــد‪ ،‬أي تعطــي لحن ـاً جمــيالً مــن نغمــات مختلفــة لكنهــا متوافقــة ولــو لنــا كلنــا فكــر‬

‫المسيح‪ ،‬ولنا هدف واحد هو مجد المسيح يحدث هذا اإلنسجام‪.‬‬

‫فمثالً هناك أنشطة متعددة للخدام داخل الكنيسة‪ ،‬ونجد كل خادم له نشاط يميزه ( ألحان ‪ /‬تـرانيم ‪ /‬درس كتـاب ‪/‬‬ ‫تــاريخ كنيســة ‪ /‬طقــوس ‪ /‬إدارة ‪ /‬خدمــة مرضــي ومســنين ‪ /‬تــدريس دروس مدرســية للطلبــة‪ )..‬لــو الكــل أدي دورة‬

‫باحثاً عن مجد المسيح‪ ،‬وهـذا هـو الفكـر الواحـد يحـدث الهـارموني أو اإلنسـجام ويظهـر المسـيح فـي هـذه الكنيسـة‪.‬‬ ‫سااو َل = أي وفــق مشــيئته ‪ .‬وبهــذا تُ َم ِّجاادُوا للاَ = كمــا نصــلي "ليتقــدس‬ ‫اايح يَ ُ‬ ‫ولــو حــدث هــذا نكــون بَ َح َ‬ ‫ب ا ْل َم َ‬ ‫ساا َ‬ ‫س َ‬

‫اسمك" واهلل يتمجد لو كنا نخدمه ونعبده ونسبحه بروح واحد ولسان واحد‪ ،‬أي يكون لنا الفكر الواحد بال شقاق وال‬ ‫احاد‬ ‫احدَة = تشير لوحدة اإلرادة وهدف المسيح هو الوحدة بين المؤمنين (يـو‪َ .)23-21211‬وفَام َو َ‬ ‫نزاع‪ .‬بَنَ ْفس َو َ‬

‫= أي يكــون هنــاك إعتـراف بحــق اهلل ونســبحه بــالفم‪ ،‬هنــا نــري قلــوب متحــدة وأفـواه متحــدة بمحبــة هــدفها مجــد اهلل‪،‬‬ ‫وهذا ما يطلبه اهلل‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ضا قَ ِبلَ َنا‪ ،‬لِم ْج ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫ضا َك َما أ َّ‬ ‫يح أ َْي ً‬ ‫ض ُك ْم َب ْع ً‬ ‫آية (‪ " -:)7‬لِذلِ َك اق َْبلُوا َب ْع ُ‬ ‫َن ا ْل َمس َ‬ ‫َ‬ ‫ضا ُك ْم = إن كــان المســيح قَبِلَ​َنـاَ فهــل ال نقبــل بعضــنا الــبعض‪ .‬المســيح ســامحنا فــي ‪15555‬وزنــة فهــل ال‬ ‫ا ْقبَلُااوا بَ ْع ُ‬

‫نسامح إخوتنا في ‪ 155‬دينار‪ .‬لمجـد اهلل= أي أن المسـيح قبلنـا لنمجـد اهلل (وبهـذا نتمجـد نحـن فـي الـدهر اآلتـي)‬

‫واهلل يتمجد إن اعترفنا بالمسيح وآمنا به‪ .‬إذاً ليقبل القـوي الضـعيف وليقبـل الضـعيف القـوي‪ ،‬واليهـود يقبلـون األمـم‬ ‫واألمم يقبلون اليهود‪.‬‬

‫يد اآلب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫َج ِل ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬وأَقُو ُل‪ :‬إِ َّن يسو َ ِ‬ ‫ص َار َخ ِاد َم ا ْل ِختَ ِ‬ ‫ص ْد ِ‬ ‫اء‪".‬‬ ‫اهلل‪َ ،‬حتَّى ُيثَِّب َ‬ ‫ان‪ِ ،‬م ْن أ ْ‬ ‫ت َم َواع َ َ‬ ‫ع ا ْل َمس َ‬ ‫يح قَ ْد َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َان = أي أن المسيح أكمل الناموس ونفذه واختتن هو نفسه‪ ،‬وهو‬ ‫خدم‪َ .‬خا َد َم ا ْل َخت َ‬ ‫َخا َد َم = المسيح أتى َلي ِخدم ال ُلي َ‬ ‫كان من اليهود الذين يختتنوا (هو جاء لخاصته ولكن خاصـته لـم تقبلـه) فكيـف ُي ْحتَقَ ْـر اليهـود والمسـيح مـنهم وهـو‬ ‫ص ْد َ للاَ = اهلل أعطـي وعـداً إلبـراهيم وكـان مجـيء المسـيح ليكمـل هـذا الوعـد‪ ،‬وليحمـل‬ ‫التزم بناموسهم‪َ .‬منْ أَ ْج َل َ‬ ‫الغضب عن الساقطين الـذين خـانوا العهـد مـن أوالد إبـراهيم‪ .‬فـي هـذه اآليـة نـري المسـيح يقبـل اليهـود وفـي اآليـات‬

‫القادمــة نجــده يقبــل األمــم‪ ،‬إذاً إن كــان المســيح قبــل اليهــود واألمــم‪ ،‬وصــار الجميــع فــي المســيح فليقبــل كــل واحــد‬

‫اآلخر‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ْحم ِة‪َ ،‬كما ُهو م ْكتُوب‪ِ «:‬م ْن أ ْ ِ‬ ‫َّدوا اهلل ِم ْن أ ْ ِ‬ ‫ُمـِم َوأ َُرتِّـ ُل‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬وأ َّ‬ ‫ُم ُم فَ َمج ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫َ َ َ ٌ‬ ‫َج ِل ذل َك َ‬ ‫َ‬ ‫َح َم ُد َك فـي األ َ‬ ‫َجل َّ َ‬ ‫َما األ َ‬ ‫الس ِم َك»"‬ ‫ْ‬ ‫هنا نري اهلل يقبل األمـم‪َ .‬وأَ َّما األُ َم ُم فَ َم َّجدُوا للاَ = بإيمـانهم بالمسـيح‪ .‬هـم مجـدوه مـن أجـل مراحمـه لهـم إذ قـبلهم=‬ ‫َمنْ أَ ْج َل ال َّر ْح َم َة = وهذا أيضاً سبق وأشار إليه سفر المزامير (‪ )49 218‬فهذا المزمور نبوة بـأن اإلنجيـل سـيكرز‬

‫‪243‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫سا َ ْح َمدُكَ = هنا المسيح كرأس لكنيسته يتكلم باسم كنيسته من‬ ‫به وسط األمم وسيسبح األمم المسيح علي رحمته‪َ .‬‬ ‫األمم ويوجه شعبه لتسبيح وشكر اآلب‪.‬‬ ‫‪52‬‬ ‫ش ْع ِب ِه»"‬ ‫ُم ُم َم َع َ‬ ‫آية (‪َ " -:)52‬وَيقُو ُل أ َْي ً‬ ‫ضا‪«:‬تَ َهلَّلُوا أَي َ‬ ‫ُّها األ َ‬ ‫كان اليهود ال يسمحون لألمـم أن يشـتركوا معهـم فـي أعيـادهم‪ ،‬ولكـنهم بالمسـيح صـار الكـل شـركاء فـي آالم وفـرح‬

‫الكنيسة‪ ،‬صاروا شركاء تسبيح هلل (تث‪)43232‬‬ ‫‪55‬‬ ‫ِ‬ ‫ب يا ج ِميع األ ِ‬ ‫الش ُع ِ‬ ‫يع ُّ‬ ‫وب» "‬ ‫س ِّب ُحوا َّ‬ ‫آية (‪َ " -:)55‬وأ َْي ً‬ ‫ام َد ُحوهُ َيا َجم َ‬ ‫ضا‪َ «:‬‬ ‫ُمم‪َ ،‬و ْ‬ ‫الر َّ َ َ َ َ‬ ‫هذه من( مز‪ .)12111‬لقد سبح األمم آلهتهم زماناً واآلن يسبحون اهلل‪.‬‬

‫‪5:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـود علَــى األ ِ‬ ‫ـاء‬ ‫َص ـ ُل َي َّ‬ ‫ضــا َيقُــو ُل إِ َ‬ ‫سـ َـي ُك ُ‬ ‫سـ َـي ُك ُ‬ ‫آيــة (‪َ " -:)5:‬وأ َْي ً‬ ‫سـ َ َ‬ ‫ون أ ْ‬ ‫ون َر َجـ ُ‬ ‫ُمــم‪َ ،‬علَ ْيــه َ‬ ‫ســى َوا ْلقَــائ ُم ل َي ُ‬ ‫اء‪َ «:‬‬ ‫شـ ْـع َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ُمِم»‪".‬‬ ‫األ َ‬

‫هــذه مــن( إش‪ .)1211‬ونبــوة إشــعياء معناهــا أن يســي ســيكون مثــل األصــل الــذي يتفــرع منــه نســل جديــد‪ ،‬والمســيح‬ ‫الذي سيجيء من هذا األصل سيؤمن به األمم‪ .‬واآليات من (أش‪( )15 ، 1 2 11‬سبعينية)‪.‬‬

