Souriatna Issue 6

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/pages/Souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2011/10/30 | )6‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫في هذا العدد‬

‫ص��ورة ال��غ�لاف‪ :‬تصوير ليلى ج��ودت‬

‫التبس مفه��وم اإلض��راب والعصي��ان المدني‪،‬‬ ‫وه��و جانب من جوانب الكف��اح الالعنفي‪ ،‬في أذهان‬ ‫الكثيري��ن بالخنوع والضعف‪ ،‬واإلذالل‪ ،‬لكن ما نفعله‬ ‫نحن الس��وريون في إضرابنا وعصياننا‪ ،‬هو مواجهة‬ ‫عظيمة‪ ،‬آللة القتل والقمع‪ .‬إنه سالح إنساني بامتياز‪،‬‬ ‫يس��مو بنا إلى مراتب القديسين‪ .‬هو بطولة‪ ،‬وكمال‬ ‫إلنس��انيتنا‪ ،‬وأداة لتقديس ثورتنا المحقة في سبيل‬ ‫العدالة والحرية‪.‬‬ ‫عارض الكثيرون من زعم��اء األفارقة األمريكيين‬ ‫مَي��ل مارتن لوث��ر كينغ الس��لمي‪ ،‬واعتب��روه أحمقاً‬ ‫حالم��اً‪ ،‬وه��و الذي كان يحل��م فقط بالمس��اواة في‬ ‫رك��وب وس��ائط النقل العام��ة مع البيض‪ ،‬فأمس��ى‬ ‫بسلميته المرجع اإلنساني للحرية الغربية‪.‬‬ ‫كما لم يتص��ور يوماً قادة المملك��ة البريطانية‬ ‫العظم��ى‪ ،‬أن منه��ج ه��ذا النحيل غان��دي الالعنفي‪،‬‬ ‫س��وف يدرس في جامعاتهم ويصبح مرجعاً لكل من‬ ‫يبحث عن الحرية‪.‬‬ ‫الي��وم وقد دخل��ت انتفاضتنا المباركة ش��هرها‬ ‫الثام��ن‪ ،‬ومظاهراتنا في كل قرية ومدينة وحي‪ ،‬البد‬ ‫وأن يك��ون هناك س�لاح أخر‪ ،‬س�لاح يواج��ه آلة قتل‬ ‫العصابات األسدية‪ ،‬سالح فعال نواجه به هذا النظام‬ ‫القمعي الظالم‪ ،‬بدون أن يستمر شالل الدم المتدفق‬ ‫يومياً‪ ،‬س�لاح يكشف الكذب والخداع‪ ،‬في هذا النظام‬

‫وإعالم��ه‪ ،‬للداخل الس��وري قب��ل خارج��ه‪ ،‬ولألغلبية‬ ‫الصامتة من شعبنا البطل‪.‬‬ ‫العصي��ان المدن��ي‪ ،‬هو ج��زء مهم م��ن كفاحنا‬ ‫الس��لمي ضد النظ��ام المجرم‪ ،‬يزيد عزلت��ه‪ ،‬ويعدم‬ ‫مصادر تمويله‪ ،‬ويبعده تباعاً عن حياتنا المدنية‪ ،‬حتى‬ ‫نرميه في نهاية المطاف مع أوجاعنا وإلى األبد‪.‬‬ ‫إضرابن��ا وعصياننا‪ ،‬ه��و بامتناعنا ع��ن الذهاب‬ ‫للعم��ل‪ ،‬وإقناع زمالئنا بذلك ف��ي كل مكان‪ ،‬امتناعنا‬ ‫عن الذهاب للم��دارس‪ ،‬والجامع��ات‪ .‬أن نتواجد في‬ ‫منازلن��ا‪ ،‬أن نرفض أن نس��اق كالقطيع للرقص على‬ ‫دم��اء الش��هداء‪ ،‬أن نقاطع كل ما ل��ه عالقة مع هذا‬ ‫النظام‪ ،‬اقتصادي��اً أو معنوياً‪ ،‬وكل من هو على صلة‬ ‫بآلة القمع هذه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أال يس��تحق من بق��ي حيا من أطفالن��ا‪ ،‬أن ينعم‬ ‫بالحرية؟؟‬ ‫أال يس��تحقون مش��اركة غدٍ‪ ،‬حر‪ ،‬كريم‪ ،‬نصنعه‬ ‫لهم بأيدينا؟؟‬ ‫أال تستحق س��وريا منا أال نضيعها؟ أن نصونها؟‬ ‫وأن نبينها؟‬ ‫س��وريتنا تستحق منا كل جهد نستطيع بذله في‬ ‫س��بيل غد أجمل لنا‪ ،‬ولها‪ ،‬ولكل من س��يعيش فيها‪،‬‬ ‫على أرضها المباركة‪..‬‬ ‫‪1‬‬ ‫سوريتنا‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫االفتتاحية‬ ‫العصيان المدني‪ ..‬توافق لسلميتنا‬ ‫أخبارنا ‪3-2 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫أوجاع وطن ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اإلضراب في درعا‬ ‫وجهة نظر ‪5 - 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫فـي اختالف الوقائع السورية‬ ‫كلمة في الثورة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪6‬‬ ‫الثورة السلمية وتوافق األضداد‬ ‫من الربيع العربي ‪7 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫االنتخابات التونسية‪ ..‬أولى‬ ‫ثمرات ديمقراطية الربيع العربي‬ ‫حكايا الثورة ‪8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الخـــديعـــة‬ ‫دندنات إندساسية ‪9 . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫تعا‪ ...‬ريف‬ ‫نبض الروح ‪10 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫فدائي‬ ‫وجوه من وطني ‪13 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫فحري البارودي‬ ‫حبر ناشف ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪15‬‬ ‫العصيان المدني واإلضراب فـي‬ ‫دمشق (‪)1936‬‬ ‫‪...........................‬‬

‫‪1‬‬

‫العصيان المدني‪ ..‬توافق سلميتنا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫من صور المظاهرات السلمية واإلضراب في المدن السورية (حمص)‬


‫�إ�ضراب فـي املحافظات ال�سورية ومئات اجلنود يحطمون واجهات املحال‬ ‫(امل�ضربة) والنا�شطون يكت�سبون مزيد ًا من اجلر�أة‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫هرع أحمد بجبوج لفتح متجره‬ ‫حيث يبيع األثاث عندما أخبره الجيران أن‬ ‫قوات األمن تقتحم المتاجر بالقوة إلنهاء‬ ‫إضراب عام استمر أكثر من أسبوع في‬ ‫مدينة درعا السورية‪.‬‬ ‫وقال السكان أن مئات الجنود‬ ‫انتشروا في الشارع التجاري الرئيسي‬ ‫في درعا محطمين واجهات المحال‬ ‫ومهددين أي شخص يرفض إنهاء‬ ‫اإلضراب الذي دعي إليه احتجاجًا على‬ ‫تصاعد الحملة العسكرية التي يشنها‬ ‫النظام ضد المحتجين المطالبين بالحرية‬ ‫والديمقراطية‪.‬‬ ‫وقال سالم الجوابرة الذي يعمل‬ ‫قصابًا في منطقة المحطة في درعا‪:‬‬ ‫"التجار يفتحون متاجرهم في ظل‬ ‫التهديد بالقوة‪ .‬لقد حطمت قوات األمن‬ ‫المحال الليلة الماضية وحذرت أي شخص‬ ‫ال يفتح متجره من أنه سيجد رجل أمن‬ ‫في المتجر‪".‬‬ ‫وكانت درعا التي تقع في جنوب‬ ‫سوريا مهد االنتفاضة ضد حكم آل‬ ‫األسد المستمر منذ ‪ 41‬عاما وعانت‬ ‫بشدة من الحملة األمنية التي تشنها‬ ‫القوات الموالية للرئيس‪.‬‬ ‫وشلت المدينة بالكامل بسبب‬ ‫اإلضراب الذي استمر ثمانية أيام وانتشر‬ ‫إلى مدن كبيرة أخرى من بينها حمص‬ ‫في الشمال الغربي‪.‬‬ ‫وقال ناشطون أن المثابرة في‬

‫تحت شعار" الصمت على الجريمة‬ ‫مش��اركة فيه��ا" ينظ��م مجموع��ة من‬ ‫الش��باب ف��ي رام اهلل اعتصاماً لنصرة‬ ‫ثورة الشعب العربي السوري الحر‪.‬‬ ‫ويق��ول الش��باب ف��ي الصفح��ة‬ ‫المخصص��ة لالعتص��ام عل��ى موق��ع‬ ‫الفيسبوك‪:‬‬ ‫" يا اهلنا الكرام ‪...‬‬ ‫لقد عرف ش��عبنا الفلس��طيني عبر‬ ‫عش��رات الس��نوات تح��ت االحتالل طعم‬ ‫الحديد والنار‪ ،‬وعرف يد القمع المجرمة‪،‬‬ ‫وعرف انتهاك الحق والحرية والحياة‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫فإن آخر ما يمكن أن يسمح به شعبنا هو‬ ‫أن تُرتك��ب الجرائم بحق أش��قائنا تحت‬ ‫غط��اء الممانع��ة ومقاومة إس��رائيل‪ ،‬أو‬ ‫أن ترتكب الجرائم باس��منا‪ .‬وإن من باع‬ ‫الجوالن ومن اغتص��ب الحرية والكرامة‬ ‫من أهلها ال يمكن أن يهبها لفلسطين‪.‬‬ ‫ه��ا ه��ي ث��ورة أخوتن��ا الع��رب‬ ‫الس��وريين تدخ��ل ش��هرها الس��ابع‬ ‫بوتي��رة متصاعدة من النضال والكفاح‬ ‫ألجل إس��قاط النظام وتحقيق الحرية‬ ‫والديمقراطية وكافة الحقوق السياسية‬ ‫واالجتماعية للشعب السوري رغم كل‬ ‫أس��اليب القمع الوحش��ية والنازية التي‬ ‫اس��تخدمت فيها كل اآلالت العس��كرية‬ ‫الثقيلة ضد ش��عب أعزل ذنب��ه الوحيد‬ ‫أنه رفض الذل والمهانة واالستبداد‪.‬‬ ‫لق��د ع��رف الش��عب الس��وري من‬ ‫درعا إلى حلب طريقه‪ ،‬ولم يعد التلعثم‬ ‫بش��أن الث��ورة الس��ورية ش��رعياً أمام‬

‫اإلضراب أظهرت مدى تصاعد المشاعر‬ ‫المعادية للنظام السوري بعد سبعة‬ ‫أشهر من المظاهرات والعنف المضاد‪.‬‬ ‫وقال مأمون أبو نبوت المقيم في‬ ‫منطقة المحطة في درعا‪" :‬ال يوجد‬ ‫أحد تقريبًا لم يعتقل أو يختفي ولده أو‬ ‫شقيقه أو أحد أقربائه‪.‬‬ ‫"لقد أريقت دماء كثيرة ويقول‬ ‫كثيرون أن طريق العودة انقطع حتى‬ ‫سقوط النظام‪".‬‬ ‫وأظهر اإلضراب تنامي قوة القيادة‬ ‫السرية الشابة الجديدة التي تدير‬ ‫االحتجاجات والتي قال سكان أنها فاجأت‬ ‫المسؤولين في درعا بمهاراتها في‬ ‫التنظيم‪.‬‬ ‫وقال شهود عيان أن ملثمين شبان‬ ‫خرجوا إلى الشوارع لي ًال وعلقوا ملصقات‬ ‫وكتبوا الفتات على جدران المدارس‬ ‫والمتاجر والبنايات العامة تأييداً لإلضراب‬ ‫وتحذيراً للتجار من فتح محالهم‪.‬‬ ‫وقال أحمد أبا زيد المدرس في‬ ‫مدرسة مهنية‪" :‬هناك العديد من التجار‬ ‫الذين شكوا من اإلغالق وقالوا أن‬ ‫مصالحهم تضررت لكنهم لم يستطيعوا‬ ‫إال االنصياع لدعوات الناشطين لعلمهم‬ ‫أن اإلضراب والعصيان المدني‪ ،‬بات‬ ‫السالح األنجح للتخلص من النظام الذي‬ ‫يقتلهم‪".‬‬ ‫بينما قال ناشطون أن اإلضراب‬

‫شجع سكان درعا على تصعيد تحديهم‬ ‫إلى ما هو أكثر من االحتجاجات اليومية‬ ‫وأعمال العصيان المدني‪.‬‬ ‫وقال أحد الناشطين ويطلق على‬ ‫نفسه اسم أبو سليمان‪" :‬اإلضراب كان‬ ‫له أكثر من معنى‪ .‬لقد أعطانا الثقة بأننا‬ ‫قادرون على فعل الكثير ما دام الشارع‬ ‫لنا وما دمنا تمكنا من الوصول إلى هذا‬ ‫المستوى من االحتجاج‪".‬‬ ‫وكان المجلس الوطني السوري‬ ‫قد دعا إلى إضراب عام يوم األربعاء‬ ‫‪ 2011/10/24‬في كافة المحافظات‬ ‫السورية كخطوة أولى باتجاه إعالن‬

‫العصيان المدني‪ ،‬وذلك لمساندة سكان‬ ‫درعا وحمص ودير الزور وغيرها من‬ ‫المناطق‪.‬‬ ‫ولفت المجلس إلى أن تنفيذ هذا‬ ‫اإلضراب في مختلف أرجاء سوريا هو‬ ‫للتعبير عن االستمرار في "المقاومة‬ ‫السلمية حتى تحقيق النصر"‪.‬‬ ‫وأصدر المجلس الوطني بيانًا‬ ‫عشية وصول وفد الجامعة العربية‪ ،‬جدد‬ ‫فيه رفض الحوار مع النظام‪ .‬ودعا البيان‬ ‫إلى توفير حماية دولية للمتظاهرين‬ ‫والسماح بدخول مراقبين دوليين وعرب‬ ‫إلى سوريا‪.‬‬

‫ما تش��هده س��وريا من جرائم وحشية‬ ‫بحق الثوّار المدنيين يش��هد عليها دم‬ ‫الطف��ل حمزة الخطيب الذي استش��هد‬ ‫تحت التعذيب في أقبية سجون النظام‪،‬‬ ‫وتش��هد عليها حنجرة الشهيد ابراهيم‬ ‫القاش��وش الت��ي انتزع��ت بع��د ذبحه‪,‬‬ ‫وآالف الش��هداء والجرح��ى والمعتقلين‬ ‫والمهجري��ن‪ .‬وف��ي ه��ذه اللحظ��ات‬ ‫المصيري��ة التي ت��رى فيه��ا أمتنا فجر‬ ‫الكرام��ة والنهض��ة‪ ،‬فج��ر الكبري��اء‬ ‫القوم��ي‪ ،‬ال يمكنن��ا‪ ،‬نحن أبن��اء وبنات‬ ‫فلس��طين‪ ،‬إال أن ننح��از بالكام��ل إلى‬ ‫نضال الشعوب ألجل حريّتها وكرامتها‬ ‫وحقوقها؛ لذات األهداف الس��امية التي‬ ‫ألجلها يناضل شعبنا منذ النكبة‪.‬‬ ‫انطالق��اً مما س��بق ارتأين��ا ضرورة‬ ‫تنظي��م هذا االعتص��ام‪ ،‬وقد ت��م تداول‬ ‫الفك��رة بي��ن مجموعة م��ن المبادرين ال‬ ‫يجمعهم س��وى االس��تغراب م��ن الصمت‬ ‫والش��عور بالخجل بأن يكون حدث بحجم‬ ‫ما يحصل في س��وريا وقت��ل بمثل القتل‬ ‫الحاص��ل ل��دى جيرانن��ا وأش��قائنا وأبناء‬ ‫جلدتنا‪ ،‬دون أن ترتفع لدينا أصوات تدين‬ ‫الجريم��ة وتتضامن مع الضحايا‪ ,‬وصرخة‬ ‫ضد القتل وغسيل الوجه من عار الصمت‬ ‫الذي نرفض أن يبقى على وجه مجتمعنا‬ ‫الفلس��طيني بش��كل خ��اص والعرب��ي‬ ‫بشكل عام واإلنساني بمستوى أكبر‪.‬‬ ‫• "إنن��ا نعتص��م من أج��ل كرامة‬ ‫س��وريا والس��وريين‪ ،‬من أج��ل الحرية‬ ‫والكرامة والحقوق اإلنسانية"‪" .‬سوريا‬

‫الديمقراطية تساوي سوريا الصامدة‬ ‫المقاوم��ة" و"ال مقاومة وصمود تبرر‬ ‫قت��ل المدنيي��ن األبري��اء" و "الصمت‬ ‫على الجريمة مشاركة بها"‪.‬‬ ‫• ننح��از مع ث��ورة تعيد لس��وريا‬ ‫مجدها وعراقتها‪ ،‬بعد أن أصبحت ملكًا‬ ‫لعائلة‪ -‬هكذا تصنع التنمية والنهضة‪.‬‬ ‫• ننحاز مع ث��ورة تصقل الهوية‬ ‫العربية لس��وريا وتعي��د االنتماء إلى‬ ‫الوط��ن‪ ،‬ال إل��ى األش��خاص‪ -‬هك��ذا‬ ‫ً‬ ‫تُحَررُ وطنًا مغتصبًا‪.‬‬ ‫نسترد‬ ‫كرامة ِ‬ ‫• ننح��از م��ع ث��ورة تقتل��ع بذور‬ ‫الطائفي��ة المفتعل��ة‪ -‬هك��ذا يحفظ‬ ‫الشعب سيادته‪.‬‬ ‫• نستنكر عدوان النظام السوري‬ ‫النازي على الش��عب الس��وري وعلى‬ ‫شعبنا الفلسطيني في سوريا وندعو‬ ‫منظمة التحرير الفلس��طينية وكافة‬ ‫ال��دول العربي��ة والهيئ��ات الدولي��ة‬ ‫ومنظم��ات حقوق اإلنس��ان وبرلمانات‬ ‫العالم الحر بذل قصارى جهودها لوقف‬ ‫هذا االعتداء الوحشي‪.‬‬ ‫• نرف��ض أن تك��ون القضي��ة‬ ‫الفلس��طينية العادلة ورقة توت يس��تر‬ ‫بها النظام السوري عورته‪.‬‬ ‫• ندعو كل الفصائل الفلسطينية‬ ‫لالنحي��از للث��ورة الس��ورية الح��رة‬ ‫واالس��تغناء ع��ن المصال��ح الحزبي��ة‬ ‫الضيقة وعدم مساندة النظام السوري‬ ‫ألنه��م س��يكونون ش��ركاء مع��ه ف��ي‬

‫كل قط��رة دم س��الت من أبن��اء إخوتنا‬ ‫السوريين األحرار‪.‬‬ ‫• ندعو الصلي��ب األحمر وجمعيات‬ ‫حق��وق اإلنس��ان للتدخل لإلف��راج عن‬ ‫آالف المعتقلي��ن الس��وريين ومئ��ات‬ ‫المعتقلين الفلس��طينيين في س��جون‬ ‫وأقبية النظام السوري‪.‬‬ ‫هذه هي شعاراتنا التي سترفع في‬ ‫االعتصام المقرر بدئه اعتباراً من الساعة‬ ‫الس��ابعة مس��ا ًء حت��ى الس��اعة الثامنة‬ ‫مس��ا ًء وذلك ي��وم األح��د ‪2011/10/30‬‬ ‫في رام اهلل ‪ -‬دوار المنارة ‪".‬‬

‫اعت�صام فـي رام اهلل ن�صرة ل�سوريا ولل�شعب ال�سوري‬


‫�شهادة‪ :‬كيف ميوت الأطفال فـي �سيارات‬ ‫الإ�سعاف فـي �سوريا على احلواجز‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أجرت صحيفة "ديلي تلجراف" البريطانية‬ ‫يوم األربعاء حواراً مع صحفي بريطاني‬ ‫اعتقل في سوريا األسبوع الماضي‪.‬‬ ‫وتحت عنوان "بريطاني يشهد التعذيب‬ ‫في سجون سوريا" قالت الصحيفة‪" :‬إن‬ ‫شين مكاليستر اعتقل في مقهى بدمشق‬ ‫األسبوع الماضي وهو يقوم بتصوير تقرير‬ ‫سري لقناة األخبار تشانل فور‪".‬‬ ‫وتحدث مكاليستر عن قصة اعتقاله‬ ‫قائ ًال إنه اقتيد معصوب العينين إلى أحد‬ ‫السجون في العاصمة السورية‪ ،‬حيث كان‬ ‫محتجزاً مع نشطاء مناهضين للحكومة‪ ،‬ثم أطلق سراحه بعد خمسة أيام‪.‬‬ ‫وكشف مكاليستر الطريقة التي يتم بها التعامل مع المعارضة من قبل السلطات‪ ،‬في االحتجاجات ضد‬ ‫الرئيس بشار األسد قائ ًال‪" :‬وضعت على مقعد في غرفة فارغة وحدي‪ ,‬وكنت أسمع خارجاً الضرب في غرفة‬ ‫مجاورة‪ ,‬والصفع والنحيب ألناس كانوا يصرخون وهم يضربون"‪.‬‬ ‫وتابع قائ ًال‪ ":‬إن سماع أصوات الضرب والتعذيب جعلني أرتعش‪ .‬لقد سمعت أصواتًا لم أسمعها أبداً من‬ ‫قبل‪ .‬لقد رأيت من قبل أشخاصًا يموتون‪ ،‬ولكن هذا الصوت‪ ،‬صرخة رجل‪ ,‬ال يوجد شيء مثله"‪.‬‬ ‫ونقل الصحفي عن أهالي حمص قولهم "كل ما نحتاج إليه هو المساعدة‪ .‬نحن بحاجة إلى تدخل‬ ‫لحماية المدنيين" داعياً إلى اتخاذ أي إجراء من شأنه تحريك األمور إلى األمام‪ ،‬ألن ثوار سوريا يقتلون‬ ‫كل يوم‪.‬‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫�صحفي بريطانى ينقل �صرخات املعتقلني‬ ‫ال�سوريني للعامل‬

‫سوريتنا‬ ‫ال مقدمات تستطيع أن تصف ذلك الصمت المدّقع في‬ ‫الشوارع والحواري واألزقة‪ ،‬ثِقل األنفاس وهي تتسارع‬ ‫ً‬ ‫طواعية‬ ‫أثناء المرور أمام المحالت التي َقطعت باب رزقها‬ ‫مطلب واحد هو الحرية واإلنعتاق؛ ال‬ ‫واختياراً في سبيل‬ ‫ٍ‬ ‫حروف تصف الحيرة التي تعتلي وجوه األمن والشبّيحة‬ ‫وهم يمسكون رشاشاتهم ويشهرونها نحو العدم‪ ..‬أم ً‬ ‫ال في‬ ‫اقتناص الهواء‪.‬‬ ‫أسبوعٌ أو أكثر مضى على اإلضراب الذي عمّ محافظة‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫خاوية على عروشها‪.‬‬ ‫أشباح‪،‬‬ ‫مدينة‬ ‫المدينة‬ ‫درعا‪ .‬تبدو‬ ‫ٍ‬ ‫حير ٌة مذهلة تعتريك وأنت تراقب ذلك المشهد الصامت‬ ‫الذي يوحي بانكفاء الحياة وتالشيها؛ لكنّه بنفس الوقت‬ ‫يخفي أم ً‬ ‫ال حقيقيًا بأن الحياة مستمرة‪ .‬تتنكر ربما! تتخفى!‬ ‫أجل شي ٍء واحدٍ هو نجاح الثورة واستمرارها‪ .‬ووراء‬ ‫من ِ‬ ‫الستائر واألبواب والنوافذ يفاجئك الناس‪ .‬الحياة مستمرة‬ ‫ِّ‬ ‫بكل شغفٍ‪ ،‬والحديث األوحد هو اإلضراب وكيفية إنجاحه‪،‬‬ ‫مع دعاء األمهات المستمر وغليان الشباب الذي يطوف َّ‬ ‫كل‬ ‫أن الحرية لم تعد‬ ‫يوم على‬ ‫شكل مظاهراتٍ مسائية تؤكد ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مطلبًا‪ ،‬إنِّها حقيقة يومية تعاش ِّ‬ ‫بكل تفاصيلها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫شكل الصباحات‬ ‫أزيز الرصاص الذي يرسم‬ ‫وتحتَ ِ‬ ‫الموحشة في المدينة تولد الثورة بسلميتها من جديد‪.‬‬ ‫الجميع قرّر أن يُغلق محالته احتجاجاً على الممارسات‬ ‫األمنية واالعتقاالت المتواصلة في قرى وبلدات حوران‪.‬‬ ‫أن أساليب‬ ‫ويأتي هذا اإلضراب وسط حديث الكثيرين عن ّ‬ ‫وأن الثورة تشق طريقها نحو‬ ‫الثورة السلمية قد انتهت ّ‬ ‫أن الثورة قادرة على‬ ‫التس ّلح‪ .‬لكنّ اإلضراب يُثبت من جديد ّ‬ ‫ابتكار أساليب جديدة للحفاظ على سلميتها‪ .‬ومن جهةٍ‬ ‫أن سلمية الثورة ال تتعارض مع تس ّلحها‪ .‬أنت في‬ ‫أُخرى يبدو ّ‬ ‫درعا تشهد ّ‬ ‫كل يوم اشتباكاتٍ طاحنة بين أفراد من الجيش‬ ‫ٍ‬ ‫السوري المنشق وبين قوات األمن التي تحتل المدينة‬ ‫وتقطع أوصالها إلى أشالء‪ .‬وهذا ما يفتح جدا ًال واسعاً حول‬ ‫الدمج بين الطريقتين‪ ،‬وفق تجارب جديدة يتحدث الناس‬ ‫أن استخدام السالح لحماية‬ ‫عنها في درعا وحمص‪ ،‬مفادها ّ‬ ‫المتظاهرين والمظاهرات هو الحل األمثل في مواجهة‬ ‫القمع الشديد من قبل األمن‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يشل األمن ويفقده السيطرة‬ ‫استطاع اإلضراب أن‬ ‫األمنية على المحافظة‪ ،‬فحاول األمن أن يكسره بشتى‬ ‫الوسائل باعثًا أفراداً منه لكي يهددوا أصحاب المحالت‬ ‫التجارية لوقف اإلضراب‪ ،‬ومن ثمّ قام بكسر وخلع بعض‬ ‫المحالت التجارية في محاولة لترهيب األهالي‪ ،‬إال أنّه لم‬ ‫يفلح في ثني الناس عن مواصلة اإلضراب‪ .‬ولقد شمل‬ ‫اإلضراب جميع أشكال الحياة‪ .‬المحالت التجارية‪ ،‬الوظائف‬ ‫الرسمية‪ ،‬المطاعم‪ ،‬حركة السير‪ ،‬المدارس‪...‬‬ ‫وفي حديثٍ مع أحد أعضاء تنسيقية الثورة في درعا‬ ‫أن اإلضراب لم يكن مخططًا له بشكل فعلي لكنه‬ ‫بيّن فيه ّ‬ ‫بدأ بتوافق شعبي‪ ،‬ممّا يُؤكد تشبث الناس بسلمية الثورة‬ ‫بالرغم من ِّ‬ ‫كل أشكال القمع واالعتقاالت التي تحدث في‬ ‫المحافظة‪ .‬ويروي عضو التنسيقية كيفية بدء اإلضراب‬ ‫قائ ً‬ ‫ال‪ :‬لقد بدأ بعض أصحاب المحالت التجارية باإلضراب‬ ‫بشكل غير مبيت‪ ،‬ومن ثم قام العديد من أصحاب المحالت‬ ‫ٍّ‬ ‫بشكل‬ ‫األخرى بالتضامن معهم‪ ،‬هذا ما أدى إلى التفكير‬ ‫حقيقي باإلعالن عن إضراب شامل يعمّ جميع أنحاء‬ ‫المحافظة‪ .‬ويضيف أن هذا اإلضراب ليس األول من نوعه‬ ‫في المحافظة‪ ،‬فمنذ عدة أشهر قامت المدينة بإضراب‬ ‫أن اإلضراب‬ ‫شمل جميع المحالت التجارية‪ .‬وقد نوّه إلى ّ‬ ‫ليس الوسيلة الوحيدة في الحراك السلمي للثورة لكنها من‬ ‫الممكن أن تكون األخيرة إذا لم تشمل جميع المدن السورية‬ ‫في طريق إلى العصيان المدني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اإلضراب في درعا مستمر تزامنا مع المظاهرات التي‬ ‫تخرج ّ‬ ‫كل يوم في مختلف أنحاء المحافظة‪ ،‬والتي لم تعد‬ ‫ٍ‬ ‫تقتصر على الرجال بل تشارك فيها النساء‪ ،‬حيث تنظم‬ ‫مظاهرات نسائية وأخرى للصبيان واألطفال ليعبّر الجميع‬ ‫فيها عن رفض قاطع لبقاء الرئيس ونظامه األمني‪ ،‬وسط‬ ‫مشهدٍ دمويٍّ يعمّ أنحاء سوريا يثبت فيها السوريون أن‬ ‫لديهم القدرة لمواجهة هذا النظام العاتي مهما طال الزمن‬ ‫ومهما تعددت الوسائل والخيارات‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫نشر مدون سوري شهادته على صفحات الفيس بوك عن توقيف سيارة للهالل األحمر تحمل‬ ‫طف ً‬ ‫ال جريحًا حتى وفاته‪ ،‬وبحسب ما ذكر المدون فإن الحادثة جرت عند دوار المهندسين في حمص‬ ‫التي تتعرض الجتياح قوات الجيش واألمن والشبيحة منذ شهور‪ .‬وهنا نص الشهادة‪:‬‬ ‫"لم أستطع االحتفاظ بهذا الموقف في داخلي ألنه أقسى من قدرتي على تحمله وعل صوتي‬ ‫يصل لمن صمت آذانهم عن ما يجري في وطني الجريح‪.‬‬ ‫كنت أهم بإيصال اثنين من أصدقائي مساء البارحة فأوقفنا حاجز دوار المهندسين‪ ،‬اقترب منا‬ ‫عنصران و طلبا هوياتنا‪ ،‬أعطيناهما الهويات و طلب أحدهم مني فتح صندوق السيارة‪ .‬نزلت لفتحه‬ ‫وانتبهت لوجود سيارة الهالل األحمر على الجهة المقابلة من الحاجز وحولها مجموعة من العناصر‬ ‫يقومون بتفتيشها وكانت السيارة متوقفة وأضواء إنذارها مطفأة وأحد المتطوعين يقف مع العناصر‬ ‫أثناء التفتيش‪.‬‬ ‫فتحت حقيبة سيارتي وقام العنصر بتفتيشها ثم أغلقها و سلمني الهوية‪ ،‬وفي هذه اللحظة‬ ‫انطلقت سيارة الهالل مسرعة وأشعلت ضوء اإلشارة وأطلقت صفارتها‪ ،‬فتلفت العنصر الذي فتشني‬ ‫نحوها وهي تبتعد و قال‪" :‬هه‪ ،‬ولك خلص مات الولد‪ ،‬على شو مستعجل"‪.‬‬ ‫صدمتني هذه العبارة وأنا اركب سيارتي فتوقفت وقلت له‪" :‬هل يوجد جريح في هذه السيارة"‪،‬‬ ‫فقال‪" :‬نعم"‪" ..‬وهل هو طفل"‪" ،‬نعم"‪" ..‬وكيف بتوقفو سيارة فيها جريح على الحاجز ما حرام‬ ‫عليكم‪ ".‬فقال العنصر‪" :‬وليش لحتى نمشيها وبركي فيها أسلحة"‪ ,‬فقلت له بعصبية‪" :‬سيارة الهالل‬ ‫األحمر فيها أسلحة‪ ،‬ال حول و ال قوة إال باهلل‪ ،‬راحت البلد‪".‬‬ ‫ركبت بسيارتي وانطلقت وفوضى من المشاعر تجول برأسي‪ .‬التفت ألصدقائي وأخبرتهم عما‬ ‫جرى‪ .‬عم جو من الحزن وسرنا في طريقنا وكأننا لم نمر منذ لحظات بكارثة إنسانية حقيقية‪.‬‬ ‫حتى نحن ربما بدأنا نعتاد على االنحالل األخالقي اإلنساني‪.‬‬ ‫اليوم اتصلت بأحد أصدقائي المسعفين ألستفسر وعلمت أن الطفل لم يصل للمشفى حياً‪".‬‬

