35
ABCDEFG
c ba
X¹uJ « ‡ »«œü«Ë ÊuMH «Ë W UI¦K wMÞu « fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WO UIŁ V² WK KÝ
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ١٩٧٠-١٩٣٠
ﺗﺄﻟﻴﻒ
د .ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺎﺑﺮ اﻷﻧﺼﺎري
ac b
X¹uJ « ‡ »«œü«Ë ÊuMH «Ë W UI¦K wMÞu « fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WO UIŁ V² WK KÝ ﺻﺪرت اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩٧٨ﺑﺈﺷﺮاف أﺣﻤﺪ ﻣﺸﺎري اﻟﻌﺪواﻧﻲ ١٩٢٣ـ ١٩٩٠
35
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ١٩٧٠-١٩٣٠ ﺗﺄﻟﻴﻒ
د .ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺎﺑﺮ اﻷﻧﺼﺎري
½d³L u 1980
ABCDEFG
ا$ﻮاد ا$ﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ رأي ﻛﺎﺗﺒﻬﺎ وﻻ ﺗﻌﺒﺮ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻋﻦ رأي اﺠﻤﻟﻠﺲ
M M M M
ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ
٥
ﻣﻘﺪﻣﺔ
٧
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول: اﻹﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ
٢٣
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ: اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
٥٣
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ: رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
٦٩
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ: ﻋﻠﻰ ا$ﻔﺘﺮق ﺑ Cاﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ١١٧ ﺧﺎ6ﺔ و ﻧﺘﻴﺠﺔ: اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻟﻠﺤﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا$ﻌﺎﺻﺮة
١٣٧
ﻣﻠﺤﻖ: ﺷﻬﺎدات ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة
١٤١
ا;ﺮاﺟــﻊ
١٦١
اﻟﻬﻮاﻣﺶ
١٦٣
اﻟﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﺳﻄﻮر:
٢٠١
ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ
ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻟﻠﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻔﺘـﺮة اﳊـﺎﺿـﺮة ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻜـﺮ واﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ واﻻﺟـﺘـﻤـﺎع ،ﺛـﻢ اﺳـﺘـﺠـﻼء ﻣــﻼﻣ ـﺤ ـﻬــﺎ وﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ وﺗﻄﻮراﺗﻬﺎ اﻟﻼﺣﻘﺔ. ﻣﻦ أﻳﻦ ﺗﺒﺪأ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﳊﺎﺿﺮة? وﻣﺘﻰ ﻇﻬﺮت إرﻫﺎﺻﺎﺗﻬﺎ وﺟﺬورﻫﺎ وﲢﻮﻻﺗﻬﺎ? و Zاﺧﺘﻠﻔﺖ ﻋﻤﺎ ﺳﺒﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺘﺮات واﲡﺎﻫﺎت? ﻟﻘﺪ ﺗﺮدد ﻟﺪى ﻣﺆرﺧﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﳉﺪﻳﺪة أﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪأ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺳﻨﺔ ،١٩٤٥وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻤﻴﺖ »ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب« ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣـﻦ ﻛـﻮن ّ ﺧﺎرﺟﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌـﺮب ً اﳊﺮب ﺣﺪﺛﺎً أﻧﻔﺴﻬﻢ. وﻟﻘﺪ اﻛـﺘـﺸـﻔـﻨـﺎ ﺑـﻌـﺪ اﻟـﺒـﺤـﺚ أن ﺟـﺬور اﻟـﻔـﺘـﺮة ا;ﻌﺎﺻﺮة ﺗﺒﺪأ ﺑﺘﺤﻮﻻت ﻋﺮﺑﻴﺔ-إﺳﻼﻣﻴﺔ ذاﺗﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﻨﺬ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺎم ١٩٣٠ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺬت ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻣﺆﺷﺮات اﻷﺣﻴﺎء »اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ« ا;ﺴﺘﺠﺪ ﺑ nاﻟﺘﺮاث واﻟﻌـﺼـﺮ، وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺒﺎﻋﺪ اﻟﺘﻴﺎران اﻟﺴﻠﻔﻲ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ﺑ:n ،١٩٣٠ -١٩٢٠وﻛﺎدا ﻳﺆدﻳﺎن ﺑﺎﻧﺸﻄﺎرﻫﻤﺎ إﻟﻰ ﺗﺼﺪع ﺧﻄﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺎن اﻷﻣﺔ وﻛﻴﺎﻧﻬﺎ اﳊﻀﺎري. أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ أن ﻫﺬا اﻷﺣﻴﺎء اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ﻛﺎن qﺜﺎﺑﺔ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ وﺣﺠﺮ اﻷﺳﺎس ﻟﻼﲡﺎﻫﺎت اﻟﻘﻮﻣﻴـﺔ واﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ اﻟـﺼـﺎﻋـﺪة ﻓـﻲ اﳋﻤﺴﻴﻨﺎت ،واﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﻣﺤﻞ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ذات اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻐﺮﺑﻲ أو ا;ﺴﺘﻐﺮب. وﻟﻘﺪ وﺟﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻈﺮة اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ 5
أن اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ،ﻣﻦ ﻓﻜﺮﻳـﺔ واﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺗﻨﺪرج ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﲢﺖ »اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﺑﺠﺬورﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻘﻞ ،و ﺑ nﻣﺨﺘﻠﻒ ا;ﺆﺛﺮات ا;ﺘﺒﺎﻳﻨﺔ وا;ﺘﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻀﻤﺘﻬﺎ اﳊﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ »اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ« ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ. ﻫﺬه اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺗﺮد إﻟﻰ اﻟﻈﻬﻮر ،ﺑﻞ ﺗﻔﺮض ذاﺗﻬـﺎ ﺑـﻘـﻮة ،ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳﺘﻌﺮض اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻧﺸﻄﺎر اﳊﻀﺎري ﺑ nاﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺘﺮاث وﻣﺤﺎﻛﺎة اﻟﻐﺮب ،ﻓﺘﺤﻮل ﺟﺎﻫﺪة دون ﺗـﺼـﺪﻋـﻪ واﻧـﻘـﺴـﺎﻣـﻪ ،وﺗـﻌـﻴـﺪ اﻻﻟﺘﺌـﺎم ﺑـ nﻗـﺪzـﻪ وﺟـﺪﻳـﺪه ،و ﺑـ nﻣـﺎﺿـﻴـﻪ وﺣـﺎﺿـﺮه ،و ﺑـ nﺗـﻨـﺎﻗـﻀـﺎﺗـﻪ ﺻﻴﻐﺎ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺷﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎع ً وﺗﻌﺎرﺿﺎﺗﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪة ،ﻣﻮﻟﺪة 6ﺜﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﻫﺬه »اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﻜﻢ اﺠﻤﻟﺘـﻤـﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا. إذا ﺻﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ،وﻗﺪ ﺟﻬﺪﻧﺎ ﻟﺪﻋﻤﻪ ﺑﺸﻮاﻫﺪ ﻋﺪﻳﺪة ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻜـﻮن ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻣﻨﺎ qﺤﺎوﻟﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﺑﻔﻜﺮة ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﺗﺮاﺛﻪ وﺣﻀﺎرﺗﻪ وذاﺗﻴﺘﻪ ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن اﺧﻀﻊ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮات ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻦ ﺧﺎرج ﻧﻄﺎﻗﻪ اﳊﻀﺎري. وﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺪﻋﻮة ﻣﻠﺤﺔ ﻟﻠﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺬات اﳊﻀﺎرﻳﺔ .وﻓﻬﻤـﻬـﺎ ﻣـﻦ اﻟﺪاﺧﻞ واﺳﺘﻜﺸﺎف ﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ ،ﺑﻌﺪ أن أﺧﻔﻘﺖ ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﺤـﺪﻳـﺚ اﳋﺎرﺟﻲ وﻣﺎ ارﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﺮ ﻓﻜﺮي ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرب اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ. إن ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪﻋﻮة اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﺳﺘﻜﺸﺎف اﳉﺬور ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﺒﺤﺚ واﻟﻔﻜﺮ. ﻏﻴﺮ أن اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺬات ﻻ ﻳﻌﻨﻰ ﺗﻘﺪﻳﺲ اﻟﺬات ،وإ ﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻬﻤﻬﺎ وﲢﻠﻴﻠﻬﺎ وﻧﻘﺪﻫﺎ ﺛﻢ اﻻرﺗﻔﺎع ﺑﻬﺎ ﻧﺤﻮ »ذات« ﻣﺘﺠﺪدة أﻧﻀﺞ وأﺳﻤﻰ. ﻣﻦ ﻫﺬا ا;ﻨﻄﻠﻖ ﺣﺎوﻟﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﻮاﻧ nاﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺘـﻲ ﲢـﻜـﻢ ﻣـﺠـﺘـﻤـﻌـﻨـﺎ و6ﺜﻞ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ وﺗﻔﺴﺮ ﻣﺴﻠﻜﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﺳﻠﺒﺎ وإﻳﺠﺎﺑﺎ ،دون أن ﻧـﻀـﻌـﻬـﺎ ﻓﻮق ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻨﻘﺪ. دﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺎﺑﺮ اﻷﻧﺼﺎري اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ
6
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻨﺬ اﻟﻨﻬﻀﺔ وﺣﺘﻰ ١٩٣٠ أ -اﻹﺣﻴﺎء اﻟﺴﻠﻔﻲ
ﻣﻊ ﺗﻔﻜﻚ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟـﻌـﺜـﻤـﺎﻧـﻴـﺔ ،وﺗـﺼـﺎﻋـﺪ ﺣـﺮﻛـﺔ ردة اﻟﻔﻌﻞ أوﻻ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﺤﺪي اﻷوروﺑﻲ ،ﺑـﺪأت ّ ّ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ،ﻷن اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ا;ﻄﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟـﺼـﻮﻓـﻴـﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺒﺾ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﺑﻘﻲ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻣـﻦ ّ ﺣـﻴ ّـﻮﻳـﺔ اﻹﺳـﻼم .ﻓـﻈـﻬـﺮت اﳊـﺮﻛـﺔ اﻟـﻮﻫـﺎﺑـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﳉﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )ﻣـﻨـﺬ (١٧٤٤اﻟﺘﻲ ﻗﺎوﻣﺖ اﻟﻔـﺴـﺎد اﻟﻌـﺜـﻤـﺎﻧـﻲ ﺑـﻴـﺪ واﻟـﺒـﺪع اﺨﻤﻟـﺎﻟـﻄـﺔ ﻟـﻨـﻘـﺎء اﻟـﺴـﻠـﻔـﻴـﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻴﺪ اﻷﺧﺮى .ﺛﻢ ﺗﻠﺘﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻣﺴﻠﺤﺔ اﳉﺰاﺋﺮي ) (١٨٤٧ -١٨٣٢اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﺖ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ّ ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﺒﻌﺜﻬﺎ ﺟﺎء ﺻﻮﻓﻲ-ﺳﻨّﻲ، ﺛﻢ اﳊﺮﻛﺔ ا;ﻬﺪﻳـﺔ ) (١٨٩٨ -١٨٨١اﻟﺘﻲ ﻣﺜﻠﺖ ﺣﺮﻛـﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟـﺒـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻲ ﻓـﻲ اﻟـﺴـﻮدان ﺟـﺎﻣـﻌـﺔ ﻫـﻲ اﻷﺧـﺮى ﺑـ nروح اﳉ ـﻬــﺎد وﺣ ـﻤــﺎﺳــﺔ اﻟﺘﺼﻮف .ﺛﻢ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺴﻨﻮﺳﻴﺔ ﻓـﻲ ﻟـﻴـﺒـﻴـﺎ )-١٩١٢ (١٩٢٥ﺑﺎﳋﺎﺻﺘ nذاﺗﻴﻬﻤﺎ :ا;ﻘﺎوﻣﺔ واﻟـﺮﺟـﻌـﺔ إﻟـﻰ اﻷﺻﻮل.
7
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻟﻘﺪ ﺗﻮازت ﻓﻲ أﻏﻠﺐ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺎت ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺼﻤﻮد ا;ﺸ ّـﺮف وا;ﻘﺎوﻣﺔ ا;ﺴـﻠّﺤﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺿـﺪ اﻟـﻐـﺮب-وﻟـﻌـﻠّﻬﺎ أﻋﻨﻒ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺪﻋـﻤـﺔ ﺑـﺮوح اﳉـﻬـﺎد أﻇﻬﺮﻫﺎ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ-ﻣﻊ ﻇـﺎﻫـﺮة اﻹﺧـﻔـﺎق ﻓـﻲ ﲢـﻘـﻴـﻖ أيّ ا;ﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ أو اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب ﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻘﻮة ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ أو ّ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،أو ﺣﺘﻰ إدراك أﻫﺪاف اﻟﻐﺮب اﳊـﺪﻳـﺚ ) .(١ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ اﻟﺘﻘﻠﻴـﺪﻳـﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ-ﻣﺜﻼ-اﻟﺘﻲ ارﺗﺪت إﻟﻰ ﺟﺬورﻫﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻓﻌـﺎل ﻟـﻠـﺘـﻘـﻨـﻴـﺔ ﺎ ﻣﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﲢﻘﻴﻖ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻘﺪرة اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ واﻟﺘﻨﻈﻴﻢّ ، ورد اﻟﺘﺤـﺪي ) .(٢ﻟﻘﺪ وﻗﻌﺖ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﻓـﻲ إﺑـﻬـﺎم ﺗـﺎرﻳـﺨـﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑ nاﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻐﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ )وﻣﻦ وراﺛـﺔ ﺣـﻀـﺎرﺗـﻪ اﳊﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة( ،وﺑ nاﳊﻤﻼت اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ )وإرﺛﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨـﻲ اﻟـﻮﺳـﻴـﻂ( وﻫـﻲ ّ اﳊﻤﻼت اﻟﺘﻲ ﳒﺤﺖ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﺪﻫﺎ ،ﺛﻢ رﻛﺪت ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻄـﻤـﺌـﻨـﺔ إﻟـﻰ اﻧﺘﺼﺎرﻫﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،واﻟﻰ ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮب ا;ﺴﻴﺤـﻲ ،اﻷﻣـﺮ اﻟـﺬي ﻓـﻮت ﻋﻠﻴﻬﺎ إدراك ﻣﻌﻨﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﻗﺮون ﻣﻦ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ اﳉﺪﻳﺪة، وﻣﻦ اﻟﺘـﺤـﻮﻻت اﳉـﻮﻫـﺮﻳـﺔ ﻏـﻴـﺮ ا;ـﻌـﻬـﻮدة ﻣـﻦ ﻗـﺒـﻞ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻜـﺮ واﻻﺟـﺘـﻤـﺎع واﻟﺘﻘﻨﻴﺔ) .(٣وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أن ﺧﺴﺮت ﻣﻌﺎرك اﳊﺮب ،ﺑﻌﺪ أن ﻓﺎﺗﻬﺎ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﳊﻀﺎرة .وﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻧﻬﺎ اﺳﺘﻮﻋﺒﺖ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻷزﻣﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻬﺰاﺋﻢ ،إذ ﻟﻢ ﺗﻘﺪم اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪي ﺑﻌﺪ.
ب -اﻟﺘﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ
اﻟﺘﺤﺪي اﳋﺎرﺟﻲ-ﺑﺨﻼف اﻟﻘﺎﻧﻮن رد ّ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺘﺎﺑﻊ إﺧﻔﺎق اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ ّ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﻘﺪ -ﺟﺎءت ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺻﻼح اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ )اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ١٨٩٧-١٨٣٩ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒـﺪه ١٩٠٥-١٨٤٩اﻟﻜﻮاﻛﺒـﻲ (١٩٠٢-١٨٥٤ﻟﺘﻤـﺜّﻞ اﻷﺳﻠﻮب اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺘـﻘـﻠـﻴـﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺠﻤﻟﺎﺑﻬﺔ اﻟـﺘـﺤـﺪّي .ﻓﻘﺪ اﺗﻀﺢ أن اﻟـﺘـﺤـﺪّي ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ﺣﻀـﺎري وﻟﻴﺲ ﺑﻌﺴﻜﺮي أو دﻳﻨﻲ أو ﺳﻴﺎﺳﻲ .واﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻫﻲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣـﻴـﺔ ا;ﺜﻤﺮة ﻓﻲ ا;ﻮاﺟﻬﺎت اﳊﻀﺎرﻳﺔ. اﺣﺘﻜﺎﻛﺎ ً وﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ-ﻛﺸﺄﻧﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ-ﻇﻬﺮت ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﺑﺎﳊﻀﺎرة واﻷﻛﺜﺮ اﻧﻔﺘﺎﺣﺎ ﻋﻠﻰ ا;ﺆﺛﺮات اﳋﺎرﺟﻴﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻗﺒﻠﺖ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ اﳊﻜﻢ اﻷوروﺑﻲ وﻣﺆﺛﺮاﺗﻪ اﳊﺘﻤﻴﺔ وﺑﻌﺾ ﺗﺸﺮﻳﻌﻪ-ﺑﺨﻼف اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ-ﺟﺎﻫﺪة ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن ﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﺗﻠﻚ ا;ﺆﺛﺮات إﺳﻼﻣﻴﺎ ،وإﻟﺒﺎﺳﻬﺎ ﺑﺎ;ﺼﻄﻠﺢ اﻹﺳﻼﻣﻲ: 8
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
)اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺗﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ اﻟﺸﻮرى ،ا;ﻨﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺘﻮازى ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺎ ﻣﻊ ا;ﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﳊﺪﻳﺚ ﻳﻘﺎرن qﺒﺪأ اﻹﺟﻤﺎع اﻟـﻔـﻘـﻬـﻲ ،واﻟـﻀـﺮﻳـﺒـﺔ ﺑﺎﻟﺰﻛﺎة ..اﻟـﺦ( ) .(٤وﻫﻜﺬا ﺑﺪأت ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻫـﺪﻓـﻬـﺎ ﻫـﺬه ا;ﺮة ﺧﻠﻖ ﺻﻴﻐﺔ ﻣﺘﻮازﻧﺔ ﺑ nﻗﻴﻢ اﻹﺳﻼم وإﺷﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ،ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﻄﺮﻓ nﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﻫـﻤـﻴـﺔ ﺻـﺮاﺣـﺔ-إذ ﻻ zـﻜـﻦ وﺿـﻊ ﻧﻈﺎم إﻟﻬﻲ qﻮازاة ﻧﻈﺎم ﺑﺸﺮي ﺣﺴﺐ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻹzﺎن اﻹﺳﻼﻣﻲ-وﻟﻜﻦ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻨﻈﻴﺮ اﻟﺘﺒﺮﻳﺮي )) (٥أو اﳊﺠﺎﺟﻲ أو اﻻﻋﺘﺬاري( اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺒـﺪأ إرﺟﺎع اﻟﻘﻴﻢ وا;ﻨﺠﺰات اﻷوروﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﺟﺬور أو أﺻﻮل أو ﻗﺮاﺋـﻦ إﺳـﻼﻣـﻴـﺔ، )ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ا;ﺴﺘﻨﺪات اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻹرﺟﺎع ،أو اﻟﻔﺮوق اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑn ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻨﻈﻢ اﻷوروﺑﻴﺔ( .وإذا ﻛﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻗـﺪ ﺑـﺪأ ﻫﺬه ا;ﻌﺎدﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮل إن اﳊﻀﺎرة اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺗﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﻹﺳﻼم ،ﻓﺈن اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺪرﺳﺘﻪ ﻣﺎل ﺑﻄﺮف ا;ﻌﺎدﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﻘﺎل :إن اﻹﺳﻼم ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻪ اﳊﻀﺎرة ).(٦ وإذا ﺷﺌﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺘﻪ ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻫﻲ ﻟﻘﺎء آﺧﺮ ﻣﺘﺠﺪد ﺑ nﺗﺮاث اﻟﺸﺮق اﻷدﻧﻰ واﻟﻌﻘﻞ اﻷوروﺑﻲ )ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻪ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ( .وإن ﻣﺎ ﺣﺪث ﻫﻮ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ;ﻮﺟﺔ »ﻫﻴﻠﻴﻨﻴﺔ« ﺟﺪﻳﺪة ﻗـﺎدﻣـﺔ ﻫـﺬه ا;ﺮة ﻣﻦ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺜﻮب ﻋﺼﺮي .ﻏﻴـﺮ أن ﻫـﺬه اﻟـﻨـﻈـﺮة اﻻﺳـﺘـﻤـﺮارﻳـﺔ ﻳﺠﺐ أﻻ ﲢﺠﺐ ﻋﻨﺎ 6ﻴﺰ اﻟﻈﺮوف اﳉﺪﻳﺪة وﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻬﺎ .ﻓﻬﺬه ا;ﻮﺟﺔ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر ﺣﺮ ) ،(٧وﺑﻘﺮار ﻣﻦ اﳋﻠﻴﻔﺔ ﺑﺎﺳﺘﻘﺪام اﻟﻜﺘﺐ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ وإﻧﺸﺎء دور ﻟﺘﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ،وإ ﺎ ﲡﺘﺎح ﺑﺒﻮارج ﺣﺮﺑﻴﺔ ،وﺑﻀﻐﻮط ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻻ ﺗﺮد ،و ﺑﻔﻜﺮ ﻧﻘﺪي ﻋﻘﻼﻧﻲ ﺧﺎﻟﺺ ﺛﺎﺋـﺮ ﻋـﻠـﻰ اﻷﺻـﻮل اﻟـﻘـﺪzـﺔ ﺗـﺒـﺸـﺮ ﺑـﻪ اﻟﻜﺘﺐ واﳉﺎﻣﻌﺎت ،ﺷﺎء اﳋﻠﻴﻔﺔ أم أﺑﻰ .ﺑﻞ إن ﻫﺬه ا;ﻮﺟﺔ اﳉﺪﻳﺪة أﻃﺎﺣﺖ ﺑﺎﳋﻠﻴﻔﺔ واﳋﻼﻓﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ .وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄـﻊ ﻋـﺒـﺪ اﳊـﻤـﻴـﺪ أن ﻳـﺘـﻮاﻓـﻖ ﻣﻌﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ا;ﺄﻣﻮن ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .وﺣﺘﻤﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻈﺮوف اﳉﺪﻳﺪة أن ﻳﻠﻤﺲ اﻹﺳﻼم اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻇﻮاﻫﺮه ا;ﺎدﻳﺔ ا;ﺘﻔﻮﻗﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺪرك ﺟـﻮﻫـﺮه اﳊﻀﺎري اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻲ) .(٨ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺮف ا;ﺴﻠﻤﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء إﻟﻰ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﻔﻜﺮة ﻹﻏﺮﻳﻘﻲ ﺑﺼﻮرة ﺣﻤﻴﻤﺔ ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ذﻫﺎب ﺳﻄﻮة اﻹﺳﻜﻨﺪر ﺑﻘﺮون، وﻟﻢ ﻳﻀﻄﺮوا ﻟﻠﺨﻠﻂ ﺑ nاﳉﺎﻧﺒ ،nﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴـ nاﶈـﺪﺛـ nاﻟـﺬﻳـﻦ ﻇﻠﻮا ﻳﻨﺘﻘﻮن ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻣﺎ ﻳﺮوﻧﻪ ﺑﺎﻫﺮا أو ﻇﺎﻫﺮا ﻣﻦ أوﺟﻪ ﺣﻀﺎرﺗﻪ ﻛﺄﺳﺎﻟﻴﺒﻪ 9
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ دون اﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﺗﻠـﻚ اﻷﺳـﺎﻟـﻴـﺐ ﻣﻦ ﻏﺎﻳﺎت وﻣﻨﻄﻠﻘﺎت ،وﻣﻦ ﻧﻈﺮة ﻛﻮﻧﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻺﻧﺴﺎن واﳊﻀﺎرة واﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻈﺮات ﻏﻴﺒﻴﺔ) .وﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻮاﺟﻬـﺘـﻬـﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ وﻧﺎﻓﺬ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ أﻳﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻐﺮب اﳊﺪﻳﺚ(. وﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻨﻬﻀﺔ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﺤﺎوﻻت دﻋﻢ ا;ﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴـﺔ ﺑ nﺗﻮازن واﺧﺘﻼل ﺣﺴﺐ ﺣﺮﻛﺔ ا;ﺪ واﳉﺰر ﻓﻲ ﻣﺠﺮى ا;ﺆﺛﺮات اﻟﻐﺮﺑـﻴـﺔ. وﻛﻠﻤﺎ ﺟﺎءت ﻫﺬه ا;ﺆﺛﺮات ﺑﺘﺤﺪﻳﺎت أﻛﺒﺮ اﺿﻄﺮت اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻘﻴﺢ ﻓﻲ ﻣﻌﺎدﻟﺘﻬﺎ وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻹﺳﻼم-ﻋﻘﻠﻴﺎ وﻣﺪﻧﻴﺎ وﻋﻠﻤﻴﺎ ﺛﻢ دzﻘﺮاﻃﻴﺎ ﺛﻢ اﺷﺘﺮاﻛﻴﺎ ورqﺎ ﻣﺎرﻛﺴﻴﺎ-ﻣـﻦ أﺟـﻞ اﳊـﻔـﺎظ ﻋـﻠـﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻨﻄﻠﻘﻬﺎ اﻟﻨﻈﺮي ا;ﺒﺪﺋﻲ اﻟﻘﺎﺋﻞ :إن اﻹﺳﻼم ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺻﺤﻴﺢ وﺟﻮﻫﺮي وﺿﺮوري ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﲢﺘﻤﻪ ﺗﻄﻮرات اﻟﻌﺼـﺮ وﻣﺼﺎﻟﺢ اﳉﻤﺎﻋﺔ ).(٩
ج -اﲡﺎﻫﺎت اﻟﻌﻠﻤﻨﺔ واﻟﺮﻓﺾ
ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ ا;ﻠﻔﺘﺔ أن ﻋﺼﺮ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺮﺑـﻴـﺔ ﲢـﺪﻳـﺜـﻴـﺔ ﺧـﺎﻟـﺼـﺔ ﺗـﻌـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ اﻻﺳـﺘـﻴـﻌـﺎب اﻟـﻜـﻠّﻲ واﳉﻮﻫﺮي ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺈﺣﻼل اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ ﻣـﺤـﻞّ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻐﻴﺒﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻗﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻪ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﻔﺮدي اﳋﺎﻟﺺ .وﻣﺎ ﺑﺮز ـﺮدﻳﺔ وﻓﺌﺎت ﻣﺤﺪودة ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﺒـﻴـﺌـﺎت، ﺿﻤﻦ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه zﺜـﻞ ـﺎذج ﻓ ّ واﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ،أي ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻹzﺎن اﻷﺻﻮﻟﻲ. اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ّ وﻟﻌﻞ ﻣﺮدّ ذﻟﻚ ،ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ،ﻋﺪم ﻧﺸﻮء ﺗﻴﺎر ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ اﻹﺳﻼم ،أو ﻋﺪم ﺳﻤﺎح اﻹﻃﺎر اﳉﺎﻣﻊ ا;ﺎﻧﻊ ﻟﻠﺴﻼم ﺑﻈﻬﻮر ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻴﺎر. أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟـﻚ أنّ اﻟﺮاﻓﻀﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ-ا;ﺆﻫﻠﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎم qـﺜـﻞ ﻫـﺬا اﻟـﺪور-ﻗـﺪ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ اﻟﻌﺮﻓﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ اﻧﻐﻠﻘﺖ ﺑﻔﻌﻞ اﳊﺼﺎر واﻻﻧﻜﻔﺎء ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺖ ﻧﺰﻋﺘﻬﺎ ّ ﺗﻘﺒﻠﻬﺎ ﻟﻠﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ. اﻟﺬات ،دون ّ وﺑﺪت اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺴـﻨ ّـﻴﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻐﺮﺑـﻲ ﻣـﻦ ﺗـﻠـﻚ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﺪت ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ اﳊﺪﻳﺚ ﻧﻘﻀﺎ ;ﺮﻛﺰﻫﺎ اﻟـﻌـﺮﻓـﺎﻧـﻲ اﻟـﺴ ّـﺮي وﻟﻌﺼﻤﺔ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ اﳋﻔﻴﺔ (١٠). ّ 10
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
وﻫﻜﺬا ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻗﺪ ﻣﺜﻠﺖ ﺛـﻮرة ﻓـﻲ ا;ـﺎﺿـﻲ ﺿـﺪ اﶈـﺎﻓـﻈـﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ »ﻋﺮﻓـﺎﻧـﻲ« ،ﻓـﺈﻧـﻪ ﻟـﻢ ﻳـﻘـﺪر ﻟـﻬـﺎ أن ﺗـﺘـﺤـﻮّل إﻟـﻰ ﺛـﻮرة ﺑﺎ;ﻌﻨﻰ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﳊﺪﻳﺚ ;ﻔﻬﻮم اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﺬ إﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﻮاﻧﺐ أي ا;ﻌﺮﻓﺔ ﻓﺘﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺿﻮء اﻟﺘـﺤـﻠـﻴـﻞ واﻟـﻨـﻘـﺪ واﻟـﻨـﻘـﺾ وﻻ ﺗـﻘـﻒ أﻣـﺎم ّ ﺣﺎﺟﺰ ﻣﻦ ﺳﺮﻳﺔ أو ﻋﺼﻤﺔ. ﺳﺘﺘﺼﺪى ﻟﻠﻘﻴﺎم اﻻﻧﺘﻘﺎدﻳﺔ ﻟﻸﺳﺲ واﻷﺻﻮل ا;ﻬﻤﺔ إن ﻗﺴﻄﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه ّ ّ ّ ﺑﻪ »اﻟﻌﻠـﻤـﺎﻧ ّـﻴﺔ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أﻗﺮب إرﻫـﺎص ﻓـﻲ ﻓـﻜـﺮ اﻟـﻨـﻬـﻀـﺔ ﻋـﻦ ﻣﻨﺤﻰ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻴﺔ ،اﳉﺬرﻳﺔ واﻟﺸﺎﻣﻠﺔ. ﻛﺎن اﻟﻔﻜﺮ ا;ﺴﻴﺤﻲ ا;ﺸﺮﻗﻲ اﻟﻘﺪ ﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺪور رﺋﻴﺴﻲ-ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم- ﺿﻤﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ إدﺧﺎل ا;ﺆﺛﺮات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻬﻴـﻠـﻴـﻨّﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮق اﻷدﻧـﻰ، واﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑ nﻣﺴﻠﻤﺎت اﻟﻮﺣﻲ اﻟﺪﻳـﻨـﻲ) .ﻛـﻠـﻴـﻤـﺎن اﻹﺳـﻜـﻨـﺪري-١٥٠ : ?٢٥٠وأورﻳﺠ٢٥٤ -١٨٥ :nم( ﻛﻤﺎ واﺻﻞ رﺳﺎﻟﺘـﻪ ﻫـﺬه ّإﺑﺎن اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳـﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ،واﳉﻬﺪ اﻟﻔﻜﺮي ا;ﺴﺘﻘﻞ )ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺪى+: ٩٧٤م( .وﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻣﻮﻗﻌﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻫﺬا ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺎﻣﻲ واﻟﻌﻘﻞ اﻷوروﺑﻲ، ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ ﻣﺆﻫﻼ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮه ،ﻟﺪور اﻟﺮﻳـﺎدة ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﺟـﺎءت ا;ـﻮﺟـﺔ »اﻟﻬﻴﻠﻴﻨﻴﺔ« اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻦ أوروﺑﺎ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ-اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﻫﺬه ا;ﺮّة ،وﻣﻌﻬﺎ ﲡﺮﺑﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻬﻮدة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﲢﺪﻳﺪ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﳉﺪﻟﻴﺔ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻘﻞ ﺗﺴﺘﻨـﺪ إﻟﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻔﺼﻞ واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ واﻟﺘـﻔـﺮﻳـﻖ ﺑـﻴـﻨـﻬـﻤـﺎ ،وﺗـﺘـﺠـﺎوز ﻣـﺴـﺘـﻮى اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻖ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ .وﻫﻲ ﲡﺮﺑﺔ ﻛﺎن اﻟﻔﻜﺮ ا;ﺴﻴﺤﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﺤﻜﻢ ﺟﺬوره اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﺻﻼﺗﻪ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮب ،أﻗﺪر ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ و6ﺜﻠﻬﺎ واﻟﺘﺒﺸﻴﺮ ﺑﻬﺎ ).(١١ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺬا ﻧﺮى ﻣﺤﻮر اﻟﺼﺮاع ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻳﺘﺮﻛّﺰ ﺑn ّ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻳﻘﻈﺖ ﺗﻴﺎر »اﻟﺮﻓﺾ« اﻟﻔـﻜـﺮي وﺣـﺮﻛـﺘـﻪ) .وﻟـﻘـﺪ ﻛﺎﻧﺖ »اﻟﺮﻓﻀﻴﺔ« ﻟﺪى ا;ﺴﻠﻤ nﺑﺤﺎﺟﺔ-ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن-إﻟﻰ ﻣﻨﺒﻬﺎت ﻓﻜﺮﻳّﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ واﻹﺟﻤﺎع(. ﻏﻴﺮ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻐﺬّﻳﻬﺎ و6ﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﻣﺠﺮى ّ ﻳﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﺗﻴﺎر رﺋﻴﺴﻲ ﻓﺎﻋﻞ وإذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺮاﻓﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ا;ﺴﻴﺤﻲ ﻟﻢ ّ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ داﺧﻠﻪ وﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻓﻴﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ أﺳﻬﻢ ﻓﻲ دﻓﻊ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ-ﺑﺤﻜﻢ ﺻﺮاﻋﻪ ﻣﻌﻬﺎ )-(١٢ إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻻﺳﺘﻴﻌﺎب اﳉﺪي ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .ﻛﻤﺎ اﻧﻪ أﺳﻬﻢ- ﺿﻤﻦ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى-ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺗﻴﺎر إﺳﻼﻣﻲ ﲡﺪﻳﺪي ،ﻋﻠـﻤـﺎﻧـﻲ ا;ـﻴـﻞ ،ﺧـﺮج 11
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﻘ ّـﻴﺔ ﻋﺒﺪه-ﺑﻌﺪ أن ﺗﺘﻠﻤﺬ ﻋﻠﻴﻬﺎ-وﻣﺜﻞ ﻇﺎﻫﺮة اﺳﺘﺜﻨـﺎﺋـﻴـﺔ ﻫـﺎﻣـﺔ-وان ﺗﻜﻦ ﻣﺆﻗّﺘﺔ-ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ )وذﻟﻚ ﻣﺎ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻪ ﻓﻲ ﻓﻘﺮة ﺗﺎﻟﻴﺔ(. ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻣﻬّﺪت اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ا;ﺎدﻳﺔ ا;ﺒﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺟﻠﺒﻬـﺎ ﻟﺘﻘﺒﻞ اﻷﻓﻜﺎر ا;ﺎدﻳﺔ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻻﺣﻘﺔ .ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﻮن ا;ﺴﻴﺤﻴﻮن ّ ّ ّ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺎرﻛﺴﻴﺔ اﻟـﻨـﺰﻋـﺔ أﺳـﺎﺳـﺎ ،وﻏـﺎب ﻋﻠﻴﻬﺎ ا;ﻨﺤﻰ اﻟﺘﻄﻮري اﻟﺪاروﻳﻨﻲ واﻟﻘﻴﻢ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« إﺟﻤﺎﻻ ،إﻻ أن ﻣﺎ ﺟﻠﺒﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ،وﺗﻔﻜﻴﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﻄﻮري اﺷﺘﺮاﻛﻲ ،وﻧﺰﻋـﺔ »ﻳـﺴـﺎرﻳـﺔ ﻣﺒـﻜّﺮة« ) ،(١٣أﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻬﻴﺌﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺮب ﻟﺘﻘﺒﻞ ا;ـﺎرﻛـﺴـﻴـﺔ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﺑـﺬرت ﺑﺬورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت وﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ).(١٤ )ﺗﺮﺟﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻜﺪاش »اﻟﺒﻴﺎن اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ« إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﺎم .(١٩٣٣ وﻓﻜﺮﻳﺎ إﻟﻰ ً ﻏﻴﺮ أن اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ وا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻣﻌﺎً ﺑﻘﻴﺘﺎ ﻣﺤﺼﻮرﺗ nاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً )(١٥ اﳋﺎﺻﺔ ، ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎق اﻷﻗﻠﻴﺎت وﻓﻲ ﺣﺪود اﻟﺒﻴﺌﺎت ذات اﻷوﺿﺎع ّ »وﻟﻢ ﻳﻨﻢ ﺗﻴﺎر ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ أو ﻣﺎرﻛﺴﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ ،ﻣﺘﺄﺻﻞ وراﺳﺦ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ واﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ-ﻷن اﻟﻔﻜﺮﺗ nﻟﻢ ﺗﻨﺤﺴﻢ ﻋـﻼﻗـﺘـﻬـﻤـﺎ ﺑـﺎﻹﺳـﻼم ﺑـﺼـﻮرة ﻧﺎﺟﻌﺔ .وارﺗﺒﻄﺖ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً وإﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﺑﺎﻟﻐﺮب اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ )اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري( ،ﻛﻤﺎ ارﺗﺒﻄﺖ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ ذاﺗﻪ ﺑﺎ;ﻌﺴﻜﺮ اﻟﺸﻴـﻮﻋـﻲ ا;ﻠﺤﺪ« ).(١٦ ﻫﺬه اﻷﺳﺒﺎب ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﺧﻠﻘﺖ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻓﻲ اﻟﺬﻫﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺴﻠﻢ- ﺻﻮاﺑﺎ أو ﺧﻄﺄ-ﺑ nاﻟﺘﻴﺎر اﻟﻌﺼﺮي اﳉﺪﻳﺪ ،ﺑﺮاﻓﺪﻳﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ وا;ﺎرﻛـﺴـﻲ، وﺑ nاﻟﻨﻤﻂ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ أ ﺎط اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻘﺪ ،وﻫﻮ ﻂ اﻟـﺮﻓـﻀـﻴـﺔ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ، واﻟﺒﺪﻋﺔ واﻷﳊﺎن .ﻓﻠﻘﺪ ﺟﺎء اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺮاﻓﺾ اﳉﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﻀﺎرة ّ ﻏﻴﺮ إﺳﻼﻣﻴﺔ ،ذات ﻣﺘﺮع ﻋﻘﻠﻲ اﻧﺘﻘﺎدي ﻣﺘﺤﺮر ﲡﺎه اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ،وارﺗﺒﻂ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا;ﺴﻠﻤﺔ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ ﻏﻴﺮ إﺳﻼﻣﻴﺔ ،أو ﻏﻴﺮ ﺳﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ، واﺗﺨﺬ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻠﻪ اﻷوﻟﻰ ﻣﻮﻗﻔﺎ اﻟﻨﻘﺾ اﻟﺼﺮﻳﺢ ﻟﻺﺳﻼم. ـﺪ وﻃﺄة ﻣﻦ اﻟﺮﻓﻀﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ )اﻟﺘـﻲ ﺣـﺎﻓـﻈـﺖ ﻋـﻠـﻰ ﻓﻜﺎن ﻟﻬﺬا ﻛـﻠـﻪ أﺷ ّ اﳊﺎﺳﺔ اﳋﺎﺻﺔ( .وﻛﺎن ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ اﺳﺘﻴﻘﺎظ اﻧﺘﻤﺎﺋﻬﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ّ ّ ﻟﻸﻣﺔ ﺑ nﻣﺘﺮع اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ وﺣﺼﻮل اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﻀﻮر اﳉﻤﺎﻋﻲ ّ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ اﳉﺬري اﳋﺎﻟﺺ ا;ﻨﺎﻫﺾ ﻟﻠﺴﻼم ،وﺑ nﺗﻴﺎر اﻟـﺒـﺪﻋـﺔ واﻹﳊـﺎد، ﺑﺎﻟﺘﻴﺎرﻳﻦ اﻟﻘﺪ nzا;ﺘﺠﺪّدﻳﻦ ّ ﺧﺎﺻﺔ وان اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺮﻓﻀﻲ اﳉﺪﻳﺪ ﺟﻮﺑﻪ أﻳﻀﺎ ّ 12
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
ذاﺗﻴﻬﻤﺎ :اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ واﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻘـﻴـﺔ .وأﺻـﺒـﺢ ﻓـﻲ ﺣـﻜـﻢ اﶈ ّـﺘﻢ ﻋﻠﻴـﻪ-ﻟـﻸﺳـﻮأ أو ﻟﻸﺣﺴﻦ-أن ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﺮاع اﻟﻔﻜﺮي ،ا;ﺜﻠﺚ اﳉﻮاﻧﺐ ،ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وأن ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻮﻗﻌﻪ اﻟﻘﺪ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ واﻟﺸﺎذّ ،ﺑ nﺗﻴﺎرﻳﻬﺎ اﻵﺧﺮﻳﻦ ).(١٧ وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ أن ﻳـﺘـﻄـﺎﺑـﻖ اﻟـﺘّﻴﺎر اﻟﺪاﻋﻲ ﻻﻋﺘـﻨـﺎق أﻣﺔ ﻣﻦ اﻷ ﻣﻊ ﺗﻘﻠﻴﺪ اﻟﺒﺪﻋﺔ واﻟﺰﻧﺪﻗﺔ واﻹﳊﺎد اﳊﻀﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ّ وﻳﺘﻮﺟﺐ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ .ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮة ﻗﺎﺋﻤﺔ ّ ﻋﻠﻤﻴﺔ )ﺛﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻣﻬﺎم اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ذاﺗﻪ أن ﻳﺘﺼﺪى ﻟﻬﺎ ﺑﺎ;ﻌﺎﳉﺔ(.
اﻟﺼﺮاع ﺑﲔ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻋﺒﺪه وﺗﻐﺮﻳﺒﻴﺔ ﻛﺮوﻣﺮ:
اﻟﺘﺤﺪي اﻷوروﺑﻲ ،اﳊﻀﺎري واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ أن ﺗﺼﻤﺪ ﻗﻮة ّ ﻛﺎﻧﺖ ّ ﻟﻬﺎ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وﻣﻌﺎدﻟﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺑﻌﺪ أزﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻓﺮ واﻟﻌﺪاء اﳉﻤﻊ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﺻﻴﻐـﺔ ﺗـﺼـﺎﳊـﻴـﺔ واﺣـﺪة .ﻓـﻤـﻦ ١٨٨٢ﻋﺎم اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ;ـﺼـﺮ إﻟـﻰ ١٩١٨ﻋﺎم اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ-اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻴـﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،إﻟـﻰ ١٩٢٤ﻋﺎم إﻟﻐﺎء اﳋﻼﻓﺔ ،اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻐـﺮب ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ أن ﻳـﺼـﻔّﻲ اﻟﻜﻴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ا;ـﻮﺣـﺪ ﻧـﻬـﺎﺋـﻴـﺎ-ﻷوّل ﻣﺮة ﻓـﻲ اﻟﺘﺎرﻳـﺦ )-(١٨وأن ﻳﺤﻜﻢ أﻗﻄﺎر اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑـﻲ ﺣـﻜـﻤـﺎ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮا ،وأن ﺑـﻔـﺮض أﺳﻠﻮﺑﻪ ﻓﻲ اﻹدارة واﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ،وﻣﻨﻬﺠﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،و ﻄﻪ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد وأن ﻳﻠﺤﻖ ا;ﻨﻄﻘﺔ ﺑﺪورﺗﻪ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟـﻌـﺎ;ـﻴـﺔ ﻣـﺼـﺪرا ﻟـﻠـﻤـﻮاد اﳋـﺎم ،وﺳـﻮﻗـﺎ اﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ;ﻨﺘﺠﺎﺗﻪ ،و ﺮا اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎ ﻟﻄﺮق ﲡﺎرﺗﻪ ).(١٩ وأﺻﺒﺤﺖ ﻣـﺆﺛّﺮاﺗﻪ اﳊﻀﺎرﻳﺔ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻨﻔﺬ إﻟﻰ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌـﺎت اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﺑﻘﻮة واﻧﺪﻓﺎع دون أن ﻳﻜﻮن أﺧﺬه اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت ﺣـﺮّﻳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر أو اﻟﺮﻓﺾ ﻓـﻲ ﻇﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﺘﻤﺎﺳـﻜـﺔ .وﻧـﺘـﺞ ﻋـﻦ ذﻟـﻚ ﺳـﻮء اﺳـﺘـﻴـﻌـﺎب ّ أدى إﻟﻰ ارﺗﺒﺎك واﺿﻄﺮاب ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌـﺎت? وﻫﻀﻢ ﻟﻠﻤﺆﺛّﺮات اﻟﻐﺮﺑﻴـﺔ ّ ( ٢٠ ) ـﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺑ nﻣﻮروﺛﻬﺎ وﺟﺪﻳـﺪﻫـﺎ ،ﻫﻮ اﻟﺘﻮازن اﻟﺬي ّ واﺧﺘﻞ اﻟﺘﻮازن إﻟﻰ ﺣ ّ اﻟﺘﺤﺪي اﻟﻐﺮﺑﻲ. ﻃﻤﺤﺖ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻋﺒﺪه ﻹﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ وﺟﻪ ّ و ﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ا;ﻘﺎرﻧﺔ اﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ذاﺗـﻬـﺎ اﻟـﺘـﻲ ﻇـﻬـﺮت ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻛـﺘـﺎﺑـﺎت ّ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه داﻋﻴﺔ ﻹﺣﻴﺎء اﻹﺳﻼم ﻣﺎ ﺑـ ،١٩٠٥-١٩٠٠ nﻛﺎن اﻟﻠﻮرد ﻛﺮ وﻣﺮ، أﺑﺮز ﺣﺎﻛﻢ ﻏﺮﺑﻲ »ﲢﺪﻳﺜﻲ« ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻳﻨﺸﺮ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻋﺎم ١٩٠٨ﻳﺰﻋﻢ 13
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻓﻴﻪ أن اﻹﺳﻼم إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻴﺘﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﻃﻮر اﻻﺣﺘﻀﺎر اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ، وأن ﺗﺪﻫﻮره ا;ﺘﻮاﺻﻞ ﺣﺴﺐ زﻋﻤﻪ ﻻ zﻜﻦ إﻳﻘﺎﻓﻪ ﻣﻬﻤﺎ أدﺧﻠﺖ ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻣـﻦ إﺻﻼﺣﺎت ﲢﺪﻳﺜﻴﺔ ﺑﺎرﻋﺔ ،ﻷن اﻟﺘﺪﻫﻮر ﻛﺎﻣﻦ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ-ﻣـﻨـﺬ اﻷﺻﻞ-وﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﺼـﻴـﺺ دور ﻣـﺘـﺨـﻠّﻒ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ، وﻋﻠﻰ اﻟﺘﻐﺎﺿﻲ ﻋﻦ ﻧﻈـﺎم اﻟـﺮقّ ،وﻋﻠﻰ ﺟﻤﻮد اﻟﺸﺮع وﻗﻄﻌ ّـﻴﺔ اﻟﻌﻘﻴـﺪة ).(٢١ وإﻧﻪ ﻻ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺪون اﻹﺳﻼم) .وﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻠﺨﺺ أﻓﻜﺎر اﻟﻐﻼة ﻣﻦ ا;ﺴﺘﺸﺮﻗ nا;ﻌﺎدﻳﻦ ﻟﻺﺳﻼم(. وﻧﺤﻦ إذا ﻗﺎرﻧﺎ ﺑ nاﻟﻘﻮة اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻛﺮ وﻣﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ- وﻣﻦ وراﺋﻪ دوﻟﺘﻪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧـﻴـﺔ وﺣـﻀـﺎرﺗـﻪ اﻷوروﺑـﻴـﺔ-واﻟـﻘـﻮّة اﶈﻠّﻴﺔ ا;ﻐـﻠـﻮﺑـﺔ وا;ﺸﺘﺘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺎول ﲡﻤـﻴـﻌـﻬـﺎ ﻣـﺤـﻤّﺪ ﻋﺒﺪه ،ﺗﺒ nﻟﻨﺎ ﻣـﺪى اﻻﺧـﺘـﻼل ﻓـﻲ ا;ﻌﺎدﻟﺔ ﺑ nاﳉﺎﻧﺒ nواﺳﺘﻄﻌﻨﺎ أن ﻧﺪرك ﻣﻐﺰى روح ا;ﻬﺎدﻧﺔ اﻟﺘﻲ أﻇﻬﺮﻫـﺎ ﻋﺒﺪه ﲡﺎه ﻛـﺮ وﻣـﺮ ) ،(٢٢وﻫﻲ اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘـﺤ ّـﻮل إﻟﻰ ﻧﺰﻋﺔ ﻗﺒـﻮﻟ ّـﻴﺔ ﺷﺒـﻪ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻷوروﺑﻲ وﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ وﻧﻈﻤﻬﺎ ﻟﺪى اﻟﻔﺮع اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ﻣﻦ )ﻣﺘﻮﻓﻰ ،(١٩٢٧ﻃﻪ ﺣﺴn اﻟﺴﻴﺪ ) ،(١٩٦٣-١٨٧٢ﺳﻌﺪ زﻏﻠﻮل ﻣﺪرﺳﺘﻪ ﻟﻄﻔﻲ ّ ّ ) ،(١٩٧٣-١٨٨٩إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ ) ،(١٩٦٢ -١٨٩١اﻟﺬي اﲡﻪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﻋﺒﺪه إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻧﻈﺮة ﻛﺮ وﻣﺮ ﺑﺸﺄن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳـﺪ وﻃـﺮﻳـﻘـﺔ ﻣـﻌـﺎﳉـﺔ أزﻣـﺔ اﻹﺳﻼم. اﺠﻤﻟﺪدون ﺑﻌﺪ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻔﺘﺮة وﺟﻴﺰة ،ﻟﻜﻦ وﻗﺪ ﺑﺮز ﻫﺆﻻء ّ ﺗﺄﺳﺲ ﺣﺰب ﺳﻴﺎﺳﻲ اﻻﲡﺎه اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻲ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻻح ﻗﺒﻞ اﳊﺮب .ﻓﻔﻲ ّ ١٩٠٧ اﻷﻣـﺔ« .وأﻓـﺮدت ﺻـﺤـﻴـﻔـﺔ اﳊـﺰب »اﳉـﺮﻳـﺪة« ﺟـﺪﻳـﺪ ﻋـﺮف ﺑـﺎﺳـﻢ »ﺣـﺰب ّ ﻟﻜﺘﺎب ﺷﺮﺑﻮا ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﻞ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ ...ﻛﺎن ﺑﻌﻀﻬـﻢ ﻣﻦ ﺣﻮارﻳﻲ ﺻﻔﺤﺎﺗﻬﺎ ّ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،أﻣّﺎ اﻵﺧﺮون ﻓﺘﻠـﻘّﻮا اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ أوروﺑّﺎ .وﺗﺄﺛّﺮ اﺛﻨﺎن ﻣﻨﻬﻢ ،ﻫﻤـﺎ اﻟﻠﺬان ﻟﻌﺒﺎ دورا ﺑﺎرزا ﻓﻲ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪﻳﺔ ﻃﻪ ﺣﺴ nوﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ّ )(٢٣ اﻟﺴﻴﺪ . ﺑﺎﻵراء اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻴﺔ ﻟﻠﻄﻔﻲ ّ اﻟﺴﻴﺪ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﺈن ﻃﺮﻳﻘﺔ وإذا ﻛﺎن ﻟﻄﻔﻲ ّ ﻣﻌﺎﳉﺘﻪ ﻟﻠﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ،وﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻪ ﺑـﺎﻧـﺘـﻬـﺎج اﻟـﻨـﻈـﺎم اﳊ ّـﺮي-أي اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ ﺣﺎﺳﺐ ﺗﺮﺟﻤـﺘـﻪ ﻟـﻪ )q (٢٤ﺎ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ وأﺳﺲ ﻓـﻠـﺴـﻔ ّـﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ ،ﻛﻠّﻬﺎ أﻣﻮر ﻳﺴﺘﺸﻒ ﻣﻨﻬﺎ اﲡﺎﻫﻪ اﻟﻔﻜﺮي ﺑﺸﺄﻧﻪ ﻗﻀﻴﺔ اﻹﺳـﻼم واﻟﻌﻤﺮ واﻟـﻨـﺺّ اﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻧﺸﺮه ﻟﻄـﻔـﻲ اﻟـﺴـﻴّﺪ ﻋﺎم ١٩١٣ﻓﻲ »اﳉﺮﻳـﺪة« 14
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
ﻳﺤﺪه ﺑﺠﻼء» :ﻳﻌﻮزﻧﺎ ﻳﻮﺿﺢ أﻳﻦ ﻳﻘﻒ ﻓﻜﺮﻳﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺬﻫﺒﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي ّ ّ ﺷﻴﻮع اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ﻣﺼﺮ ﻻ zﻜﻨـﻬـﺎ أن ﺗـﺘـﻘـﺪّم ،إذا ﻛﺎﻧﺖ ﲡ ﻋـﻦ اﻷﺧـﺬ qﻨﻔﻌﺘﻬﺎ وﺗﺘﻮاﻛﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠـﻰ أوﻫـﺎم وﺧـﻴـﺎﻻت ﻳـﺴـﻤّﻴﻬﺎ ﺑﻌﻀـﻬـﻢ اﻻﲢـﺎد وﻳﺴﻤﻴﻬﺎ آﺧﺮون اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ« ).(٢٥ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ّ »اﳊﺮي« اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ا;ﺴﺘﻐﺮب اﻧﻄﻠﻘﺘﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا ا;ﻨﻄﻠﻖ اﳋﺎﻟﺺ qﻨﺰﻋﻪ ّ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﳉﺬري ،اﻟﺮاﻓﺾ ﻟﺮوح اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ،ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑ nاﳊﺮﺑ.n وﻟﻜﻨﻬﺎ وﻫﻲ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺪت-ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ-ﻣﻦ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ-ﻋﺒﺪه-اﻟﻜﻮاﻛﺒﻲّ ، ﲢﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﲡﺴﻴﺪ اﲡﺎه ﻧﻘﻴﺾ ﻟﻬﺎ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴـﺔ )ﻧـﻬـﺞ ﻛـﺮ ّ وﻣﺮ( ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ا;ﺪرﺳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ )ﺷـﻤـﻴّﻞ-ﻓﺮح أﻧﻄﻮن-ﻳﻌﻘﻮب ﺻﺮوف-ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ( ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﻔـﻜـﺮ ﻷول ّ وﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪﻳـﺔ ﺳـﻴـﺘـﻢ اﻟـﻠّﻘـﺎء ّ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﺬﻫﺒـﻲ واﺣـﺪ ،وﺳـﻴـﺘـﺒـﻠـﻮر ﻟـﺪﻳـﻨـﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﻮن« ،أو »اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ« ) .(٢٦وﻫﻮ ا;ﺼﻄﻠﺢ اﻟﻨﺎدر »ا;ﺴﻠﻤﻮن ّ ﻣﺼﻄﻠﺢ وﺟﺪ ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ اﻟﻮاﻗﻌﻲ و ﻮذﺟﻪ اﳊﻲ ﻓﻲ ﲡﺮﺑﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ، اﻟﺘﻲ 6ﺜﻞ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻨﺸﻮء ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ )ﺑـﺎﻹﺿـﺎﻓـﺔ إﻟـﻰ اﻹﺻـﻼﺣـﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. وﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑ ١٩٣٠-١٩٢٥ nﺗﺒﻠﻎ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ ذروﺗﻬﺎ وﺗﺴﺘﺠﻤﻊ زﺧﻤﻬﺎ ـﺄﻣﻞ ﻣﺆرخ ﺣﺎل اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﻠـﻚ اﻟـﺴـﻨـﻮات، وﻗﻮة دﻓﻌﻬﺎ ،ﺑﺤﻴـﺚ ﻟـﻮ ﺗ ّ ّ ﻟﺮﺟﺢ أن ا;ﻌﺮﻛﺔ ﺑ nاﻟﻘﺪ واﳉﺪﻳﺪ ،ﺑ nاﻹﺳﻼم واﳊﺪاﺛﺔ ،ﺑ nاﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ّ ﻻﺑﺪ أن ﻛﻞ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ اﳊﺎﺳﻤﺔ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر ﻧﻘﻴﺾ ﻋﻠﻰ آﺧﺮ ﺑﺼﻮرة واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ّ ـﻤﻊ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ ا;ـﺎﺛـﻠـﺔ ﲡ و ـﺮ ﺗ ـﻮا ﺘ ـ ﻟ و ـﺎ، ﻤ ـ ﻬ ﺑﻴﻨ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻋﻮدة ﻻ ﲢﺘﻤﻞ ّ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻣﺎ ﻳﺪلّ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺘﺎر اﻟﺘﺠﺪﻳﺪي اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻲ ا;ﻨﺪﻓﻊ ﻫﻮ ا;ﺆﻫّﻞ ﻟﻠﺤﺴﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ).(٢٧ أ -وﻛﺎن ﻣﻨﺼﻮر ﻓﻬﻤﻲ )ﻣﺘﻮﻓّﻰ (١٩٥٨ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ أﻃﺮوﺣﺘﻪ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﺎم ١٩١٣ﺑﻌﻨﻮان »ﺣﺎﻟﺔ ا;ﺮأة ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺗﻄ ّـﻮراﺗﻬﺎ« ﺑﺈﺷﺮاف ا;ﺴﺘﺸﺮق اﻟﻴﻬﻮدي ﻟـﻴـﻔـﻲ ﺑـﺮول )Levey- (١٩٣٩ -١٨٥٧ ا;ﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ;Bruhlوﻧﻬﺞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﻌﻠﻤﻲ، ّ ( ٢٨ ) اﻟﻮﺣﻲ ،ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻠﻮك اﻟﻨﺒﻲ وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ وﺗﺸﺮﻳـﻌـﺎﺗـﻪ .وﻓﻲ ﻋـﺎم ١٩٢٥ ﺗﺒﻌﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق اﳋﺮﻳﺞ اﻷزﻫﺮي ،واﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﺑﺈﺻﺪار 15
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻛﺘﺎب »اﻹﺳﻼم وأﺻﻮل اﳊﻜﻢ« ﻃﺮح ﻓﻴﻪ أﻳﺔ اﻟﻌـﻠـﻤـﺎﻧـﻴـﺔ ﻟـﻠـﻤـﺮة اﻷوﻟـﻰ ﻓـﻲ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺑﻌﺪ أن أﺻﺪرت اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﺘﻴّﺒﺎ ﺑـﺮّرت ﻓﻴﻪ ﳉﻮءﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻤﻨﺔ ﺑﺒﻌـﺾ ا;ـﺒـﺮّرات ا;ﺴﺘﻤـﺪّة ﻣﻦ ﻣﺒـﺎد¤ )(٢٩ ﻃﻮره ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق ﺑﺼﻮرة اﻹﺳﻼم ذاﺗﻪ .وﺗﻜﻤﻦ ﺧﻄﻮرة ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ّ ﻣﺮة ﻓﻲ ﻷول ّ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ وﻋﻤﻘﺎ وارﺗﺒﺎﻃﺎ ﺑﺄﺻﻮل اﻹﺳﻼم ،ﻓﻲ اﻧﻪ اﺳﺘﻨﺪ ّ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻰ ﺣﺠﺞ وﻣﺒﺮرات دﻳﻨﻴﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺿﻤﻦ إﻃﺎر اﻹzﺎن اﻟﺪﻳﻨﻲ ذاﺗﻪ، وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ ا;ﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ ) .(٣٠وذﻟﻚ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ »ﻣﺸﺮوﻋﺔ« داﺧﻞ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺮح ﻣـﻨـﺬ ﻣـﻄـﻠـﻊ ّ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻪ. ﺛﻢ أﺻﺪر ﻃﻪ ﺣﺴ nﻋـﺎم ١٩٢٦ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﳉﺎﻫﻠﻲ« ﻣﺴﺘﺨـﺪﻣـﺎ ّ ﻣﻨﻬـﺞ اﻟـﺸـﻚّ اﻟﺪﻳﻜﺎرﺗﻲ واﻟﻨـﻘـﺪ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺨـﻲ اﻷوروﺑـﻲ ﻓـﻲ ﻏـﺮﺑـﻠـﺔ اﻟـﺮواﻳـﺎت اﻟﻘﺮآن -ﺎ ﻃﺮح إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻧﻘﺪ اﻟﻘﺮآن واﻟﻨﺼﻮص اﻟﺪﻳﻨﻴﺔq-ﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ آﻳﺎت ّ ( ٣١ ) وﻧﻘﻀﻪ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ .وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﺧﻄﻮرة ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب، وﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﺠ ّـﺮد ﺗﺸﻜﻴﻜﻪ qﺼﺎدر اﻟﺸﻌﺮ اﳉﺎﻫﻠﻲ .وﻣﻦ ﻫﺬا ا;ﻨﻄﻠـﻖ ﻛـﺎن ﻃﻪ ﺣﺴ nﻳﺆﻛﺪ وﻗﺘﻬﺎ أن اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ واﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وان اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺤﺎل ).(٣٢ وﻓﻲ اﻟﻌﺎم ذاﺗﻪ ) (١٩٢٦ﻛﺘﺐ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ ) (١٩٦٢-١٨٩١ﻓﻲ ا;ﻘﺘﻄﻒ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻧﻘﺾ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻐﻴﺒ ّـﻴﺔ اﺨﻤﻟﻠﻮﻃﺔ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺘﻲ 6ﻴﺰت ﺑﻬـﺎ اﳊﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وأﺣﻴﺎﻫﺎ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ،واﻟﻰ إﺣﻼل اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻣﺤـﻠّﻬﺎ دون ﺗﻘﺮﻳﺐ وﺗﻮﻓﻴﻖ ،وﺑﺄﺳـﻠـﻮب اﻟـﺼـﺪام وا;ـﻮاﺟـﻬـﺔ ﺑـ nاﻟـﻌـﻘـﻠـﻴـﺘـn ا;ﻀﻤﺤﻠﺔ واﻟﺼﺎﻋﺪة» :إﻧّﻨﻲ أﺗﻮﻗّﻊ ،وﻋﺴﻰ أن ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻗﺮﻳﺒﺎ ،أن اﳋﻄﻮة ّ اﻟﺘﻲ ﺧﻄﻮﺗﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﳋﺮوج ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت اﻷﺳـﻠـﻮب اﻟـﻐـﻴـﺒـﻲ إﻟـﻰ وﺿـﺢ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻴﻘﻴﻨﻲ ،ﺳﻮف ﺗﻘﻮدﻧﺎ ﺳﻌﻴﺎ إﻟﻰ ﻣﻴﺪان ﻳـﺘـﺼـﺎدم ﻓـﻴـﻪ اﻷﺳـﻠـﻮﺑـﺎن ﺗﺼﺎدﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﻓـﻲ ﺟ ّـﻮ اﻟﻔﻜﺮ ﻋﺠﺎﺟﺔ ﻳﻨﻜﺸﻒ ﻏﺒﺎرﻫﺎ ﻋﻦ اﻷﺳﻠﻮب اﻟـﻐـﻴـﺒـﻲ واﻧﺪﻛﺖ ﻗﻮاﺋﻤﻪ .وﺗﺘﺮك اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻴﻘﻴﻨﻲ ﻗﺎﺋﻤﺎ qﻬﺎﻣﻪ ّ وﻗﺪ ﲢﻄّﻤﺖ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ـﺐ ﻣﻦ رﻗﺎد اﻟـﻘـﺮون، اﳉﺒﺎر اﻟﻘﻮي اﻷﺻﻼب ﻣﺸﺮﻓﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺸـﺮق ،وﻗـﺪ ﻫ ّ ّ ( ٣٣ ) ﻣﻬﺪت ﺳﺒﻠﻪ ﻟﻸﻧﺎم ﻧﻮاﻣﻴﺲ اﻟﻨﺸﻮء واﻻرﺗﻘﺎء« . اﻟﺘﻲ اﻟﺪروب ﻓﻲ ﻟﻴﺴﻴﺮ ّ وﻫﻲ دﻋﻮة ﻧﻠﻤﺢ ﻣﻦ وراء ﺳﻄﻮرﻫﺎ روح ﻳـﻌـﻘـﻮب ﺻـﺮوف وﻣـﻨـﺰﻋـﻪ اﻟـﻌـﻠـﻤـﻲ 16
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
اﳋﺎﻟﺺ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻈﻬﺮ ﻣﺘﺄﺛﺮا ﺑﺼـﺮوف أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﺗـﺄﺛـﺮه ﺑـﺨـﺎﻟـﻪ ﻟـﻄـﻔـﻲ اﻟﺴﻴﺪ ).(٣٤ وﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﺻـﺮوف أﺳّﺲ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ ﻣـﺠـﻠّﺘﻪ »اﻟﻌﺼﻮر« ﻋـﺎم ١٩٢٧ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺞ ا;ﻘﺘﻄﻒ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺼﺮاﺣﺔ أﻛﺒـﺮ ﻓـﻲ ﺗـﻨـﺎول ا;ـﺴـﺎﺋـﻞ اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ وﻓـﻲ ـﺪدﻳﻦ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﻋﻠـﻲ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﺮﺟﺎل اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻠﻔﻲ واﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ وﺣﺘﻰ ﻟﻠﻤﺠ ّ ّ ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق وﻃﻪ ﺣﺴ ،nوﻓﻴﻬﺎ ﻃﺒﻖ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﺎ دﻋﺎ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺛﻮرة ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻓﻲ »ا;ﻘﺘﻄﻒ«. وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة أﻳـﻀـﺎ ﻛـﺎن ﻣـﺤـﻤـﺪ ﺣـﺴـ nﻫـﻴـﻜـﻞ ) (١٩٥٦-١٨٨٨ﻳﻄـﺮح ﻣﻔﻬﻮﻣﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ ) ،(٣٥وﻓﻲ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ اﳋﺎﻟﺺ وﻳﺘﺮﺟﻢ أﺑﺤﺎﺛﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻷوﻏﺴﺖ ﻛﻮﻧﺖ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻘـﻞ، وﻳﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻋﻦ »ﺣﻴﺎة روﺳﻮ« ) (١٩٢٢ﺷﺎرﺣﺎ ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻓﻲ »اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ«).(٣٦ وﻓﻲ ﻋـﺎم ١٩٣١ﻧﺸﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌـﺮاﻗـﻲ ﺟـﻤـﻴـﻞ ﺻـﺪﻗـﻲ اﻟـﺰﻫـﺎوي )-١٨٦٣ (١٩٣٦ﻣﻠﺤﻤﺘﻪ »ﺛﻮرة ﻓﻲ اﳉﺤﻴﻢ« ﻓﻲ ﻣﺠﻠّﺔ »اﻟﺪﻫﻮر« اﻟﺘﻲ أﺻﺪرﻫﺎ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺣﺪاد ﺑﺒﻴﺮوت ﻟﺘﺨﻠﻒ »اﻟﻌﺼﻮر« ،واﺳﺘﻤﺮت ﺳﻨﺘ .(×)(١٩٣٣ -١٩٣١) nوﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﻠﺤﻤﺔ اﻟﺰﻫﺎوي ﺗﺄﻣﻼت ﻓﻲ اﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲ وﻓﻲ ﻣﻔﻬﻮم اﳉﻨﺔ واﻟﻨﺎر ،واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ(٣٧) . وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة أﻳﻀﺎ أﺧﺬ اﻟﺪﻛﺘﻮر إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ أﺣﻤﺪ أدﻫﻢ )ا;ﺘﻮﻓﻰ -(١٩٤٠ وﻫـﻮ ﻣـﺴـﺘـﻌـﺮب ﻣـﺘـﻤــﺼّـﺮ ﻣـﻦ أﺻـﻞ ﻣـﺰﻳـﺞ ﺗـﺮﻛـﻲ روﺳـﻲ ،ﻛـﺎن ﻋـﻠـﻰ ﺻ ـﻠــﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺸﺮاق اﻟﺮوﺳﻲ-ﻳﻌﺎﻟﺞ ا;ﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺷﺪﻳﺪة ).(٣٨ ب -وqﻮازاة ﻫﺬا اﻟﺮاﻓﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻮاﻛﻴﺮ اﻻﲡﺎه ا;ﺎرﻛﺴﻲ ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻈﻬﻮر ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ﻓﻲ روﺳـﻴـﺎ )،(١٩١٧ وﲢﻮﻟﻬﺎ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺸﺮق ﻣﻊ ﺗﺄﺳﻴﺲ »اﻷ ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ« ) ١٩١٩وﻫﻮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺬي اﺗﺨﺬ ﻣﻨﻪ اﻟﻴﺴﺎري اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﺰﺑﻚ ﺗﻘﻮzﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻣﺤﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺨn ا;ـﻴـﻼدي واﻟـﻬـﺠـﺮي ،ﻓـﺼــﺎر ﻳــﺆرخ ﻫ ـﻜــﺬا :ﻓــﻲ ٧ت ،١ﻟـﻠـﺴـﻨــﺔ اﻟ ـﺴــﺎدﺳــﺔ، ﻟﻸﻧﺘﺮﻧﺎﺳﻴﻮﻧﺎل اﻟﺜﺎﻟﺚ( ) .(٣٩وﻗﺪ ﻇﻠّﺖ اﻷﻓﻜﺎر اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻴﻞ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﺤﺼﻮرة ﺑﺸﻜﻞ رﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﻌﻠـﻤـﺎﻧـﻴـ nا;ـﺴـﻴـﺤـﻴـ.n وأﺻﺪر ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩١٣ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ« ﻳﺸﺮح ﻓﻴﻪ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﻟﻬﺎ ا;ﺴﺘﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻄﻮرﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .ﻏﻴﺮ أﻧﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ذاﺗﻪ ﻧﻼﺣﻆ ﻷول ﻣﺮة ﺑﺪاﻳﺔ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻔﻜﺮة ﻓﻲ أوﺳـﺎط ا;ـﺜـﻘـﻔـ nا;ـﺴـﻠـﻤـ ،nﺣـﻴـﺚ ﻗـﺎم 17
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻜﺎﺗﺐ ا;ﺼﺮي ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺣﺴﻨ nا;ﻨﺼﻮري ) (١٩٦٤-١٨٩٠ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺮاﺋﺪ »ﺗﺎرﻳﺦ ا;ﺬاﻫﺐ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ« ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺑﻬـﺬا اﻟـﻌـﻤـﻞ :أوّل اﺷﺘﺮاﻛﻲ ﻣﺴﻠـﻢ ﻓـﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻨﻘﻞ ﺻﻮت اﻟﻔﻘﺮاء و ﻳﻌﻠﻦ ﺑﺄن ﻓﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻋﻼﺟﺎ ﻟﻸوﺿﺎع )(٤٠ ﺗﺄﺳﺲ »اﳊﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ا;ﺼﺮي« .ﺛﻢ ﺗﻼه اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ« .وﻓﻲ ﻋﺎم ّ ١٩٢٠ »اﳊﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋـﻲ ا;ـﺼـﺮي« ﻋـﺎم .١٩٢٢وﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ﻇﻬـﺮت ﻓـﻲ زﺣـﻠـﺔ ﺑﻠﺒﻨﺎن ﺟﺮﻳﺪة »اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ اﻟﺘﺎﺋﻪ« ) (١٩٣٠ -١٩٢٢ﻻﺳﻜﻨﺪر اﻟﺮﻳﺎﺷﻲ )qﺸﺎرﻛﺔ ﻳﺰﺑﻚ( ﻟﺘﻜﻮن »ﺟﺮﻳﺪة اﻟﻌﻤﺎل واﻟﺒﺆﺳﺎء« )(٤١ ﻟﻠﺘﺠﻤﻌﺎت وﻟﺘﻤﺜﻞ اﻟﻨﻮاة اﻷوﻟﻰ ّ ّ ّ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن وﺳﻮرﻳﺎ وﻓﻠﺴﻄ .nوﻓﻲ اﻟﻌﺎم ذاﺗﻪ أﻳـﻀـﺎ ))١٩٢٢ﺗﺮﺟـﻢ أﺣﻤﺪ رﻓﻌﺖ qـﺼـﺮ أوّل ﻛﺘﺎب ﻣﺎرﻛﺴﻲ رﺳﻤﻲ ،وﻫﻮ ﻛﺘـﺎب ﻟـﻴـﻨـ» nاﻟـﺪوﻟـﺔ واﻟﺜﻮرة« ﻓﺒﺪأت ﺑﺬﻟﻚ »ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻨﺸﺮ ﻣﺒﺎد ¤اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ« ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ »ﺗﻨـﻘـﻞ ﻣـﺤ ّـﺮﻓﺔ ..أو ﻏﻴـﺮ ﻣـﻔـﻬـﻮﻣـﺔ« ) .(٤٢ﺛ ّـﻢ ﺗﺮﺟﻢ ﺧﺎﻟـﺪ ﺑـﻜـﺪاش »اﻟﺒﻴﺎن اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ« ﻋﺎم ،١٩٣٣وﺗﺒﻌﻪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺣﺴﻨﻲ ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﻛﺘﺎب ﻓﺮدرك اﳒﻠﺰ »ﻣﺒﺎد ¤اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ« ﲢﺖ ﻋﻨﻮان »ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ« ﻋﺎم .(٤٣) ١٩٣٥ ﺟـ -وﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ذاﺗﻬﺎ ،ﺑﺪأ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻘﻮﻣـﻲ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻳـﻜـﺘـﺴـﺐ ﻷول ﻣـﺮة ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ا;ﻔﻜﺮ ا;ﺴﻠﻢ ﺳـﺎﻃـﻊ اﳊـﺼـﺮي ) .(١٩٦٨-١٨٨٠وﻟـﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺼﺮا ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﺣﺎﺳﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ) .(٤٤وﻻﺣﺖ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ »أﻣﺔ« ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺿﺮورة qﻔﻬﻮم »دار اﻹﺳـﻼم« ،وإذا ﻛـﺎن اﻟﺴﻴﺪ ﻗﺪ دﻋﺎ إﻟﻰ وﻃﻨﻴﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﺈن ﻋﻤﻠﻪ ﻫﺬا-أي رﺑـﻂ ﻟﻄﻔﻲ ّ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ-ﻟﻢ ﻳﺄت ﻓﻲ ﺧﻄﻮرة ﻣـﺎ ﻫﺪف إﻟﻴﻪ ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻐﺰى ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻳﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻨﺔ اﻟﻌﺮوﺑﺔ، ـﺪ أن ﻳﺘﻌ ّـﺮض ذﻟﻚ ﻣﺎدة اﻹﺳﻼم )ﺗﺎرﻳﺨ ّـﻴﺎ( .إذ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻌﻠﻤﻦ اﻟـﻌـﺮوﺑـﺔ ﻻ ﺑ ّ ّ ا;ﺰﻳﺞ اﻟﻌﻀﻮي اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠـﺘـﺤـﻠّﻞ ﺑﺎﻓﺘﺮاق ﻋﻨﺼﺮﻳﻪ» :اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ« اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ و »اﻟﺪﻋـﻮة« اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ ،إذا ﺷـﺌـﻨـﺎ اﺳـﺘـﺨـﺪام ﻣـﺼـﻄـﻠـﺢ اﺑـﻦ ﺧـﻠـﺪون وﻣـﻔـﻬـﻮﻣـﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ).(٤٥ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ دﻋﻮة اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣـﺴـﺄﻟـﺔ اﻟﺘﺼﺪي ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﺘﺒﺪﻳﻞ ﻟﺜﻮاﺑﺖ ﺗﺘﻌﺪى ﻧﻄﺎق اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ وﺷﻜﻞ اﻟﺪوﻟﺔ إﻟﻰ ّ ّ اﻟﻜﻴﺎن اﳊﻀﺎري اﻟﻌﺎم. وﻟﻌﻞ ﻣﻐﺰى ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ )qﺨﺘﻠﻒ رواﻓﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﻘﺮة( ﻛﺎن ﻳﺘﺮﻛـﺰ ﻓـﻲ ﻣـﺠـﺎﺑـﻬـﺔ ﻫـﺬه اﻟـﻘـﻀـﻴـﺔ اﶈـﻮرﻳـﺔ اﻷم 18
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
وﺣﺴﻤﻬﺎ. وﻟﻠﺤﻴﻠﻮﻟﺔ دون ﺿﻴﻖ ﻫﺬا اﳊﺴﻢ ،ﺳﻮف ﺗﺘﺠﻤﻊ أﻳﻀﺎ-ﺣﻮل اﶈﻮر ذاﺗﻪ- ردة اﻟﻔﻌﻞ ا;ﻀﺎدة ،أو ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺣﻴﺎء اﻹzﺎﻧﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ )اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة( اﻟﺘﻲ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ.
إﺧﻔﺎق اﻟﻌﻠﻤﻨﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ
وا;ﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،أﻧﻬﺎ ﺑـﺪت ﺣـﻮاﻟـﻲ ١٩٣٠ وﻛﺄﺗﻬﺎ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ذروﺗﻬﺎ وأوﺷﻜﺖ أن ﲢﻘﻖ اﻧﻌﻄﺎﻓﺎ ﺣﺎﺳﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺮى اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻏﻴﺮ أن ﺑﻠﻮﻏﻬﺎ ذروة ﺻﻌﻮدﻫﺎ ﻛﺎن إﻳـﺬاﻧـﺎ-ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ذاﺗـﻪ-ﺑـﺒـﺪاﻳـﺔ اﺿﻤﺤﻼﻟﻬﺎ واﻧﺤـﺪارﻫـﺎ .ﻟـﻘـﺪ ﻣـﺮّت ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻨـﺎﻗـﺪة ﻓـﻲ ﺣـﻴـﺎة 6ﺮ- اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﻀﺔ ﺧﺎﻃﻔﺔ ﻣﺎ ﻟﺒﺜﺖ أن ﺧﺒﺖ ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ ذاﺗﻬﺎ ،دون أن ّ ﺷﺄن اﻟﻨﻬﻀﺎت اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ-ﺑﺄدوار ﻧﻀﺞ واﺳﺘﻘﺮار واﺳﺘﻤﺮار .و ﺑﺪا ﻷﺣﺪ ﺷﻬﻮد ﻮﻫﺎ وﺗﻄﻮرﻫﺎ ﻟﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻔﻮﺗﻬﺎ )ﻋﺎم (١٩٣٦أن ّ ( ٤٦ ) أﻣﺎ ﻳﺨﻀﻌﺎ »ﻟـﺴ ّـﻨﺔ اﻟﻨﺸﻮء واﻻرﺗﻘﺎء ﺑـﻞ ﻟـﺴ ّـﻨﺔ اﻟﺘﺪﻫﻮر واﻻﻧﺤـﻄـﺎط« ّ . ـﻮﻳﺎ ﻣـﺴـﻠّﺤـﺎ ـﺮده إﻟﻰ ﻋﺎﻣﻞ »اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم« اﻟـﺬي ﻛـﺎن ﻗ ّ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻧـﻈـﺮه ﻓـﻤ ّ ﻓﺘﻐـﻠّﺐ واﻧﺘﻘﻢ وأﺻﺒﺤﺖ ﻟﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ .واﻧﻬﺰم أﻣﺎﻣـﻪ ﻓـﺮﻳـﻖ ا;ـﻔـﻜـﺮﻳـﻦ اﻟﺼﺮﺣﺎء ﻫﺰzﺔ ﻣﻨﻜﺮة. وﺗﻌﻮد وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ أﻣﺜﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻓﺎﺿﻄﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ. ّ اﺠﻤﻟﺎراة ﺑﺪل ا;ﻘﺎوﻣﺔ ،وا;ﺪاراة ﻣﻜﺎن ا;ﺼﺎرﺣﺔ .ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎك ﻣﻌﺴﻜﺮان، وﻟـﻢ ﻳـﻌـﺪ ﺻـﺮاع ،وإ ـﺎ ﻣـﻌـﺴـﻜـﺮ واﺣـﺪ ،وﻻ ﻗـﺘــﺎل ،(٤٧) ..وﲢ ّـﻮل اﻟـﺘـ ّـﻴـﺎران ا;ﺘﺼﺎرﻋﺎن إﻟﻰ »ﻣﺪرﺳﺔ واﺣﺪة ﻳﺨﺘﻠﻒ أﻓﺮادﻫﺎ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻃﻔﻴﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺮض ﻻ ﻓﻲ اﳉﻮﻫﺮ« ) .(٤٨ﻫﺬا »ا;ﻌﺴﻜﺮ اﻟﻮاﺣﺪ« أو »ا;ﺪرﺳﺔ اﻟﻮاﺣﺪة« ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻋﻮدة اﻻﲡﺎه اﻟﺘﻮﻓﻴﻘـﻲ وإﺣـﻴـﺎﺋـﻪ )ﻣـﻨـﺬ ﺣـﻮاﻟـﻲ (١٩٣٥واﻧﺼﺒـﺎب اﻟـﺮاﻓـﺪﻳـﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ واﻟﺴﻠﻔﻲ ﺿﻤﻦ ﻣﺠﺮاه اﻟﻌﺎم ﺑﻌﺪ أن ﺗﻌﺬّر اﳊﺴﻢ وﲢﺘﻢ اﻟﺘﺼﺎﻟﺢ. ﻗﺪر ﻟﻬﺬه اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ أن ﺗﺨﺮج ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وﻫﻜﺬا ّ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ )ﻋﺎم (١٩٥٥وأن ﺗﻌﻮد إﻟﻴﻬﺎ-ﻷﺳﺒﺎب ﺳﻴﺄﺗﻲ ذﻛﺮﻫﺎ-ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺴﻨ.(٤٩) n وﻛﺎن أﺑﺮز ﺗﻔﺴﻴﺮ ذاﺗﻲ ﻷزﻣﺔ ﻫﺬا اﻻﲡـﺎه ﻳـﺼـﺪر ﺑـﺸـﻜـﻞ اﻋـﺘـﺮاف ﻣـﻦ داﺧﻠﻪ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ أن »اﻟﺒﺬر« اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺜﻮري ﻛﺎن ﻳﻠﻘﻲ »ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺒﺘﻪ ،ﻓﺈذا 19
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻷرض )اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ﺗﻬﻀﻤـﻪ ،ﺛ ّـﻢ ﻻ ﺗﺘﻤﺨﺾ ﻋﻨﻪ ،وﻻ ﺗﺒﻌﺚ اﳊﻴﺎة ﻓـﻴـﻪ« ).(٥٠ ﻛﻤﺎ ﻻح ﻷﺣﺪ أﻋﻼم ﺗﻠﻚ اﻟـﺜـﻮرة اﻟـﻔـﻜـﺮﻳـﺔ )ﻋـﺎم (١٩٣٦ﻟﺪى ارﺗﺪاده ﻋـﻨـﻬـﺎ، وﺗﺄﻣﻠﻪ ﻓﻲ إﺧﻔﺎﻗﻬﺎ. ّ
رﻓﺾ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ اﻟﻐﺮب
إن »اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ« اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﻬﻢ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﺑ ،١٩٣٠-١٩٢٠ nوا;ﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﻛﻴﺎﻧﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻓﻴﻪ ذات ﺟﺬور إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻓﻜﺮة »اﻟﻮﻃﻦ« اﶈﺪود ،وﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﻨﻔﻮذ اﻟﻐﺮﺑﻲ، وﺗﻘﺘﺒﺲ أﻧﻈﻤﺘﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﳊﻜﻢ وﺳﺎﺋﺮ ﻗﻴﻤـﻪ اﻟـﻔـﻜـﺮﻳـﺔ واﳊـﻀـﺎرﻳـﺔ، وﺗﺨﺮج ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻋﻠﻰ وﺣﺪة ﻛﻴﺎﻧﻬﺎ اﳊﻀﺎري اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺎم? ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ واﻗﻌﺎ وﻗﺎﺋﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺰال ﻣﺴﺘﻤﺮا ﻓﻲ ﺧﻄﻮﻃﻪ اﻟﻌﺎﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم، ً وإن ﺧﻠﻘﺖ أﻣﺮاً واﺳﺘﻨﺪت إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ وﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ واﺛﻨﻴﻪ ﻓﻲ واﻗـﻊ ا;ـﺸـﺮق ذاﺗـﻪ ،إﻻّ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﺨﺬ ﺻﻔﺔ اﻟﺘﺸﻜﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ا;ﺴـﺘـﻘ ّـﺮ واﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻮﺟﻪ ﻫﺬه ا;ﻨﻄﻘـﺔ ) .(٥١واﺗﻀﺢ ﻣﻦ ﺗﻮاﻟﻲ اﻟﺸﻮاﻫﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﺎم ١٩٣٠أن أﺳﺲ ﺗﻠﻚ »اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ« ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺧﻠﻼ ﻛﺒﻴﺮا ،وان ا;ﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ أﻗﻄـﺎرﻫـﺎ ﻟﻢ ﲡﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ،وأﻧﻬﺎ ﺗﻄﻤﺢ إﻟﻰ ﲢﻘﻴﻖ ذاﺗﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺗﺸﻜـﻞ ﻣﺸﺘﺮك ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻜﻮن ﳉﺬورﻫﺎ اﻟﻀﺎرﻳﺔ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻔﺎﻋﻼ ﻣﻊ ﺣﻀﺎرة اﻟﻐﺮب )) .(٥٢وإن ﺗﻔﺎوﺗﺖ اﻻﺟﺘﻬﺎدات ﺣﻮل ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﺸﻜﻞ اﳉﺪﻳﺪ ،واﳉﺬور اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ(. وﻟﻘﺪ ﺣﺎل اﻟﻐﺮب دون ﻧﺸﻮء ﻛﻴﺎن ﺟﻤﺎﻋﻲ ﺑﺪﻳﻞ ﻓﻲ ا;ﻨﻄﻘﺔ ﻳـﺘـﻮﻟّﻰ أﻣﺮ ﲢﻀﻴﺮﻫﺎ ﺑﺈرادﺗﻬﺎ واﺧﺘﻴﺎرﻫﺎ )ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺾ وﻋﻮده ﺑﺘﺄﻳـﻴـﺪ إﻗـﺎﻣـﺔ ا;ـﻤـﻠـﻜـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا;ﺘﺤﺪة وﺣﺎرب اﶈﺎوﻻت اﻻﲢﺎدﻳﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ( ) .(٥٣ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺄﻳّﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﲢﺪﻳﺜﻴﺔ ﺗﺼﻨﻴﻌﻴّﺔ ﺟﺪﻳّﺔ ﻓﻲ اﻷوﻃﺎن اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﲢﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ ) ،(٥٤ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻈﺎﻫﺮه ﺑﺤﻤﻞ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ .وأﺧﺬ ﻳﺘﻀﺢ أﻧﻪ ﻣﻬﺘﻢ qﺼﺎﳊﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ-اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ا;ﺒﺎﺷﺮة اﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺮﺳﺎﻟﺘﻪ اﳊﻀﺎرﻳﺔ وﻗﻴﻤﻪ اﳊﺮﻳﺔ وا;ﺴﺎواة .وﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ أﺧﺬ ﻳﺘﺮاءى ﻟﻠﺠﻴﻞ اﻟﺬي ﺗﺮﺑﻰ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ّ ﻓﻲ ﻇﻞ اﳊﻜﻢ اﻷوروﺑﻲ وذﻫﺐ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﻓﻲ اﳉﺎﻣﻌـﺎت اﻷوروﺑـﻴـﺔ ،ﺛ ّـﻢ ﻋـﺎد إﻟﻰ ﺑﻼده ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﻘﻴﻢ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﳊﻀﺎرة واﳊـﻴـﺎة ﻛـﻠّﻬﺎ ،أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺨﺪوﻋﺎ وان ﻟﻠﻐﺮب وﺟﻬـ nﻣـﺘـﻨـﺎﻗـﻀـ .nوأن ﻣـﺆﺛـﺮاﺗـﻪ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺠـﻠـﺒـﻬـﺎ 20
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ
أﻣﺎ ﺗﺒﺸﻴﺮه ﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻪ وﻗﻴﻤـﻪ ﻓـﻠـﺰﻋـﺰﻋـﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻌﻤﺮات أﻏﻠﺒﻬـﺎ ﺑـﻬـﺮج وﻗـﺸـﻮر? ّ ا;ﻮﺣﺪ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﻧﺸﺮا ﻣﺨﻠﺼﺎ ﺗﺮاث ا;ﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻫﺪم ﻛﻴﺎﻧﻬﺎ اﳊﻀﺎري ّ ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﳊﺪﻳﺚ ا;ﺘﺤﺮّر )) (٥٥أو ﻫﻜﺬا ﺧﻴّﻞ ﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞّ(. ﻟﻬﺬا ﻛﻠّﻪ اﺿﻄﺮﺑﺖ ﻋﻤﻠ ّـﻴﺔ اﻟﺘﺤﻀﻴﺮ واﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻟـﻢ ﺎ ﺧﻠـﻘـﺘـﻪ ﻣـﻦ ﺗﺆت ﺛﻤـﺎرا ﻣـﺆﻛـﺪة ،وﺳ ّـﺒﺒﺖ ﻣﻦ اﻻرﺗﺒـﺎك واﻻﺧـﺘـﻼل اﻛـﺜـﺮ ّ أدت إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ »اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ« ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﳊﻴﻮﻳﺔ واﻟﺘﻔﺘﺢ .ﻓﻼ ﻫﻲ ّ ّ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻣﻊ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ .وﻻ ﻫﻲ أدت إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ »اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺼﻴﻨﻲ« ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة اﳉﺬرﻳّﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ واﻋﺘﻨﺎق ﻋﻘﻴﺪة ﺟﺪﻳﺪة ﺑﺎﺗﺮة ﻟﻠﻘﺪ ،وﻻ ﻫﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى »اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻬﻨﺪي« ﻓﻲ ﺿﻴﻖ ﺣـﺪ أدﻧـﻰ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﺤﺎﻓﻈﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاﺛﻬﺎ اﻟﺮوﺣﻲ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺪوﻟﺔ ّ وﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي .وﻧﻼﺣﻆ أن ﻫﺬه اﻷ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺜﻼث اﻧﻄﻠﻘﺖ ـﺴﻤﺔ ﻣﺠﺰأة ﺣﻴﺚ ﻣﻦ ﻣﺒﺪأ »اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ« أﺳﺎﺳﺎ وﻟﻢ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﻘ ّ ـﺪﻳـﺎت اﻟـﻌـﺼـﺮ ﻳـﻜـﺎد ﻳـﺴـﺘـﺤـﻴـﻞ إﳒـﺎز ﲡـﺮﺑـﺔ ﲢـﺪﻳـﺜـﻴـﺔ راﺳـﺨـﺔ ﲡـﺎﺑـﻪ ﲢ ّ وﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺗﻪ ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ واﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ) .(٥٦وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﺮب ﻟﻌﻮاﻣﻞ داﺧﻠﻴﺔ ذاﺗﻴﺔ ﻣﺴﺆوﻟ nإﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﺪم إﻏﻔﺎل ﻋﺎﻣﻞ ا;ﻮﻗﻒ ـﺮﻳﺔ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ .ﻟﻘﺪ وﻗﻒ اﻟﻐﺮب ﻷﺳﺒﺎب اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠـﻴـﺔ ﻣـﺼـﻴ ّ ﻳﺴﺎرﻳﺔ)×.(١ أﻳﺔ وﺣﺪة ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ :ﻟﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﺳﻠﻔﻴﺔ أم ّ ﺿﺪ ّ ـﻮرﻳﺔ ﺗﺘﻔﺮغ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﺤﻀـﻴـﺮ واﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺚ واﻟـﺒـﻨـﺎء ﻫﺬه ﻗﻀﻴﺔ ﻣـﺤ ّ ﺣﺪ ﻻ ﻳﺠﻮز إﻏﻔﺎﻟﻪ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼل اﻟﺒﻨﻴﻮي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﺮ ﻟﻨﺎ إﻟﻰ ّ اﻟﻔﻜﺮي .وﻫﻲ ّ اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب اﳊﻀﺎري واﻟﻔﻜﺮي ﻟﺪى اﻟﻌﺮب .ﻷن ﻫﺬه اﳋﻴﺎرات اﳉﻮﻫـﺮﻳـﺔ ﲢﺘﺎج إﻟﻰ ﻛﻴﺎن ﺟﻤﺎﻋﻲ ﻣﺘﺴﻖ اﻟﻮﺟﻬﺔ ﻳﻘﺮّرﻫﺎ و ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻻ zﻜﻦ أن ﺗﻨﺠﺰﻫﺎ ﻛﻴﺎﻧﺎت ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﺘﻨﺎزﻋﺔ اﻻﲡﺎﻫﺎت واﻟﻨﻈﻢ وا;ﺆﺛﺮات ).(٥٧
21
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
22
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
1اﻹﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑﲔ ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔوﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ -١ﻣﺆﺷﺮات اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﳌﻨﺤﻰ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ
ﻳﺼﻌﺐ ﲢﺪﻳﺪ ﺑﺮوز اﻟﺘﺤﻮﻻت واﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت ،وﲢﺪﻳﺪ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﻬﻮد اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،ﺑﺴﻨﺔ أو ﺳﻨﻮات ﻗﺼﻴﺮة ﻣﻌﻴﻨﺔ. ﻓﻬﺬه اﻟﺘﺤﻮﻻت واﻟﺒﺪاﻳﺎت ﺗﻨﻐﺮس ﺑـﺬورﻫـﺎ ﻓـﻲ ﻓﺘﺮات ﺳﺎﺑﻘﺔ ،وﺗﻈﻞ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ ﻟﻔﺘﺮات ﺗﺎﻟﻴـﺔ- ﺿﻤﻦ ﺗﻴﺎر اﻟﺰﻣﻦ اﳉﺎري-ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻀﺢ ﻣﻌﺎ;ﻬﺎ وﺗﺒﺮز ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ .إﻻ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﺮات اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﻜـﺜـﺎﻓـﺔ ا;ـﺆﺷـﺮات واﻟـﻈـﻮاﻫـﺮ اﻟـﺪاﻟـﺔ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﺤﻮل واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻘـﺪور اﻟـﺒـﺎﺣـﺚ رﺻﺪﻫﺎ وﲢﺪﻳﺪﻫﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎً ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻓﺎرﻗﺔ ﺑ nﻋﻬﺪ وﻋﻬﺪ ،وﺑ nﻂ ﻣﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﺘﻔﻜـﻴـﺮ و ﻂ آﺧﺮ ﻣﺒﺎﻳﻦ ﻟﻪ وﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ. وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺰاوﻳﺔ ﻓﺈن اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑ-١٩٣٢ n ١٩٣٩ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻏـﻴـﺮﻫـﺎ ﺑـﻮﻓـﺮة اﻟـﺪﻻﻻت اﻟـﻔـﻜـﺮﻳـﺔ واﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ واﻟـﺴـﻴـﺎﺳ ـﻴــﺔ ،وﺑ ـﻌ ـﻤــﻖ اﻟ ـﺘ ـﺤــﻮﻻت واﻟﺘﻐﻴﻴﺮات ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ qﺼﺮ وا;ﺸﺮق ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ دارﺳﻲ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺪ 23
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻗﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻜـﻮﻳـﻨـﻴـﺔ اﳉـﻨـﻴـﻨـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺬرت ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺬور اﻻﲡﺎﻫﺎت ا;ﻌﺎﺻﺮة. ﻓﻠﻘﺪ ﺗﺮدد ﺑ nﻣﺆرﺧﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻌـﺪ اﳊـﺮب اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ) (١٩٤٥أن ﻫﺬه اﳊﺮب ﺑﺄﺣﺪاﺛﻬﺎ ا;ﺆﺛﺮة ﻫﻲ اﻟـﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ اﳊـﺪ اﻟـﻔـﺎﺻـﻞ ﺑـ nﻋـﻬـﺪﻳـﻦ وﻣﻨﻬﺎ ﺗﻮﻟﺪت اﻟﺒﺪاﻳﺎت. وﻟﻜﻦ ﺑﺮﻏﻢ ﻣﺎ ﻟﻠﺤﺮب ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻗﻮي ﻓﻲ دﻓﻊ ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴـﺮ ،واﻹﺳـﺮاع ﻃﺎرﺋﺎ ً ﺧﺎرﺟﻴﺎ ً واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ-ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ-ﺣﺪﺛﺎً ً ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻼت ﻓﻜﺮﻳﺎً اﻟﺘﺤﻮل ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﺘﻌﺪة ذاﺗﻴﺎً ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ أن ُﻳﺤﺪث ﻛﻞ ذﻟﻚ ّ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﺒﺬورﻫﺎ وإرﻫﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻔﺘﺮة اﳊﺮب ،ﻷن ﺗﺨﺼﺐ ﺑﺎﻟﻐﺮس اﳉﺪﻳﺪ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻗﻮي اﻟﻌﻮد ،واﺿﺢ اﻷﺛﺮ أﺛﻨﺎء اﳊﺮب وﺑُﻌﻴﺪﻫﺎ. ﻳﺆرخ اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر أﻟـﺒـﺮت ﺣـﻮراﻧـﻲ» :ﻓـﻲ ﺳـﻨـﺔ ١٩٣٩ﺗـﻮﻟّﻲ ﻋـﻬـﺪ واﻧـﻘـﻀـﻰ، وﺑـﺎﻧـﻘـﻀـﺎﺋـﻪ ذﻫـﺐ ﻣـﻌـﻪ ﻧــﻮع ﻣ ـﻌــ nﻣــﻦ اﻟ ـﻔ ـﻜــﺮ اﻟ ـﺴ ـﻴــﺎﺳــﻲ ﻓــﻲ اﻟ ـﻌــﺎﻟــﻢ اﻟﻌﺮﺑـﻲ)«(١ﻣﺘـﺨـﺬاً ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺪاﻳﺔ اﳊﺮب واﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﲢـﺪﻳـﺪاً ﻫﻜـﺬا وﺑﺸﻜﻞ ﻗﺎﻃﻊ-ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻌﻬﺪ وﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻌﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ واﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ .و ﻳﻘﻮل اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺟﻮن .س .ﺑﺎدو )» : (Badeauﻛﺎن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷول اﻟﺬي اﻛﺘﻨـﻒ ﻋـﺪداً ﻛﺒﻴـﺮاً ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻷﺧـﺮى ﻣـﻨـﺬ ﻋـﺎم ١٩٣٩ﻫﻮ ﲡـﺪد ﺿﻐﻂ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،وازدﻳﺎد ﺗﺪﺧﻠﻪ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ. ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﺑ nاﻟﻐﺮب واﻟﺸﺮق ﺑ nاﳊﺮﺑ nاﻟﻌﺎ;ﻴﺘ-nﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت-ﻣﻨﻄﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﻫﺎ .....واﻟﺮاﺟﺢ أﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﲡﺘﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻜﻴﻒ اﳊﻴﺎة اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻣﻊ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ )اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( ﻻﺳﺘﻤﺮ ّ دون ﺗﻮﻗﻒ .وﻟﻜﻦ اﳊﺮب ﻧﺸﺒﺖ وأرﺟﻌﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻫﺬه ﺧﻄﻮات واﺳﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﻮراء(×)(٢)«.. إن ﻫﺬا اﳊﻜﻢ اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻘﻪ اﻟـﺒـﺎﺣـﺚ اﻷﻣـﺮﻳـﻜـﻲ ﻋـﻠـﻰ ﲢـﻮّﻻت اﺠﻤﻟﺘﻤـﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ وﻗﻔﺔ ﺣﺬرة ﻣﻦ ا;ﺮاﺟﻌﺔ واﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ 6ﻴـﻞ ﻋـﻤـﻮﻣـﺎً-ﺑﺤﻜﻢ اﻧﺘﻤﺎﺋﻬﺎ ،أي ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻧـﻈـﺮة ﺧـﺎرﺟـﻴـﺔ ﻣـﻦ ﻛـﻴـﺎن ﺣﻀﺎري ﻣﺨﺘﻠﻒ-إﻟﻰ إرﺟﺎع أﺳﺒﺎب اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑـﻲ- ﻣﻨﺬ ﺣﻤﻠﺔ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ-ﻟﻸﺣﺪاث اﻟﻔﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ اﻟـﻐـﺮب ،وﺗـﺎرﻳـﺦ ﻧﻔﻮذه وﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق .وﻫﺬا ا;ﻨﺤﻰ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ اﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺬاﺗﻴﺔ واﻹرادﻳﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺒﺪو ﻋﺪzﺔ اﳉﺪوى واﻷﺛﺮ ﻟﻮﻻ 24
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
ﺗﻠﻚ ا;ﺆﺛﺮات اﳋﺎرﺟﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. وﻣـﻊ أﻧـﻪ ﻻ ﺳـﺒـﻴـﻞ إﻟـﻰ إﻧـﻜـﺎر ﺗـﺄﺛـﻴـﺮ اﳊـﻀـﺎرات اﻟـﻘـﻮﻳـﺔ ا;ـﺰدﻫـﺮة ﻓـﻲ اﳊﻀﺎرات اﻟﺮاﻛﺪة أو اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺘﻨﺒّﻪ ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻻ ﻳﻘـﻞ ﻋﻦ ذﻟﻚ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺤﺪي واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﺗﺘﺎﻟﻲ اﻟﻔﻌﻞ ورد اﻟﻔﻌﻞ وﻣﺎ ﻳﻨﺸﺄ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻟﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳋﺎرﺟﻴﺔ-ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻬﺎ-ﻻ 6ﺜﻞ اﳉﺎﻧﺐ اﻷﺻﻴﻞ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌـﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺴﺘﺜﻴﺮ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳋﻄﺮ وﺗﺪﻓﻊ ﻟﻠﻔﻌﻞ ،وﻟﻜﻦ »اﻟـﻔـﻌـﻞ« ﻓﻲ ﻛﻞ ذاﺗﻪ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺬاﺗﻴﺔ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﺳﺘﺠـﺎﺑـﺘـﻬـﺎ وﺗـﻠـﻘـﻴـﻬـﺎ وﻣـﺪى ﺗﺨﻄﻴﻬﺎ ﻟﻠﺘﺤﺪي وﺗﺴﺎﻣﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،وا;ﺆﺷﺮات اﳉﺪﻳـﺪة ا;ـﺘـﻮاﺗـﺮة ﺑـ-١٩٣٢ n ١٩٣٩ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻣﺜﻠﺖ اﻟﺮد اﻟﻬﺎد ¤اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺪي اﻟﻐﺮﺑـﻲ ﻣـﻨـﺬ ﻣـﻄـﻠـﻊ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن ا;ﺎﺿﻲ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﻋﻄﺖ ﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﳊﺮب ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺮدودﻫﺎ اﳋﺼﺐ واﳉﺬري ﺑﺘﺤـﻮﻳـﻞ ﺗـﻠـﻚ اﳉـﺬور واﻟـﺒـﺪاﻳـﺎت إﻟـﻰ ﺗﻴﺎرات دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ،اﲢﺪت ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻓﻜﺎر اﳉﺪﻳﺪة ا;ﺘﻨـﺎﻣـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺮﺑـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﳊﺮب ﺑﺎﻟﻘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺼﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺘـﻬـﺎ ﻣـﺘـﻐـﻴـﺮات اﳊﺮب ،ﻓﺘﻮﻟﺪت ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺗﻠﻚ اﳊﺮﻛﺔ أو اﳊﺮﻛﺎت اﳉﺪﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﻏﻴﺮت وﺟﻪ اﻟﻜﻞ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وا;ﺸﺮق. وﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈن ﺳﻨﺔ ١٩٣٩ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ-ﲢﺪﻳﺪاً-اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ اﻟﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ،وﻧﺒﺪأ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺗﻠﻤﺴﺎً ﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻟﻔﻜﺮ اﳉﺪﻳﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ أﻟﺒﺮت ﺣﻮراﻧﻲ; ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺗﻔﺎﻋﻼت اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ذاﺗﻪ وﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣﻔﻜﺮﻳﻪ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﻌﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ،أي ﻣﻨﺬ ١٩٣٠ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ .ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﺳـﻨـﺮى أن اﺳـﺘـﻤـﺮار »ﺗـﻜـﻴـﻒ اﳊـﻴـﺎة اﻟـﺸـﺮﻗـﻴـﺔ ﻣـﻊ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ دون ﺗﻮﻗﻒ«-ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺑﺎدو-ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻣﺮاﺟﻌﺔ وﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﺼﻠﺐ ،ﻗﺒﻞ اﳊﺮب ﺑﺴﻨـﻮات ﻋـﺪﻳـﺪة ،وان ﻫـﺬا ﻛﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ آﻟﻴﺔ أو رد ﻓﻌـﻞ ﻣـﺒـﺘـﺴـﺮاً ﻟـ »ﲡﺪد ﺿﻐﻂ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐـﺮﺑـﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ« ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺪث »ﻟﻮ ﻟﻢ ﲡﺘﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳊﺮب اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ« ﻋـﻠـﻰ ﺣـﺪ اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﻪ. واﻷﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺼﺤﺔ اﻋﺘﺒﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻮﻻت ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻼﺳﺘﻔﺎﻗﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒـﻠـﻮرت ﺑـﺤـﺜـﺎً ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ ،ﺑﻌـﺪ أن ﳒـﺢ اﻟـﻐـﺮب ﺑـﻌـﺪ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻓﺮض »ﺗﺴﻮﻳﺘﻪ« ﻋﻠﻰ اﻟـﺸـﺮق اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﺑـﺘـﺼـﻔـﻴـﺔ 25
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻛﻴﺎﻧﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺗﻘﺴﻴﻤﻪ إﻟﻰ دوﻳﻼت. ﻓﻜﻴﻒ 6ﺜﻠﺖ ﻫﺬه اﻹرﻫﺎﺻﺎت واﻟﺒﺬور واﻟﺒﺪاﻳﺎت اﳉﺪﻳﺪة? ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٣٢اﻧﻌﻘﺪ qﺼﺮ »ﻣﺆ6ﺮ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴ-«nوﻛﺎن اﻟﻄﻠﺒﺔ وﻣﺎ ﻳﺰاﻟﻮن ﻃﻼﺋﻊ اﻹرﻫﺎﺻﺎت اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟـﺸـﺮق اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ-ﻓـﺎﻫـﺘـﻢ ﺑﻬﺬا ا;ﺆ6ﺮ رﺟﺎل اﻟﻔﻜﺮ qﺼﺮ ،وأﺻﺪرت »اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ« وﻫﻲ ﻓﻲ )(٣ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻬﺬا ا;ﺆ6ﺮ، ً ﺑﺪء ﲢﻮﻟﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮي اﳉﺪﻳﺪ ﻧﺤﻮ »اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ« ﻋﺪداً ﲢﺪث ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻋﺒﺪ اﻟـﻮﻫـﺎب ﻋـﺰام ﻣـﺸـﻴـﺮاً إﻟﻰ اﻟﻘﻀـﻴـﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻐﻞ أذﻫﺎن ﻗﺎدة اﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ وﺷـﺒـﺎﺑـﻬـﺎ ﻓـﻲ ذﻟـﻚ اﻟـﻮﻗـﺖ...» : أﺿﻞ اﻟﺸﺮﻗﻴﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﺈذا ﻫﻢ أﺟﺴﺎد ﺗﻨﺒﺾ ﺑﻘﻠﻮب اﻟﻐﺮب وﻟﻜﻞ ﺑﻌﻘﻮﻟﻪ، وإذا ﻫﻢ ﻣﺴﺘﺴﻠﻤﻮن ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﻠﻊ ﺑﻪ أورﺑﺎ ،ﻣﻨﻘـﺎدون ﻟـﻜـﻞ ﻣـﺎ ﺗـﺄﻣـﺮﻫـﻢ ﺑـﻪ، ﻣﺘﻬﺎﻓﺘﻮن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ اﺗﺼﻞ ﺑﻬﺎ ،ﺛﻢ إذا ﻫﻢ أذﻻء ﻣﻘﻠﺪون ،ﻳﺤﻘﺮون أﻧﻔﺴﻬﻢ وآﺑﺎءﻫﻢ وﻣﻴﺮاث ﺣﻀﺎرﺗﻬﻢ وﺗﺎرﻳﺨـﻬـﻢ إﻻ أن ﺗـﻌـﻠـﻢ أورﺑـﺎ أﺑـﺎً ﻣﻦ آﺑﺎﺋـﻬـﻢ أو ﺗﻌﺠﺐ qﺄﺛﺮة ﻣﻦ ﻣﺂﺛﺮﻫﻢ ﻓﻴﻘﺘﺪوا ﺑﻬﺎ ...واﳋﻼﺻﺔ أن اﻟﺸﺮﻗﻴ nﻳﺘﻠـﻘـﻮن ﻋﻦ اﻟﻐﺮﺑﻴ nأﻓﻜﺎرﻫﻢ وﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺄﺧﺬون ﻣـﻨـﻬـﻢ ﻣـﻨـﺴـﻮﺟـﺎت اﻟـﻘـﻄـﻦ واﻟﺼﻮف وﻣﺼﻨﻮﻋﺎت اﳊﺪﻳﺪ واﻟﻨﺤﺎس وأﺻﻨﺎف اﻷﺣﺬﻳـﺔ ..وﻛـﺄﻧـﻬـﻢ أوان ﺷﺮﻗﻴﺔ 6ﻠﺆﻫﺎ أورﺑﺎ qﺎ ﺗﺸﺎء ﻣﻦ ﺣﻠﻮ وﻣﺮ وﺟﻴﺪ ورديء ....ذﻟﻜـﻢ ﺣـﺎﻟـﻨـﺎ اﻟﻴﻮم وﻣﻮﻗﻔﻨﺎ ﻣﻦ أورﺑﺎ ،وذﻟﻜﻢ ﺷﺮﺣﺎ ﺣـﺎل وأﺳـﻮأ ﻣـﻮﻗـﻒ ،ﻓـﻤـﺎ وراء ﻫـﺬه اﻷدواء إن أردﻧﺎ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ اﻟﺴﻼﻣﺔ واﻟﻌﺎﻓﻴﺔ? أول ﻋﻨﺼﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟـﺪواء أن ﳒﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﺑﻌﺪ أن ﻓﻘﺪﻧﺎﻫﺎ وﺿﻠﻠﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ .أﻋﻨـﻲ أن ﻧـﻌـﺪ أﻧـﻔـﺴـﻨـﺎ أﻧـﺎﺳـﺎ أﺣﻴﺎء ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ،ﻟﻬﻢ ﺣﻘﻮق ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﳊـﻴـﺎة وﻋـﻠـﻴـﻬـﻢ واﺟـﺒـﺎت ،ﻳـﺮﺑـﺌـﻮن أن ﻳﺴﺨﺮوا ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ....ﻓﺈذا أﺣﺴﺴﻨﺎ ﻓﻲ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻛﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎن وأﻧﻔﺔ اﳊﺮ، ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻓﻌﺮﻓﻨﺎ اﻟﺬي ﻧﺄﺧﺬ ﻣﻦ أورﺑﺎ واﻟﺬي ﻧﺪع ،واﻟﺬي ﻧﺴﺘﺤﺴﻦ ﻷﻧـﻔـﺴـﻨـﺎ واﻟﺬي ﻧﺴﺘﻘﺒﺢ ،وﻧﻘﺪﻧﺎ ﻓﻘﻠﻨﺎ :ﻫﺬا ﺣﻼل ،وﻫﺬا ﺣـﺮام? وﻫـﺬا ﻃـﻴـﺐ وﻫـﺬا ﺧﺒﻴﺚ ،ﺛﻢ رﺟﻌﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﺮاث آﺑﺎﺋﻨﺎ ﻧﺤﻔﻆ ﻣﻨﻪ ﻛﻞ ﻣﻔـﺨـﺮة ،وﻧـﻌـﺘـﺰ ﻓـﻴـﻪ ﺑـﻜـﻞ ﻣﺄﺛﺮة ،وﺧﻄﻄﻨﺎ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﺮك اﳊﻴﺎة ﺧﻄﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ وأﻳﺪﻳﻨـﺎ ووﺣﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ وآداﺑﻨﺎ ،ﺗﺼﻞ ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ وﺣﺎﺿﺮﻧﺎ ﺑﺎ;ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺬي ﻫﻮ أﺷﺒﻪ ﺑﻨﺎ وﺑﺄﺧﻼﻗﻨﺎ ،إذا أﺣﺴﻨﺎ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻋـﺮﻓـﻨـﺎ ﻓـﺮق ﻣـﺎ ﺑـ nاﻟـﺼـﻨـﺎﻋـﺎت واﻷﺧـﻼق واﻟﻌﺎدات ،وﻟﻢ ﻳﻠﺘﺒﺲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺄﺧﺬ ﻣﻦ أورﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ وﻣﺎ ﻧﺘﺠﻨﺐ ﻣﻦ أﺧﻼﻗﻬﺎ وآداﺑﻬﺎ .ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﻓﺮق ﺑ nاﳊﺴﺎب واﻟﻬﻨﺪﺳﺔ واﻟﻜﻴﻤﻴﺎء 26
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
ﻓﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب وﻟﻜﻦ ﺷﺘﺎن ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﳋﻠﻖ وﺳ¨ اﻻﺟﺘﻤﺎع، ﻓﺈن ﻟﻜﻞ أﻣﺔ ﻣﻦ أﺧﻼﻗﻬﺎ وآداﺑﻬﺎ ﺛﻮﺑـﺎً ﺣﺎﻛﺘﻪ اﻟﻘﺮون وﻋﻤﻠﺖ ﻓﻴﻪ اﻷﺟﻴـﺎل، )(٤ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻐﻴﺮﻫﺎ ،وﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻬﺎ ﻏﻴﺮه« ﻫﻜﺬا ﻳﺮﻓﺾ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ اﻟﻨﺸﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻔـﻜـﺮ واﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ ﻣـﻨـﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت ﻣﻌﺘﺒﺮاً ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﺮﺑﻲ وﺿﻌـﺎً ﻏﻴﺮ ﻻﺋﻖ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴـﺔ ،ﻷﻧـﻪ ﻳـﺤـﻮل ا;ـﻘـﻠـﺪﻳـﻦ إﻟـﻰ أدوات وآﻻت ،وﻫـﻮ ﻳـﺮى أن ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋـﻦ اﻟـﺬات اﳊـﻘـﻴـﻘـﻴـﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻓﻲ »أن ﳒﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻓﻘﺪﻧﺎﻫﺎ« ﺑﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﳉﺬور ،واﺗﺨﺎذ ﻣﻮﻗﻒ اﻧﺘﻘﺎﺋﻲ ﻧﻘﺪي ﻣﻦ اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴـﺰ ﺑـ nاﻟـﻌـﻠـﻮم واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ و ﺑ» nاﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﳋﻠﻖ وﺳ¨ اﻻﺟﺘﻤﺎع« ﺑـﺤـﻴـﺚ ﻧـﺄﺧـﺬ ﻣـﻦ أورﺑـﺎ ﻋﻠﻮﻣﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وﻧﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺗﺮاﺛﻨﺎ ﻋﻘﺎﺋﺪﻧﺎ وأﺧﻼﻗﻨﺎ وﺳﻠﻮﻛﻨﺎ ﻓﻨﺠﻤﻊ ﺑـn »اﻟﺘﻤﻴﺰ اﳉﺪﻳﺪ« اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ .وﺗﺘﻀﺢ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا ّ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻬﻲ ﻋـﺒـﺪ اﻟـﻮﻫـﺎب ﻋـﺰام ﺣـﺪﻳـﺜـﻪ ﻣـﺨـﺎﻃـﺒـﺎً أﻋﻀﺎء ا;ـﺆ6ـﺮ» :اﻧـﻬـﻢ ﺳﻴﺠﺘﻤﻌﻮن ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴـ ،(٢×)nﻓﻠﻴﻨﻈﺮوا ﻣﺎذا zﻴﺰﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻄﻠﺒـﺔ )(٥ اﻟﻐﺮﺑﻴ ،nﻓﻠﻴﺠﻌﻠﻮه أﻇﻬﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ ا;ﺆ6ﺮ وأروﻋﻪ« وإذا ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﻋﺰام ﻗﺪ ﲢﺪث ﻋﻦ اﻷزﻣﺔ ﻓﻲ إﻃﺎرﻫﺎ اﻟﺸﺎﻣـﻞ، ﻓﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ) (١٩٥٦-١٨٨٨وﻫﻮ اﺠﻤﻟﺪد اﻟﺬي ﻋﺮف ﺑﺤﻤﺎﺳﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪه اﻟﺒﺎﻛﺮ ﻟﻠﺘﻐﺮﻳﺐ واﻟﺘﻤﺼﻴﺮ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ qﻨﺄى ﻋﻦ ﻣﺆﺛﺮات اﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم واﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ »اﻷﺣﺮار اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳ «nﻏﻼة اﺠﻤﻟﺪدﻳﻦ آﻧﺬاك ،ﻳﻌﻮد ﻟﻴﻨﻜﺄ اﳉﺮح وﻟﻴﺘﺤﺪث ﲢﺪﻳـﺪاً ﻋﻦ أزﻣﺘﻪ وأزﻣﺔ ﺟﻴﻠﻪ ﻣﻦ ا;ﺜﻘﻔ nاﻟﻌﺮب اﻟـﺬﻳـﻦ ﺗﻌﻠﻤﻮا ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،وﺻﺪﻗﻮا دﻋﻮﺗﻬﺎ ﻟﻠﻌﻠﻢ واﳊﺮﻳﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻋﺎدوا إﻟﻰ أوﻃﺎﻧﻬﻢ ﻣﺨﻠﺼ nﻟﻨﺪاء اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﻮا اﻟﻮﺟﻪ اﻵﺧﺮ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ: »ﻋﺎد ﻫﺆﻻء إﻟﻰ ﺑﻼدﻫﻢ ﻳﺒﺸﺮون ﺑﺎﳊﻀـﺎرة اﻟـﻐـﺮﺑـﻴـﺔ ،ﻟـﻜـﻨـﻬـﻢ ﻣـﺎ ﻟـﺒـﺜـﻮا أن ﺻﺪﻣﺘﻬﻢ ﻇﺎﻫﺮﺗﺎن ﻋﺠﻴﺒﺘﺎن أﺛﺎرﺗﺎ دﻫﺸﺘﻬﻢ ﻟﺘﻨﺎﻗﻀﻬﻤﺎ ﻣﻊ أﺻﻮل اﳊﻀﺎرة ﺑﻴًﻨﺎ .اﻷوﻟﻰ :ﻫﺬه اﳊﺮب ا;ﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎً ّ اﻷورﺑﻲ ﳊﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻞ ...وﻗﺪ راﻋﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳊﺮب أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻘﺒﻞ ﻫﻮادة ﻗﻂ ،وأن ﺜﻞ إﻧﻜﻠﺘﺮا ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺄﺑﻰ أن ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺗﻘﺎرﻳﺮه :إن ﻣﺼﺮ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻋﻠﻤـﺎء ﺑـﺎ;ـﻌـﻨـﻰ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ،وإ ـﺎ ﻫـﻲ ﺑـﺤـﺎﺟـﺔ إﻟـﻰ ﻣـﻮﻇـﻔـn ﻣﻄﻮاﻋ .nواﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻧﺘﺸﺎر ا;ﺒﺸﺮﻳـﻦ اﻟـﻐـﺮﺑـﻴـ nﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﻜـﺎن ﻣـﻦ 27
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ا;ﺪن اﻟﻜﺒﻴﺮة واﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺮى ﻳﺪﻋﻮن إﻟﻰ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ وﻻ ﻳﺄﺑﻮن اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻹﺳﻼم .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺎﺗ nاﻟﻈﺎﻫـﺮﺗـ nﻇـﻞ ﻫـﺆﻻء اﻟـﺸـﺒـﺎن ﻳـﺪﻋـﻮن إﻟـﻰ اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﺘﻨﺪة إﻟﻰ أﺻﻠﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،أي إﻟﻰ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺒﺤﺚ وﻧﺰاﻫﺔ اﻟﻌﻠﻢ ،وﻳﺪﻋﻮن إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺮارة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ﺷﺄن اﳉﺎﻣﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺬﻳﻦ رﻣﻮﻫﻢ ﺑﺎﻹﳊﺎد ،ﻓﺎزدادت دﻋﻮﺗﻬﻢ ﻗﻮة واﺳﺘﻌﺎراً ،وﻟﻜﻦ ﻣﺮور اﻟﺰﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻘـﻴـﻘـﺔ أﺧـﺮى ﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ أﻗـﻞ إﺛـﺎرة ﻟـﺪﻫـﺸـﺘـﻬـﻢ ﻣـﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮﺗ nاﻟﻠﺘ nﻗﺪﻣﻨﺎ .ﻓﻤﺎ ﻳﺼﺪر اﻟﻐﺮب ﻟﻠﺸـﺮق ﻣـﻦ آﺛـﺎر ﺣـﻀـﺎرﺗـﻪ ﻗـﺪ وﻗﻒ أو ﻛﺎد ﻋﻨﺪ أﺳﻮأ ﺛﻤﺮات ﻫﺬه اﳊﻀﺎرة وﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻼد اﻟﻐﺮب ﻣﻦ اﻟﺮﺑﺢ ا;ﺎدي zﺪه ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﺮﺧﺎء واﻟﺘﺮف ،ﻓﺘﺠﺎرة اﻟﺮﻗﻴﻖ اﻷﺑﻴﺾ واﻟﻜﺤﻮل وﻣﻮاد اﻟﺰﻳﻨﺔ واﻟﻠﻬﻮ وﺟﻮﻗﺎت اﻟﻬﺬر ا;ﺴﺮﺣﻲ ﻛﺎن أول ﻣﺎ ﻳﺼﺪم اﻟﻨﺎﻇﺮ ﻵﺛﺎر اﻟﻐﺮب ﻓﻲ اﻟﺸﺮق .وﻟﻢ ﻳﻘﺪم اﻟﻐﺮب إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺛﻤﺮات ﺣﻀﺎرﺗﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺮ ﺳﻮأﺗﻬﺎ ﻫﺬه ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻗﺪ وﻗﻒ ﺣﺎﺋﻼً دون ﺳﺮﻋﺔ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺎ ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎن ﻳﺠﺎﻫﺪون ﺑﻜﻞ ﻣـﺎ ﻳـﺪﺧـﻞ ﻓـﻲ ﺣـﺪود ﻃﺎﻗﺘﻬﻢ ﻟﻨﺸﺮه واﻟﺘﻤﻜ nﻟﻪ ...ﺛﻢ ﻛـﺸـﻒ ﺗـﻌـﺎﻗـﺐ اﻟـﺴـﻨـ nﻣـﻦ ﺑـﻌـﺪ اﳊـﺮب )اﻷوﻟﻰ( ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ ا;ﺆ;ﺔ ا;ﻀﻨﻴﺔ ،ﻓﻘﻀﻴﺔ أورﺑﺎ اﻟﺘﻲ ﺣﺎرﺑﺖ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ﺗﺒﺎﻋﺎ واﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻬﺞ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ...ﻟﻢ ﺗﻜﻦ إﻻ ﻗﻀﻴﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺣﻖ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻴﻪ :دول اﻟﻮﺳﻂ أم اﳊﻠﻔﺎء? ﺛﻢ ﺑﺪت ﺣﻘﻴﻘﺔ أﺷﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﺮارة وإﻳﻼﻣﺎ .ﺗﻠﻚ أن اﻟﻐﺮب اﻟﺬي ﺗﺰﻋﻢ دوﻟﻪ أﻧﻪ ﲢﺮر ﻣﻦ ﻗﻴﻮد اﻟﺘﻌﺼﺐ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﺎزال ﻳﺬﻛﺮ اﳊﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺒﺖ ﺧﻼل اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑ nا;ﺴﻴﺤﻴﺔ واﻹﺳﻼم ،وإن ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻮرد اﻟﻠﻨﺒﻲ ﻳﻮم اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪس وﻗﻮﻟﻪ إن اﳊﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺗـﻌـﺒـﺮ ﻋـﻦ ﻣـﻌـﻨـﻰ ﻳﺠﻮل ﺑﺨﺎﻃﺮ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ﺟﻤﻴﻌﺎً. ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺎﺗ nاﳊﻘﻴﻘﺘ nاﻷﻟﻴﻤﺘ nﺟﻌﻠﺖ دول اﻟﻐﺮب اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺖ ﻳﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ 6ﺪ ﻓﻲ أﺳﺒﺎب اﳉﻤﻮد اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳉﺎﻣﺪﻳﻦ ا;ﺘﻌﺼﺒ ،nﻟﺘﺰﻳﺪ اﻟﺸـﻌـﻮب اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ ﺟـﻤـﻮداً ،وﻟﻴﺰﻳﺪﻫﺎ اﳉﻤﻮد ﺿـﻌـﻔـﺎً، وﺟﻌﻠﺖ ﲢﻤﻲ اﳉﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ و6ﺪﻫﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗـﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ ﻣـﻦ ﻗﻮة ،وﲢﺎول أن ﲢﻄﻢ ﻛﻞ ﻗﻠﻢ وﻛﻞ رأس ﻳﻘﻒ ﻓﻲ وﺟﻪ ﻫﺆﻻء وأوﻟﺌﻚ« ).(٦ إن ﻫﺬه اﻟـﺸـﻬـﺎدة ﺿـﺪ أورﺑـﺎ ،ﺑـﻞ ﻫـﺬه اﶈـﺎﻛـﻤـﺔ ﻟـﻬـﺎ ﻳـﺠـﺐ أﻻ ﻳـﻔـﻮﺗـﻨـﺎ ﻣﻐﺰاﻫﺎ)× .(٣ﻓﻬﻲ ﺗﺼﺪر ﺑﻌﺪ ﻣﺮور أﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ) (١٩٣٢-١٩٢٣ﻋﻠﻰ 28
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
اﺳﺘﻘﻼل ﻣﺼﺮ وإﻗﺎﻣﺔ ﻧﻈﺎم دﺳﺘﻮري ﺑﺮ;ﺎﻧﻲ ﺣﺰﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑـﻴـﺔ ﻓﻲ ﺟﻮ ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺎﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻪ ﻣﺼﺮ ﻧﺤﻮ اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﺳﺘﻔﺎدﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﻬﺎ وإﳒﺎزاﺗﻬﺎ ،وﻫﻲ ﺷﻬﺎدة ﻻ ﺗـﺼـﺪر ﻋـﻦ ﺷـﻴـﺦ أزﻫـﺮي وﻻ ﻋـﻦ ﻣـﻔـﻜـﺮ ﺳﻠﻔﻲ ﺑﻞ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻣﺜﻘﻒ درس ﻓﻲ أورﺑﺎ وأﻋﺠﺐ ﺑﺤﻀﺎرﺗﻬﺎ واﻟﺘﺰم ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة ﻟﻬﺎ ..ﺛﻢ ﻫﺎﻫﻮ ﻳﻘﻒ وﻗﻔﺔ ﻣﺮاﺟﻌﺔ-ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﲡﺮﺑﺘﻪ وﲡﺮﺑﺔ ﺟﻴﻠﻪ ا;ﺘﺤﻤﺲ ﻟﻠﺘﻐﺮﻳﺐ-ﻟﻴﻜﺘﺸﻒ أن دول اﻟﻐﺮب ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ﻻ ﺗﻘﻒ ﻣﻊ ا;ﺆﻣﻨ nاﺨﻤﻟﻠﺼn ﳊﻀﺎرﺗﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ا;ﻨﻄﻘﺔ ،ﺑﻞ ﺗﻘﻒ ﻣﻊ اﳉﺎﻣﺪﻳـﻦ ﻣـﻦ ﻧـﺎﺣـﻴـﺔ وﻣﻊ ا;ﺒﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،وﲢﻄﻢ ﻗﻠﻢ ورأس ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺤﺎول 6ﺜﻴﻞ ﺗﻴﺎر »وﺳﻂ« ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺑ nﻫﺆﻻء وأوﻟﺌﻚ ﻟﻴﺰرع اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻷورﺑـﻴـﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﺘﻪ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،وﺗﻜﻮن ﺧﻴﺒﺔ اﻷﻣﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤـﺔ واﻟـﺼـﺪﻣـﺔ ﻣـﺆ;ـﺔ: »ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﻘﻈﺔ ﻣﺮﻋﺒـﺔ .ﻳـﻘـﻈـﺔ ﻫـﺆﻻء اﻟـﺸـﺒـﺎن اﻟـﺬﻳـﻦ درﺳـﻮا ﻓـﻲ أورﺑـﺎ وﺟﺎءوا ﻳﻨﺸﺮون ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻮاء ﺣﻀﺎرة اﻟﻐﺮب .ﻣﺎ ﻫﺬا? إﻟﻰ أي ﺣﻀﻴﺾ ﻳﻬﻮي أﻫﻞ ﻫﺬه اﳊﻀﺎرة? .ﻛﻴﻒ ﺗﻄﻮع ﻟﻬﻢ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ أن ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا اﻟﻌﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻹذﻻل اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ وإﻫـﺪار ﻛـﺮاﻣـﺘـﻬـﺎ?« ) (٧إن ﻫﺬا اﻟﺴـﻘـﻮط اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻷورﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ﻳﺴﺒﻖ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﻌﺴﻜﺮي وzﻬﺪ ﻟﻪ. وﻟﻜﻦ رﻏﻢ ﻫﺬا ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻠﺠﻴﻞ اﺠﻤﻟﺪد إzﺎﻧﻪ ﺑﻘﻴﻤﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ اﳊﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ» :ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ وﺣﺮﻳﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ« ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ذﻟﻚ »ﺧﻴـﺮ أﺳﺎس ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻀﺎرة« ،ﻣﻊ إﺿﺎﻓﺔ ﲢﻔﻆ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺮﺿﺘﻪ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ﻫـﻮ: »أن ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس )أي ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺒﺤﺚ( ﺣﺎﺟﺎت اﻟﺮوح ﻟﻼﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ اﻧﻪ ﻓﻜﺮة ﻻ ﻋﻠﻰ اﻧﻪ آﻟﺔ ،وﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ وﻋﻠـﻰ )(٨ وﺣﻲ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻬﺎم اﻟﻔﺆاد ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة« ﻫﺎﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺘـﻮﻗـﻒ. ً ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻔﻆ ،وﻫﺬه اﻹﺿﺎﻓﺔz ،ﺜﻼن اﻧﻌـﻄـﺎﻓـﺎً ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺻﻞ اﳉﻴﻞ اﺠﻤﻟﺪد ،ﺑﻌﺪ أن رأى وﺟﻪ أورﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ،ورأى أزﻣﺎت أورﺑﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻐـﺮب ،ورأى أﻳـﻀـﺎً ﺿﻌﻒ اﺳﺘﺠﺎﺑـﺔ ﻣـﻮاﻃـﻨـﻴـﻪ ﻟـﻨـﺪاءات اﻟﺘﻘﺪم ﻛﻤﺎ ﺗﻄﺮح ﺑﻮﺟﻬﻬﺎ اﻟﻐﺮﺑﻲ ،إن ﺛﻤﺔ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔﻘﻮدة ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ،واﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪم ا;ﺎدي وﺣﺪه ﻳﺤﻴﺎ اﻹﻧﺴﺎن .و ﻳﻨﻮه ﻫﻴﻜﻞ ﺑﺼﺤﺔ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج اﻟﺬي ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ ا;ﺴﺘﺸﺮق »ﺟﺐ« ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ا;ﻨﺸﻮر ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺑﻌﻨـﻮان »وﺟـﻬـﺔ اﻹﺳـﻼم« )× (٤ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاك ﻣﻊ ﻣﺠﻤـﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ أﺳـﺎﺗـﺬة اﻻﺳﺘﺸﺮاق? ذﻟﻚ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج اﻟﻘﺎﺋﻞ» :إن ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺸـﺒـﺎن اﻟـﺬﻳـﻦ ﺣـﻤـﻠـﻮا 29
