تلخيص كتاب الآمال العظيمة

Page 1


‫المقدمة ‪:‬‬ ‫من منا يحلم دوماً بأحالم وآمال عظمية ويراها تتحقق في يوم ما ؟‬ ‫بطل قصتنا ( بيب ) عاش بآماله العظيمة والكبرى كانت تتحقق يوماً بعد يوم حتى أتى‬ ‫اليوم الموعود النقضاء جميع آماله ‪..‬‬ ‫نترككم مع القصة ونتمنى لكم ساعات مليئة بالمتعة والفائدة‪..‬‬


‫الفصل األول ‪:‬‬ ‫مقابلة بين المقابر‬ ‫عشت معظم السنوات األولى من حياتي في مقاطعة (( كًنت )) ‪ ,‬ومع ذلك فإن مستنقعاتها الموحشة‬ ‫مازالت تخيفني حتى اآلن ‪ ,‬فقد كنت اسمع أصوات غريبة صادرة من النهر المجاور ‪.‬‬ ‫وعندما كنت في السابعة من عمري ‪ ,‬في عشية عيد الميالد ‪ .‬ذهبت لزيارة قبر أبي و أمي الذي يقع‬ ‫في ساحة الكنيسة بالقرب من مستنقعات موحشة ‪ ,‬وفي أثناء الزيارة حاولت أن أتذكر أي شي‬ ‫عنهما فلم أستطع ‪ ,‬لذلك انهمرت الدموع من عيني وبدأت بالبكاء ‪ ,‬فجاءه سمعت صوتا مخيفا‬ ‫يصيح بي ‪ :‬توقف عن هذا الضجيج و إال قطعت رقبتك ‪!..‬‬ ‫وظهر أمامي رجل عمالق خرج من بين المقابر و أمسكني من ذقني بقبضته الحديدية ‪ ,‬كان‬ ‫يرتدي مالبس رمادية اللون ‪ ,‬ويحيط بقدميه طوق حديدي ‪ .‬كانت مالبسه مبتلة ويرتعش جسمه‬ ‫من شدة البرد‪ .‬وأخذ يحملق في بعينين يتطاير منهما الشرر‪ ،‬فقلت وأنا ارتجف من شدة الرعب‪ :‬ال‬ ‫تقتلني أرجوك!‬ ‫سألني الرجل‪ :‬ما اسمك؟ ‪ ,‬ومن هم أهلك ؟ ‪ ,‬أجب بسرعة !‬ ‫فقلت على الفور‪ :‬اسمي ((بيب)) ووالداي مدفونان في هذه القبور‪ ،‬وأنا أعيش مع أختي وزوجها‬ ‫الحداد ((جو))‪ .‬فقال الرجل وهو ينظر إلى القيد الحديدي بقدمه‪ :‬هه حداد ؟!‬ ‫وفي لمح البصر ‪ ,‬أمسكني بقوة وقلبني رأسا على عقب ‪ ,‬وافرغ كل ما في جيوبي ‪ ,‬ولم يكن معي‬ ‫شئ ثمين ‪ ,‬ثم أجلسني على شاهد حجري ألحد المقابر وهزني بقوة وقال ‪ :‬أيها الوغد الصغير هل‬ ‫تعرف (( المبرد )) الحديدي ؟‬ ‫فأومأت إليه برأسي موافقا‪ ،‬وقال‪ :‬إذن عليك بإحضار مبرد حديدي وبعض الطعام إلى هنا في‬ ‫صباح الغد‪ .‬هل تفهم؟‬ ‫فأخذت أبلع ريقي بصعوبة ‪ ,‬وقلت له في خوف ‪ :‬حاضر يا سيدي !!‬ ‫ثم أكمل ‪ ,‬وإياك أن تخبر أحدا بذلك وإال لقتلناك أنا وصديقي الذي يهوى قتل األوالد وتمزيقهم ‪,,‬‬ ‫تذكر هذا جيدا ‪ ..‬هيا انصرف أالن !‬ ‫و أومأت براسي بالموافقة على كل ما قاله وركضت على الفور باتجاه البيت ‪.‬‬ ‫ولكن في البيت كانت تنتظرني متاعب أخرى ‪ .‬فعند دخولي إلى المنزل متسلال امسك بي زوج‬ ‫أختي (( جو )) وسألني ‪ :‬أين كنت يا (( بيب )) إن أختك قد خرجت للبحث عنك ! وفي هذه اللحظة‬ ‫دخلت أختي وهي في قمة الغضب وبدون أن تنطق بكلمة واحدة ‪ ,‬انقضت علي وضربتني على‬ ‫رأسي ولكن زوجها ((جو)) وقف حائال بيني وبينه ‪ ,,‬وحاولت هي أن تراوغ زوجها لكي تضربني‬ ‫لكنها لم تستطع ألنني تسمرت خلفه وأصبحت أراوغها معه إلى أن تعبت وذهبت ‪.‬‬ ‫ذهبنا أنا و (( جو )) للجلوس قرب المدفأة ‪ ,‬و فجاءه سمعت صوت طلقة نارية فسألت ((جو)) ‪ :‬ما‬ ‫هذا الصوت ؟ فقال ((جو)) هذه طلقة تحذير تطلقها سفن السجن وهي تعبر النهر للتحذير من‬ ‫سجين هارب ‪ .‬وهذه هي الطلقة الثانية فأما األولى فقد كانت الليلة الماضية ‪.‬‬


‫ودقت أختي على المائدة بنفاذ صبر وهي تدعونا إلى تناول العشاء ‪ ,‬وأخذت تضع الزبد على‬ ‫الخبز وتناول كل واحد منا نصيبه ‪ .‬وبينما انهمكت أختي في الحديث عن استعداداتها لحفل عيد‬ ‫الميالد ‪ ,‬وضعت نصيبي من الخبز في جيبي ألخذه للسجين الهارب الذي ينتظرني ‪.‬‬ ‫وبعد انتهاءنا من العشاء ذهبت إلى سريري ‪ ,‬أخذت أتخيل أن سجينا صغيرا يقبع بجوار السرير‬ ‫مستعدا لتمزيق قلبي ‪ ,‬ولهذا احتفظت بقطعة الخبز في يدي لكي يراها وال يقتلني ‪.‬‬ ‫وفي أول الفجر تسللت من غرفتي إلى المطبخ وبمناسبة العيد فقد وجدت بالمطبخ وبغرفة التخزين‬ ‫طعاما أكثر مما كنت أتوقع ‪ ,‬ولذلك فقد أخذت مزيدا من الخبز وقطعة كبيرة من الجبن وفطيرة‬ ‫كبيرة محشوة باللحم كانت موضوعة على الرف الخلفي ‪ ,‬وبعض ((البراندي)) ‪.‬‬ ‫ثم تسللت من باب بالمطبخ يؤدي إلى ورشة حدادة ((جو)) وأخذت مبردا ثقيال من أدواته ‪ .‬وخبأت‬ ‫جميع هذه األشياء داخل معطفي ‪ ,‬ثم أسرعت إلى المستنقعات ‪.‬‬


‫الفصل الثاني ‪:‬‬ ‫السجين الثاني‬ ‫كانت ال تزال هناك مسافة طويلة حتى أصل إلى الحائط المهدم الذي أتوقع أن السجين ينتظرني‬ ‫خلفه ‪ ,,‬ولكن فجاءه رايته من ظهره وهو جالس على حجر قريب ويبدو نائما ‪ .‬اقتربت على حذر‬ ‫وربت على كتفه ‪ ,‬فهب واقفا على الفور واستدار إلي ‪ ,,‬لكنه لم يكن هو نفس الرجل ‪.‬‬ ‫كان يرتدي نفس ثياب السجين األول ونفس القيد الحديدي في قدمه ولكن المالمح كانت مختلفة‬ ‫‪,‬التفت إلي الرجل وحاول ضربي على رأسي ولكني تفاديت الضربة لكونها ضعيفة تدل على أن‬ ‫الرجل مريض ‪ .‬وأخذ يفر من أمامي و اختفى في الضباب الكثيف ‪ .‬كنت على يقين بأنه صديق‬ ‫السجين األول الذي يمزق قلوب األطفال ‪.‬‬ ‫وأكملت طريقي إلى الحائط المهدم ووجدت نفس الرجل الذي شاهدته باألمس ‪ ,‬ودون أن انطق‬ ‫بكلمة واحده أخرجت الطعام والمبرد من معطفي ‪ ,‬فاتسعت عيناه فرحا وبدأ يلتهم الطعام بنهم ‪.‬‬ ‫وبعد أن انتهى من الطعام والشراب مسح فمه بظهر يده وسألني ‪ :‬هل أخبرت أحدا ؟ ‪ ,‬فأجبت ‪ :‬ال‬ ‫يا سيدي لم أخبر أحدا ‪ ,‬لقد سرقت لك الطعام ‪.‬‬ ‫فأومأ برأسه راضيا ‪ ,‬وأخذ يقضم قطعا كبيرة من فطيرة اللحم حتى كاد ينهيها بأكملها ‪ ,‬فقلت له ‪:‬‬ ‫إني مسرور يا سيدي ألن الفطيرة أعجبتك ‪ ,‬ولكن ! ألن تحتفظ لصديقك ببعض منها ؟‬ ‫فقال بخبث ودهاء ‪ :‬تقصد صديقي الذي يمزق قلوب األطفال ؟‬ ‫و أخذ يضحك وهو يقول ‪ :‬انه ليس بحاجة إلى الطعام ‪ .‬فقلت على الفور ‪ :‬ال أعتقد ذلك يا سيدي ‪,‬‬ ‫فهو يبدو جائعا وبحاجة ماسة إلى الطعام ‪.‬‬ ‫عندها هب واقفا وامسكني بقوة و سألني ‪ :‬تقول انه ((بيدو))! هل رأيته ! أين ! ومتى !‬ ‫فأجبت بسرعة و أنا أشير إلى االتجاه الذي اختفى فيه الرجل الثاني ‪ :‬هناك يا سيدي ‪ ,‬لقد أطلقت‬ ‫سفينة السجن طلقة باألمس لتحذر الناس منه ‪ ,‬ألم تسمعها ؟‬ ‫ربما سمعتها وربما لم أسمعها ‪ ..‬إن البقاء وحيدا في مثل هذه المستنقعات شيء يدير الرأس ‪ ,,‬ما‬ ‫شكل مالمحه ؟‬ ‫صفه لي!‬ ‫واستعدت على الفور منظر السجين الثاني في رأسي ‪ ..‬وقلت ‪ :‬رأيت كدمه على خده !‬ ‫وعندئذ شعر بشيء من االرتياح وقال لي ‪ :‬انه هو ‪ ..‬سوف أصطاده كما تصطاد الكالب ‪ ,‬ولكن‬ ‫أين المبرد ! أعطني المبرد ‪..‬كان المبرد على األرض فالتقطته وقدمته إليه ‪ ,‬وبسرعة انحنى‬ ‫وركع على العشب المبتل وبدأ ببرد القيد الحديدي الملتف على قدمه ‪ .‬وخطر ببالي أن أنصرف‬ ‫فتراجعت خطوات إلى الوراء ولكنه لم يهتم بي إطالقا لشدة انهماكه في برد القيد الحديدي ‪.‬‬ ‫وفي البيت ‪ ,‬كانت أختي منهمكة في أعمالها المنزلية ‪ .‬وتناولت أنا و ((جو)) طعام اإلفطار ونحن‬ ‫واقفين ‪ ,‬ألن أختي لم تجد وقتا كافيا لتقديم اإلفطار على المائدة ‪ .‬وفجأة ‪ ,‬أحسست وكأن قلبي قد‬ ‫توقف عن النبض ‪ ..‬هل كانت فطيرة اللحم معدة لالحتفال بالعيد ؟ لقد شعرت بالفزع من هذه‬