‫‪53‬‬ ‫الرج ِ‬ ‫ان‪ ،‬لِتَْزَد ُ ِ‬ ‫له َّ ِ‬ ‫وح ا ْلقُ ُد ِ‬ ‫سالٍَم ِفي ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫س ُر ٍ‬ ‫س‪".‬‬ ‫الر ِ‬ ‫اء ِبقُ َّوِة ُّ‬ ‫آية (‪َ " -:)53‬وْل َي ْمألْ ُك ْم إِ ُ‬ ‫ادوا في َّ َ‬ ‫ور َو َ‬ ‫الر َجاء ُك َّل ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫ف ــي اآلي ــات الس ــابقة (‪ )12-8‬رأين ــا اهلل يقب ــل اليه ــود واألم ــم‪ ،‬اهلل قبلهم ــا كليهم ــا‪ ،‬فعليهم ــا إذاً أن يقبلـ ـوا بعض ــهما‬

‫الــبعض ويعيشـوا فــي محبــة واذا إمــتأل الجميــع محبــة ســيمتلئ الجميــع مــن الــروح القــدس الــذي ســيمأل الجميــع فــرح‬

‫ورجاء‪.‬‬

‫‪54‬‬ ‫ون ُك َّـل‬ ‫ضا ُمتَ َـيقِّ ٌن ِم ْـن ِج َه ِـت ُك ْم‪َ ،‬يـاإِ ْخ َوِتي‪ ،‬أ ََّن ُك ْـم أَ ْنـتُ ْم َم ْ‬ ‫صـالَ ًحا‪َ ،‬و َم ْملُ ُ‬ ‫ـوؤ َ‬ ‫ـحوُن َ‬ ‫آية (‪َ " -:)54‬وأَ​َنا َن ْف ِسي أ َْي ً‬ ‫شُ‬ ‫ون َ‬ ‫ضا‪".‬‬ ‫ون أ ْ‬ ‫ِع ْلٍم‪ ،‬قَ ِاد ُر َ‬ ‫ض ُك ْم َب ْع ً‬ ‫َن ُي ْن ِذ َر َب ْع ُ‬

‫صاالَ احا بعـد أن‬ ‫نالحظ رقته في الحديث هنـا بعـد ان سـبق وأنـبهم وذلـك ليشـجعهم ويصـفهم هنـا بـأنهم َمش ُ‬ ‫ْاحونُونَ َ‬

‫قال عن األمم أنهم مملؤون من كل إثم (رو‪ )31-2921‬ولكـن النعمـة تغيـر مـن حـال إلـى حـال‪ .‬وبـالرغم مـن أنـه‬

‫سمع عنهم فقط نجده يقول أنه متيقن‪" ،‬فالمحبة تصدق كل شيء" (‪1‬كو‪ .)1213‬ونسب لهم موهبة الكالم والوعظ‬ ‫ضا‪.‬‬ ‫قَا َد ُرونَ أَنْ يُ ْن َذ َر بَ ْع ُ‬ ‫ض ُك ْم بَ ْع ا‬

‫‪ِ 51‬‬ ‫س َـب ِب ِّ‬ ‫ُّهـا ِ‬ ‫ـت لِـي‬ ‫الن ْع َم ِـة الَِّتـي ُو ِه َب ْ‬ ‫س َارٍة َكتَ ْب ُ‬ ‫ت إِلَ ْي ُك ْم ُج ْزِئيًّا أَي َ‬ ‫اإل ْخ َـوةُ‪َ ،‬ك ُمـ َذ ِّك ٍر لَ ُك ْـم‪ِ ،‬ب َ‬ ‫آية (‪َ " -:)51‬ولك ْن ِبأَ ْكثَ ِر َج َ‬ ‫ِم َن ِ‬ ‫اهلل‪"،‬‬ ‫ارة = هذه نابعة من شدة الغيرة والمحبة لهم‪ُ .‬ج ْزَِياا = ترجمتها في بعض األجزاء من الرسالة‪ ،‬أي أنـه‬ ‫س َ‬ ‫بَا َ ْكثَ َر َج َ‬

‫كــان متجاس ـ اًر علــيهم فــي بعــض أج ـزاء الرســالة ( خصوص ـاً اإلصــحاحات‪َ ) 3-1‬ك ُمااا َذ ِّكر لَ ُكااا ْم = الحــظ تواضــع‬

‫‪244‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫الرسول فهو يقول لهم أنتم تعرفون كل ما كتبته‪ ،‬إنما كتبته ألذكركم ونحن لآلن وبعد ‪ 2555‬سنة نحاول أن نفهم‬

‫هذه الرسالة‪.‬‬

‫اهلل َك َك ِ‬ ‫يـل ِ‬ ‫يح ألَ ْج ِل األُمِم‪ ،‬مب ِ‬ ‫آية (‪56" -:)56‬حتَّى أَ ُك َ ِ ِ‬ ‫ـر ِإل ْن ِج ِ‬ ‫ُم ِـم‬ ‫اش ًا‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ـون قُ ْرَب ُ‬ ‫ـاه ٍن‪ ،‬لِ َي ُك َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ون َخاد ًما ل َي ُ‬ ‫ـان األ َ‬ ‫وح ا ْلقُ ُد ِ‬ ‫س‪".‬‬ ‫الر ِ‬ ‫َّسا ِب ُّ‬ ‫َم ْق ُبوالً ُمقَد ً‬ ‫‪12‬‬ ‫ايح‬ ‫هي إمتداد آلية‪ 10‬فالنعمة التي وهبها اهلل له‪ ،‬وهبها له لكـي يخـدم األمـم = َحتَّاى أَ ُكاونَ َخا َد اماا لَيَ ُ‬ ‫ساو َل ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫ألَ ْج َل األُ َم َم‪َ 0‬ك َكا َهن = بولس كاهن ُمنِ َح سر الكهنـوت بوضـع األيـدي بعـد أن إختـاره اهلل هـو وبرنابـا (أع‪2 2 13‬‬ ‫‪ )3 ،‬وهو إستغل فكرة أنه كاهن‪ ،‬والكاهن عمله أن يقدم ذبـائح ( دمويـة فـي العهـد القـديم ‪ ،‬وافخارسـتية فـي العهـد‬ ‫الجديد) وقال أنه يقدم األمم ذبائح حية بسكين عقلية ( العبادة العقلية)‪.‬‬

‫الصورة التى يرسمها بولس الرسـول هنـا أنـه يقـدم األمـم ذبيحـة بكلمـة اهلل التـي هـي سـيف ذي حـدين (عـب‪)1224‬‬ ‫صور بولس الرسول في الغرب وهو‬ ‫تعمل عملها في اإلنسان وتحوله لذبيحة حية مقدسة مقبولة لدي اهلل ‪ .‬لذلك ُي َّ‬

‫ممسكاً في يده سيف الذي هو سيف الكلمة‪ ،‬يقدم األمم به ذبيحة ليصيروا مقبولين كقربـان يقدمـه الرسـول َم ْقبُاوجا‬ ‫س = أي ليس فقط إيمانهم بل بسلوكهم بالروح‪.‬‬ ‫بَ ر‬ ‫وح ا ْلقُ ُد َ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ ‪51‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ـي ٍء‬ ‫ع ِم ْن ِج َه ِة َماِ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)51-57‬فلِي اف ِْت َخ ٌار ِفي ا ْل َم ِس ِ‬ ‫َن أَتَ َكلَّ َـم َع ْـن َ‬ ‫س ُـر أ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫هلل‪ .‬أل َِّني الَ أ ْ‬ ‫َج ُ‬ ‫يح َي ُ‬ ‫شْ‬ ‫َج ِل إِطَ ِ‬ ‫ِم َّما لَم ي ْفع ْل ُه ا ْلم ِسيح ِبو ِ‬ ‫ُمِم‪ِ ،‬با ْلقَ ْو ِل َوا ْل ِف ْع ِل‪"،‬‬ ‫اسطَ ِتي أل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫اعة األ َ‬ ‫ايح = بــولس يفتخــر بكهنوتــه وخدمتــه التــي أعطاهــا لــه اهلل‪ ،‬وال يفتخــر بنفســه‪ ،‬وعملــه الــذي‬ ‫فَلَااي ا ْفتَ َخااا لر فَااي ا ْل َم َ‬ ‫سا َ‬

‫يفتخر به هو كهنوته وك ارزته وأن اهلل إئتمنه علي هذه الخدمة واعتبر هذا كرامة له أنه يعمل عند اهلل‪.‬‬

‫قصة‪ 2‬ذهب كاهن حديث ألبيه الروحي يتحدث في ندم عن تركه عمله الذي في العالم إذ كان عمله مهمـاً‪ ،‬فقـال‬ ‫له أبوه الروحـي‪" 2‬مـاذا تركـت لقـد تركـت نفايـة‪ ،‬وأخـذت مجـد خدمـة المـذبح وحمـل جسـد المسـيح بـين يـديك" بـولس‬

‫ايح يشـير‬ ‫هنا ال ينظر لإلهانات التـي توجـه لـه اآلن بـل ينظـر فـي إيمـان ورجـاء للمجـد المعـد لـه‪ .‬وقولـه فَاي ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫ألن المسيح وحده هو الكاهن الحقيقي وليس كهنـوت سـوي فـي المسـيح‪ .‬وال يوجـد ارعـي سـوى فـي المسـيح وألجـل‬

‫المسيح‪ ،‬يسوع هو الكاهن األعظم الحقيقي ونحن الكهنة لنا إالّ أدوات في يده‪َ .‬منْ َج َها َة َماا َهللَ = العمـل والكـ ارزة‬ ‫والخدمة وخالص النفوس‪ ،‬كل هذا هو عمل اهلل‪ ،‬واهلل أيد البشارة والك ارزة‪.‬‬