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻟﻮاء اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﺻﺎروا ﻳﺒﺸﺮون ﺑﻬﺎ ﻗﺪ ﻋﺎد اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺻﺎدﻗﺎ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻛﺜﺮ ﺎ 6ﺪﻫﻢ اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ً ﺷﻌﻮرا ً ﻗﻮﻳﺎ ً ﺑﻪ ،واﻧﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻠﺠﺌﻮا إﻟﻰ ﺗﺮاث اﻟﺴﻠﻒ ﻣﻦ ا;ﺴﻠﻤ nﻻﻟﺘﻤﺎس ﻣﺎ ً ﻣﻌﻠﻼ ﻳﻨﻘﺺ ﻫﺬه اﳊﻀﺎرة اﳉﺪﻳﺪة« ) (٩وﻳﻀﻴﻒ ﻫﻴﻜﻞ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﻮﺿﺤﺎً ﻣﻦ واﻗﻊ ﲡﺮﺑﺘﻪ» :وزادﻫﻢ ﺷﻌﻮراً ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻘﺺ أن رأوا اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﻧﻀﺎل اﻗﺘﺼﺎدي ﻋﻨﻴﻒ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻫﻮادة وﻻ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ وﺟﻬﻪ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﻦ اﳋﻠﻖ أو ﻣﻦ اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أو ﻣﻦ ا;ﻮدة واﻟﺮﺣﻤﺔ .ﻧﻀﺎل ﻓـﻲ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺎدة ﺑ nأﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ،وﺑ nاﻟﺪول اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺜـﺎر اﳊﺮوب وﻣﺜﺎر أﺳﺒﺎب اﻟﺸﻘﺎء واﻟﺘﻌﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﻣﻦ ﻋﺼﻮر اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ«. وﺑﻌﺪ ﺗﺒﻴﺎن ﺷﺮور ﻣﺎدﻳﺔ أورﺑﺎ وﻧﻀﻮﺟﻬﺎ اﻟﺮوﺣﻲ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺼﻴﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل اﳉﺪﻳﺪ» :ﻓﻬﻞ ﺗﺮى ﻳﺠﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﺮاث ا;ﺎﺿﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﻔﻲ ﻏﻠﺔ روﺣﻪ ﺎ ﻋﺠﺰت ا;ﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ،وﻣﺎ ﻳﻘﻴﻢ ﺣﻴـﺎة ﺟﺪﻳﺪة وﺣﻀﺎرة ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﳉﺸﻊ ا;ﺎدي اﻟﻔﻈﻴﻊ اﻟـﺬي ﻳـﻬـﻮي ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻻ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ .إن ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻗﺪ اﺧﺘﻔﻰ ﲢﺖ ﻃﺒﻘﺎت وﻃﺒﻘﺎت ﻣﻦ أﺑﺎﻃـﻴـﻞ ﻋـﺼـﻮر اﻻﻧـﺤـﻼل اﻟـﺬي أﺻـﺎب اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻗﺮوﻧـﺎً ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ« وأﺧـﻴـﺮاً ﺗﺘﺤﺪد ﺧﻄﺔ ﻋﻤﻞ ﺗﺼﺤﻴﺤـﻲ إﺣـﻴـﺎﺋـﻲ أﻣﺎم ﺟﻴﻞ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ إzﺎﻧﻪ وروﺣﻪ وﺟـﺬوره» :ﻓـﻠـﻴـﻜـﻦ ﻣـﻦ ﻋـﻤـﻞ رﺟﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ أن ﻳﺰﻳﺤﻮا أﻛﺪاس ﻫﺬه اﻟﻄـﺒـﻘـﺎت وأن ﻳـﻌـﻴـﺪوا إﻟـﻰ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻓﻲ إﺣﺪى ﺻﻮر اﻟﻮﺟﻮد ،وﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ أﺟﻴﺎﻻ وﻗﺮوﻧﺎ«).(١٠ ً ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث اﻟﺬي ﻏﺰا اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻏﺬاه ﺑﺄدوات اﳊﻀﺎرة وﻫﺬه اﻹﺷﺎرة اﻷﺧﻴﺮة ﺑﺸﺄن إﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﺗﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋـﻦ اﳉـﻬـﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻫﻴﻜﻞ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ذاﺗﻪ -١٩٣٢-ﺑﺈﻋﺪاد دراﺳﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎم ﺑﻨﺸﺮﻫﺎ ﻓﺼﻮﻻً ﻓﻲ»اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ« ﻗﺒـﻞ ﻇﻬﻮرﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﺣﻴﺎة ﻣﺤﻤﺪ« ﻋﺎم .١٩٣٥وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺘﻮﺟﻪ ;ﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻨﻔﺼﻼ ،ﺑﻞ ﻣﺜّﻞ ﺑﺪاﻳﺔ ﻇﺎﻫﺮة »اﻹﺳﻼﻣﻴﺎت« ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻛﺒـﺎر ً ً ﻓﺮدﻳﺎ ً ﻋﻤﻼ رﺟﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ اﺠﻤﻟﺪدﻳﻦ أﻧﻔﺴـﻬـﻢ ﺣـﻴـﺚ أﺻـﺪر ﻃـﻪ ﺣـﺴـ nاﳉـﺰء اﻷول ﻣﻦ »ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ اﻟﺴـﻴـﺮة« ﻋـﺎم ١٩٣٣وﻛﺘﺐ ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ﻣـﺴـﺮﺣـﻴـﺔ »ﻣﺤﻤﺪ :اﻟﺮﺳﻮل اﻟﺒﺸﺮ« ﻋﺎم -١٩٣٦ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻣﺘﺠﻬﺎً ﻻﺳﺘﻠﻬﺎم اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻘﺪzﺔ ﻓﻲ »أﻫﻞ اﻟﻜﻬـﻒ« ﻋـﺎم ١٩٣٣و »ﺷﻬﺮزاد« ﻋﺎم -١٩٣٤ﺛﻢ ﺗﻠﺖ ﻫـﺬه 30
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
اﻷﻋﻤﺎل اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة» ،ﻋﺒﻘﺮﻳﺎت« اﻟﻌﻘﺎد ﻣﻨﺬ .١٩٤٣ رأﻳﻨﺎ ﻛﻼً ﻣﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﻋﺰام وﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ﻳﻨﻘﺪ ﺟﻮاﻧﺐ ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ أو ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪ اﻟﺸﺮﻗﻴ nﻟﻬﺎ ،ﻣﻊ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﻮﺟﻮد ﻗﻴﻢ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﺪرس واﻻﻗﺘﺒﺎس رﻏﻢ ﻛﻞ ﺷﻲء .ﻏﻴﺮ أن ﺻـﻮﺗـﺎً ﻣﺘﻤﻴـﺰاً آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻴﺮﺗﻔﻊ ،وﻓﻲ اﻟﻌﺎم ذاﺗﻪ اﻟﺬي ﻧﺒـﺪأ ﺗـﺎرﻳـﺨـﻨـﺎ ﺑـﻪ-١٩٣٢- ﻟﻴﻘﻮل ﻋﻦ اﻟﻐﺮب ﻛﻼﻣﺎً أﺧﻄﺮ ،وﻟﻴﻄﺮح ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎط اﻟﺒﺤﺚ ﺟﺪوى اﳊﻀﺎرة ﻋﻤﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ اﻻﻟﺘﺒﺎس ً ﺗﺸﻜﻴﻜﺎ اﻛﺜﺮ ً ﻣﺜﻴﺮا ﺑﺬﻟﻚ ً اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ أﻟﻔﻬﺎ إﻟﻰ ﻳﺎﺋﻬﺎ، اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ،وﻓﻲ ﻣﺜﻠﻬﺎ اﻟﻌﻠﻴﺎ ا;ﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ا;ﺪﻧﻴﺔ ا;ﺎدﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ، وﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻐﺰى ﻫﺬا اﻟﺘﺸﻜﻴﻚ أن ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﻦ رواد اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ اﺠﻤﻟﺪدة اﻟﺜﺎﺋﺮة و ﻦ درﺳﻮا اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻓﻲ روﺳﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﺴﻠﻤﺎ-ﻣﻊ اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ً وﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﺧﺒﺮوا ﻧﺘﺎﺟﺎﺗﻬﺎ وﻣﺨﺎﺿﺎﺗﻬﺎ ،ﺛﻢ اﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺸﺮﻗﻲ ﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄن ﲢﻮﻟﻪ ﺿﺪ اﻟﻐﺮب ﻟﻴﺲ ﻣﻨﺤﺼـﺮاً ﻓﻲ إﻃﺎر ردة اﻟﻔﻌﻞ ﲡﺎه ا;ﺆاﻣﺮات اﻷورﺑﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺸـﺮق اﻹﺳـﻼﻣـﻲ ،وإ ـﺎ ﻻﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻷﺳﺒﺎب أﺷﻤﻞ وأﻋﻤﻖ. ﻓﻔﻲ أﻳﺎر )ﻣﺎﻳـﻮ( ١٩٣٢ﻋﺎد ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ إﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻪ »ﺑﺴﻜﻨﺘـﺎ« ﺑـﻠـﺒـﻨـﺎن ﺑﻌﺪ ﻏﺮﺑﺔ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت ا;ﺘﺤﺪة .وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﻮدة-اﻟﺘﻲ ﺗﺰاﻣﻨﺖ 6ﺎﻣﺎ ﻣﻊ رﺟﻮع اﺠﻤﻟﺪدﻳﻦ ا;ﺼﺮﻳ nإﻟﻰ ﺗﺮاﺛﻬﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ-ﻋﻮدة ﺟﺬرﻳﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ً وأدﺑﺎ .وﻓﻲ أول ﺧﻄﺎب أﻣﺎم أﻫﻞ ﻗﺮﻳﺘﻪ ﻗﺎل» :ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ً ً وﻓﻜﺮا ً روﺣﺎ أدرت وﺟﻬﻲ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ وﻇﻬـﺮي إﻟـﻰ ﺻـﻨ ّـﻴﻦ .واﻟﻴﻮم ﺻﻨ nأﻣﺎﻣﻲ واﻟـﺒـﺤـﺮ وراﺋﻲ ،وأﻧﺎ ﺑ nاﻻﺛﻨ nﻛﺄﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻛﺄﻧﻲ وﻟﺪت وﻻدة ﺛﺎﻧﻴﺔ« )(١١ ﻫﻢ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ، وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬه »اﻟﻮﻻدة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ« ﻛﺎﻧﺖ ّ وﻟﻜﻦ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ ﺧﻄﺎ ﺑﻬﺎ ﺧﻄﻮة ﺑﻌﻴﺪة ﺗﺮﻓﺾ أﻳﺔ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ »ﻟﻠـﺘـﻮﻓـﻴـﻖ« ﺑ nﻣﺎدﻳﺔ ا;ﺎرة اﳉﺪﻳﺪة وروﺣﺎﻧﻴـﺔ اﻟـﺸـﺮق» :ﻣـﺎ أﺑـﻌـﺪ اﻟـﺴـﻼم اﺨﻤﻟـﻴّﻢ ﻓـﻲ ﺟﺒﺎﻟﻜﻢ ﻋﻦ اﳉﻠﺒﺔ ا;ﻌﺴﻜﺮة ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك! ..ﻓﻌﻼم ﺗـﺼـﺮون ﻋﻠﻰ ﺗﺰوﻳﺞ ﺳﻼﻣﻜﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﳉﻠﺒﺔ?« »ﺳﻼﻣﻜﻢ ﻫﻮ أﻧﻔﺎس اﻟﻌﺰة اﻟﻘﺪﺳـﻴـﺔ ا;ـﻨـﺒـﻌـﺜـﺔ ﻣـﻦ ﺻـﺨـﻮرﻛـﻢ وﺗـﺮاﺑـﻜـﻢ وأﻋﺸﺎﺑﻜﻢ .وﺗﻠﻚ اﳊﻘﺒﺔ ﻫﻲ ﺗﻄﺎﺣﻦ ا;ﻄﺎﻣﻊ واﻷﻫﻮاء اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳـﺒـﻴـﻞ اﻟﺮﻳﺎل .واﻻﺛﻨﺎن ﻻ ﻳﺘﺰاوﺟﺎن وﻟﻦ ﻳﺘﺰاوﺟﺎ .وﻟﻴﺲ أﺿﻞ ﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺻﻨﻴﻦ .ﻓﺮﻳﺎل ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻧﻘﺎب ﻛﺜﻴﻒ ﻳﺤﺠﺐ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nرﻳﺎل ﻧﻴﻮﻳﻮرك وﺳﻼم ّ 31
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
وﺟﻪ اﻟﻠﻪ .وﺻﻨ nﻋﺮش ﻣﻦ ﻃﻬﺎرة ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻴﻪ وﺟﻪ اﻟﻠـﻪ ﺳـﺎﻓـﺮاً .ﻣﻦ اﺧﺘﺎر
ﻓﻠﻴﻄﻠﻖ ﺳﻼم ﺻﻨ(١٢)«n ّ ﻣﻨﻜﻢ رﻳﺎل ا;ﻬﺠﺮ وﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺟﻠﺒﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻜﻦ،
وﻳﺘﺤﺪث ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ ﻋﻦ ﻗﻮة ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ وﺿﺮورﻳﺔ ﻣﻬﻤﻠﺔ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ»-اﳋﻴﺎل«، ﻫﻲ اﻟﻘﻮة ذاﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ أن ﻳﺴﺘﺨﺮﺟﻬﺎ رﺟﺎل اﻟﻔﻜـﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﺪ ،وان اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻟﺘﺴﻤﻴﺎت ،إﻧﻬـﺎ ﻗـﻮة اﻹzـﺎن وﻗـﻮة اﻟـﺮوح: »اﳋﻴﺎل ﻫﻮ ا;ﺸﻌﻞ وﺣﺎﻣﻞ ا;ﺸﻌﻞ ﻓﻲ دﻳﺎﺟﻴﺮ اﳉﻬﻞ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ .ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ واﻟﻬﺎدي إﻟﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻮﺟﻮد ا;ـﺘـﻨـﺎﻫـﻲ .ﻫـﻮ اﻟـﺪﻟـﻴـﻞ اﻷوﺣـﺪ إﻟـﻰ اﳊﻘﻴﻘﺔ«) (١٣وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل »اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻷوﺣﺪ« ﻓﺈ ﺎ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ دور ﻗﻮة أﺧﺮى- ﻫﻲ اﻟﻌﻘﻞ-اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ اﻟﻐﺮب دﻟﻴﻠﻪ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ،واﻋﺘﺒﺮﻫﺎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﻮن ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وا;ﺴﻴﺤﻴﺔ ﻗﻮة ردﻳﻔﺔ وﻋﻴﻨﺎً أﺧﺮى ﺗﺒﺼﺮ ﻣﻊ ﻋ» nاﳋﻴﺎل« وﺗﺪرك ﻣﻊ ﻗـﻮة اﻹzﺎن :أﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﺮى أن ﻫﺬه »اﻟﻌـﻘـﻼﻧـﻴـﺔ« اﻟـﺘـﻲ اﺟـﺘـﺎﺣـﺖ اﻟـﻐـﺮب وﺗـﻬـﺪد ﺑﺎﺟﺘﻴﺎح اﻟﺸﺮق ﻣﻊ اﺷﺘﺪاد ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ واﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﻟﻴـﺴـﺖ ﺳـﻮى وﺳـﻴـﻠـﺔ ﻣﻀﻠﺔ ﻹدراك اﳊﻖ واﻟﺴﻌـﺎدة ،ﻗـﺎل» :أﻣـﺎ اﻟـﻌـﻘـﻞ اﻟـﺬي ﻳـﻐـﺎﻟـﻲ اﻟـﻨـﺎس ﻓـﻲ ﺗﻜﺮzﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﺳﻮى وﻟﺪ ﺟﻤﻮح ﻳﻘﻮل اﳋﻴﺎل ﻣﻦ أﻧﻔﻪ وﻟﻜﻦ ﻗﻠﻤﺎ zﺸـﻲ ﺑـﻪ ﺑﻌﻴﺪا .ﻓﺎﺣﺬروا ﻣﻦ أن ﺗﻠﻘﻮا ﻛﻞ اﺗﻜﺎﻟﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ .أﻣﺎ ﺗﺮوﻧﻪ ﻳﺠﻬﺪ ذاﺗـﻪ ﺑـﻐـﻴـﺮ ً اﻧﻘﻄﺎع ،وﺑﻐﻴﺮ ﺟﺪوى ،ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻗﻢ أﺳﺮار اﻟﻜﻮن ...وﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻘﻢ ﻟﻪ ﺻﻮرة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﳊﻴﻮان وﻻ ﻹﻧﺴﺎن? ...ﻳﺪأب اﻟﻌﻘﻞ ﺑﻐﻴﺮ اﻧﻘﻄﺎع ﻓﻲ اﻷودﻳﺔ ا;ﻜﺘﻈﺔ ﺑﺄﺷﺒﺎح اﳊﻮاس ا;ﻈﻠﻤﺔ .ﻳﺘﻌﺜﺮ ﻫﻨﺎ وﻳﺪب ﻫـﻨـﺎك ،وﻻ ﻳـﻨـﺘـﻬـﻲ إﻟـﻰ ﺷﻲء .أﻣﺎ اﳋﻴﺎل ﻓﺒﻠﻤﺤﺔ اﻟﻄﺮف ﻳﻄﻮف اﻟﻘﻤﻢ ا;ﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻷودﻳﺔ، وﻛﻮﻣﻀﺔ اﻟﺒﺮق ﻳﻨﻴﺮ ﺑﻠﺤﻈﺔ أرﺟﺎء ﻓﺴﻴﺤﺔ ﻣﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﺣﻴﺚ اﻟﻌﻘﻞ ﻳﺘﻠﻤﺲ )(١٤ ﺳﺒﻴﻠﻪ وﻓﻲ ﻳﺪه اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﺼﺎ ﻛﺴﻴﺤﺔ ،وﻓﻲ اﻷﺧﺮى ﺳﺮاج ﺑﻼ زﻳﺖ« ﻫﺬا اﻻﲡﺎه اﻹzﺎﻧﻲ اﻟﺼﻮﻓﻲ اﳋﺎﻟﺺ qﻼﻣﺤﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻗﺪ zﺜﻞ ﲢﻮّﻻ ﻓﺮدﻳﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻧﺰﻋﺘﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﲢﺬﻳﺮه ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ا;ﻔﺮﻃﺔ ﻳﻨﺪرﺟﺎن ﺿﻤﻦ ً ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻌﻮدة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋـﻦ إzـﺎن ﻗـﺪ ﻣـﺘـﺠـﺪد وإﺣـﻴـﺎء ﺗﺮاث ﺣﺠﺒﻪ اﻟﺰﻳﻒ ﻓﻲ ﻋﺼﻮر اﻻﻧﺤﻄﺎط وﻳﻬﺪده ﻋﻘﻞ ﻣﺎدي ﻣﺘﺸﻜﻚ ،ﻛﻤﺎ أن ﻫﺠﻮم ﻧﻌﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﳊﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﲢﺬﻳﺮه اﳊﺎﺳﻢ اﻟـﻘـﺎﻃـﻊ ﻣـﻨـﻬـﺎ وﻣـﻦ اﻟﺘﺼﺎﻟﺢ أو اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺄﻳﺔ درﺟﺔ وﻧﺴﺒﺔ ;ﻦ أﻗﻮى ﻣﺆﺷﺮات ردة اﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺿﺪ اﻟﻐﺮب واﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻻﺳﺘﻨﺎده إﻟـﻰ رؤﻳـﺔ ﻓـﻠـﺴـﻔـﻴـﺔ روﺣﻴﺔ واﺿﺤﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻘﻮﻣﻴﺔ .اﻧﻪ 32
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
ﻣﻮﻗﻒ ﻳﻘﻄﻊ ﺟﺴﻮره ﻣﻊ اﻟﻐﺮب وﻻ ﻳﻄﺎﻟﺒﻪ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻟﻴـﻌـﻴـﺪ اﻟـﺘـﺼـﺎﻟـﺢ ﻣﻌﻪ ،وإﻧﻬﺎ رؤﻳﺔ ﺗﺮﻓﺾ ا;ﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ا;ﺎدﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺟـﻤـﻠـﺔ وﺗـﻔـﺼـﻴـﻼً وﻻ ﺻﺎﳊﺎ أو ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻻﺣﺘﺬاء .وﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ ﻻ ﻳﻘﺼﺮ ً ﺗﺮى إﻻ وﺟﻬﺎً ﻫﺬا ا;ﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ذاﺗﻪ ،ﺑﻞ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻴﻪ أﺑﻨﺎء ﺑﻼده ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ وﺟﻬﺔ ﺳﻴﺮﻫﻢ وإﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻧﺒﻬﺎرﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪم اﻟﻐﺮﺑﻲ وﺗﻘﻠﻴﺪﻫﻢ ﻟﻠﻐﺮب ،واﻟﻰ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﳉﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﻣﻦ ﺟﺬورﻫﻢ اﻷﺻﻠﻴﺔ وﻫﻮﻳﺘﻬﻢ اﻟﻘﺪzﺔ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ،ﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻬﺬا ا;ﻮﻗﻒ» :وأﻧﺘﻢ ﻳﺎ أﺑﻨﺎء ﺑﻼدي ﻟﻴﺲ ﻳﺆ;ﻨﻲ ﻣﻦ أﻣﺮﻛﻢ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻳﺆ;ﻨﻲ ﺗﻄﻠﻌﻜﻢ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب ،وﺟﻬﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻣﺪﻧﻴﺘﻪ اﻟﻀﺮة ،واﺣﺘﻘﺎرﻛﻢ ﻷﻧﻔﺴﻜﻢ وﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﻏـﻨـﻲّ ﻓﻄـﺮي وﻋُﺮي روﺣﻲ .وﻟﻜﻢ ﺳﻤﻌﺘﻜﻢ ﺗﻘﻮﻟﻮن :ﻟﻨﻘﺘﺒﺲ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ،وﻟﻨﻀـﻤـﻬـﺎ إﻟـﻰ ﺣﺴﻨﺎﺗﻨﺎ وﻋﻨﺪﺋﺬ ﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟﺴﻌﺎدة «.وﻫﻨﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻧﻌﻴﻤـﺔ رﻓـﻀـﻪ ﺑـﻮﺿـﻮح ﻟـﻬـﺬه ً ووﺟﻬﺎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ» :أوﻻً ﺗﻌﻠﻤﻮن أن ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﺒﺴﻮﻧﻪ وﺟﻬ :nوﺟﻬـﺎً ﺻﺎﳊـﺎً ﻃﺎﳊﺎ ﻓﺄﻧﺘﻢ إن اﻗﺘﺒﺴﺘﻢ-ﻣﺜﻼً-ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮ;ﺎﻧﺎت اﻗﺘﺒﺴﺘﻢ ﻣﻊ ﻣﺤﺎﻣﺪﻫﺎ ﻛﻞ ً ﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ ،وﻣﻔﺎﺳﺪﻫﺎ ﻻ ﺗﻌﺪ .وان أﺧﺬ¬ اﻟﺴﻴﺎرة أﺧﺬ¬ ﻣـﻊ ﺑـﺮﻛـﺎﺗـﻬـﺎ ﻛـﻞ ﻟﻌﻨﺎﺗﻬﺎ .ﻣﺜﻠﻤﺎ إﻧﻜﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺒﻠﻮن ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ﻻ ﺗﻘﺒﻠـﻮن »ﻃ ّـﺮﺗﻬﺎ« دون »ﻧﻘﺸﺘﻬﺎ« إذ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻔﺼﻞ ﺑ nاﻻﺛﻨﺘ .nﺛﻢ إﻧﻜﻢ ﺗﻔﺎﺧﺮون ﻛﻞ ا;ﻔﺎﺧﺮة ﺑﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻼدﻛﻢ ﻓﺘﺪﻋﻮﻧﻬﺎ »ﻣﻬﺪ اﻷﻧﺒﻴﺎء« ﻓﻤﺎ ﻧﻔﻌﻜﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا ا;ﻬﺪ وﻗﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻴﻮم ﻋﺸـﺎً ﻃﺎر ﻣﻨﻪ ﻓﺮاﺧﻪ? ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻜﻢ ﻣﻦ أﻧﺒﻴﺎﺋﻜﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺸـﻊ ﻧـﻮرﻫـﻢ ﻓـﻲ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ? أراﻛﻢ ﻗﺪ دﻓﻨﺘﻤﻮﻫﻢ ﻓﻲ ﺑﻄﻮن اﻟﻜﺘﺐ وﻓﻲ ﻇﻠﻤﺎت ا;ﻌﺎﺑﺪ و ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻜﻢ ـﺮﻧﻜﻢ ﺑﺮق ﻳﻠﻌﻠﻊ ﻓـﻲ ﻋـﻴـﻮن ﺗﺪﻓﻨﻮﻧﻬﻢ ﻓﻲ أرواﺣﻜﻢ ..ﻳﺎ أﺑﻨـﺎء ﺑـﻼدي! ﻻ ﻳـﺒـﻬ ّ ﺧّــﻠﺐ ،وﻻ ﻳﻬﻮﻟﻮﻧﻜﻢ رﻋﺪ ﻳﺰﻣﺠﺮ ﻓﻲ ﺻﺪرﻫـﺎ إﻧـﻪ ا;ﺪﻧﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ-اﻧﻪ ﻟﺒـﺮق ُ ﳊﺸﺮﺟﺔ ا;ﻮت ،وﻻ ﻳﺤﺰﻧﻮﻛﻢ أن ﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﻜﻢ ﻳﺨﻔﻖ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ أﻋﻼم اﻷ - ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ أرى ﺑـ nﺗـﻠـﻚ اﻷﻋـﻼم وﻻ ﻋـﻠـﻤـﺎً ﻻ أﺛﺮ ﻓﻴﻪ ﻟﻠـﺪم واﻻﻏـﺘـﺼـﺎب )(١٥ واﻟﺘﻬﻮﻳﻞ واﻹرﻫﺎب« وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ وإن اﺧﺘﻠـﻒ ﻋـﻦ ﺑـﻘـﻴـﺔ ﻣـﻔـﻜـﺮي اﻟـﻔـﺘـﺮة ﻓـﻲ ﻧﻈﺮﺗﻪ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ وﻓﻲ اﻧﻔﺼﺎﻟﻪ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺘﺎم ﻋﻦ ﻣﺮﺗﻜﺰات اﳊﻀﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ-ﺧﻴﺮﻫﺎ وﺷﺮﻫﺎ-وﻓﻲ رﻓﻀﻪ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ا;ﺴﺘﺠﺪة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﺼﺎﳊﺔ ﻟﻠﺠﻤﻊ ﺑ nﺣﺴﻨﺎت اﻟﻐﺮب وﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﺸﺮق? ﻓﺎﻧﻪ ﻣﻊ ﻫﺬا ﺷﺎرك ﺑﺘﺨﻮﻳﻠﻪ اﳉﺬري وﺑﺼﻮﺗﻪ اﳉﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﻘﻮﻳﺔ ا;ﻮﺟﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﳉﺪﻳﺪة 33
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﺪاﻋﻴﺔ إﻟﻰ وﻗﻒ اﻛﺘﺴﺎح ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ وإﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ وﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ ،واﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ إﺣﻴﺎء اﳉﺬور اﻹzﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﺗﺮاث اﻟﺸﺮق، ﻫﺬا ﻓﻀﻼً ﻋﻦ »ﺷﻬﺎدﺗﻪ« اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﳊﻴﺔ ﺑﺸﺄن ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺴـﻘـﻮط اﻷﺧـﻼﻗـﻲ واﻟﺮوﺣﻲ ﻷورﺑﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻫﻲ ﺷﻬﺎدة ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺷﻬﺎدة ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ وان اﺧﺘﻠـﻔـﺖ ﻋـﻨـﻬـﺎ ﻓـﻲ ا;ـﻨـﻄـﻠـﻖ وﻧـﻮﻋـﻴـﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻞ .وﺗﺘﻮاﻟﻰ ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧـﻌـﻴـﻤـﺔ ﺿـﻤـﻦ اﲡـﺎﻫـﻪ ﻫـﺬا إﻟـﻰ اﻟـﻴـﻮم، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻋﻦ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ رﻓﺾ اﻟﻐﺮب وﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻛﻴﺎن ﺳﻴﺎﺳﻲ وﺣﻀﺎري ﻣﺴﺘﻘـﻞ ﻟـﻬـﺬه ا;ﻨﻄﻘﺔ .أي أن ﻧﻌﻴﻤﺔ أﺳﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻮل اﳉﺪﻳﺪ وﺿﺮورﺗﻪ وﻛﺎن وﻣﻨﻔﺼﻼ ً ﻣﺘﺤﻴﺰا ً ذاﺗﻴﺎ اﲡﺎﻫﺎ ً ً ﺻﻮﺗﺎ ﻣﻦ أﺻﻮاﺗﻪ اﻟﺒﺎرزة ،إﻻ اﻧﻪ اﺧﺘﻂ ﻟﻨﻔﺴﻪ ً ﻋﻦ ﺗﻴﺎرات اﻟﺘﺤﻮل اﳉﺪﻳﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺗﺨﺬت ﻣﺴﺎراﺗﻬﺎ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ا;ﻌﺘﺮك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻐﺎﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﶈﺪدة. وﻣﻦ اﻟﻌﺮاق ﻳﺄﺗﻲ ﺻﻮت أﺣﺪ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻟﻴﺘﺴﺎءل إن ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻧﻬﻀﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ،وﻟﻴﻨﺒﻪ إﻟﻰ اﻟﻔﺮوق اﻟﻜﺜﻴﺮة ﺑ nاﻟﺸﺮﻗﻲ واﻟﻐﺮﺑﻲ، وﻟﻴﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻀﺎرب اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺴﺒﻞ ا;ﺘﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻨﻬﻀﺔ ا;ﺰﻋﻮﻣﺔ qﺎ ﻳﻮﺣﻲ إن »وﻗﻔﺔ ا;ﺮاﺟﻌﺔ« اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﺸﺄن ﻃـﺒـﻴـﻌـﺔ اﻟـﻨـﻬـﻀـﺔ واﻟـﻌـﻼﻗـﺔ ﻣـﻊ اﻟﻐﺮب واﻟﻬﻮﻳﺔ ا;ﻔﻘﻮدة ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻄﺮوﺣﺔ وﻣﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ-إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ-أﺟﺰاء ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ وا;ﺼﻠﺢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻬﻤﻲ ا;ﺪرس: » ...ﺗﻨﻘﺴﻢ اﻵراء وﺗﺨﺘﻠﻒ ا;ﺬاﻫﺐ ،ﻓﻤﻦ ﻣﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠـﻰ اﻟـﻌـﻠـﻮم اﻻﺑـﺘـﺪاﺋـﻴـﺔ وﻣﻦ ﻣﻄﻨﻄﻦ ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ وا;ﻌﺎدن ،وﻣﻦ ﻣﺤﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺼﻨـﺎع ،وﻣـﻦ ﺑﺎﺣﺚ ﻋﻦ ا;ﺘﺎﺣﻒ وا;ﻜﺘﺒﺎت ،وﻣﻦ ﻣﺪﺑﺪب ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﳉﻤﻴﻠﺔ ،وﻣﻦ داع إﻟـﻰ اﻟﺸﺮﻛﺎت ،وﻣﻦ ﻣﺒﺸﺮ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻃﺎﻟﺐ ﺗﻐﺮﻳﺐ اﻟﺒﻨ nواﻟﺒﻨﺎت، وﻣﻦ ﺻﺎرخ ﺑﺮﻓﻊ اﳊﺠﺎب ،وﻣﻦ ﺣﺎﻗﺪ ﻋﻠﻰ ا;ﺬاﻫﺐ واﻷدﻳﺎن ،وﻣﻦ ﻣﺘﻌـﻜـﺰ ﺑﺎﻟﻌﻨﻌﻨﺎت وﻧﺎﻫﺞ ﻧﻬﺞ اﻟﻘﺪﻣﺎء ،وﻣﻦ ﻣﺤﻠﻖ ﻓﻮق ﺻﺮوح اﳉﺎﻣﻌﺎت ...واﻟﺸﺮق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻪ اﳊﺎﺿﺮة أﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن qﺮﻳﺾ أزﻣﻦ ﻣﺮﺿﻪ ﻓﺘﻘﻄﻌﺖ ﺑﻪ اﻷﺳﺒﺎب، ﻓﺄﺧﺬ ﻳﺨﺒﻂ ﺧﺒﻂ ﻋﺸﻮاء ،ﻓﺘﺎرة ﻳﺤـﻤـﻞ ا;ـﺮض ﻋـﻠـﻰ اﳊـﺮ ،وأﺧـﺮى ﻋـﻠـﻰ اﻟﺒﺮد ...وﻫﻮ ﻛﻠﻤﺎ اﺳﺘﺒﺪل ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ ﻣـﻦ ﻫـﺬه ا;ـﻌـﺎﳉـﺎت اﻟـﺒـﺴـﻴـﻄـﺔ ﺗﻮﻫﻢ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﻪ ﺧﻔﺔ وﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ ﺻـﻼﺣـﺎً ،وﻟﻜﻨﻪ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺳـﺮوره ﻳﺄﺳﺎ« ) (١٦ﻫﺬه اﻟﻨﻬﻀﺔ ا;ﻀﻄﺮﺑﺔ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ً ﺣﺰﻧﺎ وأﻣﻠﻪ ً 34
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
أﻳﻀـﺎً اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻷﻋﻤﻰ ﻟـﻠـﻐـﺮب واﳉـﺮي وراءه دون أي اﻋـﺘـﺒـﺎر ﳋـﺼـﻮﺻـﻴـﺔ اﻷوﺿﺎع اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺮوح اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ» :ﻳﺮﺟﻊ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ دﻳﺎر اﻟﻐﺮب ﻃﺎﺋﺸـﺎً ﺎ ﻋﺮض ﻟﻪ ﺟﻤﺎل اﻟﺼﻨﻌﺔ وﺟﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﺑـﺪاﺋـﻊ اﻟـﻔـﻦ ،وآﺛـﺎر اﻟﻨﻌﻴﻢ ،ورﻏﺪ اﻟﻌﻴﺶ ،ﻓﺘﺸﺘﻬﻲ ﻧﻔﺴﻪ أن ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻟﻪ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ وﻃﻨﻪ ،ﻏﻴـﺮ ﺷﺎﻋﺮ ﺑﺄن اﻟﺮوح ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺮوح ،وان اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،وان اﻟﻘﻮم ﻏﻴﺮ أوﻟﺌﻚ اﻟﻘﻮم ..،ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻻ ﺗﻮﻫﺐ ،وان ﻟـﻜـﻞ ﻗـﻮم ﻧـﻬـﻀـﺔ ﺗـﻼﺋـﻤـﻬـﻢ، واﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ ،واﻟﻨﻬﻀﺔ ﺗﺪﻋﻮ وﻻ ُﻳﺪﻋﻰ إﻟﻴﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻧﻬﻀﺖ أﻣﺔ إﻻ ﺑﺪاﻓﻊ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،واﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﳋﺎرج ﻳﺪﻫﻮرﻫﺎ وﻳﺤﻄّﻤﻬﺎ(١٧) «... وﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮؤﻳﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺗﺘﻀﺢ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ وﻣﺮﺗﻜﺰﻫﺎ إن »اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ« اﻟﻜﻠﻲ أﻣﺮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ،وﻣﺤﺎوﻟﺘﻪ ﻻ ﺗﻨﺘﺞ ﻏﻴﺮ اﻻﺿﻄﺮاب ،واﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻮع ّ ;ﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﺠﺬر وراﺳﺦ ﻓﻲ ﻛﻴﺎن ﻫﺬه ا;ﻨﻄﻘﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺧﻠﻖ ﻧﻬﻀﺔ ﺑﺪاﻓﻊ ﻣﻦ ذات اﻷﻣﺔ ﻻ ﺑﻌﺎﻣﻞ ﻣﻔﺮوض ﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻬﺎ. ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ،ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺎم ،١٩٣٢ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎ ﺗﺰال أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺸﻌﻮر ا;ﺘﻨﺎﻣﻲ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ا;ﻮﻗﻒ اﻟﻔﻜﺮي اﳊﺎﺳﻢ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎ ﺗﺰال ﺗﺘﻠﻤﺲ ﻃﺮﻳﻘـﻬـﺎ ﻧﺤﻮ ا;ﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮح ،وﻧﺤﻮ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ أﻧﻀﺞ ،وﻧﺤﻮ ﺳﺒﻞ أﳒﻊ ﻟﻠﻌﻤﻞ واﳊﺮﻛﺔ; ﻓﺘﻴﺎر اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ-ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﻤﻠﻲ-ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺰال ﻗﻮﻳـﺎً ،وﻧﻔﻮذ أورﺑﺎ- ;ﺎ ﻳﺘﺰﻋﺰع ﺑﻌﺪ ،ﻛﻤﺎ إن ﻣﻌﻈﻢ إﻋﻼم اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪءواوﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ّ ً ً ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ا;ﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﻮا zﺮون وﻗﺘﻬﺎ ﺑﻔﺘﺮة اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺑ nاﻟﻘﻨﺎﻋﺎت اﻷوﻟﻰ واﻟﻌﺒﺮ اﳉﺪﻳﺪة .وﺳﺘﺠﻲء اﻧﻌﻄﺎﻓﺎت ١٩٣٦ -١٩٣٢ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻮل اﳉﺪﻳﺪ. وﺗﻨﻀﺞ اﻟﺼُﻌﺪ اﳊﻴﺎﺗﻴﺔ ﻟﺘﺤﻘﻖ اﻟﻨﻘﻠﺔ ُ ﻣﺨﺘﻠﻒ ُ ّ
-٢اﳋﻠﻔﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻻﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ١٩٣٠ -١٩٢٠
ﺗﻠﻚ اﻟﺸﻬﺎدات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘـﻲ ﳒـﺪﻫـﺎ ﺗـﺘـﻮاﺗـﺮ ﻣـﻨـﺬ ﺣـﻮاﻟـﻲ ١٩٣٢ﺑﺎﲡـﺎه اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ واﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nاﻟﺘﻐﺮﻳﺐ واﻟﺴﻠﻔﻴﺔ وﺧـﻠـﻖ ﺗـﻴـﺎر ﻣـﺘـﻤـﻴـﺰ ﻣـﺴـﺘـﻘـﻞ ﻋـﻦ اﻻﲡﺎﻫ nﻣﻌﺎً ،ﺑﺄي ﻣﻌﻨﻰ ﻫﻲ ﺟﺪﻳﺪة ﺿﻤﻦ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺘﻄﻮري اﻟﻔﻜﺮي ﻟﺘﻠﻚ ﺟﺪﻳﺪا ﺑﺪأ ﺿﺪ اﻟﻐﺮب واﻟﺘﻐـﺮﻳـﺐ ،وإن ً ا;ﺮﺣﻠﺔ? وﻫﻞ ﻳﻌﻨﻲ ﻗﻮﻟﻨـﺎ إن ﲢـﻮﻻً ﻣﻮﺟﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﺑﺪأت ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﻄﻠـﻊ اﻟـﺜـﻼﺛـﻴـﻨـﺎت ﻋـﺪم وﺟـﻮد ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﻐﺮب أو دﻓﺎع ﻋـﻦ اﻹﺳـﻼم-ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺼـﻌـﻴـﺪ اﻟـﻔـﻜـﺮي-ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺘـﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ? 35
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻻﺑﺪ ﻹﻳﻀﺎح اﻟﻔﺎرق وﲢﺪﻳﺪ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ ﶈﺔ اﺳﺘﺮﺟﺎﻋﻴﺔ ﻣﻮﺟﺰة: ﻣﻨﺬ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻇﻬﺮ ﺗﻴﺎر ﺳﻠﻔﻲ ﻣﺤﺎﻓﻆ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ ﻫﺠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮب وﻋﻠﻰ ﺗﻴﺎر اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻲ ،ا;ﻨﺎﻗﺾ ﻟﻪ ،وﻫﻮ اﻟـﺘـﻴـﺎر اﻟﺬي أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻷورﺑﻴﺔ اﺳﻢ »اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ« أو »اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ«).(١٨ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺗﻔﺎﻋﻞ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﺑ nاﻟﻨﻘﻴﻀ ،nﻓﻠـﻘـﺪ ﺷـﻬـﺪت ﺗـﻠـﻚ اﻟـﻔـﺘـﺮة )-(١٩٣٥-١٩٢٠ﺑﺴﺒﺐ وﻃﺄة اﻟﻀﻐﻂ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﻜﻴﺎﻧﻲ اﻟـﻜـﺎﺳـﺢ-ﺻـﺮاﻋـﺎً ﻓﻜﺮﻳـﺎً ـﺪة ﻗﺴﻢ رﺟﺎل اﻷدب واﻟﻔﻜﺮ واﻟﺪﻳﻦ إﻟﻰ ﺣﺰﺑ nﻣﺘﻨـﺎﺣـﺮﻳـﻦ ،وأدى ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺸ ّ ﺗﺼﺪع اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﻬﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن .ﻓﺒﻌـﺪ إﻟﻰ ّ إﻟﻐﺎء اﳋﻼﻓﺔ ﺳﻨﺔ ) (١٩٢٤اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ 6ﺜﻞ رﻣﺰاً ﻟﻮﺣﺪة ﻛﻴﺎن ا;ﻨﻄﻘﺔ-ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ-وﺑﻌﺪ أن ﻗﺎم اﻟﻐﺮب أﺟـﺰاء اﻟـﺸـﺮق اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ وﻣـﻨـﻊ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻜﻴﺎن اﳉﻤﺎﻋﻲ اﻟﺒﺪﻳﻞ ،وﺑﻌﺪ أن ﻇﻬـﺮت ﻓـﻲ اﻟـﺪوﻳـﻼت »اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ« اﳉﺪﻳﺪة دﻋﻮات ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑـﻌـﻴـﺪة ﻋـﻦ روح اﻹﺳـﻼم أو ﻣـﻨـﺎﻫـﻀـﺔ ﻟـﻪ، اﻧﺘﺸﺮ ﻟﺪى اﻷوﺳﺎط اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ واﶈﺎﻓﻈﺔ ﺷﻌﻮر ﻓﺎدح ﺑﺎﳋﻄﺮ اﻟﺸﺪﻳﺪ ا;ﻬﺪد ﻟﻠﻜﻴﺎن اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ إﻃﺎره اﻟﺴﻴـﺎﺳـﻲ ﻓـﺤـﺴـﺐ ،ﻓـﻬـﺬا اﻹﻃـﺎر ﻗـﺪ ¬ ﺗﺪﻣﻴﺮه ،وإ ﺎ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻪ وأﺳﺲ وﺟﻮده .و6ﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ،اﻟﺬي ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻋﻦ اﻟﺬات ،ﻓﻲ ﻋﻨﻒ اﻟﻬﺠﻮم اﻟﺬي اﺳﺘﺜﺎره-ﻣﺜﻼً-ﺻﺪور ً أﺻﺒﺢ دﻓﺎﻋﺎً ﻛﺘﺎب »اﻹﺳﻼم وأﺻﻮل اﳊﻜﻢ« ﻟﻌﻠـﻲ ﻋـﺒـﺪ اﻟـﺮازق ﻋـﺎم ١٩٢٥أو ﻛﺘﺎب »ﻓـﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﳉﺎﻫﻠﻲ« ﻟﻄﻪ ﺣﺴ nﻋـﺎم .(١٩) ١٩٢٦أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ أن أوﺿﺎع ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب اﻷوﻟﻰ 6ﺨﻀﺖ ﻋﻦ إﺣﺴﺎس »ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط« ﺣﺘﻰ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ا;ﺘﺤﺮرة أو اﺠﻤﻟﺪدة ﻻ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ .ﻓﻼ اﻻﺳﺘﻘﻼل ا;ﺸﺮوط اﻟﺬاﺗﻲ ﺣﻘﻘﺘـﻪ ﺛـﻮرة ١٩١٩ا;ﺼﺮﻳﺔ ﺑﺪﺳـﺘـﻮر ١٩٢٣ﻛﺎن zﺜﻞ اﳊﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ ا;ﻄﺎﻟﺐ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،وﻻ أوﺿﺎع اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ واﻟﻌـﺮاق ﻛـﺎﻧـﺖ ﻣﺤﻘﻘﺔ ﻷي درﺟﺔ ﻣﻦ ﺗﻠـﻚ ا;ـﻄـﺎﻟـﺐ ،وﺟـﺎءت ﲡـﺮﺑـﺔ اﻷﻧـﻈـﻤـﺔ »اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ« ﺑﺄﺣﺰاﺑﻬﺎ وﺑﺮ;ﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻐﺮﺑﻲ وﻣﺴﻠﻜﻪ ﻟﺘﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﺮﻓﺾ ﻻ ﻟﻠﺘﺴﻠﻂ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻷورﺑﻲ وﺣﺪه وإ ﺎ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ .وﻫﺬا ﺗﻄﻮر ﺳﻠﺒﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻌﺮب ﺑﺄورﺑﺎ .ﻓﻤﺎ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ ا;ﻘﺎرﻧﺔ ﻫﻨﺎ أن اﻟﺮﻋـﻴـﻞ اﻷول ﻣﻦ ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻴ nﻣﻦ رﻓﺎﻋﺔ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ) (١٨٧٣-١٨٠١إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒـﺪه ) (١٩٠٥-١٨٤٩رﻓﻀﻮا اﻟﺘﺴﻠﻂ اﻷورﺑﻲ ﻣﺎ وﺳﻌﻬﻢ ذﻟـﻚ وﻟـﻜـﻨـﻬـﻢ ﻇـﻠـﻮا ﻳﺪﻋﻮن ﺑﺤﻤﺎﺳﺔ ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ا;ﺪﻧﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ .ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻟﻢ ﻳﻜﻦ 36
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
اﳋﻄﺮ اﻷورﺑﻲ ﻗﺪ وﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﳋﻄﻴﺮة اﻟﺘﻲ وﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﲢﻮل إﻟﻰ اﺣﺘﻼل ﻣﺒﺎﺷﺮ وﺗﻬﺪﻳﺪ ﻣﺘﻮاﺻﻞ ﻷﺳﺲ اﻟﻜﻴﺎن وﺟـﻮﻫـﺮ ا;ـﻌـﺘـﻘـﺪ .وﲢـﺖ ﻫـﺬا اﻟـﻀـﻐـﻂ اﻟـﻜـﺎﺳـﺢ اﻧـﺤـﻞ اﻟـﻨـﺴـﻴـﺞ اﻟـﻔـﻜــﺮي واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺒﻠﺪان اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺑﺪأ ﺻـﺮاع اﻷﺿـﺪاد اﻟـﺬي ﻛـﺎد ﻳـﺼـﻞ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻻﻧﻔﺼﺎم ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻔﻜﺮ وﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﺑ ١٩٢٠ nو .١٩٣٠ﻓﻘﺪ »ﺑﻠﻐﺖ ا;ﻌﺮﻛﺔ ﺑ nاﻟﻔﺮﻳﻘ nذروﺗﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﳊﺮب، ﻓﺎﺗﺨﺬ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ أﻗﺴﻰ اﻷﻟﻔﺎظ وأﻋﻨﻒ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻓﻲ ﻣﻬﺎﺟﻤﺔ اﻵﺧﺮ .وﺷﺎرك ﻛﻞ اﻟﻨﺎس-ﻛﺘﺎﺑـﺎً وﻗﺎرﺋ-nﻓﻲ ﻫﺬا اﳉﺪل اﳊﺎد ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻊ ﺑـﻪ اﻟـﻴـﻮم اﳉﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،أوﻟﺌﻚ وﻫﺆﻻء وﻗﺪ اﻧﻘﺴﻤﻮا ﻓﻲ أﻣﺮﻫﻢ ﻗﺴﻤ ،nﻻ ﻳﻘﻞ ﺗﻄﺮف اﻟﻘﺮاء ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺗﻄﺮف اﻟﻜﺘﺎب ،وﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﻈﻔﺮ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﻘﺎر ¤ﻣﺤﺎﻳﺪ ﻟﻢ ﻳﺠﺮﻓﻪ ﺗﻴﺎر اﳊﻤﺎس ﻟﻮاﺣـﺪ ﻣـﻦ اﻟـﻔـﺮﻳـﻘـ «(٢٠) nﻫﻜﺬا ﻛﺎن اﳊﺎل ﻋـﻠـﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ وﺿﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ qﻨﺄى ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺼﺮاع اﳊﺎد? ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﺑﺪت اﻟﺼـﻮرة اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ;ـﺆرخ ﻣـﺤـﺎﻓـﻆ ﻳـﻘـﻮل: »ﺧﻔﺖ ﺻﻮت اﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻫﺰﻣﺖ دوﻟﺔ اﳋﻼﻓﺔ .وﺑﺮز دﻋﺎة اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ا;ﺘﻔﺮﳒ nﻳﺪﻋﻮن ﺑﺪﻋﻮﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺻﺎدﻓﺖ رواﺟﺎً ﻋﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﺧﺎﺻﺔ ﺷﺒﺎﺑﻬﻢ اﻟﺬي ﻋﺎش ﻓﻲ ﺟﻮ اﻟﺜﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺮي ﺑﺎﻟﺘﻤﺮد ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻗﺪ )ﺛـﻮرة ،(١٩١٩واﻟﺬي اﺳﺘﻬﻮاه ﺑﺮﻳﻖ ا;ﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﺎﻓﻬـﺔ اﳋـﻼﺑـﺔ ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎدي ﺷﺒﺎﺑﻪ وﺗﺮﺿﻲ ﻧﺰواﺗﻪ ،ﻓﺄﺧﺬ ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﺨﻤﻟﺘﻠﻄﺔ ،وأﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺮﻗﺺ اﻟﻐﺮﺑﻲ ...وراح ﻳﺘﻤﺘﻊ ﻧﻔـﺴـﻪ ﺑﺎ;ﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﺣﺘﻔﺎل اﻷورﺑﻴ nﺑﺄﻳﺎم اﻷﺣﺪ وﺑﺮأس اﻟﺴﻨﺔ ا;ﻴﻼدﻳﺔ ،ﻳﺴﺎﻳﺮﻫﻤﺎ ﻓﻲ أﺳﻠﻮﺑﻬﻢ وﻳﺤﺘﺬي ﺣﺬوﻫﻢ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺎﻫﺮة ﺑﺎﺠﻤﻟﻮن واﻟﺘﺒﺪل ﻓﻲ ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه ا;ﻨﺎﺳﺒﺎت ،وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ا;ﺪن اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻛﺎﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ واﻟﻘـﺎﻫـﺮة ،ﺣـﻴـﺚ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺑﺎرزا ﻓﻲ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ qﺎ 6ـﻠـﻚ ﻣـﻦ ً ﲢﺘﻞ اﳉﺎﻟﻴﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻜـﺎﻧـﺎً ﻣﺼﺎﻧﻊ وﻣﺘﺎﺟﺮ وﻓﻨﺎدق ،وqﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻫﺪ وأﻧﺪﻳﺔ وqﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗـﻜـﻔـﻠـﻪ ﻟـﻬـﺎ اﻻﻣﺘﻴﺎزات اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ وﻗﺘﺬاك ﻣﻦ ﻣﺰاﻳﺎ .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﻓﺴﺪت ﻓﻴﻪ أوﺳﺎط اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ا;ﺪﻳﻨﺔ ﻓﻄﺮة اﻟﻔﻼح اﻟﺴـﻤـﺤـﺔ اﻟـﺒـﺮﻳـﺌـﺔ وﺗـﻮﻗـﻴـﺮه ﻟـﻠـﺪﻳـﻦ وآداﺑـﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه ،ﻛﺎن ا;ﺘﺮﻓﻮن ﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻳﺘﻬﺎﻓﺘﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺨﺮج ا;ﺼﺎﻧﻊ اﻷورﺑﻴﺔ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﺮف ،ﺣﺘﻰ ﻏﺪت ﺗﻮاﻓﻪ اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺎت ﻣﻦ أﻟﺰم اﻟﻀﺮورﻳﺎت ،وأﺻﺒﺢ ﻗﺼﺎرى ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻪ أﺣﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺪن أن ﻳﺘﻘﻦ ﺗﻘﻠﻴﺪ اﻷورﺑﻴ nﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎل 37
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
أدوات ا;ﺎﺋﺪة ...وأن ﻳﻌﻮد ﻣﻦ ﺳﻔﺮﺗﻪ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ إﻟﻰ أورﺑﺎ ﻟﻴﺘﺒﺠﺢ ﻓﻲ ﻧﺪوات اﻟﻔﺎرﻏq nﻐﺎﻣﺮاﺗﻪ وﻳﺪﻳﺮ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺑـﺄﻟـﻮان ﻣـﻦ اﻟـﺮﻃـﺎﻧـﺎت ،ﺛـﻢ ﻳـﺮﺳـﻞ أﺑـﻨـﺎءه وﺑﻨﺎﺗﻪ إﻟﻰ ا;ﻌﺎﻫﺪ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،ﻣﺒﺎﻫﺎة ﺑﻘﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻔﺎق ،وإ6ﺎﻣﺎ ;ﺎ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴﺒﻎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﻠﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﺟﻮ أورﺑﻲ ﺧﺎﻟﺺ ﻳﻈﻦ أﻧﻪ ﻫﻮ ا;ﻘﻴﺎس اﳊﻖ ﻟﻠﻤﺪﻧﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ وﻟﻠﺘﻘﺪم واﻟﺮﻗﻲ ).«(٢١ وﻟﻌﻞ أﺻﺪق ﻣﺎ ﻳﺼﻮر اﻟﺼﺮاع ﺑ nﺟﻴﻞ اﻵﺑﺎء وﺟﻴﻞ اﻷﺑﻨﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﻬﻢ رﻳﺎح اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ا;ﻮﻗﻒ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻦ »ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق«-اﳉﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ-ﺣﻴﺚ ﺗﺜﻮر ﺛﺎﺋﺮة اﻷب اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﻋﺒـﺪ اﳉـﻮاد ﻋـﻠـﻰ اﺑـﻨـﻪ ﻛﻤﺎل وﻫﻮ ﻣﺜﻘﻒ ﺣﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑ nاﳊﺮﺑـ-nﻟـﻨـﺸـﺮه ﻣـﻘـﺎﻻً ﻋﻦ ﻧﻈﺮﻳـﺔ داروﻳﻦ)× (٥ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﺒﻼغ اﻷﺳﺒﻮﻋﻲ« اﻟﻮﻓﺪﻳﺔ .ﻳﺼﺮخ اﻷب ﺛﺎﺋﺮاً: »ﻣﺎذا ﺗﻘﻮل ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ? ﻟﻘﺪ ﻟﻔﺘﺖ ﻧﻈـﺮي ﻋـﺒـﺎرات ﻏـﺮﻳـﺒـﺔ ﺗـﻘـﻮل :إن اﻹﻧﺴﺎن ﺳﻼﻟﺔ ﺣﻴﻮاﻧﻴﺔ ،أو ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ ،أﺣﻖ ﻫﺬا? »ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻧﺎﺿﻞ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ورﺑﻪ ﻧﻀـﺎﻻً ﻋﻨﻴﻔـﺎً أﻋﻲ روﺣﻪ وﺟﺴﺪه، ﻣﺤﻤﻮﻣﺎ.. ً واﻟﻴﻮم ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻨﺎﺿﻞ أﺑﺎه ،ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ اﳉﻮﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻌﺬﺑﺎً أﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳉﻮﻟﺔ ﻓﻬﻮ ﺧﺎﺋﻒ ﻣﺮﺗﻌﺐ ،إن اﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﻳـﺆﺟـﻞ ﻋـﻘـﺎﺑـﻪ أﻣـﺎ أﺑـﻮه ﻓﺸﻴﻤﺘﻪ اﻟﺘﻌﺠﻴﻞ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب.. ﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﻘﺮره ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ!ﻋﻼ ﺻﻮت اﻟﺴﻴﺪ وﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻧﺰﻋﺎج وآدم أﺑﻮ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺬي ﺧﻠﻘﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻃ nوﻧﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ روﺣﻪ ﻣﺎذا ﺗﻘﻮلﻋﻨﻪ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ? ﻃﺎ;ﺎ ﻃﺮح ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻋﻠـﻰ ﻧـﻔـﺴـﻪ ،ﻟـﻢ ﻳـﻜـﻦ دون أﺑـﻴـﻪ اﻧـﺰﻋـﺎﺟـﺎً ،وﻟـﻢ ﻳﻐﻤﺾ ﻟﻪ ﺟﻔﻦ ﻟﻴﻠﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﺼﺒﺎح ،وﺗﻘﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﻔـﺮاش ﻣـﺘـﺴـﺎﺋـﻼً ﻋﻦ آدم واﳋﺎﻟﻖ واﻟﻘﺮآن ،وﻗﺎل ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﺮة وﻋﺸﺮاً :اﻟﻘﺮآن إﻣﺎ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻘﺎً ﻛﻠﻪ أو ﻋﻠﻲ ﻷﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺪر ﺑﻌﺬاﺑﻲ ،ﻟﻮ ﻟﻢ أﻛﻦ ﻗﺪ اﻋﺘـﺪت ﻻ ﻳﻜﻮن ﻗﺮآﻧﺎً .اﻧﻚ ﲢﻤﻞ ّ اﻟﻌﺬاب وأﻟﻔﺘﻪ ﻷدرﻛﻨﻲ ا;ﻮت ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ .ﻗﺎل ﺑﺼﻮت ﺧﺎﻓﺖ: دارون ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ »ﺳﻴﺪﻧﺎ« آدم...ﻫﺘﻒ اﻟﺮﺟﻞ ﻏﺎﺿﺒﺎً: ﻟﻘﺪ ﻛﻔﺮ دارون ووﻗﻊ ﻓﻲ ﺣﺒﺎﺋﻞ اﻟﺸﻴﻄﺎن ،إذا ﻛﺎن أﺻﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺮداًأو أي ﺣﻴﻮان آﺧﺮ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ آدم أﺑـﺎً ﻟﻠﺒﺸﺮ ..ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻜﻔﺮ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻫـﺬا ﻫـﻮ 38
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
وﻳﻬﻮدا ﻓﻲ اﻟﺼﺎﻏﺔ ً اﻻﺟﺘﺮاء اﻟﻮﻗﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎم اﻟﻠﻪ وﺟﻼﻟﻪ!! إﻧﻲ أﻋﺮف أﻗﺒﺎﻃﺎ وﻛﻠﻬﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺂدم ،ﻛﻞ اﻷدﻳﺎن ﺗـﺆﻣـﻦ ﺑـﺂدم ،ﻓـﻦ أي ﻣـﻠـﺔ دارون ﻫـﺬا?! ،اﻧـﻪ ﻛﺎﻓﺮ وﻛﻼﻣﻪ ﻛﻔﺮ وﻧﻘﻞ ﻛﻼﻣﻪ اﺳﺘﻬﺘﺎر ،ﺧﺒﺮﻧﻲ أﻫﻮ ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬﺗﻚ ﺑﺎ;ﺪرﺳﺔ? ﻣﺎ أدﻋﻰ ﻫﺬا إﻟﻰ اﻟﻀﺤﻚ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﺮاغ ﻟﻠﻀﺤﻚ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻗـﻠـﺐ أﻓﻌﻤﺘﻪ اﻵﻻم ،أﻟﻢ اﳊﺐ اﳋﺎﺋﺐ وأﻟﻢ اﻟﺸﻚ ،وأﻟﻢ اﻟﻌﻘﻴـﺪة اﶈـﺘـﻀـﺮة ،إن ا;ﻮﻗﻒ اﻟﺮﻫﻴﺐ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠﻢ أﺣﺮﻗﻚ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺴﻊ ﻋﺎﻗﻼً أن ﻳﺘﻨﻜﺮ ﻟﻠﻌﻠﻢ? ﻗﺎل ﺑﺼﻮت ﻣﺘﻮاﺿﻊ: ـﺪ ﻋﻦ اﻷم ﺻـﻮت دارون ﻋﺎﻟﻢ إﳒﻠﻴﺰي ﻣﺎت ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ...وﻫـﻨـﺎ ﻧ ّﻳﻘﻮل ﺑﺘﻬﺪج: ( ٢٢ ) ﻟﻌﻨﺔ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﳒﻠﻴﺰ أﺟﻤﻌ. «...nﻫﺬا اﻟﺼﺮاع ﻣﻊ اﻟﺬات وﻣﻊ اﻵﺑﺎء وﻣﻊ اﻟﻠﻪ وا;ﻌﺘﻘﺪات ،وﻣﻊ أرﺳﺦ ﻣـﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﳉﺪﻳﺪ واﳊﻴﺎة اﳉﺪﻳﺪة ،ﻫﻞ ﻛﺎن ﻣﻘﺪراً ﻟﻪ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺎﺳﻢ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﻘﻀﺎء اﳉﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪ أم ﺑﺘﺼﺎﻟﺢ اﻟﻀﺪﻳﻦ أم ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻻﺳﺘﻤﺮار اﻟﺼﺮاع? ﺑﺎﻧﻬﻴﺎر ﺟﻴﻞ ا;ﻌﺎﻧﺎة وﺿﻴﺎﻋﻪ ً واﺣﺪا .ﻓﻘـﺪ ً وﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ا;ﻮﻗﻒ ﺗﻌـﻘـﻴـﺪاً أن اﳉﺪﻳﺪ ذاﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﻜـﻦ ﺟـﺪﻳـﺪاً ﺟﺎءت أورﺑﺎ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺸﺮق ﺑﻜﻞ ﺻﺮاﻋﺎﺗﻬـﺎ وﺗـﻨـﺎﻗـﻀـﺎﺗـﻬـﺎ وﺗـﺮاﻛـﻢ ﻋـﺼـﻮر ﺣﻀﺎرﺗﻬﺎ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة وأﻟﻘﺖ ﺑﺎﻟﻌﺐء ﻛﻠﻪ ﻋﻠـﻰ ﻋـﺎﺗـﻖ اﳉـﻴـﻞ اﺠﻤﻟـﺪد اﻟـﺬي ﲢﻴﺮ أﻣﺎم ﺗﻨﺎﻗﻀﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺣﻴﺮﺗﻪ وﻋـﺬاﺑـﻪ ﻓـﻲ ﻣـﺼـﺎرﻋـﺘـﻪ ّ ﻟﻘﺪzﻪ وﻋﻨﺎﺻﺮه ا;ﺘﻌﺪدة .إن »ﻛﻤﺎل«-ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﻣﺤﻔﻮظ-ﺿﺎﺋﻊ أﻳﻀـﺎً ﺑn ﻛﺘﺎب »ﻣﻨﺒﻌﺎ اﻟﺪﻳﻦ واﻷﺧﻼق« ﻟﺒﺮﺟﺴﻮن اﻟﺬي zﺜﻞ ردة إzﺎﻧﻴﺔ ﻗﻮﻳـﺔ ﺿـﺪ ا;ﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ،و »اﻟﺒﺮاﺟﻤﺘﺰم« اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮى اﳊﻖ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل واﻗـﻌـﻴـﺔ ا;ﻨﻔﻌﺔ ) .(٢٣وﻫﺬا اﻟﺘﺠﺎذب ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﻓﻲ واﻗﻊ ﻣﺼﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ qﺤﻤﺪ ﺣـﺴـn ﻫﻴﻜﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻔﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﺑ-١٩٢٦ n ١٩٢٩ﺑﻈﻬﻮر اﻟﺘﻴﺎر اﻹzﺎﻧﻲ اﳉﺪﻳﺪ ﻟﺒﺮﺟﺴﻮن ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﻮاﺻﻞ ﻓﻴﻪ ﺷﺮوﺣﻪ ﻟﻮﺿﻌﻴﺔ أوﺟﺴﺖ ﻛﻮﻧﺖ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻫﻤﻪ اﻷﻛﺒﺮ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻠﻘـﺎء واﻟـﺘـﺼـﺎﻟـﺢ ﺑـ nاﻟـﻌـﻠـﻢ واﻹzـﺎن ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﺎ ﻳـﻌـﺮض ﻟـﻪ ﻣـﻦ ا;ـﺬاﻫـﺐ اﻷورﺑﻴﺔ)» .(٢٤ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ )ﻛﻤﺎل( ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻗﺾ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﻗﻠﻖ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﺤﻦ ﻗﻠﺒﻪ إﻟﻰ ﲢﻘﻴﻖ وﺣﺪة ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻜﻤﺎل واﻟﺴﻌﺎدة ،وﻟـﻜـﻦ أﻳـﻦ ﻫـﺬه اﻟـﻮﺣـﺪة? ،(٢٥) «..ﻟﻘﺪ ﺣﺎر ﺑـ nاﻟـﺸـﺮق واﻟـﻐـﺮب 39
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻃﻮﻳـﻼً و»دار ﺣﻮل ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺜـﻴـﺮاً ﺣﺘﻰ أﺻﺎﺑـﻪ اﻟـﺪوار ) .«(٢٦ﻏﻴﺮ أن ﺷﻴﺌـﺎً ﻣـﺎ ﺟﺪﻳﺪا آﺧﺮ ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﻴﺮة اﻟﻔﻜﺮ إﻟﻰ ً ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .إن ﺟﻴﻼً إرادة اﻟﻌﻤﻞ ،و ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺗﺬﺑﺬب اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﺑـﺄﻧـﻮاﻋـﻬـﺎ إﻟـﻰ اﻷzـﺎن ﺑـﻌـﻘـﻴـﺪة ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻣﺆﺛﺮة ،وﻳﺘﻄﻠﻊ اﳉﻴﻞ اﺨﻤﻟﻀﺮم اﳊﺎﺋﺮ »ﻓﻲ إﻋﺠﺎب ﻣﻘﺮون ﺑﺎﻟﻐﺒﻄﺔ« إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻮل وﻳﻬﻤﺲ ﻓﻲ ﺳﺮه» :إن اﳉﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ ﻳﻮﺛﻖ ﺳﺒﻴﻠﻪ اﻟﻌﺴـﻴـﺮ إﻟﻰ ﻫﺪف ﺑ nدون ﺷﻚ أو ﺣﻴﺮة ،ﺗﺮى ﻣﺎ ﺳﺮ داﺋﻲ اﻟﻮﺑﻴﻞ?! )«(٢٧ أﺟﻞ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺘﻢ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا »اﻟﺪاء اﻟﻮﺑﻴﻞ« ? إن ﺑﻄﻞ ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ اﻟﺬي ﻫﻮ رﻣﺰ ;ﺜﻘﻔﻲ اﳊﻴﺮة واﻟﺘﻤﺰق ﺑ nاﳊﺮﺑ nواﻟﺬي ﻳﻄﻠﻖ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال اﳊﺎﺋﺮ ﻳﻬﺘﻒ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ »أﻧﺎ اﳊﺎﺋﺮ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ« ) (٢٨ﺑﻌﺪ أن ﻳﻨﺘﻘﻞ زﻣﺎم ا;ﺒﺎدرة إﻟﻰ ﺟﻴﻞ أول ﺣﻴﺮة وأﻛﺜﺮ اﻧﺪﻓﺎﻋﺎً? وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﳒﺪ اﳉﻴﻞ اﳊﺎﺋﺮ ﻳﻘﻠﺐ وﺟﻬﻪ ﺷﺮﻗﺎً ﻣﺘﺠﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻗﻨﺎﻋﺎت ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻊ ذﻟﻚ 6ـﺜـﻞ ً ً وﻏﺮﺑﺎ ﺗﻮﺟﻬـﺎً ﻧﺤﻮ وﺿﻊ أﻛﺜـﺮ اﺳـﺘـﻘـﺮاراً وﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ .إن ﻣﻨـﺼـﻮر ﻓـﻬـﻤـﻲ اﻟـﺬي ﺑـﺪأ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋـﺎم ١٩١٤ﺑﻮﺿﻊ أﻃﺮوﺣﺔ دﻛﺘﻮراه ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ﺑﺈﺷﺮاف ﻋﺎﻟـﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻴﻬﻮدي »ﻟﻴﻔﻲ ﺑﺮﻳﻞ« (١٨٥٧-١٩٣٩) Lévy - Bruhlﺑﻌﻨﻮان »ﺣﺎﻟﺔ ا;ﺮأة ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺗﻄﻮراﺗﻬﺎ« وأﺛﺎر ﻣﻌﺎرﺿﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪة ﺑـﺴـﺒـﺐ ﺑﻌﺾ إﺷﺎراﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻮل ،واﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ أﻃﺮوﺣﺘﻪ ﻫﺬه ﺗﻌﺘﺒﺮ »ﻓﺎﲢﺔ اﲡﺎه أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ »ﺗﻴﺎر اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ« وﺳﺎر ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮون ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻃـﻪ ﺣـﺴـn وﻣﺤﻤﻮد ﻋﺰﻣﻲ وﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ وﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق وإﺳﻤﺎﻋﻴـﻞ أدﻫـﻢ وﻋـﺒـﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻓﻬﻤﻲ« )-(٢٩إن ﻣﻨﺼﻮر ﻓﻬﻤﻲ ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻋـﺎم ١٩٣٩ﻋﻦ ﺻﻴﺮورة ﺣﻴﺮﺗﻪ وﻛﻴﻒ ﻋﺎﻧﺎﻫﺎ ﺛﻢ ﻛﻴﻒ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ راﺟﺤﺔ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻧﺪاء ﻣـﻦ أﻋﻤﺎق اﻟﻘﻠﺐ ﻳﺘﺨﻄﻰ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻌﻘﻞ اﳊﺎﺋﺮ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ رد ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﻪ ﺣﺴn ﺑﺸﺄن ﻣﺎ أﻇﻬﺮه اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ إﺻﺮار ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ اﻟﻜـﺎﻣـﻞ ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎب ﺴﺮه ﻓﻬﻤﻲ ﻫﻨـﺎ »ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ qﺼﺮ« اﻟﺼـﺎدر ﻋـﺎم ;١٩٣٨وﻫﺬا اﻟـﺬي ُﻳ ّ ﻮذﺟﺎ ﻟﻠﻤﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ً ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﺮاف وا;ﻨﺎﺟﺎة اﻟﺬاﺗﻴﺔ وﻳﺼﻠﺢ ﻳﺸﺒﻪ ً اﻟﺘﻲ ﻛﺎن zﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺟﻴﻠﻪ ،وﻟﻠﻘﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺪرﺟﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى أﻓﺮاد ذﻟﻚ اﳉﻴﻞ» :أﻛﺎد أرﺟﻊ أﻛﺜﺮ اﳋﺼﻮﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﺮأي ﺣـﻮل ﻣـﺸـﺎﻛـﻠـﻨـﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ إﻟﻰ ﻋﻠﺔ واﺣﺪة ،ﺗﻠﻚ ﻫﻲ :اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪ اﻟﻐﺮﺑﻴ nأو ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﻓﻲ ً ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ .أﻗﺮأ ﻟﺰﻣﻴﻠﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴ nﻣﻘﺎﻻً 40
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
ﺟﺮﻳﺪة اﻷﻫﺮام ﻓﺄﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ» :ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻣﻨﺬ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن ا;ﺎﺿﻲ ﻧﻈﺮﻧـﺎ إﻟـﻰ أورﺑﺎ واﺗﺨﺬﻧﺎﻫﺎ ﻣﺜﻼً ﻧﺤﺘﺬﻳﻪ وﻧﻘﻠﺪه ،ﻓﺎﺳﺘﻌﺮﻧﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻹﻟﺰاﻣﻲ وﻣﺠﺎﻧﻴﺘﻪ وﻓﻜﺮة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳉﺎﻣﻌﻲ اﻟﻌﺎﻟﻲ .أﺗﺮى إﻟﻴﻨﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ أورﺑﺎ ﻧـﻈـﺮاً ﻣﺘﺼـﻼً وﻧﻘﻠﺪﻫﺎ ﺗﻘﻠﻴـﺪاً ﻣﺴﺘﻤـﺮاً ،وﻧﻨﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻨﻈﺮ إﻟـﻰ أورﺑـﺎ واﻻﻧﺘﻔﺎع qﺎ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺘـﺠـﺎرب و;ـﺎ اﺧـﺘـﻠـﻒ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ﻣـﻦ اﳊـﻈـﻮظ. وﻃﺎ;ﺎ ﻗﺮأت ﻟﻐﻴﺮه ﻣﻦ ذوي اﻟﺮأي وﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﺣ nﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻓـﻲ اﺗـﺨـﺎذ ﻃﺮاﺋﻖ اﻟﻐﺮﺑﻴ nأو ﲡﻨﺒﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ رأي اﻟﺼﺪﻳﻖ و ﻳﻐﻴﺮه .وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﺘﺮدد زوار ﻓﺄﻗﻮل ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ :أﻳﻬﻤﺎ ﻳﺎ ﺗﺮى أﻫﺪي إﻟﻰ اﳊﻖ وأدﻧﻰ إﻟﻰ إﻟﻰ ﺧﺎﻃﺮ ّ ﺳﺒﻴﻠﻪ ،أذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺠﺪ أن ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﺗـﻈـﻞ ﻓـﻲ ﻋـﻮج واﺿـﻄـﺮاب ﻣﺎدﻣﻨﺎ ﻻ ﻧﺤﺘﺬي اﺛﺮ اﻟﻐﺮب وﻧﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﺻﻄﻨﺎع ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﺻﺮاﺣﺔ وﻋﺰم ،أم ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺮى أن اﻣﺘﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺄ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ،وأن اﺗﺨـﺎذ أﻛـﺜـﺮ ﻧﻈﻢ اﻟﻐﺮﺑﻴ nﻻ ﻳﺠـﺪي ﻓـﻲ رﻗـﻴـﻨـﺎ وإﺳـﻌـﺎدﻧـﺎ ،وﻗـﺪ ﻳـﻌـﻮد ﻋـﻠـﻴـﻨـﺎ ﺑـﺎﻟـﺸـﻘـﻮة واﳋﺴﺮان?? .وﻓﻲ اﳊﻖ أﻧﻨﻲ ﻃﺎ;ﺎ ﻋﺠﺰت ﻋﻦ اﳉﻮاب ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال. وﺗﻮﻟﺘﻨﻲ ﻣﻨﻪ ﺣﻴﺮة ﻣﻦ ﻫﺬه اﳊﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺴﺘﻌ nﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺴﺎه ﻳﻘﺮﻫﺎ إﻟﻰ رأي وﻳﺴﻜﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﲡﺪ ﻋﻨﺪه راﺣﺔ اﻟﻴﻘ nوﺗﺘﺨﻠﺺ ﺑﻪ ﻣﻦ أﻟﻢ اﳊﻴﺮة .ﻛـﻨـﺖ أﺷـﻌـﺮ أﺣـﻴـﺎﻧـﺎً ﺑﺪاﻓﻊ إﻟﻰ ا;ﻴـﻞ ﻟـﺮأي زﻣـﻴـﻠـﻲ ﻃـﻪ، ﻓﻬﺆﻻء ذوو اﻟﺸﺄن ﻓﻴﻨﺎ ﻳﺘﺄﺛﺮون ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﻴ nﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻫﻮادة وﻻ ﻣﺒﺎﻻة ،ﻓﺄورﺑﺎ إﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وأورﺑﺎ إﻣﺎم ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﺸﺮﻳﺢ ،وأورﺑﺎ إﻣﺎم ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻷﺧﻼق واﻟﻨﻈﻢ .وﻗﺪ ﻳﺠﺮﻧﺎ اﻟﻘﺎدة إﻟﻰ اﺗﺒﺎع أورﺑﺎ ﻓﻴﻤـﺎ ﻫـﻮ أﺑـﻌـﺪ اﻷﻣﻮر ﻋﻦ ﻃﺒﺎﻋﻨﺎ .ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ا;ﺴﺘﻄﺎع ﺣﻘﺎً ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن ﺗﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺮﺟﻌﺔ واﻟﻨﻜﻮص?«. »ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﻬﻢ أي اﻟﺴﺒﻴﻠ nﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻫﺪى وﺗﻮﻓﻴﻖ ..?..ﻋﻠﻰ إﻧﻨـﻲ ﺑـﻌـﺪ ﻫﺬا اﳉﺬب اﻟﺬي ﻳﺮاد ﺑﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن أﻋﻮد ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ ﻣﻦ أﻋﻤـﺎق اﻟﻘﻠﺐ ﺻﻮﺗﺎ ﻣﺪوﻳﺎ ﻳﺸﻖ ﺳﺒﻴﻠﻪ إﻟﻰ ﻋﻘﻠﻲ اﳊﺎﺋﺮ ﻓﺄﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ :ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﻬﻢ ،ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺑﻴﺌﺘﻲ اﻟﺘﻲ أﻋﻴﺶ ﺑﻬـﺎ وﻟـﻬـﺎ وﻓـﻴـﻬـﺎ ﻫـﻲ ﺑـﻴـﺌـﺔ اﻟـﻐـﺮب .ﻓـﻬـﺬه ﺳﻤﺎؤﻫﺎ ﻏﻴﺮ ﺳﻤﺎء اﻟﻐﺮب وﻫﺬه ﺗﺮﺑﺘﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺗﺮﺑﺘﻪ وﻫﺬا ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻮت اﻟﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻗﻌﻪ .وﻫﺬه ﻟﻐﺘﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻟﻐﺘـﻪ وﻫـﺬا ﻣـﺎ ورﺛـﻨـﺎه ﻣـﻦ ﻋـﺎدات وﻣـﺤـﻦ وﻇﺮوف وﺻﺮوف ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ورث اﻟﻐﺮب .أﻓﺘﻜﻦ ﻣﻜـﻨـﻮﻧـﺎﺗـﻨـﺎ ﻏـﻴـﺮ ﻣـﻜـﻨـﻮﻧـﺎﺗـﻪ، و ﻴﺰاﺗﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻴﺰاﺗﻪ وﻇﺮوﻓﻨﺎ وﺻﺮوﻓﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻇﺮوﻓﻪ وﺻﺮوﻓﻪ .ﺛﻢ ﻳـﺮاد 41
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﻛﺎﻟﻐﺮﺑﻴ ،nوﻳﺤﺎول داﻋﻴﺔ ﺻﺮﻳﺢ أن ﻳﻘﻨﻌﻨﺎ ﺑﺄن ﻧﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب إﻣﺎﻣﺎ ﻧﺄ¬ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻠّﻴﺎت ﻣﺎ ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻐﺮب وﻓﻲ ﲡﺰﺋﻴﺎﺗﻪ?. »ﻋﻔﻮك اﻟﻠﻬﻢ وﻫﺪاك .إن ﻧﻔﺴﻲ وﻋﻘﻠﻲ ﻣﺎزاﻻ راﻏﺒ nﻋﻦ ﺳﺒﻴﻠﻬـﺎ .ﺑـﻞ إن اﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺪﻋﻮﻧﻲ أن أﺣﺘﻔﻆ ﺑﺎﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻲ أراد اﻟﻠﻪ أن zﻴﺰ ﺑﻬﺎ أﻣﺔ أﻧﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ وان أ6ﺴﻚ qﻴﺮاث اﻧﺤﺪر إﻟﻰ ﺑﻠﺪي ﻣﻦ ﻗﺮون .وأن اﺳﺘﻮﺣﻰ ﺑﻪ ﺗﺎرﻳﺨﻲ وأن أﺳﺘﻠﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻠﻬﻤﻨﻲ ﺑﻪ ﺟﻮ ﺑﻼدي وﻣﺎ ﺗﻠﻬﻤﻨﻲ ﺑﻪ ﺗﻠﻚ اﻷرواح اﳋﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻤﺎواﺗﻪ .ﻋﻨﺪ ﺳﻜﻮن ﻧﻔﺴﻲ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﺰﻋﺔ أﻋﻮد ﻓﺄﻫﻤﻬﻢ ﻓﻲ ﺷﺪة وﺣﻤﺎﺳﺔ :ﻟﺴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﺷﻲء .وإﻧﻬﺎ ﻟﻜﺒـﻴـﺮة أن ﻧـﻨـﺘـﻬـﺞ ﻓـﻲ ﻛـﻞ )(٣٠ ﺷﻲء ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻐﺮﺑﻴ ،nﻓﻠﻠﺘﻘﻠﻴﺪ ﺣﺪود ..ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﻳﺎ ﺗﺮى ﺣﺪوده?. ﻫﺬه اﻟﻠﻬﺠﺔ اﻹzﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﺬه ا;ﻌﺎﻧﺎة اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎذب ﺑ nﺗﺮاث اﻹﺳﻼم وﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻐﺮب ،ﺛﻢ ﻫﺬه اﻟﻌﻮدة اﳊﻤﻴﻤﺔ ﻟﻠﺠﺬور ،ا;ﻌﺘﻤﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ، ا;ﺴـﻠّﻤﺔ أﻣﺮﻫﺎ ﻟﻪ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ روح ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺨﺘﻠﻒ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒـﻴـﺮ ﻋـﻦ اﻟـﻠـﻬـﺠـﺔ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﻫﺎ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن ا;ﺎﺿﻲ وﺧﻼل اﻟﻌﻘﺪﻳﻦ اﻷوﻟ nﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺧﺎﺻـﺔ وإﻧـﻬـﺎ ﺗـﺄﺗـﻲ ﻣـﻦ دﻋـﺎة اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻌﺪ رﺣﻠﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ا;ﻀﻨﻴﺔ ﺑ nﺛﻘﺎﻓﺔ أورﺑﺎ وواﻗﻊ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺴﻠﻢ ﻓﻲ ذواﺗﻬﻢ وﲡﺎرﺑﻬﻢ ..وﻟﻜﻦ ﻳﺒـﻘـﻰ ﻇـﻞ ﻣـﻦ ﺣـﻴـﺮة ﺧـﻔـﻴـﻔـﺔ، وﺗﺒﻘﻰ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ ﻗﺪ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﺎﻃﺊ اﻵﺧﺮ qﺎ ﻳﻮﺣـﻲ أن اﳉـﺴـﻮر ﻣـﻊ اﻟﻐﺮب ﻟﻢ ﺗﻘﻄﻊ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﺑﻌﺪ ..ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﳉﻴﻞ اﺨﻤﻟﻀﺮم وﻣﻦ ﻣﻮﻗﻌﻪ .إن اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ وﺻﺮاع ﻣﺆﺛﺮاﺗﻪ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وان اﻟﻘﻠﺐ ﺑﻘﻨﺎﻋﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﺑﺈzﺎﻧﻪ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻳﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﺟﻤﻮح اﻟﻌﻘﻞ وإﳊﺎده وﺷﻜﻮﻛﻪ ﻓﻴﺤﻔﻆ اﻟﺘﻮازن .ﻫﺬا ﻳﺼﻮر ﻟﻨﺎ أﺣﻤﺪ أﻣـ nﺟـﻮاﻧـﺐ اﻟـﺼـﻮرة ﻓـﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ» :رأﺳﻪ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺨﺰن ﻣﻬﻮّش أو دﻛﺎن ﻣﺒﻌﺜﺮ ،وﺿﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺜـﻮب اﳋﻠﻖ ﺑﺠﺎﻧﺐ اﳊﺠﺮ اﻟﻜﺮ ،ﻳﺘﻼﻗﻰ ﻓﻴﻪ ﻣﺬﻫﺐ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ qﺬﻫﺐ اﻟﻨﺸﻮء واﻻرﺗﻘﺎء ،وﻣﺬﻫﺐ اﳉﺒﺮ qﺬﻫﺐ اﻻﺧﺘﻴﺎر ،وﲡﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ ﻛﺘﺐ ﺧﻄﻴﺔ ﻗﺪzﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻗﺪzﺔ ﻓﺪ أﻛﻠﺘﻬﺎ اﻷرﺿﺔ وﻧﺴﺞ اﻟﺰﻣﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻴﻮﻃﺎ، وأﺣﺪث اﻟﻜﺘﺐ اﻷورﺑﻴﺔ ﻓﻜﺮا وﻃﺒﻌﺎ وﲡﻠﻴﺪا .وﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﻇﻞ® ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ، وأﺛﺮ ﻓﻲ رأﺳﻪ ،إن ﻃﺎف ﻃﺎﺋﻒ اﻹﳊﺎد ﺑﻔﻜﺮه ﻟﻢ ﺗﻄﺎوﻋﻪ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ،وإن ﺷﻚّ ﺣﻴﻨﺎ ﻋﻘﻠﻪ ،آﻣﻦ داﺋﻤﺎ ﻗﻠﺒﻪ .(٣١) « ... وﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩٣٣ﻳﺒﺪأ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ﺑﺈﺻﺪار ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ« اﻟﺘﻲ 42
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
ﺳﺘﻤﺜﻞ ﻓﺘﺮة ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻲ أراد ﻟﻬـﺎ ﺻـﺎﺣـﺒـﻬـﺎ أن ﺗﻜﻮن ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑ nروح اﻟﺸﺮق وﺣﻀﺎرة اﻟﻐﺮب وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ا;ﺮﺣﻠﺔ وﻣﻄﻠﺒﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮي .وﻓﻲ اﻟﻌﺪد اﻷول ﻣﻦ »اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ« ﻳﻜﺘﺐ أﺣﻤﺪ أﻣn ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻐﺰاﻫﺎ qﻘﻴﺎس ا;ﺮﺣﻠﺔ ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﳊﺎﺟﺔ ا;ﻠّﺤﺔ ﻟﻈﻬﻮر ﻮذج اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﺮﺑﻮي ﻣﺘﻮازن وﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟـﺜـﻨـﺎﺋـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ وﻗﻌﺖ ﺑﻔﻌﻞ اﻻﻧﺸﻄﺎر اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻔﻜﺮي ﺑﻴﺖ اﻟﺘﻐﺮﻳـﺐ واﻟـﺴـﻠـﻔـﻴـﺔ» :ﻓـﻲ ﻣﺼﺮ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔﻘﻮدة ﻻ ﻧﻜﺎد ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻣﻊ إﻧﻬﺎ رﻛﻦ ﻣﻦ أﻗﻮى اﻷرﻛﺎن اﻟﺘﻲ أن ﻧﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻬﻀﺘﻨﺎ ..ﺗﻠﻚ اﳊﻠﻘﺔ ﻫﻲ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺟﻤﻌﻮا ﺑ nاﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ وﺑ nاﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷورﺑﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ،وﻫﺆﻻء ﻳﻌﻮزﻧﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻻ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟـﻨـﺎ أن ﻧـﻨـﻬـﺾ إﻻ ﺑﻬﻢ ..إن اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻗﻮم ﺗﺜﻘﻔﻮا ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺤﺘﺔ وﻫﻢ ﺟﺎﻫﻠﻮن ﻛﻞ اﳉﻬﻞ qﺎ ﻳﺠﺮي ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻦ آراء وﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻷدب واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،وﻃﺎﺋﻔﺔ أﺧﺮى ﺗﺜﻘﻔﺖ ﺛﻘﺎﻓﺔ أﺟﻨﺒﻴﺔ ﺑﺤﺘﺔ ﻳﻌﺮﻓﻮن آﺧﺮ ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ ،ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﻜﻴﻤﻴﺎء واﻟﺮﻳﺎﺿﺔ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺠﻬﻠﻮن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻞ اﳉﻬﻞ .ﻫﺎﺗﺎن اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﺎن ﻋﻨﺪﻧﺎ zﺜﻞ اﻷوﻟﻰ ﺧﺮﻳﺠﻮ اﻷزﻫﺮ ودار اﻟﻌﻠﻮم وﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻘﻀﺎء ،وzﺜﻞ اﻷﺧﺮى ﻧﻮاﺑﻎ ا;ﺪارس اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷورﺑﻴﺔ .ذﻟﻚ أن اﻷوﻟ nإذا أﻧﺘﺠﻮا ﻓﻌﻴﺐ إﻧﺘﺎﺟﻬﻢ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴـﺘـﻄـﻴـﻌـﻮا أن ﻳﻔﻬﻤﻮا روح اﻟﻌﺼﺮ وﻻ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺼﺮ وﻻ أﺳﻠﻮب اﻟﻌﺼﺮ ،وإﻻ اﻟﺘﺰﻣﻮا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻨﻤﻂ اﻟﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ وﲢﺠﺮت أﻣﺜﻠﺘﻬﻢ وﻣﻞ اﻟﻨﺎس ﺑﻼﻏﺘﻬﻢ وﻋﻤﺎدﻫﺎ :رأﻳﺖ أﺳﺪا ﻓﻲ اﳊﻤﺎم وﻋﻀﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺎب ﺑﺎﻟﺒﺮد ..أﻣﺎ اﻵﺧﺮون ﻓﻀﻌﻔﺖ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻠﻤﺎ أرادوا أن ﻳﺨﺮﺟﻮا ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻘﻮﻣﻬﻢ وأﻣﺘﻬﻢ أﻋﺠﺰﻫﻢ اﻷﺳﻠﻮب واﻟﺮوح اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ وﻻ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ وﺣﺎوﻟﻮا ذﻟﻚ ﻣﺮارا ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻬﻢ اﻟﻨﺎس ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون ،واﻟﺬي ﺟﺮ إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﺜﻘﺔ أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺳﺎر ﻓﻲ ﺧﻄ nﻣﺘﻮازﻳ nﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎ ،ﻓﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺳﺎر ﻓﻲ ﺧﻂ ،واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ا;ﺪﻧﻲ اﳊﺪﻳﺚ ﺳﺎر ﻓﻲ ﺧﻂ آﺧﺮ، وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺤﺎوﻻت ﺟﺪﻳﺔ ﻟﺘﻼﻗﻲ اﳋﻄ nأو رﺑﻂ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺑﺒﻌﺾ.(٣٢)«.. إن أﺣﻤﺪ أﻣ nﻻ ﻳﺮﺳﻢ ﻫﻨﺎ إﻃﺎرا ﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ا;ﻌﺘـﻘـﺪ اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻘـﻲ ا;ـﻨـﺸـﻮد ﻣـﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وﻟﻜﻨﻪ zﻬﺪ ﻟﻪ-إﺣﺴﺎﺳﺎ ﺑﺎﳊﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ-ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة إﻟـﻰ إﻳـﺠـﺎد أﺳﺎس اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﺮﺑﻮي ﻣﻦ ﻗﻴﺎدات اﻟﻔﻜﺮ ﲡﻤﻊ ﺟﻤﻌﺎ أﺻﻴﻼ وﺻﺤﻴﺎ ﺑn 43
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﺜﻘﺎﻓﺘ nوﺗﺘﺠﺎوز اﻻﻧﻔﺼﺎم اﻟﺬي ﺷﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﻜﺮ وﺣﻴﺎة اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج اﳉﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺘﺮﺑﻮي ﺳﻴﻨﻌﻜﺲ وﺟﻮده ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻔﻜﺮي اﳋﺎﻟﺺ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻏﻴﺎب »اﳊﻠﻘﺔ ا;ﻔﻘﻮدة« اﻟﺘﻲ ﻻ zﻜﻦ ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ-ﻓﻲ رأي أﺣﻤﺪ أﻣ nأن ﺗﻘﻮم ﺑﺪوﻧﻬﺎ و ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﺒﺪأ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺑﻄﺮح ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ،ﻛﺎﻧﺖ »اﻟﺴﻴـﺎﺳـﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳﺮأﺳﻬﺎ ﻫﻴﻜﻞ و6ﺜﻞ ﻓﻜﺮ »اﻷﺣﺮار اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳ «nذا اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻲ أو »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ« ﺗﺸﻬﺪ »وﻻدة ﺟﺪﻳﺪة« ذات ﻣﺪﻟـﻮل ﻓـﻜـﺮي ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ أﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ »اﳊﻠﻘﺔ ا;ﻔﻘﻮدة« ﻓﻠﻬﺬه اﺠﻤﻟﻠﺔ ﻗﺼﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ qﺪﻟﻮﻻت اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺬي ﻧﺒﺤﺜﻪ وﺗﻜﺸﻒ ﺗﻄﻮرات اﻟﺒﺤﺚ ﻋـﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ا;ﻔﻘﻮدة :ﻓﻘﺪ ﺑﺪأت وﻟﻬﺎ ﻏﻼف ﻣﻐﻄﻰ ﺑﺰﺧﺎرف ﻓـﺮﻋـﻮﻧـﻴـﺔ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ا;ﻴﻼدي وﺣﺪه .أﻣﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻬﺠﺮي ﻓﻜﺎن ﻳﻘﺮن ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ ا;ﻴﻼدي ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ¬ .ﻟﻢ ﺗﻠﺒﺚ اﻟﺼﺤﻴـﻔـﺔ أن اﻧـﻘـﻄـﻌـﺖ ﻋـﻦ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻬﺠﺮي وأﺳﻘﻄﺘﻪ ﺟﻤﻠﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻪ وﺟﻮد ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ أو ﺑﺎﻃﻨﻬﺎ .وﺗﺨﻠﻞ ذﻟﻚ ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ﺗﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ ﻧﺼﻒ ﻋﺎم ﺗﻐﻴﺮ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺷـﻜـﻞ اﻟﻐﻼف اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ واﺳﺘﺒﺪل ﺑﻪ ﻏﻼف ﻣﻠﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻮر ﻫﺰﻟﻴﺔ ..واﺣﺘﺠـﺒـﺖ اﺠﻤﻟﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ أواﺋﻞ ١٩٣١وﻋﺎدت إﻟﻰ اﻟﻈﻬﻮر ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﲢﺖ اﺳﻢ )ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ( وﻗﺪ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻃﺎﺑﻊ إﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻣـﻌـﻈـﻢ ﻣـﺎ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ،واﻟﺘﺰﻣﺖ ﻛﺘﺎﺑـﺔ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ اﻟـﻬـﺠـﺮي ﻓـﻲ ﺻـﺪرﻫـﺎ ﻗـﺒـﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ا;ﻴﻼدي« ).(٣٣ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ 6ﺜﺎل ا;ﻈﻬﺮ اﳋﺎرﺟﻲ اﻟـﺸـﻜـﻠـﻲ ﻟـﻠـﺘـﺤـﻮل ،أﻣـﺎ اﻟـﺘـﺤـﻮﻻت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻔﻜﺮ رﺋﻴﺲ ﲢﺮﻳﺮﻫﺎ-وﻗﺪ رأﻳﻨﺎ ﺑـﺪاﻳـﺎﺗـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺪﻳـﺜـﻪ ﻋـﻦ أزﻣـﺘـﻪ وأزﻣﺔ ﺟﻴﻞ اﺠﻤﻟﺪدﻳﻦ ﻣﻊ أورﺑﺎ-ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﻤﺜﻞ-ﻣﻊ ﺻﺪور ﻛﺘﺎﺑﻲ »ﺣﻴﺎة ﻣﺤﻤﺪ« ١٩٣٥و »ﻓﻲ ﻣﻨﺰل اﻟﻮﺣﻲ« ١٩٣٦أﺑﻜﺮ وأﺳﺒﻖ ﺻﻴﻐﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ا;ﺴﺘﺠﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺼﺐ ﻓﻴﻬﺎ وﺗﻨﺴﺠﻢ ﺿﻤﻦ ﻣﺠﺮاﻫﺎ-إﻟﻰ ﺣـ-nﻣـﻌـﻈـﻢ رواﻓـﺪ اﻟـﻔـﻜـﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي أﺧﺬت أﻃﺮاﻓﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺎرب واﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺗـﻄـﺮﻓـﻬـﺎ-ﺳـﻠـﻔـﻴـﺎ أو ﺗﻐﺮﻳﺒﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء-ﻟﺘﻌﻮد إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻘﺎء ﻣﻦ ﻧﺒﻊ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﺼﺪﻋﺖ واﺧﺘﻞ ﺗﻮازﻧﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺼﺮاع اﻟﺬي اﺳـﺘـﻌـﺮ ﺑ nﺗﻴﺎر اﻟﺸﻴﺦ رﺷﻴﺪ رﺿﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺗﻴﺎر ﻃﻪ ﺣﺴ nوﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. 44
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
ﻓﻤﻨﺬ أواﺧﺮ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت وﻧﺤﻦ ﻧﺮى ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜـﻞ ﺑـﺎﺣـﺜـﺎ ﻣـﻨـﻘـﺒـﺎ ﻣﻐﻴﺮا وﻣﺒﺪﻻ ﻓﻲ آراﺋﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ رأي ﺑﺸﺄن اﻟﻌﻠﻢ وﻗﻨﺎﻋﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﺪّﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺣ ،nوﻛﺄﻧﻪ ﻣﺎ ﻋﺎد ﻣﻄﻤﺌﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﻔﻜﻴﺮه اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻮﺿﻌﻲ اﳋﺎص ،ﻓﻔﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٢٩ﻧﺮاه ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ» :أﺷﻌﺮ اﻟﻴﻮم ﺑﺄن ﻣﺎ ﺗﺨﻴﻠﺘﻪ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎن ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ واﻗﺘﺪاره ا;ﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﻞ ﻛﻞ أﻟﻐـﺎز اﻟـﻜـﻮن، واﳊﻠﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﳉﻤﺎﻋﺎت ﻣﺤﻞ اﻹzﺎن ﻟﻴﺲ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ إﻟـﻰ ﻣﻜﺎن اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﻴﻘq nﻘﺪار ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺒﻠﻎ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﺻـﺪر ﺷـﺒـﺎﺑـﻲ .ﺑـﻞ إن ﺷﻌﻮري ﻫﺬا ﻳﺰداد ﻛﻠﻤﺎ اﺗﺼﻠﺖ ﺑﺎﳊﻀﺎرات اﻟﻘﺪzﺔ ،وﺑﺎﳊﻀﺎرات اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻨﻮع ﺧﺎص ،وﻛﻠﻤﺎ رأﻳﺖ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻬـﺬه اﳊـﻀـﺎرات ﻣـﻦ ﻗـﻮة وأﻳـﺪ ،وﻣـﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻋﻠـﻴـﻪ ﻣـﻦ ﺻـﻮر اﻹzـﺎن اﻟـﺘـﻲ ﲢـﻔـﺰ اﳉـﻤـﺎﻋـﺎت إﻟـﻰ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺴﻌﻲ واﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة وﺗﺼﻞ ﺑﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ إﻟﻰ أن ﻳﺨـﻠـﺪوا ﻋـﻠـﻰ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ آﺛﺎر ﻋﻠﻤﻬﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺪر اﻟﺰﻣـﻦ ﻋـﻠـﻰ إﺧـﻀـﺎﻋـﻪ ﻟـﻨـﺎ ﻣـﻮس اﻟـﺒـﻠـﻰ واﻟﺘﺠﺪد ،وﻣﺎ ﻳﺰال ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم وﺣﺘﻰ أﻟﻮف ﺳﻨ nﻣﻘﺒـﻠـﺔ ﺷـﺎﻫـﺪا ﻋـﻠـﻰ ﻗـﻮة ﺣﻀﺎرة ﺷﺎدت ﻫﺬه اﻵﺛﺎر اﳋﺎﻟﺪة .وﻟﻘﺪ ازددت إzﺎﻧﺎ ﺑﺼﺪق ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ـﺪى ﻟﻲ أن ﺣﻀﺎرة ﺟﺪﻳﺪة ﻻﺑﺪ ﺳﻴﺒـﺰغ أﺛﻨﺎء ﻣﻘﺎﻣﻲ ﺑﺎﻷﻗﺼﺮ وأﺳﻮان ..وﺗﺒ ّ ﻓﺠﺮﻫﺎ ﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ ،وﺳﺘﻜﻮن ﺣﻀﺎرة اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ﻫﺬه ،وﺣﻀﺎرة اﻟﺸﺮق واﻹﺳﻼم ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﻌﺚ ..ﺳﻴـﻜـﻮن ﻫـﺬا ﻛـﻠـﻪ ﺳـﺒـﺐ اﻟـﺒـﻌـﺚ )اﻟﺮﻳﻨﺴﺎﻧﺲ( ﻓﻲ اﻟﺸﺮق وأﺳﺎس ﺣﻀﺎرة ﺟﺪﻳﺪة ﻳﺘﺰاوج ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﻠﻢ واﻹzﺎن ﻓﻴﺮﺗﻮي ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻔﺲ ﺟﻤﻴﻌﺎ وﲡﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮوح اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻏﺬاء ﻳﺠﻤﻊ ﻟﻬﺎ ﺑ nاﻟﺮﺧﺎء واﻟﺴﻌﺎدة ،وﺑ nاﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ« ).(٣٤ إن اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻹzﺎﻧﻴﺔ ﺗﺒـﺪأ ﻫـﻨـﺎ ﻓـﻲ زﺣـﺰﺣـﺔ اﻻﻋـﺘـﻘـﺎد اﻟـﻴـﻘـﻴـﻨـﻲ ﺑـﺎﻟـﻌـﻠـﻢ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺼﺪرﻫﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،ﻣﺎزال ﻣﻀﻄﺮﺑﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪد ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻳﺰال اﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺮوح ا;ﺼﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﺎدت ﺗﻠﻚ »اﻵﺛﺎر اﳋﺎﻟﺪة« ،واﻟﺘﻲ أوﺣﺖ ﻟﺘﻮﻓـﻴـﻖ اﳊـﻜـﻴـﻢ ﻗـﺼـﺔ »ﻋـﻮدة اﻟـﺮوح« -١٩٣٣أﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﻗـﺮﺑـﻪ ﻟـﻠـﺮوح اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺼﺮف ،وان ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ »ﺣﻀﺎرة اﻟﺸﺮق واﻹﺳﻼم ﺑﻌﺪﻫﺎ« ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺎﻗﺘﺮاب اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻊ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻺzﺎن اﳊﻲ ﻓﻲ ﺗﺮاث اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي واﻟﻌﺮﺑﻲ .وﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺳﻨﻮات ﻣﻌﺪودات-ﻛﺎن اﻟﺘﺤﻮل ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻳـﺄﺧـﺬ ﻣﺠﺮاه ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﳊﻴﺎة ﺑﺎﻟﺸﺮق اﻟﻌـﺮﺑـﻲ-ﺣـﺘـﻰ وﺻـﻞ ﻫـﻴـﻜـﻞ إﻟـﻰ ﺳﻼﻣﻪ اﻟﺮوﺣﻲ واﺳﺘﻘﺮاره اﻟﻔﻜﺮي ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ-اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ 45
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻳﺸﺮﺣﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻪ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﺣﺠﻪ ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳـﺸـﺒـﻪ اﻻﻋـﺘـﺮاﻓـﺎت اﻟـﺬاﺗـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎب »ﻓﻲ ﻣﻨﺰل اﻟﻮﺣﻲ« ١٩٣٦ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ اﳉﺰﺋﻴﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺗﺒ nﻃﺒﻴﻌﺔ اﳉﻮ اﻟﻔﻜﺮي وﻗﺘﺬاك ..» :وأﻗﻒ ﻫﻨﺎ ﻷدﻓﻊ زﻋﻤﺎ ﺣﺴﺐ اﻟﺬﻳﻦ زﻋﻤﻮا اﻧﻪ ﻣﻐﻤﺰ ﻏﻤﺰوﻧﻲ ﺑﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺑﻲ )ﺣﻴﺎة ﻣﺤـﻤـﺪ( ﺣﺴﺐ ﻫﺆﻻء إﻧﻨﻲ اﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺴﻴﺮة رﺟﻌﻴـﺎ وﻛـﻨـﺖ ﻋـﻨـﺪﻫـﻢ ﻗـﺒـﻠـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻃﻠﻴﻌﺔ )اﺠﻤﻟﺪدﻳﻦ( .وﻛﻴﻒ ﻻ اﻧﻘﻠﺐ ﻋﻨﺪﻫﻢ رﺟﻌﻴﺎ وﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻘﺮآن ﺣﺠﺘﻲ، وﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻴﻪ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺮة ﺳﻨﺪي ،وﻟﻢ أﺿﻌﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ!? وﻛﻴﻒ ﻻ اﻧﻘﻠﺐ ﻋﻨﺪﻫﻢ رﺟﻌﻴﺎ وﻗﺪ دﻓﻌﺖ ﺑﺎﳊﺠﺔ ﻣﺎ ﻃﻌﻦ ﺑـﻪ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻨـﺒـﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ا;ﺴﺘﺸﺮﻗ nوﻣﻦ ﺗﺎﺑﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﺒﺎب ا;ﺴﻠﻤ ،!?nوﻛﻴﻒ ﺳـﺎغ ﻟﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن أزﻋﻢ أﻣﺎﻣﻬﻢ ﻓﻲ »ﺣﻴﺎة ﻣﺤﻤﺪ« وأن أزﻋﻢ اﻟﻴﻮم ﻫﺎﻫﻨﺎ إﻧﻨﻲ ﻃﻠﻴﻖ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد ،ﻋﺪو ﻟﻠﺠﻤﻮد ?..ﻫﻢ ﻳﺮون ذﻟﻚ ﺧﺪاﻋﺎ ﻳﺄﺑﺎه اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺒﺤﺚ اﳊﺮ «..وﺑﻌﺪ أن ﻳﺪﻓﻊ ﻫﻴﻜﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻫـﺬه اﻷﻣـﺔ ﻣـﺆﻛـﺪا إzـﺎﻧـﻪ اﻟـﺮاﺳـﺦ qﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﳊﺮ وا;ﻮﺿﻮﻋﻲ واﻟﻨﺰﻳﻪ ،ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ إﻳﻀﺎح وﺷﺮح ﻗﻨﺎﻋﺘﻪ اﳉﺪﻳﺪة وﻛﻴﻒ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ وﺗﻄﻮرا ﺑﻌـﺪ ﺗـﻄـﻮر: »ﻃﺎ;ﺎ اﻟﺘﻤﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﻗﻨﺎ اﻷدﻧﻰ أﺳﺒﺎب اﻟﻨﻬﻮض ﺑﻌﻠﻤﻨﺎ ﻟﻨﻘـﻒ إﻟـﻰ ﺟـﺎﻧـﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ا;ﻬﺬﺑﺔ ﻻ ﻳﻨﻜﺲ اﳋﺠﻞ رؤوﺳﻨﺎ ،وﻻ ﻳﺤﺰ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ـﻰ زﻣﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺰال ﻳﺨﻴﻞ إﻟﻰ اﶈﺾ ﺑﺄﻧﻨﺎ دون اﻟﻐﺮب ﻣﻜﺎﻧﺎ ،وﻟﻘﺪ ﺧﻴﻞ إﻟ ّ أﺻﺤﺎﺑﻲ ،أن ﻧﻘﻞ ﺣﻴﺎة اﻟﻐﺮب اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ ﺳﺒﻴﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻬـﻮض. وﻣﺎ أزال أﺷﺎرك أﺻﺤﺎﺑﻲ ﻓﻲ أﻧﺎ ﻣﺎ ﻧﺰال ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﻧﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻐﺮب اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻧﻘﻠﻪ .ﻟﻜﻨﻲ أﺻﺒﺤﺖ أﺧﺎﻟﻔﻬﻢ اﻟﺮأي ﻓﻲ أﻣﺮ اﳊﻴﺎة اﻟﺮوﺣﻴﺔ ،وأرى أن ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻣﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﻟﺢ ﻷن ﻧﻨﻘﻠﻪ .ﻓﺘﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﺮوﺣﻲ ﻏﻴﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻐﺮب ،وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻏـﻴـﺮ ﺛـﻘـﺎﻓـﺘـﻪ .ﺧـﻀـﻊ اﻟـﻐـﺮب ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻜﻨﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻗﺮﺗﻪ )اﻟﺒﺎﺑﻮﻳﺔ( ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪﻫﺎ اﻷول ،وﺑﻘﻰ اﻟﺸﺮق ﺑﺮﻳﺌﺎ ﻣﻦ اﳋﻀﻮع ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ .ﺑﻞ ﺣﻮرﺑﺖ ا;ﺬاﻫﺐ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ أرادت أن ﺗﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻛﻨﺴﻴﺎ أﻫﻮل اﳊﺮب .ﻓﻠﻢ ﺗﻘﻢ ﻟﻬﺎ ﻓﻴﻪ ﻗﺎﺋﻤﺔ أﺑﺪا .ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻘﻰ اﻟﺸﺮق ﻣﻄﻬﺮا ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ أدت إﻟﻰ اﺿﻄﺮاب اﻟﻐﺮب اﻟﺮوﺣﻲ ،واﻟﻰ ﺛﻮراﺗﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻﺿﻄﺮاب .و ﺑﻘﻲ ا;ﺴﻴﺤﻴﻮن ا;ﻘﻴﻤﻮن ﺑﺎﻟﺸﺮق ﻓﻲ ﺟﻮار ا;ﺴﻠﻤ nﻓﻲ ﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ،ﻻ ﻳﺼﻠﻮن ﻣﻦ ﻧﻴﺮان اﻟﺜﻮرات واﳊﺮوب اﻷﻫﻠﻴﺔ ﻣﺎ ﻳـﺼـﻼه إﺧـﻮاﻧـﻬـﻢ ﻓـﻲ اﻟـﻐـﺮب .ﻛـﺎن 46
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
اﳋﺮوج ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب إﻋﻼﻧﺎ ﻟـﻠـﺜـﻮرة ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺴـﻠـﻄـﺎن. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮة رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻳﺒﺮﻣﻮن ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﺎؤون إﺑﺮاﻣﻪ و ﻳﻨﻘﻀﻮن ﻣﺎ ﻳﺸﺎؤون ﻧﻘﻀﻪ .أﻣﺎ واﻹﺳﻼم ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،وأﻗﺮب اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ إﻟﻰ اﻟﻠﻪ أﺗﻘﺎﻫﻢ ،وﻻ ﻓﻀﻞ ﻓﻴﻪ ﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻤﻲ إﻻ ﺑﺎﻟﺘـﻘـﻮى، ﻓﻘﺪ ﺑﻘﻴﺖ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ﺣﺮة ﻃﻠﻴﻘﺔ ﻟـﻢ ﺗـﻘـﻴـﺪ إﻻ ﺣـ nﻗـﻌـﺪ اﳉﻬﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻓﻔﺘﺮت اﻷذﻫﺎن وﺧﻤﺪت اﻟﻘﺮاﺋﺢ وﺟﻤﺪت اﻟﻘﻠﻮب .ﻟﻢ ﺗﻌﺮف ﻋﺼﻮر اﻻزدﻫﺎر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻗﻴﺪا ﳊﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺮيء اﻟﻘﺼﺪ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺑﺮأﻳﻪ ﺳﺒﻴﻞ اﳊﻖ .وﻟﻢ ﻳﻌﺮف ا;ﺴﻠﻤﻮن أن اﻟﺬﻧﻮب ﻳﻐﻔﺮﻫﺎ ﻏﻴﺮ اﻟﻠﻪ، ﻛﻴﻒ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻨﻘﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮب اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﻨﻨﻬﺾ ﺑﻬﺬا اﻟـﺸـﺮق ،وﺑـﻴـﻨـﻨـﺎ وﺑ nاﻟﻐﺮب ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺎوت اﻟﻌﻈﻴﻢ?! ﻻ ﻣﻔﺮ إذن ﻣﻦ أن ﻧﻠﺘﻤﺲ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ،وﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ،وﻓﻲ أﻋﻤﺎق ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ،وﻓﻲ اﻧﻄﻮاء ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻧﺤﻴﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﻓﺘﺮ ﻣﻦ أذﻫﺎﻧﻨﺎ وﺧﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﺮاﺋﺤﻨﺎ وﺟﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ »ﻫﺬا ﻛﻼم واﺿﺢ ﺑ ،nوﻣﻦ ﻋﺠﺐ أن ﻳﺨﻔﻲ ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﻋﻠﻰ .وﻟﻜﻦ ﻻ ﻋﺠﺐ ،ﻓﻘﺪ ﺧﻔﻲ ﻓﻼ ﻳﺮوﻧﻪ ،وأن ﻳﻜﻮن ﺧﻔﺎؤه ﺳﺒﺐ ﺗﺜﺮﻳﺒﻬﻢ ّ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻋﻨﻲ ﺳﻨﻮات ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺰال ﺧﻔﻴﺎ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ .وﻗﺪ ﺣﺎوﻟﺖ أن اﻧﻘﻞ ﻷﺑﻨﺎء ﻟﻐﺘﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮب ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ وﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺮوﺣـﻴـﺔ ﻟـﻨـﺘـﺨـﺬﻫـﺎ ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎ ﻫﺪى وﻧﺒﺮاﺳﺎ .ﻟﻜﻨﻨﻲ أدرﻛﺖ ﺑﻌﺪ ﻷي إﻧﻨﻲ أﺿﻊ اﻟﺒﺬر ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺒﺘﻪ .ﻓﺈذا اﻷرض ﺗﻬﻀﻤﻪ ﺛﻢ ﻻ ﺗﺘﻤﺨﺾ ﻋﻨﻪ وﻻ ﺗﺒﻌﺚ اﳊﻴﺎة ﻓﻴﻪ .واﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﺘﻤﺲ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻔﺮاﻋ nﻣﻮﺋﻼ ﻟﻮﺣﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﻓﺈذا اﻟﺰﻣﻦ وأدا اﻟﺮﻛﻮد اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻗﺪ ﻗﻄﻌﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑـ nذﻟـﻚ اﻟـﻌـﻬـﺪ ﻣـﻦ ﺳـﺒـﺐ ﻳـﺼـﻠـﺢ ﺑـﺬرا وروأت ﻓﺮأﻳﺖ أن ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻮ وﺣﺪه اﻟﺒﺬر اﻟـﺬي ﻟﻨﻬﻀﺔ ﺟﺪﻳـﺪةّ . ﻳﻨﺒﺖ وﻳﺘﻤﺮ ﻓﻔﻴﻪ ﺣﻴﺎة ﲢﺮك اﻟﻨﻔﻮس وﲡﻌﻠﻬﺎ ﺗﻬﺰ وﺗﺮﺑﻮ وﻷﺑﻨﺎء ﻫﺬا اﳉﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ﻧﻔﻮس ﻗﻮﻳﺔ ﺧﺼﺒﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺼﺎﳊﺔ ،ﻟﺘﻮﻟﻲ ﺛﻤﺮﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺣ ..nوﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻣـﺎ ﻳـﺪﻋـﻮ إﻟـﻴـﻪ ﻋـﺎ;ـﻨـﺎ ﻣـﻦ ﺗـﻘـﺪﻳـﺲ ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺎت وﺗﺼﻮﻳﺮ اﻷ وﺣﺪات ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ﻳﺤـﻜـﻢ اﻟـﺴـﻴـﻒ وﲢـﻜـﻢ أﺳـﺒـﺎب اﻟﺪﻣﺎر ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻴﻪ .وﻟﻘﺪ ﺗﺄﺛﺮﻧﺎ ﻣﻌﺸﺮ أ اﻟﺸﺮق ﺑﻬﺬه اﻟﻜﺮة اﻟﻘﻮﻳﺔ ،واﻧﺪﻓﻌﻨﺎ ﻧﻨﻔﺦ ﻓﻴﻬﺎ روح اﻟﻘﻮة ﻧﺤﺴﺐ أﻧﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﻒ ﺑﻬﺎ ﻓـﻲ وﺟﻪ اﻟﻐﺮب اﻟﺬي ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻴﻨﺎ وأذﻟﻨﺎ ،وﺧﻴﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﺬاﺟﺘﻨﺎ أﻧﺎ ﻗﺎدرون ﺑﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ أن ﻧﻌﻴﺪ ﻣﺠﺪ آﺑﺎﺋﻨﺎ وان ﻧﺴﺘﺮد ﻣﺎ ﻏﺼﺐ اﻟﻐـﺮب ﻣـﻦ ﺣـﺮﻳـﺘـﻨـﺎ وﻣـﺎ 47
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
أﻫﺪر ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺘﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .وﻟﻘﺪ أﻧـﺴـﺎﻧـﺎ ﺑـﺮﻳـﻖ ﺣـﻀـﺎرة اﻟـﻐـﺮب ﻣـﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﺮاﺛﻴﻢ ﻓﺘﺎﻛﺔ ﺑـﺎﳊـﻀـﺎرة اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ ..ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي أﺿﺎء ﺑﻨﻮره أرواح آﺑﺎﺋـﻨـﺎ ﻗـﺪ أورﺛﻨﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺳﻼﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻄﺮة ﻫﺪﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﺼﻮر اﳋﻄﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻐﺮب إﻟﻴﻪ ،واﻟﻰ أن أﻣﺔ ﻻ ﻳﺘﺼﻞ ﺣﺎﺿﺮﻫﺎ qﺎﺿﻴﻬﺎ ﺧﻠﻴﻘﺔ أن ﺗﻀﻞ اﻟﺴﺒﻴﻞ، واﻟﻰ أن اﻷﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺎﺿﻲ ﻟﻬـﺎ ﻻ ﻣـﺴـﺘـﻘـﺒـﻞ ﻟـﻬـﺎ .ﺛـﻢ ﻛـﺎﻧـﺖ اﻟـﻬـﻮة اﻟـﺘـﻲ ازدادت ﻋﻤﻘﺎ ﺑ nﺳﻮاد اﻷ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ إﻏﻔﺎل ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ واﻟﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ وﺟﻬﺔ اﻟﻐﺮب ﺑﻜﻞ وﺟﻮدﻧﺎ .وﻛﺎن اﻟﻨﻔﻮر ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺴﻮاد اﻷﻋـﻈـﻢ ﻋـﻦ اﻷﺧﺬ ﺑﺤﻴﺎة اﻟﻐﺮب ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ ﻣﻊ ﺣﺮﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﻋﻠﻮﻣﻪ وﺻﻨﺎﻋﺎﺗﻪ .واﳊﻴﺎة ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﻮام اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻸﻓﺮاد واﻟﺸﻌﻮب ،ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻨﺎ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ﻧﻠﺘﻤﺲ ﻓﻴﻪ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﳊﻴﺎة ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻨﺨﺮج ﻣﻦ ﺟﻤﻮدﻧﺎ ا;ﺬل ،وﻟﻨﺘﻘﻲ اﳋﻄﺮ اﻟﺬي دﻓﻌﺖ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻐﺮب إﻟﻴﻪ ،ﻓﺄداﻣﺖ ﻓﻴﻪ اﳋﺼﻮﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﳊﻴﺎة ا;ﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ اﻟﻐﺮب إﻟﻬـﻪ .ﺛـﻢ ﻟـﻢ أﻟـﺒـﺚ ﺣـn ﺗﺒﻴﻨﺖ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ أن دﻋﻮت إﻟﻰ أﺣﻴﺎء ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ .وﻣﺼﺪر اﳊﻀﺎرة ﺳﻨﺎ اﻷرواح ا;ﻀﻴﺌﺔ ،وﻗﻮاﻣﻬﺎ وﺛﺒﺔ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻘﻮﻳﺔ .واﻷرواح ﺗﻀﻲء ﻣﺎ اﺗﺼﻠﺖ ﺑﺮوح أﻗﻮى ﺳﻠﻄﺎﻧﺎ وأﺑﻬﺮ ﺳﻨﺎ ..وﻛﻢ ﻓﻲ ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ ﻣﻦ أرواح ذات ﺳﻨﺎ ﺑـﺎﻫـﺮ ﻗﺎدرة ﺑﻘﻮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻨﺒﻌﺚ اﳊﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺧﻠـﻘـﺎ ﺟـﺪﻳـﺪا ،ﻛـﻤـﺎ ﺑـﻌـﺚ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎن اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ .وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻫﻮ اﻟـﻨـﻮر اﻷول اﻟﺬي اﺳﺘﻤﺪت ﻫﺬه اﻷرواح ﻣﻨﻪ ﺿﻴﺎءﻫﺎ ،وﻫﻮ اﻟﺸﻤـﺲ اﻟـﺬي أﻣـﺪت ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻗﻤﺎر ﺑﺴﻨﺎﻫﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺟﻌﻠﺖ ﺳﻴـﺮﺗـﻪ ﻣـﻮﺿـﻊ دراﺳـﺘـﻲ ﻓـﻲ »ﻣـﻨـﺰل اﻟﻮﺣﻲ« ﻣﺼﺪر إﻟﻬﺎﻣﻲ ;ﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ أوﺣﺎﻫﺎ اﻟﻠﻪ ،ﻛﻠﻬﺎ اﻟﺴﻤﻮ واﻟﻘﻮة واﳉﻼل واﻟﻌﻈﻤﺔ.(٣٥) «.. وﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ اﻷﺳﻄﺮ اﻷﺧﻴﺮة ﻓﺎن ﻫﻴﻜﻞ ﻳﻀﻊ ﻋﻮدﺗﻪ ﻟﺪراﺳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﻮدة أورﺑﺎ إﻟﻰ اﻛﺘﺸﺎف ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻹﻏﺮﻳﻖ ﻓﺠﺮ اﻟﻨﻬﻀـﺔ .واﻧـﻪ ﻳـﻄـﻤـﺢ إﻟـﻰ أﺣـﺪاث ﻧـﻬـﻀـﺔ ﺎﺛﻠﺔ .وﻟﻜﻦ ﺎ ﻳﺴﺘﺜﻴﺮ ا;ﻘﺎرﻧﺔ ﻫﻨﺎ أن أورﺑﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ »ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« ﻓﻲ ﻧﻬﻀﺘﻬﺎ، ﺑﻞ ﺑﺪأت اﻟﻨﻬﻀﺔ ﺑﻨﻘﺾ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺗﻮﻣﺎ اﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ﺑ nاﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﻟﻌﻘﻞ اﻷرﺳﻄﻰ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺬي zﺜﻠﻪ اﻷﺧﻴﺮ ﺑﻌﺪ أن ﺣﻮﻟﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺗﺄﻣﻠﻲ إﻟﻰ ﻋﻘﻞ وﺿﻌﻲ ﲡﺮﻳﺒﻲ .وﻫﻜﺬا ﻓﺈن »اﻟﺜﻮرات« اﻷورﺑﻴﺔ-ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴـﺔ- 48
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
ﺗﻮاﻟﺖ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ أورﺑﺎ ﻣﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﺎن اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ا;ﺴﺘﺠﺪة ،اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠـﻴـﻬـﺎ ﻫـﻴـﻜـﻞ ،واﻟـﺘـﻲ ﻻ ﺗـﺘـﺠـﺎوز ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،دﻳﻨﻴﺎ وﻓﻠﺴﻔﻴﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻤﺜﻞ اﻷﺳﺎس اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ا;ﻀﻤﺮ واﳋﻔﻲ-ﻓﻲ اﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن-ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ »اﻟﺜﻮري« و »اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ« و »اﻟﻴﺴﺎري« و »اﻟﺘﻘﺪﻣﻲ« اﻟﺬي ﺳﻴﺴﻮد ﺧـﻼل ﺛـﻠـﺚ اﻟـﻘـﺮن ا;ﻘﺒﻞ ﺑ.١٩٦٧-١٩٣٦ n أﻣﺎ ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ﻓﺎﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﲢﺖ ﺳـﻄـﻮة اﻟـﻌـﻘـﻼﻧـﻴـﺔ اﻟـﻐـﺮﺑـﻴـﺔ أﺛـﻨـﺎء اﺷﺘﺪاد ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ وﻇﻞ ﻣﺆﻣـﻨـﺎً ﺑﻘﻮة »اﻟﺮوح اﻟﺸﺮﻗـﻴـﺔ« ) (٣٦ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟـﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ .ﻓﻤﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ أﻋـﻤـﺎﻟـﻪ اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ اﻷوﻟـﻰ-رواﻳـﺔ »ﻋـﻮدة اﻟﺮوح« ١٩٣٣اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓﻲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻋﺎم ١٩٢٧/١٩٢٦وﻣﺴﺮﺣﻴﺔ »أﻫﻞ اﻟﻜﻬﻒ« ١٩٣٣وﻣﺴﺮﺣﻴﺔ »ﺷﻬﺮزاد« -١٩٣٤أﺧﺬ ﻳﺘﻀﺢ إzﺎﻧﻪ ﺑﻘﺬر ﻓﻮق إرادة اﻹﻧﺴﺎن، وزﻣﺎن ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺻﻴﺮورﺗﻪ ،وروح ﻛﻮﻧﻴﺔ أو ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺴﻴﺮ أﻋـﻤـﺎﻟـﻪ وﻣـﺼـﻴـﺮه. ﻏﻴﺮ أن اﳊﻜﻴﻢ وﻗﻊ-إﻟﻰ ﺣ-nﲢﺖ ﺗﺄﺛـﻴـﺮ ﻓـﻜـﺮة اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻟـﺘـﺎم ﺑـ nاﻟـﺪﻳـﻦ واﻟﻌﻠﻢ ،وﺑ nاﻟﻘﻠﺐ واﻟﻌﻘﻞ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ وﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻟـﺘـﺮاث اﻷورﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ» :إن اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﺟﻴﺪة ﻋﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﻠﻢ وداﺋﺮة ﺑﺤﺜﻪ، وان اﻟﻌﻘﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻬﺪم اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎء ،دون أن ﻳﺴﻤـﻊ اﻟـﻘـﻠـﺐ ﻃـﺮﻗـﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻃﺮﻗﺎت ﻣﻌﻮﻟﻪ ،وان أوﻟﺌﻚ ا;ﻠﺤﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺨﺮوا ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﺘﻔﻨﻴﺪ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺸﻚ واﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ووﺟﻮده-ﻟﻢ ﻳﺴﺘـﻄـﻴـﻌـﻮا ﳊـﻈـﺔ واﺣﺪة أن ﻳﺴﻜﺘﻮا ﺻﺮﺧﺎت اﻟﻘﻠﺐ اﳊﺎرة اﻟﺼﺎﻋﺪة إﻟﻰ ذﻟﻚ ا;ﻮﺟﻮد اﻷﺳﻤﻰ اﻟﺬي ﺑﻴﺪه ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ! ...إن ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻏﻲ وﺗﺰﺑﺪ ﺑﺎﻟﻜﻼم ا;ﻌﻘﻮل وا;ﻨﻘﻮل، وﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺰل ﻋﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺼﺨﺐ ،ﻻ ﺗﺸﻌﺮ وﻻ ﺗﺪري ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ ا;ﻌﺮﻛﺔ اﳊﺎﻣﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮؤوس! ﻓﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nاﻟـﻌـﻠـﻢ واﻟـﺪﻳـﻦ ﺿـﺮب ﻣـﻦ اﻟﻌﺒﺚ« ) .(٣٧ﻫﺬه اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻻﻧﻔﺼﺎم واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﻗﻮﺗ nﻣﻨﻔﺼﻠﺘ nﻟﻜﻞ ﻣﺠﺎﻟﻬﺎ وﺑﺮﻫﺎﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺸﻤﻮﻟـﻴـﺔ أو اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﻌﻘﻞ واﻟﻘﻠﺐ-ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺘﻬﺎ-ﻛـﻘـﻮﻟـn ﻣﺘﺮادﻓﺘ nﻣﺘﻌﺎوﻧﺘ ،nوﻗﺎدرﺗ nﻣـﻌـﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﻠـﻴـﺎ وان اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ .أﻣﺎ أن ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ »اﻟﻌﻘﻞ أن ﻳﻬﺪم اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎء ،دون أن ﻳﺴﻤﻊ اﻟﻘﻠﺐ ﻃﺮﻗﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻃﺮﻗﺎت ﻣﻌﻮﻟﻪ« ﻓﺘﻠﻚ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻏـﺮﺑـﻴـﺔ ﺗـﺬﻛـﺮﻧـﺎ ﺑﻔﻠﺴﻔﺔ ﺑﺴﻜﺎل اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ »إن ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻣﻨﻄﻘﻪ ﻛﻤﺎ أن ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻣﻨﻄﻘﻪ« وان »اﻻﺛﻨn 49
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻨﻔﺼﻼن ،ﻓﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﻧﺪرﻛﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،وﻣﺎ ﻧﺒﺮﻫﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻧﺮاه وﻻ ﻧﻠﻤﺴﻪ« ) ،(٣٨وﻛﻤﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﺑﺴﻜﺎل ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أﻣﺮ ﺧﻼﺻﻪ و ﻳﻘﻴﻨﻪ اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﻠﻘﻠﺐ ا;ﺘﺼﻮف وﺣﺪه ،ﻛﺬا ﻳﻔﻌﻞ اﳊﻜﻴﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻫﺬا ﻛﺴﺎﺋﺮ ا;ﺘﺼﻮﻓﺔ: »إ ﺎ ﻗﻮة اﻟﺪﻳﻦ وﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻹzﺎن »ﺑﺎﻟﺬات اﻷزﻟﻴـﺔ« ...ﻫـﻨـﺎ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺪﻧﻮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ »اﻟﺬات« إﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻳﻘﺼﺮ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﺑﻞ ﻳﻘﺼﺮ ﻋﻨﻪ ﻛﻞ ﻋﻠﻢ ،ﻷن اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻌﻨﺎه اﻹﺣﺎﻃﺔ واﻟﺬات اﻷﺑﺪﻳﺔ ﻻ zﻜﻦ أن ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﺤﻴﻂ ﻷﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻓﺎﻻﺗﺼﺎل ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻠﻢ اﶈﺪود ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ!« )(٣٩ ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ﻮﻗﻒ ﻳﺒﺪو اﳊﻜﻴﻢ ﻣﻨﺴﺠﻤﺎً ﻣﻊ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ اﻹzﺎن ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ أﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ وﺗﺮى أن »اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ واﻟﺪﻳﻦ ﺿﺮب ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺚ«-ﻏﻴـﺮ أن اﳊـﻜـﻴـﻢ-ﻓـﻲ ﻋـﺎم -١٩٣٧وﻓﻲ ﻣﺠﺎل دﻓـﺎﻋـﻪ ﻋـﻦ اﻹﺳﻼم وﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺿﺪ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻮﻟﺘﻴﺮ ﻓﻲ 6ﺜﻴـﻠـﻴـﺘـﻪ »ﻣـﺤـﻤـﺪ« ،وﺿـﺪ ﻣـﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﻮزﻳﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ »ﺟﺎﺑﺮﻳﻞ ﻫﺎﻧﺎﺗﻮ« ﻓﻲ ﺟﺪﻟﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻣـﻊ ﺷﻴﺦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،ﻳﺼﺎب ﺑﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ..: ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺣﺪﻳﺚ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ »أﻳﻨﺸﺘ «nﻓﺼﻞ ذﻛﺮ ﻓﻴﻪ رأﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻘﺎل» :إﻧﻪ ﻳﻌﺘﻨﻖ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ 6ﻸ ﻗﻠﺐ ﻛﻞ ﻋﺎﻟﻢ اﻧﻘﻄﻊ ﻟﺘﺄﻣﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎﺳﻖ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑ nﻗﻮاﻧ nاﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻣﺎ ﻳﺨﻔﻲ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﺟﺒﺎر، ﻟﻮ اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻛﻞ أﻓﻜﺎر اﻟﺒﺸﺮ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻪ ;ﺎ ﻛﻮﻧﺖ ﻏـﻴـﺮ ﺷـﻌـﺎع ﺿـﺌـﻴـﻞ أﻗـﺮب اﻟﻘﻮل ﻓﻴﻪ :إﻧﻪ ﻻ ﺷﻲء! ....ﻻ رﻳﺐ ﻋﻨﺪي إن إﺣﺴﺎس أﻳﻨﺸﺘ nﻧﺤﻮ اﻟﻜـﻮن واﻟﻠﻪ ،ﻫﻮ ﻋ nإﺣﺴﺎس »ﻣﺤﻤﺪ« ﻳﻮم ﻛﺎن ﻳﺘﺤﻨﺚ ﻓﻲ »ﻏﺎر ﺣﺮاء« ﻗﺒﻞ ﻧﺰول اﻟﻮﺣﻲ )أي أن ﻣـﺤـﻤـﺪاً-ﻳﺮﻳﺪ اﳊﻜﻴﻢ أن ﻳﻠﻤﺢ-اﺳـﺘـﺨـﺪم ﻃـﺮﻳـﻖ اﻟـﻌـﻘـﻞ ﻓـﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻮﺣﻲ( ..إ ﺎ اﻷﻧﺒـﻴـﺎء واﻟـﻌـﻠـﻤـﺎء ﻗـﻠـﻮب واﻋـﻴـﺔ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺠﻼل اﻟﻠﻪ) ..ﻣﺎ أﻗﺮب ﻫﺬا اﻟﻜﻼم إﻟﻰ اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻮازاﺗﻪ اﳊﻜﻤﺎء ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎء!( وﻻ zﻜﻦ ﻟﻨﺒﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻧﺒﻴﺎً إﻻ أن ﻳﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﻈﻤﺔ اﳋﻠﻴﻘﺔ ،وﻳﺘﺤﺮق ﺷﻮﻗﺎً إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳﺮﻫﺎ ،وﻻ ﻳﺰال اﻟﺸﻮق ﺑﻘﻠﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻪ اﻟﺼﺎﻧﻊ اﻷﻋﻈﻢ ﺑﻌﺾ ﻧﻮره ،وﻳﻮﺣﻲ إﻟﻴﻪ ﺑﻨﺸﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﻮر ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ«).(٤٠ ﻫﺬا اﻹﺑﺮاز ﳉﺎﻧﺐ اﺠﻤﻟﺎﻫﺪة اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻟـﺪى اﻟـﻨـﺒـﻲ ﻗـﺒـﻞ اﺳـﺘـﺤـﻘـﺎق ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻮﺣﻲ ،ﻳﻘﺘﺮب ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻔﺎراﺑﻲ ﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻨﺒﻮة ،ﺣﻴﺚ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻋﻘﺎب اﻟﻨﺒﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﺠﺎﻫﺪة ﺑﺎﻟﻌـﻘـﻞ اﻟـﻔـﻌّﺎل ) ،(٤١وﻳﺘﻢ اﻻﺗﺼﺎل »ﺑﺒﻌـﺾ ﻧـﻮر« 50
اﻻﺣﻴﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﺑ* ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ و ﺗﻄﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
اﻟﻠﻪ وﺗﻌﻠﻞ ﻇﺎﻫﺮة اﻟـﻮﺣـﻲ ﻋـﻘـﻠـﻴـﺎً .وﻫﻜﺬا ﻳﻘﺘﺮب اﳊﻜﻴﻢ-ﻛـﺴـﻮاه ﻣـﻦ أﺑـﻨـﺎء ﺟﻴﻠﻪ-ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴ nاﻹﺳﻼﻣﻴ ،nﺑﻞ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ا;ﻘﺎﻟﺔ ذاﺗﻬﺎ» :إﻧﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺄﻣﻠـﺖ ً ً ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ »ﻣﺤﻤﺪ« ﻣﺠﺮدة ،ﺛﺒﺖ إzﺎﻧﻲ ﺑﺄن اﳋﺼﻮﻣﺔ ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ واﻟﺪﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﳊﻘﻴﻘﺔ وﺟﻮد ،وان اﻟﺪﻳـﻦ اﳊـﻖ ﻻ ﻳـﻌـﺎرض اﻟـﻌـﻠـﻢ اﳊـﻖ! ..ﺑـﻞ إن اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠﻢ ﺷﻲء واﺣﺪ ،ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻧﻮر اﻟﻠﻪ وﻳﺮﻳﺪ وﺟﻬﻪ ،وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻳﻌﻲ وﻳﺆﻣﻦ وﻳﻠﻬﺞ ﺑﺘﻨﺎﺳﻖ اﻟﻮﺟﻮد ،ووﺣﺪة ﻗﻮاﻧﻴـﻨـﻪ ،ودﻻﻟـﺔ وﺣـﺪة اﻟـﻮﺟـﻮد ﻋـﻠـﻰ وﺣﺪة اﳋﺎﻟﻖ! وﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ .ﻧﺒﻲ ﺣﻖ وﻻ ﻋﺎﻟﻢ ﺣﻖ ﺷﻌﺮ ﺑﻐﻴﺮ ذﻟﻚ! إ ﺎ اﻟﻔﺎرق ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ واﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻠﻜﻬﺎ ﻛﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻮ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ.(٤٢) «... ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرات zﻜﻦ أن ﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﺘﻠﺨﻴﺼﺎت ﻟﻠﻔﻜﺮة اﻟﺘﻮﻓـﻴـﻘـﻴـﺔ ﻛـﻤـﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺪ واﳊﺪﻳﺚ)× ،(٦وﻫﻜﺬا ﻛﻤﺎ اﻧﺘﺼﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺺ ﻫﻴﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺑﺮﺟﺴﻮن وأوﺟﺴﺖ ﻛﻮﻧﺖ ﻣﻌﺎ ،ﺗﻌﻮد اﻟﺘـﻜـﺎﻣـﻠـﻴـﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﻬﺎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻟﺘﺠﻌﻞ ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ﻳﺴﺘﻌﻴﺪ روح اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ واﻟﻔﺎراﺑﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﺗﺎرﻛﺎ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﺴﻜﺎل 6ﺮ ﻛﻄﻴﻒ ﻋﺎﺑﺮ ،ﻣﻜﺘـﺸـﻔـﺎ إن ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ واﻟﺪﻳﻦ ﻟﻬﺎ وﺟﺎﻫﺘﻬﺎ وﻟﻴﺴﺖ ﻋـﺒـﺜـﺎً ﻛﻤﺎ اﻋﺘﻘﺪ. وﻧﺤﻦ إذا ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ا;ﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ا;ﺒﺎﺷﺮة ﻟﺘﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ﻛﻜﺘﺎب »اﻟﺘﻌﺎدﻟﻴﺔ« ) ،(١٩٥٥ﳒﺪ أن ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺗﻮازن ﺑ nﻗﻮى اﻟﻌﻘﻞ وﻗﻮى اﻹzﺎن أﻛﺜﺮ ﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺼﻮره اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟـﺪى ﻫـﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ .اﻟﺬي ﻏﻠﺐ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وﻣﺴﺮﺣﻪ اﻟﺬﻫﻨﻲ ﺧـﺎﺻـﺔ ،اﻹzـﺎن: »ﺑﺄن ﻗﻮة إﻟﻬﻴﺔ ﻋﻠﻮﻳﺔ ﺗﻮﺟﻪ اﻹﻧﺴﺎن »وﺗﻮﺣﻲ إﻟﻴﻪ وﺗﺪﻓﻌﻪ zﻴﻨﺎً أو ﺷﻤﺎﻻً«، وﻫﻮ إzﺎن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺼﻮﻓﻲ »اﻟﺬي ﻳـﻌـﻠـﻲ اﻟـﺮوح واﻟـﻘـﻠـﺐ ﻋﻠـﻰ ا;ـﺎدة واﻟـﻌـﻘـﻞ« وﻻ ﻳـﺘـﺼـﺎﻟـﺢ ﻣـﻊ »اﻟـﻌـﻘـﻞ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ اﻟـﺬي ﻳـﺆﻣـﻦ ﺑـﺎ;ـﺎدة وﺣﺪﻫﺎ«)-(٤٣إ ﺎ ﻧﺘﺮك ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ا;ﻔﺼﻞ ;ﻮﺿﻌﻪ ﻣﻦ ﺳﻴﺎق اﻟﺒﺤﺚ ،وﺣﺴﺒﻨﺎ ﻫﻨﺎ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺔ ﺑﺮوز ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻤﺤﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﳊـﻜـﻴـﻢ ﺧـﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺘﺤﻮل ﻫﺬه ،ﺷﺄﻧﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄن أﺑﻨﺎء ﺟﻴـﻠـﻪ ﻣـﻦ اﻟـﻜـﺘـﺎب اﺠﻤﻟـﺪدﻳـﻦ. وﲡﺪر ا;ﻼﺣﻈﺔ إن ﻣﺎ أﻇﻬﺮه ﻣﻦ ﻣﻴﻞ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ ﻗﺪ ﺟﺎء ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ;ﺴﺮﺣﻴﺔ »ﻣﺤﻤﺪ :اﻟﺮﺳﻮل اﻟﺒﺸﺮ« واﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﺟﻮاء اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺠﻮ اﻟﺪﻋﻮة ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻟﻬﻴﻜﻞ وﻫﻮ ﻳﻜﺘﺐ »ﺣﻴﺎة ﻣﺤﻤﺪ« . وﺛﻤﺔ ﻋﻤﻞ أدﺑﻲ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﺻﺪر ﻟﺘﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ،وﻛﺎن ﺻﻮﺗﺎً 51
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
وﺳﺎﺧﺮا ﺿﺪ اﻟﻨﻘﻞ اﳊﺮ ﻓﻲ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ـﺼـﺮي ً ً ﺑﺎرزا ودﻋﻮة إﻟﻰ إﻋـﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺟﺪوى اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ وﻣﺪى ﻏﻴﺮ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺮﻳﻔـﻴـﺔ ﻓﻲ ﻗﺮى ﻣﺼﺮ .ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ »ﻳﻮﻣـﻴـﺎت ﻧـﺎﺋـﺐ ﻓـﻲ اﻷرﻳـﺎف« اﻟـﺼـﺎدر ﻋـﺎم ١٩٣٧ﻓﻔﻲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻫﺬه ا;ﺬﻛﺮات اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺪﻫﺎ اﳊﻜﻴﻢ ﻣﻦ واﻗﻌﻪ اﻟﻌﻤﻠﻲ أﺛﻨﺎء اﺷﺘﻐﺎﻟﻪ ،ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء-واﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺼﺮف روﻋﺘﻬﺎ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟـﺴـﺎﺧـﺮة وﺗﻔﺼﻴﻼﺗﻬﺎ اﻟﺸﺎﺋﻘﺔ ذﻫﻦ اﻟﻘﺎر ¤ﻋﻦ ﻣﻐﺰاﻫﺎ اﳊﻀﺎري اﻷﺑﻌﺪ-ﻳﺒﺮز ﺑﺼﻮرة ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة وﻟﻜﻦ داﻟﺔ اﻟﺴﺆال ا;ﻘﻠﻖ :ﻫﻞ ﻳﺼﻠﺢ »ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت« ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﻓﻲ أرﻳﺎف ﻣﺼﺮ ،وﻫﻞ ﺗﻼﺋﻢ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﻼﺣ nواﻟﻌﺸﺎﺋﺮ ا;ﺴﺘﻮﻃﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪ ا;ـﺼـﺮي وﻫـﻞ ﺗـﺼـﻞ ﻣـﻨـﻬـﺎ? إن ﻛﺘﺎب »ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻧﺎﺋﺐ ﻓـﻲ اﻷرﻳـﺎف« ﻳـﺄﺗـﻲ ﻋـﺎم ١٩٣٧ﻟﻴﻀﻊ ﻋﻼﻣﺔ اﺳﺘـﻔـﻬـﺎم ﻣﺘﺸﻜﻜﺔ وﺳﺎﺧﺮة أﻣﺎم ذﻟﻚ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻌﺮﻳﺾ ا;ﻤـﺘـﺪ ﻣـﻨـﺬ أن ﺣـﻠـﻢ اﳋـﺪﻳـﻮي إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﺠﻌﻞ ﻣﺼﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ إﻟـﻰ ﻳـﻮم أﺻـﺪر ﻃـﻪ ﺣـﺴـ nﻛـﺘـﺎب »ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓـﻲ ﻣـﺼـﺮ« ١٩٣٨ﻣﻄﺎﻟﺒـﺎً ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﳊﻠﻢ إﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘـﺔ ﺑـﻌـﺪ ﻣﻌﺎﻫـﺪة .١٩٣٦وﻧﺤﺴﺐ أن ﻛﺘﺎب ﻃﻪ ﺣﺴ nﻻ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻜﺎﻧـﻪ اﻟـﺼـﺤـﻴـﺢ ﻣـﻦ ﺟﺪﻟﻴﺔ اﻟﺼﺮاع ﺑ nاﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻷورﺑﻲ واﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺼﺮي إﻻ إذا وﺿـﻌـﻨـﺎ »ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻧﺎﺋﺐ ﻓﻲ اﻷرداف« أﻣﺎﻣﻪ ﻓﻲ اﻟـﻜـﻔـﺔ اﻷﺧـﺮى وﻧـﻈـﺮﻧـﺎ إﻟـﻰ ﻣـﻐـﺰاه اﳊﻀﺎري اﻷﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑ nوﻋﺪم ﺑﺮوز ﺻﻠـﺔ ﻇﺎﻫﺮة وﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟﻠﻮﻫﻠـﺔ اﻷوﻟـﻰ (٧×).وﺣﺴﺒﻚ ﻣﻦ ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬـﻤـﺎ إن ﻛﺘﺎب ﻃﻪ ﺣـﺴـ nﺑـﺤـﺜـﺎً ﻋﻦ ﻣﺼﺮ ﻳﻌﺒﺮ اﻟﺒﺤـﺮ ا;ـﺘـﻮﺳـﻂ إﻟـﻰ أورﺑـﺎ ،ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳﺄﺧﺬك اﳊﻜﻴﻢ ﺟﻨـﻮﺑـﺎً ﻋﺒﺮ اﻟﻨﻴﻞ إﻟﻰ رﻳﻒ ﻣـﺼﺮ وﻓﻲ ﺻﻌـﻴـﺪﻫـﺎ ووﺟـﻬـﻬـﺎ اﻟﻘﺒﻠﻲ .ﻫﻨﺎك ﻣﺼﺮ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ ا;ﺜﺎﻟﻴﺔ وﻫﻨﺎ ﻣﺼﺮ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ.
