الحديث عن تاريخ المسرح العربى، فى القرن التاسع عشر .. حديث شيق، يستمتع به كل قارىء ودارس. فالشخصية العربية تحنّ دائماً إلى معرفة تاريخها الأدبى والسياسى والفنى، وتسعى إلى هذه المعرفة بكل جهد دون كلل أو ملل. وظل القارىء العربى أسيراً لبعض الكتابات القليلة التى تطرقت إلى الحديث عن تاريخ المسرح فى العالم العربى، خصوصاً فى القرن التاسع عشر. وهذه الكتابات، رغم قلتها، إلا أنها غطت معظم المعلومات المتاحة فى هذا التاريخ. هكذا أيقن الناس، وأنا منهم بالطبع. بل أن من يتطرق على إعادة كتابة تاريخ المسرح العربى فى هذه الفترة، كأنه يتطرق إلى الكتابة عن المستحيل.
وأحمد الله عز وجل، على أننى خضت ذلك المستحيل فى هذا الكتاب، كما خضته من قبل ثلاث مرات. ففى المرة الأولى، كتبت أول كتاب - فى المكتبة العربية - عن إسماعيل عاصم (1840-1919)، أحد الرواد المسرحيين العرب، وجمعت فيه كل إنتاجه المسرحى، فضلاً عن إنتاجه فى الشعر والمقامة والمقالة الصحفية. وقبـل صدور هذا الكتاب، كان هذا الرائد من المجهولين، لذلك نعته : بأشهر مجهول فى تاريخ المسرح العربى. وفى المرة الثانية، استطعت أن أجمع خمس مخطوطات مسرحية، للأديب العرب