‫شــلِ‬ ‫اهلل‪ .‬حتَّــى إِ ِّنــي ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ـات وعج ِ‬ ‫آيــة (‪ِ 51" -:)51‬بقُـ َّـوِة آيـ ٍ‬ ‫ـب‪ِ ،‬بقُـ َّـوِ‬ ‫يم َو َمــا َح ْولَ َهــا إِلَــى إِللِّ ِ‬ ‫ـون‪ ،‬قَـ ْـد‬ ‫ُور‬ ‫أ‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ة‬ ‫ـ‬ ‫ائ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يري ُكـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت التَّْب ِشير ِبِإ ْن ِج ِ‬ ‫يح‪".‬‬ ‫يل ا ْل َم ِس ِ‬ ‫أَ ْك َم ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫وح للاَ = هذه التي جعلـت الكـ ارزة فعالـة ‪ .‬إَللِّي َري ُكاونَ = إقلـيم واقـع شـرق بحـر اإلدرياتيـك غالبـاً بلغاريـا‪.‬‬ ‫بَقُ َّو َة ُر َ‬ ‫هو يشرح ويقدم لهم خدمته ليصلوا عنه‪ .‬ونالحظ أن اهلل أيده ودعمه بواسطة عمل معجزات أيضاً‪.‬‬

‫‪245‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫ث س ِّمي ا ْلم ِس ِ َّ ِ‬ ‫آية (‪:2" -:):2‬و ِ‬ ‫َس ٍ‬ ‫َن أ َُب ِّ‬ ‫آلخ َر‪".‬‬ ‫اس َ‬ ‫صا أ ْ‬ ‫لك ْن ُك ْن ُ‬ ‫س َح ْي ُ ُ َ َ ُ‬ ‫يح‪ ،‬ل َئال أ َْبن َي َعلَى أ َ‬ ‫ش َر ه َك َذا‪ :‬لَ ْي َ‬ ‫ت ُم ْحتَ ِر ً‬ ‫َ‬ ‫هو ال يطلب الشهرة أو المجد أو الخدمة السهلة‪ .‬بل هو يتمني أن يكون أداة فـي يـد اهلل لتصـل كلمـة الكـ ارزة لكـل‬

‫العالم الوثني الذي لم يصل إليهم أحد قبله‪ .‬هـو ال يريـد أن يتعـدي حقـوق اآلخـرين ويسـلب إسـتحقاقاتهم وأتعـابهم‪.‬‬ ‫وبناء علي هذه اآلية فبطرس إذاً لم يكن موجوداً في روما‪ ،‬وال هو أسس كنيسة روما‪.‬‬ ‫‪:5‬‬ ‫ين لَم ي ْخبروا ِب ِه سي ْب ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ون»‪".‬‬ ‫س َي ْف َه ُم َ‬ ‫ون‪َ ،‬والَِّذ َ‬ ‫ص ُر َ‬ ‫َُ‬ ‫آية (‪َ " -:):5‬ب ْل َك َما ُه َو َم ْكتُ ٌ‬ ‫ين لَ ْم َي ْ‬ ‫س َم ُعوا َ‬ ‫وب‪« :‬الذ َ ْ ُ َ ُ‬ ‫أننـ ــي أبشـ ــر باإلنجيـ ــل وسـ ــط األمميـ ــين وعابـ ــدي األوثـ ــان ليصـ ــل اإلنجيـ ــل لكـ ــل إنسـ ــان وتتحقـ ــق نبـ ــوة إش ـ ــعياء‬

‫(إش‪ )10202‬لذلك فأنا أبحث عن المكان الذي لم يبشر فيه بإسم المسيح ألذهب له‪.‬‬

‫‪::‬‬ ‫اق ا ْل ِمرار ا ْل َك ِثيرةَ ع ِن ا ْلم ِج ِ‬ ‫يء إِلَ ْي ُك ْم‪".‬‬ ‫آية (‪ " -:)::‬لِذلِ َك ُك ْن ُ‬ ‫َ َ‬ ‫تأَ‬ ‫ُع ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫هنا يعبِّر لهم الرسول عن اشتياقه للـذهاب إلـيهم فـي رومـا‪ .‬ولكـن اهلل كـان يكلفـه بـالك ارزة فـي أمـاكن أكثـر احتياجـاً‬

‫للكلمة من روما‪ .‬فالعناية اإللهية تـتحكم فـي أمـور الخدمـة والكـ ارزة‪ .‬فـاهلل يعـرف مـن هـو األكثـر إحتياجـاً‪ .‬اهلل كـان‬

‫يعرف أن في روما أناساً يعرفون المسيح‪ ،‬لكن هناك أماكن كثيرة مازالت لم تسمع عن المسيح‪.‬‬

‫‪:3‬‬ ‫اق إِلَى ا ْلم ِج ِ‬ ‫ان بع ُد ِفي ِ‬ ‫اآلن فَِإ ْذ لَ ْي ِ‬ ‫ين‬ ‫آية (‪َ " -:):3‬وأ َّ‬ ‫هذ ِه األَقَالِ ِيم‪َ ،‬ولِي ا ْ‬ ‫ش ِت َي ٌ‬ ‫ـيء إِلَ ْـي ُك ْم ُم ْنـ ُذ ِسـ ِن َ‬ ‫َما َ‬ ‫س لي َم َك ٌ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يرٍة‪"،‬‬ ‫َكث َ‬

‫كا ن الرسول يتكلم من اليونان‪ ،‬و يري أنه بشر في معظم أقاليمها‪ ،‬وله إشتياق اآلن أن يذهب إلى روما عاصـمة‬ ‫العالم الوثني آنذاك‪.‬‬

‫ْهب إِلَى اسب ِانيا ِ‬ ‫‪ِ :4‬‬ ‫َر ُك ْم ِفي ُم ُر ِ‬ ‫اك‪ ،‬إِ ْن‬ ‫َن أ َا‬ ‫ش ِّي ُعوِني إِلَى ُه َن َ‬ ‫وري َوتُ َ‬ ‫آتي إِلَ ْي ُك ْم‪ .‬أل َِّني أ َْر ُجو أ ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫آية (‪ " -:):4‬فَع ْن َد َما أَذ َ ُ‬ ‫ت أ ََّوالً ِم ْن ُك ْم ُج ْزِئيًّا‪" .‬‬ ‫تَ َمالَّ ْء ُ‬ ‫سبَانَيَا = كانت نيران الك ارزة تلتهب في داخله ويريد أن يخـدم اإلنجيـل فـي كـل العـالم‪ .‬تَ َماالَّ ْءتُ‬ ‫َب إَلَى ا ْ‬ ‫فَ َع ْن َد َما أَ ْذه ُ‬

‫ـي مـنكم وتعنـي أننـي‬ ‫= هي كلمة تقال من األب واألم ألوالدهما وتعبر عـن شـدة المحبـة وتعنـي أريـد أن أمـأل عين َّ‬ ‫سأستمتع بلقائكم‪ُ .‬ج ْزَِياا = تعني أنه مهما أقام في وسطهم فإنه ال يمكن أن تشبع نفسه من رؤيتهم‪ ،‬ومهما نظـر‬ ‫لهم فإن شبعه سيكون جزئياً‪.‬‬

‫َخ ِدم ا ْل ِقد ِ‬ ‫اهب إِلَى أُور َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪:1" -:):1‬و ِ‬ ‫ين‪" ،‬‬ ‫ِّيس َ‬ ‫لك ِن َ‬ ‫اآلن أَ​َنا َذ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يم أل ْ َ‬ ‫شل َ‬ ‫ِّيساينَ = لـم يقـل ألعطـيهم ‪ ،‬فمـا يفعلـه هـو خدمـة‪ ،‬وهـو بهـذا يعتـذر عـن أنـه لـم يـأتي إلـى رومـا بسـبب‬ ‫ألَ ْخ َد َم ا ْلقَد َ‬ ‫ت أمـوالهم هنـاك (عــب‪ . )34215‬فلـيس غريبـاً أن يكــون هنـاك فقـراء فــي‬ ‫إنشـغاله بخدمـة فقـراء أورشـليم الـذين ُســلِ َب ْ‬

‫‪246‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫أورش ــليم‪ .‬وربم ــا نش ــأ ه ــذا ع ــن مجاع ــة ح ــدثت أي ــام كلودي ــوس قيص ــر (أع‪ .)35-28211‬وه ــذه المجاع ــة أث ــرت‬

‫خصوصاً علي إسرائيل‪.‬‬

‫ين ِفي أُور َ ِ‬ ‫اء ا ْل ِقد ِ‬ ‫َن يص َنعوا تَو ِزيعا لِفُقَر ِ‬ ‫َه َل م ِك ُدوِن َّي َة وأ َ ِ‬ ‫يم‪".‬‬ ‫آية (‪:6" -:):6‬أل َّ‬ ‫ين الَِّذ َ‬ ‫ِّيس َ‬ ‫َخائ َي َة ْ‬ ‫استَ ْح َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫س ُنوا أ ْ َ ْ ُ ْ ً َ‬ ‫َن أ ْ َ‬ ‫شل َ‬ ‫صانَ ُعوا ت َْو َزي اعااا = شــركة القديســين‪ .‬وألــيس غريبـاً أن يكــون القديســين‬ ‫سانُوا = أي فعلـوا هــذا بــدون ضــغط‪ .‬يَ ْ‬ ‫ا ْ‬ ‫ست َْح َ‬ ‫فقـراء‪ ،‬حقـاً كثيـ اًر مــا يغضــب العــالم عمــن يرضــي عــنهم اهلل‪ .‬وكــان بــولس ســوف يحمــل هــذه الهبــات والعطايــا إلــى‬ ‫أورشــليم‪ .‬ولكنــه هــو هنــا ال يــدعوهم للعطــاء مــن أجــل أورشــليم‪ ،‬واال لكــان قــد ذهــب إلــى رومــا أوالً‪ .‬لكــن الرس ـول‬

