souriatna_issue_21

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 2 / 12 | )21‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬


‫فنانون �سوريون ي�س ِّعدون مواقفهم املعار�سة عرب في�سبوك‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫صعَّد عددٌ من الفنانين الس��وريين‬ ‫مواقفه��م ض��د النِّظ��ام عل��ى موق��ع‬ ‫التَّواص��ل االجتماع��ي فيس��بوك‪ ،‬ودع��ا‬ ‫البعض منهم إلى عصيان مدني‪.‬‬ ‫كما ش��هدت األي��ام القليل��ة الفائتة‬ ‫تصاع��دًا ف��ي نب��رة بع��ض الفناني��ن‬ ‫الس��وريين المعارضين م��ع تزايد تعقيد‬ ‫األحداث في الثورة الس��ورية‪ ،‬والمستمرة‬ ‫منذ شهر آذار الماضي‪.‬‬ ‫فوجّ��ه الفن��ان ف��ارس الحل��و ندا ًء‬ ‫إل��ى جميع الس��وريين‪ ،‬دعاه��م فيه إلى‬ ‫العصي��ان المدني‪ ،‬بع��د محاصرة القوات‬ ‫الس��ورية لمدين��ة حم��ص‪ -‬عاصم��ة‬ ‫االحتجاج��ات‪ ،‬وقص��ف بع��ض أحيائه��ا‪،‬‬ ‫وكتب الحل��و‪" :‬نداء لحس��م التردد ووقف‬ ‫مجازر النظام ضد الش��عب‪ ..‬نداء حتى ال‬ ‫نندم‪ ،‬ألننا لم نتخذ ً‬ ‫موقفا من القتل"‪.‬‬ ‫وخاط��ب الحل��و عناص��ر الجي��ش‬ ‫الس��وري قائ�� ًا‪" :‬ي��ا ش��رفاء الجي��ش‪...‬‬ ‫بيدكم قراركم‪ ...‬م��ع القاتل أو القتيل‪...‬‬ ‫مع نظ��ام األس��د‪ ..‬أو مع الش��عب‪ ..‬ليس‬ ‫هناك المزي��د من الوق��ت أمامكم التخاذ‬ ‫الموق��ف‪ ...‬لن نس��امحكم إذا أمعنتم في‬ ‫الدف��اع عن قات��ل الش��عب‪ ...‬لتعلنوا عن‬ ‫انش��قاقكم عن جيش األسد‪ ،‬وانتمائكم‬ ‫إلى جيش الشعب"‪.‬‬ ‫كم��ا خاطب الحلو س��كان المدينتين‬ ‫السوريتين الرئيستين‪" :‬يا أهالي دمشق‬

‫وحل��ب‪ ..‬يا من تنزلون إلى الش��وارع اآلن‬ ‫نصرة للمدن‪ ...‬والمناطق التي تقصف‪...‬‬ ‫بيدك��م إنهاء معاناة الس��وريين وحس��م‬ ‫الموقف عندما تتخذون ً‬ ‫موقفا واحدًا"‪.‬‬ ‫وختم الحلو ن��داءه بالقول "فلتعلنوا‬ ‫العصيان المدن��ي‪ ،‬ولتقطعوا صلتكم مع‬ ‫نظام الفس��اد والقتل‪ ...‬أيها الس��وريون‬ ‫جميعً��ا‪ ...‬ه��ي س��وريا تن��ادي الجميع‪...‬‬ ‫سوريا لنا جميعًا‪ ...‬ال مكان للقاتل بيننا‪..‬‬ ‫وال م��كان لمثيري الفت��ن‪ ...‬لنهبّ جميعًا‬ ‫دفاع��ًا عن دمائن��ا وش��بابنا‪ ....‬دفاعًا عن‬ ‫مستقبل أطفالنا‪ ..‬فيكفي ما عاناه آباؤنا‪،‬‬ ‫ونح��ن من بع��ده‪ ،‬عل��ى يد م��ن ظن أن‬ ‫سوريا ملكه‪ ،‬لكثرة ما سكتنا عن ظلمه‪...‬‬ ‫جميعنا دف��ع ثمن الصمت‪ ...‬ه��ي الثورة‬ ‫ثورتن��ا جميع��اً‪ ،‬هي��ا إل��ى الث��ورة نصرة‬ ‫لمدننا ودمائنا‪ ،‬وحتى الوصول إلى سوريا‬ ‫حرة وديمقراطية‪ ...‬سوريا للسوريين"‪.‬‬ ‫ومع بدء قص��ف حمص‪ ،‬كتب الحلو‬ ‫"لن تس��تطيعوا اغتيال النكتة الحمصية‬ ‫‪ ..‬سترون ‪."..‬‬ ‫من جانبه��ا كتبت الفنانة الس��ورية‬ ‫ري��م عل��ي بعد مواجه��ات ش��هدتها بلدة‬ ‫داريا ف��ي ريف العاصمة دمش��ق "مجازر‬ ‫‪...‬داريا‪..‬الدم الس��وري ال ينتهي ‪....‬يروي‬ ‫األرض لينبع من جديد"‪.‬‬ ‫بدوره��ا كتب��ت الفنان��ة لوي��ز عبد‬ ‫الكريم‪ ،‬التي خرجت من س��وريا‪" ،‬ثورتنا‬

‫للكرام��ة‪ ،‬للح��ق‪ ،‬للعدال��ة االجتماعي��ة‪،‬‬ ‫ثورتن��ا ليس��ت ً‬ ‫مل��كا لطائف��ة‪ ،‬هي ملك‬ ‫كل ح��ر‪ ،‬م��ن يري��د أن يعيش ف��ي دولة‬ ‫المواطن��ة‪ ،‬فلي��أت إلينا‪ ،‬وم��ن يريد ّ‬ ‫الذل‬ ‫فليرحل مع نظام الظلم"‪.‬‬ ‫م��ن ناحيت��ه كت��ب السيناريس��ت ثائر‬ ‫موس��ى "كانت المجزرة منذ يومين‪ ،‬لكنهم‬

‫حينها امتطوا جناح الليل‪ّ ،‬‬ ‫عل س��واده يستر‬ ‫م��ا اقترف��وه‪ ..‬أما الي��وم ففي وض��ح النهار‬ ‫يقتلون حمص من جديد‪ ..‬رموا بإنسانيتهم‬ ‫إل��ى الش��يطان‪ ،‬فل��م يع��ودوا يلق��ون با ًال‬ ‫حتى للتس��تر على جريمتهم‪ ..‬مجازر الليل‬ ‫والنه��ار‪ ،‬مجازر العار على من ارتكبها‪ ،‬ومن‬ ‫بررها‪ ،‬ومن سكت عنها"‪.‬‬

‫النظام ال�سوري ي�سطهد اجلرحى والأطباء‪ ..‬ومفو�سة الأمم‬ ‫املتحدة حلقوق الإن�سان تدعو لتحرك دويل عاجل‬ ‫منظمة «اأطباء بال حدود»‪ :‬معظم اجلرحى ل ينقلون اإىل‬ ‫امل�ست�سفيات العامة خ�سية اعتقالهم اأو تعذيبهم‬ ‫ذكرت منظمة «أطباء با حدود»‬ ‫أن النظام السوري يمارس «قمعا دون‬ ‫رحمة» ضد الجرحى الذين يصابون خال‬ ‫مظاهرات االحتجاج والعاملين في المجال‬ ‫الطبي الذين يحاولون إسعافهم‪ ،‬مستندة‬ ‫إلى شهادات جرحى وأطباء‪.‬‬ ‫وقالت ماري بيار الييه رئيسة‬ ‫المنظمة غير الحكومية في بيان‪« :‬اليوم‬ ‫في سوريا ياحق الجرحى واألطباء وقد‬ ‫يتعرضون لخطر اعتقالهم وتعذيبهم‬ ‫على أيدي األجهزة األمنية‪ .‬بات الطب‬ ‫يستخدم ساحا لاضطهاد»‪.‬‬ ‫ول�«أطباء با حدود» طواقم طبية‬ ‫في هذا البلد‪ ،‬وتقول المنظمة إنها‬ ‫«عاجزة عن التدخل مباشرة في سوريا»‬ ‫لعدم حصولها على تراخيص‪.‬‬ ‫وقالت المنظمة استنادا إلى شهادات‬ ‫جمعتها خارج الباد إن «معظم الجرحى‬ ‫ال ينقلون إلى المستشفيات العامة خشية‬ ‫اعتقالهم أو تعذيبهم» و«يعالج األطباء‬ ‫الجرحى في شقة أو مزرعة»‪.‬‬ ‫وقال طبيب طلب عدم كشف اسمه‬ ‫إن «األجهزة األمنية تهاجم المستشفيات‬ ‫الميدانية وتدمرها»‪ .‬وأضاف‪« :‬يدخلون‬ ‫المنازل بحثا عن أدوية أو أي معدات‬ ‫طبية»‪ ،‬حسب وكالة الصحافة‬ ‫الفرنسية‪.‬‬ ‫وأضافت المنظمة التي تسعى منذ‬

‫أشهر إلى الحصول على تراخيص رسمية‬ ‫للعمل في سوريا أن «عددا محدودا من‬ ‫الجرحى يتمكنون من اللجوء إلى الدول‬ ‫المجاورة حيث يتلقون العاج بالشكل‬ ‫الصحيح»‪.‬‬ ‫وتؤكد المنظمة أن «األطباء لم‬ ‫يعودوا يتجرأون على طلب الدم من بنك‬ ‫الدم المركزي الموضوع تحت وصاية‬ ‫وزارة الدفاع التي أصبحت توزع حصريا‬ ‫أكياس الدم»‪.‬‬ ‫وأضافت الييه‪« :‬من الضروري أن‬ ‫تحيد السلطات السورية المستشفيات‬ ‫والعيادات‪ .‬المستشفيات ينبغي أن‬ ‫تكون أماكن محمية يعالج فيها الجرحى‬ ‫من دون تمييز وال يتعرضون فيها‬ ‫ألي سوء معاملة أو تعذيب‪ ،‬وحيث ال‬ ‫يعرض العاملون في المؤسسات الطبية‬ ‫حياتهم للخطر الختيارهم احترام مبادئ‬ ‫مهنتهم»‪.‬‬ ‫ومن جانبها دعت مفوضة األمم‬ ‫المتحدة السامية لحقوق اإلنسان نافي‬ ‫بياي أمس إلى تحرك دولي عاجل‬ ‫لحماية المدنيين في سوريا قائلة إنها‬ ‫روعت من الحملة العسكرية العنيفة‬ ‫للجيش السوري على مدينة حمص‪.‬‬ ‫وأضافت في بيان‪« :‬روعني هجوم‬ ‫الحكومة السورية المتعمد على مدينة‬ ‫حمص واستخدامها المدفعية وغيرها‬ ‫من األسلحة الثقيلة في هجمات با‬

‫تمييز فيما يبدو على مناطق مدنية في‬ ‫المدينة»‪.‬‬ ‫وقالت بياي وهي قاضية سابقة‬ ‫بالمحكمة العليا بجنوب أفريقيا إن من‬ ‫الضروري جدا «أن يتجاوز المجتمع الدولي‬ ‫السياسة ويقوم بتحرك فعال لحماية‬ ‫السكان المدنيين»‪ .‬وانتقدت بياي‬ ‫روسيا والصين صراحة الستخدامهما‬ ‫حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار‬ ‫بمجلس األمن الدولي يدعو الرئيس‬ ‫بشار األسد للتنحي‪.‬‬ ‫وأضافت أن «التفويض المطلق»‬ ‫الذي حصلت عليه سوريا من جراء الفيتو‬ ‫على مشروع القرار «يتنافى مع روح‬ ‫وصياغة» اتفاق عالمي وقع عام ‪2005‬‬

‫عن العمل الجماعي لحماية المدنيين‬ ‫حين ال تقوم حكومتهم بذلك‪.‬‬ ‫وقال مسؤولون بمكتبها في جنيف‬ ‫إن القتلى اآلن منتشرون على نطاق‬ ‫واسع في أنحاء متفرقة من الباد‬ ‫بحيث أصبحوا غير قادرين على تقدير‬ ‫أعدادهم‪ .‬وفي ديسمبر (كانون األول)‬ ‫الماضي قالت إن أكثر من خمسة آالف‬ ‫شخص قتلوا‪.‬‬ ‫وقالت بياي وهي قاضية سابقة‬ ‫أيضا بالمحكمة الجنائية الدولية «كل‬ ‫األدلة تشير إلى ضلوع الجيش السوري‬ ‫وقوات األمن في ارتكاب معظم هذه‬ ‫الجرائم»‪.‬‬


‫لي�س با�سمنا‪ ،‬لي�س با�سم فل�سطني‬ ‫ترتكب اجلرائم اأيها القتلة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬

‫الي��وم‪ ،‬س��أخلد للن��وم باك��راً‪ ...‬أس��ماؤهم تاحقني‪،‬‬ ‫سأفس��ح له��م مجا ًال كي يس��تلقوا إل��ى جانبي إن أحس��وا‬ ‫بالتعب‪ ،‬وغداً س��يكون لهم صباح مشرق كوجوههم‪ ،‬نقي‬ ‫كحبة ندى تلمع وتتدحرج على وريقة شجر خضراء‪ ،‬خضراء‬ ‫كأرواحهم‪...‬‬

‫أسبوعية‬

‫ألم تصادف أيًا منهم يوماً؟‬ ‫ً‬ ‫ألم تكن تقود س��يارتك مس��رعا في وق��ت متأخر ذات‬ ‫ليلة‪ ،‬وإذ بوجه مبتسم يتراءى لك من خلف الزجاج‪ ،‬وجه لم‬ ‫ت��ره يومًا لكنك تحس بأنك تعرفه منذ األزل‪ ،‬فتبتس��م له‬ ‫كاألبله لثوانٍ ثم تعود إلى واقعك وتكمل قيادة السيارة؟‪...‬‬ ‫وهو‪ ،‬يذهب بحال سبيله كي يبتسم لشخص غيرك‪...‬‬ ‫ألم تكن جالسًا أمام شاشة الحاسب تتصفح األخبار في‬ ‫واحد من تلك الصباحات المش��رقة‪ ،‬فتس��مع صوتًا يهمس‬ ‫في أذنك «أنا هنا‪ ...‬في هذه الصورة‪ ،‬وتلك‪ ...‬هذه قطرات‬ ‫دم��ي‪ ...‬هذه أم��ي تبكي أم��ام جثماني‪ ...‬وه��ؤالء أخوتي‬ ‫وأهلي وأصدقائي يخرجون في تش��ييعي‪ ...‬ماذا تفعل أنت‬ ‫هاهن��ا؟ لماذا تس��تمر في الجل��وس‪ ،‬وفق��ط الجلوس؟»‪...‬‬ ‫تلتف��ت حولك بحثاً عن مصدر الص��وت‪ ،‬فا تجد إال الفراغ‪،‬‬ ‫وصمتًا قاسيًا‪ ،‬وتكمل تصفحك لألخبار‪...‬‬ ‫أل��م تجلس يوماً ف��ي المقهى لتحتس��ي القهوة وتقرأ‬ ‫مجلة ما‪ ،‬أو تناقش مع أصدقائك أخبار الثورة‪ ،‬وما آلت إليه‬ ‫أوضاع البلد‪ ،‬وتتسابقون في إلقاء اللوم على هذه الجهة أو‬ ‫تلك‪ ،‬وهذا الش��خص أو ذاك المسؤول‪ ،‬وفي وسط الصخب‬ ‫والضجيج والنقاش��ات يصطدم بك من الخلف ش��خص ما‪،‬‬ ‫تلتفت لترى اللوحة على الحائط ورائك تهتز يمينًا ويساراً‪،‬‬ ‫وعدا ذلك‪ ،‬ال صوت إال صوت دقات قلبك‪...‬‬ ‫ال تخف‪ ...‬إنها أرواحهم‪...‬‬ ‫أرواح ش��هداء حمص‪ ،‬وإدلب‪ ،‬وحماه‪ ،‬ودرعا‪ ،‬ودمشق‪،‬‬ ‫وحلب‪...‬‬ ‫شهداء دوما‪ ،‬وحرس��تا‪ ،‬وتلبيسة‪ ،‬والرستن‪ ،‬والبياضة‪،‬‬ ‫والصنمين‪ ،‬ونوى‪ ،‬وجاسم‪...‬‬ ‫هي تزروني كل يوم منذ سقط أول شهيد في الثورة‪...‬‬ ‫ألم تزرك من قبل؟‬ ‫في الم��رة األولى خف��ت قلي ً‬ ‫ا رغم إحساس��ي الغريب‬ ‫باالرتي��اح في وجودها‪ ،‬لكنها عندما أس��رّت ل��ي بأنها في‬ ‫انتظ��ار دورها إل��ى الجنة‪ ،‬وبأنه��ا كثيراً ما تش��عر بالملل‬ ‫فتحس بالحاجة إلى أن تطوف بين البش��ر لترى ماذا حصل‬ ‫بعد رحيلها‪ ،‬منذ عرفت كل ذلك لم أعد أخاف منها بل على‬ ‫العك��س‪ ،‬ص��رت أترقب حضوره��ا‪ ،‬وأحيانًا عندم��ا ال تأتي‬ ‫أوهم نفسي بأنها موجودة وأتابع حديثي معها‪ ،‬فقد اعتدت‬ ‫ليال خاوية كصحراء ال نهاية‬ ‫وجودها‪ ،‬وصارت رفيقتي في ٍ‬ ‫لها‪ ،‬وصباحات حزينة ممطرة‪...‬‬ ‫البارح��ة جاؤوا‪ ...‬كان��وا أطفا ًال صغ��اراً‪ ...‬جلبت كل ما‬ ‫ل��دي في المنزل من ألعاب ووضعتها أمامهم كي ال يحس��وا‬ ‫بالمل��ل‪ .‬بعضهم أح��س بالس��عادة وبدأ باللع��ب‪ ،‬البعض‬ ‫اآلخ��ر لم يعر األلعاب أي اهتم��ام وفضل الطواف في أرجاء‬ ‫المنزل‪ ...‬فقط تلك الفت��اة الصغيرة‪ ،‬الصغيرة جداً‪ ،‬انزوت‬ ‫وحي��دة في الزاوي��ة دون أن تنظر إلى أي منه��م‪ ...‬اقتربت‬ ‫منها‪« ...‬ما اس��مك؟»‪« ...‬ال اس��م لدي‪ ،‬فأهل��ي لم يمهلهم‬ ‫النظ��ام يومًا آخر ك��ي يعطوني اس��مًا‪ ،‬والقذيف��ة أصابت‬ ‫منزلنا وتوفيت وأنا عم��ري لم يتجاوز بضعة أيام»‪« ...‬ولم‬ ‫ال تلعبين مع األطفال اآلخرين؟ ألم تعجبك األلعاب؟»‪« ...‬ال‬ ‫أع��رف كيف ألعب»‪ ...‬أمس��كت يدها‪ ...‬خرجنا إلى الش��رفة‬ ‫وش��اهدنا حب��ات المطر وهي تتس��اقط‪ ،‬بعضها يلمع تحت‬ ‫ضوء مصابي��ح اإلنارة التي لم تطفئه��ا البلدية اليوم على‬ ‫غي��ر العادة‪ ،‬وبعضها يس��قط عل��ى األرض دون أن نراه‪...‬‬ ‫حاصرتن��ي أص��وات أطفال «ك��رم الزيتون» وه��م يلعبون‬ ‫داخل غرفتي‪ ...‬دماؤهم زكية زكية زكية‪ ،‬ويد هذه الطفلة‬ ‫تش��د على يدي بقوة وه��ي تهمس ل��ي‪« :‬ال تصالحوا‪ ...‬ال‬ ‫تصالح��وا»‪ ...‬نظ��رت إليه��ا فاختفت‪ ،‬دخل��ت الغرفة فرأيت‬ ‫األلع��اب كم��ا تركته��ا‪ ،‬ف��ي زاوي��ة الغرف��ة‪ ،‬ترقد بس��ام‬ ‫وطمأنينة‪...‬‬ ‫اليوم‪ ،‬كانوا كثراً‪...‬‬ ‫اليوم‪ ،‬البرد قارس في الخارج والمطر غزير‪ ...‬لم أغلق‬ ‫الباب جيداً فلربما سيدخل بعضهم بحثاً عن الدفء‪...‬‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫سعاد يوسف‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صدر بيان فلسطيني جماعي يطلب االنتساب‬ ‫إل��ى رابطة الكتاب الس��وريين تضامنا مع الش��عب‬ ‫السوري جاء فيه‪.‬‬ ‫يش��رفنا نحن الكتاب الفلسطينيين الموقعين‬ ‫على هذا البيان أن نتقدم بطلب انضمام جماعي إلى‬ ‫رابطة الكتاب الس��وريين التي أعلن عن تأسيس��ها‬ ‫مؤخ��راً‪ ،‬م��ن قبل كت��اب ومثقفي س��وريا األحرار‪،‬‬ ‫أولئ��ك الذي��ن يقفون ف��ي صفوف ش��عبهم وهو‬ ‫يصعد سلم حريته الذي لطخته يد الطاغية بالدم‪،‬‬ ‫إن تأس��يس رابطة الكتاب السوريين يشكل رافعة‬ ‫أساس��ية في ثورة س��وريا ويضع المثقف الحقيقي‬ ‫في موقعه الى جانب شعبه كشريك فاعل في بناء‬ ‫سوريا الجديدة والخاص من استبداد حكم العائلة‬ ‫نحو نظام مدني تعددي ديمقراطي قائم على حق‬ ‫المواطنة‪ ،‬يفتح المجال امام حرية التعبير واإلبداع‬ ‫ويحرم النظ��ام من تزييف إرادة المثقف الس��وري‬ ‫الحر عبر أطر فارغة وخاوية استولت على مقدرات‬ ‫الثقاف��ة وصادرت دوره وزيفت إرادته‪ ،‬وكانت دائما‬ ‫أداة بيد الطاغية وأجهزته‪.‬‬ ‫إن س��وريا بحاج��ة الي��وم‪ ،‬اكثر م��ن أي وقت‬ ‫مضى‪ ،‬الى هذا الصوت الناضج الصاعد من قلبها‪،‬‬ ‫الذي يع��زز وحدته��ا الوطنية ويجعل م��ن تعددية‬ ‫مجتمعه��ا ومكونات��ه الغني��ة س��ببا للق��وة وإثراء‬ ‫المضمون وقاعدة للبناء الديمقراطي‪.‬‬ ‫لقد س��معنا‪ ،‬مؤخ��را‪ ،‬ممثل النظام الس��وري‬ ‫في مجلس األمن يس��تعمل القضية الفلس��طينية‬ ‫ومس��يرتها المؤلم��ة والمش��رفة للتغطي��ة عل��ى‬ ‫جرائمه المروعة في سوريا‪ .‬نقول للنظام السوري‬ ‫وممثلي��ه‪ :‬ليس باس��منا‪ ،‬ليس باس��م فلس��طين‬ ‫ترتك��ب الجرائم في س��وريا الحبيبة‪ ،‬أيه��ا القتلة‪.‬‬ ‫ال تجعل��وا م��ن قضيتنا العادل��ة قناع��ا لجرائمكم‬ ‫الانس��انية بح��ق إخوتن��ا الس��وريين‪ .‬إن الش��عب‬ ‫الس��وري ه��و م��ن تبن��ى القضي��ة الفلس��طينية‬ ‫تاريخي��ا وق��دم ألجلها الش��هداء‪ ،‬وليس سياس��ات‬ ‫نظامكم التي نحتفظ منه��ا بذكريات مؤلمة‪ ،‬ولن‬ ‫ننس��ى أدوارها ف��ي مجازر تل الزعت��ر في ‪،1976‬‬ ‫والعدوان الرهيب على مخيم نهر البارد بطرابلس‬ ‫في ‪ ،1983‬وحص��ار المخيمات في بي��روت ‪،1985‬‬ ‫وغيره��ا من أعمال تس��ببت مرارا بض��رب الوحدة‬ ‫الوطنية الفلس��طينية‪ .‬ال تستعملوا اسم فلسطين‬ ‫فهي لم تعد ورقتكم الرابحة‪.‬‬ ‫إن س��وريا موحدة وح��رة وديمقراطية هي ما‬ ‫تحتاجه فلسطين‪ ،‬وهي سوريا التي تولد اليوم من‬ ‫رحم ثورة دامية فجرها شعب عظيم‪ .‬نحن واثقون‬ ‫من أن اس��م فلسطين س��يظل في القلب من هذا‬ ‫الشعب الشجاع الثائر ونخبته المثقفة‪.‬‬ ‫والموقعون هم من أهم اس��ماء الثقافة والكتاب‬ ‫الفلس��طينية وبلغوا اكثر من مئة موقع وكان بينهم‪:‬‬ ‫حن��ا ابو حنا (ش��اعر) مريد البرغوثي (ش��اعر وكاتب)‪،‬‬ ‫طاهر رياض (شاعر)‪ ،‬غسان زقطان (شاعر) زهير أَبو‬ ‫شايب (شاعر)‪ ،‬عزمي بشارة (مفكر)‪ ،‬محمود الريماوي‬ ‫(ق��اص وروائ��ي)‪ ،‬مع��ن البي��اري (ق��اص وصحافي)‪،‬‬ ‫يوس��ف أَبو ل��وز (ش��اعر)‪ ،‬نج��وان درويش (ش��اعر)‪،‬‬

‫ربعي المدهون (روائي)‪ ،‬عادل بش��تاوي (كاتب روائي‬ ‫وباحث)‪ ،‬انطوان ش��لحت (كاتب وناق��د)‪ ،‬فخري صالح‬ ‫(ناقد)‪ ،‬حس��ين شاويش (كاتب)‪ ،‬حزامة حبايب (قاصة‬ ‫وروائية)‪ ،‬نصر جميل ش��عث (ش��اعر)‪ ،‬أحمد أبو مطر‬ ‫(ناقد أكاديمي وباحث وناش��ط)‪ ،‬محمد خليل (قاص)‪،‬‬ ‫يوس��ف عبد العزيز (شاعر)‪ ،‬موس��ى برهومة (كاتب)‪،‬‬ ‫عيسى الشعيبي (كاتب)‪ ،‬موسى حوامدة (شاعر)‪ ،‬نائل‬ ‫بلعاوي (ش��اعر)‪ ،‬خلي��ل قنديل (قاص)‪ ،‬غ��ازي الذيبة‬ ‫(شاعر)‪ ،‬وسام جبران (ش��اعر وموسيقي)‪ ،‬عمرشبانة‬ ‫(ش��اعر)‪ ،‬قصي اللبدي (شاعر)‪ ،‬علي العامري (شاعر)‪،‬‬ ‫جه��اد هديب (ش��اعر)‪ ،‬زياد خ��داش (ق��اص وكاتب)‪،‬‬ ‫ناصر رباح (‪.‬شاعر)‪ ،‬باس��م النبريص’(شاعر وكاتب)‪،‬‬ ‫راجي بطحيش (كاتب)‪ ،‬ش��اهر خضره (ش��اعر)‪ ،‬رائد‬ ‫وحش (شاعر)‪ ،‬أس��ماء عزايزة (ش��اعرة‪ ،).‬محمود ابو‬ ‫هشهش’(ش��اعر)‪ ،‬خضر محجز (روائي وشاعر وباحث‬ ‫وناقد أكاديمي)‪ ،‬باس��ل أَب��و حمدة (كات��ب)‪ ،‬إِيراهيم‬ ‫جابر إِبراهيم (قاص)‪ ،‬عبد اهلل أَبو بكر (شاعر)‪ .‬أُسامة‬ ‫الرنتيس��ي (كات��ب)‪ ،‬عص��ام الس��عدي (ش��اعر)‪ ،‬خالد‬ ‫جمعة (شاعر)‪ ،‬نعيم الخطيب (كاتب)‪ ،‬أكرم ابو سمرة‬ ‫(ش��اعر)‪ ،‬حنين جمعه (شاعرة)‪ ،‬أحمد يعقوب ( شاعر)‪،‬‬ ‫طارق العربي (ش��اعر)‪ ،‬يوسف الديك (شاعر وروائي)‪،‬‬ ‫مهند صاحات (كاتب ومخرج)‪ ،‬محمد مشارقة (شاعر)‪،‬‬ ‫توفي��ق العيس��ى (كات��ب وصحفي)‪ ،‬باس��مة تكروري‬ ‫(كاتب��ة)‪ ،‬نجوى ش��معون (ش��اعرة)‪ ،‬محمد الس��المي‬ ‫(شاعر)‪ ،‬هاني السالمي (روائي)‪ ،‬بال سامة (شاعر)‪،‬‬ ‫اس��امة ابو عواد ( كاتب)‪ ،‬جبر ش��عت ( شاعر)‪ ،‬يوسف‬ ‫الق��درة) ش��اعر)‪ ،‬نس��مة العكل��وك (كاتب��ة)‪ ،‬عثم��ان‬ ‫حس��ين (ش��اعر)‪ ،‬رزق البياري (ش��اعر)‪ ،‬ياس��ر الوقاد‬ ‫(شاعر)‪ ،‬صبحي حمدان) كاتب)‪ ،‬عماد ‘محسن’(كاتب)‪،‬‬ ‫ليلي فيوليت ( ش��اعرة)‪ ،‬تيسير محيسن (قاص وناقد‬ ‫وناش��ط سياس��ي)‪ ،‬فايز السرس��اوي (فنان تش��كيلي‬ ‫وشاعر)‪ ،‬رجب أبو سرية (قاص وكاتب مقال سياسي)‪،‬‬ ‫فؤاد حمادة (ناقد أكاديمي وباحث وناش��ط سياس��ي)‪،‬‬ ‫مي ناي��ف (ناقدة أكاديمي��ة وباحثة وناش��طة جندر)‪،‬‬ ‫يس��ري الغول (قاص وناقد)‪ ،‬حس��ين أبو النجا (قاص‬ ‫وباح��ث أكاديم��ي)‪ ،‬ناصر عليوة (ر وائ��ي وناقد)‪ ،‬عبد‬ ‫الكري��م علي��ان (كات��ب وباح��ث ترب��وي)‪ ،‬والء تمراز‬ ‫(باحث وكاتب سياس��ي)‪ ،‬عمر ش��عبان (كاتب وباحث)‪،‬‬ ‫حس��ن مي (كاتب وناقد أكاديمي)‪ ،‬معن سمارة (شاعر‬ ‫وصحفي)‪ ،‬محمد حس��ونة (أكاديم��ي وناقد)‪ ،‬عون أبو‬ ‫صفية (روائي)‪ ،‬عاطف حمادة (شاعر وناقد أكاديمي)‪،‬‬ ‫غياث المدهون (ش��اعر)‪ ،‬رجاء غانم (ش��اعرة)‪ ،‬طارق‬ ‫الكرم��ي ( ش��اعر)‪ ،‬أحمد األش��قر‪ ( ،‬ش��اعر)‪ ،‬علي أبو‬ ‫خطاب (ش��اعر وكاتب)‪ ،‬دنيا األمل اسماعيل (شاعرة)‪،‬‬ ‫اس��راء كل��ش (كاتب��ة قصصية)‪ ،‬موس��ى أب��و كرش‬ ‫(ش��اعر وقاص‪ ،).‬عبد الفتاح ش��حادة (شاعر وروائي)‪،‬‬ ‫ياسر أبو جالة (شاعر وفنان تشكيلي)‪ ،‬خليل حسونة‪،‬‬ ‫(شاعر وروائي)‪ ،‬مهيب البرغوثي (شاعر)‪ ،‬عبد الناصر‬ ‫عامر( شاعر وفنان تشكيلي(‪ ،‬نضال الحمارنة (كاتبة)‪،‬‬ ‫أش��رف عمرو (كاتب وإعامي)‪ ،‬أسماء ناصر أبو عياش‬ ‫(كاتب��ة وصحفية)‪ ،‬مايا أبو الحي��ات (كاتبة)‪ ،‬زينات أبو‬ ‫شاويش (كاتبة)‪ ،‬سوزان سامة (شاعرة)‪.‬‬

‫هكذا رحلوا ‪. .‬‬

‫‪3‬‬


‫جمل�س الأمن‪ :‬خريف القي�سر وربيع ال�سوريني‪..‬‬ ‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫انت�سار لن ينتظر غودو‬ ‫ياسر مرزوق ‪ -‬ليلى السمان‬ ‫قصة البشر تبدأ في الطين وفي‬ ‫الحم��أ المس��نون‪ ،‬هك��ذا رووا لنا عن‬ ‫جدن��ا العتيق آدم ال��ذي صاغه البارئ‬ ‫م��ن تراب ثم ألق��اه إلى كتل��ة الطين‬ ‫هذه الت��ي يدعونه��ا األرض‪ ،‬ليعيش‬ ‫هو والقطيع الضال من أنس��اله على‬ ‫الطين وفي الطي��ن ويخيل إلي أحيانًا‬ ‫أن اللعنة التي تاحق البش��ر منذ عهد‬ ‫الخطئية األولى والف��ردوس المفقود‬ ‫ما هي في واقعه��ا إال ذلك اإلطار من‬ ‫الطين‪ ،‬طين األرض الذي ضرب حول‬ ‫اإلنس��ان وحدد مدى ي��ده وبصره فهو‬ ‫ال يرى في السماء إال من خال الطين‬ ‫وال يبني حضارت��ه إال على الرمال وال‬ ‫يقيم مفاهيم��ه الكبرى إال في الوحل‬ ‫والتراب‪.‬‬ ‫وتم��ر أمامي هن��ا آالف المجلدات‬ ‫التي ت��روي لي ولغيري تاريخ البش��ر‬ ‫وأخب��ار الذاهبي��ن األولي��ن وقصص‬ ‫الحضارات العا وأح��وال الذين تركوا‬ ‫فا أرى ف��ي ذلك جميع��ه غير صورة‬ ‫واحدة مكرورة‪ ،‬صورة هذا الكائن الذي‬ ‫ما انفك��ت عيناه تبحثان ع��ن الطعام‬ ‫في األرض ويداه تعمان على تكويم‬ ‫الت��راب أكواماً يدعونها مدنًا يس��تعبد‬ ‫فيه��ا أخ��اه األضعف أو المس��تضعف‪.‬‬ ‫وقد ت��روع هذه الصورة العتمة بعض‬ ‫المؤمنين بالتقدم اإلنساني المستمر‬ ‫والذين يتصورون اإلنس��انية صاعدة‬ ‫عل��ى درج أقدامه في األرض وفروعه‬ ‫تداعب النجم وتطل على المأل األعلى‪،‬‬ ‫إن المس��تطلع ألح��وال البش��رية في‬ ‫القرن الواحد والعش��رين ق��د يداعبه‬ ‫الش��ك باهتراء هذه الفك��رة‪ ،‬فإني ال‬ ‫أجد كبير الفرق بين تال التراب التي‬ ‫بناها البشر في أدنى العراق ليعيشوا‬ ‫من��ذ خمس��ة آالف ع��ام وبي��ن عم��د‬ ‫الفوالذ الت��ي تحك صدر الس��ماء في‬ ‫نيوي��ورك وغيرها الي��وم‪ ،‬من يقنعنا‬ ‫بأن المغولي الوحش جنكيز خان الذي‬ ‫أخرج أه��ل بخارى من��ذ ثمانية قرون‬ ‫إل��ى ظاهره��ا فذبحه��م جميع��ًا هو‬ ‫غير ترومان الرئي��س األمريكي الذي‬ ‫أباد هيروش��يما وأهلك مدناً بأس��رها‬ ‫ف��ي آس��يا‪ .‬وأي ف��رق بين االس��كندر‬ ‫ذلك الجزار الكبير وبين س��تالين وأي‬ ‫فرق بين الذي��ن أعلنوا البيان الثاثي‬ ‫القاض��ي بتس��ليح الع��رب واليه��ود‬ ‫مع��ًا وبين أباط��رة روما الذي��ن كانوا‬ ‫يس��لحون العبيد في الماع��ب ليلهوا‬ ‫بقتل بعضهم البعض‪.‬‬ ‫إن��ه المجتلد‪ ،‬ينقل على شاش��ات‬ ‫الفضائي��ات ع��ام ‪ 2012‬فكم��ا ذك��ر‬ ‫شيشرون (شاعر روما) وترتليان (مؤرخ‬ ‫روما) عام ‪ 105‬قبل المياد كان المجتلد‬ ‫عرض��ًا مغرياً للجمه��ور الروماني حين‬ ‫تخلت الحضارة الرومانية عن إنسانيتها‬ ‫فكان يؤتى بالعبيد والثائرين والذي كان‬

