القديسة لوسي شفيعة المكفوفين وضعفاء البصر للراهب القمص كاراس المحرقي

Page 1


‫القديسة لوسي‬ ‫شفيعة المكفوفين ومرضى‬ ‫العيون وضعاف النظر‬

‫الراھب‬ ‫كاراس ال ُمحرﱠق ّي‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐‪-3‬‬


‫اسم الكتاب‪ :‬القديسة لوسي‬ ‫إعداد‪ :‬الراھب كاراس ال ُمحرﱠق ّي‬ ‫الجمع واإلخراج الفن ّي‪ :‬كاراس ال ُمحرﱠق ّي‬ ‫تصميم الغالف‪ :‬كاراس ال ُمحرﱠق ّي‬ ‫المطبعة‪ :‬شركة الطباعة المصرية‬ ‫‪46102095 -46100589‬‬ ‫رقم اإليداع‪:‬‬

‫يُطلب من المكتبات المسيحية‬ ‫أشرف نظمي‪01225067881‬‬ ‫موقع كتبنا على النت‬ ‫على الفيس بوك )جروب الراھب كاراس ال ُمح ﱠرق ّي(‬ ‫‪http://www.facebook.com/group.php?gid=27738981785‬‬

‫على المدونات اإللكترونية )مدونة الراھب كاراس ال ُمح ﱠرق ّي(‬

‫‪http://karasal-muharraqy.blogspot.co‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐‪-4‬‬


‫مقدمة‬ ‫ُولِ دت وعاش ت الق ﱢديس ة ‪ " Lusy‬لوس ي أو لوس يا " أ ّ‬ ‫ي ن ور أو‬ ‫ُمنيرة كما يُترجم اسمھا في " سيراكوزا " " بصقلﱢيّة " وھى جزيرة "‬ ‫بإيطاليا " لكنﱠھا تخضع لحكم ذات ّي‪.‬‬ ‫وتُلقّ ب " لوس ي " بش فيعة المكف وفين ومرض ى العي ون وض عاف‬ ‫البص ر‪ ،‬وھ ذا م ا دفعن ي لنش ر س يرتھا فل م أك ن أع رف ﱠ‬ ‫أن للمكف وفين‬ ‫شفيعة‪ ،‬وإن كان ھناك تواريخ مفقودة في الس يرة‪ ،‬إالﱠ ﱠ‬ ‫أن الت واريخ ف ي‬ ‫حياة القدﱢيسين ال تش غلنا كثي راً‪ ،‬يكفين ا أن ن تعلّم م ن فض ائلھم وإيم انھم‬ ‫المستقيم وشھادتھم للحق‪ ،‬ولك م أن تتخيﱠل وا فت اة اش تھى الح اكم عينيھ ا‬ ‫الجميلتين فقلعتھما وألقتھما أمامه ِحفاظا ً على بتوليتھا!!‬ ‫وكع ادتي ف ي س ير القدﱢيس ين أكت ب الس يرة مختص رة‪ ،‬ث ﱠم أتﱠخ ذ م ن‬ ‫مادتھ ا موض وعات ح ول الس يرة‪ ..‬وبھ ذا أك ون ق ﱠدمت ش يئا ً جدي داً‬ ‫للق ﱠراء‪ ،‬وبأ ُس لوب يق ودھم إل ى التأ ﱡم ل‪ ،‬نس أل ﷲ أن يُب ارك ھ ذا العم ل‬ ‫المتواض ع لمج د اس مه القُ دوس‪ ،‬بش فاعة الق ﱢديس ة الط اھرة م ريم‬ ‫والق ﱢديسة لوسي‪ ..‬الﱠتي ج ذبتني س يرتھا فكتبتھ ا مس تعينا ً ب أقوال علم اء‬ ‫وأُدباء‪ ،‬وإللھنا المجد الدائم إلى األبد‪ ،‬آمين‪.‬‬

‫كاراس ال ُمح ﱠرق ّي‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐‪-5‬‬


‫مختصر السيرة‬ ‫ُولدت القديسة " لوسي " في " سيراكوزا " بجزيرة " صقلﱢية " في سنة‬ ‫)‪283‬م(‪ ،‬وكان والداھا من أغنياء المدينة األتقياء‪ ،‬وقد ربﱠياھا تربيّة مسيحيّة‪،‬‬ ‫وعندما م ات وال دھا وھ ي ف ي السادس ة م ن عمرھ ا‪ ،‬تق ﱠدم إليھ ا ش اب وثن ّي‬ ‫ليخطبھا‪ ،‬فوافقت أُ ﱠمھا " أوتيكا " على أمل دخوله المسيحيّة‪ ،‬فطلبت " لوسي‬ ‫ض ْ‬ ‫ت األُم فتش فﱠعت " لوس ي " ل دى الق ﱢديس ة أغ اثي‬ ‫" م ﱠدة لتقرر‪ ،‬وخاللھا َم َر َ‬ ‫فظھرت لھا ف ي ُحل ٍم‪ ،‬وطلب ت منھ ا أن تُص لﱢي ل رب المج د وق د ك ان و ُش فيت‬ ‫والدتھا‪ ،‬فوعدتھا بأنﱠھا لن ترغمھا على الزواج من الشاب الوثن ّي ث ﱠم و ﱠزع ت‬ ‫" لوس ي " ممتلكاتھم ا عل ى الفق راء فوش ى الش اب ال وثن ّي بھ ا للح اكم "‬ ‫بسكاس يوس " فأرس ل وق بض عل ى لوس ي وع ﱠذبھا‪ ،‬ول ﱠم ا اش تھاھا لجم ال‬ ‫عينيھا قلعتھما وألقتھما في وجھه! فأمر بوضعھا في بيت الخطيّة فظھر لھا‬ ‫رب المج د وجعلھ ا تثب ت ف ي مكانھ ا كالص خرة حت ى عج ز الجن ود ع ن‬ ‫تحريكھا‪ ،‬فربطوھا بحبال وشدوھا من مكانھا‪ ،‬وعندما ألقوھا في النار صلﱠت‬ ‫فل م تحرقھ ا‪ ،‬ف أمر الح اكم بض رب عنقھ ا بالس يف ولك ن الض ربة ل م تفص ل‬ ‫رأس ھا فل م تم ت ف ي الح ال‪ ،‬فأخ ذھا المؤمن ون إل ى بي ت قري ب وج اء ك اھن‬ ‫وناولھ ا‪ ،‬ث م رق دت بس الم ف ي " ‪304/12/13‬م "‪ ،‬ومن ذ بداي ة الق رن الراب ع‬ ‫الم يالد ّ‬ ‫ي‪ ،‬والمس يحيّون ف ي الغ رب يتﱠخ ذون م ن الق ﱢديس ة لوس ي ش فيعة‬ ‫للمكفوفين ومرضى العيون وضعاف البص ر‪ ،‬وتُرس م ص ورتھا وھ ي حامل ة‬ ‫عينيھا في طبق‪.‬‬ ‫بركتھا ال ُمقدﱠسة فلتكن معنا آمين‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐‪-6‬‬


