#مجلة_الهدى_اإلسالمية تربوية"اجتماعيةثورية "فكرية – ّ ّ ّ ّ تأس َست في شهر هللا المحرم من َّ عام 1434هـ
َّ الشه ِر الحادي َع َ شر من عام 2012م. العام الخامس العدد الواحد واألربعون ربيع األول 1438هـ َّ مؤس ِ سة تصد ُر عن مجل ٌة دوريَّ ة، َّ ُ اإلسالمية في الغوطة الهدى ُ ّ َّ رقية. الش ّ
87
ﱟ ﱞ� � � � � � � ﵛﭐ� ﱚ� ﱛ� ﱜ� ﱝ� � �
ﱢ� �ﱣ� ﱤ� ﱥ� ﱦ� ﱧ ﱡ� � � � � � � ﱠ� � � �
�ﱨ� ﱩ� ﱪ� ﱫ� ﱬ� ﱭ� � ﱮ �ﱯ� ﱰ� ﱱ� ﱲﱳ� ﱴ� ﱵ� ﱶ
تُ طبع وتُ نشر في الغوطة َّ رقية، الش ّ وتُ َو َّزع إلى كافة شرائح المجتمع ،ال
ــم الثّوا ِبــتِ؛ أال وهــو كلمــةُ فالثّابــتُ فــي هــذه اآليــ ِة مــن أع َ ظ ِ ﱷ� ﱸ� ﱹ� ﱺ� ﵚ ـاء والمرســلين ،وهــذا مــا د َّل التَّوحيـ ِد التــي دعــا إليهــا ُك ُّل األنبيـ ِ قال ابن كثير" :هذا ُ اللَ َوالَ نُ ْ تبــاركَ وتعالــى ((أَالَّ نَ ْعبُــدَ ِإالَّ ّ ــركَ الخطاب يع ُّم عليــه قــو ُل ر ِبّنــا ش ِ َ أه َل الكتا ِ ش ـيْئاً)) ،وهــذا مــا يُح ِقّـ ُ ســواء التــي بيَّنهــا ب من اليهو ِد والنّصارىِ ،ب ـ ِه َ ـق ت َحقُّــقَ الكلم ـ ِة ال ّ و َمن جرى مجراهم" ـوار المف ِ ّ ي ِحـ ٍ ـاف ،وبالتالــي أ ُّ ســرون؛ أنَّهــا تعنــي العــدل واإلنصـ َ ـن صحيــح؛ أال وهــو ي ِلقــاء ينبغــي أن يُبنــى علــى أسـ ٍ ـاس متيـ ٍ ب تَعَالَــوْ اْ ِإلَــى وأ ُّ ((قُ ـ ْل يَــا أ َ ْه ـ َل ْال ِكتَــا ِ ّ ُ َّ ُ ـق كلمـة التَّوحيــد ،فــإن شـذ أحـدٌ عنهــا فشــذوذه مرفــوض ،والثبــاتُ ُ ـواءٍ ))...والكلم ـة؛ تُطلَـ ُ َكلَ َم ـ ٍة َ سـ َ ـاس فــرض ،وهــذا يــد ُّل عليــه قولــه تعالــى فــي علــى هــذا األسـ ِ علــى ال ُجمل ـ ِة ال ُمفيــدة. ختــام اآليــة ((فَ ـ ِإن ت َ َولَّــوْ اْ فَقُولُــواْ ا ْ ش ـ َهدُواْ ِبأَنَّــا ُم ْ س ـ ِل ُمونَ )). ــواءٍ بَ ْينَنَــا صفَهــا (( َ س َ ثُــ َّم َو َ صــفٍ َوبَ ْينَ ُكــ ْم))؛ أي عــد ٍل ونَ َ ُ ِ ِ ِ نســتوي نحــن وأنتــم فيهــا. ــت األ ّمــة ،وعلــى رأســها ــه دعــوة لحــوا ٍر ٌ ثواب ُ ِ أساس ُ ُ
نرجو من خاللها أن نُ َبلغ من رسالة
ســرها بقولــه ((أَالَّ نَ ْعبُـدَ ِإالَّ ّ اللَ ث ُـ َّم ق َ ً َوالَ نُ ْ شـيْئا)). شـ ِـركَ بِـ ِه َ
تساهم في بناء المجتمع اإلسالمي ،وزرع القيم والمبادئ، ّ وتثقيف الناس بثقافة إسالمية منهج ِ والس ّنة. تاب فق ِو َ الك ِ ُّ ِ
َّ سيَّ ما ُّ المثقفة... الن َخب
تُ عنى مجلة الهدى اإلسالمية وسمو المعنى، بجمال الكلمة، ِّ
ورقي الفكر ،لتحاكي واقع الناس ُ ِ سه َم في تصحيح وهمومهم ،ولتُ ِ الرسالة. الفكر، وإحياء ِّ درب الهدى فنمهد الحق ولو آية، ّ َ جبارة، ثورة لجيل َح َم َل على عاتقه ً ً ٍ ِ ِ نور هللا تعالى ،وتُ ظه َر أتت لتُ ت َّم َ دينَ ه على الدين كله ولو كره الكافرون. رئيس َّ التحرير :أبو فيصل القادري سكرتير َّ التحرير :أبو حسن المعلّ م َّ التحرير الفكري:أ.أبو ياسر القادري المدقق اللغوي :أم جعفر آدم ّ تمت ِّ مؤسسة إبداع الطباعة في َّ َّ َّ والنشر للطباعة **** المقالة تعبر عن رأي كاتبها وال تعبر بالضرورة عن رأي المجلة **** مجلة الهدى اإلسالمية
ضنَــا بَعْض ـا ً ((والَ يَت َّ ِخ ـذَ بَ ْع ُ ث ُـ َّم قــال َ ون ّ اللِ)) ،قــال ابــن أَرْ بَابــا ً ِ ّمــن دُ ِ ضنــا جريــح" :يعنــي يُطيــ ُع بع ُ ضــا فــي معصيــة". بع ً وبعدهــا جــاءت الخاتمــة بقولــه تعالــى ((فَــ ِإن ت َ َولَّــوْ اْ فَقُولُــواْ ا ْ شـ َهدُواْ ِبأَنَّــا ُم ْ سـ ِل ُمونَ ))؛ أي :فإن َّ ـف، صـ ِ ت ََولــوا عــن هــذا العــدل والنَّ َ وهــذه الدَّعــوة؛ فاشــهدوا أنتــم علــى اســتمرارنا علــى اإلســام الــذي ِ عه هللاُ لنــا. شــر َ
للت ُّ ودعــوة َّ َّ ــلبية، التوحيــد، ٌ ــع عــن المتعلّ قــات َّ رف ِ الس ّ ظهـ ُـر بقو ِلـ ِـه تعالــى ((تَ َعالَ ــوا)) َّأنهــا جــاءت وهــذا َي َ للمخاطَ بيــن أن العلــو ،بمعنــى َّأنهــا مــن ٌ ِّ دعــوة ُ َّ عمــا هــم فيــه إلــى منزلـ ٍـة أعلــى وأعظَ ــم، يترفعــوا ّ ِ ِ أشــياء الحالــة فــوق ــم فــي هــذه الت ُ وليكــون ّ فاه ُ
ومتعلّ قاتهــا. ُّ الدنيــا ُ
الخطاب من عدّة جوانب: ي هذا ِ ويظ َه ُر رق ُّ -1أنَّــه دعــوة ٌ ــاس جميعًــا؛ َّ لحــوار مــع النّ ِ ٍ ألن رســالةَ النَّبــ ّ يِ صلّــى هللا عليــه وســلَّ َم مــا هــي ّإل رحمــةٌ للعالميــن ،قــال تعالــى س ْ ــلنَاكَ إِ َّل َر ْ ح َمــةً ِلّ ْلعَالَ ِميــنَ )) األنبيــاء .107 ((و َمــا أَرْ َ َ
المفــروض أن ــس ثابِتــ ٍة مــن -2ال يكــونُ ِ ــوار ّإل ِوفــقَ أ ُ ُ س ٍ الح ُ ِ تكــونَ ُمشــتركة بيــن الجميــعِ ،والجميــ ُع يؤمــنُ بهــا ،وال يحيــدُ ي عظيــم ،يُأ ِ ّ س ُ ِخطــابٌ قُرآنــ ٌّ ــس عنهــا قيــدَ شــعرة ،والثّابــتُ فــي اآليــ ِة هــو التَّوحيــدُ ،وهــو ي ٍ ُمنصــفٍ مــع مــن ٍ لحــوار قــو ّ والرســاالت. ب ِّ َ ال ُمشــت ََركُ بيــنَ جميــعِ ال ُكتُــ ِ ُ نُخالفــه ،يُحافِــظ علــى ثوابِتِنــا، ـس بقايــا الخيــر عنــد النّــاس ،وهــو مــن ويفت َــ ُح المجــا َل بعــد ذلــك لــ ُك ِّل -3هــذا الخطـ ُ ـاب يلت َِمـ ُ النّــاس بلقــاءٍ حــول هــذه الثّوابــتُ .مت َعلَّقــات ال ِفطــرةِ السَّــليمة. العدد الحادي واألربعون
كلمـــــــــة العـــــــدد
2
قــد ي ُ ـض َّ ظـ ُّ ـكالم ـن البعـ ُ أن هــذا الـ َ ب، مــا هــو ّإل هــروبٌ مــن واج ـ ٍ وهــذا ن َِجـدُ لــه حـ ًّ ب هللا ـا فــي ِكتــا ِ ق قــال تعالــى ،فمــن ِ أداء الحقــو ِ تعالــى ((فــا ور ِبّــكَ ال يؤمنــون حتّــى يُح ِ ّكمــوكَ فيمــا شَــ َج َر بينهــم)) ،ولكنَّنــا نُتبعهــا بقولــه فنقــو ُل ألنفُ ِســنا َّأو ًل ((تعالَــوا إلــى ِ ُ ســبحانه ((والصُّلــ ُح َخيــر)) ،كلمـ ٍة ســواء.))... ونُت ِبعُهــا بقو ِل ـ ِه ُ ســبحانه ((فاتَّقــوا ونقــو ُل إلخواننــا ((تعالَــوا إلــى هللا وأص ِلحــوا ذاتَ بينِكــم)). كلمــ ٍة ســواء))... فكيــف إذا المفســدة والمصلحــة، َ كانــت المفســدة ُ عا ّمــةً تخــص ُّ األ ُ ّمــة ،وال َمصلحــةُ تخــص ُّ ً ّــارا أو جماعــةً أو فصيــا أو تي ً ب أولــى. ِحزبًــا ِ فمــن بــا ِ
فال ُمهــ ُّم هــو إرادة ُ ال ُّ ي لنــا جميعًــا ((تعالَوا صلــح ِخطــابٌ إلهـ ٌّ ـي ـ والت واإلصــا ُح بيــن اإلخــوة، إلــى كلمــ ٍة ســواء ))...لنُ َحقِّــقَ تولّــدُ قــرارا بتــرك ُمتعلَّقــا ِ ِ ِ ((وا ْعت َ ِص ُمــواْ ً تأ ّ ي ِ قــول هللاِ ســبحانه َ َ ُ خــافٍ ،وتقديـ ِـم المصلحـ ِة األنفعِِ ،ب َح ْبـ ِل ّ ج ِميعـا ً َوالَ تَفَرَّ قــواْ)) آل اللِ َ بــل نــدرأ مفســدة ً تــودي بثــورةِ عمــران.103 ب و ُمســتقبَ ِل أ ُ ّمــة. شــع ٍ ُ َّ ُح ي لمــا طانــا خ هللا د د ســ ِ ــبُّ َ فمــن حدَّثَنــا عــن قاعــد ِة ِ ــف بيــنَ قلو ِبنــا، درء ويرضــى ،وألَّ َ ظــم وأرفَــ ُع ،المفســدَةِ ُمقــدَّ ُم علــى جلــ ِ ب وهدانــا ســوا َء السَّــبيل. إلــى مــا هــو أع َ ُ هللا تعالــى فــي المصلَ َحــ ِة فيمــا لــو تســاوت ونُحقِّــقَ سُــننَ النَّ صــر لأل ُ ّمــة. ِ
ف ِعنــدَ التّأ ُّمــ ِل فــي هــذه اآليــ ِة ـن ومعانيهــا العظيمــةِ ،مــنَ ال ُممكـ ِ أن نُســ ِق َ ط هــذا علــى حالَنــا، ب فيمــا فنحــنُ أولــى بهــذا ِ الخطــا ِ الجهــا ِد وحــدة ُ فمــن ثوابِــ ِ ت ِ بَيننــا ع ّمــا هــو بيننــا وبيــنَ غيـ ِـر ُ صداق وم ـف وجمـ ُع الكلمــةِ ، صـ ّ ِ ال َّ ا ل ُمســلمين . ذلــك قولــه تعالــىِ (( :إ َّن َّ اللَ ي ُِحــبُّ صفّ ـا ً ونحــنُ فــي ِظــ ِّل س ـبِي ِل ِه َ ثورتِنــا الَّذِيــنَ يُقَاتِلُــونَ فِــي َ َ َ َّ ٌ ث هــذه َكأنهُــم بُنيَــان مَّرْ صُــوصٌ )) وجهادِنــا ،وبعــدَ ُحــدو ِ ِ الفُرق ـ ِة واالختــاف بيــن اإلخــوة ،الصّــف.4 أرض غوطتنــا وال ســيَّما علــى ِ ت وحــدة ُ ال َّ ب ومــنَ الثّوا ِبــ ِ ِ شــع ِ المباركــة زادهــا هللا شــرفًا ثــار علــى ُّ لــم بأك َم ِلــ ِه، الظ ِ الخطــاب لنــا؛ الــذي َ و ِعـ ًّ ـزا؛ نأ ُخ ـذُ هــذا ِ َ وبعيـدًا عــن الفصائِليّــة والمذهبيّــة لنَت ََرفَّـ َع ع ّمــا نحــنُ فيـ ِه مــن القيـ ِل والحزبيّــة ،فوحدتــه واجبــة، ـف وجــدا ٍل و ِســجال يُض ِعـ ُ والقــالِ ، ـب ّإل بــه فهــو ومــا ال يت ـ ُّم الواجـ ُ ِ َّ ال ُمجاهِــدَ ،ويقتُــ ُل الثــورة َ، واجــب. مســارها... ف حــر ُ َ ويَ ِ ـك َّ ال شـ َّ ت فــي الغوطة الخالفــا ِ أن ِ ّ َ َّ صت نترفــع عــن هــذا ُك ِلــه ،ونبحــث أخـذَت من ًحــا خطيــر ،واسـت َع َ ـاء لدَ َر َج ـ ِة أنَّهــا عــن ثوا ِبــتَ تجمعنــا وتو ِ ّحــدُ حتّــى علــى العُقـ ِ صفَّنــا. تُن ـذ ُِر بنِهاي ـ ِة الثَّــورةِ بال ّ ـام ومــا شـ ِ ثوابــتُ ال يســتطيع أحـدٌ أن يحيـد حولَهــا؛ وبالتّالــي ال بُـدَّ مــن نــداءٍ َ ِ مــن الجميــع حتّــى ال ي ُ ظ َّ ــن أحــدٌ ِ عنهــا... َّ ـاب مو َّج ـهٌ لآلخــر. أن هــذا ِ الخطـ َ أســاس و ِلنَنطلِــقَ بعدهــا علــى ٍ ي نقولُــهُ الخ ُ ِ طــاب ِخطــابٌ قُرآنــ ٌّ ّ ـوى ـ ق ت وال ـر ً ُ ـاو ِن علــى ال ِبـ ِ ّ مــن التَّعـ ُ ألنفسِــنا ّأول ،نقــولُ: َّ ٍ ِ ــع عــن كُ ِّل كلمــة ســواء، تعالَ ــوا إلــى ــب رواس ِ نترف ُ ٍ ثواب ِ ِ ِ بحركــة ثور ِتنــا، ــع إلــى الخ ِ الع ِفنــة ،ونَ ِ ــت َ رج ُ الفــات َ ِ ِ ٍ ســمعناها عظيمــة المعانــي، تافــات به صــد ُح ُ للشــا ِر ِع تَ َ أول َّ الم ِ اونُ ــواْ نطـ ُ ـق علــى أسـ ِ الثــورة ،ويكـ ُ ((وتَ َع َ ـاس َ ـون َ َّ َ َّ اإلثْ ـ ِ ان)) اونُ ــواْ َعلَ ــى ِ ـد َو ِ َعلَ ــى الْ بـ ِّـر َوالت ْقـ َـوى َو َال تَ َع َ ـم َوالْ ُعـ ْ مدني ٍ ٍ ِ ــب ســات ومؤس ــل شــعبي ٍة. المائــدة ،2 َّ َّ ــة ونُ َخ ٍ َّ فصائ َ مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
كلمـــــــــة العـــــــدد
3
الد ّ ٌ ام أسئلة من بعض أهالي ِب ِ ِ الش ِ والر ُّد عليها من َّ والسماء األرض خالِ ِق ِ َّ
؟!!
هــذه اآليــاتُ هــي َّأو ُل مــا نــزل مــن القــرآن الكريــم، واختــار هللا ســبحانه أن تبــدأ َ السّــورة ُ األولــى مــن القــرآن باســم هللا ،ويو ِ ّجــهُ ي صلــى هللا عليــه النَّبــ َّ وســلم َّأو َل مــا يو ِ ّج ُهــه ت األولــى مــن فــي اللَّحظــا ِ االتّصــا ِل بالمــأ األعلــى إلــى أن يقــرأ باســم هللا ْ ْــم َر ِبّــكَ )). ــرأْ بِاس ِ ((اق َ إنــه لــم يأمــر ســبحانه بــأن يقــول لــه صــ ِّل أو حــج أو ِّ زك ،بــل أمــره والخطــاب بالقــراءة، ُ أل َّمتِــه مــن ورائِــه بأهميَّ ـ ِة القــراءة. بإقــرار اآليــاتُ تبــدأ ِ َّأو ِل صفــة هلل تعالــى بأنــه ((الَّــذِي َخلَــقَ )) ،وتب ِيّــنُ م ـ َّم خلــق اإلنســان (( َخلَــقَ ســانَ ِم ْ ــق))، ــن َ الن َ ِْ عل َ ٍ ُّ مــن تلــك النطفــ ِة الدَّمويَّــ ِة الجامــدة؛ لتكــون إنســانًا عنــده القــدرة ُ علــى التَّعلُّـ ِـم، َّ ـم هــو أعظـ ُم وأهـ ُّم وأن القلـ َ ــرأْ ْ َّ أدوا ِ ت التعليــم ((اق َ ـر ُم ،الَّـذِي عَلَّـ َم َو َربُّــكَ ْال َ ْكـ َ ســانَ َمــا الن َ بِ ْالقَلَ ِ ــم ،عَلَّــ َم ْ ِ
لَــ ْم يَ ْعلَــ ْم)). وهــذا مــا تشــير إليــه اآلية التــي دلَّــت َّ مصــدر أن َ األو ِل آلدم عليــه العلــم َّ الســام هــو هللا ســبحانه ((وعَلَّــ َم آدَ َم األَسْــ َماء َ هــا ))...البقــرة.31 ُكلَّ َ وإذا نظرنــا إلــى واقــعِ الحــا ِل اليــوم نج ـدُ َّ أن هــذه األ َّمــةَ أمــةُ اقــرأ ال تقــرأ. كان المســلمون فيمــا مضــى يقــرؤون ،حتّــى َّ إن أحدَهــم يقــرأ وهــو علــى فــراش المــوت، ت المأثــورة: ومــن الكلمــا ِ «اطلــب العلــم مــن المهــد إلــى اللَّحــد». بعصــر لقــد ابت ُ ِلينــا ٍ نجــدُ فيــه َّ الكثيــر مــن أن َ المســلمين ال يعرفــون القــراءة؛ بــل ال يحبّونَهــا، وكثيــر مــن ال َّ يمــر ب ُّ ٌ شــبا ِ عليــه العــام والعامــان ولــم يقــرأ كتابًــا. القــراءة ُ مفتــاح العلــم، والعلــ ُم كمــا يقولــون ال ضــه حتــى يعطيــكَ بع َ تعطيــه كلَّــك وجهــدَك،
((و َمــا أُوتِيتُــم ِ ّمــن ويبقــى َ ــم ِإالَّ قَ ِليــاً)) اإلســراء ْال ِع ْل ِ ضــا ،85لكــن ال يكفــي أي ً القــراءة ُ والمعرفــةُ ،ثــ َّم ال شــيء. اإلســا ُم يريــدُ القــراءة َ والعلــم التــي تثمــر العلــم، َ الــذي يثمــر العمــل، اإلســا ُم يريــد المعرفــةَ القلــب التــي توصــل َ ق ســبحانه (( ِإنَّ َمــا بالخالــ ِ ْ يَ ْخشَــى َّ اللَ ِمــن ِعبَــا ِد ِه ْ العُلَ َمــاء)) فاطــر28 ي صلــى وقــد اســتعاذ النَّبـ ُّ هللا عليــه وســلم مــن علــم ال ينفــع حيــث قــال( :اللّهــم علــم إنّــي أعــوُ ذ بــك مــن ٍ ب ال ال ينفــع ،ومــن قلــ ٍ يخشــع )....رواه مســلم. ولقــد ضــرب هللا جــ َّل ُ ب جاللــه مثــا بصاحــ ِ العلــم الــذي ال يعمــ ُل ِ بالحمــار بعلمــه فشــبَّهه ِ ِ َّ ُ َ ـنَ فقــال (( َمثـ ُل الذِيـ ُح ِ ّملــوا التَّــوْ َراةَ ثُــ َّم لَــ ْم يَحْ ِملُو َهــا ــار يَحْ ِمــ ُل َك َمثَــ ِل ْال ِح َم ِ ارا)) الجمعــة .5 أَسْــفَ ً
#في_ظالل_القرآن قلوبهم باللهَّ ، الش ِ ِ رون أرواحهم الن ِديَّ ُة الموصولة فأما المؤمنون بروحهّ ، ُ اع َ ُ ُ ّ َ ِ الكرب، هم فإنهم ال ييأ الم ِ خيةّ ، َ سون من َر ْو ِح هللا ولو أحاطَ ِب ُ بنفحاته ُ حي َي ِة الرَّ ّ ُ الضيق. بهم ُ واشتدَّ ُ
ِ َّ بربه ،وفي ظالل روح من وإن نس من ِصلته ِّ إيمانه ،وفي ُأ ٍ ِ َ المؤمن لفي ٍ ضاي ِق ِّ ٍ وم ِ طُ مأنينة من ِث َق ِت ِه خان ِق الكُ روب. بمواله ،وهو في َم ِ ُ الشدَّ ِة َ
مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
-١الكثيــر مــن شــباب ســوريّا ماتــوا فــي هــذه ي: الثَّــورة...؟! َّ الــردُّ االلهــ ّ ـرواْ ((يَــا أَيُّ َهــا الَّذِيــنَ آ َمنُــواْ الَ ت َ ُكونُــواْ كَالَّذِيــنَ َكفَـ ُ ض أَوْ كَانُــواْ َوقَالُــواْ ِإل ْخ َوانِ ِهــ ْم إِذَا ض ََربُــواْ فِــي األَرْ ِ ُ ُ ْ غـ ًّ ـزى لَّــوْ كَانُــواْ ِعندَنَــا َمــا َماتُــواْ َو َمــا قُتِلــوا ِليَجْ عَـ َل ُ اللُ يُحْ ِيـــي َوي ُِم ُ ْــرةً فِــي قلُو ِب ِهــ ْم َو ّ ّ يــت اللُ ذَ ِلــكَ َحس َ َو ّ يــر)). اللُ بِ َمــا تعملــونَ بَ ِص ٌ -٢بــس النظــام وروســيا وأمريــكا وإيــران والمليشــيات المجوســية قويــة ،والعيــن ال تُقــاوم المخــرز!!! الــرد اإللهــي: ــو َوالَّ ِذيــنَ آ َمنُــواْ َمعَــهُ قَالُــواْ الَ ــاو َزهُ ُه َ ((فَلَمَّــا َج َ َطاقَــةَ لَنَــا ْاليَــوْ َم بِ َجالُــوتَ َوجُنــو ِد ِه قَــا َل الَّذِيــنَ يَ ُ ظنُّونَ ـرةً اللِ َكــم ِ ّمــن فِئ َـ ٍة قَ ِليلَـ ٍة َ غلَبَـ ْ أَنَّ ُهــم مُّالَقُــو ّ ـت فِئَــةً َكثِيـ َ اللِ َو ّ بِـ ِإ ْذ ِن ّ اللُ َمـ َع الصَّابِ ِريــنَ )). -٣العالَ ـ ُم ُكلّــه يقــف مــع ال ِنّظــام ،ومــا زلنــا نُذبَ ـ ُح ـت ســنوات ،وال نســم ُع مــن العالَـ ِـم ّإل الــكالم؟! منــذ سـ ّ ِ الــرد االلهــي: َ َّ َّ ــاس قــ ْد َج َمعُــواْ ((الَّ ِذيــنَ قَــا َل لَهُــ ُم الن ُ ــاس إِ َّن الن َ لَ ُكــ ْم فَ ْ اخشَــوْ ُه ْم فَ َزادَ ُهــ ْم إِي َمانــا ً َوقَالُــواْ َحسْــبُنَا ّ اللُ َّ َ َ اللِ َوف ْ َونِ ْع ـ َم ْال َو ِكي ـ ُل * فانقَلَبُــواْ ِبنِ ْع َم ـ ٍة ِ ّمــنَ ّ ض ـ ٍل ل ـ ْم اللُ ذُو فَ ْ ســو ٌء َواتَّبَعُــواْ ِر ْ اللِ َو ّ ـوانَ ّ س ْ ضـ ٍل سـ ُه ْم ُ يَمْ َ ضـ َ َ َ َ َّ ش ـ ْي َط ُ ان يُ َخ ـ ّ ِوفُ أوْ ِليَــاءهُ ف ـاَ ع َِظيـ ٍـم * إِن َمــا ذ ِل ُك ـ ُم ال َّ ــون إِن ُكنتُــم م ُّْؤ ِمنِيــنَ )). ت َ َخافُو ُهــ ْم َو َخافُ ِ -٤هنــاكَ الكثيــر مــن النّــاس ُخ ِربَــت بيوتُهــا ،وفَقَـدَت وعــوز؟! قــر مصــاد َِر رزقِهــا ،وباتــت فــي حالــ ِة فَ ٍ َ الــرد اإللهــي: ْ ْ َــيءٍ ِ ّمــنَ ال َخ ِ َ ((ولَنَ ْبلُ َونَّ ُكــ ْم بِش ْ ــوف َوالجُــوعِ َّ َ ُ ّ ــنَ م ــص ش ب و ت ا ــر م الث و ــس ف األن و ل ا ــو م األ ــر ِ ِ َونَ ْق ٍ ِ ّ َ َ ِ َ ِ َ َ َ َ َ ِ الصَّا بِ ِر يــنَ )). ـم ُ ظلمــه؟! -٦مــا زا َل كثيـ ٌ ـر مــن النّـ ِ ـاس ي ِ ُناصــره رغـ َ الــرد اإللهــي: ُ ((فاسْــتخف قوْ مــهُ فأطا ُ عــوهُ إنهُــ ْم كانــوا قوْ مــا فاســقين))... ب ونجــى -7الكثيـ ُ ـر مــن النّـ ِ ـر َ ـركَ البَلَــد؛ و َهـ َ ـاس تـ َ بنفسِــ ِه مــن ال َمــوت؟! الــرد اإللهــي: ت أ َ ِو ار ِإن فَ َررْ تُــم ِ ّمــنَ ْال َمــوْ ِ ــر ُ ((لَّــن يَنفَعَ ُكــ ُم ْال ِف َ َ َّ ً ْالقَتْــ ِل َوإِذًا َّل ت ُ َمتَّعُــونَ إِل ق ِليــا)) -8طالــت هــذه الثَّــورة ،وأرى َّ ـر بــاتَ بعيـدَ أن النَّصـ َ المنــال...؟! الــرد الشــافي الربانــي: ((حتَّــى إِذَا ا ْ سـ ُل َو َظنُّــوا أَنَّ ُهـ ْم قَـ ْد ُك ِذبُــوا س الرُّ ُ سـت َ ْيأ َ َ ْ َجا َء ُهــ ْم نَ ْ ُــردُّ بَأسُــنَا ّــي َمــن نَّشَــا ُء ۖ َو َل ي َ ص ُرنَــا فَنُ ِج َ ْ ـن ْالقَــوْ ِم ال ُمجْ ِر ِميــنَ )) َ عـ ِ النافذة الشرعية
4
َّ إن اليقيــنَ اآلخــر ،واالعتقــادَ بعدالــ ِة باليــوم ِ ِ ـوض ،ونَفاس ـ ِة األجـ ِـر، الجـ ِ ـزاء فيــه ،وضخام ـ ِة ال ِعـ ِ يُط ِل ُ ســلم طاقاتــ ِه واهتماماتِــه ،ويرفــ ُع ــق فــي ال ُم ِ ُ ُ ق طموحا ِتــه وتطلّعا ِتــه ،ويُص ِعّــدُ مــن ــ ف أ مــن ِ ميو ِلــه ورغباتِــه؛ ليتجــاوزَ الحيــاة َ الدّنيــا الضّيقــ ِة ب واألرقــى المحــدودة ،إلــى الحيــاةِ األرفــعِ واألرحـ ِ مســار ِ فــي اآلخــرة ،وفــي ذلــك دفــ ٌع لتصحيــحِ الحيــا ِة التــي يعي ُ وإصالحهــا علــى وتقويمهــا شــها، ِ ِ ـاء اآلخــرة وثوا ِبهــا وجزائِها. نحـ ٍو ينســج ُم مــع عطـ ِ
عــن عائشــةَ رضــي هللا عنهــا قالــت، قــال رســول هللا ( :أحــبُّ األعمــا ِل إلــى هللاِ أدو ُمهــا وإن قــلَّ) رواه مســلم هــي قاعــدة ٌ نبويَّــةٌ ومنه ـ ٌج لحياتنــا ،مــن األفضـ ِل أن يجعـ َل ك ٌّل منّــا برنام ًجــا مناسـبًا لــه وحســب طاقتــه ألعما ِلــه وعباد ِتــه فــي حياتــه اليوميَّــة ،وهكــذا كان عمـ ُل النَّبــي، وأزواجــه مــن بعــدِه ،وكان وعمــ ُل أه ِلــه ِ ُ َ ْ َ ينهــى عــن قطــعِ العمــلَ ،وقــال َ( :اِكلفــوا ِمـ ْ طيقُــونَ ) رواه البخــاري. ـن ْال َ ْع َمــا ِل َمــا ت ُ ِ وذكــر العلمــاء َّ أن أحــبَّ األعمــا ِل إلــى ســوا ِد واالقتصــا ِد هللا مــا كان علــى وجــه ال ّ ُّ ـف والتَّيســير دون مــا كان علــى وجــه التَّكلـ ِ واالجتهــاد والتَّعســير. َّ إن للدُّعــا ِة إلــى هللا ،والعامليــن فــي الهيئــات اإلغاثيَّــة ،والمجاهديــن فــي ســبيل هللا توجي ًهــا نبويًّــا يح ِقّـ ُ ـق نتائــج عــدة منهــا: ي ِ ،وهــذه 1.1حصــول التَّأسّــي بالنَّبــ ّ ـر عليهــا المســلم ،ويحصـ ُل عبــادة ٌ يُؤجـ ُ ي ِ. بهــا بركــةُ متابعــ ِة النَّبــ ّ 2.2والعمــ ُل حينهــا يــد ُّل علــى أنَّــه أعــدَّ لــه إعــدادًا ج ِيّــدًا ،وأخــذ نصيبَــه مــن الدِّراس ـ ِة والمراجعــة ،ولــم يكــن نتــاج فكــر ٍة طائشــ ٍة دون تفكيــر. 3.3المداومــةُ علــى العمــ ِل تعنــي عمــقَ القناعــ ِة بالعمــل والســعادة َ بالقيــام بــه. ِ 4.4المداومــةُ علــى العمــ ِل تقضــي علــى ـف الثَّمــرةِ؛ َّ ألن ظاهــرةِ اســتعجا ِل قطـ ِ مجلة الهدى اإلسالمية
ـك َّ وال شـ َّ عــه ـن باآلخــر ِة وتزعز َ أن ضعـ َ ـف اليقيـ ِ اليــوم اآلخــر يجعــ ُل ســبان وغيــاب ُح فــس، فــي النَّ ِ َ ِ ِ ــر هــذه الدّنيــا اإلنســانَ ُ ينحبــس اهتما ُمــه فــي جُحْ ِ كثيـ ً َّ ب علــى ـرا مــن نتائــجِ األعمــا ِل تحتــا ُج إلــى ال َّ ضيّــق ،واإلخــا ِد إلــى شــهواتِها ،والتكال ـ ِ ّ ٍ ـر. ـ تظه ـى ـ ت ح ت وق ـ متا ِعهــا المحــدود. 5.5المداومــةُ تعنــي انضبــا َ ط العمــ ِل، ـش فــي حيــا ٍة بهيميّ ـ ٍة هزيل ـ ٍة هابط ـ ٍة دونَ والعيـ ُ تفكيــر إذ هــي نتــا ُج ـوض وال أجـ ٍـر إنمــا هــي ٍ ٍ هــادئ وعمــ ٍل التَّطلّــعِ إلــى جــزاءٍ وال ِعـ ِ صــص . ال َّ متخ ِ ّ شــهوة ُ بــا قيــ ٍد بــا وازعٍ وبــا كابــح؛ إنّمــا هــو ُ ٌ ُ صــرا ٌ ـداس بــه ال ِقيَــم ،وتنتهــكُ ع مجنــون محمــو ٌم تـ ُ ــدر َج فــي العمــل، 6.6المداومــةُ تعنــي الت َّ ُّ ـاتُ ـرجٍ وال حيــاء. ـ َح ت ـا ـ ب ـ رم بــه ال ُح ُّ َّــير بخطــوا ٍ ت هادئــ ٍة ثابتــ ٍة والس َ ٌ وحيــاة بهــذا المســتوى مــن الهبــوط ،وبهــذا ـن واســع ٍة متَّزنــة تنظـ ُ ـر للمســتقب ِل بعيـ ٍ ُ ُ ـام ـ ظ ة ـا ـ وحي ـم ـ جحي ة ـا ـ حي ـة؛ ـ ي الحيوان ـن ـ م ـتوى ـ المس ّ ٍ ٍ وبصيــرة. ـان وبكرام ـ ِة اإلنســان ،حيــاة ٌ فاســدة ٌ ُ ـ باإلنس ـق ـ تلي ال ِ ُ َ ـش ـاس تهـ ُ ـار َج الوحــوش ،يعيـ ُ 7.7المداومــة تعنــي صعوبــة وصــو ِل آســنةٌ يتهــار ُج فيهــا النّـ ُ الوصوليّيــن أو ِ ُّ حدثــاء العهــد فيهــا ّ والطغيــانُ والجهالــةُ. الظلــ ُم مراكــز ت الدَّعويَّــ ِة إلــى باالهتمامــا ِ ِ ُ نحــن بحاجــ ٍة ماسّــ ٍة إلــى موا ِعــظ اآلخــرة، فاالســتمرار بالعمــ ِل يولــدُ القيــادة، ُ اآلخـ ِـر؛ الــذي يكشــف الغطــا َء عــن ـوم ِ ِ ودروس اليـ ِ خبــرة ً ومقــدرة ً إلدارتهــا ،والمداومــةُ ـوب ،ويوقـ ُ ظ الضَّميــر ،ويُع ِبّـدُ العيــون ،ويلمـ ُ ـس القلـ َ فــي الدَّعــو ِة تعنــي: َّ ــر فــي الطريــقَ إلــى اآلخــرة ،ليُصبــح العالَــ ُم ِ اآلخ ُ أهــداف واضحــةٌ •أن تكــونَ هنــاك ٌ ــاس ليــس موصوفــا ً لهــم فحســب ،بــل حيــاةِ النّ ِ ومحــدَّدة ٌ ال تكــون خطــوا ٍ ت مرتجلــة. صا ،وعال ًمــا وبــار ًزا صــورا ً محسوســاً، ُم ِ شــاخ ً َّ ِ ً ســتقبل فقــط. •أال تكــونَ ردودَ أفعــا ٍل بــل لهــا ُمشــاهدًا ليــس ُم برنامج . � � 8 7ﵛﭐﱑ� ﱒ� ﱓ� ﱔ� ﱕ� ﱖ ـم ومناســبات، •أال تكــونَ الدَّعــوة ُ مواسـ َ ﱗ� ﱘ� ﱙ� ﱚ� ﱛ� ﱜ� ﱝ� �ﱞﵚ ق٣٧ : مســتمرة ٌ فــي ك ِّل بــل هــي زمــان َّ ٍ ومــكان. ــف بــه •المحافظــةُ علــى الموقــعِ المكلَّ ِ وعــد ُم التَّنقُّــل. •وال بــدَّ ألصحــاب الدَّعــوةِ أن يكــون وقــدر مــن العمــ ِل ألحدِهــم نصيــبٌ ٌ وذكــر وتــاوةٍ صالــح مــن صــاةٍ ال ّ ٍ ً وصدقــةٍ ،وإن كان قليــا لكنَّــه يــداوم صلـ ِة بــاهلل ـاس لل ِ ّ عليــه ،فهــو أحــو ُج النّـ ِ وفــي رســو ِل هللا أســوة ٌ حســنة. العدد الحادي واألربعون
النافذة الشرعية
5
ُ الراشدين النبوة، زمن في ّ والخلفاء ّ ِ ُ ّ رسول الله وفعله قول طهرة من السنة ُ الم َّ وص َلت ُّ كيف َ ِ ِ وتقريره إلينا؟
كتابــة مــا ينــزل مــن القــرآن فــي عهــد الرّ ســول
يأمــر النَّبــي أصحابَــه بذلــك.
