Souriatna 167

Page 1

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫جتمع "الكومينات" فـي احل�سكة‬ ‫خدمة للمجتمع �أم ا�ستغالل حلاجات النا�س؟‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫الحسكة ‪ -‬عدنان أبو كنان‬ ‫انتشرت في بعض مناطق محافظة الحسكة‬ ‫مؤخ��راً ظاه��رة جدي��دة‪ ،‬أطلقته��ا منظومة‬ ‫تع��رف بـ "حرك��ة المجتم��ع المدن��ي" والتي‬ ‫يعتبر حزب االتحاد الديمقراطي "‪ "PYD‬من‬ ‫أهم تش��كيالتها‪ ،‬وه��ذه الظاهرة عبارة عن‬ ‫تجميع األهالي في تشكيالت مدنية وخدمية‬ ‫تسمى "كومينات"‪.‬‬ ‫دع��وة تش��كيل الكومين��ات (وهي مش��روع‬ ‫حزب االتح��اد الديمقراطي فعلياً لم تعرفها)‬ ‫المحافظة من قبل إال بتشكيليات حزب البعث‬ ‫بحسب ما يذهب إليه بعض المراقبين‪.‬‬ ‫والكومين��ات بحس��ب تعري��ف ح��زب االتحاد‬ ‫الديمقراطي هي عبارة عن "وحدة اجتماعية‬ ‫سياسية اقتصادية لتنظيم المجتمع‪ ،‬وتعتبر‬ ‫أصغر وحدة للمجتمع وأكثر فعالية وتؤسس‬ ‫عل��ى مبدأ المش��اركة العامة وعلى أس��اس‬ ‫الديمقراطية المباشرة"‪.‬‬ ‫ويت��م تش��كيل كل كومي��ن م��ن ع��دد من‬ ‫األش��خاص تك��ون مهمته إحصاء وتس��جيل‬ ‫المن��ازل لتقدي��م بع��ض الخدم��ات له��م‪،‬‬ ‫ولع��ل أبرز ه��ذه الخدمات ه��ي تأمين الغاز‬ ‫والمحروقات‪.‬‬ ‫وتباين��ت اآلراء إزاء هذه الظاهرة في عموم‬ ‫المحافظة بين معارض ومش��كك وبين من‬ ‫يقول بأنها أوجدت بعض الحلول الجزئية لما‬ ‫تعانيه المحافظة‪.‬‬ ‫حيث يرى هيثم ‪ 24‬س��نة م��ن أهالي مدينة‬ ‫الحس��كة في تجربة الكومينات حل ضروري‬ ‫لألزمات الكثيرة في الحسكة‪.‬‬ ‫ويضي��ف هيثم " لقد دعيت لهذه االجتماعات‬ ‫أكثر من مرة‪ ،‬وأنا شاب عربي‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫م��ن معارضت��ي للسياس��ة الت��ي ينتهجه��ا‬ ‫"‪ "PYD‬لكن ال س��بيل أخر لمواجه��ة أزماتنا‬ ‫المعيشية الكثيرة إال عبر هذه الطريقة"‪.‬‬ ‫بينم��ا تق��ول فاطم��ة رب��ة أس��رة م��ن حي‬ ‫العزيزي��ة ف��ي الحس��كة "حض��رت االجتماع‬ ‫الذي دع��ا إليه ح��زب االتح��اد الديمقراطي‪،‬‬

‫وتحدث إلينا أحد المسؤولين في الحزب‪ ،‬عن‬ ‫ضرورة التعاون لحل المشكالت الخدمية"‪.‬‬ ‫وتش��ير فاطم��ة أن هدفها م��ن الحضور هو‬ ‫فقط " لتامين جرة غ��از أو بضعة لترات من‬ ‫المازوت"‪.‬‬ ‫وتط��وف لج��ان تابع��ة لح��زب االتح��اد‬ ‫الديمقراط��ي ف��ي أري��اف وبل��دات محافظة‬ ‫الحسكة للترويج لفكرة الكومينات حيث يتم‬ ‫تجمي��ع األهالي ف��ي الس��احات أو المدارس‪،‬‬ ‫ويش��ترط إلتمام االجتم��اع باألهالي حضور‬ ‫أكث��ر من ‪ 40‬ش��خص‪ ،‬خاصة ف��ي المناطق‬ ‫المكتظة بالس��كان‪ ،‬لتش��كيل لج��ان تتولى‬ ‫اإلشراف على المنطقة‪.‬‬ ‫وي��رى الناش��ط محم��د الحس��ن أن ح��زب‬ ‫االتحاد الديمقراطي يس��عى من خالل فكرة‬ ‫الكومينات‪ ،‬إلى التغلغل في تفاصيل الحياة‪،‬‬

‫ومالمس��ة أوج��اع وهم��وم البس��طاء‪ ،‬ف��ي‬ ‫محاولة لتمكين الحزب من بس��ط س��يطرته‬ ‫على المجتمع"‪.‬‬ ‫فيم��ا يؤكد عمار ‪ 30‬س��نة م��ن راس العين‪،‬‬ ‫"أن ه��ذه اللج��ان ال تختل��ف ع��ن اجتماعات‬ ‫ح��زب البع��ث س��ابقا‪ ،‬حي��ث يت��م تش��كيل‬ ‫حلق��ات تدير الحي��اة االجتماعي��ة وفق رؤية‬ ‫الحزب‪ ،‬واستبعاد المعارضين وحرمانهم من‬ ‫حقوقهم"‪.‬‬ ‫أوس��اط سياس��ية واجتماعي��ة كثي��رة ف��ي‬ ‫الحس��كة‪ ،‬لم تبدي ارتياحها لسياسة الحزب‬ ‫عموم ًا‪ ،‬وخطوته األخيرة بتشكيل الكومينات‬ ‫خصوص�� ًا‪ ،‬وترى فيها محاول��ة حزب "‪"PYD‬‬ ‫للهيمنة على المجتمع وأخذه كرهينة للحاجة‬ ‫ولقمة العيش من خالل طرح الحزب نفس��ه‬ ‫كبديل وحيد يكرس االستبداد‪.‬‬

‫يوم غ�ضب من �أجل الرقة‬ ‫أطلق نش��طاء س��وريون دعوة عبر مواقع التواصل‬ ‫االجتماعية‪ ،‬إلى التظاهر ف��ي كل انحاء العالم يوم‬ ‫األحد الموافق ‪ 30‬كانون األول من العام الجاي تعبيراً‬ ‫عن الغض��ب إزاء مج��زرة ارتكبتها طائ��رات النظام‬ ‫بح��ق المدنيي��ن في مدين��ة الرقة األس��بوع الفائت‬ ‫خلفت عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين‪.‬‬ ‫وق��ال مطلقو الدعوة أنهم يدعون أصحاب الضمائر‬ ‫اإلنس��انية وأح��رار العال��م ف��ي كل م��كان لوقف��ة‬ ‫احتجاجي��ة في مدن العالم وس��احاتها‪ ،‬تنديداً بهذه‬ ‫المج��زرة المرّوع��ة واس��تنكاراً لألفع��ال البربرية‬ ‫األسدية بحق المدنيين السوريين وبحق اإلنسانيّة‬ ‫جمعاء‪.‬‬ ‫وق��د لبى ناش��طون س��وريون ح��ول العال��م دعوة‬ ‫رفاقه��م مبكراً‪ ،‬حيث نظم��ت تظاهرات صامتة في‬ ‫كل من اس��طنبول‪ ،‬وباريس احتجاج ًا على المجزرة‬ ‫التي أودت بحياة أكثر من مئتي مدني‪.‬‬


‫املخيم يفقد غيفارا‪ ،‬علي احلجة اغتيل يف الريموك على يد جمهولني‬

‫�أملانيا ت�س ّرع �إجراءات طلبات جلوء‬ ‫ال�سوريني على �أرا�ضيها‬

‫�أهايل م�صياف ينتف�ضون يف وجه‬ ‫�شبيحة املدينة‬

‫الالذقية ‪ -‬ميس الحاج‬

‫بدء العمل على بناء مخيم "أمهات المؤمنين" منذ أكثر من عام في الريف الش��رقي‬ ‫لمحافظ��ة الالذقي��ة على الح��دود مع تركيا‪ ،‬ويختص المخيم بإيواء أس��ر الش��هداء‬ ‫واألرامل بإشراف كل من منظمة سالم اإلنسانية وحملة الجسد الواحد‪.‬‬ ‫يقيم في المخيم حالي ًا أكثر من ثالثين عائلة أغلبهم من جبل األكراد باإلضافة إلى‬ ‫بعض العائالت من إدلب وريف دمشق حيث يوجد حوالي ‪ 25‬امرأة و‪ 50‬طفل تتألف‬ ‫منها العائالت المقيمة بالمخيم‪.‬‬ ‫تعمل إدارة المخيم وهي عبارة عن مجموعة من المتطوعين على توفير احتياجات‬ ‫ومس��تلزمات العائ�لات داخل المخيم م��ن الخبز واألغذية واأللبس��ة ومياه الش��رب‬ ‫وحطب التدفئة‪.‬‬ ‫يق��ول مراد وهو أحد أعض��اء إدارة المخيم "إن خطة بناء المخي��م تقوم على ثالثة‬ ‫مراحل األولى هي بناء ‪ 20‬وحدة سكنية وتم االنتهاء منها‪ ،‬أما المرحلة الثانية فهي‬ ‫بناء مسجد داخل المخيم وهذه المرحلة قيد التنفيذ‪ ،‬أما المرحلة األخيرة فهي تهدف‬ ‫إل��ى بناء ثالثين وحدة س��كنية وس��يبدأ العمل عل��ى تنفيذها بع��د االنتهاء من بناء‬ ‫المسجد"‪.‬‬ ‫وأوض��ح م��راد "أن المنظمات الداعمة ف��ي بناء الوحدات الس��كنية في المخيم هي‬ ‫منظمة س�لام اإلنسانية وحملة الجسد الواحد أما تأمين مستلزمات المقيمين فيتم‬ ‫ع��ن طريق منظمات وجمعيات أخرى مثل جمعية التنمية والبناء الس��ورية ومنظمة‬ ‫(‪.")ihh‬‬ ‫أم بش��ير نازحة من ريف حماة وتنقلت خالل العامين الماضيين مع أوالدها الس��بعة‬ ‫بعد استش��هاد زوجها‪ ،‬في أكثر من منطقة في الش��مال الس��وري لتقيم مؤخراً في‬ ‫مخيم أمهات الشهداء‪.‬‬ ‫تقول أم بش��ير لس��وريتنا‪" :‬بعد معاناة أكثر من عامين ونزوح خمس مرات بس��بب‬ ‫َ‬ ‫مقارنة‬ ‫القصف والعمليات العس��كرية لجأت إلى مخيم أمهات الش��هداء ووضعه جيد‬ ‫بالمناط��ق التي لجأت إليها في وقت س��ابق‪ ،‬خاصة من ناحي��ة الخدمات ومن ناحية‬ ‫قربه من مدرسة لتعليم أطفالي"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫نش��بت مواجهات خ�لال االس��بوع الفائت بي��ن أهالي‬ ‫مدين��ة مصي��اف بري��ف حم��اة‪ ،‬وعناصر مما يس��مى‬ ‫«جيش الدفاع الوطني» على خلفية مصادرة العناصر‬ ‫س��يارات للمدنيين في س��وق اله��ال متذرعين بحاجة‬ ‫الجيش اليها‪.‬‬ ‫وقال ش��هود عي��ان لـ «س��وريتنا» إن بع��ض األهالي‬ ‫ف��ي قرية «البيضا» التابع��ة لمدينة مصياف دعوا إلى‬ ‫التجمع والتظاهر ضد تردّي األوضاع األمنية وانتش��ار‬ ‫الخطف الذي طال خمسة أشخاص بينهم فتاتان خالل‬ ‫األس��بوع الفائت وحده‪ ،‬إضافة إلى اعتراض الس��كان‬ ‫عل��ى المعامل��ة الس��يئة م��ن قب��ل اللجان الش��عبية‪،‬‬ ‫واجبار الش��بان عل��ى االلتح��اق بالخدمتي��ن اإللزامية‬ ‫واالحتياطي��ة‪ ،‬األمر الذي دفع بالكثيري��ن إلى الهروب‬ ‫من البالد خشية زجهم على جبهات القتال‪.‬‬ ‫وش��هدت مدينة مصياف مظاه��رات مناهضة للنظام‬ ‫من��ذ بداي��ة الثورة الس��ورية ع��ام ‪ ،2011‬إال أن قوات‬ ‫النظام والشبيحة من أهالي المنطقة قمعوا كل حراك‬ ‫مناهض للنظام في مصياف‪.‬‬

‫"�أمهات امل�ؤمنني" خميم خا�ص للنازحات‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫بدأت الدائ��رة االتحادية للهج��رة والالجئين في ألمانيا‬ ‫بتطبيق قرار التس��ريع في إجراءات طالبي اللجوء من‬ ‫الس��وريين والعراقيين بنا ًء على ق��رار صدر منتصف‬ ‫شهر تشرين األول الماضي‪.‬‬ ‫وينص القرار وفق ما نقلته وسائل إعالم ألمانيّة عن‬ ‫وزير الداخليّة األلماني "توماس دي مايتس��يري" على‬ ‫البت بطلبات لجوء المواطنين من دول الحروب األهلية‬ ‫بأسرع وقت ممكن‪ ،‬ومنح الحاصلين على صفة اللجوء‬ ‫حريّة التنقل والحركة‪.‬‬ ‫وأوضح "دي مايتس��يري" أن تلك اإلجراءات الس��ريعة‬ ‫ال تنطب��ق على الالجئين الذي لديهم بصمات في دول‬ ‫أوروبي��ة أخرى‪ ،‬أو قدموا لجوء في بلدان أخرى تطبيق ًا‬ ‫التفاقية دبلن‪.‬‬ ‫ووفق��ا لبيان��ات المفوضية الس��امية لألم��م المتحدة‬ ‫لش��ؤون الالجئين‪ ،‬فق��د قدم ‪ 19‬ألف ًا و‪ 205‬س��وريين‬ ‫خالل الفترة الممتدة بين نيس��ان ‪ 2011‬وكانون األول‬ ‫‪ 2013‬طلبات أولية للحصول على اللجوء في ألمانيا‪.‬‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫نعى ناش��طون في مخيم اليرموك المحاصر‬ ‫بدمشق يوم أمس السبت ‪ 29‬تشرين الثاني‬ ‫عل��ي الحج��ة أب��و حم��زة "غيف��ارا المخيم"‪،‬‬ ‫أحد الش��خصيات التي يعرف عنه��ا بأنها من‬ ‫أكث��ر الوجوه وطني��ة في المخيم‪ ،‬وبحس��ب‬ ‫معلومات س��وريتنا فإن مجهولين اثنين على‬ ‫دراجة ناري��ة أطلقوا الرص��اص على الحجة‬ ‫في ش��ارع العروبة المكتظ حي��ن كان يغادر‬ ‫صالون الحالقة‪ ،‬فسقط شهيداً على الفور‪.‬‬ ‫الحج��ة ال��ذي كان بعي��دا ع��ن االع�لام‪ ،‬كان‬ ‫قد أطل��ق مبادرة خاصة إلدخ��ال الطعام إلى‬ ‫اليرم��وك حي��ن كان الج��وع بقت��ك بأطفاله‬ ‫نس��ائه‪ ،‬إذ ع��رض الحج��ة حياته مع عش��رة‬ ‫آخرين كي يعدم��وا رمياً بالرصاص من قبل‬ ‫عناصر النظام والميليشيات التي تواليه على‬

‫مدخل المخيم مقابل فك الحصار‪ ،‬فيما اجمع‬ ‫ناش��طون وس��كان عل��ى أن اليرموك خس��ر‬ ‫غيفارا برحيل الحجة‪.‬‬ ‫كان الحج��ة في أيام��ه األخيرة وج��ه يعاديه‬ ‫الجميع‪ ،‬فمن النظ��ام إلى جبة النصرة مروراً‬ ‫بداع��ش وحتى أكناف بي��ت المقدس‪ ،‬جميها‬ ‫كان��ت تكن الع��داء للحجة‪ ،‬ال��ذي كان بدوره‬ ‫ال ي��رى ح ً‬ ‫ال قريبًا للمخيم‪ ،‬حتى لو انس��حبت‬ ‫جميع الكتائب المس��لحة منه‪ ،‬إذ كان يخشى‬ ‫كذلك من صراع عسكري قد تعيشه الفصائل‬ ‫الفلس��طينية فيما بينها في مستقب ً‬ ‫ال ليكون‬ ‫صراع ًا "فلسطينيًا فلس��طينيًا" بعد أن تنهي‬ ‫حصاره��ا لليرم��وك‪ ،‬فيم��ا كان��ت مخاوف��ه‬ ‫الكبيرة تأتي من جبهة النصرة في األس��ابيع‬ ‫األخيرة‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫القطن يف دير الزور‪ ،‬زراعة مكلفة وجتارة مربحة‬ ‫دير الزور ‪ -‬عادل العايد‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫رغم أنها تحتل المركز الثالث في‬ ‫إنتاجيته في سورية‪ ،‬إال أن زراعة القطن‬ ‫في دير الزور باتت تشهد تراجعاً‬ ‫ملحوظاً بسبب عدة عوامل عزاها‬ ‫مختصون إلى ازدياد تكاليف زراعته‪،‬‬ ‫وغالء أسعار األدوية لمكافحة اآلفات‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن استغالل التجار لحالة انعدام‬ ‫األمن‪ ،‬فيشترونه بأسعار ال تكاد تغطي‬ ‫تكاليف زراعته‪ ،‬ويبيعونه فيما بعد لتجار‬ ‫المحافظات األخرى بأسعار أعلى‪.‬‬

‫التكلفة ت�ساوي املردود‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫يق��ول عامر محمد مزارع م��ن ريف دير الزور‬ ‫"محص��ول القطن من أه��م المحاصيل التي‬ ‫تزرع ف��ي ريف دي��ر ال��زور‪ ،‬كان فيما مضى‬ ‫يشكل دخ ً‬ ‫ال جيداً للفالح‪ ،‬ولكن خالل السنوات‬ ‫الس��بع األخيرة تناقص م��ردود زراعته بحيث‬ ‫لم يعد يغطي التكاليف"‪.‬‬ ‫وع��ن أبرز األس��باب الت��ي أدت لتراجع زراعة‬ ‫القطن يقول المهندس الزراعي علي "الغالء‬ ‫المتزايد في أس��عار األس��مدة والوق��ود واليد‬ ‫العامل��ة‪ ،‬أدى إل��ى تناقص أرب��اح المزارعين‬ ‫عام ًا بعد عام‪ ،‬وب��دأت الصعوبات تواجه هذه‬ ‫الزراعة منذ ع��ام ‪ ،2008‬وعندما رفع النظام‬ ‫أسعار الوقود أكثر من ثالثة أضعاف‪ ،‬وازدادت‬ ‫األمور س��وءاً‪ ،‬إذ ارتفعت أس��عار مس��تلزمات‬ ‫اإلنت��اج‪ ،‬حتى باتت تكلفة الدونم الواحد‪ ،‬في‬ ‫الس��نتين األخيرتين تتراوح بي��ن ‪ 30‬إلى ‪40‬‬ ‫ألف ليرة س��ورية‪ ،‬بينما ال ينتج أكثر من ‪400‬‬ ‫ك��غ في أقصى حد‪ ،‬وهذا ال يباع بأكثر من ‪50‬‬ ‫ألف ليرة في أفضل الحاالت"‪.‬‬

‫نق�ص الري‬

‫ويعتب��ر نظ��ام ال��ري م��ن أه��م العوام��ل‬ ‫المؤثرة على إنتاجي��ة القطن‪ ،‬وبقيام الثورة‬ ‫خرج��ت العدي��د م��ن الجمعي��ات الفالحي��ة‬ ‫ع��ن العم��ل بتأدية دوره��ا المتمث��ل بتأمين‬ ‫ال��ري للمزارعي��ن‪ ،‬وع��ن ذلك يق��ول حمادي‬ ‫الخل��ف‪ ،‬رئي��س جمعي��ة فالحية بري��ف دير‬ ‫ال��زور الغربي‪ ،‬وكان��ت تل��ك الجمعية تؤمن‬ ‫قب��ل الث��ورة ال��ري للمزارعي��ن‪ ،‬حي��ث تروي‬ ‫مس��احة ترب��و عل��ى ‪ 7000‬دون��م‪ ،‬وتوقفت‬ ‫ع��ن العم��ل فخرج��ت العدي��د م��ن األراضي‬ ‫م��ن االس��تثمار‪" :‬زراع��ة القطن تحت��اج إلى‬ ‫ري أكب��ر من المحاصيل األخ��رى‪ ،‬حيث يؤدي‬ ‫التأخر ف��ي موعد الري لمرة واح��دة مث ً‬ ‫ال إلى‬ ‫تض��رر المحصول بأكمل��ه‪ ،‬وكان نظام الري‬ ‫في المنطق��ة الزراعية الممت��دة على جانبي‬ ‫نه��ر الفرات يعتمد عل��ى الجمعيات الفالحية‪،‬‬ ‫التي تعمل على إيصال مياه الري للمزارعين‬ ‫بأق��ل كلف��ة‪ ،‬أم��ا بعد الث��ورة فق��د تضررت‬ ‫الجمعيات الفالحية بشكل كبير‪ ،‬جراء انقطاع‬ ‫الق��روض‪ ،‬وتوقف دعم الوقود م��ن النظام‪،‬‬ ‫وبس��قوط ريف دير الزور بي��د الجيش الحر‪،‬‬ ‫وع��دم تقديم دعم فعال لها م��ن قبل جهات‬

‫المعارضة‪ ،‬اقتصرت مح��اوالت إنعاش عملها‬ ‫على الجهود األهلي��ة‪ ،‬التي نجح بعضها فيما‬ ‫فشلت أخرى"‪.‬‬ ‫وف��ي ظل توق��ف دور هذه الجمعيات‪ ،‬س��عى‬ ‫الفالح��ون إلى حف��ر آبار ف��ي أراضيهم‪ ،‬لري‬ ‫محاصيلهم‪ ،‬في حين ال يبعد نهر الفرات عن‬ ‫أراض��ي بعضهم أكث��ر كيلومتري��ن‪ ،‬فيقول‬ ‫الف�لاح جاس��م‪ .‬د "كلفني البئ��ر الذي حفرته‬ ‫أكث��ر من ‪ 200‬أل��ف ليرة س��ورية‪ ،‬وقد أحتاج‬ ‫موس��مين قادمي��ن حت��ى أس��تطيع تس��ديد‬ ‫تكاليف��ه‪ ،‬لك��ن ال خي��ار ل��دي في ظ��ل عجز‬ ‫الجمعيات عن تأمين مياه الري"‪.‬‬

‫غالء �أ�سعار الأدوية‬

‫ويض��اف إل��ى نق��ص ال��ري عوام��ل ع��دة‬ ‫س��اهمت بانخف��اض إنتاجية القط��ن‪ ،‬وعنها‬ ‫يق��ول المهن��دس الزراعي ثائ��ر‪" :‬تلوث الجو‬ ‫بدخ��ان مصافي النف��ط (الحراق��ات)‪ ،‬وتدني‬ ‫ج��ودة األدوي��ة في الس��نوات األخي��رة فض ً‬ ‫ال‬ ‫ع��ن انعدام وج��ود األدوي��ة ذات الفعالية في‬ ‫الس��وق‪ ،‬ضاع��ف م��ن الض��رر الذي تس��ببه‬ ‫اآلفات ومنها آفة ال��دودة البيضاء‪ ،‬التي تؤدي‬ ‫إل��ى إعاقة عملي��ة التمثيل الضوئ��ي للنبات‪،‬‬ ‫وخفض قيمة اإلنتاج"‪.‬‬ ‫بينما يش��ير الصيدلي حسن‪ .‬ح صاحب إحدى‬ ‫الصيدلي��ات الزراعي��ة ف��ي ري��ف دي��ر الزور‬ ‫الغربي‪ ،‬إل��ى "أن األدوية الزراعية غالية قبل‬ ‫الث��ورة‪ ،‬أم��ا بعد الث��ورة فقد أصبح��ت غالية‬ ‫جداً‪ ،‬بس��بب اعتماد الصيدليات الزراعية على‬ ‫المس��تورد منها فقط‪ ،‬وغالباً ما تكون تركية‬ ‫أو أردني��ة‪ ،‬وتقيم بال��دوالر األمريكي دائماً‪،‬‬ ‫وهو يرتفع باستمرار أمام الليرة السورية"‪.‬‬

