Souriatna 169

Page 1

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫املكتب التعليمي لغوطة دم�شق يعلن حالة الطوارئ‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫نف��ذ طالب ومدرس��ون في الغوطة الش��رقة‬ ‫بريف دمش��ق وقفة إحتجاجي��ة بالتزامن مع‬ ‫حملة "الغوطة يوميات موت – السجن الكبير"‬ ‫بس��بب م��ا يواجه��ه التعلي��م ف��ي المناط��ق‬ ‫المحاصرة من صعوبات في استمرار العملية‬ ‫التدريس��ية وتأمين الكتب والمع��دات إضافة‬ ‫لتأمين رواتب للمدرس��ين والتي لم تدفع منذ‬ ‫بداية العام‪.‬‬ ‫ولم يلق العام الجديد ترحيب ًا من المدرس��ين‬ ‫والط�لاب‪ ،‬فالم��دارس التي تح��وّل معظمها‬ ‫إلى ركام بس��بب القص��ف المتكرر عليها من‬ ‫قوات األسد‪ ،‬والظروف التي تواجهها المكاتب‬ ‫التعليمي��ة أفض��ت إل��ى م��ا وصف��ه ال��كادر‬ ‫التدريسي بـ "معركة البقاء"‪.‬‬ ‫يمض على انطالق العام الدراسي شهرٌ‬ ‫ولم‬ ‫ِ‬ ‫حتى أعلنت مديرية التربية بالغوطة الشرقية‬ ‫إيقاف ال��دوام بالمدارس‪ ،‬إثر اس��تهداف عدد‬ ‫منها في الغوطة الش��رقية وجرح العديد من‬ ‫الطالب أواخر ش��هر تش��رين األول من العام‬ ‫الحال��ي‪ ،‬وحي��ن كان للق��رار الص��ادر ص��دى‬ ‫مس��موع عن��د األهالي‪ ،‬م��ع مالحظته��م لما‬ ‫تتع��رض ل��ه الغوطة م��ن اس��تهداف متكرر‬ ‫بالطي��ران الحرب��ي أثن��اء انص��راف الط�لاب‬ ‫لمنازله��م‪ ،‬وه��ذا م��ا أكدته أم يم��ان بقولها‬ ‫"أنتظ��ر بف��ارغ الصبر عودة أطفال��ي الثالثة‬ ‫حت��ى يع��ودوا م��ن المدرس��ة وحي��ن أس��مع‬

‫اصوات القص��ف ال يهدأ لي ب��ال حتى أراهم‬ ‫أمام ناظري"‪.‬‬ ‫وأف��اد مس��ؤول العالق��ات العام��ة بمديري��ة‬ ‫التربية والتعليم محم��د عبد الرحمن أن عدد‬ ‫الطالب المس��جلين في سجالت المديرية بلغ‬ ‫حوال��ي أربعين أل��ف طالب‪ ،‬بينم��ا يزيد عدد‬ ‫ال��كادر التدريس��ي ع��ن ثالث��ة آالف مدرس‪،‬‬ ‫ل��م يتقاض��وا أي رات��ب منذ بداي��ة العام‪ ،‬مع‬ ‫التنوي��ه إل��ى إع�لام وزارة التربي��ة والتعليم‬ ‫ف��ي الحكوم��ة الس��ورية المؤقت��ة بضرورة‬

‫الب��ت باألم��ر‪ ،‬خاص��ة بعد أن اضط��ر معظم‬ ‫المدرس��ين إلى العم��ل في مه��ن بعيدة عن‬ ‫اختصاصهم ليؤمنوا قوت يومهم‪.‬‬ ‫ويضي��ف محمد عب��د الرحمن أن المس��ألة ال‬ ‫تتعلق بمجرد أجور المدرس��ين‪ ،‬وإنما ترتبط‬ ‫بضي��اع جيل كام��ل إن ل��م يتم إنق��اذ األمر‬ ‫بأقص��ى س��رعة‪ ،‬وب��دأت الجه��ات المعني��ة‬ ‫بالتحرك فيما قد يصل األمر اليقاف المدارس‬ ‫بش��كل كامل احتجاجًا على التقصير المتعمد‬ ‫بحق المنشئات التعليمية‪.‬‬

‫�إيقاف الرحالت البحرية �إىل مر�سني‬ ‫أوقف النظام مؤخراً‪ ،‬الرحالت البحرية التي‬ ‫كانت تنطلق من ميناء طرطوس السوري‬ ‫متجهة نحو مدينة مرسين التركية‪ ،‬وبهذا‬ ‫القرار يكون النظ��ام قد أغلق آخر المعابر‬ ‫الحدودية (النظامية) والتي تجنب المسافر‬ ‫المسائلة األمنية حين العودة للبالد‪.‬‬ ‫ونش��ر إعالم النظ��ام قرار إغ�لاق المعبر‬ ‫البح��ري ناق ً‬ ‫ال تصريح ًا لمعاون وزير النقل‬ ‫عمار كمال الدي��ن "جاء قرار إغالق المعبر‬ ‫بعد اجتماع مع لجنة اإلش��راف والتنس��يق‬ ‫للمرك��ز الح��دودي البح��ري ف��ي مرف��أ‬ ‫طرطوس‪ ،‬وت��م إيقاف الرح�لات البحرية‬ ‫بش��كل مؤقت ريثما نجهز المرفأ بش��كل‬ ‫أمثل ولكي نضع ضوابط مناس��بة لهذا الخط‬ ‫ك��ون جمي��ع الرح�لات مخالف��ة للمواصفات‬ ‫الفنية"‪.‬‬ ‫لم يكن تبري��ر معاون الوزي��ر لقرار اإلغالق‬ ‫مقنع��ا للكثير م��ن الس��وريين الذي��ن كانوا‬ ‫مقبلي��ن على الس��فر من خالل ه��ذا المعبر‬ ‫ومن بينهم يوسف والذي يقول "أغلق المعبر‬ ‫ي��وم الثالثاء ‪ 11 / 9‬وكان هو ذات اليوم الذي‬ ‫حج��زت فيه بطاقة س��فر لمرس��ين ففوجئت‬ ‫بهذا القرار"‪.‬‬ ‫وتؤك��د مص��ادر خاص��ة لس��وريتنا أن��ا قرار‬ ‫اإلغ�لاق لي��س مؤقت��اً إنم��ا بش��كل نهائي‪،‬‬ ‫وبحس��ب م��ا يقول محم��د وه��و موظف في‬ ‫مرف��أ الالذقية "إن النظام ين��وي إغالق مرفأ‬ ‫طرطوس بشكل نهائي وسوف يقوم بتسيير‬ ‫رحالت إلى مرس��ين من خ�لال مرفأ الالذقية‬

‫كونه مجهز بش��كل أكبر من مرفأ طرطوس‬ ‫وتتسع أرصفته لعدد أكبر من البواخر"‬ ‫ويكش��ف لنا س��عد وه��و موظف في ش��ركة‬ ‫اللؤل��ؤة للنق��ل البح��ري ع��ن األس��باب التي‬ ‫دفع��ت النظ��ام إلغالق ه��ذا المعب��ر البحري‬ ‫بالق��ول "أغل��ق النظ��ام المعبر لك��ي يوقف‬ ‫هروب الشبان من االلتحاق بالخدمة اإللزامية‬ ‫ك��ون اغلب الش��بان وج��دوا في ه��ذا المعبر‬ ‫مفرا آمنا من االلتح��اق بالجيش وخاصة بعد‬ ‫قرار السحب االحتياطي الذي جعل الكثير من‬ ‫الشبان السوريين مطلوبا للنظام‪ ،‬كما حاول‬ ‫النظ��ام الح��د من ه��روب الش��بان من خالل‬ ‫ه��ذا المعبر قبل أن يق��رر إغالقه عن طريق‬ ‫االعتقاالت التي طالت عدد كبيرا من الش��بان‬ ‫قب��ل س��فرهم م��ن خ�لال مرف��أ طرطوس‬ ‫وألحقهم قسرا بصفوف جيشه"‬ ‫نت��ج عن قرار اإلغالق خالف كبير بين ضباط‬

‫طرطوس ‪ -‬نورس بابيل‬

‫األم��ن ف��ي المرف��أ ومس��ؤولي المرك��ز‬ ‫الحدودي البحري في طرطوس كون القرار‬ ‫جاء نتيجة س��عي المسؤولين ومطالبتهم‪،‬‬ ‫ه��ذا األمر ال��ذي أض��ر بمصال��ح الضباط‬ ‫والش��بيحة حيث كان المعبر يشكل مصدر‬ ‫رزق لهم يجنون منه مئات الماليين شهريا‬ ‫م��ن خ�لال ابت��زاز المس��افرين والس��ماح‬ ‫لبعض الشبان المطلوبين بالسفر مقابل‬ ‫دفعهم لمبالغ مالية‪.‬‬ ‫ويق��ول ذو الفقار وهو موظ��ف في ميناء‬ ‫طرط��وس "من��ذ ش��هر والمس��ؤولون‬ ‫المدني��ون ف��ي المرف��أ يس��عون إلغ�لاق‬ ‫المعب��ر كون��ه أصب��ح مص��در جن��ي مال‬ ‫للضباط وش��بيحة المدينة يبتزون من خالله‬ ‫المس��افرين ف��كل ضابط يذهب إل��ى منزله‬ ‫يومي��ا وبجيبه مئات اآلالف في حين أن المرفأ‬ ‫ال يدخل خزينته سوا ‪ 65‬ليرة كأجرة سفر لكل‬ ‫مس��افر‪ ،‬وعندما نجح المس��ؤولون بسعيهم‬ ‫وتمكن��وا م��ن إغ�لاق المعب��ر نش��ب خ�لاف‬ ‫بي��ن ضباط األمن ف��ي المعبر والمس��ؤولين‬ ‫المدنيي��ن ب��دا واض��ح أم��ام جمي��ع موظفي‬ ‫المرفأ عندما تهج��م أحد الضباط على مكتب‬ ‫مس��ؤول الرح�لات البحرية ف��ي المرفأ حيث‬ ‫توع��د الضابط بإقالة جميع المس��ؤولين في‬ ‫المرفأ وبأنه سوف يفتح المرفأ من جديد"‬ ‫و ل��م يمض��ي عل��ى إع��ادة فت��ح ه��ذا الخط‬ ‫البح��ري أكثر من ش��هرين بع��د توقفه ألكثر‬ ‫من ع��ام‪ ،‬والذي كانت تس��ير رحالته بمعدل‬ ‫رحلتي��ن أس��بوعيًا يومي األثني��ن والخميس‬ ‫بتكلفة ‪ 100‬دوالر للمسافر الواحد‪.‬‬


‫اخلدمة الع�سكرية توقف حياة ال�شباب ال�سوري‬ ‫دمشق ‪ -‬أنليل فارس‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫اعتقال طفل يف ال�سويداء يت�سبب ب�صدام بني عائلته وفرع �أمن الدولة‬ ‫تجمّع العش��رات من أهالي مدينة السويداء أمام فرع أمن الدولة في المدينة يوم الجمعة‪،‬‬ ‫مطالبين بإطالق سراح طفل معتقل في الفرع من أبناء المدينة‪.‬‬ ‫وأف��اد أح��د أبناء المدينة لـ س��وريتنا أن " عنصراً م��ن فرع أمن الدولة في الس��ويداء أقتاد‬ ‫الطفل سليم شايب إلى مقر الفرع بعد االعتداء عليه بالضرب‪ ،‬وذلك بسبب إطالق الطفل‬ ‫ألعاباً نارية في الحي المقابل لمقر الفرع"‪.‬‬ ‫وأض��اف " بع��د احتجاز الطف��ل‪ ،‬تجمع أفراد م��ن عائلته وحيّ��ه أمام مقر الف��رع‪ ،‬وطالبوا‬ ‫بإطالق س��راحه‪ ،‬وهدّد بعضهم عناصر الحراس��ة والضابط المس��ؤول عنهم في حال لم‬ ‫يطلق سراح الطفل على الفور"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ونق��ل مصدر في المدينة عن أحد عناصر الفرع اليوم أن الطفل مازال محتجزا في الفرع‪،‬‬ ‫حت��ى يتم التأكد من عدم صلت��ه بمجموعات إرهابية تهدد أم��ن المدينة‪ ،‬على الرغم من‬ ‫أن احتجازه كان تصرفًا فردياً من أحد العناصر‪ ،‬وس��ببه الرئيس��ي إطالق ألعاب نارية قرب‬ ‫الفرع‪.‬‬ ‫وتش��هد الس��ويداء من وقت آلخر صدامات بين األهالي وعناصر األم��ن في المدينة‪ ،‬يعود‬ ‫معظمها إلى خالفات شخصية‪ ،‬أو تنازع على نفوذ في المدينة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫طالم��ا أنك قادر عل��ى دفع ثمن��ه‪ ،‬فالدراهم‬ ‫كالمراهم كما يق��ال" مضيفًا "األوضاع التي‬ ‫تعيش��ها البالد جعل النظام يحتفظ بالشباب‬ ‫ف��ي الجي��ش ط��وال األرب��ع س��نوات ويطلب‬ ‫عش��رات اآلالف غيره��م لاللتح��اق بالجيش‪،‬‬ ‫م��ا زاد العم��ل ف��ي ش��عب التجني��د واإلدارة‬ ‫والتنظي��م من حيث الحصول عل��ى تأجيل أو‬ ‫موافقة س��فر ورفع اسم من قوائم االحتياط‬ ‫وموافقة زواج‪ ،‬وحتى تس��ريح م��ن الخدمة‪،‬‬ ‫وكل شيء بثمنه"‪.‬‬ ‫ل��م تك��ن ه��ذه اﻷم��ور جدي��دة عل��ى الواقع‬ ‫الذي تعيش��ه البالد‪ ،‬فهي موج��ودة من قبل‬ ‫لفت إليها س��هيل بقوله "ه��ذه األعمال كانت‬ ‫تمارس منذ زمن وليست وليدة األزمة‪ ،‬ويذكر‬ ‫السوريون موضوع الفرز العسكري وهو األمر‬ ‫األكثر تداوال بين الناس‪ ،‬لكن كانت األس��عار‬ ‫مقبول��ة‪ ،‬فالفرز بنحو ‪ 30‬ألف ليرة‪ ،‬والتأجيل‬ ‫ب��ـ‪ 50‬أل��ف ليرة‪ ،‬لك��ن اليوم لم يع��د يرضى‬ ‫القائمين على ه��ذه األعمال بتلك المبالغ بل‬ ‫أصبح��وا يطلبون رش��وتهم بال��دوالر‪ ،‬وتبدأ‬