‫الفصل األول‬

‫ميالد ونشأة شفيعة المكفوفين‬ ‫" سيراكوزا‬ ‫في إيطاليا حيث الطبيعة بمناظرھا البديعة‪ ،‬تبدو‬ ‫" بجزي رة ص قلﱢية قلع ة حص ينة ف ي معمارھ ا‪ ،‬وأيقون ة فري دة ف ي‬ ‫جمالھا‪ ،‬ف الجزيرة مناظرھ ا ﱠ‬ ‫خالب ة‪ ،‬والم اء يُح يط بھ ا م ن ك ل ناحي ة‪،‬‬ ‫ف يجلس الن اس يت أ ﱠملون جم ال ال ُش عب والمرج ان‪ ،‬ويتھامس ون ب أرق‬ ‫الكلم ات‪ ،‬وإذا ج اء الش تاء يتب اطىء النھ ار ف ي نھوض ه‪ ،‬ويس ود "‬ ‫سيراكوزا " صمت الجبال وخشوع البراري‪.‬‬ ‫ھنال ك حي ث كن وز البح ر النفيس ة‪ُ ،‬ولِ ْ‬ ‫دت ُد ﱠرة ثمين ة ف ي ع ام‬ ‫)‪283‬م(‪ ،‬في بيت جميل بل قصر بديع من الجراني ت‪ ،‬يُعل ن لم ن ي راه‬ ‫ﱠ‬ ‫أن في ھذا المسكن تسكن أُسرة مھيبة تنحدر من ُساللة عريقة‪.‬‬ ‫سنوات تمر‪ ..‬واألُم " أوتيكا " يتموّج بين خالي ا ص درھا إحس اس‬ ‫قو ّ‬ ‫ي يغمرھا بالسعادة‪ ،‬لقد كان الفرح يت راقص ك ُش عالت م ن ن ور ف ي‬ ‫قلبھ ا‪ ،‬فحياتھ ا تش ھد أنﱠھ ا مس يحيﱠة تقيﱠ ة‪ ،‬وأعمالھ ا تؤ ﱢك د أنﱠھ ا تس ير‬ ‫بحس ب الوص ايا اإلنجيليّ ة‪ ،‬وھ ل ھن اك أعظ م م ن األي ادي الض ارعة‬ ‫والرك ب الخاش عة وال دموع الص امتة تم أل اإلنس ان ع زا ًء وس الما ً؟‬ ‫وھكذا عاشت " أوتيك ا " تب ذر حبﱠ ات قلبھ ا ف ي ع الم ال روح‪ ،‬تُري د أن‬ ‫تحي ا ابنتھ ا " لوس ي " ف ي أرض األحي اء فتنم و ش جرة حياتھ ا عل ى‬ ‫ضفاف نھر الفضائل‪ ،‬وتأتي بثمار يانعة تطلبھا الروح‪.‬‬ ‫تُرى كم كان بريق الفرح يش ع م ن عين ي األُم‪ ،‬وھ ى ت رى طفلتھ ا‬ ‫التي فاقت زنبقة الحق ل جم االً‪ ،‬وھ ى تحي ا وس ط تھلي ل الص غار أثن اء‬ ‫اللعب معھم؟ أو عندما تفتح ثغرھا مبتھجة‪ :‬حم راء كالي اقوت وزرق اء‬ ‫ك الزمرّد؟ وھ ل يس تطيع إنس ان أن يص ف جم ال عيناھ ا الممتلئت ان‬ ‫يض حاكت ه المالئك ة م ن أل وان‬ ‫بحالوة الحياة؟ أو عندما ترتدي ثوبا ً أب َ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐‪-7‬‬


‫قوس قُزح؟ وكم كان شعور األب عندما ي رى طفلت ه وھ ى تُ ردد عل ى‬ ‫مسمعه آيات من اإلنجيل وبصوت مالئك ّي تُرنﱢم قطع من المزامير؟‬ ‫وتنم و " لوس ي " نم و الھ الل إل ى أن ص ار قم راً‪ُ ،‬مبھج ا ً و ُمني راً‬ ‫لك ل م ن ي راه‪ ،‬وأص بح جمالھ ا الروح ان ّي ال يص فه ش اعر وال يتج ّس د‬ ‫بريشة فنﱠان‪ ،‬وعيناھا الجميلتان ينبعث منھما ن ور اإليم ان‪ ،‬وش فتيھا ال‬ ‫تعرف ان الك ذب ب ل تنطق ان بعظ ائم ﷲ‪ ..‬لق د أحبﱠ ت " لوس ي " ﷲ من ذ‬ ‫صغرھا فغمرھا بوشاح ُحبﱢه‪ ،‬وترك ش علة ُحبﱢ ه الس ماويّة تم أل قلبھ ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لتل تھم ميولھ ا األرض يّة‪ ،‬وھك ذا ص عدت الطفل ة البريئ ة عل ى أجنح ة‬ ‫ُحبﱢھا إلى السماء لتُمسح ِمسحة روحانيّة‪ ،‬ث م ع ادت إل ى األرض لتحي ا‬ ‫كم الك يرت دي زيﱠ ا ً بش ريﱠا ً! ولك ن عط ر الربي ع ال ي دوم‪ ،‬فف ي ي وم‬ ‫خرج ت " لوس ي " لتھل و م ع األطف ال‪ ،‬ف رأت الس واقي المترنّم ة‬ ‫والعصافير ال ُمغرّدة‪ ..‬وفجأة لمحت أُ ﱠمھ ا وھ ى تُھ رول إليھ ا م ن بعي د‪،‬‬ ‫وكفراشة حائرة ظلت األُم تتنق ل عل ى رؤوس األعش اب حتﱠ ى وص لت‬ ‫إليھا!‬ ‫ُ‬ ‫لحظات قليلة انبثقت م ن عم ق الجح يم‪ ،‬ل م تس تطع األم خاللھ ا أن‬ ‫تنط ق بكلم ة فتكلﱠم ت ب دموعھا‪ ،‬فھ ى لس ان ي تكلّم بك ل اللغ ات وق ت‬ ‫الض يق‪ ،‬وف ي الطري ق إل ى البي ت ص رخت الطفل ة ص رخة ُمد ّويّ ة‪،‬‬ ‫وأخذت تتمرّغ في حضن أُ ﱢمھا‪ ،‬فلم تتخيّل يوما ً ﱠ‬ ‫أن والدھا س يرحل ع ن‬ ‫عالمھا وھى في السادسة من عمرھا‪ ،‬ولكنﱠه الم وت عن دما يط ل علين ا‬ ‫بوجھه القبيح!‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫وتتمالك األم نفسھا مظھرة ش جاعة مص طنعة حت ى ينتھ ي تش ييع‬ ‫الجثم ان‪ ،‬وف ي موك ب جن ائز ّ‬ ‫ي مھي ب تس ير خل ف عرب ة عليھ ا نع ش‬ ‫زوجھ ا يجرﱠھ ا حص ان كئي ب‪ ،‬تراودھ ا ذكري ات س بع س نوات ملؤھ ا‬ ‫ال ُح ب‪ ،‬وبع د أن ك ان الف رح يط ل بوجھ ه ال ُمني ر ل يمأل قلبھ ا بنغم ات‬ ‫السعادة‪ ،‬اآلن تسير حزينة بل كئيبة ومرھقة وحائرة‪ ..‬في ھدوء ج ّم ده‬ ‫الح زن‪ ،‬لتُ و ﱢدع ب بطء ُمم ل و ُمخي ف زوجھ ا المحب وب‪ ،‬وبجانبھ ا‬ ‫األق ارب واألص دقاء والجي ران يح اولون مواس تھا‪ ،‬فھ ى تحت اج إل ى‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐‪-8‬‬