‫الفكرة المخيفة ‪ ,‬استدعتني أختي وأخذت تغسل لي وجهي ورأسي ثم ألبستني أنظف ما لدي من‬ ‫المالبس ‪ .‬وكذلك ((جو)) ارتدى أنظف مالبسه ‪ ,‬وجلسنا جميعنا في غرفة الجلوس ‪ ,,‬في انتظار‬ ‫الضيوف ‪ ..‬وعند أول طرقه للباب قمت أنا وفتحت وكانوا ((مستر ووبسل)) كاتب الكنيسة ‪ ,‬ثم‬ ‫حضر بعده صانع العجالت وزوجته وبعدهم عمي ((مستر بامبلشوك)) الحقيقة أنه عم ((جو)) ‪.‬‬ ‫تمتع الجميع بتناول الطعام فيما عداي ‪ ,,‬فقد كنت ممنوعا من الكالم بأمر من أختي ‪ ,‬ثم بدأ يحدث‬ ‫ما كنت أخشاه و أتوقعه عندما قالت أختي لقد أعدت فطيرة كبيرة محشوة باللحم سأذهب‬ ‫إلحضارها ‪ !!..‬وسمعت كل حركات أختي وهي تبحث عن الفطيرة في كل مكان وتخيلت ما‬ ‫سوف يحدث ‪ ,‬وإذا بها أختي تعود خالية اليدين وهي تقول ‪ :‬يا الهي ال أعرف ماذا حدث لقد اختفت‬ ‫الفطيرة ؟!‬ ‫لم أستطع الصمود أكثر من ذلك ‪ ,‬فاندفعت إلى الباب ألهرب ‪ ,‬وما كدت أفتح الباب حتى صدمت‬ ‫بمنظر لم أتوقعه ‪ ..‬رأيت مجموعة من جنود الشرطة ‪ ,‬وكان قائدهم يمسك في يده بقيدين حديديين‬ ‫‪ ,‬رفعهما أمام وجهي وهو يقول ‪ ,‬يا فتى !!‬


‫الفصل الثالث ‪:‬‬ ‫القبض واالعتراف‬ ‫تلعثمت وتعثرت خطواتي يا الهي لقد عرفوا أني لص وجاءوا للقبض علي ‪ ,‬وأمسكني ((جو)) من‬ ‫ذراعي قبل أن أهوى إلى األرض ‪ ..‬وعندئذ ‪ ,‬ابتسم لي قائد الشرطة وقال ‪ :‬معذرة سيداتي وسادتي‬ ‫‪ ..‬أنا ((جاويش)) في خدمة الملك وقد كلفت أنا ورجالي بالقبض على السجناء الهاربين ‪ ,‬ونحن في‬ ‫حاجة عاجلة إلى خدمة من الحداد‪ .‬فقالت أختي قبل أن ينطق ((جو)) ‪ :‬هذا هو الحداد ‪ ,,‬ماذا‬ ‫تريدون منه في احتفال عيد الميالد ‪..‬؟‬ ‫نريد إصالح هذه القيود الحديدية ألن قفلها ال يعمل ‪ ,‬ونحن بحاجة إليها ‪.‬‬ ‫أشارت أختي بيدها إلى ((جو)) لكي يبدي رأيه ‪ ..‬فأمسك بتلك القيود وفحصها وقال ‪ :‬ال بد من‬ ‫إشعال فرن الحدادة ‪ ,‬و إصالحها قد يستغرق ساعة كاملة ‪ .‬فوافق قائد الشرطة وقال ‪ :‬ال بأس‬ ‫سوف نستطيع القبض على الهاربين قبل حلول الظالم ‪.‬‬ ‫ودخل جميع رجال الشرطة إلى البيت ‪ ..‬وارتدى ((جو)) مريلته الجلدية وذهب للورشة وتبعه‬ ‫جميع الجنود بأمر من قائدهم لمساعدته ‪ .‬وبعد أن انتهى ((جو)) من إصالح القيود ‪ ,‬سمح لنا قائد‬ ‫الشرطة بأن نذهب برفقته لمشاهدة عملية القبض على السجناء ‪ ,‬وسمحت لي أختي بصحبتهم‬ ‫ولكن بعدة أن حذرت ((جو)) بصوت مسموع ‪ :‬إذا عدت ورأس الولد مقطوعة ‪ ,‬فال تنتظر مني أن‬ ‫أعيدها إلى مكانها الصحيح ‪!..‬‬ ‫وذهبنا جميعا إلى ساحة المقابر خلف الكنيسة ‪ ,‬نفس المكان الذي قابلت فيه السجين األول ‪ .‬وبينما‬ ‫الجنود منهمكون بالبحث و التفتيش ‪ ,‬شعرت بالخوف ‪ ,‬فربما ظن السجين الهارب أني خدعته و‬ ‫أني أبلغت الشرطة عنه ‪.‬‬ ‫ولكن لم يعثر الجنود على أحد ‪ ,‬فتحركنا في اتجاه أخر ‪ ,‬وبدأ المطر بالسقوط وفجأة سمعنا صرخة‬ ‫عالية تأتي من مكان بعيد ‪ ,‬فأشار الجاويش لرجاله بالتقدم نحو المكان الذي صدرت منه الصرخة‬ ‫وأخذ الجميع يجري حتى وصلنا إلى حفرة واسعة يتناثر منها الماء والطين ‪ ,‬وسمعنا الجاويش‬ ‫يصرخ بقوة ‪ :‬سلما نفسيكما ! أنت وهو ‪!..‬‬ ‫ووقف الجنود جميعهم حول الحفرة مصوبين بنادقهم نحو السجينين اللذين كانا منهمكين في عراك‬ ‫شديد ‪ ,‬ولم يستمعا ألمر الجاويش ‪ ,‬لذا نزل الجنود إلى الحفرة وقبضوا على السجينين ‪ ,‬وصاح‬ ‫السجين األول غاضبا وهم يضعون القيود في يديه ‪ :‬تذكروا جيدا ‪ ,,‬أنا الذي قبضت عليه من‬ ‫أجلكم ‪!..‬‬ ‫أما السجين الثاني فقد كان يلهث من شدة ما ناله من الضرب وكان غير قادر على الوقوف دون‬ ‫مساعدة‪ ,‬وتلعثم وهو يقول مشيرا إلى السجين األول ‪ :‬لقد حاول قتلي ‪!...‬‬ ‫وقال السجين على الفور ‪ :‬أنا لم أحاول قتله ‪ ,‬لقد حرصت على القبض عليه حيا ألسلمه لكم ‪ ,‬انظر‬ ‫يا سيدي الجاويش ليس في قدمي قيد حديدي ‪ ,‬وكان يمكنني أن أذهب إلى حال سبيلي ولكن‬ ‫طاردته ولحقت به حتى أمنعه من الهرب ‪ .‬وعندها صاح الجاويش أمرا ‪ :‬كفى !! ‪.‬‬ ‫وأشعلت بعض المشاعل كما أطلقت البنادق كإشارة إلى سفينة السجن لكي ترسل قاربا ‪ .‬وعلى‬ ‫ضوء المشاعل لمحني السجين األول ‪ ..‬ونظرت إليه مواسيا ‪ ,‬وحركت يدي حركة خفيفة وهززت‬


‫رأسي له كإشارة مني بأني لست مسئوال عن إحضار هؤالء الشرطة للقبض عليه ‪ ,‬وحملق في‬ ‫عيني للحظة ‪ ,‬كما لو كان يريد أن يتبين مدى صدقي ‪ .‬ومشينا جميعا تجاه شاطئ النهر ‪ ,‬حيث‬ ‫وصل القارب ألخذ الجنود والسجينين إلى السفينة ‪ .‬وقبل أن يضع السجين األول قدمه في هذا‬ ‫القارب ‪ ,‬التفت إلى الجاويش وقال بصوت عالي ‪ :‬لقد سرقت بعض الطعام و البراندي من بيت‬ ‫حداد القرية ‪ ,‬لقد سرقت فطيرة محشوة باللحم ‪.‬‬ ‫فقال ((جو)) على الفور ‪ :‬هذا هو السبب في أن زوجتي لم تعثر على الفطيرة إذن ‪ ,,‬ولكننا مع ذلك‬ ‫ال نبخل بطعامنا على شخص جائع ‪ ..‬أليس كذلك يا ((بيب)) ؟! فأومأت برأسي موافقا ألنني كنت‬ ‫عاجزا عن الكالم ‪ .‬وابتعد القارب متوجها إلى السجن ‪ ,‬أما نحن فذهبنا إلى البيت ‪.‬‬


‫الفصل الرابع ‪:‬‬ ‫دعوه من اآلنسة هافيشام‬ ‫بعد انقضاء أيام قليله عن حفلة عيد الميالد حدث تغير كبير في حياة بيب فقد أتى العم بامبلشوك‬ ‫قائالً أن السيدة هافيشام تدعوه للقدوم للعب في بيتها " كانت أمراه عجوز واسعة الثراء تعيش حياه‬ ‫كئيبة " بيب لم يرى األنسة هافينشام من قبل ولم يعرف كيف يلعب ولكن من الناحية األخرى كانت‬ ‫أخته " مسسز جو " سعيدة جداً وتأمل بان تعود هذه الدعوة بالنفع لهم وأخذت تجهزه للذهاب إلى‬ ‫منزل اآلنسة هافيشام وعند استعداده ذهب مع العم بامبلشوك إلى منزل األنسة وعند وصولهم بداء‬ ‫العم بالطرق على الجرس ففتحت لهم فتاه جميله في سن بيب تدعى ستيال وقد كان يعلو على‬ ‫وجهها التكبر والتغطرس اذنت لبيب بالدخول إلى المنزل وقد كان المنزل مظلماً أضاءت ستيال‬ ‫شمعه وأرشدت بيب إلى غرفة اآلنسة هافيشام وعندها سمع صوت مبحوحاً يدعوه إلى الدخول‬ ‫وعند دخوله كانت الغرفة واسعة مضاءة بالشموع ووجد فيها اغرب سيده شاهدها في حياته فقد‬ ‫كانت ترتدي مالبس العروس البيضاء وترتدي فردة حذاء بيضاء واحده أما الثانية فقد كانت على‬ ‫منضدة قريبه رغم ذالك كان واضح لبيب ان ثوب العروس الذي كانت ترتديه كان معداً من قبل‬ ‫لعروس شابه عندها قالت اآلنسة لبيب من أنت فأجابها أنا بيب يا سيدة فقد أتى بي العم بامبلشوك‬ ‫لكي العب عندها سالت أتعلم ماذا يوجد هنا داخل صدري ؟‬ ‫أجابها على الفور قلبك يا سيدتي ابتسمت ابتسامه غريبة وقالت بفخر قلب مكسور‬ ‫عندها أشارت إليه لينظر إلى ساعة متوقفة وقالت أنا متعبه وأريد شيئاً يسليني وعندي ميل شديد‬ ‫ألرى شخصانا وهو يلعب هيا العب وقف بيب بدون حراك فهو ال يعرف ما يلعب وكيف يلعب‬ ‫وبعد أن نفذ صبر اآلنسة صرخت عليه قائله نادي على " ستيال " انك على األقل تستطيع فعل‬ ‫ذلك‬ ‫خرج بيب من الباب ونادي على ستيال وما هي إال لحظات حتى أتت وعندها اقتربت من اآلنسة‬ ‫هافيشام وأخذت اآلنسة هافيشام قطعة مجوهرات ووضعتها على رأس ستيال وبضحكة غريبة‬ ‫قالت لها " في يوم ما ستصبح هذه الجوهرة ملك لك يا عزيزتي ‪ ..‬ستكسبين بها إعجاب الرجال‬ ‫الذين ستحطمين قلوبهم واآلن العبي الورق مع هذا الصبي وأنا سأتفرج عليكم‬ ‫فأجابت ستيال بسخط ‪ :‬العب مع هذا الفتى ؟ انه عامل صغير من أبناء العوام ‪!..‬‬ ‫همست لها اآلنسة في أذنها حتى ولو كان كذالك يمكنك تحطيم قلبه أليس كذلك ؟‬ ‫عندها أطاعتها ستيال وبدءوا باللعب ولكن بيب لم يستطع التركيز باللعب فقد كانت مالحظات‬ ‫ستيال الجارحة واستهزائها به تشتت انتباهه حتى أدى ذلك إلى خسارته في الجولة‬ ‫وعندها انحنت اآلنسة هافينشام من على الكرسي الذي كانت تستلقي عليه قائله لبيب ‪ :‬إن ستيال‬ ‫قالت أمور كثيرة غير طيبه عنك وأنت لم تقل أي شيء ما رأيك اخبرني ؟‬ ‫عندها همس بيب في أذنها قائالً ‪ :‬إن ستيال فتاه جميله فخوره بنفسها ‪ ..‬ولكنها كثيرة التشاؤم ‪ ،‬هل‬ ‫يمكنني االنصراف اآلن ؟‬ ‫ولكن اآلنسة (( هافينشام )) لم تسمح له باالنصراف حتى يكمل الجولة الثانية من اللعب على شرط‬ ‫أن يعود بعد ‪ 6‬أيام وبعدها أمرت ستيال أن تقدم الطعام لبيب‬ ‫فقدمت بعض الخبز وقطعه من اللحم بطريقة جعلته يحس انها تقدم الطعام الحد الكالب حزن بيب‬ ‫من سوء المعاملة حتى تساقطت دموعه على خده وعندما لمحت ستيال دموع بيب ارتسمت على‬ ‫وجهها ابتسامه االستمتاع ‪.‬‬ ‫عاد بيب إلى المنزل فعاملته أخته معامله حسنه باعتبار انه وصل إلى مكان ما في هذا العالم‬ ‫ولكن في حقيقة األمر كان بيب بائساً‬


