تلخيص كتاب لماذا نحب ؟ طبيعة الحب وكيمياؤه تأليف :هيلين فيشر
1
المقدمة قيل على ِ الحب" لسان مصطفى المنفلوطي" :قد خلق اهلل القلب وأودعه ّ الحب غذاء الروح وربيع القلب، ّ
يظل اإلنسان باحثاً عنه ظنًا أنه بعي ًدا منه متناسيا أنها وديعة اهلل في ِ قلبه، ً الحب ذلك الذي يصنّع لقاءاً في السماء! ّ ويجعل من البحر ناطقاً عندما تنظر إلى محب ،فإنك تنظر إلى ٍ هالة من نور ،وكأنك قد أدركت بعض محبة قلبه ُ ّ الحب قلبك يتسع ،وتشعر جوارحك تبعاً لذلك. وعندما يسكن ّ
تحب ستعطي ألجل العطاء ،وسيصنع بك المعجزات. نعم! عندما ّ سيُخلق لك من قنديل الليل نوراً ،ومن وحدته أغنيةً.
الحب ذلك الذي يُشعرك أنّك في خي ٍر وفير ،وقد حازت لك الدنيا بما فيها. ّ
تحب حين تُريد الصمت ،وعندما تأخذك السماء ،و الغيوم ،وهديل الحمام إليه! الحب عندما تتحدث إلى من ّ ّ
كتابة /وديان سعد
2
الفهرس ( )1شهوة الحب الجامحة :الوقوع في الحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 4 ( )2المغناطيسية الحيوانية :الحب بين الحيوانات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 12 ( )3كيمياء الحب :التصوير اإلشعاعي للمخ في حالة ا لحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 18 ( )4نسيج الحب :الشهوة ،والغرام ،واالرتباط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 26 ( ) 5الفرحة الغامرة "األولى" :من نختار ؟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 34 ( )6لماذا نحب ؟ تطور الحب الرومانتيكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 42 ( )7الحب الضائع :الرفض ،واليأس ،والغضب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 48 ( )8السيطرة على العاطفة :لكي يدوم الحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 52 (" )9جنون اآللهة" :انتصار الحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ 58
3
()1 شهوة الحب الجامحة الوقوع في الحب "العالم بالنسبة لي، العالم ُكله ِ بوسع ِه أن يتوقف
ِ بذراعيك ،بالنسبة لي يرقد العالم هناك، أن يُطوق ِ ظاللهما، بأضواء عينيك و ُ ذلك هو الجمال الذي ال يشيخ أبداً".
كم ِمن النساء و الرجال أحبوا بعضهم البعض في كل الحقب و العصور التي سبقتنا ،كم ِمن أحالم تحققت؟ وما قدر ما أ ِ ُهد َر ِمن عواطفهم؟ أتسأل عن كل عالقات الحب الممزقة للقلوب تلك التي امتصها هذا الكوكب ،و لِحسن الحظ ترك لنا الرجال و النساء حول العالم كماً هائالً ِمن األدلة التي تشير إلى حيواتهم العاطفية. كتلك القصائد باللغة المسمارية في سومر القديمة التي تمجد غرام "أنانا" الملكة السومرية بـ"دوموزي" راعي الغنم ،و المخطوطات السنسكريتية التي تحكي عن "شيڤا" الذي أُفتتِن ولعاً بـ"ساتي" الفتاة الهندية ،أما بالنسبة للجزيرة العربية فكانا
ِ اللذان تحكي الخرافة الصينية عنهما ،و غيرهم الكثير و الكثير َكـ"روميو و جولييت"، "قيس و ليلى" ،و "ميالن و تشانج بو" "باريس و هيلين"...إلخ ،آالف قصائد العشق و األغنيات و الحكايات عبرت القرون و كل المجتمعات و تركت لنا مخطوطات مكتوبة.
يتخطف العقل ثم يجلب السعادة القصوى في ما تلك الكيمياء؟ وما ذلك الشعور الغير قابل للسيطرة عليه؟ ذلك الذي ُ لحظة ،و في اللحظة التالية يجلب اليأس و الحزن!! دراسة الحب قمت بفحص األدب السيكولوجي في الحب (آهٍ أخبروني حقيقة الحب) ،لكي نفهم ما تورثه تلك التجربة اإلنسانية العميقةُ ، ٍ سمات كثيرة بعينها .و لكي أُرضي نفسي بأن تلك الخصائص الرومانسي ،كان ذلك الشعور القوي تركيباً معقداً و متشابكاً ِمن قمت بتوزيع هذا للوله الرومانسي إنما هي كونية ،توسلتها بوصفها ركائز لالستطالع الذي صممته حول الحب الرومانسيُ . المسح بين الرجال و النساء في جامعة روتجريس -نيوجيرسي ،و جامعة طوكيو و حولهما .و بدأ التصويت على النحو 4
ٍ شخص ما في التالي :هذا االستطالع حول "الوقوع في الحب" ،إن لم تكن حالياً واقعاً في الحب بل وقعت في غرام الماضي ،فرجاءاً أجب عن األسئلة حول الشخص الذي في المخيلة.
سئل المشاركون أسئلة ديموغرافية ،مع تغطية الشرائح العمرية المختلفة ،و الخلفيات االقتصادية و العقائدية و ِ العرقية و ُ
الميول الجنسية و الحالة االجتماعية و العالقات العاطفية ،ثم اكتمل االستطالع ببعض العبارات ،مثل :يكون لدي طاقة أكبر حينما أكون مع ...إلخ.
كانت النتائج مدهشة ،العمر و الميول الجنسية و االنتماء الديني و االنتماء العرقي ،ليس ِمن بين تلك التباينات ما صنع اختالفاً كثيرا في االستجابة أو النتائج.
و هكذا وباعتبار أن كل األمور مأخوذة في االعتبار فإن داخل هذين المجتمعين المختلفين كان الرجال و النساء متشابهين في مشاعرهم فيما يخص الحب الرومانسي.
أمر كوني بالنسبة للبشرية إنه جزء من الطبيعة البشرية". "أن تقع في الحب هذا ٌ المعنى الخاص واحدة من األشياء التي تحدث حينما تقع في الحب هو أن تجرب تبدالً عاطفياً دراماتيكياً في الوعي يسميه علماء النفس "المعنى الخاص" ،حيث يصبح محبوبك غير مألوف ،متفرد ،منقطع النظير و ُكلّي األهمية. المرَّكز االهتمام ُ الموجه لبؤرة بعينها هو إحدى سمات الحب الرومانتيكي ٪73 .من الرجال و "الحالة الفائقة من اليقظة و التركيز" التركيز ّ
٪85من النساء يتذكرون تلك األمور الصغيرة التي فعلها لهم عشاقهم أو قالوها ،و ٪83من الرجال و ٪9٠من النساء
يستدعون تلك الحكايات عندما يتذكرون أحبتهم .باليين العشاق يشعرون بتدفق العاطفة حين يتذكرون اللحظات التي قضوها مع عشاقهم ،ومن األمثلة على ذلك قصيدة "حصيرة البامبو" لِـ"يوان تشين" و حكاية "التسيلوت". تعظيم شأن الحبيب المفتون يبدأ في تعظيم أو حتى تهويل شأن كل السمات البسيطة في المحبوب ،و دائماً ما يقنعون أنفسهم بأن تلك العيوب عيوبهن. مالمح تفرد و جاذبية ،بل إن البعض يعبدون محبوباتهم بسبب ّ
5
"تأثير العدسة الوردية" إسم أطلقه العلماء على ولع العشاق بالمزايا اإليجابية في أحبتهم ،إنها الحياة بمنظور وردي .حوالي
٪65من الرجال و ٪55من النساء في االستطالع وافقوا على عبارة "لديه/لديها بعض العيوب ،لكن تلك العيوب بالفعل ال تزعجني ،و ٪64من الرجال و ٪61من النساء أجمعوا على عبارة "أحب كل شيء في ."... لَ َكم نخادع أنفسنا حين نحب ،كان "شومر" على حق حين قال( :الحب أعمى). التفكير المقتحم "التفكير االستحواذي المفرط" في المحبوب واحد من األعراض الرئيسية في الحب الرومانسي ،وهو معروف لدى علماء المقتحم" ،وهو ببساطة عدم القدرة على إخراج حبيبك ِمن رأسك .واألمثلة على ذلك تظهر بغزارة في النفس بـ"التفكير ُ األدب ،ومنها :الشاعر الصيني الذي كتب "كيف يمكنني أال أفكر فيك؟" ،و شاعر بياني مجهول كتب "اشتياقي ال نهاية له فمتى ينقطع؟" و غيرها الكثير ِمن األمثلة .إن ٪79من الرجال و ٪78من النساء في االستطالع قرروا أنهم أثناء وجودهم
في العمل أو في الفصل الدراسي كانت أذهانهم تعود باستمرار لمعشوقيهم .وإن ٪47من الرجال و ٪5٠من النساء وافقوا
سجل المشاركون في االستطالع أنهم يفكرون على عبارة "مهما بدأ عقلي في التفكير إال أنه دائماً ينتهي بالتفكير في ،"...و ّ في أحبتهم حوالي ٪85من ساعات صحوهم. لهيب العاطفة أشعر أنني أخف وزناً ِمن الهواء". ٪8٠من الرجال و ٪79من النساء موافقين على العبارة "حينما أتأكد أن ٌ ... مغرم بيُ ، إن السمة المشتركة التي تجمع المضروبين بالعشق هي ذلك الطوفان من العواطف الجامحة التي تنساب بجبروت داخل
العقل .فقد وصفه الشاعر الروماني "كاتولويس" باللهيب المشتعل في جسده ،و الشاعرة اليابانية "أونو نو كوماشي" وصفته على أنه نيران تتأجج في قلبها. الطاقة العنيفة ٪64من الرجال و ٪68من النساء في استطالعنا سجلوا أن خفقان قلوبهم كان يتسارع حينما يسمعون أصوات أحبتهم
على الهاتف ،و ٪77من الرجال و ٪76من النساء سجلوا أن جيشاناً في الطاقة يتلبسهم حينما يرافقون أحبتهم .التلعثم و االرتباك و العصبية و خفقان القلب و فقدان التنفس كل هذه األعراض تصاحب العشق الرومانسي ،وقد بَـ َرع "أندريا
المقتحم" الذي يمر به كابالنوس" في تصوير ذلك في كالسيكيته "في فنون العشق النبيل" ،و تُحدِّث أيضاً عن "التفكير ُ
العشاق موضحاً( :كل شيء يفعله العاشق ينتهي به للتفكير في محبوبته) ،و أوضح أن العاشق يركز كل انتباهه على شخص واحد بعينه حينما يكون في حالة حب قائالً( :ال أحد بوسعه أن يحب اثنين في ٍ وقت واحد).
6
المزاج يتأرجح :من النشوة إلى اإلحباط العشق الرومانتيكي بوسعه أن ينتج مزاجاً متأرجحاً يتغير من النقيض إلى النقيض ،و من حال االبتهاج إلى اإلحباط أو حتى الغضب و الهياج حينما يتم تجاهل المشاعر أو رفضها.
الكاتب السويسري "هنري فريدريك إميل" وصف هذه الحالة بقوله" :كلما أحب الرجل أكثر ،عانى أكثر" ،وقد أطلق أهالي التأميل في جنوب الهند على هذه الحالة من االضطراب العاطفي "ماياكام" وهي تعني "حال الخدر ،الدوار و الوهم".
لم يدهشني أن ٪72من الرجال و ٪77من النساء في استطالعي لم يوافقوا على الجملة" :تصرفات ...لم تؤثر أبداً على اتزاني العاطفي" .بينما ٪68من الرجال و ٪56من النساء أيدوا العبارة" :حالتي العاطفية تتوقف على ما يشعر به ... تجاهي".
الحنين إلى التوحد العاطفي العشاق يتوقون بلهفة إلى الوحدة العاطفية مع أحبتهم و ِمن دون هذا التواصل يشعر العشاق بأنهم غير مكتملين ،كأن جزءاً أساسياً ِمن تكوينهم مفقود. ربما ليس ِمن عبارة في كل تاريخ األدب قد قبضت على جوهر الحب الرومانتيكي العاطفي مثل تلك "الحاجة". إلي مثلما أنا في استطالعي وافق ٪86من الرجال و ٪84من النساء على عبارة" :أتمنى أن يكون ...منجذباً/منجذبة ّ منجذب إليه/إليها" .تلك الرغبة العارمة في الذوبان و التوحد مع الحبيب ،تحلل و تفند مجمل األدب العالمي. ٌ
يُـؤِمن الفيلسوف "روبرت سولومون" أن تلك الرغبة الملّحة هي السبب األول الذي يجعل العاشق يقول" :أنا أحبك" ،هي ليست جمله ِمن أجل إخبار حقيقة بقدر ماهي طلب للتأكيد. عميقة هي الحاجة للتوحد العاطفي مع المحبوب لدرجة جعلت خبراء النفس يؤمنون بأن شعور العاشق بالنفس يصير مشوشاً و ضبابياً .وكما قال "فرويد"" :كلما زاد الحب وطأة هدد بطمس الحدود بين الذات و بين المحبوب". البحث عن دليل حينما ال يعرف العاشق إن كان محبوبه يقدر حبه و يبادله إياه ،يصبح فائق الحساسية للعالمات و اإلشارات التي يرسلها 7
ٍ شخص الحبيب .في استطالعي سجل ٪79من الرجال و ٪83من النساء أنهم حينما كانوا في حالة انجذاب شديدة إلى ما ،كانوا دائماً يفحصون تصرفاته بدقه ،باحثين عن دالئل و إشارات توضح لهم شعور أحبتهم تجاههم.
٪62من الرجال و ٪51من النساء قالوا إنهم كانوا يبحثون عن معان ٍي مختلفة لكلمات أحبتهم و إشاراتهم و تغيرات مالمحهم.
تغيير األولويات العديد من المفتونين يغيرون أسلوبهم في الملبس ،المعيشة ،العادات و أحياناً القيم لكي يفوزوا بالحبيب. ٪79من الرجال األمريكان و ٪7٠من النساء األمريكيات في استطالعنا أجمعوا على العبارة" :أحب أن أترك جدول مواعيدي مفتوحاً حينما يكون/تكون ...غير مشغول/مشغولة ،حتى يمكننا اللقاء". العشاق يعيدون ترتيب حيواتهم لكي تتوافق مع أحبتهم. االعتمادية العاطفية وألن العاشق دائماً ما يكون معتمداً على المحبوب ،فإنه دائماً ما يعاني من اضطراب االنقسام حينما يكون بعيداً عن حبيبه ،و كأن العشاق ليسوا إال عرائس ماريونيت تتدلى من خيوط يحملها أخرون. التقمص العاطفي كنتيجة لما سبق يشعر العشاق بتقمص عاطفي هائل نحو المحبوب .في استطالعي وافق ٪64من الرجال و ٪76من
النساء على العبارة" :أشعر بالفرح حينما يكون/تكون ...سعيداً/سعيدة ،وأحزن حينما يكون/تكون حزيناً/حزينة" ،بل و يُقبل بعض العشاق على التضحية بأنفسهم في سبيل معشوقيهم. الفجيعة تُؤجج الهوى الفجيعة عادةً ما تُغذي لهيب الهوى .أُسمي هذه الظاهرة بـ"جاذبية خيبة األمل" .الحواجز االجتماعية أو الفيزيقية تشعل الغرام الرومانتيكي ،و تمكن الشخص من أن يتجاهل الحقائق و يركز على السمات االستثنائية في اآلخر .حتى المشاحنات و االنفعاالت المؤقتة بوسعها أن تكون محفزات.
تلك العالقة الشاذة بين الفجيعة و مرارة الغرام يمكن رصدها عند كل العشاق سيئي الحظ في أساطير العالم التاريخية 8
العظمى.
٪65من الرجال و ٪73من النساء في استطالعي وافقوا على عبارة" :لن أكف أبداً عن حب ...حتى حينما تسوء
األحوال جداً" .و وافق ٪75من الرجال و ٪77من النساء على عبارة" :حينما تتراجع عالقتي مع ...أحاول بكل قوتي أن أُعيد األمور إلى نصابها".
ي قول "ديكينز"" :الحب يعلو إلى قمة نموه الخصب مع الفراق و تحت وطأة المصاعب القصوى" ،ولألسف هذه هي الحقيقة.
الرجاء و األمل لماذا يستمر العشاق في األمل ،حتى حينما يكون نرد الحياة ضدهم على نح ٍو ٍ قاس؟ معظمهم ال يزال محتفظاً باألمل في أن تعود عالقاتهم الموءودة للحياة من جديد بعد مرور سنوات ِمن انتهائها على نح ٍو مرير. الرجاء سمة غالبة من سمات الحب الرومانتيكي .وقد عبرت عن ذلك التفاؤل قصيدة الشاعر "مايكل درايتون". أظن أن الميل للرجاء مزروع في مخ اإلنسان منذ الحقب السحيقة ،لهذا كان أجدادنا يطاردون على نح ٍو عنيد أقرانهم حتى انتهاء آخر لمحة ممكنة. االتصال الجنسي الشعر في كل أنحاء العالم يشهد على العشاق و على توقهم العنيف للتواصل الجنسي مع المحبوب .و قد اعتبرت الرغبة الجنسية عنصراً مهماً و أساسياً من عناصر الحب الرومانتيكي .فليس من العبث أن نجد دائماً مشاعر الرومانسية مرتبطة بالتوق الجنسي.
٪73من الرجال و ٪65من النساء يحلمون آناء الليل و أطراف النهار بممارسة الحب مع عشاقهم. الحصرية الجنسية ما إن يقع الرجل أو المرأة في الحب و يبدأ في التوق للتوحد العاطفي مع محبوبه ،فإنه يطلب اإلخالص الجسدي و الحصري من حبيبه .وفِي الملحمة العربية حينما ُخ ِطبت ليلى إلى ٍ رجل آخر غير حبيبها المجنون قيس ،كانت تتهرب من فراش الزوجية.
أمر شديد األهمية حينما نقع حوالي ٪8٠من الرجال و ٪88من النساء في استطالعي وافقوا على عبارة" :الوالء الجسدي ٌ 9
في الحب".
هذا التوق للحصرية الجنسية كان سبباً في أن يحمي أجدادنا حمضهم النووي ( ،)DNAحينما ي ّدخرون كل أوقاتهم و طاقاتهم تقريباً في االهتمام بشخص حبيباتهم. الغيرة "رفيقة الحب" كتب "كاب يالنوس"" :ذلك الذي ال يشعر بالغيرة غير قادر على الحب" .لذلك أُطلق على الغيرة "رفيقة الحب" ألنها كانت
ممكن فقط بين تؤجج الرومانسية .كما ح ّذر "آي تشينج" كتاب الحكمة الصيني الذي ُكتب قبل 3٠٠٠عام "الرباط الحميم ٌ شخصين ،ألن مجموعة من 3أشخاص تولد الغيرة". التوحد العاطفي ينتصر على التوحد الجنسي ولكن حتى الرغبة في تبادل الممارسات و التوق لإلخالص الجنسي تظالن أقل أهمية بالنسبة للعاشق من الحنين للتوحد العاطفي مع المحبوب.
يحترق العاشق شوقاً ألن ينال اهتمام حبيبه ،هذا التوق العاطفي يفوق مراحل الرغبة في مجرد اإلشباع الجنسي. واقع في غرامي أهم كثيراً من أن ٪75من الرجال و ٪83من النساء في استطالعي قد وافقوا على عبارة" :أن أعرف أ ّن ٌ ... أمارس معه/معها الجنس".
الحب الالإرادي غير المسيطر عليه ظاهر فيه القوة المهيمنة الكامنة في الحب الرومانسي تكمن في ذلك االستحواذ الذي هو غالباً غير مخطط له ،ال إرادي و ٌ انعدام السيطرة عليه.
