تضمين الموظف في التشريع العراقي

‫تضميـن الموظــف فـي التشريع العراقي‬ ‫م‪ .‬م‪.‬رشا محمد جعفر‬ ‫الهاشمي‬ ‫كلية اإلدارة واالقتصاد ‪/‬‬ ‫جامعة بغداد‬

‫المقدمـــة‪-:‬‬

‫لقد أولت قوانين الوظيفة العامة أىمية خاصة بالنسبة الختيار‬

‫افضل المتقدمين لشغل الوظيفة العامة من اجل ضمان ديمومة وانتظام‬ ‫تقديم الخدمات العامة لمجميور من خالل حسن تسيير المرافق العامة‬ ‫بانتظام واطراد ‪ .‬إذ أن العنصر المادي لوحده غير ٍ‬ ‫كاف لقيام مؤسسات‬ ‫الدولة بأعماليا إذ البد من تظافر العنصر البشري مع العنصر المادي‬ ‫وىذا يتطمب اختيار موظفين ذوي كفاءات وخبرات يعممون عمى استخدام‬ ‫األموال العامة استخداما امثل بيدف خدمة الصالح العام ‪.‬‬ ‫وىنالك أساليب وطرق تستعين بيا اإلدارة لكشف حاالت االنحرافات‬ ‫واالسترشاء واختالس األموال واىمال الواجبات الوظيفية واساءة استعمال‬ ‫السمطة اإلدارية ‪ ،‬الن السموك المعوج الصادر من الموظف يتطمب من‬ ‫اإلدارة التصدي لو واتخاذ اإلجراءات الضرورية لمنع تأثيره عمى سير عمل‬ ‫المرافق العامة ‪.‬‬ ‫وعميو فقد وفرت قوانين الوظيفة العامة لإلدارة العديد من الوسائل‬ ‫التي تستعين بيا اإلدارة من اجل تقويم السموك المعوج وكشف المخالفات‬ ‫المالية واإلدارية والجرائم التي يرتكبيا العاممين و إبالغ النتائج التي يتم‬ ‫التوصل إلييا لجيات االختصاص التخاذ اإلجراء المناسب بشأنيا ومنيا‬ ‫تضمين الموظف الذي يمحق بخزينة الدولة أضرار نتيجة إىمالو أو‬

‫‪- 174 -‬‬

‫مخالفاتو القوانين واألنظمة ‪،‬وىذا اإلجراء بقدر ما تصبو أليو اإلدارة من‬ ‫أىداف باعتباره وسيمة ىامة لكشف االنحراف أال ان‬

‫ه ينبغي أال يكو ن‬

‫ال لمنزاعات الشخصية‪.‬‬ ‫مكنة لتصيد األ خطاء أو مح ً‬

‫وبناء عمى ما تقد م فان تضمين الموظف سيكون محل بحثنا نظرا‬

‫ألىميتو الفائقة و أثره في حماية المال العام وضبط النشاط المرفقي‬ ‫والوظيفي ‪ .‬ومن اجل تسميط الضوء عمى ماىية التضمين في نطاق‬ ‫التشريع العراقي نقسم بحثنا في ىذا ا لمجال إلى ثالثة مباحث ‪ ،‬نتناول‬ ‫في األول منو تعريف قرار التضمين واألساس القانوني لو‬ ‫فنستعرض السمطة المختصة بإصدار قرار التضمين‬

‫‪ ،‬أما الثاني‬

‫‪ ،‬بينما نتناول في‬

‫الثالث الطعن بقرار التضمين ثم نختم بحثنا بحزمة من االستنتاجات‬ ‫والمقترحات التي توصمنا ألييا بعد الخوض في جوانب البحث‪.‬‬

‫‪- 175 -‬‬

‫المبحث األول‬ ‫تعريف قرار التضمين واألساس القانوني له‬ ‫قسمنا ىذا المبحث عمى مطمبين‬

‫‪ ،‬نبحث في أوليما في تعريف‬

‫قرار التضمين بشكل موجز لنصل إلى ماىيتو ‪ ،‬أما المطمب الثاني فسوف‬ ‫نقوم بدراسة األساس القانوني لو ‪.‬‬

‫المطلب االول‬ ‫تعريف قرار التضمين‬ ‫الشي َ​َ بالكسر ضمانا ‪ :‬كفل بو ‪ ،‬فيو‬ ‫التضمين ‪ ،‬لغة ‪ ،‬ضمن‬ ‫َ‬ ‫ضامن وضمين ‪ .‬وضمنو الشي تضمينا فتضمنو عنو ‪ :‬مثل عزمو(‪. )1‬‬ ‫أما اصطالحا ‪ ،‬فقد حددت الفقرة (‪ )1‬من المادة األولى من قانون‬ ‫ضمان الموظ فين رقم (‪ )104‬لسنة ‪، 1960‬الوظيفو الخاضعة لمضمان‬ ‫بأنيا (كل وظيفة تتطمب واجبا تيا قبض وصرف النقود أو الطوابع أو‬ ‫األوراق ذات الثمن أو حفظيا أو تسمم وحفظ أموال الدولة المنقولة أو‬ ‫تنظيم الصكوك أو مذكرات أذن الدفع والقبض أو األشراف الفعمي عن‬ ‫الموظفين الذين يقومون بالواجبات آنفة الذكر ‪ )...‬وعرفت الفقرة (‪ )5‬من‬ ‫المادة نفسيا الموظف ‪ ،‬بأنو (الموظف أو المستخدم الذي يشغل بأمر‬

