رمضان شهر االنتصارات
ُ ّ اإليمانيــة قبــل علــى األمــة اإلســامية بشــذا نفحاتــه هــا هــو ذا شــهر رمضــان املبــارك ي ِ وطيــب ّأيامــه ولياليــه. ّ ُ ُ ُ ّ ض الشـ ِـام أمـ َـم الكفـ ِـر واإللحـ ِـادَ ،ومــن أ ـى ـ ل ع ـه ـ ج توا ـي ـ ه و ـام، ـ س اإل ـة ـ م أ ُي قبـ ُـل علــى ِ ِ ر ِ َّ ّ الفـ َـر ِق الباطنيــة الكافــرة ... لــف َّلفهــا ِمـ َـن ِ ً ُ ّ وإن ّأمـ ًـة قــد َ َّ نفضــت عــن كاهلهــا عقــودا مــن الــذ ِ ّل واالســتبداد ،وثــارت علــى ك ِ ّل معانــي ّ وتخوض هذه املعركة الفاصلة َ بين ّ ُ والباطل ـ بين اإلســام الحق ـتعباد، ـ س واال لم الظ ِ ِ ِ ُ ِ ّ َ نَ ُّ فعة ِ ،أن َت َ َ عود إلى هللا َّ ٌّ عز وجلَّ والكفر ـ حري بها إن أرادت أن تكو لها النصرة والر َ ُ ُ َّ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ ّ ْ َ ْ َ َ ُْ َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ { يا أيها ال ِذين آمنوا ِإن تنصروا الل ينصركم ويث ِبت أقدامكم } محمد7 ُ َ ً َ الخيــر فــي مضـ َ ـانُ ، ّ الجاهليـ ِـة فت ْحــدث ثــورة علــى ك ِ ّل رواسـ ِـب موســم ِ ر ـتثم َر ِ وأن تسـ ِ ُ ُ َ َ ّ والجهالـ ِـة التــي لحقــت باملجتمــع اإلسـ ّ ـود االســتبداد ،وتف ِعـ َـل دور الق ـر ِآن ـامي فــي عقـ ِ ِ ِ ُ ّ ّ ـلوك أف ـر ِاد األمـ ِـة وقادتهــا الكريـ ِـم فــي األجيـ ِـال ،كدســتو ٍر ومنهــاج حيـ ٍـاة ،وموجـ ٍـه لسـ ِّ َ ُ َ ٌ ّ األمــارة ّ ّ ـوء ،إللزامهــا الطاعــة ،و دفعهــا للتجـ ّـر ِد بالسـ ِ ـس َّ ِ فثــورة رمضــان ثــورة ّعلــى النفـ ِ ّ ُ وحـ ّـب الــذات (( مــن فطــر ً صائمــا كان لــه مثـ ُـل أجــره ,غيـ َـر أنــه ال ينقــص مــن األنانيــة ِ مــن أجــر الصائــم �شــيء )) رواه الترمــذي. َ وهــي ثــور ٌة علــى ُشـ ّـح ّ النفــس ببــذل الخيــر ،فعــن ابــن ّ عبــاس ر�ضـ َـي هللا عنهمــا قــال : ِ َ َّ ِ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ ََ ْ َ َ َ َّ َ َ ن كان ر ُســو ُل هللا صلــى الل عليـ ِـه وســلم أجــود النــاس ِبالخيـ ِـر ،وكان أجــود مــا يكــو ِفــي ِ ْ ضــان حيــن يلقــاه ج ْبريــل َ ،و َك َ ان يلقــاه فــي كل َل ْي َلــة (مــن َ َم َ َ َم َ ضــان) فيدارســه ال ُقـ ْـرآن ر ر ِ ِ ِ ِ ّ ُْْ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ ُ ْ َ َ ُ ُ هللا صلــى الل عليـ ِـه وســلم َأجــود ِبالخيـ ِـر مــن الريــح الرســلة " متفــق عليــه فلرســول ِ ّ رٌ الذميمــة ور ِ ّد األفـر ِاد إلــى األخــاق اإلسـ ّ ـامية كمــا قــال رســول هللا ـاق ـ خ األ ـى ـ ل ع ة وثــو ِ ِ صلــى هللا عليــه وســلم ( إذا كان يــوم صــوم أحدكــم فــا يرفــث يومئـ ٍـذ وال يصخــب فــإن شــاتمه أحــد أو قاتلــه فليقــل أنــى امــرؤ صائــم) .متفــق عليــه فمد ســة مضـ َ ـان فيهــا مــن الــدروس الكثيــرة ّ لألمــة ،والتــي إن وعتهــا ّ وطبقتهــا فســتكو ُن ر ر ِ ِ ّ ّ ّأمـ ًـة تسـ ُّ ـتحق النصـ َـر والتمكيــن بــإذن هللا تعالــى.
العناوين
رمضان شهر االنتصارات ..............ص2 رمضان وبناء األمة .......................ص 3 في ظالل آية ...................................ص 4 حكم إفطار وصوم املجاهدين ....ص 5 شريعة هللا سبيل املؤمنين ...........ص 6 مــن كتبهــم -د .يوســف القرضــاوي -فــي الطريــق إلــى هللا (النيــة واإلخــاص) ص 7 عجيب أمر هذه النملة! !...............ص 8 ٌ ألم و أمل .......................................ص 8 ضوء على خندق املسلمين ..........ص 9 ّ الخطة في حرب العصابات ج ..2ص 10 ( RPG - 29 Nقاذف نون .. ) 29ص 11 والهمام الـ ُـم َّ اإلمام ال ُـمـ َّ ُ ـبجل ُ فضل ص12 فاطمةبنتعبدامللكبنمروان ...........ص13 املرأة املسلمة التي نريد ...............ص 14 ّ لعلكم تتقون ..............................ص 15 استشارات طبية في ضوء اإلسالم ص16
العدوى .......................................ص 17 استراحة العدد ..........................ص 18 ( صرخة الكرامة و اإليمان ) ....ص 19
إخراج وتصميم
رئيس التحرير :أبو فيصل
مجلة الهدى اإلسالمية جهادية ,فكرية ,تربوية تصدر عن سسة الهدى اإلسالمية غرة كل شهر هجري الغوطة الشرقية – سوريا للتواصل : www.facebook/AlhudaIslamicMagazine
كلمة العدد
كلمة العدد ً َّ قويـ ًـا ُ كنــا ُنريــد بنـ ًـاء َّ صلبـ ًـا لهــذه َّ األمــة ،فــا ُبـ َّـد أن يكــون أساســه متينــا ،و ِ فــإن َ ُ َّ َّ ُ ُ َّ ـات اإلتقــان ؛ حتــى يحمــل ِمــن ثــم ال بــد أن يكــون صيــام رمضــان علــى أعلــى درجـ ِ فوقــه صــرح اإلســام العظيــم الرائــع.
ّ تنتظر ُّ َّ اإلسالمية شه ًرا في ّ وتحلق األمة كل عام ،لتسعد بلقا ِئه ِ ِ ُ األرواح فــي ِسـ ّ ِـر بركاتــه وآياتــه ،حيــث وصـ َـف النبـ ُ ُّـي صلــى هللا َّ ضـ ُ الشــهر املبــا ك بقولــه " :قـ ْـد َج َاءكـ ْـم َ َم َ ـان عليــه و ســلم هــذا ر ر ض َّ ُ َشـ ْـه ٌر ُم َبــا َر ٌك ْ ،اف َتـ َـر َ الل َع َل ْي ُكـ ْـم ص َي َامـ ُـه ُ ،ت ْف َتـ ُـح ِفيـ ِـه َأ ْبـ َـوابُ ِ َُ َ َّ ُ اب ْال َ ْال َج َّنــة َو ُت ْغ َلـ ُـق فيــه َأ ْبـ َ َ ُ ُّ اطين"... ـي ـ الش ـه ـ ي ف ـل ـ غ ت و ، ـم ـ ي ح ج ـو ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ أخرجــه النســائي عــن أبــي هريــرة . َّ هــذه فـ ُ ـرص عمـ ِـل الخيـ ِـر و دخــو ِل الجنــة والنجـ ِـاة ُ مــن النـ ِـار ـلمين ،ثـ َّـم َمـ َّـن هللا واالنتصــار علــى ال شــياطين ،أقبلــت علــى املسـ ُ ّ بهديـ ٍـة ال مثيــل لهــا ،أال وهـ َـي َلي ُلــة ْالقــدر َ ،فقــال علــى الصائميــن ِ هللا عليــه و ســلم " :فيــه ل ْيلــة ال َقـ ْـدر خ ْيـ ٌـر مــنْ َ ْرســول هللا صلــى ََ ْ ِ ِ ِ ِ َ َ َ َ ْ ْ ُ ُ َ َ َ ـف شـ ْـه ٍر ،مــن حـ ِـرم خيرهــا فقــد حـ ِـرم " أخرجــه النســائي عــن أبــي هريــرة . ألـ ِ ُ ً ً ُ ُ فــكان رمضــان شــهرا تبنــى فيــه النفــوس ،و ركنــا مــن أركان اإلســام الخمســة ،التــي اختارهــا هللا ُســبحانه وجعلهــا أعمــدة لإلســام . ً َّ ً ُ ً ُ فــإن َّ َّ ُ َّ ـذه األمــة ،فــا بــد أن يكــون كنــا نريـ ًـد بنــاء قويَــا صلبــا لهـ ِ ـام مضـ ُ ـان علــى أساســه متينــا ،و ِمــن ثـ َّـم ال ُبـ َّـد أن يكــون صيـ ُ ر أعلــى درجــات اإلتقــان ؛ َّ حتــى يحمــل فوقــه صــرح اإلســام ِ العظيــم الرائــع. الفكـ ِـر ،و مــن هــذا املنطلــق نريــد أن ندخــل بهــذه العزيمـ ِـة ُوبهــذا ِ َّ َّ إلــى رمضــان ،نريــد أن نتخــرج مــن مدرســة رمضــان مؤهليــن لحمــل َّ الصــرح العظيــم ُواألمانــة الكبيــرة . ُ فالقضيــة ليســت قضيــة صيــام فقــط َّ ، ولكنهــا َّ َّ قضيــة بنـ ِـاء َّأمــة ٍَ ُ ُأو قــل :بنـ ُـاء خيـ ِـر َّأمـ ٍـة ؛ فكيــف ي ِبنــي رمضــان َّأمــة اإلســام ؟ فـ ِـرض رمضــان ع ًلــى املسـ ًـلمين فــي العــام الثانــي للهجــرة،و حمــل ذلــك العــام أمــورا عظيمــة فــي تاريــخ املســلمين َّ ,أولهــا :فــرض صيــام رمضــان ،وثانيهــا :تحديــد نصــاب الــزكاة واألحــكام املختصــة بهــا ،وثالثهــا :فـ ُ املسـ ُـلمين بعــد أن كان ـرض القتــال علــى ً َ َّ َ َ الل َّمأذونَــا بـ َـه ُفقـ َ ُـط ،ف َقـ َـال َ ُهللا عــز وجــل { :وقا ِتلــوا ِفــي سـ ِـب ِيل ِ ُ ْ َ ْ ال ِذيــن يقا ِتلونكــم وال تعتــدوا } [البقــرة.]190 : رابعهــا :تحويــل القبلــة مــن بيــت املقــدس إلــى الكعبــة املشــرفة ،و كل هــذه األوامــر العظيمــة ُ ،ف َ ُّ رضــت فــي شــهر واحــد ،هــو شــهر شــعبان ،لكـ َّـن الســؤال هنــا ملــاذا ؟ َّ ألنــه الشــهر الــذي يســبق رمضــان ،و ســيحدث أمــر هـ ٌّ ـام ِجـ ًّـدا يحتــاج إلــى كثيــر إعــداد ،وإلــى عظيــم تربيــة ،ســتحدث غــزوة بــدر الكبــرى فــي 17مــن رمضــان فــي العــام الثانــي للهجــرة . ُ إذن هــذه األمــور األربعــة شـ ِـرعت إلعــداد الجيــش املجاهــد ،الــذي
مدير التحرير:أبو العز
ُ يخــوض املعركــة الفاصلــة ،و لبنــاء األمــة املجاهــدة ،األمــة التــي ُيرجــى لهــا أن تنتصــر علــى غيرهــا مــن األمــم َّ ، األمــة التــي تقــود واألمــة التــي تســود غيرهــا ،وال يسـ ُ غيرهــا ال ُتقــاد بغيرهــا َّ ، َ ـودها غيرهــا . َّ َ َ ُ ـش املجاهـ ِـد و األمــة املجاهــدة َّإن رمضــان يعمــل فــي إعــداد الجيـ ِ ُّ والتميــز ،والتربيــة. ـال ثالثــة أمــور ،وهــي :التنقيــة ، مــن خـ ِ ّ ّ ّ كل شــائبة تصيبــه مــن أهـ ِـم عوامــل ـف فتنقيــة الصـ ِ امل َّســلم مــن ِ ُ بنــاء األمــة ،فــا بــد مــن انتقـ ِـاء املســلمين الصالحيــن للثبــات والجهــاد ،ال ُبـ َّـد مــن انتقــاء املســلمين الصالحيــن لدخــو ِل بــدر الكبــرى . أما ُّ َّ ٌ العظيم بالهوية اإلسالمية ،فاملسلمون التميز فهو الشعور فــي العــام األو ُل مــن الهجــرة كانــوا يصومــون يــوم عاشــوراء مــع اليهــود ،فلمــا فــرض شــهر رمضــان َّ تميــزت َّ األمــة اإلسـ َّ ـامية عــن َّ ً ً َّ غيرها ؛ َّ خاصا بها ،فمن املؤكد َّأنها ستشعر ألنها صامت شهرا بالعـ َّ ـز. ـ ي التم ـذا ـ ه ل ة ـز َّ ُ َّ ٌ ٌ فاألمــة التــي حتميــة مــن أدوات النصــر والتمكيــن ، وهــو أداة ٌ تشــعر َّ لغيرهــا أمــة ال تســود وال تقــوم . بأنهــا تبـ ٌـع ِ ً ُّ ـف املســلم يحتـ ٌ ـاج لنــوع خـ ّ ـاص ـ ص فال ، ـة ـ ي الترب ـي ـ ت تأ ا ر وأخ ًي ـ ٍ ٍ جـ َّـدا مــن التربيــة ،ورمضــان يقــوم بهــذه املهمــة ؛ فلــن يسـً ًـتطيع أحـ ٌـد أن ُيجاهــد أو ُي ّ ضحــي أو يثبــت إال إذا َ أخــذ ق َســطا مــن ِ ِ ُ ّ ُ تربيتــه حيــث ي ِربــي فينــا رمضــان االســتجابة الكاملــة ألوامـ ِـر هللا عــز وجــل ،كمــا ُي ّربــي فينــا التحكـ َ التحكــم و ـهوات ـ ش ال ـي ـ ف ـم ِ ِ ً ـاب والقــدر ِة علــى كظـ ِـم الغيـ ِـظ ،ويربينــا أيضــا علــى فــي األعصـ ِ ّ يربــي فينــا شــعور الوحــدة واألخــوة اإلنفــاق فــي ســبيل هللا ،كمــا ِ واأللفــة بيــن كل املســلمين فــي كل بقــاع األرض ،و الشــعور بــآالم الغيــر ً ومشــاكل اآلخريــن ،و مــا ًأهمهـ ًـا و ًأعظمهــا مــن مشــاعر وأخيـرا َّإن رمضــان ُي ّربــي فينــا أمـرا َّ مهمــا جـ َّـدا ،هــذا األمــر هــو لـ ُّـب َّ ُ ُِ الصيــام ،وهــو الغايــة الرئيســية منــه ُ ـان ّ يربــي فينــا " التقــوى". رمضـ ِ هكــذا يجــب أن نعيــش ونحيــا مــع رمضــان ؛ لنبنــي َ أنفســنا وأمتنــا مــن جديــد..