وقــد ذكــر العلمــاء أســبابًا ي الكتابــةَ عديــدة لعــدم تدويــن السُّــنَّ ِة فــي اســتعمل النَّبــ ُّ ي: فــي تدويــن مــا ينــزل مــن العهــد النَّبــو ّ القــرآن ،واتَّخــذ لذلــك ُكتّابًــا مــن •منهــا َّ أن النبــي عــاش ُكتــب صحابــة ،فــكان القــرآن ي ُ ال َّ بيــن أصحابــه بعــد البعثــة ثالثًــا ُكلُّــه بيــن يــدي رســول هللا علــى وعشــرين ســنة ،فــكان تدويــن ك ِّل الرقــاع واألضــاع والحجــارة ِّ كلماتــه وأقوالــه وأفعالــه وكتابتهــا والسَّــعف "أغصــان النَّ خيــل"، فيــه مــن العسـ ِـر والمشـقَّ ِة ال َّ شــيء وكانــت اآليــة مــن القــرآن تنــزل الكثيــر. ـب علــى رســول هللا فيأمــر كاتـ َ ضــا الخــوف •ومــن األســباب أي ً الوحـي ِ بكتابتِهــا فــي موضــعِ كــذا بــس عنــد عا َّمــ ِة ـر مــن حــدوث اللَّ ِ مــن ســورة كــذا ،واسـ َّ ـتمر األمـ ُ علــى هــذه الحــال حتّــى وفــاة المســلمين فيختل ـ ُ ط القــرآن بغيـ ِـره صــا فــي ي ِ ،فلــم يُقبَــض رســول مــن الحديــث ،وخصو ً النَّبــ ّ ظ تلــك الفتــرة المب ِ ّكــرةِ التــي لــم هللا إال والقــرآنُ محفــو ٌ صــه ّإل الجمـ ُع فــي يكتمــل فيهــا نــزول الوحــي، مكتــوبٌ ال ينق ُ القــرآنُ مفرقًــا فيهــا ينــزل وكان َّ مصحــفٍ واحــد. حســب الوقائــع واألحــداث ،وذلــك أ ّمــا السُّــنَّةُ فلــم يكــن شــأنها ـرغِ لحفظــه واســتذكاره أدعــى للتفـ ُّ ــدون كذلــك ،حيــث إنَّهــا لــم ت ُ َّ صدورهــم، واالحتفــاظ بــه فــي ِ ِ جميعُهــا تدوينًــا رســميًّا فــي عهــد سـنّة فكانــت كثيــرة َ الوقائــع، أ ّمــا ال ُّ النَّبــ ّ ي ِ كمــا د ّ ُِونَ القــرآن ،ولــم متشــ ِعّبةَ النَّواحــي ،شــاملةً الرســو ِل وأقوا ِلــه منــذ ألعمــال َّ ّ الرســال ِة إلــى أن توفــاه هللا بــدء ِ ّ َّ عــز وجــل. ك ُّل ذلــك وغيــره -م ّمــا توسَّــع العلمــا ُء فــي بيانــه -كان مــن تدويــن السُّــنَّ ِة فــي أســرار عــدم ِ ِ ـر ي ،وبهــذا نفهــم سـ َّ العهــد النَّبــو ّ ث النَّه ـي ِ عــن كتابتِهــا فــي الحدي ـ ِ الــوارد فــي صحيــح مســلم عــن أبــي ســعيد الخــدري عندمــا قــال عليــه الصــاة والســام( :ال دين العمل ال دين االنتظار!! القائد َّ تقبله حسان ّ الشهيد؛ ّ عبود َّ الله تعالى
تكتبــوا عنّــي ،ومــن كتــب عنّــي القــرآن فليَمحُــهُ). غيــر َ ِ
وهــذا ال يعنــي أبــدًا أن السُّــنَّةَ لــم يُكتــب منهــا شــي ٌء فــي عهــد الرســو ِل ،فقــد وردت آثــار َّ صحيحــةٌ تــد ُّل علــى أنَّــه قــد وقــع كتابــة شــيءٍ مــن السُّــنَّ ِة ي ،ولكــن هــذا فــي العصــر النَّبــو ّ التدويــن والكتابــة كان بصفــ ٍة يدونــون فيهــا بعــض خا َّ صــة؛ ّ ِ مــا ســمعوه مــن رســول هللا كصحيفــ ِة عبــد هللا بــن عمــرو بــن العــاص ،وكانــت عنــد علــي رضــي هللا عنــه صحيفــة فيهــا أحــكام الدّيّــة وفــكاك األســير ،كمــا ثبــت َّ ي كتــب لبعــض أن النَّبــ َّ أمرائــه وع َّمالــه كتبًــا حــددَّ لهــم
ـس مــن ال ُهــدى ِ بالواجــب ،وعليــه فليـ َ حاربَتِ ِهــم م ل وم ـر ـ ال ـتقدام ـ الس ـعي ال َّ ّ ِ ِ ُ َ سـ ُ فــي دابِــقَ ،بــل قــد يكــونُ ذلــكَ قاد ًحــا فــي ســام ِة النيّــة.
بــإدراك لــم يتعبَّدَنــا هللاُ تعالــى ِ الركــونُ إلــى الغيبيّــات ُ يجــب عــد ُم ُّ ت واســتعجا ِل ُخطــوات الغايــا ِ كالرافضــة، ـار ـ االنتظ ة ـ س بسيا ء ـوا ـ س َ ِ ّ ً ِ ـوض القَـدَر ،بــل نتعبّــد بالعمـ ِل والنُّهـ ِ مجلة الهدى اإلسالمية
فيهــا األنصبــة ومقاديــر َّ الــزكاة والجزيــة وال ِدّيّــات ،إلــى غيــر ذلــك مــن القضايــا المتع ـدِّدةِ التــي تــد ُّل علــى وقــوع الكتابــ ِة فــي صــاة والسَّــام. عهــده عليــه ال َّ ــي رســول إذًا؛ فقــد ت ُ ُو ِفّ َ تــدون السُّــنَّةُ تدوينــا ً هللاولــم َّ كامــاً كمــا د ّ ُِونَ القــرآن. ثــم جــاء عهــد الخلفــاء َ الحديــث يدونــوا ّ الراشــدين ،فلــم ّ ِ َ َّ َ ـف كراه ـة أن يتخذهــا صحـ ِ فــي ال ُّ ــاس مصاحــف يضاهــون بهــا النّ ُ صحــف القــرآن ،وأحجمــوا عــن كتابــة السُّــنّ ِة وتدوينِهــا مــدَّة َ خال فتِهــم .
أو ترتيــب األجنــدات كال ُمت َصهيِنيــنَ ت الروايــا ِ مــن النّصــارى ،فهــذه ِ ّ ي ِ صلــى هللا عليــه وســلم عــن النَّبــ ّ فعدونــا هــا، ع قو و ي أ ال نــدري ّــانَ ِ ُّ ُ غــر ٌق فــي يَصــولُ ،وبع ُ ضنــا ُم ِ أحالمــهُ ،متناســيًا َّ أن ديننــا دِيــن ِ العَ َمــ ِل ال ديــن االنتظــار!!
العدد الحادي واألربعون
النافذة الشرعية
6
مشكـــــــــــات فــي طريــق الحيـــــــــــــاة اإلسالميــــــة
ما هو مبدأ النظر في المآالت؟ نن َّ ِ ِّ المترت ِ ِ ِ التشريع" بة عليه نتيجته ضوء عدمها في الفعل بالمشروعيَّ ِة أو تكييف "هو َ وفق ُس ِ ِ ُ
َّ إن للنَّظـ ِـر فــي المــآال ِ ت شــواهدٌ منهــا: ٌ ـن ـ فم ـم، ـ الكري ـرآن ـ الق ـي ـ ف ة ـر كثيـ ِ ي ِ صلــى هللا عليــه قــول النَّبــ ّ ذلــك: وســلم لعائشــة رضــي هللا عنهــا: ـك َحدِيـ ٌ قولــه تعالــى ـث َ ((والَ تَسُــبُّواْ (يــا عائشــة لَــوْ الَ أ َ َّن قَوْ َمـ ِ ُ ّ الَّ ِذيــنَ يَ ْدعُــونَ الل ون د ــن م ِ ع ْهدُ ُهــ ْم ِب ْال َجا ِه ِليَّــ ِة فَأ َ َخــافُ أ َ ْن َ ِ ِ ْ ُ ُ ْ َ ً ْ ُ فَيَسُــبُّواْ ّ ـر قلوبُ ُهـ ْم أ ْن أ ْد ِخـ َل ال َجـ ْد َر فِــي ْــر ِعل ٍ اللَ عَــ ْدوا بِغَي ِ ــم)) تُن ِكـ َ األنعــام .١٠٨ ض) ْالبَ ْيـ ِ ت َوأ َ ْن أ ُ ْل ِصــقَ بَابَـهُ ِبــاألَرْ ِ جائــز رواه البخــاري. ٌ فســبُّ آلهــ ِة المشــركين لمــا فيــه مــن إهانــ ِة ال ّ َّ ِــرك ش ِ ـدم الكعب ـ ِة وإعــادة َ بنائهــا إن هـ َ أن ال ّ ّ الحــقّ ،إل َّ ع ــار ش ســام ال ـه ـ علي ـم ـ إبراهي ـس ـ س أ ـى ـ عل ونصــرةِ َ َّ ُ ِ ٌ ـاره مصلحــة ،ولكنَّــه قــد اعتــرض ـره واعتبـ ُ ـم لــم يقــف نظـ ُ الحكيـ َ بــل القريبــة، ة الغايــ هــذه عنــد ِ القــوم فتنــة وهــي أكبــر ة بمفســد ٍ ِ نظــر إلــى نتيجــ ِة هــذا العمــ ِل ونفورهــم وذلــك لحداثــ ِة عهدهــم َ المشــروع ،ومــا ســينت ُج عنــه مــن آثــار غيــر مشــروعةٍ ،فقضــى ٍ بتحريـ ِـم ســبّ ِ اآللهـ ِة سـدًّا لذريعـ ِة س ـ ِبّهم هلل تعالــى انتقا ًمــا آللهتهــم، إن مبـ َ ـدأ َّ َّ النظَ ـ ِر فــي المــآالت وانتصــارا لباطلهــم. ً
خشــيةَ أن يترتَّــب عليــه مــا هــو أبغــض إلــى هللا مــن تعطيلــه وهــو لحـ ُ ـوق صاحبِــه بالمشــركين حميــةً وغضبًــا ،وأكثــر مــا فيــه تأخيــر الحــ ِدّ لمصلحــ ٍة راجحــة.
الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى
َّ اإلســام ال إن ال ُمدافعيــنَ عــن ِ الحمــاس واإلخــاص، ص ُهــ ُم ويجــب علــى المجتهــد كذلــك ينقُ ُ ُ ُ عمـ ُ ـق ص ُهــم ُحســنُ ال ِفقـ ِه و ُ مراعــاة ُ تأثيـ ِـر الواقــع واألحــوا ِل إِنَّمــا ينق ُ ِ جربــة. والظــروف أو المقصــود ،الت َّ ُ ُّ قــرر العلمــاء أن الحكــم فقــد َّ َّ أن حــا َل إِنَّ ُهــم يَحسِــبونَ اليــوم وليــدُ ِعلــ ٍل يقــد َُّر زمانًــا ومكانًــا وشــخ ً صا المســلمينَ َ ســه ِل إزالتُهــا فــي ونتيجــةً ،فاألحــكام االجتهاديَّــة عارضـ ٍة مــن ال َّ ـام معــدودات ،أو علــى األكثـ ِـر تتغي ُ ُّــر الواقــع وأحــوا ِل أيّـ ٍ َّــر بتغي ِ َّ ـي ـ المفت ـى ـ وعل ـكان، ـ والم ـان فــي بِضــعِ ســنينَ مــن حياتِهــم الزمـ ِ والمجتهــد أن يكــون محيط ـا ً بفقــه هُــم ،ثُــ َّم يعــودُ المســلمونَ إلــى ّــام الواقعــة ،بصيـ ً ـرا بما يوجــب تغي َُّر مجدِهــم َّ األول كمــا كانــوا أي َ َّ صحابــ ِة والتابعيــن ،فمــا علــى مــان ال ّ الحكــم ،مراعيًــا حــال الز ِ وأه ِلــه ،فـ َّ َّ تفضي ـإن المــآالت التــي ب إال أن يتقــدَّم ويُقاتِــ َل الشــبا ِ ــع إليهــا األفعــال تتبـدَّ ُل بتبـدُّ ِل الواقع ويُ َح ِ ّ ــم مــا أما َمــه مــن عوا ِئــق، مهــم جــداً لــكل ُم َو ِّق ٍ ٌ ط َ َّ وســوف يَبتَسِــ ُم لــه النَّ أن د المجته ـى ـ عل ـب ـ فيج ـال، ـ والح ِ صــر بعــد ذلــك الحنيــف، ــرع الش عــن ُ َ ِ ً إعطــاء يكــونَ مــدركا للواقــع فقي ًهــا بــهَ .مرحلــ ٍة أو مرحلت َيــن! ِ َّ االجتهــاد فــي أن َ
ومــن ذلــك قولــه تعالــى علــى الرجــ ِل ال ّ لســان َّ ِ صالــحِ ب موســى عليــه الســام صاحــ ِ (أَمَّــا السَّــ ِفينَةُ فَكَانَ ْ ســا ِكينَ ِ كمــا َّ أحكامــا فــات المكلفيــن تصر أن هــذا البحــث مهــ ٌّم ــت ِل َم َ ُّ ً ــر فَــأ َ َر ُّ دت أ َ ْن يَ ْع َملُــونَ فِــي ْالبَ ْح ِ شــرعية يحتــاج إلــى نظــ ٍر للدُّعــاةِ إلــى هللا ،فالدّاعيـةُ بحاجـ ٍة ً ْ ُ َ ُ ُ ٌ َانَ صرفــات ،لمعرفــ ِة أثــر دعوتِــه علــى أ ِعيبَ َهــا َوك َو َراءهــم َّم ِلــك يَأخــذ إلــى نتائــج هــذه َّ الت ُّ ســ ِفينَ ٍة َ غ ْ صبًــا) الكهــف .79 ُك َّل َ فيختــار لــك ِّل المدعويــن، أنــاس ٍ ُ ّ وعلــى ضــوء هــذه َّ النتائــج المناســب لحا ِلهــم األســلوب َّ لــك َ َ إن االعتــدا َء علــى ُم ِ المجتهــد بمنــع ــم يحكُ ُ ُ َّ ّ األمــور ق مــن الغيــر ولبيئتهــم االجتماعيَّــ ِة والثقافيَّــ ِة بغيــر حــ ٍ ِ ِ ِ َّ صــر ِ ف أو الت ُّ َّ عا ،لكنَّنــا رأينــا المحظــورةِ شــر ً الســماح بــه ،والعرفيَّــة ،فقــد يكــون أســلوبٌ ٍ ٍ موازنــة الخضــر عليــه الســام يهــوي وذلــك بعــد َ ب مفيــدًا لجماعــ ٍة دقيقــة مــن األســالي ِ َّ ـب، ـ عيي ت وال ق ـر ـ بالخ ة ـفين ـ س علــى ال َّ ِ بيــن المصالــح والمفاســد يقربُهــم مــن الدّيــن وير ِ ّ ِ غبُهــم فــي ِّ ســام ول ّمــا عــاب موســى عليــه ال َّ الناتجـ ِـة عــن تلكــم َّ ــر صرفات. االلتــزام بتعاليمــه ،بينمــا ين ِفّ ُ الت ُّ ِ ّ ـذي ـ ال عليــه ذلــك وذ َّكــره بالجميـ ِل آخريــن ويبعدُهــم عــن هــدى ســفينة ،بيَّــن أســداه إليهمــا أه ـ ُل ال َّ هللا ،لذلــك علــى الدُّعــاةِ االنتبــاهُ لــه َّ أن المفســدة َ لــم تُرت َكــب ّإل ــاس ُّ لتصرفاتِهــم فــا يكيلــوا النّ َ لمــا فيهــا مــن دفــعٍ لمفســدةٍ أعظــم ومــن ذلــك قولــه صلــى هللا بمكيــا ٍل واحــ ٍد وال يخاطبوهــم وهــي ذهــاب السَّــفين ِة جملــةً، أن وراءهــم ملــكٌ يأخــذ ك َّل عليــه وســلم( :ال تقطــع األيــدي فــي خطابًــا واحــدًا ،بــل يتفنَّنــوا حيــث َّ . الغــزو) ّ ــاس ن ال ويخاطبــوا باألســاليب، َ ســفين ٍة صالحــ ٍة غصبًــا. قــدر عقو ِلهــم وثقافتِهــم، فقطــ ُع يــ ِد السّــارق حــدٌّ مــن علــى ِ كمــا َّ ت ظــر فــي مــآال ِ أن للنَّ ِ تصرفاتهــم حــدو ِد هللا تعالــى ،وقــد نهــى ويراعــوا نتائــ َج ُّ ـر مــن األمثل ـ ِة فــي ـ الكثي األفعــا ِل ُ ع عــن إقامتِــه فــي الغــزو ،ووســائلهم. السُّــنَّ ِة والســيرةِ النَّبويَّــة ،نذكــر ال ّ ـار ُ شـ ِ ُ مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
هــذا االســتعجا ُل كانــت ورا َءه وخســائر ثقيلــة متاعــب كثيــرة، َ َ للدَّعــوةِ اإلســاميّة ،بــل ُربَّمــا زاد ــراوةً. ُخصو َمهــا تمكينًــا و َ ض َ إن إقامــةَ َّ ديــن هللاِ شــي ٌء، ِ كــم و ُم ّ جــرد االســتيالء علــى ال ُح ِ بطريق ـ ٍة أو بأخــرى شــي ٌء آخــر. إننــا -نحــن المســلمين-نتقهقَ ُر ُمنــذ ِعــدَّةِ قُــرون ،وال بُــدَّ مــن ب تقهقُ ِرنــا دراســ ٍة شــامل ٍة ألســبا ِ ي؛ لمعرفــ ِة ي ِ والعســكر ّ المدنــ ّ ــر الحيويّــة التــي فقدناهــا ِ العناص ِ حتــى دهانــا مــا دهانــا. صــ ٍة ال بُــدَّ مــن بصيــرةٍ ِ فاح َ ّ ُمتع ِ ّمقــ ٍة تتدبــر ثقافَت َنــا ،وتُنَقــي منابعهــا ،وت َنقُــد مســتوانا ِــف الحضــار ّ ي ِ األخيــر ،وتستكش َ ُبوطــه أســباب ه ِ َ النافذة الشرعية
7
ـار َّ ُ وري كيــف الث ُّ يدعم المسـ ُ مواقعــه لصناعـ ِـة َّ التغييــر َ تواجهه َّ ورة َّ ِ ِ ِ ِ ِ المبذولة َد ًّ ياسة والس الفاجرة بالقو ِة وليا، الجهود تكثيف الشعبيَّ ُة في سورية من خالل ما الذي الث ُ ُ َّ ِّ َّ واألمريكي؟ وسي الر الغزو تجمع بين محط ٍة الماكرة ،وقد وصلت في هذه األثناء إلى ِ ُ اإلرهابي ّ ّ ِّ ِّ
ولــي لثــور ٍة -٣البعــدُ الدَّ ُّ األول: شــعبيَّة منــذ الهتــاف َّ ال َّ ــعب يريــد إســقاط ش ُ ال ِنّظــام -فــي ســورية وأخواتهــا-كان واض ًحــا أن ســقو َ للقــوى األجنبيَّــ ِة َّ ط ي» االســتبدا ِد «المحلــ ّ َ يعنــي ســقوط المصالــحِ المرتبطــ ِة والمطامــعِ ارتباطاتِــه ت بحلقــا ِ نبيل شبيب إقليميًّــا الخارجيَّــة، وعي ودوليًّــا ،أي َّ أن الثَّــورة َ لــم َّ البعـ ُـد َّ والن ـي ُّ الزمنـ ُّ تســتهدف القـ َّـوة َ االســتبداديَّةَ الحالي: ـهد ـ للمش ِ ّ َ الفاجــرة َ الدّاخليَّــة فحســب بعيدًا عن ردو ِد الفع ِل ـ وقــد تهالكــت ســريعًا- المتش ِنّج ِة غضبًا ،أو ضــا بــل تســتهدف أي ً المتراجع ِة إحبا ً طا ،أو المشــروعةَ المصالــ َح ِّ المتصلب ِة حماسة ،نعود والمطامــع غيــر المشــروعة إلى المنطل ِ ق الموضوع ّ ي ِ «للقــوى الخارجيَّــة» ذات للتَّفاع ِل في صناع ِة الحدث ،العالقــة المباشــرة بتلــك ونجدُ بين أيدينا معالم ا ال ر تبا طــا ت . أساسيَّةً وقواعد تتح َّك ُم في توجي ِه ما يجري وفي لعــدو -٤ال وجــود ٍّ نتائجه ،وأه ُّمها: متجانــس رغــم تالقــي القــوى الخارجيَّــ ِة علــى «القواســم كثيــر مــن ِ المشــتركة» فــي التَّعامــ ِل مــع قضيَّــة ســورية ،يوجــد ضــا كثيــر مــن «عناصــر أي ً ّ صــراع» المؤ ِثــرةِ علــى ال ّ عالقاتِهــا وعلــى تعام ِلهــا مــع القضيَّــة.