52
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
2إﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ)اﻷﺳﺒﺎب واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ( اﻷﺳﺒﺎب واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ
وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺳﺮ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻓﻲ وﺟﻬﺔ اﻟﺘﻄﻠﻊ واﻟﺴﻴﺮ ﺑ nاﻟﻜﺘﺎﺑ nوا;ﻮﻗﻔ? n ذﻟﻚ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻧﻈﺮة اﺳﺘﺮﺟﺎﻋﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣﺨﺘﺼﺮة ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮر اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﺎ;ﻪ اﳉﺪﻳﺪ ،وﻣﺪى ﺣﻀﻮر ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ا;ﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ وﻋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻋﻠﻰ اﻷﺧﺺ اﳉﻴﻞ اﻟﺸﺎب اﻟﺬي ﺳﺘـﺘـﻔـﺘـﺢ إﻓـﻬـﺎﻣـﻪ ﻣـﻄـﻠـﻊ ﻫـﺬه اﻟﻔﺘﺮة. ﺑﺪت اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺖ ﻣﺆ6ﺮ اﻟﺼﻠﺢ ﺑﺒﺎرﻳﺲ ﻋﺎم (١)١٩١٩ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺳﺎﻧﺤﺔ ﻟﻨـﺸـﺮ اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻗﻴﻤﻬﺎ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« )(٢ وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﻟﻮﻻت ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟـﻢ ة وذﻟـﻚ ﺑـﻌـﺪ أن ﲢـﻄـﻤـﺖ اﻻﻣـﺒـﺮاﻃـﻮرﻳـﺎت اﻻﺳﺘﺒﺪادﻳﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﻓﻲ روﺳﻴﺎ وأ;ـﺎﻧـﻴـﺎ واﻟـﻨـﻤـﺴـﺎ واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ أﻳـﺪي ﻗـﻮى اﻟـﺪzـﻘـﺮاﻃـﻴـﺔ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وأﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ .وﻓﻲ ﻏـﻤـﺮة ﻫـﺬا اﻟـﻨـﺼـﺮ ﺗـﺬﻛـﺮ ﻣـﻌـﻈـﻢ اﻟـﻨـﺎس »ﻗـﻀـﻴــﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ« وﻧﺴﻮا أو ﺗﻨﺎﺳﻮا أن اﳊﺮب ﻟﻢ ﺗـﻘـﻢ أﺳﺎﺳﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪzـﻘـﺮاﻃـﻴـﺔ ،ﺑـﻞ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺻـﺮاﻋـﺎ 53
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
أورﺑﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ ; ﻛﻤﺎ أن اﻟﺪول ا;ﻨﺘـﺼـﺮة ﻛـﺎﻧـﺖ دوﻻً رأﺳﻤﺎﻟﻴـﺔ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ-أﻳﻀﺎ-وأن اﻟﻨﺼﺮ رqﺎ ﺟﺎء ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻘﺪرة اﻟﺼـﻨـﺎﻋـﻴـﺔ ﻟـﻬـﺬه اﻟﺪول وﻛﻔﺎﻳﺔ ﲢﺮﻛﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،وﻟﻴﺲ ﺠﻤﻟﺮد ﻛﻮﻧﻬﺎ دzﻘﺮاﻃﻴﺔ ،دﻓﻌـﻬـﺎ إﻟـﻰ اﻟﻨﺼﺮ إzﺎﻧﻬﺎ اﶈﺾ ﻣﺠﺮﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﻗﻴﻢ اﻟﻨﻈﺎم »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ« ).(٣ وﻓﻲ ﻇﻞ اﳊﻤﺎﺳﺔ ﻟﻠﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ،وﻣﺒﺎد ¤اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﻟﺴﻦ ،أﻗﻴﻤﺖ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ qﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ أواﺳﻂ أوروﺑﺎ وﺷﺮﻗﻬﺎ ،واﻣﺘﺪت ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ-ﻣﻊ اﻻﻧﺘﺪاب وﺧﻄﺔ »ﺳﺎﻳﻜﺲ-ﺑﻴﻜﻮ« اﻟﺘﺠﺰﻳﺌﻴﺔ ﺑ nﻓﺮﻧﺴﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ- إﻟﻰ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﺻﺎر ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺼﻴﺐ ،ﺑﺪرﺟﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى ،ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﻣﺼﺮ ،وﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ وﻟﺒﻨﺎن .ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺒﻪ اﻟﻌﺮب ا;ﺘﺤﻤﺴﻮن ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲡﺮﺑﺔ آﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺟﺔ ﻋﺎ;ـﻴـﺔ ﻣـﻦ اﳋـﺎرج ،وﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ ﻣـﻌـﺎﻧـﺎة ﺗـﻄـﻮرﻳـﺔ ﻣﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ )) (٤وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ(-واﳊﻘﻴﻘﺔ إن إﻗﺎﻣﺔ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ ﻓﺮاغ ﺗﺎم ،ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻘﻬﺎ ﺗﺄﺛـﺮ ﻣـﺘـﺪرج qـﺆﺛـﺮات اﳊـﻀـﺎرة اﻷوروﺑـﻴـﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻣﻨﺬ ﻏﺰو ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ;ﺼﺮ ،١٧٩٨وﻋﺒﺮ أﺟﻴﺎل ﻣﻦ ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ اﻹﺻﻼﺣﻴn ﻣﻦ رﻓﺎﻋﺔ راﻓﻊ اﻟـﻄـﻬـﻄـﺎوي ) (١٨٧٣-١٨٠١وﺑﻄﺮس اﻟﺒـﺴـﺘـﺎﻧـﻲ )(١٨٩٣-١٨١٩ إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒـﺪه ) (١٩٠٥-١٨٤٩ﺛﻢ اﻟﻔﺮع اﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻲ ﻣﻦ ﻣﺪرﺳﺘﻪ ﻣـﺜـﻞ ﻟـﻄـﻔـﻲ اﻟﺴﻴﺪ ) (١٩٦٣-١٨٧٢وﻗﺎﺳﻢ أﻣ (١٩٠٨-١٨٦٣) nوأﺣﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ زﻏﻠﻮل )ﻣﺘﻮﻓﻲ .(×)(١٩١٤ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه ا;ﻮﺟﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ واﻷﻓﻜﺎر واﻟﻨﻈﻢ ﻟﻢ ﺗﻨﻐﺮس ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻟﻢ ﺗﺘﺠﺬر ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻘﻮة ،ﺑﻞ ﻇـﻠـﺖ ﻃـﺎﻓـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺴﻄﺢ وﻣﻨﺤﺼﺮة ﻓﻲ أﻓﺮاد وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ ا;ﺜﻘﻔ nوﻟﻢ ﺗﺘﺤﺪ ﻣﻊ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻧﺪﻣﺎج ﻋﻀﻮي ) ،(٥أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﶈﺘﻠﺔ ذاﺗﻬﺎ-ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ﺷﻬﺎدة ﻫﻴﻜﻞ-ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺨﻠﺼﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻈـﻢ-ﺑـﻜـﻞ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ اﳋﻄﻴﺮة اﻟﺘﺤﺮرﻳﺔ واﻟﺜﻮرﻳﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ-إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻧﻔﻮذﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺮق وإن زﻋﻤﺖ ذﻟﻚ ،ﻓﻠـﻘـﺪ ﻛـﺎن ﺳـﻠـﻮﻛـﻬـﺎ اﻟـﻌـﻤـﻠـﻲ ﻓـﻲ اﻟـﺸـﺮق ﻳﻨﺎﻗﺾ ﻣﺴﻠﻜﻬﺎ اﳊﻀﺎري ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻨﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ ).(٦ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ إﺧﻔﺎق اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ )× (٢ﻗﺼﺮاً ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ، إذ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﺛﺒﺖ ﺳﻴﺮ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ داﺧﻞ اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ،وﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ،أن ﻏﺮس ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ اﻷﺻﻠﻲ ﺑﻐﺮب أوروﺑﺎ وﺷﻤـﺎل أﻣﺮﻳﻜﺎ )اﻹﻗﻠﻴﻢ اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ(-وأن اﺗﺼﻒ ﺑﺎﳊﻤﺎﺳﺔ اﻟﺮﺳﻮﻟﻴﺔ-ﻳﻔﺘﻘﺮ 54
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
إﻟﻰ اﻷﺳﺲ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ .ﻓﻠﻘﺪ أﺧﺬت اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ا;ﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﻓﻲ ﺷﺮق أوروﺑﺎ ووﺳﻄﻬﺎ ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﺑﺴﺮﻋﺔ واﺣﺪا ﺑﻌﺪ اﻵﺧﺮ. ﻛﻤﺎ أن اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ اﳊﻠﻔﺎء اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﻮن ﻋﻠﻰ أ;ﺎﻧﻴﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﺎدﻟﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﺸﻌﺐ اﻷ;ﺎﻧﻲ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ وﻣﺎدﻳﺎ ،ﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ أ;ﺎﻧﻴﺎ ردﻳﻔﺎ ﻟﻠﻬﺰzﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻻﻧﻬـﻴـﺎر اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدي ) .(٧وﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺬﻟـﻚ ﻛﺎن ﻣﺬاق »اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ« ا;ﻔﺮوﺿﺔ ﻣﻦ ﻓﻮق ﺣﺴـﺐ ﺧـﻄـﻂ اﳊـﻠـﻔـﺎء ﻋـﻠـﻰ ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻬﺰوم وا;ﺴﺘﻌﻤﺮ واﺠﻤﻟﺰأ ).(٨ وﺟﺎءت اﻟﺮدة ﺿﺪ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ-واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ-ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ،ﻣﺰدوﺟﺔ اﻷوﺟﻪ ،واﻣﺘﺪت اﻷزﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ذاﺗﻪ ،ﻻ ﻟﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ-اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻟﺘﻄﺮح ﻣﺼﻴـﺮ اﳊﻀﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎط اﻟﺒﺤﺚ .ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺑﺪأت ﺗﻨﺘﺸﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺎت اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ اﻟﻘﻠﻘﺔ ،وﻛﺘﺐ ﺷﺒﻨﺠﻠﺮ»ﺳﻘﻮط اﻟﻐﺮب« )× (٣واﺧﺘﻞ اﻟﺘﻮازن اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻷوروﺑﻲ ﺑ nﺗﻴﺎر ﻋﻠﻤﻲ وﺿﻌﻲ ﺗﻄﺒﻴﻘﻲ ﺻﺎﻋﺪ ﻣﺘﻐﻠﺐ وﺑ nﺗﻴـﺎر ﻓـﻠـﺴـﻔـﻲ أدﺑﻲ ﻓﻨﻲ )إﻧﺴﺎﻧﻲ( ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻋﻨﻪ وﺛﺎﺋﺮ ﻋﻠﻴﻪ .ﻛﻤﺎ ﺧﺮج ﻫﺬا اﻟﺘـﻴـﺎر اﻷﺧـﻴـﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪه اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻷدﺑﻴﺔ ا;ﺘﻔﺎﺋﻠﺔ وا;ﺆﻣﻨﺔ ﺑﺎﺳـﺘـﻤـﺮارﻳـﺔ ﺗﻘﺪم اﻟﻌﻘﻞ واﻹﻧﺴﺎن ،ﻟﻴﻘﻊ ﻓﻲ ﺷﻜﻴﺔ ﻣﺘﺸﺎﺋﻤﺔ وﻟﻴﻌﺎﻧﻲ اﻟﺜﻮرﺗ nﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ا;ﺘﻔﺎﺋﻠﺔ ).(٩ وراﻓﻘﺖ ﻫﺬه اﻻﺧﻔﺎﻗﺎت اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ ﻋﺎم ١٩٢٩ﻟﺘﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﺗﻬﺎ ،و6ﺜﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﺟﻤﺎﻋﻴﺎ ﻣﺘﻮﺗﺮا ﻋﻦ أﺑﻌﺎدﻫﺎ ،ﺎ أدى إﻟﻰ اﺳﺘﻘﻄـﺎب اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻷوروﺑﻲ و6ﺰﻗﻪ ﺑ nاﻟﻴﺴﺎر ا;ﺎرﻛﺴﻲ اﻟﺬي أﺧﺬ ﻳﺘﻨﺎﻣﻰ ﺑﻌﺪ ﳒﺎح اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﲢﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ ،وﺑـ nاﻟـﻴـﻤـ nاﻟـﻔـﺎﺷـﻲ اﻟـﺬي أﺧـﺬ ﻳﺤﺘﻞ ﻣﻮاﻗﻌﻪ ﺑﺄواﺳﻂ أوروﺑﺎ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺛﻢ ﻓﻲ أ;ﺎﻧﻴﺎ. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،اﻧﻘﺴﻤﺖ اﳊﻀﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ-اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ا;ﺜﻘﻔﻮن اﻟﻌﺮب ﻣﺎ ﻳﺰاﻟﻮن ﻋﻠﻰ أﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﺣﺘـﻰ ذﻟـﻚ اﻟـﻮﻗـﺖ-إﻟـﻰ ﺛـﻼﺛـﺔ ﺗـﻴـﺎرات ﻣـﺘـﻨـﺎﻗـﻀـﺔ ﻣﺘﺼﺎرﻋﺔ: -١اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ،ﺑﻨﻈﺎﻣﻬﺎ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ،وﻫﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻷم اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ا;ﻨﺒﺜﻘﺔ ﻋﻦ اﳊﻀـﺎرة اﻷوروﺑـﻴـﺔ اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ وا;ـﺘـﻼزﻣـﺔ ﻣـﻌـﻬـﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ. -٢اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻧﻘﻴﻀﺎ ﻟﺘﻄـﺮف اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﺮأﺳـﻤـﺎﻟـﻲ 55
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ووﺟﺪت ﻣﻦ أوروﺑﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ )ﺛﻢ ﻣﻦ آﺳﻴﺎ( ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻨﻐﺮس اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﺗﺮﺑﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﺰرع أﻧﻈﻤﺘﻬﺎ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ .وﻳﺠﺐ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻫﻨﺎ أن ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ »ﺷﺮﻗﻴﺔ« ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻮﻫﻢ ﺑﻪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ا;ﻌﺴﻜﺮ ا;ﺸﺮﻗﻲ ،وﻟﻴﺴـﺖ ﻧـﻘـﻴـﻀـﺎ ﺣﻀﺎرﻳﺎ ﻟﻠﻐﺮب ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻘﻴﻀﺎ ﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺘﻪ .أن ﺟﺬورﻫـﺎ ﻣـﺘـﺮﺳـﺨـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻐﺮﺑﻲ )ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻫﻴـﺠـﻞ( ،وﻫـﻲ ﻓـﺮج ﻋـﻀـﻮي أﺻـﻴـﻞ ﻣـﻦ ﺣـﻀـﺎرﺗـﻪ، و»اﻟﺼﻮت اﻵﺧﺮ« ﺿﻤﻦ ﺟﺪﻟﻴﺘﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ. -٣اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت داﺧﻞ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻗﻞ ﺗﻄﻮرا ﻣـﻦ ا;ﻌﺴﻜﺮ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ،ووﺟﺪت ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت وﺳﻂ أوروﺑﺎ ،ذات اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻄﺎﻏﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺖ وﺣﺪﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮة وأﺿﺎﻋﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﺮص اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،وﺟﺪت ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﺌﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺘﻘﺒﻠﺔ وﻣﻬﻴﺄة ة ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺮﺿﻲ دواﻓﻌﻬـﺎ ﻓﻲ ﲢﺪي اﻟﻐﺮب اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ا;ﺘﻘﺪم اﻟﺬي ﻫﺰﻣﻬﺎ وﻏﻨﻢ ﻣﻨﻬﺎ ا;ﺴﺘـﻌـﻤـﺮات وﻓﺮض ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺿﻌﺎ ﻣـﺬﻻً ،ﻛﻤﺎ ﺗﺰودﻫﺎ ﺑﺎ;ﻨﺎﻋﺔ ﺿﺪ اﻟﺘﻴﺎر ا;ﺎرﻛﺴـﻲ اﻟـﺬي ﻳﻬﺪد وﺣﺪﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ »ا;ﻘﺪﺳﺔ« ﺑﺄ ﻴﺘﻪ وﺣﺮﺑﻪ اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ. ﻫﺬه اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﳉﺪﻳﺪة ﺑ nﻗﻮى اﳊﻀﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪت واﺿﺤﺔ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،أﺧﺬت ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺎت ﻓﻌﻠﻴﺔ وﺣﺮوب ﺻﻐﻴﺮة ﻣـﻨـﺘـﺼـﻔـﻬـﺎ .ﻓـﻠـﻘـﺪ اﻧـﻌـﻜـﺴـﺖ ﻓـﻲ اﳊـﺮب اﻷﻫـﻠـﻴـﺔ اﻷﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺔ ﺑـn اﳉﻤﻬﻮرﻳ nواﻟﻔﺎﺷﻴ .nواﻧﻘﺴﻤﺖ أوروﺑﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﲡﺎه اﳊﺪث .ﻓﻮﻗﻒ اﻻﲢﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ ﻣﻊ اﳉﻤﻬﻮرﻳ nووﻗﻔﺖ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وأ;ﺎﻧﻴﺎ ﻣﻊ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ،و6ﺰق اﻟﻀﻤﻴﺮ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﺑ nا;ﻌﺴﻜﺮﻳﻦ .وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺬه اﳊﺮب أﺻﺪاؤﻫﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ا;ﻨﺒﻬﺔ ﻓﻲ أوﺳﺎط ا;ﺜﻘﻔ nاﻟﻌﺮب ﻣﻦ اﳉﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ .وzﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ أول ﺣﺪث دوﻟﻲ ﻧﺒﻪ أذﻫﺎﻧﻬﻢ إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺼﺮاع ﺑ» nاﻟﻴﻤ «nو»اﻟﻴﺴﺎر«)،(١٠ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻧﺒﻬﻬﻢ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﻳﻄـﺎﻟـﻲ ﻟـﻠـﺤـﺒـﺸـﺔ ﺳـﻨـﺔ -١٩٣٦ﻗﺮﻳـﺒـﺎً ﻣﻦ ا;ﻨﻄـﻘـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ-إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺼﺮاع ﺑ nاﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ،وﺑ nاﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻜُّﻠﻴﺔ اﳉﺎﻣﻌﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟـﻨـﺴـﺒـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺟـﺎءﺗـﻬـﻢ ﻣـﻦ ﻏـﺮب أوروﺑﺎ .ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ١٩٣٧ﻧﺮى ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ« )اﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﺑ(١٩٣٩-١٩٣٥ n وا;ﻌﺒﺮة ﻋﻦ اﻻﲡﺎﻫﺎت »اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ« اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ وﻟﺒﻨﺎن ﺗﻨﻮه ﺑـﻜـﺘـﺎب »ﺧﻤﺴﺔ أﺷﻬﺮ ﻓﻲ أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ« وﺗﺼﻔﻪ ﺑﺄﻧﻪ» :ﻣﺬﻛﺮات ﻋﺮﺑﻲ ﻧﺎﺿﻞ ﻓﻲ اﳉﻴﺶ اﻷ ﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴـﺔ وﺣـﺮﻳـﺔ اﻟـﺸـﻌـﺐ اﻷﺳـﺒـﺎﻧـﻲ ﺑـﻞ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﺮب ا;ﻬﺪدة ﻣﻦ اﻟﻄﻐﻴﺎن اﻟﻔﺎﺷﺴﺘﻲ (٤×) «..ﻛﻤﺎ أﺻﺪر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻜﺪاش 56
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ذاﺗﻪ ﻛﺘﺎب »اﻟﻌﺮب واﳊﺮب اﻷﻫﻠﻴـﺔ ﻓـﻲ إﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺎ« .وﻋـﻦ اﳊـﺪث اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺻﺪر اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻴﺴﺎري ا;ﺎرﻛﺴﻲ ﺧﻴﺎﻃﺔ ﺳﻠﻴﻢ ﻛﺘﺎب »اﳊﺒﺸﺔ ا;ﻈﻠﻮﻣﺔ« اﻟﺬي وﺻﻔﻪ ﺑﺄﻧﻪ »أوراق ﺳُﻮدت ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ أرق اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ،ﻫﺒﻄﺖ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ وﻧﻬﻀﺔ ا;ﺸﺮق اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،ﻣﻦ وﺣﻲ ﻣﺎرﻛﺲ وﻧﻀﺎل اﳊﺒﺸﺔ ﺿﺪ اﻟﺮأﺳﻤﺎل اﻟﻐﺮﺑﻲ«).(١١ وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﺗﻄﻮر اﻟﺼﺮاع ا;ﺜﻠﺚ )اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ-اﻟـﻔـﺎﺷـﻲ-ا;ـﺎرﻛـﺴـﻲ( ﻓـﺮض ﺗﻔﺎﻋﻼت ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،واﻧﺘﻘﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮه اﻟﻔﻜﺮي اﻟـﻨـﻔـﺴـﻲ إﻟـﻰ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وزاد ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺔ ﺗﻬﺎوي اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟـﺪzـﻘـﺮاﻃـﻴـﺔ اﻟـﺸـﻜـﻠـﻴـﺔ، وﻗﻠﻞ ﻣﻦ ﻫﻴﺒﺔ أوروﺑﺎ ،ا;ﺎدﻳﺔ وا;ﻌﻨﻮﻳﺔ ،و ﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﺪوﻟﺘ nاﻟﻨﺎﻓﺬﺗ nﻓﻲ ا;ﺸﺮق ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ-وأﺧﺬ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﳉﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ اﻟﺬي أﺧﺬت ﺗﺘﻔﺘﺢ أﻓﻬـﺎﻣـﻪ ﺑـ (١٩٣٥-١٩٣٠ )nإﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈـﺮ ﻓـﻲ ﻗـﻨـﺎﻋـﺎت اﳉـﻴـﻞ اﺨﻤﻟـﻀـﺮم وﺣﻤﺎﺳﻪ ﻟﻠﺘﻐﺮﻳﺐ )وﻛﺎن ﻫﺬا اﳉﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﺗﺒ nﻗﺪ أﺧﺬ ﻳﺮاﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻨﺎﻋﺎت ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﻟﺪى ﻫﻴﻜﻞ وﻣﻨﺼﻮر ﻓﻬﻤﻲ وﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ( ،وإﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺧﻼص ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺬات وﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﻳﺨﺘـﻠـﻒ ﻋـﻤـﺎ ﻳـﺪﻋـﻮه إﻟـﻴـﻪ ﺟـﻴـﻞ اﻵﺑـﺎء اﺠﻤﻟﺪدﻳﻦ ; ﻟﻘﺪ أﺟﺒﺮت ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻮﻻت ا;ﺘﺄزﻣﺔ ﻓﻲ اﻟـﻐـﺮب اﳉـﻴـﻞ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ اﳉﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ وﲡﺎوز إرث ا;ﺮﺣﻠـﺔ اﻟـﺴـﺎﺑـﻘـﺔ...» : ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻳﻔﺎﻋﺘﻲ-ﻳﺴﺘﺬﻛﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض-أي إﻟﻰ ﻋﺎم ،١٩٢٩ﻋﺎم ﺣﺼﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة اﻟﻜﻔﺎءة ،ﺷﺪﻳﺪ اﳊﻤﺎﺳﺔ ﻟﻠﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺣﻤﺎﺳﺘﻲ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻹzﺎن إzﺎﻧﺎ أﻋﻤﻰ ﺑﺪﺳﺘﻮر ١٩٢٣اﻟﺬي ﻛﻨﺖ اﻋﺘﻘﺪ أن اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ا;ﻠﻜﻴﺔ وﻛﺴﺮ ﺷﻮﻛﺔ ﺑﻄﺎﻧﺘﻬﺎ اﻟﺘﺮﻛـﻴـﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻟﻄﺮد اﻹﳒﻠﻴﺰ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﺑﻘﻴﺎم ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺻﻠﺒﺔ ﺗﻌـﺒـﺮ ﻋـﻦ »إرادة اﻷﻣﺔ« .وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم وﺟﻬﺔ ﻧـﻈـﺮ )ﺣـﺰب( اﻟـﻮﻓـﺪ ،وﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ »اﻷﻣﺔ« ﻗﺪ ﺗﻔﺘﺖ ﻓﻲ ﻧﻈﺮي إﻟﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ أو ﻣﻜﻮﻧﺎت أو ﻃﺒﻘﺎت أو ﻣﺼﺎﻟـﺢ، ودرﺟﺔ درﺟﺔ ،ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﻘﻄﻊ ،ورqﺎ ﺑﺘﺄﺛـﻴـﺮ اﻷزﻣـﺔ ا;ﺎﻟﻴﺔ وﺗﻔﺸﻲ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﺗﻌﺎﻗﺐ دﻛﺘﺎﺗﻮرﻳﺎت ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد وإﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺻﺪﻗﻲ، ﺑﺪأت أﺟﻨﺢ إﻟﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻫﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪ اﳊﺮﻳﺔ ﻋﻨـﺪي ﺷﻴﺌـﺎ ﻣـﺠـﺮدا ﻣـﻦ ﻏـﻴـﺒـﻴـﺎت اﳊـﺠـﺎة ،ﺑـﻞ ارﺗـﺒـﻄـﺖ ﻓـﻲ ذﻫـﻨـﻲ ﺑـﺎﻻﺳـﺘـﻘـﻼل اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺳﻮاء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸ أو ﻟﻠﻄﺒﻘﺎت أو ﻟﻸﻓﺮاد ،،وﻗﺪ ﻣﻜﻨﺘﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﺒﺎﻛﺮة ;ﺮاﺟﻌﺔ ﻓﻜﺮة اﳊﺮﻳﺔ وﻣﺒﺎد ¤اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻣﻦ أن 57
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
أﻛﻮن ﻣﻦ أﺳﺒﻖ ﺷﺒﺎب ﺟﻴﻠﻲ إﻟﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﻨﺎزﻳﺔ اﻟﻮاﻓﺪة ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب أواﺋﻞ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت وﻓﻲ أواﺳﻄﻬﺎ(٥×) . وﺣـ nﻧـﺸـﺒـﺖ اﳊـﺮب اﻷﻫـﻠـﻴـﺔ اﻷﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺔ ﻛـﻨـﺖ ﺑـﻮﺟــﺪاﻧــﻲ أﻛــﺎﺑــﺪ ﻣــﻊ اﳉﻤﻬﻮرﻳ nاﻷﺳﺒﺎن وﻗﺪ أﺗﻴﺢ ﻟﻲ أﻳﺎم اﻟﻄﻠﺐ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة أن أدرس ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ وﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻨﻈﻢ و ا;ﺬاﻫﺐ دراﺳﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎدة ﻣﻦ ا;ﻮاد ا;ﻘﺮرة ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻵداب; وﻗﺪ أﺣﺴﺴﺖ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺑﺎﻟﺼﺪع اﻟﻌﻤﻴﻖ اﻟﺬي ﲡﻠﻰ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ اﻹﳒﻠﻴﺰ ﺑﺴﺒﺐ اﻟـﺮﻳـﺎح اﻟـﻌـﻘـﺎﺋـﺪﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﲡﺘﺎح أوروﺑﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻢ اﶈﺎﻓﻈﻮن ﻣﻦ أﻣﺜﺎل اﻷﺳﺘﺎذ ر.أ .ﻓﻴﺮﻧﺲ ،واﻷﺣﺮار اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﻮن ﻣﻦ أﻣـﺜـﺎل ﻛـﺮﻳـﺴـﺘـﻮﻓـﺮﺳـﻜـﻴـﻒ، واﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﻮن ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﺑـﺮﻳـﻦ دﻳـﻔـﻴـﺰ وأو ﻳـﻦ ﻫـﻮﻟـﻮاي وﺟـﻮن ﻛـﺮاﻳـﺮ .وﻛـﺎن أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ ﻻ ﻳﺨﻔﻮن ﻋﻨﺎ اﻧﻘﺴﺎﻣـﻬـﻢ ﻓـﻲ اﻟـﺮأي وﻣـﻨـﻬـﻢ ﻣـﻦ ﻛـﺎن ﻳـﺴـﺨـﺮ ﻣـﻦ ﻣﻌﺎرﺿﻴﻪ أﻣﺎم اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ .وﻛﺎن أو ﻳﻦ ﻫﻮﻟﻮاي ﻳﺪﻓﻊ إﻟﻲ ﺑﻜﺘﺐ ﻣﺎرﻛﺲ واﳒﻠﺰ وﺳﻮرﻳﻞ ،أﻣﺎ دﻳﻔﻴﺰ ﻓﻜﺎن ﻳﺪﻓﻊ ﻟﻲ ﺑﻜﺘﺐ اﻟﻔﺎﺑﻴ.n وذات ﻳﻮم اﺧﺘﻔﻰ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺟﻮن ﻛﺮاﻳﺮ ،ﺛﻢ اﺗﻀﺢ ﺑﻌﺪ أﺳﺎﺑﻴﻊ أﻧﻪ ﺗﻄـﻮع ﻓﻲ اﳊﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻷﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﻘﺎﺗﻞ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﳉﻤﻬﻮرﻳ ،nوﻛﺎن ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻫﺬا qﺜﺎﺑﺔ »ﺳﻜﺎﻧﺪال« )ﻓﻀﻴﺤﺔ( أﺻﺎﺑﺖ اﳉﺎﻟﻴﺔ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ﻛﻞ ﻫﺬا أﻟﻬﺐ ﻋﻘﻠﻲ ووﺟﺪاﻧﻲ ﺑﺎﻟﻈﻤﺄ ;ﻌﺮﻓﺔ ذﻟﻚ اﻟﺼﺮاع اﻟﺮﻫﻴﺐ اﻟﺬي اﺟﺘﺎح أوروﺑﺎ وﺑﺪأت ﻧﺬره ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،وﻟﻜﻦ ﺗﻜﻮﻳﻨﻲ اﻟﻠﻴﺒـﺮاﻟـﻲ اﻷول ﺟـﻌـﻠـﻨـﻲ ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﺴﻦ أﻋﺘﻨﻖ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ اﳊﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟ ـﺘ ـﻤــﺎﻋ ـﻴ ــﺔ)× ،(٦ووﺟــﺪت ﻫــﺬا ا;ــﺮﻛــﺐ ﻓــﻲ اﻟ ـﻔ ـﻠ ـﺴ ـﻔــﺔ اﻻﺷ ـﺘــﺮاﻛـ ـﻴ ــﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ«).(١٢ وﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤـﺎً أن ﺟﻤﻴﻊ ا;ﺜﻘﻔ nاﻟﻌﺮب اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻘﺪوا إzﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟـﻐـﺮب اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ وﺑﺎﳊﻀﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ ﻓﻌﻠﻮا ذﻟﻚ ،ﻷﻧﻬﻢ ﺣﻜﻤﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻮاﻫﺮ وﻟﻢ ﺗﻮا ﺟﻮﻫﺮ اﳊﻀﺎرة ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ) .(١٣ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺎش ﺳﻨﻮاﺗﻪ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،وﺗﺨﺮج ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻬﺎ واﺳﺘﻮﻋﺐ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ﺑﻔﻬﻢ وﻣﻌﺎﻧﺎة .وﻟـﻜـﻦ اﻟـﻌـﻠـﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ أن أوروﺑﺎ ذاﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎﻧﻲ أزﻣﺔ ذاﺗﻴﺔ .ﻋﺎﺻﻔﺔ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة، وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻓﻴﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨـﺪﻣـﺎ رآﻫـﺎ رﻓـﺎﻋـﺔ راﻓـﻊ اﻟـﻄـﻬـﻄـﺎوي ﺑـn ١٨٣١-١٨٢٦وﺻﻮرﻫﺎ ﺑﺈﻋﺠﺎب واﻧﻔﺘـﺎح ﻓـﻲ »ﺗـﺨـﻠـﻴـﺺ اﻻﺑـﺮﻳـﺰ« ) (١٤رﻏﻢ ﻣـﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﻔﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺛﻮرات ﻓـﻲ ذﻟـﻚ اﻟـﻮﻗـﺖ ،ﺑـﻞ رqـﺎ ﺑـﺴـﺒـﺐ ﺗـﻠـﻚ اﻟـﺜـﻮرات 58
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ .إن ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض-إذا ﺷﺌﻨﺎ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ذاﺗﻬﺎ ;ﺜﻘﻒ ﺷﺎب ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺆﺛﺮات ﻋﺎ;ﻪ وﲢﻮﻻﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ وﻓﻲ أوروﺑﺎ-ﻳﻔﻘـﺪ ﺑـﻘـﻴـﺔ إzﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺘﻬﺎ ا;ـﺰدوﺟـﺔ ذات اﻟـﻮﺟـﻬـ nﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﺧﻴﺎﻧﺘﻬﺎ ;ﺜﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻣـﻮﻃـﻨـﻬـﺎ اﻷﺻـﻠـﻲ ..» :وﺣـ nﺳـﺎﻓـﺮت إﻟـﻰ إﳒﻠﺘﺮا دﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺄزق ﻓﻜﺮي ﺟﺪﻳـﺪ أﻛـﺪ ﻓـﻲ ﻧـﻔـﺴـﻲ اﻟـﺸـﻚ ﻓـﻲ ﺳـﻼﻣـﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ،أﻛﺪ ﻟﻲ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ إﻻ واﺟﻬﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟـﻲ. ﻓﻘﺪ اﺗﻀﺢ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻳﻮﻣﺌﺬ إن اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﺳـﺮاً ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﳊﺰب اﻟﻨﺎزي qﻼﻳ nاﳉﻨﻴﻬﺎت ﻟﺘـﻘـﻴـﻢ ﻣـﻦ أ;ـﺎﻧـﻴـﺎ ﺻﺤﻴﺎ« ﻳﻘﻲ ﻏﺮب أوروﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ .ووﺟﺪت اﻛﺜﺮ ا;ﺜﻘﻔ nﻣﻦ ً ً »ﺣﺎﺟﺰا أﺑﻨﺎء ﺟﻴﻠﻲ ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻣﺒﺮدج ،أو ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻨﺪن ،أو ﻓﻲ اﻟﺴﻮرﺑﻮن، ﻳﺘﻈﺎﻫﺮون ﺗﺄﻳﻴـﺪاً ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳ nاﻷﺳﺒﺎن ،وﻳﺠﻤﻌﻮن ﻟﻬﻢ ا;ﺎل واﻟﻠ ، وﻣـﻨـﻬـﻢ ﻣﻦ ﻟﺒﺲ ﺑﺪﻟﺔ اﻟﻘﺘﺎل .وﻛﺎﻧﺖ ﺧﻴﺎﻧﺎت اﻷﺣﺰاب اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺖ ﺑﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ﺄزق اﻟﻔﻜﺮي أﺛﻨﺎء إﻗﺎﻣﺘﻲ ﺑﺎﳋﺎرج ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﻮن اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﻮن ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻛﺜﺮ ﺗـﻔـﺎﻫـﻤـﺎً ﻣﻊ أ;ﺎﻧﻴﺎ اﻟﻨـﺎزﻳـﺔ ﻣﻨﻬﻢ روﺳﻴﺎ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ .وﻫﻨﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ :ﻛﻼ ،أي ﺷﻲء إﻻ اﻟﻨﺎزﻳﺔ واﻟﻔﺎﺷﻴﺔ. ﺣﺘﻰ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻻ 6ﻠﻚ دواء ﻷوﺟﺎع اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ)× .(٧ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺪواء اﻟﺬي ﺗﻨﻔﺴﺘﻪ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻣﺪى ﺛﻼث ﺳﻨﻮات(« )(١٥ وﻣﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮات اﻟﻔﺎﺟﻌﺔ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ أن اﻟﺒﻨﺎء اﻟـﻔـﻜـﺮي واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻻ ﻳﺘﺮاﻛﻢ ﻃﺒﻘﺔ ﻓﻮق ﻃﺒﻘﺔ ،وﻣﺮﺣﻠﺔ ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ،ﻟﻴﻌﻠﻮ وﻳﺘﻜﺎﻣﻞ، ﺑﻞ ﺗﺮى ﻛﻞ ﺟﻴﻞ ﻳﺼﺎب ﺑﺎﳋﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﻨﺎﻋﺎت اﳉﻴـﻞ اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ وﻳـﻀـﻄـﺮ إﻟـﻰ ﻫﺪﻣﻬﺎ وإﻋﺎدة اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪء .ﺛﻢ ﻣﺎ ﻳﻠﺒﺚ أن ﻳﻔـﺠـﻊ ﻓـﻲ ﻗـﻨـﺎﻋـﺘـﻪ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻟﻠﺠﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺮارة اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ .ﻓﻘـﺪ ﻓُﺠﻊ ذاﺗﻬﺎ ﻓﻼ ﻳﺴﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎً ً اﻹﺻﻼﺣﻴﻮن اﻷواﺋﻞ ﻓـﻲ إﻣـﻜـﺎﻧـﻴـﺔ إﻗـﺎﻣـﺔ ﻣـﺠـﺘـﻤـﻊ ﻋـﺎدل ﻓـﻲ إﻃـﺎر اﻟـﺪوﻟـﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،وﻓﺠﻊ اﻟﻘﻮﻣﻴﻮن اﻷواﺋﻞ-ﺑﻌﺪﻫﻢ-ﻓﻲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ إﻗﺎﻣﺔ ﻠﻜﺔ ﻋـﺮﺑـﻴـﺔ ﻣﺘﺤﺪة ،ﺛﻢ ﻓﺠﻊ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﻮن ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺼـﺮﻳـﺔ ﻓـﻲ إﻃﺎر اﻷوﻃﺎن اﻟﺼﻐﻴﺮة اﺠﻤﻟﺰأة اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﻮا ﺑﻬﺎ .وﻫﺎﻫﻮ ذا ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳـﺪ ُﻗﺒﻴﻞ اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﻘﻒ ﻋﻠـﻰ اﻷﻧـﻘـﺎض ﻳـﺤـﺎول اﻟـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ ﻣـﻨـﻄـﻠـﻖ اﻟـﺒـﺪاﻳـﺔ. )وﺳﻴﻔﺠﻊ ﻫﺬا اﳉﻴﻞ أﻳﻀﺎً وأﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻴﺒﻨﻴﻪ و ﻳﺆﻣﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺛﻠﺚ ﻗﺮن ﻓﻲ ﻛﺎرﺛـﺔ .(١٩٦٧وﻟﻜﻦ ﻟﻨﺒﻖ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأت اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ..» :ﻛﻨﺖ داﺋـﻢ اﻟـﺘـﻔـﻜـﻴـﺮ- 59
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻳﻘﻮل ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻪ ﻣﻦ أوروﺑﺎ-ﻓﻲ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺂﻛﻞ اﻟﺘﻲ اﺳﺘـﺸـﺮت ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي ،ﻻ أﻗﺼﺪ اﻟﺘﺂﻛﻞ اﳋﻠﻘﻲ ،وإ ﺎ أﻗﺼﺪ اﻟﺘﺂﻛﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﲡﺪي ﻓﻲ ﺗﺼﺪع اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻟﺘـﻲ ﺗـﺒـﻠـﻮرت ﻓـﻲ واﺿﺤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ أن ﺗﻄﻮر ﻣﺼﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ً دﺳﺘﻮر .١٩٢٣ﻛﺎن واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺧﻼل اﻟﻌﺸـﺮﻳـﻦ ﻋـﺎﻣـﺎً اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑ nاﳊﺮب اﻟﻌـﺎ;ـﻴـﺔ اﻷوﻟﻰ واﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻈﺎم اﳊﻜﻢ ا;ﺘﻤﺜﻞ »ﻧﻈﺮﻳﺎً« ﻓﻲ دﺳﺘﻮر ﺑﺎﻟﻴﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﲡﺪﻳﺪه أو ﺗﺮﻣﻴﻤﻪ ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳـﺮ ...وﻣـﻨـﻬـﻢ ﻣـﻦ ً ١٩٢٣ﻫﻴﻜـﻼً ذﻫﺐ إﻟﻰ أن اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺛﻮب ﻓﻀﻔﺎض )اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﻮن واﻟﺴﻌﺪﻳﻮن( ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ذﻫﺐ إﻟﻰ أن اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺛﻮب ﺿﻴﻖ )اﻟﻮﻓﺪﻳﻮن( ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ذاب إﻟﻰ أن اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺧﺮﻗﺔ ﻣﻬﻠﻬﻠﺔ ﻣﻠﻔﻘﺔ ،وان اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أﺳﺲ ﺟﺪﻳﺪة أو إﻟﻰ ﻋﻘﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺟﺪﻳﺪ )اﻹﺧﻮان واﻟـﺸـﻴـﻮﻋـﻴـﻮن( ....ﻓـﺄﺧـﺬت ﺟـﻤـﺎﻋـﺎت ﻣـﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﺑ nا;ﺜﻘﻔ nواﻟﻌﻤﺎل ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻞ وﺳﻂ ﻳﻨﻘﺬ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ )اﻟﻨﺎزﻳﺔ واﻟﻔﺎﺷﻴﺔ( .وﻟﻜﻦ اﻟﻨﺎزﻳﺔ أو اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻋﺠﺰت ﺣﻘﺎً ﻋﻦ اﻟﺘﻐﻠﻐﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺐ ا;ﺼﺮي ﻟﺴﺒﺐ ﺑﺴﻴﻂ وﻫﻮ أن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ أو ﻧﻘﻴﺾ ا;ﻮﺿﻮع ﺑﻠﻐﺔ أﻫﻞ اﳉﺪﻟﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣـﺎ ﻇـﻬـﺮت اﻟـﻔـﺎﺷـﻴـﺔ ﻟﺘﺤﻮل دون اﻧﺘﺸﺎره أو ﻹﺟﻬﺎﺿﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ وﺟﻮد اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ ﻣـﻠـﻤـﻮس)×،(٨ وﻷن اﻟﺒﺮوﻟﻴﺘﺎرﻳﺎ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ وﺣﺪة اﻟﻜﻔﺎح ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟـﺒـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻲ ورﻛﻴﺰﺗﻪ ...ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﲢﺲ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻛﻄﺒﻘﺔ واﺿﺤﺔ ﻣﺤـﺪدة ا;ـﻌـﺎﻟـﻢ... ﻓﺒﻘﻴﺖ ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻤﻬﺎ ﺗﺴﺎﻧﺪ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻓﺪ... وﻟﻜﻦ ﲡﻤﻴﺪ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴـﺔ واﻟـﺪﺳـﺘـﻮرﻳـﺔ ﻣـﻌـﺎً ﺑﺘﻮﻗﻴﻊ ﻣـﻌـﺎﻫـﺪة ،١٩٣٦ﺛﻢ ﺑﻨﺸﻮب اﳊﺮب ،ﻋﻤﻖ اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.(١٦) «... ﻣﺆﺷﺮا ﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﳉﺪﻳـﺪة ً إذا ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺣﺪدﻧﺎ ﻋـﺎم ١٩٣٢ ﻟﺪى اﳉﻴﻞ اﺨﻤﻟﻀﺮم ﻧﻈﺮاً ﻟﺘﻮاﺗﺮ اﻟﺸﻬﺎدات اﻟﺘﺤﻮﻟﻴﺔ ﻓﻲ-ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻣﺎ ﺑﻌﺪه ،ﻓﻠـﺮqـﺎ ﻛـﺎن ﻋـﺎم ١٩٣٦ﻫﻮ اﻟﻌﺎم اﻷﻧﺴـﺐ ﻟـﻠـﺒـﺪء ﻓـﻲ رﺻـﺪ ﻇـﺎﻫـﺮات اﻟﺘﺤﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴـﻌـﻲ أن ﻳـﻜـﻮن ا;ـﻔـﻜـﺮون واﻷدﺑـﺎء أﺳﺒﻖ إﺣﺴﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﻻت .واﳊﺎﺻﻞ أن ﺗﻮاﺗﺮ وﻛﺜﺎﻓﺔ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻨﺬ ١٩٣٦ﻛﻤﺎ ﺳﻴﻔﺘﺢ ،ﺑﻌﺪ ﺑﺮوز ﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮﻳـﺔ ﻣـﻨـﺬ ١٩٣٢ﻳﻨﻬﺾ دﻟﻴـﻼً آﺧﺮ ﻋﻠﻰ إن ﻫﺬه اﻟﻔﺘـﺮة ،١٩٣٢/١٩٣٦/١٩٣٩اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﺴﻨﻮات اﳊـﺮب ،ﻫـﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟـﺘـﻜـﻮﻳـﻨـﻴـﺔ اﳉـﻨـﻴـﻨـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ أﺧـﺼـﺒـﺖ ﻓـﻲ رﺣـﻤـﻬـﺎ ﺑـﺬور اﻟـﺘـﺤـﻮﻻت 60
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
واﻻﲡﺎﻫﺎت اﳉﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺴﻮد ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب ،وان ﻓـﺘـﺮة اﳊـﺮب ذاﺗﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﻮى زﻣﻦ اﺨﻤﻟﺎض واﻟﻮﻻدة ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺒﺬور اﻟﺘﻲ ﲡﺬرت ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﻪ)×.(٩ ﺷﻬﺪت ﻣﺼﺮ ) (١٧اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺿﺪ اﻹﳒﻠﻴﺰ ﻋﺎم .١٩٣٥وﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﺣﺰب اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ )اﻟﻮﻓﺪ( ﻣﻊ اﻟﻘﻮة اﶈﺘﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٣٦إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻛـﺎن ﻣـﺄﻣـﻮﻻً أن ﲡﻌﻞ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ nﻣـﺼـﺮ وﺑـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻴـﺎ »ﻋـﻼﻗـﺔ ﺑـn ﻧﺪﻳﻦ« ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺗﻌﺘﺮف ;ﺼﺮ ﺑﺎﺳﺘـﻘـﻼل ﻣـﺸـﺮوع ﻣـﻦ ﺟـﺎﻧـﺐ واﺣﺪ ﺣﺴﺐ ﺗﺼﺮﻳﺢ ٢٨ﻓﺒﺮاﻳﺮ ،(١٨) ١٩٢٢ﺛﻢ وﻗﻌﺖ ﻣﺼﺮ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ »ﻣﻨﺘـﺮو« ﻋﺎم ١٩٣٧ﺑﺈﻟﻐﺎء ﻧﻈﺎم »اﻻﻣﺘﻴﺎزات« اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟـﻘـﺪzـﺔ وﺗـﺄﻛـﻴـﺪ اﻟـﺘـﺰاﻣـﺎﺗـﻬـﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺑﺸﺄن اﻷﺟﺎﻧﺐ ا;ﻘﻴﻤﺎت ﺑﺄرﺿﻬﺎ أﻣﺎم دوﻟﻬـﻢ .ﻛـﺎن ﻫـﺬا اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﻌﺪ ﻋﻬﺪ دﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺻﺪﻗﻲ ا;ﻤـﺘـﺪ ﺑـ-١٩٣٠ n ١٩٣٥ﻧﻘﻄﺔ »ﻓﺎﺻﻠﺔ« ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ا;ﺼﺮي اﳊﺪﻳﺚ .وﻟﻘﺪ اﻋـﺘـﺒـﺮت ﻓـﺎﺻـﻠـﺔ qﻌﻨﻴ nﻣﺘﻨﺎﻗﻀ nﻣﻦ وﺟﻬﺘﻲ ﻧﻈﺮ ﺟﻴﻠ nﻣﺘﻌﺎﻗﺒ.n أﻣﺎ اﳉﻴﻞ اﺨﻤﻟﻀﺮم ﻓﺎﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﳉﻬﺪه ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ واﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ .وﻛﺎن ﻛﺘﺎب ﻃﻪ ﺣﺴ» nﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ« ١٩٣٨أﺑﺮز ﺻﻮت ﻣﺘﻔﺎﺋﻞ ﲡﺎه ﻫﺬا اﻟﺘﻄـﻮر ،ﺣـﻴـﺚ أﻋـﺎد ﺻـﻴـﺎﻏـﺔ أﻓـﻜـﺎره اﻟـﺘـﺠـﺪﻳـﺪﻳـﺔ »اﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻴﺔ« ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻬﺠﻲ ﻣﻨﻈﻢ اﻧﺼﺐ ﺣﻮل ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻌﻠـﻴـﻢ ،وﻟـﻜـﻨـﻪ ﻃـﺮح ﺑﺎﻟﻮﺿﻮح ذاﺗﻪ ا;ﺴﺄﻟﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻜﻴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ،وﻟﻌﻠﻪ ﻛﺎن آﺧﺮ ﺻﻮت ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻄﺮح اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﳊﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ ،وﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻗﺒـﻮﻟـﻬـﺎ ﻛـﺎﻣـﻠـﺔ qﺜﻞ ﻫﺬه اﳉﺮأة وﻫﺬا اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻀﻲ اﻟـﺮدة اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ-اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺿﺪ أورﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﲡﺎه اﻟﺘﻐﺮﻳﺐ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ اﻟﺼﺮﻳﺢ اﻟﻜﺎﻣﻞ .ﻳﻘﻮل ﻃﻪ ﺣﺴ nﻣـﺘـﺨـﺬاً ﺣﺪث اﺗﻔـﺎﻗـﻴـﺘـﻲ q ١٩٣٦/١٩٣٧ﺜﺎﺑﺔ ﻋﻬـﺪ ﺟـﺪﻳـﺪ ﻟـﻠـﺘـﺼـﺎﻟـﺢ اﳊﻀﺎري اﻟﺪاﺋﻢ ﺑ nﻣﺼﺮ وأورﺑﺎ ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﻬﻰ ﺧﺼﺎﻣﻬﻤﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ..» : اﻟﺘﺰﻣﻨﺎ أﻣﺎم أورﺑﺎ أن ﻧﺬﻫﺐ ﻣﺬﻫﺒﻬﺎ ﻓﻲ اﳊﻜﻢ ،وﻧﺴﻴﺮ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻹدارة، وﻧﺴﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ .اﻟﺘﺰﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻛﻠﻪ أﻣﺎم أورﺑﺎ .وﻫﻞ ﻛﺎن إﻣﻀﺎء ﻣﻌﺎﻫﺪة اﻻﺳﺘﻘﻼل وﻣﻌﺎﻫﺪة إﻟﻐﺎء اﻻﻣـﺘـﻴـﺎزات إﻻ اﻟـﺘـﺰاﻣـﺎً ﺻﺮﻳـﺤـﺎً ﻗﺎﻃﻌـﺎً أﻣﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ ا;ﺘﺤﻀـﺮ ﺑـﺄﻧـﻨـﺎ ﺳـﻨـﺴـﻴـﺮ ﺳـﻴـﺮة اﻷورﺑـﻴـ nﻓـﻲ اﳊـﻜـﻢ واﻹدارة واﻟﺘﺸﺮﻳﻊ? ﻓﻠﻮ ﻫﻤﻤﻨﺎ اﻵن أن ﻧﻌﻮد أدراﺟﻨﺎ وأن ﻧﺤﻴﻲ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ)×; ،(١٠ﺎ وﺟﺪﻧﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺳﺒﻴﻼ ،وﻟﻮﺟﺪﻧﺎ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻋﻘـﺎﺑـﺎ ﻻ ﲡـﺘـﺎز وﻻ ﺗـﺬﻟـﻞ ،ﻋـﻘـﺎﺑـﺎً 61
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻧﻘﻴﻤﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﻷﻧﻨﺎ ﺣﺮاص ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺪم واﻟـﺮﻗـﻲ .وﻋـﻘـﺎﺑـﺎً ﺗﻘﻴﻤﻬﺎ أورﺑﺎ ﻷﻧـﻨـﺎ ﻋﺎﻫﺪﻧﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻧﺴﺎﻳﺮﻫﺎ وﳒﺎرﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﳊﻀﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ« )(١٩ وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻃﺮﻳﻖ »واﺿﺤﺔ ﺑﻴﻨﺔ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻮج وﻻ اﻟﺘﻮاء ،وﻫﻲ :أن ﻧﺴﻴﺮ ﺳﻴﺮة اﻷوروﺑﻴـ nوﻧـﺴـﻠـﻚ ﻃـﺮﻳـﻘـﻬـﻢ ﻟـﻨـﻜـﻮن ﻟـﻬـﻢ أﻧﺪادا ،وﻟﻨﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﺷﺮﻛﺎء ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة ،ﺧﻴﺮﻫﺎ وﺷﺮﻫﺎ ،ﺣﻠﻮﻫﺎ وﻣﺮﻫﺎ ،وﻣﺎ ً )(٢٠ ُﻳﺤﺐ ﻣﻨﻬﺎ وﻣﺎ ﻳﻜﺮه ،وﻣﺎ ﻳﺤﻤﺪ ﻣﻨﻬﺎ وﻣﺎ ﻳﻌﺎب« .أﻣﺎ ا;ﻨﻄﻠﻖ اﳊﻀﺎري ﻟﻬﺬه اﻟﺪﻋﻮة ﻓﻴﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ» :إن اﻟﻌﻘﻞ ا;ﺼﺮي ﻣﻨﺬ ﻋﺼﻮره اﻷوﻟﻰ ﻋﻘﻞ إن ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺸﻲء ﻓﺈ ﺎ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ ا;ﺘﻮﺳﻂ ،وان ﺗﺒﺎدل ا;ﻨﺎﻓﻊ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻓﺈ ﺎ ﻳﺘﺒﺎدﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﺷﻌﻮب اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ ا;ﺘﻮﺳﻂ«).(٢١ وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻟﻌﻘﻞ ا;ﺼﺮي-ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺮاﺑﻄﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ-ﻋﻘﻞ أوروﺑﻲ ﻏﺮﺑﻲ ﻳﺸﺎرك أوروﺑﺎ ﺟﺬورﻫﺎ اﳊﻀﺎرﻳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻴﻮﻧﺎن واﻟﺮوﻣﺎن)×.(١٢ وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﳉﻴﻞ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ اﻹﺻﻼﺣﻲ ا;ﺘﻄﻠﻊ ﻋﺒﺮ ا;ﺘﻮﺳﻂ إﻟﻰ أوروﺑﺎ وﺗﺼﺤﻴﺤﺎ ;ﺴﺎر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ nأوروﺑﺎ ً ً ﺗﻘﺪﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺬي رأى ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫﺪة ١٩٣٦ وﻣﺼﺮ ،أﻣﺎ اﳉﻴﺎد اﻵﺧﺮ)× (١٣ﻓﺴﻴﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل »ا;ﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ« ﻟﻌﻬﺪ 6ﺎﻣﺎ ﻓﻘﺪ» :ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻫﺪة ﺳﻨـﺔ ،١٩٣٦اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪت ﺑn ً ﻣﻘﺒﻞ رأﻳﺎً ﻣﻨﺎﻗﻀـﺎً ﻣﺼﺮ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،واﻟﺘﻲ اﺷﺘﺮﻛﺖ ﻓﻲ ﺗﻮﻗﻴﻌﻬﺎ ﺟﺒﻬﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﺗﻀﻢ ﻛﻞ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ qﺜﺎﺑﺔ ﺻﻚ اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻠﺨﺪﻳﻌﺔ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻮرة ،١٩١٩ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼل ﻣﺼـﺮ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﻠﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺒﺎرة ﻣﻦ ﻋﺒﺎراﺗﻪ ﻳﺴﻠﺐ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻛﻞ ﻗﻴﻤﺔ وﻛﻞ ﻣﻌﻨﻰ« ) (٢٢وﻫﺬا اﳋﻄﺄ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي وﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﺟﻴﻞ ﺛﻮرة ١٩١٩ﺑﻌﻘﺪ ﻣﻌﺎﻫﺪة ١٩٣٦ﺳﺒﻘﻪ اﻧﺤﺮاف أﻛﺒﺮ ﻓﻲ وﺟﻬﺔ اﻟﺴﻴـﺮ واﻟـﺘـﻄـﻠـﻊ-ﻣـﻦ وﺟـﻬـﺔ ﻧـﻈـﺮ ﺛـﻮرة -١٩٥٢ذﻟﻚ »أن اﻟﻘﻴﺎدات اﻟﺜﻮرﻳـﺔ)ﻟـﺜـﻮرة (١٩١٩ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ أن 6ﺪ ﺑﺼـﺮﻫـﺎ ﻋﺒﺮ ﺳﻴﻨﺎء وﻋﺠﺰت ﻋﻦ ﲢﺪﻳﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ،وﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ أن ﺗﺴﺘﺸﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺻﺪام ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﺑ nاﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ وﺑ nاﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« ).(٢٣ إذن ﻓﻬﻲ اﻟﺮﺟﻌﺔ ،ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻻﻧﺘﻤﺎء واﻟﻬﻮﻳﺔ ،ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﻖ ﻋﺒﺮ ا;ﺘﻮﺳﻂ ﻧﺤﻮ »اﻟﺬات اﻷﺧﺮى« اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ا;ﺘﻔﻮﻗﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﺪ اﻟﺒﺼﺮ ﻋﺒﺮ ﺳﻴﻨﺎء ﻧﺤﻮ اﻧﺘﻤﺎء اﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم ﺑﺎﲡـﺎه ﻓﻲ اﻟﻬﻮﻳﺔ ،إﻟﻰ ّ إﻋﺎدة اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺬات )اﻟﻨﺤﻦ( ا;ﺘﺄﺻﻠﺔ اﻟﺮاﺳﺨﺔ. 62
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻷرﺟﺢ أن ا;ﺮاﺟﻌﺔ واﻟﻌﻮدة ﺑﺪأت ﺟﺬورﻫﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﺎﺻﻞ)×(١٤
وﺑﻌﺪه ﺑﻘﻠﻴﻞ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻟـﺘـﺤـﻮﻻت ١٩٣٦ﻣﻘﺼـﻮراً ﻋﻠﻰ اﻟﺮؤﻳـﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻌﻬﺪ اﻟﺜﻮرة ).(٢٤ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ أن ﺗﻮﻗﻴﻊ ً ﻓﻠﻘﺪ ﺑﺪأ اﳉﻴﻞ اﻟﺸﺎب ﻳﻜﺘﺸﻒ ﺷﻴﺌﺎً ﺣﻮﻟﺖ ﻣﻌﺎﻫﺪة ١٩٣٦ﻗﺪ أدى إﻟﻰ »ﲡﻤﻴﺪ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ« ﻷﻧﻬﺎ ّ اﻟﻨﻀﺎل اﻻﺳﺘـﻘـﻼﻟـﻲ إﻟـﻰ أﺳـﻠـﻮب ا;ـﺴـﺎوﻣـﺎت ،وأﻣـﻜـﻦ ﲢـﺪﻳـﺪ اﻻﻧـﻌـﻄـﺎف اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻣﻨﺬﺋﺬ» :دzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﺗﻔﻠﺲ ﻣﻨﺬ ،١٩٣٦ﻓﻼ ﻫﻲ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﲡﺪﻳﺪ ﻓﻠﺴﻔﺘﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺑﺮاﻣﺠﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻛﻞ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺮث ﻫﺬه ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﺮ إﻟﻰ اﻹﻓﻼس اﻟﺘﺎم« ) .(٢٥واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا أن ﻃﻪ ﺣﺴn ذاﺗﻪ ﺳﻴﻌﻮد ﺑﻌﺪ ١٩٤٥ﻟﻴﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ا;ﻌﺬﺑﻮن ﻓﻲ اﻷرض« ﻧﻈﺮة ﺷﺪﻳـﺪة ـﻮﺟﻪ ﺻـﻮب اﻟﺘﺸﺎؤم وﻏﺎﺿﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻨﻈﺎم »اﻟﻠﻴـﺒـﺮاﻟـﻲ« اﻟـﻘـﺎﺋـﻢ ا;ـﺘ ّ ا;ﺘﻮﺳﻂ ﻏـﺮﺑـﺎً ،وذﻟﻚ ﻣﻦ زاوﻳﺔ إﺧﻔﺎﻗﻪ ﻓﻲ ﲢﻘﻴﻖ ﺣﺪ أدﻧـﻰ ﻣـﻦ اﻟـﻌـﺪاﻟـﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻮع اﻵدﻣﻴﺔ ا;ﺮﻳﻀﺔ اﳉﺎﻫﻠﺔ ،اﻟـﺘـﻲ أﺻـﺒـﺢ اﻹﺻـﺮار ﻋـﻠـﻰ اﻟﻘﻮل إﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ-ﺑﺠﺬورﻫﺎ اﳊﻀﺎرﻳﺔ-إﻟﻰ أوروﺑﺎ ،وأن ﻋﻘﻠﻬﺎ ﻋﻘﻞ أوروﺑﻲ، ﺿﺮﺑـﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﺮف اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻄﻮﺑﺎوي .وﺳﺘﻜﺘﻤﻞ ا;ﻔـﺎرﻗـﺔ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﺳـﻴـﺼـﺎدر اﻟﻨﻈﺎم ﻛﺘﺎب ﻫﺬا »اﻟﺪاﻋﻴﺔ« اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ أﺷﺪ ا;ﺘﻔﺎﺋﻠ nﺑﻨﻤﻮه وﺗﻄﻮره ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ).(٢٦ ﻫﺬه اﻟﺘﺤ ّـﻮﻻت ﺳﺘﻜﻮن ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ اﻻﻧﻌﻄﺎف ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ا;ـﺘـﻮﺳـﻂ إﻟﻰ اﻟﺘﺤﺮك ﺻﻮب ﺳﻴﻨﺎء)×.(١٥ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﳉﺬب واﻟﺘﺤﺮك وﺣﻴﺪ اﳉﺎﻧﺐ .ﻓﺎن أرض ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﻣﺼﺮ ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﺗﺸﻬﺪ أﺣﺪاﺛﺎً ﻓﺎرﻗﺔ ذات أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻮازﻳﺔ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ ﺗﺒﺎدل اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺑ nاﳉﺎﻧﺒ nﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﺎﻋـﻞ ﻣـﺘـﻜـﺎﻣـﻞ .ﻓـﻔـﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌـﺒـﻴـﺔ ﻋـﺎم ١٩٣٦ﺿﺪ اﳊﻜﻢ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ أﺷـﺪ ﻋﻨﻔـﺎً ﻣﻦ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻣـﺼـﺮ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎم ذاﺗـﻪ ) .(٢٧وﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌـﺎم واﻓـﻖ رﺟـﺎل »اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻮﻃﻨـﻴـﺔ«-ا;ـﺸـﺎﺑـﻬـﺔ ﳊـﺮﻛـﺔ اﻟـﻮﻓـﺪ ا;ـﺼـﺮي-وا;ـﻜ ّـﻮﻧﺔ ﻣـﻦ اﻟـﺰﻋـﻤـﺎء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳ nذوي اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻌﺼﺮي ،واﻓﻘﻮا» :ﻋﻠﻰ ﻃﻤﺲ ﺧﻼﻓـﺎﺗـﻬـﻢ واﻻﲢـﺎد ﺠﻤﻟﺎﺑﻬﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴ nوﻛﺎﻧﺖ ﻗﻤﺔ ﻣﺠﻬﻮداﺗﻬﻢ ﻫﻲ ا;ﻔﺎوﺿﺎت ﻣﻊ ﺣﻜﻮﻣﺔ »ﺑﻠﻮم« ﻋﺎم ١٩٣٦ﻣﻦ أﺟﻞ إﺑﺮام ﻣﻌﺎﻫﺪة ،ﺗﻼﻫﺎ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ »ﻛـﺘـﻠـﻮﻳـﺔ« ..،وﻟـﻜـﻦ اﻟﺒﺮ;ﺎن اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺟﻴﻼت ﻋﺪﻳﺪة ﻟﻢ ﻳﺼﺎدق ﻋﻠﻰ ا;ﻌﺎﻫﺪة ،ﻓﺘﻘﻮﺿﺖ 63
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﺬﻟﻚ ﺷﻌﺒﻴﺔ اﻟﻜﺘﻠﺔ وﻧﻔﻮذﻫﺎ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻧﺬر اﻗﺘﺮاب اﳊﺮب ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻌﺖ اﺧﺘﻼل اﻟﻨﻈﺎم وﻗﻴﺎم اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ وﻃﻨﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﻗﺒﻴﻞ اﳊﺮب ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﺘﻠﺔ ﻗﺪ ﻏﺪت ﻋﺎﺟﺰة ﻓﻲ ﲡﺮﺑﺘﻬﺎ اﳊﻜﻮﻣﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﻣﻔـﺎوﺿـﺎت ا;ـﻌـﺎﻫـﺪة اﻟﺘﻲ أﺟﺮﺗﻬﺎ ﺑﺎﻧﻬﻴﺎر اﻵﻣﺎل اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،وإ ﺎ اﻧﺘﻬﺖ أﻳﻀﺎً إﻟﻰ اﻹﺧﻔﺎق ﻓﻲ ﻣﻨﻊ ﺿﻴﺎع ﻟﻮاء »اﻹﺳﻜﻨﺪروﻧﺔ« وإﳊﺎﻗﻪ ﺑﺘﺮﻛﻴـﺎ ﻋـﺎم ،١٩٣٩أﻣﺎ ﺳﻠﻄﺘﻬـﺎ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ ﻓﻘﺪ ﺗﻘﻮﺿﺖ ﺑﺴﺒﺐ وﺟﻮد ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻀﺒﺎط وا;ﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ ﺷﺎذا ﻻ ً اﻟﻔﺮﻧﺴﻴ ،nوﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮرﻳﺔ ا;ﺴﺘﻘـﻠـﺔ ﻻ ﺗـﺰال ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ إﻟـﻴـﻬـﻢ أﻣـﺮاً ﻳﻘﺒﻠﻮن ﺑﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺣـ nﺣ ّـﻮﻟﺖ أﻋﻤﺎل اﻟﺸﻐﺐ وﻣﻈﺎﻫﺮات اﳉﻤـﺎﻫـﻴـﺮ وﻗـﺬف ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺸﺒﺎب-ﺷﺒﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ-ا;ﺘﻨـﺎﻓـﺴـﺔ »ﻟـﻸﺣـﺠـﺎر« ﺣـﻮّﻟﺖ اﻟﺸﺎرع إﻟـﻰ ﺟﺤﻴـﻢ« ) .(٢٨وﻗﺪ أدى ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ إﻟﻰ ﺑﺮوز اﻧﺸﻘﺎق ﻓـﻲ اﻟـﻜـﺘـﻠـﺔ اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ وﻇﻬﻮر ﺣﺰﺑ nﻣﺘﻨﺎﻓﺴ nﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎﺿﻬﺎ ﻫﻤﺎ »ﺣﺰب اﻟﺸﻌﺐ« وﻗﺎﻋﺪﺗﻪ ﺣﻠﺐ، و »اﳊﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ« اﻟﻨﺎﻓﺬ ﻓﻲ دﻣﺸﻖ .وﻛﺎن ﻫﺬا اﻻﻧﺸﻘﺎق ﻗﺪ ﺳﺒﻘﻪ ﺗﺼﺪع ﺎﺛﻞ-ﻗﺒﻞ ﺷﻬﻮر-ﻓﻲ ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ ا;ﺼﺮي ﺣﻴﺚ اﻧﻔﺼﻞ ﻋﻨﻪ »اﻟﺴـﻌـﺪﻳـﻮن« ﺑﻘﻴﺎدة أﺣﻤﺪ ﻣﺎﻫﺮ ،ﺎ ﻳﺆﻛﺪ أن ﻫـﺬه اﻟـﺘـﺠـﻤـﻌـﺎت اﻟـﺘـﻘـﻠـﻴـﺪﻳـﺔ ذات اﻟـﺮداء اﻟﻌﺼﺮي ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺘﻨﻈﻴـﻤـﻲ وان ﺗـﺄزﻣـﺎت ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة أﺧﺬت ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ اﻟﻬﺶ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈﺔ ا;ﺴﺘﺸﺮق ﺟﺎك ﺑﻴﺮك ﻣﻦ أن اﻻﻧﺪﻓﺎﻋﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ أي ﻗﻄﺮ ﻋﺮﺑﻲ 6ﻴـﻞ إﻟـﻰ ـﻤﻊ ﻋﺮﻳﺾ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺠﺎﻧﺲ )اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺳـﻮرﻳـﺎ ،اﻟـﻮﻓـﺪ ﻓـﻲ إﻳﺠﺎد ﲡ ّ ﻣﺼﺮ ،اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ ،اﻟﺪﺳﺘﻮري ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺣﻴﺖ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻫﺪﻓﻬﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﳉﺎﻣﻊ ﲢﻘﻴﻖ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،وﻟﻜﻦ ﺳﻮاء ﺟﺎء اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ا;ﻔﺎوﺿﺔ أو اﻟﺜـﻮرة ،ﻓـﺎن ﻫـﺬه اﻟـﺘـﺠـﻤـﻌـﺎت ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺘﺼﺪع وﲢﻞ اﻻﻧﺸﻘﺎﻗﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺸﺨﺼـﻴـﺔ ﻣـﺤـﻞ اﻟـﺸـﻌـﻮر اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﻔﻮي اﻟﺸﺎﻣﻞ ).(٢٩ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ً ورﻏﻢ أن ا;ﻌﺎﻫﺪة اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ا;ﺄﻣﻮﻟﺔ ﻗﺪ أﺧﻔﻘﺖ ً ﻣﺸﺎﺑﻬﺎ أﻗﻞ ﺑﺮﻳﻘـﺎً ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻓـﺈن ﺻـﻮﺗـﺎً »ﻟﻴﺒﺮاﻟﻴـﺎً« ﺳﻮرﻳـﺎً ﻟﺼﻮت ﻃﻪ ﺣﺴ-nوﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺻﻔﻮف ا;ﺘﺤﻤﺴ nﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟـﻮﺣـﺪة- ارﺗﻔﻊ أﻳﻀـﺎً ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘـﺮة داﻋـﻴـﺎً إﻟﻰ ﲡﺎوز ﻇﻮاﻫﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻔـﺮﻧـﺴـﻴـﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ،واﻧﻔﺎذ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﻲ وﺟﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﻘﺎدرة وﺣﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻬﻢ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ودﻋﻤﻬﺎ ،واﺳﺘﻴﺤﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﺤﺮرﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ 64
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﺮاﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺴﺪﺗﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ) .(٣٠ﻫﺬا اﻟﺼﻮت ﻫﻮ ﻛﺘﺎب إدﻣﻮن رﺑﺎط اﻟﺬي ﺻﺪر ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻌـﻨـﻮان Unit Syrienne et Devenir Arabe )اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺴﻮرﻳﺔ واﻟﺼﻴﺮورة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( وﻛﺎن رﺑﺎط ﻗﺪ اﺷﺘﺮك ﻓﻲ ﻣﻔﺎوﺿﺎت ا;ﻌﺎﻫﺪة اﺨﻤﻟﻔﻘﺔ ﻣﻊ ﻓﺮﻧﺴﺎ; وﺑﺮﻏﻢ ﻋﺮوﺑﺘﻪ ووﺣﺪ وﻳﺘﻪ ﻓﺎﻧﻪ ﻗﺼـﺮ ﻣـﻔـﻬـﻮم »اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﻋﻠﻰ آﺳﻴﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ورأى أن ﻣﺼﺮ ﻣﺎزاﻟﺖ ﻣﻨﺸﻐـﻠـﺔ ﺑـﺬاﺗـﻬـﺎ وان ا;ﻐﺮب ﻣﺎزال ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺪﻳﻨﻲ اﳋﺎﻟﺺ ).(٣١ وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻫﺪة ١٩٣٠اﻟﺘﻲ وﻗﻌﻬﺎ اﻟﻌﺮاق ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ-ﺛﻢ دﺧﻮﻟﻪ ﻋﺼﺒﺔ اﻷ ﻣﺴﺘﻘﻼً -١٩٣٢ﻗﺪ رﻣﺰا إﻟﻰ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ اﳊﻘﻠ nاﻟﺪاﺧﻠﻲ واﳋـﺎرﺟـﻲ ،وﺟـﻌـﻼه ﻣـﺜـﺎﻻً ﻳﺤﺘﺬي ﻣﻦ ﺟﺎﻧـﺐ ﻣـﺼـﺮ وﺳﻮرﻳﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻬﻤﺎ ﻋﻦ وﺿﻊ ﺳﻴﺎﺳﻲ ودوﻟﻲ ﺎﺛﻞ ،وأﻛﺪا زﻋﺎﻣﺘﻪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وﺻﺎﻧﺎ ﺣﺪوده اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ )ا;ﻮﺻﻞ( ﻣﻦ اﳋﻄﺮ اﻟﺬي داﻫﻢ اﻹﺳﻜﻨﺪروﻧﺔ ،ﻓﺎن ﻫﺬه ا;ﻜﺎﺳﺐ ،اﻟﺘﻲ ﻣـﺜـﻠّﺖ أﻗﺼﻰ ﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻌﺮش اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ وﺳـﻴـﺎﺳـﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳ ،nﻟﻢ ﺗﻐﻴﺮ ﺗﻐﻴـﻴـﺮاً ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻦ أﺳﺲ ُ اﻟﻌﺮاق اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ واﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ،وﻟﻢ ﲢﺴﻦ ﻣﻦ اﻷﻣﻴﺔ اﻟﻔﻘﻴﺮة .وﻫﻜﺬا ﺟﺎء اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺪﺳﺘﻮري اﻷﺣﺎدي اﳉﺎﻧﺐ وﺿﻊ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ّ وﻟـﻢ ﻳـﺤـﺮك ﻣـﻦ ﺟـﻤـﻮد اﻷوﺿـﺎع ﻓـﻲ اﺠﻤﻟـﺎﻻت اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ واﳊ ـﻀــﺎرﻳــﺔ اﻷﺧﺮى) .(٣٢ﺑﻞ أن اﻟﻌﺮاق ﻓﺎﺟﺄ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺄول اﻧﻘﻼب ﻋـﺴـﻜـﺮي ﻓـﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬه ا;ﺮﺣﻠﺔ )اﻧﻘﻼب ﺑﻜﺮ ﺻﺪﻗﻲ( ،وﻓـﻲ اﻟـﺴـﻨـﺔ اﳋـﺼـﺒـﺔ ﺳـﻴـﺎﺳـﻴـﺎ ،١٩٣٦ﻣﻌﻄﻴﺎً إﺷﺎرة ﻣﺒﻜﺮة ﻟﻠﺪور ا;ﺘﻌﺎﻇﻢ ا;ﻘﺒﻞ اﻟﺬي ﺳﺘﻘﻮم ﺑﻪ »ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ« اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﻗﺪ ﺳﺒﻘﺖ وﺻﺎﺣﺒﺖ ﻫﺬا ﺗﻌﺒﻴﺮا ً اﻻﻧﻘﻼب-اﻟﺬي 6ﻴﺰ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ اﻟﺪﻣﻮي-ﻣﻮﺟﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﺼﻠﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻦ دور اﻟﻌﺮاق اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﻴﺎدي ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ)× ،(١٦واﺳﺘﻤﺮار ﺿﻴﻘﻪ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ،وردة ﻓﻌﻠﻪ ﲡﺎه ﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﺎم ،١٩٣٥/١٩٣٦ وﺑﺪاﻳﺔ ﺗﺄﺛﺮه-ﻣـﻊ ا;ـﺸـﺮق اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻛـﻠـﻪ-ﺑـﺎ;ـﺪ اﻟـﻘـﻮﻣـﻲ ا;ـﺘـﻄـﺮف ﻓـﻲ أ;ـﺎﻧـﻴـﺎ اﻟﻨﺎزﻳﺔ) .(٣٣وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻈﺎﻫﺮات اﳉﺪﻳﺪة ،ﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻲ اﻟﻮزارة اﻻﻧﻘﻼﺑﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﺔ »اﻷﻫﺎﻟﻲ« ذات اﻻﲡﺎه اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ﺑﺰﻋﺎﻣـﺔ ﻛـﺎﻣـﻞ اﳉﺎدرﺟﻲ ) ،(٣٤وﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻣﻼﻣﺤﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻣﻊ »ﻳﺴﺎر« ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ ا;ﺼﺮي ،وﺗﻄﻤﺢ إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻧﻈﺎم اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ ﻳﺠﻤﻊ ﺑ nاﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ واﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ »ﻣـﺮﻛّﺐ« ﻣﺘﻮازن ﻛﺎﻟﺬي ﻃﻤﺢ إﻟﻴﻪ 65
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﻄﺎﻓﻪ اﻟﻔﻜﺮي ،ﻣﻊ اﻫﺘﻤﺎم ﺧﺎص ﺑﺄوﺿﺎع اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻔﻘﻴﺮة واﻟﻌﻤﺎل) .(٣٥وﻟﻌﻠﻬﺎ ا;ﺮة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ذات ﻣـﻴـﻮل اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ إﻟﻰ ا;ﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﳊﻜﻢ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘـﺮة ا;ـﺒـﻜـﺮة )ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي اﻗﺘﺮب ﻓﻴﻪ اﳊﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﺴﻮري ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻜـﺘـﻠـﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﻋﻬﺪ ﻗﻴﺎم اﳉﺒﻬﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ اﳊﺎﻛﻤﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻳﻐﻴﺮ ﻣﻦ إﻃﺎر اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﺋﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ zﺜﻞ .(١٩٣٦ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬا اﻻﻧﻘﻼب ﻟﻢ ّ ﺧﻄﻮة ﻟﺘﺤﺴﻴﻨﻪ .ﻛﺎن ﺗﻌﺒﻴﺮاً ﻋﻦ اﻷزﻣﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻼً ﻟﻬﺎ ،واﻧﺤﺼـﺮت أﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺆﺷﺮاﺗﻪ ا;ﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ اﳋﻄﻴﺮة. وإذا ﻛﺎن ﻋـﺎم ١٩٣٦ﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﻫـﺬا اﻻﻧـﻌـﻄـﺎف ﻓـﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ ﻛـﻞ ﻣـﻦ ﻣـﺼـﺮ وﺳﻮرﻳﺎ واﻟﻌﺮاق ﻓﺎﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄ nﻋﺎم ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻨﻜﺒﺔ واﻟﻜﺎرﺛﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ وﺟﻮدﻫﺎ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،وﻟـﻦ ﻳـﻜـﻮن ﻋـﺎم -١٩٤٨اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻋﺎدة ﻋـﺎم اﻟـﻨـﻜـﺒـﺔ-إﻻ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻘﻴﺎم إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﻫﺰzﺔ اﳊﻜﻮﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺟﻴﻮﺷﻬـﺎ .أﻣـﺎ وﺣﺴﻢ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄ nاﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا;ﺎﻟﻜﺔ ﻟﺰﻣﺎم أﻣﺮﻫﺎ ﻓﻘﺪ ¬ ﺿﺮﺑﻬﺎ ُ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ا;ﺒﻜﺮة أﻳﻀﺎً .١٩٣٩-١٩٣٦ﻳﺆرخ ﻏﺴﺎن ﻛﻨﻔﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻋﺎﻧﻰ ﺗﻄ ّـﻮر ﻗﻀﻴﺔ ﻓﻠﺴﻄ-nﻣﻦ اﻟـﺪاﺧـﻞ-ﻓـﻜـﺮاً واﻧﺘﻤﺎء» :ﻓﻲ اﻋﺘﻘﺎدي ﺑﺄن ﻫـﺰzـﺔ ﻋـﺎم ١٩٤٨ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﳊﻠﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ? وأرﻳﺪ أن أﺷﺪد ﻋـﻠـﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﺰzﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻴﺖ ﺑﻬﺎ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ً اﻟﻘﻮل أن اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺑﺪأت ﻋـﺎم ١٩٣٦ﻓﻲ ﻓﻠﺴـﻄـ .nوﻣـﺎ ﺣـﺪث ﻋـﺎم ١٩٤٨ﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠـﺔ ﻟـﺘـﻠـﻚ اﻟـﻬـﺰzـﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن دراﺳﺔ ﺛﻮرة ١٩٣٦أﻣﺮ أﺳﺎﺳﻲ« ).(٣٦ وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻘﻠﻖ اﻟﻌﻤﻴﻖ اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻤﺎ ﻳﺘﺒﻠﻮر ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄ nﻣﻦ ﺧﻄـﺮ وﻣـﻦ ﻫﺰzﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻣﺤﻘﻘﺔ ﻓﻲ ﻃﻠﻴﻌﺔ أﺳﺒﺎب اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ا;ﺘﺰاﻣﻨﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺜﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ) (٣٧إذ أدرﻛﺖ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺤﺪﺳﻬﺎ ﻣﻐﺰى اﻟﺘﺤـﺪي ا;ـﻘـﺒـﻞ-وﻫـﻲ ﺗـﻌـﺎﻧـﻲ ﻣـﻦ ﻋـﺐء ﲢـﺪ ﻗـﺪ ﻣﻘﻴﻢ-ﻓﺎﻧﻌﻜﺲ ﺗﺮاﻓﻖ اﳋﻄﺮﻳﻦ واﻧﺪﻣﺎﺟﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﻏﺮﺑﻲ ﻣﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ،ﻓﻲ ردات ﻓﻌﻞ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻬﺰzـﺔ ﺳـﺎﻓـﺮة اﻟﻮﺟﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ .١٩٤٨ إن ﺗﺮاﻓﻖ ﻫﺬه اﻻﻧﻌﻄﺎﻓﺎت ا;ﺘﺰاﻣﻨﺔ ﻓﻲ أﻗﻄﺎر »اﻟﺜﻘﻞ« اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﺸﻜﻼﺗﻪ ﻣﻨﻔـﺮداً ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻳﺪل ﻋﻠﻰ واﺣﺪا ﻛﺎن ﻳﻨﻐﺮس و ﻳﺘﺠﺬر ﻓﻲ ا;ﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا;ﺘﻘـﺪﻣـﺔ ً أن ﲢﻮﻻً ﻋﻤﻴﻘـﺎً 66
اﺧﻔﺎق اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ،ﻟﺘﺴﺘﻌﻴﺪ وﺣﺪة ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻌﺪ أن ﲡﺰأت ﲡﺎرﺑﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻣﺮوراً ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ،وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﺮب ﻗﺪ وﺟﺪوا ﻓﻲ اﻟﺼﺪع اﻷورﺑﻲ-ﺑ nاﻟﻨﺎزﻳﺔ واﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ-ﻓﺮﺻﺔ ﻹﻇﻬﺎر رﻏﺒﺎﺗﻬﻢ وآﻣﺎﻟﻬﻢ اﳊﺒﻴﺴﺔ ا;ﻜﺒﻮﺗﺔ ،ﻓﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﳊﻘﻴﻘﻲ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻠﺘﺤﻮل ﻟﻴﺲ اﻟﺼﺮاع اﻷورﺑﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ ،وإ ﺎ ﻫﻮ إﺧﻔﺎق »اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ« اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ اﻟﻐﺮب-ﺑﺄﺷـﻜـﺎﻟـﻬـﺎ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﻴـﺔ وﺷـﺒـﻪ اﳊـﻀـﺎرﻳـﺔ-ﻓـﻲ ﺗـﻠـﺒـﻴـﺔ اﳊـﺎﺟـﺎت واﻷﺷــﻮاق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ) ،(٣٨اﻟﺬي ﻋﺎد إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺟﺬوره وﻫﻮﻳﺘﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻓﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻐﺮب ﺗﻐﻴﻴﺮ وﺟﻬـﻪ وﻗﻠﺒﻪ ﻓﻲ ﻫﺰاﺋﻢ-ﻣﺎدﻳﺔ وﻣﻌﻨﻮﻳﺔ-ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن ا;ﺎﺿﻲ ،وﺟﺎءت اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﻜﻮن ﻓﺮﺻﺔ ﻻ ﺳﺒﺒﺎً ﻟﺮﻓﺾ اﻟﺘﺴﻠﻂ اﻷورﺑﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﳊﻀﺎري، ذﻟﻚ اﻟﺮﻓﺾ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﺮاﻛﻢ و ﻳﻨـﻤـﻮ ﻣـﻨـﺬ ﺑـﺪء اﻟـﻌـﻬـﻮد اﻷوﻟـﻰ ﻟـﻼﺣـﺘـﻼل وﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﺘﺤﺪي اﻟﻜﻴﺎﻧﻲ اﻟﻌﻘﻴﺪي ).(٣٩ وإذا ﻛﺎن اﻟﺘﺤﺪي )اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ( اﳉﺪﻳﺪ اﻟﺬي اﺧﺘﻠﻖ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﺿﻤﺤﻼل اﻟﺴﻄﻮة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺿﻤﺎﻧـﺎً ;ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻨﻔﻮذ واﻟﻮﺟﻮد اﻟﻐﺮﺑﻴ nﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺒﻘﻌـﺔ اﳊﺴﺎﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟـﻢ ) (٤٠ﻗﺪ أﺛﺎر ردود ﻓﻌﻞ ﻋﻔﻮﻳﺔ وﻏﺮﻳﺰﻳﺔ ﻟﺪى اﻟـﺸـﻌـﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ) ،(٤١ﻓﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻔﻜﺮي ﺗﺮك آﺛﺎراً أﺑﻌﺪ واﺳﺘﺜﺎر اﺳﺘﺠﺎﺑﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ .إذ »أن إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺟﺎءت ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ زادت ﻣﻦ ﺗﺸﺘﺖ اﻟﻌﺮب اﻟﻔﻜﺮي ،ﻓﻬﻲ-ﺑﻜﻴﺎﻧﻬـﺎ اﻟـﻐـﺮﻳـﺐ ا;ـﻌـﻘـﺪ اﻟـﺬي ﻳـﺤـﻤـﻞ ﻇـﻼﻻً ﺷﺘﻰ ﺗـﺒـﺪأ ﻣـﻦ اﻷﺳﻄﻮرة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام أﻋﻘﺪ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﳊﺪﻳﺚ-أدت إﻟﻰ ردود ﻓﻌﻞ ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻓﺎﻟـﺬﻳـﻦ رأوا ﻣـﻦ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ ﺟـﺎﻧـﺒـﻬـﺎ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻄﻮرة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﺟﺪوا أن اﻟﺪﻓﺎع ﺿﺪﻫﺎ ﻳـﻜـﻮن ﻓـﻲ اﻟـﺮﺟـﻮع إﻟﻰ ا;ﺎﺿﻲ ،واﻋﺘﺒﺮوا إن ﺗﺴﻠﻞ اﻷﻓﻜـﺎر اﳉـﺪﻳـﺪة إﻟـﻰ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ ﻛـﺎن ﺳـﺒـﺐ اﻟﻬﺰاﺋﻢ. واﻟﺬﻳﻦ رأوا ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﳊﺮﻳﺎت اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ وﺗﻌﺪد اﻷﺣﺰاب ﻗﺎﻟﻮا :إن اﳊﻞ ﻓﻲ اﻷﺧﺬ ﺑـﺎﻟـﻠـﻴـﺒـﺮاﻟـﻴـﺔ اﻷورﺑـﻴـﺔ ،واﻟـﺬﻳـﻦ رأوا إن اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻫﻮ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ اﻟﻌﻀﻮي ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻌﺎ;ﻲ )(٤٢ ﻗﺮروا أن اﳊﻞ ﻫﻮ اﻟﺜﻮرة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺑﻞ واﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ. واﺣﺪة .إن أول ﻣـﺎ ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟـﺎت ﻟـﻦ ُﺗﺴﺘﺨﻠﺺ ﻛﻠﻬـﺎ دﻓـﻌ ًـﺔ ً ﺳﻴﺒﺪو ﻣﻦ اﳋﻄﺮ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﺟﺎﻧﺒﻪ اﻟﺪﻳﻨﻲ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ 67
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ واﻟﺘﻐﺮﻳﺐ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺬي ازدوج وﺟﻬﻪ اﻟﺼﻠﻴﺒﻲ اﻟﻘﺪ ﺑﻮﺟﻬﻪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري واﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻲ اﳉﺪﻳﺪ )ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﻫﺬا اﻟﺸﺮق( )،(٤٣ وﻛﺎن ﻃﺒﻴﻌﻴﺎً أن ﻳُﺮﺑﻂ اﳋﻄﺮ اﻟﻴﻬﻮدي اﳉﺪﻳﺪ ﺑﺎ;ﻮﺟﺔ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴـﺔ، ً ﻗﻮﻣﻴﺎ ً دﻳﻨﻴﺎ أو ً إﺳﻼﻣﻴﺎ ً ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن راﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ اﻷول ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ)×.(١٧ وإذا ﻛﺎن ﻛﻴﺎن ﻣﻌﺎد ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﻗﻲ ﻗﻠﺐ ا;ﻨﻄﻘﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس دﻳﻨﻲ ﻗـﺪ ،وإذا ﻛﺎن ﻛﻴﺎن ﻣﺼﺎدق آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻫﻮ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ا;ﺴﻠﻤـﺔ ) ،(١٩٤٧ﻗﺪ أﺛﺒﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎ وﺟﺎﻫﺔ »اﻻﻧﺘﻤﺎء« اﻟﺪﻳﻨﻲ ورﻓﺾ اﻟﺼـﻴـﻐـﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﻘﻮﻣﻲ ا;ﺘـﻨـﻮع اﻟـﺬي ﻃُﺮح ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﻘﺎرة اﻟﻬﻨـﺪﻳـﺔ )،(٤٤ وإذا ﻛﺎن اﻟﻐﺮب ا;ﺴﺘﻌﻤﺮ qﺴﻠﻜﻪ اﻟﻌﻤﻠﻲ ﻳﻌﻄﻲ ا;ﺒﺮرات ﻟﻼﻗﺘﻨﺎع ﺑﺼﻠﻴﺒﻴﺘﻪ وﺗﺒﺸﻴﺮﻳﺘﻪ ،رﻏﻢ رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ا;ﻌﻠﻨﺔ )ﺑﻞ إن ﻫﺬه اﻟﻌـﻠـﻤـﺎﻧـﻴـﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻳﻀﺎ ﻣﺼﺪر رﻳﺒﺔ ﻋﻤـﻴـﻘـﺔ( ) ،(٤٥ﻓﻬﻞ ﻛﺎن zﻜﻦ ،واﳊﺎﻟﺔ ﻫـﺬه، ﻟﻺﺣﻴﺎء اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ أن ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑ nاﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم ﻣﻦ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻛﻴﺎﻧﻲ ،وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑ nاﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺗﺮاﺑﻂ ﻋﻀﻮي ﻓﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ )??(٤٦
68
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
3رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة ﺗﺴﻴﻴﺲ اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻹﺳﻼم-ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ اﻟﻌﻘﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ-ﻧﻈﺎم ﻛﻠّﻲ ﺷﻤﻮﻟﻲ ﻻ ﻳﻔﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ أن اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻟﻴﺴﺖ ﺛﻤﺔ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ا;ﺴﻠﻢ ﻻ ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺸﺮﻳﻊ أو اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ .إﻻ إن ﻫﺬه »اﳊﻘﻴﻘﺔ« ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﺘﺤﺪﻳﺎت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ ﺑﺄزﻣﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲡﺰأت دوﻟﺔ اﳋﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻗﺎﻣﺖ ﺳﻠﻄﻨﺎت و ﺎﻟﻚ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻘﻮة وﺿﺮوراﺗﻬﺎ اﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳﺘﻨﺎدﻫﺎ إﻟﻰ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻬﺎ. وﻟﻜﻦ ﺑﺮﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﺑﻘﻴﺖ اﻟﻮﺣﺪة ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟـ »دار وﺣﻀﺎرﻳﺎ ،وﺳﻴﺎﺳﻴﺎً إﻟﻰ ً اﻹﺳﻼم« ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺿﻤﻴﺮﻳﺎً ﺣﺪ ﻣﺎ ،و ﺑﻘﻲ اﳋﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻳﺮﻣﺰ ﻟﻮﺣﺪة اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻨﻲ ،ﺣﺘﻰ إن ﺳﻼﻃ nا;ﻤﺎﻟﻴﻚ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﳊﺎﺟﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻟﻨﻘﻞ ﻣﺮﻛﺰه إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻟﻴﻀﻔﻲ »اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ« ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﻬﻢ ،ﺛﻢ اﺳﺘﻤﺮت ﻫﺬه اﻟﻮﺣﺪة ﺑﺨﻀﻮع اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وأﺟﺰاء إﺳﻼﻣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ. وﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳـﺚ ،ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ اﺷـﺘـﺪ اﻟـﻀـﻐـﻂ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻋـﻠـﻰ اﻹﺳــﻼم ،ﺟــﺮت ﻣ ـﺤــﺎوﻻت ﻹﺣ ـﻴــﺎء اﳋﻼﻓﺔ وإﻋﻄﺎﺋﻬﺎ اﻣﺘﺪاداً إﺳﻼﻣﻴﺎ ﺷﺎﻣﻼً ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺣﺪود اﻟﺴﻠﻄﻨﺔ اﻟـﻌـﺜـﻤـﺎﻧـﻴـﺔ ،و¬ إﻋـﻼن اﻟـﺴـﻠـﻄـﺎن 69
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﺴـﻠـﻤـ .(١) nوﻟﻘﺪ ﻧﺸﺄت أزﻣﺔ ﺿﻤﻴﺮﻳﺔ دﻳﻨﻴﺔ وﺷـﺮﻋـﻴـﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻟﻐﻴﺖ اﳋﻼﻓـﺔ) (٢)،ﺳﻨـﺔ (١٩٢٢و¬ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑـﻲ إﻟﻰ دوﻳﻼت »وﻃﻨﻴﺔ« ﺣﺴﺐ ا;ﻔﻬﻮم اﻟﻌﺼﺮي .إذ ﻗﺎم ﺗﻌﺎرض وﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑـn اﻹ ﺎء اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﻌﻘﻴـﺪي»-اﻟـﺸـﺮﻋـﻲ« اﻟـﻘـﺪ -ﻟـﺪار اﻹﺳـﻼم وﺑـ nاﻟـﻮﻻء ا;ﻔﺘﺮض ﻟﻠﻮﻃﻦ اﶈﻠﻲ اﶈﺪود ،ﺑ nاﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﳉﻤﺎﻋﺔ أو »اﻷﻣﺔ« ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة وﺑ nاﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻷرض ﻣﺤﺪدة .وﻟﻢ ﺗﺴﻤﺢ اﺨﻤﻟﻄﻄﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﻈـﻬـﻮر ﺣﺲ ﻻﻧﺘﻤﺎء وﺷﻌﻮر اﻟﻮﺣﺪة وﲢﻘﻴﻖ اﻟﺬات ﻛﻴﺎن ﻋﺮﺑﻲ ﺑﺪﻳﻞ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻠﻌﺮب ّ ﺗﻌﻮﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻓﻘﺪان اﻟﻬﻮﻳﺔ اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ).ﻟﺬﻟـﻚ ارﺗـﺪ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻋـﻤـﻠـﻴـﺎً ﻟﻮﻻﺋﻪ اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ اﻟﻌﺸﺎﺋﺮي ،أو ا;ﺬﻫﺒﻲ اﻟﻄﺎﺋـﻔـﻲ ،أو اﻹﻗـﻠـﻴـﻤـﻲ اﶈـﻠـﻲ ،وﻟـﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ اﻟﻮﻻء اﻟﻮﻃﻨﻲ(. ﺟﻬﺎدﻳﺎ إﻟﻰ ً ً إﺳﻼﻣﻴﺎ وﻇﻠﺖ اﻟﺜﻮرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا;ﻀﺎدة ﻟﻠﻐﺮب ﺗﺘﺨﺬ ﻃﺎﺑﻌﺎً ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﳊﺮب اﻷوﻟﻰ ،ﻛﺜﻮرة ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ ) ،(١٨٤٧-١٨٣٢واﻟﺜﻮرة ا;ﻬﺪﻳﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺴـﻮدان ) (١٨٩٨-١٨٨١واﻟﺜﻮرة اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻓـﻲ ﻟـﻴـﺒـﻴـﺎ )(١٩١٧-١٩١٢ وﺣﺮﻛﺔ اﳊﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ) ،(٣) (١٩٠٨-١٩٠٥إﻻ أﻧﻬﺎ ﻣﻊ ﺳﻨﻮات اﳊﺮب اﻟﻌﻈﻤﻰ وﺑﻔﻌﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻣﺆﺛﺮات اﻟﺘﻄﻮر اﳊﺪﻳﺚ ،وﺗـﺴـﺮب اﻟﻀﻌﻒ ﺛﻢ اﻻﻧﻬﻴﺎر ﻟﻠﻜﻴﺎن اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳉـﺎﻣـﻊ ،ﺑـﺪأت ﺗـﺘـﺨـﺬ ﻃـﺎﺑـﻌـﺎً ﻋﺮﺑﻴـﺎً وﻣﺤﻠﻴﺎ ،وﻟﺮqﺎ ﺑﻘﻲ اﻹﺳﻼم ﻋﻨـﺼـﺮاً ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳـﻌـﺪ ً ووﻃﻨﻴـﺎً ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ ا;ﻤﻴﺰ وا;ﻬﻴﻤﻦ .ﻳﻨﻄﺒﻖ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻮرة اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﺠﻤﻟـﺎز ،١٩١٦ واﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ ،١٩١٩وﺛﻮرة اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ١٩٢٠واﻟﺜﻮرة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ .١٩٢٥و ﻳﻼﺣﻆ ا;ﺆرخ ﺑﺮﻧﺎردﻟﻮﻳﺲ اﻧﻪ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٩٢٠ﺗﻘﺮﻳﺒـﺎً» :ﻛﺎن اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻮﻻءات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻵراء وا;ـﻄـﺎﻣـﺢ وا;ـﺼـﺎﻟـﺢ ﻏـﺮﺑـﻲ اﻟﻄﺎﺑﻊ ،وﻗﺎم ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸـﺮت ﺑـﺮاﻣـﺠـﻬـﺎ وﻛﺴﺒﺖ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ا;ﺆﻳـﺪﻳـﻦ« ) .(٤وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻀﻴﻒ» :وzﻜﻨﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈـﺔ ﺑـﺪء زﻳﺎدة اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣـﺎ ﺑـ ...١٩٤٠ -١٩٣٠ nوﺑﺎﻧﺘﻬﺎء اﳊـﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺮاﺧﻲ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٤٥ﺑﺮزت ﻓﺠﺄة وﺑﺼﻮرة ﻗﻮﻳﺔ واﺳﻌﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،اﻟـﺘـﻲ ﻋ ّـﺒﺮت ﻋﻦ رادﻳﻜﺎﻟﻴـﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ »اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ« و »اﳊﺸﺎﺷ «nإﻟﻰ ﻋﻬﺪ ﺷﺎﻣﻞ داﻏﺴﺘﺎن وﻣﻬﺪي اﻟﺴﻮدان« ).(٥ وﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﺆرخ إﺳﻼﻣﻲ ﺳـﻠـﻔـﻲ ﺑـﺪت ﺻـﻮرة اﻟـﺘـﺮاﺟـﻊ أوﻻ ﺑـﻬـﺬا 70
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
اﻟﺸﻜﻞ6» :ﺨﻀﺖ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻷوﻟﻰ وﻣﺎ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺗﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻠﺒﺎت ﻋﻦ أﺧﻄﺮ ﻇﺎﻫﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻹﺳﻼم وا;ﺴﻠﻤ ،nﻓﻠﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺣﻴـﺎﺗـﻬـﻢ ﺳﻘﻄﺖ اﳋﻼﻓﺔ ﺑﻌﺪ أن اﺗﺼﻠﺖ ﺣﻠﻘﺎﺗﻬﺎ ﺧﻼل ﺛﻼﺛـﺔ ﻋـﺸـﺮ ﻗـﺮﻧـﺎ وﻧـﺼـﻒ ﻗﺮن ،ﺗﻨﻘﻞ ﻣﺮﻛﺰ اﳋﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴـﺔ ﻓـﻼ ﺑـ nﻋـﻮاﺻـﻢ اﻟـﺒـﻼد اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻇﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال رﻣﺰاً ﻟﻠﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﲡﻤﻊ ﺑ nا;ﺴﻠﻤn ﻓﻲ ﺷﺘﻰ ﺑﻘﺎع اﻷرض. وﻇﻠﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺄﻣﺮ اﳋﻼﻓﺔ ﻣﻜﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ا;ـﺴـﻠـﻤـ nﺑـﺮﻋـﺎﻳـﺔ ﺷﺆوﻧﻬﻢ وإﺳﻌﺎف ﻣﻨﻜﻮﺑﻬﻢ واﻷﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﺿﻌﻴﻔﻬﻢ وإﻗﺎﻣﺔ ﺷﺮﻳﻌﺔ دﻳﻨﻬﻢ وﺷﻌﺎﺋﺮه، وﻛﺎﻧﺖ دوﻟﺔ اﳋﻼﻓﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﻮاﺟﺒﻬﺎ ﻛﺎﻣﻼً أو ﺗﻔﺮط ﻓﻴﻪ وﺗﺘﺴﺎﻫﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻪ ﺣﺴﺐ اﻟﻈﺮوف واﻷﺣﻮال .ﺛﻢ إن اﳊﺮب اﻷوﻟﻰ ﻗﺪ ﺗﻜﺸﻔﺖ ﻋﻦ وﻗﻊ اﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻼد ا;ﺴﻠﻤ nﲢﺖ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻟﻢ ﻳـﻌـﺪ ﺑـ nاﻟـﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ دوﻟﺔ واﺣﺪة 6ﻠﻚ أﻣﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،أو ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﺸﺆوﻧﻬـﺎ. أﻣﺎ ﺗﺮﻛﻴﺎ-ﻣﻘﺮ اﳋﻼﻓﺔ اﻟﺰاﺋﻠﺔ-اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ اﻟﻈﺮوف ﺑﺄن ﲢﺘﻔﻆ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﻘﻮة واﻻﺳﺘﻘﻼل ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻒ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﳋـﻼﻓـﺔ ،ﺑـﻞ اﻧـﺴـﻠـﺨـﺖ ﻣـﻦ إﺳﻼﻣﻬﺎ-أو ﻛﺬﻟﻚ أرادت ﻟﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﺎ-ﺑﻞ ﻟﻘﺪ أﻣﻌﻨﺖ ﻓـﻲ اﺳـﺘـﺪﺑـﺎر اﻟـﺪﻳـﻦ ﺣﺘﻰ ﺣﺎرﺑﺖ ﺑﻜﻞ ﻗﺴﻮة أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻰ إﺣﻴﺎء ا;ﺒﺎد ¤اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ«)...(٦ أﻣﺎ ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺣﻴﺎء اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪي ﻓﺘﺒﺪو ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟـﻲ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ..» :ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ-واﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻨﻪ ﺧﺎﺻﺔ- أن اﺟﺘﺎﺣﺘﻪ ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻋﺮ ،وﻣﻦ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﳋﻄﺮ دﻋﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻤﺎﺳـﻚ واﻟﻰ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻨﺪاء اﻟﺪاﻋـ nإﻟـﻰ اﳉـﺎﻣـﻌـﺔ اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ ،وذﻟـﻚ ﻋـﻠـﻰ اﺛـﺮ اﺷﺘﺪاد ﺣﻤﻼت اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ ﻓﻲ رﺑﻮﻋﻪ ،وﻋﻠﻰ أﺛﺮ ﻣﺎ ﺗﻮاﻟﻰ ﻣﻦ أﻧﺒﺎء ﻣﺤﺎوﻻت ﻓﺮﻧﺴﺎ اﻟﺴﺎﻓﺮة ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم وﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، وﺟﺮاﺋﻤﻬﺎ وﺟﺮاﺋﻢ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ )ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ( ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﺰﻋﻤﺎء ا;ﺴﻠﻤn ﺗﻨﺒﻪ ا;ﺴﻠﻤ nإﻟﻰ ا;ﻄﺎﻟﺒ nﺑﺤﺮﻳﺔ ﺑﻼدﻫﻢ ،وأﻋﺎن ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺚ اﳊﻤﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ّ ﺧﻄﺮ اﻟﻴﻬﻮد واﺷﺘﺒﺎﻛﻬﻢ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك داﻣﻴﺔ ﻣﻨﺬ (٧) «١٩٢٩ وﻳﻼﺣﻆ ﺟﻮن س .ﺑﺎدو )رﺋﻴﺲ اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺳﺎﺑﻘـﺎً( اﻟﺬي ﻋﺎش ﻋﺪة ﺳﻨ nﻓﻲ ﻣـﺼـﺮ واﻟـﻌـﺮاق ..» :ﻓـﻲ ﻣـﻌـﻈـﻢ أﻗـﻄـﺎر اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳﻂ ﻗﺒﻞ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ...ﻛﺎن اﻻﲡـﺎه ﻧـﺤـﻮ اﻟـﻌـﻠـﻤـﺎﻧـﻴـﺔ وﻧـﺤـﻮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﻘﺮن ﺑﺎﶈﺎﻓﻈ nوا;ﺘﺤﺠﺮﻳﻦ ً اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ..وﻛﺎن اﻟﺪﻳﻦ 71
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺑﻮن اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺴﻴﺮ ﻣـﻊ اﻟـﺮﻛـﺐ ،ﻓـﺈذا ﻟـﻢ ﻳـﺴـﺘـﻄـﻊ ﲢـﻘـﻴـﻖ اﻟـﺘـﻘـﺪم )ﺑﻌﻴﺪ اﳊﺮب( اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ qﻌﺎوﻧﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺟﺐ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﺑﺪوﻧﻪ ..واﻟﻴﻮم ُ إذا ﻣـﺮر¬ ﺧـﻼل اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳــﻂ ،وﻧ ـﻈــﺮ¬ ﻧ ـﻈــﺮة 6ـﺤ ـﻴــﺺ وﺗــﺪﻗ ـﻴــﻖ، ﺎﻻ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة ،ﻓﻲ ﺣـn ﻓﻌ ً ﻓﺴﺘﺠﺪون ..أن اﻟﺪﻳﻦ أﺧﺬ ﻳﻨﺒﻌﺚ وﻳﺘﺒﻮأ ﻣﺮﻛﺰاً ّ ﻛﺎن ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻗﺒﻞ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺎن اﻧﺒﻌﺎث اﻟﺪﻳـﻦ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ أﻣﺮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ...إن اﻟـﺪﻳـﻦ ﻟـﺴـﺒـﺐ ﻣـﻦ اﻷﺳـﺒـﺎب ﻗـﺪ ﻋـﺎد إﻟـﻰ ﻣﺴﺮح اﳊﻮادث ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ ،(×)١٩٣٩وان اﻻﲡﺎه اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ﻗﺪ ﺧﻔﺖ ﻏﻼؤه ،وﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﻟﻺﺳﻼم ﺗﻔﻜﻚ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻨـﺘـﻈـﺮا .وﻋـﻠـﻴـﻨـﺎ اﻟﻴﻮم أن ﻧﺄﺧﺬ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌ nاﻻﻋﺘﺒﺎر وﻧﻌﻴﺮه ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻛﺜﺮ ﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻔﻌـﻞ ﻗﺒﻞ اﳊﺮب .وﻟﻮ اﻗﺘﺼﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎره ﻋﺎﻣﺔ اﺟﺘﻤـﺎﻋـﻴـﺎً« ،وﻳﺨﻠﺺ إﻟـﻰ اﻟﻘﻮل إن اﻹﺣﻴﺎء اﻟﺬي ﻳﻘﺼﺪه ﻟﻴﺲ ﻋـﻘـﻴـﺪﻳـﺎً ﻓﻜﺮﻳـﺎً)-إذ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث اﻧﺒﻌـﺎث ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﻨﻈﺮه ﻓﻲ ﻫﺬا اﳉﺎﻧﺐ(-وإ ﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ» :إﺣﻴﺎء ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻛﻌﺎﻣﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻛﺤﺰب ﺳﻴﺎﺳﻲ وﻛﺠﺰء ﻣﻦ ﻛﻴﺎن اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ .وﺣﻴﺜﻤﺎ ﲡﺪون اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻨﺸﺎط ..ﻓﺴﺘﺠﺪوﻧﻪ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ« ).(٨ وﻳﺴﺠﻞ ﻋﺒﺎس ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻌﻘﺎد ﺟﺎﻧﺒﺎً آﺧﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ،وﺑﻌﻜﺲ ج. ﺧﺼﺒﺎ .ﻛﺘﺐ ﻳﻘﻮل ﻓﻲ أﻏﺴﻄﺲ :١٩٣٥ ً ً ﻓﻜﺮﻳﺎ س .ﺑﺎدو ،ﻓﺎﻧﻪ ﻳﺮى ﻟﻬﺎ ﺟﺎﻧﺒﺎً »ﻧﺤﻮ ﻋـﺸـﺮﻳـﻦ ﻛـﺘـﺎﺑـﺎً ﺻﺪرت ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ أﻗـﻞ ﻣـﻦ ﻋـﺎم ،ﻣـﻦ أﺷـﻬـﺮﻫـﺎ )اﻹﺳﻼم واﳊﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ﻟﻜﺮد ﻋﻠﻲ ،و )ﺿﺤﻰ اﻹﺳﻼم( ﻷﺣﻤﺪ أﻣ ،nو )ﺣﻴﺎة ﻣﺤﻤﺪ( ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻫﻴﻜﻞ ،و )اﻹﺳﻼم واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ( ;ﺘﺮﺟﻤﻪ ﻋﺒﺎس ﻣﺤﻤﻮد)×(٢ )ﻳﻘﺼﺪ ﻛﺘﺎب ﺷـﺎرﻟـﺰ آدﻣـﺰ (Islam and Modernism in Egyptو )ﻋﻠﻰ ﻫـﺎﻣـﺶ اﻟﺴﻴﺮة( ﻟﻄﻪ ﺣﺴ ،nو )اﻟﺸﺮق اﻹﺳﻼﻣﻲ( ﳊﺴ nﻣـﺆﻧـﺲ ،و )ﻣـﻦ أﺧـﻼق اﻟﻌﻠﻤﺎء( ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎن ،و )ﺣﺎﺿﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ( ;ﺘﺮﺟﻤﻪ ﻋﺠﺎج ﻧﻮﻳﻬﺾ )ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻟﻮﺛﺮوب ﺳﺘﻮدارد وﻗﺪّم ﻟﻪ ﺷﻜﻴﺐ أرﺳﻼن( ،وﻛﺘﺐ أﺧﺮى ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻔﺮﻳﺪ وﺟﺪي ورﺷﻴﺪ رﺿﺎ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ أﻓﺎﺿﻞ اﻟﻌـﻠـﻤـﺎء .وﻫـﺬا ﻋﺪا )ﻣﺠﻼت إﺳﻼﻣﻴﺔ( ﻛﺜﻴﺮة ،وﻛﻞ أوﻟﺌﻚ ﻇﺎﻫﺮة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﺣﻖ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ، اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎ أن ﻣﻌﻈﻢ ا;ﺆﻟﻔ nﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴ nا;ﺘﻔﺮﻏ nﻟﻠﻤﺴﺎﺋﻞ ً وﻳﺰﻳﺪﻫﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﺮب ﻣﻨﻬﻢ ﻃﺮق ﻫﺬه ا;ﻮﺿﻮﻋﺎت .إن اﻟﺴﺒـﺐ اﻟـﻌـﺎ;ـﻲ اﻷﻛﺒﺮ )ﻟﻬﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة( ﻫﻮ ﻓﺸﻞ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ا;ﺎدﻳﺔ ﻓﻲ إﻗﻨﺎع اﻟﻌـﻘـﻮل وإرﺿـﺎء اﻟﻨﻔﻮس ..ﺑﻌﺪ اﺟﺘﻴﺎﺣﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ زﻫﺎء ﻗﺮن ﻛﺎﻣﻞ واﻏﺘﺮار اﻟﻨﺎس ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ 72
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﻃﺎﺋﻞ ،واﻧﺘﻈﺎرﻫﻢ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻼت واﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﻮا ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ.. أﻣﺎ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻓﻬﻮ اﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻠﻴﺎذ ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻌـﻴـﺪ ذﻛـﺮى اﺠﻤﻟﺪ اﻟﻘﺪ ،وﲢﻤﻲ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﺎرات أﻋﺪاﺋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌـﺼـﺮ اﳊـﺪﻳـﺚ، ﻓﻔﻲ اﳊﺠﺎز واﻟﻴﻤﻦ واﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﻳﺔ وﻓﻠﺴﻄ nوﻣﺼﺮ وﻃﺮاﺑـﻠـﺲ وﺗـﻮﻧـﺲ واﳉﺰاﺋﺮ وﻣﺮاﻛﺶ واﻟﺴﻮدان واﻟﺼﺤﺎري اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ واﻟﻬﻨﺪ واﳉﺰر اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ )أي »دار اﻹﺳﻼم« ﻛﻠﻬﺎ( ﺣﺪﻳﺚ داﺋﻢ ﻋﻦ اﻹﺳﻼم واﻟﻌﺮب ،ورﻏﺒﺔ داﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ا;ﺴﻠﻤ nوزﻋﻤﺎء ا;ﺴﻠﻤ ،nوﻣﺎ ﻳﺮﺟﻰ ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم ﻟﻺﺳﻼم وا;ﺴﻠﻤ .nوﻣﻦ ﻛﺎن ﻗﺪ اﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻃﺮف ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻫﺬه اﻷﻗﻄﺎر ا;ﺘﺮاﻣﻴﺔ ﻓﻬﻮ ﻳﺸﺘﺎق أن ﻳﺮى اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﻫﺪي ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻠـﻮم ،وأن ﻳﺤﻜﻢ اﻟﺼﻠﺔ ﺑ nزﻣﺎﻧﻪ وآراﺋﻪ وﺑ nﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﻣﻦ اﻷزﻣﻨﺔ واﻵراء)× .(٣واﻟﺘﺒﺸﻴﺮ ﻳﻠﻲ ﻫﺬه اﻷﺳﺒﺎب ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ واﻟﻘﻮة ،ﻓﺎن ﺣﺮﻛﺔ ا;ﺒﺸﺮﻳﻦ ﻗﺪ اﺷﺘﺪت أﺛـﻨـﺎء اﻷزﻣﺔ ا;ﺎﻟﻴﺔ واﻟﻀﻨﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﺤﻮﻟﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ ﺳﺨﻂ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﳊﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﳊﺎﻟﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻮق ﻣﺎ أﺛﺎرﺗﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮة اﻟﻨﺎﻓ nﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﺬه اﻷﺳﺒﺎب ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎً ﺳﺒﺐ ﺷﺎﻣﻞ ،ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻔـﺰع ﻣـﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ واﻻﻋﺘﺼﺎم ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﻴﻎ ا;ﺬاﻫﺐ ا;ﺎدﻳﺔ).(٩ واﻟﻮاﻗﻊ إن اﻹﺳﻼم ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺴﻴﻴﺲ ﻣـﺘـﻘـﺼّﺪة أو واﻓـﺪة، ﻷن اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻋﻨﻪ أﺳﺎﺳﺎً .ﺑﻞ إن ﻣﺎ ﺣﺪث ﻛﺎن اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻔﻬﻢ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻺﺳﻼم أو اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ إﻃﻼق ﻗﻮاه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ، )وﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة zﻜﻦ أن ﺗﺘﻜﺮر ﻟﺪى ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄزم 6ﺮ ﺑﺎﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ(. ﻓﻔﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ا;ﺒﺎﺷﺮة )ﻓﻲ ﻣـﺼـﺮ ﻣـﻨـﺬ اﻻﺣـﺘـﻼل ١٨٨٢وﻓﻲ ا;ﺸﺮق ﻣﻨﺬ اﻻﻗﺘﺴـﺎم (١٩١٨ﺛﻢ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﳊﻜﻮﻣﺎت ﻏﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮﻻء ،ﻟـﻢ ﲡـﺪ ﻗﻮة اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺘﻨﻔﺴﺎً ﺗﻌﺒّﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻋﻦ ذاﺗﻬﺎ وﻇﻠﺖ ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ ﺣﺒﻴﺴﺔ ،واﻧﺤﺼﺮ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺒﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻧﺸﺎﻃﻪ اﻟﺼﻮﻓﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻗﻠﻴﺔ ا;ﺘﻌﻠﻤﺔ واﻟﻨﺎﻓﺬة ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻐﺮب ﻓﻜـﺮاً وﺳﻠﻮﻛﺎ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻳﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ اﳊﻴﺎة ً اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺴﻴـﺎﺳـﺔ واﻟـﻔـﻜـﺮ .ﻏـﻴـﺮ أن ﻫـﺬا اﻟﺘﺮاﺟﻊ ﻟﻺﺳﻼم واﻟﺘﻘﺪم ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ا;ﺆﺛﺮات اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ذاﺗﻪ ﺣﺪﺛﺎ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ا;ﺒﺎﺷﺮة وﺑﺘﺄﻳـﻴـﺪ ﺿـﻤـﻨـﻲ ﻣـﻨـﻬـﺎ );(١٠ وارﺗﺒﻄﺖ اﻟﻈﺎﻫﺮﺗﺎن )اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﺘﻐﺮﻳﺐ( ﻋﻤﻠـﻴـﺎً وﻓﻲ أذﻫﺎن اﻟﻨﺎس ،وﻟﻢ 73
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻳﺜﺒﺖ أن »اﻟﻌﻠﻤﻨﺔ« اﳉﺎرﻳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﺟﻤﺎﻋﻲ ﺣﺮ ،وﻣﺎ أن ﺗﺮاﺧﺖ اﻟﻘﺒﻀﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ-ﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ ا;ﺆرخ ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ-ﺣﺘﻰ اﻧـﻘـﻠـﺒـﺖ اﻟـﺼـﻮرة 6ـﺎﻣـﺎً ،ﻓـﺈذا اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻗﻮة ﻋﻘﻴﺪﻳﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ،ﻳﺘﻘﺪم ،وإذا اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﻨﺤﺴﺮ ،وﺣﺘﻰ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﺨﻤﻟﻔﻔﺔ ا;ﻄﻌﻤﺔ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ ﺗﺮاﺛﻴﺔ أﺧـﺬت ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻘ ّـﺒﻠﻬﺎ ﻟﻸﻓﻜﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﺗﺒ nأن اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋـﻴـﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ا;ﺴﻠﻤﺔ-ﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﻴﻜﻞ-ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻌﺪة ﻟﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﺬر اﻟﺘﻐﺮﻳﺒﻲ ﺑﺼﻮرﺗﻪ ﺗﻠﻚ وﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي ارﺣـﻢ ﺑـﻪ ،وأﺻـﺒـﺢ واﺿـﺤـﺎً أن رﻏﺒﺔ اﻟﻌﺮب ﻓـﻲ دﻓـﻊ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻷورﺑﻴﺔ ﻋﻨﻬﻢ ﺗﻔﻮق ﺑﻜﺜﻴﺮ رﻏﺒﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﺳﺘﻴﻌﺎب اﳊﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ، )ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺿﺮورة اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب اﳊﻀﺎري ﻟﺪﻓﻊ اﻟﺴﻴﻄﺮة( ،أو أن ﻫـﺬا اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ-ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ-ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴﺘﺮﺟﻊ ﻛﻴﺎﻧﻪ اﻟﺬاﺗـﻲ وﻫـﻮﻳـﺘـﻪ اﻷﺻـﻠـﻴـﺔ- اﻟﻠﺬﻳﻦ أﺟﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻬﻤﺎ-ﺛﻢ ﻳﻘﺮر ﻟﻨﻔﺴﻪ أي ﻣﻮﻗﻒ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﳊﻀﺎرة. ذﻟﻚ أن اﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻻ zﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻹﻛﺮاه وﺑﺘﻔﺘﻴﺖ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ;ﻦ ﻳﺮاد ﲢﻀﻴﺮﻫﻢ ،ﺧﺎﺻﺔ وان ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﲢﻘﻴﻘﺎً ;ﺼﺎﻟﺢ ﻗﻮى ﻣﺠﺮد ﺧﺎﻟﺺ. اﳊﻀﺎرة ا;ﺴﻴﻄﺮة ،ﻻ ﻟﻬﺪف ﲢﻀﻴﺮي ّ وإذا ﻛﺎن ﻟﻠﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،ﻓﺎﻧﻪ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﺳﺎﻋﺪ ﺑﺄﻓﻜﺎره وﻧﻈﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻴﻴﺲ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﺣﺰاب واﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واﻟﺴﻤﺎح qﺒﺪأ ا;ﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ اﳊﺪود ا;ﺮﺳﻮﻣﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧﻠﺖ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ وﺑﺪأت 6ﺎرس ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ اﳊﺰﺑﻲ واﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ، وﻧﺸﺎﻃﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ،ﺗﺒ nأﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺪﺧـﻞ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ ﺑـﺄﻓـﻜـﺎر دzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ ،وﺑﺴﻠﻮك »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ« ﻣﺘﻔﺘﺢ-ﻋﻠﻰ ﻃـﺮﻳـﻘـﺔ ﻧـﺎﺧـﺒـﻲ ﺣـﺰب اﶈﺎﻓﻈ nاﻟـﺒـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻲ أو اﻟـﺮادﻳـﻜـﺎﻟـﻴـ nاﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻴـ nﻣـﺜـﻼً-وإ ﺎ دﺧـﻠـﺘـﻬـﺎ qﺸﺎﻋﺮﻫﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳉﺮﻳﺤﺔ وﻣﺴﻠﻜﻬﺎ اﻟﻌﻔﻮي اﻟﻐﻠﻴﻆ اﻟﺴﺎذج وﻛﻞ ﺗﺮاﺛﻬﺎ اﻟﻘﺪ ? وﻫﺬا أﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻓﻬﺬه ﻫﻲ »اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ« اﻟﻜﻴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘـﻲ اﻣﺘﻠﻜﺘﻬﺎ و6ﺘﻠﻜﻬﺎ وﲢﺴﻦ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ)× ،(٤واﻟﺘﻲ ُدﻓﻌﺖ دﻓﻌﺎً إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﺑﺴﺒـﺐ ا;ـﺴـﻠـﻚ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ا;ـﻀـﺎد وأوﺿـﺎﻋـﻬـﺎ اﻟـﺴـﻴـﺌـﺔ ﻓـﻲ ﻇـﻞ اﳊﻜﻮﻣﺎت ا;ﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻫﻜﺬا ﻓﺎن اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺗﺴﻴﻴﺲ اﻹﺳﻼم ﻛﺎﻧـﺖ ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ اﳉﻮ اﻟﺜﻮري اﻻﻧﻘﻼﺑﻲ ﺑﺎ;ﻨﻄﻘﺔ ،وا;ﺆرخ ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ ً ً ﻋﺎﻣﻼ ﻳﻼﺣﻆ ﺑﺤﺚ إن ﺟﻤﻴﻊ »اﻟﺜﻮرات« ﻣﻨﺬ ﻋـﻬـﻮد اﻹﺳـﻼم اﻷوﻟـﻰ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗـﺄﺧـﺬ ﺻﺮﻳﺤﺎ ،وﺗﻠﺠﺄ إﻟﻰ ا;ﻔﻬﻮﻣﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺒﺮﻳﺮ رﻓﻀﻬﺎ ً ً دﻳﻨﻴﺎ ً ﻃﺎﺑﻌﺎ 74
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ اﳊﺎﻛﻤﺔ ا;ﻤﺜﻠﺔ ﻟﻺﺳﻼم اﻟﺮﺳﻤﻲ ) .(١١ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ إذا ﺟﺎءت اﻟﺜﻮرة ﺿﺪ ﺣﻜﻮﻣﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ،ﻟﻸورﺑﻴ nﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ? وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻌـﺪ ـﻜـﻨـﺎً ﻣﻦ ﺧﻼل ا;ﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺒﺮ;ﺎﻧﻴـﺔ ﺿـﻤـﻦ اﻹﻃﺎر اﻟﻘﺎﺋﻢ-رﻏﻢ أن اﻷﺣﺰاب اﳉﺪﻳﺪة ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﺒﻬﺎت ﻣﻌﺎرﺿﺔ ذات أﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺮ;ﺎﻧﺎت وﻟﻜﻦ دون ﺗﻘﺪم ﻳﺬﻛﺮ-وﻫﺬا ﻣﻦ أﺑﺮز ﻋﻼﺋـﻢ إﺧـﻔـﺎق اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ وﻋﺪم ﻣﻼءﻣﺘﻪ ﻟﻠﻈـﺮوف اﻟـﺴـﺎﺋـﺪة ﻓـﻲ اﻟـﺸـﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ) ،إذ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻤﺮار اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺘﺄزم( .أﻣﺎ اﻹﺳﻼم ﻓﻘﺪ أﻋﻄﻰ أﺟﻮﺑﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﲡﺎه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ا;ـﻠـﺤـﺔ اﻟـﺜـﻼث» :إﺿـﺎﻋـﺔ اﻟـﻐـﺮب اﺣﺘﺮاﻣﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ،ﺿﺮورة ﺧﻠﻖ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣﻮﺣﺪة ،ﻧﺰول اﳊﻜﻮﻣﺎت إﻟﻰ ﺻﻔﻮف ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺸﻌﺐ? وذﻟﻚ ﻷن اﻟﺪﻳﻦ ﻳﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ أن ﻳـﻘـﺪم أ ـﺎﻃـﺎً ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻏﻴﺮ ﻏﺮﺑﻴﺔ وﻏﻴﺮ دzﻘـﺮاﻃـﻴـﺔ .ﻷﻧـﻪ ﻟـﻴـﺲ ﻟـﻐـﺔ ﻓـﺤـﺴـﺐ ،وإ ـﺎ ﻫـﻮ ﻣﺠﺘﻤﻊ أﻳـﻀـﺎً .وإذ أﺧﺬت ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ اﻻﻧﺤﻄﺎط ﻛـﺎن ﻻﺑـﺪ ﻣـﻦ ﺑـﻌـﺚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،أي ا;ﺜﻞ اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ ..وأﺧـﻴـﺮاً ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ اﻟـﻌـﺎﻣـﻞ اﳉﺎﻣﻊ ﺑ nأﺑﻨﺎء اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ .وﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أداة ﺻﺎﳊﺔ ﻟﺮﺑﻂ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وأﻧﻨﻲ ﻷﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻣﺠـﺘـﻤـﻌـﺔ ﻗـﺪ وﻟّﺪت ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻗﻮة ﺳﻴﺎﺳﻴـﺔ اﻧـﺒـﻌـﺜـﺖ ﻓـﻲ »ﻓﺪاﺋﻴﺎن إﺳﻼم« و »اﻷﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤ «nو»ﺷﺒﺎب ﻣـﺤـﻤـﺪ« وﻓـﻲ ﺳـﻮاﻫـﺎ ﻣـﻦ اﳉﻤﺎﻋﺎت ا;ﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﺸـﺮق اﻷوﺳـﻂ .وﻫـﻜـﺬا ﻋـﺎد اﻟـﺪﻳـﻦ ﻓﻈﻬﺮ ﻣﺠﺪداً ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮح اﳊﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ« ).(١٢ ﻫﺬا ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﻋﺎدة ﺗﺴﻴﻴﺲ اﻹﺳﻼم ،أﻣﺎ اﻟﻌﺮوﺑﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ا;ﺸﺮف ﻓﺈن اﻟﺪراﺳﺎت ا;ﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻄﻮر اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ-ﻣﻦ اﺳﺘﺸﺮاﻗﻴـﺔ وﻋـﺮﺑـﻴـﺔ-ﻗـﺪ أﺳﻬﺒﺖ ﻓﻲ ﺗﺒﻴﺎن ﻣﺮاﺣﻠﻬﺎ وﻇﺮوﻓﻬﺎ ) ،(١٣وﻟﺴﻨﺎ ﺑﺼﺪد اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺗﻔﺼﻴﻞ ذﻟﻚ. وﻟﻜﻦ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻟﺪى ﻣﺴـﺄﻟـﺔ ﻫـﺎﻣـﺔ ﻫـﻲ ﻣـﺴـﺄﻟـﺔ ﲢـﺪﻳـﺪ ﻣـﺎﻫـﻴـﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻌﺮوﺑﺔ-ﺧﺼﻮﺻـﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺘﺮة ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺒﺤـﺚ-ﻷن ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻛﺎﻧﺖ وﻣﺎ ﺗﺰال ﻣﺼﺪر ﺑﻠﺒﻠﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻋﻠـﻰ ﺻـﻌـﻴـﺪ اﻟـﻌـﻘـﻞ اﻟﻌﺎم ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ا;ﻔﻜﺮة واﻟﻘﺎدة اﻟﻌﺮب أﻧﻔﺴﻬﻢ. 75
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
وﺣﺎﺳﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳉﻴﻞ ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴـﺪ ) (١٤وﻃﻪ ﺣﺴn ً ﻟﻘﺪ ﻛﺎن واﺿﺤﺎً أن اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﺤﻮر اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﳉﻤﺎﻋـﻴـﺔ واﻟـﻮﻻء اﻟـﻔـﺮدي ،وأن ﻗﻴﻢ اﳊﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ »اﻟﻌﻘﻴﺪة« أو »اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ« ا;ﻄﻠـﻮﺑـﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﺿﻤﻦ اﻟﺮواﻓﺪ ً ﻟﺘﻠﻚ ﺟﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ«; وان اﻹﺳﻼم واﻟﻌﺮوﺑﺔ zﺜﻼن راﻓﺪاً ا;ﺘﻌﺪدة ﻟﻠﺘﺮاث ا;ﺼﺮي ا;ﺘﻨ ّـﻮع ا;ﻮﻏﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم ،وﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻻ zﺜﻼن ﺷﻴـﺌـﺎً اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ .ﻛﻤﺎ إن ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي ﻓﻲ ا;ﺸﺮق-ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻓﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻣﻊ ﻃﻪ ﺣﺴ nﺣﻮل أوﻟﻮﻳﺔ اﻟﻌﺮوﺑﺔ أو ا;ﺼﺮﻳﺔ-ﻛﺎن ﺣﺎﺳﻤﺎً أﻳﻀﺎ ﺑﺸﺄن ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ رأى أن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻠﻐﻮي اﻟﺸﻌﻮري ،ﻻ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺪﻳـﻨـﻲ، ﻫﺮ أﺑﺮز ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وان دوﻟﺔ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻻﺑـﺪ وأن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﻔﺼﻞ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﻟـﺪوﻟـﺔ ) .(١٥وإذا اﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ ﺟﺪل اﻟﻌـﺮوﺑـﺔ- اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ اﻟﻨﺎﰋ ﻋﻦ رﻏﺒﺔ اﳊﺼﺮي ﻓﻲ ﻛﺴﺐ ﻣﺼﺮ ﻟﻼﲡﺎه اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺧﻼف ﻓﻜﺮي ﺑﻴﻨﻪ وﺑ nﻃﻪ ﺣﺴ nﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻗﺒﻮﻟﻬﻤﺎ ﻟﻠﻘﻴﻢ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﺼﻮر اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻨﺸﻮء اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ )أﻳﺎً ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺪودﻫﺎ اﳉﻐﺮاﻓﻴﺔ(... وﻟﻜﻨﺎ ﻟﻮ ﻋﻘﺪﻧﺎ ﻣﻘﺎرﻧﺔ أﺧﺮى ﺑ nﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي وﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ-وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻦ دﻋﺎة اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺒﺎرزﻳﻦ-ﻟﻮﺟﺪﻧـﺎ داﺋـﺮة اﳋـﻼف ﺗـﺘـﺴـﻊ ﻣـﻦ ﺣـﻴـﺚ ﲢﻠﻴﻠﻬﻤﺎ ﳉﻮﻫﺮ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻟﺮأﻳﻨﺎ ﻃﻪ ﺣـﺴـ nوﻣـﻌـﺎرﺿـﻪ اﻟـﻌـﺮوﺑـﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي ﻳﻘﻔﺎن ﻣـﻌـﺎً ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻒ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔـﻠـﻖ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى? وﻟﺘﺒﻴﻨﺎ أن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻔﺼﻞ ﺑ nاﻟﻘﻮﻣﻴﺔ-ﻣـﺼـﺮﻳـﺔ ﻛـﺎﻧـﺖ أم ﻋﺮﺑﻴﺔ-وﺑ nاﻹﺳﻼم ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟـﻮاﺿـﺤـﺔ ا;ـﺴـﺘـﻘ ّـﺮة اﻟﺘﻲ أوﺣﻰ ﺑـﻬـﺎ »اﻟﺘﻔﺎؤل« اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ اﻷول .ﻓﺴﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي-ا;ﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠﺠﻴﻞ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ اﺨﻤﻟﻀﺮم-ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﺎش ﻣﻄﻠﻊ ﺷـﺒـﺎﺑـﻪ ﻓـﻲ ﺗـﺮﻛـﻴـﺎ ) ،(١٦وأﺣﺲ ﺑﺎﻟـﻔـﺎرق اﻟﻘﻮﻣﻲ ﺑ nاﻟﻌﺮب واﻷﺗﺮاك ﺑﺼﻮرة ﻣﺤﺴﻮﺳﺔ ،وﺑﺴﺒﺐ ﻏﻠﺒﺔ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ وﺳﻴﺎدة ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة رﺳﺦ ﻓﻲ ﺗﻜـﻮﻳـﻨـﻪ اﻟـﻨـﻈـﺮي ا;ﺜﺎﻟﻲ-ﻋﻦ ﺑﻌﺪ-إن أﻣﺘﻪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة اﻟﺼﺎﻋﺪة zﻜﻦ أن ﺗﻌﻴﺪ وﺣـﺪﺗـﻬـﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﻛﺴﺎﺋﺮ ﻗﻮﻣﻴﺎت أورﺑﺎ اﻟﺘﻲ اﻧﺴﻠﺨﺖ ﻋﻦ اﻹﻣﺒﺮاﻃـﻮرﻳـﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ا;ﻘﺪﺳﺔ ،أو ﻛﺘﺮﻛﻴﺎ اﳉﺪﻳﺪة ا;ﻨﺴﻠﺨﺔ ﻋﻦ دوﻟﺘﻬﺎ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ وﺣﺪوﻳﺎ ً ﻋﺮﺑﻴﺎ ً ﺣﺰﺑﺎ ً أﻓﻜﺎرا ،وﻟﻢ ﻳﺸﻜﻞ ً ﻋﻠﻰ أﻗﺮب ﺗﻘﺪﻳﺮ .ﻟﻜﻦ اﳊﺼﺮي ﻃﺮح ﻳﻮاﺟﻪ وﻗﺎﺋﻊ اﳊﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ .أﻣﺎ ﻣـﻴـﺸـﻴـﻞ ﻋـﻔـﻠـﻖ ا;ﺴﻴﺤﻲ اﻟﺬي ﻧﺎﺿﻞ واﻟﺪه ﻣﻊ اﺠﻤﻟﺎﻫﺪﻳﻦ اﻟﻌﺮب ا;ﺴﻠﻤ nﻓﻲ دﻣﺸﻖ اﻟﺸﺎب 76
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،واﻟﺬي اﻟﺘﺰم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﳊﺰﺑﻲ ﺑ nاﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ا;ﺴﻠﺤﺔ، واﻟﺬي ﺟﺎء-وﻫﺬا ﻣﻬﻤﺎ-ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺷﺤﺐ ﻓﻴﻪ ﺗﺄﻟﻖ اﻟﻐﺮب اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ; ﻓﻘﺪ اﻛﺘﺸﻒ ﻣﻨﺬ أن ﺧﺮج ﻣﻦ ﲢﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻔـﻜـﺮ ا;ـﺎرﻛـﺴـﻲ ﻋـﺎم ١٩٣٦وﻣﺎ ﺑﻌـﺪه ) ،(١٧إن ﻫﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻓﺮﻳﺪة واﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻌﺮوﺑﺔ ،واﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺑﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ارﺗﺒﻄﺖ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻹﺳﻼم ) ،(١٨اﻟﺬي ﻣﺜﻞ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻷﻣﺔ واﻧﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ .أن ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻣﻴـﺸـﻴـﻞ ﻋـﻔـﻠـﻖ ﻋـﺎم q ١٩٤٣ﻨﺎﺳﺒـﺔ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑـ »ذﻛﺮى اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻌﺮﺑﻲ« واﺿـﺢ اﻟـﺪﻻﻟـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬا ا;ـﻮﻗـﻒ(٥×)، ﻏﻴﺮ إن اﻟﺒﻌﺚ ﻋﺒﺮ ﻣﺴﻴﺮة اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ-ﺧﺎرج اﳊﻜﻢ وﻓﻲ اﳊﻜﻢ-ﻗﺪ ﻣﺮ qﺮاﺣﻞ ﻓﻜﺮﻳﺔ وﻣﻨﺎﺧﺎت ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ أو »اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ« وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ? وﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ أﻗـﺮب إﻟـﻰ ﻣـﻨـﻄـﻠـﻘـﻪ اﻷﺻﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺞ ﺑ nاﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم (١٩) .ﻓﺄي ﺣﺎﻟﺔ وأي ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻗﺮب واﻷﺻﺪق ﺗﻌﺒﻴﺮاً ﻋﻦ ا;ﻨﻄﻠﻖ اﻟﻔﻜﺮي اﻷﺳﺎﺳﻲ? ﻟﺮqﺎ أﺳﻌﻔـﺘـﻨـﺎ ﻓـﻲ اﻹﺟـﺎﺑـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬا اﻟـﺴـﺆال اﻟـﺪﻗـﻴـﻖ وﻗـﻔـﺔ ﻓـﻜـﺮﻳـﺔ اﺳﺘﺮﺟﺎﻋﻴﺔ وﻗﻔﻬﺎ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳـﺔ ا;ـﻄـﺎف ،ﻋـﺎم ،١٩٧٦ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠـﻖ ا;ﻮﻗﻒ اﻷول ﻣﻄﻠﻊ اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت ،ﻓﺈذا ﻫﻮ ﻳـﺠـﺪ ﻧـﻔـﺴـﻪ اﻛـﺜـﺮ ﺗـﺼـﻤـﻴـﻤـﺎً ﻋﻠـﻰ رﻓﺾ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ،واﻛﺜﺮ اﻗﺘـﺮاﺑـﺎً ﻣﻦ روح اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺮﺑﻲ أو اﺑﺘﻌﺎدا ﻋﻦ ا;ﻔﻬﻮم اﻷورﺑﻲ ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ا;ﺎرﻛﺴﻲ ً اﻟﻌﺮوﺑﺔ ا;ﺴﻠﻤﺔ ،واﻛﺜﺮ ﻟﻠﺪﻳﻦ ،واﻛﺜﺮ إﳊـﺎﺣـﺎً ﻋﻠﻰ دﻋﻮة ا;ﺴﻴﺤﻴ nاﻟﻌﺮب ﻟﻼﻗـﺘـﺮاب اﳊـﻤـﻴـﻢ ﻣـﻦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺻﺪق ﻋﺮوﺑﺘـﻬـﻢ ذاﺗـﻬـﺎ; ﻗـﺎل ﻣـﻦ ﻣـﻨـﻄـﻠـﻖ ا;ـﻮﻗـﻒ اﻟﻔﻜﺮي اﻷول ﺑﻌﺪ أن اﻧﺪﻣﺠﺖ ﺑﻪ ﲡﺮﺑﺔ ﺛﻠﺚ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺮورة اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ، ﺳﻠﺒـﺎً وإﻳﺠﺎﺑـﺎً ،ﺗﻘﺪﻣـﺎً وﺗﺮاﺟﻌـﺎً» :ﻗﺮاءة ﻟﻠﺘﺮاث ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻠـﺜـﻮرات ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ، وﻟﺜﻮرات ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮq ،ﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻧﺴﺒﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻷﻧـﻬـﺎ ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎً ﺛﻮرات ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺑﺤﺪود ﻃﺎﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺔ .وﲡﺮﺑﺔ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺳﻼم ﻓﻴـﻬـﺎ ﺷـﻲء ﻣـﻄـﻠـﻖ ،ﻓـﻲ ﺣـ nأن ﻛـﻞ ﺷـﻲء آﺧـﺮ ﻧﺴﺒﻲ ،ﻗﺪ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ،أو ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺻﻔﺔ اﳋﻠﻮد«).(٢٠ إذن »ﻓﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳋﺎﻟﺪة«-ﻣﻦ ﻫﺬا ا;ـﻨـﻈـﻮر-ﻣـﺎ ﻫـﻲ إﻻ ذﻟـﻚ ا;ـﻄـﻠـﻖ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﺮﻓﻊ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻓﻮق ﻣﺎ ﻫـﻮ ﻧـﺴـﺒـﻲ ﻣـﻦ ﻗـﻮﻣـﻴـﺎت وﻓـﻠـﺴـﻔـﺎت و6ﺴﻜﺎ ﺑﻬﺬا ا;ﻄﻠﻖ ً أﺧﺮى ،وzﻨﺤﻬﺎ-وﺣﺪﻫﺎ-ﺻﻔﺔ اﻟﺘﻔﺮد واﻣﺘﺪاد اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻲ. اﻹﺳﻼﻣﻲ ا;ﺜـﺎﻟـﻲ ا;ـﻤـﻴّﺰ ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ ﺛﻢ رﻓﺾ ا;ﻔﺎﻫـﻴـﻢ اﻟـﻨـﺴـﺒـﻴـﺔ اﻟـﺘـﺠـﺮﻳـﺒـﻴـﺔ 77
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ا;ﺴﺘﺨﺮﺟﺔ ﻣﻦ ﲡﺎرب اﻟﻘﻮﻣﻴﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻷﺧﺺ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴـﺔ- ا;ﺘﺠﺬر ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻷورﺑﻲ ﻣﻦ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ-واﻟﺬي ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ّ ﻳﻔﻘﺪ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺗﻬﺎ ا;ﻄـﻠـﻘـﺔ إذا ﻓـﺼـﻠـﺖ ﻋـﻦ اﻹﺳـﻼم» :ﻓـﻲ ﺑـﺪاﻳـﺔ ﲡﺮﺑﺘﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك دﻋﻮات واﲡﺎﻫﺎت ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺗﻘﻮل ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ وﺗﻌﺘـﺒـﺮ ﺑـﺄن اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺮد ﻣﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻪ اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ ،وﻳـﻠـﺘـﻘـﻲ ﻣـﻊ أﺧـﻴـﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳊﻘﻮﻗﻴﺔ واﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ .وﻛﺎن ﻟﻬﺬا ا;ﺬﻫﺐ رواج ﻛﺒﻴﺮ ﺑ nاﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ا;ﺜﻘﻔﺔ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺴـﺘـﺴـﻐـﻪ وﻟـﻢ ﻧـﻨـﺨـﺪع ﺑـﻪ وﺟﺎﻣﺪا ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺮواﺑﻂ ً ﺳﻄﺤﻴﺎ ً ﺗﻔﺴﻴﺮا ً واﻋﺘﺒﺮﻧﺎه ﻓﻲ أﺣﺴﻦ اﳊﺎﻻت اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻘﻮﻣﻴﺘﻪ ،وﻛﺎن ﻣﻦ اﳉﺎﺋﺰ اﻻﺷﺘﺒﺎه ﺑﻬﺬه اﻟﺪﻋﻮة )اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ( ﻷن ا;ﺴﺘﻌﻤﺮ اﻷﺟﻨﺒﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻞ أﻗﻄﺎرﻧﺎ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺤﻜﻲ ارﺗﻴﺎﺣﻪ ﻟﻬﺬه اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳـﺸـﺠـﻌـﻬـﺎ ،،ﻷن ذﻟـﻚ ﻛـﺎن ﻳـﺆدي إﻟـﻰ إﻓﻘﺎر ﻗﻮﻣﻴﺘﻨﺎ ﻣﻦ دﻣﻬﺎ وﻣﻦ ﻧﺴﺦ اﳊﻴﺎة ﻓﻴﻬﺎ ،وﻣﻦ أﺻﺎﻟﺘﻬﺎ وروﺣﻬﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻦ أول ﻣﺎ ﺗﺼﺪﻳﻨﺎ ﻟﻪ ﻫﻮ ﻫﺬه اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﺠﻤﻟﺮدة .أذﻛﺮﻛﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﻬﻨﺎك إﺷـﺎرة ﻓـﻲ ﻛـﺮاس »ذﻛـﺮى اﻟـﺮﺳـﻮل« إﻟـﻰ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻂ اﻷورﺑﻲ وﺗﺸﻴﺮ إﻟـﻰ اﻟـﻔـﺎرق ﺑـn ﻗﻮﻣﻴﺘﻨﺎ وﺑ nاﻟﻘﻮﻣﻴﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،واﻟﻰ أن اﻹﺳﻼم ﻫﻮ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ وﻫﻮ ﺑﻄﻮﻟﺘﻨـﺎ وﻫﻮ ﻟﻐﺘﻨﺎ ،وﻓﻠﺴﻔﺘﻨﺎ وﻧﻈﺮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻜﻮن ،وأﺷﻴـﺎء ﻛـﺜـﻴـﺮة ﻳـﺼـﻌـﺐ ﺣـﺼـﺮﻫـﺎ وﺗﻌﺪادﻫﺎ .ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﻀﻄﺮﻧﺎ ،ﻟﻜﻲ ﻧﻜﻮن ﻗﻮﻣﻴ nﺳﻠﻴﻤﻲ اﻻﻧﺘﻤﺎء ،أن ﻧﻄﺮح ﻛﻞ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﻧﻀﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺎﻣﺶ? ﻓـﺈذن ﻧـﺤـﻦ ذﻫـﺒـﻨـﺎ ﺑـﻜـﻞ ﺑـﺴـﺎﻃـﺔ وﺻﺮاﺣﺔ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﳊﻲ .وﻣﺎ ﻫﻮ واﻗﻌﻨﺎ اﳊﻲ? ﻫﻮ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﺑn اﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم .أﻣﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ qﻌﻨﻰ أن اﻟﺪﺳﺘﻮر واﻟﻘﻮاﻧ nﻻ 6ﻴﺰ ﻣﺬﻫﺒﺎً ﻋﻠﻰ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻮل ﻟﻠﻮﻇﺎﺋﻒ أو ﻓﻲ ﻛﺬا وﻛﺬا ،ﻫﺬه أﻣﻮر ﺑﺴﻴـﻄـﺔ وﻧـﺴـﻠـﻢ ﺑﻬﺎ ،وﻧﺤﻦ ﺸﻲ ﻣﻊ ﻫـﺬا اﻟـﻌـﺼـﺮ وﻻ ﳒـﺎدل ﻓـﻲ ذﻟـﻚ إذا ﻛـﺎﻧـﺖ ا;ـﺴـﺄﻟـﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻧﺼﻮص دﺳﺘﻮرﻳﺔ وﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ« ).(٢١ وﻟﻌﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل 6ﻴـﻴـﺰاً ﺿﻤﻨﻴـﺎً ﺑ nﻧﻮﻋ nﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺮﻓﺘـﻬـﻤـﺎ أورﺑﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ﺧﺎﺻﺔ .ﻧﻮع ﻓﻜﺮي اﻋﺘﻘﺎدي ﻳـﻔـﺮض ﻓـﻜـﺮﺗـﻪ اﻟـﻼدﻳـﻨـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻋﺪاﺋﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴـﺔ دﻋـﻮة ً اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ) (Laicismeوﻳﺘﺨﺬ ﻣﻮﻗﻔـﺎً اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ذات ﻣﻀﻤﻮن ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺤﻠﻮل ﻣﺤﻞ ا;ﻀﻤﻮن اﻟﺪﻳـﻨـﻲ ﺣـﺘـﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﻘﻴﺪي اﳋـﺎﻟـﺺ ) .(٢٢ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﻳﺮﻓﺾ اﻟﺘﻌﺎﻳـﺶ ﻣـﻊ 78
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺒـﺪﺋـﻴـﺎً وﻳﻨﻜﺮ ﻋﻠﻴﻪ اﻧﻔﺮاده qﺠﺎﻟﻪ اﻟـﺮوﺣـﻲ أو ﻳـﺤـﺼـﺮه ﻓـﻲ ﻧـﻄـﺎق ﻓﺮدي ﺿﻴﻖ ،ﻻ ﻣﺠﺎل-ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﻋﻔﻠﻖ-ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻷﻧﻪ zﺜﻞ ﻧﻘﻀﺎً ;ﻄﻠﻘﻬﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وا;ﻌﻨﻮﻳﺔ .أﻣﺎ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ qﻌﻨﺎﻫﺎ اﶈﺎﻳﺪ أو اﻟﻘﺎﻧـﻮﻧـﻲ اﻟـﺸـﻜـﻠـﻲ )(Laicite وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻔﺼﻞ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﳊﻜﻮﻣﺔ-ﻻ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ وﻻ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﻟﻔﺮد-ﺗﺎرﻛﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺣﺮﻳﺘﻪ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺗﻪ اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﺘﻌﺒﺪﻳﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ- ً اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻣﺘﺠﻬـﺎً ﻓﻘﻂ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳉﺎﻧﺐ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﻘﻮاﻧ nوأﻧﻈﻤﺔ ﺗﻌـﺎﻣـﻞ ا;ﻮاﻃﻨ nﺳﻮاﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺎﻻت اﳊﻘﻮﻗﻴﺔ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ دﻳﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ).(٢٣ و ﻳﺒﺪو إن ﻋﻔﻠﻖ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺣﻮل ﺷﻲء ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ)×.(٦ وﻟﻜﻦ-وﺿﻌﺎ ﻟﻠﻨﻘﺎط ﻋﻠﻰ اﳊﺮوف وﺣﺘﻰ ﻧﻮاﺟﻪ ا;ﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ ﺟﺬورﻫﺎ-ﻫﻞ ً ﻳﻘﺒﻞ اﻹﺳﻼم ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع »اﻟﺪﺳﺘﻮري اﳊﻘﻮﻗﻲ« ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ? إن اﻹﺳﻼم ﻛﻤﺎ ﲡﺴﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ ،وﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻪ اﻟﺘﺎرﻳـﺦ وﻃـﺒـﻘـﻪ ا;ﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺪﻧﻴﻮﻳـﺔ-دون أدﻧـﻰ 6ـﻴـﻴـﺰ ﺑـ nاﳉـﺎﻧـﺒـ-nﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ »اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻄﺮوﺣﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴـﻪ أﺻـﻼً .ﺑﺎب أن »ﻣﺼﻄﻠـﺢ« اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪ ﻣـﺼـﻄـﻠـﺢ ﻗـﻠـﻖ ﻏﻴﺮ واﺿﺢ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ اﻟﻠﻐﻮي ،ﻓﻬﺎت ﻳﻌﻨﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ دﻧﻴﻮي Secularﻣﻦ زاوﻳﺔ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻷورﺑﻴﺔ ﺑ nاﻟﺪول وا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ? أم ﻫﻞ ﻳﻌـﻨـﻲ-ﻃـﺎ;ـﺎ إن اﺷﺘﻘﺎﻗﻪ ﻣﻦ اﳉﺬع-ل-م ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺮة »اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« ا;ـﺴـﺘـﻘـﻠـﺔ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ-اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ا;ﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ أو ا;ﺴﺘﻤﺪة ﻣﻨﻪ? واﻟﻨﻈﺮة اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ا;ﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﺑﺤـﻜـﻢ ﻏﺮﻳﺰﺗﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺮﻳﻌﺔ وﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ »اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ إﺳﻼﻣﻲ ﻗﺎﻃﻊ .إن ﻣﺼﻄﻠﺢ Secularﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻣﻮس اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻨﻰ واﺣﺪ ﻫﻮ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺼﻴﺪ» :ﻻ دﻳﻨﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﺮﺟﻤـﺔ ﻟــ .Secularوﻗﺪ ﺟﺮى اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﺑـ )ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ( أو )ﻣﺪﻧﻲ( .وﻫﻲ ﺗﺴﻤﻴﺎت ﻣﻬﺬﺑﺔ ﻟﻶدﻳﻨﺔ ،ﲢﺎول أن ﺗﺴﺘﺮ ﺑﺸﺎﻋﺘﻬﺎ ﺑﺄﺳﻤﺎء ﺳﺎﺋﻐﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ .ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ دﻳﻨﻴﺎً ﻓﻬﻮﻻ دﻳﻨﻲ« ).(٢٤ وﻟﻌﻞ أدق وأوﺟﺰ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻏﺮﺑﻲ ﻋﻦ ﻫﺬه اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ اﻹﺳـﻼم ﻗـﻮل أﺣـﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜ nاﻟﻐﺮﺑﻴ» :nاﻹﺳﻼم ﻟـﻴـﺲ دوﻟـﺔ دﻳـﻨـﻴـﺔ ،وﻻ ﻫـﻮ دﻳـﻦ ﻟـﻠـﺪوﻟـﺔ .إ ـﺎ اﻹﺳﻼم دﻳﻦ ،وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ دوﻟﺔ« ).(٢٥ 79
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
واﻟﻌﺒﺮة ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ إﻋﻼن ﻣﺒﺪأ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع أو ذاك أن اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴـﺔ، وإ ﺎ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻧﻬﺞ واﺿﺢ ﻣﺤﺪد ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ .ﻫﻞ ﺳﺘﻠﺘﺰم اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ا;ﻔﺼﻞ واﻟﺸﺎﻣﻞ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻔﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻟﻘﺮآﻧﻲ ّ ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻨﻪ? )وﻫﻞ ﺗﺒﻘﻰ »ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« إذا اﻟﺘﺰﻣﺖ ً ﻟﻜﻞ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة أم ﺳﺘﺄﺗﻲ ﺑﻪ?( .وﻫﻞ zﻜﻨﻬﺎ-ﻃﺒﻘﺎً ;ﻨﻄﻠﻘﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ أن ﲢ ّـﺮم ﺑﻌﺾ ﻣﺎ أﺑﺎح اﻹﺳﻼم وﺗﺒﻴﺢ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺣﺮم ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻣﻼت وﺣﻘﻮق وﻋﻼﻗﺎت ﺑ nا;ﺴﻠﻤ nوﻏﻴﺮﻫﻢ... ﺣﻴﺚ إن ﻫﻨﺎك ﻓـﺮوﻗـﺎً ﻓﻲ ﻫﺬه اﺠﻤﻟﺎﻻت ﺑ nاﻟﺘﺼﻮر اﻹﺳـﻼﻣـﻲ واﻟـﺘـﺼـﻮر اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ? ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ا;ﺴﺄﻟﺔ. وأﻳﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ،ﻓﺎن ﻫﺬه ا;ﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻘﻮﻣﻲ ا;ﻠﺘﺤﻢ ً ﺑﺎﻹﺳﻼم ،وﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻌﺎﻣﺔ ،ﺳﺘﻈﻞ ﻣـﺴـﺄﻟـﺔ ﻏـﻴـﺮ ﻣـﺤـﺴـﻮﻣـﺔ ،رqـﺎ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر ﺣﺴﻢ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻷم ﻗﻀﻴﺔ »اﻹﺻﻼح« اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ).(٢٦ ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ )اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ( ﻻ ﺗﺸﻐﻞ ﻓﻜﺮ ﻋﻔﻠﻖ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻐﻠﻪ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ا;ﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺎم اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﺑﺎﻹﺳﻼم ،و ﻳﺒـﺪو اﻧـﻪ ﻳﻬﻤﻪ إﻗﻨﺎع ا;ﺴﻴﺤﻴ nﺑﻘﺒﻮل اﻹﺳﻼم اﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﻬﻤﻪ ﻗﺒﻮل ا;ﺴﻠﻤ nﻟﻠﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ: »وﻟﻜﻨﻨﺎ وﺿﻌﻨﺎ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺿﻌﻨـﺎ اﻹﺳـﻼم ﻛـﺜـﻮرة أﺧـﻼﻗـﻴـﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮ ،وﺿﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺻﻠﺐ اﻟﻘـﻮﻣـﻴـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﺑﻬﺬا ا;ﻌﻨﻰ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﺮﺑﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻢ .ﻫﺬا إذا ﻛﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺻﺎدق ﻣﺘﺠﺮدا ﻣﻦ اﻷﻫﻮاء وا;ﺼﺎﻟﺢ اﻟﺬاﺗﻴﺔ .اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻹﺳﻼم ً اﻟﻌﺮوﺑﺔ ،وإذا ﻛﺎن ( ٢٧ ) ﺑﻬﺬا ا;ﻌﻨﻰ اﻟﺮﻓﻴﻊ . «..و ﻳﻼﺣﻆ ﻋﻔﻠﻖ ﺑﺎرﺗﻴﺎح أن ﻋﺪداً ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ا;ﺴﻴﺤﻲ-ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺧـﺎﺻـﺔ-ﻗـﺪ ﺗـﻮﺻـﻠـﻮا ﻣـﺆﺧـﺮاً إﻟﻰ اﻻﻗﺘﻨﺎع ﺑـﺄن» :ﺟـﻤـﻴـﻊ ا;ﺴﻴﺤﻴ nﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ إذا ﻟﻢ ﻳـﻘـﺒـﻠـﻮا ﻋـﻦ ﻃـﻮع وإرادة واﻗـﺘـﻨـﺎع وﻣﺤﺒﺔ ﺑﺄن ﻳﻜﻮﻧﻮا qﻌﻨﻰ ﻣﻦ ا;ﻌﺎﻧﻲ ﻣﺴﻠﻤ ،nﻓﺎﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮن أﻣﻨﺎء ﻟﻔﻜﺮﻫﻢ ووﻃﻨﻬﻢ وﻋﺮوﺑﺘﻬﻢ« ) (٢٨وﻳﻀﻴﻒ» :ﻫﺬا ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﺔ وﺛﻼﺛ nﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٤٣ﺑﺄن ا;ﺴﻴﺤﻴ nاﻟﻌﺮب ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﻴﻘﻆ ﻓﻴﻬﻢ ﻗﻮﻣﻴﺘﻬﻢ ﺳﻮف ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺑﺄن اﻹﺳﻼم ﻫﻮ ﻟﻬﻢ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺸﺒﻌﻮا ﺑﻬـﺎ وﻳـﺤـﺮﺻـﻮا ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ﺣﺮﺻﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﺛﻤﻦ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻋﺮوﺑﺘﻬﻢ) ..و( ..ﺗﻄﻮر اﻷﺣﺪاث ﺧﻼل ﺛﻼﺛn ﻋﺎﻣﺎ أوﺻﻞ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻌﺾ وﻫﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﻻ ﺷﻚ إﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن ً ﻟﻬﺎ ﺗﺘﻤﺔ ،ﻓﺈذن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ـﻜـﻨـﺎً ﻟﻨﻈﺮة ﻛﻨﻈﺮﺗﻨﺎ أن ﺗﺄﺧﺬ ﺑﺨﺮاﻓﺔ اﻟﻌﻠـﻤـﺎﻧـﻴـﺔ وﺳﻄﺤﻴﺘﻬﺎ ،وان ﻛﻨﺎ ﻻ ﳒﺎدل ﻓﻲ اﳊﺪود واﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ واﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ 80
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
;ﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ .وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻛﺈﻫﻤﺎل وﺑﺘﺮ ﻷﻫﻢ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻗﻮﻣﻴﺘﻨﺎ وﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ وﺗﻜﻮﻳﻨﻨﺎ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﺄﻣﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮل وﻏﻴﺮ واﻗﻌﻲ« ).(٢٩ وﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ اﻟﺒـﺎﺣـﺜـﻮن (٣٠) ،ﻓﺎن اﻟﺒﻌﺚ-ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﻜﺮ ﻋﻔـﻠـﻖ-رﻛـﺰ ﻋـﻠـﻰ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره »اﶈﺘﻮى وا;ﻀﻤﻮن« ﻟﻠﻌﺮوﺑـﺔ ﻓـﻲ ﺑـﺪاﻳـﺔ ﻋـﻬـﺪه ،ﺛـﻢ اﲡـﻪ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﺟﻨﺎح اﳊﻮراﻧﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻧﺤﻮ ﻣﻔﻬـﻮم اﻟـﺜـﻮرة اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺎﻧﺤﻦ-ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﺘﻘﺎء اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﺑﻨﻬﺎﻳﺎﺗﻬﺎ-ﻧﺮى أن اﻟﺪورة ﺗﻜﺘﻤﻞ-ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﳉﻴﻞ ﻫﻴﻜﻞ واﻟﻌﻘﺎد-وﻳﻌﻮد اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻛـﻤـﺎ ﻛـﺎن ﻓـﻲ اﻟـﺒـﺪاﻳـﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺤﺘﻮى اﻟﻌﺮوﺑﺔ وﻓﻠﺴﻔﺘﻬﺎ وﻧﻈﺮﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻜﻮن(٧×). وﻓـﻲ ﻋـﺎم ١٩٣٩أﺻﺪر ﻗﺴﻄـﻨـﻄـ nزرﻳـﻖ ﻛـﺘـﺎب »اﻟـﻮﻋـﻲ اﻟـﻘـﻮﻣـﻲ« وﻫـﻮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻘﺎﻻت ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ رﻛﺰ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻨﺎ ﻋﻘﻴﺪة ﻗﻮﻣﻴﺔ داﻓﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ا;ﻨﻈﻢ وﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ أﺷﻤﻞ .أﻣﺎ ﻣﺼﺪر ﻫﺬه اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،ا;ﺘﻀﻤﻨﺔ ﻟﺮوح ا;ﺴﺆوﻟﻴﺔ اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ،اﳊﺎﻓﻈـﺔ ﻟـﻨـﺴـﻴـﺞ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ، ﻓﻠﻴﺲ ﺳﻮى اﻹﺳﻼم ،وﻟﻜﻦ زرﻳـﻖ zـﻴـﺰ ﺑـ» nاﻟـﺮوح اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ« و»اﻟـﻌـﺼـﺒـﻴـﺔ اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ« ) .(٣١و ﻳﺮى أن اﻷدﻳﺎن ﺗﻠﺘﻘﻲ ﺣﻮل ﻣﺒﺎد ¤ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﻔﺎرق ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ »اﻟﺮﻣﻮز« اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﻬﺎ ﻛﻞ دﻳﻦ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ا;ﺒﺎد .¤وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﻣﻮز ذات أﻫﻤﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻌـﻼﻗـﺔ ﺑـ nاﻹﺳـﻼم واﻟـﻌـﺮوﺑـﺔ ﻓـﻬـﻮ ا;ﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻣﻨﻄﻠﻘﻬﺎ ﻟﻼﻟﺘﻘﺎء ﺑﺎﺠﻤﻟﻤﻮع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻌـﺎم .إﻻ ّ أن زرﻳﻖ رﻏﻢ إﺳﻨﺎده ﻟﻺﺳﻼم اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺪور اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ،ﻓﺎﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺑﻪ إﻟﻰ ا;ﺴﺘﻮى ا;ﻄﻠﻖ واﳋﺎﻟﺪ اﻟﺬي أﻛـﺪه و ﻳـﺆﻛـﺪه ﻋﻔﻠﻖ .ﻛﻤﺎ أن ﻓﻜﺮ زرﻳﻖ ﺳﻴﺘﺠﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ) (٣٢وﺳﺘﻀﻌﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺒﺮة اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً وا;ﻴﻞ اﳋﺎص ﻧﺤﻮ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ(٩×) . إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻇﺎﻫﺮة ﻣﻠﻔﺘﺔ ﻟﻠﻨﻈﺮ أن ﻳﺆﻛﺪ ا;ﻔﻜﺮان ا;ﺴـﻴـﺤـﻴـﺎن ﻋـﻔـﻠـﻖ وزرﻳﻖ ﻋﻠﻰ ارﺗﺒﺎط اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﻌـﺮوﺑـﺔ-ﻣـﺎﺿـﻴـﺎً وﺣﺎﺿـﺮاً ،و ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـﻌـﻔـﻠـﻖ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ-ﺑﻴﻨﻤﺎ اﲡﻪ ا;ﻔﻜﺮان ا;ﺴﻠﻤﺎن ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ ،ﻃﻪ ﺣﺴ nوﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي، ً إﻟﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ دور اﻹﺳﻼم ﻓﻲ رؤﻳﺘﻬﻤﺎ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ا;ـﻨـﺎداة ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ واﻟﺼﺮﻳﺤﺔ .وﻫﺬه ا;ﻔﺎرﻗﺔ ﻻ ﻳﻔﺴﺮﻫﺎ إﻻ اﺧﺘﻼف ﻣﺰاج اﻟﻌﺼﺮ ،ﻣـﻦ ﻋـﺼـﺮ ﻣـﺘـﺄﺛـﺮ ﺟـﺬرﻳـﺎً ﺑﺄورﺑﺎ ﺧـﺎﺿـﻊ ﻟـﻬـﺎ ﻣـﺎدﻳـﺎً وﻣﻌـﻨـﻮﻳـﺎً ،إﻟـﻰ ﻋﺼﺮﻣﺮﺗﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺄزﻣﺎﺗﻬﺎ ،ﻋﺼﺮ أﺻﺒﺢ ﻓﻴﻪ ﺻﻮت اﳉﻤﺎﻫـﻴـﺮ 81
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا;ﺴﻠﻤﺔ أوﺿﺢ ﻧﺒﺮة وأﻗﻮى ﻧﻔـﺎذاً إﻟﻰ ﺳﻮﻳﺪاء ﻗﻠﺐ ﻛﻞ ﻣﻔﻜﺮ ﻋﺮﻳـﻲ وﺛﻴﻖ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻮاﻗﻊ ﻗﻮﻣﻴﺘﻪ وﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ(١٠×) . إن اﻓﺘﺮاق اﻹدراك اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻋﻔﻠﻖ وزرﻳﻖ-ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت- ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻃﻪ ﺣﺴ nواﳊﺼﺮي ،ﻳﻨﻬﺾ دﻟﻴﻼً آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺗﻐﻠﻐﻞ اﲡﺎه ﺗﺴﻴﻴﺲ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﳉﺪﻳﺪ ،وﻣﺪى اﻻﻧﺘﻜﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻴﺖ ﺑﻬﺎ-ﺑﺎ;ﻘﺎﺑﻞ- اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ وﺳﻂ ا;ﻔﻜـﺮﻳـﻦ ا;ـﺴـﻴـﺤـﻴـn اﻟﺬﻳﻦ اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ إﻟﻰ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺴﻠﻢ .ﻓﺎﳊﺎﺻﻞ أن ﻋﻔﻠﻖ وزرﻳﻖ! »ﻳﺼﺤﺤﺎ« ﻓﻘﻂ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﻬـﻢ اﻟـﻘـﻮﻣـﻲ ﻟﺪى ﻛﻞ ﻣﻦ ﻃﻪ ﺣﺴ nواﳊﺼﺮي ،وإ ـﺎ »أﺧـﺬ اﻟـﻌـﺒـﺮة« أﻳـﻀـﺎً ﻣﻦ ﲡﺮﺑـﺔ أﺳﺒﻖ ورqﺎ أﺧﻄﺮ ﻫﻲ ﲡﺮﺑﺔ ﺳﺎﺑﻘﻴﻬﻤﺎ ا;ﻔﻜﺮﻳْﻦ ا;ﺴﻴﺤﻴ ،nﺷﺒﻠﻲ ﺷﻤﻴﻞ )٨٦٥ا (١٩١٧-وﻓﺮح أﻧﻄﻮن ) (١٩٢٢-١٨٧٤اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﺑﺤﻜﻢ وﺿﻌﻬﻤﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﳊﻀﺎري اﳋﺎص أول ﻣﻦ ﻳﻄﺮح أﻓﻜﺎر اﻟﺘﻄﻮرﻳﺔ اﻟﺪاروﻳﻨﻴـﺔ واﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ ً ﻓﻜﺮﻳﺎ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ) .(٣٣وﻫﻲ رﻳﺎدة ﺣﻘﻘﺎ ﺑﻬﺎ ﺳﺒﻘﺎً ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ وﻟﻜﻦ دون ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻓﻌﻠﻲ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴـﺮ اﻟـﻮاﻗـﻊ ً اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺎم أو اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ اﳋﺎص ،أو ﺣـﺘـﻰ ﻋـﻠـﻰ ﺻـﻌـﻴـﺪ اﺳـﺘـﻤـﺮار اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ أﻓﺮاد اﻟﻨﺨﺒﺔ وﲢﻮﻳﻞ ﺗﻴﺎرﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ »ﺗﻘﻠﻴﺪ« ﻣﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وإذا ﺷﺌﻨﺎ ا;ﻀﻲ ﺑﻬﺬه ا;ﻘﺎرﻧﺔ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘـﻬـﺎ وﺟـﺪﻧـﺎ أن اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺬي ﻣﺜﻠﻪ ﻋﻔﻠﻖ-ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ nاﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم-ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ اﻛﺜﺮ اﻷ ﺎط اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺣﻈﺎً ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا;ﺴﻠﻤﺔ ،رﻏﻢ ﻣﺼﺎﻋﺐ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ (١١×). واﳊﺎﺻﻞ أن ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ nاﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم ﻗـﺪ أدت إﻟﻰ ﻃﺮح ﻣﺒﺎد ¤ﻋﺎﻣﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﺗﺆﻛﺪ اﻟﺼﻠﺔ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،دون اﻟـﺪﺧـﻮل ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﲡﺴﻴﺪ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻴﻮﻣﻲ واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ واﳉﻮاﻧﺐ اﳊﻘﻮﻗﻴﺔ ،ودون ﲢﺪﻳﺪ ﻟﻠﻔﺎرق ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ إن ﻛﺎن ﺛﻤـﺔ ﻓـﺎرق .وﺑـﻘـﻴـﺖ ا;ـﺴـﺄﻟـﺔ اﻋﺘﺒـﺎراً ﺷﻌـﻮرﻳـﺎً ﻗﻮﻣﻴـﺎً-أﺻﻴـﻼً وﺻﺎدﻗـﺎً دون ﺷﻚ-ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺤﺎط ﺑـﻬـﺎﻟـﺔ-ﺷـﺒـﻪ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻧﺎﻓﺬ إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﺷﻴﺎء وﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ(١٢×) . وﻣﺎ ﻳﺘﻮﺟﺐ اﻹ;ﺎح إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﺳﻴﺎق ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﻮ أن »ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« أﺧﺮى ﻗﺪ ﺑﺪأت ﺗﺘﺒﻠﻮر ﺑ» nا;ﻔﻬﻮم اﻟﺪﻳﻨﻲ« و »ا;ﻔﻬﻮم اﻟﻘﻮﻣﻲ« ﻟﺪى ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴ nاﳉـﺪد ،ﻓـﻲ وﻗـﺖ واﺣـﺪ ﻣـﻊ ﻋـﻮدة اﳉـﻴـﻞ اﺨﻤﻟـﻀـﺮم إﻟـﻰ اﻟـﺘـﺮاث 82
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
وإﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ا;ﺴﺘﺠﺪة )ﻫﻴﻜﻞ ،أﺣـﻤـﺪ أﻣـ nاﻟـﺦ( ﺑـn اﻹzﺎن واﻟﻌﻘﻞ ،ﺑ nاﻹﺳﻼم وا;ﺪﻧﻴﺔ .أي إن اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺑ nاﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم ﺳﺘﻜﻮن qﺜﺎﺑﺔ ﻓﺮع ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ-اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻷم وان ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴ» nاﻟﺘﻘﺪﻣﻴ nواﻟﺜﻮرﻳ «nﻟﻦ zﻀﻮا أﺑـﻌـﺪ-ﻓـﻠـﺴـﻔـﻴـﺎً ودﻳﻨﻴـﺎً-ﻣﻦ ﻫـﺬه اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ا;ﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﻜﺮي »اﻹﺻﻼﺣﻲ« ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه)×(١٣
٢ﺗﻌﺮﻳﺐ ﻣﺼﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً
ﻮذﺟﻴﺎ ﻟﺘﺒ nﺗﺒﺎدل اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ً zﻜﻦ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﻌﺮﻳﺐ ﻣﺼﺮ ﺣﻘﻼً أن اﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ،وﻛﻴﻒ أدى ﺗﻮاﺻﻠﻬﻤﺎ اﳊﻤﻴﻢ ،ﻓـﻲ ﻇﺎﻫﺮة إﻋﺎدة ﺗﺴﻴﻴﺲ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻗﻮﻣﻲ ﻋﺮﺑﻲ ،إﻟﻰ ﺿﻢ اﻛـﺒـﺮ ﻗـﻮة إﻟﻰ »دار اﻟﻌﺮب« اﳉﺪﻳﺪة ،ﺑﻞ وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﻞ ﻓﻲ ﻫـﺬه اﻟـﺪار ،ﺑـﻌـﺪ أن ﻛﺎن اﻻﻣﺘﺪاد ا;ﻜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز آﺳﻴﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. وﻛﺎن اﻟﻌﺮاق )اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ( ﻗﺪ ﻣﺜّﻞ ﻣﺮﻛﺰ اﳉﺬب اﻟﻘﻴﺎدي ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨـﺎت واﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺳﺒﻖ دول ا;ﺸﺮق إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﻘﻴﺎدة ﻓﻴﺼﻞ اﻷول، ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺜﻘﻞ اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺸﻌﺒﻲ-ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ-إﻟﻰ ﺳﻮرﻳﺎ ﺑﻌﺪ أن »أﻋﺎدت ﺣﺮاب اﻹﳒﻠﻴﺰ اﳊﻜﻢ اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق ﻋﻠﻰ ﺣـﻄـﺎم اﻟـﺜـﻮرة اﻟـﻘـﺼـﻴـﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ رﺷﻴﺪ ﻋﺎﻟﻲ اﻟﻜﻴﻼﻧـﻲ« ) (٣٤ﻋـﺎم ،١٩٤١وﻫﻮ ﺣﺪث ﲢﻮﻟﻲ أدى إﻟﻰ »ﻓﻘﺪ اﻷﺳﺮة اﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ ﻧﻔﻮذﻫﺎ ﻓﻲ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻘﻮﻣـﻴـﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ .وإذا ﻣـﺎ أرﻳﺪ وﺿﻊ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺤﺪد ﻟﻠﺒﻴﻨﻮﻧﺔ ا;ﻄﻠﻘﺔ ﺑ nاﻟﻬﺎﺷﻤـﻴـ nواﻟـﻘـﻮﻣـﻴـ ،nﻓـﻘـﺪ ﻳﻜﻮن ﻋﺎم .(٣٥) «.٫١٩٤١ ﻏﻴﺮ أن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺴﻮري ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺗﻔﺎﻋﻞ وﺗﺼﺎرع اﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻗﻴﺎدة ﺣﺎﺳﻤﺔ .ﻓﺎن ﺳﻮرﻳﺎ-رqﺎ ﺑﺤﻜﻢ ﻛﻮﻧﻬﺎ »ا;ﻠﺘﻘﻰ اﻟﻌﻈﻴﻢ« ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻻﻣﺎﻧﺲ-ﺳﺘﺒﺤﺚ داﺋﻤﺎ ﻋﻦ ﻛﻴﺎن ﻋﺮﺑﻲ ﺧﺎرج ﻣﻨﻄﻘﺘﻬﺎ اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﺘﺠﺬﺑﻪ إﻟﻴﻬﺎ وﺗﺘﺤﺪ ﺑﻪ وﲡﺮه إﻟﻰ ﺣﻠﺒﺔ اﻟﺼﺮاع ،ﺗﺎرة ﺑﺎﲡﺎه اﻟﻌﺮاق، وأﺧﺮى ﺑﺎﲡﺎه ﻣﺼﺮ )واﻟـﺴـﻌـﻮدﻳـﺔ( ) .(٣٦ﻟﺬا ﻓﻬﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻔـﺎﻋـﻞ اﻛـﺜـﺮ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﺛﻘﻞ ﺣﺎﺳﻢ ،وﻣﺮﻛﺰ ﻋﺪوى ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺛـﻮرﻳـﺔ وﺷـﻌـﺒـﻴـﺔ اﻛـﺜـﺮ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﺳـﻠـﻄـﺔ ﺳﻮرﻳﺎ ﻗﻮﻳـﺎً وﻃﺎﻣﺤـﺎً ﻣﺜﻞ ً اﺳﺘﻘﻄﺎب ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬا ﻟﻦ zـﻨـﻊ زﻋـﻴـﻤـﺎً أدﻳﺐ اﻟﺸﻴﺸﻜﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﻋـﺎم ١٩٥٢ﻗﺒﻞ ﺗﺒﻠﻮر ﻗﻴﺎدة اﻟﺜﻮرة ا;ﺼـﺮﻳـﺔ» :إن ﺳﻮرﻳﺔ ﺳﺘﻜﻮن )ﺑﺮوﺳﻴﺎ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( و )اﻟﻘﻠﻌﺔ اﻟﻔﻮﻻذﻳﺔ( اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨـﻄـﻠـﻖ 83
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻌﻠﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ« ).(٣٧ أﻣﺎ ﺟﺬور اﻟﺘﺤﻮل ا;ﺼﺮي )اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ( ﻧﺤﻮ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻓﺴﺘﺒﺪأ ﻣـﻦ ﺗـﺎرﻳـﺦ أﺑﻜﺮ ،وﺳﻴﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ-ﻣﺮة أﺧﺮى-ﺷﺎﻫﺪاً ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺧﺼﺐ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأﻧﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ،وﻫﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑ.١٩٣٦ -١٩٣٥ n وﻳﺠﺐ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ أن ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻫـﻲ ﻇـﺎﻫـﺮة ﺗـﻌـﺮﻳـﺐ ﻣـﺼـﺮ ﺳـﻴـﺎﺳـﻴـﺎً .أﻣﺎ ﺗﻌﺮﻳﺒﻬﺎ اﻟﻌﻘﻴﺪي اﻟﻠﻐﻮي اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ )واﳊﻀﺎري ﺑﻌﺎﻣﺔ( ﻓﻘﺪ ¬ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﺼﺮ اﻟﻔﺘﺢ ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄن اﻷﻗﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺑﺖ ﺧﺎرج اﳉﺰﻳﺮة .وﻫﻮ ﺗﺬﻛﻴﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﳉﺪل اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺣﻮل »ﻋﺮوﺑﺔ« ﻣﺼﺮ .وﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎ;ﻼﺣﻈﺔ ﻫﻨﺎ أن ﻣﺼﺮ ﻛﺎﻧﺖ أﻗﻞ ﻋﺮﺿﺔ ﻣـﻦ ﺑـﻼد ا;ـﺸـﺮق ﻟﻠﺘﻴﺎرات »اﻟﺸﻌﻮﺑﻴﺔ« اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ا;ﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أو ﻟـﻌـﺮوﺑـﺔ اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ? وان اﻟﻌﺮاق واﻟﺸﺎم-ﻣﺜﻼ-ﺗﻌﺮﺿﺎ ﻟﺘﻴﺎرات ﻣﻀﺎدة ﻟﻌﺮوﺑﺔ اﻹﺳﻼم، ﻓﻲ ﺗﺮاﺛﻬﻤﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ× اﻹﺳﻼﻣﻲ ،اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺮض ﻣﺼﺮ ﻟﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺼﺮ ﺑﺤﻜﻢ ﺻﻼﺗﻬﺎ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﻣـﺸـﺮﻗـﺎً وﻣﻐـﺮﺑـﺎً-ﻣﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟـﻌـﺎص إﻟـﻰ ﺟـﻮﻫـﺮ اﻟﺼﻘﻠﻲ-ﺗﺘﻠﻘﻰ ﻣﺆﺛﺮات ﻋـﺮﺑـﻴـﺔ ﺧـﺎﻟـﺼـﺔ أو ﺷـﺒـﻪ ﺧـﺎﻟـﺼـﺔ ﻃـﻮال ﻋـﺼـﺮﻫـﺎ اﻟﻮﺳﻴﻂ ،واﻧﻪ ﻻ ﻫﻮﻻﻛﻮ وﻻ ﺗﻴﻤﻮرﻟﻨﻚ ﻗﺪ وﺻﻼ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ إن ﻣﺮور اﻟﺼﻠﻴﺒﻴn ﺑﻬﺎ ﻛﺎن ﻫﺎﻣﺸﻴـﺎً وﺣﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮرت ﻗﺪ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻬﻢ ،وﻟﻢ ﻳﺴﺠـﻞ ﺗـﺎرﻳـﺦ ﻣﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻧﺸﻮء وﺛﺒﻮت أي ﺗﻴﺎر ﻓﻜﺮي أو ﻣﺬﻫﺒﻲ ﻣﻨـﺎﻗـﺾ ﻟـﻺﺳـﻼم »ﺳﻨﻴﺔ«ﻣﺼﺮ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﻋﺎدﻫﺎ ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ دون ﻋﻨﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﻞ إن ّ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﻗﺮون ﻣﻦ اﳊﻜﻢ اﻟﻔﺎﻃﻤﻲ واﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘـﻄـﻊ اﻟﺘﺠﺬر ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﺘﺮﺑﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ. وﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺼﺮ qﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺴﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺗﻜﻮن ﺷﺨﺼﻴﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ وﻃﺒﻴﻌﺔ آﺳﻴﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ّ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ودول أورﺑﺎ .وﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺪراﺳﺎت ﻋﺪﻳﺪة وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻨﺎ ﻣﻌﺎﳉﺘﻬﺎ.(٣٨) . أﻣﺎ ﺑﺪء ﺗﻌﺮﻳﺒﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻘﺪ ﳋﺼﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ »ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ« اﻟﺬي اﺳﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻣﺎدة ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺸﻮرة ) (٣٩ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ا;ﺼﺮي ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ» :ﻛﺎن اﻹﺳﻼم إﺣﺪى اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﻣﺼﺮ ﻧﺤﻮ ﻋﻼﻗﺎت أوﺛﻖ ﻣﻊ ﺷﻘﻴﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺷﻌﺮت ﺑﺤﺮﻳﺘﻬﺎ ﻓـﻲ اﺗـﺒـﺎع ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺧﺎرﺟﻴﺔ اﻛﺜﺮ اﺳﺘﻘﻼﻻ ،ﺑﻌﺪ أن أﺑﺮﻣﺖ ﻣﻌﺎﻫﺪة ١٩٣٦ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ. 84
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
وﻛﺎن اﻟﺘﻘﺎرب ﻣﻊ اﻟﻌﺮب آﻧﺌﺬ واﺣﺪا ﻣﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ ا;ﺴﺎﻟﻚ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ا;ﺘـﻌـﺪدة ا;ﻨﻔﺘﺤﺔ أﻣﺎﻣﻬﺎ .ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳـﻌـﺘـﺒـﺮ ﻣـﺼـﺮ أدﻧـﻰ ﻣـﺮﺗـﺒـﺔ ﻣـﻦ أﻣـﺔ أورﺑـﻴـﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ .أﻣﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻓﻔﻲ اﻟﻐﺮب اﻛﺜﺮ ﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﲡﻪ ﺑﻨﻈﺮه ﻟﻠﺠﻨﻮب ﻻ إﻟﻰ اﻟﺴﻮدان ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ إﻟﻰ اﲢﺎد دول وادي اﻟﻨﻴﻞ qﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﳊﺒﺸﺔ وارﺗﺮﻳﺎ وأوﻏﻨﺪة ،وﻫﻲ ﻣﺪرﺳﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ زاد ﻣﻦ اﻧﺘﻌﺎﺷﻬﺎ وازدﻫﺎرﻫـﺎ ﻫﺰzﺔ اﻹﻳﻄﺎﻟـﻴـ nﻋـﺎم .١٩٤١ﻛﻤﺎ أراد ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻵﺧـﺮ ﻣـﻦ ﻣـﺼـﺮ أن ﺗـﻐـﺪو ﺣﻠﻘﺔ وﺻﻞ ﺑ nاﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب .وداﻓـﻊ آﺧـﺮون ﻋـﻦ ﻗـﻴـﺎدﺗـﻬـﺎ ﻟـﻠـﺸـﺮق أﻣـﺎم ا;ﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ وا;ﺎدﻳ .nأﻣﺎ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﻬﻢ اﻟﺪاﻋﻮن إﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻫﻢ ﻳﺘﻔﺎوﺗﻮن ﺑ nﻣﺆﻳﺪﻳـﻦ 6ـﺎﻣـﺎ ﻟـﻠـﺨـﻼﻓـﺔ اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ وﺑ nﻣﺆﻣﻨ nﺣﺬرﻳﻦ ﺑﺘﻀﺎﻣﻦ ا;ﺴﻠﻤ ...nﻓﺎﻟﺸﻌﺐ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﻓﺌﺎﺗﻪ ﻗﺪ آﻣﻦ ﺑﺄن دور ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ دور إﺳﻼﻣﻲ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻓـﺼـﻞ ﻣـﺼـﺮ ﻋـﻦ اﻟـﺒـﻌـﺾ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺂﺧـﺮﻳـﻦ .إن اﻹﺳـﻼم ﻛـﺎن ﻓـﻲ ﻋـﻈـﺎم ا;ـﺼـﺮﻳـ nﻛـﻤـﺎ ﻛـﺎن ﻓـﻲ ﻟـﺐ ﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﻢ ﻟﻠﻐﺮب .إن ﻫﺬه اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺣ nﺗﺮﺟﻤﺖ إﻟﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻋﻨﺖ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﺌﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ا;ﻀﻄﻬﺪة ،وﺣ nﻗﺼﻒ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن دﻣﺸﻖ ﻋﺎم ١٩٢٥وﺳﺤﻖ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﻮن ﺛﻮرة ﺑﺮﻗﺔ ﻋﺎم ١٩٣٠ﻛﺎﻧﺖ اﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ا;ﺼﺮﻳn وﻣﻌﺎرﺿﺘﻬﻢ دﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ،وﻟﻴﺲ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑـﻴـﺔ .ﻟـﻘـﺪ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺣﻮل اﻟﺴﻴﺎﺳﻴ nا;ﺼﺮﻳ nﻧﺤﻮ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﻠﺴﻄ nﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﳊﺎﺳﻢ اﻟﺬي ّ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧـﻴـﺔ واﺿـﻄـﺮاﺑـﺎت اﻟﻌﺮب وﺛﻮراﺗﻬﻢ ا;ﺘﻜﺮرة ﻣﺎ ﺑـ nﻋـﺎم ١٩٣٩ -١٩٣٦ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ اﻷﺛﺮ اﻟﻜﺒﻴـﺮ اﳊﺎﺳﻢ× ﻓﻲ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ا;ﺼﺮي اﻟﺬي أﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﻮ ا;ﻨﻈﻤﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺗﺰاﻳﺪ ﻗﻮﺗﻬﺎ ...إن اﻻﻧﻔﺠﺎر اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄـ nﻋـﺎم ١٩٣٦ﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﺑﺬور آراء ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﺮ ،ورqﺎ ﻛﺎن ﻫﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء ا;ﺼﺮي اﻷول اﻟﺬي رأى ﺟﻌﻞ ﻣﺼﺮ ﺑﻄﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ...وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳـﻴـ nﻟـﻢ ﻳـﻜـﻮﻧـﻮا اﻟﺒﺎدﺋ nاﳊﻘﻴﻘﻴ nﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺠﺎﺑﻮا ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻀـﻐـﻮط اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺢ ﲡﺎﻫﻠﻬﺎ ﻣﺘﻌﺬرا. وﻣﻦ ا;ﻤﻜﻦ اﻗﺘﻔﺎء أﺻﻮل ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﻓﻲ )ﻇـﻬـﻮر( ا;ـﺜـﻘـﻔـ nواﳊـﺮﻛـﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮت اﻵراء ﺷﻌﺒﻴﺎ واﻟﺘﻲ اﻗﺘﻨﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌـﺪ ،أو أرﻏﻤﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ .وﻛﺎن أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺷﻐﻠﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻫﻢ أواﺋﻞ ﻣﻦ أدرﻛﻮا اﻷﻗﻞ ذﻟﻚ اﳉﺰء ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﻜﺎﻣـﻦ ﻓـﻲ ﺳـﻴـﻄـﺮﺗـﻪ ﻋـﻠـﻰ 85
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻘﻨﻴ ،.nﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﻛﺪوا ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة إﺣﻴﺎء اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻼءم وﺣﻀﺎرة اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ ،ﻛﻤﺎ ﻛـﺎن أوﻟـﺌـﻚ اﻟـﺬﻳـﻦ ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺴﻮا ﺑﺄزﻣﺎت ﺟـﻴـﺮاﻧـﻬـﻢ ـﻦ ﻳـﺪﻳـﻦ ﻣـﻌـﻈـﻤـﻬـﻢ ﺑﺎﻹﺳﻼم.(٤٠) .. وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﺎن اﳊﺪة اﳉﺪﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻃُﺮﺣﺖ ﺑﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺣﻮاﻟﻲ ١٩٣٠دﻟﺖ ﻋﻠﻰ أن ﻫﺬه ا;ﺴﺄﻟﺔ qﺎ أﺛﺎرﺗﻪ ﻣﻦ اﺣﺘﺸﺎد ﻓﻜﺮى داﺧﻞ ﻃﺮﻓﻲ اﻟﻨﺰاع ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ُﻫﻮﻳﺔ ﻣﺼﻴﺮﻳﺔ واﻧﺘﻤﺎء ﻛﻴﺎﻧﻲ ﻻﺑﺪ أن ُﺗﺤﺴﻢ. ﻓﻤﻨﺬ ﺳﻨﺔ ،١٩٣٠ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ا;ﺒﻜﺮ ،ﳒﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ا;ﺼﺮي ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻋـﺮوﺑـﺔ ﻣـﺆﺳـﺲ »راﺑـﻄـﺔ اﻻﲢـﺎد اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ« qـﺼـﺮ وأﺣــﺪ زﻋ ـﻤــﺎء اﻷﺣــﺮار اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳ nواﻟﺬي داﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ أﻣﺎم ﳉﻨﺔ ﻋـﺼـﺒـﺔ اﻷ ﺑﺸﺄن ﺣﻮادث اﻟﺒﺮاق )ﺣﺎدث ﺣﺎﺋﻂ ا;ﺒﻜﻰ( ،ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﺑﺎب ﻟﻪ ﺑﺪﻣﺸﻖ» :أﻧﺎ ﻻ أدري ﻣﺎ اﳊﺎﻓﺰ اﻟﺬي ﺣﺪا ذﻟﻚ اﻟﻨﻔﺮ اﻟﻀﺌﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ إﻟـﻰ أن ﻳـﺼـﺮخ ﺑﻘﻮﻟﻪ :ﺣﺬار ﻳﺎ ﻣﺼﺮ أن ﺗﻜﻮﻧﻲ واﺳﻄﺔ ﻋﻘﺪ اﻷ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وأﺧﺘﻬﺎ اﻟﻜﺒﺮى... ﻋﻠﻰ أﻧﻨﻲ ﻟﻮ ﻓﺮﺿﺖ أن ﻫﻨﺎك ﺟﻨﺴﺎ ﻓﺮﻋﻮﻧﻴﺎ ﳊﻤﺎ ودﻣﺎ وﻋﻈﻤﺎ ،ﻓﺎن ﻓﻮق ﻫﺬا اﳉﻨﺲ ﺟﻨﺴﺎ آﺧﺮ وراﺑﻄﺔ أﺧﺮى ...ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن إﻧﺴﺎﻧﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،ﻻ ﺑﺎﻟﻠﺤﻢ واﻟﺪم واﻟﻌﻈﻢ .إن اﻹﻧـﺴـﺎن ﻳـﺎ ﺳـﺎدﺗـﻲ ،ﺧـﻠـﻖ ﻣـﻦ ﺗـﻠـﻚ اﻟﻨﻔﺤﺔ اﻟﻘﺪﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻟﻔﻜﺮ واﻵﻣﺎل واﻵﻻم واﻟﻜﺮاﻣﺔ ..وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻲ أﺑﺸﺮﻛﻢ ﻓﻼ ﺗﺘﻄﻴﺮوا وﻻ ﲢﺰﻧﻮا ،ﻣﺎ ﻣﺼﺮ إﻻ ﻋﺮﺑﻴﺔ ،وﻻ ﺗﻘﻮم إﻻ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻋﺮﺑﻴﺔ ،وﻻ ﻳﺮﺿﻲ ا;ﺼﺮﻳﻮن ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« ) (٤١وﻓﻲ ١٩٣٣ﻧﻠﻤﺢ أول ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﺮوﺑﺔq-ﻔﻬﻮﻣﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﳊﺪﻳﺚ-ﺑ nﻛﺒﺎر ا;ﺜﻘﻔ nا;ﺼﺮﻳ ،nوﻗﺪ ﺷﻬﺪت ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﺪﻻ ﺣﻮل اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴـﺔ واﳉـﺎﻣـﻌـﺔ ا;ـﺼـﺮﻳـﺔ ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن ا;ﺎﺿﻲ وﺣﺘﻰ ﻋﺸﺮﻳﻨﺎت ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ) ،(٤٢ﻏﻴﺮ أن »اﻟﻨﺒﺮة« ﺗﻀﻤﻨﺖ اﻟﺪاﻓﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،اﻛﺜﺮ ﻫﺬه ا;ﺮة ﺳﺘﻜﻮن ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ،وأن ّ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ 6ﺴﻜﺎ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺎ ﺑﺎ;ﻔﻬﻮم اﻟﻘﺪ ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .وﻛﺎﻧﺖ» ..ﻫﺬه أﺿﺨﻢ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻋﺎم ١٩٣٣أﺛﺎرﻫﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴ nﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺟﺎء ﺿﻤﻦ إﺣﺪى ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة »ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺸﺮق« ﻗﺎل ﻓﻴﻪ :إن ا;ﺼﺮﻳ nﻗﺪ ﺧﻀـﻌـﻮا ﻟـﻀـﺮوب ﻣـﻦ اﻟـﺒـﻐـﺾ وأﻟـﻮان ﻣـﻦ اﻟـﻌـﺪوان، ﺟﺎءﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺮس واﻟﻴﻮﻧﺎن ،وﺟﺎءﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب× واﻟﺘـﺮك واﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻴـ«.n 86
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
وﻟﻘﺪ ﻫﺒﺖ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة واﺳﺘﻤﺮت اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺷﻬﻮر وﻗﻮد اﻟﺼﺤﻒ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف أﻟﻮاﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﺒﻼد اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ،وﻗـﺪ ﺣـﻤـﻞ ﻟـﻮاء ﻣﺴﺎﺟﻠﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ :ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺣﻤﺰة ﺻﺎﺣﺐ ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺒﻼغ )اﻟـﻮﻓـﺪﻳـﺔ(، واﺷﺘﺮك ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ،وﻟﻢ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ ﺻﻒ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻏﻴﺮ ﺣﺴﻦ ﺻﺒﺤﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﺣﺴ nوﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ .ووﻗﻒ ﻓﻲ اﳉﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ :ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﺰام ،وﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﳋﻄﻴﺐ ،وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻔﻴﻔﻲ ،وﻓﺘﺤﻲ رﺿﻮان ،وزﻛﻲ ﻣﺒﺎرك ،وزﻛﻲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ،وﻋﻠﻰ اﳉﻨﺪي« ).(٤٣ واﳊﻘﻴﻘﺔ أن ﻃﻪ ﺣﺴ nﻟﻢ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﻣﻬﺎﺟﻤـﺔ اﻟـﻔـﻜـﺮة اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﺻـﺮاﺣـﺔ، وﻟﻜﻦ ذﻛﺮه ﻟﻠﻌﺮب ﺿﻤﻦ ﻏﺰاة ﻣﺼﺮ اﻷﺟﺎﻧﺐ ﺣﺮّك ﻛﻞ ذﻟﻚ اﻻﻋﺘﺮاض ﺿﺪ إﺷﺎرﺗﻪ وﻃﺮق ا;ﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ ﺟﺬورﻫﺎ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻧﻀﺞ اﻟﻮﻗﺖ ;ﺜﻞ ﻫﺬه ا;ﺮاﺟﻌﺔ ﻟﻠﺬات وإﻋﺎدة اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ-وﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒﺎ أن ﻇﻬﺮ أﻓﻜﺎر ﻓﺮﻋﻮﻧﻴﺔ وﻣﺼﺮﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻴـﺎر واﺿـﺤـﺎ-وﺷـﺎﺋـﻌـﺎ، وﻟﻜﻦ اﳉﺪﻳﺪ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ا;ﺼﺮي اﳋﺎﻟﺺ ﻣﻮﺿﻊ اﺗﻬﺎم وﻳﺘﻌﺮض ﻻﻧﺘﻘﺎد ﻗﻮي وأن ﻳﻀﻄﺮ ﻟﻠﺘﺤﻮل ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻬﺠﻮم إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ وﻫﻲ ردة ﻓﻌﻞ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﲢﺪث-ﻣﺜﻼ-ﻋﻨﺪﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻟـﻄـﻔـﻲ اﻟـﺴـﻴـﺪ ﻳـﻜـﺘـﺐ ﻋـﻠـﻰ اﻷﺷﻬﺎد ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة اﳉﺮﻳﺪة ﻋﺎم ...» :١٩١٣ﻳﻌﻮزﻧﺎ ﺷﻴﻮع اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ﻣﺼﺮ ﻻ zﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺘﻘﺪم إذا ﻛﺎﻧﺖ ﲡ ﻋﻦ اﻷﺧﺬ qﻨﻔﻌﺘﻬﺎ وﺗﺘﻮاﻛﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أوﻫﺎم وﺧﻴﺎﻻت ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻻﲢﺎد اﻟﻌﺮﺑﻲ ،و ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ آﺧﺮون اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.(٤٤) «... وﻛﺎن ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ أن ﲢﺪث ردة ﻓﻌﻞ ﻋﻨـﻴـﻔـﺔ ﺿـﺪ اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر ﻃـﻪ ﺣـﺴـ ﻓـﻲ ﺳﻮرﻳﺎ وا;ﺸـﺮق (٤٥) ،وﻟﻜﻦ اﳉﺪﻳﺪ ﻫﻮ رد اﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،وﻋﻠـﻰ ﻣـﺴـﺘـﻮى ﻋﺪد ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﻴﻬﺎ وﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟﻜﺒﺎر .وﻫـﺬه اﻟـﺮدود ﺳـﺘـﻤـﺜـﻞ أول ﻛـﺘـﺎﺑـﺎت ﻓـﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ا;ﺼـﺮﻳـﺔ ﺗـﻌـﺒّﺮ ﺑﻬﺬا اﻟﻮﺿﻮح واﳊﺴﻢ ﻋﻦ اﻧﺘﻤـﺎء ﻣـﺼـﺮ اﻟـﺸـﻌـﻮري واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺮوﺑﺔ qﻔﻬﻮﻣﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﳊﺪﻳﺚ. ﻛﺘﺐ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﺰام ﻓﻲ »ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺒﻼغ« ﺑـﺘـﺎرﻳـﺦ ٢٩/٨/١٩٣٣ﻣﻌﻘﺒـﺎ ﻋﻠﻰ ا;ﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﺎرﻫﺎ ﻃﻪ ﺣﺴ» :nاﻟﻘﺪ ﻗﺒﻞ ا;ﺼﺮﻳﻮن دﻳﻦ اﻟﻌﺮب وﻋﺎدات اﻟﻌﺮب وﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب وﺣﻀﺎرة اﻟﻌﺮب وأﺻﺒﺤﻮا ﻋﺮﺑـﺎ ﻓـﻲ ﻃـﻠـﻴـﻌـﺔ اﻟـﻌـﺮب. واﻟﺬي ﻧﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻧﺴﺎب أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ أن أﻛﺜﺮﻳﺔ دﻣـﺎء أﻫﻠﻬﺎ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻌﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وان ﻓﺮدا واﺣﺪا ﻣﻦ ﺗـﺴـﻌـ nﻓـﻲ ا;ـﺎﺋـﺔ ﻣـﻦ 87
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺳﻜﺎن ﻣﺼﺮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻨﻜﺮ أن ﻋﺮوﻗـﻪ ﲡـﺮي ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟـﺪﻣـﺎء اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ. واﻟﻮاﻗﻊ ا;ﻠﻤﻮس أن ﻣﺼﺮ اﻵن ﻣﻦ ﺟﺴﻢ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن اﻟﻘﻠﺐ×... ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺗﻠﻚ ﻫـﻲ أﻣﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﻨﺘﺴﺐ إﻟﻴﻬﺎ وﻧﻔﺨﺮ ﺑﺘﺎرﻳﺨﻬﺎ)«(٤٦ و ﻳﻀﻴﻒ» :ﻓﺈذا أﻧﻜﺮﻧﺎ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﲡﺎﻫﻠﻨﺎ وﺟﻮدﻫﺎ أﻧﻜﺮﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎم واﻟﻌﺮاق وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﲡﺎﻫﻠﻨﺎ وﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻗﻄﺎر ﻓﺈذا ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺣﺠﺎرة ﺻﺎﻣﺘﺔ وأ ﺑﺎﺋﺪة وأرض ﻻ أﻫﻞ ﻟﻬﺎ .ﻣﺎذا ﺑﻘﻰ ﻣﻦ أﺷﻮر وﻓﻴﻨﻴﻘﻴﺔ وﻓﺮﻋﻮن وﻗﺮﻃﺎﺟﻨﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ أﺑﻘﺎه اﻟﻌﺮب ﻓﻲ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،وﻏﻴﺮ اﻷﻣﺔ اﳊﻴﺔ اﻟﺘﻲ 6ﺘﺪ اﻵن ﻣﻦ اﶈﻴﻂ إﻟﻰ اﶈﻴﻂ .وﻧﺤﻦ إ ﺎ ﻧـﻨـﺘـﺴـﺐ ﺑـﺼـﻔـﺔ ﻋﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺔ اﳊﻴﺔ اﻟﻮارﺛﺔ ﻟﻸرض ا;ﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻴﻬﺎ.(٤٧) «. و ﻳﺘﺤﺪث ﻋﺰّام ﻋﻦ ﲡﺎرﺑﻪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ »اﻟﺒﻼغ« ﺑﺘﺎرﻳﺦ ١١ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،١٩٣٣ )وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن ﻗﺎم ﻋﺪد ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﻔﻜﺮ ا;ﺼﺮﻳ nﺑﺰﻳﺎرات دﻳـﻨـﻴـﺔ )ﻟـﻠـﺤـﺞ( وﺗﻌﺮﻓﻮا إﻟﻰ أوﺿﺎﻋﻪ وزﻳﺎرات ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء ﻣﻦ ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲّ ، وﺗﻴﺎراﺗﻪ ،وﻧﻘﻠﻮا ﻟﻠﻤﺼﺮﻳ nﺻﻮرة ﻋﻦ ذﻟـﻚ( )-(٤٨ﻳﻘﻮل» :ﻟﻘﺪ دﻟﺘﻨﻲ ﲡـﺎرب ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﻣﺨﺎﻟﻄﺔ اﻟﺸﻌﻮب واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﺠﻤﻟـﺎورة ;ـﺼـﺮ ﻓـﻲ اﳉﻨﻮب أو اﻟﻐﺮب أو اﻟﺸﺮق )ﺧﻔﺖ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻵن ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل ﻓﻤﺎ وراء اﻟﺒﺤﺮ ا;ﺘﻮﺳﻂ !( ﻋﻠﻰ وﺣـﺪة ﺟـﻠـﻴّﺔ ،ﻓﻤﺎ ﺷﻌﺮت ﻓﻲ وﺟﻮدي ﺟﻨﻮب ﺣﻠـﻔـﺎ ﺑـﺄﻧـﻨـﻲ ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻦ إﺧﻮاﻧﻲ اﻟﺴﻮداﻧﻴ ،nﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺰﺗﻲ ﻓـﻴـﻬـﻢ ﺻـﺎدرة ﻋـﻦ اﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺐ ﻣﺸﺘﺮك وأدب ﻣﺸﺘﺮك وﻟﺴﺎن ﻣﺸﺘﺮك .وﻓﻲ ﺑﺮﻗﺔ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﻇﻦ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﻋﺸﻴﺮﺗﻲ ،وﻓـﻲ ﻓـﻠـﺴـﻄـ nﻻ ﻳـﺠـﺪ ا;ـﺼـﺮي ـﻲ ﻣﻠﻤﻮس» «..ﻟﻴﺴـﺖ اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ ﻧﻔﺴﻪ إﻻ ﻓﻲ ﻗﻮﻣﻪ اﻷﻗـﺮﺑـ ،nذﻟـﻚ ﻛـﻠـﻪ ﺟـﻠ ّ اﻟﻌﺰﻳﺰة اﳉﺎﻧﺐ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻴﺮة اﶈﻠﻴﺔ أو اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺑﻞ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻠﻐﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺼﺮ ﺑﺄﻛﻠﻤﻪ ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺒﺸـﺮ ﻟـﻪ وﺟـﻮد ﺧـﺎص ،و ﺑ nأﺟﺰاﺋﻪ ﺗﻌﺎرف ﺧﺎص و ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ أدب ﻣﺸﺘﺮك وﻟﻐﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ وﺗـﺎرﻳـﺦ ﻳﻌﺘﺰ ﺑﺘﺮدﻳﺪه و ﻳﻄﺮب ﻟﺬﻛﺮاه )اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻠﻐﻮي اﻟﺸﻌﻮري ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ(.. ذﻟﻚ ﻫﻮ أﺳﺎس اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﺔ اﻟﺘﻲ 6ﺘﺪ ﻣﻦ اﶈﻴﻂ إﻟﻰ اﶈﻴﻂ، ﻓﻠﻴﺬﻫﺐ إذن دﻋﺎة اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،أو اﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ أو اﻵﺷﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،ﺣﻴﺚ ﺷﺎءوا ﻓﺈذا اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا أن ﻳﺴﺘﻨﻬﻀﻮا ﻗـﺮﻳـﺔ واﺣـﺪة ﺑـﺎﺳـﻢ اﻷ اﻟﺘﻲ ﻓﻨﻴﺖ ﻓﻲ أﻫﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻘﻴﻤـﻮا ﺷـﻌـﻮﺑـﻴـﺘـﻬـﻢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﻤﻴﻖ .أﻣﺎ اﻟﺪﻋﻮة ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻨﻬﺾ ﺳﺒﻌ nﻣﻠﻴﻮﻧﺎ 88
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وآﺳﻴﺎ ،وﲡﺪ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب وأﺑﻄﺎﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎ. ﺣﺪﺛﻮا ﻣﺎ ﺷﺌﺘﻢ ﻋﻦ »ﺧﻮﻓﻮ« و »ﻣﻴﻨﺎ« ،ﻓﻬﻞ ﲡﺪون ﻓﻲ اﻟـﻨـﺎس إﻧـﺼـﺎﺗـﺎ ،ﺛـﻢ ّ ﺣﺪﺛﻮﻫﻢ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ أو ﻋﻤﺮو أو أﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪه أو ﺧﺎﻟﺪ أو ﺳﻌﺪ ﻣﻦ ﻓﺎﲢﻲ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺎ واﻟﻌﺮاق ،أﻓﻼ ﲡﺪون إﻧﺼﺎﺗﺎ ﻛﺈﻧﺼﺎت اﻟﺒﻨ nﻟﻶﺑﺎء« ).(٤٩ و ﻳﻜﺘﺐ زﻛﻲ ﻣﺒﺎرك ﺑﻨﺒﺮة ﻋﺮﺑﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ أﻛﺜﺮ واﻗﻌﻴﺔ وﺗﻔﻬﻤﺎ ﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻣﺼﺮ وﻣﺸﻴﺌﺘﻬﺎ ،واﻛﺜﺮ ﲢﻔﻈﺎ ﲡﺎه اﻧﺪﻣﺎﺟﻬﺎ اﻟﺘﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ،وأﻛـﺜـﺮ ﲢـﺴـﺴـﺎ ;ﺼﺎﻋﺐ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ »ﻧﺤﻦ ﺣ nﻧﺘﻜﻠـﻢ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ وﻧـﺪﻳـﻦ ﺑـﺎﻹﺳـﻼم ﻻ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻋﺮب )إﺷﺎرة إﻟﻰ إﳊﺎح ا;ﺸﺎرﻗـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻋـﺮوﺑـﺔ ﻣﺼﺮ( .ﻓﻨﺤﻦ ﻋﺮب ﻟﻐﺔ ودﻳﻨﺎ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻣﺼﺮﻳﻮن وﻃﻨﺎ ،واﻟﺬي ﻳﻄﺎﻟﺒﻨﺎ ﺑﻐـﻴـﺮ ذﻟﻚ ،إ ﺎ ﻳﻜﺎﺑﺮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻣﻨﺬ أزﻣﺎن ﻃﻮﻳﻠﺔ أن ﻣﺼﺮ ﻟﻬﺎ وﺟﻮد ﺧﺎص ،وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب ﺣﺎﻓﻞ ﺑﺸﻮاﻫﺪ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل .وا;ﺼﺮي ﻻ zـﺘـﻨـﻊ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﻫﺬه اﻟﻮﺣﺪة ﺗﺘﻤﺜﻞ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ اﻟﺼﻼت اﻷدﺑﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﲡﻤﻊ ﺑ nﻣﺼﺮ وا;ﻐﺮب واﻟﺸﺎم واﳊﺠﺎز واﻟﻴﻤﻦ واﻟﻌﺮاق .أﻣﺎ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﺄﻣﻞ ﺿﻌﻴﻒ« ) (٥٠وﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻋﺎدة اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪي واﻟﺘﺤﺪي ﻧﺮاه ﻳﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺘﻘﺪﻳﻪ ﺑﻠﻄﻒ وﻛﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮد أن ﻳﺠﺮح اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺘﻲ أدﺑﺎ وﺛﻘﺎﻓﺔ وﻧﻬﻀﺔ وﻻ ﻳﻔﺼﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺟﺰ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ: ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ً »ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﺰام ﻳﻌﻠﻢ ﺣﻖ اﻟﻌﻠﻢ أﻧﻲ ﻟﺴﺖ ﻣﻦ ﺧﺼﻮم اﻟﻌﺮب وﻻ ا;ﻨﻜﺮﻳﻦ ;ﺎ ﻛﺎن ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺠﺪ ﻣﺆﺛﻞ وﻋﺰ ﺑﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻣﺎن .وﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺣﻖ اﻟﻌﻠﻢ أﻧﻲ ﻟﺴﺖ ﺧﺼﻤـﺎً ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ .وﻻ ﻟﻬﺬه اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘـﻲ ﻳـﺬﻳـﻌـﻬـﺎ اﻟﻌﺮب إﻟﻰ وﺣﺪﺗﻬﻢ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﻷﻧﻲ ﲢـﺪﺛـﺖ إﻟـﻴـﻪ ﻓـﻲ ذﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﺮة .وان ﺷﻚ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺸﻚ ﻓﻲ أﻧﻲ أﺑﻌﺪ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ اﻟﻌﺮب أو اﻻزورار ﻋﻨﻬﻢ« ) .(٥١أﻣﺎ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﺴﻴﺆﻛـﺪ 6ﺴﻜﻪ ا;ﻌﻬﻮد ﺑﺎ;ﺼﺮﻳﺔ ﺑﻌﻨﻮان» :ﻫﺬا اﻟﻮﻃﻦ ا;ﺼﺮي« ).(٥٢ ﺛﻢ ﺗﻠﺖ ذﻟﻚ ﻣﻌﺮﻛﺔ أﺧﺮى ﺑ nاﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﻴﻜﻞ وأﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ﺣﻮل اﻟﺘـﺮاث اﻟـﻔـﺮﻋـﻮﻧـﻲ واﻟـﺘـﺮاث اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ وأﻳـﻬـﻤـﺎ أﺟـﺪر ﺑـﺎﻹﻗـﺘـﺪاء واﻻﻗـﺘـﺒـﺎس واﻻﺳﺘﻠﻬﺎم ﻓـﻲ ﺧـﻠـﻖ اﻷدب اﳉـﺪﻳـﺪ ،وﻛـﺎن ﻫـﻴـﻜـﻞ ﻋـﻨـﺪﻫـﺎ ﻗـﺪ ﺑـﺪأ ﲢ ّـﻮﻟـﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻘﻴﺖ ﻟﻪ آراء أدﺑﻴﺔ وﻧﻘﺪﻳﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﺮاث ا;ﺼـﺮي اﳋـﺎص ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑـﻪ »ﺛـﻮرة اﻷدب« )-(٥٣) ١٩٣٣واﻟﺘﺤﻮل اﻹﺳﻼﻣﻲ-ﻓﻲ ﻣﺼـﺮ ّ ﺧﺎﺻﺔ-ﻳﻜﻮن ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮل اﻟﻌﺮﺑﻲ و ﻳﺴﺒﻘﻪ ﺑﺰﻣﻦ6-ﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﳊﺎل ﻓﻲ 89
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻋﻬﺪ اﻟﻔﺘﺢ ﺣﻴﺚ أدى اﻋﺘﻨﺎق اﻹﺳﻼم إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ( .وﺷﺎرك ﻓﻲ ﻫﺬا اﳉﺪل ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ا;ﺼﺮﻳ .nوأﺑﺮز ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺷﻌﻮري ﺟﻴﺎش ﺣﻮل ﻋﺮوﺑﺔ ﻣﺼﺮ ﺗﻠﻚ ا;ﻘﺎﻟﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻷﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت-اﻟﺬي ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ردﺣﺎ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ-وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺘﻪ »اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ« ﺑـﺘـﺎرﻳـﺦ /١ » :١٩٣٣/١٠اﺷﺘﻬﺮ ﺑﺎﻟﺮأي اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ اﺛﻨﺎن أو ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ رﺟﺎل اﳉﺪل وﺳﺎﺳﺔ اﻟﻜﻼم .ﻓﺒﺴﻄﻮه ﻓﻲ ا;ﻘﺎﻻت وأﻳﺪوه ﺑﺎ;ﻨﺎﻇﺮات ..ﺣﺘﻰ ﺧﺎل ﺑﻨﻮ اﻷﻋﻤﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق واﻟﺸﺎم أن اﻷﻣﺮ ﺟﺪ ،وان اﻟﻔﻜﺮة ﻋﻘﻴﺪة ،وان ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب أﻣﺔ، وأن ﻣﺼﺮ رأس اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ا;ﺂذن ﻣﺴﻼت ..ﻻ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺤﺎﺟﻬﻢ qﺎ ﻗﺮره اﶈﺪﺛﻮن أن اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣـﻦ أن ا;ـﺼـﺮﻳـﺔ اﳉـﺎﻫـﻠـﻴـﺔ ﺗـﻨـﺰع ﺑـﻌـﺮق إﻟـﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ )ﻧﻈﺮة إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ا;ﺼﺮي اﻟـﻘـﺪ ﻣـﻦ ﻣـﻨـﻈـﺎر إﺳـﻼﻣـﻲ وﻣﺼﻄﻠﺢ ﻋﺮﺑﻲ( ،ﻓﺎن ﻫﺬا اﳊﺠﺎج ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻔﺲ وﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺑﻪ اﳉﺪل. وﻛﻔﻰ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ا;ﺸﻬﻮد دﻟﻴﻼ وﺣﺠﺔ .وﻫﺬه ﻣﺼﺮ اﳊﺎﺿﺮة ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﻗﺮﻧﺎ وﺛﻠﺜﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻧﺴﺨﺖ ﻣﺎ ﻗﺒـﻠـﻬـﺎ ﻛـﻤـﺎ ﺗـﻨـﺴـﺦ اﻟـﺸـﻤـﺲ اﻟﻀﺎﺣﻴﺔ ﺳﻮاﺑﻎ اﻟﻈﻼل .أزﻫﻘﻮا إن اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ ﻫﺬه اﻟﺮوح ،واﻣﺤﻮا وﻟﻮ ﺑﺎﻟﻔﺮض ﻫﺬا ا;ﺎﺿﻲ ،ﺛﻢ اﻧﻈﺮوا ﻣﺎذا ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﺰﻣﺎن ﻣﻦ ﻣﺼﺮ .وﻫﻞ ﻳﺒﻘﻰ إﻻ أﺷﻼء ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﺴﻮط ..وأﺷﺒﺎح ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺗﺮﺗﻞ )ﻛﺘﺎب اﻷﻣﻮات( ،وﺟﺒﺎه ﺿﺎرﻋﺔ ﺗﺴﺠﺪ ﻟﻠﺼﺨﻮر ،وﻓﻨﻮن ﺧﺮاﻓﻴﺔ ﺷﻐﻠﻬﺎ ا;ﻮت ﺣﺘﻰ أﻏﻔﻠﺖ اﻟـﺪﻧـﻴـﺎ وأﻧـﻜـﺮت اﳊﻴﺎة× .ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﻻ أن ﺗﻜﻮن ﻓـﺼـﻼ ﻣـﻦ ﻛـﺘـﺎب اﺠﻤﻟـﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﲡﺪ ﻣﺪدا ﳊﻴﻮﻳﺘﻬﺎ ،وﻻ ﺳﻨﺪا ﻟﻘﻮﺗﻬﺎ ،وﻻ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ، إﻻ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮب .اﻧﺸﺮوا ﻣﺎ ﺿﻤﺖ اﻟﻘﺒﻮر ﻣﻦ رﻓﺎت اﻟﻔﺮاﻋ ،nواﺳﺘﻘﻄﺮوا ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر اﻟﺼﻼب أﺧﺒﺎر اﻟﻬﺎﻟﻜ ،nوﻏﺎﻟﺒﻮا اﻟﺒﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﻳﺪﻳﻪ ﻣﻦ أﻛﻔﺎن ا;ﺎﺿﻲ اﻟﺮﻣﻴﻢ ﺛﻢ ﲢﺪﺛﻮا وأﻃﻴﻠﻮا اﳊﺪﻳـﺚ ﻋـﻦ ﺿـﺨـﺎﻣـﺔ اﻵﺛـﺎر وﻋﻈﻤﺔ اﻟﻨﻴﻞ وﺟﻤﺎل اﻟﻮادي وﺣﺎل اﻟﺸﻌﺐ وﻟﻜﻦ اذﻛﺮوا داﺋﻤﺎ أن اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﺨﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﻣﻴﺎء ﻓﺮﻋﻮن ﻫﻲ روح ﻋﻤﺮو ،وان اﻟﻠﺴﺎن اﻟﺬي ﺗﻨﺸﺮون ﺑـﻪ ﻣﺠﺪ ﻣﺼﺮ ﻫﻮ ﻟﺴﺎن ﻣﻀﺮ ،وان اﻟﻘﻴﺜﺎر اﻟﺬي ﺗﻮﻗﻌﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﳊﺎن اﻟﻨﻴﻞ ﻫﻮ ﻗﻴﺜﺎر اﻣﺮؤ اﻟﻘﻴﺲ ،وان آﺛﺎر اﻟﻌﺮب ا;ﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻌﻤﺮ اﻟﺼﺪور و6ﻸ اﻟﺴﻄﻮر ،وﺗﻐﺬي اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ أدﻋﻰ إﻟﻰ اﻟﻔﺨﺮ وأﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻫﺮ وأﺟﺪى ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺋﺢ اﻟﺬﻫﺐ وﺟﻨﺎدل اﳊﺠﺎرة« ).(٥٤ وﻳﻼﺣﻆ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ إن إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ا;ﺎزﻧﻲ ﻛﺎن أﻳﻀﺎ 90
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘ nإﻟﻰ اﻹzﺎن ﺑﺎﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ واﻗﻌﻲ ﺳﻴﺎﺳﻲ» :ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٣٥ﻣﻘﺎﻻ ﲢﺖ ﻋﻨﻮان »اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« دﻋﺎ ﻓﻴﻪ إﻟﻰ ﺟﻤﻊ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻌﺮب وأن ﺗﻨﺘﻈﻤﻬﻢ ﻫﻴﺌﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﺣﺪة ﺗﺆﻟﻒ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر، وﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ﻘﺎل» :ﻟﻘﺪ أﺣﻄﻨﺎ ﻗﻮﻣﻴﺘﻨﺎ )ا;ﺼﺮﻳﺔ( qﺜﻞ ﺳﻮر اﻟﺼ،n وﻟﻮ أن ﻫﺬه اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ إﻻ وﻫﻤﺎ ﻻ ﺳﻨﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﳊﻴﺎة واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻮﺟﺐ أن ﻧﺨﻠﻘﻬﺎ ﺧﻠﻘﺎ .ﻓﻤﺎ ﻟﻸ اﻟﺼﻐﻴﺮة أﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﻣﺄﻣﻮﻧﺔ ..وان أﻳﺔ دول ﺗﺘﺎح ﻟﻬﺎ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺜﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﺗﺄﻛﻠﻬﻢ أﻛﻼ ﺑﻠﺤﻤﻬﻢ وﻋﻈﻤﻬﻢ. وﻟﻜﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ،إذا أﺿﻴﻒ إﻟﻴﻪ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ اﻟﺸﺎم ،وﻣﻼﻳ nﻣﺼﺮ واﻟﻌﺮاق ﻣﺜﻼ ﻳﺼﺒﺤﻮن ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻪ ﺑﺄس ﻳﺘﻘﻰ« ).(٥٥ وﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٣٨ﻧﺸﺒﺖ ا;ﻌﺮﻛﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﺑ nﻃﻪ ﺣﺴ nوﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي ﺣﻮل اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ واﻟﻌﺮوﺑﺔ وﻛﺎﻧﺖ أﺳﻠﺤﺘﻬﺎ ﻛﺘﺎب »ﻣﺴﺘﻘﺒـﻞ اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ« ﻟـﻸول وﻛﺘﺐ اﻷﺑﺤﺎث واﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﺜﺎﻧﻲ.(٥٦) . وﻳﺒﺪو أن ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ،ذﻟﻚ اﻟﻜﺎﻫﻦ ا;ﺘﺸﺒﻊ ﺑﺎﻟﺮوح ا;ﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪzﺔ، ﻛﺎن ﻳﺮﻗﺐ ا;ﻌﺮﻛﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺑ nا;ﺼﺮﻳﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ذﻟﻚ اﻟﺘﺰاوج اﳉﺪﻟﻲ ﺑ nﻣﺼﺮ واﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻣﻦ »اﻟﺒـﺮج اﻟـﻌـﺎﺟـﻲ«) ،ﻋـﻠـﻰ زﻫـﺪه ا;ـﺄﺛـﻮر ﻓـﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ورﻓﻀﻪ ﻻﻟﺘﺰام اﻟﻔﻨﺎن ﺑﻬﺎ( ،ﻓﻔﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ اﳋﺼﺒـﺔ، ﺗﺘﺴﻠﻞ إﻟﻰ وﻋﻴﻪ اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻔﻨﻲ ورؤﻳﺘﻪ اﳊﻀﺎرﻳﺔ ﻓﻜﺮة »ﺗﻮﻓﻴـﻘـﻴـﺔ« ﻃـﺮﻳـﻔـﺔ وﻋﻤﻴﻘﺔ ﺑ nﻣﺼﺮ واﻟﻌﺮوﺑﺔ ،و ﺑـ nروح اﻟـﻔـﻦ ا;ـﺼـﺮي اﻟـﻘـﺪ وروح اﻟـﻔـﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ .،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻻ واﻋﻴﺔ ﻣﻨﻪ ﲡﺎه اﻟﺘﻮاﻓﻖ ا;ﺼﺮي-اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺘﻤﺨﺾ اﻟﻮﺷﻴﻚ .ﻓﻔﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﻛﺘﺒﻬﺎ إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘـﻪ ﻃﻪ ﺣﺴـ nﻓـﻲ ﻣـﺎﻳـﻮ ١٩٣٣ﻋ ّـﺮف ا;ﻨﻄﻖ ا;ﺼﺮي اﻟـﻔـﻨـﻲ واﳊـﻀـﺎري ﺑـﺄﻧـﻪ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺬوق اﻟﺒﺎﻃﻨﻲ واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،واﻟﺘﻨـﺎﺳـﻖ ا;ـﻌـﻤـﺎري اﳋـﻔـﻲ ﺑـn اﻷﺷﻴﺎء ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﺪد ا;ﻨﻄﻖ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻨﻄﻖ اﳊـﺲ ا;ـﺒـﺎﺷـﺮ ،واﻟـﺘـﻨـﺎﺳـﻖ ـﺐ ﻓﻜﺮﺗـﻪ اﻟـﻔـﻨـﻴـﺔ- اﳋﺎرﺟﻲ ،واﻟﺪﻗﺔ ا;ﻠﻤـﻮﺳـﺔ واﻟـﺰﺧـﺮف .ﺛـﻢ ﻳـﺼـﻞ إﻟـﻰ ﻟ ّ اﳊﻀﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ» :ﻻ رﻳﺐ ﻋﻨﺪي أن ﻣﺼﺮ واﻟﻌﺮب ﻃﺮﻓﺎ ﻧﻘﻴﺾ .ﻣﺼﺮ ﻫﻲ اﻟﺮوح ،ﻫﻲ اﻟﺴﻜﻮن ،ﻫﻲ اﻻﺳﺘﻘﺮار ،ﻫﻲ اﻟﺒﻨﺎء ..واﻟﻌﺮب ﻫﻲ ا;ﺎدة ،ﻫﻲ اﻟﺴﺮﻋﺔ ،ﻫﻲ اﻟﻈﻌﻦ ،ﻫﻲ اﻟﺰﺧﺮف .ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻋﺠﻴـﺒـﺔ :ﻣـﺼـﺮ واﻟـﻌـﺮب وﺟـﻬـﺎ اﻟﺪرﻫﻢ ،وﻋﻨﺼﺮا اﻟﻮﺟﻮد .أي أدب ﻋﻈﻴﻢ ﻳﺨﺮج ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻠـﻘـﻴـﺢ! ..إﻧـﻲ أؤﻣﻦ qﺎ أﻗﻮل وأ6ﻨﻰ ﻟﻸدب ا;ﺼﺮي اﳊـﺪﻳـﺚ ﻫـﺬا ا;ـﺼـﻴـﺮ :زواج اﻟـﺮوح 91
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﺎ;ﺎدة ،واﻟﺴﻜﻮن ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ ،واﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ،واﻟﺒﻨﺎء ﺑﺎﻟﺰﺧﺮف ..ﺗﻠﻚ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﻓﻜﺮ ﻛﺎﻣﻞ وﻣﺪﻧﻴﺔ ﻣﺘﺰﻧﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺮف اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ إﻻ ﻣﻦ ﻧﻈﻴﺮ ...إن اﻛﺜﺮ ا;ﺪﻧﻴﺎت zﻴﻞ إﻣﺎ إﻟﻰ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺮوح ،وإﻣﺎ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﺔ ا;ﺎدة )و( ..ﻟﻢ ﺗﻨـﺠـﺢ اﻟـﻴـﻮﻧـﺎن اﻟﻨﺠﺎح ا;ﻄﻠﻮب ﻓﻲ ﺗﻄﻌﻴﻢ اﻟﺮوح ﺑﺎ;ﺎدة ،ﻓﻬﻞ ﺗﺄﻣﻞ ﻣﺼﺮ ﺑﻠﻮغ ﻫﺬه اﻟـﻐـﺎﻳـﺔ ﻳﻮﻣﺎ (٥٧) «...وذﻟﻚ ﺑﺘﻮاﻓﻖ روﺣﻬﺎ ﻣﻊ اﳊﺮﻛﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ? .وﻳﺨﺘﻢ رﺳﺎﻟﺔ أﺧﺮى ً إﻟﻰ ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻲ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ١٩٣٣ﺑﻘﻮﻟﻪ» :إﻧﻲ-ﻳﻮم ﻗﻠﺖ qﺰج اﻟﺮوح ﺑﺎ;ﺎدة ﻓﻲ آداﺑﻨﺎ-ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ أن أﻗﻮل ﺑﻮﺿﻊ ا;ﻘﻴـﺎس ا;ـﺼـﺮي ﻓـﻲ اﻟـﻨـﻘـﺪ ﺑـﺠـﺎﻧـﺐ ا;ﻘﻴﺎس اﻟﻌﺮﺑﻲ« ).(٥٨ إﻧﻬﺎ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺧﺎص .ﻓﺎﻟﻌﺮوﺑﺔ أزﻣﺔ ﻫﻨﺎ ﻟﻴـﺴـﺖ ﻣـﺼـﺪر اﻟﺮوح ا;ﻄﻠﻖ واﳊﺲ اﻟﺪﻳﻨﻲ )ﻛﻤﺎ ﻟﺪى ﻋﻔﻠﻖ( ،ﺑـﻞ ﻣـﺼـﺪر ا;ـﺎدة واﳊـﺮﻛـﺔ وﻣﺼﺪر اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ اﳊﺴﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد .أﻣﺎ ﻣﺼﺮ-ﺑﺎ;ﻘﺎﺑﻞ-ﻓﻬﻲ رﻣﺰ اﻟﺮوح اﻟﺒﺎﻃﻦ اﻟﺴﺎﻛﻦ .وﻫﻲ ﻧﻈﺮة ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﻌﻬـﻮدة وﻗـﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺿﻊ ﺟﺪل .ﻏﻴﺮ إﻧﻬﺎ ﻣﻊ ﻫﺬا ﺗﺴﺘﺤـﻖ اﻟـﺘـﻮﻗـﻒ .ﻓـﺎﻟـﻌـﺮوﺑـﺔ ﺑـﺤـﻜـﻢ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﺗﻮﺣﻲ ﻋﺎدة qﻔﻬﻮﻣﺎت اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ وا;ﺜﺎﻟﻴﺔ واﳋﻴﺎل ،إﻻ أن ﻧﻈﺮة ﻣﺘﻔﺤﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻮاﻗﻌﻲ zﻜﻦ أن ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎq-ﻌـﻨـﻰ ﻣـﻦ ا;ﻌﺎﻧﻲ-إن رؤﻳﺔ اﳊﻜﻴﻢ ﻻ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻌﻴﺪة-ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺒﺎدر ﻷول وﻫﻠﺔ- ﻋﻦ واﻗﻊ اﻻﻧﻐﻤﺎس اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ آﻧﻴﺔ اﻟﺼﻴﺮورة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ.(٥٩) . وﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﻤﺤﺔ ،ﻫﻮ أن ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ-ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺒﻌﻪ ﺑﺮوح ﻣﺼﺮ اﻟﻘﺪzﺔ-ﻳﻀﻊ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻓﻲ رؤﻳﺘﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ ﻫﺬه ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى »ا;ﺼﺮﻳﺔ«، و ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻛﺎﺋﻦ ﻣﺘﻮازن ﺟﺎﻣﻊ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﻃﺮﻓﻲ ﻧﻘﻴﺾ ،ﻟﻠﺨﺮوج ﺑﺎﻷدب ا;ﻨﺘﻈﺮ وا;ﺪﻧﻴﺔ ا;ﺘﺰﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .و ﻳﺄﺗﻲ ﻫﺬا ﺟﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ أن اﻟﻔﻜﺮ ا;ﺼﺮي ﻓﻲ أﻋﻤﻖ ﻛﻮاﻣﻨﻪ أﺻﺒﺢ ﻳﻮاﺟﻪ »اﻟﺸﺎﻏﻞ ً ً دﻟﻴﻼ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ،وﻋﻠﻰ إن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻨﺸﻐﻞ وﻣﻨﻬﻤﻚ ﻓﻲ ﺣﻞ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ ا;ﺘﻌﺪدة واﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ .ﻓﻤﻦ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻫﻴﻜﻞ ﺑ nاﻹﺳﻼم وا;ﺪﻧﻴﺔ، إﻟﻰ »ا;ﺮﻛﺐ« اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ-اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ ﻟﺪى ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض إﻟﻰ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻋﻔﻠﻖ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ،إﻟﻰ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﳊﻜﻴﻢ ﻫﺬه )وﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ا;ﺼﺮﻳ (nﺑ nاﻟﺮوح اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﺮوح اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ .ﻟﻘﺪ ﺗﺄزم اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ و6ﺰق ﺑ nﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﺎﺋﺾ وﺻﺮاﻋﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻴﻞ ﺳﺎﺑﻖ? وﻛﺎن ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺣﺪة اﻟﺼﺮاع-إذا ﻛـﺎن إﻧـﻬـﺎؤه وﺣـﺴـﻤـﻪ ﺑـﻌـﻴـﺪ ا;ـﻨـﺎل- 92
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ﻫﺬه »اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺎت« ا;ﺘﻨﻮﻋﺔ وا;ﺘﺸﺎﺑـﻜـﺔ ا;ـﺘـﺪاﺧـﻠـﺔ اﻟـﺘـﻲ 6ـﺜـﻞ ﻓـﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ »ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻛﺒﺮق ﺳﺘﺴﻮد اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺘﺤﻔﻆ ﺗﻮازﻧـﻪ وﺗـﺼـﻮن ﻧـﺴـﻴـﺠـﻪ. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﺗﺪﻟﻨﺎ ﻫﺬا ا;ﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺘﻄﻮر اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻌـﺮﺑـﻲ ﻓـﻲ اﻟـﻀـﻤـﻴـﺮ ا;ﺼﺮي اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺼﺮ ﻗﺪ ﻋﺎﻧﺖ وﺣﺴﻤﺖ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻧﺘﻤﺎﺋﻬﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺒﺎء ﺛـﻮرة ٢٣ﻳﻮﻟﻴﻮ وﺗﺒﻠﻮر اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴـﺲ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ .وان اﻟﻔـﻜـﺮة اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺔ ﺑـﺄن اﻟـﺜـﻮرة ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ ﻛـﺸـﻒ أو اﻛﺘﺸﻔﺖ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ;ﺼﺮ إ ﺎ ﺗﻠﻐﻲ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ ﻮ اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .وﻟﻌﻠﻪ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺪﻗﺔ أن ﻧﻘﻮل إن اﲡﺎﻫﺎت ﺛﻮرة ٢٣ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻧﺤﻮ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰام اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻌﺮﻳﺐ ﻣﺼﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺪدت اﻟﺜﻮرة ﻋﺎم ١٩٥٦اﲡﺎﻫﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺎﺳﻢ، ً ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ أﻳﻀﺎ ﻟﻮﺟﻮد رﺻﻴﺪ ﻫﺎﺋـﻞ ﻣـﻦ اﻟـﺸـﻌـﻮر اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻓـﻲ ﻣـﺼـﺮ وﺣﻮل ﻣﺼﺮ ﻛﺎن ﻳﻨﻤﻮ و ﻳﺘﺮاﻛﻢ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟـﺜـﻼﺛـﻴـﻨـﺎت ،وﻟـﻢ ﻳـﻜـﻦ أﻣـﺎم أﻳـﺔ ﻗﻴﺎدة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ إﻻ أن ﺗﻀﻊ ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺑﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺮﺻﻴﺪ وﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ وﺗﻮﻇﻔﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻬﺎ× .إن ﻫﺬه ا;ﻼﺣﻈﺔ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺿﻊ ﺗﺄﻣـﻞ ﻣـﻦ ﺟـﺎﻧـﺐ دارﺳﻲ اﻟﻔﺘﺮة ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺮﺳﺦ اﻻﻧﻄﺒﺎع-ﻏﻴﺮ ا;ﻮﺿﻮﻋﻲ ﺗﺎرﻳـﺨـﻴـﺎً-ﺑﺄن ﻣﺼـﺮ ﻗﺮر ﻋﺮوﺑﺘﻬﺎ ﻗﺎﺋﺪ ﻓﺮد ،وأن ﻫﺬه اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻗﺪ ﺗﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺑﺮﺣﻴﻠﻪ ).(٦٠ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺴﻦ اﻟﺘﻨﺒﻪ إﻟﻰ أن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﻮﻣـﻲ ﺧـﺎرج ﻣـﺼـﺮ ﻗـﺪ اﺗـﻀـﺤـﺖ رؤﻳﺘﻪ ﺟﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ دور ﻣﺼﺮ اﻟﻘﻴﺎدي )اﻟﺬي اﺳﺘﻠـﻬـﻤـﻪ ﻋـﺒـﺪ اﻟـﻨـﺎﺻـﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ( ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ،ﻣﺘﻮاﻓﻖ وﻣﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﺗﺎرﻳﺦ ﺑـﺪء اﻛـﺘـﺸـﺎف ﻣـﺼـﺮ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي ﻋﺎم -١٩٣٦ﻗﺒﻞ 6ﺨﻀﺎت ﺣﺮب ﻣﻨﺒﻬﺎ ;ﺎ ﻟﺪى ﻣﺼﺮ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﺎت وﺧﺼـﺎﺋـﺺً اﻟﺴﻮﻳـﺲ ١٩٥٦ﺑﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣـﺎً راﺳﻤﺎ ﻟﻬﺎ دورﻫﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﻴﺎدي» :ﻟﻘﺪ زودت اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﺼﺮ ﺑﻜﻞ اﻟﺼﻔﺎت ً ﲢﺘﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻮاﺟﺐ اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ واﻟﻘﻴﺎدة ﻓﻲ إﻧﻬﺎض اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ وا;ﺰاﻳﺎ اﻟﺘﻲ ّ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑ nاﻟﻘﺴﻤ nاﻷﻓﺮﻳﻘﻲ واﻵﺳﻴﻮي ﻣﻨﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ إﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن اﻛﺒﺮ ﻛﺘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺘﻲ اﻧﻘﺴﻢ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟـﻢ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﻈﺮوف .وﻫﺬه اﻟﻜﺘﻠﺔ ﻗﺪ أﺧﺬت ﺣﻈﺎً أوﻓﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳊﻀﺎرة اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،وأﺻﺒﺤﺖ أﻫﻢ ﻣﺮﻛﺰ ﻣﻦ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻫﻲ أﻏﻨﻰ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد ﺑﺄﺟﻤﻌﻬﺎ× ،ﻛﻤﺎ إﻧﻬﺎ أﻗﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺸـﻜـﻴـﻼت 93
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ وأﻗﻮاﻫﺎ ﻓﻲ اﻵداب ،وأرﻗﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ)× (١٤وﻛﻞ ذﻟﻚ... ﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﺼﺮ »اﻟﺰﻋﻴﻤﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ« ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﻟﻬﺬا اﻟﺴـﺒـﺐ ﳒـﺪ أن ﺟﻤﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻤﻠﻮا اﻹzﺎن اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ وﻋﻤﻠـﻮا ﻋـﻠـﻰ إ ـﺎء روح وﺟﻬﻮا وﺟﻮﻫﻬﻢ ﺷﻄﺮ ﻣﺼﺮ ،واﻧﺘﻈﺮوا اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ّ ( ٦١ ) ﻣﻨﻬﺎ اﳊﺮﻛﺎت واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻨﺼﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﻴﻞ« .
٣ﺗﺜﻮﻳﺮ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳌﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة
ﻳﻘﺮر اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺷـﺎرل ﻋـﻴـﺴـﺎوي ﻓـﻲ دراﺳـﺘـﻪ ﻋـﻦ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎد ا;ﺼﺮي اﳊـﺪﻳـﺚ ) (٦٢أن ﻣﻐﺰى »اﻹﺻﻼﺣﺎت« اﻻﻗﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﲢـﻘـﻘـﺖ qﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑ -١٩٢٠ -١٧٩٨ nﺑﻔﻌﻞ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﻌﺎﻣﺔ واﳊﻜﻢ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺑﺨﺎﺻﺔ-ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ إﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻣـﻦ ﺑـﻮﺗـﻘـﺔ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎد اﻟـﺘـﻘـﻠـﻴـﺪي ﻟﻠﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ )ا;ﻤﻠﻮﻛﻲ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ( ﺑﺎﺳﺘﻐﻼل ﻣﻮاردﻫﺎ ﻋﻠـﻤـﻴـﺎً وإﳊﺎﻗﻬﺎ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﳊﺪﻳﺚ zـﺪه ً ﺑﺎﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺟـﺰءاً ﺑﺎ;ﻮاد اﳋﺎم اﻟﻀﺮورﻳﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎﻋﺘـﺒـﺎرﻫـﺎ ﺳـﻮﻗـﺎً اﺳﺘﻬﻼﻛﻴـﺔ ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ ﻻﺳﺘﻴﺮاد ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت .وﺑﺮﻏﻢ ﻫﺬه اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ،ﻓﺎن اﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي إﻟﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺼﺮي أدى إﻟﻰ زﻳﺎدة اﻟﺜﺮوة اﻟﻌﺎﻣﺔ ـﺴﻦ ﻣﺴﺘﻮى ا;ﻌﻴﺸﺔ ﻗﻴـﺎﺳـﺎً qﺴﺘﻮاه ﻓﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧـﻲ .أﻣـﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﲢ ّ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ،١٩٥٢ -١٩٢٠وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﻤﻨﺎ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮرات ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺒـﺤـﺚ ،ﻓـﺈن ﺟـﺬوراً ﻟﻠﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳـﺔ اﶈـﻠـﻴـﺔ ﻗـﺪ ﺑـﺮزت )ﺑـﻨـﻚ ﻣﺼﺮ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ وﺷﺮﻛﺎﺗـﻪ( ) (٦٣وﺗﻮﻓﺮ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘﺼﻨﻴﻊ; وﻟﻜـﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر ا;ﻮاد اﳋﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ اﻟﻘﻄﻦ ا;ﺼﺮي، واﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ ﺳﻨﺔ ،١٩٢٩ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺎر اﻟﺘﻘﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻀﺌﻴﻞ اﻟﺬي أﺣﺮز .وﺣﺘﻰ اﻟـﺘـﻮﺳـﻊ اﻟـﺰراﻋـﻲ اﻟـﺬي ﺣُﻘﻖ ﻓﻲ ﻣﺎﺋـﺔ اﻟـﺴـﻨـﺔ اﻷﺧﻴـﺮة ) (١٩٢٠-١٨٢٠وﺻﻞ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ اﻟﻘـﺼـﻮى وﻟـﻢ ﻳـﻌـﺪ اﻻﺳـﺘـﻤـﺮار ﻓـﻴـﻪ ﻜﻨـﺎً ،ﻫﺬا ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺼﺮ أن ﺗـﻀـﻊ ﺣـﺪاً ;ﺸﻜﻠﺘﻬـﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ا;ﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ دون ﺿﻮاﺑﻂ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ» :ﻟﻢ ﲢﺪث زﻳﺎدة ﺗﺬﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑ nاﳊﺮﺑ ،nﻛﻤﺎ أن اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧـﻴـﺔ أﺣـﺪﺛـﺖ ﻫـﺒـﻮﻃـﺎً ﻣﺆﻛﺪا ﻓـﻴـﻪ. وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ اﻟﺴﺮﻳﻊ اﻧﺨﻔﺾ ﺑﺸﺪة ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻔﺮدي، 94
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
وﺗﺪﻫﻮر ﻣﺴﺘﻮى ا;ﻌﻴﺸﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮظ ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﻣﺎ ﺑ nاﳊﺮﺑ nأو ﻓﺘﺮة اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .وﻣﻊ أﻧﻪ zﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻹﳒـﺎزات ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻟﻔﺘﺮة إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻌـﺪ ﺿـﺌـﻴـﻠـﺔ اﻷﺛـﺮ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟـﺘـﺄﺛـﻴـﺮات اﻟـﻌـﻮاﻣـﻞ )ا;ـﻀـﺎدة( ا;ﺬﻛﻮرة«) (٦٤وﻳﺼﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ أوﺑﺮﻳﺎن Patrick O‘Brien ,إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد ا;ﺼﺮي qﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺮر أن ﻣﻌـﺪل دوﻻرا) .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴـﺎوي ً اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻔﺮدي اﻟﺴﻨﻮي qﺼـﺮ ﻋـﺎم ١٩٤٩ﻛﺎن ١١٨ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ ً ُﻋﺸﺮ ا;ﻌﺪل اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ،وان ﻣﻌﺪل ﺣﻴﺎة اﻟﻔﺮد ا;ﺼﺮي ﻛﺎن ٣٦ ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﻔﺮد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ(; وﺑﺮﻏﻢ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺜﺮوة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺈن ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ً ٦٩ أﻳﻀﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﻮازﻧـﺎً ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس 6ﺘﻠـﻚ ً ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺜﺮوة .وﺧﻼل اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻧﺨﻔـﺾ ﻣـﺴـﺘـﻮى ا;ـﻌـﻴـﺸـﺔ إﻟـﻰ أدﻧـﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن .،وﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب ﺣﺪث اﻧﺘﻌﺎش اﻗﺘﺼﺎدي ﻧﺴﺒﻲ ﺑﺴﺒﺐ اﻻزدﻫﺎر اﻟﺬي ﺟﻠﺒﺘﻪ اﳊﺮب اﻟﻜﻮرﻳﺔ ﻣﻄﻠﻊ اﳋﻤﺴﻴﻨﺎت ،وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻧﺘﻬﺎء ﻫﺬه اﳊﺮب ،ﺗﺪﻫﻮر اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼـﺎدي ا;ـﺼـﺮي ﻣـﺮة أﺧـﺮى وﻋـﺎد ﻣﺴﺘﻮى ا;ﻌﻴﺸﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﺎم ١٩١٣وذﻟﻚ ﻋﺸﻴﺔ ﻗﻴﺎم ﺛﻮرة .١٩٥٢وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن ،ﺑﺪا أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻗﺎدر ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ا;ﻌﻴﺸﺔ ا;ﺘﺪﻧﻲ اﻟﺮاﻫﻦ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر، ﻧﻈﺮا ﻟﻼﻧﻔﺠﺎر اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ،ﻋﻠﻰ إﳒﺎز أي ﺗﻘﺪم ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﺘـﻮى اﻟـﺪﺧـﻞ ً )(٦٥ وا;ﻌﻴﺸﺔ. وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻏﺎﺋﺒﺔ 6ـﺎﻣـﺎً ﻋﻦ وﻋﻲ ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ ا;ﺼﺮﻳ ،nﻓـﻘـﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻬﺎ ﻣﺎﺛـﻼً وان ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻮﺑﻪ اﳊﻴﺮة ﲡﺎه أﻧﺴﺐ اﺟﻞ ;ﻮاﺟﻬﺘـﻬـﺎ واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻳﻘﻮل ا;ﺆرخ ا;ﺼﺮي ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮاﻓﻌﻲ ،ا;ﻌﺮوف qﻴﻮﻟﻪ اﻟﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﶈﺎﻓﻈﺔ» :ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻘﻮل ﻋﻦ اﻟﻀﻌﻒ واﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﺣﻴـﺎﺗـﻨـﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أن ﺛﺮوة اﻟﺒﻼد ﺗﻘﺼﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺎت ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ وأﻧﺎ ﺑﺮﻏﻢ ﻣـﺎ ﻋُﺮف ﻋﻦ رﺧﺎﺋﻬﺎ ﺗﻌﺪ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ) (١٩٤٨ﻣﻦ اﻟﺒﻼد اﻟﻔﻘﻴﺮة ،ﻫﺬه إﻟﻰ أن اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎﺗﻬﺎ ﺗﺨﻀﻊ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﺘﺒﻌﻴﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺎ ﻟﻪ دﺧﻞ ﻛﺒﻴـﺮ ﻓـﻲ ﻓـﻘـﺮ اﻷﻫﻠ) ،nﻫﺬه ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ رد أﺳﺎس ا;ﺸﻜﻠﺔ إﻟﻰ ا;ﺴﺘﻌﻤﺮ اﻷﺟﻨﺒﻲ(.. وأﺑﺮز ﻣﻈﻬﺮ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻘﺮ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺴﺘﻮى ا;ﻌﻴﺸﺔ ﺑ nأﻫﻠﻬﺎ إذا ﻗﻴﺲ ﻫﺬا ا;ﺴﺘﻮى ﺑﺎﻟﺒﻼد اﻷﺧﺮى ،ﻓﺎﻟﺰراﻋﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﻟـﻢ ﺗـﻌـﺪ ﺗـﻜـﻔـﻲ ﻏـﻠـﺘـﻬـﺎ ﺣـﺎﺟـﺎت اﻟﺴﻜﺎن ،وذﻟﻚ ﻟﺰﻳﺎدة ﻋﺪدﻫﻢ زﻳﺎدة ﺗﻔﻮق ﻧﺴﺒﺔ اﻷراﺿﻲ ا;ﺰروﻋﺔ واﻟﻘﺎﺑﻠﺔ 95
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻟﻠﺰراﻋﺔ ..وﻋﻼج ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ زﻳﺎدة اﻟﺜﺮوة اﻟﺰراﻋـﻴـﺔ ،ﺛـﻢ إﻳـﺠـﺎد ﻣـﻮارد أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﺰراﻋﺔ ،وﻫﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﺠﺎرة وا;ﻼﺣﺔ واﺳﺘﺜﻤﺎر ﻣﻮارد اﻟﺜﺮوة ا;ﻌﺪﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ...وﻳﺠﺐ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﺗـﻨـﻈـﻴـﻢ ﻫـﺬه ا;ـﻮارد وﺗـﻄـﺒـﻴـﻖ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻠﻞ اﻟﻔﻮارق ﺑﻘﺪر ا;ﺴﺘﻄﺎع ﺑ nاﻟﻄﺒﻘﺎت ،وﺗﻔﺮض ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻨﻴﺎء إﺻﻼﺣﻴﺎ ً أﺳﻠﻮﺑﺎ ً اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻀﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ) .«(٦٦وﻛﺎن ﻫﺬا ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ ﲢﻠﻴﻞ ً ً وﻋﻈﻴﺎ ﻧﺎﻓﺬ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺼﺮاع اﻟﻜﺎﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﺎ ،وﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪة ا;ﺘﺸﺎﺑﻜﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ زﻳﺎدة ﻣﻀﺎﻋﻔﺎﺗﻬﺎ ،وﻋﻠﻰ اﻷﺧﺺ ﻋﺪم اﻟﺘﻨﺒﻪ إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺮﺗـﺒـﻄـﺔ ﺑﻮاﻗﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻔﻮﻗﻴﺔ ا;ﻤﺴﻜﺔ ﻟﻠﻬﺮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،واﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻨﺪﻫﺎ ،وﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ. ﺗﺨﻮف ﻫﺬا ا;ﺆرخ اﶈﺎﻓﻆ ﻣﻦ اﳊﻠﻮل اﳉﺬرﻳﺔ )اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴـﺔ( وﻳﻨﻌﻜﺲ ّ ﺑﻘﻮﻟﻪ ..» :إن ﺛﺮوة اﻟﺒﻼد اﳊﺎﻟﻴـﺔ ،إذا ﻫـﻲ وزﻋـﺖ ﺑـﺎﻟـﺘـﺴـﺎوي ﻋـﻠـﻰ ﺟـﻤـﻴـﻊ اﻟﺴﻜﺎن ،ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻬﺪاﻣﺔ; ،ﺎ ﺧﺺ ﻛﻞ ﻣﻮاﻃـﻦ ﺷـﻲء ﻳﺬﻛﺮ ،وﻟﺒﻘﻴﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻔﻘﺮ ﻣﻀﺮوﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد ) ،«(٦٧ﻓﻬﻮ ﻣﻊ اﻋﺘﺮاﻓﻪ ﺑﻮاد اﻟﻔﻘﺮ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺎم ﻳﺮى اﳊﻞ ﻓﻲ زﻳﺎدة اﻟﺜﺮوة أوﻻً ،ﺛﻢ ﻓﻲ ﻋﺪاﻟﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ إﺻﻼﺣﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺎرب اﳉﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ ا;ﺸﻜﻠﺔ وﻫﻮ ﻛﻴﻒ zﻜﻦ زﻳﺎدة اﻟﺜﺮوة ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ-اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ اﻟﺬي أﺧﻔﻖ ﻓﻲ ﲢﻘﻴﻘﻬﺎ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻬﻮد اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا وﺿﻊ اﻟﻠﻮم ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺘـﺒـﻌـﻴـﺔ اﻷﺟـﻨـﺒـﻴـﺔ، وﻫﺬه أﻳﻀﺎً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء. وﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ اﻟﻀﻤﻮر اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﻛﺎن ﻋﺎﻣﻞ ﻧﻘﻴﺾ ﺧﻄـﻴـﺮ آﺧـﺮ ﻳـﻨـﻤـﻮ وﻳﺰدﻫﺮ .ﻫﻮ ﻋﺎﻣﻞ »اﻟﻮﻋﻲ«اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺎم .ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺰد ﻓﻴﻪ وﺗﺮى ا;ﻌﻴﺸﺔ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻋﺎم ١٩٤٩ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮاه ﻋﺎم ،١٩١٣ﻛﻤﺎ ﺗﺒﻴّﻦ ،ﻛﺎن ﻋﺪد ا;ﺘﻌﻠﻤ nاﻟﺬي ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﺎم ١٩٤٩ﻳﺰﻳﺪ ﺛﻼث ﻣﺮات ﻋﻦ ﻋﺪدﻫﻢ ﻋﺎم ،١٩١٧وﻫﻲ زﻳﺎدة ﺟﻌﻠﺖ رﺑﻊ اﻟﺴﻜﺎن-ﺑﻌﺪ ﺳﻦ اﳊﺎﺷﺮة-ﻳﻘﻔﺰون ﻓﻮق ﺣﺎﺟﺰ اﻷﻣﻴﺔ ) .(٦٨وﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ »أﺧﺬت ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ أن ﺗﻮﻟﺖ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﺷﺆون اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮه ﺑﻜﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،وﺗﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻓﺘﺘﺎح ا;ﺪارس اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ،ﺛﻢ ﺟﺪﻟﺘﻪ ﺑﺎﺠﻤﻟﺎن ﻓﻲ ا;ﺪارس اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ﻣﻨﺬ ،١٩٤٢وﻓﻲ ا;ﺪارس اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ ،×١٩٥٠ﻓﺎﺷﺘﺪ اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻪ ،ﺣﺘﻰ ارﺗﻔﻌﺖ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ وزارة ا;ﻌﺎرف ﻣﻦ ﺣﻮاﻟﻲ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ ﻣﻦ اﳉﻨﻴﻬﺎت ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٤٥إﻟﻰ 96
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﺳﻨـﺔ «١٩٥١و »ﺑﻠﻎ ﻋﺪد ﻃﻠﺒﺔ اﳉﺎﻣﻌﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳـﻨـﺔ ١٩٥٠اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ أﻟﻒ ﻃﺎﻟﺐ ﺑـﻌـﺪ أن ﻛـﺎن ﻋـﺎم ﻃﺎﻟﺒﺎ« ).(٦٩ ً ١٩٢٦ﺣﻮاﻟﻲ ٢٠٢٧ وﻗﺪ أدى اﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ ﻣﺤﻮ اﻷﻣﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ،اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي واﻟﻌﺼﺮي ،إﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺟﻤﻬﻮر ﻗﺎر ¤واﺳﻊ اﻷﺛﺮ .واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟـﺬﻟـﻚ »اﻧـﺘـﺸـﺮت اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ واﺠﻤﻟﻼت اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ،ﺗﺒﻌﺎ ﻻزدﻳﺎد ﻋﺪد اﻟﻘﺮاء ورﻗﻲ اﻷﻣﺔ، ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ qﺼﺮ ﺳﻨﺔ ١٩٥٠اﺛﻨﺘ nوﻋﺸﺮﻳﻦ ﺻﺤﻴﻔﺔ، ﻣﻨﻬﺎ اﺛﻨﺘﺎ ﻋﺸﺮة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة وﺣﺪﻫﺎ ،وﺑﻠﻎ ﻋـﺪد اﺠﻤﻟـﻼت اﻷﺳـﺒـﻮﻋـﻴـﺔ ٢٠٣ ﻣﺠﻼت ،ﺧﺺ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻣﻨﻬﺎ ،١٥٠وﻋﺪد اﺠﻤﻟﻼت ﻧﺼﻒ اﻟﺸﻬﺮﻳﺔ ،١٨واﻟﺸﻬﺮﻳﺔ ،٨٢واﻟﺮﺳﻤـﻴـﺔ ،١٥وا;ﺪرﺳﻴـﺔ ،٥٣واﻟﺼﺤﻒ ا;ﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑـﺠـﺎﻧـﺐ ﻫـﺬا ﻛـﻠـﻪ ١٥ ﺻﺤﻴﻔﺔ« ).(٧٠ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻛﺎن ﻳﺼﻄﺪم ﺑﺎﻟﺘﺪﻧﻲ ﻓﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .وﻳﺬﻛﺮ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻗﺘﺼﺎدي ﻋﺎم ١٩٤٦أﻧﻪ ﻗﺪ »ﺳﺎد اﻟﻘﻠﻖ ﺑ nا;ﺘﻌn ﻓﺒﻠﻎ ﻋﺪد ا;ﺘﻌﻄﻠ nﻣﻦ ﺣﺎﻣﻠﻲ ﺷﻬﺎدة اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ واﻟﺸﻬﺎدات اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﻋﺸﺮة آﻻف ،ﻳﺮون اﻷﺛﺮ ا;ﺪﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد ا;ﺴﺘﺨﺪﻣ nاﻷﺟﺎﻧﺐ أو ا;ﺘﻤﺼﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﺎت ودواﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل« ).(٧١ وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه ا;ﻘﺎرﻧﺔ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ا;ﻔﺎرﻗﺔ ا;ﺒﻴﻨﺔ ،ﺑ nاﻟﻀﻤﻮر ا;ﻌﻴﺸﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻟﻨﻤﻮ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ zﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﻠﻤﺲ ﺳﺒﺒﺎ ﻣﻦ أﺑﺮز أﺳﺒﺎب اﻟﺘﺨﻠﺨﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺑﻞ اﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ ،اﻟﺬي ﺷﻬﺪﺗﻪ ﻣﺼﺮ ﺑ nاﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت وﻗﺒﻴﻞ واﳋﻤﺴﻴﻨﺎت ،وﻋﻠﻰ اﻷﺧﺺ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻘﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ُﺑﻌﻴﺪ اﳊﺮب ﱡ اﻟﺜﻮرة ) ١٩٥٢ -١١٤٦ﻣﺮورا ﺑﺎﻟﻬﺰzﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ .(١٩٤٨ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺗﻔﻊ ا;ﺴﺘﻮى اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﺗﺒﻘﻰ ُﺑﻨﻴﺘﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ-اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ )اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ( ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ اﻻﺧﺘﻼل واﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ا;ﺘﻮﺗﺮ ﺑ nاﻟﻮﻋﻲ )اﻟﻔﻮﻗﻲ( واﻟﻮاﻗﻊ وﻳﺒﺪأ اﻟﻮﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ ﺧﻔﺎﻳﺎ واﻗﻌﺔ اﻟﺴﻴﺊ وﻳﺘﻨﺒﻪ اﻹﻧـﺴـﺎن إﻟـﻰ ﻣـﺪى ﺑـﺆﺳـﻪ وﺗﻌﺎﺳﺘﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺒﻪ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﻋﻬﻮد ﺟﻬﻠﻪ وﻏﻔﻠـﺘـﻪ .وﺑـﺬﻟـﻚ ﺗـﺘـﺴـﻊ اﻟﻬﻮة ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺑ nاﻟﻮﻋﻲ اﻟﻄﺎﻣﺢ إﻟﻰ ﺣﻴﺎة أﻓﻀﻞ وﺑ nاﻟﻮاﻗﻊ اﻟـﻘـﺎﺋـﻢ، ا;ﻨﻜﺸﻔﺔ ﺳﻮءﺗﻪ ،واﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻣﺮﻓﻮﺿﺎ وﻣﻦ اﻟﺮﻓﺾ ﻳﺘـﻮﻟـﺪ اﻟـﺘـﻤـﺮد ،وﻣـﻦ اﻟﺘﻤﺮد ﺗﺘﺒﻠﻮر اﻟﺜﻮرة. وﻓﻲ ﺑﻼد ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻛﺴﻮرﻳﺎ واﻟﻌﺮاق ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﳊﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ- 97
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ qﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺄزم ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻨـﻤـﻮ واﻻزدﻫـﺎر اﻟـﻨـﺴـﺒـﻲ. ﻓﻔﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺷﻬﺪت» :أواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت وأواﺋﻞ اﳋﻤﺴﻴﻨﺎت ..ﺗﺮﺳّﺦ ازدﻫﺎر اﻟﺰراﻋﺔ .ﻓﺤﺮﺛﺖ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺿـﺨـﻤـﺔ ﻣـﻦ اﻷراﺿـﻲ اﻟـﺒـﻜـﺮ اﻟـﺘـﻲ ﺑﻘﻴﺖ ﺑﻮراً ﻋﺪة ﻗﺮون ﻓﻲ اﳊﺰام ا;ﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ا;ﻄﺮ ا;ﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻟﻲ ﻏﺮب اﻟﺒﻼد ﺣﺘﻰ ﺣﺪود اﻟﻌﺮاق ﻋﺒﺮ اﻟﻔﺮات وﻣﻨﺎﻃﻖ اﳉﺰﻳﺮة ،وﺑ nﻋﺎﻣﻲ -١٩٤٣ ١٩٥٣ﺗﻀﺎﻋﻒ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻤﺢ ﺑﻴﻨﻤﺎ ازداد إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻄﻦ إﻟﻰ ﻋﺸﺮة أﻣﺜـﺎﻟـﻪ ،وﻻ zﻜﻦ ﻷي ﺑﻠﺪ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ أن ﻳﺤﺮز ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ا;ﺪﻫﺸﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺳﻊ ،ﻓﻘﺪ ﻓﺎق ﻧﺘﺎج ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ إذا ﻣﺎ ﻗﻴﺲ ﺑـﺎﶈـﺎﺻـﻴـﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻋﻦ ﻧﺘﺎج أي ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ أو اﻟـﻌـﺮاق .وﻟـﻜـﻦ اﳊـﻜـﻮﻣـﺎت وﻗـﺪ اﺗﺒـﻌـﺖ ﺳـﻴـﺎﺳـﺔ ) Laisser Faireاﻻﲡﺎه اﳊﺮ( ﻟـﻢ ﺗـﺴـﺘـﻄـﻊ أن ﺗـﺪﻋـﻲ ﺷـﺮف ـﻮﺳﻊ اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺒﻌـﻠـﻴـﺔ ﻛـﻠ ّـﻴﺎ إﻟﻰ ﻣﺸﺎرﻳـﻊ اﻟـﺘـﺠـﺎر إﺳﻬﺎﻣﻨﺎ ﺑـﺬﻟـﻚ ،إذ ﻳـﻌـﻮد ﺗ ّ اﻟﺴﻮرﻳ nوﺑﺸﻜﻞ رﺋﻴﺴﻲ ﲡﺎر ﺣﻠﺐ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻌﻤﻠﻮا رؤوس أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﻓﺄدﺧﻠﻮا اﻵﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺰراﻋﺔ× ..وﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﻋﺎم ﺳﻘﻮط اﻟﺸﻴﺸﻜﻠﻲ-أي ﻋـﺎم -١٩٥٤ﺑﻠﻎ ﺳﻮرﻳﺎ أوﺟﻬﺎ اﻟﺰراﻋﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺘﻲ ﻣﺠﻤﻮع ا;ﺴﺎﺣﺔ اﶈﺮوﺛﺔ وأﺷﻜﺎل إﻧﺘﺎج اﶈﺎﺻﻴﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ« ).(٧٢ وﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﺳﺎﻋﺪ إﻧﺘﺎج اﻟﻨﻔﻂ اﻟﺬي ارﺗﻔﻊ دﺧﻠﻪ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻛﻤﺎ أن ﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻋﻤﺎرﻳﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ دﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻫﻴﻜﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد- اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﳋﺒﺮة اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻧﻮري اﻟﺴﻌﻴـﺪ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﻮﺛﻴﻖ ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄـﺎﻧـﻴـﺎ وﻃـﻠـﺐ ا;ـﺴـﺎﻋـﺪة ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﺷـﺘـﻰ اﺠﻤﻟﺎﻻت(٧٣) . ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬا اﻻزدﻫﺎر ،اﻟﺬي ﺷﻤﻞ ﻃﺒﻘﺔ وﺳﻄﻰ ﻧﺸـﻄـﺔ وﺟـﻌـﻠـﻬـﺎ ﺗـﻬـﺘـﻢ qﻄﺎﻟﺒﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﺤﺮرﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،اﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ qﻄﻠﺐ اﻟـﻌـﺪاﻟـﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﻘﺎت اﻷدﻧﻰ ﻣﻨﻬﺎ× ،ﻟﻢ ﻳﺸﻤﻞ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺑﺸـﻜـﻞ ﻋـﺎدل ،اﻷﻣـﺮ اﻟﺬي أدى إﻟﻰ اﺧﺘﻼل اﻟﺘﻮازن اﻟﻄﺒﻘﻲ ﺑ» nﻣﻦ zﻠﻜﻮن« وﻣﻦ »ﻻ zﻠﻜﻮن«، ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أن ازداد اﻻﺧﺘﻼل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ-اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑ nاﻟﻄﺒﻘﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ازدﻳﺎد اﻟﺜﺮوة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺤﺼﺮت ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﺑﻴﺪ »اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ« اﻟﻜﺒﻴﺮة وا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ .ﺗﺎرﻛﺔ ﻗﻄﺎﻋﺎت واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ ا;ﺘﻮﺳـﻄـﺔ واﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل واﻟﻔﻼﺣ nﻋﻠﻰ وﺿﻌﻬﺎ ا;ﺘﺪﻧﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ)×.(١٥ ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﺎ ﻳﻠﺤﻈﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻮﳒﺮﻳﺞ† S.H. Longriggﻓﻲ ﲢﺴّﻦ ﻓﻲ 98
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ا;ﻌﻴﺸﺔ ﻟﺪى اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة وا;ﺘﻮﺳﻄﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮاق ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن، إﻻ أﻧﻪ ﻳﻘﺮر ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﺗﻴﺎر اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ا;ﻌﻴﺸﻲ اﻟﺬي ﻣﺲّ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﺣﻴﺎة اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻲ ا;ﺪن ﺗﺮك »اﻟﻔﻘﺮاء« ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬـﻢ ﺗـﻘـﺮﻳـﺒـﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴ nﺳﻨﺔ ﺧﻠﺖ ،وﺑﻘﻰ رﺟﺎل اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻜﻠﻮن ﻧﺴﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن آﺑﺎؤﻫﻢ ﻗﺒﻞ ﺟﻴﻞ ﺳﺒـﻖ ﻋـﻠـﻰ أﻣـﻴـﻬـﺘـﻢ وﻓـﻘـﺮﻫـﻢ وأوﺿﺎﻋﻬﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ) .(٧٤وﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ،ذات اﻟﺰراﻋﺔ ا;ﺰدﻫﺮة ،ﻛﺎن اﻟﻔﻼﺣﻮن ﲢﺮك ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺛﻮري ﻟﻬﻢ ﻋﻤﺎد ﻫﺬا اﻻزدﻫﺎر ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﻐ وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺄول ّ ﻓﻲ ﺻﻴﻒ ١٩٥١ﺿﺪ ﻛﺒﺎر ا;ﻼك اﻟﺰراﻋﻴ» nﻓﻘﺪ ﻫﺎﺟﻢ اﻟﻔﻼﺣﻮن ﺑﻌـﺪ أن ﺷﺠﻌﻬﻢ )أﻛﺮم( اﳊﻮراﻧﻲ ،أﻋﻀﺎء ﻫﺬه اﻷﺳﺮ )اﻟﻐﻨﻴﺔ( وﺣﺒﺴﻮﻫﻢ ﻋﻦ أرﺿﻬﻢ، وﺗﺮﺑﺼﻮا ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎزﻟـﻬـﻢ ،وأﻋـﻠـﻦ اﳊـﻮراﻧـﻲ ﺑـﺄن »اﻷرض ﻟـﻠـﻔـﻼﺣـ...،«n ووﺻﻠﺖ ﺣﻤﻠﺔ اﳊﻮراﻧﻲ إﻟﻰ أوﺟﻬﺎ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع ﻣﻌـﺎد ﻟـﻺﻗـﻄـﺎﻋـﻴـﺔ اﺳـﺘـﻤـﺮ وﻋﻘﺪ ﻓﻲ ﺣـﻠـﺐ ﻓـﻲ ﻣـﻨـﺘـﺼـﻒ أﻳـﻠـﻮل ﻋـﺎم ١٩٥١ﻛـﺮه آﻻف ﻣـﻦ ﺛـﻼﺛـﺔ أﻳـﺎمُ ، اﻟﻔﻼﺣ nﻓﻲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء ﺳﻮرﻳﺔ ،واﻓﺘﺘﺢ ﻫﺬا ا;ﻬﺮﺟﺎن اﻟﺮأي اﻷول ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ qﺴﻴﺮة ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣ nﻓﻲ اﻟﺸﻮارع وﻫﻢ ﻳﺤﻤﻠـﻮن ﻻﻓﺘﺎت ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻹﺻﻼح اﻟﺰراﻋﻲ«.(٧٥) . وﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﻫﺬه اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-اﻻﻗﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ ا;ـﻀـﻄـﺮﺑـﺔ وﻏـﻴـﺮ ا;ﺘﻮازﻧﺔ ،ﺷﻬﺪ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ-ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ-ﺑﺪاﻳﺔ ﺑﺮوز ﺛﻼث ﻗﻮى اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة» :ﻃﺒﻘﺔ وﺳﻄﻰ أﺻﻠﻴﺔ )أي ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ( ﻣﻦ واﻟﺘﺠﺎر ،وﻧﺨﺒﺔ ﻣﺜﻘﻔ) nاﻧﺘﻠﺠﻨﺴﻴﺎ( ﻣﻦ ا;ﺜﻘﻔ.n اﻟﻮﺳﻄﺎء وﻣﺪﻳﺮي اﻷﻋﻤﺎل ّ واﻟﺮﺳﻤﻴ nوا;ﻜﺘﺒﻴ nوأﺻﺤﺎب ا;ﻬﻦ اﻟﻌﺎﻟـﻴـﺔ رﺟـﺎﻻً وﻧﺴﺎء ،وﻃﺒﻘﺔ ﻋﺎﻣـﻠـﺔ )ﺑﺮوﻟﻴﺘﺎرﻳﺎ( ﻣﺪﻧﻴﺔ )ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ا;ﺪﻳﻨﺔ( ...ﺑﺪأت ﺗﻨﻈـﻢ ﻧـﻔـﺴـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻧـﻘـﺎﺑـﺎت واﲢﺎدات ﻋﻤﺎﻟـﻴـﺔ)× .(١٦وﺑﻨﺸﻮء ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻧﺤﻠﺖ ﻃﺒﻘـﺘـﺎن )ﺳـﺎﺑـﻘـﺘـﺎن( ﻫﻤﺎ :اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ ا;ﺪﻧﻴﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻄﺔ ا;ﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ اﻷورﺑﻴ nوا;ﺴﺘﻌﺮﺑ ،nوﻃﺒﻘﺔ ﻣﻼك اﻟﺮﻳﻒ .وﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﳊﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤـﻊ وﻗـﻔـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻓـﺌـﺔ ﺻـﻐـﻴـﺮة ّ ﻣﺘﻤﻴﺰة ،واﺗﺴﻌﺖ داﺋﺮﺗﻬﺎ ﺑﺈﺻﻼح ﺣﺎل ا;ﺮأة ،وﺑﺎﻟﺘﻄـﻮر اﳉـﺪﻳـﺪ ،ﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ اﻹﻳﺼﺎل-ﻛﺎﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻹذاﻋﺔ واﻟﺘﻠﻔﺰة-و ﺑﻨﻤﻮ أدب ﺟﺪﻳﺪ ﻣﺘﻼﺋـﻢ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻮﺳـﺎﺋـﻞ« ) .(٧٦وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة اﻟـﺜـﻼث ﻋﻠﻰ درﺟﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ واﻻﺗﺴﺎع واﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ .ﻓﺎﻟﻨﺨﺒﺔ ا;ﺜﻘﻔﺔ ﻣﺎ ﻫـﻲ إﻻ ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ ا;ﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﺎدﻳﺎ وﺷﻌﻮرﻳﺎ ،واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟـﻌـﺎﻣـﻠـﺔ 99
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ا;ﺪﻳﻨﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ،وﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ 6ﺎﻣﺎ ﺑﺸﺨﺼﻴﺘﻬﺎ اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻳﺸﺎرﻛﻮﻧﻬﺎ أوﺿﺎﻋﻬﺎ ا;ﻌﻴﺸﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ أﻋﺪاد ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ﺗﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ ا;ﺴﺘﻮى ا;ﺘﻮﺳﻂ اﻟﺼﻐﻴﺮ وﺗﺸﺎرك اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﺎ ،أي أن اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﺒﻠﻮر ﺣﺴﺐ ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺒﺮوﻟﻴﺘﺎرﻳﺎ« اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﶈﺪدة اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻷورﺑﻲ .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻫﻲ اﻟـﻘـﻮة اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺮزت ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷﺣﺪاث. وﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗـﺄﻛـﻴـﺪه ﻫـﻨـﺎ ﻫـﻮ اﻧـﻪ ﻗـﺪ ﻇـﻬـﺮت ﻷول ﻣـﺮة ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻃﺒﻘﺔ وﺳﻄﻰ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ »أﺻﻴﻠﺔ« واﺳﻌﺔ اﻟﻌﺪد، ﻧﺸﻄﺔ ،وواﻋﻴﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺎ وذاﺗﻴﺎ وﻃﺒﻘﻴﺎ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ،وﻟـﻴـﺲ ﻣـﻌـﻨـﻰ ﻫﺬا إن اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪ ﻓﺌﺔ »ﺑﺮﺟﻮازﻳﺔ« وﺳﻄﻰ ﻗﺒﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺌﺔ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﻏﻴـﺮ ﻣـﺘـﺄﺻـﻠـﺔ ﻓـﻲ اﻟ ُـﺒﻨﻴﺔ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﻴﺔ ،ﺗـﺘـﻜـﻮن ﻓـﻲ اﻷورﺑﻴ nا;ﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ وﻣﻬﺎﺟﺮي ﺷﺮق ا;ﺘﻮﺳﻂ ﻛﺎﻟﻴﻮﻧﺎن واﻟﻄﻠﻴﺎن ،و ﺑﻘـﺎﻳـﺎ اﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻟﺘﺮك واﻟﺸﺮﻛـﺲ ،وزﻋـﻤـﺎء اﻟـﻌـﺸـﺎﺋـﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻛﺒﺎر ا;ﻼك اﻟﺰراﻋﻴ nاﶈﻠﻴ ،nﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻄﺔ اﻟﻬﺠﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﺮت ﻋﻠﻰ اﳊﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋـﻴـﺔ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ ﻗـﺒـﻞ اﳊـﺮب اﻷوﻟﻰ وﺷﻄﺮا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑ nاﳊﺮﺑ ،nﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻃﺒﻘﺔ وﺳﻄﻰ ﺻﻐﻴﺮة ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮﺟﻮازﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة )ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ا;ﺴﺘﻨﻴﺮ »اﻟﺘﻘﺪﻣﻲ« رأﺳﻤﺎﻟـﻲ ﻣـﺴـﺘـﻐـﺮب ﻗﺎﺋﻢ ﻓﻲ ا;ﺪﻳﻨﺔ ،وﺟﺎﻧﺒﻬﺎ اﶈﺎﻓـﻆ »رﺟـﻌـﻲ« ﺷـﺒـﻪ إﻗـﻄـﺎﻋـﻲ رﻳـﻔـﻲ ﺷـﺮﻗـﻲ ا;ﺴﻠﻚ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ( أي أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ وﻣﺘﺠﺬرة ﻟﺘﺸﻌﺮ ﺑـﺬاﺗـﻬـﺎ ورﺳﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﻮدﻳﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ .وﻗﺪ ﲢﺎﻟﻔﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻣﻊ اﻟﻔﺌﺎت اﳊﺎﻛﻤﺔ واﻟﺴﻠﻄﺔ اﻷورﺑﻴﺔ« وﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﺎد »اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ « ﺿﺪ اﻟﻄـﺒـﻘـﺎت اﻟـﺸـﻌـﺒـﻴـﺔ وا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة. وﻷن اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﶈﻠﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻫـﻲ اﻟـﺘـﻲ وﻋـﺖ اﻟـﻮاﻗـﻊ ﺑـﺤـﻜـﻢ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﻼﺣ nواﻟﻌﻤﺎل ،اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻔﺘﺢ وﻋﻴﻬﻢ ﺑﻌﺪ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪت ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﻘﻴﺎدة ،وأدرﻛﺖ ﻣﺪى اﻟﻬـﻮة اﻟـﻘـﺎﺋـﻤـﺔ ﺑ nﺑﺆس اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ وﺗﺮف اﻷﻗﻠﻴﺔ اﻟﻀﺌﻴﻠﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻬﺪدة- اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ-ﺑﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ درك اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻔﻘﻴﺮة ﻛﻠﻤﺎ اﺷﺘﺪت وﻃﺄة اﻻﺳﺘﻐﻼل واﻧﻌﺪﻣﺖ ﻋﺪاﻟﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻊ) ،وﻫﺬه ﻛﻤﺎ ﺗﺒ nﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺤﻮرﻳﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ( .إن 100
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻌﻲ-ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻨﺴﻴـﺞ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ ا;ﻬﺪد ﺑﺎﻟﺘﻤﺰق واﻻﻧﺸﻄﺎر-ﺿﺮورة ﲢﻘﻴﻖ اﻟﺘﻮازن واﻟـﺘـﻮﺳـﻂ ﻓـﻲ اﳉـﺪﻟـﻴـﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑ nاﻟﻨﻘﺎﺋﺾ اﻷﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻓ nا;ﺘﺒﺎﻋﺪﻳﻦ اﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺷﻌﻮرﻳﺎ وﻓﻜﺮﻳﺎ; وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﻨﺒﻪ-ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻔﻜﺮ واﻷدب واﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ ﺑـﻌـﺎﻣـﺔ-إﻟـﻰ ﺿـﺮورة »اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻖ« ﺑـ nاﻟـﻨـﻘـﺎﺋـﺾ اﻟـﻔـﻜـﺮﻳــﺔ واﳊﻀﺎرﻳﺔ ا;ﺘﺼﺎرﻋﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻓﺌﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻣﻨﻐﺮﺳـﺔ اﳉـﺬور ﻓـﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﻋﻘﻴﺪﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ) ،وﻫﻲ ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ »اﺨﻤﻟﺘﻠﻄﺔ« اﻟﻘﺪzﺔ وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻨﻴﻬﺎ ﻛﻴﺎﻧﻴﺎً وﻣﺼﻴﺮﻳﺎ( ،وﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﻃﻠﻴﻌﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺨﻠﺼﺔ اﻧﻔﺘﺤﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺲ ﻣﻦ روح اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ وﺗﺄﺛﺮ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ وﻓﻜﺮﻫﺎ-ﻧﺴﺒﻴﺎ-ﺑﻘﻴﻤﻪ وﺻﻴﺮورﺗﻪ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺪود اﻟﻠﻘﺎء واﻟﺘﻤﺎس ﺑ nﻋﺎ; nوﺣﻀﺎرﺗ nوﻋﺼﺮﻳﻦ :ﺣﻴﺚ وﺟﻮدﻫﺎ اﻟﻜﻴﺎﻧـﻲ ،اﻟـﺬاﺗـﻲ واﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ »اﻵﺧﺮ« اﻟﺬات اﻷﺧﺮى .و وﻫﻲ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ اﻟﻐﺮب اﳊﺪﻳﺚ ،اﻟﺬي ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻮﻃﺄﺗﻪ وﺧﻄﺮه وأﻫﻤـﻴـﺘـﻪ وﻋـﻈـﻤـﺘـﻪ وﺣـﺎﺟـﺘـﻬـﺎ إﻟـﻴـﻪ، وإﻋﺠﺎﺑﻬﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺑﺈﳒﺎزاﺗﻪ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺘﺰج ﺑﺤﺴﺪﻫﺎ ﲡﺎﻫﻪ وﻛﺮﻫﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪ وﺗﻔﻮﻗﻪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ.!.. ﻟﻪ ﻟﺘﺴﻠﻄﻪ وﻏﻄﺮﺳﺘﻪ ّ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ اﻟﻨﺒﺮة اﳊﺎدة ﻓﻲ ﺻﻮت ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤـﺎر واﻟـﻐـﺮب، ـﺤﺔ-ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ-ﻟﻠﺘﺤـﻀـﺮ واﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺚ واﻟـﻘـﻮة ،ورﺑـﻂ رواﺋـﻊ واﻟﻠﻬﻔـﺔ ا;ـﻠ ّ اﳊﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ qﻜﺘﺸﻔﺎت أورﺑﺎ وﻧﺴﺒﺔ اﻟﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ﺗـﺎرﻳـﺨـﻴـﺎ إﻟـﻰ اﻷوﻟـﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪا ﻷﻫﻤﻴﺔ »اﻟﺬات« ووﻗﻮﻓﻬﺎ ﻓﻲ وﺟﻪ »اﻵﺧﺮ« ﻋﻠﻰ ﻗﺪم ا;ﺴﺎواة ،أي أن ﻫﺬه اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺳﺘﺘﺼﺪى ;ﻬﺎم ﻣـﺮﺣـﻠـﺔ اﻟـﺘـﺤـﺮر ﻣـﻦ اﻻﺳـﺘـﻌـﻤـﺎر اﻟﻐﺮﺑﻲ ،ﺛﻢ ﺳﺘﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ »اﳊﺪﻳﺜﺔ« وﺳـﻴـﻜـﻮن ﻗﺪرﻫﺎ اﻟﺼﻌﺐ أن ﺗﺪع اﻟﻐﺮب ﺑﻴﺪ ﻟﺘﺄﺧﺬ ﺣﻀﺎرﺗﻪ وﻋﻮﻧﻪ ﺑﻴﺪ أﺧـﺮى )×،(١٧ وﻫﻮ ﻗﺪر ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺗﻨﺎﻗﻀﻪ وﻻ ﲢﺘﻤﻞ ﻣﺄﺳﺎوﻳﺘﻪ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ، ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻋﻀﻮﻳﺔ وﻻ أﺻﻴﻠﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺮﻧﺔ ،وﺿﺮورﻳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺎ وﻋﻤﻠﻴﺎ ،ﺗﻘﻔﺰ ﻓﻮق اﻟﻨﻘﺎﺋﺾ ﻟﺘﻮﻓّﻖ ﺑ» nاﻷﺻﻴﻞ« و»اﻟﻮاﻓﺪ«-ﺑ nاﻟﺬات واﻵﺧﺮ-ﻣﺒﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎرق اﻟﻜﻴﺎﻧﻲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .وﻫﺬه ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ وﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻓـﻲ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ واﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﺗﺼﺎﻟﺢ وﺗﻘﺎرب ﺑ nاﻟﻨﻘﻴﻀn دون اﻟﺪﻣﺞ واﻟﺼﻬﺮ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻴﺎن ﻋﻀﻮي ﻳﻠﻐﻲ وﺟﻮد اﻟﻄﺮﻓ .nﻓﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﺻﺎﳊﺖ وﻗﺎرﺑﺖ ﺑ nاﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻬﻠﻨﺴﺘﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔـﻲ »اﻟـﻮاﻓـﺪ« و ﺑـn 101
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻷﺻﻴﻞ اﻟﺮاﺳﺦ ﻓﻲ ﺗﺂﻟﻒ ﻣﻘﺒﻮل ،ﻧﻌـﻢ ،وﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﻟـﻢ ﺗـﻠـﻎ ذاﺗﻴﺔ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﳉﺪﻳﺪة ،ﺑﻞ ﻇﻞ اﻟﻌﻨﺼﺮان ﻣﺘﻤﻴﺰﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﳊﻀﺎري اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻣﺎ ﻟﻠﻪ ﻟﻠﻪ ،وﻣﺎ ﻷﻓﻼﻃﻮن ﻷﻓﻼﻃﻮن .ﺛﻢ ﺣﺪﺛﺖ اﻟﺒﻴﻨﻮﻧﺔ ﺑ nاﻟﻄﺮﻓ nواﻧﻔﺼﻼ ﻣﺴﺘﻘﻠ nﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻼﺷﻰ ا;ﻨﺎخ اﻟﺪاﻋﻲ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ. وﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ،ا;ﺘﻮﺗﺮة وا;ﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ،واﻟﺘﻲ 6ﺜﻞ اﻟﻨﺨﺒﺔ ا;ﺜﻘﻔﺔ ﻃﻠﻴﻌﺘﻬﺎ ا;ﻔﻜﺮة واﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻤﺪ اﻷﺣـﺰاب اﳉـﺪﻳـﺪة ،ذات اﻷﻓﻖ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲq ،ﺎدﺗﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﻗﻴﺎداﺗﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ-اﻟﺴﻴـﺎﺳـﻴـﺔ وﺳـﺘـﺘـﻮﺣـﺪ ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ »اﻷﻣﺔ« ﻛﻠﻬﺎ ،ﻟﺘﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻴﻤﻬﺎ وﻧﻈﺮﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء وﺳﺘﻄﺒﻊ أدب اﻟﻔﺘﺮة وﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻄﺎﺑﻌﻬﺎ و ﺎذﺟﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. وﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒﺎً أن ﺗﻜﺘﺸﻒ اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻓﻴﻠﺴﻮﻓﻬﺎ وﺷﻴﺨﻬﺎ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﺷـﺨـﺺ اﻷﺳﺘﺎذ اﻹﻣﺎم)× (١٨ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،اﻻﺑﻦ اﻟﺮاﺋﺪ واﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﺸﺮﻳﺤﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴـﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ اﻟـﺼـﻐـﻴـﺮة ،اﻟـﺬي ﺗـﺮﺑـﻰ ﺑـﺄﺻـﺎﻟـﺔ ﻓـﻲ ﺟﺬوره اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ واﻟﺼﻮﻓﻴﺔ واﻟﻌـﻘـﻼﻧـﻴـﺔ اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ ،ﺛـﻢ اﻧـﻔـﺘـﺢ ﻋـﻠـﻰ ﺑـﻌـﺾ أﺳﺎﺳﻴﺎت اﳊﺪاﺛﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻓﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺳﻤﺢ ﺑﻪ ﺗﻜـﻮﻳـﻨـﻪ ،وﺗـﻘ ّـﺒﻞ ﻣﻨﻬـﺎ ﻣـﺎ ﺳﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﻪ إzﺎﻧﻪ وﺗﺮاﺛﻪ ).(٧٧ ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺒﺮﺟﻮازي اﻟﺼﻐﻴﺮ ﺳﻴﻤﺪ ﻧﻈﺮه إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻠﻪ ﻟﻴﻠـﻮﻧّﻪ qﻨﻈﺎر ﻗﻴﻤﻪ )اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ( اﳋﺎﺻﺔ وﻧﻈﺮﺗﻪ اﻟﺮوﻣﺎﻧـﺴـﻴـﺔ ،ﺷـﺒـﻪ اﻟﺜﻮرﻳﺔ ،ا;ﺸﻐﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﻔﺮد اﻟﻌـﻈـﻴـﻢ ،وﺳـﻴـﺘـﺤـﻮل رﺟﺎل ﺻﺪر اﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﻣﻨﺎﺿﻠ nﺛﻮرﻳ nﺿﺪ »اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ « وﻫﻮ ﻣﻐﺰى ﺳﺘﻌﻜﺴﻪ ﻣﻮﺟﺔ »اﻹﺳﻼﻣﻴﺎت« وﺳﺘﺠﻤﻊ »ﻋـﺒـﻘـﺮﻳـﺎت« اﻟـﻌـﻘـﺎد ﺑـﻴـﺖ ﻣـﻔـﻬـﻮم »ﻛﺎرﻟﻴﻞ« ﻟﻠﺒﻄﻮﻟﺔ واﻷﺑﻄﺎل ،واﻟﻔﻬﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺴﻠـﻒ اﻟـﺼـﺎﻟـﺢ ،وﺳـﻴـﻜـﺘـﺐ ﻛﺎﺗﺐ إﺳﻼﻣﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺗﺮاث ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه» :ﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﻤﺮ ﺣـﻴـﺎً اﻟﻴﻮم ﻟﻨﺬر ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟـﻮﺳـﻄـﻰ« ) (٧٨وﻛﺄن ﻫﺪف اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﻔﺘﻮﺣﺎت ﻛـﺎن ﺧﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ وﺗﻮﺳﻴﻌﻬﺎ وﻧﺸﺮ ﺳـﻴـﺎدﺗـﻬـﺎ .وﻣـﻦ ﻋـﻤـﺮ ﺑـﻦ اﳋـﻄـﺎب إﻟـﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﺳﻴﻤﺘﺪ اﻟﻨﻀﺎل )اﻟﺒﺮﺟﻮازي( ﺿﺪ اﻹﻗﻄﺎﻋـﻴـﺔ واﻹﻗـﻄـﺎﻋـﻴـ:n ﺑﺮﺟﻮازﻳﺎ ،ﻧﺎﺿﻞ ﺿﺪ ﺳﻴﺎدة اﻹﻗﻄﺎﻋﻴ(١٩×)n ً ﻣﻔﻜﺮا ً » ...إن ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻛﺎن دﻳﻨﻴﺎ رام ﺗﺨﻠﻴﺺ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﺒﺎت اﳉﻤﻮد ً ﺑﻘﺪر ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺼﻠﺤﺎً ( ٧٩ ) واﳋﺮاﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻬﺞ ﻳﺠﻤﻊ ﺑ nا;ﺜﺎﻟﻴﺔ واﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ « وﻃﺒﻴﻌﻲ أن ﻳﻀﻊ اﻟﻔﻜﺮ رﺟﻼ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ا;ﺜﺎﻟﻴﺔ ،وأﺧﺮى ﻓﻲ دﻧﻴﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ،ً اﻟﺒﺮﺟﻮازي-اﻟﻮﺳﻄﻰ داﺋﻤﺎً 102
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ ﻗﻠﻖ اﻟﻄﺒﻘﺔ وﺗﺄرﺟﺤﻬﺎ. ً )وان ﻳﺤﺎول ﻛﻌﺎدﺗﻪ اﳉﻤﻊ ﺑ nاﻟﻨﻘﻴﻀ،(n وﺳﺘﻨﺘﻈﺮ اﻟﻄﺒﻘﺔ ﺑﻄﻠﻬﺎ ا;ﻨﻘﺬ وﻣﺤﺮرﻫﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬي ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺑ nﺻﻔﻮﻓﻬﺎ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻫﺎ إﻟﻰ اﺠﻤﻟﺪ-ﻛﻤﺎ أﺧﺮﺟﺖ ﺑﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧـﺴـﻴـﺔ ﻧـﺎﺑـﻠـﻴـﻮن- وذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻣﺎ ردده اﻷﺳﺘﺎذ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ذاﺗﻪ ﻣﻦ أن ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﻻ ﻳﺼﻠﺤﻬﺎ ﻏﻴﺮ »ﻣﺴﺘﺒﺪ ﻋﺎدل« ﻳﺤﻘـﻖ ﻟـﻨـﺎ ﻓـﻲ ﺧـﻤـﺴـﺔ ﻋـﺸـﺮ ﻋـﺎﻣـﺎ ﻣـﺎ ﻟـﻢ ﻧﺤﻘﻘﻪ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺮون ) .(٨٠ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑ» nاﻻﺳﺘﺒﺪاد« و »اﻟﻌﺪل« ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻗﺾ ،وﻟﻜﻨﻪ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺒﺪو ﻟﻨﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴـﺎً اﻵن ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﻣﺎ أدرﻛﻨﺎه ﻣﻦ وﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ. وﻳﻜﺘﺐ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺮﺟﻞ ا;ﻨﺘﻈﺮ« ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ »اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ« ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٩أﺑﺮﻳﻞ -١٩٤٩وذﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮر »اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺜﻮري« ﻟﻠﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أو »ا;ﺴﺘﺒﺪ اﻟﻌﺎدل« »ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻨ ،nﻣﻨﺘﻈﺮاً أوﺑﺔ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﺨﻤﻟﻠّﺺ اﻟﺬي ﻻ ﺣﻴﻠﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﺪوﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮة اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،واﻟﺬي ﺳﻴﻤﻠﺆﻫﺎ ﻋﺪﻻً ﺑﻌﺪ أن ﻣﻠﺌﺖ ﻇﻠﻤﺎً ...» :وا;ﺘﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻻ ﺣﻴﻠﺔ ﻓﻴﻪ أن ﻧﻈﻞ ﻛﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻟﻌﺒﺔ ﺗﻠﻌﺐ ،أو ﻧﻬﺒﺔ ُﺗﻨﻬﺐ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻌﺚ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻨﺎ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻧﻨﺘﻈﺮ .وﻟﺴﺖ أﻋﻨﻲ ﺑـﺎﻟـﺮﺟـﻞ اﻟﺬي ﺗﻨﺘﻈﺮه اﻷﻣﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ )ا;ـﻬـﺪي( أو )اﻹﻣـﺎم( أو )ا;ـﺴـﻴـﺢ( ﻓـﺈن ﻇـﻬـﻮر أوﻟﺌﻚ ..ﻣﻦ أﺷﺮاط اﻟﺴﺎﻋﺔ ،إ ﺎ أﻋﻨﻲ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻈﺮه اﻟﻨﺎس اﻧﺘﻈﺎرﻫﻢ ﻃﻠﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ،وﺗﻨﺘﻈﺮه اﻷرض اﻧﺘﻈﺎرﻫﺎ رﺟﻌﺔ اﻟﺮﺑﻴـﻊ ..وﻇـﻬـﻮره ﺳـﻨّﺔ ﻣﻦ ﺳ¨ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ﻳﺠﺮي ﺑﻬﺎ ﺣﻜﻤﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺷﺎء ﻟﻠﻌﻘﻮل اﳊﺎﺋﺮة أن ﺗﻬﺘﺪي.. ُ ﺴﻤﻰ »رﺳﻮﻻً« ﻓﻠﻤﺎ ﺧﺘﻤﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ.. ﻳ اﻟﺪﻫﺮ ﻣﻦ ﺧﻼ ﻓﻴﻤﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﻫﺬا ﻛﺎن ُ ّ ﻛﺎن ﻳﻈﻬﺮ ﻓﺘﺮة ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻣﻠﻚ أو ﻓﺎﰌ أو ﺣﺎﻛﻢ أو ﻋﺎﻟﻢ أو ﻣﻔﻜﺮ.. وﻫﻮ ﺑ nأﺻﺤﺎب اﻟﺴﻠـﻄـﺎت ﻳـﻜـﻮن أﺳـﺮع ﳒـﺎﺣـﺎً وأوﺳﻊ ﺻﻼﺣﺎ ﻣـﻨـﻪ ﺑـn أﺻﺤﺎب اﻟﻔﻜﺮ .وﻗﻠﻤﺎ ﻳﺄﺑﻪ اﻟﻨﺎس ﻟﺪﻋﺎة اﻟﺘـﺠـﺪﻳـﺪ ﺑـﺎﻟـﻜـﻼم ﻣـﺎ ﻟـﻢ ﻳـﻨـﺘـﺸـﺮ ﺻﺪاه ﻓﻲ اﻷرض و ﻳﺘﺴﻊ ﻣﺪاه ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ .ﻷن أﺻﺤﺎب اﻟـﻜـﻼم إذا ﻣـﻠـﻜـﻮا اﻟﺮأي ﻻ zﻠﻜﻮن اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ..وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺛﺒﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ...إﻻ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺪﻓﻊ ا;ﺼﻠﺤ nا;ﺴﻠّﻄ nاﻟﺬﻳﻦ وﺿﻌﻮا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻳﺪ واﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ ﻳﺪ ﺛﻢ ﻛﺘـﺒـﻮا دﺳﺘﻮر اﻹﺻﻼح ﺑﺎ;ﺪاد واﻟﺪم ...وﻟﻬﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺗﻨﺘﻈﺮه اﻷﻣﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ آﻳﺎت 6ﻬﺪ ﻟﻪ وﺗﺪل ﻋﻠﻴﻪ :ﻓﻤﻦ اﻵﻳﺎت ا;ﻬﻴﺄة ﻟﻈﻬﻮره اﻧﺤﻼل اﻷﺧﻼق ،ﻓﻼ ﺗﺘﻤﺎﺳﻚ ﻓﻲ ﻗﻮل أو ﻓﻌﻞ ..واﺳـﺘـﺒـﻬـﺎم ا;ـﺬاﻫـﺐ ،واﻧـﻘـﻄـﺎع اﻷﻣـﺔ ﻋـﻦ رﻛـﺐ اﳊﻴﺎة ﻓﻼ ﺗﺘﺤﺮك ﻗﺒﻠﺔ وﻻ دﺑﺮه .وﻣﻦ آﻳﺎﺗﻪ ا;ﻨﺒﺌﺔ ﺑﻮﺟﻮده أن ﻳﻜﻮن ﻟﻐﻴﺮه ﻻ 103
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻟﻨﻔﺴﻪ ،وﻷﻣﺘﻪ ﻗﺒﻞ أﺳﺮﺗﻪ ،وﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﺑﻌﺪ وﻃﻨـﻪ ،وﺑـﻬـﺬه اﻟـﺼـﻔـﺔ ﻳـﺨـﺘـﻠـﻒ ا;ﺼﻠﺢ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ..ﻻ ﻳﻨﻀﺞ رأﻳـﺎً إﻻ أﻣﻀﺎه ..وﻻ ﻳﺮوم أﻣـﺪاً إﻻ أدرﻛﻪ .ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ا;ﻠﻬﻢ ا;ﻮﻫﻮب ﻫﻮ اﻟﺬي ﺗﺮﻗﺐ ﻇﻬﻮره ﻛﻞ ﻓﺮﻗﺔ وﺗﺮﺻﺪ ﳒﻤﻪ ﻛﻞ أﻣﺔ .وﻟﻘﺪ ﻇﻬﺮ أﻣﺜﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻌـﺾ اﻷ وﻫـﻲ ﻋـﻠـﻰ ﺷـﻔـﺎ اﻟـﻬـﺎوﻳـﺔ ﻓﺄﻋﺎدوﻫﺎ إﻟﻰ اﳊﻴﺎة ،وردوﻫﺎ إﻟﻰ اﳉﺎدة ،وﻻ ﺗـﺰال اﻷﻣـﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﲢـﺪق اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻌﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﻓﻖ اﻟﻐﺎﺋﻢ ﺗﺮﺟﻮ أن ﺗﻨﺸﻖ اﳊﺠﺐ ﻋﻦ ﻧﻮره .ﻓﻬﻞ آن ﻳﺎ أرﺣﻢ اﻟﺮاﺣﻤ nأوان ﻇﻬﻮره?)×(٢٠ رﺑﺎه! ..إن ﻧﺴﺄﻟﻚ اﻟﺮاﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﻄﺮد اﻟﺬﺋﺐ ،واﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ اﳊﺐ، واﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ا;ﺼﺒﺎح ،واﻟﻘـﺎﺋـﺪ اﻟـﺬي ﻳـﺮﻓـﻊ اﻟـﻌـﻠـﻢ ،واﻷﺳـﺘـﺎذ اﻟـﺬي ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ)× (٢١أن ﻧﺼﻨﻊ اﻹﺑﺮة وا;ﺪﻓﻊ ،وﻧﺸﻖ ا;ﻨﺠﻢ واﳊﻘﻞ ،وﻧﻮﻓﻖ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ وﻧﻮﺣﺪ ﺑ nا;ﻨﻔﻌﺔ اﳋﺎﺻﺔ وا;ﻨﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ) ،«(٨١وﻫﻜﺬا ﻟﻢ ﻳﻨﺲ ﻓﻲ واﻟﺪﻧﻴﺎ ّ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أن ﻳﺤﺪد ﻟﻠﺒﻄﻞ رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﻊ ﺑ nاﻟﺪﻳﻦ واﻟﺪﻧﻴﺎ وﺑn اﳋﺎص واﻟﻌﺎم(٢٢×). وﻳﻠﺨﺺ ﻟﻨﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤـﺪ ﻣـﻨـﺪور )ا;ـﺘـﻮﻓـﻰ ﻋـﺎم ،(١٩٦٥وﻫﻮ ﻣﻦ أﺑـﺮز ﻧﻘﺎد اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺬﻳﻦ اﻟﺘﻔﺘﻮا ﻟﻠﻮﺟﻬﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ،ﺻﻔﺎت ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﻠـﺼـﻬـﺎ ﻣـﻦ أدب أﺑـﺮز رواﺋـﻲ ﻋـﺮﺑـﻲ ﻣـﻌـﺎﺻـﺮ اﻗﺘﺮن أدﺑﻪ ﺑﺼﻌﻮد اﻟﻄﺒﻘﺔ وﺗﻌﺜﺮﻫﺎ ،واﻧﺪﻣﺠﺖ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ qﻌﺎﻧﺎﺗﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ﻓﻲ اﻧﺘﺼـﺎراﺗـﻬـﺎ وﻛـﺒـﻮاﺗـﻬـﺎ ،ﻓـﻲ ﻓـﻀـﺎﺋـﻠـﻬـﺎ وﻣﺒﺘﺬﻟﻬﺎ» :أﺣﻤﺪ أﻓﻨﺪي ﻋﺎﻛﻒ )ﺑﻄﻞ »ﺧﺎن اﳋﻠﻴﻠﻲ« ﻟﻨﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ( أ ﻮذج ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻤﻮد اﻟﻔﻘﺮي ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي، ﺑﺸﺮي ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،اﻟﺘﻲ ّ وﺗﻜﻮن ﻫﻤﺰة اﻟﻮﺻﻞ ﺑ nﻃﺒﻘﺔ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻜﺎدﺣ nواﻟﺴﺎدة ا;ﺘﺮﻓ ،nﺑﻞ ﻟﻌﻠﻬﺎ ّ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻘﻠﻘﺔ ا;ﻌﺬﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻄﻤﺌﻦ إﻟﻰ اﳊﻴﺎة ﻛﻤﺎ ﺗﻄﻤﺌﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻟﺘﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻨﺤﻪ ﻣﻦ ﻣﻠﺬات ﻣﻦ ﻣﻠﺬات وﻣﺒﺎﻫﺞ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺗﺬﻣﺮ وﻻ ﺳﺨﻂ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻲ ﺳﻬﻮﻟﺔ أن ﺗﺸﺒﻊ ﻃﻤﻮﺣﻬﺎ ﻓﺘﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،أي اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،وﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ ﻟﺘﺘﻤﺘـﻊ qﺎ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﺎل وﺟﺎه وﺳﻠﻄـﺎن ،وﺑـﺎﻟـﺮﻏـﻢ ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟـﻘـﻠـﻖ واﻟﻌﺬاب ا;ﻘﻴﻢ ،ﻓﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ راﺋﻌﺔ ،ﺑﻞ ﻟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻨﻔﺮد دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .وﻓﻲ رأس ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻳﺄﺗﻲ اﻹﺣﺴﺎس اﻟﺼﺎرم ﺑﺎ;ﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ،واﻟﺘﻀـﺤـﻴـﺔ ﻓـﻲ 104
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﺳﺒﻴﻞ اﻷﺳﺮة ،واﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻷﻫﻞ واﻷﺧﻮة .وﻫﺬه اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺮﺑﺖ أﺣﻤﺪ أﻓﻨﺪي ﻋﺎﻛﻒ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،ﺑﻞ وﻣﻦ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ّ ;ﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺧﻠﻖ ﻛﺮ .ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻣﻴﺰاﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺸﺮﻗﻴ ،nاﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﻤﺮ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ روﺣﻴﺔ اﻷدﻳﺎن وا;ﺜﻞ اﻟﻌﻠﻴﺎ ).«(٨٢ وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﻒ »ﻇﺮوف اﳊﻴﺎة وﻗﺴﻮة اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ« ﺿﺪ اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ً ﻟﻬﺬه اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﺘﺒﺎﻋﺪ ﺑ nوﻋﻴﻬﺎ وواﻗﻌﻬﺎ ،وﺗﺼﺎدم ﺑ nﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ وﻣﺼﺎﻋﺒﻬﺎ ا;ﻌﻴﺸﻴﺔ ،ﻓﺘﺰﻳﺪﻫﺎ ﺣـﺒـﻮﻃـﺎً وﺗﺒﻘﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣـﺴـﻄـﺢ وﻣﺸﺘﺖ» :ﻛﺎن ﻗـﺎرﺋـﺎً ﻧﻬﻤـﺎً ﻻ ﺗﺮوي ﻟﻪ ﻏﻠﺔ ،وﻗﺪ أدﻣﻦ ﻋﻠـﻰ اﻟـﻘـﺮاءة إدﻣـﺎﻧـﺎً ﻗﺎﺗﻼ ،وأﻛﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻛﺎﻣـﻼً ﻣﻦ ﻋﺎم -١٩٢١ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ً اﻟﺒﻜﺎﻟﻮرﻳﺎ-إﻟﻰ ﻋﺎم .١٩٤١ﺑﻴﺪ أﻧﻬﺎ اﻣﺘﺎزت ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪء ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ ﻟﻢ ﺗﻔﺎرﻗﻬﺎ ﻣﺪى اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً ،وﻫﻲ إﻧﻬﺎ ﻗﺮاءة ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺘﺨﺼﺺ وﻻ اﻟﻌﻤﻖ، ﻧﺰاﻋﺔ إﻟﻰ ا;ﻌﺎرف اﻟﻘﺪzﺔ ،ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ،ﻟﻌﻞ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻋﺪم ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﺎ ّ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﺿﻄﺮاره إﻟﻰ اﻻﻧﻘﻄﺎع ﻋﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﻜﺎﻟﻮرﻳﺎ ،ﺎ ﻟﻢ ﻳﻬﻴﺊ ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﻟﻠﺘﺨﺼﺺ .وﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ اﻻﻧﻘﻄﺎع آﺛﺎر ﺑـﺎﻟـﻐـﺔ ﻓـﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻨﺞ ﺷﺮﻫﺎ ﻣﺪى اﳊـﻴـﺎة .أﻣـﺎ ﺳـﺒـﺒـﻪ ﻓـﻬـﻮ أن أﺑـﺎه أﺣﻴﻞ إﻟﻰ ا;ﻌﺎش ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻛﺎن ﻳﺸﺎرف اﻷرﺑﻌـ-nﻹﺿـﺎﻋـﺘـﻪ ﻋـﻬـﺪة ﻣﺼﻠﺤﻴﺔ ﺑﺈﻫﻤﺎﻟﻪ)× (٢٣وﺗﻄﺎوﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﶈﻘﻘ nاﻹدارﻳ .nﻓﺄﺟﺒﺮ ﻋﺎﻛﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺪراﺳﻴﺔ واﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،ﻟﻴﻨﻔﻖ ﻋﻠﻰ أﺳﺮﺗﻪ اﶈﻄﻤﺔ، وﻳﺮﺑﻲ أﺧﻮﻳﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮﻳﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻣﺎت أﺣﺪﻫﻤﺎ وﺻﺎر اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻮﻇﻔﺎً ﻓﻲ ﺑﻨﻚ ﻣﺼﺮ ).«(٨٣ وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﺳﺘﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ ﻃﺒﻘﺔ اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﶈﻠﻴﺔ )اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﳉﺪﻳﺪة( اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﺧﻼل اﳊﺮب وﺑﻌﺪﻫﺎ ،أﻗﺎﻣﺖ ﺻﻨﺎﻋﺎت وﻃﻨـﻴـﺔ ،ﺳـﺘـﺠـﺪ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺣﻠﻴﻔـﺎً ﻃﺒﻘـﻴـﺎً ﻣﻦ ﻧﻮع آﺧﺮ ﻓﻲ ا;ﺮﺗﺒﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻬـﺮم اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ .وﻫـﺬه اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﶈﻠﻴﺔ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ »ا;ﺴﺘﻨﻴﺮة«-ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ-ﺳﺘﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﻴﺎ ً ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ً اﻷﻗﻞ-ﺣﻠﻴﻔﺎ ً اﻟﺼﻐﻴﺮة-ا;ﺸﺎرﻛﺔ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت واﻵﻣﺎل ﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻬﺎ ﺿﺪ ﻛﺒﺎر ﻣﻼك اﻟﺮﻳﻒ اﶈﺎﻓﻈ ،nوذﻟﻚ اﻟﻘﻄﺎع اﶈﺘﻜـﺮ ﻣـﻦ ﺗﻔﻬﻤﺎ(; ً اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ا;ﻌﺎدي ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ )ﺛﻤﺔ ﻗﻄﺎع أﺟﻨﺒﻲ اﻛﺜﺮ وﺿﺪ اﳊﻜﻮﻣﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﺴـﺘـﻮى اﻟـﺘـﻄـﻠـﻌـﺎت اﻟـﻌـﺼـﺮﻳـﺔ 105
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻌﻴﺪ »اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ« ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﻴ nواﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴ nاﻟﻌﺮب اﻟﺬﻳـﻦ أﺧـﺬوا ﻳـﺘـﻄـﻠـﻌـﻮن ُﺑ ْ اﳊﺮب ﻟﻨﻈﺎم ﺟﺪﻳﺪ اﻛﺜﺮ دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﻮﻧﻴﺔ »اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ «. و ﺎ ﲡﺪر ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ أن ﻗﻴﺎدة اﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ -ﺜﻠﺔ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة- أﻋﻄﺖ اﻟﺘﺸـﺠـﻴـﻊ ووﻓّﺮت اﳊﻮاﻓﺰ-اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ-ﻟﻠﺮأﺳـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ ا;ﺘﻄﻮرة ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺜﻮرة )ا;ﺮﺣﻠﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ -١٩٥٢ ..١٩٥٦وﺣـﺘـﻰ .(٨٤) (١٩٦٠إﻻ أن ذﻟﻚ ﻟـﻢ ﻳـﺆد إﻟـﻰ ـﻮ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎد اﻟـﻮﻃـﻨـﻲ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي أرادﺗﻪ ﻗﻴﺎدة اﻟﺜﻮرة ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻋﻦ ﺧﻂ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﺎدة اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ً اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﺷﻴﺌﺎً )(٨٥ أدى إﻟـﻰ ﺻـﺪوره ﻗـﺮاراﺗـﻪ ﻳـﻮﻟـﻴـﻮ اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴــﺔ ﻋــﺎم . ١٩٦١و¬ اﻧـﺤـﻴـﺎز اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة إﻟﻰ ﻃﺒﻘﺘﻲ اﻟﻌـﻤـﺎل واﻟـﻔـﻼﺣـ-nﻓـﻲ ا;ـﺮﺣـﻠـﺔ اﻟـﺜـﻮرﻳـﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ-ﻏﻴﺮ أن »ا;ﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ« اﻟﺬي أﻋﻠﻨﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ ١٩٦٢ أﺑﻘﻰ »اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻏﻴﺮ ا;ﺴﺘﻐﻠﺔ« ﺿﻤﻦ »ﲢﺎﻟﻒ ﻗﻮى اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺎﻣﻞ«- وان أﺻﺒﺤﺖ اﳉﺎﻧﺐ اﻷﺿﻌﻒ ﻣـﺆﻗـﺘـﺎً -ﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘـﻮﺳـﻄـﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ذاﺗﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﺨﻞ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً ﻋﻦ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﺎ اﻟﻌﻠﻴﺎ(٢٤×). إن ﻣﺪى اﻟﺘﺤﺮك ا;ﻔﺘﻮح-ﻏﻴﺮ اﶈﺪد ﺑﻀﻮاﺑﻂ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ-واﻟـﺬي أﺗـﺎح ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘـﺄرﺟـﺢ ﺑـ» nﻗـﻄـﺐ« اﻟـﻄـﺒـﻘـﺎت اﻟـﺪﻧـﻴـﺎ و»ﻗـﻄـﺒـﺪ ـﺴﺮ ﺻﻔﺔ اﻟﻘﻠﻖ واﻟـﺘـﺬﺑـﺬب اﻟـﺘـﻲ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﻗﻴﻤـﻬـﺎ ﻫـﻮ اﻟـﺬي ﻳـﻔ ّ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻨﺪور )»ﺑ nﻃﺒﻘﺔ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻜﺎدﺣ nواﻟﺴﺎدة ا;ﺘﺮﻓ،(«n وﻳﻔﺴﺮ ;ﺎذا اﺗﺨﺬت اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺘﻄﺮف واﻟﺜﻮرة ﺣﻴﻨﺎً، ﺣﻴﻨﺎ آﺧﺮ? و;ﺎذا ً ﺣﻴﻨﺎ ،وﻣﻮﻗﻒ ا;ﻬﺎدﻧﺔ واﻟﺘﻮﺳﻂ ً وﻣﻮﻗﻒ اﶈﺎﻓﻈﺔ وا;ﺴﺎ;ﺔ ﺣﺎﻟﻔﺖ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ اﻟﻌـﺎ;ـﻴـﺔ واﶈـﻠـﻴـﺔ ﺗـﺎرة واﲡـﻬـﺖ ﻟـﻠـﺤـﻴـﺎد أو ﻟـﻠـﻐـﺮب ﺗـﺎرة أﺧﺮى)× .(٢٥وﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻔﻜﺮz ،ﻜﻦ أن 6ﺪﻧﺎ ﻫﺬه ا;ﻼﺣﻈﺔ qﻔﺘﺎح ﻓﻬﻢ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻤﺎزج واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ-وأﺣﻴـﺎﻧـﺎً اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ-ﺑ» nاﻹﺳﻼﻣﻴﺔ« و »اﻟﻴﺴـﺎرﻳـﺔ«، ﺑ» اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ« و »اﻟﻔﺮدﻳﺔ« ،ﺑ nاﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻜُﻠﻴﺔ، ﺑ nاﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ،ﺑ nاﻟﻮﺣﺪوﻳﺔ واﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ ،ﺑ nاﳊﺮﻳﺔ واﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ، وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨـﻘـﺎﺋـﺾ واﻷﺿـﺪاد اﻟـﺘـﻲ ﺑـﺮزت ﻓـﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ اﻟـﻔـﺘـﺮة ،واﻟـﺘـﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ »ﺑﺄﻳﺪﻟﻮﺟﻴﺘﻬﺎ« اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ أن ﺗﻘﺎرب ﺑﻴﻨـﻬـﺎ وﺗﺴﺘﺜﻤﺮ وﺟﻬﻴﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﻧﻔﻊ ،ﻓﻲ أوﻗﺎت ﺻـﻌـﻮدﻫـﺎ واﻧﺘﺼﺎرﻫﺎ ،وأن ﺗﻘﻊ ﺿﺤﻴﺔ ﻟﺘﻨﺎﻗﻀﻬﺎ ا;ﺘﻀﻤﻦ وﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻤـﺮار ﻓـﻲ 106
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
اﳉﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﺎ داﺋﻤﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﺗﺄزﻣﺎﺗﻬﺎ وﻫﺰاﺋﻤﻬﺎ. وﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻬﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ أﻳﻀﺎً ،ﻫﻲ أﻧﻬﺎ وان ﻛﺎﻧﺖ أﺻﻴﻠﺔ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ اﳉـﺬور ﻣـﺤـﻠـﻴـﺎً وﻋﺮﺑﻴـﺎً ،إﻻ إﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻃـﺒـﻘـﺔ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ﻣﻮﺣﺪة ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺘﻌﺪدة وا;ﺘﺒﺎﻳـﻨـﺔ، ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ وﺣﺪﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻧﺴﺠﺎﻣﻬﺎ اﻟﻄﺒﻘﻲ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﻮاﺻﻞ ﻋﺪﻳﺪة ّ ﺣﻮﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻛﺜﻴﺮة اﻟﺬاﺗﻲ .ﻓﺎﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت »اﻟﻔﺌﻮﻳﺔ« ا;ﺘﺪاﺧﻠﺔ ا;ﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ّ إﻟﻰ »ﺷﺮاﺋﺢ« ﺗﺘﺼﺎرع ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ داﺧﻞ ﻣﻌﺴﻜﺮ اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ذاﺗﻪ .وﻋﻠﺔ ذﻟﻚ إن اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ-ﻣﺜﻼ-ﺑﺤﻜﻢ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﻄﺮﻳـﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﻊ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ .ﻓﺎ;ﺼﺎﻟﺢ-ﻣﺤﻠﻴﺎً-ﺗﺨﺘﻠﻒ، وا;ﺆﺛﺮات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﳊﻀﺎرﻳـﺔ-ﺗـﺎرﻳـﺨـﻴـﺎً-ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ .وﺑ nاﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻠـﺒـﻨـﺎﻧـﻴـﺔ واﻟﺘﻮﺟﻬﺎت، واﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ-ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل-ﻓﺮوق ﻋﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺄة ّ ﻫﺬا ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻟﻔﺮوق اﶈﻠﻴﺔ واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﺑ nﻓﺌﺎت ﺑﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺒﻠﺪ )ﺗﺄﻣﻞ ﻣﺜﻼً ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ا;ﻌﻬﻮد ﺑ nﺑﺮﺟﻮازﻳﺘﻲ ﺣﻠﺐ ودﻣﺸﻖ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ّ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓـﺤـﺴـﺐ وإ ـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ ،وﺗـﺄﻣـﻞ ﻓـﻲ اﻻﻓـﺘـﺮاق اﻟـﻘـﺎﺋـﻢ ﺑـn ﺑﺮﺟﻮازﻳﺘﻲ ﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ وإﻗﻠﻴﻢ اﳉﺒﻞ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﻏﺮﺑﺎ(. ً ﻓﻘﻂ وإ ﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت واﻟﻮﻻءات اﳊﻀﺎرﻳﺔ ﺷﺮﻗﺎً وﻟﺮqﺎ ﻣﻜﻨﺘﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈﺘﻨﺎ ﻟﻬﺬه »اﳋﺎﺻﻴﺔ« ﻓﻲ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة )واﻟﻜﺒﻴﺮة( ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ وﺗﻔﻬﻢ ﻛﺜﺮة اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت ﻓﻲ اﻷﺣﺰاب اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﳊﺮﻛﺔ اﻟﻮﺣﺪوﻳﺔ ،ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ-ﻣﻮﺿﻮﻋـﻴـﺎً )دون أن ﻧُﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺜﺎﻟﺐ أﺧﻼﻗﻴـﺔ داﺋﻤﺎ(-ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻮاﺣﺪ إﻟﻰ أﺟﻨﺤﺔ ،واﻷﺟﻨﺤﺔ ً وأﻧﺎﻧﻴﺎت ﺷﺨﺼﻴﺔ إﻟﻰ ﻓﺮوع )وﺷﻠﻞ( ،وﺗﻀﻴﻊ اﻟﻔﺮوق اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﺗﻌﺪد اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت »اﻟﻔﺌﻮﻳﺔ« اﻟﺼﻐﻴﺮة ،ا;ﻨﻘﺴﻤﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ ذاﺗـﻬـﺎ ،وﻧُﻮاﺟﻪ ﺑﻌﺪة »ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺎت« ﺿﻤـﻦ اﲡﺎه ﺳﻴﺎﺳﻲ-ﻃﺒﻘﻲ-ﻓﻜﺮ ﻓﻲ واﺣﺪ :وﻣﻦ ﲢﺖ اﻟﺮداء اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ اﳉـﺪﻳـﺪ- اﻟﺘﺸﻘﻖ-ا;ﻜﻮﻧﺎت وﺑﺮﻏﻢ ﻓﻜﺮﺗﻪ »اﻟﺜﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ«-ﺗﺒﺮز ﺑﻮﺟﻬﻬﺎ-ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار ّ اﻟﻮراﺛﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺸﺮق اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ ﻣﺤﻠـﻴـﺔ إﻗـﻠـﻴـﻤـﻴـﺔ ،وﻋـﺎﺋـﻠـﻴـﺔ ﻋﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ،وﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ،وﻫﻲ »اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ« اﻟـﺘـﻲ ¬ اﻟـﺘـﻮاﻓـﻖ ﻣـﻊ ﻗـﻴـﻤـﻬـﺎ ووﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ »اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻴﺔ ،ﺑـﻮﺿـﻊ اﳉـﺪﻳـﺪ إﻟـﻰ ﺟـﺎﻧـﺐ اﻟﻘﺪ ،دون ﻏﺮﺑﻠﺔ وﺣﺴﻢ وﺑ ّـﺘﺮ ،وﻟﻬﺬا ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﺿﻊ اﻷﻣﻮر ﻋﻠـﻰ اﶈـﻚ ﻓﻲ ﻏﻤﺎر اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ واﻻﺧﺘﺒﺎر ا;ﺼﻴﺮي .ﺗﺸﺮأب ﺑﺄﻋﻨﺎﻗﻬﺎ وﺗﺒﺮز »ا;ﺴﻠﻜﻴﺎت« 107
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﺗﻌﻮد »ا;ﺆﺳﺴﺎت« واﻻﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﻟﺘﻔﺬ وﺗﺴﻴﻄﺮ ﺧﻼل اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﳉﺪﻳﺪ وﺗﺸﻜّﻠﻪ اﻟﻬﺶ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻨﻪ(٨٦) . وﻫﻜﺬا ،ﻳﺼﺢ اﻟﻘﻮل-أﺧﻴـﺮاً-اﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷردﻳﺔ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« ﻓﻲ اﻟﻔﺘـﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘـﺔ ﻗـﺸـﻮراً ﻋﻠﻰ ﺟﺴﻢ ﻗﺪ ،ﻓﺎن اﻷردﻳﺔ »اﻟﺮادﻳـﻜـﺎﻟـﻴـﺔ« اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ اﻟﻮﺣﺪوﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻛـﺜـﺮ اﻧـﺴـﺠـﺎﻣـﺎً وﲡﺰرا ﻋﻠﻰ اﳉﺴـﻢ اﻟـﻘـﺪ ذاﺗـﻪ .ﻫـﺬا اﳉﺴﻢ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﻀﺢ ﺑﻌﺪ ﻣﺎذا ﺳﻴﻜﻮن وﻛﻴﻒ ﺳﻴﺤﻴﺎ» .اﻟـﺜـﺎﺑـﺖ« ﻓـﻴـﻪ ﻫـﻮ ﻣﻜ ّـﻮﻧﺎﺗﻪ اﻟﻘﺪzﺔ ا;ـﻮروﺛـﺔ اﻟـﺘـﻲ »ﺗـﺘـﻮاﻓـﻖ« ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﺮﺣـﻠـﺔ ﻣـﻊ ﻣـﻜـﻮﻧـﺎت أو »ﻣﺘﺤﻮﻻت« ﺟﺪﻳﺪة واﻓﺪة-ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ اﻟﻈﺮوف أو ﻃﺒﻴﻌﺔ ا;ﺮﺣﻠﺔ-ﺛﻢ ﺗﻨﻔﻚ ﻋﻨﻬﺎ وﺗﺴﻘﻄﻬﺎ ﻟﺘﻌﻮد وﺗﺘﻮاﻓﻖ-ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﺿﻴﺎع وﺑﺤﺚ-ﻣﻊ ﻣﻜﻮّﻧﺎت ﺟﺪﻳﺪة أﺧﺮى- أﻧﺴﺐ وﻗﺘـﻴـﺎً-وﻫﻜـﺬا)× ..(٢٦دون اﻧﺪﻣﺎج ﻋﻀﻮي ودن ﺗﻠﻘـﻴـﺢ ﺧـﻼق .وﻳـﺒـﻘـﻰ ﻳﺘﺮﺳﺦ اﳉﺪﻳﺪ ،ﺑﻞ ﻳﺴﻘﻂ ﻗﺸﺮة ﺑﻌﺪ ﻗﺸﺮة ،وﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻪ ،وﻻ ّ إﺛﺮ ﻣﺮﺣﻠﺔ. وﺳﺘﺘﻮاﻟﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺛﻼث »ﻣﺆﺳﺴﺎت« اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﺣﺼﻴﻠﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﺿﺪ »اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ « وﻓﻜﺮﻳﺎ ﻓﻲ ً ً وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،،ﺗﻐﻴﻴﺮ وﺟﻪ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً اﻟﺜﻠﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ-: -١ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ )ا;ﺪارس واﳉﺎﻣﻌﺎت( :إن ﻫﺬه ا;ﺆﺳـﺴـﺔ اﻟﺘﻲ اﲡﻬﺖ ﻹ ﺎﺋﻬﺎ وﺗﺮﺳﻴﺨﻬﺎ اﳉﻬﻮد ﻣﻨﺬ أﻳﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وﻋﻠﻲ ﻣﺒﺎرك )ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼـﻒ اﻟـﻘـﺮن ،(١٩ﺳﻴﺠﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺻﻼﺣﻲ إﻧﻬﺎ اﻟﻄـﺮﻳـﻖ اﻟـﻮﺣـﻴـﺪ واﻷﺳﻠﻢ ﻟـﻠـﺘـﻄـﻮر اﳊـﻀـﺎري ا;ـﺘـﺪرج (٨٧) ،ﺑﻌﺪ إﺧـﻔـﺎق أﺳـﻠـﻮب اﻟـﺘـﺤـﺮﻳـﺾ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﳉﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ،وأﺳﻠﻮب اﻻﻧﻘﻼب اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻷﺣﻤﺪ ﻋﺮاﺑﻲ. وﺳﻴﺄﺗﻲ اﳉﻴﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺟﻴﻞ ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴـﻴـﺪ ) (٨٨وﻃﻪ ﺣﺴ nﻟﻴﻌﻄﻴﻬﺎ ﻃﺎﺑـﻌـﺎً اﻛﺜـﺮ ﺗـﻘـﺪﻣـﺎً واﻧﻔـﺘـﺎﺣـﺎً ﻋﻠﻰ اﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺚ ) (٨٩وﻟﻴﻌﺘـﺒـﺮﻫـﺎ اﻷﻣـﻞ اﻷﻛـﺒـﺮ ﻟـﻨـﻤـﻮ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻓﻲ ا;ﺴﺘﻘﺒﻞ أن ﻫﺬه ا;ﺆﺳﺴﺔ-ﻓﻲ إﺣﺪى ﻣﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ-ﺳﻴﺘﺤﻮل ﺧﺮﻳﺠﻮﻫﺎ وﻃﻼﺑﻬﺎ ،ﺑﻞ وﻣﻌﻠﻤﻮﻫﺎ إﻟﻰ »ﺛﺎﺋﺮﻳﻦ« ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم ا;ﻨﺸﻮد ﺗﻄﻮﻳﺮه ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً ،وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ازدﻳﺎد ﻋﺪد أﺑﻨﺎء اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻴﻬﺎ ،وﺗﺒﺎﻋﺪ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ-اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ ﺻﻴﺮورﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﻏﺮﺳﺘﻬﺎ ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ )ﻓﻴﻤﺎ أﺷﺮﻧـﺎ إﻟﻴﻪ ﺿﻤﻦ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑ nاﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻮﻋﻲ(-وﻗﺪ »ﺑﺪأت ا;ﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ 108
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻣﻨﺬ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎم ،١٩٤٥ذﻟﻚ أن اﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻘﺘـﺼـﺮاً ﻋﻠﻰ ﺗﺰاﻳﺪ ﻧﻔﻮذ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻣﻦ اﻟـﺮأﺳـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ،وإ ﺎ ﻇﻬﺮ ﺟﻨﺎح اﺷﺘﺮاﻛﻲ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻨﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻧﺒـﻊ ﻣـﻦ اﳉـﺎﻣـﻌـﺔ واﺿﺤﺎ (٩٠) «..وﻗﺪ أدت اﳉﺎﻣﻌﺔ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻦ ﻫﺬه ا;ﺴﺆوﻟﻴﺎت ً ﺗﺄﺛﻴﺮا ً وأﺛﺮ ﻓﻴﻬﺎ )اﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ( ﺑﺠﺪارة .ﻓﻠﻦ ﻳﻨﺴﻰ أﺣﺪ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ اﳊﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ »اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ« ﻋﺎم » ١٩٤٦/١٩٤٥وﻓﻲ ﺣﺮب ﻓﻠﺴﻄ ،nوﻓﻲ اﻟﺜﻮرة ا;ﺘﺄﺟﺠﺔ ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﺿﺪ ﻓﺎروق وﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺮﺟﻌﻴﺔ .ﻟﻦ ﻳﻨﺴﻰ أﺣﺪ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﳉﺎﻣـﻌـﺔ ﺣـﻘـﺎً ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ« ).(٩١ وﻫﺬا ﻳﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺎﻣﺔ وﺧﺎﺻﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺎﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎت اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،وﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮن ﻓﺌﺔ ا;ﺜﻘﻔ nواﻟﺸﺒﺎب ا;ﺘﻌﻠﻢ واﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺤﻤﻞ اﻟﻘﺴﻂ اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻋﺐء اﻟﺘﻐـﻴـﻴـﺮ) (٩٢) ،ﺑﺨﻼف ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ أورﺑﺎ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻟـﻠـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـn اﻟﻨﺎﺿﺠ nواﻻﲢﺎدات اﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻔﻼﺣﻴﺔ وﲡﻤﻌﺎت اﻟﺼـﻨـﺎﻋـﻴـn واﻟﺘﺠﺎر دور اﻛﺒﺮ ﻓﻲ ا;ﺒﺎدرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴـﺔ اﻟـﺘـﺤـﻮﻳـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻛـﺎن ا;ـﻔـﻜـﺮون وﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮى وا;ﺜﻘﻔﻮن ﻳﺴﻬﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ qﺸﺎرﻛﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ّ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻮاﻋﻴﺔ واﻟﻨﺎﺿﺠﺔ ﻃﺒﻘـﻴـﺎً( ..ﻓﺎ;ﺜﻘﻔﻮن اﻟﻌﺮب ﺳﻴﺴﺒﻖ ﻮﻫـﻢ ﻮ ﻃﺒﻘﺎﺗﻬﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ-اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺆﺛﺮات اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮي ّ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻮاﻓﺪة ﻋﺒﺮ ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ا;ﺘﻘﺪﻣﺔ qﺮاﺣﻞ ﻋﻦ ُ ﺠﻤﻟﺘﻤﻌﺎﺗﻬﺎ اﻟﺮاﻛﺪة )ﺑﺨﻼف اﻟﻐـﺮب أﻳـﻀـﺎً ﺣﻴﺚ راﻓﻖ اﻟﻨﻤ ّـﻮ اﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﻨﻤ ّـﻮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﳊﻀﺎري وﻛﺎن ﻳﺘﺒﺎدل ﻣﻌﻪ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ا;ﺘﻮازن( .ﻣﻦ ﻫﺘﺎ ﺟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ« دور »اﻻﻧﺘﻠﺠﻨﺴﻴﺎ« اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌـﺎﺗـﻬـﺎ ﺣـﻴـﺚ ﺳـﻴـﺤـﺘـﻢ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ اﻟـﻈـﺮف اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﳋﺎص أن ﺗﻜﻮن اﻟﺒﺆرة ا;ﺒـﻠـﻮرة ﻵﻻم اﻷﻣـﺔ وأﺷـﻮاﻗـﻬـﺎ ،واﳉـﻬـﺎز اﻟﻼﻗﻂ ;ﺆﺛﺮات اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ واﲡﺎﻫﺎﺗﻪ وذﺑﺬﺑﺎﺗﻪ .إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد »اﻧﺘﻠﺠﻨﺴﻴﺎ« ﺗﻘﺪم اﻟﻔﻜﺮ وﺗﻈﻬﺮ ﺑﻨﻤﻮ ﻃﺒﻘﺎﺗﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ ا;ﺘﺒـﻠـﻮرة ﺗـﺎرﻳـﺨـﻴـﺎً، ﻓﻤﻔﻬﻮم »اﻟﻄﺒﻘﺔ« ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺸـﺮق اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻇـﻞ ﻣـﻔـﻬـﻮﻣـﺎً ﻏﺎﺋﻤـﺎً أﻗـﺎم ﲢﺪﻳﺪا »اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ« اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ا;ﻜﺘﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺼﻨـﺎﻋـﻲ ﻣـﺤـﺪد ً ا;ﻼﻣﺢ واﻟﻘﺴﻤﺎت ،ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺘﻤﺖ اﻟﻀﺮورة وﺟﻮد ﻃـﻠـﻴـﻌـﺔ ﻓـﺎﻋـﻠـﺔ ،ﻻ ﺗـﻨـﻈّـﺮ ﻟﻠﺜﻮرة ﻓﺤﺴﺐ ،وإ ﺎ ﺗﺼﺒﺢ وﻗﻮداً ﻟﻬﺎ ،وﺗﺮﻫﺺ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﻻت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻛﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أرﺿﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﺘﻘﻮد ،وﺗﻀﺤّﻲ ،وﺗﻔﺠﻊ ﻓﻲ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ 109
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
أﺣﻴﺎﻧﺎ ،وﺗﻌﺎﻧﻲ اﻻﻧﻔﺼﺎم ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺸﺎﺳﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜﺮﻳﺎً ،ﺛﻢ ً اﻟﺘﺤﻮﻻت ﺗﺼﺎب ﺑﺎﻻﻧﺨﺬال واﻟﻘﻨﻮط ﻟﻨﻔﺎذ ﺻﺒﺮﻫﺎ وﻫﻲ ﺗﺘﺠﻤﺪ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر ﻧﻀﺞ ّ )×(٢٧ واﻗﻌﻴﺎ ﺑﺒﻂء ،ﺑﻴﻨﻤﺎ رؤاﻫﺎ ﺗﺨﻠﻖ وﺗﻌﻴﺪ ﺧﻠﻮ أﺟﻤﻞ اﻟﻌﻮاﻟﻢ دون ﺟـﺪوى . ً وﻗﺪ ﺗُﻘﺪم أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎل ﺗﻀﺤﻴﺔ اﻧﺘﺤﺎرﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ »ﲢﺮﻳﻚ« اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻧﺎﻗﺼﺔ اﻟﻮﻋﻲ ،ﺑﻄﻴﺌﺔ اﻟﻨﻀﺞ ،ﻏﺎﻣﻀﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ وا;ـﻼﻣـﺢ .ﻫـﺬا إن ﲢﺮﻛﺖ ...ﻟﻘﺪ أﻧﺸﺌﺖ ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜـﺔ ﳉـﻌـﻞ اﻟـﺸـﺒـﺎب ا;ـﺘـﻌـﻠـﻢ ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ اﻟﺘﻄﻮري ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮة »اﻟﺘﻄﻮر واﻻرﺗﻘﺎء«-ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ أﻋﺮق اﻷﻛﺎدzﻴ nاﻟﻌﺮب اﶈﺪﺛ-nوﻟﻜﻨﻬﺎ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺘﺨﺮﻳﺞ أﺷﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻟﺜﻮرﻳﺔ ا;ﺘﻄﺮﻓﺔ ﺿﺪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﺋﻢ ،وﺿﺪ ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﺘﻄﻮرﻳﺔ اﻟﺘﺪرﺟﻴﺔ ،واﻟﺒﺮ;ﺎﻧﻴﺔ اﻟﻬﺎدﺋﺔ ،واﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﻟﺼﺒﻮرة .و »أﺿﺤﻰ أوﻻد ا;ﺪارس ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة، ً ﻋﻤﻮﻣﺎ وﻗﺪ ﻋﺒﺌﻮا ً وﻃﻼب اﳉﺎﻣﻌﺔ واﻟﺸﺒﺎب ا;ﻜﺎﻓﺢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺿﺎﻏﻄﺔ ﻗﺎﻫﺮة ﻏﻴﺮ ﺑﺮ;ﺎﻧﻴﺔ ،ﻻ ﻳﻨﺎﻓﺴﻬﺎ ﺳﻮى اﳉﻴﺶ ﻓﻲ ﻗﻮﺗﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ« ).(٩٣ -٢ا;ﺆﺳﺴﺔ اﳊﺰﺑﻴﺔ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ اﻟﺜﻮرﻳﺔ :وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬه ا;ﻔﺎرﻗﺔ أو اﳉﺪﻟﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﻨﻘﻴﺾ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﻓﻲ رﺣﻢ ﻧﻘﻴﻀﻪ وﺳﻠﻔﻪ اﻟﻮراﺛﻲ ،أﺧﺬ »ﲢﺮzﺎ« ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺬي أﻧﺸﺄه. ً ﻳﻔﺮخ أﺷﺪ اﻷﻓﻜﺎر »اﳊﺮب اﳉﺎﻣﻌﻲ« ّ ﻓﻔﻲ ﺟﻮ ا;ﺪارس واﳉﺎﻣﻌﺎت أﺳﺲ »ا;ﺪرﺳﺎن« ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ وﺻﻼح اﻟﺒﻴﻄﺎر ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ،وأﻧﺸﺄ »ﻣﺪرس« اﳋﻂ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ »ﺣﺴـﻦ اﻟـﺒـﻨـﺎ« ﺟـﻤـﺎﻋـﺔ اﻹﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤ ،nوأﺳﺲ »ﻣﺪرس« اﻟﻠﻐﺔ اﻷ;ﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﳉﺎﻣـﻌـﺔ اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ ﺑﺒﻴﺮوت »أﻧﻄﻮن ﺳﻌﺎدة« اﳊﺰب اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺴﻮري ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎم »ﻃﺎﻟﺐ« اﳊﻘﻮق- اﻟﺬي ﻓﺼﻞ ﻣﻦ اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜـﻤـﻞ-ﺧـﺎﻟـﺪ ﺑـﻜـﺪاش ﺑـﺎﻟـﺘـﺼـﺪي ﻟﻘﻴﺎدة اﳊﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋـﻲ ) .(٩٤وﺣﺘﻰ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ورﻓﺎﻗﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴـﻢ »اﻟﻀﺒﺎط اﻷﺣﺮار« ﺗﻔﺘﺢ وﻋﻴﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﻫـﻢ ﻳـﺮﺑـﻄـﻮن ،أﺛـﻨـﺎء ﺗـﺪرﻳـﺴـﻬـﻢ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻷرﻛﺎن ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮي واﻟﻮاﻗﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ-اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ).(٩٥ ﻟﻴﺎ آﺧﺮ ،أن ﻫﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ﲢﻮ ً وﻣﺎ ﻳﻀﻴﻒ ﻟﻬﺬه اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ ﺑﻌﺪاً ّ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻳﺮون ﺟﻤﻴﻌﺎً ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﺑﺄزﻣﺎت ﻛﻴﺎﻧﻴﺔ ذاﺗﻴﺔ 6ﺲ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ واﲡﺎﻫﺎت ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﻛﺄن ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﺑﺆرة ﺗﻜﺜّﻒ ﻣﻌﺎﻧﺎة ا;ﺮﺣﻠﺔ ،وﺑﺤﺚ اﻷﻣﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺨﻼص. وﺑﻌﺪ أن zﺮ ﻫﺆﻻء ﺑﻬﺬه اﻷزﻣﺎت-اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺴـﻤـﻴـﻬـﺎ أرﻧـﻮﻟـﺪ ﺗـﻮﻳـﻨـﺒـﻲ »ﻇـﺎﻫـﺮة 110
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
وﺗﺄﻣﻞ اﻻﻋﺘﻜﺎف واﻟﻌﻮدة« ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ا;ﺒﺪﻋ nﺣﻴﺚ ﻳﺪﺧﻠﻮن ﻃﻮر ﻋﺰﻟﺔ وﺷﻚ ّ ﻗﺒﻞ اﺗﻀﺎح اﻟﺮؤﻳﺔ ) -(٩٦ﺗﺒﺪأ دﻋﻮاﺗﻬﻢ وﺣﺮﻛﺎﺗﻬﻢ اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻻﺗﻀﺎح واﻟﺘﺒﻠﻮر. ﻳﻜﺘﺐ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ وﺻﻼح اﻟﺒﻴﻄﺎر ﻋﻦ اﻷزﻣﺔ اﻟﺘـﻲ ﻣـﺮا ﺑـﻬـﺎ ﺑـﻌـﺪ ﺗـﺰﻋـﺰع اﻟﻘﻨﺎﻋﺎت ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻴﻬﻤﺎ ﻣﻨﺬ ١٩٣٦واﲡﺎﻫﻬﻤﺎ ﻟﻠﺒﺤﺚ إzﺎن ﺧﺎص ﺟﺪﻳﺪ ..» :ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﺳﺒﺒﺖ ﻟﻨﺎ أزﻣﺔ روﺣﻴﺔ وﻋﻘﻠﻴﺔ أﻋﺎﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺘﻨﺎ وﻧﺸﺎﻃﻨﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ;ﺪة ﺗﻘﺎرب اﻟﻌﺎﻣ ،nوذﻟﻚ ﻷﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻣﻦ ﺑ nأوﻟﺌﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴn اﻟﺬي ﻳﻠﺒﺴﻮن ﺣﻠﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ..ﻟﻘﺪ أردﻧﺎ ﻓﻮق ﻛﻞ ﺷﻲء أن ـﺴﺮ اﻷﺷﻴﺎء ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ وأن ﻧﻮﺿﺢ ﻷﻧﻔﺴـﻨـﺎ وﻷﻣـﺘـﻨـﺎ ﺷـﻴـﺌـﺎً اﻛﺜﺮ ﻋـﻤـﻘـﺎً ﻣﻦ ﻧﻔ ّ )(٩٧ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،أي اﻟﻌﻘﻞ واﻟـﺮوح اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـ «nوﻳﻜﺘﺐ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻦ اﻟـﺒـﻨـﺎ ﻋـﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﺎﺛﻠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ اﶈﺎﻓﻆ اﻟﻔﻄﺮي إﻟﻰ ا;ﺪﻳﻨﺔ »اﺨﻤﻟﺘﻠﻄﺔ« اﳋﺎﺿﻌﺔ ﻟﻐﺰو اﳊﻀﺎرة» :أﻟﻴﺲ أﺣﺪ إﻻ اﻟﻠﻪ ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻛﻨﺎ ﻧـﻘـﻀـﻴـﻬـﺎ ﻧﺴﺘﻌﺮض ﺣﺎل اﻷﻣﺔ وﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣـﻈـﺎﻫـﺮ ﺣـﻴـﺎﺗـﻬـﺎ ،وﻓـﻌـﻞ اﻟﻌﻠﻞ واﻷدواء ،وﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺮ وﺣﺴﻢ اﻟﺪاء ،وﻧﻔﻴﺾ ﺑﺎﻟﺘﺄﺛﺮ ;ﺎ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻴﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺒﻜﺎء .وﻛﻢ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺠﺐ إذ ﻧﺮى أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه ا;ﺸﻐﻠﺔ اﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ،واﳋﻠ ّـﻴﻮن ﻫﺎﺟﻌﻮن ﻳﺘﺴﻜﻌﻮن ﻋﻠﻰ اﻟـﻘـﻬـﻮات .(٩٨) «..وﻳﻜﺘﺐ ﺟﻤـﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﻋﺎم -١٩٣٥ﺳﻨﺔ ﺗﺨﺮﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ» :إن ا;ﻮﻗﻒ اﻟﻴـﻮم دﻗﻴﻖ ،وﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ أدق ..وﻧﺤﻦ ﻧﻜﺎد ﻧﻮدع اﳊﻴﺎة وﻧﺼﺎﻓﺢ ا;ﻮت ،ﻓﺎن ﺑﻨﺎء اﻟﻴﺄس ﻋﻈﻴﻢ اﻷرﻛﺎن ،ﻓﺄﻳﻦ ﻣﻦ ﻳﻬﺪم ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺎء?« ) (٩٩و ﻳﺴﺘﺬﻛﺮ ﻓﺘﺮة ﺣﻴﺮﺗﻪ وﺿﻴﺎﻋﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑ nأﺳﻠﻮب ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺜﻮري ،ﻣﻘﻠﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺪ ،وأﺳﻠﻮب آﺧﺮ ﻣﺄﻣﻮل ﻟﻢ ﻳﺘﺒـﻠـﻮر ﺑـﻌـﺪ ..» :أzـﻜـﻦ ﺣـﻘـﺎً أن ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻣﺴـﺘـﻘـﺒـﻞ ﺑـﻠـﺪﻧـﺎ إذا ﺧﻠﺼﻨﺎه ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮاﺣﺪ أو ﻣـﻦ واﺣـﺪ ﻏـﻴـﺮه ،أو ا;ـﺴـﺄﻟـﺔ أﻋـﻤـﻖ ﻣـﻦ ﻫـﺬا? وأﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺮة :أﻛﺎد أﺣﺲ إن ا;ﺴﺄﻟﺔ أﻋﻤﻖ .إﻧﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ qﺠﺪ أﻣﺔ، ﻓﻤﺎ ﻫﻮ اﻷﻫﻢ :أzﻀﻲ ﻣﻦ ﻳﺠﺐ أن zﻀﻲ ،أم ﻳﺠﻲء ﻣﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺠـﻲء? وأﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ وإﺷﻌﺎﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ﺗﺘﺴﺮب ﺑ nاﳋﻮاﻃﺮ ا;ﺰدﺣﻤﺔ :ﺑﻞ ا;ﻬﻢ أن ﻳﺠﻲء ﻣﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺠﻲء ..إﻧﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ qﺠﺪ أﻣـﺔ .وﻳـﺠـﺐ أن ﻳـﺒـﻨـﻰ ﻫـﺬا اﺠﻤﻟﺪ ..وأﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻳﻘ nﻫﺬه ا;ﺮة :إذن ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ ..ﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺠﻪ إﻟﻴﻪ ..ا;ﺴـﺄﻟـﺔ أﻋـﻤـﻖ ﺟـﺬوراً واﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة وأﺑﻌـﺪ أﻏـﻮاراً (١٠٠) «..ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎن أﻧﻄﻮن ﺳﻌـﺎدة ﻓـﻲ اﻟﺴﺠﻦ )ﺑ (١٩٣٧ -١٩٣٥ nﻳﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻷﺳﺎس ﻟﻔﻜﺮة ﺣﺮﻛﺘﻪ» ،ﻧﺸﻮء اﻷ «، 111
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﻌﺪ أن واﺟﻪ اﻟﺴﺆال-اﻷزﻣﺔ وأﻋﻄﻰ اﳉﻮاب ا;ﺒﺪﺋﻲ ﻋﻠﻴﻪ ..» :إن ﻣﺸﻜﻠﺘﻨﺎ ا;ﻠﺤﺔ ﻫﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ وﺣﻘﻴﻘﺘﻨﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ..وأﺻﺒﺤﺖ ﻣﻘﺘﻨﻌـﺎً ﺑﺄن ﻧﻘﻄـﺔ اﻟـﺒـﺪء ﻓـﻲ ا;ـﺴـﻌـﻰ اﻟـﻮﻃـﻨـﻲ ﻳـﺠـﺐ أن ﺗـﻜـﻮن إﺛـﺎرة ﻫـﺬا اﻟـﺴـﺆال اﳉﻮﻫﺮي :ﻣﻦ ﻧﺤﻦ? وﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﺷﻐﻞ ﻓﻜﺮي ﻣﻦ أول ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮي اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ .(١٠١) «..وﻛﺎﻧﺖ دواﻣﺔ اﻟﺘﻄﻮرات ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﲢﻴﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺒﺎب »ا;ﺘﺮﻓ «nإﻟﻰ ﺷﻴﻮﻋﻴ:n »ﻛﻨﺎ ﻛﺘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎن اﳊﺎ; nا;ﺘﺮﻓ nاﻟﻌﺎﻃﻠ nﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻧﺘﻼﻗـﻰ ﻛـﻞ ﻳﻮم ..ﻓﻨﻘﻀﻲ ﻧﻬﺎرﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﺨﻴﻼت ﺑﺎﻃﻠﺔ وأﻓﻜﺎر ﻋﻘﻴﻤﺔ ..ﻧﺨﺎل أن ﻓﻲ وﺳﻌﻨﺎ ارﲡﺎل اﻷﻧﻈﻤﺔ وﺗﻌﻴ nﻣﺼﺎﺋﺮ اﻟﺸﻌﻮب ..ﻧﻘﺎش ﻻ ﻳﺠﺪي وﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻛﻨﺴﻴﺞ »ﺑﻴﻨﻴﻠﻮب« اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﺾ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻣﺎ ﺗﻐﺰﻟﻪ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻧﻬﺎرﻫـﺎ ..وﻓـﻲ ذات ﻳﻮم ﻣﻦ أﻳﺎم اﻟﻨﻀﺎل اﻟﺪاﻣﻲ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮرﻳﺔ ﺗﺨﻮﺿﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﺮﻳﺘﻬـﺎ.. ﺷﻌﺮت ﺑﻀﺂﻟﺔ ﺷﺄﻧﻨﺎ وﻓﺮاغ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﺗﻔﺎﻫﺔ ﻣﺒﺎدﺋﻨﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗُﺴﺎق إﻟﻰ اﻟﺴﺠﻮن ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻷﺣﺮار .ﻟﻘﺪ آﻣﻨﺖ ﺑﺄﻧﻨﺎ إذ ﻧﻘﻒ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﳊﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﳊﻴﺎد، ﻓﺈ ﺎ ﻧﻘﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺟﻼدي ،ﺷﻌﺒﻨﺎ وﻣﻀﻄﻬﺪي وﻃﻨﻨﺎ ،وداﺧﻠﻨﻲ اﻷﺳﻒ ﻋﻠﻰ اﻷﻳﺎم اﻟﺘﻲ أﺿﻌﺘﻬﺎ ﺑ nﻳﺪي اﻟﺴﺎﻋﺎت اﳋﺎوﻳﺔ وأدرﻛﺖ أن اﻟﻌﻠﺔ اﻟﺘـﻲ ﺗﻔﺘﻚ ﺑﻲ وﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎن اﻟﻐﺎرﻗ nﻓﻲ اﻷﺣﻼم واﻷوﻫﺎم ،ﻫﻲ ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ اﻷﺣﺪاث اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﺰﻋﺘﻨﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ ..وﺗﻄﻠﻌﻨﺎ إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ا;ﻤﻜﻦ وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻜﺎد ﻧﻌﻤﻞ أﻗﻞ اﻷﺷﻴﺎء ا;ﻤﻜﻨﺔ .واﻧﺘﻬﻴﺖ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨﺪم وﻃﻨﻪ ﺧﺪﻣﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﺠﺪﻳﺔ ،ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻄﺮﻓﺎً وﻻ أﻧﺎﻧﻴﺎً وﻻ ﺑﺼﻴﺮا، ً واﺿﺤﺎ ً ﻗﻮﻳﺎ ً ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻣﻊ ﺑﺪوات اﻟﻨﻔﺲ ،ﺑﺎب أن ﻳﻜﻮن دﻗﻴﻘﺎً ً ً ﺧﻴﺎﻟﻴﺎ ﻣﺴﻠﺤـﺎً ﺑﻨﻈﺮة واﻗﻌﻴﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﻮر ﺗﻌﻠﻤﻪ ﺗﻔﻜﻴﻚ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ وﺗـﺸـﺮﻳـﺢ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻔﻜﻚ ا;ﻬﻨﺪس آﻟﺔ وﻳﺸﺮّح اﻟﻄﺒﻴﺐ ﺟﺴﻢ ا;ﺮﻳﺾ .وﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷﺳﺲ ﻳﺘﻜﻮن ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة وﻗﻮام ﻋﻘﻠﻲ ﺟﺪﻳﺪ .وﻃﻔﻘﺖ أﺑﺤﺚ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﺑﺪأ ّ )(١٠٢ ﻋﻦ ﻣﺒﺪأ ﻓﻜﺮي ﺟﺪﻳﺪ ..إﻧﻪ ا;ﺒﺪأ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ«. وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ا;ﺎدة اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ;ﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﻷﺣﺰاب اﻟﺸﺒﺎب ا;ﺘﻌﻠﻢ-ﺑﺪرﺟﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى-ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة? وﻗﺪ ﺗﻮﺳﻠﺖ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ا;ﻄﺎف أﺳﻠﻮب اﻟﻌﻨﻒ ،وﻃﻤﺤـﺖ إﻟـﻰ ﻃـﺮح ﻗـﻀـﻴـﺔ ﻋـﻘـﻴـﺪﻳـﺔ ﻣـﺘـﻜـﺎﻣـﻠـﺔ )أو ﺗﻈﺎﻫﺮت ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ( ،واﻋﺘﻤﺪت اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺴﺮي ا;ﺘﻤﺎﺳﻚ ،وأﺣﻴـﺎﻧـﺎً ﺷﺒﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮي ،وﻛﺎﻧﺖ ﺑﻬﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ 6ﻴﺰ ﻧﻔﺴﻬـﺎ ﺑـﺎﻟـﻔـﻌـﻞ ﻋـﻦ 112
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
»أﺣﺰاب« اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪ ،اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔـﺘـﻘـﺪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻫﺬه اﳋﺼﺎﺋﺺ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ا;ﺆﺳﺴﺔ اﳊﺰﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة-ﻋﻠـﻰ اﺧﺘﻼف رواﻓﺪﻫﺎ-ﺗﻌﺒﻴﺮاً ﻋﻦ ﺟﻴﻞ »اﻟﻔﻌﻞ« اﻟﺬي ﺧﻠﻒ ﺟﻴﻞ »اﳊﻴﺮة«; وﻛﺎن »ﻓﻌﻠﻪ« رﻓﻀﺎً ﻟﺸﻲء ﻗﺎﺋﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺑﻨﺎء ﻟﺸﻲء ﺟﺪﻳﺪ .وﻗﺪ اﺗﻔﻘﺖ ﻓﺮوع ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺮاﻓﺾ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺿﺪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﺋﻢ ،وﻣﺜﻠﺖ ﻣﻮﺟﺔ ﻋﺎﺗﻴﺔ ﻣﺘﻮﺣﺪة. وﻛﺎن ا;ﻌﺘﻘﻠﻮن ﻣﻦ اﻷﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤ nﻳﺘﻼﻗﻮن ﻣﻊ ا;ﻌﺘﻘﻠ nا;ﺎرﻛﺴﻴ nوﻳﺘﺒﺎدﻟﻮن اﻷﻓﻜﺎر ﺣﻮل إﻗﺎﻣﺔ »اﳉﺒﻬﺔ ا;ﺘﺤﺪة« ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﳊﻜﻢ اﻟﻔﺎﺳﺪ.. ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻗﺼﺔ »اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ« ،أي ا;ﺸﻬﺪ اﳋﺘـﺎﻣـﻲ ا;ـﻜـﺜّﻒ ،ﻟﻠﺜﻼﺛﻴﺔ ﻛﻠـﻬـﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺆدي اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة ،وﺣﻴﺚ ﺗﻨﻌﻜﺲ روح ا;ﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮﻟﻴﺔ ،ﻳﺬﻫﺐ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ،وﺷﻘﻴﻘﻪ ﻋﺒﺪ ا;ﻨﻌﻢ اﻷخ ا;ﺴﻠﻢ إﻟﻰ ا;ﻌﺘﻘﻞ ﻣﻌﺎ.. ً »-ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة أﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻨﻬﻤﺎ? ﻟﻘﺪ رﺣﻼ ﻣﻊ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﻣﻌﺘﻘﻞ اﻟﻄﻮر.ﻓﻴﺘﺴﺎءل رﻳﺎض ﺑﺎﺳﻤﺎً: اﻟﺬي ﻳﻌﺒﺪ اﻟﻠﻪ واﻟﺬي ﻻ ﻳﻌﺒﺪه?( ١٠٣ ) ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﺒﺪ اﳊﻜﻮﻣﺔ أوﻻً ﻛﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً. «..و ﻳﺘﺴﺎءل ا;ﺘﺤﺎوران ﻋﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻗﺒﻞ ذﻫﺎﺑﻪ إﻟﻰ ا;ﻌﺘﻘﻞ.. »-ﻧﻌﻢ ،ﻗﺎل ﻟﻲ إن اﳊﻴﺎة ﻋﻤﻞ وزواج ،وواﺟﺐ إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﺎم ،ﻟﻴﺴﺖ ﻫـﺬه ا;ﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ واﺟﺐ اﻟﻔﺮد ﻧﺤﻮ ﻣﻬﻨﺘﻪ أو زواﺟﻪ ،أﻣﺎ اﻟﻮاﺟﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻬﻮ اﻟﺜﻮرة اﻷﺑﺪﻳﺔ ،وﻣﺎ ذﻟﻚ إﻻ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪاﺋﺐ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ إرادة اﳊﻴﺎة ﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮرﻫﺎ ﻧﺤﻮ ا;ﺜﻞ اﻷﻋﻠﻰ.. »ﻓﺘﻔﻜﺮ رﻳﺎض ﻗﻠﻴﻼً ﺛﻢ ﻗﺎل: )×(٢٨ رأي ﺟﻤﻴﻞ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺴﻊ ﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت . ﻧﻌﻢ وﻟﺬﻟﻚ واﻓﻘﻪ ﻋﻠﻴﻪ أﺧﻮه وﻧﻘﻴﻀﻪ ﻋﺒﺪ ا;ﻨﻌﻢ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻤﺘﻪ ﻋﻠـﻰأﻧﻪ دﻋﻮة إﻟﻰ اﻹzﺎن أﻳـﺎً ﻛﺎن ﻣﺸﺮﺑﻪ ،وأﻳـﺎً ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﻳﺘﻪ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻲ أﻋﻠـﻞ ﺗﻌﺎﺳﺘﻲ ﺑﻌﺬاب اﻟﻀﻤﻴﺮ اﳋﻠﻴﻖ ﺑﻜﻞ ﺧﺎﺋـﻦ )× ،(٢٩ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻳﺴﻴـﺮاً أن ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻗﻤﻘﻢ أﻧﺎﻧﻴﺘﻚ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺴﻴﺮ أن ﺗﺴﻌﺪ ﺑﺬﻟﻚ إذا ﻛﻨﺖ إﻧﺴﺎﻧﺎ ﺣﻘﺎً.. ﻣﺮ ﺑﻨﺎ رﻣﺰاً ﳉﻴﻞ اﳊﻴﺮة اﺨﻤﻟﻀﺮم )ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻳﺮد ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن »ﻛﻤﺎل« اﻟﺬي ّ ﺑ nاﳊﺮﺑ-» .(nﻫﺬا ﺑﺸﻴﺮ ﺑﺎﻧﻘﻼب ﺧﻄﻴﺮ ﻳﻮﺷﻚ أن ﻳﻘﻊ! 113
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
»-أﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﻗﺎل )أﺣﻤﺪ( أﻳﻀﺎً? ﻗﺎل :إﻧﻲ أوﻣﻦ ﺑﺎﳊﻴﺎة و ﺑﺎﻟﻨﺎس ،أرى ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻠﺰﻣﺎً ﺑﺎﺗﺒﺎع ﻣﺜﻠﻬﻢ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﺎدﻣﺖ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ اﳊﻖ ،إذ اﻟﻨﻜـﻮص ﻋـﻦ ذﻟﻚ ﺟ وﻫﺮوب ،ﻛﻤﺎ أرى ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻠﺰﻣﺎً ﺑﺎﻟﺜﻮرة ﻋﻠﻰ ﻣﺜُﻠﻬﻢ ﻣﺎ اﻋﺘﻘﺪت أﻧﻬﺎ ﺑﺎﻃﻞ .إذ اﻟﻨﻜﻮص ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺧﻴﺎﻧﺔ ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺜﻮرة اﻷﺑﺪﻳﺔ!« ).(١٠٤ وﻷن ﻣﻔﻬﻮم ﻫﺬه ا;ﻮﺟﺔ اﻟﺮاﻓﻀﺔ ﻓﻀﻔﺎض و ﻳﺘﺴﻊ ﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺘﻨﺎﻗﻀـﺎت- ﻛﻤﺎ ﻳﻼﺣﻆ ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ-ﻓﻘﺪ ﺗﻔﺮﻋﺖ ،ﺑﻌﺪ ﻣﺎ أﻃﻴﺢ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ ،إﻟﻰ وﲢﻮل ﻋﻨﻔﻬﺎ ﺿﺪ ﻧﻘﻴﻀﻬﺎ ا;ﺘﺪاﻋﻲ إﻟﻰ ﻋﻨﻒ اﻧﺘﺤﺎري ﺗﻴﺎرات ﻣﺘﺼﺎرﻋﺔ، ّ ذاﺗﻲ ﺗﺮك ﺑﺼﻤﺎﺗﻪ واﺿﺤﺔ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﺜﻮرة اﳉﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ أزﻳﻠﺖ ﻣﻊ اﻷﻧﻘﺎض اﻟﻘﺪzﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ-ﺑﻌﺪ-ﺑﻨﺎء ﺟﺪﻳﺪ وﻃﻴﺪ.
