Souriatna 166

Page 1

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫احلرب تلتهم �أكرث من ‪ 60%‬من غابات الالذقية‬ ‫ريف الالذقية ‪ -‬ميس الحاج‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫ل��م تقتصر ح��رب النظام الس��وري على من‬ ‫خرج ضده فقط‪ ،‬بل طالت حربه كل ما ينبض‬ ‫بالحي��اة كما هو الحال في ريف الالذقية الذي‬ ‫تحولت غاباته إلى هدف لقذائف قوات النظام‬ ‫بعد أن لج��أ إليها الكثير م��ن مقاتلي الجيش‬ ‫الحر‪.‬‬ ‫أدى قص��ف ق��وات النظ��ام المتمرك��زة ف��ي‬ ‫مراص��د كفري��ة والنب��ي يون��س وإنبات��ة‬ ‫والمرص��د ‪ 45‬باإلضافة لقصف الطيران على‬ ‫الغاب��ات المحيطة بها والت��ي اتخذها الجيش‬ ‫الحر معاق��ل النطالق عمليات��ه‪ ،‬إلى احتراق‬ ‫أكث��ر من ‪ 60%‬م��ن الغاب��ات بجبل��ي األكراد‬ ‫والتركمان‪.‬‬ ‫وبحس��ب دراس��ة للمجل��س المحل��ي ف��ي‬ ‫الالذقية‪ ،‬ف��إن "أكثر من ‪ 60%‬من الغابات في‬ ‫ري��ف الالذقي��ة قد تض��ررت بس��بب الحرائق‬ ‫الناتجة عن قصف قوات النظام"‪.‬‬ ‫يق��ول عضو المجل��س المحلي ف��ي الالذقية‬ ‫طارق ش��يخ يوس��ف لس��ورينا "الغاب��ات اآلن‬ ‫مدم��رة بش��كل ش��به كام��ل بس��ب الحرائق‬ ‫الضخمة التي تشتعل بها منذ عامين"‪.‬‬ ‫ويش��ير إلى "أن تكاليف اعادة تشجير الغابات‬ ‫التي تضررت تصل الى مئات الماليين ولمدة‬ ‫زمنية تمتد لعش��رات السنوات وأكثر األشجار‬ ‫الت��ي تعرضت للض��رر هي أش��جار الصنوبر‬ ‫والسنديان والبلوط"‪.‬‬ ‫بالمقاب��ل ل��م يك��ن قص��ف ق��وات النظ��ام‬ ‫وانتهاجه سياس��ة األرض المحروقة في ريف‬ ‫الالذقية وحده سبباً في تراجع مساحة الغابات‬ ‫إنم��ا كان لقط��ع األش��جار من قب��ل األهالي‬ ‫الذي��ن نزحوا م��ن قراهم س��ببًا أخر لتقلص‬ ‫مساحة الغابات في ريف الالذقية‪.‬‬ ‫ويعتمد كثير من سكان جبل التركمان ومخيم‬ ‫اليمضي��ة على الحطب م��ن أجل الطهي ومن‬ ‫أج��ل الخب��ز مما ح��ول الغابات بع��د أكثر من‬

‫عامين من ان��دالع المعارك في ريف الالذقية‬ ‫إل��ى مص��در عي��ش لكثي��ر م��ن النازحين أو‬ ‫س��كان القرى القريبة حيث يقومون بقطعها‬ ‫وبيعها كحطب للتدفئة والطبخ لمناطق ادلب‬ ‫وحلب بعد انقطاع الغاز والنفط‪.‬‬ ‫أبو محمد أحد سكان جبل التركمان يعمل في‬ ‫مهنة "االحتطاب" مع أوالده الثالثة منذ حوالي‬ ‫العامين ويقومون ببيع هذا الحطب في إدلب‪.‬‬ ‫يق��ول أبو محم��د "رغ��م كل المصاعب التي‬ ‫توجهنا من منع الكتائب لنا وغير ذلك‪ ،‬نستمر‬ ‫ف��ي ه��ذا العم��ل كباقي الس��كان ف�لا يوجد‬ ‫مص��در آخ��ر للعي��ش وال توجد ف��رص عمل‬ ‫أخر"‪.‬‬ ‫ويؤكد عض��و المجلس المحل��ي في الالذقية‬ ‫ط��ارق ش��يخ "أن حاج��ة الس��كان المحليي��ن‬ ‫وتج��ارة البع��ض منه��م للحط��ب زاد األمور‬ ‫سوءاَ"‪.‬‬

‫ويضي��ف "كان للجيش الحر دور س��لبي أيضًا‬ ‫في هذا المجال من خالل قطع أعدد كبيرة من‬ ‫األشجار لبناء معسكرات تدريبية لعناصره"‪.‬‬ ‫وعن الوس��ائل التي يمكن أن تحد من تدهور‬ ‫المس��احات الخضراء في ريف الالذقية يقول‬ ‫عض��و المجلس المحلي " تم تأس��يس مركز‬ ‫إلطف��اء الحرائ��ق‪ ،‬إضاف��ة إلج��راء دورات‬ ‫تدريبي��ة لمجموع��ة من الش��باب على العمل‬ ‫لإلطف��اء الحرائق لك��ن اإلمكانيات تبقى أقل‬ ‫م��ن حج��م ت��دارك الكارثة الت��ي حصلت في‬ ‫غابات الالذقية"‪.‬‬ ‫وأدت المع��ارك المحتدم��ة بي��ن الجيش الحر‬ ‫وق��وات النظام إل��ى عش��رات الحرائق‪ ،‬حتى‬ ‫وصلت هذه الحرائق الى محمية الفرنلق في‬ ‫جب��ل التركمان والتي تعتبر م��ن أهم مراكز‬ ‫االصطي��اف والمحمي��ات الطبيعة في س��وريا‬ ‫وس��يطر عليها الجيش الحر حالي ًا وتعتبر خط‬ ‫مواجهة بين الطرفين‪.‬‬

‫اعت�صامات عمال حلب م�ستمرة والأعمال لن تتوقف‬ ‫اس��تمرت االعتصامات في مدينة حلب لألسبوع الثاني على التوالي‪،‬‬ ‫راتب لجميع‬ ‫بعد ق��رار الحكومة السّ��وريّة المؤقتة صرفَ نص��فِ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الموظفين والعمّال عن الشّهر العاشر فقط‪.‬‬ ‫وب��دأت حملة االحتجاجات مطلع األس��بوع الفائ��ت للمطالبة بتوحيد‬ ‫القوى وتحرير بقية المدينة‪ ،‬إال أنها تطورت بش��كل متصاعد‪ ،‬حيث‬ ‫تجمّ��ع عدد كبير م��ن الموظفين والعمال أمام مبن��ى المجلس في‬ ‫حي "المواصالت القديمة ‪ -‬مدينة حلب" مطالبين بتس��ديد رواتبهم‬ ‫المستحقة منذ أشهر‪.‬‬ ‫وقال مديرُ مكتب رئيس المجلس المح ّلي في حلب "أبو البراءين" أن‬ ‫االعتصامات سوف تتسع وتستمر حتى تحقيق مطالب المعتصمين‪،‬‬ ‫وأش��ار إل��ى أن عدد المتضرري��ن من قرار الحكوم��ة األخير بلغ‪600‬‬ ‫بينَ موظفٍ وعامل لدى المجل��س‪ ،‬ولذلك قرر الموظفين والعمال‬ ‫ع��دم القب��ول بنصف راتب فق��ط‪ ،‬واالعتصام يوميّ��ًا لمدّة "نصف‬ ‫س��اعة" عند بداية الدّوام أم��ام المجلس المح ّلي لمدينة حلب وأمام‬ ‫القطاع��ات التّابع��ة للمجلس المحل��ي لمدّة ثالثة أيّ��ام متواصلة‪،‬‬ ‫بأن توضّح الحكومة ما هو سبب تأخير تسديد‬ ‫وطالب "أبو البراءين" ّ‬ ‫ّ‬ ‫للموظفين والعمّال‪.‬‬ ‫الرّواتب‬

‫وأف��اد ماهر أب��و الوليد عضو المكتب اإلعالمي ف��ي مجلس مدينة حلب أن‬ ‫«الهدف من االعتصامات هو الضغط على الحكومة المؤقتة لتزيد اهتمامها‬ ‫بالعم��ال‪ ،‬وتتوقف ع��ن التقصير تجاهه��م‪ ،‬وخاصة بخص��وص الرواتب‪،‬‬ ‫متوعدًا بزيادة التصعيد ما لم تتجاوب الحكومة مع مطالب العاملين»‪.‬‬


‫"نبع احلياة" دعم نف�سي يف عمق احل�صار‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫يعيش أطفال الغوطة الش��رقية كما معظم‬ ‫أطفال س��وريا في ظروف مأس��اوية نتيجة‬ ‫القصف والحصار والجوع والخوف المسيطر‬ ‫عليهم بشكل يومي ودائم‪.‬‬ ‫"نب��ع الحي��اة للطفول��ة” ه��و مجموعة من‬ ‫المراكز على امتداد الغوطة الشرقية‪ ،‬تقدم‬ ‫خدمة التعليم والدعم النفسي لألطفال في‬ ‫ظل األزمات‪ ،‬ويعمد المتطوعون المشرفون‬ ‫فيه على مس��اعدة األطفال لتجاوز أزماتهم‬ ‫كالتب��ول ال�لاإرادي أو العن��ف أو الخ��وف‬ ‫المف��رط‪ ،‬عن طري��ق اللعب والموس��يقى‪،‬‬ ‫بوج��ود أخصائيين نفس��يين لتقيي��م حالة‬ ‫األطفال وتوجيه األنشطة المناسبة لهم‪.‬‬ ‫ويق��ول "ثائ��ر" المش��رف عل��ى المركز في‬ ‫مدين��ة دوم��ا‪" ،‬إن الحص��ار المفروض على‬ ‫الغوطة الش��رقية منذ أكثر م��ن عامين أ ّثر‬ ‫كثيراً على عمل المركز وقدرته على تقديم‬ ‫الدعم ال�لازم لألطفال‪ ،‬فقد ط��ال الحصار‬ ‫لقم��ة األطف��ال وط��ال القص��ف دماءه��م‬

‫وعقوله��م" ويضيف " تخيل مئتي طفل في‬ ‫مكان واحد كلهم جائعين وكلهم يعاني من‬ ‫كاب��وس يؤرقه ف��ي نومه ويقظت��ه‪ ،‬لكننا‬

‫ننج��ح في كثير من األحي��ان بإبعاد األطفال‬ ‫ولو لس��اعات قليلة عن أجواء الموت والجوع‬ ‫عبر فرشاة ألوان أو لعبة قماشية"‪.‬‬

‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫يش��كل انقطاع التعليم وانتش��ار األمية بين‬ ‫األطف��ال وتس��ربهم خ��ارج الم��دارس أح��د‬ ‫أكبر التحدي��ات التي تهدد المجتمع الس��وري‬ ‫مس��تقب ً‬ ‫ال‪ ،‬ولمواجه��ة ذلك يواصل الش��باب‬ ‫الس��وري خلق الحلول اإلبداعي��ة للتعامل مع‬ ‫تلك المش��اكل والحد من انتش��ارها والقضاء‬ ‫عليها بوس��ائل تتناس��ب مع الوضع القاس��ي‬ ‫الذي يعيشه الشعب السوري‪.‬‬ ‫حافل��ة الزيتون للتعليم والترفي��ه التي بدأت‬ ‫تعمل في منطقة درعا وريفها تسعى لتأمين‬ ‫ف��رص التعلي��م والدع��م النفس��ي والترفيه‬ ‫لألطفال ممن هم في س��ن التعليم اإللزامي‬ ‫وأجبرتهم ظروف الحرب الشرسة على النزوح‬ ‫والتشرد‪.‬‬ ‫يقول صهي��ب الزعبي مدير مكت��ب العالقات‬ ‫العام��ة في تجم��ع غصن زيت��ون‪" :‬إن الهدف‬ ‫من الحافلة اس��تهداف فئة كبيرة من األطفال‬ ‫وتقدي��م خدم��ات التعلي��م والدعم النفس��ي‬ ‫وفك��رة الحافلة فكرة جديدة س��تجذب الكثير‬ ‫من األطف��ال لاللتحاق بالتعليم‪ ،‬وستش��كل‬ ‫حاف��زاً له��م لمواصل��ة تعليمهم مس��تقب ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وخل��ق حالة من العم��ل الجماعي مع األطفال‬

‫الذين سيتشاركون في مساحة معينة ولفترة‬ ‫زمني��ة محددة‪ ،‬وخاص��ة بعد انقط��اع الكثير‬ ‫منهم عن الدراس��ة لظروف الحرب وما خلفته‬ ‫من دمار مادي وبش��ري على الشعب السوري‬ ‫وعلى األطفال تحديداً"‪.‬‬ ‫تس��تهدف الحافلة األطفال في المناطق التي‬ ‫ال تتوف��ر فيه��ا م��دارس أو دمرت مدارس��ها‪،‬‬ ‫إضاف��ة إلى الوصول إل��ى األطفال في أماكن‬ ‫النزوح وخاصة في األرياف‪ ،‬بحس��ب الزعبي‪،‬‬ ‫ال��ذي أضاف أيض��اً أن هناك تجمع��ات عديدة‬ ‫للنازحي��ن لي��س م��ن درع��ا وريفه��ا بل من‬ ‫مناط��ق مختلف��ة في س��وريا وخاص��ة ريف‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫صعوب��ات عدي��دة واجه��ت عملي��ة تحضي��ر‬ ‫وتجهي��ز الحافل��ة تح��دث عنه��ا الزعب��ي‬ ‫"اس��تغرقت عملية التحضير مدة ثالثة أشهر‬ ‫ب��دأت بعملي��ة البحث ع��ن اآللي��ة وإصالحها‬ ‫وإع��ادة هيكلتها وتصميمها بما يتناس��ب مع‬ ‫الدور الجديد المن��اط بها وتجهزيها بالمعدات‬ ‫واألدوات المناس��بة للعملي��ة التعليمي��ة‬ ‫والترفيهية"‪.‬‬

‫ويضيف "وتبقى الخطورة األمنية أكثر ما يؤرقنا‬ ‫حيث نخش��ى من تع��رض الحافلة لالس��تهداف‬ ‫ أثن��اء تنقله��ا ‪ -‬م��ن قب��ل ق��وات النظ��ام‪ ،‬أو‬‫أثناء عملها واس��تقرارها في المكان المطلوب‪،‬‬ ‫وخاص��ة م��ع تجم��ع ع��دد كبي��ر م��ن األطف��ال‬ ‫حوله��ا‪ ،‬لذلك يتم التعامل بح��ذر أثناء تنقالتها‬ ‫وتمركزها حفاظًا على سالمة األطفال"‪.‬‬ ‫وعن الخدمات التي ستقدمها الحافلة لألطفال‬ ‫يوضح قائ� ً‬ ‫لا‪" :‬س��يتم تقدي��م مجموعة من‬ ‫ال��دروس التعليمي��ة تم تحضيرها لتتناس��ب‬ ‫مع طريق��ة عمل ووقت الحافل��ة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫تقدي��م برنام��ج للدعم النفس��ي لألطفال (‪I‬‬ ‫‪ )deal‬وع��رض أفالم ترفيهي��ة وتعليمية تم‬ ‫اختياره��ا بدق��ة لتحقيق اله��دف المرجو من‬ ‫العملي��ة التعليمية والترفيهي��ة ككل والقيام‬ ‫برحالت ترفيهية وتعليمية"‪.‬‬ ‫يشرف على عمل الحافلة فريق مؤهل علميًا‬ ‫ونفس��ياً للتعام��ل م��ع األطف��ال ف��ي أصعب‬ ‫الظ��روف والحاالت‪ ،‬حيث يض��م فريق العمل‬ ‫ثالثة أشخاص موزعين على الجانب التعليمي‬ ‫والدع��م النفس��ي والمش��رف باإلضاف��ة إلى‬ ‫السائق‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫حافلة الزيتون من رحم املعاناة �إىل �صناعة الأمل‬

‫‪3‬‬


‫كل عام و�أنتم بخري‬ ‫طفل �سوري ميوت كل �ساعتني‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫دمشق ‪ -‬فؤاد دياب‬ ‫قبل ث�لاث س��نوات‪ ،‬خرج محمد م��ن منزله‬ ‫في حي برزة في دمش��ق‪ ،‬إلى مدرسته في‬ ‫ح��ي مس��بق الصنع المج��اور‪ .‬عند الس��اعة‬ ‫الس��ابعة‪ ،‬ارت��دى معطف��ه وقبع��ة صوفية‬ ‫خش��ية البرد القارس في كانون دمشق‪ ،‬لم‬ ‫يك��ن يعلم هذا الطفل الصغير‪ ،‬أن ما حمله‬ ‫معه ف��ي الحقيبة‪ ،‬هو آخر ما س��يحمله من‬ ‫منزل��ه الذي ص��ار موقعه منطقة س��اخنة‪،‬‬ ‫ولم يدرك س��اكنو المن��زل أن خروجهم منه‬ ‫ف��ي ذاك النهار‪ ،‬يعني خروج��ا أبديا ال عودة‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫يم��رّ يوم الطف��ل العالمي –العش��رون من‬ ‫تش��رين الثان��ي ‪ -‬عل��ى محم��د وعائلت��ه‪،‬‬ ‫كباق��ي أي��ام الس��نة‪ ،‬بع��د أن نزح��وا م��ن‬ ‫منزلهم‪ ،‬ال س��قف يأويهم اآلن‪ ،‬ولم يتبقى‬ ‫م��ن عائلة محمد إال أم��ه‪ ،‬تنام أم محمد كل‬ ‫ي��وم عل��ى "كرتونة" ف��ي حديق��ة المرجة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتتغطى بالس��ماء‪ ،‬وشأنها‬ ‫تلتحف األرض‪،‬‬ ‫ش��أن العش��رات من مثيالتها اللواتي نزحن‬ ‫م��ن مناط��ق مختلف��ة‪ ،‬فيم��ا ين��ام محم��د‬ ‫عل��ى درجات جس��ر الث��ورة‪ ،‬لع ّله يس��تدرج‬ ‫استعطاف الموظفين المتوجهين صباحا إلى‬ ‫أماكن عملهم‪ ،‬وحين يش��تدّ البرد‪ ،‬يفضّل‬ ‫الن��وم على الرصي��ف بجان��ب الحائط الذي‬ ‫قد يقي��ه صفعات الرياح‪ ،‬ليس األمر بغريب‬ ‫عل��ى أقران محمد‪ ،‬طالم��ا أن تقرير منظمة‬ ‫اليونسيف‪ ،‬يقدم أرقاما وصفت بالصاعقة‪،‬‬ ‫وتتعل��ق بحوال��ي ‪ 6‬ماليي��ن طفل س��وريا‬ ‫يحتاج��ون لمس��اعدة فورية‪ ،‬فيم��ا يبات مع‬ ‫غروب شمس هذا النهار ما يزيد عن مليون‬ ‫طفل سوري في العراء‪.‬‬ ‫مليون محمّد إذن هم مبعثرون على جسور‬ ‫وطرق��ات وركام وبقاي��ا منازل الس��وريين‪،‬‬ ‫بينم��ا تب��ات الليل��ة آالف األمهات ب��دون أن‬ ‫تس��مع أصوات أبنائها التي أخمدتها الحرب‪،‬‬ ‫وأطفأت ش��معة حي��اة ما يزيد ع��ن ‪ 16‬ألف‬ ‫طف��ل رحلوا ج��راء دائرة العن��ف المتواصلة‬ ‫في البالد ‪ 16‬ألف اسم مو ّثق‪ ،‬وآالف األسماء‬ ‫ذهبت بي��ن الركام وتح��ت األنقاض‪ ،‬تقول‬ ‫اليونس��يف دائما‪ ،‬أن األرق��ام الحقيقة هي‬ ‫أكث��ر بكثي��ر م��ن تل��ك الموثق��ة‪ ،‬وتص��ف‬ ‫المنظمات العالمية أن ما حصل في سورية‪،‬‬ ‫هو "كارثة بش��رية" لم يسبق لها مثيل في‬ ‫التاري��خ الحدي��ث‪ ،‬ال يش��عر محم��د بالخوف‬ ‫م��ن الصحفيي��ن‪ ،‬أو الفضوليين‪ ،‬وال س��يما‬ ‫أولئك الذي��ن يصورون تش��وه ًا في أطراف‬ ‫وجه��ه‪ ،‬لكنه س��يخاف –ربم��ا ‪ -‬إذا عرف أنه‬ ‫ال ي��زال حوالي‪ 40‬ألف طفل س��وري مصاب‬ ‫أو جري��ح وبحاجة لمعالج��ة فورية‪ ،‬األطفال‬ ‫المصاب��ون في س��وريا‪ ،‬جزء كبي��رٌ منهم‪،‬‬ ‫هم في طريقهم للموت‪ ،‬أو اإلعاقة الدائمة‪،‬‬ ‫في حال لم يس��عفوا في الحال‪ ،‬وفي الحال‬ ‫تعني الس��اعة‪ ،‬أو الليلة‪ ،‬وليس بعد شهر أو‬ ‫ش��هرين‪ ،‬وبعملية حس��ابية بسيطة‪ ،‬تظهر‬ ‫النتيجة أن كل ساعتين تقريب ًا‪ ،‬يرحل طفل‬ ‫سوري بسبب الحرب الدائرة في سوريا‪.‬‬ ‫م��ن جان��ب آخ��ر‪ ،‬يمس��ي محمد واح��داً من‬

