يوميات كهل صغير السن

Page 1


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫ْ‬ ‫السي‬ ‫يِويات كُل صغري ِ‬ ‫عمرو صبحي‬

‫‪2‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫َْ‬ ‫السي‬ ‫يِويات كُل صغري ِ‬

‫غىرو صبيح‬ ‫ابريل ‪3122‬‬

‫حصحيح مغِي‬ ‫ربيع ادلوحة‬ ‫امغالف‬ ‫غىرو صبيح‬

‫هذا امػىل هو غبارة غي جمىوغة خفيفة وي خواطر وإرهاصات غري وجصنة نرش وػظىها ىلع‬

‫اإلًرتًت يف أوقات وجفرقة ىلع ودى سٌوات‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫‪4‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫َ ِّ ِّ َ َ َ ْ َ ْ ُ ِّ َ ْ َ َ َ َّ ْ ُ َ ْ ً‬ ‫( رب إِ​ِّن وَي امعظه وِ​ِّن واصخعل الرأس صيتا )‬ ‫مريه ‪4 ،‬‬

‫‪5‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫إىل براءيت املنوثة ‪ ،‬وخطوط الزوي املحفورة يف ثفاصيل وجيه‪ ،‬وأكرب‬

‫خسارايت االخجيارية يف بورصة احلياة‪.‬‬

‫غىرو‬

‫‪6‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫مخسث أعِام وي امعزمث‬ ‫قلقا مسو ًغا‪ ،‬وحزنًا‬ ‫أكتب اآلف وأنا أشاطر نفسي‪ ،‬أحالمي‪ ،‬وأمايل ً‬ ‫صارخا‪ ،‬لست أدري دلاذا أكتب؟ ودلن أكتب؟ اختلفت النيات والكتابة‬ ‫ً‬ ‫واحدة‪.‬‬ ‫علي من النعيم الزائل‪ ،‬أما‬ ‫قدؽلًا كنت أكتب ألستمتع دبا تعرضو الكتابة ّ‬ ‫اآلف فال تستهويٍت فكرة مشاركة اجلميع بتقارير عن أحزاين‪ ،‬وأفراحي‪،‬‬ ‫ومصائيب اليت ال تنتهي‪ ،‬ولكن أمارس الكتابة لتتخلص روحي من صلف‬ ‫أنقب يف صحراء األمس عن‬ ‫الكتماف وطقوسو الباردة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أصبحت ُ‬ ‫إجابات ألسئلة غائبة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مكًتث‪ ،‬تطوؼ ذاكريت‬ ‫منذ مخس سنوات‪ ،‬دخلت ىذا ادلكاف غَت‬ ‫اآلف مئات الوجوه واألماكن‪ ،‬عشرات االمتحانات‪ ،‬هتتك قليب‪ ،‬بكائي‬ ‫العنيف حىت ظننت أين سأقضي ضليب من البكاء عدة مرات‪ ،‬دواوين‬ ‫الشعر وتأوىات احلب‪ ،‬تطل كل ىذه الذكريات برأسها‪ ،‬وأغلق يف‬

‫‪7‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫وجهها الباب دبا تبقى لدي من بعض اإلؽلاف‪ ،‬ومنثور اإلرادة‪ ،‬وقليل من‬ ‫القناعة‪.‬‬ ‫الفتيات ىنا ‪-‬يف رلملهن‪ -‬مكررات بشكل مثَت للغيظ‪ ،‬ظلطيات إىل‬ ‫حد ادللل ‪ ،‬ظلوذج للفتاة اليت عربت من الثانوية العامة دبجموع كبَت‬ ‫دلكاف ال تعرؼ منو إال رائحة الكلوراؿ ىيدرات وأوراؽ الكورس‪.‬‬ ‫زوجا ػلقق ذلا حلم األنوثة‪ ..‬وفتح صيدلية!‬ ‫تذاكر‪ ،‬وتنتظر ً‬ ‫دائما مر ًتعا لفوضى من ادلشاعر‪ ،‬ولكنها كانت‬ ‫أملك قلبًا خربًا‪ ،‬كاف ً‬ ‫احملرض األكرب على البقاء‪ ،‬وأنا الذي أمارس عبادة الكتماف‪ ،‬إىل احلد‬ ‫الذي يبقيك خلف خطوط الزمن‪ ،‬رباصرؾ األفكار‪ ،‬وتصارعها يف عراؾ‬ ‫أمضيت وقتًا‬ ‫معتاد ينتهي ‪-‬عاد ًة‪ -‬بفوزىا‪ ،‬وعلى الرغم من أين قد‬ ‫ُ‬ ‫سالما مشروطًا‪ ،‬وتكي ًفا مع أحالمي اجملهضة‬ ‫طويالً ألصطنع مع نفسي ً‬ ‫مٍت علومي وأفكاري‪..‬‬ ‫فإين قد قررت مصاحلتها‪ ،‬دبشاطرة ماتبقى ي‬ ‫عىرو‬

‫‪8‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫نلا أوجاعٌا ومكه أوجاعكه‬ ‫بداية‬ ‫ال يدري كم من الوقت كلفو كي ؽلن عليو النوـ بصدقة جارية‬ ‫يستلقي شبو سلدر‪ ،‬ال تستفزه دقات الساعة‪ ،‬وال أشعة الشمس‪.‬‬ ‫ػلييها‪ :‬صباح احلزف‪ ،‬تردىا بأحسن منها‪ :‬صباح الوجع‪.‬‬ ‫صباح معاد ومكرر على شرؼ احلزف‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ث مرة آخرى ليقوموا دبمارسة‬ ‫ض أرواحهم‪ ،‬مث تػُْبػ َع ُ‬ ‫يناـ الناس وتػُ ْقبَ ُ‬ ‫ث على ضلو باىت‪ ..‬ليسأؿ نفسو يف ٍ‬ ‫محاس‬ ‫التظاىر باحلياة‪ ،‬روحو تُػْبػ َع ُ‬ ‫ساخ ٍر مفتعل كم تبقى منو اليوـ؟‬ ‫منهك حد األمل‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫ال يشعر بأي رغبة يف مغادرة تابوتو‪ ،‬ػلدؽ يف احلائط كمن ينتظر معجزًة‬ ‫من السماء‪..‬‬ ‫ػلاوؿ التخفف من ثقل أوجاع الذكريات على كاىليو‪.‬‬ ‫ال شئ يؤمل أكثر من زلاوؿ التخفف من األمل‪..‬‬ ‫يشعر بوالدة دمعتُت ‪-‬خلسةً‪ -‬يف زلجريو قبل أف يتنتحرا يف ٍ‬ ‫بؤس على‬ ‫‪9‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫خديو‪.‬‬ ‫**‬

‫تساؤل‬

‫ترى ما باؿ فرحتنا تعانق شوكة األحزاف؟‬ ‫**‬ ‫تشكو إليو وجعها‪ ،‬فيطمئنها "كلنا يف الوجع سواء"‬ ‫ىذه ادلرة يعجز عن عد قطرات الدمع ادلتولدة‬ ‫فقط يشعر هبا تشق طريقها على وجهو الذي أضناه احلزف وأتعبو البكاء‪،‬‬ ‫ويشعر بطعمها ادلاحل على جوانب شفتيو‬ ‫عادت ذاكرة األشياء ترؼ حواليو‪ ،‬وال تتحرؾ يداه لتتخلص من‬ ‫آثارىا‪..‬‬ ‫تُطمئنو "حسبك أهنا سقطت عنك‪ ..‬فعلها تغسل من الروح ما اشتهت‬