-١ليــس الحــدث شــار ً عا ـار الثَّــورةِ باتّجــا ٍه واحــد مسـ ُ ال َّ شــعبيَّ ِة فــي ســورية ُ ومســار التَّعامــ ُل الدَّولــ ّ يِ معهــا عنصــران يتبــادالن بعضهمــا أثيــر علــى ِ الت َّ َ ضــا ،والحصيلــة هــي بع ً ُ َّ غييــر وحج ُمــه ت ال ة َّــ ي نوع ِ ومــدى صالبــ ِة أ ُ سسِــه -٥عــدوٌّ ينجــ ُح ويفشــل واســتقراره. الخارجيَّــةُ القــوى تســتخدم وســائل «القــوةِ َّ -٢جناحــان لهــدفٍ واحــد العســكريَّة» و»الوســائل َّ ُ َّ سِياســيَّة» والتَّحالُفــات» الثــورة ُ وســيلة التغييــر ،ال ّ وهــو ُ المنهجــي الهــدف القائــم علــى و»العمــل َّ وتقتــرب مــن دعامتيــن ال غنــى للثــورةِ المــدروس» ُ ي ٍ منهمــا :ال اســتبداد عــن أ ّ أغراضهــا بقــدر ق ِ تحقيــ ِ محليًّــا وال وصايــة لهيمنــة ارتفــاع نصيــب فعاليَّــ ِة أجنبيَّــة. هــذه الوســائل ،مقابــل مجلة الهدى اإلسالمية
ب «العقبــات» نتيجــة «أخطاء الجولـ ِة الحاليَّـ ِة إلــى جانـ ِ جســيمة» و»نكســات أدوا ِ ت العمــ ِل الثَّــور ّ يِ ـر ـ غي ـل ـ فع و»ردود كبيــرة» األخــرى. وتطــورات مدروســة» ُّ . مفا جئــة » ي الهــدف ُ التَّغييــر ُّ ليــس موضــوع حديــ ٍ ث ٌ -٦ثــورة تتقــدَّ ُم وتتأخــر هنــا وال ينبغــي أن مــع عــدم إغفــال الفــار ِ ق يكــون ...ولكــن لــن نصــل الحــال ي ِ بطبيعــة النَّوعــ ّ إليــه بال ِنّزاعــات حــول يمكــن القــول َّ إن القــوى التَّفاصيــل دون «الجوهــر» الوســائل الثَّوريَّــةَ تســتخدم بمعنــى مواجهــة األســئلة المذكــورة أي ً ضــا ،وتواجــهُ ا لجو هر يَّــة : عقبا ٍ ت مماثلة . -٧الت َّ غييــر ُ ندعــم باإلنجــاز -١كيــف ال ُّ ضعيفــةَ ت ال َّ ســؤا ُل الحاســم :هــل يكون االســتعدادا ِ لفعاليَّ ـ ِة الوســائل أم مفعــول حاليًّــا بالمقارن ـ ِة مــع أهميَّ ـ ِة الراهنــة ،لترتفــ َع العقبــات النَّصيــب األكبــر؟ الجولــ ِة ّ ى أفضــل... فــي مجمــوع الحصيلــة إلــى مســتو ً ق إلــى مــن العمــل الثــوري ،أي ولكــن دون االنــزال ِ مــن الوســيلة «الثــورة» الخــوض فــي جــدا ٍل ال ِ الموصلــة لهــدف التَّغييــر... ي ٍ حــول فــان وفــان نهائ ـ ّ ومعيــار الجــواب هــو وهــذه الخطــوة الجزئيــة «اإلنجــازات التَّغييريــة» وتلــك وهــذا التَّصريــح ذات صفــة الدَّيمومــة، ي وذاك؟ الجانبــ ُّ «البطــوالت وليــس نر ِ ّك ُ ــز والتَّضحيات» ،وال يســتهان -٢كيــف هنــا باأللــم والمعانــاة .موضوعيًّــا علــى «حصــر» والنَّواقــص الميــزات لــم ينقطــع انتقــا ُل مسـ ِ ـار فيمــا يوجــدُ بيــن أيدينــا َّ َّ الثــورةِ مــن محطــ ٍة إلــى مــن أدوات «أشــخاص... محطــة ،ومــن جولــ ٍة إلــى وســائل ...وأجهــزة»... جولــة ،ولعــ َّل أكثــر تلــك للعم ـ ِل علــى رفــعِ مســتوى النَّقــا ِ ت وضو ًحــا للعيــان األداء دون االنــزالق إلــى َّ إضافــةُ العمــ ِل الثــور ّ ق تبــادل االتّهامــات» ي ِ نفــ ِ المســلَّح -عنصــر القــوة -فــي غيــاب توافــر ال ُّ ـروط شـ ِ ي ِ ال ِ ّ إلــى العمــل الثَّور ّ ســلمي مــن أدلَّــ ٍة وقضــاء» فلــن محاولــةاإلصــاح ،-يوصــل هــذا النَّفــق قطعًــا ونجــد هــذه األيــام بيــن إلــى «التَّالقــي» علــى ً ً ب األخطــاء الحاليَّــة أيدينــا نقلـة مفصليَّـة أخــرى تصوي ـ ِ َّ بإضافــة العمــل الثــور ّ و»العمــل ي ِ والمتوقَّعــة، بتعبيــر سِياســي ...أو ال ّ ٍ المشــترك» إلضافــ ِة مزيــد أدق :االســتعدادُ ِ الســتخدام مــن أســباب القــوة ووســائل فــي ي ِياســ س ب ال ّ أداةِ الجانــ ِ ِّ اإلنجــاز؟ العدد الحادي واألربعون
بتعبيـ ٍـر آخر:
ـعر ًّ حقــا الخطـ َـر مــن يستشـ ُ الفــارق الكبيــر بســبب ِ ِ الماديَّ ــة بالمقاييــس ِّ قــوى عســكريَّ ٍة مــا بيــن ً تواجهنــا، وسياســيَّ ٍة قــو ٍة عســكريَّ ةٍ وأســباب َّ وسياســيَّ ٍة لدينــا ،ويريــد إزالــة الخطــر، مخلصــا َ ً َّ ٍ مقــوالت فليتجنــب
ً وأفعــال تســاهم فــي الناقــص» ِ تدميــر «القليــل ّ فدليــل إمكاناتنــا، مــن ُ إضافــة اإلخــاص هــو ُ ِ المحــدودةِ ِ جهــوده ِ جهــود ســواه فــي إلــى الموضوعــي العمــل ِ ِّ لرفع مســتوى «اســتثمار» القليــل الناقــص الــذي ِ َّ عــاون ال نملكــه ،والت ُ َّ التنابــذُ علــى طريــق ِ إصالحــه وتحســينه مــن ِ أجــل أن ــق إنجــازً ا نحق َ ّ ًّ تاريخيــا، تغييــرا كبيــرا، ً ً َّ ســمه مــؤز ًرا.. نصــرا ِّ ً كمــا شــئت ،فــذاك فــي ِ الحصيلــة هــو مــا تعنيــه
شــعب ال يملــك ثــورة ُ ٍ ِ ــة اإلمكانــات الماديَّ َ ِّ ُّ َّ يشــق التقليديَّ ــة ،وهــو طريقــه نحــو تغييــ ٍر َ بأبعــاد دوليَّ ٍ ٍ ــة تاريخــي ٍّ و حضا ر يَّ ــة . دعــم َّ ِ ــورة الث مــن أراد َ فليرتفــع إلــى مســتوى ِ ومعجــزة شــعبها حتــى حــرك الدُّ نيــا تحر ِكــه ّ ُ َّ كلهــا مــن حولــه ،وهــو مســتمرٌّ علــى المعانــاة َّ ِ ضحيــات والبطــوالت. والت
النافذة الفكرية
8
وسائل اإلعالم العالميَّ ِة أعدها المفكّ ر األميركي نعوم تشومسكي ،واختزل فيها الطّ رق التي تستعملُ ها مواقع عالميَّ ة عد ُة ً َ قائمة ّ تناقلت ّ ُ ِ أساسية. استراتيجيات الشعوب ،عبر وسائل اإلعالم ،في للسيطرة على ّ َّ ّ ّ
10
ً أول -اإللهاء
هــذه االســتراتيجيَّةُ عنصــر ٌ ّ َّ ــم فــي ي التحك ِ أساســ ٌّ بالمجتمعــات ،وهــي تتمثَّــل في ـرأي العــام عن تحويــل انتبــاه الـ ّ ت المشــاك ِل الها ّمــة والتَّغييــرا ِ سِياسـيَّةُ خب ال ّ تقررهــا النّ ُ التــي ّ واالقتصاديّــة ،ويتـ ّم ذلــك عبــر وابـ ٍل متواصـ ٍل مــن اإللهاءات والمعلومــات التّافهــة. ت اهتمامات “حافــظ علــى تشـت ُّ ِ العا َّمــة ،بعيــدًا عــن المشــاك ِل االجتماعيَّـ ِة الحقيقيَّــة ،واجعــل هــذه االهتمامــات موجهــة نحــو مواضيــع ليســت ذات أهميــة حقيقيّــة .اجعــل ال َّ ـعب شـ َ ً ً ً منشــغل، منشــغل، منشــغل، ي وقــت أ لــه يكــون أن دون ُّ للتفكيــر ،وحتــى يعــود للضيعة مــع بقيّــة الحيوانــات”. ثم ً ثانيا-ابتكارُ المشاكل َّ ُ تقديم الحلول
هــذه َّ الطريقــةُ تســ ّمى أيضًــا “المشــكل – ردّة الفعــل – نبتكــر األول الحــل” .فــي ُ َّ ً مشــكل أو “موقفًــا” متوقَّــــعًا لنثيــر ردّة َ فعــ ٍل معيّنــة مــن قبــل ال َّ شــعب ،وحتــى يطالــب هــذا األخيــر باإلجــراءات التــي ً مثــا: نريــده أن يقبــل بهــا. تنظيــم تفجيــرات داميــة؛ حتــى يطالــب ال َّ شــعب بقوانيــن أمنيــة مجلة الهدى اإلسالمية
حريتــه ،أو :فــي الغــد” ،وأنّــه ســيكون علــى حســاب ّ ابتــكار أزمــة ماليّــة؛ حتــى يتـ ّم بإمكانــه تفــادي التّضحيــة تقبّــل التَّراجــع علــى مســتوى المطلوبــة فــي المســتقبل. الحقــوق االجتماعيــة وتــردّي ا-مخاطبة َّ ُ الشعب خامس ً كشــر ال الخدمــات العموميَّــة ٍّ كمجموعة أطفال صغار بــدّ منــه. ً تســتعم ُل غالبيَّــةُ اإلعالنــات التدرج ثالثا- ّ الموجّهــة لعا ّمــة ال َّ شــعب لكــي يتــم قبــول إجــراء غيــر خطابًــا وحج ًجــا وشــخصيا ٍ ت مقبــول ،يكفــي أن يت ـ ّم تطبيقــه ونبــرة ً ذات طابــع طفولــي، بصفــة تدريجيّــة ،مثــل أطيــاف وكثيــرا مــا تقتــرب مــن ً ّ ّ َّ اللــون الواحــد «مــن الفاتــح إلى مســتوى التخلــف الذهنــي، الغامــق» ،على فتــرة تدوم 10 َّ وكأن المشــاهد طفــل صغيــر ســنوات .وقــد تــم اعتمــاد هــذه معــوق ذهنيّــا .لمــاذا؟ “إذا أو ّ صا كمــا لــو كان الطريقــة لفــرض الظــروف خاطبنــا شــخ ً ّ السوســيو-اقتصاديّة الجديــدة طفـ ً ـا فــي سـ ِّ ـن الثانيــة عشــر، بيــن الثمانينــات والتســعينات فســتكون لــدى هــذا ال َّ شــخص ـردة من مــن القــرن الســابق :بطالــة إجابــة أو ردّة فعــل مجـ ّ شــاملة ،هشاشــة ،مرونــة، الحــس النَّقــدي. ّ تعاقــد خارجــي ورواتــب ال ُ العاطفة استثارة سادسا- ِ ً تضمــن العيــش الكريــم ،وهــي بدل الفكر تغييــرات كانــت ســتؤدّي إلــى ثــورة لــو تــ ّم تطبيقهــا دفعــة هــي تقنيــةٌ كالســيكيَّة تُســتعمل لتعطيــل التّحليــل المنطقــي، واحــدة. ّ َّ الحــس النقــدي وبالتالــي ّ لألشــخاص .كمــا ّ أن اســتعمال المفــردات العاطفيّــة يســمح بالمــرور لالّوعــي حتّــى يتــ ّم زرعــه بأفــكار ،رغبــات، مخــاوف ،نزعــات ،أو المؤجل رابعا- ً َّ ســلوكيّات. سابعا-إبقاء ّ الشعب في وهــي طريقــةٌ يتــ ُّم االلتجــاء ً جهل وحماقة حالة ب إليهــا مــن أجــل إكســا ِ ٍ القــرارات المكروهــة القبــول، ويكــون ذلــك بكســب موافقــة العمــل بطريقــة يكــون الشــعب فــي الحاضــر علــى تطبيــق شــيء مــا فــي المســتقبل .قبــول تضحيــة مســتقبلية يكــون دائمــا أســهل مــن قبــول تضحية حينيّــةّ .أوال ألن المجهــود لــن يتــم بذلــه فــي الحيــن ،وثانيــا ألن الشــعب لــه دائمــا ميــل ألن يأمــل بســذاجة أن “كل شــيء ســيكون أفضــل العدد الحادي واألربعون
خاللهــا ال َّ شــعب غيــر قــادر علــى اســتيعاب التكنولوجيّــات ّ والطــرق المســتعملة للتح ّكــم بــه واســتعباده“ .يجــب أن تكــون نوعيّــة التّعليــم المقــدّم َّ للطبقــات السّــفلى هــي النَّوعيّــة األفقــر ،بطريقــة الهــوة المعرفيّــة تبقــى إثرهــا ّ
تعاســته ،وأن ســبب مســؤوليّته تلــك هــو نقــص فــي ذكائــه وقدراتــه أو مجهوداتــه. وهكــذا ،عــوض أن يثــور علــى النّظــام االقتصــادي، ويحــس يقــوم بامتهــان نفســه ُّ بالذَّنــب ،وهــو مــا يولّــد دول ـةً اكتئابيّــة يكــون أحــد آثارهــا التحــرك. االنغــاق وتعطيــل ّ تحــرك ال وجــود ودون ّ للثــورة! عاشرا -معرفة األفراد أكثر ً مما يعرفون أنفسهم ّ
التــي تعــزل ّ ســفلى الطبقــات ال ّ عــن العليــا غيــر مفهومــة مــن قبــل ّ الطبقــات السّــفلى” ثامنــا -تشــجيع ّ ً ــعب الش ِ الــرداءة علــى استحســان ّ ِ
تشــجيع ال ّ شــعب علــى أن يجــد “الرائــع” أن يكــون أنّــه مــن ّ غبيًّــا ،همجيًّــا وجاهـ ً ـا. التمر ِد تاسعا -تعويض ً ّ باإلحساس َّ بالذنب
خــال الخمســين ســنة الماضيــة ،حفــرت التطـ ّـورات هــوة ال العلميّــة المذهلــة ّ تــزال تتّســع بيــن المعــارف العا ّمــة وتلــك التــي تحتكرهــا وتســتعملها النّخــب الحاكمــة. فبفضــل علــوم األحيــاء، بيولوجيــا األعصــاب وعلــم صــل النّفــس التّطبيقــي ،تو ّ “النّظــام” إلــى معرفــة متقدّمــة للكائــن البشــري، صعيديــن الفيزيائــي علــى ال ّ والنّفســي .أصبــح هــذا ـادرا علــى معرفــة “النّظــام” قـ ً الفــرد المتوسّــط أكثــر م ّمــا يعــرف نفســه ،وهــذا يعنــي ّ أن النظــام – فــي أغلــب الحــاالت – يملــك ســلطةً علــى األفــراد أكثــر مــن تلــك التــي يملكونهــا
ّ يظــن أنّــه جعــل الفــرد عــن الوحيــد المســؤول علــى أنفســهم.
النافذة الفكرية
9
بقلــم أ .أبو ياســر القادري
ـظ القــرآن تع َّهــد هللا ســبحانه بحفـ ِ ّ ْ بقولــه ((إِنَّــا نَ ْح ُ ــر ــن نَ َّز ْلنَــا ِ الذك َ َو ِإنَّــا لَــهُ لَ َحا ِف ُ ظــونَ )) الحجــر9 ضــا بتبيــان مــا فــي وتعهــد أي ً َّ ي ِ صلــى ـ ب ن ال ي ـد ـ به القــرآن ،وذلــك ِ ّ ّ هللا عليــه وســلم ،وتأكــد ذلــك القــرون المشــهود لهــا ت بتطبيقــا ِ ِ بالخيــر ،فتشـ َّكلت بذلــك المرجعيَّـةُ لل َّ صحيــ ُح شــرعيَّة والمعيــار ال َّ ُ ـان لفهــم آيــا ِ ت القــرآن فــي ك ِّل زمـ ٍ سـنَّ ِة النَّبويَّـ ِة ومــكان ،واالقتــداء بال ُّ صحابــ ِة التــي تُرجمــت بحيــاةِ ال َّ رضــوان هللا عليهــم أجمعيــن. و ِلتبقــى األ َّمــةُ علــى منهــجِ صــ َل فيهــا القــرآن والســنة وال يتأ َّ ـراف والعلــل التــي قــد تطــرأ االنحـ ُ علــى ســلوكها ،ولتشــفى مــن ال ِعلـ ِل
والجديــر بالذكــر َّ أن واقــع ُ اإلمــام الــذي كانــت أيامــه أشــبَه بأيّامنــا لمــا فيهــا مــن جمــو ٍد يٍ، يٍ ٍ ووهــن حضــار ّ فكــر ّ ُّ ُ ي ي والعســكر ُّ والتَّســلط السّياســ ُّ والت َّ ُّ ي ،ومــواالة ُ مــز ُق االجتماعــ ّ غيــر المســلمين ،واالفتتــانُ بتقلي ـ ِد ب الكفّــار، وتهميــش قيــم الكتــا ِ ُ والسُّــنَّ ِة فــي حيــاة األ َّمــ ِة وكثــرة ُ ـر بنــا أن يكــون البــدع ،لذلــك جديـ ٌ لنــا وقفــاتٌ مــع منهــجِ اإلمــام اإلصالحــي ودراســةُ مدرســتِه الفقهيَّــ ِة والفكريَّــة. واألميَ ُ ــز فــي هــذه المدرســ ِة أنَّهــا اغترفــت مــن صلــب مجلة الهدى اإلسالمية
التــي قــد تُصيبهــا فــي مســيرتها ُ عبــر َّ يبعــث هللا فيهــا مــن مــن الز ِ يجـ ِدّدُ لهــا دينَهــا ،فقــد قــال رســول هللا صلــى هللا عليــه وســلمَّ : (إن هللا ُ يبعــث لهــذه األمَّــ ِة علــى تعالــى رأس ك ِ ّل مائـ ِة ســن ٍة مــن يجـ ِدّدُ لهــا ِ دينَهــا) .رواه أبــو داوود والحاكــم. الرقابــ ِة فــا بــدَّ مــن بقــاء َّ والمراجعــ ِة والتَّصويــب ،وهــذا مــا جعــل مــن خــال الحــركات اإلصالحيَّــ ِة والتَّجديــ ِد والنَّمــاذج صالحيــن الربّانَّيِــة ِمــنَ العلمــاء ال ّ لالقتــداء بهــم ،وال يخلــو قـ ٌ ـرن مــن قــرون األ َّمــ ِة اإلســاميَّة دونهــم بدليــ ِل الحديــث السّــابق ،ومــن ـاء والمجدّديــن اإلمــام هــؤالء العلمـ ِ ابــن تيميــة رحمــه هللا.
بفهــم ب والسُّــنَّة ،واهتــدت الكتــا ِ ِ ـرون المشــهود لهــا بالخي ََّّريــة، القـ ِ وتميَّــزت بالمحافظــ ِة علــى الثَّقافـ ِة اإلســاميَّ ِة النَّقيَّـ ِة األصيلـ ِة الخاليــ ِة مــن ّ الزيــغ واالنحــراف والضّــال والغلــو ،وتنبَّــه اإلمــام ي لخطــر ِ ِ وآثــار االجتيــاح التَّتــر ّ ِ ـر ِك اليهــو ِد للدَّولـ ِة اإلســاميَّ ِة وتحـ ُّ والنَّصــارى. اهتــ َّم اإلمــا ُم رحمــه هللا ور َّكــزَ علــى اعتمــا ِد اللُّغ ـ ِة العربيَّ ـ ِة لغــة صحابــ ِة القــرآن ،وبيَّــن موقــف ال َّ َ مــن ذلــك ،وقــد تمثَّــ َل ذلــك بقــو ِل عمــر رضــي هللا عنــه: «إيّاكــم ورطانــة األعاجــم»،
صحابــةُ يكرهــون أن وكان ال َّ يتكلَّــم المســل ُم بغيــر العربيَّــ ِة ّإل للضَّــرورة. ومــن أبــرز ِ خصائــص منهــجِ اإلمــام َّ ي الذي أن المحـ َ ـور األساسـ َّ ر َّكــزَ عليــه هــو تنقيــةُ التَّوحيــ ِد ـر العبوديَّــة ،وكتــب كتابَــه وتحريـ ُ ـم فــي ذلــك «العبوديّــة» وذكــر الق ِيّـ َ َّ أن العبوديَّــة نوعــان: -1قســريَّةٌ تتمثَّــل فــي كــون هللا ربّنــا ومالكنــا ،وكوننــا خاضعيــن للقوانيــن التــي جــرى عليهــا الكــون ،والسُّــنن التــي ّ نظــم بهــا الخلــق والكــون ،فنحــن بهــذه عبــاد هللا شــئنا أم أبينــا. -2ونــوع آخــر مــن العبوديَّــ ِة نســتطيع أن ندعـ َـوه «ودّ الخضوع اإلرادي» أو «االنقيــاد ال َّ شــرعي» ّ وهــو التَّو ُّجــهُ بالعبــادةِ والطاعــ ِة فيمــا شــرعه هللا لنــا. والبــن تيميــة ســيرة ٌ حافلــةٌ والعلم والمعانــاةِ والمحن، بالجهــا ِد ِ ّ وقــد تضافــرت جهــودُ الحــكاِم ـراء فــي عصـ ِـره مــع جهــو ِد واألمـ ِ بعــض علمــاء السَّــاطين وأهــل
العدد الحادي واألربعون
البــدعِ لمحاربتِــه والنَّيــ ِل منــه، فتصــدّى لــك ِّل ذلــك بالح َّجــ ِة والبرهــان. ـف كتبًــا شـتّى فــي العلــوم وصنَّـ َ والمعــارف ،وتميَّــز بمعرفتِــه للواقــع الــذي يعيشــه بــك ِّل أبعــاده، وكانــت لــه معــاركُ ومناظــراتٌ مــع الفالســف ِة وأباطيلهــم، ق ومــع علمــاء ِ الــكالم والمنطــ ِ ف المنحــرف. صــو ِ والت َّ ُّ وتــرك رحمــه هللا العديــد مــن المؤلفــات قــد تصــل إلــى خمســمائة مصنَّــف ،فكتــب فــي التَّفســير رســالة فــي منهــج التَّفســير وفــي العقيــدة لــه كتــبٌ عديــدة منهــا كتــاب اإليمــان و صــراط االســتقامة و اقتضــاء ال ِ ّ المســتقيم و الفرقــان ،وفــي مناهجِ االســتدالل كتــاب نقــض المنطــق والــرد علــى المنطقييــن و منهــاج الســنة وكتــاب موافقــة صحيــح المنقــول لصريــح المعقــول ،وفــي ـب الفتــاوى ،ولــه كتــاب الفقــه كتـ َ القيــاس وكتــاب العقــود وغيــره الكثيــر. النافذة الفكرية
10
ـار عنــده رحمه كان المعيـ ُ هللا هــو تحقيــق مقاصــ ِد الدّيــن ومصالــح العبــاد، واعتمــد مــا يســ ّمى بالفقــ ِه ي ِ بعي ـدًا عــن األمــور العلم ـ ّ النَّظريَّــة التــي ال حاجــة لهــا ،وكانــت لــه فتــاوى واجتهــاداتٌ فقهيَّــةٌ خالــف الجمهــور وحتّــى فيهــا َ ب األربعة ـ المذاه ـاب ـ أصح ِ َ لمــا تبيَّــن لــه مــن دالالت النَّ ق ِ صــوص فــي تحقيــ ِ المقاصــد والمصالــح ،مــن أبرزهــا: -1جــواز إقــدام الحائــض علــى الطوائــف عنــد الضــرورة وال فديــة عليهــا. -2وأن طــاق الثالثــة المجموعــة وفــي طهــر واحــد وال يلــزم منــه إال طلقــة واحــدة. -3وأن مــن علــق الطالق علــى شــروط والتــزه ال يقصــد بذلــك إلــى الخطر أو المنــع يجزئــه كفــارة يميــن. -4وأن الخلــع ال ينقــص بــه عــدد الطــاق ولــو وقــع بلفــظ الطــاق. -5وأنــه يجــوز التضحيــة بمــا كان أصغــر مــن الضــأن. -6وأنــه يجــوز قصــر الصــاة فــي كل مــا يســمى ســفراً. -7وأن ســجود التــاوة ال يشــترط لــه الوضــوء. والكثيــر مــن الفتــاوى فــي السياســة واالجتمــاع، مســتندًا علــى النّــص، ب وتهــدف إلــى جلــ ِ ُ ودرء المفاســد. المصالــح ِ ُ والحقيقــة َّ أن فتــاواه فــي ق أنقذت آالف األ َُ َّ سـ ِـر الطــا ِ مــن التَّفـ ُّك ِك والضَّيــاع.
ومــن أهــم ســمات منهجــه هــو إعــادة ُ االعتبار ِ ِ ي ،وأنَّــه للمنهــجِ النَّبــو ّ صحيحـ ِة وســيلةُ المعرفـ ِة ال َّ والهدايــ ِة ومعرفــ ِة هللا تعالــى. ويمكــن القــو ُل َّ أن ابــن تيميــة حــ َّل المعضلــةَ المزمنــةَ بيــن العقــ ِل والعلــم والوعــي، ِ ب هــذه فصــو واإليمــان، َّ َ الثُّنائيَّــةَ ليحولَهــا إلــى ِّ تكامــل ،فكتــب «تعــارض العقــل والنَّقــل» أو «موافقــة صحيــح المنقــول لصريــح ا لمعقــو ل » . ابــنُ تيميــة لــم يقتصــر ـص النَّظــر علــى تحــري النَّـ ِ ّ صحيــح ،بــل اجتهــد فــي ال َّ َّ ـص ـ ن ال ـل ـ تنزي ـكان ـ إم ـان بيـ ِّ ِ علــى الواقــع وخصائــص كليف ذلك ،وحـدَّدَ وقــوع الت َّ ِ ومــدى االســتطاعة ،وفــي ذلــك فيقــول« :العا ِلــم تــارة يأمــر وتــارة ينهــى، وتــارة يبيــح وتــارة يســكت عــن األمــر أو النهــي... كمــا قيــل َّ إن مــن المســائل مســائل جوابهــا السُّــكوت كمــا ســكت ال ّ شــارع فــي َّأول األمــر عــن األمــر بأشــياء ،حتــى عال اإلســا ُم وظهــر ،فالعلــم فــي البيــان والبــاغ كذلــك قــد يؤخــر البيــان والبــاغ ألشــياء إلــى وقــت التَّمكيــن كمــا أخــر هللا ســبحانه إنــزال اآليــات وبيــان األحــكام وإلــى وقـ ٍ ت تم َّكــن رســول هللا صلــى هللا عليــه وســلم مــن بيانهــا». ويتابــع رحمــه هللا فيقــول« :فالمحيــي لديــن سـنَّة ال يبالــغ هللا والمجـ ِدّدُ لل ُّ ّإل مــا أمكــن علمــه والعمــل بــه ،كمــا َّ أن الدّاخــل فــي اإلســام ال يمكــنُ حيــن دخو ِلــه أن يُلقَّــن جميــع ـر بهــا كلّهــا، شــرائحه ويؤ َمـ َ ُّ كذلــك التّائــب مــن الذنــوب
والمتعلّــم والمسترشــد ال ِ يمكــن فــي َّأول األمــر أن يأخــذ بجميــع الدّيــن ويُذكــر لــه جميــع العلــم فإنــه ال يطيــق ذلــك ،فــإذا لــم يطقــه لــم يكــن واجبًــا عليــه فــي هــذا الحــال ،وإذا لــم يكــن واجبًــا لــم يكــن للعالــم واألميــر أن يوجبَــه عليــه ابتــدا ًء ،بــل يعفــو عــن األمــر والنَّهــي بمــا ال يمكــن علمــه وعملــه إلــى وقــت اإلمــكان ،كمــا عفــا رســول هللا صلــى هللا عليــه وســلم ع َّمــا عفــا عنهــم إلــى وقــت بيانــه ،وال يكــون ذلــك مــن بــاب إقــرار المحرمــات ،وتــرك األمــر َّ بالواجبــات؛ َّ ألن الوجــوب والتّحريــم مشــروط بإمــكان العلــم والعمــل» مجمــوع الفتــاوى. هــذ الفقــه يمكــن أن نســ ّميَه «فقــه المرحلــة أو الحالــة» ،ومــا أحوجنــا اليــوم إلــى هــذا الفقــه وهــذا الوعــي فــي الدَّعــوة والتَّبليــغ ،ويبقــى ضــرورة االرتقــاء بمســتوى الَّتكليــف لبلــوغ نهايــة المطلوب؛ َّ ألن ـكام ـف مســتمرة ٌ ألحـ ِ التَّكاليـ َ ــاس الدّيــن فــي حيــاة النّ ِ مهمــا كانــت اســتطاعتهم ومســتوى تديُّنهــم. أ َّمــا ح َّجـةُ رفــع ال َّ شــري ِعة بح َّجــ ِة عــدم تأ ُّهــ ِل المجتمــع ألحكامهــا فهــذا أمــر خطيــر؛ َّ ألن تأهيــ َل ٌ المجتمــع يتـ ُّم ضمــنَ أحــكام ال َّ شــريع ِة نفسِــها ،وهــي ـاس إلــى تتكفَّـ ُل بإيصــا ِل النّـ ِ ـزام منتهــى العبوديَّ ـ ِة وااللتـ ِ بمحكمتهــا ومــا جــاء فيهــا. َّ إن فقــه اإلمــام هــذا كان ـر الكبيــر فــي إعــادة لــه األثـ ُ َّ ــص ظــر بمقاصــد الن ِ ّ النَّ ِ وفهمــه ،وعــدم االقتصــاد ِ علــى الت َّ المجــر ِد فســير َّ ِ َّ البعيــد عــن التنزيــل.