‫فقد شعر بالخجل والعار في منزل اآلنسة هافينشام‬ ‫ولكن كان اللقاء مع ستيال في ذلك اليوم سبباً في تغير حياته كلها ‪.‬‬


‫الفصل الخامس ‪:‬‬ ‫أول قبله في حياتي ‪!..‬‬ ‫بعد ستة أيام عادي بيب إلى منزل اآلنسة هافينشام وكالمعتاد استقبلته ستيال ولكن في هذا المرة‬ ‫استقبلت اآلنسة هافينشام بيب قائله ‪ :‬انك ال تجيد اللعب هل ترغب في العمل ؟‬ ‫اوماء بيب برأسه موافقاً ف أمرته بان ينتظرها في صالة الطعام وقد كانت صالة الطعام مماثله‬ ‫لغرفة اآلنسة هافينشام فهي مظلمة ومغطاة بالستائر وكانت قطعه األثاث الوحيدة بتلك الغرفة‬ ‫عبارة عن مائدة مستطيله مغطاة بغطاء يعلوه التراب وفي منتصف المائدة حامل فضي فقد بريقه‬ ‫عليه صينيه وفوق الصينية توجد كومه صفراء اللون من شيء لم يستطع بيب التعرف عليه عندها‬ ‫قدمت اآلنسة هافينشام وهي متكئه على عصاه تساعدها على المشي وأشارت بعصاها على الكومة‬ ‫الصفراء التي تغطيها خيوط العنكبوت وقالت ‪ :‬هذه كعكة زفافي ‪!..‬‬ ‫ثم استندت على كتف بيب قائله أالن كل ما عليك هو أن استند على كتفك وتدور معي حول الغرفة‬ ‫‪..‬‬ ‫فقد داروا حول الغرفة مرات عديدة وبعدها أمرته بلعب جولة من الكوتشينا مع ستيال تحت‬ ‫مراقبتها وانتهى األمر بتغذية بيب مثل الكالب‬ ‫استمر الحال على هذا المنوال لمدة ثمانية شهور أو أكثر‬ ‫تقدم بيب قليالً في اللعب ولكن مازالت ستيال تقسو عليه بتعليقاتها كلما سنحت لها الفرصة‬ ‫ولكن هذا النظام اختلف في مرتين‬ ‫المرة األولى حدثت عندما كانت ستيال تقود بيب في الصعود إلى السلم حينها قابل رجل ضخم‬ ‫الجسم كبير الرأس سأل ستيال من هذا الفتى ؟ أجابته بعدم اهتمام مجرد فتى‬ ‫عندها سال قائالً هو من الجيران ؟ فأجاب بيب على الفور نعم يا سيدي ‪ ..‬أنا بيب‬ ‫تأمله الرجل للحظه ثم أزاحه عن الطريق‬ ‫أما المرة الثانية حين تركت اآلنسة هافينشام بيب وستيال يلعبون الورق أكثر من المعتاد عندها‬ ‫تأنى بيب في ترتيب األوراق وكسب الجولة فاثنت عليه اآلنسة هافينشام‬ ‫هذا الثناء اثر في نفس ستيال ألنها حين أوصلت بيب إلى البواب استدارة إليه قائله ‪ :‬يمكنك أالن أن‬ ‫تقبلني ‪ ..‬إن كنت راغباً في ذلك !‬ ‫وعندها قبلها بيب على خدها وقد كان بيب مستعداً أن يضحي بأي شيء مقابل قبله من ستيال ولكن‬ ‫حتى وهي تمنحه هذه القبلة كانت تتحدث معه بطريقة متعالية ومتغطرسة فقد كانت تقلد اآلنسة‬ ‫هافينشام في كل شيء‬ ‫وفي يوم من األيام حينما كانت اآلنسة هافينشام تستند بيدها على كتف بيب في ليقوموا بالجولة‬ ‫المعتادة فقالت ‪ :‬يبدو انك ازددت طوالً يابيب ثم سألته إن كان زوج أخته الحداد مازال متمسكاً به‬ ‫الن يكون صبيه بصفه رسميه‬ ‫حيتها أجاب بيب ‪ :‬أن هذه اعز أمنيه لصديقي جو‬ ‫عندها قالت له ‪ :‬حان الوقت لذلك دعني أرى األوراق الرسمية‬ ‫ذهب بيب إلى مجلس المدينة برفقة أخته وجو والعم بامبلشوك وهناك قاموا بتسجيل اسم بيب‬ ‫ليصبح صبياً عند جو‬ ‫وذهب بيب باألوراق إلى اآلنسة هافينشام لتراها كما طلبت فوافقت اآلنسة وأعطت بيب مبلغاً‬ ‫عظيماً من النقود خمسه وعشرين جنيهاً ذهبيا‬ ‫وقالت ‪ :‬لقد كنت لطفاً وهذه مكافئتك ال تتوقع أكثر من ذلك ‪ ..‬وال تحضر إلى هنا أبدا فقد أصبح‬ ‫جو سيدك وأستاذك وعند عودت بيب إلى المنزل سعدت أخته بالمكافئة‪.‬‬


‫أما جو كان سعيداً الن بيب أصبح صبياً عنده بالرغم من أن ذلك كان ما يتمناه بيب فيما مضى إال‬ ‫انه أصبح غير راغباً بالوقوف أمام فرن الحداد وان يصبح حداداً‬ ‫فلقائه باآلنسة هافينشام وستيال قد غير مشاعر بيب تماماً ‪.‬‬


‫الفصل السادس ‪:‬‬ ‫الحزن والخجل‬ ‫ومرت األيام و أنا أعمل كصبي حداد‪ ,‬وكانت كراهيتي تزداد لهذه المهنة يوما بعد يوم‪ ,‬فكرت مرة‬ ‫أن أهرب من هذه المهنة ألعمل في البحر‪ ,‬ولكن خشيت على جو من أن أؤذي مشاعره وأن أشعره‬ ‫بأن مهنته غير جيدة‪ ,‬لذلك قررت إخفاء مشاعري التعيسة والحزينة عنه‪ ,‬وإظهار السعادة بدال‬ ‫منها‪.‬‬ ‫بعد مرور سنة‪ ,‬أصبحت أتوق لرؤية ستال واآلنسة هافيشام أكثر من ذي قبل‪ ,‬وما إن وافق جو‬ ‫على منحي إجازة ليوم واحد حتى وجدت نفسي في الطريق الى بيتهما‪ ,‬لحسن الحظ سمحت اآلنسة‬ ‫هافيشام بدخولي‪ ,‬وكان كل شيء بالبيت كما هو‪ ,‬وقالت لي فور استقبالي‪ :‬هاه‪.....‬أرجو أال تطلب‬ ‫شيئا لنفسك‪ ,‬فلن أعطيك أي شيء بالمرة‪ ,‬فأجبت‪ :‬ال يا آنسة‪ ,‬فقد جئت ألشكرك ألنك ساعدتني‪,‬‬ ‫واآلن أنا أعمل كصبي حداد‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬هذا شيء طيب‪ ,‬تستطيع زيارتي بين حين وآخر‪ ,‬الحظت اآلنسة بأنني أبحث عن شيء‪,‬‬ ‫فابتسمت ابتسامة ماكرة وهي تقول‪ :‬هل تبحث عن ستال؟‬ ‫فقلت على الفور‪ :‬نعم‪ ,‬أرجو أن تكون بخير‪ ,‬فقالت ونفس اإلبتسامة على فمها‪ :‬إنها بخير‪ ,‬لقد‬ ‫سافرت إلى خارج البالد‪ ,‬وهي اآلن تتعلم لكي تصبح سيدة‪ ,‬هي اآلن أكثر جماال وتحوز اعجاب‬ ‫كل من يشاهدها‪ ,‬هل تشعر بأنك فقدتها؟‬ ‫وأطلقت ضحكة حقودة‪ ,‬لم أجبها بشيء‪ ,‬وانتهت المقابلة وخرجت من البيت على الفور‪.‬‬ ‫كان الظالم قد حل فور اقترابي من بيتنا‪ ,‬دهشت عندما رأيت أنوار البيت وورشة الحدادة مضاءة‪,‬‬ ‫وعدد من الناس مجتمعون عنده‪ ,‬فركضت نحوه ودخلت إلى المطبخ فرأيت مجموعة أخرى‬ ‫مجتمعة على شكل حلقة‪ ,‬وكان جو يقف بينهم ومعه طبيب القرية‪ ,‬وكانت أختي ملقاة على األرض‬ ‫بال حراك وتنزف بغزارة من جرح كبير في رأسها‪ ,‬فقال لي جو‪ :‬لقد تسلل شخص شرير وضرب‬ ‫مسز جو على رأسها‪ ,‬فأردفت قائال‪ :‬هل مازالت حية ياجو؟‬ ‫أجاب الطبيب‪ :‬نعم حية‪ ,‬ولكن من المحتمل أال تعود الى حالتها الطبيعية‪ .‬استمر التحقيق ألسابيع‬ ‫طويلة‪ ,‬دون أن يعرف من الجاني‪ .‬ظلت أختي حية‪ ,‬ولكنها فقدت ذاكرتها وأصبحت عاجزة تماما‬ ‫عن الكالم‪ ,‬وبالتالي تغيرت شخصيتها أصبحت هادئة وصبورة‪ ,‬في البداية قلق جو على حالتها‪,‬‬ ‫ولكنه تدريجيا بدأ يحس بالهدوء والمتعة‪ ,‬خصوصا بعد أن جاءت بيدي لتعيش معنا وتخدمنا‪.‬‬ ‫كانت بيدي فتاة يتيمة من فتيات القرية تربطها عالقة قرابة بعيدة بمستر ووبسل‪ ,‬كانت ذكية بشكل‬ ‫يثير اإلعجاب‪ ,‬وقد تقدمت بشكل كبير في القراءة والكتابة بفضل توجيهاتها‪ ,‬وكانت أيضا طباخة‬ ‫ماهرة‪ ,‬وعطوفة جدا مع أختي‪ ,‬فبدأت أثق بها وأفضيت لها بسري الذي لم أبحه ألحد قبلها‪ ,‬قلت‬ ‫لها أريد أن أصبح جنتلمان يبادي واترك مهنة الحدادة‪.‬‬ ‫فرفعت عينيها من القماش وقالت‪ :‬من أجل ستال؟ وبمنتهى البؤس قلت لها‪ :‬نعم‪.‬‬


