Souriatna 155

Page 1

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫العنقودي من النظام �إىل داع�ش‬ ‫سوريتنا – زليخة سالم‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫في س��ابقةٍ جديدة نحو تطور الس�لاح في يد‬ ‫تنظي��م داع��ش‪ ،‬نش��رت هيومن رايت��س ووتش‬ ‫تقريراً األس��بوع الماضي‪ ،‬يؤكد اس��تخدام تنظيم‬ ‫داع��ش للذخائ��ر العنقودية في ‪ 12‬تم��وز و‪ 24‬آب‬ ‫أثن��اء القتال ح��ول بلدة عين ع��رب «كوباني» في‬ ‫محافظة حل��ب‪ ،‬والخاضعة لس��يطرة قوات كردية‬ ‫من وحدات حماية الش��عب األبوجية «وذلك استناداّ‬ ‫إل��ى تقارير م��ن مس��ؤولين محليين أك��راد وأدلة‬ ‫مستمدة من صورة فوتوغرافية»‪.‬‬ ‫ونقل التقرير على لسان أحد كبار المسؤولين‬ ‫األكراد في كوبان��ي أن «أربعة من مقاتلي وحدات‬ ‫حماية اش��عب وطف ً‬ ‫ال في الحادية عش��ر قتلوا في‬ ‫الهجمتين اللتين تسببتا أيضًا في جرح طفل آخر»‪.‬‬ ‫وبحس��ب اعتق��اد المنظمة تعتبر ه��ذه الحالة‬ ‫ه��ي األولى المس��جلة الس��تخدام تنظي��م داعش‬ ‫ً‬ ‫منوهة إلى أنها‬ ‫بشكل معروف للذخائر العنقودية‪،‬‬ ‫ال تعرف كيف استحوذت داعش على هذه الذخائر‪.‬‬ ‫في هذا الصدد قال س��تيف غوس مدير قسم‬ ‫األسلحة ورئيس ائتالف الذخائر العنقودية إن «أي‬ ‫اس��تخدام للذخائر العنقودية جدي��ر باإلدانة‪ ،‬لكن‬ ‫ال��رد األمثل ه��و انضمام كافة األم��م إلى اتفاقية‬ ‫حظ��ر تلك األس��لحة والعم��ل الجماع��ي لتخليص‬ ‫العالم منها»‬ ‫ورغ��م اإلدان��ات الدولية واس��عة النطاق فقد‬ ‫س��بق لقوات الحكومة السورية اس��تخدام الذخائر‬ ‫العنقودي��ة من��ذ حزي��ران ‪ ،2012‬وكان آخر أمثلة‬ ‫اس��تخدامه للذخائر العنقودية الملقاة جواً هجومًا‬ ‫ف��ي ‪ 21‬آب عل��ى بل��دة منب��ج في محافظ��ة حلب‪،‬‬ ‫الخاضع��ة لس��يطرة داعش من��ذ بداية الع��ام‪ ،‬ما‬ ‫أدى إلى مقتل س��تة مدنيي��ن على األقل وجرح ‪40‬‬ ‫آخرين‪ ،‬بحسب منظمة محلية‪.‬‬ ‫حيث اس��تخدمت قوات الحكومة السورية ما ال‬

‫أسلحة روسية وألمانية اغتنمتها «داعش» من الفرقة ‪17‬‬

‫يقل عن ‪ 249‬ذخيرة عنقودية منذ منتصف ‪2012‬‬ ‫في عدة مواقع داخل ‪ 10‬محافظات سورية‪ ،‬استناداً‬ ‫إل��ى أدل��ة مس��تمدة م��ن مقاط��ع فيدي��و وأفالم‪،‬‬ ‫وش��هادات ش��هود‪ ،‬وأبحاث أجرتها هيومن رايتس‬ ‫ووت��ش وغيرها‪ ،‬واألرج��ح أن يزيد الع��دد الفعلي‬ ‫ع��ن ه��ذا حيث أنه ل��م يتم تس��جيل كاف��ة وقائع‬ ‫االستخدام‪.‬‬ ‫‪ 1600‬ش��خص بي��ن العنق��ودي وقذائ��ف لم‬ ‫تنفجر!!‬ ‫بالرغ��م م��ن ق��رار الجمعي��ة العام��ة لألم��م‬ ‫المتحدة عام ‪ 2013‬والذي أدان اس��تخدام الحكومة‬ ‫الس��ورية للقنابل العنقودية‪ ،‬إال أن أحدث التقارير‬ ‫الصادرة يوم األربعاء الفائت من قبل جماعة دولية‬ ‫معني��ة بمكافح��ة اس��تخدام الذخائ��ر العنقودية‪،‬‬ ‫أكدت س��قوط ما يقارب ‪ 1600‬ش��خص في سوريا‬ ‫خالل العامين الماضيين ضحية القنابل العنقودية‬ ‫والذخائ��ر الت��ي ل��م تنفج��ر‪ ،‬مؤك��د ًة أن ‪ 97%‬من‬

‫الضحاي��ا ه��م م��ن المدنيي��ن وهي أعلى نس��بة‬ ‫مسجلة على اإلطالق‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا الص��دد يق��ول ميجان ب��ورك من‬ ‫مش��روع ش��بكة س��يرفايفو أنه «م��ن المحزن أن‬ ‫تشهد سوريا العام الماضي سقوط ضحايا ومعاناة‬ ‫مدنيين من الذخائر العنقودية أكثر من اي وقت أو‬ ‫أي مكان آخر من بدأت الجماعة الرصد»‬ ‫وأضاف بورك بأن‪« :‬أكثر من ‪ 1400‬دولة نددت‬ ‫باس��تخدام س��وريا للذخائر العنقودي��ة في بيانات‬ ‫وقرارات‪ ،‬بينها ‪ 51‬دولة لم تنضم لالتفاقية بعد»‪.‬‬ ‫والجدي��ر ذكره بأن م��ن بين هذه ال��دول الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية وروسيا والصين‪.‬‬ ‫ويأت��ي ه��ذا التقري��ر قبي��ل عق��د االجتم��اع‬ ‫الخام��س لل��دول الموقعة عل��ى االتفاقي��ة والذي‬ ‫سيبدأ أعماله في سان خوسيه في كوستاريكا في‬ ‫الثاني من شهر أيلول القادم‪.‬‬

‫‪ 79‬منظمة حقوقية و�إن�سانية‪� :‬أفرجوا عن مازن دروي�ش ورفاقه!!‬ ‫سوريتنا – لمى علوان‬ ‫م��ع اقتراب الموعد المتوق��ع إلصدار الحكم‬ ‫القضائي في حق كل من مازن درويش وهاني‬ ‫الزيتان��ي وحس��ين غري��ر‪ ،‬طالب��ت ‪ 79‬منظمة‬ ‫حقوقي��ة وإنس��انية ومدني��ة محلي��ة وعربي��ة‬ ‫وعالمية الحكومة السورية باإلفراج فوراً ودون‬ ‫قيد أو شرط عنهم‪.‬‬ ‫حيث أشار بيان المنظمات المنشور على موقع‬ ‫هيومن رايتس ووت��ش الجمعة‪ ،‬أنه من المتوقع‬ ‫أن تصدر محكمة قضايا اإلرهاب السورية حكمها‬ ‫في ‪ 24‬أيلول الحال��ي في محاكمة مازن وزميليه‬ ‫بتهمة "الترويج لألعمال اإلرهابية"‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا الص��دد ق��ال المتح��دث باس��م‬ ‫المنظم��ات‪" :‬ال تع��دو مُحاكم��ة م��ازن درويش‬ ‫وزمالئه مجرد كونها مُحاكمة صورية‪ ،‬وإجهاضًا‬ ‫صارخ��اً للعدال��ة‪ .‬ويج��ب إط�لاق س��راح هؤالء‬ ‫المدافعين عن حقوق اإلنسان فوراً"‪ ،‬حيث علمت‬ ‫مصدر مراقب ع��ن كثب‪ ،‬احتمال‬ ‫المنظم��ات من‬ ‫ٍ‬ ‫إص��دار الحكم في القضية عند االس��تئناف‪ ،‬بعد‬ ‫التأجيل عدة مرات إلخفاق قوات األمن في توفير‬ ‫المعلومات التي طلبتها المحكمة‪.‬‬ ‫وبحس��ب ش��هادات بع��ض المعتقلي��ن‬ ‫الس��ابقين الذي��ن احتج��زوا إل��ى ج��وار م��ازن‬

‫دروي��ش وزمالءه فقد تعرض ه��ؤالء للتعذيب‬ ‫عل��ى يد ق��وات األم��ن وغيره من ضروب س��وء‬ ‫المعاملة‪ ،‬وهو أمر ل��م يتم إجراء تحقيق حوله‬ ‫حت��ى اآلن‪ ،‬بالرغم من أن هذه التقارير موثوق‬ ‫بصحتها‪.‬‬ ‫وضمن ه��ذا الس��ياق‪ ،‬قال أح��د المحامين‬ ‫المدافعي��ن عن المحتجزين السياس��يين والذي‬ ‫يقوم برصد عملية تنفيذ العفو بوجود عدد من‬ ‫الحاالت المس��تفيدة من العف��و قانونيًا إالى أن‬ ‫القضاة قاموا بإع��ادة ملفاتهم إلى النائب العام‬

‫م��رة أخ��رى‪ ،‬مرفقة بطل��ب من أجل إس��تبدال‬ ‫االتهام��ات الموجه��ة إليه��م بأخرى ال يش��ملها‬ ‫العفو‪.‬‬ ‫م��ا دف��ع المنظمات إل��ى تأكيده��ا ضرورة‬ ‫التزام قاضي محكمة قضايا اإلرهاب المش��رف‬ ‫على محاكمة الرجال الثالث��ة بالعفو‪ ،‬واالمتناع‬ ‫عن إرس��ال قضيتهم إلى النائ��ب العام لتوجيه‬ ‫اتهام��ات جدي��دة‪ ،‬بل وإط�لاق س��راحهم على‬ ‫الفور‪ ،‬وهو ما أكدته عليه أيضاً مجموعة العمل‬ ‫األممية المعنية باالحتجاز التعسفي‪.‬‬


‫احل�سكة‪� :‬آالف الأ�سر يف املدينة بال م�أوى‬ ‫ونزوح �أكرث من ‪� 60‬ألف مدين‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫الحسكة ‪ -‬عدنان أبو كنان‬

‫الجئون في إحدى مدارس الحسكة | شباط ‪2014‬‬

‫في مدينة الحسكة‪ ،‬حصارا خانقا‪ ،‬منذ أكثر من‬ ‫س��نتين‪ ،‬حيث تحاصره حواج��ز النظام من كل‬ ‫الجهات‪ .‬ويتحصن فيه من��ذ تحريره بضع مئات‬ ‫من المقاتلين جميعهم من أبناء الحي‪.‬‬ ‫وفي االسابيع االخيرة ش��نت قوات النظام‪،‬‬ ‫مدعومة بعناصر جيش الدفاع الوطني‪ ،‬وقوات‬ ‫ال��ـ‪ ،ypg‬التابعة لل��ـ ‪ ،pyd‬الحليف االبرز للنظام‬ ‫ف��ي المنطق��ة الش��رقية وتحدي��دا محافظ��ة‬ ‫الحس��كة‪ ،‬ش��نت هجوم��ا عنيف��ا عل��ى الح��ي‬ ‫الذي يقطن��ه قرابة ‪ 70‬الف نس��مة من العرب‪،‬‬ ‫واس��تهدفت الحي بقص��ف مدفعي م��ن اللواء‬ ‫‪ 121‬ف��ي جب��ل كوك��ب ش��رق الحس��كة ‪ ،‬كما‬ ‫نفذ طي��ران النظام الحربي ع��دة غارات جوية‬ ‫اس��تهدفت معظمها منازل المدنيين‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى تع��رض االهالي المدنيين لعش��رات حاالت‬ ‫القن��ص راح ضحية نحو ‪ 50‬ش��هيد مدني منذ‬ ‫بداية العميات العسكرية‪.‬‬ ‫«أب��و خال��د» وزوجت��ه وأح��د أوالده‪ ،‬صورة‬ ‫أخ��رى لألل��م‪ ،‬حيث ل��م يس��عفهم الوقت ألخذ‬ ‫م��ا ج��اؤوا ألجله‪ ،‬دخل��وا الحي بع��د يومين من‬ ‫القص��ف ألخذ بع��ض االحتياجات م��ن المنزل‪،‬‬

‫سقطت عليهم قذيفة مدفعية‪ ،‬لقوا مصرعهم‬ ‫على اثرها‪ ،‬دون ان يفلحوا في الهرب من الموت‬ ‫المتربص بهم في كل زاوية من زوايا الحي‪.‬‬ ‫ظروف إنس��انية صعب��ة يعانيه��ا االف من‬ ‫نزحوا عن منازلهم‪ ،‬تب��دأ بصعوبة العثور على‬ ‫مكان لإلقامة‪ ،‬في وق��ت اصدرت وحدات حماية‬ ‫الش��عب الكردية التابعة لح��زب الـ ‪ ،pyd‬تعميما‬ ‫عل��ى اصحاب المنازل والمكاتب العقارية‪ ،‬بعدم‬ ‫السماح لهذه الجهات تأجير او ايواء اي عائلة من‬ ‫اهالي الحي‪ ،‬تحت طائلة المساءلة والمحاسبة‪.‬‬ ‫جدي��ر بالذك��ر ان ح��ي «غوي��ران» مدخل‬ ‫الحس��كة الجنوب��ي‪ ،‬يبلغ عدد س��اكنيه نحو ‪70‬‬ ‫الف نس��مة‪ ،‬ش��هد ه��ذا الح��ي هذا الع��ام عدة‬ ‫مح��اوالت اقتحام من ق��وات النظ��ام‪ ،‬وتعرض‬ ‫ف��ي عدة مناس��بات للقصف المدفع��ي من قبل‬ ‫النظ��ام‪ ،‬اودى بحي��اة العش��رات بينه��م اطفال‬ ‫ونس��اء وجله��م م��ن المدنيي��ن‪ ،‬ف��ي محاول��ة‬ ‫م��ن ق��وات النظام لبس��ط س��يطرته على اخر‬ ‫معاق��ل الثورة في مدينة الحس��كة بعد ان قطع‬ ‫االتصاالت والمياه والكهرباء والطعام عن الحي‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫أدت العملي��ات العس��كرية التي تق��وم بها‬ ‫ق��وات النظ��ام‪ ،‬وبعض المليش��يات المس��لحة‬ ‫المتحالف��ة معه القتحام حي غويران‪ ،‬إلى نزوح‬ ‫أكث��ر من ‪ 60‬أل��ف مدني م��ن الحي‪ ،‬ف��ي أكبر‬ ‫عملية نزوح جماعي تش��هدها مدينة الحس��كة‬ ‫من��ذ ان��دالع الثورة الس��ورية ومن��ذ تحرير حي‬ ‫غويران قبل عامين‪.‬‬ ‫«أبو علي» الذي يسكن في منزل مؤلف من‬ ‫غرفتي��ن‪ ،‬يفترش منزله والباحة الصغيرة التي‬ ‫يطل عليه��ا المنزل اكثر من ‪ 40‬فردا من اس��ر‬ ‫اش��قائه‪ ،‬الذين فروا من القصف الذي يتعرض‬ ‫ل��ه حيه��م‪ ،‬ل��م تك��ن الم��رة االولى الت��ي يلجأ‬ ‫اش��قاء» ابو علي « اليه‪ ،‬بل ه��ي المرة الثالثة‪،‬‬ ‫فمنذ ما يقرب الش��هر‪ ،‬وهذه حال االف االسر ما‬ ‫ان تع��ود إلى منازلها حتى ت��أوي إلى ركن بعيد‬ ‫تـأمن على ارواحها‪.‬‬ ‫وتوج��ه غالبي��ة النازحين من ح��ي غويران‬ ‫إل��ى احياء مدين��ة الحس��كة كأحياء‪(:‬النش��وة‪،‬‬ ‫الليلي��ة‪ ،‬وح��ي الزه��ور) أو إل��ى ري��ف تل تمر‬ ‫الجنوب��ي كما توجه البعض منهم إلى مدينتي‬ ‫الش��دادة والقامش��لي لوجود أقارب لهم ‪ .‬بينما‬ ‫كانت الحدائق واالرصفة والطرقات مالذ المئات‬ ‫م��ن الفاري��ن م��ن القص��ف الج��وي والمدفعي‬ ‫العنيف للحي‪.‬‬ ‫يقول أبو أسامة‪« :‬بالكاد تمكنا من الخروج‬ ‫م��ن المن��زل‪ ،‬بعد ان س��قطت قذيف��ة مدفعية‬ ‫على منزل جارنا‪ ،‬وعشرات القذائف االخرى في‬ ‫محيط منزلنا‪ ،‬حتى ما يمكن ان يستر اجسادنا‪،‬‬ ‫لم نتمكن من جلبه معنا»‪.‬‬ ‫يص��ف أبو أس��امة ليل��ة الن��زوح بالعصيبة‬ ‫«خاص��ة ص��راخ االطف��ال وصيح��ات النس��اء‪،‬‬ ‫والخ��وف من المجهول الذي ينتظرنا‪.. ،‬مش��اعر‬ ‫مختلف��ة احسس��نا بها‪ ،‬ل��م تكن ليل��ة عصيبة‬ ‫فقط كانت جحيم ًا»‪.‬‬ ‫يعاني حي «غويران» الحاضن األول للثورة‬

‫‪ 4‬مليون �سوري يح�صلون على ح�ص�ص غذائية خالل �آب‬ ‫تلق��ى ‪ 4.1‬ملي��ون ش��خص في س��وريا‬ ‫حصصًا غذائية في ش��هر آب المنصرم‪ ،‬وهو‬ ‫رقم قياس��ي منذ بدء األحداث‪ ،‬وهذا بحسب‬ ‫مهند هادي المدير القطري لبرنامج األغذية‬ ‫العالمي‪.‬‬ ‫وأضاف هادي في بيان للبرنامج نُشِ��رَ‬ ‫الثالث��اء‪ :‬إن برنامج األغذي��ة يصل إلى عدد‬ ‫أكب��ر م��ن الناس كل ي��وم لنقل مس��اعدات‬ ‫أغذية يحتاجونها بش��دة‪ ،‬وكثير منهم كانوا‬ ‫جياع��اً طوال ش��هور‪ ،‬وذلك بع��د عبور عدد‬ ‫أكبر م��ن القوافل لخطوط القت��ال والحدود‬ ‫السورية مع تركيا واألردن‪.‬‬ ‫وج��اء ف��ي البي��ان أن البرنام��ج ووكاالت‬ ‫ش��ريكة تمكنوا خالل األس��ابيع الستة الماضية‬ ‫من عبور خط��وط القتال للوصول إلى أكثر من‬ ‫‪ 580‬ألفا وهو ما يزيد أربع مرات عن العدد الذي‬ ‫أمكن الوصول إليه سابق ًا‪.‬‬

‫وأوضح البرنامج في بيانه أن خمس قوافل‬ ‫عب��رت الحدود من معبر باب الس�لام في تركيا‬ ‫ومعبر الرمثاء م��ن األردن منذ ‪ 25‬تموز‪ ،‬حملت‬ ‫حص��ص غ��ذاء تش��مل األرز والع��دس والزيت‬ ‫والمعكرون��ة والبرغ��ل وأغذي��ة معلبة وطحين‬ ‫القم��ح والف��ول والملح والس��كر لم��ا يصل إلى‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫سوريتنا | رقية سمسم‬

‫‪ 69500‬شخص في مناطق يصعب الوصول‬ ‫لها ف��ي محافظات حل��ب وإدل��ب والقنيطرة‬ ‫ودرعا‪.‬‬ ‫وأض��اف‪ « :‬لق��د س��اعد تس��هيل دخول‬ ‫المس��اعدات اإلنس��انية ف��ي رف��ع ع��دد من‬ ‫يحصل��ون عل��ى حص��ص طع��ام مقارن��ة‬ ‫بعدده��م ف��ي تم��وز الع��ام الماض��ي الذي‬ ‫كان ‪ 3.7‬مليون ش��خص‪ ،‬لك��ن البرنامج لم‬ ‫يحقق قط الرقم الش��هري المستهدف لعدد‬ ‫السوريين الذين يقوم بإطعامهم وهو ‪4.25‬‬ ‫مليون شخص في آب‪ ،‬أي نحو خمس سكان‬ ‫س��ورية قبل الحرب‪ ،‬مؤكداً أن��ه بحاجة إلى‬ ‫‪ 35‬مليون دوالر أسبوعيا لتغطية االحتياجات‬ ‫الغذائي��ة للس��وريين المتضرري��ن م��ن الحرب‬ ‫ومنهم ثالثة ماليين الجيء في الدول المجاورة‪.‬‬ ‫وكان مجلس األمن سمح في تموز الماضي‬ ‫بإدخ��ال المس��اعدات الدولية من أربع��ة معابر‬ ‫حدودية دون موافقة الحكومة‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫«تداعيات احلرب» ‪ ..‬احلكاية كما يراها الأطباء‬ ‫سوريتنا – سمر فرحان‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫هو «ي��وم» ف��ي حياة الح��رب الدائ��رة في‬ ‫سوريا منذ ثالث سنوات‪« ،‬يوم» لكن هذه المرة‬ ‫بعي��ون العاملين في المج��ال الطبي والمرضى‬ ‫والالجئين‪ ،‬في فيل��م أطقلته منظمة أطباء بال‬ ‫حدود تحت عنوان «تداعيات الحرب»‪.‬‬ ‫ويكش��ف ه��ذا الفيل��م قس��وة األح��داث‬ ‫الدامية الجارية في س��وريا‪ ،‬والك��م الهائل من‬ ‫االحتياج��ات الطبي��ة الواجب تلبيته��ا كل لحظة‬ ‫وفي مواقع مختلفة‪.‬‬ ‫وع��ن الفيل��م تق��ول الدكت��ورة ج��وان ليو‬ ‫الرئيس��ة الدولي��ة للمنظم��ة‪« :‬الح��رب طاحنة‬ ‫لدرج��ة أن��ه م��ن الس��هل نس��يان وقعه��ا على‬ ‫الس��وريين كأف��راد‪ ،‬وخ�لال عملي هن��اك في‬ ‫نهاي��ة الع��ام المنصرم‪ ،‬رأي��ت أطف��ا ً‬ ‫ال أصيبوا‬ ‫بجروح من ج��راء التفجيرات‪ ،‬وآخرون عانوا من‬ ‫أم��راض يمكن الوقاية منه��ا‪ ،‬وعائالت من دون‬ ‫مأوى الئق‪ ،‬ونساء لم يستطعن إنجاب أطفالهن‬ ‫في بيئة آمنة‪ ،‬بش��كل عام‪ ،‬نشعر كلنا بنقص‬ ‫ف��ي اإلنس��انية عندم��ا نتحدث عن س��ورية‪ ،‬إذ‬ ‫نتناول عادة األرقام»‬ ‫وف��ي تقريرها المنش��ور حول المش��روع‪،‬‬ ‫تش��ير المنظم��ة إل��ى أن الفيل��م يب��رز الوق��ع‬ ‫الش��خصي للح��رب القاس��ية والعنيف��ة‪ ،‬حي��ث‬ ‫تقوم مجموع��ة من األفالم القصيرة والمقاالت‬ ‫المص��ورة م��ع تقري��ر س��ردي بنق��ل األبع��اد‬ ‫الش��خصية لألحداث كم��ا يعيش��ها المرضى م‬ ‫الالجئين الس��وريين‪ ،‬وأف��راد الفري��ق المعالج‬ ‫لهم التاب��ع للمنظمة‪ ،‬ويؤكد التقرير اس��تحالة‬ ‫توثي��ق هذه الصور داخل س��وريا ج��راء انعدام‬ ‫األمن فيها‪.‬‬ ‫وإلنتاج ه��ذا العمل تعاون��ت منظمة أطباء‬ ‫بال حدود مع مصورين فوتوغرافيين ومصوري‬ ‫فيدي��و حائزين على جوائ��ز عالمية‪ ،‬من بينهم‬ ‫كاي��ت بروك��ز وي��وري كوزيريف ومويس��يس‬ ‫س��امان ودانيل إتير وتون كوين‪ .‬ليقوموا نهاية‬

‫مشهد من الفيلم‬

‫الع��ام الفائ��ت بزي��ارة عي��ادات ومستش��فيات‬ ‫المنظمة في أماكن إقام��ة الالجئين في دوميز‬ ‫العراقي��ة‪ ،‬وس��هل البق��اع اللبنان��ي‪ ،‬والرمث��ة‬ ‫وعم��ان ف��ي األردن‪ ،‬به��دف توثي��ق ظ��روف‬ ‫العي��ش‪ ،‬ليتم إنج��از العمل في ي��وم واحد من‬ ‫ٍ‬ ‫التصوي��ر‪ ،‬حي��ث يقوم كل موق��ع بمنح لمحاتٍ‬ ‫ح��ول التحدي��ات والعوائق والهواج��س اليومية‬ ‫التي تواجه الالجئين الس��وريين‪ ،‬لتس��مح هذه‬ ‫الحكايات باالطالع على الواقع داخل سوريا‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد يش��ير مويسيس سامان‪،‬‬ ‫مصور وكالة ماغنوم‪ ،‬الذي عمل على المشروع‬ ‫ف��ي لبنان إلى أن «ما تم التقاطه في يوم واحد‬ ‫لي��س إال عينة بس��يطة ع��ن الثمن اإلنس��اني‬ ‫المتنام��ي للح��رب الس��ورية‪ ،‬وفي ي��وم واحد‪،‬‬ ‫يمكنك لمس العذاب الهائل الذي تسببه الحرب‪،‬‬ ‫من دون أن يغيب عن بالك أنه ليس س��وى يوم‬ ‫واحد في حرب تدور منذ أكثر من ثالث س��نوات‪،‬‬ ‫دون أية خاتمة لها في المدى المنظور»‪.‬‬ ‫وم��ن الجدي��ر بالذكر أن منظم��ة أطباء بال‬ ‫ح��دود ب��دأت بمزاولة العم��ل في س��وريا بعيد‬ ‫ً‬ ‫بداية المرافق الطبية من‬ ‫اندالع الحرب‪ ،‬لتدعم‬ ‫خالل التبرع بالمواد واألدوية‪ ،‬لتطلق من بعدها‬ ‫مرافقه��ا الخاص��ة حيثما أمكن‪ ،‬كما س��عت إلى‬ ‫الحصول على موافقة من الحكومة في دمشق‬