‫أربعين بالمئة من أطفال س��وريا هم خارج‬ ‫مدارس��هم‪ ،‬فيما لم يلتحق بالمدرس��ة هذه‬ ‫الس��نة أكثر من مئ��ة وخمس��ين ألف طفل‬ ‫س��وري هم في سن الدراسة‪ ،‬الجميع يعلم‪،‬‬ ‫ويتوقع‪ ،‬مس��تقب ً‬ ‫ال مخيفاً لس��وريا‪ ،‬فأطفال‬ ‫اليوم‪ ،‬هم ش��باب الغد‪ ،‬وأي أطفال يكبرون‬ ‫على أص��وات المدفعية‪ ،‬وقذائ��ف الدبابات‪،‬‬ ‫وأي فتي��ان‪ ،‬يلعب��ون بالبن��ادق‪ ،‬والقناب��ل‬ ‫بالنسبة للنازحين‪ ،‬فحسب اليونسيف أيضاً‪،‬‬ ‫ارتفعوا مع نهاية هذه السنة ليكملوا الثالثة‬ ‫ماليين طفل نازح‪ ،‬بين نزوح خارجي وآخر‬ ‫داخل��ي‪ ،‬فيما ال يزال ما يزيد عن ‪ 320‬ألف‬ ‫طف��ل لم يكملوا الس��ت س��نوات‪ ،‬هم في‬ ‫مناطق محاص��رة‪ ،‬بالمقاب��ل‪ ،‬أثر الصراع‬ ‫على ‪ 5 .5‬مليون طفل سوري‪ ،‬يشار أيضا‬ ‫إل��ى أن أرقام النازحين غير الرس��مية‪ ،‬قد‬ ‫تتجاوز المليون مدني‪ ،‬بينهم أكثر من ‪300‬‬ ‫ألف طفل‪ ،‬تنشرُ اليوم مئات التقارير عن‬ ‫وضع الطفولة الس��ورية‪ ،‬لكنها حبر الورق‬ ‫ال يؤثر شيئا على حياة محمد التي اعتادها‬ ‫طيلة األشهر الماضية‪ ،‬مع المفارقة اليوم‪،‬‬ ‫أن دمشق تغرق باألمطار‪ ،‬والبرد القارس‬ ‫الذي يزداد قسوة على حديد شارع الثورة‪.‬‬ ‫يح��اول محمد أن ين��ام هذه الليل��ة‪ ،‬لكنّ‬ ‫ذل��ك ش��به مس��تحيل م��ع طق��س كهذا‪،‬‬ ‫تمض��ي الس��اعات إل��ى أن ينهك��ه التعب‬ ‫فين��ام على البرد بعد أن يعت��اد عليه‪ ،‬في‬ ‫الصباح‪ ،‬يس��تيقظ الطفل ش��به متجمّد‪،‬‬ ‫ال يهن��أ بال��دفء حت��ى يصي��ر اللي��ل مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬وهكذا تمرّ أيام��ه وأيام أصدقائه‪،‬‬ ‫حين تس��أل محمد‪ ،‬ماذا تريد أن تفعل في‬ ‫المستقبل‪ ،‬يسخر منك بنظراته‪ ،‬ويخجلك‬ ‫صمته المخيف‪ ،‬ال تسطيع أن تبقي نظرك‬ ‫طويال عل��ى عينيه‪ ،‬فقد كب��ر محمّد قبل‬ ‫أوان��ه‪ ،‬وف��ي نظرات��ه ش��رر الحق��د على‬ ‫الت��راب الذي لفظ��ه‪ ،‬ال ت��زال قبعة محمد‬ ‫الحم��راء الت��ي خ��رج به��ا من منزل��ه قبل‬

‫أعوام على رأس��ه‪ ،‬وقد فعل الزمن بها عدة‬ ‫ثقوب‪ ،‬وال يزال معطف��ه هو ذاته أيضا‪ ،‬مع‬ ‫تبدالت أحدثه��ا المناخ في الل��ون والجيوب‪،‬‬ ‫ال يفعل محمد ش��يئا سوى االنتظار‪ ،‬انتظار‬ ‫الصباح حتى يأتي‪ ،‬ومن ثم انتظار المساء‪،‬‬ ‫لينتظر الصباح مجدداً‪ ،‬يمرّ عداد الزمن في‬ ‫حياته‪ ،‬كش��يء روتيني ال بدّ له أن يمضي‪..‬‬ ‫لك��ن واق��ع الح��ال‪ ..‬محم��د وآالف األطف��ال‬ ‫السوريون‪ ..‬هم أحياء‪ ،‬ميتون‪..‬‬

‫الإعالمي زاهر مطاوع يلتحق‬ ‫بقافلة ال�شهداء الإعالميني‬

‫التح��ق اإلعالم��ي زاه��ر مط��اوع م��ن بل��دة‬ ‫زبدين في الغوطة الش��رقية بقافلة الشهداء‬ ‫اإلعالميين يوم أمس السبت ‪2014 / 11 / 22‬‬ ‫نتيجة القصف الذي طال البلدة‪.‬‬ ‫واستش��هد مط��اوع وهو عضو في تنس��يقية‬ ‫زبدي��ن أثناء عمله في توثي��ق جرائم النظام‬ ‫بح��ق أهالي بلدته التابعة لناحية المليحة في‬ ‫محافظة ريف دمشق‪.‬‬


‫قناة تالقي‪ :‬عامل النظام ال�ساحر‬ ‫عامر محمد‬

‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫ل��م يك��ن الب��ث الماراثون��ي لقن��اة تالقي‬ ‫الفضائية قد بدأ بعد‪ ،‬حين دعا وزبر المالية‬ ‫ف��ي حكوم��ة النظام اس��ماعيل إس��ماعيل‬ ‫الس��وريين للتقشف س��عي ًا الحتواء اآلزمة‬ ‫االقتصادية التي تضرب مناطق سيطرته‪،‬‬ ‫تصريح��ات الوزي��ر الت��ي فس��رها واعتذر‬ ‫عنه��ا الحقا‪ ،‬ق��د تكون األول��ى التي تحمل‬ ‫اعتراف�� ًا مباش��راً بمدى عم��ق التصدع في‬ ‫اقتصاد دمشق بعد ثالث سنوات من التغني‬ ‫باالقتص��اد الذي صمد في وجه "المؤامرة"‪،‬‬ ‫اعت��راف ال يحتاج��ه الس��وري فرغيف خبزه‬ ‫يحمل التصريح‪.‬‬ ‫نعم اعتذر الوزير عمّا قاله و"فهم في غير‬ ‫س��ياقه" وذكر للمتابعين عبر إذاعة محلية‬ ‫حكاية منزله الذي دُمّر خالل الحرب وكيف‬ ‫خس��ر كل م��ا يمل��ك م��ن آج��ل أن ننتصر‬ ‫جميعاً" كاشف ًا عن أنه بات يسكن في مبنى‬ ‫الوزارة مع عائلت��ه‪ ،‬في ذات اللحـظات التي‬ ‫كان فيها الوزير يقدم االعتذار والتفس��ير‪،‬‬ ‫كان��ت مذيعت��ان مع مخرج ف��ي قناة تالقي‬ ‫التابع��ة للهيئة العام��ة لإلذاعة والتلفزيون‬ ‫الرسمية‪ ،‬تس��تعدان إلطالق ماراثون للبث‬ ‫المباش��ر‪ ٫‬لتدخ��ل س��ورياهم موس��وعة‬ ‫غين��س بأطول بث تلفزيون��ي عربي لمدة‬ ‫سبعين ساعة‪ ،‬بدأتها القناة بلقاء مع االبن‬ ‫الض��ال علي الديك‪ ،‬ف��ي أول ظهور له منذ‬ ‫تجاهله "ال��دوس على العل��م الوطني في‬ ‫اس��تراليا" ما فج��ر ضده قبل أش��هر موجة‬ ‫غضب "موالية"‪ ،‬لكن البث اس��تمر معه كي‬ ‫تدخل البالد الموس��وعة تحت عنوان جذاب‬ ‫هو "من سوريا مع الحب"‪.‬‬ ‫كان��ت طرط��وس تس��جل رقمه��ا أيض��اً‪،‬‬ ‫فتس��تقبل س��بعين جثمان��اً جدي��داً لجنود‬ ‫قض��وا ف��ي المع��ارك‪ ،‬بعضهم ف��ي حقل‬ ‫الش��اعر بحم��ص قبل أي��ام قليل��ة فقط‪،‬‬ ‫ُلفت الجثامين بالعلم وس��يقت إلى مثواها‬ ‫األخي��ر‪ ،‬جارتها الالذقية كانت تحاول دخول‬ ‫الموس��وعة بأس��رع عملي��ة "ش��طف" في‬

‫العالم‪ ،‬اذ كان رئيس الحكومة وائل الحلقي‬ ‫ي��زور المدين��ة ك��ي يفتت��ح فيها مش��اريع‬ ‫"س��ياحية واقتصادية" بقيمة تقدر بـ ‪520‬‬ ‫مليون لي��رة‪ ،‬بينها فندق‪ ،‬بحس��ب الوكالة‬ ‫الرس��مية "س��انا" رغم دعوة التقشف التي‬ ‫أطلقه��ا وزير المالية "المُهجر"‪ ،‬فش��طفت‬ ‫ش��وارع المدينة ف��ي عملي��ة وصفها حتى‬ ‫موالو النظام بأنها إعجازية الس��رعة‪ ،‬ولم‬ ‫ينقطع التي��ار الكهربائي ط��وال اليوم عن‬ ‫سائر األحياء‪ ،‬وأُنير طريق القرداحة باتجاه‬ ‫ضري��ح "بان��ي س��وريا الحديث��ة" حيث حج‬ ‫الحلقي أثناء الزيارة‪ ،‬بمناس��بة الذكرى ‪44‬‬ ‫للحركة التصحيحية التي ال تزال "مباركة"‪.‬‬ ‫وم��ع الب��ث‪ ،‬كان س��وريون جدد يس��جلون‬ ‫رقمهم في التسلل براً إلى أوربا عبر بلدان‬ ‫ش��رقها‪ ،‬يُضرَبون ف��ي بلغاري��ا من قبل‬ ‫ش��رطتها ويعاودون الكرة ما أن يستجمعوا‬ ‫قواه��م للوصول إلى الكامب في الس��ويد‪،‬‬ ‫بينما تحتج��ز مصر عدداً منهم في س��جن‬ ‫خاص بعد آن حاول��وا أن يركبوا البحر تجاه‬ ‫األرض الموع��ودة‪ ،‬لك��ن جميع الس��وريين‬ ‫يتابعون البث‪ ،‬هكذا تخبرنا المذيعة‪.‬‬ ‫كان الحلق��ي ق��د افتت��ح للس��وريين ف��ي‬ ‫دمشق قبل أش��هر مجمع "‪ "Up town‬كأول‬ ‫ٌ‬ ‫مدينة تعج‬ ‫مدين��ة ألعاب مائية في الب�لاد‪،‬‬ ‫يومي�� ًا ب��زوار يس��جلون رقمه��م الخ��اص‬ ‫بالتأقلم مع الحرب‪ ،‬ليس��تمر البث المباشر‬ ‫للمعرك��ة في عي��ن الع��رب أو كوباني كما‬ ‫يفضل الكرد الس��ويون آن نناديها‪ ،‬استمر‬ ‫ال لك��ي نفه��م س��ير المعركة‪ ٬‬ب��ل لنتابع‬ ‫كي��ف آننا ل��م نعد نمل��ك من آمرنا ش��يئاً‪،‬‬ ‫ف��ي حرب ال يزال أفضل م��ا فيها أن تنتهي‬ ‫بقلي��ل م��ن الناجين‪ ،‬مع الس��بعين س��اعة‬ ‫أعلن��ت األم��م المتح��دة آن س��بعة ماليين‬ ‫طف��ل س��وري وعراق��ي س��يواجهون البرد‬ ‫هذا الش��تاء‪ ،‬واصفة إياه��م بالعالقين في‬ ‫أتون الح��رب في بالدهم‪ ،‬فيم��ا كانت ذات‬ ‫المنظمة قد اعلنت أن س��بعة في المئة من‬

‫ضحاي��ا البالد هم من األطفال‪ ،‬الس��باعية‬ ‫تستمر‪ ،‬ويشارك وزير السياحة في حكومة‬ ‫النظام بش��ر يازجي ف��ي الماراثون ويدعو‬ ‫"لتنش��يط الس��ياحة الداخلي��ة" ف��ي ب�لاد‬ ‫هدمت عل��ى النيام‪ ،‬س��قطت على األيتام‪،‬‬ ‫لتطل��ق محافظ��ة دمش��ق مارثون�� ًا ثاني�� ًا‬ ‫للدراج��ات الهوائية على أوتوس��تراد المزة‬ ‫ف��ي العاصمة‪" ،‬لتش��جيع الس��وريين على‬ ‫التغل��ب عل��ى زحام الس��ير" ف��ي مدينتهم‬ ‫الت��ي تقطعه��ا الحواج��ز‪ ،‬ويختبئ ش��بانها‬ ‫المتخلف��ون عن خدمة العل��م في منازلهم‬ ‫ألش��هر‪ ،‬قبل أن يفروا باتجاه بالد اهلل التي‬ ‫ما عادت واسعة‪.‬‬ ‫تماما حب��ن حطمت تالقي الرق��م العالمي‬ ‫بخمس وستين ساعة من البث‪ ٫‬عند الثانية‬ ‫م��ن ظهر الجمع��ة ‪ 21‬تش��رين الثاني‪ ،‬بث‬ ‫اإلعالم اللبناني نب��أ "نجدية فواز المرعي"‬ ‫الس��ورية الت��ي تبلغ ‪ 13‬عام��اً والتي قررت‬ ‫إنه��اء حياتها "ألس��باب مجهول��ة"‪ ،‬فوجدت‬ ‫جث��ة ف��ي إح��دى م��زارع بل��دة السويس��ة‬ ‫بمنطقة عكار في ش��مال البل��د الجار‪ ،‬كان‬ ‫مصطف��ى الخاني ضي��ف الهواء ي��روي لنا‬ ‫كي��ف التقى ي��ارا الجعف��ري وتزوجها‪ ،‬في‬ ‫قصة حب "وطنية"‪.‬‬ ‫قبل س��اعة م��ن عملية التحطي��م األخيرة‪٫‬‬ ‫اتصل الحلقي س��ابق الذكر بالقناة متمني ًا‬ ‫اس��تمرار "التدفق" إلعالم صنع المعجزات‪،‬‬ ‫موجهاً التحية لس�لاف فواخرج��ي التي لم‬ ‫تنس��ى أن تش��ارك في "الع��رس الوطني"‬ ‫فردت األخيرة بأنها ترى نصف كأس ممتلئ‬ ‫قد ال يراه البعض‪ ،‬وطرحت مثا ً‬ ‫ال عن زفاف‬ ‫اب��ن خالته��ا الذي ص��ادف ذات الي��وم‪ ،‬كان‬ ‫كل من ياس��ين حماد أحد متطوعي الهالل‬ ‫األحمر وعم��ار عبود المتطوع في مش��فى‬ ‫فلس��طين ق��د تزوج��ا ف��ي قل��ب المخي��م‬ ‫المحاصر بجنوب دمش��ق‪ ٫‬المخيم الذي لم‬ ‫يرى كأس��اً آو نصفه آو قط��رة من ماء فيه‬ ‫منذ شهر ين‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪5‬‬


‫جتارة الدخان يف دير الزور‬ ‫ت�شق طريقها بحذر و�سط �إجراءات "داع�ش"‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫دير الزور ‪ -‬عادل العايد‬ ‫رغم س��عي تنظيم "الدولة اإلس�لامية" لمنع‬ ‫تجارت��ه وفرض��ه عقوبات صارم��ة على من‬ ‫يتاج��ر ب��ه‪ ،‬م��ا زال تهري��ب الدخ��ان وبيع��ه‬ ‫أحد مص��ادر الرزق في دير ال��زور‪ ،‬حيث يتم‬ ‫تهريب��ه في الخف��اء بحكم انفت��اح المنطقة‬ ‫على الحدود العراقية‪.‬‬

‫�إجراءات "داع�ش"‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫حين س��يطر تنظيم "الدولة اإلسالمية" على‬ ‫مدينة دير الزور في منتصف الش��هر الس��ابع‬ ‫م��ن العام الجاري‪ ،‬بدأ بف��رض قوانينه ومنع‬ ‫التدخين ومعاقبة م��ن يتاجر بالتبغ‪ ،‬ويتحدث‬ ‫س��يف ‪ 27‬عاما أحد أصح��اب المحال في ريف‬ ‫دي��ر ال��زور الغربي ع��ن أبرز تل��ك اإلجراءات‬ ‫فيق��ول "بدأ التنظيم بنش��ر ملصقات تش��ير‬ ‫إل��ى من��ع تج��ارة الدخ��ان‪ ،‬وأن��ذروا المح��ال‬ ‫التجارية‪ ،‬بعد اسبوع من دخولهم المنطقة"‪.‬‬ ‫ويضي��ف "مع ع��دم الت��زام كثير م��ن التجار‬ ‫وأصح��اب المح��ال‪ ،‬ب��دأ التنظي��م بتطبي��ق‬ ‫العقوبات‪ ،‬فراح يحرق الدخان فوراً‪ ،‬ويفرض‬ ‫عل��ى بائع��ه غرام��ة مالي��ة‪ ،‬وأحيان�� ًا يعاقب‬ ‫بالس��جن‪ ،‬لذلك انتقلت تجارته إلى الس��رية‪،‬‬ ‫فأصبح الباعة يخبئون بضاعتهم في البيوت‪،‬‬ ‫بسبب الخوف من تفتيش المحال التجارية"‪.‬‬