‫رسمي تحريري وظيفية خاضعة لمضمان) (‪.)2‬‬

‫ويبدو أن ( المشرع ) ترك لمفقو ميمة تعريف قرار التضمين‬ ‫ليس من ميمة المشرع وضع التعاريف وعند العودة لشراح القانون‬ ‫اإلداري وفقياءه لتممس اوجو التعاريف لدييم لم أجد في ىذه الكتابات‬ ‫( ) محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي ‪ ،‬مختار الصحاح ‪ ،‬دار الرسالة ‪ ،‬الكويت‪،‬‬ ‫‪ ، 983‬ص‪.304‬‬ ‫( ) تنظر المادة( ) الفقرات ( ‪ )5 ،‬من قانون ضمان الموظفين رقم ‪ 04‬لسنة ‪960‬‬

‫‪- 176 -‬‬

‫‪ ،‬إذ‬

‫الفقيية تعريفا محدداً لقرار التضمين‬

‫‪ ،‬وعميو لم يعد أمام الباحث إال‬

‫الرجوع إلى األحكام الصادرة عن القضاء والمتعمقة بالتضمين‪.‬‬ ‫فقد عرفت محكمة استئناف بغداد في أحد ق ارراتيا قرار التضمين‬ ‫(‪...‬ال يصح اعتبار التضمين من المخابرات الروتينية ‪،‬‬

‫بقوليا‬

‫بل ىو قرار أدارى ذو نتائج مالية ىامة)‬

‫(‪.) 1‬‬

‫في حين نجد أن مجمس شورى الدولة قد ذىب في أحد ق ارراتو ‪،‬إلى‬ ‫اعتبار قرار التضمين قراراً إدارياً ذو طابع قضائي‬

‫‪ ،‬وذلك بقولو (‪...‬‬

‫وحيث أن القرار الذ ي يخول الوزير صالحية التضمين ىو في األصل قرار‬ ‫إداري ذو طابع قضائي‪. ) 2( )..‬‬ ‫ووفقاً لما تقدم يمكن أن نعرف قرار التضمين بأنو‬

‫‪ ،‬عبارة عن‬

‫القرار الصادر عن الوزير المختص أو رئيس الجية غير المرتبطة بوزارة‬ ‫‪ ،‬بحق الموظف الذي يمحق الضرر بالمال العام بسبب إىمالو أو مخالفتو‬ ‫لمقوانين واألنظمة والتعميمات المرعية ‪،‬فيو قرار إداري ذو طبيعة قضائية ‪،‬‬ ‫ويلزم لصحتو توافر العناصر الشكمية والموضوعية‬ ‫ومنتجاً آلثاره‪.‬‬

‫‪،‬لكي يكون صحيحاً‬

‫(‪) 3‬‬

‫المطلب الثاني‬ ‫األساس القانوني لتضمين الموظف‬

‫( )ينظر قرار محكمة استئناف بغداد رقم ‪/ 08‬استئنافية ‪ 970/‬في ‪، 970/ / 8‬‬ ‫منشور في النشرة القضائية ‪،‬ع ‪،‬س ‪، 97 ،‬ص‪. 75‬‬ ‫( ) ينظر قرار مجمس شورى الدولة رقم ‪ 007/48‬في ‪ 007/6/ 4‬منشور في ‪ ،‬ق اررات‬ ‫وفتاوى مجمس شورى الدولة ‪،‬بغداد ‪، 007،‬ص‪. 53‬‬

‫(‪ )3‬لمزيد من التفاصيل حول أركان القرار اإلد اري‪ ،‬يراجع‪ :‬د‪ .‬سميمان الطماوي‪،‬النظرية‬ ‫العامة لمق اررات اإلدارية ‪،‬ط‪، 5‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪. 984 ،‬ص ‪ 8‬وما =‬ ‫= بعدىا ‪.‬ويراجع كذلك ‪ ،‬د‪ .‬ماىر صالح عالوي ‪ ،‬القرار اإلداري‬ ‫‪،‬بغداد‪، 99 ،‬ص ‪ 6‬وما بعده ا‪.‬‬

‫‪- 177 -‬‬

‫القاعدة المسمم بيا أن التضمين يعد امتيازاً من امتيازات اإلدارة‬

‫‪ ،‬وتستند ممارسة‬

‫الذي منحيا المشرع ليا من اجل حماية أموال الدولة‬

‫اإل دارة ليذا االمتياز عمى أساس المسؤولية التقصيرية ‪ ،‬وىذه المسؤولية‬ ‫تقوم عمى أركان ثالثة الخطأ والضرر و عالقة السببية بينيما‬

‫(‪)1‬‬

‫‪.‬‬

‫فالضرر يعد ركن أساس في المسؤولية التقصيرية ألنيا تدور مع‬ ‫الضرر وجودا أو عدما استنادا إلى القاعدة القائمة ( ال مسؤولية بدون‬ ‫ضرر ) ‪ ،‬وعميو فإذا لم يصب الشخص بضرر فانو ال يستطيع أن يطالب‬ ‫بالتعويض ويرد طمبو وىذا ما أكدت ه المادة (‪ )204‬من القانون المدني‬ ‫رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 1951‬المعدل‪ ،‬حيث نصت عمى أن ( كل تعد يصيب الغير‬ ‫(‪)2‬‬

‫بأي ضرر أخر غير ما ذكر ‪...‬يستوجب التعويض)‬ ‫والضرر ىو أذى يمحق الشخص من‬

‫‪.‬‬

‫جراء المساس بحق من‬

‫حقوقو أو بمصمحة مشروعو لو سواء كانت ىذه المصمحة متعمقة‬ ‫بسالمتو أو متعمقة بالعاطفة أو االعتبار أو الحرية‬