‫من أل��ف دوالر لتصل في مس��ألة رفع اس��م‬ ‫م��ن قوائم االحتياط أو التس��ريح من الخدمة‬ ‫إل��ى ‪ 10‬أالف دوالر‪ ،‬وال ش��يء مضم��ون "‬ ‫وأضاف "كلما زاد الطلب على مسألة زاد فيها‬ ‫النص��ب واالحتي��ال‪ ،‬واليوم كثي��رون هم من‬ ‫يتعرضون للنصب واالحتيال يوميا‪ ،‬لكنهم ال‬ ‫يستطيعون الحديث أو الشكوى‪ ،‬وهذا يندرج‬ ‫مثال على موضوع المعتقلين والجيش وجميع‬ ‫المعامالت الرسمية"‪.‬‬ ‫يش��ار إل��ى هن��اك مئ��ات اآلالف من الش��باب‬ ‫الس��وريين قد تخلف ع��ن الخدم��ة االلزامية‬ ‫واالحتياطي��ة ف��ي الق��وات النظامي��ة‪ ،‬ف��ي‬ ‫المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام دون‬ ‫التطرق إلى المناطق الخارجة عن س��يطرته‬ ‫والتي تش��كل حوالي ‪ 60‬بالمية من مس��احة‬ ‫الب�لاد األم��ر ال��ذي يعي��ده بع��ض المحللين‬ ‫إلى عدة أس��باب منها فق��دان الثقة بالنظام‪،‬‬ ‫عدم وض��وح العدو وأس��باب المعركة‪ ،‬الموت‬ ‫المجان��ي‪ ،‬ما جع��ل الق��وات النظامية تتحول‬ ‫إلى طارد من الشباب السوري خارج البالد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫تضيق خيارات الشباب السوري‪ ،‬في ظل شبح‬ ‫الخدمة العس��كرية اإلجبارية‪ ،‬فإما أن يكونوا‬ ‫وقود معركة ال يشعرون أنها معركتهم‪ ،‬وإما‬ ‫أن يتركوا أرضهم وأرض أجدادهم‪ ،‬في حين‬ ‫ال يترك النظام فرصة ليالحق المتخلفين عن‬ ‫الخدم��ة االلزامية أو االحتياطي��ة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫فتح باب فساد جديد يدر ماليين الليرات على‬ ‫الموظفين في شعب التجنيد وشعبة التنظيم‬ ‫واإلدارة‪.‬‬ ‫‪ 150‬أل��ف ليرة س��ورية هي تس��عيرة تأجيل‬ ‫عن الخدم��ة بداعي الس��فر‪ ،‬أما أذن الس��فر‬ ‫للمتخلفين ع��ن االحتياط ب��ـ‪ 300‬ألف ليرة"‪،‬‬ ‫يروي عبداهلل‪ ،‬وهو طالب جامعي من دمشق‪،‬‬ ‫لسوريتنا‪" ،‬استنفذت س��نواتي الدراسية وأنا‬ ‫أح��اول أن ال أنه��ي دراس��تي الجامعية بهدف‬ ‫تأجي��ل االلتح��اق بالخدمة العس��كرية‪ ،‬ليس‬ ‫خوفا منها‪ ،‬ولك��ن ال أعتقد أني خلقت ألقاتل‬ ‫فأقت��ل أو أقتل دون أن يك��ون هناك أي مبرر‬ ‫لهذه الدماء"‪.‬‬ ‫ويوضح أنه "للعام الثاني على التوالي يؤجل‬ ‫خدمته عبر ش��خص يتقاضى من��ه ‪ 150‬ألف‬ ‫لي��رة‪" ،‬فتتغاضى ش��عبة التجني��د عن عمري‬ ‫وعن الس��نوات الدراس��ية‪ ،‬لكن هذا العام لم‬ ‫يعد ل��دي اإلمكانية أن أدف��ع كل هذه المبالغ‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬فأصبح الس��فر ه��و الحل الوحيد‬ ‫أمام��ي"‪ ،‬مضيفا أن "هذا الحال ليس مقتصر‬ ‫عل��ي فجميع أصدقائي يش��اركون ذات الحال‬ ‫ومنهم من لجأ إلى السفر خارج البالد "‪.‬‬ ‫م��ن جانبه ق��ال محمد‪ ،‬موظف في دمش��ق‪،‬‬ ‫لسوريتنا‪" ،‬بعد المرسوم األخير الذي أصدره‬ ‫رأس النظ��ام‪ ،‬وال��ذي ين��ص عل��ى فص��ل‬ ‫الموظفي��ن الذي��ن يتخلف��ون ع��ن الخدم��ة‬ ‫العس��كرية‪ ،‬بدأت المؤسس��ات العامة تطلب‬ ‫من الموظفين إحضار بيانات وضع من شعب‬ ‫التجني��د‪ ،‬في محاول��ة لجبر الن��اس لالختيار‬ ‫فإما الجوع والتش��ريد وإم��ا االلتحاق بالخدمة‬ ‫العسكرية"‪.‬‬ ‫مبيناً "أن الكثير من الشباب قدموا إجازات دون‬ ‫راتب للتهرب من التقدم ببيان الوضع‪ ،‬ومنهم‬ ‫من س��افر إلى خارج البالد دون أن يكون لديه‬ ‫أي خط��ة أو توج��ه‪ ،‬فقط هدف��ه الوحيد هو‬ ‫التخلص من ش��بح الخدمة العسكرية حسب‬ ‫قول��ه‪ .‬وأوض��ح أن "بي��ان الوض��ع يكلف عبر‬ ‫الطرق غير النظامية نحو ‪ 100‬ألف ليرة"‪.‬‬ ‫ويرى محمد أن "مس��ألة الدع��وى إلى الخدمة‬ ‫العس��كرية واالحتياطي��ة ف��ي ظ��ل الظروف‬ ‫الحالي��ة‪ ،‬تدمر مس��تقبل العديد من الش��باب‬ ‫ب��كل م��ا تعنيه الكلم��ة من معن��ى فأصدقاء‬ ‫كثر لي مهندس��ين ومدرس��ين وغيرهم من‬ ‫حمل��ة الش��هادات الجامعي��ة ترك��وا عملهم‪،‬‬ ‫فإم��ا التزم��وا منازله��م أو ذهبوا إل��ى إحدى‬ ‫دول الج��وار‪ ،‬ومعظمه��م ال يعمل��ون ف��ي‬ ‫اختصاصاتهم‪ ،‬ليتح��ول كل ما تعلموه طوال‬ ‫س��نوات إلى ذكرى خل��ف ظهورهم‪ ،‬وبالطبع‬ ‫الخاسر األكبر هي البلد‪ ،‬ألنها تفقد كوادرها‬ ‫الشابة"‪.‬‬ ‫أصبحت جميع المشاكل من الممكن حلها عن‬ ‫طريق من يملك المال حس��ب ما يؤكد سهيل‬ ‫وهو معقب معامالت في دمشق‪ ،‬لـ"سوريتنا"‪،‬‬ ‫"اليوم كل ما تريده تس��تطيع الحصول عليه‪،‬‬

‫‪3‬‬


‫الرثوة احليوانية يف دير الزور‪� :‬أعباء متزايدة على املربني‬ ‫دير الزور ‪ -‬عادل العايد‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫تعان��ي الث��روة الحيوانية في دي��ر الزور‪ ،‬من‬ ‫صعوب��ات جمة تهدد بقائها ف��ي ظل الجفاف‬ ‫المتواص��ل‪ ،‬وتض��رر البادية‪ ،‬وغ�لاء األدوية‬ ‫واألعالف وغياب مكافحة األمراض‪ ،‬وصعوبة‬ ‫التس��ويق ال��ذي يكون في��ه المربي الخاس��ر‬ ‫األكبر‪.‬‬

‫للجفاف احل�صة الأكرب‬

‫ش��هدت الثروة الحيوانية في س��ورية بشكل‬ ‫ع��ام تراجع�� ًا ملحوظ��اً‪ ،‬م��ن حي��ث الكمي��ة‬ ‫واإلنتاجية‪ ،‬فحس��ب إحصائيات وزارة الزراعة‬ ‫التابع��ة للنظ��ام ع��ام ‪ ،2012‬فق��د تراجعت‬ ‫أع��داد األغن��ام ف��ي البادية الس��ورية بحدود‬ ‫‪ 50%‬بين عامي ‪2007‬إلى ‪2012‬م‪ ،‬وتراجعت‬ ‫أع��داد األبق��ار كذل��ك إل��ى ‪ 70%‬خ�لال تلك‬ ‫الفت��رة‪ ،‬وكان ري��ف دير الزور م��ن المناطق‬ ‫التي تراجعت فيها هذه الثروة‪ ،‬حميد الموسى‬ ‫أحد مربي األغنام فيه‪ ،‬والذي كان لديه قطيع‬ ‫من غن��م العواس يتألف م��ن ‪ 300‬رأس عام‬ ‫‪ ،2007‬أم��ا اآلن فال يتج��اوز قطيعه ‪65‬رأس‪،‬‬ ‫ويوضح أس��باب هذا االنخفاض‪ :‬كان الجفاف‬ ‫لعدة س��نوات كان الس��بب الرئيس��ي لتراجع‬ ‫أعداد المواش��ي‪ ،‬فق��د كانت البادي��ة مراعي‬ ‫مجانية لنا تجعلنا بغنى عن األعالف الجاهزة‬ ‫لع��دة أش��هر م��ن الس��نة‪ ،‬أم��ا بتض��رر هذه‬ ‫المراعي الشبه كامل‪ ،‬وتدني مستوى اإلنتاج‬ ‫الزراع��ي بش��قه النبات��ي وال��ذي كان يعتمد‬ ‫على فضالته كمرع��ى لها‪ ،‬اقتصر غذاء هذه‬ ‫المواش��ي على األعالف الغالية جداً بالسنوات‬ ‫األخي��رة‪ ،‬والتي تدفعه إلى البيع من ماش��يته‬ ‫بشكل مستمر‪ ،‬ليشتري هذه األعالف للبقية‬ ‫الباقية لديه من قطيعه‪.‬‬ ‫ويؤك��د كذل��ك "أن ع��ام ‪2008‬م كان نقط��ة‬ ‫فاصلة في انحس��ار الثروة الحيوانية‪ ،‬بس��بب‬ ‫رفع أس��عار الوقود آن��ذاك من قب��ل النظام‪،‬‬ ‫والذي أدى إلى غالء كل مستلزمات اإلنتاج"‪.‬‬

‫وقاية مفقودة و�أعالف غالية‬

‫بعد الثورة وبسبب توقف الوحدات اإلرشادية‬ ‫التابع��ة لوزارة زراعة النظ��ام عن العمل في‬

‫ري��ف دير ال��زور‪ ،‬والت��ي كانت تق��دم بعض‬ ‫األدوية والخدمات البيطري��ة للمربين مجاناً‪،‬‬ ‫وغ�لاء األدوية في الس��وق‪ ،‬تراجعت مكافحة‬ ‫األمراض واآلفات التي تؤثر على اإلنتاج وعدد‬ ‫المواشي بشكل كبير‪ ،‬الطبيب البيطري خالد‪.‬‬ ‫أ من ري��ف دير الزور يق��ول‪ :‬أهم الصعوبات‬ ‫الت��ي تواج��ه الث��روة الحيوانية‪ ،‬ه��و التلوث‬ ‫الهواء بدخان مصاف��ي النفط‪ ،‬وغياب الوعي‬ ‫بمكافح��ة األوبئة وكيفية الوقاي��ة منها لدى‬ ‫المربين‪.‬‬ ‫وع��ن أهم األمراض المنتش��رة في ريف دير‬ ‫الزور يضي��ف‪ :‬الصيف الماضي ش��هد ارتفاع‬ ‫كبير بمع��دل اإلصابة بم��رض الصفراء لدى‬ ‫األبق��ار في المنطقة‪ ،‬بس��بب درجات الحرارة‬ ‫العالية‪ ،‬وس��وء التغذية‪ ،‬أما بالنسبة لألغنام‪،‬‬ ‫فهن��اك م��رض الحم��ى القالعي��ة‪ ،‬الت��ي لم‬ ‫تعد تكافح بالش��كل المطل��وب باإلضافة إلى‬ ‫األمراض الجلدية وفي مقدمتها هامة الجرب‬ ‫والقم��ل المتزايدة االنتش��ار بين المواش��ي‪،‬‬ ‫وكذلك الطفيليات الداخلية التي يسببها سوء‬ ‫التغذية كالديدان الكبدية والدودة الشريطية‪.‬‬ ‫وي��رى خلف‪ .‬م من ريف دير الزور‪ ،‬أن تواصل‬ ‫الجف��اف قبل وبعد قيام الثورة‪ ،‬س��بب ارتفاع‬ ‫أس��عار األعالف العتم��اد الن��اس عليها‪ ،‬حيث‬ ‫وصل س��عر الطن منها إلى ‪ 35 - 30‬ألف ليرة‬ ‫س��ورية للطن الواحد‪ ،‬مما س��بب ضغط أكبر‬ ‫على مربي المواشي‪.‬‬ ‫مهي��دي‪ .‬س تاجر أعالف في ري��ف دير الزور‬ ‫الغرب��ي يق��ول‪ :‬هن��اك تذب��ذب ف��ي أس��عار‬ ‫األع�لاف بس��بب تأثره��ا‪ ،‬بعدة عوام��ل منها‬ ‫األمط��ار الت��ي ت��زداد األس��عار بتراجعه��ا‬ ‫والعكس صحي��ح‪ ،‬إضافة إل��ى اعتماد الناس‬ ‫في بعض أش��هر الس��نة على بقاي��ا الحقول‬ ‫الزراعي��ة س��واء القطن أو القم��ح‪ ،‬حيث يقل‬ ‫الطل��ب عل��ى األعالف مم��ا يدفع إل��ى تراجع‬ ‫أسعار العلف‪.‬‬

‫جتارة ن�شطة‪ ..‬ووافدون عراقيون‬

‫ت��در تج��ارة المواش��ي أرباح كبي��رة على من‬

‫يعملون به��ا‪ ،‬تصل أضعاف م��ا يحصل عليه‬ ‫المربي��ن‪ ،‬ويس��تغل ه��ؤالء التج��ار الحال��ة‬ ‫المادية المتردية ألصحاب المواشي‪ ،‬والجفاف‬ ‫المتواص��ل لفرض األس��عار الت��ي يريدونها‪،‬‬ ‫ليقوم��وا ببيعها ف��ي المحافظ��ات األخرى أو‬ ‫في األس��واق الخارجية بأس��عار كبيرة‪ ،‬وتتم‬ ‫عملي��ات البي��ع والش��راء ف��ي أس��واق محلية‬ ‫منتش��رة عل��ى مس��احة ري��ف دي��ر ال��زور‪،‬‬ ‫وتعتب��ر ه��ذه األس��واق األكث��ر ش��عبية في‬ ‫المنطقة‪ ،‬حيث تش��هد اقب��ال كبير من التجار‬ ‫وأبن��اء المنطق��ة‪ ،‬علي��وي تاج��ر يعم��ل في‬ ‫س��وق المواش��ي (المزاد) في مدينة الميادين‬ ‫يقول‪ :‬بعد الثورة وبس��بب تدني قيمة الليرة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬وتناقص أعداد المواشي‪ ،‬ارتفعت‬ ‫أس��عارها جداً‪ ،‬وتجاوزت أضعاف ماكنت عليه‬ ‫قبله��ا‪ ،‬حيث وصل س��عر رأس الغن��م الواحد‬ ‫إل��ى ‪ 50‬ألف ليرة س��ورية‪ ،‬فيما وصل س��عر‬ ‫الرأس الواحد م��ن األبقار إلى ‪ 300‬ألف ليرة‪،‬‬ ‫ولكن ذلك الغالء يستمر إال لعدة شهور‪ ،‬حيث‬ ‫تدنت أس��عارها من جديد إلى النصف تقريباً‪،‬‬ ‫بس��بب تواصل المعارك في ري��ف دير الزور‪،‬‬ ‫وانقطاع الطرق أمام التجار‪.‬‬ ‫وع��ن وض��ع تجارته��ا حالي��اً يضيف‪ :‬تش��هد‬ ‫تجارته��ا حالي ًا ركوداً بش��كل ع��ام‪ ،‬بالتزامن‬ ‫م��ع وص��ول تج��ار عراقيي��ن إل��ى المنطقة‪،‬‬ ‫مس��تغلين انفتاح شرق س��ورية على العراق‬ ‫بعد س��يطرة تنظيم الدولة اإلس�لامية على‬ ‫الح��دود الفاصلة بينهم‪ ،‬مم��ا أدى إلى ارتفاع‬ ‫ملح��وظ ف��ي أس��عار األغنام بش��كل خاص‪،‬‬ ‫بس��بب الطل��ب المتزاي��د عليها م��ن قبلهم‪،‬‬ ‫ومنافستهم في ذلك للتجار المحليين‪.‬‬ ‫محيس��ن‪ .‬ع عضو المكت��ب الزراعي في ريف‬ ‫دي��ر الزور يرى أن الثروة الحيوانية في خطر‪،‬‬ ‫وتحتاج إل��ى خطوات جدية ف��ي دعم مربيها‬ ‫والعاملين‪ ،‬لما تش��كله هذه الثروة من أهمية‬ ‫في غذاء للش��عب السوري بأكمله‪ ،‬ومن أهم‬ ‫ه��ذه الخط��وات‪ ،‬توفي��ر األدوي��ة واألعالف‪،‬‬ ‫إضاف��ة إل��ى توعية ه��ؤالء المربي��ن لطرق‬ ‫التربية الحثيثة‪ ،‬ولألسف كل هذا غير ممكن‬ ‫حالياً‪ ،‬في دير الزور وفي سورية عمومًا‪.‬‬


‫�أزمة املياه يف املناطق املحررة بدرعا‬ ‫عقوبة جماعية وحلول مكلفة‬

‫عدوى ال�سل تهدد ريف درعا‬ ‫أطلق ناش��طون وأطباء ف��ي المنطقة الغربية بريف درعا ن��داء عاجل إلى المنظمات‬ ‫الطبية واألممية‪ ،‬لتأمين المضادات الحيوية واألدوية الالزمة لمرض السل ‪.‬‬ ‫وقالت مراس��لة (س��وريتنا) في درعا إن مش��فى ش��هداء المزيريب الميداني في بلدة‬ ‫المزيري��ب بري��ف درعا‪ ،‬أكد ظهور س��تة إصابات جديدة بمرض الس��ل بع��د انتقال‬ ‫العدوى إليها من إصابتين كانتا قد كشفتا في وقت سابق‪.‬‬ ‫وتكمن خطورة المرض بتأخر ظهور عوارضه لفترات طويلة‪ ،‬ويعتبر المرض س��ريع‬ ‫االنتشار خاصة أن العدوى تتم عن طريق االتصال المباشر بين المصابين واألصحاء‪،‬‬ ‫وتنتقل من خالل الهواء بشكل مباشر ‪.‬‬ ‫وتعاني المش��افي الميدانية في محافظة درع��ا أوضاع ًا صعبة خاصة في ظل نقص‬ ‫الك��وادر الطبي��ة المتخصصة‪ ،‬وفق��دان األدوي��ة‪ ،‬إضافة إلى عدم امت�لاك مقومات‬ ‫الوقاي��ة‪ ،‬وأماكن خاص��ة بالحجر الصحي‪ ،‬وتعتبر بل��دة المزيريب من المناطق التي‬ ‫تحتضن أعداد كبيرة من النازحين من كافة مناطق سوريا‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫المرتفعة لعملية االس��تجرار‪ ،‬وخاصة ثمن‬ ‫الوقود الالزم لها‪ ،‬تَحول دون استمراريتها‬ ‫بش��كل متواصل‪ ،‬حيث تصل تكلفة عملية‬ ‫االس��تجرار الواح��دة إلى الخ��زّان‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ضخها إلى من��ازل األهالي ما يقارب ‪1000‬‬ ‫دوالر‪ ،‬وهذا المبلغ ال يتوفر بشكل دائم"‪.‬‬ ‫عل��ى الط��رف اآلخ��ر‪ّ ،‬‬ ‫ش��كلت أزم��ة المياه‬ ‫فرص��ة عم��ل جدي��دة أوجدته��ا الظ��روف‬ ‫للعديد من األس��ر‪ ،‬أبو محمد صاحب سيارة‬ ‫صهريج لنقل المياه‪ ،‬لم يتوقف خالل األيام‬ ‫الماضي��ة عن نق��ل المياه وبيعه��ا لألهالي‬ ‫"في الس��ابق كنت أق��وم بنقل الخضار من‬ ‫ً‬ ‫نتيجة‬ ‫محافظ��ة درع��ا إلى دمش��ق‪ ،‬لك��ن‬ ‫للوض��ع األمن��ي والتنكي��ل بالعاملين بهذه‬ ‫المهن��ة‪ ،‬من قب��ل قوات النظام المنتش��رة‬ ‫عل��ى األوتوس��تراد الدول��ي‪ ،‬دفعن��ي إل��ى‬ ‫اس��تبدالها بنقل المياه وبيعه��ا‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫شراء صهريج مخصّص للمياه بمبلغ يزيد‬ ‫عن المئة ألف ليرة سورية"‪.‬‬ ‫وع��ن ارتفاع س��عر صهريج المي��اه والعبء‬