‫الدخان يف �صهاريج النفط‬

‫يؤك��د عف��اش‪ .‬ح ‪ 37‬عامًا‪ ،‬أحد تج��ار الدخان‬ ‫"أن تهريبه لم يتوق��ف بوجود تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬حتى أن كل المحال التجارية رغم‬ ‫إجراءات التنظيم تبيع الدخان بشكل أو بآخر‪،‬‬ ‫ولكن بسرية تامة بعيداً عن عيونه"‪ .‬ويوضح‬ ‫ه��ذا التاج��ر "أن التهريب مازال مس��تمراً من‬ ‫العراق‪ ،‬والمهربون يستخدمون صهاريج نقل‬ ‫النفط في التهريب حيث يعمدون إلى تهريب‬ ‫كمي��ات كبيرة من الدخان ف��ي أماكن مخفية‬ ‫داخله��ا‪ ،‬وبذل��ك يس��تطيعون التمل��ص من‬ ‫التفتيش المس��تمر‪ ،‬من قبل حواجز التنظيم‬ ‫على الط��رق الواصلة بين العراق وس��ورية‪،‬‬ ‫بادعائهم أنهم تجار نفط"‪.‬‬

‫جتارة عززتها الثورة‬

‫تهري��ب الدخ��ان وتجارت��ه لي��س جدي��داً في‬ ‫دي��ر الزور‪ ،‬ويش��كل ج��زءاً كبيراً م��ن الدخل‬ ‫ألهالي المناطق الحدودية‪ ،‬أبو أحمد ‪ 38‬عام ًا‬ ‫عنص��ر أمن س��ابق‪ ،‬قضى جزءاً م��ن خدمته‬ ‫ف��ي المخاف��ر الحدودي��ة م��ع العراق‪ ،‬يش��ير‬ ‫إلى "أن أبن��اء المناطق الممت��دة على جانبي‬ ‫الشريط الحدودي‪ ،‬سواء من الطرف العراقي‬ ‫أو الس��وري‪ ،‬يعملون بشكل كبير في تهريب‬ ‫الدخان"‪.‬‬ ‫الفت��اً إلى "عالق��ات تجم��ع المهربين بضباط‬ ‫األم��ن والمخابرات قبل اندالع الثورة من أجل‬ ‫تس��هيل عملية التهريب مقابل رشاوى تدفع‬ ‫لهم"‪.‬‬ ‫وش��كل تهري��ب الدخ��ان م��ورداً للدخ��ل بعد‬ ‫انط�لاق الث��ورة إذ أن العدي��د م��ن الش��بان‬ ‫فق��دوا عملهم ف��ي دير الزور‪ ،‬يقول رش��يد‪.‬‬ ‫ع "انتش��رت بس��طات الدخان أم��ام المدارس‬

‫التي أصبحت م��أوى للنازحين من مدينة دير‬ ‫الزور بس��بب ظروف القت��ال فيها‪ ،‬والقائمون‬ ‫عليها هم من األطفال أو كبار السن‪ ،‬أو حتى‬ ‫النس��اء‪ ،‬وم��ا يرجون��ه من عملهم ه��ذا جمع‬ ‫مبلغ بسيط يعينهم على حياة النزوح"‪.‬‬ ‫كم��ا عمل المنش��قون بتج��ارة الدخ��ان نظراً‬ ‫لع��دم توف��ر الم��وارد الت��ي تكفل عيش��هم‪،‬‬ ‫ب��در أحم��د ‪ 32‬عام ًا‪ ،‬وهو عنصر منش��ق من‬ ‫شرطة المرور يقول عن ذلك "عند انشقاقي‪،‬‬ ‫ترك��ت عمل��ي كش��رطي‪ ،‬وعملت ف��ي مهنة‬ ‫توزي��ع الدخان‪ ،‬فكنت اش��تريه من المهربين‬ ‫في المناط��ق القريبة من الح��دود العراقية‪،‬‬ ‫كالميادي��ن والبوكمال‪ ،‬ألق��وم بتوزيعه على‬ ‫المح��ال التجاري��ة في الري��ف الغرب��ي بدير‬ ‫ال��زور‪ ،‬وخالل ع��ام واحد اس��تطعت أن أجمع‬ ‫مبلغ ‪ 700‬ألف ليرة س��ورية م��ن عملي هذا‪،‬‬ ‫باإلضافة إل��ى مصروف عائلت��ي التي أعيلها‬ ‫من األرباح أيضاً"‪.‬‬

‫�أرباح م�ضاعفة‬

‫وفيما بتعلق باألرب��اح التي تجنى عن طريق‬ ‫تهريب الدخان يقول عمران‪ .‬س أحد المهربين‬ ‫من مدينة البوكمال الحدودية "أرباح التهريب‬ ‫كبي��رة ج��داً‪ ،‬وال تق��ل عن الضعف ب��أي حال‬ ‫م��ن األحوال‪ ،‬حيث تباع علب��ة دخان (الكيلواز‬ ‫األحم��ر) مث ً‬ ‫ال‪ ،‬وهو أكثر أنواع الدخان المهرب‬ ‫من العراق تصريف ًا اآلن‪ ،‬بـ ‪ 250‬ليرة سورية‬ ‫ف��ي حين أنها ال تكل��ف المهرب أكثر من ‪100‬‬ ‫ليرة"‪.‬‬ ‫ويش��ير س��الم الحم��دان ‪ 27‬عام��ًا صاح��ب‬ ‫محل تج��اري في ريف دير ال��زور "إلى ازدياد‬ ‫الطلب عل��ى الدخان بكافة أنواع��ه بعد قيام‬ ‫العمل المس��لح للثورة‪ ،‬إذ بلغت قيمة الدخان‬ ‫المب��اع لدي��ه خالل أس��بوع حوال��ي ‪ 150‬ألف‬ ‫ليرة س��ورية‪ ،‬الفتاً إلى ازدياد عدد المدخنين‬ ‫بع��د الثورة نظ��راً لتوفر الدخ��ان بكثافة في‬ ‫دي��ر ال��زور‪ ،‬ورخ��ص ثمن��ه مقارن��ة بباقي‬ ‫المحافظات السورية‪ ،‬فأصبح الدخان السلعة‬ ‫األكثر مبيعاً واألكثر جلب ًا لألرباح‪.‬‬

‫دور حمدود للهيئات ال�شرعية‬

‫وتعتب��ر دي��ر ال��زور مرك��زاً لتج��ارة الدخ��ان‬ ‫المه��رب قبل الثورة‪ ،‬وال��ذي ازدهرت تجارته‬ ‫بعدها بش��كل كبي��ر‪ ،‬وجذب��ت العاطلين عن‬ ‫العم��ل لم��ا تحققه من أرباح جي��دة‪ ،‬في ظل‬ ‫عدم قدرة الهيئات الش��رعية المتواجدة حينها‬ ‫على مكافحة تجارته‪.‬‬ ‫جاس��م‪ .‬ح أحد أعضاء الهيئة الش��رعية التابعة‬ ‫لجبهة النصرة في ريف دير الزور الغربي‪ ،‬يشير‬ ‫إلى أن موقف الهيئات الش��رعية كان متس��اه ً‬ ‫ال‬ ‫تج��اه مهرب��ي الدخان‪ ،‬ألن��ه لم يك��ن بإمكانها‬ ‫الوق��وف ف��ي وج��ه تجارت��ه بس��بب قدراته��ا‬ ‫المحدودة‪ ،‬وبس��بب عدم وج��ود حكم قاطع في‬ ‫الشريعة اإلسالمية يخص هذا الموضوع‪.‬‬ ‫يقول جاس��م‪ .‬ح "في كثير من المرات نوقف‬ ‫ش��حنات من الدخ��ان‪ ،‬ث��م نفرج عنه��ا وعن‬ ‫مهربيها بوساطات من بعض فصائل الجيش‬ ‫الحر‪ ،‬بسبب صالت الدم التي تجمعهم أحياناً‪،‬‬ ‫أو بس��بب تعاملهم المش��ترك في أمور أخرى‬ ‫أهمها السالح"‪.‬‬ ‫ويعتبر التبغ أكثر المنتجات التي يتم تهريبها‬ ‫على مس��توى العالم‪ ،‬وتكلف تجارة السجائر‬ ‫غير الش��رعية أو ما يعرف بالس��وق السوداء‬ ‫الحكوم��ات ح��ول العالم مبال��غ مذهلة‪ ،‬حيث‬ ‫تفقد ال��دول أكثر من ‪ 40‬مليار دوالر س��نويًا‬ ‫ف��ي العائ��دات الضريبي��ة كل ع��ام لصال��ح‬ ‫تجارته غير الش��رعية‪ ،‬وال توج��د إحصائيات‬ ‫دقيق��ة عن حجمها في س��ورية عام��ة أو دير‬ ‫الزور خاصة بعد الثورة‪ ،‬إال أنها تعتبر األهم‪،‬‬ ‫خصوص ًا مع غي��اب القوى الرادعة لها‪ ،‬وزوال‬ ‫الحدود الفاصلة مع دول الجوار‪.‬‬ ‫ووفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية ‪،2008‬‬ ‫تأتي س��ورية في مقدمة الدول العربية التي‬ ‫تح��وي النس��بة األعل��ى بي��ن المدخنين من‬ ‫الشباب تفوق ‪.20%‬‬ ‫وتبل��غ تكلف��ة التدخي��ن ف��ي س��ورية وف��ق‬ ‫اإلحصائيات نح��و أربعمائة مليون ليرة يوميًا‬ ‫تت��وزع بين ثم��ن التب��غ ومعالجة المش��اكل‬ ‫الصحي��ة الناجمة عن التدخي��ن إضافة لآلثار‬ ‫االقتصادية كالحرائق والتعطيل عن العمل‪.‬‬


‫يف حم�ص ‪3 = 1‬‬ ‫حمص ‪ -‬نوال معصوم‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫انتهت الحرب وتركت ظلها الداكن على المدينة الس��ورية الوسطى‬ ‫حم��ص‪ ،‬الظل الذي جعلها ث�لاث جزر متنافرة تجبره��ا الجغرافية‬ ‫على تقبل حقيقة تواجدها بالقرب من بعضها البعض‪ٌ ،‬‬ ‫أول مؤيد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل التس��ميات لم تعرفها‬ ‫ثان مع��ارض‪ ،‬وثالث هو اب��ن الحرب‪،‬‬ ‫األلس��ن بعد‪ ،‬لكن سكان األقسام يتعايش��ون معها كما "يتعايش"‬ ‫حرب اختلفوا على تس��ميتها‪ ،‬اتفقوا على االقتتال‬ ‫الجمي��ع في ظل ٍ‬ ‫فيها‪ ،‬يسكنهم اليوم الخوف من بعضهم‪.‬‬

‫خطفنا‪ ،‬هنا نحن نملكُ محالتٍ أكثر وأجمل ليس من الضروري أن‬ ‫نذهب إلى محالتهم ونشتري منها‪" .‬‬ ‫َ‬ ‫هم ونحن وأولئك وهؤالء‪ ،‬هكذا تحول حديث الحماصنة اليوم بين‬ ‫فئتين متعارضتين في اآلراء السياسية وفي التوجه المذهبي‪ ،‬في‬ ‫الملبس والهيئة و"اللهجة" وحتى في حق الدخول والتجول!!‪.‬‬

‫الأ�شطار الثالث‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫أحي��اء عكرم��ة والزه��رة والنزه��ة ووادي الذه��ب وم��ا يجاورها‪،‬‬ ‫يس��كنها التأييدُ للنظام تحت ش��عار واحد "تأيي��د الدولة" ما يعني‬ ‫أن ه��ذه األحياء تعيشُ ً‬ ‫حالة اجتماعي��ة وخدمية مختلفة عن بقية‬ ‫أعضاء الجس��د الحمصي‪ ،‬فيخيم الهدوء النس��بي عليها‪ ،‬أسواقٌ ال‬ ‫تخلو من الس��لع يومي ًا وزبائنُ فقط من الس��كان ذاتهم‪ ،‬مدارسُ‬ ‫تع��جُ بالطالب وتمارس عمله��ا على أكمل وجه‪ ،‬تش��هد انفجارات‬ ‫ّ‬ ‫بين الحين واآلخر‪.‬‬ ‫الغوطة والدبالن واإلنش��اءات وكرم الشامي‪ ،‬أحيا ٌء معظم سكانها‬ ‫حالياً من النازحين م��ن األحياء التي كانت ميدان ًا للمعارك وبالتالي‬ ‫أغلبه��م مع��ارض للنظ��ام‪ ،‬مم��ا يعن��ي س��وء الخدم��ات‪ ،‬وضعف‬ ‫س��لع قليلة‪ ،‬الش��طر الثالث هو‬ ‫المعيش��ة‪ ،‬وزخماً في الزبائن على‬ ‫ٍ‬ ‫حي الوعر المحاصر والعالق في المعركة الحمصية األخيرة‪.‬‬

‫التجوال‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫تقول س��عاد "أنا فتا ٌة محجّبة أذهب كثيراً إلى مدينة دمشق‪ ،‬كلما‬ ‫م��ررتُ بمنطق��ة طريق الش��ام حيث يقفُ باصُ الس��فر أخش��ى‬ ‫الس��ير في هذا الطريق‪ ،‬مع أنه طريقٌ واس��عٌ وعريض وأساسي‬ ‫في حمص‪ ،‬لكني أش��عرُ أن عيون الجميع ترمقني بنظرةٍ مخيفة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يحقُ لي المشي فيه!! على الرغم من‬ ‫حي لم يعدْ‬ ‫ّ‬ ‫كيف أسيرُ في ّ‬ ‫أنني أستطيعُ أحيان ًا التسوق في شارع الحضارة والذي تبدأُ به تلك‬ ‫الحاراتُ المستقلة دون هذا الخوف نفسه‪ ،‬إال أنني إذا اقتربتُ منها‬ ‫من ناحية طريق الشام فأشعرُ وكأته ليس مرغوب ًا بي إطالقاً"‪.‬‬ ‫بغ��ض النظ��ر عن الهيئ��ة الخارجي��ة الممي��زة‪ ،‬يحدّثن��ا خالد عن‬ ‫تجربت��ه قائ ً‬ ‫ال "م��ن الطبيعي أن أحياءهم تح��وي خدماتٍ أكثر مما‬ ‫نملك‪ ،‬ففيها ش��ركات الصرافة وتحويل النق��ود‪ ،‬وأنا أضطر كثيراً‬ ‫إلى اس��تالم الحواالت من عائلت��ي‪ ،‬وال يوجد مكتبٌ إال في عكرمة‬ ‫وما يجاورها‪ ،‬وحين أذهب أخاف أن يتم اكتش��اف أمري من لهجتي‬ ‫الحمصية الثقيلة إذا تكلمتُ على الهاتف مث ً‬ ‫ال!! لهذا أمش��ي هناك‬ ‫َ‬ ‫مُقف ً‬ ‫ألفظ حرف ًا كي ال أنكش��ف‪ ،‬وفي‬ ‫ال جهازي الخليوي وأحاول أال‬ ‫الوق��ت ذاته يقلقُ أصحابي عليّ حي��ث أن أحدنا إذا ذهب إلى هذه‬ ‫األحياء فهو مفقودٌ ولن يولد حتى يخرج‪ ،‬سمعتُ مر ًة أن بعض ًا من‬ ‫سكان عكرمة ذاتهم ال يستطيعون دخول حي الزهرة والنزهة من‬ ‫شدة الخوف الذي يملؤهما!!"‪.‬‬

‫والعك�س �صحيح‬

‫ف��ي الجانب اآلخ��ر‪ ،‬ال تزال بع��ض الدوائر الرس��مية متواجد ًة في‬ ‫الضفة المعارضة من حمص‪ ،‬أو حتى على الحدود بين المنطقتين‪،‬‬ ‫أس��لوب‬ ‫مم��ا دفع بعض الموظفاتِ من الش��ق الجنوبي إلى اتخاذٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جديد يحميه��نّ برأيهن من اإلرهاب‪ .‬تق��ول نعمت "‪:‬نحن نثقُ أن‬ ‫حمص تطهرت من اإلرهابيين لكن اإلرهاب ال يتوقف‪ ،‬فإن خرجتُ‬ ‫إليهم (سَ��فوراً) أخش��ى أن يخطفوني ويجلدون��ي لهذا اضطررتُ‬ ‫إل��ى ارتداء الحجاب أثناء الذهاب إلى العمل‪ ،‬حتى ال يعرفوا هويتي‬ ‫وأتعرض للخطر"‪.‬‬ ‫وحين عاد سوق الدبالن إلى االفتتاح تدريجي ًا منذ عدة أشهر تعددت‬ ‫التعليق��اتُ عل��ى مواقع التواص��ل االجتماعي من الش��قين‪ ،‬إال أن‬ ‫س��كان الش��ق الجنوبي الموازي لقاطني الدبالن كانت تعليقاتهم‬ ‫ت��دور حول م��ا في معن��اه "نحن حتم�� ًا لن نس��تطيع الذه��اب إلى‬ ‫أس��واقهم‪ ،‬حالما يعرف��ون هويتنا ومن أين أتينا لن يبيعونا ش��يئ ًا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثمينة في‬ ‫فرص��ة‬ ‫فالحق��د يم�لأ قلوبهم‪ ،‬ناهي��ك عن إعطائه��م‬

‫حمص ‪ -‬حي الدبالن‬

‫‪7‬‬


‫من ريف حلب �إىل املدينة‬ ‫‪� 6‬ساعات‪� 3 ،‬آالف لرية‪ 20 ،‬حاجز‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫حلب ‪ -‬عثمان إدلبي‬ ‫حافلة الش��جعان اس��م أطلقه أبن��اء الريف‬ ‫المحرر على الحافلة التي تقل المس��افرين‬ ‫إلى مناطق النظام مس��تمدين هذا التعبير‬ ‫م��ن الش��جاعة التي يتحلى بها األش��خاص‬ ‫الذي��ن يتج��رؤون عل��ى الس��فر م��ن خالل‬ ‫الطريق الخاضع لس��يطرة ق��وى النزاع في‬ ‫سوريا متحدين خطر االعتقال والموت تحت‬ ‫القصف العشوائي والقنص المتواصل في‬ ‫مناطق االشتباك ناهيك عن تكاليف السفر‬ ‫المرتفعة والرش��اوى التي يضطر المسافر‬ ‫أحيان��ا لدفعه��ا لحواجز النظ��ام والحر لكي‬ ‫يتمك��ن من العب��ور أو لكي يس��تطيع نقل‬ ‫بعض البضائع‪.‬‬