‫(‪)3‬‬

‫‪.‬‬

‫وعمى ضوء ىذا االتجاه فالضرر نوعان مادي وادبي ويقصد‬ ‫بالضرر المادي ىو الضرر الذي يصيب الشخص في نفسو او في مالو‬ ‫او في حق من حقوقو‬

‫المالية ‪ .‬اما الضرر االدبي فيو الذي يصيب‬

‫الشخص في شرفو او كرامتو او في سمعتو او في عاطفتو وقد عالج‬ ‫المشرع العراقي الضرر االدبي في المادة (‪ )205‬التي تنص انو ( يتناول‬

‫( ) د ‪ .‬غازي فيصل ميدي ‪ ،‬تعميقات ومقاالت في نطاق القانون ا لعام ‪ ،‬ط‬ ‫‪ ، 004‬ص ‪. 9‬‬

‫‪،‬بغداد‪،‬‬

‫( ) م‪ 04/‬من القانون المدني رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 95‬المعدل ‪.‬‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬غني حسون طو ‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام ‪ ،‬مطبعة المعارف ‪ ،‬بغداد ‪،‬‬ ‫‪ ، 97‬ص ‪. 460‬‬

‫‪- 178 -‬‬

‫(‪)1‬‬

‫حق التعويض الضرر االدبي كذلك‬

‫‪) ...‬‬

‫يكون محققاً ومباشر او شخصياً وا‬

‫ال يكون قد سبق تعويضو وىذه‬

‫الشروط مستخمصة من المادة‬

‫‪ ،‬ويشترط في الضرر ان‬

‫(‪ )421‬من مشروع القانون المدني‬

‫الفرنسي التي تنص عمى انو (يشترط في الضرر الموجب لمتعويض ان‬ ‫يكون مباشراً ‪ ،‬متوقعاً او غير متوقع محققاً‪ ،‬حاالً او مستقبالً‪ ،‬وان‬

‫يصيب حقاً او مصمحة مالية مشروعة لممتضرر وان يكون شخصياً لمن‬ ‫يطالب بالتعويض واال يكون قد سبق تعويضو)(‪.)2‬‬

‫ومن جية أخرى‪ ،‬ال يضمن المتسبب إال بالخطأ‪ ،‬بمعنى إن الخطأ‬ ‫شرط القامة مسؤولية المتسبب‪ ،‬فان لم يكن كذلك انتفى الضمان‪ ،‬وتحمل‬ ‫المضرور عاقبة جبر ضرره‪ ،‬وعميو فالخطأ ركن أساس لقيام مسؤولية‬ ‫الموظف ‪.‬‬ ‫ولو رجعنا إلى التشريعات التي عالجت موضوع التضمين نجدىا قد‬ ‫فرقت بين حالتي الخطا العمدي و الخطا غير العمدي ‪،‬فقرار مجمس قيادة‬ ‫الثورة المنحل رقم‬

‫(‪ )100‬لسنة ‪ ( 1999‬الممغى ) ‪ ،‬قد فرق في‬

‫إجراءات استحصال مبمغ التضمين بين حالتي الخطا العمدي و الخطا‬ ‫غير العمدي الذي يرتكبو ال موظف (‪ ،)3‬ولم يجز في الحالة األولى إطالق‬ ‫سراح الموظف من الحجز إال بعد أن يسدد مبمغ التضمين‬ ‫أجاز في الحالة الثانية تقسيط المبمغ بعد مضي‬

‫‪ ،‬في حين‬

‫(‪ )6‬اشير عمى حجز‬

‫( ) م ‪ 05 /‬من القانون المدني العراقي رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 95‬وتعديالتو‬ ‫( ) د‪ .‬عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط‪ ،‬ج‬ ‫ص‪.867‬‬

‫‪ ،‬منشاة المعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬‬

‫‪، 005‬‬

‫( ) بخالف ق ارره المرقم (‪ ) 37‬لسنة ‪( 994‬الممغى ) الذي يجيز لموزير المختص تضمين‬ ‫الموظف ضعف قيمة األضرار التي تكبدتيا الخزينة بسبب إىمالو أو تقصيره أو مخالفته‬ ‫القوانين والق اررات حسب األسعار السائدة وقت حصول الضرر‪.‬‬

‫‪- 179 -‬‬

‫الموظف وبكفالة ضامنة(‪ .)1‬أضف إلى ذلك أن أحكام القرار (‪ )100‬لسنة‬ ‫‪ ( 1999‬الممغى ) تعد من النظام الع ام لذا فيي واجبة التطبيق بشكل‬ ‫مباشر وسارية عمى ما سيستقر من وقائع ‪ ،‬وىذا ما أكده مجمس شورى‬ ‫الدولة في قراره ذي العدد ‪ 2001/73‬في ‪ 2001/12/15‬الذي يذىب‬ ‫فيو إلى أن ( الموظف المضمن وفق قرار مجمس قيادة الثورة رقم‬

‫‪137‬‬

‫لسنة ‪ 1994‬الممغي الذي لم يسدد مبمغ التضمين رغم حجزه واستنفاذه‬ ‫مدة الحجز البالغة ستة اشير يخضع الحكام البندين‬

‫(خامساً وسادساً )‬

‫من قرار مجمس قيادة الثورة رقم (‪ )100‬لسنة ‪ 1999‬وتقتصر إمكانية‬ ‫تقسيط مبمغ التضمين و إطالق سراحو عمى حالة الخطأ غير العمدي فقط‬ ‫دون الخطأ العمدي وطبقاً لمشروط المنصوص عمييا في البند‬

‫من القرار)(‪.)2‬‬

‫أما قرار مجمس قيادة الثورة المنحل رقم‬

‫(سادساً )‬

‫(‪) 202‬لسنة ‪2002‬‬

‫(الممغى ) فقد عدت المادة (‪ )4‬منو الخطا العمدي لمموظف ظرفا مشددا‬ ‫عند توقيع العقوبة الجزائية عمية‬