‫"‬ ‫ينهكو البكاء‪..‬‬ ‫فتستدركو "علها توجع اآلف مث تغدو فلسفة" ‪..‬‬ ‫يصمت قليالً‪ ..‬مث ينظر إليها‪ ،‬فتدرؾ أنو قد آمن بالوجع‬ ‫وكفر بالفلسفػة ‪..‬‬ ‫‪01‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫**‬

‫فنسفة‬ ‫(سائل ادلوت عنك) ‪ ..‬سائل البهجة الزائفة‪.‬‬ ‫(سائل احلزف عنك) ‪ ..‬سائل الدمعة الواقفة‪.‬‬ ‫(سائل الفرح عنك) ‪ ..‬سائل الفرحة اخلائفة‪.‬‬ ‫‪-‬خالد سليم‪.‬‬

‫يسأذلا أال ربمل أوز ًارا فوؽ أوزارىا‪،‬‬ ‫ؽلرر يده فوؽ رأسها‪ ..‬ويهمس يف أذهنا‬ ‫"ىناؾ من يذنب بقدر مواربة الباب‪ ،‬وىناؾ من يذنب بقدر فتحو على‬ ‫مصراعيو"!‬ ‫أنفسا ما زالت نقية رغم تلوث احلاضر‪ ،‬وـ تفقد‬ ‫يدري بأف ىناؾ ً‬ ‫بكارهتا على أيدي التجربة‬ ‫إال أهنا ليست ذلما‪.‬‬ ‫أوؿ األمر كآخره‪ ،‬وآخره كأولو‪ ،‬دوائر ال تنتهي من األمل ادلعتق بعناية‪.‬‬ ‫معا غياىب احلزف‪ ،‬ومتاىات األمل حبثًا عن نفحات من نسائم‬ ‫غلوباف ً‬ ‫‪00‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫األمل‪ ،‬ولكن‬ ‫ال ػلظياف إال دبزيد من‪..‬‬ ‫األلػ ػػم‪.‬‬

‫‪02‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫رحيل‬ ‫حاجزا‬ ‫أحيانًا يقف خوفنا من خسارة اآلخرين لنا ‪-‬دبحض إرادهتم‪ً -‬‬ ‫بيننا وبينهم إىل احلد الذي يدفعنا إىل خسارهتم اختياريا خوفًا من تلك‬ ‫اللحظة اليت يقرروف فيها التخلي عنا‪.‬‬

‫‪03‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫َامنج‬ ‫وحيداً يف غرفيت أزبفف من ثقل التفاصيل‪ ،‬وبعد ادلسافات‪ ،‬وأوجاع‬ ‫ً‬ ‫الروح‪..‬‬ ‫طعماً باليًاً يستشري يف فمي‪ ،‬حلقي ينغرس فيو‬ ‫ٌ‬ ‫متعب ‪ ..‬الزكاـ يًتؾ ً‬ ‫السعاؿ يكاد ؽلزؽ صدري‪.‬‬ ‫آالؼ اخلناجر‪ ،‬و ُ‬ ‫أتناوؿ قرصُت من ادلسكنات‪ ..‬مث أحتسي كوبًا من الػ(ينسوف) الدافئ‬ ‫علّوُ يصل إىل دواخلي ادلتجمدة اليت تتوؽ إىل الدؼء‪.‬‬ ‫وتتطلع لراحة العدـ‪.‬‬ ‫أتقمص الالشيء‪ ،‬تنهيدةٌ قصَتة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫‪04‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫احلياة لنىتخدئني‬ ‫قلتها من قبل !‪Truth is nobody cares‬‬ ‫وقاذلا أحد الشعراء بلغة عربية فصيحة منذ ألف عاـ‬ ‫ال تَ ْش ُ‬ ‫ك للناس ً‬ ‫جرحا أنت صاحبوُ ‪ ..‬ال يؤملُ اجلرح إال من بو األملُ‬ ‫تفعل‬ ‫ردبا كنت سأقوؿ لو‬ ‫ً‬ ‫مالطفا‪ :‬ال بأس ببعض األمل‪ ،‬ولكن ماذا ُ‬ ‫بالوجع؟‬ ‫سباما ربت مظلة الوجع ادلقيم‪،‬‬ ‫األمل عابر‪ ،‬يأيت ويرحل‪ ..‬بينما ننسحق ً‬ ‫تنخر يف الروح ‪.‬‬ ‫اجلروح تلتئم‪ ،‬ولكن األوجاع مزمنة ُ‬ ‫ادلأزؽ أننا ‪-‬الشعوريا وال إراديا‪ -‬نبالغ يف توقع ردود أفعاؿ اآلخرين‬ ‫بشكل غَت منطقي‪ ،‬ننزؿ أنفسنا دبنزلة متضخمة‪ ،‬نعتقد أف ألفعالنا‪،‬‬ ‫تأثَتا مبالغًا فيو‪ ،‬رغم أنو ال شيء يطرأ على‬ ‫كلماتنا‪ ،‬غيابنا‪ ،‬حضورنا ً‬ ‫الكوف‪ ،‬نتوقع أف يقضي اآلخروف ضلبهم لكار ٍثة حلت بنا‪ ،‬لفقد عزي ٍز‬ ‫لدينا‪ ،‬لتأخ ٍر دراسي‪ ،‬أو ألي نائبة من نوائب الدىر‪.‬‬ ‫نبحث جاىدين عما تغَت‬ ‫نغيب‪ ....‬فنعود لنتحسس مالمح الطريق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رغم ضآلة مدة الغياب ‪..‬‬ ‫‪05‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫لنجد أف اآلخرين ال يزالوف يذىبوف إىل أعماذلم‪ ،‬يلقوف النكات القميئة‪،‬‬ ‫يأكلوف الػ(فشار)‪ ،‬ويشاىدوف التلفاز سواء أكنا ىناؾ أـ ال ‪.‬‬ ‫يشعر بك حينما يرحل أبوؾ دوف وداع‪ ،‬أو أف يوافيو األجل‬ ‫ال أحد س ُ‬ ‫وىو غَتُ ر ٍ‬ ‫اض عنك‪ ،‬أو أف ينسحق إؽلانك ربت ضغط اإلحباطات‬ ‫ادلتوالية‪ ،‬أو أف تفقد صديق عمرؾ‪ ..‬القائمة طويلة‪ ..‬ىذه أوجاع ال‬ ‫ينفع معها التصرب بدؼء اآلخرين ادلؤقت‪ ،‬وتبدو أي كلمات للمشاركة‬ ‫ُ‬ ‫مبتذلة مهما كانت بالغتها ‪...‬‬ ‫حىت حلظات ادلشاركة احلقيقية يف أكثر حاالهتا نقاءً تبقى دوف التوقعات‬ ‫الذاتية ادلسبقة‪ ،‬سَتبت اآلخروف على كتفك‪ ،‬ػلاولوف إعطاءؾ بعض‬ ‫الدؼء ادلؤقت‪ ،‬وؼلتفوف‪ ..‬ليكوف عليك وحدؾ بعد ذلك أف تتفهم أنوُ‬ ‫ال شيء يتغَت يف أجبدية احلياة!‬