‫الفصل السابع ‪:‬‬ ‫اآلمال الكبرى‬ ‫انقضت أربعة سنوات منذ أن عملت صبيا لجو‪.‬‬ ‫أمام البيت ظهر مستر جاجزر فعرفته على الفور‪ ,‬هو نفس الرجل الذي قابلناه أنا وستال في بيت‬ ‫اآلنسة هافيشام منذ سنوات‪ ,‬نفس الرجل بعينيه الحادة النظرات وحواجبه الكثيفة السوداء‪.‬‬ ‫قال وكأنه يتمتع بنفوذ عظيم‪ :‬أعتقد بأن هذا هو بيت الحداد جوزيف جارجري وصبيه بيب؟ فقال‬ ‫جو‪ :‬هذا صحيح‪ ,‬فقال الرجل‪ :‬اسمي جاجرز وأنا أعمل محاميا في لندن‪ ,‬وقد جئت إلى هنا بناء‬ ‫على طلب أحد عمالئي‪ ,‬لقد جئت إلى هنا ألعرض عليك أن تتخلى عن بيب وهذا من أجل‬ ‫مصلحته‪ ,‬فكم تطلب لكي تعفيه من العمل معك؟‬ ‫فأجاب جو بال تردد‪ :‬ال أطلب أي شيء اطالقا‪ ,‬التفت مستر جاجرز إلي وقال‪ :‬ستصل إلى عالم‬ ‫الثروة والمال‪ ,‬ولكن لدي تعليمات سأخبرك بها‪ ,‬الشخص الذي سيمنحك الثروة يريدك من اآلن أن‬ ‫تكون قادرا على إدارتها‪ ,‬ويريدك أن تتعلم لتصبح جنتلمان له آمال كبرى بالثراء في المستقبل‪,‬‬ ‫فاض بي إحساس عظيم بالسعادة‪ ,‬فها هو حلمي الخيالي يتحقق أخيرا إلى حقيقة‪ ,‬واصل مستر‬ ‫جاجرز حديثه‪ :‬مستر بيب لدي بعض الشروط البد أن تعرفها‪ :‬أوال‪ :‬هذا الشخص يريد منك أن‬ ‫تتمسك باسم بيب‪ ,‬ثانيا‪ :‬اسم الشخص المتبرع لك يجب أن يظل سرا إلى أن يعلنه هو بنفسه وقتما‬ ‫يريد‪ ,‬هل قبلت هذه الشروط؟ فأومأت برأسي موافقا‪,‬‬ ‫واتبع مستر جاجرز‪ :‬فقد خصص لك مبلغ يكفي وزيادة لمصاريف التعليم ونفقات المعيشة‪ ,‬وعليك‬ ‫بصرفه أوال بأول‪ ,‬لذلك يجب أن تعتبرني وصيا عليك‪ ,‬حاولت أن أشكره‪ ,‬فأشار الي بيديه وقال‪:‬‬ ‫كال كال‪ ,‬لقد حصلت على أجر كبير نظير هذه الخدمات‪,‬عليك الحضور إلى لندن مباشرة بعد شراء‬ ‫مالبس مناسبة‪ ,‬وستسكن مع هربرت بوكيت هو جنتلمان صغير بنفس سنك‪ ,‬تستطيع أن تتعلم منه‬ ‫العادات الحسنة‪ ,‬و اقترح أن يكون أبوه معلمك الخاص‪ .‬وناوله عشرين جنيها من الذهب‬ ‫لمصاريف الرحلة ولشراء المالبس‪ ,‬وترك بطاقة صغيرة بها اسمه وعنوانه في لندن‪ ,‬وودعنا‬ ‫وخرج‪ ,‬وظللنا أنا وجو صامتين مدهوشين‪.‬‬ ‫في صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا‪ ,‬وذهبت إلى دكان مستر ترامب خياط القرية ‪ ,‬اضطررت‬ ‫إلى انتظاره فترة أوشكت فيها أن افقد صبري‪ ,‬دعاني أخيرا إلى شقته خلف الدكان وكان يتناول‬ ‫افطاره ولم يكن مباليا بوجودي‪ ,‬قلت له‪ :‬أريد منك خدمة عاجلة أن تصنع حلة حديثة تناسبني‬ ‫وأخرجت بعض الجنيهات الذهبية‪ ,‬وفي لمح البصر نهض و بدأ بممارسة عمله بهمة ونشاط وأمر‬ ‫صبيه بإنزال األقمشة واحدا بعد اآلخر‪ ,‬وساعدني في اختيار النوع واللون المناسب لي‪ ,‬وبعد ذلك‬ ‫قام بتوصيلي إلى الخارج وفتح الباب لي بنفسه‪ ,‬وكانت هذه تجربتي األولى في معرفة مدى تأثير‬ ‫النقود على النفوس‪ ,‬وبعد اإلنتهاء من صناعة الحلة ارتديتها وذهبت إلى بيت اآلنسة هافيشام‬ ‫ألودعها‪ ,‬وبعد ذلك ودعت جو فازداد كآبة وحزنا‪ ,‬وقال لي بتأثر شديد‪ :‬سأفتقدك يا بيب‪ ,‬سأفتقد‬ ‫الصبي المطيع والصديق العزيز الذي احببته منذ أن كان طفال‪ ,‬فنزلت من عيني الدموع ألن شغفي‬ ‫بهذه الرحلة جعلتني أوشك بأن أنسى أعز أصدقائي‪.‬‬


‫الفصل الثامن ‪:‬‬ ‫سافرت الى لندن راكبا عربه تجرها أربعه جباد أستغرقت نحو خمس ساعات وكنت أشعر‬ ‫بالرهبه الى أني صدمت حين رأيتها غير نظيفه والشوارع ضيقه وقبيحه الشكل وذهبت مباشره‬ ‫لمكتب (مستر جاجرز )‬ ‫وأخبرني بحصتي من المال وكان أكثر مما توقعته وأعطاني بطاقات ماليه أستطيع التعامل بها مع‬ ‫أصحاب المحالت األخرى على أن ترسل فواتيري الى مكتبه ليساعده ذلك على مراقبه نفقاتي‬ ‫ويسهل علي حياتي ونادى مستر جاجرز على كاتبه مستروميك فأوصلني الى الحجرات‬ ‫المخصصه ألقامتي مع الشاب الصغير هربرت بوكيت الذي كان قصيرا ونحيفا تتألق عيناه‬ ‫بنظرات حاده وقادني الى مبنى كبير يسمى (خان بارنارد) ثم أتجهنا الى أحد تلك المباني وصعدنا‬ ‫الى حجرات الطابق العلوي فوجدنا على الباب ورقه مكتوب عليها (سأحضر حاال )‬ ‫فكان الباب مفتوح لذلك دلفنا الى الداخل فودعني مستروميك وشكرته كثيرا فأخذت أفحص‬ ‫حجرات سكني فالحجرات كبيره وغير نظيفه وبعد نحو عشرين دقيقه سمعت وقع خطوات‬ ‫بالصاله فظهر شاب صغير يافع يحمل صندوقا صغير به كميه من ثمار الفراوله فابتسمنا ورحبنا‬ ‫ببعضنا وأعتذر لتأخره فلم يكن يعلم بموعد وصولي كان ذلك اللقاء االول دليل على طيبه وعطفه‬ ‫وفي مطعم بالمبنى المجاور كنا نتناول وجباتنا فحكيت له قصتي بنفسي فأستغرقت ساعه شملت‬ ‫كل التفاصيل وطلبت منه أن يرشدني الى طريقه الحياه اللندنيه وطال علينا الوقت ونحن على‬ ‫المائده فقال لي برقه ولطف من المعتاد هنا أن تضع الشوكه في فمك بدال عن السكين وشكرته‬ ‫لذلك وبعدها أكمل قصه ( هافيثام ) التي ماتت أمها وهي طفله وأهملها أبوها لكنها ورثت عنه ثروه‬ ‫طائله ووقعت في حب رجل أنيق فأعطته مبالغ كبيره أثناء خطبتها وعند قرب موعد زفافهما‬ ‫أرسل رساله يتنصل فيها من هذا الزواج فهززت رأسي آسفا وأنا أقول مسكينه ياأنسه (هافيثام )‬


‫الفصل التاسع ‪:‬‬ ‫وفي اليوم التالي حصل هربرت على أجازه ليصحبني لوالده مستر بوكيت الذي يشبهه الى حد‬ ‫كبير وقدمني أليه وأفهمني أني سأتلقى دروسي من (ستار توب ) الطيب و (بنتلي درامل ) الكريهه‬ ‫والمتعالي مع معظم الناس الذي يشبهه العنكبوت وذكر لي األماكن الهامه ألزورها فأحببت‬ ‫معلمي من البدايه كان ذا شعر رمادي ووجهه ملئ بالحيويه وذا أبتسامه طبيعيه وفي يوم ما قررت‬ ‫أن أغير جميع األثاث وأفاجئ هربرت وبينما كنت أبلغ مستر جاجرز بذلك دخلت أمرأه طويله‬ ‫ذات عينان واسعتان حوالي االربعين سنه كانت غير طبيعيه وذليله وطعامها لذيذا وصرف لي‬ ‫المبلغ فورا وسر هربرت بذلك وهنأني وما أن أنتهيت من تجميل شقتي أخبروني بزائر ينتظرني‬ ‫فلقد كتب لي (بيدي ) أن جو يرغب في الحضور لي الى أني لم أكن أريد ذلك فأنا لم أعد بيب الذي‬ ‫كان يعرفه وفي اليوم الموعود سمعت وقع خطواته وهو يصعد السلم وأخيرا دخل وحاولت أن أخذ‬ ‫قبعته الأعلقها في المكان المناسب لكنه تمسك بها وظل يدور بنظرات عينه متفحصا كل شئ‬ ‫بأعجاب وصمت ووصل هربرت وعندما جلسنا للطعام كان جو كثير السرحان والقلق وسقطت‬ ‫قبعت جو عده مرات وكل مره يعيدها الى الرف فسأله هربرت في أدب ماذا تريد أن تشرب فأجابه‬ ‫أي شئ تختاره بنفسك وعندما أنصرف هربرت بدأ جو حديثه قائال واآلن أصبحنا وحدنا يا سيدي‬ ‫فصحت غاضبا من فضلك يا جو كيف تناديني بياسيدي فأخفض رأسه وتأسف على مجيئه‬ ‫وتصرفه الغبي ومالبسه الغير الئقه وأنتمائه الى ورشه الحداد فودعته وظللت أشعر بالخجل من‬ ‫زيارته وزاد هذا األحساس عندما وصلتني رساله بموت أختي ومرت عده سنوات الى أن بلغت‬ ‫العشرين سنه وفي يوما ما وصلتني أخبار طيبه بأن (ستال) قد عادت أخيرا من فرنسا وتنوي‬ ‫العيش في لندن وأنها تدعوني لمقابلتها‬ ‫"يالها من أخبار عظيمه "‬