‫من املحرر للنظامي‪� :‬شقاء‪ ،‬وموت‪،‬‬ ‫واعتقال‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫مزق��ت الحرب طرقات الس��فر وبات التنقل‬ ‫بي��ن األحياء الحلبية الت��ي ال تكاد تبعد عن‬ ‫بعضها مئات األمتار‪ ،‬يحتاج لساعات طويلة‬ ‫وباتت طرق السفر في حلب سريعة التغير‬ ‫بس��بب تب��دل الق��وى الت��ي تس��يطر على‬ ‫الطرقات الرئيس��ة‪ ،‬اليوم بات هناك طريق‬ ‫وحيد تس��لكه جميع الحاف�لات المتجهة من‬ ‫الري��ف إل��ى المدينة‪ ،‬وه��ذا الطريق موزع‬ ‫عل��ى الفصائل الث�لاث المتنازعة في ريف‬ ‫حل��ب وهي الجي��ش الح��ر وتنظيم داعش‬ ‫وقوات النظام‪.‬‬ ‫ويوضح لن��ا فريد إدريس وه��و من مدينة‬ ‫دير حافر ش��كل الطريق الذي س��لكه أثناء‬ ‫توجه��ه لمدين��ة حل��ب وال��ذي "يخضع في‬

‫بدايته لسيطرة تنظيم داعش حتى وصلنا‬ ‫إلى مدينة م��ارع‪ ،‬وكانت ه��ذه الفترة هي‬ ‫األصع��ب بالنس��بة ل��ي بس��بب التدقي��ق‬ ‫الش��ديد م��ن قب��ل حواج��ز التنظي��م على‬ ‫الش��بان‪ ،‬وتجاوز عدد حواج��ز التنظيم من‬ ‫مدين��ة دير حاف��ر إلى مارع التس��ع حواجز‪،‬‬ ‫وأكملنا بعدها السفر على الطريق الخاضع‬ ‫لس��يطرة الجيش الحر ولم يواجهنا س��وى‬ ‫حاجز واحد‪ ،‬لم يقم بإيقافنا"‪.‬‬ ‫ويضيف فريد "مع التقدم جنوباً دخلنا ريف‬ ‫حماة الش��مالي حيث بدأت مناطق س��يطرة‬ ‫النظ��ام وب��دأ هن��ا الطريق العس��كري ذو‬ ‫الحواجز الكثيفة‪ ،‬فقبل دخولنا مدينة حماه‬ ‫أوقفتنا عدة حواجز تابعة لألمن العس��كري‬ ‫وبع��د خروجن��ا م��ن المدين��ة كان��ت جميع‬ ‫الحواج��ز التي توقفنا تابعة للدفاع الوطني‬ ‫وبعد أن تجاوزن��ا هذه المرحلة دخلنا حدود‬ ‫حلب وكانت جميع الحواجز تابعة للنظام"‪.‬‬ ‫حن��ان بن��ت ح��ي بس��تان القص��ر كان��ت‬ ‫تحت��اج إلى عش��ر دقائ��ق حتى تص��ل إلى‬ ‫جامعته��ا ولكنها اليوم حرم��ت من تعليمها‬ ‫بسبب س��اعات الس��فر الطويلة التي يجب‬ ‫أن تقضيه��ا يومي�� ًا من أج��ل الوصول إلى‬ ‫كليتها‪ ،‬وتكش��ف لنا حنان ع��ن معاناتها "ال‬ ‫يملك أهلي المال لكي أستأجر بيت ًا في حلب‬ ‫فأضط��ر للس��فر يوميا من بس��تان القصر‬ ‫إلى الجامع��ة وبعد أن أغلق المعبر أصبحت‬ ‫أس��افر عن طريق الريف وكنت أقضي أكثر‬ ‫من ثالثة س��اعات على الطرقات لكي أصل‬ ‫حلب"‪.‬‬

‫وتضيف حنان "غالب ًا ما نعاني من مضايقة‬ ‫الحواج��ز التابع��ة ل��كال الطرفي��ن فأش��عر‬ ‫أن عناص��ر النظ��ام يري��دون مضايقت��ي‬ ‫ألنن��ي م��ن منطق��ة مح��ررة كم��ا يتوجب‬ ‫عليّ االلت��زام بقوانين داعش فيما يتعلق‬ ‫باللباس أو وجود محرم معي"‪.‬‬

‫مكاتب لت�سيري �أمور املطلوبني‬

‫أبتكر بعض الش��بان مهن��ة جديد من رحم‬ ‫معاناة الناس على طرق الس��فر مستغلين‬ ‫عدم تمك��ن بعض أبناء الري��ف من دخول‬ ‫مناطق النظام ففتحوا مكاتب لهم لتسيير‬ ‫أمور أبن��اء الريف المحرر م��ن حلب وأغلب‬ ‫العاملين في هذه المكاتب هم من الطالب‬ ‫الجامعيي��ن المقيمي��ن ف��ي حل��ب ويق��وم‬ ‫هؤالء الشبان بتسيير المعامالت الحكومية‬ ‫وقبض رواتب الموظفين نيابة عنهم‪.‬‬ ‫ويوضح محمود الجاس��م اب��ن مدينة الباب‬ ‫آلية عمله في تسيير معامالت أبناء مدينته‬ ‫"أق��وم باس��تالم روات��ب الموظفي��ن الذي‬ ‫ال يس��تطيعون الس��فر مقاب��ل أل��ف لي��رة‬ ‫عل��ى كل رات��ب كما أقدم بع��ض الخدمات‬ ‫الطالبية للجامعيين الذين ال يس��تطيعون‬ ‫دخ��ول حلب بع��د أن ش��اركوا ف��ي الحراك‬ ‫الث��وري في المدينة وأتقاضى على كش��ف‬ ‫العالم��ات س��تة آالف لي��رة وعلى اس��تالم‬ ‫مصدقة التخرج ثالثة آالف"‪.‬‬

‫�ساعات طويلة على طرق ال�سفر لتجنب داع�ش‬

‫كان لتعطل الطرقات وصعوبتها وأخطارها‬


‫�أهايل عفرين يطالبون مبعرب خا�ص‬

‫القامشلي ‪ -‬جوان تتر‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫وأنت تس��ير في سوق األتراك‬ ‫أو ف��ي ش��ارع الوح��دة أو‬ ‫عن��د جس��ر البلدي��ة بمدين��ة‬ ‫القامش��لي‪ ،‬الب��د أن يلف��ت‬ ‫انتباه��ك مش��هد البس��طات‬ ‫التي يعمل عليها أطفال صغار‬ ‫تبغ قليلة‬ ‫جالس��ين أمام علب ٍ‬ ‫وعددٍ من اَّ‬ ‫الولعات‪ ،‬وس��ترى‬ ‫بع��ض المتجمهري��ن حولهم‬ ‫وهم يبتاعون منهم‪ ،‬مش��هدٌ‬ ‫كان موجوداً قبل اندالع الثورة‬ ‫في س��وريا‪ ،‬غير أنَّه لم يكن‬ ‫بالكثاف��ة الالمعقولة حالياً‪ ،‬وفي مش��هدٍ آخر أكثر قس��اوة س��ترى كذل��ك مجموعة من‬ ‫بثياب َّ‬ ‫رثة وهم يبيعون مادة المازوت والبنزين على أرصفة الطرقات‪.‬‬ ‫األطفال‬ ‫ٍ‬ ‫قوانين دوليَّة سُ��نَّت ألج��ل منع عمالة األطف��ال وفضح تأثيراتها من خالل الدراس��ات‬ ‫واألبح��اث‪ ،‬خاصة ف��ي المجتمعات الت��ي تعاني من الحروب المس��تمرة‪ ،‬ه��ذه القوانين‬ ‫بمجمله��ا تمن��ع عمل األطف��ال‪ ،‬ومنها ما ورد ف��ي (اتفاقية حقوق الطف��ل المواد ‪2 - 1‬‬ ‫ ‪ )3‬الت��ي تن��صُّ على اعتراف ال��دول األطراف بحق الطفل في حمايته من االس��تغالل‬‫االقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أو أن يمثل إعاقة أمام تعليم الطفل‪،‬‬ ‫أو أن يكون ضاراً بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو االجتماعي‪،‬‬ ‫هذا هو نصّ االتفاق المُبرم ألجل حماية الطفل‪.‬‬ ‫بشكل عامّ وفي مدينة القامشلي وبقية المدن في الجزيرة‬ ‫لكن ما يحصل في س��وريا‬ ‫ٍ‬ ‫لمهن بعي��دة ّ‬ ‫كل البعد–ليس‬ ‫األطفال‬ ‫مزاولة‬ ‫خطورة‬ ‫يجسّ��د‬ ‫الس��ورية بش��كل خاص‬ ‫ٍ‬ ‫فقط عن نص اتفاقية حقوق الطفل ‪ -‬وحسب‪ ،‬ال بل بعيدة ّ‬ ‫كل البعد عن اإلنسانيَّة‪.‬‬ ‫القامشلي تعيش حالة حرب مثلها مثل باقي المدن والمحافظات السوريَّة‪ ،‬ولكن الحرب‬ ‫تتَّسم بأمراض أكثر تأصَّ ً‬ ‫ال وتعُّمقاً في تكوين المجتمع ّ‬ ‫ككل‪ ،‬ومن هذه‬ ‫في القامشلي ِ‬ ‫األم��راض وأخطرها مزاولة األطفال لمهن ال تليق بطفولتهم‪ ،‬ومن الممكن أن تس��ببّ‬ ‫عاهات مس��تديمة في حالة التعرّض إلصابات معيَّنة‪ ،‬يقول الس��يد حس��ين مارو وهو‬ ‫أجد الدعم الماديَّ‬ ‫رج��ل مُقعَد وأب لطفلين‪" :‬ال أس��تطيع العمل كوني مُقعَدَاً‪ ،‬ول��م ِ‬ ‫الكافي من الجمعيات الخيرية المنتشرة في البالد‪ ،‬والتي ال تقدُّم سوى الدواء‪ ،‬وأنا لست‬ ‫ال كي َّ‬ ‫بحاجةٍ إلى دواء‪ ،‬أنا أحتاج ما ً‬ ‫أتمكن من إعالة الطفلين‪ ،‬لكن ال مجال أمامي سوى‬ ‫أن أعتمد على عمل طفلي سعيد وهو في العاشرة من عمره‪ ،‬يعمل في مطعم شعبيّ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ورودي في الثانية عشرة من عمره يعمل لدى حدَّاد"‬ ‫وعند س��ؤال أحد الطفلين‪ ،‬هل تذهب إلى المدرس��ة؟ تنهَّد ولمعت عيناه وهو يردُّ‪" :‬ال‪،‬‬ ‫أخ��رج إل��ى العمل في المطعم من��ذ الصباح وال أعود اَّإل في الس��اعات األخيرة من النهار‬ ‫متعباً‪ ،‬وال َّ‬ ‫أتمكن من الدراسة‪ ،‬ثمّ أنَّني ال أريد أن أدرس‪ ،‬أنا أريد مساعدة والدي"‪.‬‬ ‫ال شكّ في أن أخطار عمالة األطفال كثيرة وال تحصى‪ ،‬ومنها ما ّ‬ ‫يشكل خطراً على النمو‬ ‫العقل��ي والجس��مي لدى األطفال‪ ،‬يقول الس��يد محمود عبد اهلل‪ ،‬وهو مرش��د اجتماعي‬ ‫في مدرس��ة للتعليم األساس��ي‪" :‬حاالت التسرب الدراس��ي من مدارس القامشلي بدأت‬ ‫بالتزايد المقلق‪ ،‬وأغلب هؤالء التالميذ يتوقفون عن الدراس��ة ألسباب مادية‪ ،‬وجميعهم‬ ‫يتعرضون لحاالت من الهجرة مع أُس��رهم أو يقومون بأعمال مختلفة‪ ،‬لتأمين ما يس��دّ‬ ‫رمق العيش"‪.‬‬ ‫وع��ن خط��ر هذه الظاهرة يضيف الس��يد عبد اهلل "إن أخطار عمال��ة األطفال تفوق كل‬ ‫التص��ورات الت��ي وُضعت من خالل الدراس��ات واألبح��اث القائمة‪ ،‬منها ما ه��و ذو تأثير‬ ‫نفس��ي‪ ،‬حيث أن الطفل المضطر للعمل يعيش حالة من ّ‬ ‫الذل والهوان المتواصل‪ ،‬حتى‬ ‫وإن كب��ر فيما بعد‪ ،‬فإن ذاكرته س��تبقى مليئة بصور ما عاش��ه م��ن حرمان طوال فترة‬ ‫طفولت��ه‪ ،‬الت��ي من المفترض أن يعيش��ها في التواص��ل االجتماعي واللعب والدراس��ة‬ ‫والقراءة وممارسة مواهبه"‪.‬‬ ‫ويوض��ح المرش��د االجتماعي أخطار عمالة األطفال جس��دي ًا بالقول "غالب�� ًا ما يتعرّض‬ ‫الطف��ل العام��ل إلصابات جس��دية نتيج��ة المهن التي م��ن الممكن أن يزاوله��ا والتي ال‬ ‫تتع��دَّى في منطقتنا حدود الزراعة وأعمال البناء الش��اقَّة‪ ،‬كما من الممكن أن يتعرّض‬ ‫الطفل العامل الس��تغالل جسدي ومادي وهذا ما س��يؤثر عليه في النتيجة بحيث يصبح‬ ‫مهدداً بالفشل الدراسي‪ ،‬وغير مندمج في الحياة االجتماعيَّة"‪.‬‬ ‫تش��كل خطراً‬ ‫ّ‬ ‫ظاه��رة عمال��ة األطفال في مدينة القامش��لي والمدن المتاخمة لها باتت‬ ‫على جيل بأكمله وال بدّ من تدخّل الس��لطات المعنية لوضع قوانين تمنع انتش��ار هذه‬ ‫الظاهرة‪ ،‬هناكَ جيل بأكمله معرّض لخطر النخر والتسوَّس في األيام القادمة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫"طري��ق الخوف" به��ذا التعبير يص��ف أبناء‬ ‫الق��رى الكردي��ة ف��ي ري��ف حل��ب طري��ق‬ ‫س��فرهم إلى مدينة حلب‪ ،‬كون جميع أبناء‬ ‫مدينة عفرين وريفه��ا ومدينة عين العرب‬ ‫يالق��ون في طريقهم حواج��ز تابعة للقوى‬ ‫األربع��ة المتنازع��ة ف��ي ريف حل��ب‪ ،‬بداية‬ ‫بق��وى الحماي��ة الكردي��ة وحواج��ز الجيش‬ ‫الحر وحين دخولهم الريف الشرقي يالقون‬ ‫حواجز تابعة تنظيم داعش وبعد خروجهم‬ ‫م��ن مناط��ق التنظي��م يدخل المس��افرون‬ ‫في ريف حماه الش��مالي الخاض��ع بغالبيته‬ ‫لسيطرة النظام‪.‬‬ ‫ويق��ول هوش��نك مقص��ود زادة وه��و من‬ ‫أبن��اء مدين��ة عفرين "س��افرت إل��ى مدينة‬ ‫حلب ف��ي الفترة الت��ي بدأ فيه��ا التوتر في‬ ‫مدينة كوباني كي ألتحق بوظيفتي‪ ،‬وعلى‬ ‫الطري��ق أوقفنا حاجز تاب��ع لتنظيم داعش‬ ‫فصع��د أحد عناص��ر التنظيم إل��ى الحافلة‬ ‫وأصب��ح يتكل��م م��ع الس��ائق دون أن ينظر‬ ‫إل��ى الركاب بس��بب وج��ود بع��ض الفتيات‬ ‫ف��ي الحافلة‪ ،‬وبعد أن أخ��ذ العنصر هويات‬ ‫ال��ركاب أم��ر الس��ائق ب��أن يأتي ب��ي إليه‪،‬‬ ‫وعندم��ا اقترب��ت منه قام بصفعي بش��كل‬ ‫مفاج��ئ وقال لي "ذاهب لعن��د النظام لكي‬ ‫تستلم س�لاحا وتذهب للقتال في كوباني"‬ ‫ثم أمر السائق بإكمال طريقه وأخذني إلى‬ ‫المق��ر واحتفظ ب��ي لخمس س��اعات حقق‬ ‫معي خاللها‪ ،‬وعندما اكتش��ف إنني مريض‬ ‫وليس لي عالقة مع مقاتلي كوباني تركني‬ ‫وأمرن��ي بالع��ودة إل��ى عفري��ن وهددن��ي‬ ‫بالقتل في حال عدت إلى حلب"‪.‬‬ ‫منذ ستة أشهر وإلى اآلن مازال البعض من‬ ‫وجهاء م��ن مدينة عفري��ن وريفها وبعض‬ ‫الش��خصيات العس��كرية التابع��ة لق��وى‬ ‫حماية العش��ب الكردية يسعون لفتح معبر‬ ‫ف��ي حي الش��يخ مقص��ود يص��ل المناطق‬ ‫المح��ررة مع مناط��ق النظام لك��ي يخففوا‬ ‫من معان��اة أبن��اء قراهم أثناء الس��فر إلي‬ ‫المدين��ة وقد تمك��ن الوجهاء من التنس��يق‬ ‫مع ق��وات النظام وحصلوا عل��ى موافقتهم‬ ‫ولك��ن بعض كتائب الجيش الح��ر المقاتلة‬ ‫ف��ي مدين��ة إع��زاز وقف��ت ف��ي وج��ه هذا‬ ‫االتف��اق وأعلن��ت عدم موافقته��ا على فتح‬ ‫هذا المعبر دون ذكر أي تبرير لهذا الموقف‪،‬‬ ‫واس��تمدت كتائب الجيش الحر قوة موقفها‬ ‫من خالل سيطرتها على مدينة إعزاز والتي‬ ‫سوف يضطر المسافرون للمرور منها أثناء‬ ‫توجههم إلى المعبر‪.‬‬