في ظالل آية ... ٌ ٌ ى ر "فالصوم وسيلة لتحقيق التقو ،و أداة لز عها في القلوب ٌ َّ وهي هدف تسمو و تتطلع إليه أرواح املؤمنين" بسم هللا الرحمن الرحيم ُ (يا ُّأيها الذين آمنوا ُكتب عليكم ّ الص ُ يام كما ك ِتب على الذين ِ ِ َّ ُ قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة.183 من ِ
ٌ ٌ الصيـ ُ ـام فــي حيـ ِـاة َّأمــة اإلســام عبــادة وتربيــة و جهـ ٌـاد والت ـزام . َّ فيــه تســتعلي معانــي الطاعــة و االنقيــاد للخالــق ســبحانه ٌ علــى متطلبــات الجسـ ِـد و شــهوا ِته ,وهــو تكليــف قديـ ٌـم فــي حيـ ِـاة املؤمنيــن بــاهلل ،وفــي ّ كل ديــن ،والغايــة منــه فــي نهايــة ِ َّ املطــاف ْأن يتحلــى املؤمنــون بالتقــوى و الخشــية مــن هللا . ُ و نــدرك كــم للتقــوى فــي حيـ ِـاة املســلمين مــن أهميــة ِلــا ّ يصـ ُ ـمو ـدر عــن حاملهــا مــن اسـ ٍ ـتقامة فــي الطريــق و سـ ٍ ُ غضــب خالقهــا ،وهــي ت باألخــاق و مراقبـ ٍـة للــذات مــن أن ِ ٌ ز ٌاد للمجاهديــن فــي صــدق َّنياتهــم و حافــز ملواصلــة البــذل والعطــاء مــن أجــل انتصــار قيــم الحــق و العدالــة فــي حيــاة النــاس . التقــوى التــي إن اسـ َّ ـتقرت فــي القلــوب أضــاءت ألصحابهــا الطريــق ،و َّ حصنتهــم مــن الضيــاع فــي َّأيــام ا ِمل َحــن و الفتــن و كثرة الضالالت ،حين ُندرك َّ كل هذا نعلم كم لرمضان َّ أثر ،فهو مدرسة لتخريج في َّحياة املسلمين من أهمي ٍة و ٍ املُتقيــن َّ الصابريــن . ٌ ٌ فالصــوم وســيلة لتحقيــق التقــوى ،و أداة لزرعهــا فــي َّ ٌ القلوب ،وهي هدف تسمو و تتطلع إليه أرواح املؤمنين. َّ و رمضــان تدريـ ٌـب علــى الطاعــة ،فمــن تــرك الحــال فــي رمضــان حــر ٌّي بــه أن يتــرك الح ـرام َّ كل العــام . ٌ خاصـ ًـة أيـ َ التحمــل َّ ، ُّ ـام ا ِملحــن و رمضــان دعــوة للصبــر و َ والبــاء ،و مــا أحــوج مجاهدينــا اليــوم إلــى َّ الصبــر والثبــات ،و هــا نحــن علــى أبــواب شــهر الصبــر فلنتـ َّ ـزود منــه بـ ّ ـكل مــا أوتينــا مــن عزيمــة و لنعلــم ِ َّأن هللا يختبرنــا فــي جهادنــا فــأروا هللا منــا ً خي ـرا .
(و َّ لنبلونكم َّ حتى نعلم املجاهدين منكم و الصابرين) و احملوا من شهر الصبر زاد الجهاد في معارككم ... (و إن تصبروا و تتقوا فإن ذلك من عزم األمور)آل عمران 186 (وإن تصبروا و تتقوا ال يضركم كيدهم شيئا) آل عمران 120 ّ ـف عــن أذى َّ النــاس قــال رســول هللا : و رمضــان دعــوة للكـ ِ ُ َ ( إذا كان يـ ُ أحدكــم فــا يرفــث وال يســخط ,وإن ـوم صـ ـوم ِ ِ ّ إنــي صائــم ) رواه مســلم سـ َّـاب ُه أحـ ٌـد أو قاتلــه ليقــل ِ ً ٌ ورمضـ ُ ـودة للق ـرآن ليكــو َن دســتو َر َّ ـ ع ـان األمــة و عصمــة ِ يضلــوا . للمؤمنيــن مــن أن ِ ٌ ورمضـ ُ ـان دعــوة للمســاجد ،فهــي املــاذ و هــي املنطلــق ،و َ خاصـ ًـة َّ َّ ـاق ثور ِتنــا ضـ َّـد ـ ط ان ـدة ـ ع قا ال ز ـ ت ال و ـت ـ ن كا ـا ـ ه أن ِ ُّ ُّ الظلـ ِـم و الطغيــان . ٌ ـات و رمضــان دعــوة لقيــام الليــل و اللجــوء إلــى هللا فــي أوقـ ِ َّ الســحر . َّ ـف ُّ بالدعــاء ورمضــان تذكيـ ٌـر للمؤمنيــن بــأن يرفعــوا األكـ إلــى هللا ليكشــف مــا نــزل بنــا ،ويطلبــوا الغــوث منــه ســبحانه. ً و أخي ـرا ...جــاء رمضــان ليعطينــا ويعلمنــا أعظـ َـم در ٍس ـدة َّ األمــة ...فأنتــم تصومــون لرؤيـ ِـة الهــال فــي ضـ ًـرورة وحـ ِ َّ جميعا ,و تقومون َّ وقت واحد .. ,وتتحلقون للســحور في ٍ َّ علــى موائــد اإلفطــار حيــن أذان املغــرب ال يتخلــف منكــم صائــم ...و ُت َهرعــون للتراويــح فتمتلــئ بكــم املســاجد ... ـداءات لكــم أن تتناســوا خالفا ِتكــم ،و أليســت هــذه نـ ٍ ّ ـف تتماســكوا و تتوحــدوا ملواجهــة أعدائكــم بصـ ٍ واحــد ،و َّ بهمـ ِـة وعزيمـ ِـة جسـ ٍـد واحــد . ( َّإن هــذه أمتكــم َّأمــة واحــدة و أنــا ُّربكــم فاعبــدون) األنبيــاء 92 محمد .31
من وحي الكتاب والسنة
ُ الخــدري ر�ضــي هللا عنــه قــال ْ : خرجنــا ـعيد عــن أبــي سـ ٍ َ َ مــع النبـ ّ ِـي صلــى هللا عليــه وســلم فــي رمضــان عــام الفتــح فــكان رســول هللا صلــى هللا عليــه و ســلم يصــوم و نصــوم ً حتــى بلــغ منــزال مــن املنــازل فقــال َّ " :إن ــكم قــد دنوتــم مــن عدوكــم و الفطــر أقــوى لكــم " ،فأصبحنــا َّ منــا الصائـ ُـم ً و َّ منــا املفطــر ,قــال :ثـ َّـم ِســرنا فنزلنــا منـ ِـزال فقــال َّ " :إن ــكم َ ّ ُم ّ الفطـ ُـر أقــوى لكــم فأفطــروا " فكانــت عدوكــم و ِ ِ صب ٌحــو ِ عزيمــة مــن رســول هللا صلــى هللا عليــه و ســلم . حديث صحيح :أخرجه اإلمام أحمد َو ُم ْس ِلم وأبو داود . وعــن أبــي بكــر بــن عبــد الرحمــن ر�ضــي هللا عنــه َّأن رســو َل ّ ّ ـاس بالفطــر عـ َ ـام الفتــح هللا صلــى هللا عليــه وســلم أمـ َـر النـ َ ِ و قــال تقــووا ّ لعدوكــم وصـ َ ـام رســول هللا. ِ حديث صحيح أخرجه اإلمام أحمد وأبو داوود والحاكم ؛ تحقيق األلباني ُ ُ َّ فـ ُّ الفطـ ُـر فــي ـكل مــن يواجــه العــدو علــى الجبهـ ِـة يشـ َـرع لــه ِ رمضــان بــل ِيجـ ُـب عليــه ،و كذلــك َمــن لــم يكــن فــي الجبهــة إذا كان علــى ُأ َ القتــال َّ ،أمــا َمــن لــم يكــن فــي الجبهــة ـة ـ هب ِ الفطــر ،كمــن ولــم يكــن علــى أهبــة القتــال فيحـ ُـرم عليًــه ِ ً هــو جالــس فــي َمقـ ّ ِـره أو كان عملــه إدارَّيــا ،أو أخــذ إجــازة أو كانــت قــد وزعــت مــؤازرة أو مســاندة علــى الكتائــب و لــم يكــن يــوم مؤازرتــه فــا يصــح لــه الفطــر ُ فـ ْ ـإن كان مــن املقاتليــن وعملــه إداري و ال يســتطيع القيــام ً بعملــه تامــا ألن الصــوم ُيض ِع ُفــه فيصــح لــه الفطــر َّ ألن قــو َل رســو ِل هللا ( و الفطــر أقــوى لكــم ) فهــو ٌ ـظ هـ ٌّ ـام َيشـ َـم ُل جميـ َـع لفـ ُ أف ـر ِاد املقا ِتليــن ،مــن مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
الشيخ أبو أحمد عيون القاضي األول في الغوطة الشرقية
ـمل َمــن يحمـ ُـل ّ حاملــي ّ الســاح وغيرهــم فيشـ ُ الســاح ،و ِ ِ ِ َ ُ ّ َ ذخــر وغيرهــم . مــن يحفـ ُـر الخنــادق ،و َمــن ي ِ ُ ُ َّ ُ ُ َ ـوم علــى أنــه ِيجــب علــى مــن أفطــر القضــاء ،و هــو ّصــوم يـ ٍ كل يــوم أفطـ َـره ،و ُّ مـ َ ّ ـتاء و لــو الشـ ِ يصــح القضـ ُـاء فــي ِ ِ ـكان ِ ٍ َ الصيــف ،و ال َيجـ ُـب ُ أفطـ َـر فــي َّ التتابــع فــي القضــاء . ِ َّ وإذا َ َ ُ ُ مسك خرج من الجبهة أثناء الن هار ال ي ِجب عليه أن ي ِ ِ أي ُيكمــل إفطــار نهــاره ،و لــو لــم يعــد إلــى الجبهــة َّ ، ألن مــن ِ ْ َّ َ ُ ُ ّ كمــل النهــار الــذي ـرعي ال ي ِجــب عليــه أن ي ِ أفطــر بعـ ٍ ـذر شـ ٍ أفطــره عنــد طائفــة مــن الفقهــاء . ً َ ُ ـكان ي ِجــب علــى أهلــه لكــن ال يصــح لــه أن ي ِ فطــر جهـرا فــي مـ ًٍ يصــح أن يصومــوا فيــه ،ويصــح ِ الفطـ ُـر جه ـرا فــي مــكان ِ ألهلــه أن يفطــروا فيــه . فمــن يقاتــل فــي املدينـ ِـة وفيهــا نـ ٌ ـاس مقيمــون َ ،يحـ ُـرم عليــه ّ الجهـ ُـر باإلفطــار و أشــد مــا يكــون بتعاطــي الســجائر ألنــه جهـ ٌـر بمحـ َّـرم . لالستفاضة في هذه الفتوى ،يمكن تحميل امللف ً كامال من األنترنت على ّ الرابط http://www.gulfup.com/?NK3J4e
5
العدد الثالث عرش
النافذة الفكرية