‫الجديد الذي يفرض على المواطن‪ ،‬يوضح‬ ‫أبو محمد قائ ً‬ ‫ال‪" :‬الوقود هو العامل الرئيسي‬ ‫في ارتفاع أسعار المياه‪ ،‬فهو يدخل بعملية‬ ‫تأمين��ه من بدايتها وحتى نهايتها‪ ،‬ذلك ألن‬ ‫سعر لتر المازوت الواحد يتراوح بين ‪ 350‬و‬ ‫‪ 400‬ليرة سورية‪ ،‬ونستخدمه لسحب المياه‬ ‫من اآلبار بواس��طة مول��دة المياه الخاصة‬ ‫بالبئر‪ ،‬ومن ثم نقله بالس��يارة التي تحتاج‬ ‫إلى م��ا ال يقل ع��ن اللترين م��ن المازوت‪،‬‬ ‫ومن ثم إفراغه عبر مضخة المياه المركبة‬ ‫عل��ى الصهري��ج‪ ،‬المردود المال��ي الصافي‬ ‫ال ومقبو ً‬ ‫من تل��ك العملي��ة يعتبر معق��و ً‬ ‫ال‬ ‫نوع ًا ما"‪.‬‬ ‫ال تمتل��ك معظ��م ُ‬ ‫األس��ر الق��درة المالي��ة‬ ‫على ش��راء المياه بش��كل متواصل‪ ،‬وغالب ًا‬ ‫ما تق��وم بتعبئة براميل صغي��رة بد ً‬ ‫ال عن‬ ‫خزّان��ات المياه‪ ،‬والتي غالب�� ًا بدورها تخرج‬ ‫ً‬ ‫نتيج��ة إلصابته��ا بالقص��ف‬ ‫ع��ن عمله��ا‪،‬‬ ‫اليومي من قبل قوات النظام‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫أكث��ر من ث�لاث آالف لي��رة س��ورية دفعها‬ ‫عب��د اهلل ثمن�� ًا لصهريج مي��اه يكفيه لمدة‬ ‫ال تتجاوز الخمس��ة أيام‪ ،‬فمنذ خمسة عشر‬ ‫يوم ًا قطعت المياه بش��كل تام عن حيه في‬ ‫درعا البلد بمدينة درعا‪ ،‬وبات ش��راء المياه‬ ‫أمراً ال بدّ منه‪ ،‬على الرغم من ضيق الحال‬ ‫وق ّلة المال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالقطارة‪ ،‬هذا ما يقوله‬ ‫يتم استهالك المياه‬ ‫عبد اهلل "عدّة توجيهات قمت بإلقائها على‬ ‫العائل��ة من الكبير وحت��ى الصغير للحفاظ‬ ‫ق��در المس��تطاع عل��ى المي��اه‪ ،‬فالحصول‬ ‫عليه��ا يك ّلف م��ا َ‬ ‫ال كثي��راً لتأمين��ه بالوقت‬ ‫المناس��ب‪ ،‬وكثي��راً م��ا ينقطع عنّ��ا المياه‬ ‫يوم ًا أو يوم��ان‪ ،‬ونالقي صعوبة كبيرة في‬ ‫إيصاله إلى الخزان الرئيسي لألسرة‪ ،‬وحتى‬ ‫ذل��ك الوقت نعتم��د على المي��اه المخزّنة‬ ‫بعبوات صغيرة تم تجهيزها لوقت الحاجة‪،‬‬ ‫وفي وقت االنقطاع التام نستعين باألقارب‬ ‫أو الجيران لتعبئتها؛ فالحياة باتت دَين"‪.‬‬ ‫تختفي أزمة المياه داخ��ل األحياء المحرّرة‬ ‫ف��ي مدينة درعا ألي��ام‪ ،‬لكنها تعود لتظهر‬ ‫من جدي��د نتيجة للعقوب��ة الجماعية التي‬ ‫يفرضها النظام على تلك المناطق‪.‬‬ ‫يق��ول الناش��ط أب��و جم��ال "اس��تهدفت‬ ‫ش��بكة المياه كغيرها من البنية األساسية‬ ‫والخدمية للمواطنين‪ ،‬بش��كل مباشرة من‬ ‫قبل ق��وات النظ��ام بكافة أنواع األس��لحة‪،‬‬ ‫والت��ي ألحقت به��ا دماراً كبي��راً‪ ،‬حيث خرج‬ ‫خ��زّان من أص��ل ث�لاث خزّانات رئيس��ية‬ ‫كان��ت ّ‬ ‫تغذي األحياء بش��كل كام��ل بالمياه‬ ‫عن الخدمة‪ ،‬وتحوّل إلى كومة من الركام‬ ‫جراء اس��تهدافه بغارة جوية م��ن الطيران‬ ‫الحربي ‪ ،‬في حين تج��ري عمليات الصيانة‬ ‫والترميم للخزّان المتواجد في حي (طريق‬ ‫الس��دّ) لعودت��ه إل��ى الخدمة بأس��رع وقت‬ ‫ممكن"‪.‬‬ ‫تعتم��د مدين��ة درع��ا عل��ى مي��اه الش��رب‬ ‫القادم��ة م��ن الري��ف الغربي‪ ،‬كم��ا يبيّن‬ ‫ّ‬ ‫"تتغذى أحياء درعا البلد وس��جنة‬ ‫أبو جمال‬ ‫والضاحية من خ��ط ضخ محطة المزيريب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتغ��ذى منطقة درعا المحطة والريف‬ ‫فيما‬ ‫الشرقي في المحافظة من خالل مضخّات‬ ‫األشعري العاملة على الكهرباء‪ ،‬والتي غالب ًا‬ ‫ً‬ ‫نتيجة للقصف‬ ‫م��ا تنقطع لفترات طويل��ة‪،‬‬ ‫الذي يستهدف ش��بكات الكهرباء في الريف‬ ‫الغربي والشمالي‪ ،‬كذلك توقّف النظام عن‬ ‫توريد مادة المازوت لتش��غيل محطات ضخّ‬ ‫المياه كبديل عن الكهرباء"‪.‬‬ ‫تس��عى الجهات المعنية ف��ي المدينة على‬ ‫إيج��اد حل��ول ناجعة ألزم��ة المي��اه‪ ،‬لكنها‬ ‫غالب�� ًا ما تصط��دم بعامل الم��ال وتوفيره‪،‬‬ ‫يضي��ف أبو جمال ‪" :‬يق��وم مجلس مدينة‬ ‫درعا باستجرار المياه من أحد اآلبار القريبة‬ ‫م��ن درعا البلد‪ ،‬عبر قن��اة تنتهي بالخزّان‬ ‫الرئيس��ي ف��ي المنطق��ة‪ ،‬لك��ن التكلف��ة‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬

‫‪5‬‬


‫ّ‬ ‫ال�سوري بني نريان احلرب‬ ‫املواطن‬ ‫وبنادق حر�س احلدود الرتكية‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫القامشلي ‪ -‬جوان تتر‬ ‫ال��دروب آمن��ة ولن يتعرّض لك��م أحد!! وإن‬ ‫حدث ولمح��وا ظاللكم فاجتمع��وا إلى جانب‬ ‫النس��اء وال تتفرَّق��وا‪ ،‬ك��ي ال تتعرَّض��وا‬ ‫للض��رب!!‪ ،‬هك��ذا اعتاد أرب��اب مهنةٍ جديدة‬ ‫ف��ي س��وريا أن يخاطب��وا الن��اس الراغبي��ن‬ ‫باجتياز الحدود‪.‬‬ ‫قب��ل اندالع الث��ورة كانت الح��دود مع تركيا‪،‬‬ ‫من جهة مدينة القامش��لي السوريَّة‪ ،‬تشهد‬ ‫ح��االتٍ قليل��ة م��ن التس��لل إل��ى األراضي‬ ‫التركي��ة‪ ،‬التي كان��ت جُ ّلها بغ��رض تهريب‬ ‫البضائ��ع أو الهج��رة إلى أوروب��ا‪ ،‬وقد حصل‬ ‫العدي��د م��ن ح��االت االعتق��ال م��ن الجانب‬ ‫الترك��يّ‪ ،‬إلاّ أنّه��ا كان��ت مج��رّد ح��االتٍ‬ ‫ال تتع��دى منط��ق الروتي��ن أو التحقيق��ات‬ ‫الضروري��ة للقضاء على االش��تباه‪ ،‬ومن ثم‬ ‫إطالق س��راح المعتقلين في ح��ال لم تثبت‬ ‫اإلدانة ضمن حاالتٍ خطرة‪ ،‬كتهريب السالح‬ ‫أو المخ��دَّرات‪ ،‬لك��ن منذ ان��دالع الثورة في‬ ‫س��وريا‪ ،‬والحدود التركية الس��ورية تش��هد‬ ‫حاالتٍ كثيرة من النزوح‪ ،‬غير أنّه نزوحٌ بات‬ ‫يتسم بالدمويَّة مؤخراً‪.‬‬ ‫رُصدت وفيَّات وج��روح بالغة جرَّاء االعتداء‬ ‫م��ن جه��ة ح��رس الح��دود التركيَّ��ة‪ ،‬وهذه‬ ‫ً‬ ‫رحمة‬ ‫الحاالت كانت حتى قبيل سنوات تلقى‬ ‫م��ن الجان��ب الترك��يّ ف��ي حال كش��ف أمر‬ ‫النَّازحي��ن‪ ،‬حيث يتم إلق��اء القبض عليهم‪،‬‬ ‫ومن ث��م إرجاعهم إل��ى النقط��ة الحدوديَّة‬ ‫ك��ي يع��ودوا إل��ى س��وريا‪ ،‬اَّإل أن األت��راك‬ ‫ً‬ ‫وخاصَّة على‬ ‫اس��تبدلوا طريق��ة تعامله��م‪،‬‬ ‫امتداد الحدود التركية مع مدينة القامش��لي‪،‬‬ ‫فق��د أكدت جه��ات إعالميَّ��ة متابعة ألوضاع‬ ‫النازحي��ن عب��ر الح��دود الس��وريَّة التركية‬ ‫ب��أن عدد القتل��ى النازحين على أيدي حرس‬ ‫ّ‬ ‫الح��دود التركيَّ��ة عب��ر النق��اط الحدودي��ة‬ ‫المختلف��ة وصل في األش��هر الثالثة األخيرة‬ ‫إلى ما يربو فوق العش��رين ش��خص ًا‪ ،‬نتيجة‬ ‫االعت��داء المتّس��م بالعن��ف أو إط�لاق النار‬ ‫المباش��ر على المتس��ل ّلين عب��ر الحدود‪ ،‬ألن‬ ‫البواب��ات الحدوديَّ��ة التركيَّ��ة مغلق��ة أمام‬ ‫الس��ورييّن‪ ،‬ناهيك عن حاالت اإلعاقة التي‬ ‫تس��بَّبت بها مختلف تلك االعتداءات الواقعة‬ ‫م��ن الجان��ب الترك��يّ‪ ،‬وإل��ى اآلن ال ص��وت‬ ‫ين��ادي لوقف تل��ك االعت��داءات التي تحصل‬ ‫يومي ًا ضدّ المواطنين السوريين‪.‬‬ ‫يق��ول المحامي س��عيد بازو "م��ن المعروف‬ ‫أن أية محاولة للعبور م��ن حدود دولة‬ ‫جي��داً ّ‬ ‫إلى ح��دود دولة أخرى بطريقة غير نظاميَّة‬ ‫يعتبر خرق ًا لس��يادة الدولتي��ن واعتدا ًء على‬ ‫قوانين الدولتين‪ ،‬حيث هناك حدود مرسومة‬ ‫أن هناك‬ ‫وال بدّ من احترام هذه الحدود‪ ،‬كما ّ‬ ‫اتفاقيّات موضوعة بخصوص هذا الش��أن‪،‬‬ ‫باإلضافة إل��ى عقوبات ومحاكم��ات معيَّنة‪،‬‬ ‫ولكن األوضاع العامة في س��وريا والفوضى‬ ‫الحاصل��ة منع��ت الس��لطات الس��وريَّة‬ ‫والس��لطات ُ‬ ‫األخرى النّش��طة على األراضي‬ ‫الس��وريَّة م��ن مراقب��ة الح��دود م��ع تركيا‪،‬‬ ‫إال ف��ي بع��ض المناطق‪ ،‬مما زاد في جش��ع‬

‫مهرّبي البش��ر كي يس��تغ ّلوا هذه الفوضى‬ ‫لقاء الحصول على أموال طائلة‪ .‬كما يضيف‬ ‫"وبرأيي طالما أن س��لطات الح��دود التركيَّة‬ ‫تعتق��ل األش��خاص النازحي��ن بطريقة غير‬ ‫ش��رعيَّة‪ ،‬ال ب��دّ أن تتصرَّف م��ع المقبوض‬ ‫عليه��م بطريق��ة إنس��انية وتقديمه��م‬ ‫للمحاكم��ة بتهم��ة محاولة العب��ور بطريقة‬ ‫غير ش��رعيّة‪ ،‬أو محاول��ة إلقاء القبض على‬ ‫المهرّبي��ن‪ ،‬أو ف��ي النهاية وه��و ما يجب أن‬ ‫يحص��ل‪ ،‬فتح المعابر للمدنيين الس��وريين‪،‬‬ ‫الحل صعب حالي ًا في ّ‬ ‫وربما هذا ّ‬ ‫ظل األوضاع‬ ‫الفوضويّة الرّاهنة"‪.‬‬ ‫إن تع��داد حاالت االعت��داء عل��ى المواطنين‬ ‫ّ‬ ‫الس��وريين خ��ارجٌ ع��ن إطار اإلحص��اء‪ ،‬ألن‬ ‫االعتداءات في اآلونة األخيرة وصلت إلى حدّ‬ ‫الضرب حتى الموت من قبل الجنود األتراك‪،‬‬ ‫وقد أعلنتها وسائل إعالم متعدّدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قائل��ة‪" :‬ابني‬ ‫تتح��دّث الس��يدة فاطمة محمد‬ ‫رامي كان في العش��رين م��ن عمره‪ ،‬وضاقت‬ ‫بنا األوضاع المعيش��يّة في القامشلي بسبب‬ ‫انعدام فرص العمل‪ ،‬فقرر الهجرة إلى تركيا‬ ‫للعم��ل هنالك مع أعمامه‪ ،‬لكن��ه لم يعد من‬ ‫وقتها‪( ،‬تدمع عينا فاطمة األمّ)‪ ،‬قتلوه الجنود‬ ‫األت��راك بع��د أن أُلق��ي القبض علي��ه داخل‬ ‫األراض��ي التركيَّة م��ع مجموعة م��ن الناس‬ ‫المش��ابهين لحالته‪ ،‬لم يكن ابني رامي قويًَّا‬ ‫بما في��ه الكفاي��ة ليتحمَّل الضرب الش��ديد‪،‬‬ ‫أو ربم��ا كان الجنود األتراك وحوش��اً أكثر من‬ ‫ال�لازم‪ ،‬ال أعرف ما الذي حص��ل تماماً‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه هي ضريبة الثورات في ّ‬ ‫كل األحوال"‪.‬‬ ‫ح��االتٌ كثيرة من الموت واالعتداء الممارس‬ ‫عل��ى المواطنين الس��وريين من قبل حرس‬ ‫الح��دود التركيَّ��ة‪ ،‬نع��م‪ ،‬م��ن ح��ق الدول��ة‬ ‫التركيّ��ة حماي��ة س��يادتها وحدوده��ا م��ن‬ ‫الغرباء ولك��ن ليس من حقها االعتداء وقتل‬ ‫الن��اس األبري��اء الهاربي��ن من أت��ون الحرب‬ ‫السوريّة‪ ،‬أو االعتداء على اإلعالميين طالما‬ ‫أن هناك قانون‪.‬‬ ‫ّ‬