‫مردود من حطب القطن‬

‫ويح��اول بع��ض الفالحي��ن االس��تفادة م��ن‬ ‫الحط��ب بع��د جنى محص��ول القط��ن بقطع‬ ‫الشجيرات لتعويض ما خسروه‪.‬‬ ‫يق��ول محم��د "ازداد الطل��ب ف��ي الس��نوات‬ ‫الث�لاث الماضية عل��ى الحطب ف��ي ريف دير‬ ‫الزور‪ ،‬خصوص ًا مع توقف معظم أفران الخبز‬ ‫ع��ن العم��ل‪ ،‬واعتماد الن��اس ف��ي المنطقة‬ ‫على المخاب��ز المنزلية (التن��ور) والتي تعمل‬ ‫بالحطب"‪.‬‬

‫وبسبب الطلب المتزايد عليه ارتفعت أسعاره‪،‬‬ ‫بع��د الثورة بحدود العش��رة أضع��اف‪ ،‬ويقول‬ ‫حس��اوي من ريف دير الزور‪" :‬اشتريت حطب‬ ‫م��ن أجل الخب��ز لعائلتي حيث يب��اع بالدونم‪،‬‬ ‫وقم��ت بتقطيعه وجمعه‪ ،‬وذلك مقابل ‪7000‬‬ ‫لي��رة والبعض اش��تروه ب��ـ ‪ 10000‬ليرة‪ ،‬في‬ ‫حين كان يباع قبل الثورة بـ ‪ 1500‬ليرة"‪.‬‬

‫ا�ستغالل التجار‬

‫لم يس��تلم النظام القطن ف��ي دير الزور من‬ ‫الفالحي��ن ف��ي الع��ام الفائت‪ ،‬بس��بب خروج‬ ‫محال��ج دي��ر ال��زور ع��ن الخدمة‪ ،‬واس��تيالء‬ ‫فصائ��ل معارض��ة عل��ى بعضه��ا‪ ،‬والنه��ب‬ ‫ال��ذي طالها‪ ،‬لذلك ب��ات المزارع��ون يبيعون‬ ‫محصولهم في الس��وق السوداء‪ ،‬بعد أن كان‬ ‫ذلك ممنوعاً في عهد النظام‪ ،‬فانتش��رت اآلن‬ ‫أس��واق محلية خاصة بم��ادة القطن في ريف‬ ‫دير الزور‪.‬‬ ‫محمد االبراهي��م من ريف دير الزور الغربي‪،‬‬ ‫يعم��ل في تج��ارة القطن من ثالث س��نوات‪،‬‬ ‫يقول‪" :‬أقوم بش��راء القطن م��ن المزارعين‬ ‫في ريف دير الزور‪ ،‬بأس��عار تت��راوح بين ‪89‬‬ ‫إلى ‪ 95‬ألف ليرة سورية للطن الواحد‪ ،‬وأبيعه‬ ‫ف��ي مدينة الرق��ة التي تعد مرك��زا لتجارته‪،‬‬ ‫بأكث��ر من ‪ 100‬ألف للط��ن‪ ،‬ليذهب فيما بعد‬ ‫عب��ر التج��ار والسماس��رة إل��ى تركي��ا أو إلى‬ ‫النظام فيتم تس��ليم ش��حنات من��ه من قبل‬ ‫التجار عن طريق مدينة حماه"‪.‬‬ ‫وال يخلو األمر من قيام التجار باستغالل وضع‬ ‫الفالحي��ن وازدي��اد العرض من م��ادة القطن‬ ‫فيتحكمون باألس��عار‪ ،‬حي��ث يخزنون القطن‬ ‫وم��ن ث��م يبيعون��ه بأس��عار مرتفع��ة لتجار‬ ‫باق��ي المحافظات أو لتجار أت��راك‪ ،‬وعن ذلك‬ ‫يقول الفالح عباس "اش��ترى أح��د التجار من‬ ‫أبن��اء المنطقة‪ ،‬من المزارعين في الموس��م‬ ‫الماض��ي كمية تف��وق ‪ 50‬طن م��ن القطن‪،‬‬ ‫بس��عر بخس ال يتجاوز السبعين ليرة للكيلو‪،‬‬ ‫مستغ ً‬ ‫ال حالة الركود في تجارته نتيجة انعدام‬ ‫األمن على الط��رق‪ ،‬وقد باع هذه الكمية بعد‬ ‫فترة وجيزة‪ ،‬بأس��عار وصل��ت إلى ‪ 105‬ليرات‬ ‫للكيل��و ألحد التج��ار في حل��ب‪ ،‬وبذلك يجني‬ ‫التج��ار الماليين في حين ي��كاد الفالح يعجز‬ ‫عن تغطية تكاليف عملية الزراعة"‪.‬‬


‫ال�شرطة احلرة ترف�ض االعرتاف باحلكومة‬ ‫امل�ؤقتة ووزير داخليتها‬

‫ّ‬ ‫وأك��د البي��ان الموق��ع من قي��ادات الشّ��رطة‬ ‫أن " الشّرطة‬ ‫الحرّة في حلب وإدلب والالذقية ّ‬ ‫السورية الحرّة‪ ،‬تعمل على األرض‪ ،‬ومهمّتها‬ ‫خدمة الوطن المواطن وجميع السّورييّن‪ ،‬وال‬ ‫تتب��ع أليّ قوى سياس��ية‪ ،‬إال إذا أتت بنا ًء على‬ ‫قاعدة التّوافق بين مختلف المكوّنات ال ّثوريّة‬ ‫الحرّة بعيداً عن أيّ إمالءات أو تحزّبات"‪.‬‬

‫كش��فت وزارة الصحة التركية عن أن النس��اء‬ ‫الس��وريات الالتي لج��أن إلى تركي��ا هربا من‬ ‫وي�لات الح��رب التي تعص��ف ببالدهن وضعن‬ ‫‪ 46‬ألفا و‪ 976‬طفال في أربع سنوات‪.‬‬ ‫ووفقا للتقرير‪ ،‬كان ع��دد األطفال المولودين‬ ‫ف��ي تركيا ‪ 307‬أطفال في ع��ام‪ 2011‬وارتفع‬ ‫إلى ‪ 39‬ألفا في ‪.2014‬‬ ‫وذك��ر التقري��ر أن ‪ 47‬ألف��ا و‪ 974‬طفال ولدوا‬ ‫في تركيا خالل أربع سنوات‪ .‬وتقدم ‪ 103‬آالف‬

‫و‪ 946‬ش��خصا في عام ‪ 2011‬إلى العيادات في‬ ‫المناطق المأهولة بالالجئين‪ ،‬إال أن هذا العدد‬ ‫وصل إلى ‪ 6‬ماليين في ‪.2014‬‬ ‫وتاب��ع التقرير أن ‪ 248‬ألفا و‪ 766‬من الالجئين‬ ‫الذي��ن تلق��وا الع�لاج ف��ي تركيا أجري��ت لهم‬ ‫عملي��ات جراحي��ة‪ ،‬كم��ا تط��رق التقري��ر إلى‬ ‫عملية التطعيم التي أث��ارت انتباه الرأي العام‬ ‫ف��ي اآلونة األخيرة‪ ،‬وقد ت��م تطعيم ‪ 873‬ألفا‬ ‫و‪ 371‬الجئا خالل ‪ 3‬سنوات في تركيا‪.‬‬

‫الغوطة ت�ستغني عن البح�صة ب�سوق �إلكرتوين خا�ص بها‬

‫لـ "سوريتنا‪" :‬نحن نقدم عبر مجوعتنا خدمة‬ ‫س��وق متكام��ل‪ ،‬حيث يمك��ن للزائ��ر طلب‬ ‫أجهزة محددة وش��راؤها كم��ا يمكنه عرض‬ ‫أجهزته للبيع في نفس المجموعة‪".‬‬ ‫ويضي��ف "أب��و الخي��ر" أن االختصاصيي��ن‬ ‫المش��رفين على المجموعة يعملون س��ويًا‬ ‫إليج��اد حل��ول مبتك��رة لمش��اكل معق��دة‬ ‫كضع��ف تغطي��ة ش��بكات الهات��ف الخلوي‪،‬‬ ‫وذلك عبر ابت��كارات تقنية بد ً‬ ‫ال عن االجهزة‬

‫التقليدية التي تس��تخدم ف��ي هكذا حاالت‪،‬‬ ‫والتي اصبحت نادرة وصعبة اإلصالح بسبب‬ ‫الحصار وفقدان معظ��م القطع اإللكترونية‬ ‫األساسية‪.‬‬ ‫وتضم المجموعة ما يزيد على ‪ 250‬شخصاً‬ ‫يعي��ش معظمه��م ف��ي مناط��ق الغوط��ة‬ ‫الش��رقية‪ ،‬كم��ا تض��م مجموع��ة مش��ابهة‬ ‫مخصصة ألهالي الغوطة الغربية نحو ‪320‬‬ ‫شخصًا‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫اش��تهرت منطق��ة "البحص��ة" في دمش��ق‬ ‫باحتضانه��ا س��وقاً لمنتج��ات التكنولوجي��ا‬ ‫إضاف��ة إل��ى تجمع ع��دد كبير من ش��ركات‬ ‫ومراكز الصيانة والدعم التقني‪.‬‬ ‫لكن أصبح الوصول إلى البحصة عصياً على‬ ‫أهالي الغوطة الشرقية المحاصرة منذ أكثر‬ ‫من س��نتين‪ ،‬مادفع ش��بابًا من أبناء الغوطة‬ ‫إلى إنشاء س��وق جديد أغنى األهالي هناك‬ ‫ع��ن "البحص��ة" وتكف��ل بس��د حاج��ة تلك‬ ‫المناطق للتكنولوجيا الحديثة إلى حد ما‪.‬‬ ‫وتع��رض أس��واق الغوط��ة اإللكتروني��ة‬ ‫بضاعتها عبر مجموعة أطلقها نش��طاء في‬ ‫موق��ع التواص��ل االجتماعي "في��س بوك"‪،‬‬ ‫وفيه��ا يج��د الزائر كل ما يحتاج��ه من قطع‬ ‫الكترونية‪ ،‬مع امكانية الشراء والبيع‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى خدم��ة الدع��م التقن��ي الت��ي يقدمها‬ ‫القائمون على الصفحة للزوار‪.‬‬ ‫ويق��ول "أب��و الخي��ر" أح��د القائمي��ن عل��ى‬ ‫مجموعة سوق الغوطة الشرقية اإللكتروني‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫�أكرث من ‪� 46‬ألف مولود �سوري يف تركيا منذ‬ ‫بداية اللجوء �إليها‬

‫افتتحت الس��لطات التركية يوم الخميس‬ ‫معبراً حدودي ًا جديداً مع سوريا مخصصًا‬ ‫لعب��ور حامل��ي بطاق��ة "‪ "Kimlik‬الت��ي‬ ‫تمنحه��ا الحكوم��ة التركي��ة لالجئي��ن‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأف��اد مصدر مطل��ع على عم��ل الجانب‬ ‫الس��وري م��ن المعب��ر لـ"س��وريتنا" أن‬ ‫الس��لطات التركي��ة افتتح��ت المعب��ر‬ ‫لتس��هيل عب��ور المواطني��ن الس��وريين‬ ‫الذي��ن ال يحمل��ون ج��وازات س��فر‪ ،‬وهو‬ ‫مخصص للذي��ن يحملون بطاقة تعريف‬ ‫تركية "‪ ،"Kimlik‬وال يسمح لحاملي جواز‬ ‫السفر العبور من خالله‪.‬‬ ‫ولفت المصدر إلى أن إدارة المعبر تسمح‬ ‫لحام��ل البطاق��ة بتس��جيل الخ��روج من‬ ‫تركي��ا‪ ،‬ودخ��ول س��وريا م��رة واحدة كل‬ ‫‪ 15‬يوم��ًا‪ ،‬مع ع��دم تحديد مهل��ة زمنية‬ ‫لمعاودة دخول تركيا من نفس المعبر‪.‬‬ ‫وأضاف أن المعبر يبدأ عمله في الس��اعة‬ ‫الرابع��ة عش��رة حتى الس��اعة الس��ابعة‬ ‫عش��رة من كل يوم‪ ،‬ويحاذي المعبر من‬ ‫الجانب التركي قرية "غوفيتشي" جنوبي‬ ‫إقليم هاتاي‪ ،‬ومن الجانب السوري قرية‬ ‫خربة الجوز التابعة لجس��ر الش��غور في‬ ‫محافظة إدلب‪.‬‬ ‫وفض ً‬ ‫ال عن استخدامها للعبور من المنفذ‬ ‫الجديد‪ ،‬تعطي بطاق��ة "‪ "kimlik‬لحاملها‬ ‫حق االس��تطباب المجاني في المش��افي‬ ‫الحكومي��ة التركي��ة‪ ،‬وح��ق التعل��م في‬ ‫المدارس والجامعات التركية‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫إعفاء حامل جواز الس��فر الس��وري الذي‬ ‫يمتل��ك البطاقة من غرام��ة المكوث في‬ ‫تركيا ألكثر من ثالثة أشهر في حال رغب‬ ‫بالخروج من تركيا إل بلد غير سوريا‪.‬‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫أص��درت "الشّ��رطة السّ��ورية الح��رّة " بيان ًا‬ ‫رفض��ت في��ه االعت��راف بالحكومة الس��وريّة‬ ‫المؤقتة التي شُكلت مؤخّرا‪ ،‬والتّعاون مع أيّ‬ ‫وزارة داخليّ��ة تفرضه��ا قوى سياس��يّة بدون‬ ‫استش��ارة وموافق��ة ق��وى "الشّ��رطة الحرّة"‬ ‫العامل��ة على األرض السّ��وريّة في المناطق‬ ‫المحرّرة"‪.‬‬ ‫وجاء هذا البيان‪ ،‬بُعيد اجتماعات الهيئة العامة‬ ‫لالئتالف التي استمرت عدة ايام حتى تمخض‬ ‫عنه��ا ترش��يح وزي��ر للداخلي��ة ف��ي الحكومة‬ ‫المؤقت��ة‪ ،‬وه��و م��ا رفضت��ه الش��رطة الحرة‬ ‫ف��ي بيانها ال��ذي ورد في��ه "نرفض ترش��يح‬ ‫عوض العل��ي وزي��را للدّاخليّ��ة"‪ ،‬معتبر ًة أن‬ ‫هذا الترش��يح "ج��اء بنا ًء عل��ى مصالح حزبيّة‬ ‫وسياس��يّة‪ ،‬تجاهل��ت تضحي��ات الشّ��عب‬ ‫السّوري الذي ثار ضدّ الظلم ّ‬ ‫والطغيان" على‬ ‫حد وصف البيان‪.‬‬

‫تركيا تفتتح معرب ًا جديد ًا‬ ‫مع �سوريا حلاملي بطاقة الـ‬ ‫"‪"KIMLIK‬‬

‫‪5‬‬


‫حني نادت امل�ساجد تو�ض�ؤوا‪ ..‬توقف الر�صا�ص على بردى‬ ‫دمشق ‪ -‬فؤاد دياب‬

‫اندساسية ‪. .‬‬ ‫دندنات وتقارير ‪. .‬‬ ‫أخبار‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫كان كافي�� ًا للدمش��قيين أربع��ة أي��ام م��ن‬ ‫مي��اه‪ ،‬كي يغيروا كل ما الكته ألس��تنهم عن‬ ‫الكهرب��اء والبرد والنظام والمعارضة والهاون‬ ‫والبرميل‪ ،‬العاصمة بماليينها الس��بعة الذين‬ ‫تغ��صّ به��م المن��ازل والحدائ��ق والمالجئ‬ ‫والمدارس‪ ،‬كانت تصبح وتمس��ي على سؤال‬ ‫واحد "إجت المي؟؟"‪..‬‬ ‫أكث��ر م��ن ‪ 7‬ماليي��ن قاط��ن ف��ي دمش��ق‪،‬‬ ‫غالبيته��م من واف��دي الريف المدمّ��ر‪ ،‬كانوا‬ ‫عل��ى اس��تعداد ليدخلوا كت��اب "غينيس" من‬ ‫بابه الخلف��ي‪ ،‬كأكبر عدد من العطش��ى في‬ ‫مكان واح��د! تجربة دمش��ق (بطبيعة الحال)‬ ‫ال ش��يء أمام مأس��اة حل��ب‪ ،‬فالعاصمة التي‬ ‫ظنّ��ت نفس��ها عطش��ى بأربعة أي��ام بدون‬ ‫م��اء‪ ،‬ال تملك م��ا تعزّي ب��ه مدينة الش��مال‬ ‫التي اس��تطاعت ‪ -‬سابقًا ‪ -‬أن تبقى في الحدّ‬ ‫األدنى م��ن الحياة على مدى أكثر من أربعين‬ ‫يومًا بدون ماء‪.‬‬ ‫وكم��ا حُ ّلت مش��كلة حل��ب‪ ،‬ح ّلت أيض��ا أزمة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬بتس��وية "من تح��ت الطاول��ة"‪ ،‬لم‬ ‫تعلن بشكل رس��مي‪ ،‬لكن علمت بها أرصفة‬ ‫العاصمة قبل نسائها‪.‬‬ ‫التس��وية اُختص��رت بوقف إلط�لاق النار في‬ ‫منطقة وادي بردى التي شهدت عم ً‬ ‫ال عسكري ًا‬ ‫مطل��ع الش��هر الحال��ي‪ ،‬فيم��ا تم��ت محاولة‬ ‫الحص��ول على مزي��د من البن��ود ضمن هذه‬ ‫التسوية‪ ،‬لكن المعادلة البسيطة كانت‪ ،‬وقف‬ ‫النار مقابل ضخ المياه‪.‬‬ ‫ال أدري م��ا هو الفصيل المس�� ّلح المس��يطر‬ ‫على منطقة عين الفيجة‪ ،‬لكن ما أعلمه أنهم‬ ‫مقاتل��ون محليون م��ن أبناء البل��دة والبلدات‬ ‫المج��اورة‪ ،‬بيده��م مقالي��د أمور المي��اه منذ‬ ‫م��ا يزيد عن عامي��ن‪ ،‬وفي جعبته��م مفاتيح‬ ‫الصنابي��ر‪ ،‬أص��دروا بيان ًا رس��مياً م��ع اقتراب‬ ‫ني��ران قوات الحكومة إلى مداخل بلدتي عين‬ ‫الفيج��ة وعي��ن الخضرة‪ ،‬يعلن��ون فيه نيتهم‬ ‫تلغي��م وتفجير نبع عي��ن الفيجة‪ ،‬ووقف ضخ‬ ‫المياه‪ ،‬في حال لم تتوقف العملية في الحال‪،‬‬ ‫حينه��ا اس��تمرت العملي��ة‪ ،‬وتوقف��ت المياه‪،‬‬ ‫وتوقفت العملية‪ ،‬فعاد ضخ الماء‪.‬‬ ‫معادلة التس��وية في منطق��ة عين الفيجة ال‬ ‫تختلف كثي��راً‪ ،‬عن معادلة النفط المس��تورد‬ ‫م��ن "تنظي��م الدولة اإلس�لامية في الش��ام‬ ‫والع��راق" المس��يطر على حق��ول النفط في‬ ‫المنطق��ة الش��رقية‪ ،‬وال تمت��از أيض�� ًا ع��ن‬ ‫معادل��ة "الكهرباء المس��تقدمة" من منطقة‬ ‫جي��رود بريف دمش��ق التي كان��ت أيضا تحت‬ ‫سيطرة "أحرار الشام"‪ ،‬وال تبتعد عن عشرات‬ ‫المعادالت وموازين قوى الميدان مع السياسة‪.‬‬ ‫ال يهت��مّ أبن��اء العاصم��ة كثيرا بمن س��يطر‬ ‫داخ��ل بلدة عي��ن الفيجة‪ ،‬وأي عب��ارات تكتب‬ ‫على الجدران‪ ،‬أو ماذا يتك ّلم الس��كان صباحاً‪،‬‬ ‫ف��ي بل��دة تبع��د ع��ن العاصم��ة حوال��ي ‪27‬‬ ‫ك��م‪ ،‬وكانت فيم��ا مض��ى واحدة م��ن أجمل‬ ‫المتنزه��ات‪ّ .‬‬ ‫ج��ل م��ا يعني الدمش��قيين هو‬ ‫ق��دوم الماء‪" ،‬ولو م��ن العفاريت الزرق" على‬ ‫ح��دّ تعبير واح��دة من األمهات‪ ،‬التي ش��غلها‬ ‫الغس��يل المتراك��م‪ ،‬والصحون الت��ي تنتظر‬ ‫ماء الجلي‪ ،‬أكثر من انش��غالها بقذائف الهاون‬ ‫والرصاص المتفجّر وس��يارات اإلسعاف التي‬

‫ال تنام‪.‬‬ ‫وقد تابعت النسوة نش��رات األخبار خالل هذا‬ ‫األس��بوع‪ ،‬أكثر مم��ا تابعنها عش��ية الضربة‬ ‫األمريكي��ة الت��ي كانت متوقعة على دمش��ق‬ ‫العام الفائت‪ ،‬فيما ش��ارك الرجال هذه المرة‪،‬‬ ‫الن��دب و"الن��ق"‪ ،‬فـ"الماء ّ‬ ‫خط أحمر" بحس��ب‬ ‫تعبير س��ائق التكسي الذي ما فرغ من حديثه‬ ‫عن المياه حتى أنزلني في منطقة البرامكة‪،‬‬ ‫وهن��اك‪ ،‬كان م��ؤذّن الجام��ع ين��ادي عل��ى‬ ‫المئذنة‪ ،‬أن يأتي المص ّلين متوضئين‪ ،‬ألنه ال‬ ‫ماء في الجامع أيض ًا‪.‬‬ ‫ولتخت��م الحكاية‪ ،‬مع إعالم��ي إذاعي معروف‬ ‫داخل دمشق‪ ،‬يدعى عمر عيبور‪ ،‬حيث سمعته‬ ‫صدف��ة عل��ى م��دى ‪ 5‬دقائ��ق عل��ى اإلذاعة‬ ‫الرس��مية‪ ،‬يتحدّث عن تس��وية ف��ي الغوطة‬ ‫الش��رقية‪ ،‬ويتك ّلم عن العوائل المدنية التي‬ ‫خرج��ت من معب��ر حاج��ز الوافدي��ن‪ ،‬وينهي‬

‫برنامج��ه‪ ،‬بعبارات كانت قبل س��نتين بمثابة‬ ‫التهمة التي "توهن نفسيّة األمّة"‪.‬‬ ‫دعا عيب��ور أن يصلح ح��ال الب�لاد‪" ،‬فالصلح‬ ‫س��يد األح��كام" و"اهلل يلمّ الش��مل ويطيّب‬ ‫القلوب"‪ ،‬و"إنش��ا اهلل تصير المصالحة بدوما‬ ‫وكل الغوطة الش��رقية" األمر الذي ال يمانعه‬ ‫كثي��رون من المقاتلي��ن المحليين في محيط‬ ‫العاصمة‪ ،‬سواء أعلنوا ذلك صراحة‪ ،‬أو رغبوا‬ ‫به في السر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لعل أبرز التس��ويات الناجح��ة كانت تلك التي‬ ‫حدث��ت ف��ي ش��باط ‪ 2014‬بحي برزة ش��مال‬ ‫ش��رق العاصمة‪ ،‬إضافة لتلك التس��وية التي‬ ‫كان��ت قبل عامين‪ ،‬وعادت‪ ،‬إلى غرب دمش��ق‬ ‫في منطقة عين الفيجة‪ ،‬حيث عاش��ت البلدة‬ ‫اس��تقراراً طيل��ة تل��ك الفترة ضمن تس��وية‬ ‫ضمن��ت الحياة س��ابقا للعاصم��ة‪ ،‬واآلن تعود‬ ‫الحياة إليها مع تسوية جديدة‪.‬‬