‫حق المنتصرين في قتلهم من الحقوق‬ ‫المعت��رف بها في ذل��ك العهد ومن أجل‬ ‫ذل��ك كان الروم��ان يرون أنه��م رحماء‬ ‫ك��رام حين يتيحون له��م فرصة للنجاة‬ ‫تمر عب��ر المجتل��د حيث يص��ارع العبد‬ ‫الوحوش لتسلية الجماهير الهائجة فإذا‬ ‫انتصر على هذا الوح��ش فأمره معلق‬ ‫بي��د القيص��ر أو حاك��م اإلقلي��م‪ ،‬ف��إذا‬ ‫استمتع الجمهور رفع القيصر يده واهبًا‬ ‫الحي��اة للمجال��د وإذا أنرله��ا حكم على‬ ‫المجالد بالموت‪ .‬وك��ذا الحال في الرابع‬ ‫من ش��باط عام ‪ 2012‬رفع وزير قيصر‬ ‫ي��ده مبدي��ًا عدم��ن إعجاب��ه بش��جاعة‬ ‫الس��وريين وبسالتهم أمام وحوش هذا‬ ‫العصر واس��تمرت الوح��وش ترتع على‬ ‫دماء الس��وريين ونزل قسم منهم إلى‬ ‫حن��وب دمش��ق لتحي��ة وزي��ر القيصر‪،‬‬ ‫وكان الكام عينه سينطبق لو لم يرفع‬ ‫وزير قيصر يده من الطرف اآلخر‪.‬‬ ‫أمام هذه الواقعة الهارصة وبعيداً‬ ‫ع��ن األزمة في س��وريا وف��ي مطلق‬ ‫األح��وال يثي��ر االحت��كام إل��ى الطرف‬ ‫األقوى اعتراضات حقوقية وإنس��انية‬ ‫ف��ي األم��م المتح��دة الت��ي أنش��أها‬ ‫المنتص��رون ف��ي الح��رب العالمي��ة‬ ‫الثاني��ة على قاعدة الغال��ب والمغلوب‬ ‫والت��ي أعط��ى المنتصر لنفس��ه حقًا‬ ‫بمخالف��ة اإلجماع الدولي واإلنس��اني‬ ‫وتعليق مصائر أمم وش��عوب بيد أحد‬ ‫المندوبي��ن الخمس��ة‪ ،‬ه��ذه األي��ادي‬ ‫رفع��ت يوم��ًا لتقدم فلس��طين قربانًا‬ ‫ع��ن ه��ذه البش��رية المتعث��رة وهذه‬ ‫األيادي ل��م تح��م الدم��اء اللبنانية أو‬

‫العراقية يوماً والقائمة تطول‪.‬‬ ‫إن ح��ق النق��ض ال��ذي قبض��ه‬ ‫الخمس��ة الكبار كمكافأة عن هدرهم‬ ‫للع��دد األكب��ر من األرواح ف��ي الحرب‬ ‫العالمي��ة الثانية لهو إهانة للبش��رية‬ ‫جمعاء‪ ،‬فإذا كان��ت الحتمية التاريخية‬ ‫تقضي بالتطور إلى األمام دائمًا فكيف‬ ‫للتاريخ أن يفسر هذه االرتكاسة‪ .‬في‬ ‫ملفنا اليوم نبحث في تشكيل مجلس‬ ‫األم��ن وصاحيات��ه كأم��ر واق��ع غير‬ ‫مقبول‪ ،‬فقد حان الوقت للبشرية بأن‬ ‫تعيش ربيعاً بشريًا عل الربيع العربي‬ ‫أول إرهاصات��ه فالث��ورة ليس��ت على‬ ‫الطاغي��ة بل على كل طغ��اة األرض‪،‬‬ ‫إن الش��عوب التي لن ترض��ى بالظلم‬ ‫والقيد محليًا لن تقبل به على الصعيد‬ ‫الدول��ي ولتحك��م الديمقراطية األمم‬ ‫المتح��دة ومجلس األمن وليعطى حق‬ ‫النقض عل��ى افتراض قب��ول وجوده‬ ‫ألكثر الدول احترامًا لحقوق اإلنس��ان‬ ‫ومساهمة في التنمية العالمية وليس‬ ‫لألكثر تسلحًا ونفوذاً وعتيًا‪.‬‬ ‫أنش��ئ مجلس األمن وفقًا للمادة‬ ‫‪ 23‬من ميثاق األم��م المتحدة بغرض‬ ‫الحفاظ على السام واألمن الدوليين‪،‬‬ ‫وهو الجه��از الوحيدة الذي له س��لطة‬ ‫اتخ��اذ قرارات تلت��زم بتنفيذها الدول‬ ‫األعض��اء بموجب الميث��اق‪ ،‬أما أجهزة‬ ‫األم��م المتح��دة األخ��رى فه��ي تقدم‬ ‫توصي��ات إل��ى الحكوم��ات ويتم عقد‬ ‫اجتماع��ات المجل��س عادة ف��ي المقر‬ ‫الدائم في نيويورك‪.‬‬ ‫يتكون المجلس من خمسة عشر‬

‫عض��واً م��ن أعض��اء األم��م المتح��دة‬ ‫ينقس��مون إلى خمسة أعضاء دائمين‬ ‫وعشرة أعضاء يتم انتخابهم بواسطة‬ ‫الجمعية العامة لمدة سنتين وال يجوز‬ ‫إع��ادة انتخ��اب أحدهم مباش��رة لمدة‬ ‫أخ��رى‪ ،‬ويتواجد ممثل دائ��م عن كل‬ ‫عضو ف��ي مقر األم��م المتحدة طوال‬ ‫الوقت لتحقيق مبدأ االستمرارية الذي‬ ‫يعد المحرك الرئيس��ي إلدارة مجلس‬ ‫األم��ن‪ ،‬والدول دائم��ة العضوية هي‪:‬‬ ‫الوالي��ات المتحدة األمريكية‪ ،‬روس��يا‪،‬‬ ‫الصي��ن‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬فرنس��ا‪ .‬وتتناوب‬ ‫الدول األعضاء على رئاس��ة المجلس‬ ‫ش��هرياً وفق��ًا للترتي��ب األبج��دي‬ ‫االنكلي��زي بأس��مائهم‪ ،‬ول��كل عضو‬ ‫منها ص��وت واألعضاء غي��ر الدائمين‬ ‫بنتخب��ون وفقاً لقدرتهم على الحفاظ‬ ‫على السام واألمن الدوليين ويراعى‬ ‫ف��ي انتخابه��م التوزي��ع الجغراف��ي‬ ‫بالش��كل التال��ي‪ 5 :‬مقاع��د لل��دول‬ ‫االفريقية واآلس��يوية‪ ،‬مقعدان لدول‬ ‫أمريكا الاتيني��ة‪ ،‬مقعدان لدول غرب‬ ‫أوروبا‪ ،‬مقعد لدول أوروبا الشرقية‪.‬‬ ‫ويتطلب اتخاذ القرارات المتعلقة‬ ‫بالمس��ائل اإلجرائي��ة موافقة تس��عة‬ ‫أعضاء من الخمسة عش��ر عضواً‪ ،‬أما‬ ‫المسائل الموضوعية فتتخذ القرارات‬ ‫بش��أنها عق��ب تأيي��د تس��عة أصوات‬ ‫تضم الخمس��ة الدائمي��ن وتمتنع عن‬ ‫التصوي��ت ال��دول الت��ي تك��ون طرفًا‬ ‫في الن��زاع وتتمتع الدول الكبرى بحق‬ ‫النقض الذي ياقي معارضة ش��ديدة‬ ‫م��ن الدول الصغيرة‪ ،‬وف��ي حال اتخاذ‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫المجل��س قراراً بالمن��ع أو اإلنفاذ ضد‬ ‫دول��ة عض��و تعل��ق الجمعي��ة العامة‬ ‫عضوي��ة تل��ك الدول��ة وامتيازاته��ا‪،‬‬ ‫وفي ح��ال تكرارها الخروج عن مبادئ‬ ‫الميثاق يج��وز للجمعي��ة العامة إلغاء‬ ‫عضويته��ا وفق��اً لتوصي��ة المجلس‪.‬‬ ‫ويح��ق لل��دول األعض��اء ف��ي األم��م‬ ‫المتح��دة ولي��س ف��ي مجل��س األمن‬ ‫المشاركة في مناقشات المجلس دون‬ ‫حق التصويت‪ ،‬ويضع المجلس شروط‬ ‫مشاركة الدول غير األعضاء في األمم‬ ‫المتحدة والتي تكون طرفاً في النزاع‪.‬‬

‫غايات جمل�س الأمن‪:‬‬

‫جلان جمل�س الأمن‪:‬‬

‫هي صف ٌة تعزى إلى القوة والقدرة‬ ‫على وقف النتائ��ج غير المرغوب فيها‬ ‫وهو قدرة تجد لدى طرفٍ واحد مع أن‬ ‫الفاعلين قد يتعاونون على ممارس��ةٍ‬ ‫مش��تركة لحق النقض‪ ،‬إن ممارس��ة‬ ‫ح��ق الفيتو أو النق��ض بصفتها صفة‬ ‫تع��زى إل��ى الق��وة تقتض��ي المهارة‬ ‫والحاف��ز فض�� ًا ع��ن الق��درة ويمكن‬ ‫إضفاء الطابع الش��رعي عل��ى الفيتو‬ ‫بموجب اتفاقي��اتٍ أو معاهداتٍ دولية‬ ‫وبذل��ك يمكن الق��ول أن الفيتو أصبح‬ ‫ً‬ ‫صفة للس��لطة‪ ،‬إن مثل هذا التخويل‬ ‫لصاحي��ة اس��تخدام الفيت��و ف��ي‬ ‫منظم��ات تتضمن فاعلي��ن من الدول‬ ‫هو مثال على قاعدة اإلجماع المشتقة‬ ‫ه��ي ذاته��ا م��ن مفاهي��م الس��يادة‬ ‫والمساواة والموافقة‪ ،‬هذا هو تعريف‬ ‫لغ��ة‪ ،‬وهو بالطب��ع قريبٌ جداً‬ ‫الفيتو ً‬ ‫من المعن��ى الواقعي‪ ،‬وهو حق الدول‬ ‫الخم��س منف��رد ًة أو مجتمع��ة دائمة‬ ‫العضوية في مجلس األمن المنتصرة‬ ‫في الحرب العالمية الثانية وقف إصدار‬ ‫أي قرار م��ن المجلس يتعارض مع ما‬ ‫تراه مصالح لها‪.‬‬ ‫ومنذ تأسيس األمم المتحدة عام‬ ‫‪ 1945‬اس��تخدم االتح��اد الس��وفييتي‬

‫نظم الفصل الس��ادس والس��ابع‬ ‫من ميثاق األمم المتح��دة الصاحيات‬ ‫الممنوح��ة لمجلس األمن من أجل حل‬ ‫المنازع��ات ح ًا س��لمياً وفق��ًا للفصل‬ ‫السادس من الميثاق أما الفصل السابع‬ ‫فجاء في الوس��ائل الت��ي تتضمن قمع‬ ‫أعم��ال العدوان ويعتب��ر مجلس األمن‬ ‫م��ن أهم أجه��زة األم��م المتحدة حيث‬ ‫أسند إليه الميثاق المسؤولية األساسية‬ ‫في حفظ األمن والسلم الدوليين وفق‬ ‫الم��ادة ‪ / 24/‬منه‪ ،‬وطالم��ا أن الميثاق‬ ‫ألقى على عاتق المجلس مهمة حفظ‬ ‫األمن والس��لم الدوليين واعتبره نائبًا‬ ‫ع��ن ال��دول في ذل��ك ف��كان ال بد من‬ ‫إعطاءه صاحي��ات وتنظيم اإلجراءات‬ ‫التي يتبعها من أجل تحقيق هدفه‪.‬‬

‫اجلمعية العامة‪:‬‬

‫تعتب��ر الجمعية العام��ة من أهم‬ ‫أجهزة األم��م المتحدة على اعتبار أنها‬ ‫تحت��وي عل��ى ممثلي��ن لجمي��ع الدول‬ ‫األعضاء ولك��ن نجد أن حل المنازعات‬ ‫في إطار الجمعي��ة العامة يثير العديد‬ ‫من اإلش��كاالت والصعوب��ات من عدة‬ ‫نواح‪ ،‬فتش��كيل الجمعي��ة العامة من‬ ‫ٍ‬ ‫جمي��ع ال��دول األعض��اء يجع��ل م��ن‬ ‫الصعوب��ة الحص��ول عل��ى رأي موحد‬ ‫لحل النزاع ومن العمل بفاعليةٍ كما أن‬ ‫اجتماع��ات الجمعي��ة العامة تكون في‬ ‫دورات انعقادية عادية وهي عاد ًة مرة‬ ‫كل سنة‪ ،‬وفي حال رأت االجتماع حس‬ ‫الحاجة ال بد من توافر شروط مرهقة‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫جلان اجلزاءات‪:‬‬

‫وه��ي اللجان التي تتش��كل وفقًا‬ ‫لن��زاع ف��ي منطقة بعينه��ا مثل لجنة‬ ‫ٍ‬ ‫مجلس األمن التي نشأت بشأن الحالة‬ ‫بين العراق والكويت عام ‪.1990‬‬ ‫إزاء الزي��ادة الكبي��رة ف��ي ع��دد‬ ‫ال��دول األعض��اء ف��ي األم��م المتحدة‬ ‫من��ذ عام ‪ 1945‬وال س��يما من البلدان‬ ‫النامي��ة فض�� ًا ع��ن التغيي��رات ف��ي‬ ‫العاقات الدولية أقرت الدول األعضاء‬ ‫الحاجة إل��ى تعدي��ل عضوية مجلس‬ ‫األمن وتش��مل االقتراحات المعروضة‬ ‫عل��ى الجمعي��ة العام��ة زي��ادة ع��دد‬ ‫األعضاء دائمي العضوية وغير دائمي‬

‫حق النق�س (الفيتو)‪:‬‬

‫حل املنازعات الدولية يف اإطار‬ ‫جمل�س الأمن‪:‬‬

‫أسبوعية‬

‫تنقسم اللجان إلى نوعين‪:‬‬ ‫‪ - 1‬اللج��ان الدائمة‪ :‬وهي لجنتان‬ ‫تضم��ان ممثلي��ن ع��ن كل ال��دول‬ ‫األعض��اء في المجلس (لجن��ة الخبراء‬ ‫المختص��ة بالنظ��ام الداخل��ي‪ ،‬اللجنة‬ ‫المختصة بقبول األعضاء الجدد)‬ ‫‪ - 2‬اللج��ان المتخصص��ة‪ :‬تضم‬ ‫جمي��ع أعضاء مجل��س األمن وتنش��أ‬ ‫وفقًا للحاجة إليه��ا وتكون اجتماعاتها‬ ‫مغلق��ة وه��ي (لجن��ة مجل��س األمن‬ ‫المعني��ة باجتماع��ات المجل��س خارج‬ ‫المق��ر‪ ،‬مجل��س إدارة األم��م المتحدة‬ ‫للتعويضات المنش��أ عام ‪ ،1991‬لجنة‬ ‫مجل��س األم��ن المنش��أة ع��ام ‪2001‬‬ ‫بشأن مكافحة اإلرهاب)‪.‬‬

‫العضوي��ة وتن��اوب مقاع��د المجلس‬ ‫أو تقاس��مها وتعديل س��لطة النقض‬ ‫وتحسين طرائق عمل المجلس‪.‬‬ ‫ومن ش��أن أحد ه��ذه االقتراحات‬ ‫أن يزيد ع��دد األعضاء من ‪ 15‬إلى ‪24‬‬ ‫وذلك بإضافة خمس��ة أعض��اء دائمي‬ ‫العضوي��ة دون أن تكون لهم س��لطة‬ ‫النقض‪( ،‬ث��اث بلدان نامي��ة وألمانيا‬ ‫والياب��ان)‪ ،‬واقترح أيض��اً أال يضاف إال‬ ‫أعض��اء غير دائم��ي العضوي��ة فقط‬ ‫وأن يع��اد انتخ��اب البل��دان بص��ورة‬ ‫دوري��ة على أس��اس مس��اهمتها في‬ ‫أنش��طة األمم المتحدة لحفظ السام‬ ‫وأنشطتها اإلنمائية‪ ،‬إال أن أيًا من هذه‬ ‫االقتراح��ات لم يحظ باالتفاق مع ذلك‬ ‫تواصل الجمعي��ة العامة بذل جهودها‬ ‫من أجل التوصل إلى صيغة مقبولة‪.‬‬

‫النق��ض حوال��ي ‪ 120‬م��رة والواليات‬ ‫المتح��دة ‪ 87‬مرة وبريطاني��ا ‪ 32‬مرة‬ ‫وفرنسا ‪ 18‬بينما استخدمته الصين ‪6‬‬ ‫مرات‪ ،‬ومن المفارق��ات أن كلمة فيتو‬ ‫غير موج��ودة أص ًا في ميث��اق األمم‬ ‫المتح��دة الذي ينص على أنه ال يمكن‬ ‫أن يص��در قرار من مجل��س األمن إال‬ ‫بع��د أن يكون هن��اك تس��عة أصوات‬ ‫من بين األعضاء الخمس��ة عش��ر من‬ ‫المجلس بينهم الخمسة الدائمين‪.‬‬

‫مم��ا يجعل حل المنازع��ات من خالها‬ ‫يثير من العديد من الصعوبات التي ال‬ ‫تتوافر في إطار مجلس األمن‪.‬‬ ‫إن نظ��ام التصويت في الجمعية‬ ‫العامة يكون بأغلبية الثلثين بحس��ب‬ ‫الم��ادة ‪ /18/‬م��ن الميث��اق كم��ا أن‬ ‫صاحية الجمعية العامة تقتصر على‬ ‫التوصيات وال يجوز لها اتخاذ قراراتٍ‬ ‫بش��أن ح��ل النزاع��ات فالمنازع��ات‬ ‫الهام��ة تتطل��ب اتخ��اذ ق��رار وليس‬ ‫توصي��ة وهذا غير ممكن إال في إطار‬ ‫مجل��س األم��ن‪ ،‬ويتم ع��رض النزاع‬ ‫على الجمعي��ة العامة بنا ًء على طلب‬ ‫أي عض��و من أعضاء األم��م المتحدة‬ ‫وه��و ما نصت عليه الم��ادة ‪ /35/‬من‬ ‫عضو‬ ‫الميثاق حيث أعطت الحق لكل‬ ‫ٍ‬ ‫م��ن األعضاء ولو لم يك��ن طرفاً من‬ ‫النزاع أن يرفع��ه إلى الجمعية العامة‬ ‫عل��ى اعتب��ار أن النزاع يهدد الس��لم‬ ‫واألمن الدوليين‪.‬‬ ‫وأخيراً ال بد من القول بأن فش��ل‬ ‫األم��م المتح��دة في رف��ع الضيم عن‬ ‫الش��عوب يؤكد بأن البش��رية لم تفد‬ ‫م��ن أنه��ار الدماء الت��ي أراقته��ا آالف‬ ‫األجي��ال في الح��روف وأن هذه الدماء‬ ‫ل��م تمنعها م��ن أن تع��ود لتحكم في‬ ‫خافاتها ذوي الخ��وذ الفوالذية وذوي‬ ‫النجوم واألشرطة على األكتاف‪.‬‬ ‫مع استمرار رفع األيادي والبنادق‬ ‫والصواري��خ ف��ي وجه أحام الش��عب‬ ‫الس��وري األعزل أضحى هذا الش��عب‬ ‫وأحام��ه بط��ان ف��ي مس��رحية‬ ‫صموئي��ل بيك��ت (في انتظ��ار غودو)‬ ‫إن الربي��ع العربي ه��و مرحلة انتقال‬ ‫أنا وأنت وه��ؤالء الذين حولي وحولك‬ ‫مراح��ل انتق��ال‪ ،‬جس��ور‪ ،‬أو يج��ب أن‬ ‫تكون عل��ى ما يريد نيتش��ه جس��وراً‬ ‫لإلنس��ان األعلى المقبل‪ ،‬إن الجنة لم‬ ‫تعد حلمًا نهفو للرجعة إليه في السماء‬ ‫ولكن أم ًا مقدوراً س��نلقاه هناك على‬ ‫المفرق القري��ب وجمهورية أفاطون‬ ‫الس��عيدة أو مدين��ة الفارابي الفاضلة‬ ‫أو طوبا توماس مور قريب ٌة جداً‪ ،‬نحن‬ ‫جميعًا سنس��اهم في نسيجها األبدي‬ ‫ولن ننتظر غودو أبداً‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬

‫ المحافظة على الس��لم واألمن‬‫الدوليين‬ ‫ التحقيق في نزاعات الدول التي‬‫قد تؤدي إلى نزاع دولي‬ ‫ التوصية بتس��وية المنازعات أو‬‫بشروط التسوية‬ ‫ التخطي��ط لمواجه��ة األخط��ار‬‫التي تهدد السلم العالمي‬ ‫ اتخ��اذ م��ا ي��راه المجل��س من‬‫إجراءات عسكرية ضد المعتدي‬ ‫ تقديم توصيات بشأن األعضاء‬‫الج��دد وقبولهم ف��ي محكم��ة العدل‬ ‫الدولية‬ ‫ القي��ام بمه��ام الوصاي��ة على‬‫المناطق االس��تراتيجية باس��م األمم‬ ‫المتحدة‬ ‫ تقديم التوصية النتخاب األمين‬‫الع��ام لألم��م المتح��دة إل��ى الجمعية‬ ‫العامة‬ ‫ وض��ع خط��ط إلنش��اء منه��اج‬‫لتنظيم التسلح‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫حان الوقت لتفكري اأعمق فـي املوقفني‬ ‫الرو�سي وال�سيني‬

‫جهاد الزين‬

‫فيما تغلب على ش��خصية السياس��ة‬ ‫الشرق أوسطية للدولة الروسية االعتبارات‬ ‫الجيوسياس��ية تليه��ا االقتصادي��ة‪ ،‬فإن ما‬ ‫يغل��ب على ش��خصية السياس��ة الخارجية‬ ‫للدولة الصينية هو االعتبارات االقتصادية‪.‬‬ ‫هل ال يزال هذا التمييز دقيقا؟ هنا أس��ئلة‬ ‫لتفكي��ر اش��مل ف��ي الموقفي��ن الروس��ي‬ ‫والصيني بعد صدمة "الفيتو الثاني"‪.‬‬ ‫بعد "الفيتو الثاني" الروس��ي الصيني‬ ‫ف��ي مجل��س األم��ن ب��دا تصمي��م هذين‬ ‫القطبي��ن الدوليي��ن عل��ى اتخ��اذ وضعية‬ ‫تعطي��ل لإلجم��اع األوروب��ي األميرك��ي‬ ‫الخليج��ي ف��ي الش��أن الس��وري المتفاقم‬ ‫ش��عبيا وامني��ا‪ ،‬تصميم��ا يتج��اوز مج��رد‬ ‫التكتي��كات االعتراضي��ة ليصب��ح ذا طاب��ع‬ ‫اس��تراتيجي‪ .‬لهذا ل��م يعد كافي��ا من اآلن‬ ‫فصاعدا مجرد التوصي��ف التعبوي لمعاني‬ ‫ه��ذا "الفيت��و" ب��ل ب��ات ط��رح األس��ئلة‬ ‫والدراسة اإلستراتيجية من النخب العربية‬ ‫المنخرطة في عملي��ة التغيير الجارية في‬ ‫المنطقة لألوضاع الدولية التي كشف عنها‬ ‫وبشكل يفوق التوقعات الوضع السوري‪.‬‬ ‫أول األس��ئلة ه��و هل ه��ذه األهمية‬ ‫الفائق��ة لس��وريا ه��ي أهمي��ة النظ��ام‬ ‫السياس��ي الس��وري القائ��م أم قب��ل ذلك‬ ‫أهمي��ة الكيان الس��وري من حي��ث الموقع‬ ‫الجيوسياس��ي الذي يجعله في نظر روسيا‬ ‫ج��زءا م��ن محيطه��ا اإلقليم��ي القري��ب‬ ‫كالقوقاز أي جزءا من منظومتها اإلقليمية‬ ‫ي��ؤدي س��قوطه إل��ى اختراقه��ا‪ ،‬أم ه��و‬ ‫كنظام سياس��ي يؤمن القاعدة العسكرية‬ ‫الروس��ية الوحي��دة الباقية في مي��اه البحر‬ ‫األبي��ض المتوس��ط‪ ...‬وه��ل هي س��وريا‬ ‫مفتاح "طريق الحرير" الجديد العكسي من‬ ‫الش��رق إلى الغرب في نظ��ر الصين وهي‬ ‫تواصل سياسة بناء بدائل لمحاوالت إقفال‬ ‫األسواق األوروبية عليها بسبب "الحمائية"‬ ‫المتزاي��دة وتهديد طرق إمداداتها النفطية‬ ‫البالغة األهمية من إيران؟‬ ‫هل ش��اءت األق��دار أن يش��هد القرن‬ ‫الح��ادي والعش��رون أول إع��ان عن تخلي‬ ‫الصين عن حضورها "السلبي" في الشرق‬ ‫األوس��ط إلى حضور "ايجابي" مباشر امني‬ ‫وسياس��ي لحماي��ة مصالحه��ا االقتصادية‬ ‫بعدم��ا تكرس��ت عل��ى المس��توى العالمي‬ ‫المناف��س االقتص��ادي األول للوالي��ات‬ ‫المتحدة األميركية؟‬ ‫في التحلي��ات الغربية الج��ادة تغلب‬ ‫على االس��تراتيجيات الروس��ية االعتبارات‬ ‫الجيواس��تراتيجية كقوة عظمى س��ابقة ال‬ ‫تزال تحتفظ بكل ترسانتها النووية وتمتد‬ ‫ف��ي الجغرافيا والتاريخ عل��ى طول الحدود‬ ‫الجنوبي��ة للش��رق األوس��ط ال��ذي كان��ت‬ ‫مغامرته��ا األفغاني��ة في��ه ف��ي الثمانينات‬ ‫من القرن العش��رين أحد أس��باب خسارتها‬ ‫لموقعه��ا كقوة عظمى عالمي��ة تدافع اآلن‬ ‫وبما تبقى لها من سلطة في مجلس األمن‬ ‫وق��وة عس��كرية ع��ن كونها ق��وة إقليمية‬ ‫عظم��ى‪ .‬فكم��ا كان��ت بداي��ة "التكش��ير"‬ ‫ع��ن أنيابها ف��ي الحرب التي ش��نتها خارج‬ ‫حدودها في جورجي��ا لوقف تمادي اختراق‬ ‫واش��نطن لمجاله��ا اإلقليم��ي ونجحت في‬ ‫ذل��ك‪ ...‬هل يك��ون موقفها الس��وري وقد‬ ‫ترافق م��ع تح��ركات عس��كرية علنية إلى‬ ‫مرف��أ طرطوس ناهيك ع��ن تعزيز الدعم‬

‫العس��كري الوثي��ق أصا بي��ن البلدين هو‬ ‫الحركة اإلستراتيجية الثانية بهذه األهمية‬ ‫بعد جورجيا منذ سقوط االتحاد السوفيتي؟‬ ‫ويب��دو التركيز على تأثير "الخدعة الليبية"‬ ‫الت��ي تعرض��ت له��ا روس��يا م��ن "الحل��ف‬ ‫األطلس��ي" مجرد تبرير دعائ��ي ألن الدول‬ ‫عموم��ا‪ ،‬فكي��ف الكب��رى‪ ،‬ال تتعرض لخدع‬ ‫به��ذه الطريقة بعد التصوي��ت الذي يكون‬ ‫قد س��بقه حس��اب دقيق من كل األطراف‪.‬‬ ‫ل��ذا م��ن األرج��ح أن رب��ط اإلس��تراتيجية‬ ‫الروس��ية الت��ي ظه��رت في الص��راع على‬ ‫س��وريا ب�"الخدع��ة الليبي��ة" هو تبس��يط‬ ‫شديد وخاطئ‪.‬‬ ‫إذن فيما تغلب على شخصية السياسة‬ ‫الشرق أوسطية للدولة الروسية االعتبارات‬ ‫الجيوسياس��ية تليه��ا االقتصادي��ة فان ما‬ ‫يغل��ب على ش��خصية السياس��ة الخارجية‬ ‫للدولة الصينية هو االعتبارات االقتصادية‪.‬‬ ‫فه��ل يعن��ي ه��ذا أن الصي��ن م��ع "الفيتو‬ ‫الثان��ي" تنتقل إلى ما وصفه احد المحللين‬ ‫الصينيين الذي نقلت وكاالت األنباء تعليقه‬ ‫بعد التصويت األخير في مجلس األمن بأنه‬ ‫"ضرورة اس��تعداد الصين لتحمل الحمات‬ ‫اإلعامي��ة الضاري��ة التي لم تتع��ود عليها‬ ‫س��ابقا في الشرق األوس��ط نتيجة ركوبها‬ ‫الجديد متن سفينته الصراعية"؟‬ ‫قال لي س��فير عربي في بيروت بعد‬ ‫"الفيت��و الثاني" وكان العال��م ال يزال تحت‬ ‫وطأة الدهش��ة من قوة التصميم الروسي‬ ‫الصين��ي‪ :‬ابحث عن الكف��اءة اإليرانية في‬ ‫الوصول إلى هنا وليس السورية‪.‬‬ ‫لكن وعلى الرغم من التأثير اإليراني‬ ‫األكيد ف��ي الحس��ابات الروس��ية الصينية‬ ‫وكل منه��ا في الص��راع اإليراني األميركي‬ ‫له��ا س��ياقها الخ��اص كم��ا تقاطعاته��ا‬ ‫المش��تركة ي��كاد المراق��ب يس��أل بعد ما‬ ‫َ‬ ‫تكشَّ��ف عنه "الفيتو الثان��ي"‪ :‬ألم تتجاوز‬ ‫تطورات الصراع على س��وريا حتى الموقعَ‬ ‫اإليراني نفس��ه رغم أهميت��ه الخطيرة‪...‬‬ ‫إل��ى حد أنن��ا يمك��ن أن نكون أم��ام بداية‬

‫ُّ‬ ‫تش��كل لوضع دولي جديد ال عودة فيه إلى‬ ‫الوراء من شرفتي روسيا والصين والسيما‬ ‫أن المقربي��ن من رئيس الوزراء الروس��ي‬ ‫بوتين المرش��ح لتولي الرئاس��ة يصرحون‬ ‫علنا بان أم��واال أميركية تدفع للمعارضين‬ ‫ال��روس ف��ي موس��كو إلس��قاط بوتي��ن‪.‬‬ ‫وعندما ق��ال توماس فريدم��ان في مقاله‬ ‫األخير للمتحدث الرسمي باسم بوتين في‬ ‫لقاء خ��اص معه في موس��كو‪ :‬هل تؤمن‬ ‫آن��ت فعا بتهم��ة التموي��ل هذه؟ ق��ال له‬ ‫روستوف‪" :‬أنا ال أؤمن بها ألني اعرفها"‪.‬‬ ‫ث��م م��اذا ع��ن العام��ل الترك��ي في‬ ‫الحس��ابات الروس��ية؟ ألي��س أساس��يا جدا‬ ‫م��ن أكثر م��ن زاوية‪ :‬نش��ر ش��بكة الدفاع‬ ‫الصاروخي‬ ‫ل��� "النات��و" عل��ى األراض��ي التركية‬ ‫حت��ى لو كانت موجهة رس��ميا ض��د إيران‪،‬‬ ‫الحساس��ية الروس��ية من التأثي��ر التركي‬ ‫المتنامي على تيارات اإلس��ام السياس��ي‬ ‫األصول��ي الذي ق��د يعتقد ال��روس انه لن‬ ‫يغلق س��وريا عليهم فقط بل سيكون في‬ ‫انتش��اره الس��لطوي العرب��ي ق��ادرا أيضا‬ ‫على تجديد اضطرابات اإلس��ام القوقازي‬ ‫كم��ا البيئ��ات اإلس��امية في عمق روس��يا‬ ‫وس��يبيريا ناهي��ك ع��ن التأثير الس��عودي‬ ‫التركي الفعال في آس��يا الوسطى السنية‬ ‫المس��لمة؟ فالحساسية الروسية بعد تفتت‬ ‫االتحاد الس��وفيتي من الخطر على "وحدة‬ ‫الروس��يا" مي��ز عه��د بوتين بال��ذات وهي‬ ‫ظه��رت كحساس��ية هجومي��ة ف��ي األزمة‬ ‫الجورجية فصاعدا باعتبارها صرخة "كفى"‬ ‫عندم��ا اخت��رق "الخط��ر الغرب��ي" المجال‬ ‫اإلقليمي الروس��ي‪ .‬لكن ه��ذا ال يعني كما‬ ‫في العاقات التركية مع إيران أن العاقات‬ ‫االقتصادية الروسية التركية ليست واسعة‬ ‫بل هي في الواقع مزدهرة سواء تجاريا أو‬ ‫اس��تثماريا أو في الطاقة‪ .‬فاآللة الصناعية‬ ‫التركية تعتمد بش��كل كثيف على استيراد‬ ‫الغ��از والنفط من إيران وروس��يا (كما تبيع‬ ‫نص��ف صادراته��ا إل��ى أوروب��ا)‪ .‬أيضا هل‬

‫يجوز اس��تبعاد العامل اإلساموي من سلة‬ ‫الحس��ابات الصيني��ة ف��ي الج��زء الصيني‬ ‫الشاس��ع من آس��يا الوس��طى مثلما حصل‬ ‫خ��ال التس��عينات عندم��ا كان المعلق��ون‬ ‫الهنود "يغازل��ون" المخاوف الروس��ية بعد‬ ‫هزيمتهم ف��ي أفغانس��تان بالحديث الجاد‬ ‫عن ض��رورة بناء إس��تراتيجية موحدة بين‬ ‫نيودلهي وموس��كو ضد اإلس��ام الجهادي‬ ‫وكانت الصين وقتها منخرطة كشريك في‬ ‫مس��اعدة باكس��تان خصم الهند منافس��ة‬ ‫بيجينغ على انجاز قنبلتها النووية؟‬ ‫روس��يا والصي��ن دولت��ان تتض��اءل‬ ‫أمامهما إيران بكل مقاييس الدولة الكبيرة‬ ‫‪ .‬لنق��رأ كيف يص��ف فرنس��يس فوكوياما‬ ‫الصي��ن ف��ي مقاله ف��ي الع��دد األخير من‬ ‫مجل��ة "فوري��ن أفي��رز" (كان��ون األول‪،‬‬ ‫ش��باط)‪" :‬التح��دي الوحيد الفائ��ق الجدية‬ ‫للديمقراطي��ة الليبرالي��ة في عال��م اليوم‬ ‫يأتي من الصي��ن التي زاوجت بين حكومة‬ ‫سلطوية وبين اقتصاد سوق جزئي"‪.‬‬ ‫ويضيف‪ ..." :‬لهذا فان استقرار النظام‬ ‫الصين��ي ال يمكن أن يكون مضمونا"‪ .‬لكن‬ ‫علينا أن ننتبه هنا إلى أن فوكوياما يتحدث‬ ‫هنا عن بل��د "أظهر بصراح��ة كفاءة أعلى‬ ‫م��ن القادة األميركيين في إدارة السياس��ة‬ ‫الماكرواقتصادي��ة راهنا"‪ .‬بل��د أصبح عبر‬ ‫ديونه ألمي��ركا جزءا بنيويا م��ن االقتصاد‬ ‫األميرك��ي‪ .‬ه��ذه "منطقة" م��ن المقارنة‬ ‫تحت��اج إيران إلى أجيال للوصول إليها‪ ...‬إذا‬ ‫وصلت‪.‬‬ ‫روس��يا والصي��ن مهددت��ان مباش��رة‬ ‫ب�"ربيع روسي " و "ربيع صيني" على غرار‬ ‫"الربي��ع العربي" في وق��ت "القوة الناعمة"‬ ‫لألفكار والقيم فيه هي للغرب الذي يشهد‬ ‫اكبر موجة من تحالف النخب العربية معه‪.‬‬ ‫فه��ل يج��ب أن نضيف أن الثورة الس��ورية‬ ‫الت��ي تحولت إل��ى ح��رب أهلية واش��تباك‬ ‫إقليم��ي ودولي عنيف تجع��ل الصراع على‬ ‫س��وريا يبدو بهذا المعنى وكأنه يدور على‬ ‫عتبة البيتين الروسي والصيني؟‬