‫طعمة‪ :‬متديد جوازات �سفر ال�سوريني‬ ‫�سيبد�أ خالل ا�سبوعني‬ ‫أكد رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد‬ ‫طعمة أن تمديد جوازات السفر للسوريين‬ ‫سيبدأ خالل أسبوعين عبر سفارة االئتالف‬ ‫الوطني لقوى الثورة والمعارضة الس��ورية‬ ‫في العاصمة القطرية الدوحة‪.‬‬ ‫وأوضح طعمة أن لصاق��ات تمديد معتمدة‬ ‫موجودة حالياً في سفارة االئتالف بالدوحة‪،‬‬ ‫وه��ي المخول��ة في الوقت الحال��ي بتمديد‬ ‫ج��وازات الس��فر عب��ر ه��ذه اللصاق��ات‪،‬‬ ‫مش��يراً إلى أن األولوية ستكون للسوريين‬ ‫المقيمين في قطر ثم في دول الخليج‪ ،‬ثم‬ ‫للسوريين المقيمين في باقي دول العالم‪.‬‬ ‫وأكد طعمة أن الحكومة الس��ورية المؤقتة‬ ‫تب��ذل جه��وداً حثيث��ة لتتمكن م��ن إصدار‬ ‫جوازات سفر سورية معترف بها دوليا‪.‬‬ ‫ومن جهته صرح س��فير االئتالف الس��وري‬ ‫ف��ي قط��ر ن��زار الحراك��ي ‪ ،‬أن الس��فارة‬ ‫السورية س��تبدأ باس��تقبال طلبات تجديد‬ ‫ج��وازات س��فر الس��وريين مطل��ع الع��ام‬ ‫الق��ادم‪ ،‬وس��يتم اإلعالن ذلك ف��ي مؤتمر‬ ‫صحفي رسمي قريب‪.‬‬ ‫و اتخذ االئتالف هذه الخطوة بعد مراس��لة‬ ‫‪ 52‬دولة وخمسة منظمات عالمية من بينها‬ ‫األمم المتح��دة والجامعة العربية ومجلس‬ ‫التعاون الخليجي‪ ،‬بحس��ب م��ا أوردت إذاعة‬ ‫" حارة إف إم "‪.‬‬ ‫ويعان��ي الس��وريون حملة جوازات الس��فر‬ ‫منتهي��ة الصالحي��ة م��ن صعوب��ة تمدي��د‬ ‫جوازاته��م‪ ،‬وربم��ا اس��تحالتها اذا كان��وا‬ ‫مالحقين أمنيًا‪ ،‬ويضطر معظم من انتهت‬ ‫صالحي��ة جوازات س��فرهم إل��ى تمديدها‬ ‫بلصاقات مزورة بتكلف تتراوح بين ‪ 200‬و‬ ‫‪ 500‬دوالر أمريكي‪.‬‬


‫الأمرا�ض املعدية بني ال�سوريني‬ ‫واقعٌ خطر و� ٌ‬ ‫أفق مظلم‬

‫ويؤكد الطبيب عب��د المعطي بأن "أحد أكثر‬ ‫األم��راض انتش��اراً ف��ي تجمع��ات النازحين‬ ‫الكبي��رة هو الس��ل‪ ،‬فق��د تم الكش��ف عن‬ ‫مئات حاالت اإلصابة بهذا المرض‪ ،‬وهو أحد‬ ‫األمراض المنتقلة عن طريق التنفس‪ ،‬وبأن‬ ‫العدي��د م��ن المصابين يتس��ببون بالعدوى‬ ‫ألقاربهم والمحيطين بهم دون أن يش��عروا‬ ‫"‪ ،‬ويضيف "نطل��ب فحص جميع المحيطين‬ ‫بالمري��ض وغالب��اً ما نج��د مصابين آخرين‬ ‫من أفراد عائلته‪ ،‬ل��ذا نقوم بعزل المريض‬ ‫لفت��رة م��ن الزمن ف��ور تش��خيصه‪ ،‬إال أننا‬ ‫نواجه مصاع��ب في توفير أماكن العزل في‬ ‫مش��افي حلب كونها محدودة نس��بة ألعداد‬ ‫المرضى‪ ،‬كم��ا يعاني العدي��د من المرضى‬ ‫الموجودي��ن في أري��اف مدينتي إدلب وحلب‬ ‫من عدم توفر المش��افي الت��ي تحتوي على‬ ‫غرف ع��زل خاصة‪ ،‬ل��ذا نطلب منه��م اتخاذ‬

‫ي��رى العدي��د م��ن األخصائيين ب��أن فصل‬ ‫الش��تاء يش��كل تهدي��داً حقيقي��اً عل��ى‬ ‫الس��وريين‪ ،‬فإضافة لمعان��اة البرد القارس‬ ‫وبلل الثلوج واألمطار‪ ،‬ترتفع نسب اإلصابة‬ ‫باإلنفلونزا الموس��مية في ظ��ل عدم توافر‬ ‫ظ��روف ال��دفء والوقاي��ة‪ ،‬ويش��ير الطبيب‬ ‫عباس الشيخ ألن "االنفلونزا ال تشكل خطراً‬ ‫حقيقي��اً عل��ى جميع المصابين به��ا‪ ،‬اال أنها‬ ‫تهدد حياة المرضى ذوي المناعة المنخفضة‬ ‫أهمهم مرضى السل"‪.‬‬ ‫وم��ع تزاي��د األوض��اع الصحية س��وءاً تزداد‬ ‫حاجة الس��وريين للموارد العيش الضرورية‬ ‫كالم��اء والغ��ذاء والس��كن‪ ،‬ويؤك��د الطبيب‬ ‫عب��اس ب��أن الجهود الت��ي تُص��ب حالي ًا في‬ ‫توفي��ر ال��دواء والعالج لم ولن تن��ه العدوى‬ ‫به��ذه األم��راض طالما الي��زال هناك اآلالف‬ ‫من المش��ردين وممن ال يحصلون على مياه‬ ‫الشرب والغذاء الذي يستحقونه كبشر"‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫ال�سل والتيفوئيد والتهاب الكبد‬

‫تهديد ال�شتاء‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫ل��م يكن غريب��اً عل��ى األطباء انتش��ار باقة‬ ‫من األمراض المعدية بين الس��وريين‪ ،‬بعد‬ ‫مرور أكثر من ثالث س��نوات من العيش في‬ ‫ظ��ل ظروف الح��رب القاس��ية‪ ،‬اال أن فقدان‬ ‫الس��يطرة على تفشيها لم يكن في حسبان‬ ‫الكثيرين‪ ،‬إذ تتضاعف أعداد المصابين بهذه‬ ‫األم��راض المعدية س��نة بعد أخ��رى‪ ،‬وبين‬ ‫الجهود اإلغاثية والواقع البيئي السيء يزداد‬ ‫انتشار هذه األمراض ويزداد خطرها‪.‬‬ ‫يوضح أخصائي األمراض الداخلية الطبيب‬ ‫عب��د المعط��ي بأن المي��اه الملوثة تس��ببت‬ ‫في الع��دوى بالحمى التيفي��ة والتهاب الكبد‬ ‫وهن��اك تخ��وف كبير م��ن ظه��ور الكوليرا‪،‬‬ ‫كما تتس��بب حالة التلوث وانخفاض مستوى‬ ‫النظاف��ة ف��ي انتش��ار الع��دوى باللش��مانيا‬ ‫وتوس��ع رقعة اإلصابة بها‪ ،‬لتش��مل معظم‬ ‫األراضي السورية حتى وصل عدد المصابين‬ ‫ألكث��ر من‪ 100‬ألف س��وري ف��ي ‪ 2014‬تبع ًا‬ ‫لمركز عالج اللشمانيا في حلب‪ ،‬وقد ساهم‬ ‫انخفاض نس��ب النظافة من انتش��ار القمل‬ ‫والجرب بي��ن األطفال وتجمع��ات النازحين‪،‬‬ ‫وأدت الكثاف��ة الس��كانية الكبيرة إلى ارتفاع‬ ‫نسب العدوى باألنفلونزا ومرض السل‪.‬‬ ‫يش��كل انخفاض مس��توى النظاف��ة العامة‬ ‫والش��خصية أح��د المس��ببات الرئيس��ية‬ ‫النتق��ال ه��ذه األم��راض بين الس��وريين‪،‬‬ ‫ويش��ير أحمد عب��د المالك أح��د المتطوعين‬ ‫ف��ي اله�لال األحمر ب��أن "مس��توى النظافة‬ ‫ً‬ ‫عامة هو دون‬ ‫العام��ة في تجمعات النازحين‬ ‫الح��د األدن��ى‪ ،‬وتتس��بب به كث��رة النازحين‬ ‫وغياب خدمات ترحي��ل النفايات وعدم توفر‬ ‫الم��اء بالكمي��ة والزم��ن ال��كاف"‪ ،‬ويضي��ف‬ ‫"تشكل هذه التجمعات بيئة خصبة النتشار‬ ‫األمراض‪ ،‬ويشكل انخفاض مستوى الوعي‬ ‫بين النازحين عائق ًا للحد من هذا االنتشار"‪.‬‬

‫إج��راء عزل ذات��ي ع��ن محيطه��م"‪ .‬ويعبر‬ ‫الطبيب عبد المعطي عن قلقه على مرضى‬ ‫الس��ل المصابين بأمراض أخرى كاإلنتانات‬ ‫واالنفلونزا والتهاب الكبد لتأثيرها المضاعف‬ ‫عليهم بسبب مناعتهم المنخفضة"‪.‬‬ ‫أم��ا عن أمراض المياه الملوثة‪ ،‬فيش��ير أحد‬ ‫صيادلة مدينة س��لقين في ريف إدلب غدير‬ ‫قاس��م ألن الحم��ى التيفي��ة أو (التيفوئي��د)‬ ‫هي أهم األمراض المعدية والمنش��رة بين‬ ‫س��كان المدين��ة ويوض��ح ب��أن "الحم��ى قد‬ ‫انتش��رت تدريجياً خالل السنتين الماضيتين‬ ‫ف��ي معظم أري��اف مدينتي إدل��ب والالذقية‬ ‫المحررة بس��بب قطع ق��وات النظام إمدادات‬ ‫مياه الشرب عن هذه المدن واعتماد األهالي‬ ‫عل��ى مياه اآلب��ار االرتوازي��ة والغير صالحة‬ ‫للش��رب" ويضي��ف أن "آالف الس��كان ف��ي‬ ‫المدين��ة مصابي��ن بالحم��ى وت��كاد ال تخلو‬ ‫عائل��ة واح��دة من إصاب��ة أو أكث��ر‪ ،‬الوفيات‬ ‫بس��بب الحم��ى بلغ��ت ‪ 10‬أش��خاص خ�لال‬ ‫‪ 2014‬ف��ي س��لقين وحده��ا‪ ،‬وبالرغ��م من‬ ‫توفر ال��دواء في الصيدليات بش��كل عام إال‬ ‫أن هن��اك حاجة لكمي��ات إضافي��ة‪ ،‬وتتولى‬ ‫بع��ض المنظم��ات اإلغاثي��ة توزي��ع الدواء‬ ‫بش��كل مجاني بين حين وآخر في س��لقين‬ ‫وجبل الزاوية وريف جس��ر الش��غور وحارم‬ ‫ومناط��ق أخرى"‪ .‬وف��ي الس��ياق ذاته يؤكد‬ ‫أخصائي األمراض المعدية واألوبئة الطبيب‬ ‫فيصل عمراني أن انتش��ار التيفوئيد ش��مل‬ ‫مناط��ق ري��ف حلب وإدل��ب والالذقي��ة ودير‬ ‫الزور وريف دمشق‪ ،‬وأن هناك جهوداً إغاثية‬ ‫كبيرة لتوفير الدواء وتعقيم مياه الشرب في‬ ‫هذه المناطق‪.‬‬ ‫ويش��ير عمراني ألن التهاب الكبد آ يس��جل‬ ‫مؤخ��راً نس��ب إصاب��ة مرتفعة ج��داً‪ ،‬أهمها‬

‫في حلب ودمش��ق‪ ،‬ويعزو عمراني الس��بب‬ ‫النقطاع المي��اه لفترات طويلة جداً في هذه‬ ‫المناط��ق‪ ،‬ويؤكد أن انتش��ار ه��ذا المرض‬ ‫مؤشر خطير ألن نظافة االنسان باتت تحدت‬ ‫الح��دود الدني��ا‪ ،‬إذ ينتقل فقط عن��د تناول‬ ‫اإلنسان لطعام أو شراب ملوث ببراز شخص‬ ‫مص��اب‪ ،‬وأن القلي��ل م��ن الم��اء والصابون‬ ‫كافي��ان للوقاي��ة‪ ،‬ويش��ير ألن��ه ش��خصي ًا‬ ‫يش��خص ما ال يقل عن ‪ 8‬ح��االت يومي ًا من‬ ‫اإلصابة بالتهاب الكبد‪ ،‬ويضيف "نعمل على‬ ‫توفير العالج للمرضى إال أن نس��بة النكس‬ ‫عالية بس��بب عدم تغيير الش��روط الصحية‬ ‫التي يعيشونها مما يؤدي إلى تكرار اإلصابة‬ ‫وتحوله إلى مرض مزمن"‪.‬‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫عبير آغا‬

‫‪7‬‬


‫"الأمرا�ض الفتاكة"‬ ‫�شبح �آخر يجثم على الغوطة ال�شرقية‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫ينشر بالتزامن مع موقع "مراسل سوري"‬ ‫أم��راض قاتل��ة وأوبئ��ة مرعب��ة تتفش��ى‬ ‫وتنتش��ر ف��ي الغوط��ة الش��رقية‪ ،‬نتيج��ة‬ ‫حصار النظام وميليشياته لها‪ ،‬واستهدافها‬ ‫بمختلف األسلحة النارية والكيماوية‪.‬‬ ‫تح��ت حصار يس��تمر منذ أكثر م��ن عامين‬ ‫مطبقا عل��ى الغوط��ة الش��رقية‪ ،‬وحرمان‬ ‫س��كانها من احتياجاتهم الغذائية والطبية‬ ‫والمعيش��ية العام��ة‪ ،‬أدى ذل��ك إل��ى تردي‬ ‫الحال��ة الصحي��ة فيها بش��كل خطير؛ حيث‬ ‫تزايدت حاالت اإلصابة باألورام السرطانية‪،‬‬ ‫وباألمراض الوبائية‪.‬‬ ‫وم��ع اقتصار النش��اط الطبي ف��ي الغوطة‬ ‫الش��رقية ‪ -‬غالب ًا ‪ -‬على الجانب اإلسعافي؛‬ ‫فقد ضاعف ه��ذا األمر من خطورة الوضع‪،‬‬ ‫وه��و ال��ذي دف��ع مجموع��ة م��ن األطب��اء‬ ‫االختصاصيين إلى إنش��اء "مرك��ز الرحمة‬ ‫الطب��ي" لمعالج��ة األورام ف��ي نيس��ان‬ ‫‪2013‬م‪ ،‬وافتتاح��ه بش��كل رس��مي ف��ي‬ ‫حزيران من العام نفس��ه‪ ،‬ف��ي مدينة دوما‬ ‫لمركزيتها‪.‬‬ ‫ف��ي لق��اء م��ع مدي��ر المرك��ز؛ المهن��دس‬ ‫"محم��د" ق��ال لنا‪" :‬ف��ي بداية ع��ام ‪2014‬‬ ‫الحظن��ا ازدياد نس��بة المصابي��ن باألورام‬ ‫السرطانية بشكل كبير‪ ،‬وفي البداية ظننا‬ ‫أن الس��بب ه��و إلى س��وء التغذية بس��بب‬ ‫الحص��ار‪ ،‬والضغط النفس��ي والرعب الذي‬ ‫يعيش��ه عام��ة الناس‪ ،‬مم��ا أدى إلى نقص‬ ‫المناعة عند المرضى"‪.‬‬ ‫وأض��اف مدير المركز‪" :‬ف��ي اآلونة األخيرة‬ ‫اتصلن��ا بكثي��ر م��ن األطب��اء في دمش��ق‪،‬‬ ‫وبعد بحث في بعض الحاالت (كس��رطانات‬ ‫الث��دي والرح��م‪ ،‬وح��االت الن��زف‪ ،‬وح��االت‬ ‫انقطاع الطمث المفاجئ��ة‪ ،‬وغيرها) وصلنا‬ ‫إلى قناعة مؤكدة ب��أن هذه األمراض التي‬ ‫كث��رت ف��ي اآلونة األخي��رة توحي بش��يء‬ ‫غير طبيعي‪ ،‬وانحصر السبب بمواد مشعة‬ ‫بنس��بة ضئيلة‪ ،‬ترمى باألسلحة المختلفة‪،‬‬ ‫وتتضاعف ه��ذه الحاالت مع م��رور الوقت‪،‬‬ ‫نتيجة وجود شيء غير طبيعي"‪.‬‬ ‫وقد ع��زى المهندس س��بب إصابة النس��اء‬ ‫ب��األورام وبع��ض تل��ك األم��راض أكث��ر‬ ‫م��ن الرج��ال "الختالف��ات هرموني��ة بي��ن‬ ‫الجنسين"‪.‬‬ ‫وبينت الدكتورة المش��رفة على تش��خيص‬ ‫الح��االت في المركز بعض أس��باب اإلصابة‬ ‫بهذه األم��راض‪ ،‬كالب��رد الش��ديد‪ ،‬وتناول‬ ‫بعض المأكوالت الغير صالحة لالس��تهالك‬ ‫البش��ري؛ كطحين العلف والش��عير وغيره‪،‬‬ ‫وانعدام الرقابة الصحية‪ ،‬والش��ح في مياه‬ ‫الشرب‪ ،‬ومياه االستخدام المنزلي‪.‬‬ ‫وأضافت الدكت��ورة أن نحو ‪ % 80‬من أدوات‬ ‫التعقيم المختلف��ة غير موجودة‪ ،‬وأوضحت‬ ‫أن القص��ف بمختل��ف األس��لحة أدى إل��ى‬ ‫تصدع��ات ف��ي الصخ��ور واألترب��ة‪ ،‬أدت‬