‫الفصل العاشر ‪:‬‬ ‫ستال‪!..‬‬ ‫فاضت نفس بيب بالفرح فهاهو ذا سيَّرا ستيال بعد كل هذه الغيبة‬ ‫وقد اعتقد أن هربرت سيُسعد بفرحه فاعترف له بحبه لستيال ولكن هربرت تقبل اعتراف بيب‬ ‫كأمر واقع ومعروف فقال لبيب ‪:‬اعرف ذلك‬ ‫اندهش بيب وسأله مُتلعثماً كيف عرفت ذلك ؟‬ ‫فأجاب ببساطه كان مكتوبً في عينيك وأنت تخبرني عن طفولتك وزياراتك لمنزل اآلنسة‬ ‫هافيشام‬ ‫عندها شعر بيب باالرتياح وبداء يحكي له قصة حبه لستيال وان فكرة الزواج بها تعتبر أعظم أمل‬ ‫في حياته وما يجول في ذهنه بان اآلنسة هافيشام تخطط لزواجه من ستيال وإال لماذا جعلت منه‬ ‫جنتل مان‬ ‫فوافقه هربرت في رأيه وقال إن كل أقارب اآلنسة هافيشام يظنون أن األمر كذلك‬ ‫شعر بيب بعدم االرتياح في نضرات هربرت خصوصاً عندما قال اآلن يا عزيزي بيب أريد أن‬ ‫أقول لك شيئا ال يسرك ولكن قبل أن انطق بكلمه أريد أن اعترف لك باني أعيش قصة حب مع‬ ‫فتاة تدعى "كالرا بارلي" وسأرتب لك لقاءً معها لكي تراها بنفسك وأقول هذا لكي ال تظن أن لدي‬ ‫أمل او رغبه في الزواج من ستيال‪..‬‬ ‫ثم قال عندما كان مستر جاجرز يملي عليك الشروط الخاصة بآمالك الكبرى ‪ ،‬هل أمرك بالزواج‬ ‫من ستيال؟‬ ‫أماء بيب برأسه كال‬ ‫عندها قال هربرت ‪ :‬إذا أنا اطلب منك بمنتهى اإلصرار أن تتخلى عن حبها ‪.‬‬ ‫اضطرب بيب وسأله لماذا؟‬ ‫فقال بهدوء تذكر طريقة تربيتها ونشأتها فهي صوره طبق األصل عن اآلنسة هافينشام‬ ‫أحس بيب انه على وشك االنهيار وانهمرت الدموع من عينيه فهو ال يستطيع التخلي عن حبها أبدا‬ ‫كان بيب في ذلك الوقت قد بلغ الحادية والعشرين من عمره أي سن الرشد فأعطاه مستر جاجرز‬ ‫حريت التصرف في أمواله وقد سمح له بالحصول على قروض محدودة وخصص له خمس مئة‬ ‫جنيه سنوياً كما منحه خمس مائه أخرى كهدية من المحسن الكريم الذي يرعاه‬ ‫وبطريقه سرية ساعده مستر وميك بشراء وظيفة لهربرت بحوالي نصف هذا المبلغ في إحدى‬ ‫شركات المالحة الحديثة يمتلكها شاب ذكي وأمين يدعى " كالريكار" وقد قدم له نصف رأس‬ ‫المال على أن يقدم له النصف األخر في الوقت المناسب حتى يصبح هربرت شريكاً كامالً في‬ ‫الشركة ‪.‬‬ ‫وقد كان هربرت في غاية السعادة وهو يخبر بيب عن العرض الذي قدمه له مستر كالريكار وقد‬ ‫اعتبر بيب هذه السعادة مكافئه له على هذا الجميل وقد رأى هربرت يزداد سعادة في كل يوم‬ ‫يقضيه في عمله الجديد‬ ‫وفي ذلك الوقت كانت ستيال قد بدأت حياتها الجديدة في لندن فقد رتبت لها اآلنسة هافينشام أمر‬ ‫إقامتها مع سيدة أرمله من سيدات المجتمع لها ابنة شابة في عمر ستيال وكانت لهذه العائلة صًالت‬ ‫عديدة في المجتمعات الراقية وقد كانت ستيال دائماً ما تدعو بيب لحفالت الرقص التي تذهب إليها‬ ‫ولكنه لم يشعر بالسعادة بسبب معاملة ستيال له كأخ نصف شقيق لها أو كسكرتير أعمالها بالرغم‬ ‫من أن الشباب المعجبون بها كانوا يحسدونه على ذلك‬ ‫وفي إحدى األمسيات طرحت ستيال سؤاالً على بيب قائله ‪:‬‬ ‫هل تصدق ما يقال لك بضرورة الحذر مني ؟‬ ‫فسألها ‪:‬هل تقصدين الحذر من االنجذاب لك ؟‬


‫فأجابته إن كنت ال تعرف ما اقصد فالشك بأنك أعمى ال ترى‬ ‫بالرغم من أن بيب موقن بان الحب أعمى ولكن يعلم أيضا أن ستيال تطيع اآلنسة هافينشام طاعة‬ ‫عمياء لذلك ازدادت أسباب تعاسته‬ ‫وفي نفس أالمسيه أمرت ستيال بيب بان يستعد لمرافقتها لتلبية دعوة اآلنسة هافيشام فهي ال تحب‬ ‫السفر وحيده‬ ‫وبعد تناولهم الطعام على طاولة اآلنسة هافيشام جلسوا بجوار المدفئة ولكن اآلنسة هافيشام لم‬ ‫تستطع رفع ناضريها عن تأمل وجه ستيال وقالت لها بشغف اخبريني بعض من قصص ضحاياك‬ ‫المعجبين اللذين أخضعتهم ‪،‬وقد علم بيب أن ستيال كانت دائماً تكتب لها قصص هؤالء الضحايا‬ ‫أول بأول بعد مالحظته بان اآلنسة هافيشام تعرف جميع أسماء هؤالء الضحايا‪ ،‬ولكن بعد رؤيته‬ ‫لعينا اآلنسة هافيشام وهي تبرقان من شدة استمتاعها تأكد بيب أنها تنتقم من الرجال لتأخذ ثأرها‬ ‫من الرجل الذي تركها في ليلة عرسها‬ ‫عندها جذبت اآلنسة هافيشام يد ستيال إليها ولكن ستيال جذبت يدها بضيق بطريقة أغضبت اآلنسة‬ ‫هافيشام التي صاحت باكيه ‪ :‬ستيال هل تعبتي مني ؟‬ ‫فأجابت ستيال بهدوء تام لقد تعبت من نفسي‪.‬‬ ‫فصرخت فيها المرأة العجوز قائله ما أنت إال تمثال من حجر ال قلب له‬ ‫فأجابتها ستيال بنفس الهدوء ‪:‬أنتي التي علمتني أن أصبح بال قلب‬ ‫فبكت اآلنسة هافيشام ‪ :‬نعم بال قلب ولكن مع الرجال وليس معي عليك أن تبادليني ما اشعر نحوك‬ ‫من حب‬ ‫عندها هزت ستيال رأسها وهي تقول في آسى ‪ :‬نعم يا أمي بالتبني إني مدينه لك بكل شيء وسأفعل‬ ‫كل ما تطلبين ولكن ال استطيع أن افعل المستحيل‬ ‫لم يستطع بيب مشاهدة بقية المشهد فقد خرج من الحجرة إلى الحديقة ولكن توسالت اآلنسة هافيشام‬ ‫الذليلة تصل إلى مسمعه ‪.‬‬


‫الفصل الحادي عشر ‪:‬‬ ‫اكتشاف شخصية "المحسن"‬ ‫انقضت عدة شهور بعد انتهاء االحتفال بعيد ميالد بيب الحادي والعشرين‬ ‫وأحس بيب انه عاجز عن التحرر من ديونه فقد كان يرغب بان يعتمد على المبلغ بخمسمائة جنيه‬ ‫التي يهبها له المحسن كل سنه ولكن في الحقيقة كانت ديونه كثيرة باإلضافة إلى التزامه بالمبلغ‬ ‫الكبير الذي اتفق عليه لصالح هربرت‬ ‫وكان أمله الوحيد هو أن يقوم المحسن الذي يرعاه بان يهديه مبلغ من المال في كل عيد ميالد له‬ ‫ليتمكن من تسديد ديونه ويستمر في عيش حياه رغده‬ ‫وعندما وصل سن الثالث والعشرين أصبح يضحك ساخراً من الفتى بيب الصغير الذي اعتقد أن‬ ‫مبلغ بخمسمائة جنيه سنوياً يعتبر ثروة طائلة وان مهنة الحداد هي أفضل وظيفة في العالم ‪.‬‬ ‫لقد توقف بيب عن تلقي الدروس ولكنه استمر في القراءة لعدة ساعات يومياً وفي إحدى الليالي‬ ‫هبت عاصفة شديدة منعت بيب من الخروج ولزم المنزل واستغرق في القراءة وقد كان وحيداً الن‬ ‫هربرت ذهب في رحلة عمل ‪ ..‬ودقت ساعة "كاتدرائية سان بول" القريبة الحادية عشر قبل‬ ‫منتصف الليل فقطعت حبل أفكار بيب عندها تنبه إلى وقع أقدام في الممر الخارجي أمام الباب‬ ‫ونظراً الن الريح الشديدة أطفئت كل المصابيح التي تضيء الممر فقد حمل بيب مصباح القراء‬ ‫وفتح الباب وما إن سطع ضوء المصباح في الممر حتى توقفت الخطوات فصاح قائالً من هناك؟‬ ‫وماذا تريد ؟‬ ‫فجاءه صوت رجل أنا هنا يا سيدي ابحث عن مستر بيب‬ ‫وما إن رأى الرجل بيب تبين على وجهه السرور ‪ ..‬كان يرتدي ثياباً جديدة ولكنها خاليه من الذوق‬ ‫وكان ذا شعر رمادي طويل ويبلغ من العمر حولي الستين إال أن جسمه كان يبدو قوياً وعندما‬ ‫أصبح قريباً من بيب مد يديه ولكن بيب لم يعلم ماذا يفعل فقال له بثبات ‪ :‬أنا بيب ماذا تريد صمت‬ ‫الرجل الغريب لبرهة كأنه يتوقع من بيب أن يدعوه للدخول فقال ‪:‬أريد أن اشرح لك بعض األمور‬ ‫عندها دعاه بيب للدخول بجفاء وقد كان مندهشاً من فيض إحساس الرجل بالسعادة عندما رآه وما‬ ‫إن وصال إلى عرفة الجلوس ابتسم الرجل ابتسامه راضيه ومد يده مره أخرى حتى شعر بيب انه‬ ‫مجنون فلم يمد يده عندها قال الرجل بتلعثم وهو يشعر باإلحراج ‪:‬آه لقد فهمت وأنت لست مخطئ‬ ‫ولكن ال تشعرني باليأس بعد أن قطعت رحلة طويلة أللقاك‬ ‫فخلع الرجل قبعته ومعطفه وجلس على المقعد بجوار المدفئة يدفئ يده عندها سئل قائالً أيوجد احد‬ ‫غيرنا في هذا البيت ؟‬ ‫قال بيب بغضب بأي حق تسألني وأنت رجل غريب اقتحمت منزلي في هذا الوقت المتأخر من‬ ‫الليل !‬ ‫فهز الرجل رئسه متبسماً وقال ‪ :‬أنت رجل شجاع يا بيب وأنا سعيد ألنك أصبحت رجل شجاع إلى‬ ‫هذا الحد‬ ‫وفي لمح البصر سطعت فكره في ذهن بيب وعرف من هذا الرجل أنه السجين الهارب الذي قابله‬ ‫في صغره بين المقابر في ساحة الكنيسة وعندها شعر الرجل أن بيب عرفه فمد يده مره أخرى فمد‬ ‫بيب يده مستسلماً هذه المرة وفي الحال رفع الرجل يدي بيب ليقبلها معبراً عن االعتراف بالجميل‬ ‫فقال ‪:‬لقد كنت كريماً ونبيالً معي ولن انسي بيب النبيل أبدا‬ ‫وعندما أوشك على احتضانه مد بيب يده على صدره ودفعه بعيداً عنه وقال بحزم‪ :‬إن كنت تريد أن‬ ‫تشكرني فال يوجد ضرورة لذلك وان كنت قد ساعدتك في صغري فانا ال استطيع أن أوفر لك اآلن‬ ‫أية حماية‬