‫اإلضراب في درعا‬

‫‪3‬‬


‫فـي اختالف الوقائع ال�سورية‪:‬‬ ‫وجهة نظر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫بــني اللغــة الر�ســمية ولغــة التقيــة‬ ‫موريس عايق‬ ‫من أكثر األمور التي تلفت‬ ‫االنتباه إلى الحدث السوري‪،‬‬ ‫تناقض الروايات المذهل‪ .‬ال يقلل‬ ‫أن جانبًا‬ ‫من قيمة ذلك التناقض ّ‬ ‫منه يعود إلى «بروباغندا» تتشدق‬ ‫بها وسائل اإلعالم الرسمية وشبه‬ ‫الرسمية للنظام السوري‪ ،‬ما دام‬ ‫هناك قسم كبير من السوريين‬ ‫المقتنعين تماما بها‪ ،‬رغم تفاهتها‪،‬‬ ‫بل على األرجح أنّهم سيكونون‬ ‫مقتنعين بكل ما تقوله‪ ،‬مهما بدا‬ ‫أن وسائل‬ ‫عبثياً وساذجًا‪ .‬يعني ذلك ّ‬ ‫اإلعالم السورية ال تكذب من باب‬ ‫خلط الحابل بالنابل‪ ،‬وخلق حالة‬ ‫من التشويش وحسب‪ ،‬بل أيضاً ‪-‬‬ ‫وهو األهم في هذا السياق ‪ -‬إنّها‬ ‫تقول ما سيصدقه قسم من الناس‪،‬‬ ‫وربما ما قد تبنوه في ما بينهم‪،‬‬ ‫قبل أن تبدأ هي نفسها بالترويج‬ ‫له‪ .‬قد تكون التجربة المعيشة هي‬ ‫األفضل‪ ،‬للداللة على واقع الفصام‬ ‫الذي يعيشه السوريون من االكتفاء‬ ‫بتناول التناقض بين وسائل‬ ‫اإلعالم‪ .‬تتكل تلك التجربة على‬ ‫«شهود العيان»‪ .‬ليس شهود العيان‬ ‫الذين نراهم على الفضائيات‪ ،‬بل‬ ‫أصدقائي ومعارفي من مدن سورية‬ ‫مختلفة (حمص‪ ،‬الالذقية‪ ،‬جسر‬ ‫الشغور‪ ،‬حلب ودمشق وغيرها)‬ ‫ومتنوعة‪ ،‬تناسب حياتي في مدن‬ ‫سوريا مختلفة‪ ،‬قبل مغادرتها منذ‬ ‫عدة سنوات‪ .‬ال أنكر صدمتي عند‬ ‫سماع القصص التي يروونها لما‬ ‫يحصل في سوريا‪ ،‬فالشعور األول‬ ‫الذي انتابني أنّهم ال يعيشون في‬ ‫البلد ذاته‪ ،‬بل في بلدين مختلفين‬ ‫تمامًا‪.‬‬ ‫في روايات الفئة األولى‪ ،‬تحضر‬ ‫العصابات المسلحة‪ ،‬والمسلحون‬ ‫والقناصة المجهولون الذين‬ ‫يعتدون على الجميع‪ ،‬بمن فيهم‬ ‫الشرطة والجيش‪ .‬تحضر أيضًا‬ ‫الهتافات الطائفية ضد العلويين‬ ‫والمسيحيين‪ ،‬وقصص التهديد‬ ‫وإجبار اآلخرين على المشاركة في‬ ‫التظاهرات‪ ،‬أو على األقل االكتفاء‬ ‫بإطالق الشعارات المناهضة‬ ‫للنظام‪ .‬التظاهرات ‪ -‬كما يروون‬ ‫ أصبحت في غالبيتها مشكلة من‬‫زعران يحملون عصياً وسكاكين‬ ‫وآالت حادة‪ ،‬يخربون ويكسرون‬ ‫ويروعون الناس‪.‬‬ ‫لدى الفئة الثانية‪ ،‬التظاهرات‬ ‫سلمية عمومًا‪ ،‬والشعارات الطائفية‬ ‫ظاهرة هامشية ومحصورة‪ ،‬وعادة‬ ‫ما تأتي إثر استفزاز‪ .‬أما العصابات‬ ‫المسلحة والتخريب‪ ،‬فهما من أعمال‬ ‫الشبيحة‪ .‬أحدهم روى كيف أنّه‬ ‫بعد تفريق تظاهرة في حمص‪،‬‬ ‫أتت سيارة بحماية أمنية لينزل منها‬

‫شبيحة ملتحون‪ ،‬بدأوا بالتخريب‬ ‫وصُوروا باعتبارهم‬ ‫والتكسير‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫جزءاً من المتظاهرين‪ .‬من المؤكد‬ ‫أن على المرء أن يراعي مسائل‬ ‫ّ‬ ‫متنوعة‪ ،‬ففي النهاية ال يروي‬ ‫«شهود العيان» كل ما رأوه بالفعل‪،‬‬ ‫بل جزءاً منه‪ ،‬وغالبًا تصلهم الروايات‬ ‫من خالل الشائعات والقصص التي‬ ‫يتناقلها المعارف‪ ،‬وكالعادة تكثر‬ ‫الشائعات مع ق ّلة توافر المعلومات‬ ‫من مصادر إعالمية موجودة على‬ ‫إن الكثير من «شهود‬ ‫األرض‪ .‬كذلك ّ‬ ‫العيان» حبيس منزله‪ ،‬بفعل‬ ‫الرصاص المنهمر والعشوائي في‬ ‫األحياء‪ .‬يفتقر السوريون أيضاً‪ ،‬في‬ ‫هذه الظروف‪ ،‬إلى التروي والتحقق‬ ‫مما يسمعونه‪ .‬فهم في النهاية ال‬ ‫يعيشون في ظل ظروف طبيعية‪،‬‬ ‫بل تحت الرصاص والشعور بعدم‬ ‫األمان والخوف‪ ،‬وهذه أمور يجب‬ ‫أن ذلك‬ ‫أن تؤخذ في الحسبان‪ .‬غير ّ‬ ‫أن السوريين‬ ‫ال يمنع من أن نرى ّ‬ ‫ال يعيشون واقعًا مشتركاً‪،‬‬ ‫بل واقعين مختلفين‪ ،‬وحتى‬ ‫متناقضين‪ ،‬أو «واقعين متوازيين»‪،‬‬ ‫كما يقول الباحث عامر محسن‪.‬‬ ‫واقعان ال يكتفيان باالختالف في‬ ‫«سرديتهما»‪ ،‬بل حتى ‪ -‬وهو األهم‬ ‫ في أحداثهما ووقائعهما المباشرة‬‫التي يفترض أن تكون جزءاً من‬ ‫التجربة المشتركة للسوريين‪.‬‬

‫هيمنة غري منجزة‬

‫ليست هذه الحال غريبة على‬ ‫السوريين‪ ،‬فقد اعتادوا التعبير عن‬ ‫أنفسهم عبر لغتين مختلفتين‪ ،‬بل‬ ‫متناقضتين‪ .‬األولى لغة رسمية‬ ‫يستخدمونها في الشأن العام‬ ‫والعلني‪ ،‬تتحدث عن التعايش‬ ‫والوحدة الوطنية والقومية العربية‬ ‫والصمود والتصدي‪ ،‬وقد ترفدها‬ ‫مفاهيم تتقدم أو تتراجع حسب‬ ‫السياق التاريخي‪ ،‬كاالشتراكية‬ ‫والتقدمية‪ .‬تقابل تلك اللغة‪،‬‬ ‫«لغات» أخرى تنزوي بعيداً في‬ ‫المجالس الخاصة‪ ،‬وضمن المحيط‬ ‫االجتماعي المباشر‪ ،‬يعبّرون من‬ ‫خاللها عن ذواتهم وعالقاتهم‬ ‫وتصورهم للعالم‪.‬‬ ‫منذ تس ّلم األسد األب للسلطة‬ ‫في ‪ ،1970‬أُبعد السوريون عن‬ ‫السياسة‪ ،‬وأُجبروا على االنسحاب‬ ‫من المجال العام‪ ،‬باعتباره مجا ً‬ ‫ال‬ ‫يتحاورون من خالله في قضايا‬ ‫تجربتهم‬ ‫ويوحّدون‬ ‫عامة‪،‬‬ ‫المعيشة‪ ،‬ويخلقون من خالله‬ ‫لغة ورموزاً وطنية مشتركة‪،‬‬ ‫توحد تجربتهم السياسية وتمسي‬ ‫قاعدة لهوية وطنية يتعرفون إلى‬ ‫أنفسهم من خاللها‪ .‬قابل افتقار‬

‫السوريين لـ«مجال عام» فشل‬ ‫الدولة (أو إفشالها) في مهمتها‬ ‫بـ«بناء أمة»‪ .‬فمع تحول الهيمنة‬ ‫الطبقية في السبعينيات‪ ،‬والصراع‬ ‫الدموي مع اإلخوان المسلمين‪،‬‬ ‫ضعفت الدولة التي تحوّلت إلى‬ ‫نظام‪ .‬فعلى المستوى الثقافي‬ ‫والتعليمي‪ ،‬أنجزت الدولة تسوية‬ ‫مع المثقفين التقليديين من رجال‬ ‫الدين‪ ،‬معززة هيمنتهم وسطوتهم‬ ‫على جماهيرهم‪ ،‬لترويج ثقافة‬ ‫طقوسية تعبدية ال تتعاطى‬ ‫السياسة‪ ،‬لكنّها بالمقابل تعزز‬ ‫الهويات المذهبية‪ ،‬فتزايدت أعداد‬ ‫الجوامع والمدارس القرآنية تزايداً‬ ‫هائ ً‬ ‫ال في سوريا (هناك ما يقارب‬ ‫عشرة آالف جامع ومسجد‪ ،‬وحسب‬ ‫التقديرات‪ ،‬نحو أربعة ماليين‬ ‫شخص يحضرون صالة الجمعة)‪.‬‬ ‫على المستوى االقتصادي‪،‬‬ ‫انسحبت الدولة تدريجاً‪ ،‬معززة‬ ‫من دور القطاع الخاص المكون‬ ‫من بورجوازية «قديمة»‪ ،‬دمشقية‬ ‫بخاصة‪ ،‬أخذت نصيبها في المجال‬ ‫التجاري والعقاري‪ ،‬و«بورجوازيات»‬ ‫مستجدة تُبنى عبر التسلط على‬ ‫الدولة وعالقات الفساد والقرابة‪.‬‬ ‫عزز ّ‬ ‫كل ذلك الروابط األهلية‬ ‫والمحلية التي يلجأ إليها األفراد‬ ‫لغرض الحماية واألمان االقتصادي‪،‬‬ ‫تعويضًا عن دور متراجع للدولة‪.‬‬ ‫وليس عبثاً أن تكون درعا (وحوران‬ ‫عمومًا) أحد معاقل االنتفاضة‪،‬‬ ‫وهي منطقة مدنية تضررت كثيراً‬ ‫بالسياسات االقتصادية في العقد‬ ‫األخير‪ ،‬ما دعم من دور العائالت‬ ‫الممتدة التي وفّرت حماية اقتصادية‬ ‫وحتى أمنية ألبنائها‪ ،‬في مواجهة‬ ‫أوضاع اقتصادية متراجعة وعسف‬ ‫سلطة جائرة‪ ،‬وسلطات محلية أشد‬ ‫فساداً وبطشًا‪.‬‬ ‫انسحاب الدولة وفشلها في‬ ‫تأسيس الجماعة الوطنية‪ ،‬وتماهيها‬

‫أكثر مع جهاز للقمع (اختزالها بنحو‬ ‫متزايد في وظيفتها القمعية)‪ ،‬وهو‬ ‫ما يسميه عادة المعلقون السوريون‬ ‫بانتصار النظام على الدولة‪ ،‬هو‬ ‫جذر لتلك االزدواجية اللغوية لدى‬ ‫السوريين‪ .‬فاللغة الرسمية هي‬ ‫لغة تمثيلية‪ ،‬ولم تسع إلى تأدية‬ ‫دور اللغة الشمولية التي تحاول‬ ‫أن تعيد قولبة المجتمع والمواطن‬ ‫على الصورة التي تتمناها النخبة‬ ‫لهما‪ ،‬فهذا الطموح البعثي انتهى‬ ‫عمليًا مع صالح جديد‪ .‬اكتفت اللغة‬ ‫الرسمية بدور تمثيلي‪ ،‬تحتكر‬ ‫الحضور في الشأن العام وتدل على‬ ‫طرد المواطنين لمصلحة الجمهور‬ ‫المطبل والمزمر‪ .‬لغة ال يصدقها‬ ‫أحد‪ ،‬حتى منتجو مفرداتها أنفسهم‪،‬‬ ‫ولكنّها اللغة الوحيدة التي تستخدم‬ ‫للحديث العلني‪.‬‬ ‫اللغات األخرى المنفية إلى‬ ‫المجال الخاص (وهي ما يسميه‬ ‫التقليد اإلسالمي على نحو معبّر‬ ‫التقية‪ ،‬أي التصريح باعتقاد‬ ‫مناف لما يبطنه المرء اتقا ًء لشر‬ ‫السلطة‪ ،‬ولهذا سأسميها بلغات‬ ‫التقية من دون الحمولة المذهبية‬ ‫للمفهوم) أي «لغات التقية» تمسي‬ ‫في المقابل أكثر صدقًا للسوريين‬ ‫للتعبير عن أنفسهم وتجاربهم‪.‬‬ ‫وقد نحت لغات التقية تلك‪ ،‬بتزايد‪،‬‬ ‫لتصبح لغات «هوية طائفية»‪،‬‬ ‫وخاصة بعد الصدام مع حركة‬ ‫اإلخوان المسلمين‪ ،‬وتزايد دور‬ ‫عالقات القرابة في بنية السلطة‬ ‫التي سعت أيضًا من جانبها إلى‬ ‫تعزيز الهويات الطائفية لتعزيز‬ ‫سطوتها وادعاءاتها بحماية األقليات‬ ‫وتحفيز عصبيات طائفية متنافرة‬ ‫ومتعادية‪ ،‬وأيضاً لتستعين فيها‬ ‫لحماية سلطتها‪.‬‬ ‫كل من هاتين اللغتين قدمت‬ ‫«تصوّرها» عن العالم والهوية‬ ‫والتاريخ‪ ،‬فكثيراً ما كانت أحداث‬


‫�سيا�سات اخلوف‬

‫ما يميّز السياسة أنّها ممارسة‬ ‫عقالنية‪ ،‬يخوضها مواطنون لتحقيق‬ ‫األفضل‪ ،‬وهي تحيل إلى المواطنة‬ ‫واألمل‪ .‬بالمقابل‪ ،‬اعتمدت الفاشيات‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في سياق الداللة على وحدة الشعب‬ ‫وتعايشه‪ .‬هكذا‪ ،‬ظهر «شبيحة‬ ‫النظام» الجوالون بشائعاتهم في‬ ‫الشوارع‪ ،‬عن استعدادات ألحياء‬ ‫من طائفة معينة لغزو أحياء تعود‬ ‫إلى طائفة أخرى‪ .‬استنفر النظام‬ ‫عصبيات طائفية ليضعها في‬ ‫مواجهة بعضها لبعض‪.‬‬ ‫لم يكن ما فعله النظام السوري‬ ‫غريباً أو جديداً‪ ،‬فلم يختلف عما‬ ‫فعلته األنظمة العربية في مواجهة‬ ‫انتفاضاتها‪ .‬اختالفه كان في الكمّ‬ ‫ال في الكيف‪ ،‬فالمؤامرة حضرت هنا‬ ‫وفي ميدان التحرير (من يذكر قضية‬ ‫المصري تامر غمرة وشخصيته‬ ‫المختلقة)‪ .‬السلفيون واإلخوان‬ ‫كانوا جزءاً من عدة التخويف‪،‬‬ ‫وكذلك البلطجية (الشبيحة في‬ ‫النسخة السورية) الذين هددوا‬ ‫األمن وأثاروا الرعب‪ ،‬وحتى الوصول‬ ‫إلى شفا حرب أهلية‪ ،‬البتزاز الشعب‬ ‫باألمن‪ ،‬مقابل تخليه عن مطلب‬ ‫إن اإلعالم الرسمي‬ ‫الحرية‪ .‬بل ّ‬ ‫وشبه الرسمي‪ ،‬ضرب رقمًا قياسيًا‬ ‫في انعدام المنطق والدجل‪ ،‬فحضر‬ ‫علم إسرائيل مرفرفًا على إمارة‬ ‫سلفية في حمص‪ .‬حتى اللبنانيون‬ ‫الذين أُحضروا لتعزيز رواية النظام‬ ‫لما يحصل‪ ،‬زادوا الطين ب ّلة‪،‬‬ ‫فكان رفيق نصر اهلل في لقائه‬ ‫على الفضائية السورية (في ‪28‬‬ ‫آذار ‪ )2011‬نموذجاً للمثل القائل‬ ‫«احترنا يا أقرع من وين نمشطك»‪.‬‬ ‫أن مبارك جزء من‬ ‫فهو اكتشف ّ‬ ‫المؤامرة األميركية‪ ،‬والثورة عليه‬ ‫أيضاً جزء من المؤامرة‪ ،‬و«حلها إذا‬ ‫فيك تحلها»‪.‬‬ ‫الكذب المسرف والوقح لإلعالم‬ ‫الرسمي‪ ،‬لم يكن بغرض إثارة‬ ‫البلبة وتضييع الحقيقة وحسب‪ ،‬بل‬ ‫استنفار تلك الهويات المضمرة وغير‬ ‫المعلنة‪ .‬فمن صدّق قناة «الدنيا»‬ ‫لم يفعل هذا بفعل «بروباغندا»‬ ‫النظام و«غسل المخ»‪ ،‬بل ألنّها‬ ‫هي من استلهم لغته السرية‪،‬‬ ‫وأجج مخاوفه التي تجد جذورها‬ ‫في «هويته»‪« .‬الدنيا» قالت ما‬ ‫سيصدقه الناس‪ ،‬ولم تدفعهم إلى‬ ‫تصديقها‪.‬‬

‫على الخوف (أو حتى سياسات اليمين‬ ‫الحالي كما بيّن باديو في تحليل‬ ‫للساركوزية)‪ ،‬فهو يحرك غريزة‬ ‫البقاء‪ ،‬ويستنفر الجماعة للدفاع‬ ‫عن «نحن» ضد «هم»‪ .‬ودومًا‬ ‫تكون الحدود المخترعة بين «نحن»‬ ‫و«هم» واضحة وقاطعة‪ .‬فهم‬ ‫«السود» مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو «المسلمون»‪ ،‬أما‬ ‫في سوريا‪ ،‬فهم «الطوائف األخرى»‬ ‫وغالباً «السنّة»‪.‬‬ ‫تحتاج الجماعات إلى الحماية‪،‬‬ ‫ومَن أفضل من النظام للدفاع‬ ‫عنا‪ ،‬عن «المسيحيين» أو‬ ‫«العلويين»‪ ،‬أو غيرهم؟ وبطبيعة‬ ‫إن الخوف يستثير أقوى‬ ‫الحال‪ّ ،‬‬ ‫المشاعر وأعنفها‪ ،‬ويختزل العالم‬ ‫في أحكامه القاطعة والمحكمة‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬يصبح «العلويون» طائفة‬ ‫النظام‪ ،‬ومنهم من دفع أقسى‬ ‫األكالف في مواجهته‪ ،‬وهؤالء لم‬ ‫يعرفوا ولم يروا مواجهتهم من‬ ‫خالل هوية علوية‪ ،‬بل عبر هويات‬ ‫وطنية وسياسية (شيوعية في‬ ‫غالبيتها)‪ ،‬حتى قيل إنّه بين كل‬ ‫معتقل سياسي ومعتقل سياسي‪،‬‬ ‫يوجد معتقل في بسنادا (من قرى‬ ‫الالذقية)‪.‬‬ ‫الخوف هو ما يزيد من وطأة‬ ‫هذه الروايات المتعددة والمتنافرة‪،‬‬ ‫فالسوريون ال يكتفون بالنظر إلى‬ ‫ما يحصل من خالل أفق التوقع‬ ‫الناتج من هوياتهم المتخيلة‬ ‫السرية دومًا والمعلنة حاليًا‪ ،‬بل‬ ‫أيضًا من خالل خوفهم الذي يعززه‬ ‫النظام بواقع الرصاص والشبيحة‬ ‫والموت المتجول‪ .‬خوف يحيل ّ‬ ‫كل‬ ‫«سني» إلى مشروع تكفيري يحمل‬ ‫في جيبه فتوى ابن تيمية‪ ،‬أو يجعل‬ ‫من «العلوي» رجل استخبارات‪ .‬ال‬ ‫يفسح الخوف مكاناً لتمايزات يحفل‬ ‫بها الواقع‪ ،‬وفي الواقع ال شيء اسمه‬ ‫علوي أو سنّي‪ .‬ما يراه السوريون‬ ‫هو خوفهم‪ ،‬وليس ما يحصل‪،‬‬ ‫يضخمون شعارات طائفية وهي‬ ‫موجودة وحقيقية‪ ،‬لكنّها ليست كل‬ ‫الواقع‪ ،‬بل ليست إال جزءاً نزيراً منه‪،‬‬ ‫ويتعامون بالمقابل عن شعارات‬ ‫أخرى تدعو للوحدة الوطنية‪.‬‬ ‫يكتفون باألولى كما يكتفون‬ ‫برواية السلطة عن عصابات‬ ‫مسلحة تفرخ كالفطر (ونحن الذين‬ ‫امتلكنا استخبارات لطالما أثارت‬ ‫حسد اآلخرين وحقدنا)‪ .‬ال يهم ما‬ ‫يكونه اإلنسان الواقعي‪ ،‬بل مدى‬ ‫توافقه مع صورته المتخيلة‪ ،‬وما‬ ‫فإن توافقا كان‬ ‫يقولونه عنه‪،‬‬ ‫ّ‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬

‫ت�صدع اخلطاب الر�سمي‬

‫ما حصل في سوريا‪ ،‬منذ‬ ‫بداية االنتفاضة‪ ،‬هو انهيار «اللغة‬ ‫الرسمية» التي تواطأ السوريون‬ ‫عليها‪ ،‬وهم مدركون لنفاقها‪ .‬في‬ ‫المقابل‪ ،‬صعدت «لغات التقية» من‬ ‫الجميع‪ ،‬ما سبب هذا التناقض في‬ ‫الروايات‪ .‬فاألحداث تصاغ باإلحالة‬ ‫على خبرات وتوقعات‪ ،‬تنهل من‬ ‫«لغات التقية» التي لم يستخدمها‬ ‫السوريون عالنية‪ ،‬مقتصرين عليها‬ ‫في جلساتهم الخاصة والموثوقة‪.‬‬ ‫لم يكن السوريون العاديون‬ ‫أول من استنفد هذه الخطابات‪،‬‬ ‫بل النظام السوري نفسه الذي‬ ‫تصدعت لغته الرسمية سريعًا‪ ،‬مع‬ ‫أول تحدٍّ لها‪ ،‬فكان أن استدعى‬ ‫الحديث عن «الفتنة الطائفية»‬ ‫و«اإلمارات السلفية»‪ ،‬وهو ما كان‬ ‫محرماً على لغته الرسمية التي‬ ‫تصر على الوحدة الوطنية والتناغم‬ ‫بين مكونات الشعب السوري‪ .‬فقد‬ ‫كانت الطوائف «تابو»‪ ،‬ال تذكر إال‬

