مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم مع رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

Page 1


‫السؤال‪ :2‬وكيف ترون مستقبل سوريا‪ ،‬في ضوء ما هو دائر‪ ،‬مقسمة أم موحدة؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬سوريا مقسمة يعني نزاعا مفتوحاً‪ ،‬يقوض االستقرار في المنطقة ويعطل‬ ‫مستقبل أجيالها‪ .‬تقسيم سوريا ليس في مصلحة أحد‪ ،‬والمساس بوحدة سوريا هو وصفة للخراب‪ .‬دعونا‬ ‫نتخلص من هذه األفكار من قاموسنا ونرجع إلى الحل األمثل والمنطقي‪ ،‬والذي نأمل أن يتم دعمه وترجمته‬ ‫بمبادرة وغطاء سياسي دولي‪ ،‬والمتمثل في الجهود المبذولة لعقد مؤتمر دولي يطبق ما تم االتفاق عليه‬ ‫في جنيف من قرارات عام ‪ 2012‬وهو‪ :‬وقف فوري للعنف‪ ،‬إطالق عملية انتقالية سياسية شاملة‬

‫تضم وتمثل جميع مكونات المجتمع السوري‪ ،‬وأكرر جميع مكونات المجتمع السوري‪ ،‬وعملية‬ ‫مراجعة ومصالحة‪ ،‬وإصالح سياسي حقيقي يتوافق عليه وينفذه السوريون‪ ،‬وتكثيف الجهود‬ ‫اإلغاثية داخل سوريا لتسريع عودة الالجئين إليها‪ .‬فرغم كل اآلالم والدماء والعنف والتخريب‪ ،‬آمل‬

‫أن المصالحة والتسوية مازالت ممكنة‪ ،‬فمستقبل سوريا وإنهاء معاناة شعبها مسؤولية في أعناقنا جميعا‪.‬‬

‫”‬

‫فمستقبل سوريا وإنهاء معاناة شعبها مسؤولية في أعناقنا جميعا‪.‬‬

‫“‬

‫‪2‬‬


‫السؤال‪ :1‬جاللة الملك‪ ،‬القضية الملحة التي تفرض‬ ‫نفسها على األمن القومي األردني‪ ،‬هي القتال‬ ‫الدائر في سوريا وتوسع األطراف المشاركة فيه‪،‬‬ ‫من خالل حزب هللا‪ ،‬والتقارير حول الدعم اإليراني‪،‬‬ ‫كيف تحمون األردن من انعكاسات هذه األزمة؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬كنّا من أوّل المحذرين‬ ‫من خطورة تطور العنف الدائر في سوريا‪ ،‬الذي‬ ‫بدأ كحركات احتجاجية ومطلبية سلمية ومشروعة‪،‬‬ ‫كان يمكن استيعابها‪ ،‬فتحولت من معارضة إلى‬ ‫ثورة مسلحة‪ ،‬وتدريجيا إلى نزاع أهلي بأبعاد طائفية‬ ‫ومذهبية‪ ،‬واآلن بات واضحاً للكل أن األزمة السورية‬ ‫قد تمتد من حرب أهلية إلى نزاع إقليمي ومذهبي‪ ،‬ال‬ ‫تحمد عقباه‪ ،‬وال يعلم أحد أين يمكن أن يصل مداه‪.‬‬ ‫لطالما ّ‬ ‫حذرت من سهولة تصدير األزمة السورية‬ ‫إلى الخارج بسبب تداخل التركيبة الديمغرافية لدول‬ ‫الجوار‪ .‬ويبدو أن هناك مساع للهروب من هذه األزمة‬ ‫داخلياً إلى األمام عبر تحويلها إلى أزمة إقليمية‪،‬‬ ‫وعلى الحريصين على مستقبل المنطقة واستقرارها‬ ‫وأمن أجيالها أن يضعوا حدا للتمدد اإلقليمي لألزمة‬ ‫السورية‪ ،‬فهي تتسارع وتتضخم‪ .‬الوضع بحاجة إلى‬ ‫حلول‪ ،‬وقد آن األوان لتنسيق عربي ودولي أكثر جدية‬ ‫من أجل وقف تداعيات األزمة السورية‪ ،‬ووضع حد‬ ‫لها‪ ،‬ووقف امتداداتها‪ .‬والوضع ال يحتمل االنتظار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سألت عما نبذله لحماية األردن من انعكاسات‬ ‫لقد‬ ‫األزمة‪ ،‬والواقع أننا األقل عرضة لخطر االنقسام‬ ‫والتوتر الطائفي بسبب التركيبة المتجانسة للمجتمع‬ ‫األردني‪ ،‬والحمد هلل على ذلك‪ ،‬وأيضا بسبب العملية‬ ‫التاريخية لبناء الهوية الوطنية األردنية الجامعة‪،‬‬ ‫وقد كفل هذا األمر حمايتنا من االنزالق نحو‬ ‫الصراعات الطائفية والعرقية على مدار التاريخ‪،‬‬

‫”‬

‫ويبدو أن هناك مساع للهروب من‬ ‫هذه األزمة داخلياً إلى األمام عبر‬ ‫تحويلها إلى أزمة إقليمية‪ ،‬وعلى‬ ‫الحريصين على مستقبل المنطقة‬ ‫واستقرارها وأمن أجيالها أن يضعوا‬ ‫حدا للتمدد اإلقليمي لألزمة السورية‬