‫يقصد أن يشرح ألهل روما مفهوم الجسـد الواحـد بـين اليهـود واألمـم‪ .‬فأهـل مكدونيـة وأخائيـة (إقليمـين يكونـان معـاً‬

‫اليونان) وهم من األمم يشتركون مع أهل أورشليم وهم يهود أصالً وذلك ليتعلم أهل روما أمماً ويهود أن يتعايشـوا‬

‫بمحبة فهم اآلن جسد واحد‪.‬‬

‫‪:7‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـب‬ ‫ُمـ ُـم قَـ ِـد ا ْ‬ ‫سـ ُنوا ذلِـ َ‬ ‫ون! أل ََّنـ ُ‬ ‫ـه إِ ْن َكـ َ‬ ‫ـك‪َ ،‬وِا َّن ُهـ ْـم لَ ُهـ ْـم َمـ ْـد ُيوُن َ‬ ‫شــتَ​َرُكوا فــي ُروح َّيــات ِه ْم‪َ ،‬ي ِجـ ُ‬ ‫آيــة (‪ْ " -:):7‬‬ ‫استَ ْح َ‬ ‫ـان األ َ‬ ‫وهم ِفي ا ْلجس ِدي ِ‬ ‫علَ ْي ِهم أ ْ ِ‬ ‫ضا‪".‬‬ ‫َّات أ َْي ً‬ ‫َ َ‬ ‫َن َي ْخد ُم ُ ْ‬ ‫َ ْ‬

‫سنُوا = بحريتهم وليس من رجاء لبولس لهـم وال بإيحـاء منـه‪ .‬هـذا فضـل مـنهم‪ ،‬ومـن ناحيـة أخـري فـإن أهـل‬ ‫ا ْ‬ ‫ست َْح َ‬

‫مكدوني ــة م ــديونون أله ــل أورش ــليم ال ــذين ه ــم يه ــود أصـ ـالً‪ ،‬فم ــن اليه ــود خ ــرج المس ــيح واألنبي ــاء والكت ــب المقدس ــة‬ ‫والتالميــذ والرســل‪ ،‬وانحــدرت النعمــة لكــل العــالم ولألمــم‪ .‬لــذا صــار واجب ـاً علــي األمــم أن يشــتركوا فــي إحتياجــات‬

‫أورشليم المادية ألنهم نالوا من خيرات أورشليم الروحية‪.‬‬

‫ت لَهم ه َذا الثَّمر‪ ،‬فَسأَم ِ‬ ‫آية (‪:1" -:):1‬فَمتَى أَ ْكم ْل ُ ِ‬ ‫اس َب ِان َيا‪.‬‬ ‫ضي َم ًّا‬ ‫ار ِب ُك ْم إِلَى ْ‬ ‫َ​َ َ ْ‬ ‫ت ذل َك‪َ ،‬و َختَ ْم ُ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َختَ ْم ُ = تعني‪-2‬‬ ‫‪ .1‬أنهيت وأكملت لهم هذه الخدمة‪.‬‬

‫‪ .2‬الرسول كان سيختم علي وثيقة أمام شهود ألهل أورشليم بأنـه سـلمهم هـذه األمـوال‪ ،‬حتـى ال يتشـكك أحـد فـي‬

‫نزاهته‪ .‬ويكون بعد ذلك قد أتم مسئوليته‪.‬‬ ‫ه َذا الثَّ َم َر = هذه العطايا هي ثمار إيمان األمم‪ .‬هي إحـدى ثمـار ب َّـرُه ْم الـذي باإليمـان‪ ،‬ثمـار محبـتهم التـي نالوهـا‬ ‫سبَانَيَا = بولس شعلة نشاط يريد أن يوصل الرسالة لكل العالم‪.‬‬ ‫بالروح القدس‪ .‬ا ْ‬ ‫‪:1‬‬ ‫يء ِفي ِم ْل ِء َبرَك ِة إِ ْن ِج ِ‬ ‫سأ ِ‬ ‫يح‪" .‬‬ ‫يل ا ْل َم ِس ِ‬ ‫َعلَ ُم أ َِّني إِ َذا ِج ْئ ُ‬ ‫آية (‪َ " -:):1‬وأَ​َنا أ ْ‬ ‫َج ُ‬ ‫ت إِلَ ْي ُك ْم‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫يل = كلمة بركة تشير لعطايا اهلل الحلوة للمؤمن وهى تشمل ‪-2‬‬ ‫اإل ْن َج َ‬ ‫بَ َر َك َة َ‬

‫* التعرف علي شخص المسيح= فاإلنجيل هو كلمة اهلل‪ ،‬والمسيح هو كلمة اهلل‪ ،‬فحينما نسمع كلمة اهلل المكتوبة‬ ‫فـي اإلنجيـل ونق أرهـا نكتشـف شـخص المسـيح فنعرفـه ونحبـه وتمـأل محبتـه القلـب فيمتلـئ القلـب فرحـاً عجيبـاً‪ .‬ومـن‬ ‫يحبه يحفظ وصيته ويسلك في الفضيلة‪ ،‬ويسكن عنده اآلب واالبن ( يو‪.)23214‬‬

‫‪247‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬

‫* انفتاح الذهن= لفهم كالم اإلنجيـل‪ ،‬ألن المكتـوب مكتـوب بـالروح‪ ،‬وال يكشـف معنـي المكتـوب بـالروح إالّ ذهـن‬ ‫مفتوح بالروح القدس (لو‪ )40224‬وحينما يصرخ الشماس عند قراءة اإلنجيل "بركاته تكون مع جميعنـا آمـين" فهـو‬ ‫صراخ أن ينسكب الروح فنفهم وندرك قوة الفداء والخالص والتبني والمصالحة‪ ،‬وحـب اهلل‪ ،‬فاإلنجيـل يحمـل رسـالة‬

‫الخالص‪ .‬ومن يفهم يرتفع إيمانه ويتشدد رجاءه وتتقوي عزيمته علي مواجهة صعاب العالم‪.‬‬

‫* فاعلية الكلمة= الكتـاب المقـدس هـو مـرآة تكشـف عيوبنـا وخطايانـا‪ ،‬وكلمـة اهلل كسـيف ذي حـدين بهـا نولـد مـن‬ ‫جديد ( عب‪1 +12 24‬بط‪ ) 23 21‬والمعني أن لها قوة علي بتر محبة الخطية داخل القلب فنكون كمن ولـد مـن‬

‫جديــد بطبيعــة جديــدة‪ .‬وهــذه هــى أهميــة المداومــة علــي ق ـراءة الكتــاب المقــدس‪ .‬فالكلمــة تحمــل قــوة الــروح والحيــاة‬

‫(يو‪ .):32:‬هي تتفاعل مع اإلنسان وتحرك ضميره فيكشف عيوبه وتبدأ الدينونة الذاتية‪ ،‬ويبـدأ الـروح القـدس فـي‬ ‫التبكيــت‪ ،‬ويــذهب اإلنســان ليعتــرف‪ ،‬الكلمــة يكــون لهــا ســلطان علــي الــنفس وتســود بقوتهــا وقداســتها فيتغيــر الــذهن‬

‫ويتجدد ‪ ،‬ويتغير شكل اإلنسان إلى صورة المسيح ليتوافق مع الحياة المدعو إليها‪.‬‬

‫وبــولس يؤكــد ألهــل روميــة أنــه حينمــا يــأتي إلــيهم ســينالوا جميع ـاً مــلء بركــة اإلنجيــل وينمــو الجميــع فــي اإليمــان‬

‫والفضيلة‪ ،‬وهذا يتفق مع ما قاله في (رو‪ )1121‬لكي أمنحكم هبة روحية لثباتكم"‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫الصـلَو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح‪ ،‬وِبمحب ِ‬ ‫اإل ْخوةُ‪ِ ،‬برِّب َنا يسو َ ِ‬ ‫ات‬ ‫الر ِ‬ ‫َّة ُّ‬ ‫وح‪ ،‬أ ْ‬ ‫ع ا ْل َمس ِ َ َ َ‬ ‫آية (‪ " -:)32‬فَأَ ْطلُ ُ‬ ‫ب إِلَ ْي ُك ْم أَي َ‬ ‫َن تُ َجاه ُدوا َمعـي فـي َّ َ‬ ‫ُّها ِ َ َ َ ُ‬ ‫َجلِي إِلَى ِ‬ ‫اهلل‪"،‬‬ ‫ِم ْن أ ْ‬

‫ت = الصــلوات‬ ‫وح = المحبــة التــي أثمرهــا الــروح القــدس فــي نفوســكم‪ .‬أَنْ ت َُجا َهاادُوا َم َعااي فَااي ال َّ‬ ‫ص الَ َوا َ‬ ‫َم َحبَّ ا َة الا رار َ‬ ‫المتبادلة هي دليل المحبـة‪ .‬والمحبـة دليـل عمـل الـروح لـذلك نحـن نـؤمن بالشـفاعة‪ ،‬هـم يصـلون عنـا ونحـن نصـلي‬

‫ايح‬ ‫عنهم‪ .‬والحظ أن الرسول يصلي عـنهم (‪ .)33 210 +15 ، 9 21‬وهنـا يطلـب صـلواتهم ‪ .‬بَ َربِّنَاا يَ ُ‬ ‫ساو َل ا ْل َم َ‬ ‫س َ‬ ‫أطلب منكم بإسم المسيح‪ .‬والحظ أن الرسول يعتبر أن الصالة هي جهاد روحي= أَنْ ت َُجا َهدُوا‪ .‬والصالة بعضـنا‬