‫ا�ستعادة ال�ساحة العامة‬

‫فشل الهيمنة‪ ،‬تصدع اللغة‬ ‫الرسمية‪ ،‬وخروج «لغات التقية»‬ ‫المتداخلة مع الخوف إلى العلن‪ ،‬هو‬ ‫ما يفسر هذا التنافر في الوقائع‬ ‫السورية‪ .‬لكن كيف يمكن حل هذا‬ ‫التناقض؟‬ ‫مصر الثورة تقدم طريقًا‬ ‫لحل المسألة‪ ،‬فالمصريون تقدموا‬ ‫في بناء أمتهم‪ ،‬بعدما استعادوا‬ ‫ساحتهم العامة (ميدان التحرير)‬ ‫عنوة من النظام‪ .‬حضر الجميع إلى‬ ‫الميدان وشاركوا‪ ،‬أخرجوا أفضل ما‬ ‫فيهم وأسوأ ما فيهم‪ ،‬بينما األنظمة‬ ‫العربية اعتادت حصراً على إخراج‬ ‫أسوأ ما فينا‪.‬‬ ‫في الساحة العامة‪ ،‬تتبلور‬ ‫هوية وطنية ال يمكن تعريفها‬ ‫إال بلغة السياسة والنقاش العام‬ ‫المفتوح للجميع‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يدفعهم إلى إعادة صياغة مطالبهم‬ ‫يفهمهما‬ ‫بلغة‬ ‫وقضاياهم‪،‬‬ ‫اآلخرون‪ ،‬ويلتقون عليها‪ .‬فالجماعة‬ ‫السياسية لن تكسب دعمًا إن هي‬ ‫اقتصرت على مخاوفها واحتياجاتها‬ ‫التي ال يرى اآلخرون أنفسهم فيها‪.‬‬ ‫ما تقدمه الساحة العامة‪ ،‬هو توحيد‬ ‫التجربة السياسية وتعلم النظر من‬ ‫زاوية اآلخرين‪ ،‬أي أن نأخذ مكانهم‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬ستتقدم هوياتنا‬ ‫المحلية التي اعتدنا عليها‪ ،‬لكن‬ ‫في ما بعد‪ ،‬سيبقى ما هو مشترك‬ ‫وعمومي‪ .‬الذين سيصرون على‬ ‫محليتهم وتطرفهم‪ ،‬سيُدفعون‬ ‫مع الوقت (وأيضاً مع الكثير من‬ ‫التضحيات والنكسات والتراجعات)‬ ‫إلى األطراف‪ .‬الحجة المعتادة عن‬ ‫«القناع السياسي» الذي سيدعيه‬ ‫اإلسالميون حتى يصلوا إلى مأربهم‬ ‫لن تكون ذات جدوى‪ ،‬و«القناع‬ ‫السياسي» نفسه‪ ،‬سيتحوّل مع‬ ‫الوقت والتسويات المستمرة‪ ،‬إلى‬ ‫الوجه الحقيقي لصاحبه‪ .‬على‬ ‫إن «التقية»‬ ‫العكس من ذلك‪ّ ،‬‬ ‫السياسية هي نتاج تغييب السياسة‬ ‫وإقصائها‪.‬‬ ‫إن التغلب على االزدواجية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كما على الطائفية‪ ،‬يكون في‬ ‫استعادة المجال العام وتحريره‪ ،‬وأن‬ ‫ينقل السوريون إليه هواجسهم‬ ‫ورغباتهم وطموحاتهم‪ .‬المشاركة‬ ‫في التغيير‪ ،‬هي خير ضمانة ألن‬ ‫يكون لهم رأي فيه‪ .‬هو رهان‪،‬‬ ‫ولكنّه يستحق أن يعاش‪ .‬في‬ ‫المقابل‪ ،‬االنتظار والتسليم بذريعة‬ ‫الطائفية والفتنة‪ ،‬سيؤديان إلى‬ ‫الطائفية والفتنة‪ ،‬ولطالما كان‬ ‫إقصاء السوريين عن السياسة‬ ‫والنقاش العام‪ ،‬الطريق المؤدي‬ ‫إلى المحذور الطائفي‪ ،‬فتتحوّل‬ ‫الطائفية من هوية متخيلة إلى‬ ‫واقع‪.‬‬ ‫كاتب عربي – عن جريدة األخبار اللبنانية‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫تؤدي دوراً مركزيًا لدى إحدى‬ ‫الجماعات من خالل لغتها الخاصة‪،‬‬ ‫ال تحضر أص ً‬ ‫ال في اللغة الرسمية‪،‬‬ ‫أن أبطا ً‬ ‫ال معتمدين في اللغة‬ ‫أو ّ‬ ‫الرسمية ملعونون في لغة خاصة‬ ‫ما‪ ،‬أو أن ترد األحداث وروداً متنافراً‪.‬‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬اعتادت جدتي‬ ‫(والعديد من مسيحيي حلب من جيل‬ ‫جدتي) على روايات قصص هبّات‬ ‫حلب باعتبارها «قاموا اإلسالم على‬ ‫المسيحية»‪ .‬ال توجد هبّة في حلب‬ ‫على االنفصال‪ ،‬أو تلك الناصرية‬ ‫على حزب البعث في ‪ ،1963‬ك ّلها‬ ‫تنتفي لمصلحة ثيمة واحدة «قاموا‬ ‫اإلسالم على المسيحية»‪ ،‬ضمن‬ ‫سردية للقمع واالضطهاد والمعاناة‬ ‫للمسيحيين‪.‬‬ ‫أن هاتين اللغتين كثيراً‬ ‫غير ّ‬ ‫ما تداخلتا‪ ،‬وإن بطريقة مواربة‪،‬‬ ‫فكثير من النقاشات السياسية‬ ‫امتلكت ميزة قد يعدمها المرء‬ ‫خارج سوريا‪ .‬فالنقاش يبدأ على‬ ‫موضوع له عالقة بالفساد مث ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫لينتهي بمشادة من نوع «أنت سنّي‬ ‫ولهذا تعارض النظام»‪ .‬قد ال يفهم‬ ‫اآلخرون مثل تلك القفزات‪ ،‬لكنّها‬ ‫لدى السوريين مفهومة‪ ،‬فالنقاش‬ ‫الذي يبدأ من خالل لغة رسمية‬ ‫يكون مشبع بإيماءات وإشارات‬ ‫تحيل إلى «لغات» أخرى‪.‬‬ ‫من الضروري التنبيه إلى‬ ‫أنّه ليس كل السوريين يعرّفون‬ ‫أنفسهم بلغة طائفية‪ ،‬بل كثيرون‬ ‫ال يعيرونها اهتماماً‪ ،‬ويعرّفون‬ ‫أنفسهم من خالل هويات سياسية‬ ‫شيوعية أو قومية‪ ،‬أو غيرها‪ .‬لكن‬ ‫هذا التعايش غير المعلن‪ ،‬هو ما‬ ‫يثير اللغط والطرافة في كثير من‬ ‫األحيان‪« .‬لغات التقية» التي تعزز‬ ‫موقعها في عهد التصحيح‪ ،‬خلقت‬ ‫سرديات لهويات طائفية متخيلة‪،‬‬ ‫كانت تعبيراً عن عدم قدرة الدولة‬ ‫على بناء أمة تحقق هيمنة لهوية‬ ‫وطنية‪ ،‬وعبرت كذلك عن جوهر‬ ‫الممارسة السياسية في سوريا‬ ‫القائمة على تذرير الشعب في‬ ‫عصبيات محلية ودنيا‪ ،‬يتوجس‬ ‫بعضها من بعض‪ ،‬ويستخدم‬ ‫النظام جميعها‪.‬‬

‫تأكيداً لـ«سرديتنا»‪ ،‬وإن اختلفا‬ ‫فإنّه يمارس التقية‪ .‬هنا يكمن‬ ‫إنجاز النظام السوري في تعزيزه‬ ‫خوفاً طائفيًا مستديمًا ومهيمنًا‬ ‫في نفوس السوريين‪ ،‬والطائفية‬ ‫ليست انتما ًء مذهبيًا‪ ،‬بل «مشروع‬ ‫سياسي» رعته السياسة وأنتجته‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫الثورة ال�سلمية وتوافق الأ�ضداد‬ ‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫ي‪.‬م‬

‫خاص | سوريتنا‬ ‫يثير مصطلح الثورة السلمية عدداً‬ ‫من األس��ئلة لعل أبرزها ه��و الكيفية‬ ‫الت��ي اجتمع فيها مصطلح "ثورة" بكل‬ ‫ما يحمله م��ن معاني الرفض والتمرد‬ ‫والخ��روج ع��ن الس��ائد‪ ،‬ومصطل��ح‬ ‫"س��لمية" بما يحمله من وداعة وسالم‬ ‫واستكانة في بعض األحيان‪.‬‬ ‫ويعود الس��بب ف��ي ذل��ك إلى أن‬ ‫تاريخ الثورات في العالم كان مصبوغاً‬ ‫بالل��ون األحم��ر‪ ،‬حت��ى لج��أ الش��عراء‬ ‫واألدباء إلى اعتبار الحرية حمراء نظراً‬ ‫للتضحي��ات الجس��يمة الت��ي تقدمه��ا‬ ‫الشعوب والجماهير في سبيل حريتها‪،‬‬ ‫وألن التاري��خ بالفعل أثب��ت أن التغيير‬ ‫اقترن عل��ى الدوام بالعن��ف والصدام‬ ‫والفوضى واألمثلة على ذلك أكثر من‬ ‫أن تحصى‪.‬‬ ‫أما السلمية أو الالعنف‪ ،‬فلعل من‬ ‫أبرز من نادى به��ا وطبقها بالفعل هو‬ ‫المهاتم��ا غاندي الذي أس��س فلس��فة‬ ‫المقاوم��ة الالعنفي��ة ف��ي الهن��د ضد‬ ‫االحتالل البريطاني‪ .‬ويذكر التاريخ أن‬ ‫االنكليز حاروا بالفعل آنئذ ألنهم واجهوا‬ ‫مقاومة غريبة من نوعها‪ ،‬ومقاومة لم‬ ‫يألفوها من قبل‪ .‬كان الهنود يخرجون‬ ‫ب��اآلالف ف��ي مس��يرات صامت��ة عل��ى‬ ‫األغل��ب ويواجهون البن��ادق االنكليزية‬ ‫بصدوره��م العاري��ة ويتس��اقطون‬ ‫قتلى دون أن يف��زع منهم أحد أو حتى‬ ‫يص��رخ باس��تغاثة‪ .‬كان��ت ش��جاعتهم‬ ‫تبه��ر االنكليز وتجعله��م في حيرة من‬ ‫أمره��م‪ .‬وبلغ األمر ذروت��ه عندما قرر‬ ‫االنكلي��ز رفع أس��عار المل��ح في عموم‬ ‫الهند‪ ،‬فما كان من غاندي إال أن دعا إلى‬ ‫مس��يرة جماهيرية كبيرة باتجاه البحر‬ ‫وأن يصحب الناس معهم ثيابًا إضافية‪.‬‬ ‫ل��م يفهم ال الهن��ود وال االنكليز مغزى‬ ‫المس��يرة‪ ،‬ولك��ن الهنود تبع��وا غاندي‬ ‫لثقتهم به وبقيادته‪ ،‬فلما وصلوا البحر‬ ‫أوع��ز غان��دي إليهم أن يضع��وا الثياب‬ ‫اإلضافية في مياه البحر ثم ينتش��لوها‬ ‫ويجففوها‪ ،‬وبهذا اس��تطاع اس��تخراج‬ ‫المل��ح بمئ��ات الكيلوغرام��ات‪ ،‬فصدم‬ ‫االنكليز واضطروا إلى تخفيض أسعار‬ ‫الملح‪ ،‬وعرفت تلك المس��يرة منذ ذلك‬ ‫اليوم بمسيرة الملح‪.‬‬ ‫يعي��ش الس��وريون من��ذ ثمانية‬ ‫أش��هر ظروف��اً طارئ��ة عل��ى حياتهم‬

‫الرتيب��ة لم يعهدوها من��ذ زمن بعيد‪،‬‬ ‫فمج��رد كلم��ة مظاهرة تم إس��قاطها‬ ‫من القاموس السوري لعقود خلت لما‬ ‫تحمله م��ن دالالت "االعت��راض" حتى‬ ‫ول��و كان ه��ذا االعتراض على أس��عار‬ ‫الكتب المدرس��ية‪ .‬لم يكن االعتراض‬ ‫أو مجرد االمتعاض مقبو ًال في سوريا‪،‬‬ ‫إن م��ا يأم��ر به القائ��د المله��م يعتبر‬ ‫منز ًال‪ ،‬وما يمنحه لنا هو عطاء يستحق‬ ‫علي��ه المدي��ح والثن��اء أربعي��ن يوم��اً‬ ‫بلياليها‪ .‬أما من ينتقد أو يعترض فهو‬ ‫"مع��اد ألهداف الثورة" و"ينش��ر أفكاراً‬ ‫هدام��ة توهن نفس��ية األمة"‪ .‬ضاعت‬ ‫ألوف وألوف من شباب هذا الوطن بين‬ ‫التهجير واالعتقال واالختفاء القس��ري‬ ‫والقتل ال لش��يء إال ألن بعضهم تجرأ‬ ‫واختلف مع أولي األمر‪.‬‬ ‫بدا الحراك الش��عبي ف��ي بداياته‬ ‫م��ن درعا وكأن��ه حل��م‪ ،‬وكانت صورة‬ ‫الجم��وع الغاضب��ة وه��ي تمش��ي في‬ ‫شوارع المدينة عصية على الفهم أول‬ ‫األمر‪ ،‬وال عجب أن كثيراً من السوريين‬ ‫اعتب��ر ف��ي األم��ر معج��زة م��ا أو على‬ ‫األق��ل حدث��اً اس��تثنائياً ولكنه عارض‬ ‫ألن المنظ��ر ف��ي حد ذاته ل��م يره من‬ ‫ه��م من موالي��د ما بع��د ‪ ،1963‬حيث‬ ‫نش��أ جيل كامل عل��ى اتب��اع الطريق‬ ‫الواح��د والرؤي��ة الواحدة‪ .‬لم يس��تطع‬ ‫الكثي��ر م��ن الن��اس وكذل��ك األجهزة‬ ‫األمني��ة والعس��كرية فه��م حقيقة ما‬ ‫يج��ري‪ ،‬رغم أن مطال��ب الناس آنذاك‬ ‫كان��ت خدمية وحياتية بحتة‪ ،‬فلم يكن‬ ‫هناك أي ذكر إلس��قاط نظام أو تحدي‬ ‫سلطة‪.‬‬ ‫وبالع��ودة قلي ً‬ ‫�لا إل��ى ال��وراء‪،‬‬ ‫وانطالقًا من إحساس��هم بالمسؤولية‪،‬‬ ‫بادر عدد من وجه��اء درعا إلى مقابلة‬ ‫المحافظ والمس��ؤول ع��ن األمن الذي‬ ‫كان ف��ي غاي��ة الفظاظ��ة ورد عليهم‬ ‫بأقس��ى عبارات المهانة واالس��تخفاف‬ ‫ظنًا منه بأن ذلك سيكون كفي ًال بردهم‬ ‫على أعقابهم وبأنهم س��يعودون إلى‬ ‫منازله��م ومن ثم تس��ير األم��ور كما‬ ‫س��ارت ف��ي خمس��ين عام��اً س��بقتها‪.‬‬ ‫ولعلنا اليوم حين نتذكر ذلك ال يسعنا‬ ‫على ما يبدو إال أن نش��كره ألنه بذلك‬ ‫دفعهم إلطالق ش��رارة الثورة‪ ،‬فال هو‬ ‫وال رؤس��اؤه فهموا التاريخ وال حركته‪،‬‬ ‫ونس��وا أن التاريخ ال يمش��ي في خط‬

‫من صور اإلضراب في المدن السورية (درعا)‬

‫مستقيم‪.‬‬ ‫خ��رج الن��اس في ذل��ك اليوم من‬ ‫ش��هر آذار مطالبي��ن باإلف��راج ع��ن‬ ‫أبنائه��م ورد االعتب��ار لوجهائه��م‬ ‫ومنددين بالفساد والمحسوبية‪ ،‬وأهل‬ ‫درع��ا باإلجم��ال معروف��ون بالطيب��ة‬ ‫والمس��المة‪ ،‬غير أن ما نسيه مسؤول‬ ‫األم��ن هو أنه��م معروف��ون باألصالة‬ ‫والنخ��وة وأنهم ل��ن يقبل��وا ضيماً وال‬ ‫مذل��ة‪ .‬خ��رج أولئك في مظه��ر مهيب‬ ‫زل��زل س��وريا حت��ى أقص��ى ش��مالها‬ ‫وش��رقها وغربه��ا‪ ،‬وهم بذل��ك نفثوا‬ ‫ال��روح ف��ي كل الس��وريين‪ ،‬وكس��روا‬ ‫بس��لميتهم قيود ونير االستبداد الذي‬ ‫جثم على صدوره��م وصدورنا عقوداً‬ ‫طويلة نس��ينا خاللها أصواتنا واحمرار‬ ‫وجوهنا الغاضبة‪.‬‬ ‫كنا ولفترات طويلة نقرأ ونس��مع‬ ‫عن إبداع الشعب السوري وعن تجارب‬ ‫رائعة لسوريين في الخارج‪ ،‬حتى وصلنا‬ ‫لقناعة أن الوطن أصبح مقبرة لإلبداع‬ ‫بد ًال م��ن أن يك��ون حاضنت��ه‪ .‬واليوم‬ ‫يثب��ت الس��وريون بالفع��ل إبداعه��م‬ ‫بثورتهم الت��ي ال تفتأ تطل علينا أيام‬ ‫الجمع وباقي أيام األسبوع بعشرات من‬ ‫األفكار واألساليب المبتكرة والتي على‬ ‫بس��اطتها تثير الرعب في قلوب أولئك‬ ‫المدججي��ن بالس�لاح والعت��اد‪ .‬تكفي‬ ‫بساطة فكرة إخفاء مكبر صوت يعمل‬ ‫بالتحك��م عن بعد ف��ي حاوية للقمامة‬ ‫وتش��غيله لبث أغان��ي وأهازيج الثورة‬ ‫في أش��د األماك��ن ازدحام��اً‪ ،‬ويكفيك‬ ‫منظر رج��ال األمن وش��بيحتهم وهم‬ ‫ي��دورون ح��ول أنفس��هم وكأنهم رأوا‬ ‫أش��باحاً يريدون القض��اء على الصوت‬ ‫الذي يصم آذانهم ويقض مضاجعهم‪.‬‬ ‫آمن السوريون اليوم أن من ذاق طعم‬ ‫الحرية لن يرضى بغيرها بدي ًال‪ ،‬ولهذا‬ ‫سيكون من غير المس��تبعد أن تنتشر‬ ‫بعض الفوضى هنا وهناك في مرحلة‬ ‫الحق��ة‪ ،‬ولكن من ق��ال أن النظام كان‬ ‫باألس��اس "نظام��ًا"؟ انح��درت ه��ذه‬ ‫الكلم��ة ف��ي زم��ن البعث م��ن معناها‬ ‫السامي والراقي لتصبح رمزاً للطغيان‬ ‫والعبودية‪ ،‬ولهذا يريد الناس اليوم أن‬ ‫يتم��ردوا عل��ى كل ش��يء‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫يش��به موج البحر العات��ي والذي مهما‬ ‫ارتف��ع وأحدث بع��ض الخس��ائر على‬ ‫الش��واطئ فإن��ه يع��ود إل��ى المحيط‬

‫الواس��ع الذي يحيا فيه الجميع بس�لام‬ ‫وتآلف‪.‬‬ ‫إن تجارب من قبيل إطالق بالونات‬ ‫هوائية عليها شعارات معادية للنظام‪،‬‬ ‫أو إطف��اء األنوار في س��اعات محددة‪،‬‬ ‫ناهيك عن اس��تخدام بعض الش��باب‬ ‫للباذنج��ان كقناب��ل وأنابي��ب التدفئة‬ ‫كصواري��خ {وه��و ابت��كار حمص��ي‬ ‫بالمناس��بة}‪ ،‬ال ينف��ك الس��وريون‬ ‫يبه��رون العالم بها وبأس��اليبهم التي‬ ‫تدع��و أحيان��ًا للضحك رغم مأس��اوية‬ ‫معانيه��ا‪ ،‬ولكنها ج��ذوة الحري��ة التي‬ ‫انقلبت بركانًا ال يهدأ وش��علة س��تنير‬ ‫ال��درب ألجي��ال المس��تقبل لتفخر بما‬ ‫فعل��ه األج��داد ف��ي مواجه��ة الظل��م‬ ‫واالستبداد‪.‬‬ ‫إن الدع��وة إلى العصي��ان المدني‬ ‫هي أرقى أنواع الثورة السلمية‪ ،‬وهي‬ ‫تثير جن��ون النظام وأعوانه ألنها حرب‬ ‫بال س�لاح‪ ،‬وصراخ بال صوت‪ ،‬ولو فهم‬ ‫الن��اس ه��ذه الحقيق��ة لما بق��ي هذا‬ ‫النظ��ام كل هذه الس��نوات‪ .‬ل��و امتنع‬ ‫الن��اس ع��ن التوق��ف لس��اعات أم��ام‬ ‫المؤسس��ات االس��تهالكية للحص��ول‬ ‫عل��ى غرام��ات م��ن اللح��م الفاس��د‬ ‫ألس��بوع واح��د لم��ا اس��تطاع النظ��ام‬ ‫إذالله��م طيل��ة س��نوات الثمانيني��ات‪.‬‬ ‫ولكن حركة التاري��خ التي ال تقف عند‬ ‫أي أح��د مهما كان��ت خصوصيته تدور‬ ‫اليوم في سوريا بتس��ارع يلهث وراءه‬ ‫أنص��اره وأعداؤه على حد س��واء‪ .‬وها‬ ‫ه��ي درعا تس��بق الجميع إل��ى الريادة‬ ‫في هذا المجال‪ ،‬وتعيش منذ أكثر من‬ ‫أس��بوع إضرابًا عامًا ب��ات يقود أجهزة‬ ‫األم��ن إل��ى الجن��ون‪ .‬وإذا اس��تطاعت‬ ‫األغلبي��ة اإلضراب ولو لي��وم واحد في‬ ‫كل المؤسس��ات والمح��ال التجاري��ة‬ ‫والقطاعات الخدمية‪ ،‬فسيذوق النظام‬ ‫عقوبات الش��عب هذه المرة‪ ،‬وسيعلم‬ ‫أن سلطة الشعب هي األعلى ال سلطة‬ ‫الب��ارود‪ .‬يخ��رج الن��اس يومي��ًا وه��م‬ ‫يعلمون أنهم سيعودون بدون عشرين‬ ‫أو ثالثين من أعز أصدقائهم وأقاربهم‬ ‫وإخوانه��م‪ ،‬ولكنه��م ال يتوانون‪ .‬ومن‬ ‫كان��ت لديه ش��جاعة الم��وت وهبت له‬ ‫الحياة‪ ،‬ومن كانت كرامته س�لاحه لن‬ ‫تخيف��ه دباب��ة‪ ،‬فهي من مع��دن وهو‬ ‫من روح‪ ،‬والمعدن ي��ذوي ولكن الروح‬ ‫خالدة ال تفنى‪.‬‬


‫االنتخابات التونسية‪..‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫علمانية قوية داخل تونس‪.‬‬ ‫كذل��ك يش��ارك باالنتخاب��ات‬ ‫الح��زب "الديمقراط��ي التقدم��ي"‪،‬‬ ‫وه��و الح��زب العلمان��ي األبرز في‬ ‫الس��باق االنتخابي‪ ،‬ويقدم نفس��ه‬ ‫عل��ى أن��ه بدي��ل لح��زب النهض��ة‬ ‫اإلس�لامي‪ .‬ومؤسس��ه السياس��ي‬ ‫الش��هير نجيب الش��ابي وهو محام‬ ‫ٍ‬ ‫قناعات��ه تنتم��ي ليس��ار الوس��ط‪،‬‬ ‫وهو م��ن المعارضة من��ذ عهد بن‬ ‫علي‪ .‬وقد تقدم الش��ابي لترش��يح‬ ‫نفس��ه عام ‪2009‬م لمنافس��ة بن‬ ‫علي في االنتخابات الرئاسية‪ ،‬لكن‬ ‫قانونً��ا أص��دره ب��ن عل��ي إلبعاده‬ ‫عن الس��باق قضى بع��دم أحقيته‬ ‫في الترش��ح‪ .‬وعين الشابي وزيرًا‬ ‫للتنمي��ة الجهوية ف��ي أول حكومة‬ ‫تسيير أعمال بعد سقوط بن علي‪،‬‬ ‫واستقال من منصبه إثر احتجاجات‬ ‫حاشدة أسقطت الحكومة‪.‬‬ ‫ورك��زت الحمل��ة االنتخابي��ة‬ ‫للح��زب الديمقراط��ي التقدم��ي‬ ‫عل��ى التخويف من ح��زب النهضة‪،‬‬ ‫والتفزي��ع م��ن تول��ي إس�لاميين‬ ‫الحكم‪.‬‬ ‫وقد سعت األمين العام للحزب‬ ‫وهي مي��ة الجريب��ي للتخويف من‬ ‫اإلس�لاميين‪ ،‬معتبرة أنهم يمثلون‬ ‫اتجاهً��ا متطرفً��ا‪ ،‬حي��ث قالت في‬ ‫تجم��ع انتخابي‪ :‬إنه��ا واثقة من أن‬ ‫التونسيين س��يصوتون للوسطية‬ ‫ولي��س للتطرف‪ ،‬وأن��ه يتعين على‬ ‫تونس حماية شعلة الوسطية‪.‬‬ ‫وحاول الش��ابي إقام��ة تحالف‬ ‫مع أحزاب علمانية أخرى؛ للحيلولة‬ ‫دون ف��وز ح��زب النهض��ة بأغلبية‬ ‫مقاعد الجمعية التأسيس��ية‪ .‬ولكن‬ ‫الش��ركاء المحتملي��ن يري��دون أن‬