‫البحرين‪ :‬ال�سعب عارف طريقه‪ ..‬اإىل دوار اللوؤلوؤة‬ ‫مازن السيد‬

‫الزخم الثوري املت�ساعد‬

‫اخلارج وفي�سل الثورة‬

‫أسبوعية‬

‫إن القراءة الجدية لمجمل الحراك الثوري‬ ‫الذي يشهده الوطن العربي حالياً‪ ،‬يتطلب‬ ‫استقاء الدروس والعبر من المواقف بشمولياتها‬ ‫وازدواجيتها‪ ،‬فعند فيصل إرادة الشعوب تبدو‬ ‫ازدواجيات الخطابات فيتضح الداعم الحقيقي إلرادة‬ ‫الشعوب من المتاجر بها لتحقيق مآربه السياسية‪،‬‬ ‫مستفيداً من ضبابية األحداث وتداخلها‪.‬‬ ‫وموقف ما يسمى بالمجتمع الدولي ومعه‬ ‫ما يسمى ب�«الجامعة» العربية‪ ،‬من البحرين‪ ،‬فيه‬ ‫كثير من العبر في هذا السياق‪« .‬المجتمع الدولي‬ ‫يعتبر ما تقدمه السلطة من التفافات وتعديات‬ ‫صورية‪ ،‬خطوات مهمة وإيجابية‪ ،‬فيما يعتبره‬ ‫ذاته في باد أخرى غير صالح‪ .‬الدول الخليجية‬ ‫تقود مبادرة في اليمن وحرباً في ليبيا‪ ،‬فيما‬ ‫ترسل قواتها للمشاركة في قمع إرادة الشعب‬ ‫في البحرين‪ .‬الجامعة العربية تقدم مشاريع‬ ‫انتقالية في مجلس األمن وغيره في سوريا‪،‬‬ ‫أما في البحرين فا تحرك ساكنًا‪ .‬في الحقيقة‬ ‫كل هذه التحركات من عدمها تعود للحسابات‬ ‫الخاصة»‪ ،‬يوضح المرزوق ل�«جريدة السفير»‪.‬‬ ‫ويؤكد المسؤول «الوفاقي» البارز «نرى‬ ‫أن كل الشعوب العربية من حقها أن تنال في‬ ‫كل الوطن العربي حقوقها في أن يكون نظامها‬ ‫ديموقراطياً‪ .‬لكن التدخات من خارج كل دولة‬ ‫يحرف مسارات التغيير‪ .‬الذين تدخلوا في ليبيا‪،‬‬ ‫لم يقوموا بذلك محبة بالليبيين بل بغضًا‬ ‫للقذافي»‪ .‬ويتوجه المرزوق إلى الدول الخليجية‬ ‫التي تزعم دعمها في دول معينة للحراك الثوري‬ ‫«دعونا نتحدث عن دولكم»‪ ،‬موضحًا «هذه الدول‬ ‫تتحدث بلغتين مختلفتين‪ .‬نحن نقبل نفس‬ ‫المشروع الذي قدم لسوريا‪ ،‬إذا كانوا يريدون‬ ‫الديموقراطية‪ .‬من يرفض حكومة انتقالية‬ ‫ودستوراً جديداً؟ ولكن في الحقيقة‪ ،‬حساباتهم‬ ‫مختلفة عن حسابات الشعب السوري‪ ،‬والشعوب‬ ‫العربية كلها»‪.‬‬ ‫ويتابع المرزوق قائا «نتطلع إلى أن تدعم‬ ‫كل الشعوب العربية بعضها بعضًا في التحول‬ ‫الديموقراطي السلمي‪ .‬وهناك فارق كبير بين‬ ‫أن يكون دور المجتمع الدولي في هذا االتجاه‬ ‫أو أن يكون نحو التدخل العسكري‪ .‬هناك آليات‬ ‫واضحة للدور الدولي السليم‪ ،‬عبر مكاتب‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يعلم المتابع للثورة البحرينية‪ ،‬أنها عندما‬ ‫انطلقت لم تكن تحمل بوضوح شعار «إسقاط‬ ‫النظام» أو «يسقط حمد»‪ ،‬لكنها كانت كلما ازداد‬ ‫البطش وسالت الدماء‪ ،‬تقترب أكثر فأكثر من‬ ‫هذا الشعار‪ ،‬حتى ثبت هذا المطلب لدى معظم‬ ‫الكتلة الثورية‪ ،‬رغم تباين جمعية «الوفاق»‬ ‫السياسية المعارضة التي ال تزال ال تجاهر فعا‬ ‫بهذا المطلب‪ ،‬بل تطالب بملكية دستورية‪.‬‬ ‫وفيما تؤكد جهات شبابية ناشطة‬ ‫ل�«جريدة السفير»‪ ،‬أن الزخم الشعبي للثورة‬ ‫ازداد اتساعاً في الفترة األخيرة‪ ،‬نتيجة اتضاح‬ ‫عدم جدوى «الحوار» مع النظام القمعي‪ ،‬يقول‬ ‫الديري إن «الزخم شهد بالفعل تصاعداً بدرجة‬ ‫كبيرة»‪ ،‬ويوضح «أنا شخصيًا كنت من الناس‬ ‫الذين يرفضون المناداة بسقوط النظام‪ ،‬وكان‬ ‫الكثيرون يلتقون معي في هذه النقطة‪ ،‬ولكنني‬ ‫اليوم أقولها بكل وضوح‪ :‬يسقط حمد‪ .‬فقد‬ ‫أثبتت األحداث أن إدارته السياسية لم تتمكن‬ ‫من إيجاد أي حل‪ ،‬بل هو يفاقمها ويضعها في‬ ‫سكة خليجية ودولية»‪ .‬ويضيف الديري «النظام‬ ‫فقد عند الناس صفات الحاكم والقادر‪ ،‬وفقد‬ ‫شرعيته في إدارة الباد سياسيًا‪ ،‬هذا هو السبب‬ ‫الذي يجعل أن األعداد المقتنعة بخطاب الثورة‬ ‫تتزايد‪ ،‬وأننا بحاجة إلى مشروع شامل»‪.‬‬ ‫كما يقول المسقطي إن «العديد من‬ ‫األشخاص تغيرت قناعاتهم خال األشهر‬ ‫الماضية‪ ،‬وأعتقد أن الوضع األمني وما حصل من‬ ‫انتهاكات خطيرة هو الذي أدى إلى التغيير في‬ ‫مستوى المطالب والتحركات‪ .‬السلطة إن كانت‬ ‫تريد الحل‪ ،‬فيجب عليها أن تعالج االنتهاكات‬ ‫بشكل سريع‪ ،‬ألنه كلما مر وقت عليها ازداد‬ ‫األمر صعوبة»‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وفي مقابل «ميثاق اللؤلؤ» الذي‬ ‫يؤكد على مطلب إسقاط النظام‪ ،‬أصدرت‬ ‫المعارضة السياسية التي تتزعمها جمعية‬ ‫«الوفاق» ما أسمته «وثيقة المنامة» وهي‬ ‫تختلف مع الميثاق في أنها ال تطالب صراحة‬ ‫بإسقاط حكم آل خليفة‪ .‬ويقول الديري إن‬ ‫«الوفاق لها جمهورها الكبير‪ ،‬وبالفعل هناك‬ ‫تباين بين خطابي المعارضة وائتاف شباب‬ ‫الثورة حول نقطة إسقاط النظام‪ ،‬لكن االختاف‬ ‫حول الموضوع ليس متضخما إلى حد كبير‪.‬‬ ‫الحراك الحقيقي للشعب في الشارع‪ ،‬والوفاق‬ ‫تقف معه فيما تسعى بقيادة عقانية إلى ما‬ ‫يمكن أن يتحقق سياسياً»‪ ،‬ويعتبر أن «الوفاق ال‬ ‫تفقد مؤيديها بدليل أن المهرجانات التي تنظمها‬ ‫تحضرها أعداد ضخمة‪ ،‬فمثا في ساحة الحرية‬ ‫في قرية المقشع‪ ،‬نشهد احتشاداً شعبياً شبيهًا‬

‫من الربيع العربي ‪. .‬‬

‫العودة اإىل اللوؤلوؤ‬

‫في منتصف آذار ‪ ،2011‬شنّت القوات‬ ‫االمنية والعسكرية البحرينية التي آزرتها‬ ‫بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬القوات السعودية‬ ‫المتواجدة تحت لواء قوات «درع الجزيرة»‪ ،‬حملة‬ ‫دموية على ميدان اللؤلؤ في وسط المنامة‪،‬‬ ‫الذي تحول لمركز الثورة وساحتها األساسية‪،‬‬ ‫فس��قط عدد من الق��تلى وأكبر منه من‬ ‫الجرحى والمعتق��لين‪ .‬عندها‪ ،‬كانت نقطة‬ ‫االنطاق لانقضاض الفعلي للنظام البحريني‬ ‫بغطاء خليجي على المتظاه��رين المطالبين‬ ‫بالديموقراط��ية‪ ،‬والتي أرّخت لمرحلة تمتد حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬طبعها التعامل االمني البحت للسلطة مع‬ ‫الشارع الثائر‪.‬‬ ‫ويقول الكاتب البحريني علي الديري‬ ‫ل�«جريدة السفير»‪ ،‬إن ميدان اللؤلؤ هو «الساحة‬ ‫األهم في حدث الثورة‪ ،‬فمع انطاقها أبدع‬ ‫المشاركون هناك بأفضل ما لديهم في سياق‬ ‫المطالبة بالديموقراطية والتغيير‪ ،‬وحولوا‬ ‫الميدان إلى محطة التقاء وطني تجاوزت الحدود‬ ‫بين مختلف الفئات‪ ،‬يمارس فيها االختاف‬ ‫الصحيّ‪ .‬ونجحوا في ذلك‪ ،‬فكانت لهم ساحة‬ ‫حرية‪ ،‬بدليل أن السلطة اضطرت إلى هدم‬ ‫الدوار»‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬يقول رئيس جمعية «شباب‬ ‫البحرين لحقوق اإلنسان» محمد المسقطي‬ ‫إن «هناك توجهات من أكثر من طرف للعودة‬ ‫إلى الدوار‪ ،‬وصدرت دعوات من جهات سياسية‬ ‫ومجموعات شبابية أو حتى محلية في المناطق‬ ‫واألحياء‪ ،‬للعودة إلى دوار اللؤلؤ انطاقاً من ‪12‬‬ ‫شباط الحالي»‪ ،‬أي قبل يومين من ذكرى انطاق‬ ‫الثورة‪ .‬وبحسب الوثائق التي نشرها «ائتاف‬ ‫شباب ثورة ‪ 14‬فبراير»‪ ،‬فإن انطاق مسيرات‬ ‫العودة إلى الدوار سيكون فعليًا غداً الجمعة التي‬ ‫سميت ب�«جمعة ميثاق اللؤلؤ»‪ .‬و«ميثاق اللؤلؤ»‬ ‫هو عنوان وثيقة أصدرها االئتاف الشبابي‬ ‫يحدد أهداف العمل الثوري في البحرين ومبادئه‬ ‫وآلياته‪( .‬أنظر اإلطار)‬ ‫ويعتقد المسقطي في حديثه ل�«جريدة‬ ‫السفير»‪ ،‬أن «جهد العودة سيواجه بعنف من‬ ‫قبل السلطة التي تعتبر أن العودة إلى الدوار‬ ‫تعني العودة إلى الحرية»‪ ،‬وخاصة «في ظل‬ ‫حملة االعتقاالت التي تشنها السلطة بشكل‬ ‫متصاعد منذ بداية عام ‪ 2012‬لمنع أي محاولة‬ ‫من هذا القبيل»‪.‬‬ ‫نائب األمين العام لجمعية «الوفاق» أكبر‬ ‫تنظيمات المعارضة البحرينية خليل المرزوق‪،‬‬ ‫يؤكد من جهته أن «العزيمة كبيرة لدى الشباب‬ ‫للعودة إلى الدوار‪ ،‬والحماس بين صفوفهم ال‬ ‫يوصف‪ .‬في المقابل‪ ،‬السلطة أو المتشددون‬ ‫فيها يعتبرون أن في ذلك هزيمة لهم‪ ،‬وكأن‬ ‫السلطة ستخوض «أم المعارك»‪ ،‬وهذا ينم‬

‫بما كان في دوار اللؤلؤ عند انطاق الثورة»‪.‬‬ ‫وتبدو «الوفاق» حقيقة في موقع اختبرته‬ ‫وال زالت أحزاب عربية معارضة كثيرة‪ ،‬فهي‬ ‫تستجيب لمنهجها كجمعية حزبية بمحاولة‬ ‫الحصول على مكاسب على المستوى السياسي‪،‬‬ ‫لكنها في الوقت نفسه تعي أنها تتعامل مع‬ ‫نظام ال يستجيب للحوار وال ينوي تقديم أية‬ ‫تنازالت فعلية‪ ،‬بل هو يهرب من حتمية التغيير‬ ‫الداخلي عبر اللجوء إلى التوازنات اإلقليمية‪.‬‬ ‫ويقول النائب السابق عن «الوفاق» خليل‬ ‫المرزوق «منذ عام ‪ 2002‬ونحن نطالب بحوار‬ ‫جدي‪ ،‬لكن السلطة ال تريد أي حوار‪ ،‬وال تقارع‬ ‫المطالب من خال السياسة بل من خال األداة‬ ‫األمنية‪ ،‬وتخرج القضية من سياقها البحريني‬ ‫الداخلي لتضعها في معادلة دول الخليج»‪.‬‬

‫المراقبة والمنظمات‪ .‬هذا التعامل سيكون في‬ ‫خدمة الشعوب عندما تراه هي على انه غير‬ ‫مزدوج وطبيعي»‪.‬‬ ‫أما عن الموقف األميركي‪ ،‬فيقول المرزوق‬ ‫«حسابات اإلدارة األميركية هي على مستوى‬ ‫المنطقة‪ ،‬وعندما تصل االمور إلى قضية‬ ‫البحرين‪ ،‬فإن الحسابات تكون مع مجلس‬ ‫التعاون الخليجي الذي يدعم االقتصاد األميركي‬ ‫سواء بصفقات شراء الساح أو باالستثمارات‪.‬‬ ‫هم يقولون صراحة إنهم يسعون لتحقيق‬ ‫مصالحهم الخاصة‪ ،‬وفي البحرين يتمثل ذلك‬ ‫في عنوان االستقرار ال الديموقراطية»‪.‬‬ ‫وفي سياق المواقف اإلقليمية أيضاً‪ ،‬تجدر‬ ‫اإلشارة إلى تجربة خاضها الكاتب البحريني‬ ‫علي الديري في أواخر كانون الثاني الماضي‪،‬‬ ‫عندما منع من دخول مصر التي أقام ودرس‬ ‫فيها طويا‪ .‬ويروي الديري أنه «في ‪ 24‬كانون‬ ‫الثاني الماضي‪ ،‬وعند وصولي إلى مطار القاهرة‬ ‫احتجزني األمن وقالوا لي إن اسمي على القائمة‬ ‫السوداء لألمن القومي‪ .‬لم يكن هناك أي توضيح‬ ‫إضافي‪ ،‬وبقيت ‪ 15‬ساعة في المطار قبل أن يتم‬ ‫ترحيلي إلى بيروت»‪ .‬ويوضح الديري «تبين أن‬ ‫وزارة الخارجية البحرينية قدمت الئحة من ‪26‬‬ ‫اسماً ناشطاً إلى الطرف المصري لمنع دخولهم‬ ‫الباد»‪ ،‬ويؤكد «ليس تخمينًا‪ ،‬بل من تجربتي‬ ‫الشخصية‪ ،‬أن هناك تنسيقات بين جهاز االمن‬ ‫البحريني وجهاز آخر في مصر ال استطيع أن‬ ‫اسميه»‪ ،‬مضيفًا أنه علم بأن قرار منعه من‬ ‫دخول مصر اتخذ في ‪ 27‬كانون االول ‪.2011‬‬ ‫إذن‪ ،‬فإن مصر التي يحكمها المجلس‬ ‫العسكري حاليًا بمواجهة كتلة ثورية تبذل‬ ‫الشهداء والجرحى يومياً‪ ،‬استجابت للمطالب‬ ‫األمنية البحرينية بمنع دخول مثقف بحريني‬ ‫إليها‪ .‬والمفارقة هنا أن المرشد األعلى للثورة‬ ‫اإلسامية في ايران آية اهلل علي خامنئي اعتبر‬ ‫األسبوع الماضي في خطبة بالعربية‪ ،‬توجه فيها‬ ‫إلى الثوار العرب ‪ -‬واستثنى منها السوريين ‪ -‬أن‬ ‫«جيش مصر مع الشعب‪ ،‬وهناك في داخل مصر‬ ‫َ‬ ‫الوقيعة بين الجيش والشعب‬ ‫وخارجها من يريد‬ ‫في المستقبل‪ ،‬على الجميع أن يكونوا على حذر‬ ‫شديد»‪ ،‬مكرراً بذلك االتهامات التي يسوقها‬ ‫يومياً في مصر أصحاب نظريات المؤامرة‪.‬‬ ‫نظريات المؤامرة نفسها التي تلخّص الحراك‬ ‫الثوري البحريني ب�«العمالة إليران»‪ ،‬والحراك‬ ‫السوري ب�«المؤامرة القطرية � الصهيونية»‪،‬‬ ‫والحراك المصري ضد «حكم العسكر»‬ ‫ب�«التخريب الصربي � القطري � الفوضوي �‬ ‫البلطجي»!‬ ‫هي إذن ثورة شعبية‪ ،‬تجاوزت صمت‬ ‫التوازنات اإلقليمية واستعادت‪ ،‬بثباتها امام قمع‬ ‫السلطة ودمويتها‪ ،‬زخمًا ال يتوقف عن التصاعد‪،‬‬ ‫وتسعى اليوم إلى تحقيق مكاسب حقيقية في‬ ‫الشارع قبل أروقة «السياسة»‪ .‬ترى نفسها‬ ‫جزءاً من الجسد الثوري العربي بكليته‪ ،‬وتكشف‬ ‫ازدواجية الخطابات من هذا الطرف أو ذاك‪ .‬يبدو‬ ‫اليوم أكثر من أي وقت مضى أن في البحرين‬ ‫«الشعب عارف طريقه»‬ ‫عن جريدة السفير اللبنانية | ‪2012 / 2 / 11‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬

‫هناك‪ ،‬في تلك البقعة الصغيرة من الوطن‬ ‫العربي التي ال يلتفت إليها أحد‪ ،‬في تلك الثورة‬ ‫التي غيّبها عن مجالس األمم وتدخاتها توازن‬ ‫لقوى ال تعرف المبادئ إلى طاوالتها سبيا‪،‬‬ ‫في النبض المستمر لشبّان لم يضيّع تآمر‬ ‫المتشدقين ب�«العروبة» ارتباطهم بالهوية‪،‬‬ ‫دروس بعدد الشهداء والمعتقلين‪ ،‬ورسائل بعدد‬ ‫الثورات العربية تجزم بأن التغيير ال يصنعه غير‬ ‫الشعب‪ ،‬وبأن الذي يناصر الثائر هناك ويحاربه‬ ‫هنا ال يصنع سوى األوهام‪ ،‬والخزي لنفسه وإن‬ ‫تأخر كشف الحساب‪.‬‬ ‫بعد أيام قليلة‪ّ ،‬‬ ‫تحل الذكرى السنوية‬ ‫األولى النطاق «ثورة ‪ 14‬فبراير» البحرينية‪.‬‬ ‫عام كشف للعالم بطش نظام يستقوي‬ ‫بالصمت العالمي على كتلة شعبية ثائرة ّ‬ ‫تخط‬ ‫تاريخ نضال متميّز بصموده وإبداعه رغم أنف‬ ‫الصامتين‪ .‬هو البطش الذي وصل حد اقتاع‬ ‫نصب «اللؤلؤة» من ميدانها في وسط المنامة‪،‬‬ ‫فلم يفعل سوى تكريس تسميته ب�«ميدان‬ ‫الشهداء»‪ .‬ميدان حمل معاني الثورة وجمعها‬ ‫لفئات الشعب قاطبة‪ ،‬ولمعاني العنف بأدواته‬ ‫المختلفة‪ ،‬فارتأى الثوار بعد عام على بزوغ‬ ‫انتفاضتهم أن يعودوا إليه‪ ،‬ومنه إلى الضوء‪.‬‬

‫عن عقلية مهزومة من الداخل‪ ،‬وانتكاسة في‬ ‫النظام هي أساس التشدد»‪.‬‬ ‫وعن توقعاته لتعامل السلطة مع الزحف‬ ‫المتوقع إلى الدوار‪ ،‬يقول المرزوق ل�«جريدة‬ ‫السفير» إن «الظاهر بحسب المعطيات‬ ‫واجتماعات القادة األمنيين والعسكريين‪ ،‬أن‬ ‫السلطة ستتعامل بعنف كبير»‪ .‬وأوضح أن‬ ‫مسؤولي النظام «كانوا يقولون إن التواجد في‬ ‫الدوار يعيق الحركة‪ ،‬وهذا كان أبرز مبرر لديهم‬ ‫لانقضاض عليه‪ .‬لكن المنطقة مغلقة أمنيًا‬ ‫وعسكريًا منذ ‪ 11‬شهراً وممنوع حتى المرور‬ ‫فيها‪ ،‬فكيف يكون تواجد الشعب في الدوار‬ ‫لساعتين أو ثاث مسا ًء أكثر إضراراً بحركة الباد‬ ‫من هذه اإلجراءات األمنية؟ إنها حجج واهية»‪.‬‬ ‫ولدى سؤاله عما إذا كان من المتوقع ان‬ ‫تشارك قوات «درع الجزيرة» الخليجية في قمع‬ ‫المتظاهرين المتجهين إلى دوار اللؤلؤ‪ ،‬يقول‬ ‫المرزوق «ال نستطيع أن نحدد من يشارك في‬ ‫قمع المتظاهرين‪ ،‬فيمكن ببساطة تغيير اللباس‬ ‫العسكري وتبديل البزات»‪ .‬اما المسقطي فيقول‬ ‫«هناك تواجد امني ل�«درع الجزيرة»‪ ،‬لكنه ليس‬ ‫ظاهراً في منطقة الدوار‪ ،‬وال نعرف ما إذا كانوا‬ ‫ينوون التدخل‪ ،‬لكنهم لن يسمحوا بأن تكون‬ ‫هناك احتجاجات مركزية‪ ،‬ألنها تؤثر على كل‬ ‫المنطقة وقد تقود إلى احتجاجات أخرى في‬ ‫منطقة الخليج»‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫بيني وبني �سديقي من اإدلب حكاية‬ ‫نبض الروح‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫زين إبراهيم‬ ‫درسنا الطب معا في جامعة‬ ‫تشرين لمدة ست سنوات لتفرقنا‬ ‫السنون بعدها كل في طريق إال‬ ‫أنني كنت أتابع أخباره البعيدة من‬ ‫حين آلخر من خال صديق مشترك‪.‬‬ ‫تزوج صديقي باكرا ورزق‬ ‫بأبناء‬ ‫سافر كانا وتركنا البلد طلباً‬ ‫للرزق وبعد ما يزيد عن ‪ 10‬سنوات‬ ‫ً‬ ‫صدفة في مدينة من مدن‬ ‫التقينا‬ ‫االغتراب يعيش فيها كثير من أبناء‬ ‫وطني‪.‬‬ ‫لم يتغير كثيرا ال زال يميل‬ ‫للبدانة قلي ً‬ ‫ا و ال يطيل شعر رأسه‬ ‫أبداً ويلبس نفس النظارات الطبية‬ ‫وحتى مزاحه عندما تبادلنا العناق‬ ‫لم يتغير وإن كان فيه مسحة تحفظ‬ ‫استدركها الحقا‪.‬‬ ‫على باب أحد األسواق التقينا‬ ‫تبادلنا حديثاً أحسبه استمر لساعة‬ ‫تقريبًا‪.‬‬ ‫هل تعرفون لقد كانت سعادتي‬ ‫غامرة فأن ألتقي بصديق من أصدقاء‬ ‫الجامعة في إحدى بلدان االغتراب‬ ‫بعد أكثر من ‪ 10‬سنوات هي أفضل‬ ‫هدية لذلك العام‪.‬‬ ‫عرفت بعدها من حديثنا أن أقل‬ ‫من ‪4‬كيلومترات تفصل بين منزلينا‬ ‫في تلك المدينة‪.‬‬ ‫كانت الثورة السورية قد دخلت‬ ‫شهرها الثالث وكانت قوات النظام‬ ‫من طائفتي تجتاح مدينة صديقي‬ ‫وقراها تعتقل شبابها وتعمل فيها‬ ‫صنوفا من القتل والتخريب‪.‬‬ ‫كان الحديث في هذا الشأن‬ ‫يحمل الكثير من الشك والخطر‬ ‫وال يمكن أن يستمر بدون مجازفة‬ ‫رغم أننا كنا نعرف بعضنا منذ مدة‬ ‫طويلة‪.‬‬ ‫لم يلبث صديقي أن استكمل‬ ‫تحفظه وتبادلنا أرقام الهواتف إلى‬ ‫لقاء قريب لم يتحقق حتى تاريخ‬ ‫كتابة هذه السطور‪.‬‬ ‫بعد ما يزيد على أسبوع من‬ ‫لقاءنا المفاجئ فكرت أن أزوره‬ ‫مساءا وهممت إلى هاتفي المحمول‬ ‫أطلب رقمه‬ ‫يرن الهاتف عدة مرات با مجيب‬ ‫اعتقدت وقتها أنه مشغول أو‬ ‫أن وضعه ال يسمح له بأن يتلقى‬ ‫مكالمتى اآلن‪.‬‬ ‫ولكن الموقف تكرر خال األيام‬ ‫الاحقة‬ ‫لم يكن الموقف غامضًا جدا‬ ‫لفهم ما يجري‬ ‫صديقي ال يريد مقابلتي‬ ‫فبعد أكثر من ‪ 10‬سنوات من‬ ‫البعد لم نعد حقًا نعرف بعضنا وال‬

‫يمكن الجزم بما تضمره النفوس‪.‬‬ ‫لم يكن الفاصل الزمني هو‬ ‫العامل الوحيد فقط وال البعد بين‬ ‫مدينتينا والذي ال يزيد عن ‪ 100‬كلم‬ ‫ولكنه الخوف والغضب‬ ‫لم نسأ ل بعضنا يوماً عن‬ ‫طوائفنا ليس ألنها معلومة تبعًا‬ ‫النتماءاتنا الجغرافية بل ألننا لم‬ ‫نكن نشعر بأنها مهمة حقا‪.‬‬ ‫وبين مدينتينا وطائفتينا كان‬ ‫تاريخ طويل من الخوف والغضب‬ ‫والدماء‪.‬‬ ‫كنا الزلنا نلعب في قرانا عندما‬ ‫قرر بعض السوريون أنهم يملكون‬ ‫وحدهم الحقيقة المطلقة وأنهم‬ ‫يملكون كل األسماء‬ ‫يعطون لكل شيء في الوطن‬ ‫اسمه وصفته‪.‬‬ ‫كنا ال نزال صغاراً عندما ضل‬ ‫بعض السوريين وملء الغرور‬ ‫والجهل قلوبهم قبل عقولهم‬ ‫فصاروا يفصلون وطنا على مقاسهم‬ ‫يعيدون فيه كتابة األسماء جميعها‬ ‫أما من ال يعجبه اسمه فله أن‬ ‫يترك هذا الوطن لوطن بديل وأما‬ ‫من تساوره نفسه اآلثمة أن يعطي‬ ‫لنفسه اسمًا فذلك من الكبائر‬ ‫وعقوبته القتل المؤبد في سراديب‬ ‫وأقبية الخوف والظلم‪.‬‬ ‫ماذا أقول فلقد لخص السيد‬ ‫المسيح القول‬ ‫"اآلباء يأكلون الحصرم واألبناء‬ ‫يضرسون"‬

‫كبرنا ورغم أننا لم نشهد تلك‬ ‫الفصول الدامية من تاريخ وطني‬ ‫ولكنني ال أعرف كيف كانت هذه‬ ‫الفصول تنتقل لتحفر ذواكرنا‬ ‫وتقولب حياتنا وأفعالنا‪.‬‬ ‫لعلها عدوى ! هل ينتقل الخوف‬ ‫بالعدوى ؟‬ ‫لم أدرس هذا في كلية الطب‬ ‫ولم اقرأ عنه‬ ‫عدوى الخوف تنتقل عبر‬ ‫األجيال‬ ‫لربما أدرس هذا األمر بشكل‬ ‫مفصل الحقا …‬ ‫انتابني حزن عميق‬ ‫فصديقي الذي يرفض مقابلتي‬ ‫ال تجمعنا إال ذكريات جميلة معًا‬ ‫فكيف له أن يفعل ذلك ؟‬ ‫في عيد األضحى جاءتني رسالته‬ ‫على هاتفي‬ ‫كانت مقتضبة ال تزال تحمل‬ ‫تحفظًا ولكنني قرأت فيها نفحة‬ ‫اعتذار‬ ‫أجبت بنفس الطريقة المقتضبة‬ ‫بكل عام وأنتم والعائلة بخير‪.‬‬ ‫لم يكن لكل رسالتينا أي وعد‬ ‫بلقاء قريب تمامًا‬ ‫كما لم يكن وقتها أي وعد‬ ‫لوطني بربيع قريب‪.‬‬ ‫ال تعتذر يا صديقي‬ ‫فأنت لم تخطئ أبداً‬ ‫وأنا لن أقبل أن تقف أمامي‬ ‫بخجل‬

‫فأنت فعلت بالضبط ما يجب أن‬ ‫يقوم به كل أب‬ ‫في هذا الزمن المجنون‬ ‫يجب عليك أن تحمي عائلتك‬ ‫وأطفالك من القتلة‬ ‫وأنا ال أستطيع إال أن أقف احترامًا‬ ‫لحرصك عليهم‬ ‫وهذه هي مهمتك المقدسة في‬ ‫هذه الحياة‬ ‫فبعض شك بي يمكن تعويضه‬ ‫أما أن تفقد أحد من أهلك فذلك‬ ‫ما ال يمكن تعويضه‪.‬‬ ‫سينتهي هذا الكابوس األسود‬ ‫ولو بعد حين وسوف نلتقي من جديد‬ ‫هناك فوق تراب الوطن‬ ‫سأحمل أطفالك ونمشي في‬ ‫طرقات قريتي الجميلة‬ ‫سأقول لهم هنا عاش مايين‬ ‫السوريين منذ عشرة آالف عام‬ ‫وسوف نستمر بالعيش هنا‬ ‫كسوريين حتى القيامة‬ ‫سنعود معا طبيبين إلى الوطن‬ ‫لنداوي بعض أبناءه‬ ‫سنعود إلى جامعتنا معا لنتذكر‬ ‫بعض اللحظات‬ ‫وهنا سأقول لبعض السوريين‬ ‫كفى عبثا سأستعيد صديقي‬ ‫كفى عبثا سأستعيد وطني‬ ‫مدونة كبريت | ‪2012 / 2 / 9‬‬


‫املوؤامرة على �سوريا‬

‫الربيع ال�سوري وفو�سى‬ ‫ال ُقبلة الأوىل‬ ‫نبراس شحيد‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أرجو أن ال تستغربوا العنوان‪...‬‬ ‫وأن ال ت��ع��ت��ق��دوا أن��ن��ي ان��ق��ل��ب��ت إل��ى‬ ‫"منحبكجي" كما يحلو للمعارضين تسمية‬ ‫الموالين للنظام األسدي‪...‬‬ ‫كما أرج��و أن تتريثوا قلي ًا قبل إطاق‬ ‫األحكام‪...‬‬ ‫رغ��م أن الصبر ليس م��ن سمات هذه‬ ‫المرحلة أبداً‪...‬‬ ‫بعد أن فات أوان الصبر والحلم‪...‬‬ ‫مثلما فات أوان الكام والحوار‪...‬‬ ‫نعم هناك مؤامرة على سوريا‪...‬‬ ‫وهل علينا أن نفاجأ بذلك؟‬ ‫لست أظن‪...‬‬ ‫ل��ن أخ���وض بالطبع ب��أي م��ن خ��راف��ات‬ ‫الممانعة وال ترهات المقاومة‪ ،‬فهذه أيضًا‬ ‫مضى زمانها قبل حتى أن يبدأ‪ ،‬وأق��ول بكل‬ ‫وضوح أن الممانع الحقيقي والمقاوم الحقيقي‬ ‫كان الشعب السوري الذي تحمّل هذا النظام‬ ‫الدموي طيلة أربعة عقود شديدة المرارة‪.‬‬ ‫كما لن أخوض أيضاً بكل أوهام وأباطيل‬ ‫النظام حول "غيرة" كل دول العالم منه بسبب‬ ‫مثاليته و"كبريائه"‪ ،‬فهذا كمن يفسر الماء "بعد‬ ‫الجهد بالماء"‪.‬‬ ‫ولكن ألم يتضح للجميع بعد بأن سوريا‬ ‫تتعرض بالفعل إلى مؤامرة؟‬ ‫كنا فيما مضى ن��رث��ى ل��ح��ال إخواننا‬ ‫الفلسطينيين ونحن نرى مهانتهم والظلم‬ ‫الذي يتعرضون له سواء من الداخل أمام عدو‬ ‫غاصب أو من الخارج من القوى الكبرى التي إن‬ ‫لم تدعمه فإنها تسكت عن جرائمه‪.‬‬ ‫هل وصلتكم الفكرة؟ وهل أدركتم عمق‬ ‫المقارنة؟‬ ‫م���ا ال���ف���ارق ب��ي��ن ال��ح��ال��ة ال��س��وري��ة‬ ‫والفلسطينية اليوم؟‬ ‫الفارق واحد ومهم جداً‪...‬‬ ‫الفلسطيني يقتله ع��دوه الصهيوني‪،‬‬ ‫غاصب أرضه وقاتل أبيه‪...‬‬ ‫أما السوري فيقتله من ادعى يوماً بأنه‬ ‫أخاه وأباه‪...‬‬ ‫يقتله ابن جلدته‪...‬‬ ‫ليس اآلن وحسب‪ ،‬بل منذ أربعين عاماً‪...‬‬ ‫إذاً فالفارق بين عمر نكبة فلسطين وعمر‬ ‫نكبة سوريا اثنان وعشرون عاماً فقط‪...‬‬ ‫وشتان ما بين النكبتين‪.‬‬ ‫من يرى اجتماع مجلس األمن التخاذ قرار‬ ‫"إدانة" ضد النظام السوري ترتعد فرائصه لهذا‬ ‫الجمع الدولي والخطابات الرنانة والقاسية ضد‬ ‫هذا النظام‪.‬‬ ‫من يرى تلك الجلسة التاريخية يعتقد بأن‬ ‫النظام سيزول فوراً في اليوم التالي من شدة‬ ‫"الكلمات والخطابات" التي ألقاها دهاة السياسة‬ ‫والوطنية على مستوى العالم‪.‬‬