‫«النغف �أو الدودة احللزونية» مر�ض خطري‬ ‫يظهر يف دم�شق‬ ‫س��جلت ث�لاث حاالت من مرض «النغ��ف أو الدودة الحلزونية» بالقرب من دمش��ق‪ ،‬في أول‬ ‫ظه��ور لهذا المرض في س��وريا وس��ببه دودة تتغذى من اللحم‪ ،‬بحس��ب خب��راء في االمم‬ ‫المتحدة‪.‬‬ ‫يظه��ر داء النغف الذي يهدد الماش��ية‪ ،‬جراء وضع ذباب بيوضه في الج��روح المفتوحة‪ ،‬ثم‬ ‫تتح��ول البي��وض إلى يرقات تتغذى من اللح��م‪ .‬وهو ليس مميتا لدى البش��ر‪ ،‬لكن ظهوره‬ ‫مؤشر خطير على تدهور الظروف المعيشية في المنطقة التي تجتاحها الحرب‪ ،‬وفق خبراء‬ ‫منظمة الصحة العالمية‪.‬‬ ‫وأصدرت المنظمة تحذيراً بش��أن عودة ش��لل االطفال إلى شمال سوريا‪ ،‬وكذلك حاالت من‬ ‫السل والتيفوئيد والجرب على مستوى وبائي‪.‬‬ ‫وصرح «كريس��تيان لندماير» المتحدث باس��م المنظمة لوكالة «فران��س برس»‪« :‬أنه تم‬ ‫اإلبالغ عن ثالث حاالت من داء النغف في ‪ 19‬تشرين الثاني في دوما بالغوطة الشرقية «‪.‬‬ ‫وق��ال لندماي��ر إن «مرض النغف ليس خطراً بح��د ذاته‪ ،‬ولكن ينبغي النظ��ر إليه باعتباره‬ ‫مؤشراً على نقص حاد في الماء والنظافة الصحية‪ ،‬وكذلك على تدهور الظروف المعيشية‬ ‫واالجتماعية في المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها»‪.‬‬ ‫وأضاف أن دمش��ق القريبة من منطقة دوما‪ ،‬والتي تحص��ل في الظروف العادية على نحو‬ ‫‪ 350‬أل��ف مت��ر مكعب من مياه الش��رب يومياً‪ ،‬لم تعد تحصل س��وى على ثل��ث كمية مياه‬ ‫الشرب‪.‬‬


‫القطط ال تعرف النزوح‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫بهزاد حمو‬

‫عالء «مسعف القط» | رويترز‬

‫م��ا إن تقت��رب س��يارة ع�لاء تب��دأ القط��ط‬ ‫المجتمعة في صفوف عبثية باإلنصات لهدير‬ ‫الس��يارة القادم��ة من بعي��د‪ ،‬وم��ا إن يُطلق‬ ‫ع�لاء زمور اإلس��عاف مُفصحاً ع��ن هويّته‪،‬‬ ‫حتى تب��دأ القطط بالركض مس��رعة باتجاه‬ ‫السيارة‪.‬‬ ‫ل��م يس��تغرق ع�لاء الكثي��ر م��ن الوقت في‬ ‫اختيار أس��ماء قططه‪ّ ،‬‬ ‫فكل منه��ا كما يقول‪،‬‬ ‫يجسّ��د االس��م الذي أطلقه عليه��ا من وحي‬ ‫الواقع المُعاش في حلب وس��وريا عموماً منذ‬ ‫أربعة أعوام‪" :‬داعش السوداء ال تنتظر اإلذن‬

‫ُ‬ ‫تعرف النزوح!‬ ‫القطط ال‬

‫الحرب الدائرة في حي مس��اكن هنانو‪ ،‬والذي‬ ‫يخض��ع في الوق��ت الحالي لس��يطرة فصائل‬ ‫ع��دّة من المعارض��ة المس��لحة‪ ،‬دفعتْ أكثر‬ ‫من س��بعة آالف عائلة إلى الن��زوح مما حوّله‬ ‫لرقعة واس��عة من الدمار يخيّم عليه صمتٌ‬ ‫مطبق وم��وا ُء قطط عالء‪ ،‬ليج��د األخير فيها‬ ‫تعويض�� ًا ع��ن أصدقائ��ه الرحلين م��ن قتلى‬ ‫ومهاجري��ن‪ ..‬يختت��م ع�لاء حديث��ه قب��ل أن‬ ‫يصعد س��يارة اإلس��عاف متوجّه��اً إلى إحدى‬ ‫الجبهات على أط��راف المدينة‪" :‬من الجيّد أن‬ ‫القطط ال تعرف النزوح‪ ،‬كنتُ س��أبقى وحيداً‬ ‫وسط هذا الدمار الكثيف"‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫داع�ش تناف�س ال�سيخوي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫بحي "مساكن هنانو"‬ ‫في زاوية شارع مهجور ِّ‬ ‫بحلب‪ ،‬والذي أحالته الحرب إلى حطام متناثر‪،‬‬ ‫يجلسُ عالء محاط ًا بعش��راتِ القطط وهي‬ ‫تم��وء جائع��ة‪ ،‬بينما يه��مُ باس��تخراج قطع‬ ‫موضوع أمامه‪.‬‬ ‫ممزّق‬ ‫كيس‬ ‫اللحم من ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يق��ول عالء ب��أن حكايت��ه في إطع��ام قطط‬ ‫المدينة‪ ،‬بدأت مع حوالي عشرة منها‪ ،‬سرعان‬ ‫م��ا تضاعف العدد‪ ،‬ليصل إل��ى أكثرَ من مئة‬ ‫وخمس��ين قطة‪ .‬بحس��ب عالء ال��ذي يضيف‬ ‫ضاحكًا‪" :‬ب ّلشوا يعزموا بعضون لما عرفو إنو‬ ‫في لحم"‪.‬‬ ‫يعمل عالء س��ائقًا لس��يارة إس��عاف براتب ال‬ ‫يتج��اوز (‪ 30‬ألف لي��رة) ش��هري ًا‪ ،‬أي ما يعادل‬ ‫‪ 200‬دوالر تقريب��اً‪ .‬يتقاس��مه م��ع القط��ط‬ ‫ً‬ ‫مناصفة‪" .‬إلس��كات ه��ذا المواء الح��اد‪ ،‬ال بد‬ ‫م��ن اللحم" يقول عالء‪ ،‬ال��ذي يجلب يومي ًا ما‬ ‫مقداره ثالثة إلى أربعة كيلو غرامات من لحم‬ ‫الدجاج المث ّلج‪.‬‬ ‫عائ��د من س��وق المدين��ة المدمّ��ر معظمه‪،‬‬ ‫يتلقى عالء اتصا ً‬ ‫ال عبر جهازه الالس��لكي من‬ ‫إحدى جبه��ات الحرب‪ ،‬ينادي��ه الصوت القادم‬ ‫مرتجفاً عبر الجهاز‪" :‬أس��رع ما اس��تطعت‪ ،‬يا‬ ‫عالء! ثمّ��ة جرحى وعليك إس��عافهم"‪ .‬وبعد‬

‫حي��رةٍ قصيرة لك��ن عميقة‪ ،‬يق��ول متنهّداً‪:‬‬ ‫"ثم��ة أكث��ر من مئة وخمس��ين روح�� ًا تنتظر‬ ‫قدوم��ي جائع��ة من��ذ األمس‪ ،‬وف��ي المقابل‬ ‫هناك أرواح أخرى تنازع الموت على الجبهات"‪.‬‬ ‫بهذه العبارة يص��ف الرجل حيرته بين إكمال‬ ‫طريق��ه وإطعام "جيش القط��ط المنتظرة"‪،‬‬ ‫أو التوجّ��ه بعيداً إلى الجبهة كم��ا ُطلب منه‪،‬‬ ‫إلس��عاف جرحى إح��دى الفصائل العس��كرية‬ ‫التابع��ة للمعارض��ة المس��لحة والت��ي يعمل‬ ‫معها‪ .‬لكنه يستدرك‪" :‬لن تموت القطط جوعًا‬ ‫إن تأخرتُ عليها لساعاتٍ أخرى"‪.‬‬

‫ّ‬ ‫المنقطة‪،‬‬ ‫بمباش��رة الطعام‪ ،‬كذلك س��يخوي‬ ‫تنقضُ على الكيس هناك أيضاً زورو النبيل‬ ‫ّ‬ ‫ كم��ا يصف��ه ع�لاء ‪ -‬وهن��اك الت��او‪ ،‬اللغم‬‫وغيرها"‪.‬‬ ‫تجتم��ع عش��رات القطط أم��ام باب الس��يارة‬ ‫الخلف��ي‪ ،‬ولمجرد نزول ع�لاء محمّ ً‬ ‫ال بكيس‬ ‫اللح��م‪ ،‬تنق��ضّ علي��ه "الس��يخوي" ممزّقة‬ ‫أج��زا ًء من��ه‪ ،‬إال أن "داعش" تبقى األس��رع أو‬ ‫ربم��ا األج��در باقتن��اص القط��ع الكبيرة من‬ ‫اللح��م‪ ،‬دون أن تج��رؤ أي��ة قطة أخ��رى على‬ ‫التفكير باالقتراب من حصّتها‪.‬‬ ‫"زورو" فضّ��ل التمهّ��ل كجائ��ع نبي��ل ريثما‬ ‫يباش��ر عالء برمي قطع اللحم له ولعش��رات‬ ‫القط��ط األخ��رى قتل��تُ ّ‬ ‫قطة!يس��ير ع�لاء‬ ‫بعد االنته��اء من إطعام القطط في ش��وارع‬ ‫ح ِّيه الف��ارغ‪ ،‬والذي ش��هدَ مع دخ��ول كتائب‬ ‫المعارضة المسلحة شهر آب ‪ 2012‬اشتباكات‬ ‫ً‬ ‫مصحوبة بقصف من الطيران الحربي‬ ‫عنيفة‬ ‫والمروح��ي مما أدّى إلى تدمير أكثر من ‪250‬‬ ‫منز ً‬ ‫ال‪ ،‬وفقد ‪ 380‬طف ً‬ ‫ال من أبناء الحي لحياته‪،‬‬ ‫بحسب إحصائيات نشطاء من المدينة‪.‬‬ ‫يحمل ع�لاء ّ‬ ‫قطت��ه المنزلية "لولو"‪ ،‬يمسّ��د‬ ‫وبره��ا األبيض‪ ،‬متحدّثاً بحس��رة عن حادثة‬ ‫منزل تعرّض‬ ‫إنقاذه لقطةٍ من تحت أنقاض‬ ‫ٍ‬ ‫لبرمي��ل متفجّر‪ ،‬ومن ثمّ اضط��راره لقتلها‬ ‫"بعد أن فقد األمل بش��فائها" على حد تعبيره‬ ‫نبوي لم ّ‬ ‫يتذكره‪.‬‬ ‫وبرّر فعلته بحديثٍ‬ ‫ٍّ‬

‫‪7‬‬


‫حتولن ملعيالت‪� ،‬سيدات �سوريات يع�شن غياب الزوج �أو رحيله‬ ‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫«ش��اهدت جثث جيراني تح��ت األنقاض بعد‬ ‫س��قوط برميل متفجر عل��ى منزلهم القريب‬ ‫من��ا‪ ،‬م��ن بي��ن الضحاي��ا طفل��ة ل��م تتجاوز‬ ‫العامي��ن؛ كان��ت بحض��ن والدته��ا‪ ،‬س��قط‬ ‫البرميل على مقربة من منزلنا‪ ،‬وقتلت أسرة‬ ‫أخرى‪ ،‬كان من الممك��ن أن أكون مع أطفالي‬ ‫مكانها‪ ،‬س��اعة القصف أهرب إلي البس��اتين‬ ‫كي احتمي مع األطفال» بهذه الكلمات تصف‬ ‫علي��اء م ‪ 35‬عام��اً‪ ،‬ج��زء م��ن يومه��ا بعد أن‬ ‫استشهد زوجها برصاص قناص منذ أكثر من‬ ‫عامي��ن تارك ًا لها خمس��ة أطفال أكبرهم في‬ ‫التاس��عة من العمر واألصغر يبل��غ من العمر‬ ‫عامين ونصف العام‪.‬‬ ‫علي��اء ليس��ت وحده��ا‪ ،‬فمثلها الكثي��رات من‬ ‫الس��وريات اللوات��ي فق��دن معيله��ن خ�لال‬ ‫الس��نوات الماضية بفع��ل االقتتال في البالد‪٬‬‬ ‫فاضطررن لحمل مسؤولية األسرة في ظرف‬ ‫مادي��ة واجتماعي��ة صعب��ة للغاية‪ ،‬م��ع غياب‬ ‫ش��به تام لمنظمات فاعلة في مساعدة األسر‬ ‫المنكوبة جراء الحرب‪.‬‬ ‫ما ت��زال علياء تعم��ل في مرك��ز صحي تابع‬ ‫للحكومة الس��ورية لتأمين احتياجات أس��رتها‬ ‫المالي��ة‪ ،‬ف��ي ظل غي��اب مؤسس��ات وهيئات‬ ‫قادرة على تقديم المس��اعدة لها‪ ،‬وإن وجدت‬ ‫بع��ض الهيئ��ات اإلغاثي��ة‪ ،‬تتدخل الواس��طة‬ ‫والمحس��وبية ف��ي عملها «انتق��ل يوميًا بين‬ ‫البل��دة التي نزح��ت إليها وم��كان عملي الذي‬ ‫يبع��د عنها أكثر م��ن ‪ 30‬كيلو مت��ر‪ ،‬معرضة‬ ‫نفس��ي للكثير م��ن المخاطر‪ ،‬وغالب�� ًا ما يتم‬ ‫اس��تهداف بلدت��ي أثن��اء تواجدي ف��ي العمل‬ ‫بالبرامي��ل المتفجرة أو بالقص��ف المدفعي‪،‬‬ ‫إضاف��ة إلى مخاطر الطريق الطويل والغارات‬ ‫المفاجئة للطيران السوري»‪.‬‬ ‫ال تقتص��ر معاناة المرأة على وفاة زوجها‪ ،‬بل‬ ‫ق��د تتضاعف حين يت��م االعتق��ال‪ ،‬هذا حال‬

‫أم محمد‪ ،‬التي اعتق��ل زوجها وابنها من قبل‬ ‫ق��وات النظام قبل أكثر م��ن ثالثة أعوام‪ ،‬لم‬ ‫يتج��اوز عمر ولدها محمد السادس��ة عش��ر‪،‬‬ ‫حين اعتقل برفق��ه والده‪ ،‬ومنذ تلك اللحظة‬ ‫انقطع��ت أخبارهما مع اس��تحالة العثور على‬ ‫أي معلومة عن مصيرهم المجهول‪ ،‬فباتت أم‬ ‫محمد المس��ؤولة عن تأمين احتياجات األسرة‬ ‫ورعايتها‪.‬‬ ‫تق��ول‪« :‬أعم��ل الي��وم م��ع بقي��ة أوالدي في‬ ‫قط��اف الزيتون لتأمين جزء يس��ير من المال‬ ‫لس��دّ احتياجاتن��ا‪ ،‬يب��دأ عملن��ا منذ س��اعات‬ ‫الصب��اح الباك��ر‪ ،‬وال نع��ود إال قب��ل الغ��روب‬ ‫بقليل‪ ،‬ال يتوفر العمل في هذا المجال بشكل‬ ‫مس��تمر‪ ،‬وغالبا ما نفقد الم��ال ونعيش على‬ ‫الكف��اف‪ ،‬وأحيان��ا يس��اعدنا بع��ض األهالي‬ ‫بتأمي��ن الطع��ام والخب��ز‪ ،‬ثالثة م��ن أبنائي‬ ‫ترك��وا المدرس��ة‪ ،‬أحدهم يعمل في ورش��ة‬ ‫لتصليح السيارات لكن المقابل المالي ال يكاد‬ ‫يؤمن لنا ربطة خبز نظراً الرتفاع األسعار»‪.‬‬ ‫مع الفاقة وغياب الرجل عن العائلة‪ ،‬انتشرت‬ ‫ظاه��رة زواج القاص��رات ف��ي درع��ا وريفها‪،‬‬ ‫وفي ظل غي��اب هيئات ومنظمات تعمل على‬ ‫عالج تلك الظاهرة يش��كل «الفقر» المسمى‬ ‫الرئيسي والمبرر الغير مقنع لها‪.‬‬ ‫أم علي‪ ،‬استش��هد زوجها منذ ثالث س��نوات‪،‬‬ ‫وترك��ت لوحده��ا لتدبي��ر ش��ؤون أس��رتها‬ ‫المكونة من ‪ 6‬أشخاص‪ ،‬زوّجت ابنتها البالغة‬ ‫من العمر ‪ 13‬عاماً منذ ‪ 3‬أشهر لشاب يكبرها‬ ‫بعشر س��نوات قائلة‪« :‬لست س��عيدة بتزويج‬ ‫ابنت��ي الطفل��ة‪ ،‬حي��ث انتزعتها م��ن ألعابها‪،‬‬ ‫وألبس��تها كام��رأة ناضج��ة‪ ،‬لك��ن الظ��روف‬ ‫المعيش��ية القاهرة وس��وء األوضاع من كافة‬ ‫الجوانب وغياب األه��ل‪ ،‬خاصة أقارب زوجي‪،‬‬ ‫وتخليهم عن مس��اعدتي في رعاية األطفال‬ ‫معنوي ًا ومادي��ًا‪ ،‬دفعني إلى اإلقدام على تلك‬

‫الخطوة بعد أن سُ��دّت أب��واب الحياة وضاقت‬ ‫أمعائنا من الجوع والقهر»‪.‬‬ ‫لي��س الفق��ر والجوع فق��ط ما يدف��ع لتزويج‬ ‫القاصرات‪ ،‬بل الجهل أيضاً‪ ،‬فأحد األش��خاص‬ ‫ق��ام بتزوي��ج ابنتيه قب��ل أن تتج��اوز ا الـ ‪13‬‬ ‫والفتاة الثالثة على خطى ش��قيقتيها اللواتي‬ ‫تط��رق المش��اكل الزوجي��ة أب��واب حياتهن‪،‬‬ ‫إضاف��ة لتعرضه��ن ألكث��ر م��ن م��رة لحال��ة‬ ‫إس��قاط الحم��ل‪ ،‬وتم إعادتهن إلى أس��رتهن‬ ‫م��ن قب��ل األزواج أكثر من م��رة لتصرفاتهن‬ ‫الطفولية‪ ،‬في حين يتعرضن للعنف من قبل‬ ‫الوالدي��ن إلجباره��ن عل��ى التصرف كنس��اء‬ ‫راش��دات‪ .‬أم علي‪ ،‬استش��هد زوجها منذ ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬وتركت لوحدها لتدبير شؤون أسرتها‬ ‫المكونة من ‪ 6‬أشخاص‪ ،‬زوّجت ابنتها البالغة‬ ‫من العمر ‪ 13‬عاماً منذ ‪ 3‬أشهر لشاب يكبرها‬ ‫بعشر س��نوات قائلة‪« :‬لست س��عيدة بتزويج‬ ‫ابنت��ي الطفل��ة‪ ،‬حي��ث انتزعتها م��ن ألعابها‪،‬‬ ‫وألبستها لباس المرأة الناضجة‪ ،‬لكن الظروف‬ ‫المعيش��ية القاهرة وس��وء األوضاع من كافة‬ ‫الجوانب وغياب األه��ل‪ ،‬خاصة أقارب زوجي‪،‬‬ ‫وتخليهم عن مساعدتي ب في رعاية األطفال‬ ‫معنوي ًا ومادي��ًا‪ ،‬دفعني إلى اإلقدام على تلك‬ ‫الخطوة بعد أن سُ��دّت أب��واب الحياة وضاقت‬ ‫أمعائنا من الجوع والقهر»‪.‬‬ ‫لي��س الفق��ر والجوع فق��ط ما يدف��ع لتزويج‬ ‫القاصرات‪ ،‬بل الجهل أيضاً‪ ،‬فأحد األش��خاص‬ ‫ق��ام بتزوي��ج ابنتيه قب��ل أن تتج��اوز ا الـ ‪13‬‬ ‫والفتاة الثالثة على خطى ش��قيقتيها اللواتي‬ ‫تط��رق المش��اكل الزوجي��ة أب��واب حياتهن‪،‬‬ ‫إضافة لتعرضهن ألكثر من مرة لحالة إسقاط‬ ‫الحم��ل‪ ،‬وتم إعادتهن إلى أس��رتهن من قبل‬ ‫األزواج أكثر م��ن مرة لتصرفاتهن الطفولية‪،‬‬ ‫ف��ي حين يتعرضن للعنف م��ن قبل الوالدين‬ ‫إلجبارهن على التصرف كنساء راشدات‪.‬‬