‫لبعض هي ما يسمي الشفاعة التوسلية‪.‬‬

‫شـلِ‬ ‫ون ِخ ْدم ِ‬ ‫ودي ِ‬ ‫ين ُهم َغ ْير م ْؤ ِم ِ‬ ‫آية (‪35" -:)35‬لِ َكي أُْنقَ َذ ِم َن الَِّ‬ ‫َج ِ‬ ‫َّة‪َ ،‬ولِ‬ ‫ين ِفي ا ْل َي ُه ِ‬ ‫يم َم ْق ُبولَـ ًة‬ ‫ُور‬ ‫أ‬ ‫ـل‬ ‫أل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِع ْن َد ا ْل ِقد ِ‬ ‫ين‪" ،‬‬ ‫ِّيس َ‬ ‫لَ َك ْي أُ ْنقَ َذ = فـالروح القـدس أعلـن لـه‪ ،‬مـا سـيحدث لـه فـي أورشـليم وكانـت زيارتـه هـذه ألورشـليم هـي الزيـارة األخيـرة‬ ‫اي تَ ُكااونَ‬ ‫حيــث ألق ـوا القــبض عليــه فهــو كــان شــاع اًر بكــل المخــاطر المقــدم عليهــا‪ .‬لــذلك طلــب الصــالة ألجلــه‪ .‬لَ َكا ْ‬ ‫َخا ْد َمتَي َم ْقبُولَاةا = كــان الرسـول خائفـاً أن ال يكــون مقبـوالً عنــد القديســين مسـيحيي أورشــليم الــذين هـم يهــود أصـالً‬ ‫بسبب تحرره من الناموس‪.‬‬

‫‪3:‬‬ ‫َجيء إِلَ ْي ُكم ِبفَر ٍح ِبِإر َ ِ ِ‬ ‫يح َم َع ُك ْم‪" .‬‬ ‫َستَ ِر َ‬ ‫ادة اهلل‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫آية (‪َ " -:)3:‬حتَّى أ ِ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫سيذهب إليهم في روما فرحاً إذا قبلوا خدمته في أورشليم‪.‬‬

‫‪248‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح الخامس عشر)‬ ‫‪33‬‬ ‫ين‪ِ .‬‬ ‫ين‪".‬‬ ‫له َّ‬ ‫آية (‪ " -:)33‬إِ ُ‬ ‫آم َ‬ ‫َج َم ِع َ‬ ‫السالَِم َم َع ُك ْم أ ْ‬ ‫كما طلب منهم أن يصلوا ألجله‪ ،‬هاهو يصلي ألجلهم ليكون بينهم سالم‪ .‬كما يصلي الكاهن قائالً إيريني باسي‬

‫(السالم لكم) ويرد الشعب ولروحك أيضاً (كيطو بنيفماتي سو)‪.‬‬

‫‪249‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس عشر)‬

‫اإلصحاح السادس عشر‬

‫عودة للجدول‬

‫هذا اإلصحاح به أسماء كثيرة يرسل لهم الرسول السالم أو يرسل منهم السالم ألهل روما‪ .‬هذا اإلصحاح يبدو كحامل‬

‫أيقونات‪ ،‬كلهـم قديسـين أطلـق علـيهم الرسـول ألقـاب حلـوة (أحبـاء‪ /‬أنسـباء‪ /‬عـاملون معنـا فـي الـرب‪ /‬التاعبـة فـي الـرب)‬ ‫لكل شخص لقب محفور في قلب الرسول (الحظ أهميـة تشـجيع النـاس ومـدحهم فـي إجتـذابهم للكنيسـة)‪ .‬ويمكـن تشـبيه‬ ‫هذه الصورة بلوحة الشرف في المدارس التي يوضع فيها صور وأسماء المتفوقين من الطلبة‪ .‬فهؤالء القديسين بحيـاتهم‬

‫المملوءة نعمة ‪ ،‬أثبتوا أن ما علم به بـولس الرسـول فـي الرسـالة لـيس مجـرد معلومـات نظريـة ‪ ،‬بـل هـي حيـاة يمكـن أن‬ ‫يعيشها كل إنسان‪ ،‬بدليل أن هؤالء القديسين عاشـوها‪ .‬هـذا لتشـجيع النـاس فـي كـل األجيـال أن المسـيحية عقيـدة تعـاش‬

‫وليست نظريات‪ .‬بل أن النعمة التي حدثنا عنها تحول البشر إلى قديسين‪.‬‬

‫وفعالــة عــن الحيــاة المســيحية فــي العصــر الرســولي‪ .‬فــي اإلصــحاحات الســابقة‬ ‫هــذا اإلصــحاح هــو صــورة حيــة ومبهجــة ّ‬ ‫ظهــر بــولس كرجــل مقتــدر فــي العلــم والعقيــدة‪ ،‬وهنــا يظهــر كرجــل مقتــدر فــي المحبــة‪ ،‬فهــذه الســالمات تظهــر محبتــه‬

‫للجميع‪ .‬وكثي اًر ما نشعر أن الرسول سينهي رسالته بقوله آمـين (‪ )24 ، 25 2 1: +33210‬لكنـه يعـود ليكمـل حديثـه‬ ‫كأنه ال يود من محبته أن ينهي الحديث معهم‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُوصي إِلَ ْي ُكم ِبأ ْ ِ ِ‬ ‫اآليات (‪5" -:)51-5‬أ ِ‬ ‫ب‬ ‫الر ِّ‬ ‫وها ِفي َّ‬ ‫يس ِة الَِّتي ِفي َك ْن َخ ِرَيا‪َ ،‬ك ْي تَ ْق َبلُ َ‬ ‫ُخت َنا في ِبي‪ ،‬الَّتي ه َي َخاد َم ُة ا ْل َكن َ‬ ‫ْ‬ ‫احتَاجتْ ُه ِم ْن ُكم‪ ،‬ألَنَّها صار ْت مس ِ‬ ‫َي َ ٍ‬ ‫اع َدةً لِ َك ِث ِ‬ ‫َك َما َي ِح ُّ‬ ‫ضا‪.‬‬ ‫وموا لَ َها ِفي أ ِّ‬ ‫ير َ‬ ‫ق لِ ْل ِقدِّي ِس َ‬ ‫ين َولِي أَ​َنا أ َْي ً‬ ‫ش ْيء ْ َ‬ ‫َ َ​َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ين‪َ ،‬وتَقُ ُ‬

‫‪4‬‬ ‫ِ‬ ‫‪3‬سلِّموا علَى ِب ِريس ِكالَّ وأ َِكيالَ ا ْلع ِ‬ ‫ت‬ ‫املَ ْي ِن َم ِعي ِفي ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سُ‬ ‫سو َ‬ ‫ض َعا ُع ُنقَ ْي ِه َما ِم ْن أ ْ‬ ‫ع‪ ،‬اللَّ َذ ْي ِن َو َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َج ِل َح َياتي‪ ،‬اللَّ َذ ْي ِن لَ ْ‬ ‫يح َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س األُم ِـم‪ ،‬وعلَـى ا ْل َك ِن ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش ُكرُهما ب ْل أ َْي ً ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـوس َح ِبي ِبـي‪،‬‬ ‫َ​َ‬ ‫أَ​َنا َو ْحدي أَ ْ ُ َ َ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى أ َ​َب ْينتُ َ‬ ‫يسـة الَّتـي فـي َب ْيت ِه َمـا‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫ضا َجميعُ َك َنـائ ِ َ‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ـت أل ْ ِ ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ـاس‬ ‫َخ ِائ َيـ َة لِ ْل َم ِس ِ‬ ‫ورةُ أ َ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى َم ْـرَي َم الَِّتـي تَِع َب ْ‬ ‫وس َوُيوِن َي َ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى أَ ْن َـد ُروِن ُك َ‬ ‫يـرا‪َ .‬‬ ‫ـيح‪َ .‬‬ ‫َجل َنـا َكث ً‬ ‫الذي ُه َو َبا ُك َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫الرس ِـل‪ ،‬وقَ ْـد َكا َنـا ِفـي ا ْلم ِس ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫ـاس‬ ‫ـورْي ِن َم ِعـي‪ ،‬اللَّـ َذ ْي ِن ُه َمـا َم ْ‬ ‫َنس َ‬ ‫شُ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى أ َْم ِبل َي َ‬ ‫ـيح قَ ْبلـي‪َ .‬‬ ‫ان َب ْـي َن ُّ ُ َ‬ ‫يب َّي‪ ،‬ا ْل َمأ ُ‬ ‫ـه َ‬ ‫ْس َ‬ ‫َ‬ ‫‪52‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ـيح‪ ،‬وعلَـى إِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـس‬ ‫الر ِّ‬ ‫َح ِبي ِبي ِفي َّ‬ ‫وس ا ْل َعام ِل َم َع َنـا فـي ا ْل َمس ِ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى أ َ​َبلِّ َ‬ ‫يس َح ِبي ِبـي‪َ .‬‬ ‫سـتَاخ َ‬ ‫ُورَبا ُن َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫سلِّ ُموا َعلَى أ ْ‬ ‫َه ِـل أ َِرسـتُوبولُوس‪55 .‬سـلِّموا علَـى ِهيروِدي َ ِ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى‬ ‫ا ْل ُم َزَّكى ِفي ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ين ُه ْـم ِم ْـن أ ْ‬ ‫سلِّ ُموا َعلَى الَّ ِـذ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ـون َنسـي ِبي‪َ .‬‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫يح‪َ .‬‬ ‫ب‪5: .‬سلِّموا علَـى تَ ِريفَ ْي َنـا وتَ ِريفُوسـا التَّ ِ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى‬ ‫الـر ِّ‬ ‫الر ِّ‬ ‫َه ِل َن ْرِك ُّ‬ ‫ـاع َبتَ ْي ِن ِفـي َّ‬ ‫ين ِفي َّ‬ ‫ين ُه ْم ِم ْن أ ْ‬ ‫وس ا ْل َك ِائ ِن َ‬ ‫الَِّذ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يس َ‬ ‫‪54‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ِ‬ ‫ـس ا ْل ُم ْختَ ِ‬ ‫سـلِّ ُموا‬ ‫وب ِة الَِّتي تَِع َب ْت َك ِث ًا‬ ‫الـر ِّ‬ ‫الـر ِّ‬ ‫ـار ِفـي َّ‬ ‫يـر ِفـي َّ‬ ‫ُم ِـه أ ِّ‬ ‫ب‪َ ،‬و َعلَـى أ ِّ‬ ‫يس ا ْل َم ْح ُب َ‬ ‫ُمـي‪َ .‬‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَـى ُروفُ َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫َب ْرس َ‬ ‫‪51‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يس‪َ ،‬و َعلَــى ِ‬ ‫س‬ ‫اإل ْخـ َـوِة الَّـ ِـذ َ‬ ‫س‪ِ ،‬فلِي ُغـ َ‬ ‫ـاس‪َ ،‬بتُْر َ‬ ‫سـلِّ ُموا َعلَــى فيلُولُــو ُغ َ‬ ‫ين َم َع ُهـ ْـم‪َ .‬‬ ‫ـاس‪َ ،‬و َهـ ْـرِم َ‬ ‫وبـ َ‬ ‫ـون‪َ ،‬ه ْرَمـ َ‬ ‫َعلَــى أَســي ْنك ِريتُ َ‬ ‫يع ا ْل ِقد ِ‬ ‫يريوس وأ ْ ِ ِ‬ ‫ين َم َع ُه ْم‪".‬‬ ‫اس‪َ ،‬و َعلَى َج ِم ِ‬ ‫ين الَِّذ َ‬ ‫ِّيس َ‬ ‫ُخته‪َ ،‬وأُولُ ْم َب َ‬ ‫َو ُجولِ َيا‪َ ،‬وِن ِ ُ َ َ‬ ‫ي=‬ ‫فَيبَي = هي التي حملت الرسالة إلى رومية من كورنثوس‪ ،‬لذلك يقدمها بولس لهم ليقبلوها حسناً‪ .‬تَ ْقبَلُوهَا فَي ال َّر ِّ‬