‫لتس��هيل العم��ل ف��ي دمش��ق‪ ،‬دون أن تفل��ح‬ ‫بذل��ك‪ ،‬فأنش��أت فرقه��ا الصحية مش��اريع في‬ ‫المناط��ق الخاضعة للمعارضة‪ ،‬وبش��كل خاص‬ ‫ً‬ ‫إضافة‬ ‫في المناطق الحدودية الش��مالية للبالد‪،‬‬ ‫إلى إط�لاق المنظم��ة لبرامج طبية وإنس��انية‬ ‫واسعة النطاق لالجئين الس��وريين في البلدان‬ ‫المجاورة‪.‬‬ ‫وبالرغ��م من أن «تداعيات الحرب» كان من‬ ‫المفترض أن ينطل��ق في كانون الثاني ‪،2014‬‬ ‫إال أن تأجي��ل األم��ر أت��ى بع��د احتج��از أعضاء‬ ‫م��ن فري��ق المنظم��ة الطب��ي من قب��ل إحدى‬ ‫المجموعات المس��لحة في الشمال يوم ‪ 2‬كانون‬ ‫الثان��ي‪ ،‬ليتم إطالق س��راح ثالث من أفراده في‬ ‫الرابع من نيسان‪ ،‬وإطالق سراح من تبقى يوم‬ ‫‪ 14‬أيار الفائت‪.‬‬ ‫وع��ن ه��ذا األم��ر أك��دت الدكت��ورة لي��و‪:‬‬ ‫«يكمن التحدي األساس��ي في سوريا في توفير‬ ‫المس��اعدات اآلمنة من دون تعري��ض فرقنا أو‬ ‫مرضان��ا إل��ى مخاط��ر داهم��ة‪ ،‬والحقيقة هي‬ ‫أنن��ا ال نس��تطيع الوصول إلى أغل��ب المدنيين‪،‬‬ ‫فنسعى إلى تقديم الرعاية إلى المرضى الذين‬ ‫ه��م في أم��س الحاج��ة إليها والذين نس��تطيع‬ ‫الوصول إليهم»‪.‬‬

‫الهاربون بحر ًا بني الغرق واالحتجاز والعنف‬ ‫سوريتنا | حسن صالح‬ ‫يدخ��ل الس��وري عب��اب البحر‪ ،‬نافض�� ًا عنه‬ ‫الذل والتش��رد الذي عاش��ه في دول الجوار‪ ،‬في‬ ‫رحل��ةٍ يكتنفه��ا الغم��وض‪ .‬يدف��ع بحياته نحو‬ ‫تهريب مهترئ ع ّله يجد قيمته‬ ‫الخطر في قارب‬ ‫ٍ‬ ‫بثمن‬ ‫اإلنس��انية في الضفة الثانية من العالم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫باهظٍ ج��داً قد يكون هو الحي��اة عينها‪ ،‬لتصل‬ ‫تقدي��رات أعداد ضحايا التهريب بحس��ب بعض‬ ‫المصادر إلى ‪ 500‬ش��خص لق��وا حتفهم قبالة‬ ‫السواحل األوروبية مطلع عام ‪ ،2014‬وهو عدد‬ ‫قابل لالرتفاع‪.‬‬ ‫في ه��ذا الصعي��د قال��ت ميليس��ا فليمنغ‪،‬‬ ‫كبي��رة المتحدثين باس��م المفوضية الس��امية‬ ‫لش��ؤون الالجئين‪" :‬سُ��جلت في األي��ام القليلة‬ ‫الماضي��ة أكبر حصيل��ة من الوفي��ات في البحر‬ ‫المتوس��ط لهذا العام بين العابري��ن إلى أوروبا‬ ‫بنحو غير نظامي‪ ،‬بعد انقالب ثالثة زوارق على‬ ‫األقل أو غرقها"‪.‬‬ ‫وأش��ارت فليمن��غ إل��ى أن الكثي��ر مم��ن‬

‫خفر السواحل اإليطالي يعترض مركبًا لتهريب الالجئين‬

‫يخاط��رون بحياته��م ف��ي البحر للوص��ول إلى‬ ‫أوروب��ا هم م��ن الهاربي��ن من الح��رب والعنف‬ ‫ً‬ ‫مطالب��ة "بتح��رك أوروبي عاجل‬ ‫واالضطه��اد‪،‬‬ ‫ومنس��ق" حيال هذا "الوضع المأساوي"‪ ،‬تتخلله‬ ‫عملي��ات بح��ث وإنق��اذ مع��ززة في المتوس��ط‪،‬‬

‫وذلك مع تزايد أعدد المهاجرين غير الشرعيين‪،‬‬ ‫ومعظمه��م م��ن األريتيريي��ن والس��وريين‬ ‫ً‬ ‫الفتة النظر إلى ضرورة "اعتماد‬ ‫والصوماليين‪،‬‬ ‫إجراءات تس��مح بالتعرف على الجثث المنتش��لة‬ ‫من البح��ر لتوفي��ر معلومات س��ريعة وواضحة‬


‫ً‬ ‫مدر�سة �أغلق �سجن ًا‬ ‫من فتح‬ ‫مدر�سة احلياة يف القابون‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫دمشق – فؤاد األحمر‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫ب��دأ العمل في مدرس��ة الحياة في ش��هر تش��رين الثاني من الع��ام ‪ ،2013‬في ظل حصار‬ ‫مطبق على كل من حيي القابون وبرزة‪ ،‬لم يتجاوز عدد الطالب في ذلك الوقت المئة طالب‪.‬‬ ‫اليوم كادر مدرسة الحياة يقوم بتعليم أكثر من ‪ 900‬طالب من صف الروضة الفئة الثالثة‬ ‫وحتى الصف الثالث الثانوي‪.‬‬ ‫كما ويقوم بدورات العطلة الصيفية أكثر من ‪ 40‬مدرس��ة ومدرس مختصين بتعليم أكثر‬ ‫من ‪ 900‬طالب من عمر ‪ 5‬س��نوات حتى عمر ‪ 18‬س��نة المواد األساس��ية في المنهاج الس��وري‬ ‫كالرياضي��ات والفيزي��اء والكيمي��اء واللغ��ة العربي��ة وكذلك اللغتي��ن االنكليزية والفرنس��ية‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى دروس مادة التربية اإلسالمية‪ ،‬ويقوم بنشاطات دائمة خاصة باألطفال كالرسم‬ ‫والرياضة وغيرها‪.‬‬ ‫وعل��ى الرغم م��ن صعوبة العمل المتمثلة في الوقت المحدود واختالف مس��تويات الطالب‬ ‫واألعداد الكبيرة‪ ،‬إال أن أكثر من ‪ 700‬طالب في مدرس��ة الحياة تمكنوا وخالل ثالثة أش��هر (من‬ ‫ش��باط وحتى ش��هر نيس��ان ‪ )2014‬من دراس��ة المنهاج الس��نوي الكامل والتقدم لالمتحانات‬ ‫النهائية للعام الدراسي ‪ 2014 / 2013‬وتجاوزها بنجاح‪.‬‬ ‫باإلضاف��ة لـ ‪ 500‬طالب من الصف األول وحتى الصف التاس��ع تقدموا لالمتحانات النهائية‬ ‫في مدارس دمشق‪ ،‬منهم ‪ 250‬طالب من الصف األول وحتى الصف الثامن تقدموا لالمتحانات‬ ‫النهائية ضمن مدرسة الحياة وكانت نسب النجاح مرتفعة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫تجن��ب العائالت معاناة إضافي��ة"‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫توفير الدعم النفسي للناجين من هذه المآسي‬ ‫ف��ور إنزاله��م‪ ،‬باألخص ممن فق��دوا عائالتهم‬ ‫وأصدقائهم‪.‬‬ ‫جانب متصل‪ ،‬نش��رت مجموعة العمل‬ ‫وفي‬ ‫ٍ‬ ‫من أجل فلس��طينيي سوريا إفادة أحد الالجئين‬ ‫الفلس��طينيين ال��ذي كان عل��ى مت��ى إح��دى‬ ‫القوارب المطاطية‪ ،‬بأن خفر السواحل اليونانية‬ ‫قامت باعتراضهم بالقرب من جزيرة س��اموس‬ ‫اليونانية‪ ،‬حيث أجبر المهاجرين الفلس��طينيين‬ ‫والس��وريين الذي��ن كان��وا عل��ى مت��ن الق��ارب‬ ‫بالصع��ود إلى قارب للخفر حي��ث انهالوا عليهم‬ ‫بالضرب والشتائم‪ ،‬س��البين منهم ما يمتلكونه‬ ‫من م��ال وأجهزة اتصال‪ ،‬طالبي��ن منهم العودة‬ ‫إلى تركيا على متن القارب عينه‪.‬‬ ‫كم��ا ذك��رت المجموع��ة ب��أن الس��لطات‬ ‫اليونانية باتت تتعامل بطريقة غير إنسانية مع‬ ‫الالجئين الذي��ن يقصدون أراضيها بغية الهجرة‬ ‫إلى ال��دول األوربية‪ ،‬ففي يوم ‪2013 / 12 / 11‬‬ ‫تس��بب عناصر حرس الس��واحل اليونانية بوفاة‬ ‫كل من الطف��ل عبد الرحمن الس��عدي ووالدته‬ ‫مها الس��عدي وذلك إثر غ��رق المركب الذي كان‬ ‫يقله��م‪ ،‬ووفق ش��هادة أحد الناجي��ن من حادثة‬ ‫الغ��رق أن عناص��ر ح��رس الس��واحل اليونانية‬ ‫قامت بسحبهم وإعادتهم إلى المياه التركية مما‬ ‫تسب بغرق اﻷم وطفلها‪.‬‬ ‫في حين اعتقلت تلك السلطات"‪ "108‬الجئاً‬ ‫فلس��طينيًا بينهم "‪ "25‬طف ً‬ ‫ال و"‪ "36‬امرأة وعدد‬ ‫من الجرحى يوم ‪ 2014 / 8 / 20‬أثناء محاولتهم‬ ‫الس��فر إلى إحدى الدول األوروبية عبر مطارها‬ ‫بتهمة الهجرة غير الشرعية‪ ،‬وقامت باحتجازهم‬ ‫في جزيرة "س��يمي" اليونانية‪ ،‬لتطلق سراحهم‬ ‫بعد تدخ��ل عدد م��ن منظمات حقوق اإلنس��ان‬ ‫والمؤسسات الدولية‪.‬‬ ‫فيما سُجلت حاالت مشابهة قبل عدة أسابيع‬ ‫حيث ذكر أحد المهاجرين أن الس��لطات اليونانية‬ ‫س��حبت مركبهم في البح��ر وتركتهم في المياه‬ ‫االقليمي��ة التركية ليت��م إنقاذهم من قبل خفر‬ ‫السواحل التركية‪.‬‬ ‫ف��ي ه��ذا الصعي��د أعلن اثن��ا عش��ر الجئ ًا‬ ‫بينهم س��وري وخمس��ة فلس��طينيين سوريين‬ ‫وعراق��ي إضرابًا عن الطعام في مالطا‪ ،‬احتجاج ًا‬ ‫عل��ى المعاملة غير اإلنس��انية التي تعرضوا لها‬ ‫م��ن قبل الس��لطات‪ ،‬وتندي��داً بوضعه��م داخل‬ ‫المخيم��ات المغلق��ة‪ ،‬مطالبي��ن بنقله��م إل��ى‬ ‫المخيمات المفتوحة وإيقاف كافة أشكال التهديد‬ ‫والعنف ضدهم‪ ،‬وكان ع��دد من المحتجزين قد‬ ‫أطلقوا قبل عدة أيام نداء استغاثة بعد أن قامت‬ ‫الس��لطات المالطي��ة باالعت��داء عليهم بالضرب‬ ‫المبرح وذلك بغية انتزاع بصمة الالجئين قسراً‪.‬‬ ‫م��ن جان��ب آخ��ر أوردت لمجموع��ة العم��ل‬ ‫من أجل فلس��طينيي س��ورية مناشدات من ‪80‬‬ ‫الجئ��اً فلس��طينياً س��وري ًا وس��وريين معتقلين‬ ‫ف��ي االس��كندرية بحج��ة محاول��ة الهج��رة غير‬ ‫الش��رعية‪ ،‬حيث اعتقلهم األم��ن المصري أثناء‬ ‫محاولتهم التوج��ه إلى إيطاليا‪ ،‬وت��م اقتيادهم‬ ‫إلى أحد أقسام الشرطة في مدينة اإلسكندرية‪،‬‬ ‫واحتجازهم فيه بظروف غير إنسانية‪ ،‬مطالبين‬ ‫باإلف��راج عنه��م ألنه��م ج��اؤوا إلى مص��ر طلب ًا‬ ‫لألمن واألمان ال لالعتقال واإلذالل‪.‬‬ ‫ويذك��ر أن الس��لطات المصري��ة كان��ت قد‬ ‫اعتقل��ت ف��ي الفت��رات الس��ابقة العش��رات من‬ ‫الالجئي��ن الفلس��طينيين والس��وريين بحج��ة‬ ‫محاولتهم الهجرة غير الش��رعية بالمراكب التي‬ ‫تنطلق من الشواطئ المصرية إلى أوروبا‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫جمل�س الوزراء يعتمد ‪ 150‬لرية �سعر �صرف الدوالر يف موازنة ‪2015‬‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫ويجرت "حماربة الف�ساد" و"حت�سني الو�ضع املعي�شي"‬ ‫دمشق ‪ -‬أنليل فارس‬ ‫أقر ما يس��مى "مجلس الوزراء" التابع لنظام‬ ‫األس��د‪ ،‬مش��روع ق��رار يتحدد ب��ه س��عر الدوالر‬ ‫األميركي الواحد بـ‪ 150‬ليرة سورية في الموازنة‬ ‫العام��ة للدول��ة للع��ام المالي ‪ ،2015‬وج��اء قرار‬ ‫المجلس في وقت وصل فيه س��عر صرف الدوالر‬ ‫في السوق الس��وداء إلى ‪ 180‬ليرة‪ ،‬ما دفع وزارة‬ ‫الداخلي��ة إل��ى ش��ن حمل��ة عل��ى الصرافين غير‬ ‫النظاميين‪ ،‬إضافة إلى عقد جلس��تين تدخليتين‬ ‫حمل��ت كل منهم��ا ش��ريحة ‪ 20‬ملي��ون دوالر‪ ،‬إال‬ ‫أن ش��ركات الصرافة لم تتقدم بأي طلب ش��راء‪،‬‬ ‫وذل��ك بالتزام��ن م��ع تذم��ر المس��توردين م��ن‬ ‫تعقي��دات تموي��ل مس��تورداتهم‪ ،‬ف��ي حين رفع‬ ‫المركزي النسبة من الحواالت المسموح لشركات‬ ‫الصراف��ة االحتفاظ بها م��ن ‪ 20%‬إلى ‪ ،30%‬بغية‬ ‫تمويل االحتياجات التجارية‪.‬‬ ‫وكرر رئيس "مجلس الوزراء" وائل الحلقي‪،‬‬ ‫في جلسة "حكومتـ"ـه األخيرة‪ ،‬مطالبته بمحاربة‬ ‫الفس��اد‪ ،‬قائ�ل ً‬ ‫ا‪" :‬يجب بذل الجه��ود للقضاء على‬ ‫الفس��اد‪ ،‬وتحفيز العاملين عل��ى العمل واإلنتاج‪،‬‬ ‫وحس��ن اختي��ار القي��ادات اإلداري��ة بعي��داً ع��ن‬ ‫الواسطات والمحسوبيات والشخصنة"‪.‬‬ ‫وش��دد الحلق��ي‪ ،‬على ضبط إنفاق س��يارات‬ ‫الخدم��ة الحكومي��ة م��ن الوق��ود ومخصص��ات‬ ‫اإلصالح ووضع س��قف له��ا‪ ،‬طالبا م��ن الحكومة‬ ‫الجديدة تفعيل أداء الوزارات والمؤسسات التابعة‬ ‫لها‪ ،‬والعمل بروح الفريق الواحد وتنشيط العمل‬ ‫المؤسس��اتي‪ ،‬بحيث تؤدي إلى تحسين المستوى‬ ‫المعيشي والخدمي للمواطنين‪ .‬وأشار إلى أهمية‬ ‫تعزي��ز التش��اركية م��ع المواطنين ف��ي المرحلة‬ ‫القادمة‪ ،‬واالس��تماع إلى قضاياه��م وأفكارهم‪،‬‬ ‫بما يس��اعد على تذليل العقب��ات ومعالجة الكثير‬ ‫من القضايا الملحة‪.‬‬ ‫وأك��د عل��ى أهمي��ة تعزيز دعائ��م االقتصاد‬ ‫الوطني والتنمية المجتمعية واإلصالح الضريبي‬ ‫وتطوي��ر القط��اع الع��ام الصناع��ي‪ ،‬وتعدي��ل‬ ‫التشريعات والقوانين التي تحول الشركات العامة‬ ‫من خاسرة إلى رابحة‪ ،‬إلى جانب اإلصالح اإلداري‬ ‫وال سيما بعد إحداث "وزارة التنمية اإلدارية"‪.‬‬ ‫وطلب الحلق��ي من "وزارة التج��ارة الداخلية‬ ‫وحماي��ة المس��تهلك"‪ ،‬وض��ع إج��راءات جدي��دة‬ ‫لضبط حركة الس��وق والحد من ارتفاع األس��عار‬

‫ومكافح��ة االحت��كار ومالحق��ة تج��ار األزم��ات‪،‬‬ ‫وضمان انسياب السلع إلى السوق‪ .‬وبيَن اهتمام‬ ‫الحكوم��ة بالقط��اع الزراعي وتحقي��ق تكامليته‬ ‫م��ع القطاعات األخ��رى‪ ،‬بما يلبي "حاجة الس��وق‬ ‫المحلية والتصدير"‪ ،‬حسب تعبيره‪.‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬قال هاني وهو ناش��ط سياس��ي‪،‬‬ ‫إن هذه "ليست المرة األولى التي يسمع المواطن‬ ‫الس��وري فيه��ا بهذه الش��عارات الطنان��ة‪ ،‬وقد ال‬ ‫نس��تطيع إحصاء عدد مرات خروج رؤساء مجلس‬ ‫الوزراء عل��ى الناس بهذا الكالم‪ ،‬الذي ال يعدو أن‬ ‫يك��ون أمنيات يعجزون ع��ن تنفيذ أي منها‪ ،‬ليس‬ ‫الس��تحالتها‪ ،‬بل لعدم وجود قرار سياسي بإنهاء‬ ‫ه��ذه العي��وب‪ ،‬حي��ث يقوم النظ��ام عليه��ا‪ ،‬وأي‬ ‫مس��اس بها هو مس��اس بهيكليته‪ ،‬الت��ي يعتبر‬ ‫الفساد عامودها الفقري"‪.‬‬

‫�أزمات م�ستمرة‪ ..‬والنظام يقف عاجز ًا‬

‫م��ا زال��ت األزم��ات الخدمي��ة تتفاق��م ف��ي‬ ‫العاصمة دمشق‪ ،‬فمياه الشرب تغيب عن معظم‬ ‫أحيائها ألي��ام طويلة‪ ،‬ويُت��رك المواطنون لتجار‬ ‫األزم��ة‪ ،‬حيث وصل س��عر برميل المي��اه إلى ألف‬ ‫لي��رة‪ ،‬ف��ي حي��ن تعرضت ع��دة مناط��ق لحاالت‬ ‫تسمم بسبب المياه الملوثة‪.‬‬ ‫وتع��ددت األس��باب الت��ي قدمته��ا مؤسس��ة‬ ‫المي��اه له��ذا النق��ص‪ ،‬بادئ��ة بالجف��اف ونقص‬ ‫الكهرب��اء والوق��ود لمحطات ضخ المي��اه‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى استخدام المواطنين مضخة مياه "الحرامي"‪،‬‬ ‫محذرين من س��لبياتها على الشبكة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫سحب الترسبات والمياه الملوثة‪.‬‬ ‫كما م��ازال وضع الكهرباء في تدهور يومي‪،‬‬ ‫حيث تزداد س��اعات التقنين بش��كل مستمر‪ ،‬في‬ ‫ظل عدم انتظام س��اعات التقني��ن في كثير من‬ ‫األحي��اء‪ ،‬بينما تظهر كل الحل��ول الفردية عاجزة‬ ‫ع��ن إنهاء مش��كلة المواط��ن مع الكهرب��اء‪ ،‬من‬ ‫تعطل أعمالهم إلى فساد أطعمتهم‪.‬‬ ‫وف��ي س��ياق ذي صل��ة‪ ،‬فش��لت المحافظ��ة‬ ‫ومؤسس��ة المحروقات في توفير م��ادة المازوت‪،‬‬ ‫الذي وصل سعر اللتر منه إلى ‪ 150‬ليرة‪ ،‬في حين‬ ‫تكت��ظ محطات الوق��ود بالس��يارات‪ ،‬التي تنتظر‬ ‫لس��اعات حت��ى تحصل عل��ى ‪ 30‬لت��را‪ ،‬علما بأن‬ ‫الجهتي��ن الحكوميتين المذكورتي��ن أصدرتا عدة‬

‫ق��رارات‪ ،‬قالتا إنها تصب في معالجة هذه األزمة‪،‬‬ ‫منه��ا من��ع بي��ع الم��ازوت بالعبوات البالس��تيكية‬ ‫"البدونات"‪ ،‬إضافة إلى نشر أكثر من ‪ 30‬صهريجًا‬ ‫في أنحاء دمشق لتزويد وسائل النقل بالمازوت‪،‬‬ ‫كذلك قيل إن هناك صهاريج ستوزع على األحياء‬ ‫بمعدل ‪ 20‬لترا للمواطن يومياً إذا أراد‪ ،‬وإلى اآلن‬ ‫لم يلحظ المواطنون أي تحسن على توفر المادة‬ ‫أو انخفاض سعرها‪.‬‬

‫مركز لت�صنيع الأطراف ال�صناعية يف حلب‬

‫في مقابل كل ه��ذا‪ ،‬أعلن محافظ حلب‪ ،‬أنه‬ ‫يجري العمل مع "اللجنة الدولية للصليب األحمر"‬ ‫بالمحافظ��ة‪ ،‬إلنش��اء مرك��ز لتصني��ع األط��راف‬ ‫الصناعية في حلب‪.‬‬ ‫وأوض��ح المحاف��ظ‪ ،‬في تصري��ح صحفي أن‬ ‫إقامة المركز يس��اعد الذين فقدوا أحد أطرافهم‬ ‫بس��بب الظروف الراهنة عل��ى مواصلة حياتهم‪،‬‬ ‫الفتاً إل��ى أن المحافظة مس��تعدة لتقديم كل ما‬ ‫يل��زم من دعم‪ ،‬لتجهي��ز وافتتاح المركز بأس��رع‬ ‫وقت ممكن‪.‬‬ ‫ومن جانبه‪ ،‬قال مساعد مدير مكتب "اللجنة‬ ‫الدولية للصليب األحم��ر" في حلب غاندي الزين‪،‬‬ ‫إن العاملي��ن في المركز س��يكونون م��ن الكوادر‬ ‫السورية بعد تأهيلهم وتدريبهم‪.‬‬ ‫واعتبر ناش��طون أن خبر افتت��اح المركز هو‬ ‫خب��ر محزن‪ ،‬ألنه جاء تلبي��ة لالحتياجات الكبيرة‪،‬‬ ‫ألط��راف صناعي��ة علها تس��اعد الضحاي��ا الذيت‬ ‫باتوا كثيرين‪ ،‬على إكمال حياتهم‪.‬‬ ‫وأوضحوا أنه "ال يوجد إلى اليوم أرقام دقيقة‬ ‫عن ع��دد اإلعاقات التي تس��ببت به��ا المواجهات‬ ‫العسكرية‪ ،‬إال أنها تقدر بمئات آالف اإلصابات"‪.‬‬ ‫ولفتوا إلى أن "هناك مشكلة ستواجه الدولة‬ ‫الس��ورية بعد انتهاء األزمة‪ ،‬هي وجود مجموعة‬ ‫كبيرة من الس��وريين المعاقين جسديًا‪ ،‬يحملون‬ ‫ف��ي داخله��م الكثير م��ن المش��كالت النفس��ية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬التي بدأت تهدد النس��يج االجتماعي‬ ‫الس��وري‪ ،‬م��ا يس��تدعي تنبه الش��عب الس��وري‬ ‫وإسراع الخطوات على طريق حل الصراع الدموي‬ ‫الدائر على األرض‪ ،‬يرافقه مش��روع وطني يردم‬ ‫هذه الش��قوق بين مكونات الشعب السوري‪ ،‬عله‬ ‫يزيل الندوب الناتجة عن الصراع الدموي"‪.‬‬