‫ف‬ ‫معونة إلھيّة تسند ض عفھا‪ ،‬وق د ق ال رب المج د‪ " :‬قُ ﱠوتِي فِ ي ﱡ‬ ‫الض ْع ِ‬ ‫تُ ْك َم ُل " )‪2‬كو‪ ،(9:12‬وما أن وصلوا إلى القب ر‪ ،‬حت ى تعال ت أص وات‬ ‫الن واح مو ّدع ة زھ رة عط رة اقتُلع ت م ن بس تان الحي اة‪ ،‬وق د تن ﱠس موا‬ ‫عبير فضائلھا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وف ي ي وم غاب ت في ه الش مس بع د أن طبع ت عل ى األش جار قبل ة‬ ‫صفراء‪ ،‬وقد نثر الھواء األوراق ليُكفّن بھا األزھار‪ ،‬وتنھّد النسيم ب ين‬ ‫األغصان تنھّد يتيم بائس‪ ،‬وذرفت األزھار قطرات الندى دمع ا ً س اخنا ً‬ ‫ثم أغمضت عينيھا‪ ،‬عادت األُم وابنتھا إل ى البي ت وق د س كنت الحرك ة‬ ‫في كل زواياه‪ ،‬فظھ ر خالي ا ً م ن ك ل ش يء إالﱠ م ن ب رد الھج ر القاس ّي‬ ‫والحزن الذي طلى الجدران!‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐‪-9‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫سقطة أم كانت بداية اآلالم‬ ‫سنوات تم ر‪ ..‬واألُم ل يس لھ ا مس ٍل س وى ال دموع! ف الثروة كبي رة‬ ‫لرجل يحرسھا‪ ،‬وابنتھا تزداد جماالً بقدر ما تخطو ف ي الس ن‪،‬‬ ‫وتحتاج‬ ‫ٍ‬ ‫وتُ درك أنﱠھ ا تُثي ر إعج اب الش باب‪ ،‬والجس د بطبيعت ه ش ھوان ّي‪ ،‬وم ا‬ ‫ص راخه عن دما بعن ف تض غط علي ه الش ھوات! فھ ل ستض فر‬ ‫أص عب ُ‬ ‫بي دھا إكلي ل زواج ابنتھ ا؟ أم س يفتقدھا الم وت بوجھ ه القب يح مث ل‬ ‫زوجھا؟ أسئلة كثي رة مرتبك ة وح ائرة تزاحم ت ف ي عقلھ ا ل م تج د لھ ا‬ ‫إجابات‪ ،‬واألفضل أن تص ُمت لع ﱠل السماء تُجيب!‬ ‫وفي لحظات ھى األس وء‪ ،‬يتق ّدم ش اب ليخط ب " لوس ي " وتواف ق‬ ‫األُم‪ ،‬ولكن كيف تت زوّج ع روس المس يح م ن ش اب وثن ّي؟! أيمك ن أن‬ ‫يتﱠحد جسدين بينھما الشيطان؟! سيص ير الش اب مس يحيﱠا ً ويت رك عب ادة‬ ‫األص نام عن دما يقت رب م ن ابنت ي‪ ،‬فھ ى مؤمن ة وط اھرة وتس تطيع‬ ‫بفض ائلھا أن تجذب ه للمس يح! ھك ذا اعتق دت األُم وھ ى ال ت دري أنﱠھ ا‬ ‫وقعت فريسة في يد شيطان ماھر! وقد اصطادھا ص يّاد خبي ث! يض ع‬ ‫العسل على الفـم أوالً وبيده األُخرى يمس ك كأس ه المس موم‪ ،‬ف إذا ذاق وا‬ ‫واستسلموا له‪ ،‬يبدأ بھدوء يسقيھم من أوجاعه وسمومــه بغيــر شــبع!‬ ‫لقد سقطت األُم عندما ظنت ﱠ‬ ‫أن زھ رة ربيعيّ ة يمك ن أن تحي ا وس ط‬ ‫ريح خريفيّة! أو بجانب مياه لوثتھا دماء الذبائح الوثنيّة! ف الوردة تحي ا‬ ‫وض َع ْ‬ ‫ت ف ي مك ان‬ ‫في الن ور والھ واء وتض م أوراقھ ا ف ي الظ الم ف إن ِ‬ ‫ُمغل ق ومل وّث حتم ا ً س تموت‪ ،‬واإلنس ان ك الوردة عن دما يُغل ق ب اب‬ ‫الروح ويحيا فقط لجسده فإنﱠه سرعان ما يفتر ويموت روحيﱠا ً بانفص اله‬ ‫عن ﷲ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ك ان يج ب عل ى األم أن تتس اءل‪ :‬م ا ال ذي يمك ن أن يُعطي ه ش اب‬ ‫تت راقص عل ى وجھ ه أش باح األص نام‪ ،‬وتنبع ث م ن عيني ه نظ رات‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 10‬‬


‫موجعة‪ ،‬ومن صدره تخرج ظلمة حالكة؟! أل يس ال وثن ّي يحي ا‬ ‫شھوانيّة‬ ‫ِ‬ ‫في عزلة روحيّة وفكريّة مريرة‪ ،‬ويُراقب نفسه بطريقة س لبيّة عقيم ة؟‬ ‫وھ ل كان ت س تحيا فرح ة إن ارت د زوج ابنتھ ا وأخ ذ أوالده ليُق دﱢمھم‬ ‫ذبائح لألوثان؟‬ ‫ُ‬ ‫وعلى مستوي الحياة الزوجيّة اختبرت األم معنى الزواج من رج ل‬ ‫مؤمن‪ ،‬يمسك بيدھا ويقودھا إلى ﷲ‪ ،‬أ ﱠما الوثن ّي الذي لم يع رف معن ى‬ ‫ال ُح ب المغس ول بم اء الس ماء‪ ،‬ف ﱠ‬ ‫إن حيات ه الزوجيّ ة ال تتع دى س وى‬ ‫لحظات نشوة ع ابرة لس د احتياج ات الجس د‪ ،‬فالش ھوة إذا اس تقلت ع ن‬ ‫الحُب فإنﱠھا ال ترى في اآلخر سوى جسده وما يجعل ھذا الجسد ُمغريّا ً‬ ‫وج ﱠذابا ً‪ ،‬أ ﱠم ا ال ُح ب في رى في ه شخص ا ً حاض راً ف ي ھ ذا الجس د‪ ،‬فيھ تم‬ ‫بأفكاره ومشاعره وأذواقه وميوله ورغباته ومشاكله وآماله وآالمه‪..‬‬ ‫لحظات كأنﱠھا دھر‪ ..‬شعرت خاللھا " لوسي " ﱠ‬ ‫أن الزمن قد توقّف‪،‬‬ ‫وص ارت روحھ ا تتع ّذب مثلم ا يتع ّذب عص فور ب ين قض بان قفص ه‪،‬‬ ‫وھو يرى أسراب الحمام تسبح حرّة في الفضاء‪ ..‬وعقلھا أص بح ُم ثقّالً‬ ‫بمرارة التفكير في المس تقبل الﱠ ذي تري ده أن يك ون ُمني راً م ع المس يح‪،‬‬ ‫كم ا ﱠ‬ ‫الحي رة نس جت نِقاب ا ً م ن عالم ات االس تفھام وأس ئلة‬ ‫أن أص ابع ِ‬ ‫كثيرة تبحث لھا عن جواب‪ ،‬فليس أصعب على إنسان من أن يحيا بين‬ ‫ق وﱠة خفيّ ة تجذب ه إل ى أعل ى فيُحلّ ق ف ي الس مائيّات‪ ،‬وق وﱠة مرئيّ ة تُقيّ ده‬ ‫باألرضيّات وتغمر بصيرته بالتراب!‬ ‫وھك ذا ل م يع د ف ي الك ون م ن حولھ ا س وى وح ل الش تاء ولھي ب‬ ‫الص يف وغب ار الخري ف‪ ،‬فاألي ام الربيعيّ ة ال ُمعطﱠ رة بأنف اس ال ُح ب ق د‬ ‫ذھبت مع الريح! وھى اآلن وحي دة تبح ث ع ن ح ٍل‪ ،‬فل م تتخيّ ل نفس ھا‬ ‫وقد ن ذرت نفس ھا ع روس للمس يح أن تك ون ف ي ي وم م ع رج ل وثن ّي‪،‬‬ ‫حتﱠى إن آمن من أجلھا فربﱠما يكون ھذا ثوب الخداع! الذي س رعان م ا‬ ‫يتم ّزق وتظھ ر الحقيق ة عاري ة‪ ،‬إنﱠھ ا مخ اطرة ق د تعص ف بحياتھ ا‬ ‫وتقض ي عل ى أب ديﱠتھا‪ ،‬ف النور والظلم ة ال يلتقي ان! ونس يم الربي ع‬ ‫وزع ابير الخري ف ال يجتمع ان! ولك ن م اذا تفع ل؟ طلب ت مھل ة م ن‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 11‬‬