‫‪ ،‬وال يطمق سراحو بعد انتياء مدة‬

‫العقوبة إال بعد تسديد مبمغ التضمين كام‬

‫ال كما ال يج وز تقسيط ىذا‬

‫المبمغ ‪ ،‬في حين أن المادة (‪ )1‬من ىذا القرار قد أجازت تقسيط مبمغ‬ ‫التضمين في حالة الخطا غير العمدي‪.‬‬ ‫وبصدور قانون التضمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪ ، 2006‬والذي ألغيت‬ ‫بموجبو الق اررات آنفة الذكر ‪ ،‬نجد أن المادة(‪ )2‬منو قد أشارت إلى حالتي‬

‫( ) تنظر المادتين (‪) 5،6‬من قرار مجمس قيادة الثورة المنحل رقم‬

‫(‪ ) 00‬لسنة ‪999‬‬

‫(الممغى)‪.‬‬ ‫( ) منشور في مجمة العدالة ‪ ،‬العدد األول (كانون الثاني‪ ،‬شباط‪ ،‬آذار) ‪ ، 00 ،‬ص‪.80‬‬

‫‪- 180 -‬‬

‫الخطا العمدي وغير العمدي ( )‪،‬إال أن ىذا القانون لم يرتب أي اثر عمى‬ ‫‪1‬‬

‫التمييز بين ىذين النوعين من الخطا ‪ ،‬بدليل أن المادة (‪ )4‬منو قد أجازت‬ ‫لموزير المختص أو رئيس الجية غير المرتبطة بوزارة الموافقة عمى‬ ‫تقسيط مبمغ التضمين مدة ال تزيد عن خمس سنوات لقاء كفالة عقارية ‪،‬‬ ‫حيث يالحظ أن ىذه الما دة قد جاءت مطمقة فمم تمييز بين حالتي الخطاء‬ ‫العمدي وغير العمدي لمموظف عمى األقل في طريقة تسديد مبمغ‬ ‫التضمين ‪ ،‬بخالف التشريعات ما سمف ذكره من تشريعات‬

‫‪ ،‬وىذا مسمك‬

‫منتقد فضرورات حماية المال العام والضرب عمى أيدي العابثين بو‬ ‫تقتضي عدم المساواة بين حالتي الخطا‬

‫‪،‬‬

‫‪ ،‬فميس من العدل أن تتم‬

‫المساواة بين من يتعمد اإلضرار بالمال العام قاصدا أحداث الضرر ‪ ،‬وبين‬ ‫من الحق الضرر بالمال العام بسبب عدم تبصره أو إىمالو أو جيمو‬

‫‪،‬‬

‫دون وجود أي قصد في إحداث الضرر‪.‬‬ ‫ويشترط لقيام مسؤولية الموظف‪ ،‬أن يتدخل الموظف في إحداث الضرر‬ ‫أو أن يسيم خطأه في إحداثو‪ ،‬النو لو انعدم تدخمو النتفت العالقة‬ ‫السببية بين الشخص والضرر‪ ،‬فتدخل الموظف في إحداث الضرر‬

‫ضروري بداىة ليكون ىذا الضرر راجعاً إلى فعمو (‪ ،)2‬ولكن ما الحك م لو‬ ‫كان الضرر ال يرجع إلى فعل الموظف و إنما يعود إلى سبب أجنبي ال يد‬

‫لو فيو؟‪.‬‬

‫( ) تنص ( م‪/‬‬

‫) عمى (( يشكل الوزير المختص أو رئيس الجية غ ير المرتبطة بو ازرة‬

‫لجنة تحقيقية من ثالثة أعضاء ‪ ...‬وجسامة الخطا المرتكب وما اذا كان عمديا أو غير‬ ‫عمدي وعمى المجنة االستعانة بجية رسمية ذات اختصاص))‪.‬‬

‫( ) د‪ .‬محمود جمال زكي‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات في القانون المدني‬ ‫المصري‪ ،‬ط‪ ،3‬القاىرة‪ ، 978 ،‬ص‪.460‬‬

‫‪- 181 -‬‬

‫وجواباً عن ىذا التساؤل نقول أن المشرع العراقي عالج في المادة‬

‫(‪ )211‬من القانون المدني حالة رفع المسؤولية بإثبات السبب األجنبي‬ ‫حيث نصت المادة عمى أنو‬

‫( إذا أثبت الشخص ان الضرر قد نشأ من‬

‫ي لو فيو‪ ،‬كأفو سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاىرة أو‬ ‫سبب أجنبي ال د‬ ‫فعل الغير أو خطأ ا لمتضرر كان غير ممزم بالضمان مالم وجد نص أو‬

‫اتفاق غي ر ذلك )(‪ ،)1‬ويالحظ عمى ىذا النص انو ورد كاستثناء عمى‬ ‫القاعدة العامة التي تنص عمى أنو‬

‫أتمف)(‪.)2‬‬

‫(إذا اتمف أحد مال غيره ضمن ما‬

‫وبناء عمى ما تقدم يستبان لذي البصيرة إن األساس القانوني‬ ‫لتضمين الموظف‪ ،‬ىو األسباب التي تستند عمييا اإلدارة في إصدار قرارىا‬ ‫بتضمين الموظف ومع تقديرنا لمجيود التي تبذليا في المحافظة عمى‬ ‫أموال الدولة وحمايتيا بكل الوسائل‪ ،‬لكن يالحظ إن اإلدارة في بعض‬ ‫األحيان تحاول رمي المسؤولية عمى عاتق الموظف من خالل مس ائلتو‬ ‫عن خطأ لم يرتكبو قط‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫السلطة المختصة بإصدار قرار التضمين‬ ‫التضمين يعد من إمتيازات اإلدارة التي منحيا المشرع ليا بيدف‬ ‫حماية أموال الدولة من عبث العابثين ‪ ،‬وعميو فاإلدارة ىي التي تتولى‬