‫عمالة الأطفال يف القام�شلي‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫تبع��ات اقتصادية ومعيش��ية أثرت بش��كل‬ ‫س��لبي على حي��اة الناس فلم يع��د يتمكن‬ ‫التجار من نقل البضائع إلى الريف الشرقي‬ ‫بع��د أن فصل ع��ن القرى الش��مالية والتي‬ ‫تعتب��ر الم��ورد الرئيس��ي للري��ف الحلب��ي‬ ‫بالم��واد الغذائية والبضائ��ع التجارية كونها‬ ‫عل��ى تماس مباش��ر م��ع الح��دود التركية‪،‬‬ ‫ويروي لن��ا التاجر محمد جاب��ر معاناته في‬ ‫تس��ويق بضائعه "بع��د أن س��يطر تنظيم‬ ‫داعش على أغلب الطرق الرئيس��ية ش��لت‬ ‫الحركة التجارية ف��ي ريف حلب وبات جميع‬ ‫س��ائقي الش��احنات يرفضون الس��فر على‬ ‫الط��رق التي تس��يطر عليها داع��ش خوفا‬ ‫من االعتقال أو مصادرة الشاحنة والبضائع‬ ‫كون أغل��ب البضائع التي أتاج��ر بها تركية‬ ‫المنشأ"‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫�سـيا�سـة �إيران فـي �سـوريا وال�شــرق‬ ‫لعبة ا�ستثمار احلروب‬ ‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫"من يريد الخير لن ينعم به ابداً‬ ‫إذا كان حوله الكثير من األشرار"‬ ‫هي عبارة ميكافيللي الشهيرة‬ ‫التي تعطي توصيفاً دقيقاً للثورة‬ ‫في سوريا فبينما قطاع واسع من‬ ‫الشعب السوري ال يزال يطمح إلى‬ ‫تغيير النظام والوحدة والحرية‬ ‫والكرامة‪ ،‬ال يجد أمامه إال أن‬ ‫يدفن ضحايا القصف والمجازر‪ ،‬أو‬ ‫من يستطيع الوصول إليهم تحت‬ ‫أنقاض وطن يدمى ويتعثر‪ ،‬بانتظار‬ ‫كبار األرض واألقل كبراً‪ ،‬ممن‬ ‫يتقاسمون تقرير مصيره‪ ،‬تحت‬ ‫شعار الشعب السوري يقرر مصيره‪.‬‬ ‫وال ش��ك أن التدوي��ل األممي قذف بس��ورية‬ ‫ف��ي بازار من المس��اومات والتس��ويات تدور‬ ‫مدار الدرع الصاروخي األطلس��ي والمنافسة‬ ‫بين منتجي النفط والغاز‪ ،‬وتقرير مس��تقبل‬ ‫العالق��ات بي��ن تركي��ا وإي��ران‪ ،‬والس��عودية‬ ‫وإي��ران‪ ،‬وأمن الحدود الش��مالية إلس��رائيل‪،‬‬ ‫ومستقبل سالح حزب اهلل‪ ،‬والنووي اإليراني‬ ‫والقائمة تطول‪.‬‬ ‫وفي بازار المساومات والتسويات بات النظام‬ ‫الس��وري الحليف التاريخي إلي��ران‪ً ،‬‬ ‫لعبة في‬ ‫ً‬ ‫محتلة‬ ‫يد الحرس الثوري اإليراني‪ ،‬وس��وريا‬ ‫فعلي ًا من قبل إيران‪ ،‬وس��ط دعوات حقوقية‬ ‫للتعام��ل م��ع الحرب ف��ي س��وريا باعتبارها‬ ‫نزاعاً دولي�� ًا يتعلق باحت�لال أجنبي من قبل‬ ‫النظام اإليراني وميليش��ياته ونضال تحرري‬ ‫من قبل الش��عب الس��وري ضد هذا االحتالل‬ ‫األجنب��ي وفق�� ًا التفاقية الهاي لع��ام ‪1907‬‬ ‫واتفاقية جني��ف الرابعة لعام ‪ ،1949‬واعتبار‬ ‫المناط��ق الخاضع��ة لس��يطرة النظ��ام ف��ي‬ ‫سوريا أراضي محتلة من قبل إيران بالمعنى‬ ‫القانوني الدقيق للكلمة‪.‬‬ ‫يأتي ملفنا اليوم قراءة للجرائم التي ترتكبها‬ ‫إي��ران لتحف��ظ موقع��اً له��ا عل��ى الطاول��ة‬ ‫والغ��زل األمريك��ي المهين للمج��رم‪ ،‬وليس‬ ‫قت��ل الس��وريين وإح��راق بيوته��م والعب��ث‬ ‫بعقائدهم هو موضوع بحثنا‪ ،‬فهذه الجرائم‬ ‫باتت معروفة‪ ،‬بل س��نبحث اليوم في جرائم‬ ‫تتعداه��ا لتغدو فضائح من العيار الثقيل في‬ ‫قاموس السياسة‪.‬‬

‫من �إيران غيت �إىل داع�ش غيت‬ ‫بنى النظام االيراني كل استراتيجيته المعلنة‬ ‫عل��ى مب��دأ الع��داء إلس��رائيل واالمبريالي��ة‬ ‫العالمي��ة رافع�� ًا ش��عارات تأيي��د القضي��ة‬ ‫الفلس��طينية‪ ،‬مزاي��داً بذل��ك عل��ى ال��دول‬ ‫العربية‪ ،‬ممنن ًا الع��رب بالممانعة والمقاومة‪،‬‬

‫إال أن سلس��لة م��ن الفضائ��ح كش��فت زيف‬ ‫االدع��اءات االيراني��ة ع��ن الش��يطان األكبر‬ ‫وربيبته اسرائيل س��ابقاً‪ ،‬وداعش الشيطان‬ ‫األصغ��ر حالي��اً‪ ،‬فالمصال��ح اإليراني��ة تب��رر‬ ‫التحالف مع شياطين األرض قاطبة‪.‬‬ ‫قضي��ة إيران غيت تعرف أيض ًا باس��م "إيران‬ ‫ كونترا" وهي تش��ير إلى فضيحة سياسية‬‫ظه��رت إل��ى العل��ن ف��ي الوالي��ات المتحدة‬ ‫األميركية أثناء والية الرئيس رونالد ريغان‪،‬‬ ‫فف��ي ح��رب الخلي��ج األول��ى ف��ي ثمانينيات‬ ‫الق��رن الماض��ي‪ ،‬وبع��د أن أعل��ن الخمين��ي‬ ‫أمريكا شيطاناً أكبر‪ ،‬اكتشف العالم أجمع أن‬ ‫س��ي ً‬ ‫ال من األسلحة وقطع الغيار كانت تشحن‬ ‫من أمريكا عبر إس��رائيل إل��ى طهران خالل‬ ‫عامي ‪ 1985‬و‪ ،1986‬على الرغم من الحظر‬ ‫المفروض عليها من اإلدارة األميركية‪.‬‬ ‫وكان��ت الصفقة تض��م احتم��ال االفراج عن‬ ‫رهائن احتجزهم تنظيم لبناني تابع للحرس‬ ‫الث��وري اإليراني‪ ،‬ومن ناحية ثانية فس��يتم‬ ‫تحوي��ل جزء م��ن األموال لمصلح��ة منظمة‬ ‫الكونت��را المناهض��ة للحك��م اليس��اري في‬ ‫نيكاراغوا مع العلم بأن الكونغرس األميركي‬ ‫كان قد منع تمويل "الكونترا"‪.‬‬ ‫ولم تكن إيران غيت أول الغيث االيراني ففي‬ ‫مقابلة للرئيس اإليراني السابق "أبو الحسن‬ ‫بني الصدر" م��ع جريدة "الهيرال��د تريبيون"‬ ‫األمريكي��ة ف��ي ‪ ،1981 / 8 / 24‬اعترف بأنه‬ ‫أحيط علماً بوجود عالقات عسكرية وتجارية‬ ‫بين إيران وإس��رائيل وأنه لم يكن يس��تطيع‬ ‫أن يواجه التيار الديني المتورط في التنسيق‬ ‫والتعاون اإليراني اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫كما ذكرت مجلة أكتوبر المصرية في عددها‬ ‫الص��ادر ف��ي آب ‪ 1982‬أن إي��ران ق��د عقدت‬ ‫صفقه مع إس��رائيل اش��ترت بموجبها جميع‬ ‫الس�لاح الذي صادرته من جنوب لبنان وتبلغ‬ ‫قيم��ة العق��د ‪ 100‬ملي��ون دوالر‪ ،‬كما ذكرت‬

‫األوبزرفر في عدده��ا الصادر بتاريخ ‪/ 4 / 7‬‬ ‫‪ 1984‬أن اس��رائيل وردت صفقة أسلحة إلى‬ ‫إيران بلغت قيمتها أربع مليارات دوالر‪.‬‬ ‫وإن جاز لنا االستشهاد بفيلم وثائقي أمريكي‬ ‫ٍ‬ ‫ح��ول التعاون بين إيران الخميني وأمريكا‪ ،‬ال‬ ‫نج��د أصلح من الفيل��م األمريكي "‪COVER‬‬ ‫‪"UP: Behind The Iran Contra Affair‬‬ ‫وال��ذي باإلضافة إلى كون��ه يفضح تفاصيل‬ ‫التع��اون بي��ن إدارة ريغان ونظ��ام الخميني‪،‬‬ ‫فهو يقدم إش��ار ًة بالغة الخطورة مفادها أنه‬ ‫لو لم يأخ��ذ الخميني رهائن ألعطاه الرئيس‬ ‫ريغ��ان رهائن أي أن موضوع الرهائن متفق‬ ‫عليه بين الطرفين‪.‬‬ ‫في يومنا هذا لم تختلف السياس��ة اإليرانية‬ ‫أب��داً بل اختلف��ت األط��راف‪ ،‬فتنظيم داعش‬ ‫باق‬ ‫اإلرهاب��ي الذي تقارع��ه إيران إعالمي�� ًا ٍ‬ ‫ويمتد‪ ،‬وهو ال يترك جحراً إال ويس��تفيد منه‬ ‫بحيث لم تعد مصادر تس��ليحه تقتصر على‬ ‫م��ا غنمه من أس��لحة ومعدات عس��كرية من‬ ‫مخازن الجيش العراقي أثناء هجومه الكاسح‬ ‫على المدن العراقية مطلع حزيران الماضي‪،‬‬ ‫ب��ل تعداه إلى فت��ح خطوط م��ن التعاون مع‬ ‫إي��ران المتورطة فيما يب��دو بفضيحة طائرة‬ ‫الشحن الروسية المحملة باألسلحة المهربة‪،‬‬ ‫الت��ي ضُبط��ت قب��ل أيام ف��ي الع��راق‪ ،‬في‬ ‫مقاب��ل تهريب نفط "داع��ش" الرخيص إلى‬ ‫طهران‪.‬‬ ‫وفي التفاصيل بدأت قصة الطائرة من إقليم‬ ‫كردس��تان العراق‪ ،‬حيث حاولت طائرة شحن‬ ‫روس��ية محمل��ة بأربعي��ن طن ًا من األس��لحة‬ ‫المتوس��طة والخفيف��ة دخ��ول األراض��ي‬ ‫العراقية‪ ،‬قادمة من تشيكيا وهي أكثر الدول‬ ‫األوروبية التي تنش��ط فيها ش��بكات لتهريب‬ ‫األس��لحة والمعدات العس��كرية إلى أشخاص‬ ‫ومنظم��ات ف��ي ال��دول العربية م��ن ضمنها‬ ‫قنابل مضادة للدبابات وبنادق كالش��ينكوف‬


‫�أوباما غيت‬ ‫مرة جديدة يبرهن باراك أوباما على صوابية‬ ‫تصنيف��ه كأح��د أكث��ر الرؤس��اء األميركيين‬ ‫فش� ً‬ ‫لا‪ ،‬والغ��زل الس��ري ال��ذي يق��وم به مع‬ ‫إيران صنف "كأغبى التحركات في السياس��ة‬ ‫الخارجي��ة األمريكي��ة" بحس��ب الكاتب��ة‬ ‫األمريكي��ة "جنيف��ر روبي��ن" ف��ي مق��ال لها‬ ‫بالواش��نطن بوس��ت تعليق ًا على قيام باراك‬ ‫أوباما بإرس��ال رس��ائل س��رية إلى المرش��د‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫تصنيع المخ��درات وزراعتها وترويجها دعامة‬ ‫من دعامات اقتصاد إيران الخميني وخليفته‪،‬‬ ‫واس��تناداً لوثائق ويكيلكس تعتبر إيران من‬ ‫أكب��ر مهربي المخدرات في العالم‪ ،‬بإش��راف‬ ‫مباش��ر من قيادات الحرس الثوري‪ ،‬وبحسب‬ ‫برقية س��رية مس��ربة صادرة عن الس��فارة‬ ‫األمريكي��ة ف��ي باك��و بتاريخ ‪ 12‬تم��وز عام‬ ‫‪ ،2009‬فإن كمي��ات الهيروين التي مصدرها‬ ‫إيران‪ ،‬والمصدرة إلى أذربيجان‪ ،‬ارتفعت من‬ ‫‪20‬أل��ف كجم في ‪2006‬م إل��ى ‪ 59‬ألف كجم‬ ‫في الربع األول من ‪2009‬م وحده‪.‬‬ ‫وأكدت البرقية التي تستند إلى تقارير سرية‬ ‫لمحقق��ي األمم المتح��دة المكلفين بالملف‪،‬‬ ‫أن أذربيج��ان من الطرق الرئيس��ية لتصدير‬ ‫الهيروي��ن المنت��ج باألفي��ون األفغان��ي نحو‬ ‫أوروبا والغرب‪.‬‬ ‫مش��تر لألفيون األفغاني‬ ‫وتعتب��ر إيران أكبر‬ ‫ٍ‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫املخدرات حلماية الأ�سد‬

‫وأحد أكبر منتج��ي الهيروين في العالم‪ ،‬كما‬ ‫أضاف الدبلوماسيون األمريكيون‪ ،‬ويأتي‪95%‬‬ ‫من الهيروين ف��ي أذربيجان من إيران‪ ،‬بينما‬ ‫تص��در الكمي��ة نفس��ها م��ن أذربيج��ان إلى‬ ‫السوق األوربية‪ ،‬كما أفادت برقية دبلوماسية‬ ‫أخرى بتاريخ ‪ 26‬سبتمبر ‪2009‬م‪.‬‬ ‫واس��تندت برقية بتاري��خ ‪ 15‬أكتوبر ‪2009‬م‬ ‫مصنف��ة "س��رية" إل��ى خلف خلف��وف‪ ،‬وزير‬ ‫خارجية أذربيجان الس��ابق‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال‪ :‬إن عمليات‬ ‫التهري��ب بين أي��دي أجهزة األم��ن اإليرانية‪.‬‬ ‫وأك��د أن��ه عندما تعتق��ل الس��لطات اآلذرية‬ ‫مهربي��ن إيرانيين وترحلهم إلى بالدهم كي‬ ‫يقضوا فيها أحكاما بالسجن‪ ،‬يطلق سراحهم‬ ‫بسرعة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جريمة مركبة حيث تفرج‬ ‫اليوم تمارس إيران‬ ‫عن تج��ار المخ��درات الذين ص��درت بحقهم‬ ‫أح��كام تت��راوح بين المؤبد واإلع��دام مقابل‬ ‫انضمامهم إلى مليش��يات مقاتلة للدفاع عن‬ ‫المراقد المقدسة في سوريا بحسب زعمهم‪،‬‬ ‫وبع��د عدة أيام من التدريب تزج بهم في نار‬ ‫الحرب السورية‪.‬‬ ‫كم��ا تخالف إيران العه��ود والمواثيق الدولية‬ ‫من خ�لال تجنيدها لالجئي��ن األفغان للقتال‬ ‫ً‬ ‫متجاهل��ة انضمامه��ا التفاقية‬ ‫ف��ي س��وريا‪،‬‬ ‫المفوضية الس��امية لش��ؤون الالجئين لعام‬ ‫‪ 1951‬والتي تنص على عدم اس��تغالل وضع‬ ‫الالجئين سياس��ياً من قبل الدولة المضيفة‪،‬‬ ‫وتؤك��د عل��ى الحفاظ عل��ى حي��اة الالجئين‪،‬‬ ‫وبالتالي فإن إرس��الهم للحرب انتهاك ايراني‬ ‫للقوانين الدولية‪.‬‬ ‫وأعداد الالجئين األفغان المقاتلين في سوريا‬ ‫بازدي��اد ملحوظ س��واء من تج��ار المخدرات‬ ‫المف��رج عنهم أو من الالجئين الفقراء الذين‬ ‫تجندهم إيران يومي ًا‪ ،‬حتى أنها ش��كلت لهم‬ ‫ل��وا ًء خاص�� ًا بهم باس��م "ل��واء الفاطميين"‪،‬‬ ‫كما ش��كل حزب اهلل اللبناني فرع ًا جديداً له‬ ‫باسم "حزب اهلل أفغانستان"‪ ،‬واألفغان جوادٌ‬ ‫رابح في السياس��ة االيراني��ة‪ ،‬فهي تخفض‬ ‫بتجنيدهم خس��ائر مقاتلي الح��رس الثوري‬ ‫ً‬ ‫إضافة‬ ‫وح��زب اهلل في األراض��ي الس��ورية‪،‬‬ ‫إل��ى أن تجنيدهم ال يحتاج إلى عناء كبير من‬ ‫إيران‪ ،‬فهم ال يحتاجون للتدريب على السالح‬ ‫إلتقانهم فنون الحب سابق ًا‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫وأنظم��ة مض��ادات أرضي��ة متحرك��ة‪ ،‬جرى‬ ‫الكش��ف عن نشاطها أكثر من مرة‪ ،‬من بينها‬ ‫تهريب أسلحة إلى اليمن‪،‬‬ ‫توجهت الطائ��رة أو ً‬ ‫ال إلى مطار الس��ليمانية‬ ‫فرف��ض هبوطه��ا‪ ،‬واتجه��ت إل��ى مط��ار‬ ‫بغداد وهبط��ت للتزود بالوق��ود‪ ،‬حيث أدعى‬ ‫الطي��ار أنه��ا محمل��ة بالس��جائر‪ ،‬وهن��ا أمر‬ ‫رئي��س الوزراء حيدر العب��ادي بحجزها وفتح‬ ‫تحقيق ف��ي الموض��وع‪ ،‬وأف��ادت المعلومات‬ ‫األولية للتحقيق بت��ورط تاجر كبير‪ ،‬معروف‬ ‫بعالقته الوطي��دة برئيس الوزراء الس��ابق‪،‬‬ ‫ن��وري المالك��ي‪ ،‬يتعامل بمقايضة الس�لاح‬ ‫بالنفط مع "داعش"‪ ،‬وأن الطائرة التي دخلت‬ ‫الع��راق عبر األج��واء اإليرانيّة كادت أن تقلع‬ ‫من بغ��داد بعد تزوّده��ا بالوقود ل��وال إبالغ‬ ‫األميركيين رئي��س الوزراء‪ ،‬حي��در العبادي‪،‬‬ ‫بحقيقة الشحنة‪.‬‬ ‫كما أش��ارت التحقيقات إلى أن تس��ع طائرات‬ ‫عل��ى األقل س��بق لها أن أنزل��ت حموالت من‬ ‫األس��لحة لحس��اب مهربين وسياس��يين‪ ،‬وأن‬ ‫أخطر ما في األمر أن جزءاً من هذه األس��لحة‬ ‫يُنق��ل بمعرفة بع��ض األس��ماء إلى داعش‬ ‫مقاب��ل كميات م��ن النفط المنت��ج من اآلبار‬ ‫التي يسيطر عليها التنظيم‪.‬‬ ‫ويب��دو الت��ورط اإليران��ي واضح�� ًا من خالل‬ ‫تداول اس��مي اثني��ن من السياس��يين الكبار‬ ‫يُفت��رض أنهما موجودان ف��ي جبهات القتال‬ ‫ألغراض عسكرية بحتة‪،‬‬ ‫ضد تنظيم داعش‬ ‫ٍ‬ ‫غي��ر أن المعلومات الجديدة تش��ير إلى أنهما‬ ‫يعمالن في إطار عمليات تهريب نفط داعش‬ ‫مقابل تزويد التنظيم باألس��لحة‪ ،‬ومنها تلك‬ ‫الت��ي تأتي على مت��ن الطائرات الروس��ية أو‬ ‫الت��ي تحمل أس��لحة خفيفة ومتوس��طة من‬ ‫منش��أ بلغ��اري وتش��يكي إلى جانب المنش��أ‬ ‫الروسي‪.‬‬ ‫وبغطا ٍء إيراني وتس��هيالت من المالكي رجل‬ ‫إيران القوي سابقاً أضحت نقاط التماس في‬ ‫بع��ض المناطق مراكز تبادل صفقات النفط‬ ‫مقابل الس�لاح‪ ،‬حي��ث يتم نق��ل النفط من‬ ‫الحق��ول التي يس��يطر عليها تنظي��م الدولة‬ ‫بأس��عار رخيصة إل��ى إيران‪ ،‬عبر العش��رات‬ ‫م��ن ناق�لات النف��ط موزعة عل��ى مجموعة‬ ‫م��ن السياس��يين المتنفذين‪ ،‬وف��ي المقابل‬ ‫يتحص��ل التنظي��م على األس��لحة ب��د ً‬ ‫ال من‬ ‫األموال‪.‬‬