-٣اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ:
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل أﺣﻤﺪ ﻋﺮاﺑﻲ ﻋﺎم ١٨٨١/١٨٨٢ﺑﺤﺮﻛﺘﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ-اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎً-ﻛﺎن ﻳﻬﺪف أﺳﺎﺳـﺎً إﻟﻰ إﺣﻼل اﻟﻀﺒﺎط اﻟﻮﻃﻨﻴ nﻣﺤﻞ اﻟﺘﺮك واﻟﺸﺮﻛﺲ .ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻠﻊ-ﺿﻤﻦ أﺳﺒﺎب أﺧﺮى-أدى إﻟﻰ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، وﺗﺄﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ اﻷﻣﻞ وﺑﻘﻴﺖ اﳉﻴﻮش اﶈﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وا;ﺸﺮق إﻟﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻹﺷﺮاف اﻟﻀﺒﺎط اﻹﳒﻠﻴﺰ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴـn وﻛﺎن اﳉﻴﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ﻏﻴﺮه إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﺸﺆوﻧﻪ ﻧﺴﺒﻴﺎً ،أﺳﺒﻖ اﳉﻤﻴﻊ أﻳﻀـﺎً إﻟﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻧﻘﻼب ﻋﺴﻜﺮي ﻋـﺎم ١٩٣٦ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪم .وﻓﻲ ﻫـﺬا اﻟﻌﺎم ﻓﺘﺢ ﺑﺎب اﻻﻧﺘﺴﺎب أﻣﺎم اﻟﺸﺒﺎب ا;ﺼﺮي-ﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ-ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ اﳊﺮﺑﻴـﺔ ﻃـﺒـﻘـﺎً ﻟﻠﻤﻌﺎﻫﺪة اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧـﻴـﺎ ﺑـﺈﺣـﻼل اﻟـﻀـﺒـﺎط اﻟﻮﻃﻨﻴ nﻣﺤﻞ اﻹﳒﻠﻴﺰ ،ورﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﺳﻴﻊ اﳉﻴﺶ ا;ﺼﺮي وﲢﺪﻳﺜﻪ ﲢﺴﺒﺎً ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺮ ا;ﺘﻮﻗﻌﺔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ اﻟﻔﺎﺷﻲ ﻟﻠﺤﺒﺸﺔ ﺣﻴﺚ ﻣﻨﺎﺑﻊ اﻟﻨﻴﻞ. ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻔﺘـﻲ ﺟـﻤـﺎل ﻋـﺒـﺪ اﻟـﻨـﺎﺻـﺮ ،ا;ـﺘـﺨـﺮج ﻟـﺘـﻮه ﻣـﻦ اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﺟﻮ وﻃﻨﻲ ﺣﻤﺎﺳﻲ ﻏﺎﻣﺮ ﺑﺄﺣﺪاث ﻋﺎﻣﻲ ،(١٠٥)١٩٣٥/١٩٣٦ أن ﻳﻠﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ اﳊﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ُرﻓﺾ ﻃﻠﺒﻪ ﻷول ﻣﺮة ﻧﻈﺮاً ﻟﻌﺪم اﻧﺘﻤﺎﺋـﻪ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻌﺮوﻓﺔ .وﺗﺸﻴﺮ دراﺳﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ أن اﻷﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﺿﺎﺑﻄﺎً اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﻜﻠﻮن ﻗﻴﺎدة »اﻟﻀﺒﺎط اﻷﺣﺮار« أواﺧﺮ ١٩٤٩دﺧﻞ ﻣﻨﻬﻢ أوﻟﻴﺔ اﳊﺮﺑﻴﺔ ﺳﻨﺔ ١٩٣٦ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻐﺘﻨﻤ nﻇﺮوف ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل ،واﻟﺒﺎﻗﻮن دﺧﻠﻮﻫـﺎ ﺑـﻌـﺪﻫـﻢ. وأن ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻨﻬـﻢ وﻟـﺪوا ﻋـﺎم ،١٩١٨واﺛﻨـﺎن ﻋـﺎم ١٩١٧واﻟﺒﺎﻗﻮن أﺻﻐـﺮ ﺳـﻨـﺎً 114
رﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﳉﺪﻳﺪة
وﺗﻨﺘﻤﻲ أﻏﻠﺒﻴﺘﻬﻢ إﻟﻰ أﺻﻮل ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ أن ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﺠﺬرة ﻓﻲ ا;ﺪﻳﻨﺔ ﺑﻞ ﻣﻬﺎﺟـﺮة ﻣـﻦ اﻟـﺮﻳـﻒ ﻗـﺒـﻞ ﺟـﻴـﻞ أو ﺟﻴﻠ .(١٠٦) nأﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﻓﻘﺪ» :ﺑﺪا اﳉﻴﺶ اﻟﺴﻮري ﳉﻴﻞ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻮﻃﻨﻴn اﻟﺬﻳﻦ اﻳﻔﻌﻮا ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧـﻴـﺔ ...رﻣـﺰاً ﻟﻼﺳﺘﻘـﻼل وأﻋﻈﻢ ا;ﺆﺳﺴﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ .ﻓﺘﻘﺎﻃﺮ اﻟﻄﻼب اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﻮن ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﺴﺎب إﻟﻰ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺣـﻤـﺺ ،ﻓـﻐـﺪت ﻣـﺪرﺳـﺔ ﻳـﺘـﺨـﺮج ﻣـﻨـﻬـﺎ اﻟـﻀـﺒـﺎط ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ) ...وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺤﺖ( اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ﻣﻦ ﻃﻼب ً اﻟﻮﻃﻨﻴﻮن ا;ﺜﻘﻔﻮن اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ١٩٤٦ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﺖ ﻓﻜﺮﻳﺎً وﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻋﺪ اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻓﻲ ﻣﺪارس اﳊﺮﻛﺎت اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ اﻟﺸﺎﺑﺔ )ا;ﺆﺳﺴﺔ اﳊﺰﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة( اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻟﻠﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت واﻷرﺑـﻌـﻴـﻨـﺎت ..ﻟـﻘـﺪ ﻏﻔﻞ »اﻟﻴﻤ «nاﶈﺎﻓﻆ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ ﻋﻦ اﳉﻴﺶ ﻛﻘﻮة ﺳـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻇـﺮوف دﻣﺮت ﻓﻴﻤﺎ ـﻮﺟﻬﺔ ّ ﻧﻜﺒﺔ ﻣﻬﻠﻜﺔ )وﻫﻮ اﻟﺬي( ﻳﺸﻜﻞ »أداة« ﻣﻨﺪﻓﻌﺔ ،ﻣﺜﻘﻔﺔ وﻣ ّ ﺑﻌﺪ ﻧﻔﻮذ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ وﲡﺎر ا;ﺪﻳﻨﺔ.(١٠٧) «.. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ا;ﺆﺳﺴﺎت اﻟﺜﻼث ،اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ واﳊﺰﺑﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﺮت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﺬ أواﺋﻞ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ وﳒﺤﺖ ﻓﻲ ﺗﺜﻮﻳﺮﻫﺎ ﺿﺪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ ،ﺗﺘﺒﺎدل اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ وا;ﺴﺎﻧﺪة وا;ﻌﺎرﺿﺔ .وأي ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻟﻠـﺘـﺎرﻳـﺦ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﻟﻠﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻻ zﻜﻨﻪ أن ﻳﻐـﻔـﻞ وﺟـﻮد ﻫـﺬه ا;ـﺆﺳـﺴـﺎت وﻧـﻮﻋـﻴـﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﺑﻞ أن ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه-ﻋﻠـﻰ اﻷرﺟـﺢ ﻫـﻮ ﻗـﺼـﺔ ﺻﻌﻮد ﻫﺬه ا;ﺆﺳﺴﺎت ،وﻋﻠﻰ اﻷﺧﺺ اﳊﺰﺑﻴـﺔ واﻟـﻌـﺴـﻜـﺮﻳـﺔ إﻟـﻰ اﻟـﺴـﻠـﻄـﺔ وﺗﺼﺎرﻋﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺗﻘﺎﺳﻤﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وﻫﻲ ﲢﺎول أن ﺗﻘﺪم ﺣﻼً ﺣﻀﺎرﻳﺎً ﺟﺪﻳـﺪاً ﻷزﻣﺔ ا;ﻨﻄﻘﺔ .وﺳﻮف ﻳﻀﻌﻒ ﺗﺄﺛﻴﺮ ا;ـﺆﺳـﺴـﺔ اﻟـﺘـﺮﺑـﻮﻳـﺔ ﺗـﺪرﻳـﺠـﻴـﺎً وﺳﺘﻔﻘﺪ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﺘﻮﻟﻴﺪي واﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻲ ﻟﺘﺨﻀﻊ إﻣـﺎ ﻟـﻠـﺴـﻴـﻄـﺮة اﳊـﺰﺑـﻴـﺔ ،أو اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ،أو ﻟﻜﻠﻴﻬـﻤـﺎ ﻣـﻌـﺎً ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ :وﻫﺬا ﻣﺎ ﺳـﻴـﺤـﻮّل ﻃﺎﺑﻊ اﻟﻔﻜـﺮ ﻣـﻦ ﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﻲ ﻧﻈﺮي أﺻﻮﻟﻲ ﻣـﻨـﻬـﺠـﻲ ﺣـﺮ ،إﻟـﻰ »إﻳـﺪﻳـﻮﻟـﻮﺟـﻲ« ﻣﻮﺟﻪ. ﻋﻤﻠﻲ ّ ورqﺎ اﺿﻄﺮ ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ إﻟﻰ »اﻟﺼﻤﺖ« ﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﺗﺴﺎرع اﻟﻔﻌﻞ ا;ﻀﻄﺮب ﻣﻔﺘﻴﺎ دون إﺑﺪاع أو ﺗﻮﺟﻴﻪ. ً اﻟﻌﻨﻴﻒ ،أو اﻟﻠﻬﺎث ﺧﻠﻔﻪ ﻣﻔﺴﺮاً
115
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
116
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
4ﻋﻠﻰ اﳌﻔﺘﺮق ﺑﲔ اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ واﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ اﻟﻌﻨﻔﻲ« ﻋﻠﻰ اﳌﻔﺘﺮق :ﺑﲔ ﲢﺪي »اﻻﻧﺸﻄﺎر ُ واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ »اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ«
ﺻﺒﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻴﺎرات واﻟﺘﻔﺎﻋﻼت واﻟﺒﺪاﻳﺎت ﻓﻲ أﺗﻮن اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻣﺎ أﺿﺎﻓﺘﻪ ﻣﻦ ﺗﻄﻮرات ﺿﺎﻏﻄﺔ ﻣﺘﺴﺎرﻋـﺔ إﻟـﻰ ﻧـﻄـﺎق اﻟـﺘـﻔـﺎﻋـﻞ اﳉـﻨـﻴـﻨـﻲ ا;ﺘﻨﺎﻣﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺰاﻳﺪ اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻬﻴﺒﺔ ا;ﻌﻨﻮﻳـﺔ وا;ـﺎدﻳـﺔ اﻷورﺑﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ زاد ﺿﻐﻄﻬﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮي واﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ أﻳﺎم اﳊﺮب ﺎ رﻓﻊ ﻣﻦ درﺟﺔ اﻟﺮﻓﺾ ﻟﻬﺎ وا;ﻘﺎوﻣﺔ ﺿﺪﻫﺎ ،وأﺻﺒﺢ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣـﺴـﺮﺣـﺎً ﻟﺘﺤﺮﻛـﺎت ﻗﻮات أﺟﻨﺒﻴﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺧﺎﻟﻄـﺖ اﻟـﺴـﻜـﺎن وأﺛّﺮت ﻋﻠﻰ ﺗﻮازن اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ وﻗﻴﻤﻪ ،وزادﺗﻪ ﺧﻠﺨﻠﺔ واﻫﺘﺰازاً ،ﻛﻤﺎ أﺧﻠﺖ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﺠـﻠـﺒـﺖ اﻟـﻐـﻼء وﻗـﻠـﻠـﺖ اﻷﻗﻮات (١) .وﺑﻔﻌﻞ اﻧﻘﻄﺎع ا;ﻮاﺻﻼت ﻣﻊ أورﺑﺎ ،ﺛﻢ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ا;ﺼﻨﻮﻋﺎت اﶈﻠﻴﺔ ،ﻧﺸﺄت ا;ﺼـﺎﻧـﻊ وﻇﻬﺮت رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺤﻠﻴﻪ وﻃﺒﻘﺔ ﻋـﺎﻣـﻠـﺔ ﺑـﺎ;ـﻘـﺎﺑـﻞ، وﺗﻀﺨﻤﺖ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻬﺠﺮة ﻣﻦ اﻟـﺮﻳـﻒ ،ﻟـﻠـﻌـﻤـﻞ ﻓـﻲ ا;ﺪﻳﻨﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أدى إﻟﻰ ﻧـﺸـﻮء أﺣـﻴـﺎء ﺷـﻌـﺒـﻴـﺔ اﻟﺘﻤﺪﻧﻲ ،واﻟﻰ ﻓﻘﻴﺮة ﺗﻄﻮق ا;ﺪن وﺗﻬﺒﻂ qﺴﺘﻮاﻫﺎ ّ ﻧﻔﺎذ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ا;ﺘﺪﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ 117
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻸورﺑﻴ nوﺣﻠﻔﺎﺋـﻬـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﺒـﺮﺟـﻮازﻳـﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻄﺔ ،وﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻧﻔﺘﺤﺖ ا;ﻨﻄﻘﺔ ﻟﺴﻴﻞ اﻹذاﻋﺎت واﻟﺼﺤﻒ واﻟﻜﺘﺐ ،ﺗﻨﻘﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻـﻌـﻴـﺪ ﺟـﻤـﺎﻫـﻴـﺮي أﺻـﺪاء اﻟـﺘـﻴـﺎرات اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻟﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ وﻓﺎﺷﻴﺔ ،وﺣﺘﻰ ﻣﺎرﻛﺴﻴﺔ ﺑﻌﺪ دﺧﻮل روﺳﻴﺎ اﳊﺮب ﺑﺠﺎﻧﺐ اﳊﻠﻔﺎء .وأﺻﺒﺤﺖ اﻷﻃﺮاف ا;ﺘﻨﺎزﻋـﺔ ﺗـﻜـﻴـﻞ ا;ـﺪح ﻟـﻠـﻌـﺮب وﳊﻀﺎرﺗﻬﻢ وﺗﺮاﺛﻬﻢ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن اﻻﺳﺘﺸﺮاق اﻟﻐـﺮﺑـﻲ اﻟـﺴـﺎﺋـﺪ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺘـﺮة ا;ﺎﺿﻴﺔ أﻣﻴﻞ إﻟﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎد واﻟﺘﺠﺮﻳﺢ ،وذﻟﻚ رﻏﺒﺔ ﻣﻦ ﻛـﻞ ﻃـﺮف ﻓـﻲ ﻛـﺴـﺐ اﻟﻌﺮب إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻪ .وﻗﺪ أﺛﺮت ﻫﺬه ا;ﻮﺟﺔ »اﻻﻃﺮاﺋﻴﺔ« ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ذاﺗﻪ )×( اﻟﺬي ﺳﻴﺸﻬﺪ ﺗﻀﺨﻢ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ »اﳊﺠﺎﺟﻴﺔ« أو »اﻻﻋﺘﺬارﻳﺔ« اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻀﺨﻴﻢ »اﻟﺬات« اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺟﺎﻧﺒﻬﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﺑﺨﺎﺻـﺔ ،رداً ﻋﻠﻰ ﺗﻴﺎر اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻏﺮﺑﻲ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت ،اﻟـﺬي ﺳـﺎد ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻷورﺑﻴﺔ .وأﺧﺬ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻊ اﻗﺘﺮاب ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳊـﺮب اﻧـﻪ ﻻﺑـﺪ وﻋﺎ;ﻴﺎ-ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪ )،(٢ ً ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻨﺸﻮء وﺿﻊ ﺟﺪﻳﺪ-ﻋﺮﺑﻴﺎً وﻧﺸﺄ ﺳﺒﺎق ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻋﻘﺎﺋﺪي ﻋﻨﻴﻒ ﻟﺘﻘﺎﺳﻢ اﻹرث .وﻣﻊ اﻧﺘﻘﺎل ا;ﻨﻄﻘﺔ إﻟﻰ وﺿﻊ اﻟﺴﻠﻢ ﺣﺪث اﺧﺘﻼل ﺟﺪﻳﺪ إﺿﺎﻓﻲ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ أوﺿﺎع اﳊﺮب وﺿﺮوراﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺴـﻠـﻢ وﻣـﺘـﻐـﻴـﺮاﺗـﻪ ،ﻓـﺄﻏـﻠـﻘـﺖ ا;ـﺼـﺎﻧـﻊ اﶈـﻠـﻴـﺔ، واﺳﺘﺸﺮت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،وﺗﺄﺧﺮ ﺗﻨﻔﻴﺬ وﻋﻮد اﳊﻠﻔﺎء ،وزاد اﻹﳊﺎح ﻋﻠﻰ ا;ﻄﺎﻟﺐ، وﻛﺎن ا;ﻄﻠﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ أﻋـﻨـﻔـﻬـﺎ وأﺑـﻌـﺪﻫـﺎ أﺛـﺮاً ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﺴﻴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،وﺟﺎء ﻋﺎم ١٩٤٦واﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻮران ﻟﻢ ﺗﻌﻬﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ).(٣ وﻗﺪ ﺷﻬﺪت أورﺑﺎ ذاﺗﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪ اﳊﺮب ﻣﻮﺟﺔ ﻳﺴﺎرﻳﺔ اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻛﺎﺳﺤﺔ ﻓﻲ ﻋﺮﻳﻦ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺟﺎء ﺣﺰب اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ، ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﺄﻣﻴـﻨـﺎت اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ ،واﻧـﺘـﺼـﺮ ﻋـﻠـﻰ ﺗﺸﺮﺷﻞ »ﺑﻄﻞ اﻟﻨﺼﺮ« ﻷن ﺣﺰﺑﻪ ﻛﺎن أﻣﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﳊﺮة ﻓﻲ اﳉﺎﻧﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي-اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .وﺷﻬﺪت ﺑﻠﺪان أورﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻮﺟﺎت ﺎﺛﻠﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺟﺘﺎﺣﺖ أورﺑﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ (٤) .وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل اﻧﻪ إذا زي اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻌﻴﺪ اﳊﺮب اﻷوﻟﻰ، ﻛﺎﻧﺖ »اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« ﻫﻲ ﱡ ﻓﺈن »اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ« ﻫﻲ ﻣﻄﻠﺐ ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ ﺑﻌﻴـﺪ اﳊـﺮب اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ وﻋﺮﺑﻴﺎ .وﻫﻨﺎ ﲡﺪر ﻣﻼﺣﻈﺔ أن ا;ﺆﺛﺮات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ »اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ« ً ﻋﺎ;ﻴﺎ ً 118
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺼﻮغ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤـﻬـﺎ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ أﻓﻜﺎر اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻮاﻓﺪة ﻣﻦ أورﺑﺎ اﻟﻐـﺮﺑـﻴـﺔ، أي ﻣﺎ اﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻲ اﻹﺻـﻼﺣـﻲ اﻟـﺘـﻄـﻮري وأن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ا;ﺎرﻛﺴﻲ )اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ( ﺳﻴﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أﺿﻌﻒ أﺛﺮاً وأﻗﻞ ﻣﺪﻋﺎة ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ،ﻏﻴﺮ أن اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ﺳﻴﻠﺘﻘﻴﺎن ،وﺳﻴﻐـﻠـﺐ اﻟـﺘـﻄـﺮف أﺣـﻴـﺎﻧـﺎ، ﺑﻐﻠﺒﺔ اﺳﺘﻴﺤﺎء اﻟﻔﻜﺮ ا;ﺎرﻛﺴﻲ; وﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺟـﺬورﻫـﺎ ﻫﻨﺎ ،إﻟﻰ أن ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎق اﻟﺒﺤﺚ.(٦) . وﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ﻮﺿﻊ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ أن ا;ﻄﻠﺐ اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋـﻲ اﶈـﻠـﻲ، ا;ﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﻜﻼت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ وﻣﺴﺘﺸﺮﻳﺔ ،ﻗﺪ اﻧﺪﻣﺞ ﺑﺎ;ﺆﺛﺮات ّ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة اﻟـﻮاﻓـﺪة ﻣـﻦ اﻟـﻐـﺮب واﻻﲢـﺎد اﻟـﺴـﻮﻓـﻴـﺘـﻲ ،وﺻـﺎر »اﻟـﻬـﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ« ﻗﻀﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﻄﻠﺐ اﻟﺘﺤﺮر اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻦ اﻻﺳﺘـﻌـﻤـﺎر (٧) ،أو ﻋﻦ ﻏﺎﻳﺔ اﻻﺳﺘﻔـﺎﻗـﺔ اﳊـﻀـﺎرﻳـﺔ ﻟـﻺﺳـﻼم ﻓـﻲ وﺟـﻪ اﻟﻐﺮب) .واﳊﻘﻴﻘﺔ إن ﻫﺬه »اﻟﺜﻮرات« اﻟﺜﻼث ﺳﺘﺘﺪاﺧﻞ وﺗﺘﺸـﺎﺑـﻚ ﻟـﺘـﻌـﻜـﺲ اﻷزﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ .وﻻﺑﺪ ﻷي ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻓﻜﺮي ﻟﻬﺬه اﻷزﻣﺔ أن ﻳـﻨـﻔـﺬ إﻟـﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺜﻮرات اﻟﺜﻼث ،اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﳊـﻀـﺎرﻳـﺔ ،واﻟـﻰ ﲢـﻠـﻴـﻞ دﻗﻴﻖ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،إذ أن ﻫﺬا اﻟﺘﺪاﺧﻞ واﻟﺘﺮاﻓﻖ ﺳﻴﻜﻮن ﺳﺒﺒﺎً ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺘﻤﺰق واﻟﺼﺪام ﺑ nﻗﻮى اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ وﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﻴـﺮﺗـﻬـﺎ :ﺑـﺄي ﺛـﻮرة ﺗﺆﺟﻞ? أو ﻛﻴﻒ ﺗﻮﻓﻖ ﺑ nاﻟﻀﺮورات ا;ﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ?( ﺗﺒﺪأ? وأﻳﻬﺎ ّ وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺒﺪأ اﻟﺒﺤﺚ ،ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﻔﺘﺮة وأدﺑﻬﺎ ،ﻋﻦ »ﻣﺤﺘﻮى اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ« ﻣﺤﺪد ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ا;ﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ﻳﻨﺪﻣﺞ ﻣﻊ اﶈﺘﻮى اﻟﻌﻘﻴﺪي ﻟﻬﺎ وﻳﻜﻤﻠﻪ .ﻓﻔﻲ ﻧﻄﺎق اﻷدب ﺑﺪأت ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻮادر »اﻻﲡﺎه اﻟﻮاﻗﻌﻲ« ) (٨وﺗﺘﻜﺎﺛﻒ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﺑ .١٩٤٦ -١٩٣٦ nوﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ واﳊﺰﺑﻴﺔ واﻟﺪراﺳﺎت واﻷﺑﺤﺎث اﳊﺮة ذات اﻻﲡﺎه ا;ﺴﺘﻘﻞ اﻟﺘـﻲ ﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ ﺑـﺎﻟـﻀـﺮورة اﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ ا;ﺘـﺮع (٩) ،ﻧﺮى ا;ﻌﻀﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﻮارق اﻟﺸﺎﺳـﻌـﺔ ﺑـ nاﻟـﻘـﻠـﺔ ﺑﺎرزا ﻣﻦ ﻫﻤﻮم اﻟﻜﺘﺎﺑـﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ً ا;ﺘﺮﻓﺔ واﻟﻜﺜﺮة اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﺗـﺼـﺒـﺢ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﺎً ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ. ﻣﻌﺘﺪﻻ وﻇﻬﺮت ً اﲡﺎﻫﺎ ً وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل ،ﻓﺈن ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ« اﻟﺘﻲ ﻣﺜﻠﺖ ﻣﻊ ﺑﺪء ﲡﺪد اﻟﺘﻮﻓﻴـﻘـﻴـﺔ ﺻـﻮﺗـﺎً ﻣﻦ أﺻﻮاﺗﻬﺎ ،وﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣـﺒـﻬـﺎ أﺣـﻤـﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻷدﺑﻲ واﻟﺒﻼﻏﻲ ،ﳒﺪ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺎﺗﻬﺎ-اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ اﻟﺰﻳﺎت )(٥
119
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻧﻔﺴﻪ-ﺗﺘﻨﺎول وﺗﺜﻴﺮ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺼﻮرة ﻣﺘﻮاﺗﺮة وﻣﻠﺤﺔ ﺗـﻌـﺒـﻴـﺮاً ﻋﻦ ذﻟﻚ ا;ﻨﺎخ ا;ﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ا;ﺮﺣﻠﺔ .ﻓﻤﻦ ﺑ ٩٣ nﻣﻘﺎﻟﺔ ﻛﺘﺒﻬﺎ اﻟﺰﻳﺎت ﺑ nﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩٣٩وﻣﺎرس ١٩٤٤ﳒﺪ ﺣﻮاﻟﻲ ﺛﻼﺛ nﻣﻘﺎﻟﺔ ﺗﺘﻨﺎول ا;ﺸﻜﻠـﺔ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ، وﺑﺎﻟﺬات ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻔﻘﺮ واﻟﻐﻨﻰ وﻃﺮق ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﻔﺎﻗﺔ .وﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ ١٩٣٩وﻗﺒﻞ ﻧﺸﻮب اﳊﺮب ﺗﺘﻮاﻟﻰ ا;ﻘﺎﻻت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ» :ﺑ nاﻟﻔﻘﻴﺮ واﻟـﻐـﻨـﻲ«» ،ﺿـﺤـﻴـﺔ ﻣـﻦ ﻫﺬا!« »ﻋﻴﺪ اﻟﻔﻘﻴﺮ«» ،ﻛﻴﻒ ﻧﻌﺎﻟﺞ اﻟﻔﻘﺮ«» ،ﻳﺎ أذن اﳊﻲ اﺳﻤﻌﻲ«» ،اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ا;ﻌﺬﺑﺔ«» ،ﻏﻨﻲ ﻓﻘﻴﺮ«» ،ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻐﻨﻲ«» ،اﻗﺘﻠﻬﺎ اﳉﻮع ﺗﻘﺘﻠﻮا اﳊﺮب«» ،ﻓﻼﺣﻮن وأﻣﺮاء«» ،ﻫﻞ ﻷﻏﻨﻴﺎﺋﻨﺎ وﻃﻦ?«» ،ﻣﻨﻬﺎج ﻟﻮزارة اﻟﺸﺆون اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :اﳉﻬﻞ، اﻟﻔﻘﺮ ،ا;ﺮض« ..اﻟﺦ. ﻓﻲ ١٦ﻳﻨﺎﻳـﺮ ١٩٣٩ﻛﺘﺐ اﻟﺰﻳﺎت ﻳﻘﻮل» :ﺻﺎﺣﺐ اﻟـﺴـﻌـﺎدة ﻟـﻢ ﺗـﺮﺿـﻰ أن أﻛﻮن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺸﻘﺎء? أﻧﺎ وأﻧﺖ ﻧﺒﻌﺘﺎن ﻣﻦ أﻳﻜﺔ آدم ﺘﺎ ﻓﻲ ﺛﺮى اﻟﻨﻴﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻐﺮﺳﻚ ﳊﺴﻦ ﺣﻈﻚ ﻛﺎن أﻗﺮب إﻟﻰ ا;ﺎء ،وﻣﻐﺮﺳﻲ ﻟﺴﻮء ﺣﻈﻲ ﻛﺎن أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻓﺸﺒﻌﺖ أﻧﺖ وارﺗﻮﻳﺖ ،ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻫﺰﻟﺖ أﻧﺎ وذوﻳﺖ(١٠) «. وﻓﻲ ٣٠ﻳﻨﺎﻳﺮ » :١٩٣٩ﻳﺎ أﺑﺎﻧﺎ! أﻳﻦ اﻟﺜﻮب اﻟﺬي ﻧﻠﺒﺲ ،واﻟﻠﺤﻢ اﻟﺬي ﻧﺄﻛﻞ، واﻟﻘﺮش اﻟﺬي ﻧﻨﻔﻖ ،أﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ﻟـﻨـﺎس دون ﻧـﺎس ،أم ﻫـﻮ ذو وﺟـﻮه ﺷـﺘـﻰ.. ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺪﻣﻴﻢ وﻣﻨﻬﺎ اﳊﺴﻦ? وﻟﻢ آﺛﺮﻧـﺎ ﻧـﺤـﻦ ﻳـﺎ أﺑـﺎﻧـﺎ ﺑـﻬـﺬا اﻟـﻮﺟـﻪ اﻟـﺸـﺘـﻴـﻢ اﻟﻜﺎﻟﺢ?« ).(١١ وﻓﻲ ٦ﻓﺒﺮاﻳﺮ » :١٩٣٩ﻫﻴﻬﺎت أن ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻷرض إzﺎن ﻣﺎدام ﻓﻲ اﻷرض ﻓﻘﺮ« ).(١٢ وﻓﻲ ١٣ﻓﺒﺮاﻳﺮ » :١٩٣٩ﻣﻦ ﻟﻨﺎ qﻦ ﻳﻔﺘﺢ ﻗﻠﻮب ا;ﺎﻟﻜ nﻷوﻟﺌﻚ اﻟﻔﻼﺣn اﻟﺬﻳﻦ اﺻﻄﻠﺤﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺤﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،و ﺑﻼﻳﺎ اﻟﻌﻴﺶ ،وﺟﻬﻠﺘﻬﻢ اﳊﻜﻮﻣﺔ ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ إﻻ ﺟﺒﺎة اﻟﻀﺮاﺋﺐ ﻓﻲ ا;ﺎﻟﻴﺔ ،وﻓﺮّازو اﻟﻘُﺮﻋﺔ ﻓﻲ اﳊﺮﺑﻴﺔ ،وﺣﺮاس اﻟﺴﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،أﻣﺎ ا;ﻌﺎرف واﻟﺼـﺤـﺔ واﻷوﻗـﺎف واﻷﺷـﻐـﺎل ﻓـﺸـﺄﻧـﻬـﺎ ﺷﺄن ا;ﺘﺮﻓ nوا;ﺜﻘﻔ nﻻ ﺗﻌﺮف ﻏﻴﺮ ا;ﺪﻳﻨﺔ ،وﻻ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﻤـﺪن ..ﻣـﻦ ﻟﻨﺎ qﻦ ﻳﻘﻮل ﻟﻬﺆﻻء ا;ﺜﺮﻳﻦ ا;ﺴﺘﻜﺒﺮﻳﻦ :إن روﻛﻔﻠﺮ وروﺗﺸﻴﻠﺪ ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻌﻬﻤﺎ إﻻ ﺣﺐ اﻹﻧﺴﺎن.(١٣) «... وﻓﻲ ٢٤أﺑﺮﻳﻞ » :١٩٣٩ﻋﺎﳉﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺑﻀﻊ ﻋﺸﺮة ﻣﻘﺎﻟﺔ آﻻم اﳉﻮع وآﺛﺎر اﻟﻔﻘﺮ ...وﻛﺎن ﻓﻲ ﻇﻨﻨﺎ ﻳﻮﻣﺌﺬ أن اﻟﻨﺎس ﻣﺘﻰ ﻫﺬﺑﺘﻬﻢ ا;ﻌﺮﻓﺔ ..ﻳﺼﺒﺤﻮن أﻋﻠﻢ ﺑﺤﻜﻤﺔ اﻟﻠﻪ ..وأﺟﺪر أن ﻳﺤـﻜّﻤﻮا اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻌﺪل ،وﻟﻜﻨﺎ ﺗﺮﻛﻨﺎ ا;ـﻮﺿـﻮع 120
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
ﻗﺎﻧﻄ nﻣﻦ رﺣﻤﺔ اﻟﻘﻠﻮب ،ﻷﻧﻨﺎ وﺟﺪﻧﺎ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﻓﻴﻪ ،ﻻ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺒـﻜـﺎء واﻻﺳﺘﺒﻜﺎء ،ﻣـﺎدام اﳊـﻜـﻢ ﻷﻳـﺪي اﻷﻗـﻮﻳـﺎء ،واﻟـﺘـﺸـﺮﻳـﻊ ﻷﻟـﺴـﻨـﺔ اﻷﻏـﻨـﻴـﺎء.. واﳋﺼﻮﻣﺔ اﻷﺑﺪﻳﺔ ﺑ nاﻟﻨﺎس ﻫﻲ ا;ﺎدة× واﻟﻨﻜﺒﺔ اﻷزﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم واﳋﻠﻖ ﻫﻲ اﻟﻔﻘﺮ ،وﻛﻞ ﺛﻮرة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷ ،أو ﺟﺮzﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻷﻓﺮاد ،إ ﺎ 6ﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﺮﻳﺐ أو ﺑﻌﻴﺪ إﻟﻰ اﳉﻮع« ).(١٤ وﻫﻜﺬا ﺗﺘﺒﻠﻮر اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻟﺪى أﺷﺪ اﻷﻃﺮاف ﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ وﺳﻠﻤﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ووﺣﺪة روﺣﻬﺎ وﻋﻘﻴﺪﺗﻬﺎ» ،أﻧﻪ ﻣﺎدام اﳊﻜﻢ وﺣﺪة »اﻷﻣﺔ« ّ ﻷﻳﺪي اﻷﻗﻮﻳﺎء ،واﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻷﻟﺴﻨﺔ اﻷﻏﻨﻴﺎء«-وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌـﺒـﺮ ﻋـﻨـﻪ ا;ـﺎرﻛـﺴـﻴـﻮن ﺑﺴﻴﻄﺮة اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳊﺎﻛﻤﺔ ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻧﺘﺎج وإﺻﺪار اﻟﻘﻮاﻧ-nﻓﺎن اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻛﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮار واﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﻪ .ﻳﻜﺘﺐ ﺳﻴﺪ ﻣﻌﺒﺮا ﻋﻦ ا;ﻮﻗﻒ اﻟﺴﻠﻔﻲ وﺷﻌﻮر ﻗﻄﺐ ﻓﻲ »ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼم واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ« ّ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ا;ﺴﻠﻤﺔ اﶈﺎﻓﻈﺔ» :ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺴﻴﺊ اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻧﻴـﻪ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺒﻘﺎء واﻻﺳـﺘـﻤـﺮار .ﻫـﺬه ﺣـﻘـﻴـﻘـﺔ ﻳـﺠـﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﻴﻊ ﻛﻲ zﻜﻦ اﻟﺴﻴﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺪاﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ .ﻧﻌﻢ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺒﻘﺎء واﻻﺳﺘﻤﺮار ،ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻷﺷﻴﺎء واﺣﺪا ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺒﻘﺎء ..إﻧﻪ ﻣـﺨـﺎﻟـﻒ ﻟـﺮوح اﳊـﻀـﺎرة ً ﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﻋـﻨـﺼـﺮا ً اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ،ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺮوح اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻜﻞ ﺗﺄوﻳﻞ ﻣﻦ ﺗﺄوﻳﻼﺗﻪ، ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺮوح اﻟﻌﺼﺮ ﺑﻜﻞ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺗﻪ .ذﻟﻚ ﻓﻮق ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻷﺑﺴﻂ ﺛﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﻄﻞ ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ذاﺗﻪ ،ﺑﻞ ا;ﺒﺎد ¤اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ .وﻣﻦ ّ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻹﻧﺴﺎﻧﻲ« ).(١٥ ﻏﻴﺮ أن أﺧﻄﺮ »ﺗﻌﺒﻴـﺮ« ﻋـﻦ ا;ـﻌـﻀـﻠـﺔ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ﻛـﺎن ﺗـﻌـﺒـﻴـﺮ اﻟـﻌـﻨـﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺪﻣﻮي ذاﺗﻪ ﻋﻠﻰ أرﺿﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻊ .إن ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻌﺪ أن 6ﺨﻀـﺖ اﳊـﺮب ﻋـﻦ »ﻓﻮﺿﻰ« اﻟﻌﻼﻗﺎت وا;ﺆﺳﺴﺎت وا;ﺴﻠﻜﻴﺎت إﻟﻰ أن ﺟﺎء »اﻟـﻨـﻈـﺎم« اﳉـﺪﻳـﺪ ﻋﺎم ،١٩٥٢ﻟﻬﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﺮﻣﺰ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻄﻮرﻫﺎ إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻜﻴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ واﺟﻬﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺸﺮق واﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي اﺧﺘﺎره ﻟﻠـﺘـﺼـﺪي ﻟـﻬـﺎ »واﻟـﻨـﻈـﺎم« اﻟﺬي اﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻪ أﺧﻴﺮا ﺑﻌﺪ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺴﺆال ا;ﺼﻴﺮي :ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻤﺮ »اﻟﻌﻨﻒ« ﻓﻲ أﺑﻌﺎده اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ إﻟـﻰ أﻗـﺼـﻰ ﻣـﺪاه، ﻟﻴﻜﺘﻤﻞ اﻻﻧﺸﻄﺎر وﻳﺴﻘﻂ اﻟﻘﺪ ﻛﻠﻪ ﻓﻴﻨﺸﺄ ﻓﻮﻗﻪ وﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎﺿﻪ ﺑﻨﺎء ﺟﺪﻳﺪ 121
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻣﺨﺘﻠﻒ ..أم ..ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻌﻨﻒ ﻋﻨﺪ ﺣﺪ ﻣﻌ nﻟﺘﻌﻮد ﻓﺘﺘﻼﺋﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟـﻘـﺪ واﳉﺪﻳﺪ ﺳﻠﻤﻴﺎ ﻓﻼ ﻳﻨﻬﺎر اﻟﺒﻨﺎء اﳊﻀﺎري واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺑﻞ ﻳُﺮ و ﻳﺼﻠﺢ?. وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أﻛﺜﺮ ﻛﺎن اﻟﺴﺆال :اﻟﺜﻮرة ﺟﺬرﻳﺔ ﺣﺎﺳﻤـﺔ ﺑـﺎﺗـﺮة )ﻛـﻤـﺎ ﺣـﺪث ﻓـﻲ روﺳﻴﺎ واﻟﺼ nﻣﺜﻼ( ،أم ﺛﻮرة إﺻﻼﺣﻴﺔ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﺗﻄﻮﻳﺮﻳﺔ ﺗﻀﻴﻒ ﺟﺪﻳﺪا إﻟﻰ ﻗﺪ ?. ﻟﻨﻨﻈﺮ أوﻻ ﻓﻲ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻌﻨﻒ ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺸﺮت: »ﻛﺎن ﻫﺬا ﺟﻮ اﻟﻌﻨﻒ وﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺬي ﻋﺎﺷﺘﻪ ﻣﺼﺮ ﺑ nﻧﻬﺎﻳﺔ اﳊﺮب وﻗﻴﺎم ﺛﻮرة :١٩٥٢ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﺎدي اﻻﲢﺎد ا;ﺼﺮي اﻹﳒﻠﻴﺰي ،ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﺎدي ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ،ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺤﺎس ﺑﺎﺷﺎ ،ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻹﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤn ﺑﺎﳊﻠﻤﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ،ﻗﻨﺎﺑﻞ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎت ﲢﺖ ا;ﻘﺎﻋﺪ ﻓﺘﻮدي ﺑﺤﻴﺎة اﻷﺑﺮﻳﺎء ﺳﻦ ا;ﻮاﻃﻨ ،nﻣﺨﺎزن ذﺧﻴﺮة ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ ا;ﺼﺮي ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﺟﺒﻞ ا;ﻘﻄﻢ ﻓﺘﻮﻗﻆ اﻟﻘﺎﻫﺮة ا;ﺬﻋﻮرة ﻓﻲ اﻟﻬﺰﻳﻊ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ ،ﺣﺘﻰ اﻟﻘﻀﺎة ﻛﺎ;ﺴﺘﺸﺎر اﳋﺎزﻧﺪار ﻳﺼﺮﻋﻬﻢ رﺻﺎص اﻟﻘﺘﻠﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴ nﻷﻧـﻬـﻢ ﻳـﻄـﺒـﻘـﻮن ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺘﻠﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴ .nرﺋﻴﺲ وزراء ﻳﻘﺘﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﻬﻮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ ﺑﻌﺪ إﻟﻘﺎء ﺑﻴﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺮ;ﺎن .رﺋﻴﺲ وزراء ﻳﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﻗﻠﻌﺘﻪ ﺑﻮزارة اﻟـﺪاﺧـﻠـﻴـﺔ. وزﻳﺮ ﺧﻄﻴﺮ ﻳﻠﻘﻲ ﻣﺼﺮﻋﻪ وﻫﻮ ﺧﺎرج ﻣﻦ ﻧﺎدﻳﻪ ﻓﻲ ﻗﻠـﺐ اﻟـﻌـﺎﺻـﻤـﺔ ،زﻋـﻴـﻢ ﻳﻠﻘﻲ ﻣﺼﺮﻋﻪ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ اﳊﻜﻮﻣﺔ وﻫﻮ ﺧﺎرج ﻣﻦ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺸﺒﺎن ا;ﺴﻠﻤ .nﻗﺎﺋﺪ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﻳﻠﻘﻲ ﻣﺼﺮﻋﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻄﺐ .ا;ﻠﻚ ﻳﻨﻈﻢ اﳊﺮس اﳊﺪﻳﺪي وﻳﻐﺘﺎل ﻣﻌﺎرﺿﻴﻪ .اﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺘﺼﻠﺔ اﳊﻠﻘﺎت ﻣﻦ أﻋﻤﺎل »اﻟﻔﻨﺪﻳﺘﺎ«)× (٢وﺗﻔﻜﻚ اﻟﻌﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .(١٦) «. ﻫﺬا ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أﻧﻮاع اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ »ا;ﺸﺮوع« ﻛﺎ;ﻈﺎﻫﺮات واﻹﺿﺮاﺑﺎت وأﻋﻤﺎل اﻟﻔﺪاﺋﻴ nﻓﻲ اﻟﻘﺘﺎل ﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺿـﻤـﻦ ﻣـﻔـﻬـﻮم اﻟـﻨـﻀـﺎل اﻟـﻮﻃـﻨـﻲ. وﻛﺎﻟﻌﻨﻒ اﻹﺟﺮاﻣﻲ ا;ﺒﺎﺷﺮ ﺑﺴﺒﺐ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﲢﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺳﺮﻗﺔ وﻗﺘﻞ. و ﻳﺸﻬﺪ ا;ﺸﺮق ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ذاﺗﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮة ﻋﻨﻒ ﺎﺛﻠﺔ ﻳﺨﺘﻠﻂ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻀﺎل اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﻨﻴﻒ ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻹرﻫﺎب اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ» :إن اﻧﻘﻼب رﺷﻴﺪ ﻋﺎﻟﻲ )اﻟﻜﻴﻼﻧﻲ( ﻓﻲ اﻷول ﻣﻦ ﻧـﻴـﺴـﺎن ) (١٩٤١وﺑﺪء أﻋﻤﺎل اﻟﻌﺮاق ا;ﻌﺎدﻳـﺔ ـﺪر أن ﺿﺪ اﻟﻘﻮات اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌـﺪ ﺷـﻬـﺮ ﻗـﺪ ﻫ ّـﻴﺠﺎ اﻷوﺳﺎط اﻟﻮﻃﻨﻴـﺔ ،ﻓـﻘ ّ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻬﺐ ﺣﺮﻳﻖ ﻛﺒﻴﺮ ،ﺳﻴﺤﺮر ﺳﻮرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴ،n ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻻﻧﻔﺠﺎر ّ وﻓﻠﺴﻄ nﻣﻦ اﻹﳒﻠﻴﺰ) .وﻗﺪ( ..ﺟﻤﻊ ﺷﺎب ﻣﻦ ﻣﺜﻴﺮي اﻟﻘﻼﻗﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، 122
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
ﻳﺪﻋﻲ أﻛﺮم اﳊﻮراﻧﻲ ،ﻣﻦ ﺣﻤﺎه-ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ-ﺟﻤﻊ ﻋﺪدا ﻗﻠﻴـﻼ ﻣـﻦ ﺻﻐﺎر اﻟﻀﺒﺎط ،واﻧﺪﻓﻊ ﺑﻬﻢ إﻟﻰ ﳒﺪة رﺷﻴﺪ ﻋﺎﻟﻰ« ) (١٧وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻨﻔﻴﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺷﺒﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮي» :إن اﳊﺰب اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺴﻮري ،ﻫﻮ ﻛﺤﺮﻛﺔ اﳊﻮراﻧﻲ اﶈﻠﻴﺔ ،ﻳﺘﻄﺎﺑﻖ وﺗـﺸـﻜـﻴـﻼت اﻟـﺸـﺒـﺎب ﺷـﺒـﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣـﻦ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت واﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت ﻣﺘﺨﺬه ﻟﻬﺎ اﻟـﻄـﺎﺑـﻊ اﻟـﻔـﺎﺷـﻲ ﻓـﻲ ﺗـﻨـﻈـﻴـﻢ اﺗـﺒـﺎﻋـﻬـﺎ، واﺳـﺘـﻌـﺮاﺿـﺎت اﻟـﺸـﻮارع ﻓـﻲ ﺻـﻔـﻮف رﻳـﺎﺿـﻴـﺔ ،ﻣـﺒـﺸـﺮة ﺑـﻔـﻀـﻴـﻠـﺔ اﻟـﻌـﻤــﻞ واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ).(١٨ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ اﳉﻨﺎح اﻟﻌﻤﻠﻲ »اﻟﻨﻀﺎﻟـﻲ« ﻟـﻠـﻤـﺆﺳـﺴـﺔ اﳊـﺰﺑـﻴـﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة وﻋﻘﻴﺪﺗﻴﻬﺎ اﻟﺼﺎرﻣﺔ ،وﺗﺴﺎﻋﺪ ﺗﻄﻮرات اﳊﺮب ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻫـﺬه اﻟـﻈـﺎﻫـﺮة وزﻳﺎدة ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت ا;ﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ» :وﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٤٤اﻧﻀﻢ اﳊﻮراﻧﻲ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻀـﺒـﺎط اﻟـﺸـﺒـﺎب )ﻳـﺠـﺐ أن ﻧـﻼﺣـﻆ ﻫـﻨـﺎ ﺟـﺬور اﻟـﺘـﻌـﺎون ﺑـn اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳ nواﻟﻌﺴﻜﺮﻳ (nﻓﻲ ﻏﺎرات ﻓﺪاﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﳊﺎﻣﻴﺎت اﻟﻔـﺮﻧـﺴـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺣﻤﺎة ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﻫﺬه اﶈﺎوﻻت ﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﻘﻮة واﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ »اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﶈﻠﻲ« ﺎ ﺣﺪا ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺑـﺮﻗـﻴـﺎ ﲡـﻨـﺐ ﺗـﺪﻣـﻴـﺮ ا;ﻨﺸﺂت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺆول وﻻ رﻳﺐ إﻟﻰ ﺳﻮرﻳﺔ ﺣ nﻳﺮﺣﻞ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن... وﻓـﻲ رﺑـﻴـﻊ ١٩٤٥اﻗـﺘـﺤـﻢ اﳊـﻮراﻧـﻲ وﺿـﺎﺑـﻄـﺎن أﺧـﻮان ﻫـﻤـﺎ أدﻳـﺐ وﺻــﻼح اﻟﺸﻴﺸﻜﻠﻲ وﺑﻌﺾ رﺟﺎل اﳊﺰب اﻟﺴﻮري اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻗﻠﻌﺔ ﺣﻤﺎة وﻃﺮدوا اﳊﺎﻣﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻬﻴﺌﻮا ﺑﻄﻴﺶ ﻟﻠﺰﺣﻒ إﻟﻰ دﻣﺸﻖ« ) .(١٩وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﻛﺎن اﳊﻮراﻧﻲ ﻳﺤﺚ اﻟﻔﻼﺣ nأواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﻟﻌﻨـﻒ وﺣـﺮق ﻣﺤﺎﺻﻴﻠﻬﻢ ورﻓﺾ اﻟﻌﻤﻞ ،أو ﻛﻤﺎ ﻗﺎل أﺣﺪ ا;ﻼﻛ» :nﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻘﺪوره أن ﻳﺸﺮب دﻣﺎءﻧﺎ و ﻳﺄﻛﻞ ﳊﻮﻣـﻨـﺎ ﻟـﻔـﻌـﻞ ذﻟـﻚ« ) .(٢٠وﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻹﺿـﺎﻓـﺔ إﻟـﻰ ذﻟـﻚ ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻏﺘﻴﺎﻻت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ »أﺛﺮ اﻻﻏﺘﻴﺎل ا;ﻔﺎﺟﺊ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺸﻬـﺒـﻨـﺪر)× (٣ﻓـﻲ 6 ٧ﻮز ..١٩٤٠وﻛﺎن اﻟﺸﻬﺒﻨـﺪر رﺟـﻞ ﺧـﻠـﻖ وﻋـﻘـﻞ وأﺣـﺪ ﻣﻨﺘﻘﺪي اﻟﻜﺘﻠﺔ )اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ( اﳋﻄﺮﻳﻦ ،ﺎ أدى إﻟﻰ اﲡﺎه اﻟﺸﻜﻮك ﻧﺤﻮ زﻋﻤﺎء اﻟﻜﺘﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﻻﻏـﺘـﻴـﺎل« ) .(٢١وﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ اﻷﺣﺰاب اﳉﺪﻳـﺪة ،ﻇـﻬـﺮت ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت ﺳﺮﻳﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﺗﺘﻮﺳﻞ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻔﺮدي ا;ﺒﺎﺷﺮ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻬﺎ، ﻓﻤﺜﻼ :ﻧﻈّﻢ ﻓﻴﺼﻞ اﻟﻌﺴﻠﻲ-وﻫﻮ ﺷﺎب ﺣﺎد اﻟﻄﺒﻊ ﻗﻮي اﻟﻄﺎﻗﺔ-ﺣﺰﺑﻪ )اﳊﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻲ( ﻛﻘﻮة zﻴﻨﻴﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻣﺒﺸﺮا ﺑﺎﻟﻔﻜﺮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻋﺎش 123
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﺘﻘﺸﻒ ﺎرﺳﺎ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﻓﻲ اﺨﻤﻟﺎﺑـﺊ اﳉـﺒـﻠـﻴـﺔ .(٢٢) «..واﻛﺘﺸﻔﺖ ﺑﻌـﺪ ذﻟـﻚ »ﻛﺘﺎﺋﺐ اﻟﻔﺪاء اﻟﻌﺮﺑﻲ )اﻟﺘﻲ( أﺳﺴﻬﺎ أرﺑﻌﺔ إرﻫﺎﺑﻴ nﻣـﻨـﻬـﻢ ﺣـﺴـ nﺗـﻮﻓـﻴـﻖ وﻫﺎﻧﻲ اﻟﻬﻨـﺪي)× (٤وﻗﺪ اﺗﻬﻢ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺑﻘﺘﻞ وزﻳﺮ ﻣﺼﺮي ﺳﺎﺑﻖ اﺳﻤـﻪ ﻋـﺜـﻤـﺎن أﻣ ..nوﻫﺮب ﻣﻦ ﺳﺠﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة.(٢٣) «.. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ وﺗﺘﻮﺳﻊ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﲡﻠﺐ ﻣﻌﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮة اﺳﺘﻘﻄﺎب واﻧﺸﻄﺎر ،ﺣﻴﺚ ﻳـﺴـﻮد ﺻـﺮاع اﻷﺿـﺪاد-ﻃـﺒـﻘـﻴـﺎ وﻓـﻜـﺮﻳـﺎ وﺣﻀﺎرﻳﺎ-وﺗﻨﻘﺴﻢ اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻣﺤﺪدة واﺿﺤﺔ ،ﺑ nاﻟﻠـﻮﻧـn اﻷﺳﻮد واﻷﺑﻴﺾ ،وﻻ ﺗﻮﺳﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻏﻴﺮ أن ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻌﻨﻒ وﺗﻮأﻣﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮة اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب واﻻﻧﺸﻄﺎر 6ﺜﻼن ﺧﻄﺮا ﻛﻴﺎﻧﻴﺎ ﲡﺎه أي ﻣـﺠـﺘـﻤـﻊ ﺗـﻮﻓـﻴـﻘـﻲ أو ﺣﻀﺎرة ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ .ﻷﻧﻬﻤﺎ ﺗﺆدﻳﺎن إﻟﻰ ﻓﺼﻢ ﻋُﺮي اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ا;ﺆﺗﻠﻔﺔ ا;ﺘﺼﺎﳊﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب اﳊﺴﻢ واﻟﺒﺘﺮ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻘﻂ ﻋﻨﺼﺮ وﻳﺴﻮد ﻋﻨﺼﺮ ﻣﻀﺎد آﺧﺮ .ﻟﻬﺬا ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﳒﺪ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﺑﺎﺗﺮة ﻛﺎ;ﺎرﻛﺴﻴﺔ-ﻣﺜﻼ-ﺗﺘﻮﺳـﻞ اﻟـﻌـﻨـﻒ اﻟﺪﻣﻮي واﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ ﻟﺰﻳﺎدة اﻧﺸـﻄـﺎر اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ ﺑـ nﺿـﺪﻳـﻦ ﻣـﺘـﻘـﺎﺗـﻠـn ﻹﺳﻘﺎط ﻗﺪzﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻌﻘﻴﺪي وإﻗﺎﻣﺔ ﺟﺪﻳﺪﻫﺎ ﻋﻠـﻰ أﻧـﻘـﺎﺿـﻪ; وأن ﳒﺪ ﺑﺎ;ﻘﺎﺑﻞ ﺣﻀﺎرة ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻮﻓﻘﺔ ﻛﺎﳊﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ »وﺣﺪة اﻷﻣﺔ واﳉﻤﺎﻋﺔ« ﺑﻞ ووﺣﺪة اﻷﺟﻨﺎس واﻟﺸﻌﻮب وﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺑ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ا;ـﺘـﻀـﺎدة ﺑـﺎﻟـﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ »ﻧـﻘـﻄـﺔ اﻟـﻠـﻘـﺎء« ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ) ،(٢٤وﲡﻨﺐ »اﻟﻔﺘﻨﺔ« وإراﻗﺔ اﻟﺪﻣﺎء ﺣﺘﻰ ﻟﻮ أدى اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻗﺒﻮل ﺣﻜﻢ ﻇﺎﻟﻢ ﻳﺤﻘﻖ اﻷﻣـﻦ ووﺣـﺪة اﳉـﻤـﺎﻋـﺔ ) :(٢٥وﻋﻠﻰ أن ﻳﻨﺤـﺼـﺮ اﻟـﺼـﺮاع ﻗـﺪر اﻹﻣﻜﺎن ﺑ» nدار اﻹﺳﻼم« »ودار اﻟﺸﺮك« ،ﻻ أن ﺗﻨﻘﺴﻢ اﻟﺪار اﻷوﻟـﻰ ﻋـﻠـﻰ ذاﺗﻬﺎ. ﻫﺬا اﳋﻄﺮ اﻻﻧﺸـﻄـﺎري اﻟـﻌُﻨﻔﻲ ا;ﻀﺎد ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺼـﻤـﻴـﻢ واﺟـﻪ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ-ﺑُﻌْﻴﺪ اﳊﺮب-وﻫﻲ ﲢﺎول إﻋﺎدة ﺗﻮازﻧﻬﺎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﲢﺖ ﺿﻐﻮط اﻟﺜﻮرات اﻟﺜﻼث ،اﳊﻀﺎرة )اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ( واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﺤﺮرﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ،وﻛﺎد أن ﻳﻮﺻﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﳊﺴﻢ واﻟﺒﺘﺮ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺘﺤﺪي? ﻟﻘﺪ أدت اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت إﻟﻰ »ﺟﻌﻞ اﻟﻴﻤ nأﺷﺪ zﻴﻨﻪ ،واﻟﻴﺴﺎر أﺷﺪ ﻳﺴﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻮﺳﻂ اﻟﻮﻓﺪي .وﻛﺎﻧﺖ أوﺿﺢ ﺻﻮرة ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﻴﻤ nﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤ nا;ـﺘـﻤـﺎﺳـﻜـﺔ ،وﻛـﺎﻧـﺖ أوﺿـﺢ ﺻـﻮرة ﻣـﻦ ﺻـﻮر 124
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
اﻟﻴﺴﺎر ﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻋﺎت اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ا;ﺘﻌﺪدة« ) .(٢٦واﻧﻘﺴﻢ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑ nإﺧـﻮان و ﻳـﺴـﺎرﻳـ .nو ﻳـﺼـﻮر ﳒـﻴـﺐ ﻣـﺤـﻔـﻮظ ﻫـﺬا اﻟﺼﺮاع ﺗﺼﻮﻳﺮا ﺣﺴﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﻌﻘﺪ اﺟﺘﻤﺎع ﻟﻺﺧﻮان وآﺧﺮ ﻟﻠﺸﻴـﻮﻋـﻴـn ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻣﺼﺮي واﺣﺪ وﺑﺈدارة اﻟﺸﻘﻴﻘـ nﻋـﺒـﺪ ا;ـﻨـﻌـﻢ »اﻻﺧـﻮاﻧـﻲ« وأﺣـﻤـﺪ »اﻟﻴﺴﺎري«: »ﻛﺎن ﻋﺒﺪ ا;ﻨﻌﻢ ﻗﺪ ﺗﺒﻠﻮر ﻃﺎﺑﻌﻪ واﲡﺎﻫﻪ ..وﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺷﻘﺘﻪ ﻧﺎدﻳﺎ ﻹﺧﻮاﻧﻪ ﻳﺴﻬﺮون ﻋﻨﺪه ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ا;ﻨﻮﻓﻲ .وﻛﺎن اﻟﺸﺎب ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﺤﻤﺲ ﻣﻮﻓﻮر اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻛﻲ ﻳﻀﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ zﻠﻚ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ وﻣﺎل وﻋﻘﻞ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘﻲ آﻣﻦ ﺑﻜﻞ ﻗﻠﺒﻪ-ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ا;ﺮﺷﺪ×-ﺑﺄﻧﻬﺎ دﻋﻮة ﺳﻠﻔﻴﺔ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻨﻴﺔ ،وﺣﻘﻴﻘﺔ ﺻﻮﻓﻴﺔ وﻫﻴﺌﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﺟﻤـﺎﻋـﺔ رﻳـﺎﺿـﻴـﺔ وراﺑـﻄـﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﺷﺮﻛﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻓﻜﺮة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .وﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ا;ﻨﻮﻓﻲ ﻳﻘﻮل: »-ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻹﺳﻼم وأﺣﻜﺎﻣﻪ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﻨﻈﻢ ﺷﺆون اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة وان اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮن أن ﻫﺬه إﻟﻰ اﻟﺘﻌـﺎﻟـﻴـﻢ إ ـﺎ ﺗـﺘـﻨـﺎول اﻟـﻨـﺎﺣـﻴـﺔ اﻟـﺮوﺣـﻴـﺔ أو اﻟﻌﺒﺎدة دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﺣﻲ ﻣﺨﻄﺌﻮن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻈﻦ ،ﻓﺎﻹﺳﻼم ﻋﻘﻴـﺪة وﻋﺒﺎدة ووﻃﻦ وﺟﻨﺴﻴﺔ ودﻳﻦ ،ودوﻟﺔ وروﺣﺎﻧﻴﺔ ،وﻣﺼﺤﻒ وﺳﻴﻒ.(٥×).. »ﻓﻴﻘﻮل ﺷﺎب ﻣﻦ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌ:n ﻫﺬا ﻫﻮ دﻳﻨﻨﺎ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺟﺎﻣﺪون ﻻ ﻧﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎ واﻟﻜﻔﺮ ﻳﺤﻜﻤﻨﺎ ﺑﻘﻮاﻧﻴـﻨـﻪوﺗﻘﺎﻟﻴﺪه ورﺟﺎﻟﻪ. »ﻓﻴﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ: ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ واﻟﺘﺒﺸﻴـﺮ ،وﺗـﻜـﻮﻳـﻦ اﻷﻧـﺼـﺎر اﺠﻤﻟـﺎﻫـﺪﻳـﻦ ،ﺛـﻢ ﲡـﻲءﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ. وإﻻم ﻧﻨﺘﻈﺮ? ﻟﻨﻨﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻬﻲ اﳊﺮب ،إن اﺟﻞ ﻣﻬﻴﺄ ﻟـﺪﻋـﻮﺗـﻨـﺎ ،وﻗـﺪ ﻧـﺰع اﻟـﻨـﺎسﺛﻘﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻬﺘﻒ اﻟﺪاﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ا;ﻨﺎﺳﺐ ﻳﻬﺐ اﻷﺧﻮان ﻛﻞ ﻣﺪرع ﺑﻘﺮآﻧﻪ وﺳﻼﺣﻪ.. »ﻋﺒﺪ ا;ﻨﻌﻢ ﺑﺼﻮﺗﻪ اﻟﻘﻮي اﻟﻌﻤﻴﻖ: »-ﻓﻠﻨﻮﻃﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺎد ﻃﻮﻳﻞ ،إن دﻋﻮﺗﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ وﺣﺪﻫﺎ ،وﻟﻜﻦ إﻟﻰ ﻛﺎﻓﺔ ا;ﺴﻠﻤ nﻓﻲ اﻷرض ،وﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻟﻬﺎ اﻟﻨﺠﺎح ﺣـﺘـﻰ 125
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﲡﻤﻊ ﻣﺼﺮ واﻷ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ،ﻓﻠﻦ ﻧﻐﻤﺪ اﻟﺴـﻼح ﺣـﺘـﻰ ﻧﺮى اﻟﻘﺮآن دﺳﺘﻮرا ﻟﻠﻤﺴﻠﻤ nأﺟﻤﻌ..n »اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ا;ﻨﻮﻓﻲ: أﺑﺸﺮﻛﻢ ﺑﺄن دﻋﻮﺗﻨﺎ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻴﺌﺔ ،ﻟﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﻣﺮﻛﺰ ﻓﻲﻛﻞ ﻗﺮﻳﺔ ،إﻧﻬﺎ دﻋﻮة ﻟﻠﻪ ،واﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺨﺬل ﻗﻮﻣﺎ ﻳﻨﺼﺮوﻧﻪ.. »وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻌـﺮ ﻧـﺸـﺎط آﺧـﺮ ﻓـﻲ اﻟـﺪور اﻟـﺘـﺤـﺘـﺎﻧـﻲ )ﻣـﻦ اﻟﺒﻴﺖ( ،وان اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻬﺪف .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ وﻓﻴﺮا ﻟﻌﺪد ﻛﻬﺬا ،ﻓﺎن أﺣﻤﺪ وﺳﻮﺳﻦ )ﺧﻄﻴﺒﺘﻪ( ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺠﺘﻤﻌﺎن ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴـﺎﻟـﻲ ﺑـﻌـﺪد ﻣـﺤـﺪد ﻣـﻦ اﻷﺻـﺪﻗـﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﻲ اﻟﻨﺤـﻞ وا;ـﻠـﻞ )× ،(٦ﻛﺎن أﻛﺜﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺼﺤـﻔـﻴـﺔ .وﻗـﺪ زارﻫـﻢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﺪﻟﻲ ﻛﺮ ذات ﻣﺴﺎء ،وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻢ qﺎ ﻳﺪور ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ﻧﻈﺮﻳﺔ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ: ﺗﺬﻛﺮوا إﻧﻬﺎ وان ﺗﻜﻦ ﺿﺮورة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ »-ﺣﺴﻦ أن ﺗﺪرﺳﻮا ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ّ ® إﻻ أن ﺣﺘﻤﻴﺘﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﻧﻮع اﻟﻈﺎﻫﺮات اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ ،إﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗـﻮﺟـﺪ إﻻ ﺑـﺈرادة اﻟﺒﺸﺮ وﺟﻬﺎدﻫﻢ ،ﻓﻮاﺟﺒﻨﺎ اﻷول ﻟﻴﺲ ﻓﻲ أن ﻧﺘﻔﻠﺴـﻒ ﻛـﺜـﻴـﺮا وﻟـﻜـﻦ ﻓـﻲ أن ﻸ وﻋﻲ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻜﺎدﺣﺔ qﻌﻨﻰ اﻟﺪور اﻟﺘﺎرﻳـﺨـﻲ اﻟـﺬي ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ أن ﺗـﻠـﻌـﺒـﻪ ﻹﻧﻘﺎذ ﻧﻔﺴﻬﺎ واﻟﻌﺎﻟﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ«(٧×). »أﺣﻤﺪ: إﻧﻨﺎ ﻧﺘﺮﺟﻢ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﻠـﺴـﻔـﺔ ﻟـﻠـﺨـﺎﺻـﺔ ﻣـﻦ ا;ـﺜـﻘـﻔـ،nوﻧﻠﻘﻲ اﶈﺎﺿﺮات اﳊﻤﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎل اﺠﻤﻟﺎﻫﺪﻳﻦ ،وﻛﻼ اﻟﻌﻤﻠ nواﺟـﺐ ﻻ ﻏﻨﻲ ﻋﻨﻪ. »ﻓﻘﺎل اﻷﺳﺘﺎذ: وﻟﻜﻦ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻔﺎﺳﺪ ﻟﻦ ﻳﺘﻄﻮر إﻻ ﺑﺎﻟﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﺣz nﺘﻠﺊ وﻋﻴﻬﺎﺑﺎﻹzﺎن اﳉﺪﻳﺪ ،وzﺴﻲ اﻟﺸﻌﺐ ﻛﻠﻪ ﻛﺘﻠﺔ واﺣﺪة ﻣـﻦ اﻹرادة ،ﻓـﻬـﻨـﺎﻟـﻚ ﻟـﻦ ﺗﻘﻒ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻨﺎ اﻟﻘﻮاﻧ nاﻟﻬﻤﺠﻴﺔ وﻻ ا;ﺪاﻓﻊ.. »-ﻛﻠﻨﺎ ﻣﺆﻣﻨﻮن ﺑﺬﻟﻚ ،ﻏﻴﺮ أن ﻛﺴﺐ اﻟﻌﻘﻮل ا;ﺜﻘﻔﺔ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺌﺔ ا;ﺮﺷﺤﺔ ﻟﻠﺘﻮﺟﻴﻪ واﳊﻜﻢ. »وإذا ﺑﺄﺣﻤﺪ ﻳﻘﻮل: ﺳﻴﺪي اﻷﺳﺘﺎذ ،ﺛﻤﺔ ﻣﻼﺣﻈﺔ أود إﺑﺪاءﻫﺎ :ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ أﻧﻪ ﻟﻴـﺲﻣﻦ اﻟﻌﺴﻴﺮ إﻗﻨﺎع ا;ﺜﻘﻔ nﺑﺄن اﻟﺪﻳﻦ ﺧﺮاﻓﺔ وان اﻟﻐﻴﺒﻴﺎت ﺗﺨﺪﻳﺮ وﺗﻀﻠﻴـﻞ، 126
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﳋﻄﻮرة qﻜﺎن ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻬﺬه اﻵراء ،وان أﻛﺒﺮ ﺗﻬﻤﺔ ﻳﺴﺘﻐﻠﻬﺎ أﻋﺪاؤﻧﺎ ﻫﻲ رﻣﻲ ﺣﺮﻛﺘﻨﺎ ﺑﺎﻹﳊﺎد أو اﻟﻜﻔﺮ)×.(٨ »-إن ﻣﻬﻤﺘﻨﺎ اﻷوﻟﻰ أن ﻧﺤﺎرب روح اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ واﳋﻤﻮل واﻻﺳﺘﺴـﻼم ،أﻣـﺎ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻠﻦ ﻳﺘﺄﺗﻰ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ إﻻ ﻓﻲ ﻇﻞ اﳊﻜـﻢ اﳊـﺮ ،وﻟـﻦ ﻳـﺘـﺤـﻘـﻖ ﻫـﺬا اﳊﻜﻢ إﻻ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼب ،وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ﻓﺎﻟﻔﻘﺮ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻹzﺎن ،وﻣﻦ اﳊﻜﻤﺔ داﺋﻤﺎ أن ﺗﺨﺎﻃﺐ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ )×.(٩ ً »-واﻹﺧﻮان ﻳﺎ أﺳﺘﺎذ! ﻟﻘﺪ ﺑﺘﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻋﻘﺒﺔ ﺧﻄﻴﺮة ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻨﺎ.. ﻻ أﻧﻜﺮ ﻫﺬا وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻴﺴـﻮا ﺑـﺎﳋـﻄـﻮرة اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﺨـﻴـﻠـﻬـﺎ ،أﻻ ﺗـﺮى أﻧـﻬـﻢﻳﺨﺎﻃﺒﻮن اﻟﻌﻘﻮل ﺑﻠﻐﺘﻨﺎ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن :اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻹﺳﻼم)× ?(١٠ﻓﺤﺘﻰ اﻟﺮﺟﻌﻴﻮن ﻟﻢ ﻳﺠـﺪوا ﺑـﺪاً ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺎرة اﺻﻄﻼﺣﺎﺗـﻨـﺎ ،وﻫـﻢ ﻟـﻮ ﺳـﺒـﻘـﻮﻧـﺎ إﻟـﻰ اﻻﻧـﻘـﻼب ﺟﺰﺋﻴﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﻮﻗﻔﻮا ﺣﺮﻛﺔ ً ﻓﺴﻮف ﻳﺤﻘﻘﻮن ﺑﻌﺾ ﻣﺒﺎدﺋﻨﺎ وﻟﻮ ﲢﻘﻴﻘﺎً اﻟﺰﻣﻦ ا;ﺘﻘﺪﻣﺔ إﻟﻰ ﻫﺪﻓﻬﺎ اﶈﺘﻮم ،ﺛﻢ إن ﻧﺸﺮ اﻟﻌﻠﻢ ﻛﻔﻴـﻞ ﺑـﻄـﺮدﻫـﻢ ،ﻛـﻤـﺎ ﻳﻄﺮد اﻟﻨﻮر اﳋﻔﺎﻓﻴﺶ« ).(٢٧ ﻫﺬه اﳉﺪﻟﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ،وﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎﺑﻖ ﻧﺤﻮ اﻻﻧﻘﻼب ،وﻫﺬه اﻟﺮوح »اﻟﺮﺳﻮﻟﻴﺔ« ﻟﺪى اﻟﻄﺮﻓ nاﻟﻨﻘﻴﻀ nﻟﻮ أﺧﺬت ﻣﺪاﻫﺎ واﺳﺘﻤﺮت ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻟﻜﺎن ﻣﺤﺘﻤﺎً ﻋﻠﻰ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ أن ﻳﻨﻔﺼﻢ و ﻳﻘﺮر أﺣﺪ ﻃﺮﻳﻘ nﻻ ﻟﻘﺎء ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﺘﺮ ﻛﻴﺎﻧﻴﺔ وﻋﻘﻴﺪﻳﺔ وﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑ nاﻹﺳﻼم »واﻟﻼ-إﺳﻼم« ،ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪﻳﺪة ﻟـﻢ ﻳـﺴـﻤـﺢ ﺑـﺎﺳـﺘـﻤـﺮار ّ ( ٢٨ ) ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻌﻨﻒ وﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺸﻄﺎر .وﲢﺘﻢ أن ﺗﻮﺟﺪ ا;ﻌﺎدﻟﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑn اﻟﻌﻨﻒ واﻟﻼﻋﻨﻒ ،ﺑ» nاﻟﻔﻮﺿﻰ« و »اﻟﻨﻈﺎم« ،ﺑ» nاﻟﺜﻮرة« و »اﻻﺳﺘـﻤـﺮار«، ﺑ» nاﻻﻧﻘﻼب« و »اﻻﺳﺘﻘﺮار« ،أي ﺑ» nاﻟﺴﻠﻔﻴﺔ« و »اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« وﺑ nاﻹﺧﻮان وا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ رأﻳﻨﺎﻫﺎ ﺗﻨﻤﻮ وﲡﺪد ا;ﻨﺰع اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻫﻲ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺪد ﻛﻴﺎﻧﻬﺎ اﻟﻌﻨـﻒ واﻻﻧـﺸـﻄـﺎر ،واﻗـﻠـﻖ ﺗـﻮازﻧـﻬـﺎ اﻻﻧﻘﺴﺎم ﺑـ nﺳـﻠـﻔـﻴـﺔ اﻹﺧـﻮان وﻋـﻠـﻤـﺎﻧـﻴـﺔ ا;ـﺎرﻛـﺴـﻴـ ،nوﻋ ّـﺮﺿـﻬـﺎ اﳊـﺴـﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺘﻤﺰق ﺑ nاﻟﻘﻄﺎع اﻟﻔﻮﻗﻲ واﻟﻘﻄﺎع اﻟﺘﺤﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻬﺮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﺳﻴﺘﺤﺘﻢ اﻟﺘﺤﺎق ﻓﺌﺎﺗﻬﺎ ا;ﻴﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ وﺗـﺮاﺟـﻊ ﻓـﺌـﺎﺗـﻬـﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻔﻘﻴﺮة اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺮﻳﻔﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺳـﺎﻋـﺔ اﻟـﺒـﺘـﺮ. وﻷﻧﻬﺎ ﻃﺒﻘﺔ وﺳﻄﻰ ﺗﻌﻲ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﺼﻮرة ،وﺗﻼﻣﺲ ﻃﺮﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ،وﺗﺘﻮﺣﺪ 127
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﻛﻴﺎن اﻷﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻓﻜﺎن ﻻﺑﺪ أن ﺗﺘﻘﺪم ﺑﻔﻜـﺮﻫـﺎ وﻣـﺆﺳـﺴـﺎﺗـﻬـﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻗﺪراﺗﻬﺎ اﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﻠﻮﻟـﺔ دون اﻻﻧـﺸـﻄـﺎر اﻟـﺬي ﺳـﺘـﻘـﻊ ﻫـﻲ ذاﺗﻬﺎ ﺿﺤﻴﺘﻪ اﻷوﻟﻰ. وﻟﻜﻲ ﻧﺘﺒ nﺑﻮﺿﻮح ﻛﻴﻒ ﲢﻮﻟﺖ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ »ﻓﻮﺿﻲ اﻟﻌﻨﻒ« إﻟﻰ »ﻧﻈﺎم اﻟﺴﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ« اﳉﺪﻳﺪ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﺘﺠﺎرب ﺛﻼﺛﺔ أﻓﺮاد ﺑﺎرزﻳﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ اﳒﺮاﻓﻬﻢ ﻣﻊ ﺗﻴﺎر اﻟﻌﻨﻒ ﺛﻢ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻬﻢ ﻋﻦ »ﺻﻴﻐـﺔ ﺳـﻠـﻤـﻴـﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ« دون ﺑﺘﺮ دﻣﻮي ﻛﻴﺎﻧﻲ .إﻧﻬـﺎ ﲡـﺎرب ﻛـﻞ ﻣـﻦ :ﻟـﻮﻳـﺲ ﻋـﻮض وﺧـﺎﻟـﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﻟﺪ وﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،واﻷﺧﻴﺮ ﺳﻴﻀﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬه ا;ﻬﻤﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ وﲢﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ. ﻳﻘﻮل ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟـﻔـﺘـﺮة ﺑـﻌـﺪ أن ﻳـﻌـﺮض ﳊـﻤـﻰ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎﺣﺖ ﻣﺼﺮ ..» :ﻛﻨـﺖ أﻛـﺮه اﻟـﻌـﻨـﻒ وأﻋـﺘـﻘـﺪ أﻧـﻪ ﻳـﺨـﻠـﻖ ﻣـﻦ ا;ﺸﺎﻛﻞ أﻛﺜﺮ ﺎ ﻳﺤﻞ .وﻟﻜﻨﻲ اﻧﺘﻬﻴﺖ إﻟﻰ ﻓﻠﺴـﻔـﺔ أﺧـﻼﻗـﻴـﺔ ﺑـﺴـﻴـﻄـﺔ :وإن ﺟﻨﺤﻮا ﻟﻠﺴﻠﻢ ﻓﺎﺟﻨﺢ ﻟﻬﺎ أﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻗﺪر اﻹﻧﺴﺎن أﻻ ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﺣﻘﻪ وﻛﺮاﻣﺘﻪ إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ ،ﻓﻠﻴﺤﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪره ﻓﻲ ﺷﺠﺎﻋﺔ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﻨﻒ ﻟﻌﻨﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻘﺒﻮل اﻟﺬل أﻟﻌﻦ وأﻟﻌﻦ ...ﻫﺬا ا;ﻨﻄﻖ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻳﺒﺪو ﺑﺴـﻴـﻄـﺎً ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺿﻤﻴﺮي ﻛﺎن ﻣﺼﺪر ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻋﻈﻴﻤﺔ .ﻓﻤﺎذا ﻛﺎن ﻣﺒﻌﺚ ا;ﻌﺎﻧﺎة? رqﺎ ﻣﺒﻌﺜﻬﺎ إﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﺟﻤﻞ ﺑﻌﺾ رواﺳـﺐ ا;ـﺴـﻴـﺤـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ رﺑﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ× ،ﻓﻠﻘﺪ ﻟﻘﻨﺖ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ »ﻣﻦ ﻟﻄﻤﻚ ﻋﻠﻰ ﺧﺪك اﻷzﻦ ﻓﺄدر ﻟﻪ ﺧﺪك اﻷﻳﺴﺮ« وﻟﻜﻦ ﻻ أﻇﻦ أن ﻫﺬا ﻛﺎن اﻟﺒﺎﻋﺚ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻷن ﻃﺒﻴـﻌـﺘـﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﻮداﻋﺔ وﻻ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻘﺒﻞ دون ﻣﻨﺎﻗﺸـﺔ ﻫـﺬا اﻟـﻘـﺎﻧـﻮن اﻷﺧﻼﻗﻲ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .وإ ﺎ ﻛﺎن ﻣﺒﻌﺚ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻲ ﺷﻴﺌﺎً آﺧﺮ: ﻛﺎن إدراﻛﻲ أن ﻗﻮاﻧ nاﻷﺧﻼق ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺑﻞ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ..ﻓﻠﻮ إﻧﻨﺎ ﺳـﻠـﻤـﻨـﺎ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ ﺟﻮازاً ﻛﺤﻜﻢ ﺑ nاﻹﻧﺴﺎن واﻹﻧﺴﺎن ،ﻟﻮﺟﺐ أن ﻧﺴﻠﻢ أﻳـﻀـﺎً ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ ﺟﻮازا ﻛﺤﻜﻢ ﺑ nاﳊﺎﻛﻢ واﶈﻜﻮم ﻓﻲ أي وﻃﻦ ﻣﻦ اﻷوﻃﺎن ...وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا ً اﻟﺘﺴﻠـﻴـﻢ ﺟـﻮازاً ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ اﻟﺜﻮرة ،ﻻ اﻟﺜﻮرة qﻌـﻨـﻰ اﻟـﺘـﻐـﻴـﻴـﺮ اﳉـﺬري ﻷﺳـﺲ اﳊﻴﺎة وﻫﻮ ﻗﺪ ﻳﺘﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﻤﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺜﻮرة qﻌﻨﻰ اﻟﺼـﺪام ا;ـﺴـﻠـﺢ أو اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻌﻨﻒ أو رﻓﻊ اﻟﺴﻼح.(٢٩) «... وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ zﻜﻦ-إذن-رﻓﻊ اﻟﻈﻠﻢ وإﺣﻘﺎق اﳊﻘﻮق دون ﻫﺬه اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ? أي دون اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ أﺳﻠﻮب اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺜﻮري اﻻﻧﻘﻼﺑﻲ? ﻧﺮى ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﻳﺒﺤـﺚ 128
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
ﻋـﻦ وﺳـﻴـﻠـﺔ ﺗـﻐـﻴـﻴـﺮﻳـﻪ ،وﻟـﻜـﻦ ﺳـﻠـﻤـﻴـﺔ ،ﲢـﻘـﻖ اﻟـﺘـﻘـﺪم واﻟـﺘـﺤـﻮل ﻣـﻦ ﺧـﻼل »اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ«و »اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ«» ...ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻷﻣﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ..ﻫﻮ أن ﻳﺘﻄﻮّر اﻟﻮﻓﺪ ﻧﻔﺴﻪ إﻟﻰ ﺣﺰب اﺷﺘﺮاﻛﻲ أو رادﻳﻜﺎﻟﻲ ،ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻄﻮرت اﻷﺣﺰاب اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻋﺒﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ، ﺑﻞ واﻟﻰ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﺨﻤﻟﻔﻔﺔ (٣٠) «..وﻗﺪ ﲡﺪد اﻷﻣﻞ ﻓﻲ »اﻟﻮﻓﺪ ..ﺑﻌﺪ اﳊﺮب ﻣﺒﺎﺷﺮة وﻫﻮ ﻓﻲ ا;ﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻔﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ،ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺟﻨـﺎح ﺗـﻘـﺪﻣـﻲ ﻣـﻦ اﻟﺸﺒﺎب ا;ﺜﻘﻒ ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻨﺪور واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺰﻳﺰ ﻓـﻬـﻤـﻲ ﻳـﺠـﻨـﺢ ﺑﺼﻮرة واﺿﺤﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﳉﻤﻬﻮري واﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ و ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻬﻤﺎ ﺟﻬﺎراً ،ﺑﻞ وﻳﺆﻟﺐ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻮﻓﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺮﺟﻌﻴﺔ اﻟﺴﺎﻓﺮة ﻓﻲ ﻗﻴﺎدات اﻟﻮﻓﺪ.. وﻛﻨﺖ أدﻋﻮ ﻟﺘﻌﻤﻴﻖ اﻟﺘﻌﺎون ﺑ nاﻟﺸﻴﻮﻋﻴ nواﻟﻄﻠﻴﻌﺔ اﻟﻮﻓﺪﻳﺔ ﺑﺄﻣﻞ »6ﺼﻴﺮ« اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ وردﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ا;ﺼﺮي واﻟﺘﺨﻔـﻴـﻒ ﻣـﻦ ﻏـﻠـﻮاﺋـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،و ﺑﺄﻣﻞ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻮﻋﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ﺑ-nاﻟﺸﺒﺎب اﻟﻮﻓﺪي ﺣﺘﻰ ﺗـﺘـﺤـﻮل اﻟﻬﻼﻣﻴﺔ إﻟﻰ اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ واﺿﺤﺔ ا;ﻌﺎﻟﻢ .وﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ آﻣﻞ أن رادﻳﻜﺎﻟﻴﺘﻪ ُ ُﺗﻤﺘﺺ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ اﻟﻮﻓﺪﻳﺔ ﺑﺎﻷﺳﻤﻮز اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠـﻰ اﻋـﺘـﺒـﺎر أن اﻷﻗﻮى ﻳﺒﺘﻠﻊ اﻷﺿﻌﻒ .وﻫﺬا ﻳﺨﺮج ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺟـﺪﻳـﺪ اﺷـﺘـﺮاﻛـﻲ ﻓـﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،دzﻘﺮاﻃﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ »اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ« اﻟﺘﻲ أﺣﻠﻢ ﺑﻬـﺎ ) (٣١وﻫﻜﺬا ﻳﺴﺘﻘﺮ اﻟﺘﺄرﺟﺢ ﻋﻠـﻰ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮﻳﻪ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﲢﻘﻖ اﻟﺜﻮرة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻤﺮار ،وﻫﻮ أﻣﻞ ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي 6ﻨﺎه اﻟﻜﺎﺗﺐ ،وان ﻛﺎن ﺗﻴﺎر اﻟﺜﻮرة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺳﻴﻠـﺘـﺰم ﺑـﻪ ﻫـﺪﻓـﺎً وﻋﻘﻴﺪة .ﻓﻘﺪ أﺛﺒﺘﺖ »اﻷﻳﺎم واﳊﻮادث ...ﺧﻄﺄ ﺗﻘﺪﻳﺮي .أﺛﺒﺘﺖ أن ﻣـﻴـﺴـﺮة اﻟﻮﻓﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﺿﻌـﻒ ﻣـﻦ ﻫـﻴـﻤـﻨـﺘـﻪ ،(٣٢) «..وﲢﺘﻢ اﻟﺒـﺤـﺚ ﻋـﻦ أﺳـﻠـﻮب آﺧـﺮ وﺗﻨﻈﻴﺮ آﺧﺮ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ »اﻟﺜﻮرﻳﺔ-اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ« .وﻫﻨﺎ ﻧﺮى ﺑﻮﺿﻮح ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻢ اﻟﻨﻘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ إﻟﻰ اﻟﻼﻋﻨﻒ وﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ »ﻳﺴﺎر اﻟﻮﻓﺪ« و »اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ« ،اﻟﺘﻄﻮرﻳﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻊ »اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻴﻀﺎء« اﻟﻮارﺛﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻴﺎر» :ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ا;ﻀﻄﺮب ﺑﺎ;ﺼﺎﻟﺢ ا;ﺘﻌﺎرﺿﺔ و ﺑﺎ;ﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻫﻨﺎك ﻣﻨﻬﺠﺎن ﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﻬﻤﺎ ﻹﺟﺮاء أي ﺗﻐﻴﻴﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ :إﻣﺎ اﻟﻌﻨﻒ )اﻟﺜـﻮرة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺒﺪاد( ،وأﻣﺎ اﻹﻗﻨﺎع )اﻟﻮﺳـﺎﺋـﻞ اﻟـﺪzـﻘـﺮاﻃـﻴـﺔ( .وﻣـﻦ ﺣـ nﳊـn ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻨﻬﺞ ﺛﺎﻟﺚ)× (١١ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻴﻀﺎء)× ،(١٢وﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻟﻪ أﻣﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘـﺎرﻳـﺦ إﻻ ﺛـﻮرة ١٦٨٨اﻟﺘﻲ وﺿﻌـﺖ ﺣـﺪاً ﳊﻖ ا;ﻠﻮك اﻹﻟـﻬـﻲ ﻓـﻲ 129
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
إﳒﻠﺘﺮا ،وﺛـﻮرة ١٨٣٢اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا ﻣﻦ ﻳﺪ اﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃـﻴـﺔ إﻟﻰ ﻳﺪ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ ﺑﻘﺎﻧﻮن اﻹﺻﻼح اﻷﻋﻈﻢ ،واﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ ١٩٥٢اﻟﺘﻲ ا;ﺘﻨﻔﺬة(، ﺻﻔﺖ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻷوﻟﻴﺠﺎرﻛﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ) oligarchyاﻷودﻳﺔ اﳊﺎﻛﻤﺔ ّ ّ دون اراﻗﺔ ﻗﻄﺮة ﻣﻦ دﻣﺎء .وﻣﻦ اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻫﻲ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻻ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻓﻲ ﻳﺒﺪ ﻓﻲ أﻓﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑـﺄن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .وﻓـﻲ ١٩٤٥ﻟﻢ ُ ﺗﻐﻴﻴﺮ أﺳﺲ اﳊﻴﺎة ﻓﻴﻬﺎ zﻜﻦ أن ﻳﺘﻢ ﺑﻐﻴﺮ إراﻗﺔ دﻣﺎء ،ﻷن اﻟﻼﺗﻔـﺎﻫـﻢ ﺑـn ا;ﺼﺮﻳ nواﻻﳒﻠﻴﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ وﺑ nا;ﺼﺮﻳ nوا;ﺼﺮﻳ nﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﺑﻠﻎ ذروﺗﻪ وﻛﺎن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻻﺣﺘﻜﺎم ﻟﻠﺴﻼح ﻛﺎن اﺨﻤﻟﺮج اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا ا;ﺄزق اﻟﻮﻃﻨﻲ ،وﻣﻦ ﻫﺬا ا;ﺄزق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ).(٣٣ و ﻳﻌﺮض ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﻟﺪ ﲡﺮﺑﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟـﻌـﻨـﻒ واﻟـﺘـﺮاﺟـﻊ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘـﻤـﺎﻋـﻲ» :ﻋـﺎم ١٩٣٧ﻛ ّـﻮﻧﺖ ﻣﻊ أرﺑﻌﺔ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﻏﺮﺿﻬﺎ ﻧﺴﻒ ﺑﻴﻮت اﻟﺒﻐﺎء !!..وﻗﻄﻌﻨﺎ ﻳـﻮم ﻫﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﺬي ﺷﺎء ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ أﻻ ﻳﺘﻢ .وﻓﻲ ﻋﺎم ذاك ﺷﻮﻃﺎ ﻏﻴﺮ ّ أﻟﻔﺖ ﻣﻊ زﻣﻼء آﺧﺮﻳﻦ »ﺟﻴﺶ اﳋﻼص«ﻋـﻠـﻰ ﻏـﺮار ﺟـﻴـﺶ اﳋـﻼص ّ ١٩٤٦ اﻟﺬي أﻧﺸﺄه ﻓﻲ إﳒﻠﺘﺮا »وﻟﻴﻢ ﺑﻮث« وﻛﺘﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﺪاء اﻷول ﻟﻠﺠﻴﺶ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ: أﻣﺎ اﻟﺮذﻳﻠﺔ ﻓﻼ ﻧﻘﻮل :إﻧﻨﺎ ﺳﻨﻬﺎﺟﻤﻬﺎ ،ﺑﻞ ﺳﻨﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﻬﺬﻳﺐ ﻻ ﺗﺄدﻳﺐ، ورﺣﻤﺔ ﻻ ﻗﺴﻮة ،وﺳﻨﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺎة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻜﻤﺔ ذﻟﻚ اﻟﺼﻮﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋﻞ: ﻟﻴﺲ ﺑ nاﻟﻄﺎﺋﻊ واﻵﺛﻢ ﺳﻮى ﻏﻼﻟﺔ رﻗﻴﻘﺔ ﻣـﻦ ﺳـﺘـﺮ اﻟـﻠـﻪ ﻟـﻮ ﺗـﻜـﺸـﻔـﺖ ﻋـﻦ اﻟﻄﺎﺋﻊ ﻷﺳﺘﻮﻳﺎ .ﻟﻬﺬا ﺳﻨﻜﻮن رذاذا ﻃﺎﻫﺮا رﻃﺒﺎ ﻳﻨﺴﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﺮذﻳﻠﺔ ﻓﻴﺰﻳﻠﻬﺎ وﻳﻄﻬﺮ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ،وﻟﻦ ﻧﻜﻮن ﺳﻴﻔﺎ ﻣﺼﻠﺘﺎً أﺑﺪا... ّ »واﻵن أﻃﻞ ﻋﻠﻰ ذﻧﻴﻚ اﻟﻴﻮﻣ nا;ﺘﻀﺎدﻳﻦ ،ﻳﻮم ﻫﻤﻤﺖ أن اﻧﺴﻒ ﺑـﻴـﻮت اﻟﺒﻐﺎﻳﺎ ﺛﻢ ﻳﻮم أردت أن اﻓﺘﺢ ﻟﻬﻦ ﺑﻴﻮت اﻟﺘﻮﺑﺔ ،أﺳﻤﻴﺘﻬﻦ اﻷﺧﻮات ا;ﻨﺤﺮﻓﺎت، ﻓﺄرى اﳊﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎزﻏﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻛﻀﻮء اﻟﻨﻬﺎر .ﻓـﻲ اﶈـﺎوﻟـﺔ اﻷوﻟـﻰ ﻛـﻨـﺖ ﻓـﺘـﻰ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nﻣﻄﺎﻟﺐ ﻏﺮﻳﺰﺗﻪ واﺣﺘﺸﺎم ﺑﻴﺌـﺘـﻪ ،وﻫـﺮب ﻣـﻦ ا;ـﻮﻗـﻒ اﻟﻘﺎﺳﻲ إﻟﻰ أﻗﺮب ﻣﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ¬ ..ﲢﻮﻟﺖ اﻧﻔﻌﺎﻻت اﳊﺐ اﳉﻨﺴﻲ إﻟﻰ ﻧﻘﻴﻀﻬﺎ :ﺑﻐﺾ وﺗﻌﺼﺐ ورﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎم ..وﻓﻲ اﶈﺎوﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻨﺖ وأﺑﺎ ..وﻛﺎن ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ زواﺟﻲ ﺳﺒﻌﺔ أﻋﻮام ،وﻫـﻮ زﻣـﻦ ﻗﺪ ﺻﺮت زوﺟﺎً ً ﻛﺎن ﻻﺧﺘﻔﺎء ﻣﺸﺎﻋﺮ اﳋﺼﻮﻣﺔ اﻟﻈﺎ;ﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﺑﻴﻨﻲ وﺑ nا;ﺮأة ﺑﻌﺪ أن زال ﺳﺒﺒﻬﺎ وﻣﺤﺮﻛﻬﺎ :اﳊﺮﻣﺎن ،ﻓﻌﺎد ﻟﻼﻧﻔﻌﺎﻻت ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺻـﻔـﺎﺋـﻬـﺎ وﻋـﺎﻓـﻴـﺘـﻬـﺎ 130
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
وﺻﺎرت ﺗﺴﺎﻣﺤﺎ ورﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻮ !! وأﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺗﺼﻮر ﺳـﻤـﺎع ﻫـﻤـﻬـﻤـﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻘﻮل: إذن ،ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ أن ﲢﻮل ﲡﺮﺑﺘﻚ اﳋﺎﺻﺔ إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ? وأﺟﻴﺐ:ﺑﻞ ﻫﻲ ﲡﺮﺑﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﻨﺘﻈﻢ ﺟﻤﻴﻊ اﳊﺎﻻت ا;ﻤﺎﺛﻠﺔ أو ﻏﺎﻟﺒﻬﺎ« ).(٣٤ وإذا ﺟﺎز اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﺨﺼﻴﺺ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻤﻴﻢ ،وﻣﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ إﻟﻰ اﳉﻤﺎﻋﻴﺔz ،ﻜﻦ اﻟﻘﻮل-ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ا;ﺜﻞ ا;ﻀﺮوب-إن اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﳊﺮﻣﺎن إﻟﻰ اﻻﻛﺘﻔﺎء ،وﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ذاﺗﻬـﺎ-ﻣـﻦ ﺧـﻼل اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﺧﺎﺻﺔ-ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن أﻣﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﺴﻠﻤﻲ واﻟﺘﺴﺎﻣـﺢ وا;ﺮوﻧﺔ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺘﺮ واﳊﺴﻢ ،ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ ذاﺗﻪ وﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺗﻬـﺎ ذاﺗﻬﺎ. وﻳﺴﺘﺬﻛﺮ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ-ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ-ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻌﻨﻒ ﺛﻢ »ﺧﻼﺻﻪ« ﻣﻨﻪ إﻟﻰ وﺳﻴﻠﺔ أﻗﺮب ﻟﺴﻼﻣﻪ اﻟـﻔـﻜـﺮي واﻟـﺮوﺣـﻲ: »وﺟﺎءت اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻣﺎ ﺳﺒﻘﻬﺎ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ ..ﻓﺄﻟﻬـﺒـﺘـﻪ وأﺷـﺎﻋـﺖ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ﺧﻠﺠﺎﺗﻪ ،ﻓﺒﺪأ اﲡﺎﻫﻨﺎ ،اﲡﺎه ﺟـﻴـﻞ ﺑـﺄﻛـﻤـﻠـﻪ ،ﻳـﺴـﻴـﺮ إﻟـﻰ اﻟـﻌـﻨـﻒ. واﻋﺘﺮف ..إن اﻻﻏﺘﻴﺎﻻت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻮﻫﺠﺖ ﻓﻲ ﺧﻴﺎﻟـﻲ ا;ـﺸـﺘـﻌـﻞ ﻓـﻲ ﺗـﻠـﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻋﻠﻰ إﻧﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ اﻹﻗﺪام ﻋﻠﻴﻪ ،إذا ﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﻘﺬ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ وﻃﻨﻨﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﺼﺔ ﺑﻮﻟﻴـﺴـﻴـﺔ ﻣﺜﻴﺮة ..وﻛﺎﻧﺖ ﻃﻠﻘﺎت اﻟﺮﺻﺎص ﻫﻲ اﻷﻣﻞ اﻟﺬي ﻧﺤﻠﻢ ﺑﻪ.!.. »واﳊﻖ إﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﻲ ﻣﺴﺘﺮﻳﺤﺎ إﻟﻰ ﺗﺼﻮر اﻟﻌﻨـﻒ ﻋـﻠـﻰ اﻧـﻪ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻌ nﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻨﻘﺬ ﺑﻪ ﻣﺴـﺘـﻘـﺒـﻞ وﻃـﻨـﻨـﺎ .ﻛـﺎﻧـﺖ ﻓـﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺣﻴﺮة6 ،ﺘﺰج ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ،ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺪﻳﻦ وﻣﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻘﺴﻮة ،وﻣﻦ اﻹzﺎن واﻟﺸﻚ ،وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ وﻣﻦ اﳉﻬﻞ.. »وأذﻛﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺮى أﻓﻜﺎري وأﺣﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ،وﻛﻨﺎ ﻗﺪ أﻋﺪدﻧﺎ اﻟﻌﺪة ﻟﻠﻌﻤﻞ ..واﺧﺘﺮﻧﺎ واﺣﺪا ﻗﻠﻨﺎ إﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺰول ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ.. وأﻗﺒﻞ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن ﻳﺰول واﻧﻄـﻠـﻖ ﻧـﺤـﻮه اﻟـﺮﺻـﺎص ..وﻓـﺠـﺄة دوت ﻓﻲ ﺳﻤﻌﻲ أﺻﻮات ﺻﺮﻳﺦ وﻋﻮﻳﻞ ووﻟﻮﻟﺔ اﻣﺮأة ورﻋﺐ ﻃﻔﻞ ،ﺛﻢ اﺳﺘﻐﺎﺛﺔ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﻣﺤﻤﻮﻣﺔ وﻛﻨﺖ ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺜﺎﺋﺮة واﻟﺴﻴﺎرة ﺗﻨﺪﻓﻊ ﺑﻲ ﺑﺴﺮﻋﺔ ..ووﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻲ واﺳﺘﻠﻘﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﺷﻲ ،وﻓﻲ ﻋـﻘـﻠـﻲ ﺣﻤﻰ ،وﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ وﺿﻤﻴﺮي ﻏﻠﻴﺎن ﻣﺘﺼﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ أﺻﻮات اﻟﺼﺮاخ واﻟﻌـﻮﻳـﻞ ّ 131
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
واﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻄﺮق ﺳﻤﻌﻲ وﻟﻢ أ¶ ﻃﻮل اﻟﻠﻴﻞ)× ..(١٣أﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ?.. وأﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺮة :أﻛﺎد أﺣﺲ إن ا;ﺴﺄﻟﺔ أﻋﻤﻖ ..أﻋﻤﻖ ﺟﺬورا واﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة واﺑﻌﺪ أﻏـﻮاراً .وأﺣﺲ ﺑﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺻﺎﻓﻴﺔ وﻟﻜﻦ اﻟﺼﻔﺎء ﻣﺎ ﻳﻠـﺒـﺚ أن 6ﺰﻗﻪ أﺻﻮات اﻟﺼﺮاخ واﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ ووﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ أﻗﻮل ﻓﺠـﺄة :ﻟـﻴـﺘـﻪ ﻻ zﻮت! وﻛﺎن ﻋﺠﻴﺒﺎ أن ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺠﺮ وأﻧﺎ أ6ﻨـﻰ اﳊـﻴـﺎة ﻟـﻠـﻮاﺣـﺪ اﻟـﺬي 6ﻨﻴﺖ ﻟﻪ ا;ﻮت ﻓﻲ ا;ﺴﺎء! وﻫﺮﻋﺖ ﻓﻲ ﻟﻬﻔﺔ إﻟـﻰ إﺣـﺪى ﺻـﺤـﻒ اﻟـﺼـﺒـﺎح وأﺳﻌﺪﻧﻲ أن اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي دﺑﺮت اﻏﺘﻴﺎﻟﻪ ..ﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻟﻪ اﻟﻨﺠـﺎة ..وﻣـﻨـﺬ ذﻟـﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺪأ ﺗﻔﻜﻴﺮﻧﺎ اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺷﻲء أﻋـﻤـﻖ ﺟـﺬورا وأﻛـﺜـﺮ ﺧـﻄـﻮرة، وﺑﺪأﻧﺎ ﻧﺮﺳﻢ اﳋﻄﻮط اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﲢﻘﻘﺖ ﻣﺴﺎء ٢٣ﻳﻮﻟﻴﻮ)×.(١٤ ﺛﻮرة ﻣﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ اﻟﺸﻌﺐ ،ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻷﻣﺎﻧﻴﻪ ،ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻧﻔـﺲ اﳋـﻄـﻮات اﻟـﺘـﻲ ﺧﻄﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ« ).(٣٥ وﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻔﻮﺗﻨﺎ ﻣﻐﺰى اﻟﻌﺒﺎرة اﻷﺧﻴﺮة ،ﻓﺎﻟﺜـﻮرة ﺑـﻌـﺪ أن رﻓـﻀـﺖ ﻣـﺒـﺪأ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺪﻣﻮي-ﺟﺎءت »ﺗﻜﻤﻞ« اﳋﻄﻮات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ا;ﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻻ ﻟﺘﺒﺘﺮ اﻟﻘﺪ ﻛﻠﻪ ،وﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة ،ﻛـﻤـﺎ ﻓـﻌـﻠـﺖ ﺛـﻮرات أﺧﺮى. وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ وﺳﻴﻠﺔ اﻻﻧﻘﻼب اﻟﻌﺴﻜـﺮي-ﺑـﺪون إراﻗـﺔ دﻣـﺎء-ﻫـﻲ اﻟـﻮﺳـﻴـﻠـﺔ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ-ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺣﺴـﻢ ا;ﻨﺎﺳﺒﺔ ;ﺜﻞ ﻫﺬا ّ اﻟﻌﻨﻒ ،واﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ »ﻣﻨﻈﻤﺔ« وﻏﻴـﺮ دﻣـﻮﻳـﺔ وﻏـﻴـﺮ ﻫـﺎدﻣـﺔ ،ﻟـﺜـﻮرﺗـﻪ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ-ﻓﺎﳉﻴﺶ اﻟﺬي ﻫﻮ أﺑﺮز وأﻗﻮى ﻣﺆﺳﺴﺔ »ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ« ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ- واﻟﺒﻌﺾ ﻳﺮاﻫﺎ ﻗﻤﻌﻴﺔ-ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ وﺣـﺪه ﻓـﻲ ﺛـﻮرة ﻣـﺤـﺴـﻮﺑـﺔ ﻣـﻘـﻨـﻨـﺔ ﻣـﻮاﺟـﻬـﺔ »اﻟﻔﻮﺿﻰ« اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﺣﺘﻤﺎﻻﺗﻬﺎ ا;ﻨﻔﻴﺔ اﳋﻄﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ اﳊﺎﻛﻢ .وﻟﻘﺪ ﻗﺎم ﻓﻌﻼ ﺑﺎ;ﻬﺘﻤ nﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ ،ﺛـﻢ ﻓـﺘـﺢ- ﺳﻠﻤﻴﺎ-ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺣﺴﺐ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘـﻲ ﻟـﻠـﻄـﺒـﻘـﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة ﺣﺮﻛﺘﻪ .وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺼﺪﻓﺔ أن ﻳﻀﺮب اﳉﻴﺶ اﻟﺜﺎﺋﺮ ﺑﻜـﻞ ﻋـﻨـﻒ اﻟﺘﻲ ّ ﲢﺮﻛﺎ ﻋﻤﺎﻟﻴﺎ ﻳﺴﺎرﻳﺎ ،وﻳﻌﺪم اﺛﻨ nﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ا;ﺼﺮﻳ-nﺧﻤﻴﺲ واﻟـﺒـﻘـﺮي- ﺑﻌﺪ ﺳﻬﺮ ﻣﻦ ﻗﻴﺎم ﺛﻮرﺗﻪ ﺗﺄﻛـﻴـﺪا ﻟـﻀـﺮورة »اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﺜـﻮري« ﺿـﺪ »ﻓـﻮﺿـﻰ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻄﺒﻘﻲ«; ﺛﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻏﺎﺿﺒﺎ ﺻﻮب اﻹﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤ nوﺳﻠﻔﻴﺘﻬﻢ ا;ﺘﺼﻠﺒﺔ ﻏﻴﺮ ا;ﺴﺎوﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣ nﻣﻦ اﻟﺜﻮرة ﻟﻀﺮب ﺣﺮﻛﺘﻬﻢ وﻳﻌـﺪم ﺳـﺘـﺔ ﻣـﻦ ﻛـﺒـﺎر زﻋﻤﺎﺋﻬﻢ ) .(٣٦ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ إﺷﺎرة ﻣﺒﻜﺮة داﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﻘﻴﻀ nاﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴn 132
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
واﻟﻔﻜﺮﻳ nﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ-اﻟﻨﻘﻴﺾ اﻟﺴﻠﻔﻲ واﻟﻨﻘﻴـﺾ ا;ـﺎرﻛـﺴـﻲ-ﻳـﺠـﺐ أن ُﻳـﺠـﻤّﺪا ﻃﺎ;ﺎ أن اﻟﺘﺼـﻔـﻴـﺔ اﻟـﻜـﺎﻣـﻠـﺔ ﻏـﻴـﺮ واردة ﻓـﻲ ﻋـﺮف اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﺜـﻮري »اﻷﺑﻴﺾ«-وذﻟﻚ ﻛﻲ ﻳﻨـﻔـﺘـﺢ اﺠﻤﻟـﺎل ﻟـﻠـﻄـﺒـﻘـﺔ اﻟـﻮﺳـﻄـﻰ ،وﻟـﻠـﺤـﻞ اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻘـﻲ اﻟﻮﺳﻂ) ;(٣٧وﻟﻸﺳﻠﻮب اﻻﻧﻘﻼﺑﻲ اﻟﺴﻠﻤﻲ ،وأﺧﻴﺮا ﻟﻠﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ qﻌﺎدﻻﺗﻬﺎ اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ واﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬت ﺷﻌﺎر »ﲢﺎﻟﻒ ﻗﻮى اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺎﻣﻞ« ﻟﺘﺼﻮن ﻧﺴﻴﺞ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﻨﻘﺴﻢ ،وﲢﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ »اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ« ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ وﺣﻀﺮﺗﻪ وأﺳﺲ وا;ﺘﺤﻮﻻت« ﺑﻌﺪ ﺿﻤـﺎن ﻛﻴﺎﻧﻪ اﻟﺘﻮارﺛﻴﺔ ﺛﻢ ﺗﺘﻘﺪم ﻓﺎﲢﺔ اﻟﺒﺎب »ﻟﻠﻤﺘﻐ ّـﻴﺮات ّ ﺑﻘﺎء »اﻟﺜﻮاﺑﺖ« وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺪﻣﻬﺎ. وﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻹ;ﺎح ،ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﺳﻴﺎق اﻟﺒﺤﺚ ،ﺑﻌﺪ أن رأﻳﻨﺎ ﻛـﻴـﻒ ﺗﻮاﻟﺪت ﻇﺎﻫﺮات اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ وﺷﻮاﻏﻠﻪ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﻴﺔ واﳊﻀﺎرﻳﺔ ،إﻟﻰ أن اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴـﺔ ﺗـﺘـﻤـﺜـﻞ ﻓـﻲ ﻫـﺬه ا;ﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺘﺒﺎﻋﺪ واﻻﻓﺘﺮاق اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﻌﻨﺎﺻﺮ اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﻴﺔ ّ ﺑﻔﻌﻞ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺪاﺧﻠﻲ واﻟﺘﺤﺪي اﳋﺎرﺟﻲ اﻟﻀﺎﻏـﻂ-وان ﻣـﺨـﺘـﻠـﻒاﻟﺮواﻓﺪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺪرﺳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺠﺐ أﻻ ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻣﺠﺮد ﺻﻴﻎ ﻓﻜﺮﻳﺔ ذﻫﻨﻴﺔ ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ وﻣﻔﺼﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺿﺮوراﺗﻪ ا;ﻠﺤﺔ، ﻓﺎﻷﻓﻜﺎر ﻻ ﺗﺘﻮاﻟﺪ ﻓﻲ ﻓﺮاغ ،وﻫﻲ ﻟﻴﺴـﺖ ﻧـﺘـﺎﺟـﺎ ذﻫـﻨـﻴـﺎ ﺧـﺎﻟـﺼـﺎ; وإذا ﻛـﺎن اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟـﻌـﺸـﺮﻳـﻦ ﻗـﺪ اﺳـﺘـﻤـﺪ ﻓﻜﺮة ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻛﻼﻣﻴﺔ ﻗﺪzﺔ ﻣﻦ ﺗﺮاﺛﻪ ،ﻓﻤﺎ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﻤﺴـﻚ ﺑـﻔـﻜـﺮة ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻗﺪzﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻷن ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة-ﺑﺎﻟﺘﺠﺪﻳﺪات واﻟﺘﻨﻮﻳﻌﺎت اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ أدﺧﻠﺖ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ-ﻟ ّـﺒﺖ وﺗﻠﺒﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ راﻫـﻨـﺔ ،واﻧـﻪ ﻣـﺎدام اﻋﺘﺒﺎر اﳊﺴﻢ واﻟﺒﺘﺮ واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﳉﺬري ﻏﻴﺮ وارد ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ اﳊـﻀـﺎرﻳـﺔ ﻟﻬﺬا اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ،ﻓﺎن »اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« ﺳﺘﻈﻞ »إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻪ« ا;ﺴﺘﺠﻴﺒﺔ وا;ﺴﺘﺠﺪة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣ.n وﻓﻲ ﺧﺘﺎم ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ا;ﺸﻬﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ا;ﻤﺘﺪة ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻟﻌﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺑ nﺣﻮاﻟﻲ ،١٩٥٢ -١٩٣٢ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺤﻮﻻت واﻧﻄﻠﻘﺖ اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﳉﺪﻳﺪة ﺗﺼﻨﻊ ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﻨﺎﻣﺖ اﳉﺬور وﻧﻀﺠﺖ ّ ا;ﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻞ واﻹﳒﺎزات ﺑﺈﻳﺠﺎﺑﻴﺎﺗﻬﺎ وﺳﻠﺒﻴﺎﺗﻬـﺎ ﺑـ-١٩٥٢ n ،١٩٦٧ﺣﻴﺚ ﺳﺘﻮﺿﻊ »اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ«-ﻧﻈﺮﻳﺎ وﻋﻤﻠﻴﺎ-ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ واﻻﺧﺘﺒﺎر. 133
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
أﻣﺎ ا;ﺸﻬﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻦ ﺗﻄﻮرات ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﺰzﺔ ﻋﺎم ١٩٤٨ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄ ،nﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻻﻧﺘﻬﺎء اﳊﺮب ١٩٤٧/١٩٤٦ﻗﺪ ﻃﺮﺣﺖ ا;ﺸﻜﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺿﺮورة ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ ،ﻓﺎن اﻟﻬﺰzـﺔ ﻋـﺎم ١٩٤٨ﻗﺪ ﻃﺮﺣﺖ ا;ﺸﻜﻠﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ا;ـﺒـﺎﺷـﺮة ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ ﺣﻴﺚ أﻇﻬﺮت اﻟﻨﻜﺒﺔ ﺳﻮءاﺗﻪ ﺑﻮﺿﻮح ،وﺑﺪا ﻋﺠﺰه ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺻﻌﺪة ﺟﻠﻴﺎ ﻟﻠﻌﻴﺎن ،وﲢﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻮى اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ أن ﺗﺘﺤﺮك .إن ا;ﻮﺟﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻦ »اﻟﻌﻨﻒ« ﺳﺘﻜﻮن ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،وأﺷﺪ ﺣﺴﻤﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺴﻠـﻄـﺔ، ﻣﻦ ﺳﺎﺑﻘﺘﻬﺎ: ﻓﻲ دﻳﺴﻤﺒﺮ ١٩٤٨اﻏﺘﻴﻞ اﻟﻨﻘﺮاﺷﻲ رﺋﻴﺲ وزراء ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﺣﻠﻪ ﳉﻤﺎﻋﺔ اﻷﺧﻮات ا;ﺴﻠﻤ nوﺑﻄﺶ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﺑﻬﻢ .وﻓﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ ١٩٤٩اﻏﺘﻴﻞ ﺣﺴﻦ اﻟﺒﻨﺎ زﻋﻴﻢ اﻹﺧﻮان ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟـﺒـﻮﻟـﻴـﺲ ا;ـﻠـﻜـﻲ ا;ـﺼـﺮي ،وﻓـﻲ ﻣـﺎرس ١٩٤٩أﻃﺎح اﳉﻴﺶ اﻟﺴﻮري ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ،وﻛﺎن اﻟﻌﺮاق ﻗﺪ ﺷﻬﺪ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩٤٨ﺿﺪ ﻣﻌﺎﻫﺪة ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،واﺳﺘﻤﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ ﺣـﺘـﻰ ﻋـﺎم ١٩٤٩ﺣﻴﺚ أﻋﺪﻣﺖ اﳊﻜﻮﻣﺔ ا;ـﻠـﻜـﻴـﺔ ﺛـﻼﺛـﺔ ﻣـﻦ ﻛـﺒـﺎر زﻋﻤﺎء اﳊﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ ﻗﺎﺋﺪه »ﻓﻬﺪ« وﻓﻲ ﻳﻮﻟﻴﻮ ١٩٤٩ ¬ إﻋﺪام أﻧﻄﻮن ﺳﻌﺎدة ﻣﺆﺳﺲ اﳊﺰب اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺴﻮري ﺑﻌﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ،وﻓﻲ أﻏﺴﻄﺲ ١٩٤٩ﻗﺎم اﻻﻧﻘﻼب اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ وأﻋﺪم زﻋﻴﻢ اﻻﻧﻘﻼب اﻷول .ﻛﻤﺎ اﻏﺘﻴﻞ ا;ﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠـﻪ ﻣـﻠـﻚ اﻷردن ﻋـﺎم ،١٩٥٠واﻏﺘﻴـﻞ رﻳﺎض اﻟﺼﻠﺢ رﺋﻴﺲ وزراء ﻟﺒﻨﺎن ﻋﺎم .(٣٨) ٫١٩٥١ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺠﺮ اﻟﺪﻣﻮي اﻟﺬي ﺗﺮﻛﺰ ﻣﻌﻈﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻮﻗﻮع اﻟﻨﻜﺒـﺔ، ﻋﺎم ،١٩٤٩ﻫﻞ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻟﻪ zﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ وراء اﻟﺮﻛﺎم واﻟـﺸـﻈـﺎﻳـﺎ واﻟﺪﻣﺎء?. ﳒﺪ أن اﻟﺼﺮاع ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺑ nﻗﻮى ﺛﻼث» :ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ«، »ا;ﺆﺳﺴﺔ اﳊﺰﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة«» ،ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ« .وﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﺣﺪث إن اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻻﻧﻘﻼﺑﻲ ا;ﺒﺎﺷﺮ ﺑﻌﺪ ١٩٤٨أﺻﺒﺢ ﺣﺘﻤﻴﺎً ،وﻛﺎﻧﺖ ا;ﺆﺳﺴﺔ اﳊﺰﺑﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ،ﺑﺤﻜﻢ ﺗﻨﺎﻣﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﳉﻴﻮش اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻫﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﺼـﺪر ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻗﻮى اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺄﻓﻜﺎرﻫﺎ اﳉﺪﻳﺪة وﻗﻴﺎداﺗﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺮاﺋﺪة وﻧﻀﺎﻟﻬﺎ اﻟﻌﻨﻴﻒ ،ﻓﻲ ﺣ nأن اﳉﻴﺶ ﻟﻢ ﻳﺘﻀﺢ دوره ﺑﻌﺪ ،ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺰال ﻗﻮة ﻗﻤﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ .ﻫﻨﺎ ﺣﺪﺛﺖ ا;ﻮاﺟﻬﺔ ﺑ nاﳊﻜﻮﻣﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ واﻷﺣﺰاب 134
ﻋﻠﻰ ا8ﻔﺘﺮق ﺑ* اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ و اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
اﳉﺪﻳﺪة ،ﻓﺈذا ﺣﺪث? اﺗﻀﺢ إن اﻷﺣﺰاب ﻋﻠﻰ زﺧﻤﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث ﺛﻮرة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﺿﺪ اﻷﻧﻈﻤﺔ .إن اﻏﺘﻴﺎل أو إﻋﺪام ﺛﻼث ﻗﻴﺎدات ﺣﺰﺑﻴﺔ ﺑﺎرزة ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف اﲡﺎﻫﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ) ١٩٤٩ﺣﺴﻦ اﻟﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،أﻧﻄﻮن ﺳﻌﺎدة ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن» ،ﻓﻬﺪ« ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق( ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺿﻄﻬﺎد اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى- ﺑﺸﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ-ﻳﻨﻬﺾ دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮي ﻟﻢ ﻳﻨﻀﺞ ﻟﻠﻘﻴﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﺳﺘﻼم اﳊﻜﻢ ) .(٣٩وﻷن اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻛﺎن ﺣﺘﻤﻴﺎً ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻬﺎوي اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ ﻓﻘﺪ اﻧﻔﺘﺢ اﺠﻤﻟﺎل ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺔ ا;ﻨﻈﻤﺔ اﻟﻮﺣﻴـﺪة اﻟـﻘـﺎدرة ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ دون »ﻋﻨﻒ« اﻷﺣﺰاب وﺻﺮاﻋﺎﺗﻬﺎ ،وﺗﻘﺎﺗﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑـﻴـﻨـﻬـﺎ .وﻷن ﻫـﺬه ا;ﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻗﺪ »اﻧﻬﺰﻣﺖ ﻋﻠﻰ اﳊﺪود« ،ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﻠﺤﺎً أن ﺗﻌﻮّض ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﺘﺤﺮك ﻗﻬﺮي ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ .وﻛﺎن ﻫﺬا »ﻣﺪﺧﻞ« اﻻﻧﻘﻼﺑﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن »ا;ﺆﺳﺴﺔ اﳊﺰﺑﻴﺔ« 6ﺖﱡ ﺑﺼﻠﺔ ﻧﺴﺐ ﻃﺒﻘﻲ وﻓﻜﺮي-ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ-ﻟﻠﺠﻴﻮش ﻓﺎن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﺘﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺘﻮﺗﺮ واﻧﻌﺪام ّ اﻟﺜﻘﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻴﺘﺤﺮك اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن ﺑﺼﻔﺘﻬـﻢ ا;ـﻬـﻨـﻴـﺔ ،ﻻ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ .ﻏﻴﺮ أن »ﺗﻮاﻓﻘﺎً« ﺳﻴﺘﻮﻟﺪ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ ﺑ» nاﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ« و »اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ« وﺳﺘﺒﺎدﻻن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻮﻓﻖ ﺑ nا;ﻼﻣﺢ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ وا;ﺒﺎد ¤اﻟﻌﻘﻴﺪﻳﺔ? وﺣﻴﺚ ﺳﻴﻜﻮن اﳉـﻴـﺶ ﻫـﻮ ّ ا;ﺴﻴﻄﺮ ﻓﺎﻧﻪ ﺳﻴﻠﺠﺄ إﻟﻰ »ا;ﻮاﺛﻴﻖ« اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وا;ﻨﻈﻤﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴـﺔ، ﻟﻴﻌﻄﻲ ﻧﻈﺎﻣﻪ ﻃﺎﺑﻊ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ،وﺣﻴﺚ ﺳﻴﻜﻮن اﳊﺰب ﻫـﻮ اﳊـﺎﻛـﻢ، ﻓﺎن اﻟﻀﺒﺎط ﺳﻴﺘﻮﻟﻮن ﻗﻴﺎداﺗﻪ وﺳﺘﺘﺮاﻓﻖ اﻟﺒﺰاة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﺎرة اﳊﺰﺑﻴﺔ. وﺳﺘﺘﺒﻠﻮر ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺗﺴﻠﻄﻴﺔ ﺗﻘﻮل: إن اﳊﺰب وﺣﺪه ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﻳﻨﻔﺬ إﻟﻰ اﳉﻴﺶ وﻳﺤﻮﻟﻪ ﻣﻦ اﻻﻧﻘﻼب إﻟﻰ اﻟﺜﻮرة ،وﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﻴﺪة ،وﻳﺠﺐ ﻋﺪم ﺗﺮك اﳉﻴﺶ وﺣﺪه ﺑﺼﻔﺘﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﺠﻤﻟّﺮدة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮح اﻟﺴﻠﻄﺔ ).(٤٠ وﻫﻜﺬا ﻓﺎن ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺑﺤﻜﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺗﺮﻛﻴـﺒـﻪ zـﺜـﻞ ﺻـﻴـﻐـﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑ nﻃﺮﻓ nﻧﻘﻴﻀ nأو ﻣﺨﺘﻠﻔ nﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻬﻤﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ. ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺎن ﻗﺪرة ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺬي ﲢﻘﻘﻪ ﻓﻲ إﺑﻘﺎء اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nﺟﺎﻧﺒﻴﻬﺎ ا;ﺘﺒﺎﻳﻨ.n
135
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
136
ﺧﺎ;ﺔ
ﺧﺎ;ﺔ
اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳌﻌﺎﺻﺮة وﻫﻜﺬا ﺑﺎﻧﺘﻬﺎء ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ،وﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑ nا;ﺮﺣﻠﺔ اﳉﺪﻳﺪة ا;ﺘﻮﻟﺪة ﻣﻨﻬﺎ، ﻧﺮى ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل واﻟﺼﻴﻎ واﻟﺮواﻓﺪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺗﺘﻜﺎﺛﺮ ﻣﻌﺒﺮة ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﻜﺒﺮى وراءﻫﺎ ،ﺣﻘﻴﻘـﺔ وﺗﺘﻮﻟﺪ ّ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ اﳉـﺎﻣـﻌـﺔ ﻟـﻠـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻣﺼﻨﻒ ﻓﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ .ﻫﺬه اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ّ اﻷدب ا;ﻌﺎﺻﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :وﻣﻊ ﻫﺬا )ﻳـﻘـﺼـﺪ اﻟـﺼـﺮاع ﺑ nاﻟﺴﻠﻔﻴﺔ واﻟﺘﻐﺮﻳﺐ( ،ﻓﺎن ﻛﻔﺔ »ا;ﺪرﺳﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ« اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﻟﻮاء اﳉﻤﻊ ﺑ nاﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ،واﻟﻘﺪ واﳉﺪﻳﺪ )ﻋﻠﻰ ﻫﺪى و ﺑﺼﻴﺮة( ﻗﺪ رﺟﺤﺖ) ..و(... ﺑﺪأت ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻗﻮاﻋﺪ )ا;ﺪرﺳﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ( ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺤﺮف وﻻ ﻣﻨﺤﺎز zﺰج ﺑ nاﻟﻘﺪ واﳉﺪﻳﺪ، واﻟﺸﺮق واﻟﻐـﺮب ;(١) «...وﻫﻲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ذاﺗﻬﺎ اﻟﺘـﻲ ﻳﻨﻔﺬ إﻟﻰ إدراﻛﻬﺎ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﺑﺼـﻮرة اﻛﺜﺮ دﻗﺔ واﻛﺜﺮ ﻋﻤـﻘـﺎً ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪاﺧـﻠـﻴـﺔ وﺧﻠﻔﻴـﺘـﻬـﺎ أو ﻃـﻮﻳـﺘـﻬـﺎ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ» :وﻟـﻘـﺪ ﻛـﺎﻧـﺖ اﻟﺜﻮرات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ أﻗﻄﺎر اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺮﻛﺒﺎ ﺟﺪﻳﺪاً ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﺎﻟﺼﺮاع اﻟـﻄـﺒ ـﻘــﻲ ﻓــﻲ ﻫــﺬه اﻷﻗ ـﻄــﺎر-وﻣــﻦ ﺛـ ّـﻢ ﺑــﺎﻟ ـﺼــﺮاع 137
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ا;ﻌﺒﺮة وﺗﻨﻮﻋﺖ اﻟﺼﻴﻎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ّ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ-إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮازنّ ، ﻋﻨﻪ )ﻳﻘﺼﺪ ﻋﻦ اﻟﺘﻮازن أو اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ( وﻟﻜﻨﻬـﺎ ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎً ﻇﻠﺖ ﲢﺘﻔﻆ ﺑﻄـﺮﻓـﻲ ا;ﻌﺎدﻟﺔ :ا;ﺎﺿﻲ واﳊﺎﺿﺮ ،اﻟﺘﺮاث واﻟﻮاﻗﻊ ،اﻷﺻـﺎﻟـﺔ واﳊـﺪاﺛـﺔ .إﻟـﻰ آﺧـﺮ ﺳﻠﺴﻠﺔ »اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺎت« اﻟﺘﻲ ﻏﻠﻠﺖ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ،ﺳﻴـﺎﺳـﻴـﺎً واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً واﻗﺘﺼـﺎدﻳـﺎً وإﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ .واﻧﻌﻜﺲ اﻟﻮﻓﺎق-ا;ﺆﻗﺖ ﺑﻄـﺒـﻴـﻌـﺘـﻪ-ﺑـ nاﻟـﻨـﻘـﺎﺋـﺾ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻟﻘﺪ ﻋﺎد ا;ﻔﻬﻮم اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ. ﺣﻘﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺜﻮر-ﺑ nاﳊ nواﻵﺧﺮ-ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﺘﻲ ﲢﻤﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﳊﻴﺮة ً أو اﻟﺸﻚ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ أو اﻻﻗﺘﺼﺎدي أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أو اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ اﳋﺎﻟﺺ :ﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ? ﻣﺎ ﻫﻲ اﺷﺘﺮاﻛﻴﺘﻨﺎ? اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ أم ﻃﺮﻳﻖ ﻋﺮﺑﻲ إﻟﻰ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ? ﻣﺎ ﻫﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴـﺘـﻨـﺎ? ﻣـﺎ ﻣـﺤـﺘـﻮاﻫـﺎ? ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺎؤﻻت وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲡﺪ ﻣﻦ ﻳﻀﻊ ﻟﻬﺎ اﻹﺟﺎﺑﺎت، ذات اﻟﺼﻴﻎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻘﺎﺋﺾ دون أن ﻳـﻨـﻔـﻰ أﺣـﺪﻫـﻤـﺎ اﻵﺧﺮ ،ﺗﺘﺠﺎور دون أن ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ .ﺗﺘﻤﺎس دون أن ﺗﺘﺼﺎرع ...اﻻﺣﺘﻔﺎظ داﺋﻤﺎً ﻓﻲ ا;ﻌﺎدﻟﺔ ﺑﻄﺮﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎدل« )(٢ وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻨﻜﺸﻒ أﻣﺎﻣﻨﺎ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴـﻘـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ،وﻓﻬﻢ دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ اﳊـﺪﻳـﺚ ،وإدراك ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﺘﺎج اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ )اﻟﻔﻜﺮي واﻷدﺑﻲ( ﻟﻠﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳉﺪﻳﺪ. إن ﻣﺎ ﺣﺎوﻟﻨﺎ اﻟﺒﺮﻫﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮن ﻫﺬه اﻟـﺮوح اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴـﺔ ﻧـﺎﻓـﺬة إﻟـﻰ ﺻـﻤـﻴـﻢ اﻟـﺘـﻜ ّـﻮﻧﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴـﺔ اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻌـﻴـﺔ اﳊـﻀـﺎرﻳـﺔ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ ،ﻓﻲ ﻫﺬه ا;ﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ .وإﻧﻬﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﲢﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﺄن و6ﻬﻞ ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ،وإدراك ﻋﻠﻠﻬﺎ وﻣﺴﺒﺒﺎﺗﻬﺎ ،واﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ ﺟﺬورﻫﺎ وأﺳﺮارﻫﺎ ،ﺛﻢ اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻴﺮاً أو ﺷﺮاً. وﻟﻜﻦ اﳊﺎﺻﻞ ﻫﻮ إن اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺗﻮﺣﻲ ﻟﻠﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ا;ﻴﺎﻟ nإﻟﻰ اﳊﺴﻢ ،ﻳﺴﺎراً أو zﻴﻨﺎً ،ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﺣﻴﻠﺔ« ذﻫﻨﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻊ ﺑ nا;ﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ،وإﻧﻬﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﻣـﻦ ﺑـﻘـﺎﻳـﺎ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻼﻫﻮﺗﻲ أو اﻟﻜﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻮﺳﻴﻂ وﻟﻬﺬا ﻓﻠﻴﺲ ﺧﻠﻴﻘﺎً ﺑﺎ;ﻔﻜﺮ اﻷﻣ nﻣﻊ ذاﺗﻪ وﻣﻊ اﳊﻘﻴﻘﺔ أن ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻟﻴﺪرك وﺟﺎﻫﺘﻬﺎ وﻣﻐـﺰاﻫـﺎ. وﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ اﻷﻣﺮ ﻏﺮاﺑﺔ وﺗﻌﻘﻴـﺪاً إن اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴ nأﻧﻔﺴﻬﻢ ﻳﻠﺘﺰﻣﻮن ﺑﺎﻟﺘﻮﻓـﻴـﻘـﻴـﺔ وzﺎرﺳﻮﻧﻬﺎ دون أن ﻳﻌﺘﺮﻓﻮا ﺑﺬﻟﻚ ،وﻫﻢ ﻳﻔﻀﻠﻮن أن ﻳﺴﻤﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺘﺴﻤﻴﺎت اﻟﺒﺮّاﻗﺔ-ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﻓﻠﺴﻔﻴﺔ-دون أن ﻳﻘﺘﺮﺑﻮا ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺎﺗﻬﻢ اﻷم 138
ﺧﺎ;ﺔ
اﻷﺻﻠﻴﺔ وﻳﻌﺘﺮﻓﻮا ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء ا;ﺒﺪﺋﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄي ﺣﺎل ،ﻓﺘﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ- ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل-ﻳﻄﺮح اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺘﻌﺎدﻟﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮّﻓﻬﺎ وروﺣﻴﺎ« ) ،(٣وأﻧﻬﺎ »اﻟﺘﻌﺎدل... ً ﻣﺎدﻳﺎ ً ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن »اﻹﻧﺴﺎن ..ﻛﺎﺋﻦ ﻣﺘﻌﺎدل ﺑ nﻗﻮة اﻟﻌﻘﻞ ،وﻗﻮة اﻟﻘﻠﺐ« ) (٤وﺑ nاﻟﻔﻜﺮ واﻟﻌﻤﻞ ،وﺑ nاﳊﻜﻢ وا;ﻌﺎرﺿﺔ إﻟﻰ آﺧﺮ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ; وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺮص ﻋـﻠـﻰ أن ﻳـﻨـﺴـﺐ ﻓـﻠـﺴـﻔـﺘـﻪ ﻫـﺬه إﻟـﻰ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻮﺟـﻮدﻳـﺔ اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ) .(٥وﻟﺮqﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎدﻟﻴﺔ اﳊـﻜـﻴـﻢ ذات ﻃـﺎﺑـﻊ »ﺣﺮﻛﻲ« ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﳉﺪﻟﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻏﻴﺮ اﻧﻪ ﻻ zﻜﻦ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺮوح اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة .أﻣﺎ ا;ﻌﺎرﺿﻮن ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻷﺳﺒﺎب ﻓﻜﺮﻳـﺔ ﻓﺎﻧﻬﻢ zﺮون ﺑﻬﺎ ﻣﺮ اﻟﻜﺮام وﻳﻜﻴﻠﻮن ﻟﻬﺎ-ﻣﺴﺮﻋ nﻣﺘﻌﺠﻠـ-nﻣـﺨـﺘـﻠـﻒ أﻧـﻮاع اﻟﺘﻬﻢ .ﻳﻜﺘﺐ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺻﺎدق ﺟﻼل اﻟﻌﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ وا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ: » ..ﻳﺠﺐ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻇﺎﻫﺮة ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺰدﻫﺮ ﻛﻠﻤﺎ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻧﺰاع وﺻﺪام ﺑ nﻧﻈﺎﻣ nﻓﻜﺮﻳ nﻣﺨﺘﻠﻔ ..nوﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﻮﻓـﻴـﻘـﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﺎول ﺟﻬﺪه ﻟﻠﻤﻼءﻣﺔ ﺑ nاﻷﻧﻈﻤﺔ ا;ﺘﻨﺎﻓﻴﺔ واﻷﻓﻜﺎر ا;ﺘﻨﺎﻗﻀـﺔ .وﻻ ﻳﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ إﻻ ﺑﻌﺪ ﲢﻮﻳﺮ وﺗﺸﻮﻳﻪ ا;ﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘـﻲ ﻳـﺤـﺎول اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ .وﻳﻬﻤﻨﺎ ﻫﺬا اﻟـﻨـﻮع ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻔـﻜـﻴـﺮ ﺑـﺼـﻮرة ﺧـﺎﺻـﺔ ﻷن اﻟـﻔـﻜـﺮ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻮﻟﻊ ﺑـﻪ (×).وﻟﻠﻤﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻌﺮب وا;ﺴﻠـﻤـ nﺟـﻮﻻت وﺻـﻼت ﻓـﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ .أﻫﻤﻬﺎ اﶈﺎوﻻت اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nاﻟﻌﻘﻞ واﻹzﺎن أو ﺑ nاﳊﻜﻤﺔ واﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ....ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﶈﺎوﻻت ﻓﺎﺷﻠﺔ داﺋﻤﺎً ﻓـﻲ ا;ــﺎﺿــﻲ)× ،(٢وﻻ ﺷـﻚ ﻋـﻨـﺪي ﺑـﺄن ﻓ ـﺸ ـﻠ ـﻬــﺎ أﻣــﺮ ﻣ ـﺤ ـﺘــﻢ ﻓــﻲ زﻣــﺎﻧ ـﻨــﺎ اﳊﺎﺿـﺮ) .(٦)«...أﺻﺒﺢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ اﻟﺮد اﻵن إن اﻟﺘﻮﻓـﻴـﻖ »اﻟـﻜـﻼﺳـﻴـﻜـﻲ« ﺑـn اﳊﻜﻤﺔ واﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ،ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ اﻷﺷﻤـﻞ وﻟـﻴـﺲ »أﻫﻤﻬﺎ« ﺑﺎﻟﻀﺮورة(. ـﺪا وﺟﺎﻫـﺔ وﻳﻜﺘﺐ ﺳﻴﺪ ﻗﻄـﺐ ،ﻛـﺒـﻴـﺮ ﻣـﻔـﻜـﺮي اﻹﺧـﻮان ا;ـﺴـﻠـﻤـ ،nﻣـﻔـﻨّ ً اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ا;ﺎﺿﻲ واﳊﺎﺿﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﺴﻠﻔـﻴـﺔ اﳋـﺎﻟـﺼـﺔ ..» :وﻛـﻤـﺎ ﻳﻔ· ﻣﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻧﺎس ﺑﺄزﻳﺎء اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﻨﺘﻬﻢ ﺑﺘﻠﻚ اﻷزﻳﺎء )اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ( وﻗﺘﻬﺎ .ﻓﺤﺎوﻟﻮا إﻧﺸﺎء »ﻓﻠﺴﻔﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ« ﻛﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ، وﺣﺎوﻟﻮا إﻧﺸﺎء »ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم« ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ا;ﺒﺎﺣﺚ اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻖ أرﺳﻄﻮ! ....و ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻏﺔ »اﻟﺘﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﻲ« ﻓﻲ ﻗﺎﻟﺐ ذاﺗﻲ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻓﺎﻧﻬﻢ اﺳﺘﻌﺎروا »اﻟﻘﺎﻟﺐ« اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻟﻴﺼﺒﻮا وﻓﻖ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ اﻟﻜﻠﻴﺔً .. 139
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻓﻴﻪ »اﻟﺘﺼﻮر« اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﺎروا ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻔﻠﺴـﻔـﻴـﺔ ذاﺗـﻬـﺎ، وﺣﺎوﻟﻮا أن ﻳـﻮﻓّﻘﻮا ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑ nاﻟﺘﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﻲ ..و;ﺎ ﻛﺎﻧـﺖ ﻫـﻨـﺎك ﺟـﻔـﻮة أﺻﻴﻠﺔ ﺑ nﻣﻨﻬﺞ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﻣﻨﻬﺞ اﻟﻌﻘﻴﺪة ...وﺑ nاﳊﻘﺎﺋﻖ اﻹzﺎﻧﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺗﻠﻚ اﶈﺎوﻻت )اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ( اﻟﺼﻐﻴﺮة ا;ﻀﻄﺮﺑﺔ ا;ﻔـﺘـﻌـﻠـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﻀـﻤـﻨـﻬـﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﺎت وا;ﺒﺎﺣﺚ اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ..ﻓﻘﺪ ﺑﺪت »اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴـﺔ«- ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻲ ﳊﻦ اﻟﻌﻘﻴﺪة ا;ﺘﻨﺎﺳﻖ ..إن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻛﺎﻧﺖ ً ً ﻴﺖ-ﻧﺸﺎزا ﺳّﻤ ﻛﻤﺎ ُ ﺗﻨﻢ ﻋﻦ ﺳﺬاﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة(٧) «... وﻟﺴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺿﺪ ﻫﺬا اﻟﻬﺠﻮم ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻣـﻦ ﻧﻘﻴﻀﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ،وﻟﻜﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ اﻹﻳﻀﺎح ﻓﻘﻂ ﺑﺄن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺣﺪﻳﺜﺎ-ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺮوح اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ،وان دراﺳﺔ ﻫﺬه اﻟﺮوح ً ً اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ-ﻗﺪzﺎ ﺑﺈﻣﻌﺎن ،وﲢﻠﻴﻞ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ وﻗﻮاﻧﻴﻨـﻬـﺎ اﳋـﺎﺻـﺔ ﺑـﻬـﺎ6 ،ـﺜّﻞ ﻣﺪﺧـﻼً ﻫﺎﻣـﺎً-ﻗـﺪ أﻫﻤﻞ ﺣﺘﻰ اﻵن-ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺒﺎﺣﺜ nﻓﻲ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ وأ ﺎط ﺗﻔﻜﻴﺮه.... ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن أﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻃﻤﺢ إﻟﻴﻪ ﻫﺬا ا;ﺒﺤﺚ ﻫﻮ ﻟﻔﺖ اﻻﻧـﺘـﺒـﺎه إﻟـﻰ ﻫـﺬا »ا;ﺪﺧﻞ«-ا;ﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﳊـﻀـﺎرﻳـﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ذاﺗـﻬـﺎ-ﻓـﻲ ﻓـﻬـﻢ ﻫـﺬه اﳊﻀﺎرة. أﻣﺎ اﻻﻧﺘﻘﺎد ا;ﻮﺟّﻪ إﻟﻰ »اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« ﻣﻦ اﳉﺎﻧﺒ nاﻟﺴﻠﻔﻲ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ﻓﻠﻴﺲ ﻏﻴﺮ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﳉﺪﻟﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑ nاﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ وﻧﻘﻴﻀﻴﻬﺎ )اﻟـﺴـﻠـﻔـﻲ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ( ،وﻏﻴﺮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻧﻮع )اﻟﺪﻳﺎﻟﻜﺘﻴﻚ( اﳋﺎص ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﻜﺮ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ »اﻷوﺳﻂ« ﻟﻴﺴﺖ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎً ﻓﻘﻂ ،وإ ﺎ ﻋﻠﻰ وﺣﻀﺎرﻳﺎ.. ً اﻷرﺟﺢ ﻓﻜﺮﻳﺎً
140
ﻣﻠﺤﻖ
ﻣُﻠﺤﻖ
ﺷﻬﺎدات ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة ﺗﻨﺪر اﻟﺸﻬﺎدات واﻻﻋﺘﺮاﻓﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮﻧﺎ ا;ﻌﺎﺻﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ﲢﺖ ﺗﺄﺛﻴـﺮ اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻘـﻴـﺔ، ﻷن ﻫﺬه اﻟﻨﺰﻋﺔ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ اﳋﻼﺻﺎت اﻟﻴﻘﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﻨﺐ اوﺟﻪ اﳋﻼف واﻟﺘﻮﺗﺮ وﺗـﺒـﺮز أوﺟﻪ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ واﻻﻋﺘﺮاﻓﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﺎدﺗﻬﺎ اﳋﺎم ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻔـﻜـﺮي اﻟـﺪاﺧـﻠـﻲ اﻟﺬي ﺗﻜﺘﺒﻪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻬﺎ ﻋﻦ اﻻﻧﺴﺠﺎم ﺑn اﻷﺿﺪاد. وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ا;ـﺼـﺎدر اﻟـﻔـﻜـﺮﻳـﺔ ﻟـﻠـﻔـﺘـﺮة ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺪرس ﺑﻌﺾ اﻻﻋﺘﺮاﻓﺎت واﻟﺸﻬﺎدات ;ﻔﻜﺮﻳﻦ ﻣـﻦ اﻻﲡـﺎﻫـﺎت اﻟـﺜـﻼﺛـﺔ :اﻟـﺴـﻠـﻔـﻴـﺔ واﻟـﺘــﻮﻓ ـﻴ ـﻘ ـﻴــﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻧﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟﻠﻘﺎر ¤ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ـﻠـﺤـﻖ ﻛـﺸـﻔـﺎً ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻣﻦ ا;ﻌﺎﻧﺎة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﺘﺮة .وﻫﻲ ﺷﻬﺎدات ﻧﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻛﻨﻤﺎذج ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ.