‫تحديد التعويض(‪.)3‬‬ ‫( ) م‪/‬‬

‫من القانون المدني العراقي رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 95‬وتعديالتو‪.‬‬

‫( ) ينظر م ‪ 90/‬من القانون المدني العراقي رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 95‬وتعديالتو ‪ ،‬التي تنص‬ ‫في فقراتيا األولى عمى ((إذا اتمف أحد مال غيره عمى زعم انو مالو‪ ،‬ضمن ما أتمف))‪.‬‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬غازي فيصل ميدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪- 182 -‬‬

‫ولكن رب معترض يقول‪ ،‬إن القضاء ىو الذي يحدد مبمغ التعويض‬ ‫فمماذا خرج المشر ع العراقي عن ىذا األصل وجعل اإلدارة ىي المختصة‬ ‫بتحديد التعويض ال وبل قد ذىب ابعد من ذلك ورخص ليا ان تصدر قرار‬ ‫التضمين وتنفيذه بالقوة الجبرية؟ وجواباً عن ىذا التساؤل نقول إن‬

‫المشرع العراقي العتبارات تتمثل بسرعة جبر األضرار التي تصيب أموال‬

‫الدولة وحماية المم تمكات العامة من غائمة العناصر المدمرة والوقوف عمى‬ ‫يد العابثين والمخربين بأموال الدولة قد عقد االختصاص إلى الوزير‬ ‫ورئيس الدائرة غير المرتبطة بوزارة االختصاص بتضمين الموظف حسبما‬ ‫نص عمى ذلك المادة (‪ )1‬من قرار مجمس قيادة الثورة المنحل رقم ‪100‬‬ ‫لسنة ‪(1999‬الممغى )‪ ،‬التي تنص عمى إن (يضمن الوزير المختص أو‬ ‫رئيس الجية غير المرتبطة بوزارة الموظف أو المكمف بخدمة عامة قيمة‬ ‫األضرار التي تكبدتيا الخزينة بسبب إىمالو أو تقصيره أو مخالفتو‬ ‫القوانين والق اررات واألنظمة والتعميمات وذلك حسب األسعار السائدة وقت‬ ‫(‪)1‬‬

‫التسديد)‬

‫‪.‬‬

‫أما قان ون التضمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪ ، 2006‬فانو وان كان قد‬ ‫أبقى عمى سمطة إصدار قرار التضمين لموزير المختص أو رئيس الجية‬ ‫غير المرتبطة بوزارة‬

‫(م‪،)3/‬إال انو قضى بان يصدر الوزير أو رئيس‬

‫الجية غير المرتبطة بوزارة قرار التضمين بناء عمى توصيات المجنة‬ ‫التحقيقية المشكمة بموجب المادة (‪ ، )2‬والتي تتكون من ثالث أعضاء‬ ‫( ) عقدت المادة الحادية والستون من قانون الخدمة المدنية رقم (‪ ) 4‬لسنة ‪ 960‬المعدل ‪،‬‬ ‫السمطة لموزير المختص في تضمين الموظف االضرار التي يمحقيا بخزينة الدولة بسبب‬

‫إىمالو أو مخالفتو القوانين واألنظمة والتعميمات المرعية ‪ ،‬وبعد صدور = =قرار مجمس‬ ‫قيادة الثورة (المنحل ) المرقم ‪ 00‬لسنة ‪ 999‬اصبح تضمين الموظف من صالحية‬ ‫الوزير المختص أو رئيس الجية غير المرتبطة بو ازرة الموظف‪.‬‬

‫‪- 183 -‬‬

‫عمى األقل من ذوي الخبرة واالختصاص عمى أن يكون أحدىم موظفا‬ ‫قانونيا ‪ ،‬لتحديد مبمغ التضمين والمسؤول عن إحداث الضرر وجسامتو ‪،‬‬ ‫وعمى المجنة االستعانة بجية رسمية ذات اختصاص‪.‬‬ ‫والذي يتبدى من النص المذكور إن المشرع العراقي قد خرج عن‬ ‫األصل العام والمتمثل باختصاص القضاء في تحديد التعويض عمى ضوء‬ ‫االعتبارات التي يحددىا القانون وجعل االدارة حكماً وخصماً في آن‬

‫واحد‪،‬وىذا مسمك منتقد النو قد يقود إلى تعسف اإلدارة وانفرادىا في‬ ‫تحديد مبمغ التضمين والشخص المسؤول عن إحداث الضرر ‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يشكل خطرا عمى حقوق الموظف‪.‬‬ ‫والجدير باإلشارة إلى إن اإلدارة عند تحديد التعويض تتقيد‬ ‫بمسألتين ‪ ،‬تتجمى المسألة األولى بآلية احتساب التعويض والمعايير التي‬ ‫تقيس عمييا اإلدارة‪ ،‬الن مبمغ التضمين ىو تعويض ‪ ،‬و‬ ‫مجمس قيادة الثورة رقم‬

‫حيث إن قرار‬

‫(‪ )100‬لسنة ‪( 1999‬الممغى ) ‪ ،‬وقانون‬

‫التضمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪ ،2006‬أوجبا تضمين الموظف أو المكمف‬ ‫بخدمة عامة قيمة األضرار التي سببيا للخزينة نتيجة إىمالو أو تقصيره‬ ‫أو مخالفتو لمتشريعات النافذة (‪ .)1‬والفائدة القانونية ال تحتسب عمى مبمغ‬ ‫التضمين النو تعويض كما أشرنا سابقاً وال يجوز فرض تعويض عمى‬