‫وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا والواليات‬ ‫المتحدة والبرتغال وغيرهم من مندوبين لدول‬ ‫كبرى يجتمعون "من أجل" سوريا‪ ،‬ويخرجون‬ ‫كذلك من أجلها با حتى كلمة رثاء‪" .‬تشمئز"‬ ‫مندوبة ال��والي��ات المتحدة من فيتو روسيا‬ ‫والصين ونحن نقدّر عاليًا اشمئزازها الذي‬ ‫لم نسمعه في اليوم التالي مباشرة لدى مقتل‬ ‫المئات من أه��ل حمص األب��ري��اء على أيدي‬ ‫المجرمين‪.‬‬ ‫إن ما يمارسه الجميع اليوم بحق سوريا‬ ‫هو النفاق السياسي بأبشع صوره‪ ،‬ونحن نفهم‬ ‫ومنذ زمن بعيد أن السياسة قذرة وأنها ال تعرف‬ ‫األخاق‪ ،‬ونحن ال نطلب هنا أي تضامن أخاقي‬ ‫مع سوريا‪ ،‬نحن نريد لهم أن يفهموا أن هذا‬ ‫الشعب هو من سيحدد مصالحه في المرحلة‬ ‫المقبلة وهو من سيقرر صداقاته وعداواته‪،‬‬ ‫فكيف تتم الحسابات اليوم؟‬ ‫علينا أن ال ننخدع بالخطابات الرنانة لمن‬ ‫يسمون أنفسهم "أص��دق��اء س��وري��ا"‪ ،‬ولست‬ ‫بحاجة ألذكركم بالكلمات الهادرة لرئيس وزراء‬ ‫تركيا في بدايات األزمة والتي انقلبت همسًا ال‬ ‫يكاد يسمعه صاحبه‪ .‬إن كل "أصدقاء سوريا"‬ ‫يشاركون أيضًا في قتل السوريين وتشريدهم‬ ‫وتحويلهم إلى الجئين لم تعد تتسع لهم حتى‬ ‫مدارس دول الجوار‪ .‬أصبح السوري اليوم الجئًا‬ ‫ومشرداً يبحث عمن يعطيه كيسًا من السكر أو‬ ‫زجاجة حليب‪ ،‬وهكذا اختصر "أصدقاء سوريا"‬ ‫المسألة في معونات غذائية وطبية وهكذا‬ ‫أيضاً يتحول اليوم الشعب السوري شيئاً فشيئًا‬ ‫إلى شعب شتات وإلى صومال جديدة أو كوريا‬ ‫شمالية ولكن بمامح شرق أوسطية‪.‬‬ ‫هل نستغرب بعد كل ذلك المؤامرة على‬ ‫سوريا؟‬ ‫هل ال يزال يراودكم الشك في ذلك؟‬ ‫ه��ذا ال��م��خ��اض العسير ل��ن ينهيه إال‬ ‫السوريون أنفسهم‪...‬‬ ‫بدمائهم وأرواحهم وسواعدهم‪...‬‬ ‫أنا ضد العنف وضد االقتتال ولكن الدفاع‬ ‫عن النفس حق م��ش��روع‪ ،‬وه��و حق غريزي‬ ‫بالمناسبة وال يستدعي من يشرعنه أو يدرجه‬ ‫في أية قوانين أو فلسفات أخرى‪.‬‬ ‫هذه مؤامرة ضد الشعب السوري‪ ،‬وأرجو‬ ‫أن يتفهم الجميع سبب حرقتنا‪ ،‬فنحن يتم‬ ‫احتقارنا في الداخل وفي الخارج‪ ،‬والسوري‬ ‫غريب في وطنه وخارج وطنه‪ ،‬مرفوض في‬ ‫بلده ومرفوض على أب��واب السفارات‪ ،‬وهو‬ ‫ال يطلب سوى أن يحيا كما يحيا اآلخرون‪ ،‬وإال‬ ‫فالموت راحة أبدية وال تستحق حياة الذل أية‬ ‫صبر أو تضحيات‪.‬‬ ‫أيها النظام البالي‪ ،‬الكام موجه إليك‬ ‫أيضاً‪ ،‬فأنت شريك في هذه المؤامرة على‬ ‫السوريين وال تظنن أن الزمن سيجعلنا ننسى‪.‬‬ ‫آخر الكام‪ :‬مقتبس من مظاهرات درعا‪:‬‬ ‫"ال ترحل‪ ،‬نحنا جايينك"‬

‫«أال تعرفون أن إسقاط األنظمة االستبدادية التي ال بدّ من إنهاء حكمها‪ ،‬لن يؤدي‬ ‫إلى جنة الديموقراطية بل إلى جحيم أكثر حلك ًة وظامية؟ ال أستطيع أن أكون شاهد زور‬ ‫على مثل هذا المصير»‪ .‬على هذه ٍالكلمات المتعجّبة من دعم المثقف للربيع العربي‪،‬‬ ‫في الوقت الذي يكتسح فيه نصر «االسامويين» صناديق االقتراع‪ ،‬يردّ الصديق عقل‬ ‫العويط بكلماتٍ أخرى‪« :‬أفضّل أن أكون «شاهد زور» للثورات‪ ،‬على أن أكون شاهد زور‬ ‫يقبل باالستبداد»‪.‬‬ ‫هذا كام بلسان مريدي الربيع في «انحيازهم الضروري إليه»‪ ،‬على الرغم من‬ ‫نحو إشكاليّ‪ :‬فمن جهةٍ أولى‪ ،‬نراه‬ ‫نواقصه كلها‪ ،‬لتتكشف طبيعة االنحياز هذا على ٍ‬ ‫يقوم على رفض طغيان السلطة الحاكمة‪ ،‬لكي يعلن‪ ،‬من جهةٍ أخرى‪ ،‬استعداده لانفتاح‬ ‫قريب قد يتّسم هو اآلخر بظامية استبدادية‪ ،‬اساموية أو عسكرية‪،‬‬ ‫على‬ ‫ٍ‬ ‫مستقبل ٍ‬ ‫فينقلب «شاهدة زور»! تالياً‪ ،‬تُضعف فكرة االنحياز من موضوعية مريدي الربيع‪ ،‬فيتج ّلى‬ ‫مبدأً ذاتياً عاجزاً عن إقناع الرماديين بضرورته‪ .‬وبين استحالة الموضوعية ومحدوديّة‬ ‫الذاتية‪ ،‬وبين رفض استبداد الراهن ومغامرة الغد‪ ،‬يحيكُ االنحياز الضروري إلى الربيع‬ ‫ذاتَه من تشابك التناقضات الحتمية التي تسم المرحلة الراهنة من عمر ثوراتنا‪ ،‬خاصّ ًة‬ ‫فشل سياسي‪ ،‬ومن تنامي دعوات العسكرة‬ ‫في سوريا مع كل ما يشهده «ربيعها» من ٍ‬ ‫والجهاد التي ال تخفى أسبابها على أحد‪.‬‬ ‫جمل ٌة من التناقضات الحتميّة تحكم إذن مريدي الربيع‪ ،‬لتسهّل لبعض المتفرجين‬ ‫انتقاده‪ ،‬منطلقين من «ضرورة عدم التناقض» القائمة على استحالة تأكيد الشيء‬ ‫وضده معاً‪ :‬ال يمكنك أن تكون في الحقيقة إذا كنت «شاهد زور»! تاليًا‪ :‬مريدو الربيع هم‬ ‫بالضرورة واهمون فوضويون‪ ،‬فالربيع يتناقض مع ذاته حين يطالب بحريةٍ «ما زلنا غير‬ ‫أهل لها»‪ ،‬يقول كثيرون‪ ،‬ليُستبدَل االستبداد بآخر‪ .‬لهذا‪ ،‬نتجنب الربيع‪ ،‬ونتحسّر على‬ ‫ما مضى‪ ،‬ونعيش في رهاب المستقبل‪ ،‬ونغرق في االنتظار!‬ ‫مشكلة المتفرجين هؤالء مثاليّتُهم التي ال تؤمن بالتاريخ‪ ،‬وال بإرادة من يطرحون‬ ‫مستبداً أول ثم ثانياً ثم ثالثًا… مشكلتهم هي حياديتهم التي تشاهد وال تفعل‪ ،‬فتزيد‬ ‫ّ‬ ‫المتعطش إلى الخاص‪،‬‬ ‫من تأزم الحالة… نعم‪ ،‬تتعالى شعبية االسامويين في الشارع‬ ‫نعم‪ ،‬أُكره البعض على إغاق محالهم في االضراب‪ ،‬نعم‪ ،‬حدثت بعض األعمال‬ ‫االنتقامية‪ ،‬نعم‪ ،‬هناك توترٌ طائفي في بعض المناطق‪ ،‬ولكن السكوت عما يرتكب في‬ ‫بابا عمرو والخالدية ليس إال تعزيزاً لهذا ك ّله!‬ ‫في المقابل‪ ،‬ال يمكننا إنكار حالة الفوضى عند مريدي الربيع (فوضى من جُردوا من‬ ‫ماضيهم السياسي)‪ .‬لكن الفوضى ليست بالضرورة نزع ًة عدميّة‪ ،‬بل يمكنها أن تكون‬ ‫وأيُ ٍّ‬ ‫نوعاً من ٍّ‬ ‫تجل؟ إنّه تجلي رغبتنا في‬ ‫تجل غير متوقع لما يسكننا في مفاجأة اللحظة‪ّ .‬‬ ‫الحرية المنسيّة‪ .‬وأيّة لحظة؟ إنها قبل كل شي ٍء اللحظة «الدرعاويّة»‪ ،‬نذكرها فتحضرُ‬ ‫ال ُقبلة األولى بوجعها وبجماليتها الدامية‪ :‬خروج األهالي للمطالبة بصبيةٍ مقلوعي‬ ‫األظافر! هي اللحظة األولى بفوضويتها التي فصلت بين عدم وخلق‪ :‬عدمٌ تشابهت‬ ‫فيه وجوهنا بخوفها‪ ،‬بسكونها‪ ،‬وبهمّها العربيّ الوحيد‪« :‬ماذا ٍنأكل اليوم‪ ،‬وكيف نبقى‬ ‫فنان يقول‪« :‬كأني أسمع للمرة األولى صوتي!»‪ ،‬وفيه صار‬ ‫صامتين؟»؛ وخلقٌ‪ ،‬فيه صار ٌ‬ ‫من يلفظ النفس األخير يقول‪« :‬عشت حراً لساعتين‪ ،‬وهذا يكفي!»‪ .‬وبين اللحظة األولى‬ ‫والنفس األخير‪ ،‬صار لنا تاريخٌ‪ ،‬وصوتٌ‪ ،‬وصار لنا حلمٌ‪ ،‬وصار لنا اسم…‬ ‫واليوم‪ ،‬ومع انغاق اآلفاق السياسية‪ ،‬ها نحن مجدداً على مفترق الطرق بين العدم‬ ‫والخلق‪ :‬عدمٌ تُعاش فيه الفوضى كحالةٍ من الغضب األرعن‪ ،‬لنستسلم فيها لحاجتنا‬ ‫إلى االنتقام االنهزامي والتشدّد الديني متجاوزين حدود الدفاع عن النفس؛ وإبداعٌ‬ ‫تُعاش فيه الفوضى ٍّ‬ ‫كتجل مفاجئ للحرية في دهشة اللحظة‪ ،‬فنستعيد والدة الرغبة‬ ‫األولى بخروجها الخاق من رحم االستبداد‪.‬‬ ‫وألن الرغبة قائم ٌة بالضرورة على التناقض بين ما نرجوه وما نحن عليه‪ ،‬يمكننا‬ ‫أن نكون في الحقيقة مع أننا «شهود زور»! وألن الرغبة‪ ،‬في اختافها عن الحاجة إلى‬ ‫التشفّي‪ ،‬ال تُشبع‪ ،‬يمكننا أن ننحاز إلى اللحظة األولى من دون أن نكون ماضويين‪،‬‬ ‫فاللحظة جامحة‪ ،‬ال نلبث أن نقولها حتى تحتجب عنا لتمنعنا من االنحباس في الماضي‪،‬‬ ‫فتدفعنا إلى المستقبل حيث يتردد صداها‪ .‬تكسر اللحظة األولى إ َذن سيان الزمن‬ ‫الطبيعي‪ ،‬ألنها مجبول ٌة من رغبةٍ شاردة‪ :‬هي أمامنا ال وراءنا! لهذا أيضًا‪ ،‬ال يمكن‬ ‫«األصوليين» الذين يعيشون في الماضي‪ ،‬أو «األيديولوجيين» الذين يدّعون امتاك‬ ‫معاني التاريخ‪ ،‬أو «اليائسين» الذين يتحسرون على ما مضى‪ ،‬مصادرة اللحظة األولى‪،‬‬ ‫ألنها‪ ،‬وال بد يومًا أن تُفلت منهم‪ ،‬إن بقيت حيّ ًة في كيان مريدي الربيع‪.‬‬ ‫مديح الفوضى هنا ليس إذن دعو ًة عدمية‪ ،‬بل دعوة تأوين‪ :‬جعل اللحظة األولى‬ ‫حاضر ًة بصدقها ومفاجأتها و«درعاويتها»‪ ،‬هنا واآلن في واقع الشهر الحادي عشر المؤلم‬ ‫من ربيع سوريا‪ ،‬ولاستلهام من بريقها في ظل تأزم األوضاع السياسية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية التي نشهدها اليوم‪ .‬ولكي تحضُر اللحظة األولى في واقعنا المتأزم‪ ،‬ال بد‬ ‫للمثقف أن يحمي اللحظة هذه من ثقل حركة السياسيين‪ ،‬ومن بطء المؤسسات‪ ،‬ومن‬ ‫مطلقية رجال الدين‪ ،‬ومن شره الطائفيين‪ ،‬ومن حقد االنتقاميين‪ ،‬لكي ال تصير مد ًة زمنية‬ ‫أشكال‬ ‫ابتدأت ومضت‪ .‬لهذا ال بد لمريدي الربيع‪ ،‬وأكثر منهم في أي وقتٍ مضى‪ ،‬من انتاج ٍ‬ ‫ثقافيةٍ وصحافيّةٍ جديدة قادرة على االستلهام من خفّة اللحظة الراقصة بين التجلي‬ ‫والتخفّي‪ ،‬بعيداً عن جمود الموروث الثقافي‪ .‬ال بد لمريدي الربيع من استحضار اللحظة‬ ‫األولى بنقديتها للواقع الذي فيه ولدت‪ ،‬من أجل محاولة تجاوز ما في الربيع السوري اليوم‬ ‫من نكرانٍ للربيع‪ .‬وهكذا‪ ،‬ال يمكن المثقف أن يبقى مجرد معلم ملفان‪ ،‬بل عليه أن يكون‬ ‫راقصاً على ايقاع اللحظة األولى وفاء لطبيعة الربيع‪ ،‬على ٍ‬ ‫الرغم من العاصفة المقبلة…‬ ‫ً‬ ‫(راهب يسوعي من سوريا) | جريدة السفير‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫خالد كنفاني‬

‫دندنات‬

‫‪9‬‬


‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ت�ســنيف اجلــرائم علــى اأ�ســا�س‬ ‫خطــورة اجلــرمية‬

‫ياسر مرزوق‬

‫يصنف القانون السوري الجرائم‬ ‫على أساس خطورة الجريمة تصنيفًا‬ ‫ثاثي��اً إل��ى ثاث��ة أن��واع‪ :‬الجنايات‪،‬‬ ‫الجنح‪ ،‬المخالفات‪.‬‬ ‫فالجناي��ات ه��ي أش��د الجرائ��م‬ ‫خط��ور ًة تليها الجنح‪ ،‬ث��م المخالفات‬ ‫التي تعتبر أبس��طة الجرائ��م وأقلها‬ ‫خطورة‪ ،‬ولدراس��ة تصني��ف الجرائم‬ ‫عل��ى أس��اس الخطورة س��وف نبحث‬ ‫عل��ى التوال��ي ف��ي معي��ار التصنيف‬ ‫وتطبيقه وأهميته‪.‬‬ ‫إن معي��ار الجناي��ة أو الجنح��ة‬ ‫أو المخالف��ة في التش��ريع الس��وري‬ ‫هو العقوب��ة المنص��وص عليها في‬ ‫القوانين الجزائي��ة للفعل المقترف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫جناي��ة إذا عوقبت‬ ‫فالجريم��ة تك��ون‬ ‫بعقوب��ة جنائي��ة وتك��ون جنح��ة إذا‬ ‫عوقبت بعقوبة جنحي��ة ومخالفة إذا‬ ‫عوقب��ت بعقوب��ة تكديري��ة‪ ،‬حس��ب‬ ‫المادة ‪ /178/‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪ - 1‬العقوبات اجلنائية‪:‬‬

‫حسب أحكام المادتين ‪/38-37/‬‬ ‫من قانون العقوبات تقس��م الجنايات‬ ‫إلى‬ ‫• العقوب��ات الجنائي��ة العادي��ة‪:‬‬ ‫وه��ي اإلع��دام واألش��غال الش��اقة‬ ‫المؤبدة واالعتقال المؤبد واألش��غال‬ ‫الشاقة المؤقتة واالعتقال المؤقت‪.‬‬ ‫• العقوب��ات الجنائية السياس��ة‪:‬‬ ‫وه��ي االعتق��ال المؤب��د واالعتق��ال‬ ‫المؤق��ت واإلقامة الجبري��ة والتجريد‬ ‫المدني‪ ،‬ومدة العقوبة بحس��ب نص‬ ‫الم��ادة ‪ /44/‬م��ن قان��ون العقوب��ات‬ ‫باألشغال الش��اقة المؤقتة واالعتقال‬ ‫المؤق��ت تت��راوح مبدئي��ًا بي��ن ثاث‬ ‫سنواتٍ كحدٍ أدنى وخمسة عشر سنة‬ ‫كحدٍّ أعلى‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة إلى‬ ‫اإلقام��ة الجبرية والتجري��د المدني‪،‬‬ ‫وبه��ذا يمكننا القول م��ن حيث المبدأ‬ ‫أن كل عقوب��ة يتج��اوز حدها األدنى‬ ‫ثاث سنوات أش��غا ًال شاقة أو اعتقا ًال‬ ‫ً‬ ‫عقوبة جنائية‪.‬‬ ‫تعتبر‬

‫‪ - 2‬العقوبات اجلنحية‪:‬‬

‫حس��ب نص المادتين ‪/40-39/‬‬ ‫من قانون العقوبات هي‪:‬‬ ‫• العقوب��ات الجنحي��ة العادي��ة‪:‬‬ ‫وهي الحبس مع التش��غيل والحبس‬ ‫البسيط والغرامة‪.‬‬ ‫• العقوبات الجنحية السياس��ية‪:‬‬ ‫وه��ي الحب��س البس��يطة واإلقام��ة‬ ‫الجبرية والغرامة‪.‬‬ ‫وقد نصت المادة ‪ /51/‬من قانون‬ ‫العقوب��ات أن م��دة الحب��س الجنحي‬ ‫تتراوح مبدأياً بين عش��رة أيام كحدٍّ‬ ‫أدن��ى وثاث س��نواتٍ كح��دٍّ أقصى‪،‬‬ ‫كم��ا نصت الم��ادة ‪ /52/‬على أن الحد‬

‫األدن��ى في الجن��ح لإلقام��ة الجبرية‬ ‫هو ثاثة أش��هر الح��د األقصى ثاث‬ ‫س��نوات‪ ،‬ونصت المادة ‪ /53/‬على أن‬ ‫الغرامة الجنحية هي التي تتراوح من‬ ‫‪ 100‬إلى ‪ 1000‬ليرة سورية‪.‬‬

‫العقوبات التكديرية‪:‬‬

‫أي عقوب��ات المخالف��ات وه��ي‬ ‫حسب أحكام المواد ‪ /61-60-41/‬من‬ ‫قانون العقوبات‪:‬‬ ‫• الحبس التكديري وحده األدنى‬ ‫ي��وم واحد ‪ 24/‬س��اعة‪ /‬وحده األعلى‬ ‫عشرة أيام‪.‬‬ ‫• الغرام��ة وتت��راوح بين ‪ 25‬إلى‬ ‫‪ 100‬ليرة سورية‪.‬‬ ‫ال ب��دّ من اإلش��ارة هن��ا إلى أن‬ ‫العب��رة في تحديد ن��وع الجريمة هي‬ ‫للعقوبة المحددة له��ذه الجريمة في‬ ‫قان��ون العقوب��ات ولي��س للعقوب��ة‬ ‫التي ينطق بها القاضي‪ ،‬ففي بعض‬ ‫األحي��ان يخف��ف القاض��ي العقوب��ة‬ ‫فيحكم على من اقترف جريمة الجرح‬ ‫أو اإلي��ذاء بالحبس س��بعة أي��ام مث ً‬ ‫ا‬ ‫وم��ع ذل��ك فإن ه��ذه الجريم��ة تظل‬ ‫جنح��ة إلن الح��د األقص��ى لعقوب��ة‬ ‫الجرح البسيط أو اإليذاء هي الحبس‬ ‫ستة أش��هر حس��ب المادة ‪ /540/‬من‬ ‫قانون العقوبات‪.‬‬ ‫إن العقوب��ة التي يرجع إليها في‬ ‫تطبيق معيار التصنيف هي العقوبة‬ ‫األصلي��ة وال أهمية في هذا التطبيق‬

‫للعقوب��ات الفرعي��ة أو اإلضافي��ة أو‬ ‫التدابير االحترازية أو اإلصاحية‪.‬‬ ‫عندما يح��دد القان��ون للجريمة‬ ‫عقوبتي��ن أو أكث��ر فالعب��رة بالح��د‬ ‫األعلى ألش��د العقوبتين ف��إذا عاقب‬ ‫المش��رع على جريم��ة بالغرامة بين‬ ‫‪ 25‬و‪ 50‬لي��رة س��ورية وه��ي عقوبة‬ ‫تكديري��ة وبالحبس لم��دة ال تتجاوز‬ ‫ش��هر وهي عقوبة جنحية فالجريمة‬ ‫تعد جنحة‪.‬‬ ‫والمحكم��ة ه��ي صاحب��ة‬ ‫االختص��اص ف��ي تحدي��د الوص��ف‬ ‫القانوني للجريم��ة وهي غير مقيدة‬ ‫بوص��ف النياب��ة العامة‪ ،‬ف��إذا رفعت‬ ‫النياب��ة العامة الدع��وى أمام محكمة‬ ‫البداية بوصف الجريمة جنحة وتبين‬ ‫له��ذه المحكم��ة أن الجريم��ة جنائية‬ ‫الوص��ف وج��ب عليه��ا أن تعلن عدم‬ ‫اختصاصه��ا وأن تتخل��ى عن الدعوى‬ ‫لرفعها إلى قاضي التحقيق‪.‬‬ ‫للتفري��ق بين الجناي��ات والجنح‬ ‫والمخالفات أهمية كبيرة من النواحي‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬م��ن حي��ث االختصاص��ات‬ ‫واإلج��راءات الجزائي��ة‪ :‬فالمحكم��ة‬ ‫المختص��ة للنظ��ر ف��ي الجنايات في‬ ‫س��وريا هي محكمة الجناي��ات‪ ،‬وفي‬ ‫الجن��ح الهام��ة الت��ي تزي��د عقوب��ة‬ ‫الحب��س فيه��ا ع��ن الس��نة محكم��ة‬ ‫البداي��ة وف��ي الجنح البس��يطة التي‬ ‫تقل عقوبة الحبس فيها عن الس��نة‬

‫وفي المخالفات محكمة الصلح‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إن األح��كام الص��ادرة ع��ن‬ ‫محكمة الجنايات غير قابلة لاستئناف‬ ‫وإنما يجوز الطعن فيها مباشر ًة أمام‬ ‫محكم��ة النق��ض‪ ،‬أم الجن��ح فيجوز‬ ‫الطعن فيها أمام محكمة االس��ئتناف‬ ‫ثم النق��ض‪ ،‬أما المخالف��ات فيصدر‬ ‫الحك��م فيه��ا بات��ًا م��ن المحكم��ة‬ ‫الصلحية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إن القان��ون الس��وري يطبق‬ ‫عل��ى الس��وريين الذي��ن يرتكب��ون‬ ‫ً‬ ‫جريمة في الخ��ارج إذا كانت الجريمة‬ ‫من نوع الجناية أو الجنحة فقط دون‬ ‫المخالف��ة بحس��ب الم��ادة ‪ /20/‬م��ن‬ ‫قانون العقوبات‪.‬‬ ‫‪ - 4‬أما من حيث مفعول األحكام‬ ‫الجزائية األجنبية فا مفعول لها في‬ ‫س��وريا لغير األح��كام الص��ادرة في‬ ‫الجناي��ات والجنح حس��ب المادة ‪/29/‬‬ ‫من قانون العقوبات‪.‬‬ ‫‪ - 5‬م��ن حي��ث أح��كام وتس��ليم‬ ‫المجرمي��ن يرفض التس��ليم إذا كان‬ ‫القان��ون الس��وري ال يعاق��ب عل��ى‬ ‫الجريم��ة بعقوبةٍ جنائي��ة أو جنحية‬ ‫حس��ب الم��ادة ‪ /33/‬م��ن قان��ون‬ ‫العقوبات‪.‬‬ ‫‪ - 6‬م��ن حي��ث الش��روع ف��ي‬ ‫الجريمة‪ :‬الش��روع في ارتكاب جناية‬ ‫معاق��ب عليه في جميع الجنايات دون‬ ‫اس��تثناء‪ ،‬وفي الجنح معاقب عليه إذا‬ ‫ً‬ ‫صراح��ة على ذلك‪ ،‬أما‬ ‫نص القانون‬ ‫المخالف��ات ف��ا عقاب على الش��روع‬ ‫فيه��ا إطاقًا بحس��ب الم��واد ‪-199/‬‬ ‫‪ /201-200‬من قانون العقوبات‪.‬‬ ‫‪ - 7‬من حي��ث التحريض‪ :‬يعاقب‬ ‫على التحري��ض في الجنايات والجنح‬ ‫بمج��رد حصول��ه‪ ،‬وال يعاق��ب عل��ى‬ ‫التحريض ف��ي المخالفات إال إذا لقي‬ ‫قبو ًال بحسب المادة ‪ /217/‬من قانون‬ ‫العقوب��ات‪ ،‬أما التدخل ف��ا يكون إال‬ ‫في الجناي��ات والجنح بحس��ب المادة‬ ‫‪ /218/‬من قانون العقوبات‪.‬‬ ‫‪ - 8‬من حيث وقف تنفيذ العقوبة‪:‬‬ ‫فهو غير جائز في الجنايات وهو جائز‬ ‫في الجنح والمخالفات بحس��ب المادة‬ ‫‪ /168/‬من قانون العقوبات‪.‬‬ ‫‪ - 9‬م��ن حي��ث التق��ادم فم��دة‬ ‫التقادم على الدعوى العامة والعقوبة‬ ‫ه��ي أط��ول ف��ي الجناي��ات منها في‬ ‫الجن��ح والمخالف��ات فم��دة س��قوط‬ ‫الدع��وى العام��ة في الجنايات عش��ر‬ ‫س��نوات‪ ،‬وف��ي الجن��ح ثاث س��نوات‬ ‫وفي المخالفات س��نة واحدة‪ ،‬أما مدة‬ ‫س��قوط العقوبة فهي ‪ 25‬سنة كحدًّ‬ ‫أقصى في الجناي��ات وفي الجنح من‬ ‫‪ 5‬إل��ى ‪ 10‬س��نوات وف��ي المخالفات‬ ‫سنتين‪.‬‬


‫يا أرضنا‪ ..‬شهداؤنا‪ :‬نوصيك بهم خريا‬

‫يا نحــن‬ ‫اإىل اأبناء الأقليات والوعي الأقلوي عامة‪ ،‬واإىل‬ ‫املنا�ســرين للثورة فيهم خا�ســة (واأنا منهم)‬

‫في البادِ‪..‬‬ ‫كان يوم جمعة‪ ،‬وكان كرم الزيتون‬ ‫في المشانق التي تشبه لون‬ ‫البرتقال‪ ...‬وبين أشاء المجزرة‬ ‫نسيّ الطاغيّة آخر طفلة في الكرم‬ ‫تُدعى "مروة"‬ ‫مروة‪:‬‬ ‫هي آخر رصاصّة في بندقيّة‬ ‫الطاغيّة‬ ‫آخر شهقة‪ ،‬آخر نفس‪ ،‬آخر قبلة‪ ،‬آخر‬ ‫لذّة‪..‬‬

‫هي أوّل وصيّة‬ ‫هي كفن الباد‪..‬‬ ‫لمْ تعرّف "مروة" بعد معنى الحريّة‬ ‫أوْ حتّى ما يعني رئيس الباد !‬ ‫ولكنّها تحفظ جيداً أهاجيز الثورة‪،‬‬ ‫وأغنية القاشوش‪ ،‬ولعن روح حافظ و من‬ ‫تبعه أجميعن!‬ ‫مروة هي األمّ‪ ،‬هي العشيقة‪ ،‬هي‬ ‫الصبيّة‪ ،‬هي الطفلة‪ ،‬هي الباد‪ ..‬سوريّة‬ ‫التي تقتل أبنائها‬ ‫عبد اهلل أبازيد‬

‫مشعات احلرية ‪ . .‬معتقلونا‬ ‫املعتقل احلر ح�سني عي�سو‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ناشط وكاتب المستقل من‬ ‫الحسكة‪ 59 ..‬عامًا‪ ،‬اعتقل في ‪-9-3‬‬ ‫‪ 2011‬من قبل المخابرات الجوية‪..‬‬ ‫حسين عيسو ‪..‬الذي ّ‬ ‫شكل بثقافته‬ ‫رابطاً بين مختلف الفعاليات و األطياف‬ ‫في الحسكة و الذي كان قبل الثورة‬ ‫صوتهم الحُر المُطالب بحقوقهم‬ ‫المهضومة و خصوصاً عندما حمل‬ ‫في عام ‪ 2009‬عريضة موقعة من‬ ‫قبل أكثر من ستة وأربعين ألفا من‬ ‫المواطنين في محافظة الحسكة إلى‬ ‫العاصمة دمشق لمطالبة السلطات‬ ‫السورية بإلغاء المرسوم التشريعي رقم\‪ \49‬تاريخ ‪َّ .....2008\09\10‬‬ ‫ظل وفيًا للناس‬ ‫و وقف ثائراً بين الثوّار ‪..‬بالكلمة و الفعل عبر أحاديثه مع الفضائيات العربية و كتاباته‬ ‫و مشاركته بالمظاهرات بالرغم من أن وضعه الصِحّي ليس بالجيد إذ كان قد خضع‬ ‫لعملية جراحية في القلب‪.‬‬ ‫حتى اآلن لم يُعرض حسين عيسو على المحكمة و ترفض السُلطة السورية‬ ‫اإلفراج عنه أو اإلفصاح عن وضعه الصِحّي عِ ْلمًا أن أخباراً مُتنا َق َلة من داخل المعتقات‬ ‫توشي بأنه أصيب بشلل نصفي نتيجة التعذيب‬ ‫الحرية لحسين عيسو‬ ‫الحرية لجميع المعتقلين ‪ ..‬الحرية للوطن‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬

‫التي استشهدت في حمص ‪ -‬حي كرم الزيتون‪ ،‬على يد عصابات الشبيحة واألمن‬ ‫السوري‪...‬‬ ‫تم التمثيل بجسدها الطاهر وفصل رأسها عن جسمها الصغير‪.‬‬

‫يا نحن ‪. .‬‬

‫الطفلة مروة عادل بهاء‬

‫صمتكم لم يعد مقبو ًال أو مبرراً أو مشروعًا‪ ،‬فإما أن نكون أبناء كل‬ ‫سوريا وإما فا سوريا بعد اليوم‪.‬‬ ‫بياناتكم لم تعد تنفع ولن تقدم أو تؤخر‪.‬‬ ‫إنه��ا مجرد فقاعات إعامية يوقع عليه��ا ‪ 100‬أو ‪ 200‬أو ‪ 300‬أو …‬ ‫‪ 1000‬شخص‪ ،‬فهل هذا هو في الحقيقة عدد الذين قرروا أن يقفوا مع‬ ‫الثورة وضد قتل أوالد البلد وأبناء الوطن؟‬ ‫هل يمثل هذا العدد كل الكتلة البشرية لهذه الطائفة أو تلك األقلية !!!‬ ‫وه��ل من وقع وقرر الوقوف ضد المجزرة أصا يُعرّف عن نفس��ه‬ ‫ان��ه ابن الطائف��ة أو المذهب الفان��ي‪ ،‬أم انه على األغلب ش��يوعي‪،‬أو‬ ‫علمان��ي‪،‬أو يس��اري‪ ،‬أو ملح��د‪ ،‬أو يحمل فكرا مدنيًا ويؤم��ن بالمواطنة‪،‬‬ ‫وخارج كل األطر الدينية والطائفية نفسها ؟؟‬ ‫إذاً‪ ،‬كيف يعبر عن الطائفة من كان يقف خارج الطائفة كمعتقد؟‬ ‫والس��ؤال المؤل��م‪ :‬ماذا تفعل بقي��ة الطائف��ة أو األقلية ؟ هل هي‬ ‫موافقة ؟ أم خائفة ؟ في الحالتين‪ ،‬اليوم هي مدانة‪.‬‬ ‫ الضمانات التي تطالبون بها لم تعد ذات أهمية ألن القضية اليوم‬‫أصبحت إنسانية وأخاقية وليست مجرد قضية ضمانات ومقاعد وشكل‬ ‫دولة وغيرها‪ ،‬هل سنطلب ضمانات من شعب يُقتل باسم حمايتنا نحن‬ ‫األقليات ؟ أم نتوجه ونحاسب ونعزل من يقتل باسمنا!؟‬ ‫ال بيان��ات وال تجمعات وال صفح��ات فيس بوك وال أغاني وال حكايات‬ ‫عن الوحدة الوطنية‪ ،‬وكيف أن هناك علويًا أو درزيًا أو مسيحياً أو إسماعيليًا‬ ‫حضر مظاهرة في بابا عمرو أو درعا أو الزبداني‪ ،‬فاآلن في كرم الزيتون‬ ‫وباباعمرو وداعل والزبداني وداريا‪ ،‬أخوة لنا يقتلون باسمنا‪.‬‬ ‫العمل الفوري والس��ريع على األرض هو الش��يء الوحيد المطلوب‬ ‫منكم‪/‬منا اآلن‪.‬‬ ‫رفع الش��رعية وعزل م��ن يقت��ل إخوانكم في الوطن هو الش��يء‬ ‫الوحيد المطلوب اآلن‪.‬‬ ‫انزل��وا م��ن بيوتكن إلى الش��وارع اآلن وفورا‪ ،‬أوقف��وا كل حياتكم‬ ‫الس��خيفة اآلن‪ ،‬أوقفوا كل أحاديثكم الخائفة اآلن‪ ،‬ففي بلدنا هناك من‬ ‫كسر حاجز الخوف منذ سنة كاملة‪.‬‬ ‫أوقفوا اآلن جلساتكم الطويلة الفارغة وافعلوا شيئا اآلن أرجوكم‪.‬‬ ‫الخوف ليس سببا بعد اليوم‪ ،‬ألن روح ابن حمص وابن درعا ليست‬ ‫ارخص من روحك يا ابن األقلية…‪.‬‬ ‫ال أع��رف بالضب��ط ماذا عليك��م أن تفعلوا‪ ،‬لكن عليك��م أن تفعلوا‬ ‫شيئًا وفوراً‬ ‫إن كنتم تعرفون ضابطا يقتل المتظاهرين أو مخبراً أو أي مسؤول‬ ‫فعال بالنظام أو أجهزته (كونك ابن أقلية‪ ،‬وفي كتير ضباط ومسؤولين‬ ‫أكي��د بمحيطك)…‪ .‬افضحوه أو أحرقوا له بيته أو س��يارته أو دكاكينه أو‬ ‫مزرعت��ه… حاصروه واعزلوه واجعلوا الجميع في البلد والضيعة والحارة‬ ‫يفهم انه وحش ومجرم‪.‬‬ ‫فك��ر واصرخ واجع��ل من حولك يفك��رون ويصرخ��ون‪ ،‬إن وجودنا‬ ‫في س��وريا‪ ،‬وجود تاريخي وهي في وجداننا كما نحن في وجدانها‪ ،‬ولم‬ ‫يتعلق بأسرة أو حكم مطلقا‪ ،‬وأننا اآلن نراهن على كل هذا‪.‬‬ ‫الضغ��ط على أبنائكم وعائاتكم وأقربائك��م وقراكم وحتى حرق‬ ‫أنفس��كم ف��ي الس��احات العامة ه��و من األش��ياء التي ق��د تجعل باقي‬ ‫السوريين يفكرون بإعادة النظر في األخوة في الوطن معكم‪.‬‬ ‫كل ما يمكن أن تفعلوه اليوم‪ ،‬هو متأخر ‪ 6‬أش��هر على األقل ان لم‬ ‫نقل عاما كاما‪.‬‬ ‫كل ما يمكن أن تفعلوه اليوم هو واجبكم وليس منة على احد‪.‬‬ ‫كل ما يمكن أن تفعلوه اليوم هو الضمان الوحيد لنكمل الحياة في‬ ‫هذا البلد سويةً‪.‬‬ ‫كل صم��ت اليوم هو مدان‪ ،‬ويقول ش��يئا واحدا‪ :‬أنكم ال تريدون أن‬ ‫نكون كلنا مواطنين أحرار ومتساوين أمام القانون‪ ،‬فأما أن تعيشوا في‬ ‫س��وريا أسيادا وضباطا وعناصر أمن تخيف وتذل اآلخرين‪ ،‬أو أن تعيشوا‬ ‫تح��ت حماي��ة أقلية تمارس العنصري��ة تجاه األقليات األخ��رى تماما كما‬ ‫تمارسه مع األغلبية‪ ،‬أو أن تحرقوا سوريا بمن فيها‪.‬‬ ‫النظام يستغل الطائفة العلوية واألقليات ويركب عليهم‪ ،‬نعم هذا‬ ‫الكام كان مفهوما‪ ..‬لكن اليوم لم يعد كذلك‪.‬‬ ‫الي��وم علينا أن نتوحد كلنا ونحرر س��وريا من ه��ذا النظام األقلوي‬ ‫الفاشي‪.‬‬ ‫بعده��ا قد نختلف كثيرا لكن المهم اليوم أن نحافظ على إنس��انية‬ ‫اإلنس��ان الس��وري في كل س��وريا‪ ،‬وأن نوق��ف الموت ع��ن التجول في‬ ‫شوارع بادنا وأحام أطفالنا‪.‬‬ ‫عن مدونة كبريت‬