‫الزمن تُراجع نفسھا حتﱠى تتخذ أفضل قرار‪ ،‬فقد أن زل ﷲ عليھ ا حكم ة‬ ‫من السماء لتُرشدھا إلى ُسبل الحق‪ ،‬ووضع في قلبھ ا بص يرة ت رى م ا‬ ‫الجسدانيين‪ ،‬وأنبت فيھا عاطفة روحيّة ألھبت قلبھا فل م‬ ‫ال ينظره الناس ِ‬ ‫تعد تحفل إالﱠ بحُب ﷲ‪.‬‬ ‫ال‪ ،‬البد أن تقوديه إلى اإليم ان بالمس يح وتتزوّجي ه‪ ،‬ف المرأة ُخلق ت‬ ‫لتكون أُ ﱠما ً‪ ،‬وبالزواج تكون أداة يستخدمھا ﷲ في ِخلقة البنين‪ ،‬ألم يقول‬ ‫س ﱡر ع َِظ ي ٌم " )أف‪ ،(32:5‬وم ا ال ذي‬ ‫ُمعلﱢمن ا ب ولس الرس ول‪َ " :‬ھ َذا ال ﱢ‬ ‫ُ‬ ‫يمنع أن تتزوّجي وتتعبﱠدي في قصر ب ديع؟ ھك ذا ظل ت األم تحاص رھا‬ ‫ش من األوھام ترتفع بھم إلى م ا‬ ‫إيمانا ً منھا بأ ﱠن للشباب أجنحة ذات ري ٍ‬ ‫وراء الغي وم‪ ،‬في رون الك ون ُمزيﱠن ا ً ب أبھى األل وان ويس معون الحي اة‬ ‫الشعريّة ال تلبث حت ى تُم ّزقھ ا‬ ‫ُمرتّلة أناشيد األمل‪ ..‬ولكن تلك األجنحة ِ‬ ‫عواصف التجارب وقس وة الحي اة‪ ،‬فيھبط ون إل ى ع الم الحقيق ة ُمثقﱠل ين‬ ‫وحزانى على ما أصابھم من فشل ذريع‪.‬‬ ‫لك ﱠن " لوس ي " أص رﱠت عل ى موقفھ ا حتﱠ ى ت رى عم ل ﷲ ف ي‬ ‫حياتھا‪ ،‬ومثل ق ّديسة تنظر إل ى الس ماء‪ ،‬متمنﱢي ة أن ت رى م ا تخفي ه م ن‬ ‫أسرار‪ ،‬رفعت عينيھا إلى فوق كغريق ينظر إلى ف وق نح و نج م الم ع‬ ‫في قُبّة السماء‪ ،‬فالعقل قد توقّف عن التفكي ر‪ ،‬ول م يع د أم ام " لوس ي "‬ ‫سوى عمل اإليمان‪ ،‬والص الة تف تح أب واب الس ماء‪ ،‬وبص وت يُض ارع‬ ‫نغمة الناي في حزنه ترفع طلباتھا بدموع إلى ﷲ‪ ،‬وقد ق ال رب المج د‬ ‫ش ْيئا ً " )ي و‪ ،(5:15‬كم ا ق ال‬ ‫يس وع‪ِ " :‬ب دُونِي الَ تَ ْق ِدرُونَ أَنْ تَ ْف َعلُ وا َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫يح ال ِذي يُقَ ﱢوينِي‬ ‫ُمعلﱢمنا بولس الرسول‪ " :‬أَ ْ‬ ‫َي ٍء فِ ي ال َم ِ‬ ‫ست َِطي ُع ُك ﱠل ش ْ‬ ‫س ِ‬ ‫" )في‪.(13:4‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 12‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫مرض األم ورفض الزواج‬ ‫ل ﱠم ْ‬ ‫ت الشمس أشعتھا من حديقة بيت " لوسي " وطلع القم ر باھت اً‪،‬‬ ‫وأغمضت األزھار عيونھا‪ ،‬ونامت الطيور بين قضبان األشجار‪ ،‬ول م‬ ‫تع د تس مع خري ر الس واقي‪ ،‬وال زقزق ة العص افير‪ ..‬فق د أُص يبت األُم‬ ‫دم لم يفلح األطباء في عالجه‪ ،‬ھك ذا عاش ت الم رأة نازف ة ال دم‬ ‫بنزيف ٍ‬ ‫)مر‪ (5‬في وادي ظل الحياة المرصوف ب األلم‪ ،‬تس ير ف ي ظ الم اللي ل‬ ‫ول يس م ن رفي ق س وى ش بح الم وت‪ ،‬ال ذي يل تھم أجس ادنا ويس تنزف‬ ‫دماءنا ويستدر دموعنا دون أن يشبع أو يرت وي‪ ،‬وھن اك عل ى ض فاف‬ ‫نھ ر ال دماء وال دموع كان ت تق ف متنھﱢ دة‪ ،‬وال دموع تتس اقط عل ى‬ ‫وجنتيھا‪ ،‬والحزن كالمارد ينتصب أمام عينيھا‪ ،‬وأجنحته السوداء تُخيّم‬ ‫عليھا‪ ،‬ويده الھائلة تجرف إلى الھاوية روحھا!‬ ‫أربع سنوات تمر‪ ..‬واآلالم تثور كالعاص فة الھوج اء ف ي جوانبھ ا‪،‬‬ ‫وتتك اثر نامي ة بنموھ ا‪ ،‬وتتالع ب ب األُم مثلم ا يتالع ب البح ر الھ ائج‬ ‫بمرك ب ك ّس رت األم واج دفﱠت ه وم ّزق ت ال ريح أش رعته! لق د أثقلھ ا‬ ‫المرض‪ ،‬فأصبحت في تربة الحي اة ش جرة ُمس نّة‪ ،‬وإن كان ت ج ذورھا‬ ‫الزال ت ف ي ظُلم ة األرض إالﱠ ﱠ‬ ‫أن أثمارھ ا ش قاء وھم وم وأح زان‪..‬‬ ‫وعن دما ح اول األطب اء تطعيمھ ا‪ ،‬أو تغيي ر طبيعتھ ا ل م يفلح وا‪ ،‬ب ل‬ ‫استنزفوا الكثير من أموالھا كما استنزف المرض دماءھا!‬ ‫لكن مرض األُم ليس للموت‪ ،‬ربﱠما ِعقابا ً لھا ألنﱠھا أخطأت في ح ق‬ ‫ابنتھ ا‪ ،‬أو ليظھ ر مج د ﷲ ف ي ش فائھا فتُغيﱢ ر فكرھ ا‪ ..‬آراء كثي رة‬ ‫تزاحمت في ذھ ن " لوس ي " الت ي ل م ت ُك ف ق ط ع ن الص الة م ن أج ل‬ ‫أُ ّمھ ا‪ ،‬وبينم ا نبض ات قلبھ ا تتس ارع وتتماي ل كأنﱠھ ا أم واج بح ر ب ين‬ ‫ص عود وھب وط‪ ،‬وبص وت متھ دﱢج يتم وّج الح زن ب ين كلمات ه‪ ،‬قال ت‬ ‫والحزن والدموع تمأل عينيھا‪:‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 13‬‬