وربمــا هــذا معنــى الميــزان انطالقًــا مــن قــول الحــق ً س ْ ــلنَا فمثــا يقــول اإلمــام ســبحانه ((لَقَــ ْد أَرْ َ ت َوأ َ َ نز ْلنَــا السياســة ُرسُــلَنَا ِب ْالبَ ِيّنَــا ِ فــي كتابــه ِّ ْ ْ ــاب َوال ِم َ يــزانَ َمعَهُــ ُم ال ِكت َ َ الشــرعية: َّ ْ َّ ُ ْــط)) ــاس بِال ِقس ِ ِليَقــو َم الن ُ "قلــة اجتمــاع األمانــة
والقــوة فــي النــاس: فالواجــب
فــي
كل
واليــة األصلح بحســبها، فــإذا التقيــت رجــان أحدهمــا أعظــم أمانــة واآلخــر أعظــم قــوة، قــدم أنفعهمــا لتلــك ِّ ُّ وأقلهمــا الواليــة، قــدم في َّ ضــررا فيهــاُ ، ً فــي إمــارة الحــرب ـوي ُّ الشــجاع َّ ـل القـ ُّ الرجـ ُ وإن كان فيــه فجــور، ِ عيــف الض جــل َّ علــى َّ الر ِ
العاجــز وإن كان أمينً ــا"
ســئل اإلمــام األحمــد عــن الرجليــن يكونــان أميــران َّ ي فــي الغــزو وأحدهمــا قــو ٌّ فاجــر واآلخــر صالــح ضعيــف :مــع أ ِيّهمــا يُغزى؟ ي فقــال :أ ّمــا الفاجــر القــو ُّ وفجــوره فقوتُــه للمســلمين ُ َّ صال ـ ُح علــى نف ِســه ،وأ ّمــا ال ّ ـف فصال ُحــه لنف ِســه الضَّعيـ ُ وضعفُــه علــى المســلمين؛ ي ِ الفاجر، فيُغــزى مــع القــو ّ وقــد قــال رســول هللا صلــى هللا عليــه وســلمَّ : (إن هللاَ يؤ ِيّــدُ هــذا الدّيــنَ بالرَّ جــ ِل الفاجــر). ومــن القضايــا التــي اهتـ َّم بهــا اإلمــام ابــن تيميــة ـق المعرفــة والعلــم؛ َّ ُخلُـ ُ ألن ــر ال ُخلُــق العلــم بــدون توفُّ ِ َ لــون إلــى ينقلــب ســوف ُ ٍ ُّ والظلـ ِـم والفســاد مــن البغـي ِ ضــا عو ّيــن، د ال وتفريــق ً مــن أن يكــون مســ ِبّبًا فــي والقــوةِ، الوحــدةِ والتَّكامــ ِل َّ
الحديــد .25
ذلــك َّ ـزان ألن غيــاب الميـ ِ ولــو كان صاحبُــه علــى َّ فــإن شــيءٍ مــن العلــم ي البغــ عل َمــه يقــودُه إلــى ِ ـاس ـس النّـ ِ والتَّطفيــف ،وبخـ ِ ق األذى أشــيا َءهم ،وإلحــا ِ ّــوء بهــم ،ويــؤدّي والس ِ اإلنصــاف وأكل عــدم إلــى ِ ِ الحقــوق وغيــاب ميــزان االعتــدال كمــا يــؤدّي صــب، ق والتَّع ُّ إلــى التَّفريــ ِ وغلبــ ِة النّــزوعِ الحزبــ ّ يِ ّ والطائفــي ،وعنــد فقــدان الميــزان تصبــح الكبائــر المهلكــة مــن الهفــات وتنقلــب الهفّــات واللَّمــم، ُ صغائــر إلــى كبائــر، وال َّ وهــذا مــن أخطــر األمــراض. وهــذا ال يعنــي أن ابــن تيميــة ينكــر وجــود االختــاف ،فهــو يعتبــره ظاهــرة ً طبيعيَّــة ،ومــن ســنن هللا فــي الخلــق ،لكــن االختــاف المحمــود الــذي يتحلّــى بــاألدب ،واختــاف تنــوع ال اختــاف التَّضــادّ ُّ المذمــوم ،لذلــك دافــع عــن أئمــة الهــدى واالجتهــاد وألَّــف رفــع المــام عــن األئمــة األعــام.
قليد الجماعي التي َّ حو ِل من َّ منهج َّ بأنه كسر قيود َّ ابن تيمية تميَّ ز َّ ِ ِ َّ قليد الت األم ِة اإلسالميَّ ة ،وبيَّ ن عطلت الت َ الت ُّ حركة َّ إن َ َ ِ بكل واالتباع واالبتداع إلى االقتداء والس َّن ِة ،ومن خالل فهم القرون الكتاب منطلقا بذلك من فقه شروطه وأبعاده، ً ّ ِ ُّ ِّ ِ المشهود لها بالخيريَّ ة. مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
النافذة الفكرية
11
•أبرز مشــايخه:
ش .عدنــانُ بــن مح َّم ـ ِدــم لديــه َ عــدَس ◄ تعلَّ َ مبــادئ القــراءةِ والكتابــ ِة. ش .مح َّمــد بــنعثمــانَ الخطيــ ِ ب الدُّومــ ّ يِ ب ـر بأســلو ِ ي ِ ◄تأثَّـ َ الحنبل ـ ّ شــيخه وطريقتِــه ،وقــرأ ِ «مختصــر كتــاب عليــه َ ِ للعالَّمــة اإلفــاداتِ» ي ِ. البَ ْلبا نِــ ّ ـام العالَّ َم ـةُ ُمح ـدّ ُِث ال َّ شـ ِ ّ ي ن ـ س ح ال ـن ـ ِي د ال ـدر مح َّمـدُ بـ ِ ِ َ َ ِ ُّ ◄ أخــذَ عنــهُ ،ومد َحــهُ، وأثنــى علي ـ ِه فــي ُكتُبِــه. الفقيــه العالَّمــةي مح َّمــد بــن ال َحيْســوبِ ّ َّ ي نطــاو الط مصطفــى ِّ ي ِ ◄ أخــذَ عنــه األزهــر ّ ت ــم الهيئــ ِة والميقــا ِ ِع ْل َ ب ،إلــى ْ ع أن بــر َ والحســا ِ َّ وناظــر ــف َ فيهــا ،فأل َ بقلــم :نــور الدين طالب وتصــدَّى لتدر ِيســها. العالَّمــة الفقيــه أحمــدُشـ ِ ّ ي ِ ◄ أخذَ ـن ال َّ بــنُ َح َ سـ ٍ ـط ّ ـض. عنــه الفق ـهَ والفَرائِـ ِ العالَّمــةُالمحــدّ ُ ِث •اسمه ونسب ُه: ُ ُ ســليم بــن ياســينَ العَ َّ طــار الع َّ قيه ال َم ُة َ الف ُ هو َ ي ِ ◄ قــرأ َ عليــ ِه الدِّمشــق ّ ُ المحد ُث صولي األ الحديــث ،وأجــازَ هُ إجــازة ً َ ِّ ُّ المفس ُر َّ عبد عا َّمــةً. ِّ ي ُ الن ْح ِو ُّ بن بن اســتمر طلبُــهُ للعلــم َّ أحمد ِ القاد ِر ُ ِ َ ــت فــي دمشــقَ قُرابــةَ ِس ّ ِ ران، مصطفى َب ْد َ صــ َل خاللَهــا ثم ســنواتٍَ ،ح َّ الد ِ يَّ ، يُّ ، َّ وم ُّ الس ْع ِد ُّ ّ الدم ْش ِقي ،الحنبلي ،بجــ ِد ِه واجتهــا ِد ِه مــا ِّ َ ُّ ُّ ص ْلــهُ غيــره فــي لــم يح ِ ّ ُ َ ِ ي. ي َّ السلَ ف ُّ األثَ ِر ُّ ت ِّ الطــوا ِل ،وكانَ السَّــنوا ِ آثــار ال َم ْن َه ِجيَّــ ِة ذلــكَ مــن ِ َّ َّ العلميَّــ ِة التــي لَقنَــهُ إيَّاهــا •والدتُ ُه ونشأتُ ُه: شــي ُخه العالَّم ـةُ مح َّم ـدُ بــنُ ران في ـب ـ رحمــه ابن َب ْد َ ُو ِل َد ُ عثمــانَ الخطيـ ُ ِ هللا تعالــى ـ. دومة سنة بلدة َ َ 1280هـ ،ونشأ بها يقتصــر علــى لكنَّــهُ لــم ْ َ َّ ٍ مــا أخــذ ،وإنمــا أ َكــبَّ تقي ٍة في أسرة َّ بع ـدَ ذلــكَ علــى ال ُمطالع ـ ِة ٍ والده فكان صالحة، َ ُ ع بنفسِــه ،حتَّــى بــر َ َّ رجال أحمد يخ الش ُ ً ُ فــي الكتــاب والسُّــنَّ ِة، وجده َّ يخ صالحاً ، الش ُ ُّ َ َ ب، ي ل ص أل وا ْ ْــن ،والمذهــ ِ ِ أهل مصطفى من ِ ـائر الخـ ِ ومعرفـ ِة ِ ـاف ،وسـ ِ ِ العلم والفضلَّ ، ِ وأول العُلــوم العقليَّــ ِة واألدبيَّــ ِة َّ الشيخ عبد من تعل َم ّ والرياضيَّــ ِة . القادر على يديه. وعــادَ إلــى دوم ـةَ ،وبــدأ مجلة الهدى اإلسالمية
يُلقــي دروسـا ً منتظ َمـةً فــي الكبيــر ،يشــر ُح جامعهــا ِ ِ ي فــي فيهــا الفقــهَ الحنبلــ َّ ب «شــرحِ ُم ْنتهــى كتــا ِ يِ. اإلرادات» للبهوتــ ّ ـت لــه فتنةٌ إلــى ْ أن حصلَـ ْ ومحْ نَــةٌ عظيمــة؛ٌ كبيــرةٌِ ، فهاجــر إلــى دمشــقَ ، َ وعانــى فيهــا مــن الغُربــ ِة والبُعــدِ ،والعُزل ـ ِة والفقـ ِـر، ل ِك ْ ــف ذلــكَ ــن م َّمــا خفَّ َ عن ـهُ مــا لَ ِقيَ ـهُ مــن الوجي ـ ِه ي التَّاجـ ِـر محمــو ٍد البــارود ّ ِ ْــن مــن ت َرحــا ٍ ب و ُحس ِ ضيافــةٍ ،نــز َل عنــدَه مــدَّة َ ســنتين ونصــفٍ . ِ األمــر اســتقر بــ ِه ثــ َّم َّ ُ فــي مدرسـ ِة عبـ ِد هللاِ باشــا العَ ْ جنــوب المســج ِد ــم، َ ظ ِ يِ ،وســكنَ فيهــا األ ُ َمــ ِو ّ ْ علويَّــةٍ ،كانَ فيهــا بغرفــ ٍة ُ ُمقا ُمــهُ وطعا ُمــهُ و َمنامــهُ ســهُ ،وبقــي فيهــا وتدري ُ قُرابةَ نصف قَ ْر ٍن . ِ * َوظائِ ُفـ ُـه َ وأ ْع ُ مال ُه :
تنقَّــ َل ابــنُ بــدرانَ بيــنَ ـف فــي حياتِ ـ ِه، ع ـدَّةِ وظائـ َ العلم وهــي ال ت َ ْعـدُو َمجــا َل ِ والتَّعليـ ِـم ،ومنهــا: 1ـ الت َّ دريــس :تصــد ََّر ُ ـس من ـذُ إقامتِــه فــي للتَّدريـ ِ َ دومــةَ ،فأقــرأ الفقــهَ فــي ـررا ً «الجامــعِ الكبيـ ِـر»ُ ،مقَـ ِ ّ كتــاب «شــرحِ ُم ْنت َهــى َ اإلراداتِ» للبُهوتــي ،وفــي أثنــاء ذلــكَ وضــع عليــ ِه ِ ً حاشــية مفيــدةً. بع ـدَ انتقا ِلــه إلــى دمشــقَ ع ِيّــنَ ُمدَ ِ ّرسـا ً تحــتَ بمـدَّةٍُ ، الجامــع فــي ْــر س قُبَّــ ِة النَّ ِ ِ س يِ ،وكانَ ِّ يــدر ُ األُمــو ّ ـير والحديـ َ ـث، الفقـهَ والتفسـ َ ويميــ ُل فــي درو ِســه إلــى اإلصــاحِ والتجديـدِ ،وم َّما ْــر َّ در َ ســهُ تحــتَ قُبَّــ ِة النَّس ِ األحــكام» كتــاب « ُ ُ ع ْمــدَةِ ِ ِ للحافــظ عبــ ِد الغنــ ّ يِ يِ. المقدســ ّ س ـ أيضــا ً ـ فــي َّ ودر َ ُّميســاطيَّ ِة، المدرســ ِة الس ِ ُّروس إضافــةً إلــى الــد ِ العدد الحادي واألربعون
ــررا ً ص ِ ّححــا ً و ُم َح ِ ّ ُم َ بمطبعـ ِة الواليـ ِة وجريدتِها فــي دمشــقَ ،كمــا بتحريــر جريــد ِة شــاركَ ِ ــس» الدِّمشــقيَّ ِة. «ال ُم ْقتَبَ ِ وأنشــأ َ مجلَّــةَ الحكمــ ِة» ســنةَ «مــوار ِد ِ ( 1 3 9 2هـــ ) . حــف ص ِ وكتــب فــي ال ُّ َ «المشــكا ِة»، كـ ؛ ة ِ الدِّمشــقيَّ ِ و «ال َّ ـام» ،و «الكائناتِ» شـ ِ «الــرأي العــا ِ ّم». و َّ ْ آثــار عــن قيــب 5ـ الت َّ ْن ُ ِ انصــرف ابــنُ دمشــقَ : َ بــدرانَ مــدَّة ً مــن حياتِــ ِه ب عـ ْ ـار دمشــقَ للتَّنقي ـ ِ ـن آثـ ِ بتكليــفٍ من قاضي دمشــقَ ال َّ بــن ِــن ِ شــيخِ عبــ ِد ال ُمحْ س ِ ُ يِ، عبــ ِد ِ القــادر األسْــطوانِ ّ رأس لجنــةٍ، إذ كان علــى ِ َّ مــدارس ــواف علــى للط ِ ِ ـف حالتِهــا، دمشــقَ ،ووصـ ِ ُّ َّ ب، ومــا فيهــا مــن الطــا ِ ومــا قــ ْد تحتــا ُج إليــ ِه مــنْ إصــاحٍ وترميــم...
العلــم، صــ ِة لطلبــ ِة الخا َّ ِ والَّتــي كانَ يقــو ُم بهــا فــي مدرســ ِة عبــ ِد هللاِ باشــا مقــر إقام ِتــ ِه. العظــم ِّ ـر وكانَ ـ م ـ َع ذلــكَ ـ كثيـ َ التنقُّــ ِل بيــنَ قُــرى غوطــ ِة لتعليــم العا َّمــ ِة دمشــقَ ِ ـن الطلَّبَ ِة ـ وتلقي ِهم، د وإرشــا ِ الَّذيــنَ ال يقــدِرون علــى الرحلــ ِة. ِّ ُ ُ شــعب ِة ض ِويَّــة ع ْ ُ -2 ـارف بدومـةَ :تشـ َّكلَتْ المعـ ِ فــي دومةَ ســنة (1309هـ) ُ ـارفَ ،م َه َّمتُهــا شــعبةٌ للمعـ ِ العلــم والثَّقافــ ِة نشــر ُ ِ ــم والتَّربيــ ِة ،وشَــحْ ذُ ِه َم ِ ـاس علــى تعليِــم أطفا ِلهم النَّـ ِ ب وإرســا ِلهم إلــى الكَتاتيــ ِ والمــدارس ،وكانَ ابــنُ ِ ـاء هــذ ِه ـ أعض د ـ ِ بــدرانَ أح َ ال ُّ شــعب ِة. ِيــار 3ـ ت ََو ِلّــي ِ إفتــاء الدّ ِ عيَّــنَ الحجازيَّ ـ ِة بســوريَّةََ : الملــكُ عبــدُ العزيــز آ ِل ِ ســعو ٍد العالمة ابــنَ بدرانَ ، ُ ً ْ ِيــار الحجازيَّــ ِة ُمفتِيــا للدّ ِ •ر َح ُ الت ُه : َ فــي ســوريَّةَ ،وذلــكَ لش ـدَّةِ ابــن ت أُولَــى َر َحــا ِ ُوثوقِـ ِه بـ ِه واعتمــاد ِه علي ِه. ِ هــي رحلتُــه فــي بــدرانَ َ فــي -4التَّصحيــ ُح العلــم إلــى دمشــقَ ، ب تحريــر طلــ ِ ِ المطابــعِ وإدارة ُ ِ واســتقرارهُ بهــا ُمــدَّة ً فــي ا لجر ا ئــ ِد : ث األشــرفيَّ ِة. دار الحديــ ِ ِ عمــ َل ابــنُ بــدرانَ
سير وأعالم
12
باألميــر عبــ ِد ثــ َّم اتَّصــ َل ابــنُ بــدرانَ ِ يِ ،ورافقَــهُ فــي رحلتِــه ِ القــادر الجزائــر ّ الجزائــر، وزار ب وأوربَّــا، إلــى المغــر ِ َ َ ْ ودامــت وتونــس ،وإيطاليــا ،وفَ َرنســا، رحلتُــه سـتَّةَ أشـ ُه ٍر ،صــا َ غ مذ ِ ّكراتِـ ِه فيهــا َّ ُ ب». ع ـهُ ديوانَــه« :ت َ ْســلية اللبي ـ ِ ِش ـ ْعرا ً أودَ َ •م ْذ َه ُب ُه : َ
نشــأ َ ابــنُ بــدرانَ في بيئـ ٍة حنبليَّـةٍ ،وأ َ َّو ُل يِ ،كمــا مــا ابتــدأ َ ب ـ ِه دراس ـةُ الفق ـ ِه الحنبل ـ ّ ـر آ ِنفـاً. حكــى ذلــكَ عــن نف ِســه ،وقــد مـ َّ وألجــ ِل ذلــكَ ت ََو َّج َه ْ ــت عنايتُــهُ لخدمــ ِة وتوضيــح ُ، ه عنــ ب ،والــذَّبّ ِ هــذا المذهــ ِ ِ مقاصــ ِدهِ ،وزادَ مــن ه َّمتِــ ِه فــي ذلــك ا ِت ّصــا ُل أهــ ِل نَجْ ــ ٍد بــ ِه ،وتشــجيعُهم إيَّــاهُ ت علــى علــى وضــعِ الحواشــي والنُّكَــ ِ ـهر كتبِــه الكت ـ ِ ب المعت َم ـدَةِ ،وكانَ مــن أشـ ِ ب كتابُــه «ال َم ْد َخــل إلــى ـ المذه ة ـ خدم فــي ِ ِ َّ ـن َح ْنبَــل» الــذي لــم مذهـ ِ ب اإلمـ ِ ـام أحمـدَ بـ ِ ْ ُ َ ــف فــي موضو ِعــه قبلــه ِمثلــه ،وقــد يؤلَّ ْ تحــد َ ب، َّث فيــه عــن تاريــخِ نشــأةِ المذهــ ِ ُ َّ ـي عليهــا ،وعـ ْ ـن وعـ ِ ـن األصــو ِل التــي بُنِـ َ َ َ ّ ب؛ المذهــ فــي ن المص ت حــا ل ط مص ِفيــنَ ِ ِ ُ ـر ب ـهر الكت ـ ِ َّ المدونَ ـ ِة فيــه ،ولــذا َكثـ َ وأشـ ِ ُ ت العنايــة إليــ ِه، االنتفــا ُ ع بــه ،وتو َّج َهــ ِ ف ُ ط ِب ـ َع ِع ـدَّة َ َ طبَعــاتٍ ،واســتفادَ من ـهُ خ َْلـ ٌ ـق ـر مــنَ الحنابل ـ ِة وغيرهــم ،وكانَ أح ـدَ كثيـ ٌ ِ ـر َر ِة لَـدَى ُمتَفَ ِقّ َهـ ِة الحنابلـ ِة في ـ المق ب َّ الكتـ ِ بــا ِد ال َّ ـام. شـ ِ ـي الحنابل ِة؛ ووضـ َع ابــنُ بدرانَ حوا ِشـ َ صــراتِ» ،و ــر ال ُم ْخت َ َ كـــ «أ َ ْخ َ ص ِ َــرحِ ُم ْنت َهــى اإلرادات» ،و «ش ْ ص ِر «الـ َّ ـر ْو ِ ض ال ُم ْر ِبــعِ» ،و « ُم ْخت َ َ َّ َ اإلفــاداتِ» ،وأل َ ــف فــي تاريــخِ ب ورجا ِلــه «ذي ـاً» علــى المذه ـ ِ َ ب. ت طبقــا ِ ِ ابــن َر َجــ ٍ الحافــظ ِ
ْ عــن ِذ ْكــرى ب ســ َّماهُ« :تسْــ ِليَة اللَّبيــ ِ َحبيــب» ،كمــا تفـ َّـوقَ فــي النَّثْـ ِـر ،فصــا َ غ األدباء ب ِ كتبَـهُ التاريخيَّـةَ والفقهيَّـةَ بأســلو ِ ت كتبُــه ســهلَةً ـاء ،فجــا َء ْ ب الفُقهـ ِ ال بأســلو ِ َّ ب. َّــرةًُ ،مذَللَــةَ ال ِ ّ صعــا ِ ُميَس َ ومــن شــعره أنــه عندمــا زار بــاد الغــرب برفقــة األميــر عبــد القــادر الجزائــري أرســل ألهلــه فــي دومــا قصيــدة طويلــة يمــدح دومــا وأهلهــا ويفضلهــا علــى بــاد الغــرب. ومما قال فيها: َحيَّا ال َحيَا «دُوما» البديعةَ إنها ْ الغراء أضحت جما َل الغوط ِة ِ بلدٌ على ِ اإلنصاف أفض ُل موضعٍ العدو النَّائي أنف رغما ً على ِ ِّ ودرة ُ تاجها هي جنةُ الدنيا َّ ومعادنُ واألدباء العلماء ِ ِ ق هي دُرة ٌ ما َمسَّها من فاس ٍ إال أتْتهُ الألواء تواتر ِ ُ ما ماتَ فيها فاض ٌل إال أتى راء ع ْذ ِ ِمن بع ِد ِه بيتيم ٍة َ َ عاث فيها جاه ٌل إال وقام أو بلواء الحمى ِ مقا َمهُ أ ُ ْسدُ ِ الغرب أحسنَ موطنا ً َم ْن قا َل َّ إن َ عمياء فلق ْد رآهُ بمقل ٍة ِ • مكتبته :
ضهــا اآلخ َُر ت َ َملَّ َكهُ لنف ِسـ ِه، النَّ ْعســان (ت1281:هـــ) ،وبع ُ ِــب لــهُ. أو ُوه َ •مؤلفاته:
تــركَ العَالَّ َمــةُ ابــنُ بــدرانَ ُم َؤلَّفــا ٍ ت كثيــرةً ،فــي ش ـتَّى ،دلَّـ ْ موضوعــا ٍ ـدرهِ ،و َجمي ـ ِل ت َ ـت علــى َجاللَ ـ ِة قـ ِ ّ عارفِــ ِه. اطال ِعــ ِه، ِ ســعَ ِة ِ ُّ فض ِلــ ِه ،و َ علومــ ِه و َم ِ وتنــوعِ ـر وألج ـ ِل هــذ ِه ال ُم َؤلَّفــا ِ ت ال َجليلَ ـ ِة ذا َ ع ِ صيت ُـهُ ،وانتشـ َ ـام التَّجدي ـ ِد ق اس ـ ُمهُ ،وأصب ـ َح َ علَم ـا ً مــن أعـ ِ فــي اآلفــا ِ َ ـرم. واإلصــاحِ فــي القـ ْ ـر ِن المنصـ ِ كتــاب ُ #منادمة_األطــال فــي أشــهر مؤلَّفاتِــه ومــن ُ ِ آثــار دمشــق ،وكتــاب #المدخل_إلى_مذهب_اإلمــام_ أحمد_بن_حنبل •وفاته:
ــر َحياتِــه أصيــب العَالَّ َمــةُ ابــنُ بــدرانَ فــي ِ َ أواخ ِ شـ َّـوا ٍل ســنة ـف مــن َ ِبـ ِ صـ ِ ـداء الفا ِلــج ،وذلــكَ فــي ليل ـ ِة ال ِنّ ْ َّ ُ ـوم التالــي إلى المستشــفى العا ِ ّم (1342هـــ) ،ون ِقـ َل فــي اليـ ِ ــاس عنــهُ. بدمشــقَ ،وانقطــ َع النَّ ُ ســه وكانَ فــي أَثْ ِ ســلّي نف َ نــاء إقام ِتــه فــي المستشــفى يُ َ بن ْ َظـ ِـم ال ِ ّ ض بذلــكَ يـدَهُ اليُ ْســرى علــى الكتابـ ِة، ـر ّ ِو ُ ـعر ،يُـ َ شـ ِ س ـ َّماه« :ت َ ْس ـ ِليَةَ اللَّبيــب ـعر ِه ديــوان َ حتَّــى اجتم ـ َع مــن شـ ِ عـ ْ ـن ِذ ْكــرى حبيــب». َ َ وقـ ْد مكـ َ ـث فــي المستشــفى نَحْ ـ َـو ِسـت َّ ِة أ ْشـ ُهر ،ثـ َّم خــر َج ْ َ منهــا إلــى غرفتِــه في مدرسـ ِة عب ِد هللاِ باشــا العَظــم ،وأكبَّ ـي علــى ال ُمطالعـ ِة حتَّــى أُصيـ َ ـب بضعــفٍ فــي بصـ ِـره ،وبقـ َ ث ســنواتٍ ،حتَّــى وافــاهُ أجلُـهُ فــي مدين ـ ِة كذلــكَ م ـدَّة َ ثــا ِ دمشــقَ 1346/03/29هـــ الموافــق 1927/09/25م، ـر لهـــ. ب ال َّ ودُفــن فــي مقبــرةِ البــا ِ صغيــر ـ رح َمـهُ هللاُ وغفـ َ
امتلــكَ ابــنُ بــدرانَ مكتبـةً علميَّـةً َج ِيّـدَةً، صـةً في ـس المخطوطــاتِ ،وخا َّ تضـ ُّم نفائـ َ َ ضهــا عــن بع ث ر و ، ي الحنبلــ ب المذهــ ِ َ ِّ َ ِ َجــدَّ ِه أل ُ ِ ّمــ ِه ال َّ شــيخِ الفقيــ ِه أحمــد حســين بــن ٍ بــن مصطفــى ِ ِ
•شعره:
كانَ ابــنُ بــدرانَ أديبًــا، ــرا، شــا ِع ًرا ،ناظ ًمــا ،ناثِ ً فقــد تفـ َّـوقَ فــي مجــا ِل ال ّ ِــعر ،فتــركَ لنــا ش ِ َ عــهُ ديوانــا ً ِ كامــاً أ ْودَ َ شــعرهِ، مقاطــ َع مــن ِ ِ
مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
سير وأعالم
13
تقرير الهدى
شــك َّ َّ ب العدوانيَّــ ِة التــي لــم تبدأهــا أن ال ب الحــر ِ تدميــر البُنيــ ِة العلميَّــ ِة للفــرد والمجتمــع كان أحــدَ جوانــ ِ َ ـر ميليشــيات األســد فــي آذار عــام 2011م بــل كانــت قــد بدأتهــا منــذ أكثــر مــن أربعيــن ســنة؛ حــربٌ تسـ ُ ـتهدف تدميـ َ ســوريّين. قــدرةِ األجيــا ِل علــى بنــاء الدَّول ـ ِة والمجتمــع مــن خــال تع ُّم ـ ِد حال ـ ِة الجه ـ ِل فــي أوســاط ال ّ ـأن التَّعليـ ِـم قبــل الثَّــور ِة َّ ي ِ مــن قطاعــات وال يغيـ ُ ـم كـ ِ ـب علــى المهت ّميــن بشـ ِ ـوادر هــذا القطــاع الهــا ِ ّم والمفصلـ ّ أن معظـ َ المجتمــع كانــت وافــدة ً علــى الغوطـ ِة ال َّ سـنَّة، شــرقيَّ ِة مــن مناطــق أخــرى ال يحمــل أهلُهــا ثقافـةَ أهالــي الغوطـ ِة المســلمين ال ُّ ً ـر ســلوكَ لتش ـ ِ ّك َل مدار ُ ســنا ّ ِ بطلبهــا ترب ـةً خصب ـة لــزرعِ ثقافــة أولئــك الوافديــن -أو باألحــرى الوافدات-ثقافــة غريبــة تغ ِيّـ ُ َ ت ونمـط تفكيـ ِـر فلــذات أكبادنــا؛ لتــؤدّي بطبيعـ ِة الحــال إلــى تغييـ ٍـر فــي المفاهيـ ِـم والقيـ ِـم وحتــى العقيــدةِ عندهــم. وعــادا ِ ي ــر وال ّ يقــول المف ِ ّك ُ سِياســ ُّ ال َّ ــهير نعــوم تشومســكي« :إذا ش ُ ب أن أردت تســيطر علــى شــع ٍ َ مــا ،عليــك إغراقُ مســتنقع فــي ــه ِ الجهــل». ق الثَّــور ِة وبدايــ ِة مــع انطــا ِ ـار مرحل ـ ِة التَّحريــر ،وانقطــاع تيّـ ِ المعلّميــن الوافديــن ،ومــع قلــ ِة ِ الكــوادر المؤ َّهلــ ِة فــي الغوطــ ِة ِ وانشــغا ِل كثيـ ٍـر منهــا فــي مختلــف األعمــال الثَّوريَّــة ،بــدأ ال ُّ ــعور ش ُ بوجــو ِد ثغــر ٍة تتَّســ ُع بشــك ٍل مضطــر ٍد إن لــم يتــ ّم تداركهــا.