‫تعويض وال يوجد نص في قانون التضمين يشير إلى ذلك ‪،‬وىذا ما أكده‬

‫مجمس شورى الدولة في قراره المرقم ‪ 2002/11‬في ‪ 2002/3/5‬الذي‬ ‫يذىب فيو (( إن مبمغ التضمين المقسط وفق أحكام البند‬

‫( ) تنظر المادة ( ) من قانون التضمين رقم (‬

‫(سادساً ) من‬

‫) لسنة ‪ ، 006‬وكذلك المادة ( ) من‬

‫قرار مجمس قيادة الثورة رقم (‪ ) 00‬لسنة ‪ ( 999‬الممغى) ‪.‬‬

‫‪- 184 -‬‬

‫قرار مجمس قيادة الثورة رقم‬ ‫القانونية))(‪.)1‬‬

‫(‪ )100‬لسنة ‪ 1999‬ال يخضع لمفائدة‬

‫أما المسألة الثانية التي يجب عمى اإلدارة مراعاتيا عند تقدير مبمغ‬ ‫التضمين تتمثل في الكفالة‬

‫*‬

‫التي يقدميا الموظف المضمن عند اطالق‬

‫سراحو وتقسيط مبمغ التضمين‪ ،‬وحيث إن المشرع أطمق عبارة‬

‫(كفالة‬

‫ضام نة) في البند (سادساً ) من قرار مجمس قيادة الثورة المنحل‬

‫رقم‬

‫(‪ )100‬لسنة ‪ 1999‬ولم يحدد ىل ىي كفالة عقارية أو ال ‪ ،‬فيذا يعني‬ ‫إن الوزارة او الجية غير المرتبطة بوزارة تممك سمطة تقديرية في تقدير‬ ‫نوع الكفالة تبعاً لمقدار مبمغ التضمين وظروف القضية والموظف‬

‫المضمن‪ ،‬وتالفى المشرع ىذا اإلطالق في الصياغة في قانون التضمين‬ ‫رقم (‪ )12‬لسنة ‪ – 2006‬وحسنا فعل –عندما اشترطت المادة (‪ )4‬منو‬ ‫أن تكون الكفالة كفالة عقارية ضامنة‪.‬‬ ‫واإلدارة عادة تستعين بقرار المجنة التحقيقية لمتحديد جسامة الخط أ‪،‬‬ ‫وحيث أن قرار مجمس قيادة الثورة المنحل رقم (‪ )100‬لسنة ‪ ،1999‬قد‬ ‫الغي بصدور قانون التضمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪، 2006‬وعميو فال يجوز‬ ‫لموزير أو رئيس الجية غير المرتبطة بوزارة األمر بإعادة التحقيق بعد‬ ‫المصادقة عمى قرار التضمين الصادر وفقا لمقرار المذكور أعاله ‪ ،‬كما ال‬ ‫يحق لموزير أو رئيس الجية غير المرتبطة بو‬

‫زارة إعادة مبالغ تم‬

‫استقطاعيا استنادا إلى قرار تضمين مصادق عميو ‪،‬وىذا ما أكده مجمس‬

‫شورى الدولة في قراره المرقم ‪ 2007/48‬في ‪ 2007/6/24‬والذي جاء‬ ‫( ) ينظر قرار مجمس شورى الدولة رقم‬

‫‪ 00 /‬في ‪ 00 /3/5‬منشور في مجمة‬

‫العدالة العدد الثاني (نيسان – مايس – حزيران) ‪ ، 00 ،‬ص‪.67‬‬ ‫* ُعرفت الكفالة بأنيا ( ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بتنفيذ االلتزام ) يراجع م ‪008/‬‬ ‫من القانون المدني العراقي رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 95‬وتعديالتو‪.‬‬

‫‪- 185 -‬‬

‫فيو(( ‪ -1‬ليس لموزير أو رئيس الجية غير المرتبطة بوزارة األمر بإعادة‬ ‫التحقيق بعد المصادقة عمى قرار التضمين‪.‬‬ ‫‪ -2‬ال يح ق لموزير أو رئيس الجية غير المرتبطة بوزارة إعادة‬ ‫مبالغ تم استقطاعيا استنادا الى قرار تضمين مصادق عميو ‪ ،) ()).‬ونحن‬ ‫‪1‬‬

‫بدورنا نؤيد ىذا االتجاه الن القرار اإلداري الصادر عن الوزير أو رئي س‬ ‫الجية غير المرتبطة بوزارة ‪ ،‬ىو في األصل قرار إداري ذو طابع قضائي ‪،‬‬ ‫وحيث أن األموال التي تسبب الموظف في إتالفيا أو فقدانيا ىي أموال‬ ‫عامة فال يجوز التنازل عنيا أو اإلعفاء منيا ‪ ،‬كما أن المبالغ التي تم‬ ‫استقطاعيا تسجل إيراداً لمدولة وليس لموزارة أو الجية التي قامت‬

‫باستقطاعيا‪.‬‬

‫( ) ينظر قرار مجمس شورى الدولة رقم ‪ 007/48‬في ‪ ، 007/6/ 4‬مرجع سابق‬ ‫‪ ،‬ص‪. 54‬‬