-١اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ :أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ »اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة«
»رqﺎ ﻛﺎن اﳉﻴﻞ اﻟﺬي اﻧﺘﻤﻰ إﻟﻴﻪ ﻫﻮ أﻗﺪر أﺟﻴﺎل ا;ﺜﻘﻔ nا;ﺼﺮﻳ nا;ﻌﺎﺻﺮﻳﻦ وأﺣﻘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎدة ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﺑـﺪأت ﺑـﺄواﺧـﺮ ﺷـﻬـﺮ ﻳـﻮﻟـﻴـﻮ ،١٩٥٢ 141
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
واﻧﺘﻬﺖ ﺑﺄواﺧﺮ ﺷﻬﺮﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،١٩٧٠وأﻋﻨﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ.«.. » ...إن اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﺔ ﺑﺠﻨﺎﺣﻴﻬﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮي وا;ﺪﻧﻲ ﻗﺪ ﺷﻜﻠﺖ »ﻃﺒﻘﺔ ﺟﺪﻳـﺪة« ﺑـﻜـﻞ ﻣـﺎ ﻳـﺤـﻤـﻠـﻪ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻣـﻦ ﻣـﻌـﻨـﻰ .وﻟـﻢ ﺗـﻜـﻦ »اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ« ﻫﻲ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻟﺘﻘﺪم ﻫﺬه اﻟﻄـﺒـﻘـﺔ ،وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ-ﻓﻜﺮﻳﺎً-أن ﺗﻘﻒ ﺿﺪ اﻟﺸﻌﺎر وﻣﺎ ﻳﺤﺘﻮﻳﻪ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ...وﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺤﻤﺔ اﻟﺼﺮاع ﺑ nﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ وﺑ nﻧﻔﺴﻪ ،ﺑﻴﻨﻪ وﺑ nﻧﻈﺎﻣـﻪ ،ﺑـﻴـﻨـﻪ وﺑـn دوﻟﺘﻪ .اﻧﻪ ﻳﻌﺮف اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة وﻫﺎﺟﻤﻬﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﺮف اﻛﺜـﺮ أﻧـﻪ ﺑـﺤـﺎﺟـﺔ إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺎﺗﻬﺎ وﺧﺒﺮاﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻹدارة واﻟﺘﻜﻨـﻴـﻚ .وﻟـﻮ ﻛـﺎن ﻗـﺪ ﳒـﺢ ﻓـﻲ إﻗـﺎﻣـﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ ﺑﺄوﺳﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ،ﻻﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺤﻤﻲ ﻧﻔﺴﻪ وﻗﺮاراﺗﻪ وﺟﻤﺎﻫﻴﺮه ﻣﻦ ﺳﻌﺎر ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺣﺸﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺷﺎرﻛﺖ ﺑﻨﺼﻴﺐ ﻣﻮﻓﻮر ﻓﻲ ﻫﺰzﺔ ﻳﻮﻧﻴﻮ «.١٩٦٧ »ﻟﻘﺪ ﻇﻠﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻛﺎﻓﺔ ا;ﻨﺠﺰات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ﳊﺮﻛﺔ ٢٣ﻳﻮﻟﻴﻮ ﺑﺴﺤﺐ داﻛﻨﺔ اﻟﺴﻮاد ،ﻫﻲ ا;ﺼﺪر اﻷول واﻷﺻﻴﻞ ﳊﺮﻛﺔ اﻟﻐﻀﺐ اﻟﻌﻨﻴﻒ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ إﺑﺎن اﻟﺴـﻨـﻮات اﳋـﻤـﺲ اﻷﺧـﻴـﺮة .راح ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻓﻲ رواﻳﺎﺗﻪ »اﻟﻄﺮﻳﻖ ،اﻟﺸﺤﺎذ ،ﺛﺮﺛﺮة ﻓﻮق اﻟﻨﻴـﻞ ،ﻣـﻴـﺮاﻣـﺎر« ﻳﺮﻓﻊ اﻟﺼﻮت ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ أﺟﻞ اﳊﺮﻳﺔ واﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﺴﻼم ،و ﻳﻘﻮل-ﻋﻠﻰ ﻟﺴـﺎن ﻣﺴﻄﻮل-إن أﺳﺮاب اﻟﻜﺎدﻳﻼك ﺗﻔﺮش اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻧﺤﻮ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ،واﻧﻪ ﻟﻜﺜﺮة ﻣﺎ ﺧﻔﻨﺎ ﻣﻦ ا;ﺒﺎﺣﺚ واﺨﻤﻟﺎﺑﺮات وﻣـﻦ اﻟـﻠـﻴـﻞ واﻟـﻨـﻬـﺎر وﻣـﻦ اﻹﳒـﻠـﻴـﺰ واﻷﻣﺮﻳﻜﺎن ﻟﻢ ﻧﻌﺪ ﻧﺨﺎف ﺷﻴﺌﺎ .وﻳﺨﺎﻃﺐ ﻓﺮﻋﻮن-ﺑﻠﺴﺎن ﺑﺮدﻳﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻗﺪzﺔ- ﻗﺎﺋﻼ :إن اﳋﺮاب ﻳﻬﺪد ﻣﺼﺮ ﻷن ﻣﺜﻘﻔﻴﻬﺎ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ و ﻳﻘﻀﻮن ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻷﻧﺲ ﺑﺎ;ﻌﻤﻮرة ...و ﻳﺪﻓﻊ ﺷﺨﺼﻴﺔ 6ﺜﻞ ﻣﺤﺪﺛﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ وا;ﻨﺘﻔﻌn ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻻﻧﺘﺤﺎر ،و ﻳﺪﻓﻊ ﺷﺨﺼﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﺪﻣـﻦ اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ إﻟـﻰ اﻟـﻀـﻴـﺎع واﻟﻌﺠﺰ ا;ﻄﻠﻖ واﻻﻧﻬﻴﺎر اﻟﺘﺎم .وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺸﺮﻗﺎوي ﻓﻲ »اﻟﻔﺘﻰ ﻣﻬﺮان د وﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ وﻫﺒﻪ ﻓﻲ ج ﺑﻴﺮ اﻟﺴﻠﻢ »وﺻﻼح ﻋﺒﺪ اﻟﺼﺒﻮر ﻓﻲ »ﻣﺄﺳﺎة اﳊﻼج« وﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ روﻣﺎن ﻓﻲ »اﻟـﻌـﺮﺿـﺤـﺎﳉـﻲ« وﻳـﻮﺳـﻒ إدرﻳـﺲ ﻓـﻲ »اﺨﻤﻟـﻄـﻄـ«n ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺛﺎﺋﺮون ﻏﺎﺿﺒﻮن ﻣﻦ ﻣﻮاد ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ-ﻗﺒﻞ و ﺑﻌﺪ -١٩٦٧ﻫﺬا دﻓﺎﻋﺎً ﻋﻦ اﳊﺮﻳﺔ ،وذاك دﻓـﺎﻋـﺎً ﻋﻦ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ وﻛﺎﻓﺔ اﻟﻘﻴﻢ اﻟـﺘـﻲ أﻫـﺪرﺗـﻬـﺎ اﻟـﻄـﺒـﻘـﺔ اﳉﺪﻳﺪة .ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻬﺰzﺔ ﻗﺪ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ،وإ ﺎ ﻫﻲ ﻗﺪ 142
ﻣﻠﺤﻖ
وﻗﻌﺖ ﻗﺒﻠﻪ ﺑﺰﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ،وﺑﻘﻴﺖ ﻣﻦ ﺑﻌـﺪه ﺣـﺘـﻰ ﻣـﺎت ﻋـﺒـﺪ اﻟـﻨـﺎﺻـﺮ :ﺑـﻄـﻼً ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻟﻢ ﻳﻨﺎﺿﻞ ﻧﻔﺴﻪ ً ﻋﻈﻴﻤﺎ ،وﺑﻄﻼ ﻣﻠﺤﻤﻴﺎً ً ً ﺗﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ وﺣﺪﻫﺎ ،وإ ﺎ ﺻﺎرع ﺧﺎرﺟﻬﺎ أﻳﻀﺎً ...و;ﺎ آﻟﺖ اﻷﻣﻮر إﻟﻰ ﻣﺎ آﻟﺖ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ راﻣﺰا إﻟﻰ ً ً ﻋﻈﻴﻤﺎ اﻟﺪاﺧﻞ واﳋﺎرج ،آﺛﺮ أن zﻮت ،وﻋﺮف ﻛﻴﻒ zﻮت ﻣﻮﺗـﺎً ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺼﺮ ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ« » ...دون ﻛﻠﻤﺔ ﻫﺮﻋﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﺑﺤﻠﻖ ﻣﺨﺘﻨﻖ وﻗﻄﺮات ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻲ ﺑﻐﻴﺮ ﻧﺸﻴﺞ ،ﻓﺘﺤﺖ ﺑﺎب ﺷﻘﺘﻲ ،أﻃﻔﺎﻟﻲ ﻧﺎﺋﻤـﻮن ،زوﺟـﺘـﻲ ﻧـﺎﺋـﻤـﺔ، ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻟﻜﺰﺗﻬﺎ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻛﺘﻔﻴﻬﺎ ،اﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﻣـﺮآي ..ﺻـﺮﺣـﺖ: أﺧﻴﺮا ﺳﻘﻄﺖ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻲ ﻳﻘﻈﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ :ﻣﺎت ً ﻣﺎذا ﺣﺪث? ﺗﻜﻠّﻢ; وأﺧﻴﺮاً ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﺗﻨﻬﺪت ﳊﻈﺔ وأﺑﺮﻗـﺖ ﻋـﻴـﻨـﺎﻫـﺎ ﻻ ﺗـﺮﻳـﺪ أن ﺗـﺼـﺪق ،وﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ اﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻟﻘﺪ ﻣﺎت ،ﻟﻢ ﻳﺪر ﻓﻲ ذﻫﻨﻬﺎ إﻻ ﺳﺆال واﺣﺪ ﻧﻄـﻘـﺖ ﺑـﻪ ،ﻓـﻬـﻤـﺖ- ﻃﺒﻌﺎ ﻣﺎذا ﺳﻴﺤﺪث ً وﻗﺪرت-ﻣﺎ وراءه» :ﺛﻢ ﻣﺎذا ﻗﻞ ﻟﻲ ،ﻣﺎذا ﺳﻴﺤﺪث?« ﺗﻘﺼﺪ ّ ﻟﻲ .ﻟﻢ ﺗﻔﻬﻢ أﻧﻪ ﻻ ﺟﻮاب ﻋﻨﺪي ﻷي ﺷﻲء ،ﺑﻞ وﻻ ﺳﺆال ،ﺑـﻞ ﻟـﻘـﺪ دﻫـﺸـﺖ ﻫﻨﻴﻬﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻜﺮت ﺑﻲ و6ﺎﻟﻜﺖ أﻋﺼﺎﺑﻬـﺎ وﻟـﻢ ﺗـﻔـﻜـﺮ ﺑـﺎﻟـﺬي ﻣـﺎت .وﻟـﻜـﻨـﻲ ً ﻏﺎﺋﻤﺎ أدرﻛﺖ ﺑﻌﺪﺋﺬ إﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ »ﺗﻔﻜﺮ« وإ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻌـﺮ ﺷـﻌـﻮراً ﺿﺒﺎﺑﻴـﺎً ﺑﻬﻮل اﻟﻜﺎرﺛﺔ .أدرﻛﺖ إﻧﻬﺎ ﺗﺬﻛﺮت ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻲ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ٩ﻳﻮﻧﻴﻮ ١٩٦٧وﻛﻨﺖ ﻏﺎﺋﺒﺎ ﻋﻦ ا;ﻨﺰل .ﻛﻨﺖ ﻣﺪﻋﻮاً ﻓﻲ ﻇﻼم اﻟﻴﻮم اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻠﺤﺮب ﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ً ﻓﻲ »ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﺪ أﺣﺪ اﻷﺻﺪﻗﺎء ،وﻣﺎ أن ﺳﻤﻌﺖ ﺧﻄﺎب اﻟﺘﺨﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﻋﺪت إﻟﻰ ﺑﻴﺘـﻲ ﻣـﺬﻋـﻮراً .ﻗﻠﺖ ﻟﺰوﺟﺘﻲ ﻻ ﺑـﺪ أن اﻧـﻘـﻼﺑـﺎً ﺳﻴﺤﺪث ،وﻳـﺠـﺐ أن ﻧـﺮﺗـﺐ اﻷﻣﻮر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس إﻧﻨﻲ ﺳـﺄﺷـﺮف ا;ـﻌـﺘـﻘـﻞ ﻫـﺬه اﻟـﻠـﻴـﻠـﺔ أو ﻏـﺪاً .ﻛﺎن ﻋـﺒـﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻳﺸﻜﻞ »ﺻﻤﺎم اﻷﻣﻦ« ﻓﻲ ﺑﻠﺪ 6ﻮج ﺳﺮادﻳـﺒـﻬـﺎ ﺑـﺤـﺮب أﻫـﻠـﻴـﺔ ﻏـﻴـﺮ ﻣﻌﻠﻨﺔ ،ﻛﺎن »ﺿﻤﺎﻧﺎ« ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻮازن .اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﺮﻳﺎت اﻷﻣﻮر .وﺗﺬﻛﺮت ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ )ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ( ﻟﻠﻄﻔﻲ اﳋﻮﻟـﻲ )ﻛـﺎﺗـﺐ ﻳـﺴـﺎري( ﻳـﻮم اﺟـﺘـﻤـﻊ ﺑـﻨـﺎ ﻧـﺤـﻦ أﻋﻀﺎء أﺳﺮة »اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ« ﺣﻮاﻟﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ إﺣﺪﻳﻘﺎﻋﺎت »اﻷﻫﺮام« ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻗﺎل: »ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻊ إﻧﻲ ﺳﺄﺣﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻲ وأﻋﺒﺮ ﺑﻚ اﻟﻨﻬـﺮ ،ﺑـﻞ ﻋـﻠـﻴـﻚ أن ﺗـﺼـﺎرع ﺑﻨﻔﺴﻚ ا;ﻮج وﺳﻤﻚ اﻟﻘﺮش ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ اﻵﺧﺮ« ٠اﻟﺮوع اﻟﺬي أﺻﺎب زوﺟﺘﻲ إذن ﻛﺎن ﻣﺮده إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر اﳋﻔﻲ ﺑﺄن ﻣﻮت ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ا;ﺘﺎﻋﺐ ،ﻟﻲ وﻟﻬﺎ وﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻤﻲ درﺟﺔ أو درﺟﺎت إﻟﻰ اﻟﻴﺴﺎر.«... » ...إذا ﻗﺪر ﳉﻴﻠﻲ أن ﻳﻌﻴﺶ اﻟﺜﻠﺚ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﻣـﺎ ﺑـﻌـﺪ 143
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﺎن أﻛﺜﺮ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت رﺟﺤﺎﻧﺎً ﻫﻮ أن ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺳﻮف ﺗﻘﻊ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ أﺑﺎن ا;ﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ .ﻓﺎﳉﻴﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺟﻔـﺖ ﺑﻌﺮوﻗﻪ ﻋﺼﺎرة اﳊﻴﺎة ﻓﺬﺑﻞ وﻣﺎت ،واﳉﻴﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻢ ﻳﺸﺐ ﻋﻦ اﻟﻄﻮق ﺑﻌﺪ. وﻷن اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻘﺪورﻫﺎ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ»اﻟﻌﻠﻮي« ﻋـﻦ ﻫﺬا اﳉﻴﻞ ،ﻓﺎن ﻫﻤﺰة اﻟﻮﺻﻞ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﻘﻠﻖ واﻻﺿﻄﺮاب واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑ nﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺨﻴﻂ ﺳﺤﺮي ﺳﻮف ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﺘﻤـﺰق اﻟـﻌـﻨـﻴـﻒ إﻟـﻰ درﺟﺔ اﻻﻧﻘﻄﺎع .وﻳﺘﻌ nﻋﻠﻰ اﳉﻴﻞ إذن أن ﻳﺮى ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ أﻳﺎم ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻳﺎم اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،وﻋﻠﻴﻪ ً ﻋﻠﻰ ﺿﻮء أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ 6ﺜﻞ اﺳﺘﻘﺮاراً ﻇﺎﻫﺮﻳﺎ ً ً ﻣﻔﺘﻌﻼ أن ﻳﺮى ذﻟﻚ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﻘﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻛﺎن اﺳﺘﻘﺮاراً ﺷﻜﻠﻴﺎ ،وان اﻟﻴﺪ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻷﻣﻮر واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ً أن ﲢﻔﻆ ﻟﻬﺬا اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻫﻴﺒﺘﻪ ﺗﺜﺎءﺑﺖ وﺗـﺮاﺧـﺖ وﻧـﺎﻣـﺖ إﻟـﻰ اﻷﺑـﺪ ..وﻟـﻦ ﺗﻔﻠﺢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ أﻳﺔ أﻳﺪ ﻓﻲ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠـﻰ »اﺳـﺘـﻤـﺮار« ﻫـﺬا اﻟـﺬي ﻳـﺴـﻤـﻮﻧـﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار اﻟﺜﻮرة .إن اﳉﻨﺎزة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺆﻳﺪ ذﻟﻚ وﺗﺆﻛﺪه .إن اﻟﺬﻳـﻦ ﺳـﺎروا ﺧﻠﻒ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻫﻢ أﺻﺤﺎب ا;ﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ »اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ« ،واﻟﺬﻳﻦ آﺛﺮوا اﻟﺘﻤﺘﺮس ﺧـﻠـﻒ اﻟـﻨـﻮاﻓـﺬ وا;ـﻜـﺎﺗـﺐ وأﺟـﻬـﺰة اﻟـﺘـﻠـﻔـﺰﻳـﻮن ﻫـﻢ أﺻـﺤـﺎب ا;ـﺼـﻠـﺤـﺔ ﻓـﻲ اﻻﺳﺘﻤﺮار«... »إن اﻟﻴﻤ nاﻟﺮﺟﻌﻲ ا;ﺘـﻤـﺜـﻞ أﺳـﺎﺳـﺎً ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة ،ﻳﺘـﻤـﺮﻛـﺰ ﻓـﻲ أﺛﻘﻞ ا;ﻮاﻗﻊ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ...و;ﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺣﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ وﻏﻴﺮ ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ،ﻓﺎن ﺗﻴﺎرات ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﺗﺘﻔﺮع ﻣﻨﻬﺎ وﺗﺒﺪو ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ ﻫﺪف واﺣﺪ ﻣﺸﺘﺮك ﻓﻲ ﺧﺎ6ﺔ ا;ﻄﺎف ،وأﺻﺪق ﻣﺜﻞ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺰوﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺣﻮل ﻛﺘﺎب »ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻋﺼﺮي ﻟﻠﻘﺮآن« )ﻋﻨﻮاﻧﻪ ﺑﺎﳊﺮف :اﻟﻘﺮآن :ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﻋﺼﺮي ،اﻟﻘﺎﻫﺮة (١٩٦٩ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻔﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد ،ﻓﻘﺪ ﺗﺰﻋﻤﺖ اﳊﻤﻠﺔ ﺿﺪه اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺑﻨﺖ اﻟﺸﺎﻃﺊ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﺑﻴﺘﻤﺎ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻠﻊ ﺛﻴﺎب ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ آراء اﻟﺪﻛﺘﻮرة وزﻣﻼﺋﻬﺎ ،و ﻳﺆدي أﻏﺮاﺿﻬﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺬاﺑﺔ ﻣﻐﺮﻳﺔ ذات ﺗﺄﺛﻴﺮ أﺿﺨﻢ وأوﺳﻊ .وﻳﻜﺘﺐ أﻧﻴﺲ ﻣﻨﺼﻮر ﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﺸﻴﻖ ا;ﻤﺘﻊ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ أوﺳﻊ اﻟﻜﺘﺎب اﻧﺘﺸﺎراً ﻋﻦ أﺣﺪث ﺻﻴﺤﺎت اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻔﻦ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،ﺟﻨﺒﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﲢﻀﻴﺮ اﻷرواح ﻓﻲ اﻟﺴﻠﺔ ،وﺳﻜﺎن اﻟﻜـﻮاﻛـﺐ اﻷﺧـﺮى اﻟـﺬﻳـﻦ ﺑـﻨـﻮا أﻫﺮاﻣﺎت اﳉﻴﺰة .إن اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﲡﻤﻊ ﺑ nاﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ 144
ﻣﻠﺤﻖ
واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،وﺑ nاﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻸﻓﻜﺎر اﻟـﻐـﻴـﺒـﻴـﺔ واﶈـﺎﻓـﻈـﺔ ،ﲡـﻤـﻊ اﳉـﺮﻳـﺪة اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺔ واﺣﺪة ،ﺑ nﺑﺎب »اﻟﻌﻠﻢ« ﻟﺮﺑﺎب »ﺣﻈﻚ ﻫﺬا اﻷﺳﺒﻮع«. وﺗﺒﺎﻟﻎ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ إﻳﺜﺎر ﺑﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻴﺴﺎرﻳﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ا;ﺘﻄﺮﻓﺔ أﻳﻀﺎ وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ،وqﻘﺎرﻧﺔ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺳﻤﻴ nﻓﻲ اﻟﺬﻛﺮى ا;ﺌﻮﻳﺔ ﻟﻠﻴﻨ ...nوﺑ nﻣﺎ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﺎﻧﻮن إﻟﻰ اﻵن ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻦ ﻳـﺮى و ﻳـﺪﻋـﻮ إﻟـﻰ آراء ﻟـﻴـﻨـ ،nﻳـﺘـﺄﻛـﺪ ﻟـﻨـﺎ أن اﻟـﺴـﺘـﺎﺋـﺮ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻔﺎﺧﺮة ﻣﻦ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ ﺣﻘﺎً ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻀﻠﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻐﺎﻣﺮ ﺑﻔﺘﺢ اﻟﺴﺘﺎﺋﺮ واﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻜﻮاﻟﻴﺲ«.... » .....ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ zﺜﻞ ﻓﺎرس اﻷﻣﻞ ﻟﻬﺬه اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻳﻮم ﺟﻨﺎزﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺪﻳﺮ ﺗﺮاﺟﻴﺪي ﻧﺎﺋﺢ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﻧﻔﺴـﻬـﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﺗﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ ﺧﺎرﻗﺔ ﺟﺴﺪﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺎت ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻹﻧﺴﺎن ﺑﺴﻴﻂ ﻏﺪاة اﻟﻬﺰzﺔ) :إﻧﻨﻲ أﺣﺲ ﺑﺸﻲء ﻏﺮﻳﺐ ﻳﻜﻮي أﻋﻤﺎﻗﻲ أﺻﺎرﺣﻚ ﺑﻪ، ﻫﻮ أن ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻳﺸﻌﺮﻧﻲ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺧﺎﺋﻦ ،ﻛﻤﺎ أن ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم 6ﻠﺆﻧﻲ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳋﻴﺎﻧﺔ ...ﻓﻬﻞ اﻧﺘﺤﺮ?( .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ ﺣﻘﺎ ،ﻧﺼﻔﻚ ﻣﻊ ﻧﺼﻔﻚ ﺿﺪ ،وﻗﻠﺒﻚ ا;ﺸﻄﻮر ﻳﻨﺰف ﺑﻼ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺻﻠﻴﺐ ً اﻟﻀﻴﺎع«. ا;ﺼﺪر :ﻏﺎﻟﻲ ﺷﻜﺮي ،ﻣﺬﻛﺮات ﺛﻘﺎﻓﺔ ﲢﺘـﻀـﺮ ،دار اﻟـﻄـﻠـﻴـﻌـﺔ ﺑـﻴـﺮوت، ١٩٧٠ص .٤٢٢-٣٦٩
-٢ﻣﻦ اﻟﺸﻚ إﻟﻰ ﻳﻘﲔ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ
»ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻦ زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻟﺴﺖ أذﻛﺮه ،رqﺎ ﻛﻨﺖ أدرج ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋـﺸـﺮة إﻟﻰ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة ورqﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﻲ ﻣﻄﺎﻟﻊ ا;ﺮاﻫﻘﺔ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺑﺪأت أﺗﺴﺎءل ﻓﻲ 6ﺮد: »-ﺗﻘﻮﻟﻮن إن اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻷﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣﺨﻠﻮق ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻖ ،وﻻ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﺻﻨﻌﺔ ﻣﻦ ﺻﺎﻧﻊ ،وﻻﺑﺪ ﻟﻜﻞ وﺟﻮد ﻣﻦ ﻣﻮﺟﺪ ،ﺻﺪﻗﻨﺎ وآﻣﻨﺎ .ﻓﻠـﺘـﻘـﻮﻟـﻮا ﻟـﻲ إذن ﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﻠـﻪ? أم اﻧـﻪ ﺟـﺎء ﺑـﺬاﺗـﻪ? ﻓـﺈذا ﻛـﺎن ﻗـﺪ ﺟـﺎء ﺑـﺬاﺗـﻪ وﺻـﺢ ﻓـﻲ ﺗﺼﻮرﻛﻢ أن ﻳﺘﻢ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻳﺼﺢ ﻓـﻲ ﺗـﺼـﻮرﻛـﻢ أﻳـﻀـﺎ إن اﻟـﺪﻧـﻴـﺎ ﺟﺎءت ﺑﺬاﺗﻬﺎ ﺑﻼ ﺧﺎﻟﻖ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ اﻹﺷﻜﺎل?« »ﻛﻨﺖ أﻗﻮل ﻫﺬا ﻓﺘﺼﻔﺮ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ اﻟﻮﺟﻮه ،وﺗـﻨـﻄـﻠـﻖ اﻷﻟـﺴـﻦ 6ـﻄـﺮﻧـﻲ 145
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﺎﻟﻠﻌﻨﺎت وﺗﺘﺴﺎﺑﻖ إﻟﻲ اﻟﻠﻜﻤﺎت ﻋﻦ nzوﺷﻤﺎل« »وﻳﺴﺘـﻐـﻔـﺮ ﻟـﻲ أﺻـﺤـﺎب اﻟﻘﻠﻮب اﻟﺘﻘﻴﺔ وﻳﻄﻠﺒﻮن ﻟﻲ اﻟﻬﺪى ،وﻳﺘﺒﺮأ ﻣﻨـﻲ ا;ـﺘـﺰﻣـﺘـﻮن وﻳـﺠـﺘـﻤـﻊ ﺣـﻮﻟـﻲ ا;ﺘﻤﺮدون ﻓﻨﻐﺮق ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﺟﺪل ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ إﻻ ﻟﻴﺒﺪأ ،وﻻ ﻳﺒﺪأ إﻻ ﻟﻴﺴﺘﺮﺳﻞ«. »وﺗﻐﻴﺐ ﻋﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻷوﻟﻰ وراء ذﻟﻚ اﳉﺪل .إن زﻫﻮي ﺑﻌﻘﻠﻲ ..وإﻋﺠﺎﺑﻲ qﻮﻫﺒﺔ اﻟﻜﻼم وﻣﻘﺎرﻋﺔ اﳊﺠﺞ ،ﻛﺎن ﻫﻮ اﳊـﺎﻓـﺰ داﺋـﻤـﺎً )×( وﻟﻴﺲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ« »ﻟﻘﺪ رﻓﻀﺖ ﻋﺒﺎدة اﻟﻠﻪ ﻷﻧﻲ اﺳﺘـﻐـﺮﻗـﺖ ﻓـﻲ ﻋـﺒـﺎدة ﻧـﻔـﺴـﻲ .وأﻋـﺠـﺒـﺖ ﺑﻮﻣﻀﺔ اﻟﻨﻮر اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﻮﻣﺾ ﻓﻲ ﻓﻜﺮي ﻣﻊ اﻧﻔﺘﺎح اﻟﻮﻋﻲ وﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺼﺤﻮ ﻣﻦ ﻣﻬﺪ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻫﻲ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ وراء ا;ﺸﻬﺪ اﳉﺪﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻜﺮر ﻛﻞ ﻳﻮم .وﻏﺎﺑﺖ ﻋﻨﻲ أﻳﻀﺎ أﺻﻮل ا;ﻨﻄﻖ وأﻧﺎ أﻋﺎﻟﺞ ا;ﻨﻄﻖ ،وﻟﻢ أدرك إﻧﻲ أﺗﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻲ إذ اﻋـﺘـﺮف ﺑـﺎﳋـﺎﻟـﻖ ﺛـﻢ أﻗـﻮل :وﻣـﻦ ﺧـﻠـﻖ اﳋـﺎﻟـﻖ? ﻓﺄﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﻣـﺨـﻠـﻮﻗـﺎً ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﺳﻤﻴﻪ ﻓﻴـﻪ ﺧـﺎﻟـﻘـﺎً وﻫﻲ اﻟﺴﻔـﺴـﻄـﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ .ﺛﻢ إن اﻟﻘﻮل ﺑﺴﺒﺐ أول ﻟﻠﻮﺟﻮد ﻳﻘﺘﻀﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ واﺟﺐ اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻌﺘﻤـﺪاً وﻻ ﻣﺤﺘﺎﺟـﺎً ﻟﻐﻴﺮه ﻛﻲ ﻳﻮﺟﺪ .أﻣﺎ أن ﻳﻜـﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺳﺒﺐ ﻓﺎن ﻫﺬا ﻳﺠﻌﻠﻪ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ،وﻻ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺳﺒﺒﺎً أول«. »ﻫﺬه ﻫﻲ أﺑﻌﺎد اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺄرﺳﻄﻮ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺴﺒﺐ اﻷول واﶈﺮك اﻷول ﻟﻠﻮﺟﻮد .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻷﺑﻌـﺎد واﺿـﺤـﺔ ﻓـﻲ ذﻫـﻨـﻲ ﻓـﻲ ذﻟﻚ اﳊ .nوﻟﻢ أﻛﻦ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻫـﻮ أرﺳـﻄـﻮ وﻻ ﻣـﺎ ﻫـﻲ اﻟـﻘـﻮاﻧـn اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ واﳉﺪل ،واﺣﺘﺎج اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﺛﻼﺛ nﺳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ وآﻻف اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﳋﻠﻮة واﻟﺘﺄﻣﻞ واﳊﻮار ﻣﻊ اﻟﻨﻔﺲ وإﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﺛﻢ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ¬ .ﺗﻘﻠﻴﺐ اﻟﻔﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ وﺟﻪ ﻷﻗﻄﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﻣﻦ »اﻟﻠﻪ واﻹﻧﺴﺎن« ) (١٩٥٥إﻟﻰ »ﻟﻐﺰ اﳊﻴﺎة« ) (١٩٦٧إﻟﻰ »اﻟﻐﺰ ا;ﻮت« )(١٩٥٩ إﻟﻰ ﻣﺎ اﻛﺘﺐ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎت ﻋـﻠـﻰ درب اﻟـﻴـﻘـ») nرﺣـﻠـﺘـﻲ ﻣـﻦ اﻟـﺸـﻚ إﻟـﻰ اﻹzﺎن« ،ﻋﺎم «(٢×).(١٩٧٠ ﺳﻬﻼ .وﻟﻮ أﻧﻲ ً »ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﺳﻬﻼً ،ﻷﻧﻲ ﻟﻢ أﺷﺄ أن آﺧﺬ اﻷﻣﺮ ﻣﺄﺧﺬاً أﺻﻐﻴﺖ إﻟﻰ ﺻﻮت اﻟﻔﻄﺮة وﺗﺮﻛﺖ اﻟﺒﺪاﻫﺔ ﺗﻘﻮدﻧﻲ ﻷﻋﻔﻴﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺎء اﳉﺪل ،وﻟﻘﺎدﺗﻨﻲ اﻟﻔﻄﺮة إﻟﻰ اﻟﻠﻪ .وﻟﻜﻨﻲ ﺟﺌﺖ ﻓﻲ زﻣﻦ ﺗﻌﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺷﻲء وﺿﻌﻒ ﺻﻮت اﻟﻔﻄﺮة ﺣﺘﻰ ﺻـﺎر ﻫـﻤـﺴـﺎً ،وارﺗﻔﻊ ﺻﻮت اﻟﻌﻘﻞ ﺣـﺘـﻰ ﺻـﺎر 146
ﻣﻠﺤﻖ
ﳉﺎﺟﺔ وﻏـﺮوراً واﻋﺘـﺪاداً .واﻟﻌﻘﻞ ﻣﻌﺬور ﻓﻲ إﺳﺮاﻓﻪ إذ ﻳﺮى ﻧﻔـﺴـﻪ واﻗـﻔـﺎً ﻋﻠﻰ ﻫﺮم ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ا;ﻨﺠﺰات وإذ ﻳـﺮى ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻣـﺎﻧـﺤـﺎً ﻟﻠﺤﻀﺎرة ...ﻓـﺘـﺼـﻮر ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ،وزج ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء وأﻗﺎم ﻧﻔﺴﻪ ﺣﻜﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ وﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ«. »وﻏﺮﻗﺖ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺑﻄﻨﻄﺎ وأﻧﺎ ﺻﺒﻲ أﻗﺮأ ﻟﺸﺒﻠﻲ ﺷﻤﻴﻞ وﺳﻼﻣﻪ ﻣﻮﺳﻰ وأﺗﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻓﺮوﻳﺪ ودارون .وﺷﻐﻔﺖ ﺑﺎﻟﻜﻴﻤﻴﺎء واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ. وﻛﺎن ﻟﻲ ﻣﻌﻤﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ أﺣﻀﺮ ﻓـﻴـﻪ ﻏـﺎز ﺛـﺎﻧـﻲ أﻛـﺴـﻴـﺪ اﻟـﻜـﺮﺑـﻮن وﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺒﺮﻳﺖ ،وأﻗﺘﻞ اﻟﺼﺮاﺻﻴﺮ ﺑﺎﻟﻜﻠﻮر ،وأﺷﺮح ﻓﻴﻪ اﻟﻀﻔﺎدع«. »وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻴﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﻤﺮت اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ :اﻟﻌـﻠـﻢ ،اﻟـﻌـﻠـﻢ ،وﻻ ﺷـﻲء ﻏـﻴـﺮ اﻟﻌﻠﻢ .اﻟﻨﻈﺮة ا;ﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ .ﻟﻨﺮﻓﺾ اﻟﻐﻴﺒﻴﺎت وﻟﻨﻜﻒ ﻋﻦ إﻃﻼق اﻟﺒﺨﻮر وﺗﺮدﻳﺪ اﳋﺮاﻓﺎت .ﻣﻦ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ دﺑﺎﺑﺎت وﻃﺎﺋﺮات و ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﺎ اﻷدﻳﺎن واﻟﻌﺒﺎدات??« »وﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺼﻠﻨﺎ ﻣﻦ أﻧﺒﺎء اﻟﻌـﻠـﻢ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﺑـﺎﻫـﺮاً ﻳﺨﻄﻒ أﺑﺼـﺎرﻧـﺎ ،وﻛـﻨـﺎ ﻧﺄﺧﺬ ﻋﻦ اﻟﻐﺮب ﻛﻞ ﺷﻲء ....وﺣﻮل أﺑﻄﺎل اﻟﻐﺮب وﻋـﺒـﻘـﺮﻳـﺎﺗـﻪ ﻛـﻨـﺎ ﻧـﻨـﺴـﺞ أﺣﻼﻣﻨﺎ وﻣﺜﻠﻨﺎ اﻟﻌﻠﻴﺎ .ﺣﻮل ﺑﺎﺳﺘﻴﺮ وﻣﺎرﻛﻮﻧـﻲ وروﻧـﺘـﺠـﻦ وأدﻳـﺴـﻮن ،وﺣـﻮل ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن وأﺑﺮاﻫﺎم ﻟﻨﻜﻮﻟﻦ وﻛﺮﺳﺘﻮﻓﺮ ﻛﻮ;ﺒﺲ وﻣﺎﺟﻼن ....وﻛﺎن ﻃﺒـﻴـﻌـﻴـﺎً أن ﻧﺘﺼﻮر إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻫﻮ اﻟﻨﻮر واﳊﻖ ،وﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴﻞ إﻟﻰ اﻟـﻘـﻮة واﳋﻼص«. »ودﺧﻠﺖ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻄﺐ ﻷﺗﻠﻘﻰ اﻟﻌﻠﻮم ﺑﻠﻐﺔ إﳒﻠﻴﺰﻳـﺔ وأدرس اﻟـﺘـﺸـﺮﻳـﺢ ﻓـﻲ ﻣﺮاﺟﻊ إﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ،وأﺗﻜﻠﻢ ﻣﻊ أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ ﻓﻲ ا;ﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻷن إﳒﻠﺘﺮا ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺘﻞ اﻟﻘﺘﺎل ،ﻟﻜﻦ ﻟﺴﺒﺐ آﺧﺮ ﻣﺸﺮوع وﻋﺎدل ،ﻫﻮ أن ﻋﻠﻢ اﻟﻄﺐ اﳊﺪﻳﺚ ﻛﺎن ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻏﺮﺑﻴـﺔ 6ـﺎﻣـﺎً .وﻣﺎ ﺑﺪأه اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻠـﻮم أﻳﺎم اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻛﺎن ﻣﺠﺮد أوﻟﻴﺎت ﻻ ﺗﻔﻲ ﺑﺤﺎﺟﺎت اﻟﻌﺼﺮ ....وﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻄﺐ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺢ إﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ ﺑﺪون ﺣﻴﺜﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ وﺷﻮاﻫﺪ ﻣﻦ اﳊﺲ ....وﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻊ ﲢﺖ اﳊﺲ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ اﻟﻨﻈـﺮة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮد .وان اﻟﻐﻴﺐ ﻻ ﺣﺴﺎب ﻟﻪ ﻓﻲ اﳊﻜﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ«. »ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ ا;ﺎدي اﻟﺒﺤﺚ ﺑﺪأت رﺣﻠـﺘـﻲ ﻓـﻲ ﻋـﺎﻟـﻢ اﻟـﻌـﻘـﻴـﺪة .و ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷرﺿﻴﺔ ا;ﺎدﻳﺔ ،وﻫﺬا اﻻﻧﻄﻼق ﻣﻦ اﶈﺴﻮﺳﺎت اﻟﺬي ﻳﻨﻜﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺐ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻟﻢ اﺳﺘﻄﻊ أن أﻧﻔﻲ واﺳﺘﺒﻌﺪ اﻟﻘﻮة اﻹﻟﻬﻴﺔ ...وﻓﻲ ﻫﺬه 147
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ا;ﺮﺣﻠﺔ ﺗﺼﻮرت إن اﻟﻠﻪ ﻫﻮ اﻟﻄـﺎﻗـﺔ اﻟـﺒـﺎﻃـﻨـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻜـﻮن اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻨـﻈّﻤﻪ ﻓـﻲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎت ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ أﺣﻴﺎء وﺟﻤﺎدات وأراض وﺳﻤﺎوات) ....و( ﺟﻌﻠﺖ ﻣـﻦ اﻟﻮﺟﻮد ﺣـﺪﺛـﺎً ﻗﺪzـﺎً أﺑﺪﻳـﺎً أزﻟﻴـﺎً ﺘـﺪاً ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن ﻻ ﺣـﺪود ﻟـﻪ وﻻ ﻧـﻬـﺎﻳـﺔ وأﺻﺒﺢ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة ﻫﻮ اﻟﻜﻞ وﻧﺤﻦ ﲡﻠﻴﺎﺗﻪ .اﻟﻠﻪ ﻫﻮ اﻟﻮﺟﻮد ،واﻟﻌﺪم ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻌﺪوم .ﻫﻮ اﻟﻮﺟﻮد ا;ﺎدي ا;ﻤﺘﺪ أزﻻً ..ﺑﻼ ﺑﺪء وﺑﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ ...دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻓﺘﺮاض اﻟﻐﻴﺐ وا;ﻐﻴﺒﺎت ودون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻤﺎس اﻟﻼﻣﻨﻈﻮر«. »وﺑﺬﻟﻚ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ أﺳﺮ ﻓﻜﺮة وﺣﺪة اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ وﻓﻠﺴﻔﺔ ﺳـﺒـﻴـﻨـﻮزا، وﻓﻜﺮة ﺑﺮﺟﺴﻮن ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ اﳋﻼﻗﺔ وﻛﻠﻬﺎ ﻓﻠﺴﻔﺎت ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻷرض، ﻣﻦ اﳊﻮاس اﳋﻤﺲ ،وﻻ ﺗﻌﺘﺮف ﺑﺎ;ﻐﻴﺒﺎت .ووﺣﺪة اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ 6ﻀﻲ إﻟﻰ اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﺘﻠﻐﻲ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑ nاﳋﻠﻖ واﳋﺎﻟﻖ .ﻓـﻜـﻞ اﺨﻤﻟـﻠـﻮﻗـﺎت ﻓـﻲ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﲡﻠﻴﺎت اﳋﺎﻟﻖ .وﻓﻲ ﺳﻔﺮ اﻟﻴﻮﺑﺎﻧﻴﺸﺎد ﺻﻼة ﻫﻨﺪﻳﺔ ﻗﺪzـﺔ ﺗـﺸـﺮع ﻫﺬا ا;ﻌﻨﻰ ﻓﻲ أﺑﻴﺎت رﻗﻴﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ إن اﻹﻟﻪ ﺑﺮاﻫﻤﺎ اﻟـﺬي ﻳـﺴـﻜـﻦ ﻗـﻠـﺐ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﺤﺪث ﻓﻲ ﻫﻤﺲ ﻗﺎﺋﻼً :إذا ﻇﻦ اﻟﻘﺎﺗﻞ اﻧﻪ ﻗﺎﺗﻞ ،وا;ﻘﺘﻮل اﻧﻪ ﻗﺘﻴﻞ، دورا ﻳﺪرﻳﺎن ﻣﺎ ﺧﻔﻲ ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺒﻲ«..... »إﻧﻪ إﻟﻪ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻨﻮر اﻷﺑﻴﺾ ،واﺣﺪ ،ﺑﺴﻴﻂ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺘﻮي ﻓﻲ داﺧﻠﻪ ﻋﻠﻰ أﻟﻮان اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺴﺒﻌﺔ .وﻋـﺸـﺖ ﺳـﻨـﻮات ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟـﻀـﺒـﺎب اﻟـﻬـﻨـﺪي ،وﻫـﺬه )ا;ﺎرﻳﺠﻮاﻧﺎ( اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ،وﻣﺎرﺳﺖ اﻟﻴﻮﺟﺎ وﻗﺮأﺗﻬﺎ ﻓﻲ أﺻﻮﻟﻬﺎ وﺗﻠﻘﻴﺖ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻨﺎﺳﺦ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﻇﻬﺮت ﻋﻠﻰ أﻳﺪي أﺳﺎﺗﺬة ﻫﻨﻮد .وﺳﻴﻄﺮت ّ ﻓﻲ رواﻳﺎت ﻟﻲ ﻣﺜﻞ» :اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت« ) ،(١٩٦٥و »اﳋﺮوج ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻮت« ).«(١٩٦٥ »ﺛﻢ ﺑﺪأت أﻓﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺮﺿﻰ وﻋﺪم اﻻﻗـﺘـﻨـﺎع .واﻋـﺘـﺮﻓـﺖ ﺑﻴﻨﻲ وﺑ nﻧﻔﺴﻲ أن ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣـﻦ اﳋـﻠـﻂ .وﻣـﺮة أﺧﺮى ﻛﺎن اﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ دﻟﻴﻠﻲ وﻣﻨﻘﺬي وﻣﺮﺷﺪي .ﻋـﻜـﻮﻓـﻲ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻌـﻠـﻢ وﻋـﻠـﻰ اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ اﳊﻴﺔ ﲢﺖ ا;ﻴﻜﺮوﺳﻜﻮب ،ﻗﺎل ﻟﻲ ﺷﻴﺌﺎً آﺧﺮ«. »وﺣﺪة اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎرة ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺻﻮﻓﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺻﺎدﻗﺔ. واﳊﻘﻴﻘﺔ ا;ﺆﻛﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ اﻟﻌـﻠـﻢ أن ﻫـﻨـﺎك وﺣـﺪة ﻓـﻲ اﳋـﺎﻣـﺔ ﻻ اﻛـﺜـﺮ، وﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻴﺞ واﻟﺴ¨ اﻷوﻟﻴﺔ واﻟﻘﻮاﻧ ،nوﺣﺪة ﻓﻲ ا;ﺎدة اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻨﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻞ ﺷﻲء ....وﻫﺬا ﺳﺮ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻨﺴﺐ ..وﺻﻠـﺔ اﻟـﺮﺣـﻢ ﺑـ nاﻹﻧـﺴـﺎن واﳊﻴﻮان وﺑ nاﻟﻮﺣﺶ وﻣﺮوﺿﻪ ..وﺑ nاﻟﻌ nوﻣﻨﻈﺮ اﻟﻐﺮوب اﳉﻤﻴﻞ ...إن ﻛﻞ اﻟﻮﺟﻮد أﻓﺮاد أﺳﺮة واﺣﺪة ﻣﻦ أب واﺣﺪ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻻ ﻳـﺴـﺘـﺘـﺒـﻊ أﺑـﺪاً أن 148
ﻣﻠﺤﻖ
ﻧﻘﻮل إن اﻟﻠﻪ ﻫﻮ اﻟﻮﺟﻮد ،وان اﳋﺎﻟﻖ ﻫﻮ اﺨﻤﻟﻠﻮق ،ﻓﻬﺬا ﺧﻠﻂ ﺻﻮﻓﻲ ﻏـﻴـﺮ وارد ...ﻓﺎﻟﻮﺣﺪة ﺑ nا;ﻮﺟﻮدات ﺗﻌﻨﻲ وﺣﺪة ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ أﺑﺪاً إن ﻫﺬه ا;ﻮﺟﻮدات ﻫﻲ ذاﺗﻬﺎ اﳋﺎﻟﻖ ....إن ﻫﺬا اﳋﺎﻟﻖ ﻫﻮ ﻋﻘـﻞ ﻛـﻠـﻲ ﺷـﺎﻣـﻞ وﻣﺤﻴﻂ ﻳﻠﻬﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ وﻳﻬﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﺗﻄﻮرﻫﺎ وﻳﺴﻠﺤﻬﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﻘﺎء.... وﻫﻮ ﺧﺎﻟﻖ ﻣﺘﻌﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ .ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ وﻳﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻘﺪر.... ﻓﻬﻮ واﺣﺪ أﺣﺪ ﻗﺎدر ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺤﻴﻂ ﺑﺼﻴﺮ ﺧﺒﻴﺮ ،وﻫﻮ ﻣﺘﻌﺎل ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺼﻔﺎت وﻻ ﲢﻴﻂ ﺑﻪ ﺻﻔﺎت .واﻟﺼﻠـﺔ داﺋـﻤـﺎً ﻣﻌﻘﻮدة ﺑ nﻫﺬا اﳋﺎﻟﻖ وﻣﺨﻠـﻮﻗـﺎﺗـﻪ، ﻓﻬﻮ أﻗﺮب إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ دﻣﻬﺎ اﻟﺬي ﻳـﺠـﺮي ﻓـﻴـﻬـﺎ ....وﻫـﻮ اﻟـﻌـﺎدل اﻟـﺬي أﺣـﻜـﻢ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ وأﻗﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻮاﻣﻴﺲ دﻗـﻴـﻘـﺔ ﻻ ﺗـﺨـﻄـﻲء .وﻫـﻜـﺬا ﻗـﺪم ﻟـﻲ اﻟـﻌـﻠـﻢ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ« ﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ،ﺑﻞ اﻧﻪ دال ﻋﻠﻴﻪ ﻣـﻮﻛ¸ﺪ ً » ...إن اﻟﻌﻠﻢ اﳊﻖ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺑـﺪاً ;ﻌﻨﺎه«...(٣×)«.واﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻳﺮﻓﺾ اﳊﻴﺎة ،وﻻ ﻳﺮﻓﺾ اﻟﻌﻘﻞ«. » ...واﻹﺳﻼم ﻳﻘﺪم ﻟﻠﻌﺼﺮ ا;ﺎدي ﺑﺎب اﻟﻨﺠﺎة اﻟـﻮﺣـﻴـﺪ واﳊـﻞ اﻟـﻮﺣـﻴـﺪ واﺨﻤﻟﺮج اﻟﻮﺣﻴﺪ ..ﻓﻬﻮ ﻳﻘﺪم إﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﺗﺮاﺛﻪ اﻟﺮوﺣﻲ دون أن ﻳﻜﻠﻔـﻪ أن ﻳـﻨـﺰل ﻋﻦ ﺷﻲء ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أو ﺗﻔﻮﻗﻪ ا;ﺎدي ،وﻛﻞ ﻻ ﻳﺮﻳﺪه اﻹﺳﻼم ﻫـﻮ أن ﻳﺤﻘﻖ اﻻﻗﺘﺮان اﻟﻨﺎﺟﺢ ﺑ nا;ﺎدة واﻟﺮوح ﻟﺘﻘﻮم ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻫﻲ ﻣﺪﻧﻴﺔ اﻟﻘﻮة واﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻮة ا;ﺎدﻳﺔ ﻣـﺴـﺨـﺎً ﻣﻌﺒـﻮداً وإ ﺎ ﺗﻜﻮن أداة ووﺳﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺮﺣﻴﻢ ...وﺑﺬﻟﻚ ..ﺗﻘﻮم دوﻟﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ« » ...ﻻ اﻟﺮوح ﺗﻄﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﳉﺴﺪ ،وﻻ اﳉﺴﺪ ﻳﻄﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟـﺮوح ،وإ ـﺎ ﻳﺘﺼﺮف اﻻﺛﻨﺎن ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻤﺎ واﺣﺪ .وﻫﺬا ﻳﻌﻴﺪ اﻹﺳﻼم إﻟﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺘﺌﺎﻣﻪ روﺣﺎ وﺟﺴـﺪاً ،و ﻳﻌﻴﺪ إﻟﻴﻪ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ،ﻓﻴﻨﺘﻬﻲ )?( ذﻟـﻚ اﻟـﺼـﺮاع اﻷزﻟـﻲ ﺑـn ً اﻟﺸﻬﻮة واﻟﻌﻘﻞ ،و ﻳﻮﻟﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻲء ﺟﺪﻳﺪ ﻫﻮ اﻟﺸﻬﻮة اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ اﻟﺒﺼﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺣﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻘﻴﻀﺎن«)×(٤ ا;ﺼﺪر :د .ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد ،رﺣﻠﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻚ إﻟﻰ اﻹzﺎن ،دار ا;ﻮدة ﺑـﻴـﺮوت ،١٩٧٠ ،ص .١١٧-١١٤ ٬١٨ -٤
-٣ﻣﺬﻛﺮات ﻣﺎدي ﺗﺎﺋﺐ
»ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺑﺪأت أﻛﺘﺐ ﻓﻲ اﳋﻤﺴﻴﻨﺎت ﻛﺎﻧﺖ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻮﺿﺔ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺜﺎﺋﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ .وﻛﻨﺎ ﻧﻘﺮأ ﻣﻨﺸﻮراﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﻢ ﻓﺘﺤﺮك ﻣﺜﻠـﻴـﺎﺗـﻨـﺎ qـﺎ 149
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺗﻌﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻓﺮدوس أرﺿﻲ وﻋﺪاﻟـﺔ ورﺧـﺎء وﻏـﺬاء وﻛـﺴـﺎء ﻟـﻠـﻌـﺎﻣـﻞ واﻟـﻔـﻼح وﻣﺤﺎرﺑﺔ ﻟﻺﻗﻄﺎع واﻻﺳﺘﻐﻼل وﲢﺮﻳﺮ ﻟﻠﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻜﺎدﺣﺔ«. »وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺗﺒﺪو ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﳊ nاﻟﻜﻌﺒﺔ اﻷم ﻟﻬﺬا اﻟﺪﻳﻦ اﳉﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺸﻊ ﺑﺎﳋﻴﺮ واﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺪور ﻓﻲ ﻓﻠﻜﻪ» «.وﻛﺎﻧﺖ أول ﺻـﺤـﻮة ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﳊﻠﻢ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺳﺎﻓﺮﻧﺎ إﻟﻰ اﳋﺎرج ورأﻳﻨﺎ اﳋﺮاب واﻟﺒﺆس واﻟﻮﺟﻮه اﻟﻜﺌﻴﺒﺔ ا;ﺘﺠﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﺠﻤﻟﺮ وروﻣﺎﻧﻴﺎ وأ;ﺎﻧـﻴـﺎ وﻛـﺎﻓـﺔ اﻟـﺒـﻼد اﻟـﺸـﺮﻗـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﲡﺮي ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﻠﻚ«. »وﺑﺤﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺮﺧﺎء واﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ واﳊﺮﻳﺔ واﻟﻔﺮدوس اﻷرﺿﻲ ﻓﻠﻢ ﳒﺪ ﻟﻪ أﺛﺮا .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﺪﻣﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻷﻋﻈﻢ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻓﺘﺢ ﺧـﺮﺗـﺸـﻮف ﻣـﻠـﻒ ﺳـﺘـﺎﻟـn ً وأﻋﻠﻦ ﻋﻠﻰ رؤوس اﻷﺷﻬﺎد ا;ﻈﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﻬﺎ ﺳﺘﺎﻟ ،nوا;ﻼﻳ nﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل واﻟﻔﻼﺣ nوا;ـﺜـﻘـﻔـ nاﻟـﺬﻳـﻦ ﻗـﺘـﻠـﻬـﻢ ﻓـﻲ اﻟـﺴـﺠـﻮن وا;ـﻌـﺘـﻘـﻼت وأﻋـﺪﻣـﻬـﻢ ﺑﺎﻟﺮﺷﺎﺷﺎت وأﻟﻘﺎﻫﻢ ﻟﻠﻤﻮت ﻓﻲ ﺟﻠﻴﺪ ﺳﻴﺒﻴﺮﻳﺎ وأﺳﻠﻤﻬﻢ ﻵﻻت اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺑn ﻳﺪي اﳉﻼد اﻟﺮﻫﻴﺐ ﺑﺮﻳﺎ«. »وﻳﻮﻣﻬﺎ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻨﺎ :اﻧﻪ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ .اﻟﺬﻧﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺴﻲء ،وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮﻳﺌﺔ ﻣﺒﺮأة ﻣﻦ ﻫﺬا ﻛﻠﻪ«. »واﺣﺘﺎج اﻷﻣﺮ ﻣﻨﻲ إﻟﻰ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟـﻘـﺮاءة واﻟـﺪراﺳـﺔ واﻟـﻌـﻜـﻮف ﻋـﻠـﻰ اﺠﻤﻟﻠﺪات اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ ﻟﻜﻲ اﻛﺘﺸﻒ إن اﻟﻔﺴﺎد ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ وﻟﻜﻦ اﻟﻔﺴﺎد ﻓﻲ ا;ﺬﻫﺐ ﻧﻔﺴﻪ وان ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﲢﺸﻴﺪ وﲢﺮﻳﺾ ودﻓﻊ ﻟﻜﺘﻞ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﺛﺄر ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻳﺨﺮج اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ ﻟﻴﻠﻘﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻇﻠﻢ أﻓﺪح وأﺷﻤﻞ وأﻋﻢ«. » ....اﻋﺘﻤﺪ ﻣﺎرﻛﺲ ﻓﻲ اﺳﺘﻨﺒﺎط ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ دون اﻷﺧﺮى ﻓﻜﺎن ﻳﻨﺘﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣـﺎ ﻳـﻮاﻓـﻖ ﻫـﻮاه وﻳـﺤـﺼـﻞ ﻣـﺎ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﻓﻜﺮه .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﺼﺢ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻠﻘﻮاﻧ nاﻟﺘﻲ اﺳـﺘـﺨـﺮﺟـﻬـﺎ ﺻـﻔـﺔ اﻹﻃﻼق ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻛﻠﻪ وﻻ ﺗﺼﺪق ﻋﻠﻴـﻬـﺎ ﺻـﻔـﺔ اﻟـﻘـﻮاﻧـ nوإ ـﺎ ﻫـﻲ ﻓـﻲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﺗﻠﻔﻴﻘﺎت«» ،وأﻗﻮى اﻟﺒﺮاﻫ nﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻧﺸﺄة اﻹﺳﻼم ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ اﻹﺳﻼم رﺟﻌﻴﺎ ﻳﺤﻔﻆ ﻟﻠﻈﺎ;n ً ﻗﻂ ﻣﻦ إﻓﺮاز اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻄﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺶ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ دﻳﻨﺎً ا;ﺴﺘﺒﺪﻳﻦ أﻣﻮاﻟﻬﻢ واﻣﺘﻴﺎزاﺗﻬﻢ .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺨﺪرا ﻟﻠﻔﻘﺮاء وداﻓـﻌـﺎ ﻟـﻬـﻢ ﻋـﻠـﻰ ﻗﺒﻮل ﻓﻘﺮﻫﻢ ،ﻓﻘﺪ دﻋﺎ اﻹﺳﻼم إﻟﻰ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﳊﻴﺎة ﻓـﻲ اﻋـﺘـﺪال ودﻋـﺎ إﻟـﻰ ﻗﺘﺎل اﻟﻈﺎ; nا;ﺴﺘﻐﻠ«n 150
ﻣﻠﺤﻖ
»وﻟﻢ ﻳﺄت اﻹﺳﻼم ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻧـﻘـﻼب ﻣـﻨـﺎﻇـﺮ ﻓـﻲ ﻧـﻈـﺎم اﻹﻧـﺘـﺎج وﻋـﻼﻗـﺎت اﻹﻧﺘﺎج ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺶ وإ ﺎ ﺟﺎء ﻛﻈﺎﻫﺮة ﻓﻮﻗﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ«. » ....وﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻔﻜﺮ وﻟﻜﻦ ا;ﺎرﻛﺴﻴ nﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ وﻗﺪ ﻛﺴﺪت ﺑﻀﺎﻋﺘﻬﻢ ﻋﺎدوا إﻟﻰ اﻟﺘﺴﻠﻞ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ أﺧﺮى .ﻫﺬه ا;ﺮة ﺑﻮﺟﻮه إﺳﻼﻣﻴﺔ وﻟﻐﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺤﺎوﻟ nرﻛﻮب ا;ﻮﺟﺔ اﻟﺪﻳـﻨـﻴـﺔ وﺗـﻠـﻔـﻴـﻖ ﺣـﻠـﻒ ﺑـn ا;ﺎرﻛﺴﻴ nواﻹﺳﻼم«. »ورأﻳﻨﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻰ اﻟﺪﻳﻦ ]أﺑﺮز ﻳﺴﺎري ﻓﻲ ﻗﻴﺎدة اﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ[ ﻳﻀﻊ ﻧﻴﺸﺎن ﻟﻴﻨ nﻋﻠﻰ ﺻﺪره وﻣﺼﺤﻒ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﻳﺪه )ﻗﺎﺋﻼ(» :و;ﺎذا ﻻ ﻧﻀﻴﻒ روﺣﻴﺎ« ﻧﺎﺳﻴـﺎً ﺑﺬﻟﻚ اﻧﻪ ﻳﻔﺘﺮي ﻋﻠﻰ ﻣﺎرﻛـﺲ ﻓـﻲ ﻗـﺒـﺮه ً إﻟﻰ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﺑـﻌـﺪاً وﻳﻔﺘﺮي ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﺜﻮاه ،واﻧﻪ ﻳﺰﻳّﻒ ﻟﻨﺎ اﻻﺛﻨ nﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺼﻨﻊ ﻟﻨﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻫﺬه ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ا;ﺎدﻳﺔ ا;ﻠﺤﺪة وﻣﻦ اﻹﺳﻼم اﻟﺼﺎﻓﻲ اﻟﻌﺬب ا;ﺆﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ وﻛﻞ ﻣﻦ ا;ﺬﻫﺒ nﻳﺮﻓﺾ اﻵﺧﺮ ﻛﻠﻴﺔ? »ﻛﻴﻒ ﻳﺼـﻨـﻊ ﻣـﻦ اﻹzـﺎن واﻹﻧـﻜـﺎر رﺟـﻼً إﻻ أن ﻳﻜـﻮن رﺟـﻼً ﻣﺘـﻨـﺎﻗـﻀـﺎً ﻣﺼﺎﺑﺎ ﺑﺎﻧﻔﺼﺎم اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﺸﻲء?«)×(٥ ً ا;ﺼﺪر :اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد; ،ﺎذا رﻓﻀﺖ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ? /اﻟﻘﺎﻫﺮة/ ١٩٧٥ص.٢٨-٧
-٤اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻧﺒﻌﻬﺎ وﺗﺮﻓﺾ »اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ« اﳊﺪﻳﺜﺔ
»اﳊﻴﺎة ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن ﻧﻌﻤﺔ ﻧﻌﻤﺔ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ إﻻ ﻣﻦ ذاﻗﻬﺎ ﻧﻌﻤﺔ ﺗﺮﻓﻊ اﻟﻌﻤﺮ وﺗﺒﺎرﻛﻪ وﺗﺰﻛﻴﻪ«. ﻋﻠﻲ ﺑﺎﳊﻴﺎة ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن ﻓﺘﺮة ﻣـﻦ اﻟـﺰﻣـﺎن، »واﳊﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻟﻘـﺪ ﻣ ّ ـﻦ ّ ذﻗﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ أذق ﻗﻂ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ« »ﻟﻘﺪ ﻋﺸﺖ اﺳﻤﻊ اﻟﻠﻪ-ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ-ﻳﺘﺤﺪث إﻟﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺮآن ،أﻧﺎ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﻠﻴﻞ أي ﺗﻜﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﻜﺮ اﻟﻌﻠﻮي اﳉﻠﻴـﻞ? أي رﻓـﻌـﺔ ﻟـﻠـﻌـﻤـﺮ اﻟﺼﻐﻴـﺮ ﱡ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ? أي ﻣﻘﺎم ﻛﺮ ﻳﺘﻔﻀﻞ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺧﺎﻟﻘﻪ اﻟﻜﺮ ?« وﻋﺸﺖ-ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘـﺮآن-اﻧـﻈـﺮ ﻣـﻦ ُﻋﻠﻮ إﻟﻰ اﳉﺎﻫﻠﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ 6ـﻮج ﻓـﻲ اﻷرض واﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت أﻫﻠﻬﺎ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﻬﺰﻳﻠﺔ ،اﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﺗﻌﺠﺐ أﻫﻞ ﻫـﺬه اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ qﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﻃﻔﺎل وﺗﺼﻮرات اﻷﻃـﻔـﺎل ...ﻛـﻤـﺎ ﻳـﻨـﻈـﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ إﻟﻰ ﻋﺒﺚ اﻷﻃﻔـﺎل وﻣـﺤـﺎوﻻت اﻷﻃـﻔـﺎل ...وأﻋـﺠـﺐ ...ﻣـﺎ ﺑـﺎل ﻫـﺬا 151
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻨﺎس?! ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻬﻢ ﻳﺮﺗﻜﺴﻮن ﻓﻲ اﳊﻤﺄة اﻟﻮﺑﻴﺌﺔ وﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮن اﻟﻨـﺪاء اﻟـﻌـﻠـﻮي اﳉﻠﻴﻞ«?... »ﻋﺸﺖ أ6ﻠﻰ-ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن-ذﻟﻚ اﻟﺘﺼـﻮر اﻟـﻜـﺎﻣـﻞ اﻟـﺸـﺎﻣـﻞ اﻟـﺮﻓـﻴـﻊ اﻟﻨﻈﻴﻒ ﻟﻠﻮﺟﻮد ،ﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﻮﺟﻮد ﻛﻠﻪ ،وﻏﺎﻳﺔ اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴـﺎﻧـﻲ ،وأﻗـﻴـﺲ إﻟـﻴـﻪ ﺗﺼﻮرات اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻓﻲ ﺷﺮق وﻏﺮب ،وﻓﻲ ﺷﻤﺎل وﺟﻨﻮب ،وأﺳﺄل: ﻛﻴﻒ ﺗﻌﻴﺶ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ا;ﺴﺘﻨﻘﻊ اﻵﺳﻦ ...وﻋﻨﺪﻫﺎ ذﻟﻚ ا;ﺮﺗﻊ اﻟﺰﻛﻲ?« »وﻋﺸﺖ ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن أﺣﺲ اﻟﺘﻨﺎﺳﻖ اﳉﻤﻴﻞ ﺑ nﺣﺮﻛﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ اﻟﻠﻪ وﺣﺮﻛﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﻮن اﻟﺬي أﺑﺪﻋﻪ اﻟﻠﻪ ،ﺛﻢ أﻧـﻈـﺮ ﻓـﺄرى اﻟـﺘـﺨـﺒـﻂ اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻧﺤﺮاﻓﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺴ¨ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ،واﻟﺘﺼﺎدم ﺑ nاﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻔﺎﺳﺪة اﻟﺸﺮﻳﺮة اﻟﺘﻲ 6ﻠﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺑ nﻓﻄﺮﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻓـﻄـﺮﻫـﺎ اﻟـﻠـﻪ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ وأﻗﻮل ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ :أي ﺷﻴﻄﺎن ﻟﺌﻴﻢ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﻘﻮد ﺧﻄﺎﻫﺎ إﻟﻰ ﻫﺬا اﳉﺤﻴﻢ?: ﻳﺎ ﺣﺴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد!!« »وﻋﺸﺖ ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن أرى اﻟﻮﺟﻮد اﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮه ا;ﺸﻬـﻮد، أﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ وأﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺪد ﺟﻮاﻧﺒﻪ اﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻴﺐ واﻟﺸﻬﺎدة ﻻ ﻋـﺎﻟـﻢ اﻟﺸﻬﺎدة وﺣﺪه واﻧﻪ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ،ﻻ ﻫﺬه اﻟﺪﻧﻴﺎ وﺣﺪﻫﺎ ،واﻟﻨﺸﺄة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺘﺪة ﻓﻲ ﻫﺬا ا;ﺪى ا;ﺘﻄﺎول .وا;ﻮت ﻟﻴﺲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺮﺣﻠﺔ وإ ﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﺣﻠـﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ«.. »وﻋﺸﺖ-ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن أرى اﻹﻧﺴﺎن أﻛﺮم ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻋﺮﻓﺘﻪ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ...اﻧﻪ إﻧﺴﺎن ﺑﻨﻔﺨﺔ ﻣﻦ روح اﻟﻠﻪ ..وﻫﻮ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻔﺨﺔ ﻣﺴﺘﺨﻠﻒ ﻓﻲ وﻣﺴﺨﺮ ﻟﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷرض وﻷن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻷرض... ّ واﻟﺴﻤﻮ ﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ اﻵﺻﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮ ﻫﻲ اﻵﺻﺮة ا;ـﺴـﺘـﻤـﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺨﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﻜﺮzﺔ ،ﺟﻌﻠﻬﺎ آﺻﺮة اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﻠﻪ ﻓـﻌـﻘـﻴـﺪة ا;ـﺆﻣـﻦ ﻫﻲ وﻃﻨﻪ وﻫﻲ ﻗﻮﻣﻪ وﻫﻲ أﻫﻠﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﺠﻤﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ ،ﻻ ﻋﻠﻰ أﻣﺜﺎل ﻣﺎ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﻛﻸ وﻣﺮﻋﻰ وﻗﻄﻴﻊ وﺳﻴﺎج!« »وا;ﺆﻣﻦ ذو ﻧﺴﺐ ﻋﺮﻳﻖ ﺿﺎرب ﻓﻲ ﺷﻌﺎب اﻟﺰﻣﺎن .اﻧﻪ واﺣـﺪ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ ا;ﻮﻛﺐ اﻟﻜـﺮ ،اﻟـﺬي ﻳـﻘـﻮل ﺧـﻄـﺎه ذﻟـﻚ اﻟـﺮﻫـﻂ اﻟـﻜـﺮ :ﻧـﻮح ،وإﺑـﺮاﻫـﻴـﻢ، وإﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ،وإﺳﺤﺎق ،وﻳﻌﻘﻮب وﻳﻮﺳﻒ وﻣـﻮﺳـﻰ وﻋـﻴـﺴـﻰ وﻣـﺤـﻤـﺪ ...ﻫـﺬا ا;ﻮﻛﺐ اﻟﻜﺮ ا;ﻤﺘﺪ ﻓﻲ ﺷﻌﺎب اﻟﺰﻣـﺎن ﻣـﻦ ﻗـﺪ ﻳـﻮاﺟـﻪ-ﻛـﻤـﺎ ﻳـﺘـﺠـﻠـﻰ ﻓـﻲ 152
ﻣﻠﺤﻖ
ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن-ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ وأزﻣﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ...ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺎول اﻟـﻌـﺼـﻮر.. ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﻀﻼل واﻟﻌﻤﻰ واﻟﻄﻐﻴﺎن واﻻﺿﻄﻬﺎد واﻟﺘﺸﺮﻳﺪ وﻟﻜﻨـﻪ zـﻀـﻲ ﻓـﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺛﺎﺑﺖ اﳋﻄﻮ ...واﺛﻘﺎً ﻣﻦ ﻧﺼﺮ اﻟﻠﻪ«. »وﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن ﺗﻌﻠﻤﺖ أﻧﻪ ﻷرﻛﺎن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮد ﻟﻠﻤﺼﺎدﻓﺔ اﻟﻌﻤﻴﺎء وﻻ ﻟﻠﻔﻠﺘـﺔ اﻟـﻌـﺎرﺿـﺔ )إﻧّﺎ ﻛـﻞّ ﺷﻲء ﺧﻠﻘﻨﺎه ﺑﻘﺪر( ،وﻛـﻞ أﻣـﺮ ﳊـﻜـﻤـﺔ .وﻟـﻜـﻦ ﺣﻜﻤﺔ اﻟﻐﻴﺐ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﻜﺸﻒ ﻟﻠﻨﻈﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ...واﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻗﺪ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ آﺛﺎرﻫﺎ وﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ،وا;ﻘﺪﻣـﺎت اﻟـﺘـﻲ ﻳﺮاﻫﺎ اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ وﻗﺪ ﻻ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ذﻟﻚ اﻧﻪ ﻟﻴﺴﺖ اﻷﺳﺒﺎب وا;ﻘﺪﻣﺎت ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺊ اﻵﺛﺎر واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ وإ ﺎ ﻫﻲ اﻹرادة اﻟﻄـﻠـﻴـﻘـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﻨﺸﺊ اﻵﺛﺎر واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺸﺊ اﻷﺳﺒﺎب وا;ﻘﺪﻣﺎت ﺳـﻮاء .وا;ـﺆﻣـﻦ ﻳـﺄﺧـﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب ﻷﻧﻪ ﻣﺄﻣﻮر ﺑﺎﻷﺧﺬ ﺑـﻬـﺎ واﻟـﻠـﻪ ﻫـﻮ اﻟـﺬي ﻳـﻘـﺪر أﺛـﺎرﻫـﺎ وﻧـﺘـﺎﺋـﺠـﻬـﺎ واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن إﻟﻰ رﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ وﻋﺪﻟﻪ واﻟﻰ ﺣﻜﻤﺘﻪ وﻋﻠﻤﻪ ﻫﻮ وﺣﺪه ا;ﻼذ اﻷﻣn واﻟﻨﺠﻮى ﻣﻦ اﻟﻬﻮاﺟﺲ .اﻟﻮﺟﻮد ﻟﻴﺲ ﻣﺘﺮوﻛﺎ ﻟﻘﻮاﻧـ nآﻟـﻴـﺔ ﺻـﻤـﺎء ﻋـﻤـﻴـﺎء. ﻓﻬﻨﺎك داﺋﻤﺎ وراء اﻟﺴﻦ اﻹرادة ا;ﺪﺑﺮة وا;ﺸﻴﺌﺔ ا;ﻄﻠﻘﺔ واﻟﻠﻪ ﻳﺨﻠﻖ ﻣﺎ ﻳﺸﺎء وﻳﺨﺘﺎر«. » ..وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺎن ا;ﻨﻬﺞ اﻹﻟﻬﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻟﻠﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ...وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﺘﺴﻔﺎ وﻻ ﻋﺠﻮﻻً ﻓﻲ ﲢﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ...ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻷﺻﺤﺎب ا;ـﺬاﻫـﺐ اﻷرﺿﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻊ ﺗﺴﻔﻮن اﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺟﻴﻞ واﺣﺪ« »واﻧﺘﻬﻴﺖ ﻣﻦ ﻓﺘﺮة اﳊﻴﺎة ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن إﻟﻰ ﻳﻘ nﺟﺎزم ﺣﺎﺳـﻢ :اﻧـﻪ ُ ﻹﺻﻼح ﻟﻬﺬه اﻷرض ،وﻻ راﺣﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،...وﻻ ﺗﻨﺎﺳﻖ ﻣﻊ ﺳ¨ اﻟﻜﻮن وﻓﻄﺮة اﳊﻴﺎة ،إﻻ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﻠﻪ .واﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﻠﻪ-ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن-ﻟﻪ ﺻﻮرة واﺣﺪة وﻃﺮﻳﻖ واﺣﺪ ...واﺣﺪ ﻻ ﺳﻮاه ..اﻧﻪ اﻟﻌﻮدة ﺑﺎﳊﻴﺎة ﻛﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻠﻪ اﻟﺬي رﺳﻤﻪ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻜﺮ .اﻧﻪ ﲢﻜﻴـﻢ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﺣﺪه ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ واﻟﺘﺤﺎﻛﻢ إﻟﻴﻪ وﺣﺪه ﻓﻲ ﺷﺆوﻧﻬـﺎ وإﻻّ ﻓﻬﻮ اﻟﻔﺴﺎد ﻓﻲ اﻷرض ،واﻟﺸﻘﺎوة ﻟﻠﻨﺎس ..واﳉﺎﻫﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺪ اﻟﻬﻮى ﻣﻦ دون اﻟﻠﻪ«. » ....وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺤﻴﺔ اﻹﺳـﻼم ﻋـﻦ ﻗـﻴـﺎدة اﻟـﺒـﺸـﺮﻳـﺔ ﺣـﺪﺛـﺎً ﻫﺎﺋـﻼً ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﻧﻜﺒﺔ ﻗﺎﺻﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻧﻜﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺮف اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﻧﻈﻴﺮاً ﻓﻲ ﻛﻞ أﻟﻢ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻜﺒﺎت«. ﻣﺎ ّ » ....أن ﻫﻨﺎك ﻋﺼﺎﺑﺔ ﻣﻦ ا;ﻀﻠﻠ nاﳋﺎدﻋ nأﻋﺪاء اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻳﻀﻌﻮن 153
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻟﻬﺎ ا;ﻨﻬﺞ اﻹﻟﻬﻲ ﻓﻲ ﻛﻔﺔ واﻹﺑﺪاع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ا;ﺎدة ﻓﻲ اﻟﻜﻔﺔ اﻷﺧﺮى ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻬﺎ :اﺧﺘﺎري!! ...وﻫﺬا ﺧﺪاع ﻟﺌﻴﻢ ﺧﺒﻴـﺚ ﻓـﻮﺿـﻊ ا;ـﺴـﺄﻟـﺔ ﻟـﻴـﺲ ﻫﻜﺬا أﺑـﺪاً .أن ا;ﻨﻬﺞ اﻹﻟﻬﻲ ﻟﻴـﺲ ﻋـﺪواً ﻟﻺﺑﺪاع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ إ ﺎ ﻫﻮ ﻣﻨـﺸـﺊ ﻟﻬﺬا اﻹﺑﺪاع وﻣﻮﺟﻪ ﻟﻪ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ذﻟﻚ ﻛﻲ ﻳﻨﻬـﺾ اﻹﻧـﺴـﺎن qـﻘـﺎم اﳋﻼﻓﺔ ﻓﻲ اﻷرض«.... »وﻟﻘﺪ ﺗﺄﺧﺬﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺧﺎدﻋﺔ ﻻﻓﺘﺮاق اﻟﺴﻦ اﻟﻜﻮﻧﻴـﺔ ﺣ nﻧﺮى إن اﺗﺒﺎع اﻟﻘﻮاﻧ nاﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻟﻨﺠﺎح ﻣﻊ ﻣـﺨـﺎﻟـﻔـﺔ اﻟـﻘـﻴـﻢ اﻹzﺎﻧﻴﺔ ﻫﺬا اﻻﻓﺘﺮاق ﻗﺪ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﻓﻲ أول اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻟﻜـﻨـﻬـﺎ ﺗـﻈـﻬـﺮ ﺣﺘﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ وﻫﺬا ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻘﺪ ﺑﺪأ ﺧﻂ ﺻﻌﻮده ً ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎء اﻟﻘﻮاﻧ nاﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻘﻴﻢ اﻹzﺎﻧﻴﺔ وﺑﺪأ ﺧﻂ ﻫﺒﻮﻃﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻓﺘﺮاﻗﻬﻤﺎ وﻇﻞ ﻳﻬﺒﻂ وﻳﻬﺒﻂ ﻛﻠﻤﺎ اﻧﻔﺮﺟﺖ زاوﻳﺔ اﻻﻓﺘﺮاق ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﻟﻰ اﳊﻀﻴﺾ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻫﻤﻞ اﻟﺴﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴـﺔ واﻟـﻘـﻴـﻢ اﻹzـﺎﻧـﻴـﺔ ﺟﻤﻴﻌﺎ«. »وﻓﻲ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﺗﻘﻒ اﳊﻀﺎرة ا;ﺎدﻳﺔ اﻟﻴﻮم ،ﺗﻘﻒ ﻛـﺎﻟـﻄـﺎﺋـﺮ اﻟـﺬي ﻳﺮف ﺑﺠﻨﺎح واﺣﺪ ﺟﺒﺎر ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺟﻨﺎﺣﻪ اﻵﺧﺮ ﻣﻬﻴﺾ ،ﻓـﻴـﺮﺗـﻘـﻲ ﻓـﻲ اﻹﺑـﺪاع ا;ﺎدي ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺮﺗﻜﺲ ﻓﻲ ا;ﻌﻨﻰ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ«... »إن ﺷﺮﻳﻌﺔ اﻟﻠﻪ ﻟﻠﻨﺎس ﻫﻲ ﻃﺮف ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻧﻪ اﻟﻜﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ﻓﺈﻧﻔﺎذ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻻﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ اﺛﺮ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑ nﺳﻴﺮة اﻟﻨﺎس وﺳﻴـﺮة اﻟﻜﻮن ....ﻓﺎﻻرﺗﺒﺎط ﻗﺎﺋﻢ وﺛﻴﻖ ﺑ nﻋﻤﻞ اﻹﻧﺴـﺎن وﺷـﻌـﻮره وﺑـ nﻣـﺠـﺮﻳـﺎت اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﺴ ّـﻨﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ وﻻ ﻳﻮﺣﻲ ﺑـﺘـﻤـﺰﻳـﻖ ﻫـﺬا اﻻرﺗﺒﺎط إﻻ ﻋﺪو ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻳـﻄـﺎردﻫـﺎ دون اﻟـﻬـﺪى و ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ ﻟـﻬـﺎ أن ﺗـﻄـﺎرده وﺗﻘﺼﻴﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ رﺑّﻬﺎ اﻟﻜﺮ «. ا;ﺼﺪر :ﺳﻴﺪ ﻗﻄـﺐ ،ﻓـﻲ ﻇـﻼل اﻟـﻘـﺮآن ،ج ،١ط ،٧دار أﺣﻴﺎء اﻟـﺘـﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑـﻴـﺮوت ،ص .١٢ -٣
-٥اﳊﻼل واﳊﺮام ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺒﺎس اﳊﻀﺎري
»إن اﻹﺳﻼم ﻳﺘﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ أن ﻳﺘﻠﻘﻰ ا;ﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ا;ﺴـﻠـﻢ ،أو ﻋـﻦ ﻏـﻴـﺮ ـﻲ ﻣﻦ ا;ﺴﻠﻤ ،nﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻴﻤﻴﺎء اﻟﺒﺤـﺘـﺔ ،أو اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ ،أو اﻟـﻔـﻠـﻚ ،أو اﻟﺘﻘ ّ اﻟﻄﺐ ،أو اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،أو اﻟﺰراﻋﺔ ،أو اﻷﻋﻤﺎل اﻹدارﻳﺔ واﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ وأﻣﺜـﺎﻟـﻬـﺎ... 154
ﻣﻠﺤﻖ
وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺘﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ أن ﻳﺘﻠـﻘـﻰ أﺻـﻮل ﻋـﻘـﻴـﺪﺗـﻪ ،وﻻ ﻣـﻘ ّـﻮﻣﺎت ﺗـﺼـﻮره ،وﻻ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻗﺮآﻧﻪ وﺣﺪﻳﺜﻪ وﺳﻴﺮة ﻧﺒﻴﻪ ،وﻻ ﻣﻨﻬﺞ ﺗﺎرﻳﺨﻪ وﺗـﻔـﺴـﻴـﺮ ﻧـﺸـﺎﻃـﻪ ،وﻻ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ،وﻻ ﻧﻈﺎم ﺣﻜﻤﻪ ،وﻻ ﻣﻨﻬﺞ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ ،وﻻ ﻣﻮﺣﻴﺎت ﻓﻨﻪ وأدﺑﻪ وﺗﻌﺒﻴﺮه ..ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر ﻏﻴﺮ إﺳﻼﻣﻴﺔ .وﻻ أن ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠـﻢ ﻳـﺜـﻖ ﻓـﻲ دﻳﻨﻪ وﺗﻘﻮاه ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ﻫﺬا ﻛﻠﻪ« »إن اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم إﻧﺴﺎن ﻋﺎش ﻳﻘﺮأ أرﺑﻌ nﺳﻨـﺔ ﻛـﺎﻣـﻠـﺔ .ﻛـﺎن ﻋﻤﻠﻪ اﻷول ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﻘﺮاءة واﻻﻃﻼع ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺣﻘﻮل ا;ﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻣﺎ وﺗﺼﻮره ﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﺨﺼﺼﻪ وﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﻮاﻳﺎﺗﻪ .ﺛﻢ ﻋﺎد إﻟﻰ ﻣﺼﺎدر ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ّ ﻓﺈذا ﻫﻮ ﻳﺠﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺮأه ﺿﺌﻴﻼ ﺿﺌﻴﻼ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ اﻟﺮﺻﻴﺪ اﻟﻀـﺨـﻢ- وﻣﺎ ﻛﺎن zﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن إﻻ ﻛﺬﻟﻚ-وﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻨﺎدم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻀـﻰ ﻓـﻴـﻪ أرﺑـﻌـn ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه .ﻓﺈ ﺎ ﻋﺮف اﳉﺎﻫـﻠـﻴـﺔ)× ،(٦ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ،وﻋﻠﻰ اﻧﺤﺮاﻓـﻬـﺎ وﻋﻠﻰ ﺿﺂﻟﺘﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﻗﺰاﻣﺘﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﺟﻌـﺠـﻌـﺘـﻬـﺎ واﻧـﺘـﻔـﺎﺷـﻬـﺎ وﻋـﻠـﻰ ﻏـﺮورﻫـﺎ وادﻋﺎﺋﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ!! وﻋﻠﻢ ﻋـﻠْﻢ اﻟﻴﻘ nاﻧﻪ ﻻ zﻜﻦ أن ﻳﺠﻤﻊ ا;ﺴﻠﻢ ﺑ nﻫﺬﻳـﻦ ا;ﺼﺪرﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻘﻲ!!« »وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻠﻴﺲ اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﻘﺮة رأﻳﺎً ﻟﻲ أﺑﺪﻳﻪ ...إن اﻷﻣﺮ اﻛﺒﺮ ﻣﻦ أن ﻳﻔﺘﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﺮأي .إﻧﻪ اﺛﻘﻞ ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻟﻠﻪ ﻣﻦ أن ﻳﻌﺘﻤﺪ ا;ﺴﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ رأﻳﻪ وإ ﺎ ﻫﻮ ﻗﻮل اﻟﻠﻪ ..وﻗﻮل ﻧﺒﻴﻪ ...ﻧﺤﻜّﻤﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ...ﻳﻘﻮل اﻟﻠﻪ ﻋﻦ اﻟﻬﺪف اﻟﻨﻬﺎﺋـﻲ ﻟـﻠـﻴـﻬـﻮد واﻟـﻨـﺼـﺎرى ﻓـﻲ ﺷـﺄن ا;ﺴﻠﻤ nﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ) :ود ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻮ ﻳﺮدوﻧﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ إzﺎﻧﻜﻢ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻬﻢ اﳊﻖ(.. ً ﻛﻔﺎرا ،ﺣﺴﺪاً ﻣﻦ ﻋﻨﺪ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﺑﻌﺪﻣﺎ ّ »وﻳﻘﻮل رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ...:أﻻ ﺗﺴـﺄﻟـﻮا أﻫـﻞ اﻟـﻜـﺘـﺎب ﻋـﻦ ﺷـﻲء ..ﻓـﺎﻧـﻬـﻢ ﻟـﻦ ﻳﻬﺪوﻛﻢ وﻗﺪ ﺿﻠﻮا ...واﻧﻪ واﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻮﺳﻰ ﺣﻴﺎ ﺑ nأﻇﻬﺮﻛﻢ ﻣﺎ ﺣﻞ ﻟﻪ إﻻ أن ﻳﺘﺒﻌﻨﻲ(« ...وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻐﻔﻠﺔ ا;ﺰرﻳﺔ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ ،وﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺟﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﲡﺐ اﳊﻴﻄﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء دراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺤﺘﺔ-اﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ اﳊﺎﺿﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدرﻫﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ-ﻣﻦ أﻳﺔ ﻇﻼل ﻓـﻠـﺴـﻔـﻴـﺔ ﺗـﺘـﻌـﻠـﻖ ﺑـﻬـﺎ ،ﻷن ﻫـﺬه اﻟﻈﻼل ﻣﻌﺎدﻳﺔ ﻓﻲ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻟﻠﺘﺼﻮر اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺟﻤﻠﺔ ،وﻟﻠﺘﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺼﻔﺔ وأي ﻗﺪر ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺴﻤﻴﻢ اﻟﻴﻨﺒﻮع اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺼﺎﻓﻲ«. ﺧﺎﺻﺔّ . ا;ﺼﺪر :ﺳ ّـﻴﺪ ﻗﻄﺐ ،ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ اﻟـﻄـﺮﻳـﻖ ،دار دﻣـﺸـﻖ ،?١٩٦٥ ،ص-١٧٥: .١٨٢ 155
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
-٦ﻧﻈﺮة إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة
»ﻋﻠﻰ أن اﻹﺳﻼم ﻳﻘﺼﺮ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻓﻠﻬﺎ ﻋﻨﺪه أﺻﻮﻟﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،وان ﻛﺎن ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺳﻠﻄﺎن ﻓﻴﻬﺎ أﻳـﻀـﺎً .ﻷن ﻣﺴﺎﺋﻠﻬﺎ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎد ،واﻹﺟﻬﺎد وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻌﻘﻞ ،ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻠﻮم ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﻨﺎط اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻓﻴـﻬـﺎ ،ﺣـﺘـﻰ ورد ﻓـﻲ ﻫـﺬا ﻣـﻦ اﻷﺛﺮ» :ﻻ دﻳﻦ ;ﻦ ﻻ ﻋﻘﻞ ﻟﻪ«. »أﻣﺎ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻓﻼ ﺷﺄن ﻟﺴﻠﻄﺎن اﻹﺳﻼم ﻓﻴﻬـﺎ ،وإ ـﺎ اﻟـﺴـﻠـﻄـﺎن ـﺪث واﺣﺪ ﻣﻨﻬـﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ وﺣﺪه ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﺑﻬﺎ رﺟﺎل اﻟﺪﻳـﻦ ،وﻻ ﻳـﺤ ّ ﻧﻔﺴﻪ أن ﻳﻘﻒ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻹﺳﻼم ،ﻓﻴﻌﻮﻗﻬﺎ ﻋـﻦ اﻟـﺘـﻘـﺪم واﻟـﻨـﻬـﻮض، وﻳﻔﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ رﺟﺎﻟﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ ،ﻣﻊ اﻧﻪ ﻻ ﺷﺄن ﻟﻪ ﺑﻬﻢ ،وإ ﺎ ﻟﻪ ﻋﻠﻮﻣﻪ وﻟﻬﻢ ﻋﻠﻮﻣﻬﻢ« ا;ﺼﺪر :ﻋﺒﺪا ;ﺘﻌﺎل اﻟﺼﻌﻴﺪي ،ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻻ.ت، ص ٢٣
ﺧﺮﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻒ -٧ﲡﺮﺑﺔ ّ
»ﺗﺨﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻨﺠﻒ ﺳﻨـﺔ ،١٩٣٦وﻋﺪت إﻟﻰ ﺑﻼدي ﺟﺒﻞ ﻋﺎﻣﻞ، وأﻧﺎ أﺣﻤﻞ ﻣﻌﻲ أﺣـﻼﻣـﺎً ورؤى وإzﺎﻧﺎ ﺑﺄن ﻟﻲ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﻴـﺎة رﺳـﺎﻟـﺘـ nأو ﻣﻬﻤﺘ ،nاﻷوﻟﻰ :اﻹرﺷﺎد واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻓﺼﻞ اﳋﺼﻮﻣﺎت وﻣﺎ إﻟﻴﻬﺎ ...أﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ا;ﺼﻴﺮ أي ﻣﺼﻴﺮي أﻧﺎ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﻲ أن اﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﳊﺰﺑﻴﺎت، وأﺳﻠﻚ ﻛﻞ ﺳﺒـﻴـﻞ-إﻻ ﺳـﺒـﻴـﻞ اﻟـﺮﻳـﺎء-ﻳـﺒـﻌـﺚ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺜـﻘـﺔ ﺑـﻲ ﻋـﻠـﻤـﺎً وﻓـﻀـﻼً، إﻟﻲ دﻳﻨﺎ وﺧﻠﻘﺎً«. واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ّ »وﻟﻜﻦ ﻟﻢ zﺾ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﻮﺛﻲ ﻓﻲ ﻗﺮب ﻋﺎﻣﻞ ﺑ nا;ﺴﺎﻛ nﺳﻮى أﻳﺎم ﺣﺘﻰ ﺷﺒﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻧﺎر اﻟﺜﻮرة ﻋﻠﻰ اﻷوﺿﺎع اﻟﻔﺎﺳﺪة ،ﻟﻬﻮل ﻣﺎ رأﻳﺖ ﻣﻦ ﺟﺤﻴﻢ واﺣﺪا ،وﻫﻮ أن أﺑـﺼّﺮ اﻟـﻨـﺎس ً اﻟﺒﺆس واﻟﺸﻘﺎء ،وﻧﺴﻴـﺖ ﻛـﻞ ﺷـﻲء إﻻ ﺷـﻴـﺌـﺎً ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ وواﺟﺒﺎﺗﻬﻢ ،وأﺑﺚ ﻓﻴﻬﻢ روح اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻹﻗﺪام ﻋﻠﻰ ﲢﻄﻴﻢ اﻟﻘﻴﻮد واﻷﻏﻼل اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ،ﻻ ﻳـﺼـﺮﻓـﻨـﻲ ﻋـﻦ ذﻟﻚ ﺧﻮف ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎش أو ﻣﻨـﺼـﺐ .ﻟـﻘـﺪ أدرﻛـﺖ اﻧـﻪ ﻻ ﻓـﺎﺋـﺪة ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻌـﻠـﻴـﻢ واﻹرﺷﺎد ،وﻻ ﺟﺪوى ﻣﻦ ﺷﻲء إﻻ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﺴﻮده اﻟﻌﺪل واﻟﺴﻼم واﻟﺮﺧﺎء .أدرﻛﺖ إن اﻹﺻﻼح ﻳﺠﺐ أن ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ اﳉﺬور ﻻ ﻣﻦ اﻟﻔـﺮوع ،وإﻻّ 156
ﻣﻠﺤﻖ
ﺻﺪق ﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل: أﻟـ ـ ـﻘ ـ ــﺎه ﻓ ـ ــﻲ اﻟـ ـ ـﻴ ـ ــﻢ ﻣ ـ ـ ـﻜ ـ ـ ـﺘـ ـ ــﻮﻓـ ـ ــﺎً وﻗ ـ ــﺎل ﻟ ـ ــﻪ إﻳ ـ ـ ـ ـ ــﺎك إﻳ ـ ـ ـ ـ ــﺎك أن ﺗـ ـ ـ ـ ـ ـﺒـ ـ ـ ـ ـ ـﺘ ـ ـ ـ ـ ــﻞ ﺑ ـ ـ ـ ـ ــﺎ$ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎء ﻧﻮﺟﻪ ﻫﻤﻨﺎ ﶈﺎرﺑﺔ اﻟﻐﺶ واﳋﺪاع أدرﻛﺖ أن ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ أن ّ واﻟﺘﻀﻠﻴﻞ وأن ﻧﻜﻮن ﺻﺮﻳﺤ nﻣﻊ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻣﻊ اﻟﻨﺎس ..وﻧﻌﻠﻦ ﻟﻠﻤﻸ إن اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ آﻻم اﻟﻨﺎس ﺷﺮع ﻟﺼﺎﻟﺢ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ،واﻧﻪ ﺧﺎﺿﻊ ;ﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻌﻘﻞ ،واﻧﻪ ّ وآﻣﺎﻟﻬﻢ وﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب وﺣﺪه ﻳـﻜـﻮن اﻟـﺪﻳـﻦ ﻗـﺮﻳـﺒـﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮل ﻣـﺤـﺒـﺒـﺎً إﻟﻰ اﻟﻨﻔﻮس« » ...إن اﻟﻨﺎس ﺗﺜﻖ ﺑﺄﻗﻮال اﻷﻃﺒﺎء وا;ﻬﻨﺪﺳ nوأرﺑﺎب ا;ﻬﻦ واﳊﺮف ﻻ ﻟﺸﻲء إﻻ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻨﺘﻔﻌﻮن ﺑﺂراﺋﻬﻢ ،ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ أن ﻧﻌﻤﻞ وﳒـﺎﻫـﺪ ;ـﺼـﺎﻟـﺢ اﻟﻨﺎس وﻣﻨﻔﻌﺘﻬﻢ ،ﻟﻴﺜﻘـﻮا ﺑـﺄﻗـﻮاﻟـﻨـﺎ .إن اﻟـﻠـﻪ أرﺳـﻞ اﻟـﺮﺳـﻞ ،وﻣـﻊ ﻛـﻞ رﺳـﻮل ﻣﻌﺠﺰة ﺗﻼﺋﻢ ﻋﺼﺮه وﺗﺜﺒﺖ ﻧﺒﺮﺗﻪ ،وا;ﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺼﺮ وﺗﺘﻘﺒﻠﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻓﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ وﺗﻜﻔﻞ ﺻﻼﺣﻬﻢ دﻧﻴـﺎ وآﺧـﺮه .إذن ﻓﻠﻨﺜﺒﺖ ﻟﻬﻢ أن ا;ﻌﺠﺰة ﻣﻌﻨﺎ«. »إن اﳊﻀﺎرة اﳊﺪﻳﺜﺔ ﺻﺮﻓﺖ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺪ واﻟﺘﻘﺸﻒ ،وأﺑـﻌـﺪﺗـﻬـﻢ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺧﺮوي ،واﲡـﻬـﺖ ﺑـﻬـﻢ إﻟـﻰ ا;ـﺎدة ،واﻟـﺪﻳـﻦ ﻳـﺒـﺎرك ا;ـﺎدة ،ﺑـﻞ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ زﻳﻨﺔ اﻟﻠﻪ ،وﻳﺤﺮم ﻋﻠﻰ أي إﻧﺴﺎن أن zﻨﻊ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ ﺎرﺳﺘﻬﺎ واﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﺎداﻣﺖ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻓﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻌـﺪاﻟـﺔ وا;ـﺴـﺎواة .إن اﻟـﺪﻳـﻦ ﻳـﺒـﺎرك اﻟـﻄـﻌـﺎم اﳉﻴﺪ واﻟﻜﺴﺎء اﳉﻴﺪ ،وا;ﺴﻜﻦ اﳉﻴﺪ وا;ﺮﻛﺐ اﳉﻴﺪ إذا ﻛﺎن ﻣﻦ ﺣﻞ ،ﺑـﻞ ﻳﺒﺎرك اﻟﻠﻌﺐ وﺷﺘﻰ أﻧﻮاع اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺟﺴﻤﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﻓﻜﺮﻳﺔ .إن ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻫﺬه ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻛﺎﻟﺼﻮم واﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑـﻬـﺎ اﻹﻧـﺴـﺎن ﻋـﻠـﻰ ﺣـﺴـﺎب ﻏﻴﺮه ،وﻳﺤﺮم ﻣﻦ ﻳﺸﺎرﻛﻪ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺴﻄﻪ وﻧﺼﻴﺒﻪ ،وﻛﺬا اﻷﺳﻠﻮب zﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺴﻜﺖ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد ﺻﺎﺣﺐ ﻛـﺘـﺎب »اﻟـﻠـﻪ واﻹﻧـﺴـﺎن« )(١٩٥٥ ﺣﻴﺚ ﻗﺎل» :ﻟﻘﺪ ﺟﺮّﺑﻨﺎ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ا;ﺬاﻫﺐ اﻷرﺑﻌﺔ ،وﻟﻢ ﻳﺒﻖ إﻻ أن ﳒﺮب اﻟﻄﻌﺎم اﳉﻴﺪ« ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ،وﻻ أﻳﺔ ﻗﻮة ﺗﺴﺘﻄـﻴـﻊ أن ﺗـﻔـﺮض اﻹzـﺎن ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻨـﺎس ﻓﺮﺿـﺎً ،وإ ﺎ ﻧﻌﺮﻓﻬﻢ ﺑﺤﻘﻴـﻘـﺘـﻪ ،واﻧـﻪ أﺑ ﱡـﺮ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ أﻧﻔﺴـﻬـﻢ ..وﺑـﻬـﺬا وﺣـﺪه ﻧﻘﺮﺑﻬﻢ ﻣﻨﻪ ،وﻧﺤﺒﺒﻪ إﻟﻰ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ« ّ ا;ﺼﺪر :ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻮاد ﻣﻐﻨﻴﺔ ،اﻹﺳﻼم ﻣﺢ اﳊﻴﺎة ،دراﺳﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺘﻄﻮر ،ﺑﻴﺮوت ،ط ،١٩٦١٬٢ص ٢٧٧-٢٧٥ 157
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
-٨ﺟﻴﻞ اﻟﺘﻤﺰق ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ
»ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟـﺚ ﻋـﺸـﺮ ﻣـﻦ 6ـﻮز -١٩٥أي ﻗﺒﻞ ﺛﻮرﺗـﻨـﺎ اﺠﻤﻟـﻴـﺪة ﺑـﻴـﻮم واﺣـﺪ- وردﺗﻨﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺷﺎﻋﺮ ﻫﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ اﻃﻤﻴﺶ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ .وﻟﻢ ﺗﻌـﺪ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﺠﺮد رﺳﺎﻟﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻻﻻت ..ﻟﻴﺴﻤﺢ ﻟﻲ اﻟﻘﺎر¤ أن اﻧﻘﻞ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ» :ﻻ أﻇﻨﻚ ﺗﺮﻳﺪﻧﻲ أن أﺑـﺪأ رﺳـﺎﻟـﺘـﻲ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻓﺎﺳﻄﺮ ﻟﻚ اﻟﺘﺤﻴﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘـﻲ ﻻ أرى ﻟـﻬـﺎ أي ﻣـﺒـﺮر ،وﻻ أﺟﺪ ﻟﻬﺎ أي ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق .أﻧﻨﻲ اﻵن ﻛﻌﺎدﺗﻲ أﺣﻴﺎ ﺣﻴﺎة ﺗﺎﻓﻬﺔ .ﻣﻨﺬ أن اﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻫﺬا اﻟﺼﺒﺎح ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﻄﺮب ﻓﻲ دﻣﺎﻏﻲ اﻷرﻋـﻦ ﻓـﻜـﺮة-ﺑـﺪت ﻟـﻲ أول اﻷﻣﺮ ﻃﻴﺒﺔ-ﻟﺴﺖ أدري ﻛﻴﻒ? ﻫﻲ أن اﻗﺬف ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺧـﺎرج ﺣـﺪود ﻫـﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﺎﺑﻲ ،ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن ﺑﻌﻴﺪ ،ﻓﻲ أي ﺑﻘﻌﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ،وﻻ أﻓـﻜـﺮ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـﻚ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ .أن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ;ﺜﻠﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﺿﺮﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ اﶈﺰﻧﺔ .إﻧﻨﻲ اﻵن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻣﻘﻴﺘﺔ ،وﻣﺘـﻌـﺐ إﻟـﻰ ﺣـﺪ ﻗـﺪ ﻳـﺨـﻴـﻔـﻚ! إﻧـﻲ أﺷـﻌـﺮ أن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻗﺪ ﻓـﻘـﺪت ﺷـﻴـﺌـﺎً ﻣﻦ ﺗﻮازﻧﻬﺎ ،ﻻ ﺑﻞ ﻛﻞ ﺗﻮازﻧـﻬـﺎ ،وان اﻷرض اﻟـﺘـﻲ ﻋﺸﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ أﺟﻴﺎﻻً وأﺟﻴﺎﻻ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﺴﺘﻘﺮه اﻵن ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺿﺎﻗﺖ ﺑﻮﺟﻮدﻧﺎ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺑﻼ ﻟﻮن«. »أي أﺧﻲ ﺟﻠﻴﻞ ،ﻟﺴﺖ أدري إﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺳﺄﲢﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﺮﻣﺎد اﻟﺘﺎﻓﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﻛﺪ اﻵن ﺑﻴﻨﻲ وﺑ nدﻣﻲ ﻣﻨﺬ أﺷﻬﺮ .إﻧﻲ أﻣﻘﺘﻪ ،اﻛﺮﻫﻪ ،ﻻ ﺑﻞ ﺳﺮت ﻫـﺬه اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ-وﻳﺎ ﻟﻸﺳﻒ-إﻟﻰ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﻃﺎ;ﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﺮﻏـﺒـﺔ ﻣـﻠـﺤـﺎﺣـﺔ ﻓﻲ أن أﺷﺘﻤﻬﻢ ﺟﻤـﻴـﻌـﺎً .ﻻ ﺗﻌﺠﺐ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺄﻧﺎ اﻵن ﻻ أﺷـﻌـﺮ ﺑـﺎﳊـﺐ وﻻ ﻓﻲ اﻵن أﺻﺒﺢ ﻓﺎﻗﺪاً ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻛﻴﺎﻧﻪ ،وﻗﻴﻤﺘﻪ- ﺑﺎﻟﻔﺮح وﻻ اﻷﻟﻢ .ﻷن ﻛﻞ ﺷﻲء ّ »ﻣﻴﺘﺎ« ﺑﻜﻠﻤﺔ أدق«. ً ً ﺷﻴﺌﺎ »أي أﺧﻲ ﺟﻠﻴﻞ ...ﺻﺪﻗﻨﻲ وأﻧﺎ أﻛﺘﺐ إﻟﻴﻚ ﻫﺬه اﻟﺴﺎﻋﺔ ،إﻧﻲ أﻧﺎ ﻧﻔﺴﻲ أﺷﻌﺮ أن إﻧﺴﺎﻧﺎً آﺧﺮ-وأﻇﻨﻪ ﻣﺠﻨﻮﻧﺎً-ﻗﺪ ﺗﻠﺒّﺲ ﻧﻔﺴﻲ واﺣﺘﻞ ﻛﻴﺎﻧﻲ ا;ﻨﻬﻮب، ﻓﺄﻓﻘﺪﻧﻲ ﺷﺨﺼﻴﺘﻲ وﺣﻘﻴﻘﺘﻲ .وﻟﻜﻨﻲ-وﻳﺎ ﻟﻼﺳﺘﺪراك اﻟﻔﻈﻴﻊ-ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺪﻗﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻢ أﺟﺪه ﻏﻴﺮي أﻧﺎ«. »إن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻠﺘﻲ اﻵن ﻳﻠﻔﻬﺎ ﺿﺒﺎب ﻗﺎ¬ ﺑﻠﻴﺪ .إن ﺻﻮر ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ أﻋﺮﻓﻬﻢ ﻣﻜﺪﺳﺔ ﻣﺘﺮاﻛﻢ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ ﻛـﺎﻷﺷـﻼء.. وﻣﻦ أﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮا اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ وﻫﻲ ﻓﻲ رأس ﻣﺘﺤﺠﺮ ﻛﺮأﺳﻲ ﻏﻄﺎه اﻟﺘﺮاب وأﻋﻤﺎه اﻟﺮﻣﺎد .إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴـﺖ ﺻـﻮراً ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﺑﻞ 6ﺎﺛﻴﻞ ﺟﺎﻣﺪة ﻣﺘﻴﺒﺴﺔ وﻣﻨـﺘـﺼـﺒـﺔ 158
ﻣﻠﺤﻖ
أﻣﺎﻣﻲ ﺑﺒﻼدة) ...وﻟﻜﻦ( ..ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أﺑﺪاً أن ﻧﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﺣﺐ أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ وﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺣﺐ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎً ،ﻧﺤﻦ اﻟﺒﺴﻄﺎء اﻟﻌﻤﺎﻟﻘﺔ«. ﻛﺘﺒﺎ ﻛﺜﻴﺮة ،ﻗﺮأت ﺑﻮﺷﻜ ،nوﺳﺎرﺗﺮ ،وﺷﻠﻲ ،وﺟﻮرﻛﻲ »ﻗﺮأت ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ً اﻟﻌﻈﻴﻢ وﺗﺸﻴﺨﻮف .وإﻧﻨﻲ ﺗﻌﺐ اﻵن .إﻧﻨﻲ اﻧﻔﻖ ﻧﻬﺎري ﻗﺎﺑﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ أﻗﺮأ. أﻣﺎ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻓﻨﺰﺟﻴﻬﺎ أﻧﺎ واﻷخ ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻧﺜﺮﺛﺮ ،أو اﻧﻈﻢ اﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ اﻟﻨﻬﺮ-«...رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺆرﺧﺔ ﻓﻲ 6 ٩ﻮز )ﻳﻮﻟﻴﻮ( .١٩٥٨ ا;ﺼﺪر :ﺟﻠﻴﻞ ﻛﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ ،اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳊﺪﻳﺚ وروح اﻟﻌﺼﺮ ،ﺑﻴﺮوت ١٩٦٤ص .٢٠-١٧
- ٩ﻧﺤﻮ ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ إﺳﻼﻣﻲ..
»ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺻﻐﺮي ﺷﺪﻳﺪ اﻹﻋﺠﺎب ﺑﻔﺮوﻳﺪ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﻔﺘﻨﺔ .ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺳﻦ ا;ﺮاﻫﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻬﻮﻳﻬﺎ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﺠﻤﻟﻬﻮل ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء :ﻓﻲ اﻟﻜﻮن وﻓﻲ اﳊﻴﺎة واﻹﻧﺴﺎن .وﻛﺎن ﻓﺮوﻳﺪ ﻳﺨﺎﻳﻞ ﻟﻲ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﻴﺨﻴﻞ إﻟﻲ وﻗﺘﺌﺬ أﻧﻪ zﻨﺤﻨﻲ ا;ﻔﺘﺎح اﻟﺴﺤﺮي اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺢ ﻣﻐﺎﻟﻴﻖ اﻷﺳﺮار .أو ا;ﻨﻈـﺎر اﻟﺴﺤﺮي اﻟﺬي ﻳﻜﺸﻒ اﺠﻤﻟﻬﻮل .وأن أﻏﻮار اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺴﺤﻴﻘﺔ ﺣﺎﺿﺮة ﻛـﻠـﻬـﺎ ﺑ nﻳﺪي ،ﺑﻨﻈﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ ا;ﻨﻈﺎر ا;ﺴﺤﻮر!)×(٧ ّ »وﻇﻠﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﻨﺘﻲ ﻫﺬه ﺳﻨﻮات ،أﻗﺮأ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﻟﻲ ﻣﻦ أﻗﻮال ﻓﺮوﻳﺪ أو ﺷﺮوح ﺗﻼﻣﻴﺬه ا;ﻌﺠﺒ nﺑﻪ ،وان ﻛﺎن ﻗﺪ ﻫﺎﻟﻨﻲ ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈـﺔ اﻷوﻟـﻰ اﻧـﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﻟﻸﺣـﻼم ﻻ ﻳـﺪع ﻣـﺠـﺎﻻً ﻟﻸﺣﻼم اﻟﺘﻨـﺒـﺌـﻴـﺔ (٨×)،وﻳﻠﻐﻲ ﻛﻞ ﺻـﻠـﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن »ﺑﺎﺠﻤﻟﻬﻮل« اﻟﻜﺒﻴﺮ. وأﻛﻤﻠﺖ دراﺳﺘﻲ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ودﺧﻠﺖ اﳉﺎﻣﻌﺔ ،وزادت ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻲ ﻋﻦ اﻟﻜﻮن واﳊﻴﺎة واﻹﻧﺴﺎن .و ﺑﺪأت أﻧﻈﺮ إﻟـﻰ ﻓـﺮوﻳـﺪ ﺑـﻐـﻴـﺮ ﻧـﻈـﺮة اﻹﻋـﺠـﺎب ا;ﺴﺤﻮر .ﺑﻞ ﺑﺪأت اﺗﺨﺬ ﻣﻨﻪ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻨﺎﻗﺪ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﲡﺎرﺑﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﳊ«n »ﺛﻢ دﺧﻠﺖ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ درﺳﺖ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺸـﻲء ﻣـﻦ اﻟـﺘـﻮﺳـﻊ، وﻓﺮوﻳﺪ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ .وﺧﻄﺮ ﻟﻲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻫـﺬه اﻟـﺪراﺳـﺔ اﻧـﻪ ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳﺘﻄﺮف ﻓﺮوﻳﺪ ﻓﻲ إﻃﻼق اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﻟﻬﺎ ،ورﻓﻊ »اﻟـﻜـﺒـﺖ« ﻋـﻦ اﻟـﻐـﺮاﺋـﺰ اﶈﺒﻮﺳﺔ ،وﺗﺘﻄﺮف اﻟﺪﻋﻮات ا;ﺘﺰﻣﺘﺔ ﻣﻦ اﳉﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﻓﺮض اﻟﻜـﺒـﺖ وﺳﻄﺎ ،ﻓﻼ ﻳﻔﺮض ً ﻣﻮﻗﻔﺎ ً ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﻴﻮﻳﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،ﻳﻘﻒ اﻹﺳﻼم ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ 159
ﲢﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻘﻴﻮد إﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي ﻳﺮﻫﻖ اﻟﻨﻔﺲ ،و ﻳﻌﻄﻞ دﻓﻌﺔ اﳊﻴﺎة ،وﻻ ﻳﻄﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻋﻘﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي ﻳﺮده ﺣـﻴـﻮاﻧـﺎ ،و ﻳـﻠـﻐـﻲ ﻣـﺎ ﺗـﻌـﺒـﺖ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺟﻬﺎدﻫﺎ اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻣﻦ »ﺿﻮاﺑﻂ« ﻟﻨﺰﻋﺎت اﳊﻴﻮان«. »ﺑ nﻫﺬﻳﻦ اﳊﺪﻳﻦ ا;ﺘﻄﺮﻓ nﻳﻘﻒ اﻹﺳﻼم ،وﻓﻲ ﺣﺪوده اﻟﺮﺣﻴﺒﺔ zﻜﻦ أن ﻳﺤﻴﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﺣﻴﺎة ﻃﺎﺑﻌـﻬـﺎ اﻟـﺴـﻼﻣـﺔ واﻻﺗـﺰان ...وﻇـﻠـﺖ ﻫـﺬه اﻟـﻔـﻜـﺮة ﺗﺘﻀﺢ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ وﺗﺘﺄﺻﻞ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﺸﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ ﺗﺨﺮﺟﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ وﺟﺪﺗﻬﺎ ﺗﺪﻓﻌﻨﻲ دﻓﻌﺎً إﻟﻰ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب« »وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ أن »اﻟﺬﻋﺮ« ﻳﺼﻴﺐ ﺑﻌﺾ ا;ﺸﺘﻐﻠـ nﺑـﺎﻟـﻌـﻠـﻢ ﺣـُ nﻳﺬﻛﺮ اﺳـﻢ اﻟﺪﻳﻦ! وإن »ا;ﺜﻘﻔ «nو »أﺣﺮار اﻟﻔﻜﺮ« ﺗﺼﻴﺒﻬﻢ اﻟﻨﻮﺑـﺔ ﻓـﺘـﻜـﻔـﻬـﺮ وﺟـﻮﻫـﻬـﻢ وﺗﺘﺸﻨﺞ ﻋﻀﻼﺗﻬﻢ وﻳﺸﻴﺮون ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ إﺷﺎرات ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﺗﻨـﺤـﻴـﺔ ﻫـﺬا اﻟﻜﻼم اﻟﻔﺎرغ ﻋﻦ ﻣﺠﺎل اﻟـﺒـﺤـﺚ اﻟـﻌـﻠـﻤـﻲ ..ﻓـﺄﺣـﺐ أن أﻗـﻮل ﻫـﻨـﺎ :إن ﻫـﺬا ﺧﺎﻟﺼﺎ«.. ً ً ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ اﻟﺒﺤﺚ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﺑﺤﺖ ،واﻧﻪ ﻳﺄﺧﺬ اﻟﺪﻳﻦ أﺧﺬاً ا;ﺼﺪر :ﻣﺤﻤﺪ ﻗﻄﺐ ،اﻹﻧﺴﺎن ﺑ nا;ﺎدﻳـﺔ واﻹﺳـﻼم ،ط ،٣ص .٧-٦
-١٠ﻣﺼﻴﺮ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻮﺿﻌﻲ ﻋﻨﺪﻧﺎ
واﺣﺪا ،ﺑn ً » ...أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺳﺘﺜﻨﻲ ﻣﻦ ﺗﻴﺎرات اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ا;ﻌﺎﺻﺮة ﺗﻴﺎراً ﻧﻈﺮﺗﻪ وﻧﻈﺮﺗﻨﺎ وﺷﺎﺋﺞ ﻗﺮﺑﻰ ،ﻫﻮ ﺗﻴﺎر اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﺒﺘﻬﺎ ا;ﺆﻣﻨﺔ- ﻓﻠﻠﻮﺟﻮدﻳﺔ ﺷﻌﺒﺘﺎن :ﻣﺆﻣﻨﺔ وﻣﻠﺤﺪة-ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻠﺴﻔﺔ )ﺑﺸﻌﺒﺘﻴﻬﺎ ﻣﻌـﺎً( ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺆوﻻ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻪ ،ﻓﻼ ﺗﻐﻨﻲ ﻧﻔﺲ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﻓﻲ ً أن ﻳﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻓﺎﻋﻼً ً ﺣﺮا ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﻳﻘﺮأ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻨﻘﻮع ً ﺷﻴﺌﺎ .وأﻣﺎ اﻟﺘﻴﺎرات اﻷﺧﺮى ً ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ ،ﻓﻴﺤﺲ ﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﺟﻮ ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻨﻪ ،ﻳﺤﺲ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﻨﻔﺲ دﺧﺎﻧﺎ ﻻ ﻫﻮاء ﻃﻠﻘﺎً .وﻟﻜﺎﺗﺐ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﲡﺮﺑﺔ ﺣﻴﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻬﺖ ً ﺑﻪ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ »اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ« ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ إﻟﻰ اﺧﺘﻴﺎر أﺣﺪ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،واﻋﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﺻﻼﺣﻴﺘﻪ ،ﻫﻮ ﺗﻴﺎر اﻟﺘﺠﺮﻳـﺒـﻴـﺔ اﻟـﻌـﻠـﻤـﻴـﺔ-أو اﻟـﻮﺿـﻌـﻴـﺔ ا;ﻨﻄﻘﻴﺔ-وﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻔﺼﻮل ،ﻟﻜﻨﻪ ﳊﻆ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺎدف ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻏﻴﺮ أﻫﻠﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﲢﺪث ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ، أو ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﺮﺟﺴﻮن ﻣﺜﻼً ،ﻓﻬﻨﺎ ﺗﺮﻫﻒ اﻵذان ﻟﺘﺴﻤﻊ«... ا;ﺼﺪر :د .زﻛﻲ ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻤﻮد ﻓﻲ ﲡﺪﻳﺪ اﻟﻔـﻜـﺮ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ،دار اﻟـﺸـﺮق ﺑﻴﺮوت .١٩٧٢ 160
ﻣﺮاﺟﻊ اﻟﺒﺤﺚ -١اﳌﺮاﺟﻊ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
د .اﻟﺒﺰاز ،ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٦٤ اﻟﺒﺸﺮي ،ﻃﺎرق ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٧٢أزﻣﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﳊﻀﺎري ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ ،اﻟﻜﻮﻳﺖ ١٩٧٤ ،اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ،ﺑﻴﺮوت ١٩٦٧ ﺣﺒﺸﻲ ،رﻳﻨﻪ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ا;ﻔﺘﺮق ،اﻟﻨﺪوة اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت١٩٦٠- د .ﺣﺴ ،nﻃﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﺟﺰءان ،اﻟﻘﺎﻫﺮة -١٩٣٨ا;ﻌﺬﺑﻮن ﻓﻲ اﻷرض ،ط ،٩ﺑﻴﺮوت ﻻ .ت.د .ﺣﺴ ،nﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﳊﻜﻴﻢ ،ﺗﻮﻓﻴﻖ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﺟﺰءان ،اﻟﻘﺎﻫﺮة -١٩٥٥ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜﺮ ،ط ،٣اﻟﻘﺎﻫﺮة -١٩٥٤اﻟﺘﻌﺎدﻟﻴﺔ، ﻣﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة واﻟﻔﻦ ،ط ،١اﻟﻘﺎﻫﺮة -١٩٥٥ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻧﺎﺋﺐ ﻓﻲ اﻷرﻳﺎف ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٤٩ ﺧﺎﻟﺪ ،ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺒﺪأ ،ط ،١١دار اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﻴﺮوت-ﻫﺬا ..أو اﻟﻄﻮﻓﺎن ط ،٥ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻻﳒﻠﻮ ﻣﺼﺮﻳﺔ-اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٥٩ د .ﺧﺪوري ،ﻣﺠﻴﺪ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﻴﺮوت ١٩٧٢ د .اﻟﺪواﻟﻴﺒﻲ ،ﻣﻌﺮوف رﺿﻮان ،ﻓﺘﺤﻲ ﻧﻈﺮات إﺳﻼﻣﻴﺔ ،دار اﳊﻴﺎة ،ﺑﻴﺮوت ١٩٦٥ﻋﺼﺮ اﻟﺮﺟﺎل ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻻﳒﻠﻮ-ﻣﺼﺮﻳﺔ-اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٧٦ د .زرﻳﻖ ،ﻗﺴﻄﻨﻄn اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﺑﻴﺮوت ١٩٣٩ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻨﻜﺒﺔ ،ﺑﻴﺮوت ١٩٤٨ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﳊﻀﺎرة ،ﺑﻴﺮوت ١٩٦٤ اﻟﺰﻳﺎت ،أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ وﺣﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ج ،٣ ٬٢ط -٦اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٦٤ ﺳﻌﺪ،أﺣﻤﺪ ﺻﺎدق ﺻﻔﺤﺎت ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر ا;ﺼﺮي ،ﺗﻘﺪ د .ﻋﺒﺪ اﻟﻌﻈﻴﻢ رﻣﻀﺎن اﻟﺴﻴﺪ ،ﻟﻄﻔﻲ ﺗﺄﻣﻼت ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻷدب واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻷدب واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎع ،ط ،٢دار ا;ﻌﺎرف.١٩٦٥ ، د.ﺿﻴﻒ ﺷﻮﻗﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،دار ا;ﻌﺎرف ،اﻟﻘﺎﻫﺮة .١٩٥٧ د.ﻋﺒﺪ ا;ﻠﻚ ،أﻧﻮر -دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ-دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ-ﺑﻴﺮوت-اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي واﳉﻴﺶ ،ﺑﻴﺮوت .١٩٦٩
161
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﺟﻤﺎل ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة ،اﻟﻘﺎﻫﺮة -١٩٥٤ا;ﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﻣﺆ6ﺮ اﻟﻘﻮى اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٦٢ ﻋﺒﺪه،ﻣﺤﻤﺪ اﻹﺳﻼم ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ وا;ﺪﻧﻴﺔ ،دار اﻟﻬﻼل.١٩٥٩، د .اﻟﻌﻈﻴﻢ،ﺻﺎدق ﻧﻘﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ ،دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﺑﻴﺮوت .١٩٦٩ ﻋﻔﻠﻖ ،ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻣﻌﺮﻛﺔ ا;ﺼﻴﺮ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﺑﻴﺮوت-.١٩٥٦ ،ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺒﻌﺚ ط ،٣ﺑﻴﺮوت ١٩٥٩ د .ﻋﻮض ،ﻟﻮﻳﺲ اﻟﻌﻨﻘﺎء أو ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺴﻦ ﻣﻔﺘﺎح ،دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﺑﻴﺮوت .١٩٦٤ ﻗﻄﺐ ،ﺳﻴﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼم واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ط ،٤اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻻ .ت.ﻗﻠﻌﺠﻲ ،ﻗﺪري ﲡﺮﺑﺔ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﳊﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ،ﺑﻴﺮوت .١٩٦٨ ﻣﺤﻔﻮظ ،ﳒﻴﺐ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،ط ،٦اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻻ .ت-.ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق ،ط ،٦اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻻ .ت.د .ﻣﻨﺪور ،ﻣﺤﻤﺪ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ أدﺑﻨﺎ اﳊﺪﻳﺚ ،دار اﻵداب ،ﺑﻴﺮوت .١٩٥٨ ﻧﻌﻴﻤﺔ،ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ زاد ا;ﻌﺎد ،ط ،٣ﺑﻴﺮوت. د .ﻫﻴﻜﻞ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴn اﻹzﺎن وا;ﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﻘـﺎﻫـﺮة .١٩٦٤
-٢اﳌﺮاﺟﻊ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ Cragg, Kenneth Counsels in Contemporary Islam, Islamic Surveys 3, Edinburgh, 1965. ;Gibb H.A.R., ed Whither Islam, London 1932. ;Hourani, Albert Arabic Thought in the Liberal Age, 1798- 1939, Oxford, 1962. ;Issawi Charles Egypt in Revolution, London, Oxford University Press,1963. ;Lewis Bernard Arabs in History, London, Hutchinson,1968. Islam in History, London, Alcove Press,1973. ;Longrigg, S.H,
162
Iraq 1900-1950, London, 1962 ;Sacre, Etienne Réflexion sur Ia Laicité, Kaslik, Liban, 1969. ;Smith, W.C. Islam in Modern History, Princeton, 1959. ;Thompson, David Europe Since Napoleon, London, Penguin, 1967. ;Vatikiotis P.J. (ed.) Egypt Since Revolution N.Y.,F.A. Praeger .1968
-٣اﳉﺮاﺋﺪ واﺠﻤﻟﻼت
آﻓﺎق ﻋﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺠﻠﺔﺑﻐﺪاد ،ﻋﺪد ،٢ﺗﺸﺮﻳﻦ أول .١٩٧٥ اﻷﻫﺮام ،ﺟﺮﻳﺪة اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻋﺪد ٢٠ﻳﻮﻧﻴﺔ ١٩٣٩ﻋﺪد ٢١ﻓﺒﺮاﻳﺮ . ١٩ اﳉﺮﻳﺪة ،ﺟﺮﻳﺪةاﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻋﺪد رﻗﻢ ٢١٧٨ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٩ﻣﺎﻳﻮ .١٩١٤ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔاﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﺑﺘﺎرﻳﺦ ١٧ﻳﻮﻟﻴﻪ .١٩٢٦ ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷدﺑﻲاﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﺑﺘﺎرﻳﺦ ١٤أﻛﺘﻮﺑﺮ » ١٩٣٢ﻋﺪد ﺧﺎص qﺆ6ﺮ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴ.«n اﻟﺸﻮرى ،ﻣﺠﻠﺔﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻋﺪد ،٣ﺳﻨﺔ ،٣ﻳﻮﻧﻴﻪ .١٩٧٦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻣﺠﻠﺔﺗﻮﻧﺲ ،ﻋﺪد ،٩ﺳﻨﺔ .١٩٧٦ ٬٢ ا;ﻌﺮﻓﺔ ،ﻣﺠﻠﺔدﻣﺸﻖ ،ﻋﺪد ،١٠١ﻳﻮﻟﻴﻪ » ١٩٧٠ﻋﺪد ﺧﺎص ﺑﺎ;ﻠﺘﻘﻰ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﳋﺮﻃﻮم .«١٩٧٠
163
164
اﻟﻬﻮاﻣﺶ ﻫﻮاﻣﺶ اﳌﻘﺪﻣﺔ:
) -(١اﻧﻈﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮي ﻟﻬﺬه اﳊﺮﻛﺎت اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ،ﻣﻦ وﺟﻬﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ أﺻﻮﻟﻴﺔ ﻓﻲ :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻬﻲ،: اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺗـﻄـﻮره :ص ١١٠ -٧٥وﻣﻦ وﺟﻬﺔ اﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ :ﺑﺮﻧـﺎرد ﻟـﻮﻳـﺲ ،اﻟـﻐـﺮب واﻟﺸـﺮق اﻷوﺳـﻂ ،ص ) ١٧٩ -١٤٧اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ( ،وﻣـﻦ وﺟـﻬـﺔ اﻻﺳـﺘـﺸـﺮاق اﻟـﺴـﻮﻓـﻴـﺘـﻲ ﻓـﻲ: ﻓﻼدzﻴﺮﺑﻮر ﻳﺴﻮﻓﻴﺘﺶ ﻟﻮﺗﺴﻜﻲ ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳊﺪﻳـﺚ :ص .٢٩٩ ٬٢١٤ -٢٠٥ ٬١٠١ -٩٥ ) -(٢اﻧﻈﺮ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑ nاﻟﺴﻠﻔﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ :ﺷﺮاﺑﻲ ،ا;ﺜﻘﻔﻮن اﻟﻌﺮب واﻟﻐـﺮب: ص ) ١٣١اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. ) -(٣ﻳﻘﻮل ﻋﺒﺎس ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻌﻘﺎد ،ا;ﻔﻜﺮ اﻷﺻﻮﻟﻲ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻋﻦ أﻋﻈﻢ ﺧﻄﺮ ﻟﻠﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ» :إن اﳋﻄﺮ ﻓﻴﻬﺎ إ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻴﺾ ا;ﻔﻬﻮم ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻲ ﻋﺮف اﳉﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺆرﺧﻬﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﺗﻨﻬﻚ ﻗﻮى اﻷ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻟﻢ ﺗﺘﺮﻛﻬﺎ ﻣﻮﻗﻨﺔ ﺑﺎﻟﻬﺰzﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺑﻞ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ وﻗﺪ أورﺛﺘﻬﺎ إﻓﺮاﻃﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺮﺟﺎﻫﺎ وإﻓﺮاﻃﺎ ﻓﻲ ﺳﻮء اﻟﻈﻦ ﺑﺄﻋﺪاﺋﻬﺎ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﺑﺎب اﺟﺮ اﳉﺴﻴﻢ إﻟﻰ ﻋﺪة ﻗﺮون ...ﻗﺎﻣﺖ أوروﺑـﺎ ﺑـﻌـﺪﻫـﺎ ﻣـﻘـﺎم اﻟـﻘـﻴـﺎدة وﺗـﻠّﻒ اﻟﺸﺮق ...وﻟﻴـﺲ أﺧـﻄـﺮ ﻋـﻠـﻰ اﻷ ﻣـﻦ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺬات ،واﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﺮﺟﺤﺎن ﻓﻲ أﻣﺜﺎل ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف« اﻟﻌﻘﺎد ،اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ط ،٢ص .٤٩ -٤٦ ) -(٤أﻟﺒﺮت ﺣﻮراﻧﻲ ،اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ص ) ١٧٩اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. ـﺪ ﻣﻦ أﺑـﺮز ﺧـﻮاصّ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﻮﻓـﻴـﻘـﻲ ) -(٥اﻧﻈﺮ ﲢﻠﻴﻼ ﻟﻠـﻈـﺎﻫـﺮة اﻻﻋـﺘـﺬارﻳـﺔ Apologeticsاﻟﺘﻲ ﺗﻌ ّ اﳊﺪﻳﺚ ﻓﻲSmith, Islam in Modern History. pp .١١٥ -١٥٦ : ) -(٦ﺣـﻮراﻧـﻲ :ص .١٩٩ ) -(٧إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﺒﺪ اﺠﻤﻟﻴﺪ اﻟﻠ ّـﺒﺎن ،اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣـﻲ ،ص /٢ص .١٨٢ -١٧٨ ) -(٨وﻧﺤﺎﺳﺐ أن ا;ﺴﺘﺸﺮق ﻫﺎﻣﻠﺘﻮن ﺟﺐ ﻗﺪ وﺿﻊ ﻳﺪه ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺎم ودﻗﻴﻖ ﻣﻦ أزﻣﺔ ﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻐﺮب ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل» :وﻟﻴﺲ ﻣﺪﻋﺎة ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ أن ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻋﻠﻤﺎء ا;ﺴﻠﻤ nأن اﻟﻐﺮب ﻣﻦ أرﺑﺎب ا;ﺎدﻳﺔ اﶈﻀﺔ .ﻓﻬﻢ ﻳﺠﻬﻠﻮن ﻣﺎ ﻫﻮ وراء ا;ﻈﺎﻫﺮ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة ا;ﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب«- ﺟﺐ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﺗﺮﺟﻤﺔ اﳊﺴﻴـﻨـﻲ ،ص .٧٦ ) -(٩اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ أن ﲡﻌﻞ ﻫﺬه ا;ـﻔـﻬـﻮﻣـﺎت اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﺟـﺰءاً ﻣﻦ اﻹzﺎن اﻹﺳﻼﻣـﻲ ذاﺗـﻪ، وﺷﺎع ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻜﺘﺎب دون ﲢﻔﻆ ﻧﺴﺒﺔ ا;ﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺸﺮع اﻹﻟﻬﻲ» :ﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ،وأﻋﺪال ﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ،وأﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ا;ﺪﻧﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻛﺸﻒ ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻋﻦ أﻃﻮار اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻃﻮاﻳﺎ اﻟﻐﻴﺐ ﻓﺪﻋﺎ دﻋﻮﺗﻪ اﳋﺎﻟﺪة ﻟﺘﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻤﺮان ...ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وا;ﺆاﺧﺎة وا;ﺴﺎواة واﳊ ّـﺮﻳﺔ واﻟﺴﻼم«-اﻟﺰّﻳﺎت ،وﺣﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ :ج ٣ ص .١٨٦إن ﺷﻌﺎرات اﻟﺜﻮرﺗ nاﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻟﺮوﺳﻴﺔ ﺗﻨﺪﻣﺠﺎن ﻓﻲ اﻟﻮﺣﻲ اﻹﺳـﻼﻣـﻲ .وﺗـﺼـﻴـﺮ روح اﻻدﻋﺎء ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻼك ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻤﺎ دون ﻧﻮاﻗﺼﻬﻤﺎ. ) -(١٠د .ﻧﺼـﺮ ص .٢٩ -٢٧ ٬٢٤ ٬٢٣ ٬١٩وﻣﻦ اﳉﺪﻳﺮ ﺑﺎ;ﻼﺣﻈﺔ أن اﻟﺘﻴﺎر اﻟـﺒـﺎﻃـﻨـﻲ ﻓـﻲ ﻓـﺎرس اﻟﺒﺎﺑﻴﺔ اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ )ﻓﻲ ﻓﺎرس( واﻟﻘﺎدﻳﺎﻧﻴﺔ اﻷﺣﻤﺪﻳـﺔ واﻟﻬﻨﺪ ﻗﺪ اﺳﺘﺠﺎب ﻟﻠﻤﺆﺛﺮات اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﺄﺧﺮج ّ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺸﺮق ﻓﻲ أﻣﺎ ﻋﺸﺮ(. اﻟﺘﺎﺳﻊ )ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ()-ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن ّ
165
ﻳﺨﺮج ﺣﺮﻛﺎت »ﲡﺪﻳﺪﻳﺔ« ﺎﺛﻠﺔ .راﺟﻊ :ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ :ص ٢٨وأﻳﻀﺎ اﻟﻌﻘﺎد ،اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸـﺮﻳـﻦ :ص .١٦٥ ٬١٥٤ ) -(١١ﻗﺴﻄﻨﻄ nزرﻳﻖ ،ﻧﺤﻦ واﻟﺘﺎرﻳﺦ :ص .٣١وﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻜﺮ ا;ﺪرﺳﺔ ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ راﺟﻊ: ﺣﻮراﻧﻲ ص ٢٩٣وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﺎ .وأﻳﻀﺎ :ﺷـﺮاﺑـﻲ :ص ٧ ٦وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﺎ .وﻗﺪ ﻗﺴﻤﻬﺎ اﻟﺪﻛﺘـﻮر ﺷـﺮاﺑـﻲ إﻟـﻰ ﺛﻼث ﻓﺌﺎت :اﻷدﺑـﺎء اﻟـﺮوّاد ،وﻫﻢ :ﻓﺎرس اﻟﺸﺪﻳـﺎق ) (١٨٨٧ -١٨٠٤وﻧﺎﺻﻴﻒ اﻟﻴـﺎزﺟـﻲ )(١٨٧١-١٨٠٠ ﻣﺮاش ) (١٨٧٣ -١٨٣٦وأﻧﻄﺎﻛﻲ وإﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻴﺎزﺟﻲ ) (١٩٠٦-١٨٤٧وأدﻳﺐ اﺳﺤﻖ ) (١٨٨٥ -١٨٥٦وﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ّ اﳊﻤﺼﻲ ) ،(١٩٤١ -١٨٥٨ﺛﻢ رواد اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺮﺑﻴﺔ وﻫﻢ :ﺑﻄﺮس اﻟﺒﺴـﺘـﺎﻧـﻲ ) (١٨٩٣ -١٨١٩وﺟﺮﺟﻲ زﻳﺪان ) (١٩١٤ -١٨٦١وﻟﻮﻳﺲ ﺷﻴﺨـﻮ ) (١٩٢٧ -١٨٥٩وﻋﻴﺴﻰ ا;ﻌﻠـﻮف ) .(١٩٥٦ -١٨٦٩ﺛﻢ روّاد اﻟﻔﻜـﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﺪﻋﻮة اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺼﺮﻓـﺔ وﻫـﻢ :ﻳـﻌـﻘـﻮب ﺻـﺮوف ) (١٩٢٧ -١٨٥٢وﺷﺒﻠﻲ ﺷﻤﻴـﻞ ) (١٩١٦ -١٨٦٠وﻓﺮح أﻧﻄـﻮن ) (١٩٤٠-١٨٧١وﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺒﺴﺘـﺎﻧـﻲ ) (١٩٢٥ -١٨٥٦وأﻣ nاﻟﺮﺑﺎﻧـﻲ )-١٨٧٦ ﺣﺪاد ) (١٩٥٤-١٨٧٠وﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ).(١٩٥٨-١٨٨٧ (١٩٤٠وﻧﻘﻮﻻ ّ ) -(١٢ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،اﻹﺳﻼم ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ وا;ﺪﻧﻴﺔ ،ﻛﺘﺎب اﻟﻬﻼل ،١٩٦٠ ،ص ١٩١ﺣﻴﺚ ﻳﺰد ﻋﻠﻰ ﻓﺮح أﻧﻄﻮن .وأﻳﻀﺎ :ﺣـﻮراﻧـﻲ :ص .٣٠٣ ) -(١٣ﺷـﺮاﺑـﻲ :ص .٩٢-٨٩ رواد ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎن أواﺋﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻷدﺑﺎء واﻟﻜﺘﺎب ا;ﺴﻴﺤﻴ nﻣﺜﻞ: ) -(١٤أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ أن ّ اﺳﻜﻨﺪر اﻟﺮﻳﺎﺷﻲ ،ﻧﻘﻮﻻ ﺣﺪاد ،ﻳﻮﺳﻒ ﻳﺰﺑﻚ ،رﺋﻴﻒ ﺧﻮري ،ﺳﻠﻴﻢ ﺧﻴﺎﻃﺔ وﻓﺆاد ﺷﻤﺎﻟﻲ ،وﻓﺮج اﻟﻠﻪ اﳊﻠﻮ )اﻧﻈﺮ :ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺣـﻨّﺎ ،اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ :ص -(١٢٦ ٬٨٢ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ا;ـﺆﺳّﺲ اﻟﻔﻌﻠﻲ واﻟﻘﺎﺋﺪ ﻣﺴﻴﺤﻴﺎ ،وﻫﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﺳﻠﻤﺎن ﻳﻮﺳﻒ أو »ﻓﻬﺪ« اﻟﺬي أﻋﺪم ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ّ اﻟﻌﺮاق ﻋﺎم ) ١٩٤٩اﻧﻈﺮ :ﻗﻠﻌﺠﻲ :ص .(٢١ ) -(١٥وﻣﻦ اﳊﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻮرد qﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ودون ﺗﻘﺼّﺪ اﻹﺳﺎءة ﻷي اﲡﺎه ﻛﻮن اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ واﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﺎﻋﺎت اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﻌـﺮﺑـﻴـﺔ اﻷوﻟـﻰ ﻣـﻦ اﻟـﻴـﻬـﻮد اﶈـﻠـﻴـ nأو اﻷﺟﺎﻧﺐ ،وﻣﻦ اﻷﻗﻠﻴﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )اﻷﻛﺮاد-اﻷرﻣﻦ( .اﻧﻈﺮ ﻫﺬه اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﺗﻔﺴﻴﺮاﺗﻬﺎ ﻓﻲ :أﺣﻤـﺪ ﺻﺎدق ﺳﻌﺪ )وﻫﻮ ﻳﻬﻮدي أﺳﻠﻢ( ،ﺻﻔﺤﺎت ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر ا;ﺼﺮي -٤١ ٬٣٧ -٣٦ ٬٥ :وﻗﻠﻌﺠﻲ ،ﲡﺮﺑﺔ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﳊﺰب اﻟﺸﻴـﻮﻋـﻲ ،ص .٢٤ -١٩ ) -(١٦إن اﻟﻘﻮل ﺑﺎﺳﺘﻤﺮارﻳّﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﺆدّي ﺑﺎ;ﻘﺎﺑﻞ إﻟﻰ ﺗﺼﻮّر ﻧﻘﻴﺾ ﻟﻪ ﻳﺠﺪ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺘﻪ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﺗﻴﺎر اﻟﺒﺪﻋﺔ واﻹﳊﺎد ،ﻳﻘﻮل د .ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻬﻲ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ» :اﻟﻔﻜﺮ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻻ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺣﻘﺒﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻻ ﻋﻨﺪ ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﻣﻌﻴﻨ nﻓﻲ ﺟﻴﻞ ﻣﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻜﺮ ّ اﻷﺟﻴﺎل .ﻓﺈن واﺟﻪ اﻹzﺎن ﺑﺎﻹﺳﻼم اﻟﻔﻜﺮ اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ واﻟﻔﻜﺮ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ...،ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣـﺎ ﺑـﺎﻷﻣـﺲ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮاﺟﻪ ﻓﻲ وﻗﺖ آﺧﺮ ﺑﻌﺪه اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ اﻟﺼﻠﻴﺒﻲ ،واﻟﻔﻜﺮ اﻹﳊـﺎدي ا;ـﺎرﻛـﺴـﻲ اﻟـﻴـﻮم .وإن ا;ﺬﻫﺒﻴﺔ واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺑ nا;ﺴﻠﻤn واﺟﻪ ﻫﺬا اﻹzﺎن اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﳋﺼﻮﻣﺔ ّ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﻴﻮم ﺿﻌﻔﺎ داﺧﻠﻴﺎ آﺧﺮ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ »ﺗﺒﻌﻴﺔ« 6ﺜﻞ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ﻃﺎﺋﻔﺘﻪ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻐﻴﺮ ا;ﺴﻠﻤ ..nﻷﻋﺪاء اﻹﺳﻼم«-راﺟﻊ :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻬﻲ ،اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺗـﻄـﻮره، ص .٤ ) -(١٧ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ »رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻫﺮﻳ «nﻟﻨﻘﺾ ﻣﺬﻫﺐ ا;ﺼﻠﺢ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪي اﻟﻬﻨﺪي اﻟﺪراوﻳﻨﻴﺔ ،ﻋﻤﺪ إﻟﻰ اﻟﺮﺑﻂ ا;ﺒﺎﺷﺮ ﺳﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺧﺎن ) (١٨٩٨ -١٨١٧ا;ﺄﺛﺮ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ّ ﺑ nﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ اﳉﺪﻳـﺪ ا;ـﺎدّي »اﻟﻨﻴﺘﺸﺮي«-أي اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ-و ﺑ nا;ﻨﺤﻰ اﻟﺒﺎﻃﻨـﻲ اﻹﺳـﻤـﺎﻋـﻴـﻠـﻲ ﻓـﻲ اﻹﺳﻼم>:ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﺑﻌﺪ اﻟﻬﺠﺮة ﻇﻬﺮ اﻟﻨﻴﺸﺮون )اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﻮن( qﺼﺮ )ﻳﻘﺼﺪ :اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ(
166
ﲢﺖ اﺳﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ وﺧﺰﻧﺔ اﻷﺳﺮار اﻹﻟﻬﻴﺔ .ﻓﺈذا ﻗﺮر ا;ﺮﺷﺪ )ﻳﻘﺼﺪ :اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻲ( أﺻﻮل اﻹﺑﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﺗﺒﺎﻋﻪ اﻟﺘﻤﺲ ﻟﻬﻢ ﺳﺒﻴﻼ ﻹﻧﻜﺎر اﻷﻟﻮﻫﻴﺔ وﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺬﻫﺐ اﻟﻨﻴﺸﺮﻳﺔ اﻟﺪﻫﺮﻳ..«n ﺟﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ،اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ،ﲢﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤـﺎرة ،ص .١٥٨وﻣﻌﻠﻮم أن اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴـﺖ ﻣﺎدﻳﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ روﺣﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎ وراﺋﻴﺔ .ﻛﻤﺎ أن اﻟﺒﺎﻃﻨـﻴـﺔ ﻟـﻢ ﺗـﻨـﻜـﺮ اﻷﻟـﻮﻫـﻴـﺔ وإ ـﺎ أﻛﺪﺗﻬﺎ .وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻳﺘﻘﺮر ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ أول ﻋﻤﻞ ﻓﻜﺮي ﻳﺸﻬﺪه اﻹﺳﻼم اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ. ﻛﻤﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﻨﻈﻢ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ وا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ-ﺑﺎ;ﺜﻞ-ﺑﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻟﺪﻫﺮي» :اﻟﺴﻮﺳﻴﺎﻟﻴﺴﺖ )اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﻮن(، اﻟﻨﻴﻬﻠﻴﺴﺖ ،اﻟﻜﻤﻮﻧﻴﺴﺖ )اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﻮن( :ﻫﺬه اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟـﺜـﻼث ﺗـﺘـﻔـﻖ ﻓـﻲ ﺳـﻠـﻮك ﻫـﺬه اﻟـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ اﻟﺪﻫﺮﻳﺔ«-ا;ﺼﺪر ذاﺗﻪ. .. ..١٦٣ : ...وﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺎن إن ا;ﺎدﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ وﻧﻈﻤﻬﺎ ﺗﻔﺘﺮق ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ واﻟﺪﻫﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وأﻃﺮﻫﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-اﳊﻀﺎرﻳﺔ .وﻟﻜﻦ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴـﺔ ﻣـﻦ واﻗـﻊ رﻓـﻀـﻬـﺎ ﻟـﻠـﺘـﻴـﺎرﻳـﻦ ﺗﻮﺣﺪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﺗﻄﺒﻖ ﻣﺼﻄﻠﺤﻬﻤﺎ اﻟﻘﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ اﳉﺪﻳﺪ .وﻟﻘﺪ ﺷﺎﻋـﺖ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﺎدة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﺪى اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺑﻔﺮﻋﻬﺎ اﻟﺴﻠﻔﻲ واﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ .ﻳﻜﺘﺐ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ﻓﻲ »اﻟﺮﺳـﺎﻟـﺔ«ﻋـﺎم » ١٩٥٠وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ ﲡﺴﺪت ا;ﺰدﻛﻴﺔ واﻟﺒﺎﺑﻜﻴﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ واﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻘـﺎﻣـﺘـﺎ ﺗﺪﻋﻮان ..إﻟﻰ اﻹﳊﺎد واﻹﺑﺎﺣﻴﺔ« وﺣﻲ اﻟﺮﺳـﺎﻟـﺔ ،ج ،٣ط ،٥ص .١٨٨ ) -(١٨اﻧﻈﺮ وﺟﻬﺔ ﻣﺆرخ ﺳﻠﻔﻲ ﲡﺎه ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ :د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌـﺎﺻـﺮ .٢/١ )C.lssawi, Egypt in Revolution. pp ١٨ -٣١ . -(١٩ اﻟﺘﻨﺒﻪ ﺻﻮرة ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻟﺪى ) -(٢٠ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ ،اﻟﻐﺮب واﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ :ص .٦٣ -٦٢وﳒﺪ ّ ـﻤﺪ ا;ﻮﻳﻠﺤﻲ ﻓﻲ »ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻴﺴﻰ اﺑﻦ ﻫﺸﺎم« ﻣﻄﺒﻌﺔ ا;ﻌـﺎرف اﻷدﺑﺎء اﻟﻌﺮب أﻧﻔﺴﻬﻢ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ ﻣﺤ ّ وﻣﺼﻄﻔﻰ ا;ﻨﻔﻠﻮﻃﻲ ﻓﻲ »اﻟﻨﻈﺮات« ).(١٩١٠ وﻟﻺﻃﻼع ﻋﻠـﻰ ردّ اﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻜـﺮ اﻹﺳـﻼﻣـﻲ ﺿـﺪ ّ )Cromer. Modern Egypt. ii. pp 184-134 -(٢١ ﻛﺘﺎب ﻛﺮ وﻣﺮ ﻳﺮاﺟﻊ ﻛﺘﺎب اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻐﻼﻳﻴﻨﻲ» ،اﻹﺳﻼم روح ا;ﺪﻧﻴﺔ« اﻟﺬي ﺻﺪر ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ آراء ا;ﻌﺘﻤﺪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ. ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ذاﺗﻪ وأﻟﻒ ّ ﺧﺼﻴﺼﺎ ّ ) -(٢٢ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ :nاﻟﻔـﺼـﻞ ٢ص .٢٨٨ -٢٨٦ ) -(٢٣د .ﻣﺠﻴﺪ ﺧﺪوري ،اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ص ) ٢٢٧اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. ـﺄﻣﻼت ،ط ،٢ص .١٣٢ ٬٩٠ ٬٨٧ ) -(٢٤ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴ ّـﻴﺪ ،ﺗ ّ ـﺄﻣﻼت ،ط ،٢ص .٧٥ ) -(٢٥ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴ ّـﻴﺪ ،ﺗ ّ ) -(٢٦ﺷﺮاﺑﻲ :ص -٩٦ -٩٥أﻣّﺎ ا;ﺴﺘﺸﺮق وﻟﻔﺮد ﻛﺎﻧﺘﻮل ﺳﻤﻴﺚ ﻓﻴﺪﻋﻮﻫﺎ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣـﻴـﺔ« وﻫﺬا ا;ﺼﻄﻠﺢ ﻓﻀﻔﺎض و ﻳﺘﺴّﻊ ;ﻔﻜﺮﻳﻦ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴ nﻋﺼﺮﻳ nأﻳﻀﺎ ،اﻧﻈﺮ ﻛﺘﺎﺑﻪIslam in Modern .: ٥٥.History. P )H.A. R. Gibb, ed. Whither Islam? 1932, pp ٣٣٦ -٣٣٨ -(٢٧ ) -(٢٨ﻧﺸﺮت ﻫﺬه اﻷﻃﺮوﺣﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ﻋﺎم ،١٩١٣وﻟﻢ ﺗﺘﺮﺟﻢ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﻣﻦ ﻧﺸﺄ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻪ ﻧﺰاع ﻓﻜﺮي ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺮت ﻣﻘﺘﻄﻔﺎت ﻣـﻨـﻬـﺎ ﺑـﺎﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ )وﻟـﻢ »اﺿﻄﺮت اﳉﺎﻣﻌﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ أن راﺟﻌﺖ ﻧـﺼـﻮص ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ إﻻّ »اﳉﺮﻳﺪة« ﻟﻠﻄﻔﻲ اﻟﺴ ّـﻴﺪ( و ّ اﻟﻜﺘﺎب إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ ﻣﻨﺼﻮر ﻓﻬﻤﻲ« .اﻧﻈﺮ :أﻧﻮر اﳉﻨﺪي ،ا;ﻌﺎرك اﻷدﺑـﻴـﺔ ،ص .٣٠٣ ) -(٢٩ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ :nاﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜـﺎﻧـﻲ ص .٥٧ ) -(٣٠ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق ،اﻹﺳﻼم وأﺻﻮل اﳊﻜﻢ :ﺑﺤﺚ ﻓﻲ اﳋﻼﻓﺔ واﳊﻜﻮﻣﺔ :ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ط ،٣
167
،١٩٢٥ص ،٧٦ -٧١ :واﻧﻈﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﺑﻪ اﻟﺜﺎﻟﺚ »رﺳﺎﻟﺔ ﻻ ﺣﻜﻢ-ودﻳﻦ ﻻ دوﻟﺔ« ،ﻧﻼﺣﻆ أنّ ا;ﺆﻟﻒ ﻳﻌﺮّف ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻼف» :ﻣﻦ ﺧﺮﻳﺠﻲ اﻷزﻫﺮ وﻗﻀﺎة اﶈﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ«. ) -(٣١ﻗﺎل ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﻣﻦ ﻛﺘﺎب »ﻓﻲ اﻟﺸﻌـﺮ اﳉـﺎﻫـﻠـﻲ« اﻟـﺬي ﺻﻮدرت ﻧﺴﺨﻪ» :ﻟﻠﺘﻮراة أن ﲢﺪّﺛﻨﺎ ﻋﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وإﺳﻤﺎﻋﻴﻞ .وﻟﻠﻘﺮآن أن ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻨﻬﻤﺎ أﻳﻀﺎ .وﻟﻜﻦ ورود ﻫﺬﻳﻦ اﻻﺳﻤ nﻓﻲ اﻟﺘﻮراة واﻟﻘﺮآن ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻹﺛﺒﺎت وﺟﻮدﻫﻤﺎ اﻟﺘﺎرﻳـﺨـﻲ«-اﻧـﻈـﺮ اﻟـﻨـﺺّ ﻓـﻲ: ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ :nاﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ص ٢٧٨وﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻋﻠﻴﻪ» :ﻛﻼم ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻗﻞّ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻛﻔﺮ ﺑﻜﺘﺐ اﻟﻠﻪ ورﺳﻠﻪ.«.. ) -(٣٢ﻃﻪ ﺣﺴ ،nﻛﺘﺎب ﻣﻦ ﺑﻌـﻴـﺪ ،ط ،٥ص .٢٨٦ ) -(٣٣إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌـﺮﺑـﻲ ،ص .١١٥ ﺧﺪوري ،ص -٢٣٥وﻧﻼﺣﻆ أن إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ ﻳﻬﺪي ﻛﺘﺎﺑﻪ ا;ـﺬﻛـﻮر أﻋـﻼه »إﻟـﻰ أﺳـﺘـﺎذي )-(٣٤ ّ ﺻﺮوف ..اﻋﺘﺮاﻓﺎ qﺎ ﻟﻪ ﻋﻨﺪي ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ اﻷدﺑﻲ«. ﻳﻌﻘﻮب وﺻﺪﻳﻘﻲ ّ ) -(٣٥ﻫﻴﻜﻞ ،ﺛـﻮرة اﻷدب ،ص ١٤٤وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ،وأﻳﻀـﺎ ص.١٥٢٬١٦٩٬١٨٦: ) -(٣٦ﻫﻴﻜﻞ ،ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳﻮ :ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻛﺘﺒﻪ :اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ص .١٤٩ ٬١٣٢ × ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪر ﺑﻬﺬا اﻹﻋﻼن ﻋﻠﻰ ﻏـﻼﻓـﻬـﺎ» :ﺣـﻠـﺖ ﻫـﺬه اﺠﻤﻟـﻠـﺔ ﻣـﺤـﻞ اﻟـﻌـﺼـﻮر ..ﻓـﺎﻗـﺮأﻫـﺎ ﲢ ّـﺮر ﻓﻜﺮك«-ﻣﺤﺮرﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘﻄﺮ ا;ﺼﺮي :إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ. ) -(٣٧ﺧﺪّوري :ص ،٢٤٥ -٢٤٢ﻳﺮاﺟﻊ ﻧﺺّ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻓﻲ :ﻣﺠﻠّﺔ اﻟﺪﻫﻮر ،ﻣﺞ ،١ﻋﺪد ) ٦آذار (١٩٣١ ص .٦٦٩ -٦٤١ :وﻟﺪراﺳﺔ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ اﻟﻔﻜـﺮي :ﺟـﻤـﻴـﻞ ﺳـﻌـﻴـﺪ ،اﻟـﺰﻫـﺎوي وﺛـﻮرﺗـﻪ ﻓـﻲ اﳉﺤﻴﻢ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٦٨ ،وﺿﻤﻦ اﻻﲡﺎه ذاﺗﻪ ﻧﺸﺮ اﻟﺰﻫﺎوي ﻗﺼﻴﺪة »ﺳﻠﻴﻞ اﻟﻘﺮد« ﻓﻲ ﺷﺮح اﻟﺪاروﻳﻨﻴﺔ- اﻧﻈﺮ :اﻟﺮﺳﺎﻟـﺔ ،ﻣـﺞ ،١٩٣٦ ٬٤ص .١٨٦ ) -(٣٨اﻟﺰﻳّﺎت ،وﺣﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜـﺎﻧـﻲ ص .٢١٩ -٢١٨ ) -(٣٩ﻗﺪري ﻗﻠﻌﺠﻲ ،ﲡﺮﺑﺔ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﳊﺰب اﻟﺸﻴـﻮﻋـﻲ ،ص .٤٧ ـﺪوري :ص .١٠٨ -١٠٧ ) (٤٠ﺧـ ّ ﺣﻨﺎ ،اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ :ص ،٨٨ -٨٤وأﻳﻀﺎ :ﻗﻠﻌﺠﻲ: ﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪا راﺟﻊ: اﳉﺮﻳﺪة، ﻫﺬه أﺛﺮ ) (٤١ﻋﻦ ّ ص ;٤٨ -٤٤وﺧــﺪّوري :ص .١١٦ -١١٣ ) (٤٢ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺣـﻨّـﺎ :ص .١٣٥ ) (٤٣ا;ﺼـﺪر ذاﺗـﻪ :ص .١٣٨ -١٣٦ »أﻣﺎ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﻋـﻦ ـﺪوري زﻣﻦ ﺗﺒﻠﻮر ا;ﻔﻬﻮم اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ﻟـﺪى اﳊـﺼـﺮيّ : ) (٤٤ﻳﺤﺪد اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺠﻴﺪ ﺧ ّ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﺪ وﺿﻌﻪ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﻘﺎن ) (١٩١٣ -١٩١٠ﺣﻴﺚ... ...أدرك أن ﻣﺎ ﻳﻔﺼﻞ اﻟﻴﻮﻧﺎن أو اﻟﺒﻠﻐﺎر أو اﻟﺼﺮب ﻋﻦ اﻟﺘﺮك ﻟﻴﺲ اﻟـﺪﻳـﻦ ﺑـﻞ أﺻـﻮﻟـﻬـﻢ اﻟـﻠّﻐﻮﻳﺔ ـﺪ ﻣﻦ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ا;ﺘﻤ ّـﻴﺰة .ورأي ﺷﻌﻮب اﻟﺒﻠﻘﺎن ﺗﺘﻘﺎﺗﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺣﻮل ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺑﻀـﺮاوة وأﺷ ّ ﻗﺘﺎﻟﻬﺎ ﻣﻊ اﻷﺗﺮاك .ﻓـﺎﺳـﺘـﺨـﻠـﺺ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ أن ﻓـﻮارق اﻟـﻠّﻐﺔ واﻟﺜﻘـﺎﻓـﺔ أﻋـﻤـﻖ ﺑـ nاﻷ ﻣـﻦ ﻓـﻮارق اﻟﺪﻳﻦ ...وﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻟﻠﺤﺼﺮي ﻣﻊ ﻣﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺎل :إﻧﻪ درس اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﺼﺪﻣﻪ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻘﺪ اﻟﺬي ﺗﺪرس ﺑﻪ .وﻫﻮ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي ﻧﺪرس ﺑﻪ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .وﻣﻨﺬ ﺻﺒﺎه اﺳﺘﺤﻮذت ﻋﻠﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺪرﻳﺲ ا;ﺴﺎﺋﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ دراﺳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ«- ﺧﺪوري ،ص -٢٠٨راﺟﻊ أﻓﻜﺎر اﳊﺼﺮي ﺑﺸﺄن ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻓﻲ :ﻣﺤﺎﺿﺮات ﻓﻲ ﻧﺸﻮء اﻟﻔﻜﺮة ّ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ )اﻟﻘـﺎﻫـﺮة (١٩٥١ص .٢٠٦ -١٥٨٬١٥٦ -١١٦ ٬٢٤ -٢ ) (٤٥اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ،ا;ﻘﺪﻣﺔ ،ط ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺒﺴﺘﺎﻧﻲ ،ص .١٥٩ -١٥٧واﻧﻈﺮ أﻳﻀﺎ دراﺳﺔ اﳊﺼﺮي ذاﺗﻪ
168
ﻟﻬﺬا ا;ﻔﻬﻮم ﻟﺪى اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻓﻲ :ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي ،دراﺳﺎت ﻋﻦ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﺑﻦ ﺧﻠـﺪون ،ط ﻣـﻮﺳّﻌﺔ )دار ا;ﻌﺎرف qـﺼـﺮ ،(١٩٥٣ص .٣٥٠ -٣٤٦واﻟﻄﺮﻳﻒ أن اﳊﺼﺮي ﻳﺤﺎول »ﻋـﻠـﻤـﻨـﺔ« ﺗـﻔـﻜـﻴـﺮ اﺑـﻦ ﺧﻠﺪون ذاﺗﻪ ﻓﻴﻨﺴﺐ إﻟﻴﻪ-اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎ-اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﺸﺮﻳﻌـﺔ ﻣـﻘـﺼـﻮرة ﻋـﻠـﻰ ﻣـﺎ ﺗـﻘـﺘـﻀـﻴـﻪ ا;ـﺼـﺎﻟـﺢ اﻷﺧﺮوﻳﺔ«-ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ :ص .٤٩١ ) (٤٦أﺣﻤﺪ أﻣ» ،nاﻟﻨﻘﺪ أﻳﻀﺎ« ،ﻣﺠﻠّﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﺞ /٤ﻗﺴﻢ ،١اﻟﻌﺪد ) ١٥٢ﺑﺘﺎرﻳﺦ ،(١/٦/١٩٣٦ص ـﺪ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ أﺣﻤﺪ أﻣ nا;ﻌﺮوف qﻮﺿﻮﻋﻴﺘﻪ وﺣﻴﺎدﻳـﺘـﻪ .وﻟـﻌـﻠّﻪ أﺻﺮح .٨٨٣ -٨٨١وﻫﻮ ﻣﻘﺎل ﻣﻦ أﺣ ّ ﻣﺲ ﻛﻮاﻣﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴـ،n ا;ﻘﺎل أن ﻳﺒﺪو و اﺠﻤﻟﻬﻀﺔ. اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ »ﻣﺮﺛﻴﺔ« ﻗﻴﻠﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة ّ وأﺣﺲ أﻧﻪ ﻣﻦ أﺑﺮز ا;ﻌﻨﻴ nﺑﻪ )وﻛﺎن ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻣﻨﺼﺮﻓﺎ إﻟﻰ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎب ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ اﻟﺴﻴﺮة ،ﺑﻌﺪ أن ّ أوﻗﻒ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻷوﻟﻰ( ﻓﺎﻧﺘﻔﺾ ﺑﺎﻟـﺮدّ اﳊﺎدّ ا;ﺘﻬﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻳﻘﻪ أﺣﻤﺪ أﻣ-nﻣـﻊ اﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺧﻼف ﻓﻜﺮي ﻣﻦ ﻗﺒﻞ-ووﺿﻊ اﻟﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻠﺖ ﻓﺄﻓﺴﺪت اﻟﻔﻜﺮ ﺛﻢ اﻧﻘﻄﻊ دﻋﻤﻪ ﻟﻠﻤﻔﻜﺮﻳﻦ اﻷﺣﺮار ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وﻋﻠﻰ اﳉﻤﻬﻮر ا;ﺜﻘﻒ اﻟﺬي ﺻﻔﻖ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ّ واﻻﻣﺘﺤﺎن )راﺟﻊ :ﻃﻪ ﺣﺴ» ،nﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ :إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘﻲ أﺣﻤﺪ أﻣ ،«nاﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﺞ ،٤ﻋﺪد... ،(٨/٦/١٩٣٦) ١٥٣ ...ص (٩٥٧ ٬٩٢٢ -٩٢١واﳒﺬب إﻟﻰ اﶈﺎورة ﻛﺘﺎب وﻣﻔﻜﺮون آﺧﺮون ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺮد واﻟﺘﻌﻠﻴﻖ :ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ )ا;ﺼﺪر ذاﺗﻪ ،ﻣﺞ ﻦ ﻛﺎن ﻟﻬﻢ إﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﳊﺮﻛﺔ ﻓﺸﺎرك ﻓﻲ ّ ،٤ص (١٠٠٣وﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ )ا;ﺼﺪر ذاﺗﻪ (١٠٠٤ :وإﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ )ا;ﺼﺪر ذاﺗﻪ :ص (١٢٥١ أﻣﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺮﻳﺪ أﺑﻮ ﺣﺪﻳﺪ ﻓﻘﺪ أﻧﻜﺮ وﺟﻮد ﺛﻮرة ﻋﻘﻠﻴﺔ أﺻﻼ وﺗﺴﺎءل ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴـﺔ اﻟـﻈـﺎﻫـﺮة اﻟـﺘـﻲ ّ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ أﺣﻤﺪ أﻣ nوأيّ ﺗﺼﻮّر ﺧﻴﺎﻟﻲ ﻫﻲ? )ا;ﺼﺪر ذاﺗﻪ :ص .(١٠٢٣ وﻛﺎن أﺣﻤﺪ أﻣـ nﻗـﺪ دﻟّﻞ ﻋﻠﻰ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘـﻲ ﻳـﻌـﻨـﻴـﻬـﺎ ﺑـﻘـﻮﻟـﻪ» :ﻛـﺎن ﻳـﺆﻟّﻒ اﻟﻜـﺘـﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ ،ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎب »اﻹﺳﻼم وأﺻﻮل اﳊﻜﻢ« .ﻓﺘﻨﺸﺐ ﻣﻌﺎرك ﺣﺎﻣﻴﺔ ،واﻧﻘﺴﻢ ا;ﻔﻜﺮون إﻟﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮﻳﻦ، وﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺷﺤﺬ ﻟﻸذﻫﺎن ...و6ﺤﻴﺺ ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ« .وﻛـﺎن ذﻟـﻚ ﻛـﻠّﻪ» :ﻋﻼﻣﺔ ﺣﻴﺎة أدﺑﻴﺔ وﺛـﻮرة ﻓﻜﺮﻳﺔ وﻋﻘﻞ ﺑﺎﺣﺚ «..وﻫـﻮ ﻳـﻘـﺮّ أن اﻷدب qﻌﻨﺎه اﻹﻧﺸﺎﺋﻲ اﳉﻤﺎﻟﻲ اﻟﺸﻌﻮري ﻗـﺪ واﺻـﻞ ﺗـﻄـﻮّره ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺴﻴﺎدة اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ وﺗﻐﻠّﺒﻬﺎ وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺗﺪﻫﻮر )وﻫﻲ ﻣﻼﺣﻈﺔ ّ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ(» :ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﲢﺪث ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ،وﻫﻲ :رﻗﻲ اﻷدب واﻧﺤﻄﺎط اﻟﻨﻘﺪ... ﺗﻌﺎل ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻣﻌﻲ اﻵن ) (١٩٣٦إﻟﻰ ﻣﺎ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻴﻪ«. وﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﳊﻮار أوﺿﺢ ﻣﺎ ﻋﻨﺎه ﺑﺎﻧﺤﻄﺎط اﻟﻨﻘﺪ وﺗﺪﻫﻮر ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻔﻜﺮ وﺣﺮﻳّﺘﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: »وﻫﻞ أﺗﺎك ﻧﺒﺄ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﺬ ﺷﻬﺮﻳﻦ ،إذ ﻧﺸﺮ ﺷﺎب ..رﺳﺎﻟـﺔ ﻓـﻲ اﳊـﺪﻳـﺚ )اﻟـﻨـﺒـﻮي( ،ﺗـﻌ ّـﺮض ﻓﻴﻬـﺎ أن ا;ﻌﺘﺰﻟﺔ ﻣﻨﺬ أﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﻗﺪ وﻗﺮر ﻣﺼﺎدرة اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ? ﻣﻊ ّ ﻟﻠﺮواﻳﺔ واﻟﺮواة ...ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ّ أﻧﻜﺮوا اﻛﺜﺮ اﻷﺣﺎدﻳﺚ إﻻّ ﻣﺎ أﺟﻤﻊ اﻟﺮواة ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ وﻟﻢ ﻳﻜﻔّﺮﻫﻢ أﺣﺪ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ..أﻻ ﻳﺪلّ ﻫﺬا وأﻣﺜﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻨﺎ أﺻﺒﺤﻨﺎ أﺿﻴﻖ ﺻﺪرا وأﻗـﻞّ ﺣﺮﻳّﺔ? وﻣﻦ اﻟﻐﺮﻳﺐ أن أﺣﺪا ﻟﻢ ﻳﺤـﺮّك ﻟﻬﺬا ﺳﺎﻛﻨﺎ وﻟﻢ ﻳﻔﻪ ﺑﺒﻨﺖ ﺷﻔﺔ .وﻟﻮ وﻗﻊ ﻫﺬا اﳊﺎدث ﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨ nﻟﻘﺎم ﻟﻪ اﻟﻜﺘّﺎب اﻷﺣﺮار وﻗﻌﺪوا ،وداﻓﻌﻮا وﻧﻘﺪوا«-ا;ﺼـﺪر ذاﺗـﻪ ،ص .٩٦٣ ) (٤٧ا;ﺼـﺪر ذاﺗـﻪ :ص .٨٨٢ -٨٨١ ) (٤٨ا;ﺼـﺪر ذاﺗـﻪ :ص .٨٨٢ ) (٤٩ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎ;ﻼﺣﻈﺔ أن أﻓﺮادا ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر ﺑﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ا;ﺒﺪﺋﻴﺔ-ﻣﻊ ﺷـﻲء ﻣـﻦ اﻻﻋﺘﺪال .ﻓﻘﺪ أﻋﺎد ﻃﻪ ﺣﺴ nﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻮﻗﻔﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟـﻔـﻜـﺮي واﳊـﻀـﺎري ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻣـﻨـﻬـﺠـﻲ واﺿﺢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ« ) ،(١٩٣٨وواﺻﻞ ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي وﻗﺴﻄﻨﻄ nزرﻳﻖ دﻋﻮﺗﻬﻤﺎ إﻟﻰ ﻋﻠﻤﻨﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ دون ﺗﺮاﺟﻊ ،وﻟﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬﺮ أيّ ﻣﻴﻞ ﻟﻠﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣﻊ اﻟﻔﻜﺮ
169
zﺜﻞ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﻪ ﻋﺎم )-(١٩٦٢ﻏﻴﺮ أن اﺳﺘﻤﺮار ﻫﺬه اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺒﺎرزة أﺻﺒﺢ ﺑﻌﺪ ّ ١٩٣٠ ـﺎﻣﺔ) ،وذﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا اﻟﺮاﻓـﺪ اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻟﻠﻤﺠﺮى اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪ ،وﻟﻢ ﻳﻌﺪ zﺜﻞ ﺗﻴـﺎرا أو ﺣـﺮﻛـﺔ ﻋ ّ ﻣﺪه وﺟﺰره ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﻴﺎر اﻟﻘﻮﻣﻲ(. ا;ﺎرﻛﺴﻲ اﻟﺬي ﺳﺘﺘﻮﻗﻒ ﺣﺮﻛﺔ ّ ) (٥٠ﻫﻴﻜﻞ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺰل اﻟﻮﺣـﻲ ،ط) ،٢ا;ﻘﺪﻣـﺔ( ص .٢٦ -٢٢ )6 (٥١ﺜﻞ اﲡﺎﻫﺎت اﻷﺣﺰاب اﳉﺪﻳﺪة ﻣﻨﺬ ١٩٣٠ﺷﺎﻫﺪا ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼل اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ا;ﺬﻛﻮرة :ﻓﻘﺪ ﺑﺪأت ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻷﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤ nﻋﺎم ،١٩٢٨وﺗﻜﻮن اﳊﺰب اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺴﻮري ﻋﺎم ،١٩٣٢وﺗﺒﻠﻮر ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ﻋـﺎم -١٩٤٠وﻫﺬه اﻷﺣﺰاب ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﺧﺘـﻼف ﻓـﻲ ا;ـﻨـﻄـﻠـﻖ واﻟـﻮﺟـﻬـﺔ ﲡـﻤـﻊ ﻋـﻠـﻰ أﻣـﺮﻳـﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋﻢ :رﻓﺾ ﺣﺪود اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ-ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈـﺮ ﻋـﻦ ﻧـﻮﻋـﻴـﺔ اﻟـﻜـﻴـﺎن اﳉﻤﺎﻋﻲ ا;ﻨﺸﻮد-واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼب اﳉﺬري) ،أي رﻓﺾ اﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ اﻟـﺒـﺮ;ـﺎﻧـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ أدﺧﻠﻬـﺎ اﻟﻐﺮب واﻷوﺿﺎع اﻟﺘﻲ أوﺟﺪﻫﺎ داﺧﻞ اﻷوﻃـﺎن اﺠﻤﻟـﺰأة .ﻫـﺬا ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ أﺧـﺬت ﺗـﻀـﻌـﻒ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ اﻷﺣﺰاب »اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ« اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻓﺪ ا;ﺼﺮي واﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺴـﻮرﻳـﺔ .واﻻﺳـﺘـﺜـﻨـﺎء اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮة اﻷﺣﺰاب اﳉﺪﻳﺪة ﻇﻬﻮر ﺣﺰب اﻟﻜﺘﺎﺋﺐ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧـﻴـﺔ ) (١٩٣٦ﺑﺎﲡﺎه اﳊﻔﺎظ ﻋﻠـﻰ ﻛﻴﺎن اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺿﻤﻦ ﺣﺪوده) .وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟـﻬـﺬه اﳋـﺼـﻮﺻـﻴّﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧـﻲ ﻓـﺈن ﺗﻌﻤﻴﻤﻨﺎ أﻋﻼه ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ أﻗﻄﺎر اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷﺧﺮى ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻘﻞ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ وﻫﻲ :ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺎ واﻟﻌﺮاق( .ﻋﻦ اﻷﺣﺰاب اﳉﺪﻳﺪة راﺟﻊ :ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ :ص .١٩٨ ٬٩٤ ) (٥٢ﻳﻘﻮل ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ» :ﺧﺴﺮ أﻫﻞ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ اﻟﻮاﺣﺪة اﻟﻘﺪzﺔ) ..و( ..وﺟﺪ اﻟﻨﺎس أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻮاﻃﻨ nﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ..اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ا;ﻔﺘﻌﻠﺔ .وﺻﺎﺣﺐ... ) ...ذﻟﻚ( اﻧﺤﻼل إﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻮاز ﻟﻪ«-اﻟﻐﺮب واﻟﺸـﺮق اﻷوﺳـﻂ :ص .٦١ ) (٥٣ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺣﺒﻄﺖ ﺧﻄﺔ ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ ) ١٩١٧ﺑ nﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ( ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪ ا;ﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺣﺴ nﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮﺣﺪة »اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ« .وﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻣـﻨـﻊ ﺗـﺼـﺎرع اﻟـﻨـﻔـﻮذﻳـﻦ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ واﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺳﻮرﻳﺎ واﻟﻌﺮاق ﻓﻲ اﻟﻌﻬﻮد اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﻟﺒﺮ;ﺎﻧﻴﺔ ذﻫﺒﺖ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮﺣﺪة »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻴﺔ اﻟﺘﻄﻮرﻳﺔ .و ﺑﺈﺣﺪاث اﻻﻧـﻔـﺼـﺎل ﺑـ nﺳـﻮرﻳـﺔ وﻣـﺼـﺮ )-(١٩٦١ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺎرﺿـﺔ اﻟﻐﺮب واﻻﲢﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ ﻟﻠﻮﺣﺪة-ﻗﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﲡﺮﺑﺔ اﻟﻮﺣﺪة »اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ« اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﺗﺒ nأن اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺜﻴﺮ ﻣﺨﺎوف اﻟﻐﺮب اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ واﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ-ﻣﻌﺎ-ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻛﺎن-اﻧﻈﺮ :ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ: ص .٤١١ ٬٣٢ -٢١ ) (٥٤ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮاﻓﻌﻲ ،ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺜﻮرة ا;ﺼـﺮﻳـﺔ ،ط ،٢ص .٢٩٦ -٢٩٤ ) (٥٥راﺟﻊ ﺷﻬﺎدات ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﻋﺰام وﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ﺑﺸﺄن ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻓﻲ :أﻧﻮر اﳉﻨﺪي، ا;ﻌﺎرك اﻷدﺑﻴﺔ :ص .٣٠٢ -٢٩٨ اﻧﻈﺮ أﻳﻀﺎ :ﻓﺮوخ وﺧﺎﻟﺪي :اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ واﻻﺳﺘﻌـﻤـﺎر ،ط ،٥ص .٢١٧ ٬٦٥ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ا;ﺴﺘﺸﺮق ﺟﺐ ﻣﻦ ﻣﺨﺎوف ﺑﺸﺄن ﻋﻮدة اﻟﻜﻴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺘﺤﺪ )× (٢ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ﻫﻨﺎ ﻣﺎ ّ ﻃﻮﻗﺎ ﻋﺎزﻻ ﺣﻮل أورﺑﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻬﺎ اﳉﻨﻮﺑﻲ. ) (٥٦ﻗﺴﻄﻨﻄ nزرﻳﻖ ،ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﳊﻀﺎرة ،ص ،٤٠٠ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺮر :إن ﺣﻴﺎة ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ..ﻻ ﲢﺘﻤﻞ ﻣﻦ ﺗﻀﺆل إﺑﻌﺎدﻫﻢ اﻟﻜﻴﻨﻴﺔ... ) (٥٧ﻳﺼﻒ ﻗﺴﻄﻨﻄ nزرﻳﻖ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻓﺘﺮة ﻣـﺎ ﺑـ اﳊـﺮﺑـn ﺑﻘﻮﻟﻪ إنّ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ »ﻣﻘﺴﻤﺔ إﻟﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﻔﻜـﻴـﺮاً ﻻﺗﻴﻨﻴّﺎ ،واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﺗﻔﻜﻴﺮا أﳒﻠﻮ-ﺳﻜﺴﻮﻧﻴﺎ ،وﻳﺤﻴﺎ ﻓﺮﻳﻖ ﺣﻴﺎة ﺷﺮﻗﻴﺔ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ،واﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ ﺣﻴﺎة ﻏﺮﺑﻴﺔ ﻣﻘﻬﻮرة ،و ً
170
ﻳﺴﻠﻚ ﺑﻌﺾ ﺟﻤﺎﻋﺎﺗﻬﺎ ﺳﻠـﻮﻛـﺎً دﻳﻨﻴـﺎً ،واﳉﻤﺎﻋﺎت اﻷﺧﺮى ﺳﻠﻮﻛـﺎً ﻋﻠﻤﺎﻧﻴـﺎً«-زرﻳﻖ ،اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣـﻲ: ﻧﻈﺮات ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ،١٩٤٠ط ﻣﻨﻘﺤﺔ ص .٧٧ ﻣﺸﺨﺼﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮة ذاﺗﻬﺎ داﺧﻞ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرة» :وأﻧﺎ و ﻳﻘﻮل ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ )(١٩٥٤ ّ أﻧﻈﺮ أﺣﻴﺎﻧﺎ إﻟﻰ أﺳﺮة ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻣﻦ آﻻف اﻷﺳﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ :اﻷب ﻣﺜﻼ ﻓﻼّح ﻣﻌﻤّﻢ ﻣﻦ واﻷم ﺳﻴﺪة ﻣﻨﺤﺪرة ﻣﻦ أﺻﻞ ﺗﺮﻛﻲ .وأﺑﻨﺎء اﻷﺳﺮة ﻓﻲ ﻣﺪارس ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﳒﻠﻴﺰي، ﺻﻤﻴﻢ اﻟﺮﻳﻒ، ّ وﻓﺘﻴﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪارس ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ :ﻛﻞ ﻫﺬا ﺑ nروح اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ،وﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ« ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة ،اﺧﺘﺮﻧﺎ ﻟﻚ ) ،(٣ص .٤٨
ﻫﻮاﻣﺶ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
)Albert Hourani, Arabic Thought in the Liberal Age, 1st ed, p 341 (١ ) (٢ج .ﺑـﺎدو )» ،(Badeauاﻟﺘﻄ ّـﻮر ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ« ،ﻓﻲ :دراﺳﺎت إﺳﻼﻣﻴـﺔ ،ﺠﻤﻟـﻤـﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ ا;ـﺴـﺘـﺸـﺮﻗـn اﻷﻣﺮﻳﻜﻴ ،nاﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺑﺈﺷﺮاف ﻧﻘﻮﻻ زﻳﺎدة ،ص .٢٥٠ )×( اﻷﺑﻨﺎط اﻟﺴﻮداء ا;ﻮﺿﻮﻋﺔ ﻫﻨﺎ وﻓﻴﻤﺎ ﺳﻴﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻮل ،ﻫﻲ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ. ) -(٣ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷدﺑﻲ ١٤ ،ﺟﻤﺎدي ١٣٥١ ،ﻫـ ١٤-أﻛﺘﻮﺑﺮ » ١٩٣٢ﺧﺎص qﺆ6ﺮ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴ.«n ) -(٤ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ. )× (٢أن ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ« qﺼﺮ ﺳﻴﺸﻴﻊ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟـﻌـﺎﺋـﻤـﺔ اﻟـﻀـﺎﺋـﻌـﺔ ﺑـ nاﺿـﻤـﺤـﻼل ﻣـﻔـﻬـﻮم اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺑﺪء ﻣﻔﻬﻮم اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﺳﻴﻌﻨﻰ اﻟﻌﺮب وا;ﺴﻠﻤ nأﺳﺎﺳﺎً ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺸﻤﻞ ﺷﻌﻮب اﻟﺸﺮق اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻛﺎﻟﻬﻨﺪ واﻟﻴﺎﺑﺎن ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ ردة ﺷﺮﻗﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺿﺪ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪاً ﻋﻦ ﻓﺮوق اﻟﺪﻳﻦ واﳉﻨﺲ وﻟﺮqﺎ ﻛﺎن اﻧﺘﺼﺎر اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻋﻠﻰ روﺳﻴﺎ ﻓـﻲ ١٩٠٥ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب ا;ﺒﻜﺮة ﻟﺒﻌـﺚ ﻫﺬه اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ .وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ا;ﺒﺴﻂ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ إﻟﻰ ﺷﺮق وﻏﺮب ﺳﻴﻨﺸﺄ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ا;ﺎدﻳﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﺪم دﻗﺘﻪ) .اﻧﻈﺮ ﻧﻘـﺪاً ﻟﻠﺸﺮﻗﻴﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ :ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺒﺰاز ،ﺑﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ص .(٣٥٩ -٣٥٣ ) -(٥ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ. ) -(٦ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ. )× (٣إن ﻣﺎ ﺳﻴﺮد ﻓﻲ ﻫﺬأ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺎدﻳﺔ أورﺑﺎ وﺳﻘﻮﻃﻬﺎ اﻷﺧﻼﻗﻲ ...اﻟﺦ ﻫﻮ ﺑﻄﺒﻴـﻌـﺔ اﳊـﺎل ﺗﻘﻮzﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﳊﻀﺎرة ً ﻋﺮض ﻵراء اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮب ﲡﺎه أورﺑﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ،وﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺣﻜﻤﺎً اﻷورﺑﻴﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ .وإ6ﺎﻣﺎ ﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺼﻮرة ﲡﺪر ا;ﻼﺣﻈﺔ أن اﻟﺪارﺳ nاﻟﻐﺮﺑﻴ nﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺘﻬﻢ ﻳﺮون أن ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ ا;ﺴﻠﻤ nﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮا ﺟﻮﻫﺮ اﳊﻀﺎرة... اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﻤﻖ .ﻳﻘﻮل ا;ﺴﺘﺸﺮق ﺟﺐ» :وﻟﻴﺲ ﻣﺪﻋﺎة ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ أن ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻋﻠﻤﺎء ا;ـﺴـﻠـﻤـ nأن اﻟﻐﺮب ﻣﻦ أرﺑﺎب ا;ﺎدﻳﺔ اﶈﻀﺔ .ﻓﻬﻢ ﻳﺠﻬﻠﻮن ﻣﺎ ﻫﻮ وراء ا;ﻈﺎﻫﺮ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة ا;ﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب« اﻧﻈﺮ :ﺟﺐ ،اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم )اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑـﻴـﺔ( ،ص .٧٦ ) -(٧ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ. ) -(٨ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ. ) * Gibb H. A. R, ed Whither Islam? London 1932 (٤و ﻳﺒﺪو إن ﻫﻴﻜﻞ رأى ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب دﻟﻴﻼ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺔ ﻋﻠﻤﺎء أوروﺑﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻼدﻫﻢ ﻻ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ اﺠﻤﻟﺮدة ،ودارت ﺑﻴﻨﻪ و ﺑـ nﻃـﻪ ﺣـﺴـ nﻣـﺠـﺎدﻟـﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻷﻣﺮ اﻋﺘﺒﺮت »ﻧﻘﻄﺔ ارﺗﻜﺎز ﻓﻲ 6ﺰق ا;ﺪرﺳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ« .راﺟﻊ :أﻧﻮر اﳉﻨﺪي ،ا;ﻌﺎرك
171
اﻷدﺑـﻴـﺔ.٢٩٧ -٢٩٥ ، ) -(٩ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷدﺑـﻲ ١٤ ،أﻛﺘﻮﺑـﺮ .١٩٣٢ ) -(١٠ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ. )× (٥أ;ﺢ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺗﻨﺎول ﻇﺎﻫﺮة »اﻹﺳﻼﻣﻴﺎت« ﻟﺪى اﻟﻜﺘﺎب اﺠﻤﻟﺪدﻳﻦ ،إﻟـﻰ أن ﺑـﻌـﻀـﻬـﻢ ﻟـﻢ ﻳـﻜـﻦ ﺻﺎدﻗﺎ ﻓﻲ ﲢﻮّﻟﻪ ،وان اﻟﺪاﻓﻊ إﻟﻴﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻜﺴﺐ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم أو ﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺎرات ً ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄوﻟﺌﻚ اﻟﻜﺘﺎب .أن اﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ دراﺳﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض. ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬا اﻟﻨﺘﺎج اﻟﻮاﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ذات اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻻ zﻜﻦ أن ﻧﺮﺟﻌﻪ ً ﻛﺒﻴﺮا ﺟﻤﻠﺔ وﺗﻔﺼﻴﻼً ﻟﺴﺒﺐ »ﺗﻜﺘﻴﻜﻲ« .وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل ﻓﺎن اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﻴﻜﻞ ﻗﺪ ﺑﺬل ﺟﻬﺪاً ﻋﻠﻤﻴﺎً دﻳﻨﻴﺎ ﺻﺎدق ا;ﻌﺎﻧﺎة ﻓﻲ »ﻣﻨﺰل اﻟﻮﺣﻲ« ،أﻣﺎ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ً ﻓﻲ »ﺣﻴﺎة ﻣﺤﻤﺪ« ،ﻛﻤﺎ اﻧﻪ أﻇﻬﺮ ﺷﻌﻮراً رواﻳﺎت ﻓﻜﺎﻫﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺜﻞ» :ﻓﻲ ذات ﻳﻮم ﺟﺎءﻧﻲ اﻟﻌﻘﺎد ﻳﻘﻮل أن اﻟﻨﺎﺷﺮ ..ﻗﺎل ﻟـﻪ :إن اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر ﻫﻴﻜﻞ ﻗﺪ اﻗﺘﻨﻰ ﺑﻴﺘﺎً ﻣﻦ رﺑﺤﻪ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم :ﺛﻢ ﺿﺤﻚ وﻗﺎل :واﻟﻠﻪ ﻷﻛﺘ ﻟﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﺒﺪوي ،ﻻ ﻋﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ،وﻟﻨﺒﻨ nﻟﻨﺎ ﻋﺼﺎرة!« )ﻓﺘﺤﻲ رﺿﻮان ،ﻋﺼﺮ ورﺟﺎل ،ص (٢٣٠ إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺎت ﻳﺠﺐ أن ﺗﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ اﻟﺸﺨﺼﻲ اﻟﻬﺎزل) .اﻧﻈـﺮ اﻟـﺸـﺎرات اﻛـﺜـﺮ ﺟـﺪﻳـﺔ ﻟﻈﺎﻫﺮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺎت ﻓﻲ :ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌﺎﺻﺮ ،ج ،٢ص ،١٥٨وأﻧﻮر اﳉﻨﺪي :ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ(٢٤٣ ، ) -(١١ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ ،زاد ا;ـﻌـﺎد ،ط ،٣ص .٢٩ ) -(١٢ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٣٤ ، ) -(١٣ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.٩ ، ) -(١٤ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١١ -٩ ، ) -(١٥ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .٤٣ ٬٣٩ )× (٦إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﲢﻮل ﻧﻌﻴﻤﺔ ودﻋﻮﺗﻪ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﻣﺬاﻫﺐ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﻮاﺟﻪ اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ :ﻫﻞ دﻋﻮة ﻧﻌﻴﻤﺔ واﻗﻌﻴﺔ أو ﻃـﻮﺑـﺎوﻳـﺔ? وﻫـﻞ أﺳـﻬـﻤـﺖ ﻓـﻲ دﻓـﻊ اﻟـﻨـﻀـﺎل أو ﻓـﻲ ﲡﻤﻴﺪه? وﻫﻞ ﻫﻲ »ﺗﻘﺪﻣﻴﺔ« أو »رﺟﻌﻴﺔ« ،وﻫﻞ zﻜـﻦ ﻟـﻠـﻔـﻜـﺮ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ا;ـﺘـﺼـﺪي ;ـﻌـﻀـﻼت اﻷﻣـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أن ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﻠﻲ...اﻟﺦ ?..إن ﻣﻨـﺎﻗـﺸـﺔ ﻫـﺬه اﻷﺳـﺌـﻠـﺔ-اﻟـﺘـﻲ ﻧـﺮى أﻧـﻬـﺎ أﺳـﺌـﻠـﺔ ﻣﺸﺮوﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ-ﻳﺘﻌﺪى ﻧﻄﺎق ﺑﺤﺜﻨﺎ .وﺣﺴﺒﻨﺎ ﻣﺎ أﻛﺪﻧﺎه ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻧﻌﻴﻤﺔ ﺑﺪﻋﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﺑﺪء ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﺤﻮل اﳉﺪﻳﺪ ﺿﺪ اﻟﻐﺮب وﺑﺎﲡﺎه اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ا;ﻔﻘﻮدة وzﻜﻨﻨـﺎ أن ﻧـﺸـﺒـﻪ دور ﻧـﻌـﻴـﻤـﺔ ﺑـﺪور ﺗﻮﻟﺴﺘﻮي ﺑﻌﺪ ﲢﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ »ﻣﻨﺎخ« ﻓﻜﺮي ﻋﺎم ﻬﺪ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺮوﺳﻴﺔ .إن ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ 6ﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﻓﻜﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﻣﺒﺎد ¤ﺗﻮﻟﺴﺘﻮي .وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻨﻔﻲ اﻧﻪ ﻛﺎن إرﻫـﺎﺻـﺎ ﻣـﻦ إرﻫـﺎﺻـﺎﺗـﻬـﺎ .أﻻ zـﻜـﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﺪور ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻔﻜﺮي ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺰاوﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳊﺮﻛﺎت اﻟﺜﻮرة ﻓﻲ ا;ﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ? ) -(١٦ﻋﺒﺪ اﳉﺒﺎر داود اﻟﺒﺼﺮي ،رواد ا;ﻘﺎﻟﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﳊـﺪﻳـﺚ ص .١٠١ ) -(١٧ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .١٠٣٬١٠٤ ) (١٨ﺗﺮاﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل دراﺳﺔ ا;ﺴﺘﺸﺮق ﺟﺐ ،اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊـﺪﻳـﺜـﺔ ﻓـﻲ اﻹﺳـﻼم :ودراﺳـﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺒﺮت ﺣﻮراﻧﻲ ،اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ ،وﻛﺘﺎب Islam in Modern History, W. G. Smithوذﻟﻚ ﻟﻼﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﻰ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ رﺑﻂ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻔـﻠـﺴـﻔـﺔ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« وﲢﻠﻴﻞ أﺳﺒﺎب إﺧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻓﻲ اﶈﻴـﻂ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ اﻹﺳـﻼﻣـﻲ .راﺟـﻊ أﻳـﻀـﺎً ﺛﺒـﺖ ا;ﺼﺎدر وا;ﺮاﺟﻊ.
172
وأﻳﻀﺎ .٢٨١ -٢٧٦ ً ) -(١٩ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌـﺎﺻـﺮ٨٢ -٧٢ ، ) -(٢٠ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌﺎﺻﺮ ،ج ١٧٧ ٬٢وﻳﺼﻠﺢ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺮﺟﻌﺎ ﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑ nاﳊﺮﺑ nﻟﻐﻨﺎة ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ .ﻏﻴﺮ أن ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻣﻨﺤﺎز ﻟﻼﲡﺎه اﻟﺴﻠﻔﻲ. ً ) -(٢١ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٨٢ -١٨١ ، )× -(٧ﻛﺎن ﺷﺒﻠﻲ ﺷﻤﻴﻞ ﻗـﺪ ﺗـﺮﺟـﻢ ﺷـﺮح ﺑـﺨـﻨـﺮ Buchnerإﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻈﻬـﺮ أﺻـﻞ اﻷﻧـﻮاع .ﻟـﻨـﻈـﺮﻳـﺔ داروﻳﻦ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺮﺟﻢ ) -(٢٢ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق ط .٣٧١ -٣٧٠ ٬٦وﻻ ﻳﻔﻮﺗﻨﺎ أن ﻫﺬه اﻟﻠﻌﻨﺔ اﻟﺴﺎذﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺒﻬﺎ اﻷم ﻋﻠﻰ اﻹﳒﻠﻴﺰ »أﺟﻤﻌ-«nأي ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳ nوﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ-ﺗﺸﻴـﺮ إﻟـﻰ ﻣـﺪى ﻣـﺎ ﺣﺠﺒﻪ ﺧﺼﺎﻣﻨﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻊ اﻟﻐﺮب ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻫﺎد ¤ﳊﻘﺎﺋﻖ ﺣﻀﺎرﺗﻪ. )× -(٨واﻷﺧﻄﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا أن »ﻛﻤﺎل« ﺳﻴﻄﻤﺢ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻛﺘﺎب ﻛﺎﻟﻘﺮآن ..» :اﻟﻜﺘﺎب ﺳﻴﻜﻮن ﻧﺜﺮاً ،وﺳﻴﻜﻮن ﻣﺠﻠـﺪاً ﺿﺨﻤـﺎً ﻓﻲ ﺣﺠﻢ اﻟﻘﺮآن اﻟﻘﺪ وﺷﻜﻠﻪ ،وﺳﺘﺤﺪق ﺑﺼﻔﺤﺎﺗﻪ ﻫﻮاﻣﺶ اﻟـﺸـﺮح واﻟـﺘـﻔـﺴـﻴـﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻢ ﻳﻜﺘﺐ أﻟﻢ ﻳﺤﻮ اﻟﻘﺮآن ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻴﺄس «...اﻧﻈﺮ :ﻗﺼﺮ اﻟـﺸـﻮق ،ص .٦٦ ) -(٢٣ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،اﻟﺴﻜـﺮﻳـﺔ ،ط .١٦ ٬٦ ) -(٢٤ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ،اﻹzﺎن وا;ﻌﺮﻓﺔ )ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻘﺎﻻت(،١١٣ ٬١٠٥ -١٠٣ ٬٣٩ -٣٥ ٬١٠ -٩ ، .١١٤ ) -(٢٥اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ٤٢ ) -(٢٦ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .٢٢٧ ) -(٢٧ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .١٥٤ ) -(٢٨ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .٣٢٥ ) -(٢٩أﻧﻮر اﳉﻨﺪي ،ا;ﻌﺎرك اﻷدﺑـﻴـﺔ.٥ ، ) -(٣٠اﻷﻫﺮام ٢٠ ،ﻳﻮﻧـﻴـﺔ .١٩٣٩ ) -(٣١أﺣﻤﺪ أﻣ ،nﺣﻴـﺎﺗـﻲ ط .٢٨٨ -٢٨٧ ٬٢ )× -(٩أﻋﻠﻦ اﻟﺰﻳﺎت ﺗﻮﻗﻒ »اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ« ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة اﻷﻫﺮام ﺑﺘﺎرﻳـﺦ ٢١ﻓﺒﺮاﻳـﺮ .١٩٥٣ ) -(٣٢اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،اﻟﻌـﺪد اﻷول ١٥ ،ﻳﻨﺎﻳـﺮ .١٩٣٣ )× -(١٠ﻗﺒﻞ ﺛﻠﺚ ﻗﺮن ﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﺗﻪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴـﺔ ،ﻳـﺤـﺬر ﻣـﻦ اﻧـﻘـﺴـﺎم اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ واﳊﻴﺎة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻴﺎرﻳﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀ nﺑ nاﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ا;ﻘﻠﺪة واﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻴﺔ ا;ﺴﺘﻐﺮﺑﺔ و ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﺗﺰﻳﻞ اﻟﻔﺠﻮة ا;ﺰدادة اﺗﺴﺎﻋﺎ ﺑ nاﳉﺎﻧﺒ ،nﺑﺘﻨﻘﻴﺔ اﻹﺳﻼم ﻋﻠـﻰ ﺿـﻮء اﻟـﻌـﻘـﻞ، وﻓﻬﻢ اﻟﻌﻠﻮم اﳊﺪﻳﺜﺔ )راﺟﻊ :رﺷﻴﺪ رﺿﺎ ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﺳﺘﺎذ اﻹﻣﺎم ،ج ا ،ص .(١١ ) -(٣٣ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌـﺎﺻـﺮ ،ص -١٥٨ﻫﺎﻣﺶ رﻗﻢ .١ ) -(٣٤ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻨ nﻫﻴﻜﻞ-اﻹzﺎن وا;ﻌـﺮﻓـﺔ.١٠٥ -١٠٣ : ) -(٣٥ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺰل اﻟﻮﺣﻲ ،ط ،٢ص ) ٢٦ -٢٢ﻣﻦ ا;ﻘﺪﻣﺔ(. ) -(٣٦اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ ،اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ط ٢٩١ ٬٤ ) -(٣٧ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ،ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜـﺮ ،ط ،١٩٧٢ص -١٥وﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ رأي ﻃﻪ ﺣﺴ nﻳﻌﻠﻨـﻪ ﺑﻮﺿﻮح وﻗﻮة» :اﻟﻌﻠﻢ ﺷﻲء واﻟﺪﻳﻦ ﺷﻲء آﺧﺮ وﻣﻨﻔﻌﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺪﻳﻦ أن ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤـﺎ اﻻﻧـﻔـﺼـﺎل.. اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ واﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى وﻟـﻴـﺲ إﻟـﻰ اﻟـﺘـﻘـﺎﺋـﻬـﻤـﺎ ﺳـﺒـﻴـﻞ ..اﺨﻤﻟـﺪوﻋـﻮن ﻫـﻢ اﻟـﺬﻳـﻦ ﻳﺤﺎوﻟﻮن داﺋﻤﺎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ واﻟﺪﻳﻦ«-راﺟﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋـﻴـﺔ .١٩٢٦/٧/١٧
173
) -(٣٨دﻛﺘﻮر ﳒﻴﺐ ﺑﻠﺪي ،ﺑﺴﻜﺎل ،ص ١٤٤ ) -(٣٩اﳊﻜﻴﻢ ،ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜﺮ -١٦ ،وﻫﻨﺎ ﻳﻘﺘﺮب اﳊﻜﻴﻢ ﻣﻦ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ ﺑﻘﺪر اﺑﺘﻌﺎده ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻹzﺎن وﺣﺪه وﺻﻮﻻ إﻟﻰ اﳊﻖ اﻷﻋﻠﻰ .ﻏﻴﺮ أن اﳊﻜﻴﻢ ﻳﻈﻞ اﻛﺜﺮ ﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻷﺧﻼق واﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ اﻟﻌﻤﻠﻲ )اﻧﻈﺮ ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜﺮ (١٦ -١٥ ) -(٤٠اﳊﻜﻴﻢ ،ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜﺮ٢٨ ، ) -(٤١ﻣﺤﻤﺪ ﻟﻄﻔﻲ ﺟﻤﻌﺔ ،ﺗﺎرﻳﺦ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻹﺳﻼم٢٣ ، ) -(٤٢ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ،ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜﺮ٢٩، )× -(١١راﺟﻊ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ. ) -(٤٣اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ ،اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ط ٢٩١ ٬٤ )× -(١٢ﺻﺪرت ا;ﺴﺮﺣﻴﺔ ﻋﺎم ١٩٣٦وﻛﺘﺐ اﳊﻜﻴﻢ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ »ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜﺮ« ﻋﺎم .١٩٣٧ )× -(١٣ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﺘﻈﺮ ﻋﻘﺪاً آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻨ nﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴ nﺑﺪوره إﻟﻰ اﻟﺘﺸﻜﻚ ﻓﻲ وﺟﺎﻫﺔ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻨﻈﺎم »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ« اﻟﻐﺮﺑﻲ qﺼﺮ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻫﻮ ﻣﻦ أﻗﻮى دﻋﺎﺗﻪ .ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎب »ا;ﻌﺬﺑﻮن ﻓﻲ اﻷرض« اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﺗﺒﺎﻋﺎ ﻣﻨﺬ ١٩٤٥وﺑﺪأ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺘﻪ »اﻟﻜﺎﺗﺐ ا;ﺼﺮي« ﺛﻢ ﺟﻤـﻌـﻬـﺎ ﻋـﺎم ) ١٩٤٩ﻟﺘﺼﺎدرﻫﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ(-ﳒﺪ ﺧﻴﺒﺔ أﻣـﻞ ﻛـﺒـﺮى ﻓـﻲ ﻣـﺴـﺘـﻮى اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ ذﻟﻚ اﻟﻨﻈﺎم .إن ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻲ »ا;ﻌﺬﺑﻮن ﻓﻲ اﻷرض« ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ .اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ا;ﺮة اﻟﺘﻲ وﻗﻔﻬﺎ ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ﻓﻲ »ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻧﺎﺋﺐ«-ﺑﻞ وﻳﺘﺠﺎوزه إﻟﻰ.. )× .....(١٤اﻟﺜﻮرة اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ-ﺑﻘﺪر اﺑﺘﻌﺎده ﻋﻦ ذﻟﻚ ا;ﻮﻗﻒ اﻟﻘﺒﻮﻟﻲ ا;ﺘﻔﺎﺋﻞ ﺑﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ أورﺑﺎ وﻋﻘﻼﻧﻴﺘﻬﺎ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻏﺮﺳﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،اﻟﺬي ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺈzﺎن وﺟﺮأة وإﺻﺮار ﻓـﻜـﺮي ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎب »ﻣـﺴـﺘـﻘـﺒـﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ«.
ﻫﻮاﻣﺶ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
) -(١ﻣﻦ ا;ﺮاﺟﻊ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻬﺬا ;ﻮﺿﻮعD. Thompson, Europe since Napoleon,: .٦٥١٬٧٥٩.Penguin,p.p ) -(٢ﻟﻌﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﺮﺟﻊ ﻟﺪراﺳﺔ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻓﻠﺴـﻔـﺔ وﻧـﻈـﺎﻣـﺎً ﻣﺘﻜﺎﻣﻼ ﻛﺘﺎب »أزﻣـﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﳊﺪﻳﺚ« ﺗﺄﻟﻴﻒ :ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻓﺮﻧﻜﻞ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ د .ﻧﻘﻮﻻ زﻳﺎدة .وﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻘﺮ »ﻣﺼﻄﻠﺢ« ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« .وﻗﺪ درﺟﺖ اﻟﻌﺎدة ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﺑـ »اﻟﺘﺤﺮرﻳﺔ« )اﻧﻈﺮ »دراﺳﺎت إﺳﻼﻣﻴﺔ« ﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺔ ﻣﺴﺘﺸﺮﻗ ،nاﻟﺘﺮﺟﻤـﺔ ﺑـﺈﺷـﺮاف ﻧـﻘـﻮﻻ زﻳـﺎدة ،ص (٣٥٣وﻛﺎن ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﻗﺪ ﺗﺮﺟﻤﻬﺎ »ﺧﻄﺔ اﳊُﺮﻳ) «nاﳉﺮﻳـﺪة ،١٩١٣/٩/٢٨ﻋﺪد (١٩٩٠أو ا;ﺬﻫﺐ »اﳊُ¸ﺮي« )اﳉﺮﻳﺪة ،١٩١٤ /٥/٩ﻋﺪد ،(٢١٧٨اﻧﻈﺮ أﻳﻀﺎ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﺗﺄﻣﻼت« ،ط ،٢ص.١٣٢ ٬٨٧ )D. Thompson, Europe Since Napoleon , pp.589 -(٣ ) ...»-(٤وﻣﺎ ﻋﻠﻴﻜﻢ ،إذا أرد¬ أن ﺗﺘﺤﻘﻘﻮا ﻣﻦ اﺧﺘﻼل اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،إﻻ أن ﺗﺘﺬﻛﺮوا ﺑﺄﻧﻪ ،ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،١٩٢٢ﻟﻢ ﺗﺴﻘﻂ أﻳﺔ وزارة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻷن اﻟﺒﺮ;ﺎن ﺣﺠﺐ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺜﻘﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻌﺪل ﻋﻤﺮ اﻟﻮزارة ﺳﻨﺔ وﻧﺼﻒ ﺳﻨﺔ .وﻓﻲ اﻟﺮﺑﻴﻊ ا;ﺎﺿﻲ ) (١٩٥٢ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ وزارة ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﳊﻜﻢ ﻏﻴﺮ ٢٤ﺳﺎﻋﺔ .وﻗﺪ ﻋﺎﻳﻨﺖ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﻋـﻴـﺶ ﻫـﻨـﺎك «..ﺟـﻮن .س ﺑـﺎدو
174
» ،Badeauاﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ« ﻓﻲ دراﺳﺎت إﺳﻼﻣﻴﺔ ،اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺑﺈﺷﺮاف ﻧﻘﻮﻻ زﻳﺎدة ،ص .٢٥٣ )×( أﺣﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ زﻏﻠﻮل ﻫﻮ ﺷﻘﻴﻖ ﺳﻌﺪ زﻏﻠﻮل ،ﺣﻘﻮﻗﻲ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،وﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻫﻢ... ...ا;ﺘﺮﺟﻤ nﻋﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن ،ﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻣﺘﺮﺟﻤﺎﺗﻪ »ﺳﺮ ﺗﻘﺪم اﻹﳒﻠﻴﺰ اﻟﺴﻜﺴﻮﻧﻴ«n ﻻدzﻮن دzﻮﻻن و»أﺻﻮل اﻟﺸﺮاﺋﻊ« ﻟﺒﻨﺘﺎم و»روح اﻻﺟﺘﻤﺎع« و»ﺳﺮ ﺗﻄﻮر اﻷ « ﳉﻮﺳﺘﺎف ﻟﻮﺑﻮن- اﻧﻈﺮ ﺗﺮﺟﻤـﺔ ﳊـﻴـﺎﺗـﻪ وأﻋـﻤـﺎﻟـﻪ ﻓـﻲ :ﻟـﻄـﻔـﻲ اﻟـﺴـﻴـﺪ ،ﺗـﺄﻣـﻼت ،ط ،١٣٥ -١٢٥ ٬٢أو ﻓﻲ »ﺟـﺮﻳـﺪة اﳉﺮﻳﺪة« ﺑﺘﺎرﻳﺦ ،١٩١٤ / ٥/ ٩اﻟﻌﺪد٢١٧٨ . ) (٥اﻧﻈﺮ ﲢﻠﻴﻼً ﻣﻜﺜﻔﺎ وﺿﺎﻓﻴﺎً ;ﺼﻴﺮ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« ﻓﻲ اﻹﺳﻼم اﳊﺪﻳﺚ وأﺳﺒﺎب إﺧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻓﻲ: W.C. Smith, Islam in Modern History, pp.55-73 ) (٦ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﳋﻤﺲ اﻷوﻟﻰ ﻟﻌﻤﺮ »اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ« ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑ ١٩٢٨ -١٩٢٣ nﻗﺪﻣﺖ اﳊﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ )اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ دzﻘﺮاﻃﻴﺘﻬﺎ( أرﺑﻌﺔ إﻧﺬارات ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺿﺪ ﻣﺤﺎوﻻت ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻟﻠﺒﺮ;ﺎن ا;ﺼﺮي ﺑﺴﻦ ﻗﻮاﻧ nﺗﻌﻄﻲ ﺣﺮﻳﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ أﻛﺒﺮ ﻟﻠﺸﻌﺐ ا;ﺼﺮي .وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻃﻴﺢ ﺑﺎﳊﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮ;ﺎﻧﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺤﺎس وﻓﺮﺿﺖ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﻗﻠﻴﺔ اﺳﺘﺒﺪادﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻘﺼﺮ )وزارة ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد وﺣﺰب »اﻷﺣﺮار اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳ «nا;ﻮاﻟﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ اﶈﺘﻠﺔ ﻓﻲ ٢٧ﻳﻮﻧﻴﺔ ،(١٩٢٨ﺛﻢ ¬ ﺣﻞ اﻟﺒﺮ;ﺎن ا;ﻨﺘﺨﺐ وﻋﻄﻞ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻓـﻲ ١٩ﻳﻮﻟﻴـﺔ ،١٩٢٨ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮاﻟﺖ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻄﻮرات ﺿﺪ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ وﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﻬﺪﻫﺎ ،ﻟﻢ ﻳﺠﺪ أوﺳﻦ ﺗﺸﻤﺒﺮﻟ nوزﻳﺮ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ »اﻟﻌﻈﻤﻲ« ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ أﻣﺎم اﻟﺒﺮ;ﺎن اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻏﻴﺮ ﻫﺬه ا;ﻘﻮﻟﺔ اﻻﺳﺘﺒﺪادﻳﺔ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪﻳﺔ» :ﻟﻦ ﻧﺴﻤﺢ ﻷﻳﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻫﻨﺎك دﺳﺘﻮر أم ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك دﺳﺘﻮر أن ﺗﻬﻤﻞ اﻟﺘﺤﻔﻈﺎت )اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﺑﺸﺄن اﻻﺳﺘﻘﻼل( ﻓﻤﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻧﻮع اﳊﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺎرﻫﺎ ا;ـﻠـﻚ ﻓـﺆاد وﺷـﻌـﺒـﻪ ﻓـﻴـﺠـﺐ ﻋـﻠـﻴـﻬـﻢ أن ﻳﻀﻌﻮا ﻓﻲ. .. ...ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻔﻈﺎت و ﻳﻌﻄﻮا ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ اﻟـﺘـﺮﺿـﻴـﺎت «..راﺟـﻊ ﻋـﺒـﺪ اﻟـﺮﺣـﻤـﻦ اﻟـﺮاﻓـﻌـﻲ ،ﻓـﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺜﻮرة ا;ﺼـﺮﻳـﺔ ،١٩١٩ج ،٢ط ،٢ص.٦٣ -٥٦ )× (٢اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻹzﺎن ﺑﻨﺴﺒﻴﺔ اﳊﻘﻴﻘﺔ وﺗﻌﺪدﻳﺔ ا;ﺆﺳﺴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﺿﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣـﻄـﻠـﻖ ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻔـﺔ وﻣـﺎ ﻫـﻮ ﻛـﻠـﻲ ﻓـﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎع وﻫﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ »اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ« أو »اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ«. )Thompson, Europe since Napoleon pp.688- 690 (٧ اﺣﺘﻔﻲ ﺑﻪ ) (٨ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺪم ا;ﺴﺘﺮ ﻛﺮاﻳﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ا;ﺼﺎدق ﻟﻠﻌﺮب واﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ﺳﻨـﺔ ُ ١٩٢٩ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﳊﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ وأﻟﻘﻲ ﻣﻌﺮوف اﻟﺮﺻﺎﻓﻲ-ﺑﻨﺒﺮﺗﻪ اﻟﺼﺮﻳﺤﺔ اﻟﻨﺎﻓﺬة-ﻗﺼﻴﺪة ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ) :وﻛﺎﻧﺖ أوﺿﺎع اﻟﻌﺮاق ﻋﻨﺪﻫﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮه ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً(:
وإذا ﺗـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺴ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺄل ﻋ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻤـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻫـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻮ ﻓـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻐـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪاد ﻛـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺋ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ﻓ ـ ـ ـ ـﻬـ ـ ـ ــﻮ ﺣ ـ ـ ـ ـﻜـ ـ ـ ــﻢ ﻣ ـ ـ ـ ـﺸـ ـ ـ ــﺮﻗـ ـ ـ ــﻲ اﻟ ـ ـ ـ ـﻀ ـ ـ ـ ــﺮع، ﻏـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺮﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ا $ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻼﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ وﻃـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻨ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ اﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ ،ﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻜـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ إﻧ ـ ـ ـ ـ ـﻜ ـ ـ ـ ـ ـﻠ ـ ـ ـ ـ ـﻴـ ـ ـ ـ ــﺰي اﻟـ ـ ـ ـ ـ ـﺸـ ـ ـ ـ ـ ـﻨ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻦ. ...
175
ﻗ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪ ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻠ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻜ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻨـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻛـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ ﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻰء ﻧـ ـ ـ ـ ـﺤ ـ ـ ـ ــﻦ ..ﻓ ـ ـ ـ ــﻲ اﻟـ ـ ـ ـ ـﻈـ ـ ـ ـ ــﺎﻫـ ـ ـ ـ ــﺮ ..ﻟ ـ ـ ـ ـ ـﻜـ ـ ـ ـ ــﻦ ...ﻧـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺤ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ﻓ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ اﻟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺒـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻃـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ﻻ eـ ـ ـ ـ ـﻠ ـ ـ ـ ــﻚ ﲢ ـ ـ ـ ــﺮﻳـ ـ ـ ـ ـﻜـ ـ ـ ـ ــﺎً ﻟـ ـ ـ ـ ـﺴ ـ ـ ـ ــﺎﻛـ ـ ـ ـ ــﻦ ! )ﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ »ﺷﻜﻠﻴﺔ« اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ( وراﺟﻊ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﻃﺐ ﺑﻬﺎ أﻣ nاﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﺳـﻨـﺔ .١٩٢٢ اﻧﻈﺮ اﻟﻘﺼﻴﺪﺗ nﻓﻲ :أﻧﻴﺲ ا;ﻘﺪﺳﻲ ،اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟـﻢ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ اﳊـﺪﻳـﺚ ،ط ٣ص .١٦٩ -١٦٨ودﻳﻮان اﻟﺮﺻﺎﻓﻲ: ٤١٤٬٤٠٣ )D. Thompson, Europe since Napoleon, esp. chaps.18&33,pp428&907 (٩ )× Oswold Spengler(1880-1936) (٣وﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻓﻲ أ;ﺎﻧﻴﺎ ﻋـﺎم ١٩١٨وﺗﺮﺟﻢ إﻟﻰ اﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ﺑـn .١٩٢٨ -١٩٢٦ ) (١٠ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺣﻨّﺎ ،اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ وﻟﺒﻨﺎن ،١٩٤٥ -١٩٢٠ص )× (٤ﻳﻘﻮل ﻣﺆﻟﻒ ذﻟﻚ اﻟﻜﺘﺎب ﲢﺪﻳﺪا وqﻔﻬﻮم أ ﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب» :داﻓﻌﺖ ﻋﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﻣﺪرﻳـﺪ« /ﺣـﻨّﺎ.١٠٩ : ) (١١ﺣـﻨـﺎ.١٦٢ -١٦١ : )× (٥ﻫﺬا اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﳊﺮﻳﺔ اﳋﺎﻟﺼﺔ إﻟﻰ »اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻻﻗﺘﺼﺎدي« ﻫﻮ اﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ إﻟﻰ ﺳﻼﻣﻪ ﻣﻮﺳﻲ. )× (٦ﺑﺪت اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ-ﻓﻲ ﺣﺴﻤﻬﺎ وزﺧﻤﻬﺎ ا;ﺒﺪﺋﻲ-ﻓﻜﺮة راﺋﻌﺔ ﻟﻠﻌﺮب وﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻋﻠﻰ. .. ...اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ وﻫﺘﻔﺖ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﻣﺼﺮ ذات ﻳﻮم ﻓﻲ اﳊﺮب اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ» :إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻳﺎ روﻣﻞ !« )ﻋﺎم .(١٩٤٢وﻳﺰﻋﻢ ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ أن اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ ﻓﻜﺮة ﻣﻮﺣﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮر اﻟﻘـﻮﻣـﻲ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ إﻟـﻰ اﻟﻴﻮم .ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻐﺮب وا;ﺸﺮق اﻷوﺳﻂ« ،ص ) ١٤٦ -١٠٥اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( × .ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻔﻮﺗﻨﺎ ﻣﻐﺰى ﻫﺬا »ا;ﻠﻤﺢ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ« ا;ﺒﻜﺮ ﻟﺪى اﳉﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ .أن ﺗﻮﻓﻴﻘﻴـﺔ اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ﺳـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﺗـﺘـﺒـﻠـﻮر ،ﻣـﻊ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ا;ﺴﺘﺠﺪة ﻟﺪى ﻫﻴﻜﻞ. .. ، ...ﻟﻠﺠﻤﻊ ﻓﻲ »ﻣﺮﻛﺐ« واﺣﺪ ﺑ nا;ﻄﻠﺒ nاﻟﻌﺰﻳﺰﻳﻦ ا;ﺘﺒﺎﻋﺪﻳﻦ :اﳊﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ. ) (١٢د .ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء أو ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺴﻦ ﻣﻔﺘﺎح ،ص ) ١٧ -١٦ﻣﻦ ا;ﻘﺪﻣﺔ(. ) (١٣ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻤﺢ ا;ﺴﺘﺸﺮق ﺟﺐ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﺪم ﻓﻬﻢ اﳉﺎﻧﺐ اﻟـﺮوﺣـﻲ ا;ـﻌـﻨـﻮي ﻣـﻨـﻬـﺎ .اﻧـﻈـﺮ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ: اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ص ) ٧٦اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. ) (١٤رﻓﺎﻋﺔ راﻓﻊ اﻟﻄﻬﻄﺎوي ،ﺗﺨﻠﻴﺺ اﻻﺑﺮﻳﺰ ﻓﻲ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺑﺎرﻳﺰ ،اﻟﻘـﺎﻫـﺮة .١٩٠٥ )× (٧ﻏﻴﺮ أن ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻣﺘـﻤـﺴـﻜـﺎً ﺑﺎ;ﺮﻛﺐ اﳉﺎﻣﻊ ﺑ nاﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻻﺷﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ ﻛـﻤـﺎ ﺳﻴﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺳﻴﺎق ﺑﺤﺜﻨﺎ .وﻣﻦ ﲡﺮﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻧﻔﺴﻪ zﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل :ذﻫﺐ ذﻟﻚ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ أورﺑﺎ »ﻣﺜﺎﻻً« ﻟﻠﻤﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺴﻴﺤﻲ. ) (١٥اﻟﻌﻨﻘﺎء أو ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺴﻦ ﻣﻔﺘﺎح) ،ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻜـﺘـﺎب( ،ص .١٨ -١٧ )× (٨ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺻﺪق ﻫﺬا اﳊﻜﻢ ﻓﺘﺮة ازدﻫﺎر اﻟﻨﺎزﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺸﻌـﺒـﻴـﺔ ﻻ 6ـﺜـﻞ ﺑـﻌـﺪ ﻧﺎﺿﺠﺎ .أﻣﺎ ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ اﳊﺮب ﻓﺎن اﻟﻨﻘﻴﺾ اﳉﺪﻟﻲ ﺳﻴﺒﺮز وﺗﺘﻌﻤﻖ ا;ﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ً ً ﻧﻘﻴﻀﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ.
176
) (١٦ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ) :ا;ﻘـﺪﻣـﺔ( ،ص ،١٠-٩ )× (٩إن ﲢ ّـﻮﻻت ١٩٣٢اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،واﻧـﻌـﻄـﺎﻓـﺎت ١٩٣٦اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻣﻊ اﻟـﺘـﻔـﺎﻋـﻼت اﻷورﺑـﻴـﺔ ﺳـﺘـﺪﺧـﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﳉﻴﻞ اﻟﺸﺎب )ﻋﻔﻠﻖ-اﻧﻄﻮن ﺳﻌﺎدة-ﻣـﻨـﺪور-ﻟـﻮﻳـﺲ ﻋـﻮض-ﺣـﺴـﻦ اﻟـﺒـﻨـﺎ ..اﻟـﺦ« اﻟﺬي ﺳﻴﻤﺮ ﺑﺘﺄزم وﺣﻴﺮة وﺑﺤﺚ. ) (١٧ﻟﻼﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳـﺦ ﻫـﺬه اﻟـﻔـﺘـﺮة ﻳـﺮاﺟـﻊ, P.J. Vatikiotis The History of Modern Egypt :وﻋﺒـﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮاﻓﻌﻲ ،ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ ،١٩١٩اﳉﺰءان اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟﺚ. ) (١٨ﻃﺎرق اﻟﺒﺸﺮي ،اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻣـﺼـﺮ ،ص ١٠وأﻳﻀـﺎً :اﻟﺮاﻓﻌﻲ ،ﻓﻲ أﻋـﻘـﺎب اﻟـﺜـﻮرة ا;ﺼـﺮﻳـﺔ ،ج ،٢ط ،٢ص .٢٣٠ )× (١٠وﻛﺄﻧﻪ ﺑﺪأ ﻳﺤﺲ ﺑﻘﻮة ﻫﺬه اﻟﻌﻮدة وﻫﺬا اﻹﺣﻴﺎء. ) (١٩ﻃﻪ ﺣﺴ ، ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. ) (٢٠ا;ﺼﺪر اﻟﺴﻮاﺑﻖ ،ﻓـﻘـﺮة ،٩ص .٤١ ) (٢١ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻓـﻘـﺮة .٢ )× (١١أن »اﻟﺪﻋﻮة ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ« ﺳﺘﺒﻘﻰ-ﻟﻔﺘﺮة أﻃﻮل-ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺣﻴﺚ ﺳﻴﻌﻮد رﻳﻨﻴﻪ ﺣﺒﺸﻲ إﻟﻰ ﻃﺮﺣﻬﺎ، وﻟﻜﻦ ﻣﻦ زاوﻳﺔ »اﻟﻌﺮوﺑﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ« ،أي ﺗـﻮﻓـﻴـﻘـﺎً ﺑ nاﻟﻌﺮوﺑﺔ ا;ﺘﺤﻀﺮة واﻟﻐﺮب ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ »ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ا;ﻔﺘﺮق« ،ﺑﻴﺮوت ×× .١٩٦٠ﻓﻲ ٢ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ١٩٣٥ﻛﺘﺐ اﻟﻔﺘﻰ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﺟﻴﻠﻪ» :إن ا;ﻮﻗﻒ اﻟﻴﻮم دﻗﻴﻖ ..وﻣـﺼـﺮ ﻓـﻲ ﻣـﻮﻗـﻒ أدق ..وﻧـﺤـﻦ ﻧـﻜـﺎد ﻧـﻮدع اﳊـﻴـﺎة وﻧﺼﺎﻓﺢ ا;ﻮت ،ﻓﺎن ﺑﻨﺎء اﻟﻴﺄس ﻋﻈﻴﻢ اﻷرﻛﺎن ،ﻓﺄﻳﻦ ﻣﻦ ﻳﻬﺪم ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺎء« ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓـﻠـﺴـﻔـﺔ اﻟﺜﻮرة ،ص ١٦ ) (٢٢ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ا;ﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﻣﺎﻳﻮ ،١٩٦٢اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ص ٢٩ ) (٢٣ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑـﻖ» .٢٧ :ﺳﺒﻖ أن أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﻐﺰى ﻛﺘﺎب اﳊﻜﻴﻢ »ﻳﻮﻣﻴـﺎت ﻧـﺎﺋـﺐ ﻓـﻲ اﻷرﻳـﺎف« ﺎﻗﺎ ﻻﻋﻄﺎء اﳉﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻮرة. ١٩٣٧ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﺒّ ً ) (٢٤ﻓﻤﻨﺬ ١٩٤٦أﺧﺬ ﻳﺘﻀﺢ أﻧﻪ »ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﺗﻌﻠﻦ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﺸﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﲢﻘﻴﻖ ا;ﻄﺎﻟﺐ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،وﺑﻬﺬا ارﺗﻔﻊ ﺷﻌﺎر اﻟﻜﻔﺎح ا;ﺴﻠﺢ ،وأول ﺧﻄﻮات ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺎر إﻟﻐﺎء ﻣﻌﺎﻫﺪة ١٩٣٦وإﻋﻼن أن اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺟﻮد ﻋﺪواﻧﻲ ﻻ ﻳُﻌﺘﺮف ﻟﻪ ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﺎ« وﻓﻲ أﻛﺘـﻮﺑـﺮ ١٩٥١أﻟﻐﻰ اﻟﻨﺤﺎس اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ-وﻛﺎن ﻗﺪ أﺳـﻤـﺎﻫـﺎ ﻣـﻌـﺎﻫـﺪة اﻟـﺸـﺮف واﻻﺳـﺘـﻘـﻼل ﻓـﻲ ١٩٣٦ »واﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﻴﺎن ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﺑﺤﻤﺎس ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﻴﺮ وﺑﺘﺼﻔﻴﻖ ﻋﺎﺻﻔﺔ ..وﺑﺴـﺮﻋـﺔ ﻋـﺎدت إﻟﻰ اﻟﻮﻓﺪ واﻟﻰ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ واﻟﻰ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺤﺎس اﻧﺘﻌﺎﺷﺔ اﻟﺼﺒﺎ «..أﻧﻈﺮ :ﻃﺎرق اﻟﺒﺸﺮي ،اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣـﺼـﺮ ،١٩٥٢ -١٩٤٦ص .٤٧٩ ٬٤٧٧ ) (٢٥ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء ،..ص ١٠و .٢٣وﺷﺒﻴﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻘﻮ ﻵﺛﺎر ﻣﻌﺎﻫﺪة ١٩٣٦اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻃﺎرق اﻟﺒﺸﺮي ،اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،١٩٥٢ -١٩٤٥ص ٤٨٨ -٤٧٧ ) (٢٦ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ ﻃﻪ ﺣﺴ nﻳﻜﺘﺐ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻘﺎﻻت »ا;ﻌﺬﺑﻮن ﻓﻲ اﻷرض« ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺘﻪ »اﻟﻜﺎﺗﺐ ا;ﺼﺮي« اﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﺑ ،١٩٤٨ -١٩٤٥ nﻟﻢ ﺗﻌﺘﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ .وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟُﻤﻌﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻋﺎم -١٩٤٥ ،١٩٤٨ﻋﺎم اﻟﺘﻔﺠﻴﺮ اﻟﺪﻣﻮي ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ-واﺗﻀﺢ ﻣﻐﺰاﻫﺎ اﻟﺘﺤﺮﻳﻀﻲ وﺣﻜـﻤـﻬـﺎ ﺑـﺎﻹداﻧـﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم6 ،ﺖ ا;ﺼﺎدرة» ..ﻫﻞ ﻫﻲ ﺻﺪﻓﺔ أن ﻳﺘﺒﻠﻮر ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻀﺒﺎط اﻷﺣﺮار واﳉﻴﺶ ا;ﺼﺮي ﻣﺘﺠﻪ إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻄ nﺑﺮ ﺳﻴﻨﺎء )وﻣﺘﺮاﺟﻊ ﻋﻨﻬﺎ( ﻋﺎم ،١٩٤٨وأن ﻳﺤﻘﻖ ﺟﻴﻞ اﻟﺜﻮرة أﻛﺒﺮ ﻧﺼﺮ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرف ﺳﻴﻨﺎء ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ اﻟﻘﻨﺎل ورد اﳊﻤﻠﺔ اﻟﻐﺎزﻳﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻋﺒﺮ... ا;ﺘـﻮﺳـﻂ ﻓـﻲ ?١٩٥٦وان 6ﺪ ﻣﺼﺮ ﻳﺪﻫـﺎ إﻟـﻰ ﺳـﻮرﻳـﺎ ﻋـﺎم ١٩٥٨ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻵراء ورﻏـﻢ اﻟـﻌـﻘـﺒـﺎت
177
اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ وراءﻫﺎ )إﺳﺮاﺋﻴﻞ( ﺑﻞ ﲢﺪﻳﺎً ﻟﻬﺎ? وأن ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺟﻴﻞ اﻟﺜﻮرة أﻛﺒﺮ ﻫﺰzﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء ﺳﻴﻨﺎء وأن ﻳﺘﻴﻪ ﺟﻴﺸﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﲢﺖ ﻟﻬﺐ ﺣﺎرق? ﻛﻲ ﻻ ﻳﺠﺮؤ ﺟﻴـﻞ ﻣـﺼـﺮي آﺧـﺮ ﻋـﻠـﻰ ﻫـﺬا اﻟـﺘـﻄـﻠـﻊ اﳋﻄﻴﺮ ﻋﺒﺮ ﺳﻴﻨﺎء .وأن ﺗﺸﻦ ﻣﺼﺮ ﺣﺮب أﻛﺘﻮﺑﺮ ١٩٧٣ﻟﺘﻌﺒﺮ إﻟﻰ ﺳﻴﻨﺎء وﻟﻮ ﻋﺸﺮة أﻣﻴﺎل??.. ) (٢٧ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ ،ص ) ٤٤ -٤٣اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ) (٢٨ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ ،ص ) ٤٤اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ) (٢٩ﺟﺎك ﺑﻴﺮك» ،ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮب اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ« ،ﻣﺠﻠﺪ ،١١داﺋﺮة ا;ﻌﺎرف اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﺑﺎرﻳﺰ ،١٩٥٧واﻧﻈﺮ أﻳﻀـﺎً ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴـﻞ ،ص .٤٧ )E. Rabbath, Unite syrienne et devenir arabe, Paris, 1937, pp.403- 6 ٠ (٣٠ )A. Hourani, Arabic Thought in the Liberal Age, pp.310- 311 (٣١ )S.H.Longrigg, Iraq: 1900 to 1950, A political, social and economic History, p.222 (٣٢ )× ¬ (١٢ﺗﺄﺳﻴﺲ »ﻧﺎدي ا;ﺜﻨﻰ« ﺑﺒﻐﺪاد ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻮﺋﻞ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮاق ،ﻋﺎم .١٩٣٥ ). Longrigg, Iraq.. pp 247-256 (٣٣ ) (٣٤ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑـﻖ ،٢٥٠ :و ﻳﺮاﺟﻊ ﻛﺘﺎب ﻣﺠﻴﺪ ﺧﺪوري ،ﻟﻼﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻛﺎﻣﻞ اﳉـﺎدرﺟـﻲ وأﻓﻜﺎر ﺟﻤﺎﻋﺘﻪ) .اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. ) (٣٥ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء )ا;ﻘﺪﻣﺔ ط و ص (١٧ -١٦ ) (٣٦ﻏﺴﺎن ﻛﻨﻔﺎﻧﻲ ،ﻓﻲ »ا;ﻠﺘﻘﻰ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﳋﺮﻃﻮم ،ﻣﺎرس ،«١٩٧٠ﻣﺠﻠﺔ ا;ﻌﺮﻓﺔ )اﻟﺴﻮرﻳﺔ( اﻟﻌﺪد ،١٠١ﻳﻮﻟﻴﻮ ،١٩٧٠ص ٢٦٧ -٢٦٦ ) (٣٧أﻧﻈﺮ ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴـﻞ ٣٧ ٬٣٥ :اﻟﺘﺒ nأﺛﺮه ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺎ( واﻧﻈـﺮ) Longrigg :٢٧٢ -٢٧٣ :ﻋﻦ أﺛﺮه ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق( وﻋﻦ ﻫﺬا اﻷﺛﺮ ﻛﺘﺐ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ»وأﻧﺎ أذﻛﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﻔﺴﻲ أن ﻃﻼﺋﻊ اﻟﻮﻋـﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺪأت ﺗﺘﺴﻠﻞ إﻟﻰ ﺗﻔﻜﻴﺮي وأﻧﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻲ ا;ﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧـﻮﻳـﺔ أﺧـﺮج ﻣـﻊ زﻣـﻼﺋـﻲ ..ﻛـﺎن ﺳـﻨـﺔ اﺣﺘﺠﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ وﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر «..ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة ،ص ٦٣ -٦٢ ) (٣٨ﻇﺎﻫﺮة اﻹﺧﻔﺎق اﻟﻔﻜﺮي »ﻟﻠﺘﺴﻮﻳﺔ« اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﻔﺼﻞ وﺗﻔﺴﻴﺮات ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺎﺣﺜ nﻓﻲ اﻟﻐﺮب ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺘﺮع اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﳋﺎﻟﺺ ،ﻳﺮاﺟـﻊ :ﺟـﺐ ،اﻻﲡـﺎﻫـﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم) ٨٣ -٨٢ ،اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( و Smith,Islam in Modern History, pp.55-73و Vatikiotis ﻓﻲ ،The Modern History of Egyptاﻟﺼﻔﺤﺎت ٣٢٤ ٬٣٢٣وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ) (٣٩ﻏﻴﺮ أن اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺮﻓﺾ ﻟﻠﻐﺮب ،ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻜﻴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺴﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺗﻔﺴﺨﺎ داﺧﻠﻴـﺎً ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻗﺪzﺎ» :ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﻬﻼ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻌﺮب ..أن ﻳﺴﻘـﻄـﻮا ﻛـﻞ ً أﺳﺒﺎب اﻷزﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﳋﺎرﺟﻲ ....رqـﺎ ﻷن ﻫـﺬا ﻛـﺎن ﻳـﺮﻳـﺤـﻬـﻢ ﻣـﻦ ﻋـﻨـﺎء ا;ـﻮاﺟـﻬـﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻸﺳﺒﺎب اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ذاﺗﻪ ..ﻟﻘﺪ ﺗﻔﻜﻚ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺑﺪأت ﺳﻠﺴﻠﺔ اﺿﻤﺤﻼﻟﻪ ﻣﻦ داﺧﻠﻪ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻬﺠﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻐﺰوات اﺨﻤﻟﺘﻠﻔﺔ«-أﺣﻤﺪ ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ» ،دور اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺨـﻠـﻒ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ،ﻣﺠﻠﺪ أزﻣﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﳊﻀﺎري ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜـﻮﻳـﺖ ،ص .١٥٧ ) (٤٠ﻳﺒﺪو أن اﻟﻐﺮب ﻛﺎن ﻳﺨﻄﻂ ;ﺎ ﺑﻌﺪ رﺣﻴﻠﻪ ﻋﻦ ا;ﻨﻄﻘﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺰال ﻓﻲ أوج ﺳﻴﻄـﺮﺗـﻪ .ﻛـﺘـﺐ رﺋﻴﺲ وزراء ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﻛـﺎﻣـﺒـﻞ ﺑـﺎﻧـﺮﻣـﺎن ،ﻋـﺎم ١٩٠٢ﻳﻘﻮل» :إن ﻫﻨﺎك ﻗـﻮﻣـﺎً ﻳﺴﻴﻄـﺮون ﻋـﻠـﻰ أرض واﺳﻌﺔ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﺎﳋﻴﺮات اﻟﻈﺎﻫﺮة وا;ﻐﻤﻮرة ،وﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻃﺮق اﻟﻌﺎﻟﻢ ..وﻫﻲ ﻣﻮﻃﻦ اﳊﻀﺎرات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻷدﻳﺎن .وﻳﺠﻤﻊ ﻫﺆﻻء اﻟﻘﻮل دﻳﺎﻧﺔ واﺣﺪة وﻟﻐﺔ وﺗﺎرﻳﺦ واﺣﺪ وآﻣﺎل واﺣﺪة .وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أي ﺣﺎﺟﺰ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻳﻌﺰل اﻟﻘﻮم ﻋﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺒﻌﻀﻬـﻤـﺎ ..وﻟـﻮ ﺣـﺪث واﲢـﺪت ﻫـﺬه اﻷﻣـﺔ ﻓـﻲ دوﻟـﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ ﻳﻮم ﺳﺖ اﻷﻳﺎم ﻟﺘﺤﻜﻤﺖ ﻓﻲ ﻣﺼﻴﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻟﻌﺰﻟﺖ أورﺑﺎ ﻋﻨﻪ )ﻓﻜﺮة ﺧﻮف أورﺑﺎ ﻣﻦ أن
178
ﻳﻌﻮد اﻹﺳﻼم ﻃﻮﻗـﺎً ﻋﺎزﻻ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺗﺘﻜﺮر ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ،أﻧﻈﺮ ﻣﺜـﻼ :ﻫــ .ا .د .ﺟـﺐ: ? Whither Islamص ١ص ٥وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ(? وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ زرع ﺟﺴﻢ ﻏﺮﻳﺐ ﻓﻲ ﻗـﻠـﺐ ﻫـﺬه اﻷﻣـﺔ ﻳـﻜـﻮن ﻋﺎزﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎء ﺟﻨﺎﺣﻴﻬﺎ وﻳﺸﺘﺖ ﻗﻮاﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﺮوب ﻣﺴﺘﻤﺮة ،ورأس ﺟﺴﺮ ﻳﻨﻔﺬ إﻟﻴﻪ اﻟﻐﺮب ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ً ﻣﻄﺎﻣﻌﻪ« وﻳﻜﺘﺐ ﺗﻴﻮدور ﻫﺮﺗﺰل ،ﻣﻔﻠﺴﻒ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ» :ﻋـﻠـﻴـﻨـﺎ أن ﻧـﻜـﻮن ﺟـﺰءا ﻣـﻦ ﺳـﻮر أﻣﺎﻣﻴﺎ ﻟﻠﺤﻀﺎرة ﺿﺪ اﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ«. ً ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ أورﺑﺎ ﻓﻲ آﺳﻴﺎ ،ﻣﺮﻛﺰاً ) (٤١ﻳﻮرد ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳـﺲ أرﻗـﺎﻣـﺎً وإﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﻋﻦ ردات ﻓﻌﻞ اﳉﻤﺎﻫﻴـﺮ ﺿـﺪ اﻟـﻴـﻬـﻮد ﻓـﻲ اﻟـﺒـﻠـﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻴﺬﻛﺮ إن أول ﻣﻮﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ أول ﺣﺰﻳﺮان ١٩٤١ﺑﺒﻐﺪاد ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ اﻧﻘﻼب رﺷﻴﺪ ﻋﺎﻟﻲ اﻟﻜﻴﻼﻧﻲ .وﺟﺎءت ا;ﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺛﺎﻧﻲ ١٩٤٥ وﺷﻤﻠﺖ ﻣﺪن ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺎ وﻟﻴﺒﻴﺎ .ﺛﻢ ﺟﺎءت ﻣﻮﺟﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﻧﻮن أول ١٩٤٧ﻓﻲ ﺣﻠﺐ وﻋﺪن ،وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﻪ أن ﻫﺬا ا;ﺆرخ اﻹﳒﻠﻴﺰي ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺧﻄﻮرة اﻟﻌﻮاﻣﻞ ا;ﻀﺎدة ﻟﻠﻌـﺮب وﻳـﺼ ّـﻮر ا;ﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠـﻰ إﻧـﻬـﺎ ﺟـﺰء ﻣـﻦ ﺗـﺪﻫـﻮر وﺿـﻊ اﻻﻗـﻠـﻴـﺎت ﻋـﻤـﻮﻣـﺎً ﻓﻲ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ .أﻧـﻈـﺮ B.Lewis,Islam in History,London, 1973,pp144-145وﻳـﻘـﻮل ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎب آﺧـﺮ ﻟـﻪ» :ﻓـﻲ ٢ﻧﻮﻓـﻤـﺒـﺮ ١٩٤٥دﻋـﺎ اﻟـﺰﻋـﻤـﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ إﻟﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮات qﻨﺎﺳﺒﺔ وﻋﺪ ﺑـﻠـﻔـﻮر ،وﲢﻮﻟﺖ ﻫﺬه ا;ﻈﺎﻫﺮات ﺑﺴﺮﻋﺔ إﻟـﻰ ﺣﻤﻠﺔ ﻋﺪاﺋﻴﺔ ﺿﺪ اﳉﻬﻮد .وﻛﺎن ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻣﻬﺎﺟﻤﺔ ﺛﻼث ﻛﻨﺎﺋﺲ ﻟﻠﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ واﻷرﻣﻦ واﻟﻴﻮﻧﺎن.. ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﻮﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر?« أراد أن ﻳﻘﻮل أن اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ- ً واﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﺮد إﻟﻰ اﻟﺬﻫﻦ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻫﺆﻻء ﻏﺮﻳﺰﻳﺎ-ارﺗﺪت إﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻟﻸﻣﺔ .ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ ،اﻟﻐﺮب واﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ د .ﻧﺒﻴﻞ ﺻﺒـﺤـﻲ ،ص .١٤٨ -١٤٧ ) (٤٢أﺣﻤﺪ ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ» ،دور اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﻒ! اﳊﻀﺎري« ﻣﺠﻠﺪ أزﻣﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﳊﻀﺎري ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻜـﻮﻳـﺖ ،ص .١٥٨ ) (٤٣د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌـﺎﺻـﺮ ج .١٥٦ -١٤٤ ٬٢ )× (١٣إن اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺳﻴﺒﺮز أوﻻً ،ﻳﻠﻴﻪ اﻟﻮﺟﻪ »اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ« وﺳﻴﺴﻮد ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮة اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻟـﺪى اﻻﲡـﺎه اﻟـﻴـﺴـﺎري )اﻧـﻈـﺮ ﻣـﺜـﻼً ،ﺻﺎدق ﺳﻌﺪ ،اﻟﻔـﺠـﺮ اﳉـﺪﻳـﺪ )ا;ﺼﺮﻳﺔ( ﻓﻲ ،١٩٤٥/١٠/١٥ص ،١٥ -١٢وأﻳﻀﺎ :ﺻﺎدق ﺳﻌﺪ ،ﺻﻔﺤﺎت ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر ا;ﺼﺮي ،ص ،(٢٤٠ -٢٣٧أﻣﺎ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ ﻟﻬﺎ وﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻠﻦ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﻤﺎ ا;ﻔﻜﺮون اﻟﻌﺮب ﺑﺈﺳﻬﺎب إﻻ ﺑﻌﺪ ﻫـﺰzـﺔ ١٩٦٧ﺑﻌﺪ أن ﺳﻘﻄﺖ اﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺘﺤﻔﻆ ﻓﻲ إﺑـﺮاز ﻗـﺪرة اﻟﻌﺪو .ﻏﻴﺮ أن ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﻗﻼﺋﻞ ﺳﻴﻨﻮﻫﻮن ﻣﺒﻜﺮﻳﻦ ﺑﻬﺬه اﳊﻘﺎﺋﻖ ﻣﺜﻞ ﻗﺴﻄﻨﻄ nزرﻳﻖ ﻓـﻲ »ﻣـﻌـﻨـﻰ اﻟﻨﻜﺒﺔ«. ) (٤٤اﻧﻈﺮ ﺗﺎرﻳـﺨـﺎً ﻓﻜـﺮﻳـﺎً وﲢﻠﻴﻼ ﻟﻈﺎﻫﺮة »اﻟﺒـﺎﻛـﺴـﺘـﺎن« ﻓـﻲK. CraggCounsels in Contemporary , Islam, pp124 -120إﻻ إن أي ﺗﻘﻮ ﻣﻜﺘﻤﻞ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر إﺧﻔﺎﻗﻬﺎ ا;ﺒﺪﺋﻲ ﺑﺎﻧﻔﺼﺎل ﺑﻨﻐﻼدش. )» (٤٥إن اﻟﻐﺮب ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ،أوﻻً ،ﻛﺨﻄﺮ ﺧﺎرﺟﻲ ﻳﻬﺪد اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ .وzﻜﻦ أن ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺪﺧﻮل اﳉﺪﻳﺪ )ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ( ،أي ﺻﺒﻎ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ داﺧﻠﻴﺎً ،ﻟﻮﻧﺎً أدﻫﻰ وأﻣﺮ ﻟﻠﺨﻄﺮ ذاﺗﻪ :ﻋـﺎﻣـﻼً ﻛﻄﺎﺑﻮر ﺧﺎﻣﺲ ﻟﺘﻔﺴﻴﺦ رواﺑﻂ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﻟـﺪاﺧـﻞ .ﺛـﻢ إن إﻣـﻜـﺎﻧـﻴـﺎت ﺗﺪﻣﻴﺮه ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻴz nﻜﻦ أن ﺗﻨﺬر أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ ﻫﺬﻳﻦ اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻛﺘﻨﻔﻴﺬ وﺗﻀﻤ nﻟﻔﺮوض اﻟﻠﻪ ﻛﻤﺎ ُﻋﺮﻓﺖ ﻓﻲ اﳊﻘﺒﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ .وﺳﻨﺮى إن ﻫﺬا ا;ﻮﻗﻒ ﺿﺪ اﻻﺻﻄﺒﺎغ ﺑﺎﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﺮد ﻓﻲ ﻋﻘﻮد اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻔﻪ وﺷﺪﺗﻪ« اﻧﻈﺮ...: W.C. Smith Islam in Modern History ٥٧, -٥٨ ...واﻧﻈﺮ أﻳﻀﺎ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ
179
ا;ﺮﺟﻊ ا;ﺬﻛﻮر ﻓﻲ :دراﺳﺎت إﺳﻼﻣﻴﺔ ،أﺷﺮاف ﻧﻘـﻮﻻ زﻳـﺎدة ص .٣٥٥ ) (٤٦وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺎن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ »اﻟﺘﻘﺪﻣﻲ« وان أﻛﺪ ارﺗﺒـﺎﻃـﻪ ﺑـﺎﻹﺳـﻼم ،ﻓـﺎﻧـﻪ ﺳـﻴـﺤـﺎول إﻋﻄﺎء ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺧﺎص ﻟﻈﺎﻫﺮﺗﻲ »إﺳﺮاﺋﻴﻞ« و »ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن« ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﲡﺴﻴﺪاً ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻛﻲ ﻻ ﻳﻠﺘﺒﺲ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻴﺘﺼﻮر إن ﻫﺬﻳﻦ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءﻳﻦ zﺜﻼن ﻗﺎﻋﺪة .ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎب »ﺑﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« ﻧﺮﻛﺰ د .ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺒـﺰاز ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻨﻘﺾ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺪﻳﻦ وﺣﺪه وﻳﻔـﺮد ً ﻳﻌﻘﺪ ﻓﺼﻼً ا;ﻨﻔﺮ واﻷ ﻮذج ا;ﻘﺒﻮل-ﻋﺮﺑﻴﺎً- اﻷ ﻮذج ﺑﺒﺮ ﺟﺎﻣﻌﺎ ً ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن« و »إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﻌﻨﻮان اﻟﻔﺼﻞ ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻦ ً ّ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮة ذاﺗﻬﺎ ،ﻓﻴﻘﻮل» :ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻴﻮم ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﻳـﺆﻣـﻦ ﺑـﺎﻟـﻴـﻬـﻮدﻳـﺔ ﺑـﻮﺻـﻔـﻬـﺎ دﻳـﺎﻧـﺔ ﺳﻤﺎوﻳﺔ ،ﺑﺎب ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄي ﻣﻌﺘﻘﺪ دﻳﻨﻲ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﻪ .وﻫﻨﺎك ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴ nاﻟﻌﻘﺎﺋـﺪﻳـn اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺴﺮون اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻦ ا;ﺎدﻳﺔ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺨـﻴـﺔ ،وﻫـﻨـﺎك ﻓـﺮﻳـﻖ آﺧـﺮ ﻳـﺆﻣـﻨـﻮن ﺑﻌﻨﺼﺮﻳﺘﻬﻢ إzﺎﻧﺎ أﻋﻤﻰ وﻫﻢ ﻛﻐﻼة اﻟﻨﺎزﻳﺔ ،ﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺄن ﻗﻮﻣﻴﺘﻬﻢ ﻫﻲ دﻳﻨﻬﻢ اﻟﻮﺣﻴﺪ ..وﻣﻊ ذﻟﻚ وﻓﻜﺮﻳﺎ ،وﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻗﻮﻳﺎً ،وqﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻫﻢ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻮن ً ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻌﺪ ﻫﺆﻻء ﺟﻤﻴﻌﺎً إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴ nﺣﻀﺎرﻳﺎً ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ا;ﻌﺘﻘﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﳋﺎص ﺑﻬﻢ« وﻗﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ﻳﻜﺘﺐ» :ﻳﺒﺪو أن ﻗﻠﻘﺎ( ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺘﺨﺬ ﻟﻬﺎ ﻟﻐﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻐﺘﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ.. ﻫﺬه اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﺷﻴﺌﺎ )ﻋﺎﺋﻤﺎً ً ﻟﻐﺔ ا;ﺸﺎﻋﺮ واﻷﺣﺎﺳﻴﺲ« ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺒﺰاز ،ﺑﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،١٩٦٢ص .٢١٧ -٢٠٧
ﻫﻮاﻣﺶ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ:
)ُ (١ﻳﺮاﺟﻊ اﻟﻔﺼﻼن The Islamic State :و 'The Ottoman Empire ﻓﻲA. Hourani, Arabic Thought in the liberal Age, pp.1- 33-: ) (٢أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺼﺮ ﻣﺮﻛﺰ اﳉﺪل ﺣﻮل اﳋﻼﻓﺔ ،وﻇﻬﺮت أرﺑﻌﺔ ﻛﺘﺐ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻷزﻣﺔ :ﻛﺘﺎب رﺷﻴﺪ رﺿﺎ »اﳋﻼﻓﺔ أو اﻹﻣﺎﻣﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ« وﻛﺘﺎب ﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼم ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺻﺒﺮي »اﻟﻨﻜﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺮي اﻟﻨﻌﻤﺔ« وﻗﺪ داﻓﻌﺎ ﻋﻦ ا;ﻔﻬﻮم اﻟﺴﻠﻔﻲ ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ .أﻣﺎ ﻛﺘﺎب »اﳋﻼﻓﺔ وﺳﻠﻄﺔ اﻷﻣﺔ« اﻟﺬي أﺻﺪره اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﻮن وﺗﺮﺟﻢ ﻟﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﻟﻜﺘﺎب اﳋﻄﻴﺮ »اﻹﺳﻼم وأﺻﻮل اﳊﻜﻢ« ﻟﻌﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق ،ﻓﻘﺪ ﻃﺮﺣﺎ ا;ﻔﻬﻮم اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﻠﻄﺘ .nوﺗﻼ ذﻟﻚ ردود ﻣﻦ اﻷزﻫﺮ ،وﻣﺤﺎوﻻت ﻣﺨﻔﻔﺔ ﻟﻌـﻘـﺪ ﻣـﺆ6ـﺮ إﺳـﻼﻣـﻲ، وﻣﻄﺎﻣﺢ ﻣﻦ ا;ﻠﻚ ﻓﺆاد ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺼﺐ اﳋﻠﻴﻔﺔ) .راﺟﻊ :د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌﺎﺻﺮ ،ص .(٨٢ -٤٦ ) (٣ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ :اﻟﻐﺮب واﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ،ص ) ١٧٩ -١٤٧ ٬١٠٩ -١٠٨اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. ) (٤ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٧٠ : ) (٥ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ.١٧١ : ) (٦د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌـﺎﺻـﺮ ،ج ،٢ص .١ ) (٧ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ١٤٧ /٢ : × ﺑﺪأت ﺑﻮادر اﻟﺪﻳﻦ إﻟﻰ ﻣﺴﺮح اﳊﻮادث ﻗﺒﻞ ١٩٣٩ﺑﻌﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻨ .nﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮ »اﻷﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤﻮن«- ﻣﺜﻼ-ﻋﺎم ،١٩٢٨أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻳﻘﺼﺪ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻓﻴﻪ اﻹﺳﻼم ﻗﻮة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺴﻴﻄﺮة ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺘﺎرﻳﺨﻪ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺼﺤﺔ. ) (٨ج .س ﺑـﺎدو » Badeauاﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ« ﻓﻲ :دراﺳﺎت إﺳﻼﻣـﻴـﺔ ،ﺠﻤﻟـﻤـﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ ا;ـﺴـﺘـﺸـﺮﻗـn
180
اﻷﻣﺮﻳﻜﻴ ،nاﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺑﺈﺷﺮاف ﻧﻘﻮﻻ زﻳﺎدة ،ص ٢٤٩ -٢٤٦ )× (٢ﻣﺘﺮﺟﻤﻪ ﻫﻮ ذاﺗﻪ :ﻋﺒﺎس ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻌﻘﺎد. اﻟﺘﻜﻮن اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ا;ﺴﺘﺠﺪ. ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ )× (٣ﻫﻨﺎ ﺑﺪء اﻟﺘﻘﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ّ ) (٩اﻧﻈﺮ اﻟﻨﺺ ﻓﻲ :أﻧﻮر اﳉﻨﺪي ،ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ،دار اﻟﻨﺸﺮ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﻴ ،nاﻟﻘـﺎﻫـﺮة ،١٩٦٤ص .٢٤٣-٢٤٢وﻛﺎﻧﺖ ا;ﻘﺎﻟﺔ ﻗﺪ ﻧﺸﺮت ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﻣﺠـﻠـﺔ »روز اﻟـﻴـﻮﺳـﻒ« ا;ـﺼـﺮﻳـﺔ ﻓـﻲ أﻏﺴـﻄـﺲ .١٩٣٥ ) (١٠ﻻﺣﻆ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜ nإن أﺛﺮ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ« واﻹﺻﻼﺣﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً اﻧﺤﺮ ﻓﺠﺄة ﺑﺎﻧﺤﺴﺎر اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﺠﺬر ورﺣﻠﺖ ﺑﺮﺣﻴﻞ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ. اﻧﻈﺮ: - A. Hourani, p. vii, p. 341,p.345- P.J. Vatikiotis,315 - W.C. Smith,57- 58 وﻟﻘﺪ اﺛﺒﺖ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﻮرد ﻛﺮوﻣﺮ ،أﺑﺮز ﺣﺎﻛﻢ ﻏﺮﺑﻲ »ﲢﺪﻳﺜﻲ« ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،أن اﻟﻐﺮب ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ أن ﺗﺘﻢ ﺑﻌﻴﺪاً ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ورﻏﻤﺎً ﻋﻨﻪ وﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎﺿﻪ ،وﻋﻠﻰ ﻳﻌﺘﺮف ﻟﻪ ﺑﺄﻳﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴـﺔ(.Lord )Cromer, Modern Egypt, London, 1908, 2vols )× (٤ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﳊﻜﻢ اﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻘﻪ ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ ﻣﺒﺎﻟﻐﺎً ﻓﻴﻪ وﻳﺤﻤﻞ ﻃﺎﺑﻊ اﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺎت ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮﺿﻊ» :إﻧﺸﺎء اﻟﻮاﺿﺢ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ أن ﻣﻦ ﺑ nﺟﻤﻴﻊ اﳊﺮﻛﺎت ً اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﻴﺔ إﻻ ﺟﺎﻧﺒﺎً اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﻫﺰت اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻗﺮن وﻧﺼﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﳊﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﺣﺪﻫﺎ أﺻﻴﻠﺔ ﻓﻲ 6ﺜﻴﻠﻬﺎ ا;ﻄﺎﻣﺢ أﻫﻞ ﻫﺬه ا;ﻨﻄﻘﺔ .ﻓﺎﻟﻠﻴﺒﺮاﻟـﻴـﺔ واﻟـﻔـﺎﺷـﻴـﺔ واﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ واﻟـﻘـﻮﻣـﻴـﺔ واﻟـﺸـﻴـﻮﻋـﻴـﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ أوروﺑﻴﺔ اﻷﺻﻞ ﻣﻬﻤﺎ أﻗﻠﻤﻬﺎ اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ...وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻛﻞ اﳊﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴـﺔ ﻗـﺪ ﻫـﺰﻣـﺖ ...ﻏـﻴـﺮ أﻧـﻬـﺎ ﻟـﻢ ﺗـﻘـﻞ ﻛـﻠـﻤـﺘـﻬــﺎ ﺑ ـﻌــﺪ!« ﻛ ـﺘــﺎﺑــﻪ »اﻟ ـﻐــﺮب واﻟ ـﺸــﺮق اﻷوﺳــﻂ« ،ص ١٧٩ )اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. )B. Lewis, The Arabs in History, p 100 (١١ ) (١٢خ .س .ﺑﺎدو» ،اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ« ،دراﺳﺎت إﺳﻼﻣـﻴـﺔ ،ص .٢٥٢ -٢٥١ ) (١٣اﻧﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل ﻻ اﳊﺼﺮ :ﻓﺼﻞ » «Arab Nationalismﻓﻲ A. Hourani, pp323- 260و: ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺒﺰاز ،ﺑﺤﻮت ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ١٩٦٢ ) (١٤ﺻﻜﺘﺐ ﻟﻄـﻔـﻲ اﻟـﺴـﻴـﺪ ﻋـﺎم » :١٩١٣ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻣﻦ ﻳـﻘـﻮل ﺑـﺄن أرض اﻹﺳـﻼم وﻃـﻦ ﻟـﻜـﻞ ا;ﺴﻠﻤ ،nﺗﻠﻚ ﻗﺎﻋﺪة اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ...ﺗﺘﻤﺸﻰ ..ﻣﻊ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻘﻮي اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﻼد ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ... أﻣﺎ اﻵن واﳊﺎل ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻻ ﺣﻖ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻘﺎء ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻤﺸﻰ ﻣﻊ اﳊﺎل اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻟﻸ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ..ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ إﻻ أن ﻳﺤﺎل ﻣﺤﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋـﺪة ا;ـﺬﻫـﺐ اﻟـﻮﺣـﻴـﺪ ا;ـﺘـﻔـﻖ ﻣـﻊ أﻃﻤﺎع ﻛﻞ أﻣﺔ ﺷﺮﻗﻴﺔ ﻟﻬﺎ وﻃـﻦ ﻣـﺤـﺪود .وذﻟـﻚ ا;ـﺬﻫـﺐ ﻫـﻮ ﻣـﺬﻫـﺐ اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ «..اﻧـﻈـﺮ :ﺟـﺮﻳـﺪة اﳉﺮﻳﺪة ،اﻟﻌﺪد ١٦ ٬١٧٧٨ﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩١٣وأﻳﻀﺎ :ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ،ﺗﺄﻣﻼت ،ط ،٢ص .٧٣ -٧٢ أﻣﺎ ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻘﺪ رأﻳﻨﺎ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ«. ) (١٥ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮ ،أﺑﺤﺎث ﻣﺨﺘﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،دار ا;ﻌﺎرف qـﺼـﺮ ،ص .٣٦٠٬٣٥٤ ) (١٦اﻧﻈﺮ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺳﺎﻃﺢ اﳊﺼﺮي وأﻋﻤﺎﻟـﻪ ﻓـﻲ :ﺳـﺎﻣـﻲ اﻟـﻜـﻴـﺎﻟـﻲ ،اﻷدب اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ا;ـﻌـﺎﺻـﺮ ﻓـﻲ ﺳﻮرﻳﺔ ،دار ا;ﻌﺎرف qﺼﺮ ،ط ،٢ص .٢١٩ -٢١٥أﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻜﺮه ﻣﻦ ﻮ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ ﻓﺎﻧﻈﺮه ﻓﻲA. Hourani, pp.٣١١ -٣١٦ :
181
) (١٧ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ ،اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑـﻴـﺔ .٢٠٠ ،وﻳﺴﺠﻞ ا;ﺆﻟﻒ أن ﻋﻔﻠﻖ ﻗـﺎل ﻟـﻪ ﺷﺨﺼﻴﺎ» :ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ) (١٩٣٦ﻣﺎرﻛﺴﻴ nﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺤﻔﻈﺎت«. ً ) (١٨ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ ،ﻓﻲ ذﻛﺮى اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻌﺮﺑﻲ ،٧وﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺒﻌﺚ ،ص ٥٢ -٤٢ )×» (٥إن ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼم ..ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﺮب ﺣـﺎدﺛـﺎً ﺗﺎرﻳﺨﻴـﺎً ﻓﺤﺴﺐ ،ﺗﻔﺴﺮ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎن وا;ﻜـﺎن، ﺑﺎﺷﺮا ﺑﺤﻴﺎة اﻟﻌﺮب ا;ﻄﻠﻘﺔ ً وﺑﺎﻷﺳﺒﺎب واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﻟﻌﻤﻘﻬﺎ وﻋﻨﻔﻬﺎ واﺗﺴﺎﻋﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎﻃﺎً أي إﻧﻬﺎ ﺻﻮرة ﺻﺎدﻗﺔ ورﻣﺰ ﻛﺎﻣﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ و ﻜﻨﺎﺗﻬﺎ اﻟﻐﻨﻴﺔ واﲡﺎﻫﻬﺎ اﻷﺻﻴﻞ.. ﻓﺎﻹﺳﻼم ﻫﻮ اﻟﻬﺰة اﳊﻴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﺮك ﻛﺎﻣﻦ اﻟﻘﻮى ﻓﻲ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺘﺠﻴﺶ ﺑﺎﳊﻴـﺎة اﳊـﺎرة.. ﻣﺮﺟﻌﺔ اﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﻣﺮة ﺟﺪﻳﺪة qﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﻮن اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ«-ﻣﻦ ﺧﻄﺎب »ذﻛﺮى اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻌﺮﺑﻲ« ،١٩٤٣ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺒـﻌـﺚ ،ص .٤٤-٤٣ ) (١٩ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،ص ،٢١١-١٩٨وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻬﺎﻣﺶ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ رﻗﻢ ) (١١ص ٢٠٥ ) (٢٠ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ »اﻹﺳﻼم ﻋﻘﻴﺪة وﺟﻬﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻌﻘﻴﺪة« ،ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ«-ﺗﻮﻧـﺲ، اﻟﻌﺪد ،٩اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧـﻴـﺔ ،١٩٧٦ ،ص .٥ )× (٦ﻫﻜﺬا ﻧﺮى إن اﻟﺮﺑﻂ ﺑ nاﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ واﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ،ﻓﻬﺎ ﻫﻮ ذا ﻣﻔﻜﺮ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﻣﺘﻔﻬﻢ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﺑ nاﻹﺳﻼم واﻟﻌﺮوﺑﺔ-ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ-ﻳﺘﻨﺒﻪ ﻟﺬﻟﻚ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑ nاﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ واﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﻳﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻄﺮاً ،ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ وﺣﺪه ،وإ ﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﻮﻳﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ. ﻏﻴﺮ اﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎدﻳﺔ ا;ﻨﺎﻗﻀﺔ ﳉﻮﻫﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﻮاﻧ.n ) (٢١ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ٩ : )J.Boulos,“la Laicite et le Proche-Orient”, en Reflexions sur la. laicite Kaslik Liban,1969, pp66-(٢٢ 70 ) (٢٣ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ٦٩ : )× (٧ﻛﺘﺐ ﻋﻔﻠﻖ ﻋﺎم » :١٩٥١إن ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ )اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻬﺎ اﻟﺒﻌﺚ( ﻫﻲ ﻧﻘﻴﺾ اﻹﳊﺎد واﻟﻔﺴﺎد وﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻠﺒﻲ ﻫﺪام .وﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻬﺬا ا;ـﻌـﻨـﻰ ﻟـﻴـﺴـﺖ إﻻ إﻧـﻘـﺎذا ﻟـﻠـﺮوح ﻣـﻦ ﺷـﻮاﺋـﺐ اﻟـﻀـﻐـﻂ واﻟﻘﺴﺮ ..وﻣﺎدام اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻨﺒﻌﺎ ﻓﻴﺎﺿﺎ ﻟﻠﺮوح ،ﻓﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻄﻠﺒﻬﺎ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻫﻲ اﻟـﺘـﻲ ﺑـﺘـﺤـﺮﻳـﺮﻫـﺎ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻇﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ... ...وﻣﻼﺑﺴﺎﺗﻬﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻪ اﳊﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻷﻓﺮاد واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ وﺑﺄن ﺗـﺒـﻌـﺚ ﻓـﻴـﻪ روﺣﻪ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺷﺮح ﻣﻦ ﺷﺮوط ﺑﻌﺚ اﻷﻣﺔ« ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺒـﻌـﺚ .١٤٤ ) (٢٤د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌﺎﺻﺮ ،ج ،٢ص ،٢٠٣ﻫﺎﻣﺶ )(١ ) (٢٥ﻗﺎﺋﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة »ﻫﻮﻏﺎرت« ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب »اﳉﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« اﻧـﻈـﺮ :دراﺳـﺎت إﺳـﻼﻣـﻴـﺔ ،ص .٢٤٩و ﻳﻘﺮر ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﻳﺲ» :ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻣﺼﻄﻠﺤـﺎت 6ـﻴـﺰ ﺑـ nا;ـﻘـﺪّس واﻟﺪﻧﻴـﻮي ،ﺑـn ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﺰﻣﻨﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺮف ،اﻻﻧﻔﺼﺎم dichotomyاﻟﺬي ّ ﻣﻦ ا;ﺘﻀﺎدات-أي اﻻﻧﺸﻘﺎق واﻟﺼﺪام ﺑ nاﻟﻜﻨﻴـﺴـﺔ واﻟـﺪوﻟـﺔ ،ﺑـ nاﻟـﺒـﺎﺑـﺎ واﻹﻣـﺒـﺮاﻃـﻮر ،ﺑـ nاﻟـﻠـﻪ واﻟﻘﻴﺼﺮ«. راﺟﻊLewis, Islam in History, London, 1973,p.235. : ) (٢٦ﻳﻼﺣﻆ اﻟﻔﺮد ﻛﺎﻧﺘﻮل ﺳﻤﻴﺚ ،ا;ﺴﺘﺸﺮق اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،إن اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﺳﻠﻮك واﻗﻌﻲ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﻠﻚ ا;ﺴﻠﻤ nا;ﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ »وﻋﻲ« ،أي ﻓﻜﺮ وإﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴـﺔ ﻏـﻴـﺮ ﻣﻌﺘﺮف ﺑﻬﺎ وﻳﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ اﻟﻜﻼم ا;ﻌﻬﻮد ﻋﻦ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ اﻹﺳﻼم وﺿﺮورة اﻻﻟﺘﺰام ﺑـﻪ دﻳـﻨـﻴـﺎً ودﻧﻴﻮﻳـﺎً. ﻳﻘﻮل »إن ﻏﻴﺎب اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﺳﻠﻮك ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ،أﻣﺮ ذو ﻣﻐـﺰى .وﻫـﻮ
182
ﻳﻌﻨﻲ أن اﳊﻴﺎة ﲡﺮي ﻋﻠﻰ ﻂ ﻏﻴﺮ إﺳﻼﻣﻲ ﻟﻴﺲ ﺣﺴﺐ ﻣﺒﺪأ وإ ﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﺎب ا;ﺒﺪأ«... .....و ﻳﻌﻠﻞ ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﺑﺎﻧﻌﺪام ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻋﻠﻤﺎﻧﻰ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻛﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ- اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ا;ﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﺠﻤﻟﺮى اﻟﻌﺒﺮاﻧﻲ-ا;ﺴﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﳊﻀﺎرة اﻷورﺑﻴﺔSmith, ١٠٨, -١٠٩ .. Islam in Modern Historyو ﻳﺼﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر إﺣﺴﺎن ﻋﺒﺎس إﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺎﺛﻠﺔ ﻣﻦ زاوﻳﺔ أﺧﺮى ...» :ﻻ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺴﻨﺪ ﻣﺒﺪأ اﻟﺮﻓﺾ ا;ﻄﻠﻖ )ﻟﻠﺘﺮاث( ..و ﺑﺎ;ﻘﺎﺑﻞ ً ً ﻓﻜﺮﻳﺎ أﻋﺮف ﻣﻨﻄﻘﺎً أﻳﻀﺎ ﻻ أﻋﺮف أﺣﺪاً ﻳﻨﺎدي ﺑﺎﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺘﺮاث واﺳﺘﺨﺮاج ﺟﻤﻴﻊ أ ﺎط اﻟﻌﻴﺶ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ، ً ﻓﻬﺬا ﻣﻨﺎﻗﺾ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊـﻴـﺎة ا;ـﺘـﻄ ّـﻮرة ،وإذا وﺟﺪ-اﻓﺘـﺮاﺿـﺎً-ﻣﻦ ﻳﻨﺎدي ﺑﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺮأﻳـﻪ أي ﺳـﻨـﺪ ﻓﻜﺮي ،ﻓـﻀـﻼً ﻋﻦ إن ﺳﻠﻮﻛﻪ اﻟﻌﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﺎرﺳﺔ اﳊﻴـﺎة اﻛـﺒـﺮ رد ﻋـﻠـﻰ دﻋـﻮﺗـﻪ »)اﻧـﻈـﺮ :إﺣـﺴـﺎن ﻋﺒﺎس» ،اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳉﺪﻳﺪ وﺗﺮاﺛﻪ اﻟﻘﺪ « ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت ،ﻧﻴﺴﺎن ،١٩٧٣ص .(١٠٣وﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﺺ-ﻣﻊ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻪ qﻼﺣﻈﺔ -Smithإن اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﺎرﺳﺔ اﳊﻴﺎة« ﻟﺪﻋـﺎة ﺑﺎﻟﺘﺼﻮر اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﻣﺴﺘﻨﺪاﺗﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ .أي أن اﻟﻔﻜﺮ ﻳﺘﺠﻪ ﻓﻲ ﺧﻂ واﻟﺴﻠﻮك اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺘﺎم ّ ﻓﻲ ﺧﻂ آﺧﺮ ﻣﻐﺎﻳﺮ .وﻃﺎ;ﺎ أن اﻟﺴﻠﻮك ﻏﻴﺮ أﻣ nﻟﻠﻤﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓﻬﻮ ﻳﺤـﺘـﻮي-إذن-ﻋـﻠـﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺿﻤﻨﺎً ،دون أن ﻳﻌﺘﺮف ﻟﺬﻟﻚ )ﻓﻜﺮﻳﺎً(.. ) (٢٧ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ ،ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ص ٩ ) (٢٨ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ١٠ ) (٢٩ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ص ١٠ ) . A. Hourani, p 357 (٣٠و ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ٢١١-١٩٨ ، )× (٨ﻳﻌﻮد ﻛﻞ ﺟﻴﻞ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ا;ﻄﺎف إﻟﻰ اﻹﺳﻼم ﺑﻌﺪ أن zﺮ qﻨﺎﺧﺎت أﺧﺮى .ﻫﺬه »ﻇﺎﻫﺮة« ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ .وﻻ ﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﻘﻮل أن ا;ﺴﺄﻟﺔ ﻧـﻘـﺺ ﻓـﻲ اﻟـﺸـﺠـﺎﻋـﺔ اﻷدﺑـﻴـﺔ أو ﻋـﺪد اﺳـﺘـﻌـﺪاد ﻟﻠﺘﻄﻮر. ) (٣١ﻗﺴﻄﻨﻄ nزرﻳﻖ ،اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ص ٢٠٧٬١١٢ ) (٣٢اﻧﻈﺮ :اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ »ﻧﻘﺾ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ«-اﻟﻨﻘﻴﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ،ﲢﻠﻴﻞ ﻛﺘﺎب »ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﳊﻀﺎرة« وﻫﻮ ا;ﺮﺟﻊ اﻷﻫﻢ ﻟﻔﻜﺮ زرﻳﻖ ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻪ. )× (٩رqﺎ ﻷن ﻋﻔﻠﻖ اﻧﺪﻣﺞ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﳊﺰﺑﻲ واﳊﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﲡﻪ زرﻳﻖ ﻟﻠﺘﻔﺮغ اﻟﻔﻜﺮي- ﻣﻊ اﻟﺘﺰاﻣﻪ ﺑﺎ;ﻌﺎﻧﺎة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ )× (١٠وﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻻﺣﻘﺔ ﺳﻴﺘﺤﺪث أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ﻠﻚ ا;ﻔﻜﺮ ا;ﺼﺮي ا;ﺴﻴﺤﻲ ا;ـﺎرﻛـﺴـﻲ ﻋـﻦ ﻣـﻔـﻬـﻮم »اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ« ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﻣﻦ ا;ﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﻨﺠﺢ ﺷﺨﺺ ﻳﺴﻌﻪ وﻟﻮ ﻟﻠﺤﻈﺔ واﺣﺪة أن ﻳﺴﺘﺒـﻌـﺪ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ .وﻫﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ ﻷن ﻧﺜﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻫﻮ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻻﺧﻮة.. وﻣﻔﻬﻮم ا;ﺴﺎواة ﺑ nﻛﻞ اﳉﻤﺎﻋﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎص إزاء أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ،اﺗﺒﺎع أﻫﻞ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ اﻟﺜﻼث« ،و ﻳﻀﻴﻒ أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ﻠـﻚ ﻣـﻦ ﻣـﻨـﻈـﻮره اﻟـﻴـﺴـﺎري ﻣـﻦ أن اﻹﺳـﻼم اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ »أﻳﻀﺎ ،وﻣﻨﺬ أﻛﺘﻮﺑﺮ ) ١٩١٧ﻗﻴﺎم اﻟﺜﻮرة ﻓﻲ روﺳﻴﺎ( ،ﺣﻠﻴﻒ ﻛﻞ اﻟﻘﻮى اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ« .وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺢ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ »اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ« ودورﻫﺎ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،أﻣﺮاً ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﺪى ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴ nﻓﺤﺴﺐ ،وإ ﺎ ﻟﺪى ﺑﻌﺾ ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ ا;ﺎرﻛﺴﻴـ nأﻳـﻀـﺎ) .اﻧـﻈـﺮ :أﻧـﻮر ﻋـﺒـﺪ ا;ﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﻔﺌﺔ ،دار اﻵداب ،ﺑـﻴـﺮوت ،١٩٧٤ ،ص .(١١٩وﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﻮه ﺑﺄن ﻣـﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻴﻪ أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ﻠﻚ ﺑﺸﺄن »اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ«وﲢﺎﻟﻔﻪ ﻣﻊ »ﻛﻞ اﻟﻘﻮى اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ« ﻫﻮ ﺑﺪاﻳﺔ »ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« ﺟﺪﻳﺪة ﺑ nاﻹﺳﻼم »اﻟﺜﻮري« وا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﺳﻨﺘﻄﺮق إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﳋﺘﺎﻣـﻲ ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟﺒﺤﺚ.
