Souriatna 154

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫عدد الالجئني ال�سوريني يف دول اجلوار و�صل �إىل ‪ 3‬ماليني الجئ‬ ‫دمشق ‪ -‬زليخة سالم‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫وصل عدد الالجئين الس��وريين «المسجلين»‬ ‫ل��دى الدول المج��اورة يوم الجمع��ة‪ ،‬ثالثة ماليين‬ ‫الج��ئ‪ ،‬في إطار عملية لجوء جماعي بدأت في آذار‬ ‫عام ‪ 2011‬وتتزايد يومياً بسبب استمرار العنف في‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫وقالت األمم المتحدة في بيان لها إن هذا العدد‬ ‫القياس��ي يمثل زيادة بمقدار مليون الجئ مقارنة‬ ‫بع��ام مضى‪ ،‬إضافة إل��ى ن��زوح ‪ 6.5‬مليون داخل‬ ‫سورية‪ ،‬وهو ما يعني أن «حوالي نصف السوريين‬ ‫أجبروا اآلن على ترك بيوتهم والنجاة بأرواحهم ‪.‬‬ ‫وقال مفوض األمم المتحدة الس��امي لشؤون‬ ‫الالجئين‪ ،‬انتونيو جوتيريس‪ :،‬إن «األزمة السورية‬ ‫أصبحت أكبر حالة طوارئ إنسانية في حقبتنا‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك فش��ل العالم ف��ي توفير احتياج��ات الالجئين‬ ‫والدول التي تستضيفهم‪.‬‬ ‫وكان��ت منظمة كي��ر العالمية ق��د اعتبرت أن‬ ‫وصول ع��دد الالجئين الس��وريين المس��جلين في‬ ‫المنطقة إلى ‪ 3‬ماليين خالل األيام القليلة القادمة‬ ‫ه��و بمثابة تنبي��ه للمجتمع الدول��ي ألن هذا العدد‬ ‫أكبر بكثير من حجم التمويل المتوفر ومس��تويات‬

‫الدعم الحالية ‪.‬‬ ‫وقال توماس رينولدز مدير المنظمة اإلقليمي‬ ‫لمنطقة الش��رق األوسط وشمال إفريقيا في بيان‬ ‫أصدرت��ه األربعاء الماضي بعن��وان «ثالثة ماليين‬ ‫الجئ مس��جّل يجب أن يك��ون نداء تنبي��ه» وبثته‬ ‫وكاالت األنب��اء‪ :‬إن «الكثي��ر من الس��وريين الذين‬ ‫تعمل معهم منظمة كير هم غير مس��جلين ألنهم‬ ‫يخش��ون من أن تنتهي أس��ماؤهم ضمن الئحة قد‬ ‫تسبب لهم عقبات عند عودتهم إلى سوريا‪ ،‬وهناك‬ ‫من ال يق��درون على تحمل مصاري��ف المواصالت‬ ‫إلى مكاتب التسجيل ‪.‬‬ ‫وأض��اف رينول��دز‪« :‬خلف هذا الرق��م المذهل‬ ‫هناك أش��خاص ال تزال هذه الحرب بالنس��بة لهم‬ ‫معان��اة م��رة يومية من أجل البق��اء‪ ،‬هناك عائالت‬ ‫تقي��م في بيوت غير مكتملة البناء أو مواقع بناء أو‬ ‫في خيام‪ ،‬ال يملكون المال لش��راء الطعام أو الدواء‬ ‫وال يس��تطيعون تغطي��ة تكاليف دراس��ة أبنائهم‪،‬‬ ‫فمعظ��م الالجئي��ن ف��روا وليس بحوزتهم س��وى‬ ‫المالبس التي كان��وا يرتدونها لحظة اضطرارهم‬ ‫لت��رك بلده��م وحياته��م الت��ي كانوا يعيش��ونها‪،‬‬ ‫فخس��روا بيوتهم وأعمالهم وأف��راد من عائالتهم‪،‬‬ ‫واآلن بع��د ش��هور‪ ،‬وأحيان��اً س��نوات‪ ،‬م��ن كونهم‬

‫الجئين فهم ال يملكون أية مدخرات»‬ ‫وطالب��ت المنظمة في بيانه��ا المجتمع الدولي‬ ‫بمزيد من التموي��ل للحاجات المتزايدة باس��تمرار‬ ‫تدف��ق الالجئين الس��وريين إلى ال��دول المجاورة‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن المجتمعات المضيفة لهم‪.‬‬ ‫وقال��ت أن «المناش��دة الت��ي وجهته��ا األم��م‬ ‫المتحدة مطالبة بمبلغ ‪ 2 ،4‬مليار دوالر أميركي لم‬ ‫يتم تمويلها بأكثر من ‪ ،27%‬ويقدر مشروع تحليل‬ ‫احتياج��ات س��ورية (س��ناب) ب��أن الع��دد الحقيقي‬ ‫لالجئين الس��وريين في المنطقة قد وصل تقريبًا‬ ‫إلى ‪ 4‬ماليين‪ ،‬بمعنى أن سورياً من كل خمسة قد‬ ‫ترك سورية»‬ ‫وأوضح��ت أن لبنان يس��تضيف حالي��اً ما يزيد‬ ‫على مليون و‪ 100‬ألف الجئ س��وري‪ ،‬ويس��تضيف‬ ‫األردن حوالي ‪ 600‬ألف‪ ،‬وتركيا أكثر من ‪ 800‬ألف‪،‬‬ ‫والع��راق أكثر من ‪ 200‬أل��ف‪ ،‬ومصر أكثر من ‪130‬‬ ‫ألف الجئ س��وري مسجل‪ ،‬ويتوقع أن تزداد األرقام‬ ‫بشكل مأساوي طالمًا استمرت الحرب خلف الحدود‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫إضافة لنشوب األزمة الحالية في العراق والمسببة‬ ‫لن��زوح مئات اآلالف ج��راء الصراع الدائ��ر واحتمال‬ ‫أن تزيد م��ن الضغط الناجم عن األزمة الس��ورية‬ ‫اإلقليمية ‪.‬‬

‫يف اليوم الدويل ل�ضحايا االختفاء الق�سري مطالبات بالك�شف عن م�صري املختطفني‬ ‫سوريتنا – لمى علوان‬ ‫بمناس��بة «ي��وم المختفين» طال��بّ الحكومة‬ ‫الس��ورية بوقف االختفاء القس��ري عن��وان الحملة‬ ‫التي تنظمه��ا منظمة العفو الدولية عش��ية اليوم‬ ‫الدولي لضحايا االختفاء القسري الذي يصادف في‬ ‫‪ 30‬آب من كل عام‪.‬‬ ‫وقالت منظمة العفو الدولية في بيان نش��رته‬ ‫عل��ى موقعه��ا الجمع��ة الماضي��ة إن «االختف��اء‬ ‫القس��ري ال يزال مستمرا في سورية منذ أكثر من‬ ‫عام ونصف‪ ،‬بعدما طالبت األمم المتحدة س��ورية‬ ‫بوضع حد لهذه الممارسة البغيضة»‪.‬‬ ‫وحث��ت المنظمة عل��ى التوقيع عل��ى عريضة‬ ‫المطالبة بالمختفين بقولها‪ :‬تخيل لو أنك اختفيت‬ ‫من على وجه البس��يطة دون س��ابق إنذار‪ ...‬وأنك‬ ‫تالشيت خفية كالطيف يحملك عمالء أجهزة الدولة‬ ‫بعي��دا‪ ،‬وتُحتجز بمعزل عن العالم الخارجي طوال‬ ‫سنوات‪ ...‬دون أن يعرف أحد يقينا لماذا تم اقتيادك‬ ‫أصال‪ ،‬ومن قام بذلك‪ ،‬أو ماذا حل بك‪.‬‬ ‫كل س��نة‪ ،‬يحتفل ف��ي ‪ 30‬آب بالي��وم الدولي‬ ‫لضحايا االختفاء القسري‪ ،‬الذي يهدف إلى تسليط‬ ‫الضوء على محنة آالف األشخاص‪ ،‬في شتى أنحاء‬ ‫العال��م‪ ،‬ممن أخضع��وا لالختفاء القس��ري ومحنة‬ ‫عائالته��م‪ ،‬ومنذ ان��دالع االحتجاجات في س��ورية‪،‬‬ ‫في ش��باط ‪ ،2011‬يتم القبض تعس��فاً على آالف‬ ‫من اشتبه بأنهم من مناهضي الحكومة واعتقلوا؛‬ ‫وعل��ى م��ا يب��دو‪ ،‬فق��د أخض��ع العديد م��ن هؤالء‬ ‫لالختف��اء القس��ري‪ .‬وبعضه��م م��ا زال مفق��وداً‪،‬‬ ‫بينم��ا تظل أماك��ن وجوده��م ومصيرهم مجهو ًال‬ ‫لعائالته��م‪ ،‬الت��ي كثي��راً م��ا تبقى ف��ي حالة من‬ ‫المعان��اة والي��أس‪ ،‬وقد أبلغ آخ��رون ممن تعرضوا‬ ‫لالختف��اء القس��ري ولكن أف��رج عنهم ف��ي نهاية‬ ‫المطاف‪ ،‬عقب قضاء أش��هر قيد االعتقال الس��ري‪،‬‬ ‫منظم��ة العفو الدولية بما تعرض��وا له من تعذيب‬ ‫وسوء معاملة‪.‬‬ ‫وقال��ت المنظم��ة أنه��ا تتابع قص��ص رجلين‬ ‫س��وريين أخضع��وا لالختف��اء القس��ري‪ :‬الدكت��ور‬

‫محمد بش��ير عرب من حل��ب‪ ،‬والصحفي المواطن‬ ‫علي محمود عثمان من حم��ص‪ ،‬وقد أنتجت فيلمًا‬ ‫حول اختفائهما‪.‬‬ ‫وأوضح��ت أن االختف��اء القس��ري يق��ع عندما‬ ‫يُحرم ش��خص م��ن حريت��ه أو حريته��ا (بالقبض‬ ‫علي��ه أو احتج��ازه أو اختطاف��ه) عل��ى ي��د ممثلي‬ ‫الدول��ة أو أش��خاص يتصرفون بتفوي��ض منها أو‬ ‫بدعمه��ا أو رضاها‪ .‬وينكر هؤالء المس��ؤولين عن‬ ‫ذلك الحقاً أن الش��خص محتجز‪ ،‬أو يخفون مصيره‬ ‫أو م��كان وج��وده‪ ،‬ما يضعه خارج حماي��ة القانون‪.‬‬ ‫ويعتبر االختفاء القسري جريمة بمقتضى القانون‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫وأدرج��ت المنظم��ة عل��ى موقعه��ا عريض��ة‬ ‫للتوقي��ع‪ ،‬موجه��ة ل��رأس النظام تع��رب فيها عن‬ ‫القلق بش��أن ما يرد من تقارير عن إخضاع الدولة‬ ‫الس��ورية أفراداً لالختفاء القس��ري‪ ،‬وتشير إلى إن‬ ‫اإلخفاء القس��ري جريمة بموج��ب القانون الدولي‬ ‫لحق��وق اإلنس��ان والقان��ون الدول��ي اإلنس��اني‪.‬‬ ‫وهذه الممارس��ة تنتهك الحق اإلنساني للشخص‬ ‫ف��ي األمن والكرامة‪ ،‬وفي الحياة األس��رية‪ .‬وطبقًا‬

‫لنظام روما األساس��ي للمحكم��ة الجنائية الدولية‪،‬‬ ‫ال��ذي وقعت علي��ه الدولة الس��ورية‪ ،‬حي��ث يمكن‬ ‫ِّ‬ ‫يش��كل أيض��ًا جريمة ضد‬ ‫لالختف��اء القس��ري أن‬ ‫اإلنس��انية عندما يرتكب في س��ياق هجوم واس��ع‬ ‫النطاق أو ممنهج ضد أي سكان مدنيين‪.‬‬ ‫وتطال��ب المنظم��ة بالعريض��ة الكش��ف عن‬ ‫مصي��ر جمي��ع م��ن أخضع��وا لالختف��اء القس��ري‬ ‫ف��ي س��ورية‪ ،‬وع��ن م��كان وجوده��م ووضعه��م‬ ‫القانون��ي‪ ،‬والس��ماح لهم عل��ى الف��ور باالتصال‬ ‫بعائالته��م ومحامييهم‪ ،‬وتقدي��م أي عناية طبية‬ ‫يمك��ن أن يكون��وا بحاجة إليها لهم؛وع��دم احتجاز‬ ‫أحد رهن االعتقال الس��ري‪ ،‬وحماية من يحتجزون‬ ‫م��ن التعذي��ب وغيره من ض��روب س��وء المعاملة‪،‬‬ ‫وتقيّد السلطات السورية‪ ،‬دون مزيد من اإلبطاء‪،‬‬ ‫بالتزاماته��ا بمقتض��ى القان��ون الدول��ي‪ ،‬وتنفيذ‬ ‫القرار ‪ 2139‬على نحو فعال‪ ،‬وال س��يما عن طريق‬ ‫وضع حد لممارسة االختفاء القسري واإلفراج فوراً‬ ‫ودون قي��د أو ش��رط عن جمي��ع المحتجزين حصراً‬ ‫بس��بب ممارستهم الس��لمية لحقوقهم اإلنسانية‪،‬‬ ‫بما فيها حقهم في حرية التعبير والتجمع‪.‬‬


‫ن�شاطات فنية وثقافية يف امللتقى الثقايف يف مدينة عربني رغم احل�صار‬ ‫سوريتنا | رقية سمسم‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫األطفال المشاركين في الملتقى | صفحة عربين‬

‫ف��كان الملتقى ه��و الطريقة األمث��ل‪ ،‬موضحَا‬ ‫أن العديد من الش��باب اس��تفادوا من االنترنيت‬ ‫ف��ي تحمي��ل كت��ب الكترونية وبرام��ج تعليمية‬ ‫وثقافية‪ ،‬والبح��ث عن طرق لجعل الفائدة على‬ ‫أكبر مستوى ممكن ‪.‬‬ ‫أح��د الش��باب المش��اركين ف��ي تأس��يس‬ ‫الملتق��ى ق��ال‪ :‬الحظن��ا إقب��ال الجي��ل الجديد‬ ‫عل��ى الق��راءة وعلى حض��ور الن��دوات الثقافية‬ ‫والحفالت التي غالباً ما كانت تتم في المساجد‪،‬‬ ‫األم��ر ال��ذي دفعن��ا إل��ى إيج��اد وس��يلة تفاعل‬ ‫جدي��دة بين المثقفي��ن والط�لاب الراغبين في‬ ‫القيام بنش��اطات ثقافية كتعل��م لغات جديدة‪،‬‬ ‫وبما أن المس��ؤولين عن إدارة المركز واإلشراف‬ ‫عليه هم ناش��طون مدنيون محليون‪ ،‬فإن رواد‬ ‫الملتق��ى ب��دؤوا بأنفس��هم اقتراح النش��اطات‬ ‫الت��ي يريدون القيام به��ا‪ ،‬وإدارتها بالتعاون مع‬ ‫مشرفي المركز‪ ،‬فعلى سبيل المثال تمكن أحد‬ ‫الش��باب من تعلم اللغة التركي��ة عبر اإلنترنت‬ ‫والكت��ب اإللكتروني��ة‪ ،‬وب��دأ اآلن تعليمه��ا لمن‬ ‫يرغب ف��ي ذلك‪ ،‬وهو الي��وم يبحث عن مدرس‬ ‫يعلمه اللغة األلمانية‪.‬‬

‫وأكد ياس��ين أن الملتق��ى القى إقباال كبيرا‬ ‫خاص��ة من اإلن��اث‪ ،‬اللواتي خص��ص أيام لهن‪،‬‬ ‫كما وجد إقباال من الش��باب ممن هم دون س��ن‬ ‫الثامنة عش��رة‪ ،‬ووجد فيه المدرس��ون فس��حة‬ ‫لتقدي��م نش��اطات جدي��دة ومتنوع��ة لط�لاب‬ ‫الم��دارس‪ ،‬موضح ًا أن عدم الق��درة على توفير‬ ‫الكهرب��اء داخ��ل مق��ر الملتقى فت��رات طويلة‬ ‫بس��بب االرتف��اع الهائل في أس��عار المحروقات‬ ‫دف��ع العدي��د م��ن رواده لالس��تعانة بمصابي��ح‬ ‫يدوي��ة تعمل عل��ى البطاريات إلض��اءة المكان‬ ‫أثناء القراءة ‪.‬‬ ‫وق��ال‪ :‬مازلنا بحاجة لتوفير خدمة اإلنترنت‬ ‫ف��ي الملتقى لتقديمه��ا ألهل المدين��ة‪ ،‬ولدينا‬ ‫نق��ص ف��ي بع��ض المس��تلزمات كالكت��ب‬ ‫والقرطاس��ية‪ ،‬ونأمل كما يأمل ش��باب المدينة‬ ‫اس��تمرار المشروع بعد سقوط النظام والتوسع‬ ‫فيه من أجل تش��كيل جيل جديد محب للقراءة‪،‬‬ ‫إذ إن ع��دم توفر الكهرباء واإلنترنت س��اعدهم‬ ‫على تشجيع ظاهرة القراءة التي أصبحت اليوم‬ ‫أكثر انتشاراً من أي وقت مضى‪.‬‬

‫ق��ال األمي��ن العام لألمم المتح��دة بان كي‬ ‫م��ون إن البعث��ة المش��تركة للمنظم��ة الدولية‬ ‫ومنظمة حظر األس��لحة الكيميائية التي تشرف‬ ‫على تدمير مخزونات س��ورية من الغاز الس��ام‬ ‫سيتم حلها في ‪ 30‬أيلول القادم ‪.‬‬ ‫وفي رس��الة بعثه��ا بان كي م��ون لرئيس‬ ‫مجلس األمن الدولي الس��فير البريطاني مارك‬ ‫ليال جرانت يوم األربعاء قال‪ :‬مع اكتمال تدمير‬ ‫كل مواد األسلحة الكيماوية التي أعلن أنها ذات‬ ‫أولوية وما أعقب ذلك من مش��اورات مع المدير‬ ‫العام لمنظمة حظر األسلحة الكيميائية فسوف‬ ‫ننهي عم��ل البعثة المش��تركة ف��ي ‪ 30‬أيلول‪،‬‬

‫وكان��ت وزارة الدف��اع األمريكي��ة قال��ت‬ ‫األس��بوع الماضي إن س��فينة أمريكي��ة مجهزة‬ ‫تجهيزا خاصا انتهت من تدمير ‪ 600‬طن مكعب‬ ‫من مكونات األسلحة الكيماوية السورية األكثر‬ ‫خطورة التي س��لمتها دمش��ق للمجتمع الدولي‬ ‫هذا العام لتفادي ضربات جوية‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫سوريتنا | تقارير ووكاالت‬

‫وس��يتم وض��ع ترتيب��ات الحق��ة لذل��ك الموعد‬ ‫لضمان عملية انتقال سلس‪".‬‬ ‫وأكد بان أنه س��يواصل اس��تخدام سلطته‬ ‫لمراقب��ة االمتث��ال لقرار أص��دره مجلس األمن‬ ‫الع��ام الماض��ي يطال��ب بالتخل��ص م��ن كل‬ ‫مخزونات الغازات الس��امة الس��ورية ومنش��آت‬ ‫االنتاج‪ ،‬إلى حين التخلص من برنامج األس��لحة‬ ‫الكيماوية السورية بالكامل ‪.‬‬ ‫وأوض��ح بان المفاوضات ال ت��زال جارية مع‬ ‫منظم��ة األس��لحة الكيميائية وس��ورية بش��أن‬ ‫الترتيبات المتعلقة بتدمير ما تبقى من منشآت‬ ‫إنتاج األسلحة الكيماوية وعددها ‪ 12‬منشأة ‪.‬‬ ‫وفي تقريرها الش��هري قالت منظمة حظر‬ ‫األس��لحة الكيميائية‪ :‬إن بعث��ة تقصي الحقائق‬

‫الخاص��ة به��ا "تواص��ل عمله��ا للوق��وف عل��ى‬ ‫الحقائق المتعلقة بمزاعم اس��تخدام كيماويات‬ ‫سامة "والتي يقال انها الكلور" ألغراض عدائية‬ ‫في س��ورية‪ ،‬علماً أن لجنة تحقيق تابعة لألمم‬ ‫المتح��دة اتهم��ت في أح��دث تقرير له��ا النظام‬ ‫السوري بإس��قاط براميل متفجرة على مناطق‬ ‫مدنية‪ ،‬يعتقد أن بعضها كانت تحتوي على غاز‬ ‫الكلور في ثمان حاالت في نيسان الماضي ‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫حل البعثة امل�شرتكة للمنظمة الدولية‬ ‫وتدمري خمزون �سورية من الغاز ال�سام يف نهاية �أيلول‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫الحص��ار المف��روض عل��ى مدين��ة عربين‬ ‫بالغوطة الشرقية وانقطاع الكهرباء واالنترنيت‬ ‫وكل وسائل االتصال لم ّ‬ ‫يحل دون إرادة الشباب‬ ‫الجامعيين في المدينة بتأس��يس مركز ثقافي‬ ‫أطلق عليه " الملتقى الثقافي في مدينة عربين‬ ‫" للقيام بنش��اطات ثقافي��ة وتعليمية تخرجهم‬ ‫من حالة الحصار‪ ،‬وتأمين التعليم للراغبين من‬ ‫أبناء المدينة ‪.‬‬ ‫وفي األسبوع الماضي أختتم الملتقى دورة‬ ‫رس��م لألطفال الذين يعانون كما أهل المدينة‬ ‫فق��دان أه��م المس��تلزمات الحياتي��ة اليومية‪،‬‬ ‫واألهم حرمانهم من ممارسة طفولتهم ‪.‬‬ ‫واس��تعان الش��باب ف��ي بداي��ة تأس��يس‬ ‫ملتقاهم الذي تم استئجاره بكتب من المدارس‬ ‫والجوام��ع المدم��رة‪ ،‬إضافة إلى دع��م األهالي‬ ‫والمتبرعين ومس��اعدتهم في تجهيز الملتقى‪،‬‬ ‫وتديم بعض الكتب والمس��تلزمات‪ ،‬والكراسي‬ ‫والطاوالت ‪.‬‬ ‫ويتألف الملتق��ى اليوم من مكتبة وقاعتين‬ ‫للمحاضرات إضافة إلى ركن لالس��تقبال وركن‬ ‫ل�لإدارة‪ ،‬وصال��ة مطالع��ة مفتوح��ة للع��وام‬ ‫تس��تقبل كل الفئ��ات العمري��ة‪ ،‬ويقي��م ع��دة‬ ‫نش��اطات أهمه��ا دورات ش��به مجاني��ة للغ��ات‬ ‫والتمريض والرسم‪ ،‬وكذلك محاضرات ولقاءات‬ ‫واجتماع��ات ثقافي��ة وتوعوي��ة‪ ،‬ويق��وم بعض‬ ‫المدرس��ين بإحضار طالب من المدارس للقيام‬ ‫بنش��اطات ق��راءة وحلق��ات بحث‪ ،‬كم��ا يحتوي‬ ‫مرك��زا مختصا بتوثي��ق الش��هداء والمعتقلين‪،‬‬ ‫وتوثي��ق األض��رار المادي��ة والدم��ار الناتج عن‬ ‫العمليات العسكرية المستمرة على المدينة‪.‬‬ ‫ياس��ين مدي��ر الملتق��ى قال للجزي��رة نت‪:‬‬ ‫بعد غلبة الطابع العس��كري على الثورة‪ ،‬ازدادت‬ ‫مخاوفنا كطالب جامعيين ناش��طين في الثورة‬ ‫من تراج��ع وانهيار المجتمع ثقافي�� ًا‪ ،‬كما يحدث‬ ‫في مثل هذه الظروف‪ ،‬ومن وقت الفراغ الكبير‬ ‫الذي يعيش��ه الس��كان نتيجة الحص��ار المطبق‬ ‫وصعوب��ة الخروج م��ن المنازل بس��بب القصف‬ ‫المس��تمر‪ ،‬ما دفعنا إلى افتتاح عدة مدارس في‬ ‫األقبية بداية‪ ،‬ولكن هذا ل��م يكن كافي ًا‪ ،‬ورأينا‬ ‫التفكير في طريقة جديدة للتعليم مختلفة عن‬ ‫ط��رق التعلي��م التقليدية المتبعة في س��ورية‪،‬‬

‫‪3‬‬


‫النظام ا�ستخدم غاز الكلور يف ثمان مواقع خالل �شهر ني�سان‬ ‫احلكومة ال�سورية وداع�ش‪ ..‬جرائم حرب م�ستمرة‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫سوريتنا | حسن صالح‬ ‫ق��ال محققون يتبع��ون األم��م المتحدة أن‬ ‫الحكوم��ة الس��ورية وتنظيم داع��ش يرتكبان‬ ‫جرائم حرب وجرائم ضد اإلنس��انية في الحرب‬ ‫الدائرة في سورية‪.‬‬ ‫وكش��ف المحقق��ون في تقري��ر لهم صدر‬ ‫مؤخ��راً م��ن ‪ 45‬صفح��ة ف��ي جني��ف‪ :‬أن قوات‬ ‫النظ��ام الس��وري ألق��ت براميل متفج��رة على‬ ‫مناطق مدني��ة بينها براميل يعتق��د أنها كانت‬ ‫تحوي غ��از الكلور في ثماني وقائع حدثت خالل‬ ‫ش��هر نيس��ان الماضي وارتكبت جرائ��م أخرى‬ ‫تستوجب مالحقتها قضائي ًا‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫وق��ال فيتي��ت مونتارب��ورن وه��و مفوض‬ ‫"طالعن��ا ثمان��ي وقائ��ع لهجمات يزع��م أن غاز‬ ‫الكلور اس��تخدم فيها ووجدنا تحدي��دا أنه وفقا‬ ‫الختباراتنا االس��تداللية فقد ألقيت من طائرات‬ ‫هليكوبت��ر حكومي��ة والس��يما ف��ي المناط��ق‬ ‫المدني��ة‪ ،‬وغ��از الكل��ور ج��اء م��ن البرامي��ل‬ ‫المتفجرة‪.‬‬ ‫وأضاف مونتاربورن‪ :‬إن األحداث التي بدأت‬ ‫بمظاهرات سلمية ضد بشار األسد في آذار عام‬ ‫‪ 2011‬أصبح��ت متع��ددة األطراف م��ع انضمام‬ ‫المزيد من الجماعات وفتح مزيد من الجبهات‪.‬‬ ‫وجاء ف��ي التقرير إن تنظي��م داعش تنفذ‬ ‫حمالت في ش��مال س��ورية لبث الخوف والرعب‬ ‫مث��ل بتر األط��راف‪ ،‬واإلع��دام العلن��ي والجلد‪،‬‬ ‫وارتكبت جرائم التعذي��ب والقتل وأفعاال ترقى‬ ‫إل��ى الخطف والتهجي��ر في إط��ار هجمات على‬ ‫مدنيي��ن في محافظتي حل��ب والرقة تصل إلى‬ ‫حد الجرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬ ‫وق��ال باولو بيني��رو رئيس لجن��ة التحقيق‬

‫الدولية بش��أن س��ورية في بيان له‪ :‬إن تنظيم‬ ‫داعش يمثل خطراً واضح ًا وقائم ًا على المدنيين‬ ‫والس��يما األقليات تحت س��يطرته في س��ورية‬ ‫والمنطقة‪.‬‬ ‫وأكد بينيرو إن محققي األمم المتحدة أبدوا‬ ‫قلقهم إزاء مصير أطفال أرغموا على االنضمام‬ ‫إلى معسكرات التدريب الخاصة بتنظيم داعش‬ ‫في سورية‪ ،‬وأن الواليات المتحدة يجب أن تضع‬ ‫وجوده��م ف��ي الحس��بان قبل ش��ن أي ضربات‬ ‫جوية‪ ،‬مش��يراً إل��ى أنه م��ن أكثر األم��ور إثارة‬ ‫للقل��ق في هذا التقرير روايات عن معس��كرات‬ ‫تدري��ب كبيرة يج��ري تجنيد أطف��ال بداية من‬ ‫سن ‪ 14‬عاما وتدريبهم على القتال في صفوف‬ ‫تنظيم الدولة اإلسالمية مع بالغين‪.‬‬ ‫وذك��ر بينيرو أن الجيش الس��وري والقوات‬ ‫الجوية تواصل ارتكاب تجاوزات خطيرة تش��مل‬ ‫القصف الج��وي والقصف بالبرامي��ل المتفجرة‬ ‫والس��يما ف��ي محافظ��ات حل��ب ودرع��ا وري��ف‬ ‫دمش��ق‪ ،‬وق��ال‪ :‬ينبغ��ي أن تك��ون المحاس��بة‬ ‫ج��زءاً من أي تس��وية ف��ي المس��تقبل إذا كانت‬ ‫س��تتمخض عن س�لام دائ��م‪ ،‬بع��د أن أزهقت‬ ‫أرواح الكثير من الناس ودمرت حياتهم‪.‬‬ ‫وج��اء ف��ي التقري��ر وه��و الثام��ن للجن��ة‬ ‫التحقي��ق منذ تأسيس��ها قبل ثالث س��نوات‪ ،‬أن‬ ‫العن��ف استش��رى متج��اوزا الح��دود الس��ورية‪،‬‬ ‫والتط��رف بات يغ��ذي الوحش��ية المتزايدة التي‬ ‫تس��هم بها الحرب‪ ،‬مبيناً أن تنظيم داعش الذي‬ ‫يجت��اح الع��راق أيض ًا في مس��عاه إلقام��ة دولة‬ ‫خالفة عبر الحدود‪ ،‬استطاع أن يجتذب مقاتلين‬ ‫أجانب لديهم الخبرة وتحركهم العقيدة‪ ،‬وبسط‬ ‫س��يطرته على أجزاء واس��عة في شمال وشرق‬ ‫سورية والسيما في دير الزور الغنية بالنفط‪.‬‬

‫وأوض��ح أن عملي��ات اإلعدام في الس��احات‬ ‫العامة أصبحت مش��هداً معتاداً أيام الجمعة في‬ ‫مدين��ة الرق��ة‪ ،‬والمناط��ق التي يس��يطر عليها‬ ‫في حلب‪ ،‬ويش��هد األطفال ه��ذه العمليات التي‬ ‫تكون بقطع الرق��اب أو إطالق النار على الرأس‬ ‫من مسافة قريبة‪ ،‬ويتم عرض الجثث في مكان‬ ‫عام‪ ،‬وتعلق في أحيان كثيرة على صلبان قرابة‬ ‫الثالثة أيام لتكون تحذيراً للسكان المحليين‪.‬‬ ‫وأشار التقرير الذي يستند إلى ‪ 480‬مقابلة‬ ‫وأدلة موثقة جمعتها اللجنة‪ ،‬إلى ازدياد التقارير‬ ‫عن االختفاء القسري واالعتداءات الجنسية في‬ ‫مراكز االحتجاز واعتقال أقارب إناث ألش��خاص‬ ‫مطلوبي��ن‪ ،‬وارتفاع عدد الوفيات في الس��جون‬ ‫الس��ورية‪ ،‬كم��ا يدع��م تحلي��ل الخب��راء لنح��و‬ ‫‪ 26948‬ص��ورة يقال إنه��ا التقطت داخل مراكز‬ ‫احتج��از حكومي��ة بي��ن عام��ي ‪ 2011‬و‪2013‬‬ ‫"النتائج التي تم التوصل إليها منذ فترة طويلة‬ ‫بشأن التعذيب المنهجي ووفيات المحتجزين‪.‬‬ ‫وق��ال التقري��ر "ع��ادة م��ا يعق��ب الهدنات‬ ‫القس��رية ‪ -‬وه��ي عالم��ة عل��ى إس��تراتيجية‬ ‫الحكوم��ة ف��ي الحص��ار والقص��ف ‪ -‬اعتق��االت‬ ‫جماعية لرجال في س��ن القت��ال ويختفي كثير‬ ‫منهم‪.‬‬ ‫ووضع المحققون وبينهم كارال ديل بونتي‬ ‫المدعية الس��ابقة باألمم المتح��دة أربع قوائم‬ ‫س��رية تضم أسماء مش��تبه بهم يعتقد أعضاء‬ ‫اللجن��ة أنه��م ينبغ��ي أن يمثل��وا أم��ام العدالة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫وج��دد المحقق��ون ف��ي التقري��ر دعوتهم‬ ‫لمجل��س األمن الدول��ي إلحالة االنته��اكات في‬ ‫سوريا إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫سيدة تعرضت لغاز الكلور جوبر ‪ | 2014‬رويترز‬


‫غوطة دم�شق ال�شرقية على وقع احل�صار‬ ‫الغوطة الشرقية ‪ -‬أحمد تي‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫في وس��ط حص��ار خان��ق بات يقت��رب من‬ ‫العامي��ن‪ ،‬فرضته قوات النظام وس��اهم بعض‬ ‫التج��ار ف��ي تكري��س قس��وته‪ ،‬أدى األم��ر إلى‬ ‫تفاقم الوضع المعيشي‪ ،‬من مواد غذائية ودواء‬ ‫ومحروقات‪ ،‬فبات ارتفاع أس��عار المواد الغذائية‬ ‫يسير بوتيرة متس��ارعة خيالية‪ ،‬أقرب ما تكون‬ ‫إل��ى تب��دل لوائ��ح البورص��ات ف��ي العواص��م‬ ‫الكبرى! ومع نهاية األس��بوع‪ ،‬أغلق س��عر كيلو‬ ‫الطحي��ن بتراج��ع إلى ‪ 600‬ليرة س��ورية للكيلو‬ ‫الواح��د‪ ،‬واللح��م إل��ى ‪ 2800‬للكيل��و الواح��د‪،‬‬ ‫وتراوح س��عر البرغ��ل والمعكرونة ما بين ‪600‬‬ ‫و‪ 650‬ليرة س��ورية في غياب ت��ام للمراقبة‪ ،‬أو‬ ‫لضبط العملية الشرائية‪.‬‬ ‫أحد أسواق غوطة دمشق الشرقية | الجزيرة نت ‪2014‬‬