الرجال و النساء المعاصرون يشعرون أيضاً بذلك العجز الذي يصاحب تجاربهم ،فـ ٪6٠من الرجال و ٪7٠من النساء في استطالعي قد وافقوا على عبارة" :الوقوع في الحب لم يكن اختياراً ،إنه قد وقع فحسب". حالة عابرة كما أن الحب يأتي دون دعوة ،بوسعه أيضاً أن يتبخر .يقول أفالطون ..." :الحب متقلب ذو نزوات ،متطاير ،متذبذب ،غير 10
ثابت ،بوسعه أن يتبخر ،يضرم نيرانه ثم يخبو من جديد" .ولكن ألي ٍ أمد سيستمر سحر الحب؟ ال أحد يعرف ،فريق من علماء الطب العصبي استنتجوا مؤخراً أن الحب الرومانتيكي يدوم على نح ٍو طبيعي بين 12و 18 شهراً ،و بوسعه أن يدوم 17شهراً ،مع أني أُراهن على أن الحب يختلف على نح ٍو الفت تبعاً لطبيعة الشخصيات المتورطة في الحب .و معظم الناس قد شعروا بحالة عابرة استغرقت أياماً فقط أو بضعة أسابيع. الصور المتعددة للحب بالطبع بوسع الحب الرومانتيكي أن يتخذ أشكاالً عدة ،فهو يتأرجح بين مشاعر اليأس و اإلحباط و األمن و السالم .الحب أفضل ما يشبه به هو الفيضانات و األعاصير ،ولكن علماء النفس ٍ بوجه عام يميزونه إلى نوعين أساسيين هما :الحب ُ الهم و القلق و األسف. المتبادل ،وهو المصحوب بالتحقيق و الفرح ،و الحب الغير متبادل ،وهو المصاحب للخواء و ّ
11
()2 المغناطيسية الحيوانية الحب بين الحيوانات الجاذبية الحيوانية " كانت بكل وضوح حالة حب من النظرة األولى ،ألنها سبحت نحو هذا القادم الجديد تالطفه ...تدفعها مشاعر الرغبة " هكذا قال تشارلز داروين واصفا أنثى البط البري التي افتتنت بذكر البط البري ذي الذيل المدبب وهو من فصيلة أخرى .جميعنا يقع في الخطأ
في الواقع أن داروين قد سجل أن جميع الحيوانات العليا تتشارك في "المشاعر المتشابهة ،المشاعر وحتى األحاسيس األكثر تعقيدا مثل الغيرة والتنافس على الحبيب واالعتراف بالجميل والشهامة ولديها ملكة خفة الظل والدعابة . يعد داروين من العلماء القالئل الذين اتفقوا على أن الحيوانات تشعر بالحب فيما بينها .
علماء التاريخ الطبيعي وعلماء الحيوان عادة يصفون الغضب والخوف لدى الكائنات األخرى . لكن العلماء نادرا ما قالو إن الحيوانات تقع في الحب رغم مشاهد الغزل بينهم .
الحب بين القنادس يحيا على نحو أقل إمكانية على المالحظة .مثل سمكة "سكيبر " .
تعيش القنادس في مجموعات عائلية صغيرة .تعمل وتمرح في الليل وتبقى الصغار مع أبويها لعامين قبل البحث عن وليف . أسماك سكيبر كذلك يرحل الذكر مع شقيقته لوريل ،في إحدى أمسيات أبريل المقمرة .ليشيدا سدا وبحيرة .وسرعان ما
ترتفع المياه .تبدأ الحشرات في الفقس مجتذبة الضفادع ،وملك العصافير .وتخفق لوريل في العودة من رحلة البحث عن طعامها بين أشجار القيقب والصنوبر .
ما إن تتحول األوراق إلى اللونين األحمر والذهبي ،يرحل سكيبر مجددا عائدا إلى بحيرته المهجورة .وحذرا يبدأ في إعادة بناء سده المتهدم .ويبدأ في إعادة بناء سده المتهدم .ويبدأ في دفع الطمى نحو الشاطئ ،ثم ينظمه على هيئه أهرامات ، بعدها يبدأ في نثر تلك التالل بزيت عطري يفرزه من غدته الشرجية وزيوت نباتيه من فتحاته التناسلية .فيأمل بطريقته
القندسية أن يغري "زوجته " ويجتذبها .كمعظم القنادس يلتصق القندس بعروسه السمراء على نحو مختلس في موات الليل ، ثم يترافقان مدى العمر -أشهر طوال قبل أن تصل األنثى لدورتها الشبقية الجديدة .
هل كانا في "حاله حب " ؟ في كتابها "بحيره الزئبق " ،كتبت رايدن " :تعتمد تزاوجيهة القنادس على االنجذاب الذي هو أسطوري بقدر ما هو إجباري .مالحظة رايدن مهمة :بين القنادس ،كانت مشاعر الجاذبية والترابط مختلفة عن مشاعر الجنس ".
فبإحدى أمسيات أبريل ،يكمل زوجا القندس زواجهما .سكيبر وعروسه الصغيرة يطلعان من البحيرة المضاءة بنور القمر .
يتشقلبان مرات فوق بعضيهما في تلذذ .يغطسان ويثرثران معا بأصوات عذبة تشبه الصوت البشري تقريبا .البد أنهما تزاوجا تحت الماء ؛ ألن عروس سكيبر الصغيرة ،مع بدايات أغسطس ،تلد صغيرين سمينين . 12
مثل الفيلة ،تنفق القنادس طاقة هائلة في الغزل واالهتمام برفيق خاص .وتتالمس بأنوفها على نحو عاطفي لدرجة أجرؤ ألقول (إنه الحب)
الجنون والبهجة ثمة العديد والعديد من أوصاف الجاذبية بين الحيوانات من المستحيل سردها جميعها .وفي كل مجتمع حيواني يظهر الذكور واإلناث خصاال من الغزل تعد مكونات مركزية من العشق الرومانسي بين البشر.
يطارد ابن عرس شريكته على نحو شديد من الحيوية لدرجة أن يطلق علماء الحيوان على ذلك "العراك اللعوب" ،والحيوانات الضخمة كذلك تفعم بالطاقة وقت التزاوج ،الضباع تدور حول بعضها وهي تصدر طقطقة صاخبه منغمة تعرف ب"الضحك"، الدالفين ذات األنف المدبب تقفز خارجة من الماء ثم تغطس وتسبح على نحو محموم في جميع االتجاهات.
حتى الفقاريات البرمائية واألسماك ترقص بحيوية وهي تغازل ،ذكور الضفادع البرية النهارية تؤدي رقصة "إصبع القدم" تقفز
لألعلى ولألسفل أمام األنثى لتستعرض إمكاناتها .الجنون والبهجة هذا بالقطع حقيقي في حال الرجال والنساء حين يقعون في الحب.
الهياج العصبي غزل الحيوانات أيضا عصبي وقلق ،األوالد المراهقون مزعجون فيما يخص المواعيد الغرامية .العديد من المغازلين في
الطبيعة يصبحون عصبيين .كتب نيكو تنبيرجين في وصف زوج طيور السواحل البحرية "كل من الذكر واألنثى وقف يختال
بريشه على نحو انفعالي يميل للعصبية .الزرافات من بين أكثر كائنات العالم رشاقة "تتحرك في كل مكان على نحو قلق " حينما تدخل حالة الغزل. فقدان الشهية العديد من الحيوانات في حاالت الغزل يفقد الشهية للطعام .تلك سمة أخرى من سمات الحب الرومانتيكي لدى اإلنسان. حينما يجد ذكر الفيل أنثى في دورتها الشبقية فإنه يمتنع نهائيا عن الطعام .إنه يركز على نحو كلي على التواصل معها
وحراسة تلك "الجائزة" التي نالها دون الذكور اآلخرين .في الحقيقة ومع الوقت يغدو ذكر الفيل المتزوج نحيال للغاية .وحتى يخرج من حالة "هياجه الجنسي " يجب عليه أن يعود للقطيع األعزب حيث يتعافى ،يأكل ويستريح لعدة أشهر.
ذكر األسد في غزله يمنح القليل من الطعام الذي يحصل عليه إلى محبوبته .كتب جورج شالير وصفا ساحرا حول هذا " الحظ أحد ذكور األسود وهو في "حالة غزل" إحدى الغزاالت بجوار بركة ماء قريبة ،فقطع طقس الغزل لكي يوقع تلك
الجائزة .وثم حمل تلك الهديه إلى أنثاه وجلس على مقربه يرقبها وهي تأكلها عن آخرها " رمز يمس القلب ويضرب المشاعر مع األخذ بعين االعتبار حقيقة تقول إنه كان جائعا.
أظن أن كيمياء المخ في حالة الجاذبية العاطفية قد تتغلب على احتياج هذا الذكر للطعام . 13
المثابرة واإلصرار الحيوانات أيضا متشبثة مثابرة .فمعظمها لديه فرص قليلة في الحياة لالنتصار على غرمائهم المنافسين ،والتزاوج والتناسل لهذا يثابرون.
ذكر الزراف يتتبع إحدى اإلناث لساعات إلى أن تخضع مستسلمة لغزله .ذكر النمر أيضا على نفس درجة المثابرة واإلصرار .ال يرفع عينه مطلقا عن رفيقته ،حتى أبسط حركة من ذيلها يلقطها انتباهه.
هذا اإلصرار الذي يمكن رصده في العديد من المخلوقات ،من الفراشات إلى وحيد القرن ،هو صك دمغة في الحب الرومانتيكي لدى اإلنسان. العاطفة معظم الحيوانات المغازلة تُظهر أيضا عالمات الرقة ،والحنو ،وأكثر السمات سحراً في الحب الرومانسي بين البشر .
كنت عالمة البيولوجي الرس ويلسن ،حول زوج من القنادس في حالة غزل تقول " :ينامان ٌكل منهما ُملتف حول اآلخر
طول النهار وفي الليل يبحثان عن بعضهما البعض في أوقات منتظمة لكي يرعى كل منهما اآلخر أو لينظف ٌكل منهما جسد اآلخر أو حتى ليجلسا متجاورين فقط" يتناجيان" لبرهة قصيرة عبر أصوات تواصلية خاصة ،النغمات الخفيفة تلك تبدو لإلنسان تعبيراَ عن ال شيء إن هي إال تعبيرات عاطفية حميمة "
التشيمبانزي يعانق ،يربت ،ويقبل أحدهما اآلخر في األفخاذ والبطون ،إنها حتى تعرف كيف تُقبل " ال ُقبلة الفرنسية " حيث يُدخل أحدهما في فم اآلخر لسانه ذو األهداب المخملية ،حتى ذكور الصراصير تضرب إناثها بقرون استشعارها . حب الجراء الصغيرة في كتابها الشهير ":الحياة السرية للكالب " .أقرت إليزابيث مارشال توماس ،أن الكالب تُبدى عواطف رومانتيكية عميقة نحو رفقائها ،وصلت إلى هذه الخالصة بعد دقائق من تقديمها " ميشا" ،كلب الهاسكي السيبيري الوسيم ،إلى " ماريا"
الكلبة الصغيرة التي تخص ابنتها ،وكانت الفصيلة نفسها ،استقبلت إليزابيث الكلب في بيتها حينما ذهب أصحابه إلى رحلة طويلة في أوربا .
يوم وصوله لبيت آل توماس ،تبخر ميشا نحو غرفة المعيشة ليكتشف المكان ،فوقع بصره وثبت فورا على الفاتنة الساحرة
ماريا ،في الحال كتبت توماس ":أن ماريا ثنت مرفقها كدعوة للعب " ،طاردني" هكذا كان يقول لسان حال حركتها ،وهو
ما فعلة بسرعة وخفة ،راح هذان الكائنان يدوران حول الغرفة ،ميشا وماريا كانا مأخوذين ببعضهما ومفتونين لدرجة انهما لم يعودا يهتمان بشيء مما يجري حولهما .حتى أن ميشا لم يلحظ متى غادر أصحابه البيت "
هذان الكلبان تالزما ولم يعد يمكن فصلهما ،كانا يأكالن ،وينامان ويتجوال معا ،وانجبا أربعة من الجراء اللطيفة ومعا ربيا
صغارهما ،حتى حل يوما أسود حينما تخلى أصحاب ميشا عنه لبعض الناس في الريف ،ظلت ماريا تجلس على إطار الشرفة من حيث شاهدت حبيبها آلخر مرة وهو يجبر على دخول السيارة ،هنا تسمرت في ذلك المكان وأخيرا ضربها اليأس 14
وتوقفت عن االنتظار ،كتبت توماس" ماريا فقدت بريقها ..لم تبد أي رغبة في عمل عالقة دائمة مع ذكر آخر ،رغم انه على مدى سنوات ،توافد على بيتنا العديد من الذكور المحترمين المؤهلين للزواج . الحيوانات انتقائية
الطاقة المفرطة ،التركيز الموجة لمثير واحد بعينه من أجل مطاردة ومغازلة هذا الشريط " الخاص " فقدان الشهية ،المثابرة، اإلصرار ،الضرب الحنون ،التقبيل ،اللعق ،االحتضان ،اللعب ،كلها سمات الفتة للنظر من سمات الحب الرومانسي بين بني البشر ،إال أن العديد من الكائنات تقع في الجاذبية الغرامية .على أن الحيوانات انتقائية ،تجيد االختيار .
من بين كل الخصائص التي تميز الحب البشري من تلك التي تُظهرها الكائنات األخرى ،ربما ليس أكثر جالء من تلك االختيارية ،ففي حين ال يمكنني أنا وأنت أن نقفز في الفراش مع أي شخص يحاول اإلثارة ،فالحيوانات كذلك ترفض
بعضها في حين تقبل البعض اآلخر ،من بين فصيل التشيمبانزي العادي الذي ظلت تدرسه عالمه الحيوان والتراتب التطوري بين القردة و اإلنسان ،بروفسور " جين جودال" على مدى أربعين عاما في تنزانيا ،كانت القردة " فلو" هي األكثر شعبية ،
حينما دخلت دورتها الشبقية عام ، 1983كانت تتبع في أي مكان تذهب إليه بقطيع من الذكور قوامه 14قرداً يافعاً كانوا راغبين أيضاً في الدخول مباشرة في خينة جودال فقط لكي يكونوا على مقربة من تلك األنثى المفضلة ،فيفي ،ابنه فلو ، كانت أيضا مطاردة من الذكور ،أكثر كثيرا من صديقتها ،بوم للتشيمبانزي تفضيالته وانتقاءاته.
الذكر يفضل أنثى بعينها بصرف النظر عن ظرفيهما الجنسي ،واإلناث تنجذب لذكور بعينها على الرغم من وضاعة رتبتهم
وانخفاض حالتهم ،كما الحظ داروين قبل مائه عام ،كتب في كتابه" أصل اإلنسان" أنه حتى في الحيوانات شديده التوحش ،اإلناث ال ينجذبن بالضرورة للذكر األقوى ،في موسم التزواج " األمر يبدو كأنما األنثى فقط أثيرت ،بذكر معين ومن ثم بدون وعي تنجذب إليه وتفضله "
األسود ،قردة البابون ،الذئاب ،الخفافيش حتى الفراشات جميعها تتميز بين المغازلين ،فتصر على تجنب مرافقة العض ، وتثابر من أجل التركيز على الزواج وتركيز طاقتها الرومانتيكية مع البعض اآلخر .
" جميع " الحيوانات انتقائية .للحق ،فإن تلك التفضيلية شائهه جدا في الطبيعة حتى أن أدبيات الحيوان تستخدم
مصطلحات عديدة في وصفها ،بما في ذلك ؛" تفضيالت التزاوج " '" انتقائية ما قبل الجنس " "،التفضيلية الفردية " ' " االختيار الجنسي " "،اختيار الشريك " '.
انتقائي هو الحيوان ،ذاك أن معظم الحيوانات تعبر بجالء وبسرعة ،عن تفضيالتها . الحب من النظرة األولى " منذ اللحظة التي وقعت فيها عيناها عليه ،أصبح معبودها ،ال تريد سوى أن تكون إلى جواره ،لتغدق عليه مشاعرها ،
كانت تتبعه أينما ذهب ،نغمة صوته كانت تجلها تنبح " فيوليت " الكلبة البانكي الصغيرة التي تعيش مع إليزابيث مارشال توماس في كامبردج ماشوسيتس التي وقعت في غرام بينجو كلبهم اآلخر ،أظهرت فيوليت كل عواطف الحب نحوه منذ اللحظة األولى .
15
نحن البشر نملك تلك الظاهرة ألن الحب من أول نظرة شائع بين الرجال والنساء ،في استطالع رأي حديث بين مائة من األزواج األمريكان ٪11 ،من أولئك الرجال والنساء وقعوا في الحب من النظرة األولى بمجرد أن وقعت عيونهم على
شركائهم ،هذا االنجذاب الفوري حدث كذلك للرئيس األمريكي توماس جفرسون ،كتبت المؤرخة فاون برودي ":الذي
أُخبر لجفرسون مسبقا عن ماريا كوزواي كان ملتبسا ،ألنه لو كان ثمة رجل يقع في العشق في أمسية واحدة فقد كان هو " التجربة ذاتها حدثت لسيدة معاصرة تعيش في كارتورا ،اعترفت لخبيرة أنثروبولوجي ":لم أكن أبداً قد رأيت هذا الرجل .
وحينما رأى كل منا اآلخر ،لم أعرف ما الذي حدث إن كان حبا من النظرة األولى أم ماذا ،بعد أسبوع هربت معه ...الحب من النظرة األولى هو من أعمال الطبيعة . الحب من الرائحة األولى يسألني الناس إن كانت رائحة شخص ما دافعاً للجاذبية الفورية ،مؤكد أن العديد من الحيوانات تنجذب فوراً لرائحة شركاء معينين للتزاوج ،لكنني أشك أن الحب من الرائحة األولى يحدث بين البشر لسبب بيولوجي ،
لهذا أشك في أن العديد من البشر يقعون في الهوى حيت يلتقطون بأنوفهم عبير مغازليهم في حفل ما .ولكنني أعتقد
بمجرد أن يصبح الرفيق حميماً وله مكانة عزيزة تصبح رائحته مثيرة للشهوة أعرف نساء كثيرات يحببن أن ينمن وهن يرتدين قمصان عشاقهن ألنهن يحببن البرفان المشع منها ،على سبيل المثال ..
و األدب العربي ملئ بأشخاص حثهم عبير مناديل حبيباتهم أو قفازاتهن وبصرف النظر عن ما الذي يضغط زناد الجاذبية ،
فإن تلك المغناطيسية بوسعها أن تكون لحظية ،حينما يكون اإلنسان أو الكائن الحي جاهزاً نفسياً وجسدياً ويظهر الشريك المناسب نسبياً أمامه ،فإن أبسط المحثات قد تشعل نار االنجذاب ، وهكذا تكون معظم الحيوانات مستحقة على نحو هائل لجوائزها . التملكية ِ "أنت ،نفسك ،روحك ،أستعطفك أن تهبيها لي جميعاً ،ال تحرميني من ذرة واحدة منها ،و إال سوف أموت". الكثير ِمن المخلوقات تتشارك النزعة ذاتها "حب التملُّك" ،بعضها قد تقاتل حتى الموت كي تمتلك حبيبها على نحو حصري ،و األمثلة على ذلك كثيرة.
تدفع اإلمتالكية بعض الكائنات إلى العنف ،إال أن الغيرة توقع البعض األخر في االكتئاب و االحباط .كما في قصة الكلبة
"فيوليت" التي كانت واقعة في هوى الكلب "بينجو" إلى أن دخلت الكلبة "ماريا" بينهما .و أيضاً أقرباؤنا األقرب لنا نحن البشر "التشيمبانزي" بوسعه أن يكون تملكياً على نح ٍو هائل ،حتى و إن كان عديم التمييز في اختيار عالقاته الحميمة بحكم الطبيعة .
16
حراسة الرفيق وألن نزعة التملُّكية شائعة جداً في الطبيعة ،أعطاها خبراء سلوكيات الحيوان اسم "حراسة الرفيق" ،واعتبروها سمة أولية في التزاوج لدى العديد من الفصائل .و ٍ بوجه عام فإن الذكر هو الذي يحمي األنثى ِمن المتطفلين و من قصور األنثى ذاتها .و
قد أظهر الرجال و النساء الذين شاركوا في استطالعي (في الفصل األول) ذلك الميل نحو حماية الرفيق ،خصوصاً الرجال . طلب الزواج الهجومي الصلة يلعبان دوراً مهماً في التزاوج ،هما :الدوبامين و النوريبينفراين .كل ثمة محفزان طبيعيان في مخ الكائنات الثديية وثيقا ِّ الطيور و الثدييات و على الرغم ِمن اختالفها بعضها عن بعض إال أن لديها أشكاالً متشابهة من هذين المحفزين ،عطفاً على تراكيب مماثلة في المخ تنتج و تستجيب لهذه الغريزة.
األكثر أهمية هو أن هذين المحفزان يلعبان دوراً شديد األهمية في اإلثارة الجنسية .و على سبيل المثال ،نجد أن تزايد معدالت الدوبامين في المخ لدى فئران السهول العشبية األمريكية يتزامن مباشرة مع تفضيلية شريك بعينه للتزاوج. "يبدو أن مفتاح اللعبة فيما يخص االنجذاب الحيواني يكمن في الدوبامين".
و أيضاً النوريبينفراين يلعب الدور ذاته ،ففي أنثى الخراف تتزايد معدالته حينما تنظر إلى الخروف الذكر .فضالً عن ذلك يرتبط النوريبينفراين أيضاً بوضعيات معينة للتزاوج في الثدييات.