‫حكومة النظام في دمشق | سانا‬


‫امل�ساجد يف مناطق تنظيم "الدولة الإ�سالمية"‬ ‫ا�ستثمار �إعالمي ومركز دعوي‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫بيعة للبغدادي في أحد مساجد الرقة | صفحة والية الرقة على االنترنت‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫خرج��ت المظاه��رات في س��وريا ع��ام ‪2011‬‬ ‫تهت��ف بإس��قاط النظام م��ن المس��اجد‪ ،‬فقد كان‬ ‫المس��جد الم��كان الوحيد الذي يس��مح للس��وريين‬ ‫االجتم��اع في��ه‪ ،‬ف��ي ظل حك��م قمعي اس��تبدادي‬ ‫يمنع ويعاقب اجتماع أكثر من اثنين بش��كل دوري‬ ‫منتظ��م‪ ،‬وأدرك تنظي��م الدولة اإلس�لامية أهمية‬ ‫المساجد في حياة الس��وريين‪ ،‬ووعى أهميتها منذ‬ ‫اللحظ��ة األولى لوجوده في س��وريا‪ ،‬وال س��يما أنه‬ ‫يعتمد عل��ى اإليديولوجيا الدينية ف��ي قيام كيانه‬ ‫المفت��رَض‪ ،‬فاس��تخدم تنظي��م الدولة المس��جد‬ ‫وس��يلة لنش��ر فكره وحش��د مؤيديه‪ ،‬وبناء قاعدة‬ ‫ش��عبية وحاضن��ة اجتماعي��ة‪ ،‬وقب��ل أن يف��رض‬ ‫التنظيم س��يطرته كان أم��راؤه وخطباؤه يطلبون‬ ‫بكل أدب واحترام‪ ،‬إذنًا من إمام المس��جد األساسي‬ ‫بالخطاب��ة‪ ،‬وكان��وا يرك��زون ف��ي خطبته��م على‬ ‫العداء للنظام الس��وري والغرب الكافر‪ ،‬ويشددون‬ ‫على قضية الوالء والبراء‪ ،‬وال يتطرقون للمس��ائل‬ ‫الخالفي��ة‪ ،‬وللعالقة مع الفصائ��ل الثورية إال فيما‬ ‫ندر‪.‬‬ ‫أما وقد أحك��م التنظيم س��يطرته فقد أصبح‬ ‫المس��جد انعكاس��ًا لخط��اب التنظي��م السياس��ي‬ ‫الديني‪ ،‬فجُل الخطب تدور حول وجوب الجهاد وفق‬ ‫رؤية التنظيم‪ ،‬وقت��ال الكفار ومن يحكم التنظيم‬ ‫بردتهم‪ ،‬فالجيش الحر غ��دا كافراً على منابرهم‪،‬‬ ‫وأحرار الش��ام سموهم أشرار الش��ام‪ ،‬حتى جبهة‬ ‫النصرة لم تس��لم فاتهمت بال��ردة ومواالة الكفار‪،‬‬ ‫وإذا علمنا أنه ال تخلو قرية من مسجد أدركنا حجم‬ ‫تأثير المس��اجد ف��ي الناس‪ ،‬فعبر المس��جد تمكن‬ ‫التنظي��م م��ن الوصول لكل الس��وريين صغيرهم‬ ‫وكبيره��م‪ ،‬وليحمي تنظيم الدولة نفس��ه من أي‬ ‫فك��ر آخر يعترض طريقه قام بعزل أكثر من ‪70%‬‬ ‫من الخطباء الذين لم يتبن��وا خطاب التنظيم‪ ،‬وما‬ ‫بقي من خطب��اء وأئمة إما تبنوا خط��اب التنظيم‪،‬‬ ‫أو قام��وا بمداهنة تنظيم الدولة‪ ،‬وس��اروا مع خط‬ ‫الس��لفية الجهادي��ة التي يؤمن به��ا التنظيم‪ ،‬وإن‬ ‫كانوا حاولوا بعض الشيء‪ ،‬النأي بالنفس عن غلو‬ ‫التنظيم وتطرفه‪.‬‬ ‫ولم يقتصر اس��تثمار التنظيم للمساجد على‬ ‫الخط��ب‪ ،‬بل صبغ المس��اجد بصبغته‪ ،‬ولعبت أمور‬ ‫كثي��رة في ترس��يخ ه��ذا «االس��تثمار»‪ ،‬فالتنظيم‬ ‫يمنع فتح المحال التجارية والصناعية أثناء الصالة‪،‬‬ ‫ويلزم الذين يُضبط��ون بمخالفات بحضور دورات‬ ‫شرعية‪ ،‬وال ننسى الدروس الدينية التي توجه بما‬ ‫يخدم فكر التنظي��م‪ ،‬ويالحظ في خطاب التنظيم‬ ‫النب��رة الخطابي��ة الح��ادة والدع��اء عل��ى أمري��كا‬ ‫وعمالئه��ا (األنظم��ة العربي��ة)‪ ،‬فالتنظي��م ي��رى‬ ‫األنظمة العربية أنظمة كافرة مرتدة‪ ،‬ويركز كثيراً‬ ‫على الخط��اب العاطف��ي‪ ،‬ويكثر من ذك��ر األمثلة‬ ‫حول الظلم الذي يتعرض له المسلمون في سوريا‬ ‫والع��راق‪ ،‬وهن��ا يع��زف تنظي��م الدولة عل��ى وتر‬ ‫األوجاع واآلالم وهي كثيرة‪ ،‬وس��هلت الممارس��ات‬ ‫الطائفي��ة للنظامي��ن العراق��ي والس��وري عملية‬ ‫الحش��د الديني والطائفي‪ ،‬وصارت األرض خصبة‬ ‫لهذا الخطاب‪.‬‬ ‫عوض المس��جد ع��ن افتق��اد تنظي��م الدولة‬ ‫اإلس�لامية للمنبر اإلعالمي الرس��مي‪ ،‬فمن خالل‬ ‫المس��جد يتم تكذيب اإلش��اعات‪ ،‬وعبره يتم نش��ر‬ ‫البيانات والبالغات ومتعلقاتها‪.‬‬ ‫وقد عمل تنظيم الدولة اإلسالمية على إقامة‬ ‫ال��دورات الش��رعية للذكور واإلناث في المس��اجد‪،‬‬

‫ه��ذا ع��دا ال��دورات المقام��ة لألطفال والناش��ئة‪،‬‬ ‫باختصار حوَّل تنظيم الدولة المساجد لخلية نحل‬ ‫عملت على نشر فكره ودعم ممارساته واستقطاب‬ ‫المؤيدين‪.‬‬ ‫(م‪ .‬ك)‪ ،‬وهو من قيادي��ي التنظيم في مدينة‬ ‫الرقة رأى أن «الدولة اإلس�لامية أعادت المس��اجد‬ ‫لوظيفتها الحقيقية‪ ،‬فالمسجد كان في زمن النبي‬ ‫صل��ى اهلل علي��ه وس��لم مكان��ا التخاذ الق��رارات‪،‬‬ ‫ففي��ه تق��ام الصلوات‪ ،‬وتب��رم االتفاق��ات‪ ،‬وتلقى‬ ‫الخطب والدروس‪ ،‬وترس��م فيه الخطط السياسية‬ ‫والعس��كرية والحياتية‪ ،‬ولم يكن المسجد مقتصراً‬ ‫على األمور التعبدية‪ ،‬س��نقوم قريب��ا بتفعيل دور‬ ‫الم��رأة ف��ي المس��جد‪ ،‬فقد كان��ت النس��اء تحضر‬ ‫الصلوات»‪.‬‬ ‫(ك‪ .‬ن) وه��و قي��ادي آخ��ر اعتبر كذل��ك‪ ،‬أنهم‬ ‫أع��ادوا «للمس��جد دوره المش��رق بع��د أن حولت��ه‬ ‫أنظم��ة الكف��ر لمج��رد م��كان يجتمع الن��اس فيه‬ ‫لممارس��ة طق��وس العب��ادة‪ ،‬فكن��ا ننص��رف كما‬ ‫نجتمع دون فائ��دة حقيقية تذكر‪ ،‬وتم عزل األئمة‬ ‫المنافقي��ن الذي��ن داهن��وا الس�لاطين وم��ا زالوا‬ ‫يداهنونهم‪ ،‬فال مكان لهؤالء بعد اآلن في مس��اجد‬ ‫المسلمين»‪.‬‬ ‫بالمقاب��ل‪( ،‬س‪ .‬م)‪ ،‬المواطن الرقاوي المقيم‬ ‫من��ذ فترة طويلة في المدينة‪ ،‬يقول إن «المس��جد‬ ‫م��كان لعب��ادة اهلل وح��ده دون س��واه‪ ،‬وينبغ��ي أال‬ ‫يصبح وسيلة وألعوبة بيد فئة معينة لنشر فكرهم‬ ‫وآرائهم‪ ،‬فالمس��جد لنشر اإلس�لام وترسيخه في‬ ‫النفوس‪ ،‬والتقرب من اهلل‪ ،‬ولم يكن يومًا وس��يلة‬ ‫تحريض على قتل المسلمين واستباحة دمائهم»‪.‬‬ ‫وذه��ب (هـ‪ .‬و) ف��ي رأيه بهذا االتج��اه‪ ،‬أيضا‪،‬‬ ‫قائ ً‬ ‫ال‪« :‬بصراحة من يوم سيطرة التنظيم اعتكفت‬ ‫في بيتي ولم أعد أصلي في المس��جد‪ ،‬فلم نسمع‬ ‫م��ن الخطيب س��وى كلمات مرت��د‪ ،‬كاف��ر‪ ،‬عميل‪،‬‬ ‫خائ��ن‪ ،‬ناهيك عن المظاهر المس��لحة التي تخيف‬ ‫الصغار قبل الكبار‪ ،‬نحن في منطقة يسيطر عليها‬ ‫التنظي��م‪ ،‬فلماذا حمل الس�لاح؟! لم��اذا ال يتركون‬ ‫سالحهم في المقرات ّ؟!‬ ‫(ج‪ .‬م)‪ ،‬طالب في ثانويات المدينة‪ ،‬أكد لنا أنه‬ ‫يرى إيجابيات وس��لبيات للتنظيم في مس��ألة إدارة‬ ‫المس��اجد‪ ،‬فم��ن اإليجابي��ات تحرير المس��اجد من‬ ‫الخطاب الخش��بي زمن النظ��ام‪ ،‬وتفعيل الدروس‬

‫الدينية‪ ،‬أما الس��لبيات فتتمثل بتبني خطاب يخدم‬ ‫فك��راً وتوجه��ًا واحداً‪ ،‬ومن��ع األئمة الس��ابقين‪ ،‬أو‬ ‫معظمه��م‪ ،‬م��ن ممارس��ة الخطابة‪ ،‬لمج��رد أنهم‬ ‫يحملون فكراً إس�لاميًا مختلفاً»‪ ،‬ويتابع‪« :‬كأنك يا‬ ‫زيد ما غزيت!»‪.‬‬ ‫عب��د الكريم أض��اف أن التنظيم «ق��ام بهدم‬ ‫الكثير من المس��اجد بحجة بنائه��ا على قبر‪ ،‬ومنع‬ ‫الش��رك كم��ا يدع��ي التنظي��م حي��ث ه��دم كثيرا‬ ‫م��ن األضرح��ة في منب��ج والب��اب والرق��ة‪ ،‬وهدم‬ ‫الحس��ينيات ف��ي الرق��ة وريفه��ا‪ ،‬ولم يم��س قبر‬ ‫الس��لطان س��ليمان ش��اه عند جس��ر قره ق��وزاق‪،‬‬ ‫وقوات التنظيم تحمي الجن��ود األتراك المتعاملين‬ ‫مع حلف (الناتو) في عمليات تبديل الحرس الدوري‬ ‫للقب��ر‪ ،‬فيم��ا تقت��ل عناص��ر الجيش الح��ر الذين‬ ‫يقاتلون النظام»‪.‬‬ ‫التاج��ر (أب��و أحمد) اس��تهجن من جهت��ه قيام‬ ‫داعش بمالحقة األئمة الذين كانوا يؤيدون الجيش‬ ‫الح��ر‪ ،‬واعتب��ر بعضهم مرت��دا ردة مغلظ��ة‪« ،‬كما‬ ‫أن��ه يضي��ق على الصوفي��ن ويالحق ش��يوخهم»‪،‬‬ ‫ويعط��ف الطال��ب (ع‪ .‬ن) على أبو أحم��د بالقول إن‬ ‫المس��اجد اس��تمرت «منارة للتالق��ي والتالقح بين‬ ‫المذاهب اإلس�لامية الفكرية والثقافية المختلفة‪.‬‬ ‫المس��جد كان منب��راً للش��عراء‪( ،‬حس��ان ب��ن ثابت‬ ‫رضي اهلل عنه) مثاال‪ ،‬وكان أيضا منبراً للمؤتمرات‬ ‫والخط��ب السياس��ية المختلفة‪ ،‬ومكاناً الس��تقبال‬ ‫الوفود والتفاوض معهم س��واء كانوا مس��لمين أو‬ ‫غير مسلمين (وفد نجران)‪ ،‬وليس للتنافر والتنابز‪،‬‬ ‫النب��ي صلى اهلل عليه وس��لم تفاوض فيه مع غير‬ ‫المس��لم‪ ،‬فكيف يصبح منبراً لتكفير المسلم؟ هذا‬ ‫ما لم أقبله‪ ،‬ولن أقبله»‪.‬‬ ‫اس��تخدمت داع��ش‪ ،‬ذات اإليديولوجيا الدينية‬ ‫اإلس�لامية المتطرف��ة‪ ،‬المس��اجد لتك��ون مراك��ز‬ ‫إعالمية وتعبوية لها لعس��كرة المجتمعات‪ ،‬وحارب‬ ‫أع��داءه م��ن منابرها‪ ،‬وهو يمضي في اس��تقطاب‬ ‫الن��اس ع��ن طريق اس��تخدام الخط��اب العاطفي‪،‬‬ ‫وي��زداد هذا األس��لوب كلما ازداد الضغ��ط الدولي‬ ‫على التنظي��م‪ ،‬والتلويح بالقوة ضده‪ ،‬والمس��اجد‬ ‫الي��وم كله��ا ترف��ع رايات��ه وتس��بح بفك��ره الذي‬ ‫ال يناق��ش‪ ،‬وال يقب��ل المناظ��رات‪ ،‬فيم��ا الش��يوخ‬ ‫المعتدلون الذين حرموا من منابرهم‪ ،‬يرددون في‬ ‫سرهم‪ :‬كيف لقلم أن يحاور سيفا؟!‪.‬‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫الرقة ‪ -‬ناصر المحمود‬

‫‪7‬‬


‫مدينة زاكية يف ريف دم�شق‬ ‫اندساسية ‪. .‬‬ ‫دندنات وتقارير ‪. .‬‬ ‫أخبار‬

‫حما�صرة ب�أربعة حواجز وانقطاع �شبه تام للكهرباء واملياه واالت�صاالت‬ ‫دمشق ‪ -‬زليخة سالم‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫زاكي��ة المدين��ة الهادئ��ة الصغي��رة بري��ف‬ ‫دمش��ق‪ ،‬الت��ي يحكى الكثي��ر عن طي��ب أهلها‬ ‫وكرمه��م وتميزه��م‪ ،‬تعان��ي اليوم كم��ا باقي‬ ‫المناط��ق المحاص��رة الت��ي يتبع معه��ا النظام‬ ‫«سياس��ة الجوع أو الركوع « من وضع إنس��اني‬ ‫بالغ الس��وء‪ ،‬خاص��ة وأنها تس��تضيف أكثر من‬ ‫ضع��ف س��كانها‪ ،‬م��ن األهال��ي النازحي��ن من‬ ‫المناط��ق المج��اورة الت��ي تعرض��ت للقص��ف‬ ‫والدمار‪.‬‬ ‫حصار وتجويع ومن��ع دخول المواد الغذائية‬ ‫واإلنس��انية والطبي��ة‪ ،‬وقطع الكهرب��اء والمياه‬ ‫واالتص��االت‪ ،‬واس��تهداف المزارعي��ن الذي��ن‬ ‫يحاولون الوصول إلى أراضيهم‪ ،‬باتت مش��اهد‬ ‫مك��ررة في جمي��ع المناط��ق المحاص��رة عقاب ًا‬ ‫ألهاليه��ا المطالبين بالحري��ة والكرامة‪ ،‬وعقاب ًا‬ ‫آخ��ر الس��تضافتهم النازحي��ن م��ن المناط��ق‬ ‫الثائ��رة‪ ،‬ومدينة زاكية ليس��ت بأفضل حا ً‬ ‫ال من‬ ‫باق��ي المناط��ق التي تش��هد أوضاع ًا إنس��انية‬ ‫مأساوية‪.‬‬ ‫الناش��ط إبراهي��م طعم��ة قال لس��وريتنا‬ ‫حول الوضع اإلنس��اني في البلدة‪ :‬تعاني مدينة‬ ‫زاكي��ة م��ن وضع إنس��اني س��يء للغاي��ة حيث‬ ‫تضم ع��دد كبير من النازحي��ن إليها من المدن‬ ‫والبل��دات المنكوب��ة وخاصة البل��دات المجاورة‬ ‫في الغوطة الغربية‪ ،‬الذين يس��كن أغلبهم في‬ ‫الصفوف الدراس��ية والمحالت التجارية والبيوت‬ ‫قيد البناء (على العضم)‪ ،‬موضحاً أن حال أهالي‬ ‫المدين��ة ليس أفضل حا ً‬ ‫ال من النازحين بس��بب‬ ‫صعوبة المعيش��ة وتعط��ل أعماله��م الزراعية‬ ‫بس��بب الجف��اف من ناحي��ة‪ ،‬وم��ن ناحية أخرى‬ ‫بس��بب اس��تهدافهم من قبل الجي��ش ومنعهم‬ ‫م��ن الوص��ول إلى حقوله��م واعتقاله��م أحيانا‬ ‫حي��ث اعتق��ل الجيش م��رة واح��دة قرابة ال‪30‬‬ ‫فالح كانوا يقومون بأعمالهم اليومية منذ سنة‬ ‫نصف ومازال مصيرهم مجهو ً‬ ‫ال حتى اآلن‪.‬‬

‫وأض��اف‪ :‬هن��اك نق��ص ح��اد ف��ي الم��واد‬ ‫األساس��ية‪ ،‬وصعوب��ة وص��ول هذه الم��واد إلى‬ ‫المدين��ة والحص��ول عليه��ا‪ ،‬يؤدي إل��ى ارتفاع‬ ‫أس��عارها‪ ،‬إضاف��ة إلى نق��ص الموارد بس��بب‬ ‫فقدان كثير من الناس فرص عملهم‪.‬‬ ‫وأشار الناشط طعمة إلى أن المدينة تعاني‬ ‫من انقط��اع التي��ار الكهربائي لفت��رات طويلة‬ ‫وغالب��اً تكاد تك��ون معدومة‪ ،‬مم��ا يترتب عليه‬ ‫انقطاع المياه بسبب االعتماد على الكهرباء في‬ ‫استجرارها‪ ،‬إضافة إلى انقطاع شبكات االتصال‬ ‫الخلوية عند غياب الكهرباء‪ ،‬وتعطل االتصاالت‬ ‫األرضية في بعض األحياء منذ شهور‪.‬‬ ‫وح��ول الوض��ع الصحي ق��ال‪ :‬تنتش��ر في‬ ‫مراكز اإليواء (المدارس التي تحولت لمس��اكن)‬ ‫أم��راض عديدة بس��بب قل��ة المي��اه والنظافة‪،‬‬ ‫وكثرة الس��اكنين‪ ،‬وتعان��ي المدينة من نقص‬ ‫ف��ي الك��وادر والم��واد الطبي��ة وصعوب��ة ف��ي‬ ‫تقديم العالج وخصوص��ًا في حاالت الطوارئ «‬ ‫القصف»‪.‬‬ ‫ويوجد تضييق على دخول وخروج األهالي‬ ‫من المدينة‪ ،‬وعلى دخ��ول االحتياجات إليها من‬ ‫قب��ل الحواج��ز األربع��ة الموجودة عل��ى طريق‬ ‫الفرق��ة الس��ابعة ش��رقي المدين��ة‪ ،‬وهن��اك‬ ‫اس��تهداف وقصف متكرر للطري��ق الغربي من‬ ‫قب��ل الف��وج ‪ 137‬وحاجز الديرخبي��ة مما يعيق‬ ‫وصول الفالحين إلى حقولهم‪.‬‬ ‫وأك��د الناش��ط طعم��ة أن ق��وات النظ��ام‬ ‫تتحك��م بدخ��ول م��ادة الطحي��ن وكاف��ة المواد‬ ‫اإلغاثي��ة إلى المدين��ة‪ ،‬وقد منعت منذ خمس��ة‬ ‫أش��هر دخ��ول المس��اعدات التي كان��ت تقدمها‬ ‫منظمة الهالل األحمر مما حرم أكثر من ‪ 35‬ألف‬ ‫ن��ازح من الس��لل اإلغاثية‪ ،‬ولم يك��ن هناك أي‬ ‫اس��تجابة رغم كثرة المناشدات‪ ،‬إلغاثة األهالي‬ ‫المحاصرين‪.‬‬ ‫وح��ول الوضع التعليمي ق��ال‪ :‬تضم مدينة‬

‫زاكي��ة اآلن أكثر من ‪ 60‬ألف نس��مة‪ ،‬بعد نزوح‬ ‫أكثر من ‪ 35‬ألف نس��مة من المناطق المجاورة‪،‬‬ ‫والوضع التعليمي في العام الماضي كان صعب‬ ‫ومحرج بس��بب تحول المدارس إلى مراكز إيواء‬ ‫مما اضطر القائمين على التعليم إلى تقس��يم‬ ‫الم��دارس مناصف��ة بي��ن النازحي��ن والطالب‪،‬‬ ‫واالس��تعدادات لهذا العام خجولة حيث يس��تمر‬ ‫تواج��د النازحين في المدارس وبش��كل متزايد‬ ‫وهن��اك ضعف ف��ي اإلمكانيات فت��م بناء غرف‬ ‫من األلواح المعدنية والخشب النتقال النازحين‬ ‫إليها وإفراغ الصفوف وتجهيزها للدراسة‪.‬‬ ‫وأض��اف‪ :‬مدين��ة زاكي��ة م��ن المناط��ق‬ ‫المحاص��رة م��ن قبل الجي��ش النظام��ي نتيجة‬ ‫سيطرته على التالل المحيطة بالمدينة‪ ،‬ويقوم‬ ‫المجل��س المحلي فيها باإلش��راف عل��ى أعمال‬ ‫اإلغاثة والطبابة‪ ،‬ويتبع للمجلس المحلي مكتب‬ ‫عس��كري مك��ون م��ن المجموعات العس��كرية‪،‬‬ ‫وكتيب��ة أمنية ينظ��م المكتب العس��كري عمل‬ ‫العس��كريين فيه��ا‪ ،‬ويق��وم بحراس��ة المدين��ة‬ ‫وضبط المخالفات ويعمل معظم س��كان البلدة‬ ‫بالزراعة والتجارة وتربية المواشي‪.‬‬ ‫وأختت��م الناش��ط إبراهيم طعم��ة بالقول‪:‬‬ ‫يخي��م على الن��اس حالة من االكتئ��اب واليأس‬ ‫ونوع من التململ بس��بب ط��ول األزمة وتفاقم‬ ‫األوض��اع يوما بعد يوم‪ ،‬وأطفال المدينة حالهم‬ ‫كحال كل أطفال س��ورية‪ ،‬يحلمون بمس��تقبل‬ ‫مش��رق ووطن حر يج��دون فيه مكان��ا للعيش‬ ‫الكريم‪ ،‬مش��يراً أنه ال يوجد أي نشاطات مدنية‬ ‫ملحوظة تعتني باألطفال‪ ،‬وأن الدمار في البلدة‬ ‫غير ملحوظ باس��تثناء بعض البيوت التي طالها‬ ‫القصف المدفعي أو ألقيت عليها حمم البراميل‬ ‫المتفجرة‪.‬‬ ‫وكانت الشبكة السورية لحقوق اإلنسان قد‬ ‫حذرت من األوضاع المأس��اوية والجوع والتشرد‬ ‫لعش��رات اآلالف من النازحين إلى مدينة زاكية‪،‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫فريق الدفاع الوطني في مدينة زاكية‬


‫ن�سب خميفة حلاالت الت�سمم الغذائي يف حلب‬ ‫ب�سبب الأطعمة الفا�سدة‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫حلب ‪ -‬عثمان إدلبي‬

‫منتجات غذائية مجهولة المصدر على أرصفة مدينة حلب | آب ‪2014‬‬

‫ً‬ ‫مطعما بال�شمع الأحمر حتولوا �إىل ب�سطات‬ ‫‪25‬‬

‫ت�سمم الآبار ين�شر التيفوئيد‬

‫بع��د االرتف��اع المخي��ف ف��ي نس��بة اإلصابات‬ ‫بحاالت التس��مم الغذائي في حلب أجبر المسؤولون‬ ‫على اتخاذ إجراءات سريعة للحد من هذه اإلصابات‪،‬‬ ‫فكل��ف المحاف��ظ لج��ان تابع��ة لمديري��ة الصح��ة‬ ‫بضب��ط ح��االت المخالف��ات الصحية الت��ي يقم بها‬ ‫أصح��اب المطاع��م‪ ،‬ففي يوم واح��د أغلق أكثر من‬ ‫خمسة وعش��رين مطعما في حلب غالبية المطاعم‬ ‫كان��ت في حي الجميلي��ة والحمدانية وركزت اللجنة‬ ‫الصحي��ة على المطاعم الش��عبية التي يوجد عليها‬ ‫إقبال كبير من الناس كمطاعم الفالفل والش��اورما‬ ‫وكان��ت معظ��م المخالف��ات ه��ي الس��تخدام مواد‬ ‫غذائية فاس��دة كالقلي في زيت فاس��د واس��تخدام‬ ‫لحوم مس��توردة‪ ،‬ولك��ن بعد يوم واح��د من إغالق‬ ‫ه��ذه المطاع��م ع��اد أصحاب ه��ذه المح�لات للبيع‬ ‫عل��ى بس��طات وضعوه��ا أم��ام محالته��م‪ ،‬ويقول‬ ‫من��ذر «أغلقت الصحة ه��ذه المحالت لك��ي تتجنب‬ ‫نق��د الناس ولكي تريهم بأن مديرية الصحة تعمل‬ ‫وأنه��ا ضبطت مخالفات المطاع��م‪ ،‬ولكنه عمليا قد‬ ‫زادت مديرية الصحة من المش��كلة فهي لم تكافح‬ ‫البس��طات بل زادت عليهم المطاع��م التي أغلقتها‬ ‫وجعلتها بسطات تبيع في الشوارع»‪.‬‬ ‫ق��ام البعض م��ن األطب��اء بحمل��ة توعية عبر‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي للحد من حاالت التسمم‬ ‫التي ارتفعت نس��بتها بش��كل في كبي��ر في مدينة‬ ‫حل��ب‪ ،‬محذرين الن��اس من بائع��ي األطعمة الذين‬ ‫يتجول��ن في الش��وارع ك��ون بس��طاتهم تخلو من‬ ‫أدن��ى معايي��ر الس�لامة الصحي��ة وألنه��ا معرضة‬