‫ع�صب احلياة وم�أ�ساة �شرائه‪:‬‬ ‫يتده��ور الوض��ع الطبي بوتيرة متس��ارعة‬ ‫أيض��ا‪ ،‬وت��زداد أع��داد الجرحى بس��بب النقص‬ ‫الح��اد في المواد الطبي��ة واألجهزة‪ ،‬حيث يمكن‬ ‫رد جزء كبير من هذا الوضع إلى أسباب الحصار‬ ‫والقص��ف الهمج��ي عل��ى جمي��ع م��دن وبلدات‬ ‫الغوط��ة الش��رقية‪ .‬كان نصيب مدين��ة عربين‬ ‫القص��ف بالغازات الس��امة (الكل��ور) والذي راح‬ ‫ضحيته ثالثة ش��هداء و ‪ 50‬إصاب��ة تقريبا‪ ،‬كما‬ ‫ق��ام النظ��ام بقصف مدن الغوطة ب��ـ ‪ 8‬غارات‪،‬‬ ‫اثنتان منها على مدينة حمورية و‪ 6‬على مدينة‬ ‫دوما‪ ،‬آخرها تحدث اآلن‪ ،‬خالل إعداد هذه المادة‪.‬‬

‫كفر بطنا على كف عفريت‪:‬‬

‫بع��د س��يطرة ق��وات النظ��ام عل��ى مدينة‬ ‫المليحة وعلى مجم��ع تاميكو الواقع بين مدينة‬ ‫كفر بطنا والمليح��ة‪ ،‬أصبحت كربطنا على كف‬ ‫عفريت‪ ،‬حس��ب المثل ال��دارج‪ .‬ووفق��ا لروايات‬ ‫ع��دة يقوم النظام بحش��د قوات ل��ه في مدينة‬ ‫جرمانا‪ ،‬مم��ا جعل األهالي في حالة رعب وقلق‬

‫تذكرة اخلروج بال عودة‪:‬‬ ‫وم��ع انع��دام أبس��ط مقوم��ات المعيش��ة‪،‬‬ ‫وهشاش��ة الوضع األمني في الغوطة الشرقية‬ ‫عل��ى كافة االصعدة‪ ،‬ب��ات الخروج م��ن المكان‬ ‫برمته عن��د البعض هو الحل األنجع‪ ،‬إذ تش��هد‬ ‫الغوط��ة حاالت نزوح كبيرة إل��ى خارجها‪ ،‬وذلك‬ ‫لن يكون أكثر س��هولة‪ ،‬بسبب الحصار المطبق‬ ‫على مدن وبلدات الغوطة‪ ،‬حتى أن من الممكن‬ ‫وفق ش��هود عيان‪ ،‬أن يصل سعر كارت الخروج‬ ‫للش��خص الواح��د إل��ى ‪ 150‬ألف ليرة س��ورية‬ ‫تقريب��ا‪ ،‬ذلك إن وجد مثل هذا العرض الس��خي‬ ‫أص�لا‪ ،‬وال��ذي يعتب��ره البع��ض فرص��ة ثمينة‬ ‫للخالص من جحيم الحصار‪.‬‬

‫املنظمات الن�سائية الكردية "ت�أ�سي�س" لأجل "التنظيم"‬ ‫سوريتنا ‪ -‬ديالور‬

‫أسبوعية‬

‫ال��ك��وردي في سوريا ‪ -‬البارتي وفيه أيضا‬ ‫منظمة مرأة لكنها ال تجد تناقضا بين كونها‬ ‫حزبية ومنتسبة ل»تنظيم نسائي» وتجد ان‬ ‫عملها في «االتحاد» و»الحزب» كل له قيمته‬ ‫بالنسبة لها‪.‬‬ ‫النشاطات والفعاليات التي تقوم بها‬ ‫منظمات المرأة في قامشلو وفقا لشمس عنتر‬ ‫العضوة في منظمة المرأة الكوردية الحرة»‬ ‫تختصر على إحياء الحفالت والمناسبات وبعض‬ ‫الندوات التثقيفية التي رفعت سوية المرأة‬ ‫ثقافيًا وإجتماعيا وسياسي ًا»‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫ت��ن��ت��ش��ر ال��م��ن��ظ��م��ات‬ ‫المدنية النسائية في مختلف‬ ‫ال��م��دن ال��ك��وردي��ة ويمتلك‬ ‫غالبيتها مقرات خاصة بها‬ ‫تقيم فيها نشاطاتها وعلى‬ ‫خالف التنظيمات السياسية‬ ‫يندر أن تجد عمال مشتركا‬ ‫بين مختلف منظمات المرأة‬ ‫ال��ك��وردي��ة أو ب��ي��ان��ا مذيال‬ ‫ب��ت��وق��ي��ع ت��ل��ك المنظمات‬ ‫العديدة‪ ..‬ففي مدينة القامشلي وحدها هناك‬ ‫تسعة منظمات مرأة كوردية يمتلك بعضها‬ ‫فروعا في المدن األخرى وعلى غرار التنظيمات‬ ‫السياسية شهدت بعض التنظيمات حاالت‬ ‫انشقاق ادت إلى «تكاثر التنظيمات النسوية»‬ ‫يعود تأسيس هذه المنظمات إلى «محاولة‬ ‫تنظيم دور المرأة في المجتمع» وفقا لما تقوله‬ ‫شيرين ابراهيم العضوة اإلدارية في االتحاد‬ ‫النسائي الكوردي السوري في سوريا‪.‬‬ ‫ابراهيم منتسبة للحزب الديمقراطي‬

‫عنتر تجد سبب نشوء‬ ‫هذه التنظيمات النسائية»‬ ‫ألن دور المراة في االحزاب‬ ‫السياسية كان شكليا وثانويا‬ ‫حيث ل��م ت��ش��ارك ف��ي صنع‬ ‫القرار يوما»‬ ‫عنتر تعزو سبب تعدد‬ ‫المنظمات إلى تعدد التيارات‬ ‫السياسية «فكل منظمة اما‬ ‫مرتبطة بحزب ما او تدين‬ ‫بالوالء للحزب اوتيار ما‪ ،‬وكل‬ ‫منظمة تدعي انها مستقلة بقرارها ولكن هذه‬ ‫االستقاللية محددة ضمن اط��ار ال تستطيع‬ ‫اللعب والعمل خارجه وكذلك تلعب العوامل‬ ‫والمصالح الشخصية دورها»‬ ‫المنظمات التسعة نشأت بعيد الثورة‬ ‫السورية ومنها منظمتان مختصتان بمناهضة‬ ‫العنف ضد المرأة «اسو‪ ..‬سارا» أما المنظمات‬ ‫السبعة األخ��رى «شاويشكا‪ ..‬رون��ي‪ ..‬المراة‬ ‫الكوردي الحرة‪ ..‬االتحاد النسائي الكوردستاني‪..‬‬ ‫افرين‪ ..‬مبادرة المرأة السورية» فتعمل في‬ ‫مجاالت المرأة والطفل بشكل عام‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫في ظل غياب المواصالت ووس��ائل التنقل‬ ‫بس��بب االرتف��اع الح��اد للمحروق��ات‪ ،‬عملي��ة‬ ‫الزراع��ة م��ن س��قي وحص��اد أصبح��ت كارث��ة‬ ‫اقتصادي��ة بذاتها‪ .‬فكان س��عر مادة المازوت مع‬ ‫نهاية األسبوع المنصرم ‪ 1900‬ليرة سورية‪ ،‬أي‬ ‫م��ا يعادل ‪ 12‬دوالرا للتر الواحد‪ ،‬األمر الذي دفع‬ ‫المحاصرين للبحث بش��تى الوسائل‪ ،‬عن بديل‬ ‫لتل��ك الم��ادة التي تعتب��ر عصب الحي��اة هناك‪،‬‬ ‫فقاموا بإذابة البالس��تك لتنتش��ر م��ادة جديدة‬ ‫تسمى بالمازوت البالستك‪ ،‬والذي يتراوح سعره‬ ‫ما بين ‪ 800‬والـ ‪ 1200‬متناس��با ارتفاعه بشكل‬ ‫طردي مع س��عر مادة المازوت الصافي‪ ،‬علما أن‬ ‫هذه الذي يس��مى م��ازوت البالس��تك ال يعطي‬ ‫القيمة الفعالة واألداء الجيد بالنسبة للمحركات‪،‬‬ ‫مقارن��ة م��ع نظي��ره الصاف��ي‪ ،‬باإلضاف��ة إلى‬ ‫مخاطره على البيئة والصحة العامة واألفراد‪.‬‬ ‫كذل��ك يضطر المواطن اليوم‪ ،‬إلى مواجهة‬ ‫أزمة المياه الخانقة‪ ،‬في صيف مش��تعل‪ ،‬بنقل‬ ‫المي��اه بالـ(بدون��ات) لقضاء بعض م��ن حاجته‬ ‫الماسة للمياه‪.‬‬

‫ق�صف م�ستمر والو�ضع الطبي يعاين‪:‬‬

‫دائمين‪ ،‬بالتزامن م��ع قصف مكثف على مزارع‬ ‫المدين��ة‪ ،‬م��ع عمليات قن��ص دائمة يق��وم بها‬ ‫النظ��ام من مجم��ع تاميكو‪ .‬وأق��دم الناس على‬ ‫الن��زوح الجماعي إل��ى البلدات المج��اورة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يجع��ل جميع م��دن وبل��دات الغوطة على‬ ‫ذلك الكف‪ ،‬وليس كفر بطنا وحدها‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫التعليم يف مناطق تنظيم "الدولة الإ�سالمية"‬ ‫طفولة ُتهدر يف الظالم‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫الرقة ‪ -‬فهد الزرعي‬ ‫في ش��هر أيلول كان يحلو ألطفال س��وريا‬ ‫وأهاليه��م‪ ،‬عيش أجواء من المس��رة مع عودة‬ ‫العام الدراس��ي وذهاب األوالد للمدارس‪ ،‬حيث‬ ‫يتعلم��ون م��ا يعينهم عل��ى بناء مس��تقبلهم‪،‬‬ ‫فالكل يحضر اللباس الجديد والقرطاس��ية‪ ،‬أما‬ ‫الي��وم وفي الرقة الحبيبة‪ ،‬فيس��تمر مسلس��ل‬ ‫تجهي��ل أجي��ال بكامله��ا‪ ،‬بع��د أن حرم��ت عدة‬ ‫أعوام من رشف العلم‪ ،‬وتزداد المعاناة في ظل‬ ‫س��يطرة تنظي��م الدولة اإلس�لامية‪ ،‬من خالل‬ ‫قوانين وتعليمات ال تمت لإلسالم بصلة‪ ،‬ويجمع‬ ‫الجمي��ع عل��ى أن حرم��ان األجيال م��ن التعليم‬ ‫أخطر من البرامي��ل والطيران والصواريخ‪ ،‬ألن‬ ‫التدمي��ر الذي تتركه الطائ��رات آني‪ ،‬أما الجهل‬ ‫فآثاره التدميرية تمتد عقوداً‪.‬‬ ‫ف��رض تنظيم الدولة تعليمات كثيرة‪ ،‬منها‬ ‫ما قد يقبله الش��رع والعقل والمنطق‪ ،‬ومنها ما‬ ‫ال يمت إلى ما س��بق بصلة‪ ،‬فق��د منع التنظيم‬ ‫كل مظاه��ر االختالط‪ ،‬والمقص��ود باالختالط‬ ‫هنا منع المدرس��ين الذكور من تدريس اإلناث‪،‬‬ ‫ومنع المدرس��ات م��ن تدريس الذك��ور‪ ،‬وهذه‬ ‫الخطوة س��يكون لها آثار خطيرة إذا طبقت دون‬ ‫دراسة واعية ومتأنية‪ ،‬ألنه وكما يعلم الجميع‪،‬‬ ‫أغلبي��ة من يدرِّس��ون في المرحل��ة االبتدائية‬ ‫ه��م من المدرس��ات‪ ،‬وغالبية م��ن يدرِّس في‬ ‫المرحلتي��ن المتوس��طة والثانوي��ة ه��م م��ن‬ ‫المدرس��ين الذك��ور‪ ،‬والتقي��د بحرفي��ة القرار‬ ‫يؤدي لحرمان شريحة كبيرة من التعليم‪.‬‬ ‫وم��ن المضح��ك المبك��ي فوق ذل��ك كله‪،‬‬ ‫رف��ض تنظي��م الدول��ة الع��روض المقدم��ة‬ ‫من قب��ل الم��دارس الخاصة‪ ،‬بإل��زام الطالبات‬ ‫بالحج��اب الكامل بدءاً من غط��اء الوجه ولبس‬ ‫القف��ازات‪ ،‬على أن يس��مح للم��درس بتدريس‬ ‫الطالب��ات‪ ،‬وم��ع رفض تنظي��م الدولة العرض‬ ‫اضطرت المدارس الستخدام التقنيات الحديثة‪،‬‬ ‫حي��ث يعط��ي المدرس ال��درس وحي��داً بغرفة‬ ‫والطالب��ات يجلس��ن في الصف يش��اهدنه عبر‬ ‫الشاشة‪ ،‬وتجلس مش��رفة مع الطالبات تتولى‬ ‫توزيع المكرفون على الراغبات بتوجيه س��ؤال‬ ‫للم��درس‪ ،‬هذا يح��دث فعال في س��وريا وعلى‬ ‫أرض الواقع‪.‬‬ ‫أم��ا المناه��ج فقد ص��درت تعليمات بحذف‬ ‫مواد كاملة‪ ،‬وإضافة م��واد كاملة‪ ،‬لكن المنهج‬ ‫الدراس��ي الذي س��يُعمل به هذا العام سيكون‬ ‫هو المنهج السوري ريثما تنتهي لجنة المناهج‬ ‫المشكلة من قبل التنظيم من عملها‪ ،‬والمؤلفة‬ ‫م��ن لجان متخصصة يش��رف عليها مدرس��ون‬ ‫اختصاصيون تابع��ون للتنظيم‪ ،‬مكلفة بإعداد‬ ‫المناه��ج الخاص��ة بالدول��ة اإلس�لامية‪ ،‬فق��د‬ ‫أصبحنا أمام مش��كلتين‪ ،‬مش��كلة حرمان جيل‬ ‫كامل من التعليم‪ ،‬وتعليم القسم اآلخر مناهج‬ ‫ال نعلم حتى اآلن محتواها حتى نحكم عليها‪.‬‬ ‫وعمل التنظيم على إنش��اء ديوان التعليم‬ ‫في المناطق التي س��يطر عليها‪ ،‬ورغم سماحه‬ ‫للمدرس��ين العاملي��ن بالم��دارس الحكومي��ة‬ ‫باالستمرار في عملهم‪ ،‬إال أنه ألزمهم بحضور‬ ‫دورة ش��رعية‪ ،‬ومن ال يخضع للدورة الش��رعية‬ ‫عليه النجاح باالمتحان التحريري حتى يُس��مح‬ ‫له بالتدريس‪ ،‬وينطبق األمر على المدرس��ات‪،‬‬ ‫ب��ل كان��ت دورة المدرس��ات أصع��ب م��ن دورة‬ ‫المدرسين!‪.‬‬

‫أطفال في زي إجباري لتنظيم الدولة في مدينة سراقب ‪2013‬‬

‫وقد اس��تقطب ديوان التعلي��م‪ ،‬المئات من‬ ‫المدرس��ين الذين تعاقدوا م��ع التنظيم‪ ،‬منهم‬ ‫م��ن بايع��ه‪ ،‬ومنهم عمل معه��م دون أن يقوم‬ ‫بالبيعة‪.‬‬ ‫وال ننسى هنا معاناة األهالي وخوفهم من‬ ‫إرس��ال أبنائهم للمدارس‪ ،‬في ظل عودة وتيرة‬ ‫القصف‪ ،‬هذا عدا اس��تمرار الس��يطرة من قبل‬ ‫التنظي��م على كثير م��ن الم��دارس‪ ،‬وتحويلها‬ ‫لمقرات أو دوائر خاصة بالتنظيم‪.‬‬ ‫وق��د منع كثير م��ن أبناء المناط��ق التابعة‬ ‫للتنظيم م��ن تقديم امتحان��ات نهاية المرحلة‬ ‫المتوس��طة‪ ،‬وش��هادة الثانوي��ة العام��ة ف��ي‬ ‫مدنه��م‪ ،‬فاضط��روا للذه��اب إلى حل��ب أو دير‬ ‫الزور أو القامش��لي‪ ،‬في رحلة تستغرق ثماني‬ ‫س��اعات على أق��ل تقدير‪ ،‬يم��رون خاللها على‬ ‫عشرات الحواجز األمنية‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬أن تتعلم في سورية يعني أن تسير‬ ‫في حقل ألغام‪ ،‬ورغم ذلك تصر أغلبية ساحقة‬ ‫م��ن الس��وريين على تعلي��م أبنائه��م وتحمل‬ ‫األخط��ار‪ ،‬وبيع ما يملكون في س��بيل توفير ما‬ ‫يمك��ن م��ن مع��ارف ألبنائهم في ه��ذا الظرف‬ ‫الصعب‪.‬‬ ‫أح��د عناصر تنظيم‪ ،‬قال لدى اس��تيضاحنا‬ ‫إي��اه حول هذه المس��ألة‪ ،‬إن هدفهم هو «خلق‬ ‫جيل مس��لم متحرر من األف��كار اإللحادية التي‬ ‫شوهت الدين وأفسدت الحياة‪ ،‬ومنعنا لالختالط‬ ‫يندرج في إطار تحريم اإلس�لام االختالط بين‬ ‫الجنسين‪ ،‬ودرءاً للش��بهات وابتعاداً عن الفتنة‪،‬‬ ‫فاألخ�لاق مقدم��ة على العلم‪ ،‬ونح��ن نريد أن‬ ‫نجمع بينهما»‪.‬‬ ‫وبالنس��بة لقي��ادي ش��رعي ف��ي تنظي��م‬ ‫الدول��ة‪ ،‬فإن «الدورات الش��رعية ف��ي العقيدة‬ ‫والفق��ه للمدرس��ين هي في األساس��يات التي‬ ‫ينبغ��ي أال يجهله��ا المس��لم الع��ادي‪ ،‬فكي��ف‬ ‫بالمرب��ي ال��ذي يبني األجيال؟‪ ،‬نري��د بناء جيل‬ ‫والؤه هلل وح��ده‪ ،‬ويعمل على رفع راية التوحيد‬ ‫وإعزاز الدين»‪.‬‬

‫محم��د‪ ،‬المواطن المقيم ف��ي مدينة الرقة‬ ‫والمناص��ر للتنظي��م في توجهات��ه‪ ،‬أكد بدوره‬ ‫أن ه��ذا العام اقتصر على «منع تدريس بعض‬ ‫الم��واد‪ ،‬وحذف أجزاء محددة م��ن بعض المواد‬ ‫األخرى‪ ،‬ريثما تنتهي اللجان من إعداد المناهج‬ ‫الخاصة بالدولة اإلس�لامية والق��ادرة على بناء‬ ‫المسلم»‪.‬‬ ‫وق��ال الش��يخ أب��و أحمد ال��ذي يقي��م في‬ ‫المدين��ة من��ذ عق��ود‪ ،‬معترض��ا عل��ى تط��رف‬ ‫التنظي��م ف��ي فه��م قواع��د الدي��ن‪« :‬الفصل‬ ‫بين الجنس��ين على اإلطالق ليس من الش��رع‪،‬‬ ‫فالنس��اء كن يصلين في المس��جد الذي يصلي‬ ‫فيه الرجال‪ ،‬وقد خصص النبي صلى اهلل عليه‬ ‫وس��لم يوم ًا للنس��اء يعلمهن فيه أمور دينهن‪،‬‬ ‫ولم يق��ل أحد حينها إن النب��ي صلى اهلل عليه‬ ‫وس��لم ذكر ال يحل له تدري��س اإلناث‪ ،‬وبطون‬ ‫الكت��ب تحدثن��ا ع��ن آالف النس��اء الفاض�لات‬ ‫اللواتي تعلمن على أيدي الرجال»‪.‬‬ ‫ويؤم��ن الطبي��ب محم��د عل��ى ه��ذا الرأي‬ ‫ِّ‬ ‫معقب�� ًا‪« :‬لقد أصبحنا بين خط��ر الجهل وخطر‬ ‫القص��ف وخط��ر الفك��ر‪ ،‬وكل خط��ر أقوى من‬ ‫صاحبه‪ ،‬وما نمر به يجعل الحليم حيران‪ ،‬لكننا‬ ‫سنس��تمر بتعلي��م أبنائنا وتوجيهه��م التوجيه‬ ‫الصحيح ريثما يفرج اهلل عنا ما نحن فيه»‪.‬‬ ‫وبين قطاع المدرس��ين أنفس��هم‪ ،‬تختلف‬ ‫اآلراء وتتباي��ن ح��ول التعدي�لات األخي��رة ف��ي‬ ‫المس��ار التعليم��ي‪ ،‬فالم��درس الرق��اوي عمار‬ ‫نواح ومخطئة في‬ ‫يعتب��ر أنها خطوة جيدة ف��ي ٍ‬ ‫نواحي أخرى‪« .‬حس��ن ًا فعلت الدولة اإلس�لامية‬ ‫بمنع تدري��س التربية القومية االش��تراكية أو‬ ‫الوطنية التي تمج��د الظالمين وتروج لكذبهم‪،‬‬ ‫ولك��ن التنظي��م تش��دَّدَ ف��ي أش��ياء ال ينبغي‬ ‫التش��دد به��ا‪ ،‬فمناه��ج الم��واد العلمي��ة جيدة‬ ‫وتتمي��ز بمس��توى علم��ي ممت��از ال عالق��ة له‬ ‫بالنظام من قري��ب أو بعيد‪ ،‬أما المواد النظرية‬ ‫فتحت��اج إلى تنقي��ح ومراجعة‪ ،‬لكن مس��تواها‬ ‫العلم��ي جي��د‪ ،‬فقد تمّ أعدها خبراء س��وريون‬ ‫يش��هد لهم‪ ،‬ف��إذا أردن��ا البناء يجب أال ننس��ف‬


‫تحقيقات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬

‫تعميم المناهج الدراسية من ديوان التعليم في تنظيم الدولة‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫جه��د اآلخرين‪ ،‬فليس كل ما عند النظام ش��ر‪،‬‬ ‫فالنظام شيء والدولة شيء آخر»‪.‬‬ ‫ويعان��ي كثير من الطالب من القلق نتيجة‬ ‫الخ��وف من المجهول‪ ،‬وفقا لمحمود الطالب في‬ ‫مدارس المدينة الثانوية‪ ،‬حيث «ال يستطيعون‬ ‫الذهاب لمناطق النظام ألسباب أمنية أو مالية‪،‬‬ ‫فالدراسة بال ش��هادات‪ ،‬هذا عدا اضطرار كثير‬ ‫م��ن األطفال نتيج��ة الفقر‪ ،‬للعمل أو الس��فر‪،‬‬ ‫وقوانين التنظيم وعقليته المغلقة س��تضاعف‬ ‫التسرب من المدارس»‪.‬‬ ‫وأوضح الطالب الجامعي النازح إلى المدينة‬ ‫س��عيد‪ ،‬أن كثيرين من الطالب س��يحرمون من‬ ‫التعليم الجامعي «نتيجة إغالق بعض الجامعات‬ ‫وع��دم ق��درة الكثير م��ن الطالب عل��ى الذهاب‬ ‫إل��ى الجامعة في حلب بعد إغالق معبر بس��تان‬ ‫القص��ر‪ ،‬ناهي��ك عن اعتق��ال الطالب بش��كل‬ ‫تعس��في من قب��ل األمن والش��بيحة»‪ ،‬وأضاف‪:‬‬ ‫«ق��ام تنظي��م الدول��ة اإلس�لامية بالتضيي��ق‬ ‫عل��ى الط�لاب والموظفين ف��ي ف��رع الجامعة‬ ‫بالرق��ة‪ ،‬حتى أغلق��ت العام الماض��ي بأمر من‬ ‫وزارة التعلي��م العالي‪ ،‬وقام��ت بداية هذا العام‬ ‫بالس��يطرة عل��ى جامع��ة االتحاد‪ -‬ف��رع منبج‪،‬‬ ‫وطرد طالب السكن الجامعي وإسكان عناصرها‬ ‫في��ه‪ ،‬وأصبحت جامع��ة االتحاد ف��ي منبج ثكنة‬ ‫عس��كرية لتنظي��م الدولة اإلس�لامية‪ ،‬وجامعة‬ ‫االتح��اد خاصة وهي ملكية ش��خصية‪ ،‬فانتقلت‬ ‫الجامع��ة إل��ى دمش��ق وحل��ب‪ ،‬مما دف��ع كثيرا‬ ‫من الط�لاب المطلوبين إلى إيقاف مس��يرتهم‬ ‫التعليمية أو االنتقال إلى جامعات تركية»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وعق��ب أحد أصح��اب المهن الحرة واس��مه‬ ‫أب��و عمر بالق��ول إن تنظيم «يج��ذب اليافعين‬ ‫لالنضم��ام لصفوف��ه‪ ،‬تاركي��ن الم��دارس‬ ‫والتعلي��م‪ ،‬ممس��كين بعصا الجه��ل والتكفير‪،‬‬ ‫ال كام ً‬ ‫وهذا سيهدم جي ً‬ ‫ال‪ ،‬وحتى لو أعدنا التعليم‬ ‫الحدي��ث والم��دارس‪ ،‬فتبعات التكفي��ر والغلوّ‬ ‫ال��ذي تع َلمَه منتس��بو التنظي��م ومناصروه ال‬ ‫تذهب آثارها بسهولة لزمن طويل»‪.‬‬ ‫ويس��ود رأي ع��ام الي��وم ف��ي‬ ‫المناطق الخاضعة لنف��وذ التنظيم‬ ‫في سوريا‪ ،‬بأن النزعة االستبدادية‬ ‫الت��ي طبع��ت س��لوك نظام األس��د‬ ‫معه��م‪ ،‬هي هي تل��ك التي يقتدي‬ ‫بها التنظيم‪ ،‬حيث يستخدم التعليم‬ ‫والم��دارس لتجهي��ل جي��ل كام��ل‬ ‫مس��تخدما صالحيات��ه‪ ،‬ومغيرا في‬ ‫التعليم بخطط غير مدروسة وربما‬ ‫مدروس��ة له��دف يخ��دم انغالقه��م‬ ‫وظالميته��م‪ ،‬ويحق��ق أهداف��ا‬ ‫إس��تراتيجية لي��س بينه��ا أن ينعم‬ ‫الن��شء الس��وري بمع��ارف حديث��ة‬ ‫صحيح��ة يسترش��د به��ا ف��ي بن��اء‬ ‫وطنه‪.‬‬ ‫وكانت مديرية المناهج التابعة‬ ‫للتنظي��م قد أصدرت يوم الخميس‪،‬‬ ‫تعميم�� ًا إل��ى كاف��ة المؤسس��ات‬ ‫التربوي��ة والتعليمي��ة‪ ،‬يتضم��ن‬ ‫تعليمات تتع ّلق بالمنهاج الدراس��ي‬ ‫الجديد‪ ،‬حس��ب ورقة بي��ان ألصقها‬ ‫التنظيم في شوارع مدينة الرقة‪.‬‬ ‫وألغ��ى «التنظي��م» وف��ق‬ ‫التعمي��م م��واد (التربي��ة الفني��ة‬ ‫الموس��يقية‪ ،‬التربي��ة الوطني��ة‪،‬‬ ‫التربية االجتماعية‪ ،‬التاريخ‪ ،‬التربية‬ ‫الفنية التشكيلية‪ ،‬الرياضة‪ ،‬قضايا‬ ‫فلس��فية واجتماعي��ة ونفس��ية‪،‬‬ ‫التربية الدينية اإلس�لامية‪ ،‬التربية‬ ‫الديني��ة المس��يحية) بش��كل كامل‬ ‫م��ن المناه��ج الدراس��ية‪ ،‬عل��ى أن‬ ‫تضاف مواد تعويضية من «مديرية‬ ‫المناهج في الدولة اإلسالمية»‪.‬‬

‫كما نص «شطب جملة الجمهورية العربية‬ ‫الس��ورية أينم��ا وج��دت واس��تبدالها بالدول��ة‬ ‫اإلس�لامية»‪ ،‬و»ش��طب جمل��ة وزارة التربي��ة‬ ‫واستبدالها بوزارة التربية والتعليم»‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى»طم��س جمي��ع الص��ور الت��ي ال تواف��ق‬ ‫الشريعة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫وج��اءت أيض�� ًا تعليم��ات «بح��ذف النش��يد‬ ‫العرب��ي الس��وري أينم��ا وجد‪ ،‬وع��دم تدريس‬ ‫مفه��وم الوطني��ة والقومي��ة وإنم��ا االنتم��اء‬ ‫لإلس�لام وأهل��ه‪ ،‬واس��تبدال كلم��ة الوط��ن أو‬ ‫وطننه أو س��وريا أو وطني أينما وجدت بالدولة‬ ‫اإلسالمية أو دولته اإلسالمية أو بالد المسلمين‬ ‫أو والية الشام»‪.‬‬ ‫ولم تقتصر الورقة على ذلك‪ ،‬بل تضمنّت‬ ‫«ح��ذف أي مثال في م��ادة الرياضيات يدل على‬ ‫الرب��ا أو الفوائ��د الربوي��ة أو الديمقراطي��ة أو‬ ‫االنتخ��اب‪ ،‬وح��ذف كل ش��ي ف��ي م��ادة العلوم‬ ‫يتع ّل��ق بنظري��ة دارون أو رد الخلق للطبيعة أو‬ ‫الخل��ق من ع��دم‪ ،‬ورد كل الخلق هلل س��بحانه‬ ‫وتعالى»‪ ،‬هذا واعتبر التنظي��م تلك التعليمات‬ ‫«ملزمة وتستوجب على المخالف المحاسبة»‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬أعلن «ديوان التعليم في‬ ‫الرقة اليوم عن دورة ش��رعية مدّتها أس��بوع‪،‬‬ ‫تبدأ م��ن يوم الس��بت لكاف��ة م��دراء ومعلمي‬ ‫الم��دارس ذكوراً وإناث�� ًا»‪ ،‬و»يمن��ع أي مدرّس‬ ‫أو مدرّس��ة م��ن التدريس في م��دارس الرقة‬ ‫إلاّ بعد الخضوع للدورة‪ ،‬تحت طائلة المس��ائلة‬ ‫الشرعية»‬ ‫ه��ذه الخطوة ليس��ت األولى ل��دى حركات‬ ‫اإلس�لام األصول��ي والسياس��ي ال��ذي يحت��ل‬ ‫التعليم دائ��رة اهتمامه األولى‪ ،‬في حين تحتل‬ ‫مكانة ثانوية لدى األنظمة العربية واإلسالمية‬ ‫‪.‬‬ ‫وفي هذا المجال حذر الكاتب غسان اإلمام‬ ‫في جريدة الش��رق األوس��ط من ازدياد الخطر‬ ‫أكث��ر وأكث��ر عندما يح��ول اإلس�لام األصولي‬ ‫مدارس��ه إل��ى معس��كرات تدريب عل��ى العنف‬