‫صمت الرجل طويالً واخذ يدور بعينيه في أنحاء الغرفة حتى استقر نضره على زجاجات الشراب‬ ‫فقال له بيب ‪ :‬ال باس في تناول القليل من الشراب ليدفئك قبل أن تنصرف‬ ‫جلس الرجل مره أخرى على الكرسي وقال شكراً لك ‪ ..‬أريد كأسا من الوبسكي ‪.‬‬ ‫فصب له كأسا وصب لنفسه كأسا أخر وقال له بال اهتمام‪ :‬كيف كنت تعيش كل تلك السنوات‬ ‫الماضية ؟‬ ‫فقال الرجل بهدوء ‪ :‬لقد عشت حياة ناجحة في نيوساوث ويلز في استراليا وامتلك مزرعة وقطعانا‬ ‫من الغنم ولكن هل لي أن أسألك عن مجرى حياتك منذ أن تقابلنا !‬ ‫واضطر مكروها أن يعطيه ملخص وجيزاً عن مجرى حياته وبعد أن انتهى قال الرجل بهدوء‪:‬‬ ‫استطيع أن أخمن مقدار دخلك منذ أن بلغت سن الرشد انه مبلغ يقدر بخمسمائة جنيه سنوياً أليس‬ ‫كذلك ؟ وبنظرات ثابتة أكمل قائالً واستطيع أن أخمن انك تحصل على هذا الدخل من رجل يعمل‬ ‫بالوساطة يبدأ اسمه بحرف "ج" أليس كذلك ؟‬ ‫لم يستطع بيب الكالم وشعر انه سيختنق واستند على طرف المائدة وواصل الرجل حديثه ‪ :‬في‬ ‫الواقع إن اسم الرجل الواسطة هو " جاجرز"واسم كاتبه "وميك" أليس كذلك ؟‬ ‫واخذ بيب يتهاوى وهو يحاول الجلوس على األريكة وساعده الرجل على الجلوس وركع على‬ ‫إحدى ركبتيه أمامه وهو يقول ‪ :‬نعم يابيب لقد جعلت منك جنتلمان حقيقياً ‪ ..‬أنا الذي فعلت كل هذا‬ ‫من أجلك‬ ‫بداء بيب يرتعد خوفاً كما لو كان قد تحول إلى وحش مفترس‬ ‫ولكن الرجل واصل حديثه بهدوء وفرح ‪ :‬انك اعز علي من ابن حقيقي يا بيب وقد أقسمت على أن‬ ‫اجعل منك جنتلمان وها أنا ذا قد نجحت في ذلك‪..‬‬ ‫واخذ ينظر بفرح إلى السجاجيد واللوحات المعلقة ومالبس بيب األنيقة والى جوهرة الياقوت في‬ ‫الخاتم والى الكتب المرصوصة‬ ‫ولكن بيب لم ينطق بكلمه ربما ألنه كان عاجزاً عن الكالم ‪ ..‬وواصل الرجل حديثه لقد حققت‬ ‫بعض النجاح والشهرة في نيوساوث ويلز رغم أن بعض الناس كانوا يعايروني بالماضي حين‬ ‫كنت سجيناً ولكن لم أكن اهتم بذلك ألني كنت على يقين باني امتلك جنتلمان عظيم مثلك وعلى أمل‬ ‫أن استطيع العودة في يوم ماً لكي أراك وأقابلك وأعرفك على نفسي ووسط كل هذه األحاسيس لم‬ ‫يلحظ الرجل مدى اإلحساس بالرهبة والبؤس والسقاء الذي كان يمزق قلب بيب وهو ينصت‬ ‫لحديثه وأخيرا سال بيب وهو يتثاءب ‪ :‬وأالن يا بني العزيز أين يمكنني أن أنام ‪..‬بعد أن قمت بتلك‬ ‫الرحلة الطويلة التي تحيطها المخاطر ؟‬ ‫استعاد بيب صوته وقدرته على الكالم وقال له يمكنك أن تنام على سرير صديقي الغائب ولكن ماذا‬ ‫تقصد بقولك مخاطر ؟‬ ‫فأجابه بهدوء وبساطه ‪:‬إن السلطات ستنفذ حكم اإلعدام شنقاً لو علمت بعودتي إلى لندن‬ ‫وعلى الفور أسدل بيب جميع الستائر وادخله إلى حجرة هربرت وهو يشفق عليه لمجازفته‬ ‫واستعداده للتضحية بحياته لكي يراه وعلى نفسه ألنه لم يستطع أن يشعر نحوه بأي قدر من‬ ‫التعاطف وقبل أن يغادر الغرفة سأله ‪ :‬هل ساعدك شخص أخر في هذه المجازفة ؟‬ ‫فقال مندهشاً ‪ :‬ال يا بني العزيز لقد قمت بها وحدي‬ ‫وهكذا تبددت جميع أحالم بيب مع ستيال وتبين أن خطة اآلنسة هافيشام بزواجه من ستيال كذبه‬ ‫كبرى اقنع بها نفسه دون أساس وأيقن حقيقة مركزه بالنسبة لستيال وانه لم يكن أكثر من مرافق‬ ‫مفيد لها تلعب بعواطفه‬ ‫وظل يتأمل النار في المدفئة حتى ظهر نور الصباح وهو يشعر بمنتهى البؤس وخيبة األمل ‪.‬‬


‫الفصل الثاني عشر ‪:‬‬ ‫عاش "بيب" طوال حياته في وهم بأن األنسه "هافيشام" هي التي كانت ُتحسن إليه و ترعاه لكي‬ ‫يتعلم ويُصبح جنتلمان ولكن أخيراً انكشفت الحقيقة من المحامي "مستر جاجرز" بأن المحسن‬ ‫الحقيقي هو "آبيل ماجويتش" السجين الهارب الذي قدم له يوماً ما الطعام والمبرد الحديدي‪.‬‬ ‫أرسلت "ستيال" ل"بيب" دعوة حضور حفل زواجها من شخص غني واسع الثراء متجاهلة‬ ‫إعتراض "بيب" على زواجها‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر ‪:‬‬ ‫انكسر قلب "بيب" بعد زواج "ستيال" و أخذ يتجول في شوارع لندن يُمزق اليأس قلبه‪.‬‬ ‫تدور األحداث ويعرف ” بيب” أن أم "ستيال" تعمل خادمة عند المحامي "مستر جاجرز" الذي‬ ‫كان الوسيط بينه وبين والداها الذي قدم له العون في استكمال تعليمة ولكن ” استال” عاشت طيلة‬ ‫حياتها تجهل امها وابيها ‪ .‬اتهمت ام ” استال” بالقتل فقد قتلت عشيقة والداها ودخلت والسجن وحكم‬ ‫عليها بالبرائة وعملت عند المحامي "مستر جاجرز" الذي ترافع عنها‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر ‪:‬‬ ‫افتقدت السيدة ”هافيشام” ” استال” بعد زواجها‪.‬‬ ‫كانت ترتدي السيدة ”هافيشام” ثياب العرس بالرغم من إنها عجوز طاعنة في السن وكان لهذا‬ ‫سبب واضح من إنها تم الغدر بها من شخص وعدها بالزواح وخلي بها لذا صارت حزينة‬ ‫واحتفظت بكل مراسم العرس من ثياب حتي الساعة توقفت عند الساعة التي اعلن فيها تركها بعد‬ ‫أن استولي علي أموالها‪ ,‬بعد ذلك نشبت النار في ثيابها بعد أن اشتعلت غرفتها و فقدت وعيها لكنها‬ ‫كانت التزال حيه ‪.‬‬