‫أي كأنها قادمة باسم المسيح الذين هم فيه وهي فيه أيضاً‪ .‬وهو يوصيهم بفيبي مع أنـه لـم يكـن يخـدمهم خدمـة مباشـرة‬

‫ولكنهــا دالــة ورباطــات المحبــة التــي يشــعر بهــا‪ ،‬فهــو بمحبتــه الكبي ـرة لهــم شــعر أنــه لــيس غريبـاً عــنهم بــل صــاحب دالــة‬

‫‪250‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس عشر)‬

‫عليهم‪ .‬وكما يهبهم حبه يطلب حبهم‪ ،‬هو واثق أنه كما يحبهم فهم أيضاً يحبونه‪ .‬وقد تكون فيبي من أصـل وثنـي ألن‬ ‫فيبــوس إســم آلهــة وثنيــة‪ .‬ويبــدو أن فيبــي كانــت غنيــة وذات مركــز اجتمــاعي مرمــوق‪ .‬وقــد تكــون مصــالحها إســتدعت‬ ‫وجودها في روما فهي تبحر ألجل التجارة‪ ،‬وفي رحلتها هذه حملت معها رسالة بولس الرسول إلـى روميـة‪ .‬وقـد أقيمـت‬

‫كشماسة للكنيسة التي في كنخريا (ميناء يبعد ‪9‬ميل شرق كورنثوس)‪ .‬وكان لها خـدمتها الفعالـة فـي الكنيسـة‪ .‬والرسـول‬ ‫دعاهــا أختــه‪ ،‬وهــي أختــه فــي المســيح‪ .‬وهــو يوصــي مســيحيي رومــا بهــا وهــي فــي غربتهــا‪ .‬وكانــت خــدمتها التوزي ــع‬

‫والضيافة وخدمة مرضى وغرباء‪ .‬وربما كـان المؤمنـون يجتمعـون فـي بيتهـا فـي كنخريـا نظـ اًر لإلضـطهاد فـي كورنثـوس‬

‫(أع‪ .)12218‬كمـا كـان أهـل فيلبـي يجتمعـون خـارج المدينـة عنـد نهـر (أع‪ .)1321:‬وبـولس نـراه هنـا يعتـرف بجميلهـا‪.‬‬ ‫س ا َكالَّ َوأَ َكاايالَ =‬ ‫فــاإلعتراف بالجميــل أقــل شــئ لــرد الجميــل‪َ .‬ك َمااا يَ َح ا ر‬ ‫ِّيسااينَ = أن تنــال إســتحقاق القديســين‪ .‬بَ َري ْ‬ ‫ق لَ ْلقَد َ‬ ‫(أع‪1 + 2: ، 18 ، 2 2 18‬كــو‪2 +1921:‬تــي‪ .)1924‬همــا يهوديــان صــانعي خيــام‪ ،‬مــن نفــس مهنــة بــولس فأقامــا‬

‫معاً‪ .‬تركا روما كأمر كلوديوس قيصر سنة ‪49‬م‪ .‬الذي طرد جميع اليهـود مـن رومـا لكـنهم عـادوا ثانيـة‪ .‬وكانـا تـاجرين‬

‫غنيين وتقيين‪ .‬ويبدو أن الزوجة كانت أكثر غيرة فذكرها الرسول أوالً‪ .‬التقى بهما الرسول ألول مرة في كورنثوس وبقي‬

‫معهمـا ‪18‬شــه اًر‪ ،‬وذهــب معهمــا إلــى أفســس‪ ،‬ثــم رجعــا همــا إلــى رومــا‪ .‬وأينمــا وجــدا فتحــا بيتهمــا كنيســة للعبــادة ولخدمــة‬

‫الغرباء (هل يمكن أن يكون بيت كـل منـا كنيسـة أي بيـت صـالة وتسـبيح)‪ .‬وهمـا َع َّرضـا حياتهمـا للخطـر ألجـل بـولس‬

‫(أع‪ )32 ، 31 2 19+15-:218‬وخب ــآ الرس ــول (أع‪ .)11 ، 12 2 18‬لـ ـذلك يق ــدم لهم ــا الش ــكر‪ .‬وهم ــا الل ــذان بشـ ـ ار‬ ‫ُوس = كلمة يونانية تعني مستحق للمديح‪ ،‬أول من قبل اإليمان في آسيا الصغرى علـى يـد الرسـول‪ .‬وقـد‬ ‫أبلوس‪ .‬أَبَ ْينَت َ‬ ‫يكون من بيت إستفاناس (‪1‬كو‪ )1021:‬ويدعوه حبيبي‪ ،‬وهي دعوة لرد الحب بالحب فيخدم الكنيسة بال توقـف‪َ .‬م ْاريَ َم‬ ‫= يبدو أن خدمتها كانت الضيافة في بيتها‪ .‬فالمرأة وان كانت ال تخدم خدمة الكلمة إالّ أنها قادرة على جذب كثيـرين‪.‬‬ ‫ـيبي ألنهمــا يهوديــان مثلــه‪ .‬إحــتمال‬ ‫وس َويُونَيَا َ‬ ‫أَ ْن ا َد ُرونَ ُك َ‬ ‫ان بصــلة ق اربــة للرســول أو قــال نسـ َّ‬ ‫ااس = همــا يهوديــان قــد َي ُمت ـ ْ‬ ‫السجن معهُ في وقت غير معروف‪ .‬يعتز بهما ألنهمـا عرفـا المسـيح قبلـه‪ .‬ولهمـا دورهمـا الهـام فـي الخدمـة حتـى صـا ار‬ ‫مشهورين بين الرسل بسبب خدمتهما‪ .‬وكلمة رسل تعنـي أنهمـا كانـا رسـولين مشـهورين وسـط الرسـل‪ ،‬فكـان هنـاك رسـل‬ ‫اس = يقـال إنـه ابـن‬ ‫كثيـرون يبشـرون باإلنجيـل وهـم غيـر الرسـل اإلثنـى عشـر وقيـل أنهمـا مـن السـبعين رسـوالً‪.‬‬ ‫ُروفُ َ‬ ‫سمعان القيرواني الذي حمل الصليب مع المسيح (مر‪ .)21210‬وقد شهد ألم روفس أنها في محبتها للرسول وخـدمتها‬

‫له صارت كأماً له‪ .‬ومرقس يذكره كشخصية معروفة في روما‪.‬‬ ‫‪56‬‬ ‫ض ُك ْم‬ ‫سلِّ ُموا َب ْع ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)56‬‬ ‫سالِّ ُموا = "أسباذيســتا" أي قبلـوا‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ض ِبقُْبلَ ٍة مقَد ٍ‬ ‫َعلَى َب ْع ٍ‬ ‫سلِّ ُم َعلَ ْي ُك ْم‪".‬‬ ‫س ا ْل َم ِس ِ‬ ‫يح تُ َ‬ ‫َّسة‪َ .‬ك َنائ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫والكنيســة أخــذت بتعلــيم بــولس الرســول فــي قداســاتها‪ .‬وهــي إعــالن حالــة شــركة بــالروح‬