‫خسارة سوريا من شأنه أن‬ ‫يعزل ويضعف بشدة من‬ ‫شوكة حزب اهلل ويحرم‬ ‫إيران من أهم أصولها‬ ‫االستراتيجية في أن تصبح‬ ‫القوة اإلقليمية المهيمنة‬ ‫على المنطقة تحت شعار‬ ‫العداء إلسرائيل والغرب‬

‫األعلى اإليراني آية اهلل علي أكبر خامنئي‪.‬‬ ‫وكان��ت صحيفة وول س��تريت جورنال أفادت‬ ‫بأن الرئي��س األمريكي ب��اراك أوباما خاطب‬ ‫س��راً المرش��د األعلى للثورة اإلس�لامية في‬ ‫إي��ران آي��ة اهلل عل��ي خامنئي ف��ي منتصف‬ ‫الش��هر الماض��ي‪ ،‬حي��ث وصف في الرس��الة‬ ‫المصلحة المش��تركة بين الوالي��ات المتحدة‬ ‫وإي��ران في محاربة متش��ددي تنظيم الدولة‬ ‫اإلس�لامية ف��ي الع��راق والش��ام "داع��ش"‬ ‫وفق��ا لما قال��ه مطلع��ون على المراس�لات‪،‬‬ ‫ومن بين الرس��ائل التي نُقل��ت إلى طهران‬ ‫ما يفي��د بأن العمليات العس��كرية األمريكية‬ ‫ف��ي الع��راق وس��وريا ال تهدف إل��ى إضعاف‬ ‫طه��ران أو حلفائه��ا‪ ،‬ه��ذا يعن��ي أن أمريكا‬ ‫أبلغت اإليرانيين أنها ال تهدف إلسقاط بشار‪،‬‬ ‫وال المس��اس بح��زب اهلل الغ��ارق في الحرب‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫عل��ي خامنئي رئيس الدولة اإليرانية والقائد‬ ‫العام والفقيه األول‪ ،‬وآراؤه في نهاية المطاف‬ ‫هي التي تحدد شكل السياسة اإليرانية‪ ،‬قدم‬ ‫طبق‬ ‫له الرئيس األمريكي كل ما يريده على ٍ‬ ‫من فض��ة دون أن يكلفه عناء تقديم مقابل‬ ‫عل��ى أي صعي��د‪ ،‬وبالتالي فلي��س ثمة فارق‬ ‫كبي��ر بين م��ا فعله ريغ��ان وأوبام��ا‪ ،‬فاألول‬ ‫أرسل إلى إيران أسلحة كفيلة بترجيح كفتها‬ ‫في الحرب م��ع العراق‪ ،‬والثان��ي كان واضح ًا‬ ‫في رس��الته األخيرة إلى المرش��د التي تنص‬ ‫على مراع��اة المصالح اإليراني��ة في مناطق‬ ‫تواجد داع��ش‪ ،‬أي على الحفاظ على مناطق‬ ‫نفوذ إيران‪.‬‬ ‫ف��ي الختام أعلنت إي��ران موقفها واضح ًا في‬ ‫دعم المجرم حت��ى النهاية‪ ،‬وهي لن تناقش‬ ‫أي وري��ث للنظ��ام الحاك��م يمك��ن أن يقطع‬ ‫خط االتص��االت واإلمداد الحي��وي مع عميلها‬ ‫الش��يعي في لبنان‪ ،‬فخس��ارة س��ورية محور‬ ‫االرتكاز الجغرافي في الش��رق األوسط‪ ،‬من‬ ‫ش��أنه أن يعزل ويضعف بش��دة من ش��وكة‬ ‫ح��زب اهلل ويح��رم إي��ران من أه��م أصولها‬ ‫االس��تراتيجية في أن تصبح القوة اإلقليمية‬ ‫المهيمن��ة عل��ى المنطقة تحت ش��عار العداء‬ ‫إلس��رائيل والغرب والمراوغة السياسية التي‬ ‫تتقنها‪.‬‬ ‫في المقابل يبدو الموق��ف األمريكي ضبابياً‬ ‫وغي��ر مفهوم أحياناً‪ ،‬فبعد أربع س��نوات هي‬ ‫عمر الحرب الس��ورية تعلن أمريكا عن خطةٍ‬ ‫لتدريب معارضة سورية معتدلة خالل سنة‪،‬‬ ‫مما يعني أنها تتعامل مع النزاع كاس��تنزافٍ‬ ‫طويل األم��د‪ ،‬غير عابئة بأن ما حدث ويحدث‬ ‫ٌ‬ ‫كارثة لإلنسانية‪.‬‬ ‫في سوريا هو‬ ‫قالها كبير مثقفي أمريكا "نعوم تشومسكي"‬ ‫"االدارة األمريكي��ة ال تري��د الديمقراطي��ة‬ ‫ف��ي الب�لاد العربي��ة ألن الديمقراطية تعني‬ ‫إعط��اء الكلم��ة لعامة الن��اس‪ ،‬وعامة الناس‬ ‫هم العنص��ر غير المحس��وب ال��ذي أطلقته‬ ‫االنتفاض��ات‪ ،‬ألنه��م نزل��وا إل��ى الش��وارع‪،‬‬ ‫وقدموا ويقدمون التضحيات ضد السياس��ات‬ ‫النيوليبرالية من أجل العمل والخبز والعدالة‬ ‫االجتماعي��ة والكرام��ة االنس��انية‪ ،‬في حين‬ ‫أن الكل‪ ،‬أو يكاد‪ ،‬يس��عى الس��تكمال فرض‬ ‫السياس��ات النيوليبرالية وص��رف النظر عن‬ ‫أس��باب ن��زول عام��ة الن��اس إلى الش��وارع‪،‬‬ ‫وعام��ة الن��اس أو ً‬ ‫ال وأخيراً‪ ،‬هم ق��وة الحرية‬ ‫المتفجرة مهما وضع أمامها من سدود"‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫�صاحب معجم اجلغرافيا‬ ‫الأمري جعفر احل�سني اجلزائري ‪1970 - 1918‬‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫ولد حفيد األمير عب��د القادر الجزائري‪،‬‬ ‫األمير جعفر ابن األمير طاهر الجزائري‬ ‫في دمش��ق ع��ام ‪ ،1895‬وتحدي��داً في‬ ‫مزرع��ة وال��ده ف��ي ح��وش ب�لاس في‬ ‫ضواحي دمشق‪ ،‬وبمناسبة والدته نظم‬ ‫العالمة طاهر الجزائ��ري عضو المجمع‬ ‫العلمي العربي قصي��د ًة ترحيب ًا بمولده‬ ‫مطلعها‪:‬‬ ‫لقد وافى الزمان بنجم سعد‬ ‫به صبح الهنا والبشر أسفر‬ ‫فقال الحال للشرف العلي‬ ‫لدى التاريخ حي الفضل جعفر‬ ‫تلق��ى علوم��ه األولي��ة ف��ي مدرس��ة‬ ‫«اآلباء العازاريين» الفرنسية بدمشق‪،‬‬ ‫وبعده��ا انتق��ل لمتابع��ة دراس��ته في‬ ‫المدرس��ة العلماني��ة الفرنس��ية ف��ي‬ ‫بي��روت «الاليي��ك»‪ ،‬وحص��ل منها عام‬ ‫‪ 1914‬عل��ى الش��هادة الثانوي��ة‪ ،‬إ ّ‬ ‫ال أن‬ ‫ظ��روف الح��رب العالمية األول��ى حالت‬ ‫بين��ه وبي��ن إتم��ام دراس��ته الجامعية‪،‬‬ ‫حي��ث قام��ت الحكوم��ة التركية بإبع��اده مع‬ ‫أس��رته إلى بروس��ية في األناض��ول‪ ،‬وما إن‬ ‫وضعت الحرب أوزارها حتى عاد إلى س��ورية‬ ‫في العام ‪.1918‬‬ ‫ف��ي الثام��ن م��ن أيل��ول ع��ام ‪1920‬عينت��ه‬ ‫الحكوم��ة العربي��ة أمين��اً للمتح��ف العرب��ي‬ ‫حديث اإلنش��اء‪ ،‬فحتى نهاية الحرب العالمية‬ ‫األول��ى‪ ،‬ل��م يك��ن ف��ي س��ورية أي متحف‪،‬‬ ‫ولك��ن الش��ريحة المثقف��ة والواعي��ة وعلى‬ ‫رأس��ها العالمة محمد كرد علي كانت تطالب‬ ‫بتأس��يس دائرة آثار أسوة بمصر‪ ،‬يعهد إليها‬ ‫المحافظة عل��ى اآلثار والممتل��كات الثقافية‬ ‫وترميمه��ا وصيانته��ا ودراس��تها وحس��ن‬ ‫التعري��ف به��ا‪ ،‬واإلف��ادة منه��ا ف��ي التربية‬ ‫وتنمية االعتزاز بالشعور القومي‪.‬‬ ‫وبع��د ج�لاء الق��وات العثمانية عن س��ورية‪،‬‬ ‫تأس��س دي��وان المع��ارف وكان م��ن ش��عبه‬ ‫ش��عبة اآلث��ار‪ ،‬وق��د عهد إل��ى عب��ده كحيل‬ ‫بقضاي��ا اآلثار وتأس��يس متحف خصصت له‬ ‫إحدى قاعات مبنى المدرسة العادلية في باب‬ ‫البريد مقابل المدرسة الظاهرية‪.‬‬ ‫وعندم��ا علمت العائالت الدمش��قية بنبأ هذا‬ ‫المتح��ف الوليد بادرت إل��ى إهدائه مما لديها‬ ‫م��ن تحف وآث��ار وقط��ع قديمة لتك��ون نواة‬ ‫لمجموع��ات المتحف‪ ،‬وهناك قائمة بأس��ماء‬ ‫أولئ��ك المواطني��ن نش��رها األمي��ر جعف��ر‬ ‫الحسني في كتابه «دليل المتحف» تدل على‬ ‫شدة حماس��ة المواطنين وفرحتهم بتأسيس‬ ‫المتحف في بالدهم‪.‬‬ ‫وبمناس��بة تتويج األمير فيصل بن الحسين‬ ‫مل��كاً على س��ورية ف��ي ‪ 8‬آذار ع��ام ‪،1920‬‬ ‫تم افتتاح المتحف رس��مياً وأطلق عليه اسم‬ ‫المتح��ف الملكي‪ ،‬وعهد بإدارت��ه إلى محمود‬ ‫وهب��ي‪ ،‬وكان المتحف بإدارة وإش��راف مجمع‬

‫اللغة العربية بدمشق‪ ،‬ثم انتقلت إدارته بعد‬ ‫خمسة أشهر لألمير الجزائري‪.‬‬ ‫وف��ي الثامن عش��ر م��ن تش��رين األول عام‬ ‫‪ 1921‬أوف��دت الحكوم��ة الس��ورية‪ ،‬اقتناع�� ًا‬ ‫منها بأهمي��ة التخصص بموضوع��ات اآلثار‬ ‫والمتاح��ف‪ ،‬ك ً‬ ‫ال م��ن األمي��ر جعفر الحس��ني‬ ‫م��ن دمش��ق‪ ،‬واألمي��ر موري��س ش��هاب من‬ ‫لبن��ان إل��ى معهد الل��وڤر في باري��س‪ .‬حيث‬ ‫نال األمير جعفر شهاد ًة بعلم اآلثار الشرقية‬ ‫القديمة عام ‪ ،1924‬ودرس اللغات الس��امية‬ ‫القديم��ة في جامعة باريس ع��اد بعدها إلى‬ ‫دمشق للعمل في المتحف العربي‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪ 1928‬صدر ق��رار بمنح المتحف الش��خصية‬ ‫االعتبارية واالس��تقالل المال��ي‪ ،‬وفصله عن‬ ‫مجمع اللغ��ة العربي��ة إداري ًا ومالي�� ًا‪ ،‬وإلحاق‬ ‫حديقة تدم��ر األثرية بإدارته‪ ،‬وتعيين األمير‬ ‫الجزائ��ري محافظ ًا له‪ ،‬وه��و الذي عمل على‬ ‫إخ�لاء خرائب تدم��ر ومعبده��ا الكبير‪ ،‬وأقام‬ ‫قري��ة نموذجي��ة نقل إليه��ا قاطن��ي المعبد‬ ‫والمدينة القديمة‪.‬‬ ‫ولع��ل إنج��ازه األكب��ر كان افتت��اح المتح��ف‬ ‫الوطن��ي في دمش��ق ع��ام ‪ ،1936‬الذي أتى‬ ‫بعد جه��ودٍ مضنية إلقناع الحكومة بضرورة‬ ‫تش��ييد متحف يليق بعاصمة األمويين‪ ،‬وبعد‬ ‫أن ضاقت قاعة المتحف في مبنى المدرس��ة‬ ‫العادلية باآلثار‪ ،‬وش��عر الجميع بضرورة بناء‬ ‫مبنى جديد للمتح��ف‪ ،‬تنازلت مديرية أوقاف‬ ‫دمش��ق عن أرض في المرج األخضر‪ ،‬مقابل‬ ‫مبل��غ رمزي زهيد ليبنى عليها مبنى المتحف‬ ‫الجدي��د الذي ص��ار فيم��ا بعد ثانوي��ة جودة‬ ‫الهاش��مي‪ ،‬وفي عام ‪ 1939‬نقل المتحف إلى‬ ‫موقع��ه العالي‪ ،‬وأعيد في��ه بناء واجهة قصر‬ ‫الحير الغربي المكتشف في بادية الشام‪.‬‬ ‫عام ‪ 1947‬عيّن الجزائري مديراً عام ًا لآلثار‪،‬‬

‫وم ّثل س��ورية ف��ي مؤتمر اآلث��ار للدور‬ ‫العربية ال��ذي عقد بدمش��ق‪ ،‬ثم أحيل‬ ‫إل��ى التقاعد عام ‪ 1950‬بعد أن تم زوراً‬ ‫التشكيك في نزاهته‪ ،‬واتهامه باإلتجار‬ ‫بالعاديات‪ ،‬م��ن قبل بعض المتضررين‬ ‫منه على خلفية محاولة إحباطه لعملية‬ ‫تهريب لألس��دين الرخاميين الرابضين‬ ‫إلى الي��وم في المحل المنس��وب اليهما‬ ‫«أرس�لان ط��اش» م��ن الجزي��رة ومنع‬ ‫إخراجهم��ا م��ن س��وريا‪ ،‬بع��د أن فضح‬ ‫المس��ؤولين ع��ن العملية ف��ي الجريدة‬ ‫الرسمية‪ ،‬وكانت النتيجة إقصاؤه نهائي ًا‬ ‫عن دائرة اآلثار‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1951‬رد اعتب��ار األمي��ر وعي��ن‬ ‫محافظ��اً لجبل العرب إال أن��ه ما لبث أن‬ ‫قدم اس��تقالته واعتزل العمل الحكومي‬ ‫بشكل نهائي‪.‬‬ ‫ف��ي عام ‪ 1956‬انتخب��ه المجمع العلمي‬ ‫أمي��ن الس��ر الع��ام‪ ،‬وكان رئي��س‬ ‫الجمهورية ت��اج الدين الحس��ني أصدر‬ ‫مرس��وم ًا بتعيين��ه عض��واً عام� ً‬ ‫لا ف��ي‬ ‫المجم��ع عام ‪ ،1942‬وانتخب��ه المجمع عضواً‬ ‫في لجنته اإلدارية عام ‪.1943‬‬ ‫ج��دد تعيين��ه أميناً لس��ر المجمع م��رة ثانية‬ ‫ع��ام ‪ 1961‬وثالثة ع��ام ‪ ،1965‬وفي الثامن‬ ‫والعش��رين من أيار عام ‪ 1970‬اتخذ مجلس‬ ‫المجم��ع ق��راراً باإلجم��اع‪ ،‬يقض��ي بانتخابه‬ ‫نائباً لرئيس المجمع‪ ،‬على أن يس��تمر بأمانة‬ ‫الس��ر‪ ،‬ريثما تس��تكمل معاملة تعيينه‪ ،‬غير‬ ‫أن المنية وافته‪ ،‬حيث توفاه اهلل في الس��ابع‬ ‫من تموز من العام نفس��ه‪ ،‬وشيع في دمشق‬ ‫ودفن في مدافن العائلة‪.‬‬ ‫باإلضاف��ة إلنجازات��ه الثقافي��ة في دمش��ق‬ ‫وتدمر‪ ،‬أشرف على ترميم وإعادة بناء كنيس‬ ‫صالحي��ة الف��رات «دورا اوربوس» ومس��رح‬ ‫بص��رى‪ ،‬كما أش��رف على الحفري��ات األثرية‬ ‫ف��ي ترب��ة قري��ة جوب��ر اليهودي��ة‪ ،‬وتربتي‬ ‫قريتي طفس وخفسين الرومانيتين‪.‬‬ ‫ومن إنتاجه العلمي‪:‬‬ ‫ ث�لاث رس��ائل بالفرنس��ية عن اآلث��ار في‬‫المشرق‪.‬‬ ‫ دليل لمقتنيات دار اآلثار الوطنية الذي طبع‬‫في دمشق عام ‪.1930‬‬ ‫ تحقي��ق «كت��اب ال��دارس ف��ي تاري��خ‬‫المدارس» لعبد القادر النعيمي عام ‪.1948‬‬ ‫ أس��هم في النظر في معج��م المصطلحات‬‫األثري��ة الذي وضع��ه يحيى الش��هابي وقام‬ ‫بنشره مجمع اللغة العربية عام ‪.1967‬‬ ‫لك��ن قم��ة أعمال��ه العلمي��ة َّ‬ ‫تجل��ت بوضعه‬ ‫معجماً جغرافياً للجمهورية العربية السورية‪،‬‬ ‫لك��ن لم يكتب ل��ه الخروج للن��ور وبقي دون‬ ‫طباعة‪ ،‬كما نُش��رت ل��ه العديد من المقاالت‬ ‫واألبحاث والمحاضرات في مجلة المجمع وفي‬ ‫غيرها من المجالت العربية واألجنبية‪.‬‬