‫‪06‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫ستانش‬

‫ثَتا أف أتعثر دراسيا‪ ،‬فأجدين يف السنة النهائية‪ ،‬أتنحنح‬ ‫كنت أخشى ك ً‬ ‫لواحدة من ادلتأنقات الالئي كن يوما زميالت ٍ‬ ‫صف واحد من أجل‬ ‫ً‬ ‫تصحيح كراسة العملي يف "سكشن" ادلعايرات اإلحيائية اليت أمقتها‬ ‫بشدة‪.‬‬

‫‪07‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫ةــراءة‬ ‫هتامسن‬ ‫بدا عليها اخلوؼ واالرتباؾ‪..‬‬ ‫ت يف ادلنتصف والتَػ َف ْف َن حوذلا ػلاولن بعث الطمأنينة إىل سريرة‬ ‫َوقَػ َف ْ‬ ‫نفسها‬ ‫صرخت فيهن‪..‬‬ ‫"ىاقولو ايو يعٍت ؟!"‬‫"عادي عادي‪ ،‬متخافيش‪ ،‬قوليلو سالـ عليكم‪ ،‬شلكن أتكلم معاؾ‬‫شوية"‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫سكوف تاـ‪ ،‬بدا يل أهنا تعيد تصوير ادلشهد‪ ،‬مث تراجعت‪،‬‬ ‫وقفت يف‬ ‫أخذف يدفعن هبا‪ ،‬حىت وجدت نفسها أمامو‪.‬‬ ‫كلوح ثلجي‪.‬‬ ‫جالسا وبدا يل ٍ‬ ‫كاف ً‬ ‫كانت يف قمة بعثرهتا‪ ،‬وكاف يف ذروة ىدوئو‪ ،‬توقفت على بعد م ًٍت‬ ‫سباما‪.‬‬ ‫منو‪ ،‬وصمتت ً‬

‫‪08‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫وردة صفراء‬ ‫معا على مقعد خشيب يصدر أز ًيزا كر ًيها اعتدنا اجللوس عليو‪،‬‬ ‫جلسنا ً‬ ‫دوما يف جيبو األيسر‪..‬‬ ‫أخرج سجائره األمريكية‬ ‫ً‬ ‫ومصحفا ػلتفظ بو ً‬ ‫اعتدؿ يف جلستو‪،‬‬ ‫أخفى عينيو ‪ ..‬وقاؿ يل بإصلليزية سليمة وبصوت مهتز‪..‬‬ ‫‪I'm falling in love again‬‬

‫‪09‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫كِردينيا‬ ‫عزيزيت كورديليا‪،‬‬

‫بعد التحية‪،‬‬ ‫أنا خبَت‪ ،‬ولكٍت أدور يف حلقات مفرغة ٍ‬ ‫بنفس قصَت‪.‬‬ ‫مازلت أحتفظ بروتيٍت اليومي ادلمل‪ ،‬وبعادايت السيئة‪ ،‬فضالً عن دمية‬ ‫صغَتة تستقر على مكتيب لدب يدعى "ميجا" جاءين كهدية من زميلة‬ ‫صغَتا ذلولندا‪،‬‬ ‫كندية دبناسبة أوليمبيات فانكوفر‪ ،‬وضعت يف يده ع ً‬ ‫لما ً‬ ‫والذي أحتفظ بو منذ زياريت األخَتة للمجر‪.‬‬ ‫انقطعت شهويت للكتابة‪ ،‬وانطفأت رغبيت يف خضم جفاؼ فكري‪ ،‬ال‬ ‫متحمسا لسماع إجابة‪ ،‬وأعيش حالة‬ ‫أدري مل وإىل مىت‪ ،‬حىت لست‬ ‫ً‬

‫كبَتا يف مسألة‬ ‫انتظار غييب لكل شيء‪ ،‬ولكٍت أعتقد أين قطعت شوطًا ً‬ ‫التوحد مع نفسي بعد سجاالت عديدة‪ ،‬وشلارسة داخلية لسياسة تصفَت‬ ‫اخلالفات‪ ،‬أو سبييعها إىل حُت‪ ،‬كاف من نتائجها أننا صرنا أقرب قليالً‪،‬‬ ‫رغم أهنا ‪-‬يف أغلب الوقت‪ -‬مثَتة لالمشئزاز‪.‬‬ ‫‪21‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫اقتنيت قطة سّيتها باسك‪ ،‬ولكنهم ال ينفكوف عن دعوهتا باسم‬ ‫كثَتا‪ ،‬أراقب تساقط األوراؽ على نتيجة‬ ‫سخيف آخر بدعوى أنو أسهل ً‬ ‫كثَتا بشكل مثَت للشفقة‪.‬‬ ‫احلائط يوميا بشغف رغم أف األياـ تتشابو ً‬ ‫ِ‬ ‫بت بصدمات عنيفة يف مستوى توقعايت من اآلخرين‪ ،‬وخباصة من‬ ‫أُص ُ‬ ‫جدا فيما يتعلق بطلب السعادة‪ ،‬واليت‬ ‫وصرت‬ ‫ىم حويل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متقشفا ً‬ ‫ُ‬

‫بالكاد أؤمن بوجودىا إؽلانًا ىشا كما يليق بندرهتا‪ ،‬مازلت أشرب الكثَت‬ ‫من ادلنبهات‪ ،‬وأحاط بالكثَت من األوراؽ‪ ،‬وأتطلع لشراء ىاتف جديد‬ ‫يعمل بنظاـ أندرويد يف أقرب وقت‪.‬‬ ‫خالص الود‬

‫‪20‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫وال الضــامني‪..‬‬ ‫أشرعُ يف الصالة‪ ،‬أسبتم بالفاربة‪ ،‬أصل إىل قولو‪ :‬وال الضالُت‪..‬‬ ‫أعيش يف رحاب الكلمة‬ ‫حلظات من السكوف وأنا ُ‬

‫ال أدري كم من التيو أحتاجو كي أكوف من الضالُت‬ ‫أدور يف فلك األسئلة‪ ،‬وال أجوبة سوى دوائر من الكلمات الباىتة ال‬ ‫ترضي يقيٍت‪ ،‬وال سبنحٍت الرضا‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫وا يسخحق احلياة‬ ‫ىدوءٌ مصطنع‬ ‫أغوص يف آخر مستنقعايت الدراسية‪ ،‬وأقطع خطوةً أخرى على طريق‬ ‫ُ‬ ‫اخلالص‪..‬‬ ‫زلمود درويش يرفع صوتو بأف "على ىذه األرض ما يستحق احلياة"‬ ‫جاىدا أف أص ّدقوّ‪..‬‬ ‫أحاوؿ ً‬ ‫ولكن بال جدوى‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫يِويات كُل صغري السي‬ ‫بقايا أكواب من ادلنبهات ادلستهلكة تستقر جبوار دواوين أمل دنقل‪،‬‬ ‫أنغمس يف مستنقع ادلركبات الكيمائية‪ ،‬وفوضى خالقة من األوراؽ؛‬ ‫باىت اإليقاع‪..‬‬ ‫صبا ٌح ُ‬ ‫نفس رلهدة‪ ،‬وعيناف مغمضتاف‬ ‫ٌ‬ ‫عن ادلاضي وادلستقبل‪.‬‬ ‫تغتسل الرئتاف ادلتعبتاف من اللوف الدافئ‬ ‫السم‬ ‫ينفثئ ّ‬ ‫األعُت‪ ،‬واألصوات‬ ‫الباب ادلغلق‪ ،‬و ُ‬ ‫يتالشى ُ‬ ‫وأموت على الدرجات‬ ‫اللعنة‪ ،‬إنو يوـ االمتحػاف‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫طلِس صتاحيث‬ ‫استيقاظ مبكر‬ ‫إفطار أوريب تقليدي‪ ،‬خبز الػ(توست) ادلتوج بالزبدة اذلولندية‪ ،‬وقليل من‬ ‫عصَت ادلاصلو الصناعي‪.‬‬ ‫ارزباء ذىٍت وجسدي‪..‬‬ ‫نظرة على الطريق اخلايل من ادلارة من شرفيت الكبَتة‬ ‫انفصاؿ جزئي عن نفسي‪ ،‬وعن اآلخرين‬ ‫أنغمس يف التفاصيل‪ ،‬أستحضر أبيات خالد‬ ‫صباح أنزعُ نفسي من أشواقي‪...‬‬ ‫"كل ٍ‬ ‫أطفئ بعض ذلييب الباقي‬ ‫ُ‬ ‫أمسح عٍت صدأ احلزف‬ ‫ُ‬ ‫أنسى أنك ِ‬ ‫كنت وطٍت"‬ ‫نفس عميق‪..‬‬ ‫ٌ‬