هــذه المعطيــات دفعــت بشــريح ٍة مــن ال َّ الغيــور ــف ب المثقَّ ِ شــبا ِ ِ ـدف ي ٍ يهـ ُ لالنطــا ِ ق بعم ـ ٍل تعليم ـ ّ إلــى ســ ِدّ الثَّغــرةِ وتلبيــ ِة حاجــة ق أبنــاء الغوطــة ،لترتف ـ َع فــي أف ـ ِ ت هــذا العمــل جملــةٌ مــن العقبــا ِ تمثَّلــت فــي: وانعــدام ت )1شــ ّحِ اإلمكانيّــا ِ ِ مصــادر التَّمويــل ،م ّمــا جعــل ِ تطوعيًّــا. ُجــ َّل العمــ ِل ُّ كثيــر مــن المبانــي )2خــروج ٍ التَّعليميَّ ـ ِة عــن الخدمــة جزئيًّــا أو ب القصــف ،وهــو الــذي ِ كلّيًّــا بســب ِ
لــم يتن ـ ِه ،ومــا زا َل ُمس ـت َِم ًّرا حتــى آخــر هجمــ ٍة اللَّحظــة ،ولــم تكــن ُ َّ ت التعليميَّــ ِة تلــك علــى ال ُمنشــآ ِ التــي شــهدتها بلــدة ُ «حــاس» فــي إدلــب ،وكذلــك فــي مدينــةُ دومــا ي ،والتي را َح مطلــع العــام الدراسـ ّ أكثــر مــن 35طالبًــا!!. ضحيتهــا َ ي المتــردّي )3الوضــع األمنــ ّ الكثيــف الــذي القصــف بســبب ِ ِ ترافــق ومرحلــة التَّحريــر «نهايــة 2012وبدايــة .»2013 )4تكــرار مسلســ ِل النُّــزوحِ عــدم عــا مــن الــذي خلــق نو ً ِ
ـتقرار لــدى عوائــل الغوط ـ ِة االسـ ِ ال َّ شــرقيَّة. ت شــ َّكل مجمــو ُ ع هــذه العقبــا ِ الت َّ األو َل واألكبــر لمســيرةِ حــدي َّ َ َ ّ الت َّ إقنــاع فــي ل ــ ث والمتم عليــم، ِ َ ِ األهالــي بضــرورةِ الدَّفــعِ بأبنائِهــم ق التَّحصيــ ِل الســتكما ِل طريــ ِ والتَّعلُّــم. وبالفعـ ِل تـ َّم العمـ ُل علــى تأهيـ ِل بعــض المبانــي واألقبيــ ِة بمــا توفَّــر ،وحشــ ِد مــا أمكــن مــن ّ ت والخبــرات ،ليبــدأ عــا ٌم الطاقــا ِ ي عنوانُــه التَّحــدي والجــدُّ دراســ ٌّ
وتدريب ِّ الم ِّ الق ِ بقضية ِ فل عليها. راءة ين بكر من ِق َب ِل ِ الط ِ األبو ِ َ هم الوعي ُ ِم َن ُ ّ الم ّ ُّ َّ ِ والز ِ والل َع ِب وما إلى ينة س بشراء اهتماما إال تجد عام ِل مع ِّ الواقع حين يرى رء ِ ّ الفوضوي في ّ المالب ِ َ ً الطفل ،فال ُ الت ُ َ يتأل ُم َ َّ الم ُ
ٍ وتجد ُ ّ منسوب مجل ٍت ُمتَ َخ ِّص َص ٍة تَ رفع من تشتري كُ تُ ًبا أو شيء في هذا إال أن األسر تُ َف ِّع ُل كُ َّل ذلك من أمو ٍر ماديَّ ٍة بحتة، ِ ُ َ ِ الكائ ِن الجديد. عام ِل مع هذا وضاح بن هادي #أسرة_تقرأ الوعي في ّ ِ الت ُ مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
تقرير الهدى
14
العــام بإنجــاز واالجتهــاد ،تكلَّــ َل ِ ِ ي ِ 2013كامـ ً ـان ـا وبامتحـ ٍ الدِّراس ـ ّ َّ عــا ٍ ّم لل َّ شــهادَت َين الثانويَّ ـ ِة وشــهادةِ ي ،فتكتم ـ َل بذلــك التَّعليـ ِـم األساس ـ ّ ُ خطــوة ٌ أساســيَّة فــي مســيرةِ لعنصــر عليــم كان التَّربيــ ِة والت َّ ِ ِ ال َّ األكبــر فــي َّور ُ ب الــد ُ شــبا ِ إتمامهــا. ِ ُ وهنــا التمعــت فكــرة المعاهــ ِد ســط ِة حاملــةً فــي طيّاتهــا المتو ِ ّ ُّ َّ ســها التي الظـ ـروف والتحدِّيــا ِ ت نف َ َ ي ،ونمــت حملَهــا التَّعلي ـ ُم المدرس ـ ّ ـتمرت باألم ـ ِل ذاتِــه، الفكــرة ُ واسـ َّ ً ت وبنــا ألبنــاء ة مانحــةً فرصــ ِ ِ الغوطــ ِة فــي اســتكما ِل المســيرة. عليــم إرســا ُء قواعــ ِد الت َّ ِ ُ عليــم ي، واالنطــاق بالت َّ ِ المدرســ ّ ق مرحل ـ ٍة ـا ـ بانط ي آذنَ ِ األكاديم ـ ّ ِ جديــدةٍ عنوانُهــا الدُّخــو ُل فــي مجــاال ٍ ـر أكاديميًّــا ،وترميـ ُم ت أكبـ َ وتدعيــ ُم القواعــ ِد مدرســيًّا وذلــك مــن خــال: المــدارس )1زيــادة عــد ِد ِ فــي الغوطــ ِة ال َّ شــرقيَّ ِة لتصــ َل إلــى أكثــر مــن 115مدرســة، ت باإلضاف ـ ِة لعــد ٍد مــن المؤسَّســا ِ صــة «الخيريَّــة» تضــم الخا َّ ً قرابــة 50000طالبًــا وطالب ـة فــي إحصائيَّــ ٍة تقديريَّــ ٍة لبدايــ ِة العــام ي ِ «.»2017 _ 2016 الدِّراســ ّ )2إنشــاء مديريَّــ ِة التَّربيــ ِة فــي ريــف دمشــق وإتبــاع المج َّمعــات والمكاتــب الفرعيَّــة لهــا. )3ربــط العمــ ِل فــي الغوطــ ِة ال َّ شــرقيَّ ِة بمســتويا ٍ ت أعلــى مــن الت َّ ق مــن خــال وزار ِة نســي ِ التَّربيــ ِة فــي الحكومــ ِة السّــوريَّ ِة المؤ قَّتــة. )4إقامــة دورا ٍ ت مكثَّفــ ٍة للمــدن ة َّــ ب التَّعليمي ِ فــي المكاتــ ِ ِ والبلــدات ،تهــدف إلــى رفــع
مجلة الهدى اإلسالمية
مســتوى الكــوادر علميًّــا وتربويًّــا وإداريًّــا ،وقــد عبَّــر األســتاذُ إبراهيــم النّــدّاف لمجلَّــ ِة الهــدى اإلســاميَّ ِة عــن أم ِلــه فــي أن تكــونَ الغوطــةُ ال َّ شــرقيَّةُ ومــع نهايــة العــام 2017م قــد اكتفــت عليــم بالكــوادر ذاتيًّــا ِ المحلّيَّــ ِة للت َّ ِ ِ المدرســي. ت )5توســيع اختصاصــا ِ ســط ِة لتصبـ َح ثالثــة المعاهـ ِد المتو ِ ّ معاهــد: أ) معاهــد تتبـ ُع لــوزارة التَّربيــة: المدرســين وهــي معاهــدُ إعــدا ِد ِّ الرياضيّــات، بع ـدَّ ِة فــروعٍ منهــاّ ِ : اللُّغــات الثــاث عربيَّــة وإنجليزيَّة وفرنســيَّة ،العلــوم العامــة :علــم معلّــم صــف. األحيــاء والكيميــاءِ ، ب) معاهــد تتب ـ ُع لجامع ـ ِة حلــب فــرع الغوطــ ِة ال َّ شــرقيَّة ،والتــي عليــم تشــرف عليهــا وزارة ُ الت َّ ِ العالــي فــي الحكومــ ِة المؤقَّتــة وهــي :المعهــد التَّقانــي ِ ّ الطبّــي، المعهــد المتو ِ ّ ســط لــإدارةِ والمحاســبة ،المعهــد التَّقانــي لإللكتــرون. معهــد القبالــة «التَّوليــد» والــذي ص َّحــ ِة فــي يتبــع لــوزار ِة ال ِ ّ َّ الحكومــ ِة السّــوريَّة المؤقتــة. صــة: )6األكاديميّــات الخا َّ والتــي ال تتبــع للجامعـ ِة الحكوميَّة «جامعــة حلــب» وعددهــا أربــع: ع • أكاديميَّــة مســار :وفيهــا فــرو ُ سِياســيَّة ،المعلوماتيَّــة، العلــوم ال ّ ِ ـوم القضائيَّــة. ـ العل ـة، ـ حاف ص ال َّ ِ • أكاديميَّــة العلــوم الط ِبّيَّــة: ِ صيدلــة ،المعالجــة بفرو ِعهــا :ال َّ صناعيَّــة، الفيزيائيَّــة ،األطــراف ال ِ ّ التَّمريــض ،التَّمريــض المســاعد، دبلــوم تمريــض العنايــة الم َّ شــددة. كلّيَّــة الدَّعــوةِ اإلســاميَّة: • ِ عــي الدَّعــوةِ وال َّ شــريع ِة بفر َ
ا إل ســا ميَّة . ت كلّيَّــة الغوطــ ِة للدِّراســا ِ • ِ ا إل ســا ميَّة . صــد ِد يشــير الدكتور وفــي هــذا ال َّ س فــي عبــد القــادر نعنــاع -المـ ِ ّ ـدر ُ أكاديميَّــة مســار-إلى َّ أن الغوطــة، ورغــم قلَّــ ِة إمكانيّاتهــا مقارنــةً بال َّ المحــرر، َّ شــما ِل السّــور ّ يِ فقــد حقَّقــت تقدُّ ًمــا نوعيًّــا وك ِ ّميًّــا فــي ملــف التَّعليـ ِـم علــى مســتوى َّ وإن هــذا المحــررة، ســوريا َّ يشــير إلــى درجــ ٍة عاليــ ٍة التَّقــد َُّم ُ أبنــاء الغوطــ ِة مــن الوعــي ِ لــدى ِ ال َّ ـاح ـ س د ـو ـ وج ة ِ شــرقيَّ ِة لضــرور ِ ِ ب البندقيَّــ ِة فــي العلــم إلــى جانــ ِ ِ معركــ ِة التَّحريــر. ب وال يمكــنُ إغفــا ُل جانــ ِ صــة المؤسَّســات التَّعليميَّــ ِة الخا َّ دور «الخيريــة» ،والتــي كان لهــا ٌ ب عــد ٍد ال بــأس بــه فــي اســتيعا ِ مــن ُّ الطـ ّ ـاب ،وأضفــى وجودُهــا ت رو ًحــا تنافســيَّةً بيــن المؤسَّســا ِ ب المختلفــة ،فــكان مــن والمكاتــ ِ ثمــرات هــذا الت َّ نافــس حصــو ُل ِ ّ ب الغوطــ ِة ال َّ شــرقيَّ ِة علــى طــا ِ ب األولــى لل َّ شــهادَت َين المراتــ ِ ـررةِ ق المحـ َّ علــى مســتوى المناطـ ِ لألعــوام الثَّالثــ ِة السّــابقة، ِ آخرهــا حصــو ُل الطالبــ ِة وكان َ الــر ّوا ِد بتــول بللــه مــن مــدارس ُّ ِ ّ التَّربويَّــ ِة علــى الدَّرجــ ِة التا َّمــ ِة امتحــان الثَّانويَّــ ِة العا َّمــة، فــي ِ والمرتبــ ِة األولــى علــى مســتوى المحــررةِ عمو ًمــا. ســوريا َّ أن الت َّ ّإل َّ ي يفتــح عليــم الخيــر َّ َ مجـ ً ب مــن قِبَ ـ ِل بعــض ـال للتَّالع ـ ِ ّ الســتجرار المــا ِل قين المتســل ِ ِ عليــم بهدفِــه النَّبيــ ِل وتحويــ ِل الت َّ ِ السّــامي إلــى تجــارة ،م ّمــا يُلقــي علــى مديريَّــ ِة التَّربيــ ِة أمانــةَ ضبــط هــذه المؤسَّســات وإيجــا ِد ِ لتنظيــم ت المعاييــر واآلليّــا ِ ِ ِ ومتابعــ ِة عم ِلهــا بمــا يتناغــ ُم مــع أبنــاء الغوطــة. مصلحــ ِة ِ أ ّمــا المشــكلةُ ُ األبــرز التــي عليــم والتــي مــا زالــت تواجــهُ الت َّ َ عالقــةً حتّــى اليــوم هــي مشــكلةُ ي، توفيــر الكتــا ِ ِ ب المدرســ ّ ُ ي المدرســ المنهــاج ة فطباعــ ِّ ِ ت المطلوبـ ِة لسـ ِدّ الحاجـ ِة بالك ِ ّميّــا ِ ــف للغايــة ،يحتــا ُج ٌ أمــر ُمك ِل ُ ت بشــك ٍل مالييــن الــدّوالرا ِ َّ الكتــب ألن نظــرا مســتمر؛ ّ ً َ َّ َّ لــف بتقــاد ُِم الزمــن، ض للت ِ َّ تتعــر ُ
العدد الحادي واألربعون
ب وال ِنّظــا ُم اعتبــر إدخــا َل الكتــ ِ َ إلــى الغوطــ ِة بمثابــ ِة إدخــا ِل ب ال ِ ّ ســاح ،كمــا أحــاط ملـ َّ ـف الكتـ ِ المدرســيَّ ِة بشــروطٍ مجحفــ ٍة بحــق التَّعليــم ،وحيــث يســعى ٍّ ب ورقــ ٍة سياســيَّ ٍة فــي هــذا لكســ ِ المجــال ،كمــا َّ أن المو ِ ّجهيــن االختصاصيّيــن للمــوا ِدّ الدِّراس ـيَّ ِة ـرروا وبعــد الدِّراسـ ِة والتَّقييـ ِـم َّ أن قـ َّ ـب اليونيســف التــي دخلــت إلــى ـ كت ُ َ ـرا ال تصلــح كمناه َج الغوطـ ِة مؤ َّخـ ً دراســيَّةٍ ،فمعلوماتُهــا ســطحيَّةٌ ـوف الحلقـ ِة صــا لصفـ ِ جـدًّا وخصو ً الثانيــة والتعليــم الثانــوي. ت الثَّوريَّــةَ َّ إن حاجــةَ المؤسَّســا ِ للكــوادر ت بمختلــف المجــاال ِ ِ ِ النَّوعيَّــ ِة علميًّــا وثقافيًّــا وفكريًّــا توجــب علــى المؤسَّســ ِة الثَّوريَّــ ِة لتجــاوز َّــعي َ ِ تطويــر ذاتِهــا والس َ ــق مصلحــةَ ت بمــا يح ِقّ ُ العقبــا ِ ّ ب ويحفــ ُ ظ ثوريَّــةَ التَّعليــم. الطالــ ِ َّ ي كمــا أن الواقــ َع الثَّــور َّ َ ّ مختلف ع تض ة ـ اهن الر ت ـا ـ ِي د والتَّح ِ ّ ُ َ َّ ت الثوريَّــ ِة «مــن إغاثيَّــ ٍة الفعاليَّــا ِ وخدميَّــةٍ ،وإداريًّــة ،وسياســية» تضعُهــا أمــام مســؤوليَّتِها فــي دفــعِ عليــم قُد ًمــا ،فاإلنســانُ عجلــ ِة الت َّ ِ هــو الثَّــروة ُ األهــ ُّم أليَّــ ِة أ َّمــة، والتَّعلي ـ ُم هــو مــن أقــوى عوام ـ ِل فكــر وشــخصيَّ ِة وثقافــ ِة بنــاء ِ ِ ال ُّ شــعوب.
ٌ إرادة ال َتلين
كُ ُّل ٍ وأطفال سوريَّ َة يوم َمجزرة،... ُ هم... ر بإصرا عون تاب تعليم ُ ُي ِ ٍ َ َ ُهم َي ُ الحياة في رون َ نش َ ِ َمدا ِر ِس ِ هم ويصنعون هم، مالع َب ُ َ زاوية فا ِرغةُ ،هم َي ِ ٍ في كُ ِّل ون بتك ُر َ َّ ِ الخاص َة للتفكير... ه ُم وسائلَ ُ َّ ُّ للن هوض ...للحياة... ِ هم يقولون بكُ ِّل لُ َغ ٍة: َ ِ ومكت ِباتنا خر ُج إلى مدا ِر ِسنا سنَ ُ ِ ومساج ِدنا ومنا ِز ِلنا... ومعاه ِدنا ِ ِّ بالحق الذي َمعنا، بإراد ِتنا، لنواج َه ِ َ ِب ُح ِب َ رض... األ ِ ّ ي ما تَ ِ لنَ ِ هدمون... بن َ ِ عجزَ تنا ُهم لم عد ُم ِ يستوعبوا َب ُ الباقية... إبادتنا على قد ِر ما ُي ِ حاو َ لون َ حافزً ا ِلنُ ِ ون ِ واصل... َيخ ِل ُق َ رابطَ عود إلى كُ ِّل ما ُي ُ ِلنَ خيفهم فنُ ِ َ ِ ٍ ِ ِ ل سيلة قاو َم ِبكُ ِّل َو ه... ل وألج فيه نُ ِ ُم ِ مكنَ ة
إيمان ُمح َّمدfacebook /
تقرير الهدى
15
الحــق لومــةَ الئــم ،ويدعــو فــي ِّ ً تحــر ِر صراحــة إلــى وجــوب ُّ ـتعمار التَّشــريعي، األ َّمــة مــن االسـ ِ أحــكام ال َّ شــريع ِة بالرجــوعِ إلــى ُّ ِ ب تمي ُِّزهــا اإلســاميَّة ،ووجــو ِ فــي تقاليدِهــا وأزيائِهــا فــا تكــون نســخةً ب فــي مشــوهةً للغــر ِ َّ أفــكاره وتقاليــدِه ،وهــو مــا أثــار ِ العلمانيّيــن عا َّمــة والماركســيّين صــةً وجعلَهــم يهاجمــون خا َّ الغزالــي.
َّ الثورة ،والشــرارة الفكرية
ُمقتطفات من مقاله للدكتور محمد مختار الشنقيطي في مدونات الجزيره بعنوان "أوراق الربيع" ************ من َأ َه ِّم الظّ واه ِر في َّ ِ ورات الث ِ اريخ العظيمة التي َغيَّ َرت وجه ّ الت ِ َ الفكري ُة الشرارة لك الب ُ شري ِت َ َ ّ ِّ الم َم ِّ هدة للثورة ،والمصاحبة لها ُ في مسارها. ذات شأن من غير تكون فال ٌ ثورة ُ ُ ٍ شرارة فكريَّ ِة تُ شعلها في البداية، تكون دليلَ ها في مسارها، ثم ُ وأفقها إلى المستقبل. َ ٍ خميرة فك ِريَّ ٍة وأخالقيَّ ٍة ومن غي ِر َّ ورة ً ِ أصل ،بل ناضجة ال تنجح الث ُ حرب عدميَّ ٍة ،وإن هي تتحو ُل إلى َّ ٍ ِ ِ فإنها معركة نجحت في الهدمّ ، َ ِ تَ َ فتضيع البناء، فش ُل في معركة ِ ُ تضحيات ُّ هدرا. عوب الش ُ ِ ً ون من َّ الش ِ رارة فقد امتلَ ك الفرنسي َ ّ الفكريَّ ِة واألخالقيَّ ِة ما يكفي إلشعال َّ الثورةِ ، لك َّنهم لم َيمتلكوا ِ دليل َّ ً للث ِ ورة في ِمنها ما يكفي ِ االنزالق وعاص ًما لها من مسا ِرها، ِ الذ ِ ِ ِ والحرب ات است إلى نزاف ّ ِ مية... األهليَّ ِة َ الع َد ّ ِ العربي بيع انبالج فج ِر إن ثورات الرَّ ِ َ ِّ ِ في ِخ ِ العام 2010م لم تام زادا نظري بناء ُأ ُف ٍق ُ يكون ً صح ُ َي َ ٍّ به ُ ُّ ِ وضامنً ا لحم ِتها، م في عوب للش ِ َ َ ْ ِ ِ ِ ِ وجهادها لعدم وأد ُجهدها ِ ياسي. الس ّ ّ
األ ُف ِق َّ بناء هذا ُ ظري الن َ ِّ ويستل ِز ُم ُ َّ ِ ورات تاريخ الث ميقا في تأم ًل َع ً ُّ ِ الم ِ وف ِ ِ نط ِق ومآالتهاَ ، هم َ
االجتماع وقوانين اخلي الد ِ ِ ّ ِّ واستيعاب ِ ِ العبرة فيها، ة م ك ِ المتَ َح ِّ َ ُ التي تَ َو ُّف ِرها َّ جربة التاريخيَّ ة، الت ُ ِ ِ الفكري الذي الحصاد وهضم ِّ العقول اإلنسانيَّ ُة في هذا عته أبد ُ َ ُ ِ المضمار ************
مجلة الهدى اإلسالمية
الشــيخ محمــد الغزالي الوطني ومعركـ ُـة المؤتمـ ِـر ّ بقلم أ .عامر يوسف
يعــدُّ ال َّ شــي ُخ مح َّمــد الغزالــي أعــام «1996-1917م» مــن ِ العصــر الحديــث، اإلســام فــي ِ ِ ً َّ العالــم فــي ه نظيــر ل قــ ة وداعيــ ُ ِ ي ِ اليــوم. اإلســام ّ ُولــد فــي قريــة «نــكال العنــب» بمديريــة البحيريَّــة المصريَّــة، َّ ألســرةِ محافظــة ،وقــد ســ ّماه ب هــو «محمــد والــده باسـ ٍـم مر َّك ـ ٍ الرســو ِل الغزالــي» تي ُّمنًــا باســم َّ ِ اإلمــام الغزالــي. وباســم ِ ِ فــي ســنة 1937م ،انتقــ َل إلــى ق باألزهــر ،ثــ َّم القاهــرةِ لاللتحــا ِ صــص فــي الدَّعــوةِ واإلرشــاد، تخ َّ ف علــى تعــر األثنــاء هــذه وفــي ِ َّ َ جماعــ ِة اإلخــوان المســلمين، وتتلمــذَ علــى يــ ِد ال َّ شــيخِ حســن ـرا ،ووضــع البنّــا ،وتأثَّــر بــه كثيـ ً ق الدَّعــوة أقدا َمــه علــى طريــ ِ والفكــر واإلصــاح. ِ عمــره كلَّــه ي َ عــاش الغزالــ ُّ لإلســام ،محاربًــا للقــوى المعاديــ ِة لــه فــي الدّاخــ ِل
ّي لتيّاراتهــا، والخــارج ،والتَّصــ ِد َ والعمــل علــى هــدم أوكارهــا، وهتــك أســتارها ،وكشــف عمالئهــا .وهــو هنــا مقاتـ ٌل عنيــد، ال يستســل ُم وال يطأطــئ ،وال يليــن ،وكان يشــتدُّ ويحتــدُّ فــي ـدر كالمــوج، نزا ِلــه الفكــري ،فيهـ ُ كالرعــد ،ويــزأر ويقصــف َّ ُ كاللَّيــث ،حتّــى إنَّــك لتحس ـبُه فــي ً مقاتــا فــي بعــض مــا يكتــب ِ ً معركــة ،ال مجــادل فــي قضيَّــة، القلــم الــذي فــي يــده، وتحســب ُ َ الرم ـ ُح فــي يــ ِد كأنَّمــا ال َّ ـيف أو ُّ سـ ُ ابــن الوليــد. ِ مواقــف جريئــةٌ فــي ولــه ُ ّ معار ِكــه الفكريَّــة تمثِــ ُل معالــم ّ وضيئــةً ومحطــا ٍ ت أساســيَّةً فــي حياتــه ،مــن أبرزهــا موقفــه فــي عقــد ي ِ الــذي ُ ِ المؤتمــر الوطنــ ّ ســنة 1962م فــي القاهــرة أيّــام إقــرار عبــد النّاصــر مــن أجــ ِل ِ ي ٍ يُفــرض ميثــا ٍ ي ٍ علمانــ ّ ق وطنــ ّ ي علــى األ َّمــة؛ فوقــف الغزالــ ُّ وقفــةَ العالــم العامــل ،ال يخشــى ِ
العدد الحادي واألربعون
تحــرك وبإيعــاز مــن السُّــلط ِة َّ ٍ رسَّــام الكاريكاتــور «صــاح جاهيــن» فرســم 14رس ـ ًما تحــت عنــوان «تأ ّمــات كاريكاتوريــة فــي المســألة الغزاليــة» فــي يســخر فيهــا جريــدة األهــرام، ُ ي ِ وعما َمتــه ومبادئــه، مــن الغزال ـ ّ أن كلمــةَ وهــذا إنَّمــا يــد ُّل علــى َّ ي ِ قلبــت موازينَهــم، الغزالــ ّ ً وأصابــت منهــم مقتــا ،وهــو ســلطانُ ـوف معهــم ال ُّ فــردٌ ،وهــم ألـ ٌ صحافــةُ واإلعــام. وال َّ الجماهيــر المســلمةَ وغــاظ َ ض شــي ُخها وإما ُمهــا أن َّ يتعــر َ لهــذه السُّــخريا ِ يٍ ت مــن صحفــ ّ أثيــم ،فخرجــت مــن الجامــعِ األزهــر بعــد صــاة الجمعــة فــي مظاهــرةٍ شــعبيَّ ٍة غاضب ـ ٍة ض َّمــت عشــرات األلــوف ،واتَّجهــت إلــى دار األهــرام تعلــن احتجا َجهــا ِ واضطــرت الدَّولــةُ وســخ َ طها، َّ ــم األوضــاعِ فــي خوفًــا مــن تفاقُ ِ البــاد وخوفًــا علــى حيــاة جاهيــن ـذارا عن للتَّد ُّخـ ِل فجعلتــه يقـ ِدّ ُم اعتـ ً جريمتــه ،ومــن ثـ َّم طــوت صفحــة ي بذلــك ميثاقهــا ،فنقــ َل الغزالــ ُّ ـوم إلى الحكومـةَ مــن موقـ ِ ـف الهجـ ِ وفــوتَ عليهــا موقــف الدِّفــاع، ِ َّ َ ـادئ الهدّامــة. ـ المب ـرض ـ ف ة فرصـ ِ ِ لقــد ســخر ال ُّ ي جاهيــن شــيوع ُّ َّ ولكــن مــن عمامــة الغزالــي، ي وقــف بعدَهــا فــي الغزالــ َّ ً المؤتمــر قائــاَّ : «إن تحــت هــذه العمامـ ِة رأس مف ِ ّكــر ،كان يحارب ُّ ـم واإلقطــاع ،أيــام كان أمثــال الظلـ َ هــذا قواديــن لفــاروق» .وخــرج ع الهامــ ِة مــن المعركــ ِة مرفــو َ محفــو َ ظ الكرامــة ،مرعيًّــا بتأييــد هللا تعالــى. 16 ثقافية فكرية
ِّ ًّ سياســيا مفك ًــرا وناشــطً ا جمــال الّ ديــن (1838-1897م) ،الــذي ُيعــرف باألفغانــي، يعــدُّ ُ ومناهضــا لالســتعما ِر ة، وللجامعــة اخلــي الد لإلصــاح داعيــة ا، كبيــر اإلســاميَّ ً ً ّ األوربــي،
ولــد وترعــرع فــي أســعد أبــاد األفغانيــة ،ألســرةٍ محافظــة، ثــ َّم انتقــ َل إلــى الهنــد فــي 1869م ب أهليَّــ ٍة فــي علــى خلفيَّــ ِة حــر ٍ أفغانســتان ،واضطــر نتيجــةَ ُّغــوط البريطانيَّــ ِة إلــى الض ِ مغادرتهــا لمصــر ،ومنهــا إلــى اســطنبول فــي 1870م ،وبعــد انتقــادا ٍ ت شــديدةٍ ُو ِ ّجهــت لــه هنــاك ،عــاد إلــى مصــر مجــدَّدًا فــي 1871م ،ليقضــي فيهــا ثمانــي ســنوات تعـدُّ أكثــر فتــرات حياتــه ـف حولَــه حلقٌــة ـرا ،حيــث التـ َّ تأثيـ ً ُّ ّان علمــاء وغيــر علمــاء ب ـ ش ال مــن ِ ومســلمين وغيــر مســلمين، مــن أمثــال محمــد عبــده وســعد زغلــول. ي مريديــه علــى شــ َّج َع األفغانــ ُّ ي ِ مــن اإلســام قــراء ِة التُّــراِث ّ وجهـ ِة نظـ ٍـر جديــدةٍ ونقديَّــة ،وإلى الفكــر ب عــر ِ الت َّ ُّ ف علــى مذاهــ ِ ِ
ي ِ الحديــث ،وإلــى االهتمــام الغربـ ّ صحافــ ِة كأداةٍ وافــدةٍ إلــى بال َّ وزرع فيهــم الحيــاةِ اإلســامية. َ ت الغربيَّ ـ ِة ـداء للتَّد ُّخــا ِ نزع ـةَ العـ ِ َّ ـأن اإلســامي، المتزايــدة فــي الشـ ِ وحاجــةَ المســلمين للنُّ هــوض ِ والوحــدةِ لمواجهــ ِة األخطــار التــي تته ِدّدُهــم. ســلطاتُ بعــد أن ضاقــت ال ُّ عــا باألفغانــي المصريَّــة ذر ً سِياســيَّ ِة والدّينيَّــ ِة، ونشــاطاته ال ّ وطردتــه مــن مصــر؛ عــاد إلــى ــر األوضــاع الهنــد، ً ونظــرا لتوت ُّ ِ َّ فــي مصــر مطلــع الثــورة ســلطاتُ العرابيــة ،تح َّملــ ِ ت ال ُّ ً البريطانيَّــةُ وجــودَه فيهــا خوفــا مــن محاولتِــه العــودة َ للقاهــرة. فــي ،1883غــادر إلــى أوروبــا ليبــدأ مرحلـةً جديــدة ً مــن نضالــه، بعــد أن ســقطت مصــر تحــت وأحــس االحتــا ِل البريطانــي، َّ
ص َر ّ يب الل ِه َق ِر ٌ َأال ِإ َّن َن ْ
تغريدات للدكتور الدين؛ عبد المنعم زين ّ منسق عام بين الفصائل
مجلة الهدى اإلسالمية
ومــن
أشــهر
اإلصالحييــن ّ
اإلســاميين ّ
ي َّ أن مــن واجبــه تصعي ـدَ األفغان ـ ُّ ـض ضــد اإلمبراطوريــات التَّحريـ ِ األوروبيــة ،واســتدعى إلــى باريــس محمــد عبــده ،وفــي 1884م أصــدر االثنــان العــدد األول مــن مجلــة "العــروة الوثقــى" التــي صــدر منهــا 18 عــددًا فحســب ،وكان لهــا األثــر ي ِ فــي العميــق فــي الفكـ ِـر اإلســام ّ القــرن التّاســع عشــر. نهايــة ِ ت مــا بعــدَ سلســل ٍة مــن التنقُّــا ِ بيــنَ إيــرانَ وروســيا والبَصــرةِ ولنــدنَّ ، ي حطــت رحــا ُل األفغانــ ّ ِ فــي اســطنبو َل بنــا ًء علــى دعــوةٍ ـلطان عبــد الحميــد ،وكان مــن ال ُّ سـ ِ ـلطان فــي جع ـ ِل سـ ـرا لل ُّ ســندًا كبيـ ً ِ سياســ ِة الجامعــ ِة اإلســاميَّ ِة سياســةً رســميَّةً للدَّولــة، ي ِ لأل َّمـ ِة ومواجهـ ِة التَّحـدّي الغربـ ّ ـائس اإلســا َّمية ،قبــل أن تُف ِسـدَ دسـ ُ ي ِ عالقتَــه بعـ ِ ـض كارهــي األفغان ـ ّ
بــر َ طــوا َل يا َمــن َرزَ قَ ُكــ ُم هللا #ال َّ ص َ ّ ت الماضيــة ،وأل َه َم ُك ـ ُم الثبــاتَ فيمــا ســنوا ِ ال ّ ُ ُ ـور ت َع َجـ ُ َ َ ـز ـ م أ ل ـ م ح ت ـى ـ عل ـم ـ ك ن وأعا ـى، ـ ض َم َ ُّ ِ ُ ٍ #الجبــال# ،ال_تقنطــوا مــن عــن َحم ِلهــا ِ رحمــ ِة هللا. ويــا َمــن خرجتُــم عــن #قناعــ ٍة تا َّمــ ٍة ـق اثبتــوا واص ِبــروا ،فـ َّ ـإن بأنَّ ُكــم علــى #الحـ ّ ِ ّ نجـ ٌ ـز لكــم وع ـدَهَّ ، وإن هللاَ لــن يتخلــى هللاَ ُم ِ ّ ُ ـق ،وسيس ـ َحق الباط ـ َل ولــو عــن أه ـ ِل الحـ ِ بع ـدَ حيــن. العدد الحادي واألربعون
فــي
القــرن
التاســع ّ
عشــر.