‫“‬

‫إال أننا األكثر تعرضاً النعكاسات أزمة اللجوء إذ وصل عدد الالجئين السوريين في األردن إلى‬ ‫نحو ‪ 550‬ألف الجئ‪ ،‬وهذا يضعنا في قلب األزمة السورية‪ .‬ولكن دعني أؤكد للعالم أجمع بأننا لن‬ ‫س أمننا‪ ،‬وال مواطنونا‪ ،‬ونحن قادرون على اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لحماية‬ ‫نسمح بأن يُ َم َّ‬ ‫األردن‪ ،‬والتجربة تدل على صالبتنا في حماية أراضينا‪ .‬وقواتنا المسلحة األردنية مشهود لها إقليميا‬ ‫وعالمياً‪ .‬كما أن عالقاتنا الدولية المميزة مكنتنا من توفير المساعدات الفنية لدعم قدراتنا الدفاعية‪.‬‬ ‫واع لخطورة ودقة المرحلة والتحدي األمني الذي تفرضه األزمة السورية‪ ،‬وأؤكد لك‬ ‫شعبنا األردني‬ ‫ٍ‬ ‫أن الرادع ألي خطر خارجي هو اللحمة الوطنية التي نعتز بها‪ ،‬وجبهتنا الداخلية موحّ دة بحمد هللا‪ ،‬وهي‬ ‫األساس في حماية األردن‪ ،‬ألن الكل مؤمن بأنه شريك في الدفاع عن الوطن وإنجازاته ومقدراته‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫السؤال‪ :4‬ولكن‪ ،‬وجود الالجئين السوريين في األردن بات مسألة ضاغطة‪ ،‬وكما قلتم في تصريحات‬ ‫أخيرة‪ ،‬فإنهم أصبحوا يعادلون عشرة في المائة من سكان البالد‪ .‬كيف تتعاملون مع هذه المسألة‬ ‫اقتصاديا‪ ،‬وهل هناك مساعدات تأتي‪ ،‬وهل سيكون األردن مستعدا الستقبال المزيد‪ ،‬إذا تواصل القتال‬ ‫هناك؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬التعامل مع أزمة الالجئين السوريين في األردن يتم على حساب القليل المتاح‬ ‫من مواردنا الذاتية‪ ،‬وهو بالتالي تعامل غير مستدام‪ ،‬وال يمكن االستمرار به إلى األبد‪ .‬ال شك أن‬ ‫هناك تقديرا عالميا كبيرا لما يقوم به األردن‪ ،‬وهناك دعم دولي وعربي‪ ،‬وجهود إغاثية وأخرى خيرية‪ ،‬كلها‬ ‫مشكورة ومق ّدرة‪ ،‬ولكن حجمها ومستوى تدفقها ال يفي باالحتياجات الحقيقية والمتسارعة لالجئين السوريين‪.‬‬

‫األردن يتحمل عبئاً‬ ‫ً‬ ‫هائال يتمثل في الضغط على البنية التحتية والموارد الطبيعية‪ ،‬خاصة المياه والطاقة‪،‬‬ ‫واألهم الصدمات التي يتسبب بها تدفق الالجئين لالقتصاد الوطني مثل التشوهات في سوق العمل ومزاحمة‬ ‫ُ‬ ‫أشرت للتو إلى وجود تخطيط‬ ‫األردنيين على المتوفر من الفرص‪ ،‬فضال عن التعليم والرعاية الصحية‪ .‬لقد‬ ‫وتنفيذ مدروس في تحويل األزمة السورية من مشكلة داخلية إلى مشكلة إقليمية‪ ،‬وعلى الدول الحريصة على‬ ‫دعم نهج االعتدال واالستقرار أال تترك األردن وغيره من الدول الشقيقة يواجهون هذه المخططات لوحدهم‪.‬‬

‫الجهداإلغاثيالدوليوالعربيمق ّدرمرةأخرى‪،‬وقدأطلقتاألممالمتحدةأخيراًنداءاستغاثةهواألكبرفيتاريخها‪،‬لكن الحل‬ ‫اليكونبالعملاإلغاثيفقط‪،‬الحليكونبالعملالسياسيالمنتجالذييقودإلىوقفالعنفوعودةالالجئينالسوريين‪.‬‬ ‫عندما علت بعض األصوات داخلياً اعتراضاً على تدفق الالجئين من األشقاء السوريين‪ ،‬كان الرد اإلنساني‪:‬‬ ‫كيف يمكن لنا أن نغلق حدودنا في وجه امرأة تحمل رضيعها وتهرب تحت القصف؟ ما أخشاه هو أن‬ ‫نُوْ َ‬ ‫ض َع في موقف صعب‪ ،‬ال ق ّدر هللا‪ ،‬نعجز فيه عن تقديم المساعدة اإلغاثية ألشقائنا الالجئين السوريين‪،‬‬ ‫وهذا يمثل نجاحاً لمساعي تصدير األزمة السورية‪ ،‬ويجب أن ال نسمح بذلك إنسانيا وسياسيا‪ ،‬يجب‬ ‫أال يتراجع الجهد والدعم اإلغاثي‪ ،‬ويجب أال يتوقف الضغط السياسي من أجل حل سياسي انتقالي شامل‪.‬‬

‫”‬

‫الحل ال يكون بالعمل اإلغاثي‬ ‫فقط‪ ،‬الحل يكون بالعمل‬ ‫السياسي المنتج الذي يقود‬ ‫إلى وقف العنف وعودة‬ ‫الالجئين السوريين‪.‬‬