‫تظ��ل خياراته��م مفتوح��ة لحي��ن‬ ‫ظهور النتائج‪.‬‬ ‫وإل��ى جان��ب ذل��ك‪ ،‬يش��ارك‬ ‫ح��زب "التكت��ل الديمقراط��ي م��ن‬ ‫أجل الع��دل والحري��ات" وهو حزب‬ ‫اش��تراكي أسس��ه مصطف��ى ب��ن‬ ‫جعف��ر (طبي��ب) في ع��ام ‪1994‬م‪.‬‬ ‫وكان جعف��ر ضم��ن معارض��ي بن‬ ‫عل��ي الذي��ن ل��م يغ��ادروا تونس‪.‬‬ ‫وحظى حزب��ه بوض��ع قانوني في‬ ‫ع��ام ‪2002‬م‪ ،‬لكنه ووجه بتضييق‬ ‫وتعتيم إعالمي‪.‬‬ ‫وكذل��ك‪ ،‬ش��غل ب��ن جعف��ر‬ ‫منص��ب وزي��ر الصح��ة ف��ي أول‬ ‫حكوم��ة تش��كلت بعد س��قوط بن‬ ‫علي‪ .‬ولقي احترامً��ا كبيرًا عندما‬ ‫استقال‪ ،‬معلنًا رفضه وجود وزراء‬ ‫من الحكومة القديمة‪.‬‬ ‫ويعتقد أنه في حال سعى حزب‬ ‫النهضة عقب االنتخابات لتش��كيل‬ ‫"ائت�لاف موس��ع" يض��م أحزابً��ا‬ ‫علمانية كبرى‪ ،‬فإن حزب بن جعفر‬ ‫شريك محتمل على األرجح‪.‬‬ ‫ومن أبرز االئتالفات المشاركة‬ ‫هو "القطب الديمقراطي الحداثي"‪،‬‬ ‫وهو يضم باألساس حزب "التجديد"‬ ‫و"الح��زب االش��تراكي اليس��اري"‬ ‫وحزب "طري��ق الوس��ط" و"الحزب‬ ‫الجمهوري"‪.‬‬ ‫ويعتب��ر ح��زب "التجديد" أقوى‬ ‫مكونات هذا االئتالف‪ ،‬حيث يرأسه‬ ‫أحم��د إبراهي��م وه��و منبث��ق عن‬ ‫الحزب الش��يوعي‪ .‬وقد ف��از الحزب‬ ‫بثالث��ة مقاع��د فق��ط ف��ي آخ��ر‬ ‫انتخاب��ات برلمانية أجريت في عهد‬ ‫ب��ن علي؛ نتيجة معوقات من جانب‬ ‫حكومة بن علي‪ .‬وإبراهيم أس��تاذ‬ ‫جامعي سابق وكان وزيرًا للتعليم‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ص��وت الش��عب التونس��ي في‬ ‫أول انتخاب��ات تعددي��ة ح��رة ف��ي‬ ‫تاريخ��ه بع��د أن أطاح��ت انتفاضة‬ ‫تون��س الش��عبية بالرئيس الهارب‬ ‫زي��ن العابدي��ن ب��ن عل��ي‪ .‬ويختار‬ ‫التونس��يون أعض��اء المجل��س‬ ‫التأسيس��ي الذي س��يناط به وضع‬ ‫دستور جديد للبالد‪ ،‬وبناء مؤسسات‬ ‫ديمقراطية فيها‪.‬‬ ‫االنتخابات التونس��ية يش��ارك‬ ‫فيه��ا أح��زاب جدي��دة إل��ى جان��ب‬ ‫األح��زاب الكرتونية التي س��يطرت‬ ‫الحياة السياسية في عهد بن علي‪،‬‬ ‫حي��ث ارتفع��ت أعداد األح��زاب في‬ ‫تونس م��ن ‪ 19‬حزبًا في الس��ابق‬ ‫إلى ‪ 116‬حزبًا حاليًا‪ .‬وتشارك تلك‬ ‫األحزاب في االنتخابات إما منفردة‪،‬‬ ‫أو في إطار تحالفات‪.‬‬ ‫وألول مرة‪ ،‬تنظ��م االنتخابات‬ ‫لجن��ة مس��تقلة ويش��رف عليه��ا‬ ‫مراقب��ون دولي��ون م��ن االتح��اد‬ ‫األورب��ي‪ .‬وتج��رى االنتخاب��ات‬ ‫ً‬ ‫وفق��ا لنظ��ام التمثي��ل النس��بي؛‬ ‫حي��ث تقس��م البالد إل��ى ‪ 33‬دائرة‬ ‫انتخابية‪ ،‬بينها ‪ 27‬في كافة المدن‬ ‫التونس��ية‪ ،‬وس��تة للتونسيين في‬ ‫الخارج‪ .‬والحد األقصى للمقاعد في‬ ‫كل دائرة عشرة مقاعد من إجمالي‬ ‫مقاعد البرلمان البالغة ‪.217‬‬ ‫ويط��رح كل حزب مش��ارك أو‬ ‫ائتالف قائمة بمرش��حيها‪ ،‬ويصوت‬ ‫الناخب��ون على القائمة كلها وليس‬ ‫على المرشحين‪.‬‬ ‫وكل ‪ 60‬أل��ف ص��وت تحص��ل‬ ‫عليه��ا أي قائمة يخوله��ا الحصول‬ ‫على مقعد في الجمعية التأسيسية‪،‬‬ ‫وإذا بقي��ت أي مقاع��د ف��ي دائ��رة‬ ‫انتخابي��ة تمن��ح للقائم��ة صاحب��ة‬ ‫ثاني أعلى عدد من األصوات‪.‬‬ ‫األحزاب والتحالفات‬ ‫س��جل أكث��ر م��ن ‪ 100‬ح��زب‬ ‫للمش��اركة في االنتخابات‪ .‬وهناك‬ ‫عدد كبير من القوائم الفردية‪.‬‬ ‫وم��ن أبرز األحزاب المش��اركة‬ ‫ف��ي االنتخاب��ات ح��زب النهض��ة‬ ‫اإلس�لامي ال��ذي يتزعم��ه الش��يخ‬ ‫راش��د الغنوش��ي‪ ،‬ال��ذي أس��س‬ ‫حرك��ة النهض��ة في ع��ام ‪1981‬م‬ ‫م��ع مجموع��ة م��ن المفكري��ن‬ ‫اإلس�لاميين‪ ،‬الذي��ن اس��تلهموا‬ ‫فكر جماعة "اإلخوان المس��لمين"‪.‬‬ ‫والغنوشي كان من قادة المعارضة‬ ‫التونس��ية في المنف��ى‪ ،‬حيث أقام‬ ‫‪ 22‬عامً��ا ف��ي لن��دن خ�لال عه��د‬ ‫بن عل��ي بعدما حظرت الس��لطات‬ ‫حركته‪ ،‬وس��جنت آالفًا م��ن أبنائها‪.‬‬ ‫وعاد الغنوش��ي بعد ف��رار بن علي‬ ‫ونجاح الثورة‪.‬‬ ‫وكان م��ن المتوق��ع أن يح��وز‬ ‫ح��زب النهضة على أكب��ر عدد من‬ ‫المقاعد ف��ي هذه االنتخابات‪ ،‬لكنه‬ ‫ليس من الواضح ما إذا كان سيفوز‬ ‫باألغلبية في ظل معارضة توجهات‬

‫العالي في الحكومة األولى لتسيير‬ ‫األعمال التي لم تستمر طوي ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫وح��زب التجدي��د أيضً��ا م��ن‬ ‫األح��زاب الت��ي س��عت للتخوي��ف‬ ‫م��ن عواق��ب ف��وز حرك��ة النهضة‬ ‫اإلس�لامية‪ ،‬حي��ث ص��رح إبراهيم‬ ‫ف��ي مقابل��ة صحفي��ة ب��أن القيم‬ ‫الليبرالي��ة الحديث��ة ف��ي تون��س‬ ‫مه��ددة من المعس��كر اإلس�لامي‪،‬‬ ‫ال��ذي يري��د اس��تغالل المش��اعر‬ ‫الديني��ة للمواطني��ن ويريد فرض‬ ‫سيطرته وأسلوب حياة معين‪ ،‬على‬ ‫حد زعمه‪.‬‬ ‫ومع ذلك قال‪ :‬إن حزب التجديد‬ ‫مس��تعد للتع��اون م��ع النهضة في‬ ‫الجمعية التأسيسية‪.‬‬ ‫كذلك هناك حزب "المؤتمر من‬ ‫أجل الجمهورية"‪ ،‬ويرأس��ه منصف‬ ‫المرزوق��ي وه��و طبي��ب علمان��ي‬ ‫يس��اري‪ ،‬وتأس��س ع��ام ‪2001‬م‬ ‫وحظر بع��د وقت قصير من قيامه‪.‬‬ ‫وأق��ام زعم��اؤه ف��ي المنف��ى ف��ي‬ ‫فرنس��ا‪ ،‬وعاد قبل ثالثة أعوام من‬ ‫قيام الثورة‪ ،‬ولكنه غادر البالد بعد‬ ‫ش��هرين فقط معلنً��ا أنه ال يمكنه‬ ‫العمل بس��بب مضايقات السلطات‬ ‫ل��ه؛ حيث ط��وق مئات م��ن ضباط‬ ‫الشرطة بزي مدني منزله ومكتبه‬ ‫طوال س��اعات اليوم‪ ،‬والحقوه في‬ ‫اجتماعاته‪.‬‬ ‫ثم ع��اد المرزوقي من باريس‬ ‫بعد فرار بن علي وسقوط نظامه‪،‬‬ ‫واس��تقبله أتباعه في مطار قرطاج‬ ‫باألغان��ي والهتاف��ات‪ .‬وق��د تب��وأ‬ ‫مكانت��ه تل��ك بفض��ل معارضته لـ‬ ‫"بن علي" لس��نوات طويل��ة‪ .‬ويعد‬ ‫ً‬ ‫ش��ريكا محتم ً‬ ‫ال آخر لحزب‬ ‫المؤتمر‬ ‫النهضة‪.‬‬ ‫وتتول��ى الجمعية التأسيس��ية‬ ‫التي س��يتم انتخابها مهمة صياغة‬ ‫دس��تور جديد للبالد‪ .‬وسيحدد هذا‬ ‫الدس��تور موعدًا إلج��راء انتخابات‬ ‫عامة ورئاس��ية‪ ،‬حيث من المنتظر‬ ‫أن تنجز هذه المهمة خالل عام‪.‬‬ ‫ومؤقتً��ا س��تختار الجمعي��ة‬ ‫التأسيس��ية رئيسً��ا للب�لاد خ�لال‬ ‫الفت��رة االنتقالي��ة‪ ،‬وه��و منص��ب‬ ‫ش��رفي إلى حد كبير‪ ،‬حيث سيناط‬ ‫بالجمعية نفس��ها بناء المؤسسات‬ ‫واإلشراف على أدائها‪.‬‬ ‫وس��يقوم الرئي��س بتعيي��ن‬ ‫حكومة مؤقتة جديدة بالتشاور مع‬ ‫األغلبية البرلمانية‪ ،‬لتخلف حكومة‬ ‫رئيس ال��وزراء الحالي الباجي قائد‬ ‫السبس��ي‪ ،‬وه��و م��ن التكنوقراط‬ ‫وعم��ل وزي��رًا للخارجي��ة في عهد‬ ‫الحبي��ب بورقيب��ة ال��ذي س��بق بن‬ ‫علي في حكم تونس‪.‬‬ ‫وم��ن المرج��ح أن يُج��رى‬ ‫اس��تبدال السبس��ي‪ ،‬لكن الحكومة‬ ‫ستس��تمر في مهامها إلى أن تعين‬ ‫الحكومة الجديدة‪.‬‬

‫من الربيع العربي ‪. .‬‬

‫أوىل مثرات دميقراطية الربيع العربي‬

‫‪7‬‬


‫اخلـــديعـــة‬ ‫حكايا الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫سوريتنا | م‪ .‬إ‬ ‫ً‬ ‫مدينة غريبة‪ ،‬موحشة‬ ‫بدت‬ ‫وقاحلة‪ ،‬ومفتوحة على االحتماالت‬ ‫القاتلة‪ .‬كانت الشمس حينها تنغرز‬ ‫في السهل كئيبة وهزيلة وتفوح منها‬ ‫ُ‬ ‫رائحة الدّم‪ .‬لم يكن بعد قد استعاد‬ ‫كيانه من تلك الرحلة الطويلة في‬ ‫سيارة الزيل المتهالكة‪ .‬لقد جلس‬ ‫طوال ‪ 6‬ساعات على طرف السيارة‬ ‫المفتوحة‪ ،‬حيث تكسرت عظامه وهو‬ ‫يراقب تلك البيوت المترامية على‬ ‫طرف السهول كأنها ثقوب مجهولة‬ ‫في الزمن‪ .‬وكان يرسم في مخيلته‬ ‫قصصًا ذات بدايات ونهايات ال تنتهي‬ ‫يزجي بها تلك الغربة المريرة التي‬ ‫استفاقت في نفسه‪ .‬وفور وصوله إلى‬ ‫المدينة باشر مهامه واتجه إلى الحاجز‬ ‫العسكري الموجود بالقرب من منطقة‬ ‫السد‪ .‬ال شيء أكثر من دبابة عجوز‬ ‫صدئة ركنت على طرف الطريق‪،‬‬ ‫وإلى جانبها من خيمة متهالكة وبعض‬ ‫السواتر الترابية وملل قاتل في عيون‬ ‫ثالثة جنود سمر ارتموا على األرض‬ ‫بالقرب من الخيمة‪ ،‬تحاصرهم أبنية‬ ‫ذات النوافذ التي تبحلق بهم كعيون‬ ‫وتترصد ّ‬ ‫كل حركة من حركاتهم‪ .‬لقد‬ ‫شعر أنه مراقب‪ .‬لم يلمح سوى بعض‬ ‫المارة الذين لم يلقوا با ًال لوجودهم‪،‬‬ ‫لكنه شعر بالرهبة والخوف‪ ،‬وتحسّس‬ ‫رشاشه ليبعث االطمئنان في نفسه‪.‬‬ ‫اقترب من الجنود وألقى تحية سريعة‬ ‫عليهم وجلس في الخيمة وهو‬ ‫يستعيد ذكريات بعيدة عن حياة كان‬ ‫يعيشها في إحدى المدن الساحلية‪،‬‬ ‫حيث كان يرتمي ّ‬ ‫كل يوم على الشاطئ‬ ‫ويستسلم ألحالم يقظة ال تنتهي‪.‬‬ ‫كان البحر يسحب روحه رويداً رويداً‬ ‫ويلقي بها في مغامرات بعيدة هو‬ ‫بطلها األوحد‪ .‬وها هو اآلن مرمي على‬ ‫أطراف هذا السهل اللعين‪ ،‬يلملم تلك‬ ‫الذكريات البعيدة ويحملق في وجوه‬ ‫تقتنص روحه وترمي بها في سهول‬ ‫الخوف راكضًا‪.‬‬ ‫استسلم للنوم بعد ساعات‬ ‫طويلة من التفكير المرهق‪ ،‬وفي‬ ‫ساعة متأخرة من الليل نهض وخرج‬ ‫من الخيمة‪ .‬كانت الطرقات خاوية‪،‬‬ ‫والسماء تلتمع بنجوم براقة وترسل‬ ‫وشوشات خفية‪ .‬جلس وهو يحاول أن‬ ‫يفهم بداية هذه األحداث المريرة‪ .‬لقد‬ ‫بقي على تسريحه من الجيش بضعة‬ ‫شهور‪ .‬وكان يستعد ألن يسافر إلى‬ ‫البرازيل ليعمل مع أحد أقاربه‪ .‬لطالما‬ ‫عشق السفر‪ .‬وقرر عقب انتهائه من‬ ‫الجيش أن يخوض مغامرته الخاصة‪،‬‬ ‫ولو أنه يمتلك قاربًا ما لجال العالم‬ ‫بذلك القارب‪ .‬بطريقة أو بأخرى كانت‬ ‫البرازيل تفجر أحالمه بالمغامرات‪.‬‬ ‫وكان يشعر أن ثمة ندا ًء مجهو ًال‬ ‫يشدّه إلى تلك الجهة من العالم‪ .‬لكنه‬ ‫اآلن في هذه المدينة اللعينة بسبب‬ ‫مجموعة من الخونة الذين يريدون‬ ‫أن يخربوا هذا البلد‪ .‬لكنه طوال تلك‬ ‫األيام كان يحاول أن يرسم صورة ما‬ ‫عنهم‪ .‬من هم ولماذا يعيثون فساداً‬ ‫في البلد‪ .‬ذلك ما لم يشرحه بدقة ذلك‬ ‫الضابط الصارم في قطعتهم حين‬ ‫أمرهم بأن لديهم مهمة في مدينة‬ ‫درعا تقتضي التخلص من مجموعات‬

‫إرهابية تتعامل مع دول أجنبية‪ ،‬ولكن‬ ‫في نفس الوقت كانت هذه المدينة‬ ‫هي التي قضت على أحالمه‪ ،‬أقلها‬ ‫في القريب العاجل‪ .‬كم هي قاسية‬ ‫االحتماالت ومرهقة‪ ،‬كأنها مركب‬ ‫تتقاذفه الريح وتزجه في دوامة دون‬ ‫الفكاك منها‪ .‬ال عمل سوى االنتظار‬ ‫المرير والشك والخوف‪ ،‬وانتظار أن‬ ‫تمّر هذه األزمة دون أن تقتنص‬ ‫أحالمه وترمي به إلى قبر أسود قاتم‬ ‫ال مكان فيه لألحالم والمغامرات‪.‬‬

‫***‬

‫مضت أيام كثيرة كان يراقب فيها‬ ‫كل شيء بحثًا عن ذلك المجهول الذي‬ ‫كان يتربصه‪ .‬وفي كل يوم يتكرر‬ ‫ذات المشهد‪ .‬جموع غاضبة تقترب‬ ‫من الحاجز وتبدأ بالهتاف للحرية‪ .‬بعد‬ ‫لحظات قليلة يجتمع األمن وعدد من‬ ‫قوات الجيش ويبدأ المشهد األكثر‬ ‫دموية‪ .‬ترى لماذا يحدث كل هذا؟ لقد‬ ‫فكر كثيراً في تلك الكلمة السحرية‬ ‫التي كانت تدفع كل أولئك الناس‬ ‫للذهاب إلى الموت بصدور عارية‪.‬‬ ‫ولكنه لم يكن يستشعرها أبداً‪ .‬ولقد‬ ‫سببت له تلك الكلمة الغائمة سخطًا‬ ‫شديداً على كل من يتلفظ بها‪ .‬صحيح‬ ‫أنه لم يرى تلك الجماعات اإلرهابية‬ ‫والمسلحين إال أنه شعر بذات الحقد‬ ‫الذي تملكه في بداية األمر على تلك‬ ‫الجماعات بما يخص هذه الكلمة‪.‬‬ ‫لكنه في النهاية اختار أن ينأى بنفسه‬ ‫عن كل ذلك‪ ،‬وحاول أن يبني عالمه‬ ‫المستقل عن كل تلك األحداث‪،‬‬ ‫ونسج في فكره خيمة ينزوي إليها‬ ‫كلما اشتدت االحتجاجات وكلما أمعن‬ ‫الدم في السيالن أكثر‪ .‬لم يكن يشأ‬ ‫أن يخرج من عالم األحالم تلك‪ ،‬وكان‬ ‫على استعداد أن يمضي أيام عمره‬ ‫كلها داخل تلك القوقعة لوال ذلك اليوم‬ ‫الذي خلخل كيانه وهدم خيمته وألقى‬ ‫به إلى صحراء الواقع مر ًة أخرى‪.‬‬ ‫كان جالسًا كالعادة على طرف‬ ‫الدبابة‪ .‬يقتله الملل وتستنزفه أحالم‬ ‫اليقظة‪ ،‬وفي تلك اللحظة عبرت‬ ‫من أمامه صبية بعمر العشرين ذات‬ ‫وجهٍ أبيض يعتريه قليل من الحمرة‬ ‫الربانية‪ .‬لقد كانت تشبه الخوخة‬ ‫الناضجة‪ .‬وكان ثمّة دهشة تعتري‬ ‫وجهها‪ ،‬وأسئلة كثيرة في عينيها‪ .‬لم‬ ‫تلتفت إليه‪ ،‬ولكنه في اللحظة التي‬ ‫وقعت فيها عيناه على وجهها جفل في‬ ‫مكان‪ ،‬ودونما وعي شدّ يده على قطعة‬ ‫الحديد الثقيلة على صدره وكأنه على‬ ‫أهبة الموت‪ .‬اتجهت الفتاة إلى مدخل‬ ‫البناء الذي يقابل الحاجز‪ .‬لم يعرف‬ ‫ما الذي اعتراه‪ .‬وشعر بدوار خفيف‬ ‫في رأسه وسرت رعدة في أطرافه‪.‬‬ ‫نهض على عجل وراح يذرع المكان‬ ‫ً‬ ‫جيئة وذهابًا‪ .‬بعد لحظات لمحها على‬ ‫النافذة المقابلة للحاجز‪ .‬كانت تقول‬ ‫شيئًا ما ومن ثم نظرت نحوه لتزجره‬ ‫بعينيها الغاضبتين وأغلقت الستائر‬ ‫بغضب‪ .‬ومنذ ذلك اليوم أصبح يشعر‬ ‫أن لوجوده معنىً مختلفًا‪ .‬لقد حاول‬ ‫أن يغالب شعوره مراراً وتكرارً لكنه‬ ‫في نهاية األمر استسلم لذلك الهاتف‬ ‫بأن هذه هي الفتاة هي التي‬ ‫الغريب ّ‬ ‫أرادها طوال عمره‪ .‬كثيراً ما تلقي لنا‬

‫الحياة بإشارات وترمينا بأماكن نسخط‬ ‫لوجودنا فيها‪ ،‬لكننا نعرف في نهاية‬ ‫األمر أن ذلك ينبغي أن يحدث‪ .‬قد‬ ‫يكون حكمة ما أو صدفة ما‪ .‬لكنه شعر‬ ‫أن كل قوى العالم قد تضافرت ليكون‬ ‫في هذا المكان‪ .‬لم يعرف هل كان‬ ‫سعيداً بسب ذلك أم أنه تعس‪ .‬هل كل‬ ‫تلك األحداث الدامية جرت ليقع فيما‬ ‫يسمونه‪ ...‬الحب‪ .‬شعر أنه قالها بصوتٍ‬ ‫ألن الجنود من حوله نظروا‬ ‫مرتفع ّ‬ ‫إليه نظرة غريبة وعالمات الفضول‬ ‫تعتري وجوههم‪ .‬سرعان ما عاد إلى‬ ‫أفكاره التي كانت تشبه الحمى‪ .‬كثيراً‬ ‫ما كانت تشده فكرة أن كل ذلك رتب‬ ‫من أجله هو‪ .‬فاألحداث الكبيرة تخلق‬ ‫تفاصيل تبدو أهم بكثير من تلك التي‬ ‫تأخذ شك ً‬ ‫ال ملحمياً‪ .‬أليس الحب أقوى‬ ‫وأقسى من كل ما يحدث في هذه‬ ‫ً‬ ‫ملعونة‬ ‫األرض الملعونة‪ ...‬لم تعد‬ ‫بالنسبة له‪ .‬لقد بدأ يراها بطريقة‬ ‫مختلفة‪ .‬وهاهو ينتبه ألول مرة منذ‬ ‫ذلك اليوم إلى أن هذا السهل الممتد‬ ‫الواسع يشبه البحر‪ .‬لقد بدأ يشده مرة‬ ‫أخرى إلى عوالم أشهى وأحلى‪ .‬إنه هنا‬ ‫أكثر ثباتًا من تلك األمواج المتالطمة‪.‬‬

‫***‬

‫بدأ الشتاء وبدأت معه المدارس‪.‬‬ ‫وأصبح هذا المكان جحيماً يحترق بناره‬ ‫التي حاصرته من كل الجهات‪ .‬كان‬ ‫كالمحموم يراقب عبورها من خالل‬ ‫الحاجز وهي تتجه إلى المدرسة منتظراً‬ ‫إشارة منها‪ ،‬وكان يشعر أنها تكنّ له‬ ‫حقداً شديداً‪ ،‬ففي كل مرة كانت تعبر‬ ‫فيه الحاجز كانت تلقي إليه بنظرة‬ ‫ملؤها الضغينة وتشيح ببصرها عنه‬ ‫بسرعة‪ .‬وكانت تلك النظرة كفيلة بأن‬ ‫تسحق روحه لتسيل مع الوحل المتدفق‬ ‫بالطرقات‪ .‬ودون مقدمات بدأ يفكر مليًا‬ ‫في سبب وجوده في هذه المحافظة‪،‬‬ ‫وبدأ يشك بكل تلك األكاذيب والقصص‬ ‫التي كانت تنهال عليهم في كل مرة‬ ‫يجتمع بهم أحد الضباط‪ .‬أراد مراراً أن‬ ‫يصارحها بشعوره نحوها‪ .‬ولكن كيف‬ ‫وأين وماذا سيقول؟ هل سيقول لها أنه‬ ‫يريد أن يتزوجها؟ وأنه أمضى أياماً وليال‬ ‫يفكر بهذا القرار العجيب؟ هل سيتقدم‬ ‫إلى منزلهم وهو يحمل الرشاش‬ ‫ويطرق الباب ويقول أريد أن أخطب‬ ‫ابنتكم‪ .‬لقد عشقها بكل جوارحه‪ ...‬لقد‬ ‫كانت المركب الذي حلم به طوال حياته‬ ‫لتعتقه من الزمان والمكان‪ .‬وفي كل‬ ‫مرة تنظر إليه بذات النظرة الساخطة‬ ‫ينكمش على ذاته ويعتكف في خيمته‬ ‫ويغرق حتى الموت في أمواج الحب‬ ‫المتالطمة في صدره‪.‬‬ ‫استمرت المظاهرات وأخذت‬ ‫تكبر يوماً بعد يوم‪ .‬وذات مرة انجرف‬ ‫الناس نحو الحاجز كسيل يريدون‬

‫العبور إلى الطرف األخر للمدينة‪ .‬في‬ ‫كثير من األحيان كان يتجاهل األوامر‬ ‫التي كانت توجه إليهم بالتأهب‬ ‫والجاهزية ويكيل كل الشتائم في‬ ‫قلبه مراراً وتكراراً إلى تلك األوامر‬ ‫ومن يطلقها‪ .‬ولكن هذه المرة فوجئ‬ ‫بأحد ضباط األمن في الخيمة‪ ،‬حيث‬ ‫أمره بتجهيز سالحه والخروج لمواجهة‬ ‫الناس‪ .‬شعر بالذهول في البداية لكن‬ ‫إصرار الضابط وصراخه جعله يمسك‬ ‫رشاشه ويخرج مسرعًا‪ .‬كان الغضب‬ ‫يرج األرض من تحته واقترب الناس‬ ‫أكثر فأكثر‪ .‬أعطى الضابط أمراً بأن‬ ‫يتأهب الجميع إلطالق النار لكنه‬ ‫يصغي‪ .‬أعاد األمر مر ًة أخرى إال أنه‬ ‫بقي على وقفته‪ .‬اقترب منه وأمره‬ ‫مرة أخرى بأن يتأهب لكنه كان شارداً‬ ‫وكأنه يشاهد والدة ألول مرة‪ .‬كان في‬ ‫عينيه شيء من السعادة والدهشة‬ ‫بذات الوقت‪ .‬لقد أدرك ألول مرة في‬ ‫حياته معنى أن يكون حراً‪ .‬وشعر أن‬ ‫تلك الكلمة تحفر عميقًا في قلبه‪.‬‬ ‫وفي تلك اللحظة وقعت عينه على ذات‬ ‫النافذة‪ ،‬حيث كانت تلك الفتاة تنظر‬ ‫بتجهم إليه‪ .‬أعاد الضابط األمر دون‬ ‫جدوى ومن ثم أمره بأن يطلق النار‬ ‫نحو المتظاهرين‪ .‬لكنه بقي على تلك‬ ‫الحالة أشبه بالممسوس والمسحور‪.‬‬ ‫وكأن الزمن توقف بالنسبة له‪ .‬لقد‬ ‫فهم كل شيء دفعة واحدة‪ .‬لقد فهم‬ ‫دون حاجة للشرح‪ ،‬ودون حاجة للتعبير‪.‬‬ ‫أن نوعاً من اإلدراك الكلي‬ ‫شعر حينها ّ‬ ‫وأن الكون كله واهلل‬ ‫قد تنزّل عليه‪ّ ،‬‬ ‫والسموات أبسط من أن تفسر‪ .‬وأثناء‬ ‫ذلك كان الضابط يرجع عدة خطوات‬ ‫إلى الوراء وقد سحب مسدسه األسود‬ ‫الطويل وبربر بشيء ما وأفرغ ثالث‬ ‫رصاصات في جسده‪.‬‬ ‫ثوانٍ قليلة يحتاج المرء فيها‬ ‫ليموت عندما تخترق الرصاصة جسده‪.‬‬ ‫وغالبًا ال تكفي لكي يشعر المرء بالوجع‬ ‫أو األلم‪ .‬لكن هذه الدقائق كانت طويلة‬ ‫وكافية ألن تجعله يتلمس حدود الكون‬ ‫وأطرافه التي اتخذت شكل وجهها‪.‬‬ ‫وكانت عيناه معلقتان على النافذة‪.‬‬ ‫وكانت هذه الثواني كفيلة بأن تجعله‬ ‫يرسم ابتسامة خفيفة‪ .‬ابتسامة أراد‬ ‫من خاللها أن يقول لها‪ :‬آسف‪ ،‬لم أكن‬ ‫أعرف شيئًا! لقد أحببتك وهذا كان كل‬ ‫شيء بالنسبة لي‪.‬‬ ‫وعلى النافذة المطلة على الحاجز‬ ‫العسكري بالقرب من منطقة السد‬ ‫كانت تلك الفتاة البيضاء ذات الخدود‬ ‫المصطبغة بحمرة ربانية متشبثة‬ ‫بالستائر وتنهمر من عينيها دموع‬ ‫غزيرة بللت ثوبها‪ ،‬وقد زال من عينيها‬ ‫ذلك التجهم والسخط‪ ،‬وقد ارتسمت‬ ‫على شفتيها ذات االبتسامة التي كانت‬ ‫على شفتيه لحظة موته‪.‬‬