‫اذلواء ىنا نظيف بدرجة مثَتة للقلق‪..‬‬ ‫‪25‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫صوت قناة (ناشيوناؿ جيوجرافك) ػلثٍت على ادلزيد من ادلعرفة‪ ..‬لكي‬ ‫أشعر باحلياة‪..‬‬ ‫تصفح سريع للصحف‪ ،‬وقليل من التحيات الصباحية من األصدقاء‬ ‫الذين يفصل بيٍت وبينهم أكثر من ثالثة آالؼ كيلو مًت‪ ،‬وغلمعنا مزيج‬ ‫من الشرائح اإللكًتونية‪ ،‬واأللياؼ الضوئية‪..‬‬ ‫صباح اخلَت‬

‫‪26‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫عي املصامح احلكِويث‬ ‫أوراقك ال تتحرؾ‪ ..‬إال إذا حركتها بنفسك‪.‬‬ ‫ادلوظف احلكومي‪ :‬ىو ذلك الشخص الذي يزداد تقديره لنفسو‬ ‫بشكل منقطع النظَت حُت يثبت لك أف الورقة ناقصة "امضا"‪ ،‬أو‬ ‫"تأشَتة"‪ ..‬أو ردبا يزداد تقديره لنفسو بشكل أكرب إذا أثبت لك أف‬ ‫صيغة التأشَتة غَت صحيحة‪ ،‬وأف عليك أف تدور يف حلقة مفرغة‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫مدير مكتب أي شخص‪ :‬غالبًا ما يكوف مصابًا دبركب نقص‪،‬‬ ‫ويقدس الروتُت‪ ،‬ويف أغلب األحواؿ غيب‬ ‫الواسطة‪ :‬تاج على رؤوس (ادلك يوسُت) ال يشعر هبا إال من يدور يف‬ ‫ادلصاحل احلكومية‪.‬‬ ‫الصيديل‪ :‬شخص يشعر بتقدير متزايد داخل ادلصاحل احلكومية مقابل‬ ‫سبرير شريط "ترامادوؿ"‪.‬‬ ‫‪27‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫خامت النسر‪ :‬ىو ما ػليل ورقة مليئة بػ"نعكشة الفراخ" إىل مفتاح‬ ‫سحري‪.‬‬ ‫إذا ظننت أنك انتهيت‪ ..‬فاعلم أنك ستبدأ من جديد‪.‬‬ ‫تعاىل بكرة‪ :‬اجلملة األكثر شهرة داخل أي مكتب حكومي‪ ،‬وحاليًا‬ ‫توجد عدة بدائل مثل‪ :‬انت مستعجل؟ لو وراؾ مشوار اعملو وتعاىل ‪..‬‬ ‫مؤخرا؛ أستاذة تفيدة مش موجودة النهاردة‪.‬‬ ‫سيبهويل شوية‪ ،‬أو ً‬ ‫اسًتجل‪ ..‬ودور يف ادلصاحل احلكومية‬

‫‪28‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫سلِط وركث اتلِت‪..‬‬ ‫ىل صادفت أف ترى قفا مغريًا جدا‪ ،‬فتبتسم نصف ابتسامة تعلن عن‬ ‫مزيج من خبث اجلوكر‪ ،‬وسعادة جورج بوش يف غزوه للعراؽ‪ ،‬مث تتقدـ‬ ‫وترفع يدؾ بكل ما أوتيت من قوة‪ ،‬مث "ترزعو" حتة قفا!! على أساس‬ ‫إنو زلمد ابن طنط ليلى‪..‬‬ ‫فيستدير لك وىو يكشر عن أنيابو لتجده زلمد بالفعل ولكن ( ابن‬ ‫قيما يف‬ ‫الشحات مربوؾ) ‪-‬بافًتاض أف لو أبناء‪ -‬مث يعطيك ً‬ ‫درسا ً‬ ‫ٍ‬ ‫بأسلوب عملي؟‬ ‫األخالؽ‬ ‫كثَتا‪ ،‬ستذكر لو كم أنت "غلباف"‪،‬‬ ‫الظريف أنك ستحاوؿ أف تستعطفو ً‬ ‫وال تقوى على "أذية" ذبابة‪ ،‬وأنك بالكاد تستطيع مشاىدة ادلصارعة‬ ‫على التلفاز‪ ..‬دوف أف تسقط مغشيا عليك‪..‬‬ ‫ستحكي لو عن زلمد بن طنط ليلى‪ ،‬ووجو التشابو بينو وبينو‪ ،‬وعن‬ ‫طنط ليلى نفسها‪ ،‬وعزومة يوـ اجلمعة ‪..‬‬ ‫ستحكي لو عن حزاـ "التايكوندو" الذي تدعي أنك بطل العامل فيو‪،‬‬ ‫وعن سندوتش الفوؿ الصباحي ‪..‬‬ ‫كثَتا ً​ًكي ال ؽلسك بسوء‪..‬‬ ‫ستبكي ً‬ ‫‪29‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫سباما من أكاذيبك اليت تلفك‪ ..‬حىت تسقط آخر ورقة توت‪..‬‬ ‫ستتعرى ً‬ ‫سباما أماـ احلقيقة!‬ ‫لتجد نفسك عاريًا ً‬ ‫حينها فقط ستدرؾ كم كاف السقوط مدويًا‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫خرافث الرس‬ ‫يقوـ عباس من نومو‪ ،‬ويلطش نفسو قلمُت‪ ،‬ويقف أماـ ادلرآة ويهتف‬ ‫بكل نشاط وحيوية ويقوؿ أنا جدع! ‪ ..‬ينظر إىل الشيك بقيمة ادلليوف‬ ‫دوالر ادلعلق على احلائط جبوار صورة جده مغاوري‪ ،‬ويسأؿ نفسو يف‬ ‫أالطة منقطعة النظَت‪ ،‬تشرب ايو ياجناب ادلليونَت؟‪ ..‬مث يتقمص دور‬ ‫ادلليونَت ويرد على نفسو‪ ،‬اتنُت ميبتسوبيشي بادلايونيز!‬ ‫يقوـ عباس بتفحص دوالبو الذي ال ػلتوي إال على بدلة واحدة ورثها‬ ‫عن أبيو عن جده مغاوري سالف الذكر‪ ،‬مث ؽلط شفاىو يف تردد‬ ‫ويغمغم‪ :‬ألبس البدلة الكحلي وال البدلة الكاكي؟؟‬ ‫خَتا على لبس البدلة الرصاصي اليت ال يوجد غَتىا أصالً كما‬ ‫يستقر أ ً‬ ‫ذكرنا‪ ،‬يستعد للذىاب إىل العمل‪ ،‬ولكنو يتذكر أنو مليونَت‪ ،‬وأنو ال‬ ‫يوجد مليونَت بشحمو وحلمو يذىب إىل العمل!‬ ‫ؽلر يف الصالة ليجد صورة سنية حبيبتو اليت ػلبها منذ أف سكبت عليو‬ ‫‪30‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫جردؿ ادلياه غَت النظيفة أثناء مروره بالشارع حيث رمى كيوبيد بسهم‬ ‫احلب من أوؿ نظرة‪...‬‬ ‫يغمغم "أنا حبب سنية‪ ..‬سنية ىتبقى مرايت" على طراز "أنا مش قصَت‬ ‫قزعة أنا طويل وأىبل‪" ..‬‬ ‫يفتح عباس الثالجة ليخرج حلة ادلكرونة اليت يقضي عليها خالؿ ثو ٍاف‬ ‫ألنو تأكد ‪-‬دبا ال يدع رلاالً للشك‪ -‬أف اإلفراط يف األكل ال يسبب‬