‫“‬ ‫‪4‬‬


‫السؤال‪ :3‬جاللة الملك‪ ،‬هل هناك اتصاالت مباشرة مع القيادة السورية‪ ،‬أو نصائح تقدم بشكل أو‬ ‫بآخر‪ ،‬بحكم الجوار الجغرافي بين البلدين؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬دعني هنا أجيب عليك بالتساؤل التالي‪ :‬هل ترى في أداء سوريا الرسمي ما يعكس قبولهم‬ ‫للنصيحة من بلد كاألردن مؤمن بالديمقراطية والسلمية فلسفة حكم ونهج حياة؟ ال‪ ،‬لألسف‪ ،‬لم تعد النصيحة مسموعة في‬ ‫ظل انتهاج العنف‪ ،‬وبالرغم من محاوالتنا الصادقة في بداية األزمة لمد يد العون وبذل النصيحة ومشاركة الدروس والعبر‬ ‫من منطلق حرصنا على شعب سوريا وسالمة ووحدة أراضيه‪ ،‬ناهيك عن حسن الجوار‪ ،‬فقد تم إهمالها‪ ،‬ما اضطرنا‬ ‫إلى محاوالت إعالمية ودبلوماسية لبعث التذكير تلو اآلخر بخطورة االنزالق في دائرة من العنف والدماء والخراب‪.‬‬ ‫إن األزمة السورية اليوم هي من أهم مصادر القلق للسياسة الخارجية األردنية‪ ،‬وهي في صميم تواصلي ومباحثاتي مع‬ ‫الزعماء الدوليين واإلقليميين‪ .‬ويكاد ال يمر لقاء يجمعني بأي شخصية دولية دون بحث األزمة السورية وتداعيتها وسبل‬ ‫معالجتها‪ ،‬وقد كانت محور الحديث في لقاءاتي األخيرة مع الرئيس األمريكي في نيسان الماضي‪ ،‬ورئيس الوزراء‬ ‫البريطاني كاميرون األسبوع الماضي في لندن‪ ،‬وأيضاً خالل لقائي في عمّان مع الرئيس الفرنسي أوالند قبل أيام‪،‬‬ ‫واتصالي مع المستشارة األلمانية أنجيال ميركل مؤخرا‪ ،‬وخالل زيارتي قبل أشهر إلى موسكو ومباحثاتي مع الرئيس‬ ‫فالديمير بوتين‪ ،‬واللقاءات التي نعقدها مع كل المسؤولين العرب واألجانب الذين يتوافدون على عمان باستمرار‪.‬‬ ‫يؤلمنا أن نرى سوريا بحواضرها ذات االمتداد األطول في التاريخ اإلنساني تتحول إلى فسيفساء من العنف‬ ‫والكراهية‪ .‬كما يؤلمني ويؤلم جميع األردنيين أن نرى دماء الشعب السوري تسفك‪ .‬لقد وصلت األمور إلى‬ ‫مستوى على الجميع داخل سوريا وخارجها أن يقف ويقول‪ :‬كفى‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫ــل «هالل شيعي»‪ .‬هل تشعرون أن هذا يتحقق اآلن‪ ،‬وكيف تتفادى المنطقة‪ ،‬في رأيكم‪ ،‬الوقوع في هذا الفخ؟‬ ‫إذا ما استطعنا أن نوقف الصراع وأن نحقن‬ ‫الدماء في سوريا‪ ،‬وأن نصل إلى حل سياسي‬ ‫انتقالي يشمل الجميع‪ ،‬فيمكن للسنة والشيعة في‬ ‫هذا البلد أن يتصالحوا ويتعايشوا مستقبال‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يحفظ وحدة سوريا وأرضها وشعبها‪.‬‬ ‫ولكوني مسلما هاشميا‪ ،‬فإن مسؤوليتي التاريخية‬ ‫تحتم علي أن أعمل بكل طاقتي مع العقالء في‬ ‫العالمين العربي واإلسالمي لمنع حدوث فتنة عمياء‪،‬‬ ‫وحث السياسيين وعلماء الدين على عدم التجييش‬ ‫وإثارة الفتنة واستغالل الدين في السياسة‪ .‬على‬ ‫الجميع أن يتذكر أن ما يجمعنا كمسلمين مؤمنين‬ ‫باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر أكثر‬ ‫بكثير من المسائل التاريخية التي نختلف عليها‪،‬‬