183
). A. Hourani, pp 259-245 .(٣٣ )× (١١ﻫﺬه »ﻇﺎﻫﺮة« ﺗﺒﺪو ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻟﺪرس واﻟﺒﺤﺚ ،ﻧﺴﺠﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮة ﻣﺸﻬﻮدة ﻟﻴﺲ إﻻ ،دون أن ﻧﻐﻔﻞ أو ﻧﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج اﻷﺧﻴﺮ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺴﺘﺨﺮﺟﻪ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ وﻫﻲ أن ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﺴﻴﺤﻲ-ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ-ﻟﻠﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣﻊ واﻗﻌﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﲢﻮﻳﻞ »ﻣﺤﺒﺘﻪ« ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﻋﺮوﺑﺘﻪ ا;ﺴﻠﻤﺔ ،ﻻ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎب وﺻﻴﺔ اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ،آو اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ اﻷورﺑﻴﺔ ﻟﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﻣﺎرﻛﺴﻴﺔ.. أﻣﺎ »اﻟﻈﺎﻫﺮة« ا;ﺆﻛﺪة اﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻹ;ﺎح إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻬﻲ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ا;ﻔﻜﺮون اﻟﻌﺮب ا;ﺴﻴﺤﻴﻮن ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﺑﻔﻜﺮﻫﺎ واﲡﺎﻫﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ وﺣﺘﻰ ﺑﻌﻴﺪ اﳊﺮب اﻷوﻟﻰ )أﻓﺮد ﻟﻬﻢ اﻟﺪﻛﺘﻮر أﻟﺒﺮت ﺣﻮراﻧـﻲ ﻓـﺼـﻼً ﻣﺴـﺘـﻘـﻼً ﻣﻨﻔـﺼـﻼً ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ اﻟـﻔـﻜـﺮ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ (A. Hourani, pp 259-245 ﻣﻮزﻋﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ رواﻓﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﲡﺎﻫﺎﺗﻪ ً أﺻﺒﺤﻮا ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻔﺘﺮة اﳉﺪﻳﺪة ﻋﻄﺎء ﻗﻮﻣﻴﺎً اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ،واﻧﺪﻣﺠﻮا إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻀﻤﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﺎم? وﻛﻠـﻤـﺎ ازداد ﺗـﻔـﻬـﻤـﻬـﻢ ﻟـﻠـﺨـﺼـﻮﺻـﻴـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ زاد اﻧﺪﻣﺎﺟﻬﻢ. )× (١٢ﺳﻨﻌﻮد إﻟﻰ ﲢﻠﻴﻞ ﻣﻔﺼﻞ وﺷﺎﻣﻞ ﻟﻬﺬا ا;ﻮﺿﻮع ﻟﺪى ﻣﻌﺎﳉﺔ »اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ« ﺑ nا;ﻔﻬﻮم اﻟﺪﻳﻨﻲ وا;ﻔﻬﻮم اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ،ﻣﻜﺘﻔ nﻫﻨﺎ ﺑﻬﺬه اﻹﺷﺎرات اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻷوﻟﻴﺔ ا;ﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺠﺬور اﻟﻔﺘﺮة و ﺑﺪاﻳﺎﺗﻬﺎ. )× (١٣ﺳﻨﺮى-ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ-إن ﻓﻜﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻓﻴﻪ »ﻋﻨﺼﺮ ﻋﺮوﺑﻲ« ﻣـﺘـﻤـﻴـﺰ وﺟـﺪﻳـﺮ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺪرس ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻘﻮﻣﻴ nاﳉﺪد ﺳﻴﺠﺪون ﻓﻲ ا;ﺼﻠﺢ اﻟﺴﻮري ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻜﻮاﻛﺒﻲ »ﺻﻠﺔ اﻟﻮﺻﻞ« ا;ﻄﻠﻮﺑﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ و ﺑ nاﻟﺸﻴﺦ اﻷﻛﺒﺮ ،ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺻﻮرة »اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﻋﻦ »اﻹﺳﻼم اﻷ ﻲ«. -٣٤ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ٢٤ : )× (١٤وﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٤٢ﺳﺘﻌﻴﺪ ﺣﺮاب اﻹﳒﻠﻴﺰ إﻟﻰ اﳊﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻗﻴﺎدة ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ وﺳﻴﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻳﻀﺎ ﻋﺎم اﳉﻴﻨﻮﻧﺔ ﺑ nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ اﻟﺸﺎﺑﺔ واﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻮﻓﺪﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. -٣٥ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ٢٤ : » -٣٦إن ﺷﺆون ﺳﻮرﻳﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﺗﺒﺪو وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻓﺎﻗﺪة ا;ﻌﻨﻰ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺰ إﻟﻰ اﻟﻘﺮﻳﻨﺔ اﻷوﺳﻊ وﻫﻲ ﺟﺎراﺗﻬﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أوﻻً ،واﻟﻘﻮى اﻷﺧﺮى ذات ا;ﺼﺎﻟﺢ ﺛﺎﻧﻴﺎ ..إن ﻣﻦ ﻳﻘﻮد اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻻﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺎ ...و ﻳﺮى ﺑﻌﻀﻬﻢ إن ا;ﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﻘﺪzﺔ ﻣﺎ ﺑ nﺳﺎدة دﺟﻠﻪ وﺳﺎدة اﻟﻨـﻴـﻞ ﻫـﻲ ﻣﺜﺎل ﺣﺘﻤﻲ ﻣﺘﻜﺮر ...إن ﻣﺼﺮ واﻟﻌﺮاق ﻫﻤﺎ ﻓﻘﻂ ا;ﺘﻨﺎﻓﺴﺘﺎن أﻣﺎ ﺳﻮرﻳﺔ ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ إﻻ أن ﺗﺘﺤﺮك ﻧﺤﻮ ﻫﺬه أو ﺗﻠﻚ ﺣﺴﺐ ﺗﻘﻠﺐ ا;ﻴﺰان« ،ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،ص ١٤ -١٣ -٣٧ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ١٦٧ : )× (١٥وﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﻔﺴﺮ ;ﺎذا أﺻﺒﺢ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ اﻟﻌﺮاق واﻟﺸﺎم ﻣﺘﻤﻴﺰﻳﻦ ﺑﺘﻌﺪدﻳﺔ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ وﻋﺮﻗﻴﺔ ﺗﻐﺎﻟﺐ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻣﻮﺣﺪا رﻏﻢ ﻛﺜﺮة أﺟﻨﺎﺳﻪ ﻓﻲ ﻇﻞ ً اﻟﻌﺮوﺑﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻓﻴﻬﻤﺎ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺴﺠﻤﺎً ّ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﻟﻌﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ا;ﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﻘﻮل إن ﻫﺬه اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﻣﺪﺧﻞ ﻣﺼﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ. ). A. Hourani, pp. 193-12. (٣٨وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ـﺜـﺎل ﻓـﺎن ﻟـﻄـﻔـﻲ اﻟـﺴـﻴـﺪ ﻛـﺎن ﻳـﻜـﺘـﺐ ﻋـﺎم» :١٩١٣ﻧﺤـﻦ ا;ﺼﺮﻳ nﻧﺤﺐ ﺑﻼدﻧﺎ وﻻ ﻧﻘﻞ ﻣﻄﻠﻘﺎ أن ﻧﻨﺘﺴﺐ إﻟﻰ وﻃﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺼﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﺻﻮﻟﻨﺎ ﺣﺠﺎزﻳﺔ أو ..ﺗﺮﻛﻴﺔ أو ..ﺳﻮرﻳﺔ« ﺟﺮﻳﺪة اﳉﺮﻳﺪة ،اﻟﻌﺪد ٦ ٬١٧٧٢ﻳﻨﺎﻳﺮ ;١٩١٣وأﻳﻀﺎ :ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ،ﺗﺄﻣﻼت ط ،٢ص .٧٠-٦٩ ) (٣٩ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ص ،٣٤ﻫﺎﻣﺶ رﻗﻢ ).(١ )× (١٦ﺗﺮﺑﻂ ﻫﺬه اﻹﺷﺎرة ﻋـﻦ أﺛـﺮ ﺣـﻮادث ﻓـﻠـﺴـﻄـ nﻋـﺎم ١٩٣٦ﻓﻲ ﺣـﺴـﻢ اﻟـﺘـﻮﺟّﻪ ا;ﺼـﺮي ﻧـﺤـﻮ
184
اﻟﻌﺮوﺑﺔ ،ﺑﺈﺷﺎرة ﻏﺴﺎن ﻛﻨﻔﺎﻧﻲ ﻋﻦ ﻛﻮن ﺗﻠﻚ اﳊﻮادث ﻓﺎﺻﻠﺔ وﺣﺎﺳﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺼﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ذاﺗﻪ) .اﻧﻈﺮ ﻣﺠﻠﺔ ا;ﻌﺮﻓﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ،ﻋﺪد ﺧﺎص :ا;ﻠﺘﻘﻰ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻔﻜﺮي ﺑﺎﳋﺮﻃﻮم.(١٩٧٠ ، ) (٤٠ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳـﻴـﺪ ص .٣٧ -٣٤ ) (٤١ﻧﺸﺮت أﺻﻼ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ )ا;ﺼﺮﻳﺔ( ١٩٣٠/١٠/١٥ـ ﺗﺮاﺟﻊ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ :ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤـﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ا;ﻌـﺎﺻـﺮ ،ج ،٢ص ﻫـ .١٦١ -١٦٠ ) (٤٢د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ ،nاﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻮﻃﻨـﻴـﺔ ح ،٢ص .٨٧ -١ )× (١٧وﺷﺒﻴﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ﺧﻼل ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﻐﺰاة ﻋﻠﻴﻬﺎ» :ﻧﺤﻦ اﻟـﻔـﺮﺻـﺔ، ﻧﺤﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺴﺔ ،ﻧﺤﻦ اﻟﺮوﻣﺎن ﻧﺤﻦ ا;ﻐﺎرﺑﺔ ،أﺑﻨﺎء ﻓﺮﻏﺎﻧﺔ وﻛﺮدﺳﺘﺎن ﻧﺘﻮﻛﻞ ﺑﺄﻣﺮ اﳊﺮب واﻟﻀﺮب، وﻧﺘﻮﻟﻰ ﻋﻨﻜﻢ أﻳﻬﺎ ا;ﺼﺮﻳﻮن ﺻﻨﺎﻋﺔ اﳊﺮب .ﺻﻨﺎﻋﺘﻜﻢ إﺣـﻴـﺎء اﳊـﻴـﺎة وﺻـﻨـﺎﻋـﺘـﻨـﺎ اﻟـﻜـﺮ واﻟـﻔـﺮ.. واﻟﺴﻠﺐ واﻟﻘﺘﻞ .أﻣﺎ أﻧﺘﻢ ﻓﺼﻨﺎﻋﺘﻜﻢ اﳊﺮث واﻟﺒﺬر ..ﺣﺮﻓﺘﻜﻢ ﺑﻨـﺎء اﻟـﺘـﺼـﻮر وا;ـﻌـﺎﺑـﺪ وا;ـﺴـﺎﺟـﺪ وا;ﺪارس ..وﻧﺴﺞ اﳊﺮﻳﺮ واﻟﻜﺘﺎن .ﺻﻨﺎﻋﺘﻨﺎ اﻟﺘﺪﻣﻴﺮ واﻟﺴﻄﻮ ،وﺻﻨﺎﻋﺘﻜﻢ ﻳﺎ أوﻻد ﻣﺼﺮ-اﳊﻀﺎرة واﻟﺘﻌﻤﻴﺮ!« ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻟﺔ »اﳉﻤﻌﺔ اﳊﺰﻳﻨﺔ« ﺑﻘﻠﻢ د .ﺣﺴ nﻓﻮزي ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ )اﺠﻤﻟﻠﺔ( اﻟﻌﺪد ،٩ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،١٩٥٧ص .١٥ -٨ﺛﻢ ﻧﺸﺮه ﻓﺼﻼ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺳﻨﺪﺑﺎد ﻣﺼﺮي ،اﻟﻘﺎﻫﺮة .١٩٦١ﻏﻴﺮ أن اﻟﻌﺮب ﻟﻢ ﻳﺮد ذﻛﺮﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﻐﺰاة. ) (٤٣أﻧﻮر اﳉﻨﺪي ،ﻣﻌﺎرك أدﺑـﻴـﺔ ،ص .١٧ ) (٤٤ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ،ﺗـﺄﻣـﻼت ،ط ،٢ص .٧٥ ) (٤٥ﻓﻘﺪ ﻗﺮرت اﳉﻤﻌﻴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻷدﺑﻴﺔ ﺑﺪﻣﺸﻖ ،ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ »ا;ﻘﻄﻢ« ﻓﻲ » :١٩٣٣/٩/٦أن ﺗﻨﺘﻬﺞ ﺣﻴﺎل ﻛﺘﺐ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻧﻬﺞ اﻟﻨﺎزي اﻷ;ﺎﻧﻲ ﲡﺎه اﻟﻜﺘﺐ ا;ﻌﺎﻛﺴﺔ ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ .واﻧﻬﻢ ﻗﺮروا دﻋﻮة اﳉﻤﻌﻴﺎت اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﻓﻠﺴﻄ nوﺟﻤﻴﻊ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻛﺘﺐ اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر .وان ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﺘﺘﺒﻊ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﺼﺮي ﻳﻄﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑـﻴـﺔ وﻳـﺸـﺠـﻊ اﻟـﺮوح اﻟـﺸـﻌـﻮﺑـﻴـﺔ« )ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴـﺔ ،ص .(١٧وﻛﺘﺒﺖ ﺟﺮﻳﺪة »ﻓﺘﻰ اﻟﻌـﺮب« ;ـﻌـﺮوف اﻷرﻧـﺎءوط» :ﺑُﻨﻰ ﻫﺬا اﻟﻘﺮار اﻟـﺬي ﺳﻴﻨﻔﺬ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺪاءات ﻣﺎﺿﻴﺔ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي أﻟﻔـﻪ اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر ﻃـﻪ ﺣﺴ ﲢﺖ ﻋﻨﻮان ﻓﻲ »اﻷدب اﳉﺎﻫﻠﻲ« وا;ﻘﺎل اﻟـﺬي ﻧـﺸـﺮه ﻓـﻲ »ﻛـﻮﻛـﺐ اﻟـﺸـﺮق« ﺿـﺪ اﻟـﻌـﺮب، وﻫﺪف اﻟﻘﺮار إﻟﻰ إﺧﺮاج ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻃﻪ ﺣﺴ nﻣﻦ ا;ﻜﺎﺗﺐ واﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻨﻮﻋﺔ اﻟـﺘـﺪاول ﻓـﻲ اﻟـﺒـﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺨﻤﻟﺎﻟﻔﺘﻬﺎ روح اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ا;ﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻌﺮب وﺗﻬﺠﻢ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻣﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻋﻴﺒﻪ ﻓﻲ ذﻛﺮﻳﺎت اﻷﺟﺪاد اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺮروا اﻟﻌﻨﺼﺮ ا;ﺼﺮي ﻣﻦ ﺳﻴﺎط اﻟﻔﺎﲢ) nﺗﻌﺼﺐ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺑﺘﻌﺼﺐ!( وأﻋﻄﻮه ﻟﻐﺔ ﻗﻮﻳﺔ دﻳﺎﻧﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ« اﻧﻈﺮ أﻧﻮر اﳉﻨﺪي ،ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴﺔ ،ص ١٨ )× (١٨إذن ﻓﺘﻌﺒﻴﺮ »ﻣﺼﺮ ﻗﻠﺐ اﻟﻌﺮوﺑﺔ« اﻟﺬي ﺷﺎع ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻷﺧﻴﺮة ،ﻗﺪ ورد ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺼﺮي ﺑﺎرز ﻣﻨﺬ ،١٩٣٣وذﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎم ﺛﻮرة ٢٣ﻳﻮﻟﻴﻮ ﺑﺤﻮاﻟﻲ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً. ) (٤٦ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴﺔ ص ٢٠ ) (٤٧ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .٢١وﻻ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﺰام ﻋﻦ ﻋﺮوﺑﺔ ﻣﺼﺮ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ و ﻳﺮد ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﻗﻄﺎر .وﻻﺣﻆ ﺗﻌﺒﻴﺮه »ﻣﻦ اﶈﻴﻂ إﻟﻰ اﶈﻴـﻂ« اﻟـﺬي ﺷﺎﻣﻼ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺼﻴﻐﺔ »ﻣﻦ اﶈﻴﻂ إﻟﻰ اﳋﻠﻴﺞ«. ً ً ﻋﺮﺑﻴﺎ ً ﺷﻌﺎرا ﺳﻴﺮﺗﻔﻊ أﻳﻀﺎً ) (٤٨ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٢٩أﺧﺮج ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴ nﻫﻴﻜﻞ ﻛﺘﺎب »ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻓﻲ اﻟﺴﻮدان« ﺛﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٣٦ﻛﺘﺐ »ﻓﻲ ﻣﻨﺰل اﻟﻮﺣﻲ« ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪاﺗﻪ واﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﺎر اﳊﺠﺎزﻳﺔ ا;ﻘﺪﺳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات ﺑﺎرﻋﺎ ﻣﺼﺎﻳﻒ ﺳـﻮﻳـﺴـﺮا، ً ﻳﻜﺘﺐ ﻣﺬﻛﺮات ﻋﻦ رﺣﻼﺗﻪ إﻟﻰ أورﺑـﺎ )ﻛـﺘـﺎب »وﻟـﺪي«(» .ﻳـﺼـﻒ وﺻـﻔـﺎً وﻳﻘﺎرن ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﺑ nﺑﺎرﻳﺲ اﳊﺪﻳﺜﺔ واﻟﻘﺪzﺔ «..اﻧﻈﺮ ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ
185
ﻓﻲ ﻣﺼـﺮ ،ص .٢٧٢وﻓﻲ ﺳﻨـﺔ ١٩٣١/١٩٣٠ﻗﺎم أﺣﻤﺪ أﻣ nوﻃﻠﺒﺘﻪ ﺑﺮﺣﻠـﺔ إﻟـﻰ ﻓـﻠـﺴـﻄـ nواﻟـﺸـﺎم واﻟﻌﺮاق-اﻧﻈﺮ :أﺣﻤﺪ أﻣ ،nﺣﻴﺎﺗﻲ ،ط ،١٩٦٩ص .٢٣٤ -٢٢٢أﻣﺎ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ﻓﻔﺪ ذﻫﺐ ﻓﻲ ﺑﻌﺜﺔ ﺗﺪرﻳﺴﻴﺔ إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ،ﺛﻢ ﻛﺘﺐ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪاﺗﻪ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻓﻲ »اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ« وﻛﺘﺐ ﻛﺘﺎب »اﻟﻌﺮاق ﻛﻤﺎ رأﻳﺘﻪ« ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺸﺮ ﻟﻀﻴﺎع ﻧﺴﺨﺘﻪ-أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ،وﺣﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ج ،٢ط ١٣٦٬٥ ) (٤٩ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴﺔ ،ص ٢٧-٢٦ ) (٥٠ا;ﺼـﺪر اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ ،ص .٣٦و ﻳﺒﺪو أن ﻣـﺼـﺮ ﻓـﻲ ا;ـﺮﺣـﻠـﺔ اﳉـﺪﻳـﺪة ﺳـﺘـﺘـﺄرﺟـﺢ ﺑـ nاﻻﻧـﺪﻓـﺎع اﻟﺸﻌﻮري اﻟﺬي ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﺰام ،و ﺑ nاﻟﺘﻔﻬﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ وﳋﺼﻮﺻﻴﺘﻬﺎ ا;ﺼﺮﻳﺔ اﻟﺬي ﻳﺴﺠﻠﻪ زﻛﻲ ﻣﺒﺎرك .ﺛﻢ ﺳﺘﺴﺘﻘﺮ-ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺠﺎرب-ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻣﻊ ﻋﻤﻞ ﻣﺘﺪرج وﺗﻄﻮري ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﳊﻠﻢ اﻷول-رqﺎ-ﻓﻲ ا;ﺴﺘﻘﺒﻞ. )× (١٩أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ أن ﺻﺤﻴﻔﺔ »ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺸﺮق« اﻟﺘﻲ ﻳﺮأس ﲢﺮﻳﺮﻫﺎ ﻃﻪ ﺣـﺴـ nﺑـﺘـﻜـﻠـﻴـﻒ ﻣـﻦ ﺗﺼﻌﺪ ﺣﻤﻠﺘﻬﺎ ﺿﺪ اﻻﲡﺎه اﻟﻌﺮﺑﻲ و )اﻹﺳﻼﻣﻲ( ﻧﻈﺮا... ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ا;ﻼﺋﻢ أن ّ ..ﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻮﻓﺪ ﻟﻬﺬا اﻻﲡﺎه .وﻛﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﻮزارة ا;ﺼﺮﻳﺔ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺻﺪﻗﻲ ﻗﺪ ﻓﺼﻞ ﻃﻪ ﺣﺴ nﻣﻦ اﳉﺎﻣﻌﺔ ﺑﻌﺪ أن أﻋﺎد اﶈﺎﻓﻈﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺮ;ﺎن اﳊﻤﻠﺔ ﺿﺪ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﳉﺎﻫﻠﻲ( وﻫﻨﺎ ﲢﺮك ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ وﻛﺴﺐ ﻃﻪ ﺣﺴ nإﻟﻰ ﺟﺎﻧـﺒـﻪ) .وﻣـﻨـﺬ ذﻟـﻚ اﻟـﻮﻗـﺖ اﺑـﺘـﻌـﺪ اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر ﻋـﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ اﻟﻘﺪاﻣﻰ »اﻷﺣﺮار اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳ «nاﻟﺬﻳﻦ ﻛﻠﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ د .ﻫﻴﻜﻞ وآل ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق( .اﻧﻈﺮ ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻜﻴﺎﻟﻲ ،ﻣﻊ ﻃﻪ ﺣـﺴـ ،nص .٧٤-٦٧ ) (٥١ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴﺔ ،ص .٢٣وﻳﺠﺐ أن ﻧﺴﺠﻞ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ أن ﻃﻪ ﺣﺴ nﻗﺪ ﺧﺎﻟﻒ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون-وﻫﻮ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﺰ ﺑﻬﻢ اﻟﻌﺮب اﻟﻴﻮم-رأﻳﻪ ﻓﻲ »اﻟﻌﺮب« أو اﻷﻋﺮاب وأﻧﻪ-أي ﻃﻪ ﺣﺴ-nداﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﺿﺪ ﺣﻜﻢ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﻣﻦ اﶈﻘﻖ أن اﻟﻌﺮب ﻣﻦ ﺑn ﺟﻤﻴﻊ اﻷ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺻﻴﺔ اﳊﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ..ﻛﺎﻧﻮا أﻗﺪر وأﻋﺪل ﻣﻦ ﺗـﻮﻟـﻰ ﺣﻜﻤﻬﺎ ،وأﻣﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﺮف ﻟﺸﻌﻮﺑﻬﺎ أﺳﺒﺎب اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻌﻘﻠﻲ وا;ﺎدي« )اﻧﻈﺮ :ﺳﺎﻣﻲ اﻟﻜـﻴـﺎﻟـﻲ ص -٤٠ (٤١وﻣﻦ ﻫﺬا ا;ﻨـﻄـﻠـﻖ ذاﺗـﻪ ﻟـﻴـﺲ ﻋـﺪﻻً أن ﻳﻘﺎرن ﻃﻪ ﺣﺴ nاﻟـﻮﺟـﻮد اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﻓـﻲ ﻣـﺼـﺮ ﺑـﺎﻟـﻐـﺰو اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﻣﺜﻼً وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ روح اﺠﻤﻟﺎدﻟﺔ واﳊﺠﺎج اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت وﺗﺴﻮد اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ .وأﻳـﺎً ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ،ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮن إﻧﺼﺎﻓﺎ ﻟﻮ أدﺧﻠﻨﺎ ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﺣـﺪاً ﻣﻦ ا;ﻌﺎدﻳﻦ ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ .إن ﻣﺎ أﻧﺘﺠﻪ ﻣﻦ أدب ﻋﺮﺑﻲ ﺟﻤﻴﻞ ﺣﻲ ﻗﺪ ﻧﻔﺬ إﻟﻰ ﺿﻤﻴﺮ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ ﻛـﻠـﻬـﺎ وﻗـﻮﱠى وﺣﺪﺗﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠـﻴـﺔ اﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ وﻏـﺪا واﺣـﺪاً ﻣﻦ ﻣـﻜ ّـﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ،وﻫﺬا اﻷﺛﺮ ﻳﻌﺎدل-أو رqﺎ ﻳﺘﺠﺎوز-اﳉـﻬـﻮد ا;ـﺒـﺎﺷـﺮة اﻵﻧـﻴـﺔ ﻟﺪﻋﺎة اﻟﻌﺮوﺑﺔ وأﻧﺼﺎرﻫﺎ .وﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻜﻮن ﺧﻼف اﻟﺴﻴﺎﺳـﺔ ﺳـﺒـﺒـﺎً ﳊﺠﺐ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﺎرﻳـﺦ .ﺛـﻢ أن ﻫﻨﺎك أﻓـﺮاداً ﻣﻦ ا;ﺒﺪﻋ nﻳﺨﺪﻣﻮن أ ﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﳊﻴﺎة دون أن ﻳﺤﺘﺎﺟﻮا إﻟﻰ اﻟـﺴـﻴـﺮ وراء ﺷﻌﺎراﺗﻬﺎ .أو رqﺎ وﻗﻔﻮا-ﺧﻄﺎً أو ﺻﻮاﺑﺎً-ﺿﺪ ﻫﺬه اﻟﺸﻌﺎرات. ) (٥٢ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴﺔ ،ص .٤٣و ﺑﺨﻼف اﻟﺬﻳﻦ رأوا ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺼﺮ ﻗﻠﺒﺎً ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ أو... ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺧﻼﻗﺎً ﻟﻠﺸﺮق واﻟﻐﺮب ،أو اﻣﺘﺪاداً ﻷورﺑﺎ ﻋﺒﺮ ا;ﺘﻮﺳﻂ ،ﻓﺎن ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ رﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ أن ﻳﺮى ﻣﺼﺮ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻨﻴﻌﺔ ﺣﺼﻴﻨﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ،رأى ﻓﻲ ا;ﻮﻗﻊ ا;ﺼﺮي ا;ﺘـﻮﺳـﻂ وا;ﻨﻔﺘﺢ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺘﺸﺎؤم» :إن ﻣﺼﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﺳﻴﺌﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺼﺮي ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻧﻬﺎ ﻣﺄﺳﺎة ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ .إذ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﻘﺎرات اﻟﺜﻼث اﻟﻜﺒﺮى ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻘـﻊ ﻓـﻲ ﻃـﺮﻳـﻖ ا;ـﻼﺣـﺔ ﺑـ nآﺳـﻴـﺎ وأورﺑﺎ ،ﺛﻢ ﻫﻲ ﻓﻮق ذﻟﻚ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﳉﺒﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻴﺴﺮ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ وﻗﻌﺖ أﺳﺮ اﻟﻐﺰو ا;ﺘﻜﺮر« )اﻧﻈﺮ اﻟﻨﺺ ﻓﻲ :أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ﻠﻚ ،دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ص -(٢٨٧إن اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﺟﻮد ﺟﺒﺎل ﺗﺴﻬﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻣﺼﺮ ﺿﺪ اﻟﻐﺰو ا;ﺘﻜﺮر ﻻ ﻳﺴﺘﻐﺮب ﺻﺪوره ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺐ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﳉﻤﺎﻋﺔ
186
ﻣﺼﺮﻳﺔ )اﻟﻘﺒﻂ( ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ذاﺗﻬﺎ ﺑﺼﻮرة ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻐﺰو اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ .وﻫﻨﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ا;ﻼﺣﻈﺔ أن ﻣﻌﻈﻢ-إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﻞ-اﻷﻗﻠﻴﺎت اﻷﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺘﺤﺼﻨﺔ ﻓﻌﻼً qﻨﺎﻃﻖ ﺟﺒﻠﻴﺔ وﺳﻂ اﻟﺮﻣﺎل واﻟﺒﺤﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ا;ﻨﻔﺘﺤﺔ .وإﻛﻤـﺎﻻ ﻟـﻠـﻤـﻘـﺎرﻧـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﻄـﺮﻳـﻒ أن ﻧـﻼﺣـﻆ أن اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﻴﻜﻞ ﻳﺮى ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ وادي اﻟﻨﻴﻞ ﺑ nاﻟﺼﺤﺮاوﻳﻦ ﻮذﺟﺎً »ﻟﻠﻌﺰﻟﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة« اﻟﻬﺎﻧﺌﺔ ،وذﻟﻚ أﻳﻀـﺎً ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻐﺮب ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺐ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ أرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﺔ 6ﺘﻠـﻚ ﻣـﺴـﺎﺣـﺎت ﻣـﺰروﻋـﺔ ﺧـﺼـﺒـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻮادي »اﻟﺴﻌﻴﺪ« .اﻧﻈﺮ: P.J. Vatikiotis, The Modern History of Egypt, ) (٥٣ﺣﻴﺚ »رﻓﻊ ﺻﻮﺗﻪ ﻣﺠﻠﺠﻼً ﺑﻀﺮورة إﻗﺎﻣﺔ أدب ﻣﺼﺮي وﻃﻨﻲ ،وﻗﺪم ﺎذج ﻗﺼﺼﻴﺔ اﺳﺘﻠﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ أﺳﺎﻃﻴﺮﻧﺎ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ« ،ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌـﺎﺻـﺮ ،ط ،٤ )× (٢٠ﻻ ﺗﺒﺪو ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرات ﻣﻨﺼﻔﺔ-ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳊﻘﻴﻘﺔ اﳊﻀﺎرﻳﺔ ا;ﻮﺿﻮﻋﻴﺔ-ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﳊﻀﺎرة ا;ﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪzﺔ وﻣﺎ ﺳﺠﻠﻪ ﻋﻠﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻵﺛﺎر ﻣﻦ ﻣﻨﺠﺰاﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ا;ﻌﻤﺎرﻳﺔ وﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺮي ،وﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ ﻣﻦ رﻳﺎدة ﻓﻲ »ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ« ﻓﻲ اﻷدﻳﺎن اﻟﺴﺎﻣﻴـﺔ .وﻟـﻜـﻦ ﻫـﺬه ا;ـﻮﺟـﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺳﺘﻜﻮن اﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ أﺣﻜﺎﻣﻬﺎ وﺗـﻔـﻀـﻴـﻼﺗـﻬـﺎ ،وﻟـﻦ ﺗـﻠـﺘـﺰم داﺋـﻤـﺎً ﺑﺎﳊﻘﻴـﻘـﺔ ،ﻛـﻞ اﳊﻘﻴﻘﺔ; ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه »اﻟﻨﺒﺮة« ﻣﺒﺮرة ﻣﻦ زاوﻳﺔ اﶈﺎوﻻت اﻟﺮاﻣﻴﺔ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ آﺛﺎر اﳊﻀﺎرات اﻟﺒﺎﺋﺪة إﻟﻰ »ﻛﻴﺎﻧﺎت« ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻔﺘﺖ وﺗﻔﺮق وﺣﺪة اﻟﻜﻴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ-اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻷﻏﺮاض ﻏﻴﺮ ﻋﻠﻤﻴﺔ .واﻟﺘﻄﺮف ﻳﻮﻟﺪ اﻟﺘﻄﺮف. ) (٥٤ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴﺔ ،ص ٥٦ -٥٥ ) (٥٥ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ ،اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ،ص ٢٦٤ ) (٥٦ﻣﻌﺎرك أدﺑﻴﺔ ،ص .٦٩ -٥٨وﻣﻦ أﺧﻄﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻴﻬﺎ» :ﻻ ﺗﺼﺪﻗﻮا ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﻌـﺾ ا;ﺼﺮﻳ nﻣﻦ اﻧﻬﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ وﺳﺘﺒﻘﻰ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻳﺠﺐ أن ﺗﻨﻬﻰ ،وا;ﺼﺮي ﻣﺼﺮي ﻗﺒﻞ ﻛﺎن ﺷﻲء وﻻ ﻳﺘﻨﺎزل ﻋﻦ ﻣﺼﺮﻳﺘﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﺮوف«. ) (٥٧ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ،ﲢﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﻔﻜﺮ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،١٩٧٢ص ٦٤ ٬٦٠ -٥٩ ) (٥٨ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ ،ص .٨١ ) (٥٩ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻬّﻢ ﻣﺎ ﻗﺼﺪه اﳊﻜﻴﻢ ،اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: )×» (٢١ﻣﻦ ا;ﺴﺘﺤﻴﻞ ..أن ﻧﺮى ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ أي ﻣﻴﻞ ﻟﺸﺆون اﻟﺮوح واﻟـﻔـﻜـﺮ ﺑـﺎ;ـﻌـﻨـﻰ اﻟﺬي ﺗﻔﻬﻤﻪ »ﻣﺼﺮ« و »اﻟﻬﻨﺪ« ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺘﻲ اﻟﺮوح واﻟﻔﻜﺮ! إن اﻟﻌﺮب أﻣﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﲢﻘﻖ ﺣﻠﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة ،ﻓﺘﺸﺒﺜﺖ ﺑﻪ ﺗﺸﺒﺚ إﻟﻰ اﶈﺮوم ،وأﺑﺖ إﻻ أن ﺗﺮوي ﻇﻤﺄﻫﺎ ﻣﻦ اﳊﻴﺎة ،وأن ﺗﻌﺐ ﻣﻦ ﻟﺬاﺗﻬﺎ ﻋﺒﺄ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺰول اﳊﻠﻢ و ﻳﻌﻮد ﺷﻘﺎء اﻟﺼﺤﺮاء ،وﻗﺪ ﻛﺎن ..إن ﻣﻮﺿﻊ ا;ﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ »ﺳﺎﻧﻔﻮﻧﻴﺔ« اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻛﻤﻮﺿﻊ أﻟـ »ﺳﻜﻴﺮﺗﺰو« ﻣﻦ ﺳﺎﻧﻔﻮﻧﻴﺔ »ﺑﻴﺘﻬﻮﻓﻦ« ﻧﻐﻢ ﺳﺮﻳﻊ ﻣﻔﺮح ﻟﺬﻳﺬ!!-«..ﲢﺖ ﺷـﻤـﺲ اﻟﻔﻜﺮ ٦٠ -٥٩ )× (٢٢وﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرة ﺑﺴﻨ nﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﻦ ا;ﻠﻚ ﻓﺎروق وﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺤﺎس ﻳﺘﻨﺎﻓﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺮب ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺮﺻﻴﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ-اﻹﺳﻼﻣﻲq-ﺼﺮ وﺧﺎرﺟﻬﺎ-ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻷﻏﺮاﺿﻬﻤﺎ )ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،ص .(٣٩ ) (٦٠ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲢﺪث ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﺎم ١٩٥٤ﻓﻲ »ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة« ﻋﻦ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺜﻼث اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ،أﺿﺎف ﺑﺸﺄن اﻷوﻟﻰ» :وﻣﺎ ﻣﻦ ﺷـﻚ ﻓـﻲ أن اﻟـﺪاﺋـﺮة اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ﻫـﻲ أﻫـﻢ ﻫـﺬه اﻟـﺪواﺋـﺮ وأوﺛﻘﻬﺎ ارﺗﺒﺎﻃﺎً ﺑﻨﺎ«-ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺄت ﺑﺠﺪﻳﺪ ﻓﻜﺮﻳﺎً ﺗﻮﺟﻬﺎت ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻋﺮوﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت. وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ-ﻓﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﺮوﺑﺔ ﻣﺼﺮ-ﻗﻴﺎﺳﺎ qﺎ رأﻳﻨﺎه ﻣﻦ ّ ﻣﺆﺛﺮا ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺪ »ﺷﺨﺺ« ﻫﺬا اﻻﲡﺎه ﺑﺤﻴﻮﻳﺔ ً وﻟﻜﻦ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ أن ﻧﺴﺠﻞ ﻟﻪ أﻧﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻗﺎﺋﺪاً
187
وأﻋﻄﺎه ﻃﺎﺑﻊ اﳊﻤﺎس اﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ،ﻛﻤﺎ أﺿﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻔﺔ اﻟﺜﻮرﻳﺔ واﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ،وﺑﻘﺒﻮﻟﻪ ﻟﻠﻮﺣﺪة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﺳﻮرﻳﺎ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ أي ﻣﺼﺮي ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻏﻴﺮ أن اﻟﻘـﻴـﺎدة ا;ـﺼـﺮﻳـﺔ-ﺑـﻌـﺪ اﻻﻧﻔﺼﺎل ،وﺑﺪرﺟﺔ أﻛﺒﺮ ﺑﻌﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ-ﺳﺘﻌﻮد ﻋﻦ ذﻟﻚ ا;ﻔﻬﻮم اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ اﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ إﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮم أﻛﺜﺮ واﻗﻌﻴﺔ وأﻗﺮب إﻟﻰ ﻣﺎ ﺣﺪده زﻛﻲ ﻣﺒﺎرك ﺣﻮل ﻋﺮوﺑﺔ ﻣﺼﺮ) .اﻧﻈﺮ اﻟﻬﺎﻣﺶ (١٣٩ )× (٢٣ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﺬا اﳊـﻜـﻢ ﺻـﺎدﻗـﺎً ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﳊﺎﺿﺮ .ﻓﺎن ﻣﺼﺮ ،رﻏـﻢ إﻣـﻜـﺎﻧـﺎﺗـﻬـﺎ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ ا;ﺴﺘﺜﻤﺮة واﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ،ﻟﻢ ﺗﻌﺪ »اﻷﻏﻨﻰ« ﺑ nاﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺳﻴﺎدة اﻟﻨﻔﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ .وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ،ﺿﻤﻦ أﺳﺒﺎب أﺧﺮى ،ﺿﻌﻒ ا;ﻜﺎﻧﺔ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ;ﺼـﺮ ﺣـﺎﻟـﻴـﺎً ،اﻟﻠﻬﻢ إﻻ إذا ﻋﺎدت »اﻟﺜـﻮرةد ﻟﺘﺘﺤﺪى »اﻟﺜﺮوة«... )× (٢٤ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ »ﻋﻠﻤﻴﺔ« اﳊﺼﺮي و »ﻋﺼﺮﻳﺘﻪ« ﻓﺎﻧﻪ ﻳﻌﺪ »اﻟﺮﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ« ﻣﻦ ﺷﺮوط اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ ..وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﺬا ﻣﻘﻴﺎس ﻋﺮﺑﻲ ﻋﺸﺎﺋﺮي ﻗﺪ ﻣﺎ ﻳﺰال ﺳﺎرﻳﺎً. ) (٦١ﺳﺎﻃﻊ اﳊﺼﺮي أﺑﺤﺎث ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ ،١٩٦٣ -١٩٢٣ ،ص .١٢٤وﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﻨـﺺ اﻷول ﻣﺮة ﺿﻤﻦ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻧﺸﺮت ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة »اﻟﺒﻼد« ﺑﺒﻐﺪاد ﻓﻲ ١٩ﻧﻴﺴﺎن ١٩٣٦ )Charles Issawi, Egypt in Revolution: An Economic (٦٢ Analysis, pp 45-180 ) (٦٣وﻟﻼﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻨﻤﻮ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺧﺎﺻﺔ-ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈـﺮ ﻣـﺼـﺮﻳـﺔ- راﺟﻊ :ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮاﻓﻌﻲ ،ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ )(١٩١٩ج ٢اﻟﺼﻔﺤﺎت .٤٢٤ -٢٩١ )(Charles Issawi; Egypt in Revolution: An Economic Analysis)(P 32) (٦٤ )×» (٢٥ارﺗﻔﻌﺖ ﻧﻔﻘﺎت ا;ﻌﻴﺸـﺔ ﺑـﻬـﺎ وﻗـﺖ اﳊـﺮب ﺑـﻨـﺴـﺒـﺔ %٦٥٠أو ،%٧٠٠وﺑﻌﺪ اﳊﺮب واﺟـﻪ رﺑـﻊ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻗﺪرﻫـﻢ ٣ر ١ﻣﻠﻴﻮن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ دون أن ﻳﻮﺟﺪ ﻧﻈﺎم ﻟﻠﺨﺪﻣﺎت اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ..وﺑـﺪأ ورود اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﳋﺎرج ﺎ ﻫﺪد ﻣﻜﺎﺳﺐ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﶈﻠﻴﺔ وﺣﺮّك ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﺎ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺻﻴﻐﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻮﺿﻊ ﻣﺼﺮ ،ﺗﻀﻤﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ ا;ـﻜـﺘـﺴـﺒـﺔ-«...ﻃـﺎرق اﻟـﺒـﺸـﺮي اﳊـﺮﻛـﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣـﺼـﺮ ،١٩٥٢ -١٩٤٥ص .١٢ )P.O’Brien, The Revolution in Egypt‘s Economic System. pp 3-1(٦٥ »ﻛﺎن %٥٥ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ %٢٠ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن %٦٠ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻻ ﻳﺤﺼﻞ إﻻ ﻋﻠﻰ %١٨ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ« )× ..» ;(O’Brien, p.l)-(٢٦وﻓﻲ اﻟﺮﻳـﻒ ﻛـﺎن ٥رz %ﻠﻚ %٣٤ﻣﻦ اﻷراﺿﻲ ،وﻧـﺤـﻮ ١١ﻣﻠﻴـﻮن ﻓـﻼح ﻻ zﻠﻜﻮن ﺷﻴﺌﺎً ﻏﻴﺮ ﻣﺠﻬﻮد ﻋﻤﻠﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻲ ذي اﻷﺟﺮ اﻟﺰﻫﻴﺪ«-ﻃﺎرق اﻟﺒـﺸـﺮي ،ص .١٣ ) (٦٦ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮاﻓﻌﻲ ،ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ ،ج ،٢ط ،٢ص ٣١٩ -٣١٨ ) (٦٧ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ٣١٩ )P.O’Brien, p.2 (٦٨ ) (٦٩ﻋﻤﺮ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ ،ﻓﻲ اﻷدب اﳊـﺪﻳـﺚ ،ج ٢ط ،٦ص .١٧٩ -١٧٧ )× (٢٧وذﻟﻚ ﺿﻤﻦ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﺻﻼﺣﻲ اﻟﺸﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﻧﻔﺬّه اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴ nﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺘﺮﺑﻮي ﻏﺪاة ﺗﺴﻠﻤﻪ وزارة ا;ﻌﺎرف ﻓﻲ اﳊﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻓﺪﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت إﻟﻰ اﳊﻜﻢ ﺑـﻌـﺪ اﻧـﺘـﺨـﺎﺑـﺎت ﻳﻨـﺎﻳـﺮ .١٩٥٠ ) (٧٠ﻋﻤﺮ اﻟﺪﺳـﻮﻗـﻲ ،ص .١٧٩ ) (٧١ﻃﺎرق اﻟﺒـﺸـﺮي ،ص .١٣ )× (٢٨ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺖ رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﺧﻼل اﳊﺮب وﺑﻌﺪﻫﺎ ،ﻧﺮى ﻫﻨﺎ ﻮا ﻟﻠﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ
188
اﻟﺴﻮرﻳﺔ )اﻟﻜﺒﻴﺮة وا;ﺘﻮﺳﻄﺔ( .وﻳﺤﺴﻦ اﻟﺘﻨﺒﻪ إﻟﻰ أن ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺔ ﺳﺘﻤﺜﻞ ﻗﻄﺎﻋﺎ »ﺗﻘﺪﻣﻴﺎ« ﻣﺴﺘﻨﻴﺮا وﺳﺘﻜﻮن أﻗﺮب ﻟﺮوح اﻟﺜﻮرة-ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻷوﻟﻰ-ﺣﻴﺚ ﺳﺘﻤﺜﻞ ﻗﻤﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ اﳉﺪﻳﺪة )اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﻮد أﻋﺒﺎء اﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ا;ﺮﺣﻠﺔ. ) (٧٢ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ ،ص ) ١٧٧ -١٧٦اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. )S.H.Longrigg, Iraq: 1900-1950, A Political, Social and Economic History, pp 364-380 (٧٣ )× (٢٩وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ ،ﺳﺘﺴﻴﺮ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ا;ﺘﻮﺳﻄﺔ ا;ﻴﺴﻮرة )ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ( ﻣﻊ اﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺤﺮر اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﻠﺠـﺄ إﻟـﻰ »اﻻﻧـﻔـﺼـﺎل« ﻋـﻨـﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ )ﺑﻌﺪ ﻗﺮارات ﻳﻮﻟﻴﻮ .(١٩٦١ )× (٣٠وﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺗﻨﻔﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ا;ﺆرخ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮاﻓﻌﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻫﺐ إﻟـﻰ أن زﻳـﺎدة اﻟﺜﺮوة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺣﺼـﻞ اﻟـﺜـﺮاء دون أن ﻳـﺤـﺼـﻞ اﻟـﻌـﺪل اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .أي إن اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺣﺘﻤﻴﺎ .وﺳﺘﺮﺗﻔﻊ ﻣﻘﻮﻟﺔ »اﻟﻜﻔﺎﻳـﺔ واﻟـﻌـﺪل«-ﻓـﻲ ا;ـﺮﺣـﻠـﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ-ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ زﻳﺎدة اﻟﺜﺮوة ﻓﻲ ﻇﻞ ﻋﺪاﻟﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ.. )S.H. Longrigg,p. 386 (٧٤ ) (٧٥ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،ص ) ١٧٧ -١٧٦اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. )× (٣١أﻧﺸﺄ ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ أول ﻧﻘﺎﺑﺔ ﻋﻤﺎﻟﻴﺔ ﺳـﻨـﺔ .١٩٣٦ )A. Hourani, p 349 (٧٦ )× (٣٢ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ داﺋﻤﺎ أن اﻻﲢﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ وأورﺑﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﺣﻀﺎرﻳﺎ وﻓﻜﺮﻳﺎ وﺻﻨﺎﻋﻴﺎ ،واﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﻟﻐﺮب اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب ا;ﺎرﻛﺴﻲ ﻫﻮ اﻧﺘﻘﺎل ﻣـﻦ ﻛـﻔـﺔ إﻟـﻰ أﺧـﺮى ﻓـﻲ ﻣﻴﺰان واﺣﺪ ،رﻏﻢ ﺧﻄﻮرة ﻣﻐﺰاه ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ. )× (٣٣اﻷﺳﺘﺎذ »ﻟﻘﺐ ﻟﻠﻤﺜﻘﻒ اﻟﻌﺼﺮي و »اﻹﻣﺎم« ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻌﺮوف .واﺟﺘﻤﺎع أﻣ nوﺗﺮادﻓﻬﻤﺎ ﻟﺪى ذﻛﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺼﺪﻓﺔ .وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻋﺎدت »دار اﻟﻬﻼل« ﻃﺒﻊ ﻛﺘﺎﺑـﻪ »اﻹﺳـﻼم ﺑ nاﻟﻌﻠﻢ وا;ـﺪﻧـﻴـﺔ« ﻋـﺎم ،١٩٦٠رﺳﻢ ﻓﻨﺎن اﻟﺪار ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻼف ﺷﺨﺼﻴـﺘـ nﻣـﺘـﻼﺻـﻘـﺘـ nﻟـﻸﺳـﺘـﺎذ اﻹﻣﺎم .إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ »اﻷﺳﺘﺎذ« ﺣﺎﺳﺮ اﻟﺮأس ﺑﺎﻟﺰي اﻹﻓﺮﳒﻲ واﻟﺜﺎﻧـﻴـﺔ ﺷـﺨـﺼـﻴـﺔ »اﻹﻣـﺎم« ﺑﺎﻟﻌﻤﺎﻣﺔ واﳉُﺒّﺔ .وﺧﻠﻔﻬﻤﺎ ﻣﺴﺎﺣﺘﺎن ﻟﻮﻧﻴﺘﺎن ،ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺻﻔﺮاء ﺑﻠﻮن اﻟﺮﻣﺎل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ زرﻗﺎء ﺑﻠﻮن اﻟﺒﺤﺮ ا;ﻤﺘﺪ إﻟﻰ ..ﺑﻌﻴﺪ .واﻟﺮﺳﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺮاه ،ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺑﺎرز اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﲡﺎور وﺗﺪاﺧﻞ ﻋﻨﺼﺮي اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ) .اﻧﻈـﺮ :ﻏـﻼف »ﻛـﺘـﺎب اﻟـﻬـﻼل« اﻟـﻌـﺪد -١١٤ﺳﺒﺘـﻤـﺒـﺮ -١٩٦٠ﺑﺈﺷﺮاف ﻃﺎﻫـﺮ اﻟﻄﻨﺎﺣﻲ(. ) A. Hourani, p 130 (٧٧ﺣﻴﺚ ﻳﺬﻛﺮ ﺟﺬوره اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ وﻳﺤﻴﻞ إﻟﻰ ﻣﺼﺎدر دراﺳﺘﻪ. ) (٧٨ﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﳋﻄﻴﺐ» ،ﺛﻮرﺗﻨﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ« ،ﻣﺠﻠﺔ اﻷزﻫﺮ ،ﻣﺠﻠﺪ ،٢٩دﻳﺴﻤﺒﺮ ،١٩٥٧ص -٤٨١ ٤٨٧ )× (٣٤ﺗﺄﺛﺮت ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه qﻈﺎﻟﻢ اﻷراﺿﻲ واﻟﻀﺮاﺋﺐ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت أواﺧﺮ ﻋﻬﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ واﺿﻄﺮت إﻟﻰ اﻟﻬﺠﺮة ﻣﻦ أرﺿﻬﺎ وﻗﺮﻳﺘﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﺛﻢ ﻋﺎدت إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن وﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺮﺟﻊ ﻛﻞ ﺣﻘﻬﺎ .وﻗﺪ ﻇﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺠﺐ ﺑـ »أﻣﺠﺎد« ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﺘﻲ رآﻫﺎ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻔﻼح وﻣﺎﻟﻚ اﻷرض اﻟﺼﻐﻴﺮ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻘﻮل أﻧﻪ ﻛﺎن ﺿﺪ »اﻹﻗﻄﺎع« ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ا;ﻌﻨﻰ) .اﻧﻈﺮ ( A. Hourani, p 130 ً ﻟﻴﺲ ﺗﻌﺒﻴﺮاً ) (٧٩د .ﻣﺤﻤﻮد إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ» ،ﺑﻮاﻛﻴﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ« .ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺸﻮري )اﻟﻠﻴﺒﻴﺔ(-ﺳﻨﺔ ،٣ﻋﺪد أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ »اﻟﺜﻮرﻳﺔ اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ« ً ،٣ﻳﻮﻧﻴﻪ ،١٩٧٦ص .٨٦واﳉﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ إن اﻻﺳﺘﺸﺮاق اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ رﻛﺰ
189
ﻓﻲ ﻓﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه .ﻳﻘﻮل ا;ﺴﺘﺸﺮق ف .ب .ﻟﻮﺗﺴﻜﻲ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻣﺎرﻛﺴﻴﺔ» :ﻧﺎﺿﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وا;ﺼﻠﺤﻮن ا;ﺴﻠﻤﻮن ﺿﺪ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻺﻗﻄﺎﻋﻴ nوإﻳﺪﻳـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺘـﻬـﻢ وﺿـﺪ رﺟـﺎل اﻟـﺪﻳـﻦ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ا;ﺴﻠﻤ nاﶈﺎﻓﻈ nا;ﺮﺗﺒﻄ nﺑﻬﻢ ...وﻓﻲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻌﻮن إﻟﻰ ﺗﻜﻴﻴﻒ اﻹﺳﻼم ً اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ «..اﻧﻈﺮ :ﻟﻮﺗﺴﻜﻲ ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻗﻄﺎر اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ اﳊـﺪﻳـﺚ ،دار اﻟـﻔـﺎراﺑـﻲ ،ﺑـﻴـﺮوت ،ص ٢٨٧ )اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ(. ) (٨٠رﺷﻴﺪ رﺿﺎ ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﺳـﺘـﺎذ اﻹﻣـﺎم ،ج .٣٩١-٣٩٠ ٬٢وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺷﻴﻮع ﻧﻈﺮﻳـﺔ »ا;ـﺴـﺘـﺒـﺪ اﻟﻌﺎدل« ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وﺑﺴﺒﺐ ﺗﺮدد اﳊﻜﻮﻣﺎت ﺷﺒﻪ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ وﻋﺠﺰﻫﺎ وﻓـﺴـﺎدﻫـﺎ ،ﻓـﺎن ذﻟﻚ اﻟﺘﻴﺎر »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ« ا;ﺘﺸﺒﻊ ﺑﺄﻓﻜﺎر اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺒﺮ;ﺎﻧﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻨﺒﻬﺮ ﺑﺒﺮﻳﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﳊﺰب واﻟﻌﺪل ﻓﻲ آن ﻣﻌﺎً .ﻳﻘﻮل ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺎم ١٩١٤ﺑﻌﺪ إﻧﻬﺎء ﲡﺮﺑﺔ »ﻋﻬﺪ ﻋﺎدﻻ« أو ﻗﺮﻳﺒـﺎً ﻣﻦ ﻮذﺟﻪ رﻏﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﺣـﺎﻛـﻤـﺎً أﺟﻨﺒﻴـﺎً ﻏﻴﺮ ً ﻛﺮوﻣﺮ« ﻓﻲ ﻣﺼﺮ-وﻗﺪ ﻛﺎن »ﻣﺴـﺘـﺒـﺪاً ﻣﺴﻠﻢ )وﻛﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻳﺘﻌﺎون ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺣﺪود ﻣﻌﻴﻨﺔ(-ﻳﻘﻮل ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ) ،وﻛﺎن »ﻛﺘﺸﻨﺮ« )× (٣٥ﺧﻠﻒ ﻛﺮوﻣـﺮ ﻳُﻌّﺪ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺠﻠﺲ ﺗﺸﺮﻳﻌﻲ وﺣﻜﻮﻣـﺔ ﺷـﺒـﻪ ﺑـﺮ;ـﺎﻧـﻴـﺔ( ». وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻫﻮ اﳊﻜﻢ ..ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻨﻔﻌﺔ اﻷﻣﺔ? ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ا;ﺴﺄﻟﺔ .وذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑ nاﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮن أن ﺣﻜﻮﻣﺔ ا;ﺴﺘﺒﺪ اﻟﻌﺎدل ﻫﻲ ﺧﻴﺮ اﳊﻜﻮﻣﺎت .ﻧﻘـﻮل إن ﻧـﻈـﺮﻳـﺔ اﻻﺳـﺘـﺒـﺪاد ﺑـﺎﻷﻣـﺮ ﻋـﻠـﻰ ﻣﺒﺎد ¤اﻟﻌﺪل ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺧﻴﺎﻟﺔ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺣـﻜـﻮﻣـﺔ ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟـﺼـﻨـﻒ) ...و( ..اﳊـﻜـﻮﻣـﺎت ا;ﺴﺘﺒﺪة ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎدﻟﺔ .ﻓﻤﺎ أﻇﻦ ﻣﺬﻫﺐ )اﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﻌﺎدل( ﻓﻲ ﻋﻘﻮل أﻧﺼﺎره إﻻ أﻣﻨﻴﺔ ﻳﺘﻤﻨﻮﻧﻬﺎ ;ﺜﻞ أﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻮﺣﺪة اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻗﻮﻳﺔ اﻟﺒﻄﺶ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺸﻬﻮات ..ﺳﺮﻳﻌﺔ اﳊﺮﻛﺔ ﻻ ﺑﻄﻴﺌـﺔ ﻛﺎﳊﻜﻮﻣﺎت اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ،ﻋﺎدﻟﺔ ﻻ ﺗﻨﺤﺮف ﻋﻦ ﺟﺎدة اﻟﻌﻘﻞ أﺑﺪاً ...وﻫﺎ ﻧﺤﻦ أوﻻء ﻗﺪ ﺟﺮﺑﻨﺎ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ورأﻳﻨﺎ ﲡﺎرب اﻷ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺒﺪاد وﻓﻲ اﳊﻜﻮﻣﺔ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ﻓﺨﺮﺟﻨﺎ ﻘﺖ اﻻﺳﺘﺒﺪاد وﻧﺤﺐ اﳊﺮﻳﺔ«... ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ،ﺗﺄﻣﻼت ،ص ١٠١ )× (٣٦ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺗﺮدد أﺻﺪاء دﻋﺎء دﻳﻨﻲ إﺳﻼﻣﻲ ﻣﺄﺛﻮر ﻓﻲ اﻧﺘﻈـﺎر ﻋـﻮدة ا;ـﻬـﺪي» :ﺳـﻬـﻞ اﻟـﻠـﻪ ﻓﺮﺟﺔ وﻋﺠﻞ ﻣﺨﺮﺟﻪ« )×» (٣٧اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ >:ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎن أﻟﺼﻖ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻟﻪ »ا;ﻌﻠﻢ اﳋﺎﻟﺪ«. ) (٨١أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ،وﺣﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﺠـﻠـﺪ ٢ط ه ،ص .١٩٠ -١٨٧ )× (٣٨وﻫﻜﺬا ﻓﺎن ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻓﻲ »ا;ﺴﺘﺒﺪ اﻟﻌﺎدل« ﺳﻴﺘﻢ إﺣﻴﺎؤﻫـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻳـﺪ اﻟـﺘـﻮﻓـﻴـﻘـﻴـn اﳉﺪد-ﺑﻌﺪ أن ﻧﻘﻀﻬﺎ ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ وﺟﻴﻠﻪ وذﻟﻚ ﻟﻠﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﻣـﺮﺣـﻠـﺔ اﻟـﻔـﻮﺿـﻰ اﻟـﺘـﻲ ﺳﺒﻘﺖ ﻇﻬﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،اﻟﺬي ﺳﻴﺒﺪو ذﻟﻚ »ا;ﺴﺘﺠﺪ اﻟﻌﺎدل« إﺳﻼﻣﻴﺎ; واﻟﺬي ﺳﻴﺒﺪو ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﳊﺪﻳﺚ »ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت« اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺜﻮرﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة .وﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﺗﻔﺴﻴﺮ »اﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ« ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﻈﺎﻫﺮة »اﻟﺒﻮﻧﺒﺎرﺗﻴﺔ«-ﻇﺎﻫﺮة ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن اﻟﺜﺎﺋﺮ اﳊﺮ وا;ﺴﺘﺒﺪ اﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮرz-ﻜﻦ أن zﺜﻞ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎً ﻟﺪراﺳﺔ ﺧﻼﻗﺔ ﻣﻦ دراﺳﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ. ّ ) (٨٢د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻨﺪور ،ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ أدﺑﻨﺎ اﳊﺪﻳﺚ ،دار اﻵداب ،ﺑـﻴـﺮوت ،ص .٦٧-٦٦ )× (٣٩إن ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻣﺨﻠﺼﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷوﻗﺎت ﻟﻮاﺟﺒﺎﺗﻬﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ رﻏﻢ وﻃﻨﻴﺘـﻬـﺎ اﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ اﳉﻴﺎﺷﺔ ،ورﻏﻢ ﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﺠﻤﻟﺎﻻت .ﻓﺎﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻨﻘﺘﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ رﻓﺾ اﻷﺟﻨﺒﻲ ا;ﺘﺴﻠﻂ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺘﺒﻠﻮر ﻓﻲ ﻗﻴﻢ إﻳﺠﺎﺑـﻴـﺔ إﻧـﺘـﺎﺟـﻴـﺔ ﻣـﻨـﺘـﻈـﻤـﺔ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻓﻲ ﺳﻠﻮك ا;ﻮاﻃﻦ وﺗﻠﺰﻣﻪ ..» :إﻧﻬﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ واﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻏﻴﺮ ﺗﺎﺑﻊ إﻻ ﻟﻨﻔﺴﻪ .أﻣﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺘﺤﺮر ﺟﻤﺎﻋﺘﻪ ،و ﻳﻜﻮن اﻟﻨﻈﺎم ﻓﻴﻬﺎ أن ﻳﻨـﻬـﺾ ﺑـﺎﻛـﺮاً ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ،وأن ﻳﻌﻤـﻞ ﺳﺎﻋﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وان ﻳﺮﻓﺾ اﻟﺮﺷﻮة ،وان ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﺣﻮاﻓﺰ ﻟﻸﺣﻼم وﻃﺎﻗﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﺣﻼﻣﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ
190
رﻓﺎﻫﻴﺔ اﻷﻣﺔ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ أﻣﻮر ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﺪ واﺿﺤﺔ«-أﻧﻈﺮ W.C.Smith, Islam in Modern History, p.77 ) (٨٣ﻣﺤﻤﺪ ﻣـﻨـﺪور ،ص .٦٨ ) (٨٤ﻣﻦ أﺟﻞ ﲢﻠﻴﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ اﻧﻈﺮ :د .أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ﻠﻚ ،اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي واﳉﻴﺶ ،ص ١١٠وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ; وﻟﻠﺠﺎﻧﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ; C. Issawi, p.53وأﻳﻀﺎً :ﻃﺎرق اﻟﺒﺸﺮي، اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل» :ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﺪر ﻟﻬﺬا اﻻﲡﺎه )اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟـﻲ اﻹﺻـﻼﺣـﻲ( دﻋﻮﺗﻪ ﻹﺻﻼح ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺴﻠﻄﺔ واﺠﻤﻟﺘﻤﻊ وﺑﻨﺎء أﺟﻬﺰة اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب رﺷﻴﺪ وﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ...وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة وﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻹﻃﺎر اﻟﺒﺮﺟﻮازي ﻟﻬﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ دﻋﻮة ﺗﻘﺪﻣﻴﺔ ﺑﺎ;ﻌﻴﺎر اﳊﻀﺎري وﺑﺄيّ »ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺘﻄﻮر« ص -١٨٤ﻫﺎﻣـﺶ رﻗﻢ ).(١ ) (٨٥ﻟﻼﻃﻼع ﻋﻠﻰ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺘﺤﻮل اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ وﺧﻠﻔﻴﺘﻪ اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺪراﺳﺘﺎن: .Patrick O‘Brien; The Revolution in Egypt‘s Economic System . C. Issawi, Egypt in Revolution )× (٤٠ﺳﺘﻌﻮد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻮاﺟﻬﺔ ﲢﺖ ﺷﻌﺎر »اﻻﻧﻔﺘﺎح« ﺑـﻌـﺪ .١٩٧٠ )×q (٤١ﻌﻨﻰ إن »ﻣﺰاج« ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﳊﻠﻴﺐ و»اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ« ﻓﺎن ﻛﺎر اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ-ﻋﺎ;ﻴﺎ-ﻣﺎﻟﺖ ﻟﻠﺘﺼﻠﺐ ،وان ﻛﺎن اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﶈﻠﻴﺔ واﻟﻌﺎ;ﻴﺔ ً اﻟﺪﻧﻴﺎ-ﻣﺤﻠﻴﺎ-وا;ﻌﺴﻜﺮ ً اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﺎﻟﺖ »ﻟﻼﻋﺘﺪال«.. )z (٨٦ﺜﻞ ﻛﺘﺎب اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﻨﻴﻒ اﻟﺮزاز» ،اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ا;ﺮة« ،ﺷﻬﺎدة ﻓﻜﺮﻳﺔ ذاﺗﻴﺔ-ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ qﻌﺎﻧﺎة اﳉﻴﻞ ﻟﻬﺬه »اﻟﻈﺎﻫﺮة-اﻷزﻣﺔ« وﻛﻴﻒ ﺗﺘﺸﻘﻖ اﳊﺪاﺛﺔ ا;ﺄﻣﻮﻟﺔ ﻋﻦ ا;ﻮروﺛﺎت اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ اﻷرﺳﺦ ﻣﻨﻬﺎ ...راﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل اﻟﺼﻔـﺤـﺎت .١٠٣ -١٠١ )× (٤٢اﲡﻪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻟﻠﺘﺼﺎﻟﺢ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ أﺳﺎﺳﻴﺎت ا;ﺪﻧﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ )اﻟـﻌـﻘـﻞ، اﻟﻌﻠﻢ ،اﻟﺘﻤﺪن( ﺛﻢ اﲡﻪ أي اﻟﺘﻼؤم ﻣﻊ »اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ« ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ )اﻟﺸﻮرى ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ ،ا;ﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺗﺼﺒﺢ ا;ﻨﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،اﻹﺟﻤﺎع ﻳـﺼـﺒـﺢ اﻟـﺮأي اﻟـﻌـﺎم ..اﻟـﺦ( ،ﺛـﻢ ﺻـﺎر ﻫ ﱡـﻢ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴـﺔ ﻓـﻲ ا;ﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﺜﻮرﻳﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ،وﺳﺘﺒﺪأ ﺑﺬور ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣﻊ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ واﻟﻜﻔﺎح ا;ﺴﻠﺢ وﻣﺒﺎد ¤ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﻓﻲ ﺧﺎ6ﺔ ﺑﺤﺜﻨﺎ. ) (٨٧ﻟﻌﻞ أﻓﻀﻞ ﺑﺤﺚ ﻣﺮﻛﺰ ;ﻌﺎﻟﻢ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﻌﺮﺑـﻲ اﳊـﺪﻳـﺚ دراﺳـﺔ اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر ﻧـﻌـﻴـﻢ ﻋـﻄـﻴـﺔ ا;ﻨﺸﻮرة ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ »اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ« ،ﻣﻨﺸﻮرات اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ) (٨٨ﻛﺘﺐ ﻟﻄﻔﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺎم » :١٩١٢أﻋﺘﺮف أن ﻣﺬﻫﺐ اﻟﺘﻄﻮر واﻻرﺗﻘﺎء ﻣﺬﻫﺐ أﻻ ﺗﺄﺧﺬ ﻃﺮاﺋﻘﻪ ﺑﺎﻷﺑﺼﺎر ...وان ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﺑﺎﻫﺮة ;ﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﻠﺒﺔ ،واﻟﺼﺒﺮ اﻟﻼزم ﻻﻧﺘﻈﺎر ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻌﻤﻞ .واﻟﻮاﻗﻊ أن اﻻرﺗﻘﺎء ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ« وأﻳﻀﺎ »ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻮ ا;ﻮﺻﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ-«..ﺗـﺄﻣـﻼت ،ص .٥٨ -٥٥ )» (٨٩ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ) (١٩٤٥ -١٩٢٣ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳉﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة )ﻓﺆاد اﻷول( ﻓﺘﺮة ﺧﺼﺒﺔ ﺣﻘﺎً ،ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮت ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﳊﻴﺎة اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،واﻟﺒﺤﺚ اﳉﺎﻣﻌﻲ ،واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳉﺎﻣﻌﻲ ،و ﺑﺮزت ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺗﺬة واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﺎزﻟﻨﺎ ﻧﻔﺨﺮ ﺑﻬﻢ وﻧﻌﺘﺰ ﺑﺄﺳﺘﺎذﻳﺘﻬﻢ ﻟﻨﺎ وﺑﺪورﻫﻢ اﻟﻄﻠﻴﻌﻲ ﺣﻘﺎً ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ا;ﻌﺎﺻﺮ :ﻃﻪ ﺣﺴ ،nﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻓﺔ ،ﺣﺴ nﻓﻮزي ،أﻧﻮر ا;ﻔﺘﻲ ،أﻣ nاﳋﻮﻟﻲ ،ﻣﺮاد ﻛﺎﻣﻞ ،ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،إﺑﺮاﻫﻴﻢ ا;ﻨﻴﺎوي ،ﻋﻠﻲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ،ﺳﻠﻴﻢ ﺣﺴﻦ ،أﺣﻤﺪ رﻳـﺎض ﺗـﺮﻛـﻲ ،ﻋـﻠـﻲ ﺑـﺪوي ،ﻋـﺒـﺪ اﻟـﺮزاق اﻟـﺴـﻨـﻬـﻮري، ﻳﻮﺳﻒ ﻣﺮاد ،ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻨﺪور ،ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﺪوي ،ﻋﺒﺪ اﳊﻠﻴﻢ ﻣﻨﺘﺼﺮ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﺣﺴ ،nﺟﺮﺟﺲ ﻣﺘﻰ وﻋﺸﺮات ﻏﻴﺮﻫﻢ .وأﺻﺒﺤﺖ اﳉﺎﻣﻌﺔ ﺑﺤﻖ ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺘـﻨـﺎ اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ
191
ﻛﻠﻬﺎ «..أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ﻠﻚ ،دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ص ٢٥١ -٢٥٠ ) (٩٠أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ـﻠـﻚ ،ص .٢٥١ )×» (٤٣ﻓﺘﺮة ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴـﺬﻳـﺔ ﻟـﻠـﻄـﻠـﺒـﺔ واﻟـﻌـﻤـﺎل ﻋـﺎم ..١٩٤٦ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ ﻋـﻦ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﻌﻤﻠﻲ ﺑ nاﻟﻄﻠﻴﻌﺔ اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺒﺎب اﻟﻮﻓﺪ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴ ..nوﻗﺪ ﻛﺎن ﻟـﺘـﻜـﻮﻳـﻦ ﻫـﺬه اﻟﻠﺠﻨﺔ دوي ﻋﻈﻴﻢ أوﻻً ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ qﺜﺎﺑﺔ إﺷﻬﺎر رﺳﻤﻲ ﻟﺰواج ا;ﺜﻘﻔ nواﻟﻌﻤﺎل وﺛﺎﻧﻴﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧـﺖ ذات ﺳﻴﻄﺮة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ ﺑـ nﺷـﺒـﺎب اﳉـﺎﻣـﻌـﺎت وﺑ nاﻟﺒﺮوﻟﻴﺘﺎرﻳﺎ ﻓﻲ ا;ﺼﺎﻧﻊ« وأﻳﻀﺎً» :ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﺄﻳﺎم ،ﻓﻲ ١١ﻓﺒﺮاﻳﺮ ،١٩٤٦ﻳﻮم ﻋﻴﺪ ﻣﻴﻼد ا;ﻠﻚ، ﻛﻨﺖ أﺗﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﳊﺮم وﺗﺨﺼﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻮرة ،وﺧﺮﺟﺖ ا;ﻈﺎﻫﺮات ﻣﻦ اﳉﺎﻣﻌﺔ وﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﺗﻨﺎدي ﺑﻄﺮد اﻹﳒﻠﻴﺰ وﺳﻘﻮط ﻋﻤﻼء اﻹﳒﻠﻴﺰ «..وأﻳﻀﺎ» :إذن ﻓﺄﻧﺎ أﻋﺪ أﺑﻨﺎﺋﻲ )ﻃﻼﺑﻲ( ﻃﻌـﺎﻣـﺎً ﺳﺎﺋﻐـﺎً ﻟﻬﺬه اﻟﻐﻴﻼن اﳉﺎﺋﻌﺔ )ﻳﻘﺼﺪ اﳊﺰﺑﻴ ..(nﻟﺘﻐﻠﻖ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﺘﻤﻞ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﻢ ﺑﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﻗﻄﻌﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ..ﻋﻨﺪﺋﺬ أدرﻛﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﺷﻜﺎل اﻷﻛﺒﺮ اﻟﺬي وﻗﻌﺖ ﻓﻴﻪ .أﻧﺎ ﻻ اﻣﻠﻚ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺟﺎﻫﺰة أﻋﻄﻴﻬﺎ ﻟﻠﺠﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ-«..ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء )ا;ﻘـﺪﻣـﺔ( ،ص .٣٧ ٬٢٥ ٬٢٢ ) (٩١أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ـﻠـﻚ ،ص -٢٥٢ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻀﻴﻒ» :ازدادت ﺷﻘﺔ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑ nﺗﻄـﻮر اﺠﻤﻟـﺘـﻤـﻊ ..وﺑـn ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ اﳉﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر«. )P.J. Vatikiotis, p.(٩٢ )× (٤٤وﻫﺬا zﻜﻦ أن ﻳﻔﺴﺮ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ;ﺎذا ﺗﺒﺪو ﺑﻌﺾ »أزﻳﺎء« اﻟﻔﻜﺮ واﻷدب واﻟﻔﻦ .ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ أدﺑﻴﺎ ﻣﻐﺮﻗـﺎً ﻓﻲ ً ً ﻋﻤﻼ ﺗﺮﺑﺘﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻣﻨﻘﻄﻌﺔ اﳉﺬور .ﻛﺄن ﻳﻜﺘﺐ ﻣـﺜـﻘـﻒ ﻳُﺤﺘﺴﺐ ﻣﺎرﻛﺴﻴـﺎً ﺳﺮﻳﺎﻟﻴﺘﻪ ا;ﺸﻮﺷﺔ ﺛﻢ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻟﻠﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺷﺒﻪ اﻷﻣﻴﺔ ﻟﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ »وﻋﻴﻬﺎ« اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﻄﺒﻘﻲ! )× (٩٣) (٤٥ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳـﻴـﻞ ،ص .٦٢ ) (٩٤ﺗُﺮاﺟﻊ اﻹﺷﺎرات اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﳊﺮﺑﻴﺔ وﺟﺬور اﻟﻘﺎﺋﻤﺎت ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ا;ﺆﺳﺴـ nﻓـﻲ: ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ ،اﻟﺼﻔـﺤـﺎت.٢١٧-١٩٨ ٬١٠٣-٩٤ ٬٣٥ : ) (٩٥ﻛﺘﺐ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ا;ﺮﺣﻠﺔ» :ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ ﻳﺨﺎﻟﺞ ﺗﻔﻜﻴﺮي ﺣﻮل ﻫﺬا ا;ﻮﺿﻮع )وﻋﻲ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻃﺎﻟﺒـﺎً ﻓﻲ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﳊﺮﺑﻴﺔ أدرس ﺣﻤﻼت ﻓﻠﺴﻄ nﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وأدرس ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ا;ﻨﻄﻘﺔ وﻇﺮوﻓﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘـﺮن اﻷﺧـﻴـﺮ ﻓـﺮﻳـﺴـﺔ ﺳﻬﻠﺔ ...ﺛﻢ ﺑﺪأ اﻟﻔﻬﻢ ﻳﺘﻀﺢ; ..ﺎ ﺑﺪأت أدرس-وأﻧﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ أرﻛﺎن اﳊﺮب ﺣﻤﻠﺔ ﻓﻠـﺴـﻄـn وﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﺒﺤﺮ ا;ﺘﻮﺳﻂ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ«-ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة ،ص ٦٣ ﲢﻮﻻت زاﻣﻨﺖ 6ﺎﻣﺎً ) (٩٦ﻣﻨﺢ ﺧﻮري ،اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳊﻀﺎري ﻋﻨﺪ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ ،ﺑﻴﺮوت ،١٩٦٢ ،ص .٣٦وﻫﻲ ّ ﲢﻮﻻت ﺟﻴﻞ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﺨﻤﻟﻀﺮم ﻣﺜﻞ ﻫﻴﻜﻞ وﻣﻨﺼﻮر ﻓﻬﻤﻲ وﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌـﻴـﻤـﺔ واﻟـﻌـﻘـﺎد ـﺎ ﻳـﺆﻛّﺪ ﲢﻮﻟﻴﺔ اﻟﻔﺘﺮة ﻛﻠﻬﺎ. ّ ) (٩٧ﺻﻼح اﻟﺒﻴﻄﺎر وﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ» ،ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ« ،١٩٤٤ص ٩ -٨ ) (٩٨ﺣﺴﻦ اﻟﺒﻨﺎ ،ﺧﻄﺐ ﺣﺴﻦ اﻟﺒﻨﺎ ،اﳊﻠﻘـﺔ اﻷوﻟـﻰ ،ص .٥ ) (٩٩ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة ،ص ١٦ ) (١٠٠ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ٣٩ -٣٨ ) (١٠١ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،ص ) ٩٥اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ) (١٠٢ﻗﺪري ﻗﻠﻌﺠﻲ ،ﲡﺮﺑﺔ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﳊﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ،دار اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﻴﺮوت .١٢ -١١ ،وﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻴﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ ﲢﻮل اﻟﺸﺒﺎب »ا;ﺘﺮف« إﻟﻰ اﻟﺸﻴﻮﻋـﻴـﺔ ﻳـﻌـﺒّﺮ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﺘﻌﻠـﻴـﻞ وﻫﻲ أن ﻣﻌﻈﻢ ا;ﺆﺳﺴ nﻟﻬﺬه اﻷﺣﺰاب واﳉﻤﺎﻋﺎت ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﻗﻠﻴﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
192
وﻣﻦ ذوي اﻟﺜﺮاء .ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﻋﻦ ﺟﺬور ﻫﺬه اﳉﻤﺎﻋﺎت qﺼﺮ» :إن ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﻫﺬه اﳉﻤﺎﻋﺎت ..ﻣﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ اﶈﻠﻴ nواﻷﺟﺎﻧﺐ ا;ﺘﻤﺼﺮﻳﻦ ،وان اﻟﻴﻬﻮد ﺜﻠﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻋﺎﻟـﻴـﺔ.. وان اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﳊﺪﻳﺚ واﶈﺎﺿﺮات واﻟﻨﺪوات ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻐـﺔ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻴـﺔ .وﻛـﻨـﺖ اﺳـﻤـﻊ ﻣـﻦ أﻋﻀﺎء ﻫﺬه اﻟﻨﻮادي أﻧﻔﺴﻬﻢ إن 6ﻮﻳﻞ ﻧﻮادﻳﻬﻢ ،ورqﺎ ﺟﻤﺎﻋﺎﺗﻬﻢ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ،ﻳﺄﺗﻴﻬﻢ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ا;ﻠﻴﻮﻧﻴﺮات اﻟﻴﻬﻮد )ﻣﺜﻞ( ﻫﻨﺮي ﻛﻮرﻳﻴﻞ ،واﺧﻴﻪ راؤول ﻛﻮرﻳﻴﻞ ،وﺛﺎﻟﺚ اﺳﻤﻪ رzﻮن أﺟﻴﻮن، وﻳﻬﻮدي راﺑﻊ اﺳﻤﻪ ﺷﻔﺎرﺗﺰ ،وﻳﻬﻮدي ﺧﺎﻣﺲ اﺳﻤﻪ.. ...ﺟﺎﻛﻮدي ﻛﻮﻣﺐ-«..ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء أو ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺴﻦ ﻣﻔﺘﺎح) ،ا;ﻘﺪﻣﺔ( ص ١١ ) (١٠٣ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،ط ،٦ص ٣٩٢ )× ..(٤٦وﻫﻜﺬا ﺳﺘﻜﻮن اﻟﺘﺮاﻛﻴﺐ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﻪ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻧﻈﺮﻳﺎً وﺗﺘﺴﻊ ﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ. )× (٤٧إن اﻟﺸﻌﻮر »اﳋﻴﺎﻧﻲ« ﻟﺪى ﻛﻤﺎل ﻟﻴﺲ إﺿﺎﻓﺔ رواﺋﻴﺔ دراﻣﻴﺔ .إﻧﻪ ﻣﺄزق ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﺣﻘﻴﻘـﻲ; إذ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺟﻊ أن اﳉﻴﻞ اﻟﺮﻳﺎدي اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺳﻴﺸﻌﺮ ،أو ﺳﻴﺠﻌﻠﻪ ا;ﻨﺎخ اﳉﺪﻳﺪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ »ﺧﺎﺋﻦ« qﻌﻨﻰ أو ﺑﺂﺧﺮ )وﺳﻴﺘﻢ اﻟﺘﻌﺘﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﳊﻘﻴﻘﻲ وﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻪ وﻣﻨﺠﺰاﺗﻪ( ،وﺳﻨﺮى أن اﳉﻴﻞ اﳉﺪﻳﺪ، ﻏﺪاة ﻛﻬﻮﻟﺘﻪ ،ﻓﻲ ﻧﻬـﺎﻳـﺔ اﻟـﻔـﺘـﺮة ) (١٩٦٧ﺳﻴﻔﺠﻊ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر ذاﺗﻪ! و ﻳﺒـﺪو أن ﺗـﻜـﺮار ﻇـﺎﻫـﺮة اﻟـﺸـﻌـﻮر »اﳋﻴﺎﻧﻲ« ﻗﺪر اﻷﺟﻴﺎل ﻓﻲ اﻷ اﻟﺘﻲ 6ﺮ qـﺨـﺎﺿـﺎت ﻣـﺰﻣـﻨـﺔ دون ﺣـﺴـﻢ ودون وﻻدة ﺣـﻘـﻴـﻘـﻴـﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺤﻮل »اﻹﺣﺒﺎط« إﻟﻰ ﺷﻌﻮر ﻓﺎدح ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ وﺑﻘﺴﻮة اﻟﻘﺪر. ) (١٠٤ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،ط ،٦ص ٣٩٣ )» (١٠٥ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٩٣٥ﻛﻨﺖ أﺳﻌﻰ ﻣﻊ وﻓﻮد اﻟﻄﻠﺒﺔ إﻟﻰ ﺑﻴﻮت اﻟﺰﻋﻤﺎء ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳـﺘـﺤـﺪوا ﻣـﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﺮ ،وﺗﺄﻟﻔﺖ اﳉﺒﻬﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺳﻨﺔ ١٩٣٦ﻋﻠﻰ إﺛﺮ ﻫﺬه اﳉﻬﻮد« ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة ،وأﻳﻀﺎً» :وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم ﻗﺪت ﻣﻈﺎﻫﺮات ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،وﺻﺮﺧﺖ ﻣﻦ أﻋﻤﺎﻗﻲ ﺑﻄﻠﺐ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﺘﺎم .وﺻﺮخ وراﺋﻲ ﻛﺜﻴﺮون ،وﻟﻜﻦ ﺻﺮاﺧﻨﺎ ﺿﺎع ﻫﺒﺎء وﻃﺎﻓﺖ ﺟﻤﻮﻋﻨﺎ اﻟﻬﺎﺗﻔﺔ اﻟﺜﺎﺋﺮة واﺣﺪا )ﺑﻴﻮت اﻟﺰﻋﻤﺎء( ﺗﻄﻠﺐ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺷﺒﺎب ﻣﺼﺮ أن ﻳﺠﺘﻤﻌﻮا ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ واﺣﺪة ً ﺑﺒﻴﻮﺗﻬﻢ واﺣﺪاً وﻟﻜﻦ اﲢﺎدﻫﻢ... ...ﺟﺎء ﻓﺠﻴﻌﺔ ﻹzﺎﻧﻲ ﻓﺎن اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻮاﺣﺪة اﻟﺘﻲ اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻫﺪة ﺳﻨﺔ ...١٩٣٦وﻓﻜﺮت ﻓﻲ اﻏﺘﻴﺎل ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ وﺟﺪت اﻧﻬﻢ اﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﺑ nوﻃﻨﻨﺎ وﺑ nﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ،ورﺣﺖ أﻋﺪ ﺟﺮاﺋﻤﻬﻢ واﺿﻊ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ« ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟـﺜـﻮرة .ص .٣٥ -٣٤ )P.J.Vatikiotis, The Egyptian Army in Politics, pp.45- 46 (١٠٦ ) (١٠٧ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴـﻞ ،ص .٦١ -٦٠وﻳﻀﻴﻒ» :ﻛﺎن أﻛﺮم اﳊﻮراﻧﻲ ،اﻟﺰﻋﻴﻢ اﳊﻤﻮي )واﻟﺒﻌـﺜـﻲ( أﺣـﺪ اﻷواﺋﻞ ﻦ ﻋﺮﻓﻮا ﻛﻢ ﻫﻲ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻀﺒﺎط اﻟﻮاﻋ nﺳﻴﺎﺳﻴﺎً .وﻛﻢ ﻫﻲ ﺧﺼﺒﺔ »أرض« ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ qﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ;ﺒﺎدﺋﻪ «..ص .٦١
ﻫﻮاﻣﺶ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ:
) (١ﻟﻌﻞ أﻓﻀﻞ )وﺛﻴﻘﺔ( اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أدﺑﻴﺔ ﺗﺼﻮر ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺑﻌﻤﻖ وﻧﻔﺎذ إﻟﻰ اﻟﺼﻤﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ رواﻳﺔ ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،زﻗﺎق ا;ﺪق .١٩٤٧ × ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺒﺎﺣﺜ nاﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴ nاﻟﺬﻳﻦ ﺗﻔﻬـﻤـﻮا ﻫـﺬه اﻟـﻈـﺎﻫـﺮة W.C.Smithو ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘـﺎﺑـﺔ: Islam in Modern History,pp.85-89,”Apologestics”. )» (٢اﻧﺘﻬﺖ اﳊﺮب اﻟﻌﺎ;ﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮات ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ أﺟـﻤـﻊ .ﻫـﺰﻣـﺖ أ;ـﺎﻧـﻴـﺎ
193
واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ،وﻧﺎﻟﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت ا;ﺘﺤﺪة ﻣـﻜـﺎن ً وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ واﻟﻴﺎﺑﺎن ،وﺿﻌﻔﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻴـﺎﺳـﻴـﺎً اﻟﺴﻴﺎدة ﻓﻲ ﻣﻌﺴﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ ،وﺧﺮج اﻻﲢﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ ﻣﻦ اﳊـﺮب ﻗـﻮة دوﻟـﻴـﺔ ﻳـﻌـﻤـﻞ ﻟـﻬـﺎ ﺣـﺴـﺎب وﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻨﻔﻮذ ﺳﻴﺎﺳﻲ وﻣﻌﻨﻮي ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ دوره ﻓﻲ اﳊﺮب وﻣﻘﺎوﻣﺘﻪ اﻻﺣﺘﻼل اﻷ;ﺎﻧﻲ ،وﻇـﻬـﺮت ﻓﻲ أورﺑﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ دول اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ )أي اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ( .وﻣﻊ اﻧﺘﻬـﺎء اﳊـﺮب اﺷـﺘـﺪت ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤﺮر اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﺪول ا;ﺴﺘﻌﻤﺮة ..ﻓﺸﻤﻠﺖ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤـﺮر ﻣـﻌـﻈـﻢ ﺑـﻼد آﺳـﻴـﺎ واﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳﻂ ﺑﻜﺘﻠﻬﺎ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ«-اﻧﻈﺮ :ﻃﺎرق اﻟﺒﺸـﺮي ،اﳊـﺮﻛـﺔ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻣـﺼـﺮ -١٩٤٥ ،١٩٥٢ص .٧وﺳﻴﺒﺪأ دور أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ ا;ﻨﻄـﻘـﺔ ﻋـﺎم ١٩٤٧ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﻠﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺆوﻟـﻴـﺎﺗـﻬـﺎ اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ واﻟﻴﻮﻧﺎن .ﻋﻦ ا;ﺆﺛﺮات اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺧﻠـﻒ اﻟـﺴـﺘـﺎر اﻧـﻈـﺮCopeland, The Game of : Nation‘s London 1969 ) (٣ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ) .١٤ -١٢ﻃﺎرق اﻟﺒﺸﺮي( ). Walter Laqueur, Europe Since Hitler, pp. 41, 79, 157 (٤ ) (٥ﻛﺎن ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻦ دﻋﺎة »اﻟﻔﺎﺑﻴﺔ« اﳉﺎﻣﻌﺔ ﺑﺴﻢ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ وا;ﻨﺘﺰع اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ اﻟﺘﻄﻮري .و ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض» :ﻛﻨﺖ أﺗﺄرﺟﺢ ﺑ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ واﻟﺪzﻘﺮاﻃـﻴـﺔ ،ﻣـﺠـﺎﻫـﺪاً ﻟﺘﺤﻘﻴـﻖ ﺳﻼﻣﻲ اﻟﺮوﺣﻲ ﻓﻲ ﺻﻴﻐـﺔ ﺟـﺎﻣـﻌـﺔ Synthesisﻫﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ اﻟﺪzـﻘـﺮاﻃـﻴـﺔP.J.Vatikiotis, ed., .. Egypt Since Revolution, p.154 ) (٦اﻧﻈﺮ »اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ« ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ-اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺑ nاﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ. )» (٧ﻟﻜﻞ ﺷﻌﺐ ﻣﻦ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺛﻮرﺗﺎن :ﺛﻮرة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﺴﺘﺮد ﺑﻬﺎ ﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ... وﺛﻮرة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺗﺘﺼﺎرع ﻓﻴﻬﺎ ﻃﺒﻘﺎﺗﻪ ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻘﺮ اﻷﻣﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ..ﻟﻘﺪ ﺳﺒﻘﺘﻨـﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺒﺸﺮي ﺷﻌﻮب ﻣﺮت ﺑﺎﻟﺜﻮرﺗ ،nوﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺸﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎً ،وإ ﺎ ﻓﺼﻞ ﺑ اﻟﻮاﺣﺪة واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﻨ .nأﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﺎن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ اﻣﺘﺤـﻦ ﺑـﻬـﺎ ﺷـﻌـﺒـﻨـﺎ ﻫـﻲ أن ﺗـﻌـﻴـﺶ اﻟﺜﻮرﺗﺎن ﻣﻌﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ «..ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟـﺜـﻮرة ،ص .٢٦ -٢٥ ) (٨اﻧﻈﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ »اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ واﻷدب«. ) (٩ﻳﺮاﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ا;ﺜﺎل :د .ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺷﻬﺒﻨﺪر ،اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ اﻟـﻜـﺒـﺮى ﻓـﻲ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ﻓﻜﺮﻳﺎ ﻟﻼﲡﺎه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺸﻬﺒﻨﺪر ﻓﻲ :د .ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺣﻨـﺎ، ً اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة .١٩٣٦ ،راﺟﻊ ﻋﺮﺿـﺎً اﻻﲡﺎﻫﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ وﻟﺒﻨﺎن ،دﻣﺸﻖ ،١٩٧٣ص ٤١ -٣٣ ) (١٠أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ،وﺣﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﺠﻠﺪ ،٢ط ه ،ص ١ ) (١١اﻟﺰﻳﺎت ،ص ٩ ) (١٢ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ١٢ ) (١٣ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ١٦ )× (٢ﻫﻞ ﻫﻮ اﻗﺘﺮاب ﻋﻔﻮي ﺳﺖ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ا;ﺎدي ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ وﻣﻦ اﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ ،ﺑﺤﻜﻢ دﻻﻟﺔ اﻷوﺿﺎع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل» :واﳋﺼﻮﻣﺔ اﻷﺑﺪﻳﺔ ﺑ nاﻟﻨﺎس ﻫﻲ ا;ﺎدة« و »ﻛﻞ ﺛﻮرة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷ .. 6ﺖ ﺑﺴﺒﺐ إﻟﻰ اﳉﻮع«?? ) (١٤اﻟﺰﻳﺎت ،ص ٤١ ) (١٥ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ،ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼم واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ،ص .٥ -٣ )× Vandetta (٣أﻗﺮب ﻣﺮادف ﻋﺮﺑﻲ ﻟﻬﺎ »اﻟﺜﺄر« qﻔﻬﻮﻣﻪ اﻟﻘﺪ )اﻟﻌﺸﺎﺋﺮي(. ) (١٦ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء )ا;ﻘﺪﻣﺔ( ،ص ٣٠
194
) (١٧ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳـﻮرﻳـﺔ ،ص .٢٦ ) (١٨ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ ،ص .٦٢ ) (١٩ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ ،ص .٦٢ ) (٢٠ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ ،ص .٦٤ )× (٤ﻋﺎش اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺸﻬﺒﻨﺪر أﺛﻨﺎء اﺑﺘﻌﺎده ﻋﻦ ﺳﻮﻳﺎ ،ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﻣﻦ اﺷﻬﺮ ﻛﺘﺒﻪ )اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى(. ) (٢١ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ .ص .٤٦ -٤٥ ) (٢٢ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ،١٣٣اﻟﻬﺎﻣﺶ رﻗﻢ ).(١٦ ) (٢٣ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ،١٣٥اﻟﻬﺎﻣﺶ رﻗﻢ )(٢٠ )× (٥ﻫﺎﻧﻲ اﻟﻬﻨﺪي ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ ﺑ ﻣﺆﺳﺴﻲ ﺣﺮﻛﺔ )اﻟﻘﻮﻣﻴ nاﻟﻌﺮب( اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺮﻓﻊ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﺷﻌﺎرات ﻋﻨﻔﻴﺔ ﻛﻤﻔﻬﻮم »اﻟﺜﺄر« ﺿﻤﻦ ﻫﺪﻓﻬﺎ اﻟﺜﻼﺛﻲ :وﺣﺪة-ﲢﺮر-ﺛﺎر ) (٢٤ﻓﺈذا ﻛﺎن »اﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ«ﻳﻨﻄﻠﻖ ..ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻋﻦ »ﻧﻘﻄﺔ اﳋﻼف« ﻟﻴﺰﻳﺪ... ..ﻓﻲ ﺗﻮﺳﻴﻌﻬﺎ ،ﻓﺎن اﻹﺳﻼم ﻳﻨﻄﻠﻖ ..ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ 6ﺎﻣﺎ وذﻟﻚ ﺑﺘﻔﺘﻴﺸﻪ ﻋﻦ »ﻧﻘـﻄـﺔ اﻟـﻮﻓـﺎق« ﻟﻴﺰﻳﺪ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺳﻴﻌﻬﺎ-«..د .ﻣﻌﺮوف اﻟﺪواﻟﻴﺒﻲ ،ﻧﻈﺮات إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴـﺔ اﻟـﺜـﻮرﻳـﺔ ،ص .٩٨ ) (٢٥ﺗﻘﺮر ﻣﺒﺪأ أﻓﻀﻠﻴﺔ اﳊﻜﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدل ﻣﻊ وﺣﺪة اﳉﻤﺎﻋﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻮرة ا;ﺆدﻳـﺔ إﻟـﻰ »اﻟـﻔـﺘـﻨـﺔ« ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ذات ﻣﺒﺮرات ﻣﺸﺮوﻋﺔ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﺪى ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻐﺰاﻟﻲ واﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ. اﻧﻈﺮ(A. Hourani, Arabic Thought, pp.14,19) : ) (٢٦ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء )ا;ﻘـﺪﻣـﺔ( ،ص .١٠ )× (٦ﻫﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻦ اﻟﺒﻨﺎ ) (١٩٤٩ -١٩٠٦ا;ﺮﺷﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﻺﺧﻮان ا;ﺴﻠﻤ nوﻣﺆﺳﺲ اﳊﺮﻛﺔ. )× (٧إن اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ،واﳉﺎﻣﻌﺔ ا;ﺎﻧﻌﺔ ،ﺑﻬﺬا اﻟﻮﺿﻮح واﳊﺴﻢ 6ﺜﻞ ردة ﻓﻌﻞ ﺿﺪ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ »اﺨﻤﻟﺘﻠﻂ« اﻟﺬي ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓﻴﻪ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻏﺮﺑﻴﺔ وﻋﻨﺎﺻـﺮ إﺳـﻼﻣـﻴـﺔ .ﻛـﻤـﺎ إﻧـﻬـﺎ ﻧﻘﺾ ﻓﻜﺮي ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻟﺘﻴﺎر ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺮازق ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب »اﻹﺳﻼم وأﺻﻮل اﳊﻜﻢ«. )×» (٨ﻣﺨﺘﻠﻔﻲ اﻟﻨﺤﻞ وا;ﻠﻞ« ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺗﻌﺪد اﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺎت ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﺿﻤﻦ اﻻﲡﺎه اﻟـﻴـﺴـﺎري ﻓـﻲ ﻣﺼﺮ )وﻏﻴﺮﻫﺎ(. )× (٩ﻧﻼﺣﻆ ﻟﺪى اﳉﺎﻧﺒ nاﻟﺴﻠﻔﻲ وا;ﺎرﻛﺴﻲ ،ﻣﻴﻼ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ ذات اﻟﺒﻌﺪ »ا;ﻄﻠﻖ« اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ إﺻﻼح ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ ﺑﻞ ﺗﺨﺎﻃﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ .إن ﻫﺬه اﻟﻨﺰﻋﺔ »ا;ﻄﻠﻘﺔ« دﻟﻴﻞ.. ...ﺗﺼﻠﺐ و6ﺴﻚ ﺷﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮة ﻳﺒﻠﻎ ﺣﺪ اﻟﺘﻌﺼﺐ .إذ ﻛﻠﻤﺎ اﻗﺘﺮب اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺗﺼﻮر »ا;ﻄﻠـﻖ« ﻓﻲ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ازداد ﺗﻌﺼﺒﺎ ﻟﻬﺎ وﻧﻘﺺ اﺳﺘﻌﺪاده ﻟﻠﺘﻔﺎﻫﻢ ﻣﻊ »اﻟﺮأي اﻵﺧﺮ«وﻣﻦ ﻫﻨـﺎ ﻳـﺘـﻮﻟـﺪ اﻟـﻌـﻨـﻒ واﻻﻧﺸﻄﺎر. )× (١٠إن »اﳋﻮف« ﻣﻦ أن ﺗُﺮﻣﻲ اﳊﺮﻛﺔ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﺑـ »اﻹﳊﺎد أو اﻟﻜﻔﺮ« ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻴﺤﻮل دون ﻃﺮح اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﻮﺿﻮح وﲢﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﺣﺰاب اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﳊﺮﺑﻴﺔ ،وﺳﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﻴﻐﺔ وﻓﺎق ﺑ» nاﻹﺳﻼم اﻟﺜﻮري« وا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ-اﻟﻠﻴﻨﻴﻨﻴﺔ.. ً ً ﺷﻴﺌﺎ )× (١١وﻫﺬا اﻟﺘﻌﻠﻴﻞ اﻟﺬي ﺳﻴﻔﻠﺴﻒ ﺑﻪ ا;ﺎرﻛﺴﻴﻮن اﻟﻌﺮب وﺿﻌﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻴﺠﻌﻠﻬﻢ أﻗﻞ ﻗﺪرة ﻣﻦ رﻓﺎﻗﻬﻢ اﻷ ﻴ nﻋﻠﻰ ﺣﺴﻢ ا;ﺴﺄﻟﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﻔﻜﺮ ﻗﺎﻃﻊ. )× (١٢ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺳﻴﻜﺘﺐ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ،ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻔﻜﺮي اﻹﺧﻮان» :ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼم واﻟﺮأﺳﻤـﺎﻟـﻴـﺔ«
195
اﻹﺳﻼم واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ) (٢٧اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،ص ٣٥٤ -٣٥٠ )-(٢٨ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎ;ﻼﺣﻈﺔ أن »اﻟﻨﺒﺮة« ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﲢﻮﻟﺖ ﺑﻌﺪ اﺷﺘﺪاد اﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﻫﺠﻮم ﻋﻠﻰ ا;ﺘﺮﻓ nوﻻ ﻣﺒﺎﻻﺗﻬﻢ إﻟﻰ ﲢﺬﻳﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ وﺳﻮءاﺗﻬﺎ ،إذ ﺷﻌﺮ أﺻﺤﺎب اﻻﲡﺎه اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑﺨﻄﻮرة اﻻﺧﺘﻼل ..ﻓﻄﻔﻘﻮا ﻳﺆﻛﺪون ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑـ »اﻟﻌﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ« اﻷﺻﻠـﻲ و ﻳـﻠـﺤّﻮن ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة إﺻﻼﺣﻪ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ،ﻷﻧﺴﻔﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس .ﻛﺘﺐ ا;ﺆرخ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮاﻓﻌـﻲ ﻣـﻦ وﺟـﻬـﺔ اﻟﺮوح اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ا;ﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹﺳﻼم ...»:ﻫـﻨـﺎ )ﺳـﻨـﺔ (١٩٤٨أرى واﺟﺒﺎً أن أوﺟﻪ اﻟﻨﺼﺢ إﻟﻰ اﻟﺸـﺒـﺎب ا;ﺜﻘﻒ أﻻ ﻳﺘﻮرﻃﻮا ﻓﻲ اﻋﺘﻨﺎق اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺸﻴﻮﻋﻴـﺔ اﻟـﻬـﺪاﻣـﺔ ﲢـﺖ ﺗـﺄﺛـﻴـﺮ اﻟـﻮﻫـﻢ ﺑـﺄﻧـﻬـﺎ اﻟﺴﺒﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻟﺒﻼد اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً.. واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت إ ﺎ ﻳﻨﺸﺮﻫﺎ دﻋﺎة ﻣﻐﺮﺿﻮن ﻳﺮﻣﻮن-إﻟﻰ ﻫﺪم اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ً ... واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻓﺔ وإﺛﺎرة اﳊﺮب ﺑ nﻃﺒﻘﺎت اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ،وﻟﻴﺲ ﻫﺬا اﻟﻬﺪم ﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴﻞ إﻟﻰ زﻳﺎدة ﺛﺮوة اﻟﺒﻼد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،وﻻ إﻟﻰ ﲢﻘﻴﻖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-«...ﻋـﺒـﺪ اﻟـﺮﺣـﻤـﻦ اﻟـﺮاﻓـﻌـﻲ ،ﻓـﻲ أﻋـﻘـﺎب اﻟﺜﻮرة ،ج ،٢ص .٣١٩ -٣١٨ وﻳﺮﺑﻂ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﺰﻳﺎت ،اﻟﺬﻛﺮ رأﻳﻨﺎه ﻋﻨـﻴـﻔـﺎً ﺿﺪ ا;ﺘﺮﻓ ،nﺑ nاﻟﺪﻋﻮة اﻟﺸﻴﻮﻋﻴـﺔ واﻟـﺪﻋـﻮات اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ 6ﺰﻳﻖ ﺗﻴﺎر أﻣﺎم اﻟﺴﻨﺔ واﳉﻤﺎﻋﺔ أﺳﺎس وﺣﺪة اﻷﻣﺔ :ﺑﺬر ﻫﺬه اﻟـﺒـﺬرة ﻓـﻲ اﻟﺸﺮق اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﺑﻚ اﳋﺮﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻬﺠﺮة ..وﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟـﻌـﺼـﺮ اﳊـﺪﻳـﺚ ﲡـﺪدت ا;ﺰدﻛﻴﺔ واﻟﺒﺎﺑﻜﻴﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ واﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ،ﻓﻘﺎﻣﺘﺎ ﺗﺪﻋﻮان ﺑﺎﺳﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ اﻹﳊﺎد واﻹﺑﺎﺣﻴﺔ ﺳﺮا وﻋﻼﻧﻴﺔ ...ﻳﺰﻋﻢ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن اﻧﻬﻢ أﻋﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺑﺄﺣﻮال ﺧﻠﻘﻪ واﻋﺪل ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﻴﻢ رزﻗﻪ.. ً ﻟﻴﺴﺖ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻋﻘﻴﺪة ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﳋﻴﺮ ،إ ﺎ ﻫﻲ أﻃﻤﺎع ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺸﻴﻄﺎن وﺳﻮس ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﺪر ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﻐﺎﻣﺮي اﻟﺮوس«-اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ١٣ﻣﺎرس .١٩٥٠وﻫﻜﺬا ﻓﺎ;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﺗﻨﻘﺪ qﻘﻴﺎس إﺳﻼﻣﻲ ﲡﺪﻳﺪا ﻟﻠﻤﺰدﻛﻴﺔ واﻟﺒﺎﺑﻜﻴﺔ ً وﻻ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﻨﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ .وا;ﻐﺰى أﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ ﺑﻮﺣﺪة أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﳉﻤﺎﻋﺔ اﺗﺒﺎﻋﺎً ﻷﺻﻮل اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳊﻖ .ﻟﻜﻦ اﻟﺰﻳﺎت ﻳﻌﺘﺮف ﺑﺎن اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻮﺿﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻴﻨﺸﺮ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ» :..اﻧﻚ ﺗﻌﺎرض اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻷن ﻟﻚ ﻧﺼﻒ ﻓﺪان ،ﻓﺄﻣﺎ اﻷﺟﻴﺮ اﻟﺬي ﻻ zﻠﻚ ﻣﻦ دﻧﻴﺎﻛﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻔﺄس ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻌﺎرﺿﻬﺎ وﻫﻮ ﻻ ﻳﺘﺼﻮر أن ﻳﻨﻘﻠﺐ إﻟﻰ ﺣﺎل أدﻧﻰ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳊﺎل? ﻳﺎ أﺧﻲ ﻣﻠﻜّﻮﻧﺎ 6ﻠﻜﻮﻧﺎ!« )اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ٢٧ﻣﺎرس .(١٩٥٠ وﻛﺎن ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات و ﻳﺴﺘﺜﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ اﻟﻨﻘﻴﺾ ،ﺑﺮوز ﺗﻴﺎر ﻣﺎرﻛﺴﻲ ﻳﺴﺎريواﺿﺢ ﺑﻌﺪ اﳊﺮب أﺧﺬ ﻳﻄﺮح ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ«.. ...ﻣﻔﻬﻮﻣـﺎً ﻣﺴﺘـﻘـﻼً ﻋﻦ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ ،وﺣﺘﻰ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﻄﺒﻘـﺔ اﻟـﻮﺳـﻄـﻰ ،ﺑـﻞ ﻳـﺪﻳـﻦ ﻫـﺬهاﻟﻄﺒﻘﺔ وﻳﺴﺘﻌﺪﻳﻬﺎ ..» :ﻇﻬﺮ ﻓﻲ اﳉﺰء اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻓﺘﺮة ﺑ nاﳊﺮﺑ nﻃﺒﻘﺘﺎن ﺟﺪﻳﺪﺗﺎن ،ﻫﻤﺎ ﻃﺒﻘﺔ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺼﻨﺎﻋﻴ ...nوﻃﺒﻘﺔ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺰراﻋﻴ ...nوﻗﺪ ﺗﺮﻛﺖ اﻟﻈﺮوف اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ...ﺗﺄﺛﻴـﺮاً ﻋﻈﻴﻤـﺎً ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻈﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ )اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ( ووﻋﻴﻬﺎ اﻟﻄﺒﻘﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻓﺄﻧﺸﺄت ﻣﻨﻈﻤﺎﺗـﻬـﺎ اﻟـﻄـﺒـﻘـﻴـﺔ اﻷوﻟـﻰ ﻗﻮﻳﺎ دﻋﺎ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺮدد» .ﻓﺎﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ ﻻ وﻫﻰ اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت ،واﻟﺘﻔﺖ ﺣﻮﻟﻬﺎ اﻟﺘﻔﺎﻓﺎً ً ﺗﻌﻮد ﺛﻮرﻳﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﻤﻠﺖ اﻟﺒﺮوﻟﻴﺘﺎرﻳﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻨﻬﺎ« )ﻛﺎوﺗﺴﻜﻲ( .واﻟﺒﺮﺟﻮازﻳﺔ ا;ﺼﺮﻳﺔ ﲡﺪ أﻣﺎﻣﻬـﺎ ﻗﻮة ﻛﺒﻴﺮة ﺗﻨﺎﻫﺾ ﻣﺼﺎﳊﻬﺎ اﳋﺎﺻﺔ ...وﻟﺬﻟﻚ اﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟﻰ أﻳﺪي اﻟﻄـﺒـﻘـﺔ اﻟـﻌـﺎﻣـﻠـﺔ راﻳـﺔ اﻟـﻜـﻔـﺎح اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻵن« وﺳﺘﺤﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة ﺻﺤﻴﻔﺔ »اﻟﻔﺠﺮ اﳉﺪﻳﺪ« ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻟﺮﺷﺪي ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻨﺬ ١٩٤٥ )اﻧﻈﺮ :أﺣﻤﺪ ﺻﺎدق ﺳﻌﺪ ،ﺻﻔﺤﺎت ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر ا;ﺼﺮي ،ص .(١٨٢ )× (١٣ﻳﺤﻔﻞ اﻟﺘﺮاث ا;ﺸﺘﺮك ;ﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮق اﻷدﻧﻰ ﺑﻌـﻨـﺎﺻـﺮ ﻛـﺜـﻴـﺮة ﻣـﻀـﺎدة ﻟـﻠـﻌـﻨـﻒ .ﻓـﺈذا ﻛـﺎﻧـﺖ
196
ا;ﺴﻴﺤﻴﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ »اﶈﺒﺔ« ،ﻓﺎن اﻹﺳﻼم ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ »اﻟﺮﺣﻤﺔ« ،وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻟـﻠـﺠـﻬـﺎد ﺿﺪ اﻟﺸﺮك ،ﻓﺈذا ﲢﺬّر ﻣﻦ اﻻﻧﻘﺴﺎم اﻟﺪﻣﻮي داﺧﻞ إﻃﺎر »اﳉﻤﺎﻋﺔ« وﺗﻌﺘﺒﺮه ﻣﺮادﻓﺎً ﻟﻠﺸﺮك ورqﺎ ﻓﻀﻠﺖ ﺑﻘﺎء اﳊﻜﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدل ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث اﻟﻔﺘﻨﺔ .أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳉﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻟﻺﻗﻠﻴﻢ ﻻ ﺗﺴﺎﻋﺪ-ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ-ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻋﻨﻴﻔـﺔ .وأﻳـﺎً ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ،ﻓﺎن إﺣﺠﺎم ﺷﻌﻮب ﻫﺬه ا;ﻨﻄﻘﺔ ﻋـﻦ ﺔ-ﻗﻴﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ-ﻳﺤﺘﺎج ﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ. ً اﻟﺘﺤﻮّﻻت اﳉﺬرﻳﺔ اﻟﻌُﻨﻔﻴّ ) (٢٩ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ،اﻟﻌﻨﻘﺎء )ا;ﻘـﺪﻣـﺔ( ،ص .٣٢ -٣١ ) (٣٠ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ٢٤ ) (٣١ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ٢٥ ) (٣٢ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ٢٥ )× (١٤إن اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺑ nأي ﻣﻨﻬﺠ nﻣﺘﻌﺎرﺿـ nﻫـﻲ »ا;ـﻨـﻬـﺞ اﻟـﺜـﺎﻟـﺚ« ،وﺳـﺘُﻄﺮح ﻓﻌـﻼً» :اﻟﻨﻈـﺮﻳـﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ«! )× (١٥ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻴﻀﺎء« اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻋﻦ اﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻗﺾ .ﻓﺎﻟﺜﻮرة ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻌﻨﻔﻲ اﻟﻘﺴﺮي و»اﻟﺒﻴﻀﺎء« ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﺘﺰام اﻟﻼﻋﻨﻒ .واﻟﺜﻮرة ا;ﺼﺮﻳﺔ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﺒﻘﻰ ﺑﻴﻀﺎء- إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ-ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﺬ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﳉﺬري ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﺠﻤﻟﺘﻤﻌﻴﺔ واﳊﻀﺎرﻳﺔ ،واﻛﺘﻔـﺖ ﺑـﺎﻟـﺘـﻐـﻴـﻴـﺮ اﻟﻔﻮﻗﻲ .وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ﻓﻤﻔﻬﻮم »اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻴﻀﺎء« ﻣﻦ ﻫﺬه ا;ﻔﻬﻮﻣﺎت اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺸﻐﻞ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ .إﻧﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺔ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﻼﻋﻨﻒ ،وﻓﻜﺮة اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﻊ ﲡﻨﺐ آﻻم اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ. ) (٣٣ا;ﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص ٣٧-٣٦ ) (٣٤ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﻟﺪ ،ﻫﺬا ..أو اﻟﻄﻮﻓﺎن ،ط ،٥ص ٤٠-٣٩ )× (١٦إن اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎن ﺛﻮرة ٢٣ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ »ﺣﺎﺳﻤﺔ« ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻔﻬﺎ zﻜﻦ أن ﻳﺠﺪ ـﺴﺮة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ا;ﺸﻔﻘﺔ ﻣﻦ ﺻﺮاﻣﺔ »اﻟﻌﻨﻒ« وﺑﺘﺮه أﺣﺪ اﻟﺘﻌﻠﻴـﻼت ا;ـﻔ ّ ﻟﺬﻟﻚ. )× (١٧ﻛﺎن »ﺣﺮﻳﻖ ا;ﺎﻫﺮة« ﻓﻲ ٢٦ﻳﻨﺎﻳﺮ -١٩٥٢أﻳﺎ ﻛﺎن ﻣﺴﺒﺒﻮه وأﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻼﺑﺴﺎﺗﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ-اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺼﺎرخ ﻟﻮﺻﻮل »اﻧﺸﻄﺎر اﻟﻌﻨﻒ« إﻟﻰ أﻗﺼﻰ درﺟـﺎت اﳋـﻄـﺮ ،وﻛـﺎﻧـﺖ »اﻟـﺜـﻮرة« ﻓـﻲ ٢٣/٢٦ﻳﻮﻟﻴـﻮ -١٩٥٢ﺑﻌﺪ ﺳﺘـﺔ أﺷـﻬـﺮ اﳉـﻮاب اﳊـﺎﺳـﻢ ا;ـﻌ ّـﺒﺮ ﻋﻦ ﺿﺮورة إﻋـﺎدة »اﻟـﻨـﻈـﺎم« وإرﺟـﺎع »اﻟـﺘـﻮاﻓـﻖ« ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ا;ﻨﺸﻄﺮ اﻟﺬي ﻓﺴّﺨﺘﻪ »اﻟﻔﻮﺿﻰ« وﺷﺘﺘﻪ »اﻟﻌﻨﻒ«.. ) (٣٥ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟـﺜـﻮرة ،ص .٤٠-٣٩ ) (٣٦د .أﻧﻮر ﻋﺒﺪ ا;ﻠﻚ ،اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ا;ﺼﺮي واﳉﻴﺶ ،دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﺑـﻴـﺮوت ،ص ،٩٤ ) (٣٧إن ﺗﻴﺎر »ﻳﺴﺎر اﻟﻮﻓﺪ« اﳉﺎﻣﻊ ﺑ nا;ﻄﻠﺒ :nاﳊﺮﻳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ واﻟـﺬي ﺳﻴﺠﺘﻤﻊ ﺣﻮﻟﻪ ﲡﻤﻊ ﻋﺮﻳﺾ ﻣﻦ ا;ﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟﺸﺒﺎب ﻣﺜﻞ ﳒﻴﺐ.. ...ﻣﺤﻔﻮظ وﻣﺤﻤﺪ ﻣﻨﺪور وﻋﺰﻳﺰ ﻓﻬﻤﻲ وﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﺳﻴﺼﺐ-ﺑﻌﺪ اﻧـﻬـﻴـﺎر اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـﻘـﺪ -ﻓـﻲ ﻣﺠﺮى اﻟﺜﻮرة وﻳﺼﺒﺢ راﻓﺪﻫﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ .أي أن ﻫﺬا اﻻﲡﺎه اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑﻌﺪ أن اﺧﻔﻖ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،ﳉﺄ إﻟﻰ أﺳـﻠـﻮب آﺧـﺮ وﻏـﻴـﺮ زﻳﻪ ،وان ﻟﻢ ﻳﻐﻴﺮ ﺟﻮﻫﺮه .وﻣﺎ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻗﺴﺮي اﺿﻄـﺮاري ﻋـﻦ ﻗـﻮﺗـﻪ ّ وﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻪ .وإذا ﻣﺎ ﺑﺪت أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ وﻛﺄﻧـﻬـﺎ إﺟـﻬـﺎض ﻟـﻪ أو ﻧـﻘـﻴـﺾ ﻓـﻤـﺎ ذﻟـﻚ إﻻ ﻣـﻦ ﺑـﺎب اﺧﺘﻼف اﻟﺸﺒﻪ ﺑ nاﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﻟﺪ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ وﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺼﻠﺔ ﻗﺮﺑﻰ وراﺛﻴﺔ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻷول وﻫﻠﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﳉﻠﺪ .وﻣﻦ دﻻﺋﻞ ذﻟﻚ إن ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺜﻮرة ﻟﻦ ﻳﺘﺠﻪ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻧﺎدرة ﺿﺪ اﳊﺮﻛﺔ اﻷم
197
اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ ﺑﻘﺪر اﲡﺎﻫﻪ ﺿﺪ اﻟﻨﻘﻴﻀ nاﳋﺼﻤ .nﻓﻲ »اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ« ﻳﺼﺮح ﳒﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ إن اﻟﻮﻓﺪ »ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪء« ﻧﺤﻮ »ا;ﺮﺣﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة«) ..اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،ط ،٦ص(١٠٨ -١٠٧ وﻓﻲ »اﻟﺴﻤﺎن واﳋـﺮﻳـﻒ« ﻋـﺎم ١٩٦٢ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻮﻓﺪﻳ nﺑـﺎﻟـﺜـﻮرة ﺳـﻠـﺒـﺎً وإﻳﺠﺎﺑﺎ ﺛﻢ ﻳﻮﻣـﺊ ﻧـﺤـﻮ ﻣﺮاﻓﻘﻪ اﻟﻮﻓﺪي اﻟﺸﺎب اﳊﺎﻣﻞ ﺑﻴﺴﺮاه وردة ﺣﻤﺮاء أﻣﻼ ﻓﻲ ﻣﺮاﻓﻘﺔ ﻋﻮدة »ﻳﺴﺎر اﻟﻮﻓﺪ« ﻻﺳﺘﻼم ﻣﺴﻴﺮة اﻟﺜﻮرة ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺄﻣﻮﻻ ﻟﺪى ﻫﺬا اﳉﻴﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ)-راﺟﻊ أﻳﻀﺎ ﺷﻬﺎدة ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ( .ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻹ;ﺎح إﻟﻰ أن اﻟﺜﻮرة ﺳﺘﻌ ّـﺒﺮ أﻳﻀﺎً ﻋﻦ اﲡﺎه اﻟﺒﻌﺚ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق-اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺎﺛﻞ ﻣﻊ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺎ .ﻟﻬﺬا ﺳﻴﺘﻢ اﻟﻠﻘﺎء ﺑ nاﻟﺜﻮرة اﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ واﻟﺒﻌﺚ ً ﻳﺴﺎر اﻟﻮﻓﺪ ﻓﻜﺮﻳﺎ-وﻳﻌﺘﺒﺮ اﲡﺎﻫﺎ وﺳﻄﻴـﺎً ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻫﺎﻣﺔ وﺧﺼﺒﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة. ) (٣٨ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺪﻻﻻت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻻﻏﺘﻴﺎﻻت واﻻﻧﻔﺠﺎرات اﻟﻌﻨﻔﻴﺔ ﻓﻲ :ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺳﻴﻞ ،اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ. ) (٣٩ﺳﻴﺸﻬﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ اﳊـﺰﺑـﻲ اﻟـﻌـﺮﺑـﻲ ﺟـﺪﻻً دﻗﻴﻘـﺎً وﺣﺴﺎﺳـﺎً ﺣﻮل ﻣﺎ إذا ﺟﺎءت اﻟـﺜـﻮرة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﺘﺠﻬﺾ اﻟﺜﻮرة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻃﻮر اﻻﺧﺘﻤﺎر-ﺑﺈﻳﺤﺎء ﻣﻦ ﻗﻮى دوﻟﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺣﺪوث اﻟﺜﻮرة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ »اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ« ﻣﻊ اﻟـﻌـﺴـﻜـﺮﻳـ nو »ﺗـﻮﺟـﻴـﻬـﻬـﻢ«-أم إﻧـﻬـﺎ ﺣـﺪﺛـﺖ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ا;ﻄﺎﻟﺐ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن اﺗﻀﺢ ﻋﺠﺰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت واﻷﺣﺰاب ﻋﻦ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺪ . راﺟﻊ ﻮذﺟﺎً ﻟﻼﺗﻬﺎم ﺻﺎدر ﻣﻦ ﻃﺮف ﻣﺎرﻛﺴﻲ ﻣﺘﻄﺮف ﻓﻲ :ﻣﺤﻤﻮد ﺣﺴ) ﻫﻮ ﻳﻬـﻮدي واﺳـﻤـﻪ اﳊﻘﻴﻘﻲ أدى ﻣﺰاﻳﺪ( اﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ص ،١٠٣واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ وﺟﺎﻫﺔ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ )اﻟﻨﺎﺻﺮﻳﺔ( ﻓﻲ :ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،١٩٧١ﻋﺪد )ﺧﺎص ﻋﻦ اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ﺳـﻨـﺔ ،١٥ص .٣٢ -٢٤وإذا ﺻﺢ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎه ﻣـﻦ ﲢـﻠـﻴـﻞ ﻓـﺈن اﻟـﺘـﺤـﺮك اﻻﻧـﻘـﻼﺑـﻲ اﻟـﻌـﺴـﻜـﺮي ﻛـﺎن ﺿﺮورﻳﺎ-ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﻋﺠﺰ اﻷﺣﺰاب-وﻷﻧﻪ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ »اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ« وﻣﻮاﺟﻬﺔ »ﻓﻮﺿﻰ« اﻟﻌـﻨـﻒ ً »ﺑﻨﻈﺎم« ﻗﻮي ﻏﻴﺮ إن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻨﻔﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳ nواﻷﺣﺰاب ﻣﻌﺎً M. Copeland, The Game of Nation‘s, London ١٩٦٩ وﺿﺒﺎﻃﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻓﻪ وأن ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ً )» (٤٠أن اﳊﺰب اﻟﺜﻮري إذا اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﻨﻈﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳ nﺟﻨﻮداً ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺜﻘﻴﻒ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﺴـﻴـﺎﺳـﻲ ..ﺟـﺰءاً ﻣﻨﻪ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺤﻞ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟـﻘـﺎﺋـﻢ ﺑـn ﻗﺪرة اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ إﳒﺎز اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ وﺑ nﺣﺎﺟﺔ اﻟﺜﻮرة إﻟﻰ اﳊﺰب اﻟﺜﻮري ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻛﺎﻣـﻞ أﻫﺪاﻓﻬﺎ« وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ »ﺗﻼﺣﻢ ﺗﺎم ﺑ nاﻟﻔﺼﺎﺋﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ا;ﺪﻧﻴﺔ« أﻣﺎ إذا اﺳﺘﻤﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن »ﻗﻮﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺻﻔﺘﻬﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ وﻣﻦ وﺟﻮدﻫﻢ ﻋﻠﻰ رأس ﻗﻄﺎﻋﺎت اﳉﻴﺶ )ﻓـﺎﻧـﻬـﻢ( ﻟـﻦ ﻳﻔﺮﺿﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻃﻐﺎة ﻋﻠﻰ اﳊﺰب ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺳﻴﺘﺤﻮﻟﻮن ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟﻰ ﻃﻐﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺐ«-اﻧﻈﺮ: ﻃﺎرق ﻋﺰﻳﺰ »اﳉﻴﺶ وﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« ﻣﺠﻠﺔ ا;ﻌﺮﻓﺔ )دﻣﺸﻖ( ،ﻋﺪد ،١٠١ﻳﻮﻟﻴﻮ ،١٩٧٠ص .١٥٢ -١٥١
ﻫﻮاﻣﺶ اﳋﺎﲤﺔ:
) (١أﻧﻮر اﳉﻨﺪي ،ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ ،اﻟﻘـﺎﻫـﺮة ،١٩٦٤ ،ص .١٧ -١٦ ) (٢أﻣﻴﺮ اﺳﻜﻨﺪر» ،ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻌﺎﺻﺮ« ،ﻣﺠـﻠـﺔ )آﻓـﺎق ﻋـﺮﺑـﻴـﺔ(-ﺑـﻐـﺪاد، اﻟﻌـﺪد ،٢ﺗﺸﺮﻳـﻦ أول ،١٩٧٥ص .٦٥ ) (٣ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ ،اﻟﺘﻌﺎدﻟﻴﺔ :ﻣﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة واﻟﻔﻦ ،اﻟﻘـﺎﻫـﺮة ،١٩٥٥ ،ص .١١ ) (٤ا;ﺼﺪر اﻟﺴـﺎﺑـﻖ ،ص .١٧
198
) (٥ﺗﻮﻓﻴﻖ اﳊﻜﻴﻢ» ،ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓـﻜـﺮﻳـﺔ« ،ﻣـﺠـﻠـﺔ ﺣـﻮار ،ﺳـﻨـﺔ ،٣ﻋﺪد ،٣آذار-ﻧﻴـﺴـﺎن ١٩٦٥ص .٣٦إن اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ ﺳﻴﻌﻮد اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ إﻟﻰ وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺑ» nاﳊﺮﻳﺔ« اﻟﻔﺮدﻳﺔ و»ا;ﺴﺆوﻟﻴﺔ« اﳉﻤﺎﻋﻴﺔ وﺳﺘﻤﺜﻞ اﻟﻄﻮﻳﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮة ا;ﺰدوﺟﺔ :اﻟﺪzﻘﺮاﻃﻴﺔ-اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﺔ× . اﻟﻘﻮل إن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ »ﻣﻮﻟﻊ« ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،ﻳﺤﺘﻢ ﻋـﻠـﻤـﻴـﺎً وﻣﻮﺿﻮﻋﻴـﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﺣـﺚ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻲ أﺳﺒﺎب ﻫﺬا »اﻟﻮﻟﻊ« وﺟﺬوره اﳊﻀﺎرﻳﺔ واﺠﻤﻟﺘﻤﻌﻴﺔ ،ﻗﺒﻞ إﺻﺪار أﺣﻜﺎم ﻣﺘﻌﺠﻠﺔ وﻛﺎﺳﺤﺔ. )×» (٢ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﶈﺎوﻻت ﻓﺎﺷﻠﺔ داﺋﻤﺎً ﻓﻲ ا;ﺎﺿﻲ« ﻳﻌﻨﻲ إذا أﺧﺬﻧﺎه ﻣﺄﺧﺬ اﳉﺪ إن اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ اﻟﺬي ﺳﺮى ﺑ nاﻟﺘﺮاث اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ واﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺒﺮاﻧﻲ ا;ﺴﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺟـﺬور اﳊـﻀـﺎرة اﻷورﺑﻴﺔ ﻛﺎن ﻓﺎﺷﻼً .وان اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﺖ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻬﻠﻨﺴﺘﻲ ،اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﳊﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎن ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ .وان ﻇﺎﻫﺮة ا;ﻌﺘﺰﻟﺔ واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ا;ﺴﻠﻤ ،nواﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ا;ﻄﻌﻢ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ، ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ! ً ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﶈﺎوﻟﺔ وﻛﺎن ﺧﻄﺎً ) (٦د .ﺻﺎدق ﺟﻼل اﻟﻌﻈﻢ ،ﻧﻘﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ ،دار اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﺑـﻴـﺮوت ،ص .٣٢-٣١ اﻟﺘﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﻘﻮﻣﺎﺗﻪ ،ط ،٢ص ،١٢-١٠وإن ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺾ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ) (٧ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ،ﺧﺼﺎﺋﺺ ّ ﻣﻦ اﳉﺎﻧﺒ ،nاﻟﺴﻠﻔﻲ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء ،ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ أﺻﺤﺎب اﻻﲡﺎﻫ nﻣﻦ ﺿﻐﻂ ﻗﻮي ووﺟﻮد ﻣﺆﺛﺮ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻔﻜﺮ .ﻛﻤﺎ إن ﺣﺮص ﻛﻞ ﻣﻦ ﺻﺎدق اﻟﻌﻈﻢ وﺳﻴـﺪ ﻗـﻄـﺐ ﻋﻠﻰ »ﻧﻘﺪ« اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ-ﻓﻜـﺮة وﻣـﻨـﻬـﺠـﺎً-ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﺒﺤﺜﻪ اﻟﻔﻜﺮي دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻬـﺎ »اﻟـﻨـﻬـﺞ« اﻟـﺴـﺎﺋـﺪ ا;ﺴﻠﻢ ﺑﻪ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻳﻨﻘﺾ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺨﺬ اﺠﻤﻟﺘﻤﻊ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﳊﺎﺳﻤﺔ ا;ﻄﻠﻮﺑﺔ .وﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ إن اﻟﻌﻈﻢ ﻳﻀﻊ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﻓﻲ ﻋﺪاد اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴ) nﻛـﺘـﺎﺑـﻪ ص (٤٢وﻟﻜﻦ ﻫﺎﻧﺤﻦ ﻧﺮاه ﻳﺒﺮأ إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻣـﻦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ.
ﻫﻮاﻣﺶ اﳌﻠﺤﻖ:
× ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ إن ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ اﻟﺸﻜﻴّﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﺛﻼﺛ nﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة أﺻﻴﻠﺔ ﻋﻘﻠﻴﺎ واﺳﺘﻌﺮاﺿﻴﺔ ﻛﻼﻣﻴﺔ .وﻫﺬه »اﻋﺘﺬارﻳﻪ« ﻻ داﻋﻲ ﻟﻬﺎ. ً ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ زﻫﻮاً وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺆﻛﺪ »ﺗﻮﺑﺘﻪ« ﺑﺈﺳﻘﺎط أﺻﺎﻟﺔ ﲡﺮﺑﺘﻪ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﳒﺪ ﺣﺠﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﺸﻜﻴﺔ ﺑﺠﺪﻳﺔ وﺻﺪق و ﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﺨﻠﺼﺔ ﳋﺎ6ﺔ أرﻓﻊ وأﻋﻤﻖ. )× (٢ﻫﺬه ا;ﻌﺎﻧﺎة ﻛﻠﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻔﻬﺎ ﻫﻮ ذاﺗﻪ ﺑﻬﺬا اﻻﻣﺘﺪاد واﻟﻜﺜﺎﻓﺔ ،ﻛﻴﻒ أﺳﻘﻄﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻘﻮﻟـﻪ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد زﻫﻮ ﻋﻘﻠﻲ وﺑﺮاﻋﺔ ﻛﻼﻣﻴﺔ .وﻫﻞ اﻟﻌﻮدة ﻟﻺzﺎن ﲢﺘﻢ إداﻧـﺔ ﻃـﺮﻳـﻖ ا;ـﻌـﺎﻧـﺎة اﻟـﺼـﺎدﻗـﺔ ا;ﺆدﻳﺔ إﻟﻴﻪ? )× (٣وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،وﺗﺘﻢ اﻟﻌﻮدة ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ .و ﻳﻜﺮر ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد ﻓﻲ ﻋﺎم ١٩٧٠ﻣﺎ أﻛﺪه ﻛﻞ ﻓﻲ ﻋﺎم ،١٩٣٣ﺑﻌﺪ ﲡﺮﺑﺔ ﺷﻜﻴﺔ ﺎﺛﻠﺔ. )× (٤إن اﳋﺼﺎﺋﺺ اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻘﻴﺔ ﺗﻌﻮد ﻟﺘﺆﻛﺪ ذاﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ .ﻓﺎﻟﺜـﻨـﺎﺋـﻴـﺔ اﻟـﻨـﺴـﺒـﻴـﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ ﺗﺘﻀﺢ ﻓﻲ ﺑﻘﺎء »اﻻﺛﻨ «nﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﻤﺎ ﻣﻊ ﺗﺼﺮﻓﻬﻤﺎ »ﻋﻠﻰ اﻧﻬﻤﺎ واﺣﺪ« .واﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﲢﻞ ﻇﺎﻫﺮا ﻣﺤﻞ اﻟﺼﺮاع )اﻟﺘﻮﺗﺮ اﳋﻔﻲ( ،واﻟﺘﻮازن ﻳﻘﻮم ﺑ nاﻟﺮوح واﳉﺴﺪ ،واﻟﻨﻘﻴﻀﺎن ﻳﺘﻮﺣﺪان دون ً واﺣﺪا ،ودون أن ﻳﻈﻼ ﺿﺪﻳﻦ. ً أن ﻳﺼﺒﺤﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﻳﻮﺟﻬﻪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد إﻟﻰ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻴﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﳉﻤﻊ ﺑn )× (٥إن ﻫﺬا اﻻﻧﺘﻘﺎد اﻟﺬي ّ ا;ﺘﻨﺎﻗﻀﺎت zﻜﻦ أن ُﻳﻮﺟﻪ إﻟﻴﻪ واﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺴﺎوﻳﺔ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻣﺼﻄﻔﻰ
199
ﻣﺤﻤﻮد ﻗﺪ رﻓﺾ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ وﻣﺎدﻳﺘﻬﺎ اﳉﺪﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺑﺘﻪ ﻓﺎﻧﻪ ﻇﻞ ﻳﻨﺘﻘﻲ ﻣﺎ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻪ ﻣﻦ ا;ﺎدﻳﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ وﺗﺮاﺛﻬﺎ ا;ﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ وﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﻄﻮري اﻟﺪاروﻳﻨﻲ .ﻓﻤﻦ ا;ﺪﻫﺶ أن اﶈﺎﻓﻈ nواﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳ nاﻟﻌﺮب ا;ﻮاﻟ nﻟﻠﻐﺮب ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻳﺨﺪﻋﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮل أن اﻟﻐﺮب اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ »ﻣﺆﻣﻦ« ﻣﻦ ﻧﺼﺎرى أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻹﳊﺎد ﻣﻘﺼﻮر ﻋﻠﻰ ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻣﺘﻨﺎﺳ nأو ﺟﺎﻫﻠ nأن ا;ﺎرﻛﺴﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ راﻓﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻬﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﻨﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻣﺎدﻳﺔ اﻟﻐﺮب اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻼدﻳﻨﻲ. ﺗﻨﺘﻘﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺑﻨﺖ اﻟﺸﺎﻃﺊ ﺗﻠﻔﻴﻘﻴﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮد-اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺴﺒﻬﺎ ﻫﻮ ﳋﺎﻟﺪ ﻣﺤﻲ اﻟﺪﻳﻦ وﺣﺪه- ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ» :أﻣﺎ ﻧﺤﻦ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼم ﻓﻼ ﳒﺮؤ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻠﻘﻰ اﻟﻄﻼب أﺑﻨﺎء ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎن qﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﺼﺮي ﻟﻐﻴﺒﻴﺎت ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ أzﺎﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌـﻠـﻢ أﻻ ﻧـﺨـﻮض ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺑـﻐـﻴـﺮ ﻋـﻠـﻢ وﻫﻴﻬﺎت أن ﻧﺴﺨﺮ ﺑﻌﻘﻮﻟﻬﻢ ﻓﻨﺪﻋﻲ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﻜﻠـﻤـﺎت ﺳـﺎذﺟـﺔ ﻧـﻠـﻮﻛـﻬـﺎ ﻋـﻦ ﻛـﺮوﻳـﺔ اﻷرض اﻟﺪوارة واﻟﻜﻬﺮوﻣﻐﻨﻄﻴﺴﻴﺔ وﻣﺴﻴﺮة اﻟﺘﻄﻮر واﳉﻴﻨﺎت اﻟﻮراﺛﻴﺔ« اﻧﻈﺮ :دﻛﺘﻮرة ﺑﻨﺖ اﻟﺸﺎﻃﺊ ،اﻟﻘﺮآن واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻌﺼﺮي ،دار ا;ﻌﺎرف ص١٠٣-١٠٢ ، )× (٦ﻳﻘﺼﺪ »ﺟﺎﻫﺪﻳﺔ« اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ و »ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ« اﳊﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .وﺳﻴﺸﻴﻊ ﻫﺬا ا;ﺴﻄﺢ ﻓـﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴ nاﻟﺴﻠﻔﻴ nا;ﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻟﺪى إﺷﺎرﺗﻬﻢ ا;ﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻹداﻧﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﳊﻀﺎرة اﻟﻌﺼﺮ. )× (٧ﻫﺬا اﻟﻔﻬﻢ ﺑﺤﺪ ذاﺗﻪ ﻓﻬﻢ ﺷﺮﻗﻲ ﺳﺤﺮي ﻏﻴﺒﻲ ;ﻔﻬﻮم واﻗﻌﻲ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎ;ﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎري. ﺳﺤﺮﻳﺎ وإ ﺎ ﻃﺮﺣﻬﺎ ً ﺳﺤﺮﻳﺎ أو ﻣﻨﻈﺎراً ً ﻓﻔﺮو ﻳﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻞ اﻧﻪ ﻳﻘﺪم ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﻔﺘﺎﺣﺎً ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ا;ﺸﺎﻫﺪات اﻹﻛﻠﻴﻨﻴﻜﻴﺔ ،ورﺑﻂ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ واﳉﺰﺋﻴﺎت ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻟﻠﺨﺮوج ﺑﺘﻔﺴـﻴـﺮ ﻣﺘﻮاﺿﻊ ﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻬﺴﺘﻴﺮي ﻟﺪى ﺑﻌﺾ ا;ﺮﺿﻰ اﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴ .nإن ﻋﻘﻠﻴﺘﻨﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎت اﻟﻐﺮب ﺣﻠﻮﻻً »ﺳﺤﺮﻳﺔ« ﺛﻢ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﲢﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻹﺧﻔﺎق ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﻨﺘﻈﺮه ﻣﻦ أﻓﻌﺎل ﺳﺤﺮﻳﺔ ..ﻏﻴﺮ واردة ﻓﻲ ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﺬﻫﻦ اﻟﻐﺮﺑﻲ أﺻﻼً. )× (٨ﻧﻈﺮة »ﺳﺤﺮﻳﺔ« أﺧﺮى ;ﻔﻬﻮم ﲡﺮﻳﺒﻲ!
200
ا$ﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﺳﻄﻮر: د .ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺎﺑﺮ اﻷﻧﺼﺎري × وﻟﺪ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﻳﻦ .١٩٣٩ × ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺒﻴﺮوت: × ﺑﻜﺎﻟﻮرﻳﻮس آداب .١٩٦٣ × ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ﻓﻲ اﻷدب اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ .١٩٦٦ × دﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ .١٩٧٩ × ﻣﺪرس ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ وﻟـﻐـﺎت اﻟـﺸـﺮق اﻷدﻧـﻰ ﻓـﻲ اﳉـﺎﻣـﻌـﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺒﻴﺮوت. × رﺋﻴﺲ اﻹﻋﻼم و ﻮ ﻣﺠﻠﺴﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﻳﻦ .١٩٧١ -١٩٦٩ × ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﻲ أﺳﺮة اﻷدﺑﺎء واﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﻳﻦ وأول رﺋﻴﺲ ﻟﻬﺎ .١٩٦٩ × ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺷﺆون اﳋﻠﻴﺞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﻌـﺪة ﺻـﺤـﻔـﻲ وﻣـﺠـﻼت ﻋﺮﺑﻴﺔ. ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ × ﶈ ــﺎت ﻣ ــﻦ اﳋـ ـﻠـ ـﻴ ــﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ .١٩٧٠ × اﳋﻠﻴﺞ-إﻳـﺮان -اﻟـﻌـﺮب، دار اﻟﻨﻬﺎر ﺑﺒﻴﺮوت .١٩٧٢ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻘﺎدم × أﺣﻴـﺎء ﺗـﺮاث اﻟـﺒـﺤـﺮﻳـﻦ اﻷدﺑ ــﻲ )ﺟـ ـﻤ ــﻊ وﲢـ ـﻘـ ـﻴـ ــﻖ( ﺑ ــﺎﻹﺿ ــﺎﻓـ ــﺔ إﻟـ ــﻰ دراﺳـ ــﺎت ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ أﺧﺮى.
اﳊﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺄﻟﻴﻒ
د .ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ
201