بالسُّــلطان ،ليفــارق الحيــاة َ بعــد ســرطان فــي ت ذلــك بمضاعفــا ِ ٍ الفــم. ُ عندمــا جــاءت لحظــة وفاتِــه كانــت العزلــةُ والمــرارة ُ قــد أخــذت منــه مأخــذًا .حل ُمــه فــي الوحــد ِة اإلســاميَّ ِة لــم يتحقَّــق، وال اســتطاع المســلمون تحقيــقَ صمــودَ أمــام ٍ نهــوض يســتطي ُع ال ُّ زحــف القــوى األوروبيَّــة. ِ ت غــم مــن اال ِت ّهامــا ِ وعلــى َّ الر ِ وال ُّ البعــض يثيرهــا شــبها ِ ُ ت التــي ُ ُ وأبرزهــا انتمــاؤه حــول األفغان ـ ّ يِ ي ِ فــي مصــر، للمحفــ ِل الماســون ّ َّ ي ـ األفغان أن ُ: ل ّإل إَّنــه يمكــن القــو َّ ي علــى افتتــح َّ الــردَّ اإلســام َّ الت َّ ق المســبو َيــر غ و الكبيــر حــدي ِ ِ َّ ّ ـرنُ الــذي ش ـكله القـ التاس ـ ُع عشــر للعقـ ِل وطاقـ ِة الفعــل اإلســاميَّين، وم َّهــدَ َّ الطريــقَ لمــن جــاء بعــدَه وســار علــى در ِبــه.
َّ الطريــق، ويــا َمــن أتعَبَ ُكــم طــو ُل وأرهقَ ُكــم البــا ُء ،و َمسَّــ ُك ُم الضَّيــ ُم، ً ُ وز ِلزلتُــم ِز لــزال شَــديدًا ،انتظــروا بَعــدَ ّ ً فجــرا ُمشــرقا(( ،وتِلــكَ األيّــا ُم ــام ً الظ ِ نُدا ِولُهــا بيــنَ النّــاس)). ض َّرعــوا إلــى هللا فَ ُهــو العَلي ـ ُم بالحــال، ت َ َ ُ َ جيــب م ال ــو ه ف م ك َــكوا ش ه إليــ وارفعــوا ُ ِ ُ ُ للسُّــؤال ،وأحســنوا َّ الظ َّ ــن بــاهلل ،فلَــن يَخذُلَنــا ،ولَــن يُّض ِيّعَنــا ،وقــد تكفَّ ـ َل بال ّ ـام شـ ِ وأَه ِلــه. 17 ثقافية فكرية
هتافاتُنــا حــدَّ الجنــون ،وهــي تعــري فرعونيَّتــه وتهــدم صنميَّت َــه، ّ لتتر َكــه قز ًمــا يرعبُــه المــوت ســحقًا تحــت أقدامنــا ،ليهــرع مــن ي ِ الباســل» الــذي فــوره مذعـ ً ـورا مســتنجدًا بجيشِــه «العقائــد ّ بتحرير فلســطين. يشــحذ ســيفَه منــذ خمســين عا ًمــا ،متغنيًّــا ِ وإذ بمعرك ِتــه األولــى والوحيــد ِة تكــون مــع شــع ِبه.
ت ال أنكــر أنّــي قلَّبــتُ صفحــا ِ ُ خواطــري ،مالحقًــا العنــوانَ الــذي ســوف تنســد ُل تحت َــه تدوينتــي األولــى. وكعادتهــا تطــ ُّل مضيئــةً ُّ تشــق صفــوف أفــكاري بجدائلهــا َ صعـةً َ المرخــاةِ علــى عاتقيهــا ،مر َّ بال ُّ ـهداء كأميــرةٍ ينحنــي لجال ِلهــا شـ ِ ك ُّل مــا ســواها ،وتهمــس بثقــة :هــا أنــا ذا وصلــت. ت سِــ ِ إنَّهــا اليتيمــةُ ابنــةُ ال ّ ســنوات ،إنَّهــا ثورتُنــا ،جدليَّــةُ الحيــا ِة والمــوت ،والقضيَّــةُ الكبــرى التــي باتــت تتربَّ ـ ُع علــى ـرش اهتماماتنــا .ســفينةُ النَّجــاةِ عـ ِ َّ َ التــي حملت ثلـة المؤمنيــن األولى ثــوار ،2011وعصمتهــم مــن ّ حضيــض ق فــي ِ مــن الغــر ِ أذكرهــم الخنــوع .أولئــك الذيــن ُ جميعًــا بأســمائهم ووجوههــم، وابتســاماتهم وجراحهــم. غمرهــم عنفــوانُ أولئــك الذيــن َ التَّكبيــر ِة األولــى ،وتملَّكَهــم كبريــا ُء المظاهــرةِ األولــى، الزال صــدى هتافِهــم يتــردَّدُ فــي ت حناجــر بــات أعماقــي بصــو ِ ـر أصحا ِبهــا اليــوم فــي زمــر ِة أكثـ ُ ال ُّ شــهداء. فخــر كبيــر ذاك حيــن تُلقــى ٌ عليــك ُحلَّ ـةُ المجــد ،وتنــال وســام العـ َّ ـزةِ كثائـ ٍـر ،لتكــون عينًــا تقابــل ّ ّ مخــرز الطاغيــ ِة بــا خــوفٍ فتكســره .طاغيــةٌ أغضبتــه مجلة الهدى اإلسالمية
حــارا د ُم َّأو ِل شــهي ٍد ارتقــى علــى كــم كان ًّ ت مســج ِد ســعد فــي ذات جمعـ ٍة ثوريَّــة، عتبــا ِ مشــينا وراءه طويـ ً ـر تمضي ـر خضـ ٌ ـا وطيـ ٌ َّ ق تحــت العــرش، بــه إلــى قندي ِلــه المعل ـ ِ بينمــا ســنعود نحــن لنكمــ َل معركتنــا قرصــان الممانعــ ِة والمقاومــ ِة مــع ِ المزعومــة ،كان مــن الواضــح أنَّــه الب ـدَّ مــن البندقيَّــة ،فهديــر هتافاتِنــا ـار العــزالء لــم يكــن كافيًــا لمحـ ِو عـ ٍ َّ تلطخنــا بــه خمســين عا ًمــا. ِّ متقطعــةٌ ـاص ليليــةٌ رشــقاتُ رصـ ٍ هنــا وهنــاك ،تشــي بقلَّــ ِة ذخيرتِنــا، وتشــهدُ أنَّنــا أحرقنــا مراكبنــا، واخترنــا ّ اللرجعــة... مغادريــن تركنــا مدينت َنــا وأصابــ ُع أرواحنــا تتش ـب ُ الرحي ـ َل ِ َّث بجدرانِهــا ،تأبــى َّ ُّ ُّ ت المؤدِّيـ ِة ـا ـ رق والط ـا ـ ه ل مداخ ل ك ـالت ـ س ـا بعدمـ ِ ِ ت وناقــات الجنــود ،حتّــى ظننّــا إليهــا بالدَّبّابــا ِ ـدس التــي وعدونــا يو ًمــا علــى مقاعـ ِد لوهلـ ٍة أنَّهــا القـ ُ الدِّراســ ِة أنَّهــم يُ ِعــدّون العُــدَّة َ لتحريرهــا. ـرة َ َّ لكـ َّ أن مــن احتـ َّل مدينتــي يو َمهــا هــو ذاتُه ـن الحقيقـةَ المـ َّ ي المقاومــ ِة والممانعــة ،الــذي بــاع الجــوالن لمــن يحتــ ُّل دعــ ُّ َ َّ ُ ـوم بعــد ـ الي ـراء ـ الخض ة ـ المدين ـن ـ لك ها، ب ـع ـ ش د ـر ـ ويش ـوم ـ الي ـدس ِّ َ القـ َ َ َ ـررة. أربــعِ ســنوات رغــم أن ِفــه محـ َّ هــي بضــ ُع مشــاهد نقشــتُها هنــا؛ ألنَّهــا كانــت البدايــة ،بدايــة الحيــاة حريَّتنــا السَّــليبة؛ لذلــك الحقيقيَّــة ،هــي خطوتنــا األولــى ســعيًا للوصــو ِل إلــى ِ ّ ِــت ســنوات» هــي تدوينتــي األولــى. س ِّ أردت أن تكــون «اليتيمــةُ ابنــةُ ال ّ ـر وال أدري كيــف اســتدعيت جيــوش الذِّكريــات المحتشــدة اآلن وراء نصــل قلمــي ،تنتظـ ُ ـكب علــى صفحـ ِة البــوح ،لعلَّــه الحنيــنُ لل ُّ ـوم شـ ِ ـهداء ،...أو لربمــا هــو الخـ ُ أن تنسـ َ ـوف مــن هجـ ِ ت علــى كاتبهــا ،فتبقــى حبيسـةً ال تســتطي ُع ال َّ شــهادة َ علــى أجمـ ِل حقبـ ٍة فــي ثور ِتنــا اليتيمــة ،لكــن المــو ِ ـف وأكبـ َح جمــا َح القلــم. مــا أتيقَّنــه اآلن ،أنّــي يجـ ُ ـب أن أكـ َّ ـعر بصقيــعِ الوحــدةَّ ، ألن قائمـةً طويلـةً مــن األســماء التــي ستنســاب وربمــا لــو أنّنــي واصلــت الكتابـةَ سأشـ ُ حلمنــا بيــن ال ُّ ـدران القلــب ،أســماء راحليــن كنّــا يو ًّمــا شــركاء فــي ِ ســطور ،أســماء منقوشــةٌ بالنّـ ِ ـور علــى جـ ِ ـر اليتيمــة ،وهــي البـدَّ منتصــرة ٌ ولــو كــره المتآمــرون. الكبيــرِ ، حلمنــا بــأن تنتصـ َ محمــد طــال بازرباشــي أبو عبد الرحمن الســوري مدونــات الجزيرة عــن تدوينة في ّ
العدد الحادي واألربعون
النافذة الثورية
18
الفجر إني أرى َ بر ً اقا ّ
ّ الشاعر األستاذ
عبد الرحمن صالح العشماوي الرياض ١٤٣٨-١-١٨
َأ ِ تبعث بها الحزَ نا قوافيك ال سك ْت ْ َ ال تَ ِ يمنا شاما وال بك مصرا وال َ ً ً حين تُ لْ ِ ه ُبنا فيد القوافي َ ماذا تُ ُ
َّ ُحزنً ا وتُ ِ والش َجنا جد الو َ شع ُل فينا َ
المجد َّ واتخذوا قوم َك َع ُّقوا القوم َ ُ ُ
لهم من ُّ الذ ِّل في بح ِر الهوى ُس ُفنا للعدو فال تَ َعلْ َمنوا واستكانوا ِّ
قوما أصبحوا ُج َبنا قوافيك تُ ْس ِم ْع ً َ هم قومك قد باعوا القوم كرامتَ ُ َ ُ ُ ِ ِ ستحصلوا الثّ َمنا بين ولَ م َي للغاص َ
حو ْل َمسيرتَ ها َأ ْس ِك ْت َ قوافيك أو ّ حسنا حتى ترى َح َسنً ا مالم ْ يكن َ
ِ تخاذُ لَ ه ف ّأيها الم ْبدي َ الخاط ُر ُ ِق ْ ِ هنا لصوت أراك يامن اليأس ُمرتَ َ ِ َ َ أن قافيتي ماذا َدهاك َأتَ نسى ّ
ِ والفتَ نا قد أقس َمت أن تُ عادي الشرَّ َ وأن تُ ِ رافعة دين هللاِ ً ناص َر َ اإل ِ واإلحنا الحقد باء وتأبى رأس ِ َ َ َ بعض قومي في تَ خاذُ ِلهم نعم؛ أرى َ اإلحساس ُم ْمتَ هنا جامد وبعضهم ِ َ َ الء الكُ ف ِر قد نفضوا نعم؛ أرى ُع َم َ راب وصاحوا ِّ عاب لنا ريش ُ بالن ِ الغ ِ َ نت رالي ٍة َع َف ْ يب ّ وأشغلونا ب ِل ْ ِ الع َفنا خاب َمن َي ريحا وقد ستحس ُن َ ً َ ِ بالله لو ُو ِزنَ ْت ثقة لكن لي ً ّ
ِ قلب َمن وزَ نا ألرضت اسيات بالر ْ ّ َ تخاذُ لَ ه الم بدي َ غدا ترى أيُّ ها ُ ً ْ
ِ الجهاد َدنا أهل نصراً قريباً إلى ِ لوح لنا إني أرى الفجر ّبر ً اقا َي ُ َ أراه ُهنا ُم ِّ الداجيُ ، بدداً ليلَ نا ّ
ٌ أحــداث مؤلمــة فــي تمــر بنــا ٌّ نعيــش اللحظــةَ الحــرب، أيــام ُ القصــف ونحــنُ تحــتَ وابــ ِل ِ ب. ت والمــو ِ ُّ والرعــ ِ ـاعر علــى ـس هــذ ِه المشـ ُ وتنع ِكـ ُ ُّ تصرفاتِنــا و ِكتاباتِنــا فــي مواقــعِ ي ،ف ُهنــا التّوا ُ صــ ِل االجتماعــ ّ وآخــر يلعَــنُ ــر، ٌ ُ شــخص يَتَذَ َّم ُ المريــر ،ورجــ ٌل ينت ِقــدُ، الواقــ َع َ شـ ِت ِه ـ يجل ـر ـ آخ وهنــاك ـس خلف شا َ ُ ّ صغيــرةِ وقــد تولــى َم َه َّمــةَ ال َّ تحويــل الحبّــة إلــى قِبّة-مــنث وتحلي ِلهــا إلــى تهويــ ِل األحــدا ِ ســيناريوها ٍ ت ســودا َء ُمظلمــة ،ال ـص األمــل. ـ بصي ـا ـ فيه تــكاد تَــرى َ ولألســف؛ نحــن كناشــطينَ ثوريّيــن ُجــز ٌء مــن هــذه صــا ِعندمــا ِ األصنــافُ ،خصو ً منز ِلــه أو فــي ُنــا د أح ُصــاب ي ُ ِ ُ َ ـرتِه َ -ح ِفـظ هللاُ الجميـ َع ِمــن ك ِّل أسـ َ ـوء-يتحو ُل مباشــرة ً إلــى ُمنفَ ِعـ ٍل سـ َّ عفًــا. ليعيــش األلــم ُمضا َ َ َ أبــي َح ِف َ ظــهُ هللاُ كانَ دائِ ًمــا ت فــي ســاعا ِ ِ االقتحــام وزَ ّخِ ـونُ ـ ه ي ـا ـ لن منز ب ـ ن جا ـاص ِب ُ ِ َّ الرصـ ِ ِ ِ َ ِّ َ َ والخــوف بقولــه: ــم ل أل ا علينــا َ َ «ليــش لحتــى نمــوت مرتيــن»؛ صــاب َوقَــ َع بنــا فأكثِــروا ال ُم ُ ُّ َّ ــوك ِل عليــ ِه، ِمــن ذ ِ ِكــر هللاِ والت َ بالخــوف وال ت ُ ِميتُــوا قلوبَ ُكــم ِ و ا لضَّعــف . ث ِقــوا بــاهللِ فهــو ســبحانه معنــا، ويــرى حالَنــا ،ويعلَــ ُم ُمصابَنــا،
مجلة الهدى اإلسالمية
ربّــي عـ َّ ـز و َج ـلّ) فصــاروا خَلفَــه صفو فًــا... ُ
زمن ـي في ِ الوعـ ُ الحرب
#التجعل_األلم_مضاعف ًا كتبه :منير عبد العزيز
-الغوطة الشرقية 2016/10/12-
فقــال( :اللهــم لــكَ الحم ـدُ ُكلُّــه، ســطت ،وال الل ُه ـ َّم ال قابِـ َ ـض لمــا بَ َ ســ َط ِلمــا قَ هــادي وال بضــت، با ِ َ َ َ ِلمــن أضللــتَ ،وال ُم ِضــ َّل لمــن ــي لمــا َمنعــتَ ، هديــتَ ،وال ُم ِ عط َ َ ب وال مانِـ َع لمــا أعطيــتَ ،وال ُمقـ ِ ّ ـر َ عــدتَ ،وال ُمب ِعـدَ لمــا قرَّ بــت. لمــا با َ
ســط عَلينــا مــن بَ َركاتِــكَ الل ُهـ َّم اب ُ لخيــر َــب ذلــكَ علينــا إال ومــا َكت َ ٍ َ ورزقِــكَ . يعلمــه هــو وحــده ســبحانه ،ونحــنُ ورح َمتِــك وفض ِلــكَ ِ ليــس لنــا إال االلتجــاء علــى بابــه، الل ُهـ َّم إنــي أســأُلَك النَّعيـ َم ال ُمقي َم واليقيــن بأنــه معنــا يســمع ويــرى .الــذي ال يحــو ُل وال يــزول. ب إن ِكــر ال ُمصــا ِ ُ تــداو َل ذ ِ الله ـ َّم إنــي أســألُكَ النّعي ـ َم يــو َم ـوب ويُض ِعـ ُ ـار يُو ِهــنُ القُلـ َ والدَّمـ ِ ـف العيلــة ،واألمــنَ يــو َم الخــوف. َّ ُ العزيمــة ،وكذلــكَ كثــرة التحليــ ِل ـر الل ُه ـ َّم إنــي عا ِئــذٌ ِبــكَ مــن شـ ِ ّ األســو ِد البعيــ ِد عــن أقــدار هللا ِ وشــر مــا َمنَعتَنــا، ِ ً مــا أعطيتَنــا ِّ ب َموتــا لَيَجعَــ ُل مــن ال ُمصــا ِ الل ُه ـ َّم ح ِبّــب إلينــا اإليمــانَ َ وزيّنــه ُم َحت َّ ًمــا. فــر فــي قُلوبِنــا، ِّ وكــره إلينــا ال ُك َ ـث ُّ ـب علينــا أن نَبُـ َّ الطمأنينـةَ والفُســوقَ والعصيــان ،واجعلنــا يَ ِجـ ُ ــاس ،ونَربِ َ ط ُهــم ِمــنَ الرّ اشــدين. فــي نفــوس النّ ِ ِ ُّ َّ ـن ـن التـ َـوك ِل علــى هللاِ ،واليقيـ ِ بِ ُحسـ ِ الل ُه ـ َّم ت َ َوفَّنــا ُمســلمين ،وأحيِنــا ُخطأ َ بـ َّ نا، ي ل ـن ـ يك ـم ـ ل ـا ـ ن ب أصا ـا ـ ـأن م ِ ِ َ وألحقنــا بالصّالحيــنَ ُمســلمينَ ، ِ َ َ ومــا أخطأنــا لــم يكــن ليصيبَنــا. غيــر خزايــا وال َمفتونيــن. َ والقــار ُ ي ِ صلــى ئ لد ِ ِ ُعــاء النَّبــ ّ ــرةَ الذيــن اللهُــ َّم قاتِــ ِل ال َكفَ َ ـي ـ ف ب ـا ـ ص م ال د ـ بع ـلم ـ وس هللا عليــه ِ َ ُ يُك َِذّبــونَ ُرسُــلَك ويصــدّونَ عــن غــزوةِ أ ُ ُح ـ ٍد يُـ ِ عليهــم ِر َ جــزكَ ـدركُ هــذه المعانــي ســبي ِلكَ ،واجعــل ِ بحـ ّ ـق: ــرةَ وعَذابَــك ،اللهُــ َّم قاتِــ ِل ال َكفَ َ ـق). ل ّمــا كانَ يــو ُم أ ُ ُحــ ٍد وان َكفَــأ الذيــنَ أوتــوا الكتـ َ ـاب إل ـهَ ال َحـ ّ ِ شــركون قــا َل رســو ُل هللاِ ورواه النســائي والحمــد هلل رب ال ُم ِ العالميــن. صلــى هللا عليــه وســلم: (اســتووا حتــى أُثنــي علــى
العدد الحادي واألربعون
النافذة الثورية
19
لماذا التاريخ؟؟ قــد أنــز َل هللاُ تعالــى هــذه اآليــةَ ـوار الكريم ـةَ ليَ ُحثَّنــا أن نَســبر أغـ َ التّاريــخ ،ونَتَدَبّــر مــا جــرى مع ُهــم ،ونتعلَّــم مــن أخطائهــم، ع ِب ِمثلهــا ،فقــد فنتفــادى الوقــو َ ُ أمرنــا ديننــا بــأن نَنظــر فــي األوليــن ،ثـ َّم أ َ َم َرنــا بمعرفـ ِة ُ سـن َِن َّ تاريــخِ نب ِيّنــا؛ وأن نت َّ ِخــذَه أُســوة ً لنــا فــي حياتِنــا وجهادِنــا؛ لنكــونَ َّ عــز ِم َّمــن يرجــونَ رضــى هللاِ وجــ َّل ،ويرجــونَ الفــوزَ باليــوم ِ لماذا التّاريخ؟! اآلخــر ِ الل نعم؛ لماذا التاريخ؟ ((لَقَــ ْد كَانَ لَ ُكــ ْم فِــي َرسُــو ِل َّ ِ سـنَةٌ ِلّ َمــن كَانَ يَرْ جُو َّ أُ ْ ـوةٌ َح َ سـ َ اللَ ألنــه خَزينَــةُ الماضــي بِــ ُك ِّل ـر َّ ـرا)) تجاربــه و ُ اللَ َك ِثيـ ً ـر َوذَ َكـ َ َو ْاليَــوْ َم ْال ِخـ َ آالمــه طموحــه، ِ ــره، آخــر وآما ِلــه ،بــ ُك ِّل دُرو ِســه و ِعبَ ِ ثُــ َّم أ َم َرنــا فــي موضــع َ ــر المتــاك بات ّبــاع أخبــار األنبيــاء ٍعليهــم فهــو مفتــا ٌح ِ ِ الحاض ِ ِ ِ ِ ُ ِ ِ كمــا قــال هللا تعالــى(( :سُــنَّةَ َّ اللِ ســام حيــن قــال عـ َّ ـز ِمــن قا ِئــل: ال ّ الَّتِــي قَــ ْد َخلَ ْ ــت ِمــن قَبْــ ُل َولَــن ســنَّةُ اللِ ت َ ْبد ً ((أولئــك الذيــن هــدى هللا ت َ ِجــدَ ِلسُــنَّ ِة َّ ِيــا)) ،ف ُ هللاِ ثابتــةٌ فــي هــذا الكــون ،فــإن اقتــده))... فبهداهــم ســنَنَهُ فيمــن كان قبلنــا رأينــا ُ ـر مــن ثُغــور فدراس ـةُ التّاريــخِ ثغـ ٌ صيرنــا. ِ استشــرفنا َم َ ب اإلســام الــذي مــن واجــ ِ ِ ُ ب األ َّم ـ ِة أن يَن ِفــروا لــه كــي شــبا ِ ــر ال يُ َح ف تاريخنــا ،وال نَكــونَ َّ َ ً ي ِ الــذي ُ عرضــة للغــز ِو ال ِفكــر ّ يَنت َ ِه ُجــه أعــدا ُء األ ُ َّمــ ِة ســبيالً للدُّخــو ِل إلــى ماضينــا؛ فَيُــزَ ّ ِوروا تاريـ َخ أبطا ِلنــا ،وتُمحــى ُر ُ موزنــا ــم عــن هــذه مــن ِ غيــر أن نَعلَ َ ً الرمــوز شــيئا ،لذلــك علينــا أن ِ ُ ســؤاالً ها ًّمــا: ــنا س ف أن نســأل ُ َ
ٌ ٌ وكلمات عن ومضات العلماء شيخ سلطان ِ ِ ِّ بن عبد السالم اإلسالم العز ِ «ت660هـ» وكتبه محمد وائل الحنبلي
قــال اإلمــا ُم النّــووي عــن العـ ِ ّـز ســام: ـن عبــد ال َّ بـ ِ ال َّ شــيخ اإلمــام ،المج َمــع علــى إمامتــه وجاللتــه وتم ُّكنِــه فــي أنــواع العلــوم وبراعتِــه ... قــال الذهبــي عــن العـ ِ ّـن عبــد ـز بـ ِ السالم: شــيخ اإلســام ،بلــغ رتبــةَ االجتهــا ِد مــع ُّ الزهــ ِد والــورع، واألمــر بالمعــروف والنَّه ـي ِ عــن صالبــة فــي الدّيــن. المنكــر ،وال َّ قال الذهبي:ل ّمــا ولــي العـ ُّ ســام ـز بــنُ عب ـ ِد ال َّ الخطابــةَ بدمشــق فــرح بــه مجلة الهدى اإلسالمية
والتاريــ ُخ عــاوة علــى ذلــك ســيكونُ ركيــزة ً لنــا فــي ال ُمســتقبل، ي لهــذه األ ُ ّمــة كمــا باقــي العلــوم ،فأ ُ َّمــةُ اقــرأ فالتاريــ ُخ أمــر َجوهــر ٌّ ُ ـر أ ُ َّمـ ٍة ـ خي ـي ـ وه ـن، ـ العالمي ب ـ حبي ة ـ أم ـة، هــي أمـةُ ال ِعلـ ِـم وال َمعرفـ ُ ِ ربّ ِ َــر. ــر ِ خر َجــت للنّــاس؛ تأ ُم ُ بالمعــروف وت َنهــى عــن ال ُمنك ِ أُ ِ أ ُ َّمــةٌ لهــا تاريـ ٌخ عريـ ٌ األرض إلــى ســا ُم إلــى آدم عليــه ال ّ ِ ـق ُمنـذُ نُــزو ِل َ ـام الســاعة. قيـ ِ المسلم أبو عمر ُ
المســلمون ،وكان ال يخــاف فــي هللا لومـةَ الئــم؛ لقـ َّـوةِ نف ِســه وشــدة تقــواه.
والتفنُّن في العلوم . أخــذ عــن العـ ِ ّ ســام ـز بــن عبــد ال َّ كثيــرون ،ومنهــم:
-قال عنه ابن كثير:
شــيخ اإلســام ابــن دقيــق العيــد، وال ّ صاحــب ــهاب القرافــي ش ُ ُ الفــروق ،ابــنُ فــرح اإلشــبيلي، وأخيرا أقول: ً الحافظــان الدمياطــي وأبــو شــامة ي فــي محبَّتــي وكتابتي ـ ل ال المقدســي. ـوم علـ َّ َ ّ بــن ـز عــن ســلطان العلمــاء العــز ِ ـض األمــراء مــن العـ ِ ّ طلــب بعـ ُ ـارا لنــا، عبــد الســام فقــد كان جـ ً بــن عبــد السَّــام وهــو علــى نشــأ وتربّــى بمنطقــة ّ الكلســة بعــض فــراش المــوت أن تكــون ُ قريبًــا مــن بيتنــا. وظائفــه ألوالده؟
العجــب جمــع مــن العلــوم َ العجــاب ،قيــل :إنــه بلــغ رتبــةَ االجتهــاد ورحــل إليــه الطلبــةُ مــن ســائر البــاد ،وصنَّــف المصنَّفــات المفيــدة ،وقــال عنــه ضــا :جمــع علو ًمــا كثيــرة، أي ً مــدارس بدمشــقَ س بعــدَّةِ َّ َ ودر َ ُ صـدَ بالفتاوى ق و ـا، ـ َه ت خطاب ـي ـ وول ِ مــن اآلفــاق ،وكان لطيفًــا ظريفًــا .فقال :ما فيهم َمن يصلح لها. قال عنه الحافظ ابن حجر:ِّ العــز بــن عبــد مــن كالمعالــي الهمــة بعيــدَ الغَــور ا لسَّــا م : كان َ فــي فهــم العلــومَّ ، درس وأفتــى الجهــاد ضربــان :ضــرب صــف و حتــى وصنَّــف وبــرع، ُ بالجــدل والبيــان وضــرب بأنَّــه بلــغ رتبــةَ االجتهــاد- ،كان بالسَّــيف وال ِسّــنان. قائ ًمــا باألمــر بالمعــروف ال يخــاف بذلــك كبيــرا وال صغيــرا ،من كالم ِ ّ العز بن عبد السَّالم: ً ً مــع ُّ الزهــد والتق ُّ شــف ،والــورع ســاح العالــم عل ُمــه ولســانُه ،كمــا العدد الحادي واألربعون
َّ أن ســا َح الملــك ســيفُه و ِســنانُه. ُّ العــز بــنُ عبــد السَّــام خــرج كبيــر إلــى القتــال وهــو شــي ٌخ ٌ ســاحات ،وحصــل والجهــاد فــي ال ّ لــه بذلــك عــدة ُ كرامــات.