‫الفصل الخامس عشر ‪:‬‬ ‫أسرار من الماضي‬ ‫كنت مازلت أعاني من الصدمة الشديدة بعد أن وصلت الى بيتي في لندن وقام هربوت باعادة ربط‬ ‫جروحي وعلى الرغم من آالمي كان البد عليا ان أقوم ببعض المهام العاجلة وإلصابتي بالحمى‬ ‫الشديدة فقد قام هربوت ببعضها نيابة عني وما إن استعدت قواي حتى ذهبت لمقابلة مستر جاجرز‬ ‫واطلعته على الرسالة التي كتبتها اآلنسة هافيشام فحرر شيكا بمبلغ تسعمائة جينيه لصالح‬ ‫كالريكار وأمر باستدعائه لمقابلتي وبعد أن حضر واستلم مني باقي الحصة وعدني بأن هربوت‬ ‫سيصبح شريكا كامال للشركة بشرط أن يسافر إلى الشرق ويدير الفروع الخارجية ثم انحنى بي‬ ‫جاجزر وقال هامسا يجب أن يرحل الزائر ألن السلطات أوشكت أن تعرف مكانه وما إن وصلت‬ ‫إلى البيت حتى أبلغت هربرت وشعرنا باليأس ألن أربطة يدي ال تسمح لي بإستخدام مجداف‬ ‫القارب ولكن هربرت قال مقترحا علينا أن نطلب المعونة من ستارتوب فوافقت ألنه صديق أمين‬ ‫يمكن اإلعتماد عليه وبحذر شديد قمنا بزيارة ماجويتش إلخباره باإلستعداد للهرب وقد صدم حين‬ ‫رأى األربطة حول يدي وأخذ يهتم باآلمي وجروحي أكثر من اهتمامه بتفاصيل خطة الهرب وقال‬ ‫مواسيا آه ي بني العزيز أنا ال أهتم إال بمصلحتك فقط أنت أعز عندي من ابن حقيقي بل حتى من‬ ‫ابنتي التي فقدتها حين كانت طفلة فقاطعته قائال ولكنك لم تحدثني من قبل بأن لديك طفلة أين هيا‬ ‫اآلن ؟ فتنهد بعمق قائال لقد نشأت دون أن أعرف لنفسي أبوين كنت أعرف فقط أني عشت حياتي‬ ‫بين السجون وفي وقت ما تزوجت من فتاة غجرية وأنجبت طفلة صغيرة ولكن زوجتي كانت حادة‬ ‫الطباع فقامت بخنق إحدى السيدات بعد أن تأكدت بأني معجبا بها وتوقف لبرهة وبدا كأنه يتخيل‬ ‫المرأتين اللتين كانتا يتنافسان على حبه ثم واصل قائال لقد غضبت مني زوجتي وهددتني بأنها‬ ‫ستقتل ابنتي انتقاما مني ثم اختفتا قبل أن أفعل أي شيء وعلمت فيما بعد بالقبض عليها وتقديما‬ ‫للمحاكم اتهاما بقتل امرأة وكان مستر جاجزر هو المحامي الذي قام بالدفاع عنها وكان عليا أن‬ ‫أختفي حتى ال اضطر إلى الشهادة بأن زوجتي قتلت طفلتنا الصغيرة أيضا واآلن يا بيب هل‬ ‫عرفت لماذا اعتبرك ابني الوحيد ؟ ولحسن الحظ فان جروحي قد جعلت وجهي شاحبا لدرجة لم‬ ‫يظهر أثر الشحوب وجعلني غير قادر على النطق بكلمة وقال ماجويتش مواصال ومع كل هذه‬ ‫السنين فمازلت أحمل كراهية تجاه زوجتي ولكني أكره شخصا واحد فقط هو نفسه الذي رأيتني‬ ‫وأنا أضربه في مستنقعات كنت فضغط ع ركبتي ليذكرني بذلك فابتسمت مرغما وواصل‬ ‫ماجويتش قائال لقد استغلني هذا الرجل أسوأ استغالل كان يتظاهر بأنه جنتلمان وكان يضع خطط‬ ‫الجرائم ويطلب مني تنفيذها ليظل آمنا بينما أواجه أنا المخاطر والنتائج وحدي ثم استولى على‬ ‫معظم األموال التي حصلنا عليها وادعى بأنه هوا الذي خطط بعقله للحصول عليها وعندما قبض‬ ‫علينا شهد ضدي في المحاكمة وقد صدقته المحكمة عندما قارنت بين مظهري اإلجرامي الرث‬ ‫ومظهره النظيف المتأنق فحكموا بسجني وأطلقوا سراحه فأقسمت على أن أنتقم منه إنني ال أكره‬ ‫أحدا في الدنيا قدر كراهيتي لكومبايسون وبعد أن خرجنا أنا وهربوت حتى أبلغته بالمعلومات التي‬ ‫حصلت عليها من وميك بخصوص قصة الخادمة موللي وقلت في النهاية إذن ماجويتش هو بعينه‬ ‫والد ستال ولكن مالفائدة من إعالن ذلك ؟ فوافقني هربوت على هذا االستنتاج واقسمنا على أن‬ ‫نحتفظ بهذا السر ألنفسنا وقال هربوت في النهاية كنت أريد أن أقول لك بأن كومبايسون هوا نفسه‬ ‫الشخص الذي أحبته االنسة هافيشام وكان سببا في مأساتها ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫الفصل السادس عشر ‪:‬‬ ‫التجديف إلى الحرية‬ ‫قررنا تنفيذ خطة الهرب يوم األربعاء واتفقنا مع سفينة مسافرة الى هامبورج بألمانيا وشاهدناها‬ ‫وهي راسية على الرصيف حتى نحفظ شكلها وبينما كنت أنهي إجراءات جواز السفر بمكتب مستر‬ ‫جاجزر تولى هربوت بإبالغ كل من ستارتوب وماجويتش باإلستعداد وفي حقيقة األمر كنا أنا‬ ‫وهربوت في غاية اإلضطراب وكنا نشعر بأننا تحت المراقبة وفي اليوم الموعود ارتدينا مالبس‬ ‫ثقيلة واخذت معي حقيبة متوسطة الحجم بها بعض أدوات الزينة وبعض غيارات المالبس وفي‬ ‫تلك اللحظات لم أكن أدري ماهذا الذي أفعله وال أين أنا ذاهب كنت ال أفكر بأي شيء سوى توفير‬ ‫األمان لماجويتش وكان ستارتوب ينتظرنا بالقارب وبدأنا باإلبحار في الساعة الثامنة والنصف‬ ‫صباحا وكان علينا أن نجدف مع تيار المد حتى الساعة الثالثة عصرا ثم نستمر في التجديف حتى‬ ‫موعد حلول الظالم ثم نقضي الليل في احدى الحانات النائية حتى صباح اليوم التالي فنعود إلى‬ ‫القارب لننتظر الباخرة التي اتفقنا معها وفي الحال وضع ماجويتش ذراعه حول كتفي وقال يابني‬ ‫العزيز لقد تم كل شيء على نحو حسن شكرا لك شكرا لك فضغطت على يده وتلفت يمنه ويسره‬ ‫حتى أتاكد من عدم وجود أحد يراقبه وعندما أرخى الظالم سدوله رسونا بقاربنا قرب خانة فقيرة‬ ‫بها رجل وزوجته قدما إلينا عشاء طيبا تناولناه بالقرب من المدفأة وكان هربوت وستارتوب في‬ ‫غاية التعب لقيامها بالتجديف طول النهار فسرعان ماغطا في نوم عميق أما أنا فقد نمت في نفس‬ ‫الغرفة التي نام بها ماجويتش ونمت نوما متقطعا بالرغم من إحساسي بالتعب واستيقظت فزعا عدة‬ ‫مرات أثناء الليل وسمعت صوت رجلين يتحدثان عند النهر ففتحت النافذة بحذر ورأيت الرجلين‬ ‫يقومان بتفتيش قاربنا ثم انصرفا دون أن يلقيا أي نظرة على الحانة وخمنت بأنهما من مفتشي‬ ‫الجمارك وفي صباح اليوم التالي نهضنا مبكرين وعدنا إلى القارب وجدفنا حتى وصلنا لمنطقة‬ ‫مستترة وتوقفنا النتظار الباخرة وفي الساعة الواحد والنصف ظهر لنا دخان الباخرة قادمة نحونا‬ ‫وفي الحال بدأنا نستعد وحمل كل منا حقيبته وسلمت على ستارتوب وهربوت الذي الحظت بأن‬ ‫عينيه مثلي مغروقتان بالدموع وبدأنا نجدف حتى وصلنا قرب الخط الذي تسير فيه الباخرة وفي‬ ‫نفس الوقت بالضبط بدأ قارب آخر يتجه نفس اإلتجاه حتى اقترب منا تماما ونادى علينا الرجل‬ ‫الذي يمسك بالدفة معكم سجين مطرود من انجلترا وال يجوز له العودة إليها وهنا كان القارب‬ ‫االخر قد سد الطريق أمام قاربنا ومنعه من الحركة حتى سيطر عليه تماما وقد تسبب هذا الموقف‬ ‫في حدوث ارتباك على ظهر الباخرة وأمروا بإيقاف ماكيناتها ومع ذلك ظلت الباخرة تتقدم نحونا‬ ‫وفي هذه اللحظة انحنى الرجل الذي كان يمسك الدفة ومد يده وأمسك بماجويتش من كتفه ولكن‬ ‫ماجويتش انحنى بدوره ومد يده ونزع العباءة عن الرجل الذي كان يصدر األوامر والتوجيهات‬ ‫وكان هو كومبايسون بعينه وتبدى الفزع الشديد على وجه كومبايسون وتراجع إلى الخلف من شدة‬ ‫الخوف ولكن ماجويتش قفز إلى القارب االخر لكي ينقض على كومبايسون ولكن هذه الحركة‬ ‫العنيفة أدت إلى اهتزاز القاربين وفي لحظة انقلب قاربنا بمن فيه وانتشلوني من الماء ورفعوني في‬ ‫القارب اآلخر ثم انتشلوا هربوت ثم ستارتوب ونظرت ملهوفا إلى ماجويتش فرأيته يسبح بضعف‬ ‫شديد ويقاوم الغرق فرفعه الرجال إلى قاربهم وقاموا يتكتيف يديه وقدميه وهكذا باتت خطة‬ ‫الهروب بفشل ذريع ‪.‬‬


‫الفصل السابع عشر ‪:‬‬ ‫يا بني العزيز‪!!..‬‬ ‫كان " ماجوتيش " قد أصيب بإصاباتً بالغة أثناء محاولتنا للهرب إلى " هامبورج" التي انتهت‬ ‫بالفشل وإلقاء القبض على " ماجويتش " من قبل السلطات ومقتل " كومبايسون " حيث اختفت‬ ‫آثاره ثم وجدت جثته على الشاطئ فيما بعد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مليئة‬ ‫ودار حوارً عميق بيني وبين " ماجويتش" قبل يوم المحاكمة‪ ،‬حيث كنا نتحدث بمشاعر‬ ‫بالتضحية واإلخالص‪ ،‬ولن أنسى إلى األبد مشاعر الحب الصادق وهو يقول لي‪ :‬يابني‬ ‫العزيز‪!!...‬‬ ‫ولم تستغرق المحاكمة فترة طويلة‪ ،‬وتولى " مستر جاجرز " الدفاع عنه رغم علمي المسبق بأن‬ ‫األمر ميؤوس منه!‪ ..‬وقدم " مستر جاجرز " إلى المحكمة شهادة تؤكد براءة " ماجوتيش " وأنه قد‬ ‫تاب عن اإلجرام منذ فترة طويلة‪ ،‬ولكن ال فائدة من ذلك حيث كان على " ماجوتيش " أن يقف أمام‬ ‫الحقيقة ويواجه عقوبة اإلعدام شنقاً إذا عاد إلى إنجلترا!؟‬ ‫كنت دائماً أول زائرً يدخل مستشفى السجن قبل كل الزوار اآلخرين‪..‬‬ ‫ًُ‬ ‫وبعد أن صدر الحكم‪،‬‬ ‫وأخذت أصلي ألجلي أن يموت " ماجويتش " قبل أن ينفذوا فيه حكم اإلعدام‪ ،‬كما أخذت أكتب‬ ‫الرسائل و االلتماسات لكل شخص في السلطة يمكنه أن يقدر الموقف‪ ،‬لكنها كانت دون جدوى‬ ‫سوى أنه أصبح بإمكاني زيارة " ماجويتش “كل يوم في مستشفى السجن‪.‬‬ ‫كانت حالة " ماجوتيش " تتدهور يوماً وراء يوم‪ ..‬وفي زيارتي العاشرة له‪ ..‬كان يبدو وكأنه‬ ‫مودعاً لي حيث كان يشكرني بشده الهتمامي به ووقوفي إلى جانبه وهنا بدأ صوته يضعف‬ ‫وخارت قواه تماماً‪ ..‬حتى انتهى وقت الزيارة حين هممت بالنهوض وضع يده على كتفي كإشارة‬ ‫منه أن أبقى بجانبه وال أنصرف‪ ..‬وفهمت من ذلك أن " ماجوتيش " يحتضر ويعيش لحظاته‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫وعندئذ انحنيت عليه‪ ..‬وقلت هامساً وأنا أغالب دموعي‪ :‬يا عزيزي " ماجوتيش "‪ ..‬أريد أن‬ ‫أخبرك سراً قبل أن تغادر هذه الدنيا‪ ..‬هل تذكر ابنتك التي كنت تعتقد أنها قتلت ‪...‬؟! إنها لم تقتل "‬ ‫يا ماجويتش "‪ ..‬إنها على قيد الحياة اآلن وإنها من أجمل نساء هذا المجتمع وأنا أحبها من كل‬ ‫قلبي‪!...‬‬ ‫وحينئذً سحب يدي بمنتهى الضعف وقبلها ثم أعادها إلى مكانها وكانت هذه آخر حركة قام بها‬ ‫" ماجويتش " في هذا العالم!‬ ‫لم أكن أستطيع فهم نفسي جيداً في تلك اللحظة‪ ..‬لكني شعرت باالرتياح والهدوء والسالم‪ ،‬والحت‬ ‫في ذهني فكرة الندم على أني لم أكن مخلصاً للصداقة الحقيقية التي يكنها لي " جو جاجري “‪!...‬‬