‫وهذا هو أساس ما سعينا لتوضيحه في اإلجماع‬ ‫التاريخي على محاور «رسالة عمان» األساسية‪،‬‬ ‫خصوصا إجماع األمة على عدم التكفير‪.‬‬ ‫األردن يؤمن بالحوار سبيال للوصول إلى الصلح‬ ‫والتوافق حول جميع اإلشكاالت اإلقليمية‪ .‬على‬ ‫الجميع أن يفكر بمستقبل أبنائه وأحفاده‪ .‬ال‬ ‫مجال للحديث عن فرقة طائفية تدخل المنطقة‬ ‫في دوامة من المجهول‪ .‬علينا جميعا أن نتحلى‬ ‫بالحكمة والشجاعة‪ ،‬وأن نكون على قدر المسؤولية‬ ‫واألمانة التاريخية‪ .‬وكما يقول هللا سبحانه وتعالى‪:‬‬ ‫«واعتصموا بحبل هللا جميعا وال تفرقوا»‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫السؤال‪ :5‬جاللة الملك‪ ،‬تحدثتم سابقا وقبل كل العواصف السياسية‪ ،‬التي ضربت المنطقة‪ ،‬محذرين من تشكـــــ‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬التخوف الذي حذرنا‬ ‫منه في السابق هو أن يكون هناك هيمنة سياسية‬ ‫لمحور على أساس مذهبي‪ ،‬وليس القصد المذهب‬ ‫الشيعي كعقيدة‪ .‬القضية هي في استغالل الدين‬ ‫ً‬ ‫كوسيلة لتحقيق مآرب سياسية‪ .‬اإلسالم‬ ‫والمذهب‬ ‫أكبر وأعظم وأسمى من كل ذلك‪ ،‬وأنبل من‬ ‫أن يُتخذ وسيلة للوصول للسلطة وبث الفرقة‪.‬‬ ‫ال يمكن لنا السكوت على محاوالت العبث‬ ‫بمصير المنطقة وشعوبها عبر استغالل الدين‬ ‫والمذاهب في السياسة واتخاذها وسيلة للفرقة‪.‬‬ ‫وهنا ال بد أن أحذر من أن التوسع في إذكاء نار‬ ‫الطائفية في العالمين العربي واإلسالمي سيكون‬ ‫له أبعاد مدمرة على أجيالنا القادمة وعلى العالم‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫وأكثر ما نخشاه أن يتوسع الصراع في سوريا‪ ،‬ويتحول‬ ‫إلى فتنة بين السنة والشيعة على مستوى المنطقة‪.‬‬ ‫منَ هللا علينا‪ ،‬عبر تاريخنا اإلسالمي‪،‬‬ ‫وج َنبنا الفتنة الطائفية نسبة باألديان األخرى‪.‬‬ ‫لكننا اآلن أمام أمر واقع مفاده أن كال من السنة والشيعة‬ ‫يظنأنهالمفرمنحربطائفيةعقائديةمهلكةفيسوريا‪.‬‬ ‫إن تركنا الطرفين على قناعتهما أن ما‬ ‫يحدث في سوريا هو جهاد من حيث المبدأ‪،‬‬ ‫فهذا يعني أنه ال نهاية لهذا الصراع والقتال‪ ،‬ألن‬ ‫السنة والشيعة حقيقة ستستمر إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫ما يحصل في سوريا حقيقة هو ثأر مذهبي طائفي‬ ‫(السنة تنتصر للسنة‪ ،‬والشيعة تنتصر للشيعة)‪،‬‬ ‫وهذه مسألة مهمة ينبغي على الكل إدراكها‪.‬‬


‫السؤال ‪ :7‬في ورقتكم النقاشية األخيرة‪ ،‬تحدثتم عن بناء النموذج الديمقراطي‪ ،‬والوصول إلى‬ ‫حكومات برلمانية‪ .‬كم من الوقت يحتاج ذلك في تقديركم؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬لو كان سؤالك حول‬ ‫رغبتي الشخصية في الوصول إلى الحكومات‬ ‫البرلمانية بشكلها المتقدم كما في الديمقراطيات‬ ‫الغربية العريقة‪ ،‬لكان جوابي‪ :‬أريدها اليوم قبل‬ ‫غد‪ .‬أمّا واقع الحال فيقول غير ذلك‪ .‬لقد كان‬ ‫باإلمكان أن نقدم إصالحات تجميلية‪ ،‬ونكتفي‬ ‫بإشراك نواب في الحكومات‪ ،‬وندعي أننا أنجزنا‬ ‫حكومة برلمانية مكتملة‪ ،‬وتبقى هياكل السلطة‬ ‫وصناعة القرار كما هي‪ .‬لكنني ال أنشد انتصارات‬ ‫إعالمية وسياسية آنية‪ ،‬بل إصالحاً حقيقياً يشمل‬ ‫جميع حلقات المجتمع‪ ،‬وسيعبر عن نفسه في أحد‬ ‫المراحل بإنجاز حكومة برلمانية فاعلة ومكتملة‪.‬‬ ‫وأريد هنا أن أطرح عليك السؤال التالي‪ :‬كم‬ ‫من الوقت استغرق إسبانيا إلنجاز تحولها‬ ‫الديمقراطي؟ كم من الوقت لزم بريطانيا وفرنسا‬ ‫والواليات المتحدة للوصول إلى حالتها‬ ‫الديمقراطية المعاصرة؟ ماذا أنجزت هذه‬ ‫الدول على طريق الوصول إلى الديمقراطية؟‬ ‫كم تشريعا أنجزت‪ ،‬وكم دورة برلمانية تطلبت‪،‬‬ ‫كم تعديال دستوريا استدعت‪ ،‬كم مؤسسة‬ ‫دستورية استحدثت‪ ،‬وكم مرة انتكست‬ ‫التجربة وصححتها مؤسسات المجتمع المدني‬ ‫والقوى المدنية المؤمنة بمسؤولية المشاركة؟‬ ‫وما هي خريطة األحزاب والطيف السياسي‬ ‫الحالي لهذه الدول‪ ،‬وكيف طورت األحزاب‬ ‫تاريخياً برامجها فأصبحت عملية التمثيل‬ ‫السياسي تتم من خالل األحزاب والبرامج؟‬ ‫في الكثير من األحيان وفي غمرة الحماس‬ ‫للديمقراطية‪ ،‬وأنا من أشد مناصريها‪،‬‬ ‫ننسى التفاصيل الضرورية لبناء تحول‬ ‫ديمقراطي ناجح ومستدام‪ .‬القضية محكومة‬ ‫بإنجازات ديمقراطية‪ ،‬وتشريعية‪ ،‬ومؤسسية‪،‬‬ ‫وسياسية‪ ،‬واقتصادية واجتماعية محددة‪ ،‬متى‬ ‫ما أنجزها المجتمع أصبحت الديمقراطية‬ ‫واقعاً وأسلوب حياة‪ ،‬وأصبحت الحكومة‬ ‫البرلمانية أو ال ُم َمثِّلة مسألة أوتوماتيكية‬ ‫وتفاصيلها مرتبطة بشكل النظام السياسي‪.‬‬