‫�إىل �سوريا‪ ..‬مع كل احلب‬ ‫خالد كنفاني‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫وحض��ور المزي��د م��ن المؤتم��رات والن��دوات‬ ‫الصحفية واألضواء والشهرة‪.‬‬ ‫ف��ي خضم هذه البحر المتالطم من المفارقات‬ ‫تظه��ر الوج��وه البائس��ة العفن��ة "لرم��وز"‬ ‫المعارضة الس��ورية الذين يملؤون الشاش��ات‬ ‫صراخاً وصياحاً وش��تائم لم يشبعوا منها ألنها‬ ‫بات��ت مص��در رزقه��م الوحيد‪ ،‬وله��ذا كان من‬ ‫المتوق��ع أن يرفض��وا هم وق��ادة الجيش الحر‬ ‫الذي��ن يحارب��ون عبر الس��كايب أي��ة مبادرات‬ ‫روس��ية أو أمريكي��ة‪ ،‬ألنه��م يخش��ون انقطاع‬ ‫مص��در ال��رزق‪ ،‬فماذا لو س��قط النظ��ام وتم‬ ‫الطلب إليه��م ترك فنادقه��م وأماكن إقامتهم‬ ‫الفارهة والعودة إلى سوريا لبدء العمل؟ حينها‬ ‫سينكش��فون وينكش��ف س��خفهم وضعفه��م‬ ‫وتفاهته��م أم��ام تضحي��ات الن��اس الكبي��رة‬ ‫وحينه��ا لن يرحمهم أحد وس��تتم محاس��بتهم‬ ‫على كل صغي��رة وكبيرة ولن يحتملوا الوقوف‬ ‫أمام أم سورية فقدت أوالدها في حرب ال ناقة‬ ‫لها فيها وال جمل‪.‬‬ ‫يتخبط السوريون اليوم ما بين استبداد النظام‬ ‫واستبداد من يتصارعون على تركته ووراثته‪،‬‬ ‫فحامل البندقية هو صاحب الحق واليد الطولى‬ ‫مهما اختلفت تسميته أو انتماءاته‪ ،‬وهكذا يتم‬ ‫تفصيل الحق على مقاس صاحبه بقطع النظر‬ ‫ع��ن مصالح الن��اس أو األهداف االس��تراتيجية‬ ‫البعي��دة في بناء وطن جدي��د‪ .‬تم تدمير البنية‬ ‫النفس��ية واالجتماعية على مدى خمسة عقود‬ ‫من حكم البعث‪ ،‬ويتم اس��تكمال هذا المشروع‬ ‫بأي��دي مس��لحين غرب��اء ومرتزق��ة وافدي��ن‬ ‫ومحليين لدى كل منهم مشروعه الشخصي أو‬ ‫القريب المدى‪ .‬دفعت الس��عودية وقطر وتركيا‬ ‫الملي��ارات حت��ى الي��وم بالترتي��ب م��ع القوى‬ ‫الكب��رى لتدمير م��ا تبقى من س��وريا ولعقود‬ ‫قادمة‪ ،‬وه��ذا ليس تبرئة للنظ��ام ألن النظام‬ ‫يبقى المجرم األول واألخير والمسؤول عن كل‬ ‫األح��داث الس��ابقة والالحقة‪ ،‬ولكننا نس��تطيع‬ ‫الق��ول وب��كل ثقة أن ما ق��ام به النظ��ام كان‬ ‫باالشتراك والتنس��يق الكامل مع كل "أصدقاء‬ ‫الش��عب السوري" وال يوجد بريء عندما يتعلق‬ ‫األمر بما حدث في سوريا‪.‬‬ ‫ضاع��ت الث��ورة وض��اع الس��وريون وضاع��ت‬ ‫س��وريا‪ ،‬وجل ما يحلم به أي سوري هو الهجرة‬ ‫وحمل أية جنس��ية أخرى مهما كانت وضعيتها‪،‬‬ ‫لق��د بدأن��ا نس��مع بأخب��ار غ��رق الس��وريين‬ ‫المهاجرين بش��كل غير ش��رعي إلى ش��واطئ‬ ‫فرنس��ا وإيطاليا وهي تشي بمزيد من السواد‬ ‫في مس��تقبل ل��م نعد نرى فيه أبع��د من يوم‬ ‫غد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫طال الغي��اب هذه المرة عن حضن "س��وريتنا"‬ ‫الداف��ئ‪ ،‬طال ع��ن مالذنا األخي��ر حيث نتحدث‬ ‫بحريتن��ا كما نحن وكم��ا هي طبيعتن��ا‪ ،‬ولعل‬ ‫في اسمها "س��وريتنا" ما يشي بحلمنا أن نبني‬ ‫س��وريا كما نريده��ا نحن وكم��ا أردناها دومًا‪.‬‬ ‫ولكن ظروف التنقل والهجرة وشتات السوريين‬ ‫في تيه المحيطات والبحار والسفارات األجنبية‬ ‫ومطارات دول اللج��وء جعلت من حياتنا جحيماً‬ ‫متنق ً‬ ‫ال حتى ولو عشنا في الجنة‪.‬‬ ‫أكثر م��ا تضيق به نفوس��نا هو ذلك الش��عور‬ ‫بالضي��اع وفقدان االتجاه في صح��راء هجرتنا‬ ‫التي ال ت��رى نهاية وال أم� ً‬ ‫لا‪ ،‬فجميع من حولنا‬ ‫لديه��م أوط��ان ين��وون الع��ودة إليها يوم��اً ما‬ ‫لا أو آج ً‬ ‫عاج� ً‬ ‫ال‪ ،‬جميعهم يعملون داخل أو خارج‬ ‫بلدانه��م أم ً‬ ‫ال في مس��تقبل ألوالده��م وربما‬ ‫أحفاده��م‪ ،‬بينما يتيه الس��وريون باحثين عن‬ ‫ذل��ك الوط��ن الذي��ن يري��دون بناء مس��تقبل‬ ‫أوالدهم في��ه بعدما فقدوا س��وريا التي كانت‬ ‫مالذه��م ومأواهم‪ ،‬رغم كل م��ا مرّ عليها من‬ ‫ظروف وأنظمة توالت على تدميرها وتخريبها‬ ‫ولكنها بقيت بلدنا ووطننا بال منازع‪.‬‬ ‫يس��ألني م��ن حولي‪" :‬م��ن أين أن��ت؟" فأجيب‪:‬‬ ‫"م��ن س��وريا"‪ ،‬ويش��ترك الجمي��ع ب��رد فع��ل‬ ‫متقارب‪ ،‬نظرة من حزن وأس��ى ق��د تتجاوزها‬ ‫إلى الش��فقة‪ ،‬غير أن أه��م ردود األفعال تأتي‬ ‫من أولئك الذين إما زاروا سوريا أو عاشوا فيها‬ ‫فيم��ا مضى‪ ،‬فهؤالء يحمل��ون ذكريات ال حصر‬ ‫لها عما قضوه هناك من أيام وأوقات يصفونها‬ ‫هم "بأقصى الس��عادة" نظراً لبس��اطة الحياة‬ ‫وترح��اب الن��اس وضيافته��م وإبداعاتهم التي‬ ‫ال تنتهي رغم ظروفه��م الصعبة وقهر الدولة‬ ‫لهم والتضييق عليهم‪.‬‬ ‫يقف الس��وري اليوم بين الناس على اس��تحياء‬ ‫في كثي��ر من األحيان ألنه ّ‬ ‫مل نظرة الش��فقة‬ ‫واألس��ى الت��ي يراها في أعين م��ن حوله‪ ،‬بات‬ ‫يرى في أعينهم الش��ك أحيانًا في أنه مس��تعد‬ ‫الس��تغاللهم للحصول على أي شيء قد يكون‬ ‫إقامة أو تذكرة أو جنس��ية أخرى‪ ،‬باتت ش��هرة‬ ‫الس��وري الي��وم أن��ه الباح��ث عن أي م��أوى أو‬ ‫مالذ وبالتالي تحوم حوله الش��كوك في كل ما‬ ‫يفعله‪ ،‬وهو ما يزيد معاناته وإحباطه‪.‬‬ ‫إذا دخل الس��وري أية س��فارة بش��كل رس��مي‬ ‫وقانون��ي رُف��ض طلب��ه "النع��دام مصداقية‬ ‫أس��بابه للس��فر"‪ ،‬وإذا قص��د سماس��رة الموت‬ ‫وركب البحر نبذه الن��اس واعتبروه دخي ً‬ ‫ال على‬ ‫أرزاقهم وأمنهم ولفظوه إلى البحر مرة أخرى‪.‬‬ ‫ونتوقع أن يزداد األمر سوءاً بعد سقوط النظام‬ ‫ألن مبررات اللجوء لن تعود موجودة وس��يقوم‬ ‫كل من يدعون مس��اعدة السوريين بسد كافة‬ ‫األبواب ف��ي وجوهه��م بدعوى انتفاء أس��باب‬ ‫هروبه��م وس��يعودون للم��وت المتربص بهم‬ ‫في كل زاوية‪.‬‬ ‫يخبرني صحفي أجنبي عاش في س��وريا ثالث‬ ‫س��نوات بأنه يعتبر تلك السنوات األكثر سعادة‬ ‫ف��ي حيات��ه‪ ،‬وهو لم يك��ن يقول ذل��ك أمامي‬ ‫مجامل��ة وإنم��ا كان يق��ول ذلك ف��ي جمع من‬ ‫األجان��ب الذين اجتمعوا في ندوة أدبية تناقش‬ ‫البلدان المعرضة لالختف��اء‪ ،‬ولم يكن النقاش‬ ‫بالطبع متعلقًا باالختفاء القس��ري وإنما الناتج‬ ‫عن عوامل الطبيعة‪ ،‬غير أن الظروف السورية‬ ‫ه��ي التي جعل��ت س��وريا مرش��حة لالنضمام‬

‫للمجموعة ذاتها‪ .‬أخبر الصحفي جميع من حوله‬ ‫عن تناغم الحياة السورية رغم منع إبداء الرأي‬ ‫وكي��ف كان التعايش الغري��ب بين المجموعات‬ ‫المختلفة في س��وريا مثيراً لالهتمام واإلعجاب‬ ‫في الوقت ذاته‪.‬‬ ‫ورغم تحفظات كاتب الس��طور الش��ديدة على‬ ‫فك��رة الوحدة الوطنية "الكاذبة" من أساس��ها‪،‬‬ ‫إال أن الحقبة الت��ي يتحدث عنها ذلك الصحفي‬ ‫كان��ت بذرة لنش��وء مجتمع جدي��د يعرف الكل‬ ‫حدوده��م كما يحافظون عل��ى خصوصياتهم‪،‬‬ ‫ال ي��دري الكثي��رون أن ثورة الس��وريين كانت‬ ‫ضد نظ��ام اإلقصاء والعنصري��ة ال ثورة ألجل‬ ‫الفوض��ى والخراب وال��دم‪ ،‬وله��ذا يمكن فهم‬ ‫خيب��ة أمل الكثيرين الذين لم��ا رأوا ما آلت إليه‬ ‫األمور نفضوا أيديهم من الثورة ومن أصحابها‬ ‫الذي��ن قلبوها تعصب��اً وقت� ً‬ ‫لا وتدمي��راً ونهبًا‬ ‫لمصالح شخصية وأجندات مريبة‪.‬‬ ‫تس��ارع تط��ور األم��ور وزاد ع��دد المتطفلين‬ ‫على الثورة م��ن وزراء وسياس��يين ومنظرين‬ ‫م��ن مختل��ف دول العال��م‪ ،‬كان الجميع يعطي‬ ‫توصيفات وتحليالت لما يجري على األرض في‬ ‫س��وريا بينم��ا ال يوجد أي منه��م على األرض‪،‬‬ ‫أو عل��ى األقل لم يدخل س��وريا ف��ي حياته أو‬ ‫ربم��ا غادرها منذ ما ال يقل عن عش��رين عامًا‬ ‫اختلفت فيها طبائع الناس كما اختلفت عاداتهم‬ ‫وتقاليده��م وقيمهم‪ .‬وبدأنا بس��ماع نظريات‬ ‫وتصريح��ات وتفس��يرات للث��ورة والمظاهرات‬ ‫ومطالب الثوار على طرفي المسألة‪ :‬المعارضة‬ ‫والنظ��ام‪ .‬وهك��ذا تم بن��اء نظري��ة العصابات‬ ‫المس��لحة والمندس��ين واإلمارات السلفية بل‬ ‫وتقدي��م قرابينه��ا عل��ى الهواء مباش��رة على‬ ‫شاش��ة التلفزيون الس��وري وحليفتها شاش��ة‬ ‫الدني��ا‪ ،‬وظهر فجأة عدد رهي��ب من المطبلين‬ ‫والمزمري��ن الذين يبنون النظريات ويخوضون‬ ‫ف��ي إثباته��ا وكانوا عل��ى اس��تعداد إلقحام أي‬ ‫دليل أو معلومة في خانة اتهام الثورة ووصفها‬ ‫بأبشع األوصاف‪ .‬وكان واضحاً أن هناك ميزانية‬ ‫إعالمي��ة ضخمة ت��م توظيفها لخدم��ة النظام‬ ‫والطعن في الثورة وهي لم تش��مل السوريين‬ ‫فحس��ب بل امت��دت لتصل إلى ش��خصيات من‬ ‫لبن��ان والعراق واألردن ومصر وتركيا وغيرها‪.‬‬ ‫وفج��أة ظه��ر كذلك مق��دار االخت��راق الرهيب‬ ‫ال��ذي كان النظ��ام يزرع��ه منذ عق��ود طويلة‬ ‫داخل بل��دان أخ��رى وكأنه كان يخب��ئ "بوقه"‬ ‫األبيض ليوم أسود‪.‬‬ ‫إن من قام بتحجيم الثورة وتسليحها وأودى بها‬ ‫ف��ي مهالك الحرب األهلي��ة وتدمير الوطن هو‬ ‫من يقوم اليوم بتقزيم السوريين وتشريدهم‬ ‫واحتقاره��م ومهانتهم‪ .‬هو ذاته من يتس��ول‬ ‫الماليي��ن باس��مهم ث��م يرم��ي له��م الفت��ات‬ ‫ويتهم نساءهم في أعراضهن وشرفهن ويذل‬ ‫رجالهم وييتم أطفالهم‪ .‬ولألس��ف الشديد فإن‬ ‫م��ن يعاونهم في كل ذلك نفر من الس��وريين‬ ‫أنفس��هم‪ ،‬الذي��ن تل��ذذوا بالخنوع له��ذا وذاك‬ ‫وطاب له��م المقام ف��ي الفن��ادق والمنتجعات‬ ‫وخافوا على مراكزهم وسفرياتهم وحساباتهم‬ ‫في البنوك وال ننس��ى أن كثيراً منهم يحملون‬ ‫جنسيات أجنبية وال يعبؤون إن انتصرت الثورة‬ ‫أم هزمت‪ ،‬فتقاعدهم في بلدان المهجر جاهز‬ ‫وعائالته��م ف��ي أم��ان ولديهم م��ا يكفي من‬ ‫الوق��ت ليجمعوا المزي��د والمزيد م��ن األموال‬

‫‪9‬‬


‫حوار ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫من قلب ح�صاره‪� ،‬صاحب امللوك الثالثة‪:‬‬

‫البنادق حولنا بال فكر‬ ‫ال أعلم أين هم األطفال الثالثة الذين ظهروا‬ ‫في صورتي التي التقطتها في ساحة الريجة‬ ‫في مخيم اليرموك‪" ،‬الملوك" الثالثة غادورا‬ ‫المخي��م م��ن حاج��ز حجيرة ف��ي وقت الحق‬ ‫" يق��ول المصور الفلس��طيني نيراز س��عيد‬ ‫المقي��م في مخيم اليرم��وك العطش والذي‬ ‫يدخ��ل يومه الثان��ي والثمانون م��ن انقطاع‬ ‫المياه الصالحة للش��رب "اليوم‪ ،‬استش��هدت‬ ‫طفلت��ان في قصف عل��ى المخي��م" يضيف‬ ‫س��عيد ابن الثالث��ة والعش��رين عام��اً "لكن‬ ‫المخيم في وضع أفضل مما سبق"‪.‬‬ ‫الص��ورة‪ ،‬اللوحة‪ ،‬أو اللقطة لألطفال الثالثة‬ ‫ف��ازت ف��ي مس��ابقة نظمته��ا وكال��ة غوث‬ ‫وتشغيل الالجئين الفلس��طينيين "االونروا"‬ ‫عن عام ‪ ،2014‬نيراز كان يعلم بأن صورته‬ ‫س��تنال الجائ��زة ويق��ول " ال��ذي يهمني أن‬ ‫يتصدر خبر المخيم جدول األحداث في داخل‬ ‫فلس��طين‪ ،‬نعم كنت س��عيداً على المستوى‬ ‫الشخصي‪ ،‬لم أس��تطع مغادرة المخيم حتى‬ ‫اآلن ال م��ن أج��ل الجائزة وال حت��ى من أجل‬ ‫فيلم��ي ال��ذي س��يعرض في مهرج��ان دبي‬ ‫السينمائي"‪.‬‬ ‫ال تحت��اج إل��ى الكثير من التأم��ل في اللوحة‬ ‫"الملوك الثالث" كي تدرك أي حالة يعيش��ها‬ ‫أطفال ومدنيون في اليرموك‪ ،‬أجساد هزيلة‬ ‫وق��وام مص��اب بالهشاش��ة‪ ،‬رؤوس حليق��ة‬ ‫وعي��ون متعبة‪ ،‬فالوالد معتق��ل وال يعلمون‬

‫عن��ه أي ش��يء‪ ،‬وف��ي اللحظة التي س��جلت‬ ‫فيها عدسة سعيد تموضعهم‪ ،‬كانوا يأملون‬ ‫أن يغادروا المخي��م ذلك النهار‪ ،‬لكن هذا لم‬ ‫يت��م إال الحقاً‪ ،‬هم واآلالف غيرهم يس��عون‬ ‫للخروج من اليرم��وك ولو إلى حين بحث ًا عن‬ ‫طعام أو دواء‪ ،‬أو حتى هواء‪.‬‬ ‫تكفي ص��ورة بهذه الحدة‪ ،‬وحت��ى أقل منها‬ ‫ك��ي تحول��ك إل��ى مطل��وب م��ن كل أف��رع‬ ‫األم��ن والمخاب��رات والميليش��يات والكتائب‬ ‫واللص��وص داخل الحص��ار وخارج��ه‪ ،‬فمن‬ ‫يمن��ع اللقمة يخش��ى الفضيح��ة المصورة‪،‬‬ ‫س��عيد لم يعد يخش��ى أياً منهم‪ ،‬قبل أشهر‬ ‫أق��ام معرضاً في رام اهلل بفلس��طين لصور‬ ‫التقطه��ا ف��ي المخي��م‪ ،‬يضي��ف " ه��و وجع‬

‫عامر محمد‬

‫الناس وألمهم ما يشغل بالي‪ ،‬ال الموقف من‬ ‫النظ��ام وال الموقف م��ن المعارضة يعنيني‪،‬‬ ‫ربما أك��ون مطلوب ًا اليوم‪ ،‬لكن��ي لن أتوقف‬ ‫عما أقوم به‪ ،‬الن��اس هنا في المخيم مثقلة‬ ‫بالهموم‪ ،‬أعلم أن ال أحد يريد الحقيقة‪ ،‬فكل‬ ‫البنادق المُش��هرة اليوم ال تحمل فكراً‪ ،‬هي‬ ‫فق��د أدوات للتس��لط ال أكث��ر‪ ،‬أن��ا باختصار‬ ‫أقوم بنقل وجع من ال يملكون صفحات على‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي"‪.‬‬ ‫عاد سعيد إلي سوريا وإلى المخيم مع اندالع‬ ‫أزمت��ه‪ ،‬وه��و كفن��ان لي��س مدين�� ًا لألزمة‬ ‫الي��وم بل مدي��ن للناس " للوج��وه التي في‬ ‫المخيم‪ ،‬لمن س��محوا ل��ي بالتقاط صورهم‬ ‫ووجوهه��م‪ ،‬لم��ن قبل��وا أن أوث��ق جوعهم‬

‫نظمت مسابقة األونروا لهذا العام تحت عنوان "أنا لست رقماً"‪ ،‬كدعوة للمشاركين الشباب‬ ‫اللتق��اط قصص ومش��اعر الن��اس والتي تتع��دى كونها مج��رد عناوين أخبار‪ ،‬ولتس��جيل‬ ‫تفاصيل الحياة الش��خصية لقوائم الفلس��طينيين الذين قتلوا‪ ،‬أو جرحوا أو ش��ردوا نتيجة‬ ‫للصراعات في جميع أنحاء المنطقة‪ .‬المس��ابقة الس��نوية بدعم من االتحاد األوروبي وهي‬ ‫مفتوحة لجميع الالجئين الفلسطينيين الذين تتراوح أعمارهم بين ‪29 - 16‬‬

‫الفائزون مب�سابقة الت�صوير‬ ‫• الجائزة األولى‪ :‬نيراز سعيد‪ ،‬مخيم اليرموك‪ ،‬سوريا‬ ‫• الجائزة الثانية‪ :‬منار نخله‪ ،‬رام اهلل‪ ،‬فلسطين‬ ‫• الجائزة الثالثة‪ :‬رهام الغزالي‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‬ ‫• جائزة اختيار الجمهور‪ :‬خالد عاطف حسن‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‬


‫حوار ‪. .‬‬

‫ووجعه��م‪ ،‬مع هؤالء تطور لوني‪ ،‬وتحس��نت‬ ‫لوحتي وصورتي‪ ،‬نعم أنا مدين لهم‪ ،‬أحاول‬ ‫أن أنقل هدا األلم كنوع من رد الجميل لهم‪،‬‬ ‫سواء أغضب هذا الطرف أو ذاك"‪.‬‬ ‫هطلت قذيفة في س��احة الريج��ة التي توزع‬ ‫فيه��ا المس��اعدات الغذائي��ة من قب��ل األمم‬ ‫المتحدة عل��ى مدنين في المخيم تدفقوا إلى‬ ‫نقطة التوزي��ع‪ ،‬عمّ الفزغ من المقدوف قبل‬ ‫أن يب��دأ إط�لاق النار م��ن خ��ارج المخيم إلى‬ ‫داخله‪ ،،‬ع��دوى الرصاص أصاب��ت من يحمل‬ ‫السالح في داخل اليرموك‪ ،‬فأطلق الرصاص‬ ‫م��ن الداخ��ل إل��ى الخ��ارج أيض ًا‪ ،‬س��عيد كان‬ ‫هناك‪ ،‬مع الجائعين العالقين بين رصاصتين‪،‬‬ ‫هنا يحتار المصور بي��ن الضغط على مفتاح‬ ‫فت��ح العدس��ة ليُثب��ت فع��ل الرصاص��ة في‬ ‫اللح��م‪ ،‬وبي��ن رم��ي الكامي��را لرف��ع جري��ح‬ ‫وإغاثة مص��اب‪ ،‬يقول‪ ":‬التقطت صورة لثالث‬ ‫نس��اء يركضن نحو النج��اة‪ ،‬كان من الممكن‬ ‫أن اس��اعدهن ف��ي الهرب‪ ،‬لك��ن المصور في‬ ‫داخل��ي هو من انتصر‪ ،‬ظللت أليام أفكر فيما‬

‫فعلت‪ ،‬أيهما واجب الفعل أكثر؟ تلك اللقطة ال‬ ‫تزال مفضلة لدي بشكل خاص"‪.‬‬ ‫يس��أل س��عيد ذلك الس��ؤال األزلي "ال أعلم‬ ‫حي��ن أرى طف� ً‬ ‫لا يحاول انتش��ال ش��يئاً من‬ ‫القمام��ة ليأكل��ه‪ ،‬هل أص��وره أم أس��اعده؟‬

‫القامشلي ‪ -‬جوان تتر‬

‫للقامش��لي‪ ،‬ه��ذه القرى الت��ي تعتمد على‬ ‫نمط حياة تقليدية غي��ر متحضِّرة‪ ،‬مجتمع‬ ‫ذك��وري بامتياز ولم تكن المرأة فيها س��وى‬ ‫أمَّ�� ًا وربَّ��ة من��زل‪ ،‬أو زوج��ة أو أخ��ت ّ‬ ‫تنفذ‬ ‫طلبات الذكور ليس اَّإل‪ ،‬تقول السيّدة إلهام‬ ‫مبروك وه��ي امرأة في األربعين (مرش��دة‬ ‫اجتماعية)‪" :‬كانت حاالت العنف الممُارس��ة‬ ‫ض��دّ الم��رأة موج��ودة بكثرة ف��ي الماضي‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة م��ن ال��زوج أو األب أواألخ‬ ‫القري��ب‪،‬‬ ‫األكبر‪ ،‬وهذه الحاالت كانت كثيفة ولكن لم‬ ‫يك��ن بإمكان أحد أن يتدخَّ��ل فيها من مبدأ‬ ‫أن هذا الش��يء كان ينظر إليه على اعتبارهِ‬ ‫ّ‬ ‫حياة خاصَّة لآلخرين وأمر شخصي ال يمكن‬ ‫ش��كل من األشكال‪ ،‬ولكن‬ ‫التدخل فيه بأيّ‬ ‫ٍ‬ ‫م��ع ق��دوم التكنولوجي��ا وخروج الم��رأة من‬ ‫إط��ار القرية وتعرُّفها عل��ى حقوقها وبعدَ‬ ‫أن عُرفت قيمة التعليم بالنسبة لإلناث من‬ ‫قِبَ��ل الذكور‪ ،‬انخفضت هذه الحالة بعضَ‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫إن مفهوم العنف ضدّ الم��رأة يتعدى الحالة‬ ‫الفردي��ة الت��ي من الممكن لن��ا رصدها عبر‬ ‫التاري��خ‪ ،‬فظاه��رة العن��ف المم��ارس ضدّ‬ ‫المرأة بش��كل عام كانت على مر الزمان من‬ ‫إحدى عي��وب‪ ،‬لي��س فقط ف��ي المجتمعات‬ ‫النامي��ة والمتخلف��ة‪ ،‬ب��ل كانت تط��ال حتى‬ ‫أكثر المجتمعات تطوراً على الرغم من كثرة‬ ‫االجتماعات الدولي��ة والقرارات الصادرة عن‬ ‫المؤسس��ات ذات االهتم��ام به��ذا الموضوع‪،‬‬ ‫وكما أس��لفنا موض��وع العنف ض��د المرأة ال‬ ‫يتعل��ق بالمجتمع��ات المتمي��زة بالتراتبي��ة‬ ‫الطبقية والتخل��ف والتي تنعدم فيها حقوق‬ ‫اإلنسان بشكل عام فقط‪ ،‬بل إن أكثر الدول‬ ‫تحضّراً والتي تتحقق فيها ش��روط العيش‬ ‫الحر الكري��م اعتماداً على القوانين الناظمة‬ ‫لسير حياة البش��ر هي أيضًا تعاني من هذه‬ ‫المشكلة ولكن بنسب قليلة‪.‬‬ ‫وف��ي س��وريا ف��إن الص��راع الدائ��ر والنزاع‬ ‫المتزاي��د منذ س��نوات أربع فاق��مَ من هذه‬ ‫المشكلة‪ ،‬ويخش��ى حقوقيون وعاملون في‬ ‫مج��ال مناهضة العن��ف ضدّ الم��رأة من أن‬ ‫أن النظام‬ ‫يتح��وّل إلى ثقاف��ة منتش��رة‪ ،‬اَّإل ّ‬ ‫السوري وعس��اكره أفصحوا عن هذا العنف‬ ‫الممنهج ض��د الم��رأة عبر متابعتن��ا لحاالت‬ ‫االغتصاب الت��ي حصلت في بعض المناطق‬ ‫الس��ورية‪ ،‬وه��ي ح��االت كثيرة غي��ر قابلة‬ ‫لإلحص��اء الدقي��ق بس��بب صعوب��ة وصول‬ ‫اللج��ان المختصّ��ة بمثل هك��ذا قضايا إلى‬ ‫مواق��ع الح��دث‪ ،‬ناهي��ك ع��ن االعتق��االت‬ ‫التعس��فية ض��د الناش��طات واإلعالميّ��ات‬ ‫الس��وريّات م��ن قِب��ل النظ��ام الس��وري‬ ‫وأجهزته األمنيّة‪.‬‬ ‫ف��ي مدين��ة القامش��لي‪ ،‬كان العن��ف ض��دّ‬ ‫ً‬ ‫خاصة في الق��رى المتاخمة‬ ‫الم��رأة كثيف��اً‪،‬‬