‫لماذا يثور السوريون؟!‬

‫دندنات إندساسية‬

‫يسر أفغاني‬

‫أخذت سيارة واقفة خلفنا «بالتزمير» بشكل متواصل‬ ‫ومزعج‪ ...‬نظرت إلى الخلف فرأيت سيارة تابعة للجيش‪،‬‬ ‫سوداء كبيرة و»مفيّمة» النوافذ‪ ...‬سائق سيارة األجرة‬ ‫لم يسمع‪ ،‬وسائق السيارة «المفيّمة» استمر بالتزمير‪...‬‬ ‫ال أدري‪ ،‬ربما كان علي أن أتصرف بشكل أسرع‪ ،‬كل ما‬ ‫أعرفه هو أن سائق السيارة المفيّمة ترجل بسرعة من‬ ‫سيارته‪ ،‬فتح الباب األمامي لسيارة األجرة‪ ،‬أمسك بالرجل‬ ‫العجوز من يده وأخرجه من السيارة وأخذ يهزه بعنف منها ًال‬ ‫عليه بالسباب والشتائم «وال حيوان ماعم تسمع أني عم‬ ‫زمرلك لتبعد؟ لما أسيادك بيزمروا بتبعدلون وبتضربلون‬ ‫تحية سالم مو بتضل واقف بأرضك‪ ...‬لعما ماعد في احترام‬ ‫بهالبلد ال لكبير وال لصغير‪»....‬‬ ‫أخذت بالصراخ‪ ،‬قلت له «ماذا تفعل؟ إنه ال يسمع‪ ،‬ال‬ ‫يسمع»‪ ...‬ال أعلم إن كنت أصرخ فع ًال أم إنني توهمت ذلك‪،‬‬ ‫فالرجل لم يتوقف عن إهانة سائق سيارة األجرة‪ ،‬حتى بعد‬ ‫أن لمح تلك الورقة الصغيرة المسكينة التي تخبره بأنه لم‬ ‫يتمكن من سماع صوت زمور سيارته‪.‬‬ ‫استمر المشهد ربما لدقيقة‪ ،‬أو لساعات ال أدري‪،‬‬ ‫وللحظة توقفت الشتائم‪ ،‬ورأيت يد الرجل ترتفع لتضرب‬ ‫السائق المسكين كفًا على خده «هاد منشان تتعلم كيف‬ ‫تحترم أسيادك»‪ ...‬عاد الرجل إلى سيارته الفخمة‪ ،‬وانطلق‬ ‫بها مسرعًا‪ ،‬تاركاً الرجل العجوز واقفًا‪ ،‬مذهو ًال‪ ،‬منكسراً‬ ‫ذ ًال ومهانة‪...‬‬ ‫هل انهمرت دموعي؟ هل قلت له شيئاً؟ ال أذكر‪ ...‬كل‬ ‫ما أذكره هو عودته ليجلس وراء المقود ويكمل الطريق‪،‬‬ ‫عيناه حزينتان‪ ،‬غابت منهما الحياة‪ ،‬وضحكته فارقت وجهه‬ ‫المتعب‪ ...‬لم نكمل حديثنا‪ ،‬ولم أستطع أن أسأله عن اسم‬ ‫الكتاب الذي ترجمه‪ ...‬كنا أنا وهو ننظر إلى تلك الورقة‬ ‫الصغيرة‪ ،‬ربما كنا نلومها‪ ،‬ربما كان عليها أن تكون أكبر‬ ‫قلي ًال‪ ،‬أوضح قلي ًال‪ ،‬كي تخبر عن صاحبها وآالمه ومعاناته‪،‬‬ ‫أو ربما كان علي أنا أن أكون أقوى قلي ًال وأقف في وجه‬ ‫همجية ال تعرف الرحمة‪ ...‬بقينا ننظر إليها حتى وصلت إلى‬ ‫مكان عملي‪ ،‬وترجلت من السيارة تاركة إياه هو‪ ،‬والورقة‪،‬‬ ‫وانكسارات لن تمحى من ذاكرته حتى يموت‪...‬‬

‫من دون سابق إنذار‪ ،‬يرن جوالي معلنا عن رسالة قصيرة‪،‬‬ ‫فأتلهف مسرعا ألمسكه لعل وعسى أن يكون محتواها صك استسالم‬ ‫من إحدى صديقاتي العذراوات تكشف من خالله عن افتتانها بشخصي‬ ‫المتواضع‪ ،‬إال أن خيبة أملي سرعان ما تكون مضاعفة بعد أن أرى ّأن‬ ‫الجهة المرسلة هي الوكالة العربية السورية لألنباء الشهيرة بسانا‬ ‫والمختلفة جذريا عن وكالة الفضاء األمريكية ناسا‪.‬‬ ‫وقبل أن تلوموني على اشتراكي أساسا بخدمة أخبار سانا‬ ‫فإنني‪ ،‬واهلل على ما أقول شهيد‪ ،‬من المقاطعين لهذه الخدمة التي‬ ‫تكلف شهريا ‪ 50‬ليرة سورية‪ -‬تُسرق منك مرة واحدة وال تُجزأ على‬ ‫أيام الشهر فال يكون باإلمكان االستفادة ماديا في حال رغبت بتوقفها‬ ‫بعد ‪ 15‬يوما مثال لتسترد ‪ 25‬ليرة من مالك المسروق‪.‬‬ ‫وبعيدا عن المحتوى اإلعالمي لرسائل سانا اإلجبارية والتي‬ ‫تتضمن حينا دعوة لمسيرة مليونية عفوية في مكان ال يتسع ألكثر‬ ‫من ربع هذا الرقم أو اعترافا ألحد "اإلرهابيين" بتوزيعه سندويش‬ ‫كباب على المتظاهرين لحثهم على مواجهة الرصاص بصدور عارية‪،‬‬ ‫بعيدا عن هذا المحتوى الذي يظهر مدى الغباء اإلعالمي لنظامنا‬ ‫العتيد ومدى بجاحة الكذب وصفاقة الكاذبين واستحمار المتلقين فإن‬

‫أكثر ما أثار استغرابي هو هذا الكرم الرامي المفاجئ من شركات‬ ‫فاعل الخير حاتم مخلوف أدامنا اهلل خرافا تحت رعايته‪ ،‬إذ أن إرسال‬ ‫هذه الرسائل بالمجان للمشتركين الذين اختاروا سيرياتيل أو إم تي‬ ‫إن من ضمن الخيارات العديدة األخرى المتاحة يدل على أن مخلوف‬ ‫قد قطع شوطا في مسيرته للتحول نحو األعمال الخيرية وأن هذا‬ ‫الخيار االستراتيجي ال يختلف تماما عن خيار المقاومة الذي يجعل‬ ‫أمن سورية من أمن إسرائيل‪.‬‬ ‫ولن يكون غريبا في المستقبل القريب أن نتلقى رسائل‬ ‫إجبارية مجانية من خدمات إخبارية مماثلة كشبكة الدنيا فان كاتغ‬ ‫أو ناصر قنديل نيوز‪ ،‬وبانتظار مثل هذه الخطوات اإلنسانية من أبو‬ ‫الريم فإنني آمل أن يتوقف فاعل الخير عن سرقة ‪ 50‬ليرة كاشتراك‬ ‫شهري عن خدمة الكاشف اإلجبارية أيضا‪..‬وإن كنت بصراحة ال أتوقع‬ ‫أن يحدث ذلك قريبا فرامي يريد أن يسرع باألعمال الخيرية ال أن‬ ‫يتسرع وهناك لجنة تعكف على دراسة الموضوع اآلن وما علينا إال‬ ‫انتظار ما ستخلص إليه خالل السنوات العشر المقبلة‪.‬‬ ‫مراسالت سوريتنا | عبودة‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كــــرم خملـــوفـــي‬

‫تعا‪ :‬فعل أمر عامي بمعنى تعال‪.‬‬ ‫أحياناً يستعمل مع الحيوانات مرفقًا‬ ‫بمقطع آخر هو‪ :‬تر وأحيانًا مع البشر‬ ‫مع كلمة‪" :‬وال"‪.‬‬ ‫ريف‪ :‬منطقة خارج المدينة ذات‬ ‫طبيعة جميلة وورود وأزهار‪ .‬وهو أيضًا‬ ‫جزء من العين ذو حساسية عالية‪.‬‬ ‫الربيع‪ :‬أحد الفصول األربعة يأتي‬ ‫بعد الشتاء البارد‪ ،‬تزهر فيه األشجار‬ ‫وتتفتح األزهار‪.‬‬ ‫الحلم‪ :‬فيلم قصير يشاهده اإلنسان‬ ‫أثناء نومه وأحيانًا أثناء اليقظة‪.‬‬ ‫النجوم‪ :‬كواكب مشتعلة بعيدة‬ ‫جداً‪ .‬يراها الجميع في الليل والبعض‬ ‫عند الظهيرة‪.‬‬ ‫البوق‪ :‬أداة موسيقية نفخية‪ ،‬تقوم‬ ‫بترديد نفس الصوت الذي يدخل‬ ‫إليها مع القليل من التضخيم وإضافة‬ ‫الصدى‪ .‬تتميز هذه اآللة بالال إبداع‬ ‫حيث ال تستطيع ابتكار أي صوت من‬ ‫تلقاء ذاتها‪.‬‬ ‫الطبل‪ :‬أداة موسيقية أخرى‪ .‬كبيرة‬ ‫عال يصدر‬ ‫الحجم‪ .‬ذات وجهين وصوت ٍ‬ ‫بالضرب عليها بشكل متكرر‪ ..‬ولكنها‬ ‫جوفاء وسهلة البخش‪.‬‬ ‫الحمار‪ :‬حيوان مسكين يحمل‬ ‫األثقال واألحمال‪ ..‬يطيع األوامر بدون‬ ‫تذمر وغالبًا ما يتلقى رفسات ومسبات‬ ‫ولعنات ألخطاء يرتكبها الذي يمتطيه‪.‬‬ ‫عندما ال يعود الحمار ذا نفع‪ ،‬يتم‬ ‫التضحية به واستبداله بآخر‪.‬‬ ‫الجحش‪ :‬حيوان آخر يتفرج على ما‬ ‫يحدث مع الحمار وال يتعلم‪.‬‬ ‫الممسحة‪ :‬خرقة بالية توضع على‬ ‫المدخل من أجل تمسيح الرجلين فيها‪.‬‬ ‫عادة ما تكون وسخة لكثرة النعال التي‬ ‫داستها‪ .‬كما تنبعث منها رائحة كريهة‪،‬‬ ‫يتم رميها في القمامة بعد االنتهاء من‬ ‫استعمالها‪.‬‬ ‫العضالت‪ :‬جزء من جسم اإلنسان‪.‬‬ ‫منها اإلرادي ومنها الالإرادي‪ ..‬وهي‬ ‫حمراء وكبيرة‪..‬عادة ما يتم استخدامها‬ ‫لضرب رأس الثوم وقلع غطاء المرطبان‬ ‫وتمزيق ورق البامية‪.‬‬ ‫الكوال‪ :‬سائل غازي أسود اللون‬ ‫ذو رغوة ينفجر بعد رجه وحبسه في‬ ‫القنينة ويلوث ما حوله بالدبأ والبقع‪.‬‬ ‫المطر‪ :‬ماء ينزل من السماء فيخرج‬ ‫الناس جميعهم لشكر ربهم على‬ ‫هذه النعمة‪ ،‬يلهجون بالشكر لربهم‬ ‫ويطلبون المزيد‪.‬‬ ‫الدم‪ :‬سائل أحمر اللون يتحول إلى‬ ‫األسود مع الزمن ألنه يتخثر وال تعود‬ ‫تنفع محاوالت مسحه وتنظيفه‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫سوريتنا | سعاد يوسف‬ ‫ككل صباح‪ ،‬أقف عند مفترق الطريق‬ ‫ذاته في انتظار سيارة أجرة لتقلني‬ ‫إلى العمل‪ ...‬أشرت ألول سيارة لمحتها‪،‬‬ ‫وصعدت‪.‬‬ ‫«يعطيك العافية عم‪ ،‬عالمزة لو‬ ‫سمحت»‬ ‫«لوين؟؟»‬ ‫«مزة‪ ،‬مزة»‬ ‫«واهلل ما سمعت ع ّلي صوتك»‬ ‫همست في قلبي «ييييي علينا من‬ ‫عند الصبح»‪ ،‬وقبل أن أكمل‪ ،‬لمحت ورقة‬ ‫ملصقة بجانبه تقول‪:‬‬ ‫«الرجاء‬ ‫سمع السائق ضعيف قليالً‬ ‫والحمدهلل»‬ ‫خجلت من نفسي‪ ،‬رفعت صوتي وقلت «عالمزة»‪ ،‬هذه‬ ‫المرة سمعني‪ ،‬وانطلق‪.‬‬ ‫انتابني فضول غريب تجاه هذا الرجل‪ ،‬يبدو في‬ ‫حوالي السبعين من عمره‪ ،‬يرتدي قميصًا برتقاليًا وبنطا ًال‬ ‫أسود يبدو باهتاً ربما لكثرة المرات التي انغسل فيها‪ ،‬يداه‬ ‫ترتجفان بشكل مستمر وال يكاد يستطيع أن يمسك مقود‬ ‫السيارة‪ .‬قررت أن أحادثه قلي ًال فسألته (بصوت مرتفع)‪:‬‬ ‫«أديش عمرك عم؟»‬ ‫«أنا؟ أنا مواليد ‪»I am sixty five years old ،1945‬‬ ‫ارتسمت ابتسامة على شفتي وقلت في نفسي‬ ‫«واو‪ ،‬بيعرف انجليزي العمو كمان»‪ ،‬وما لبث أن قال لي‪:‬‬ ‫«بتحكي انجليزي؟»‬ ‫«شوي‪ ،‬ماشي الحال»‬ ‫«ليش ماشي الحال؟ االنجليزي هأل لغة كتير مهمة يا‬ ‫عمو‪»...‬‬ ‫وانطلقنا في حديث عن اللغات‪ ،‬وأهميتها‪ ،‬وأية لغة‬ ‫هي األكثر انتشاراً‪ ،‬وأيها األكثر شعبية وأيها األسهل‬ ‫للتعلم‪ ،‬وكان بين كل جملة وأخرى يقول بضع كلمات‬ ‫باالنجليزية ويسألني «بتعرفي شو معناها وال أشرحلك‬ ‫ياها؟»‬ ‫انقضى الوقت سريعًا بين حديثنا وضحكاتنا‪ ،‬لم‬ ‫أستطع التوقف عن تأمل هذا الرجل العجوز وكنت مفتونة‬ ‫بضحكته وطيبة قلبه‪ ...‬وذهلت عندما قال لي إنه ترجم‬ ‫كتابًا من االنجليزية للعربية عندما كان عمره سبعة عشر‬ ‫عاماً‪« ...‬ما نشرتو‪ ،‬هواية بس كانت‪ ،‬كنا نعمل هيك منشان‬ ‫نقوي لغتنا ونقضي الوقت بالصيفية بشي مفيد‪»...‬‬ ‫لم نكمل حديثنا عن الكتاب‪ ،‬ففي منتصف «اوتوستراد‬ ‫المزة»‪ ،‬وعندما كنا متوقفين على إحدى اإلشارات الضوئية‪،‬‬

‫تعا‪ ..‬ريف‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫رجـــل‪ ..‬وانك�ســار‪..‬‬

‫‪9‬‬


‫فـــــدائــــــي‬ ‫إلى ذكرى الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في درعا البلد‬ ‫إلى كل األصدقاء الفلسطينيين المعتقلين في السجون السورية‪...‬إلى أ‪.‬ف‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫سوريتنا | ع‪.‬م‬ ‫انحدر من التلة التي تصل‬ ‫طريق السد بالبلد‪ .‬ومن خلفه كان‬ ‫المخيم كتلة هائلة من السواد‪.‬‬ ‫وعلى الدرب الترابي كان القمر‬ ‫ً‬ ‫أخيلة متراقصة لظله‪ .‬تبًا‬ ‫يرسم‬ ‫لك أيّها القمر‪ ،‬وارتمى على األرض‬ ‫وقد ألصق خده األسمر بتربتها‬ ‫الشائكة‪ .‬لقد تذكر في تلك اللحظة‬ ‫دعوة جدته لوالده حين كان يخرج‬ ‫مع الفدائيين‪ .‬وفي أزقة المخيم‬ ‫التي تفيض منها الحياة بعشوائية‬ ‫كرائحة الخبز في الصباح كانت‬ ‫تجلسه على المصطبة اإلسمنتية‬ ‫على باب الدار وتروي له قصص‬ ‫الفدائية‪ .‬وكانت تقول له‪ :‬كنت‬ ‫أقول ألبوك اهلل يرحمه‪ :‬روح اهلل‬ ‫يجعل القمرة قدامك والعتمة وراك‬ ‫واهلل يعمي عيونهم عنك‪ .‬تباً لهذه‬ ‫القمرة‪ .‬لقد كان الرصاص يحرث‬ ‫األرض من حوله بسبب هذا القمر‬ ‫اللعين‪ .‬وكان مجرد تحريك رأسه‬ ‫كفيل بأن ينعث كل الذكريات‬ ‫التي احتفظ بها عن المخيم‪ .‬لقد كان وسيم فلسطينيًا‬ ‫سورياً‪ .‬ولم يعرف يوماً أن يتغلب على ذلك الشعور‬ ‫األليم بأنه ينتمي إلى مكانين مختلفين‪ .‬لقد كانت‬ ‫حدود المخيم تحفر في صدره عميقًا وتثير في نفسه‬ ‫ذلك الشعور بعدم االنتماء‪ .‬وهاهو اآلن مرمي بين‬ ‫المخيم والبلد عند منحدر الوادي الواصل بينهما كأنه ال‬ ‫شيء‪ ...‬كأنه خلق في هذا المكان منذ األزل‪.‬‬ ‫تباً لك أيها القمر‪ ..‬استمر وسيم بشتم تلك الكتلة‬ ‫المنيرة التي كثيراً ما كانت تنير مساءات عشقه المعذب‬ ‫على أسطح المخيم المتداخلة ببعضها‪ .‬لكنه اآلن بدا‬ ‫نزقًا كئيباً زائداً عن الحاجة‪ .‬وقد عص على الكيس‬ ‫األسود الذي يحمله‪ .‬كان الحصار على درعا قد بدأ منذ‬ ‫عدة أيام‪ .‬وقد شلت الحياة تماماً فيها‪ .‬لم يعد هناك‬ ‫خبز أو ماء أو دواء‪ .‬وطال تشبثه باألرض‪ .‬وشعر بذاكرة‬ ‫األرض تنسل منها قصص ألجساد ذابت بترابها‪ .‬وأنصت‬ ‫تحت أزيز الرصاص إلى هسيس الميتين‪ .‬حينها طار‬ ‫الخوف الرابض على رأسه‪ .‬وشعر بألفة المكان‪ .‬وتذكر‬ ‫رهف بوجهها الذي يشبه تفاحة على وشك النضوج‪.‬‬ ‫لقد كانت مثل دفقة ماء بارد تنعش الروح‪ .‬أمال رأسه‬ ‫نحو القمر الذي شعر أنه كشاف ليلي ورفع مقلتيه‬ ‫نحوه‪ ،‬وفي تلك اللحظة كان يأخذ صورة رهف‪ .‬ابتسم‬ ‫أن الموت فكرة أبسط بكثير مما نعتقد‪ ،‬وأنّه في‬ ‫وشعر ّ‬ ‫تلك اللحظة يريد أن يستسلم لذلك الخدر الذي تورثه‬ ‫عيناها اللتان تنيران له هذا الدرب الترابي المتعرج‪ .‬لقد‬ ‫أن رهف تبتسم له من خالل القمر‪.‬‬ ‫شعر ّ‬ ‫ومن تلة الكرك سال التكبير مثل شالل هادر‪ .‬كان‬ ‫التكبير هو الوسيلة الوحيدة للناس في دفاعهم عن‬ ‫وجودهم‪ .‬وكانت تلك الكلمة كالقنبلة تنزل على األمن‬ ‫والجيش فيجن جنونه‪ .‬اهلل أكبر‪ ...‬كانت أيضًا مثل‬ ‫رصاصة أعادته إلى وعيه‪ .‬نظر نحو البلد‪ .‬كانت الطريق‬ ‫ما تزال طويلة بعض الشيء‪ .‬والرصاص ما زال ينهمر‬ ‫دون توقف‪ .‬زحف ببطء على كوعيه‪ .‬كان ثمّة العديد‬ ‫من الشجيرات التي نبتت على طرف الوادي فحاول أن‬ ‫يلوذ بها‪ .‬وكان هناك قناص على أحد األبنية‪ .‬ال بد أنه‬ ‫على بناء الكهرباء‪ .‬كيف يراني‪ .‬همس في سره‪ .‬إنّه‬ ‫القمر وال شك‪ .‬ابتسم‪ ،‬وراح يفكر في الطريقة التي‬ ‫يستطع من خاللها الوصول إلى تلك الشجيرات‪.‬‬ ‫كان وسيم يفكر طوال خروجه من البيت عند‬ ‫الساعة الثانية عشر لي ًال بكيفية توصيل هذا الكيس إلى‬ ‫البلد‪ .‬لقد أدرك أنها أخطر مهمة من الممكن أن يقوم‬ ‫بها في حياته‪ .‬لم يكن األمر كالخروج في المظاهرات‪.‬‬ ‫إنه يعلم أنه إذا أمسك ومعه هذا الكيس فيما لو نجا‬ ‫من هذا الجحيم فمن المممكن أن يعدم في لحظتها‪.‬‬

‫لم يخبر أحداً بخروجه‪ .‬لبس ذلك‬ ‫الشماخ األبيض واألسود وانسل من‬ ‫الباب الخلفي للدار‪ .‬كانت الحواجز‬ ‫تقطع درعا البلد‪ .‬لم يفكر كثيرا‬ ‫في الطريق التي سيسلكها‪ .‬كان‬ ‫يتبع حدسه‪ .‬للمخيم منافذ عديدة‬ ‫وهو األقرب للبلد‪ .‬ربما هي المرة‬ ‫الوحيدة التي يشعر بها بالعرفان‬ ‫كون المخيم بني بهذه الطريقة‪.‬‬ ‫لطالما شعر بالسخط ألنه وجد بهذه‬ ‫الكتلة اإلسمنتية العشوائية‪ .‬لكنه‬ ‫اآلن يتخذ معنىً أخر‪ .‬لقد أمضى‬ ‫أكثر من أربع ساعات للوصول‬ ‫إلى قعر الوادي الذي يفصل درعا‬ ‫المحطة عن درعا البلد‪ .‬وفي كل‬ ‫خطوة كان الموت يتقفى أثره‪ .‬وها‬ ‫هو اآلن قد أمضى أكثر من ساعة‬ ‫وهو ملتصق باألرض كعاشق‪ .‬كان‬ ‫الرصاص ينهمر من كل الجهات‪.‬‬ ‫أمسك حجراً بيده وقذفه بعيداً‬ ‫فاندلع الجحيم مر ًة أخرى‪ ،‬وحسم‬ ‫أمره حينها وركض نحو الشجيرات‬ ‫وألقى بجسده بالقرب منها‪ .‬مضت‬ ‫لحظات قليلة عندما شعر أن قدمه أصبحت دافئة‪ .‬كان‬ ‫للدم لون ساحر وهو يتدفق من قدمه تحت أشعة القمر‬ ‫الفضية‪ .‬كان لوناً غريبًا ينسكب بهدوء على األرض‪ .‬لم‬ ‫يكن بإمكانه أن يضمد جرحه‪ .‬ولم يسعه ذلك‪ .‬لكنه‬ ‫راح يتأمل ذلك المشهد الغريب‪ .‬كان يشعر لحظتها أنه‬ ‫يتماهى مع هذه الكتلة الغريبة‪ .‬إنه وهذا الكون الفسيح‬ ‫كتلة واحدة تتناغم وتتفاعل بطريقة مثيرة‪ .‬كل شيء‬ ‫اآلن أصبح أكثر جما ًال واتخذ معنىً عميقًا‪ .‬ذهب صوت‬ ‫الرصاص وصمت كل شيء في عقله‪ .‬لم يعرف كم لبث‬ ‫وهو يحدق بقدمه المصابة‪ ،‬لكنه شعر بدفء الكيس‬ ‫األسود تحت صدره‪ .‬كان يحتضنه كأنه مولوده‪ .‬ينبغي‬ ‫أن أصل‪ .‬هاهو البيت الذي يقصده على مقربة منه‪.‬‬ ‫ومن مكان استطاع أن يلمح مئذنة الجامع العمري‪ .‬كان‬ ‫الجامع قد تحول إلى ثكنة عسكرية‪ .‬وربما كان القناص‬ ‫الذي يترصده قد تمركز هناك‪ .‬ثمّة حبّالة من الحجارة‬ ‫السوداء تعترض طريقه‪ .‬تحسس الكيس األسود مرة‬ ‫أخرى وداعبه بحنان‪ .‬وقفز ثالث قفزات كان خاللها وراء‬ ‫الحبّالة‪ .‬التصق بها وأحنى رأسه إلى األسفل‪ .‬كان األلم‬ ‫يجتاح جسده‪ .‬وشعر بثقل كبر في قدمه‪ .‬لقد أوشك‬ ‫على الوصول‪ .‬ومن وراءه كان الفجر قد اتخذ مكانه في‬ ‫األفق وبدأ يرسل أشعته الزرقاء‪ .‬بدت معالم األشياء أكثر‬ ‫وضوحاً وكان ثمة ضوء جنائزي وردي على خط األفق‬ ‫يثير في النفس ذلك األلم العميق‪ .‬وعندها صاح بأعلى‬ ‫صوته يا حسين‪ ...‬وركض مندفعاً بأقصى طاقته‪.‬‬ ‫دائمًا ما يقال إن اإلنسان في آخر دقائق يعيشها‬ ‫تمر الذكرى أمامه كشريط سريع‪ .‬كان ذلك حقيقة‪ .‬لقد‬ ‫عصفت بذهنه كل الذكريات الجميلة‪ ،‬وتوقفت تمامًا‬ ‫عند وجه رهف‪ ....‬رهف‪...‬أحبك يا رهف‪...‬‬ ‫على الطرف اآلخر في البلد خرجت أم حسين ذات‬ ‫الستين عاما ً| وهي تركض‪ .‬لم يستطع حسين الخروج‪.‬‬ ‫النساء وحدهن من الممكن أن ينجين من الرصاص‪.‬‬ ‫عقدت عقصتها وركضت والدموع تبلل وجهها وهي‬ ‫تصيح يا وسيم يا بنيي‪ ...‬وكان وسيم مسجىً على‬ ‫األرض وقد انفجرت الدماء من أثر الرصاص الذي‬ ‫درز جسده األسمر الهزيل وانتشرت حوله بقعة كبيرة‬ ‫من الدم‪ .‬وكان الكيس األسود قد انفرج وخرجت منه‬ ‫بعض أرغفة الخبز التي لطخ بعضها بالدماء‪ .‬سحبت‬ ‫أم حسين الكيس األسود ومن ثم أمسكت يده لتسحبه‬ ‫لكن الرصاص كان يبكت جسمه مرة أخرى جاع ًال جسده‬ ‫يرقص رقصته األخيرة‪ .‬عادت أم حسين مسرعة إلى‬ ‫المنزل وكانت عينا وسيم قد اتسعتا أكثر وهما تنظران‬ ‫نحو القمر الذي بدا أكثر إلتماعًا في ذلك الفجر البعيد‬ ‫من أيام الحصار‪.‬‬