‫”‬

‫الكلمة الحاسمة في الوصول إلى اإلصالح‬ ‫والديمقراطية هي للشعب ككل وأنا واحد‬ ‫منهم‪ ،‬فاإلصالح يبدأ مع كل فرد منّا‪.‬‬ ‫ال أريد اإلطالة هنا في الخوض في نظريات‬ ‫التحول الديمقراطي واالجتماعي‪ ،‬ما أريد‬ ‫تأكيده هو إننا في األردن نعمل بكل طاقاتنا‬ ‫من أجل توفير عناصر التحول الديمقراطي‬ ‫من مؤسسات دستورية ضامنة للعملية‬ ‫السياسية وللتعددية‪ ،‬وتشريعات تقدمية وعادلة‪،‬‬ ‫وضوابط للفصل والتوازن بين السلطات‪،‬‬ ‫ومجتمع مدني حي وفاعل‪ ،‬وأحزاب برامجية‬ ‫حقيقية تصل إلى البرلمان وتشكل الحكومات‬ ‫على أساس األغلبية والمعارضة البناءة‪.‬‬ ‫هذه العناصر في مجموعها تحقق التحول‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬وهي بحاجة ألن يؤمن بها غالبية‬ ‫المجتمع‪ ،‬وأن نشرع في ترجمتها على أرض‬ ‫الواقع من خالل وعينا كمواطنين بأهمية‬ ‫المشاركة السياسية‪ ،‬وتغيير أنماط االنتخاب‬ ‫والتمثيل لتصبح على أساس حزبي برامجي‪.‬‬ ‫وبالنسبة لقناعاتي ودوري‪ ،‬فأنا ال أرى‬ ‫بديال عن الديمقراطية‪ ،‬بأشكالها وتطبيقاتها‬ ‫المختلفة‪ ،‬نهجاً للحكم وآلية لتوسيع دائرة صنع‬ ‫القرار‪ .‬وموعد إنجاز اإلصالح مرتبط بإنجاز‬ ‫محطات ومتطلبات الديمقراطية التي ذكرتها‪،‬‬ ‫وكنت قد عاهدت نفسي منذ أن تسلمت سلطاتي‬ ‫الدستورية أن أساهم بكل ما أوتيت من أجل‬ ‫جعل األردن أكثر ديمقراطية‪ .‬إنها مسؤولية‬ ‫ورثتها عن أبي الحسين‪ ،‬رحمه هللا‪ ،‬وسأورثها‬ ‫البني الحسين وهي االستجابة لتطلعات‬ ‫الشعب وقيادة التحول والـتأقلم مع المستجدات‪.‬‬

‫ما أريد تأكيده هو إننا في األردن نعمل بكل‬ ‫طاقاتنا من أجل توفير عناصر التحول الديمقراطي‬ ‫من مؤسسات دستورية ضامنة للعملية السياسية‬ ‫وللتعددية‪ ،‬وتشريعات تقدمية وعادلة‪ ،‬وضوابط‬ ‫للفصل والتوازن بين السلطات‪ ،‬ومجتمع مدني‬ ‫حي وفاعل‪ ،‬وأحزاب برامجية حقيقية تصل إلى‬ ‫البرلمان وتشكل الحكومات على أساس األغلبية‬ ‫والمعارضة البناءة‪.‬‬

‫“‬

‫‪8‬‬


‫السؤال‪ :6‬جاللة الملك‪ ،‬أجرى األردن أخيرا انتخابات‪ ،‬قاطعتها جماعة اإلخوان المسلمين‪ ،‬وجرى‬ ‫تشكيل حكومة جديدة‪ ،‬هل تزعجكم هذه المقاطعة؟‬

‫ً‬ ‫حقيقة‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬أشعر باألسف‬ ‫لمقاطعة أي قوى سياسية للعمل السياسي المنتج‬ ‫والبناء والذي تستطيع من خالله تمثيل ناخبيها‪،‬‬ ‫وطرح برامجها‪ ،‬والمشاركة في التشريع وصناعة‬ ‫القرار‪ ،‬وتداول الحكومات‪ ،‬وخاصة عندما تأتي‬ ‫المقاطعة من حركة سياسية مثل جبهة العمل في‬ ‫األردن‪ ،‬التي عُ ِر َ‬ ‫ف عنها تاريخيا بحكمتها وعقالنيتها‪.‬‬ ‫على أي حال‪ ،‬االنتخابات األخيرة‪ ،‬وما تالها من‬ ‫مشاورات نيابية قادت إلى تشكيل الحكومة‪ ،‬هي‬ ‫تجربة وخطوة على طريق التحول الديمقراطي‬ ‫وتعميق نهج الحكومات البرلمانية‪ ،‬بما فيها من‬ ‫دروس وبما ستُرا ِك ُم من خبرات‪ .‬إن مجتمعنا‬ ‫ماض نحو الديمقراطية‪ ،‬والمواطنة الفاعلة‪ ،‬وفيه‬ ‫ٍ‬ ‫أطر وقنوات عديدة للمشاركة وللتعبير والتمثيل‬ ‫والتمكين الديمقراطي‪ ،‬سواء بشكل مباشر من‬ ‫خالل مجلس النواب‪ ،‬أو مؤسسات المجتمع المدني‪،‬‬ ‫‪7‬‬

‫أو من خالل اإلعالم‪ ،‬أو العمل الجماعي أو الفردي‬ ‫التطوعي‪ .‬كما أننا ذاهبون باتجاه االنتخابات البلدية‪،‬‬ ‫وستكون الفرصة متاحة من جديد للجميع للمشاركة‬ ‫والتعبير وتولي مسؤولية تمثيل المواطنين‪ ،‬وآمل أن‬ ‫تسود روح المشاركة والرغبة في التغيير اإليجابي‬ ‫وتتراجع دعوات المقاطعة والسلبية والتشكيك‪.‬‬