‫‪11‬‬


‫فار�س املدينة بني �سلميتها وع�سكرتها‬ ‫رزان زيتونة‬

‫مدن الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫حال��ه كح��ال معظ��م النش��طاء‬ ‫الذي��ن باغته��م واق��ع ارتف��اع وتيرة‬ ‫عس��كرة الثورة‪ ،‬كان فارس يوقعني‬ ‫ف��ي حيرة م��ن أمري‪ ،‬ما بي��ن إظهار‬ ‫لهف��ة وتأييد للجيش الح��ر‪ ،‬وما بين‬ ‫انحيازه الذي اس��تمر ش��هوراً طويلة‪،‬‬ ‫لسلمية الثورة‪.‬‬ ‫في لحظ��ات‪ ،‬تب��دو الكف��ة وقد‬ ‫رجح��ت لديه‪ ،‬خاصة عند الحديث عن‬ ‫محاولة إجتي��اح مدينته الزبداني في‬ ‫ريف دمش��ق مؤخ��راً‪ ،‬ونجاح ش��باب‬ ‫الجيش الحر بصد الهجوم‪.‬‬ ‫ف��ارس ممث��ل تنس��يقية “ثورة‬ ‫الزبدان��ي وم��ا حوله��ا” ف��ي لج��ان‬ ‫التنس��يق المحلي��ة”‪ ،‬خري��ج كلي��ة‬ ‫اإلع��ام والصحاف��ة‪ .‬كان م��ن بي��ن‬ ‫األوائ��ل مم��ن نزلوا إلى الش��ارع في‬ ‫مدينت��ه‪“ ،‬في الوقت ال��ذي كانت فيه‬ ‫الطبق��ة المثقف��ة أو ذات التحصي��ل‬ ‫العلم��ي‪ ،‬ال تزال بعيدة عن االنخراط‬ ‫في الثورة في منطقتي لألسف” كما‬ ‫يقول‪.‬‬ ‫ونتيج��ة مش��اركته الفاعلة منذ‬ ‫البداي��ة‪ ،‬وقيام��ه بالتصوير والنش��ر‬ ‫والحش��د للمظاه��رات‪ ،‬أصب��ح م��ن‬ ‫اش��د المطلوبين‪ ،‬م��ا أدى إلى غيابه‬ ‫عن منزله لمدة أربعة أش��هر ونصف‬ ‫تجنباً لإلعتقال‪ ،‬من غير أن يغيب عن‬ ‫النشاط والتظاهر بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫اليوم يقول فارس أنه يس��تطيع‬ ‫الن��وم ف��ي منزل��ه‪“ ،‬ألن هن��اك من‬ ‫يق��ف في الخط��وط األمامية ويحمي‬ ‫المدينة”‪.‬‬ ‫تخطر في ذهني لدى قوله هذا‪،‬‬ ‫عشرات العائات التي اضطرت للنزوح‬ ‫من منازلها في الغوطتين الش��رقية‬ ‫والغربية‪ ،‬حي��ث يتواجد الجيش الحر‬ ‫ويخ��وض معارك عنيف��ة مع النظام‪.‬‬ ‫لكني ال أقاطع استرساله…‬ ‫”ب��دأ العم��ل العس��كري ف��ي‬ ‫الزبداني من خال أشخاص يملكون‬ ‫الس��اح أص�� ً‬ ‫ا كونهم يعيش��ون في‬ ‫منطق��ة ريفي��ة حدودي��ة‪ ،‬بعضه��م‬ ‫يعم��ل في التهري��ب‪ ،‬تهري��ب المواد‬ ‫الغذائي��ة والكهربائي��ات‪ ،‬وه��ؤالء‬ ‫لديهم قضايا مع الدولة”‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬يقول فارس‪ ،‬تخوف‬ ‫األهال��ي من انضمام هذه الش��ريحة‬ ‫ً‬ ‫خاصة أن مهنة التهريب‬ ‫إلى الحراك‪،‬‬ ‫فرض��ت عليه��م التعامل م��ع أجهزة‬ ‫األم��ن وفتح قنوات م��ع هذه األجهزة‬ ‫من خال عملي��ات التهريب التي تتم‬ ‫عبر دفع الرشاوى‪.‬‬ ‫“ف��ي فت��رة الحق��ة وم��ع زي��ادة‬

‫شراس��ة الحمات األمنية والعسكرية‬ ‫الت��ي يش��نها النظ��ام عل��ى المدينة‬ ‫وارتفاع ع��دد المعتقلين إلى ما يزيد‬ ‫ع��ن ‪ 500‬معتقل فض�� ً‬ ‫ا عن عمليات‬ ‫التنكيل المس��تمرة واستهداف كرامة‬ ‫األهال��ي‪ ،‬إنض��م ألولئ��ك بع��ض‬ ‫النشطاء الذين كان لديهم اإلستعداد‬ ‫لحمل الس��اح والدفاع عن المدنيين‪،‬‬ ‫وهم في معظمه��م ممن ال يحملون‬ ‫ش��هادات علمي��ة‪ .‬وهكذا ب��دأت تلك‬ ‫المجموع��ات المنظم��ة بالظه��ور‬ ‫وأصبحت أمراً واقعًا”‪.‬‬ ‫ل��م يخ��ل األم��ر م��ن كثي��ر من‬ ‫الس��لبيات في البداية‪ .‬داخل صفوف‬ ‫المس��لحين كان هن��اك م��ن ارتك��ب‬ ‫الخيانات وتس��بب في اإليقاع بالعديد‬ ‫من الناشطين والمس��لحين على حد‬ ‫س��واء‪ .‬لكن األمور ب��دأت باإلنضباط‬ ‫بعد ذلك على حد وصف فارس‪.‬‬ ‫ف��ي أول ش��هر س��بتمبر ‪،2011‬‬ ‫إس��تخدم الساح للمرة األولى للدفاع‬ ‫عن المتظاهرين‪ ،‬حين بادرت دورية‬ ‫أمني��ة إلطاق الن��ار عل��ى مظاهرة‬ ‫س��لمية‪ ،‬ف��رد ش��باب الجي��ش الح��ر‬ ‫بالمثل‪ ،‬م��ا أدى إلى اندح��ار الدورية‬ ‫وإكمال المظاه��رة‪ ،‬وبطبيعة الحال‪،‬‬ ‫اإلحساس بنشوة “النصر”‪.‬‬ ‫ه��ذا الواق��ع‪ ،‬ش��جع م��ن لدي��ه‬ ‫اس��تعداد لحم��ل الس��اح لإلنضمام‬ ‫إل��ى الجي��ش الح��ر‪ ،‬وش��جع الجن��ود‬ ‫المتعاطفي��ن م��ع الث��ورة عل��ى‬ ‫اإلنش��قاق باعتب��ار أصبح��ت هن��اك‬ ‫إمكانية الحتضانهم وتأمين نوع من‬ ‫الحماية لهم‪.‬‬ ‫“العم��ل المس��لح أصب��ح أم��راً‬ ‫واقعًا‪ ،‬والحراك الس��لمي ال يستطيع‬ ‫الس��يطرة عليه‪ .‬هؤالء حملوا الساح‬ ‫بداية للدفاع عن أنفسهم ثم للدفاع‬ ‫عن��ا عندم��ا ازدادت أعدادهم” يقول‬ ‫فارس‪.‬‬

‫وكانت النقطة الفاصلة يوم بدء‬ ‫إضراب الكرامة حيث وعد المسلحون‬ ‫أصح��اب المح��ال التجاري��ة بحماي��ة‬ ‫ممتلكاته��م م��ن بطش األم��ن أثناء‬ ‫محاولة فك اإلضراب‪ ،‬وهذا ماحصل‪.‬‬ ‫قبي��ل إقتح��ام المدين��ة‪ ،‬يقول‬ ‫ف��ارس أن الش��باب كان��وا يتوقعونه‬ ‫ويس��تعدون له منذ نحو أس��بوعين‪.‬‬ ‫فقاموا بتحصينه��ا بالحواجز الترابية‬ ‫من مداخلها األربعة‪ ،‬وزرعوا القنابل‬ ‫على طريق مرور اآلليات العسكرية‪،‬‬ ‫ويصف فارس قلة العتاد لدى ش��باب‬ ‫الجيش الحر‪ ،‬حيث إعتمدوا على مواد‬ ‫أولية وبدائية جداً‪ ،‬واألهم أنها تتوافر‬ ‫في محيطه��م‪ ،‬لصناعة تلك القنابل‬ ‫وبالتالي إس��تخدام س��اح ذو تصنيع‬ ‫محلي في وجه آلة القمع الهمجية‪.‬‬ ‫“هن��اك م��ن بق��ي خمس��ة أيام‬ ‫عل��ى خ��ط الن��ار ف��ي درجة ح��رارة‬ ‫ثمانية تح��ت الصفر‪ ،‬لدرج��ة أنه إذا‬ ‫أراد الضغط على الزناد خانه إصبعه‬ ‫المتجمد”‪.‬‬ ‫صمد الجي��ش الحر في المعركة‬ ‫وكبّد جيش األسد خسائر فادحة كما‬ ‫يق��ول أهل المدينة‪ ،‬مم��ا دفع جيش‬ ‫النظ��ام إل��ى اإلنس��حاب‪ .‬وكان ذلك‬ ‫بمثابة دفعة كبيرة لمعنويات الجيش‬ ‫الحر وتعلق الناس به‪.‬‬ ‫“ال يوجد أي دعم للتسليح‪ ،‬مررت‬ ‫بمس��لحين لم يكن ل��دى أحدهم إال‬ ‫أرب��ع رصاصات ين��وي الدفاع بها عن‬ ‫حارت��ه ث��م اله��رب أو الم��وت‪ .‬لكن��ه‬ ‫جي��ش محتضن م��ن قب��ل األهالي‪،‬‬ ‫وه��ي منطقته��م يعرفونه��ا ش��براً‬ ‫ش��براً‪ ،‬فض ً‬ ‫ا عن أنهم يدافعون عن‬ ‫قضية وطن وكرام��ة‪ ،‬ولديهم إيمان‬ ‫وعقيدة‪ .‬بينما جي��ش النظام يتآكله‬ ‫الخوف‪ ،‬يدافعون عن شخص‪ ،‬وكثير‬ ‫منهم متعاطف��ون مع الثورة حتى أن‬ ‫بعضهم كانوا يمتنعون عن التصويب‬

‫على المدينة” يقول فارس‪.‬‬ ‫ويتاب��ع “أدرك أن جيش النظام‬ ‫غير عاجز إذا أراد عن اقتحام المدينة‪،‬‬ ‫ب��كل م��ا يمل��ك م��ن وس��ائل القوة‬ ‫والوحش��ية‪ ،‬وأدرك أيض��ًا التعقيدات‬ ‫المحتمل��ة لحمل الس��اح على المدى‬ ‫البعي��د‪ ،‬لكن ه��ذا أصبح أم��راً واقعًا‬ ‫يجب التعامل معه وليس تجاهله”‪.‬‬ ‫وه��و ي��رى أن الطريق��ة الت��ي‬ ‫“نق��دم” به��ا الجي��ش الح��ر‪ ،‬لها دور‬ ‫كبير ف��ي التأثير على أدائه الحقيقي‬ ‫عل��ى أرض الواقع‪ ،‬من حي��ث تعزيز‬ ‫صورة اإلنضباط وتجنب الممارس��ات‬ ‫الس��لبية‪“ ،‬فبق��در م��ا نق��دم صورة‬ ‫إيجابي��ة ع��ن الجيش الح��ر وما يجب‬ ‫أن يكون عليه‪ ،‬بقدر ما ينعكس ذلك‬ ‫في سلوك أفراده‪ ،‬فض ً‬ ‫ا عن النشاط‬ ‫المدني الموازي”‪.‬‬ ‫ل��م أس��أل ف��ارس ع��ن طبيعة‬ ‫“النشاط المدني الموازي” المطلوب‪،‬‬ ‫كلن��ا يع��رف أن ارتف��اع ح��دة العنف‬ ‫الهمج��ي الممارس م��ن قبل النظام‪،‬‬ ‫ب��ات يطغ��ى عل��ى جمي��ع األص��وات‬ ‫األخ��رى‪ .‬كم��ا أن رأي��ه بالمجل��س‬ ‫المحلي الذي تشكل مؤخراً في مدينة‬ ‫الزبدان��ي ل��م يك��ن إيجابيًا ألس��باب‬ ‫عديدة‪ .‬منها أنه صنيعة أفراد وليس‬ ‫نتاج عمل مشترك على حد قوله‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فما يصفه فارس من‬ ‫تعاض��د األهال��ي جميعه��م مدنيين‬ ‫وعس��كريين‪ ،‬ف��ي مهم��ة تس��يير‬ ‫أمور المدينة المه��ددة باإلجتياح من‬ ‫جديد‪ ،‬يعكس صورة أفضل مما هي‬ ‫عليه في مناطق أخ��رى كثيرة‪ .‬حتى‬ ‫لينطبق عليها وص��ف إحدى الافتات‬ ‫الت��ي رفعها ف��ارس ورفاق��ه مؤخراً‬ ‫تحية لحلب المنتفضة “ياحلب… العز‬ ‫بيلبقل��ك”… ويا زبدان��ي… الحرية‬ ‫بتلبقلك…‬

‫هيئة التحرير ‪ -‬الناشرون‪:‬‬ ‫جواد أبو المنى حمزة الجندلي حنين اليوسف خالد كنفاني ســعاد يوسـف‬ ‫سلمى الخطيب غسان فارس ليلى السمان ماريا الحداد ياسر مرزوق‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪www.facebook.com/pages/Souriatna :‬‬ ‫‪ souriatna.wordpress.com‬للمراسالت‪souriatna@gmail.com :‬‬ ‫نرحب بكل المساهمات والمشاركات‪ ،‬بعد مراجعتها وخضوعها لشروط النشر‬


‫صالح القاب‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫مارقة مدفوعة من الخارج يتمس��ك به‬ ‫ويصر على بقائه‪ ،‬ليس لعامين أو أكثر‬ ‫أو أق��ل وإنما لألبد‪ ،‬وله��ذا فإن التنحي‬ ‫بالنس��بة إليه غي��ر وارد على اإلطاق‪،‬‬ ‫وإنه س��يبقى يرف��ع من وتي��رة العنف‬ ‫واس��تخدام الق��وة الغاش��مة إلى حين‬ ‫اس��تتباب األمور له كما استتبت لوالده‬ ‫بع��د مذبحة «حماه» الش��هيرة في عام‬ ‫‪.1982‬‬ ‫ث��م إن المجموع��ة المحيط��ة ب��ه‬ ‫م��ن أبن��اء األعم��ام واألخ��وال وم��ن‬ ‫الذي��ن أورث��ه إياه��م والده ال��ذي كان‬ ‫ركب معادلة الحك��م حتى طائفيا على‬ ‫أس��اس أن يبقى ف��ي عائلته إلى األبد‪،‬‬ ‫ال يمكن أن تقبل بإعطاء فاروق الشرع‬ ‫وال مس��ؤولية واحدة من المس��ؤوليات‬ ‫الرئاس��ية‪ ،‬ألنه��م يعرف��ون أن خطوة‬ ‫كه��ذه س��تؤدي إل��ى ارتف��اع معنويات‬ ‫الثائري��ن ضد نظامهم‪ ،‬وأنها س��تؤدي‬ ‫إلى قفز كثيرين من كبار المس��ؤولين‬ ‫من س��فينة قد بدأت بالغرق‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإن كل هذا سيؤدي إلى انهيار النظام‬ ‫وفي فت��رة قريبة لن تزيد في أحس��ن‬ ‫األحوال عن شهور قليلة‪.‬‬ ‫ربما يكون هناك انقاب ضد بشار‬ ‫األس��د وبعض أقرب المقربين إليه من‬ ‫قب��ل بعض الضباط الذي��ن أصبحوا ال‬ ‫يجدون ما يحافظون به على مواقفهم‬ ‫إال القي��ام بحرك��ة التفافي��ة س��ريعة‬ ‫والتضحي��ة بالرئيس وبع��ض أعوانه‪،‬‬ ‫أما أن يبادر هذا الرئيس طوعا وبقرار‬ ‫ذات��ي بالتخلي عن مواقع المس��ؤولية‪،‬‬ ‫وهذا في حقيقة األمر غير متوقع على‬ ‫اإلطاق‪ ،‬فإنه حتى شقيقه ماهر األسد‬ ‫ومع��ه أكثر المتنفذين ف��ي المجموعة‬ ‫وم��ن وراء ه��ؤالء كله��م إي��ران‪ ،‬التي‬ ‫تعتب��ر أن هذه المعرك��ة هي معركتها‬ ‫ومعركة مش��اريع اإلقليم المستقبلي‪،‬‬ ‫ال يمكن أن يس��محوا له بهذا وحتى إن‬ ‫اضط��روا للتخل��ص من��ه بطريقة من‬ ‫الطرق االس��تخباراتية الت��ي يتقنونها‬ ‫أيم��ا إتق��ان‪ ،‬وعندها س��تكون التهمة‬ ‫جاه��زة وهي س��تلصق بالطبع بعماء‬ ‫الغرب والوالي��ات المتح��دة و«الرجعية‬

‫العربية»!!‬ ‫إن هذا هو واقع الحال وذلك مع أن‬ ‫بشار األس��د لو أنه تخلص من أوهامه‬ ‫ومن ضغ��ط المحيطين ب��ه وبعضهم‬ ‫بالطب��ع م��ن أبن��اء عائلت��ه القريب��ة‪،‬‬ ‫وأخ��ذ العبرة م��ن تجارب غي��ره‪ ،‬لوجد‬ ‫أن الرئي��س العراقي صدام حس��ين ما‬ ‫كان من الممكن أن ينتهي تلك النهاية‬ ‫البائس��ة لو أنه «لم يركب رأسه» ولم‬ ‫يرف��ض العرض ال��ذي تقدم ب��ه إليه‬ ‫الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمنحه‬ ‫اللجوء السياس��ي والحماية الكاملة في‬ ‫دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬ولو أنه‬ ‫ل��م يحلق في األوهام بعيدا ويس��يطر‬ ‫عليه هاج��س أن بإمكانه تكرار تجربة‬ ‫جم��ال عب��د الناص��ر ف��ي ح��رب قن��اة‬ ‫الس��ويس التي خرج منها زعيما عربيا‬ ‫كبيرا م��ع أنه كان للرئي��س األميركي‬ ‫األس��بق أيزنهاور دور ال يمكن التقليل‬ ‫من��ه ف��ي دح��ر «الع��دوان الثاث��ي»‪:‬‬ ‫إسرائيل وبريطانيا وفرنسا‪ ،‬وأيضا مع‬ ‫عدم إغفال دور االتحاد السوفياتي‪.‬‬ ‫إنه على بشار األسد إذا كان يملك‬ ‫ول��و القلي��ل م��ن ق��رار تقري��ر مصير‬ ‫نفسه ومصير عائلته الصغيرة‪ ،‬زوجته‬ ‫وأوالده الصغ��ار‪ ،‬أن يأخ��ذ العبرة أيضا‬ ‫م��ن النهاي��ة التي انته��ى إليه��ا «األخ‬ ‫قائ��د الث��ور» وه��ي نهاية ج��اءت أكثر‬ ‫مأس��اوية م��ن نهاي��ة صدام حس��ين‪،‬‬ ‫فالقذافي الذي كان يطلق على نفس��ه‬ ‫لقب ملك ملوك أفريقيا كان قد رفض‬ ‫عرضا س��خيا عرضه علي��ه كبار القادة‬ ‫األفريقيي��ن عندم��ا ج��اءوا إلي��ه ف��ي‬ ‫طرابلس في بدايات الثورة ضده وضد‬ ‫نظامه «الجماهي��ري»‪ ،‬وكانت النتيجة‬ ‫تلك النهاية المفزعة التي تجسدت في‬ ‫تلك الصور المرعبة التي تناقلتها صور‬ ‫فضائيات العالم كله‪.‬‬ ‫ث��م ه��ذه ليس��ت نصيح��ة وإنم��ا‬ ‫مجرد اس��تذكار لعب��ر التاريخ وأحداثه‪،‬‬ ‫ف��إن المفت��رض أن بش��ار األس��د وقد‬ ‫أصب��ح بق��درة ق��ادر عضوا ف��ي نادي‬ ‫الرؤساء الس��وريين وما أكثرهم‪ ،‬وهو‬

‫اآلن معل��ق من رموش عيني��ه وهدير‬ ‫الثوار يقت��رب من قصره ف��ي منطقة‬ ‫المهاجرين في دمش��ق‪ ،‬وجيشه يتث ّلم‬ ‫عل��ى ه��ذا النح��و‪ ،‬إن الرئي��س أدي��ب‬ ‫الشيش��كلي ال��ذي س��بقه بنحو نصف‬ ‫ق��رن قد ب��ادر إل��ى التنح��ي والرحيل‪،‬‬ ‫وكان ذل��ك في عام ‪ 1954‬عندما أصبح‬ ‫الخيار إما المغادرة وإما العناد والتمسك‬ ‫بالحكم وترك سوريا تغرق في التمزق‬ ‫واالنقسام والحرب األهلية المدمرة‪.‬‬ ‫كان أدي��ب الشيش��كلي ضابط��ا‬ ‫فعليا تقلد بعض أوس��مته لمش��اركته‬ ‫في حرب مواجهة إنش��اء دولة إسرائيل‬ ‫في فلسطين‪ ،‬وليس ضابطا مصطنعا‬ ‫تسلم رتبه وأوسمته خال ساعة واحدة‬ ‫فق��ط‪ ،‬وكان أيضا قد بق��ي في مواقع‬ ‫المس��ؤولية العليا منذ انقاب الحناوي‬ ‫عل��ى حس��ني الزعيم وإل��ى أن فرض‬ ‫نفس��ه على كل أط��راف معادلة مراكز‬ ‫القوى وأصبح رئيسا للجمهورية‪ ،‬لكنه‬ ‫مع كل ذلك قد اختار التنحي والمغادرة‬ ‫إل��ى البرازي��ل الت��ي بق��ي فيه��ا حتى‬ ‫اغتيال��ه ف��ي ع��ام ‪ 1964‬عل��ى خلفية‬ ‫اس��تهدافه للطائفة الدرزي��ة في جبل‬ ‫العرب نتيج��ة انحي��ازات إقليمية كانت‬ ‫قد س��ادت المنطقة في تل��ك المرحلة‬ ‫المتقدم��ة كانعكاس للعب��ة األمم بعد‬ ‫الحرب العالمية الثانية‪.‬‬ ‫إنه��ا ليس��ت نصيح��ة ولك��ن وقد‬ ‫أصبح��ت س��وريا تقت��رب م��ن الح��رب‬ ‫األهلية المدمرة‪ ،‬وأصبح من المؤكد أن‬ ‫مصير هذا النظام هو الزوال مهما حاول‬ ‫أصحاب��ه الس��باحة ضد التي��ار وتأجيل‬ ‫لحظ��ة الحقيقة بقدر اإلم��كان‪ ،‬أليس‬ ‫م��ن األفضل للرئيس األس��د أن يختار‬ ‫م��ا كان اخت��اره أدي��ب الشيش��كلي مع‬ ‫فارق أن هذا األخي��ر قد اختار البرازيل‬ ‫كمنفى بعي��د ووراء بحور الظلمات من‬ ‫دون أي ضمانات بالنسبة لحياته‪ ،‬بينما‬ ‫هناك م��ن يعرضون على بش��ار مأمنا‬ ‫له وألطفال��ه ولعائلته بضمانات دولية‬ ‫فعلية وحقيقية‪.‬‬ ‫جري��دة الغ��د األردني��ة | ‪2012 / 2 / 8‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كث��ر الحديث قب��ل اجتماع مجلس‬ ‫األم��ن الدول��ي األخير وبع��د ذلك‪ ،‬عن‬ ‫ترتيب��ات ج��رى البح��ث فيه��ا «جدي��اً»‬ ‫م��ن قب��ل المجموعة الحاكمة إلرس��ال‬ ‫بش��ار األس��د إل��ى المنفى بع��د تنحيه‬ ‫كمخرج لهذا النظام من أزمته الداخلية‬ ‫الطاحنة‪ ،‬ولعل ما ع��زز هذه التكهنات‬ ‫واالس��تنتاجات أن وكال��ة «رويت��رز»‬ ‫ق��د نقلت ي��وم الخمي��س الماضي عن‬ ‫غربيين أن الواليات المتحدة وحكومات‬ ‫أوروبي��ة ودوال عربي��ة قد ب��دأت ببحث‬ ‫خروج الرئيس الس��وري إل��ى المنفى‪،‬‬ ‫وأن هناك ث��اث دول مقترحة‪ ،‬وعاوة‬ ‫عل��ى ه��ذا فإن��ه نس��ب إل��ى الرئيس‬ ‫التركي عب��د اهلل غل أنه قال‪ :‬إن باده‬ ‫قد تفكر بمنح اللجوء لألسد ولعائلته‪.‬‬ ‫وفي ه��ذا االتجاه ذاته نس��ب إلى‬ ‫مص��ادر غربية ل��م تجر تس��ميتها‪ ،‬أن‬ ‫اتفاق��ا جرى بي��ن األميركيين والروس‬ ‫قب��ل جلس��ة مجل��س األم��ن األخيرة‪،‬‬ ‫الت��ي اس��تخدمت فيها كل من روس��يا‬ ‫والصي��ن حق النق��ض «الفيت��و» ضد‬ ‫المش��روع العرب��ي المدع��وم من قبل‬ ‫األميركيين واألوروبيي��ن ودول أخرى‪،‬‬ ‫عل��ى أن تتقدم األعض��اء في المجلس‬ ‫باقتراح وهي تعرف س��لفا أنه سيواجه‬ ‫باالعتراض الروسي والصيني وفقا لما‬ ‫ح��دث بالفعل‪ ،‬إلعطاء موس��كو فرصة‬ ‫إلقناع القيادة السورية لتنفيذ المبادرة‬ ‫كامل��ة بم��ا ف��ي ذل��ك البن��د المتعلق‬ ‫بتس��ليم الس��لطة إلى نائ��ب الرئيس‬ ‫الس��وري وفق��ا للخط��ة الخليجي��ة في‬ ‫اليمن‪ ،‬وعلى أس��اس أنه إذا فشل هذا‬ ‫االقتراح فإن واش��نطن ستعاود عرض‬ ‫مش��روع الق��رار عل��ى مجل��س األمن‬ ‫وعل��ى أن يلتزم الروس مس��بقا بعدم‬ ‫التصويت ضده‪.‬‬ ‫وحقيق��ة أن��ه م��ن غي��ر الممكن‬ ‫أن تص��ل أالعي��ب األمم إلى ه��ذا الحد‬ ‫المكش��وف وعل��ى رؤوس األش��هاد‪،‬‬ ‫والدليل أن متحدثا باسم البيت األبيض‬ ‫قد نفى ه��ذه المعلومات وقال إن هذه‬ ‫التقاري��ر غي��ر صحيح��ة وإن موق��ف‬ ‫المندوبة األميركي��ة في مجلس األمن‬ ‫واضح «للغاية»‪ ،‬وإنه ال يوجد أي شيء‬ ‫غي��ر معلن‪ ،‬وكل ه��ذا ومع ذلك فإن ما‬ ‫فيها أنه��ا «مصادر غربي��ة» قد أصرت‬ ‫على أن إرسال روس��يا لوزير خارجيتها‬ ‫ورئيس استخباراتها إلى دمشق يوحي‬ ‫بأن الروس ينوون الضغط على األس��د‬ ‫لتنفي��ذ المبادرة العربية ب��كل بنودها‬ ‫بما في ذل��ك تنحيه عن الحكم ورحيله‬ ‫عن مواقع المسؤولية‪.‬‬ ‫وهن��ا وعل��ى افت��راض أن ه��ذه‬ ‫التقديرات والتسريبات صحيحة‪ ،‬وأغلب‬ ‫الظ��ن أنها غي��ر صحيح��ة وأن أكثر ما‬ ‫يمك��ن أن تطال��ب به موس��كو القيادة‬ ‫الس��ورية هو إجراء بع��ض اإلصاحات‬ ‫التجميلي��ة لي��س إال‪ ،‬ف��إن المش��كلة‬ ‫تكمن في الرئيس السوري نفسه وفي‬ ‫المجموع��ة المحيط��ة به الت��ي بيدها‬ ‫مقاليد األمور كلها‪ ،‬فبشار األسد حسب‬ ‫الذين يعرفونه عن قرب ال يزال يعتقد‬ ‫أن الشعب السوري كله باستثناء حفنة‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫ب�سار الأ�سد‪ :‬اإما تنحية على طريقة «ال�سي�سكلي»‬ ‫اأو تنحية بالقوة!!‬

‫‪13‬‬


‫عبد الرحمن ال�سهبندر (‪)1940 - 1879‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬

‫ه��و اب��ن الس��يد صالح الش��هبندر‬ ‫وعائلة الشهبندر عائلة عريقة منتشرة‬ ‫ف��ي س��وريا والع��راق‪ ،‬ولد في دمش��ق‬ ‫في ‪ 6‬تش��رين الثاني عام ‪ 1879‬وتلقى‬ ‫علومه االبتدائية في مدارسها‪ ،‬ثم دخل‬ ‫الجامعة األمريكية في بيروت ونال عام‬ ‫‪ 1901‬ش��هادتها العلمية‪ ،‬وكان الخطيب‬ ‫السنوي للجمعية العلمية العربية وألقى‬ ‫ف��ي قاعة الجامع��ة خطاباً ف��ي التقليد‬ ‫االجتماع��ي والدين��ي حم��ل في��ه على‬ ‫الجمود بأنواعه ً‬ ‫حملة ش��عواء وعاد إلى‬ ‫دمشق فانضم عضواً عام ًا إلى الحلقة‬ ‫اإلصاحية التي كان على رأسها العامة‬ ‫طاهر الجزائ��ري وبنا ًء عل��ى التطورات‬ ‫االجتماعية والسياس��ية آنئذ في الباد‪،‬‬ ‫اقتيد الشهبندر على إثرها إلى المحاكم‬ ‫بتهمة أنه أحد الذين اشتركوا في تأليف‬ ‫رسالة موضوعها الفقه والتصوف وبأنه‬ ‫أح��د اللذي��ن كتب��وا ف��ي المقط��م في‬ ‫موض��وع خافة الس��لطان عب��د الحميد‬ ‫الثاني إال أن صغر سنه يومئذ أنقذه من‬ ‫السجن وربما من الموت‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1902‬ع��اد إل��ى الجامع��ة‬ ‫األمريكية وعكف على دراسة الطب مدة‬ ‫أرب��ع س��نوات وفي ختام ه��ذه المدة أي‬ ‫ع��ام ‪ 1906‬نال درجة امتي��از في الطب‬ ‫وكان أول س��وري يحصل هذه الدرجة‪،‬‬ ‫وكان خطيب الس��نة أيضاً فألقى خطابًا‬ ‫علمي��ًا صرفًا موضوعه التس��اهل حمل‬ ‫فيه على التعصب ً‬ ‫حملة مماثلة لحملته‬ ‫عل��ى التقليد حت��ى أن الش��هيدين عبد‬ ‫الوه��اب اإلنكلي��زي وش��كري العس��لي‬ ‫قصدا خصيصًا إلى بيروت لس��ماع هذه‬ ‫الخطبة‪.‬‬ ‫عام ‪ 1908‬عاد إلى دمشق واتصل‬ ‫بالش��يخ عبد الحميد الزهراوي وبأحرار‬ ‫الترك إث��ر حدوث االنقاب العثماني في‬ ‫تموز من تلك الس��نة وكان له دور كبير‬ ‫في تأسيس الجمعيات العربية الحرة في‬ ‫دمش��ق وما أن تبين ل��ه أن في برنامج‬ ‫االتحاديي��ن محاول��ة لتتري��ك العناصر‬ ‫العربية حت��ى انفصل عنها وعكف على‬ ‫المطالبة بحقوق العرب القومية‪.‬‬ ‫ولما اندلعت الحرب العالمية األولى‬