ُ ًَ َ ُ َ ُ َ َّ كما هللا ح (أفحكم الجاهلي ِة يبغون ومن أحسن ِمن ِ لقوم يوقنون) ٍ بقلم األستاذ أبو ياسر القادري ُ ـتحالة تطبيــق الشــريعة قــد يخــرج علينــا مــن يقــول باسـ ِ َ اإلسـ َّ ـامية ،و َّإن املجتمــع غيـ ُـر ُم َّهيـ ٍـأ بعـ ُـد لذلــك ،فكيــف َّ َ ُن ّ ـدود َو ُهــم لــم ُي َتــح لهــم أسـ ُ ـباب ـاس أحــكام الحـ ِ ِ طبــق علـ َّـى النـ ِ ُ أي تحــت حكـ ِـم آل األســد . ـداء ال ـر الـ ّ ِـرز ِق والتربيــة و إبـ ِ ِ َ ُ َ ـريعة َ َّ ذاتهــا فــي نظـ ِـر هــؤالء ال تسـ ِـاهم فــي بنـ ِـاء وكأن الشـ ُ َ ُ َ قولهــم : املجتمـ ِـع املسـ ِـلم املنشـ ِ ـود وإقامـ ِـة أركا ِنــه ،وعلــى ِ نحــن بحاجــة لقوانيـ َـن وتشــريعات مــن غيــر شــرع هللا َّ ، حتــى ٍ ٍ َّ ُ ِ ِ ُ َّ يسـ َ ـاس ،ثـ َّـم بعدهــا ُربمــا يصــار إلــى تطبيـ ِـق ـتقيم أمـ ُـر النـ ِ َّ ـض جوانـ ِـب هــذه الشــريعة. بعـ ُ َ َ ِ ُ ُ َّ َّ يملكون الرؤية الصحيحة والحقيقة أن هؤالء وأمثالهم ال ِ َ َ ر َّ الشــريعة وقيــم ُ َّ الق ـرآن ُّ والســنة فــي تهيئــة ِ ِ والفهــم لــدو ِ ِ ُ َّ َّ ـكام وتنشــئة املجتمــع املؤهــل لتطبيـ ِـق كافـ ِـة جوا ِنـ ِ َّـب أحـ ِ ّ َ ـريعة فــي ِ يحصــرو ُن مفهــوم تطبيـ ِـق الشـ ِ الديــن ،وهــم بالتالــي َّ ِ َ ـدود ليــس إل .ويغفلــون أو يتغافلــون عــن معرفـ ِـة إقامـ ِـة الحـ ِ ٌ ٌ ُ َّ َ ٌ ُ هللا لــه أبعــاد ومناهــج وقوانيــن تربويــة وسياســية أن ديــن ِ ٌ َّ واقتصاديــة ُ وغيرها....فهــو منهـ ُـج حيـ ٍـاة كمــا هــو ونفســية ٌ تعب َّ ـعائر ُّ ـدة وشـ ُ ديــة. عقيـ ً َ َّ ُ ُ واإلسـ ُ ـام ير ِاعــي ســنة التـ ُّ ـدر ِج فــي تربيـ ِـة الفـ ِـرد املســلم ,وأيضــا األمــة بأكملهــا ،وعندمــا نقــول َ فــي تربيــة َّ التـ ُّ ـدرج ال يعنــي مرحلة من شرع هللا في حياتنا في كامل الوقوف عن ٍ تطبيق ِ ِ ِ َّ َّ مراحــل التطبيــق ،لكننــا حيــن نتـ َّ ـدرج فــي ذلــك فإنمــا ُ نظرنــا ُ وهدفنــا هــو الوصــو ُل إلــى تنزيـ ٍـل كامـ ٍـل ملنهـ ِـج هللا علــى واق ِعنــا َّ ُ ً َّ ُ َ ُّ ـدل وحيا ِتنــا ،ألننــا ن ِ ؤمــن عقيــدة أن حكــم هللا فيــه كل العـ ِ َّ َّ ـعادة وتحقيــق إنسـ َّ وحريتـ ِـه ـانية اإلنسـ ِـان والخيـ ِـر والسـ ِ ُِ َ ـاح والفــوز باآلخــرةُ .. الفـ ُ َّ الجاهليـ ِـة (أفحكـ َـم وكرامتــه ،وفيــه ُ ًَ ُ َ َ ـوم يوقنــون). هللا حكمــا لقـ يبغــون ومــن أحســن ِمــن ِ ٍ َ َّ لكنـ ُـه مــن جانــب آخـ َـر مطلـ ٌ ـاميين أن تكــو َن ـوب ِمــن اإلسـ ٍ َّ ُ ُ ـكل لديهــم البرامــج واملشــاريع فــي كافـ ِـة املجــاالت ،وبشـ ٍ ُ امتالك القيم واملبادئ و ر ُ ُم َّ ات فصل ,وال يكفي فع الشعار ِ ِ ِ مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
همومهــم. ـكاك بالجماهيـ ِـر ومعرفــة ـزول واالحتـ ِ ِ دون النـ ِ ُ والحـ ُّـل اإلسـ ُّ املنابــر دون ـامي ال يكــون بالوقـ ِ ـوف علــى ِ ُّ ـزول ومعرفـ ِـة فقـ ِـه الواقــع و وضــع أيدينــا بأيــدي النــاس النـ ِ ُ َ ّ ُ الشــعار الــذي نرفعــه (اإلســام هــو الحــل) جهــض ُ ِ وإال أ ِ وتراجعــت ثقــة النــاس بــه. َّ وباملقابــل أولئــك الذيــن يعترضــون علــى الحـ ّـل اإلسـ ّ ـامي إنمــا ِ ِ ٌ َ ُِ ُ ُ ُ خيا ُر ُهــم برامــج وقوانيــن مســتوردة ،ال تصلــح فــي أمـ ٍـة دينهــا َّ الطــرح ُيجافــو َن ُهويتهــم اإلسـ َّ ـامية اإلســام ،وهــم بهــذا ً َّ ن القابليــة ـرض ـ م ـي ـ ف ـو ـ ع يق و ، ـة ـ ي العرب ـم ـ ه هويت ـن ـ ع ـا فضـ ِ ّ املفكــر مالــك بــن نبــي -رحمــه هللا.- لالحتــال كمــا وصفهــم ِ َ ُ جربــت َّ وقــد َّ األمــة ِولكثـ ِـر مــن قــر ٍن الحلــو َل واألنظمــة ُ َ َّ املســتوردة مــن الغــرب والشــرق ،و مــا ز َادهــا ذلـ ِـك إال َ َ ً َ ُّ خلفـ ًـا ،وافتقــدت عوامـ َـل ُّ النهــوض ّ ، وتكرســت فيهــا خبــاال وت ِ أسـ ُ ـباب ُّ الســقوط الحضــار ّ ِي وهيمنــة اآلخــر. َّ َ ّ َ َ الذكــر والحـ ِ ّـل والعقــد فــي ومــا كان ذلــك ليكــون ،لــو أن أهــل ِ ُّ َّ ـادة ـدر املســؤو َّلية ،والوعـ ِـي والتقــدم لقيـ ِ األمــة كانــوا علــى قـ ِ َّ وعللهــا ـوض األمــة نحــو النهـ دائهــا ِ ومعالجتهــا ِ ،لتخـ ُـرج َمــن ِ ِ ِ وإن اإلصابــة فــي ُّ بقيــم الكتــاب والسـ َّـنة ،أمــا َّ النخبـ ِـة ِمــن ِ ُ ْ َّ األمــة ،فالخطــوة األولــى للنهــوض هــي فــي القيــادات ,أن تكــون َّ اإليجابيــة والتعــاو ِن فيمــا علــى مســتو ًى مــن الوعـ ِـي والحركـ ِـة ُّ َّ ـاس فــي ـ ن ال ـادة ـ ي لق , ـة ـ الجزئي ـات ـ ف الخال ـن ـ ع ـع ـ والترف بينهــا ِ ِ ِ ِ ثور ِتهــم املباركــة. نَ َّ َّ َ ِوليحـ ْ ـذر بعـ ُ ـض مــن يقــودو النــاس فــي هــذه الثــورة ِمــن ـوالء لغيــر ديــن هللا ،و دفــع النـ َ ـاس وإغر ِائهــم بمبـ ِـاد َئ الـ ِ ِ ِ ً ْ َّ ات دخيلـ ٍـة علــى أمتنــا ،قديمــة كانــت أو حديثــة ،و وشــعار ٍ َّ ُ َّإل َ ذهب جهادهم في هذه الثورة ً هباء في ميزان هللا واآلخرة ُ ً َ ُ َّ ُ ،و ضـ َّـل سـ ُ حســنون صنعــا . ـعيهم وهــم يحســبوّن أنهــم ي ِ َ ْ أكثر َمن في األر ُ تطع َ ضلوك عن سبيل هللا) األنعام 116 ضي ِ (وإن ِ ِ
6
العدد الثالث عرش
من كتبهم
النافذة الفكرية
من كتاب :في الطريق إلى هللا (النية واإلخالص) للدكتور يوسف القرضاوي ضرورة اإلخالص لحملة الدعوة :
ـادة الحيـ ِـاة بعقيد ِتــه ـيادة اإلســام وعود ِتــه لقيـ َّإن العمـ َـل لسـ ِ ِ ٌ ُ ٌ وشــريع ِته وأخال ِقــه وحضارِتــه َّ ،إنمــا هــو عبــادة وقربــة إ ُلــى هللا عـ َّـز وجــل مــن ناحيـ ٍـة ،و جهـ ٌـاد فــي ســبيل هللا مــن ناحيـ ٍـة أخــرى وتجريـ ُـد َّ النيــة هلل فــي هــذه العبــادة ،وذلــك الجهــاد أمـ ٌـر أسا�سـ ٌّـي ً َ لق ُبــول العمــل ونجاحــه معــا . فالنيــة املدخولــة تفسـ ُـد العمـ َـل وتلـ ّـو ُث َّ َّ النفــس ،وتضعــف ِ ِ َّ ُ والنيــة َّ ـف ُوتحبــط األجــرَّ ، صلــح العمــل وتقـ ّ ِـوي الصـ الصالحــة ت ِ ِ َ ُ َّ ُ العـ َ ـات قــال هللا ـزم وتفســح الطــرق ،و تعيــن علــى إزالـ ِـة العقبـ ِ تعالــى : ً ( إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما ). ً وقــد كتــب ســالم بــن عبــد هللا إلــى عمــر بــن عبــد العزيــز ناصحــا ُله فقال ْ " : للعبد على قدر َّني ِتهَ . اعلم َّأن عو َن فمن هللا تعالى ِ ِ َّتمــت َّني ُتــه تـ َـم عــون هللا لــه ,ومــن َ نقصــت َّني ُتــه نقــص قــدره. ْ ّ يفتـ َ قلبــه ـا ـ ي زوا ـي ـ ف ـش ـام أن َّإن علــى املسـ ِـلم العامـ ِـل لإلسـ ِ ِ ِ ٌّ عــن حقيقــة نوايــاه وبواعثــه ،فـ ْ ـإن كان فيهــا حــظ للدنيــا أو ِ ِ ُ ّ للشــيطان ،جاهــد أن ينقــي قلبــه مــن دخلـ ِـه وأن يجـ ِـرد نيتــه ُ هللَّ , وإن الحيــاة ال يســود فيهــا الحـ ُّـق ُوينشــر الخيــر وتعلــو كلمــة ـام الفضيلــة َّ : اإليمــان وتخفــق أعـ ُ بتجــار املبـ ِـادئ الذيــن ال ِ ِ يعملــون إال ليغنمــوا ويســتفيدوا فــي الدنيــا ،وال باملرائيــن الذيــن َّ ويتحدثــوا عنهــم ، ال يعملــون إال ِلير ُاهــم النــاس ويســمعوا بهــم ويشــيروا إليهــم بالبنــان ،بــل ينتصـ ُـر الحـ ُّـق والخيــر واإليمــان والفضيلــة باملخلصيــن ،الذيــن يعتنقــون املبــادئ مؤثريــن ال ّ مضحيــن ال مســتفيدين معطيــن ال آخذيــن . مســتأثرين ، ِ َّإن املخلصيــن الذيــن يبتغــون بعملهــم وجــه هللا يســمون فــوق املنافــع الذاتيــة واملصالــح الشــخصية ،هــم وحدهــم جنــد الدعوة وحملة الرسالة و ورثة النبوات وهم الذين ينتصرون بالدعــوة وتنتصــر بهــم ،و لــو كانــوا فقـراء املــال ,ضعفــاء الجــاه مغموريــن فــي النــاس ,فهــم الذيــن جــاء بهــم الحديــث الشــريف : ُ َّ ّ " رب أشعث مدفوع باألبواب لو أقسم على هللا ألبره "رواه مسلم - ُ ٍ ـؤالء الضعفــاء املغمــورون املخلصــون هــم الذيــن أمــر هللا وهـ َ ّ رســوله أن يصبــر نفســه معهــم ،وال يفــرط فــي واحــد منهــم ،وال تعـ ُـد عينــاه عنهــم إلــى الشــخصيات املرموقــة فــي املجتمــع مــن ذوي املكانــة والث ـراء والجــاه ،ممــن يظــن َّأنهــم ينصــرون دعوتــه مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