‫”‬

‫ً‬ ‫حقيقة‬ ‫أشعر باألسف‬ ‫لمقاطعة أي قوى‬ ‫سياسية للعمل السياسي‬ ‫المنتج والبناء‬

‫“‬


Source: www.jordaninvestment.com

10


‫السؤال ‪ :8‬جاللة الملك‪ ،‬العالم كله يعاني من أزمات اقتصادية انعكست على تدفق االستثمارات‬ ‫األجنبية‪ ،‬كيف يتعامل األردن مع تحديات توليد فرص العمل‪ ،‬واجتذاب االستثمار األجنبي؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬دون شك‪ ،‬على الدول‬ ‫المسؤولة والملتزمة بدورها االجتماعي أن تبذل‬ ‫المزيد في األوقات الصعبة من أجل حماية الفئات‬ ‫الضعيفة في المجتمع‪ ،‬وضمان الدرجة الضرورية‬ ‫من النمو‪ ،‬والبناء على الفرص المتاحة‪ ،‬والتأقلم‬ ‫مع الظروف الجديدة‪ ،‬من أجل استعادة االزدهار‬ ‫بالسرعة الممكنة‪ ،‬فمع التحديات تبرز دائماً‬ ‫الفرص‪ .‬ونحن في األردن نبذل كل الجهود الممكنة‬ ‫من أجل حماية االقتصاد الوطني وتحفيزه‪ ،‬وتمكين‬ ‫الفئات االجتماعية األكثر تعرضاً لالنعكاسات‬ ‫االقتصادية الناتجة عن أزمات اقتصادية‬ ‫وسياسية إقليمية وعالمية خارجة عن إرادتنا‪.‬‬ ‫والنهج االقتصادي واالجتماعي في األردن يحرص‬ ‫دائماً على االستثمار في المواطن‪ ،‬وهذا ما يعزز‬ ‫تنافسيتنا‪ .‬وهذا ما يحاول األردن جاهداً أن يستمر‬ ‫في فعله‪ ،‬للبناء على المؤشرات اإليجابية التي تميّز‬ ‫القوى العاملة المؤهلة األردنية‪ .‬وبالرغم من األزمة‬ ‫االقتصادية التي نشهدها في األردن‪ ،‬إال أننا تمكنا‪،‬‬ ‫بحمد هللا وبوعي المواطنين ومن خالل عدد من‬ ‫اإلجراءات‪ ،‬أن نبقى على المسار الصحيح‪ ،‬بحيث نشهد‬ ‫اليوم نموا في االقتصاد الوطني رغم كل الصعوبات‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بموضوع توليد فرص العمل‪ ،‬فإننا‬ ‫نؤمن بأن االستمرار في نهج الشراكة بين القطاعين‬ ‫العام والخاص‪ ،‬ودعم ريادة األعمال هي السبل‬ ‫األمثل لتوفير فرص عمل مستدامة لألردنيين‪.‬‬

‫”‬

‫كما وجهنا الحكومة بضرورة التركيز على موضوع‬ ‫تنمية المحافظات‪ ،‬وأحد أدوات ذلك هو صندوق‬ ‫تنمية المحافظات‪ ،‬والذي جاء بهدف توفير التمويل‬ ‫الالزم إلقامة مشاريع تشغيلية وإنتاجية في محافظات‬ ‫المملكة‪ ،‬حيث الشباب والقوى العاملة‪ ،‬لتحسين‬ ‫مستوى معيشة المواطنين وتحقيق تحسن مباشر‬ ‫وملموس في نوعية الحياة‪ .‬وستستفيد الحكومة من‬ ‫دعم مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تمويل‬ ‫عدد من المشاريع التنموية في المحافظات‪ ،‬وذلك‬ ‫حرصا من أشقائنا في الخليج على مساندة األردن في‬ ‫مساعيه التنموية‪ ،‬وهو األمر المقدر من جانبنا دوما‪.‬‬ ‫أما فيما يرتبط بجذب االستثمارات األجنبية‪ ،‬فعلى‬ ‫الرغم من الظروف اإلقليمية في الوطن العربي‪ ،‬إال‬ ‫أن األردن وبحمد هللا مازال يتمتع بثقة المستثمرين‬ ‫من مختلف الدول‪ .‬فقد عملت المملكة خالل‬ ‫العقد الماضي على اتخاذ العديد من اإلجراءات‬ ‫والتشريعات التي من شأنها تشجيع وتسهيل االستثمار‬ ‫في المملكة‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬العديد من اتفاقيات التجارة‬ ‫الحرة مع دول تمثل أهم األسواق في العالم‪ ،‬ما‬ ‫جعل األردن بوابة للوصول إلى هذه األسواق‪ .‬كما‬ ‫قمنا بإنشاء عدد من المناطق التنموية في مختلف‬ ‫المحافظات‪ ،‬وبما يتناسب مع المزايا التنافسية لكل‬ ‫منطقة‪ ،‬بحيث تمثل مراكز جذب للمستثمرين‪.‬‬ ‫وحالياً‪ ،‬تعمل الحكومة والسلطة التشريعية على‬ ‫تطوير قانون تشجيع االستثمار‪ ،‬وإعداد قانون‬ ‫الشراكة بين القطاع العام والخاص لزيادة تنافسيتنا‪.‬‬