‫السياس��ي‪ ،‬وكأي عن��ف إيديولوجي فهو يحتاج‬ ‫إلى «عدو» يتوجه إلي��ه بزخم وعنفوان التمرد‬ ‫الديني ‪.‬‬ ‫وإذا كان��ت الصهيوني��ة كآيديولوجي��ا‬ ‫مغتصبة ومحتل��ة واس��تيطانية مقبولة كعدو‬ ‫بديه��ي‪ ،‬فالع��داء الموج��ه للنظ��ام السياس��ي‬ ‫وحتى للغ��رب ال بد من إخضاع��ه لجدل وحوار‬ ‫يعجز الجيل األصولي ومدارس��ه وأساتذته عن‬ ‫ممارستهما وقبول نتائجهما ‪.‬‬ ‫وق��ال‪ :‬ل��م يتعام��ل النظ��ام اإليديولوجي‬ ‫العربي سواء كان قوميا أو اشتراكيا أو ماركسيا‬ ‫م��ع التربي��ة والتعليم كقضية سياس��ية‪ ،‬وإنما‬ ‫كقضي��ة إدارية‪ ،‬فل��م يطرأ تغيي��ر يذكر على‬ ‫المناهج الدراس��ية في الجامعة والمدرسة‪ ،‬وال‬ ‫س��يما التعليم الديني‪ .‬ولهذا الس��بب أنتج هذا‬ ‫النظام ونظام الشخص أو الطائفة أو العشيرة‬ ‫الذي ورثه‪ ،‬أجياال أقرب إلى األصولية المتزمتة‬ ‫منها إلى أجيال منفتحة على ثقافة العصر‪.‬‬ ‫و تمكنت حركات اإلسالم األصولي من فتح‬ ‫مدارس دينية‪ ،‬كما في إيران وباكستان واليمن‬ ‫وأفغانس��تان وربما في السودان والجزائر‪ .‬لكن‬ ‫اعتماده��ا األساس��ي كان عل��ى المعل��م‪ .‬فهو‬ ‫عنده��ا رأس الحربة التي اخترقت به الجامعات‬ ‫والم��دارس واألجي��ال‪ ،‬حت��ى ف��ي ال��دول ذات‬ ‫األنظمة الراديكالية ‪.‬‬ ‫إن القل��ق ال��ذي ينت��اب أي إنس��ان يعتب��ر‬ ‫التربي��ة والتعلي��م العامل الفاعل في تنش��ئة‬ ‫األجي��ال وتش��كيل معرفته��ا وأفكاره��ا‪ ،‬راجع‬ ‫إلى الفلس��فة المعتمدة في مضمون وأس��لوب‬ ‫التعليم الديني س��واء في المدرسة الرسمية أو‬ ‫األصولية‪.‬‬ ‫وم��ا زال إس�لام النق��ل ال��ذي ازده��ر في‬ ‫الق��رون الوس��طى ه��و المنهج وهو األس��اس‬ ‫في التعلي��م الدين��ي‪ .‬وألن الفق��ه الديني في‬ ‫ذلك العصر نش��أ في ظروف اإلحباط السياسي‬ ‫والحكم األجنب��ي وانعدام المبادرة العقلية بعد‬ ‫إغ�لاق بوابة االجتهاد والتفس��ير‪ ،‬فهو يش��كل‬ ‫خط��را كبيرا عل��ى عق��ول األجيال‬ ‫الجدي��دة‪ ،‬ان��ه فقه يعتم��د التلقين‬ ‫والتقلي��د‪ .‬المعل��م هنا ه��و الموجه‬ ‫وهو المرشد وهو الملقن‪ ،‬والطالب‬ ‫ه��و المتلق��ي والمس��تقبل ب�لا أي‬ ‫نق��اش واعت��راض‪ ،‬وب�لا أي ح��وار‬ ‫حت��ى في المس��ائل الخالفي��ة التي‬ ‫اجتهد فيها رواد التفس��ير واالجتهاد‬ ‫في قرون اإلسالم األولى ‪.‬‬ ‫قد يت��اح للجي��ل الجديد بعض‬ ‫ثقافة العصر ومعارفه وعلومه في‬ ‫المدرس��ة والجامعة الرسمية‪ .‬لكن‬ ‫المدارس الديني��ة تكاد تكون خالية‬ ‫تماما من تنويع الثقافة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يربي أجياال غريب��ة العقل والذهن‬ ‫عم��ا يج��رى ف��ي ه��ذا العال��م من‬ ‫سياسة وعلم وثقافة‪.‬‬ ‫اإلنس��ان مهم��ا بلغ��ت كفايته‬ ‫الذاتية لم يعد يس��تطيع أن يعيش‬ ‫بمع��زل ع��ن العصر‪ ،‬وع��ن الثقافة‬ ‫اإلنس��انية‪ .‬وال يمك��ن تبني طرائق‬ ‫العل��م الغرب��ي دون اط�لاع عل��ى‬ ‫الفك��ر والعق��ل اللذي��ن ول��دا ه��ذا‬ ‫العل��م وط��وراه‪ ،‬لذل��ك‪ ،‬ال ب��د من‬ ‫تطعي��م مناه��ج التعلي��م الدين��ي‬ ‫بالعل��وم االجتماعي��ة لتس��اهم في‬ ‫توس��يع أفق الطالب الديني‪ ،‬وتنويع‬ ‫معرفت��ه وثقافت��ه‪ ،‬وتأهيله لوعي‬ ‫قضاي��ا مجتمع��ه وفه��م نس��يجه‬ ‫المعق��د‪ .‬وبالتال��ي تأهي��ل التعليم‬ ‫الدين��ي للتكيف مع حاج��ات العصر‬ ‫ومستلزماته وظروفه‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫�إطاللة على و�ضع املر�أة يف املناطق اخلا�ضعة لتنظيم الدولة‬ ‫اندساسية ‪. .‬‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬ ‫دندنات‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫الرقة ‪ -‬ناصر المحمود‬ ‫صان اإلس�لام المرأة وحفظ حقوقها‪ ،‬فهي‬ ‫األم واألخ��ت والزوج��ة واالبن��ة‪ ،‬وش��ريكة في‬ ‫تحمل أعباء الحياة وتربية األبناء‪ ،‬وش��ريكة في‬ ‫كل تفاصي��ل الحياة‪ .‬بايعت المرأة الرس��ول في‬ ‫بيعت��ي العقب��ة األول��ى والثانية‪ ،‬وه��ي بمثابة‬ ‫انتخاب��ات ذلك الزمان‪ ،‬وكرمها اهلل بأن كان أول‬ ‫شهيد في اإلسالم امرأة‪ ،‬هي سمية أم عمار بن‬ ‫ياس��ر‪ ،‬وش��اركت المرأة الرس��ول في المعارك‪،‬‬ ‫وروت عن الرس��ول الكريم الحديث‪ ،‬ومع ظهور‬ ‫تنظيم الدولة اإلس�لامي وإعالنه تطبيق شرع‬ ‫اهلل ف��ي أرج��اء مناطق س��يطرته ف��ي العراق‬ ‫وس��وريا‪ ،‬أصدر القوانين التي تعمق سيطرته‪،‬‬ ‫وكان للم��رأة نصي��ب وافر من ه��ذه القوانين‪،‬‬ ‫ففرض الخم��ار المختلف عليه ش��رعياً‪ ،‬وضيق‬ ‫على النس��اء بحج��ة التبرج والنق��اب واالختالط‬ ‫والسفر بال محرم‪.‬‬ ‫عناصر الحسبة يقومون بهذا الدور بفعالية‬ ‫اليوم في ش��وارع الرقة‪ .‬ولك��ي تطبق قوانينه‬ ‫عل��ى أكمل وجه‪ ،‬ش��كل قياديون ف��ي التنظيم‬ ‫كتيبة نس��ائية في الرقة هي (كتيبة الخنساء)‪،‬‬ ‫وه��ي بقي��ادة المهاج��رة التونس��ية (أم ري��ان)‬ ‫وجمي��ع عناصرها من النس��اء‪ .‬مهمتها مالحقة‬ ‫النس��اء اللواتي يخالفن قواني��ن تنظيم الدولة‬ ‫م��ن لباس ش��رعي وتبرج والس��فر ب�لا محرم‬ ‫وغيرها‪ ،‬وتقوم عناصر الكتيبة بتوعية النس��اء‬ ‫المخالفات وتنفيذ األحكام في حال وجوب ذلك‪.‬‬ ‫وه��ذه اإلج��راءات التي قام بها تنظي��م الدولة‪،‬‬ ‫أث��ارت رضا البعض من مب��دأ الحض على عفة‬ ‫الم��رأة‪ ،‬فيما أثار س��خط البع��ض الذين يرون‬ ‫ف��ي تطبيق هذه القوانين طريقة لجعل الناس‬ ‫يش��عرون بالخوف الدائم‪ ،‬بعدما أرهبوا الرجال‬ ‫بمالحقته��م بته��م االنضم��ام للجي��ش الح��ر‬ ‫والتدخي��ن وغيره��ا‪ ،‬وتبقى نظ��رة المجتمعات‬ ‫الش��رقية بكل األح��وال‪ ،‬للم��رأة‪ ،‬موضع خالف‬ ‫قديم ف��ي عالمنا اإلس�لامي والعرب��ي‪ ،‬وتجدد‬ ‫هذه الخالف مع تطبيق تنظيم الدولة اإلسالمية‬ ‫قوانين��ه التي كثي��را ما توص��ف بالجائرة‪ ،‬على‬ ‫النساء الس��وريات‪ ..‬تساؤالت كثيرة حول الهدف‬ ‫م��ن تطبيق ه��ذه القوانين‪ ،‬وطريق��ة التنفيذ‪،‬‬ ‫ومس��اوئ ومحاس��نها‪ ،‬حملناه��ا إل��ى ع��دد من‬ ‫األش��خاص في مناطق س��يطرة تنظيم الدولة‬ ‫داخل سوريا‪.‬‬ ‫حسن‪ ،‬المدرس السابق أوضح أن التنظيم‬ ‫"متشدد بالتعامل مع المرأة‪ ،‬وهذا التشدد ليس‬ ‫لتطبيق الشرع وإنما لممارسة سلطته وتحكمه‬ ‫بالعباد‪ ،‬فالجه��اد الحقيقي على جبهات النظام‪،‬‬ ‫الذي يقتل منا العشرات بطائراته‪ ،‬بينما عناصر‬ ‫داع��ش يالحقون الناس م��ن أجل الدخان‪ ،‬ومن‬ ‫أجل الخمار وغيره"‪.‬‬ ‫وأكدت الطالبة الجامعي��ة فاطمة كذلك أن‬ ‫"تشديد التنظيم علينا يجعلنا عرضة لتجاوزات‬ ‫عناص��ره‪ ،‬الذي��ن كثيرا ما يتعرض��ون لنا بدون‬ ‫حج��ة‪ ،‬وبعضه��م وج��د ف��ي التنظي��م ضالت��ه‬ ‫للتحدث مع البنات دون رقيب"‪.‬‬ ‫ب��دوره روى محم��د‪ ،‬وه��و طال��ب جامع��ي‬ ‫أيض��ا‪ ،‬أن عناصر داعش قاموا قبل فترة وجيزة‬ ‫"بإنزال امرأة مس��افرة بال محرم عند حاجز في‬ ‫مف��رق أثرية‪ ،‬وطلب من الباص إكمال طريقه‪،‬‬ ‫وبقي��ت المرأة عن��د عناص��ر التنظي��م"‪ ،‬وتابع‬ ‫مس��تنكرا‪" :‬أتس��اءل ه��ل أصبح لديه��ا محرم‬ ‫عندما أنزلوها عندهم؟!"‪.‬‬ ‫حكاي��ات مش��ابهة يرويها أهال��ي المدينة‪.‬‬ ‫صال��ح‪ ،‬المدرس الثانوي حكى لنا أمرا آخر‪" .‬كنا‬

‫إحدى مدارس الرقة ‪AFP | 2014‬‬

‫م��رة في اجتماع من أجل التعليم‪ ،‬وفي موضوع‬ ‫فصل اإلناث عن الذكور من المرحلة األساسية‪،‬‬ ‫قلنا ألح��د مس��ؤولي التعليم إننا غي��ر قادرين‬ ‫على الفصل‪ ،‬ألن المدارس ال تستوعب الطالب‬ ‫إذا فصلناه��م‪ ،‬ورد ب��كل برود‪ :‬بال م��ا يتعلموا‬ ‫اإلن��اث! طبع�� ًا هذا يمثل نفس��ه‪ ،‬ولك��ن هناك‬ ‫كثيرين يش��اطرونه النظرة الفوقي��ة هذه إلى‬ ‫المرأة‪ ،‬خصوصا في صفوف التنظيم وبش��كل‬ ‫عام بين أنصاره"‪.‬‬ ‫ويختلف عبد الكري��م‪ ،‬الطالب الجامعي مع‬ ‫س��ابقيه بخصوص م��دى تش��دد التنظيم في‬ ‫تطبيق أفكاره‪ ،‬مضيفا أنه "رغم تش��دد تنظيم‬ ‫الدول��ة ف��إن قوانينه م��ا تزال ضم��ن المقبول‪،‬‬ ‫يس��مح لألطباء بمعالجة النساء‪ ،‬ويسمح للمرأة‬ ‫بقيادة الس��يارة ورك��وب الدراج��ة النارية وراء‬ ‫زوجه��ا أو مح��رم‪ ،‬حيث تنتش��ر ه��ذه الظاهرة‬ ‫لدين��ا‪ ،‬ولك��ن إذا طبق��ت قواني��ن التنظيم في‬ ‫فص��ل اإلناث والذكور س��يكون كثير من أبنائنا‬ ‫خ��ارج المدرس��ة‪ ،‬ألن مدارس��نا ومدرس��ينا ال‬ ‫يمكنهم تغطية الفائض في حالة الفصل"‪.‬‬ ‫ورأى ص��ادق م��ن جهت��ه‪ ،‬وهو أحد س��كان‬ ‫المدين��ة وم��ن ذوي األطف��ال ف��ي المرحل��ة‬ ‫األساس��ية‪ ،‬أن اإلع�لام "يبال��غ كثي��راً في ظلم‬ ‫تنظيم الدول��ة وفي موضوع الم��رأة خصوصاً‪،‬‬ ‫التنظيم يحرص على تطبيق ش��رع اهلل‪ ،‬لذلك‬ ‫يج��د كثير من دع��اة الس��فور والعلمانية تنفيذ‬ ‫الش��رع ثقيال عليهم‪ ،‬الدكت��ورة رؤى دياب التي‬ ‫نش��رت اس��مها كثي��ر م��ن صفح��ات التواصل‬ ‫االجتماع��ي ب��أن تنظي��م الدولة أعدمه��ا ألنها‬ ‫عالجت رج ً‬ ‫ال مثال‪ ،‬وكثير من اإلش��اعات األخرى‬ ‫التي تنتش��ر هنا وهناك وتريد أن تشوه صورة‬ ‫التنظيم‪ .‬أستطيع أن أؤكد أن هذه األخبار عارية‬ ‫ع��ن الصح��ة"‪ ،‬وأردف‪" :‬كثير من النس��اء يقدن‬ ‫س��يارات في مناطق تنظيم الدولة‪ ،‬وهذا دليل‬ ‫أن قوانين التنظيم ليست مجحفة بحق المرأة"‪.‬‬ ‫وي��رى ص�لاح أن العقلي��ة ه��ي المش��كلة‬ ‫وليس��ت القواني��ن‪ ،‬ألن "داعش لديه��ا عناصر‬ ‫مس��يئون‪ ،‬وه��ؤالء لديهم اليوم س��لطة وكثير‬ ‫منهم كان له عالقات مثل أي ش��اب‪ ،‬وصعب أن‬ ‫يتغير بين يوم وليلة"‪.‬‬ ‫ول��دى توجهن��ا به��ذه االستفس��ارات إل��ى‬ ‫عناص��ر التنظي��م‪ ،‬أوض��ح أحدهم أن��ه ورفاقه‬ ‫"حريص��ون عل��ى تطبي��ق الش��رع اإلس�لامي‬ ‫بكل تفاصيل��ه‪ ،‬ألن اهلل أمرنا بهذا‪ ،‬وبالنس��بة‬

‫للتضيق على النس��اء كما يدعي البعض‪ ،‬نحن‬ ‫نطبق الش��رع اإلس�لامي‪ ،‬وكي يك��ون تطبيق‬ ‫الش��رع أكث��ر فاعلي��ة وخصوصًا للمرأة أنش��أنا‬ ‫كتيبة نس��ائية توكل لها مهمات توعية النس��اء‬ ‫المخالفات‪ ،‬ومراقبته��ن وتنفيذ األحكام إذا لزم‬ ‫األم��ر‪ ،‬ودعوتنا للحج��اب الش��رعي تنطلق من‬ ‫حرصنا على المرأة ليس إال"‪.‬‬ ‫محم��ود‪ ،‬صاحب محل تج��اري في المدينة‪،‬‬ ‫يح��اول الي��وم أن ي��داري آراءه الليبرالية ش��أن‬ ‫كثيري��ن ف��ي مناط��ق س��طوة داع��ش‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫"التنظي��م يتعامل على أن الم��رأة تابع للرجل‪،‬‬ ‫بينما العالم اليوم تغيّر‪ ،‬فأصبحت المرأة طبيبة‬ ‫ومدرسة ومهندس��ة‪ ،‬وهي قادرة على مواجهة‬ ‫الحياة‪ ،‬المرأة المتعلمة تدافع عن نفسها أفضل‬ ‫من غيرها‪ ،‬لذلك يجب االهتمام بتعليم المرأة‪،‬‬ ‫إذا لم تتعلم المرأة‪ ،‬كيف يقبل عنصر التنظيم‬ ‫لطبيب أن يعالج زوجته أو ابنته مث ً‬ ‫ال؟"‪.‬‬ ‫وبرأي ط��ه الطالب الجامعي ف��إن التنظيم‬ ‫حرم النس��اء الس��وريات وغير الس��وريات كثيرا‬ ‫من حقوقه��ن‪" ،‬حقها في مش��اركة الرجل في‬ ‫العيش المش��ترك‪ ،‬طالما النساء بايعن الرسول‬ ‫فه��ذا يعن��ي أن للم��رأة دورا سياس��يا في زمن‬ ‫الرس��ول‪ ،‬وكانت تش��ارك في المعارك‪ ،‬فليس‬ ‫م��ن المعقول أنها كانت تش��ارك ف��ي المعارك‬ ‫وهي تلب��س الخمار به��ذا الش��كل‪ ،‬وليس من‬ ‫المعقول أن اإلسالم كان متشددا بهذه الصورة‬ ‫التي تطبقها داعش"‪.‬‬ ‫وذه��ب عمرو في االتجاه نفس��ه‪ ،‬مؤكدا أن‬ ‫المرأة الس��ورية والرقاوية تحديدا "شاركت في‬ ‫المظاه��رات في عموم البالد‪ ،‬وهي أم المجاهد‬ ‫وأم الش��هيد‪ ،‬وش��اركت في مختلف النش��اطات‬ ‫خالل الثورة‪ ،‬وأسست جمعيات وهيئات‪ ،‬ونشرت‬ ‫ف��ي الصح��ف‪ ،‬فهي ق��ادرة على العط��اء‪ ،‬يجب‬ ‫المحافظة على عفافه��ا‪ ،‬ولكن هذا ال يتناقض‬ ‫مع عملها ودورها االجتماعي الفعال"‪.‬‬ ‫وليست النس��اء الفئة الوحيدة المستهدفة‬ ‫بقواني��ن تنظي��م الدول��ة وإرهاب��ه االجتماعي‬ ‫والفك��ري والفعلي‪ ،‬وبين الفئات المس��تضعفة‬ ‫الكثيرة اليوم في جنبات "واليات" دولة "الخالفة"‬ ‫المزعومة‪ ،‬تنكتم صرخ��ة مظلوم طويلة على‬ ‫ش��فاه مسلمين طيبين‪ ،‬لم يحدث خالل القرون‬ ‫أن جاء من يقول لهم لس��تم بمسلمين‪ ،‬ويدمر‬ ‫فوقه��م حض��ارة بالدهم وتقدمه��ا‪ ،‬ويحرمهم‬ ‫من أبسط حقوقهم‪.‬‬


‫قانون "ترخي�ص الأحزاب"‬ ‫بني كانتون اجلزيرة واملجل�س الوطني الكوردي‬

‫معرتف‬ ‫املجل�س الكوردي مط ِلع وغري ِ‬

‫"المجل��س الوطني الك��وردي مطلع على‬ ‫بن��ود الق��رار"‪ ،‬على م��ا يصرح عض��و األمانة‬ ‫العام��ة للمجل��س والت عوج��ي‪ ،‬ولكن��ه يتابع‬ ‫مردف��ا‪" :‬يرى المجل��س أن االدارة المعلنة من‬ ‫قب��ل مجلس ش��عب غرب��ي كوردس��تان غير‬ ‫ش��رعية‪ ،‬وإن أي فرمانات تصدرها ليس��ت لها‬ ‫أي شرعية"‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬الس��يد مصطفى مشايخ‪ ،‬نائب‬ ‫سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي أكد على ما‬ ‫اتجه إلي��ه عوجي مضيفا أن "ه��ذه اإلدارة قد‬ ‫تش��كلت من طرف واحد‪ ،‬ولس��نا معنيين بها‪،‬‬ ‫وبالتالي ال تخصنا القرارات التي تصدرها"‪.‬‬ ‫كم��ا بيّن عب��د الحميد بافي ش��يار عضو‬ ‫ح��زب ال��ـ "يكيتي" أن ه��ذا الق��رار وغيره من‬ ‫القرارات الصادرة ع��ن اإلدارة الذاتية "ما هي‬ ‫إال ق��رارات النظ��ام الس��وري‪ ،‬والذاتي��ة عليها‬ ‫التنفيذ"‪ ،‬حسب تعبيره‪.‬‬

‫مكتب �أي حزب �سيغلق �أوال؟‬

‫وفيم��ا يتعل��ق بموقف المجل��س الوطني‬ ‫الك��وردي م��ن ترخي��ص األح��زاب المنضوية‬ ‫تحته أوض��ح والت عوج��ي أن المجلس "أجمع‬ ‫ف��ي اجتماع��ه األخي��ر عل��ى ع��دم ترخي��ص‬ ‫األحزاب أي ًا كان توجهها في المجلس"‪.‬‬ ‫وتم إن��ذار بعض أحزاب المجلس الوطني‬ ‫من قِب��ل اإلدارة الذاتية‪ ،‬بإغ�لاق مكاتبها‪ ،‬ما‬ ‫يبين أن هناك نيّة لتنفيذ القرار‪ .‬وبهذا الشأن‬ ‫أكد القيادي مصطفى مشايخ أنه وأعضا ًء في‬ ‫أح��زاب المجلس "س��معنا ببع��ض التهديدات‬ ‫لألحزاب إلغالق مكاتبها‪ .‬لذا نتمنى من األخوة‬ ‫في مجلس الش��عب لغربي كردستان التراجع‬ ‫عن ه��ذه الق��رارات‪ ،‬فه��ي ال تخ��دم القضية‬ ‫الكوردي��ة ويج��ب التري��ث وإع��ادة النظر فيما‬ ‫ج��رى كي تت��م إدارة الموقف بالش��راكة‪ .‬كان‬ ‫هناك اتف��اق موقع بين المجلس��ين لدراس��ة‬ ‫هذا المش��روع‪ ،‬وم��ن الض��روري التعاون بين‬ ‫كاف��ة األطراف الكوردية لم��لء الفراغ االمني‬ ‫واإلداري الحاصل"‪ .‬وفي ذات السياق بيّن عبد‬ ‫الحميد أنه "إذا أعط��ى النظام الضوء االخضر‬ ‫لإلدارة الذاتية فإنها ستقوم بتنفيذ اإلجراءات‬ ‫التي اتخذت بها قرارا"‪.‬‬

‫حلول بال�سبل "ال�سلمية"و"الدميقراطية"‬

‫أسبوعية‬

‫أم��ا بالنس��بة للخط��وات التي س��يتخذها‬ ‫المجل��س الوطن��ي الك��وردي إن ت��م تنفي��ذ‬ ‫ه��ذا القرار في الوق��ت الراهن‪ ،‬ق��ال عوجي‪:‬‬ ‫"ﻻ أعتق��د أن م��ن مصلح��ة الك��ورد في هذه‬ ‫الظروف تطبيق هك��ذا قرارات هادفة للقضاء‬ ‫على الحياة السياسية‪ .‬كمجلس وطني كوردي‬ ‫نحن س��ندعو لخطوات تصعيدية ف��ي أوانها‪،‬‬ ‫وبكافة الطرق الس��لمية المدني��ة‪ .‬نحن دعاة‬ ‫العم��ل المش��ترك والوق��وف في خن��دق واحد‬ ‫ضد الهجمة البربرية التي يتعرض لها الشعب‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫انتهت المدة المحددة للترخيص‪ ،‬ولم تقم‬ ‫اإلدارة الذاتي��ة باتخ��اذ االج��راءات التي كانت‬ ‫مقرَّرة م��ن قبلها‪ ،‬األمر ال��ذي يعالجه عوجي‬ ‫ف��ي ضوء اعتبار "قرار تنفي��ذ فرمانات اإلدارة‬ ‫بهذا الخصوص‪ ،‬مس��ألة ذات مدلول سياس��ي‬ ‫بحت‪ ،‬وتنفيذها ينتظر الوقت المناس��ب‪ .‬إنهم‬ ‫يعول��ون عل��ى الخالفات بين أح��زاب المجلس‬ ‫الوطني الكوردي علها تطفو على السطح"‪.‬‬ ‫وف��ي الس��ياق ذات��ه أوض��ح مش��ايخ أنه‬ ‫"كان هن��اك الكثير من اللق��اءات الثنائية بين‬ ‫المجل��س الوطني الكوردي ومجلس الش��عب‬ ‫لغرب��ي كردس��تان لتكوي��ن رؤي��ة مش��تركة‬ ‫بينهم��ا‪ ،‬وأيض��ا الرس��ائل الكتابية بخصوص‬ ‫هك��ذا ق��رارات‪ ،‬والتي لم تخ��دم وحدة الصف‬ ‫الكوردي‪ .‬نحن بحاجة إلى رص صفوفنا لصد‬ ‫التحديات والهجمات التي يتعرض لها ش��عبنا‪.‬‬ ‫نحن كك��ورد مس��تهدفون ونُعتق��ل ونُقتَل‬ ‫عل��ى الهوي��ة‪ ،‬وه��ذه الخالف��ات ال تزيدن��ا إال‬ ‫خسارة"‪.‬‬ ‫وق��د أرجع عبد الحميد س��بب ع��دم اتخاذ‬

‫املجل�س الوطني الكوردي لن يرخ�ص �أحزابه‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫انتهت المهلة المح��ددة لترخيص األحزاب‬ ‫السياس��ية‪ ،‬والتي أصدرتها ما تسمى "اإلدارة‬ ‫الذاتي��ة" المعلن��ة م��ن قب��ل ح��زب االتح��اد‬ ‫الديمقراط��ي وحلفائه في ‪ 21‬كان��ون الثاني‬ ‫‪ ،2014‬وقد أصدرت هيئتها التش��ريعية قانونا‬ ‫يقضي بترخيص األحزاب السياسية الكوردية‬ ‫في ‪ 17‬نيسان ‪.2014‬‬ ‫يتألف القانون م��ن ‪ 22‬مادة‪ ،‬وفيها طلبت‬ ‫"الذاتية" من "األحزاب المؤسَّس��ة قبل صدور‬ ‫ه��ذا القانون التق��دم بطلب التأس��يس خالل‬ ‫‪ 45‬يوم ًا من نش��ر ه��ذا القانون تح��ت طائلة‬ ‫المساءلة القانونية"‪.‬‬ ‫كذل��ك‪ ،‬ق��ررت "اإلدارة الذاتي��ة" اتخ��اذ‬ ‫إج��راءات كاالعتقال وإغ�لاق المكاتب الحزبية‬ ‫و"ف��رض غرامات مالية تتراوح بين ‪200 – 50‬‬ ‫أل��ف ليرة س��ورية ما ل��م يت��م الترخيص في‬ ‫المهلة المح��ددة"‪ ،‬والمقصود به��ا مهلة الـ‪45‬‬ ‫يوما التالية لصدور القرار‪.‬‬

‫اإلجراءات المقررة ض��د األحزاب إلى الخالفات‬ ‫الموج��ودة داخ��ل مجل��س ش��عب غرب��ي‬ ‫كردس��تان‪ ،‬والذي يعود إلي��ه أصال إعالن هذه‬ ‫اإلدارة‪ .‬أيض��ا ردود أفعال األح��زاب وتهديدها‬ ‫بالخ��روج إلى التظاهر واالعتصامات إذا حصل‬ ‫ونفذوا اعتقاالت‪.‬‬

‫الك��وردي في غربي كوردس��تان م��ن داعش‬ ‫وأخواته��ا‪ ،‬والتوجه��ات العامة ل�لإدارة الذاتية‬ ‫ال تخ��دم قضي��ة الش��عب الك��وردي ف��ي هذا‬ ‫المضمار"‪.‬‬ ‫كما أشار مشايخ إلى أن "المجلس الوطني‬ ‫الكوردي ه��و كتلة سياس��ية بالدرجة األولى‪،‬‬ ‫وس��نحاول إيج��اد الحل��ول بالس��بل الس��لمية‬ ‫والديمقراطية وبالوس��ائل المتاح��ة كإيصال‬ ‫هذه الخالفات إلى الجهات كافة في كردستان"‪.‬‬ ‫وكان لبافي ش��يار الرأي ذاته‪ ،‬حيث اعتبر‬ ‫ممث�لا حزب��ه "يكيت��ي" أن "موقفن��ا كح��زب‬ ‫مطابق لموقف المجلس الوطني‪ .‬والتظاهرات‬ ‫واالعتصامات ستكون من سبل الحل لدينا"‪.‬‬ ‫وفيم��ا يتعل��ق بالم��ادة الرابع��ة ‪/‬البند ‪/4‬‬ ‫الذي ينص على أنه يش��ترط عدم وجود جناح‬ ‫عس��كري لألح��زاب السياس��ية ق��ال مش��ايخ‪:‬‬ ‫"م��ن إحدى بنود اتفاقية هولير تش��كيل لجنة‬ ‫تخصصي��ة تفتح الباب أمام الش��باب للتطوع‪،‬‬ ‫لكن لم تُنف��ذ هذه االتفاقي��ة بكامل بنودها‬ ‫ونحن كمجلس وطني كوردي ليست لدينا أية‬ ‫أجنحة عسكرية باألساس"‪.‬‬ ‫وعن رأيه بمس��ألة ترخيص حزب االتحاد‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬قال‪" :‬اإلدارة الذاتية هي نفسها‬ ‫حزب االتح��اد الديمقراطي لذا من البديهي أن‬ ‫يتم ترخيصه من قِبلهم"‪.‬‬ ‫ودعا والت عوجي مجلس الش��عب لغربي‬ ‫كوردس��تان وحزب االتح��اد الديمقراطي‪ ،‬إلى‬ ‫"الع��ودة إلى تفاهمات هولير برعاية مس��عود‬ ‫البرزاني وليلى زانا وبايدمر"‪.‬‬ ‫وقد أش��ارت فاطمة الصالح المواطنة من‬ ‫مدين��ة عامودا إل��ى رفضها هي أيض��ا لكافة‬ ‫بن��ود القرار‪ ،‬مش��ددة عل��ى أن "م��ن المعيب‬ ‫أن يص��در الكورد هكذا ق��رارات بحق أخوتهم‬ ‫وأبن��اء قوميتهم‪ .‬ح��زب البعث ل��م يكن يهدد‬ ‫ويتوع��د األح��زاب الكوردية به��ذه الطريقة"‪،‬‬ ‫وتضي��ف مبين��ة ح��ول م��ا إذا كان��ت أح��زاب‬ ‫المجلس الوطني الكوردي ستطلب الترخيص‪:‬‬ ‫"ال أعتقد بأن أحزاب المجلس الوطني ستطلب‬ ‫الترخيص وستزاول نضالها السياسي (سراً أو‬ ‫عالنية) لو ِّ‬ ‫ً‬ ‫نُف َذ بحقها أيّة من اإلجراءات التي‬ ‫حددتها اإلدارة الذاتية"‪.‬‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫عامودا ‪ -‬ميديا الصالح‬

‫‪9‬‬ ‫إحدى مظاهرات الشباب الكرد في القامشلي | ‪2012‬‬


‫اندساسية ‪. .‬‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬ ‫دندنات‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫مخيم الزعتري باألردن | ‪Retouchoptical‬‬

‫�صراع من �أجل البقاء‬ ‫حكايات �سورية‬ ‫تركيا ‪ -‬مها الخضور‬

‫بتاري��خ ‪ 2014/7/8‬ص��در تقري��ر األم��م‬ ‫المتحدة بخصوص النس��اء الس��وريات اللواتي‬ ‫فق��دن أزواجهن أو إخوتهن ف��ي الحرب ووجدن‬ ‫أنفسهن فجأة في مواجهة قسوة عالم ال يرحم‪.‬‬ ‫وف��ي التقري��ر أن "أكث��ر م��ن ‪ 145000‬عائل��ة‬ ‫س��ورية الجئة أصبحت تعيلها امرأة في كل من‬ ‫مصر والعراق ولبنان وتركيا واألردن أي بمعدل‬ ‫خمس عائالت الالجئين السوريين"‬ ‫يحت��م الوضع الجديد ال��ذي فرضته ظروف‬ ‫الح��رب على تلك النس��وة تحدي��ات ال قبل لهن‬ ‫بها من تأمين أجار المس��كن إلى تأمين الطعام‬ ‫وكس��وة الصغ��ار واالعتناء بكبار الس��ن وغيره‬ ‫وكل ذلك في ظل غي��اب أي فرصة عمل تؤمن‬ ‫لهم العيش الكريم وفي ظل غياب أي شكل من‬ ‫أش��كال الدعم لهن س��واء على الصعيد المحلي‬ ‫ف��ي المجتمعات التي لجأوا إليها او على الصعيد‬ ‫الدول��ي إال فيما ندر‪ .‬ف��ي كثير من األحيان تجد‬ ‫الم��رأة الالجئة نفس��ها عرضة لتح��رش أرباب‬ ‫العم��ل أو أصح��اب البيوت واس��تغاللهم مقابل‬ ‫تأمين لقمة تس��كت به��ا أف��واه صغارها‪ .‬وفي‬ ‫تقري��ر األم��م المتح��دة ان المفوضي��ة العامة‬ ‫لالجئي��ن أجرت العديد م��ن المقابالت مع أعداد‬ ‫كبي��رة م��ن تلك الش��ريحة م��ن النس��اء خالل‬ ‫األش��هر الثالثة األولى من الع��ام ‪ 2014‬وأكدت‬ ‫كل واح��دة منهن تقريب��ا أنها فق��دت زوجها أو‬ ‫المعيل األساس��ي لألسرة خالل س��نوات الحرب‬ ‫الت��ي أزهق��ت أرواح الكثي��ر الكثير م��ن الرجال‬ ‫إم��ا قت ً‬ ‫ال أو أنه��م اعتقلوا أو اختطف��وا او فقدوا‬ ‫دون أدن��ى معلوم��ات عنه��م‪ .‬فكان��ت النتيج��ة‬ ‫مآس جديدة يعيش��ها من تبقى من أسر هؤالء‬ ‫الضحاي��ا بفقدانهم لم��ن يعيله��م أو يحميهم‬ ‫وهك��ذا اضط��رت زوجاتهم لمواجه��ة صعوبات‬ ‫لربما توازي أو تف��وق حزنها على فقدان الزوج‬ ‫أو األخ أو األب‪.‬‬ ‫ما ال��ذي يمك��ن أن يحدث حين يج��د المرء‬ ‫نفس��ه وبدون أي��ة مقدم��ات في مث��ل ظروف‬ ‫أولئك النس��اء؟ وكيف تستطيع امرأة ال حول لها‬ ‫وال ق��وة الصمود في وجه ظروف قاس��ية وهي‬ ‫تعاني الوح��دة والعزلة والخ��وف؟ وهل تتمكن‬ ‫تل��ك النس��وة م��ن تلبي��ة احتياجات م��ن تبقى‬ ‫م��ن األس��رة فع�لا أم أن الجميع يعان��ون العوز‬ ‫والخوف ولكن بدرجات‪ .‬مش��كلة غالبية النس��اء‬ ‫موضوع نقاش��نا هي افتقاره��ن للموارد‪ ،‬ففي‬ ‫حي��ن اضط��رت الغالبي��ة لبيع أي ش��يء تملكه‬ ‫حت��ى خواتم الزواج لم يتبقى لهن بعد ذلك أية‬ ‫ممتلكات‪ .‬وفي التقرير أن خمس هؤالء النس��اء‬ ‫تقريب��ا اس��تطعن الحصول عل��ى فرصة عمل‬ ‫وإن كانت تلك الفرص ال تلبي احتياجات األس��ر‬ ‫المنكوب��ة إال بالحدود الدني��ا وفي نفس الوقت‬ ‫فهي تعرض النس��اء للتحرش والعنف الكالمي‬ ‫والجسدي أحيانا مقابل استمرارهن في العمل‪.‬‬ ‫كما أن خمس��ا آخر من النس��اء تتلقين دعما من‬ ‫أح��د أقاربهم فتبقى النس��بة األكب��ر منهن بال‬ ‫أية مس��اعدات ترج��ى‪ .‬مما يدف��ع بالبعض إلى‬ ‫الجمعي��ات الخيرية أو المس��اجد في دول الجوار‬ ‫الس��تجداء الطعام والملبس وأحيانا ربما بعض‬ ‫النقود‪ .‬قد ال يس��تطيع عقل اإلنسان أن يتصور‬