‫أنت يارب قو ّ‬ ‫ي وأنا إنسانة ضعيفة‪ ،‬لكنﱢي أس ترجع مع ك ذكري ات‬ ‫عش تھا ُذق ت فيھ ا ُحبّ ك‪ ،‬عن دما كن ت ُح ﱠرة أس ير ب ين مراع ي أب ي‬ ‫الخض راء أس تدفيء بالش مس وأستض يء ب النجوم وأتأ ّم ل جم ال‬ ‫الزھور‪ ..‬لقد كنت كالعصفورة ُمغرّدة‪ ،‬وكالفراشة متنقّل ة عل ى رؤوس‬ ‫األعش اب‪ ،‬وھ ا أن ا اآلن س جينة الحي اة‪ ،‬أس ير والھ م يتب ع ُخط واتي‪،‬‬ ‫والقل ق يح وم ف وق رأس ي مثلم ا تح وم النس ور ف وق جث ث ص فعھا‬ ‫الم وت‪ ،‬أي ن الس ھول الواس عة؟ أي ن الس واقي المترنّم ة؟ أي ن األش جار‬ ‫المثمرة؟ أين الھ واء النق ي؟ أي ن نس يم الزھ ور؟ لق د ص رت أحي ا عل ى‬ ‫أم ل ش فاء أُ ﱢم ي‪ ،‬وأبح ث ع ن ح ٍل ألتخلّ ص م ن الش اب ال وثني‪ ،‬ال ذي‬ ‫يأمل أن يأخذني منك !‬ ‫وكأن يد حريريّ ة تبس ط ثوب ا ً‬ ‫ﱠ‬ ‫في تلك اللحظات شعرت " لوسي "‬ ‫ناعما ً على رأسھا العارية‪ ،‬فنظرت إلى السماء نظرة نائم أيقظه شعاع‬ ‫الش مس‪ ،‬وت ذ ّكرت م راحم ﷲ ومعجزات ه‪ ،‬وكي ف اس تجاب لش فاعة‬ ‫قدﱢيس يه‪ ...‬فطلب ت ش فاعة الق ﱢديس ة " أغ اثي "‪ ،‬فت راءت لھ ا ف ي ُحل ٍم‬ ‫وأخبرتھا ﱠ‬ ‫بأن أُ ﱠمھا قد شفيت!‬ ‫لحظات انبثقت من فردوس النعيم‪ ..‬حوﱠلت الدموع إلى عط ور ف ي‬ ‫كؤوس ال ورود‪ ،‬وكطفل ة ص غيرة ض لّت الطري ق ث ﱠم ع ادت إل ى أبيھ ا‬ ‫رفعت األُم صوتھا تطلب العفو من ﷲ‪ ،‬فقالت بصوت ملؤة الفرح‪:‬‬ ‫أن ا ھ و القل ب البش ر ّ‬ ‫ي أس ير الم ادة ال ذي يبح ث ع ن ال ذھب ب ين‬ ‫الرم ال‪ ،‬ص رت بفك ري العق يم دون أن آخ ذ رأي إنس ان‪ ،‬فعش ت‬ ‫كعصفور يصارع الم وت عطش ا ً وھ و بجان ب مج اري الم اء! وغالب ه‬ ‫الجوع وكاد أن يقتله وھو وسط الحقول بين الثمار! لق د س جنت فك ري‬ ‫بين قضبان قفص من حديد‪ ،‬فصرت أنزف الحياة من قلب جريح!‬ ‫وتخرج األُم وھى تُط وّق ب ذراعيھا ُدرﱠت ه الثمين ة‪ ،‬ابنتھ ا الج وھرة‬ ‫الثمينة‪ ،‬يتأ ﱠمالن مجد ﷲ‪ ،‬فاستغلّت " لوسي " الفرص ة وأعلن ت ألُ ﱢمھ ا‬ ‫بكل ما كان خف ّي في قلبھا‪ ،‬فھى تُريد أن تُح ّدق بعينيھا في قُبﱠة الس ماء‪،‬‬ ‫وأن تطي ر وتُحلّ ق إل ى األب د ف ي الس مائيﱠات‪ ،‬ﱠ‬ ‫وأن الش اب ال وثن ّي ل ن‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 14‬‬


‫يُحق ق لھ ا طموحاتھ ا الروحيّ ة‪ ،‬وھ و ال يص لُح أن يك ون زوج ا ً لھ ا‪،‬‬ ‫وعن دما أعلمتھ ا برغبتھ ا أن تص ير ع روس للمس يح‪ ،‬فرح ت األُم‬ ‫ووافق ت واعت ذرت لھ ا ع ن فكرتھ ا الخاطئ ة‪ ،‬الت ي تحت اج إل ى توب ة‪،‬‬ ‫فھناك آباء أبرار كان يجب أن تستشيرھم ف ي مث ل ھ ذه األفك ار‪ ،‬وكم ا‬ ‫س ٍد َزائِ ٍر يَ ُج و ُل ُم ْلتَ ِمس ا ً‬ ‫يس َخ ْ‬ ‫ص َم ُك ْم َكأ َ َ‬ ‫قال بطرس الرسول " ألَنﱠ إِ ْبلِ َ‬ ‫َمنْ يَ ْبتَ ِل ُع هُ " )‪1‬ب ط‪ (8:5‬ث ﱠم أخ ذت " لوس ي " ميراثھ ا وو ﱠزعت ه عل ي‬ ‫الفقراء والمساكين‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 15‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫وشاية شاب وشھوة حاكم‬ ‫انتش رت قص ة " لوس ي " وأُ ﱠمھ ا ب ين الن اس‪ ،‬وكع ادتھم ينقس مون‬ ‫بين مؤيد ومعارض‪ ،‬وأكثرھم كانوا ينتقدون بي ع " لوس ي " نص يبھا‬ ‫من الميراث وتوزيعه على الفقراء!‬ ‫فل ﱠم ا س مع الش اب ال وثن ّي أن " لوس ي " تنف ق أموالھ ا بب ذخ عل ي‬ ‫المس اكين‪ ،‬وأنﱠھ ا رفض ته‪ ،‬ذھ ب إل ي ح اكم المدين ة ال وثن ّي "‬ ‫بسكاس يوس "‪ ،‬وھن اك كان ت األلف اظ تتص اعد م ن أعم اق نفس ه‬ ‫الش ريرة‪ ،‬كانﱠھ ا ُش عالت م ن ن ار تنم و وتتط اير‪ ،‬لعلﱠھ ا تص ل إل ى "‬ ‫لوسي " وتحرقھا‪ ،‬كما أحرقت قلبه وتركته ّ‬ ‫يتعذب ب ين قض بان قفص ه‬ ‫ال ُممي ت‪ ،‬وھ و ال يعل م ﱠ‬ ‫أن اإليم ان يھ ب الم ؤمنين أجنح ة روحيّ ة‬ ‫ﱠ‬ ‫يس تطيعون أن يُحلﱢق وا بھ ا ف ي س ماء المج د‪ ،‬حت ى وھ م عل ى األرض‬ ‫ﱠ‬ ‫يتعذبون!‬ ‫وي أمر الح اكم ال ذي ال يختل ف ع ن الش اب ال وثني س وى اخ تالف‬ ‫اللص عن القاتل أو الزان ّي أو الس ﱢكير‪ ..‬بإحض ار المتﱠھم ة‪ ،‬وتق ف فت اة‬ ‫الطُھر البريئة أمام حاكم من أش ر الن اس وأخب ثھم‪ ،‬يحم ل عل ى جبھت ه‬ ‫سمة اللعنة‪ ،‬يتقلّد سيف الرھبة‪ ،‬ويتّشح بثوب الرياء‪ ،‬ينظر بعيني ه إل ى‬ ‫أعماق الموت‪ ،‬ويصغي بأُذنيه إلى أنﱠ ة الفن اء‪ ،‬فص ار ك األفعى الس امة‬ ‫الﱠتي ال يمكن أن تصير حمامة حتى لو حبسوھا في قفص! ش أنھا ش أن‬ ‫كرم!‬ ‫الشوك ال يصير عنبـا ً ولو ُغرس في ٍ‬ ‫ويصعد الحاكم على الدرج الرخام ّي فكبريائه يدفعه أن يكون فوق‬ ‫الجمي ع! ويجل س متعجرف ا ً عل ى كرس يّه الع اج ّي‪ ،‬وم ن حول ه الجن ود‬ ‫يُحدﱢقون بالفتاة الواقفة بينھم برأس مرف وع‪ ،‬وق وف الجب ل الش امخ ب ين‬ ‫المنخفض ات‪ ،‬وعن دما ف تح فم ه وظھ رت حنجرت ه المس مومة‪ ،‬مثلم ا‬ ‫تظھ ر حنج رة ال وحش الكاس ر عن دما يف تح ف ﱠكي ه متثائب ا ً! ح وّل‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 16‬‬