‫فإننا نؤمن بأن االستمرار في نهج الشراكة بين‬ ‫القطاعين العام والخاص‪ ،‬ودعم ريادة األعمال هي‬ ‫السبل األمثل لتوفير فرص عمل مستدامة لألردنيين‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫“‬


‫السؤال ‪ :10‬ولكن‪ ،‬جاللة الملك‪ ،‬أال ترى أن هذا الدور اإليجابي الذي يحاول أن يقوم به األردن‬ ‫تعارضه إسرائيل‪ ،‬من خالل تصريحات رئيس الوزراء اإلسرائيلي السلبية األخيرة حول االتفاقية‬ ‫األردنية الفلسطينية‪ ،‬والتي ترسخ دوركم التاريخي في حماية المقدسات في القدس الشريف؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬لهذه االتفاقية سياق تاريخي وقانوني‪ ،‬والهدف منها تحديث اإلطار القانوني للرعاية الهاشمية‬ ‫للمقدسات اإلسالمية والمسيحية في القدس الشرقية‪ ،‬بما يتواءم مع الوضع القانوني الجديد للدولة الفلسطينية‪ .‬االتفاقية‬ ‫بالنسبة لي هي عنوان لمسؤولية دينية وأخالقية وتاريخية أقوم بها كهاشمي‪ ،‬ورثتها عن جدي الشريف الحسين بن‬ ‫علي الذي قام باإلعمار الهاشمي األول للحرم القدسي الشريف‪ .‬كما أن تحقيق هذه المسؤولية ال يكون في الدخول‬ ‫في معارك إعالمية غير منتجة‪ ،‬وإنما بالعمل الحقيقي من أجل دعم صمود إخواننا المقدسيين على جميع األصعدة‪:‬‬ ‫السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والخدمية‪ ،‬والتعليمية‪ .‬وأيضاً في توفير الحماية الدولية للقدس الشرقية بما‬ ‫تمثل من إرث حضاري وإنساني‪ .‬وعدم السماح بالمساس بهويتها التاريخية وحرية العبادة من خالل فرض واقع جديد‬ ‫على األرض يسعى إلى طمس الهوية العربية اإلسالمية والمسيحية للقدس الشرقية‪ .‬والجزء األهم في هذه المعادلة هو‬ ‫دعم األشقاء الفلسطينيين في نضالهم نحو دولة فلسطينية مستقلة‪ ،‬والعمل في المحافل الدولية لتوجيه الضغط الدولي‬ ‫على إسرائيل ووضعها أمام مسؤولياتها كدولة محتلّة‪ .‬هذه هي مسؤولياتنا التاريخية‪ ،‬ولن يمنعنا أحد من القيام بها‪.‬‬

‫”‬ ‫“‬ ‫‪12‬‬


‫السؤال ‪ :9‬جاللة الملك‪ ،‬في جوالته األخيرة في المنطقة‪ ،‬أعطى وزير الخارجية األميركي جون‬ ‫كيري‪ ،‬انطباعا بأن هناك أمال في مشروع سالم فلسطيني ـ إسرائيلي‪ .‬هل ترون أن ذلك ممكن في ظل‬ ‫االضطرابات التي تشهدها المنطقة سياسيا واالنقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني‪ ،‬وكيف يمكن أن يساعد‬ ‫األردن في تحقيق السالم؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬إن األردن معني بشكل أساسي‪ ،‬ومن منطلق مصلحة الوطن العليا‪ ،‬وأمنه القومي‬ ‫في تحقيق السالم في المنطقة‪ ،‬وليس كوسيط أو عامل مساعد‪ .‬إن ما تمر به المنطقة من اضطرابات هو‬ ‫حافز رئيسي لإلسراع في تحقيق السالم‪ ،‬فانسداد أفق السالم سيفجر العالقة بين الفلسطينيين واإلسرائيليين‬ ‫على شاكلة تحاكي احتجاجات الربيع العربي‪ ،‬سواء في إطار انتفاضة جديدة‪ ،‬أو دوامة عنف وعنف‬ ‫مضاد من خالل فقدان األمل بحل الدولتين وبروز واقع دولة واحدة يُضطهد فيها الفلسطينيون‪ ،‬ما سيشعل‬ ‫ثورة شعبية تعبّر عن الظلم التاريخي الذي لحق بهم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬هناك ضرورة حقيقية لحل النزاع على‬ ‫أساس رؤية الدولتين‪ ،‬وقيام دولة فلسطينية مستقلة‪ ،‬كاملة السيادة على أراضيها‪ ،‬قابلة للحياة على‬ ‫التراب الوطني الفلسطيني‪ ،‬استنادا إلى خطوط ما قبل حزيران عام ‪ 1967‬وعاصمتها القدس الشرقية‪.‬‬ ‫أعتقد أن وزير الخارجية جون كيري يعمل بشكل مكثف وأسلوب واقعي يبتعد عن األضواء والضجيج‬ ‫اإلعالمي ويركز على تقريب وجهات النظر‪ ،‬واقتراح حلول عملية للملفات الصعبة‪ ،‬خاصة أن إعادة‬ ‫إطالق مفاوضات مباشرة يعني الخوض في قضايا الحل النهائي مثل القدس‪ ،‬والالجئين‪ ،‬والحدود‪،‬‬ ‫واألمن وغيرها‪ ،‬وهذه قضايا معقدة‪ ،‬بحاجة لحلول تاريخية وعملية تكفل قيام سالم عادل وشامل ومستدام‬ ‫لألجيال القادمة‪ .‬ونحن نتطلع إلى دراسة ما يحمله وزير الخارجية األمريكي في زيارته الحالية للمنطقة‪.‬‬ ‫بالنسبة لنا في األردن‪ ،‬فإننا نساهم بشكل فاعل في توفير أجواء إيجابية تساعد الفلسطينيين واإلسرائيليين‬ ‫على العودة إلى المفاوضات المباشرة‪ ،‬والتقاط فرص السالم والبناء عليها قبل أن تتالشى فرص حل‬ ‫الدولتين‪ ،‬بسبب تغيّر الواقع على األرض‪ ،‬خاصة االستيطان الذي يجمع العالم على أنه غير قانوني‪،‬‬ ‫والذي يبتلع أرض الدولة الفلسطينية المستقبلية‪ ،‬وهو العقبة الرئيسة في وجه السالم‪ ،‬ورؤية الدولتين‪.‬‬ ‫كما توفر مبادرة السالم العربية فرصة تاريخية على إسرائيل التقاطها قبل فوات األوان لتحقيق‬ ‫السالم مع العالمين العربي واإلسالمي‪ .‬فما هو على الطاولة اليوم‪ ،‬قد يصبح فرصة ضائعة مستقبال‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫السؤال ‪ :12‬أخيرا‪ ،‬كيف يرى جاللة الملك‬ ‫مستقبل المنطقة العربية؟‬