‫لي�س فـي حوزتي الآن‬ ‫غري اخلجل‬ ‫ريتا إبراهيم فريد‬ ‫�إىل ابنة ال�شهيد غياث مطر‬ ‫ال أدري بأي أسلوب سأكلمك يا صغيرتي‪ .‬فأنتِ‬ ‫ال تزالين داخل أحشاء والدتكِ‪ ،‬وال تعلمين بما يجري‬ ‫حولك في العالم الخارجي‪ .‬ليس لديكِ أدنى فكرة‬ ‫عن نظام يحرم األبناء من آبائهم‪ .‬كيف يمكن لي‬ ‫أن أخبركِ بأن والدكِ استشهد قبل أن تتمكني من‬ ‫التعرف إليه‪ ،‬وقبل أن يتمكن من ضمّك إلى صدره‬ ‫ليفرح بك؟‬ ‫بتُ أخترع في مخيلتي رسمًا لك‪ .‬أحببتُك ولم‬ ‫أعرفكِ‪ ،‬وربما لن أعرفك‪ .‬لكنني ربما أعرف حجم‬ ‫معاناة طفلة حاولت أن تسابق األشهر التسعة لتولد‪،‬‬ ‫فإذا بوالدها قد سبق عمره الجميل نحو الموت‪.‬‬ ‫قصتكِ تشبه قصتي‪ .‬والدي قتِل أيضًا وكانت‬ ‫أمي حبلى بي‪ .‬أنا أيضًا خرجتُ إلى هذا العالم من‬ ‫دون أن أجد والداً ينتظر مجيئي قلقًا‪ ،‬ومن ثم يعمد‬ ‫إلى توزيع الحلوى ابتهاجاً‪ .‬أنا أيضاً لم أحظ باسم‬ ‫اختاره أبي لي‪ .‬لم أحظ بصورة معه‪ .‬بضمة حنان‬ ‫على كتف رجل قد يم ّثل عالماً كام ًال من األمان‬ ‫والطمأنينة لكل ابنة‪.‬‬ ‫لقد مضى على استشهاد والدكِ أسابيع عدّة‪،‬‬ ‫ورغم ذلك لم تغب صورته الباسمة عن مخيلتي‬ ‫لحظة‪.‬‬ ‫سأعترف لكِ اآلن بشيء‪ .‬لقد حاولتُ مراراًَ‬ ‫نسيان هذا التشابه بيننا وتجاهل التفكير بوالدك‬ ‫وبك‪ .‬حاولتُ إلهاء نفسي بالدفاع عن النظام وتبرير‬ ‫موقفي منه وتخوفي من الثورة ضدّه‪ .‬أحطتُ نفسي‬ ‫بوسائل دفاعية كي أمتنع عن «الذهاب بالعاطفة»‬ ‫نحو تحديد موقفي‪ :‬التخوّف من خدمة المشروع‬ ‫الصهيوني في المنطقة‪ ،‬القلق على مصير المقاومة‬ ‫فيما لو سقط بشار األسد‪ ،‬الفزع من جماعات سلفية‬ ‫متشددة‪ ..‬والى ما ال نهاية من أعذار وضعها البعض‬ ‫لتبرير المباالتهم تجاه «المحرقة» التي ترتكب في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حاولتُ كثيرا الهرب من المسؤولية المترتبة‬ ‫على كل «إنسان» تجاه ما يجري عندكم‪ .‬كنتُ أتناول‬ ‫الموضوع بالسخرية أحياناً‪ .‬حاولتُ السير في الخط‬ ‫المعاكس‪ .‬لكني لم أستطع! بكيتُ كثيراً على والدكِ‬ ‫وعلى كل الشهداء الذين شعرتُ بأيديهم تمتدّ نحوي‪،‬‬ ‫وأعينهم تتفرّس بي حاملة لي الخيبة والعتب!‬ ‫ليس في حوزتي اآلن غير الخجل من نفسي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يشل تفكيري‪ .‬أظنني كنتُ فع ًال‬ ‫إحساس بالذنب‬ ‫كما قيل لي على لسان أحد األصدقاء «بال ضمير وما‬ ‫عندك جنس اإلنسانية!»‪.‬‬ ‫حزني اآلن عميق بعمق صرخات كل معتقل‪.‬‬ ‫ألمي يتصاعد نحو دموع كل والدة قتل ابنها‪ ،‬وكل‬ ‫طفل انتظر والده ولم يعد‪ ..‬أوجاعي تحاول الوصول‬ ‫إلى ارتفاع هؤالء الثوار الكبار‪ ،‬كي أمسك معهم‬ ‫ضوء الحقيقة الثائرة‪ ..‬وأعتذر منهم فرداً فرداً على‬ ‫تواطئي وجبني!‬ ‫لقد بتُ أعيش جحيماً ناره مقاالت وأخبار تتوالى‬ ‫عن هذه المآسي‪ .‬لو استطعتُ أن أضع نفسي قيد‬ ‫المحاكمة أمام محكمة اإلنسانية‪ ،‬لفعلت!‬ ‫يا صغيرتي‪ ،‬أودّ لو أحضنك اآلن كي أخفف‬ ‫عنكِ‪ .‬أنا أعلم جيداً بأية ظروف ستلدين‪ .‬كما ولدتُ‬ ‫أنا‪ ،‬محاطة بدموع والدة متشحة بالسواد‪ ،‬وبذكريات‬ ‫عن والد بطل ورغبة بالثأر له‪ .‬لكنك ستكونين‬ ‫محاطة أيضًا بأخبار حلوة عن وطن نبتت فوق جروحه‬ ‫حقول من اآلمال‪ .‬سوف تشهدين على كتابة حرية‬ ‫جميلة ّ‬ ‫خطتها ثورة عظيمة‪ ،‬ووقّع عليها أبطال كبار‪..‬‬ ‫من بينهم والدكِ!‬


‫يا أرضنا‪ ..‬شهداؤنا‪ :‬نوصيك بهم خريا‬ ‫ال�شهيد الطفل زهري عو�ض العمار‬ ‫عمره ‪ 8‬أعوام‪ ،‬في الصف الثاني اإلبتدائي‪.‬‬

‫بيان حقوقي يتعلق‬ ‫باالعتداء الذي وقع على‬ ‫النا�شطة هنادي زحلوط‬

‫يا نحن ‪. .‬‬

‫استشهد على حاجز للجيش غرب بلدة نمر في‬ ‫محافطة درعا‪ ،‬حيث كان ذاهبًا مع أطفال آخرين‬ ‫كي يلعبوا كرة القدم في باحة المدرسة الغربية‬ ‫المتاخمة ألحد الحواجز العسكرية‪ ،‬وعندما اقتربوا‬ ‫من الحاجز نادى لهم العساكر (الذين كانوا قد لعبوا‬ ‫معهم بالكرة في اليوم السابق وأدخلوهم إلى‬ ‫الدبابة وعرفوهم عليها من الداخل) ومازحوهم‪،‬‬ ‫وعندما طلب زهير من الجنود أن يسمحوا له بإمساك‬ ‫البندقية قام الجندي الذي يعتلي الدبابة بفك مخزن‬ ‫سالحه ‪ -‬ناسياً الطلقة التي التزال في حجرة االنفجار وناسياً أن يؤمن سالحه‪ -‬ثم ناول السالح لزميله الذي‬ ‫يقف إلى جانب األطفال في األسفل وضغط على الزناد عن طريق الخطأ فخرجت الرصاصة لتخترق خاصرة‬ ‫العسكري وتدخل تحت إبط زهير وتخرج من الطرف اآلخر لجسمه مارّة بقلبه‪ ،‬وقام العناصر بنشر رواية‬ ‫مفادها أن العصابات المسلحة قامت بإطالق النار وإصابة العسكري وقتل الطفل زهير‪.‬‬

‫يا نحــن‬

‫ال�شهيد البطل رامي الفاخوري‬

‫مشعات احلرية ‪ . .‬معتقلونا‬

‫املعتقل احلر طريف ال�سعدي‬

‫املعتقلة احلرة كندة العامود‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫ال�شهيد البطل طاهر ال�سباعي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫الشهيد الرابع في حي اإلنشاءات‪ ،‬فبعد الشهيد عدنان‬ ‫عبد الدايم استشهد عبد الرحمن حاكمي وعالء كالليب في‬ ‫اليوم الثالث لعيد الفطر جراء إلقاء قنبلة مسمارية عليهم‬ ‫يوم ‪.2011\9\1‬‬ ‫بتاريخ ‪ ،2011/10/5‬تعرضت الناشطة الصحافية‬ ‫في يوم الجمعة ‪ 2011/09/30‬لحق الشهيد رامي‬ ‫المستقلة هنادي زحلوط‪ ،،‬إلى اعتداء سافر داخل‬ ‫الفاخوري بصاحبيه متأثراً بجراحه التي أصيب بها منذ ذالك‬ ‫حرم القصر العدلي في دمشق‪.‬‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫حيث قامت المحامية المدعوة هال سحلول‬ ‫بالتهجم على الناشطة هنادي وضربها‪ ،‬والتعرض‬ ‫لها وألسرتها بألفاظ بذيئة ومهينة‪ ،‬وذلك بعد خروج‬ ‫الناشطة هنادي من غرفة قاضي التحقيق‪ ،‬حيث قام‬ ‫طاهر إفضال السباعي شهيد االنشاءات وحمص‪.‬‬ ‫أحد عناصر الشرطة العدلية التابعة للقصر العدلي‪،‬‬ ‫كان طالبًا في كلية الهندسة المعمارية سنة رابعة‪.‬‬ ‫بإرشاد المحامية المدعوة هال سحلول على الناشطة‬ ‫استشهد يوم ‪.2011-10-16‬‬ ‫لتهجم عليها على مرأى وسمع عناصر الشرطة المدنية‬ ‫التي كانت ترافق زحلوط‪ ،‬إضافة لعدد من المحامين‬ ‫بتلقيه برصاصة من رشاش ‪ 500‬في شارع البرازيل أثناء مرور مظاهرة‬ ‫والمواطنين الذين كانوا حاضرين عند وقوع الحادثة‪.‬‬ ‫جامع الفرقان‪.‬‬ ‫إن لجنة محامو سوريا من أجل الحرية‪ ،‬اذ تدين‬ ‫السلوك العدواني والالأخالقي‪ ،‬والمخالف للقوانين‪،‬‬ ‫الصادر عن أحدى المحاميات‪ ،‬إضافة إلى ما قام‬ ‫به عناصر الشرطة المدنية من مخالفة للقوانين‬ ‫والواجبات المناطة بهم‪ ،‬بوقوفهم صامتين أثناء‬ ‫االعتداء الذي تعرضت له الناشطة المعتقلة‪ ،‬والتي‬ ‫يفترض ان تكون تحت حمايتهم‪.‬‬ ‫كما نعتبر أن بياننا هذا‪ ،‬بمثابة إخبار للنائب‬ ‫العام بوقوع جرم داخل حرم القصر العدلي بدمشق‪،‬‬ ‫والواقع تحت واليته‪ ،‬ونطالبه بمباشرة التحقيقات‪.‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن إحالة المدعوة هال سحلول‪ ،‬الى المحاكمة‬ ‫المسلكية‪ ،‬وفي حال ثبت قيامها بهذا الجرم‪ ،‬شطبها‬ ‫نهائيًا من جداول نقابة المحامين في سوريا‪ ،‬بوصفها‬ ‫تمثل عاراً على هذه المهنة النبيلة‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن الناشطة الصحافية‬ ‫المستقلة هنادي زحلوط‪ ،‬ال تزال معتقلة منذ تاريخ‬ ‫‪ ،2011/8/4‬ولغاية صدور هذا البيان‪ ،‬حيث أصدر‬ ‫قاضي التحقيق األول بدمشق قراراً بتوقيفها مع عدد‬ ‫من رفاقها ووجه لهم التهم اآلتية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬إنشاء جمعية بقصد تغيير كيان الدولة‬ ‫االقتصادي ‪-‬االجتماعي ‪ ،‬المادة ‪306‬‬ ‫‪ - 2‬إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات‬ ‫العنصرية أو المذهبية‪ ،‬المادة ‪285‬‬ ‫طريف السعدي‪ ،‬مواليد دمشق ‪ ،1985‬خريج‬ ‫الجامعة العربية الدولية قسم هندسة االتصاالت‬ ‫‪ - 3‬نقل أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية‬ ‫من مدينة السلمية‪ ،‬مواليد ‪ ،1990‬طالبة‬ ‫و الحواسيب دفعة ‪ ، 2010‬كان على وشك إكمال‬ ‫علم اجتماع سنة ثانية‪ ،‬اعتقلت اليوم الثالثاء األمة‪،‬المادة‪286‬‬ ‫دراسات عليا في مجال تخصصه‪.‬‬ ‫‪ 2011-10-25‬أثناء تواجدها في مكان‬ ‫‪ - 4‬اجتماعات خاصة وتظاهر وشغب وتحريض‬ ‫فوجئت‬ ‫حيث‬ ‫دمشق‪،‬‬ ‫في‬ ‫الحميدية‬ ‫مظاهرة‬ ‫من‬ ‫‪2011-10-11‬‬ ‫الثالثاء‬ ‫تم اعتقاله صباح يوم‬ ‫على التظاهر والشغب‪ ،‬المواد ‪216 ،336 ،335‬‬ ‫بأحد شباب دمشق وكان األمن يحاول اعتقاله‬ ‫منزله الكائن في المزة فيالت غربية ومصادرة أجهزة‬ ‫دمشق في‪2011-10-26 :‬‬ ‫فدافعت عنه مدعية أنه خطيبها فقام األمن‬ ‫الكومبيوتر والموبايالت الموجودة في البيت وذلك‬ ‫باعتقالها معه دون أن تعرف من هو الشاب‪.‬‬ ‫بدون أي مذكرة تفتيش واعتقال ودون توجيه أي‬ ‫عاشت سوريا حرة ديمقراطية وعاش شعبها‬ ‫كندة باعتقالها تؤكد بأن ال طائفية في هذه‬ ‫تهمة‪ ،‬وما نعرفه حتى اآلن هو أن طريف موجود في‬ ‫حراً كريمًا‬ ‫الثورة بل تتشارك كل مكوناتها ومكنوناتها‬ ‫فرع األمن السياسي – الميسات حيث لم تتم محاكمته‬ ‫لجنة محامو سوريا من اجل الحرية‬ ‫من نساء الحرية ورجالها المصير نفسه‪....‬‬ ‫ولم يتسنى ألهله االطمنئان عليه ورؤيته‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫مدينــة الر�ســـنت‬

‫ثورة لوجيا‬

‫موقع العدد‪ :‬ال�شعب ال�سوري عارف طريقه‬ ‫(‪)sha3b3aref.blogspot.com‬‬

‫مدننا الثائرة ‪. .‬‬

‫موقع يعنى بشؤون الثورة السورية يأتي داعمًا‬ ‫لصفحة "الشعب السوري عارف طريقه" واسعة‬ ‫االنتشار على الفيس بوك‪ ،‬إال أن مطوري الموقع لم‬ ‫يولوه اهتماماً جيداً بعكس صفحتهم على الفيس‬ ‫بوك والتي يتم تحديثها بشكل منتظم ‪.‬‬ ‫الموقع يظهر بصعوبة في محركات البحث‪ ،‬و ال‬ ‫توجد إحصائيات معلنة عن عدد زوار الموقع و لكن‬ ‫بحسب إحصائيات‪ Alexa‬تبين أن الموقع أحرز عدداً‬ ‫كبيراً من الزيارات خالل فترة قصيرة‪.‬‬

‫امل�س�ؤول عن املوقع‬

‫من مظاهرات مدينة الرستن الثائرة‬

‫ملحة تاريخية‪:‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫تقع مدينة الرستن في المنطقة الوسطى‬ ‫من سوريا وعلى بعد ‪ 25‬كم شمال حمص وجنوب‬ ‫حماه‪ .‬تتربع مدينة الرستن بمبانيها الحجرية‬ ‫الجميلة القائمة فوق الجبل والمشرفة على نهر‬ ‫العاصي وشوارعها المرصوفة وأعمدتها الضخمة‬ ‫ومنحوتاتها المهشمة وأقنيتها القديمة والتي تعود‬ ‫إلى عهود القدماء من العرب األمويين والكنعانيين‬ ‫واآلراميين والتدمريين والغساسنة والمسلمين‪.‬‬ ‫ويعود تاريخ مدينة الرستن إلى النصف الثاني‬ ‫من األلف الثاني ق‪.‬م حيث عثر فيها على نقش‬ ‫هيروغليفي حثي يشير إلى الملك أرخوليتي‬ ‫بن توعي ملك حماه‪ .‬وتؤكد المصادر التاريخية‬ ‫أن المدينة بنيت في عهد سلوقس نيكاتور وقد‬ ‫َّ‬ ‫سميت (أريتوزا) نسبة إلى مسقط رأس سلوقس‬ ‫نيكاتور وفقاً للمخطط الهبودامي الشبكي‪.‬‬ ‫بلغ عدد سكان المدينة في عام ‪ 2011‬حوالي‬ ‫‪ 85,176‬نسمة بينما يبلغ عدد سكانها مع القرى‬ ‫والريف التابع له ما يقارب ‪ 100‬الف نسمة بحسب‬ ‫تقديرات المكتب السوري المركزي لالحصاء‪ .‬حيث‬ ‫يشكل العرب نسبة ‪ 94‬بالمئة من سكان مدينة‬ ‫الرستن وهنالك بعض القرى التابعة لها من اإلثنية‬ ‫الداغستانية والشركسية ويشكل أبناء الطائفة‬ ‫السنية ‪ 98‬بالمية من أبناء المدينة وريفها‪.‬‬ ‫مع بدء االنتفاضة السورية في درعا منتصف‬ ‫شهر آذار ‪ 2011‬كانت الرستن من أولى المدن‬ ‫التي استجابت لنداء الوطن و الحرية وكان أهلها‬ ‫أول من حطم أصنام و تماثيل الطاغية األسد الذي‬ ‫كان يتربع على مدخل الرستن الجنوبي في ما كان‬ ‫يعرف بقاعدة المجد القتالي ويعتبر هذا التمثال‬ ‫األضخم للرئيس الراحل في سوريا وكان مصنوعًا‬ ‫من الرخام اإليطالي ‪.‬تم إحراق مقر األمن العسكري‬ ‫المالصق للجسر الصغير في الرستن وتم قطع‬ ‫األوتستراد الدولي عند جسر الرستن الكبير وإحراق‬ ‫مقر حزب البعث في شارع الثورة ومقر األمن‬ ‫السياسي في اشتباكات بين جنود منشقين وقوات‬ ‫األمن والجيش السوري‪ .‬وسقط في المدينة خالل‬ ‫شهري أيار وحزيران أكثر من ‪ 85‬شهيد موثقين‬ ‫باالسم لدى المنظمات االنسانية وقد سقط منهم‬ ‫ال يقل عن ‪ 30‬شهيدا فيما بات يعرف بمجزرة األمن‬ ‫العسكري في أواخر شهر نيسان ‪ 2011‬وتال ذلك‬ ‫اقتحام عسكري لمدينة الرستن سقط خالله الكثير‬ ‫من الشهداء والجرحى ومئات المعتقلين‪.‬‬ ‫شكلت الرستن عقدة أمام القوات العسكرية‪ ،‬إذ‬ ‫ظلت عصية على االقتحام‪ .‬قام الجيش بمحاصرتها‪،‬‬ ‫وقام بقصفها دون أن يتمكن من اقتحامها‪ ،‬ولم ينجح‬ ‫في قمع المظاهرات‪ ،‬بل إن مقاطع فيديو بثت على‬ ‫موقع «يوتيوب» تظهر تمرد عدد من الجنود على‬ ‫رؤسائهم‪ ،‬والوقوف مع األهالي‪ ،‬الذين أخذوا إحدى‬ ‫المدفعيات وقام الجنود الذين كانوا فيها بحماية‬ ‫األهالي وقصف مقر األمن العسكري واالستيالء‬ ‫على عدد كبير من وثائقه والتي نشرت على شبكة‬

‫االنترنت‪ ،‬قبل إحراق المبنى‪ .‬وظلت الرستن عصية‬ ‫على عناصر األمن وعلى الجيش لعدة أسابيع‪ ،‬وفي‬ ‫يوم جمعة (حماة الديار) تمكن األهالي من القيام‬ ‫ببث مباشر العتصامهم عبر قناة "الجزيرة" من‬ ‫خالل الهاتف المحمول وفي األسبوع الذي سبقه‬ ‫كان البث من قرية تلبيسة‪ ،‬األمر الذي أغضب‬ ‫النظام السوري‪ ،‬وتطورت األمور لتصل إلى ذروتها‬ ‫يوم األحد الذي يليه فتم إرسال تعزيزات عسكرية‬ ‫والضرب بيد من حديد لتكون هذه المرة الثانية التي‬ ‫تتعرض فيها تلبيسة والرستن المحاصرتين لقصف‬ ‫مدفعي منذ اندالع االحتجاجات في البالد‪.‬‬ ‫ازدادت وتيرة المظاهرات في الرستن فلم‬ ‫تعد تقتصر على أيام الجمعة وصارت تشمل أيام‬ ‫وليالي األسبوع فيما يعرف بمسائيات الرستن‬ ‫وكانت مظاهرات الرستن تبث مباشرة على‬ ‫كبريات القنوات الفضائية العربية والعالمية‪.‬‬ ‫بدأ الكثير من شباب الرستن الضباط من‬ ‫رتب مالزم ومالزم اول ونقيب ورائد باالنشقاق‬ ‫عن الجيش العربي السوري وأعلنوا تشكيل كتيبة‬ ‫خالد ابن الوليد والتي اتخذت من سهول ومزارع‬ ‫مدينة الرستن مقراً لها حيث بلغ عدد ضباطها‬ ‫والجنود اللذين التحقوا فيها ما يربو عن ‪900‬‬ ‫ضابط وصف ضابط وجندي منشق عن الجيش‪.‬‬ ‫وقد أعلنت هذه الكتيبة التي انضوت الحقاً تحت‬ ‫ما يدعى الجيش السوري الحر أن مسؤوليتها‬ ‫األساسية هي حماية الشباب المتظاهرين‬ ‫السلميين والتصدي لمليشيات األمن والشبيحة‪.‬‬ ‫في أواخر شهر أيلول اجتاحت قوات الجيش‬ ‫السوري مدينة الرستن بحوالي ‪ 250‬دبابة‬ ‫وعشر مروحيات و‪ 4000‬عنصر عسكري وأمني‬ ‫في أضخم عملية عسكرية يقوم بها الجيش‬ ‫السوري منذ أحداث ‪ 82‬في لبنان وحرب تشرين‬ ‫عام ‪ 1973‬ودارت رحى معركة طاحنة امتدت‬ ‫من يوم االربعاء ‪ 28‬أيلول وحتى يوم السبت ‪2‬‬ ‫تشرين األول بين صفوف العساكر المنشقين عن‬ ‫الجيش وقوات الجيش النظامي وأسفرت العملية‬ ‫عن ما بات يعرف بمجزرة الرستن الثانية حيث‬ ‫تم تسجيل مئات الشهداء والجرحى من المدنين‬ ‫واألطفال ومن طرف قوات الجيش إضافة لحوالي‬ ‫‪ 3000‬معتقل من الشيوخ والشباب ‪.‬وال تزال‬ ‫المدينة تتعرض للهجوم واالشتباكات بالتزامن‬ ‫مع انقطاع للكهرباء والماء واالتصاالت السلكية‬ ‫والالسلكية والمواد الطبية في المدينة منذ أكثر‬ ‫من أسبوع في ظل ظروف انسانية بالغة السوء‪.‬‬

‫اح�صائيات‪:‬‬

‫عدد الشهداء‪199‬‬ ‫عدد المعتقلين المسجلين لدى مركز توثيق‬ ‫االنتهاكات ‪29‬‬ ‫أول شهداء الرستن ‪:‬المالزم مراد طالس ‪-‬‬ ‫رفض إطالق النار على المتظاهرين ‪-‬بتاريخ ‪4/17‬‬

‫ال يوجد تعريف واضح لمالك الموقع حيث يُعرف‬ ‫صفحته بأنها صفحة للحوار حول مصير سوريا ‪،‬‬ ‫رافض ًا للخطابات الطائفية التحريضية و داعيًا إلى‬ ‫وحدة الشعب السوري‪.‬‬

‫الربنامج امل�ستخدم لإدارة املوقع ‪:‬‬

‫يستخدم الموقع مدونة مجانية على موقع‬ ‫‪spot.comblog‬‬

‫احلماية‪:‬‬

‫يتميز الموقع باعتباره منصة تدوين عالمية‬ ‫بحماية عالية ضد جميع أنواع االختراقات التقليدية‪.‬‬

‫مميزات املوقع ‪:‬‬

‫• تقسيمات الموقع متنوعة‪ :‬النضال السلمي –‬ ‫خواطر – مقاالت – مواقف‪.‬‬ ‫• في قسم النضال السلمي‪ :‬يقدم المحرر توثيقًا‬ ‫تاريخي ًا مختصراً‬ ‫لشعوب نالت حريتها عن طريق‬ ‫ٍ‬ ‫النضال السلمي‪ .‬هذا المحتوى يمثل مرجع ًا تاريخيًا‬ ‫غني ًا للشعب السوري خالل ثورته السلمية ‪.‬‬ ‫• قسم صفحة أخبار الثورة السورية‪ :‬والتي‬ ‫تستعرض تحديثات أخبار سوريا عبر تويتر بشكل آني‪.‬‬ ‫• الصفحة الرئيسية تحتوي على رابط باسم‬ ‫"نفس الشي" والذي يحيلك إلى ألبوم لمجموعة من‬ ‫الصور التي تستعرض أوجه التشابه ‪ /‬التطابق بين‬ ‫الجمهورية العربية السورية الوراثية وبين جمهورية‬ ‫كوريا الديمقراطية الشعبية الوراثية أيضًا‪.‬‬ ‫• قسم "مواقف" والذي يؤرشف عدداً من البيانات‬ ‫التي صدرت خالل الثورة السورية من لجان محلية أو‬ ‫خارجية‪.‬‬ ‫• امكانية البحث داخل الموقع‪.‬‬ ‫• إمكانية متابعة تحديثات الموقع عن طريق‬ ‫االشتراك بالنشرة البريدية‪.‬‬

‫�سلبيات املوقع ‪:‬‬

‫• القائمة الجانبية للموقع تشتمل على عدد من‬ ‫روابط الفيديو التي تسبب ثق ً‬ ‫ال في تحميل محتويات‬ ‫صفحاته‪ .‬ينصح بإدراج هذه الروابط في صفحة‬ ‫قسم الفيديو الغير مفعلة ‪.‬‬ ‫• الصفحة الرئيسية تظهر المقالة األخيرة فقط‬ ‫وال تحتوي على أي روابط للمقاالت السابقة‪.‬‬ ‫• الموقع يحتاج إلى ترتيب المحتويات وفقًا‬ ‫لتسلسل زمني كما يحتاج لفرز محتوياته بطريقة‬ ‫أفضل بحيث ال يتم إدراج المقاالت في قسم الخواطر‬ ‫و قسم المواقف أو العكس‪.‬‬ ‫• بعض أقسام الموقع غير مفعلة مثل الخريطة‬ ‫التفاعلية‪ ،‬الفيديو‪ ،‬والدولة المدنية على الرغم من‬ ‫أن مقالة الدولة المدنية يمكن قراءتها إذا اتبع الزائر‬ ‫رابط المنشورات األقدم من خالل الصفحة الرئيسية‪.‬‬ ‫• لم يتم تحديث الموقع منذ فترة طويلة بالرغم‬ ‫من أن عدد الزيارات التي حققها خالل فترة قصيرة‬ ‫كان كبيراً‬