بجاههــم ومنزلتهــم بيــن النــاس . َّ يقــول تعالــى ( :واصبــر نفســك مــع الذيــن يدعــون ربهــم بالغــداة والع�شــي يريــدون وجهــه ،وال تعـ ُـد عينــاك عنهــم تريــد زينــة الحيــاة الدنيــا وال تطــع مــن أغفلنــا قلبــه عــن ذكرنــا َّ واتبــع هــواه ُ وكان أمــره فرطــا) الكهــف 28 َّإن جنـ َّ املطامــع ،وال يخطــف بصــره ـدي العقيــدة ال َيجــري ور َاء ِ بريـ َـق الشــهرة ،وال يجــذب قلبــه ســطوة الجــاه والنفــوذ َّ ،إن الدنيا ليســت أكبر همه وال مبلغ علمه َّ ،إنه ينزلها منزلتها ،فال َّ ّ همــه تــزن عنــده جنــاح بعوضــة كمــا عنــد هللا تعالــى ،إن أكبــر ِ أن يتقبلــه هللا فــي عبــاده الصالحيــن وجنــده الصادقيــن. َّإن وضـ َ ـدف أمـ ٌـر ضــرور ٌّي للعامليــن لنصــرة اإلســام ـوح هــذا الهـ ِ ُ ُ ـامي ٍة أو حضــار ٍة إسـ َّ هدفهــم إقامـ َـة دولـ ٍـة إسـ َّ فقــد يكــون ـامي ٍة َ أو مجتمــع إسـ ّ ـداف التــي يســعون ـامي أو نحـ ِـو ذلــك مــن األهـ ِ ٍ ٍ إليهــا ويحرصــون علــى تحقيقهــا ،ولكـ َّـن هــدف األهــداف وغايــة ّ الغايــات مــن وراء ذلــك ِكلــه هــو ِرضــوان هللا عــز وجــل وابتغـ ُـاء مــا عنــده ،ومــن أجــل ذلــك يســتمرئون املُـ َّـر ويســترخصون َّ كل ِ تضحيـ ٍـة مــا دامــت فــي ســبيل هللا . الدعوات أن يحذروا على صفوفهم من الطفيليين جال ِ وعلى ر ِ َّ الطامحيــن الطامعيــن ،الذيــن يتســللون إلــى الجماعــات املؤمنــة تســلل املايكروبــات إلــى الجســم الســليم ،ويتســلقون علــى أكتــاف اآلخريــن . ُ كالمهــم كثيــر وعملهــم قليــل ،يقلــون عنــد الفــزع ويكثــرون عنــد الطمــع َّ ، حتــى تكشــفهم ا ِمل َحــن ويميــز هللا الخبيــث مــن الطيــب.
7
العدد الثالث عرش
النافذة التربوية االجتماعية
أسامة أبو أنس
"حملت ه ّم أمتها و أدركت خطورة مسؤوليتها" قــال تعالــى ( :حتــى إذا أتــوا علــى واد النمــل قالــت نملــة يــا َّأمــا نحــن فنتســاءل مــاذا فعــل أهـ ُـل الحــل و العقــد ؟ مــاذا أيهــا النمــل ادخلــوا مســاكنكم ) .فعندمــا جــاء ســليمان و فعــل فــان و فــان ؟ أســألك يــا أخــي الكريــم :أنــت مــاذا ٌ معــه جنــوده َّ , أحســت نملــة بالخطــر الداهــم علــى قومهــا ،فعلــت ؟ و مــاذا قدمــت لألمــة ؟ فصاحــت تلــك النملــة منــذرة بنــي قومهــا َّ :إن الخطــر قــادم و ننتقــل إلــى الطــرف اآلخــر ,هــل قــال النمــل أنــت تريديــن َّ يحطمنكم سليمان و جنوده و الســلطة ,تريديــن العلــو ,تريديــن الشــهرة ؟ ...ال ...بــل ,فهيا أنقذوا أنفسكم (ال هــم ال يشــعرون )....مــا أروع هــذه النملــة ! و مــا أعظــم هــذا استجاب النمل دون تحليل أو تأويل لنوايا هذه النملة و دخلوا مســاكنهم و نجوا بدعوة من هذه النملة الصغيرة. املوقــف الــذي وقفتــه ! ً َّ ً لــم تقــف موقفــا ســلبيا ،بــل حملــت هـ ّـم أمتهــا و أدركــت و معــروف عــن النملــة أنهــا مــن أكثــر املخلوقــات ِجديــة و ً ً ً حزمــا ,فهــل رأيــت يومــا مــن األيــام نملــة نائمــة فــي الطريــق ؟ خطــورة مســؤوليتها . ّ ً ً ً تنظــر علــى عجيــب أمــر هــذه النملــة ! هــل هربــت بنفســها عندمــا هــل رأيــت يومــا مــن األيــام نملــة واقفــة تتفـ َّـرج و ِ أحســت الخطــر ؟! لقــد ذكرهــا هللا بصيغــة النكــرة ،فهــي غيرهــا . ٌ ـات النملــة التعــاون ،فهــم عندمــا يمشــون نملــة مــن َّأمــة النمــل الكثيــرة ،فهــل قالــت :مــاذا أســتطيع و مــن صفـ ِ ً ً يشــكلون خطــا منتظمــا و ال تســير نملــة بمفردهــا ،و أن أفعــل و أنــا نملــة وحيــدة ؟! ّ تحلــل نوايــا يكفينــا مــن هــذا املخلــوق العظيــم هــذا الــدرس البســيط لــم تحقــر هــذه النملــة نفســها ،ولــم تجلــس ِ ســليمان كمــا يتفلســف البعــض فــي تحليــل مــا ســيحدث ؟! فهــل مــن معتبــر؟! فــي املســتقبل بنظــرة تشــاؤمية ،بــل بــادرت فأنقــذت أمتهــا
...ريحانة الحياء ...
ألم و أمل ٌَّ ُ ُ َّ أتألم عندما تصرخ األمهات و ال يستجاب لهن . و آمل أن يكون أبناؤنا با ّ ِرين راضين مرضيين . ألم و أمل ٌَ األم و ابنتهــا فــي الطريــق ،و تكــون األمُّ أتألــم عندمــا تســير ُّ ً َّ ٌ ً ُ محجبــة حجابــا كامــا ،و معهــا تلــك الــوردة الفيحـ ُـاء ً ٌ متجـ ّ ِـردة عــن حجابهــا ،و عــن بعــض مالبســها أيضــا ٌ ٌ و آمـ ُـل ْأن يعلـ َـم كلهــم َّأن الحجـ َ ـاب عبــادة هلل ،ال عــادة جدتــي و َّ عــن َّ جد ِتــك . مجلة الهدى اإلسالمية
ألم و أمل ٌَّ ُ أتألــم عندمــا يختصــم اإلخــوان مــن أجــل سفاســف األمــور ،و آمـ ُـل أن يســامحوا و يعفــوا و يصفحــوا حتــى يأتــي هللا بأمــره . ألم وأمل ٌَّ َّ أتألــم عندمــا يتكبــر اإلنســان علــى مــن حولــه ممــن يبذلون الجهد و يحاولون العمل . و آمـ ُـل أن يقــوم ليعمــل و ينفــع مــن حولــه ،فــا يبقــى ُ ّ ً ً نظ ـرا ملــن حولــه هامــا لنفســه . م ِ ألم وأمل ٌَّ ُ َ طالــب مــن أتألــم ملــن يعمــل ملصلحــة شــخصه فقــط ،و ي ِ ً حولــه بالعمــل العــام ،لينالــه حــظ مــن عملهــم أيضــا . و آمـ ُـل أن نكــون الواحـ َـد للـ ّ ـكل و الـ ُّ ـكل للواحــد ،فيــد هللا ِ مــع الجماعــة .
الصفحة :
8
العدد الثالث عرش
النافذة التربوية الجهادية
ضوء على خندق المسلمين
تكتيك أو زياد ٍة في العُد َّة والعتاد، "نصر المسلمين في الخندق لم يكن بسبب ٍ َ بل كان بسبب ثباتهم وصبرهم وصدق التجائهم هلل سبحانه بعد اتخاذ أسباب القوة ْ ، وإن لم تكن كافية" حفيدة اإلسالم ُ تخيـ ْـل َّأن ســتار َّ َّ التاريــخ قــد ُرفــع لــك ،وعــادت عجلــة الحــر وتكتيكــه وآلياتــه . الســنة الخامســة للهجــرة َّ ، َّ التاريــخ بــك إلــى َّ فإنــك ســترى فاعلــم َّأن نصـ َـر املســلمين فــي الخنــدق لــم يكــن بســبب َّ كافــة ،قــد تكتيـ ٍـك أو زيــادة فــي ُ جيــوش املشــركين مــن قريــش وقبائــل العــرب العـ َّـدة والعتــاد ،بــل كان بســبب ٍ احتشــدوا الســتئصال رســول هللا وأصحابــه ،وســترى ثباتهــم وصبرهــم وصــدق التجائهــم هلل ســبحانه بعــد بلغهــم خبـ ُـر نقــض بنــي اتخــاذ أســباب القــوة ْ ، مــا َ آل إليــه حـ ُ ـال املســلمين حيــن ُ وإن لــم تكــن كافيــة . ِ ُ قريظــة للعهــد ،فقــد قــال رســول هللا صلــى هللا عليــه فاصدقــوا يــا شــبابنا ،و أذكــروا نعمــة هللا عليكــم ُّأيهــا أبشــروا يــا معشــر املســلمين)) النــاس ،ع�ســى رُّبكــم أن يهلــك عدوكــم ،و يرسـ َـل عليهــم وســلم حينهــا ((هللا ًأكبــر ِ , ً وســيظهر لــك َّ جليــا دور املنافقيــن الذيــن يفتكــون فــي ريحــا كريــح الخنــدق ،فيتحقــق لنــا النصــر ويكفينــا هللا عضــد املســلمين ،حيــث كانــوا يصولــون ويجولــون ،و تعالــى القتــال ،كنصــر املؤمنيــن فــي غــزوة الخنــدق ،قــال علــى ألســنتهم ( كان محمـ ٌـد ي ِع ُدنــا أن نـ َ ـأكل كنــوز كســرى ســبحانه : وقيصــر ،و أحدنــا اليــوم ال يأمـ ُـن علــى نفســه أن يذهــب (يــا أيهــا الذيــن آمنــوا اذكــروا نعمــة هللا عليكــم إذ ً ً فلمــا رأى رســو ُل هللا َّأن البــاء قــد اشـ َّ إلــى الغائــط ) َّ ـتد جاءتكــم جنــود فأرســلنا عليهــم ريحــا وجنــودا لــم تروهــا ً باملســلمين ،بعــث إلــى ســعد بــن معــاذ وســعد بــن عبــادة وكان هللا بمــا تعلمــون بصي ـرا ,إذ جاءوكــم مــن فوقكــم ر�ضــي هللا عنهمــا فاستشــارهما فــي أن ُيصالــح قبيلــة ومــن أســفل منكــم وإذ زاغــت األبصــار وبلغــت القلــوب غطفــان علــى ثلــث ثمــار املدينــة ،ـكـي ينصرفــوا عــن قتــال الحناجــر وتظنــون بــاهلل الظنــون )األحـزاب 9-10إلــى أن قــال ً املسلمين فقاال " :يا رسول هللا أهو أمر ُّ تحبه فتصنعه ســبحانه متممــا نعمتــه علــى عبــاده " ورد هللا الذيــن ً أم �شــيء أمــرك بــه هللا أم �شــيء تصنعــه لنــا قــال ( :بــل كفــروا بغيظهــم لــم ينالــوا خي ـرا وكفــى هللا املؤمنيــن ً ً �شــيء أصنعــه لكــم ـكـي أكســر عنكــم مــن شــوكتهم ) القتــال وكان هللا قويــا عزي ـزا "األح ـزاب()25 فقــال حينهــا ســعد بــن معــاذ :وهللا مــا لنــا بهــذا مــن حاجــة وهللا ال نعطيهم إال َّ الســيف حتى يحكم هللا بيننا وبينهم َّ ،فتهلل وجه رسول هللا وقال :فأنت وذاك" رواه البيهقي وابن أبي شعبة بلفظ قريب و إسناده حسن.