‫أن هناك إنس��ان آخ��ر يعاقب وتمته��ن كرامته‬ ‫ويع��رى ويج��وع ألن��ه فقد أحب��اءه لك��ن طعم‬ ‫الحقيق��ة مرّ دائم��ا‪ ،‬ففي ح��رب أبطالها رجال‬ ‫م��ن كل بق��اع األرض وضحاياه��ا ه��م فقراء‬ ‫الس��وريين ونس��ائهم نجد العالم مهتم بأخبار‬ ‫س��احات القتال أو توثيق أعداد الضحايا ويعتبر‬ ‫من تبقى في عداد األحياء من الناجين متجاهال‬ ‫أن البعض منهم يحلم بموت رحيم يخلصه من‬ ‫كابوس يعيش��ه كل لحظة بسبب مرارة ظروف‬ ‫العيش‪.‬‬ ‫س��ميرة ‪ 24‬ع��ام أم لثالثة أطف��ال تعيش‬ ‫معهم ف��ي مدينة عنت��اب التركي��ة‪ ،‬بعد مقتل‬ ‫زوجه��ا هربت برفقة بع��ض الجيران من إحدى‬ ‫ق��رى إدلب إل��ى تركيا‪ .‬ولم يتس��نى ألحد أفراد‬ ‫عائلتها المقربين مرافقتها‪ .‬لم تس��تطع تأمين‬ ‫عم��ل حت��ى ه��ذه اللحظة وه��ي تعي��ش حالة‬ ‫م��ن القلق الذي قد يودي بها إل��ى الجنون تجاه‬ ‫مستقبل أطفالها وتأمين احتياجاتهم األساسية‬ ‫وعندما تس��ألها عن أحوالها تكرر كالمها وكأنها‬ ‫تردد ش��عارا‪" :‬أن��ا كل ما تبق��ى ألطفالي‪ ،‬ماذا‬ ‫س��يحدث له��م إذا حصل لي مك��روه؟؟؟" تعيش‬ ‫ه��ذه الم��رأة ف��ي بيت آي��ل للس��قوط في حي‬ ‫هوش��جور ويقدم لها بعض المحس��نين طعاما‬ ‫يبقيه��ا وأطفاله��ا عل��ى حافة الحي��اة وبعد ألي‬ ‫وجهد اس��تطاعت تأمين عمل ف��ي تجهيز قطع‬ ‫لمش��غل خياطة ف��ي المنزل بأج��رة أقل بكثير‬ ‫م��ن زهيدة فهي تتقاضى خم��س ليرات تركية‬ ‫مقابل كل ‪ 100‬قطعة‪.‬‬ ‫أم��ا نظمية فهي حكاية أخرى‪ ،‬فقد عاش��ت‬ ‫حياته��ا في مدين��ة الباب كأي امرأة س��ورية لم‬ ‫تكم��ل تعليمه��ا لتتزوج في س��ن مبك��رة مثلها‬ ‫مثل الكثي��رات من بن��ات جيلها‪ ،‬لك��ن ظروفها‬ ‫فيم��ا بعد الثورة لم تش��به ظ��روف الكثيرات‪...‬‬ ‫ويكفي الق��ول إن هذه المرأة تحولت ببس��اطة‬ ‫إل��ى مومس تبي��ع الهوى في بناء يع��ج بفقراء‬

‫الس��وريين ف��ي مدينة كيلي��س‪ ...‬حي��ث يأتي‬ ‫الرجال األتراك بهدف المتعة الرخيصة الثمن فال‬ ‫يواجهون صعوبة في التعرف على ضحاياهن‪.‬‬ ‫ولحكاي��ة أم محمود وجع آخر‪ ،‬فهي س��يدة‬ ‫أربعيني��ة‪ ،‬من مدين��ة حمص تقي��م في غازي‬ ‫عنت��اب أيضا وهي معلم��ة تتقاضى خمس مئة‬ ‫ليرة تركية أجرة ش��هر كامل في المدرسة التي‬ ‫تعمل فيها‪ .‬فالقائمون على المدرس��ة يقولون‬ ‫إن الدع��م ال��ذي تتلقاه مدارس الس��وريين في‬ ‫تركي��ا ال يتع��دى هذا القدر م��ن األجور‪ .‬تتكون‬ ‫أس��رة أم محمود أربعة أش��خاص ه��ي وزوجها‬ ‫المصاب بقذيفة تس��ببت ببتر س��اقه اليس��رى‬ ‫م��ن الفخذ ومعهما طفليهم��ا‪ .‬تحاول أم محمود‬ ‫تعوي��ض ما ينقصهم من المصروف ببيع الخبز‬ ‫الس��وري وبعض البضائع المهربة من س��وريا‬ ‫كالش��اي والقه��وة والصابون‪ .‬لك��ن محاوالتها‬ ‫الكثي��رة والراتب ال��ذي تتقاضاه م��ن عملها لم‬ ‫تس��تطع مجتمع��ة أن تكفيها ع��وز الحاجة إلى‬ ‫كرتون��ة مس��اعدات تقدمه��ا إح��دى الجمعيات‬ ‫الخيري��ة التركية فتس��ارع للوق��وف في الصف‬ ‫بانتظار الكرتونة‪.‬‬ ‫تعم��ل العدي��د م��ن المنظم��ات الدولي��ة‬ ‫والمحلي��ة على تغطي��ة االحتياجات األساس��ية‬ ‫كالم��أوى والغ��ذاء والرعاي��ة الصحي��ة ألس��ر‬ ‫الالجئين ولكن أكبر تلك المنظمات كالمفوضية‬ ‫الس��امية لش��ؤون الالجئين وغيرها تشكو من‬ ‫قل��ة التمويل ومن تهرب الكثي��ر من الحكومات‬ ‫م��ن مس��ؤولياتها‪ .‬فه��ل تكف��ي تل��ك الجه��ود‬ ‫الخجول��ة إلنق��اذ الالجئ��ات الس��وريات بش��كل‬ ‫فعل��ي‪ .‬وه��ل تس��تطيع المنظمات اإلنس��انية‬ ‫الس��ورية العمل عل��ى تقديم التدري��ب الالزم‬ ‫لتزوي��د أولئك النس��وة بمهارات الحي��اة العملية‬ ‫ف��ي مجتمعاتهم الجديدة ب��دال من تبديد الجهد‬ ‫والمال على ندوات لمناقش��ة مس��ألة المساواة‬ ‫بين الجنسين مثال‪.‬‬


‫"‪ 58‬مليون يدفعها النظام لبناء �سور يخفي جرائمه‬ ‫يف ال�سكن اجلامعي يف حلب‬ ‫وج��دت األف��رع األمني��ة ف��ي حلب نفس��ها‬ ‫ف��ي م��أزق كبير بع��د أن فتحت أب��واب المدينة‬ ‫الجامعي��ة لنازحين من أحي��اء مختلفة في حلب‬ ‫ظن��ًا منها أنه��ا ق��د وضعتهم تح��ت كنفها بعد‬ ‫أن نظم��ت الرج��ال في صف��وف كتائ��ب البعث‬ ‫والدفاع الوطن��ي التابعة لها‪ ،‬ولكن من الواضح‬ ‫لكل الحلبيين أن هؤالء الش��بيحة حولوا السكن‬ ‫الجامع��ي إل��ى وكر يباع فيه الس�لاح وتباع فيه‬ ‫المخ��درات والحبوب وفيه بي��وت للدعارة وتقام‬ ‫في��ه يومي��ا س��هرات الس��كر‪ ،‬كم��ا إن الس��كن‬ ‫الجامعي أصبح أش��به بدولة مس��تقلة تحكمها‬ ‫الش��بيحة مس��تغلين الس��لطة الت��ي أعطتهم‬ ‫إياه��ا الدولة إلى أن اس��تعصى عل��ى الدولة أن‬ ‫تضبطهم‪.‬‬

‫تكتل ال�شبيحة يف ال�سكن اجلامعي‬

‫غرف لتجارة املخدرات وغريها للدعارة‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫غرف الدعارة والغرف التي تتاجر بالمخدرات‬ ‫والحبوب الممنوعة باتت تنتشر بشكل كبير في‬ ‫الس��كن الجامعي كما إن هاتين الظاهرتين لم‬ ‫تكونا ضم��ن اهتمامات النظام في حملته التي‬ ‫يش��نها لضبط الوضع ف��ي المدين��ة الجامعية‪،‬‬ ‫أكثر من ‪ 250‬ألف شخص يسكنون في ‪ 15‬بناء‬ ‫معظمهم يعان��ون من أوضاع معيش��ية صعبة‬ ‫والكثي��ر منه��م فق��د المعي��ل فظ��روف كثيرة‬ ‫دفع��ت البعض للبح��ث عن طرق غير ش��رعية‬ ‫لس��د احتياجاته وكس��ب المال كما إن التس��يب‬ ‫واكتظاظ الس��كان وعدم وجود المراقبة س��هل‬ ‫عل��ى البعض فتح بي��وت الدع��ارة التي أضحت‬ ‫ظاه��رة علنية فهن��اك غرف معروف��ة من قبل‬ ‫سكان الوحدة السكنية الموجودة بها بأنها غرف‬ ‫للدع��ارة‪ ،‬ويقول محمد وه��و عامل في منظمة‬ ‫اله�لال األحمر ف��ي المدينة الجامعي��ة «نواجه‬ ‫الكثير من حاالت تعاطي المخدرات المفرط في‬ ‫الس��كن الجامع��ي‪ ،‬وأثناء الفت��رة التي قضيتها‬ ‫في الس��كن الجامع��ي رأيت عدة ح��االت دعارة‬ ‫ضبطت من قبل عناصر االنضباط في الس��كن‬ ‫ناهيك عن المظاه��ر المخلة لآلداب التي نراها‬ ‫بشكل دائم في حدائق السكن وخلف الوحدات‬ ‫الس��كنية‪ ،‬فأصبحت بعض غرف الس��كن مكان ًا‬ ‫لقضاء الملذات الش��خصية للش��بيحة وعناصر‬ ‫األم��ن فلذلك لم نر حت��ى اآلن أي خطوة جدية‬ ‫من قبل الش��رطة أو األمن لضبط حالة التسيب‬ ‫التي تعم في السكن الجامعي»‪.‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫قامت إدارة الس��كن الجامعي بإخراج الكثير‬ ‫م��ن س��كان المدينة الجامعية م��ن غرفهم ولم‬ ‫يبق فيها سوى الشبيحة والمتطوعين في جيش‬ ‫النظام‪ ،‬فالس�لاح ينتشر بش��كل كبير فال تخلو‬ ‫غرفة من رش��اش أو مسدس‪ ،‬يقول مصطفى‬ ‫وهو أحد النازحين في المدينة الجامعية «لدي أخ‬ ‫عس��كري ويخدم في فرع األمن العسكري وقال‬ ‫لي بأنه يأت��ي لضباط األفرع تقارير يومية من‬ ‫مخبرين لهم داخل السكن الجامعي تخبرهم أن‬ ‫بعض الش��بيحة المقيمين قي الس��كن يبيعون‬ ‫الذخائ��ر التي يأخذونه��ا من النظ��ام ويهربون‬ ‫أس��لحة غبر نظامية لداخل المدينة‪ ،‬وان تجارة‬ ‫المخدرات انتش��ر بش��كل كبير داخل السكن»‪،‬‬ ‫ه��ذه التقاري��ر بات��ت تقل��ق ضب��اط األمن في‬ ‫حلب فهم أصبح��وا متخوفين من التكتل الكبير‬ ‫للش��بيحة ضمن مكان واحد‪ ،‬فكانت‬ ‫هناك عدة مح��اوالت إلخالء المدينة‬ ‫من النازحي��ن ولكن هذه المحاوالت‬ ‫ووجهت باس��تعصاء شرس من قبل‬ ‫النازحي��ن الذي رفض��وا الخروج من‬ ‫السكن‪ ،‬وكان فرع المخابرات الجوية‬ ‫هو الذي كلف بمهمة إخالء الس��كن‬ ‫الجامع��ي من النازحي��ن‪ ،‬هذا الفرع‬ ‫الذي إس��تخدم القوة العسكرية في‬ ‫إح��دى المرات الت��ي أراد به��ا إخالء‬ ‫الوحدة الحادية عشرة من النازحين‬ ‫الذين غالبيتهم من الفلس��طينيين‬ ‫النازحي��ن م��ن المخيم��ات والذي��ن‬ ‫واجه��وا عناص��ر األم��ن الج��وي‬ ‫بالس�لاح أيضا ففضل ضباط األمن‬ ‫أن يغلق��وا مل��ف النازحي��ن لك��ي‬ ‫يتجنبوا الصراع معهم‪.‬‬ ‫بع��د أن فش��ل ضب��اط األم��ن‬ ‫في إخالء الس��كن الجامعي لجؤوا‬ ‫إلجراءات لعله��ا تضبط الوضع في‬ ‫الس��كن وتبقي��ه تحت س��يطرتها‬ ‫خوفا م��ن تم��رد النازحي��ن الذين‬ ‫بات��وا يملكون الس�لاح وأعدادهم‬ ‫تتزايد كل يوم‪ ،‬ومن آخر اإلجراءات‬ ‫التي قام بها النظام لضبط الوضع‬ ‫في الس��كن الجامعي إنش��اء سور‬ ‫بيتون��ي عال��ي يحي��ط بكام��ل‬ ‫المدين��ة الجامعي��ة‪ ،‬ه��ذا اإلج��راء‬ ‫القى اس��تياء كبيرا من قبل سكان‬ ‫المدين��ة الجامعي��ة وم��ن الكثي��ر‬

‫م��ن الحلبيي��ن كونه قد ش��وه المنظ��ر العام‬ ‫للمدينة‪ ،‬وتقول أم عبد القادر وهي نازحة في‬ ‫الس��كن الجامعي»إن هذا السور جعل المدينة‬ ‫الجامعية مثل السجن المركزي فهذا السور لن‬ ‫يضبط التس��يب في المدينة بل أصبح يخفي‬ ‫األش��ياء التي تح��دث في حدائ��ق المدينة عن‬ ‫أعين الناس ولن يؤثر بش��يء على الش��بيحة‬ ‫الذي يهرب��ون ما يريدونه أم��ام أعين عناصر‬ ‫األم��ن ألن عناص��ر األم��ن الموجودي��ن ف��ي‬ ‫السكن يمارسون سلطتهم علينا وال يتجرءون‬ ‫عل��ى االقت��راب م��ن الش��بيحة فعندم��ا ادخل‬ ‫المدينة يفتش��ون جميع األغراض التي أحملها‬ ‫وحت��ى حقيبتي الش��خصية وأتع��رض للكثير‬ ‫من األس��ئلة أما العس��كريون يدخلون السكن‬ ‫دون أن يفتش��وا أو يتعرضوا ألي سؤال مع إن‬ ‫النظام يدرك أن العس��كريين هم المسئولون‬ ‫ع��ن الفوضى التي تحدث ف��ي المدينة»‪ ،‬لقي‬ ‫إنش��اء الس��ور الذي يحيط بالس��كن الجامعي‬ ‫ضجة في الش��ارع الحلبي وكثرت األقاويل عن‬ ‫األس��باب التي دفعت إلدارة الجامعة إلنش��ائه‬ ‫والذي قدرة كلفته من قبل المكتب الهندس��ي‬ ‫في رئاس��ة الجامعية ب‪ 58‬مليون ليرة سورية‬ ‫مع إن جامعة حلب تشتكي مع عجز مادي كبير‪،‬‬ ‫يقول س��امر وهو موظف في رئاس��ة الجامعة‬ ‫«إن غاي��ة النظام من أنش��اء هذا الس��ور هو‬ ‫إيقاف عمليات تهريب السالح والمخدرات التي‬ ‫كان تتم من فوق أسوار السكن الجامعي‪ ،‬كما‬ ‫أن أدارة المدينة الجامعية سوف توزع بطاقات‬ ‫للنازحين لكي يصبح الدخول إلى الس��كن عبر‬ ‫هذه البطاقة وتمن��ع بقية الناس من الدخول‪،‬‬ ‫كما أن رئاس��ة الجامعة كان مصرة على إنشاء‬ ‫هذا الس��ور لكي تغطي عجزها الذي نتج عن‬

‫الس��رقات واالختالس��ات من اإلدارة الس��ابقة‬ ‫للجامعة»‪.‬‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫حلب ‪ -‬عثمان إدلبي‬

‫المدينة الجامعية في حلب | عدسة سوريتنا ‪2014‬‬

‫‪11‬‬


‫�شباب ال�ساحل ال�سوري بني القاتل واملقتول‬ ‫الالذقية – سماح حيدر‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫ال يخف��ى عل��ى م��ن يزور ق��رى الس��احل‬ ‫الس��وري‪ ،‬البيئ��ة الريفية البس��يطة ال��ودودة‪،‬‬ ‫في ظ��ل وض��ع اقتصادي س��يء وفق��ر مدقع‪،‬‬ ‫فالطبيع��ة الجغرافي��ة الجبلية‪ ،‬تجع��ل المردود‬ ‫االقتص��ادي له��ا ضعيف��ا‪ ،‬ف��ي حي��ن يقتص��ر‬ ‫النش��اط االقتصادي على بعض التجارة والنقل‬ ‫والمنش��آت الس��ياحية القليلة‪ ،‬ف��ي وقت تغيب‬ ‫عنها المشاريع التنموية اإلنتاجية‪.‬‬ ‫«س��وريتنا» لحظ��ت‪ ،‬خالل زيارة للس��احل‬ ‫الس��وري‪ ،‬ع��ددا مرتفع��ا م��ن قبور ش��باب ‪»-‬‬ ‫مش��اهد ش��هداء»‪ -‬قض��وا ف��ي األح��داث التي‬ ‫تش��هدها س��وريا منذ أكث��ر من ثالث س��نوات‪،‬‬ ‫ورغم عدم توفر إحصائي��ات دقيقة لعدد قتلى‬ ‫تل��ك المناطق‪ ،‬لك��ن في كل قري��ة يذكر على‬ ‫مسامعك أس��ماء عشرات القتلى معظمهم كان‬ ‫يحمل السالح ويقاتل إلى جانب النظام‪ ،‬ومنهم‬ ‫م��ن قضى بتفجير هنا أو هناك أو خطف وقتل‪،‬‬ ‫ف��ي حين مازالت هن��اك عائالت تنتظ��ر أبنائها‬ ‫المفقودين أو المخطوفين‪.‬‬ ‫ق��ال أبو علي‪ ،‬في الس��تين م��ن عمره من‬ ‫ريف مدينة جبلة الساحلية‪ ،‬لـ»سوريتنا»‪« ،‬فيما‬ ‫ندر تجد شابا بين ‪ 18‬و‪ 50‬من عمره‪ ،‬فاألغلبية‬ ‫الس��احقة غي��ر الموظفة أو ممن لي��س لديهم‬ ‫مش��اريعهم وميسوري الحال‪ ،‬حملوا السالح إما‬ ‫داخل الجيش أو ضمن قوات الدفاع الوطني»‪.‬‬ ‫وأضاف «قلما يمر يوم ال نش��يع فيه شهيدا‬ ‫على األق��ل‪ ،‬منهم لم ي��ؤت بجثامينهم ومنهم‬ ‫من ال نس��تطيع أن نراه ألنه عبارة عن أشالء»‪،‬‬ ‫معتبرا أن «قدر الش��باب في هذا الزمان القتال‬ ‫ألن الطرف األخر يكفره��م ويتوعدهم بالقتل‬ ‫وسلب رزقهم واالعتداء على عرضهم‪ ،‬فلم يعد‬ ‫أمامهم سوى خيار قاتل أو مقتول»‪.‬‬ ‫م��ن جانبها‪ ،‬قالت أمل‪ ،‬فت��اة من إحدى قرى‬ ‫الساحل الس��وري‪ ،‬لـ»س��وريتنا»‪« :‬سقا اهلل أيام‬ ‫زمان‪ ،‬كنا نمر في س��احة الضيعة لنجد الش��باب‬ ‫متجمعي��ن وهن��اك حياة مس��تمرة‪ ،‬الي��وم نجول‬ ‫الضيعة شارعا ش��ارعاً ال نصادف فيها إال فتى أو‬ ‫رج�لا كبي��را»‪ ،‬مضيفة «في الماض��ي كان باص‬ ‫القرية يضج بالش��باب عندما نتوجه إلى المدينة‬

‫أما اليوم فقد أصبح ذلك من المصادفة الغريبة»‪.‬‬ ‫وذكرت أن «معظم الشباب يحملون السالح‬ ‫على جبهات القتال على طول البالد وعرضها»‪،‬‬ ‫مضيفة «أصبحنا نش��تهي الف��رح‪ ،‬يوميا يأتينا‬ ‫ش��هيد أو خبر عن مصاب في مشفى أو مفقود‪،‬‬ ‫لق��د دخل الحزن كل من��زل من منازل الضيعة‪،‬‬ ‫وأصب��ح لون ثيابنا األس��ود (لب��اس الحداد على‬ ‫الموتى) قاعدة‪ ،‬في حين من المستغرب أن ترى‬ ‫إحدى النسوة قد ارتدت لونا أخر»‪.‬‬ ‫م��ن جانبه��ا‪ ،‬قالت س��لمى‪ ،‬لـ»س��وريتنا»‪،‬‬ ‫«خي��رة الش��باب تم��وت يوميا‪ ،‬خطيب��ي تطوع‬ ‫ف��ي الجي��ش قب��ل نحو أرب��ع س��نوات‪ ،‬ألنه لم‬ ‫يكن أمامه س��وى الجيش ليؤمن مس��تقبله‪ ،‬إن‬ ‫بقي مستقبل في هذا البلد‪ ،‬فال يوجد وظائف‪،‬‬ ‫والعمل في األرض لم يعد يطعم أحدا»‪.‬‬ ‫وأضافت «في ضيعنا يكبر الش��اب والتطوع‬ ‫ف��ي الجيش خيار األه��ل األول له‪ ،‬ومن كان قد‬ ‫تعلم فحلمه وظيفة في الدولة‪ ،‬ألن هذا يعطيه‬ ‫استقرار اجتماعي ويصبح مؤهال ليكون أسرة»‪،‬‬ ‫متابع��ة «كم��ا أن الخي��ار االجتماع��ي األفضل‬ ‫للفتاة ه��و التدريس‪ ،‬حت��ى أن المجتمع يعتقد‬ ‫أن ال��زواج الناج��ح هو بين متط��وع في الجيش‬ ‫ومدّرسة‪ ،‬وهذه هي المعايير األقوى للزواج»‪.‬‬ ‫ب��دوره قال حس��ن‪ ،‬ناش��ط من الس��احل‪،‬‬ ‫لـ»س��وريتنا»‪« ،‬المجتم��ع ف��ي الس��احل عبارة‬ ‫ع��ن بيئة ريفية بس��يطة غير متش��ددة فقيرة‬ ‫اقتصادي��ا إل��ى درجة كبي��رة‪ ،‬أراضيه��م جبلية‬ ‫مردوده��ا االقتص��ادي متدن��ي إل��ى درجة في‬ ‫األغل��ب ل��م تع��د تكف��ي أصحابه��م حاجاتهم‬ ‫األساس��ية‪ ،‬ما دفع أعدادا كبيرة منهم لالنتقال‬ ‫إلى المدن‪ ،‬شأنهم شأن أهالي الريف السوري»‪.‬‬ ‫وتاب��ع «وكأي بيئة زراعي��ة فقيرة أبنائها ال‬ ‫يمتلكون صنعة‪ ،‬معظمهم يتوجهون إلى البحث‬ ‫عن العمل في محاولة لتحسين وضعهم المادي‪،‬‬ ‫وم��ع وجود عقب��ة الخدمة العس��كرية اإللزامية‬ ‫أمام الش��اب الس��وري‪ ،‬والتي كان��ت مدتها قبل‬ ‫أن تخفض إلى عام ونصف عامين ونصف وفي‬ ‫أغل��ب األحيان تمت��د أكثر‪ ،‬يجد الش��اب التطوع‬

‫في الجيش والقوى األمنية حل الختصار الزمن‬ ‫ففي سوريا ال مستقبل معروف أمام الشباب»‪.‬‬ ‫ولفت إلى أن «النظ��ام طوال عقود ماضية‬ ‫كان يدفع بالشباب إلى خيار التطوع في الجيش‬ ‫والمؤسسة األمنية أوال ومن ثم التوظيف‪ ،‬لكنه‬ ‫حافظ عل��ى فقرهم وعوزهم الدائم‪ ،‬في وقت‬ ‫كان يؤم��ن لهم بيئة فأس��دة ويفس��دهم حتى‬ ‫تتكدس ملفاتهم من أكبر ش��خصية إلى أصغر‬ ‫مجند‪ ،‬وبالطبع ملفات الفساد تشمل كل سوري‬ ‫وإن اختلف��ت المس��تويات‪ ،‬فف��ي س��وريا هناك‬ ‫قان��ون‪ ،‬كما يق��ول المفك��ر الس��وري الدكتور‬ ‫الطي��ب التيزين��ي‪ ،‬طبقه النظام من��ذ أكثر من‬ ‫‪ 50‬سنة هو أفسد من لم يفسد وبالتالي يكون‬ ‫التخل��ص م��ن أي ش��خص يتمرد عل��ى النظام‬ ‫الحاكم سهل جدا»‪.‬‬ ‫وأض��اف «ومع بداي��ة الحراك الش��عبي في‬ ‫ع��ام ‪ ،2011‬ولمش��كلة اخت�لاف البيئ��ة وأس��ر‬ ‫معظم أبناء الس��احل في المؤسسة العسكرية‪،‬‬ ‫وللدعاية الطائفية التي مارسها لعقود وغيرها‬ ‫من التفاصيل حالت دون انخراط أبناء الس��احل‬ ‫في الحراك المناوئ للنظام»‪.‬‬ ‫وق��ال إن «تده��ور الوض��ع االقتص��ادي‬ ‫والخ��وف م��ن األخر س��اهم‪ ،‬ف��ي زي��ادة أعداد‬ ‫الش��باب الملتحقي��ن بالق��وات النظامي��ة‪ ،‬حيث‬ ‫عمل النظام على إغرائهم ماديا عبر دفع رواتب‬ ‫مرتفعة وإطالق يدهم للنهب والس��رقة‪ ،‬فبعد‬ ‫أن كانوا عبارة عن ش��باب مسحوقين اقتصاديا‬ ‫وماديا أصبح لهم س��طوة وس��لطة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫إش��باعهم بأنه��م إن لم يدافعوا عن أنفس��هم‬ ‫وعرضهم فس��يقتلون وتنتهك أعراضهم‪ ،‬حتى‬ ‫يعتب��رون أنفس��هم اليوم س��ائرون في طريق‬ ‫ال رجع��ة منه‪ ،‬ويتعاطون مع الوضع أنه مس��ألة‬ ‫وجود‪ ،‬بوجود بشار األسد أو عدمه‪ ،‬حيث يشكل‬ ‫األخير مسمار األمان لهم»‪.‬‬ ‫يش��ار إل��ى أن��ه رغ��م التوج��ه الع��ام في‬ ‫الس��احل نحو محاباة النظ��ام‪ ،‬فقد ظهر العديد‬ ‫من المعارضين للنظام طوال العقود الماضية‪،‬‬ ‫إضافة إلى األحداث الحالية عس��كريين كانوا أم‬ ‫سياسيين‪.‬‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬ ‫ملصق على أحد جدران الالذقية‬


‫خان الشيح ‪ -‬ريف دمشق | ‪SMART‬‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫خميم خان‬ ‫ال�شيح‪:‬‬ ‫معاناة ح�صار‬ ‫وتهجري‬ ‫مهند النادر‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫يبعد مخيم خان الش��يح حوالي ‪ 25‬كم عن‬ ‫العاصمة الس��ورية دمش��ق ويقع على الطريق‬ ‫الواص��ل بينه��ا وبي��ن مدين��ة القنيط��رة ف��ي‬ ‫الجوالن السوري‪ ،‬تأسس مخيم خان الشيح عام‬ ‫‪ 1950‬ويس��كنه الالجئون الفلس��طينيون الذي‬ ‫ينح��در معظمه��م م��ن مناطق الجلي��ل األعلى‬ ‫في فلس��طين وغالبيتهم من مدن وقرى طبريا‬ ‫والناصرة‪ ،‬ويبلغ عدده��م حوالي ‪ 16000‬الجئ‬ ‫وتقدم وكالة األونروا بعض الخدمات لس��كانه‪.‬‬ ‫وبسبب أزمة السكن في العاصمة دمشق انتقل‬ ‫إلى جوار مخيم خان الش��يح الكثير من س��كان‬ ‫المناطق المختلفة وأقام��وا تجمعاً كبيراً يوازي‬ ‫حج��م المخي��م "ش��مال الطريق" (كما تس��مى‬ ‫المنطقة التي سكنها الوافدون الجدد)‪.‬‬ ‫موقعه الهام على الطريق الممتد من دمشق‬ ‫إل��ى القنيطرة جعله صلة الوص��ل بين مناطق‬ ‫المدنيتين ومم��راً للمنتجات والبضائع المختلفة‬ ‫ّ‬ ‫وش��كل محيط��ه الزراع��ي‬ ‫المتبادل��ة بينهم��ا‪،‬‬ ‫والم��زارع المنتش��رة حول��ه منطق��ة اصطياف‬ ‫ألبن��اء دمش��ق‪ .‬وتتس��م العالق��ات االجتماعية‬ ‫بين سكانه من الالجئين الفلسطينيين والقرى‬ ‫المجاورة له بالمحبة واالحترام والمش��اركة في‬ ‫كل المناسبات وعالقات المصاهرة والنسب‪.‬‬ ‫م��ع قي��ام الثورة الس��ورية ف��ي آذار ‪2011‬‬ ‫امت��دت أحداثها إلى المناط��ق المجاورة للمخيم‬ ‫مث��ل (كناك��ر – خ��ان أرنب��ة) م��ن ق��رى مدينة‬ ‫القنيط��رة‪ ،‬وق��رى غوطة دمش��ق الغربية مثل‬ ‫(عرط��وز – قطنا – داري��ا – زاكية وغيرها)‪ ،‬مما‬ ‫جع��ل مخيم خان الش��يح كونه مم��راً بين هذه‬ ‫المناط��ق أن يتأثر باألحداث كباقي المناطق مع‬ ‫التزام��ه الحياد من الحدث الس��وري‪ ،‬إال أنه في‬ ‫الجانب اإلنس��اني قام بالدور الذي يليق به من‬ ‫عمليات اإلمداد بالمواد التموينية للمناطق التي‬ ‫يمنع عنه��ا النظ��ام التموين‪ ،‬كما ق��دم العديد‬ ‫م��ن الخدم��ات الصحية واإلس��عافات الضرورية‬ ‫للجرح��ى الذي��ن س��قطوا برص��اص النظ��ام‪.‬‬ ‫معتصم ممرض من س��كان المخيم يقول‪" :‬لم‬ ‫يك��ن أمانا إال أن نقوم بإس��عاف الجرحى الذين‬ ‫لجأوا إلى المخي��م هرباً من القتل أو االعتقال‪..‬‬ ‫إنهم جيراننا وأصدقاؤنا ال نس��تطيع أن نراهم‬ ‫هكذا ونقف نتفرج عليهم‪."..‬‬ ‫مع تط��ور األح��داث ف��ي المناط��ق الثائرة‬ ‫وعملي��ات الن��زوح الت��ي أجب��ر عليه��ا س��كانها‬ ‫بس��بب بطش النظام واس��تخدامه لكافة أنواع‬ ‫األس��لحة في القتل والتدمير على مناطق داريا‬

‫وعرط��وز ومخيم اليرم��وك ومناط��ق مختلفة‬ ‫من دمش��ق وريفها‪ ،‬أصبح المخيم ملجأً ألهالي‬ ‫هذه المناطق فس��كنوا في بيوته وتقاسموا مع‬ ‫أبنائ��ه ما توف��ر من مس��تلزمات الحياة‪ .‬وأصبح‬ ‫مشهد أبناء المخيم الذين يتناوبون على انتظار‬ ‫الس��يارات الت��ي تق��ل النازحي��ن م��ن المناطق‬ ‫المختلف��ة وتقديم المس��اعدة الفورية لهم من‬ ‫مياه للش��رب وبع��ض الس��ندويش والمأكوالت‬ ‫الس��ريعة‪ ،‬وتس��مع عبارات الترحيب والمؤازرة‬ ‫م��ن الجمي��ع‪ .‬أبو محم��د الجئ فلس��طيني من‬ ‫قضاء طبريا يس��كن مخيم خان الشيح يروي ما‬ ‫ش��اهده بعد مجزرة جديدة عرطوز البلد‪" :‬حالة‬ ‫الناس مرعبة ويرثى لها‪ ،‬تذكرت نفسي عندما‬ ‫كنت طف ً‬ ‫ال حين ُطردنا من قريتنا في فلسطين‪،‬‬ ‫ما يح��دث اليوم أقس��ى وأصعب‪ ،‬فتحن��ا بيوتنا‬ ‫ألخوتنا وس��اعدناهم بما نستطيع‪ ،‬فنحن أهل‬ ‫وجيران والمصاب واحد"‪.‬‬ ‫رغم التزام المخيم بش��كل ع��ام حالة من‬ ‫الحياد في األحداث ولم يش��ارك بأي فعل مؤيد‬ ‫أو معارض للنظام بش��كل مباشر‪ ،‬سوى القيام‬ ‫بدوره اإلنساني الذي تفرضه القيم اإلنسانية‪،‬‬ ‫جع��ل المخي��م عرض��ة لحالة م��ن االنتقام من‬ ‫قبل ق��وات النظام وأجهزة األمن المختلفة التي‬ ‫ب��دأت تق��وم بعمليات االعتقال للناش��طين في‬ ‫المج��ال اإلنس��اني وللعديد من األطب��اء الذين‬ ‫قدموا العالج للجرحى والمصابين من المناطق‬ ‫الثائ��رة‪ ،‬كما حدث مع الدكتور راضي ش��اكوش‬ ‫والدكت��ور حس��ين الصيد اللذين ت��م اعتقالهما‬ ‫في شهر آب ‪.2012‬‬ ‫وتع��رض العديد من أبناء المخيم لالعتقال‬ ‫من خ�لال المداهم��ات الت��ي تقوم به��ا أجهزة‬ ‫األمن‪ ،‬أو على الطرقات عند تنقلهم من المخيم‬ ‫إلى دمش��ق للعم��ل أو الدراس��ة‪ ،‬وت��م اعتقال‬ ‫العش��رات منه��م لدي أجه��زة األم��ن المختلفة‬ ‫وتعرض��وا للتعذي��ب الش��ديد مم��ا أدى إل��ى‬ ‫استشهاد العديد منهم ونذكر األخوة الستة من‬ ‫عائل��ة الظاه��ر التي قضت في س��جون النظام‬ ‫في شهر آذار ‪.2013‬‬ ‫مع تقدم ساحات المعارك بين الجيش الحر‬ ‫والنظام من المناطق المحيطة بالمخيم تعرض‬ ‫المخيم وبعض أطرافه للقصف خاصة في شهر‬ ‫نيسان ‪ ،2013‬ومع وصول مقاتلي الجيش الحر‬ ‫لجوار المخي��م بدأت براميل الموت بالتس��اقط‬ ‫من طائرات النظام عل��ى بيوت المخيم حاصدة‬ ‫أرواح س��كانه ومخلفة الدمار الواس��ع‪ ،‬مما أدى‬