‫الحاضرون أعينھم واشرأبّت أعناقھم‪ ،‬كأنﱠھم يري دون أن يس معوا حُك م‬ ‫الموت خارجا ً من أعماق ذل ك الف م أو ق ل ذل ك القب ر! حتﱠ ى يب دأوا ف ي‬ ‫التعذيب‪ ،‬فأصوات السياط تطرب آذانھم ومناظر الدماء تُثير نشوتھم!‬ ‫أ ﱠما " لوسي " فظلت صامتة كالصخرة‪ ،‬أو كاألرض الﱠتي ال تري د‬ ‫أن ت تكلّم‪ ،‬لك ي ال تق ذف بُركانھ ا ف ي وج ه األش رار! ولك ن م ع كث رة‬ ‫ال ُس خرية ب ديانتھا واالس تھزاء بالمس يح الق دوس‪ ،‬اعترف ت بإيمانھ ا‬ ‫وأعلنت أنﱠھا مستعدة ال للتعذيب فقط بل للموت م ن أج ل المس يح ال ذي‬ ‫أحبﱠھا ومات من أجلھا‪ ،‬ألنﱠھا إن ماتت فذاك الموت يُحييھا!‬ ‫ص َمتَ الحاكم! فقد عج ز أن يُق اوم ك الم ال روح الخ ارج م ن ف م "‬ ‫َ‬ ‫لوسي "‪ ،‬وأخذ يتغ ّزل في عينيھا الجميلتين‪ ،‬ث ﱠم م د ي ده ب ال حي اء إل ى‬ ‫جسدھا محاوالً اغتصابھا‪ ،‬فالش ھوة عمي اء ال ت رى‪ ،‬خرس اء ال ت تكلّم‪،‬‬ ‫ص ﱠماء ال تسمع‪ ،‬الش ھوة تُري د ش يئا ً واح داً‪ :‬أن تتحق ق! وك م م ن أُن اس‬ ‫م اتوا ض حايا للحي وان المفت رس المختب يء ف ي أعم اق البش ر؟! فم ا‬ ‫أصعب صرخات الجسد وما أشد نباحه عندما تضغط عليه الشھوات!‬ ‫كم ا ﱠ‬ ‫أن الش ھوة عن دما تث ور ف ي إنس ان فإنﱠھ ا تھ ﱠزه ھ زاً عنيف اً‪،‬‬ ‫وتسحبه كشاة ذبيحة ضعيفة حيثما تشاء! وعندما تن دس فج أة ف ي ثناي ا‬ ‫الشعور في غفلة‪ ،‬تش ل اإلرادة‪ ،‬وتس جن الح ﱢريﱠ ة‪ ،‬وتُقيّ د الفك ر‪ ،‬وتقت ل‬ ‫اإلبداع‪ ،‬وتجعل الحواس ناريّ ة‪ ،‬والقل ب ملتھب اً‪ ،‬وال روح ھائم ة تتنق ل‬ ‫م ن ھن ا إل ى ھن اك ال ت دري م اذا تفع ل؟! أو أي ن تس تقر؟! أو بم ن‬ ‫تستجير؟!‬ ‫ً‬ ‫ﱠ‬ ‫ليست الشھوة إال سما ًء ُمظلم ة ب ال نج وم‪ ،‬أرض ا جاف ة ب ال ثم ار‪،‬‬ ‫بحراً تب ّخرت مياھـه فصار نبعا ً ب ال حي اة! إنﱠھ ا ري اح عاص فة‪ ،‬أم واج‬ ‫مضطربة‪ ،‬وإن بدت كأنﱠھا زورق يحملنا إلى مين اء الراح ة‪ ،‬ف الزورق‬ ‫ب ال ربﱠ ان‪ ،‬وبع د قلي ل س تُحطّمه األم واج أو تقص ف ب ه الري اح! وإن‬ ‫ت وھّم الش ھوان ّي أنﱠ ه يحي ا ف ي بح ر الس عادة‪ ،‬فل يعلم أنﱠ أم واج بح ر‬ ‫الشھوة ال تفتح بين موجاتھا س وى القب ور‪ ،‬فب ين ك ل م وجتين يوج د‬ ‫قبراً‪ ،‬فإن لم يُدفن في ھ ذا س يُدفن ف ي ذاك! وھ ذا م ا ح دث م ع الح اكم‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 17‬‬


‫الشرير‪ ،‬الذي أص ﱠر على اغتصاب " لوسي "! التي ما أن رأت ني ران‬ ‫ي أيھا الحاكم؟‬ ‫الشھوة تتطاير من عينيه‪ ،‬حتﱠى سألته‪ :‬ما الذي يُعجبك ف ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫عيناك لم أ َر لھما مثيل!! فأخذت " لوسي " تعظ الحاكم لعله يتوب عن‬ ‫ِ‬ ‫ضالله‪ ،‬فخاطبته قائلة‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫إن م ا يُبھ رك ل يس عن دي بالش يء النف يس! " بَ لْ إِنﱢ ي أَحْ ِس بُ ُك ﱠل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ضْ‬ ‫جْ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫يح يَ ُس و َع َربﱢ ي "‬ ‫ف‬ ‫ْر‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫ْض‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫َش ْي ٍء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ِ ِ َ ِ ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫)في‪ ،(8:3‬ألني رأي ت ف ي يس وع ُحبﱠ ا عميق ا ك البحر‪ ،‬عاليّ ا ك النجوم‪،‬‬ ‫متﱠسعا ً كالفضاء‪ ،‬ولھذا أُريد أن أنھلْ م ن نب ع ُحبّ ه الفري د‪ ،‬فھ ذا أفض ل‬ ‫من ينابيع العالم التي أصابھا الجفاف‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫إن الموت الذي تُرھبون به البشر طبع بص مته ف ي الوج ود‪ ،‬أعل ن‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫أن حياتن ا مص يرھا الفن اء‪ ،‬إال ﱠ‬ ‫أن بص مته إع الن أنن ا ب دأنا الحي اة‬ ‫الحقيقيّة! واس ترحنا م ن عن اء األش رار‪ ،‬ولھ ذا نح ن ال نرھ ب الم وت‬ ‫ألنﱠه في نظرنا سُلم من ذھب نصعد علي ه م ن األرض إل ى الس ماء‪ ،‬أو‬ ‫سفينة من ذھب بمجاديف فضيّة وأشرع من حرير‪ ،‬بھ ا نعب ر ش اطيء‬ ‫ھذا العالم المض طرب بالش رور إل ى ب ر الس الم‪ ،‬أ ﱠم ا أن ت أيھ ا الح اكم‬ ‫فسيأتي يوم ويفتقدك الموت‪ ،‬ويجعل صولجانك مثل فأس الفالح! وفي‬ ‫الحـ ـال قلـــعـ ـت عينيھـــ ـا الجميلت ين وألقتھم ا ف ي وجـھ ـه قائل ة‪ :‬خ ذ‬ ‫ھ ذه العي ون م ا دام ت تعجب ك!! وھك ذا ض ّحت " لوس ي " بعينيھ ا‬ ‫لتصير عروس طاھرة للملك المس يح! ل ذلك من ذ ابت داء الق رن الراب ع‪،‬‬ ‫أصبحت شفيعة للمكفوفين وضعاف البصر ومرض ى العي ون‪ ،‬وتُرس م‬ ‫صورتھا دائما ً وھي حاملة عينيھا في طبق‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 18‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫االستشھاد على اسم المسيح‬ ‫قلع ت " لوس ي " عينيھ ا الجميلت ين ِحفاظ ا ً عل ى عفﱠتھ ا! كم ا قط ع‬ ‫شاب عفيف لسانه وبصق الدم في وج ه ام رأة زاني ة‪ ،‬حتﱠ ى يثنيھ ا ع ن‬ ‫فعل الخطيّة معه! ﱠ‬ ‫لكن الح رب ب ين الن ور والظُلم ة ل م تنتھ ي بع د‪ ،‬فق د‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اس تيقظت ش ياطين النجاس ة ل تعلن ع ن وجودھ ا! وق د ج اءت لتس اند‬ ‫الحاكم الش رير فھ و عض و ب ارز ف ي مملك ة الظُلم ة‪ ،‬لق د أوح وا ل ه أن‬ ‫يُسلﱠمھا ألُناس أشرار ليفعلوا بھا م ا يرغب ون حس ب ش ھواتھم النجس ة‪،‬‬ ‫ف ُشعلة النجاسة عندما تتأجج داخل ام رأة تحرقھ ا‪ ،‬واللي ل عن دما يھج م‬ ‫عل ى النھ ار يخف ي مالمح ه ويحج ب أن واره‪ ،‬والش ھوة الس اكنة ف ي‬ ‫أعم اق البش ر تحت اج فق ط إل ى م ن يُحركھ ا حتﱠ ى تتح وّل إل ى حي وان‬ ‫مفترس يلتھم من حوله!‬ ‫ل ﱠ‬ ‫كن " لوسي " التي عاشت صفحة بيضاء في كت اب الحي اة‪ ،‬تع رف‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫أن اللذة تافھ ة والش ھوة حقي رة‪ ،‬وھ ى أقف اص م ن ذھ ب ابت دأ اإلنس ان‬ ‫بتطريق أعمدتھا وأسالكھا منذ ال ِق دم‪ ،‬غي ر ع الم أنﱠ ه م ا أن ينتھ ي م ن‬ ‫صنعھا حتى يجد نفسه أسيراً داخلھا! ولھذا ل م تستس لم لن داء الخطيّ ة‪،‬‬ ‫ول م ترھ ب عواص ف الش ر الت ي أرادت أن تغ رق س فينة حياتھ ا‪،‬‬ ‫فالقبطان م اھر وھ و يع رف كي ف يو ّج ه الدفّ ة كم ا يش اء‪ ،‬وبنفخ ة في ه‬ ‫يمكن أن يقضي على األشرار‪.‬‬ ‫لق د نظ رت إل ى الح اكم والرج ال ال ذين أح اطوا بھ ا فت راءوا لھ ا‬ ‫كأطفال ال يعرفون سوى اللھو العبث‪ ،‬وھم في حاجة إلى لمسة م ن ي د‬ ‫ٍ‬ ‫القدير لتسقط الغشاوة من أعينھم‪ ،‬وبصوت اجتمعت في ه دم وع الش تاء‬ ‫ورياح الخريف قالت‪ :‬إ ﱠن من ارتدت ثياب الطُھ ر ال يمك ن أن تنزع ه‪،‬‬ ‫ويسوع الذي كر ُ‬ ‫ﱠست له حياتي ون ذرت ل ه بت وليتي ھ و ق ادر أن يحف ظ‬ ‫ِعفﱠتي ويحميني من شر الشرار‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 19‬‬