‫الفصل الثامن عشر ‪:‬‬ ‫تغيرات كثيرة‪!!...‬‬ ‫أفقت إلى نفسي أخيراً وكيف حالت إليه ظروفي والتي ازدادت سوءا أكثر من أي وقت‬ ‫مضى‪ ،‬كان علي أن أقوم بتأجير شقتي ألني أصبحت غير قادرً على اإللمام بجميع‬ ‫تكاليفها خصوصاً بعد أن سافر "هربرت" إلى القاهرة في مصر ليدير فرع شركة‬ ‫"كالريكار"‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فلم أستطع أن اتخاذ أي قرار فيما يخص مستقبلي ألني سقطت أرضا‪ ،‬فقد‬ ‫كنت أشعر ببوادر المرض تتسلل إلى جسدي إلى أن مات " ماجويتش " فعندئذ بدأ‬ ‫المرض يشتد حتى أصبحت طريح الفراش مرتعشاً غير قادرً على الحركة‪..‬‬ ‫وبين حين وآخر كانت تنتابني نوبات من الهذيان فأذهب متجوالً في الشوارع بال وعي‬ ‫ودون جدوى‪ ..‬وفي يوم ما تنبهت لوجود شخصين بالقرب مني وبعد اقترابي منهم‬ ‫وسؤالهم عن غايتهم‪ ،‬تبين لي أنهما جاؤوا للقبض علي بسبب عجزي عن الوفاء‬ ‫بالديون!!‬ ‫فصدرت مني آهة مؤلمة وقلت لهما يائساً‪ :‬كان بودي أن أذهب معكما‪ ..‬ولكني مريضً وال‬ ‫أستطيع‪..‬‬ ‫عدت للبيت ورقدت على السرير مستسلماً للمرض وأضغاث الكوابيس‪ ..‬كنت أتخيل‬ ‫جميع الناس الذين عرفتهم وقابلتهم في حياتي وكأنهم جالسون جوار سريري ‪ ..‬وعندما‬ ‫كانت تختفي كل الوجوه ‪ ..‬ال يبقى إال وجهً واحد دائماً وهو وجه " جو "‪..‬‬ ‫وأفقت في لحظة‪ ،‬فرأيت أمامي نفس الوجه ‪ ..‬فقلت في ضعف‪ :‬هل أنت هنا يا " جو "؟‬ ‫فابتسم بفرح وقال‪ :‬نعم يا " بيب " ‪ ..‬ياصديقي العجوز ‪!...‬‬ ‫فانخرطت على الفور في البكاء ‪ ..‬ليس هذياناً هذه المرة‪ ،‬وإنما هو بكاءً صادق يعبر عن‬ ‫احساسي بالندم تجاه " جو "‪!..‬‬ ‫وأخذ " جو " يرعاني ويمرضني لمدة شهر كامل‪ ،‬إلى أن بدأت أستعيد قواي بالتدريج‪،‬‬ ‫حينها أخبرني " جو " بأن اآلنسة " هافيشام " قد ماتت متأثرةً بحروقها وقد ورثت " ستال‬ ‫" كل أمالكها‪..‬‬ ‫أخبرت " جو " بكل ما جرى في قصة حياتي وانهيار آمالي الكبرى ‪ ..‬واكتشافي حقيقة‬ ‫المحسن الذي تبرع لي بكل أمواله‪..‬‬ ‫وبعد أن اكتمل شفائي ‪ ..‬استيقظت ذات صباح فلم أجد " جو " ‪ ..‬لقد رحل في الصباح‬ ‫الباكر وترك لي رسالةً مليئة باألخطاء اإلمالئية!‬ ‫كانت رسالة وداع رقيقة ‪ ..‬ومرفق بها إيصال بدفع الديون المتراكمة علي‪ ..‬والحقيقة أن "‬ ‫جو " هو الذي قام بتسديد هذا الدين!‬ ‫وبينما كنت غارقاً في فيض الذكريات‪ ..‬ال حت في ذهني فكرة هائلة‪ ..‬لماذا ال أبدأ حياةً‬ ‫جديدة‪ ..‬ولماذا ال أتزوج من "بيدي"؟!‬ ‫وما ان انقضت ثالثة أيام‪ ،‬حتى أخذت عربة السفر متجهاً إلى "كنت" ‪ ..‬وعندما اقتربت‬ ‫من البيت‪ ،‬لم أسمع دقات مطرقة "جو" المعهودة وفوجئت بأن الورشة كانت مغلقة ‪..‬‬ ‫فانتابني إحساسً عارمً من الخوف!‬


‫أما البيت فلم يكن يبدو مهجوراً ‪ ..‬بل كانت الستائر بيضاء نظيفة تتطاير من خالل النافذة‬ ‫المفتوحة بغرفة الجلوس‪ ..‬وعندما نظرت إلى الداخل رأيت " بيدي و جو " وهما يلوحان‬ ‫لي مرحبين بحضوري ‪ ..‬حينها قالت "بيدي"‪ :‬ها أنت ذا يا أعز صديق‪ ،‬ليتك قد جئت يوم‬ ‫زفافنا أنا و "جو"!!‬ ‫هنأتهما بحرارة وأنا أخفي خيبة أملي ‪ ..‬وقضيت معهم عدة ساعات قبل أن أرحل عائداً‬ ‫إلى لندن‪..‬‬ ‫وبعت كل ممتلكاتي وسويت معظم ديوني وسافرت إلى مصر وعملت موظفاً بفرع شركة‬ ‫"كالريكار" معاوناً "لهربرت" وكان األخير قد تزوج "كالرا" فعشت معهما في نفس‬ ‫البيت‪..‬‬ ‫وبالتدريج‪ ،‬حققت الكثير من النجاح والتقدم وكنت أكتب الرسائل إلى " جو وبيدي “بين‬ ‫الحين واآلخر‪..‬‬ ‫وفي يوم ما قرر "كالريكار" أن يخبر " هربرت" بالسر الذي بيننا وأني أنا الذي دفعت‬ ‫حصة اشتراكه في رأس مال الشركة وأنا الذي أوصيت عليه ووظفته منذ البداية‪..‬‬ ‫ومن اجل هذا ازداد حب " هربرت " لي وازداد تقديره لصنيعي الجميل‪..‬‬


‫الفصل التاسع عشر واألخير ‪:‬‬ ‫وبعد احدى عشرة سنة عدت إلى إنجلترا ‪.‬‬ ‫وفي يوم من األيام وبعد حلول الظالم دخلت في البيت القديم في مستنقعات (كنت)‪.‬‬ ‫كان جو يجلس قرب المدفأة وبالقرب منه في نفس المكان الذي كنت اجلس فيه في طفولتي كان‬ ‫يجلس بيب الصغير ‪,‬‬ ‫قفز جو واندفع نحوي من الفرح يحتضنني ‪ ،‬و جاءت بيدي و اخذت تقبلني و تبكي من الفرح‬ ‫بعودتي ‪,‬‬ ‫اما بيب فكان يشعر بشيء من الخوف و الدهشة ‪.‬‬ ‫و بعد مضي أيام قليلة أصبحت انا وبيب الصغير أصدقاء ‪.‬‬ ‫و عندما حل موعد رحيلي إلى لندن الحظت أن بيب اصبح يحبني ويتمسك بي تماما مثل ما كنت‬ ‫اتمسك بأبيه جو في الماضي ‪.‬‬ ‫قبل مغادرتي زرت أطالل منزل االنسة هافيشام المحترق الذي لم يبق منه اال الحديقة ‪.‬‬ ‫جلست أتذكر ذكرياتي و أتذكر ستيال التي كنت قد علمت انها تزوجت و عاشت شقية مع زوجها‬ ‫بنتلي درامل الذي هجرته و انفصلت عنه قبل عامين ‪.‬‬ ‫بينما كنت أفكر و أتجول وجدت امرأة تقف وحيدة بعيدا‬ ‫اتجهت نحوها فالتفت لي ‪,‬و كانت المفاجأة‬ ‫صحت وأنا اتجه نحوها ‪ :‬ستيال !‬ ‫قالت ‪ :‬بيب هل عرفتني ‪!..‬‬ ‫كانت محتفظة بجمالها و في عينيها نظرة حزن هادئة ‪.‬‬ ‫و أخبرتني انها اول مرة تأتي لهذا المكان بعد حياة طويلة الذي باعته فكان اخر ممتلكاتها ‪.‬‬ ‫فسألتني ‪ :‬هل ما زات تعيش ف الخارج ؟ فأخبرتها عن نجاحاتي و أنني أصبحت شريكا في‬ ‫شركة( كالريكار) فبدت سعيدة ‪,‬‬ ‫و أخبرتني انها كانت تفكر بي و تلوم نفسها أنها تجاهلت حبي الصادق أيام غرورها ‪ ,‬و أنها‬ ‫الزالت تحتفظ لي بمكانة عزيزة في قلبها ‪.‬‬ ‫فأمسكت بيدها و قلت ‪ :‬و أنت كنت دائما في أعز مكانة في قلبي ‪...‬‬


‫الخاتمة ‪:‬‬ ‫بطل قصتنا ( بيب ) عاش معظم حياته األولى في أحد مستنقعات ( كنت ) وقضى‬ ‫طفولته في تخيالت مخيفة ‪ ,,‬وعندما كان في السابعة من عمره ذهب لزيارة قبر أمه‬ ‫وأبيه اللذان لم يشاهدهما قط في حياته ‪ ,,‬وبينما هو منهمر في البكاء والدموع تسيل‬ ‫من عينيه ظهر رجل عمالق خرج من بين المقابر وفي لمح البصر أمسكه بقوة وقلبه‬ ‫رأساً على عقب وأمره بإحضار المبرد الحديدي له وبعض من الطعام دون أن يخبر‬ ‫أحداً ‪ ,,‬في هذه األثناء وبينما كانت أخته منهمكة في تجهيز حفل عيد الميالد تسلل إلى‬ ‫الطبخ ليأمِّن حصة الرجل العمالق من الطعام ‪ ,,‬وتسلل مجموعة من جنود الشرطة‬ ‫للبحث عن الحداد ( جو ) رغبة في خدمة عاجلة منه للقبض على السجناء الهاربين ‪,,‬‬ ‫وبعد انقضاء أيام قليلة بعد حفل الميالد جاء العم ( بامبلشوك ) بأمر من اآلنسة (‬ ‫هافيشام ) الستدعاء ( بيب ) للعب في بيتها ‪ ,,‬قابل بيب ( ستال ) ولعب معها ‪ ,,‬بيب‬ ‫الصبي الحداد كره هذه المهنة وفكر في الهرب منها للعمل في البحر ‪ ,,‬وبعد مرور‬ ‫أربع سنوات من العمل ظهر ( مستر جاجزر ) محامي لندن الصطحاب بيب معه‬ ‫ليصبح جنتلمان لديه آمال كبرى في مستقبل مزهر بالثراء ‪ ,,‬وبعد موافقته على تنفيذ‬ ‫الشروط المقدمة له قدم له عشرين جنيهاً من الذهب ليأمن سفره إلى لندن ‪ ,,‬ذهب إلى‬ ‫مستر جاجزر فأخبره بقيمة الحصة المخصصة له من المال والبطاقات المالية ‪ ,,‬وقام‬ ‫( مستر وميك ) الكاتب لتوصيل بيب إلى حجراته المخصصة له ‪ ,,‬قضى حياته‬ ‫الجديدة مع رفيقه ( هربوت ) الذي ائتمنه على جميع أسراره وكبرا معاً ‪ ,,‬وعرف بيب‬ ‫فيما بعد بأن السجين الهارب ( آبيل ماجويتش ) هو الذي ساعده وأنفق له كل ما يملك‬ ‫ليصبح جنتلمان ‪ ,,‬وأن القاتلة ( موللى ) هيا زوجة ماجويتش وأم ستيال التي حماها‬ ‫ودافع عنها جاجزر ‪ ,,‬وأن السجين اآلخر ( كوبايسون ) عدو ماجويتش هو الذي أحبته‬ ‫هافيشام ولم يتم الزوج بينهما ‪ ,,‬وبعد موت ماجويتش وهافيشام وزواج كل من جو‬ ‫وبيدي وهربوت وستيال مرض بيب مرضاً شديداً اعتنى به صديقه الصدوق ‪.‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.