‫سباما‬ ‫السمنة‪ ،‬وإظلا اعتقاده بذلك فقط ىو ما غللبها لذلك ذباىل ذلك ً‬ ‫وقضى على حلة ادلكرونة يف زمن قياسي ‪ ..‬مث يلتهم قطعتُت من‬ ‫البسبوسة يف هن ٍم شديد‪.‬‬ ‫يشعر عباس بوعكة صحية نتيجة العك أعاله‪ ،‬ومحوضة زائدة؛ فيقرر أال‬ ‫ساسا غَت مريض‪ ،‬ولكن اعتقاده‬ ‫يتناوؿ أي دواء ألنو اآلف يعلم أنو أ ً‬ ‫يضا؛ لذلك‪ ،‬فلقد ترفع عن تلك التفاىات‪..‬‬ ‫بادلرض ىو ما غلعلو مر ً‬ ‫يضا دليعاد طبيب العيوف السنوي‪ ،‬وسيكتفي بًتديد "أستطيع‬ ‫لن يذىب أ ً‬ ‫أف أرى بوضوح‪ ،‬أستطيع أف أرى بوضوح‪ ،‬إنٍت أرى اآلف‪ ،‬إنٍت أرى‬ ‫‪32‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫نظرا حادا أحد من‬ ‫اآلف!!" دلدة مخسُت مرة يوميا‪ ،‬وسيكتسب برباعة ً‬ ‫الصقر نفسو!‬ ‫يبتسم عباس ويشعر بسعادة رائعة‪ ،‬ويلعن كل من سبقوه‪ ،‬ويتعجب من‬ ‫غبائهم كيف أهنم مل يعرفوا ذلك السر الذي اكتشفتو السيدة‬ ‫األسًتالية روندا بايرف ‪-‬رضي اهلل عنها وأرضاىا‪ ،-‬وكيف ظلوا يزحفوف‬ ‫يف ركب الوىم طيلة حياهتم وحياة من قبلهم‪..‬‬ ‫ينظر مرة أخرى إىل الشيك بقيمة ادلليوف دوالر يقبلو ويناـ!‪...‬‬

‫‪33‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫واحد وعرشينيات‬

‫كلما فزت ٍ‬ ‫بعاـ‪..‬‬ ‫خسرت مهجيت عامًا وأبقت صدأهْ‬

‫أمل دنقل‬

‫مل أسبتع ببنية قوية‪ ،‬ومل يكن بصحبيت من ؽلنع اآلخرين من مضايقيت‪..‬‬ ‫ولكن ضربتو حلد ما عدمتو!‬ ‫ت‪..‬‬ ‫انصرفَ ْ‬ ‫اشتكتٍت أمو للمدير‪ ،‬فوخبٍت‪ ،‬وحينما َ‬ ‫إيل ومرر يده فوؽ رأسي وضحك وقاؿ "اللي يضربك متسيبوش!"‬ ‫نظر ّ‬

‫عاما ال أدري ىل عاشتٍت أـ عشتها؟‪..‬‬ ‫واحد وعشروف ً‬

‫‪34‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫دلاما‪ ،‬ومل أشجع األىلي وال‬ ‫مل أكن طفالً عاديا‪ ،‬مل ألعب الكرة إال ً‬ ‫الزمالك‪ ،‬مل أحلق شعري على طراز حسن كابوريا‪ ،‬ومل أحب بنت‬ ‫اجلَتاف! (حسنًا ردبا ألنو مل توجد ابنة اجلَتاف قط)‪..‬‬ ‫دائما‪..‬‬ ‫وعلى النقيض فلم أكن ذلك الولد ادلؤدب الصغَت ً‬ ‫فلقد تفوىت أحيانًا باأللفاظ القبيحة‪ ،‬ورقصت ادلكارينا‪ ،‬وعاكست‬ ‫يدـ طويالً‪..‬‬ ‫البنات‪ ،‬وتورطت يف مشاجرات‪ ،‬على أف ذلك مل ُ‬

‫ولكن محلت يف نفسي تناقضات احلياة واجملتمع والذات‪.‬‬ ‫**‬ ‫يسألٍت يف حَتة‪ :‬أنا نفسي اعرؼ انت بتذاكر امىت!!‬ ‫**‬ ‫كنت أقضي وقيت بادلكتبة معظم أعواـ الدراسة‪..‬‬ ‫منذ السنوات القليلة األوىل يف ادلدرسة االبتدائية وقصص األنبياء‬ ‫لألطفاؿ حىت ‪ Oliver Twist‬و ‪ Macbeth‬يف ادلرحلة الثانوية‪،‬‬ ‫دائما‪...‬‬ ‫أجدت التفوؽ‪ ،‬كنت و ً‬ ‫احدا من األوائل ً‬ ‫يف سنوات االبتدائي اخلمس‪ ،‬كنت األوؿ على ادلدرسة (باستثناء سنة‬ ‫ِ‬ ‫ت دبرض يف أذين‪ ،‬أثر على دراسيت‪ ،‬وتزحزحت عن‬ ‫رابعة‪ ،‬حيث أُصْب ُ‬ ‫القمة ٍ‬ ‫بثالث وعشرين درجة)‬

‫يف سنوات اإلعدادي‪..‬‬

‫‪35‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫احدا من الثالثة األوائل يف السنوات الثالث‪..‬‬ ‫كنت و ً‬ ‫يف أيب وال أمي‪ :‬سيب اللي بتعملو ده وقوـ ذاكر‪ ..‬قط‬ ‫مل يصرخ ّ‬ ‫الرسم‪ ،‬وعزفت ادلوسيقى على ثالث آالت سلتلفة‪ ،‬وتعلمت‬ ‫ُ‬ ‫أجدت َ‬ ‫اخلط‪..‬‬ ‫قرأت الشعر وألقيتو‪ ،‬وشاركت يف فريق التمثيل وادلسرح والصحافة‪..‬‬ ‫أخرجت‪ ،‬ومثّلت‪ ،‬وكتبت السيناريو‪..‬‬