‫إل��ى ش��ل حركة س��كان المخيم وتعط��ل كافة‬ ‫أش��كال الحياة داخل��ه وبدأ الحص��ار والتضييق‬ ‫عل��ى الدخول والخ��روج من المخي��م عبر حاجز‬ ‫بلدة دروش��ا التي تس��يطر عليه ق��وات النظام‪،‬‬ ‫وأصبح عبور الحاجز والخروج منه كالمولود من‬ ‫جديد لقس��اوة المعاملة واإلهان��ات التي تُكال‬ ‫للعابرين‪ ،‬محمد رجل قارب الس��تين من العمر‬ ‫صاحب محل بقالة في مخيم خان الش��يح يعبر‬ ‫بم��رارة عما ح��دث معه في إحدى م��رات عبوره‬ ‫له��ذا الحاج��ز‪" :‬أنا رجل كبير ومريض س��كري‪،‬‬ ‫أنزلون��ي من الس��رفيس بس��بب كنيت��ي‪ ،‬ولم‬ ‫يراعوا عمري ومرضي‪ ،‬أوقفوني في الش��مس‬ ‫الحارق��ة أكث��ر م��ن أربع س��اعات حت��ى انهارت‬ ‫قواي من التعب والمرض‪ ،‬وتحققوا من اس��مي‬ ‫وعمري وأطلقوا س��راحي لكنه��م منعوني من‬ ‫الدخول وعدت إلى مدينة دمشق بعد كل ذلك"‪.‬‬ ‫عمل النظ��ام عل��ى التضييق عل��ى المخيم‬ ‫وزي��ادة معاناة س��كانه من خالل إغ�لاق الطريق‬ ‫الرئيس��ي الذي يربط دمش��ق بالقنيط��رة مروراً‬ ‫بمخي��م خ��ان الش��يح‪ ،‬م��ا أدى إل��ى من��ع وصول‬ ‫الم��واد التمويني��ة ووس��ائل التدفئ��ة وباق��ي‬ ‫مس��تلزمات الحي��اة إلى المخيم‪ ،‬وع��اش المخيم‬ ‫ف��ي ظ�لام دام��س لفت��رات مديدة بس��بب قطع‬ ‫التيار الكهربائي عنه كما قطعت وسائل االتصال‬ ‫السلكية والالس��لكية واألنترنيت لفترات مختلفة‬ ‫فأصب��ح من بقي في المخيم مع��زو ًال عن العالم‬ ‫الخارج��ي‪ .‬وأصب��ح الطري��ق الوحيد ال��ذي يصل‬ ‫المخيم بالمحيط هو الطريق الممتد من المخيم‬ ‫عب��ر الم��زارع إلى بل��دة زاكي��ة المج��اورة لبلدة‬ ‫الكس��وة ومنها إلى دمش��ق‪ ،‬وهذا الطريق الذي‬ ‫يتعرض للقنص واطالق القذائف على السيارات‬ ‫العابرة من قبل قوات النظام مما أدى إلى سقوط‬ ‫العديد من الشهداء والجرحى في مرات عديدة‪.‬‬ ‫لقد تجاوز عدد ش��هداء المخيم (‪ 61‬شهيداً)‬ ‫الذين س��قطوا جراء الصراع في س��وريا نتيجة‬ ‫القص��ف والقن��ص والقت��ل تح��ت التعذيب في‬ ‫أقبي��ة النظ��ام‪ ،‬وع��دد المعتقلين بالعش��رات‪،‬‬ ‫واألخط��ر من ذلك هو عدد المهجرين إلى خارج‬ ‫المخيم الذي تجاوز نصف عدد س��كانه‪ ،‬فمنهم‬ ‫من نزح إلى مناطق مختلفة من دمشق‪ ،‬ومنهم‬ ‫من وصل إلى لبنان بحثاً عن مس��تقر بعيداً عن‬ ‫الموت‪ ،‬ومنهم المئات الذين ركبوا قوارب الموت‬ ‫هرب ًا من الموت على أمل الوصول إلى بر األمان‬ ‫على ش��واطئ أوروبا فابتلع البحر العديد منهم‬ ‫ووصل البعض‪ ،‬ويبقى السؤال "برسم من هذا‬ ‫التهجير الجديد لالجئ الفلسطيني"‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫التيارات ال�صوفية ودورها يف الربيع العربي‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫عن ال�صوفية وال�سيا�سة‬

‫يقول الدكتور عمار علي حس��ن في كتابه‪:‬‬ ‫"الصوفية والسياس��ة في مص��ر" الصفحة ‪:30‬‬ ‫يبدو للمتعجل أن السياس��ة والتصوف خصمان‬ ‫ال يتصالح��ان وخط��ان متناف��ران ال يلتقي��ان‬ ‫فالسياس��ة عملية اجتماعي��ة حركية والتصوف‬ ‫تجربة ذاتية انكفائية تبتعد عن السياسة بقدر‬ ‫ابتعادها عن مش��اغل الحياة وتكالب البشر عن‬ ‫الدنيا‪.‬‬ ‫حين نأتي على ذكر الصوفية تتبادر للذهن‬ ‫حك��م ابن عط��اء االس��كندري‪ ،‬ومنظومات ابن‬ ‫عربي‪ ،‬وأسطورة الحالج وأشواق ابن الفارض‪،‬‬ ‫ً‬ ‫محمل��ة‬ ‫ونظ��رة للحي��اة تق��وم عل��ى الفك��رة‬ ‫بالمعاني الفلس��فية‪ ،‬وأق��وام لم تخطي خطو ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بوح��ي م��ن الفك��رة األخالقي��ة للتعبير عن‬ ‫إال‬ ‫أزمات النفس وخواطر القلوب‪ ،‬ونماذج س��جلها‬ ‫لرج��ال عدوا م��ن أبناءه��ا تحالفوا مع‬ ‫التاري��خ‬ ‫ٍ‬ ‫الس��لطة أو أذعنوا لها تمام ًا‪ ،‬وفي غمرة القراءة‬ ‫ننس��ى أن الصوفي��ة كانوا من أقط��اب الحرية‬ ‫الفكري��ة وحري��ة التعبي��ر وكانوا مم��ن تصدو‬ ‫للحاكم المس��تبد قديم ًا وللمستعمر في العصر‬ ‫الحدي��ث تش��هد على ذل��ك زواي��ا الصوفية في‬ ‫المغ��رب العربي وليبيا والتي باتت معس��كراتٍ‬ ‫تدريبية لمقارعة المس��تعمر األوروبي‪ ،‬وتشهد‬ ‫على ذلك قصة الحالج الذي تم إعدامه مصلوب ًا‬ ‫عام ‪ 309‬هجري��ة والذي قصد عامداً أن يتحدى‬ ‫الخليفة العباس��ي ف��ي تلك الفت��رة حتى دفعه‬ ‫للحك��م عليه بالصلب واإلعدام‪ ،‬مش��يراً إلى أن‬ ‫ه��ذا يؤكد أن حركة التصوف لم تكن تقبل بأن‬ ‫تكون موالية للس��لطة الحاكمة على حس��اب ما‬ ‫تعتق��د أنها حقائق مقدس��ة تؤم��ن بها وتفنى‬ ‫فيه��ا وتتفان��ى من أجله��ا وتتمادي في س��بيل‬ ‫الدعوة إليها‪.‬‬ ‫ف��ي ملفن��ا الي��وم ق��راءة لواق��ع الصوفية‬ ‫ً‬ ‫خاصة‬ ‫ودوره��ا ف��ي الربي��ع العربي والس��وري‬ ‫ففي حين شهد ربيع العرب صعوداً واضحاً للتيار‬ ‫السلفي بألوانه المختلفة الجهاديّة والتقليديّة‬ ‫والحركيّ��ة‪ ،‬وارتب��ط ه��ذا الحض��ور بضع��ف‬ ‫المجتم��ع المدني واس��تقالة معظم كوادره بعد‬ ‫ً‬ ‫إضافة إلى نمو‬ ‫عامين من اندالع الثورة تقريباً‪،‬‬ ‫الث��ورة في األرياف والمدن الهامش��ية في حين‬ ‫ب��دا الموقف الصوفي مرتبك ًا بين مؤيد تقليدي‬ ‫للنظ��ام أو مؤي��د للثورة في حي��ن كان الصمت‬ ‫سمة التيار األبرز بالعموم‪.‬‬

‫عن ال�صوفية‬

‫شامل‬ ‫من الصعوبة بمكان تقديم تعريفٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أو محدد للصوفية‪ ،‬ش��أنها شأن التدين أو الدين‬ ‫بشكل عام‪ ،‬مما يحيلنا لما كتبه األنثروبولوجي‬ ‫ٍ‬ ‫البريطان��ي المع��روف "جيم��س فري��زر" ف��ي‬ ‫كتاب��ه "الغصن الذهب��ي"‪ :‬إن صياغ��ة تعريف‬ ‫واحد م��ن ش��أنه إرض��اء كل اآلراء المتصارعة‬ ‫ح��ول الدين‪ ،‬هو أمر غير ممك��ن التحقيق‪ ،‬من‬ ‫هن��ا فإن كل ما يس��تطيعه الباحث هو أن يحدد‬ ‫بدق��ة م��ا يعنيه بكلم��ة الدين‪ ،‬ث��م يعمل على‬ ‫استخدام هذه الكلمة عبر مؤلفه بالمعنى الذي‬ ‫حدده لها منذ البداي��ة‪ ،‬وعليه فإننا نفهم الدين‬ ‫على أنه عملية اس��ترضاء وطلب عون من قوى‬ ‫أعلى من االنسان‪ ،‬يعتقد أنها تتحكم بالطبيعة‬ ‫والحي��اة االنس��انية‪ ،‬وه��ذه العملي��ة تنط��وي‬ ‫عل��ى عنصرين أحدهما عمل��ي واآلخر نظري‪،،‬‬

‫فهناك أو ً‬ ‫ال االعتق��اد بقوى عليا‪ ،‬يتلوه محاوالت‬ ‫الس��ترضاء هذه الق��وى‪ ،‬وال يص��ح الدين بغير‬ ‫توفر هذين العنصرين‪ ،‬ذل��ك أن االعتقاد الذي‬ ‫ال تتلوه ممارس��ة هو مجرد اله��وت فكري‪ ،‬أما‬ ‫الممارس��ة المجردة عن أي اعتقاد فليس��ت من‬ ‫الدين في شيء‪.‬‬ ‫والتعري��ف األق��رب للصوفي��ة كونها نزعة‬ ‫انس��انية تؤمن بالباط��ن وبالحقيق��ة‪ ،‬ويمكن‬ ‫القول أنه ما من حضارة بشرية إال وظهرت فيها‬ ‫النزع��ات الصوفية على نحو من األنحاء‪ ،‬تعبيراً‬ ‫ع��ن الزه��د بالمادي��ات والس��عي نح��و التطهر‬ ‫والفناء في الذات العلوية الخيرة‪ ،‬وقد عرف ابن‬ ‫عربي التصوف في كتابه "اصطالح الصوفية"‪:‬‬ ‫بأنه الوقوف مع اآلداب الش��ريعة ظاهراً وباطن ًا‬ ‫وهي الخلق اإللهية وقد يقال بإزاء إتيان مكارم‬ ‫األخالق وتجنب سفسافها‪.‬‬ ‫كم��ا عرفه اإلمام الجني��د بمايلي‪ :‬التصوف‬ ‫تصفي��ة القلب ع��ن موافق��ة البري��ة ومفارقة‬ ‫األخ�لاق الطبعي��ة وإخم��اد الصف��ات البش��رية‬ ‫ومجانب��ة الدواعي النفس��انية ومنازلة الصفات‬ ‫الربانية والتعلق بعلوم الحقيقة واتباع الرسول‬ ‫في الشريعة‪.‬‬ ‫أم��ا المعج��م الوس��يط فعرف��ه بوصف��ه‪:‬‬ ‫طريقة س��لوكية قوامها التقش��ف والتخلي عن‬ ‫الرذائ��ل والتحل��ي بالفضائ��ل لتزك��و النف��س‬ ‫وتسمو الروح وأعلى مراتبه الفناء‪.‬‬ ‫أم��ا الجرجان��ي ف��ي كتاب��ه "التعريف��ات"‬ ‫الصفحة ‪ 144‬فيرى أن التصوف‪" :‬يعني الوقوف‬ ‫على اآلداب الش��رعية ظاه��راً فيرى حكمها من‬ ‫الظاه��ر في الباط��ن وباطن ًا في��رى حكمها من‬ ‫الباطن في الظاهر فيحصل للمتأدب بالحكمين‬ ‫كم��ال" وأض��اف‪ :‬التص��وف مذهب كل��ه جد فال‬ ‫تخلطوه بش��يء من الهزل وقيل تصفية القلب‬ ‫ع��ن موافقه البري��ة ومقارف��ة الطبعية وإخماد‬ ‫وصفات البش��رية ومجانبة الدعاوى النفسانية‪،‬‬ ‫ومن��ازل الصف��ات الروحاني��ة والتعل��ق بعلوم‬ ‫الحقيقة واستعمال ما هو أولى على السرمدية‪،‬‬ ‫والنصح لجميع األم��ة والوفاء هلل على الحقيقة‬ ‫واتب��اع رس��وله صل��ى اهلل علي��ه وس��لم ف��ي‬ ‫الشريعة‪.‬‬ ‫أما عن نسبة الصوفية فقد كتب "مصطفى‬ ‫الزرقا" ف��ي مجل��ة المعرفة عدد حزي��ران عام‬ ‫‪ 1931‬ع��ن اش��تقاق كلم��ة التص��وف‪ :‬وه��ي‬ ‫تحتمل أربعة ف��روض األول أن يكون الصوفي‬ ‫منس��وب ًا إل��ى صوفة وه��و رجل انف��رد بخدمة‬ ‫اهلل تعال��ى عند بيته الحرام‪ ،‬واس��مه الغوث بن‬ ‫م��ر‪ ،‬وق��د انتس��بت الصوفية إليه لمش��ابهتهم‬ ‫إياه ف��ي االنقطاع إل��ى اهلل‪ ،‬والثان��ي أن يكون‬ ‫منس��وب ًا للص��وف‪ ،‬ك��ون الص��وف ولبس��ه في‬ ‫الجاهلية كان مظهر التخش��ن والتقش��ف‪ ،‬وقد‬ ‫وص��ف القدم��اء ابن األده��م بأنه حمّ��ل جلده‬ ‫عل��ى ضعف��ه خش��ونة الص��وف‪ ،‬وأخ��ذوا على‬ ‫المرائين أنهم يعذبون أنفسهم بلبس الصوف‪،‬‬ ‫والفرض الثالث نس��بتها إلى الصفاء‪ ،‬أما الرابع‬ ‫فهو نس��بتها إلى كلمة "صوفيا" اليونانية والتي‬ ‫تعني الفلس��فة‪ ،‬وبه قال أب��و ريحان البيروني‪،‬‬ ‫والمستشرق فون هامر الحقًا‪.‬‬

‫ال�صوفية والغرب‬

‫يقول الدكتور عمار علي حس��ن في كتابه‪:‬‬

‫"الصوفية والسياس��ة في مص��ر" الصفحة ‪:10‬‬ ‫لق��د مثل��ت أح��داث الحادي عش��ر من س��بتمبر‬ ‫‪ 2001‬صدمة كبيرة للواليات المتحدة األمريكية‬ ‫دفعته��ا إلى دراس��ة إمكانية تعمي��م الصوفية‬ ‫بحيث تصبح هي الش��كل المستقبلي لإلسالم‬ ‫أو عل��ى األق��ل تق��وي ش��وكتها على الس��احة‬ ‫اإلس�لامية لتخص��م م��ن رصي��د الجماع��ات‬ ‫والتنظيمات السياس��ية المتطرفة ذات اإلس��ناد‬ ‫اإلس�لامي التي أنتجت تنظيم القاعدة وما على‬ ‫شاكلته‪.‬‬ ‫يبدو أن دوائر صنع القرار الغربية وجدت في‬ ‫الطرق الصوفية أو أرادت أن تراها حليفًا مناسب ًا‬ ‫ي��درأ عنها خط��ر التطرف يقول ب��وول وولفيتز‬ ‫"إن معركتن��ا ه��ي معرك��ة األف��كار ومعرك��ة‬ ‫العق��ول ولكي ننتص��ر على اإلره��اب البد من‬ ‫االنتصار في س��احة الحرب على األفكار"‪ ،‬وفي‬ ‫ه��ذا الصدد يقول الباح��ث الدكتور عبد الوهاب‬ ‫المس��يري "مما له داللته أن العالم الغربي الذي‬ ‫يحارب اإلسالم يش��جع الحركات الصوفية فمن‬ ‫أكث��ر الكت��ب انتش��ارا اآلن في الغ��رب مؤلفات‬ ‫مح��ي الدي��ن ب��ن عربي وأش��عار ج�لال الدين‬ ‫الرومي وق��د أوصت لجن��ة الكونجرس الخاصة‬ ‫بالحري��ات الديني��ة ب��أن تق��وم ال��دول العربية‬ ‫بتش��جيع الحركات الصوفية فالزه��د في الدينا‬ ‫واالنص��راف عنها وعن عالم السياس��ة يضعف‬ ‫وال شك صالبة مقاومة االستعمار الغربي"‪.‬‬ ‫وتماهي�� ًا مع الموق��ف الغربي كان س��لوك‬ ‫األنظم��ة العربي��ة واضح��ًا في دع��م الحركات‬ ‫الصوفي��ة بوصفه��ا تياراً طيع��اً يعتم��د المبدأ‬ ‫الصوفي القائل بأن "ممارس��ة السياسة تفسد‬ ‫الدي��ن"‪ ،‬وقد عمل��ت العديد م��ن األنظمة على‬ ‫توظي��ف الجماع��ات الصوفية لتثبي��ت دعائمها‬ ‫واس��تمرار تأييدها ومن ذلك مث ً‬ ‫ال نظام مبارك‬ ‫ف��ي مص��ر ال��ذي أنش��أ المؤسس��ة الصوفي��ة‬ ‫وس��اعدها عل��ى االس��تمرار والنه��وض حت��ى‬ ‫وصلت إلى شكلها الراهن وذلك من أجل تثبيت‬ ‫شرعيته السياس��ية متخذاً التدين الصوفي أداة‬ ‫في مواجهة التدين الحركي المعارض التقليدي‬ ‫للنظام‪.‬‬ ‫يق��ول الباح��ث الفرنس��ي المس��لم "إريك‬ ‫جيوف��روي" المخت��ص ف��ي الصوفي��ة بجامعة‬ ‫لوكس��مبورج بش��مال فرنس��ا "إنن��ا نج��د أن‬ ‫األنظمة العربية عملت على إدماج الصوفية في‬ ‫الحكم بهدف محاربة الظاهرة اإلسالمية فوزير‬ ‫األوقاف المغرب��ي أحمد التوفيق صوفي كما أن‬ ‫الش��يخ أحمد الطيب في مص��ر – وهو خلوتي –‬ ‫أصب��ح رئيس جامعة األزهر بع��د أن كان مفتي ًا‬ ‫للدي��ار المصرية وفي الجزائر نجد أن بوتفليقة‬ ‫قريب ج��دا من الصوفية وهو ما برز في حملته‬ ‫األخيرة"‪.‬‬ ‫ومع هذا الدعم الغربي والحكومي لم تقف‬ ‫الصوفية عند حدود شراذم الزهاد والمتنسكين‬ ‫بل امتثل��ت في طرق لها قاعدته��ا الجماهيرية‬ ‫وإدارته��ا المالي��ة وقادته��ا الب��ارزون‪ ،‬وأصب��ح‬ ‫لها ش��كل مؤسس��ي قائ��م بذاته ول��ه عالقاته‬ ‫السياس��ية واالجتماعي��ة المختلف��ة فتحوي��ل‬ ‫العقي��دة أو الروحانيات إل��ى منهج تطبيقي في‬ ‫الواقع يتطل��ب تواجد حركة أو ممارس��ة فاعلة‬ ‫وفعالة على المس��توى الجماعي تفترض وجود‬ ‫مؤسس��ة تقوم على تربية األف��راد والدفاع عن‬ ‫مصالحه��م وتجنيد لمزيد منه��م لضمان البقاء‬


‫الملف ‪. .‬‬

‫الشيخ عبد الكريم الرفاعي‬

‫ال�صوفية يف �سوريا‬

‫تأسس��ت حركة القبيس��يات على يد منيرة‬ ‫القبيسي بإلهام من طريقة كفتارو النقشبندية‪.‬‬ ‫وجماعة القبيس��يات تهتم بنشر العلم الشرعي‬ ‫والوعي الروحي بين النس��اء‪ ،‬وقد انتش��رت في‬ ‫س��تينيات الق��رن الماضي في أوس��اط النس��اء‬ ‫البرجوازيات السوريات‪ ،‬لتوسّع انتشارها الحق ًا‬ ‫وتنش��ئ مدارس وجمعيات في سوريا وخارجها‪،‬‬ ‫وقد اتخذت الحركة جانب النظام وإن لم تصرح‬ ‫عن ذلك‪ ،‬ففي أيام التظاهر والحراك الش��عبي‬ ‫كلفت بعض القبيس��يات بالتجول على الجوامع‬ ‫ف��ي دمش��ق لمن��ع الفتيات م��ن االنخ��راط في‬ ‫التظاه��ر‪ ،‬مما دع��ا العديد م��ن أتباعها إلعالن‬ ‫االنشقاق عن الحركة واالندماج بالثورة بصورة‬ ‫فاعلة‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫جماعة زيد‬

‫تعود تس��مية هذه الفئة إل��ى جامع زيد بن‬ ‫ثاب��ت األنصاري في وس��ط العاصمة دمش��ق‪،‬‬ ‫وقد أسس��ها الش��يخ "عبد الكريم الرفاعي" في‬ ‫أربعيني��ات الق��رن الماض��ي‪ ،‬وقد انتش��رت في‬ ‫أوساط الطبقة الوسطى الدمشقية المحافظة‪،‬‬ ‫عبر شبكة من المس��اجد والعالقات ذات الطابع‬ ‫المش��يخي‪ ،‬وقد عمدت الجماعة في الس��تينات‬ ‫والس��بعينات إلى تحدي السياس��ات االقتصادية‬ ‫واالجتماعية التي تبناها حزب البعث الحاكم في‬ ‫الس��تينيات والتي أقصت بالدرج��ة األولى أبناء‬ ‫المدن السُّ��نَّة م��ن التجار والطبقة الوس��طى‬ ‫لحس��اب العلويين‪ ،‬عبر تقوية الهوية السُّ��نية‬ ‫للس��وريين عن طريق تلقين العلوم اإلسالمية‬ ‫واألوراد الصوفية خصوصًا‪.‬‬ ‫وم��ع الثمانين��ات وإع��ادة هيكل��ة المش��هد‬

‫القبي�سيات‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫أدرك حاف��ظ األس��د الفرص��ة السياس��ية‬ ‫الموج��ودة ف��ي التدي��ن‪ ،‬خصوص��اً في إس�لام‬ ‫صوف��ي معتدل يعطيه ش��رعية ع��دم محاربة‬ ‫الدي��ن من خ�لال التقرب واس��تخدام المش��ايخ‬ ‫لتأييد حكمه‪ ،‬شأنه في ذلك شأن الدكتاتوريات‬ ‫ف��ي العال��م العرب��ي‪ ،‬فعب��د الناصر مث� ً‬ ‫لا وفي‬ ‫أعق��اب ث��ورة ع��ام ‪ 1952‬اس��تخدم الس��لطة‬ ‫الصوفية لتثبيت شرعيته وتبرير سياساته‪ ،‬وقد‬ ‫بلغ��ت العالقة بين الصوفية وعب��د الناصر إلى‬ ‫درجة أن يقول ش��عراوي جمعة وزي��ر الداخلية‬ ‫في عهد عبد الناصر في مقال "ش��عراوي جمعة‬ ‫وش��هادته للتاري��خ"‪ :‬حينم��ا مات عب��د الناصر‬ ‫كان علين��ا وس��ط مش��اهد الح��زن ومش��اعره‬ ‫الفياض��ة أن نعم��ل على وض��ع ترتيبات خاصة‬ ‫لحماية الجثمان بع��د أن وصلتنا معلومات تفيد‬ ‫بأن الط��رق الصوفية س��تتكالب عل��ى النعش‬ ‫وتخطفه لتطوف به مساجد وأضرحة أولياء اهلل‬ ‫الصالحين في القاهرة‪.‬‬ ‫وقد وجد األس��د في التي��ار الصوفي خزان ًا‬ ‫بشريًا لمأل الفراغ الديني بعد أحداث الثمانينات‬ ‫وما تبعها من هجرة واعتقال العلماء والش��يوخ‬ ‫المحس��وبين على جماعة اإلخوان المس��لمين‪،‬‬ ‫وكان عل��ى رأس��هم أحم��د كفت��ارو المنتم��ي‬ ‫للطريق��ة النقش��بندية مفت��ي الجمهوريّ��ة‬ ‫الس��وريّة السابق الذي بدأت عالقته مع النظام‬ ‫مبكراً وحظي باهتمام وصلة خاصة مع الرئيس‬ ‫الراحل حافظ األسد‪ .‬وقد ساهم في بناء "مجمع‬ ‫أبو النور" في دمشق الذي استقبل آالف التالميذ‬ ‫في التعليم األساسي والجامعي وعدد كبير من‬

‫الديني ف��ي س��وريا تعرضت الجماع��ة لضربة‬ ‫أمنية قاسية أدت لهروب الشيخ أسامة الرفاعي‬ ‫النجل األكبر لعب��د الكريم الرفاعي ووريثه في‬ ‫قي��ادة الحركة من البالد قب��ل أن يعود إليها في‬ ‫منتصف التس��عينيّات‪ .‬حيث استطاع الزيديّون‬ ‫إعادة ترميم ش��بكتهم الدينيّة بسرعة كبيرة‪،‬‬ ‫بل والتوسّع واالنتشار في األوساط الدمشقية‪.‬‬ ‫وقد ش��هد الع��ام ‪ 2002‬س��ابقة في السياس��ة‬ ‫السوريّة عندما زار األس��د االبن شيخ الجماعة‬ ‫أس��امة الرفاع��ي‪ ،‬بخ�لاف التقاليد السياس��يّة‬ ‫الس��وريّة الت��ي تق��ول بزي��ارة رج��ال الدي��ن‬ ‫الرئيس‪.‬‬ ‫ومع اندالع الثورة الس��ورية ش��كلت جماعة‬ ‫زي��د االتج��اه الصوفي األب��رز المنح��از للثورة‪،‬‬ ‫حي��ث دعا الش��يخ أس��امة الرفاعي إل��ى إطالق‬ ‫س��راح المعتقلين والكفّ عن تعذيبهم‪ ،‬مطالب ًا‬ ‫بإصالحات سياس��يّة للخروج م��ن األزمة‪ ،‬وفي‬ ‫ليلة الق��در األولى من عمر الث��ورة تم االعتداء‬ ‫على الش��يخ أس��امة في جامع الرفاعي من قبل‬ ‫مؤي��دي النظ��ام‪ ،‬وت��م اعتقال العش��رات ممن‬ ‫أنصاره‪ ،‬مما استفز أهالي دمشق الذين خرجوا‬ ‫في مظاهراتٍ حاش��دة‪ ،‬وف��ي ذلك الحين هرب‬ ‫الشيخ أسامة خارج البالد مرّة أخرى مع شقيقه‬ ‫األصغ��ر وعدد م��ن قي��ادات الجماع��ة‪ ،‬وأعلنوا‬ ‫وقوفهم الصريح والعلني مع الثورة السوريّة‪.‬‬ ‫باإلضاف��ة لجماع��ة زي��د انض��م العدي��د‬ ‫م��ن مش��ايخ الصوفي��ة إل��ى الث��ورة كالش��يخ‬ ‫أنس عي��روط من بانياس والش��يخ أب��و الهدى‬ ‫الحس��يني‪ ،‬م��ن الطريق��ة الش��اذلية‪ ،‬وكذل��ك‬ ‫الش��يخ محمد راجح من الطريق��ة الرفاعية في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬وكذلك مش��ايخ الط��رق الصوفية في‬ ‫حماة‪ ،‬والش��يخ رج��ب ديب ومحم��د حبش أتباع‬ ‫الطريقة النقشبندية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫واالستمرار‪.‬‬ ‫وق��د أثر الدعم الغربي على مواقف الطرق‬ ‫الصوفي��ة وتوحيده��ا بوصفه��ا طرق�� ًا عاب��رة‬ ‫لألقاليم فأكثر من سبعين في المائة من الطرق‬ ‫الصوفية المنتش��رة ف��ي دول المنطقة تربطها‬ ‫أص��ول ومعتق��دات ومش��ايخ واح��دة‪ ،‬وأغلبه��ا‬ ‫انتقل من حدود الدولة الواحدة إلى اإلقليم‪ ،‬ثم‬ ‫عبرت ح��دود اإلقليم إلى دول وق��ارات مختلفة‬ ‫في الظ��روف االجتماعي��ة والثقافي��ة والدينية؛‬ ‫لتتحول م��ن مجرد تيارات إقليمي��ة إلى حركات‬ ‫عابرة للحدود‪.‬‬ ‫وترتب على هذا التش��ابه الكبير في شكل‬ ‫الح��ركات الصوفية ف��ي ال��دول العربية تقارب‬ ‫ف��ي مواقفها م��ن الثورات س��واء ف��ي مصر أو‬ ‫ليبي��ا أو اليم��ن أو تون��س أو س��وريا‪ ،‬فأغلبه��ا‬ ‫التزم الصمت‪ ،‬ووقف بجان��ب األنظمة الحاكمة‬ ‫خصوص��ًا في بداي��ة انفجار الثورات‪ ،‬باس��تثناء‬ ‫القلي��ل منها ال��ذي اقتصر في تأيي��ده للثورات‬ ‫العربي��ة ببيان��ات فردي��ة ال تعب��ر ع��ن موقف‬ ‫طرقي واحد لصوفية الدول‪.‬‬

‫الشيخ أحمد كفتارو‬

‫العلماء والدعاة والفقهاء‪.‬‬ ‫مع اندالع الثورة في سوريا أصبح باإلمكان‬ ‫تميي��ز التيارات الصوفية وموقفه��ا من الحراك‬ ‫الجماهي��ري فف��ي حي��ن التزم��ت المؤسس��ة‬ ‫الدينية الرس��مية موقف النظام‪ ،‬حتى أن مفتي‬ ‫الجمهوريّة أحمد حس��ون أصدر فتوى رس��ميّة‬ ‫في ش��هر آذار ع��ام ‪ 2012‬تعلن وج��وب الجهاد‬ ‫دفاع��اً ع��ن النظ��ام الس��وري‪ ،‬واعتبر الش��يخ‬ ‫محم��د س��عيد رمض��ان البوط��ي ال��ذي يرأس‬ ‫الطريق��ة الكلتاوي��ة أن م��ا يج��ري في س��وريا‬ ‫ً‬ ‫صراحة بعض‬ ‫مؤام��رة غربية‪ ،‬كما أيد النظ��ام‬ ‫أبن��اء الطريقة النقش��بندية في حلب خصوصًا‬ ‫أحف��اد عب��د الق��ادر الجزائ��ري‪ ،‬وكذل��ك أبن��اء‬ ‫الطريقة الش��اذلية في حلب أيض ًا‪ ،‬بينما وقفت‬ ‫بعض الط��رق إلى جانب الث��ورة‪ ،‬يقول الباحث‬ ‫ف��ي الدراس��ات اإلس�لامية والفك��ر السياس��ي‬ ‫"عمران س��ميح ن��زال"‪ :‬ترجع بع��ض التحليالت‬ ‫السياسية تشير ضعف االحتجاجات في مدينتي‬ ‫دمش��ق وحلب ف��ي بداية الثورة إنم��ا يعود إلى‬ ‫االنتش��ار الكثيف للطرق الصوفية ومش��ايخها‬ ‫ومريديها في كلتا المدينتين‪ ،‬وبنظرة س��ريعة‬ ‫لت��وزع مدارس أو الطرق الصوفية في س��ورية‬ ‫نس��تطيع أن نفهم أموراً كثيرة‪ ،‬فمدينة دمشق‬ ‫تعتب��ر معقل النقش��بندية بحكم وجود رأس��ها‬ ‫الش��يخ أحمد كفتارو أو خلفائ��ه الحاليين فيها‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى أنها تضم جماعة القبيسيات التي‬ ‫دعم وجودها البوطي‪.‬‬ ‫وبالرغم من صعوب��ة التمييز في المواقف‬ ‫نظراً للتداخل والتشابك وتنوع الطرق الصوفية‬ ‫وغياب التنظيم الموحد‪ ،‬يبدو أن التيار الصوفي‬ ‫الوحي��د الداعم للثورة كان جماعة زيد‪ ،‬وقس��م‬ ‫من القبيسيات‪ ،‬في حين ظهرت االنشقاقات في‬ ‫بعض من التي��ارات في العالقة مع النظام لكن‬ ‫بنسب قليلة‪.‬‬