الرجال و النساء من الهند القديمة أسموا الحب الرومانسي" :رقصة الكون الخالدة" ،فهل يمكن لهذين العنصرين أن يلعبا قررت أن أنظر داخل المخ البشري ... دوراً في تلك الرقصة ،ولكي نفهم ذلك ُ
17
()3 كيمياء الحب التصوير اإلشعاعي للمخ في حالة الحب من أجل حب قوي كالموت مشاعره ال تخلو من قسوة مثل القبر وومضات ناره كشعلة اإلله
إنها نار الحب ،ودفقة اللهفة النابضة ،همس المحبين ،و السحر الذي ال يقاوم ،الذي يجعل أقدس الرجال مجنونا ، فالناس يغنون للحب ،يقتلون للحب ،يعيشون للحب ،ويموتون للحب ،فما سبب كل هذا السحر والشعوذة ؟
كما تعلم فأنا أؤمن أن الحب الرومانسي هو شعور إنساني عالمي تنتجه مواد كيمائية خاصة وشبكات معينة في المخ ولكن ماهي بالتحديد؟
بدأت مشروعا متعدد األجزاء في عام 1996لجمع المعلومات ولكنني ركزت أبحاثي على مادتي الدوبامين و النوريبنفراين ومن ثم المادة المرتبطة بهما وهي السيروتونين
لقد اهتميت بطبية هذه المواد الكيميائية لسببين :أولهما انجذاب الحيوانات لشريك محدد يرتبط بارتفاع مادة الدوبامين أو و النوربينفيران بالمخ والسبب الثاني واألهم هو أن هذه المواد الثالث تنتج العديد من األحاسيس في الهيام الرومانسي . الدوبامين اللذيذ إن ارتفاع مستويات الدوبامين بالمخ ينتج عنها زيادة هائلة في تركيز اإلنسان على شيء محدد ،ومن ثم الدوافع الحاسمة والسلوك محدد االتجاه وهي كلها خصائص مركزة في الحب الرومانسي .
يركز المحبون تماما على المحبوب إلى درجة استبعاد كل ما حولهم ،والعجيب انهم يركزون بكل حنان على خصائص
اإليجابية لهذا الشخص الذي يهيمون به ،ويتغاضون بكل سهولة على خصائصهم السلبية ،حتى انهم قد يهمون بأحداث أو
أشياء مشتركة مع هذا المحبوب ،كما انهم يعتبرونه شخصا فريدا وليس له مثيل .كذلك فإن مادة الدوبامين تصاحب التعليم عن طريق المحفزات الجديدة.
النشوة سمة أخرى بارزة للمحبين وهي ترتبط أيضا بمادة الدوبامين ،حيث إن ارتفاع نسبة التركيز الدوبامين بالمخ تزيد
االبتهاج ،مع العديد من المشاعر التي يقرها المحبون مثل زيادة الطاقة لديهم زيادة النشاط الحركي ،األرق في النوم ، فقدان الشهية الرجفة ،ارتفاع دقات القلب ،التنفس السريع ،وفي بعض األحيان الهوس ،والقلق والخوف . لماذا يصبح المبتلون بالحب في حالة اعتمادية على عالقتهم العاطفية ؟ لماذا يتشوقون لحالة التوحد العاطفي مع المحبوب ؟
يجب أال نغفل أن االعتمادية واالشتياق هما من أعراض اإلدمان الكبيرة تكون مصاحبة الرتفاع الدوبامين بالمخ . هل الحب الرومانسي إدمان ؟ نعم
في الحقيقة إن الدوبامين يزود المحبوب بالطاقة الالزمة كي يحشد قواه حين يستشعر الخطر في عالقة حبه ،فحين تتأخر
المكأفاة تعمل الخاليا المنتجة للدوبامين بشكل أكبر لحشد طاقة المخ ،واالنتباه المركز .و قيادة لمطاردة ،والكفاح من 18
أجل الحصول على المكافأة وهي في هذه الحالة الفوز بالحب . إن الدوبامين هو المثابرة .
كذلك فإن االشتياق لممارسة الجنس مرتبط بشكل غير مباشر بارتفاع الدوبامين في المخ وأن زيادته تعمل غالبا على رفع معدل التيستيستيرون وهو هرمون الرغبة الجنسية لدى االنسان . النوريبنفراين النوريبنفراين هي مادة مشتقة من الدوبامين .وربما يكون مساهما في اضطراب المحبين ،ويتعدد تأثيره حسب المنطقة التي ينشط بها في المخ ،ومع هذا فإن زيادة مستويات هذه المادة المنشطة على وجه العموم تثير البهجة ،والطاقة الزائدة ، واألرق ،وفقدان الشهية .وكلها من خصائص الحب الرومانسي.
إن زيادة النوريبنف راين يمكن أن يساعد في فهم لماذا يتذكر المحبون التفاصيل الدقيقة لكل ما فعله المحبوب ولماذا يبقى كل ما فعله المحبوب في الذاكرة طويال فهذه المادة تترافق مع قوة الذاكرة للمؤثرات الجديدة كما توجد مادة ثالثة تتداخل مع مشاعر الحب التي ال تقاوم أال وهي مادة السيروتونين السيروتونين أحد أعراض الحب الرومانسي وهو التفكير المستمر بالمحبوب ،فأي شخص يذكر لي أنه يحب شخصا آخر أساله مباشرة كم نسبة الساعات التي تقضيها وأنت تفكر في المحبوب ؟
العديد يقولون بنسبة %9٠و البعض اآلخر ال يتوفقون أبدا عن التفكير .
إذا المحبون موسوسون ( )obsessedو األطباء يعالجون أغلب مرضى الوسواس القهري ،يوصفون لهم أنواعا معينة من
العالجات ،يطلق عليها ( مثبطات استعادة السيروتونين) تعمل على استعادة مستويات هذه المادة في المخ .ومع تطور عالقة الحب ،فإن هذه األفكار الوسواسية التي ال تقاوم تزداد ،حيث أن العالقة السيوتونين من ناحية والدوبامين والنوريبنفراين من ناحية أخرى عالقة عكسية ،فإن ارتفاع مستويات الدوبامين والنوريبنفراين يعمل على هبوط السيروتونين ،ولهذا تزيد نشوة المحبين وتتأجج لديهم أحالم اليقظة والخيال .لهذا يستحوذ على تفكير المحبوب تماما .
الفرضيات الفاعلة باالعتماد على خصائص هذه المواد الثالث بالمخ .فلقد بدأت باعتبار أن لهم دورا فاعال في عاطفة الحب لدى اإلنسان . إن البهجة وقلة النوم و فقدان الشهية والطاقة المنبعثة ،وتركيز االنتباه على المحبوب واعتبار المحبوب ال مثيل له قد يكون نتيجة زيادة مستويات الدوبامين والنوريبنفراين بشكل جزئي بالمخ .
و أن االستغراق القهري بالتفكير في هذا المحبوب ربما يكون نتيجة انخفاض مستوى السيروتونين بالمخ . 19
واآلن إلى المحاذير :
تتعقد هذه النظرية بالعديد من الحقائق :
إن جرعات مختلفة من هذه المواد تؤثر بشكل مختلف ،كما أن هذه المواد تؤثر بشكل مختلف حسب الجزء الموجودة به بالمخ .
كذلك تتفاعل مع المواد االخرى حسب اختالف الظروف ،كما أنها تتناغم مع العديد من أجهزة الجسم األخرى ودوائر المخ .
عالوة على ذلك فإن الحب الرومانسي المشوب بالعاطفة يبتدئ بأشكال متعددة بدءا من االنتشاء مع تبادل المحبة انتهاء بشعور الخواء وأحيانا الهياج حين يحبط الحب .
وعلى الرغم من كل هذا االرتباط بين خصائص الحب وتأثير المواد الثالثة في المخ يقودني إلى هذه الفرضية :
إن اندالع نار الحب بالدماغ ينتج عن ارتفاع مستوى الدوبامين /أو والنوريبنفراين أو كليهما :مع نقص مستوى السيروتونين هذه المواد تشكل العمود الفقري للحب ،واالنفعالي ،و الوسواسي . التصوير اإلشعاعي للمخ في حالة الحب احتجت بعد ذلك أن أجد مناطق المخ المنخرطة فيما قاله هومبروس "دفقات القلب النابضة " فأنا أعلم أن هذه المواد
الثالث أكثر وجودا في بعض مناطق المخ عن األخرى .فإذا استطعت أن أبرهن أي مناطق المخ تصبح نشطة حين يشعر
الفرد باالنفجار الرومانسي فسوف يؤكد هذا أي المواد الكيميائية األولية منخرطه في ذلك .إنه وقت الشروع في تنظيم بحث لتصوير أمخاخ المفتونين بالحب من الرجال والنساء .
مع عالم األعصاب جريج سيمبيون ،ثم في كلية الطب ألبرات أينشتاين ،طورت منهجا للعمل ،فسوف نجمع المعلومات عن نشاط المخ في عينة مرضى الحب وهم يمارسون مهنتهن :النظر إلى صورة محبوبته/ها ثم النظر إلى صورة محايده ألحد المعارف الذين ال يحمل لهم مشاعر سلبية أو إيجابية .
بداية موفقة على حسب ما نعتقد ففي بداية 1996قمنا بفحص أربعة أشخاص شابان وشابتان جميعهم في حالة حب جنوني .والنتائج كانت مشجعة ،ولكن زمالئي انسحبوا من التجربة نتيجة التزامات وظيفية أخرى ،
يعرف الشعراء والفنانون دائما قوة الرؤية البصرية بكل تأكيد .وكما كتب وليم باتلر باتيس " تعرف النبيذ في الفم ،ويعرف الحب في العيون " والعديد من أخصائي النفس يدعون أن الرؤية البصرية تؤجج مشاعر الحب الرومانسية و لكن قبل البدء في استحضار مشاعر الحب الرومانسية عبر الصور أراد الفريق أن يكون إيجابيا بأن الحب يأتي من النظر أكثر من أي إحساس آخر ولكي نجد الدليل اندمجنا في تجربة بارعة بجهاز أسميناه "جهاز قياس الحب " جهاز قياس الحب قامت " ديب "بلصق ثالثة أقطاب كهربائية بمناطق مختلفة بفروة الرأس ،وتوصيل ذلك برسام المخ الكهربائي وأفهمتهم بأن
هذه األسالك سوف تس جل موجات المخ أثناء التجربة .في الحقيقة لم يكن الجهاز يعمل ولكننا أملنا أن هذا الخدع سوف 20
يحفز كل متطوع على األمانة . بدأت التجربة في البداية سيرى المفحوص صورة محبوبه ثم صورة محايدة ثم يقرأ خطاب رومانسي من المحبوب ثم بعدها يقرأ قطعة من كتاب إحصائي ثالثا يشم عطرا يذكره بالمحبوب ثم بعدها ماء ممزوج بقليل من الكحول ولكل مهمة محددة
يعقبها مهمة تشتيت إن مهمة المفحوص هي االستجابة ،أظهرت النتائج أن مشاعر الحب يمكنها أن تتأجج بشكل متساوي بالصور واألغاني والذكريات مع المحبوب الصور تحفز الحب ليس من المستغرب أن تنزع الصور منا مشاعر الحب الرومانسي ،فبعد كل شيء يحتفظ كل منا بصورة لحبنا الحقيقي ،
فالجنس البشري تطور من شجرة األسالف التي تطلبت حياته رؤية متميزة كي يستطيع العيش على األرض ،فهؤالء الذين يملكون رؤية سيئة سيفشلون في العثور على الفاكهة المعلقة وسيفقدون طريق العودة عبر القفز من فرع شجرة إلى آخر
ليسقطوا وتنقصف أعناقهم .وفي الواقع ولعقود طويلة شدد االختصاصيون النفسيون على أهميه الرؤية البصرية في تحفيز مشاعر االنجذاب الرومانسي . التجربة "هل وقعت توا في الحب بجنون "
لفد استخدمنا هذا السطر حينما قمنا بإعالن جديد في نشرة أخبار علم النفس ،ولكن هذه المرة طلبنا من الرجال والنساء المرحبين باألمر االستلقاء في جهاز طويل ،مظلم ،وضيق ،ومزعج بينما نحن نصور أمخاخهم إشعاعيا .
قمنا بمقابلة كل شخص لمدة تفوق الساعتين في بعض األحيان ،وكان سؤالي األول هو نفسه تقريبا " كم بقي لك في حالة الحب هذه " والسؤال الثاني كان هو األهم كم نسبة الوقت الذي تقضيه في التفكير في الحبيب ؟
ألن التفكير الوسواسي مكون مركزي في العاطفة الرومانسية ،وقد قمت باختبار هؤالء المشاركين الذين يفكرون في أحبائهم معظم أوقات استيقاظهم .كذلك بحثت عن الرجال والنساء الذين يضحكون أو يتنهدون أكثر من الطبيعي أثناء المقابلة هؤالء الذين أظهروا حنينا حقيقا بضرورة اشتياقهم لمحبوبهم .
إذا أظهر المفحوص المحتمل هذا األمر أو العالمات األخرى للعاطفة ،دعوته/ها للمشاركة ،وحصلنا منه على صورتين :
واحدة للمحبوب واألخرى لشخص محايد عاطفيا .وكان األخير على وجه العموم أحد الذين يعرفهم سريعا في المدرسة ثم حددنا وقتا كي نضع كال منهم على جهاز األشعة المغناطسية للمخ . إجراءات المسح اإلشعاعي للمخ بمناقشات متعمقة عن ماذا سيحدث لهم عندما يتم فحصهم بجهاز أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي ،بدأت أخبر كل 21
مشارك بأنني قد خضت هذه التجربة بنفسي ثالث مرات قبل ذلك ،وشرحت لهم أنني أخشى إلى حد ما ،األماكن الغلقة ، ولكني كنت بحاجة إلى خوض التجربة قبل أن أدخل األخرين فيها ،ووصفت لهم ماذا سيحدث داخل الجهاز وطمأنت كال
منهم أنه ال مفاجآت .ذ لك ألني أحتاج ثقة هؤالء األشخاص بي .بدون هذه الثقة سوف تنتهي التجربة بقياس مشاعر الشك أو الهلع التي ستنتج من تأثير الجهاز نفسه بدال من عاطفة الحب الرومانسي .،
حينما بدى أن كل شيء جاهز ،حددنا المواعيد للتصوير اإلشعاعي ،وكم كنت مرحة ،وفضولية بتحديدنا ذلك الميعاد . اإلجراءات كانت بسيطة ،ولكنها ليست سهلة . مقياس عاطفة الحب هنالك جزء أخر من التجربة ،فقبل أن يدخل في جهاز أشعة الرنين على المخ ،سألنا كال منهم أن يمأل عدة استبيانات ،من بينها ذلك الذي أعطيناه ـ أنا وزمالئي ـ لثماني مائة وتسع وثالثين أمريكا ويابانيا ،وتقيم عام مماثل صمم بواسطة المتخصصة النفسية "إلين هاتفيلد و سوزان سبريكر " اسمة مقياس الحب مقياس عاطفة الحب عبارة عن خمسة عشر سؤاال عن الحب الرومانسي معظمها متشابه تماما مع األسئلة الموجودة بالمقياس الذي صممته من بين تلك األسئلة سوف أشعر باإلحباط الشديد إذا تركني (......يذكر اسم حبيبته)
أحيانا ،أشعر بأنني ال أستطيع التحكم بأفكاري ،إنها تأتي بشكل قهري عن (....يذكر اسم حبيبته )"
العينة المختارة للتجربة كانت تسأل لالستجابة لكل جملة ،كنا ننتظر مقارنة نشاط المخ لكل مشارك بما سجله في هذا
االستبيان ،ل كي نرى هل هؤالء الذين سجلوا نسبا مرتفعة في هذه الطريقة أن نجيب على السؤال الذي حير صانعي هذا المسح العام طويال :هل ما يقرره الشخص في استبيان يعكس بدقة ما الذي يجري بداخل مخه ؟ نحن ال نعرف في هذا الوقت ،ولكن قياس الحب من شأنه أن يثبت بشكل ملحوظ ومقنن المخ في حالة الحب . في الحب بسعادة أتذكر بشكل واضح كل الرجال والنساء الذين فحصوا بالرنين المغناطيسي ،منهم بجورين ،شاب صغير كان يدرس في
نيويورك كان في حالة غرامية مع ايزابيل تعمل في لندن وهما يتحدثان يوميا عبر الهاتف ويقابالن بعضها منذ ما يقرب من عام ويخططان للزواج .
أنا أذكر بجورين ألنني تعلمت منه شيئا مهما ،حين سألته بداية كيف يصف محبوبته الذ بالصمت ،لوهلة أحسست بأنني
فقدت االتصال الهاتفي معه ،وأعدت كالمي بشكل واضح حسنا بالتأكيد أنت معجب بشيء ما في إيزابيل وأجاب بشدة
نعم داهنت بجورين كي ينطق بأي شيء عن محبوبته ،فأفصح بخجل عن أنه يحلم بها باستمرار ،يحبها بشغف ،ويفكر
فيها أكثر من %95من الليل والنهار ،ولكن بجورين لم يصرح بالولع العاجل المميز لوسواس الحب ،لهذا كنت مذهولة
عندما رأيت األشعة لمخه ،فهذا الشاب المحافظ حينما شاهد صورة محبوبة تأجج مخه كعرض األلعاب النارية .لقد هزني بجورين بعمق محياه الصارم أخفى وغطى على عواطفه الداخلية .لم أعتقد أنه كان يحاول خداعي ،فتعبيراته الخارجية ال تعكس عالمه الداخلي . 22
تعاني كانت أكثر الحاالت مأساوية هي باربارا ،وهي سيدة جميلة المظهر تتكلم بكثرة عرفنا انها قابلت ما يكل على الشاطئ وقد كانت غارقة في الحب لدرجة أنها أثناء النوم كانت تستعيد أوقاتها معه في مخيلتها كثيرا تحدثت عن شعورها برجفات
كالكهرباء تسري في جسدها و أقرت أنها ستجن إن لم يحادثها هاتفيا وكانت غيورة بشكل متوحش وعلى ما يبدوا مايكل لديه العديد من الصدقات بينما هي ال تحب حتى كالمه مع إحداهن عبر الهاتف وحينما سألتها هل تعتقد بوجود عالقة
غرامية ثانية صعقت من السؤال عندما سألتها أكثر ما تحبه في مايكل أجابت الكيمياء إنها المرة األولى التي تشعر فيها بالغرام فتوهجت .
رد الفعل الالفت للنظر كان من وليم أحد محبينا السعداء ،وقد كان شخصا سريع الفهم شديد األناقة ودودا ،حريصا على
المشاركة ،لديه فضول قوي عن الجهاز ولكنه كان يفتقد صديقته بشكل رهيب فقد انتقلت إلى والية أخرى فقد كان يعاني من بعدها عنه ،كانت عالمة جيده فهذه المحنة سوف تزيد من عواطفه ،ولكن هناك شيئا آخر أثناء مقابلة ما بعد التصوير باألشعة إنه ترك له انطباعا سألته وهو يخرج من الجهاز بم تشعر ؟ فأجاب غير كامل بالنسبة لي فإن هذه الجملة ال يوجد أفضل منها لوصف المرضى الواقعين بالحب من الرجال والنساء وعلى الرغم من مزح "أريستوفاني فقد ضرب كبد الحقيقة األساسية عن المحبين .
فإن كل المحبين يشعرون بعدم االكتمال حتى يحققوا االتحاد العاطفي مع الحبيب المنشود .
بجورين ،باربارا ،وليم ،كل المشاركين أخبروني قدرا كبيرا من حياتهم الشخصية ،وأنا في غاية االمنتان لهم جميعا .لكن أمخاخهم أخبرتنا أشياء أكثر عن عواطفهم األصلية ،الحب الرومانسي . المخ في حالة الحب في تكوين اإلنسان هنالك قدر كبير من االهتمام بوجود مادة ملتهبة ،ومهما كانت نائمة فهي قد تكمن لفترة ،ولكن عندما
توجه لها الشرارة ،فعليك وقتها أن تقتحم هذا اللهب " هكذا كتب جورج واشنطن هذه السطور في خطاب موجه إلى زوجة حفيدته الصغيرة .لقد بدأنا نفهم هذه الشعلة .
قبل أن نفهم نتائج الفحص اإلشعاعي الذي قمنا به ،يجب أن نقوم بتحليل عميق لهذه الصور،
درت لوسي صور أشعة المخ وحددت أي المناطق التي نشطت به ،وقام " ارت " بعمل العديد من التحاليل اإلحصائية ،
وقاما ارت ولوسي بعمل مقارنات بين األجزاء المتعددة لهذه المادة الفيمية ،وقد أخذ كل هذا وقت وجهد ومهارات كبيرة ال حدود لها .
أخيرا شاهدنا النتائج :صور للمخ في حالة الحب
وحين نظرت للمرة األولى لتلك الصور ،ومناطق المخ النشطة مضاءة باألصفر الفاتح والبرتقالي الداكن شعرت وكأني أحملق في الكون المتأللئ رهبة غامرة ولكن كي تفهم ما أقول يجب أن تعرف القليل عن األثاث الموجود برأسك .