‫الزاوية القانونية‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫سوريتنا | حنين اليوسف‬ ‫«لم يكن البارودي رجل دولة بل كان‬ ‫رجل زعامة بكل معنى الكلمة‪ ،‬وهو اإلنسان‬ ‫الشفاف الواضح الصريح الذي ال يخشى قول‬ ‫الحق‪ ،‬وهو رجل التعددية بكل معنى الكلمة‪،‬‬ ‫فقد أجمع على صدقه العدو والصديق حتى‬ ‫أن فرنسا لقبته بالعدو الصادق»‪.‬‬ ‫فخري بن محمود بن محمد حسن‬ ‫بن محمد الظاهر الملقب بالبارودي‪ ،‬إحدى‬ ‫الشخصيات الوطنية البارزة في تاريخ سورية‬ ‫الحديث‪ ,‬أديب وشاعر‪ ،‬كان جده «ظاهر‬ ‫العمر» حاكم صفد‪ .‬ولد في دمشق في حي‬ ‫القنوات عام ‪ ،1887‬ونشأ يحيط به الدّالل‬ ‫والترف ألنه االبن الوحيد لوالديه إلى جانب شقيقتيه‪ .‬أرسله والده إلى «الخجا»‬ ‫وهي مع ّلمة في المرحلة االبتدائية التحضيرية ع ّلمته القرآن الكريم ولم يتجاوز‬ ‫الست سنوات من عمره‪ .‬ولما بلغ العاشرة أدخله والده «المدرسة العازارية» ثم‬ ‫«المدرسة الريحانية» واستقر أخيراً في «مكتب عنبر» الثانوية الوحيدة في دمشق‬ ‫يومئذٍ‪ .‬نال شهادته عام ‪ 1908‬وهو العام الذي قامت فيه جمعية «االتحاد والترقي»‬ ‫بانقالبها على السلطان عبد الحميد الثاني‪ ،‬وهنا بدأت رحلة نضاله‪ ،‬فانضم إلى‬ ‫حلقة الشيخ طاهر الجزائري الوطنية‪ ،‬وصار يخطب في كل حفل داعيًا إلى يقظة‬ ‫العرب وحرّيتهم‪ .‬ثم أصدر عام ‪ 1909‬جريدة شعبية ساخرة أسماها ّ‬ ‫«حط بالخُرْج»‬ ‫كان هدفها نقد أوضاع البالد وبعث الشعور القومي وحرر فيها مع «محمد عارف‬ ‫الهبل» دون أن يعلن عن اسمه على صفحاتها ألسباب عائلية‪.‬‬ ‫حبه للتحصيل العلمي دفعه للسفر إلى الخارج لمواصلة دراسته دون علم أبيه‬ ‫فاستقل القطار إلى فلسطين وذهب بحراً إلى فرنسا التي قضى فيها عامًا قبل‬ ‫أن يجبره والده على العودة‪ ،‬فرجع إلى سوريا وتزوج‪ .‬لكن البارودي لم يكن ممن‬ ‫يحلمون باالستقرار العائلي بل كان رج ًال ثورياً متمرداً‪ ,‬ذهب ليحارب اإلنكليز في‬ ‫طبريا وبئر المغارة ووقع أسيراً في معركة بئر السبع‪ ،‬ثم أفرج عنه ليعود إلى بالده‬ ‫فتطوع في جيش الثورة العربية الكبرى عام ‪1916‬م‪ .‬عيّنه الشريف حسين ضابطًا‬ ‫مرافقاً البنه الملك فيصل عند دخوله إلى دمشق لتفانيه وإخالصه‪.‬‬ ‫كان من أوائل المشاركين في مقاومة االحتالل الفرنسي لسوريا‪ ،‬فشارك‬ ‫في معركة ميسلون ‪ 1920‬ومارس نشاطًا كبيراً في التحريض على الثورة‪ ،‬وكان‬ ‫يستقبل الثوار في بيته ّ‬ ‫وينظم االجتماعات المؤيدة لهم ويدعمهم بالمال الالزم‪،‬‬ ‫فاعتقله الفرنسيون في سجن قلعة دمشق وحوكم ثم أُفرج عنه‪.‬‬ ‫في عام ‪ 1927‬عمل البارودي على تأسيس الكتلة الوطنية مع الرئيسين هاشم‬ ‫األتاسي وشكري القوتلي‪ ،‬وانتخب نائبًا عام ‪ 1932‬وقد كان دائم الرفض للوزارة‬ ‫التي عرضت عليه عدة مرات‪ ،‬مفض ًال عليها منصب النيابة ألنه منصب يختاره الناس‬ ‫كما كان يقول‪ .‬وافتتح مكتبًا لنشر الوعي الوطني والدعاية للقضايا الوطنية سماه‬ ‫«مكتب البارودي لخدمة القومية العربية» وقد انضم إليه رجال الكتلة الوطنية‪.‬‬ ‫أصدرت الكتلة في ‪ 10‬كانون الثاني ‪ 1936‬بيانًا باسم الشعب السوري ضمنه‬ ‫ميثاق األمة القائم على أمانيها وحقها بالوحدة واالستقالل وبعد نشر البيان‬ ‫بثمانية أيام أغلقت السلطة مكاتب الكتلة وقبضت على البارودي والمحامي سيف‬ ‫الدين المأمون‪ ،‬فعمت االضطرابات المدن السورية والسيما دمشق التي أضربت‬ ‫إضراباً شام ًال استمر خمسين يوماً‪ ،‬وحدثت صدامات دامية‪ ،‬وكان من نتائجها‬ ‫اضطرار فرنسا إلى اإلفراج عن البارودي وسائر المعتقلين‪ .‬وحين أعلنت عودته‪،‬‬ ‫خرجت دمشق الستقباله والترحيب به‪ ،‬وحُمِل على األكتاف إلى بيته‪.‬‬ ‫كان تأسيس البارودي لفرقة القمصان الحديدية عام ‪ 1936‬من أبرز أعماله‪.‬‬ ‫وكانت على غرار منظمات الفتوة العسكرية في العالم‪ ،‬لتكون دعامة الجيش‬ ‫السوري المقبل‪ .‬وكانت تدريبات هذه الفرقة تجري في شوارع دمشق وتقابل‬ ‫بالترحيب والهتاف‪ .‬ومن مآثر البارودي دعوته إلى «مشروع الفرنك» الذي يقضي‬ ‫بأن يدفع كل مواطن فرنكاً سورياً واحداً (خمسة قروش) كل شهر‪ ،‬يُنفق في سبيل‬ ‫الدعاية للقضية العربية في الخارج‪ .‬وقد توقف هذا المشروع عام ‪ .1936‬وكان من‬ ‫أعماله البارزة األخرى دعوته إلى مقاطعة البضائع األجنبية مقاطعة تامة‪.‬‬ ‫عندما أعلِنت الحرب العالمية الثانية عام ‪1939‬شددت السلطات الفرنسية‬ ‫الحصار على الوطنيين واتهمت البارودي بحيازة السالح فلجأ إلى األردن وعاش فيها‬ ‫سنتين عانى فيهما الفقر والجوع والتشرّد ثم عاد إلى دمشق بعد هدوء األحوال‬ ‫وانتخب للمرة الثالثة نائباً في البرلمان‪ .‬وفي عام ‪ 1947‬أعيد انتخابه وكان قد أصبح‬ ‫عقيداً في الجيش وكان مسؤو ًال عن المقاومة الشعبية‪ .‬وعندما شعر بثقل األعباء‬ ‫عليه استقال من البرلمان واعتزل العمل السياسي‪.‬‬ ‫لقد وجه البارودي عنايته إلى إحياء التراث الموسيقي العربي وجمعه وتدوينه‪ .‬واهتم‬ ‫بشكل خاص برقص السماح والموشح‪ ،‬ووضع موسوعة موسيقية ضخمة من أربعة‬ ‫مجلدات‪ .‬وكان أديباً شاعراً‪ ،‬وله ديوانان من الشعر المقبول‪ ,‬كما نظم عدداً من األناشيد‬ ‫الوطنية والحماسية‪ .‬كان معروفاً بحبه للمرح والدعابة وكان منزله منتدى يلتقي فيه‬ ‫ظرفاء الشام وأدباؤها‪ ،‬وكانت مكتبته قيمة تشتمل على الكثير من الكتب والمخطوطات‬ ‫وأكثرها في الموسيقى وقد أتت عليها النار في حوادث ‪ 18‬تموز سنة ‪1963‬م‪.‬‬ ‫توفي البارودي في ‪ 2‬أيار ‪ ، 1966‬وشيّعته دمشق إلى مثواه األخير تشييعًا‬ ‫حاف ًال‪ ،‬لكننا مانزال نذكره كلما أنشدنا معأ‪:‬‬ ‫بالد العرب أوطاني من الشـام لبغدان‬ ‫يمن إلى مصر فتطوان‬ ‫ومن نجـد إلى ٍ‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫خاص | سوريتنا‬ ‫توجت الصحافة منذ ظهورها عالمياً كسلطة رابعة‪ ،‬لكنها ومع التطور الهائل في الوسائل والمضامين‪،‬‬ ‫تقدمت لتصبح السلطة األولى وصاحبة السبق في تكوين الرأي العام وتوجيه المجتمع واالقتصاد والسياسة‪.‬‬ ‫إن أكثر ما يهم السلطات هو السيطرة على وسائل اإلعالم‪ ،‬ولهذا فإن القوانين والقرارات التي‬ ‫تتحكم بالمطبوعات تشكل أهمية كبيرة للسلطات القمعية التي تحاول التحكم بشكل كامل بحياة‬ ‫شعوبها فتقوم بتفصيل قوانين على مقاسها مما يخدم سياستها‪ ،‬ويمنع اآلخرين من الوصول إلى هذه‬ ‫الوسائل رغم أن أغلب الحكومات الديكتاتورية تنص دساتيرها على أن حق التعبير عن الرأي حق مقدس‬ ‫وذلك انسجامًا مع االتفاقيات الدولية والمبادئ العامة لألمم المتحدة إال أنه من الناحية العملية تظهر‬ ‫استحالة ممارسة هذا الحق‪ ،‬فمفهوم حرية التعبير عن الرأي ال قيمة له إذا لم يملك المواطن األدوات‬ ‫الالزمة للتعبير عن هذا الحق‪.‬‬ ‫تتالت على سوريا مراحل إلصدار المطبوعات وكان يصدر فيها عام ‪ 13 1920‬مجلة و‪ 42‬جريدة دورية‪،‬‬ ‫وكانت أول مطبوعة سورية قد صدرت عام ‪( 1851‬مجلة مجموع الفوائد)‪ ،‬كما تم إقرار أول قانون مطبوعات‬ ‫عثماني عام ‪ 1865‬واستمر العمل به حتى االستقالل حيث تم إقرار قانون المطبوعات رقم ‪ 53‬لعام ‪.1949‬‬ ‫وعند استالم حزب البعث للسلطة عام ‪ 1963‬صدر األمر العرفي رقم ‪ 4‬الذي أغلقت بموجبه جميع‬ ‫الصحف والمجالت وأوقفت الرخص وصودرت جميع أدوات الطباعة والمطابع وتم الحجز على األموال‬ ‫المنقولة وغير المنقولة ألصحاب المطابع ودور النشر واستثني من هذا القرار «جريدة البعث» و»الوحدة‬ ‫العربية» و»بردى» التي كانت تابعة لحزب البعث والناصريين‪ ،‬فتم إغالق ‪ 13‬صحيفة في دمشق‪ ،‬و‪ 3‬في‬ ‫حلب‪ ،‬و‪ 2‬في حمص‪ ،‬وواحدة في حماة‪.‬‬ ‫على الرغم من صدور دستور ‪ 1973‬الذي نص على ضمان حرية التعبير والرأي ورغم توقيع سوريا‬ ‫على اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية عام ‪ ,1969‬فقد‬ ‫نص بيان المؤتمر الخامس لحزب البعث على تطبيق مبدأ مركزية اإلعالم وجاء المؤتمر السادس ليؤكد‬ ‫على تبعية اإلعالم للسلطة‪ ،‬وقد أنشأت سلطة الحزب الواحد عدداً من المؤسسات اإلعالمية (الوحدةـ‬ ‫البعث‪ -‬الوكالة العربية لألنباء‪ -‬تشرين‪ -‬معهد اإلعداد اإلعالمي‪ )...‬والتي رسخت المبادئ األساسية‬ ‫لتعامل السلطة مع اإلعالم وتجلت فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬احتكار الدولة لكافة وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫‪ - 2‬االعتماد على مبدأ اإلعالم الموجه‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إحداث مجلس أعلى لإلعالم مشكل من قيادة الحزب والخارجية واإلعالم واإلدارة السياسية للجيش‪.‬‬ ‫تحت راية اإلصالح والتغيير وتوسيع هامش الحريات جاء قانون اإلعالم رقم ‪ 108‬لعام ‪ 2011‬والذي‬ ‫ألغى القانون رقم ‪ 68‬لعام ‪ 1951‬وقانون المطبوعات رقم ‪ 50‬لعام ‪ ،2001‬وقانون التواصل مع العموم‬ ‫على الشبكة الصادر بالمرسوم رقم ‪ 23‬لعام ‪ 2011‬والمرسوم التشريعي رقم ‪ 10‬لعام ‪ 2002‬المتعلق‬ ‫باإلذاعات الخاصة‪ .‬رغم اإليجابيات الواضحة في هذا القانون واعتباره أقل سوءاً مما سبقه‪ ،‬إال أنه ال يخرج‬ ‫عن مفهوم تسلط الدولة وأجهزة األمن على اإلعالم وهذا ما سنناقشه بشيء من التفصيل‪:‬‬ ‫‪ - 1‬في المادة ‪ 1‬من القانون أبقى المشرع على ما يسمى المجلس الوطني لإلعالم‪ ،‬والذي رغم التغيير‬ ‫في هيكليته إال أن شروط عضويته فضفاضة تسمح للحزب واألمن بانتقاء األعضاء دون أي إلزام‬ ‫قانوني‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ورد في المادة ‪ 10‬من القانون وهي مادة في منتهى الغرابة‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬تلتزم الجهات العامة بالرد على طلب الحصول على المعلومات المقدم من اإلعالمي بعد إبراز‬ ‫وثيقة تثبت هويته خالل سبعة أيام من تاريخ إيداع الطلب لديها‪...‬‬ ‫ب ‪ -‬تختص محكمة القضاء اإلداري بالنظر في رفض طلب الحصول على المعلومات على أن تبت‬ ‫فيه بقرار مبرم خالل مدة ال تتجاوز شهر من تاريخ إيداعه لديها‪( .‬إن مدة شهر وسبعة أيام‬ ‫تتعارض مع أبسط مقومات العمل الصحفي وسرعة انتشار المعلومة)‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تنص المادة ‪ 12‬من القانون المذكور وبعد قائمة طويلة من محظورات النشر على الوسائل اإلعالمية‬ ‫بالفقرة الخامسة‪« :‬كل ما يمس رموز الدولة»‪( .‬كان على المشرع توضيح مصطلح رموز الدولة ومن‬ ‫يشمل بالتحديد فهذا المصطلح الغامض يعتبر غطا ًء للفساد ويضع هيئات أو أحزاب أو أشخاص فوق‬ ‫القانون وفوق المسائلة)‪.‬‬ ‫‪ - 4‬تنص المادة ‪ 38‬من القانون المذكور والتي تحدد الشروط الواجب توافرها في من يطلب طلب‬ ‫ترخيص مطبوعة دورية ‪« :‬أن يكون متمتعًا بالجنسية السورية منذ خمس سنوات على األقل»‪( .‬‬ ‫وبذلك تتجدد مشكلة األكراد المجنسين عام ‪ 2011‬والتي كان على المشرع إكسابهم الجنسية بأثر‬ ‫رجعي وتنطبق هذه الحالة على قانوني األحزاب واالنتخابات)‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تنص المادة ‪ 60‬والمتعلقة بشبكات التواصل في الفقرة «ب»‪« :‬تعد وسيلة التواصل على الشبكة‬ ‫مسؤولة أمام الغير وأمام القضاء عما يرد فيها من محتوى أو التعليقات عليه»‪ .‬إن أي متتبع آللية‬ ‫العمل اإلعالمي على الشبكة يدرك ما تتضمنه هذه المادة من قيود على حرية التعبير‪.‬‬ ‫‪ - 6‬المادة ‪ 79‬من القانون والتي تعاقب كل مخالف للمادة ‪ 12‬منه‪« :‬المتضمنة لحظر نشر كل ما من‬ ‫شأنه المس بالشعور الوطني أو المذهبي أو نشر معلومات عن المؤسسة العسكرية أو المساس‬ ‫برموز الدولة»‪ .‬بإيقاف الوسيلة اإلعالمية عن النشر أو البث لمدة ال تقل عن ‪ 3‬أشهر في المرة األولى‬ ‫وبإلغاء الترخيص في حال التكرار‪ ،‬إضاف ًة إلى أن المواد من ‪ 79‬إلى ‪ 97‬تعج بالغرامات المرهقة‬ ‫المطبقة على الصحفي أو على الوسيلة اإلعالمية مما يشكل عبئاً على المؤسسات اإلعالمية ويعيق‬ ‫قدرتها االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ - 7‬على هامش قانون اإلعالم فإن قانون اتحاد الصحفيين الملزم للعاملين بالصحافة االنتساب إليه‬ ‫قد حدد شروطاً وأهدافًا لالتحاد يستطيع من خاللها حجب حق العمل الصحفي عن أي صحفي‬ ‫يخرج عن الحدود المرسومة له أو يخالف توجهات السلطة‪ ,‬فقد حدد المرسوم رقم ‪ 58‬لعام ‪1974‬‬ ‫القاضي بإحداث اتحاد الصحفيين ‪« :‬إلزام كل المنتسبين إليه باإليمان بها والعمل بموجبها تحت‬ ‫طائلة الفصل والحرمان من العمل الصحفي وبالنضال لتحقيق أهداف حزب البعث بالوحدة والحرية‬ ‫واالشتراكية ونشر فكره التقدمي االشتراكي»‪ .‬ووضع عقوبات تصل إلى حد الفصل على الصحفي‬ ‫الذي ينشر ويزعزع ثقة الشعب أو يقوم بإثارة الغرائز التي تتعارض مع مصلحة المجتمع أو تصوير‬ ‫الواقع تصويراً غير أمين‪ ،‬وكلها تعابير مطاطة يمكن إلصاق تهمتها بأي مقال صحفي أو تحقيق‬ ‫ووضع الصحفي تحت المسائلة والفصل في كل حين‪.‬‬ ‫‪ - 8‬كذلك قانون المؤسسة العامة لتوزيع المطبوعات المحدثة بالمرسوم التشريعي ‪ 24‬لعام ‪1975‬‬ ‫والذي حصر حق توزيع المطبوعات بالمؤسسة كما أعطاها حقوقًا مادية تصل إلى ‪ % 30‬من نسبة‬ ‫التوزيع حتى بات المواطن السوري والذي تربطه عالقة تقليدية مع مطبوعات تصدر في لبنان أو‬ ‫الكويت مرهونًا بالعالقات السياسية بين البلدين ورضى الحكومة السورية على هذا الفريق أو ذاك‪.‬‬

‫فخري البارودي (‪)1966 – 1887‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫قانــــــون الإعــــالم‬

‫وجــوه مــن وطنـــي‬

‫‪13‬‬


‫عروة نريبية‬

‫حيطان الفيس بوك ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫حال عمران‬

‫اإلضراب هو جد كل أشكال االحتجاج السلمي‪.‬‬ ‫هو ال يحرض صداما مباشرا ويعرف الجميع‬ ‫على حجم سلطة الشعب وإرادته‪ .‬من ال يلتزم‬ ‫باإلضراب منبوذ على مر التاريخ‪ ...‬اإلضراب اسلم‬ ‫أشكال الفعالية‪ .‬عدمه يدفع باتجاه الصدام‬

‫رزان غزاوي‬

‫في هذه اللحظات التاريخية أتمنى أن ال تنسى أمنيتي بعيد ميالدي (ياللي رح يكون بعد‬ ‫شعوبنا الحرة اليوم أنها هي‪ ،‬الشعوب‪ ،‬من كتب شهر) انو يكون في بين كل حارة وحارة‬ ‫هذا التاريخ وهي من صنع حريتها‪ ،‬فال تسمح بالشام‪ ،‬دوما‪.‬‬ ‫يوما بصناعة طاغية جديد يسلبها إياها‬

‫يحيى جابر‬

‫خطيب بدلة‬

‫الحظ كبير المحللين االستراتيجيين التابعين‬ ‫عماد احل�صري‬ ‫الشبيحة الذين سرقوا رصيد الروائية «سمر لنظام الممانعة السوري أن مظاهرات االحتجاج‬ ‫تسعة عشرة قتيل في سوريا اليوم‪ .....‬يزبك «ال يعرفون أنها بماليين النسخ في الشوارع قد تناقصت‪ ..‬يمكن من البرد يا خالد‪.‬‬ ‫تحولنا إلى أكثر من آالت إلى كثر‪ ...‬من ما الذهبية في مطابع الثورة‪..‬يا سمر سينتصر‬ ‫عبد احلي ال�سيد‬ ‫بعرف شو!!! تسعة عشر فاجعة!!! كأنه أصبح الذكاء على الغباء في حبكة الحرية‬ ‫حدث اعتيادي تحول الشهيد إلى رقم!‪..‬‬ ‫ال تحتاج الثورة إثباتا آخر على تفوقها األخالقي‪...‬‬ ‫�إياد عما�شة‬ ‫والرقم له عائله والعائلة تحمل حلما وتنتظر‬ ‫لكن عندما ال يجدون إال ألحان وإيقاع إبراهيم‬ ‫فطورها الصباحي‪..‬الرقم هو أنت وأنا‪..‬‬ ‫بعدني مصرّ على إدراج مادة في الدستور القاشوش ليرددونها في ساحة األمويين‬ ‫الجديد لسوريا‪ ،‬تحت بند الرئاسة تقول‪ :‬بكالمات أخرى‪ ،‬وعندما يستخدمون الزمة‬ ‫ندى اخل�ش‬ ‫«الشعب يريد‪ »...‬ليدخلوا إليها محتوى آخر‪ ،‬فان‬ ‫«رئيس الجمهورية إجير بكعكة»‬ ‫ذلك يعني شيئا وحدا‪ ...‬إال وهو السقوط‪..‬‬ ‫حزن عميق وقلق أعمق حين تمر من‬ ‫خالد حاج بكري‬ ‫الحواجز األمنية والعسكرية ويكون تسهيالت‬ ‫رفيق احللو‬ ‫لبعضهم وتنكيل للبعض اآلخر‪ ....‬تخريب‬ ‫قال صديقي المصريّ‪ :‬السوريون أجدع‬ ‫لنسيج اجتماعي مارسه النظام طويال وعلى‬ ‫نحن نستطيع أن ننزل ‪ 20‬مليون إلى الشارع‬ ‫ناس!‪ ..‬قلتُ‪ :‬بل المصريون!‬ ‫عقود من السنين ويريد متابعة خطته في قال‪ :‬صحيح‪..‬المصريون أجدع ناس‪..‬فع ًال‪..‬ما إذا سحب أجهزته األمنية وكتائب األسد‬ ‫التخريب‪ ...‬كل األمل أن تكون أخالقيات‬ ‫والشبيحة و أطلق سراح جميع المعتقلين‪ ،‬إذا‬ ‫الثورة كفيلة بتجاوز هذا االنقسام على هوية دام يقول ذلك‪..‬شخصٌ سوريّ‬ ‫أراد تكذيبنا فليفعل‪ ،‬وما دام ال يفعل‪ ،‬فهذا‬ ‫وطائفة وان تكون المواطنة واإلنسانية هي‬ ‫يعني أن مقولتنا صحيحة‬ ‫روال الركبي‬ ‫قواعد التعامل مع كل البشر‪..‬‬ ‫�إياد حياتلة‬ ‫نظرة سريعة على السيارات التي تطوف شوارع‬ ‫�أحمد الع�ساف‬ ‫دمشق باألعالم والصور‪:‬رانج‪ ،‬هامر‪ ،‬أودي‪،....‬‬ ‫ترى هل أصبح الشعب السوري بين عشية طيّارون سوريّون فـي اليمن‪ ،‬وقبلها فـي‬ ‫في المعتقل وتحت التعذيب سألوه‪ ..‬أنت رويترز وضحاها مرفها يركب السيارات الفارهة ؟؟!!!!!! ليبيا‪ ..‬واهلل أعلم وين كمان‪ ،‬وليش؟!!!‬ ‫عرضت عليك تصير مراسلها بدير الزور براتب‬ ‫اهلل يرحمك يا فايز منصور‬ ‫قدره مية ألف دوالر‪ ..‬قاللهن‪ ..‬بعشرة أالف ليرة‬ ‫علي الأتا�سي‬ ‫سورية بقبل بس واهلل ما صار هالكي‪.‬‬ ‫حممد من�صور‬ ‫تذكرني واقعة استقبال الرئيس لوفد‬ ‫فايز �سارة‬ ‫الجامعة العربية في قاعة قصر الشعب التي لم تستطع مسيرات التأييد المليونية أن تحمي‬ ‫تطل على ساحة األمويين في ذات التوقيت حتى تمثال صدام حسين من أن يضرب بالحذاء بعد‬ ‫صديقة كتبت على صفحتها‪ :‬على كافة الذي كانت فيه الساحة ممتلئة قسرا بالحشود سقوطه‪ ...‬ولم تستطع المسيرات المؤيدة لمبارك‬ ‫المتظاهرين والمحتجين في سورية التوجه المؤيدة‪ ،‬بأرييل شارون الذي كان يحلو له أن تغير جوهر المشهد‪ ،‬أو أن تحول مسار الطريق‬ ‫يوم الثالثاء إلى السعودية للقيام بواجب تشيع اصطحاب ضيوف إسرائيل في جولة بطائره الذي انتهى به وهو ينكش أنفه في المحكمة‪...‬‬ ‫ولي العهد سلطان بن عبد العزيز وذلك وفاء الهليكوبتر فوق الضفة الغربية ليشرح لهم أما في الساحة الخضراء في طرابلس فقد كانت‬ ‫البنه األمير بندر بن سلطان صاحب المؤامرة من األعلى استحالة إعادتها للفلسطينيين‪ .‬صورة مسيرات التأييد هي األقرب للنموذج السوري‬ ‫على سوريا والذي دفع لكل متظاهر مبلغ‬ ‫من حيث الصوت الزاعق والتهويل النفاقي‪ ...‬لكنها‬ ‫‪ 500‬ليرة سورية وسندويشة كباب وحبتين‬ ‫حازم نهار‬ ‫أيضاً لم تستطع أن تغير مصير القذافي الذي ظل‬ ‫كبتاغون‪ .‬يرجى إعالم الجميع ومن يتخلف‬ ‫يتحدث عن الجرذان‪ ،‬حتى وجد مختبئًا في مجرور‬ ‫ستقطع عنه اإلمدادات‪ .‬على أن يتم التنسيق‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ح‪:‬‬ ‫ل‬ ‫يُصَ‬ ‫وال‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫يَص‬ ‫وال‬ ‫يُصلِح‬ ‫ال‬ ‫النظام‬ ‫مياه‪ ...‬ولهذا‪ :‬بلوها واشربوا ميتها‪ ....‬الثورة ماضية‬ ‫من اجل واجب العزاء الحقا‪ .‬شكرا لتعاونكم‪ .‬يجب تقديم درس هام حول «اإلصالح» للجنة إلى هدفها‪ ...‬والحرية آتية‪ ...‬ورح تتذكروا مسيرات‬ ‫نسيت الصديقة تقول إذا كان بندر بن الجامعة العربية التي تزور سورية‪ :‬في اللغة التأييد مثل ما بتتذكروا جريدة كسدانة منشور فيها‬ ‫سلطان راح يدفع للشباب أجرة الطريق‪ .‬وال العربية وحسب قاموس الثورة يقال النظام خطاب للرئيس ومقاالت أكل هوا بذكرى الحركة‬ ‫السوري ال يُصلِح وال يَص ُلح وال يُصَ َّلح‪.‬‬ ‫التصحيحية أو عيد الجلوس‪ ..‬أو ميالد حزب البعث‬ ‫يصرفوه من المكافأة القديمة!!!!‬

‫سج‬

‫| في إطار تفكيرك السياسي‬ ‫وسياقه‪ ،‬كيف تنظر إلى الثورات العربية‬ ‫الراهنة‪ :‬هل ترى أنها تشكل قطيعة مع‬ ‫حقبة سابقة‪ ،‬أم استئنافاً لما فات؟‬ ‫| | ليس من مهمات الفكر السياسي‬ ‫أن يتنبأ أو يصدر أحكاماً قاطعة‪ .‬فهو‬ ‫يمكنه أن يكون دقيق ًا ومنظم ًا وعلمي ًا بقدر‬ ‫نسبي‪ .‬ويمكنه أن يرصد عوامل الظواهر‬ ‫والحوادث وخلفياتها‪ ،‬ويقدم بعض التوقعات‪.‬‬ ‫أما التنبوء فنادراً ما يكون صحيح ًا‪ ،‬إال‬ ‫بالمصادفة‪ .‬ومن أهم األفكار المتداولة عن‬ ‫االنتفاضات والثورات العربية الراهنة‪ ،‬هي‬ ‫قيامها على االستبداد ورفضها االستبداد‪.‬‬ ‫وهذا ما يعيدنا أو يذكرنا بعصر عبد الرحمن‬

‫الكواكبي‪ ،‬وكتابه «طبائع االستبداد»‪ .‬وفي‬ ‫هذا المعنى قد تكون هذه الثورات استئناف ًا‬ ‫أو استعادة‪ .‬والتفاؤل في هذا السياق يشوبه‬ ‫شيء من الخوف مبعثه شعور بأن تاريخنا‬ ‫يراوح في مكانه وال يتقدم‪ ،‬بل يستأنف‬ ‫عصر الكواكبي‪ .‬فالشعارات التي رفعتها‬ ‫الثورات العربية‪ ،‬حتى في بالد قبلية مثل‬ ‫اليمن‪ ،‬تركز على الكرامة والحرية‪ ،‬وكلها‬ ‫تحمل طابعا ليبراليا كالسيكياً‪...‬‬ ‫| لكن أال تتضمن هذه االنتفاضات‬ ‫والثورات عنصراً أساسي ًا ضد العروبة في‬ ‫معناها القديم‪ ،‬وخصوص ًا الناصري؟‬ ‫ال أظن أن هذه الثورات قامت ضد العروبة‪،‬‬ ‫بل هي تقيم قطيعة معها قد يكون باعثها‬

‫؟‬

‫من �أجل هذا �أعلن‬ ‫الع�صيان‬ ‫باسم الماليين التي تساق نحو‬ ‫الذبح كالقطعان‬ ‫باسم الذين انتزعت أجفانهم‬ ‫واقتلعت أسنانهم‬ ‫وذوبوا في حامض الكبريت‬ ‫كالديدان‬ ‫باسم الذين ما لهم صوت ‪...‬‬ ‫وال رأي ‪...‬‬ ‫وال لسان ‪...‬‬ ‫سأعلن العصيان ‪...‬‬ ‫***‬ ‫باسم الجماهير التي تجلس‬ ‫كاألبقار‬ ‫تحت الشاشة الصغيرة‬ ‫باسم الجماهير التي يسقونها‬ ‫الوالء‬ ‫بالمالعق الكبيرة‬ ‫باسم الجماهير التي تركب‬ ‫كالبعير‬ ‫من مشرق الشمس إلى مغربها‬ ‫تركب كالبعير‪...‬‬ ‫وما لها من الحقوق غير حق الماء‬ ‫والشعير‬ ‫وما لها من الطموح غير أن تأخذ‬ ‫للحالق زوجة األمير‬ ‫أو ابنة األمير ‪...‬‬ ‫أو كلبة األمير ‪...‬‬ ‫باسم الجماهير التي تضرع هلل‬ ‫لكي يديم القائد العظيم‬ ‫وحزمة البرسيم ‪...‬‬ ‫نزار قباني‬