‫فل ﱠما رأى الحاكم الشرير ﱠ‬ ‫أن ھيبت ه س قطت أم ام فت اة‪ ،‬وأن أفكارھ ا‬ ‫ت ھ و وك ر للزن اة‪،‬‬ ‫ب دأت تنتش ر ف ي الجزي رة‪ ،‬أم ر أن توض ع ف ي بي ٍ‬ ‫لعلﱠھا تنكسر وت ُكف عن عنادھا‪ ،‬فظھر لھا السيﱢد المسيح وجعلھ ا تثب ت‬ ‫ف ي مكانھ ا كالجب ل حتﱠ ى عج ز الجن ود ع ن تحريكھ ا م ن مكانھ ا!‬ ‫فربطوھا بالحبال وأخذوا يش ّدونھا من مكانھا حتﱠى خارت قواھم!‬ ‫الزالت السھام ب ُجعبة الص يﱠاد وھ و يُري د أن يُص ّوبھا نح و فريس ته!‬ ‫فقد فشلت كل محاوالت الوع د والوعي د‪ ،‬ول م تفل ح مح اوالت اإلغ راء‬ ‫أن تُثن ي فت اة الطُھ ر ع ن إيمانھ ا‪ ،‬وتأ ّك د الح اكم ﱠ‬ ‫أن " لوس ي " تعتن ق‬ ‫فلسفة الموت من أجل ھدف تُريده أو فلسفة ما تعتنقھا‪ ..‬ف أمر بحرقھ ا!‬ ‫فأخ ذت تس بّح ﷲ وتح ث الجم ع عل ي عبادت ه‪ ،‬وبص وت مل ؤه الف رح‬ ‫وعل ى ش فتيھا ابتس امة األزھ ار‪ ،‬وف ي عينيھ ا أس رار الحي اة‪ ،‬رفع ت‬ ‫عينيھا إلى السماء‪ ،‬إلى ﷲ وقالت‪:‬‬ ‫ً‬ ‫سوف أجعل م ن قلب ي بيت ا ً لجمال ك‪ ،‬وص دري قب را آلالم ك‪ ،‬س وف‬ ‫أُ ِحبﱡك محبّة الزھور لنسيم الربيع‪ ،‬وأت رنّم باس مك ف ي ك ل مك ان وأم ام‬ ‫أ ّ‬ ‫ي إنسان‪ ،‬إنﱠھم يبحثون ع ن ل ﱠذة ع ابرة وش ھوة فاني ة‪ ،‬أ ﱠم ا أن ا فأرغ ب‬ ‫خالصھم‪ ،‬فارسم بريشة ُحبّك صورة من تُحبّه نفسي على ش مع قلب ي‪،‬‬ ‫حتى تتق ّدس أعينھم وھم ينظرون إلى جسدي‪.‬‬ ‫ولكن ساعة الموت لم تكن ق د ج اءت بع د‪ ،‬ل ذلك تمج د اس م ال رب‬ ‫وحفظھا سالمة‪ ،‬فانتھزت " لوسي " م ا تبقﱠ ى فيھ ا م ن أنف اس متقطﱢع ة‬ ‫وأخ ذت ت وبﱢخ ال ُخط اة قائل ة‪ :‬أن تم ي ا م ن تُح اولون أن تُرھب وا البش ر‬ ‫تخ افون ك ل ش يء حت ى ذواتك م‪ ،‬تخ افون الس ماء وھ ى منب ع األم ن!‬ ‫تخافون الطبيعة وھى مرقد الراحة! وتخافون إله اآللھة وتنس بون إلي ه‬ ‫الغضب والحقد وھو محبﱠة ورحمة وفرح وسالم‪..‬‬ ‫فاخترق ك الم " لوس ي " قل وب الس امعين‪ ،‬ول م يق در أح د أن ي رد‬ ‫عليھا‪ ،‬بل صاح الجميع في غضب لِما أصاب الفت اة الط اھرة م ن أل م‪،‬‬ ‫ف أمر الح اكم ال ذي أص ابته الحي رة وب دت علي ه الربك ة‪ ،‬بض ربھا بح د‬ ‫تقض الضربة عليھا ب ل ظل ت باقي ة حيّ ة تُس بﱢح ﷲ وتطل ب‬ ‫السيف فلم‬ ‫ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 20‬‬