يتكون المخ من أجزاء ومناطق متعددة ،كل منها له وظيفة محددة وكل منها متصل بمناطق المخ األخرى بواسطة خاليا عصبية ما يقارب عشرة بالين منها ،وهذه الخاليا تنتج وتخزن وتوزع الموصالت العصبية من أنواع مختلفة
كل خلية عصبية تتواصل فقط مع مجموعة أخرى محددة لتنتج شبكة عصبية تلك التي تصل أجزاء معينه ببعضها وتدمج ألفكارنا ،ذكرياتنا ،أحاسيسنا عواطفنا ودوافعنا وقد أطلق عليها العلماء 23
"دوائر " أو "أنظمة" وعلى الرغم من أن الجهاز ال يظهر إلى مناطق تدفق الدم في المخ إال أن العلماء يعرفون أي نوع من األعصاب متصلة بمناطق المخ فإنهم يستطيعون التخمين أي كيميائيات المخ نشط حين تتوهج منطقة ما به . نظام اإلثابة لدى المخ ربما يكون واحدا من أهم ما وجدناه في بحثنا هو نشاط النواة المذنبة ()neucius caudate
وهي نواة كبيرة على شكل حرف سي اإلنجليزي ( )C_Shapedوتقع في العمق قريبة من مركز المخ وهي بدائية ،وقد أظهرت صور المخ الملتقطة أن أجزاء من هذه النواة المذنبة خاصة الجسم والذيل فيها تصبح أكثر نشاطا حين يحملق المحب في صورة حبيبه .
أن النواة المذنبة تساعدنا كي نحدد ونستقبل اإلثابة وتخطط لحركات معينة كي تحصل عليها ،وهي تصاحب األداء الذي يشد االنتباه والتعلم .
هذا ليس كل شيء كشفت عنه تجربتنا ،لكن أيضا كلما زادت العواطف كلما نشطت هذه النواة . الدوبامين نتيجة أخرى مفاجئة في تجربتنا بالمسح بالرنين وهي نشاط المنطقة السقيفية الباطنية ( )VTAوهي تعتبر جزءا مركزيا
لدوائر اإلثابة لدى المخ .هذه النتائج هي ما كنت أبحث عنه ،فلقد أفرضت أن الحب الرومانسي يصاحب ارتفاع نسبة
الدوبامين و النوريبنفراين فإن منطقة السقيفية الباطنية هي األم للخاليا الصانعة للدوبامين عن طريق الطرف العصبي الشبيه بالمجسمات فإن هذه الخاليا توزع الدوبامين في مناطق مختلفة في الدماغ .
مما يؤدي إلى االنتباه والمركز ،للحصول على اإلثابة والشعور بالسعادة حتى لوثة المرح وهي المشاعر المركزية للحب الرومانسي.
كيف يغير الحب اكتشفنا أثناء مضينا قدما في تجربتنا ،الشيء الذي يستطيع به الحب أن يغير مع مرور الوقت هذا حدث نتيجة ترافق مهم
حينما كنا في منتصف مشروعنا ،أعلن العلماء في جامعة لندن تجربه مماثلة ،كانت تجربة لندن لها غرض واضح فقد وجد
بارتليز وزكي مناطق عدة بالمخ تنشط حين يحملق المفحوص في صولرة محبوبة ،و المهم أنهم قد وجدوا نشاطا في مناطق النواة المذنبة نفسها ،ما الدعابة ؟ فريقا بحث بقارتين مختلفتين وعينات ومجموعات مختلفة ،وجد الفريقان نشاطا في تركيب المخ نفسه النواة المذنبة هي صاحبة الشحنات يجب أن تكون موقد الحب الرومانسي إذا .
24
دوافع الحب كل هذه المعلومات كان لها تأثير على نفسي بكل تأكيد لقد تغير فهمي للحب لسنوات عديدة كنت أعتبر هذه التجربة
العجيبة كوكب من المشاعر والتي تتراوح من النشوة إلى اليائس لكن اختصاصي النفس يفرقون ما بين المشاعر والدوافع ،
فأنظمة المخ تدرك الخطط وتالحق االحتياج المحدد ارت و أرون " شغفا بفكرة أن الحب الرومانسي ليس عواطف فقط بل نظام دوافع مصمم لكي يمكن الخطيب أن يبني ،ويحافظ على العالقة الحميمة مع الشريك .
نظرا لتفرغ أرت لهذه الفكرة فكان ضروريا أن نبدأ مشروعنا بالمسح بالرنين بأطروحتين :صحيحتان فالغرام أو الحب
الرومانسي يبدو أنه يترافق مع ارتفاع الدوبامين .وألن العواطف تنبعث من النواة المذنبة فإن الدوافع والسلوك المتوجه لهدف تصبح مشاركة في األمر كذلك .
إن ما وجدناه في الواقع قد دفعني إلى اعتقاد أشمل :فلقد آمنت أن الغرام هو عبارة عن دافع بدائي في المخ .وقد عرف عالم األعصاب دون بفاف ،هذا الدافع بأنه حالة عصبية ( نسبة للخاليا العصبية )Neural stateتعمل على حشد الطاقة وتوجه السلوك للحصول على احتياج بيولوجي محدد ليعيش الكائن الحياة أو يتكاثر .
من المهم جدا أن نذكر أن كل الدوافع األساسية يصاحبها ارتفاع في مستويات الدوبامين بالمخ والحب الرومانسي مثل كل
الدوافع األخرى فإن الحب الرومانسي احتياج ،ولهفة فنحن نحتاج إلى الطعام والماء الدفء والمحب كذلك يشعر باحتياجه ولهفته للمحبوب .
لقد صدق أفالطون حين قال منذ ألفي عام إن إله الحب "يعيش في حالة احتياج " الكيمياء المعقدة للحب من دون شك فإن العديد من أجهزة المخ األخرى تعزو إلى " تدفق الشوق النابض " كما قال هوميروس ،فأنا منذ البداية
طرحت أن النور يبنفراين ربما يكون مساهما ،ألنه متالزم جدا مع الدوبامين وينتج العديد من المشاعر والسلوكيات المتشابه و ما زلت أعتبر أنه مشارك في زخم الغرام ،ولكننا ال نملك الجهاز الذي يمكننا من قراءة هذا الشيء .
إن نقص مستوى السيروتونين سوف يؤدي إلى التفكير الوسواسي وهو مكون مهم للغرام ،لهذا فأنا أعتقد يوما ما ربما نجد أن هذه المادة مشاركة أيضا في هذا الهيام الرومانسي .
"المخ أوسع من السماء " هكذا كتبت إميلي ديكنسون .
إن هذا الجزء الذي يزن ثالثة باوند ( المخ) يمكن له أن ينتج احتياجا قويا يخضع له العالم ألجمع :إنه الحب الرومانسي ، وقعت بشكل معقد في شباك دافعين آخرين من دوافع الموالفة وهما دافع الغريزة الجنسية والثاني هو االحتياج لبناء رابط عميق للشريك العاطفي ،آه يا لنسيج الحب كيف تغذي هذه القوى شعلة الحياة ؟
25
()4 نسيج الحب الشهوة ،والغرام ،واالرتباط الحب محتال ،ال أحد حكيم بما فيه الكفاية ليجد كل هذا فيه" ،الحب لذيذ كالنغم ،وحين يتكلم الحب فإن أصوات اآللهة/يدوخ الجنة باالنسجام".
الحب توافق وانسجام ،كما كتب شكسبير ،أحياناً حتى تتنافر األحاسيس ،امتالءاً بالحيوية والنشاط ،الغرام نمط بديع دائم التغيير ،من االحتياجات المتحولة ،والمشاعر المقيدة ،لكائن آخر سماوي أي كلمة صغيرة منه أو بسمة تسترضينا. التعقيد هو اسم الحب الحب الرومانسي يتشابك بشكل عويص ،مع اثنين من دوافع التزاوج :الشهوة ،واالشتياق واإلشباع الجنسي ،واالرتباط ،أو مشاعر السكينة واالتحاد مع شريك لمدة طويلة.
كل من هذه الدوافع األساسية ،تمشي عبر مسارات مختلفة في المخ .وكل منها يصاحبها كيميائيات مختلفة بالمخ ،الشهوة يصاحبها أساساً هرمون التيستيستيرون ،في كل من الرجال والنساء ،الحب الرومانسي يترابط مع المحفز الطبيعي الدوبامين. ومشاعر االرتباط بين الذكر واألنثى تنتج أوالً بهرمون األوكسيتوسين والفازوبرسين.
أكثر من ذلك فإن كل نظام بالمخ تطور لكي يدير جانباً مختلفاً من عملية التكاثر .الشهوة تطورت لتحفز الكائنات للبحث عن اتحاد جنسي مع أي شريك شبه مناسب .الحب الرومانتيكي برز ليقود الرجل والمرأة ،لكي يجذب انتباههم للزواج من الشخص المفضل.
كل شبكات الدماغ الثالث ،الشهوة ،الحب الرومانسي ،واالرتباط ،ماهي إال أجهزة متعددة األغراض. ويحفزك الحب الرومانسي على إبقاء شراكة المحبة ،أو يقودك لتقع في الحب مع شخص آخر جديد ،والبدء في الطالق من السابق.
وتساعد مشاعر االرتباط كذلك على إظهار المحبة الحقيقية لألطفال واألسرة ،واألصدقاء ،فضالً عن الحبيب. إن الطبيعة محافظة ،وحينما يكون لديها تصميم جيد ،فإنها تواظب عليه وتعمل على توسيع ومد استخداماته. 26
ولفهم كيفية تأثير العواطف الرومانسية ،شرعت في مشروع بحثي ،نقبنا عبر محركات البحث عن المقاالت التي توضح كيفية تأثير هذه الدوافع الثالثة :الشهوة ،االنجذاب الرومانسي ،واالرتباط ،في كل منها.
في الواقع ،فإن الحب الرومانسي يشق طريقه عبر شبكات الدماغ األخرى ،بحيث إن كال منهما يثرى وينتزع نسيج حياتنا معا.
في الشهوة إن الشهوة شعور إنساني أصيل ،وال يمكن التنبؤ به كذلك. وقد يقفز الشوق لالمتالء الجنسي على سطح عقلك وأنت تقود سيارتك أو تشاهد فلماً على التلفاز ،هذا اإللحاح يختلف عن مشاعر الحب الرومانسي.
في الواقع الكثير من الناس في المجتمعات الغربية يخلطون بين اإلبهاج بالحب الرومانسي والشوق إلطالق العنان للرغبات الجنسية .بينما يفرق الناس في المجتمعات المختلفة بين هذه المشاعر بسهولة ،في كينيا مثال يطلق "التايتا" على الشهوة اسم "أشكيى" في حين يشيرون للحب بلفظ "بيندو".
ولقد أكد العلماء أخيراً أن الشهوة والحب الرومانسي مرتبطان بمجموعات مختلفة من مناطق الدماغ .الشهوة والحب الرومانسي ليس الشيء نفسه. هرمونات الرغبة استخدمت البشرية في كل مكان ،ما ظنته مثيراً للشهوة الجنسية لتحفزها ،وحينما عبرت الطماطم المحيط األطلنطي ،ظن األوروبيون أن هذه الثمار سوف تشعل الرغبة الجنسية ،وأطلقوا عليها "تفاحة الحب".
زعانف أسماك القرش ،الشيكوالتة ،المحار ،وظفت جميعها لجذب الشريك النافر من الفراش. إن تناول الطعام يزيد من ضغط الدم ويزيد النبض ويرفع حرارة الجسم ،وهي التغيرات الفسيولوجية نفسها التي تحدث في العالقة الجنسية ،ولعل هذا السبب الذي ربط من أجله الرجال والنساء بين أنواع معينة من الطعام واإلثارة الجنسية.
27
ولكن الطبيعة صنعت مادة حقيقية وحيدة وهي التيستيستيرون .ويميل الرجال والنساء الذين لديهم مستويات اعلى من التيستيستيرون الى الدخول في نشاطات جنسية أكثر من غيرهم.
إن الرغبة الجنسية لدى الرجال تصل لذروتها في بداية العشرينات ،ويشعر الكثير من النساء برغبة جنسية أكبر في اوقات التبويض ،ومع التقدم في السن نجد أن كل الجنسين يقل إنخراطهم في العالقات الجنسية. كما تعزى كل من الصحة المتدهورة ،التعاسة ،اإلرهاق ،يقيناً الى تراجع الشهوة. لكن مع تقدم العمر ،فإن مستويات التيستيستيرون تنخفض ،ويختلف الناس في الرغبة الجنسية ألن مستويات التيستيستيرون
تورث وتتذبذب هذه المستويات .ومع ذلك يبقى هرمون التيستيستيرون مركزياً لهذه الشهية وهذه المادة الكيميائية األساسية، وله القدرة على غمر تفكير الدماغ.
وغالبا ما يثار الرجال والنساء بأشياء مختلفة ،يفضل الرجال النظر ،فهم يشتغلون جنسياً بالمثير البصري .أما المرأة عموماً فتشتعل بالكلمات الرقيقة الرومانسية ،والمشاهد في األفالم والقصص. الحلوى ،الموسيقى المؤثرة ،عشاء راق ،إشارات متعددة تستطيع أن تلهب هذا "العطش السرمدي". كيف تؤثر المشاعر والحب الرومانسي في دائرة الدماغ البدائية الشهوة؟ الرومانسية تثير الشهوة حتماً سوف تالحظ أنك حين وقعت في الحب ،فإن هيامك حفز الدافع الجنسي. لماذا نشعر بالشهوة ،حين نقع في الحب؟ ألن الدوبامين سائل الرومانسية يمكنه حفز إطالق التيستيستيرون هرمون الرغبة الجنسية.
هذه العالقة بين ارتفاع مستويات الدوبامين وإيقاظ الرغبة الجنسية تكرارية وهي شائعة لدى الحيوانات. يمكن للدوبامين أيضاً ،أن يحفز الشهوة لدى اإلنسان ،فحين يتناول الرجال والنساء المكتئبون أدوية ترفع مستويات الدوبامين في الدماغ ،يتحسن لديهم الدافع الجنسي.
28
فبعد كل شيء إذا كان الحب الرومانسي تطور كي يحفز االلتقاء مع آخر "مميز" فإنه البد وأن يشحذ الدوافع الجنسية مع هذا المحبوب أيضاً.
هل تشعل الشهوة الحب الرومانسي؟ لكن هل العكس حقيقي؟ هل تحفز الشهوة الحب؟ هل تستطيع الذهاب الى الفراش مع مجرد صديق/صديقة أو حتى غريب ثم تقع فجأة في الحب؟
كم ضخم من المعلومات تبين العكس من ذلك ،فالرياضيين يتم الشهوة ال تحفز دائماً الحب الرومانسي .في الواقع هناك ٌ حقنهم باألندروفين لبناء العضالت ولكن ال يقعون في الحب.
إن تحفيز دوائر الشهوة في الدماغ ال يؤدي بالضرورة إلى اشتعال أتون الحب ،وهذا ال يعني أن الشهوة لن تحفز الحب الرومانسي مطلقاً ،ولكنها قد تفعل.
أعتقد أن علم البيولوجي يشير إلى هذا الحب التلقائي لشريك جنسي ،حيث إن النشاط الجنسي يزيد من مستويات الدوبامين والنوربينيفراين .باختصار فإن هرمون الرغبة الجنسية ،يمكنه إطالق أكسيرات الدماغ للغرام الرومانسي.
كل هذا "السحر األسود" قوة متغيرة .فإن كيمياء الحب الرومانسي يمكنها حفز كيمياء الرغبة الجنسية ووقود الرغبة الجنسية يمكنه أن يشعل وقود الرومانسية. في االرتباط الحب يتغير مع مرور الوقت ،إنه يصبح أعمق وأهدأ .ولكن إذا كنت محظوظا سيتحول هذا السحر نفسه إلى مشاعر جديدة من األمن والراحة والهدوء واالتحاد مع شريكك .ولذلك أطلقت األخصائية النفسية "الين هاتفيلد" على هذه المشاعر أسم "الحب الرفاقي" نسبة إلى الرفيق ،هو ذلك الشخص الذي تشابكت حياته مع حياتك بعمق .أما أنا فأطلق عليها الترابط. الترابط ومثلما يفرق حدس الرجال والنساء بين مشاعر الحب الرومانسي وتلك الشهوانية ،نجد أن الناس يفرقون بسهولة بين مشاعر الرومانسية واالرتباط.
"نيسا" شرحت مشاعر الترابط بين الرجل والمرأة بإيجاز قائلة ":حين يلتقي شخصان ألول مرة يصبح قلبهما في نار 29
وعاط فتهما في أوجها .بعد قليل تبرد النار .إنهما يستمران في حب بعضهما ،ولكن بطريقة مختلفة ،دافئة ومليئة بالثقة".
ولدى البرازيليين مثل شعرى يفرق بين هذين النوعين من المشاعر يقول ":يولد الحب في لمح البصر ،وينضج في ابتسامة". كيمياء االرتباط بدأ العلماء في فحص هذا النظام الدماغي (االرتباط) منذ عقود مضت ،ويؤمن غالبية العلماء أن الفازوبرسين واالوكستيوسين وهما هرمونان متقاربان يتكونان بشكل كبير فيما تحت المهاد يقومان بإنتاج العديد من السلوكيات المصاحبة لالرتباط.
وكما تتذكر فإن الفئران البنية الرصاصية قامت بتكوين روابط ثنائية كي تربي الصغار ،حيث أن ذكور الفئران ما أن تقذف السائل المنوي حتى ترتفع لديها نسبة الفازوبرسين في أمخاخها لتحفز الحماسة والغيرة الزوجية واألبوية كذلك. هل الفازوبرسين هو مخلوط الطبيعة لالرتباط الذكوري؟ حقن العلماء في المعمل الفازوبرسين في أدمغة ذكور فئران البراري التي لم تتزوج بعد .وقد بدأت هذه الذكور بعدها مباشرة
في الدفاع عن الحيز المتاح لها من الذكور اآلخرين ،وحين تزوج كل منهم أنثى أصبح موسوساً بها مباشرة .وعلى العكس حين منع العلماء تكوين الفازوبرسين أصبحت هذه الفئران كاألوغاد ،يتزوج الذكر بإحدى اإلناث ثم يتخلى عنها من أجل التزاوج بأخرى.
لقد حبت الطبيعة ذكور الثدييات بمادة كيميائية لإلحساس بغريزة األبوة إنها الفازوبرسين. األوكسيتوسين :خليط آخر لإلخالص إن مشاعر الترابط البد وأنها أحاسيس شائعة في كل الطيور والثديات ألنها مصاحبة لكل من الفازوبرسين واألوكسيتوسين. مثل الفازوبرسين يتكون األوكسيتوسين فيما تحت المهاد كذلك في بويضات األنثى أو الخصية لدى الذكر. وعلى عكس الفازوبرسين فإن األوكسيتوسين يطلق في كل إناث الثدييات (بمن فيها المرأة) أثناء الوالدة .أما األكثر أهمية هو إيمان الكثيرين حالياً ،بأن األوكسيتوسين يتدخل أيضاً في مشاعر االرتباط بين الرجل والمرأة. إلى أي مدى تؤثر كيمياء االرتباط هذه في مشاعر الشهوة والحب الرومانسي؟
30
هل الشهوة تخمد االرتباط؟ إن العناصر الكيميائية لالرتباط لها تأثير معقد على كل من الرغبة الرومانسية ومشاعر الحب الرومانسي. اختصاراً فإن كيميائيات الترابط تحفز الشهوة ،ويمكن لها حفز التعبير عن الترابط ،ولكن قد يكون للهرمونات أثر سلبي على بعضها البعض ،زيادة مستويات التيستيستيرون قد تقلل من مستوى الفازوبرسين واألوكسيتوسين والعكس. وهذا التأثير العكسي بين الشهوة واالرتباط يعتمد على نسب هذه الهرمونات في الدم. إن الرجال الذين يحظون بمستويات عالية من التيستيستيرون يتزوجون بشكل أقل ولديهم عالقات جنسية متعددة ،والرجل األعزب يتمتع بمستويات التيستيستيرون أعلى من المتزوجين والعكس قد يحدث .وتظهر أيضاً هذه العالقة السلبية بين
التيستيستيرون ومشاعر االرتباط في المخلوقات الحية األخرى .فحينما ضخ العلماء هذا الهرمون في ذكور عصافير الدورى أحادية الزواج ،هجرت أعشاشها وزوجاتها وصغارها كي يغازلوا إناثاً أخريات. الرومانسية واالرتباط إن الطبيعة ليست منظمة فهي تفضل االختيارات وال توجد عالقة محددة بين الناقالت العصبية للرومانسية وهرمونات الترابط. هناك إتمام كبير باإلثباتات القصصية عن هذه العالقة الكيميائية السلبية بين االرتباط والحب الرومانسي ،فالناس حول العالم يقولون إن ابتهاج الحب الرومانسي يخمد بمجرد الزواج ،وقد يذهب البعض إلى طبيب نفسي أو مرشد زواجي ،وقد يلجأ البعض إلى الطالق.