‫الخت�لاط المي��اه الباطني��ة النظيف��ة بمياه‬ ‫الص��رف الصح��ي‪ ،‬مع أن ذلك ف��ي الحاالت‬ ‫الطبيعي��ة يُح��دث التهاب��ا خفيف��ا‪ ،‬أما في‬ ‫حالة الضع��ف المناعي؛ فإن ذلك يؤدي إلى‬ ‫االلتهابات الحادة واألورام الخبيثة‪.‬‬ ‫وتعد قلة المياه وانع��دام وجود المحروقات‬ ‫سببا في قلة النظافة الذاتية‪ ،‬وعدم غسل‬ ‫المالب��س بالمياه الس��ابقة كم��ا كان ذلك‬ ‫س��ابقا أدى إلى تراكم الجراثيم‪ ،‬واإلصابة‬ ‫باألمراض المختلفة‪ ،‬وتحدثت الطبيبة عن‬ ‫اكتش��افهم في أحد اآلبار الملوثة فيروس‬ ‫"ببس��ودلوماس"‪ ،‬وال��ذي يس��بب م��رض‬ ‫الغرغرينا‪.‬‬ ‫وتحدث��ت الطبيب��ة عن اس��تقبالهم لحاالت‬ ‫كثيرة تعرضت إلش��عاعات‪ ،‬أثناء اس��تهداف‬ ‫النظ��ام للغوط��ة الش��رقية باألس��لحة‬ ‫الكيماوية‪ ،‬وأوضحت أن المصاب باإلش��عاع‬ ‫ال يظه��ر علي��ه الم��رض ف��وراً‪ ،‬ألن تأثيره‬ ‫لي��س "آني ًا"‪ ،‬كما ازدادت حاالت "اللوكيميا"‪،‬‬ ‫وخاصة عند األطفال‪.‬‬ ‫وبش��أن توفر اإلمكانيات والمعدات الطبية‬ ‫الالزم��ة للفحوص��ات والتش��خيص؛ أجابت‬ ‫الطبيبة‪" :‬نعاني صعوبات في التش��خيص‬ ‫لع��دم توفر األجه��زة والمع��دات المتطورة‬ ‫لدين��ا‪ ،‬إضاف��ة لتط��اول ال��ـ "‪ ،"BT‬ونقص‬ ‫الصفيح��ات‪ ،‬وف��ي داخل الغوط��ة ال يوجد‬ ‫س��وى الدم الكامل‪ ،‬ألننا ال نستطيع فصل‬ ‫عناص��ر الدم ع��ن بعضها‪ ،‬النع��دام وجود‬ ‫األجه��زة المخص��ص لفصله��ا‪ ،‬واألجه��زة‬ ‫المخصص��ة لحفظه��ا‪ ،‬وفي ه��ذه الحاالت‬ ‫نضطر إلى إرسال المريض إلى دمشق"‪.‬‬ ‫وذكرت أن بعض الحاالت التي اس��تقبلتها‪،‬‬ ‫وم��ن بينها طفلة مصابة بـ "مضاد لمفاوي‬ ‫حاد"؛ "اس��تطعنا تش��خيص المرض‪ ،‬لكن‬ ‫نق��ص الصفيح��ات أدى إلى ن��زف دماغي‬ ‫عن��د الطفل��ة وتوفي��ت‪ ،‬وحاولن��ا إن نعالج‬ ‫الطفل��ة بالكورتيزون ال��ذي يرفع –نوعا ما‬ ‫ الصفيحات‪ ،‬لكنّ النزف كان أسرع إليها"‪.‬‬‫وتحدث��ت عن حال��ة مش��ابهة لطفل عمره‬ ‫أربعة س��نوات‪ ،‬إال أن حالته "مختلفة"‪ ،‬ألنه‬

‫تلق��ى العالج ف��ي دمش��ق قب��ل الحصار‪،‬‬ ‫وعالجه كان بالتنس��يق بين المركز‪ ،‬وبين‬ ‫مش��فى "البيرون��ي" بريف دمش��ق‪ ،‬ولكن‬ ‫بع��د اش��تداد الحص��ار أصبح عن��د الطفل‬ ‫بداي��ة نك��ز‪ ،‬وت��مّ تأمي��ن أدويت��ه‪ ،‬ولكن‬ ‫بصعوب��ة بالغة‪ ،‬واس��تكمل الجرع��ات‪ ،‬إال‬ ‫أنه ق��د دخل بعدها بفت��رة "تثبيت نقوي"‪،‬‬ ‫وأصبح بال مناع��ة نهائيا‪ ،‬تعرض فيها إلى‬ ‫"ذات الرئ��ة"‪ ،‬إال أنه قد فارق الحياة بس��بب‬ ‫نقص األكس��جين ف��ي الم��كان المعزول؛‬ ‫إذ ل��م توفر لدين��ا الكهرباء لتش��غيل مولد‬ ‫األكسجين‪.‬‬ ‫كما تحدثت عن حالة مريضة ثالثة "مصابة‬ ‫بس��وابق س��رطانية‪ ،‬فأصب��ح عندها حبق‬ ‫ماء ف��ي البطن‪ ،‬وأثناء تش��خيص المرض‬ ‫ظنن��ا أنه��ا تعاني م��ن الس��ل‪ ،‬نظ��راً إلى‬ ‫انتش��اره بشكل كبير بس��بب ضعف مناعة‬ ‫ً‬ ‫كتلة بمستوى‬ ‫األجس��ام‪ ،‬وبالتقييم وجدنا‬ ‫رأس البنكري��اس‪ ،‬ولم نس��تطع أخذ خزعة‬ ‫م��ن الكتلة‪ ،‬بس��بب ضعف جه��از الطبقي‬ ‫المح��وري الذي نمتلكه‪ ،‬فحصلنا على جهاز‬ ‫طبق��ي جيد ضم��ن الغوط��ة‪ ،‬تمكنا بعدها‬ ‫من س��حب خزع��ة وإرس��الها إلى دمش��ق؛‬ ‫فتبي��ن أنه��ا مصاب��ة ب��ـ "كارس ينوم��ا"‬ ‫س��رطانية‪ ،‬وبعد المسح وجدنا كتلة برأس‬ ‫الرحم تق��در بخمس��ة س��نتيمترات‪ ،‬وهي‬ ‫حالي��اً تتناول جرع��ات قبل دخ��ول العملية‬ ‫الستئصال الكتلة‪.‬‬ ‫وقد فس��رت إحصائية مش��فى "البيروني"‬ ‫ه��ذه النس��بة المرتفع��ة إم��ا بك��ون جمع‬ ‫المعلوم��ات وتنس��يقها إحصائي��ا قد تقدم‬ ‫وأصبح أفضل‪ ،‬أو ازدي��اد واضح باإلصابات‬ ‫وهو المرجح‪،‬‬ ‫كم��ا أوضح��ت اإلحصائي��ة أن ع��دد الحالت‬ ‫المس��جلة خ�لال ‪ 2008‬في س��وريا حوالي‬ ‫‪ 15107‬حالة س��رطانية جديدة‪ ،‬ولوحظ أن‬ ‫ع��دد الحاالت المس��جلة ع��ام ‪ 2008‬قد زاد‬ ‫بنس��بة ‪ 5% ،0‬عما كانت علي��ه في ‪،2007‬‬ ‫مما يش��ير إلى أن كل س��نة جدي��دة يزداد‬ ‫العدد خمسة بالمئة‪.‬‬


‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪9‬‬


‫خراب لعبة الأمم‬ ‫خالد قنوت‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫من قواعد لعبة األمم‪ ،‬أن يكون انتشار‬ ‫الفوض��ى مدخ� ً‬ ‫لا جي��داً لف��رض واق��ع‬ ‫مصلح��ي ل��دول فاعلة عل��ى دولة تقع‬ ‫تحت أزمات وطنية عميقة‪.‬‬ ‫األزمة العميقة التي ابتدأت في سورية‬ ‫بوجود نظام اس��تبداد عائلي عس��كري‬ ‫أمن��ي أدت النتفاض��ة ش��عبية غي��ر‬ ‫مضبوط��ة‪ ،‬كان من الممك��ن أن تقلب‬ ‫موازين القوى السياسية لو تحولت إلى‬ ‫ثورة منظم��ة تصاعدي��ة الفعل‪ ،‬فكان‬ ‫من الضروري تحويلها لصراع مجتمعي‬ ‫(دين��ي‪ ،‬طائف��ي‪ ،‬اثني‪ ،‬طبق��ي‪ )..‬وقد‬ ‫تم ه��ذا بتحالف مصلحي بي��ن النظام‬ ‫األس��دي وق��وى معارض��ة س��لطوية اله��دف‬ ‫وقوى إقليمية ودولية‪.‬‬ ‫الفوضى وتغييب الحال��ة الوطنية واالخالقية‬ ‫لالنتفاض��ة الش��عبية الس��ورية كانت جس��ر‬ ‫عب��ور لتدخل ال��دول وف��رض مصالحها على‬ ‫األرض الس��ورية بتواط��ئ أس��دي ومحل��ي‬ ‫معارض‪.‬‬ ‫الوالي��ات المتح��دة األمريكي��ة‪ ،‬ه��ي أق��وى‬ ‫الالعبي��ن في رس��م وتحقيق ه��ذه الفوضى‬ ‫التدميري��ة الت��ي يقودها النظ��ام وفي خلق‬ ‫أس��باب تدخله��ا العس��كري المتصاع��د ف��ي‬ ‫سورية ومستقبلها فإيجاد مجموعات قاعدية‬ ‫كان��ت سياس��ة لتجرب��ة مضمون��ة النتائ��ج‬ ‫تكون ذريعة قوية أم��ام العالم وأمام الناخب‬ ‫االمريك��ي للقب��ول بأقصى مراح��ل التدخل‬ ‫العسكري‪.‬‬ ‫الوالي��ات المتح��دة االمريكي��ة وحت��ى ه��ذه‬ ‫اللحظ��ة تبح��ث ع��ن قواع��د اش��تباك محلية‬ ‫طائفية لحرب سنية شيعية تبشر بديمومتها‬ ‫لعشرات السنين في المنطقة‪ ،‬تفضي لوضع‬ ‫أس��س دائمة لهذا الص��راع عن طريق فرض‬ ‫دساتير محاصصات دينية طائفية اثنية تكون‬ ‫هي الضامن الستمرارها (العراق مثل واضح)‬ ‫ول��و بتدخ��ل عس��كري كلم��ا حاولت ش��عوب‬ ‫المنطقة تغيير هذه الدساتير‪.‬‬ ‫منذ ثالث سنوات‪ ،‬الواليات المتحدة االمريكية‬ ‫تبح��ث ع��ن ق��وات ومقاتلي��ن س��نة يقاتلون‬ ‫متطرفين س��نة وف��ي مرحلة متقدمة س��نة‬ ‫يقاتلوا شيعة والخطاب األمريكي واضح لمن‬ ‫يعتقد أن أوباما يقود سياسة عاجزة ومرتبكة‬ ‫في س��ورية والعراق وقد تحدث عن ذلك في‬ ‫خطاب��ه األول قبل قي��ام التحالف الدولي ضد‬ ‫تنظيم داعش اإلرهابي بشكل واضح وحدده‬ ‫قائ��د الجي��وش األمريكية بحديث��ه عن عدم‬ ‫وج��ود حلف��اء ألمريكا بين الق��وى المعارضة‬ ‫القوية على األرض السورية‪.‬‬ ‫كان م��ن الض��روري إيص��ال الس��وريين إلى‬ ‫حالة من الفقر والج��وع والحرمان عن طريق‬ ‫التغاض��ي الدول��ي ع��ن حصار ق��وات النظام‬ ‫األس��دي لمناطق سورية ثائرة وعن قصفهم‬ ‫بكل أس��لحة التدمير وتسويق عدمية الحلول‬ ‫العس��كرية وضرورة الحلول السياسية مع أن‬ ‫مجرد التلويح بضرب��ات تأديبية أمريكية أدت‬ ‫لجولة من ته��اوي النظام وفرار كبار ضباطه‬ ‫المجرمي��ن وتس��ليم ما ص��رح عن ترس��انة‬ ‫السالح الكيماوي االستراتيجية‪.‬‬ ‫كان م��ن الض��رورة السياس��ية‪ ،‬تقزي��م‬

‫�صباح‪ ،‬موت بنكهة‬ ‫الأ�سئلة الوجودية‬ ‫فرح سمّان‬

‫المعارضة الس��ورية وإفس��ادها وتعطيل أي‬ ‫أف��ق إلصالحه��ا وتفعيله��ا ف��ي الداخل وفي‬ ‫الخارج وتحويلها لمرتزقة وموظفين جاهزين‬ ‫للطاع��ة والم��زاودة على أي حل سياس��ي قد‬ ‫يخفف من الكوارث الت��ي يتحملها الصامدين‬ ‫في الداخل‪.‬‬ ‫كان م��ن األج��دى للسياس��ة األمريكي��ة قتل‬ ‫روح الثورة وفكرة أن الش��عب الس��وري يريد‬ ‫وزرع الي��أس والخيبة ب��دل األم��ل والمبادرة‬ ‫واالب��داع الوطن��ي ألنه��ا خط��ر حقيقي على‬ ‫مصال��ح أمري��كا ودول اإلقلي��م ف��كان إثقال‬ ‫الثورة بالحاجات اليومية للناس تحت الحصار‬ ‫وف��ي مخيم��ات اإلذالل في الج��وار وربط كل‬ ‫الحل��ول بسياس��ة الوالي��ات المتح��دة وكأنها‬ ‫المخلص الوحيد للش��عب الس��وري من محنه‬ ‫وتقديم جرعات تخديري��ة بدعم المجموعات‬ ‫المعارضة المعتدلة بالسالح النوعي وبتجهيز‬ ‫وتدري��ب دفع��ات م��ن خمس��ة آالف مقات��ل‬ ‫(معتدل) كل س��نة وكأن الس��وريين جميعهم‬ ‫متطرفي��ن أو أن المقاتلي��ن على األرض منذ‬ ‫ث�لاث س��نوات ال يملك��ون الق��درات القتالية‬ ‫ويكفي دليل إضعاف الجيش الحر ومحاصرته‬ ‫وسرقة سالحه في شمال سورية على حساب‬ ‫المجموعات المتطرفة وقيامه كجيش وطني‬ ‫بدي��ل لنع��رف أن سياس��ة الق��وى الدولية ال‬ ‫تهدف لنتائج وطنية سورية‪.‬‬ ‫الوالي��ات المتحدة األمريكي��ة دولة تبحث عن‬ ‫مصالحه��ا ومصالحها دائم ًا في خطر وش��يك‬ ‫عندما تكون هناك شعوب متماسكة اجتماعيًا‬ ‫وسياسيًا واقتصادي ًا‪.‬‬ ‫إن منط��ق لعبة األم��م يعتمد عل��ى التعامل‬ ‫م��ع القوى األكث��ر قوة وفاعلي��ة على األرض‬ ‫بحك��م الواقع والس��وريون ه��م وحدهم من‬ ‫يس��تطيعون أن يتحول��وا لكتل��ة متماس��كة‬ ‫صلبة عندما يسقطون كل ما يفرقهم‪ :‬نظام‬ ‫اس��تبدادي‪ ،‬معارضات مرتزق��ة‪ ،‬أمراء حرب‪،‬‬ ‫تنظيمات متطرف��ة وقاعدية‪ ،‬تدخالت أجنبية‬ ‫س��افرة‪ ،‬عندها س��تتعامل الوالي��ات المتحدة‬ ‫وبقية الدول بندية وبجدية‪.‬‬ ‫من يحقق المس��تحيل ويخرج ثائراً ضد أسوء‬ ‫نظ��ام ش��مولي دم��وي ال يعجز ع��ن تحقيق‬ ‫معادلت��ه الوطني��ة‪ ،‬نحت��اج للعق��ل والوع��ي‬ ‫االب��داع وللصب��ر وااليم��ان بالنص��ر والثق��ة‬ ‫بقدرات الشعب الس��وري وتأمين الثورة ماليًا‬ ‫وسياس��ي ًا واجتماعي��اً م��ن الداخ��ل الس��وري‬ ‫الغن��ي والمعطاء لتحقيق اس��تقاللية قصوى‬ ‫ف��ي الق��رار والقي��ادة وهذا ليس بمس��تحيل‬ ‫ومازال قائم وبمتناول اليد‪.‬‬