‫رغم من كل التحــــــديات‬ ‫ــر العمل الجاد من أجل‬ ‫رار‪ ،‬وإعادة إطالق النمو‪.‬‬

‫“‬

‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬الطموح هو أن نصل‬ ‫إلى حالة متقدمة في المنطقة العربية يسود فيها‬ ‫االزدهار االقتصادي‪ ،‬والديمقراطية‪ ،‬وأن يكون هناك‬ ‫احترام حقيقي لإلنسان العربي وكرامته‪ .‬لقد مثلت‬ ‫هذه اآلمال صلب مطالب ربيع الشعوب العربية‪.‬‬ ‫يجب أن ال نفقد األمل بالرغم من كل التحديات‬ ‫والصعاب‪ .‬يجب أن يستمر العمل الجاد من أجل‬ ‫اإلصالح‪ ،‬واستعادة االستقرار‪ ،‬وإعادة إطالق النمو‪.‬‬ ‫جميع الدول والمجتمعات التي تعرضت إلى ظروف‬ ‫تاريخية مشابهة ر ّدت على التحديات بمضاعفة العمل‬ ‫والتحلي باألمل بمستقبل أفضل‪ .‬وهذا ما نؤمن به في‬ ‫األردن‪ ،‬الذي يتبنى نموذجا متدرجا تعدديا مدروسا في‬ ‫اإلصالح‪ ،‬بعيدا عن الفوضى والقفز نحو المجهول‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫السؤال ‪ :11‬جاللة الملك‪ .‬كيف تقيّمون عالقتكم‬ ‫بالسعودية ودول الخليج؟ وإلى أي مدى وصل‬ ‫مشروع انضمام األردن لمجلس التعاون الخليجي؟‬ ‫جاللة الملك عبدهللا الثاني‪ :‬أود أن أعبر عن اعتزازي‬ ‫بالعالقات األخوية التي تجمعني مع قادة دول الخليج‬ ‫العربية‪ ،‬وعالقة األردن باألشقاء في هذه الدول‬ ‫تاريخية‪ ،‬ال سيما مع المملكة العربية السعودية‬ ‫الشقيقة‪ .‬وقد ارتقت آليات التنسيق وتقريب المواقف‬ ‫إلى مستويات متقدمة بفضل عمق عالقات األخوة‬ ‫التي تربطني مع أخي خادم الحرمين الشريفين الملك‬ ‫عبدهللا بن عبدالعزيز آل سعود‪ ،‬الذي ستبقى جهوده‬ ‫رائدة في تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك‪.‬‬ ‫هناك ثوابت لهذه العالقة‪ ،‬أهمها إيماننا المطلق‬ ‫بأن أمن دول الخليج العربية واألردن صنوان‬ ‫ومتالزمان‪ ،‬وهذا ما يجعلنا على قناعة ثابتة بأن‬ ‫أمن أشقائنا في الخليج هو من أمننا القومي‪.‬‬ ‫وقد أثبتت األحداث والتوترات اإلقليمية األخيرة‬ ‫أهمية التنسيق والتشاور‪ ،‬وأظهرت أيضاً االرتباط‬ ‫التاريخي بين األردن ودول الخليج العربية‪ ،‬نظرا‬ ‫لالمتداد الجغرافي والعمق اإلستراتيجي بين الطرفين‪،‬‬ ‫وهذا يتطلب استمرار انسجام المواقف من القضايا‬ ‫اإلقليمية والعربية لضمان حماية مصالحنا المشتركة‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بموضوع االنضمام إلى مجلس التعاون‬ ‫لدول الخليج العربية‪ ،‬فهو محاولة لتأطير هذه العالقة‬ ‫التاريخية في منظومة إقليمية مستقرة ومتجانسة‪،‬‬ ‫وما نحرص عليه هو العمل باستمرار لتعميق‬ ‫عالقتنا مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية على‬ ‫جميع المستويات السياسية واالقتصادية والعسكرية‬ ‫واألمنية والثقافية وغيرها‪ ،‬وعلى أسس متينة من‬ ‫التكاملية‪ ،‬بحيث يحظى األردن بوضع متقدم في‬ ‫عالقات الشراكة مع مختلف دول الخليج العربية‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫”‬

‫يجب أن ال نفقد األمل بالـــــر‬ ‫والصعاب‪ .‬يجب أن يستـمـ‬ ‫اإلصالح‪ ،‬واستعادة االستقر‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.