إذا استمر الحب الرومانسي بال نهاية في عالقة ما فسوف يموت الكثيرون من اإلرهاق الجنسي .في الوقت نفسه أعتقد أنك تستطيع االحتفاظ بلهب النشوة الرومانسية حتى في عالقة مريحة طويلة األمد. تعريشة الحب على الرغم من هذا المنحنى التطوري الهابط والذي تتحول فيه العاطفة الرومانسية تدريجياً نحو مشاعر االرتباط العميق ،فإن دوائر الدماغ الثالثة ،الشهوة والحب الرومانسي واالرتباط ،يمكنها أن تشتعل في أي رابطة كانت.
في التسلسل التقليدي بالمجتمعات الغربية المعاصرة ،حين تقابل امرأة أو رجالً ،تتحابان ،تبدأ في المواعدة ،ثم تعصف بك الدوافع الجنسية ،ثم مع مرور األشهر والسنين تستبدل "االرتباط الدافئ بعد التوهج". 31
إن الشهوة ،والرومانسية ،واالرتباط يمكن أن تزورك في ترتيب آخر أيضاً ،فقد ترتبط مع شخص تشعر نحوه بالرغبة الجنسية البحتة ثم تصبح غارقاً في مشاعر عميقة.
هناك أيضاً الثنائيات التي بدأت عالقتها أوالً بمشاعر االرتباط وسرعان ما تصل هذه العالقة إلى االتحاد العاطفي ،ليصبحوا أصدقاء ،ثم تحول هذا االرتباط إلى عاطفة رومانسية والتي تعمل في النهاية على تأجيج الشهوة.
ولألسف فإن العديد منا لديه فترات من حياته يجد أن هذه الدوافع الثالث (الشهوة ،والحب الرومانسي ،واالرتباط) ال تتركز على الشخص نفسه.
في الحقيقة أنك حين تستلقي في ظالم الليل يمكن أن تجتاحك مشاعر االرتباط لشريكك وبعد ثوان تشعر بعاطفة رومانسية لشخص آخر قابلته للتو ثم تصبح مدركاً لشوق جنسي.
ولكن بمجرد أن تبدأ في تصور أن الشهوة ،الحب الرومانسي ،واالرتباط باعتبارها ثالث دوافع محددة للتزاوج ،يصبح الحب واقعاً ملموساً. أنواع الحب كان لإلغريق أكثر من عشر كلمات للتفريق بين األنواع المختلفة للحب وقد قلص "جون آالن كي" هذه التقسيمات إلى ستة تقسيمات.
"ايروس" Erosوهو اتحاد الشهوة مع الحب الرومانسي لشريك مميز جداً. "الهوس" Maniaهو الحب اإلستحواذي والوسواسي والالمبرر. "اللعبة" Ludusفهذا هو الحب اللعوب غير الجاد الالملتزم. "ستورج" Storgeإنه حب المؤانسة الودود األخوي ،وحس الصداقة إنه عالقة عميقة من الصداقة المميزة. "المدهش" Agapeهو حب روحاني غالباً ،زاهد ،وهو نوع آخر من "االرتباط". "البراجما" Pragmaوهو حب يقوم على التوافق واالنسجام واإلحساس العام. 32
وقد قسم األخصائي النفسي" روبرت ستينبرج" الحب إلى ثالثة مكونات أساسية: -1الشغف :ويشمل الرومانسية ،االنجذاب الجسدي ،واالشتياق الجنسي -2الحميمية :وتضم كل مشاعر الدفء ،التواصل ،واالرتباط -3القرار/االلتزام :القرار بأن تحب شخصا ما ،وااللتزام بمواصلة هذا الحب. ويرى أن الهيام يتكون من الشغف فقط ،في حين أن الحب الرومانسي عبارة عن شغف وحميمية. أما الحب الكامل فيتكون من شغف وحميمية والتزام ،وحب المؤانسة يقوم على الحميمية وااللتزام دون الشغف ،الحب الخالي يتمتع بخاصية االلتزام فقط ،أما اإلعجاب فينشأ على أساس الحميمية ،الحب األحمق وفيه الكثير من الشغف وااللتزام ولكنه يخلو من الحميمية. السيمفونية المجنونة للرومانسية الحب الرومانسي له بالتأكيد عدة تنويعات ،فضالً عن عالقة معقدة ومتعددة ،إن الحب هو سيمفونية المشاعر. وتنتمي مشاعرنا بال شك إلى الشغف الرومانسي حيث تقع المشاعر اإلنسانية على مدار درجات متصلة بدءاً من المشاعر األساسية التي يصعب إخفاؤها إلى التي يسهل إخفاؤها ،والمشاعر اإلنسانية لدى االنسان كونية ال إرادية يصعب السيطرة عليها .وبال شك تستولي رغبة الحب على كل هذه المشاعر األساسية من وقت إلى آخر.
33
()5 الفرحة الغامرة األولى من نختار ؟ التوقيت سيقدح زناد الحب في وقت ال تتوقعه ،بمحض الصدفة البحتة .إذا دخلت الكلية تواً أو انتقلت لمدينة جديدة ،أو تعافيت من عالقة عاطفية فاشلة ،أو بدأت في جني المزيد من المال ،لو كنت وحيداً أو تعاني من خبرات حياتية صعبة ،أو لديك وقت فراغ كبير فأنت عرضة ألن تقع في الحب.
في الواقع إن الناس الذين يُثارون عاطفياً ،يصابون كذلك بالفكاهة ،الحزن ،القلق ،الخوف ،حب االستطالع ،أو أي مشاعر أخرى.
لقد استنتجت ذلك ،ألن كل حاالت االنفعال للعقل ،تكون مصاحبة مع إثارة الميكانيزمات بالمخ ،ومن ثم زيادة إفراز مستويات هرمونات الضغوط.
وكال الجهازين يرفعان مستوى الدوبامين الذي بدوره يهيئ كيمياء الغرام الرومانسي. القرب نحن في الحقيقة نميل ألن نختار من هم حولنا لكن معرفة الشخص يمكن لها أن تخمد أفكار الحب الرومانسي لذلك هناك العديد من القوى الخفية تلعب دورا فيمن تختار من بين هؤالء ،الغموض
غالبًا ما ينجذب كال الجنسين لهؤالء الغامضين وكما كتب بودلير :إننا نحب المرأة التي تتناسب مع درجة غرابتها عنا. معا في منزل مشترك حيث يعيشون وينامون وكما أظهرت الحياة في الكيبوتزات اإلسرائيلية ،فإن األطفال الذين نموا ً
معا ،ومع بلوغ سن الثانية عشرة على ويستحمون معاً ،ومع الشباب اآلخرين من كل األعمار تالمس األوالد والبنات ولعبوا ً
الرغم من ذلك ،صاروا عصبيين مع بعضهم البعض .ثم مع سن البلوغ نمت بينهم عالقة أخوية قوية ولكن ال أحد من هؤالء تزوج من اآلخر الذي نشأ معه في الكيبوتز.
لهذا فإن العلماء يعتقدون اآلن بأنه في سن حرجة من الطفولة أحيانًا من سن الثالثة إلى السادسة ،فإن األوالد والبنات الذين 34
يعيشون في قرب شديد ،وأصبحوا يعرفون بعضهم جي ًدا يفقدون القدرة فيما بعد على الوقوع في حب بعضهم البعض. هذا المقت أو االشمئزاز من مواعدة األقرباء شائع في الثديات .لقد ورث كل منا هذه الكراهية للتزاوج مع أعضاء األسرة المقربين ،وبعض األفراد الذين نعرفهم جي ًدا ،هذا النفور تطور بال شك ليثنينا عن الفعل الهدام الختالط ( DNAأو
األمشاج الجينية) مع أقرباء مالصقين لنا ،ونتيجة لهذا فنحن أقرب ألن ننجذب لشخص آخر خارج محيط العائلة ،أو المجموعة التي نشأ بها شخص لديه لمسة السحر والغموض. هل المتناقضات تتجاذب؟ معظم الناس حول العالم يشعرون بكيمياء الحب والغرام مع شخص غير معروف ،ومن خلفية العرق نفسها ،المستوى االجتماعي ،الديانة ،المستوى التعليمي ،واالقتصادي.
في دراسة حديثة عن اختيار الرفقاء بأمريكا فإن "بيتر بستون" و "ستيفن إملين" المتخصصين في البيولوجيا التطورية قررا أن
الرجال والنساء صغار السن يفكرون في أنفسهم باعتبارهم أصنافاً محددة وبوصفهم شركاء للزواج ،ويختارون الناس بالسمات بدءا من التقييم المادي والجسدي حتى تعقيدات الشخصية. نفسها ً
على سبيل المثال ،إذا نعمت امرأة بدعم مالي موثوق فإنها تبحث عن آخر من الطبقة األعلى ،الرجال الوسام يبحثون عن أشخاصا بهذه الصفات .كأن المرآة تتكلم. امرأة جميلة وهؤالء المتفرغون لألسرة واإلخالص الجنسي ،يختارون ً
ضا كل من الرجال والنساء للمحبين الذين يشاركونهم نزعتهم الفكاهية وإلى هؤالء الذين لديهم القيم االجتماعية ينجذب أي ً
والسياسية نفسها ،ولألشخاص الذين لديهم االعتقادات نفسها في الحياة .بشكل عام إذن المتناقضون ينجذبون في حدود دوائر ِ العرق ،والمجتمع ،والتفكير المميز لنا .نحن إذن ننجذب لهؤالء الناس الذين يشبهوننا. يطلق األنثروبولوجيون على هذا الميل اإلنساني لالنجذاب لشخص ما يشبهنا "التزاوج الالئق اإليجابي ،أو اللياقة المتطابقة" التماثل" :المتوسط الذهبي" ميلنا الختيار الرفيق المتناسب الجسدي يساعد في إشعال الحب الرومانسي. كما سن اإلغريق القدامى هذه النظرية ،غالبًا قبل ألف وخمسمائة عام مضت فإن "أرسطو طاليس" ذكر أن هناك مقاييس
عالمية للجمال الجسدي أحدها كما اعتقد أرسطو هو التوازن الجسدي بما فيه التناسق والتماثل هذا يتفق مع احترامه الفائق لما أسماه المتوسط الذهبي أو الوسطية بين الشيئين المتطرفين. 35
وقد دعم العلم الحديث نظرية أرسطو طاليس وأقر بأن التماثل جمال للحشرات والطيور والثديات وكل الزواحف وكل الناس حول العالم.
ولم تترك الطبيعة شيئا للصدفة ،فالمخ يستجيب تلقائياً للوجه الجميل ،وحينما سجل العلماء نشاط المخ ،لرجال لديهم ميول جنسية للنساء وتتراوح أعمارهم بين الحادية والعشرين إلى الخامسة والثالثين أثناء نظرهم إلى وجوه نساء جميالت وجد العلماء أن منطقة السقيفة الباطنية بالمخ
" VTA" Ventral Tegmental Areaقد أضاءت. وحين سألوا لماذا يرغب الناس في جمال الجسد أجاب أرسطو طاليس :ال أحد غير الضرير يسأل هذا السؤال. في الواقع الناس بالعموم يرون في المرأة الجميلة (والرجال الوسام كذلك) أنها دافئة ذكية قوية معطاءة ومثيرة جنسيًا. رد فعل شبيه بذلك يحدث في دراستنا باألشعة ،فالعينة التي حملقت في صور شركاء ذوي طلة أجمل ،أظهروا نشاطاً زائداً في المنطقة نفسها VTAوهذه المنطقة غنية بالدوبامين وهو الناقل العصبي الذي يوفر الطاقة والبهجة واالنتباه المركز
والدافعية للفوز بمكافأة .ونجد أن المرأة فائقة الجمال تميل إلى الزواج من رجل ذي مكانة أعلى وتستجيب جنسيًا لحبيبها المتماثل حيث تطلق هرمون التيستيستيرون. نسبة الوسط إلى الحوض المتوسط الذهبي للتوازن يطبق كذلك على األعضاء الجسمانية األخرى .بالنسبة لمجموعة من الرجال األمريكيين عرض
األخصائي النفسي األمريكي "دفيندرا سينج" مجموعة من الصور لنساء وشابات ،وسأل أي نوع من تقاسيم الجسد يعتبر
وجودها األكثر جاذبية بالنسبة لهم؟ واختار األغلبية النساء التي كان محيط خصرهن يمثل حوالي ٪7٠من محيط حوضهن. لقد أعيدت هذه التجربة في العديد من الدول واختلفت االستجابات ولكن كثيراً من الرجال فضلوا النسبة العامة لمحيط الخصر والحوض.
ومن المثير لالهتمام حين قاس "سينج" نسبة الوسط إلى الحوض لـ 286تمثاالً قديماً من عدة قبائل إفريقية وكذلك من الهند القديمة ومصر واليونان وروما وجد أن جميعهم فضلوا النسبة العامة.
وكذلك في دراسة عن 33٠عمال فنيًا بأوروبا وآسيا واألمريكيتين يعود تاريخ بعضها إلى ما قبل ألفي عام ،وجد العلماء أن معظم النساء ُرسمت بنفس نسب الخصر إلى الحوض .٪7٠ 36
إذن لماذا تلجأ الطبيعة إلى هذه األبعاد المدهشة لتبرز انحناءات المرأة؟ ولماذا يعجب الرجال حول العالم بهذه النسب؟ ستعدادا ألن تحمل أطفاالً نتيجة النسبة المرتفعة لهرمون أغلب الظن أن الغرض تطوري ،إن المرأة ذات هذه النسب أكثر ا ً اإلستروجين بالنسبة لهرمون التيستيستيرون بالجسم. الرجال ....من يختارون مجتمعا طالب العلماء كالً من الرجال والنساء أن يرتبوا في دراسة تقليدية ،لبضعة عشرات اآلالف من الناس في سبعة وثالثين ً 18صفة أو خاصية من حيث األهمية الختيار شريك الحياة ووضع كال الجنسين الحب أو االنجذاب المشترك في المرتبة األولى من حيث األهمية وخاصية من يعتمد عليه جاءت المرتبة التالية وكال الجنسين ذكر أنهم سيختارون شخصاً عطوفاً، ذكياً ،متعلماً ،اجتماعياً ،بصحة جيدة ،ومهتماً بالمنزل واألسرة. ولكن أظهرت هذه الدراسة فرقاً جنسياً واضحاً في تذوق الرومانسية ،فحين وصل كال الجنسين إلى تكوين الرأي حول خاصية الرومانسية في الشركاء اختار الرجال في أغلب األحوال النساء الالتي يكشفن عن دالالت واضحة للشباب.
وفي المتوسط فإن الرجال حول العالم يتزوجون المرأة التي تصغرهم بحوالي ثالثة أعوام وفي الواليات المتحدة نجد أن
الرجال الذين يعاودون الزواج مرة أخرى غالبًا يختارون امرأة تصغرهم بخمس سنوات وإذا تزوجوا للمرة الثالثة فإنهم غالبًا عروسا تصغرهم بثمانية أعوام. يأخذون ً دماغ الرجل في الحب لماذا يجب على المرأة أن تكون جميلة بدل من أن تكون ذكية؟ ألن الرجال يرون بشكل أفضل من قدرتهم على التفكير. نكتة قديمة فأنا أعرف الكثير من الرجال الذين يفكرون جي ًدا ولكن ال تحمل هذه المالحظة الالذعة بذرة من الحقيقة. في بحثنا بواسطة FMRIالمرنان الوظيفي على دوائر المخ للناس الواقعين في الحب ،أظهرت بالصدفة بعض النتائج غير المتوقعة :في العينة التي اخترناها في البحث ،يميل الرجال إلى إظهار نشاط زائد أكثر من المرأة في مناطق المخ المصاحبة
ضا أن يساعد في شرح لماذا يقع الرجال على وجه العموم للعمليات البصرية خاصة الوجه .ربما هذا النشاط المخي يمكن أي ً في الحب أسرع من المرأة.
37
مجهود المواعدة "الذكوري" لقد قرر األخصائيون النفسيون ،أن الرجال يريدون مساعدة النساء كي يحلوا مشاكلهم ،أن يصبحوا مفيدين بعمل شيء .ال
شك أن ماليين السنين من حماية المرأة قد ولدت في مخ الرجل هذا الميل حيث يختار الرجل المرأة التي يشعر أنها تحتاج لإلنقاذ.
في الواقع فإن مخ الرجل بني بشكل جيد لكي يساعد المرأة .فالرجال في األغلب األعم أكثر مهارة في معظم أنواع المهام الميكانيكية والفراغية من المرأة ،ربما طور الرجال هذه المكينة البيولوجية على األقل جزئياً لكي يجتذبوا ويساعدوا النساء.
ضا أن الرجال أكثر أحادية في الفكر من النساء حين يقعون في الحب ،فقط ٪4٠من النساء الشابات يوافقن على نجد أي ً جملة "عندما تصبح عالقتي جيدة مع .....فهذا أهم من أن تكون عالقتي جيدة مع أسرتي" في حين أن ٪6٠من الشبان يقررون أن عالقة الحب تأتي أوالً.
هذا يعني أن الرجال لديهم تواصل حميمي أقل مع عائالتهم األصلية واألصدقاء من المرأة .ربما هذه النتيجة قد تكون حقيقة.
المخ األنثوي في الحب إن الكثير من المقاالت النفسية تقرر أن كال الجنسين يشعر بالحب والغرام الرومانسي بنفس الشدة على وجه العموم .في
ضا عدة طرق يمكن أن تستجيب بها عينة النساء بشكل مختلف عن مشاركينا تجربة بالمرنان الوظيفي FMRIأظهرت أي ً الذكور .فحين تنظر المرأة لصورة محبوها نجد أنها تميل إلظهار نشاط أكثر في جسم النواة المذنبة Caudate
Nucleusوالحاجز وهي مناطق المخ المصاحبة للدافعية واالنتباه .وتبين أن أجزاء من الحاجز أيضاً تتواكب مع عملية المشاعر وصناعتها ،كذلك أظهرت النساء نشاطاً في بعض مناطق المخ األخرى بما فيها ،واحدة تتواكب مع استرجاع الذكريات والبعض اآلخر مصاحب لالنتباه والمشاعر. من تختار المرأة في بحث أجري على 8٠٠إعالن شخصي وضع في صحف ومجالت ،بحثت نساء أمريكيات عن شركاء يوفرون لهن األمان المادي ،مرتين أكثر مما فعل الرجال .العديد من السيدات طبيبات ومحاميات ونساء ثريات يهتممن بالرجال الذين هم أكثر ثراء ووضعية منهن .في الواقع إن المرأة في أي مكان بالعالم تنجذب أكثر للشريك المتعلم الطموح الثري المحترم ذي الوضعية والمكانة وهي أنواع من اإلمكانات احتاجتها أسالف ما قبل التاريخ في شريك ووالد.
38
كما أوجز العلماء مقولة يبحث الرجال عن الموضوعات الجنسية وتبحث المرأة عن الموضوعات الناجحة. تنجذب المرأة إلى الرجل طويل القامة ربما ألن هؤالء الرجال يميلون الكتساب مكانة مرموقة ،تفضل النساء كذلك الرجال ذوي عظام الوجنات البارزة والفك القوي ،المرأة تفضل الرجل الذي يشغل وضعاً يجعله خالي البال كون ذلك عالمة على السيطرة والرفعة ،كما تميل المرأة للرجال المتعاونين األقوياء واألذكياء على المدى البعيد.
بشكل يدعو للتعجب تنجذب المرأة الالتي على استعداد للحمل للرجال ذوي الحس الفكاهي. النساء أكثر براجماتية وواقعية حين يحببن ،في حين يميل الرجال أكثر للسخرية أو المثالية أو الغيرية وربما تشرح هذه البراجماتية سبب وقوع المرأة في الحب بشكل أبطأ مما يفعل الرجل. هيام طارئ عند ممارسة العالقة الجنسية يصبح األشخاص أكثر مرونة في اختياراتهم الرومانسية حينما يبحثون عن عالقة عاطفية قصيرة المدى كما هي الحالة في اإلجازات أو الرغبة في عالقة غرامية مؤقتة بينما يتابعون اهتماماتهم األخرى.
أحرارا لهم مصار للثروة ويحبون تقديم الهدايا. تاريخيًا عندما تبحث المرأة عن غرام قصير المدى تختار رجاالً ً تستعمل بعض النساء العالقات الطارئة باعتبارها نوعاً من سياسة التأمين .إنهن يرغبن في مخزون من العالقات في حالة وجود عيوب في رفاقهن أو في حالة إصابة الرفيق بالمرض أو وفاته .ولكن تستخدم العديد من النساء الجنس العارض كتجربة شخص محدد لعالقة طويلة األمد.
ويعرض األخصائيون النفسيون هذا األمر ألن المرأة أقل حماسة من الرجال في دخول تجربة الليلة الواحدة مع شخص متزوج دائما ولكن ألن كل موارده موجهة لألخرى وطالما غش شريكته أو مشغول بعالقة عاطفية أخرى .ليس فقط ألنه غير متوفر ً األصلية فسيكون أكثر ميالً ألن يخونها بالمثل.