‫"أجمل األش��ياء هي تل��ك التي يقترحها‬ ‫الجن��ون‪ ،‬ويكتبها المنط��ق"‪ ،‬ربما تمثل‬ ‫هذه المقولة للمفكر الفرنس��ي الشهير‬ ‫"أندري��ه جيد" تأكيداً عل��ى نجاح وصية‬ ‫الش��حرورة ف��ي اقتراح أس��ئلة مجنونة‬ ‫تنتظر من المنطق أن يدونها مكره ًا‪.‬‬ ‫ربم��ا ب��ات الحديث عن جن��ازة المطربة‬ ‫اللبناني��ة "جاني��ت جرج��س فغال��ى"‬ ‫المعروف��ة بصباح أو الش��حرورة متأخراً‬ ‫قلي� ً‬ ‫لا‪ ،‬ولكن ال��كالم هنا ال ي��دور حول‬ ‫الح��دث ب��ل ح��ول م��ا وراءه‪ ،‬أي ح��ول‬ ‫التن��اول الس��طحي له��ذا الح��دث غي��ر‬ ‫المألوف ف��ي التعامل مع فك��رة الموت‪،‬‬ ‫الش��بح الخطي��ر ال��ذي ط��ارد الكائ��ن‬ ‫البش��ري الهش من��ذ البداي��ات‪ ،‬وترافق‬ ‫ذل��ك مع انتصارات س��احقة للموت على‬ ‫هذا المخلوق بشكل عام‪ ،‬فكل األدبيات‬ ‫بجالل‬ ‫البشرية التي تتناوله تتكلم عنه‬ ‫ٍ‬ ‫ورهبةٍ وخ��وفٍ‪ ،‬وأحيان ًا بذل وانكس��ار‬ ‫لك��ن ما حصل في جن��ازة الفنانة صباح‬ ‫ه��و العكس تماماً إذ اس��تطاعت توجيه‬ ‫صفع��ة مفاجئ��ة لهذا "الش��بح" بوصية‬ ‫غريبة وخارجة عن الس��ياق‪ ،‬جنازة من‬ ‫حيث الح��دث وعرس من حيث الحيثيات‪،‬‬ ‫األمر الذي جعل بوصلة المشاعر تختلط‬ ‫عن��د مش��يعيها‪ ،‬فم��ن راقبه��م الح��ظ‬ ‫بوضوح التناق��ض في تعابير وجوههم‬ ‫األمر ال��ذي أخرج الحدث "التش��ييع" من‬ ‫إط��اره التقلي��دي ليضعه ف��ي إطار آخر‬ ‫يتمث��ل ف��ي االكتش��اف والتفكي��ر‪ ،‬وما‬ ‫زاد الطي��ن بل��ة أن ما يح��دث هو تنفيذ‬ ‫لوصية محبوبته��م التي يودعون‪ ،‬وهنا‬ ‫ب��دأت اللعب��ة‪ ،‬لعب��ة غريب��ة بعبثيته��ا‬ ‫وبقدرتها على تحري��ض الذهن وطرح‬ ‫التس��اؤالت الوجودية عن نهاية اإلنسان‬ ‫في هذه الحي��اة‪ ،‬األمر الذي حول الحدث‬ ‫إل��ى معالج��ة جدي��دة وناجح��ة لفك��رة‬ ‫الم��وت رغم كل ما أثاره م��ن انتقادات‪،‬‬ ‫وم��ن كان يتاب��ع المس��يرة الفنية لهذه‬ ‫النجم��ة ي��درك ب��أن ما حصل ل��م يكن‬ ‫ن��زوة من ن��زوات الفنانين‪ ،‬ب��ل طبيعة‬ ‫ميزت هذه اإلنس��انة‪ ،‬فال��ذكاء الممزوج‬ ‫بن��وع من العبثي��ة والش��قاوة جعل من‬ ‫صباح ال��ذات "كحياة ش��خصية" وصباح‬ ‫الموضوع "فنانة ذات تاريخ فني عريق‪،‬‬ ‫لها ‪ 83‬فيل��م بين مصري ولبناني‪ ،‬و‪27‬‬ ‫مس��رحية لبنانية‪ ،‬وما يزي��د عن ‪3000‬‬ ‫أغنية بي��ن مصري ولبنان��ي" ومع كبار‬ ‫مبدع��ي الوط��ن العرب��ي لحن�� ًا وتمثي ً‬ ‫ال‬ ‫وغنا ًء " عالمة فارقة اس��تطاعت بامتياز‬ ‫أن تكون نسيجَ وحدها فع ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫فهل ينج��ح المنطق بلباس��ه الرس��مي‬ ‫وقوالبه األكاديمي��ة الجامدة في تدوين‬ ‫درس الشحرورة‪ ،‬في محاوالتها الجريئة‬ ‫لحد الجنون في جعل حياة اإلنسان رحلة‬ ‫أقل قلق ًا وأكثر جما ً‬ ‫ال‪.‬‬


‫�أبو الأغنية ال�شعبية‪ :‬عبد الفتاح �سكر ‪2008 - 1930‬‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫نص للش��اعر الغنائي «عمر حلب��ي» «غنيلي‬ ‫ي��ا بلبل» لتغني��ه المطربة الراحل��ة «كروان»‬ ‫وحققت األغنية نجاحاً كبيراً‪.‬‬ ‫عام ‪ 1951‬كان س��كر على موعد مع الس��يدة‬ ‫فيروز إذ قام بتلحين بعض االسكتش��ات كان‬ ‫من أبرزها «أغنية الحصاد»‪ ،‬وفي العام نفسه‬ ‫كلفه الكبير «حكمت محسن» بوضع الموسيقا‬ ‫التصويرية لمسلسل «الس��ندباد البحري» مع‬ ‫تلحي��ن كاف��ة أغاني��ه‪ ،‬وأذي��ع المسلس��ل في‬ ‫ش��هر رمضان م��ن ع��ام ‪ 1952‬ونال ش��عبية‬ ‫كبيرة‪ ،‬وبخاصة األغاني والموسيقا التي لفتت‬ ‫األنظ��ار إلى الفنان ال��ذي كان يتقدم من وراء‬ ‫ألحانه بخطوات واثقة‪.‬‬ ‫عام ‪ 1954‬نقل تعسفيًا للعمل في إذاعة حلب‬ ‫فالت��زم بقرار اإلدارة وانتقل إل��ى حلب تزامنًا‬ ‫مع االحتف��ال بجر مي��اه الفرات إل��ى المدينة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فطل��ب من��ه التحضي��ر لحف��ل غنائ��ي كبير‪،‬‬ ‫ليقدم بهذه المناس��بة أمام رئيس الجمهورية‬ ‫المرحوم شكري القوتلي الذي سيدشن رسميًا‬ ‫«ج��ر مي��اه الف��رات إل��ى حل��ب» وكان يرافق‬ ‫رئيس الجمهورية باإلضافة إلى الش��خصيات‬ ‫الرس��مية‪ ،‬راع��ي الفناني��ن الزعي��م الوطني‬ ‫فخ��ري الب��ارودي‪ ،‬والذي نظ��م خصيصًا لهذه‬ ‫المناس��بة بعض األغنيات الزجلية منها أغنية‬ ‫«يا أه��ل الحي اجتنا الم��ي»‪ .‬ونجح المهرجان‬ ‫الغنائي نجاحًا متميزاً جعل رئيس الجمهورية‬ ‫يطل��ب عب��د الفت��اح س��كر ش��خصياً لتهنئته‬ ‫وخ�لال اللق��اء‪ ،‬وبمب��ادرة من الب��ارودي اطلع‬ ‫الرئي��س على تظلم عبد الفتاح س��كر‪ ،‬فطلب‬ ‫من��ه مرافقة الوفد الذي يصحبه إلى دمش��ق‪،‬‬ ‫ث��م أمر بعودت��ه للعمل في إذاعة دمش��ق إذا‬ ‫ل��م يكن قد نقل منها ألس��باب تخ��ل بواجبات‬ ‫الوظيفة التي يشغلها‪.‬‬ ‫عام ‪ 1958‬ومع قيام الوحدة بين مصر وسوريا‬ ‫أعطى لحنه الش��هير لألغنية التي نظمها أنور‬ ‫الباب��ا بعنوان «زغ��رودة الوح��دة» والذي أتى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فني��ة ثرية تعبر عن ف��رح الناس يومها‬ ‫لوحة‬ ‫بالوح��دة‪ ،‬وعرضت في ليالي أض��واء المدينة‬ ‫ف��ي القاهرة ودمش��ق وحلب‪ ،‬وف��ي احتفاالت‬ ‫الوح��دة أيض��اً قدم لحن��اً للمطرب��ة المصرية‬ ‫هيام عبد العزيز أغنية «هذا اليوم المشهود»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مرحلة جديدة في حياة سكر‬ ‫شكل عام ‪1960‬‬ ‫حين ش��كل مع المطرب فهد ب�لان ثنائياً فنياً‪،‬‬ ‫حقق ش��هر ًة فاقت كل التوقعات من خالل أول‬ ‫أغني��ة وهي األغنية الش��هيرة «لركب حدك يا‬ ‫المات��ور»‪ ،‬لتتوالى بعدها األلح��ان والنجاحات‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫م��ن منا ال يذكر أغنية «لركب حدك يالموتور»‬ ‫للراحل فه��د بالن وأغنيات «الزرعلك بس��تان‬ ‫ورود»‪ ،‬و»تعب المش��وار» للراحل فؤاد غازي‪،‬‬ ‫أو الموس��يقى التصويرية للمسلس��ل األشهر‬ ‫في الس��تينات «صح الن��وم»‪ ،‬إال أن ً‬ ‫قلة تذكر‬ ‫أن ه��ذه اإلبداعات هي من صنيعة الكبير عبد‬ ‫الفتاح سكر‪.‬‬ ‫عب��د الفتاح س��كر ال��ذي أمضى عم��ره ينبش‬ ‫في ذاكرة ووج��دان الجماهير العربية األصالة‬ ‫ويحييها في نغمات موس��يقية شرقية مفعمة‬ ‫باإلحس��اس والبس��اطة‪ ،‬اب��ن ح��ي المي��دان‬ ‫الدمش��قي العتي��ق‪ ،‬ال��ذي م��ن خالل��ه عاش‬ ‫تفاصيل الحياة الش��عبية اليومية في دمشق‪،‬‬ ‫واس��تطاع م��ن خ�لال ألحان��ه تحقيق ش��هرة‬ ‫للعديد من المطربين السوريين والذين وصل‬ ‫نجاحهم إلى كافة الدول العربية‪ ،‬ليضع أساسًا‬ ‫لألغنية السورية التي باتت تحتضر مؤخراً‪.‬‬ ‫ول��د عبد الفتاح س��كر ف��ي حي المي��دان عام‬ ‫‪ 1930‬ألس��رة تحت��رف التج��ارة وتق��در الفن‪،‬‬ ‫وكان أول عه��ده مع اللحن مع ع��ود أبيه الذي‬ ‫كان يختلسه ليرنم عليه ألحاناً لسيد درويش‬ ‫ومحم��د عثمان التي حفظها مبكراً‪ ،‬بحيث كان‬ ‫اللح��ن وش��قيقه ع��ازف الكمان وهيب س��كر‬ ‫رفاق دربه‪.‬‬ ‫عمل بالتجارة أسو ًة بأسرته كما انتسب لنادي‬ ‫ه��او‪ ،‬وفي عام ‪1946‬‬ ‫كمطرب‬ ‫االتح��اد الفني‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫توج��ه بتجارت��ه إل��ى األردن وهن��اك اس��تمع‬ ‫إلي��ه مصادف��ة مط��رب اإلذاعة الفلس��طينية‬ ‫مصطف��ى المحتس��ب وهو يغن��ي لحن محمد‬ ‫القصبجي «يا طيور» للسيدة أسمهان‪ ،‬فأعجب‬ ‫به وس��أله فيما إذا كان على استعداد الحتراف‬ ‫الغناء‪ ،‬رد سكر باإليجاب‪.‬‬ ‫بع��د عدة أي��ام تلقى دعو ًة رس��مية من إذاعة‬ ‫الق��دس الجتي��از اختب��ار األداء أم��ام اللجن��ة‬ ‫الفاحص��ة الت��ي يرجع إليها اختي��ار المطربين‬ ‫من الهواة‪ .‬وهكذا س��افر إلى فلسطين‪ ،‬ومثل‬ ‫أم��ام اللجن��ة الفاحص��ة المكون��ة م��ن عازف‬ ‫الكم��ان المع��روف فاضل الش��وا ش��قيق أمير‬ ‫الكمان سامي الشوا والمطرب روحي الخماش‬ ‫والموس��يقي يحيى الس��عودي وغن��ى أمامها‬ ‫أغني��ة محم��د عبد الوه��اب الش��هيرة «يا ورد‬ ‫من يش��تريك» التي تتطل��ب براعة خاصة في‬ ‫األداء‪ ،‬فنجح بتفوق‪ ،‬ليغدو مطرباً معتمداً في‬ ‫إذاع��ة القدس براتب ش��هري ال يزيد عن اثني‬ ‫عشر جنيهًا‪.‬‬ ‫صبيحة العاش��ر من أيار من العام نفس��ه كان‬ ‫محمو ً‬ ‫ال مع جمع من الناس في عربة بريطانية‬ ‫مصفح��ة‪ ،‬توجهت به��م إلى جس��ر «اللنبي»‬ ‫فألقت بهم هناك‪ ،‬بعد أن صدر قرار التقسيم‬ ‫عن هيئة األمم المتح��دة بتكوين دولتين في‬ ‫فلس��طين‪ ،‬وتحدي��د موعد النس��حاب القوات‬ ‫البريطانية منها‪ ،‬مما دفع السلطة البريطانية‬ ‫إلى طرد كل العرب من غير الفلسطينيين إلى‬ ‫أق��رب نقطة للح��دود‪ ،‬وكان عبد الفتاح س��كر‬ ‫واحداً من هؤالء‪.‬‬ ‫ع��اد إلى دمش��ق ليب��دأ مس��يرته الفنية حيث‬ ‫التح��ق بكورال إذاعة دمش��ق‪ ،‬وأع��اد بصوته‬ ‫بعض األغنيات التي سجلها في إذاعة القدس‬ ‫كأغنية «ش��دو البالبل عالغصون» وأغنية «إن‬ ‫كنت ناس��ي»‪ ،‬وق��د لفتت ألحانه لنفس��ه نظر‬ ‫الموس��يقي الراحل «ش��فيق ش��بيب» رئيس‬ ‫دائرة الموس��يقا في اإلذاع��ة والذي طلب منه‬ ‫أن يلحن لغيره م��ن المطربين فكلفه بتلحين‬