‫تزعمت فرؽ اخلطابة‪ ..‬وكنت الطالب ادلثايل‪ ،‬أمُت ارباد الطالب‬ ‫للمدرسة‪ ،‬واإلدارة‪ ،‬عبقري الكمبيوتر وفىت الكشافة‪ ،‬حىت أنو كاف يل‬ ‫أصدقاء بادلراسلة!‬ ‫سافرت إىل اخلارج‪ ،‬وقابلت وزير التعليم عدة مرات‪ ،‬وصافحت رئيس‬ ‫الوزراء‪ ،‬وماما سوزاف‬ ‫فعلت كل ما ؽلكن القياـ بو‪ ..‬باختصار كنت الًتكيبة الصعبة!‬

‫**‬ ‫"اللي يسألك انت جبت كاـ متقلوش‪ ،‬قلو صلحت وخالص!"‬ ‫أمي يف زلاولة إلبعاد احلسد عن ابنها الصغَت‪.‬‬ ‫**‬ ‫‪36‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫يف الصف الثالث اإلعدادي أجلس وخلفي ‪ 3‬فتيات‪..‬‬ ‫أشعر بالوحدة يف حفل التكرمي‪ ،‬كالمهم ؼلًتؽ أذين "أنا جبت ‪5,79‬‬ ‫‪"%‬‬ ‫ابتسمت ووجدهتا فرصة جيدة للتعارؼ وادلشاركة‪ ،‬التفت وقلت بكل‬ ‫غباء" وأنا كماف جبت ‪" % 5,79‬‬ ‫بصويل بقرؼ ‪ ..‬واكتفوا بتعبَتات الوجو‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫**‬ ‫درست األحياء يف الصف الثاين الثانوي على عكس معظم زمالئي‬ ‫الذين آثروا السالمة‪ ،‬واتبعوا سياسة القطيع ودرسوا الكيمياء ‪..‬‬ ‫وسرت أنا يف قطي ٍع اجتماعي أكرب بنرجسية منقطعة النظَت حُت بررلتٍت‬ ‫ثقافة اجملتمع السائدة على قاعدة "الشاطر يبقى دكتور" ‪..‬‬ ‫وأصبحت صاحب أطوؿ قرنُت‪ ..‬حُت وقعت يف ىذا الفخ وأنا أعتقد‬ ‫أين "جبت الديب من ديلو!"‬ ‫**‬ ‫عاماَ‬ ‫يسقط اجلفناف ‪ ..‬عن عشرين ً‬ ‫وأنػػاـ من نفسي ألىػرب‬ ‫‪37‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫التئاما‬ ‫ال أريد جلرحي العطن ً‬ ‫انتقاما‬ ‫ال أريد سوى ً‬ ‫من ٍ‬ ‫بدف‬ ‫حطاماَ‬ ‫أضحى ً‬ ‫(خالد سليم)‬ ‫**‬ ‫أسًتجع بعض كلمات من ٍ‬ ‫مقاؿ يل‪..‬‬ ‫"وىكذا نقع يف ال َكرة‪ ،‬ولكن تلك ادلرة األسباب واضحة‪ ..‬أتسائل ىل‬ ‫مخسا من سنُت عمره الباليات‬ ‫من احلكمة أف ينفق اإلنساف ً‬ ‫جاىدا فك العقد‬ ‫باإلضافة إىل فاتورة الطبيب النفسي الذي سيحاوؿ ً‬ ‫مرورا بالرغبة يف ادلوت‪ ،‬واالنعزاؿ‪،‬‬ ‫النفسية من اكتئاب‪ ،‬وعتو‪ ،‬وإحباط ً‬ ‫والقلق‪ ،‬والتحوؿ إىل رأس محار! ( مع االعتذار للحمَت)‪ ..‬ليناؿ بعدىا‬ ‫صك الغفراف (الصيديل) ليجد نفسو أماـ سوؽ عمل ال عالقة لو‬ ‫باألحالـ الوردية اليت سعها مر ًارا وتكر ًارا من بعض ادلغرضُت‪ ،‬ويكتشف‬ ‫أهنا كانت أكرب خدعة يف التاريخ‪ ،‬حىت أهنا أفضل من خدعة حصاف‬ ‫طروادة الذي اخًتعو اإلغريق!‬ ‫‪38‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫عالقيت بالدراسة أصبحت ‪-‬بال مبالغة‪ -‬عالقة زوجية فاترة للغاية‪،‬‬ ‫وكأنٍت أنتظر شهادة البكالريوس ليكوف على ظهرىا ورقة الطالؽ‪..‬‬ ‫لألبد!‬

‫تعديل جنسربغ على القوانُت الثالثة للديناميكا احلرارية‪ :‬الؽلكنك أف‬ ‫تفوز‪ ،‬الؽلكنك أف زبسر‪ ،‬الؽلكنك أف تنسحب!"‬

‫**‬ ‫أرتاد وعلي يف الغروب‬ ‫وأشعل ادلاضي الرتيب‬ ‫أسبعن ادلرآة‪..‬‬ ‫كي أستطلع الوجو الغريب‬ ‫مازلت يا ىذا صبيا‬ ‫(خالد سليم )‬

‫‪39‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫**‬

‫حياتنا رلموعة من القرارات اليت يشكلها اآلخروف ويرسوهنا لنا‪ ،‬قد‬ ‫سباما‪ ..‬وخدعونا لنصدر‬ ‫نعتقد أننا من ازبذىا ولكن ىم ىيأونا لذلك ً‬

‫تلك القرارات يف نرجسية بالغة‪ ،‬وكأننا نريدىا حقا!‪..‬‬ ‫وكما يقولوف‪..‬‬ ‫" ‪The hardest part about moving forward is‬‬ ‫‪"!not looking back‬‬ ‫فإف اجلزء األصعب ىو عدـ النظر إىل الوراء‪ ،‬والتطلع لألماـ‪..‬‬ ‫**‬ ‫بعد "وإىل من قاده قدره‬ ‫كتبت يف إىداء ديواين الثاين الذي مل َير النور ُ‬ ‫العاثر ألف يقًتب مٍت فينالوُ أذى"‬ ‫أف يدخل بعض الناس حياتك بنقاء طفل‪ ،‬وطيبة أـ‪ ،‬وطهر قديسُت‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وؼلرجوا ٍ‬ ‫وقلوب مظلمة‪..‬‬ ‫بنفوس مهًتئة‪،‬‬ ‫سباما من حياهتم فقط لتعطيهم‬ ‫ولك فقط أف تراقبهم‪ ،‬وتتمٌت لو زبتفي ً‬ ‫جديدا خاليًا منك‪..‬‬ ‫صباحا ً‬ ‫ً‬ ‫‪41‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫شخصا كئيبًا‬ ‫جاىدا أف أصنع من نفسي‬ ‫قد يعتقد البعض أين أحاوؿ ً‬ ‫ً‬ ‫من الطراز الرفيع‪..‬‬ ‫وحقيقة األمر أف ذلك ػلدث دوف أي رلهود مٍت!‬ ‫ال أدري ردبا ىي العُت اليت كانت رباوؿ أمي محاييت منها‪ ،‬وردبا ىي‬ ‫فساد ذات البُت!‬

‫خذلت نفسي‪ ،‬وخذلت أحالـ اآلخرين يف‪.‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫لست أنا‪..‬‬ ‫عاـ وأنا ُ‬