ُعــد اآلن أخــي القــارئ إلــى زمانــك ،فمنــذ أيـ ٍـام والقنــوات َّ الفضائيــة تتحــدث عــن انتشــار عناصـ َـر لحــزب الــات ُ فــي مناطــق مختلفــة مــن بالدنــا ،كمــا َوجـ َـدت ألســنة ً ً ُ ّ املخ ِذليــن حديثــا جديــدا لتخــوض بــه فتــرى ذاك يقــول : وصــل انتشــارهم إلــى هنــا واآلخــر :هــل ســيصلون إلينــا والثالــث :أيــن الجيــش مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
9
العدد الثالث عرش
في حرب العصابات النافذة العسكرية الجهادية
الجزء الثاني
الهدف العام ّ لكل إغارة هو إرهاق العدو وإرهابه ِ ّ ُ تكلمنــا فــي العــدد ّ الســابق عــن طريقــة رســم الخطــط العسـ ّ ـكرية فــي حــرب العصابــات ،وقلنــا َّ :إن الهــدف منهــا إنهــاك العــدو وضــرب معنوياتــه ودفــع جنــوده للفـرار واالنشــقاق حتــى إســقاطه ، ...ثـ َّـم تحدثنــا عــن ّ أســلوب املعــارك التــي اتبعهــا املجاهــدون علــى أرض ّ الشــام ( املعــارك الصغيــرة املتعــددة -أســلوب الكــر والفــر ) ُ ، ...ثـ َّـم ّ ـكل مــن ـ ش ـن ـ ع ـث ـ ي الحد ـي ـ ف ـا ـ ن ق تطر ٍ ـات وهــو ( الكميــن ) وأســهبنا ـرب العصابـ ِ أشــكال حـ ِ ّ ُ ّ بالحديث عن هذا الشكل ،وفي هذا ُ الجزء سنتحدث ّ ـرب العصابــات وهــو : عــن الشـ ِ ـكل اآلخــر لحـ ِ
اإلغارة
ففــي اإلغــارة تتقــدم القـ َّـوة املغيــرة مراعيــة االختفــاء التــام علــى طريــق تقدمهــا نحــو الهــدف املختــار مــن قبــل ،ثـ َّـم تقــوم هــذه القــوة باقتحــام هــذا الهــدف باألســلوب الــذي يناســب املعلومــات عنــه . والهــدف العــام لـ ّ ـكل إغــارة هــو إرهــاق العــدو وإرهابــه ُ ِ َ قــد يكــون الهــدف الحصــول علــى األســرى أو الوثائــق أو األســلحة أو املــؤن أو املعــدات أو تدميــر الهــدف ونســفه ، ً ً وقــد تكــون اإلغــارة نهــارا أو ليــا ،بحســب طبيعــة الهــدف واملــكان .
القائد أبو العبد
التركيز على خطوط العدو الخلفية و جناحيه فسببانتصارات نابليون هو مهاجمته ألعدائه من الجنب أو ً مــن الخلــف دائمـ ًـا َّ ، فتجنــب مواجهــة العــدو وجهــا لوجه ً ـبيال َّ ، ألن َّ قوتــه تتركــز فــي املقدمــة مــا اســتطعت لذلــك سـ ً دوما ،فعلى املجاهدين اعتماد املناورة و الخدعة. الصبــر والثبــات َّوالتصميــم علــى َّ النصــر ،والثقــة بتأييــد هللا وتحقيــق وعــده . التصميــم علــى املــوت فــي ســبيل هللا ،و اإلخــاص وتوحيــد الكلمــة والصــف وتــرك املعا�صــي واللجوء إلى هللا ً دومــا ،وعــدم االغت ـرار بالنفــس ،وال نن�ســى أن النصــر مــن عنــد هللا ،فاملعادلــة اإللهيــة واضحــة ( إن تنصــروا هللا ينصركــم ويثبــت إقدامكــم ) فاعملــوا النصــرة هــذا الديــن وال يســعني فــي النهايــة ســوى أن أقــول َّ :إن التاريــخالقديــم والحديــث أثبــت َّأنــه ليــس هنــاك شــعب خســر ُ ً حتــى اآلن حربــا شــنها بنفســه ضــد طغاتــه وجالديــه ... ً فكيــف بشــعب مســلم يؤمــن بالجهــاد طريقــا الســترداد الحقــوق وحمايــة األرض والعــرض .
خصائص اإلغارة الناجحة :
ُ االستطالع َّالدائم وجمع املعلومات الدقيقة َّ ً ً تحضيــر خطــة الهجــوم تحضي ـرا دقيقــا ،و قطــعخطــوط مواصــات و إمــداده العــدو قبــل بــدء الهجــوم القدرة على الحركة والسرعة في الهجوم واملناورة .عامل الكتمان واملفاجأة .الهجمــات الشــديدة التــي ترعــب العــدو وتقتــلمعنوياتــه ( فشـ ّ ِـرد بهــم مــن خلفهــم ) مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
10
العدد الثالث عرش
النافذة العسكرية الجهادية
RPG - 29 N نون 29
إعداد املالزم أول أبو عبدو ٌ ُ ٌّ و و شخص واحد قبل ن م استخدامه يتم ، الصنع �سي ر ، تداد اال عديم خي صار قاذف ر ِ ٍ َّ واملنشآت االسمنتيةَّ املحصنة واألماكن والعربات املد َّرعة الدبابات تدمير بهدف ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِّميزاته التعبوية : ً ُ
1 2 3
العيار الطول في الوضع القتالي الوزن من دون املنظار
4 5 6 7 8 9 10 11 12 13
مسافة التسديد باملوجه البصري (املنظار) مسافة التسديد باملوجه امليكانيكي املدى الفعال ضد األهداف قدرة االختراق في املنشآت اإلسمنتية قدرة االختراق في الدروع قدرة التكبير في املنظار النهاري قدرة التكبير في املنظار الليلي الطاقم التلقيم آلية اإلطالق
105.2ملم 185سم 11.5كغ
500م 400م 300م 150سم 100سم 2.7 2.94 اثنان رامي ومساعد من الخلف كهربائية
األقسام الرئيسية للقاذف : أنبوبة التوجيه 1أنبوبة اإلطالق 2آلية الزناد 3مسند الرمي 4أجهزة التسديد 5وســنتناول فــي الشــرح أجهــزة التســديد ،ألهميتهــا وحاجــة املجاهــد َّ املاســة ملعرفتهــا ،وكيفيــة اســتخدامها واســتثمارها :يوجــد علــى القــاذف جهازيــن للتســديد ً التسديد امليكانيكي ،ويتألف من: أوال :جهاز ِ 1لوحــة املســافات ،ونالحــظ فــي لوحــة املســافات الترقيمــات 10 40 , 30 , 20,وهــي تتناســب مــع مســافة400 , 300 , 200 , 100 متــر - 2لوحــة التصحيحــات الحراريــة :يمكــن تثبتهــا وتحركهــا فــي ثــاث وضعيــات ونالحــظ عليهــا الترقيمــات ) ) +20 0يمكــن الرمــي ضمــن ح ـرارة مــن ()0إلــى ( )+20درجــة مئويــة ( )+50+20يمكــن الرمــي ضمــن ح ـرارة مــن ()20إلــى ()+50درجــة مئويــة( ) -400يمكــن الرمــي ضمــن حـرارة مــن ()0إلــى ( )-40درجــة مئويــة
مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
ـوجه البصــري (املنظــار)ُ :ويسـ َ ثانيــا :املـ ـ ّ ـتخدم مــع القــاذف ِ ي ض أ ـة ـ ب اق ر م ـل ـ ج أ ـن ـ م ـتخدمان ـ س وي ، ـار ـ ه ن و ـي ـ ل لي منظاريــن ، ِ ر ِ ـداف الثابتــة واملتحركــة املعركــة ،والتسـ ِ ـديد والرمــي علــى األهـ ِ َّ ، حتــى مســافة 500متــر ،وتختلــف شــبكة املنظــار الليلــي عــن شــبكة املنظــار النهــاري مكــون مــن : -1أربعــة خطــوط أفقيــة مرقمــة 5 - 4 3- - 2وهــي ترمــز ملســافات األهــداف 200-300-400-500 -2خمســة خطــوط رأســية عــن جهــة اليميــن واليســار لخــط ّ تمث ُل مسافة َّ السبق الوسط مرقمة , 50, 40 , 30 , 20 , 10وهي ِ َ ّ الريــح لألهــداف املتحركــة ،أو مقــدار التصحيحــات فـ ُـي ظـ ِ ـروف ِ -3توجــد أعلــى شــبكة املنظــار عالمــة +وهــي عالمــة ضبــط املنظــار ُ البـ َّـد أخــي املجاهــد مــن االنتبــاه َّ ، ،وهنــا ُ ألن البعــض يظـ ُّـن َّأن التســديد يكــون علــى هــذه العالمــة وهــذا خطــأ 0 ُ ـدف عــن ـبكة املنظــار منحنــى تحديـ ِـد بعـ ِـد الهـ ِ -4يوجــد فــي أســفل شـ ِ ُ الرامــي لألهــداف التــي يكــون ارتفاعهــا , 2,7وهــي مرقمــة 6 , 4 , 2 : , 10, 8,وترمز مسافة 1000, 800 , 600 , 400 , 200 ويتــم معرفــة ُبعــد الهــدف مــن خــال وضــع الهــدف علــى أرضيــة املنحنــى ،ثــم النظــر إلــى الترقيمــة التــي يالمســها أعلــى الهــدف ً ً فمثــا إذا كان الهــدف مالمســا لتدريجيــة ( ) 4فيكــون الهــدف بعــد 400م عــن الرامــي طريقة استخدام القاذف واستثماره : ُ ّ مؤخــرة القــاذف (عكــس قــاذف -1توضــع مقدمــة القذيفـ ِـة فــي ِ )RPG-7ويتــم دفعهــا َّ حتــى وضعيــة الثبــات فــي القــاذف -2بعــد ذلــك يتــم تغييــر وضعيــة األمــان املوجــودة فــي َّ آليــة الزنــاد إلــى وضعيــه رمــي ّ باتجــاه -3يقــوم الرامــي بشــد الــذراع مــن الوضعيــة العلويــة ِ األســفل وبذلــك يتــم تهيئــة الدافــع -4ومــن ثــم يقــوم الرامــي بالضغــط علــى الزنــاد فتحــدث قــوةَّ ّ ٌ َّ املولــد ،كافيــة للتأثيــر علــى الـ َّـدارة الكهربائيــة حركيــة علــى وضعيــة ِ َّ ُ ،وتشــكل صعقــة كهربائيــة تش ـ ِعل حشــوة البــارود للقذيفــة عبــر َّ الكهربائيــة ،وبذلــك تنطلــق القذيفــة نحــو النوابــض و التماســات الهــدف0 وفي الختام نسأل هللا لنا ولكم السداد و التوفيق
11
العدد الثالث عرش