‫‪1992 / 1 / 30‬‬

‫‪1992 / 1 / 31‬‬

‫‪1992 / 2 / 1‬‬

‫اس��تيقظنا باك��راً ‪ -‬السادس��ة والنص��ف – وذلك‬ ‫م��ع فتح األب��واب‪ .‬مهجعنا خدمة‪ ..‬ن��وزع الفطور‬ ‫والش��اي والخب��ز‪ ..‬العاصفة الثلجي��ة ال تزال في‬ ‫عزه��ا‪ ،‬والط��رق المؤدي��ة إل��ى ه��ذه المنطق��ة‬ ‫مقطوع��ة‪ ،‬وط��وال اللي��ل كان عص��ف الري��ح ال‬ ‫ينقطع‪ ..‬ش��مّرت العاصفة عن ساقيها وانطلقت‬ ‫راكب��ة الغيوم والضباب تس��وط الطبيع��ة‪ ..‬نمنا‬ ‫على عوائها واستيقظنا‪.‬‬ ‫نحاول أن نرى من الش��بابيك محرس��اً ما‪ ،‬شجرة‬ ‫م��ا‪ ،‬بناء م��ا‪ ،‬ال يمكن‪ّ .‬‬ ‫غطى الضب��اب والثلج كل‬ ‫ش��يء‪ ..‬الس��ماء بيضاء قارصة وقريب��ة جداً من‬ ‫األرض‪ ..‬الرفّ��ة جن��اح‪ ،‬هك��ذا – وب��دون انتباه –‬ ‫استقبلنا شباط طارحًا كانون الثاني أرضًا‪.‬‬ ‫الس��كون يل��ف المهاجع والممر‪ .‬الب��رد يعربد في‬ ‫الزوايا‪ ،‬ويش��ع من الج��دران‪ .‬األنف��اس تتالحق‪،‬‬ ‫والبخار يخرج مع كل لفظة أو آهة أو ضحكة‪..‬‬ ‫إن الس��جين كذلك يقهقه وسط كل آالمه ليطرد‬ ‫كل األشباح التي تحاول الرقص عليه والسخرية‪،‬‬ ‫وإن أعيت��ه الحِي��ل ن��ام ووضع المنغص��ات خلف‬ ‫ظهره‪ ،‬واستسلم للرقاد‪.‬‬ ‫الطبي��ب إس��ماعيل زرقني إبرتي بنس��لين وغداً‬ ‫يعطين��ي ثالثة‪ ،‬وه��و مضاد حي��وي ألجل تنقية‬ ‫ال��دم‪ .‬فقد ظه��رت منذ ش��هور ع��دة وزمات في‬ ‫جس��دي وتقيّح��ات‪ ،‬تغيب وتظه��ر‪ ،‬وك ُثرت تحت‬ ‫الركبة ف��ي س��اقي اليمنى‪ ،‬كما ظه��رت حبيبات‬ ‫تولد حكة ظهري وإبطيّ‪ ،‬وأخيراً بدأت بأخذ اإلبر‪.‬‬ ‫الطبيب اس��ماعيل عنده ماده واحده في آخر سنة‬ ‫طب‪ ،‬تركها وجاء هنا إنساني ومن مواليد ‪.1955‬‬ ‫خطيبته بعد أربع سنوات فسخت الخطوبة‪.‬‬ ‫ال يوجد أخبار‪ ..‬نت�لاءم مع الثلج‪ .‬مقطوعون عن‬ ‫العالم‪ .‬العاصفة تهاجم الس��جن‪ ،‬تتعاطف معنا‪.‬‬ ‫تريد أن تحررنا‪ .‬كل ش��يء حولنا يكس��وه الثلج‪..‬‬ ‫ال تب��دو المزارع المحيط��ة‪ .‬كل األماكن مغمورة‪،‬‬ ‫األشجار‪ ،‬الدروب‪ ،‬التالل‪ ،‬البيوت القرميدية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫هذا آخر يوم في الشهر‪ ..‬مر كانون األول وكانون‬ ‫الثان��ي المفعم��ان طو ًال‪ ،‬والمتخم��ان انتظاراً كل‬ ‫ي��وم م��ن أيامهم��ا يع��ادل ش��هراً بس��بب الحالة‬ ‫الراهن��ة التي نمر بها وأكم َله��ا علينا البرد والثلج‬ ‫والعاصف��ة‪ ..‬حرمن��ا من رؤي��ة الس��ماء والحرية‬ ‫واإلفراج‪.‬‬ ‫السجين صار يرى أن التعرض لرتل من النمل هو‬ ‫عدوان وظلم‪ ،‬كما أنه يرى في هذا النمل الساعي‬ ‫حول وكره في س��فح تلة تغمرها الشمس أسمى‬ ‫وأج��ل ما في الحي��اة‪ ،‬فكيف ال يل��ح عليه اإلفراج‪.‬‬ ‫كيف ال يلح الحنين إلى األوالد الذي تركهم أطفا ًال‬ ‫واآلن عل��ى أب��واب الفتوة يقفون يلهجون باس��م‬ ‫الوالد الذي شاب وهر ش��عره وهو وراء القضبان‪.‬‬ ‫ول��ذا كانت الحرية وراء كل ث��ورات التاريخ‪ ،‬ووراء‬ ‫كل ابتهاالت وإقدام األنبياء‪ .‬وما من ذنب للثورات‬ ‫والنبوات في اس��تمرار الظلم‪ ..‬بل ذنب اإلنس��ان‬ ‫نفسه المتسلط على أخيه اإلنسان‪.‬‬ ‫الس��اعة اآلن الثالث��ة بع��د الظه��ر وثم��ة أف��راد‬ ‫يس��يرون في المم��ر والثل��ج حول الس��جن على‬ ‫ارتفاع ش��بر‪ .‬كانت التدفئة تعمل الليلة الماضية‬ ‫وكان الدفء أثناء النوم معقو ًال‪.‬‬ ‫أقرأ في‪« :‬ذئب البح��ار» والرواية ممتعة‪ .‬إن جاك‬ ‫لن��دن يبدو أن��ه خلق لكتابة األمور غي��ر العادية‪،‬‬ ‫واإللمام بشمولية العالم ومصيره التعس‪.‬‬ ‫إن الصراع الدائر على س��طح الباخرة ‪ /‬الش��بح ‪/‬‬ ‫بإدارة الذئب في ع��رض المحيط قاصدة مناطق‬ ‫صيد العجول البحرية لالستيالء على جلودها هو‬ ‫نفس الصراع الذي يدور على وجه البسيطة حيث‬ ‫يقود العال��م مجموعة من الذئ��اب‪ .‬الحياة بينهم‬ ‫لألقوى‪.‬‬ ‫وكلهم متفقون على سلخ جلود البشرية من أجل‬ ‫الثروة والرفاهية وتَزَيُّن نساء األرستقراطي‪ .‬ال‬ ‫فرق بين العجل واآلدمي‪.‬‬ ‫إنه يؤرخ النطالق الش��بح عام ‪ 1890‬وكان ذلك‬ ‫قمة النهب االستعماري والسيطرة على العالم‪.‬‬

‫من مآس��ي اإلفراج م��ا س��معناه أن محمد فطوم‬ ‫ت��رك زوجت��ه‪ ،‬أو هي رفض��ت الرج��وع إليه‪ ،‬بعد‬ ‫انتظاره ‪ 12‬عامًا‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫م��ن الصعب تص��ور الب��رد الذي يق��ض مواضع‬ ‫نومنا‪ ،‬فالمرء تحت جملة من البطانيات والفروة‪،‬‬ ‫وه��و يرتدي س��روا ًال من الص��وف وقميصاً فوق‬ ‫الغي��ار الداخل��ي والبيجام��ة الصوفي��ة‪ ..‬كل ذلك‬ ‫والبرد يهاجم��ك من كل الجهات ويتقدم بال وجل‬ ‫كأن��ه واثق من القض��اء علين��ا‪ ..‬ويمضي الوقت‬ ‫وأن��ت تنفخ بكفي��ك وتحك رجلي��ك‪ ،‬وعلى مدى‬ ‫س��اعتين حتى تشعر بالدفء القليل في قدميك‪..‬‬ ‫وتأم��ل بالنوم فتوقظك المثان��ة المنتفخة فتهب‬ ‫لترج��ع بعد ربع س��اعة‪ ،‬وقد غ��ادرك الدفء الذي‬ ‫حققته وينتصف الليل وأنت تناضل ضد البرد‪.‬‬ ‫قب��ل النوم تح��دث جماع��ة الرقة ع��ن الزواجات‬ ‫المتواصل��ة إل��ى الس��عودية‪ ،‬فأفخ��اذ القبائ��ل‬ ‫المتواج��دة ف��ي الرق��ة (األ ِبنّ��ا – الفداعل��ه –‬ ‫الو ْل��دَه‪ ...‬إل��خ) له��م أص��ول في‬ ‫الكعيش��يش – ِ‬ ‫جزي��رة العرب‪ ،‬ول��ذا يحضر سماس��رة من هناك‬ ‫يدفع��ون مهراً (س��ياركات) ويتم تس��جيل فالنة‬ ‫على اسم فالن‪ ،‬دون أن تراه أو يراها‪.‬‬ ‫إحداه��ن خطبها ش��يخ من ش��يوخ القبائل البنه‪،‬‬ ‫وأخذها عبر قافلة تحتوي على أكثر من عش��رين‬ ‫فت��اة ذاهبات م��ع الوكالء البع��ض منهن بصحبة‬ ‫الخطي��ب‪ ..‬والبع��ض ال‪ .‬سيس��لمن للخطيب من‬ ‫قب��ل الوكي��ل‪ .‬وعندم��ا أصب��ح الجمي��ع باألرض‬ ‫الس��عودية‪ ..‬إذ الش��يخ يق��ول للفت��اة أن��ه ه��و‬ ‫الخطي��ب‪ ،‬وأراد افتراس��ها‪ ..‬وأش��ارت أن يوصلها‬ ‫للكوي��ت‪ ،‬وهناك لج��أت إلى عند قري��ب مدرّس‬ ‫ومعار فحملها وجاء بها إلى دمش��ـق ومن ثم إلى‬ ‫أهلها‪ ..‬الفتاة نتيجة ذلك أصيبت بالس��ل الرئوي‬ ‫وتوفيت‪.‬‬ ‫أخ��رى طلبت من ِولدْ عمها الذي يعمل بالمنطقة‬ ‫أن يزوره��ا‪ .‬ج��اء إل��ى القص��ر المقف��ول عليها‪،‬‬ ‫فرمت له المفتاح من أعلى الشرفة وعندما لقيها‪،‬‬ ‫طلبت من��ه أن يأخذها إلى أهلها‪ ،‬فهي س��جينة‪،‬‬ ‫وليس��ت زوجة وهذا الزوج له ع��دة زوجات‪ٌ ،‬‬ ‫وكل‬ ‫له��ا دار قالت‪ :‬عندي كل أس��باب الرفاهية لكنني‬ ‫ال أملك حريتي‪ ..‬أخذه��ا إلى العراق ثم إلى ريف‬ ‫الرق��ة‪ ..‬عندما وصلت أهلها ناح��ت وبكت وقالت‪:‬‬ ‫أنا س��جينة‪ ..‬جاء زوجها يطلبها‪ ..‬فأبوا وفس��خوا‬ ‫الزواج‪.‬‬ ‫ج��اءت زيارتي في الواح��دة والنص��ف‪ ..‬كانت أم‬ ‫قص��ي وراء الش��بك بمعطفه��ا األس��ود ولفحتها‬ ‫الحم��راء المخطط��ة‪ ،‬وبوجهه��ا الناع��م وعينيها‬ ‫البراقتين وبرفقتها أخي إسماعيل‪.‬‬ ‫تق��ول األخبار م��ن الطابق الثاني وفي��ه جناحان‬ ‫لصالح بعث العراق‪:‬‬ ‫من��ذ عش��رة أيام ج��اء مس��اجين من‬ ‫ ‬‫مراك��ز التحقي��ق وه��م م��ن الضب��اط ينوف��ون‬ ‫على التس��عين‪ .‬تم اعتقالهم ف��ي منتصف العام‬ ‫الماضي بتهم��ة محاولة القي��ام بانقالب وبينهم‬ ‫طي��ارون ومن س�لاح الصواريخ‪ .‬ويق��ال إن جز ًء‬ ‫منهم كان في سجن تدمر‪ ،‬جاء واحد منهم وكان‬ ‫برتبة نقيب وهو من إحدى قرى القنيطرة‪.‬‬ ‫المعامل��ة ف��ي س��جن تدم��ر تبدلت‪..‬‬ ‫ ‬‫توقف��ت اإلعدام��ات وامتن��ع الض��رب اليوم��ي‪..‬‬ ‫والتنف��س في الس��احة ح��ر‪ ،‬وتحس��ن األكل من‬

‫ناحي��ة الكمي��ة والنوعي��ة‪ ،‬وفي الش��هر الماضي‬ ‫أُخلي سبيل األلف تقريباً على أربع دفعات‪.‬‬

‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫من ذاكرة العتمة ‪. .‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬

‫‪13‬‬


‫ح�سن �صربا‪� :‬سوريا‪� ،‬سقوط العائلة‪ ..‬عودة الوطن‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫«هؤالء هم آل األس��د ومن معهم على األقل‬ ‫نوع آخ��ر مختلف عن الس��وريين الذين ش��اء‬ ‫قدرهم أن يسقطوا تحت س��نابك وأسنان آل‬ ‫األس��د‪ ،‬كان االستعمار الفرنس��ي أرحم‪ ،‬كان‬ ‫العثمانيون أكثر تقدم��اً‪ ،‬كان تيمور لنك أكثر‬ ‫مدنية‪ ،‬انظروا واقرأوا ماذا فعل حافظ األس��د‬ ‫بسوريا والسوريين «‪.‬‬ ‫كتابن��ا اليوم س��وريا‪ :‬س��قوط العائلة‪ ..‬عودة‬ ‫الوط��ن‪ ،‬يؤكد م��ا ذكره الصحف��ي األمريكي‬ ‫« ديفي��د دبلي��و لي��ش « في كتابه «س��قوط‬ ‫مملك��ة األس��د» ب��أن م��ا يج��رى في س��وريا‬ ‫ال كام� ً‬ ‫يتطل��ب جي ً‬ ‫لا لف��ك خيوط��ه‪ ،‬فالعبرة‬ ‫ف��ي مصير أي ث��ورة بالنتائج‪ ،‬ولو نجا األس��د‬ ‫فس��يخضع لقانون النهايات؛ إذ تم طي حقبة‬ ‫دولة المخابرات األس��دية إلى غير رجعة‪ ،‬ولو‬ ‫بتكلفة باهظة جداً‪.‬‬ ‫يقدم الصحاف��ي اللبناني حس��ن صبرا بطل‬ ‫نش��ر الفضائ��ح م��ن أمري��كا إلى إي��ران إلى‬ ‫س��ورية‪ ،‬ف��ي كتابنا اليوم س��رداً قصصياً لما‬ ‫جرى ويجري في س��وريا‪ ،‬حيث يكشف الكثير‬ ‫م��ن التفاصي��ل الدقيقة التي تخ��صّ الثورة‬ ‫الس��ورية وظ��روف قيامه��ا‪ ،‬ابتدا ًء م��ن درعا‬ ‫مه��د الثورة ليرس��م ص��ورة « الحاك��م بأمره‬ ‫« في تل��ك المنطقة‪ ،‬عاط��ف نجيب ابن خالة‬ ‫األس��د االبن ال��ذي كان هو وابن خال األس��د‬ ‫رامي مخلوف الوقود الذي أشعل ثورة الشعب‬ ‫الس��وري ضدّ عائلة األس��د‪ ،‬والتي انتش��رت‬ ‫نيرانه��ا في المحافظ��ات والبلدات الس��ورية‪،‬‬ ‫وانتها ًء باألحداث الجارية على أكثر من صعيد‬ ‫دولي وإقليمي ومحلي‪.‬‬ ‫« إن حافظ األس��د عندما بدأ يهيئ ابنه باسل‬ ‫ليرثه اختار عدداً من أقربائه ليشكلوا له نواة‬ ‫أمني��ة خاص��ة به ليواك��ب أجهزة األم��ن التي‬ ‫تنمو في تالفيف نظام األس��د األب‪ ،‬وهي أحد‬ ‫أساس��يات حكم��ه‪ ،‬واخت��ار عاط��ف نجيب ابن‬ ‫خالة بش��ار مس��ؤو ً‬ ‫ال عن األمن السياسي في‬ ‫ً‬ ‫ش��وكة ف��ي حلق غازي‬ ‫محافظة درعا‪ ،‬وكان‬ ‫كنع��ان يأم��ر وينهي ع��ن قناعة كأن س��وريا‬ ‫ملك آلل األس��د‪ .‬فراح يؤسس الشركات التي‬ ‫كان��ت تش��تري حاجي��ات الدول��ة‪ ،‬وك��وّن مع‬ ‫رامي وحافظ مخلوف وآصف ش��وكت كبريات‬ ‫الش��ركات التي كانت تبيح لنفس��ها استمالك‬ ‫البلد»‪.‬‬ ‫يق��دم صبرا لكتابه قائ ً‬ ‫ال‪ « :‬كم يحمل بنو آدم‬ ‫م��ن تناقضات في جيناته��م فيها خاليا للبكاء‬ ‫وأخ��رى للضح��ك‪ ،‬للقس��وة والرحم��ة للحزن‬ ‫وللف��رح‪ ،‬للقتل وللعطف‪ ،‬للحقد وللتس��امح‪،‬‬ ‫للغب��اء ولل��ذكاء للطم��ع وللقناع��ة للجم��وح‬ ‫وللطم��وح‪ ،‬كل ه��ذا أثبت��ه علم��اء النف��س‬ ‫واالجتم��اع والتربية واألطباء‪ .‬ما لم يس��تطع‬ ‫أحد تثبيته خالل ‪ ٤٢‬س��نة من حكم آل األسد‬ ‫هو‪ :‬كي��ف يمكن أن يكون ه��ؤالء الحكام في‬ ‫سوريا‪ ،‬من رئيس جمهورية وقادة أجهزة أمن‬ ‫وجي��ش وحزب وش��بيحة هم الذي��ن يمثلون‬ ‫بقية ش��عب س��وريا‪ ،‬كي��ف ينتم��ي الجالدون‬ ‫والضحايا إلى ش��عب واحد‪ ،‬إذا كانت المس��ألة‬ ‫محلول��ة بكون البش��ر الذي خلقه��م اهلل من‬ ‫طين وماء ليصبحوا آدميين‪ ،‬إذا كانت المسألة‬ ‫مش��روحة ف��ي أن قابيل قتل ش��قيقه هابيل‬ ‫كأول جريمة منذ بدء الخليقة‪ ،‬وإذا كان حافظ‬ ‫األسد على اس��تعداد لقتل شقيقه رفعت في‬