‫الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي‬

‫‪15‬‬


‫ال�شرق و�س�ؤال الهوية‪ ..‬من جديد‬ ‫خالد كنفاني‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫ال يلبث الشرق أن يبدأ بتلمس طريقه تجاه حل‬ ‫مسألة الهوية حتى تباغته الخطوب من جديد وتعود‬ ‫الحلقة المفرغة إلى الدوران‪.‬‬ ‫مرت على هذا الش��رق نكبات وعصور انحطاط‬ ‫وازده��ار (على ق ّلته��ا) ومآس وهزائ��م ال حصر لها‪،‬‬ ‫وكان في كل ذلك الهثًا وراء سؤال واحد‪ :‬من أنا؟‬ ‫اس��تعمره الروم��ان فأصب��ح روماني��اً وفتح��ه‬ ‫الع��رب فانقلب عربيًا م��ن جديد‪ ،‬ولك��ن العروبة لم‬ ‫تتوقف هنا‪ ،‬فتحولت إلى أموية وعباس��ية وحمدانية‬ ‫وإخش��يدية‪ ،‬ثم غزاه الترك والعجم فأصبح مملوكيًا‬ ‫وعثمانيًا وفارس��يًا‪ ،‬ومن ثم اس��تعمره الفرنس��يون‬ ‫واإلنكليز وعبثوا أيض��ًا بمكوناته حتى أنهكه التعب‪،‬‬ ‫ومن ث��م أكملت حكومات الثورة وما بعد االس��تقالل‬ ‫مهمة تمزيقه عبر الحكم الطائفي وتهميش البعض‬ ‫وإعالء شأن البعض اآلخر‪.‬‬ ‫وه��ا نحن اليوم أمام طوف��ان داعش الذي يعيد‬ ‫تش��كيل الخريطة الديمغرافية من جديد عبر تهجير‬ ‫أو قتل األقليات‪ ،‬أو الس��كان األصليين للمناطق التي‬ ‫يستعمرونها إن صح التعبير‪.‬‬ ‫كان الش��رق ت��ارة قومياً وت��ارة إس�لامياً وتارة‬ ‫علمانيًا‪ ،‬لم يهدأ منذ كتب التاريخ عن أول من سكنه‪،‬‬ ‫بقي��ت صراعات الهوي��ة دائرة فيه عل��ى مدى قرون‬ ‫واس��تعمل فيها شتى أنواع األس��لحة بدءاً من القلم‬ ‫وانتهاء بقطع الرؤوس‪.‬‬ ‫وكان المتس��ابقون إل��ى ض��م الش��رق إل��ى‬ ‫كياناته��م أكثر من يتحمله هذا الش��رق اليتيم‪ ،‬فقد‬ ‫اقتس��مته االمبراطوريتان الفارسية والرومانية ردحًا‬ ‫م��ن الزمن‪ ،‬وع��اش في��ه الكنعانيون والس��ومريون‬ ‫والبابلي��ون واآلش��وريون قرون��ًا أخ��رى‪ ،‬ث��م ع��اد‬ ‫عربياً ولك��ن بحقب مختلفة وإس�لامياً بحقب أخرى‪،‬‬ ‫وضم��ه األتراك واعتبروه أهم أج��زاء امبراطوريتهم‬ ‫الفاش��ية‪ ،‬ثم تقاس��مه س��ايكس وبيكو على طاولة‬ ‫قم��ار في ليل��ة واح��دة فأصب��ح فرنس��ياً وبريطانيًا‬ ‫وأراده القوميون الس��ويون له��م باعتباره أمة واحدة‬ ‫وجاء البعثيون ليعتبروه ج��زءاً من األمة العربية‪ ،‬ثم‬ ‫عادت كل دولة بعد االس��تقالل لتخترع هوية جديدة‬ ‫ل��م تك��ن موجودة أص� ً‬ ‫لا لتبن��ي عليها خراف��ة األمة‬ ‫وخرافة الوحدة الوطنية‪ .‬فما يميز العراق عن سوريا‬ ‫واألخيرة عن األردن ولبنان ال يتعدى خطوطاً وهمية‬ ‫مرس��ومة بجرة قلم تم تقديسها فيما بعد على أنها‬ ‫حدود األمة‪.‬‬ ‫بق��ي س��ؤال الهوي��ة قرون��اً ب�لا ح��ل‪ ،‬وهناك‬ ‫مجموعة هائلة من التقسيمات ومعايير االنتماء التي‬ ‫ال يحددها س��وى أصحابها‪ ،‬فخذ مث ً‬ ‫ال شخصًا دمشقيًا‬ ‫مس��لمًا س��نيًا واس��أله من تكون؟ وس��تختلف إجابته‬ ‫وفق��ًا للس��ائل وم��كان الس��ؤال‪ ،‬فهو تارة دمش��قي‬ ‫وبالتالي لديه ش��عور باالس��تعالء والزهو على أبناء‬ ‫المدن األخرى‪ ،‬وهو تارة مس��لم يش��عر بعدم الراحة‬ ‫لوج��ود مس��يحيين في م��كان تواجده‪ ،‬وت��ارة أخرى‬ ‫سنيًا يختلف مع الشيعة على قضايا ال يستوعبها كال‬ ‫الطرفين‪ ،‬وتارة أخرى سورياً عندما يكون خارج البلد‬ ‫ويجتمع بآخرين من جنس��يات أخ��رى‪ ،‬ويصبح عربيُا‬ ‫عندما تجمعه الظروف بأجانب في أي مكان‪.‬‬ ‫هذا الس��ؤال المقلق بقي معلق��اً رهينة أنظمة‬ ‫الحكم وجنون رجال الدين‪ ،‬لم يس��تطع الش��رقيون‬ ‫حل هذه المس��ألة والتصالح مع أنفسهم حتى اليوم‬ ‫وه��م ال يفيق��ون من نكبة إال وعاش��وا أس��وء منها‪،‬‬ ‫كان��وا على ال��دوام ف��ي قلق دائ��م تج��اه وجودهم‬ ‫وماهية هويته��م والتي كانت كالحب��ل الذي يتبارى‬ ‫األقوياء بش��ده بينما بقي المش��رقيون في الوس��ط‬ ‫يجذبهم المنتصر دون سؤالهم عما يريدون‪.‬‬ ‫إن ما تقوم به داعش اليوم من تهجير وأس��لمة‬

‫وقت��ل للمس��يحيين واليزيديي��ن وغيره��م وبرعاية‬ ‫غربي��ة وخليجي��ة واضح��ة هو اس��تمرار لمسلس��ل‬ ‫ش��د الحب��ل ولكنه هذه المرة يكتس��ي ب��رداء دموي‬ ‫يجتاح ه��ذه المنطقة كالوباء‪ .‬أقص��ى ردود األفعال‬ ‫كان��ت قيام بضع��ة طائرات أمريكي��ة بقصف مواقع‬ ‫لداعش من ارتفاعات ش��اهقة لم تكن تصيب ش��يئًا‬ ‫تقريبًا ألن داعش ليس��ت لديها مط��ارات وال مقرات‬ ‫عس��كرية كبيرة يمكن رصدها مما تس��بب بخسائر‬ ‫بش��رية ال يمكن ألح��د إحصاؤها‪ ،‬ويج��ب التنويه أن‬ ‫رد الفع��ل األمريك��ي ق��ام بع��د أن تعرض��ت أربيل‬ ‫نفسها للتهديد من داعش‪ ،‬أما ما حدث قبل ذلك من‬ ‫تهجير للمس��يحيين واليزيديين فلم يكن يعني شيئًا‬ ‫ألح��د‪ ،‬بينما عرض الرئيس الفرنس��ي أوالند اللجوء‬ ‫واإلقامة للمس��يحيين العراقيين في موافقة ضمنية‬ ‫من��ه على تهجيره��م وتغيي��ر التوزي��ع الديمغرافي‬ ‫للمنطقة بأسرها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في فلس��طين ال يزال سؤال الهوية صامدا حيث‬ ‫يعيش الفلسطيني حالته الفريدة منذ ستة آالف سنة‬ ‫دون أن ي��رى أي تناقض أو يش��عر ب��أي حيرة‪ .‬تبقى‬ ‫قضية وج��وده على أرض��ه هي الجواب على س��ؤال‬ ‫هويته األزل��ي الذي يتحدى به العال��م‪ .‬يقف الجميع‬ ‫ضد الفلس��طيني محاولين هزيمته وكس��ر عزيمته‬ ‫وإذالله ب��ل والتحالف مع عدوه ولكنه صامد ال تقلقه‬ ‫طائفية وال يقف في طريق��ه قومية أو عرقية‪ .‬وفي‬ ‫هذا يقول المؤرخ الس��وري الراحل شاكر مصطفى‪:‬‬ ‫«إن الفلسطيني مكروه من الجميع ألنه الوحيد الذي‬ ‫ال يزال رافعًا رأسه حين طأطأ الجميع رؤوسهم»‪.‬‬ ‫صم��دت غزة لي��س أمام إس��رائيل وحس��ب بل‬ ‫وأم��ام العالم أجمع‪ ،‬وكان تكاتف الناس مع قياداتهم‬ ‫وإيمانه��م بما يفعل��ون ويقررون عام ً‬ ‫ال حاس��ماً في‬ ‫ه��ذا الصمود الذي أحرج نتنياه��و وحكومته وهو بال‬ ‫ش��ك س��يعرّضهم للمس��اءلة أمام الكنيست بسبب‬ ‫التكالي��ف المادية الباهظة للحملة اإلس��رائيلية التي‬ ‫لم تحقق أياً من أهدافها بل وفشلت في كسر اإلرادة‬ ‫الفلس��طينية أو حتى زعزعتها‪ .‬وال يزال الفلسطيني‬ ‫متصالح��اً مع نفس��ه وم��ع قضيته نائيًا بنفس��ه عن‬ ‫صراعات مذهبية وطائفية تشهدها المنطقة عمومًا‬ ‫في بقاع أخرى ال تزال تعيش تحدي الهوية وقلقها‪.‬‬ ‫لم تس��تطع حكومات م��ا بعد االس��تقالل إيجاد‬

‫هوي��ة وطنية جامع��ة في أي من بالد العرب بس��بب‬ ‫احت��كار الس��لطة ونهب ث��روات األوطان وسياس��ات‬ ‫التدجي��ن االجتماع��ي والسياس��ي واألخالقي لصالح‬ ‫عبادة الرئيس أو ول��ي األمر أو الملك‪ ،‬ال فرق فالكل‬ ‫يسوس الناس على مبدأ الراعي والقطيع وعلى مبدأ‬ ‫الس��يد والعبي��د‪ ،‬وهكذا تت��م صناعة هوي��ة وطنية‬ ‫مصطنعة على قياس عائلة واحدة وتتم تس��مية بلد‬ ‫بأكمله على اس��مها بل ويصبح مواطنوها أتباع ذات‬ ‫العائل��ة بل ويحملون اس��مها وكأنه��م أوالد خطيئة‪،‬‬ ‫وال تجد الس��عودية غضاضة في دع��وة اآلخرين إلى‬ ‫مراع��اة التعددي��ة والحرية ف��ي البل��دان األخرى بل‬ ‫وتتدخل عسكرياً وسياسياً واقتصادياً لتقويض تلك‬ ‫البلدان بدعوى دعم الحرية‪.‬‬ ‫حولت الحكومات العربية مواطنيها إلى عبيد بال‬ ‫هوي��ة‪ ،‬أوصلوهم إلى كره بالدهم وانتمائهم وحتى‬ ‫أنفس��هم‪ ،‬اختص��رت األنظمة العربي��ة األوطان في‬ ‫ش��خوص الحكام وتحول الوطن إلى مزرعة للحاكم‬ ‫وزبانيت��ه وارتبطت الهوي��ة بالنظام‪ ،‬فمن «س��وريا‬ ‫األسد» إلى «أردن الحسين» و»عراق صدام» و»ليبيا‬ ‫القذافي» وغيرها انقلبت الهوية إلى ش��خص ولهذا‬ ‫ماتت بموته‪.‬‬ ‫إن سؤال الهوية هو من أسوء األسئلة ولكنه من‬ ‫أهمها وأخطره��ا‪ ،‬فالجواب عليه قد يحدد مصير أمة‬ ‫بأكملها أو وطن بأكمله‪ .‬ومع الجنون الذي يجتاح هذا‬ ‫العصر تتأخ��ر اإلجابة عقوداً أخ��رى مثلما يتأخر كل‬ ‫شيء في هذه البقعة المشؤومة من العالم‪.‬‬ ‫إل��ى متى؟ ال أح��د يعلم على وج��ه الدقة‪ ،‬ولكن‬ ‫يوماً ما‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬يقول محمود درويش‬ ‫والهوي َُّة؟ ُق ْلتُ‬ ‫فقال‪ :‬دفاعٌ عن الذات‪...‬‬ ‫َّ‬ ‫إن الهوية بنتُ الوالدة لكنها‬ ‫في النهاية إبداعُ صاحبها‪ ,‬ال‬ ‫ماض‪ .‬أنا المتعدِّدَ‪ ...‬في‬ ‫وراثة ٍ‬ ‫داخلي خارجي المتجدِّدُ‪ .‬لكنني‬ ‫أنتمي لسؤال الضحية‪.‬‬

‫عمل للفنان عاصم الباشا ‪2014‬‬


‫اخلوف واملقاومة‪ ..‬بناء الهوية العلوية يف �سوريا (‪)4‬‬ ‫فصل من أطروحة ماجستير في الجغرافيا البشرية في قسم علم االجتماع والجغرافيا البشرية | جامعة أوسلو‬ ‫تورستاين شيوتس وورين ‪ -‬شباط ‪ | 2007‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬ياسر نديم سعيد‬ ‫رابط النص األصلي كام ً‬ ‫ال‪torstein.worren.info/downloads :‬‬

‫ترجمات ‪. .‬‬

‫الهيمنة ال�س ّنية والتمويه‬

‫جبال العلويين في الساحل السوري‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬

‫السنّة‪ .‬ال يوجد بيت علوي واحد في دمشق دون‬ ‫قصة أو قصتين من هذه التجارب الفاش��لة فيما‬ ‫يمكن أن تس��مّيه‪ :‬مح��اوالت للخروج من جلدك‪.‬‬ ‫ما يزال العلويون مسلمين سيئين»‪.‬‬ ‫جمي��ع مص��ادري‪ ،‬بالرغ��م أنه��ا تعيش في‬ ‫مناط��ق يس��يطر فيها العلويون تش��عر في هذا‬ ‫الس��ياق بالفخر كونها علوية‪ ،‬وهذا أوضح أيضًا‬ ‫عندم��ا أُظهر أن��ا األجنبي المهتم موقف��ًا إيجابيًا‬ ‫منه��م بطريق��ة تجعله��م مختلفين ع��ن باقي‬ ‫السوريين‪ .‬ومع ذلك ما زال موجوداً عندهم حالة‬ ‫الدفاعي��ة فيما يتعلق باألغلبية الس��نّية‪ ،‬خاصة‬ ‫عندم��ا يُواجه��ون بالس��نّة حت��ى ف��ي أرضهم‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫يعني كون العلويين جزءاً من المسلمين أن‬ ‫معتقداتهم الرئيس��ية حصينة‪ ،‬والمث��ال التالي‬ ‫يلق��ي الضوء على ذلك‪ :‬مررت بأحد معارفي من‬ ‫العلويي��ن ال��ذي كان مع مجموعة م��ن أصدقائه‬ ‫ف��ي طرط��وس وق��د دعان��ي لالنضم��ام له��م‪.‬‬ ‫بعد فترة توقف س��ائح سعودي وس��ألهم باللغة‬ ‫العربية عن وقت المغرب (صالة المغرب)‪ .‬تسبّب‬ ‫هذا الس��ؤال ببعض االضطراب بي��ن أصدقائي‬ ‫الخت�لاف اللهجة عل��ى األغلب‪ ،‬ولك��ن ألن كلمة‬ ‫المغرب تعني أيضًا بلداً مسمى بالمغرب فقد بدأ‬ ‫هؤالء بإجابة الس��عودي كما لو أنه يريد الس��فر‬ ‫إل��ى المغ��رب‪ ،‬وعندما أصب��ح واضحًا أن��ه يريد‬ ‫معرف��ة وق��ت صالة المغ��رب التمس��وا جميعهم‬ ‫الع��ذر بس��رعة قائلين أنهم لم يفهموه بش��كل‬ ‫صحيح بادئ األمر‪ ،‬وأنهم ال يس��تطيعون اإلجابة‬ ‫على سؤاله ألنهم جميعهم من المسيحيين!‪.‬‬ ‫كونهم علويون وبالتالي مسلمون أشعرهم‬ ‫أن��ه كان يتوج��ب عليهم فهم مثل ذلك الس��ؤال‬ ‫المه��م خاص��ة عندم��ا يكون الس��ائل س��عوديًا‬ ‫والذي س��خر العلوي��ون منه فيما بع��د بقولهم‪:‬‬ ‫«كل ش��يء بالنسبة لهم هو اهلل أكبر» (ك ّلو اهلل‬ ‫أكب��ر)‪ .‬بد ً‬ ‫ال من مجرد القول أنهم يجهلون موعد‬ ‫آذان ص�لاة المغ��رب األمر غير المقب��ول كإجابة‬ ‫بالنس��بة لحامل هوية مس��لم اختاروا أن يخفوا‬ ‫أنهم علويون وتبنوا الهوية المس��يحية بد ً‬ ‫ال من‬ ‫ذلك‪ ،‬وه��ي الطريقة الوحيدة المقبولة اجتماعيًا‬ ‫ألن تكون جاه ً‬ ‫ال بصالة المسلمين‪.‬‬ ‫حقيقة أنهم جميعًا وضعوا أنفسهم بنفس‬ ‫الطريقة ف��ي وجه الس��عودي «المتطرف دينيًا»‬ ‫تُظه��ر كم هو مس��تبطن ف��ي دواخله��م فعل‬ ‫اإلخف��اء‪ .‬ردود أفعالهم ل��م تصبح قضية إال بعد‬ ‫ذل��ك حين س��ألت أنا عن هذا ال��ذي جرى أمامي‪.‬‬ ‫الجواب الوحيد الذي تلقيته أنه كان من األس��هل‬

‫التعامل بتلك الطريقة مع ذلك الشخص‪.‬‬ ‫ه��ذا االس��تخدام الذرائع��ي للهوي��ات ليس‬ ‫مقتصراً على العلويين بسبب األحكام المسبقة‬ ‫الطائفي��ة واالعتق��اد ب��أن المرء يُعامل حس��ب‬ ‫طائفته‪ .‬المثال الذي يصوّر ذلك هو دور النساء‬ ‫وما هو متوقع منهن‪ .‬تمتلك المرأة العلوية حرية‬ ‫أكبر في اللباس والس��لوك من المرأة السنّية إذا‬ ‫نظرنا إل��ى كيفية إدراك المجتم��ع المحيط بهن‬ ‫لهن‪.‬‬ ‫أعرف فتاة س��نية في متوس��ط العش��رينات‬ ‫من عمرها تس��تخدم هذا األمر لمصلحتها‪ ،‬فهي‬ ‫تلبس وتتص��رف بطريقة متح��ررة كثيراً بحيث‬ ‫يُنظر لها بصورة تلقائية كفتاة غير س��نّية (أي‬ ‫علوي��ة عل��ى األرجح أو مس��يحية بص��ورة أقل)‬ ‫ويُلتم��س له��ا العذر في س��لوكها ال��ذي يُعتبر‬ ‫بش��كل طبيع��ي مذموم��ًا لو ت��م الحك��م عليها‬ ‫بالمعايير السنّية‪ .‬من الواضح من أسئلة الناس‬ ‫عندما يرونها تس��افر مع أجنبي أنهم يفترضون‬ ‫أنه��ا إم��ا علوية أو مس��يحية ألن الفتاة الس��نّية‬ ‫الجي��دة م��ن المفت��رض أن ال تتص��رف به��ذه‬ ‫الطريقة أبداً‪.‬‬ ‫تسبّب هذه الفتاة االضطراب للناس بسبب‬ ‫س��لوكها في نفس الوقت ألن لهجتها هي لهجة‬ ‫أهل المدين��ة المرتبط��ة بالس��نّة‪ .‬وهي تقول‬ ‫أنها تتخذ الدور ال��ذي يتوقعه منها الناس ألنهم‬ ‫يريدون هذا االعتقاد بأي حال‪.‬‬ ‫دخلن��ا في إحدى المرات مع��اً إلى مكتب عام‬ ‫من أجل بع��ض األعمال الورقي��ة‪ ،‬وفي المكتب‬ ‫أدرك��ت هي أنه��ا تعرف أح��د الموظفين فذهبنا‬ ‫للتح��دث معه‪ .‬دعانا الموظف للجلوس معه وفي‬ ‫الوق��ت المناس��ب م��ن المحادثة الت��ي تلت ذلك‬ ‫ولك��ي يتأكد م��ن افتراض��ه بأنها علوية س��ألها‬ ‫بشكل اتفاقي عن اسم عائلتها‪ .‬كان اسمًا شائعًا‬ ‫بي��ن العلويين ولكنه موجود أيضًا بين الس��نّة‪،‬‬ ‫ولذل��ك مض��ى الموظ��ف بس��ؤالها‪« :‬م��ن أي��ن‬ ‫والده��ا؟» ولما كان والدها ق��د ترعرع في قرية‬ ‫علوي��ة اعتقد حينها الموظف أنها علوية‪ .‬بعد أن‬ ‫غادرنا أخبرتني أنها لم تجد س��ببًا لجعله يعتقد‬ ‫أنها غير علوية وإال لما قدّم لنا خدمة أفضل مما‬ ‫هو الحال لو عرف أنها فتاة سنّية‪.‬‬ ‫على كل ح��ال إخفاء الهوية به��ذه الطريقة‬ ‫لعبة خطرة وقد اعترفت الفتاة نفسها بخطورتها‬ ‫وحس��ب كلماتها‪ « :‬الس��نّة س��يقتلونني بشكل‬ ‫مؤكد لو أن اإلس�لاميين اس��تولوا على السلطة‬ ‫ألنني أتصرف مثل فتاة علوية»‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫هناك ش��عور باإلحب��اط بين مص��ادري من‬ ‫العلويي��ن ألن��ه ال توج��د طريقة بالنس��بة لهم‬ ‫الختراق غي��ر العلويين عمومًا وجعلهم ينظرون‬ ‫للعلويين الحقيقيين‪ .‬ال ّ‬ ‫تشكل الطائفية والهوية‬ ‫الدينية موضوعًا للنقاش العام‪ ،‬وال يوجد ميدان‬ ‫للعلويي��ن للتواصل مع الغي��ر بوجهات نظرهم‬ ‫كمجموع��ة‪ ،‬وهذا أمر س��أعود إلي��ه في الفصل‬ ‫الس��ابع‪ .‬تنش��أ التقييدات ف��ي الهيمنة الس��نّية‬ ‫نتيج��ة التضاد بي��ن الهيمنة والخط��اب العلوي‪،‬‬ ‫وكم��ا كان موضوع��اً ف��ي الفصل الس��ابق فإن‬ ‫الخط��اب العلوي المض��اد للهيمن��ة يعيد تعريف‬ ‫أج��زاء م��ن الدي��ن اإلس�لامي ك��ي يت�لاءم مع‬ ‫معتق��دات العلويي��ن‪ ،‬ولك��ن هذا األم��ر من غير‬ ‫الممكن فعله ف��ي الفضاء العام نظراً لكبت هذا‬ ‫الفضاء للقضايا الطائفية‪.‬‬ ‫أكثر من ذلك يشعر العلويون أنهم إذا قاموا‬ ‫بذلك فإنه س��يتم وصفه��م بالكف��ار والزنادقة‬ ‫األمر الذي يش��عرون أنهم عانوا منه بشكل كاف‬ ‫عبر التاريخ‪.‬‬ ‫تص��ف مص��ادري م��ن العلويي��ن «التقيّة»‬ ‫العلوية (إخفاء الدين) كأمر محدّد لكيفية اختيار‬ ‫العلويي��ن لحياتهم‪ .‬المبدأ الموجّه لهذا األمر هو‬ ‫الش��عور بالتهدي��د الموجه لمجتمعه��م من قبل‬ ‫األكثري��ة الس��نّية‪ .‬يش��رح العلويون ه��ذا األمر‬ ‫بواس��طة التج��ارب التاريخي��ة للعلويي��ن وكيف‬ ‫ج��رى اضطهاده��م وذبحهم عب��ر العصور‪ ،‬وأن‬ ‫التطرف الس��نّي الذي أدى إلى تل��ك الحوادث ما‬ ‫زال موجوداً عند سكان سوريا من السنّة‪.‬‬ ‫يتمل��ك الم��رء أحيان��اً االنطباع ع��ن كيفية‬ ‫وصف العلويين لسوريا المعاصرة بأن االستقرار‬ ‫ال��ذي يختبره العلويون اآلن هو مجرد فترة راحة‬ ‫م��ن «النظام الطبيع��ي» حين يكون��ون الطرف‬ ‫المتلق��ي لس��وء المعاملة والظلم‪ .‬م��ن الممكن‬ ‫أن نش��رح هذه الحساس��ية أيضاً وكيف يبدو أن‬ ‫بع��ض العلويي��ن يرفضون خلفيته��م ويقولون‬ ‫أنه��م يرغبون لو أنهم كان��وا غير علويين مثلما‬ ‫فعل المصدر المشار إليه أعاله‪.‬‬ ‫يوج��د أيض��ًا على م��ا يب��دو مجموع��ة من‬ ‫العلويي��ن‪ ،‬بالرغم من ع��دم امتالكي معلومات‬ ‫موثوقة حول ذل��ك‪ ،‬تذهب باالتج��اه المعاكس‪.‬‬ ‫فهن��اك رافضون يذهب��ون إلى أبع��د مما يصل‬ ‫إليه الخطاب الرس��مي ويرغب��ون أن يكونوا مثل‬ ‫األغلبي��ة ب��د ً‬ ‫ال من ذل��ك‪ ،‬ويفضّل��ون أن يخفوا‬ ‫حقيقة أنهم علويون‪.‬‬ ‫انطباع��ي هو أن أولئ��ك المعجبين بالطبقة‬ ‫العلي��ا المدينية في دمش��ق ينظ��رون إلى طرق‬ ‫العلويي��ن ف��ي الحي��اة عل��ى أنه��ا غير مناس��بة‬ ‫عن��د البح��ث ع��ن االندماج م��ع الحلق��ات الثرية‬ ‫والكوزموبوليتية‪ ،‬ولذلك فهذا هو الحال بش��كل‬ ‫ممكن أكثر بالنس��بة للعلويين الذين يعيش��ون‬ ‫ف��ي مناط��ق ليس��ت ذات أغلبي��ة علوي��ة (وهي‬ ‫مناطق لم ّ‬ ‫يغطها عملي الميداني)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كونك علوي يصبح لذلك محدّدا لطموحك‪،‬‬ ‫األم��ر المنتش��ر بص��ورة واضحة طبق��اً لقرفان‬ ‫(‪ )2005/03/28‬الذي كتب في مدونته‪:‬‬ ‫«كل واح��د يع��رف‪ ،‬خاصة أولئ��ك العلويون‬ ‫الذي��ن حاول��وا جاهدي��ن االندم��اج بمحيطه��م‬ ‫الس��نّي بع��د انتقاله��م للعي��ش ف��ي الم��دن‬ ‫الرئيس��ية أن��ه لن يتم أب��داً قبوله��م من طرف‬

‫‪17‬‬


‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪18‬‬

‫نبالء انتهازيون �أنانيون هاربون و�صامدون‬ ‫فنانو �سوريا الت�شكيليون "‪"4‬‬ ‫دمشق – حمزة السيد‬ ‫حين اقترب األس��د مع زوجت��ه من النحات‬ ‫السوري محمد بعجانو ليشرح األخير له العمل‬ ‫ال��ذي انج��زه ف��ي ملتق��ى النحت "ح��وار بين‬ ‫جيلين الذي أقيم في عام ‪ ،2010‬فوجئ جميع‬ ‫الحاضري��ن بأن األس��د يعرف بعجانو‪ ،‬ليس��ت‬ ‫المفاجئ��ة من المعرفة بي��ن الرجلين‪ ،‬بل هي‬ ‫في أن بعجانو لم يذكر تفاصيل المعرفة أبداً‪،‬‬ ‫إذ قال األس��د لزوجته مس��تنكراً عليها أنها لم‬ ‫تميز بعجانو "هو من نش��تري من أعماله قبل‬ ‫الس��فر بش��كل دائم كي نه��دي معارفنا منها‬ ‫ح��ول العال��م" كان بعجانو في ه��ذه اللحظات‬ ‫خج ً‬ ‫ال للغاي��ة‪ ،‬يداه تبحثان عن مكان مناس��ب‬ ‫في جس��ده كي تتموضعان ب��ه‪ ،‬فيما عيناه ال‬ ‫تفارقان األرض وق��د أحمر وجهه خج ً‬ ‫ال من ما‬ ‫قاله األسد‪ ،‬وخلفه ثوره الحجري الكبير‪.‬‬ ‫أنج��ز بعجان��و ف��ي ه��ذا الملتق��ى ث��وراً‬ ‫كبي��راً من الحجر التدمري وص��ل ارتفاعه إلى‬ ‫أربع��ة أمتار‪ ،‬وم��ن المعروف ع��ن بعجانو أنه‬ ‫ينف��ذ كام��ل عمل��ه بيدي��ه‪ ،‬الثور ال��ذي يركز‬ ‫علي��ه بعجانو ف��ي أعمال��ه ويك��رره دائم ًا هو‬ ‫رم��ز الخصب في حضارات الش��رق األوس��ط‬ ‫القديمة‪ ،‬يقول النحات الخجول والطيب‪ ،‬والذي‬ ‫تتلم��ذ كما هو حال أكثم عب��د الحميد على يد‬ ‫س��عيد مخلوف في س��بعينات القرن الماضي‪،‬‬ ‫ب��ارع ف��ي النح��ت على الخش��ب كم��ا هو في‬ ‫التعامل مع الحجر‪ ،‬يش��به ثيرانه التي ينحتها‪،‬‬ ‫ضخم الجثة بيد تلي��ق بنحات‪ ،‬قليل االختالط‬ ‫باآلخري��ن‪ ،‬ويرفض مغ��ادرة مدينته الالذقية‬ ‫التي يعي��ش فيها العزلة‪ ،‬ورغ��م نصائح عبد‬ ‫الحميد الدائمة له بالس��كن في دمش��ق‪ ،‬ظل‬ ‫بعجان��و ال��ذي ي��درس ف��ي معه��د صغير في‬ ‫الالذقي��ة ال ي��زو العاصم��ة إال للمش��اركة في‬ ‫ملتقياتها أو معارضها‪.‬‬ ‫اعتاد بعجان��و في الس��نوات األخيرة على‬ ‫إضافة مواد أخرى ألعماله كالحديد والنحاس‪،‬‬ ‫ف��ي ثوره الذي أنجزه ف��ي ملتقى ‪ ،2010‬زين‬ ‫بعجانو أنف الثور بحلقة حديدية كبيرة‪ ،‬ونحت‬ ‫قرني��ن من حج��ر ذي لون فاقع‪ ،‬وزين جس��ده‬ ‫بالزخ��ارف واأليقونات‪ ،‬بق��ي العمل في أرض‬ ‫مدين��ة المع��ارض لفت��رة طويلة‪ ،‬ول��م ينقل‬ ‫منها‪ ،‬حتى صدر قرار نفذته محافظة دمشق‪،‬‬ ‫نص على هدم العمل ألنه يدعو للماس��ونية‪،‬‬ ‫فهدم العمل وكسر‪ ،‬وصمت بعجانو ولم يدلي‬ ‫ب��أي تصريح رغ��م إلحاح بع��ض الصحافيين‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫من يع��رف أعمال بعجانو يع��رف أي تأثير‬ ‫تركه في��ه مخلوف‪ ،‬وكيف امت��د تأثير مخلوف‬ ‫ب��ه وبصديق��ه أكث��م عب��د الحمي��د وصديقه‬ ‫ال��ذي قضى ف��ي حادث س��ير مظهر برش��ين‬ ‫عام ‪ ،2005‬وإن كان برش��ين برأي الكثير من‬ ‫النق��اد هو األكثر مهارة بي��ن التالميذ الثالثة‪،‬‬ ‫ففيما تظهر المرأة كعنصر رئيسي في أعمال‬ ‫الثالث��ة المبك��رة‪ ،‬ب��ذات العي��ون الت��ي ألفها‬ ‫مخل��وف وورثه��ا الثالثي‪ ،‬تس��تمر الرموز في‬ ‫تكرار نفس��ها بطرق مختلفة تعود لكل واحد‬ ‫منه��م‪ ،‬إال أن وحدة الخامات كخش��ب الزيتون‪،‬‬ ‫وتش��ابه التكوين الع��ام‪ ،‬وتطاب��ق المواضيع‬ ‫يجعل��ك ال ت��درك لم��ن يع��ود العم��ل أحياناً‪،‬‬

‫«ثور» بعجانو من الحجر التدمري ‪2010‬‬

‫وم��ع أن هذه الوحدة في أعم��ال مجموعة من‬ ‫الفناني��ن طبيعي��ة وتاريخي��ة‪ ،‬ك "بيكاس��و‬ ‫وب��ارك" والرومانس��يين الفرنس��يين‪ ،‬أو حتى‬ ‫االنطباعيي��ن األوائل‪ ،‬إال أنه��ا كانت بل هدف‬ ‫واضح ف��ي تجمع الثالثي عب��د الحميد بعجانو‬ ‫برش��ين‪ ،‬س��وى أن القاس��م المش��ترك الذي‬ ‫انطلق��وا منه هو الذي جمعه��م وليس الهدف‬ ‫الفن��ي المش��ترك‪ ،‬فل��م يفل��ح الثالث��ة‪ ،‬م��ع‬ ‫مالحظة رحيل برش��ين المبكر‪ ،‬من تأس��يس‬ ‫حالة س��ورية فني��ة‪ ،‬أو وضع مبادئ لمدرس��ة‬ ‫سورية في الفن الحديث‪.‬‬ ‫ال يع��رف حت��ى اآلن فيم��ا إذا كان بعجانو‬ ‫قد ش��تم الذات اإللهية في المعرض الس��نوي‬ ‫عام ‪ ،2004‬إذ ق��رأ البعض من زوار المعرض‬ ‫عب��ارة محف��ورة على عمله الخش��بي الصغير‬ ‫فيه��ا هذا الش��تم‪ ،‬فيما اعتبر آخ��رون أن هذه‬ ‫الخ��دوش ه��ي من أصل الخش��ب وال تش��كل‬ ‫حروف�� ًا‪ ،‬ضح��ك بعجانو حين س��أل عن ما هو‬ ‫مكت��وب على عمل��ه ولم يجب‪ ،‬فيم��ا ال يعرف‬ ‫ل��ه أي تصري��ح عن الح��دث الس��وري الحالي‪،‬‬ ‫فالرج��ل قليل الظه��ور على اإلع�لام‪ ،‬اكتفى‬ ‫بمتابعة التدريس وبعض المعارض الصغيرة‬ ‫في الالذقية ودمشق‪.‬‬ ‫قب��ل أن يقضي مظهر برش��ين في حادث‬ ‫س��ير على طريق حماة دمش��ق صيف ‪،2005‬‬ ‫كان يعمل في قس��م الديكور ف��ي التلفزيون‬ ‫الس��وري‪ ،‬وكت��ب ف��ي مذكرات��ه أنه مش��تاق‬ ‫للنح��ت‪ ،‬كان يرس��م "اسكتش��ات" ين��وي أن‬ ‫ينفذه��ا في يوم من األي��ام‪ ،‬ويكتب عن مدى‬ ‫كره��ه للعمل في الديك��ور التلفزيون الذي ال‬ ‫يعم��ل به إال بس��بب المال‪ ،‬رش��يقة هي تلك‬ ‫الرس��ومات التي تركها برشين‪ ،‬نساء ملتفات‪،‬‬ ‫مختص��رات‪ ،‬قلي�لات التفاصيل وكثي��رات بها‬