‫انتش��رت الحم��ى التيفي��ة (التيفوئيد) بش��كل‬ ‫كبير في حلب وهذا المرض هو إحدى أنواع التسمم‬ ‫المعوي نتيجة اإلصابة ببكتريا (س��المونيال تيفي)‪،‬‬ ‫انتش��ر ه��ذا المرض نتيجة لش��رب المي��اه الملوثة‬ ‫فنتيج��ة النقط��اع المياه ع��ن مدينة حل��ب لفترات‬ ‫طويل��ة لجا الناس لش��رب مياه اآلب��ار الغير صالحة‬ ‫للش��رب‪ ،‬ويحذر األطب��اء من خطورة ه��ذا المرض‬ ‫وتق��ول الدكت��ورة مروة «أن جميع اآلب��ار الموجودة‬ ‫في حلب مياهها غير صالحة للشرب كونها محفورة‬ ‫ألعماق قليلة وهي معرضة لالختالط بمياه الصرف‬ ‫الصحي‪ ،‬كما أن نقل هذه المياه عبر الصهاريج ذات‬ ‫الخزانات المعدنية يزيد من إمكانية انتشار البكتريا‬ ‫ف��ي المي��اه‪ ،‬وف��ي الفت��رة الماضي��ة الت��ي قطعت‬ ‫فيه��ا المياه ع��ن حلب زادت نس��بة اإلصابة بمرض‬ ‫التفوئيد بش��كل كبي��ر جدا وس��جلت بعض حاالت‬ ‫الوفاة في المدينة بسبب التسمم بمياه اآلبار»‪.‬‬ ‫ع��دم توفر الع�لاج ال�لازم لم��رض التيفوئيد‬ ‫جع��ل األطباء يجزرون الناس من ش��رب مياه اآلبار‬ ‫واس��تخدامها لألغراض الشخصية‪ ،‬ويقول الدكتور‬ ‫مهن��د «ال تتوف��ر األدوي��ة الالزم��ة لع�لاج م��رض‬ ‫التيفوئي��د بش��كل دائ��م فأن ع�لاج ه��ذا المرض‬ ‫يتطلب أخذ مضادات حيوية ومس��كنات وفي بعض‬ ‫الح��االت الخط��رة يحت��اج المري��ض إل��ى س��وائل‬ ‫وريدية‪ ،‬ففي ظل ارتفاع نسب اإلصابات في مرض‬ ‫التيفوئيد قلت األدوية التي تلزم لعالج هذا المرض‬ ‫ونجد صعوبة في إيجادها وإدخالها إلى حلب»‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫أكثر من عش��رين حالة تسمم غذائي يزورون‬ ‫المستشفى الجامعي في حلب يوميا‪ ،‬تقتصر مهام‬ ‫األطباء في معالجة هؤالء المصابين على إعطائهم‬ ‫جرع��ات دوائية تفرغ م��ا في معدته��م من أطعمة‬ ‫فاسدة وفي ظل امتالء المستشفى بمصابي الحرب‬ ‫ل��م يعد هناك مكان لهؤالء المصابين على األس��رة‬ ‫الموجودة في ممرات المستش��فى فيوضعون عليها‬ ‫لبضع س��اعات ليس��تفرغوا ما في جوفهم‪ ،‬معظم‬ ‫حاالت التسمم كانت بسبب تناول األطعمة الفاسدة‬ ‫والمي��اه الملوث��ة‪ ،‬ففي ظل غي��اب الرقابة الصحية‬ ‫والتمويني��ة م��ن قب��ل النظ��ام تنتش��ر األطعم��ة‬ ‫الفاس��دة والمنتهية الصالحية بش��كل كبير كما أن‬ ‫البسطات التي تنتش��ر في الشوارع وتبيع األطعمة‬ ‫والسندويش سببت أزمات صحية أودت بحياة بعض‬ ‫األشخاص نتيجة إلصابتهم بحاالت تسمم خطيرة‪.‬‬

‫للغبار وتالم��س الهواء المختلط بأدخنة الس��يارات‬ ‫والمول��دات‪ ،‬وطالب هؤالء األطباء المس��ئولين في‬ ‫الدولة بمالحقة بائع��ي األطعمة الجوالين ومنعهم‬ ‫م��ن بيع المأك��والت التي تش��كل خط��را على حياة‬ ‫الناس كما طالبوا بفرض الرقابة والمحاس��بة على‬ ‫أصحاب المطاعم وإلزامهم بالمعايير الصحية التي‬ ‫تحف��ظ س�لامة المواطن‪ ،‬ويق��ول الدكت��ور محمد‬ ‫«وجهنا رسالة لنقيب األطباء لكي يوصلها للمحافظ‬ ‫طالبين من��ه أن يكاف��ح ظاهرة بس��طات األطعمة‬ ‫ولكن محوالتنا للحد من انتش��ار هذه البسطات لم‬ ‫تحظى بأي رد أو اهتمام من قبل الجهات المسؤولة‬ ‫التابعة للنظام‪ ،‬فكل صاحب بس��طة يؤمن لنفسه‬ ‫الحماي��ة أما عن طريق أحد الش��بيحة أو عن طريق‬ ‫الرش��اوى الت��ي يدفعونه��ا لموظف��ي الصحة لكي‬ ‫يغضوا النظر عنهم»‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫في ظ��ل ازدياد عدد النازحي��ن إليها بعد‬ ‫الحمل��ة العس��كرية الت��ي ش��نها النظام‬ ‫على بلدات الثورة وعين البيضا والطيبة‬ ‫في الشهرين الماضيين‪ ،‬وصعوبة تأمين‬ ‫متطلباته��م الحياتي��ة‪ ،‬بع��د أن منع��ت‬ ‫قوات النظام وص��ول الحصص الغذائية‬ ‫المقدم��ة م��ن الهالل األحم��ر إليهم منذ‬ ‫نهاية آذار الماضي‪ ،‬حيث لم يدخل فريق‬ ‫الهالل األحمر الس��وري إل��ى زاكية‪ ،‬التي‬ ‫كان يت��ردد إليها باس��تمرار‪ ،‬ويوزع ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 4200‬سلة غذائية كل شهرين‬ ‫مرة منذ ذلك التاريخ‪.‬‬ ‫تقع مدينة زاكية في الجنوب الغربي‬ ‫م��ن مدين��ة دمش��ق عل��ى بع��د ‪ 30‬كم‬ ‫عنها‪ ،‬وتتبع إداريا لمدينة الكس��وة بريف‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ويبلغ ع��دد س��كانها األصليين‬ ‫‪ 25‬أل��ف نس��مة‪ ،‬ويحي��ط به��ا مجموعة‬ ‫من القرى والبل��دات الصغيرة منها(بلدة‬ ‫الطيبة‪ ،‬الديرخبية‪ ،‬كناكر‪ ،‬خان الش��يح‪،‬‬ ‫دي��ر الع��دس‪ ،‬اركي��س)‪ .‬ويتب��ع لمدينة‬ ‫زاكي��ة عدة مزارع منها (ش��قحب‪ ،‬حوش‬ ‫العباسة‪ ،‬المازنية)‪.‬‬ ‫وتتص��ف طبيعة زاكية التي تتس��م‬ ‫بعادات وتقاليد ولهجة مميزة‪ ،‬بالسهلية‬ ‫المتموج��ة‪ ،‬ويبل��غ متوس��ط ارتفاعه��ا‬ ‫‪750‬م ع��ن س��طح البح��ر‪ ،‬م��ع وج��ود‬ ‫بع��ض التالل في القس��م الجنوبي مثل‬ ‫ت��ل الش��يح وت��ل الحرادي��ن‪ ،‬ويميزه��ا‬ ‫حالي��ًا األغش��ية البازلتي��ة التي ش��كلت‬ ‫مجموعة من الوع��رات التابعة لها إداري ًا‬ ‫مثل وع��رة الس��هلة‪ ،‬الوعرة الش��رقية‪،‬‬ ‫الوع��رة الوس��طى‪ ،‬وعرة الكلت��ة‪ ،‬وعرة‬ ‫المصامدية ووعرة العباسة‪.‬‬ ‫يمر من شمال المدينة « نهر األعوج‬ ‫« ال��ذي ينب��ع م��ن جبل الش��يخ مش��ك ً‬ ‫ال‬ ‫المصدر الرئيس��ي لمياه الري لمجموعة‬ ‫م��ن المناطق والقرى الت��ي يمر بها عبر‬ ‫ف��روع أو قن��وات لل��ري مث��ل الزوكان��ي‬ ‫والديرخبان��ي والديران��ي والكناك��ري‬ ‫ضم��ن أراضي زاكي��ة وبل��دة الديرخبية‬ ‫وغيره��ا من البلدات والف��روع‪ ،‬ثم يتابع‬ ‫األع��وج مس��يره حتى يصب ف��ي بحيرة‬ ‫الهيجان��ة‪ ،‬وق��د مرت س��نوات عديدة لم‬ ‫يصل فيها األعوج إلى هذه البحيرة‪.‬‬ ‫وحس��ب مواق��ع متعددة فق��د كانت‬ ‫«الغيض��ة» ذات األش��جار الباس��قة على‬ ‫ضفاف النهرف��ي البلدة محج ًا للناس من‬ ‫دمش��ق وغيرها يقصدونه��ا من مختلف‬ ‫المناط��ق‪ ،‬قب��ل أن تص��اب المنطق��ة‬ ‫بالجف��اف والقحط ال��ذي أدى إلى جفاف‬ ‫النهر ويباس األشجار‪.‬‬ ‫وتراجع��ت أهمي��ة الزراع��ة ف��ي‬ ‫المدينة التي كان يعتمد معظم س��كانها‬ ‫ف��ي حياتهم المعيش��ية عل��ى االقتصاد‬ ‫الزراعي بسبب موجات الجفاف وقلة مياه‬ ‫نه��ر األعوج التي س��رعان ما تنقطع في‬ ‫بداية الصيف‪.‬‬ ‫مدين��ة زاكي��ة تل��ك المدين��ة الت��ي‬ ‫اختار أول من س��كنها بأن تكون في هذا‬ ‫المكان بين الصخور البركانية الس��وداء‬ ‫حول مرتفع صخري بنيت عليه مس��اكن‬ ‫حجرية س��ماها أهل المدينة فيما بعد بـ‬ ‫«قلع��ة بيت خريبة» نس��بة إلى أكثر من‬ ‫يس��كن ه��ذه القلعة‪ ،‬حس��ب موس��وعة‬ ‫ويكيبدي��ا‪ ،‬ليس��ت الم��رة األول��ى الت��ي‬ ‫تستضيف نازحين فيها فقد سبق لها أن‬ ‫اس��تضافت عدد كبير من األس��ر النازحة‬ ‫م��ن كناكر أي��ام حرب تش��رين‪ ،‬وقدموا‬ ‫لهم واجب الضيافة حس��ب ش��هادة أهل‬ ‫كناكر‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫ال�صابئة املندائيون وخوف الإبادة اجلماعية‪:‬‬ ‫معمدانيو املاء والدم‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫دخل��ت المنطقة البازار السياس��ي المفتوح وهناك‬ ‫تغيي��ر لقواعد‬ ‫تش��كيل للمنطق��ة أو‬ ‫حدي��ث ع��ن إعادة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اللعب��ة ممت��دٍ من غزة إل��ى بغداد مروراً بجرح دمش��ق‬ ‫الن��ازف‪ ،‬وعن��وان الب��ازار وأداته التف��اوض بالدم‪ ،‬حيث‬ ‫نرى اش��تعا ًال ل��كل الجبهات وغموضاً يل��ف األفق‪ ،‬إيران‬ ‫تخس��ر في العراق الس��يما أن العبادي حلي��فً للغرب ال‬ ‫تابعاً لخامنئي‪ ،‬ونظام األسد متعنتٌ يجري وراء الوهم‪،‬‬ ‫ودول الجوار مترقبة مستفزة أمام زلزال المنطقة‪.‬‬ ‫وفي بازار الدم يخس��ر الجميع لكن خسارة األقليات‬ ‫ٌ‬ ‫استكمال لملفٍ سابق‬ ‫يستحيل جبرها‪ ،‬في ملفنا اليوم‬ ‫عن األقليات المنقرضة في شرقنا العربي‪ ،‬وسنخصص‬ ‫ملفن��ا الي��وم للصابئ��ة المندائي��ة الذين إذا ما اس��تمر‬ ‫اس��تهدافهم به��ذه الوتيرة س��يتم إفراغ الع��راق قريبًا‬ ‫م��ن أقدم وأعرق وأصغر مكونات��ه وبالتالي اندثار تراث‬ ‫وثقاف��ة موغلة في الق��دم وفريدة وهو م��ا يمثل ليس‬ ‫خسارة للعراق فحسب بل للبشرية جمعاء‪.‬‬

‫عن ال�صابئة املندائية‬ ‫يتواج��د الصابئة المندائيون من��ذ القدم في جنوب‬ ‫م��ا بي��ن النهرين‪ ،‬واللغ��ة التي ينطقون به��ا هي اللغة‬ ‫المندائي��ة اآلرامية بلهجتها الش��رقية‪ ،‬وألمح الكثير من‬ ‫المؤرخي��ن إل��ى إن معتق��دات الصابئ��ة المندائية برزت‬ ‫في بابل أو ًال‪ .‬وقد تمخض البحث في منش��أ المندائيين‬ ‫عن نظريتين األولى‪ :‬إنهم من س��كان م��ا بين النهرين‬ ‫القدم��اء وإنه��م ورثوا الكثير م��ن الميثولوجي��ا البابلية‬ ‫ولكنه��م تأثروا باليهودي��ة بحكم تجاوره��م مع اليهود‬ ‫الذين سكنوا ما بين النهرين‪ ،‬كما تأثروا بالمسيحية من‬ ‫خالل االحتكاك بالنساطرة المسيحيين‪.‬‬ ‫أما النظرية الثانية فيرى البعض إن منشأهم كان‬ ‫في الغ��رب‪ ،‬في منطقة البحر الميت (فلس��طين) أو في‬ ‫شرق األردن حيث كانوا يمارسون شعيرة التعميد هناك‪.‬‬ ‫يرج��ع الباحث "عزيز اس��باهي" ف��ي كتابه "أصول‬ ‫الصابئ��ة ومعتقداته��م الدينية"‪" :‬لقد أش��ار العديد من‬ ‫المؤرخي��ن إل��ى أن معتق��دات الصابئ��ة المندائية برزت‬ ‫ألول مرة في جنوب ما بين النهرين‪ .‬فقد ذهب هنري ال‬ ‫يرد عالم اآلثار البريطاني الذي أس��هم في الكش��ف عن‬ ‫اآلثار األشورية إلى أن الدين اآلشوري في أيامه المبكرة‬ ‫األولى وقبل أن تمس��ه التأثيرات الفارسية وغيرها (هو‬ ‫امتداد للدين البابلي) كان صابئي المنحى"‪.‬‬ ‫أما "الليدي دراور" في كتابها "الصابئة المندائيين"‬ ‫فتقول‪" :‬إن الصابئة المندائية تمتد إلى العهد السومري‪،‬‬ ‫ولدعم هذه النظرية نقوم بمقارنة بين الدين الصابئي‬ ‫والس��ومري‪ .‬فكال الديانتين تعظمان الماء وتضعانه في‬ ‫منزلة عظيمة"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وق��د انقس��م الصابئ��ة قديم��ا إل��ى أربع��ة ف��رق‬ ‫ه��ي‪ :‬أصح��اب الروحانيات‪ ،‬أصح��اب الهي��اكل‪ ،‬أصحاب‬ ‫األشخاص‪ ،‬والحلولية اش��تهر منهم الصابئة الحرانيون‬ ‫الذي��ن تعرض��وا لالضطه��اد في بداي��ات الق��رن األول‬ ‫الميالدي‪ ،‬وكانت معتقداتهم تختلف بعض الش��يء عن‬ ‫الصابئة المندائية‪.‬‬ ‫وبه��ذا الصدد يش��ير كتاب "حران كويث��ا" أو "حران‬ ‫الس��فلى" وه��و أحد الكت��ب الديني��ة ال��ذي يتحدث عن‬ ‫تأريخ الصابئ��ة المندائيين إلى تع��رض المندائيين في‬ ‫الق��رن المي�لادي األول وفي بداي��ة الدعوة المس��يحية‬ ‫إل��ى اإلرهاب والمجازر وحملة إب��ادة جماعية للمندائيين‬ ‫في مدينة أورش��ليم س��نة ‪70‬م التي كان يسيطر عليها‬ ‫الحك��م الروماني حيث تمت إب��ادة آالف المندائيين ومن‬ ‫بينه��م ‪ 360‬رجل دي��ن مندائ��ي وكانت ه��ذه المذبحة‬ ‫العام��ل األساس��ي في هجرته��م األولى من اورش��ليم‬ ‫والعودة إلى موطنهم االصلي في وادي الرافدين ووقف‬ ‫التبشير بالدين المندائي مما أثر على أعدادهم الحقا‪.‬‬ ‫و الصابئ��ة المندائية هم طائف��ة الصابئة الوحيدة‬

‫الباقي��ة إل��ى الي��وم‪ ،‬وفي بداي��ة الثمانينات م��ن القرن‬ ‫الماض��ي كان عدده��م يزي��د عل��ى ‪ 100‬أل��ف نس��مة‬ ‫ينتش��رون عل��ى الضف��اف الس��فلى م��ن نه��ري دجلة‬ ‫والفرات‪ ،‬ويس��كنون في منطقة األهواز وش��ط العرب‪،‬‬ ‫ويكث��رون في مدن العمارة والناصري��ة والبصرة وقلعة‬ ‫صالح والحلفاية والزكية وسوق الشيوخ والقرنة‪ ،‬وهي‬ ‫موض��ع اقتران دجلة بالفرات‪ ،‬وه��م موزعون على عدد‬ ‫من األلوية مثل لواء بغ��داد‪ ،‬والحلة‪ ،‬والديوانية والكوت‬ ‫وكرك��وك والموصل‪ .‬كما يوجد أعداد مختلفة منهم في‬ ‫ناصري��ة المنتفق والش��رش ونه��ر صال��ح والجبابيش‬ ‫والسليمانية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كذلك ينتش��رون في إيران‪ ،‬وتحدي��دا على ضفاف‬ ‫نهر الكارون والدز ويس��كنون في مدن إيران الساحلية‪،‬‬ ‫كالمحمرة‪ ،‬وناصرية األهواز وششتر ودزبول‪.‬‬ ‫وللصابئ��ة ف��ي العراق مجل��س روحاني ورئاس��ة‬ ‫طائف��ة‪ ،‬تقوم ب��دور متابعة أحوالهم الدينية‪ ،‬يترأس��ها‬ ‫ش��يخ بدرجة دينية كبرى "ريش أم��ة" أي رئيس األمة‪،‬‬ ‫وذل��ك إذا علمن��ا أن درجاتهم الديني��ة كاآلتي‪ :‬الحاللي‪،‬‬ ‫والتلميذة‪ ،‬والكنز برا "مفس��ر الكت��اب المقدس" وريش‬ ‫أم��ة‪ ،‬والرباني‪ ،‬لكن الدرجة األخير ل��م يبلغها إال يوحنا‬ ‫المعم��دان‪ ،‬أي النب��ي يحي��ى‪ ،‬واس��مه ف��ي المندائي��ة‪:‬‬ ‫يهيها يهانا‪ ،‬ومعناها محي األمة‪ ،‬واس��م يحيى‪ ،‬على ما‬ ‫يبدو‪ ،‬منحوت من تلك التس��مية‪ ،‬كما يتخذ الصابئة من‬ ‫الدرف��ش المندائي‪ ،‬رمزاً لديانته��م ويتكون من صليب‬ ‫وعليه قميص النبي يحيى‪.‬‬ ‫وال يوج��د ل��دى "الصابئ��ة المندائيي��ن" أي طموح‬ ‫سياس��ي‪ ،‬وهم يتقرب��ون إلى أصح��اب الديانات األخرى‬ ‫بنق��اط التش��ابه الموج��ودة بينه��م وبي��ن اآلخري��ن‪،‬‬ ‫ويش��تهرون بصناع��ة الفض��ة‪ ،‬وبراعته��م ف��ي تل��ك‬ ‫الصناعة دفعتهم إلى الرحيل للعمل في بيروت ودمشق‬ ‫واإلس��كندرية‪ ،‬ووص��ل بعضهم إل��ى إيطاليا وفرنس��ا‬ ‫وأمريكا‪ ،‬كما يجيدون صناعة القوارب الخشبية والحدادة‬ ‫وصناعة الخناجر‪.‬‬

‫�أ�صل الت�سمية‬ ‫ترجع المصادر تس��مية المندائيين إلى الجذر اللغوي‬ ‫"من��دا أو مندع" والذي يعن��ي باللغة المندائي��ة "العلم أو‬ ‫المعرفة" أما كلمة الصابئة فهي مشتقة من الجذر "صبا"‬ ‫وال��ذي يعن��ي باللغ��ة المندائي��ة اصطبغ‪ ،‬تعم��د‪ ،‬غط أو‬ ‫غطس في الماء وهي من أهم شعائرهم الدينية وبذلك‬ ‫يكون معنى الصابئ��ة المندائيي��ن‪ ،‬المتعمدين العارفين‬ ‫لدين الحق أو العارفين بوجود الخالق األوحد األزلي‪.‬‬ ‫بعض علماء اللغ��ة اختلف في أصل كلمة الصابئة‬ ‫وأرجعها إلى الجذر العربي "صبأ" ومنهم الشهرس��تاني‬ ‫في كتاب "الملل والنحل" الجزء الثاني الصفحة السابعة‪:‬‬ ‫"في اللغة صبأ الرج��ل إذا مال وزاغ‪ ،‬فبحكم ميل هؤالء‬ ‫ع��ن س��نن الح��ق‪ ،‬وزيغهم عن نه��ج األنبي��اء قيل لهم‬ ‫الصابئة"‪ ،‬لكن هذا الرأي بقي ضعيفاً‬ ‫ً‬ ‫خاصة بعد العثور‬ ‫على آثار مندائية قديمة تدعم األصل اآلرامي المندائي‪.‬‬

‫معتقدات الطائفة‬ ‫أحيط��ت المعتق��دات المندائية بالكثي��ر من اللبس‬ ‫والغموض كون ديانتهم غير تبش��يرية ولعدم تمكنهم‬ ‫التحدث بلغتهم ومن ممارس��ة طقوسهم الدينية بحرية‬ ‫وبش��كل علني أكتنف الغموض هذه الديانة‪ ،‬ويذكر" د‪.‬‬ ‫رش��يد الخيون ف��ي كتابه "األديان والمذاه��ب بالعراق"‪:‬‬ ‫"إن الجه��ل ف��ي تاريخ هذا الدين بس��بب س��ريته جعل‬ ‫الطب��ري ينقل ع��ن الصنعاني ‪ /‬ت ‪211‬هـ عن س��فيان‬ ‫الث��وري بقوله (الصابئ��ون قوم بين اليه��ود والمجوس‬ ‫لي��س لهم دي��ن)‪ .‬كما ب��رر البع��ض نجاس��تهم ألنهم‬ ‫مشركون حسب اآلية القرآنية‪( ..‬إنما المشركون نجس)‬ ‫(س��ورة التوبة)‪ ،‬رغم أن التعميد في الماء الجاري يعتبر‬

‫من أهم طقوسهم الدينية"‪.‬‬ ‫كم��ا اتهم المندائيون زوراً أو جه�ل ًا بعبادة األجرام‬ ‫والكواكب فكتب عنهم في الثالثينات من القرن الماضي‬ ‫المؤرخ العراقي المعروف عبد الرزاق الحسني في كتابه‬ ‫"الصابئون في حاضرهم وماضيهم" حيث شوه ديانتهم‬ ‫واتهمه��م بأنه��م من عب��دة الكواك��ب والنج��وم‪ ،‬تقول‬ ‫"الليدي دراور" في كتابها الس��ابق الذك��ر‪ :‬في الحقيقة‬ ‫إن الصابئي��ن ال يعب��دون األج��رام الس��ماوية غير إنهم‬ ‫يعتق��دون بأن النجوم والكواك��ب تحتوي على مخلوقات‬ ‫حي��ة ه��ي أرواح ثانوي��ة تابعة ألم��ر ملك الن��ور "ملكا‬ ‫دنه��ورا" وإنها تتحك��م بمصائر البش��ر‪ ،‬ويصاحب هذه‬ ‫األرواح الخيرة أضدادها من األرواح الش��ريرة ففي فلك‬ ‫الش��مس "ش��امش" ينتصب ش��امش الخي��ر النافع رمز‬ ‫الخصب والخضرة ومعه الروح الشريرة المهلك "أدوناي"‬ ‫مع أرواح نورانية حارسة أخرى‪.‬‬ ‫تدع��و المندائية لإليمان باهلل ووحدانيته ويس��مى‬ ‫بالح��ي العظي��م أو الح��ي األزل��ي حي��ث جاء ف��ي كتاب‬ ‫المندائيين المقدس "كنزا رب��ا" أن الحي العظيم أنبعث‬ ‫م��ن ذات��ه وبأم��ره وكلمت��ه تكون��ت جمي��ع المخلوقات‬ ‫والمالئك��ة التي تمجده وتس��بحه في عالمه��ا النوراني‬ ‫كذلك بأمره تم خل��ق آدم وحواء من الصلصال عارفين‬ ‫بتعالي��م الدي��ن المندائي وقد أم��ر اهلل آدم بتعليم هذا‬ ‫الدين لذريته لينشروه من بعده‪.‬‬ ‫أما كتبهم المقدس��ة فهي‪ :‬الكت��اب المقدس "كنزا‬ ‫ربـا"‪ :‬ويعني الكن��ز العظيم ويعتقدون أنه يجمع صحف‬ ‫آدم وشيت وس��ام ويقع في ‪ 600‬صفحة وهو بقسمين‪:‬‬ ‫األول‪ ،‬ويتضمن س��فر التكوين وتعاليم "الحي العظيم"‬ ‫والصراع الدائر بين الخير والشر والنور والظالم وكذلك‬ ‫هبوط "النفس" في جس��د آدم ويتضمن كذلك تسبيحا‬ ‫للخالق وأح��كام فقهية ودينية‪ .‬الثان��ي‪ ،‬ويتناول قضايا‬ ‫"النفس" وما يلحقها من عقاب وثواب‪.‬‬ ‫كت��اب "دراش��ة أد يهي��ا"‪ :‬ويعتق��دون أن��ه تعاليم‬ ‫وحك��م ومواع��ظ يحيى بن زكري��ا‪ ،‬وكت��اب "األنفس"‪:‬‬ ‫ويقولون أنه يضم قصة هبوط النفس في جس��د آدم‪،‬‬ ‫وكتـاب "آدم بغرة"‪ :‬وهو ش��رح لجس��د اإلنسان عندهم‪،‬‬ ‫وكتاب "القلس��تا"‪ :‬وهو تراتيل طقوس الزواج عندهم‪،‬‬ ‫وكتاب "النياني"‪ :‬وهو كتاب الصالة واألدعية عندهم‪.‬‬ ‫ويؤمن المندائيون بعدد من األنبياء هم آدم‪ ،‬شيت‬ ‫بن آدم‪ ،‬س��ام بن ن��وح‪ ،‬يحيى بن زكريا‪ ،‬لكن اس��مهم‬ ‫ارتبط بالنبي إبراهيم الخليل الذي عاش في مدينة أور‬ ‫السومرية منتصف األلف الثالث قبل الميالد‪.‬‬

‫�أركان الديانة‬ ‫ترتكز الديانة المندائية على خمسة أركان هي‪:‬‬ ‫التوحي��د‪ :‬حي��ث جاء في اآلي��ة األولى م��ن كتابهم‬ ‫المقدس‪ ،‬آية التوحيد‪" :‬إلهي منك كل ش��يء‪ ،‬يا عظيم‬ ‫يا س��بحان‪ ،‬يا حكيم يا عظيم‪ ،‬ي��ا اهلل المتعال الكريم‪،‬‬ ‫ع�لا قدرتك على كل ش��يء‪ ،‬يا من ليس له ش��بيه‪ ،‬وال‬ ‫نظير‪ ،‬يا راحم المؤمنين‪ ،‬يا منجي المؤمنين‪ ،‬يا عزيز يا‬ ‫حكيم‪ ،‬يا من ليس له شريك في قدرته‪ ،‬اسبح باسمك"‪.‬‬ ‫التعمي��د‪ :‬يع��د "التعمي��د" م��ن أبرز معال��م وأهم‬ ‫الش��عائر الدينية لدى الصابئة‪ ،‬ويرون أنه تطهير للروح‬ ‫جس��ماً ونفس��اً‪ ،‬ويكون عبر تغطيس الجس��م في الماء‬ ‫الج��اري في يوم معين‪ ،‬وهو يع��ادل تعميد ‪ 60‬يوما من‬ ‫األي��ام االعتيادي��ة التي تق��ام يوم األحد أس��بوعيا وفق‬ ‫مب��ادئ طائف��ة الصابئ��ة‪ ،‬وال يكون إال في الم��اء الحي‪،‬‬ ‫وال تت��م الطق��وس إال باالرتم��اء ف��ي الماء س��واء أكان‬ ‫الوقت صيفا أو ش��تاء‪ ،‬وقد أجاز لهم رجال دينهم مؤخراً‬ ‫االغتسال في دورات المياه‪ ،‬كما وأجازوا لهم ماء العيون‬ ‫النابع��ة لتحقيق الطهارة‪ ،‬ويتم التعميد على أيدي رجال‬ ‫الدي��ن في عدة حاالت‪ ،‬هي‪ :‬عم��اد الوالدة‪ ،‬عماد الزواج‪،‬‬ ‫عماد الجماعة‪ ،‬وعماد األعياد‪ ،‬وقد حافظ طقس التعميد‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫مراسيم العمادة في االحتفال بعيد الكرصة | ‪AP‬‬