‫تحـتم الصـفح الكامـل‪ ،‬هـي عهـد سـالم فـي حضـرة اهلل‪ .‬وبعـد أن عـدد الرسـول بعـض األسـماء نجـده ُيعلـن حـب الكنيسـة‬ ‫كلهــا بعضــها لــبعض‪ .‬فالكنيســة فــي كــل مكــان تشــعر أنهــا جســد واحــد‪ .‬والقبلــة فــي الكنيســة بــين الرجــال والرجــال وبــين‬

‫النســاء والنســاء قطعـاً‪1( .‬كــو‪1 +2521:‬تــس‪1 +2:20‬بــط‪ .)1420‬والقبلــة المقدســة ليســت قبلــة شــهوانية وال هــي قبلــة‬ ‫خائنة كقبلة يهوذا‪.‬‬

‫‪251‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس عشر)‬

‫ملحوظات‪:‬‬ ‫‪ .1‬بولس عرف هؤالء غالباً أثناء طردهم من روما على يد كلوديوس قيصر‪ ،‬إذ ذهبـوا لليونـان لكـنهم عـادوا إلـى رومـا‬ ‫ثانية‪.‬‬

‫‪ .2‬ال نجــد فــي هــذه األســماء إســم بطــرس ممــا يشــكك فــي وجــوده فــي رومــا ‪ ،‬ومــع أن بــولس يعتــرف أنــه مــن األعمــدة‬ ‫(غل‪ )922‬فلماذا ال يذكر إسمه؟!‬

‫‪57‬‬ ‫ات وا ْلعثَــر ِ‬ ‫ون ِّ ِ‬ ‫ات‪ِ ،‬خالَفًــا لِلتَّعلِـ ِ‬ ‫ُّهــا ِ‬ ‫ـيم‬ ‫اإل ْخـ َـوةُ أ ْ‬ ‫صـ َن ُع َ‬ ‫َن تُالَ ِحظُــوا الَّـ ِـذ َ‬ ‫اآليــات (‪َ " -:):2-57‬وأَ ْطلُـ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ين َي ْ‬ ‫ـب إِلَـ ْـي ُك ْم أَي َ‬ ‫الشـقَاقَ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ـيح َبـ ْـل ُبطُــوَن ُه ْم‪َ .‬وِبــا ْل َكالَِم الطَّ ِّيـ ِـب‬ ‫ضـوا َعـ ْن ُه ْم‪51 .‬أل َّ‬ ‫َن ِم ْثـ َـل هـ ُـؤالَ ِء الَ َي ْخـ ِـد ُم َ‬ ‫َع ِر ُ‬ ‫الَّـ ِـذي تَ َعلَّ ْمتُ ُمــوهُ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ســوعَ ا ْل َمسـ َ‬ ‫ون َرَّب َنــا َي ُ‬ ‫السلَم ِ‬ ‫ـاء‬ ‫اء‪51 .‬أل َّ‬ ‫اع ْت إِلَى ا ْل َج ِم ِ‬ ‫َن َ‬ ‫يد أ ْ‬ ‫يع‪ ،‬فَأَف َْر ُح أَ​َنا ِب ُك ْم‪َ ،‬وأ ُِر ُ‬ ‫س َن ِة َي ْخ َد ُع َ‬ ‫اعتَ ُك ْم َذ َ‬ ‫ط َ‬ ‫ون ُقلُ َ‬ ‫َن تَ ُكوُنـوا ُح َك َم َ‬ ‫َواألَق َْو ِال ا ْل َح َ‬ ‫وب ُّ َ‬ ‫‪:2‬‬ ‫يح مع ُكم‪ِ .‬‬ ‫ت أَرجلِ ُكم س ِريعا‪ِ .‬نعم ُة رِّب َنا يسو َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫له َّ ِ‬ ‫ق َّ‬ ‫اء لِ َّ‬ ‫ين‪".‬‬ ‫الش ْي َ‬ ‫سَ‬ ‫س َح ُ‬ ‫لشِّر‪َ .‬وِا ُ‬ ‫آم َ‬ ‫ط َ‬ ‫س َي ْ‬ ‫ان تَ ْح َ ْ ُ ْ َ ً ْ َ َ َ ُ‬ ‫السالَم َ‬ ‫ط َ‬ ‫ل ْل َخ ْي ِر َوُب َ‬ ‫ع ا ْل َمس ِ َ َ ْ‬

‫فـي آيـة (‪ )1:‬يقـول قبلـوا بعضـكم‪ ..‬فمـا الـذي يمنــع هـذه الوحـدة والحـب إالّ الــذين يصـنعون الشـقاقات والعثـرات‪ .‬وعلــى‬ ‫الكنيسة أن تفرز أمثال هؤالء ألنهم يدعون لبدع غريبة أي لتعاليم مخالفـة لمـا تسـلموها مـن الرسـل‪ ،‬ومـنهم المتهـودين‪.‬‬

‫وهـؤالء جســدانيون يخــدمون بطــونهم ال المســيح‪ .‬فاإلنشــقاق هــو ســالح الشــيطان‪ .‬ولكــن إذا كــان الجســد متحــداً معـاً فــال‬ ‫يقدر الشيطان أن يدخل‪ .‬والشقاقات تأتي من إهتمام الناس وعبوديتهم لبطونهم أي لذواتهم وشهواتهم ولألهواء األخـرى‬

‫(في‪ .)1923‬شقاق= إنقسام أو خالف‪ .‬وهؤالء بالكالم الطيب واألقوال الحسنة (هذه عكـس القبلـة المقدسـة) وبكلمـاتهم‬

‫سلَ َما َء = أي البسطاء‪ ،‬سليمو النية‪ ،‬غير الدارسين وليس لـديهم‬ ‫المعسولة (التي هي عكس ما في باطنهم) يخدعون ال ر‬ ‫معرفة‪ .‬وال عجب فالشيطان يغير صورته لصورة مالك (‪2‬كو‪ .)10-13211‬لذلك يليق بنا أن نكون ُح َك َماا َء لَ ْل َخ ْيا َر =‬ ‫من يختار أن يعمل الخير فهو سيعيش في سالم على األرض‪ ،‬وفـي مجـد فـي السـماء‪ ،‬لـذلك مـن يختـار الخيـر حكـيم‪.‬‬ ‫وتفهــم أن يســتخدم اإلنســان حكمتــه لصــنع الخيــر‪ .‬والحكــيم يســتطيع أن يميــز األرواح فيكشــف مســببي الشــقاقات‪ ،‬لــذلك‬

‫طلــب الســيد المســيح منــا أن نكــون حكمــاء كالحيــات (مــت‪ )1:215‬وهنــاك حكمــة للشــر ‪ ،‬هـؤالء الــذين بــذكائهم يــدبرون‬

‫مكائد لآلخرين‪.‬‬ ‫سطَا َء لَلش َِّّر = البسيط هو من له نظرة واحدة وهدف واحد‪ .‬ومعنى بسطاء للشر أي يكون هدفه الوحيد مجد اهلل وأن‬ ‫بُ َ‬ ‫يــرى النــاس أعمالــه الخي ـرة فيمجــدوا اهلل‪ ،‬ويعــرض عــن الشــر ويكرهــه فه ـو ال يريــد ســوى مجــد اهلل‪ .‬البســيط للشــر يكــون‬

‫طــاه اًر بــال ميــل للشــر‪ ،‬وال يعــرف أن يعمــل شــيئاً ضــد الحــق‪ .‬ومــن يبحــث عــن الخيــر ويبتعــد عــن الشــر فســيفتح لــه اهلل‬

‫عينيه ليكتشف الحق‪ .‬ومن هو بسيط للشر‪ ،‬قال عنه السـيد المسـيح أنـه سـيكون نيـ اًر فالمسـيح النـور سيسـكن فيـه َوإَلاهُ‬ ‫ش ا ْي َ‬ ‫طانَ = اآليــة (‪ )25‬هــي‬ ‫ق ال َّ‬ ‫اح ُ‬ ‫س االَ َم = اهلل أصــبح فــي ســالم معنــا‪ ،‬متحــدثاً بالســالم لنــا‪ ،‬صــانع ســالم لنــا‪ .‬يَ ْ‬ ‫ال َّ‬ ‫سا َ‬ ‫صالة من الرسول ألجلهم لكي يهبهم اهلل النعمة اإللهية لخالصهم مـن كـل تجربـة‪ .‬هـو يصـلى إللـه السـالم أن يمألهـم‬

‫رجاء من جهة الخالص من هذه الشرور والشقاقات‪ .‬والرسول ال يصلي لكي يحطم اهلل أصحاب الشقاقات‪ ،‬بل ليحطم‬ ‫ً‬ ‫الشــيطان العامــل فــيهم‪ .‬واهلل هــو الــذي يســحق الشــيطان ولــيس بيــد إنســان‪ .‬وهــذا مــا حــدث رمزي ـاً فــي إنتصــار يشــوع‬

‫‪252‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس عشر)‬

‫ووضعه أقدامه على ملوك كنعان‪ .‬ولكن من الذي له سلطان على الشيطان [‪ ]1‬الحكماء في الخير [‪ ]2‬البسطاء للشر‬ ‫[‪ ]3‬لهم طاعة هلل= طَا َعتَ ُك ْم َذا َع ْ وهذه الشروط سبق الرسول وذكرها‪.‬‬ ‫س َري اعا = اهلل له وقته المحدد الذي يتدخل فيه بحكمته وال نعرفه نحن‪ ،‬فيه يبعد كل أصحاب الشقاقات وينجي كنيسته‪،‬‬ ‫َ‬ ‫هنا النصرة مؤقتة‪ ،‬ولكن فـي السـماء النصـرة نهائيـة‪ .‬هنـا يبـدو وكـأن المسـيح نـائم والمركـب (الكنيسـة) تصـارع األمـواج‬