والهمام الــ ُم َّ فضل اإلما ُم الـ ُمــب َّجل ُ ، أبو عبد اهلل أحمد ُ بن حنبل الز َّهــاد و َق َلـ ُـم ُ لــزم االقتــداء و َظفــر باالهتــداء َ ،ع َلـ ُـم ُ الن َّقــاد ِ ً ُ امت ِحــن فــكان فــي املحنــة صبــورا ،و احتـب ــى فــكان للنعمـ ِـة ً ً ً والفكــر راعيــا والحلــم واعيــا َ ،و للهـ ِ ّـم ِ شــكورا ،كان لل ِعلــم ِ هــو أبــو عبــد هللا أحمـ ُـد بـ ِـن أحمــد بـ ِـن محمـ ٍـد بـ ِـن حنبــل ً الشــيباني ،قــال ابــن األثيــر " :ليــس فــي العــرب أعـ ُّـز دارا و ال ً ً ٌ َّ ٌ بعي ــة أمنــع جــارا و ال أكثـ ُـر خلقــا مــن شــيبان " وهــي قبيلــة ر َّ ٌ عدناني ــة ،تلتقــي مــع النبــي صلــى هللا عليــه وســلم فــي ن ـزار بــن ً ً معــد بــن عدنــان ،وكان اإلمــام أحمــد ( رحمــه هللا ) رجــا طويــا َ ً رقيقــا ،أســمر اللــون ،كثيــر التواضــع ،وقــد ُوِلــد ببغــداد ســنة 164هــ780 /م. طفولته وتربيته: ً َّ َ نشأ أحمد بن حنبل يتيما ،و تعلم القرآن في ِصغره ،وعندما َ َ ـرة مــن عمـ ِـره بــدأ يطلــب العلــم ،و أول تجــاوز الخامســة عشـ ُ مــن طلـ َـب العلــم عليــه هــو اإلمــام أبــو يوســف القا�ضــي تلميــذ َ اإلمــام أبــي حنيفــة ،وأخــذ يجــو ُل ويرحـ ُـل فــي طلــب الحديــث حتــى ذهــب إلــى الشــام و مصــر و املغــرب و الجزائــر و مكــة و املدينــة و اليمــن و الع ـراق و فــارس و خراســان و الجبــال و األطـراف و الثغــور ،و هــذا فقــط فــي مرحلتــه األولــى مــن حياتــه ولقــد التقــى الشـ َّ ـافعي فــي أول رحلـ ٍـة مــن رحالتــه الحجازَّيــة فــي ً الحــرم ُ ،وأعجـ َـب بــه ،وظـ َّـل اإلمـ ُ ـام أحمـ ُـد أربعيــن ســنة مــا يبيـ ُـت ِ ً َ ليلــة إال ويدعــو فيهــا للشــافعي ،وقــد ِحيــل بيــن أحمــد ومالـ ِـك َّ بــن أنــس فلــم يوفــق للقائــه ،وكان يقــول " :لقــد ُح ِرمـ ُـت لقــاء مالــك َّ ، فعوضنــي هللا عــز وجــل عنــه ســفيان بــن عيينــة ". أهم مالمح شخصية اإلمام أحمد وأخالقه ُّ ورعه وتقواه وتعففه: عفيفــا ،فقــد كان يسـ ُ كان حمـ ُـه هللا ً ـترزق بأدنــى عمــل ،و كان ر ً َ يرفــض أن يأخــذ مــن صديـ ٍـق وال شـ ٍـيخ و ال حاكـ ٍـم قرضــا أو ِهبــة . ُ اإلمام أحمد رغم املحنة: ثبات ِ كان اإلمـ ُ تحملهــا بـ ّ ـام أحمــد علــى موعـ ٍـد مــع املحنــة التــي َّ ـكل ِ شــجاعة ،و فــض الخضـ َ ـألة عـ َّـم ـوع والتنــاز َل فــي القــول بمسـ ر ٍ ً َ البـ ُ َ بولهــا قسـرا ـاء بهــا ،وحمــل الخليفــة املأمــون النــاس علــى ق ِ ً وقه ـرا دون دليـ ٍـل أو ِّبينــة. َ َ وتفاصيــل تلـ َـك املحنــة َّ أن املأمــون أعلــن ســنة ( 218هــ 833 /م) ِ قٌ َ َّ دعوتــه إلــى القــو ِل بــأن الق ـرآن مخلــو كغيــره مــن املخلوقــات َ َ َ تعريضهــم بولهــا ،و لــو اقت�ضــى ذلــك وحمـ َـل الفقهـ َـاء علــى ق ِ ُ ً ً للتعذيــب ،فامتثلــوا خوفــا ورهبــا ،وامتنــع أحمــد بــن حنبــل و ُ ُ نوح عن القول بما يطلبه الخليفة ،فك ِّبال بالحديد محمد بن ٍ مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
سير وأعالم
إعداد أبو العز عبد العزيز ،و ُبعــث بهمــا إلــى بغــداد و كان ُاملأمــون فــي طرســوس ,غيــر َّأنــه ّ توفــي وهمــا فــي طريقهمــا إليــه ،فأعيــدا ّ مكبليــن إلــى بغــداد. ِ وفــي طريــق العــودة ق�ضــى محمــد بــن نــوح نحبــه فــي مدينــة الرقــة بعــد أن أو�صــى رفيقــه بقولــه " :أنــت رجـ ٌـل ُيقتــدى بــه ،وقــد مـ َّـد َ أعناقهــم إليــك ملــا يكــون منــك َّ ، فاتـ ِـق هللا و اثبــت ألمــر الخلـ ُـق هللا " . َ ُ ُ ُ ُ وكان اإلمــام أحمــد عنــد حسـ ِـن الظــن ،فلــم ت ِلــن عزيمتــه ،أو َ ُ يضعــف إيمانــه ،أو تهتـ َّـز ثقتــه ،فمكــث فــي املسـ ِـجد عاميــن و ثلــث العــام ،وهــو صامـ ٌـد كالروا�ســي ،و ُحمــل إلــى الخليفــة املعتصــم الــذي واصــل اســتبداد أخيــه الفكــري و أجبــر النـ َ ـاس علــى القــول بخلــق القـرآن ُّ ، واتخــذت معــه فــي حضــرة الخليفــة وسـ ُ ـائل الترغيــب والترهيــب ،ليظفــر املجتمعــون منــه بكلمـ ٍـة واحــدة ،تؤيدهــم فيمــا يزعمــون ،يقولــون لــه :مــا تقــول فــي القـرآن ؟ فيجيــب :هــو كالم هللا .فيقولــون لــه :أمخلــوق هــو ؟ فيجيــب :هــو كالم هللا .وال يزيــد علــى ذلــك . ُ ويبالـ ُـغ الخليفــة فــي اســتمالته وترغيبــه ليجيبهــم إلــى َّ ً َّ َّ مقالتهم،لكنــه كان يــزداد إصـرارا ،فلمــا يئســوا منــه علقــوه مــن عقبيــه ،و راحــوا يضربونــه بالســياط ،ولــم تأخذهــم شــفقة ـياطهم وهــم يتعاقبــو ُن علــى جلـ ِـد ج ُســد اإلمـ ِـام الواهــن بسـ ِ الغليظــة َّ حتــى أغمــي عليــه ،ثــم أطلــق سـر ُ احه وعــاد إلــى بيتــه ، ث َّ��م ُمن��ع م��ن االجتم��اع َّ بالن��اس ف��ي عه ِ��د الخليف ِ��ة الوا ِث��ق (227- للصــاة َّ ، 232هــ846 841- /م) ،ال يخـ ُ ـرج مــن بيتــه إال َّ حتــى َ َ ّ �وكل الخالفـ�ة سـ�نة (232هــ846 /م) ،منـ َـع القــو َل إذا ولـ�ي املتـ ِ َ َّ َّ ُ بخلــق الق ـرآن ،ورد لإلمـ ِـام أحمــد اعتبــاره ،فعــاد إلــى الــدرس والتحديــث فــي املســجد. شيوخ اإلمام أحمد: ســفيان بــن عيينــة ،و إبراهيــم بــن ســعد ،و جريــر بــن عبــد الحميــد ،ويحيــى القطــان ،والوليــد بــن مســلم ،و إســماعيل بــن عليــة ،وعلــي بــن هاشــم بــن البريــد ،ومعتمــر بــن ســليمان ،و بشــر بــن املفضــل ،و القا�ضــي أبــو يوســف ،و وكيــع ،و ابــن نميــر ،و عبــد الرحمــن بــن مهــدي ،و يزيــد بــن هــارون و الشــافعي ،وغيرهــم . تالميذ اإلمام أحمد: البخــاري ،و مســلم ،و أبــو داود ،و ابنــاه صالــح و عبــد هللا ، و أبــو بكــر املــروزي الفقيــه ،وأبــو زرعــة الدمشــقي ،وأبــو بكــر األثــرم ،وإبراهيــم الحربــي ،و يحيــى بــن معيــن ،وغيرهــم كثيــر
12
العدد الثالث عرش
نساء خالدات
ملف المرأة المسلمة
فاطمة بنت عبد الملك بن مروان سليلة الخلفاء
في بيت خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز َ تـ َّ ـزوج عمـ ُـر بـ ُـن عبـ ِـد العزيــز ابنـ َـة ّ عمــه فاطمــة بنـ َـت عبـ ِـد ِ ِ َّ ً امللــك بــن مــروان ،و هــو فتــى مــن بنــي أميــة ل َّـم ــا يولــى إمــارة ُ َ بعــد ....و كانـ ْـت فاطمــة السـ ِّـيدة األولــى فــي ذلــك العصــر ,بــل ً ـيدة مــن ُّ لــم تبلــغ سـ النبــل مــا بلغــت هــذه السـ ِّـيدة ....فأبوهــا ُّ عبـ ُـد امللــك بـ ِـن مــروان ....خليفــة علــى الثلــث املســكون مــن األرض ُّ ... وجدهــا مــروان خليفــة ....ثــم صــار أخوهــا الوليــد خليفــة ....و صــار أخوهــا ســليمان خليفــة ....و صــار زوجهــا ً عمــر خليفــة ،و مــن بعــده تولــى أخوهــا يزيـ ُـد الخالفــة ....ثـ َّـم أخوهــا هشــام ،وكان مــن محارمهــا عشــرة خلفــاء ... ً ً ً كانــت فتــاة وفيــة جميلــة ...أمــا عمــر فقــد كانــت زينــة ً ً ً الشــباب شــكال و قــوال ،و عاشــا زمنــا كأســعد األزواج و ثــوب النعمــة َ َ َ و مـ َّـرت األيـ ُ ـام ..و ولـ َـي عمـ ُـر الخالفــة بعــد ســليمان بـ ِـن عبــد امللــك ... َ ّ النعمــة و َّ وفقـ َـد ُ الســعة ..فقــد ر َّد عمـ ُـر أمالكــه آل عمـ َـر ِ للخزانـ ِـة َّ العامــة بعــد توليــه الخالفــة ...و لــم يبـ َـق لــه إال ً ٌ ً مئــة و خمســون دينــارا فــي الســنة ..و كانــت أســرته كبيــرة ُ حياتــه حيـ َـاة الفقــر ..و لــم يســكن قصـ َ ـور ...فكانــت َّ الخالفــة ,و إنمــا أقــام فــي داره ( فــي السميسـ َّ ـاطية ) جانــب الجامــع األمــوي ..و قــد جاءتــه امـرأة ذات مــرة مــن أقا�صــي إي ـران لتقابــل الخليفــة ...فســألت عــن قصــره فدلوهــا ً فوجــدت دارا عاديــة ليــس فيهــا إال خــادم صغيــر فدخلــت ً فــإذا رجــل يطيــن جــدارا وامـرأة تناولــه الطيــن ...فقالــت لهــا: أال تحتجبيــن مــن هــذا الطيــان ..فقالــت إنــه أميــر املؤمنيــن فكانــت هــذه املـرأة التــي رضيــت أن تشــتغل أجيــرة طيــان هــي فاطمــة زوجــة الخليفــة و ســليلة الخلفــاء ...و كانــت صابــرة ً راضيــة غيــر متأملــة و ال متذمــرة ...ومــرض عمــر يومــا فعــاده َ أخوهــا َم ْســلمة ,فلمــا خــرج قــال ألختــه :يــا فاطمــة اغســلي قميــص أميــر املؤمنيــن فإنــه وســخ (مــن آثــار املــرض ) و هــو خليفــة و النــاس يعودونــه ,فلمــا رجــع بعــد أيــام وجــده لــم ُيغســل ,فأعــاد القــول عليهــا ,و رآه الثالثــة فأغلــظ فــي ٌ الــكالم ,فأضنــت رأســها و فــي عينهــا دمعــة و قالــت :و هللا مالــه قميــص غيــره .. لقد َّ تخرجت فاطمة من مدرسة عمر ،و سارت على مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
د .إشراق سنته ورضيت نفسها بما ارتضاه لنفسه ...صبرت معه على الفقر ,وتحت أيديها كنوز األرض ,وكان يصلي من طرف الليل فتصلي بصالته ,و يبكي من خشية هللا فتبكي لبكائه ... ً قــال لهــا يومــا :أيــن نحــن مــن ذلــك النعيــم الــذي كنــا فيــه؟ قالــت :أنــت اليــوم أقــدر عليـ ُـه لــو أردت ،قــال لهــا :يــا ً ً َّ عطيــت شــيئا إال تاقــت إلــى فاطمــة إن لــي نفســا تواقــة ،مــا أ ِ مــا هــو أفضــل منــه ،تمنيــت اإلمــارة فلمــا أعطيتهــا تمنيــت الخالفــة ،فلمــا أعطيتهــا تمنيــت الجنــة ... و تمنتهــا فاطمــة مثلــه و ســمت مثــل ســموه إليهــا ،فهانــت عليهــا الدنيــا . َ ٌ الحلــي ,ليــس الم ـرأة مثلهــا و كانــت لفاط ًمــة مجموعــة مــن ِ فقــال لهــا يومــا :يــا فاطمــة َّإن هــذه ال تحـ ِ ّـل لــك ،و قــد أخـ ْـذ ِت مــن أمــوال هللا َّ ، فإمــا أنــا و َّإمــا هــي ..... قالــت :بــل أختــا ُرك و هللا علــى أمثالهــا ،فأخذهــا فوضعهــا فــي بيـ ِـت مـ ِـال املســلمين .... َّ فلمــا مــات عمــر و ولــي أخوهــا يزيــد ردوهــا إليهــا ،فتصـ َّـورت عمـ ُـر أمامهــا ،و فــاض ُ قلبهــا دمعـ ًـا مــن عينهــا ،و غلــب ُّ حبهــا َّ الحلــي و لذتهــا ،فقالــت :ال و هللا مــا كنــت ملرضاتــه علــى ِ ألعصيــه بعــد موتــه ,مالــي فيهــا مــن حاجــة .. فقسمها يزيد بين نسائه و هي تنظر هلل در آل عمر من قوم ..باعوا أنفسهم هلل ... ً ُ ً َّ إن هلل ِعبادا فطنا الفتنا طلقوا الدنيا و عافوا ِ ُ ً قد رأوها ل َّـجـة فاتخذوا صالح األعمال فيها ُس ُفنا