‫صراعهم��ا على الس��لطة‪ ،‬فبش��ار ابن حافظ‬ ‫كان على استعداد لقتل مليون مواطن سوري‬ ‫من أجل أن يبقى في السلطة «‪.‬‬ ‫الكت��اب يتوج��ه إل��ى العالم أجم��ع وليس إلى‬ ‫السوريين فقط‪ ،‬يكشف حقائق غابت أو غيبت‬ ‫عن كثيرين‪ ،‬ويفض��ح أنظمة ومصالح الدول‬ ‫الكبرى بقدر ما يفضح النظام ورموزه وأعوانه‬ ‫من داخل الوط��ن وخارجه‪ ،‬كتبت فصوله من‬ ‫داخل األحداث واس��تنطقت الكثير من ش��هود‬ ‫العيان وأبطال هذه الثورة « مثقفيها وثوارها‬ ‫« فجاء الكت��اب مزيجاً بين الس��رد القصصي‬ ‫والشواهد التوثيقية‪ ،‬والتحليل السياسي‪ ،‬مع‬ ‫عرض آلراء وتصريحات ساس��ة وعسكريين‪،‬‬ ‫ويمك��ن اعتب��ار كل واحدٍ منهم ش��اهداً على‬ ‫عصر « حافظ األب – بشار االبن « وما صاحب‬ ‫ذلك من تطورات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أن أحداث درعا هي الشرارة التي‬ ‫يؤكد الكاتب ّ‬ ‫أنذرت باقتراب حريق م��ا‪ ،‬إ ّ‬ ‫أن اندالع الثورة‬ ‫ال ّ‬ ‫الحقيقي��ة كان في دمش��ق‪ .‬ويوض��ح حقيقة‬ ‫انع��كاس الربيع العربي عل��ى مجرى األحداث‬ ‫في س��ورية م��ن خ�لال نصوص وش��هادات‪،‬‬ ‫كم��ا يعود في الثورة إلى أس��بابها الرئيس��ية‬ ‫المرتبط��ة ببنيان نظام األس��د األب‪ ،‬كاش��فًا‬ ‫الكثير م��ن التفاصي��ل الش��خصية والعائلية‬ ‫ان قضية‬ ‫لبع��ض رم��وز النظ��ام‪ ،‬خصوص��ًا ّ‬ ‫التوري��ث تُحتّم الدخول في شِ��رك العالقات‬ ‫الداخلي��ة للعائل��ة الحاكمة‪ .‬ويُص��وّر كيفية‬ ‫انتق��ال الحك��م م��ن األب إل��ى ابن��ه بشّ��ار‪،‬‬ ‫بعدم��ا كان ابنه الراحل باس��ل هو من يحكم‬ ‫وبحضور والده أيضًا‪.‬‬ ‫عن مش��روع توريث باسل األسد الذي أفشلته‬ ‫األقدار يقول صبرا « كان حافظ األسد يجلس‬ ‫مع ابن��ه باس��ل بالس��اعات يحدثه ف��ي أمور‬ ‫السياس��ة واالس��تراتيجيات ويس��لمه مفاتيح‬ ‫كل رجاله من مدنيين وعس��كريين‪ ،‬حزبيين‬ ‫وسياس��يين ويعطي��ه االذن للتدخ��ل ف��ي‬ ‫ش��ؤون الدولة ليصل إلى تش��كيل الحكومة‪،‬‬ ‫كان رئي��س ال��وزراء محم��ود الزعبـ��ي‪ ،‬يزور‬ ‫باس��ل في مكتبه إذ كان مقتنعًا أن باسل هو‬ ‫الرئيس القادم‪ ،‬وربما لهذا الس��بب تمسك به‬ ‫األس��د ألكثر من ‪ 10‬س��نوات رئيس��ًا للوزارة‪،‬‬ ‫وقد س��أل المؤلف أمين س��ر ح��زب البعث في‬ ‫لبنان عاصم قانصوه‪ :‬ما س��ر تمس��ك األس��د‬ ‫بالزعبـي رئيساً بالرغم مما يقال بأنه موظف‬ ‫سني‪ ،‬فرد عليه بعبارته المشهورة « الرئيس‬ ‫األس��د بحث عمن هو أسوأ من الزعبــي‪ ..‬فلم‬ ‫يجد لذا تركه «‪.‬‬ ‫ولعل أكثر ما يلفت النظر في قضية التوريث‪،‬‬ ‫خ�لاص حافظ األس��د م��ن أحد أب��رز رجاالته‬ ‫المخلصي��ن له هو الل��واء علي حي��در لمجرد‬ ‫أن��ه س��خر من فك��رة توريث األس��د األب ابنه‬ ‫بش��ار الحكم‪ ،‬عل��ى الرغم م��ن أن حيدر كان‬ ‫م��ن الضب��اط الكب��ار الموالي��ن ل�لأب حافظ‬ ‫األس��د‪ ،‬وقد ترك ابن عش��يرته ص�لاح جديد‬ ‫في الصراع معه عام ‪ 1970‬وانحاز إلى حافظ‬ ‫األسد‪.‬‬ ‫أب��رز فصول الكت��اب تتحدث ع��ن كيف أصبح‬ ‫الجيش السوري علويا بأغلبيته الساحقة بين‬ ‫الضباط والقيادات األمني��ة رغم أن العلويين‬ ‫ال يمثل��ون أكث��ر من‪ % 10‬من الس��كان الذين‬ ‫يمث��ل الس��نة فيهم نح��و‪ ،78%‬وفصل خاص‬

‫ع��ن نقطة ضعف حافظ األس��د تج��اه أوالده‪،‬‬ ‫وكي��ف تخل��ص األس��د م��ن رفاق��ه البعثيين‬ ‫والعلويين‪ ،‬وظروف مقتل أحد مؤسسي حزب‬ ‫البع��ث صالح البيطار وإعدام مؤس��س البعث‬ ‫ميشيل عفلق‪.‬‬ ‫ويؤك��د صب��را أن العلويي��ن لم يس��لموا من‬ ‫التنكي��ل بهم على يد حافظ األس��د إذا ش��عر‬ ‫أنهم خط��ر على س��لطته وهذا الحق��د ورثه‬ ‫بش��ار عن��ه ايض��ًا‪ ،‬كما يتط��رق إل��ى عالقة‬ ‫الضب��اط الس��وريين بجنوده��م ووس��ائل‬ ‫كس��ر ش��خصياتهم وكراماته��م ومعاملتهم‬ ‫كالحيوانات متطرقًا إلى األس��اليب الوحش��ية‬ ‫في قمع الثورة وبداية االنش��قاق عن الجيش‬ ‫النظام��ي وتش��كيل الجي��ش الس��وري الح��ر‬ ‫م��ن ضب��اط وجنود رفض��وا أوام��ر ضباطهم‬ ‫العلويين بقتل المتظاهرين‪.‬‬ ‫تح��ت عنوان « آخ��ر الكالم‪ ..‬أو أوّل��ه « يقول‬ ‫حس��ن صب��را‪ :‬كثيراً ما س��معت م��ن أصدقاء‬ ‫سوريين معارضين في الخارج‪ :‬إن حلم تحرير‬ ‫فلس��طين من عصابات الصهاينة‪ ،‬أقرب منا ً‬ ‫ال‬ ‫من حلم تحرير سورية من حكم آل األسد‪ ،‬بل‬ ‫إن شرط تحرير سورية يمر بتحرير فلسطين‪،‬‬ ‫فما من قوة تدعم هذه العصابة في بالدنا إال‬ ‫عصابات الصهاينة‪ ،‬كان بعضهم يردّد تبريراً‬ ‫أو خج ً‬ ‫ال أو واقعًا أننا نحن في الخارج هاربون‪،‬‬ ‫منفيون بإرادتنا ألن الش��عار األش��هر واألكثر‬ ‫ش��مو ً‬ ‫ال بين كثيري��ن منّا‪ :‬ألف م��رة قتيل وال‬ ‫مرة س��جين ف��ي أقبي��ة آل األس��د‪ .‬فالتعذيب‬ ‫يميت��ك كل دقيق��ة بل وكل س��اعة وكل يوم‬ ‫عش��رات المرات وأنت الس��جين بال تهمة‪ ،‬بال‬ ‫محاكمة‪ ،‬بال اسم‪ ،‬بال أمد معروف‪.‬‬ ‫وعندم��ا ث��ارت درع��ا وكت��ب أطفاله��ا عل��ى‬ ‫الج��دران « ي��ا دكتور إج��اك الدور»‪ ،‬م��ا تجرأ‬ ‫أحد عل��ى وصفه��ا بالث��ورة وما ّ‬ ‫فك��ر أحد أن‬ ‫محم��د البوعزيزي في تون��س يمكن أن يمدّ‬ ‫ظل��ه بل ن��وره بدل ن��اره إلى س��ورية‪ ..‬لكن‬ ‫الن��ور كالطي��ر‪ ،‬كاألف��كار ال ح��دود آلثارها‪..‬‬ ‫وصلت سورية فقرأ السوريون حمزة الخطيب‬ ‫وإبراهي��م القاش��وش والجواب��رة وحس��ين‬ ‫هرم��وش وعش��رات اآلالف غيره��م‪ ..‬هؤالء‬ ‫جعلوا س��ورية حرّة‪ ..‬بل مه��دوا الطريق كي‬ ‫تكون فلسطين نفسها حرّة أيضًا‪.‬‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫للمرا�سالت والتوا�صل مع هيئة التحرير ‪sou riatn a@ gm ail. c om‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬

‫قصف وتدمير وارتجاجات تُرعش األبدان ‪ ..‬يقابلها طفل صغير يقول ألحدهم هناك «خالو عطيني بوسة»‪ ،‬ثم يضحك الخال وتضحك األم‬ ‫وتضحك الجدة ويضحك المنزل بأكمله وتختفي أصوات القذائف خلف ضحكاتهم ويبقى األمل ويستمر الصمود‪.‬‬ ‫ريف حلب ‪ |2012 -‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫‪15‬‬


‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 23 | )166‬تشرين األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫�سورية لكل ال�سوريني‬ ‫م�ؤمترات الأقليات تثري ردود فعل‬ ‫متباينة حول الهدف منها‬ ‫السويداء ‪ -‬زليخة سالم‬

‫أثار "اللقاء التشاوري الوطني ألبناء جبل العرب" الذي‬ ‫عقد االسبوع الماضي في مدريد جد ًال واسعاً‪ ،‬وردود‬ ‫فعل متباينة بين مؤيد ورافض‪ ،‬ووجهت له الكثير من‬ ‫االنتقادات واالتهامات المماثلة لما وجه للمؤتمرات‬ ‫السابقة للعلويين واألكراد التي عقدت العام الماضي‪.‬‬ ‫حيث واعتبر غالبية الرافضين لمثل هذا اللقاء أو‬ ‫المؤتمر أنه يكرس الطائفية التي تخدم النظام‪،‬‬ ‫ويشتت القرار الوطني‪ ،‬ليصبح قراراً فئوياً‪ ،‬ويسمح‬ ‫بزيادة الشرخ في النسيج الوطني السوري‪ ،‬فيما يرى‬ ‫مؤيدوه أنه خطوة للوصول إلى مؤتمر وطني عام يضع‬ ‫رؤية شاملة لسورية القانون والعدالة والمواطنة‪.‬‬ ‫ف��ي بيانه��م الختامي أك��د المش��اركون في‬ ‫اللقاء أن جبل العرب هو "جزء أصيل ال يتجزأ‬ ‫من س��ورية‪ ،‬مش��يرين إلى أهمية التمس��ك‬ ‫بأهداف الثورة والتأكيد على الحل السياس��ي‬ ‫ال��ذي يفضي إلى إقامة هيئ��ة حكم انتقالي‪،‬‬ ‫وش��ددوا على وح��دة س��ورية أرضاً وش��عباً‪،‬‬ ‫واحت��رام حق��وق مختل��ف مكون��ات المجتمع‬ ‫الس��وري القومي��ة والديني��ة والمذهبي��ة‬ ‫وحريتها في ممارسة شعائرها وطقوسها"‪.‬‬ ‫الناش��طة " س‪ .‬ح" اعتب��رت ف��ي حدي��ث‬ ‫لسوريتنا أن هذا اللقاء ال يمثلها وقالت‪" :‬مثل‬ ‫هذه المؤتم��رات تظهر للرأي الع��ام العالمي‬ ‫أن النس��يج الس��وري قاب��ل للتقس��يم‪ ،‬كون‬ ‫المؤتمر عقد في اسبانيا وبرعاية منها‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يثير س��ؤا ً‬ ‫ال هام�� ًا ما مصلحة اس��بانيا في‬ ‫رعاي��ة مثل هذه المؤتم��رات‪ ،‬وهي لم تقدم‬ ‫ش��يئًا للشعب الس��وري‪ ،‬أنا ال أخوّن أحداً من‬ ‫المش��اركين وإنما أرى أنهم فقدوا البوصلة‪،‬‬ ‫والقراءة العميقة لما يحدث داخلياً ودولي ًا‪.‬‬ ‫تطابق��ت وجهات نظ��ر كثير من الناش��طين‬ ‫والناش��طات ف��ي الس��ويداء ممن اس��تطلعنا‬ ‫أراءهم م��ع رأي "س‪ .‬ح" ف��ي رفضهم لمثل‬ ‫ه��ذه المؤتم��رات الت��ي وصفه��ا بعضه��م‬ ‫بالمش��بوهة في غاياته��ا وأهدافه��ا‪ ،‬وأكدوا‬ ‫ضرورة العمل لعقد مؤتمر وطني جامع تحت‬ ‫س��قف أهداف الثورة وش��عاراتها التي رفعها‬ ‫المتظاه��رون بداية‪ ،‬ف��ي حين رأى البعض ‪-‬‬ ‫وللحقيقة أنهم قلة ‪ -‬أن مثل هذه المؤتمرات‬ ‫يمكن أن تؤس��س لموقف ورؤية موحدة لكل‬ ‫طائف��ة وتش��كل قاع��دة لالنط�لاق لمؤتمر‬ ‫وطني شامل‪.‬‬ ‫في المقابل يتداول العش��رات من الناشطين‬ ‫والمعارضي��ن بياناً للتوقيع بعنوان "س��ورية‬ ‫بحاج��ة للتمس��ك بالوطنية الس��ورية وليس‬ ‫لمؤتم��رات طائفية أو اثني��ة" أعربوا فيه عن‬

‫جمل��ة وتفصي ً‬ ‫ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫رفضهم ه��ذه المؤتم��رات‬ ‫وقال��وا "إن ملي��ون س��وري مه��ددون بالجوع‬ ‫ف��ي الغوطة وغيرها م��ن المناطق المنكوبة‬ ‫أحوج إل��ى الدعم باألم��وال الت��ي تهدر على‬ ‫هذه المؤتم��رات" مؤكدين أن هذا المؤتمر ال‬ ‫يمثل أبناء المحافظة‪ ،‬وأن الحفاظ على وحدة‬ ‫س��ورية أرض ًا وش��عب ًا كما يدعي المؤتمرون‬ ‫ال يأت��ي من خ�لال مؤتمرات طائفي��ة‪ ،‬تعتبر‬ ‫الشعب الس��وري " مكونات اثنية ومناطقية"‪،‬‬ ‫وهي الرؤية التي تتقاط��ع مع مصالح دوليّة‬ ‫آخر همها معاناة ومستقبل السوريين‪.‬‬ ‫وح��ول الهدف من اللق��اء ورداً على االتهامات‬ ‫قال المعارض " بهيج س��لوم " لس��وريتنا "إن‬ ‫الح��وار مع اللجن��ة المنظم��ة اس��تغرق أربع‬ ‫ش��هور تقريب��ا‪ ،‬وق��د رفضن��ا رفض��اً قاطعًا‬ ‫تس��مية ال��دروز لس��ببين‪ ،‬األول ألن ه��ذا‬ ‫االس��م يتناق��ض مع حقيق��ة انتمائن��ا‪ ،‬وألن‬ ‫أس�لافنا اخت��اروا العقل ملهم�� ًا لهم حتى في‬ ‫عبادته��م‪ ،‬والثاني هو رفضن��ا القطعي ألي‬ ‫انتم��اء طائف��ي‪ ،‬من هن��ا أتت تس��مية أبناء‬ ‫جب��ل العرب لتتناغ��م مع الدور الذي مارس��ه‬ ‫أحرارنا في ث��ورة الحرية والكرامة التي نعتز‬ ‫ونفخر بانتمائنا إليها"‪ ،‬ورأى س��لوم أن ما تم‬ ‫ف��ي مدريد هو خطوة ضمن مجموعة لقاءات‬ ‫قرطبة تهدف للوصول إلى مؤتمر وطني عام‬ ‫يهدف لوضع رؤية ش��املة لس��ورية القادمة‪،‬‬ ‫تحت��رم حق��وق المواط��ن وتص��ون كرامت��ه‬ ‫وتحف��ظ حقوق��ه االثنية والديني��ة والقومية‬ ‫في سورية الدولة الديمقراطية دولة القانون‬ ‫والعدالة‪ ،‬موضحًا أن اللقاء تم برعاية معاونة‬ ‫وزي��ر الخارجي��ة االس��بانية‪ ،‬وأن الح��وارات‬ ‫كانت خاصة بالمشاركين لحين إصدار البيان‬ ‫والتوقي��ع علي��ه في الجلس��ة الختامي��ة التي‬ ‫حضره��ا أعضاء قرطبة المؤسس��ين ووقعوا‬ ‫عل��ى البيان ألنه��م اعتبروها وثيق��ة وطنية‬ ‫بامتياز‪.‬‬

‫وف��ي تصري��ح لس��وريتنا ق��ال السياس��ي‬ ‫المع��ارض ف��واز تلل��و عض��و مؤس��س في‬ ‫مجموع��ة عمل قرطبة "كان تجمع قرطبة قد‬ ‫طرح منذ حوالي العام في مؤتمره التحضيري‬ ‫ف��ي غازي عنت��اب فكرة مؤتم��ر وطني جامع‬ ‫منسجم مع أهداف الثورة السورية وعمل من‬ ‫أجل ذلك على عقد سلس��لة م��ن المؤتمرات‬ ‫التحضيرية في هذا اإلطار لمكونات الش��عب‬ ‫الس��وري السياس��ية والقومي��ة واالثني��ة‬ ‫واالجتماعي��ة تمهيداً لمؤتمر عام ش��امل في‬ ‫لحظة سياس��ية مناس��بة‪ ،‬وهي فكرة عملية‬ ‫باتت بع��د طرحها من قب��ل مجموعة قرطبة‬ ‫"موض��ة" وأحيانا باب ارتزاق سياس��ي ومالي‬ ‫لبع��ض المجموع��ات السياس��ية المعارضة‪،‬‬ ‫وكل م��ا أخش��اه أن تنفذ بطريقة س��يئة من‬ ‫قب��ل بعض ه��ذه المجموع��ات بم��ا يفقدها‬ ‫معناها‪ ،‬ويفقد السوري الثقة بها "‪.‬‬ ‫وم��ن جانب��ه أع��رب اإلعالم��ي أس��عد حنّا أن‬ ‫قي��ام مثل هذه المؤتم��رات ال يفيد إال النظام‪،‬‬ ‫متعلق‬ ‫"فعندما يصنف المخول��ون باتخاذ قرار‬ ‫ٍ‬ ‫بالث��ورة طائفياً ويك��ون اجتماعهم مبني على‬ ‫أس��س دينية مناطقية تخرج الثورة من ثوبها‬ ‫السوري لتلبس عباءتها الدينية‪ ،‬وتصبح ‪ -‬في‬ ‫أحسن األحوال ‪ -‬ثورة مجموعة طوائف تحاول‬ ‫كل منها اثبات وجودها من خالل رفع شعاراتها‬ ‫الطائفية‪ ،‬وعندها سيغيب الشعب السوري عن‬ ‫الواجهة ليحل محله مجموعة من الطوائف"‪.‬‬ ‫البيانات الحالية والسابقة لمؤتمرات األقليات‬ ‫تتش��ابه في التأكيد على وحدة س��ورية أرضًا‬ ‫وش��عباً‪ ،‬والتأكيد على تحقي��ق أهداف الثورة‬ ‫وبناء دول��ة الحرية والقان��ون والمواطنة‪ ،‬إذاً‬ ‫ما الداعي إلقامتها بش��كل إف��رادي وجزئي؟‪،‬‬ ‫ولم��اذا ال يتم العمل فعلياً عل��ى عقد مؤتمر‬ ‫وطني ش��امل طالما أن الجميع يسعى إلقامة‬ ‫دولة مواطنة يتس��اوى فيها جميع السوريين‬ ‫في الحقوق والواجبات والعيش الكريم؟‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.