‫الشيء اَّإل أنَّها ال تزال قائمة"‪.‬‬ ‫ويخبرن��ا محم��ود الس��يد وه��و باح��ث ف��ي‬ ‫ش��ؤون العنف ض��دّ المرأة في القامش��لي‪:‬‬ ‫"هن��اك منظمّات كثي��رة قامت بع��د اندالع‬ ‫الثورة في س��وريا‪ ،‬من أجل تنشيط مفهوم‬ ‫المجتم��ع المدن��ي ف��ي أغل��ب مناطقه��ا‪ ،‬ال‬ ‫س��يما في القامش��لي‪ ،‬وس��عت لنب��ذ العنف‬ ‫وأش��كاله المختلفة فوضعت هذه الجمعيات‬ ‫والمؤسسات المهتمّة باألسرة حماية المرأة‬ ‫ومنع العنف الواقع عليها على رأس أولوياتها‪،‬‬ ‫ع��ن طريق ورش��ات توعويَّ��ة‪ ،‬وقامت هذه‬ ‫المؤسس��ات بوض��ع خططٍ مس��تقبليَّة لها‬ ‫من خالل نشاطات متعدّدة تقوم من خاللها‬ ‫بشرح مختلف أش��كال العنف وتوعية المرأة‬ ‫بحقوقه��ا المجتمعيّ��ة‪ ،‬وعل��ى أنّها عنصر‬ ‫فاعل في تكوين مجتمع سليم"‪.‬‬ ‫وع��ن اكتش��اف ح��االت العن��ف الممارس��ة‪،‬‬ ‫وكيفي��ة رصدها يتابع الس��يد‪" :‬من الصعب‬ ‫تكوي��ن فك��رة ش��املة ع��ن ح��االت العن��ف‬ ‫الممارس��ة ضدّ المرأة‪ ،‬الس��يما في س��ياق‬ ‫الحياة المنغلقة التي تتميّز بها القامش��لي‪،‬‬ ‫مجتمع تتميّز في��ه اإلناث بعدم الحديث عن‬ ‫ح��االت العنف ال��ذي يتعرّضن ل��ه‪ ،‬وبالطبع‬ ‫ه��ذا عائد إل��ى منظومة فكريّ��ة وتقليديّة‬ ‫متوارثة عب��ر األجيال‪ ،‬كذلك تت��ردد غالبية‬ ‫النساء في اإلبالغ عن حاالت العنف خوفا من‬ ‫الفضيحة(هذا وفق نظرتهن)‪ ،‬مما يؤدي في‬ ‫النهاية إلى نقص في حالة اإلحصاء الذي ال‬ ‫بدّ من��ه لتوثيق هذه االنته��اكات وتقديمها‬ ‫إلى المؤسسات المختصَّة"‪.‬‬ ‫إن الث��ورة الس��ورية غي��رت مفاهي��م كثيرة‬ ‫ّ‬ ‫في المجتمع وال ت��زال تغير‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫النش��اط التوع��وي المراف��ق له��ذا الح��راك‬ ‫الشعبي ولكن هل نجحت هذه النشاطات إلى‬ ‫اآلن م��ن تحجيم ظاهرة العن��ف ضد المرأة؟‬ ‫ثم م��ا هي األطر التي م��ن الممكن التعامل‬ ‫معها في س��بيل القض��اء على هذه الظاهرة‬ ‫التي س��تؤثر على جيل بكامله إن بقيت طي‬ ‫الكتمان؟ س��لطات متعددة تمارس سياساتها‬ ‫في س��وريا وتعرض خط��ط عملها وتنفذها‬ ‫ولكن ماذا بخصوص العنف ضد المرأة؟‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫العنف ّ‬ ‫�ضد املر�أة ال�سورية‬ ‫ظاهرة �أم ثقافة‬

‫يق��ول المص��ور أن عليه أن يق��وم بما يجيد‬ ‫فعله حق ًا وهو التصوير لنقل تلك التفاصيل‬ ‫اليومي��ة التي يعيش��ها المدني المحاصر من‬ ‫ضفتين‪ ،‬والحل لن يكون إال بيد فلس��طيني‬ ‫ث��م س��وري"‪ ،‬ه��ذا م��ا ي��راه س��عيد الفنان‬ ‫المصور المحاصر‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫االغتيال ال�سيا�سي فـي لبنان (‪)1‬‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫رفيق الحريري‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫الشيخ حسن خالد‬

‫بع��د تس��ع س��نوات م��ن جريم��ة قت��ل رئيس‬ ‫الحكوم��ة اللبناني��ة رفي��ق الحري��ري ورفاق��ه‬ ‫وسلس��لة الجرائ��م الت��ي ارتكبت بح��ق لبنان‬ ‫الوط��ن والكيان ها هي أخيراً المحكمة الدولية‬ ‫تعقد جلس��تها األولى الفعلي��ة في الهاي‪ ،‬بعد‬ ‫انتهاء الجلس��ات التحضيري��ة ويصعب الحديث‬ ‫ع��ن العدالة الدولي��ة في لبنان دون أن يش��ط‬ ‫التفكي��ر إلى ما يجري في س��وريا‪ ،‬حيث ما من‬ ‫تعبير يس��تطيع االرتقاء إلى مستوى الفجيعة‪،‬‬ ‫وقد يكشف القضاء الدولي قريبًا ما بات الجميع‬ ‫يعرف��ه‪ ،‬ب��أن من أمر بقت��ل الرئيس الش��هيد‬ ‫رفيق الحريري هو نفسه من أمر بقتل جبران‬ ‫تويني وبيير الجميل وس��مير قصير‪ ،‬وهو من‬ ‫تعثر ف��ي قتل مي الش��دياق وم��روان حمادة‪،‬‬ ‫وسلسلة الجرائم تطول اآلن مع القتل والعذاب‬ ‫والظل��م والكبت والقمع والتجوي��ع الذي يجري‬ ‫في سوريا ربما لم يكن لسلسة جرائم النظام‬ ‫أن تتوالى على أجساد السوريين‪ ،‬لو أن العالم‬ ‫تدخل ليضع حداً لجرائم النظام في لبنان‪.‬‬ ‫ل��م يرتب��ط تاري��خ أي بل��دٍ عرب��ي باالغتيال‬ ‫السياس��ي كما ارتبط بلبن��ان تاريخيًا فمن لم‬ ‫يقتله الوالة العثمانيون في دمشق وعكا كانت‬ ‫النزاع��ات بين األمراء والمش��ايخ واالقطاعيين‬ ‫كفيل��ة بتصفيت��ه والقضاء علي��ه‪ ،‬فخر الدين‬ ‫المعني الثاني حاكم لبن��ان الكبير قضى خنقًا‬ ‫في البوسفور على يد العثمانيين‪ ،‬وأمير لبنان‬ ‫اآلخر بش��ير الش��هابي وصل إل��ى الحكم على‬ ‫جثث االم��راء اآلخرين من آل ش��هاب وجنبالط‬ ‫وفي مقدمهم الش��يخ بش��ير جنب�لاط واالمير‬ ‫يوسف الشهابي وأوالده‪ ،‬كما أنهى العثمانيون‬ ‫حكمه��م للبن��ان بالمش��انق التي عل��ق عليها‬ ‫العشرات من الزعماء والمثقفين والصحافيين‪.‬‬ ‫ف��ي عه��د االنت��داب الفرنس��ي خف��ت ح��دة‬ ‫االغتياالت إن ل��م نقل أنها توقفت‪ ،‬إال أنه ومع‬ ‫مطل��ع الخمس��ينات ب��دأت سلس��لة االغتياالت‬ ‫تطال رم��وز الدولة‪ ،‬إل��ى أن بلغت أوجها خالل‬ ‫حكم آل األسد لسوريا وحصدت هذه االغتياالت‬ ‫رئيس��ي جمهورية وثالثة من رؤساء الحكومة‬ ‫أثناء وجودهم في الحكم‪ ،‬كما طالت العديد من‬ ‫النواب والسياسيين ورجال الدين والصحفيين‪.‬‬ ‫ع��ام ‪1951‬كان اغتيال رئيس الحكومة رياض‬ ‫الصل��ح في األردن‪ ،‬وفي عام ‪ 1977‬تم اغتيال‬ ‫رئي��س الح��زب التقدم��ي االش��تراكي كم��ال‬ ‫جنب�لاط بإط�لاق الرصاص على س��يارته في‬ ‫بلدة دير دوريت بالش��وف‪ ،‬سبقها بعام محاولة‬ ‫اغتي��ال عميد الكتلة الوطني��ة ريمون إده‪ ،‬هذا‬ ‫االغتي��ال وإن لم يقتل العميد إال أنه نفاه حتى‬ ‫وفات��ه خ��ارج لبن��ان‪ ،‬بعده��ا اغتي��ل الرئيس‬ ‫المنتخب بش��ير الجميل ثم مفت��ي الجمهورية‬ ‫اللبناني��ة الش��يخ حس��ن خال��د بتفجي��ر عبوة‬ ‫ناسفة لدى مرور سيارته في بيروت‪ .‬فالرئيس‬

‫بشير جميل‬

‫المنتخب والمرحب به دوليًا رينيه معوض عام‬ ‫‪.1989‬‬ ‫االغتياالت س��ابقة الذكر لم تكن هي الوحيدة‬ ‫خالل الح��رب اللبنانية إال أن م��ا يجمعها وحدة‬ ‫القاتل أال وهو نظام األس��د األب إال أن أش��دها‬ ‫ً‬ ‫وحش��ية كان اغتي��ال الصحاف��ي اللبنان��ي‬ ‫المعارض للنظام الس��وري سليم اللوزي‪ ،‬في‬ ‫جريمةٍ استعادها االبن مع القاشوش وآخرين‬ ‫من رجاالت الثورة السورية‪.‬‬ ‫ففي ‪ 25‬شباط عام ‪ 1980‬اختطف اللوزي على‬ ‫طري��ق المطار ل��دى عودته من لن��دن ليتلقى‬ ‫العزاء بوالدت��ه‪ ،‬وعُثر عليه مقتو ًال بعد ‪ 9‬أيام‬ ‫ف��ي أحراج عرمون "جنوب بي��روت" قرب موقع‬ ‫للقوات الخاصة الس��ورية‪ .‬في مش��هد تعذيب‬ ‫بش��ع‪" :‬ملقى عل��ى بطنه‪ ،‬في مؤخ��رة الرأس‬ ‫طلق ن��اري ّ‬ ‫حط��م الجمجم��ة وم��زّق الدماغ‪.‬‬ ‫ذراعه اليمنى مس��لوخ لحمها عن عظمها حتى‬ ‫الكوع‪ ،‬واألصابع الخمس سوداء نتيجة التذويب‬ ‫باألس��يد أو حام��ض الكبري��ت‪ .‬كم��ا عثر على‬ ‫أق�لام الحبر مغروزة بعنف داخل أحش��ائه من‬ ‫الخلف"‪.‬‬ ‫ولعل القاس��م المشترك بين الجرائم السابقة‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة لوحدة الجان��ي‪ ،‬أنه أفلت ف��ي جميعها‬ ‫من العقاب ال بل حتى المس��اءلة حتى استساغ‬ ‫ً‬ ‫وس��يلة زهيدة الثمن للتحكم‬ ‫المجرم االغتيال‬ ‫بلبن��ان والتخلص م��ن معارضيه نهائي��ًا‪ ،‬إلى‬ ‫أن وق��ع زلزال اغتيال الرئي��س الحريري‪ ،‬ففي‬ ‫الرابع عشر من ش��هر شباط عام ‪ 2005‬اغتيل‬ ‫الرئيس رفيق الحريري والنائب باس��ل فليحان‬ ‫بعبوة ناس��فة زنته��ا طن م��ن المتفجرات في‬ ‫منطقة الس��ان جورج‪ ،‬وقتل ثمانية عش��ر من‬ ‫المرافقي��ن وبع��ض المواطني��ن ف��ي جريمةٍ‬ ‫مروعة‪.‬‬ ‫فداح��ة الجريم��ة والظرف اإلقليم��ي في حينه‬ ‫أخرج��ا النظام الس��وري عس��كريًا م��ن لبنان‪،‬‬ ‫إال أنه لم يمنعه من االس��تمرار في مسلس��ل‬ ‫االغتي��االت مباش��رة أو بواس��طة عمالئه حيث‬ ‫توالت االغتياالت في صفوف المعارضين لنظام‬ ‫األسد ابتدا ًء بالصحفي سمير قصير ثم األمين‬ ‫العام الس��ابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج‬ ‫ح��اوي‪ ،‬والنائ��ب والصحفي جب��ران تويني ثم‬ ‫وزي��ر الصناعة اللبناني بي��ار الجميل‪ ،‬والنائب‬ ‫عن تيار المستقبل وليد عيدو‪ ،‬النائب عن حزب‬ ‫الكتائ��ب أنط��وان غان��م فمدي��ر العمليات في‬ ‫الجيش اللبناني اللواء فرنس��وا الحاج والنقيب‬ ‫في فرع المعلومات بقوى األمن الداخلي وسام‬ ‫عيد الذي اضطلع بدور كبير في مساعدة لجنة‬ ‫التحقي��ق الدولي��ة الخاصة باغتي��ال الحريري‪،‬‬ ‫ورئي��س فرع المعلومات لق��وى األمن الداخلي‬ ‫اللبنانية العميد وسام الحسن‪.‬‬

‫كمال جنبالط‬

‫رياض الصلح‬

‫الرئي�س رفيق احلريري‬ ‫دخل النظام السوري لبنان على جريمة اغتيال‬ ‫المعلم الش��هيد كمال جنب�لاط‪ ،‬خرج منه على‬ ‫دماء جريم��ة اغتيال الرئي��س رفيق الحريري‪،‬‬ ‫وها هو الي��وم ينازع البقاء على دماء الش��عب‬ ‫ال أم آج� ً‬ ‫الس��وري الذي س��ينتصر عاج ً‬ ‫لا‪ ،‬لكن‬ ‫م��ن هو رفي��ق الحريري الذي ش��كل التحقيق‬ ‫ً‬ ‫س��ابقة دولي��ة فهذه هي‬ ‫والحك��م في اغتياله‬ ‫المرة األول��ى التي تحاكم فيه��ا محكمة دولية‬ ‫أشخاصًا لجريمة ارتكبت ضد شخص معين‪.‬‬ ‫رفيق بهاء الدين الحريري‪ ،‬الذي ولد في صيدا‬ ‫في جنوب لبنان ألب مزارع‪ ،‬وخريج المحاس��بة‬ ‫من جامعة بيروت العربية والعضو النشيط في‬ ‫حركة القوميين العرب الحقًا‪ ،‬ش��كل من خالل‬ ‫دخوله للحقل السياس��ي قبي��ل اتفاق الطائف‬ ‫ً‬ ‫حال��ة اس��تثنائية ف��ي بل��دٍ تحكم��ه الزعامات‬ ‫التقليدي��ة‪ ،‬فكانت ل��ه اليد الطول��ى في إنجاز‬ ‫اتفاق الطائف‪ ،‬ونقل لبنان من حال االنقس��ام‬ ‫والحرب والدمار إلى حالة االستقرار والتواصل‬ ‫والوفاق وإعادة اإلعمار‪ ،‬ش��كل حضوره الكبير‬ ‫مظلة أمان اقتصادية واجتماعية للبنانيين‪ ،‬ما‬ ‫أعاد الثقة الدولية والعربية بهذا البلد الصغير‪،‬‬ ‫وباس��تنهاض اقتصاده وإعادته إل��ى الخارطة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫متمس��كا‬ ‫من أش��هر مواقفه وإنجازاته إنه كان‬ ‫بحق لبن��ان ف��ي المقاومة واس��ترجاع األرض‬ ‫م��ن اإلس��رائيليين‪ ،‬واتفاق نيس��ان الذي حيد‬ ‫المدنيين في مقاتلة إس��رائيل وحق المقاومة‬ ‫في العمل على تحري��ر األراضي المحتلة‪ ،‬كما‬ ‫أن��ه س��اهم بإعمار وس��ط بيروت بع��د الحرب‬ ‫األهلية عن طريق شركته وقد حمل المشروع‬ ‫اس��م س��وليدير‪ ،‬كما قام بتثبي��ت مكانة لبنان‬ ‫االقتصادي��ة والس��ياحية ف��ي العال��م العربي‬ ‫والغربي‪ ،‬وق��د دعم انجازاته بش��بكة عالقات‬ ‫دبلوماسية وشخصية مع قادة العالم‪.‬‬ ‫أدى اغتيال��ه إل��ى انه��اء الوجود الس��وري في‬ ‫لبنان‪ ،‬وتش��كيل لجنة للتحقيق تبعها تش��كيل‬ ‫المحكمة الدولية الخاصة بلبنان‪ ،‬وتشير تقارير‬ ‫إعالمية إل��ى أن أصابع االته��ام تتجه للرئيس‬ ‫الس��وري بش��ار األس��د‪ ،‬االتهام بالتضامن مع‬ ‫المرش��د االيراني آية اهلل خامنئي‪ ،‬وأن عملية‬ ‫االغتيال نفذت من قبل ق��وة القدس االيرانية‬ ‫بالتعاون مع منظمة حزب اهلل اللبنانية‪.‬‬ ‫صحيح أن االدعاء العام ف��ي المحكمة الخاصة‬ ‫بلبن��ان ل��م يوجّه تهمة رس��مية‪ ،‬حت��ى اآلن‪،‬‬ ‫إلى رئيس النظام الس��وري بشار األسد‪ ،‬إال أن‬ ‫الجلس��ات األخيرة للمحكمة تبين أنه لم يسبق‬ ‫لمحكمة دولية أن تعاطت بهذه القوة المعنوية‬ ‫ضد ش��خص كان في الس��لطة أو ال يزال فيها‪،‬‬ ‫كما يتم التعاطي مع بشار األسد‪.‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫املواطنة والعدالة الد�ستورية‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫مصطل��ح العدال��ة الدس��تورية مصطل��ح‬ ‫قانون��ي حدي��ث نس��بي ًا عرّف��ه الفقي��ه‬ ‫الفرنس��ي «فرنس��يس هام��ون» بأنه��ا‬ ‫مؤسس��ة يني��ط به��ا الدس��تور ح��ل النزاع‬ ‫المتعلق بتطبيق أو تفس��ير ن��ص له قيمة‬ ‫دس��تورية‪ ،‬بينما يعرّفه «روس��و» باعتباره‬ ‫الس��لطة المعط��اة ألش��خاص يعين��ون‬ ‫ليقيّم��وا ويراقبوا ويعاقبوا ع��دم المالءمة‬ ‫الدس��تورية ألعم��ال صدرت عن الس��لطات‬ ‫العام��ة‪ ،‬وبص��ورة خاص��ة القواني��ن الت��ي‬ ‫يقره��ا الن��واب‪ ،‬فالتصوي��ت ه��و الوس��يلة‬ ‫الديمقراطي��ة للتعبير عن اإلرادة الش��عبية‬ ‫ً‬ ‫ممثل��ة ب��إرادة أكثرية الن��واب‪ ،‬فبالتصويت‬ ‫يترج��م البرلمان س��يادته ويق��ر القوانين‪،‬‬ ‫ومن خالل الرقابة القضائية على دستورية‬ ‫القواني��ن يفصل القضاة الدس��توريون في‬ ‫ه��ذه القوانين بن��ا ًء على مراجع��ة يقدمها‬ ‫أفراد أو مؤسسات يحددهم الدستور‪.‬‬ ‫باالنتخاب يعبّر النواب ع��ن إرادة األكثرية‪،‬‬ ‫ه��ذا ه��و الوج��ه الجمي��ل الكالس��يكي‬ ‫للديمقراطي��ة‪ ،‬أم��ا الوج��ه الجدي��د واألكثر‬ ‫اش��راقاً وال��ذي يكمّ��ل الوج��ه األول فه��و‬ ‫يتمث��ل في خض��وع ممثلي الش��عب لرقابة‬ ‫على أعمالهم يمارس��ها القضاء الدس��توري‬ ‫ال��ذي يعبّر أيضاً وبش��كل غير مباش��ر عن‬ ‫اإلرادة الش��عبية بقيمها ومفاهيمها وفهمها‬ ‫للديمقراطية‪.‬‬ ‫إال أن األم��ر لم يكن كذلك في أوروبا‪ ،‬منبت‬ ‫الديمقراطي��ة فك��راً وممارس��ة‪،‬‬ ‫فمن��ذ م��ا يزي��د عل��ى نص��ف قرن‬ ‫كان للغالبي��ة الس��احقة من فقهاء‬ ‫القانون الدس��توري‪ ،‬موقفاً س��لبي ًا‬ ‫ورافض�� ًا للرقاب��ة عل��ى دس��تورية‬ ‫القواني��ن بحجة تعارضه��ا مع مبدأ‬ ‫السيادة الش��عبية حيث الشعب هو‬ ‫مصدر السلطات‪ ،‬وحيث أن القانون‬ ‫ه��و التعبي��ر األس��مى عن س��لطة‬ ‫الش��عب‪ ،‬وال س��لطة تعلو س��لطته‬ ‫التي يمارسها من خالل ممثليه في‬ ‫البرلمان‪.‬‬ ‫إال أن االتج��اه الس��ابق نح��و تنزيه‬ ‫س��لطة الش��عب أدى إل��ى معان��اة‬ ‫أوروبا والعالم بأس��ره م��ن النظام‬ ‫الن��ازي الذي تس��بب بح��رب كونية‬ ‫ه��ي األكث��ر تدمي��راً ف��ي تاري��خ‬ ‫البش��رية‪ ،‬م��ع أن ه��ذا النظ��ام‬ ‫وصل إلى الس��لطة ف��ي ظل نظام‬ ‫ديمقراط��ي برلمان��ي وم��ن خالل‬ ‫االنتخاب��ات البرلماني��ة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫دف��ع بالفقه��اء ورج��ال الفك��ر إلى‬ ‫االقتن��اع بض��رورة وج��ود ضوابط‬ ‫أو كوابح للس��لطة منع ًا لالس��تبداد‬ ‫وحفاظ��اً عل��ى الديمقراطية وعلى‬ ‫حقوق االنسان األساسية وحرياته‪.‬‬ ‫يق��ول «لي��و هام��ون» وه��و عضو‬

‫مجل��س دس��توري س��ابق ف��ي فرنس��ا‪ ،‬إن‬ ‫آثار انتصار الديمقراطية في فرنس��ا كانت‬ ‫ً‬ ‫مختلفة كثيراً عن نتائجها في ألمانيا‪ ،‬فعلى‬ ‫الرغم من تعاون حكومة فيش��ي مع النازية‬ ‫إال أن النظ��ام الديمقراط��ي الفرنس��ي لم‬ ‫يخس��ر الكثير م��ن مقوماته وه��ذا ما أكده‬ ‫الجن��رال ديغول ع��ام ‪ 1944‬بأن الجمهورية‬ ‫لم تتوقف أبداً عن الوجود‪.‬‬ ‫ما ذكرناه س��ابق ًا يفضي إلى يقينية وجوب‬ ‫التعام��ل مع المواطنة كس��لة م��ن الحقوق‬ ‫والواجبات تحت س��يادة القان��ون الذي تقره‬ ‫تمثيل‬ ‫الجماعة البش��رية ديمقراطي��اً وفق‬ ‫ٍ‬ ‫صحيح‪ ،‬وأي ادعا ٍء مخالف يؤدي إلى مواطنة‬ ‫متطرفة إذا جاز لن��ا التعبير تنادي بالحقوق‬ ‫والحري��ات عل��ى إطالقه��ا‪ ،‬دون االكت��راث‬ ‫بالواجب��ات والقواني��ن‪ ،‬ونظري��ة العق��د‬ ‫االجتماع��ي األس��اس القانون��ي للمواطن��ة‬ ‫والجدي��ر بالذك��ر أن الدعوات للمن��اداة بأن‬ ‫الجماعة ال تُجمع عل��ى خطأ‪ ،‬له جذوره في‬ ‫تراثن��ا الديني والمعرفي ويتم االستش��هاد‬ ‫به لتبرير استبداد الجماعة‪ ،‬واالستشهاد به‬ ‫بغ��ض النظر عن صحته أو عدمها بعيد كل‬ ‫البعد عن النظام الديمقراطي العلماني أحد‬ ‫أجنحة تطبيق المواطنة بمعناها الدقيق‪.‬‬ ‫إن تعزيز س��يادة القانون واستقالل القضاء‬ ‫يمثل إطاراً مرجعيا لضمان الحقوق وحماية‬ ‫األموال ومطلب ًا أساس��ياً لتحقيق االستقرار‬ ‫االقتصادي والسياسي وتوفير عناصر الثقة‬