13
العدد الثالث عرش
المرأة المسلمة التي نريد
ملف المرأة المسلمة
ُ ً ابتداء بتربية املرأة ال ُب َّد لنا أن نعيد للبيت املسلم دو َره في التربية ،وال ُب َّد لنا أن نقوم َ املجتمع املسلم إنشاء املسلمة التي تحمل على كاهلها ِ سناء الشامية عــن عائشـ َـة ر�ضـ َـي ُ هللا عنهــا قالــت ِ " :نعــم النسـ ُـاء نسـ ُـاء يمنعهـ َّـن الحيـ ُـاء ْأن َّ األنصــار ،لــم يكــن ُ يتفقهـ َّـن فــي الديــن" رواه مســلم
ُ ً لقــد َ وضعــت لنــا ُّأم املؤمنيــن عائشــة ر�ضــي هللا عنهــا قاعــدة َّبينــت لنــا قيمـ ُـة العلــم ،و َّأنــه ال تعــا ُر َ ض بيــن حيـ ِـاء امل ـر ِأة وحرصهــا علــى العلــم والفقــه فــي الديــن ،وتــزداد ـلمة املسـ ُ ِ ِ ل َّ حاجــة املـر ِأة املســلمة للعلــم وأصــو ِ التربيــة فــي هــذه األيـ ِـام إلعمــار األرض ،وإقامــة شــرع هللا ،ونصــرة دينــه ،فــي وقـ ٍـت ُ َّ والفضائيــات واإلنترنــت وغيرهــا .... الفتـ ُـن كثــرت فيــه ُ ِ ال ُبـ َّـد لنــا أن نعيــد للبيــت املســلم دو َره فــي التربيــة ،وال ُبـ َّـد لنــا أن نقــوم ابتـ ً ـداء بتربيــة امل ـرأة املســلمة التــي تحمــل علــى ً كاهلهــا إنشـ َـاء املجتمـ ِـع املســلم ،ليكــون مليئــا بالحيويــة ً َّ والنشــاط ،و ليكــون صامــدا أمــام عقبــات الحيــاة ،ومــن ً ً ـات هــذه املـر ِأة املســلمة ،أن تكــون قويــة عاقلــة أعظـ ِـم صفـ ً ِ ً َّ َ َ ُ ُومت ِزنــة ،عفيفــة محتشــمة ،محصنــة بحصانــة اإليمـ ِـان و العلـ ِـم ،حتــى تســتطيع أن تقــوم بتربيــة األجيــال ،و تكــون ً لهــم قــدوة بتصرفاتهــا قبــل أقوالهــا. ً فامل ـر ُأة َّ الص ِالحــة هــي التــي تكــون َســكنا لزوجهــا ،بطاعتهــا لــه ،إن نظــر إليهــا سـ ّـرته ،و إن غــاب عنهــا حفظتــه فــي نفســها ومالــه ،و هــي التــي تقــوم علــى تربيــة أبنائــه ،فالــزوج يكـ ُّـد ويكـ ُ ـدح طــوال النهــار مــن أجــل تأميــن حاجيــات زوجتـ ِـه وأســرته ،فمــا أروع أن يعــود إلــى بيتــه ليجــد زوجتــه ً مســتعدة متهيئــة الســتقباله بكلمــة جميلــة وابتســامة ً لطيفــة ،تنـ ُّـم عــن مــدى شــوقها لـ ُـه ،معبــرة لـ ُـه عــن شــكرها العميــق لســعيه و تعبــه ،تفــوح منهــا الروائــح العطــرة ،و قــد هيــأت لــه الطعــام اللذيــذ والفـراش النظيــف ،و بذلــك ين�ســى تعبــه و ترتــاح نفســه ،ويقــدر لهــا ذلــك االهتمــام. ابيــة البنتهــا يـ َ ولنتأمــل وصيـ َـة ّ َّ األم األعر َّ ـوم زفافهــا حيــث ِ ً ً قالــت لهــا ":يــا ابنتــي ،كونــي لـ ُـه أمــا يكــن لـ ِـك عبــدا " ،و َْ أمرتهــا ْأن َّ أنفــه وعينــه بحيــث ال يشـ ُّـم منهــا تتحســس موضــع ِ ً ً ُ إال طيبــا ،وال يــرى منهــا إال جميــا ،تلــك املـرأة املطيعــة التــي تأبــى أن تنــام ليلهــا و ُ زوجهــا ســاخط عليهــا ،و لســان حالهــا ً يقــول :لــن أذوق غمضــا حتــى تر�ضــى. مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
عندمــا تكــون العالقــة الزوجيــة بهــذا الرقــي ال ُبـ َّـد و أن تنعكــس علــى تربيــة األبنــاء ،فيكونــان قــدوة لهــم فــي املعاملــة فينشــأ األوالد النشــأة الصالحــة النقيــة الصافيــة. لقد َثبت في علم النفس َّأن األبناء والبنات ال ينغمسون في الشــهوات وال ينحرفــون إال إذا فقــدوا االهتمــام العاطفــي ، و ُّ أحســوا باإلهمــال مــن قبــل الوالديــن ،فعلينــا أن نحســن صحبتهــم ،و نســدي إليهــم النصــح ّ ، ونقب ُلهــم َون َّ ضمهــم إلــى ِ صدورنــا لنشــعرهم بالحنــان الــذي هــم بحاجــة إليــه بيــن َّ وخاصــة فــي ســن املراهقــة ،ونكــون لهــم الحيــن واآلخــر ، أصدقــاء يبثــون إلينــا مــا بداخلهــم ،ف ــنعم الوالديــن اللذيــن يكونــان صديقيــن ألبنائهــم ،قــدوة لهــم فــي غــرس املعانــي ُ الســامية ُّ ، واألم هــي املســؤولة األولــى فــي ذلــك ،فــاألوالد يقومــون بتقليدهــا فــي كل حركاتهــا :فــي صالتهــا ،فــي صدقهــا و كذبهــا ،فــي كلماتهــا ،فــي النظــر إلــى التلفــاز ،فــي ســماع الغنــاء ،و فــي كل حركــة و ســكنة . ً فــاألم الصالحــة التقيــة التــي ُّ همهــا أن تكــون قــدوة ألبنائهــا عليهــا أن تنتبــه لـ ّ ـكل ذلــك ،بحيــث تواظـ ُـب علــى صالتهــا ِ وأذكارهــا ،وال تلبــس إال الثيــاب املحتشــمة ليعتــادوا - وخاصــة البنــات -علــى اللبــاس املحتشــم أمــام والدهــم و إخوتهــم ،و ال تنظــر إلــى املسلســات ّ بحجــة َّأنهــا اجتماعيــة ِ وهادفــة ،فيعتــاد أوالدهــا علــى النظــر إلــى املمثــات املتبرجــات وهــن يلبســن املالبــس الفاضحــة الخليعــة ،ور ُّب العـ َّـزة يقــول " :قــل للمؤمنيــن يغضــوا مــن أبصارهــم " و يقــول ســبحانه " و قــل للمؤمنــات يغضضــن مــن أبصارهــن " عــاوة علــى َّأنــه يتعلــم فحــش الــكالم واالختــاط بيــن الجنســين. و أمــا فــي أقوالهــا فــا يصــدر منهــا إال الــكالم الجميــل الصــادق ،فــا فحــش و ال بــذاءة و عليهــا أن تــزرع فــي أبنائها الخوف من هللا ،ومراقبته في السر والعلن ،ال أن تهددهــم وتخوفهــم مــن أبيهــم إن علــم بمــا فعــل أحدهــم أو كــذب ,فالتربيــة الصحيحــة لألبنــاء وفــق شــرع هللا تعلمهــم ـخصية َّ قويـ ٍـة الثقــة بالنفــس فيخرجــون إلــى املجتمــع بشـ ٍ ُم َّ حببـ ٍـة يحترمهــا الجميــع .
14
العدد الثالث عرش
ملف المرأة المسلمة
لعلّكم تتقون د.إشراق
ُ ّإنــه ملــن الطبيعــي أن ُيفــرض الصـ ُ األ ّمــة التــي ُفــرض عليهــا الجهــاد فــي ســبيل هللا ,ذلــك َّأن َّ الصــوم هــو مــن أعظـ ِـم ـوم علــى ِ ُ صــور جهــاد النفــس ,وهــو مجــال تقريــر اإلرادة ً وهو عين االستعالء على ضرورات الجسد ,واحتمال ثقلها ،إيثارا ملا عند هللا تعالى ُّ ٌ مة في إعداد النفوس الحتمال ّ ُ مشقات الطريق ،والذي تتناثر على جوانبه الرغائب والشهوات وهذه كلها عناصر الز ُ وقد تقررت الغاية الكبرى من الصوم ،وهي التقوى ،بقوله تعالى : ُ " يا ُّأيها الذين آمنوا ك ِتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم َّتتقون " َ طهـ ُـر القلـ َ فالتقــوى هــي التــي َت ّ ـوب ،وتجعــل هــذه الفريضــة طاعــة هلل ال مجــرد جــوع و عطــش ،والتقــوى هــي التــي تحــرس ِ ً هــذه القلــوب مــن إفســاد الصــوم باملعا�صــي جســدية كانــت أم فكريــة فينبغــي أن يكــون للبيــت املُســلم فــي مضـ َ ُ ٌ ـان برنامـ ٌـج خـ ٌ مواســم الطاعــات ال ينبغــي لعاقـ ٍـل ِ ر ـاص ,فرمضــان موســم مــن ِ تفويتهــا ُ ً ً ً ً وعلــى املـرأة أ ّمــا كانــت أم زوجــة ،أختــا أو ابنــة ،أن تســعى لالرتــواء مــن هــذا املعيــن ،و إرواء َمــن حولهــا مــن األســرة ،وذلــك ّ وصلــة رحــم بااللت ـزام بــأداء الفرائــض ،وحـ ِـث أف ـر ِاد األســرة علــى ذلــك ,واإلكثــار مــن النوافــل ،مــن صـ ٍ ـاة وذكـ ٍـر ِوبـ ّ ٍـر ِ ً ـوال وفعـ ًـا واإلكثـ ُـار مــن تــاوة القـرآن وتدبـ ّـره ,فرمضـ ُ ـان شـ ُ ـهر ـادة للمر�ضــى وجبـ ِـر خواطـ ِـر األرامـ ِـل واأليتـ ِـام قـ وصدقـ ٍـة وعيـ ٍ َ َّ النــاس ب ْال َخيــر َ ،و َكانَ ـال َ " :ك َ الل َع َل ْيــه َو َسـ َّـلم ََأجــود َّ ص َّلــى َّ ُ ُ ْ َ َ الق ـرآن َ ، ان َر ُســول هللا َ ْ فعــن ابــن ع َّبــاس َر�ضـ َـي الل عنهمــا قـ َ ِ ِ ِ ِ َ َّ ضــان حيــن يلقــاه ج ْبريــل َ ،و َك َ ان يلقــاه فــي كل َل ْي َلــة (مــن َ َم َ َأجــود َمــا يكــون فــي َ َم َ رســو ُ ضــان) فيدارســه ْال ُقـ ْـرآن َف َل ُ ل صلــى هللا ر ِ ر ِ ِْ ِ ِ ِ ْ َ ُ َ َّ ُ الل َع َل ْيـ ِـه َو َسـ َّـلم َ َأجــود بالخيــر مــن ّ الريــح ال ْرســلة " ُ .م َّتفــق َع َل ْيـ ِـه وتجديــد العهــد مــع هللا بــأن يجدنــا حيــث أمرنــا ،ويفتقدنــا ِ ِ حيــث نهانــا ومــن ذلــك تــرك املنهيــات مــن فاحــش القــول و آفــات اللســان كالغيبــة والنميمــة ُّ وال نن�ســى بــاب الدعــاء ،فللصائــم دعــوة ال تــرد ،ونحــن أحــوج مــا نكــون إلــى الدعــاء فــي محنتنــا ،وذلــك بالدعــاء للمجاهديــن ّ الثغورّ ، ـفاء للجرحى ـهداء ـ ش لل بالرحمة عاء والد املرابطين على والفرج للمعتقلين ،والشـ ِ ِ ِ َ ْ َ َّ َّ ُ َْ َ َ َ َُ ُ َ َ َّ َّ َ ْ َ َ َ ُّ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ ُ َ صح ٌ يح قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ِ ( :إن ِللصا ِئ ِم ِعند ِفط ِر ِه لدعوة ما ترد )اب ِن ماجة وِإسناده ِ ً َّ ـات ولتتذكــر األســرة التــي ســتجلس فــي رمضــان إلــى مائــدة اإلفطــار أن فــي بيــت مجــاو ٍر لهــا أطفــاال فقــدوا آباءهــم ،أو أمهـ ٍ ثكالــى ،أو نســاء أرامــل ،منعهــن حفــظ مــاء وجوههــن مــن الســؤال ً أو َر ُجال ضاقت به ُس ُبل العيش وفقد مصدر كسبه ليعــود املجتمــع املســلم كســابق عهــده كالجســد الواحــد إذا اشــتكى منــه عضــو تداعــى لــه ســائر الجســد بالســهر والحمــى نســأل هللا أن يســلمنا لرمضــان ،ويســلم رمضــان لنــا ،ويعيــده علينــا وقــد حـ ّـل الفــرج والنصــر
مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
15
العدد الثالث عرش
الملف الطبي َّ الطبيــة مــن اإلفطــار علــى يقــول ســائل :مــا الحكمــة التمــر و املــاء ؟ قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم : ٌ فليفطــر علــى تمــر َّ ، فإنــه بركــة ،فـ ْ " إذا أفطــر ُ أحدكــم ُ ـإن ِ ٍ لــم يجــد فاملــاء َّ فإنــه طهــور " .وكان رســول هللا صلــى هللا ّ ْ ُ يصلــي علــى رطبــات ،فــإن عليــه وســلم ي ِ فطــر قبــل أن ِ لــم تكــن طبــات ُ فتمي ـرات ،فــإن لــم تكــن تمي ـرات حســا ر ـوات مــن املــاء ،فاختيــار الرســول صلــى هللا عليــه حسـ ٍ وســلم للرطــب والتمــر واملــاء ليفطــر عليهــا الصائــم فيــه ٌ ـرة ثاقبــة ،وتوافـ ٌـق تـ ٌّ ـام مــع النصائــح الطبيــة ،و هــذا نظـ لــم يكــن ليأتــي لــوال وحــي هللا ســبحانه وتعالــى لنبيــه الكريــم صلــى هللا عليــه وســلم بهــذا االختيــار . فمــن املعــروف َّأن َّ الصائــم عنـ َـد نهايـ ِـة صومــه يكــون فــي أشــد الحاجــة لعامليــن مهميــن :أولهمــا مصـ ٌ ـدر غذائـ ٌّـي لتوليــد ً الطاقــة بصــورة عاجلــة جــدا ،و الثانــي ـدر مائـ ّ ٍـي لتعويــض النقــص ،وهــذان تأميــن مصـ ٍ العامــان متوف ـران فــي الرطــب والتمــر ،فالرطــب يحتــوي َّ َّ َّ والثنائيــة األحاديــة ـبة عاليـ ٍـة مــن الســكريات علــى نسـ ٍ الجلوكــوز والســكروز ،بمــا ال يقــل عــن ربــع إلــى نصــف وزن الحبــة الواحــدة مــن الرطــب و % 70-65مــاء ،و نســبة بســيطة مــن األليــاف والبروتينــات ،ونســبة زهيــدة ً ً جــدا مــن الدهنيــات النباتيــة ،و التمــر يختلــف قليــا عــن الرطــب بزيــادة نســبة ُّ الســكر فيــه ،و التــي تصــل مــن نصــف إلــى ثالثــة أربــاع وزن حبــة التمــر ،و قلــة نســبة املــاء ً التــي تصــل إلــى ربــع الــوزن تقريبــا . ً ً ً َّيتضــح جليــا مــن ذلــك َّأن فــي الرطــب و التمــر نســبة كبيــرة َّ َّ َّ من الســكريات و من املاء ،و ســكر التمر من الســكريات البســيطة الســهلة و الســريعة االمتصــاص ،أي َّأنــه خــال ُّ َّ دقائق ُي َ السكر ويصل إلى الدم ،عكس السكريات متص َّ املركبــة أو املســتخلصة مــن النشــاء ،وهــذا يعنــي تحســين السـ َّـكر فــي الــدم بســرعة َّ ، ألنــه لــو َّ مســتوى ُّ عوضنــا ذلــك ً ً مثــا بالخبــز أو الــرز فهــذا يحتــاج وقتــا أطــول الســتخالص َّ َّ بات بســيطة ،بمعنى أن وقت وتحويل الســكريات إلى مرك ٍ مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
د .حكيم
الصــوم قــد طــال َّ حتــى لــو كان الصائــم قــد أفطــر و مــأ ُّ َ ـاف بطنــه ،وال نن�ســى مــا يحتويــه الرطــب والتمــر مــن أليـ ٍ ّ غذائي ٍة طبيعية ،تســاعد حركة األمعاء وتقاوم اإلمســاك ً أمــا املــاء فهــو ضــرور ٌّي جــدا إلعــادة الحيــاة إلــى األنســجة َّ الجافــة ،كذلــك فهــو ُيعـ ِّـدل الــدم املركــز ويمنــع بــإذن هللا ُّ َّ َ قابليـ ٌـة لتكـ ُّـون حــدوث التخثــر ،كمــا َّأنــه يفيــد مــن لديــه ُ الكلــى بإذابــة األمــاح ومنــع ُّ ترســبها. حصيــات ِ يقــول ســائل آخــر :هــل مــن فائــدة َّ طبيــة فــي تقديــم صــاة املغــرب علــى تكملــة اإلفطــار؟ َّ ُ ـض الصحيــح أنــه مــن األفضــل االكتفــاء ًبالت ُمــر وبعـ ِ الســوائل كالقهــوة و املـ ِـاء أو العصيــر مثــا ،ثـ َّـم الذهـ ُ ـاب ِ ِ ُ َّ ألداء صــاة املغــرب ،و مــن ثــم العــودة إلكمــال ِ اإلفطــار ُ و الرســول صلــى هللا عليــه وســلم كان عجـ ُـل فطـ َـره و ُي ّ ُ ّ عجـ ُـل صــاة املغــرب ،و ي ِ ِ ِ ُي ّ قد ُمهــا علــى إكمــال اإلفطــار ،و هــذا الهــدي يتوافــق ًِ ُّ تمامــا مــع النصــح الطبــي ،فبعــد أكل التمــر وشــرب املــاء تتــرك املعــدة واألمعــاء لفتــرة 15 -10دقيقــة -و هــو وقــت الصــاة -لتعمــل علــى االمتصــاص واســتخالص الســكر ، و يكــون االمتصــاص أكثــر مــا يكــون عندمــا تكــون املعــدة ٌ واألمعــاء خاليتيــن ،هــذه الدقائــق كفيلــة برفــع ِنســبة ُّ َّ الســكر فــي الــدم إلــى املســتوى الطبيعــي ،وهــذا يــؤدي إلــى ً عــودة نشــاط الجســم وحيويتــه ،و أيضــا ُيزيــل الشــعور بالجــوع ،فعندمــا يعــود املســلم إلكمــال إفطــاره و نتيجــة لعــدم اإلحســاس بالجــوع الشــديد تجـ ُـده ال يــأكل بنهـ ٍـم وش ـراهة ،فــا يمــأ بطنــه و يتعــب ،بينــا لــو اسـ َّ ـتمر بــاألكل بعــد التمــر و قبــل الصــاة ً ملــأ بطنــه كثي ـرا قبــل أن يشــعر بالشــبع و عندمــا يــزول اإلحساس بالجوع يكون قد مأل معدته ،و قد ال يستطيع الح ـراك و يشــعر بالخمــول و الضعــف ،أضــف إلــى ذلــك َّأن املعــدة التــي كانــت ِشــبه نائمـ ٍـة أثنــاء الصــوم تحتــاج مــن يوقظهــا برفــق لتـ ّ ـؤدي عملهــا علــى الوجــه املطلــوب ،و ليس ٍ ِ بســرعة و بكميــة كبيــرة ،مــا ينتــج عنــه التلبــك والتخمــة ...
16
العدد الثالث عرش
العدوى
الملف الطبي
الحكيم محمد ُتعـ ُّ ى ـباب األم ـراض ,و لهــا دو ٌر ـ س أ ـر ـ ث أك ـن ـ م ـدو ـ ع ال ـد ِ ِ َّ ً فــي تطـ ُّـور املــرض و انتشــاره بيــن البشــر ,و خاصــة فــي األماكــن املزدحمــة قليلـ ِـة التهويـ ِـة ُ َّ و تعريــف العــدوى :هــي دخــو ُل الجراثيــم املرضيــة إلــى تطورهــا و تكاثرهــا فيــه ,و هــي تـ ّ داخــل الجســم ثــم ُّ ـؤدي ُِ ِ إلــى ظهــور أع ـراض َم َّ رضيـ ٍـة أو عــدم ظهورهــا ,حيــث ِ ٍ يعتمــد ذلــك علــى : َّ َّ َّ -1كميــة البكتيريــا الغا ِزيــة :فــإذا كانــت قليلــة فإن مناعة الجسم سوف تق�ضي عليها . ً ً -2هنــاك أم ـر ٌ اض إذا كان الجســم مصابــا بهــا ســابقا أو ً ُم َّلقحــا ِض َّدهــا فيمكــن ْأن يملــك مناعــة ِض َّدهــا ,و لكــن فــي الحالتيــن فـ َّ ـإن ُظهــور األع ـراض َيـ ُّ ـدل علــى األم ـراض الخمجيــة ( اإلنتانيــة ) وهــذه األم ـراض علــى نوعيــن : ُ إنتانيــة َّ أ-أم ـراض َّ وبائيــة :وهــي أم ـراض تسـ ِّـببها جراثيــم ســهلة االنتقــال مــن الفــرد املريــض إلــى اآلخريــن عبــر الهــواء أو املــاء أو املأكــوالت أو التمــاس الســبب املباشــر و منهــا :الكولي ـرا و التيفوئيــد و الجــدري فــي اإلنســان و الحصبــة . ب-أمـراض إنتانيــة غيــر وبائيــة :ال تنتقــل هــذه األمـراض من الفرد املريض إلى الفرد املخالط ،كالكزاز و حاالت ُّ التسمم الغذائي . ٌ وللعدوى أنواع عديدة و هي : عــدوى رئيســية متجانســة :يكــون الجرثــوم املسـ ِّـبب مــن نــوع واحــد كالســاملونيا التيفيــة التــي تســبب َّ الحمــى املعويــة . أ-عــدوى مختلطــة :إذا كان نوعــان مــن الجراثيــم أو أكثــر يدخــان و يسـ ِّـببان املــرض ,مثــال :إنســان مصــاب بالك ـزاز قــد ُيصــاب بالتهــاب الكبــد . ب-عــدوى ثانويــة :قــد تكــون البكتيريــا املوجــودة فــي الجســم بشــكل طبيعــي لكــن عندمــا تضعــف مقاومــة الجســم تظهــر أع ـراض هــذه البكتيريــا املرضيــة . َ ت-عــدوى مضاعفــة :تحــدث نتيجــة َّأن الجرثــوم املسـ ّـبب للعــدوى الرئيسـ َّـية قــد دخــل َ ثانيــة إلــى الجســم ِ مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
املصــاب الــذي لــم يتماثــل للشــفاء بعــد . ً ُّ ث-العــدوى التجدديــة :بعــد أن ُيشــفى املصــاب تمامــا ُ ـوع الجرثــوم نفســه مــن العــدوى األولــى ،يصــاب بنـ ِ املســبب للعــدوى األولــى (لعــدم تشــكل مناعــة أو لكونهــا ضعيفــة أو غيــر كافيــة ). ج-العــدوى االنتكاسـ َّـية :يكــون املصــاب قــد قــارب علــى ّ الشــفاء مــن العــدوى األولــى الرئيســية ،و لكـ َّـن الجرثــوم ِ ً ّ املسـ ِـبب لهــذه العــدوى يســتعيد حيويــة ثانيــة ،و يســبب عــدوى شــبيهة بســالفتها ،و هــي أخطــر أنــواع العــدوى ، ً َّ ً و يلعــب فيهــا ٌّ هام ــا : كل مــن الطبيــب و املريــض دورا ـ ـ دور الطبيــب :بإعطــاء الــدواء املناســب بالجرعــة ً املناســبة ،بحيــث يكــون كافيــا لقتــل الجرثــوم ال تثبيطــه مؤقتـ ًـا ـكـي ال يســتعيد َّ حيويتــه و َّ قوتــه ،و يصبــح أكثـ َـر ً ض ـراوة الكتســابه مقاومــة (يعنــي عــدم االســتعمال العشــوائي للصـ َّـادات ). ـ ـ دور املريــض :االلت ـزام بتعليمــات الطبيــب باملوعــد املحــدد و الجرعــة املحــددة للــدواء . و يمكــن للعــدوى أن تنتقــل عــن طريــق التمــاس الجلــدي مــع املريــض ،أو عبــر الهــواء أو عبــر الجــروح َّ امللوثــة أو َّ الطعــام كمــا فــي َّ الحمــى التيفيــة ,الكولي ـرا , عــن طريــق التهــاب الكبــد .A
17
العدد الثالث عرش
10 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10
مجلة الهدى اإلسالمية
الصفحة :
18
العدد الثالث عرش
20
العدد الثالث عرش