النافذة التاريخية
20
الفردي والعمل ـي ـل ِّ ِ بيــن العمـ ِ َّ المؤسسـ ِّ لــم يعــد خافيًــا َّ أن العمــ َل خيــر وأولــى مــن ي ٌ المؤسَّســ َّ ي ِ الــذي ال يــزال العمــ ِل الفــرد ّ ـراض المســلمين، مر ً ضــا مــن أمـ ِ ُ يــرث الدُّعــاة ُ إلــى هللا شــيئًا وقــد مــن هــذه األمــراض؛ ومنهــا الدَّعــوة ُ الفرديَّــةُ التــي تتضــاء ُل نتائ ُجهــا مقارنــةً بنتائــجِ العمــ ِل ي. ي ِ المؤسَّســ ّ الجماعــ ّ
ي الــذي يســودُ العمــ َل المؤسَّســ َّ يفــرض علــى أصحابِــه أن ُ معاييــر محــدودة ٌ تكــونَ لديهــم ُ وهــذه الموضوعيَّــةُ تنمــو مــع ت والحــوارات ،أ ّمــا ـو ال ِنّقاشــا ِ نمـ ّ ِ ي فمــردُّه قناعــة العمــ ُل الفــرد ُّ القائــم بالعمــل. ِ
ي للعمــل ُ -4االســتقرار ال ِنّســب ُّ ُ ي يِ ،أ َّمــا العمــل الفــرد ُّ المؤسَّســ ّ ت األفــراد، ـر بتغيُّـ ِـر اقتناعــا ِ ميّــزات ومــن العمــل فيتغيَّـ ُ كنــتُ فــي خـ ِ ّ ـار إلــى الفُن ـدُق، ـار لركــو ِ ب ســيارةِ مــن ال َمطـ ِ ـط االنتظـ ِ ومجــيء ب قائــ ٍد ِ ي :ويتغي ُ َّــر بذهــا ِ المؤسَّســاتي عــن العمــل الفــرد ّ ـس غايـةً فــكانَ نصيبــي سـيّارة ٌ فــي غايـ ِة النَّظافــة ،يَل ِبـ ُ ـس ســائِقُها مالبـ َ آخــر. -1أنَّــه يح ِقّ ُ ــق صفــةَ التَّعــاون فــي األناقــة. التــي حـ َّ ي ـث عليهــا القــرآنُ الكري ـ ُم ُ -5العمــ ُل المؤسَّســ ُّ ـاب لل ُجلــوس ،وقــال« :اســمي أحمــد ،وأنــا أكثــر نَــزَ َل ال ّ ـي البـ َ ســائِ ُق وفَتَـ َح لـ َ ً َّ ْ ُ اونــوا َ وال ُّ ((وتَعَ َ سـنَّةُ النَّبويَّــة َ ق الســيّارةِ علَــى وســطيَّة ،إذ هــو يجمــع بيــن كافـ ِة ســائِقُكَ هــذا ال ّ ضــ ُع َحقائِبَــكَ فــي ُ صبــاحَ ،ريثمــا أ َ َ صنــدو ِ ْ ّ ْ ُ َّ َ َ َ ـى ـ ل ع ا ـو ـ ن او ع ت ال و ى ـو ـ ق ت ال و ـر ـاوتُ َ ـ تتف ـي ـ الت ت ـدرا ـ والق ت ـا ـ اق الط ِ ِ َ َ َ َ ْالبـ ِ ّ َ باتــي ال ُمدَ َّونَــةَ فــي هــذه ال ِبطاقــة»؛ فــإذا بهــا: واج َقــرأ َ ِ ت َســت َطي ُع أن ت َ َ ـرعِ َ ِ اإلثْـ ِـم َو ْالعُـ ْد َو ِ طريق ـةٍ، ان)) المائــدة ،2وقولــه فــي اتّجاهاتِهــا ،م ّمــا يســاه ُم «أســعدَ هللاَ أوقاتَــكَ ُ ،م ِه َّمتــي أَن أ ُ ِ وصلَــكَ إلــى َهدَفِــكَ بأسـ َ َّ ّ ّ ً َ هللا (يــد وســلم: عليــه هللا صلــى ُ ُّــط س و ت ال نحــو ي أ الــر ه جــا ت ا فــي ِ ً ِ َ َّ ّ ي ٍ ُمريــح». د و ـو ـ ج ب و ، ة ـ ف ل ك ـا ـ ه وأقل ـا، ـ ن أما ـا ـ ه ر ث وأك ِ ِ ِ َ ٍّ ُ ّ ِ مــع الجماعــة) صحّحــه األلبانــي. َ غالبًــا ،أ ّمــا الفــرد ُّ ي فــي المــرآة وقــال« :هــل ـركَ أحمــد بال َّ ي فهــو نتــا ُج وقَبـ َل أن يتحـ َّ ّارةِ نَظـ َ سـي َ ـر إلـ ّ فــرد. ه ــ ج وتو فــرد، ي رأ ُّ ِ ِ ت َر َ ي فــي السـيّارة القهــوة التــي تــودّ ،فقلــت غـ ُ ـان قَهــوة؟ فلــد َّ ـب فــي فُنجـ ِ كمــا َّ ـام أن العبــادا ِ ت فــي اإلسـ ِ ُ َ ُ ت البــاردة! ،فقــال« :مرحبًــا، ضــ ُل ال َمشــروبا ِ ــكرا؛ أنــا أف ِ ّ ماز ًحــا :ش ً ّ ِ َّ ُ تؤ ِ ّكــدُ علــى معنــى الجماعــ ِة ت -6االســتفادة مــن كافـ ِة الطاقا ِ ُ ٌ ـر بُرتقــال. د ـ ب ـرى ـ خ وأ ـة، ـ ي عاد ـة ـ ي غاز ه ـا ـ مي ي ـد ـ ل ّ َّ ُون ُ ٌ صيـ ُ س ـ َّكر ،و َ ع ِ َّ ِ ِ والتَّعــاون ،وامتــازَ ت البشــريَّ ِة المتاحــة؛ الخطــاب والقــدرا ِ ُ صيــر ،ثُــ َّم قــال: ع القرآنــي للمؤمنيــن بصفــ ِة فهــي فــي العم ـل الفــردي مجــرد فقلــتُ :أُفَ ِ ّ ضــ ُل َ َ ِ كأس العَ فناولَنــي َ صيــر البرتقــالَ ، َّ ِ ُّ ِّ بســم هللا ،وبــدأ المســير... ا لجما عــة . تنتظــر اإلشــارة َ أدوات للتَّنفيــذ، ُ ّ اإلذاعيّــة ألختــار ناولَنِــي بِطاقــة عليهــا قائمــة المحطــا ِ ت ِ أي المحــدودَ مــن فــان ،بعــد دقيقَـةٍَ ، َّ والــر َ -2العمــ ُل المؤسَّســات ُّ ي ال أمــا فــي العمــل المؤسَّســي فهــي مــا أريــد ســماعه! ،قــال لــي :إن لــم تكــن ترغــب أن تســمع المذيــاع ّ ِ ّ ِ يصطبــ ُغ بصبغــ ِة األفــراد ،أ ّمــا طاقــاتٌ تعمــ ُل وتبتكــر وتســهم فممكــن تختــار الدَّردَشـ ِة حــو َل مــا تــراهُ فــي الطريــق ،أو عمــا يُم ِكنُــكَ ُ ُ ـر عليــه ي فقــد تظهـ ُ العم ـ ُل الفــرد ُّ ـكارك. ـزورهُ فــي المدين ـ ِة ،أو أَتـ ُ أن تَـ َ ـر ُككَ مــع أفـ ِ مالحظــاتٌ أو قصــور ،وقــد يُقبـ ُل فــي صنــعِ القــرار. َ فاختــرت الدردشــة ،ث ُـ َّم قــالَّ : «إن لدينــا حوالَــي أربَعيــنَ دقيقــة ،فــإن باعتبــار َّ عزيــز أن الكمــا َل ذلــك ُ يتناســب ي َّســ س المؤ ل -7العمــ ُ ُ ِ ُّ صبــاح ،ومجلتــا هــذا األســبوع. ي َجريـدَة هــذا ال ّ ِشــئتَ ال ِقــرا َءة َ فلــد َّ –كــون العمــل فردي-لكــن ذلــك ال مــع تحدِّيــا ِ ــن ِبهــذه َّ ت الواقــعِ اليــوم ،قلــت لــه يــا ســيد أحمــد :هــل ت َخــ ِد ُم جميــ َع ّ الطريقــ ِة الزبائِ ِ ّ يُقبَــ ُل مــن مؤسَّســ ٍة بأكم ِلهــا. فاألعــدا ُء الذيــن يواجهــون الدّيــنَ دائ ًمــا؟! ي يواجهونَــه مــن خــا ِل عمــ ٍل فقــال« :لألســف؛ بــدأتُ هــذِه َّ ُ َين فقــط ،و ُكنــتُ -3يمتــاز العمــ ُل المؤسَّســ ُّ الطريقــةَ قَبــ َل َ ســنَت ِ ي ٍ َّ يمكــنُ فهــل ــم، منظ َّســات س مؤ ّ ب مــن الموضوعيَّــ ِة فــي ـس ســنوات؛ س ـيّاراتهم متّســخة، بالقــر ِ قَبلهــا ِمث ـ َل ســائِ ِر ال ّ ســائِقينَ ِل ُم ـدَّةِ خَمـ ِ مواجهــةُ ٍ د بجهــو الكيــان هــذا ِ صرفــونَ ُجــ َّل وقتِهــم بال ّ شــكوى والتَّشــاؤ ُِم اآلراء أكثــر مــن الذّاتيَّــة ،وذلــك ومنظرهــم غيــر أنيــق ،ويَ ِ َّــة؟! ي فرد الحــظّ. ب َّ ِ والحــوار جــو المناقشــ ِة أن ونَــد ِ َّ ِ سـ ِـمعتُ عــن فِكــرةٍ أعجبَتنــي وجــا َء التَّغييـ ُ ـر الــذي قُمــتُ بِــه عندمــا َ ـار أن تكــونَ بَ َّ طـةً اسـ ُمها« :قُـ َّـوة ُ االختيــار» ،وتقــول« :بإمكانِــكَ أن ت َختـ َ َســرا؛ البَ َّ ّ ف ُمبته ًجــا ،ويُ َح ِل ُ ــق طــةُ تشــكو بُؤســها ،والنَّ ُ أو ن ً فــر ُ ســر ي َُر ِ عاليًــا». ُ صلتُ إلى ما ترى. َّ غيير شيئًا فَشَيئًا حتّى َو َ س الت َّ َ فقررتُ أن أ ِ مار َ ســعادة َ علــى ّ ســعادَةِ ،وأَن ُ ـف دَخلــي ـر ال َّ أشــعر بال َّ شـ ُ ـن ،وت َضا َ عـ َ الزبائِـ ِ ُ َ ّ ـر دَخلــي هــذا العــام بأربَعَ ـ ِة أضعــاف... فــي ال َّ س ـنَ ِة األولــى ،ويُبَ ِشـ ُ عظيمةٌ إنّها فكرة ٌ َ ُب َح َّ عــن أَن تَكــونَ بَ َّ ــر ال ّ شــكوى ،وابــدَأ طــةً ت َنــد ُ ظهــا وتُكثِ ُ توقَّــف َ ّ ُ ســعيدًا ت َح ِل ُ ــق فــوقَ ال َجميــع. ســيركَ ِلتَكــونَ ن ً َســرا َ َم َ ُ واصــ ِل لــن ت ُ َحقِّــقَ ذلــك َم َّ ــرة ً واحــدة ،ابــدأ ال ُخطــوة َ األولــى ،ثــ َّم ِ ُ ُ ً ً ُ َّ ســير ُخطــوة ً ُخطــوة ،ولــو خطــوة واحــدة كل أســبوع. ال َم َ مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
النافذة التاريخية
21
الكاتب :أ .نايف القرشي
إذا أقــدَ َم ابنــك علــى فعــ ٍل خاطــئ فَبَــدَ َل أن ت َمنعــهُ بَ ِيّــن لــه ٍ الخاطــئ، ئ ذلــكَ ال ِفعــ َل ِ َمســا ِو َ ـف عــن واتركـهُ هــو يختـ ُ ُ ـار التوقُّـ َ َخ َ ط ِئــه. َّ إن ال ِفعــ َل أو التَّــركَ إذا كانَ عــةٍ ،كان أبلَــغ، ذاتيًّــا وعــن قَنا َ ُ أدوم. وكانــ ِ ت ال ُمحافظــة عليــ ِه َ تأ َّمــل هــذا الحديــث! روى ــزام ي عــن حكيــم بــن ِح ٍ ِ البُخــار ُّ قــال :ســألتُ رســو َل هللاِ صلــى هللا عليــه وســلم فأعطانــي ،ث ُـ َّم ســألتُه فأعطانــي ،ث ُ ـ َّم ســألتُه فأعطانــي، ثُــ َّم قــال( :يــا حكيــم؛ َّ إن هــذا ـرةٌ حُلــوةٌ ،فَ َمــن أَخ ـذَه المــا َل َخ ِضـ َ ُــوركَ لــه فيــه، ســخاو ِة نَ ٍ َ فــس ب ِ بِ ْ َ َ َ َ ُ ــس لَــم ف ن بإشــراف ه ذ ــ خ أ ــن م و ٍ ِ َ ـارك لــه فيــه ،كالَّــذي يَــأ ُك ُل وال يُبـ َ ـر ِمــنَ اليَـ ِد يَشـبَع ،اليَـدُ العُليــا َخيـ ٌ السُّــفلى) قــال حكيــم :فَقُلــتُ ؛ يــا ـق رســو َل هللا! والــذي بَعَثَــكَ بال َحـ ّ ِ ال أَرزَ أ ُ -أي :ال أســأَلُ-أحدًا بعـدَكَ أفــارقَ الدُّنيــا ،فلــم شــيئًا حتــى ِ ـاس بعـدَ يَــرزأ َحكيـ ٌم أحـدًا مــن النـ ِ رســو ِل هللاِ صلــى هللا عليــه وســلمَّ حتــى توفّــي.
نز ِلــه ،ووجــد ابنَــه خ َ َــر َج مــن َم ِ ُ ّ َ أمــام ع ــار ش ال فــي ة ــر ك ال يلعــب ُ َ ِ ِ ت الجّيــران ،وقــد يكــونُ فــي بيــ ِ ذلــك ضــرر عليــه وعلــى بيــوت ــرة َ نــز َ ع ال ُك َ الجيــران ،فَبَــدَ َل أن يَ ِ ـرهُ علــى ـ ج ِمــن يــد اب ِنـ ِه بالقـ ّـوة ويَز ُ َ ذ ِلــك أجــرى َمعَــهُ هــذا الحــوار: ي! لقــد ُكنــتُ أَعش ُ ــب َــق لَ ِع َ بُنــ ّ َ ُ صبيًــا ِمثلــكَ ، ـرةِ ِعندمــا كنــتُ َ ال ُكـ َ ُ ْ ولكــن ومــا ِزلــتُ أ ِحــبُّ ذلــك، ب فــي ت َعلَــ ُم َمــدى ُخ طــورة َ اللَّ ِعــ ِ َ ال ّ ــارعِ ،وكميَّــةَ األذى الــذي ش ِ ّ ُ بالجيــران ــب يُح ِدثــه هــذا الل ِع ُ ِ ـارة ،وأنــا أعلَ ـ ُم أنَّــكَ ال تَـ َـودُّ والمـ ّ َ َّــرر؛ ي ِ نــوعٍ مــن الض َ إحــداث أ ّ وقــد يتبعــكَ أطفــا ٌل آخــرون َّــرر أكبــر، ليلعبــوا فيُصبِــ ُح الض ُ ب أحــ ِد ُ وربمــا تَعَ َّرضتُــم ِل ِعتــا ِ ـران أو دُعائِــه .....ثــم مضــى الجيـ ِ ب فــي طري ِقــ ِه تــار ًكا االبــن األ َ َ ــر فــي الموضــوع. يُفَ ِ ّك ُ ســيتر ُكه ــر الــذي ُ كيــف هــو األَث َ ُ َ ع مــن الحديــث؟ هــذا النَّــو ُ
األب ابنَــهُ لقــد أَشــعَ َر هــذا ُ بال َمســؤوليَّ ِة والكَرامــ ِة ،وأتــا َح ـار ولــم يُجبِــرهُ لــه فُر َ ص ـةَ االختيـ ِ ــر .إذن ،مــا األوام ة طاعــ علــى ِ ِ ِ ُ النَّتيجــة المتوقَّعــة؟! ِّ الطفــ ُل ســيختار هــذا حت ًمــا ُ ضــلَ ،وسيســت َِم ُّر السّــلوكَ األف َ ّــلوك «بــإذن هللا» علــى هــذا الس ِ ّ ب وا ِلــدِه؛ ألنــه حتّــى فــي غيــا ِ ـاره هــو وعــن َ شـعَ َر أنّــه مــن اختيـ ِ قناعــة. َّ ـون ـوار اآلبـ ِ إن ِحـ َ ـاء الهـ ِ ـادئ الحنـ ِ ي ِ مــع أبنا ِئهــم حــو َل العقالنــ ّ ِــرةٍ، ُمشــكالتِهم ي ِ ُثم ُ ــر نتائــ َج باه َ منهــا: مــدار ِك ِ ّ توســي ُعــرةِ الطفــ ِل ودائِ َ ِ َــره، ِ صغ ُ اهتمامــه مهمــا كانَ ِ ُ َ ً ـاء ـدرة علــى العَطـ ِ و َجع ِلــه أكثــر قـ َ َصرفاتِــه والت َّ َح ُّكـ ِـم فــي َمشــا ِعره وت ُّ فــي ال ُمســتقبل. كبيــر- اإلســها ُم -بشــك ٍلٍ َبصيــر ِ ّ الطفــ ِل ب ُمشــكلتِه فــي ت ِ تأثيرهــا فــي وأِبعادِهــا ،ومــدى ِ
نالحــ ُ ظ َّ الرســو َل صلــى ِ أن َّ ُ هللا عليــه وســلم لــم يَطلــب مــن ــزام تَــركَ السّــؤا ِل بــن ِح ٍ ِ حكيــم ِ ئ صراحـةً ،بــل بيّــن له مســا ِو َ َــركَ ال َمســأَلَة ،وت َ اختيــار لــه َ ُّ ـف عنهــا. ـ ق التو ِ مــن مثــال ا لو ا قــع :
حيا تِــه . ب ب ال ِث ّقَــ ِة والقُــر ِ زيــادَة ُ منســو ِواألُلفــ ِة بَينَــه وبيــنَ والدَيــ ِه؛ ِم ّمــا ت ب ِوجهــا ِ يُســا ِعدُ فــي تقريــ ِ النَّ َ ــر بين ُهمــا. ظ ِ االختيــار، ــدرةِ علــى تنميــةُ القُ َِ وا ِت ّخــا ِذ ق بيــنَ ِ القــرار والتَّفريــ ِ ب وال َخ َ األبنــاء، طــ ِأ لــدى ِ ال ّ صــوا ِ جــردَ أدوا ٍ ت نُملــي م ليكونــوا ال ُ َّ ُ ــب فِعلــه ومــا ال علي ِهــم مــا يَ ِج ُ َ يجــب. ق حيــنَ تَت َ َحد ُ َّث مــا أج َملَــه ِمــن ُخلـ ٍ شـ ٍـر ب غيـ ِـر ُمبا َ َمــع ِطف ِلــكَ بأُســلو ٍ عــن َخ َعنــهُ وهــو طئِهِ -ليَ ُك َّ ــف َ ـار ذلــك. يَشــعر أنّــه هــو الــذي اختـ َ َســتعج َل نتائِــ َج ينبغــي َّأل ن ِ اإلصــاحَِّ ، ي ألن ِ ِ اإلصــا َح الحقيق َّ ّاخـ ِل ،والبُـدَّ أن يَّكــونَ يَنبُـ ُع مــن الد ِ ع ـ ٍة تا َّم ـةٍ ،فــإذا ت َركنــا ألَبنائِنــا بِقنا َ ً َّ َّ ت وال ل ــ م أ ت لل ة ســاح َم فكيــر كانَ ُّ ِ ِ وقرارهــم بــإرادةٍ قويَّـةٍ، اختيارهــم ُ ُ وهــذا الــذي يَــدو ُم بــإذن هللا. تنبيه: ـاء ال تَحت َ ِمـ ُل إعطا َء بعــضُ األخطـ ِ ّ ـار ـ لالختي ل ـ ف للط ة صـ ٍ مســاح ٍة وفُر َ ِ ِ ِ ّ الطفـ ِل ـع ،بَــل يجــبُ إبعــادُ ِ والتَّرا ُجـ ِ عــن َخ َطئِــ ِه ُمباشــرةً ،خصوصًــا مــا كانَ فيــه ُخطــورةٌ بالغــةٌ علــى ِّ الطفــ ِل ،وال ُمربّــي يُقــدّ ُِر ذلــك.
#قواعد_تربويه األطفال يبدو َأ َ ند ِ الفشلّ ،إل َّ الف َ يمرَّ ِبها الكبار ،وهو َم يون ٌ أن َ كُ ُّلنا َيكره َ ِ ش َل في ُع ِ رحلة َحتميَّ ٌة ال ُبدَّ أن ُ مما هو ِع َ سوأ بكثي ٍر ّ ُ ِ ِ أي ٍ بالغ فيها عند َف َ فل فرد ،وال ش ِل واأل َّمهات أال اآلباء يجب على تكون َردَّ ُة ِفعلهم ُم ٌ فاش ٌل في كُ ِّل شيء ،لذا ِ َ ُ ُّ يوجد ِط ٌ ِ ِ ِ ِ ِ حالة واألم ُمساندين البنهما في هذه الحالة ،ال أن يزيدا األب يكون أن يجب بل باألساس، ا د جته م كان إذا ة خاص األبناء، أحد َ ً ُّ َّ َ ً ُ ُ ُ ِّ سوءا. فل ريتشارد تمبلر الط ِ ً مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون
التربوية االجتماعية
22
رام ُتك؟ متى َتسـ ُـق ُط َك َ تســقُ ُ ط إذا ارتَفَــ َع صوتُــك علــى ــب فــي ت َر ِبيَ ِتــك. َمــن ت َ ِع َ ـام قــال أحدهــم :فــي يـ ٍ ـوم مــن األيّـ ِ جا َءنــي قريــبٌ لــي وأ ُ ّمــي جالســة عنــدي ،فل ّمــا دَ َخ ـ َل قــال :مــا شــاء هللا؛ الوا ِل ـدَة ِعن ـدَك؟ فقلــت :ال أنــا عندهــا «مــن بــاب اإلكــرام لهــا». فقالــت الوالــدة :ال يــا بنــي؛ عندمــا كنــتَ صغيــرا ً كنــتَ عندنــا،
صرنــا نحــنُ ولكــن لمــا َكبُرنــا ِ ِعن ـدَك ،ألــم تقــرأ قــو َل هللا تعالــى: (إِ َّمــا يَ ْبلُغَـ َّ ـر أ َ َحدُ ُه َمــا ـن ِعنـدَكَ ْال ِكبَـ َ أَوْ ِكالَ ُه َمــا). يقــو ُل االبــن :كأنّــي لَــم أســ َمع هــذه اآليــةَ ِمــن قَبــل... ـف ك ُّل َ شــيء فــي الوالديــن يَضعُـ ُ مــع تَقَ ـد ُِّم السـ ِّ ـن ورقّ ـ ِة العظــم ،إال عاطفــةَ األبــوة واألمومــة ،فــا ّ تــزداد إال قــوة. فاحــذروا أن تُطفئــوا هــذه
حول ِم َح َن َت َ ك إلى ِمنحه ِّ
د .جاســم المطوع
العاطفــةَ ببــرودة مشــاعركم! ال تُرهقــوا آبا َء ُكــم وأ ّمهاتكــم إن دمعــةً بعصيانِكــم ،فــو هللا ّ واحــدة ً تجــرى علــى خــ ِدّ أ ٍ ّم أو ّــر؛ لكفيلــةٌ شَــيْب ِة لحيــ ِة أ ٍ ب متحس ٍ ت الحيــاة بإغراقِ ُكــم فــي ظلمــا ِ وبعــدَ الممــات!! ْ ((ربّ ِ اغفِــرْ أكثــروا مــن قــولَ : َي)) ((رَّ بّ ِ ارْ حَمْ ُه َمــا ِلــي َو ِل َوا ِلــد َّ ص ِغيــراً)) َك َمــا َربَّيَانِــي َ فإنهــا تجمــع بيــن ثــاث عبــادات:
يَ ِجــ ِد ِ ّ الطــبُّ لهــا دواء... ضــا هللاُ تعالــى أعطانــي َمر ً ســ َّكر». حتّــى اســ ُمه حلــو « ُ ضــا هللا تعالــى أعطانــي َمر ً راجــ ُع ِعنــدَ َ ب طبيــ ٍ ِليَجعَلَنِــي أ َ ِ ُحلــ ٍو ِمثلَــك ضــا هللا تعالــى أعطانِــي مر ً َّ ُ بيــب ك َّل راجــ ُع الط َ يَجعَلُنــي أ ُ ِ أربعــ ِة أشــ ُه ٍر فأتأ َّكــد ِمــن دَمــي ي. ِ وص َّحتــي بشــك ٍل دَور ّ ضــا هللا تعالــى أعطانــي َمر ً ـر س ـ ِيّئاتي ـر وأش ـ ُك َر؛ فتُغفَـ ُ ألَص ِبـ َ عنــاء. ُون تَعَ ـ ٍ بو َ وذُنوبــي ِمــن د ِ
يقــو ُل طبيــبٌ فــي ُمست َشــفى األحمــدي فــي ال ُكويــتِ :مــن راجــ ٌع غــر ِ ب مــا شــا َهدتُ ؛ ُم ِ أَ َ ســنة ِلعيــادَةِ السُّــ َّك ِر ُ ع ُم ُ ــرهُ َ ٦٠ ُ َّ ُراجعُنــي ي ة ــر م ل ك و نــدي، ع َ َّ ٍ ِ ِ يَقــو ُل مــع ابتســام ٍة كَبيــرةٍ علــى َو ج ِهــه: يــا ربّ ِ لــك الحمــدُ علــى نِعمــ ِة السُّــ َّكر!! ــرةً :ع ّمــي؛ أَنــتَ ســأَلتُهُ َم َّ َ مجلة الهدى اإلسالمية
ــر يقــول :الحمــدُ هلل؛ وفــي ِ اآلخ ِ ُ َّ ّ قيــام الليــل؛ أصبَحــتُ أصلــي َ لقضــاء مرتيــن ِ ألنّــي أصحــو َّ الحا َجــة. َ غَريــب!؛ َّأو ُل َم َّ َ ــر ٍة أســ َم ُع أ َحــدًا فالفضــ ُل هللِ؛ ثُــ َّم لمــرض يُ َ ــر َ ســ ّمي َم َ ض السُّــ َّكر نِع َمــة! ا لسُّــ َّكر ي . َّ قــال :يــا ولــدي؛ السُّــكر ِنع َمــة يقــول الطبيــب« :قــرأتُ العدي ـدَ «ونــص»! ،أقــو ُل لــك ال َّ اإليجابيَّــ ِة، س ـبَب؟ :مــن ال ُكتُــ ِ ب َ ــن ِ ع ِ هللاُ تعالــى أعطانِــي َمر ً ضــرتُ العَدي ـدَ ِمــنَ ال ـدَّورات ضــا مــا و َح َ ّ ــاس فِيــه أَلَــ ْم، ٌ وكثيــر ِمــنَ الن ِ ــن اإليجابيَّــة ،وهللاِ لَــم أَتَعَلَّــم َ ع ِ يَت َألَّ مــون مــن أ َ مراض ِهــم. ِ ِ منهــم كمــا تعلَّمــتُ مــن هــذا الوالــد ضــا أَو َجــدَ فــي دقيقتيــن!! هللاُ أعطانــي َمر ً ِّ ـر ـ وكثي ودواء، ـب لــه ِعال ًجــا الطـ ُ ٌ هــذا الوالــد ال َّ حــو َل ــاكر ش ُ َّ َ مــراض لــم ــاس ِعندَهُــم أ ٌ مــن النّ ِ المحنَــةَ إلــى ِمن َحــة! ِ العدد الحادي واألربعون
ال َهزي َم ـةُ ال ت َعنِــي أ َ ْن ت َقت ُـ َل أكثــر، ســع... ـيط َر علــى أو تُسـ ِ ٍ أراض أو َ ـدو الهزيمـةُ هــي ت َدميـ ُ ـر َرغبَـ ِة العـ ّ ِ باالســتمرار بال ِقتال. ِ ُ ي ـ أمريك ـف ـ أل 76 ل ـ ت ق ـام؛ فــي فيتنـ ِ َ َ ٍّ ـرت يٍ ...وانتصـ َ وِ 4مليـ ِ ـون فيتنام ـ ّ فيتنام! األلمــان قَت َلــوا ِ 9مليــون َ يٍ عســكر ّ ب العالميَّــ ِة ُ ي ٍ فــي الحــر ِ ســوفييت ّ ّ ُ الثانيــة ،بَينمــا قتِــ َل ِ 2مليــون ت كامــ ِل َجبهــا ِ ي ٍ فقــط فــي ِ أَلمانــ ّ ب العالميَّــ ِة الثّانيــة ...لكــنَّ ال َحــر ِ السّــوفييت انتصــروا! األمريــكان انتصــروا علــى اليابــان دونَ أن يكــونَ ُهنــاكَ معركــةٌ فاصلــةٌ أو ســيطرة ٌ علــى َيــن أراضــي؛ إنَّمــا بإلقــاء قُنبُلَت ِ ــرت َيــن علــى اليابــان ،فَتَدَ َّم َ ِ ن ََو ِويَّت ِ باالســتمرار َرغبَــةُ اليابانِيّيــنَ ِ بال َحــرب. سبَق: مغزى ما َ نهزم_هــو مــن يفقــد الرغبــة #ال ُم ِ ُ ـر ِل ُوجو ِه ـ ظ َن ن ـا ـ وعندم ـار، ـ باالنتص ُ ـون األطفــا ِل فــي ال ُمجاهِديــنَ و ُ عيـ ِ ُســيط ُر عليهــا ق التــي ال ي ِ ِ المناطــ ِ الرغبَــةَ ُمتو ّهِجــةٌ، ال ِنّظــا ُم نــرى َّ والعزيمــةَ ُمتأ ِ ّج َجــةٌ ،وال ِث ّقَــةَ بــاهلل الرغبَــةَ ُمت َ َجــدِّدة ،بــل إِنَّــكَ تجــدُ َّ بالنَّ صــر فــي ال َّ ب واألجيــا ِل شــبا ِ ِ َ ت اآلنَ بِ ِفكـ ِـر أمــة ،هــذ ِه التــي بَ ـدَأ ِ ـرب َمبــادئ األجيــا ُل التــي لَــم تَت َ َ شـ َّ ث ولَــم ت َس ـ َمع بِهــا. ب البَع ـ ِ ِحــز ِ لــم يَح ُكمهــا بَ َّ مرت َــه ش ُ ــار أو ُز َ يو ًمــا مــا. سـ ِـمعَت بِ ِفرعــونَ ولكــن لــم ت َ ِعــش َ ِب َكنَ ِفـ ِه يو ًمــا... طالمــا هــذا األ َ َم ـ ُل َموجــودٌ فنحــنُ ب النَّصـ ِـر... نَأ ُخ ـذُ بِأســبا ِ طالمــا هــ ِذ ِه األجيــا ُل َموجــودة ٌ َســير بِ ُخطــى النَّصــر فنحــنُ ن ُ التربوية االجتماعية
23
السمسم من المحاصيل َّ عالية من البروتينات نسبة غذاء ودهنً ا منذ القدم ،زيتُ ه يحتوي يتية ،حيث استخدم ً ً الز َّ يعتبر ّ ً السيرج. طب َّية واألحماض َّ َّ األمينية وله استخدامات ِّ ِ وخاصة زيت ّ
زراعة السمسم
بقلم :م .أبو عبادة
زراعة السمســم: أهمية ِ ّ
ت الكبيــرة فــي ظــ ِّل الخســارا ِ التــي منــي بهــا الفالحــون فــي الغوطــة ال َّ ـرا لزيــادة شــرقيَّة ،ونظـ ً َّ صيفيَّـ ِة التقليديَّــة إنتــاج الخضــار ال َّ وبالتّالــي تدنّــي أســعارها فــي األســواق المحلَّيــة ،وانخفــاض القــدرة علــى تصريــف الفائــض منهــا ،وجــب علينــا لفــتُ نظــر المزارعيــن لزراعــات أخــرى غيــر تقليديَّــة ،التــي يمكــن مــن َّــن فــي خال ِلهــا إيجــاد تــوازن معي ٍ ٍ األســواق المحليَّــة ،وبالتالــي جعــل المشــاريع ّ الزراعيــة اقتصاديَّــة بشــكل عــام. هــذا مــا يمكــن أن يفيدَنــا فيــه زراعــة السمســم وذلــك مــن خــال الم ِيّــزات التاليــة: مجلة الهدى اإلسالمية
-1هــو محصــول تصنيعــي بالدَّرجــة األولــى «طحينــة – حــا و ة » . -2يحتــاج ليــد عاملــة خــال مراحل ِّ الزراعــ ِة والحصــاد والدّراســة والتَّصنيــع ،وبالتالــي تشــغل أكبــر عــدد ممكــن مــن اليــد العاملــة. -3يمكــن زراعتــه بعــد المحاصيــل الشــتوية «فــول ،بــازالء ،شــعير، قمــح» وهــذا مــا نطلــق عليــه زراعــةً تكثيفيَّــة وبالتالــي زيــادة االســتفادة مــن األرض «أكبــر إنتــاج مــن وحــدة المســاحة». -4انخفــاض كلفــة إنتاجــه وبالتالــي انخفــاض مخاطــرة الخســارة فــي إنتاجــه. الوقــت المالئــم للزراعــة:
هنــاك عروتــان أساســيتان :عــروة منتصــف شــهر صيفيّــة تبــدأ مــن ِ نيســان إلــى منتصــف شــهر أيّــار. عــروة خريفيَّــة مــن أواخــر شــهر أيّــار إلــى أواخــر شــهر حزيــران. مد ُة الزراعة: َّ
تمتــدُّ مــن أربعــة إلــى خمســة أشــهر ،وذلــك باالعتمــاد علــى درجــات الحــرارة. طريقــة الزراعة:
بعــد توزيــع األســمدة البلديــة «فــي حــال فقــر األرض» حوالــي 5م/ دونــم ،وبعــد الفالحــة «خربــوش» وتقســيم األرض إلــى مســاكب يمكــن زراعــة المســاكب نثــرا ً «علــى ســطور» 40مس40 +مس بيــن الســطرين ،أو تشــتيل السّمســم «بشــك ٍل مشــاب ٍه لتشــتيل الباذنجان»، وفــي هــذه الحالــ ِة يمكــن زراعــة البــذور بشــكل «دندانــة» فــي منتصــف ال َّ الرابــع «ال نحتــاج شــهر ّ إلــى مســاحة كبيــرة» وبعدهــا يمكــن بعــد 50يــوم خلــع هــذه النباتــات
وزراعتِهــا فــي األرض الدائمــة. المعامــات ِّ راعية: الز َّ
العزيــق والتَّفريــد حســب طبيعــة األرض ،وفــي حــال الزراعــة مرتيــن، المب ِ ّكــرة نحتــاج إلــى َّ وبشــكل عــام يشــبه إلــى حــ ٍدّ مــا نباتــات الباميــة واللّوبيــة مــن حيــث قدرتِهــا علــى تح ُّمــ ِل العطــش. السقاية: ّ
يحتــاج مــن 8_6ريّــات حســب الت ّ بكيــر فــي ِ ّ الزراعــة. ِ َّ ـميد المعدني: التسـ ُ
بمــا َّ أن المحصــول جدي ـدٌ بال ِنّســبة لألراضــي الزراعيــة عندنــا فهــو فــي السَّــن ِة األولــى ال يحتــا ُج إلــى ك ِ ّميّــا ٍ ت كبيــرةٍ مــن السّــماد (مــن 7-10كغ/دونــم). لكــن فــي حــال تكــرار ِ ّ الزراعــ ِة فــي األعــوام القادمــة فيجــب رفــع مع ـدَّالت التَّســميد ،كمــا أنَّــه يحتــاج إلــى دفعــ ِة شــيالت حديــد (1/2 -1لكــغ) للدنــم. المكافحة:
ــر مــن النّباتــات المقاومــ ِة يُعتبَ ُ لقوتــه وســرعتِه. ً نظــرا َّ ولكــن يمكــن أن يصــاب ب
«األوكاروســات» ،فنقــوم بمكافحــة اإلصابــة بمبــدأ عناكبــي ،ويمكــن أن يصــاب بالــدّودةِ الخضــراء فيمكــن َ ي ِ مبيــ ٍد حشــري بــأ هــا ح تكاف أن َ ّ «مالمســة». الحصاد:
اصفــرار النَّباتــات وبــدء عنــد ِ نضــجِ بعــض القــرون «السّــفليّة» نقــوم بحصــاده ووض ِعــه إ ّمــا علــى نايلــون أو ســطحٍ ثابــت يمكــن جمــع البــذور منــه؛ ألنَّــه يســق ُ ط ذاتيًّــا ِ بنســب ٍة ج ِيّــدة. الدراسة:
بعــد الحصــاد والتجميــع بشــكل ِّ بهــزه وضر ِبــه رزم نقــوم الســتخراج البــذور «تُشــ ِبه عمليَّــة اســتخراجِ بــذور الملوخيــة». اإلنتاج:
يتــراوح مــن 100-125كلــغ حســب التَّســمي ِد وموعـ ِد ِ ّ الزراعــة. خاتمة:
أرض +قليــل مــن المــاء +قليــل مــن المبيــدات واألســمدة +عمــل = منتــج يمكــن أن يكــون لوحــده غــذا ًء ج ِيّــدًا مــن حيــث ارتفــاع البروتيــن ّ والطاقــة.