نجد الجنس العارض غالبًا ما يختلف عنه لدى الرجال فحينما يسعى الرجال لحب قصير األمد فإنهم يميلون الختيار النساء األقل ذكاء وإخالص وثبات واألقل مرحاً ،وعلى عكس النساء ينجذب الرجال للمرأة التي لها ٍ ماض ألملهم أن تعيد التاريخ نفسه.
39
خرائط الحب غالبًا ما تبدأ الشخصية في التشكل في فترات الطفولة المبكرة حيث نتوافق مع قوى بيئية ال تعد وال تحصى والتي تؤثر
بمشاعرنا وأفكارنا وكما الحظ "موريس سينداك" :الطفولة هي تجارة خطيرة ملعونة ثم حين نخطو للمدرسة ونكون أصدقاء جدد ،فنحن ننخرط في أنواع من االفتتان تلك التي تزيد من قوالب إعجابنا أو نفورنا من األشياء.
كل هذه األشياء وآالف من القوى المعقدة تبني اهتماماتنا الفردية قيمنا وإيماننا وفي سنوات المراهقة يؤسس كل منا قائمة باالستعدادات والعادات المميزة للشخص الذي نبحث عنه.
يبحث البعض عن شريك يوافقهم فيما يقولونه ويفضل اآلخرون النقاش المتحمس ،يحب البعض المقالب والمزاح بينما
يبحث اآلخرون عن اإلثارة العقلية ،يحتاج العديد من الناس لشريك يدعم أهدافهم ،على العكس يرغب اآلخرون في شريك يتحداهم كي تمتعوا بالنمو العقلي والروحي. نفسية المحبين أفكارا مثيرة لالهتمام ،حول حاول مئات االختصاصيين النفسيين فهم الديناميات بين الشركاء المغرمين وقدم العديد منهم ً أسباب اختيارنا لرفيق دون آخر. ومن هذه األفكار: · االرتباط المحكم -اآلمن :ويمثله رجال ونساء اجتماعيين لديهم القدرة على تكوين الصداقات. · االرتباط المتقلب :ويمثله رجال ونساء ملولون. · االرتباط غير المستقر :ويمثله أشخاص يفضلون االستقالل. · االرتباط العارض :يمثله أشخاص يرفضون استهالك وقت كبير في الحب. وهناك عدد قليل من الرجال والنساء ال يأبهون بالحب. وتبعا لرأي االختصاصي النفسي "أياال بنميس" فإننا نختار الرفيق المقرب للوالد الذي لم نحل مواضيع الطفولة معه ،حيث ً نبحث ال شعورياً عن حل لهذه العالقة. 40
يقول "تيودوريك" :أن الرجال والنساء يختارون الرفيق الذي يشبع احتياجاً مهماً بما يحمله من سمات مميزة تنقصهم .كما لخصها "ريك" :أخبرني من تحب وسوف أخبرك من أنت ،باألخص ماذا تريد أن تكون.
االختيار الجنسي في كتاب عقلية التزاوج فإن االختصاصي النفسي "جيوفري ميللر" أضاف لنظرية داروين االختيار الجنسي، فلقد اقترح أن الجنس البشري طور أيضاً سمات بشكل مبالغ فيه ،كي يبهر الشركاء المحتملين للتزاوج كما علل ميلر فإن
ذكاءنا اإلنساني ،الموهبة اللغوية ،وقابلية العزف ،دافعنا كي نبدع فنوناً تصويرية ،قصصاً ،أساطير ،فكاهة ،والدراما ،وتذوقنا
لكل أنواع الرياضة ،فضولنا ،قدرتنا على حل مسائل الرياضيات العويصة ،فضائلنا األخالقية ،شعورنا الدينى العميق ،اندفاعنا للعطاء لمؤسسات الخير ،قناعاتنا السياسية ،حس الفكاهة ،االحتياج للنميمة ،اإلبداع ،حتى شجاعتنا ،المشاكسة ،الدأب، العطف ،كلها زخرفات مبالغة ،ومكلفة أيضاً ،ليكون لدينا تطور ،فقط لنعيش يوماً آخر.
41
()6 لماذا نحب تطور الحب الرومانتيكي الحب في األشجار أشجار النخيل والتين والكمثرى البرية والماهوجني دائمة الخضرة وأكثر منها تنبسط على أراضي أفريقيا الشرقية منذ ثمانية مليون سنة.
هنا عاش آخر أسالفنا من ساكني الغابات .لكن أجدادنا األوائل ربما عاشوا على نحو التشيميانزي األفريقي القياسي وفصيله األصغر بونوبو فما زالوا في البيئة األفريقية األولية .فأسالفنا كانوا ينامون في أعالي الغابات المظللة بالشجر ،يستيقظون بعد
الفجر ويقومون بجوالتهم ويلتقون ويمتزجون يأكلون ويتبادلون االجتماعات العاطفية .وكانوا يثرثرون عبر ماال يقل عن خمسين نوعاً من الصيحات وثالثين حركة تعبيرية ،فيتقاسمون الطعام ويشنون الحروب على الجيران التشيمبانزي ليستولو على
أراضيهم وكانوا يمارسون الحب فالتشيمبانزي والبونوبو أكثرهم نشاطاً جنسياً فوق األرض أحياناً يقبلون قبلة فرنسية عميقة ويتعانقون ويتزينون ،وكانت األنثى من األسالف تقترن بذكر واحد وترحل عن التجمع لكي تتزوجه في خصوصية .األم ال
تحتاجه ليساعدها في حماية صغيرها إال أن بعض من أسالفنا من قاطني األشجار قد شعروا بانجذاب نحو أحدهم ،من أين وكيف بدأت اإلنسانية بتلك الطاقة والعنفوان؟ ال أحد يعرف .ويعتقد أنها بدأت في الهبوط من أشجار شرق أفريقيا ليشيدوا عالماً جديداً مفعماً بالمخاطر. الخطوة البشرية الحفريات البشرية جاءت من تشاد الشرقية في عام ،2٠٠2سجل األنثروبولوجيون كشفهم جمجمة شبه مكتملة وأفكاك
وأسنان في تلك الدولة في أواسط أفريقيا .شبيه ما باإلنسان عاش هنا بالقرب من البحيرة العذبة الضحلة من ماليين السنين
والبد أنهم كانوا يقضون معظم أيامهم في األشجار ويخاطر بالنزول للسهول المكشوفة وربما خاضوا في المستنقع وهو يرقب للتصيد ولكن ''تيو ماي'' ،الجمجمة مصطلح أهالي تشاد ،مخه أصغر من التشيمبانزي ووجه أكثر تسطيحاً وله فك
وأسنان شبيهة بالبشر وما وجده األنثروبولوجيون من عظام وأسنان وقد تغيرت أجسادهم تدل على الرجال والنساء الذين مشوا منتصبين على قدمين بدل من أربع أي تلك الخطوة البشرية التي يتوازن فيها أعناقنا فوق أكتافنا حتى نكاد نسقط فوق جهد. هذا التجديد الفردي عن طريق السير ،والتجميع ،وحمل األشياء.
بدأ أسالفنا خطوتهم غير المدونة نحو الحداثة ليغيروا كثيراً في طبيعة الحياة فوق األرض .أعتقد أن الخطوة البشرية سببت
مشاكل لإلناث فيضطرن لحمل أطفالهن على أذرعهن بدالً من فوق ظهورهن فأصبحت األنثى محملة أكثر باألعباء .بعد أن 42
بدأ أسالفنا في المشي على األرض أسفل األشجار وفي السهول المفتوحة وحمل العصى واألحجار فكيف لها بيد واحدة أن تحفر األرض وتصيد الحيوانات .أصبح الترافق والعالقة الثنائية أمراً حتمياً لها وعملياً له وتطور األمر إلى العادة البشرية لالرتباط برفيق واحد.
لدينا بعض االدلة على حدوث تطور الزواج األحادي منذ زمن بعيد ،تم حساب أحجام عظام الرجال والنساء ووجدوا توافقاً مع الهياكل العظمية وتبين أن الرجال أكبر حجماً وكان الجنس يختلف بينهم ويستخدم األنثروبولوجيون اختالفات الحجم بين الجنسين ليقيسوا نوع الحياة االجتماعية .وأشار ذلك إلى أولئك األقارب األوائل الذين عاشوا حياة أقرب للوحدات
االجتماعية اآلن .وجد العلماء أدلة وراثية جينية تؤكد أحادية التزاوج لدى أسالفنا األوائل فأخذوا عينة ضئيلة من حامض
DNAمن جرذان البراري وحقنوها في ذكور ذوي خصال شديدة النفور اجتماعياً .وبكل تأكيد وجد أنها بدأت في تكوين عالقات ثنائية مع إناث محددة بعينها.
للبشر جينات مشابهة لتلك التي تتحكم في نشاط الغدة النخامية وبعض الناس يحملون هذا التزايد في حامض DNAفي هذا الجين .كان على البشر أن يكونوا ثنائيات لكي يربوا صغارهم ،ألنه يوجد على األقل جين واحد يتحكم في أحادية التزاوج والسلوكيات المرتبطة به ،وهذا الجين موجود في حامض DNAالخاص بنا. تطور الطالق على أنني ال أرى أن ذلك الرباط الثنائي البد أن يكون أبدياً في كل أنحاء العالم حيث ُسمح للبشر بالطالق وبوسعهم الطالق اقتصادياً.
توصلت إلى هذا االستنتاج بينما كنت أجمع معلومات حول الطالق في تنويعة بشرية من خمس وثمانين من المسجلة في كتاب الديموجرافي السنوي في األمم المتحدة ،ووجدت أن االنفصال يكثر في العام الرابع من الزواج وفي منتصف العشرينات مع وجود طفل صغير.
فقط %3من الثديات تقترن كزوجين لتربية صغارهما مثل الثعالب في منتصف فبراير حيث يحفرون جحوراً عديدة لتربية صغارهم ألن األنثى تحمل الصغار الضعاف التي تولد عمياء وصماء فتضطر للبقاء بالجحر الرضعاهم.
أحادية التزاوج شائع لدى ذوي الريش .طائر أبو الحناء يترافق في كل موسم تزاوج ويتقاسمون الواجبات وما إن تنمو وتطير ينفصل األبوان والعديد يتخذ شريكاً جديداً.
الحياة مع التمارين المعتادة وحمية إنقاص الوزن الذي كان مرتبطاً بطقس تربية الصغار لفترة ممتدة من الوقت يمنع حدوث التبويض لسنوات عديدة بعد المخاض. 43
لكن هذا الميل الفطري إلى تكوين شراكة قصيرة األمد تسبب في إشعال تطور الحب الرومانتيكي لدى اإلنسان! لكن عملية التزاوج بالتأكيد كانت أسهل على نحو 3.5مليون سنة ذلك بسبب الفراغ الجمجمي للجنوبيين أكبر من التشيمبانزي.
لكي يغازلوا كان على الجنوبيين األوائل أن يعتمدوا على حالتهم في المجموعة ،على حكمتهم وسحرهم الشبيه
بالتشيمبانزي .ربما شعروا بعمق االنجذاب نحو رفيق ما أو بقوا ملتصقين برفيق التزاوج لعدة سنوات لكن العديد منهم ذهب ليغازل ويحب رفيقاً جديداً.
أيها العالم الجديد الجسور العالم الجديد الجسور الخاص بالبشر ،ذلك الذي تساءلت عنه ميراندا في مسرحية "العاصفة " لشكسبير .بدأ في الظهور منذ حوالي مليوني سنه .كان البشر الجدد قد بدأوا يجوبون السهول المفتوحة التي هي اليوم دولتا كينيا وتنزانيا.
وجد األركيولوجيون أكواماً من أدواتهم الحجرية غير المكتملة منثورة عبر سهول شرق أفريقيا .لم يكونوا أصحاب مهارة عالية لقد ضربوا فقط وجهاً أو وجهين من الصخرة ليصنعوا حافة حديدية أو مدببة.
أسالفنا كانوا أيضاً يجمعون أمكنة توليد اللحوم كبيرة الحجم ،يتجمعون ويتقاسمونه ووجد حوالي 25٠٠قطعه من عظام الحيوانات في النفايات ويتقاسمونها بين األقرباء تبع القواعد االجتماعية.
بعض أولئك ال قناصة تركوا عشرات األدوات الحجرية حول فيل ساقط .هل أزالوا تلك الزوائد كتمائم لجلب الحظ في القنص أم في الحب ؟ ألن تلك األقوام آخذة في نمو العقل واكتساب الذكاء .الجدير بالمالحظة أن إحدى الجماجم التي عمرها 1.8مليون سنة بها فراغ بالجانب الداخلي وتعادل المنطقة المخية اليوم منطقة بروكا لتكوين الكلمات وإنتاج الصوت. أصبح منطقياً االعتقاد بأن بعض أسالفنا قد بدأوا في الكالم بنوع من اللغة البشرية البدائية. األحاديث اآلدمية األولى كانت غالباً حول الطقس ،لكنهم عن طريق الكلمات مارسوا الغزل فكان بوسعهم أن يجاملوا ، ويشاكسوا ،ويثرثروا .أظن أن الدوائر الكهربية للمخ في جاذبية الحيوان قد بدأت تتطور إلى الصيغة البشرية. فتى ناريو كوتوم مات فتى غرقت عظامه في وحل مستنقع منذ حوالي 1.6مليون سنة يُعرف اليوم بإسم كينيا .في عام 1984هذا الصبي كان 44
يناهز الستة أقدام ،جسده مشابه لما لدينا وله خط حاجبين ثقيلين فوق عينيه ،جبهته منخفضة ومائلة ووجهه ناتئاً ،أسنانه كبيرة ولم يكن له ذقن.
كانوا يصرعون المخلوقات الضخمة فقد خلفوا ورائهم مئات األدوات حول هياكل خراتيت ،أفيال ،وأبقار .كانوا بحاجة إلى مهارات مكانية ذات حساسية كي يكونوا غنيمتهم والبد أنهم احتاجوا إلى مهارات اجتماعية أيضاً.
ال الكمبيوتر وال المطبعة واآللة البخارية كانت السبب في تحول اإلنسانية مثلما فعل تطور التحكم في اللهب .فكان بوسعهم تصليد رؤوس الرماح ،طرد الثديات الصغيرة من جحورها بالدخان و إخافتها ،يتحدثون حوله وينامون في حمايته .كانوا يستكشفون حاملين الجمر الملتهب.
ونزح أسالفنا ذو القامات المنتصبة خارج أفريقيا الستكشاف مناخات أكثر برودة .قطعان الحيوانات الضخمة كانت تتجه صوب الشمال لترعى في أ ٍ راض جديدة طازجة ،وكانت عائالت الكائن المنتصب القادمة تتبعهم تاركة وراءها العظام واألدوات في أوروبا البعيدة ،الصين ،وجزيره جاوه بأندونسيا منذ أكثر من مليون سنة. قوة المخ من بين كل النعم التي منحتنا إياها النار يظل األهم ربما هو مقدره الجنس البشري على طهو الطعام ،وفي اعتقادي أن هذا اإلبداع قد ساهم على نحو ملحوظ في تطور الحب الرومانتيكي لدى اإلنسان.
طهو الطعام أسرع من عملية إفراز األحماض األمينية التي تساعد في عمليات الهضم .طهو الخضروات يدمر المواد المؤكسدة السامة في الجسم ،وساعد الصبي ناريو كوتوم ،وأقرباءه على أن يعيشوا ويترعرعوا . الحيوانات تستهلك طاقة أيضية ضخمة لكي تبني وتصون القلب والكبد والكليتين واالمعاء. يا له من استثمار! فبينما المخ البشري يمثل فقط %2من وزن أجسامنا إال أنه يستهلك %25من طاقتنا األيضية و%4٠ من جلوكوز الدم باعتباره غذاء .خالل العام االول يستهلك األطفال %5٠من طاقتهم االيضية لبناء ميكانيزم المخ وتشييد حدته وتصفيته .فالبد لهذا العضو المدهش أن يخدم أهدافاً شديدة األهمية ،من بينها التأثير على شريك التزاوج عن طريق أنواع من المواهب واإلغواء.
األمخاخ األكبر حجماً تسبب مشاكل للنساء ،مأزق لحظة الوالدة هي األمخاخ التي أعتقد أنها أسرعت من تطور الحب الرومانتيكي.
45
مأزق الوالدة كيف أمكن لنساء البشر منتصبي القامة أن يحملن أجنة برؤوس كبيرة الحجم عبر قنواتهن الوالدية الضيقة؟ يعتقد
األنثروبولوجيون أن "مأزق الوالدة " هذا قد بدأ في الحدوث في حجم جمجمة 8٠٠سم مكعب -في عصر اإلنسان األول منتصب القامة -
ال شك أن نساء كثيرات قد متن وهن يلدن أطفالهن ذوى الرؤوس الكبيرة ،وسرعان ما تطورت في أسالفنا سمات خاصة
بفصيلنا البشري :أطفال غير مكتملي التطور يحتاجون الحضانة .مع هذا التطور في النشوء أصبح على النساء من أسالفنا منتصبي القامة أحمال أكبر في مهمة األمومة.
وما زاد األمر سوءاً أن الطفولة تقريباً تتضاعف ،يكمل التشيمبانزي البلوغ حول العاشرة ونحن حول الثمانية عشر ويعتمد طفل اإلنسان على البالغين حتى سنوات المراهقة المتأخرة بينما التشيمبانزي يبدأ بإطعام نفسه حول الرابعة. يعتقد العلماء أن تلك السمة تطورت مع ظهور "اإلنسان منتصب القامة "
إن األمومة وتنشئة الطفل أصبحت أصعب كثيراً من أن يتحملها شخص بمفرده وأظن أن التودد والغزل صار أقوى الجتذاب
شركاء التوافق واالنسجام وتطور المواهب الفنية واإلنسانية من أجل البقاء .انبثقت كم أظن دوائر المخ الكهربية لدى اإلنسان ،تلك المسئولة عن الحب الرومانتيكي. تطور الحب الرومانسي لدى البشر ربما كانت العملية أسهل بعض الشيء ،منذ مليون عام تفوق بعض أسالفنا في المالحظات الذكية أو األحاديث الخالبة وآخرون برعوا في البطوالت الرياضية.
بينما سحروا الشعراء األوائل معجبيهم بالحكايات الموزونة إيقاعياً .هكذا كتب "أوجو بيتي" النساء من فصيلة البشر منتصبي القامة كن يقعن في غرام الرجال االذكياء .في تلك األيام ذات اإلحتياجات الملحة كان أسالفنا في حاجة متزايدة لمواهب خاصة ليكسبوا قلوب رفقائهم في عالقة طويلة األمد .أولئك الذين برعوا في التراكيب اللغوية المعقدة أو الفنون والغناء أمكنهم الحياة والتناسل.
أعتقد أن الرجال األوائل من ذوي القامة المنتصبة (والنساء) كانوا يبحثون عن التأثير في رفقائهم المحتملين بفضائلهم وتمايزهم قبل أكثر من مليون عام.
وبدأوا يحتاجون إلى قدرات متقدمة من اإلدراك والحكم والعديد منها لكي يمايزوا بين المغازلين.
وتذوق السلوكيات ويطوروا من ميكانيزم المخ للتحليل والتفسير وأيضاً إلى غريزة بيولوجية هائلة تدفعهم. 46
العقل يتطور مع النهار بالطبع كان ألسالفنا أسباب حيوية أخرى لكي يطوروا القدرات اإلنسانية الفريدة .احتاج فتى ناريو كوتوم وأقرباؤه أن يشعروا بالتعاطف مع الرفقاء المجروحين والتفهم مع المراهقين .يقنعون الرفاق بالتصرفات المنطقية وأساليب المخاطبة التي تحيا على اختالفاتها .كان العقل البشري يتطور مع ضوء النهار. الخطوة نحو الحداثة مع مرور الزمن ظل أسالفنا يتركون أدلة متزايدة حول حياتهم الغزلية .منذ حوالي 25٠،٠٠٠عام كان ألحد األشخاص فيما يعرف اليوم بأثيوبيا مخ يصل حجمه الى 1،3٠٠سم مكعب حول متوسط حجم المخ البشري الحديث.
منذ حوالي 25٠،٠٠٠سنة كان هناك رجل يعيش فيما يعرف اليوم بأنجلترا ،استطاع أن ينحت بدقة فأساً يدوية متماثلة من قوقعة أحفورية وجدناها مدفونة في كتلة من الصخور .وأكد العلماء حجمها أكبر من أن تكون للقنص بل للتأثير على المحبوبة لكسب ودها.
منذ ستين ألف سنة كان سكان جبال زاجروس بشمال شرق العراق قد دفنوا جثماناً في قبر غير عميق في نهار شهر يونيو ثم غطوه بنبات الخبار البري وأشواك الدردار .كانت المرأة تزين ردفيها وثدييها من أجل رقصة الصيف.