‫‪40‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫حأمالت يف كيًٌِث األله ‪..‬‬ ‫يدىسك اإلحباط على‬ ‫ذروة األمل أف ؽلضغك اليأس بُت فكيو قبل أف‬ ‫َ‬ ‫قارعة الطريق‪..‬‬ ‫عجز اآلخرين يف التخفيف عنك‬ ‫وتستشعر َ‬ ‫**‬ ‫وحشة األمل أف تتأمل‪ ..‬وال تدري ما يؤدلك‪..‬‬ ‫أف يسلمك األمل إىل الصمت‪ ..‬ليحملك الصمت إىل مساحات أخرى‬ ‫سخيفا‪..‬‬ ‫جديدة‪ ..‬يكوف الكالـ عنها وفيها شيئًا ً‬ ‫ربدثت لنفسك‬ ‫َ‬ ‫حىت وإف عرفتو‪ ،‬رفضت احلديث عنو‪ ،‬وإف ربدثت عنوُ‬ ‫فقط‪..‬‬ ‫**‬ ‫مفضوحا يف أعينهم رغم احلذر‪،‬‬ ‫ذورة األمل أف ترى ما يقولو اآلخروف‬ ‫ً‬ ‫دوف أف ؽلر على ألسنتهم‪،‬‬ ‫أف يتنكر اآلخروف‬ ‫وتبتسم‪..‬‬

‫‪42‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫**‬ ‫تعريف االكتئاب‪ :‬أف يتوقف الزمن عن احلركة‪ ،‬لتعيش أنت يف السجن‬ ‫الذي ال يراهُ اآلخروف‪ ،‬حياة مؤبدة‪.‬‬ ‫**‬ ‫فعل واحد لك قد يغَت مصَت كل من يعرفك‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫تسطر تػاريخ اآلخرين‪..‬‬ ‫أنت ُ‬

‫‪43‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫كِاًني جِدل وجاوربسِن وأصياء أخرى‬ ‫ىكذا نقع يف احلب‪ ،‬وىكذا طلرج منو دبشاعر زلطمة ‪-‬يف أغلب‬ ‫األحياف‪ ،-‬وقلوب مهًتئة‪ ،‬وأحاسيس مستهلكة‪ ،‬نشعر باخلواء‪ ،‬والفراغ‬ ‫وكأننا "علبة بيبسي" فارغة دىستها مقطورة ربمل شعار أحد منظفات‬ ‫الغسيل على الطريق السريع‪ ،‬فيلتقطها أحد األطفاؿ ادلشاغبُت باجلوار‪،‬‬ ‫ويرميها بعدما يكتشف أهنا أصبحت بال فائدة!‬

‫"كل قصص احلب اليت خربهتا‪ ،‬مل يكن أبدًا من ادلمكن تفسَت كيف‬ ‫بدأت‪ ،‬وبعضها ال ؽلكن تفسَت هناياتو‪ ،‬وبرغم ذلك‪ ،‬حينما أفكر يف‬ ‫العاـ الذي ؽلضي كل شتاء‪ ،‬أوؿ ما أستحضره ىو وقوعي يف احلب وما‬ ‫تاله"‪.‬‬

‫رلهوؿ‬

‫وكل من ؽلر هبذه احلالة يشعر بالسخف الشديد يف زلاوالتو اليائسة يف‬ ‫منطقة أسباب وقوعو يف األسر الوعلي غَت ادلربر‪ ..‬ال ؽلكن تفسَت كيف‬ ‫‪44‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫ظهرت شرارة البدأ‪ ،‬ولكن ؽلكنك مراقبة النتائج وضرب الكف على‬ ‫الكف‪ ،‬مث التمتمة ببعض العبارات مثل "سبحاف اهلل!"‪،‬‬ ‫أو "كم أنا غيب ؟"‬ ‫*ادلنطق ىو الطريقة ادلنظمة للوصوؿ بثقة إىل االستنتاج اخلاطئ‬ ‫**‬ ‫فاصل‪..‬‬ ‫دلاذا ال يناؿ كل شخص ما يريد؟‬ ‫دلاذا ال تكوف كل النهايات سعيدة؟‬ ‫لإلجابة على ىذا السؤؿ تذكر أننا على األرض‪ ،‬وأف التلفاز ال يعرض‬ ‫فيلما ىنديا‪ ،‬وتفقد قانوف جامربسوف‪ ،‬ويف حالة أنك‬ ‫يف سهرة اخلميس ً‬ ‫سباما مثلي‪ -‬أو تعاين رىبة القراءة مثل بنت عمي الصغَتة؛‬ ‫كسوؿ ‪ً -‬‬ ‫فسأعطيك ىذا القانوف ىدية ال لشيء إال لكي أرى عالمات اإلحباط‬ ‫تغزو وجهك‪ ..‬كم أنا شرير!‬ ‫قانوف جامربسوف‪ :‬درجة احتماؿ حدوث أي أمر تتوافق بصورة‬‫عكسية مع درجة الرغبة يف حدوثو‪.‬‬ ‫**‬ ‫‪45‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫دائماً ىناؾ شئ يفسد ادلزاج‪ ..‬ويع ّكر صفوه‪..‬‬ ‫جيدا‪ ..‬أو صورتو ليست على‬ ‫فدائما التلفاز اجلديد‪ ،‬يكوف صوتو ليس ً‬ ‫ً‬ ‫تلك الدرجة من النقاء‪..‬‬ ‫القميص البٍت اللطيف‪ ،‬ذبد بو عيب صناعة‪..‬‬ ‫كثَتا‪ ،‬فإنك ال‬ ‫كثَتا‪ ،‬ردبا ال يهتم ألمرؾ‪ ..‬وإف اىتم ً‬ ‫الشخص الذي رببو ً‬ ‫رببو‪ ..‬وإف أحببتو واىتم ألمرؾ ذبده غَت مناسب!‬ ‫مؤخرا بعدما أمضيت وقتًا‬ ‫اذلاتف احملموؿ اجلديد ً‬ ‫سباما الذي اشًتيتو ً‬ ‫طويالً يف "التحويش" لو‪ ..‬ال لشئ إال للتجديد‬ ‫ذبده ال يدعم خاصية اجلافا‪ ..‬تبا ذلم‪..‬‬ ‫قانوف جولد‪ :‬إذا ناسبك مقاس احلذاء؛ فاحلذاء قبيح‪.‬‬‫**‬

‫*‪Farwell Sophie‬‬

‫أقوذلا بصوت متهدج سلتلط بنربة حزف ظاىرة ال زبطئها أذنك‪..‬‬ ‫دائما ما تكوف حلظات االفًتاؽ ذلا طقوس خاصة‪ ..‬ولكن ادلؤكد أهنا‬ ‫ً‬ ‫باختالؼ طقوسها تكوف مؤدلة‪ ..‬ولكن ينبغي أف نتمرس األمل‪ ..‬حىت‬ ‫يغدو شيئًا عاديا‪ ..‬وتغدو صفعتو إثارة روحية أكثر منها شيئًا مؤدلا 'األمل‬ ‫ً‬ ‫خَتا للعبد أف يتأمل'‪.‬‬ ‫مذموما دائما وال‬ ‫ليس‬ ‫مكروىا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أبدا‪ ،‬فقد يكوف ً‬ ‫‪46‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫حُت يعتق األمل فإنو ال يغدو شجنًا بقدر ما يفلسف ‪ ..‬سَتة عزاـ‬ ‫*ودلن ال يعرؼ صويف‪..‬‬ ‫ىي البطلة يف لعبة‪Hose of the Dead‬‬ ‫وداعا صويف‪.‬‬ ‫يتم قتلها على يد الوحش يف ادلستوى األوؿ‪ً ..‬‬