‫تعرض الصابئة المندائية لالضطهاد عبر تاريخهم‬ ‫الطوي��ل مم��ا جعل الطائفة ف��ي بدايات الق��رن الحادي‬ ‫والعش��رين على حاف��ة االنقراض‪ ،‬وأول إب��ادة جماعية‬ ‫للصابئ��ة كان��ت ف��ي الق��رن األول المي�لادي حي��ث تم‬ ‫تهجيره��م م��ن القدس وإعادته��م إلى ب�لاد الرافدين‪،‬‬ ‫وفي زمن حكم الملك الساس��اني بهرام األول عام ‪273‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫�سل�سة اال�ضطهاد‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫على أصول��ه القديمة حيث يعتقد بأنه هو نفس��ه الذي‬ ‫ناله المسيح عيس��ى بن مريم المسيح عند تعميده من‬ ‫قبل يحيى بن زكريا "يوحنا المعمدان"‪.‬‬ ‫الص�لاة "براخ��ا"‪ :‬تس��بق الص�لاة اليومي��ة والتي‬ ‫تعتب��ر فرض��اً عل��ى كل مندائ��ي وت��ؤدى ث�لاث م��رات‬ ‫ف��ي اليوم اغتس��ال يش��به إلى ح��د كبير الوض��وء عند‬ ‫المس��لمين‪ ،‬ويتج��ه الصابئ��ة المندائيون ف��ي صالتهم‬ ‫ولدى ممارستهم لش��عائرهم الدينية نحو جهة الشمال‬ ‫العتقاده��م بأن عالم األنوار الجنة يقع في ذلك المكان‬ ‫المقدس من الكون الذي تعرج إليه النفوس في النهاية‬ ‫لتنع��م بالخل��ود إلى ج��وار ربها‪ ،‬ويس��تدل عل��ى اتجاه‬ ‫الشمال بواسطة النجم القطبي‪.‬‬ ‫الصيام‪ :‬يعتبر الصابئة أن "الصيام" تحريم ما أحل‬ ‫اهلل‪ ،‬وم��ع ذل��ك يمتنعون ع��ن أكل اللح��وم المباحة ‪36‬‬ ‫يوما متفرقة طول العام‪ ،‬حيث جاء في كتابهم "صوموا‬ ‫الص��وم العظي��م وال تقطعوه إلى أن تغادر أجس��ادكم‪،‬‬ ‫صومًا كثيراً ال عن مآكل ومش��رب ه��ذه الدنيا‪ ..‬صوموا‬ ‫صوم العقل والقلب والضمير"‪.‬‬ ‫الصدق��ة "زدقا"‪ :‬يش��ترط الصابئة لصحة الصدقة‬ ‫الكتم��ان وعدم المجاه��رة بأدائها وق��د ورد في كتابهم‬ ‫المقدس‪" :‬إن وهبتم صدقة أيها المؤمنون‪ ،‬فال تجاهروا‬ ‫إن وهبت��م بيمينكم ف�لا تخبروا ش��مالكم‪ ،‬وإن وهبتم‬ ‫بش��مالكم ف�لا تخب��روا يمينك��م كل من وه��ب صدقة‬ ‫وتحدث عنها كافر ال ثواب له"‪.‬‬ ‫أم��ا المحرمات في الديانة المندائية فهي‪ :‬التجديف‬ ‫باس��م الخال��ق "الكف��ر"‪ ،‬ع��دم أداء الف��روض الدينية‪،‬‬ ‫القت��ل‪ ،‬الزن��ا‪ ،‬الس��رقة‪ ،‬الكذب‪ ،‬ش��هادة ال��زور‪ ،‬خيانة‬ ‫األمانة والعهد‪ ،‬الحسد‪ ،‬النميمة‪ ،‬الغيبة‪ ،‬التحدث واإلخبار‬ ‫بالصدق��ات المعطاة‪ ،‬القس��م الباطل‪ ،‬عبادة الش��هوات‪،‬‬ ‫الش��عوذة والس��حر‪ ،‬الختان‪ ،‬ش��رب الخمر‪ ،‬الرب��ا‪ ،‬البكاء‬ ‫على الميت ولبس السواد‪ ،‬تلويث الطبيعة واألنهار‪ ،‬أكل‬ ‫المي��ت والدم والحامل والجارح والكاس��ر م��ن الحيوانات‬ ‫وال��ذي هاجمه حي��وان مفترس‪ ،‬الط�لاق إال في ظروف‬ ‫خاص��ة جداً‪ ،‬االنتح��ار وإنهاء الحي��اة واإلجهاض‪ ،‬تعذيب‬ ‫النفس وإيذاء الجسد‪ ،‬الرهبنة‪ ،‬وزواج غير الصابئة‪.‬‬

‫م ف��ي اي��ران جرت حمل��ة إره��اب واب��ادة جماعية بحق‬ ‫المندائيين حيث تم قتل األالف‪.‬‬ ‫وط��وال الحك��م االس�لامي للع��راق ل��م ينع��م‬ ‫المندائيون بفترة اس��تقرار واضحة بل بقوا تحت رحمة‬ ‫الفت��اوى المتضارب��ة التي تخرجهم من عق��د الذمة ثم‬ ‫تعيدهم إليه مقابل جزيةٍ أكبر‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1870‬وف��ي مدين��ة شوش��تر اإليرانية‬ ‫القريبة من مدينة الشوش واألهواز تعرض المندائيون‬ ‫لعملي��ة إب��ادة جماعي��ة حيث تم��ت قتل غالبية س��كان‬ ‫المدين��ة والبالغ عددهم ‪ 20‬ألف مندائي على يد الحاكم‬ ‫االيران��ي آنذاك ناصر الدين ش��اه الذي حك��م إيران من‬ ‫سنة ‪ 1831‬م ـ ‪.1896‬‬ ‫بعد نش��وب الحرب العالمية األولى للفترة من ‪- 1914‬‬ ‫‪ 1918‬وسقوط الدولة العثمانية سنة ‪ 1918‬ودخول القوات‬ ‫اإلنكليزي��ة للعراق واحتالل البص��رة ومن ثم توجههم نحو‬ ‫يغ��داد م��ن خالل م��دن جنوب الع��راق التي يقطنها نس��بة‬ ‫كبي��رة من المندائيي��ن وهي الممر الوحي��د لقوات االحتالل‬ ‫اإلنكلي��زي باتج��اه بغداد‪ ،‬أث��ر ذلك على تواج��د المندائيين‬ ‫ف��ي تلك المدن واالهوار حيث تع��رض الصابئة المندائيين‬ ‫لظ��روف عصيبة جداً بس��بب ظروف الح��رب وفقدان األمن‬ ‫وع��دم وج��ود المؤسس��ات الحكومي��ة‪ ،‬وانتش��ار الفوضى‬ ‫وانعك��س ذل��ك عل��ى حياته��م وديانته��م مباش��رة حي��ث‬ ‫تعرضوا إلى عمليات القتل والس��طو والنهب وخطف النساء‬ ‫وإجبارهم على ترك دينهم ومنعهم من ممارسة طقوسهم‬ ‫الدينية مما أدى إلى هجرتهم إلى مدن اخرى أكثر هدوءاً‪.‬‬ ‫وما إن تمك��ن المحتل االنكليزي ف��ي العراق حتى‬ ‫وقع المندائيون بين طرفي كماشة‪ ،‬الحمالت التبشيرية‬ ‫األوروبي��ة التي ته��دف إل��ى تحولهم للمس��يحية وبين‬ ‫ضغط وتهديد إس�لامي من سكان المنطقة للتحول إلى‬ ‫الديانة اإلسالمية‪.‬‬ ‫وعند تشريع أول دستور عراقي سنة ‪ 1924‬لم يرد‬ ‫اس��مهم به أسوة بالديانات األخرى المسيحية واليهودية‬ ‫ف��ي م��واده ‪ 79 ،78 76‬الت��ي نص��ت عل��ى أن األف��راد‬ ‫المنتمي��ن لهاتي��ن الطائفتي��ن تطبق بحقه��م موادهم‬ ‫الش��خصية الخاصة بهم أما الصابئة المندائيين فتطبق‬ ‫بحقهم نصوص األحوال الش��خصية للمس��لمين وعلى‬ ‫المذه��ب الحنفي على وج��ه الخصوص مم��ا أضر ذلك‬ ‫ضررا" بليغا" بالطائفة‪.‬‬ ‫ولم تنص��ف الحكوم��ات العراقي��ة المتتالي��ة أبناء‬ ‫الطائفة باس��تثناء الس��نوات القليلة لحك��م عبد الكريم‬ ‫قاس��م الذي أبدى نوعًا من اإلنصاف اتجاه الطائفة وتم‬ ‫ً‬ ‫رئيس��ا لجامعة بغداد‬ ‫اختيار الدكتور عبد الجبار عبد اهلل‬ ‫وه��و أعل��ى منصب حصل علي��ه مندائ��ي وكانت هناك‬

‫بعض الوعود بأنصافهم واحترام حقوقهم وبناء معابد‬ ‫له��م ولكن األمر لم يس��تمر طوي ًال‪ ،‬وع��ادت األمور إلى‬ ‫سابق عهدها مع انقالب عام ‪.1963‬‬ ‫وف��ي الثمانينات من القرن الماضي ودخول العراق‬ ‫الح��رب مع ايران تعرض الصابئة المندائيون في العراق‬ ‫إلى عمليات تصفية من جديد وارسل غالبية شبابهم إلى‬ ‫الجيش ومن ثم إل��ى الخطوط األمامية للجبهة رغم ان‬ ‫ديانته��م تحرم القتال بغية التخلص منهم لما يملكونه‬ ‫من حس وطني‪ ،‬وأستش��هد منهم ما يزيد عن ‪ 25%‬من‬ ‫مجموع شباب الطائفة في تلك الفترة والذي تجاوز عدة‬ ‫مئات‪ ،‬أضافة لعشرات الشهداء المناضلين الذين أعدموا‬ ‫ألسباب سياسية‪ ،‬وبعد انتفاضة آذار ‪ 1991‬خضع العراق‬ ‫للموجة الدينية الطائفية التي كان يقودها عزت الدوري‬ ‫و ُثب��ت ف��ي كت��اب التربي��ة القومية المخص��ص للصف‬ ‫الثاني المتوس��ط والص��ف الرابع اإلعدادي م��ا معناه ان‬ ‫الصابئة المندائيين من عبدة الكواكب والنجوم‪.‬‬ ‫رغم االضطهاد والتهميش دل��ت االحصائيات على‬ ‫أن ع��دد الصابئة في العراق يق��در بحوالي ‪ 70‬ألفا قبل‬ ‫الغ��زو األمريك��ي للع��راق ع��ام ‪2003‬أم��ا اآلن فأفضل‬ ‫التقدي��رات تش��ير إلى أن عدده��م تراجع إل��ى اقل من‬ ‫عش��رة آالف بعد اضطرار غالبيتهم العظمى إلى الهجرة‬ ‫إل��ى خ��ارج العراق بس��بب تعرضه��م للقت��ل والتهجير‬ ‫والخطف في مختلف أرجاء العراق‪.‬‬ ‫وقال��ت منظمة حماي��ة األقليات الت��ي مقرها لندن‬ ‫في تقرير نش��رته في ش��هر ش��باط من ه��ذا العام إن‬ ‫هذه األقلي��ة "مهددة بالزوال ألن تعاليمها الدينية تحرم‬ ‫أتباعها حمل السالح أو ممارسة العنف مما يجعلها هدفا‬ ‫سهال لمختلف أشكال العنف"‪.‬‬ ‫واألمثل��ة على اس��تهداف الصابئة ال تع��د وال تحصى‬ ‫ب��ل حتى معابده��م لم تس��لم‪ ،‬فالمعبد الوحي��د لهم في‬ ‫مدينة البصرة تم تدميره من قبل مليش��يا محلية أواس��ط‬ ‫‪ ،2006‬وتش��ير اإلحصاءات التي ذكرته��ا الرابطة الوطنية‬ ‫للمندائيين إلى حجم العنف والجرائم المرعبة التي تعرض‬ ‫لها الصابئة خالل الفترة من تش��رين األول ‪ 2003‬إلى آذار‬ ‫‪ 2006‬ومنها مقتل ‪ 504‬منهم وخطف ‪ 118‬ومغادرة ‪4663‬‬ ‫عائل��ة إلى خ��ارج العراق وكان ع��دد العائ�لات الباقية في‬ ‫العراق ش��هر آذار من عام ‪ 2006‬فقط ‪ ،1162‬فعلى سبيل‬ ‫المثال كان عدد عائالتهم في بغداد قبل الغزو ‪ 1600‬عائلة‬ ‫لم يبق منهم حتى نيسان ‪ 2006‬سوى ‪ 150‬عائلة‪.‬‬ ‫اليوم ومع س��يطرة داعش على معاق��ل اإليزيدية‬ ‫أو محاصرته��ا وتعرضه��م للقت��ل الممنه��ج يتحس��س‬ ‫المندائي��ون الخط��ر الداه��م الذي لم يش��هده تاريخهم‬ ‫الحافل باالضطهاد والمئ��ات المتبقية من هذه الطائفة‬ ‫هي في ذمة البشرية جمعاء ال العراقيين وحدهم‪..‬‬

‫‪11‬‬


‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬ ‫‪1991 / 12 / 24‬‬

‫عندم��ا يطل��ع الم��رء عل��ى حج��م الصحاف��ة‬ ‫الفلس��طينية‪ ،‬وحجم إعالمها ال يؤخ��ذ بالذهول‪ ،‬بل‬ ‫يشعر المرء بالوطنية على أرض هذا الوطن الممزق‪.‬‬ ‫إنها صحافة جادة‪ ،‬ومناضلة‪ ،‬وعالمة من عالمات رفع‬ ‫مس��توى هذه الصحاف��ة العربي��ة الرس��مية‪ ،‬المألى‬ ‫بالهجانة‪ ،‬والتشويه والتهافت‪.‬‬ ‫الي��وم وقع��ت بين ي��دي مجلة « بلس��م « العدد‬ ‫‪ 173‬الت��ي تصدر عن المؤسس��ة الصحافية س��نابل‬ ‫ومقرها نيقوسيا العاصمة القبرصية‪ .‬ما مألني فخراً‬ ‫المقال الطبي النفسي والجسدي‪ ،‬وهذا يعطي فكرة‬ ‫عن تكام��ل النضال الفلس��طيني‪ ،‬وارتفاع مس��توى‬ ‫المواجهة مع العدو الصهيوني على كافة المستويات‪.‬‬ ‫في الوقت الذي تنهض فيه الحكومات العربية إلبرام‬ ‫صفقات ال��ذل والخيانة مع الدول��ة العبرية الغاصبة‪،‬‬ ‫هناك مقاالت ع��ن مبادئ الجراحة عن��د العرب‪ ،‬وعن‬ ‫معج��م طبي عرب��ي والمدرس��ة والتثقي��ف الصحي‪،‬‬ ‫االنتفاض��ة والطف��ل الفلس��طيني تح��ت االحت�لال‪،‬‬ ‫جريم��ة االحت�لال واجبن��ا الوطن��ي‪ ،‬ه��ذه عين��ة من‬ ‫المق��االت الت��ي طالعتها بف��رح‪ ،‬واس��تيعاب واعتزاز‪،‬‬ ‫وه��ذه الصحافة تبدو أمام صحاف��ة التعمية العربية‪،‬‬ ‫كالصحاف��ة الس��ورية وصحافة األنظم��ة عامة التي‬ ‫تغطي الحقائق على المواطن العربي‪.‬‬ ‫إننا هنا في السجن نشعر بالفخر كلما قرأنا رأيًا‬ ‫محكماً‪ ،‬وتلمسنا الحرارة الوطنية‪ .‬الصحافة الحقيقية‬ ‫ه��ي الت��ي محورها قضي��ة فلس��طين والنضال ضد‬ ‫الدولة العبرية‪ ،‬ومواجهة اإلمبريالية العالمية‪.‬‬ ‫وأن��ا أكتب ه��ذه اليومية كان المذي��اع يبث خبراً‬ ‫عن اس��تقالة غورباتش��وف‪ ،‬وكنت أس��مع م��ن أفواه‬ ‫المساجين السباب المقذع عليه‪.‬‬

‫‪1991 / 12 / 25‬‬

‫صعدت مع وجيه مع��روف أبو رامي ابن قرية بو‬ ‫حكفا القريبة من الس��لمية‪ ،‬صعدت وإياه إلى الطابق‬ ‫الثان��ي وزرن��ا جناحًا لح��زب العمل (الرابطة س��ابقًا)‪.‬‬ ‫يحتوي الجناح على مئة وثمانية عشر سجينًا‪.‬‬ ‫وحت��ى اآلن ل��م يُف��رج ع��ن أح��د منه��م‪ .‬إنهم‬ ‫جميع��اً من جبال الالذقية والس��احل الس��وري‪ ،‬وريف‬ ‫دمشق والس��لمية‪ ،‬حياتهم في المهاجع غير منظمة‪،‬‬ ‫ال يأكل��ون في وقت واحد‪ ،‬كل اثني��ن أو ثالثة يأكلون‬ ‫مع��اً‪ ،‬اإلفط��ار داخ��ل ف��ي الغ��ذاء‪ ،‬والغ��داء متص��ل‬ ‫بالمغرب‪ ،‬وكما سمعت أنهم جميعًا ال عالقة تنظيمية‬ ‫له��م بالحزب بل يدورون في فلك��ه ويقرؤن أدبياته‪،‬‬ ‫وميزة ه��ذا الح��زب اعتماده عل��ى الش��باب‪ ،‬ودخوله‬ ‫مج��ال المرأة‪ ،‬الطالب��ة الجامعية أو المعلمة‪ ،‬ونس��بة‬ ‫العم��ال والفالحين قليلة – وهو ليس لوحده – بل كل‬ ‫التنظيمات المعارضة تشكو من ذلك‪.‬‬

‫‪1991 / 12 / 26‬‬

‫من��ذ يومي��ن توقف��ت الحركة في الس��جن‪ ،‬ولم‬ ‫تحضر دوريات وباصات ولم تُتل أس��ماء‪ ،‬ولم نس��مع‬ ‫قوائ��م وردت‪ ،‬وأخذ الجميع ينتظرون الس��اعة الثانية‬ ‫عش��ر جاءت األخب��ار من الطاب��ق الثالث عب��ر المنور‬ ‫تق��ول‪ :‬أن حوالي األربعة واألربعين من التيار الديني‬ ‫قد أخلي س��بيلهم‪ ،‬ول��م يبق في هذا الطابق س��وى‬ ‫مئة وخمس��ين‪ .‬سمعنا أن بعض الزيارات جاءت اليوم‬ ‫لجناح تنظيم التوحيد الطرابلسي‪.‬‬ ‫فحَزنّا جميعاً‪،‬‬ ‫جاء خبر وف��اة والد وديع إبراهيم ِ‬ ‫وكان ودي��ع يأمل أن يخرج ويلتقي ب��ه حيًا‪ ،‬ويعيدان‬ ‫مع��اً تلك األحادي��ث الحاره على فنج��ان قهوة أو كوب‬ ‫م��ن الش��اي‪ .‬توفي وال��ده بس��بب موجة م��ن الفرح‬ ‫غمرت��ه عندما أخبر من أحده��م أن ابنه وديع قد جاء‬ ‫مع أسماء الدفعات التي أفرج عنها‪ .‬ووديع معتقل منذ‬ ‫عام ‪1980‬‬

‫‪1991 / 12 / 27‬‬

‫عندما كانت الس��اعة تشير إلى الثانية والنصف‪،‬‬ ‫وقف��ت أم��ام إح��دى نواف��ذ المم��ر أنظ��ر إل��ى الثلج‬ ‫المتساقط والذي ارتفع أكثر من خمس سنتيميرات‪.‬‬ ‫وبعد نصف ساعة كان صوت المساعد حكمت وهو‬ ‫يتلو أسماءاً‪ .‬علمنا أنهم فلسطينييون ولبنانييون‪ ،‬من‬ ‫حزب التوحيد ومن حركة فتح‪ .‬ثم حضر المس��اعد إلى‬ ‫جناحنا وتال أس��ماء المهجع العاشر وهم مجموعة من‬ ‫الضب��اط مصنفون عل��ى التيار الدين��ي وعددهم ‪14‬‬ ‫سجينًا‪ ،‬وتال أسماء تابعة لالتحاد االشتراكي وهم ستة‬ ‫أسماء‪ .‬وارتفعت معنويات الشباب وصاروا يهزجون مع‬ ‫هزيج الثلج في الخ��ارج‪ .‬أضحى مهجعان من المهاجع‬ ‫العشرة في جناحنا خاليان‪.‬‬

‫‪1991 / 12 / 28‬‬

‫جاءت إشاعات من زيارتي‪ ،‬وزيارة اآلخرين تقول‪:‬‬ ‫إن النظام السياسي عرض على الدكتور الطبيب نور‬ ‫الدين األتاس��ي رئيس الجمهورية الس��ابق المتواجد‬ ‫في س��جن الم��زة العس��كري منذ خريف ع��ام ‪1970‬‬ ‫الخروج للعالج الطبي وراء الحدود‪ ،‬وأنه عُرض كذلك‬ ‫عل��ى اللواء ص�لاح جديد القائد العس��كري االنقالبي‬ ‫الذي قاد انقالب ‪ 23‬شباط على البعث القومي اإلفراج‬ ‫دون قيد أو شرط فرفض وطالب بمحاكمته‪.‬‬ ‫طبع��ًا هذه األخب��ار غير مؤكدة‪ ،‬وغي��ر موثوقه‪،‬‬ ‫وتبق��ى في حكم الخبر الصحاف��ي غير المؤكد ضمن‬ ‫أخب��ار ت��رد إلين��ا ال تع��د وال تحص��ى‪ .‬أخبرن��ي ابني‬ ‫قصي عن عمله في فندق الش��ام‪ ،‬وعن أعماله خارج‬ ‫الفندق‪ ،‬وعن س��كناه خلف البي��ت‪ ،‬وعن أمه في الدار‬ ‫المس��تأجرة في مس��اكن برزة‪ .‬قال قص��ي‪ :‬إن البيت‬ ‫األساسي يس��تأجره ضابط ليبي ينجز دورة ركن‪ ،‬أما‬ ‫ع��ن اإلفراج فأخبر أن األهالي في المدن‪ ،‬وفي الريف‬ ‫ينتظ��رون بصمت وح��زن ألن االعتق��ال يهددهم إذا‬ ‫بالغوا وصدرت عنهم الضجة أو تجمعوا في الشوارع‪.‬‬

‫‪1991 / 12 / 29‬‬

‫المتجمع لدينا من المعلومات أن عدد الباقين في‬ ‫هذا الس��جن ‪ 980‬س��جينًا‪ ،‬وأن من أخلي سبيلهم بلغ‬ ‫‪ .1286‬فكان السجن يضم من ‪ 2266‬إلى ‪.2300‬‬ ‫هن��اك لبناني��ون من ش��تى التنظيم��ات‪ :‬وهناك‬ ‫فلس��طينييون‪ :‬عرفاتي��ون‪ ،‬وتابع��ون ألب��ي العباس‬ ‫وهناك س��وريون بع��ث عراق‪ ،‬وهناك التي��ار الديني‪،‬‬

‫أحمد سويدان ‪1994 - 1991‬‬

‫وهناك مرضى عضال (عشرون) وهناك خمسة عشر‬ ‫لم ينهوا أحكامهم‪.‬‬

‫‪1991 / 12 / 30‬‬

‫نعتق��د – وهذا االعتق��اد خاط��ئ أو صائب – أنه‬ ‫س��يفرج عنا اليوم أو غداً‪ .‬لكن مس��اعديْ االنضباط‬ ‫في السجن نزيه وحكمت أدليا‪ :‬أن ال إفراج عن أحد إال‬ ‫بعد الثاني من الشهر القادم‪.‬‬ ‫زمالئ��ي في المهج��ع – وجلهم م��ن الرقة – كل‬ ‫يوم يخططون كيف يسافرون ويتساءلون‪ :‬هل األداة‬ ‫هي السيارة الصغيرة؟ أم الباص؟ أم أم‪ ..‬وترى منظر‬ ‫العيون الدامعة وهي تأمل بالفرج القريب‪ ،‬إن الناس‬ ‫أنْهكوا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اآلن ينظ��ر المرء إلى نهاية هذا العام‪ ،‬فيرى كل‬ ‫شيء في هذا الوطن العربي يتداعى‪ ،‬والذي يزيد في‬ ‫الحزن هذا الخراب المبَرمج‪.‬‬