ومنذ حوالي ثالثين ألف سنة كانت شعوب كرو -ماجنين يتباهون بجماجم تشبه جماجم البشرية بشكل كامل. الفنانون المميزون هبطوا إلى كهوف تحت فرنسا واسبانيا ليرسموا الثور والغزال والدببة .تلك المخلوقات كانت تصطف في الكهوف الصغيرة بالطاقة المبثوثة فيها ،والزالت بعض آثار األقدام في الكهوف تنبئنا عن الراقصين على النور الخافت لمصابيح الزيت.
من أوروبا إلى سيبيريا كان الناس يحفرون تماثيل إلناث ممتلئات القوام باعتبارهن نماذج للخصوبة ،كما زين الرجال والنساء أنفسهم بحبات الخرز والوشم وربطات الشعر واألثواب الفضفاضة.
منذ حوالي أربعين ألف سنة كتب أحد قاطني سومر القديمة ،أول رساله حب وجدت في التاريخ منقوشة باللغة المسمارية
على أول قطعة من الطمى .ترقد تلك الرسالة اآلن في المتحف الشرقي القديم بإسطنبول بتركيا ،هذا الشخص كان يحب. هو ،أو هي ،غمرته مشاعر النشوة والفرح ذاتها التي يشعر بها العشاق منذ مليون عام.
47
()7 الحب الضائع الرفض واليأس والغضب رفض التصديق عندما يعرف أي شخص بأن صديقه أو رفيقه يفكر في إنهاء العالقة معه فإنه يصاب بالقلق والتوتر وبذلك يسخر كل وقته
وجهده للرفيق الذي هجره من أجل إعادة العالقة معه وعندما أجريت عملية المسح على الذين فقدوا أحبتهم فقد ُوجد أن
ُّوم وبعضهم يصاب بنقص الوزن وبعضهم يصاب بالتشنج وجمعهم يبحث عن الخلل الذي أصاب هذه بعضهم يصاب بقلة النـ َّ
العالقة وبعد قطع العالقة فإن كل حبيب مستمر في التفكير في الحبيب اآلخر بالرغم من قطع العالقة بينهم والعاشقين الذين
هجروا أحبتهم فإنهم يقومون بزيارة المكان المشترك بينهم وكتابة الرسائل واإليميالت وأيضاً يقوموا بزيارة مكان العمل كل هذا من أجل أن يجددوا العالقة مع بعضهم. غضب الهجران مشكلة محاولة استعادة الحبيب الهاجري والحنين إليه تكمن في القلق من االنفصال وردود الفعل تلك لها أهمية بالغة فقد
يتحول الحب إلى كراهية عمياء ألن الحب والكراهية مرتبطان في المخ البشري المنطقة المنعزلة والجزء من القشرة المخية التي تقوم بجمع المعلومات من الجسم الداخلي والحواس ولكن المفتاح شبكة المخ األساسية للغضب مراتبطة بقوه مع
مراكز القشرة األساسية التي تجري عملية تقدير المكافآت وحينما يبدأ البشر والحيوانات في إدراك أن المكافأة متوقعة ما
يهددها الخطر تبدأ القشرة األمامية في إصدار إشارات للفص الصدغي تحث مشاعر الغضب وتسمى لدى علماء النفسين
باسم ظاهرة عدوان اإلحباط وهذه معروفة جداً لدى الحيوانات فمثالً حينما تحث دوائر المكافأة المخية لدى القطط فإنها تشعر بسعادة غامرة وإذا انسحبت تلك المحثات فإنها تعض وفِي كل مرة تزداد فيها االنسحاب السعادة فإنها تستشيط
غضباً وهذا تماماً في األحبة المهجورة وكذلك فإن القرد الهائج ال يرمي غضبه على قرد متسلط وإنما يرميه على قرد مسكين
وكذلك العاشق المهجور يركل أي كرسي أمامه أو يرمي الكأس من يده ويفرغ غضبه على أحد زمالئه أو صديقه بدالً ما يَصب غضبه على حبيبه الهاجر.
الهدف وراء غضب الهجران الغضب مدمر للجسم فهو يضعف جهاز المناعة ويرفع الضغط ويجهد القلب ،ولذلك لقد تطورت الروابط بين الحب
والغضب لكي تحل المشكلة ويوجد موسم للحب هو تلك المعركة التي يحارب فيها ذكور الخراف وأسود البحر ذكور
الفصائل األخرى وتعارك بعضها البعض لكي يفوز أحدهم بالرفيقة المناسبة للغزل والغضب يكون مرتبط بالثدييات لكي يتقدم 48
المغازلين لألمام أو الخلف بين االنجذاب للرفيق ليثروا في وجه المغازل المنافس وقد وصل االعتقاد أن غضب الهجران قد تطور ليخدم هدف آخر وهو دفع العشاق المحبطين إلى التخلص من عالقات معدومة النهايات لكي يلملموا جراحهم
ويبحثوا عن حب عشب أكثر اخضراراً وإن كان الحبيب قد أنتج أطفاالً فإن غضب الهجران سوف يمنحهم طاقة للمحاربة من رجل مستقبل أطفالهم وقد يظهر العنف على أحد الوالدين من أجل تأمين أطفالهم المهجورين وإن أكثرهم يلجئون إلى األقوال عندما ييأسوا من الرفيق وإن الرجال ال يبحثوا بأوجاعهم بل يحتوا أحزانهم داخل أعماقهم ويعرف الرجال إنهم في
حالة غصب يظهر عليهم ذلك في مقر عملهم من خالل تعاملهم مع زمالئهم فيظهر عليهم انهم مرضى نفسياً أو جسدياً أما ُّوم وبعضهم ال ينام وبعضهم يلجأ إلى الثرثرة في سماعات النساء فيصبن باالكتئاب ونقص في الوزن والبعض يلجأ إلى النـ َّ الهاتف لمن يستمع إليهن وان هذه الثرثرة تهب النساء الراحة وخير مثال على ذلك صغار الثدييات عندما تنفصل عن
أمهاتهم المهجورة وصغار القرود تمص أصابعها وتحتضن نفسها والجرو عند عزله يكور نفسه بأي ركن دليالً على اعتراضه. االكتئاب بوصفه تكيفاً في هذه الحالة يبدو القنوط فمن األفضل له أن يعالج طاقته بدالً من البكاء ويعيد لنفسه توازنها وان دوائر المخ الكهربائية المعقدة قد تطورات وأصبحت صورة طبق األصل وهذا واضح على صغار الثدييات عند فقد أمهاتهم فإنهم يتحولون دون
هدف حتى تعود أمهاتهم وحتى يحافظوا على قوامهم وجلدهم دون فقدان له وحمايتها من االفتراس واالحباط دفع أسالفنا من البشر بالتخلي عن المغامرات الخطرة ومثال على ذلك امرأة شابه طارد زوجها امرأة من قبيلة أخرى لكي يتزوجها وقد
أنكرت زوجته هذا األمر بمرارة وذهبت إلى أبيها وأقاربها وحاولت في زوجها أن يترك تلك المرأة وحينما عجزت في إقناع
أقاربها وزوجها بالكلمات ونوبات غرقت في االحباط العميق هذه الفجيعة أثارت الفوضى في المعسكر وهذا أثر على قدرتها وعجزت عن رعاية أطفالها فطرد أقاربها هذا الزوج وقاموا بمواساتها حتى استعادت حيويتها وقدرتها فاالكتئاب يهتك عبقاً لبصيرة فالبعض من الناس تكون لديهم روابط حماية قوية تجعلهم واثقين من أنفسهم ويمكنهم التعافي السريع لوحدهم
ويختاروا تجربة الحب الفاشل بسرعة وبعض اآلخرين ينشئوا في بيوت ال يعمرها الحب مشحونة بالتوتر فينشئوا ضعافاً هشين ومصابون ببعض األمراض يرجع ذلك لطبيعة الجوا الذي عاشوا به. جرائم الهوى ...الغيرة انه عندما تهدد العالقة ِمن قبل مغازل منافس فإن بعض الغيورون يلجئوا إلى العبوس فإنهم بهذه الطريقة يعملوا على إخفاء
المحبوب وعدم اصطحابه إلى الحفالت وأيضاً قد يوبخ رفيقه إذا تكلم مع أي أحد في المناسبات االجتماعية والكثير يعمل على إثارة غضبه وبعض المنافسين يكن جميالً ووسيماً لكن المقاومة الذاتية أكبر من ذلك والبعض يعمل على إمطار الرفيق بالهدايا والعواطف من أجل أن يحافظ على حبيبه والبعض بهذه الطريقة يعمل على قتل نفسه إذا تركه حبيبه فالحب مثل الشعلة محمية من االنطفاء يحترق الفتيل لكنه يبقى مدة أطول مشتغالً وإذا تعرضت العواطف للغيرة والشك فإن اللهب يتوهج أكثر ولكن سرعان ما يخمد لكن السيكولوجيين يعتقدوا أن الغيرة هي حث أحد الطرفين بأن يريح الطرف اآلخر
49
الفاقد للثقة عن طريق اإلخالص له وعندما يرحل العاشق لألبد فإن دوافع الغيرة تقوده إلى االحباط. المطاردة اإليذاء الجسدي والقتل الرجال يطاردون النساء الذين تركوهم ويهددونهم ويرسلوا إليهم رسائل بذيئة والبعض منهم يسرق أشياء ثمينة والبعض يأخذ
أشياء شخصية مثل المالبس الداخلية والبعض يلحق حبيبته السابقة بسيارته والبعض يرقبه من بيته أو مقر عمله لكي يتهكم عليه بكلمات نابيه ويضرب الرجال النساء ضرباً مبرحاً فثلث نساء امريكا يذهبن إلى قسم الطوارئ ويلجأ أيضاً الرجال إلى القتل الذي يذهب ضحاياه النساء في أميريكا على يد أزوحهم أو أصدقائهم السابقين ويوجد العديد من المجتمعات التي تربي النزعة الذكورية من أجل حراسة الحبيبة من المتهكمين. القصاص األنثوي النساء أقل من الرجال في القتل والتشويه عندما يشعرن بالغيرة ويميلوا إلى توبيخ أنفسهم بسب التقصير لالعتقاد بأنهم غير
مالئمات ويحاولوا استعادة عاطفة رفقائهم وعندما تفشل هذه المحاولة ومعرفة المشكلة يقمن النساء بالمطاردة والنساء أيضاً مثل الرجال يرسلون اإليميالت والرسائل والمكالمات الصوتية والنساء أيضاً يعملن على قتل األحبة الرافضين لكن بنسبة أقل من الرجال ومن بين جرائم العاهات المستديمة كانت للميديا كانت مجنونة بعشق جاسون ومن أجل أن تساعدها على
استعادة الصوف الذهبية خانت والدها ووضعت شقيقتها في مواجهة أخوها وذبحته وسافرت ميديا مع جاسون إلى كورنث ليستقروا هناك مع والديهم لكن لألسف هجرها جاسون وتزوج من ابنه كربون ملك كورنث وبعد زواجه أصبحت ال أتناول
الطعام وأقضي معظم الوقت بالبكاء وقد أحرقت ميديا العروس الجديدة وذبحت أطفالها فقد دمرت ميديا بذلك نسل جاسون المستقبلي.
انتحار الهوى اإلنسان البشري هو الوحيد فوق االرض من بين جميع المخلوقات الذي يقدم على االنتحار ومن الصعب الحصول على
مبررات حول قتل البشر األصحاء ألنفسهم فالبعض يكون بسب فقد المال أو السلطة أو االحترام أو أن اإلنسان لديه هدف طال انتظره دون أن يتحقق كل هذه األمور تدفع اإلنسان إلى الخروج عن هذه الحياة فعندما تتحول العالقة الغرامية لغدو
مرير يتحول المخ البشري كيميائياً ليدخل حالة من االكتئاب فينشأ من خالله التدمير الذاتي وأن العديد من الرجال والنساء يفعلوا ذلك بسب فقدنهم للحب. جاذبية االحباط الهوى مرض مليء باألوجاع يرفض كل العالجات وأن جاذبية االحباط متالزمة مع كيمياء المخ وأن خبراء علم النفس أقروا 50
بأن رد فعل الرفض للتصديق هذا االميكانيزم حيواني أساسي نشط عندما تتمزق أي عالقة اجتماعية مثال على ذلك الجرو
الصغير عندما يعزل عن أمه في المطبخ فإنه يهيج ويخرش الباب وإن الذين يمارسون فعل الهجر يشعرون بالذنب لتسببهم في قطع العالقات .
51
)(8
السيطرة على العاطفة لكي يدوم الحب تساءل "وليام كافنديش" "هل المحبون منصفون ح ًقا؟"
بالتأكيد ،فنحن نشع حين نحب ،وننتظم ونأمل ونشتاق ،نحتاج ألن نرى ،ونلمس ونضحك ،نحب ونُ ّحب ،وقودنا في هذا، تنبها ،نركز اهتمامنا ،وننتظر جائزتنا. أكثر كيميائيات الطبيعة ً مدمنو الحب نوعا من الجوع .كما في أغنية األغنيات ،شعر الحب العبري يشير الشعر العالمي واألدبيات ،إلى الحب الرومانسي ،باعتباره ً التراثي ،صرخت السيدة" :أنا جائعة لحبه" .وفي الحكايات العربية ،يبكي المجنون ويقول ":محبوبتي أرسلت لي سالما، رسالة ،كلمة ،إنني أتشوق ألي كلمة ،أو إيماء منك".
اعتبر العديد من األخصائيين االجتماعيين ،أن الحب الرومانسي (الغرام) ،مثل اإلدمان ،وهو إدمان ايجابي ،حين يكون متبادال ،وتثبيت سلبي فضيع ،حين يزدريك حبيبك ،وتعجز عن فعل أي شيء. ً
مثال فإن أحداثًا كما ينتكس المحب مثل انتكاس المدمنين كذلك ،فحتى من بعد مدة طويلة من قطع العالقة مع محبوبه ً بسيطة مثل سماع أغنية معينة ،أو زيارة مكان محدد تؤجج اشتياقه ،وتدفعه لالتصال أو الكتابة للحصول على مبتغاه بشكل قهري .
مرض الحب ،دعه يذهب يؤمن "شكسبير" أن عواطف الغرام ال يمكن التحكم بها ،لكنني أعتقد أن هذا اإلدمان يمكن التغلب عليه فعليًا ،فقط يلزمنا كثيرا على ذلك. القرار والوقت ،حيث أن بعض المعلومات البسيطة حول وظيفة الدماغ ،وطبيعة اإلنسان تساعد ً
مثال وضع الكروت أوال يجب أن تزيل كل الدالئل على هذه المادة اإلدمانية "المحبوب" .ولهذا يجب ً كيف تبدأ؟ ً
والخطابات ،وباقي المتعلقات ،في صندوق بعي ًدا عن متناولك .اشغل نفسك وعقلك عن التفكير بالعالقات الفاشلة ،تأمل، أفكارا ايجابية عن نفسك ،وعن مستقبلك ،حتى وإن لم تكن حقيقية ،تغنى بها ،وبهدوء رددها بداخلك .شيءٌ مثل " طور ُ أحب أن أكون ذاتي ،مع توأم الروح التي هي مني" .وحينما ال تستطيع التوقف عن التفكير فيه أو فيها ،تناول سماته السلبية ،اكتب أخطائهم ،واحتفظ بها في القائمة ،في حافظتك ،أو جيبك. 52
نهارا ،في الهواء الطلق ،وخارج األبواب ،حيث أثبتت حاول أن تنتقي النشاطات النهارية بقدر اإلمكان ،مارس الرياضة ً
الدراسات أن ضوء الشمس مقو هام للمحبين المكتئبين على اعتباره المسئول عن تنشيط الغدة الصنوبرية في المخ فتهون على رتابة الجسم بشكل يساعد على رفع المزاج. نهج الخطوات االثنتي عشرة :مدمنو الحب بدأ هذا النهج في ثالثينيات القرن المنصرم ،حين وافق اثنان من األمريكيين ،دبليو بيل ودكتور بوب ،على قهر إدمانهما على الخمور ،بالتحدث لآلخر في أي وقت من اليوم أو الليل ،حينما يشعران بإلحاح الشراب .وبناء على هذا التبادل ،خلقا
مفاهيم وتقاليد "المدمن المجهول ."AAواليوم فإن هذه الصيغة الداهية والبارعة للتغلب على اإلدمان ،ولدت المئات من المجموعات المتشابهة أمثال "المقامر المجهول" و "مدمنو الجنس والحب المجهولون" بمجموعة بارعة من الشعارات، والمفاهيم ،والممارسات ،التي تساعد المدمنين على كافة أنماطهم حول العالم في تعافيهم. تناول مضادات االكتئاب هناك أنواع عديدة من االكتئاب ،فالمرأة التي تعاني من انخفاض المزاج بعد الوالدة ،ال تعاني االكتئاب نفسه الذي يعانيه
نوعا آخر من االكتئاب ،مع بصمات كيميائية محددة على المخ . رجل فصل من عمله ًتوا .والحب المرفوض ربما يحدث ً
بالرغم من اختالف أنواع االكتئاب "اإلكلينيكي" ،يبدو أنها تظهر بأربع عالمات أساسية ،اضطراب معرفي ،ويشمل فقدان
التركيز في العمل ،عدم القدرة على تذكر األحداث اليومية والواجبات ،تفكير وسواسي حول مشكلتك وألمك .واالضطرابات األخرى بالتفكير واعتالل المزاج .كما تظهر مشاكل عند تناول الطعام،والنوم ،أو الولوج في ممارسات جنسية والعديد منهم يفكرون باالنتحار.
أشهر مضادات االكتئاب هي تلك العقاقير التي تزيد من نسبة السيروتونين بالمخ بشكل أو بآخر وأشهرها هي ، SSRIأو مثبطات امتصاص السيروتونين االختيارية لكن بالمقابل لها أضرارها الجانبية الخاصة كزيادة الوزن ،هبوط الرغبة الجنسية،
ضا تبلد المشاعر تأخر في التنبيه الجنسي و/أو عدم القدرة على االنتصاب ،أو القذف ،أو النشوة الجنسية .وقد تسبب أي ً وقياسا عليها الكثير من العقاقير لهذا الشأن. ً
حتى اآلن ال يوجد عقار بمثابة رصاصة سحرية مضاد لالكتئاب كليًا فكلها ذات تأثيرات جانبية بشكل أو بآخر .ولكن على أي حال تعتبر بديل كيميائي أفضل بكثير من أن تترصد حبيبك السابق أو أي شيء ينذر منك باالنتحار.
53
العالج بالكالم بينت األبحاث أن العالج النفسي يمكن أن يؤدي إلى العديد من التغيرات في وظائف المخ كما تعمل مضادات االكتئاب في فعاال لتخفيف وتطبيب االكتئاب الجسيم. الحقيقة ،أحيانًا يكون العالج بالكالم ً
تأثيرا منه إذا تم االعتماد على واحد منهما بل أن العديد من األطباء النفسيين يؤمنون أن بدمج العالجين سويًا ،سيصبح أكثر ً فقط.
وقت الشفاء أناسا كما قمت بإزالة المحفزات التي أثارت حماسك ،سلح نفسك بذخيرة من الشعارات ،ابن عادات يومية جديدة ،قابل ً
جدد ،استغرق في اهتمامات جديدة ،ابحث عن مضاد االكتئاب المناسب .مع كل ذلك فإن إدمانك لحبيب سابق سيهدأ.
ستتماثل للشفاء ،أحيانًا في أسابيع قليلة أو لربما تأخذ أشهر عدة أو تأخذ حتى أكثر من عامين لالنفصال عن تجربة فاشلة سابقة .
ابحث عن حبيبًا جدي ًدا ليمأل قلبك فهو كفيل بنسيان التجربة السابقة ،حيث وافق العلم الحديث على ذلك ،فحين تقع في مجددا سوف ترفع مستويات الدوبامين ،وباقي المواد األخرى بالدماغ ،التي تشعرك بأنك في حالة جيدة مرة أخرى. الحب ً كيف يمكن استحضار الحب؟ معا. كيف تشعل غرام مجنون في آخر؟ افعل أشياء غير مألوفة ً أثبتت التجارب المعملية أن الخبرات المثيرة تستطيع أن تعزز شعور االنجذاب .هذا االنجذاب التلقائي يترابط في الغالب
بشكل مباشر مع الخاصية البدنية للخطر :الخطر يحفز األدرينالين الذي يجعل القلب عطوفًا ،وهو بدني يرتبط ارتباطًا وثي ًقا بالدوبامين المصاحبة للحب الرومانسي والنوريبنفرانين.
مثيرا ،وله أي شيء مثير للحماسة ،وغير اعتيادي يمكنه أن يؤجج الحب الرومانسي .حتى الشجار والغضب قد يصبح ً إمكانيات الرومانسية حيث البعض أقر أن الجدال يبحث الحيوية في العالقة.
54
الجنس الحميم يمكن للجنس أن يكون شرارة الغرام الرومانسي إذا كنت تمارسه مع أحد تحبه ،في الوقت المناسب وقد تستمتع بهذا
الشكل التعبير عن الذات والتمرين البدني .حيث أن التمسيد والتدليك يثير إفراز هرموني "األوكسيتوسين" و"اإلندورفين" للتحرر من التوتر العصبي وتؤدي لمشاعر االرتباط.