‫‪47‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫احلياة خنف األلِاح الزجاجيث‬ ‫طفل‪ ..‬مل تسته ِوهِ األلعاب قط‪ ..‬دلح لُعبةً يف متجر األلعاب اجملاور‪..‬‬ ‫ظل يراقبها كل يوـ بشغػف‪ ..‬كاف يلعن يوـ األحد ألف ادلتجر يغلق‬ ‫يزورىا يوميا‪ ..‬يراقبها من خلف‬ ‫أبوابو وػلوؿ دوف أف يراىا‪ ..‬كاف ُ‬ ‫األلواح الزجاجية‪..‬‬ ‫سأؿ ذات مرة صاحب ادلتجر عن اللعبة‪ ..‬وىذه ىي ادلرة الوحيدة اليت‬ ‫رآىا عن قرب قليالً‪..‬‬ ‫ظلت فكرة كسر األلواح الزجاجية تراوده‪ ..‬ولكن مل غلرؤ على االقًتاب‬ ‫‪..‬‬ ‫أبدا إف كانت ىي لُعبتو ادلناسبة أـ ال‪..‬‬ ‫مل يعلم ً‬ ‫أيضا‪ ..‬أهنا كانت لػُعبة!‬ ‫ومل يعلم ً‬

‫‪48‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫حصتحِن ىلع أرق‪..‬‬ ‫العالقة بيٍت وبُت النوـ تزداد محيمية ىذه األياـ‪ ،‬ال أعرؼ ىل ىو‬ ‫مفعوؿ االكتئاب حيث يغرؽ اإلنساف يف حبار ٍ‬ ‫جلية من النوـ الردئ‪ ،‬أـ‬ ‫ىو اذلروب من الواجبات الدراسية كطالب يف السنة النهائية‬ ‫(البكالريوس) قد وىن العظم منو واشتعل الرأس شيبًا‪ ..‬وأصبح ال غلد‬ ‫عزما‪ ..‬أـ أنو مزيج مقلق من كليهما‪..‬‬ ‫لالستذكار ً‬ ‫أكثر اللحظات اليت تؤرقٍت ىي حلظات ما قبل النوـ‪ ..‬حيث تتجرد من‬ ‫كل ما تتشاغل بو عن مشاكلك احلقيقية‪ ،‬وترقد وحدؾ يف سريرؾ‬ ‫لتتوحد مع آالمك‪ ..‬وؽلر شريط حياتك بالكامل بشكل سينيمائي أماـ‬ ‫عينيك مهما حاولت اذلروب منو‪ ،‬تصبح فجأةً وجبةً شهية لألفكار‬ ‫لتنهشك حيا‪ ،‬إىل احلد الذي يدفعك للبكاء‪ ،‬و ِ‬ ‫ابك ما استطعت؛ فلن‬ ‫تأخذىم بك شفقة وال رمحة‪ ،‬فهم يتدافعوف كما تتدافع األكلة إىل‬ ‫قصعتها‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫بصرخة مكتومة مل‬ ‫ترى أيهم ظفر بدم ٍع على خدؾ األيسر؟ وأيهم ظفر‬ ‫تستطع أف زبرجها؟ وأيهم ظل يعذبك حىت تسلم نفسك إىل النوـ من‬ ‫‪49‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫العذاب؟‬ ‫بيعا وال‬ ‫دائما كاف النوـ بضاعة سيئة يل‪ ،‬وذبارة كاسدة‪ ،‬ال أستطيع فيها ً‬ ‫ً‬ ‫شراءً‪ ،‬حىت حينما أمارسو‪ ،‬ال أمارسو كما ينبغي‪ ..‬فادلسألة تتعلق بالكم‬ ‫كبَتا‪..‬‬ ‫والكيف‪ ،‬والكيف ً‬ ‫دائما أقل من ادلرضي‪ ،‬وإف كاف الكم ً‬ ‫فسيصبح كالغثاء ال معٌت لو‪..‬‬ ‫أفتقد ذلك النوـ الذي كاف يأيت وحده ليالً‪ ،‬ليتسرب داخلي برفق‪،‬‬ ‫شهي‪ ،‬ليهرب مع أوىل‬ ‫ويطيب خاطري‪ ،‬ويغسل علومي‪ٌ ،‬‬ ‫خدر ٌ‬ ‫رقيقا‪،‬‬ ‫رقيقا‪،‬‬ ‫ويغادر ً‬ ‫اللحظات اليت يغزو فيها ضوء الصباح الغرفة‪ ،‬يأيت ً‬ ‫ُ‬ ‫وأقوـ كمولود جديد يستقبل احلياة ألوؿ مرة‪..‬‬ ‫احلب كالنوـ‪ ،‬كما يقوؿ زلمد العدوي "ال يػُْنتَػَزعُ وال يأيت معلبًا"‪..‬‬ ‫ولذلك أكره كليهما بكل ما أوتيت من كره‪ ..‬وكالعلا "سلطاف" ظامل‪..‬‬ ‫يأمر وينهى‪ ،‬وأنت ال حيلة لك‪ ،‬فإما أف تناؿ تذكرة السعادة‪ ،‬أو أف‬ ‫تصطف مع التعساء يف انتظار العفو السامي!‬ ‫أيضا‪ ،‬فهي إف كانت سيئة؛ فقد جعلتٍت أعاين دبا فيو‬ ‫أكره األحالـ ً‬ ‫‪51‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫متحسسا أطرايف‪ ،‬مث احتياجي لبضعة دقائق‬ ‫الكفاية خالؿ النوـ ألقوـ‬ ‫ً‬ ‫كي أتأكد من أنٍت مازلت على سريري‪ .‬وإف كانت وردية؛ فقد أعطتٍت‬ ‫بئرا‬ ‫إ ً‬ ‫حساسا مر ًيرا بالسعادة الوعلية ليزوؿ أثرىا سر ًيعا فور استيقاظي تارًكا ً‬ ‫نوما مسادلا‪ ..‬موتًا أصغر‪ ..‬بال أحالـ‪ ..‬فقط‬ ‫من األماين اجلافة‪ ..‬أفضلو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫موت وبعث مرةً أخرى‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫عمرو صبحي‬

‫يىميات كهل صغير السن‬

‫عىرو صتيح‬ ‫ُ ََْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ ٌ َْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ُْ ّْْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ريون‪ُ ،‬روحٍ مْلى ةِالصخب‪،‬‬ ‫ري ام ِ​ِتحال‪ ،‬مر خِالهل الكث ِ‬ ‫إنسان يف ِرط ِيف تعذِيب نفسِ ٍ‪ ،‬كث ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫َُ‬ ‫َويخِق ل ِنسكِيٌث‪.‬‬ ‫صدر يل‬

‫ادلهشة األوىل ‪ -‬ديوان شػري‪ -‬وايو ‪3112‬‬

‫يوويات كهل صغري السي ‪ -‬جمىوغة إلكرتوًية‪ -‬إبريل ‪3122‬‬ ‫بريدي‬ ‫‪amrsobhy@gmail.com‬‬ ‫موقيع‬ ‫‪http://www.amrsobhy.com‬‬

‫تعليقا على صفحة الكتاب على ‪Goodreads‬‬ ‫لطفا اترؾ ً‬ ‫ً‬

‫‪http://www.amrsobhy.com/books/kahl/‬‬

‫‪52‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.