‫واألمان‪ ،‬مع ض��رورة تفعيل التنس��يق بين‬ ‫األجهزة األمنية والقضائية‪ ،‬بما يمنع حدوث‬ ‫أية اختالالت أمني��ة ويردع مرتكبي الجرائم‬ ‫س��واء جرائم االختطاف والتخريب أو غيرها‬ ‫م��ن الجرائ��م‪ ،‬ومواصلة التطبي��ق الصارم‬ ‫لمنع حمل الس�لاح‪ ،‬وفي س��وريا المستقبل‬ ‫س��تجد المعارض��ة نفس��ها بأش��د الحاج��ة‬ ‫لإلحس��اس بهيب��ة الدولة وس��يادة القانون‬ ‫والتغلب على مظاهر الفوضى‪ ،‬مما يس��مح‬ ‫بعملي��ة سياس��ية بن��اءة للدول��ة والمجتمع‬ ‫بحي��ث تكتس��ب الدول��ة هيبتها من س��يادة‬ ‫القان��ون على القوي والضعيف وعلى الغني‬ ‫والفقير وعل��ى الحاكم والمحكوم وهذا هو‬ ‫معيار قوة الدول��ة ومناعتها‪ ،‬ومعيار الوحدة‬ ‫الوطنية‪ ،‬والش��عوب التي تدافع عن قوانين‬ ‫بالده��ا ه��ي الت��ي تس��تطيع الدف��اع ع��ن‬ ‫أوطانها‪.‬‬ ‫إن إغفال سيادة القانون في معرض حديثنا‬ ‫عن المواطنة تضعنا بين شقي رحى‪ :‬األولى‬ ‫عس��كرية والثاني��ة ديني��ة أو م��ا يطلق��ون‬ ‫عليه‪« :‬اإلس�لام السياس��ي»‪ ،‬وكالهما من‬ ‫أخطر ما يمكن على الش��عوب‪ ،‬فالنقد غائب‬ ‫ف��ي كال الحالتين‪ :‬العس��كرية والدينية‪ ،‬وال‬ ‫يمكن أن تتقدم الشعوب بدون كلمة النقد‪،‬‬ ‫والنقد بمعناه العلمي يعني رصد الس��لبيات‬ ‫وااليجابيات بكل موضوعية وأمانة‪ ،‬وتحديد‬ ‫طرق العالج‪.‬‬ ‫س��يادة القانون‪ ،‬وإصدار نص في الدستور‬ ‫يمن��ع التمييز بي��ن الس��وريين هو‬ ‫شعار المرحلة المقبلة‪ ،‬وإقرار دولة‬ ‫المواطنة‪ .‬كما نريد إسناد المناصب‬ ‫وفق معي��ار الكف��اءة‪ ،‬بغض النظر‬ ‫ع��ن الدي��ن أو الل��ون أو الجن��س‪،‬‬ ‫ولي��س العتبارات أخرى‪ ،‬كما نتمنى‬ ‫م��ن أول رئيس لس��وريا بعد الثورة‬ ‫أن يعم��ل عل��ى تحقي��ق مطال��ب‬ ‫الثورة متمثلة ف��ي العيش والحرية‬ ‫والكرامة اإلنسانية وتحقيق العدالة‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫إن النظ��ام الديمقراط��ي ف��ي أبرز‬ ‫تجليات��ه يج��ب أن يمن��ح الس��كان‬ ‫الحق��وق والحري��ات باإلضاف��ة إلى‬ ‫ه��ذه الحري��ات يجب أن يح��وي هذا‬ ‫النظ��ام مجموعة م��ن المبادئ التي‬ ‫عل��ى رأس��ها مب��دأ س��يادة القانون‬ ‫– وه��و مب��دأ مه��م ف��ي النظ��ام‬ ‫الديمقراط��ي‪ ،‬يتط��رق إل��ى ك��ون‬ ‫جمي��ع المواطني��ن متس��اوين أمام‬ ‫القان��ون ال فرق بين غن��ي وفقير‪،‬‬ ‫صاح��ب وظيف��ة مهم��ة كوزي��ر أو‬ ‫موظف وذل��ك ألن القانون يعتبر ذا‬ ‫س��يادة أي أعلى م��ن الجميع وعليه‬ ‫إذا كان��ت نفس المخالف��ة يرتكبها‬ ‫ش��خصين مختلفي��ن واح��د صاحب‬ ‫وظيف��ة مهمة واآلخر رجل بس��يط‬ ‫العقاب يكون ذاته للشخصين‪.‬‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫‪13‬‬


‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬ ‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫‪1992 / 2 / 2‬‬

‫اس��تمرت العاصف��ة الثلجية‪ ،‬واس��تيقظنا على‬ ‫الثل��ج وهو يغم��ر الجهات والبي��وت والطرقات‪.‬‬ ‫بعد اإلفطار كان المش��اة قلة‪ ،‬أم��ا الباقي فهم‬ ‫يشربون الش��اي ممسكين بالكاس��ات بأكفهم‬ ‫تحت البطاطي��ن ويبدو من األخبار أن العاصفة‬ ‫مس��تمرة‪ .‬حي��ث نقلت األخبار أن معس��كراً في‬ ‫جن��وب ش��رقي تركيا ق��د غم��ره الثل��ج نهائيًا‬ ‫وانقط��ع وم��ات منه س��بعون تحت الثل��ج‪ ،‬وأن‬ ‫قري��ة في تل��ك الجهات اندث��رت‪ ،‬وأن الطرقات‬ ‫في لبنان من��ذ البارحة مقطوع��ة برمتها‪ ،‬وأن‬ ‫الثل��ج على ارتف��اع مترين بين زحل��ة وبعلبك‪،‬‬ ‫وعل��ى ارتفاع عش��رة أمتار فوق جبل الش��يخ‪،‬‬ ‫وأن طريق القنطري بين الرقة والحس��كة غير‬ ‫س��الك‪ ،‬وارتفاع الثلج في المديرج ثالثة أمتار‪.‬‬ ‫وال توج��د ط��رق نافذة في س��ورية س��وى في‬ ‫حوران ودير الزور‪ ،‬والجرافات تعمل لي ً‬ ‫ال ونهاراً‪،‬‬ ‫وإنجازها قليل نظراً الستمرار الهطول الثلجي‪.‬‬ ‫تكلم األس��تاذ محمد فائ��ق رئيس لجنة حقوق‬ ‫اإلنسان العربي من «لندن» تعقيبًا على تقرير‬ ‫الخارجية األمريكية للعام الماضي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ال ب��د في الوطن العربي م��ن التعددية‪ ،‬إذ‬ ‫لم يعد العالم يقبل االستبداد وغياب القانون‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ال يجوز أن يكون هناك من يعمل سراً‪ ،‬ألن‬ ‫سمة العصر هو العمل المكشوف‪.‬‬ ‫‪ّ -3‬‬ ‫أك��د أن م��ا جاء ف��ي التقرير ح��ول الوطن‬ ‫العربي ضئيل جداً قياساً مع واقع الحال‪.‬‬ ‫بي��ن النوم واليقظ��ة‪ ..‬رأيت نفس��ي في محل‬ ‫م��ن محالت الصالحية أش��تري لكل من خزامى‬ ‫وريما معطفين أس��ودين طويلي��ن‪ .‬فمنحتني‬ ‫كل منهما ابتس��امة وقبلة‪ ،‬ووعدتهما بالمزيد‪،‬‬ ‫ومع المعطفين طاقيتين من الصوف‪.‬‬

‫‪1992 / 2 / 3‬‬

‫ما تزال العاصفة الثلجية تولول حول الس��جن‪،‬‬ ‫ورأينا اليوم إحدى الجرافات تعمل في الطرقات‬ ‫المحيطة به‪ ،‬وأخرى تعمل وراء أس��واره لتشق‬ ‫ال��دروب أم��ام المداج��ن‪ .‬الثلج أصب��ح بارتفاع‬ ‫نص��ف مت��ر‪ ،‬وتق��ول األنب��اء أن��ه اعتب��اراً من‬ ‫الليل��ة س��يزحف منخفض ج��وي ب��ارد مزدوج‬ ‫الرياح ويس��تقر فوق األرض السورية وخاصة‬ ‫البادي��ة ويؤدي إلى س��قوط ثلج غزي��ر تعقبه‬ ‫أمط��ار وهط��والت كاس��حة‪ ،‬كم��ا أف��ادت هذه‬ ‫األنب��اء أن منخفض��ًا آخ��ر اتجه نح��و دلتا النيل‬ ‫والح��دود الليبية أدى لتوق��ف المالحة في ميناء‬ ‫اإلسكندرية‪.‬‬ ‫كما تفيد نفس األنباء أن الجنوب الش��رقي من‬ ‫تركي��ا يتع��رض النهيارات ثلجي��ة غطت قرية‪:‬‬ ‫ جيرفي��ك‪ ،‬وع��دة قرى وبعض المعس��كرات‪،‬‬‫وأن عملي��ات اإلنق��اذ مس��تمرة‪ ،‬ووص��ل ع��دد‬ ‫القتلى حوالي ‪ ،270‬وأن األمطار والثلوج تجتاح‬ ‫محافظة الرقة‪ ،‬وطرق عين عيسى وتل أبيض‬ ‫غير س��الكة‪ ،‬وكذلك محافظة حلب‪ ،‬ومحافظة‬ ‫إدل��ب وش��مال محافظة الحس��كة‪ ،‬وأن الجيش‬ ‫والدف��اع المدن��ي والطيران ف��ي مملكة األردن‬ ‫في حالة اس��تنفار‪ ،‬وتتهيأ بالد الشام الستقبال‬ ‫مزيد من األمطار والثلوج‪.‬‬ ‫إننا فرحون لهذا الثلج وهذه األمطار‪ ..‬فالجفاف‬

‫والتصحر كانا عنوانًا عريضاً لكثير من الندوات‬ ‫والحلق��ات‪ ،‬وم��ن كثرة م��ا قرأنا حولهم��ا‪ ،‬بتنا‬ ‫نتخي��ل أن ه��ذه الب�لاد س��تجتاحها الصح��راء‬ ‫والرمال‪ ،‬وها نحن نشهد هذا الدفق المتواصل‬ ‫فكيف ال نفرح والس��دود س��وف تخزّن‪ ،‬والمياه‬ ‫الجوفية س��وف تص��ل لوج��ه األرض‪ ،‬واألقنية‬ ‫سوف تسير عذبة‪ ،‬وعيون الماء سوف تنبثق‪.‬‬ ‫أخذت إبرتين من البنس��لين‪ ،‬كما صب الطبيب‬ ‫اليود على الدملتين‪.‬‬ ‫أه��ل الرقة يخططون للوص��ول إلى المحافظة‬ ‫ويأملون بإخالء السبيل‪.‬‬

‫‪1992 / 2 / 4‬‬

‫ل��م نس��تطع النه��وض م��ن تح��ت البطانيات‪،‬‬ ‫أس��رعنا بع��د اإلفط��ار وقبعن��ا تحتها نش��رب‬ ‫الش��اي‪ ،‬ونزي��د الكمي��ة لتك��ون دافئ��ة دوم��اً‪،‬‬ ‫وأطل البعض من ش��بابيك المم��ر‪ ،‬وأخبرنا أن‬ ‫تساقط الثلج مس��تمر‪ ،‬وأن الطرق التي عملت‬ ‫بها الجرافة عادت وتراك��م الثلج عليها بارتفاع‬ ‫اإلصبع‪.‬‬ ‫احتف��ل اتح��اد الصحافيي��ن بعي��د الصحاف��ة‪،‬‬ ‫وه��ي مناس��بة للتطبي��ل والتزمي��ر والتمجيد‪.‬‬ ‫هذا األس��لوب الممتد على طول الوطن العربي‬ ‫وعرض��ه ه��و احتقار لل��رأي اآلخ��ر‪ ،‬وتكريس‬ ‫لالستبداد‪ ،‬للقضاء على طاقات هذا الشعب‪.‬‬ ‫ه��ا نح��ن ف��ي ه��ذا الجن��اح بينن��ا أربع��ة من‬ ‫الصحافيين‪ ،‬لم نسمع أحداً يوماً من المؤسسة‬ ‫النقابية قد طالب أو ذكر أسماءنا‪ ،‬كأننا لم نكن‬ ‫يومًا في عداد الصحافة‪ ،‬أو العمل النقابي‪.‬‬ ‫األول‪ :‬عب��د اهلل المق��داد‪ :‬كان محرراً في س��انا‬ ‫ومس��ا ًء يعم��ل إداري��اً لصال��ح االتحاد نفس��ه‪.‬‬ ‫معتقل منذ ربيع عام ‪ 1980‬للمرة الثالثة‪ .‬وهو‬ ‫م��ن موالي��د ‪ 1940‬من غص��م التابعة لبصرى‬ ‫الشام‪ ،‬ويس��كن باألجرة في كفرسوسة‪ .‬لديه‬ ‫خمسة أطفال‪ ،‬ثالثة أوالد وبنتان‪.‬‬ ‫الثان��ي‪ :‬اس��ماعيل الحج��ي الزعب��ي‪ :‬ه��و من‬ ‫موالي��د ‪ ،1941‬يعم��ل محررا في وكالة س��انا‪،‬‬

‫خري��ج معهد الصحاف��ة الجامعي ف��ي الجزائر‪.‬‬ ‫معتق��ل منذ أواخ��ر عام ‪ .1982‬اتب��ع دورة لغة‬ ‫فرنس��ية ف��ي الهافر من الش��مال الفرنس��ي‪.‬‬ ‫كان مرش��حاً كي يكون مراس ً‬ ‫ال في إحدى الدول‬ ‫العربية‪ .‬يس��كن في نهر عيشة‪ .‬له ثالثة أوالد‬ ‫وأربع بنات‪ .‬بعد س��نتين وش��هرين من اعتقاله‬ ‫ُفتح��ت زيارته‪ .‬ه��و باألصل من قري��ة الغاريه‬ ‫الشرقية في حوران‪.‬‬ ‫الثال��ث‪ :‬أحم��د حبيب حم��ود م��ن مواليد ‪1949‬‬ ‫خري��ج معهد الصحافة في الجزائ��ر يلم باللغة‬ ‫الفرنس��ية وضليع في النحو والصرف العربيين‬ ‫معتقل منذ ربيع عام ‪ ،1982‬هو من الدريكيش‬ ‫متزوج وله ولد وخمس بنات‪.‬‬ ‫الراب��ع‪ :‬كات��ب هذه الس��طور م��ن مواليد ‪/ 18‬‬ ‫‪ .1935 / 12‬عملت مح��رراً منذ ربيع ‪ 1964‬في‬ ‫« كفاح العمال االش��تراكي « لس��ان حال اتحاد‬ ‫نقاب��ات العمال‪ .‬ثم رئيس��ًا للتحرير اعتباراً من‬ ‫ع��ام ‪ .1969‬بعد الـ ‪ 1970‬عملت مديراً لإلدارة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫اختُطِفت من الطريق في ‪ 24‬نيسان عام‬ ‫وقد‬ ‫‪ ،1980‬وفُتح��ت زيارتي بعد عامين وش��هرين‪،‬‬ ‫س��افرت في وفود صحافية إلى مص��ر وألمانيا‬ ‫الديمقراطي��ة‪ .‬لي ولد وبنتان أس��كن ش��رقي‬ ‫رك��ن الدين‪ .‬زوجتي تعمل ف��ي هيئة تخطيط‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫الجديد في جناحنا تفاقم حالة زهير س��كرية‪.‬‬ ‫اقت��ادوه وأعط��وه إب��رة ون��ام ودث��روه بع��دة‬ ‫بطانيات‪.‬‬ ‫قالت األنباء‪ :‬أن س��رعة الري��اح في مصر العليا‬ ‫مئ��ة كيل��و متر ف��ي الس��اعة‪ ،‬وقد بل��غ ارتفاع‬ ‫الموج ستة أمتار‪ ،‬وأن جميع الموانئ والمطارات‬ ‫مغلقة‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي األردن فالدوائ��ر والم��دارس عطل��ت‬ ‫والمطار أغلق أبوابه‪ ،‬والجيش والدفاع المدني‬ ‫في حالة استنفار من أجل عمليات اإلنقاذ‪ ،‬وفي‬ ‫تركيا شرقاً وجنوباً تزداد األحوال سوءاً وتستمر‬ ‫االنهيارات الثلجية واختفاء القرى والمعسكرات‬ ‫كما أن الثلج يتس��اقط ش��مال الجزيرة العربية‬ ‫وهو ينزل شيئًا فشيئًا جنوبًا‪.‬‬


‫دمشق – حمزة السيد‬

‫املطرقة والأزميل‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫ما يُجبر عليه��ا الفنان كرُمى للقمة العيش‪،‬‬ ‫إن ل��م يخجل منها أص ً‬ ‫ال‪ ،‬كس��حوت يس��ردها‬ ‫ل��ك بفخر ن��ادر‪ ،‬م��اراً على أس��ماء المطاعم‬ ‫والفنادق وكأنه يمر على أسماء صاالت كبرى‬ ‫ف��ي العال��م‪ ،‬لكن ه��ذا طبيعي م��ن "مهني"‬ ‫ولي��س بفن��ان‪ ،‬فلن تجد عم� ً‬ ‫لا واح��داً مهما‬ ‫بحثت‪ ،‬يحمل توقيع كس��حوت‪ ،‬اللهم إال تلك‬ ‫المنحوت��ات التي نفذها ف��ي ملتقيات أمن له‬ ‫عبد الحميد المش��اركة به��ا‪ ،‬فحمله معه إلى‬ ‫اس��بانيا في ملتقيات الحدائق السورية‪ ،‬وإلى‬ ‫جبلة ومش��تى الحل��و‪ ،‬فأخرج كس��حوت كت ً‬ ‫ال‬ ‫مربكة وبال هوية‪ ،‬فتارة يقدم تكوين ًا ال يليق‬ ‫بطالب ف��ي المعهد أن يقدم��ه "عمل ملتقى‬ ‫دمش��ق الدول��ي األول ‪ "٢٠٠٩‬أو يم��زج بين‬ ‫تكوين "بعجانو" و"برشين" و" السيد" ليخرج‬ ‫بتكوين مضغوط ال شكل له "اسبانيا ‪"٢٠٠٤‬‬ ‫أو ق��د يك��ون غ��راً بش��كل فاض��ح‪ ،‬فينس��خ‬ ‫ج��زءاً من لوحة نحت ناف��ر نفذتها واحدة من‬ ‫طالباته لصالح مطعم ما‪ ،‬ليكون عم ً‬ ‫ال له في‬ ‫المع��رض الس��نوي "‪ ٢٠٠٤‬الجناح الس��وري‬ ‫مدينة المعارض"‪.‬‬ ‫حت��ى اآلن يتصرف كس��حوت كمتطفل على‬ ‫التش��كيل‪ ،‬وكاد يكون خارج أي ذكر لوال تلك‬ ‫المناصب التي تس��لمها الرج��ل‪ ،‬فمن رئيس‬ ‫لقس��م النحت في معهد الفن��ون التطبيقية‪،‬‬ ‫إل��ى مدي��ر للمعهد بعد أن تول��ى عبد الحميد‬ ‫مديرية الفن��ون الجميلة ف��ي وزارة الثقافة‪،‬‬ ‫ثم إلى مدير للفنون الجميلة‪.‬‬ ‫عالقة الرجلي��ن "عبد الحميد وكس��حوت" لم‬ ‫تك��ن مفهومة ق��ط للمقربي��ن‪ ،‬إذ اعتاد عبد‬ ‫الحميد تأنيب كس��حوت علن ًا وأمام أش��خاص‬ ‫من المفترض أنهم طالبه‪ ،‬فيما كان كسحوت‬ ‫ي��ردد آراء عبد الحميد في أي طالب أو عمل أو‬ ‫تصرف‪ ،‬وينفذ ما يمكن وصفه بتلك األعمال‬ ‫الت��ي يترفع األول عن تنفذها بيده‪ ،‬فلم يكن‬ ‫الثاني س��وى تاب��ع مطيع لألول ال��ذي ابتكره‬ ‫فس��اهما مع ًا ف��ي خلق جيل من التش��كيلين‬ ‫السيئين وعديمي الموهبة‪ ٬‬ومنحا مع ًا فرصًا‬

‫ف��ي ملتقيات ومع��ارض لمن يش��بهون عبد‬ ‫الحمي��د ويتبع��ون ل��ه‪ ،‬وبالرغم م��ن أن هذا‬ ‫األخي��ر يعتبر أن��ه اختار األفض��ل من طالبه‬ ‫كي يظه��ره إلى العل��ن‪ ،‬إال أن التجربة تقول‬ ‫أن هؤالء كانوا أس��وء األس��وأ‪ ،‬مع استثناءات‬ ‫قليل��ة ك��ـ همام الس��يد‪ ،‬يش��اركهم في هذا‬ ‫عراب الصفقات طارق س��واح الذي بات اليوم‬ ‫مديراً لذات المعه��د بعد تبادل المناصب‪ ،‬وإن‬ ‫كان كس��حوت يمل��ك قدرة تقني��ة في إخراج‬ ‫كتلة ما‪ ،‬فإن س��واح خريج قس��م اإلعالن في‬ ‫كلية الفنون‪ ،‬غير قادر حتى على رس��م خط‬ ‫واحد ذي قيمة‪.‬‬ ‫الي��وم‪ ،‬يج��ول كس��حوت م��ع م��ن تبقى من‬ ‫نحاتي��ن ف��ي ملتقي��ات ع��دة داخل س��وريا‪،‬‬ ‫الالذقية‪ ،‬طرطوس‪ ،‬دمش��ق‪ ،‬على الخشب أو‬ ‫الحجر‪ ،‬في الفنادق أو القلعة‪ ،‬يرافق كسحوت‬ ‫وزي��رة الثقافة في جولتها على المش��اركين‬ ‫في فعالي��ات تقام تحت عناوي��ن براقة‪ ،‬مثل‬ ‫"سوريا أنت األجمل"‪.‬‬ ‫وأذكر‪" ..‬أريدها مثي��رة‪ ..‬أريد للزبون أن يثار‬ ‫جنسياً وهو جالس في المطعم" بهذه الكلمات‬ ‫يخاطب صاحب "مطعم زيوس" في باب توما‬ ‫بدمشق فنانًا شاباً كلفه بتنفيذ ديكور خاص‬ ‫بمطعم��ه‪ ،‬كان هذا طلب ًا واضح�� ًا من صاحب‬ ‫رأس الم��ال وفرصة العمل‪ ،‬لنحات ش��اب كي‬ ‫يحول فيه عم� ً‬ ‫لا "ظن خطأً أنه فني" لمس��خ‬ ‫حقيق��ي‪ ،‬تمثال ام��رأة بصدر ضخ��م وأرداف‬ ‫أضخم‪ ،‬تموت النسب الطبيعية وتذوب الكتل‬ ‫في بعضها بعضاً‪ ،‬وتتالش��ى كل قيم الجمال‬ ‫الش��حيحة أص ً‬ ‫ال في عمل تجاري في النهاية‪،‬‬ ‫لكن ليس العمل ما خرج مس��خًا وحس��ب‪ ،‬بل‬ ‫ذلك الشاب الذي فكر بشغف ال ينجو منه كل‬ ‫حدي��ث تخرج‪ ،‬أو طالب فن‪ ،‬المس��خ خلق في‬ ‫مكان ما من عقل الش��اب‪ ،‬الذي رضخ للرغبة‬ ‫الش��اذة للرج��ل المس��ن‪ ،‬وأنت��ح له م��ا يريد‬ ‫تحت ضغ��ط الحاجة والمنافس��ة‪ ،‬ومع تكرار‬ ‫التجرب��ة‪ ،‬كفر بالفن ال��ذي ال يطعمه‪ ،‬وهجر‬ ‫يُسر لن يأتي أبداً‪.‬‬ ‫المرسم إلى حين‬ ‫ِ‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫ل��م تك��ن مطاعم دمش��ق قد عرف��ت النحت‬ ‫كج��زء م��ن تصاميمه��ا الداخلي��ة قب��ل عام‬ ‫‪ ،2000‬حي��ث كان الرائج ه��و لوحات رخيصة‬ ‫أو مح��اكاة س��يئة للمن��ازل الدمش��قية ف��ي‬ ‫أحس��ن األح��وال‪ ،‬لم تكن العاصم��ة أصال قد‬ ‫عرفت المطاعم الفاخرة جداً قبل ذلك العام‪،‬‬ ‫إال أن م��ا يمكن وصف��ه باالنفتاح االقتصادي‬ ‫النسبي الذي حل بالبالد بعد ذلك العام‪ ،‬حمل‬ ‫للعاصمة ش��ركات ومشاريع سياحية أكبر من‬ ‫المعت��اد‪ ،‬وحمل للنحاتين ف��رص عمل قيمة‬ ‫طالم��ا غابت عنه��م‪ ،‬فكان��ت مطاعم طريق‬ ‫المطار س��باقة في االعتماد على التشكيليين‬ ‫الس��وريين إلنجاز بعض األعم��ال التي توزع‬ ‫في أركان هذه المنشآت‪ ،‬ومن أهمها في هذا‬ ‫المج��ال "آلف ليل��ة وليلة" ال��ذي احتوى على‬ ‫عدة مطاع��م منها مطع��م هارون الرش��يد‪،‬‬ ‫والذي نفذت له سلسلة من أعمال النحت التي‬ ‫تجاوزت الستين عم ً‬ ‫ال بمقياس " واحد ونصف‬ ‫على واحد"‪ ،‬وبالنسبة لـ المثالين أي النحاتين‪،‬‬ ‫ف��إن ه��ذه النس��بة تعن��ي أن حج��م العم��ل‬ ‫الواحد أكبر م��ن المقي��اس الطبيعي بنصف‬ ‫مرة‪ ،‬ه��ارون الخليفة مع حاش��يته وراقصيه‬ ‫وجواريه‪ ،‬عازفين وخدم وحرس وسياف‪ ،‬زين‬ ‫بها المطعم في صفقة قد تكون األضخم في‬ ‫سوريا التي توكل لتشكيلين سوريين‪.‬‬ ‫ُكل��ف أكث��م عبد الحمي��د بالمهم��ة الضخمة‪،‬‬ ‫وكلف هذا بدوره ‪ -‬بعد أن وقع العقد الخاص‬ ‫بالعمل والذي يقدر بماليين الليرات السورية‬ ‫ واح��داً من أكثر األس��ماء التصاق�� ًا به‪ ،‬عماد‬‫الدين كس��حوت‪ ،‬النحات ال��ذي ال يعرفه حتى‬ ‫ذل��ك الحي��ن‪ ،‬إال تالمي��ذه في معه��د الفنون‬ ‫التطبيقية بدمشق‪ ،‬ومن تخرج معه من كلية‬ ‫الفنون الجميلة في دمش��ق‪ ،‬كسحوت بدوره‬ ‫اعتمد كعادته في تنفذ األعمال التجارية على‬ ‫تالميذه في المعهد من خريجي وطالب قسم‬ ‫النح��ت‪ ،‬وب��دأ العمل في ح��رم المعهد بقلعة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬حي��ن كان يرأس قس��م النحت فيه‪،‬‬ ‫فيم��ا يتولى عب��د الحمي��د إدارة المعهد‪ ،‬قبل‬ ‫أن يتح��ول مكان العمل إلى جناح في معرض‬ ‫دمشق الدولي القديم‪ ،‬استمرت عملية النحت‬ ‫والقولب��ة ألكثر م��ن عام‪ ،‬وقام��ت على جهد‬ ‫ط�لاب وخريجي��ن‪ ،‬فيم��ا لم يلم��س كل من‬ ‫عبد الحميد أو كس��حوت أي عمل س��وى فيما‬ ‫يسميانه معاً عملية اإلش��راف‪ ،‬كان كسحوت‬ ‫معتاداً على اس��تغالل طالبه في كل األعمال‬ ‫التجارية الت��ي كان منفذاً لها وليس متعاقداً‪،‬‬ ‫إذ كان اس��م عب��د الحمي��د ه��و المطلوب في‬ ‫الس��وق آن��ذاك‪ ،‬فيم��ا يتحدث فنانون ش��باب‬ ‫عرفوه ف��ي تلك الفترة عن عملية اس��تغالل‬ ‫م��ادي تعرض��وا له��ا من قبل��ه خ�لال أعمال‬ ‫"ه��ارون الرش��يد" فض ً‬ ‫ال عن مش��اريع أخرى‬ ‫أشركهم بها‪.‬‬ ‫لن تجد فنانًا واحدا في العالم يفتخر باألعمال‬ ‫التجارية الت��ي نفذها من أج��ل المال والمال‬ ‫فق��ط‪ ،‬مثلم��ا يفعل كس��حوت ال��ذي ال يوفر‬ ‫فرصة ك��ي يعدد تل��ك المش��اريع التي عادة‬

‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬

‫نبالء‪� ،‬صامدون‪ ،‬هاربون‪ ،‬وانتهازيون‬ ‫فنانو �سوريا الت�شكيليون "‪"11‬‬

‫‪15‬‬


‫جميل هالل‪ :‬النظام ال�سيا�سي الفل�سطيني بعد �أو�سلو‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫في غمرة الربيع والضجيج العربي من‬ ‫غير الممكن إهمال أو نسيان القضية‬ ‫الفلسطينية التي حملت وحمّلت الشعوب‬ ‫العربية أوزاراً كان من السهل تفاديها لو‬ ‫أن ثقافتنا العربية تخلت مبكراً عن األوهام‬ ‫التي تقف في طريق العقل العربي وتجعله‬ ‫أطر ومواقف محددة‪ ،‬تضعه بعيداً أو‬ ‫سجين ٍ‬ ‫حتى نقيضاً للحرية‪.‬‬ ‫نستطيع الحديث عن جملة من األوهام‬ ‫تحكم العقل العربي‪ ،‬ولعل أبرزها المتعلق‬ ‫بكتابنا اليوم وهم الزعامة‪ ،‬ففي مخيلة‬ ‫العربي دائماً أن تحرير فلسطين وتحقيق‬ ‫النهضة وهزيمة األعداء‪ ،‬ال تكون إال‬ ‫بزعيم فرد يأتي من قلب الغيب‪ ،‬ووفق‬ ‫ٍ‬ ‫هذه المنظومة يأتي الزعيم الفرد مستبداً‬ ‫يضيّع فلسطين كما يضيّع بالده‪.‬‬ ‫كتابنا اليوم وفي سعي الفلسطينيين المتأخر‬ ‫للحص��ول عل��ى اعت��رافٍ دولي بفلس��طين‬ ‫الدول��ة‪ ،‬يق��دم بحث ًا ف��ي األبع��اد االجتماعية‬ ‫لبناء دولة فلس��طينية منذ تأس��يس منظمة‬ ‫التحري��ر الفلس��طينية حت��ى إقامة الس��لطة‬ ‫الفلس��طينية في إثر اتفاق أوس��لو‪ .‬ويتناول‬ ‫الكت��اب العالق��ة بين الس��لطة الفلس��طينية‬ ‫والمجتم��ع المدن��ي الفلس��طيني‪ ،‬ومحاوالت‬ ‫بن��اء الدولة على الرغم من س��عي إس��رائيل‬ ‫لسحق هذه المحاوالت‪.‬‬ ‫النظ��ام السياس��ي الفلس��طيني‪ ،‬س��واء‬ ‫قب��ل النكب��ة أو خ�لال فترة منظم��ة التحرير‬ ‫الفلس��طينية أو بع��د أوس��لو‪ ،‬صاحب��ه فك��ر‬ ‫سياس��ي يت��راوح بي��ن التجريبي��ة المفرطة‬ ‫والنزعة الضدية الش��ديدة‪ ،‬ويع ّلل هذا األمر‬ ‫بنش��أة ه��ذا الفك��ر وتمي��زه بمواجه��ة خطر‬ ‫م��زدوج تمث��ل ف��ي االس��تعمار البريطان��ي‬ ‫الصهيون��ي‬ ‫واالس��تعمار‬ ‫التقلي��دي‪،‬‬ ‫االستيطاني‪ ،‬لذلك حمل‪ ،‬باإلضافة إلى سمات‬ ‫منش��ئه العربي األول وسمات الوضع الناشئ‬ ‫إزاء االستعمار التقليدي‪ ،‬سمات خاصة أوجبها‬ ‫الصراع مع المش��روع الصهيوني‪ .‬لقد اتس��م‬ ‫الفكر السياس��ي الفلسطيني بالتجريبية‪ ،‬أي‬ ‫بعدم انفصاله عن مجرى النش��اط السياسي‬ ‫العملي‪ ،‬كما اتس��م بالنزعة الضدية وبالتالي‬ ‫االنفص��ام بين الفكر ال��ذي تصوغه الرغبات‬ ‫وبين مقتضيات واقع الحال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة الس��تعراضه مراح��ل تش��كل الدولة‬ ‫الفلس��طينية‪ ،‬يرص��د الكتاب التح��والت التي‬ ‫دخلت عل��ى النظام السياس��ي الفلس��طيني‬ ‫خ�لال االنتفاض��ة الثانية وبعد وف��اة رئيس‬ ‫الس��لطة الوطنية الفلس��طينية ياسر عرفات‬ ‫ف��ي خريف العام ‪ ،2004‬بم��ا فيها االنتخابات‬ ‫الرئاسية عام ‪ ،2005‬واالنتخابات التشريعية‬ ‫ع��ام ‪ ،2006‬وانتق��ال حرك��ة «حم��اس» من‬ ‫صف��وف المعارض��ة للس��لطة الفلس��طينية‬

‫إل��ى حزبها الحاكم وفق��دان التنظيم الحاكم‬ ‫والمهيمن على الحقل السياس��ي منذ تشكل‬ ‫منظم��ة التحرير الفلس��طينية «حركة فتح»‬ ‫موقع��ه المهيم��ن ف��ي الحق��ل السياس��ي‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫وقد كتب الكثير عن اتفاقات أوس��لو وتبعاتها‬ ‫السياس��ية والقانوني��ة وتأثيره��ا في محيط‬ ‫الص��راع الفلس��طيني االس��رائيلي بم��ا في‬ ‫ذلك الدول العربية‪ ،‬فاتفاقات أوس��لو‪ ،‬وانشاء‬ ‫أرض‬ ‫س��لطة فلس��طينية أول م��رة عل��ى ٍ‬ ‫فلس��طينية‪ ،‬وازدواجية دور القيادة التاريخية‬ ‫لمنظم��ة التحري��ر كقي��ادة أيض��اً للس��لطة‬ ‫الفلس��طينية بع��د أوس��لو‪ ,‬وبداية تش��كالت‬ ‫مجتمعي��ة وسياس��ية جدي��دة ف��ي المناطق‬ ‫الت��ي انس��حبت منه��ا اس��رائيل ف��ي الضفة‬ ‫الغربية وقطاع غزة‪ ،‬ش��كلت ظاه��ر ًة جديدة‬ ‫وأم��راً واقعاً ال يمكن تجاه��ل تطوره وتأثيره‬ ‫ف��ي المس��تقبل السياس��ي والمجتمع��ي في‬ ‫فلسطين والشتات ‪.‬‬ ‫فم��ع قي��ام الس��لطة الفلس��طينية انتقل��ت‬

‫عملي��ة صناع��ة الهيمنة ف��ي الحقل‬ ‫السياس��ي الجديد من أط��ر منظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية إلى أطر سلطة‬ ‫فلس��طينية تسعى للتحول إلى دولة‬ ‫عل��ى إقلي��م فلس��طيني‪ .‬وباش��رت‬ ‫فور قيامها منح نفس��ها رموز الدولة‬ ‫الحديث��ة وش��كلها‪ ،‬ف��ي المج��االت‬ ‫المتاح��ة له��ا وفق��ًا التف��اق أوس��لو‬ ‫واالتفاق��ات الالحق��ة‪ .‬لق��د انتقل��ت‬ ‫السلطة من حقل يخيّم عليه خطاب‬ ‫التحري��ر والمقاوم��ة‪ ،‬ويقيم ائتالف‬ ‫فصائل مس��لحة‪ ،‬ويتسم بالتعددية‬ ‫السياس��ية والفكري��ة واإلعالمي��ة‬ ‫وبدرج��ة عالي��ة م��ن التس��يس‬ ‫الجماهيري‪ ،‬ويدي��ر تحالفات عربية‬ ‫ودولي��ة عل��ى أس��اس الموق��ف من‬ ‫حق��وق الش��عب الفلس��طيني‪ ،‬إل��ى‬ ‫حقل تس��يطر عليه س��لطة مركزية‬ ‫تحتكر استخدام العنف في المناطق‬ ‫المح��ددة له��ا وفق��ًا لالتفاق��ات م��ع‬ ‫إسرائيل‪.‬‬ ‫كما أن س��عي الس��لطة الفلسطينية‬ ‫الدائم للبحث ع��ن مقومات دولةٍ أيًا‬ ‫كان ش��كلها نجم عنه تهميش دور التجمعات‬ ‫الفلس��طينية ف��ي الخارج ووضعه��ا في حالة‬ ‫قل��ق ش��ديد عل��ى مصيره��ا وعل��ى هويتها‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬بعد عقود من رفع منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية شعارات تنادي بحق شعب شرّد‬ ‫واحتل��ت أرض��ه وحُ��رم من حقه ف��ي تقرير‬ ‫المصير‪.‬‬ ‫كما تطرح النخبة الفلس��طينية على الصعيد‬ ‫الداخلي تصوراً مفاده أن الشعب الفلسطيني‬ ‫أكث��ر ديموقراطي��ة م��ن الش��عوب العربي��ة‬ ‫األخ��رى‪ ،‬ال بمعنى أنه ينش��د الديموقراطية‬ ‫كم��ا ه��و ح��ال ش��عوب أخ��رى ف��ي عالمن��ا‬ ‫المعاص��ر‪ ،‬وإنم��ا بمعن��ى أن��ه ديموقراط��ي‬ ‫بس��جيته ويمارس «الديموقراطية» من فترة‬ ‫طويلة‪ ،‬ه��ذا التصور الذي جرى نقضه الحقًا‬ ‫في ضوء ممارس��ات بعض األجه��زة األمنية‪،‬‬ ‫وبعد صدور تقرير هيئة الرقابة العامة األول‬ ‫لع��ام ‪ 1996‬بش��أن إس��اءة اس��تخدام بعض‬ ‫المس��ؤولين لمواقعه��م‪ ،‬ومطالب��ة المجلس‬ ‫التشريعي بمحاسبة هؤالء المسؤولين‪.‬‬

‫جميل هالل‪:‬‬ ‫جمي��ل هالل باحث وكاتب فلس��طيني‪ ،‬له عدد من الكتب والمق��االت واألبحاث‪ .‬من‬ ‫كتبه التي نش��رت مؤخراً «اس��تراتيجية إس��رائيل االقتصادية في الش��رق االس��ط‪،‬‬ ‫تكوين النخبة الفلس��طينية‪ ،‬الطبقة الوس��طى الفلس��طينية‪ ،‬التنظيمات واألحزاب‬ ‫السياس��ية الفلسطينية‪ ،‬وأبحاث عدة عن الفقر والفقراء وقضايا التنمية والهدر في‬ ‫فلسطين»‪.‬‬ ‫ص��درت ل��ه العديد م��ن األبحاث المش��تركة عن نظ��ام التكاف��ل االجتماعي ونظام‬ ‫الضم��ان االجتماعي‪ ،‬ونظام العدالة الجنائي ونظام العدالة العرفي في فلس��طين‪.‬‬ ‫كم��ا حرر مع إي�لان بابه كتاب ًا عن الرواية التاريخية الفلس��طينية اإلس��رائيلية‪ ،‬وله‬ ‫مس��اهمات في مج�لات ودوري��ات عربي��ة وأجنبية‪ .‬وه��و محرر مش��ارك في مجلة‬ ‫الدراسات الفلسطينية‪.‬‬


‫تقا�سيم على حلن الكرامة‬ ‫بهاء حمدان‬

‫مراسالت سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫لنب��دأ بأمنية‪ ،‬تلك التي يحلم بها الس��وريون‬ ‫على انتشارهم القسري في هذا العالم‪..‬‬ ‫أظ��ن بأنها تراودنا كلنا‪ ..‬نحن الذين نس��مي‬ ‫تفصي��ل من‬ ‫كل‬ ‫أنس��فنا "والد البل��د"‪ ،‬ف��ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تفاصيل حياتن��ا الجديدة القديمة‪ ..‬تعود تلك‬ ‫اللحظ��ات لتباغ��ت ش��عورنا المزي��ف باألمان‬ ‫وترميه بعيداً لتثبت لنا مجدداً أننا "مهجرون"‪.‬‬ ‫فذلك واحدٌ من تلك الصباحات المكررة التي‬ ‫يعيشها ابن العشرينات في مغتربه‪..‬‬ ‫قهوت��ه الجدي��دة‪ ..‬ذات الرائح��ة الت��ي مهم��ا‬ ‫تك��ررت س��تبقى تذك��ره بعب��ق قه��وة أم��ه‬ ‫القديمة‪ ..‬وألحان يعرفه��ا تعود لتذكره أيض ًا‬ ‫بالصباح السوري الذي اعتاد أن يبدأ أيامه به‪.‬‬ ‫يح��اول تف��ادي ن��داء الماض��ي ويص��م آذانه‬ ‫عنه كي يس��تطيع متابع��ة نه��اره كالمعتاد‪.‬‬ ‫وكالمعت��اد يبدأ بروايته المهترئ��ة محاو ً‬ ‫ال أن‬ ‫يتجنب رغبت��ه بمعرفة ما حصل ليلة البارحة‬ ‫هناك‪.‬‬ ‫يقرأ ويبحث‪ ..‬يقرأ ما اعتاد عن أعداد الشهداء‬ ‫ويبح��ث بين أس��مائهم وفي جوانح��ه يرتعد‬ ‫ذلك الخوف المؤلم الذي لم يس��تطع اعتياده‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫يمر عل��ى أس��ماء المناطق والم��دن ومع كل‬ ‫مدين��ةٍ تعود ذاكرت��ه لتخبره بم��ن يعرفهم‬ ‫هناك‪..‬‬ ‫تل��ك الذاكرة المتعبة بم��ا تحمله من لحظاتٍ‬ ‫ومواق��ف تأخ��ذهُ بعي��داً ع��ن واقع��ه الحالي‬ ‫وترميه في تفاصيل م��ر بها في تلك الرحلة‬ ‫العقيم��ة الت��ي ال زال ندم��ه عليه��ا ينخ��ز‬ ‫خاصرته كل ليلة‪.‬‬ ‫لن يس��تطيع الوصول إلى حلمه بالنس��يان‪..‬‬ ‫كيف له أن ينس��ى تلك المش��اهد المارة في‬ ‫ذاكرته بواقعيةٍ تفوق ما يدور أمامه حق ًا‪.‬‬ ‫فوجه ذلك الخمس��يني‪ ..‬صاح��ب التضاريس‬

‫الت��ي خطه��ا الزم��ن ف��ي مالمح��ه‪ ،‬بوقفته‬ ‫وانحناءة ظهره وصوته الخش��ن‪ ..‬يحمل فوق‬ ‫كتفيه حفيدته الس��مراء‪ ..‬مقات� ً‬ ‫لا‪ ..‬مكافحاً‪..‬‬ ‫من أجل أن يقطع تلك الصحراء ليصل إلى ما‬ ‫يس��مى "مخيم" هارب��ًا بحفيدته إلى ما يأمل‬ ‫بأنه "أمان "‪.‬‬ ‫وتلك النس��وة الالتي يعرفه��ن جيداً‪ ..‬ويعرف‬ ‫ك��م تحم��ل الواح��دة منه��ن م��ن عنف��وانٍ‬ ‫وطهارةٍ وكرامة‪ ..‬يعاندن تلك الريح الصفراء‬ ‫الصحراوي��ة المقيت��ة من أج��ل أن يعدن إلى‬ ‫بقليل من الماء‪.‬‬ ‫خيامهن‬ ‫ٍ‬ ‫أم��ا تل��ك الفتاة الت��ي كانت أحالمه��ا الحائرة‬ ‫ف��ي يوم م��ن األي��ام تأخذه��ا ش��رقًا وغربًا‪.‬‬ ‫بذل��ك الوج��ه ال��ذي تح��اول مالمح��ه اخفاء‬ ‫األل��م بال جدوى‪ .‬تقف مجب��رة لتبيع ما تحمل‬ ‫ف��ي محاولةٍ لس��د رمق أمها العج��وز وأخيها‬ ‫المصاب بعد أن طحنت الحرب قدماه‪.‬‬ ‫بي��ن مخيم��ات صحراوي��ة وأخ��رى ثلجي��ة‪..‬‬ ‫ومح��اوالت للعي��ش ف��ي وس��ط موب��وء‬ ‫بالعنصري��ة‪ .‬يحاولون فق��ط‪ ..‬أن يبقوا على‬ ‫قيد الحياة‪.‬‬ ‫يت��رك روايته التي لم يعد يذكر منها ش��يء‪،‬‬ ‫ويستس��لم لتلك الطعنات الت��ي يتلقاها من‬ ‫ذاكرته كل حين‪.‬‬ ‫يتس��اءل مج��دداً عن الس��بب الذي دع��اه إلى‬ ‫ارت��كاب تل��ك الحماقة وع��ن الخواط��ر التي‬ ‫تداع��ت إلى مَنطِقِه لي��رى أنه ما من مهرب‬ ‫أمام��ه اال البحر‪ .‬ذل��ك البحر ال��ذي ابتلع ابناء‬ ‫جلدت��ه أمام عيني��ه‪ ..‬ذلك البحر ال��ذي الزال‬ ‫يذك��ر جي��داً كم م��ن اآلم��ال كان ي��زرع في‬ ‫نظرات الذين كانوا ينتظرون أن يقطعوه‪.‬‬ ‫"مجانين" قالها بصوتٍ سمعه من كان معه‪.‬‬ ‫كيف ال‪ ،‬وهم م��ن اختاروا الموت غرقاً‪ ..‬كيف‬ ‫ال وهم من ألبس��وا اطفالهم ستر النجاة التي‬

‫لم تنجيهم الحقًا‪.‬‬ ‫ضمن تلك الثورة الت��ي اجتاحته ضد من قام‬ ‫بم��ا قام به‪ ..‬عاد لرش��ده قلي ً‬ ‫ال وب��دأ اعوجاج‬ ‫تفكي��ره باالس��تقامة‪ ..‬فه��ل ه��م المجانين‬ ‫مركب‬ ‫أم م��ن كان يعامله��م كالبضاع��ة في‬ ‫ٍ‬ ‫مهترئ هو كذلك‪..‬‬ ‫ه��ل هم من فقدوا خوفهم من الموت أم من‬ ‫كان يمنع عنهم س��بل الحي��اة في بالدٍ طالما‬ ‫اعتبروها "شقيقة" هو من جعلهم كذلك‪.‬‬ ‫ه��ل موته��م غرق�� ًا في س��بيل أن يش��عروا‬ ‫بقيمتهم كبش��ر ه��و الخطيئ��ة أم ذلك ُ‬ ‫الذل‬ ‫الذي كانوا يتجرعونه يوميًا في تلك الخيام‪.‬‬ ‫أدرك بع��د أن أج��اب عل��ى تلك األس��ئلة بأنه‬ ‫(إن وج��د في ه��ذا الكون ش��عبًا عاق� ً‬ ‫لا فهم‬ ‫السوريون الشك)‪.‬‬ ‫يفك��رُ منطقي��ًا لوهل��ة ‪ :‬كي��ف نق��ول ب��أن‬ ‫اإلنس��ان الس��وري ت��رك أرضه م��ن أجل أن‬ ‫يعيش‪ .‬ال‪ ..‬هو ال يريد أن يعيش فقط‪..‬‬ ‫فالس��وري هو من اخت��ار الثورة‪ ..‬والس��وري‬ ‫هو من اخت��ار أن يصرخ في وجه الظلم وهو‬ ‫من اختار أن يسافر من مدينةٍ إلى أخرى كي‬ ‫ال يرى نفس��هُ عاج��زاً أمام م��ن انتهك حقه‬ ‫بالكرامة‪.‬‬ ‫والس��وري هو من اختار أن يت��رك العرب بما‬ ‫حملوا‪ ..‬ويخاطر بنفس��ه وبأوالده وبما يملك‬ ‫في س��بيل أن يص��ل إلى تل��ك المرحلة التي‬ ‫يستطيع أن يقول فيها " أنا عايش"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مقترنة‬ ‫ألن الحي��اة في منظوره طالم��ا كانت‬ ‫بالكرامة‪ ..‬وألن العيش في بلدٍ ظلمه وسلب‬ ‫حق��ه فيها ال يس��تطيع اعتباره عيش�� ًا‪ ..‬وألن‬ ‫الم��وت يعتب��ر ثمن�� ًا منطقيًا في س��بيل ذلك‬ ‫اله��دف الذي يس��عى إليه‪ ..‬كل تلك األس��باب‬ ‫دفعت السوري إلى اختيار " الكرامة "‪.‬‬ ‫ع��اد إلى واقع��ه‪ ..‬هدأ‪ ..‬اطمئ��ن‪ ..‬أحس بأنه‬ ‫أقل غضب ًا‪ ..‬وبدأت الس��كينة تدق باب خاطره‬ ‫لوهل��ة‪ ..‬وكعادت��ه عندما يك��ون هادئاً تذكر‬ ‫تلك الفتاة الت��ي يحادثها من وقت آلخر‪ ..‬عاد‬ ‫ليقول لها "كيفك‪ ..‬لسا مصرة ما تطلعي "‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪17‬‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪18‬‬