‫في ذات الوقت‪ ،‬ما تركه برش��ين من رسومات‬ ‫أولية ومالحظات نصي��ة طبعت في كتاب بعد‬ ‫وفاته‪ ،‬فيما نفذ أحد أعماله في ملتقى المدنية‬ ‫الجامعية في دمشق عام ‪ 2002‬تكريمُا له‪.‬‬ ‫من كت��ب عن برش��ين كثيراً ه��و محمود‬ ‫ش��اهين‪ ،‬النحات الم��درس في كلي��ة الفنون‬ ‫الجميل��ة بدمش��ق‪ ،‬صاحب المنحوت��ة الواحدة‬ ‫التي تكرر إلى ما ال نهاية‪ ،‬الدكتور الذي درس‬ ‫ف��ي دول ش��رق االتحاد الروس��ي‪ ،‬ق��دم امرأة‬ ‫ال ت��كاد تختل��ف عن س��ابقاتها ف��ي منحوتات‬ ‫صغيرة س��كبها م��ن البرونز‪ ،‬وعرضه��ا للبيع‬ ‫ف��ي كل صالة تس��تقبل معرض�� ًا‪ ،‬فيما يعمل‬ ‫في جامعة دمشق قسم النحت‪ ،‬ويتهمه طالب‬ ‫تخرج��وا م��ن الكلي��ة بالتميي��ز الطائفي بين‬ ‫الطلب��ة‪ ،‬ويقولون إن��ه يدعم ط�لاب طائفته‬ ‫فقط فيما يظلم آخرين‪.‬‬ ‫ل��م يقدم ش��اهين حتى اآلن عم� ً‬ ‫لا واحدا‬ ‫فري��داً أو صبغة مختلفة‪ ،‬ففيم��ا يقدم أعما ً‬ ‫ال‬ ‫س��بق ووصفن��اه‪ ،‬يعمل ف��ي الملتقي��ات على‬ ‫تنفيذ أعمال ال تشبه إنتاجه أبداً‪ ،‬ففي ملتقى‬ ‫المحبة عام ‪ ،2002‬نفذ شاهين تكوين ًا هندسي ًا‬ ‫بسيط ًا أنجزه س��ريعاً وقبل الوقت المخصص‬ ‫لنهاية الملتقى‪ ،‬س��رعان م��ا وضع في مدخل‬ ‫المدين��ة الرياضي��ة ف��ي الالذقي��ة كواحد من‬ ‫أهم أعمال النحت الس��وري المعاصر‪ ،‬وكبقية‬ ‫فنانين جيله يتابع شاهين مسيرة فنية خجولة‬ ‫ال تحم��ل أي جدي��د‪ ،‬وال يهتم كثي��راً بتحقيق‬ ‫عمل فني يحاكي أي ه��م أو أي قضية كبرى‪،‬‬ ‫وباس��تثناء تناسق التكوين المنجز مع مكونات‬ ‫غرفة معيشة ما من المتوقع أن يقوم صاحبها‬ ‫بانتق��اء عمل له‪ ،‬تكاد تك��ون بعض أعماله ال‬ ‫تساوي قيمة البرونز الذي سكبت منه‪.‬‬


‫جورج �صيدح ‪1978 - 1893‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬

‫عبد الملك وجورج صوايا‪ ،‬وقد نش��ر صيدح في‬ ‫الصحف العربية دعوة ش��عرية لعقد أول جلسة‬ ‫في منزله‪ ،‬ومنها هذه األبيات‪:‬‬ ‫المقبل‬ ‫مساء يوم األربعاء‬ ‫ِ‬ ‫موعدنا يا سيّدي في منزلي‬ ‫غايتُنا الترويحُ عن أنفسنا‬ ‫بنفحةٍ من نفحاتِ األمـــل‬ ‫ّ‬ ‫مقــط ٍر‬ ‫أدب‬ ‫بجرعةٍ من ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ـــل‬ ‫سمر معل ِ‬ ‫وحقنةٍ من ٍ‬ ‫تجمعنا رابطة روحيـــة‬ ‫يعـدل‬ ‫من يعدل الدنيا بها لم‬ ‫ِ‬ ‫وفي صيف‪ 1951‬اختار الرئيس األرجنتيني‬ ‫الجن��رال خ��وان بي��رون الش��اعر ج��ورج صيدح‬ ‫ليراف��ق مندوبه إلى س��ورية ولبن��ان في مهمة‬ ‫لدى رئيس الجمهورية السورية‪ ،‬فانتهز شاعرنا‬ ‫هذه المهمة لزيارة مس��قط رأس��ه دمشق التي‬ ‫غاب عنه��ا أربعين عاماً‪ ،‬ودعت��ه محطة اإلذاعة‬ ‫الس��ورية إلجراء ح��وار إذاع��ي مع��ه‪ ،‬وكرّمته‬ ‫الهيئات األدبية في البلدين‪.‬‬ ‫ع��اد ليس��تقر بي��روت ف��ي ش��هر تش��رين‬ ‫الثاني ع��ام ‪ 1952‬وانفرط عق��د الجمعية التي‬ ‫كان��ت تجتمع مس��اء ّ‬ ‫كل أربعاء ف��ي منزله وفي‬ ‫الع��ام التالي تزوجت أبنت��ه الوحيدة جاكلين من‬ ‫الصحفي اللبناني حنا غصن‪.‬‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ُ 1956‬كلف الش��اعر صيدح مِن‬ ‫ّ‬ ‫المفك��ر س��اطع الحص��ري مدي��ر معه��د‬ ‫قِب��ل‬ ‫الدراس��ات العربي��ة ف��ي القاهرة آن��ذاك بإلقاء‬ ‫محاض��رات ع��ن األدب المهج��ري‪ ،‬وق��د جُمعت‬ ‫تل��ك المحاضرات في كتاب « أدبن��ا وأدباؤنا في‬ ‫المهاج��ر األمريكي��ة» وال��ذي قال في��ه صيدح‪:‬‬ ‫« أدب المهج��ر رس��الة عربي��ة ل��م يلص��ق بها‬ ‫الغ��رب إ ّ‬ ‫ال طابع البريد‪ ..‬وهو فرع يباهي بأصله‬ ‫ويعت��رف بفضل الج��ذور عليه»‪ .‬كم��ا هو «كنز‬ ‫خالد لم تظفر بمثله اللغة العربية وهو يضاهي‬ ‫أرقى اآلداب العالمية الحية»‬ ‫ويضي��ف‪« :‬الثقاف��ة اإلس�لامية ازده��رت‬ ‫وتمج��دت ف��ي أوس��اط المغتربين المس��يحيين‬ ‫وشعت اشعاع ًا عفويًا كما نرى في شعر القروي‬ ‫وفرحات وسواهما‪ .‬ثم ان الشاعر المصري أحمد‬ ‫زكي أبو ش��ادي الذي عاي��ش األدباء المهجريين‬ ‫وخب��ر نزعاتهم ع��ن كثب‪ ،‬أكد أنه وج��د األدباء‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫ولد ج��ورج بن ميخائيل بن موس��ى صيدح‬ ‫عام ‪ 1893‬في حي زقاق الصواف اإلسالمي في‬ ‫دمشق‪ ،‬بالقرب من مكتب عنبر‪ ،‬ألسرة مسيحية‬ ‫س��ورية نالت حظاً وافراً م��ن التعليم‪ ،‬حيث كان‬ ‫والده قاضي االستئناف في دمشق طوال ثالثين‬ ‫عامًا‪ ،‬وتعود أصول األس��رة إلى عشيرة الصداح‬ ‫العربية‪ ،‬التي انتقل جز ٌء منها ضم عائلة صيدح‬ ‫م��ن الكرك ف��راراً م��ن العثمانيين إلى الش��مال‬ ‫الش��امي‪ ،‬وتذك��ر بع��ض المراج��ع أن تس��مية‬ ‫األس��رة ترجع الش��تهار بعض رجاالتها برخامة‬ ‫الصوت‪.‬‬ ‫تلق��ى علوم��ه األولية في إح��دى المدارس‬ ‫االبتدائي��ة ف��ي ح��ارة الكنيس��ة المريمي��ة عام‬ ‫‪ ،1899‬وقض��ى في هذه المدرس��ة عاماً واحداً‪،‬‬ ‫ثم نقل إلى المدرسة اآلس��ية وبرع فيها باللغة‬ ‫العربية بفضل أس��تاذه العالم��ة فارس الخوري‬ ‫الذي ش��جعه على نظم أول قصيدة وإلقائها في‬ ‫إح��دى الحفالت الت��ي أقامتها المدرس��ة‪ ،‬ونظراً‬ ‫لش��غفه باللغة العربية أهمل اللغة الفرنس��ية‬ ‫فعاقبه والده بإرس��اله إلى كلية عينطورة لآلباء‬ ‫العازاريي��ن ف��ي لبنان لتعل��م اللغة الفرنس��ية‬ ‫ون��ال ش��هادتها ع��ام ‪ 1911‬ث��م اضط��ر لترك‬ ‫الدراس��ة ليلح��ق بإخوته في مصر ع��ام ‪1912‬‬ ‫للعمل معهم في التجارة وبالرغم من انش��غاله‬ ‫في عمل��ه التجاري أخ��ذ ينظم قصائ��د الحنين‬ ‫والشوق لدمشق ومنها‪:‬‏‬ ‫هجرت ربوع الشام والقلب مثخن‏‬ ‫جريحُ سهام كان أقتلها الهجر‏‬ ‫ٍ‬ ‫سقى اللـه جناتٍ سقتني حنانها‏‬ ‫كأم على أحضانها الولد الغر‏‬ ‫في مص��ر أمضى صيدح ثالثة عش��ر عاماً‪،‬‬ ‫وأصيب بنكب��ة مالية بعد نجاح كبير‪ ،‬فاتجه إلى‬ ‫أورب��ا س��نة ‪ ،1927‬وت��زوج من فتاة فرنس��ية‪،‬‬ ‫ث��م س��افر في نهاية ع��ام ‪ 1927‬إل��ى كراكاس‬ ‫عاصمة فنزويال‪ ،‬وأقام فيها عشرين عام ًا يعمل‬ ‫بالتج��ارة‪ ،‬وهناك أنش��أ مجل��ة « األرزة « باللغة‬ ‫اإلس��بانية والت��ي نقل فيها إلى قراء اإلس��بانية‬ ‫صوراً عن أدبنا العربي في ماضيه وحاضره‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1945‬ومع اس��تقالل س��وريا عن‬ ‫المس��تعمر الفرنس��ي‪ ،‬رغبت الجالية الس��ورية‬ ‫ف��ي فنزوي�لا بمعرفة العل��م الس��وري الجديد‪،‬‬ ‫فكتب صي��دح مقالة في جري��دة «البيان « التي‬ ‫تصدر في نيويورك دعا فيه بالحكومة السورية‬ ‫أن تهدي الس��وريين المقيمين في فنزويال علم ًا‬ ‫س��وريًا من الط��راز الجدي��د‪ ،‬وكان أول الملبين‬ ‫للنداء الس��يد ناظم القدس��ي أول وزير مفوض‬ ‫م ّثل س��ورية في العاصمة األمريكية واش��نطن‬ ‫فأرس��ل لهم العلم الس��وري‪ ،‬وبعد وصول هذه‬ ‫الهدية العظيمة كتب صيدح رسالة شكر ضمنها‬ ‫هذه األبيات‪:‬‏‬ ‫وصلت هديتك التي‏‬ ‫قبل الوصول شكرتها‏‬ ‫يا راية أنزلتها‏‬ ‫في خافقي وذخرتها‏‬ ‫لما بلغ الخمس��ين م��ن العم��ر انصرف إلى‬ ‫المطالع��ة والس��ياحة‪ ،‬فانتق��ل في ع��ام ‪1947‬‬ ‫إل��ى األرجنتين‪ ،‬وهناك طبع ديوان��ه «النوافل»‬ ‫ورصد ريعه للجان الدفاع عن فلسطين‪ ،‬وأسس‬ ‫جمعي��ة « الرابطة األدبي��ة « التي ضمت كوكبة‬ ‫م��ن األدب��اء والش��عراء الع��رب المقيمي��ن ف��ي‬ ‫األرجنتي��ن منهم إلياس وزكي قنصل وحس��ني‬

‫المس��يحيين يغارون عل��ى الثقافة اإلس�لامية‪.‬‬ ‫على الرسول صلى اهلل عليه وسلم غيرة بالغة»‬ ‫وكان صي��دح قد نظ��م قصيدة رائع��ة في مدح‬ ‫النبي(ص) باسم «حراء يثرب»‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1959‬عاد إل��ى باريس واس��تقر فيها‬ ‫إل��ى أن توف��اه اهلل ع��ام ‪ ،1978‬بع��د أن أث��رى‬ ‫المكتب��ة العربي��ة بالعديد م��ن المؤلفات أهمها‬ ‫دي��وان «النواف��ل‪ ،‬ونبض��ات‪ ،‬حكاي��ة مغت��رب‪،‬‬ ‫ش��ظايا حزي��ران‪ ،‬ديوان صيدح»‪ ،‬كما نش��ر في‬ ‫مجلة األديب اللبنانية عش��رين قصيدة‪ :‬النجمة‬ ‫الش��احبة ‪ -‬هذي��ان ‪ -‬كوكتيل على الش��اطئ ‪-‬‬ ‫س��اعة التجريح ‪ -‬حمائم لبن��ان ‪ -‬دعي الكؤوس‬ ‫ وح��ي العي��د ‪ -‬قصي��دة ج��ورج صي��دح ‪ -‬في‬‫نش��وة العيد ‪ -‬جناح الليل ‪ -‬اللقاء األخير ‪ -‬عزلة‬ ‫ المهاج��ر‪ ،‬ول��ه بجريدة «الب��رق» قصيدة‪ :‬إلى‬‫امرأة‪ ،‬ول��ه بمجلة «اآلداب» قصي��دة‪ :‬إلى القمر‬ ‫المسخّر‪.‬‬ ‫كما ترك رس��ائل كثيرة‪ ،‬هي مراسالت بينه‬ ‫وبين أدباء عصره‪ ،‬نشرتها مجلة «األديب»‪ ،‬كما‬ ‫نش��ر عدة مقاالت في الصحف والمجالت بتوقيع‬ ‫«ج‪ .‬ص «‪ ،‬ل��م تنش��ر ف��ي كتاب خ��اص‪ ،‬وألف‬ ‫كتابين‪« :‬أدبنا وأدباؤنا في المهاجر األمريكية «‬ ‫و» الشعر العربي المعاصر «بالفرنسية‪.‬‬ ‫قال عنه الشاعر نزار قباني‪:‬‬ ‫«س��عى صي��دح إل��ى المهاجر على س��فينة‬ ‫مجذافها يحن إلى ورائه‪ ،‬وفي المهاجر لم يتحول‬ ‫ظل مواراً‬ ‫الموال إلى نغمة من نغمات الجاز‪ ،‬بل ّ‬ ‫بخصائصه العربي��ة العميقة‪ ،‬وظل يذكر جذوع‬ ‫الش��وح‪ ،‬وهفيف التنانير الت��ي تعلم منها الرقة‬ ‫األول��ى‪ ،‬ودموع الياس��مينة الباكية فوق البحيرة‬ ‫الشادية في داره األولى‪ ..‬في دمشق»‪.‬‬ ‫وقال األديب عبداهلل يوركي الحالق‪:‬‬ ‫«تتجلى في ش��اعرية األستاذ جورج صيدح‬ ‫ناحيتان مهمتان هما‪ :‬اإلنس��انية بأرفع معانيها‪،‬‬ ‫والقومي��ة بأبرز مقوماتها‪ .‬فهو إنس��ان يس��ري‬ ‫النب��ل في دم��ه وتتأل��ق الوطنية ف��ي قصائده‬ ‫ويتدفق الخي��ر من قلبه والص��دق من عاطفته‬ ‫ولسانه وبيانه»‪.‬‬ ‫وقال األديب عيسى فتوح‪:‬‬ ‫«صيدح هو الش��اعر المتعدد الجوانب الذي‬ ‫م�لأ دني��ا العروبة بقصائ��ده القومي��ة الرنانة‪،‬‬ ‫ووض��ع كل مواهبه وطاقاته المبدعة في خدمة‬ ‫وطن��ه وأمته التي حمل همومها صليب ًا وجلجلة‪،‬‬ ‫وم��ات وهو يحمل ه��ذا الصليب الهث��ًا‪ ،‬فال هو‬ ‫أس��تطاع أن يصل إلى الجلجلة‪ ،‬وال هو ش��اء أن‬ ‫يلقي الصليب ويستريح»‪.‬‬ ‫وقال عنه األديب عبد الغني العطري‪:‬‬ ‫«كان صيدح من الش��عراء األع�لام‪ ،‬لككنه‬ ‫ع��اش معظم س��نوات عمره بعي��داً عن الوطن‪،‬‬ ‫طوحت به األيام في مش��ارق األرض ومغاربها‪،‬‬ ‫فنس��يه الكثيرون م��ن أبناء وطن��ه‪ ،‬وفقد جانب ًا‬ ‫من ش��هرته التي يس��تحقها‪ ،‬أرّق��ه الحنين إلى‬ ‫الوطن‪ ،‬ومزقه الش��وق إلى مسقط رأسه‪ ،‬فجاء‬ ‫ش��عره حاف� ً‬ ‫لا بالشً��وق والحنين إلى دمش��ق‪،‬‬ ‫وخاض معرك��ة البحث والدراس��ة‪ ،‬فوضع كتاب ًا‬ ‫ع��ن األدب واألدباء في المهج��ر‪ ،‬وكان أفضل ما‬ ‫خطته األقالم في هذا الموضوع‪ ...‬جورج صيدح‬ ‫ش��اعر كبير‪ ،‬ظلمت��ه الغربة‪ ،‬والبع��د عن أرض‬ ‫اآلباء واألجداد»‪.‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪19‬‬


‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪20‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬ ‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫‪1991/12/17‬‬

‫ن��ودي اليوم على ديب أب��و نقطة الذي وقع‬ ‫خطأ في اس��مه وغادر‪ ،‬ونادوا على بسام عالوي‬ ‫م��ن التي��ار الديني وم��ن المهجع العاش��ر وكان‬ ‫موع��وداً باإلفراج منذ س��تة أش��هر ‪ .‬وق��د علمنا‬ ‫أنه أفرج عن أربعماية البارحة‪ ،‬واليوم س��يفرج‬ ‫ع��ن مايتين من التي��ار الديني ‪ .‬وس��معنا اليوم‬ ‫أن ضابط ًا قد حضر من األمن العس��كري وطلب‬ ‫ممث� ً‬ ‫لا عن حزب العمل‪ ،‬قيل للتفاوض‪ ،‬فس��ألنا‬ ‫عن الس��بب فقيل أن بقية هذا الحزب المتخفية‬ ‫والت��ي تعمل ضد النظام‪ ،‬وه��ذا الحوار‪ ،‬إذا تم‪،‬‬ ‫فهو ابتزازي‪.‬‬ ‫رأيي الخاص‪ :‬التوقيع على أي تعهد ال يقدم‬ ‫وال يؤخ��ر‪ ،‬فالذي يريد أن يعمل ال يمنعه التعهد‬ ‫م��ن عدم العمل‪ ،‬وال��ذي ال يريد العمل ال يجديه‬ ‫التمسك بعدم التوقيع‪ ،‬فالسجن صار عبئ ًا ثقي ً‬ ‫ال‬ ‫والتجربة علمتنا عدم التمسك بالشكليات‪.‬‬ ‫وزير خارجية فرنس��ا ديما قادم إلى سورية‬ ‫الخمي��س وم��ن جمل��ة أعمال��ه قضي��ة حق��وق‬ ‫اإلنسان في القطر واإلرهاب وتحسين العالقات‬ ‫بين أوربا والنظام السوري‪.‬‬

‫‪1991/12/18‬‬

‫وق��ع ف��ي ي��دي ع��دد حزي��ران ‪ 1990‬م��ن‬ ‫مجلة ‪/‬فن‪ /‬وفيها ندوة عن الموس��يقى العربية‬ ‫من فرس��انها‪ :‬توفيق الباش��ا أس��تاذ الموسيقى‬ ‫والدكتور وليد غلميه الس��مفوني‪ ،‬والموسيقار‪،‬‬ ‫ونزار م��روة ابن المفكر العربي الكبير حس��ين‬ ‫م��روة‪ .‬ويب��دو أن��ه م��ن المتبحري��ن بتاري��خ‬ ‫الموسيقى‪ ،‬والمدعو نبيه الخطيب‪.‬‬ ‫انغمس��ت في قراءة ح��وارات ه��ذه الندوة‪،‬‬ ‫وهي ش��يقة وعميقة ومليئة‪ ،‬وقد أمضيت ثالث‬ ‫س��اعات في قراءتها س��أحاول قراءة هذا الحوار‬ ‫مرة أخ��رى فمعلومات��ي الموس��يقية متواضعة‬ ‫ومحدودة‪.‬‬

‫‪1991/12/19‬‬

‫أذيع قرار العفو من كل اإلذاعات وقد سمعته‬ ‫م��ن مون��ت كارل��و ‪ .‬س��معنا أن دوري��ات األمن‬ ‫والباص��ات والقوائ��م في س��جن تدم��ر‪ ،‬وإخالء‬ ‫الس��بيل ش��غّال لم��ن بقي حي��اً‪ .‬فهذا الس��جن‬ ‫الرهي��ب نفذت في��ه آالف اإلعدامات العش��وائية‬ ‫وحدث��ت فيه مجزرة رهيب��ة نفذها قطاع رفعت‬ ‫العسكري كما مات آالف تحت التعذيب‪.‬‬

‫‪1991/12/20‬‬

‫انش��غلت قب��ل الظهر بق��راءة ف��ي مجلة ‪/‬‬ ‫الناق��د‪ ،/‬وإعادة قراءة الح��وار الفني في مجلة ‪/‬‬ ‫فن‪ /‬حول الموس��يقى العربية‪ ،‬وقرأت بعضاً من‬ ‫تحقيق ح��ول الفنانة ماجدة‪ ،‬واس��مها الحقيقي‬ ‫عف��اف بن��ت كام��ل الصالح��ي ‪ .‬أما ف��ي الناقد‬ ‫فق��رأت فقرة من أرجوحة محم��د الماغوط التي‬ ‫ال يب��دو عليه��ا أنها رواي��ة حدَث‪ ،‬وق��رأت قصة‬ ‫عنوانه��ا «حكاي��ة الليل��ة السادس��ة» لس��حبان‬ ‫مروه‪ ،‬أما القصة األخرى بعنوان «حفنة وس��خ»‬ ‫للعراقي خالد القسطيني‪.‬‬

‫جاء وقت الغداء‪ ،‬وش��ربت الشاي بعد الغداء‬ ‫مع الصديق يوس��ف الس��عيد‪ ،‬وإذ تحدث ضجة‪،‬‬ ‫فخرجنا نستفسر‪ ،‬وإذ هناك تالوة لقائمة أسماء‬ ‫اثنين وثالثين اسما‪.‬‬ ‫وقال المس��اعد ال��ذي تال األس��ماء إن بقية‬ ‫األسماء ستأتي خالل األيام القليلة القادمة‪.‬‬ ‫وعلمنا أنه أخلي س��بيل أربعة آالف س��جين‬ ‫م��ن االتج��اه الدين��ي م��ن تدمر خالل األس��بوع‬ ‫المنص��رم‪ .‬وأكث��ر م��ن ‪ 16‬ف��رداً م��ن المكت��ب‬ ‫السياس��ي‪ ،‬كم��ا أف��رج عن أكث��ر م��ن مئة من‬ ‫اللبنانيي��ن المس��جلين لصال��ح «التوحي��د»‬ ‫الطرابلسي‪ ،‬وأربعة من «المرابطون»‪.‬‬

‫‪1991/12/21‬‬

‫انتظرن��ا عش��ر س��نوات‪ ،‬فلننتظ��ر كم��ا‬ ‫يشاؤون‪ ،‬لسنا مستعجلين‪ .‬الطقس في الخارج‬ ‫بارد وضباب‪ ،‬وكل يقيس الطريق إلى محافظته‬ ‫على هواه ‪ ..‬الكل منتظر ويقول‪ :‬كرّت السبحة‪،‬‬ ‫وتحرك الركود‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والحال��ة هكذا يصب��ح النوم صعب��ا‪ ،‬فالكل‬ ‫قلق وس��هران‪ ،‬ف��إن نام البعض فه��و نوم غير‬ ‫مس��تقر ‪ .‬وق��د انقطعت الزي��ارات وأوقفت‪ ،‬كما‬ ‫أوقف��ت ‪/‬فواتي��ر‪ /‬الخض��رة والم��ؤن‪ ،‬والس��جن‬ ‫يعيش حالة استنفار استعداداً الستقبال دوريات‬ ‫األم��ن‪ ،‬حاملة القوائم‪ .‬وهكذا ن��أكل ونطبخ ما‬ ‫تكدس من م��واد تكفي لهذه الفت��رة االنتقالية‬ ‫الحرجة‪.‬‬ ‫إنه��ا الحري��ة ‪ ...‬الطائر الذي يط��وف خائف ًا‬ ‫ف��وق ت�لال الخ��راب‪ ،‬ويصف��ق بجناحي��ه قرب‬ ‫األطالل المتهدمة الش��وهاء‪ ،‬ويتربص به جميع‬ ‫الكواس��ر م��ن الطيور‪ .‬ألن��ه يمر عل��ى الدروب‬ ‫الممنوع��ة ‪ ..‬بانتظارك أيه��ا الطائر وقد امتألت‬ ‫قلوبنا بالخوف‪.‬‬

‫‪1991/12/22‬‬

‫عبد الوه��اب المحامي��د صنّع لنا نابلس��ية‬ ‫ألجل اإلف��راج القريب‪ ،‬ووعدن��ا إذا امتدت األيام‬ ‫سيعمل لنا عوامات وكذلك زالبية‪.‬‬ ‫الس��اعة اآلن الخامس��ة والنص��ف مس��ا ًء‪.‬‬ ‫جاءت قائمة إلى الس��جن وأُف��رج عن قرابة مئة‬ ‫وخمس��ين من التيار الديني‪ ،‬والجميع بال زيارات‬ ‫منذ عش��ر سنوات ‪ .‬ونُودي اليوم على فالح عبد‬ ‫المتع��ال من حمص الذي يع��ود إلى بيته لوحده‬ ‫دون أخوي��ه اللذين أعدما ‪ ..‬أهل��ك بانتظارك يا‬ ‫فالح‪ ،‬لم يبق سواك‪.‬‬

‫‪1991/12/23‬‬ ‫ع��دت أق��رأ بمجلة ‪/‬ف��ن‪ /‬الش��هرية‪ ،‬وهذه‬ ‫المرة األول��ى التي أقرأها وأراه��ا‪ ،‬وهي جديرة‬ ‫بالتقدي��ر‪ ،‬وس��وف تخس��ر نفس��ها إذا أصبحت‬ ‫أسبوعية‪ ،‬وقد صدرت هكذا منذ عشرين شهراً‪،‬‬ ‫يس��تطيع الم��رء أن يك��وِّن بواس��طتها ثقاف��ة‬ ‫غنائية وفنية وموسيقية‪ ،‬وقد أراحتني التجاهها‬ ‫الوطني ورصانتها‪.‬‬ ‫قرأت عن محمود مرس��ي ال��ذي غادر عمله‬ ‫ف��ي هيئ��ة اإلذاع��ة البريطاني��ة احتجاج��ًا على‬ ‫اعت��داء بريطاني��ا على مصر ع��ام ‪ ،1956‬وكان‬ ‫ق��د أنهى دراس��ته ف��ي كلية اآلداب ف��ي جامعة‬ ‫القاه��رة‪ ،‬ودرس اإلخراج المس��رحي في معهد‬ ‫األويك الفرنسي‪ ،‬واطلعت على آراء ماجدة والتي‬ ‫تنتسب إلى ثورة يوليو‪ ،‬ونقدها لالستهالك في‬ ‫الفن‪ ،‬ورخْص الكثير من الفنانين‪ ،‬متخلين عن‬ ‫النظافة والجدية في سبيل الكسب‪.‬‬ ‫كذل��ك طالعت بحثاً عن الدبكة اللبنانية في‬ ‫البقاع (العرج��ة) في ريف بعلب��ك‪ ،‬وتاريخ هذه‬ ‫الدبكة التي تعود إلى أيام صالح الدين األيوبي‪،‬‬ ‫وهي قدم��ت مع القبائ��ل العربية التي س��كنت‬ ‫يومها البقاع لحماية ظهره أثناء حروبه المجيدة‪.‬‬ ‫خرج اليوم من التيار الديني ‪ 86‬شخصًا‪.‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫املواطنة والتغيري‬

‫أما المرحلة الثانية فهي ما يمكن تس��ميتها‬ ‫بح��دث الثورة وتلك ه��ي اللحظة التي يقع فيها‬ ‫االنفج��ار‪ ،‬س��واء بتخطي��ط دقي��ق ومحك��م أو‬ ‫بمفاجأة على غير انتظار تشعل فتيل الشحنات‬ ‫المكبوتة‪ ،‬وتقوم بتفجيرها وسط مجموعة من‬ ‫الظ��روف تتفاع��ل وتتدافع‪ ،‬وإذا سالس��ل القيد‬ ‫تنكس��ر‪ ،‬وإذا الس��لطة القائم��ة‬ ‫تعج��ز ع��ن المواجهة بوس��ائلها‬ ‫التقليدي��ة‪ ،‬ثم يب��دأ نظامها في‬ ‫التداع��ي حت��ى إذا ل��م يتحق��ق‬ ‫السقوط مرة واحدة‪.‬‬

‫إن أح��د المداخل الرئيس��ية إلنجاز التغيير‪،‬‬ ‫ال��ذي ب��ات الش��غل الش��اغل للجمي��ع عل��ى‬ ‫م��دى األع��وام األخي��رة والت��ي‬ ‫حفل��ت بالكثي��ر م��ن التغييرات‬ ‫االجتماعية واألحداث السياسية‪،‬‬ ‫فالمدخ��ل العام إلنج��از التغيير‬ ‫هو المواطنة الت��ي تعني حراك‬ ‫الجماهي��ر‪ ،‬فالتغيي��ر ل��ن يأتي‬ ‫إال بتحرك الن��اس‪ ،‬ومتى تحرك‬ ‫الن��اس أي مارس��وا مواطنته��م‬ ‫يحدث التغيير‬ ‫إنها عالقة ش��رطية وجدلية‬ ‫ف��ي آن واح��د بي��ن المواطن��ة‬ ‫والتغيي��ر‪ ،‬ف��ي مواجه��ة بني��ة‬ ‫االقتص��اد الريع��ي وأش��كال‬ ‫التنظي��م البدائية الت��ي يديرها‬ ‫تحال��ف البيروقراطي��ة العتيقة‪،‬‬ ‫وم��ع االقتصاديي��ن والعس��كر‪،‬‬ ‫من خ�لال الحفاظ على مفاهيم‬ ‫تتنافى مع التطور السياسي من‬ ‫حيث إعادة انتاج أشكال التنظيم‬ ‫األولية من جانب ودعم االقتصاد‬ ‫الريعي الذي يؤمن وسائل اإلثراء‬ ‫للنخبة التي تمسك بمنابع الريع‬ ‫وتوفي��ر الحاجات الدني��ا للرعية‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬مم��ا يعني إعاقة‬ ‫حقيقي��ة ألي تغيي��ر مأمول نحو‬ ‫اس��تكمال بن��اء الدول��ة المدنية‬ ‫الحديثة أو تأسيس جديد لها من‬ ‫جه��ة‪ ،‬وإلى انطالق��ة اقتصادية‬ ‫ذات طاب��ع انتاج��ي مب��دع يقوم‬ ‫عل��ى مش��اركة جمي��ع عناص��ر‬ ‫المجتمع والدولة‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫ولالنتق��ال إلى فع��ل الثورة‬