‫من ه خ الص مض طھديھا‪ ،‬فأخ ذھا مؤمن ون أتقي اء إل ي أح د من ازلھم‪،‬‬ ‫وھناك جاء الكاھن بالقربان ال ُمق ّدس وناولھا من جس د المس يح ورواھ ا‬ ‫من دمه الثمين‪.‬‬ ‫أيام قليلة و" لوس ي " ترق د مت أثﱢرة بجراحتھ ا‪ ،‬بينم ا أن وار الفض يلة‬ ‫تربّعت على عرش قلبھ ا وتط ل م ن س ماء وجھھ ا‪ ،‬وف ي ي وم م ن أي ام‬ ‫الس ماء عل ى األرض‪ ،‬بينم ا العي ون تتّج ه نحوھَ ا وھ ى تُس بﱢح ودم وع‬ ‫الفرح تنسكب م ن عينيھ ا كحبﱠ ات لؤل ؤ تُ زيﱢن وجنتيھ ا‪ ،‬فالطبيع ة الت ي‬ ‫ابتس مت ف ي الربي ع وض حكت ف ي الص يف‪ ،‬وتأوﱠھ ت ف ي الخري ف‪..‬‬ ‫تًريد أن تبكي! وھا ھى لحظات تمر كحُلم جميل ال يُفس ر! تلف ظ بع دھا‬ ‫" لوس ي " أنفاس ھا لتع انق األبديﱠ ة روحھ ا‪ ،‬وق د ك ان ھ ذا الح دث ي وم‬ ‫)‪304/12/13‬م( أثن اء ُمل ك " ديقل ديانوس " الش رير‪ ،‬ووالي ة "‬ ‫بسكاسيوس " على " سيراكوزا "‪.‬‬ ‫لق د انطلق ت " لوس ي " إل ى ع الم الن ور والح ﱢريّ ة‪ ،‬لتظ ل س يرتھا‬ ‫العطرة خالدة‪ ،‬فھى التي احتقرت النجاسة فرفعتھا الطھارة إلى ع رش‬ ‫المجد‪ ،‬وعندما أرادت الخطيّة أن تنزل بھ ا إل ى س وق النُخاس ة‪ ،‬انبث ق‬ ‫ش عاع ال ُح ب م ن الس ماء وكل ل رأس ھا‪ ،‬فالطھ ارة ألط ف م ن أنف اس‬ ‫األزھار وأرق من نسيم الصباح‪ ،‬واآلن بعد أن نالت " لوس ي " إكلي ل‬ ‫الشھادة ف ي ربي ع حياتھ ا نح ن نطوبھ ا‪ ،‬والمكف وفين ومرض ى العي ون‬ ‫وضعاف البصر يتﱠخذونھا شفيعة لھم‪ ،‬لقد تألﱠمت ولكن من خالل ظ الم‬ ‫األلم رأت أن وار الس ماء! وم ا أكث ر األش جار الت ي ظل ت عاري ة مثقّل ة‬ ‫بثل وج الش تاء‪ ،‬فج اء الربي ع واكتس ت أوراق ا ً وأخرج ت ثم اراً يانع ة!‬ ‫فالبد أن تُم ّزق الحقيقة غشاء الدمع الحاجب ابتس امتكم‪ ،‬والش مس الب د‬ ‫أن تطلع من وراء الجبل وتتوج رؤوس األشجار بإكليل من ذھب ‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 21‬‬


‫الفھرست‬

‫المقدمة‪..........................................‬‬

‫)الفصل األول(‬

‫‪....................................‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬

‫)الفصل الثاني(‬

‫‪....................................‬‬

‫‪11‬‬

‫مختصر السيرة‪.................................‬‬

‫ميالد ونشأة شفيعة المكفوفين‬ ‫سقطة أم كانت بداية اآلالم‬ ‫)الفصل‬

‫الثالث(‪...................................‬‬

‫‪16‬‬

‫)الفصل‬

‫الرابع(‪....................................‬‬

‫‪20‬‬

‫)الفصل‬

‫الخامس(‪...................................‬‬

‫‪25‬‬

‫)الفصل‬

‫السادس(‪..................................‬‬

‫‪24‬‬

‫مرض األم ورفض الزواج‬ ‫وشاية شاب وشھوة حاكم‬ ‫ذھاب يوحنا لرؤية والديه‬

‫االستشھاد على اسم المسيح‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 22‬‬


‫كتب صدرت وأُخرى تحت الطبع‬ ‫‪ -1‬شوكة الخطيّة )الطبعة الخامسة(‬ ‫‪ -2‬الشھوة )الطبعة الثانيّة(‬ ‫الشھوة ‪ 7‬أجزاء )نفس الكتاب السابق(‬ ‫‪ +‬جذور الشھوة )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ +‬سلطان وسحر الشھوة )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ +‬مظاھر الشھوة في حياتنا )الطبعة الثالثة(‬ ‫والحب )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ +‬الشھوة‬ ‫ُ‬ ‫‪ +‬ماضي الشھوة وأثره في اإلنسان )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ +‬موت الجسد وموت الشھوة )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ +‬يمكنك أن تقمع الشھوة )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ -3‬اللذة الوھميّة )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ -4‬اللذة الحقيقيّة )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -5‬أزمة حب )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -6‬العاطفة )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ -7‬رسالة تعزية )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ -8‬اإلنسان المجروح )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -9‬أغصان الشر )الطبعة األولى(‬ ‫أغصان الشر ‪ 4‬أجزاء )نفس الكتاب السابق(‬ ‫‪ +‬إليكم يا من تشعرون بالرفض‬ ‫‪ +‬إليكم يا من تشعرون بالذنب‬ ‫‪ +‬إليكم يا من تشعرون بالخوف‬ ‫‪ +‬إليكم يا من تشعرون بالنقص‬ ‫‪ -10‬الثعالب الصغيرة )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ -11‬عصر القلق )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ -12‬األنبا كاراس السائح )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -13‬متألمون ولكن‪) ..‬صدر من قبل باسم ذخائر الظالم(‬ ‫‪ -14‬الذات )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -15‬مشكلة الشر )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -16‬رحلة اآلالم )الطبعة الثالثة(‬ ‫‪ -17‬أرشدني عصفور )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -18‬علمتني سمكة‬ ‫‪ -19‬انطلق )صدر من قبل باسم حرﱢ يتي(‬ ‫‪ -20‬السكون في تعاليم مار إسحق السريان ّي )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -21‬أفكاري )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -22‬اللقاء )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -23‬المدخل إلى الحياة الروحية )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -24‬قـف وانظر واسأل‪ :‬أين ھو الطريق؟ )الطبعة الثانية(‬ ‫الحب اإللھ ّي )صدر من قبل باسم ھكذا أحبﱠنا(‬ ‫‪ُ -25‬‬ ‫‪ –26‬اآلخر في حياتي )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -27‬حوار عن ﷲ )الطبعة الثانية(‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 23‬‬


‫‪ -28‬الطبقيّة ضد التعاليم المسيحية )صدر من قبل باسم أسياد وعبيد(‬ ‫‪ -29‬عيد الميالد )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -30‬عيد الغطاس )الطبعة األولى(‬ ‫‪ -31‬عيد القيامة )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -32‬أحد الشعانين‬ ‫‪ -33‬أكل البيض والسمك والبصل في شم النسيم )الطبعة الثانية(‬ ‫‪ -34‬مريض عقل ّي يحصل على جائزة نوبل ماذا نتعلم؟‬ ‫‪ -35‬إليك يا من تخـدم‪ :‬الراھبة إيمانويل عاشت في ِعشّة لتخدم الزبﱠالين‬ ‫‪ -36‬سيرة القدﱠيسة تائيس‬ ‫‪ -37‬سيرة القديس يوحنﱠا الراھب صاحب اإلنجيل الذھب ّي‬ ‫‪ -38‬سيرة الراھب برالم ويواصف‬ ‫‪ -39‬لمحات من حياة األم إيريني‬ ‫‪ -40‬شعاع أمل‪ -‬ھيلين كيلر معجزة اإلرادة البشريّة‬ ‫‪ -41‬القمص بيشوي كامل‪ -‬قدوة وأبوة ورعاية‬ ‫‪ -42‬القديسة لوسي شفيعة المكفوفين وضعاف البصر‬ ‫‪ -43‬المعجزة بين الحقيقة والخداع‬ ‫‪ -44‬ديانتي )تحت الطبع(‬ ‫‪ cD ) +‬باسم أعمال الراھب القمص كاراس المحرقي الجزء األول(‬ ‫‪ cD ) +‬باسم أعمال الراھب القمص كاراس المحرقي الجزء الثاني(‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

‫‐ ‪- 24‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.