‫«جس الطبيب ليّ نبضي»‪« ،‬يا بنات المكال»‪،‬‬ ‫«ش��فتا أن��ا ش��فتا»‪« ،‬وتح��ت التفاح��ة»‪« ،‬يا‬ ‫سالمة»‪« ،‬واشرح لها»‪.‬‬ ‫استقال عبد الفتاح سكر من عمله في اإلذاعة‬ ‫السورية عام ‪ ،1962‬وتوجه بصحبة بالن إلى‬ ‫القاهرة زمن عمالق��ة الفن في مصر‪ ،‬وتنقال‬ ‫بي��ن األقط��ار العربي��ة حاصدين النج��اح تلو‬ ‫النج��اح في لبن��ان والعراق وتون��س والجزائر‬ ‫وليبيا والمغ��رب واألردن واإلم��ارات‪ ،‬وبالرغم‬ ‫م��ن أن ب� ّ‬ ‫لان أخ��ذ ألحانًا م��ن كب��ار الملحنين‬ ‫العرب أمثال «س��يد مكاوي‪ ،‬بليغ حمدي‪ ،‬فريد‬ ‫األط��رش» إال أن ثنائي��ة ب�لان س��كر بقي��ت‬ ‫ظاهر ًة في تاريخ الفن العربي‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1965‬ع��اد س��كر إل��ى دمش��ق ليتبن��ى‬ ‫ً‬ ‫موهبة جديدة‪« ،‬موف��ق بهجت» وولدت ألحان‬ ‫«بابوري راي��ح»‪ ،‬و»يا صبح��ة»‪ ،‬و»تعا جاي»‪،‬‬ ‫وضعت��ه عل��ى خارط��ة الغن��اء العرب��ي إال أن‬ ‫ألس��باب ش��خصية‪ ،‬ومع‬ ‫نجاح��ه ل��م يس��تمر‬ ‫ٍ‬ ‫نكس��ة ع��ام ‪ 1967‬تفاع��ل عبد الفتاح س��كر‬ ‫مع األل��م العربي‪ ،‬فق��دم لفهد ب�لان األغنية‬ ‫الوطنية «صح يا رج��ال»‪ ،‬والتي رددها الناس‬ ‫من المحيط للخليج‪.‬‬ ‫عام ‪ 1969‬انفصمت عرى ش��راكة س��كر بالن‬ ‫كون األخير اختار االس��تقرار ف��ي مصر نهائيًا‬ ‫واالبتع��اد ع��ن األغنية الت��ي كانت س��بباً في‬ ‫ش��هرته عربياً‪ ،‬عاد س��كر بعدها للموس��يقى‬ ‫التصويري��ة م��ن خ�لال مسلس�لات «وي��ن‬ ‫الغلط»‪« ،‬وادي المس��ك» ومس��رحية «ضيعة‬ ‫تشرين»‪.‬‬ ‫في بداية الس��بعينات قدم سكر إحدى روائعه‬ ‫«بتاخدن��ي األي��ام» وه��ي في األص��ل أغنية‬ ‫لش��اعر مصري طلب محمد عب��د المطلب من‬ ‫س��كر تلحينه��ا‪ ،‬فاعت��ذر ع��ن تلحينه��ا كونها‬ ‫باللهج��ة المصري��ة‪ ،‬والمصري��ون أج��در منه‬ ‫بتلحينها‪ ،‬إال أنه ومع إصرار المطرب محمد عبد‬ ‫المطلب تمت إعادة صياغتها من قبل الش��اعر‬ ‫السوري «عيسى أيوب» وكتبها بطريقة أقرب‬ ‫للهجة السورية‪ ،‬ولحنها عبد الفتاح لتبقى في‬ ‫ذاكرة األغنية السورية‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1975‬تعاق��د مع��ه التلفزي��ون الليب��ي‬ ‫لوضع موسيقا لمسلسل تلفزيوني يتألف من‬ ‫خمس عشرة حلقة بعنوان «الشعب المسلح»‪،‬‬ ‫وقد تم تس��جيل موس��يقا هذا المسلسل في‬ ‫استديوهات لندن‪.‬‬ ‫ع��اد بعده��ا إل��ى دمش��ق رئيس��اً للدائ��رة‬ ‫الموس��يقية ف��ي اإلذاع��ة‪ ،‬إال أن س��كر وعلى‬ ‫الرغ��م م��ن نجاحات��ه بق��ي يبحث ع��ن بديل‬ ‫يعيد ألق ثنائيته مع فهد بالن‪ ،‬فقدم المطرب‬ ‫«ذياب مش��هور» في أغني��ة «يابو ردين»‪ ،‬في‬ ‫أوائ��ل الثمانيني��ات اكتش��ف ف��ؤاد غ��ازي من‬ ‫خ�لال األغني��ة الش��هيرة «الزرعل��ك بس��تان‬ ‫ورود» أتبعها بألحان أُخرى مثل «ما ودعوني»‬ ‫و»بعدك يا هوانا»‪ ،‬وفي التسعينات شارك في‬ ‫برنامج الكتش��اف المواهب الغنائية لم يكتب‬ ‫له النجاح‪.‬‬ ‫في ‪ 20‬كانون األول من عام ‪ 2008‬رحل سكر‬ ‫وانقض��ى مع��ه زمنٌ للح��ن واألصال��ة‪ ،‬بقي‬ ‫على ألس��نة الثالثي األندلسي وثالثي الطرب‬ ‫ودالل الش��مالي ون��ور اله��دى وصب��اح ونجاح‬ ‫س�لام وسمير حلمي ومصطفى نصري ورابح‬ ‫درياس��ة وهيام يونس ومحمد رشدي ومحمد‬ ‫عب��د المطل��ب وفه��د ب�لان والس��يدة في��روز‬ ‫والكثير مما ال يسعنا ذكرهم‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫يا�سني احلاج �صالح‪ :‬ال�سري على قدم واحدة‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫بهذه العبارة ختم صالح الس��ير على قدم‬ ‫ٍ‬ ‫واح��دة‪« :‬إنه تاريخ جديد ه��ذا الذي يبدو‬ ‫أن س��ورية تقب��ل علي��ه‪ ،‬يط��رح أس��ئلة‬ ‫صعب��ة ليس له��ا إجاب��ات مضمونة‪ ،‬هذا‬ ‫الش��رط هو أحد معاني الحرية‪ :‬كثير من‬ ‫األسئلة والمش��كالت‪ ،‬وقليل من اإلجابات‬ ‫واألوضاع المس��تقرة‪ ،‬وكثير من الخيارات‬ ‫والحي��رة‪ ،‬وقليل من اليقي��ن‪ ،‬واألرجح أن‬ ‫وقتاً س��يمضي قبل االهتداء إلى توازنات‬ ‫فكرية واجتماعية ومؤسسية مناسبة»‪.‬‬ ‫وه��و من وصف الث��ورة بالرغم من ألمها‬ ‫وخطورته��ا وغي��اب أي ضمان��ة لنتائجها‬ ‫بأنه��ا أعط��ت معن��ى لحياتنا‪ ،‬فه��ي التي‬ ‫صان��ت كرام��ة الس��وريّين‪ ،‬وه��ي ف��ي‬ ‫س��بيلها إلى طيّ صفحة األبد األس��ديّ‪،‬‬ ‫وإعادة البلد إل��ى التاريخ‪ .‬تاريخ صراعيّ‬ ‫وش��اقّ ج��داً‪ ،‬ب�لا ضمان��ات للراح��ة أو‬ ‫االس��تقرار على أوض��اع موافق��ة لتحرّر‬ ‫األكثرية في وقت قري��ب‪ .‬أمامنا تحدّيات‬ ‫جديدة‪ ،‬وس��يلزم أن نصون كرامة الثورة‬ ‫باالعت��راض عل��ى ق��وى الع��دوان م��ن‬ ‫داخله��ا‪ ،‬ه��ذه عل��ى ّ‬ ‫كل حال مس��ؤولية‬ ‫السوريّين العامّة‪ .‬إذا أحنينا ظهورنا فلن‬ ‫يتأخّر الوقت على ظه��ور ممتطين جدد‪،‬‬ ‫هم يتهيّؤون منذ اآلن‪.‬‬ ‫والس��ير على قدم واحدة ه��و المثابرة على‬ ‫ٍ‬ ‫الجمع بي��ن التحري��ر االقتصادي والتس��لط‬ ‫ً‬ ‫وصف��ة لالنفج��ار‬ ‫السياس��ي‪ ،‬بوصف��ه‬ ‫االجتماع��ي‪ ،‬وه��ي عبرة يس��تخلصها المرء‬ ‫من أحوال بلدانٍ سبقتنا على هذا الدرب‪ ،‬وال‬ ‫اعتداد بخصوصيةٍ سورية في هذا المجال‪.‬‬ ‫كتابنا اليوم الصادر عام ‪ 2012‬قراءة نقدية‬ ‫ألوجه خمس��ة للش��أن السياس��ي الس��وري‬ ‫موزعة على خمس��ة أقس��ام‪ ،‬أوله��ا النظام‬ ‫السياسي ونمط ممارسة السلطة في البلد‪،‬‬ ‫فتاري��خ س��وريا بحس��ب صالح يب��دو تاريخ ًا‬ ‫لإليديولوجيات والعسكر والسلطة‪ ،‬ال تاريخ ًا‬ ‫للثقاف��ة واالقتص��اد والمدين��ة‪ ،‬وف��ي غياب‬ ‫الثقاف��ة والمدين��ة يع��ود المجتمع الس��وري‬ ‫إل��ى انتماءات��ه البدائي��ة‪ ،‬فاألك��راد يخافون‬ ‫من الع��رب الحاكمين‪ ،‬ويرت��اب العرب بنيات‬ ‫األكراد‪ ،‬ويخاف المس��يحيون من المسلمين‪،‬‬ ‫ويرت��اب المس��لمون بالمس��يحيين‪ ،‬ويخ��اف‬ ‫السنيون من قوة العلويين‪ ،‬ويرتاب العلويون‬ ‫من رغبة السنة في اإلطاحة بموقع العلويين‬ ‫وإعادتهم إلى زمن الفقر والهامشية‪.‬‬ ‫ويؤك��د المؤل��ف أن أزمة الثقة هذه ليس��ت‬ ‫ناجمة عن التعدد االثني والديني والمذهبي‬ ‫للمجتم��ع الس��وري‪ ،‬بق��در م��ا ه��ي ثم��رة‬ ‫التنظي��م االجتماع��ي السياس��ي المف��رط‬ ‫األحادي الجانب من قبل السلطة‪.‬‬ ‫«يمك��ن الق��ول إن حافظ األس��د ه��و باني‬ ‫س��ورية الحديث��ة‪ ،‬ويقص��د هن��ا الدول��ة‬ ‫بالمعن��ى الجه��ازي والعرف��ي‪ ،‬تميي��زاً ع��ن‬ ‫الطابع المؤسس��ي والقانوني‪ ،‬فدولة األسد‬ ‫عانت من تناقض عميق بين اتساع قاعدتها‬ ‫االجتماعي��ة وضي��ق ركائزه��ا الفئوية‪ ،‬بين‬ ‫ديمقراطيتها االجتماعية واستبداد ممارستها‬ ‫للس��لطة‪ ،‬وبي��ن وطنيته��ا االس��تقاللية‬

‫وانكارها استقالل المواطنين وحرياتهم»‪.‬‬ ‫يعتني القس��م الثاني بالتحوالت االجتماعية‬ ‫واالقتصادي��ة الت��ي ط��رأت عل��ى المجتم��ع‬ ‫الس��وري ال س��يما ما بعد عام ‪ ،2005‬مضيئ ًا‬ ‫عل��ى تحوالت اللوح��ة االجتماعية الس��ورية‬ ‫ً‬ ‫نتيج��ة الندم��اج االقتص��اد والسياس��ة‪،‬‬ ‫فاألس��اس االجتماعي االقتص��ادي للتفاهم‬ ‫الوطن��ي يش��كو م��ن مش��كالت ال تقل عن‬ ‫تل��ك التي يعان��ي منها األس��اس االجتماعي‬ ‫الثقاف��ي واألس��اس االجتماعي السياس��ي‪،‬‬ ‫أي نظ��ام العالق��ات األهلي��ة وبني��ة النظام‬ ‫السياس��ي‪ ،‬عل��ى اعتب��ار أن اتس��اع دوائ��ر‬ ‫الفق��ر والبطال��ة والتهميش تغ��ذي النزعات‬ ‫العصبوية والجهوية والعشائرية والطائفية‬ ‫في أي مجتمع‪.‬‬ ‫كم��ا يش��ير صال��ح إل��ى مصطل��ح «العق��د‬ ‫االجتماعي الشعبوي» أحد مفرزات االستثناء‬ ‫الس��وري‪ ،‬الذي فرضه نظام األسد وبموجب‬ ‫هذا الضرب من التعاقد يفرض على السكان‬ ‫التخلي عن حقوقهم السياسية‪ ،‬بينما ينفرد‬ ‫الح��زب الحاكم بالس��لطة العمومية‪ ،‬مقابل‬ ‫تطبي��ق سياس��ات اجتماعي��ة تلب��ي مصالح‬ ‫شرائح من الطبقات الوس��طى «البرجوازية‬ ‫الصغيرة»‪.‬‬ ‫أما القس��م الثالث فيتص��ل بقضية الجوالن‬ ‫المحت��ل والتفاوض الس��وري االس��رائيلي‪،‬‬ ‫«إن اس��ترجاع الجوالن هو أكبر خدمة تؤدى‬ ‫لقضي��ة الديمقراطي��ة في س��ورية‪ ،‬بالقدر‬ ‫نفسه فإن الديمقراطية في سوريا أو عقلنة‬ ‫الحياة السياس��ية فيها هي أكب��ر جهد يبذل‬ ‫م��ن أج��ل اس��تعادة الج��والن‪ ،‬وباس��تعادته‬ ‫والتحول نح��و الديمقراطية تس��ير الوطنية‬ ‫السورية نحو استكمال مقوماتها»‪.‬‬ ‫ينش��غل القس��م الراب��ع بال��دور االقليم��ي‬ ‫الس��وري وتبدالت��ه‪ ،‬بحي��ث يرب��ط بين دور‬

‫سورية في إقليمها على اعتباره البضاعة‬ ‫األثمن الت��ي يروجها النظ��ام في خطابه‬ ‫الداخلي والخارجي‪ ،‬وبين ضرورة استعادة‬ ‫الدول��ة بمعناه��ا القانون��ي واالنس��اني‪،‬‬ ‫فاسترجاع الجوالن والسالم مع اسرائيل‪،‬‬ ‫ال يكف��ي لبناء س��ورية المس��تقبل‪ ،‬دون‬ ‫اس��ترجاع الدولة وإرس��اء السالم الوطني‬ ‫الداخل��ي‪ ،‬فس��ورية بحاج��ة إل��ى هياكل‬ ‫سياس��ية قائمة على التوسط واالعتدال‪،‬‬ ‫تثم��ر إمكانياته��ا الكثي��رة‪ ،‬وتمكنه��ا من‬ ‫االس��ترخاء ف��ي محيطها‪ ،‬وأمن س��ورية‬ ‫يحتاج قبل كل ش��يء إل��ى تصور مختلف‬ ‫لها ولدورها‪.‬‬ ‫يخص��ص المؤل��ف الفصل األخي��ر لبحث‬ ‫قضي��ة لم تل��ق اهتمام ًا كافي��اً لدى كثير‬ ‫م��ن الكت��اب والباحثي��ن‪ ،‬وه��ي مس��ألة‬ ‫الهوي��ة الوطني��ة الس��ورية وتطوره��ا‪،‬‬ ‫تحت عن��وان تأمالت في أح��وال الوطنية‬ ‫الس��ورية وتحوالتها يقول‪« :‬كان لتمادي‬ ‫عهد الرئيس حافظ األس��د عق��وداً ثالثة‬ ‫مفع��والن متعارض��ان عل��ى الكياني��ة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬فمن جهة ارتكزت أيديولوجية‬ ‫النظام المش��رعة على العقي��دة القومية‬ ‫الت��ي تنك��ر ش��رعية الكي��ان الس��وري‬ ‫لمصلحة كيان عربي موسع‪ ،‬ومن جهة ثانية‬ ‫وفر الدوام ذلك اس��تقراراً وتماس��كاً للكيان‬ ‫الس��وري وجع��ل من��ه ركيزة تماه مس��تقل‬ ‫نس��بياً ونمى ألفة الس��وريين ب��ه وبرموزه‪،‬‬ ‫وكان يح��د من ذلك أن الرمز األكبر لس��وريا‬ ‫هو رئيسها نفسه أكثر من العقيدة القومية‬ ‫ذاتها‪.‬‬ ‫كان��ت الهوية العربية ف��ي الصيغة القومية‬ ‫البعثي��ة تتعرض للتآكل بفعل افتقارها إلى‬ ‫آليات تماه فعالة تخدمها وتغذيها‪ ،‬وبالمقابل‬ ‫كان التماهي بالكيان السوري ضعيفا بسبب‬ ‫تكوين النظام وتمحوره حول رئيسه‪ ،‬ولذلك‬ ‫ل��م تتكون هوية س��ورية واضح��ة المعالم‪،‬‬ ‫يمك��ن رب��ط العروب��ة القومي��ة بالوح��دة‬ ‫العربي��ة واس��ترجاع فلس��طين‪ ،‬ولك��ن بما‬ ‫يمكن ربط س��وريا غير كونه��ا ركيزة حكم‬ ‫رئيس��ها‪ ،‬ليس��ت هن��اك قي��م واضح��ة في‬ ‫ه��ذا المجال غي��ر تلك التي تتص��ل بتفاني‬ ‫قلب العروب��ة النابض ف��ي دوره اإلقليمي‪..‬‬ ‫التوظيف اإليجاب��ي ينصرف إما إلى العروبة‬ ‫المفرط��ة التجريد‪ ،‬أو إل��ى الرئيس المفرط‬ ‫التشخص»‪.‬‬ ‫ف��ي ختام الكت��اب ينفتح صالح عل��ى الثورة‬ ‫ذاته��ا بع��د س��ردٍ للكثير م��ن العناصر التي‬ ‫تفضي لفهم األوضاع الس��ورية قبل الثورة‬ ‫فالثورة السورية ليست ثور ًة سياسية فقط‪،‬‬ ‫إنه��ا ث��ورة العام��ة‪ ،‬التي تس��عى إل��ى قلب‬ ‫النظ��ام االجتماعي القائم‪ ،‬وفي المركز منه‬ ‫النظام السياس��ي كونه بؤرة العنف والنهب‬ ‫الع��ام‪ ،‬والح��ارس األمي��ن ألوضاع تس��تفيد‬ ‫منها ش��رائح أوس��ع م��ن المنتفعي��ن الذين‬ ‫يوح��د بينه��م أنه��م ال يعمل��ون‪ ،‬أو يجنون‬ ‫مكاس��ب كبيرة من مشاريع وأعمال ينالونها‬ ‫عبر االمتياز والوالء‪.‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫املواطنة التنظيمية «الوظيفية»‬