‫‪- 186 -‬‬

‫المبحث الثالث‬ ‫الطعن بقرار التضمين‬ ‫رأينا في المبحث الس ابق إن اإلدارة تنفرد بحق تقدير التعويض‬ ‫وتحصيمو العتبارات تتمثل في جبر األضرار التي تمحق األموال العامة‪،‬‬ ‫وبالنظر إلى خطورة تمك األضرار فقد عقدت المادة الحادية والستون‬ ‫االختصاص لممحاكم المدنية في الرقابة عمى قرار التضمين الصادر من‬ ‫الوزير المختص بحيث يجوز اال عتراض لدى ىذه المحاكم خالل ثالثون‬ ‫يوماً من تاريخ تبميغ الموظف المضمن بو‬

‫(‪ ،)1‬ولكن دور الدولة في‬

‫حماية المال العام ال ينحصر في الظروف العادية فقط الن األوضاع في‬

‫العراق لم تبق عمى حاليا فمقد واجو تو ظروف صعبة تمخضت عنيا كثرة‬ ‫التجاوزات عمى أموال الدولة فما كان عمى اإلدارة سوى العمل عمى حماية‬ ‫الممتمكات العامة من غائمة العناصر المدمرة وال يتم ذلك اال من خالل ان‬ ‫تصدر تشريعات تعدل فييا أحكام التضمين ومنيا‬

‫قانون التضمين رقم‬

‫(‪ )12‬لسنة ‪ 2006‬الذي جعل من سمطة اإلدارة تمتد إلى اماد بعيدة‬ ‫بالقدر الالزم لمواجية ىذه الظروف‬

‫‪،‬‬

‫من أجل حماية أموال الدولة من‬

‫التمف أو اليدر‪ ،‬ولعل ىذا الواقع قد تممسناه عندما وضعت الحرب اوزارىا‬ ‫في العراق عام ‪.2003‬‬ ‫وقد أعطى المشرع العراقي في الوقت ذاتو لمموظف الحق في‬ ‫الطعن بقرار التضمين الصادر عن اإلدارة‬

‫‪،‬الن حق التقاضي يعد من‬

‫الحقوق الطبيعية المكفولة لجميع المواطنين ‪ ،‬الن التوازن بين المصمحة‬ ‫( ) تنظر المادة الحادية والستون المعدلة من قانون الخدمة المدنية رقم‬

‫‪ 4‬لسنة‬

‫‪ 960‬التي تنص عمى (…ولمموظف حق االعتراض عمى قرار الوزير المختص لدى‬ ‫المحاكم المدنية خالل (ثالثين يومًا) من تاريخ تبميغو…)‪.‬‬

‫‪- 187 -‬‬

‫العامة في جبر األضرار التي تصيب األموال العامة وبين حماية الموظف‬ ‫من قرار التضمين المتعسف مطموب ‪ ،‬وعميو فقد كان لمقضاء دور في‬ ‫الدفاع عن المال العام بوصفو قاضي الدولة وقوتيا من خالل كشف‬ ‫واظيار أنواع التعدي التي يتعرض‬

‫ليا المال العام ‪ ،‬من خالل األحكام‬

‫التي تضمن حماية تمك األموال‪.‬‬ ‫فقد أجازت المادة (‪ )5‬من قانون التضمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪2006‬‬ ‫‪ ،‬لمموظف المضمن الطعن بقرار التضمين أمام محاكم البداءة خالل (‪)30‬‬ ‫يوم من تاريخ تبمغو بقرار التضمين ‪ ،‬ويكون الحكم الذي تصدره محكمة‬ ‫البداءة قابال لمطعن فيو أمام محكمة االستئناف بصفتيا التمييزية خالل‬ ‫(‪ )30‬يوم من تاريخ التبمغ بالحكم االبتدائي ‪ ،‬ويكون الحكم الذي تصدره‬ ‫محكمة االستئناف نيائيا‪.‬‬ ‫إن فتح باب الطعن بقرار التضمين أمام الموظف‬

‫‪ ،‬مسمك يحمد‬

‫عميو المشرع العراقي ‪ ،‬إال أننا نرى من األفضل واألنسب أن تكون الجية‬ ‫المختصة بالنظر في الطعن في صحة ق اررات التضمين ىي محكمة‬ ‫القضاء اإلداري وليس القضاء العادي‬

‫‪ ،‬وذلك الن القضاء اإلداري ىو‬

‫جية مختصة بالنظر بالمنازعات اإلدارية التي ليا طابعيا الخاص‬ ‫والمتميز عن غيرىا من المنازعات ‪ ،‬وحيث إن منازعة التضمين ىي بين‬ ‫الموظف و اإلدارة فيي من قبيل المنازعات اإلدارية‬ ‫القضاء اإلداري األقدر عمى حسميا‪.‬‬

‫‪- 188 -‬‬

‫‪ ،‬التي يكون فييا‬

‫الخات ـــــة‬ ‫م‬ ‫يترشح من بحثنا ىذا‪ ،‬إن الوسائل التقميدية التي تستخدميا اإلدارة‬ ‫في حماية األموال لم تعد كافية ونظ ارً لألىمية البالغة التي تحتميا األموال‬

‫العامة بأعتبارىا أحد عناصر النظام العام في المجتمع ىد ى بالدولة إلى‬ ‫استخدام اجراءات ووسائل تعمل عمى حفظ المال العام‪.‬‬ ‫فدور الدولة في حماية المال العام ال يقتصر عمى الظروف العادية‬ ‫وانما تنسحب تمك الحماية في أوقات الظروف االستثنائية‬

‫‪ .‬فيقع عمى‬

‫عاتق اإلدارة ان تمطف من ضراوة االخطار المحدقة بيا كتضمين الموظف‬ ‫–جبراً‪ -‬االضرار التي تكبدتيا الخزينة العامة بسبب اىمالو ومخالفتو‬