‫اليأس من تلك العروبة‪ .‬هنالك قطيعة في‬ ‫الشعارات وأشكال التظاهر‪ .‬لم نتعود على‬ ‫تظاهرات عربية تحضر فيها النساء‪ ،‬كما‬ ‫شاهدنا في التظاهرات الراهنة التي حضر‬ ‫فيها األطفال والفتيات والعائالت واألفراد‪،‬‬ ‫كما حضرت الموسيقى والفنون واألغاني‪ .‬ثم‬ ‫إننا لم نشهد مظاهر عنف‪ ،‬كحرق األعالم‪،‬‬ ‫وال توحيد للشعارات‪ .‬وهنالك أيض ًا ظاهرة‬ ‫الفرح في التظاهر‪ ،‬على خالف التظاهرات‬ ‫السابقة التي يغلب عليها العبوس‪ .‬فالذي‬ ‫كان العبوس بادياً على وجهه هو الناطق‬ ‫الرسمي باسم الجيش المصري في أثناء‬ ‫قراءته البيانات العسكرية‪ ،‬على خالف وجوه‬ ‫الجموع المصرية في الشوارع‪.‬‬

‫السؤال والجواب من‪ :‬حوار مع المفكر السوري صادق جالل العظم | جريدة النهار اللبنانية‬


‫الع�صيان املدين والإ�ضراب فـي دم�شق (‪)1936‬‬ ‫حبر ناشف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬

‫عدد من الوطنيين برئاسته‪ ،‬فاعتقلته‬ ‫قوات االنتداب الفرنسي ونفته إلى‬ ‫الحسكة‪ ،‬واستيقظت دمشق في اليوم‬ ‫ً‬ ‫مضربة إضرابًا‬ ‫التالي على هذا النبأ‬ ‫شام ًال‪ ،‬وتعطلت مصالحها ومصانعها‬ ‫ومدارسها إضافة إلى الجامعة السورية‪،‬‬ ‫وخرج المتظاهرون يهتفون بحياة النائب‬ ‫البارودي وحياة الوطنيين‪ ،‬واتجهوا إلى‬ ‫منزل البارودي في القنوات وتجمهروا‬ ‫حوله يهتفون بحياته ويطالبون االنتداب‬ ‫الفرنسي بإطالق سراحه‪ .‬ترافق ذلك مع‬ ‫مظاهرات في حلب وحمص وحماه‪.‬‬ ‫في ‪ 21‬كانون األول أرسلت القوات‬ ‫الفرنسية عناصرها لفض مظاهرة أمام‬ ‫الجامع األموي فقاموا بقتل عدة طالب‬ ‫متظاهرين‪ ،‬وقامت الشرطة في حلب‬ ‫باقتحام منزل المرحوم ابراهيم هنانو‪،‬‬ ‫فقام القادة في حلب وكرد فعل بالدعوة‬ ‫إلغالق األسواق وإطالق المظاهرات‪,‬‬ ‫ويومًا بعد يوم كان عدد المشاركين فيها‬ ‫يزداد كلما اعتقلت القوات الفرنسية عدداً‬ ‫من المتظاهرين‪ .‬في ‪ 22‬كانون األول‬ ‫وفي تشييع ضخم للشهداء‪ ،‬قامت القوات‬ ‫الفرنسية بمهاجمة المشيعين وقتلت‬ ‫اثنين منهم‪ ،‬وكذلك هاجمت مظاهرة‬ ‫في حمص وقتلت ثالثة متظاهرين‬ ‫وجرحت الكثير‪.‬‬ ‫كل هذا لم ينقص من عزيمة‬ ‫الطالب فكانت المظاهرات تخرج من‬ ‫مكتب عنبر ثم تتوزع على فرعين‪ ،‬األوّل‬ ‫يأخذ طريق مدحت باشا والثاني سوق‬ ‫الحميدية‪ ،‬وفي هذين السوقين كانت‬ ‫تتركز الحياة االقتصادية في دمشق‪،‬‬ ‫ثم تتطور األمور إلى اصطدامات بين‬ ‫حجارة المتظاهرين ورصاص الجنود‬ ‫ويقع القتلى وتقام الجنازات‪ .‬كما قامت‬ ‫مجموعة من الطالب بالوقوف على جسر‬ ‫فكتوريا لمنع وصول الطالب إلى الجامعة‪.‬‬ ‫كرد فعل على هذا‪ ،‬قامت السلطات‬ ‫الفرنسية باستخدام نفوذها لفصل‬ ‫الطالب المتظاهرين من الدراسة‪ ،‬ولكن‬ ‫مع ازدياد عددهم صدر قرار ع ّلقت فيه‬ ‫الدراسة في الجامعة‪.‬‬ ‫إضافة إلى المظاهرات التزمت‬ ‫أغلبية المواطنين بمقاطعة شركة‬ ‫"الجر والتنوير" وذلك بعدم استخدام‬ ‫الكهرباء في المنازل واالستعاضة عنها‬ ‫بالشموع والكازات‪ .‬وقام الشبان بتحطيم‬ ‫شبابيك الدور التي تستخدم الكهرباء‬ ‫ورمي مفرقعات تزعج وال تحدث أذى‪،‬‬ ‫واضطرت الشركة إليقاف سير الحافالت‬ ‫إلى الميدان ثم إلى باب توما والقصاع‬ ‫ودوما بعد تكرر اعتداء المتظاهرين‬ ‫عليها وتحطيمها‪.‬‬

‫في ‪ 27‬كانون األول دعا جميل‬ ‫مردم بك باسم الكتلة الوطنية الضراب‬ ‫عام لحين استعادة نظام دستوري يسمح‬ ‫بتشكيل وعمل األحزاب بحريّة ولكن‬ ‫في الواقع جاءت هذه الدعوة بعد أن‬ ‫بدأ اإلضراب‪ ،‬وهذا يؤكد أنه رغم كون‬ ‫الكتلة الوطنية جزءاً من الثورة ولكنها‬ ‫لم تكن قائدة ومحرّكاً لها بل إن الطالب‬ ‫هم من قادوا هذه المظاهرات‪.‬‬ ‫خالل األيام التالية دخلت سورية‬ ‫في أكبر إضراب شهده تاريخها إلى يومنا‬ ‫هذا‪ .‬المحالت مغلقة‪ ،‬الخدمات العامة‬ ‫معطلة‪ ،‬الجامعات والمدارس خالية‪ ،‬وقام‬ ‫أغنياء التجار بالتبرع باألموال‪ .‬حينها‬ ‫اجتمع قادة الطالب وقادة الكتلة الوطنية‬ ‫ومشايخ دمشق في الجامع األموي‬ ‫لصياغة المطالب المشتركة المتمثلة‬ ‫بإطالق سراح المئات من السجون‪ ،‬وإلغاء‬ ‫طرد الطالب المتظاهرين‪ ،‬وإعادة فتح‬ ‫مكاتب الكتلة الوطنية‪.‬‬ ‫دخلت حماة مسرح األحداث في‬ ‫مظاهرتها في ‪ 4‬شباط‪ ،‬واعتُقل قادة‬ ‫الكتلة الوطنية في حماة في ‪ 6‬شباط‪.‬‬ ‫خرجت في ‪ 8‬شباط المظاهرات في‬ ‫حمص نصرة لحماة‪ ،‬وفي ‪ 10‬شباط‬ ‫خرجت في دير الزور‪ ،‬ووصلت الثورة‬ ‫السورية لمرحلة ال يؤثر القمع فيها إال‬ ‫زيادة في قوتها وانتشارها‪ ،‬واستمر‬ ‫االضراب في ضرب االقتصاد‪ .‬وأصدرت‬ ‫السلطات أمراً بمنع التجمّع في أي شارع‬ ‫ألكثر من ثالثة أشخاص وهددت باالنتقام‬ ‫بعنف ألي محاولة إلثارة الشغب‪.‬‬ ‫في صباح ‪ 11‬شباط تم اعتقال‬ ‫جميل مردم بك ونسيب البكري‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 12‬شباط تم فرض القانون العسكري‬ ‫وعُزّزت الحاميات العسكرية بحجة‬ ‫مواجهة فرق مس ّلحة منتشرة‪ ،‬واعتقل‬ ‫خالل يومين قرابة ‪ 150‬من زعماء‬ ‫ووجهاء الحارات‪ .‬في ‪ 13‬شباط تم اعتقال‬ ‫قادة الكتلة الوطنية في حلب‪ ،‬وبدل أن‬ ‫يتس ّلل الرّعب إلى أصحاب المحالت كما‬ ‫كان يرجو الفرنسيون‪ ،‬استمر اإلضراب‬ ‫واستمر الطالب وغيرهم بالتظاهر‪،‬‬ ‫وانضمت مدن مثل الالذقية وطرابلس‬ ‫وبيروت لإلضراب تعاطفاً ورفضًا للقانون‬ ‫العسكري‪.‬‬ ‫وال يمكننا أن ننسى هنا دور المرأة‬ ‫السورية في مواجهة األحداث الدامية التي‬ ‫ارتكبها المستعمر الفرنسي‪ ،‬فقد شاركت‬ ‫في تشييع الشهداء بمظهرات كبيرة‬ ‫منددة بالمستعمر ومطالبة بجالئه عن‬ ‫أرض الوطن‪ .‬ومن هذه المظاهرات تلك‬ ‫المظاهرة الكبيرة لسيدات دمشق التي‬ ‫انطلقت إلى دار القنصلية البريطانية‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬

‫سوريتنا | حنين اليوسف‬ ‫العنف ليس هو الطريقة الوحيدة‬ ‫لتحقيق أهدافنا والوصول إلى غاياتنا‪،‬‬ ‫بل إن تضافر جهود قوى المجتمع معًا‬ ‫من خالل االحتجاجات المدنية والعصيان‬ ‫المدني هو الحل األفضل‪ ،‬فالعصيان‬ ‫المدني هو خليط من عصيان القانون‬ ‫وإطاعته في آن معًا‪ ،‬وهو أرقى صور‬ ‫التمرد والمقاومة والرفض واالحتجاج‬ ‫ولكن بالشكل السلمي المتحضر‪ .‬له‬ ‫أشكال متعددة‪ ،‬كأن يخرج المعارضون‬ ‫بشكل جمعي‪ ،‬وفي أوقات محددة‪ ،‬إلجبار‬ ‫السلطات الحاكمة على االنصياع لمطالب‬ ‫المحتجين الهادئين‪ .‬وكرفض الموظفين‬ ‫الذهاب إلى دوائر الدولة والمدارس‬ ‫والجامعات والمصانع والمعاهد‪ ،‬مع‬ ‫إغالق كل األسواق والمحالت التجارية‬ ‫واألفران‪ .‬وكامتناع سائقي السيارات‬ ‫العامة والخاصة ومحطات الوقود وسيارات‬ ‫األجرة عن العمل داخل المدن وخارجها‪.‬‬ ‫ومثل أن يخرج "العاصون" وهم يرتدون‬ ‫الثياب السود أو البيض رجا ًال ونساءاً ولكن‬ ‫بهدوء من دون شعارات‪ ،‬أو نداءات معادية‪.‬‬ ‫وكالجلوس في الشوارع الكبرى‪ ،‬وعلى‬ ‫أرصفتها‪ ،‬وفي وسطها‪ ،‬ولكن بصمت‪.‬‬ ‫تاريخ سوريا مليء بقصص‬ ‫البطوالت السلمية التي ال تنتهي منذ‬ ‫إضراب مستخدمي سكة الحديد والذي‬ ‫امتد أثره إلى بيروت عام ‪ ،1931‬إلى‬ ‫عصيان دمشق في نفس العام ضد‬ ‫تزوير االنتخابات‪ ،‬وإضراب عمال النسيج‬ ‫عام ‪ ،1933‬وإضراب حلب‪ ،‬وإضراب عمّال‬ ‫المطابع عام ‪ ،1934‬وهناك اإلضراب الذي‬ ‫حصل في شباط ‪ 1935‬احتجاجاً على‬ ‫إغراق السوق ببضائع الشركات األجنبية‬ ‫(كاألقمشة والتبغ والحلويات)‪ ،‬وقد جرى‬ ‫خالل هذا اإلضراب إحراق كميات كبيرة‬ ‫من تلك البضائع في سوق الحميدية‪ .‬أما‬ ‫اإلضراب األكبر واألشهر فقد انطلقت‬ ‫شرارته من دمشق يوم ‪ 19‬كانون األول‬ ‫‪1936‬واستمر لغاية ‪ 8‬آذار من نفس‬ ‫العام وهو مايعرف باإلضراب الخمسيني‬ ‫نسبة إلى استمراره لمدة خمسين يومًا‪.‬‬ ‫هناك عدة أسباب الندالع هذا‬ ‫العصيان منها إغالق مكتب الكتلة الوطنية‬ ‫حيث وصل إليه في حي القنوات بدمشق‬ ‫في الساعة العاشرة من صباح يوم السبت‬ ‫الواقع في ‪ 19‬كانون الثاني ‪ 1936‬نحو‬ ‫ثالثين شرطياً على رأسهم مسيو كران‬ ‫مفتش الشرطة الفرنسي‪ ،‬وقام بتوزيع‬ ‫رجال الشرطة في المنعطفات والطرق‬ ‫المؤدية إلى المكتب وأسطح المنازل‬ ‫المحيطة‪ .‬ثم دخل يرافقه عشرة من‬ ‫رجال شرطة التحري إلى المكتب‪ ،‬وأبلغ‬ ‫الرئيس هاشم األتاسي أن لديه أمراً‬ ‫بتحري المكتب وضبط ما فيه من أوراق‪،‬‬ ‫واستجواب بعض األشخاص وختم غرف‬ ‫المكتب بالشمع األحمر‪ ،‬وذلك بنا ًء على‬ ‫الدعوى المقامة من (مجهول) والتهمة‬ ‫هي تأليف جمعيات غير مأذون بها‪.‬‬ ‫أما السبب الثاني لبدء هذا العصيان‬ ‫فكان رفع شركة "الجر والتنوير البلجيكية"‬ ‫(شركة كهرباء دمشق الخاضعة لسلطة‬ ‫االنتداب الفرنسي) أسعار الكهرباء‬ ‫وتذاكر النقل في الترامواي‪ ,‬وموافقة‬ ‫سلطات االنتداب الفرنسي على هذا بدل‬ ‫أن تقف كوسيط إلصالح األمور بين أهل‬ ‫دمشق والشركة‪ .‬عندها قام الزعيم‬ ‫الوطني النائب فخري البارودي بتأليف‬ ‫لجنة لمقاطعة شركة "الجر والتنوير" مع‬

‫والعديد من دور القناصل لتقديم مطالب‬ ‫أهل دمشق برحيل المستعمر‪ ،‬والتي‬ ‫قوبلت بقمع عسكر االنتداب الفرنسي‬ ‫في بوابة الصالحية‪ .‬كما شكلت نساء‬ ‫دمشق العديد من اللجان لإلعانات‬ ‫وجمع التبرعات للمنكوبين والفقراء‬ ‫والمحتاجين والجرحى‪.‬‬ ‫بعد الصدامات الدامية بين‬ ‫المتظاهرين وقوات االنتداب الفرنسي‬ ‫طلب المستعمر إجراء المفاوضات مع‬ ‫زعماء سوريا آنذاك‪ ،‬فتشكل وفد من‬ ‫الكتلة الوطنية وجرت المفاوضات يوم ‪28‬‬ ‫شباط في بيروت‪ ،‬وفي نهاية المفاوضات‬ ‫أعلن األتاسي في ‪ 2‬آذار ‪ 1936‬بيانًا‬ ‫جاء فيه "بعد المحادثات التي دارت بين‬ ‫المفوض السامي ورئيس الكتلة الوطنية‬ ‫والنتائج التي وصلت إليها أصبحنا نعتقد‬ ‫أن القضية السورية دخلت في طور جديد‬ ‫بفضل جهود الشعب النبيل ومثابرته‬ ‫في سبيل حقوقه الطبيعية التي كانت‬ ‫منكرة عليه‪ .‬وقد وافق الجانب الفرنسي‬ ‫بوثيقة موقعة منه على تنفيذ خمسة‬ ‫أمور جوهرية لم يكن يقرّها قبل هذه‬ ‫المحادثات‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الموافقة على أن ال تقل حقوق‬ ‫السوريين في المعاهدة العتيدة عن‬ ‫حقوق إخوانهم العراقيين في معاهدتهم‬ ‫األخيرة مع بريطانيا‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تصريح الجانب الفرنسي بأنه‬ ‫ليس له مصلحة ما في تجزئة البالد‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الموافقة على نقل ساحة‬ ‫العمل للعاصمة الفرنسية بواسطة وفد‬ ‫من المواطنين يتو ّلى البحث مع المراجع‬ ‫العليا في باريس‪.‬‬ ‫‪ - 4‬إعادة الحياة النيابية الحرة بأسرع‬ ‫ما يمكن على أساس االنتخاب الشعبي‪.‬‬ ‫‪ - 5‬اإللغاء في الحال لجميع األحداث‬ ‫التي ولدتها الحالة الحاضرة في البالد‬ ‫السورية كافة منذ ‪ 18‬كانون األول‬ ‫الماضي أي سنة ‪ 1935‬إلى اآلن‪ ،‬من‬ ‫عفو عن المحكوم عليهم وإعادة حرية‬ ‫المعتقلين وإطالق سراح الموقوفين‬ ‫وإلغاء التدابير اإلدارية المتخذة في‬ ‫معاهد العلم‪.‬‬ ‫ولكي يتمكن الوفد من القيام‬ ‫بالمهمة الشاقة التي تودع إليه نرجو من‬ ‫األمة النبيلة أن تيسر له جواً هادئًا فتعود‬ ‫إلى أعمالها بعد عيد األضحى ‪ 1936‬الذي‬ ‫نرجو أن يكون فاتحة خير على هذه‬ ‫البالد"‪.‬‬ ‫وتنفيذاً للبيان غادر وفد سوري إلى‬ ‫باريس في ‪ 21‬آذار ‪ 1936‬ليفاوض من‬ ‫أجل معاهدة جديدة ونتيجة لذلك وقعوا‬ ‫معاهدة ‪ 9‬أيلول ‪ 1936‬في باريس‪،‬‬ ‫واعترفت حينها فرنسا ولو اسميًا‬ ‫باستقالل سوريا‪.‬‬ ‫لقد كان لهذا اإلضراب قوة أكبر من‬ ‫قوة السالح‪ .‬لقد كان بحق وسيلة مثالية‬ ‫إلضعاف قبضة السلطة دون استخدام‬ ‫العنف‪ .‬وعلينا اليوم‪ ،‬في هذه المرحلة‬ ‫الحاسمة التي نعيشها‪ ،‬أن نطبّق فكرة‬ ‫العصيان المدني ليكون هو حركتنا‬ ‫المستقبلية التي تنبع من خياراتنا‬ ‫الذاتية للوصول إلى حقوقنا كاملة دون‬ ‫االستسالم ألنصاف الحلول أوالرضوخ‬ ‫للتسويات الشكلية‪ ،‬لنصل بذلك إلى‬ ‫مجتمع ديمقراطي تعددي قائم على‬ ‫حقوق المواطنة والمشاركة والعدالة‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫ُ‬ ‫بك‬ ‫أثق‬ ‫�سوريا �‬ ‫ِ‬ ‫هاال محمد‬

‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 30 | )6‬تشرين األول ‪2011 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫‪ ... ...‬بين موتِ سوريّ وحياة‬ ‫سوريّ تستمر الحياة بكثافة لم‬ ‫تعهدها الحياة من قبل‪.‬‬ ‫الدقائق والثواني واللحظات لم‬ ‫تكن في عمرها على هذه القيمة‬ ‫المعنوية واالعتبارية والمادية كما‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫لم تكن الحياة في عمرها أغلى‬ ‫من اللحظة ولم يكن الموت في عمره‬ ‫أقرب إلى الحياة‪ ،‬مرآتها‪ ،‬الغرفة‬ ‫المجاورة‪ ،‬الشارع الذي يتفرّع عن‬ ‫الشارع‪ ،‬صدى المدينة للمدينة‪ ،‬بحّة‬ ‫الصوت في الصوت‪ ،‬ألم الدم في‬ ‫األلم‪.‬‬ ‫أنتَ تحيا اللحظة‪ ،‬لكنّ موتاً‬ ‫مباغتاً قد يُرديك في اللحظة التي‬ ‫تلي‪ ،‬أو في عمق اللحظة ذاتها‪ ،‬وفي‬ ‫قاع الخوف المقيم في داخلك تلتقي‬ ‫وجهًا لوجه مع حتمية كرامة اإلنسان‬ ‫فتنهض‪.‬‬ ‫انتفاضة سلمية إنسانية تك ّثفت‬ ‫في لحظة الحاضر‪ ،‬إلنسان لم‬ ‫يحاول تغيير عنوان الموت على باب‬ ‫صدره‪ ،‬وهو يعرف أنه بتغيير مواقفه‬ ‫كان يستطيع تغيير عنوان موته‬ ‫التراجيدي المجلجل هذا بميتةٍ بعيدة‬ ‫ربما! صامتة تشبه حياته السابقة‪.‬‬ ‫عذراً من اهلل‪ ،‬الحقيقة‪ .‬أما‬ ‫األديان صنيعة السياسة‪ ،‬صانعة‬ ‫السياسة‪ ،‬فال شأن لي بها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مصعوقة أمام‬ ‫تتجمّد الرصاصة‬ ‫الجسد الذي يصرخ بملء الحياة‪:‬‬ ‫"حرية"‪.‬‬ ‫وبعد ميالد الصرخة‪ ،‬بعد خالصها‬ ‫في دورة والدتها الطويلة في العقل‬ ‫والجسد والروح‪ ،‬بعد اندالعها في‬

‫هواء سوريا العليل‪ ،‬تعود الرصاصة‬ ‫إلى حتمية عماها التاريخي ترتطم‬ ‫بالجسد‪ .‬وتموت الرصاصة‪.‬‬ ‫ال يحيا الموت‪ ،‬يا لغباء الرصاصة‪،‬‬ ‫الحرية هي التي تزهر بالوفاء لمن‬ ‫رحل‪ ،‬وتنبت الرياحين والقبور‪.‬‬ ‫الحرية ال تنتصر‪ ،‬طريق النصر‬ ‫خسارة للروح‪ .‬هل ينتصر أهل البلد‬ ‫على أهل البلد؟ الحرية تَعدل ‪ ،‬تح ّلق‬ ‫بالجميع أحياء وموتى‪.‬‬ ‫الطغاة يخشون االرتفاعات‪،‬‬ ‫يحفرون الزنازين والقبور للشعوب‬ ‫المنتفضة على الطاعة‪ ،‬الشعوب‬ ‫التي ح ّلقت بها حريتها عالياً عاليًا‪.‬‬ ‫أعرف أن الطريق طويل‪ ،‬وأن‬ ‫الكثير من السوريين انتظر وأراد‬ ‫اإلصالح والتغيير السلمي والسير‬ ‫ّ‬ ‫شفاف‬ ‫بمشروع وطني واضح‬ ‫نحو التعددية والدولة المدنية‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬ونحو مواطنة يتساوى‬ ‫فيها المواطنون السوريون في بلد‬ ‫هو بلدهم يحيون فيه بكرامة‪.‬‬ ‫اإلصالح كان ضرورة من أجل‬ ‫لجم تغوّل الفوارق والطبقية منها‪،‬‬ ‫وازدياد حاجة المواطن في كل خطوة‬ ‫من حياته إلى العدل وإلى كفّ يد‬ ‫الفساد واألمن عن جمال سوريا‬ ‫وطموحها إلى النهضة‪.‬‬ ‫لكن مع األسف تبدّى عبر الزمن‬ ‫أمل‬ ‫الطويل من االنتظار‪ّ ،‬‬ ‫أن مجرّد ِ‬ ‫االنتظار كان هو اإلصالح الموعود!‬ ‫ال أعتقد أن استحداث قانون‬ ‫إعالم يحرّكه الريموت كونترول‬ ‫الرسمي نفسه يستحق ثالثة آالف‬ ‫شهيد سوري‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأن قانون طوارئ أقيل من‬

‫الخدمة وعُيِّن سائقًا للدبابات‪،‬‬ ‫فحصد بحكم خبرته الطويلة اآلالف‬ ‫من الشهداء والمعتقلين والجرحى‬ ‫واألحقاد والفرقة والظلم والخوف‬ ‫واألحزان والظنون واليتامى‪ ،‬هو‬ ‫القصد!‬ ‫إذاً‪ ،‬ما هو ثمن دولة مدنية‬ ‫ديمقراطية يتساوى فيها المواطنون‬ ‫أمام قانون عادل؟!‬ ‫إن محاولة لجم طموح شعب‬

‫عبـــــور‬ ‫خرج من الجامع بعد صالة الظهر‪,‬‬ ‫لكن ليس كما اعتاد الخروج كل مرة‪...‬‬ ‫خرج ملفوفاً بكفن أبيض‪ ,‬ومزينًا‬ ‫بالورود وأغضان الزيتون‪ ...‬هذه المرة‬ ‫لم يستطع الخروج على قدميه كالعادة‪,‬‬ ‫فحملته أيادٍ أحست بنفسها أقوى من أي‬ ‫وقت مضى‪...‬‬ ‫لم يتلفت حوله كما اعتاد عند‬ ‫يلق التحية على‬ ‫خروجه من الجامع‪ ...‬لم ِ‬ ‫أصدقاء الطفولة‪ ,‬ورجال يجلسون أمام‬ ‫دكاكينهم‪ ,‬وكهول تكاد عكاكيزهم أال‬ ‫تحملهم وتحمل همومهم‪ ...‬فقد كان‬ ‫ممدداً‪ ,‬ورأسه نحو األعلى‪ ,‬نحو سماء‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)3793‬‬ ‫دمشق‪105 :‬‬ ‫ريف دمشق‪307 :‬‬ ‫حمص‪1213 :‬‬ ‫حلب‪67 :‬‬ ‫حماه‪467 :‬‬ ‫الالذقية‪227 :‬‬ ‫طرطوس‪91 :‬‬

‫درعا‪645 :‬‬ ‫دير الزور‪138 :‬‬ ‫الحسكة‪33 :‬‬ ‫القامشلي‪0 :‬‬ ‫الرقة‪12 :‬‬ ‫ادلب‪417 :‬‬ ‫السويداء‪16 :‬‬

‫مثل الشعب السوري العظيم‬ ‫بغول السلفية هو أمر مثير لأللم‬ ‫والسخرية‪.‬‬ ‫الطائفية ليست لغة السوري وال‬ ‫تمسّ عقله وعواطفه في طبيعة‬ ‫عيشه العريق المشترك المشهود له‬ ‫باأللفة والودّ واألمان وطيب المعشر‬ ‫واالنفتاح والذكاء‪.‬‬ ‫سوريا أثق بكِ‪.‬‬ ‫جريدة النهار | الثالثاء ‪2011/10/25‬‬ ‫ربما ذهب إليها‪ ,‬أو ربما صدقاء أال يزال‬ ‫في طريقه ليطرق بابها‪...‬‬ ‫لم يعد إلى بيته مع بعض الفاكهة‬ ‫والخضار‪ ...‬لم يدر المفتاح في القفل‬ ‫ويفتح الباب ليرى أمه بوجهها ذي‬ ‫التفاصيل الدقيقة وهي تستقبله بكل‬ ‫ما لدى األم من حنان‪ ...‬فقد خرج للتو من‬ ‫بيته للمرة األخيرة‪ ,‬ولن يستطيع العودة‬ ‫إليه يوماً‪...‬‬ ‫أعلم أن عينيه كانتا مغمضتان‪ ,‬وأنه‬ ‫لم ير تلك الحشود التي جاءت لتودعه‪...‬‬ ‫لكنني أعلم أيضًا أنه أحس بوجودي‪,‬‬ ‫وعرف أنني قد جئت ألراه ألول‪ ,‬وآخر‬ ‫مرة‪...‬‬ ‫مهداة إلى عامر بزازة‪ ...‬وإلى كل‬ ‫شهداء وطني الحبيب‪ ...‬وطني الجريح‪...‬‬ ‫‪ 653‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 3140‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 112‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 3444‬عدد الذكور‬ ‫‪ 40‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 197‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2011 / 10 / 29‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.