‫أراد العرب تناسي الماضي والتعاون مع‬ ‫األتراك لك��ن االتحاديين لم يقدروا هذا‬ ‫الموق��ف وعم��دوا إلى سياس��ة البطش‬ ‫والتنكي��ل بأحراره��م وكادت تعل��ق‬ ‫مشنقة الشهبندر لوال فراره إلى العراق‬ ‫ومنه إلى الهن��د فمصر‪ ،‬وفي مصر أدى‬ ‫للقضية العربي��ة خدماتٍ جليلة وحارب‬ ‫تصرف��ات جم��ال باش��ا الس��فاح وزي��ر‬ ‫البحرية وقائد الجي��ش العثماني الرابع‬ ‫ً‬ ‫محارب��ة ش��ديدة وبن��ا ًء على مس��اعيه‬ ‫مع س��تة من إخوانه الس��وريين قطعت‬ ‫بريطاني��ا لهم عه��داً أطل��ق عليه عهد‬ ‫السبعة وهو يقضي بأن كل باد عربية‬ ‫يفتحه��ا الجي��ش العربي تبق��ى عربية‬ ‫مس��تقلة‪ ،‬وقد نش��ر كولونيل لورنس‬ ‫هذا العه��د في جريدة التايم��ز اللندنية‬ ‫عقب دخول الجيش العربي سوريا‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1919‬ع��اد الش��هبندر إل��ى‬ ‫دمش��ق وهي��أ م��ع رفاق��ه م��ن مختلف‬ ‫التي��ارات الحملة الهادف��ة إلظهار الباد‬ ‫أمام لجنة االستفتاء األمريكية بالمظهر‬ ‫واس��تقال‬ ‫ال��ذي تنش��ده م��ن حري��ةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تام ومن��ذ ذل��ك الحين انعق��دت أواصر‬ ‫الصداق��ة بين��ه وبي��ن المس��تر كراين‬ ‫رئيس اللجنة المذكورة‪.‬‬ ‫في أي��ار م��ن ع��ام ‪ 1920‬وعندما‬ ‫تألف��ت وزارة هاش��م األتاس��ي والت��ي‬ ‫سميت بوزارة الدفاع عهد إلى الشهبندر‬ ‫بوزارة الخارجية وبعد معركة ميس��لون‬ ‫اضطر الش��هبندر لمغ��ادرة الب��اد مر ًة‬ ‫ً‬ ‫ثانية إلى مصر‪ ،‬وعندما عاد عام ‪1921‬‬ ‫أخ��ذ ف��ي تنظي��م األعم��ال السياس��ية‬ ‫لمقاوم��ة االحتال الفرنس��ي ثم انتهز‬ ‫فرصة زيارة المستر كراين لدمشق في‬ ‫أول نيس��ان عام ‪ 1922‬فأحدث باالتفاق‬ ‫م��ع صديقي��ه حس��ن الحكي��م وس��عيد‬ ‫حي��در وغيرهما من الوطنيي��ن الحادثة‬ ‫المعروفة باس��م حادثة المس��تر كرين‬ ‫والت��ي انته��ت بالحك��م عليهم��ا وعلى‬ ‫بعض رفاقهما باالعتق��ال مدداً تتراوح‬ ‫بين الخمس س��نوات والعش��رين سنة‪،‬‬ ‫وكانت العش��رين من نصيب الشهبندر‬ ‫الذي نف��ي بعد صدور الحك��م إلى بيت‬ ‫الدي��ن ثم إلى جزي��رة أرواد حيث قضى‬

‫فيه��ا تس��عة عش��ر ش��هراً‪ ،‬لم��ا أعيدت‬ ‫حريته إليه عام ‪ 1923‬توجه الش��هبندر‬ ‫إل��ى أوروب��ا وأمري��كا لع��رض القضية‬ ‫الس��ورية حت��ى أن ح��زب المحافظي��ن‬ ‫ف��ي لن��دن دع��اه إل��ى حفل في وس��ت‬ ‫منس��تر وهناك ألق��ى خطاباً عن رفض‬ ‫الس��وريين لاستعمار الفرنسي نشرته‬ ‫الصحف اإلنكليزية في حينه‪.‬‬ ‫في تموز عام ‪ 1924‬عاد الشهبندر‬ ‫إل��ى دمش��ق وألف ح��زب الش��عب وهو‬ ‫تجم��ع للش��خصيات الوطني��ة لي��س له‬ ‫عاق��ة بح��زب الش��عب ال��ذي أسس��ه‬ ‫الكيخيا والقدسي في حلب بعدما يقرب‬ ‫م��ن عش��رين عام��ًا‪ ،‬وعق��د التحالفات‬ ‫مع زعم��اء جبل الع��رب للتهي��أة للثورة‬ ‫الس��ورية وم��ا إن اندلع��ت الث��ورة‬ ‫الس��ورية ع��ام ‪ 1925‬في جب��ل العرب‬ ‫حتى لبى الش��هبندر ن��داء الوطن وبقي‬ ‫مازم��ًا للثوار في الجب��ل والغوطة إلى‬ ‫أن أرغم��ت ق��وات الفرنس��يين الكبيرة‬ ‫المجاهدي��ن على الخروج منها وااللتجاء‬ ‫إلى المعاقل المنيعة في األزرق والصفا‬ ‫واللج��اة‪ ،‬ولم��ا لم يب��ق مج��ال للحراك‬ ‫ف��ي الجب��ل والغوطة غ��ادر الش��هبندر‬ ‫مع س��لطان باش��ا األطرش قائد الثورة‬ ‫الع��ام وبعض الث��وار الجبل ف��ي أوائل‬ ‫التش��رين األول ع��ام ‪ 1926‬إلى العراق‬ ‫وبعد مدة قصد إلى مصر واس��تقر فيها‬ ‫يعمل ف��ي القضي��ة العربي��ة بالتعاون‬ ‫م��ع اللجنة التنفيذية للمؤتمر الس��وري‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫بع��د توقي��ع معاه��دة ع��ام ‪1936‬‬ ‫صدر عفو عن الوطنيين المشاركين في‬ ‫الثورة بعد أن حكم عليهم باإلعدام على‬ ‫إثر ذلك عاد الش��هبندر ع��ام ‪ 1937‬إلى‬ ‫دمش��ق بعد أن قضى في المنفى إثنى‬ ‫عش��ر عاماً‪ ،‬وبحكم بقاءه ف��ي المنفى‬ ‫لم يشارك الشهبندر في تأسيس الكتلة‬ ‫الوطنية بل بقي سياسيًا مستق ًا وعلى‬ ‫ً‬ ‫وخاصة‬ ‫إث��ر إخفاق��ات الكتلة المتك��ررة‬ ‫ف��ي فش��لها ف��ي الحف��اظ عل��ى ل��واء‬ ‫اس��كندرون تح��ول الش��هبندر إلى أبرز‬ ‫منتقدي الكتلة‪.‬‬ ‫في ‪ 6‬تموز عام ‪ 1940‬وفي عيادته‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬ ‫الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ‪ ،‬زعيم الحركة الوطنية تحت االنتداب الفرنسي مع رفاقه خال الثورة السورية ‪ .1927-1925‬الشهبندر هو األول من اليسار ‪..‬‬

‫اغتيل الدكتور الشهبندر في حادثة كان‬ ‫لها األث��ر األكبر على تاريخ س��وريا في‬ ‫األربعينات فقد وجهت أصابع االتهام إلى‬ ‫ثاثةٍ من أعضاء الكتلة الوطنية‪ :‬جميل‬ ‫م��ردم بيك‪ ،‬لطف��ي الحفار‪ ،‬س��عد اهلل‬ ‫الجابري‪ ،‬وعن مذكرات يوس��ف الحكيم‬ ‫الجزء الرابع (صفح��ة ‪ )313‬ننقل‪" :‬كان‬ ‫ال��رأي ال��ذي أعلن��ه الدكتور الش��هبندر‬ ‫بتأييد النظ��ام الديمقراط��ي ومهاجمة‬ ‫النظ��ام الن��ازي والفاش��ي معروفًا عنه‬ ‫فلي��س بالغري��ب إذاً أن يك��ون قتله قد‬ ‫رت��ب من األلم��ان وأعوانه��م العرب أما‬ ‫دليل أو‬ ‫اتهام رجال الكتل��ة الوطنية با ٍ‬ ‫شبهة فظلم ما بعده ظلم"‪.‬‬ ‫ال بد من اإلش��ارة إلى أن الشهبندر‬ ‫كان يلق��ى في جمي��ع تحركاته تعضيداً‬ ‫ً‬ ‫ومش��اركة م��ن زوجته الس��يدة س��ارة‬ ‫العظ��م التي تحملت مع��ه كل ما تحمل‬ ‫م��ن ض��روب األذى واالضطه��اد والت��ي‬ ‫لقبها الشعب السوري بأم السوريين‪.‬‬ ‫ت��رك الش��هبندر للمكتب��ة العربية‬ ‫مؤلف��اتٍ قيم��ة نذك��ر منه��ا (القضاي��ا‬ ‫االجتماعي��ة الكب��رى‪ ،‬الم��رأة والرج��ل‪،‬‬ ‫مصي��ر األس��رة الش��رقية‪ ،‬الدول��ة‬ ‫والحكوم��ة والرعي��ة) كما ق��ام بترجمة‬ ‫كتاب في السياس��ة للبريطاني ديلزيل‬ ‫ٍ‬ ‫بورانس وق��د نقله الش��هبندر للعربية‬ ‫وهو في س��جن أرواد وأس��ماه (سلسلة‬ ‫السجون)‪.‬‬ ‫شيعت دمش��ق زعيهما الذي صلي‬ ‫علي��ه في الجام��ع األموي ودف��ن بجوار‬ ‫ص��اح الدي��ن األيوب��ي وكان��ت جن��ازة‬ ‫الش��هبندر مهرجان��ًا للوطني��ة تداع��ت‬ ‫في��ه الش��خصيات الوطنية في س��وريا‬ ‫بذكر مناقب الفقيد (الرئيس األتاس��ي‪،‬‬ ‫س��لطان باش��ا األط��رش‪ ،‬البطري��رك‬ ‫طحان‪ ،‬البطري��رك عريضة‪ ،‬محمد كرد‬ ‫عل��ي‪ ،‬وآخ��رون)‪ ،‬ورث��اه الش��اعر عم��ر‬ ‫أب��و ريش��ة بقصيدة البت��راء والتي كان‬ ‫مطلعها‪:‬‬ ‫ج��رح أواس��ي‬ ‫أي‬ ‫قاس��يون‬ ‫بن��ت‬ ‫ٍ‬ ‫ج��رح أداري‬ ‫ف��ي ه��واكِ وأي‬ ‫ٍ‬


‫�سهداء ال�ساد�س من اأيار ‪1916‬‬ ‫حنين اليوسف‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫ الشيخ عبد الحميد الزهراوي‪ :‬ولد‬‫في حم��ص ‪ ،1855‬أصدر جريدة المنير‬ ‫ف��ي حمص‪ ،‬وت��رأس المؤتم��ر العربي‬ ‫في باريس ‪ ،1913‬وعند إعدامه انقطع‬ ‫الحب��ل ب��ه فرفع م��ن جديد‪ ،‬وش��د من‬ ‫رجليه شداً قويًا حتى قضى نحبه‪.‬‬ ‫ رش��دي ب��ن أحمد الش��معة‪ :‬ولد‬‫بدمش��ق ‪ ،1856‬ش��غل منصب رئيس‬ ‫كت��اب مجل��س إدارة الوالي��ة والمدعي‬ ‫العام للمجلس‪ ،‬انتخب نائبًا عن دمشق‬ ‫ف��ي مجل��س المبعوث��ان‪ ،‬وهن��اك دعا‬ ‫لمكافح��ة سياس��ية التتري��ك والدف��اع‬ ‫عن الثقافة العربي��ة‪ ،‬كان قرار االتهام‬ ‫الموج��ه إلي��ه أن��ه‪" :‬كان ق��د ألقى في‬ ‫دور التمثيل محاضرات تش��جع االنفراد‬ ‫العربي واس��تقاله‪ ،‬وكان مشتركًا في‬ ‫تشكيات الجمعية الامركزية"‪.‬‬ ‫في الوق��ت الذي كان في��ه القطار‬ ‫يقل الشهداء السبعة إلى دمشق‪ ،‬كانت‬ ‫المركب��ات تحمل من عالي��ه إلى بيروت‬ ‫باقي الش��هداء الذين ت��م إعدامهم في‬ ‫ساحة البرج التي أصبحت تعرف بعدها‬ ‫باسم ساحة الشهداء‪:‬‬ ‫ بت��رو باول��ي‪ :‬ول��د ف��ي بيروت‬‫‪ ،1886‬أصدر مع رفاقه جريدة الوطن‪.‬‬ ‫ جرجي موس��ى الح��داد‪ :‬ولد في‬‫بيروت ‪ ،1880‬كان صحفيًا ثائراً‪ ،‬نش��ر‬ ‫مق��االت وطني��ة ف��ي جري��دة العص��ر‬ ‫الجديد‪ ،‬يطالب فيها باستقال باده‪.‬‬ ‫ س��عيد فاضل بش��ارة عقل‪ :‬ولد‬‫في الدام��ور ‪ ،1888‬كان صحفيًا وأبدى‬ ‫ش��جاعة وجرأة عند إعدامه حيث تقدم‬ ‫إل��ى منصة اإلعدام وه��و رابط الجأش‬ ‫ثاب��ت الجن��ان‪ ،‬وأوص��ى الطبيب بش��د‬ ‫رجلي��ه عندم��ا يتأرج��ح ف��ي الفض��اء‬ ‫للتعجيل بالموت‪.‬‬ ‫ عمرمصطف��ى حم��د‪ :‬ول��د عام‬‫‪ ،1893‬وه��و مصري األص��ل‪ ،‬ترك بعد‬ ‫استش��هاده قصائد جمع��ت بديوان من‬ ‫مائة صفحة‪.‬‬ ‫ عبد الغني بن محمد العريس��ي‪:‬‬‫ولد ف��ي بي��روت ‪ ،1890‬أص��در جريدة‬ ‫المفيد‪ .‬قال عند إعدامه‪( :‬إن مجد األمم‬ ‫ال يبنى إال على جماجم األبطال‪ ،‬فلتكن‬ ‫جماجمن��ا حج��ر الزاوي��ة في بن��اء مجد‬ ‫األمة)‪.‬‬ ‫ األمير عارف بن سعيد الشهابي‪:‬‬‫ول��د ف��ي حاصبي��ا ‪ ،1889‬وكان محرراً‬ ‫ف��ي جري��دة المفي��د‪ ،‬وم��ن المحامين‬ ‫الامعين‪.‬‬ ‫ الش��هيد أحم��د طب��ارة‪ :‬ولد في‬‫بي��روت ‪ ،1870‬أص��در جري��دة االتح��اد‬ ‫العثمان��ي وجري��دة اإلصاح‪ ،‬مؤس��س‬

‫أول مطبعة إس��امية ف��ي بيروت‪ ،‬لقي‬ ‫أهوال التعذيب قبل استشهاده‪.‬‬ ‫ توفي��ق أحم��د البس��اط‪ :‬ولد في‬‫صي��دا بلبن��ان ‪ ،1888‬ق��ال وه��و عن��د‬ ‫المش��نقة‪( :‬مرحب��اً بأرجوحة الش��رف‪،‬‬ ‫مرحباً بأرجوحة األبطال‪ ،‬مرحباً بالموت‬ ‫في سبيل الوطن) ووضع الحبل بنفسه‬ ‫وركل الكرسي‪.‬‬ ‫ س��يف الدي��ن الخطي��ب‪ :‬ولد في‬‫دمشق ‪ ،1888‬مؤسس المنتدى األدبي‪،‬‬ ‫وكان شاعراً وكاتبًا وأديبًا‪.‬‬ ‫ علي ب��ن محمد ب��ن حاجي عمر‬‫النشاش��يبي‪ :‬ول��د في دمش��ق ‪،1883‬‬ ‫ويعود أصله إلى القدس‪.‬‬ ‫ العقي��د س��ليم بن محمد س��عيد‬‫الجزائ��ري‪ :‬ول��د ف��ي دمش��ق ‪،1879‬‬ ‫وصرخ بالج��اد‪( :‬قل لجم��ال أن روحي‬ ‫ستظل حية‪ ،‬وس��تعلم أبناء الوطن من‬ ‫وراء القبر دروس الوطنية) واستش��هد‬ ‫ببزته العسكرية التي رفض خلعها‪.‬‬ ‫ العقي��د أمين بن لطفي الحافظ‪:‬‬‫ولد في دمشق ‪ ،1879‬عندما وقف على‬ ‫كرس��ي اإلع��دام‪ ،‬وضع الحبل بنفس��ه‬ ‫حول عنقه‪ ،‬ولك��ن الجاد عاجله بركلة‬ ‫الكرس��ي قب��ل إح��كام ربطه��ا‪ ،‬تعذب‬ ‫كثيراً حتى قضى نحبه‪.‬‬ ‫ محم��د ج��ال الدي��ن بن س��ليم‬‫البخ��اري‪ :‬ول��د في دمش��ق ‪ ،1894‬كان‬ ‫حقوقي��ًا وعض��واً ف��ي إح��دى المحاكم‬ ‫الكب��رى‪ ،‬وضابط��اً كبي��راً ف��ي الجيش‬ ‫التركي‪.‬‬ ‫ محمد الشنطي‪ :‬مناضل عروبي‬‫من يافا‪.‬‬ ‫لق��د كان ه��ذا الي��وم يوم��ًا دمويًا‬ ‫بطولي��ًا بح��ق‪ ،‬ي��وم يختص��ر تاري��خ‬ ‫ش��عب بأكمله‪ ،‬مازال الش��عب السوري‬ ‫يستذكر ش��هداء السادس من أيار‪ ،‬كما‬ ‫تم إطاق اس��م (س��احة الشهداء) على‬ ‫كل م��ن س��احتي المرجة في دمش��ق‪،‬‬ ‫والب��رج في بيروت‪ ،‬اللتين ش��هدتا هذه‬ ‫المجزرة المروعة‪ ،‬إال أن إقرار المناسبة‬ ‫رس��مياً لاحتفال في السادس من أيار‬ ‫كيوم لكل الش��هداء لم يتم إال في عام‬ ‫‪.1937‬‬ ‫لقد ضحى هؤالء الش��هداء األبرار‬ ‫بدمائه��م وحياته��م‪ ،‬عل��ى أم��ل حياة‬ ‫جدي��دة أفض��ل ألوالده��م وأحفادهم‬ ‫ووطنهم كما يضحي اليوم شهداؤنا في‬ ‫كافة أرجاء س��وريا في س��بيل الكرامة‬ ‫والحري��ة وس��يادة الوط��ن‪ ،‬وم��ا ت��زال‬ ‫قوافل الشهداء تذهب في أتونها قافلة‬ ‫إث��ر قافل��ة‪ ،‬ول��ن تتوق��ف‪ ،‬إال بتحقيق‬ ‫الحرية الكاملة‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫المطالع تسليمٌ على الشّهدا‬ ‫خَيْرُ‬ ‫ِ‬ ‫أزك���ى ال��ص��اةِ على أرواحِ���ه���م أب��دا‬ ‫فلتنحن ال���ه���امُ إج����ا ًال وت��ك � ِرم � ًة‬ ‫ِ‬ ‫ل��ك� ِّ‬ ‫�ل ح���رٍّ ع��ن األوط�����ان م���ات ف��دى‬ ‫ُ‬ ‫األب��ط��ال م��ا ول���دَتْ‬ ‫تلك ال��ج��ب��اب��ر ُة‬ ‫للمجدِ أم��ث��ا َل��هُ��مْ أمٌّ وَ َل���نْ تَلِدا‬ ‫إنها الكلمات الرائعة التي نعى بها‬ ‫الش��اعر القروي ش��هداء الس��ادس من‬ ‫آيار الذين طالتهم ي��د الظلم والعدوان‬ ‫فدفع��وا حياته��م ثمن��ًا لش��جعاتهم‬ ‫ووطنيته��م وتمرده��م عل��ى العبودية‬ ‫واالستعمار‪.‬‬ ‫ف��ي الس��ادس م��ن أيار م��ن عام‬ ‫‪ ،1916‬علق جمال باشا السفاح األحرارَ‬ ‫م��ن نخب��ة المثقفي��ن والسياس��يين‬ ‫والوطنيين العرب في دمش��ق وبيروت‬ ‫على أعواد المش��انق‪ ،‬ولكنه لم يتمكن‬ ‫من إعدام أرواحهم التي ظلت تحلق في‬ ‫سماء الوطن حتى جاء آخر محتل‪.‬‬ ‫بعد اكتش��اف الس��لطات العثمانية‬ ‫لوثائق ومراسات يطلب فيها الوطنيون‬ ‫السوريون من الفرنسيين مساعدتهم‬ ‫ف��ي التخلص من الحكم العثماني‪ ،‬أقام‬ ‫والي الشام جمال باشا السفاح المعروف‬ ‫ببطشه وبغضه للعرب محاكمة صورية‬ ‫ف��ي مدين��ة عالي��ه ف��ي لبن��ان وأصدر‬ ‫أحكامًا باإلعدام على عدد من الوطنيين‬ ‫المناضلي��ن ف��ي دمش��ق وبي��روت‪.‬‬ ‫حي��ث أدي��رت المحاكمة بقس��وة وظلم‬ ‫ش��ديدين‪ ،‬بعيداً عن الع��دل أو القانون‪.‬‬ ‫وق��د كان الس��فاح ال يعي��ر االهتم��ام‬ ‫ألي م��ن المناش��دات والتدخ��ات الت��ي‬ ‫سعت إلطاق س��راحهم‪ ،‬ومنها برقيات‬ ‫الش��ريف حس��ين بن علي ش��ريف مكة‬ ‫التي أرسلها إلى السفاح وإلى السلطان‬ ‫وإل��ى الص��در األعظ��م‪ ،‬كما أوف��د ابنه‬ ‫األمير فيصل بن الحس��ين إلى دمشق‪،‬‬ ‫وقابل الس��فاح ثاث مرات في مس��عى‬ ‫إليقاف حكم اإلعدام ولكن دون جدوى‪.‬‬ ‫منذ اس��تام جمال باش��ا الس��فاح‬ ‫الس��لطة قامت سياس��ته على البطش‬ ‫والقتل فقبل جريمة الس��ادس من أيار‬ ‫التي ارتكبها بحق كوكبة من المثقفين‬ ‫العرب‪ ،‬قام بإعدام العديد من النشطاء‬ ‫ف��ي الحرك��ة الثوري��ة العربي��ة منهم‪:‬‬ ‫الخ��وري يوس��ف الحويك والش��قيقان‬ ‫فيلي��ب وفري��د الخ��ازن والش��قيقان‬ ‫أنط��وان وتوفيق زريق يوس��ف الهاني‬ ‫ويوس��ف س��عيد بيض��ون وعب��د اهلل‬ ‫الظاهر وغيرهم‪.‬‬ ‫ولك��ن م��ن أقس��ى المج��ازر التي‬ ‫ارتكب��ت بح��ق الوطنيين قب��ل مجزرة‬ ‫السادس من أيار كانت إعدام أحد عشر‬ ‫وطني��ًا من النخبة المثقف��ة في بيروت‬ ‫ي��وم ‪ 21‬آب ‪ 1915‬بع��د أن قدمه��م‬ ‫الس��فاح إلى ديوان الح��رب العرفي في‬ ‫مدين��ة عاليه وهم‪ :‬عبد الكريم محمود‬ ‫الخليل (مؤسس المنتدى األدبي) وعبد‬ ‫القادر الخرس��ا (هتف بالقومية العربية‬ ‫لحظة إعدام��ه) و نور الدي��ن بن الحاج‬ ‫زين القاض��ي (عذّب جداً قب��ل إعدامه)‬ ‫وس��ليم أحمد عبد اله��ادي ومحمود نجا‬ ‫العجم (آخر كلماته‪ :‬روحي فداء لعروبة‬ ‫بادي‪ ،‬واستقالها‪ ،‬عشت شريفًا وأموت‬ ‫شريفًا) ومس��لم عابدين (أصدر جريدة‬ ‫دمش��ق التي اس��تمرت س��بعة أشهر) و‬ ‫ناي��ف تلل��و (صحف��ي كت��ب العديد من‬ ‫المق��االت الوطنية والحماس��ية) وصالح‬

‫أس��عد حيدر (آخر كلماته‪ :‬نموت ولتكن‬ ‫جماجمن��ا أس��اس االس��تقال العربي)‬ ‫وعلي محم��د األرمنازي (أص��در جريدة‬ ‫نه��ر العاص��ي ‪ )1912‬واألخ��وان محمد‬ ‫ومحمود المحمصاني‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى ش��هداء السادس من‬ ‫أيار نذكر بع��ض تفاصيل المجزرة في‬ ‫دمش��ق وبيروت‪ ،‬حيث غ��ادر عاليه في‬ ‫الخامس م��ن أيار ‪ 1916‬قط��ار محمل‬ ‫بس��بعة مناضلين تحت حراسة شديدة‪.‬‬ ‫وف��ي مدينة ري��اق‪ ،‬التق��ى المناضلون‬ ‫بعائاته��م الذين أمر الس��فاح بنفيهم‬ ‫إل��ى األناضول‪ .‬ث��م تم نقل الش��هداء‬ ‫إلى دائرة الش��رطة بع��د وصولهم إلى‬ ‫محط��ة البرامك��ة‪ .‬ف��ي صب��اح الي��وم‬ ‫التالي وفي الس��اعة الثالثة فجراً أنيرت‬ ‫س��احة المرجة ووقف جمال باش��ا على‬ ‫ش��رفة بناية أحمد ع��زت العابد ليراقب‬ ‫عملي��ة اإلع��دام‪ .‬ه��ؤالء الش��هداء لم‬ ‫يخاف��وا الم��وت أو يهاب��وه ب��ل اتجه��وا‬ ‫إلى المش��نقة بكل عزة ينشدون‪ :‬نحن‬ ‫أبناء األلى‪ ..‬ش��ادوا مجداً وعا‪ ..‬نس��ل‬ ‫قحطان األبيّ‪ ..‬جدّ كل العرب‪ ..‬ونذكر‬ ‫أسماءهم حسب تسلسل إعدامهم‪:‬‬ ‫ ش��فيق بن أحمد المؤيد العظم‪:‬‬‫ولد في دمشق ‪ ،1857‬كان عضواً بارزاً‬ ‫في مجل��س النواب‪ ،‬ول��ه مواقف قوية‬ ‫ضد زعم��اء جمعي��ة االتح��اد والترقي‪.‬‬ ‫كان ش��اعراً وأديبًا وكاتبًا موهوبًا وكان‬ ‫مثقف��ًا ثقاف��ة عميق��ة‪ ،‬وس��اهم ف��ي‬ ‫تأس��يس عدد من األح��زاب منها‪ :‬حزب‬ ‫اإلخ��اء العرب��ي العثماني‪ ،‬الح��زب الحر‬ ‫المعتدل‪ ،‬ح��زب الحرية‪ ،‬حزب االئتاف‪.‬‬ ‫وكان س��بب إعدام��ه س��عيه الدائم من‬ ‫أجل استقال العرب‪.‬‬ ‫ عبد الوهاب بن أحمد االنكليزي‪:‬‬‫ول��د ف��ي دمش��ق ‪ ،1878‬كان محامي��ًا‬ ‫ول��ه العديد من المقاالت في السياس��ة‬ ‫واالجتم��اع والتاري��خ‪ ،‬كان يتق��ن اللغة‬ ‫التركية والفرنس��ية واإلنكليزية‪ .‬وقال‬ ‫عن��ه طلعت باش��ا وزي��ر الداخلي��ة‪( :‬لو‬ ‫كان عند تركيا عش��رة رجال من عيارك‬ ‫لعدّت من أرقى دول العالم)‪.‬‬ ‫ األمير عمر عبد القادر الجزائري‪:‬‬‫ولد في دمش��ق ‪ ،1871‬وش��نق بالرغم‬ ‫من بعده عن السياس��ة بتهمة أنه كان‬ ‫سبب التعارف بين شكري العسلي وعبد‬ ‫الوهاب االنكليزي وقنصل فرنسا‪.‬‬ ‫ ش��كري بن عل��ي العس��لي‪ :‬ولد‬‫بدمش��ق ‪ ،1868‬كان روائي��ًا وصحفي��ًا‬ ‫المع��ًا‪ ،‬وكان عضواً في مجلس األعيان‬ ‫ومفتش��ًا س��لطانياً وعضواً في مجلس‬ ‫المبعوثان وع��رف بخطاباته دفاعاً عن‬ ‫األم��ة العربية ومعارض��ة التتريك‪ ،‬وال‬ ‫س��يما معارضته بيع األراض��ي العربية‬ ‫بفلسطين لليهود‪.‬‬ ‫ رفيق بن موسى رزق سلوم‪ :‬ولد‬‫في حمص ‪ ،1891‬كان حقوقياً ومارس‬ ‫الصحاف��ة وتدري��س اللغ��ات األجنبي��ة‬ ‫(الروس��ية‪ -‬اليوناني��ة‪ -‬التركي��ة)‪ ،‬كان‬ ‫عض��واً ف��ي الجمعي��ة القحطاني��ة‪،‬‬ ‫كم��ا س��اهم بتأس��يس جمعي��ة العهد‪،‬‬ ‫وكانت جريمته كتابة الش��عر الحماسي‬ ‫للمطالبة باالس��تقال‪ .‬كتب رسالة إلى‬ ‫أهله قبل استش��هاده قال فيه��ا‪( :‬ثقوا‬ ‫ب��أن روحي ترفرف دائم��ًا فوقكم فأرى‬ ‫كل حرك��ة م��ن حركاتك��م وال ترونني‬ ‫ف��إذا حزنتم أه��رب من عندك��م‪ .‬إنني‬ ‫أحمد اهلل ألنني عش��ت ش��ريفًا وأموت‬ ‫شريفًا)‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫ميخائيل �سعد‬

‫حيطان فيس بوك‪. .‬‬

‫حمص‪ :‬ابس��ط يدك نحو ي��د جارك قبل أن‬ ‫تمآل القذيفة الفراغ بينكما‪.‬‬

‫�سمر يزبك‬ ‫ال عج��ب أنه��م يقصفون حم��ص عن بعد‬ ‫بالوحش��ية ه��ذه‪ .‬ال يس��تطيعون دخوله��ا‪.‬‬ ‫حم��ص محررة‪ ،‬وهذا عقاب حريتها‪ .‬طوبى‬ ‫لحمص‪ ،‬مُعلمة الحرية‪.‬‬

‫يامن ح�سن‬

‫اكتش��فنا ه��ذه الليل��ة أن إس��رائيل ارح��م‬ ‫بالفلس��طينيين م��ن النظ��ام الس��وري‬ ‫ومرتزقت��ه بالس��وريين‪ ..‬بعد ‪ 1400‬ش��هيد‬ ‫أعلنت إس��رائيل إيق��اف الرصاص المصبوب‬ ‫على غزة‪..‬وفي حمص بعد ‪ 2600‬شهيد فيها‬ ‫فق��ط أعلن النظام الح��رب العمياء عليها‪..‬؟؟‬ ‫هل رأيتم أجحش من هيك نظام؟؟‬

‫ه�سام بداي‬ ‫إذا دخلت سوريا‪ ...‬اخلع نعليك‪»..‬ف» للموت‬ ‫حرمة‪...‬‬

‫السيد الرئيس المحترم أبو عيون دباحة‪ :‬إذا‬ ‫بتقصفنا بالنووي بدن��ا نضل نطلعلك ولو‬ ‫بكوبايسك‬

‫ر�سا عمران‬ ‫ال يمثلن��ي غير الدم الس��وري الحر‪ ،،‬أنتمي‬ ‫إلي��ه فق��ط‪ ،‬كل انتم��اء آخر مح��ض هباء‬ ‫وقبض ريح‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫مو�سى عمر‬

‫يحيى جابر‬ ‫كيف كانت نهاية حصار نابليون لموس��كو؟‬ ‫حص��ار هتلر لس��تالينغراد؟ حصار ش��ارون‬ ‫لبيروت؟ أليس كذلك يا حمص‪ ..‬اضحكي‬

‫زويا ب�ستان‬ ‫أنا أومن بان األس��اطير ال تتكرر وبأن أدونيس‬ ‫السوري األسطورة غاب منذ آالف السنين ولم‬ ‫يجد إلى اآلن جسد اإلنسان المنشود لذلك فهو‬ ‫حتماً لن يتكرر فعام تحزنون يا أصدقائي؟؟‬

‫اأ�سامة حممد‬ ‫ّْ‬ ‫التدخ��ل الخارج��ي ف��ي حمص‪ :‬القت��ل تدخل‬ ‫إنس��ان‪..‬في الخالديّة‬ ‫خارج��ي الداخِل‪ ..‬روحُ‬ ‫ْ‬ ‫"وفيها انضوى العا َلمُ األكبَرُ" الداخِل‪ ..‬روحٌ‬ ‫إنسانْه‪..‬في بابا عمر والبياضة " وفيها انضوى‬ ‫العا َلمُ األكبَرُ" إرهابٌ الروح‪ٌ ..‬‬ ‫خارجيّ‪.‬‬ ‫تدخل‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫تدخ��ل خارجي‪ .‬القاتِل خَا ِرجْ‪ .‬خا ِرجْ‬ ‫التعذيب‬ ‫عن البش��ر‪ .‬خ��ا ِرج على البَشَ�� ِريّ‪ .‬اإلنس��ان‬ ‫وط��ن‪ .‬وقاتله خ��ارج عن اإلنس��ان وخارج عن‬ ‫سوريّ‪ .‬وال‬ ‫لس��وريّ على غير‬ ‫الوطن‪ .‬ال فرق‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫تَقوى‪..‬جنسيّة القاتل القتل‪.‬‬

‫�سونيا �سري‬ ‫بغرف��ة تج��ارة دمش��ق بس تفوت��ي بتاقي‬ ‫لوح��ة للش��بيح األكب��ر مكت��وب عليه��ا منك‬ ‫العطاء و منا الوالء‪ ...‬أكتر جملة صدقوا فيها‬

‫كرمي الأفنان‬ ‫نناش��د الحكوم��ة اإلس��رائيلية التدخل لدى‬ ‫حليفها "األسد" لوقف المجزرة في حمص‬

‫عالء خنجر‬ ‫باألمس كنت أش��اهد األخبار مع صديق لي‬ ‫ف��ي رام اهلل ولم ننتبه لش��دة انفعالنا من‬ ‫األخبار أن طفلته ذو ال ‪ ٦‬س��نوات تش��اهد‬ ‫معنا هذه المشاهد المروعة من حمص‪.‬‬ ‫عن��د انتهاء التقرير س��ألت والدها‪ :‬أين هذا‬ ‫بابا؟ فأجاب هذا في سوريا حبيبتي‪ .‬فقالت‪:‬‬ ‫لماذا تقتل إسرائيل السوريين؟‬

‫�سديق حم�سي‬ ‫أنا تحت القص��ف‪ ...‬ال تخافوا علينا حتى إذا‬ ‫متنا‪ ..‬فداكن‬

‫زين البا�سا‬ ‫اهلل مع��ك ي��ا حمص‪ ،‬ومع أوالدك والنس��اء‬ ‫واألطفال‪..‬‬ ‫قلبنا يخشع لمصابك‪.‬‬ ‫حمص في كرب وضيق يتس��ع آلالم سوريا‬ ‫منذ قديم نشأتها‪.‬‬ ‫األخبار من المهجرين تندي جبين اإلنسانية‬ ‫و كل حي وجماد من بشر وحجر‪.‬‬