‫(الحروب ضد الكنيسة)‪ .‬ولكن بكلمة واحدة سريعاً ما يهدأ كل شئ عندما يريد‪.‬‬ ‫سو َل = نعمة ربنا تحفظ الكنيسة من الشقاقات‪.‬‬ ‫نَ ْع َمةُ َربِّنَا يَ ُ‬

‫ـون و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليــات (‪ُ :5" -:):4-:5‬ي َ ِّ‬ ‫س أَ ْن ِسـ َـب ِائي‪:: .‬أَ​َنــا‬ ‫سوسـ َ‬ ‫ـيباتُْر ُ‬ ‫اسـ ُ َ ُ‬ ‫ـوس َوَي ُ‬ ‫س ا ْل َعامـ ُل َمعــي‪َ ،‬ولُوك ُيـ ُ‬ ‫ـاو ُ‬ ‫يموثَـ ُ‬ ‫سـل ُم َعلَـ ْـي ُك ْم ت ُ‬ ‫‪:3‬‬ ‫ف ا ْل َك ِن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫تَرِتيوس َك ِات ِ ِ‬ ‫سـلِّ ُم‬ ‫الـر ِّ‬ ‫ُسـلِّ ُم َعلَ ْـي ُك ْم ِفـي َّ‬ ‫ض ِّـي ُ‬ ‫ض ِّـي ِفي َو ُم َ‬ ‫س ُم َ‬ ‫سـلِّ ُم َعلَ ْـي ُك ْم َغ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يسـة ُكلِّ َهـا‪ُ .‬ي َ‬ ‫َ‬ ‫ـاي ُ‬ ‫ب‪ُ .‬ي َ‬ ‫سالَة‪ ،‬أ َ‬ ‫ب هذه ِّ َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫‪:4‬‬ ‫يع ُكم‪ِ .‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س َخ ِ‬ ‫ين‪".‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫آم َ‬ ‫َعلَ ْي ُك ْم أ َ​َر ْ‬ ‫س األَ ُ ‪ .‬ن ْع َم ُة َرِّب َنا َي ُ‬ ‫از ُن ا ْل َمدي َنة‪َ ،‬و َك َو ْارتُ ُ‬ ‫استُ ُ‬ ‫يح َم َع َجم ْ‬ ‫س اإلبـن المحبـوب للرسـول‪ ،‬إبنـه فـي اإليمـان‪ .‬وشـريكه فـي‬ ‫هنا ُيرسل بولس تحيات من معه ألهل روما‪ .‬من تَي ُموثَاا ُو ُ‬ ‫س = مضــيف الرســول بــل والكنيســة كلهــا‪ .‬ربمــا ألنــه َحـ َّـو َل بيتــه إلــى‬ ‫العمــل ورفيقــه فــي كثيــر مــن الــرحالت‪ .‬ومــن َغااايُ ُ‬ ‫اوس = لعلـه لوكيـوس القيروانـي الـذي‬ ‫مركز للعبادة كـان يضـيف المـؤمنين فيـه الـذين هـم غربـاء عـن كورنثـوس‪َ .‬ولُو َكيُ ُ‬

‫سااونُ = كــان معروفـاً فــي كنيســة تســالونيكي حيــث تــألم مــن‬ ‫كــان متقــدماً ومعروفـاً فــي كنيســة إنطاكيــة (أع‪َ .)1213‬ويَا ُ‬ ‫س ابَاَِي = قــد يكون ـوا أقربــاءه‬ ‫وساايبَا ْت ُر ُ‬ ‫أجــل إضــافته لبــولس (أع‪ُ .): ، 0 2 11‬‬ ‫س = البيــري (أع‪ )4225‬ويســميهم أَ ْن َ‬ ‫س َ‬ ‫فعالً أو يقول هذا ألنهم من اليهود أصالً‪.‬‬

‫وس = كان ترتيوس يعمل نساخاً لبولس ألن بـولس كـان خطـه رديئـاً ال يمكـن قراءتـه بسـهولة لضـعف‬ ‫آية (‪ 2)22‬ت َْرتَيُ ُ‬ ‫عينيه لذلك يعتذر عن هذا ألهل غالطية (‪ .)112:‬وترتيوس في محبته بعد أن رأى محبة بولس ألهل رومية إسـتأذن‬

‫ليرسل هو أيضاً السالم ألهل رومية‪.‬‬ ‫بولس أن يكتب إسمه ُ‬ ‫ُس = كــان خــازن المدينــة‪ ،‬فكــان رجـالً عظيمـاً يشــغل مركـ اًز رئيســياً أو أمــين للمــال‪ ،‬ولــم تمنعــه كرامتــه أن يخــدم‬ ‫أَ َرا ْ‬ ‫س ات ُ‬ ‫بولس والكنيسة‪ ،‬واقترن إسمه بتيموثاوس (أع‪2 +22219‬تي‪ .)2524‬ولم يقلل من قيمة أراستس أن يكون كار اًز بإنجيل‬

‫المسيح‪.‬‬

‫‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ـب إِ ْعـالَ ِن ِّ‬ ‫اآليات (‪َ " -:):7-:1‬ولِ ْلقَ ِاد ِر أ ْ‬ ‫سـو َ‬ ‫الس ِّـر الَّ ِـذي َكـ َ‬ ‫س َ‬ ‫سَ‬ ‫ـيح‪َ ،‬ح َ‬ ‫ب إِ ْن ِجيلي َوا ْلك َـرَازِة ِب َي ُ‬ ‫َن ُيثَِّبتَ ُك ْم‪َ ،‬ح َ‬ ‫ُعلِــم ِبـ ِـه ج ِميــع األُمـِـم ِبا ْل ُكتُـ ِـب َّ ِ‬ ‫م ْكتُومــا ِفــي األ َْزِم َنـ ِـة األ َ​َزلِ َّيـ ِـة‪:6 ،‬و ِ‬ ‫ـب أ َْمـ ِـر ِ‬ ‫ـي‪،‬‬ ‫اإل لـ ِـه األ َ​َزلِـ ِّ‬ ‫لكـ ْـن ظَ َهـ َـر َ‬ ‫سـ َ‬ ‫الن َب ِوَّيــة َح َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ً‬ ‫اآلن‪َ ،‬وأ ْ َ‬ ‫‪:7‬‬ ‫يح‪ ،‬لَ ُه ا ْلم ْج ُد إِلَى األَب ِد‪ِ .‬‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫اع ِة ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ين‪".‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ِإل َ‬ ‫سو َ‬ ‫آم َ‬ ‫َ‬ ‫ط َ‬ ‫ان‪ ،‬هلل ا ْل َحكيم َو ْح َدهُ‪ِ ،‬ب َي ُ‬ ‫َ‬ ‫اإل َ‬ ‫ذكصولوجية الختام‪:‬‬

‫َولَ ْلقَااا َد َر = الـواو ال تفيــد العطــف‪ ،‬بــل هــي نهايــة وخاتمــة للرســالة‪ .‬وفــي اليونانيــة أتــت واآلن‪ .‬بمعنــى ونحــن فــي ختــام‬ ‫الرسالة أترككم إلى اهلل القادر أن يثبتكم‪.‬‬

‫إَ ْن َجيلَي = بشارتي المفرحة التي أعلنتها في هذه الرسالة‪.‬‬ ‫وتأتي اآلية (‪ )21‬مكملة لها ويكون المعنى‬

‫‪253‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫تفسير رسالة رومية (اإلصحاح السادس عشر)‬

‫يم َو ْح َدهُ‪ 222‬لَهُ ا ْل َم ْج ُد إَلَى األَبَ َد‪ .‬آ َمينَ ‪ .‬وهذه الذوكصولوجية (التسبحة) جـاءت تحمـل‬ ‫َولَ ْلقَا َد َر أَنْ يُثَبِّتَ ُك ْم‪ 222‬هللَ ا ْل َح َك َ‬ ‫صدى ما جاء في الرسالة ككل‪ .‬إذ َعب َ​َّر فيهـا عـن الحاجـة إلـى اهلل الـذي يهـب لـيس فقـط اإليمـان بـل يهبنـا الثبـوت فيـه‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫س ِّر = هو قبول األمم َإل َ‬ ‫ان = وهي نفس العبارة التي إبتدأ بها الرسالة (‪ )021‬فإنجيل بولس يتلخص في‬ ‫وال ِّ‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫طا َع َة َ‬ ‫دعوة األمم إلطاعة اإليمان‪ .‬ونجد هنا‪.‬‬

‫[‪ ]1‬إن اهلل هو الذي يثبتنا في اإليمان‪.‬‬

‫[‪ ]2‬خطة اهلل من نحونا (سره) أزلية‪.‬‬

‫[‪ ]3‬الخطة سبق وتنبأ عنها األنبياء في العهد القديم‪.‬‬

‫[‪ ]4‬خطة اهلل هي طاعة جميع األمم لإليمان‪.‬‬

‫واآلية األخيرة تفهم حينما تنقسم إلى قسمين‪2‬‬

‫‪ .1‬كتب إلى أهل رومية من كورنثوس (هذا جزء مستقل عن الباقي)‬ ‫‪ .2‬على يد فيبي خادمة كنيسة كنخريا (أي التي حملتها إلى روما)‬ ‫ألن الكاتب هو ترتيوس (آية‪.)22‬‬

‫‪254‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.