‫األنظمة والتعميمات‪ .‬فاالوضاع في العراق لم تبق عمى حاليا وقد مر بمدنا‬

‫بظروف قاسية ‪ ،‬وشيد حاالت اختالسات وتجاوزات وانتياكات مباشرة‬

‫وغير مباشرة لمقانون وا نتشرت المحسوبية في تصرفات المسؤولين بحيث‬ ‫شيدنا حاالت ان يتعامل الموظف مع المال العام وكأنو يتعامل مع مالو‬ ‫الخاص‪ ،‬فما كان من مشرعنا العراقي‪ ،‬إال ان يتصدى ليذه الحاالت‬ ‫ويضرب عمى يد العابثين والمخربين بأموال الدولة من خالل اصدار‬ ‫تشريعات تنظم فييا أحكام التضمين ومنيا القانون رقم (‪ )12‬لسنة‬ ‫‪.2006‬‬ ‫وعمى الرغم من الجيود التي بذليا مشرعنا العراقي في ىذا المجال‬ ‫إال أننا ندعوه إلى تعديل القانون المذكور من خالل جعل القضاء اإلداري‬ ‫يبسط رقابتو عمى ىذا القرار حتى يرد غائمة اإلدارة واستعم‬

‫ال سمطتيا‬

‫ضمن الحدود المعقولة لمقانو ن‪ ،‬خصوصاً اذا ما عممنا ان قرار التضمين‬

‫يعد من اخطر القرارات وأبعدىا أثر عمى مركز الموظف وخصوصاً ان‬

‫مشرعنا العراقي في نطاق ق انون التضمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪ ،2006‬قد‬

‫‪- 189 -‬‬

‫منح مجاالً رحباً أمام اإلدارة ‪،‬وعميو تزداد فرص االنحراف في استعمال‬ ‫السمطة‪.‬‬

‫إن التضمين يحقق سرعة جبر األضرار التي تمحق أموال الدولة‬ ‫لذلك وجب تفسير النصوص القانونية المنظمة لو تفسيراً ضيقاً حتى ال‬ ‫يضار األفراد بأمواليم وحرياتيم‪.‬‬

‫وفي الختام يمكن القول إن المشرع العراقي قد أحسن صنعاً وىو‬

‫ينظم موضوع تضمين الموظف‪ ،‬وأحسن أكثر عندما فرق بين حالتي‬ ‫ال لو‬ ‫الخطأ العمد ي وغير العمدي‪ ،‬وكم كان جمي ً‬

‫رتب أثراً عمى ىذا‬

‫التفريق ‪،‬ومدت محكمة القضاء اإلداري اختصاصاتيا لتراقب صحة ق اررات‬ ‫التضمين الصادرة من الوزراء المختصين أو ر‬

‫وؤساء الدوائر غير‬

‫المرتبطة بوزارة ضماناً لمصمحة الخزينة في جبر االضرار التي تصيبيا‬

‫وضمان حسن سير عمل المرافق العامة‪.‬‬

‫‪- 190 -‬‬

‫المراجـــع‬ ‫أوالً‪ .‬الكتب‬

‫‪ .1‬د‪.‬سميمان الطماوي ‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‬

‫‪،‬ط‪ ،5‬دار‬

‫الفكر العربي‪،‬القاىرة‪. 1984،‬‬ ‫‪.2‬‬

‫د‪ .‬عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط‪ ،‬ج‬

‫‪ ،1‬منشأة المعارف‬

‫اإلسكندرية‪2005.،‬‬ ‫‪.3‬‬

‫د‪ .‬غازي فصل ميدي‪ ،‬تعميقات ومقاالت في نطاق الق‬

‫انون‪،‬‬

‫ط‪،1‬بغداد‪.2004،‬‬ ‫‪ .4‬د‪ .‬غني حسون طو‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مطبعة‬ ‫المعارف‪ ،‬بغداد‪.1971 ،‬‬

‫‪ .5‬د‪ .‬ماىر صالح عالوي‪ ،‬القرار اإلداري ‪،‬بغداد‪. 1991،‬‬ ‫‪6.‬‬

‫محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬دار‬ ‫الرسالة‪ ،‬الكويت‪1983. ،‬‬

‫‪.7‬‬

‫د‪ .‬محمود جمال الدين زك ي‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات‬ ‫في القانون المدني المصري‪ ،‬ط‪ ،3‬القاىرة‪.1978 ،‬‬

‫ثانياً‪ :‬القوانين والمجالت ومجموعة األحكام والق اررات‬

‫‪1.‬‬

‫القانون المدني العراقي رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 1951‬وتعديالتو‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫قانون ضمان الموظفين رقم ‪ 104‬لسنة ‪(1960‬الممغى)‪.‬‬

‫‪.3‬‬

‫قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 24‬لسنة ‪.1960‬‬

‫‪.4‬‬

‫قرار مجمس قيادة الثورة المنحل رقم‬

‫(‪ )100‬لسنة‬

‫‪(1999‬الممغى)‪..‬‬ ‫‪.5‬‬

‫قانون التضمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪. 2006‬‬

‫‪.6‬‬

‫ق اررات وفتاوى مجمس شورى الدولة‪ ،‬بغداد ‪. 2007،‬‬

‫‪- 191 -‬‬

‫‪،‬‬

‫‪.7‬‬

‫مجمة العدالة العدد األول (كانون الثاني‪ ،‬شباط‪ ،‬اذار)‪.2002،‬‬

‫‪.8‬‬

‫مجمة العدالة ‪ ،‬العدد الثاني (نيسان‪ ،‬مايس‪ ،‬حزيران )‪،‬‬ ‫‪.2002‬‬

‫‪.9‬‬

‫النشرة القضائية ‪،‬ع‪، 1‬س‪. 1972 ،2‬‬

‫‪- 192 -‬‬