‫�صاحب «رق�صة �ستي»‬ ‫عمر النق�شبندي ‪1981 - 1906‬‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫«عش��رون لي��رة ذهبية ثم��ن فنج��ان قهوة في‬ ‫دمشق مطلع ثالثينيات القرن الماضي»‬ ‫حدثت هذه القص��ة مطلع الثالثينيات من القرن‬ ‫الماضي‪ ،‬ف��ي عهد الرئيس محم��د علي العابد‪،‬‬ ‫ال��ذي كان بحس��ب كتاب «س��وريا ولبن��ان تحت‬ ‫االنتداب الفرنسي» لستيفن لونغريج‪ ،‬الصفحة‬ ‫‪« 428‬أغنى رجل في سوريا كلها‪ ،‬إذ قدرت ثروته‬ ‫بمليون ليرة إنكليزية ذهبية‪ ،‬موزعة بين أسهم‬ ‫يملكها ف��ي قناة الس��ويس‪ ،‬ومجموعة عقارات‬ ‫منتش��رة في أوروبا‪ ،‬وأراضي زراعية واسعة بما‬ ‫فيها م��ن قرى في غوطة دمش��ق الس��يّما في‬ ‫منطق��ة دوما‪ ،‬وعل��ى حدائق في ح��ي القنوات‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن فندق فيكتوريا‪ ،‬أقدم فنادق دمش��ق‬ ‫وأشهرها‪ ،‬وأسهم في شركة اإلسمنت الوطنية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة لمجموعة م��ن العق��ارات والقصور في‬ ‫مدينة دمشق‪.‬‬ ‫وف��ي زفاف ابنت��ه ليلى الثاني بع��د طالقها من‬ ‫الرئي��س «صبحي ب��ركات الخال��دي» وبنا ًء على‬ ‫طل��ب زوجت��ه وق��ع االختي��ار على ع��ازف العود‬ ‫الش��هير «عم��ر النقش��بندي» إلحي��اء الحف��ل‪،‬‬ ‫وبالفعل تم اس��تدعاؤه واتجهت به السيارة نحو‬ ‫القصر الجمهوري‪.‬‬ ‫حي��ث كان الرئيس العابد في اس��تقباله مرحباً‪،‬‬ ‫وطل��ب من��ه قب��ل الصعود لجن��اح الس��يدات أن‬ ‫يغن��ي ل��ه «يالي��ل الصب مت��ى غ��ده» وبالفعل‬ ‫ش��دا النقش��بندي باألغني��ة أم��ام الرئيس‪ ،‬ثم‬ ‫صعد إل��ى الطابق العل��وي حيث حف��ل الزفاف‪.‬‬ ‫واس��تقبلته زوجة رئيس الجمهورية‪ ،‬ورحبت به‬ ‫أم��ام المدع��وات‪ ،‬وجلس محتضنًا ع��وده يعزف‬ ‫ويغن��ي‪ ،‬حتى س��اعات الفج��ر األول��ى‪ ،‬وقد أثار‬ ‫دهش��ة الحض��ور عندما اس��تخدم خ�لال عزفه‬ ‫وضعاً معكوساً ليده اليمنى‪ ،‬فزحفت أنامله على‬ ‫األوتار من الجهة العلي��ا للعود عوضاً عن الجهة‬ ‫الس��فلى المعروفة‪ ،‬كما ق��ام باألمرين معاً في‬ ‫المقطوع��ة الواح��دة للتدليل عل��ى براعته في‬ ‫العزف‪.‬‬ ‫وعن��د انته��اء الزفاف‪ ،‬ول��دى مغادرت��ه القصر‪،‬‬ ‫تقدمت من��ه زوجة رئيس الجمهورية‪ ،‬وقالت له‬

‫وهي تمد يدها‪« :‬تفضل هذه المحرمة واحسبها‬ ‫ثمن فنجان قهوة مع الشكر الجزيل»‪ ،‬فأخذ عمر‬ ‫النقش��بندي المحرم��ة ش��اكراً إياها‪ .‬وع��اد إلى‬ ‫منزله ليفتح المحرمة‪ ،‬ويجد فيها عش��رين ليرة‬ ‫ذهبية‪.‬‬ ‫عم��ر النقش��بندي وجه من وطني ق��د ال يعرفه‬ ‫زائر أو قارئ‬ ‫البع��ض‪ ،‬إال أنه ما من دمش��قي أو ٍ‬ ‫عن دمش��ق إال وس��مع مقطوعة «رقصة ستي»‬ ‫الت��ي ارتبطت بدمش��ق ارتباطًا عضوي��ًا‪ ،‬والتي‬ ‫صاغها النقشبندي على خلفية األغاني التراثية‬ ‫القديمة‪.‬‬ ‫ولد عمر النقش��بندي عام ‪ 1906‬في اس��طنبول‬ ‫ألب س��وري وأم تركي��ة‪ .‬كان والده محمد صادق‬ ‫ضابط��اً برتبة أمي��رال في الجي��ش التركي‪ ،‬أما‬ ‫ً‬ ‫مولعة بالموسيقى‬ ‫والدته فكانت س��يد ًة تركية‬ ‫والغن��اء التركيين مما أثر على ابنها الحقًا بحيث‬ ‫أصبح يجيد العزف باألسلوبين المتعارف عليهما‬ ‫ف��ي ضبط أوت��ار الع��ود‪ ،‬وأعني بهما األس��لوب‬ ‫التركي‪ ،‬واألسلوب العربي‪ ،‬وقد سخر األسلوبين‬ ‫لخدم��ة عزف��ه حتى تف��وق على غي��ره‪ ،‬واحتل‬ ‫مكانته بين عازفي العود العرب عن جدارة‪ ،‬كما‬ ‫كان محمد األمين أخوه األكبر يعزف على العود‪.‬‬ ‫تلق��ى النقش��بندي علومه األولية في مدرس��ة‬ ‫«غالطة سراي» في اسطنبول‪ ،‬وفي عام ‪1914‬‬ ‫انتقل��ت عائلت��ه إلى بيروت بع��د أن عُيِّن والده‬ ‫حاكم��ًا ومفتش��اً لمنطق��ة الميناء‪ .‬وهن��اك تابع‬ ‫دراس��ته في الكلية األمريكية‪ ،‬التي حصل فيها‬ ‫على أول ع��ود اقتناه في حياته‪ ،‬أهداه إياه مدير‬ ‫الكلية الذي لفتته موهبة النقشبندي المبكرة‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1919‬ع��ادت أس��رة النقش��بندي إلى‬ ‫دمش��ق موطنه��ا األصلي‪ ،‬وكان عم��ر قد أصبح‬ ‫فتى يافعًا يجيد الع��زف على العود‪ ،‬وكان يتمتع‬ ‫بص��وت جمي��ل‪ ،‬فبدأ يغن��ي في الحف�لات على‬ ‫مسارح دمشق‪ ،‬يؤدي أغنيات محمد عبد الوهاب‪.‬‬ ‫وفي أواخر العش��رينات أس��س مع مجموعة من‬ ‫المهتمين بالموس��يقى نادي «دار األلحان»‪ ،‬وبدأ‬ ‫اسمه يلمع مطربًا وعازفًا على العود‪.‬‬ ‫عام ‪ 1932‬ولدى زيارة محمد عبد الوهاب األولى‬

‫لدمشق اس��تمع إلى اإلضافات اللحنية والغنائية‬ ‫التي أدخلها النقش��بندي عل��ى قصيدة « يا جارة‬ ‫ال��وادي « فاعتمده��ا وس��جلها على اس��طوانات‬ ‫بيضاف��ون وف��ق التعدي�لات الت��ي غناه��ا به��ا‬ ‫النقشبندي‪.‬‬ ‫في صيف عام ‪ 1933‬س��افر إلى بيروت متعاقداً‬ ‫مع مدام بالنش أكبر متعهدي الحفالت في ذلك‬ ‫الزم��ن‪ ،‬وهناك تعرَّف على المطربة ألكس��ندرا‬ ‫بدران التي عُرفت فيما بعد بنور الهدى‪ ،‬فأشرف‬ ‫عل��ى تدريبها وتعليمها الغن��اء‪ ،‬وعندما عاد إلى‬ ‫دمش��ق أحضره��ا مع��ه لتب��دأ انطالقته��ا على‬ ‫مسارح دمشق وحلب‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1940‬دُع��ي النقش��بندي إل��ى حماه‬ ‫إلحي��اء حفل عقد ق��ران بع��د أن ذاع صيته في‬ ‫أنحاء س��ورية‪ ،‬وهناك الت��ف حوله بعض محبي‬ ‫الموس��يقى والغن��اء‪ ،‬وطلب��وا من��ه البق��اء في‬ ‫المدينة‪ ،‬فأس��س مكتب��اً صغي��راً لتعليم العزف‬ ‫عل��ى الع��ود‪ .‬وكان م��ن طالب��ه نجيب الس��راج‬ ‫وياسين محمود‪.‬‬ ‫ف��ي نهاي��ة األربعين��ات عاد عم��ر النقش��بندي‬ ‫إل��ى دمش��ق بطلب م��ن مدي��ر اإلذاعة س��ليم‬ ‫الزركلي‪ .‬وعُيِّن عازفًا على العود ضمن الفرقة‬ ‫الموس��يقية لإلذاعة‪ ،‬واس��تمر في اإلذاعة حتى‬ ‫رحيله‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1957‬أث��ار إعج��اب المس��تمعين ال��روس‬ ‫واس��تمر التصفي��ق لدقائ��ق بع��د أن عزف على‬ ‫مس��رح مهرجان الش��باب العالمي في موس��كو‪،‬‬ ‫وخ�لال الوح��دة بين س��ورية ومصر س��افر إلى‬ ‫القاه��رة مرات عدة‪ .‬وفي عام ‪ 1968‬س��افر إلى‬ ‫الصي��ن ضمن وفد س��وري‪ ،‬وش��ارك في العديد‬ ‫م��ن الحف�لات بعزف��ه المنفرد الجمي��ل وضمن‬ ‫الفرقة الموسيقية‪.‬‬ ‫ش��ملت ابداعات النقش��بندي الع��زف على العود‬ ‫والغن��اء والتلحي��ن والتأليف الموس��يقي‪ ،‬فكان‬ ‫عازف��اً بارعًا على العود‪ ،‬امتاز بأس��لوبه الخاص‬ ‫في الع��زف‪ ،‬إال أن واس��طة العقد ف��ي ابداعاته‬ ‫كان��ت معزوف��ة « رقصة س��تي « الت��ي تنتمي‬ ‫إلى التراث الس��وري المديني‪ ،‬لكن عمر طورها‬ ‫وأض��اف عليه��ا وأداه��ا بأس��لوب جمي��ل حت��ى‬ ‫ارتبطت باسمه ارتباطاً وثيقًا‪.‬‬ ‫وبحس��ب الباحث الموس��يقي صميم الش��ريف‪:‬‬ ‫« ف��إن األغني��ة الش��عبية الدارج��ة ‪ -‬التي كانت‬ ‫تس��تقي مادتها من الحي��اة اليومية البس��يطة‪،‬‬ ‫وديمومتها عند الفنانين الش��عبيين المجهولين‪،‬‬ ‫الذي��ن حافظ��وا عليها ونش��روها ف��ي كل ديار‬ ‫الش��ام‪ ،‬حتى أضحت بع��د أن جمعت وهذبت من‬ ‫تراث الشعب الفولكلوري ‪ -‬لعبت دوراً كبيراً في‬ ‫نشأة وتطور الموسيقا في سوريا «‪.‬‬ ‫وف��ي مجال التلحين لحن ع��دداً قلي ً‬ ‫ال من األغنيات‬ ‫الت��ي كتب كلماتها وأداها بصوت��ه‪ ،‬منها «من أول‬ ‫نظرة حبيتك»‪« ،‬ويلي منك ياويلي»‪ ،‬أما في مجال‬ ‫التألي��ف الموس��يقي فتحتفظ مكتب��ة اإلذاعة في‬ ‫دمشق بعشرات األشرطة الخاصة بأعماله وعزفه‪،‬‬ ‫وأغلبها مس��جل على العود وهي‪ :‬نش��وة الصباح‪،‬‬ ‫ليال��ي اس��تانبول‪ ،‬رقصة الح��ور‪ ،‬أحالم عاش��ق‪،‬‬ ‫قل��ب ع��ذراء‪ ،‬إلى جانب ع��دد كبير م��ن ارتجاالته‬ ‫الموسيقية على العود ـ تقاسيم ـ من كل المقامات‬ ‫المعروفة في الموسيقا الشرقية تقريبًا‪.‬‬ ‫رحل النقش��بندي في دمش��ق عام ‪ 1981‬ودفن‬ ‫فيها‪.‬‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫للمرا�سالت والتوا�صل مع هيئة التحرير ‪so uria tna @ gm ail. c om‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫قالت فتاة صغيرة هناك‪ :‬سنبقى نحن الصغار ننثر بطيبة قلوبنا البهجة والسرور أينما وجدنا ورغماً عن أنوف الكبار‪.‬‬ ‫ريف سوريا ‪ | 2014 -‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫‪19‬‬


‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬

‫�شباب حم�ص‪:‬‬ ‫القهر بعد‬ ‫املعركة‬ ‫حمص ‪ -‬نوال معصوم‬

‫حمص ‪ -‬حي الوعر | عدسة شاب حمصي‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 30 | )167‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪20‬‬

‫"حمص تبكي‪ ،‬أجل إني أشعر أن حمص‬ ‫تبكي"‪ .‬هكذا قالت لي سيد ٌة كانت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ذاهبة‬ ‫جالسة بجانبي في الحافلة‪ ،‬كانت‬ ‫إلى الكراج لتسافر إلى دمشق‪ ،‬منذ‬ ‫أن صعدتُ إلى الحافلة لفتَ انتباهي‬ ‫سريعاً حم ُلها لـ"طنجرة الضغط"‬ ‫الكبيرة الموجودة في كل بيت حمصي‪،‬‬ ‫أول ما خطرَ في ذهني أنها امرأ ٌة نازح ٌة‬ ‫ٍ‬ ‫حي ما‪ ،‬كانت سيد ًة متوسطة‬ ‫من ّ‬ ‫الحال‪ ،‬بسمتُها المميزة تعلو وجهها‬ ‫وتضيف إليه نوراً‪.‬‬ ‫قالت لي‪" :‬لقد كنتُ أقطن في حي باب هود‪،‬‬ ‫أم��ا اآلن فأقي��م ف��ي دمش��ق مع ش��قيقتي‪،‬‬ ‫يس��ألنا الجمي��عُ هناك عن الح��ال في مدينة‬ ‫ُّ‬ ‫والكل يعرفُ أنها ش��بعتْ من الدمار‪،‬‬ ‫حمص‬ ‫فيتساءلون كيف لنا أن نبتسمَ مجدداً؟؟ كيف‬ ‫للضحك��ةِ أن تخ��رج من ش��فاهنا مج��دداً؟؟‬ ‫ُ‬ ‫أق��ول لهم يكفي ما ذقناه م��ن العذاب واأللم‬ ‫مش��هورون بفكاهتهم‬ ‫والدموع‪ ،‬أهل حمص‬ ‫َ‬ ‫فكيف ال نضحك إلى اليوم؟ أنا فقدتُ منزلي‬ ‫وحي��ن ُفتِحت الطرق من جدي��د ذهبتُ ألراه‬ ‫فلم أجد منه شيئًا نافعاً‪ ،‬حاولتُ جمع األشياء‬ ‫الت��ي ال زالتْ تعينني عل��ى الحياة وكل فترةٍ‬ ‫أذهب بها إلى منزلي الجديد في دمش��ق‪ ،‬لم‬ ‫يك��ن هذا ما أردتُه لك��نْ هذه هي الحال فما‬ ‫عس��انا نفعل؟ أنجل��س نندبُ عل��ى مدينتنا‬ ‫وبيوتن��ا؟ يكفينا أن حم��ص تبكي‪ ،‬واهلل إني‬ ‫أش��عر بها تبك��ي عل��ى أبنائها ف��ي ِّ‬ ‫كل مرةٍ‬ ‫ً‬ ‫كراهية ال طوع ًا‪.‬‬ ‫أغادرها‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫حمص اليوم مدين��ة مختزلة إلى منتصفها‪،‬‬ ‫نص��فُ حاراته��ا مع��دوم‪ ،‬نص��ف س��كانها‬ ‫ومهجَر‪،‬‬ ‫ونازح‬ ‫ومعتقل‬ ‫مشتتون بين شهيدٍ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نص��ف ش��وارعها فق��ط مفتوحٌ ومس��موحٌ‬ ‫ُ‬ ‫يصفها أغل��بُ س��كانها بأنها‬ ‫الم��رورُ في��ه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مدين��ة أش��باح‪ ،‬لكن م��ا يميزها عن س��ابق‬

‫زمانه��ا هو اله��دوء و"األم��ان" نس��بياً والذي‬ ‫ينتش��ر عل��ى األقل ف��ي حاراتها الت��ي كانت‬ ‫تعان��ي من الموت منذ فت��رةٍ قصيرة‪ ،‬هذا ما‬ ‫يراه البعض ش��يئ ًا مفي��داً!! ففي ذات الحافلة‬ ‫التي كنتُ أركبها س��معتُ حواراً بين امرأتين‬ ‫حمصيتي��ن تتحدث��ان ع��ن الوض��ع الراهن‪،‬‬ ‫خصوص��اً حي��ن مررن��ا بالطري��ق المج��اور‬ ‫إلشارة باب السباع‪ ،‬حيث جز ٌء كبيرٌ من بداية‬ ‫بي��وت حمص القديمة مدمّرٌ ومتراكمٌ فوق‬ ‫بعضه‪ ،‬كانت تقول إحداهما لألخرى‪" :‬انظري‬ ‫إل��ى كل ه��ذا أترينه جي��داً؟ ه��ذه مطالبهم؟‬ ‫ُ‬ ‫المدينة‬ ‫ه��ذا م��ا كان��وا يريدون��ه؟ أن تُب��اد‬ ‫بأكملها وتنتهي األرزاقُ والمحالتُ والبيوت؟‬ ‫أتذكرين كيف كان��ت حياتنا قبل األزمة؟ قبل‬ ‫أن يقوم بعض (الطائشين) بحركتهم الغبية‬ ‫لنصل إل��ى كل ه��ذا الدمار؟ لك��نْ ال بأس‪..‬‬ ‫أق ُّل��هُ أننا اليوم عدنا إل��ى األمان الذي اعتدنا‬ ‫عليه‪ ،‬صرْتُ قادر ًة على المش��ي في السوق‬ ‫دون أن أحس��ب الثواني والدقائق قبل هطول‬ ‫القذائف فوق رأس��ي‪ ،‬يمك��ن للدمار أن يزول‬ ‫ونبن��ي حجار ًة جدي��د ًة عوضاً عن��ه المهم أن‬ ‫نمشي بأمانٍ في الشوارع"‪.‬‬ ‫لكن حم��ص لم تُتركْ وحي��د ًة يومًا‪ ،‬أبناؤها‬ ‫ضحَوا بمس��تقبلهم ألجل الدفاع عنها‬ ‫الذين ّ‬ ‫منظور آخر‪ ،‬حس��ام‬ ‫من‬ ‫الي��وم‬ ‫حالتها‬ ‫ي��رون‬ ‫ٍ‬ ‫ش��ابٌ في العش��رينيات من عم��ره مغترّبٌ‬ ‫ّ‬ ‫وطالبٌ ف��ي تركيا‪ ،‬يقول حس��ام‪" :‬لم أفكرْ‬ ‫ً‬ ‫لحظة في ترك حمص للوحوش كي تنهشها‪،‬‬ ‫لكنه��ا أرب��ع س��نواتٍ تقريب��اً! أربع س��نواتٍ‬ ‫عملتُ فيها في مشافي ميدانية ومجموعاتٍ‬ ‫تطوعي��ة وإعالمي��ة س��رية‪ ،‬ش��هدتُ خاللها‬ ‫استش��هاد الكثير من رفاق��ي واعتقال آخرين‬ ‫منهم‪ ،‬ونف��دتُ بأعجوبةٍ م��ن أن يلحقَ بي‬ ‫أح��د هذين المصيرين‪ ،‬وبالرغم من س��فري‬ ‫هرب ًا منهما واس��تقراري ف��ي جامعةٍ جديدة‬ ‫إال أنني ال أس��تطيع اليوم حت��ى أن أفكرَ بأن‬ ‫كل جهودن��ا وتعبن��ا وموتن��ا وموتِ ش��بابنا‬ ‫وجهادهم ق��د انتهى إلى ه��ذه الحال! تنظرُ‬ ‫الي��وم إلى حارات حمص فتجد الناس تتأقلمُ‬

‫مع الهزيمة التي ح َّلت بنا‪ ،‬الفتياتُ يُصاحبْن‬ ‫العس��اكر ويمش��ين معه��م أم��ام كل الناس‬ ‫ال يهمه��ن رأي أحد! ربما تكون أختَ ش��هيدٍ‬ ‫واحدة منهن لكنها تصاحبُ مجنداً كي يشحن‬ ‫رصي��د جوالها بالمجّان‪ ،‬ربما!! حمص فقدتْ‬ ‫ُ‬ ‫البقية بعي��داً عنها‬ ‫وهُـجـ��رَ‬ ‫نخب��ة ش��بابها‬ ‫ِّ‬ ‫واليوم تعودُ إلى نقطة الصفر ذاتها؟! ليست‬ ‫َ‬ ‫الش��عب في التحرر‪ ،‬وليس هذا ما‬ ‫رغبة‬ ‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫كن��ا نريده ونس��عى ألجله ونبذل في س��بيله‬ ‫آالف األرواح"‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫طالبة‬ ‫في ذات الس��ياق‪ ،‬تتأل��مُ غنوة وه��ي‬ ‫ٌ‬ ‫جامعي��ة ف��ي جامع��ة البع��ث م��ن الوض��ع‬ ‫ُ‬ ‫تتحدث‬ ‫االجتماع��ي ال��ذي باتت فيه حم��ص‪،‬‬ ‫عن ألمه��ا لفقدان نص��ف المجتمع الحمصي‬ ‫يُعجبَ ه��ذا الوضعُ‬ ‫وتضي��ف‪" :‬ال يمك��ن أن ِ‬ ‫أح��داً س��وى تج��ار األزم��ةِ وذوي المناص��ب‬ ‫المُضمرةِ س��ابقاً‪ ،‬فمث ً‬ ‫يمتُ‬ ‫ال اليوم كل من ّ‬ ‫بصلةٍ للجيش الس��وري أو األجهزة األمنية أو‬ ‫حت��ى المنظمات الحزبية ف��ي الجامعات تجده‬ ‫يمش��ي ف��ي الجامع��ة أو حتى في الش��وارع‬ ‫متبخت��راً منتش��ي ًا بما يس��ميه انتص��اراً على‬ ‫أه��ل حم��ص األصليي��ن! بعد ِّ‬ ‫كل الش��جاعة‬ ‫الت��ي أبديناها في وج��ه الظلم أش��عر اليوم‬ ‫أني أمشي مكس��ور َة الرأس مذلولة النفس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فع��ل أمث��ال ه��ؤالء‬ ‫ويع��زّزُ ش��عوري ه��ذا‬ ‫المتبخترين ممن ذكرت‪ ،‬منذ بضع س��نين لم‬ ‫تكن لتسمع أصواتهم‪ ،‬أو حتى ترى وجوههم‬ ‫السُ��لطة كأنهم‬ ‫يمارس��ون عليكَ كل أنواع ّ‬ ‫فروق‬ ‫بأي��ة‬ ‫لتش��عرَ‬ ‫حاكم��و البل��د‪ ،‬لم تكنْ‬ ‫ٍ‬ ‫بينكَ وبينهم"‪.‬‬ ‫الناس يقولون أن هذا الحراكَ ما كان‬ ‫بع��ض‬ ‫ِ‬ ‫يج��بُ أن يكون‪ ،‬غيَّر مس��ار الحي��اة بأكملها‬ ‫وأنهى ً‬ ‫حالة من الهدوء كانت تعيش��ها سوريا‬ ‫باس��تمرار‪ ،‬والبعض اآلخرُ يلومُ من مش��ى‬ ‫ُ‬ ‫سيحصل‬ ‫درب الموت‪ ،‬لو كان ذا علم بما‬ ‫على ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بعد المطالبة بحقوقه في حياةٍ كريمة‪ ،‬لكان‬ ‫أدارَ عجل��ة القي��ادةِ نحو يابس��ةٍ أخرى قبل‬ ‫الغرق في بحر الحرب‪..‬‬ ‫ِ‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.