قاعدة بسيطة ذهبية لزيادة اإلنتاجية د .وائل ّ الشيخ أمين
عندما تقوم بأي عمل قم به هو فقط. عندمــا تصلــي صــل فقــط ،وعندمــا تقــرأ اقــرأ فقــط ،وعندمــا ِّ تتــدرب تــدرب فقــط ،وعندمــا تكتــب اكتــب فقــط ،وعندمــا تعمــل اعمــل فقــط ،وعندمــا تشــاهد مــادة تعليميــة أو فيلمــاً وثائقيــاً شــاهد فقــط ،وعندمــا تجلــس مــع عائلتــك اجلــس معهــم فقــط، وعندمــا تلعــب مــع أبنائــك العــب معهــم فقــط. ـتطيع القيــام بعمليــن أو أكثــر فــي وقــت ال تنخــدع بوهــم َّأنــك تَ سـ ُ ـك تُ ِ معــا. واحــد!! فأنـ َ ـد األعمــال جميعهــا ً فسـ ُ ـت بذ ِلـ َ ِ أعمالَ ـك ـ ـد ـ فس ـة ـ خلط ـا ـ موم ع ـت ـ االنترن أو ـوك ـ ب ـس ـ الفي جعــل ً تُ َ ُ ً ُ وال تَ َ كُ َّلها .
العدد الحادي واألربعون
مشاريع تنموية
24
خــر واآلالم ،وتجنُّــ ِ النَّ ِ ب القلــعِ ــر لألســنان. المب ِ ّك ِ للحفــاظ األمــور المه َّمــ ِة فمــن ِ ِ أســنان طف ِلــك: علــى ِ ـنان عــن -1العنايـةُ اليوميَّـةُ باألسـ ِ ق تفريشــها صبا ًحــا ومســا ًء طري ـ ِ علــى األقــل. -2العنايــةُ بغــذاء األ ِ ّم الحامــ ِل، ِ للكالســيوم بحيــث يكــونُ حاويًــا ِ والغلــوز عل ًمــا َّ أن مشــاك َل ـنان المؤقَّتـ ِة يبــدأ مــن ال َّ ـهر شـ ِ األسـ ِ الرابــع للحمــل. ّ ـرص علــى أن يكــونَ غــذا ُء -3الحـ ُ ِّ الطفــ ِل متوازنًــا وحاويًــا علــى الغلــوز. ـار ال َّ ونقص شــدي ِد ِ فــي ظـ ِّل الحصـ ِ ـذاء الــذي عانت منــه وال زالت الغـ ِ ومــدن ت بلــدا مــن كثيــر تعانــي ِ ٌ ِ ي ِ فــي ســوريا ِ الحــراك الثَّــور ّ ومنهــا الغوطــة ال َّ شــرقية ،ظهــرت األمــراض التــي لــم الكثيــر مــن ُ ِ ً تكــن موجــودة مــن قبــل ،ومنهــا ـنان المؤقَّت ـ ِة الفقــدانُ المب ِ ّكـ ُ ـر لألسـ ِ «اللَّبنيَّ ـ ِة» عنــد األطفــال ،والــذي الكثيــر مــن المشــاك ِل ب يســ ِبّ ُ َ ازدحــام المســتقبليَّ ِة لديهــم مــن ٍ لألســنان الدّائمــة «الخلــف» ِ وميــان بعضهــا فيــؤدّي إلــى ِ ـض اآلخـ ِـر فــي الفــم ـار البعـ ِ انطمـ ِ
األســنان فــي ب -4مراجعــةُ طبيــ ِ ِ آالم عنــد طف ِلــك حــا ِل وجــو ِد ٍ وعــدم إهمــا ِل هــذا األمــر. ِ
وعــدم بروزهــا ،يرفقُــه مشــاك ُل ِ َّ فــي الفكيــن ،تــؤدّي إلــى خلـ ٍل فــي وظيف ـ ِة المضــغ ،وخل ـ ٍل فــي بني ـ ِة ب الوجــ ِه وجماليَّتــه ،وهــذا يســ ِبّ ُ مشــاكل نفســيَّةً ِ ّ للطفــل وقبولــه فــي المجتمــع ،فــكان ال بــدَّ لنــا ـاظ علــى مــن التَّعام ـ ِل الجــا ِدّ للحفـ ِ أســنان أطفا ِلنــا ووقايتِهــا مــن ِ
مالحظــة :لضــرورةِ وجــو ِد أســنان عظــام بنــاء الغلــوز فــي ِ ِ ٍ ســليم ٍة لــدى أفــراد المجتمــع تض ُع الــدُّو ُل والحكومــاتُ هــذه المــوادَّ ضمــنَ ميــا ِه ال ُّ شــرب وهــذا مــا نفتقــده ضمــن هــذه األيّــام ،فــا بـدَّ تعويضــه عبــر األغذي ـ ِة لنــا مــن ِ الحاويـ ِة للغلــوز ومنهــا :الحليــب، ملــح َّ ســمك، الطعــام ،البطاطــا ،ال َّ والفجــل.
#المخترعون_المسلمون
ت المســلمين لعلَّها من أه ِ ّم إســهاما ِ صحَّــة، الحضاريَّــة فــي مجــا ِل ال ِ ّ َ وأعظمهــا علــى اإلطــاق أنَّهم أ َّول ِ ســس المستشــفيات فــي العالم، من أ َّ بــل إنَّهــم ســبقوا غيرهــم فــي ذلــك األمــر بأكثــر مــن تســع ِة قــرون! فقــد أ ُ ِ ّ يٍ ســس َّأول مستشــفى إســام ّ فــي عهــد الخليفــة األمــوي الوليــد بــن عبــد الملــك ،الــذي حكــم مــن ســنة « 86هـــ705/م» إلــى ســنة « 96هـــ715/م» ،وكان صــا فــي هــذا المستشــفى متخ ِ ّ ص ً ُ عــاج مــرض ال ُجــذام ،وأنشــئت بعــد ذلــك مستشــفياتٌ عديــدة ٌ فــي العالــم اإلســامي ،وكانــت عــا هــذه المستشــفياتُ تُعَــدُّ قال ً ِّ َبــر مــن للعلــم والطــبّ ،وتُعت ُ ِ ت فــي ت والجامعــا ِ الكلّيّــا ِ أوائــل ِ العالم . مؤســس علم هــل تعلم ّ الجراحة؟
ب ي لألعصــا ِ َرســ ٌم َمقطعــ ٌّ ّ ِمــاغ د ال يــنَ ال ُمت ِ َقاطعــة بَ ِ والعَينيــن ،ويشــرح كيفيَّــةَ ــر ِمــن انتقــا ِل حاسَّــ ِة البَ َ ص ِ ـان ـ ي ب ـع ـ م َ ـن إلــى الدِّمــاغ َ ِ العَينيـ ِ األَقســام ال َمســؤول ِة عــن ذلــك فيــه. َّ ب الطبيــ ِ وهــو ِمــن إبــداعِ «خليفــة بــن أبــي المحاســن ـر مــن ثماني ـ ِة ي ِ ُمن ـذُ أكثـ َ الحلب ـ ّ قــرون ،وذلــك فــي كتابــه #الكافي_فــي_ ال ُمســ ّمى: ال ُكحــل. وقتهــا كانــت أوروبّــا ت َفت َــ ُح ِل َ طــر ِد ريــض رأس ال َم ِ َ ال ّ ــياطين مــن َرأ ِســ ِه!! ش ِ مجلة الهدى اإلسالمية
أو َل أن َّ هــل تعلم َّ ـفى في العالــم بناها مستشـ ً المسلمون؟
َّ َّ الزهــراوي إن أبــا القاســم #األندلســي «1013-936م» ،هــو علــم الجراحــ ِة ،وتآليفُــه ــس مؤ ِ ّ س ُ ِ ُ ومخترعاتــه كانــت المرجــ َع فــي أوروبــا لعــدَّةِ قــرون. عملي ِة أول هــل تعلــم َّ َّ ِّ ب قام تخديـ ٍـر في تاريـ ِ ـخ الط ِّ بها مســلم؟
العدد الحادي واألربعون
َّأو ُل مــن اكتشــف وقــام بعمليَّــ ِة تخديــر فــي تاريــخِ ِ ّ الطــبّ ِ هــو ٍ قــرة «-835 ابــن م المســل العالــ ُم ّ ُ 902م» ،والــذي ُو ِلــدَ فــي بغــداد، ٌ بحــوث عديــدة ٌ ومه َّمــةٌ فــي ولــه ِّ وعلــم الفلــك، وعلــم الطــبّ ِ، ِ ِ ِ الميكانيــكا. 25 النافذة الطبية
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10
10 9 8 7 6 5 4 3 2 1
موســى الرضيــع عليــه الســام #لم_يغــرق فــي اليــ ِ ّم وهــو فــي ضع ِفــه ،و #غ َِرقَ _فِرعــونُ قِ َّمــ ِة َ وهــو فــي قِ َّمــ ِة َجبروتــه. أمــركَ للخالــق ســلّم لذلــك؛ ِ َ واطمئــن؛ فلــن يَصيبَــكَ إال مــا َكتَبَــهُ هللا لــك. اإلنســان ِل ُحصونِــه ُمقــدَّ ٌم بِنــا ُءِ ّ صــون اآلخَريــن، ح ك د علــى ِ َ ُ ِ ُّ يكــونُ قبــ َل عرفــة فالت َّ َ ســل ُح بال َم ِ الــردود. ثَقافــ ِة ُّ ــم قيــل لبعــض الحكمــاء :بِ َـدوه؟ فقــالَ: ينت ِق ـ ُم اإلنســانُ مــن عـ ّ ِ بإصــاحِ نَفســه! توحّــد فصائــل الغوطــة أكبــر انتقــام لمجــازر النّظــام. الفاشــلون قِســمان :قِســ ٌم فَعَــ َلـر ولَــم يَفعــل! ولــم يُفَ ِ ّكــر ،وقِسـ ٌم فَ َّكـ َ
المتقاطعة الكلمات ُ أفقي: َّ -01ذاتُ ال ِنّطاقَ الموطأ "م". ب ين/صاح ُ ِ ب كتا ِ ســم لج ِ ِ -02مــنَ ال َحشــرات "م"/فا ِكهــة ُمفيــدة ٌ ِجــدًّا ِ ــر منهــا فــي غوطتنــا بفضــل هللا فــي اإلنســان ،و َكث ُ َ اآلونــة األخيــرة. أركان اإلســام "بــدون ال"/اســ ُم زوجــ ٍة ِ -03مــن ِ الرســو ِل. مــن زوجــا ِ ت َّ ب على السيّئة. ع ُ َ -04 س َ كس ِعلم "م"/حا َ ِ -05ح ٌ أسماء االنترنت. ي ومتين/من ِ صن قو ٌّ عملة اليابان/فولّى "مبعثرة". -06 صلُ / ٌ ضمير ُمت َّ ِ ّارقون/لل ِنداء "م". -07الس ِ "مبعثرة"/طفل "م". سهم ِ َ -08 َّ -09للتمنّي "م"/جم ُع السُّلم "م". بالجسـ ـر ـم-عكس ميِّــت "م"-ضميـ ٌ ُ ي ِ -10ســائِ ٌل حيــو ٌّ َص ٌل . ُمنف ِ
اب
أقوال وحكم
ت س ا م ا
ت اله د ى
مجلة الهدى اإلسالمية
عمودي: ـوم -01عمــاد الدّيــنَّ ، وأو ُل مــا يُســأ ُل عنــه العب ـدُ يـ َ ســام. القيامة/مــن األنبيــاء علي ِه ـ ُم ال َّ َّ -02أو ُل شهيدةٍ في اإلسالم/ناعمة "م". -03يُستخرج منها الفحم/من أدوات الجزم. -04أطــول نهــر فــي العالَــم "بــدول ال"/اســم مؤنّــث صغيــرة. بســيط ومعنــاه الغزالــة ال َّ ع ِرفَــت ُ -05متشــابهان-مدينة تاريخيّــة جزائريّــةُ ، ب ُمقاومــة االســتعمار الفرنســي. -06تُطلَ ُق على ال َم ِلك "م". ي "مبعثرة"/جنس ونوع. َ -07كت َق ّ -08مدينــة تُعَــدُّ منفــذًا لتجــارة وســط وغــرب ق الجامعــات إنجلتــرا ،وتُو َجـدُ فيهــا ِ جامعــة ِمــن أعـ َ ـر ِ البريطانيّة/نشــتم "م". كرر/يُكمل. -09حرف ُم َّ -10عا ِلــ ٌم جليــ ٌل مــن واليــ ِة أدرار فــي الجزائــر- ـاض البَيــض. بَيـ ُ
ب نحــنُ إلــى قليــ ٍل مــن األد ِأحــوج منّــا إلــى كثيـ ٍـر مــن ال ِعلــم! ب أننــا نُدافِــ َع عــن مــن الغريــ ُِ أكثــر ممــا ندافــ ُع عــن أخطائِنــا َ صوا ِبنــا. كانــت ملــوك الفــرس إذاغضبــت علــى عاقــل حبستـــه مــع جاهـــل! ال يرتقــي شــعبٌ إلــى أوج العُلى ...مالــم يكــن بَانُــوه مــن أَبنا ِئ ِه "كفــى الناجحيــن فخــرا ً أنهــمعدَةِ إلــى يســتطيعون َم ـدَّ يَـدَ ال ُمســا َ غيرهــم". د .عبد الكريم بكار. مــأى الســنا ِبل تنحنــي بتواضــعســهن شــوام ُخ ...والفارغــاتُ رؤو ُ ـدف بــا ُخ َّ طــة ،ال يزي ـدُ عــن هـ ٌـرد أمنيــة. كونِــه ُمجـ َّ
أدركــتَ التّابِعيــنَ فَ َحدِّثنــا ،فقــالَ :حدَّثَنــا ِعكر َمـةُ نقــل األدبــاء عــن أشـعَ َ ب َر ِح َمـهُ هللا تعالــى أنــه قيــل لــه :إِنَّــكَ َ َ َ ـن دَ َخـ َل ال َجنّــة ،فقالــوا :ومــا الخَصلَتــان؟ ـ َي ت ل َص خ ل ـ ع ف ـن َ ـن عبّـ ٍ ـاس أَنّــه َمـ َ ِ عــن ابـ ِ ّ ُ كر َمة الثانية! قال :نَسيتُ أنا ِ ِي ِع ِ واحدة ،ونَس َ *** ـر مــا أَحســنَ َحـ َّ ي َّ داء ـان لقــد نَجــا مــن ِ أن دا َء ال ُكوليــرا فَشــا َمـ َّ ـر فقــا َل بعـ ُ ـض النّـ ِ ـاس آلخـ َ ـرة ً فــي ِمصـ َ ـظ فُـ ٍ ُر ِو َ ال ُكوليــرا بأُعجوبة! وكيف نَجا ِمنه؟ قال :ماتَ قب َل ُ هوره بِسنوات! قال: ظ ِ َ *** سـ ً ـطل فاســتحيا أَن ـن أحم ـدَ ال ُمقـ ِـرئ قــال :كانَ لنــا إمــا ٌم ،وكانَ شــي ًخا صا ِل ًحــا ،وقــد اشــترى َ عــن عب ـ ِد هللاِ بـ ِ َ ّ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ُ ســه أ ر ع ـ ف ر ف ـطل؛ ـ س ال ـر ـ س ـه ـ ن أ ـن ـ ظ ف ـه، ـ ب ل ق ل غ ـ ش ع ـ ك ر ـا ـ م فل ِ، د ـج ـ س م ال ـي ـ ف ـه ـ ف خل ه ـ ع ض و قَ ُ َ َّ ِ ُ ّ َ يَ َ َ َ َ َ َ ِ ِ ضعَ ـهُ أما َمــه ،فَ َ َ َ َ َ ســط ُل خلفــك! ســطل! قــال فقلــت لــه :ال بَــأس ،ال َّ فقــالَ :ربَّنــا ولــكَ ال َّ العدد الحادي واألربعون
استراحة الهدى
26
بقلم ش .محمد وائل الحنبلي
هذا اللباس يسمى
القنباز
حلــوى القطايــف ،التــي اشــتهر ولــدُه أبــو علــ ٍّ ي بح ِبّهــا وبديــعِ تحضيرهــا. فأعــدَّ وقــرر ســه ُ َّ األب نف َ الصــدور ِمــن بلــدة دومــا إلــى َ دمشــقَ لــدار ولــدِه أبــي علــي؛ ليــزوره ويــأك َل عنــدَه القطايــف. َ أح ـدُ مؤ ِذّنــي جامــعِ بنــي أمي ـةَ مشــهورا الكبيــر بدمشــق ،كان ً ــره لوالدَيــه ،وشــدةِ إحســانِه ِب ِب ِ ّ لهمــا. ضربًــا وهــذه قصــةٌ تــكادُ تكــونُ َ ِمــن الخيــال ،ولكنّهــا حقيقــةٌ، ـحر مــن َجميــل المقــال، وهــي ِسـ ٌ وإلي ُكموهــا:
وبعــدَ عــدَّةِ ســاعا ٍ ت وصــل ي العُقَيبــة ُ األب لبيــت ولــده بحــ ِّ بدمشــق ،مقابــ َل بقاليــة "دبــس وزيــت" المشــهورة ،وفاجــأ ولـدَه ي وهــو يطــرق بابَــه، أبــا علــ ٍّ ويقــول لــه" :يــا ابنــي يــا أبــو ضــر علــي؛ "برضايــي" عليــك ح ِ ّ لــي أكلــةَ قطايــف".
ْ وضاقــت بــه ــر الولــدُ بأبيــه ُ س َّ بــورا ،إال أنَّــه فــي ُ األرض ُح ً َ فــي ســقط ي جميــ ٍل ِمــن الوقـ ِ ت نَف ِســه ضــاقَ ذر ً ٍ عــا و ُ يــوم ربيعــ ٍّ اليــوم ق الحــا ِل ذلــكَ ِ أيــام الغوطــة الشــرقية ،اســتيقظ بيــدِهِ ،لضيــ ِ ســه تتــوق ألكل وقِلَّتِــه. األبٌ باكــرا ونف ُ ً مجلة الهدى اإلسالمية
نَ َ ــوب البَديــ ُع، ــره وانتباهَــهُ الث َّ ُ ظ َ فقــا َل ِبنَفسِــه :وهللا ال يَ ُ ليــق هــذا نبــاز وال ّ ال ِق ُ يٍ شــا ُل إال بأبــي علــ ّ َولَــدي ،وسأشــت َري ِه َمهمــا كانَ ث َ َمنُــه وأُعطيــه مــا معــي.
ـب ـوب بعينِــه وذهـ َ فاشــترى الثـ َ إلــى البيــتِ ،ودَخَــ َل ُ غرفَــةَ أبــي ــوب وال ّ شــا َل ي َو َو َ ضــ َع الث َّ َ علــ ٍّ فــي ِخزانَ ـ ِة َولَ ـدِه بِموضــعٍ َو َج ـدَهُ مــاذا يفعــل؟! وكيــف يُل ِبّــي فار ً غــا. َ طلــب أبيــه ورغبتِــه؟! َ ي بالبائِــعِ وأخـذَ اجتمــع أبــو علـ ٍّ ُــر َ ـف ي إلــى َمخدَ ِعــه المــالََ ،و َوفَّــى بِــه ثمــنَ القَطايِـ ِ ه ِ ع أبــو علــ ٍّ وأخــر َج ع َمــدَ إلــى ِخزانَتِــه، وذهــب بهــا إلــى الــد ِّار ،وأعــدَّ و َ َ َ َ منهــا أث َمــنَ ثَــو ٍ ُّــفرة َ لوا ِلــ ِد ِه طالبًــا مــن هللا ب ِعنــدَه وأجــدَّه ،الس َ وهــو مــا يُســ ّمى بـــ" :القنبــاز"، ُ األوزار. غفــرانَ ِ مــع ال ّ ُلــف ميــن الــذي ي ُّ شــا ِل الث َّ ِ ـاء َّ ـرور وبع ـدَ انتهـ ِ ـام و ُ الطعـ ِ سـ ِ صــر. فوقَــه حــو َل الخ ْ األب ِل َولَ ـدِه: األه ـ ِل جميعًــا ،قــا َل ُ ي الثيـ َ ي؛ اذهــب إلــى ِخزانَتِــكَ أخفــى أبــو علـ ٍّ ـاب ،وودَّع يــا أبــا علـ ّ وال ـدَه ليُع ـدَّ لــه مــا ل ـذَّ ِمــن أنــواعِ وان ُ ظـ ِـر ال َهديَّـةَ التــي أَت َيتُــكَ ِبهــا. ـف وطــاب. القطايـ ِ يٍ ،وفَتــح الخزانـةَ، ـام أبــو علـ ّ قـ َ ــوز ،ونَ َ فَبَع ُ فصــار يَبكــي، داخلَهــا ــر ِ ضــه بال ِق ْشــدَة وال َج ِ َ ظ َ ُ بحجــم صغيــر ضــه وبع ُ ٌ واألب يقــو ُل ُمتع ِ ّجبًــا :مــا بالــك ُ ُ ـم ـ بحج ـر ـ أكب ـه ـ ض ع ب و ، ـور ـ صف ِ َ ُ يــا ولــدي؟! ِلمــاذا ال تســمعني ُ العُ الســتاتيُ - ،جمــع :ســتيتيّة ،يقولُهــا صوتَــك ورأيَــك ،أو َّ ـوب مــا أن الثـ َ أهـ ُل ال ّ ي .-أعجبَــك؟! شـ ِ ـام علــى طائِـ ِـر القُمر ّ ي يب َح ُ ــث عــن خ َ َــر َج أبــو علــ ٍّ مالبــس متجــ ّ ِو ٍل ،فَ َو َجــدَ َ بائــعِ ُ ي العمــارة، ِ واحــدًا يَ ِ عرفــه بحــ ِّ َّ ــوب وقــال لــه :ب ْعــهُ ث ال ه فأعطــا ُ َ ي ِ بعــدَ بُرهَــ ٍة الحــ فــي وألقــاكَ ّ آلخــذَ ثمنَــه.
ي ٍ يقــول :بلــى بلــى وأبــو علــ ّ ــررتُ يــا أبتــي ،ولكنَّنــي ِمــن ُ س ِ َّ ب ــرحِ بالثــو ِ ِشــدَّةِ السَّــعادةِ والفَ َ أبكــي ...
ــراء ،هــذه خوتــي القُ ّ نعــم يــا إِ َ ُ ــمعتها ِمــن س ِ ال ِق َّ صــةُ َ ِ ابــن أخِ ي ،وهــو مــا زا َل علــى علــ ــوب والشــا َل أبــي أخــذَ البائِــ ُع الث َّ َ ّ الحريــر ،فوضعــه قيــ ِد الحيــاة َح ِف َ الــذي يُشــبِهُ وأكر َمنــا ظــهُ هللا، َ َ ق هللا. علــى ســا ِعده وأضحــى يصيــ ُح :وإيّا ُكــم بِبِـ ِ ّ ـر الوالدَيــن بِت َوفيـ ِ ــب ال َح ِ ّ " َمــن ــظ السَّــعيدِ، صاح ُ ِ ع َرفـ ْ ي بمــا َ ـت زَ وج ـةُ أبــي عل ـ ٍّ الــذي سيشــتري هــذا الجديــد". ــذار ْ أن َجــرى ،فقــا َل لهــاَ :ح ِ ـس بالبي ِ صــة؛ وذلــك ي جالـ ٌ ت تُخبــري والــدي بال ِق ّ ووا ِلـدُ أبــي علـ ٍّ قــد أصابَــه ال َملَــلُ ،فقــا َل أله ِلــ ِه ِرعايـةً لمشــا ِع ِره ،كــي ال يضيــقَ امكثُــوا ـب أنّــه أثق ـ َل علــى َّ ـدره ويح ِسـ ُ ي العُقيبــة ،صـ ُ ســأتجول بحــ ِّ جامــعِ التَّوبــة. ولَعَلّــي أُصلّــي ِب ِ و ِلــده! صــر ُخ وهــذِه صــورة ُ جــ ِدّ والدتــي ُ وكان البائِــ ُع مــا زال يَ ـارة ـ م ع ال ـن محمــد علــي يِ َ ويَصيـ ُح ماشـيًا ِمــن حـ ّ ي ٍ أحمـدَ بـ ِ أبــي علـ ّ الشــهير بـــ: ي علــوان ت،1400 إلــى العُقيبــة ،فــرآه والـدُ أبــي عل ٍّ ِ عنــدَ ِ جامــعِ التَّوبــة ،فاســت َوقَفَهُ "لبنيَّــة" ،أحـ ِد مؤذِّنــي جامــعِ بنــي ليــرى مــا معــه ِمــن ال َمبيــعِ ،فــرا َ ع أميَّــة.
العدد الحادي واألربعون
استراحة الهدى
27
مجلة الهدى اإلسالمية
العدد الحادي واألربعون