‫| بتدوينت��ك اللي حكيت فيها عن تجربة اعتقالك قلت‬ ‫انك كتبتها ليقروه��ا الصامتين …أديش بتحس قصص‬ ‫اإلعتقال من المفروض تأثر فين لهدول الصامتين ؟ ومن‬ ‫أي ناحية؟‬ ‫| | برأيي قصة االعتقال ممكن تختلف كتير إذا كانت بتحمل‬ ‫بتوقيعها اس��م ش��خص حقيقي او أل‪ ،‬ألن��و كلياتنا قرينا قصص‬ ‫اعتقال كتير كبيرة المش��كلة بسوريا أنو اللي بيطلعو ما بيقدرو‬ ‫يكتبو باسمن الحقيقي إال ليطلعو برات البلد وأنا من بيناتن لهيك‬ ‫وقت ح��دا بيقرا قصة اعتقال باس��م ش��خص حقيقي‪ ،‬واألخص‬ ‫اسم شخص بيعرفو الزم تأثر فيه ما رح قول سياسياً أل إنسانياً‪،‬‬ ‫في مرحلة أساس��ية أهم بكتير من المرحلة السياس��ية إنس��انياً‬ ‫الزم يتعاطف الزم يفكر أنو نحنا الزم ناقي حل للمش��اكل اللي‬ ‫عم يتعرضوال أصدقائ��ي‪ ،‬واإلهانات اللي عم يتعرضوال مو بس‬ ‫آلرائن السياسية كأنسان‪ ،‬كمواطن سوري ما الزم يتعرضوال‬ ‫| انت تظاهرت بالش��ام وانمس��كت به��ي المظاهرة ؟‬ ‫كيف كانت اول مش��اركة الك بالتظاهر بالشام؟ ايمت كان‬ ‫هالحكي أول هتاف بتتذكرو ؟‬ ‫| | أول مظاهرة أللي كانت بالميدان كانت بتاريخ ‪2011/10/ 1‬‬ ‫أكيد بعتقد أن اول مظاهرة بيطلعها اإلنس��ان ما يمكن ينس��اها‬ ‫أب��دا‪ ،‬انا وصلت من بعيد كانوا عم يهتفو ” يا اهلل ما النا غيرك يا‬ ‫اهلل ” وبعدي��ن هتف��وا ” حرية لألبد غصبن عنك يا اس��د ” وهون‬

‫مرام امل�سري‬ ‫أقبلك��م أحضنك��م وأبك��ي كأمهاتك��م‬ ‫وإخوتكم عليكم‪.‬‬

‫ماجد كيايل‬ ‫كفى متاجرة باس��م فلسطين لحجب الحرية‬ ‫عن ش��عبنا في سورية‪...‬س��ورية الحرة هي‬ ‫أفضل لتمكين الفلسطينيين من حريتهم‪..‬‬

‫هال حممد‬ ‫العارْ استحى من عار النّظام‪...‬‬

‫علي ديوب‬ ‫إنه��ا أكب��ر "قصة قت��ل معلن"‪ ،‬ف��ي تاريخ‬ ‫الناس‪ ،‬يا ماركيز!!!!!‬

‫لويز عبد الكرمي‬ ‫بدك تسقط وبالصرماية‬ ‫قلتل��ك وقالولك الن��اس‪ :‬أوالدن��ا أغلى من‬ ‫أوالدك‬ ‫و ش��بابنا يللي راح��وا هن بعدن عايش��ين‬ ‫معن��ا وعم يصحون��ا بالليل وبنه��ار لنكمل‬ ‫ومارح نكل وال رح نم��ل لنرجع كل حقوقنا‬ ‫من أول يوم اجى ابوك وس��رق الحكم لهاد‬ ‫اليوم وبدك تدفع انت وعيلتك ثمن كلش��ي‬ ‫عملتوه فينا‪ ...‬من زغيرنا لكبيرنا‪..‬‬ ‫وبدك تسقط‪..‬‬ ‫وبدي حب‪..‬‬

‫هادي البحرة‬ ‫إلى ش��بيحة النظ��ام و المؤيدين و الصامتين‪،‬‬ ‫أطل��ب منكم أن تق��رؤوا هذه العب��ارة بهدوء‪:‬‬ ‫«أعلن السيد رئيس الجمهورية استقالته اليوم‬ ‫و غادر لقضاء إجازة طويلة في سويسرا»‪ .‬هذا‬ ‫و قد أفادنا مَصدرٌ رس��مي‪ ،‬من مطار دمشق‬ ‫الدول��ي‪ ،‬أن عش��رة طائ��رات خاص��ة ممتلئ��ة‬ ‫بمس��ئولين وعائاتهم‪ ،‬قد غادرت المطار هذا‬ ‫الصباح إلى عدة جهات مجهولة‪.‬‬ ‫اآلن أغمضوا عيونكم لخمس دقائق‪ ،‬وفكروا‪:‬‬ ‫ماذا س��يحدث لكم؟ كيف ستبررون مواقفكم؟‬ ‫كيف ستنجون من العقاب على جرائمكم؟‪..‬‬ ‫ث��م افتحوا أعينكم و احم��دوا ربكم أن هذا‬ ‫لم يحدث بعد‪ ،‬و مازال لديكم بعض الوقت‬ ‫لتتراجع��وا ع��ن مواقفكم وتنح��ازوا للحق‪،‬‬ ‫قبل أن يقال لكم «سبق السيف العزل»‪..‬‬

‫انا كنت عم انضملن‪ ،‬أول مرة حاولت اهتف ما كانت تكمل معي‪،‬‬ ‫إبدا للنص الجملة ووقف‪ ،‬بتحسي في إشيا إنت ما متعودة عليها‬ ‫أنا بشوارع بلدي وعم اهتف بإشيا أنا كنت معتبرها من المحرمات‬ ‫وم��ا ممكنة أول مرة بتعمليها‪ ،‬أول مرة بترفعي إيدك‪ ،‬حتى إيدك‬ ‫أول مرة ما بترتفع لألخير وشوي شوي بترتفع أكتر بتحسي حالك‬ ‫ع��م تش��عري حالك كمواطن أن��ا ألي حقوقي‪ ،‬أنا بق��در عبر عن‬ ‫حال��ي بالبداية بيكون في خ��وف بس بعدين بيتاش��ى مع اللذة‬ ‫اللي بتشعريها انت وعم تمارسي هالحرية هي ‪.‬‬ ‫| اديش عم تحس انك قادر انو تقدم ش��ي للبلد وانت‬ ‫بعيد عنها؟ بمعنى اخر برأيك المغتربين عن س��وريا كيف‬ ‫بيقدرو يشتغلو شي لصالح الثورة؟‬ ‫| | بيقدرو يشتغلو أكيد‪ ،‬موضوع إعاميأ ونقل األخبار ونقل‬ ‫الحقيق��ة هالعم��ل الجب��ار اللي عم يعمل��وه اللي برا‪ ،‬ومناقش��ة‬ ‫األفكار أحياناً اللي برا أحياناً بيقدر يش��وف الصورة بش��كل أعم‬ ‫‪.‬بس الش��ك أنو اللي جوا الفض��ل األو ل واألخير‪ ،‬ونحنا اللي برا‬ ‫مهما عملنا ومهما س��اوينا‪ ،‬يعني ش��غل ثورة سنة كاملة من برا‬ ‫ما قد ش��ب عم يطلع يتظاهر بالخالدي��ة تحت الحصار والقصف‪،‬‬ ‫ال يمكن مهما قدمنا نكون قد اللي عم يقدموا‪ ،‬بس منقدر نقدم‬ ‫وندع��م كتي��ر‪ ،‬الثورة بدون برا ال يمكن‪ ،‬الث��ورة بحاجة ناس عم‬ ‫يفك��رو بهدوء ‪ ،‬وأنا برأيي انو اللي برا يضلو يطرحو أفكار‪ ،‬حتى‬ ‫ل��و اجاهن ناس قالول��ن‪ ،‬أنت برا وم��ا فارق معك��ن والناس عم‬

‫الي��وم‪ ،‬وأكث��ر م��ن أي وق��ت‬ ‫مضى‪ ،‬س��يطالب التاريخ الش��عب‬ ‫الس��وري بالتنصّ��ر لبعضه‪ ،‬وليس‬ ‫لشخص أو سلطة أو نظام أو دولة‪.‬‬ ‫إذا لم يكن هناك سبب آخر فلكي ال‬ ‫تُمسخ أحام السوريون وقادمهم‬ ‫إل��ى لعب��ة مصال��ح بي��ن كتلتين‬ ‫إقليميتي��ن‪ :‬الموال��ون يدعم��ون‬ ‫مصال��ح تلك الكتل��ة والمعارضون‬ ‫يدعمون مصالح األخرى!‪.‬‬ ‫والحرية التي خرج الس��وريون‬ ‫من أجلها تحولت إلى حجج لمواقف‬ ‫دولي��ة‪ ،‬وتكال��ب عل��ى المي��زات‪،‬‬ ‫وقودها حرب بين السوريين وحرب‬ ‫على السوريين‪.‬‬ ‫وإذ‪...‬ا كانت حمص قد دفعت‬ ‫خال أس��بوع ‪ 800‬ش��هيداً وآالف‬ ‫المعطوبين من أخوتنا‪ ،‬فاس��تمرار‬ ‫بعض الجماعات ف��ي دعم النظام‪،‬‬ ‫تأيي��داً لكتلة إقليمي��ة أو لمصالح‬ ‫دول‪ ،‬سيجعل س��وريا تدفع أضعاف‬ ‫تلك األثم��ان مس��تقب ً‬ ‫ا‪ .‬وإذا بقي‬ ‫من��ا خائ��ف أو صام��ت أو متواطئ‬ ‫أو ش��امت فهو يفت��ح بيديه الباب‬ ‫لمس��خ س��وريا إل��ى س��لة حل��وى‬ ‫تتناهشها األفواه الجائعة‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬أكثر من أي وقت مضى‪،‬‬ ‫يطالبن��ا التاريخ بأن نكون س��وية‬ ‫باتجاه الحرية والع��زة التي مازالت‬ ‫ف��ي دواخلن��ا بهية رغ��م محاوالت‬ ‫طويلة إلحراقها‪.‬‬ ‫روزا ياسين حسن‬

‫تتقتل‪ ،‬هاد الكام عاطفي ما بيصير ‪ .‬إي فكرة بيش��وفها الواحد‬ ‫ولو نقد‪ ،‬إذا بيحس أنو الثورة عم ينحرف مسارها نتيجة اإلعمال‬ ‫اإلجرامي��ة اللي عم يواجهوها الناس ف��أل يحكي رأيو وما يرضى‬ ‫ح��دا يقل��و أنت برا وم��ا بيحقلك تحك��ي‪ ،‬خاصة أن��و أغلبية اللي‬ ‫ب��را ع��م يدفعو ضريبة معينة‪ ،‬س��واء كانوا معتقلين سياس��يين‬ ‫س��ابقين أو هني أبناء معتقلين سياس��يين من الجيل التاني اللي‬ ‫ول��د برا‪ ،‬ناس ما ع��اد بدو يرجعو‪ ،‬ناس س��افرو بحثاً عن فرصة‬ ‫عم��ل ومن حقن يحكو ويعبرو عن رأين ‪.‬ه��دول كلن عم يدفعو‬ ‫ضريبة وما حدا بيحقلو يسلبن حقن بالدفاع عن رأين ‪.‬‬ ‫| خطرل��ك تفكر‪ ..‬تش��وف‪..‬او تتكهن كي��ف رح تكون‬ ‫سوريا بعد عشر سنين مثا؟‬ ‫| | يعن��ي كلياتن��ا منحل��م م��ا منع��رف كي��ف‪ ،‬أكيد عن��ا أول‬ ‫كام س��نة خصوص��اً اقتصادي��اَ رح يكون��و كتي��ر صعبي��ن أهم‬ ‫من سياس��يًا‪ ،‬لبي��ن ما البلد تتعاف��ى لحتى األعمال ترد تمش��ي‪،‬‬ ‫االس��تثمار يرد يمشي‪ ،‬السياحة تبدا تتحرك‪ ،‬العملة ترجع تقوى!‬ ‫هاد الشي بدو ياخد كتير وقت وخال الخمس سنين يلي رح تجي‬ ‫بعد ما ينهار النظام‪ ،‬وبتمنى انو ما نكون عم نس��تبدل اس��تبداد‬ ‫باس��تبداد آخر‪ ،‬وبصراحة لألس��ف كلما زاد الس��اح كلما زاد هاد‬ ‫الهاجس عنا‪ ،‬هاد الس��اح ش��و رح نس��اوي فيه بعد الثورة‪ ،‬متى‬ ‫ما اإلنس��ان تعود يحل مشكلتو بقوة ساحو بيصير صعب يتخلى‬ ‫عن هالقوة الموجودة بين إيديه‬

‫السؤال والجواب‪ :‬لقاء مع المدون السوري إبراهيم األصيل | برنامج حاوة وزيتون (‪ 5‬شباط ‪)2012‬‬


‫من الديكتاتورية اإىل الدميقراطية اإطار ت�سوري للتحرر‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫النرويجية ضد االحتال النازي وكذلك‬ ‫في مقاومة البولنديين واأللمان والتشيك‬ ‫ضد الديكتاتورية الشيوعية التي أدت إلى‬ ‫سقوطها في أوروبا‪.‬‬ ‫يستنتج شارب أن هنالك ثاثة‬ ‫نقاط تحدد درجة السيطرة والتسلطية‬ ‫وتحد منها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬رغبة الجماهير في فرض حدود‬ ‫على قوة الحكومة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬قدرة المؤسسات والمنظمات‬ ‫المدنية على عمل حجب جماعي‬ ‫لمؤسسات الحكومة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إمكانية حشد المواطنين‬ ‫وتطوير قدراتهم على التعاون‪.‬‬ ‫اتجه شارب في الفصل الرابع‬ ‫من كتابه وتحت عنوان نقاط ضعف‬ ‫الديكتاتوريات إلى تحديد هذه النقاط‬ ‫وإيجازها فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تفكيك قوى النظام المشغلة له‬ ‫وهو ما يشبه العصيان المدني‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الحد من تطبيق سياسات النظام‬ ‫المألوفة وتقويضها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬شيخوخة النظام الشمولي‬ ‫وروتينيته التي تعيق تطوره‪.‬‬ ‫‪ - 4‬النفاق السياسي وغياب‬ ‫الشفافية داخل النظام الشمولي‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تآكل األساطير اإليديولوجية مع‬ ‫مرور الوقت‪.‬‬ ‫‪ - 6‬عدم الواقعية والتعالي‬ ‫اإليديولوجي والسلطوي‪.‬‬ ‫‪ - 7‬البيروقراطية وتدهور سياسات‬ ‫ً‬ ‫إضافة للنزاعات الداخلية في‬ ‫النظام‬ ‫النظام السلطوي‪.‬‬ ‫‪ - 8‬تآكل القوى المركزية للدولة‬ ‫نتيجة التسلط والتفرد بالقرار‪.‬‬ ‫في الفصل الخامس وتحت عنوان‬ ‫ممارسة السلطة يحدد شارب تصوراً‬ ‫وسيناريو متكام ًا للثورات السلمية يرجح‬ ‫نجاحه وال يؤكده انطاقاً من فرضيته‬ ‫التي يكررها في أكثر من موضع بأن‬ ‫الخيار العسكري واستخدام األسلحة‬ ‫والذخائر ضد األنظمة الديكتاتورية‬ ‫ال يؤثر في مواطن ضعفها ويبرر لها‬ ‫استخدام قوتها العاتية ويضع المقاومة‬ ‫في موقف ضعيف ال تحسد عليه "إن الا‬ ‫تعاون والتحدي الجماهيري يستطيعان‬ ‫أن يغيرا مجرى األوضاع االجتماعية‬ ‫ً‬ ‫خاصة موازين القوى حين‬ ‫والسياسية‬

‫تنتزع قدرة المستعبد على التحكم في‬ ‫مجريات االجتماع واالقتصاد والسياسة‬ ‫وبالتالي عزله عن المجتمع"‪.‬‬ ‫في الفصل السادس يبين شارب‬ ‫ضرورة التخطيط االستراتيجي للنضال‬ ‫الاعنفي بمعنى وضوح الهدف ووضوح‬ ‫اآلليات وليس مجرد هبات عشوائية‬ ‫معارضة ال تعرف إالم ستؤول األمور‬ ‫وغيبة هذا التخطيط االستراتيجي قد‬ ‫تقود إلى نشوء ديكتاتوريات جديدة كما‬ ‫يشير شارب‪.‬‬ ‫ثم تناول في الفصل السابع من‬ ‫هذا الكتاب والذي عنوانه "استراتيجية‬ ‫التخطيط" آليات التحدي السياسي التي‬ ‫سبق أن أشار إليها في الفصول السابقة‬ ‫والتي تقوم على نشر فكرة الا تعاون‬ ‫مع النظام الديكتاتوري‪.‬‬ ‫في الفصل األخير من الكتاب يحذر‬ ‫شارب من أن تنتج الثورات ديكتاتوريات‬ ‫جديدة عبر حديثه عن أسس الثبات‬ ‫الديمقراطية والتي يحددها مؤكداً أنه‬ ‫لن يظهر مجتمع مثالي بعد سقوط‬ ‫الديكتاتورية فسقوطها هو نقطة البدء‬ ‫ليس أكثر لعملية تراكمية طويلة المدى‬ ‫من أجل صناعة دولة الحرية ويدلل شارب‬ ‫على ذلك بتجربة نابليون في فرنسا‬ ‫والبلشفية في روسيا والمالي في إيران‬ ‫حيث ترى بعض الجماعات السياسية في‬ ‫ً‬ ‫فرصة ليكونوا‬ ‫سقوط النظام القمعي‬ ‫األسياد الجدد‪.‬‬ ‫بجدول يضم‬ ‫كتابه‬ ‫شارب‬ ‫ويختم‬ ‫ٍ‬ ‫أساليب النضال الاعنفي المقترحة لثورةٍ‬ ‫مدنية مما يمكن أن ندعوه إذا استحضرنا‬ ‫الثورات المدنية في الربيع العربي‬ ‫في مصر وتونس تحديداً وفي صربيا‬ ‫وبعض بلدان أوروبا الشرقية إنجيل‬ ‫الثورات الاعنفية والذي درس كثير من‬ ‫نشطائها كتب شارب دون أن يعني ذلك‬ ‫تفكيراً تآمريًا لكن يعني تصوراً فكريًا‬ ‫وحركيًا ملهماً أثبت نجاعته بعيداً عن‬ ‫فكرة االنقابات العسكرية والثورية‬ ‫استردت به الشعوب ثقتها وقدرتها على‬ ‫صنع حريتها من يد المستبد الوطني أو‬ ‫المستعمر الخارجي‪.‬‬ ‫من الديكتاتورية إلى الديمقراطية‪،‬‬ ‫الناشر‪ :‬مؤسسة ألبرت إينشتاين‪ ،‬عام‬ ‫‪.2003‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن جين شارب‬ ‫يرحب بطباعة كتبه دون استئذانٍ منه‬ ‫ليعد بامتياز المبشر األول بالثورات‬ ‫المدنية العربية كما حدثت‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في هذا الكتاب "جين شارب" وكأستاذٍ‬ ‫متخصص في التغيير‬ ‫لاجتماع السياسي‬ ‫ٍ‬ ‫الاعنفي واإلسقاط السلمي لألنظمة‬ ‫الشمولية والبوليسية يقدم استراتيجة‬ ‫تحرر تسقط األنظمة الديكتاتورية وتمنع‬ ‫قيامها في الوقت نفسه هذه االستراتيجية‬ ‫هي خاصة خبراته التي تماس معها أو‬ ‫قرأ عنها في الدول الشيوعية السابقة‬ ‫وغيرها بدءاً بدول االتحاد السوفييتي‬ ‫السابق مروراً بالصين ونيجيريا وبورما‪،‬‬ ‫أو قرأ عنها في تاريخ الديكتاتوريات‬ ‫في العالم الحديث وفظائعه ونجاحات‬ ‫وسقطات معارضاته ومقاوماته‪.‬‬ ‫يقول "شارب" في مقدمة الكتاب‪:‬‬ ‫"من هنا ومن منطلق اهتماماتي نشأ‬ ‫لدي أمل راسخ بأن هناك سبي ًا للنضال‬ ‫بنجاح دون‬ ‫ضد األنظمة الديكتاتورية‬ ‫ٍ‬ ‫اللجوء إلى الذبح المتبادل‪ ،‬وأنه يمكن‬ ‫القضاء على الديكتاتورية ومنع نشوء‬ ‫ديكتاتوريات جديدة ومنعها من النهوض‬ ‫من جديد"‪.‬‬ ‫جاء الفصل األول بعنوان "مواجهة‬ ‫بأسلوب واقعي" وبعد أن‬ ‫الديكتاتورية‬ ‫ٍ‬ ‫يسرد فيه نماذج عن انهيار ديكتاتورياتٍ‬ ‫في أستونيا والتفيا وبولندا وألمانيا‬ ‫الشرقية وتشيكوسلوفاكيا ومدغشقر‬ ‫واألرغواي وتاياند وبلغاريا وهنغاريا‬ ‫وزائير ونيجيريا وأجزا ٍء أخرى من االتحاد‬ ‫السوفييتي السابق‪ ،‬يستدرك ليقول‪" :‬إن‬ ‫انهيار األنظمة الديكتاتورية في الباد‬ ‫الوارد ذكرها لم يمحي جميع المشاكل‬ ‫األخرى في هذه المجتمعات فالفقر‬ ‫والجريمة وعدم الفعالية والبيروقراطية‬ ‫وتخريب البيئة هو ما تورثه األنظمة‬ ‫القمعية‪ ،‬لكن يكفي أن سقوط األنظمة‬ ‫القمعية ينجي ضحايا قمعها ويفتح‬ ‫الطريق أمام إعادة بناء هذه المجتمعات‬ ‫على الحرية السياسية والديمقراطية‬ ‫والعدالة االجتماعية"‪.‬‬ ‫اعتماداً على مؤشر "فريدوم هاوس‬ ‫للتحول الديمقراطي" خال عقدٍ من‬ ‫الزمن بين عامي ‪ 1983‬و‪ 1993‬قل‬ ‫عدد البلدان غير الحرة من ‪ 64‬دولة إلى‬ ‫‪ ،38‬وزاد عدد البلدان الحرة من ‪ 55‬إلى‬ ‫‪ 75‬إن هذا المؤشر يؤكد تزايد الحنين‬ ‫إلى الديمقراطية وزيادة معدل سقوط‬ ‫الديكتاتوريات لكن شارب يستدرك قائ ًا‪:‬‬ ‫"ثمة خطر محدق يتمثل في أن العديد‬ ‫من األمم أثناء هذه التغييرات السريعة‬ ‫تأخذ اتجاهًا معاكسًا لتقع تحت نير‬ ‫أنظمةٍ ديكتاتورية جديدة"‪ .‬وعن خيار‬ ‫العنف يقول شارب رافضًا‪" :‬إن اللجوء إلى‬ ‫وضع الثقة في أساليب العنف إنما يعني‬ ‫أسلوب للنضال يتميز الطغاة‬ ‫استخدام‬ ‫ٍ‬ ‫دائماً بالتفوق فيه"‪ ،‬ويضيف‪" :‬إن خيار‬ ‫حرب العصابات يؤدي إلى وقوع خسائر‬ ‫فادحة في أبناء الشعب المضطهد فض ًا‬ ‫عن إمكانية فشله"‪.‬‬ ‫كما يرفض شارب الثقة في خيارات‬ ‫االنقابات أو االنتخابات أو التدخل‬ ‫الخارجي‪ ،‬فاالنقاب عبر زمرةٍ عسكريةٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متسلطة جديدة‬ ‫نخبة‬ ‫قوية قد ينتج‬ ‫ويكون نظامًا أكثر همجية وأكثر طموحًا‬ ‫من النظام السابق ويقول عن االنتخابات‬ ‫متمث ًا تجربة االتحاد السوفييتي السابق‬ ‫في عمل استفتاءات وانتخابات شكانية‬ ‫"إن الحكام الديكتاتوريين ال يسمحون‬ ‫بإجراء انتخابات تؤدي إلى عزله عن‬ ‫عروشهم"‪ ،‬وعن التدخل الخارجي المنقذ‬ ‫الخارجي فهذا المنقذ قد ال يأتي يومًا وإذا‬ ‫تدخلت دولة أجنبية ال يجب الثقة فيها‬

‫ويشير إلى أربعة عوامل ينبغي مراعاتها‬ ‫حين االعتماد على الخارج‪:‬‬ ‫‪ - 1‬إن الدولة األجنبية قد تساعد‬ ‫ً‬ ‫حماية لمصالحها‬ ‫األنظمة الديكتاتورية‬ ‫السياسية واالقتصادية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إن الدول األجنبية مستعدة لبيع‬ ‫الشعوب المضطهدة شرا ًء لهدفٍ آخر‪.‬‬ ‫‪ - 3‬قد يكون هدف الدول األجنبية‬ ‫بجوار مصالحها السيطرة العسكرية على‬ ‫الباد في حال التدخل‪.‬‬ ‫‪ - 4‬قد تتحرك الدول الخارجية‬ ‫لمساعدة المقاومة الداخلية في حال بدأت‬ ‫األخيرة بهز النظام الديكتاتوري وحولت‬ ‫أنظار العالم إلى طبيعته الهمجية‪.‬‬ ‫ويستخلص شارب نتيجته في‬ ‫كلمةٍ واحدة مفادها إن بقاء األنظمة‬ ‫الديكتاتورية أو زوالها يعود باألساس‬ ‫إلى عوامل داخلية‪ ،‬كما يرى شارب أنه‬ ‫علينا القيام بأربعة مهام رئيسية إذا‬ ‫أردنا إسقاط النظام الديكتاتوري‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تعزيز الشعوب المضطهدة‬ ‫في تصميمها وعزيمتها وثقتها بنفسها‬ ‫ومهارات المقاومة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تعزيز جماعات ومؤسسات‬ ‫الشعوب المضطهدة المستغلة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬خلق قوة مقاومة داخلية قوية‪.‬‬ ‫‪ - 4‬وضع خطة تحرر استراتيجية‬ ‫حكيمة وكبيرة وتنفيذها‪.‬‬ ‫جاء الفصل الثاني من الكتاب‬ ‫بعنوان "مخاطر المفاوضات" حيث‬ ‫يضع شارب مبدأً أساسياً للتفاوض هو‬ ‫"عندما ال تكون القضايا الجوهرية‬ ‫في خطر يكون التنازل بالتالي أمراً‬ ‫مقبو ًال‪ ،‬ويؤكد أن المفاوضات وسيلة‬ ‫ناجعة لتسوية النزاعات ويضرب مثا ًال‬ ‫على جواز ذلك في مسائل اإلضرابات‬ ‫العمالية لكن تختلف نزاعات العمل لرفع‬ ‫األجور عن النزاعات التي تكون فيها‬ ‫قضية إسقاط نظام حكم ديكتاتوري‬ ‫أو تكون الحريات السياسية فيها على‬ ‫المحك"‪ ،‬فشارب والحالة هذه يؤكد على‬ ‫أن المفاوضات ال يمكن اعتبارها وسيلة‬ ‫واقعية أو ممكنة إلسقاط الديكتاتوريات‬ ‫وهو ما يفسره بهيمنة الديكتاتور على‬ ‫أدوات التفاوض وقدرته على إخفاء‬ ‫المفاوضين لتضيع معهم القضية ويؤكد‬ ‫إن عرض المفاوضات من قبل األنظمة‬ ‫الديكتاتورية على الحركات الديمقراطية‬ ‫هو عرض خداع وال يرى شارب سبي ًا‬ ‫للتفاوض بعد الثورة واهتزاز النظام إال‬ ‫بهدف أمان ذهاب الديكتاتور إلى أقرب‬ ‫مطار دولي ليخرج من الباد لكي ينجو‬ ‫ٍ‬ ‫بنفسه بعد أن انهارت قواه فالمقاومة‬ ‫ال المفاوضات هي الضرورية للتغيير‪،‬‬ ‫وفي حال اليأس يقترح شارب مفهومًا‬ ‫بدي ًا للمفاوضات وهو التحدي السياسي‬ ‫السلمي الذي ال يضيع الهدف وال يساوي‬ ‫بين الجاد والضحية‪.‬‬ ‫في الفصل الثالث وتحت عنوان "من‬ ‫أين تأتي السلطة" يحدد شارب المصادر‬ ‫الضرورية للسلطة السياسية في ست‬ ‫نقاط‪( ،‬الشرعية‪ ،‬جهاز الدولة‪ ،‬اإلدارة‪،‬‬ ‫العوامل النفسية والفكرية‪ ،‬العوامل‬ ‫االقتصادية‪ ،‬العقوبات)‪ ،‬وينقل شارب‬ ‫عن ميكافيلي قوله "إن األمير الذي‬ ‫يعاديه جميع العامة لن يستطيع توفير‬ ‫األمن لنفسه وكلما زادت قسوته كلما‬ ‫ضعف نظام حكمه"‪ ،‬وهو ما يستدل‬ ‫عليه جين شارب بما قامت به المقاومة‬

‫‪17‬‬


‫عندما ّ‬ ‫حذرنا عمر اأمريلي من الطوفان‬

‫ورد كاسوحة‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪18‬‬

‫نشر هذا المقال في جريدة األخبار‬ ‫اللبنانية بتاريخ ‪ ،2012/3/10‬أي قبل اندالع‬ ‫الثورة السورية بخمسة أيام‪ ،‬وفي ذكرى‬ ‫وفاة المخرج عمر أميرالي االولى‪ ،‬نعيد نشر‬ ‫هذا المقال)‬

‫لم يسعَ عمر أميرالي يوماً إلى‬ ‫تجذير الحالة القطبية التي ميّزت‬ ‫عاقته بالنظام في سوريا‪ .‬مثله في‬ ‫ذلك مثل كثير من رموز المعارضة‬ ‫السورية الذين تح ّلقوا حول جثمانه‬ ‫في دمشق قبل فترة‪ .‬فهؤالء‬ ‫يتشاركون مع عمر رؤيته القائلة‬ ‫بالتغيير السلمي في سوريا‪ .‬ال مكان‬ ‫في هذه الرؤية (حتى اآلن) لدعوات‬ ‫التثوير وقلب األنظمة‪ ،‬كما يحصل‬ ‫اليوم في مصر وتونس وليبيا واليمن‬ ‫والبحرين‪ .‬المطلوب «فقط» مزيد من‬ ‫الحريات العامة ووقف العمل بقانون‬ ‫الطوارئ‪ ،‬وإطاق سراح المعتقلين‬ ‫(والمعتقات) السياسيين‪ ،‬وصياغة‬ ‫قانون جديد وعصري لألحزاب‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫كذلك مطلوب فتح ملفات الفساد‬ ‫في مؤسسات الدولة وإيقاف العجلة‬ ‫النيوليبرالية الطاحنة‪ ،‬وإفساح المجال‬ ‫أمام تداول سلمي للسلطة وإعادة‬ ‫االعتبار إلى السلطتين التشريعية‬ ‫والتنفيذية‪ ،‬وتمكين القضاء من‬ ‫ممارسة رقابته على عمل هاتين‬ ‫السلطتين و… الخ‪ .‬ولدى التدقيق‬ ‫قلي ًا في هذه المطالب‪ ،‬يتبين أنّها‬ ‫نسخة معدّلة عن تلك التي رفعها‬ ‫باألمس قطاع كبير من الشعب‬ ‫المصري‪ ،‬في مواجهة نظام ال‬ ‫تختلف بنيته الهشّة كثيراً عن بنية‬ ‫النظام في سوريا‪ .‬في مصر اآلن‬ ‫ثورة مستمرّة ضد بقايا هذا النظام‬ ‫(آخر تجلياتها إسقاط حكومة أحمد‬ ‫شفيق)‪ .‬أما في سوريا‪ ،‬فلم تلقَ‬ ‫الدعوات (إلى التظاهر ضد النظام)‬ ‫التي أطلقتها «مجموعات معارضة»‬ ‫على فايسبوك صدى يذكر لدى‬ ‫الشارع السوري‪.‬‬ ‫طبعًا‪ ،‬خرجت كثير من األصوات‬ ‫الموالية للنظام لتعزو هذا األمر إلى‬ ‫منعة البلد‪ ،‬وموقعه المناقض للموقع‬ ‫المصري السابق‪ ،‬في ما خصّ‬ ‫المواجهة مع إسرائيل‪ .‬وهذا نقاش‬ ‫قد يطول‪ ،‬وقد يدخلنا في متاهات‬ ‫الخلط بين شرعية المواجهة وال‬ ‫شرعية االستثناء السلطوي المديد‪.‬‬ ‫وحتى ال يستهلكنا هذا النقاش‬ ‫العقيم‪ ،‬دعونا نضعه جانبًا قلي ًا‪،‬‬ ‫ونعود إلى حيث أراد لنا عمر أميرالي‪،‬‬ ‫ورفاقه في النضال‪ ،‬أن نكون‪ ،‬وهو‬ ‫مكان يقع على مقربة مما يحصل‬ ‫اليوم في مصر وتونس وليبيا‬ ‫والبحرين واليمن‪ .‬قد يكون صاحب‬ ‫«الحياة اليومية في قرية سورية» من‬ ‫أنصار الثورة على النسقين المصري‬ ‫والتونسي‪ ،‬وقد ال يكون‪ ،‬لكنّه حتمًا‬ ‫من الذين يجاهرون برغبتهم في‬ ‫تحطيم األصنام الديكتاتورية‪ .‬فعل‬ ‫ذلك غداة غزو العراق‪ ،‬وفعله أيضًا‬

‫في األيام األولى للثورة في لبنان‪.‬‬ ‫هنا نحن أمام حالة نضالية ال تكترث‬ ‫كثيراً باألجندات التي تقبع خلف‬ ‫األوهام الخاصية‪ .‬فما كان يهمّ عمر‬ ‫على ما يبدو‪ ،‬في الحالتين اللبنانية‬ ‫والعراقية‪ ،‬هو سقوط الديكتاتور وال‬ ‫شيء آخر‪ .‬في النهاية كلنا نعتاش‬ ‫على األوهام بطريقة أو بأخرى‪.‬‬ ‫وجيل عمر أميرالي هو أكثر من اختبر‬ ‫ذلك‪ ،‬منذ هزيمة عام ‪ 1967‬حتى ما‬ ‫قبل إحراق محمد البوعزيزي جسده‪.‬‬ ‫إن‬ ‫سيخرج علينا طبعًا من يقول ّ‬ ‫عمر ال يتشارك وإيّانا هذا التحقيب‬ ‫أن القطيعة مع‬ ‫لزمن الهزيمة‪ .‬ذلك ّ‬ ‫هذا الزمن لم تبدأ من ثورة تونس‬ ‫كما نزعم‪ ،‬بل منذ خروج آخر عسكري‬ ‫سوري من لبنان! وقد بدأت تخرج‬ ‫ترّهات ّ‬ ‫تنظر لهذا االتجاه في اآلونة‬ ‫األخيرة‪ ،‬وجديدها القديم ما سيصدر‬ ‫بعد أيام عن مناسبة ‪ 14‬آذار المجيدة!‬ ‫أن أحداً لم يأخذ رأي عمر في‬ ‫غير ّ‬ ‫ذلك‪ .‬هل كان يعتقد فع ًا‪ ،‬وهو‬ ‫الصديق الحميم للراحل سمير قصير‪،‬‬ ‫أن ما يحدث اليوم في مصر وتونس‬ ‫ّ‬ ‫هو استكمال لما بدأه «ثوار األرز» في‬ ‫لبنان قبل ست سنوات؟ ّ‬ ‫كل ما نعرفه‬ ‫أن صاحب «الدجاج» كان متعاطفًا‬ ‫ّ‬ ‫جداً مع «ثورة األرز»‪ ،‬وكان يراها‬ ‫امتداداً طبيعياً لربيع الحرية الموؤود‬ ‫في دمشق‪ .‬وهذه جدلية ّ‬ ‫نظر لها‬ ‫سمير قصير في كتابه «ديموقراطية‬ ‫سوريا واستقال لبنان»‪ ،‬وحاول أن‬ ‫يستقطب إليها كثيراً من أصدقائه‬ ‫في سوريا ولبنان‪.‬‬ ‫لكن القاتل لم يمهله طوي ًا‪،‬‬ ‫ولم يفسح له المجال الختبار هذه‬ ‫النظرية اليوتوبية على نحو جدّي‪.‬‬ ‫بقي عمر وحده بعد سمير‪ .‬حوله‬ ‫كثير من األصدقاء الذين يتشارك‬ ‫وإياهم مرارة األيام‪ ،‬لكنّه مع ذلك‬ ‫«يتيم» و«وحيد»‪ .‬لم ينجز فيلمًا‬ ‫واحداً بعد عام ‪ .2003‬ال نعلم ما إذا‬ ‫كان التضييق األمني المستمرّ عليه‬ ‫هو ما يقف خلف هذا اإلحباط‪ .‬تخيّلوا‬ ‫مث ًا لو لم نكن نعيش في حالة‬ ‫طوارئ مستمرة منذ عام ‪ ،1963‬كم‬ ‫عدد األفام التي كان سيتاح لصاحب‬ ‫«مصائب قوم» إنجازها في ظل وضع‬ ‫كهذا؟ عشرات أو مئات ربما‪ .‬طبعًا‬ ‫لن ندخل في نقاش تفصيلي حول‬ ‫الشرط اإلنتاجي الذي يتدخّل في‬ ‫صناعة األفام‪ ،‬لكنّ مناخاً سياسياً‪،‬‬ ‫أفضل وأكثر رحابة‪ ،‬كان سيسمح‬ ‫لعمر ولغيره بأن يقلبوا المعادلة‪،‬‬ ‫ويخضعوا الشرط السياسي لنظيره‬ ‫اإلنتاجي‪ ،‬ال العكس‪ .‬هكذا يجب أن‬ ‫تدور عجلة السينما الوطنية في‬ ‫سوريا‪ ،‬وهكذا يجب أن يعامل مخرج‬ ‫كبير كعمر أميرالي‪ ،‬ال أن يخضع‪ ،‬هو‬ ‫أو غيره‪ ،‬لمزاج رقيب صغير يعمل‬ ‫تحت إمرة رقيب كبير‪ .‬وهذا بدوره‬ ‫يعمل تحت إمرة من هو أكبر منه…‬ ‫وهكذا دواليك‪.‬‬ ‫أن السينما‬ ‫والمشكلة الحقيقية ّ‬