‫‪1991 / 12 / 31‬‬

‫إنه آخر يوم من عام الواحد والتسعين‪ ،‬وبانتهائه‬ ‫نكم��ل التس��عة أع��وام وأربع��ة أش��هر وس��بعة أيام‪.‬‬ ‫يعن��ي أن امتطاء العام العاش��ر بات قريب��اً‪ .‬اإلفراجات‬ ‫الجماعي��ة مع االحتف��اظ بنا ترك حزن��اً لدينا‪ ..‬النظام‬ ‫لي��س ضعيف��ًا‪ ،‬وقوته من ق��وة دوره‪ .‬بدا ه��ذا الدور‬ ‫جليّ��ًا عندما قضى قضاء مبرماً في الس��احة اللبنانية‬ ‫على القوات المش��تركة‪ ،‬وجاب رأس��ها كمال جنبالط‪،‬‬ ‫وس��عى جاهداً للقضاء على الوجود الفلسطيني‪ ،‬ولم‬ ‫يتمكن من ياس��ر عرفات‪ ،‬وأحال الساحة اللبنانية إلى‬ ‫وحل يرش��ح بكل ما هو طائفي وغوغائي ومتعصب‪.‬‬ ‫وهذا الدور بدأ عندما تصدى للداخل السوري‪ ،‬فانتهك‬ ‫المدن واعتقل ق��ادة النقابات المنتَخبة‪ ،‬وأعدم اآلالف‬ ‫(تطالب��ه منظم��ة العف��و الدولي��ة بـ ‪ 14‬أل��ف معتقل‬ ‫سياسي)‪ .‬على سبيل التذكرة حقق هذا النظام الوحدة‬ ‫العربي��ة‪ ،‬فزج ب��آالف الفلس��طينيين وآالف اللبنانيين‬ ‫وألوف الس��وريين ولم يوفر األردن��ي أو العراقي الذي‬ ‫ورد على لسانه ذكر رئيس النظام‪ ،‬وهذا مس باألمن‬ ‫القوم��ي‪ .‬كن��ا ننتظ��ر إخالء الس��بيل مع ق��دوم العام‬ ‫الجدي��د‪ ،‬وهبّ��ت بدل ذل��ك العاصفة الثلجي��ة‪ ،‬وقطع‬ ‫الجميع األمل‪ ..‬ودخل ٌ‬ ‫كل إلى مهجعه حزينًا‪.‬‬ ‫ن��ام الكثي��ر ف��ي مهاج��ع غي��ر مهاجعه��م ك��ي‬ ‫يتسامروا‪ .‬أنا نمت في المهجع األول‪.‬‬ ‫سجن‪ ..‬رأس السنة‪ ..‬ثلج‪ ..‬رياح‪ ..‬فراق‪ ..‬وهكذا‬ ‫ب��رز الحزن حتى على القامات وعل��ى دوائر العينين‪..‬‬ ‫سيحتفل أهلي بدوني وهم بدون برد أو صقيع‪..‬‬


‫اخلوف واملقاومة‪ ..‬بناء الهوية العلوية يف �سوريا (‪)5‬‬ ‫فصل من أطروحة ماجستير في الجغرافيا البشرية في قسم علم االجتماع والجغرافيا البشرية | جامعة أوسلو‬ ‫تورستاين شيوتس وورين ‪ -‬شباط ‪ | 2007‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬ياسر نديم سعيد‬ ‫رابط النص األصلي كام ً‬ ‫ال‪torstein.worren.info/downloads :‬‬

‫ترجمات ‪. .‬‬

‫الهيمنة ال�س ّنية والتمويه‬

‫جبال العلويين في الساحل السوري‬

‫اخلال�صة‬ ‫تُ��رى الهوي��ة حس��ب اإلط��ار النظ��ري في‬ ‫الفص��ل الثاني كأمر عالئق��ي وبنيوي معاً حيث‬ ‫يكون م��ا هو داخل��ي بالنس��بة لها مه��م تمام ًا‬ ‫بنفس درجة أهمية كل شيء خارج هذه الهوية‪.‬‬ ‫من غي��ر المفاجئ أن يتم الش��عور بالهوية‬ ‫المح��دودة أكث��ر على ما يبدو ف��ي األماكن التي‬ ‫يتع��رض فيه��ا العلوي��ون إل��ى أحكام الس��نّة‬ ‫المدرك��ة مث��ل البل��دات والم��دن المختلطة في‬ ‫الساحل‪.‬‬ ‫يك��ون إدراك الس��نّة أكث��ر نمطي��ة ف��ي‬ ‫المناط��ق العلوي��ة الصرفة مثل الجب��ال‪ ،‬ولكن‬ ‫ينتاب المرء الش��عور هنا ب��أن العلويين أوجدوا‬ ‫ترتيبات لهم في هذا المكان حيث يس��تطيعون‬ ‫العيش خ��ارج هويتهم بحري��ة وحيث يطردون‬ ‫الهيمن��ة الس��نّية ف��ي س��لوكهم ف��ي حياتهم‬ ‫اليومية‪.‬‬ ‫ومع ذلك كله فإن الهوية العلوية غير ساكنة‬ ‫وتؤثر األحداث المعاصرة في كيفية بنائها‪ .‬هذا‬ ‫هو ح��ال الدور ال��ذي لعب��ه النظام وسياس��اته‬ ‫تج��اه العلويي��ن والس��نّة‪ ،‬كما أن الح��وادث في‬ ‫س��وريا وفي المنطقة األكبر حولها أيض ًا تقوّي‬ ‫أو تضعف القضايا التي جرى استكش��افها حتى‬ ‫اآلن‪ .‬هذا السياق السياسي هو موضوع الفصل‬ ‫القادم واألخير‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫القواع��د الديني��ة وخاص��ة األركان الخمس��ة‬ ‫لإلس�لام كرم��وز أكث��ر منه��ا قواع��د صارمة‬ ‫يج��ب اتباعها (على س��بيل المث��ال‪ :‬الصالة في‬ ‫المس��اجد)‪ ،‬وحتى عندما يتبّعون تلك القواعد‬ ‫ال يهتمون باستخفاف اآلخرين بهم‪ .‬في الجبال‬ ‫وف��ي طرط��وس حي��ث ال توج��د س��وى أقلي��ة‬ ‫صغيرة من السنّة يأكل الناس ويشربون علن ًا‬ ‫وتبقى المطاعم مفتوحة خالل ساعات الصوم‬ ‫ويباع الكحول أيضاً ويستهلك علن ًا‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أن بع��ض المطاعم األكبر التي تخدم الس��ياح‬ ‫الس��وريين تمتن��ع عن بيع الكحول خالل ش��هر‬ ‫رمض��ان‪ .‬ف��ي الالذقية م��ن جهة أخ��رى وهي‬ ‫المدين��ة المنقس��مة بي��ن العلويي��ن والس��نّة‬ ‫(تدّع��ي المجموعت��ان أنهما األكثري��ة على ما‬ ‫يب��دو) يوجد اس��تخفاف علني أق��ل بكثير تجاه‬ ‫الصيام‪ .‬إيجاد مقهى مفتوح في مركز المدينة‬ ‫خالل النهار صع��ب والمطاعم ال تقدم الكحول‬ ‫مطلق ًا‪.‬‬ ‫يمك��ن تصني��ف األماكن بدرجات بش��كل‬ ‫واض��ح بالمس��توى المحل��ي أيض��اً‪ .‬ال تش��عر‬ ‫الفتي��ات العلوي��ات حس��ب مص��ادري بالراح��ة‬ ‫ف��ي الذه��اب إلى ح��ي الصليبة الجزء الس��نّي‬ ‫م��ن الالذقي��ة ذي الس��معة الش��هيرة كح��ي‬ ‫محاف��ظ‪ .‬يمكن لمكان كموقف ب��اص أن يأخذ‬ ‫صف��ة طائفية كما يظهر المث��ال التالي‪ :‬ضمن‬ ‫مجموعة من الشباب من خلفيات مختلطة ديني ًا‬ ‫كان��ت فتاة تغ��ادر لوحدها للذه��اب إلى موقف‬ ‫ب��اص للح��اق بميكروب��اص من أج��ل الذهاب‬ ‫لقريته��ا خارج الالذقية‪ .‬أحد الش��باب وهو زائر‬ ‫أت��ى من جزء آخر من س��وريا كان قلقاً جداً من‬ ‫ذهابه��ا لوحدها ألنها قد تتعرض للتحرش من‬ ‫قبل المتس��كعين الهمج في أماكن مثل مواقف‬ ‫الباص��ات‪ .‬اآلخ��رون جميعهم بما فيه��م الفتاة‬ ‫نفس��ها أجاب��وا بأنه ال حاجة للقل��ق ألن موقف‬ ‫الب��اص يخدم فق��ط القرى في تل��ك المنطقة‬ ‫وه��ي كلها قرى علوي��ة‪ .‬هذا الش��رح كان كل‬ ‫م��ا يحتاجه األمر ألنه ال يعن��ي فقط أن الناس‬ ‫هناك علويون وإنما حقيقة أنها موجودة هناك‬ ‫تعني أنها علوية وبالتالي س��يتم التعامل معها‬ ‫طبق ًا لذلك‪.‬‬ ‫أخي��راً إذا تناولنا بناء المس��اجد في مناطق‬ ‫العلويين كرمز لقوة الهيمنة الس��نّية فإن هذا‬ ‫األم��ر يعطي االنطباع عن كيفية عمل مقاومة‬ ‫العلويي��ن‪ .‬كما رأينا من قب��ل تدّعي مصادري‬ ‫أن العلويي��ن لي��س لديه��م تقلي��د الصالة في‬ ‫المساجد بسبب أنهم يص ّلون في قلوبهم قبل‬

‫كل ش��يء‪ ،‬وألنهم فقدوا هذا التقليد ثانياً ألن‬ ‫المس��اجد هي األمكنة التي ج��رت فيها المذابح‬ ‫ضدهم‪.‬‬ ‫إذا كان��ت ه��ذه ه��ي ح��ال العلويي��ن في‬ ‫العموم فهذا يعني أنهم ال يحتاجون المس��اجد‬ ‫(ال تعتبر مقامات األولياء مس��اجد)‪ .‬ولكن توجد‬ ‫مس��اجد في كل قرية علوية زرتها بالرغم من‬ ‫أنها أقل مما هو موجود في قرى وبلدات السنّة‬ ‫على ما يبدو‪.‬‬ ‫يشير بناء المس��اجد في هذا المنظور إلى‬ ‫أنها بنيت من أجل المظاهر فقط وأنها بالتالي‬ ‫حصيلة مادية للهيمنة الس��نّية‪ .‬سطحي ًا توجد‬ ‫مس��اجد للدالل��ة عل��ى أن العلويين مس��لمون‬ ‫بالطريق��ة التي يتبّ��ع فيها المس��لمون قواعد‬ ‫الهوي��ة كم��ا يعرّفه��ا المهيم��ن‪ ،‬ف��ي حين أن‬ ‫«النسخة المختبئة» تسمح بعدم استخدام هذه‬ ‫المس��اجد كما ه��و موصوف من قب��ل الهيمنة‬ ‫السنّية‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫طبق��اً للعديد من العلويي��ن الذين تحدثت‬ ‫معهم ف��إن هذا االس��تخدام الذرائعي للهويات‬ ‫ع��ن طري��ق إخفاء الهوية الش��خصية منتش��ر‬ ‫بين العلويين ويشكل جزءاً من تقيتهم‪ .‬يقول‬ ‫أحده��م أن هذا األمر يعتمد على تقليد العائلة‬ ‫ألنه يختلف من منطقة ألخرى‪ ،‬ولكنه منتش��ر‬ ‫أكث��ر عن��د من يعيش ف��ي مجتمعات يس��يطر‬ ‫فيها السنّة‪ .‬بعض العائالت في المدن السنّية‬ ‫الرئيس��ية ال تعترف للغرباء أب��داً بأنها علوية‪.‬‬ ‫نس��اؤهم يغطين أنفسهن لدى مغادرة المنزل‬ ‫ويلتزمن بالممارس��ات الس��نّية خ��ارج المنزل‬ ‫إلكمال تمثيليتهن التحزيرية‪.‬‬ ‫ه��ذا األم��ر مش��ابه ج��داً لما ذكرت��ه حول‬ ‫العائالت العلوية التي سكنت حلب بعد المجازر‬ ‫واحتفظ��ت س��راً بدينه��ا‪ ،‬وهذا م��ا لخصه أحد‬ ‫العلويين قائ ً‬ ‫ال‪« :‬كنا نختب��ئ ألننا ضعفاء ألننا‬ ‫أقلية‪ .‬ال نريد أن نُقتل»‪.‬‬ ‫كما تم ذكره في الفصل الس��ابق يستخدم‬ ‫البعض ه��ذا األمر لالدع��اء بأن ع��دد العلويين‬ ‫في س��وريا أكثر بكثير من المعروف ألن العديد‬ ‫منهم ل��م يتجرأ على المجاه��رة بأنهم علويون‬ ‫في اإلحصاء األخير الذي يش��كل األس��اس لكل‬ ‫التقديرات الالحقة للتوازن الطائفي في سوريا‪.‬‬ ‫وهكذا يبدو أن مظهر العلويين وسلوكهم‬ ‫الموجهي��ن للخ��ارج يعتم��دان عل��ى‪ :‬أي��ن هم‬ ‫وكي��ف يش��عرون بالتهدي��د‪ ،‬وهذا أم��ر مقارن‬ ‫م��ع مالحظاتي في أجزاء مختلفة من الس��احل‬ ‫الس��وري حيث يعيش العلويون‪ .‬يمكن تصنيف‬ ‫األماك��ن حس��ب درجات «علونته��ا» التي تعني‬ ‫كم هي أماكن مختلطة مع السنّة‪.‬‬ ‫ف��ي حي��ن أن الجب��ال الس��احلية مبني��ة‬ ‫كمنطقة مركزية للعلويين ومرتبطة بالسردية‬ ‫التاريخي��ة كم��كان بحث��وا في��ه ع��ن ملجأ لهم‬ ‫من االضطهاد الس��نّي‪ ،‬فإن الس��هل الساحلي‬ ‫وخاص��ة مدينتي الالذقي��ة وطرطوس يوصف‬ ‫كم��كان «وص��ول حدي��ث» حي��ث أن العلويي��ن‬ ‫يش��كلون هن��ا عنص��راً أق��ل‪ ،‬ولذل��ك تش��كل‬ ‫جبالهم المكان الذي ينتمون إليه عضوي ًا‪.‬‬ ‫بالطب��ع خ�لال س��ردياتهم التاريخية لهم‬ ‫ادعاءاته��م بمنطقة أكب��ر م��ن المنطقة التي‬ ‫يعيش��ون فيه��ا اآلن ألنها المكان ال��ذي اتجهوا‬ ‫ل��ه خالل المذابح‪ .‬أحد المص��ادر من طرطوس‬ ‫أخبرن��ي أن قريت��ه تق��ع خ��ارج طرطوس في‬ ‫الجب��ال ولكنه في األصل من حلب ووصل أهله‬ ‫هنا نتيجة المجازر‪ .‬هذا الخطاب االس��تطرادي‬ ‫عن الم��كان مرتبط بالهيمنة الس��نّية وقوتها‪.‬‬ ‫يك��ون ه��ذا الخطاب أق��وى حين يك��ون ممث ً‬ ‫ال‬ ‫بوجود السنّة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يظه��ر العلويون فروق��ا أقل م��ن الفروق‬ ‫الت��ي يصفونه��ا حين ال يش��عرون به��ذا األمر‬ ‫ف��ي حياته��م اليومي��ة‪ .‬ويمك��ن تصوي��ر ذلك‬ ‫ف��ي المالحظ��ة التالي��ة‪ :‬خ�لال ش��هر رمضان‬ ‫حي��ن يك��ون جمي��ع المس��لمين صائمي��ن كما‬ ‫هو مفترض ع��ن الطعام والش��راب والتدخين‬ ‫خالل س��اعات النه��ار‪ ،‬وحين يمتن��ع الكثير من‬ ‫المسلمين الذين يشربون الكحول بقية السنة‬ ‫عن ش��ربه خالل هذا الش��هر‪ .‬تختب��ر الالذقية‬ ‫وطرطوس هذا األمر بشكل مختلف‪.‬‬ ‫كما تم ش��رحه يؤوّل العديد من العلويين‬

‫‪13‬‬


‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫اللوحات الأخرية للفنان ال�سوري عالء احل�سون‬ ‫وجوه لديها الوقت‬ ‫خضر سلمان‬ ‫بالنس��بة لدراس��ة نقدية موضوعية‪ ،‬أهم ما‬ ‫في مش��هد االنتقالة ف��ي أعمال التش��كيلي عالء‬ ‫الحس��ون‪ ،‬أنه��ا تكثف بدقة تح��وال واقعيا مرتبطا‬ ‫بحياة الفنان نفس��ه‪ .‬ه��ي إذن عي��ن الفنان التي‬ ‫تلتقط تفاصي��ل األزمنة المتراكبة‪ ،‬داخل اللحظة‬ ‫السورية المتجا ِوزة تجاوزا قطعياً‪ ،‬كل األنماط‬ ‫الموضوعة من ط��رف النخبة إلدراك الموقف‬ ‫ومنح التس��ميات والتعريف��ات‪ ،‬لحظة تصخب حقا‬ ‫بأزمن��ة عدة‪ ،‬بموت كثير وحيوات كثيرة‪ ،‬ينم عنها‬ ‫هذا العواء البصري في اللوحات األخيرة التي أتمها‬ ‫عالء الحسون‪ ،‬بعد قطيعة طويلة مع العمل بدأت‬ ‫قبيل عودته إلى مدينة حلب عام ‪.2013‬‬ ‫هذا "العُواء" البصري تلمس��ه العين‪ :‬جموحًا‬ ‫ٌ‬ ‫أش��كال مش��وَّهة‬ ‫وتمزقاً إلى الخارج‪ ،‬تنشُ��ج به‬ ‫التكوي��ن‪ ،‬نحو الفض��اء التجري��دي المحيط بهذه‬ ‫األشكال‪ ،‬المحاصِر لها أيضا‪ ،‬من جهة‪ ،‬ونحو خارج‬ ‫إطار اللوحة نفسه من جهة أخرى‪ .‬هذه لوحات لم‬ ‫تكتمل‪ ،‬حيوات قوطعت بقذيفة أو برميل‪.‬‬

‫ال�شيء‬ ‫مدارس��يًا‪ :‬التجربة هي نفس��ها‪ ،‬لكن ما قد ال‬ ‫يلحظه توصيف من ه��ذا النوع‪ ،‬أن انتماء لوحتين‬ ‫إلى مدرس��ة بعينها ال يعني أنهما ش��قيقتان‪ ،‬وال‬ ‫أنهما مفا ِرقتان‪ ،‬بل أنهما تتشاركان أسلوبا معينا‬ ‫في قول الش��يء‪ ،‬ال أكثر‪ ،‬أما "الشيء" نفسه الذي‬ ‫أريد له أن يقال‪ ،‬فهو أمر آخر‪.‬‬ ‫التجري��دي التعبيري‪ ،‬الذي قد يكون األنس��ب‬ ‫لتصني��ف اللوح��ات األولى للفنان عالء الحس��ون‪،‬‬ ‫والمعروضة تباعا في ملتقيات وورشات ومعارض‬ ‫فردي��ة وجماعية خالل الس��نوات من��ذ ‪ ،2006‬هو‬ ‫تبوي��ب أكاديمي مناس��ب أيض��ا‪ ،‬للرحل��ة األخيرة‬ ‫المجا ِزفة‪ ،‬في لوحات باذخة القياسات‪ ،‬حاولت فيها‬ ‫درجات ش��اهقة من البياض والس��واد‪ ،‬باستعمال‬ ‫م��واد غي��ر تقليدية س��ريعة الجفاف دخل��ت فيها‬ ‫األكاس��يد واألحب��ار واألكريليك والمائي��ات‪ ،‬مرنة‬ ‫ومجه��زة لعص��فٍ ال يحتمل��ه الصف��اء الرؤي��وي‬ ‫ال��ذي يحلو لحضور الزيت ف��ي اللوحة التصويرية‬ ‫التقليدي��ة أن يس��تحضره‪ ،‬ح��اول الت��درج تثبيتَ‬ ‫العجز البش��ري أمام الموت المفت��وح‪ ،‬في ذروته‪،‬‬ ‫اصط��اد الفنان م��ن داخله الطافح بالعجز‪ ،‬س��مكًا‬ ‫كثيراً‪ ،‬سمكًا بوجوه قاطعها القناص‪.‬‬ ‫ل��م يغيِّ��ر الفنان أدوات��ه العميق��ة إذا صحت‬ ‫التس��مية‪ ،‬لربم��ا لم يفك��ر كثيرا ف��ي التفاصيل‪،‬‬ ‫وه��و يدع��و كل هذه األحب��ار دامية الس��واد‪ ،‬إلى‬ ‫مأدبة ُّ‬ ‫تذك ِر المقتلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫م��ن ق��ال إن كثي��را متدرج��ا م��ن األبي��ض‬ ‫واألس��ود‪ ،‬وعمىً ش��كلياً بينهما‪ ،‬م��ن قال إن كل‬ ‫ه��ذا ال يكف��ي ليثبِّ��تَ الحي��اة ‪ -‬الحياة بالنس��بة‬ ‫لألحي��اء ‪ -‬عند العج��ز‪ ،‬كما ثبَتَتْ هي‪ ،‬بالنس��بة‬ ‫لنفسها‪ ،‬على واقعة الموت ثباتًا مرعِبا‪ ،‬وتعطلتْ‬ ‫وهي الحياة‪ ،‬التي كان��ت دائما ما تجد منفذا إلينا‪،‬‬ ‫تعطل��تْ إلى حين ينهي الخراب عمله؟ من قال إن‬ ‫األبيض واألسود ألوان يقين؟‬ ‫انظر في الوجوه‪ ،‬الوجوه‪..‬‬

‫"تكاتفنا لنعجَ َز"‬

‫لظ��روف عائلية قاهرة‪ ،‬انتقل عالء الحس��ون‬ ‫م��ن القاه��رة الت��ي كان يتاب��ع فه��ا دراس��ته‬ ‫التش��كيلية‪ ،‬إلى مدينته حلب‪ ،‬المصنفة في أحدث‬ ‫القوائم األممية كأخطر مدينة في العالم‪.‬‬ ‫وأمام الحي��اة المدنية المتوقف��ة تماما نضجت‬

‫التجرب��ة التش��كيلية الجدي��دة‪ ،‬وليس أم��ام بياض‬ ‫القماش‪ ،‬ليس أمام األفكار والذكريات عن الكارثة‪،‬‬ ‫ب��ل أمام العن��ف المنفلت نفس��ه‪ ،‬أم��ام المعنِّفين‬ ‫والمعنَّفي��ن وبينه��م‪ ،‬الحي��اة التي تض��رب الجميع‬ ‫وتُدخل الجميع قس��را في اللعب��ة المؤذية‪ ،‬ضربات‬ ‫موجع��ة كثي��رة بعص��ا حديدي��ة عل��ى المؤخ��رات‬ ‫واألرواح الهزيل��ة‪ ،‬عل��ى الناس التي ل��م تكن أصال‬ ‫وقبل أن يحدث كل هذا‪ ،‬أكثرَ من أرقام‪ ،‬الحياة التي‬ ‫نسيتهم دائما‪ ،‬وتذكرتْهُم على غفلة فقتلتهم‪.‬‬ ‫المس��افة الكارثي��ة بين أوهام م��ا يقال على‬ ‫المناب��ر ع��ن الحياة هناك في حل��ب‪ ،‬وما هو األمر‬ ‫عليه حقاً‪ :‬هذه المالئكة الش��ياطين‪ ،‬هؤالء القتلة‬ ‫الطائفي��ون القدام��ى‪ ،‬والمؤمن��ون الحديث��ون‪،‬‬ ‫واللصوص المتطهرون‪ ،‬الزعماء الجدد والساس��ة‬ ‫وحمل��ة المش��اريع والطامح��ون إل��ى األمج��اد‬ ‫والطامحون إلى البقاء وغير الطامحين‪..‬‬ ‫غي��ر الطامحي��ن‪ ،‬بي��ن الوج��وه‬ ‫هن��اك بي��ن ِ‬ ‫الموؤدة ً‬ ‫حية‪ ،‬ولدت الهذيان��ات األولى التي دوّنها‬ ‫ع�لاء بيديه‪ ،‬باألحب��ار والم��واد الكثيف��ة الغريبة‬ ‫الس��خية المطواع‪" .‬تكاتفنا"‪ ،‬تقول أعضاء جس��د‬ ‫اللوح��ة الواحدة‪ ،‬هذا الجس��د المنتهَ��ك الثكالن‪،‬‬ ‫هذه اللوحة المتمزِّقة‪.‬‬

‫زخرفة‬ ‫ردا على س��ؤال عما يختب��ئ وراء هذه الوجوه‬ ‫الس��اهمة‪ ،‬الالذع��ة الوقحة‪ ،‬الرديئة والمرتعش��ة‬ ‫رعب��ًا إلى األب��د‪ ،‬قال عالء م��ر ًة إنها وج��وه لديها‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫ووقتٌ كثي��رٌ كثير‪ ،‬هو الش��يء الوحيد الذي‬ ‫يربحه الموتى‪ .‬ببساطة هذه اللوحات توثق وجوه‬ ‫الموتى التي ليس فيها ما هو قابل للتوثيق ‪ -‬بعد‬ ‫ غيرُ الموت نفس��ه‪ .‬إنها تكرار الموت في وحدات‬‫زخرفية قوامها الوجوه‪ ،‬في فعل طقوسي أو يكاد‬ ‫يك��ون‪ ،‬وكما يخل��ق التك��رار الالنهائ��ي للوحدات‬ ‫الهندسية البسيطة على جدران دور العبادة‪ ،‬إيحا ًء‬ ‫بقداس��ةٍ حاض��رة‪ ،‬هنا‪ ،‬هذه الوجوه المطموس��ة‬ ‫كله��ا‪ ،‬تتكرر إل��ى النهاية ف��ي زخرف��ةٍ حرّيفة‪،‬‬ ‫لتقول كم لم نفهم‪.‬‬ ‫لي��س انصياعا وال اعترافا وال رفضا‪ ،‬إذن‪ ،‬بل‬ ‫تكرار مف��ردة الم��وت البصرية‪ ،‬وه��ي هنا وجوه‬ ‫الموتى وأطرافهم المبتورة‪ ،‬ألجل تكرارها‪ ،‬مثلما‬ ‫ه��و الموت ألج��ل الم��وت‪ .‬لنقل إنه��ا لوحات على‬ ‫مستوى الجريمة‪.‬‬