الجنس يساعدك على االحتفاظ بجلدك وعضالتك وباقي أنسجة الجسم في الحالة المثلى من التناغم ،وهو يوفر الفرصة كي تخلق الجدة واإلثارة .ومع النشوة فإن المخ يطلق "األوكسيتوسين" في المرأة ،و"الفازوبرسين" في الرجل وهي الكيميائيات التي تصاحب مشاعر االرتباط.
دائما ما يترافق الجنس مع ارتفاع مستويات التيستيستيرون وهو ما ينمي إنتاج الدوبامين ،الرحيق الذي يغذي الرومانسية .لذا ً من الطريف أن السائل المنوي يعتبر له القدرة على المساهمة في العواطف الرومانسية.
كما أن العالقة الجنسية لديها القدرة على تخلل هرمون الحفز الكيسي،Follicle-stimulating hormone وهرمونات أخرى في المهبل وهي مواد تستخدمها النساء لتنظيم الدورة الشهرية. أعد تقييم عقاقيرك المضادة لالكتئاب خصوصا إذا كنت قد إذا أردت المغازلة بشكل جدي ،يجب أن تعيد تقييم ،تأثير أي عقاقير مضادة لالكتئاب التي تتناولها، ً عانيت من مشكالت جنسية ،كتأثير جانبي للعقاقير ،أو حتى تبلد المشاعر.
أثبتت"ماريان فيشر" من خالل دراسة أجرتها على سيدات تناولن مضادات االكتئاب من نوع محسنات "السيروتونين" بمقابل ضا أخريات لم يأخذن أي عقار أن من تناولنها هددت قدرتهن على تقييم االلتزام العاطفي لشريكهن ،ربما ألسوأ من ذلك أي ً أصبحن يرسلن إشارات خاطئة بعدم المالئمة وفقدان االهتمام في غرفة النوم (في عالقة جنسية) والتي تنفر منها الرفيق وبالتالي تعريض عالقتهن مع شركائهن للخطر ما يغير حب حياتهم ومستقبل جيناتهم. الحميمية الذكرية ،الحميمية األنثوية معا حميمة. كال الجنسين يعتقدون أن المشاركة في األسرار الشخصية ،والنشاطات المبهجة ً
وجها لوجه فهن يجلسن أقرب مما يفعل الرجل وهن ينظرن مباشرةً إلى عيون النساء غالبًا تعتبر أن الحميمية هي الحديث ً
اآلخرين نظرة راسخة كما أطلقت عليه اللغوية "ديبوراتانين" ،بينما الرجال يشعرون بالقرب العاطفي عندما يعملون أو يلعبون أو يمارسون هواية أو يتحدثون جنبا على جنب فربما يشعر أنه منتبه لها. 55
المغازلة على اعتبار أن الكلمات هي سالح المرأة و أدواتها كي تنشئ الصغار ،لذا نجد أن النساء يحببن الكالم ،فالبنات الصغيرات يتكلمن أسرع من األوالد مع دقة أعظم في النحو ،ومفردات لغوية أكثر .بينما الرجال ال يحتاجون الموهبة الكالمية ،بل
يحتاجون فقط الشجاعة وبضع كلمات للمغازلة في الهاتف ،وفي اللقاء ،أو على الوسادة فيصلون بها للعالقة الحميمية عبر عوضا عن الرياضة ،السياسة ،العالقات الدولية ،والعمل. الكالم عن موضوعات مختلفة ً الجنس كحميمية الجنس أيضا يستطيع أن يؤدي إلى حميمية ،ولديه القدرة على تأجيج النشوة الرومانسية .فالرجال لديهم احتمالية أكبر من
النساء بحوالي أربعة مرات لمساواة النشاط الجنسي مع التقارب العاطفي .فالمضاجعة هي تذكرة الرجال للذرية فإذا حملت ميال ال شعوريًا العتبار العالقة الجنسية خالصة شريكته ،سترسل جيناته إلى المستقبل .فنجدها أنها تركت في الذكر نفسه ً للحميمية ،والتعلق العاطفي ،والرفعة.
بينما المرأة تشعر بالحميمية أكثر مع شريك عندما يتحدثان سويًا قبل إقامة العالقة مباشرةً ليؤكد لها أن حبيبها يمكنه ومدعما لها ،ويحتوي شهوته. صبورا ً اإلنصاتً ، شراء الوقت كلنا نعلم أن المرأة تنجذب إلى الرجل الذي يمتلك الموارد ،ويشاركها بكرم أمواله ،وقته ،وعيه ،ومكانته .بينما الرجال
يغرقون في امرأة ،حينما يشعرون أنها بحاجة لإلنقاذ .ضعفها واحتياجها غالبًا ما يؤجج الشهامة في الرجال ،وحسن معاملة
النساء ،والحب الرومانسي .الضعف هو الشيء األخير الذي يحب الرجال أن يعلنوه .لماذا تستعرض ضعفك حينما يمكنك دال من ذلك؟. التباهي بنقاط قوتك وإنجازاتك ب ً اجعل نفسك تقع في الحب ابحث عن األشياء التي تحبذها وتحبها لتفعلها مع الذي أعجبت به ،واجعلها أشياء جديدة مثيرة ،ابعد التشتيت وخاصة
قادرا على المحبين اآلخرين ،افتح ذاتك بصدق مع طريقته أو طريقتها في التفكير ،واإلحساس ،وطريقة الحب .فربما تكون ً تحفيز دوائر المخ المناسبة للحب الرومانسي.
آمن "إبستين" أنك تستطيع الوقوع في الحب ،فكثيرون ممن دخلوا تجربة زواج مرتب له ،أو اقتناء زوجات عبر اإلعالن باالنترنت يبدو أنهم يؤمنون بأنك يمكنك القفز لتبدأ هذا السحر المسمى بالحب.
56
اجعل الحب يدوم ال يزال بعض الناس يستطيعون البقاء في الحب بحماس طول العمر .حيث أثبتت بعض الدراسات البارزة أن الرجال الذين عاما أكثر رومانسية من هؤالء الذين مضى على زواجهم خمس سنوات فقط. تزوجوا منذ أكثر من عشرين ً
لعل سر استمرار هذا الحب هو إتباع ممارسات قياسية متعددة ما بين االلتزام ،اإلنصات المتمعن للشريك ،مبادلته أطراف النقاش ،البقاء بحالة جاذبية بالنسبة له أو لها ،االحتفاظ بنموك ونضجك العقلي ،االحتواء ،إعطاء الخصوصية الالزمة،
األمانة ،الثقة ،تقبل أوجه القصور ،مراعاة العادات ،المرونة ،الحس الفكاهي ،االحترام ،والجدال بشكل بناء وعد التهديد وأخيرا رفض الخيانة الزوجية. بالهجر ً
"ليس مألوفًا أن أحب ما لدي" أناتول فرانس .ال تفترض أن عالقتكما سوف تستمر لألبد ،لكن ابنها يوم بيوم ،وال تكف أب ًدا عن كل هذا .العديد من العادات الحكيمة يمكنها أن تبقي مشاعر االرتباط الطويل لكن ليس من المرجح أن ترفع مستويات الدوبامين ،أو تبقي عاطفة الحب الرومانسي. العاطفة والمنطق "بدون مشاعر واحتياجات ،ال نستطيع تقييم قيم مختلفة ،الختيارات مختلفة ،فأفكارنا ،منطقنا ،قراراتنا سوف تكون جامدة، بدم بارد ،تفتقد المكونات الحية التي نحتاجها لنوازن المتغيرات ،ونصنع الخيارات ،سوف تصبح أرواحنا من ثلج" عالم
األعصاب"أنطونيو داماسيو".إذن التفكير ،والعاطفة ،والذاكرة ،والدافعية ،مندمجان ومتكامالن بشكل وثيق .هذا ما يثبت أن العقل والعاطفة مرتبطان ارتباطًا ال ينقصم.
اكتشف عالم األعصاب "جوزيف لودو" أن المخ له طريقتان إلدماج المشاعر والعقل" :الطريق العالي"و"الطريق السفلي"
وكالهما مترابطان بجهاز اإلثابة بالمخ ،باحتياجاته ودوافعه ومن خالل هذا الطريق السفلي لكونه غير منطقيًا وعاطفي بشكل أكبر بكثير من "الطريق العالي" يمكن للمحب من أن يجرب النشوة الهائلة واللهفة فيما يرون محبوبهم حتى قبل أن يفكروا بعقالنية عنه أو عنها.
57
()9 جنون اآللهة انتصار الحب "تلك األيام ،ال شيء مستحيل في هذا العالم .بوسع المرء أن يفعل أي شيء .منحت صالتي اليوم لـ شيري باشوباتيبابا ، امتالء ،حتى يكبر ويزدهر في المستقبل ،حتى يُزهر ويُزهر" لكي يتطور حبنا أكثر فأكثر ً كتبت "فايرا بهادر" تلك الكلمات إلى "شيال" في إحدى القرى بنيبال عام 199٠م . على مدى قرون ظل اآلباء في نيبال يرتبون زواج أوالدهم تبعاً لعالقات شديدة التعقيد من األقارب والطائفة ،حتى أن العريس والعروس يتبادالن كلماتهما األولى يوم الزفاف .
ولكن بعد اختراع الكهرباء وانتشار عالقات الحب الهندية في عروض السينما ،ومع التعليم ظهر تقليد جديد :رسائل الحب. ومنذ 1993كان %9٠من بين كل الذين تزوجوا قد هربوا مع شخص يحبونه.
وفيما بدأت التجارة ،الصناعة ،االتصاالت ،والتعليم في االنتشار حول العالم بدأ الرجال والنساء في ترتيب طرائق زيجاتهم ممن يحبون .تمت دراسة على سبعة وثالثين مجتمعاً من البرازيل وحتى نيجيريا إلى إندونيسيا ،صنف الرجال والنساء الحب واالنجذاب المتبادل باعتباره المعيار األول الختيار شريك الحياة .فقط في الهند وباكستان وبعض الدول اإلسالمية وبعض
من صحراء افريقيا وأماكن قليلة أخرى ،يظل أكثر من %5٠من الرجال والنساء يتزوجون ممن يأمر بهم آباؤهم .ليس كل تلك الزيجات ناقصة الحب ،في الهند ،يقول الناس عادةً "بمجرد زواجنا وقعنا في الحب".
ولكن معظم الرجال والنساء حول العالم اليوم يختارون شركاؤهم بأنفسهم وهو ما يسميه الصينيون "الحب الحر" إعادة انبعاث الحب الرومانتيكي ازدهار الحب الرومانتيكي في الزواج ،االحتفال بهذه العاطفة في األفالم ،والمسرحيات والقصائد ،واألغاني ،والكتب ، وشالل المناقشات حول العالم حول الرومانسية ،واإليمان بأن الحب هو حجر األساس في الزواج ،كل هذا نتيجة العديد من التوجهات االجتماعية .ولكن القليل منها مهم على وجه الخصوص ،أحدها ارتفاع درجة االستقاللية الفردية والموجات المصاحبة لذلك من نزول المرأة لسوق العمل مدفوع األجر.
على مدى ماليين السنين ظل أسالفنا يعيشون على القنص الصغير وتجميع العصبيات ،كان كال الجنسين يعمالن ،التقاليد 58
تربط الجميع بالقواعد االجتماعية كافة المتآلفة المتعارف عليها بين أفراد القبيلة ،ولكن الرجال والنساء كانوا أحراراً لكي يصنعوا قرارتهم الشخصية ،وكان األفراد مستقلون نسبياً ويمتلكون حرية التعبير.
كانت الحياة في مجتمعات القنص والتجميع توحي بأن آباءنا األسالف (لكي يخدموا أغراضهم االجتماعية) يختارون أول
أزواج بناتهم .كانت التزاماتهم تتالقى فكانوا يلقون ببعض األعباء الصغيرة على الصغار لكي يحافظوا على األداء .لهذا كانت
معظم الخطوبات تخفق .النساء كن قويات اقتصادياً ،جنسياً ،واجتماعياً وحينما كان األزواج يجدون أن ليس بوسعهم العيش معاً في تناغم ،بوسع كل منهما أن يعرض االنفصال .على مدى ماليين السنين كان أجدادنا يتزوجون غالباً من أجل الحب. منذ بضعة عشرات اآلالف من السنين تحولت حياة اإلنسان ،حيث استقر أسالفنا في الحقول ،بدأت تتآكل بالتدريج استقاللية الفرد واالتزان االقتصادي في السلطة بين الجنسين ،وارتفعت التراتيبية االجتماعية والسياسية المقننة.
وما إن بدأ الرجال من انجلترا إلى الصين ينقون الحقول ويفلحونها ،ويأتون بإنتاجهم إلى السوق المحلية ،سرعان ما امتلك
الرجال األراضي ،والمواشي ،ومعظم ثروات العائلة األخرى ،بينما النساء لم يعدن قادرين على التجوال وجمع طعام المساء ،بل ارتبطوا بمهام الدرجة الثانية في الزراعة والبقاء في المنزل مفتقدين الملكية والتواصل مع التعليم ،وفقدن مكانتهن
القديمة في كل الثقافات حول العالم .وأصبح الزواج مشروع عمل ،تبادل ملكيات ،روابط سياسية ،ووثاقاً اجتماعياً .وليس بوسع الرجل أو المرأة الزواج من أجل الحب.
الحب ال يمكن خنقه ،الغني يتخذ الخليالت أو الزوجة الثانية ،والفقير غير مالك األرض يتزوج من أجل الحب .ودون شك كان الكثير من الرجال والنساء المرتبطين بوثاق الخطوبة يقعون في الحب فيما بينهم.
احتفت الشعوب ايضاً بالحب في األساطير والحكايات الخرافية ،واللوحات التشكيلية .ولكن قدماء المصريين ،واإلغريق ، والرومان ،والمسيحيين األوائل ،والمسلمين ،والهنود ،والصينيين ،واليابانيين ،وغيرهم الكثير من العالم التاريخي كانوا
يتزوجون عادة من أجل الواجب ،المال ،الترابط وبناء الجماعة .كان الحب الرومانتيكي متخوفاً منه في معظم مناطق آسيا وأجزاء من افريقيا .تلك القوة التي بوسعها دفع اإلنسان للقتل أو االنتحار أو أن تربك الشبكة الرقيقة للروابط االجتماعية. مع تزايد التجارة والثورة الصناعية في المدن بدأ العديد من األوربيين واألمريكان رجاالً ونساء يهربون من حياة الحقول ، ويتحررون من شبكة الدم البدائية ،وأصبحوا يعيشون وحدهم .ومع القرن التاسع عشر بدأوا يتزوجون من أجل الحب.
خالل القرن العشرين والواحد والعشرين امتدت فيه الوظائف الكتابية ،وازدهار التخصصات القانونية ،وارتفاع الوعي وصناعة الرعاية الصحية ،وانتعاش الخدمات االقتصادية العالمية ،وانبعاث المنظمات الغير ربحية ،وطفرة االتصاالت ،جميعها
جذبت المرأة إلى سوق العمل واستعادت بذلك سلطانها االقتصادي ،وأيضاً الصحة والتعليم ،وما أن أصبحن مستقالت اقتصادياً أصبحن راغبات في الحياة مع شركاء يحبونهم. 59
النساء يرفضن تعدد الزيجات أو العالقات ،لكن النساء ممن يتحملن تلك الروابط غالباً يرين أنها من األفضل أن تكون
الزوجة الثانية لرجل ثري على أن تكون الزوجة األولى لرجل فقير .ولكن بينما النساء استعدن سلطانهن االقتصادي خالل العقود الحديثة ،القليل منهن يتحمل التفضيلية ،الغيرة ،والشجار الناجم عن التشارك في زوج واحد. وقت من أجل الحب الكثير من المسنين اآلن يعيشون وحيدين ،أكثر مما يعيش أوالدهم ،وهم بصحة جيدة .في الحقيقة يقول بعض
الديموغرافيين إن علينا أن نبدأ في التفكير في أن منتصف العمر يمتد ليصل سن الخامسة والثمانين ،ألن %4٠من الرجال والنساء في هذا العمر يكونون بكامل طاقاتهم الوظيفية .إن البشرية تكتسب المزيد من الوقت من أجل الحب.
أيضاً التكنولوجيا تمد يد المساعدة ،مراهم ولصقات هرمون الذكورة تحافظ على االداء الجنسي نشطاً ،كما أن الفياجرا والعقاقير تم ّكن كبار السن من تحسين أداءهم في الفراش ،ونظام العالج باألستروجين يحافظ على انتعاش مكينيزمات
المرأة .ومع الجراحات التكميلية والمراهم واألزياء أصبح الرجال والنساء قادرين على التعبير عن مشاعرهم الجنسية تقريباً حتى الموت. الحب ال عمر له األطفال أيضاً يقعون في الحب ،مثل أولئك الذين في عمر الثامنة عشر .استمعت مؤخراً عن ولد في الثامنة يحكي عن فتاة يحبها ،في الثامنة من عمرها ،ال يقدر على التوقف عن التفكير بها ،وكان يشعر بالزهو حينما تكلمه في المدرسة.
الرجال والنساء من كبار السن يشعرون بسحر الحب .وقع أحد أصدقائي في الحب في سن الثانية والتسعين مع امرأة في
السادسة والسبعين .وجد العلماء أن العمر ال يصنع اختالف في المشاعر الرومانتيكية ،الرجال والنساء يحبون بالقوة نفسها وهم في الستين من عمرهم تماماً كما كانوا في السادسة عشرة. لماذا نحب معظم الرجال والنساء حول العالم يتزوجون في عشرينياتهم ،يعمل الحب الرومانتيكي على أن يلتصق الزوجان بعضهما ببعض ومن ثم يدعم ذريتهما لسنوات عديدة .تُعرف تلك االتحادات الزوجية طويلة األمد بـ"الزواج المتناغم".
لماذا يقع المسنون القدامى في الحب؟ تلك العاطفة كانت تعطي الرجال والنساء المسنين طاقة ،ويكون سبباً ليحافظ عليهم أعضاء ذوى حيوية في الجماعة ،ويقدم للمسن شريكاً يمنحه الدعم العاطفي والجسدي .حتى وقت قريب كان الرجال
المسنون حول العالم يبحثون عن نساء أصغر عمراً ،ليس ألن فرصة النساء المسنات في الحب أقل ،بل بسبب تكاليف 60
تنشئة األطفال .لهذا يصبح الرجال المسنون أكثر حذراً من النساء اللواتي يردن أن يحملن وينجبن. المثليين أيضاً يشعرون بالحب الرومانتيكي .أشعر أن أولئك الرجال والنساء يحملون الكيمياء الخاصة بالحب الرومانتيكي مثلهم مثل أي أحد آخر. االندفاع نحو الحب تلك العاطفة أصبحت عزيزة في عالمنا الحديث ،الماليين اليوم يبحثون عنه .في أمريكا ثمة حوالي 46مليون امرأة عزباء
و 38مليون رجل أعزب ،فوق سن الثامنة عشر ،انضموا إلى خدمة التواعد طلباً للحب الحقيقي ،وأكثر من هذه األعداد يرسلون لإلعالنات الشخصية في الصحف والمجالت.
كان األكثر لفتاً لالنتباه لي هو :تعدد الحب ،أي اتخاذ أكثر من حبيب .الرجال والنساء متعددو األحبة يؤمنون أن شخصاً واحداً ال يفي بكل احتياجات المرء. تعدد الحب أمر غير عملي كما تعلمون .الحب الرومانتيكي متداخل مع شبكة من دوائر الدوافع في المخ ،بما فيها دوافع
التزواج البدائية ،الشهوة والتجاذب الذكري-األنثوي .لكن على الرغم من أن تلك األنظمة المخية تتفاعل على نحو منظم ، إال أنه بوسع كل منهما أن يعمل باستقاللية ،بوسعك أن تشعر باالتصال العميق مع رفيق األمد الطويل ،بينما تشعر بالحب
الرومانتيكي مع شخص آخر .الرجال والنساء من ذوي العالقات المتعددة يهدفون إلى عمل هذا علناً .لكن الجنس البشري ال يتشارك الحب على نحو رشيق ،استقاللية تلك الدوافع التزواجية الثالثة تسبب لنا اضطرابات في لحظات من حياتنا.
على أننا مازلنا النعرف إال القليل عن هذا الجنون ،إال أنني واثقة من أمر واحد :مهما رسم العلماء لنا خريطة المخ وكشفوا لنا بيولوجية الحب الرومانسي ،إال أنهم لن يستطيعوا أبداً أن يدمروا أسطورة النشوة التي تولدها تلك العاطفة والبهجة الناجمة.
الحب الرومانتيكي مضفور في أرواحنا البشرية .إذا عاشت البشرية ماليين أخرى من السنين ستظل قوة التزواج تلك حية ال تموت.
61
62