‫ويعنى ما س��بق أننا نتجاوز الرؤية النصية‬ ‫للمواطن��ة‪ ،‬إلى رؤية ترى المواطنة فى س��ياق‬ ‫ديناميك��ي بفع��ل االقتص��ادي واالجتماع��ي‬ ‫والسياس��ي والثقافي ــ الديني‪ ،‬وعليه فبمقدار‬ ‫ما يتحرك المواطن واعي ًا بالس��ياق الذى يتحرك‬ ‫فيه تتحقق المواطنة‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫أما المرحل��ة الثالثة فهي ما‬ ‫يمك��ن تس��ميتها بفع��ل الثورة‪،‬‬ ‫وذلك حي��ن يتم انهي��ار القديم‬ ‫وقي��ام البدي��ل‪ ،‬ويتق��دم م��ن‬ ‫يمثل الثورة ويتحمل مس��ؤولية‬ ‫هندس��ة رؤاه وتصوراته‪ ،‬ويضع‬ ‫األس��س ويقي��م األعم��دة لبناء‬ ‫ق��وي يتحم��ل مطالبه‪ ،‬ويتس��ع‬ ‫ألماني��ه‪ ،‬ولما أصبح في مقدوره‬ ‫اآلن ول��و بالتجرب��ة والخط��أ أن‬ ‫يق��رره وينف��ذه بحريت��ه‪ ،‬وفي‬ ‫الع��ادة وباس��تقراء التاري��خ فإن‬ ‫الوص��ول من حال��ة الث��ورة إلى‬ ‫ح��دث الث��ورة يس��تغرق فت��رة‬ ‫طويلة‪ ،‬لك��ن الوصول من حدث‬ ‫الثورة إلى فعل الثورة ال يصح أن‬ ‫يس��تغرق زمناً طوي ً‬ ‫ال‪ ،‬فالتاريخ‬ ‫كما يكتب كارل ماركس ال يعيد‬ ‫نفس��ه إال بش��كل س��خرية أو‬ ‫بشكل مأس��اة بائس وفوق ذلك‬ ‫كله تُـحلل القضايا باألساليب أي‬ ‫الطرق التي تس��اهم من خاللها‬ ‫الظ��روف التاريخي��ة في رس��م‬ ‫وتحدي��د االنتق��ال م��ن الحك��م‬ ‫التس��لطي إل��ى قي��ام الدول��ة‬ ‫المدنية المرجوة‪.‬‬

‫وأهمية ه��ذا التعريف أنه يح��رر المواطنة‬ ‫بعض الشيء من القراءة الحصرية الدستورية‬ ‫القانوني��ة الت��ى تحصرها فى كلمت��ي الحقوق‬ ‫والواجبات‪ ،‬كذلك الداللة المعنوية التى توحدها‬ ‫بمفهوم��ي ال��والء واالنتماء أو ما يع��رف بالبعد‬ ‫الشعوري للمواطنة‪ .‬فالمواطنة بحسب ما رأينا‬ ‫ــ ف��ى الخبرات واألدبي��ات المعتبرة ـ��ـ ال يمكن‬ ‫فهمه��ا باعتباره��ا مفهوما س��كونيا‪ ،‬وإنما من‬ ‫خالل الممارس��ة‪ ،‬ألنه��ا ال تتبل��ور إال من خالل‬ ‫حرك��ة الناس عل��ى أرض الواقع ف��ى نضالهم‬

‫وعليه ال يمكن فه��م المواطنة بمعزل عن‬ ‫الس��ياق االجتماع��ي ال��ذى يتحرك في��ه الناس‬ ‫بحث��ا ع��ن المواطن��ة‪ ،‬كذل��ك بعيدا ع��ن فهم‬ ‫موازي��ن القوى االجتماعية الس��ائدة والتحيزات‬ ‫الثقافية الناتجة‪ ،‬وهيكل الدولة‪ ،‬واأليديولوجية‬ ‫المهيمن��ة‪ ،‬ونم��ط اإلنت��اج القائ��م‪ ،‬وبالبن��اء‬ ‫الطبقي الذى يمي��ز مجتمعا من المجتمعات فى‬ ‫لحظة تاريخية معينة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫ما حدث ف��ي عالمن��ا العربي وم��ازال‪ ،‬أتى‬ ‫تعبي��راً ع��ن اس��تحالة التعايش م��ع التأخر عن‬ ‫ركب الحض��ارة‪ ،‬واس��تحالة التعاي��ش مع أزمة‬ ‫الثقة بي��ن الس��لطة والناس‪ ،‬وأزمة المعيش��ة‬ ‫واالقتص��اد‪ ،‬وأزم��ة النظ��ام المجتمع��ي وغي��ر‬ ‫ً‬ ‫حاجة ملحة‬ ‫ذلك كثي��ر‪ ،‬وكان التغيير وال ي��زال‬ ‫للش��عوب العربية التي عاش��ت خ�لال عقود ما‬ ‫اصطلح على تس��ميته بحال��ة الثورة ومعها فإن‬ ‫أي وط��ن يبدأ ف��ي معان��اة القلق م��ن أحواله‪،‬‬ ‫وضعف الثقة في مس��تقبله‪ ،‬بمعنى إحساس��ه‬ ‫المتزاي��د م��ع كل يوم بأن أموره ل��م تعد تتفق‬ ‫مع آماله‪ ،‬وأن واقعه لم يعد متس��ق ًا مع أمانيه‪،‬‬ ‫وأن التغيي��ر أصب��ح يزداد إلحاح��ه كل يوم‪ ،‬ثم‬ ‫إن الغضب يس��اوره واالستفزاز يس��تثيره‪ ،‬وأن‬ ‫مش��اعره تتحول إلى شحنات مكبوتة تبحث عن‬ ‫منفذ تكسر به قيدها وتحرر إرادتها‪.‬‬

‫ً‬ ‫جلي��ة واضحة بين المواطنة وأي‬ ‫تظهر العالقة‬ ‫ش��كل من أش��كال التغيير‪ ،‬حيث يعرف س��مير‬ ‫مرق��س ف��ي كتاب��ه « المواطن��ة والتغيي��ر «‬ ‫المواطن��ة بوصفها‪ « :‬حركة اإلنس��ان اليومية‪،‬‬ ‫مش��اركا ومناضال م��ن أجل حقوق��ه بأبعادها‪:‬‬ ‫المدنية والسياس��ية واالجتماعية واالقتصادية‬ ‫والثقافية‪ ،‬على قاعدة المساواة مع اآلخرين من‬ ‫دون تمييز ألى س��بب (الل��ون‪ /‬الجيل‪ /‬الجنس‪/‬‬ ‫العرق‪/‬الدي��ن‪ /‬المذه��ب‪ /‬المكان��ة‪ /‬الث��روة)‪،‬‬ ‫واندم��اج ه��ذا المواطن فى العملي��ة اإلنتاجية‪،‬‬ ‫ومن ثم المجتمعية‪ ،‬بما يتيح له تقاسم الموارد‬ ‫ف��ى إط��ار الوطن الواح��د الذى يعي��ش فيه مع‬ ‫اآلخرين «‪.‬‬

‫من أجل جعل عناصر التعريف السابق متحققة‬ ‫من‪ :‬مشاركة‪ ،‬وتوافر الحقوق بأبعادها‪ ،‬والدفع‬ ‫بالمس��اواة ك��ي تكون حقيق��ة‪ ،‬وأخي��را التمتع‬ ‫بالث��روة العامة للبالد‪ .‬أي أن المواطنة ال تتكون‬ ‫بق��رار فوقى‪ ،‬وإنم��ا بالجهد المب��ذول من قبل‬ ‫الناس على أرض الواقع‪.‬‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫‪21‬‬


‫فواز طرابل�سي‪ :‬ثورات بال ثوار‬ ‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪22‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫تحتف��ي س��وريتنا دائم��اً باإلنت��اج‬ ‫الثقاف��ي الث��ري ال��ذي يقدم��ه ف��واز‬ ‫طرابلس��ي للقارئ العرب��ي‪ ،‬وهو المؤمن‬ ‫دائم�� ًا بحق هذه األمة بحياةٍ أفضل‪ ،‬وهو‬ ‫المدافع عن فكرةٍ مفادها أن ما يجري في‬ ‫عالمن��ا العربي هو ث��ورات لقلب األنظمة‬ ‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية التي‬ ‫فق��دت ش��رعيتها الداخلي��ة بع��د أربعين‬ ‫عام��اً م��ن الحك��م أو أكث��ر‪ .‬وف��ي كتابنا‬ ‫الي��وم يقدم طرابلس��ي ق��راء ًة للظاهرة‬ ‫األبرز الت��ي تجتاح حياتن��ا العربية اليوم‪،‬‬ ‫أي الث��ورات العربي��ة أو ما يع��رف بثورات‬ ‫الربيع العربي‪ ،‬أو الثورات ضد االس��تبداد‬ ‫والدكتات��وري‪ ،‬وال يخف��ي طرابلس��ي‬ ‫ً‬ ‫حركة‬ ‫تعاطفه مع هذه الث��ورات بوصفها‬ ‫تاريخية تقدمية ونهضوية‪.‬‬ ‫يضمّ الكتاب خمس دراس��ات تتأمل‬ ‫تأمّ ً‬ ‫ال نقدياً في الث��ورات العربية‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى خمس��ة وثالثين مقا ً‬ ‫ال هي عبارة عن‬ ‫متابعات أس��بوعية مواكبة لمسارات هذه‬ ‫الث��ورات‪ ،‬وتتمح��ور جميعه��ا ح��ول فكرة‬ ‫أن جذري��ة الثورات العربية مس��تمدة من‬ ‫كونه��ا رد فعل غاضب يائ��س أحيان ًا على‬ ‫عق��ود من حكم أنظمة جمعت االس��تبداد‬ ‫إلى االنخراط في عملية التحويل الهيكلي‬ ‫القتصادي��ات بالده��ا م��ا اضطره��ا إل��ى‬ ‫المزي��د م��ن االس��تبداد لتطبي��ق إمالءات‬ ‫البن��ك الدولي‪ .‬وقد عبر ش��عار عمل درية‬ ‫خب��ز ف��ى صيغت��ه التونس��ية أو عي��ش‬ ‫حري��ة عدال��ة اجتماعي��ة ف��ي الصيغ��ة‬ ‫المصري��ة التعبير األدق ع��ن هذا التالزم‬ ‫بين االحتج��اج على البطال��ة الناجمة عن‬ ‫تريي��ع االقتصادي��ات واختي��ار طري��ق التح��ول‬ ‫الديمقراط��ي والتوق إل��ى العدال��ة االجتماعية‬ ‫في وجه الفس��اد واالس��تغالل واإلفقار وتعميق‬ ‫الفوارق الطبقية‪.‬‬ ‫يشير الكاتب إلى أن هذه المسارات الثورية‬ ‫أكث��ر تعبي��راً ع��ن الغض��ب والرف��ض والوج��ع‬ ‫المتراك��م على مدى أربعة أو خمس��ة عقود من‬ ‫الزمن مما هي صادحة بموس��يقى المس��تقبل‬ ‫«ماركس»‪ .‬وهي الس��مة األب��رز لما وصف بأنه‬ ‫ثورات بال تنظيم وثورات ال تطمح إلى السلطة‪،‬‬ ‫وهي التي تشكل الخطر األكبر عليها‪.‬‬ ‫وفي جردٍ بس��يط لما حل باألمة في الفترة‬ ‫الس��ابقة يؤكد أنن��ا أم��ام حالة جوفي��ة تلتقي‬ ‫فيه��ا الماليين للمطالبة بإس��قاط النظام وهي‬ ‫حالة ش��عبية تؤكد اس��تحالة التعايش مع نظام‬ ‫اس��تبدادي أساس��ه الجيش واألم��ن‪ ،‬ويصف ما‬ ‫ح��ل بتونس تح��ت مظلة أمريكي��ة واضحة من‬ ‫إبق��ا ٍء لألنظمة م��ع اإلطاحة بالرؤس��اء‪ ،‬وكذلك‬ ‫الحال��ة اليمني��ة التي كانت تحت غط��ا ٍء أمريكي‬ ‫أيض ًا قدمت فيه��ا المبادرة الخليجية التي رممت‬ ‫النظ��ام وأبق��ت على أركان��ه بمن فيه��م زمرة‬ ‫الرئيس علي عبد اهلل الصالح‪.‬‬ ‫أما الحالة الس��ورية فيرى أنه��ا تحولت إلى‬ ‫حرب أهلية شبيهة بالحرب االسبانية عام ‪،1939‬‬ ‫والس��بب رد النظ��ام العنيف عل��ى المتظاهرين‬ ‫من��ذ البداية ومنع الناس م��ن التجمع وإعالن أن‬ ‫حرب��ه هي ح��رب ضد اإلرهاب‪ ،‬ف��ي ظل تواطؤ‬ ‫عالمي كام��ل‪ ،‬فالث��ورات عندما تواج��ه بالقمع‬ ‫تتحول إلى السالح‪.‬‬ ‫يعترض طرابلس��ي عل��ى تس��مية “الربيع‬

‫العرب��ي” الت��ي أطلقته��ا الصحاف��ة الغربي��ة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتلقفه��ا الصحفي��ون والمثقف��ون الع��رب‪ ،‬ألن‬ ‫التس��مية تحيلنا إلى مرجعيات أوروبية من زمن‬ ‫تأس��يس الجمهوريات الديمقراطي��ة‪ ،‬أو التمرد‬ ‫عل��ى النظ��م الش��يوعية‪ ،‬وألنها توح��ي بحدث‬ ‫طبيع��ي دوري‪ ،‬يمكن أن يتبع��ه خريف الثورات‬ ‫أو ش��تائها‪ ،‬ف��ي حي��ن أن م��ا تش��هده المنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬هو حدث استثنائي بكل المعايير‪..‬‬ ‫كم��ا يعتب��ر أن الث��ورات هي نتيج��ة حتمية‬ ‫لحال الت��ردي المتعاظم الذي عاش��ته المنطقة‬ ‫بأس��رها‪ ،‬وأزاح المجتمع��ات وال��دول نحو حافة‬ ‫االنهي��ار‪ ،‬الث��ورات العربي��ة أت��ت تعبي��راً ع��ن‬ ‫اس��تحالتين‪ ،‬استحالة اس��تمرار النظام الحاكم‪،‬‬ ‫واس��تحالة أن يس��تمر المحكومون ف��ي تحمله‪،‬‬ ‫أو االس��تحالتين مع��اً‪ ،‬وال يقتصر المس��ار على‬ ‫السياس��ة فق��ط‪ ،‬ب��ل يتع��داه إل��ى كل بن��ى‬ ‫الس��لطة والمجتمع‪ ،‬التي تعاني من خلل بنيوي‬ ‫مؤسساتي في طريقة عملها‪ ،‬يستدعي التغيير‬ ‫الج��ذري‪ ،‬حيث يقول في الصفحة الثانية عش��ر‬ ‫«ال يقتص��ر هنا على السياس��ة ب��ل يطال كافة‬ ‫أوج��ه النظام القائ��م االقتصادي��ة واالجتماعية‬ ‫والثقافية والعسكرية»‪.‬‬ ‫يرصد المؤلف عدة متغيرات أحدثها المس��ار‬ ‫الثوري‪ ،‬أولها إعادة االعتبار إلى تعيين المنطقة‬ ‫بوصفه��ا عربي��ة‪ ،‬مقابل الش��رق أوس��طية‪ ،‬أو‬ ‫كونها جزءاً من العالم اإلس�لامي‪ .‬وفي السياق‪،‬‬ ‫يوج��ه طرابلس��ي نق��ده إل��ى اليس��ار العربي‪،‬‬ ‫فكراً وممارس��ة‪ ..‬وكذلك ينتقد الكاتب األحزاب‬ ‫القومية‪ ،‬كونها طرحت مبدأ الوحدة التعس��فية‬ ‫مقاب��ل التجزئ��ة‪ ،‬والماضي المجي��د‪ ،‬لردم هوة‬

‫الحاضر المتخلف‪.‬‬ ‫كما يش��ير إلى التعارض داخل القوى‬ ‫الثوري��ة نفس��ها‪ ،‬التي تتش��كل من قوى‬ ‫متضارب��ة من حي��ث األه��داف والتمثيل‪:‬‬ ‫قوى مدنية حداثية‪ ،‬تسعى لدولة القانون‬ ‫والحري��ات المدني��ة‪ .‬وتقابله��ا تي��ارات‬ ‫مختلفة من اإلس�لام السياس��ي‪ ،‬تس��عى‬ ‫إلى اس��تبدال النظام الحاكم بمؤسس��ات‬ ‫قائمة على الش��ريعة‪ .‬ما يعني ان المسار‬ ‫الثوري سيس��تغرق أمداً طوي ً‬ ‫ال‪ ،‬ويتشعب‬ ‫ف��ي اتجاه��ات عدة‪ ،‬إل��ى أن يصل مرحلة‬ ‫الحس��م والتح��ول النوعي‪ .‬يبي��ن المؤلف‬ ‫أنه تتخذ الثورة شكل انتفاضة جماهيرية‬ ‫حاش��دة‪ ،‬في وج��ه النظ��ام القائ��م‪ ،‬تبدأ‬ ‫بالمطالبة باإلصالحات‪ ،‬وتتجذر في مهمة‬ ‫إس��قاط النظام بناء عل��ى تعنته‪ ،‬وبذلك‬ ‫تنتقل من حركات ضغ��ط جماهيرية إلى‬ ‫ث��ورة‪ ،‬وغالب ًا ما تلجأ إلى العنف المس�� ّلح‪،‬‬ ‫رداً عل��ى تصاع��د قم��ع أجه��زة النظ��ام‬ ‫األمنية والعس��كرية‪ .‬وهكذا ينتهي األمر‬ ‫إل��ى االنقس��ام واالحت��راب األهل��ي بين‬ ‫معس��كرين مس�� ّلحين‪ ،‬وتتوق��ف النتائج‬ ‫عل��ى كيفي��ة انته��اء القت��ال‪ ،‬والط��رف‬ ‫المنتصر‪ ،‬أو التسوية بين طرفي الصراع‪،‬‬ ‫وف��ي كل األح��وال ف��إن العن��ف المتبادل‬ ‫يترك آث��اره المدمّ��رة على البل��د‪ ،‬وعلى‬ ‫المش��روع الث��وري برمت��ه‪ ،‬س��يما في ما‬ ‫يخ��ص التدخ��ل األجنبي الذي تس��تدعيه‬ ‫الث��ورات ع��ادة‪ ،‬ناهي��ك ع��ن أن الثورات‬ ‫ربما تفش��ل‪ ،‬وينتصر عليها النظام الذي‬ ‫تحاول إس��قاطه‪ ،‬أو أنها تعجز عن تحقيق‬ ‫أهدافها‪ ،‬فمخاض التغيير طويل وعسير‪،‬‬ ‫وقد يستغرق عدة جوالت‪.‬‬ ‫ويرجع طرابلس��ي القصور ف��ي عدم توقع‬ ‫الثورات العربية إلى نظريةٍ بالية تحكم الثقافة‬ ‫بش��كل ع��ام وه��ي نظرية االس��تثناء‬ ‫العربية‬ ‫ٍ‬ ‫العرب��ي أو االس�لامي وم��ا يتبعه��ا م��ن تعابير‬ ‫الخصوصية وأولوي��ات الواقع العربي والنقصان‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬ولعل تك��رار هذه المقوالت جعل‬ ‫نزول الماليين للش��وارع مطالبين بالحرية‪ ،‬بعد‬ ‫أن أمعنت أنظمتهم في هلهلة النس��يج الوطني‬ ‫ومفاهي��م االنتم��اء مفاج��أ ًة للجميع مما ش��كل‬ ‫نقض�� ًا لنظري��ة النقص��ان الديموقراطي ال بل‬ ‫داللة على فائض في الديموقراطية‪.‬‬ ‫فواز طرابل�سي‬ ‫أس��تاذ جامع��ي وكاتب وسياس��ي وناش��ط‬ ‫وباح��ث وم��ؤرخ لبناني‪ ،‬ي��درِّس ف��ي الجامعة‬ ‫األميركي��ة‪ .‬يحم��ل دكت��وراه ف��ي التاري��خ من‬ ‫جامع��ة باري��س‪ .‬ش��غل منصب رئي��س تحرير‬ ‫جريدة الحرية ومجلة بيروت المساء‪.‬‬ ‫أس��تاذ جامع��ي وكاتب وسياس��ي وناش��ط‬ ‫وباح��ث وم��ؤرخ لبناني‪ ،‬ي��درِّس ف��ي الجامعة‬ ‫األميركية‪ .‬يحمل دكتوراه في التاريخ من جامعة‬ ‫باري��س‪ .‬ش��غل منصب رئي��س تحري��ر جريدة‬ ‫الحري��ة ومجلة بيروت المس��اء‪ ،‬لديه الكثير من‬ ‫األبح��اث التي تتعلق بالش��أن اللبناني والمحيط‬ ‫العربي‪ ،‬م��ن بينها‪« :‬وعود عدن رحالت يمنية»‪،‬‬ ‫أمل ال ش��فاء منه»‪« ،‬صالت ب�لا وصل»‪،‬‬ ‫«ع��ن ٍ‬ ‫«عكس الس��ير كتابات مختلفة»‪« ،‬ظفار شهادة‬ ‫م��ن زمن الث��ورة»‪« ،‬في��روز والرحابنة مس��رح‬ ‫الغري��ب والكن��ز واألعجوب��ة»‪« ،‬الديمقراطي��ة‬ ‫ثورة»‪« ،‬ثورات بال ُثـوّار»‪.‬‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬

‫قصف المدن عار‪ ،‬حتى من خالل الصورة‪.‬‬ ‫ريف سوريا ‪ -‬إعزاز ‪ | 2014‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫عمل للفنان ماهر عبدو‬

‫‪23‬‬


‫أطفال نازحون في مدرسة مؤقتة بمنطقة جبل التركمان بالالذقية ‪2013‬‬

‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 31 | )154‬آب ‪2014‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪24‬‬

‫داع�ش تفر�ض برامج‬ ‫تعليمية تهدد م�ستقبل‬ ‫�أطفال �سورية‬ ‫زليخة سالم‬

‫ال��ع��ل��م ي��ب��ن��ي ب���ي���وت���اً ال ع���م���اد لها‬ ‫وال��ج��ه��ل ي��ه��دم ب��ي��ت ال��ع��ز وال��ك��رم‬ ‫لم تكتف داعش بالقتل وتقطيع الرؤوس وتعليقها‬ ‫عل��ى الصلب��ان لع��دة أي��ام أم��ام األطفال‪ ،‬وب��ث هذه‬ ‫المش��اهد المروع��ة على شاش��ات كبيرة في الس��احات‬ ‫أم��ام العام��ة واألطفال خصوص��اً‪ ،‬لزرع الرع��ب والهلع‬ ‫ف��ي قلوبهم‪ ،‬لفرض عقيدته��م وأفكارهم التي ال تمت‬ ‫للدين بصلة عل��ى األهالي‪ ،‬وإجبارهم على التنفيذ خوفاً‬ ‫من مصير مماثل لما رأوه‪.‬‬ ‫خط��ر داه��م يته��دد مس��تقبل س��ورية بأكملها‬ ‫بتمدد داع��ش‪ ،‬وفرض برامج تعليمية عل��ى أبنائنا في‬ ‫المناطق التي س��يطرت عليها‪ ،‬ته��دف إلى تجهيل جيل‬ ‫بأكمله‪ ،‬والس��يطرة على عقله‪ ،‬وتغييبه‪ ،‬ال تقل خطورة‬ ‫ع��ن القتل إذا لم يتداركه الس��وريون أنفس��هم بعد أن‬ ‫تخل��ى العالم أجمع عنهم‪ ،‬وس��مح بدخ��ول كل مجرمي‬ ‫العالم ومتطرفيه إلى س��ورية لتحويلها إلى ساحة صراع‬ ‫ألجندات دولية مختلفة‪.‬‬ ‫التعمي��م ال��ذي أصدرت��ه داع��ش ي��وم الخميس‬ ‫(وألصقت��ه ف��ي ش��وارع الرقة) إل��ى كافة المؤسس��ات‬ ‫التربوية ف��ي المناطق التي احتلتها‪ ،‬ويتضمن تعليمات‬ ‫للمنه��اج الجديد ال��ذي ألغ��ت بموجبه م��واد (التربية‬ ‫الفنية الموسيقية‪ ،‬التربية الوطنية‪ ،‬التربية االجتماعية‪،‬‬ ‫التاري��خ‪ ،‬التربي��ة الفنية التش��كيلية‪ ،‬الرياض��ة‪ ،‬قضايا‬ ‫فلسفية واجتماعية ونفسية‪ ،‬التربية الدينية اإلسالمية‪،‬‬ ‫التربية الدينية المس��يحية) بش��كل كامل من المناهج‬ ‫الدراس��ية‪ ،‬على أن تضاف مواد تعويضية من «مديرية‬ ‫المناهج» في داعش‪.‬‬ ‫الفن��ون والموس��يقى باإلضاف��ة إل��ى دوره��ا في‬ ‫السمو بالمش��اعر والروح‪ ،‬وتهذيب السلوك‪ ،‬فهي عالج‬ ‫لألمراض النفسية والتوتر العصبي‪ ،‬وقد أنشئت مشافٍ‬ ‫خاصة للعالج بالموسيقى في بالد الكفر «حسب تصنيف‬ ‫داع��ش»‪ ،‬وكان العرب كذلك يس��تخدمونها كعالج في‬ ‫العصري��ن األم��وي والعباس��ي‪ ،‬كما أن الرياض��ة حياة‪،‬‬ ‫وفض ً‬ ‫�لا عن فوائدها في الحفاظ على الصحة والنش��اط‬ ‫فهي كذل��ك عالج للعديد من األم��راض‪ ،‬وتمارس منذ‬ ‫آالف السنين‪.‬‬ ‫داعش تري��د حذف التاريخ والمواد المتعلقة بعلوم‬ ‫الفلسفة واالجتماع وحتى الديانة اإلسالمية والمسيحية‪،‬‬ ‫وال ندري م��ا هي برامجها الظالمي��ة البديلة التي تريد‬ ‫زرعها ف��ي عقول أطفالنا وش��بابنا في مراح��ل التعليم‪،‬‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫وهي من أدق المراحل‪ ،‬وعقولهم النقية هي أعظم ثروة‬ ‫نتملكها لبناء مستقبل قائم على العلم والمعرفة‪.‬‬ ‫وربما س��نجد غداً صور البغدادي في المناهج بد ًال‬ ‫من صور األسدين األب واالبن‪ ،‬أي استبدال الدكتاتورية‬ ‫بوجه مختلف‪ ،‬وعقيدة مختلفة‪.‬‬ ‫ووفق التعليمات يُشطب اسم سورية ليحل محلها‬ ‫اس��م داعش‪ ،‬وحذف النش��يد الس��وري‪ ،‬وطمس جميع‬ ‫الصور التي ال توافق الش��ريعة اإلس�لامية )وال ندري ما‬ ‫هي الصور التي ال توافق الشريعة‪ ،‬هل هي صور الشهيد‬ ‫يوس��ف العظم��ة ورم��وز التاري��خ العرب��ي‪ ،‬أم الخرائط‬ ‫الجغرافي��ة‪ ،‬أم الص��ور التوضيحية ألعضاء الجس��م في‬ ‫العلوم؟)‪.‬‬ ‫داعش تريد إلغاء الوطنية وش��طب كل ما يمت لها‬ ‫بصلة «وط��ن‪ ،‬وطنية‪ ،‬وطني» واس��تبدالها بداعش أو‬ ‫بالد المسلمين أو والية الشام‪ ،‬وكأننا كنا في بالد الكفر‬ ‫وهؤالء الزنادقة األجانب الغرباء أتوا ليعلمونا اإليمان‪.‬‬ ‫ول��م أس��توعب حتى اآلن م��ا عالق��ة الديمقراطية‬ ‫واالنتخابات بمادة الرياضي��ات‪ ،‬حيث جاء في التعليمات‬ ‫«حذف أي مث��ال في مادة الرياضيات ي��دل على الربا أو‬ ‫الفوائ��د الربوية أو الديمقراطية أو االنتخاب‪ ،‬وحذف كل‬ ‫ش��يء في مادة العلوم يتع ّلق بنظرية دارون أو رد الخلق‬ ‫للطبيع��ة أو الخلق من عدم‪ ،‬ورد كل الخلق هلل س��بحانه‬ ‫وتعالى»‪.‬‬ ‫العال��م ف��ي س��باق محم��وم ف��ي مج��ال العل��وم‬ ‫والتكنولوجي��ا والث��ورات التقنية واالختراع��ات العلمية‪،‬‬ ‫والبحث عن أس��اليب جديدة للتعليم‪ ،‬وداعش تأتي من‬ ‫الغيب لتعيدنا إلى عصور ما قبل التاريخ‪ ،‬لتهدم مستقبل‬ ‫أطفالنا ووطننا‪ ،‬فمن جاء بداعش إلى سورية‪ ،‬وسمح لها‬ ‫بالصعود والتمدد‪ ،‬ال يكتفي بتدمير البالد فقط بل يريد‬ ‫أن يضمن عودتها إلى عهود الجهل والظلمات‪.‬‬ ‫داع��ش ه��ذا الس��رطان ال��ذي ينخ��ر في الجس��د‬ ‫الس��وري‪ ،‬ومرتزقته الغرباء المس��توردون م��ن الخارج‪،‬‬ ‫يس��تبيح حياتنا وثقافتنا وتاريخنا وروحنا وتراثنا ونساءنا‬ ‫وأطفالن��ا‪ ،‬ك ّف��ر الناس بالدي��ن والتدين‪ ،‬ش��وه صورة‬ ‫اإلسالم الصحيح أمام العالم‪ ،‬يتاجر بنا ويسرق مقدراتنا‪،‬‬ ‫يق��دم كل الصور الخاطئة لتش��ويه الث��ورة وإجهاضها‪،‬‬ ‫بالتعاون مع حليفه «نظام األسد»‪.‬‬ ‫المناطق التي س��عى النظام جاهداً إلى تهميش��ها‬ ‫وتجهيلها وتفقيرها‪ ،‬ومنع كل س��بل التنمية عنها‪ ،‬رغم‬ ‫كل الخيرات والموارد التي تمتلكها‪ ،‬وجدت داعش فيها‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)103191‬‬ ‫دمشق‪6936 :‬‬ ‫ريف دمشق‪23613 :‬‬ ‫حمص‪13554 :‬‬ ‫درعا‪9395 :‬‬ ‫إدلب‪11234 :‬‬ ‫حلب‪20512 :‬‬

‫دير الزور‪6155 :‬‬ ‫الرقة‪1220 :‬‬ ‫السويداء‪81 :‬‬ ‫حماة‪6927 :‬‬ ‫الالذقية‪993 :‬‬ ‫طرطوس‪363 :‬‬ ‫الحسكة‪718 :‬‬ ‫القنيطرة‪767 :‬‬

‫ترب��ة خصبة لزرع أفكارها الهدامة والظالمية بالتخويف‬ ‫والرعب وقطع الرؤوس تارة‪ ،‬وبش��راء الذمم تارة أخرى‪،‬‬ ‫فمن التحق بداعش من الس��وريين فليس إيماناً وتديناً‬ ‫من��ه‪ ،‬أو ألنه اقتن��ع بش��ريعة داعش المناقضة لش��رع‬ ‫اهلل‪ ،‬بل ألنه تم ش��راؤه وإغ��راؤه بالمال والجاه واألفكار‬ ‫الخرافية‪.‬‬ ‫كانت س��ورية تعاني من تراجع التعليم وتوجيهه‪،‬‬ ‫وسوء آلياته‪ ،‬وحش��و مناهجه وكثافتها‪ ،‬وترجمة الكثير‬ ‫منه��ا ع��ن مناه��ج أجنبي��ة وتلقينه��ا للطالب بش��كل‬ ‫مناه��ض آللية تدريس هذه المواد في دولها‪ ،‬في نظام‬ ‫دكتات��وري هجّ��ر كوادرن��ا العلمية والثقافي��ة‪ ،‬النعدام‬ ‫الحاضن��ة إلبداعاته��ا ف��ي ظل نظ��ام كان قائم��اً على‬ ‫التجهي��ل وإقصاء كل ذي معرفة وعل��م وثقافة‪ .‬علماً أن‬ ‫أبناءن��ا وعلماءنا أبدعوا وتفوق��وا على أقرانهم في دول‬ ‫العال��م التي يعملون بها‪ ،‬عندما فتح لهم المجال لحرية‬ ‫العم��ل والتفكي��ر واإلب��داع‪ ،‬واليوم تأتي داع��ش لبناء‬ ‫منظومة تعليمية تخدم أهدافها وتمددها‪.‬‬ ‫من يصمت على أفعال داعش الخطيرة والمرسومة‬ ‫بدق��ة‪ ،‬كمن صمت على اس��تبداد األس��د ونظامه أكثر‬ ‫م��ن خمس��ين عام��اً‪ ،‬إال أنه ف��ي حالة داعش س��يكون‬ ‫الثمن أغلى بكثير‪ ،‬ومئات األعوام القادمة من الظلمات‬ ‫واالس��تبداد والجهل‪ .‬وعلينا أن ال نه��زأ كما العادة من‬ ‫مثل ه��ذه التعامي��م والبيان��ات‪ ،‬وأن ن��درك خطورتها‬ ‫ومراميها وخلفياتها والعمل على منع العمل بها‪ ،‬وأن ال‬ ‫نك��رر أن داعش جرى تضخيمها‪ ،‬دون أن نرى أن بقاءها‬ ‫ولو لفت��رة قصيرة‪ ،‬يمك��ن أن يؤس��س لخاليا ظالمية‬ ‫متطرفة ف��ي المس��تقبل القريب‪ ،‬ألنه ي��زرع في عقول‬ ‫غض��ة‪ ،‬كمن يكتب على ورقة بيضاء ناصعة ويش��وهها‬ ‫بالس��واد‪ ،‬كما المثل الش��عبي‪ ،‬ف��ـ «العلم ف��ي الصغر‬ ‫كالنقش في الحجر»‪.‬‬ ‫كنا نناش��د ف��ي بداية الث��ورة إلنق��اذ أطفالنا من‬ ‫التش��رد والحزن واأللم‪ ،‬واس��تنهاض المجتمع المدني‬ ‫إللحاقه��م بالتعلي��م‪ ،‬واآلن نناش��د إلنق��اذ عقوله��م‬ ‫الصغيرة من التش��ويه‪ ،‬ومن حش��وها باألف��كار القاتلة‬ ‫الهدامة‪ ،‬وإال سنجد أمامنا جيال من المتطرفين والقتلة‪.‬‬ ‫ه��ل هذه هي س��ورية فع ًال‪ ،‬التي كان��ت منارة في‬ ‫العلم والثقاف��ة والحضارة والتطور الصناعي قبل اجتياح‬ ‫األس��د األب له��ا وس��رقة مقدراته��ا وتهجي��ر علمائها‬ ‫وكوادرها وتصحي��ر عقولها‪ ،‬والتي دف��ع ويدفع أبنائها‬ ‫حياته��م ثمن��أ لالنتق��ال إل��ى دول��ة الحري��ة والعدالة‬ ‫والقانون والمواطنة‪..‬؟‬ ‫‪ 8307‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 3814‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 7557‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 28856‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 74327‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2014 / 8 / 30‬‬ ‫‪http://www.vdc-sy.info/‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.