‫في سوريا لم تكفّ عن العمل على‬ ‫هذا النحو منذ سنوات طويلة‪ .‬صحيح‬ ‫أن الدولة السورية أفرزت مؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫بديلة في بداية األمر (المؤسسة‬ ‫أن صيغة البدائل‬ ‫العامة للسينما)‪ ،‬إال ّ‬ ‫هذه ما لبثت أن انقلبت على نفسها‪.‬‬ ‫وما كان بدي ًا‪ ،‬ذات يوم‪ ،‬أصبح اآلن‬ ‫في حاجة إلى استبدال فوري‪ ،‬حتى ال‬ ‫تتفاقم حالة االهتراء‪ ،‬ويزداد السطو‬ ‫البيروقراطي على مواهب جيلنا وجيل‬ ‫عمر أميرالي‪ .‬نتحدث هنا عن حالة‬ ‫عامة ال عن أشخاص بعينهم‪ .‬حالة‬ ‫باتت تتهدّد مجمل المشهد اإلبداعي‬ ‫وإن من يقول عكس ذلك ال‬ ‫في البلد‪ّ .‬‬ ‫يرغب حتماً في رؤية سوريا مختلفة‪.‬‬ ‫سوريا أكثر منعة واستقالية‪ ،‬وأكثر‬ ‫حرية وعدالة أيضًا‪ .‬ال نريد استحضار‬ ‫النموذج المصري اآلن وهنا‪ ،‬رغم‬ ‫فرادته وقدرته الفائقة على إلهام‬ ‫الشعوب‪ .‬فحالة التجانس النسبي‬ ‫هناك تتيح لنضال المصريين من‬ ‫أجل الكرامة والحرية والعدالة أن‬ ‫يمضي إلى خواتيمه‪ .‬في سوريا‪،‬‬ ‫الوضع مختلف قلي ًا‪ .‬واختافه عن‬ ‫سواه ال يعني أن نمضي حتى النهاية‬ ‫في إقران التغيير الثوري بحالة‬ ‫التجانس المذهبي أو الطائفي‪ ،‬إذ‬ ‫لم تثبت حتى اآلن صحّة هذا التزاوج‬ ‫القسري‪ ،‬على نحو يجعل منه وصفة‬ ‫سحرية ّ‬ ‫لكل الحلول الثورية التي ال‬ ‫تواجه عائقًا طائفيًا أو مذهبيًا‪.‬‬ ‫إذاً‪ّ ،‬‬ ‫الحان المصري والتونسي‪،‬‬ ‫أن‬ ‫ليسا متاحين اآلن‪ .‬وهذا يعني ّ‬ ‫حراكنا في سوريا بحاجة إلى مزيد‬

‫من التعيين‪ .‬ليكن مث ًا حراكًا باتجاه‬ ‫منطقة وسطى (يخشى أن يكون‬ ‫هذا ّ‬ ‫الحل تلفيقيًا كالعادة)‪ .‬منطقة‬ ‫تستعجل التغيير‪ ،‬وال تحرق المراحل‬ ‫باتجاه الثورة في اآلن ذاته‪.‬‬ ‫أن معادلة كهذه‬ ‫سنفترض ّ‬ ‫هي الممكنة اليوم‪ .‬هل كان عمر‬ ‫سيؤيدها؟ هو الذي عاين ثورة‬ ‫الطاب في فرنسا عام ‪ ،1968‬وعانق‬ ‫الثورة الفلسطينية‪ ،‬و«تواطأ» فكريًا‬ ‫مع ثورة اليمين في لبنان (هل يحتمل‬ ‫اليمينيون فكرة الثورة أص ًا!)‪ .‬نعرف‬ ‫أنّه وقّع إعان دمشق ����� بيروت‪،‬‬ ‫واستدعي أكثر من مرّة لمساءلته‬ ‫أمنيًا عن فيلمه األخير‪ ،‬وخاض‬ ‫معارك شرسة للدفاع عن استقالية‬ ‫السينمائيين السوريين عن السلطة‪.‬‬ ‫نعرف أيضاً أنّه وقّع‪ ،‬مع مجموعة‬ ‫من المثقفين السوريين‪ ،‬أخيراً بيانًا‬ ‫يدعم ثورة الشعب المصري‪ .‬نعرف‬ ‫ّ‬ ‫كل هذا وأكثر‪ ،‬لكن المفاضلة بين‬ ‫التثوير والتغيير المتدرّج أمر يحتاج‬ ‫ّ‬ ‫مركبة‪ .‬مقاربة قد‬ ‫إلى مقاربة‬ ‫يصعب حتى على مثقف عضوي‪،‬‬ ‫كعمر أميرالي‪ ،‬حسمها‪ .‬ما العمل‬ ‫إذاً؟ طبعاً هذا سؤال كبير‪ ،‬ويتعيّن‬ ‫على ّ‬ ‫كل مشتغل في الشأن العام‬ ‫أن يفكر فيه مليّاً‪ .‬لقد بدأت العجلة‬ ‫بالدوران‪ .‬ومن لم يهيّئ نفسه لها‪،‬‬ ‫سيصبح حتمًا خارج التاريخ‪ .‬ال مجال‬ ‫هنا للتذاكي أو التحايل على الواقع‪.‬‬ ‫لقد حذّرَنا عمر من ذلك في فيلمه‬ ‫����� الوصيّة وبشّرنا بالطوفان‪ .‬علينا‬ ‫أن نهيّئ قارب النجاة فوراً‪.‬‬


‫عن حلب التي ل َت َتمل ثقلها‪..‬‬

‫أسبوعية‬

‫من الوصول إلى دوّار المرجة حيث‬ ‫«قذفوا بالحجارة صوراً لرأس النظام‪،‬‬ ‫فما كان من عناصر األمن سوى أن‬ ‫فتحوا النار عليهم‪ ،‬فأردوا شهيدين‬ ‫آخرين‪ .‬واستمر إطاق النار أكثر من‬ ‫ربع ساعة بشكل مجنون وعشوائي‬ ‫من قبل األمن‪ ،‬ودخلت المنطقة‬ ‫بأكملها في حالة من الغليان والغضب‬ ‫والرعب‪ ،‬واستمر ذلك حتى اليوم‬ ‫التالي حيث جرى تشييع الجثامين‪،‬‬ ‫لتعاود قوات األمن إطاق النار لتفريق‬ ‫المشيعين»‪.‬‬ ‫في اليوم التالي‪ ،‬وهو ما يدعوه‬ ‫الناشط «يوم الحسم» في جامعة‬ ‫حلب «استطاع أحرار المدينة بعد‬ ‫انطاقة قويّة من ساحة الجامعة‬ ‫الوصول إلى مدخل حي الجميلية الذي‬ ‫ال يبعد سوى القليل عن ساحة سعد‬ ‫اهلل الجابري؛ الساحة التي كانت وما‬ ‫زالت الحلم الذي ينتظر كل ثائر حرّ‬ ‫في حلب أن يستعيدها»‪.‬‬ ‫بموضوعيّة‪ ،‬يقرّ الناشط الحلبي‬ ‫بعدم إمكانيّة وصف حلب بأنّها‬ ‫«مدينة ثائرة»‪ ،‬لكنّه في المقابل‬ ‫ّ‬ ‫يؤكد أن الدراسات اإلحصائية التي‬ ‫يقوم بها مع غيره من النشطاء منذ‬ ‫الثامن عشر من شهر تشرين الثاني‬ ‫(جمعة طرد السفراء)‪ ،‬والمتع ّلقة‬ ‫بتقدير حجم دخول حلب على خط‬ ‫الثوّرة‪ ،‬تقول «إن عدد المتظاهرين‬ ‫في حلب‪ ،‬التي تشهد‪ ،‬خمس تظاهرات‬ ‫يوميًّا‪ ،‬يتصاعد‪ ،‬نتيجة لكسر حاجزي‬ ‫الخوف والصمت لدى شرائح جديدة مع‬ ‫ازدياد المشاكل االقتصادية والحلول‬ ‫الدمويّة التي يتبعها النظام»‪ .‬ويعتبر‬ ‫أن عدد المتظاهرين ال يجوز أن يكون‬ ‫المؤشر الوحيد لتقييم حجم الحراك‬ ‫في حلب‪ ،‬مع ّل ً‬ ‫ا ذلك بالقول‪« :‬خروج‬ ‫المتظاهرين العزّل من دون أية‬ ‫حماية‪ ،‬أضف إلى ذلك أن مشاركة‬ ‫النساء غير ممكنة‪ ،‬وإن فعلن فا‬ ‫يستطعن المشاركة دائمًا في جميع‬ ‫التظاهرات‪ ،‬وال ننسى دعم التجار‬ ‫المؤيدين للثورة مادياً مع حفاظهم‬ ‫على سريّة هذا األمر‪ .‬وبالنتيجة فإن‬ ‫الحجم الفعلي للحراك هو أكبر ممّا‬ ‫«أن المزيد‬ ‫يعتقد البعض»‪ .‬ويضيف ّ‬

‫من التظاهرات ستحدث في حلب‬ ‫خال األيام القادمة وبالذات في أحياء‬ ‫المرجة والصاخور وهنانو والميسر‬ ‫وغيرها من األحياء التي تعد الخزان‬ ‫البشري األهم في المدينة»‪.‬‬ ‫«المتروبول»‪ :‬السلطة والثروة‬ ‫يُرجّح أن يكون المدخل األنسب‬ ‫لتفسير تموضع حلب السياسي‬ ‫اليوم هو الرجوع إلى تاريخ عاقتها‬ ‫بالنظام الحاكم‪ ،‬نظام «األسد‬ ‫لألبد»‪ ،‬والتحوالت التي شهدتها هذه‬ ‫العاقة‪ .‬فحلب «الثمانينيات»‪ ،‬التي‬ ‫نالها ما نالها من فظائع النظام في‬ ‫سياق حربه المفتوحة على المجتمع‬ ‫السوريّ أوّال‪ ،‬وفي مواجهة العنف‬ ‫الدموي «للطليعة المقاتلة»‪ ،‬الجناح‬ ‫العسكري لجماعة اإلخوان المسلمين‬ ‫ثانيّا‪ ،‬هي قطعاً مختلفة جداً عن حلب‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يركز الناشط الحلبي في تفسيره‬ ‫لضعف المشاركة الحلبيّة في الثوّرة‬ ‫على ثاثة عوامل متداخلة‪ :‬المؤسّسة‬ ‫الدينية الرسميّة‪ ،‬العشائر‪ ،‬الوضع‬ ‫االقتصادي‪ .‬من دون أن ينسى ما‬ ‫يمكن وصفه بأنّه سبب «تقني»‪،‬‬ ‫والمتمّثل بالقبضة األمنيّة المرعبة‬ ‫التي تسيطر على المدينة‪.‬‬ ‫يقول‪« :‬يمكن اعتبار طبقة‬ ‫علماء الدين أحد أجزاء المؤسسة‬ ‫األمنيّة للنظام التي ّ‬ ‫شكلها لملء‬ ‫الفراغ الذي خ ّلفه القضاء على حركة‬ ‫اإلخوان المسلمين في عام ‪.»1982‬‬ ‫ويضيف‪« :‬كانت حلب المصدر األول‬ ‫للخطاب الديني المعارض للسلطة‬ ‫في الثمانينيات‪ .‬وبعد سحق اإلخوان‬ ‫المسلمين عملت السلطة على‬ ‫التصالح مع المؤسسة الدينية‪ .‬وبدأ‬ ‫انتشار المساجد والمدارس الشرعية‪.‬‬ ‫كان التعبير األبرز عن مصالحة حلب‬ ‫بالنظام هو ترّشح رجل الدين البارز‬ ‫أحمد حسون وحلوله أوال في انتخابات‬ ‫مجلس الشعب العام ‪ .1990‬وكان ثمّة‬ ‫من يقول إن «أحداث الثمانينيات» قد‬ ‫أقصت حلب عن الكعكة االقتصاديّة‬ ‫لسوريا‪ ،‬وبات من الضروري للتجار‬ ‫ورجال الدين أن يسترجعوا حصّتهم‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬

‫في حي بستان باشا في حلب‬

‫وقد تمّ تتويج المصالحة بتعيين‬ ‫حسون مفتياً عاماً للجمهوريّة»‪.‬‬ ‫يفسر هذا ما يقوله الناشط‬ ‫الحلبي عن غياب أسماء دينية كبيرة‬ ‫تجهر بمعارضة النظام‪ ،‬واقتصار‬ ‫ذلك على «بعض الرموز الدينيّة‬ ‫في األرياف والمناطق الشعبيّة‪ ،‬حيث‬ ‫التشابك المصلحي بين رجل الدين‬ ‫والنظام أقل وتواصله مع الجمهور‬ ‫أكبر»‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬يعتبر الناشط‬ ‫أن تأثير العشائر على حراك المدينة‬ ‫ّ‬ ‫يم ّثل «مفتاحًا لتوضيح موقع المدينة‬ ‫من الثوّرة‪ ،‬ال سيّما في مرحلتها‬ ‫األولى»‪ .‬يقول‪« :‬لعبت عشائر حلب‬ ‫دوراً معاكساً تماماً لدور العشائر في‬ ‫مدن سوريّة أخرى‪ ،‬من خال دعم‬ ‫األخيرة للثوّرة وتأمين استمرارها‬ ‫وتصاعدها»‪ .‬ويفسّر ذلك باختاف‬ ‫وضع المدينة االقتصادي‪ ،‬يشرح‪:‬‬ ‫«حلب المدينة‪ ،‬المتروبول‪ ،‬ذات‬ ‫الثاثة مايين نسمة‪ ،‬ال تضمّ عشائر‬ ‫ويحتل االحتكار مكاناً بارزاً‬ ‫ّ‬ ‫متماسكة‪،‬‬ ‫في اقتصادها»‪ .‬ولكن كيف ّ‬ ‫لكل ذلك‬ ‫أن يؤ ّثر على عاقة المدينة بالثوّرة؟!‬ ‫يجيب الناشط‪« :‬حاول النظام منذ‬ ‫‪ 1990‬أن يم ّثل حلب سياسيّاً بجهات‬ ‫عشائريّة وطائفيّة»‪ .‬ويضيف‪« :‬من‬ ‫القصص ذات الداللة أنّه في انتخابات‬ ‫‪ 1998‬اختلف جناحا عائلة حلبية‬ ‫كبيرة متهمّة بممارسة التشبيح على‬ ‫التمثيل‪ ،‬فتمّ حل المشكلة بأن مُثل‬ ‫طرفا الخاف في العائلة»‪ .‬بمثل هذه‬ ‫التسويات نجح النظام في ضمان والء‬ ‫العشائر الحلبيّة‪ ،‬وتحديداً حين منحها‬ ‫السيطرة على قطاعات اقتصاديّة مثل‬ ‫«النقل‪ ،‬التهريب‪ ،‬المخدرات‪ ،‬وصو ًال‬ ‫للبسطات»‪ ،‬كما يقول الناشط‪.‬‬ ‫أما عن الوضع االقتصادي‬ ‫للمدينة‪ ،‬فقد لعب االنفتاح االقتصادي‬ ‫الذي بدأ بصدور قوانين االستثمار‪،‬‬ ‫والذي شهد تحوّال نوعيّاً في عهد‬ ‫الوريث االبن دوراً في زيادة ارتباط‬ ‫طبقة رجال األعمال مع النظام‪ .‬يقول‬ ‫الناشط‪« :‬كان أفضل تعبير عن عاقة‬ ‫رجال األعمال الحلبيين بالنظام هو‬ ‫احتالهم لمعظم مقاعد المستقلين‬ ‫في مجلس الشعب العام ‪.»2007‬‬ ‫ويضيف‪« :‬برغم التناقضات‪ ،‬إ ّال أنّه‬ ‫في اللحظات المصيريّة كان واضحًا‬ ‫أن النظام يُحكم سيطرته عليهم‬ ‫وأنّهم لم ّ‬ ‫يشكلوا طبقة مستقلة»‪.‬‬ ‫وهؤالء بحسب الناشط هم من‬ ‫يقومون اليوم بتمويل الشبيحة‪.‬‬ ‫من جمعة إلى أخرى‪ ،‬يزداد عدد‬ ‫المتظاهرين في حلب‪ ،‬يرتفع عدد‬ ‫الشهداء والجرحى والمعتقلين‪ .‬وفي‬ ‫لحظة ما قد تلغي الثوّرة كل ما نركن‬ ‫له من تحليات‪ ،‬ربما ألنّها ثورة‪،‬‬ ‫ألن ثمّة من يقول‪« :‬الثوّرة‬ ‫وربما ّ‬ ‫عز»‪ ،‬وثمّة من يعلن‪« :‬يا حلب‪ ..‬واهلل‬ ‫العز بيلبقلك»‪.‬‬ ‫جريدة السفير | ‪2012 / 2 / 7‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في جمعة حق الدفاع عن النفس‬ ‫(‪ 27‬كانون الثاني)‪ ،‬فقدت حلب‬ ‫تسعة من أبنائها في حي «المرجة»‪،‬‬ ‫سقطوا برصاص عناصر من أجهزة‬ ‫األمن والشبيحة‪ ،‬إثر خروج تظاهرات‬ ‫حاشدة‪ ،‬شملت حوالى اثنين وعشرين‬ ‫نقطة تظاهر في المدينة وحدها‪ ،‬إلى‬ ‫جانب أربع وأربعين نقطة في الريف‪.‬‬ ‫لم يكن الشهداء التسعة‪ ،‬إلى‬ ‫جانب العشرات من الجرحى الذين‬ ‫سقطوا‪ ،‬هم أوائل شهداء المحافظة‬ ‫بالطبع‪ .‬فقد بلغ عدد شهدائها حتى‬ ‫اللحظة حوالى مئة وسبعين شهيداً‪،‬‬ ‫وعدد معتقليها قرابة ألف (بحسب‬ ‫مركز توثيق االنتهاكات)‪ .‬لهذا السبب‬ ‫ولغيره‪ ،‬رفع متظاهرون سوريون‪ ،‬في‬ ‫جمعة «عذراً حماه» (‪ 3‬شباط)‪ ،‬الفتة‬ ‫تقول‪« :‬يا حلب‪ ..‬واهلل العزّ بيلبقلك»‪.‬‬ ‫باعتبار الافتة مؤشراً‪ ،‬يرجّح أن‬ ‫تتوقف حناجر المنتفضين عن ترديد‬ ‫شعارات من قبيل «يلي واقف ع‬ ‫جنب‪ ...‬ضب غراضك ع حلب»!‬ ‫كان للتحوّالت الكبيرة التي‬ ‫شهدتها العاصمة االقتصاديّة لسوريا‬ ‫منذ مطلع الثمانينيات‪ ،‬والتي من‬ ‫أهمّها تحويل نمط ارتباطها مع‬ ‫السلطة على المستويات االقتصاديّة‬ ‫والسياسيّة والدينية‪ ،‬تأثير في زيادة‬ ‫«ثقل المدينة» بالمعنى الذي يحيل‬ ‫إلى زمن االستقرار السوري الشهير‪،‬‬ ‫السابق على الخامس عشر من آذار؛‬ ‫زمن الموت البطيء!‬ ‫عن حلب وموقعها‪ ،‬البعيد نسبياً‪،‬‬ ‫عن الثوّرة‪ ،‬عن األسباب والخلفيات‪،‬‬ ‫وعن شهداء الحريّة في حي المرجة‪،‬‬ ‫يتحدّث أحد الناشطين في المدينة‪.‬‬ ‫حلب‪ :‬تنتفض‪ ..‬ال تنتفض!‬ ‫كان يومًا مميّزاً في حلب‪ .‬الدماء‬ ‫التي سالت في حي المرجة وضعت‬ ‫حلب في مركز التغطيّة اإلعاميّة‬ ‫التي يشكو ناشطو المدينة من‬ ‫ضعفها عمومًا‪ .‬يقول الناشط الحلبي‬ ‫«من جامع «مقر األنبياء» خرج الناس‬ ‫استعداداً لانطاق في تظاهرة‪،‬‬ ‫وكان هناك ما يقارب ‪ 25‬من الشبيحة‬ ‫المسلحين بالروسيات من عائلة‬ ‫لزّمت‪ ،‬بحسب الناشط‪ ،‬التشبيح في‬ ‫هذه المنطقة‪ ،‬بالتنسيق الكامل مع‬ ‫األمن»‪ .‬ويضيف‪« :‬بدأ هؤالء بالتعدي‬ ‫على الخارجين من المسجد وضربهم‬ ‫بأعقاب األسلحة التي يحملونها‪ ،‬وبعد‬ ‫خروج المتظاهرين وتجمعهم عند أحد‬ ‫المفارق المجاورة للجامع بدأ الشبيحة‬ ‫بالهجوم عليهم‪ ،‬وطعنوا العديد منهم‬ ‫فسقط فوراً ثاثة شهداء‪ .‬عندها‬ ‫ثار األهالي في الحي وعلت الهتافات‬ ‫وخرجوا في تظاهرة غاضبة في جهة‬ ‫أخرى من الحي‪ ،‬ففاجأ الشبيحة هؤالء‬ ‫المتظاهرين بإطاق الرصاص الحي‬ ‫عليهم ليسقط أربعة شهداء جدد‬ ‫باإلضافة إلى أربعين جريحًا»‪.‬‬ ‫وأمام الحشد الهائل والغاضب من‬ ‫أبناء الحي‪ ،‬يقول الناشط‪ ،‬بدأ بعض‬ ‫الشبيحة بالهرب‪ّ ،‬‬ ‫وتمكن المتظاهرون‬

‫محمد دحنون‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫قليل من الث ّورة كثري من «التجارة»!‬

‫‪19‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 12 | )21‬شباط ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪20‬‬

‫«زهــرة املدائــن» و«زهــرة دم�ســق»‬

‫لطيفة اغبارية‬

‫اهلل أكب��ر‪ !..‬أمس��ك س��عيد اب��ن‬ ‫الحادية عشرة‪ ،‬المفتاح الكبير الصدئ‪،‬‬ ‫ل��دكان وال��ده الذي يبيع به األش��رطة‪.‬‬ ‫أغلق��ه‪ ،‬وانطل��ق مه��روال بيدي��ه‬ ‫المرتجفتي��ن‪ ،‬مُلبيّا الن��داء‪ ،‬هاربا من‬ ‫سكون السوق الذي ركن من الضجيج‪،‬‬ ‫بعدما أغلقه الباع��ة والتجار متوجهين‬ ‫للصاة‪.‬‬ ‫'س��عيد' وعائلته نموذج لعش��رات‬ ‫العائ��ات المقدس��ية م��ن ح��ي 'عي��ن‬ ‫اللوزة' وأحياء أخرى في 'سلوان' الذين‬ ‫تلق��وا إن��ذارات به��دم منازله��م‪ ،‬وكذا‬ ‫الح��ال بالنس��بة للعديد م��ن المتاجر‪،‬‬ ‫به��دف تهويد المنطق��ة‪ .‬إذ أصبح يوم‬ ‫الش��ؤم األس��ود لديه��م ه��و األربعاء‪،‬‬ ‫ألنه ب��ات مقرون��ا باالقتح��ام وبتوزيع‬ ‫اإلخطارات من قِبل بلدية االحتال‪.‬‬ ‫كانت لهفة س��عيد للصاة كبيرة‪،‬‬ ‫فه��و على موعد ثابت م��ع اإليمان‪ ،‬في‬ ‫زمن العصيان وتقديس األقزام‪ .‬فعند‬ ‫ُ‬ ‫القبة الرصاصية‪ ،‬يتذ ّلل هذا الطفل ذو‬ ‫البشرة السمراء ليوقظ ضجيج السكون‬ ‫والصم��ت ف��ي ابتهاالت��ه‪ ،‬ويجتهد في‬ ‫الدع��اء‪ ،‬كي ال تقوم س��لطات االحتال‬ ‫اإلس��رائيلية باغتي��ال حُلم��ه ف��ي‬ ‫ه��دم غرفت��ه المتواضعة الت��ي بنتها‬ ‫العائلة‪ ،‬وقب��ل أن تنالها جرافات الهدم‬ ‫الساخطة والحاقدة‪ ،‬بأسنانها الحديدية‬ ‫المفترسة‪.‬‬ ‫ل��وّح ل��ي س��عيد بيدي��ه‪ ،‬وطل��ب‬ ‫أن أنتظ��ره ريثم��ا ينتهي م��ن صاته‪،‬‬ ‫ليبحث لي عن ش��ريط غنائ��ي لفيروز‬ ‫'ألجل��ك يا مدينة الصاة أص ّلي'‪ ،‬بعدما‬ ‫ادّعيت أنن��ي أبحث عن هذا الش��ريط‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫الذي أملك دستة منه ‪ ،...‬بينما أنستني‬ ‫لهفة الضباب‪ ،‬ورائحة التوابل المثيرة‪،‬‬ ‫والحل��وى المختلف��ة‪' ،‬والعوّام��ة'‪،‬‬ ‫والمعمول المحش��و بالتمور األردنيّة‪،‬‬ ‫أن أحضر بطاقة هويتي‪ ،‬فاكفهرّ وجه‬ ‫الجندي سحابة س��وداء‪ ،‬وصوّب نحوي‬ ‫نظرات��ه الجاف��ة الب��اردة‪ ،‬الت��ي جعلت‬ ‫الدم يغلي في عروقي‪ ،....‬فعدت ألسير‬ ‫مرّة أخرى بين أزقة الس��وق‪ ،‬فالس��ير‬ ‫عل��ى حجارة هذه األزقة ه��و بحد ذاته‬ ‫صاة‪ ،‬لكل طفل فلسطينيّ‪ ،‬سوريّ‪،‬‬ ‫ولكل طف��ل عربيّ يعاني من س��ياط‬ ‫'البلطجية'‪ ....‬ألجلهم جميعا نص ّلي‪.‬‬ ‫وألجل من تشردوا‬ ‫ألجل أطفال با منازل‬ ‫ألجلمندافعوأستشهدفيالمداخل‬ ‫وأستشهد السام في وطن السام‬ ‫وسقط الحق على المداخل‬ ‫لكنني تيقنت أن س��عيد 'الفطن'‪،‬‬ ‫ل��ن تقتص��ر ابتهاالت��ه لنص��رة زهرة‬ ‫المدائن من التهوي��د‪ ،‬ونصرة أطفالها‬ ‫م��ن التش��رّد والضياع‪ ،‬حتما س��يتذكر‬ ‫كل زهرة من أزهار الشام الحبيبة‪.‬‬ ‫المكسب الوحيد لي في هذا اليوم‪،‬‬ ‫هو استنش��اق رائحة الحلوى‪ ،‬ومعانقة‬ ‫األس��وار والحجارة العتيقة‪ ،‬فكم يشبه‬ ‫ه��ذا الس��وق‪ ،‬أس��واق دمش��ق‪ ،‬الت��ي‬ ‫أن أس��واق‬ ‫نرتبط بها روحيّا‪ ،‬ونش��عر ّ‬ ‫الق��دس والخلي��ل ه��ي توأم له��ا‪ .‬وإن‬ ‫كان��ت الصين قد غزتن��ا ببضائعها‪ ،‬إال‬ ‫أن الصوف الس��وري‬ ‫أنّنا ما زلنا نؤمن ّ‬ ‫ه��و الوحي��د ال��ذي يس��تطيع أن يبعث‬ ‫الحرارة في أوردتنا وأجسادنا‪.‬‬

‫جمموع ال�سهداء (‪)7953‬‬ ‫دمشق‪157 :‬‬ ‫ريف دمشق‪774 :‬‬ ‫حمص‪2909 :‬‬ ‫حلب‪195 :‬‬ ‫حماه‪1044 :‬‬ ‫الاذقية‪347 :‬‬

‫وحتّ��ى الكع��ك المغ ّل��ف بالعل��ب‬ ‫المرتب��ة‪ ،‬يبتس��م لي رغ��م البرد الذي‬ ‫يلس��ع جس��دي‪ ،‬وينظر إليّ متمنيا أن‬ ‫أبادله االبتس��امة ذاتها! لكن االبتسامة‬ ‫مس��تعصية في زم��ن البلطجية الذين‬ ‫يهوون س��لخ جلودنا‪ ،‬ونزع ابتس��امتنا‪،‬‬ ‫فه��م ال يعش��قون إ ّال أك��وام الحجارة‪.‬‬ ‫فأصب��ح بن��اء غرف��ة إضافية لس��عيد‬ ‫وأشقائه على ما يبدو يزعجهم ويشكل‬ ‫خط��را على كي��ان 'الهدمجي��ة'‪ ،‬التي ال‬ ‫تتح��دّث إال بلغة الدباب��ات والجرافات‪،‬‬ ‫والتي تريد تهويد ما ّ‬ ‫تبقى من المعالم‬ ‫العربي��ة‪ ،‬وال يبق��ى أم��ام ربّ العائلة‬ ‫المثقل بهم��وم العالم‪ ،‬خيارات وبدائل‬ ‫كثيرة للتصدي‪.‬‬ ‫ه��ل ينج��ح الفس��تق الحلب��ي‬ ‫المطح��ون والمزيّن عل��ى وجه الحلوى‬ ‫أن يغيّ��ر أمزجتن��ا ويصحّحه��ا؟ وهل'‬ ‫العوامة' الغارقة في الماء الحلو تضمن‬ ‫لنا س��امة 'البنكري��اس' حتى ال نصاب‬ ‫ّ‬ ‫السُكر؟ وهل تستطيع أن تمأل‬ ‫بمرض‬ ‫قلوبن��ا قطرا حلوا‪ ،‬واألل��م المرّ يمزّق‬ ‫أحش��اءنا المتناثرة‪ ،‬فهناك من تكسّ��ر‬ ‫قلبه فُس��تقا‪ ،‬وتش��تّت أوصال��ه قطعا‬ ‫متناث��رة س��ميدا م��ن المعم��ول‪ ،‬الذي‬ ‫عُج��ن بالقهر والدموع‪ ،‬ولم يختمر بعد‬ ‫حتى يصنع لنا طبقا جميا من الحلوى!‬ ‫لذل��ك‪ ،‬من األفضل لي أن أتناول ش��يئا‬ ‫مالح��ا‪ ،‬فالملح هامّ وض��روري‪ ،‬ويجب‬ ‫أن نُمجّده‪ ،‬لتاريخه النضالي‪ ،‬وأهميته‬ ‫كما اس��تعرض ذلك‪ ،‬ش��اعرنا األردني‬ ‫أمج��د ناص��ر‪ .‬فاقتني��ت كيس��ا صغيرا‬ ‫م��ن بض��ع حبيب��ات حُمّ��ص هشّ��ة‬ ‫فتّ��ت الماء المغل��ي أوصاله��ا‪ '،‬البليلة'‬ ‫المالحة‪ ،‬الملقاة على العربات الخشبية‬ ‫طرطوس‪170 :‬‬ ‫درعا‪887 :‬‬ ‫دير الزور‪270 :‬‬ ‫الحسكة‪70 :‬‬ ‫القنيطرة‪15 :‬‬ ‫الرقة‪37 :‬‬ ‫ادلب‪936 :‬‬ ‫السويداء‪47 :‬‬

‫ّ‬ ‫المُسطحة‪ ،‬والتي تغنّى بها 'أبو غالب'‬ ‫في 'باب الحارة'‪ ،‬وحبات كبيرة من الفول‬ ‫'القبرصي'‪ ،‬الذي نُكنّيه 'بالس��وداني'‪،‬‬ ‫ليبيّض وجوهنا‪ ،‬ويحفظ لنا ملحها من‬ ‫القهر والذل واالستسام ‪.‬‬

‫الغ�سب ال�ساطع‬ ‫آت‪....‬آت‪ ...‬وأن��ا ك ّلي إيمان‪ ...‬وقد‬ ‫مررت على حجارة األحزان‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫بدأ ضجيج األق��دام والعربات الصغيرة‬ ‫الت��ي يجرّه��ا األطف��ال‪ ،‬ت��دبّ عل��ى‬ ‫أرض الس��وق‪ ،‬ه��ا ق��د ع��ادت الوجوه‬ ‫المتضرّعة‪ ،‬إلثبات وجودها ّ‬ ‫وحقها في‬ ‫ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫دكان‪ ،‬ومَتج��ر‪ ،‬حتى أبس��ط عربة‬ ‫صغي��رة متنقلة‪ .‬وبدأت تنتش��ر رائحة‬ ‫العط��ور والبخور في الج��و‪ ،‬فهي تدور‬ ‫وعيونن��ا في الجو‪ ،‬تتاصق واألس��وار‪،‬‬ ‫'ت��دور ف��ي أروق��ة المعاب��د‪ ،‬تعان��ق‬ ‫الكنائس القديمة‪ ،‬وتمس��ح الحزن عن‬ ‫المساجد'‪.‬‬ ‫وط��ال موعد انتظاري مع س��عيد‪،‬‬ ‫هل ما زال يمس��ح جبين��ه باالبتهاالت‬ ‫واألدعية؟ ‪ ...‬وعندم��ا تيّقنت أن قطار‬ ‫الوق��ت يداهمن��ي وعل��يّ الع��ودة من‬ ‫حيث أتيت‪ ،‬س��معت همس��ات محفوفة‬ ‫بالخ��وف‪ .. ،‬هناك عائات من 'س��لوان'‬ ‫قامت ش��رطة بلدية االحتال بمداهمة‬ ‫منازله��م‪ ،‬ورشّ أفراده��ا ب���' غ��از‬ ‫الفلفل'‪ !.‬اآلن سيكون دعائي وصاتي‪،‬‬ ‫' اللهمّ نس��ألك الس��امة' والسّلوان' ‪،‬‬ ‫ولتعش 'أزهار سوريا'‪.‬‬ ‫كاتبة من فلسطين‬ ‫القدس العربي | ‪2012 / 2 / 10‬‬ ‫‪ 1617‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 6313‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 239‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 7157‬عدد الذكور‬ ‫‪ 113‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 419‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2012 / 2 / 11‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.