‫زكريا تامر‬

‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬

‫اجليـاع‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫ق��ال طفل ألمه إنه جائ��ع‪ ،‬فقالت له إنها جائعة مثله‪ ،‬وس��تغادر البيت‪ ،‬وتطوف على بيوت‬ ‫الجي��ران لعله��ا تعثر في أحدها على ما يصل��ح ألن يؤكل‪ ،‬وأوصته باالهتم��ام بأخته الرضيعة‬ ‫النائمة‪.‬‬ ‫وعندما عادت األم إلى البيت بعد س��اعات فارغة اليدين وجدت طفلها نائم ًا‪ ،‬ولكنها لم تجد‬ ‫أخته الرضيعة‪ ،‬ففقدت صوابها‪ ،‬وأيقظت طفلها من نومه‪ ،‬وسألته‪ :‬أين أختك؟‬ ‫فأجاب وهو يتثاءب‪ :‬لعلها خرجت من البيت لتتمشى في الشارع‪.‬‬ ‫فلطمته بقسوة قائلة له‪ :‬الرضيعة ال تمشي‪ .‬احك ما جرى‪.‬‬ ‫فقال لها الطفل‪ :‬ربما دخل لص البيت في أثناء نومي وسرقها‪.‬‬ ‫فلطمته األم بقسوة أكثر جعلت الدم ينزف من فمه‪ ،‬وقالت له‪ :‬تكلم وقل ماذا فعلت بأختك‪.‬‬ ‫فقال الطفل وهو يمسح الدم عن شفتيه‪ :‬بعتها‪.‬‬ ‫فصاحت األم كالمجنونة‪ :‬لعنة اهلل عليك‪ .‬ولمن بعتها؟‬ ‫فأجاب الطفل‪ :‬لهذا العجوز الذي يتجول في الشارع منادي ًا ويشتري األغراض العتيقة‪.‬‬ ‫قالت األم متسائلة‪ :‬وبكم بعتها؟‬ ‫ق��ال الطفل‪ :‬أعطاني العجوز نصف رغيف وقطعة صغيرة من الجبن المالح‪ ،‬وأكلتهما فوراً‬ ‫ونمت‪.‬‬ ‫وترامى إلى مسامع األم في تلك اللحظة نداء العجوز المعلن عن استعداده لشراء األغراض‬ ‫العتيقة‪ ،‬فابتهجت األم‪ ،‬وقالت البنها‪ :‬سأبيعك له وأسترد أختك المسكينة‪.‬‬ ‫فقال لها الطفل بتحد‪ :‬س��نرى من منا سينجح في بيع اآلخر‪ .‬ماذا يفعل العجوز بولد صغير‬ ‫وسخ؟ أما أنت‪ ،‬ففرصة العمر للعجوز خاصة وأنك صبية وبيضاء وجميلة‪.‬‬ ‫وترك��ت األم ن��داء العج��وز ينأى من دون أن تتح��رك وتنفذ ما هددت به‪ ،‬وق��ال لها طفلها‪:‬‬ ‫المشكلة هي أني مضطر إلى بيعك بسعر مخفض ألن العجوز يعرف أنك ترغبين في العيش‬ ‫مع ابنتك‪ ،‬وسيستغل هذه المعرفة أبشع استغالل في المساومة على السعر‪.‬‬ ‫وه��رع الطف��ل إلى باب البيت وهو يش��عر أن معدته قد هضمت ما أكل��ه‪ ،‬وعاد إليه جوعه‬ ‫شرس ًا‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫مخيم كفر زبد في لبنان لالجئين السوريين ‪2014‬‬

‫‪15‬‬


‫حممد الفراتي ‪1978 - 1890‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫ولد محمد بن عطا بن محمود عبود‬ ‫«الملق��ب بالفراتي الحق��اً» عام ‪1890‬‬ ‫ف��ي مدينة دي��ر ال��زور وتذك��ر بعض‬ ‫المراج��ع أن والدت��ه كانت ع��ام ‪،1880‬‬ ‫ألس��رة فقيرة الح��ال‪ ،‬كان أب��وه يقوم‬ ‫بأعم��ال البناء ونحت الحجارة في ناحية‬ ‫الميادين‪ ،‬وقد عاش الش��اعر يتيم األم‬ ‫منذ عامه الثالث‪ ،‬تلقى العلوم الشرعية‬ ‫وعل��وم اللغ��ة العربية باللغ��ة التركية‬ ‫في المدرس��ة االبتدائية والرشدية في‬ ‫دي��ر ال��زور‪ ،‬ثم التح��ق بحلقة الش��يخ‬ ‫«الحم��ودي» تاب��ع خاللها عل��وم الدين‬ ‫واللغ��ة العربية مدة ع��ام واحد لينتظم‬ ‫بعده��ا ثالثة أع��وام في حلقة الش��يخ‬ ‫«حس��ين األزهري» درس خاللها مبادئ‬ ‫اللغة والفقه والمنطق‪..‬‬ ‫ً‬ ‫خالف��ا نش��ب بي��ن الش��يخ‬ ‫إال أن‬ ‫األزه��ري والفراتي الذي ق��ال عن هذا‬ ‫الخالف‪« :‬إنهم كانوا يدرس��ون «الشمس��ية في‬ ‫المنط��ق» ليقدموا فيها امتحان ًا في حلب‪ ..‬لكون‬ ‫ذلك يؤجل من الخدمة العسكرية العثمانية وكان‬ ‫األزه��ري يقتصر في تدريس��ه على الحواش��ي‬ ‫والش��روح‪ .‬دون الدخ��ول في صل��ب موضوعات‬ ‫الكتاب» والفراتي يلح على شيخه لولوج مسائل‬ ‫الكتاب‪ ،‬وال يجد أذن ًا صاغية بل أجابه الشيخ مر ًة‬ ‫بقوله‪« :‬من تمنطق تزندق» فرد الفراتي عليه‬ ‫رداً قاس��ي ًا يقول‪« :‬إما أنك تعلم أنت المنطق أو‬ ‫تجهله‪ ،‬فإن كن��ت تجهله فأنت معذور‪ ،‬وإن كنت‬ ‫تعلمه فالمثل ربما ينطبق عليك قبل أن ينطبق‬ ‫عليّ»‪.‬‬ ‫ت��رك الفراتي حلق��ة األزه��ري وانتقل إلى‬ ‫حلب حيث انتسب إلى مدرسة «العريان» وتتلمذ‬ ‫على يد مجموعة من العلماء كان منهم الش��يخ‬ ‫الزعيم وه��و «رضا بن محمد يوس��ف الزعيم»‬ ‫كم��ا درس اللغ��ة واألدب وعلوم الدي��ن على يد‬ ‫« كام��ل الغزي « صاحب كت��اب «نهر الذهب في‬ ‫تاريخ حلب» وبش��ير الغزي الذي كان مدرس ًا في‬ ‫مس��اجد المدينة ودرس الفق��ه على يد العالمة‬ ‫«محم��د الزرقا» فقيه الحنفي��ة في حلب‪ ..‬كانت‬ ‫مدة دراس��ته ف��ي حلب ثالث س��نوات م��ن عام‬ ‫‪ 1908‬حتى العام ‪.1911‬‬ ‫رح��ل بعدها إل��ى مصر ع��ام ‪ 1911‬ليكمل‬ ‫تعليم��ه ف��ي األزه��ر الش��ريف‪ ،‬حيث أق��ام في‬ ‫رواق « الش��وام «في عهد الشيخ سليم البشري‬ ‫وتتلم��ذ عل��ى ي��د علماء عص��ره مثل» الش��يخ‬ ‫المرصف��ي والش��يخ القايات��ي والش��يخ بخي��ت‬ ‫« وكان م��ن زمالئ��ه ف��ي األزه��ر « األديب طه‬ ‫حس��ين‪ ،‬عبد القادر المازني‪ ،‬زكريا مبارك أحمد‬ ‫ش��اكر الكرمي «‪ ،‬كما تعرف على الشاعر حافظ‬ ‫ابراهيم وشاعر القطرين خليل مطران والشاعر‬ ‫العراقي المهاجر عبد المحسن الكاظمي‪.‬‬ ‫وتزام��ن وج��ود الفرات��ي ف��ي مص��ر م��ع‬ ‫اندالع الح��رب العالمية األولى مما أدى إلى قطع‬ ‫المعونات التي كانت ترد من األهل في س��وريا‪،‬‬ ‫واش��تد الضي��ق عل��ى الطلب��ة الس��وريين في‬ ‫األزهر‪ ،‬فتداعى أثرياء مصر لكفالتهم وإعانتهم‬ ‫على الدراس��ة‪ ،‬ولجم��ع الدعم للس��وريين أقيم‬ ‫حفل حاش��د في دار األوبرا المصرية يعود ريعه‬ ‫للطلب��ة الس��وريين وكان الحف��ل تح��ت رعاية‬ ‫الخديوي « حسين كامل « وفي هذا الحفل ألقى‬ ‫الفرات��ي قصي��د ًة تعبر ع��ن حاله وح��ال أقرانه‬ ‫مطلعها‪:‬‬

‫حليف سهاد نازح الدار معدم‬ ‫ومالي سوى حسن اصطباري مغنم‬ ‫أبيت ومن دمعي بحار زواخر‬ ‫وفي باطني جمر الغضا يتضرم‬ ‫مع اندالع الثورة العربية الكبرى س��افر إلى‬ ‫الحج��از لالنضمام للجيش العربي‪ ،‬وعين برتبة‬ ‫م�لازم طابور‪ ،‬ومع دخول األمير فيصل س��وريا‬ ‫عام ‪ ،1918‬عاد الفراتي إلى مصر ليش��ارك في‬ ‫ثورة س��عد زغلول ضد االحتالل االنكليزي قو ً‬ ‫ال‬ ‫وعم ً‬ ‫ال معلناً أن الش��عب العرب��ي وثورته واحدة‪،‬‬ ‫وم��ع فش��ل الث��ورة وإلق��اء القبض على س��عد‬ ‫زغلول وإسماعيل صدقي وحمد الباسل وبعض‬ ‫رموزه��ا‪ ،‬عاد الفراتي إلى مدينت��ه المحتلة من‬ ‫قبل االنكليز بحسب سايكس بيكو‪.‬‬ ‫إثر عودت��ه من مصر عمل مدرس��ا للتربية‬ ‫اإلس�لامية وللغة العربية وفي أواخر عام ‪1919‬‬ ‫م ت��زوج م��ن طالبت��ه عائش��ة العب��د اهلل وهي‬ ‫تصغ��ره بكثير وقد ع��اش الفرات��ي حياته كلها‬ ‫إل��ى جانب زوجته وأنجبت له خمس��ة اوالد ذكور‬ ‫وابنتين‪.‬‬ ‫تصدى الفراتي لإلرادة السنية الصادرة عن‬ ‫المل��ك فيصل بتس��ليم دير الزور إل��ى اإلنكليز‬ ‫مدعياً أنها واقعة تحت االنتداب البريطاني وأنها‬ ‫جزء م��ن العراق ب��د ً‬ ‫ال من الموص��ل التي ألحق‬ ‫إداري ًا وسياسياً إلى سورية‪ ،‬فنظم قصيد ًة تعلن‬ ‫العصي��ان عل��ى فيص��ل وتحث الث��وار إلى عدم‬ ‫تسليم المدينة لإلنكليز مطلعها‪:‬‬ ‫انهض وروّ العوالي من عداك دماً‬ ‫واستنهض السيف والقرطاس والقلما‬ ‫ومع دخول الفرنس��يين سوريا بدأت أشعاره‬ ‫تله��ب الحم��اس ل��دى الوطنيي��ن ف��ي مواجهة‬ ‫االس��تعمار الفرنس��ي‪ ،‬وف��ي ع��ام ‪ 1925‬نفاه‬ ‫الفرنس��يون إلى بغداد حيث عين مدرسًا في دار‬ ‫العلوم‪ ،‬وهناك تعرف على ساطع الحصري الذي‬ ‫اخت��اره للتدريس في البحرين عام ‪ 1927‬وبقي‬ ‫هناك حتى عام ‪.1930‬‬ ‫عاد بعدها إلى مدينته معلم ًا في المدرس��ة‬ ‫االبتدائي��ة‪ ،‬وف��ي عام ‪ 1949‬عين مش��رف ًا على‬ ‫المكتب��ة الوطني��ة في دي��ر الزور الت��ي أحدثها‬ ‫الش��يخ « محم��د س��عيد العرف��ي «‪ ،‬وف��ي عام‬ ‫‪ 1959‬انتق��ل إل��ى دمش��ق حي��ث عينت��ه وزارة‬ ‫الثقاف��ة مترجم ًا م��ن الفارس��ية للعربية‪ ،‬وفي‬ ‫هذه الفترة مارس نش��اطاً أدبي��اً ملحوظاً‪ ،‬فأخذ‬

‫ينش��ر مقاالته ف��ي الصحف الس��ورية‬ ‫والعراقي��ة والمصرية‪ ،‬كم��ا ألقى عدداً‬ ‫م��ن المحاض��رات‪ ،‬وف��ي العام نفس��ه‬ ‫دع��اه وزي��ر التربي��ة « الدكت��ور أمج��د‬ ‫الطرابلس��ي « م��ع نف��ر م��ن ش��عراء‬ ‫القطر « كش��فيق جبري‪ ،‬وأنور العطار‬ ‫وغيرهما ليمثل القط��ر في مهرجان «‬ ‫الش��اعر خليل مطران « الذي أقيم في‬ ‫القاهرة‪.‬‬ ‫كم��ا كان ضمن الكادر التأسيس��ي‬ ‫األول لوزارة الثقافة واإلرش��اد القومي‬ ‫كما كانت تس��مى في ذلك الوقت‪ ،‬حيث‬ ‫عمل فيها قرابة عقد ونصف من الزمن‬ ‫بي��ن عام��ي ‪ ،1973 - 1959‬أمض��ى‬ ‫معظمه��ا ف��ي الترجمة عن الفارس��ية‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ 1973‬أنه��ت وزارة الثقافة‬ ‫تعاقده��ا مع��ه بعد أن تج��اوز الثمانين‬ ‫م��ن العم��ر‪ ،‬ليعود إلى مس��قط رأس��ه‬ ‫حتى توفاه اهلل عام ‪.1978‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كان الفرات��ي يتقن الفارس��ية اتقانا كامال‪،‬‬ ‫وبالفارس��ية وضع ع��دداً من الكت��ب منها ثالثة‬ ‫كت��ب عن تعلي��م الفارس��ية‪ ،‬كما وض��ع معجم ًا‬ ‫ٍ‬ ‫بالفارسية والعربية‪ ،‬ومعجمًا فارسياً‪ ،‬كما ترجم‬ ‫أش��عار حاف��ظ الش��يرازي وس��عدي الش��يرازي‬ ‫وجالل الدين الرومي‪.‬‬ ‫رح��ل الفرات��ي ت��ارك ًا وراءه العدي��د م��ن‬ ‫الدواوين الش��عرية « العواص��ف‪ ،‬صدى الفرات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة إل��ى مجموعتين‬ ‫النفح��ات‪ ،‬الهواج��س‪،‬‬ ‫من القصص الش��عرية بعنوان سبحات الخيال‪،‬‬ ‫والساحة «‪.‬‬ ‫وقد بدا تأثر الفراتي واضحًا باألدب الفارسي‬ ‫من خالل النكهة الصوفية البارزة في شعره‪:‬‬ ‫أنا عبد اهلل ال عبد مليكٍ أو أمير‬ ‫أنا عبد اهلل‪ ،‬واهلل من الناس مجيري‬ ‫أنا عبد اهلل‪ ،‬ال عبد لهذي الشهوات‬ ‫قد شهدت اهلل فرداً‪ ،‬فانطوى الكون بذاتي‬ ‫كان الفرات��ي بعي��داً ع��ن رجال السياس��ة‪،‬‬ ‫يأب��ى مديحهم مقاب��ل منفعةٍ أو هب��ةٍ معينة‬ ‫حتى أنه قال عن أحمد شوقي بأنه شاعر األمراء‬ ‫ولي��س أمير الش��عراء‪ ،‬ولعل السياس��ي الوحيد‬ ‫ال��ذي مدحه الفرات��ي كان الرئيس القوتلي في‬ ‫قصيدةٍ مطلعها‬ ‫مدحتك ال أرجوك جاهاً ومنصباً‬ ‫ولي فوق هام النجم جاه ومنصب‬ ‫ق��ال عنه الش��اعر «ن��زار بن��ي المرجة»‪« :‬‬ ‫مكان��ة الفراتي في الش��عر الس��وري خصوص ًا‬ ‫والعرب��ي عموم�� ًا‪ ،‬ال يمك��ن أن يختل��ف عليه��ا‬ ‫النقاد المنصفون‪ ،‬فهو أحد س��تة ش��عراء ولدوا‬ ‫في الربع األخير من القرن التاس��ع عشر‪ ،‬وكانوا‬ ‫المؤسس��ين الحقيقيي��ن للحركة الش��عرية في‬ ‫س��ورية وهم‪« :‬محمد الفرات��ي‪« ،‬محمد البزم‪،‬‬ ‫خي��ر الدي��ن الزركلي‪ ،‬خلي��ل مردم بي��ك‪ ،‬علي‬ ‫الناصر وشفيق جبري»‪.‬‬ ‫وتخليداً لذك��راه نصب له تمثال ضخم أمام‬ ‫المركز الثقافي في دير الزور قام بنحته د‪ .‬فواز‬ ‫بك��دش عميد كلي��ة الفنون الجميل��ة وفي عام‬ ‫‪ 2013‬وبعد أبي العالء المعري في معرة النعمان‬ ‫وطه حس��ين في المنيا بمصر‪ ،‬وصل مسلس��ل‬ ‫تكس��ير النصب إلى دير الزور في س��وريا حيث‬ ‫قام مجهولون بتفجير النصب التذكاري للشاعر‬ ‫الشيخ محمد الفراتي‪.‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫عرف الفكر السياس��ي العربي قلة اهتمام‬ ‫ملحوظة باالقتصاد والتعليم والصحة والتنوير‬ ‫بش��كل ع��ام‪ ،‬وع��دم اكت��راث واض��ح بمعاني‬ ‫ٍ‬ ‫المواطن��ة والديمقراطي��ة ودول��ة المؤسس��ات‬ ‫ودائم ًا ما انجذبت النخب الحاكمة إلى ما س��ماه‬ ‫ماوتس��ي تون��غ «التناق��ض الرئيس��ي» حي��ث‬ ‫أن األم��ور المتعلقة بالقي��م والحريات ال يحين‬ ‫وقته��ا أب��داً‪ ،‬فيما يعط��ى الجهد كل��ه لمحاربة‬ ‫الع��دو‪ ،‬وق��د ص��ار ه��ذا الفك��ر منهج��اً لتجنب‬ ‫المس��اءلة عن عدم القيام بأي ش��يء‪ ،‬فالمهم‬ ‫مقاوم��ة المس��تعمر والتخلص من��ه‪ ،‬ومقاومة‬ ‫الصهيوني��ة الحق��اً ومقاومة مؤخ��راً اإلرهاب‪،‬‬ ‫واهلل يتكف��ل بالباق��ي‪ ،‬وغن��ي عن الق��ول أن‬ ‫ه��ذه النزعة الخارجية الطاغية هي ما عزز في‬ ‫وقتٍ مبكر نزعة التخلص من السياسة بوصف‬ ‫السياسة تس��ييراً لالقتصاد والتعليم والتنمية‪،‬‬ ‫وقب��ل ذل��ك كله الحري��ة وانتصر دائم�� ًا ما هو‬ ‫عابر للح��دود على ما هو داخله��ا‪ ،‬ولم يحصل‬ ‫بالتال��ي أي تطوير لمس��ألة الش��رعية وتداول‬ ‫الس��لطة وقلص��ت الدولة إلى مجرد س��لطة ال‬ ‫مكان فيها لألحزاب والصحافة الحرة‪.‬‬ ‫ومع غي��اب أي تطوي��ر لمفهوم الش��رعية‬ ‫ورف��ع ش��عار «ال ص��وت يعل��و ف��وق ص��وت‬ ‫المعرك��ة» يط��رح المواطن العربي والس��وري‬ ‫خاصة سؤا ً‬ ‫ً‬ ‫ال مفاده‪ :‬هل تحتاج التعبئة الوطنية‬ ‫ضد اس��رائيل‪ ،‬ف��ي حدود المواجه��ة التقليدية‬ ‫المس��تمرة منذ عقود دون تغيير‪ ،‬إلى التضحية‬ ‫بالحريات والحقوق وال تستقيم دون ذلك‪ ،‬هل‬ ‫يخ��دم االنتقاص من ه��ذه الحقوق‬ ‫والحريات ه��دف مواجهة اس��رائيل‬ ‫بالفع��ل وكيف؟ يمك��ن أن نقول أن‬ ‫نظ��م الحق��وق المطلقة تق��ود إلى‬ ‫بناء دولة قوية‪ ،‬وتس��مح باالحتفاظ‬ ‫بص��ورة أكب��ر بس��رية المعلوم��ات‬ ‫العس��كرية‪ .‬لك��ن كي��ف نضمن أن‬ ‫ال تك��ون قوة ه��ذه الدول��ة موجهة‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة عندم��ا تختلط‬ ‫ضد ش��عبها‬ ‫الس��لطات التنفيذي��ة والتش��ريعية‬ ‫والقضائية والعسكرية اختالط ًا تام ًا‬ ‫بالس��لطة‪ ،‬وينخرط الجيش نفس��ه‬ ‫في الصراعات السياسية االجتماعية‬ ‫باسم العقائدية‪ ،‬وهذا هو ما حصل‬ ‫بالضب��ط وجعل الرأي العام يش��ك‬ ‫في الطروح��ات الرس��مية المتعلقة‬ ‫بهذا الموضوع‪.‬‬ ‫م��ن الطبيع��ي أن يج��د ال��رأي‬ ‫العام ف��ي االس��تخدام الش��عاراتي‬ ‫المك��رر للمس��ألة الوطنية وس��يلة‬ ‫إلدارة األزمة السياسية واالجتماعية‬ ‫الداخلي��ة بط��رق اس��تثنائية وغي��ر‬ ‫قانوني��ة‪ ،‬ومث��ل ه��ذا االس��تخدام‬ ‫للمس��ألة الوطني��ة ه��و س��مة م��ن‬ ‫س��مات جمي��ع الحكوم��ات الت��ي ال‬ ‫تتجرأ على مواجهة أزماتها الداخلية‬ ‫بجدية‪ ،‬وتس��عى إلى ح��رف االنتباه‬ ‫عنها ومنع الرأي العام من توجيه أي‬ ‫نقد لها وألس��لوب إدارتها‪ ،‬وما يقال‬ ‫عن المس��ألة الوطنية واس��تخدامها‬

‫م��ن قب��ل األنظم��ة الضعيف��ة‪ ،‬للتغطية على‬ ‫التمس��ك بالمصال��ح الخاصة الفئوي��ة بالرغم‬ ‫م��ن األخط��ار الخارجي��ة والمخاط��ر الداخلي��ة‬ ‫باالنقس��ام وتش��تت ال��رأي الع��ام‪ ،‬يق��ال عن‬ ‫المسألة القومية‪.‬‬ ‫ال شك من وجود مراحل تاريخية تكون فيها‬ ‫صراعاتنا الداخلية غير مبررة مقابل صراعاتنا‬ ‫الخارجية ض��د الصهيوني��ة والع��دو الخارجي‪،‬‬ ‫ويك��ون فيه م��ن الض��روري أن يقب��ل األفراد‬ ‫بتضحيات اس��تثنائية في س��بيل وقف العدوان‬ ‫الخارج��ي قب��ل الع��ودة إل��ى حس��م الخالفات‬ ‫الداخلي��ة بما في ذل��ك الخالفات على أس��لوب‬ ‫ممارس��ة السلطة أو في توزيع الثروة الوطنية‪،‬‬ ‫إال أنه كي يكون بإمكان سلطة حاكمة أن تقنع‬ ‫الرأي العام بذلك‪ ،‬وأن تدفعه بالفعل لبذل جهد‬ ‫اس��تثنائي لتجاوز نزاعاته والقب��ول بتضحيات‬ ‫اس��تثنائية في س��بيل المعركة الوطنية‪ ،‬ال بد‬ ‫لها من تحقيق بعض الش��روط األساس��ية وإال‬ ‫فلن تك��ون هناك تعبئة وطني��ة حقيقية وإنما‬ ‫استقالة جماعية تغطي نفسها بشعارات جوفاء‬ ‫تظهر فراغها في أي امتحان جدي‪.‬‬ ‫أول هذه الش��روط أن يكون هناك مواطنة‬ ‫بالمعن��ى الفعلي‪ ،‬أي أن يش��عر الف��رد أن البلد‬ ‫الذي يعيش فيه يضمن ل��ه الحقوق والحريات‬ ‫الت��ي تجع��ل من��ه مواطن ًا ح��راً ومش��ارك ًا في‬ ‫مصي��ر بل��ده وليس الجئ ًا في��ه أو تابع�� ًا لغيره‬ ‫أو عب��داً ل��ه‪ ،‬والثان��ي أن يك��ون هناك ش��عور‬

‫حقيقي عند أفراد الش��عب بأن النخبة الحاكمة‬ ‫تؤم��ن بمفه��وم المصلح��ة الوطني��ة‪ ،‬وتعمل‬ ‫حس��ب هذا المفهوم وتقبل ب��أن تضحي بجزء‬ ‫م��ن امتيازاتها المادية والسياس��ية والمعنوية‪،‬‬ ‫وحت��ى مصالحها الخاصة في س��بيل المصلحة‬ ‫العام��ة والثال��ث ه��و أن يكون هن��اك حد أدنى‬ ‫من العدال��ة في اقتس��ام التضحي��ات والجهود‬ ‫المبذول��ة بين جمي��ع طبقات الش��عب وأبنائه‪،‬‬ ‫بحيث ينتفي ش��عور أن المصلحة العامة قانون‬ ‫يطب��ق عل��ى الفق��راء ومعدومي الس��لطة وال‬ ‫ينطب��ق عل��ى الطبق��ات الغني��ة الجامع��ة بيد‬ ‫واحدة للث��روة والنفوذ‪ ،‬والش��رط الرابع هو أن‬ ‫يش��عر الرأي الع��ام أن هن��اك إنج��ازات فعلية‬ ‫عل��ى طريق ح��ل المس��ألة الوطني��ة‪ ،‬تبين أن‬ ‫أتعاب��ه وتضحيات��ه ال تضيع س��دى‪ ،‬وال تذهب‬ ‫لخدمة أغراض بعي��دة كل البعد عن المصلحة‬ ‫الوطنية والش��رط الخامس حتى تنجح القيادة‬ ‫السياس��ية في التعبئة الوطني��ة والقومية هو‬ ‫أن تك��ون التضحي��ات المطلوب��ة منطقية من‬ ‫منظور تحقي��ق األهداف المضح��ى من أجلها‪،‬‬ ‫فم��ن المنطق��ي مث ً‬ ‫ال أن يش��د الش��عب الحزام‬ ‫ف��ي حاالت الع��دوان أو التهدي��د الخارجي حتى‬ ‫يمكن توفير المال الضروري لش��راء األسلحة‪،‬‬ ‫لكن ليس م��ن المنطقي ربط التعبئة الوطنية‬ ‫والكفاح ضد العدو بحرمان الش��عب من حقوقه‬ ‫وحرياته األساس��ية واتهام المعارض��ة أي ًا كان‬ ‫شكلها بالعمالة واالرتهان للخارج‪.‬‬ ‫فبانع��دام مفه��وم المواطن��ة‬ ‫وس��واد مفه��وم اإلخض��اع بالق��وة‬ ‫واإلذع��ان لألم��ر الواق��ع السياس��ي‬ ‫ال يعود هن��اك أي ش��عور بالوطنية‬ ‫ويب��دو كل جهد مب��ذول للدفاع عن‬ ‫الب�لاد هو جه��د للدفاع ع��ن الظلم‬ ‫والتميي��ز القائ��م‪ ،‬مم��ا يدف��ع إل��ى‬ ‫االس��تقالة الوطنية واالنسحاب من‬ ‫أي معركة محتملة مادية أو معنوية‪،‬‬ ‫وعندم��ا تبال��غ النخب��ة الحاكمة في‬ ‫مث��ل ه��ذه الظ��روف ف��ي الحدي��ث‬ ‫عن الوطنية واس��تخدام الش��عارات‬ ‫الوطني��ة فس��وف تفق��د القضي��ة‬ ‫الوطني��ة نفس��ها كل صدقي��ة‪ ،‬ألن‬ ‫ال��رأي العام س��يجد فيها وس��يلة أو‬ ‫ذريعة تس��تخدمها النخب��ة الحاكمة‬ ‫ف��ي س��بيل ردع الش��عب وابت��زازه‬ ‫به��دف الحف��اظ عل��ى المصال��ح‬ ‫الخاصة واالنتهازية وربما تعظيمها‪.‬‬ ‫حتى يقبل الرأي العام التضحية‬ ‫بجزء من الحرية والعدالة والمساواة‬ ‫في االنسانية وفي الكرامة البشرية‬ ‫ينبغي أن يتكون لديه اقتناع أن هذه‬ ‫التضحي��ة ضروري��ة لتحقيق الهدف‬ ‫وأن الهدف يس��تحقها‪ ،‬وأن تظهر له‬ ‫القي��ادة أيض ًا بالملم��وس أن هناك‬ ‫نتائج فعلي��ة تقربه من هذا الهدف‪،‬‬ ‫وأن األح��كام العرفي��ة والقواني��ن‬ ‫االس��تثنائية ليس��ت أدوات للحك��م‬ ‫والحفاظ على المغانم االقتصادية‪.‬‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫املواطنة والق�ضايا الوطنية والقومية‬

‫‪17‬‬


‫ظبية اخلمي�س‪ :‬منفى جامعة الدول العربية‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪18‬‬

‫«إنها منفى‪ ،‬ولم تكن مرة أكثر من ذلك‪ ،‬جامعة‬ ‫ال��دول العربي��ة منف��ى لقضاي��ا الع��رب‪ ،‬والقضي��ة‬ ‫الفلس��طينية بالتحدي��د منف��ى لقضاي��ا الش��عوب‬ ‫العربية‪ ،‬ومجمع غير كهنوتي للتواطؤ على الالعمل‪،‬‬ ‫مق��ر ل�لا ج��دوى‪ ،‬ومبن��ى تس��ترخي في��ه األوراق‬ ‫والمذك��رات والبيانات‪ ،‬إلى ما ش��اء اهلل‪ .‬حين دخلته‪،‬‬ ‫أو أرس��لت إليه ال ف��رق‪ ،‬للمرة األول��ى في مصر عام‬ ‫نحو ما‬ ‫‪ 1992‬كن��ت أعلم إلى حدٍ م��ا أنه معطل على ٍ‬ ‫غير أن ما اكتشفته عبر السنين حتى عام ‪ 2010‬كان‬ ‫يفوق الخيال‪ ،‬كانت تجربة تش��به نوعاً من االعتقال‬ ‫والقب��ول بالحياة في ثالج��ة تعرف جي��داً أنك لحمها‬ ‫االنس��اني المجمد وكم سأحتاج إلى أوراقي ووثائقي‬ ‫ومذكراتي ألسرد جزءاً بسيطاً من التجربة»‪.‬‬ ‫بهذه العبارات القاس��ية تروي لنا ظبية الخميس‬ ‫تفاصيل التجرب��ة التي خاضتها داخ��ل أروقة جامعة‬ ‫ال��دول العربية من��ذ عام ‪ ،1992‬حيث عملت س��فيرة‬ ‫ومن ث��م مديرة إلدارة ش��ؤون البعث��ات بدرجة وزير‬ ‫مف��وّض‪ ،‬الجامع��ة العربي��ة التي يعي��ش القائمون‬ ‫عليه��ا أوهاماً ش��اعت لعق��ود مفاده��ا أن وجود هذه‬ ‫الهيئ��ة واجتماعه��ا هو مطلبٌ لش��عوب األمة اش��تد‬ ‫إلحاح��ه وزاد‪ ،‬وذل��ك وهمٌ ال تب��رره الحقيقة‪ ،‬وفوق‬ ‫ذلك ال يسمح به واقع الحال‪.‬‬ ‫زور على‬ ‫شاهد‬ ‫وقفت‬ ‫التي‬ ‫جامعة الدول العربية‬ ‫ٍ‬ ‫تفتيت الس��ودان وليبيا وربما س��وريا كان��ت المنفى‬ ‫الذي أبع��دت إليه الخميس من وطنه��ا دولة اإلمارات‬ ‫مق��ال لها نش��رته في مجلة‬ ‫العربي��ة المتح��دة‪ ،‬بعد‬ ‫ٍ‬ ‫المجل��ة اللندني��ة تحت عنوان «مقب��رة النخيل» وهو‬ ‫عبارة عن تأمالت المرأة ش��رقية‪ ،‬أزعجت الس��لطات‬ ‫ف��ي بلدها فأودى بها إلى المنف��ى ثم إلى العمل في‬ ‫جامعة الدول العربية حيث بقيت لمدة ثماني عش��رة‬ ‫س��نة متواصل��ة‪ ..‬وكان��ت منفاه��ا الثان��ي‪ .‬بعد ذلك‬ ‫أودى به��ا ع��رض لكت��اب كوكب الري��س التي فتحت‬ ‫جرح الجامعة العربية إلى لجان المس��اءلة والعقوبات‬ ‫واإلهانة ومح��اوالت االعتداء ثم الفصل التعس��في‪،‬‬ ‫ف��ي عه��د عمرو موس��ى‪ ،‬بعد رب��ع قرن م��ن المقال‬ ‫األول‪.‬‬ ‫كان للخمي��س أن تب��دي رأيها ف��ي جامعة الدول‬ ‫العربي��ة خالل زيارته��ا األولى في س��بعينيات القرن‬ ‫الماضي «س��بق أن دخلت جامع��ة دول عربية أخرى‪،‬‬ ‫ف��ي تونس‪ ،‬في أواخر الس��بعينات حي��ن كنت طالبة‬ ‫للعلوم السياس��ية ف��ي جامعة إنديانا‪ ،‬ف��ي الواليات‬ ‫المتح��دة األمريكي��ة‪ ،‬كان ل��دي مش��روع بحث علمي‬ ‫حول تأثي��ر انتقال جامعة ال��دول العربية من مقرها‬ ‫ف��ي القاهرة إث��ر اتفاقية كامب ديفي��د إلى العاصمة‬ ‫كمق��ر جدي��د لها‪ ،‬قضي��ت قرابة الش��هر‬ ‫التونس��ية‬ ‫ٍ‬ ‫ف��ي تون��س والتقي��ت بعدد كبي��ر من المس��ؤولين‪،‬‬ ‫وانتهيت في بحثي ذل��ك إلى ضرورة تحويل الجامعة‬ ‫إل��ى منظمة تكنوقراطي��ة تعنى بالجوان��ب الثقافية‬ ‫واالقتصادية والمجتمعية ألن ذلك كان س��يكون أكثر‬ ‫جدوى للش��عوب العربية من الجانب السياس��ي الذي‬ ‫كان معط ً‬ ‫ال ألسباب كثيرة في ذلك الوقت»‪.‬‬ ‫في ض��وء نظرتها لم��ا يمكن للجامع��ة أن تقوم‬ ‫به‪ ،‬دعت إلى إحياء النشاط الثقافي بالجامعة‪ ،‬والذي‬ ‫توق��ف منذ أيام طه حس��ين‪ ،‬وفعال ب��دأت في صيف‬ ‫‪2002‬م إع��ادة تأس��يس اإلدارة الثقافية‪ ،‬التي وجهت‬ ‫بح��روب ضيقة من عم��رو موس��ى ومحازبيه‪ ،‬تقول‬ ‫ٍ‬ ‫الخميس‪« :‬بعد أحداث سبتمبر وتنامي الدور المنشود‬ ‫للدبلوماس��ية الثقافية العربية في ظل ما يؤجج من‬ ‫أفكار مستقاة من نظرية صراع الحضارات‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫االهتمام من األمين العام تنامى افتعال مش��اكل مع‬ ‫اإلدارة الثقافي��ة واالس��تيالء على بع��ض مهامها من‬ ‫العاملين في مكتب األمين العام وبعض مستشاريه‪،‬‬ ‫وكان عل��ي أن أخ��وض الكثير من الح��روب الصغيرة‬ ‫المحبطة والمربكة للعمل‪.»..‬‬

‫ق�صة ق�صرية‬

‫العادة ال�صباحية‬ ‫مضر عدس‬

‫انتقدت خميس في الكت��اب الطريقة‪ ،‬التي يدير‬ ‫بها عمرو موس��ي الجامع��ة على المس��توى اإلداري‪،‬‬ ‫واهتمام��ه بالموظفي��ن المصريي��ن وإعطاءه��م‬ ‫كاف��ة الصالحي��ات‪ ،‬والت��ي ق��د ال تتناس��ب أحيانا مع‬ ‫قدراته��م الوظيفي��ة‪ ،‬بينما يتجاهل باق��ي العاملين‬ ‫من الجنس��يات األخرى‪ ،‬وإه��دار حقهم الوظيفي‪ ،‬بل‬ ‫ووصفهم على المأل‪ ،‬ومن خالل تصريحات منشورة‪،‬‬ ‫ومذاعة بأنهم تنابلة الس��لطان‪ ،‬كما انتقدت ظاهرة‬ ‫التمصير الش��ديد داخل الجامعة بالقول‪« :‬بتنا نشعر‬ ‫بأننا موظفون نعمل في داخل أروقة وزارة الخارجية‬ ‫المصري��ة‪ ..‬وص��ار للس��عاة والفرّاش��ين س��طوة‬ ‫وبعضهم كان يتجسس علينا علن ًا يومي ًا»‪.‬‬ ‫يحت��وي الكت��اب على ثمانية عش��ر فص�ل ً‬ ‫ا منها‪:‬‬ ‫م��ن الغرب إل��ى الش��رق‪ ،‬البيروقراطية المتوحش��ة‪،‬‬ ‫إع��ادة هيكل��ة أم ه��دم الهي��اكل‪« ،‬كت��اب ومق��ال‬ ‫ومدونة‪ ،‬وانتقام رجال عمرو موس��ى»‪« ،‬تحرش��ات‪،‬‬ ‫تحقيق‪ ،‬مس��اءلة‪ ،‬وعقوبات»‪« ،‬المحامي‪ ،‬والجامعة‪،‬‬ ‫والسفارة»‪.‬‬ ‫تكتب الخميس عن السياسة واالجتماع والثقافة‪،‬‬ ‫كونه��ا كانت تعمل ف��ي جامعة ال��دول العربية‪ ،‬التي‬ ‫تُعدّ مؤسسة سياسية‪ ،‬بالتزامن مع عملها اإلبداعي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نكهة وطابع ًا أدبي ًا‪:‬‬ ‫مما أضفى على الكتاب‬ ‫«للمناف��ي مي��زة إذا أدرك المرء أنه��ا كذلك ولم‬ ‫يس��مح لنفس��ه أن يصدق أنها وطن‪ ،‬المنفى يجعلك‬ ‫محايداً نوعاً ما‪ ،‬وتعرق أنك بال حقوق حقيقية كتلك‬ ‫التي تخص المواطنين في أي وطن‪ ،‬المنفى منطقة‬ ‫رمادية يس��مح لك بالتواجد فيها عل��ى أن تدخل إلى‬ ‫الحلك��ة أو ال تلج نور النهار‪ ،‬وقد تتوهم بطول البقاء‬ ‫وطن ما‪ ،‬غير أن أول حركة‬ ‫في المنفى أنك صرت في‬ ‫ٍ‬ ‫تبديه��ا باتجاه حق��وق المواطنة تلك س��وف يرافقها‬ ‫هراوة تهوي على رأس��ك‪ ،‬غليظة قاسية لتنبهك إلى‬ ‫انتهاكات ش��روط المكان‪ ،‬ربما تطور األمر إلى نفيك‬ ‫في المنفى»‪.‬‬ ‫«كثي��راً ما أردت الفرار من كتابة هذا الكتاب‪ ،‬ألن‬ ‫ذكرياته قد تثير س��قمي وغضبي وتخرج إلى الضوء‬ ‫فواتي��ر كثي��رة مؤجل��ة ال بد م��ن تقديمه��ا ذات يوم‬ ‫إلى س��لطات أخلت باستخدام س��لطاتها وأفضت إلى‬ ‫أحوال جعلت من المستحيل التعايش معها برضى أو‬ ‫نسيان‪ ،‬ثم إنني س��أتذكر شخوص ًا ولحظات ومواقف‬ ‫وآالماً تمنيت نس��يانها جميع�� ًا وتخطيها ألعبرها في‬ ‫حيات��ي من مرحلة إلى مرحلة دون الس��قوط في فخ‬ ‫الخيبة واليأس والرغبة في االنتقام»‪.‬‬

‫اس��تيقظ باكراً على غير العادة‪ ،‬قبل‬ ‫أي ش��يء وقب��ل أن يحتس��ي فنج��ان‬ ‫القه��وة‪ ،‬علي��ه أن ي��زور صفحته في‬ ‫الفيس بوك‪.‬‬ ‫أمس��ك هاتفه الذكي‪ ،‬فت��ح التطبيق‬ ‫الخاص‪ ،‬وبدأ يقرأ المواضيع‪.‬‬ ‫«قلب أحمر»‬ ‫«من السويد هنا مخيم اليرموك»‬ ‫«حيات��ي ع��ذاب م��ن دونك��م ي��ا‬ ‫أصدقائ��ي‪ ..‬ومُرف��ق م��ع التعلي��ق‬ ‫مجموعة من الصور»‬ ‫«صباحكم عسل مع فنجان قهوتي‬ ‫الصباحي»‬ ‫«صور لمجزرة ما»‬ ‫«مقال طويل جداً عن مخاطر تمدد‬ ‫داعش»‬ ‫ق��رأ رب��ع المق��ال‪ ،‬وما لب��ث أن أحس‬ ‫بضج��ر كبي��ر م��ن تك��رار‪ ،‬داع��ش‬ ‫والضرب��ة األمريكية وحل��ف وتحالف‬ ‫وهجوم مرتقب‪.‬‬ ‫توق��ف ع��ن الق��راءة وق��رر أن ي��زور‬ ‫قائمة األصدقاء المتعلقة بالمحادثات‬ ‫الخاصة‪ ،‬ليطمئن كعادته على صديق‬ ‫ما‪.‬‬ ‫«محمد‪ ..‬كلمته البارحة»‬ ‫«مروان أخ��وه ش��هيد وال طاقة لي‬ ‫بأيّ حديث حزين عند الصباح»‬ ‫«خال��د‪ ..‬حدي��ث الحص��ار الطويل‪..‬‬ ‫ال كهرب��اء وال طع��ام وال م��اء‪ ..‬ليتني‬ ‫أستطيع المساعدة‪ ..‬لن أحادثك»‬ ‫«ع��ارف‪ ..‬ي��ا إله��ي ملل��ت أحادي��ث‬ ‫اللج��وء وكيف تحول��ت حياته إلى جنة‬ ‫بعد دخوله هولندا»‬ ‫«فرح‪ ..‬فرح يا لسعادتي عام ونص‬ ‫لم أكلمها‪ ..‬هي إذاً»‬ ‫ مرحباً‪..‬‬‫ أه ًال حازم‪ ..‬أه ًال‪..‬‬‫ فرح‪ ..‬ما األخبار؟‬‫ الحمد هلل‪ ..‬وأنت؟‬‫ أن��ا بخير‪ ..‬فرح كم أنا س��عيد‪ ..‬أين‬‫اختفيتِ؟ ظننتك أقفلتِ حسابك إلى‬ ‫األبد‪..‬‬ ‫ ال يا صديقي‪ ..‬ولكنه مُمل‪ ..‬ال أحب‬‫الدخول إلى الفيس بوك ؛ فقد كرهت‬ ‫األخبار والصور والدمار‪.‬‬ ‫ ال ب��أس علي��ك يا فرح ال ب��أس‪ ..‬ما‬‫أخبار زوجك وابنتك؟‬ ‫ زوجي وابنتي‪ ..‬توفيا العام الماضي‬‫إثر قذيفة سقطت في دمشق‪ ..‬أحمد‬ ‫اهلل على كل شيء‪.‬‬ ‫ ما‪ ..‬ماذا تقولين!!‪ ..‬أنا‪ ..‬لم‪..‬‬‫س��قط الهاتف من يده‪ ،‬ولم يس��تطع‬ ‫أن يكم��ل عب��ارات الع��زاء ؛ فقد غدت‬ ‫كقش��رة بص��ل‪ ،‬ح��اول أن يلتقط��ه‬ ‫ليكم��ل الحدي��ث‪ ،‬لكن عيني��ه امتألتا‬ ‫ببحر من ملح الموت ؛ فما استطاع أن‬ ‫يصل إليه أو أن يشرب فنجان القهوة‪.‬‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬

‫إني بذرة بين يديك‪ .‬فإن أنت مددتني بماء وبضياء دافئ‪ ،‬كنت لك وللعالم أجمع ثماراً هي من أطيب أطايب الدنيا‪.‬‬ ‫ريف سوريا ‪ | 2014 -‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫‪19‬‬


‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬

‫بدنا نكمل باللي بقيوا‬ ‫منال ريّس‬

‫سراقب ‪ | 2013‬عدسة شاب من سراقب‬

‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ 7 | )155‬أيلول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪20‬‬

‫في مش��هد من أحد أكثر المشاهد تأثيراً‪ ،‬في‬ ‫واح��دة من أكثر الروايات عمق��اً على مدى التاريخ‪،‬‬ ‫يق��وم الكاهن ‪ -‬ف��ي رواي��ة البؤس��اء‪ ،‬رغم صغر‬ ‫مس��احة دوره في الرواية‪ ،‬بلعب ال��دور المفصلي‬ ‫والذي يغير مس��ار اتجاه بطل الرواية جان فالجان‬ ‫كلي��اً‪ ،‬حي��ن يك��ون رجل الدي��ن هذا ه��و الوحيد‬ ‫ال��ذي يرد على جرم اقترفه ج��ان بحقه ليس فقط‬ ‫ٍ‬ ‫قدر كان‬ ‫بالمس��امحة‪ ،‬وليس فق��ط بإنقاذه م��ن ٍ‬ ‫س��يكون مأس��اوياً فيما لو أثبت أمام عنصر األمن‬ ‫جريمة سرقة جان للشمعدان الفضي من الكنيسة‬ ‫الت��ي آوته من جوع وبرد‪ ،‬بل أيض��اً ‪ -‬وفي موقف‬ ‫يقشعر لنبله الوجدان اإلنس��اني‪ ،‬يحسن إليه بأن‬ ‫يمنحه ذاك الش��معدان الفضي الثمين ليبدأ حياة‬ ‫جدي��دة‪ .‬يج��د فالجان نفس��ه أمام إحس��ان يأتيه‬ ‫كنس��مات عُلوي��ة‪ ،‬يعصف بروحه ويهزها بش��دة‬ ‫حتى تتس��اقط عنها قطرة قطرة كل األحقاد التي‬ ‫تراكمت فيها على مدى عش��رين سنة قاسى فيها‬ ‫ظلماً أرداه في ظلمات س��جن عوم��ل فيه معاملة‬ ‫العبي��د‪ .‬وحت��ى بعد أن خ��رج من��ه ببصيص أمل‬ ‫صعقته قس��وة البش��ر الذي��ن رفض��وا أن يعطوه‬ ‫فرصة لكس��ب ما يقيته‪ .‬وبعد موقف الكاهن معه‬ ‫ووصيت��ه ل��ه أن يس��تخدم قيمة الش��معدان بأن‬ ‫يكون إنس��اناً نزيهاً‪ ،‬يقرر ج��ان أن يكون يد الخير‬ ‫واألمل في الوجود وآن ينتشل األرواح البائسة من‬ ‫يأس��ها كما انتشله الكاهن ‪ -‬بنية أنه صوت إرادة‬ ‫الخير والمحبة المطلقة ف��ي الوجود‪ ،‬وتكون هذه‬ ‫الحادثة المنطلق الذي على أساسه سينقذ الطفلة‬ ‫كوزي��ت يتيمة األبوين من قدرها الش��قي ويكون‬ ‫الح��ارس المالك األمي��ن لها طول حيات��ه مغامراً‬

‫شهداء‬ ‫سوريا‬

‫بذلك بالمركز النبيل الذي وصل إليه‪.‬‬ ‫ومع تجس��د فصول شبيهة إال أنها حية وأكثر‬ ‫عمق��اً من حياة مزي��د من البؤس��اء كل يوم وكل‬ ‫لحظة تجرعوا من مختلف أش��كال كؤوس العذاب‬ ‫والشقاء في واحدة من أشد المآسي البشرية التي‬ ‫تحص��ل اليوم عل��ى األرض الس��ورية‪ ،‬ومع تكالب‬ ‫كل الظ��روف وضدهم وانس��داد كثي��ر من األفق‬ ‫وانهيار كثير من اآلمال‪ ،‬وتنامي مش��اعر الس��لبية‬ ‫ض��د كل من خذلهم من أفراد وحكومات وهيئات‪،‬‬ ‫إال أن الروح النبيلة تعود لتتجس��د في ش��خصيات‬ ‫ومبادرات توقد روح األمل من جديد لتمس��ح وجع‬ ‫العذابات‪ ،‬وقد تقدر أن تغير بش��كل جذري مس��اراً‬ ‫كان قد يتج��ه مدفوعاً بروح ناقمة على البش��رية‬ ‫جمعاء‪ ،‬فتحوله بإحس��انها لمسار المحبة واإليمان‬ ‫بالخير مجدداً‪.‬‬ ‫ورغم قلة عدد مثل هذه المبادرات في وس��ط‬ ‫الظ�لام ال��ذي ب��دأ ينتش��ر ويتم��دد‪ ،‬إال أن النور‬ ‫المنبثق ع��ن مبادرة واحدة ق��ادر أن يضيء مئات‬ ‫القلوب ألن زيت المحبة واإلحسان معدي وقادر أن‬ ‫يتسرب من سراج لسراج بكل سالسة‪.‬‬ ‫ما زلنا نلمح وس��ط الدخان األس��ود بالونات‬ ‫ملونة إلحياء «بس��مة أمل» عل��ى وجوه األطفال‪،.‬‬ ‫وما زلنا نش��هد تجمع��ات ل»فك كرب��ة الغربة»‪،‬‬ ‫وم��ا زال هناك م��ن يقيم مرك��زاً ثقافياً تتش��ابك‬ ‫في��ه األي��ادي والجهود «معاً» تح��ت القصف لتقرأ‬ ‫وتتثق��ف‪ ،‬وما زال هناك من يطي��ر «طيارات ورق»‬ ‫على أمل أن يلون بها س��ماء األطفال التي أحالتها‬ ‫ش��رور الكب��ار س��واداً مدقع��اً‪ ،‬وم��ا زال هناك من‬ ‫يتحم��ل المخاطر ليوص��ل علبة حلي��ب «من أجل‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)103654‬‬ ‫دمشق‪6947 :‬‬ ‫ريف دمشق‪23699 :‬‬ ‫حمص‪13616 :‬‬ ‫درعا‪9444 :‬‬ ‫إدلب‪11321 :‬‬ ‫حلب‪20572 :‬‬

‫دير الزور‪6184 :‬‬ ‫الرقة‪1228 :‬‬ ‫السويداء‪81 :‬‬ ‫حماة‪6987 :‬‬ ‫الالذقية‪993 :‬‬ ‫طرطوس‪363 :‬‬ ‫الحسكة‪724 :‬‬ ‫القنيطرة‪779 :‬‬

‫س��وريا» وأطفال سوريا أو ليصور فيلماً يعرض فيه‬ ‫ما يج��ري عن العال��م المُغيب‪ .‬م��ا زال هناك من‬ ‫ينظم معارض الفنون والمس��رحيات في مخيمات‬ ‫األطف��ال ليخرجهم من قس��اوة واقعهم إلى عالم‬ ‫جمي��ل ولو بالخيال عن طري��ق الفن‪ .‬ما زال هناك‬ ‫من يدق على صدره إذا ما سمع بحاجة أخيه ويقول‬ ‫«دوبارتك عندي»‪ ،‬و»خسى الجوع»‪.‬‬ ‫وما زلنا نس��مع قصصاً مثل قصة الشاب الذي‬ ‫تحطم القارب الخش��بي‪ ،‬الذي كان يستقله ليصل‬ ‫لش��واطئ أوروبا‪ ،‬تحط��م في ع��رض البحر ووجد‬ ‫نفس��ه متمسكاً بخش��بة من يقايا القارب وبجانبه‬ ‫طفلة عمرها س��نة ونصف تكاد أن تغرق كما غرق‬ ‫أبواها فش��دها لخش��بته وظل حارس��اً لها ساعات‬ ‫ال ويغوص قلي ً‬ ‫طويلة يطفو قلي ً‬ ‫ال ليدع لها مساحة‬ ‫لنجو وتغفو‪ ،‬هكذا إلى أن وصلت المس��اعدة‪ .‬وفي‬ ‫لق��در مجهول‬ ‫مرك��ز الهجرة قرر أال ي��دع الطفلة‬ ‫ٍ‬ ‫فادع��ى أن��ه والدها وضمه��ا ومضى ليب��دأ معها‬ ‫بداية حياة جديدة يكون لها فيها الحارس المنقذ‬ ‫(قام بتسمية الطفلة «حياة)‪.‬‬ ‫وطالما أن ه��ذه األرض الطيبة ما زالت تنبت‬ ‫باق والخير لن‬ ‫مثل هذه المع��ادن األصيلة فاألمل ٍ‬ ‫يخبو‪ ،‬والنفوس عندما «س��تلفحها ريح الش��مس‪،‬‬ ‫سترجع األيادي لتبني وتعمر‪ ،‬وسيمزق صوت العيد‬ ‫س��ماء كل من أراد أن يردنا إلى اليأس‪ ،‬وس��يكمل‬ ‫م��ن بقي من��ا رغم الطوف��ان الذي غم��ر بالدنا»‪،‬‬ ‫طالما أن هناك من «نذر يكون حبر رسالته وأمانته‬ ‫أن يكون قندي ً‬ ‫ال للتعبانين»‪.‬‬ ‫(اقتباس��ات الفقرة األخيرة من أغنية فيروز «ح‬ ‫نكمل باللي بقيوا»)‪.‬‬ ‫‪ 8365‬عدد األطفال الذكور‬ ‫‪ 3842‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 7607‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 28993‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 74661‬عدد المدنيين‬ ‫المصدر‪ :‬مركز توثيق االنتهاكات‬ ‫في سوريا ‪2014 / 9 / 6‬‬ ‫‪http://www.vdc-sy.info/‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.