‫تعريف املواطنة التنظيمية‬

‫املواطنة التنظيمية ومكافحة الف�ساد‬

‫تعريف الفس��اد‪ :‬هناك توجهات متنوعة في‬ ‫تعريف الفس��اد فهناك من يعرفه بأنه وهو‬ ‫خروج عن القانون والنظام‪ ،‬أي عدم االلتزام‬ ‫بهما أو اس��تغالل غيابهما م��ن أجل تحقيق‬ ‫مصالح سياس��ية أو اقتصادي��ة أو اجتماعية‬ ‫للفرد أو لجماعة معينة‪ ،‬فهو س��لوك يخالف‬ ‫الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا إلى‬ ‫تحقيق مكاس��ب خاص��ة مادي��ة أو معنوية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫يعرف «‪ »Chien‬سلوك المواطنة التنظيمية‬ ‫بأنه‪« :‬تصرف الف��رد التطوعي واالختياري‪،‬‬ ‫والذي ال ين��درج ضمن الوصف الوظيفي‪ ،‬أو‬ ‫ضمن التعليمات وعقد العمل‪ ،‬أو تحت نظام‬ ‫الحوافز الرسمي في المنظمة‪ ،‬والهادف إلى‬ ‫تحقي��ق أه��داف المنظمة‪ ،‬وزي��ادة فعاليتها‬ ‫وكفاءتها»‪.‬‬ ‫كما يعرف��ه «‪ »Smith‬بأنه‪« :‬نش��اط فردي‬ ‫اختي��اري‪ ،‬يتس��م بطاب��ع الطواعي��ة‪ ،‬فه��و‬ ‫يتع��دى إطار الواجب��ات الرس��مية المحددة‪،‬‬ ‫ويتضم��ن رم��وز وإش��ارات تحم��ل معان��ي‬ ‫إيثاري��ة أو تعاوني��ة‪ ،‬ال يتطلبه��ا التوصيف‬ ‫الوظيف��ي الرس��مي للتنظي��م‪ ،‬وبالتال��ي ال‬ ‫يترتب عليه أي مكافأة أو عقاب»‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫يحدثن��ا التاري��خ ع��ن مباه��اة هومي��روس‬ ‫في ش��عره بزيوس إله العدال��ة‪ ،‬فيصور أن‬ ‫القان��ون ص��ادر على يد المل��وك بوحي من‬ ‫زيوس‪ ،‬أي أن القانون هو تجس��يد ألس��مى‬ ‫معان��ي العدال��ة‪ ،‬ألن��ه تعبير ع��ن إرادة إله‬ ‫العدال��ة‪ ،‬فه��و عن��وان للنظ��ام ألن��ه ج��اء‬ ‫إلرس��اء كيان المجتمع‪ ،‬ف��ي يومنا هذا ومع‬ ‫تراك��م التطورات االقتصادي��ة واالجتماعية‬ ‫الس��ريعة والمتالحق��ة‪ ،‬إل��ى جان��ب س��عي‬ ‫المؤسسات االقتصادية لالستمرار‪ ،‬وتحقيق‬ ‫أعلى العوائ��د‪ ،‬ازدادت الحاجة إليجاد قواعد‬ ‫جديدة للسلوكيات التنظيمية وبرز مصطلح‬ ‫المواطنة التنظيمية الذي بات عنوان البحث‬ ‫لدوائر صنع الق��رار االقتصادي واالجتماعي‬ ‫ف��ي الغرب‪ ،‬نظ��راً لعالقت��ه الوطي��دة بأداء‬ ‫المؤسس��ات‪ ،‬ولالس��تفادة من��ه م��ن قب��ل‬ ‫اإلدارات لتوجيه السلوك التنظيمي‪.‬‬ ‫وبم��ا أن المواطنة مجموع��ة قيم لمنظومة‬ ‫الواجبات والحقوق في بقعة مولد االنسان‪،‬‬ ‫رغم التنوع القومي والمذهبي المنس��جمة‬ ‫مع طبيع��ة العادات واللغة والتأريخ‪ ،‬وتتضح‬ ‫كمفه��وم للعالق��ة المتبادلة بي��ن المنفعة‬ ‫العائ��دة للف��رد م��ن الم��وروث الوطن��ي‬ ‫والواجب��ات الحقيقي��ة ف��ي صيان��ة ث��روات‬ ‫البالد والحفاظ على المال العام والمساهمة‬ ‫في حماي��ة النظ��ام‪ ،‬من هنا يمك��ن اعتبار‬ ‫المواطن��ة التنظيمي��ة نموذج�� ًا وظيفي�� ًا أو‬ ‫عمالني�� ًا للمواطنة بمفهومها العام‪ ،‬انطالق ًا‬ ‫من كونها س��لوك ًا تطوعي ًا يرتب��ط بالعديد‬ ‫م��ن المح��ددات األساس��ية‪ ،‬والت��ي عل��ى‬ ‫رأس��ها الرضا الوظيفي أي الحالة العاطفية‬ ‫اإليجابي��ة الناتج��ة ع��ن تقيي��م الفرد‬ ‫لعمله‪ ،‬س��واء فيما يتعلق بالمزايا التي‬ ‫يحص��ل عليها‪ ،‬أو أس��لوب القي��ادة‪ ،‬أو‬ ‫زمالء العمل‪ ،‬أو المناخ العام‪ ،‬وااللتزام‬ ‫الوظيف��ي‪ ،‬والعدال��ة التنظيمي��ة التي‬ ‫تعني عدالة التوزيع‪ ،‬وعدالة اإلجراءات‪،‬‬ ‫وعدال��ة التعامالت‪ ،‬وهذه األبعاد تبقى‬ ‫مترابطة ومتداخلة‪ ،‬وتؤدي في النهاية‬ ‫إلى مدى إحس��اس الموظفين بالعدالة‬ ‫التنظيمية في منظمة العمل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إضافة للدوافع الذاتية‬ ‫والقيادة االدارية‬ ‫والثقاف��ة التنظيمي��ة تأت��ي من خالل‬ ‫مدى تش��جيعها‪ ،‬أو رفضه��ا لمثل هذا‬ ‫النوع من السلوك‪ ،‬فإذا كان السائد في‬ ‫ً‬ ‫أنماطا‬ ‫المنظمة أن يمارس الموظفون‬ ‫من الس��لوكيات التطوعية‪ ،‬ويشجعون‬ ‫عل��ى القي��ام بذل��ك‪ ،‬فإن جمي��ع أفراد‬ ‫المنظم��ة س��يتأثرون بذل��ك‪ ،‬بش��كل‬ ‫ينعكس على سلوكهم وأفعالهم‪.‬‬ ‫وي��رى الباحث��ون في مج��ال المواطنة‬ ‫التنظيمي��ة‪ ،‬أن له��ا أهمي��ة كبيرة في‬ ‫األداء الكلي ألي مؤسس��ة اقتصادية أو‬ ‫منظمة غير ربحية من خالل‪:‬‬ ‫‪ .1‬م��د اإلدارة بوس��ائل للتفاع��ل بين‬ ‫األف��راد داخل المنظمة مم��ا يؤدي إلى‬ ‫زيادة النتائج اإلجمالية المحققة‪.‬‬

‫‪ .2‬كما يؤدي إلى تحقيق أهداف المؤسس��ة‬ ‫في االس��تمرار وتعويض أي عجز‪ ،‬اس��تناداً‬ ‫ل�لأدوار اإلضافي��ة الت��ي تنب��ع من س��لوك‬ ‫المواطنة التنظيمية التطوعي‪ ،‬والذي يس��د‬ ‫أي نقص في أداء المؤسسة‪.‬‬

‫وهناك اتفاق دولي على تعريف الفساد كما‬ ‫حددت��ه «منظمة الش��فافية الدولي��ة» بأنه‬ ‫«كل عمل يتضمن س��وء استخدام المنصب‬ ‫العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفس��ه‬ ‫أو جماعت��ه»‪ ،‬وبش��كل ع��ام وبالنتيجة فإن‬ ‫الفس��اد يؤدي إلى إلح��اق الضرر بالمصلحة‬ ‫العام��ة‪ ،‬كم��ا يعرف��ه معج��م أوكس��فورد‬ ‫اإلنكلي��زي بأنه «انح��راف أو تدمير النزاهة‬ ‫ف��ي أداء الوظائف العامة من خالل الرش��وة‬ ‫والمحاباة»‪.‬‬ ‫هذا وتتعدد مظاهر وصور الفساد وال يمكن‬ ‫حصرها بش��كل كامل ودقي��ق فهو يختلف‬ ‫باختالف الجه��ة التي تمارس��ه أو المصلحة‬ ‫التي يس��عى لتحقيقها‪ ،‬فقد يمارسه فرد أو‬ ‫جماعة أو مؤسسة خاصة أو مؤسسة رسمية‬ ‫أو أهلية‪ ،‬وقد يه��دف لتحقيق منفعة مادية‬ ‫أو مكس��ب سياس��ي أو مكس��ب اجتماع��ي‪.‬‬ ‫وق��د يكون الفس��اد ف��ردي يمارس��ه الفرد‬ ‫بمبادرة ش��خصية ودون تنسيق مع أفراد أو‬ ‫جهات اخرى‪ ،‬وقد تمارس��ه مجموعة بشكل‬ ‫منظم ومنس��ق‪ ،‬ويش��كل ذلك أخطر أنواع‬ ‫الفساد فهو يتغلغل في كافة بنيان المجتمع‬ ‫سياسي ًا واقتصادي ًا واجتماعي ًا‪.‬‬ ‫وينقس��م الفس��اد وفقاً لمرتبة من يمارسه‬ ‫إلى فساد أفقي «فساد صغير» يشمل قطاع‬ ‫الموظفين العموميين الصغار بحيث يتطلب‬ ‫إنجاز أية معاملة مهما كانت صغيرة تقديم‬ ‫رش��وة للموظف المس��ؤول‪ ،‬وفساد عمودي‬ ‫«فس��اد كبي��ر» يقوم ب��ه كبار المس��ؤولين‬ ‫ويتعل��ق بقضاي��ا اكبر من مج��رد معامالت‬ ‫إدارية يومية‪ ،‬كما يهدف إلى تحقيق مكاسب‬ ‫اكبر من مجرد رشوة صغيرة‪.‬‬ ‫وبما أن ضعف االنتماء الوطني وشيوع‬ ‫أنماط الس��لوك والتفكي��ر االجتماعية‬ ‫الس��لبية وضع��ف أجه��زة الرقابة في‬ ‫الدول��ة وع��دم اس��تقالليتها‪ ،‬وتدن��ي‬ ‫روات��ب العاملي��ن ف��ي القط��اع الع��ام‬ ‫وارتفاع مس��توى المعيشة مما يشكل‬ ‫بيئ��ة مالئمة لقي��ام بع��ض العاملين‬ ‫بالبح��ث ع��ن مص��ادر مالي��ة أخ��رى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إضاف��ة لغياب أو ع��دم االلتزام بقواعد‬ ‫العمل واإلج��راءات المكتوبة ومدونات‬ ‫الس��لوك للموظفي��ن ف��ي قطاع��ات‬ ‫العمل العام والخاص‪ ،‬تش��كل ش��رط ًا‬ ‫ذاتي ًا للفس��اد وتعميق��اً لمظاهره فإن‬ ‫المواطن��ة الوظيفية ه��ي حق وواجب‬ ‫على الجمي��ع بنا ًء عل��ى احترام حقوق‬ ‫المس��تفيدين م��ن الخدم��ات العام��ة‬ ‫وتحس��ين العمل اإلداري وتطويره في‬ ‫مختلف المفاصل‪.‬‬ ‫وتفعي��ل المواطن��ة الوظيفية وس��يلة‬ ‫لمكافحة ظاهرة الفس��اد التي تالقحت‬ ‫م��ن منظومة متكامل��ة األدوار ثقافية‬ ‫واقتصادية واجتماعية‪ ،‬والتي تش��كل‬ ‫إعاق��ة لحرك��ة االص�لاح االقتص��ادي‬ ‫والسياس��ي واالجتماعي والثقافي في‬ ‫المجتمع‪.‬‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫‪13‬‬


‫يوميــات �ســجني‬ ‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫‪1992 / 2 / 8‬‬

‫ال أع��رف إن كنت مس��تيقظاً أم نائم ًا‪ ،‬ولوال‬ ‫اللب��اس الصوفي الكثيف لم��ا فزت بالدفء‪.‬‬ ‫ذكرتن��ي بالليل��ة التي ب��ات به��ا الملك لير‬ ‫ف��ي الكهف‪ ،‬والعاصف��ة تالحقه‪ ،‬كما أصبت‬ ‫بالرش��ح‪ ،‬وبدأت أعطس‪ ،‬وبدأ أنفي يسيل‪.‬‬ ‫وق��د بقي��ت تح��ت الف��راش أقرأ ف��ي ملف‬ ‫«جهيمان» وأس��تمتع بملحمة حمروش حول‬ ‫ثورة تموز وقصته مع عبد الناصر‪.‬‬ ‫وزع��وا علين��ا فروج��اً بع��د انقط��اع اللحمة‬ ‫عش��رة أي��ام ووزعوا خب��زاً عن ثالث��ة أيام‪.‬‬ ‫تبل��غ درجات الحرارة ‪ 6‬درجات تحت الصفر‪..‬‬ ‫ب��دأت العاصفة تهدأ بع��د ثمانية أيام‪ .‬قالت‬ ‫إذاعة «إس��رائيل» إن الثلج يتساقط غداً في‬ ‫المرتفع��ات العالية‪ ،‬ومن المحتمل س��قوط‬ ‫األمطار‪ ،‬أما بعد غد فس��وف تتحسن درجات‬ ‫الحرارة‪ ،‬لكن المطر سيكون غزيراً‪.‬‬ ‫إن اإلرهاق النفس��ي حاق ب��ي طوال النهار‪،‬‬ ‫وق��د أرجعته إل��ى الطقس ال��ذي ال يجعلك‬ ‫تج��رؤ على إظه��ار يديك ف��وق البطاطين‪،‬‬ ‫تناول��ت حبتي��ن ضد الرش��ح وش��ربت كوب ًا‬ ‫من الليمون والس��كر‪ ،‬ومش��يت بين الرابعة‬ ‫والخامس��ة ونظ��رت من الش��باك فواجهني‬ ‫منظ��ر الثلج الذي كان يب��دو كأنه يبث ضو ًء‬ ‫على نور الشفق ضو ًء أشبه بلمعان الفضة‪.‬‬ ‫مر صباح ًا عليَّ جالل مس��عود من مجموعة‬ ‫المهج��ع الجديد وهو مهندس زراعي ووالده‬ ‫م��ن األصدق��اء ووالدته صديق��ة أم قصي‪.‬‬ ‫وقد قبض عليه ع��ام ‪ 1986‬كما كان يداوم‬ ‫ف��ي مرك��ز الكري��م الزراعي‪ .‬وبع��د الظهر‬ ‫جاءني ظاف��ر المعمار من مواليد ‪ 1959‬جاء‬ ‫مع اعتقاالت حزب العمل عام ‪.1987‬‬ ‫اس��توقفني تعلي��ق غس��ان س�لامة ف��ي ‪/‬‬ ‫مونت كارلو ‪ /‬حول بط��رس غالي المصري‬ ‫والعربي واألفريقي الذي ينفذ ما هو مضاد‬ ‫لمص��ر والع��رب وأفريقيا ألنه لي��س ممث ً‬ ‫ال‬ ‫لألمم المتحدة‪ ،‬بل يمثل مجلس األمن الذي‬ ‫تسيطر عليه أمريكا وإنكلترا وفرنسا‪.‬‬ ‫وكذلك ما صرح به مسؤول روسي ضد نهج‬ ‫يلسن الفوضوي االقتصادي‪ .‬وقال إنه يجب‬ ‫إع�لان حالة الطوارئ لمدة ع��ام‪ ،‬وإنه ليس‬ ‫ض��د االقتص��اد الحر‪ ،‬ولكن��ه ض��د البرامج‬ ‫الضائع��ة وغي��ر المس��ؤولة المؤدي��ة إل��ى‬ ‫الخ��راب ال إلى االقتصاد الح��ر‪ ،‬وندد بهؤالء‬ ‫الذين أهدروا الكرامة الوطنية‪.‬‬ ‫وتعليق آخر للمراسل في لبنان‪ ،‬وهو يصف‬ ‫حال��ة الخس��ائر الكبي��رة م��ن ج��رّاء الثلوج‬ ‫ال ونهاراً‬ ‫والفيضانات وأن الذين يتشدقون لي ً‬ ‫بش��د أزر لبنان‪ ،‬لم يرسلوا أية مساعدة من‬ ‫ال��دواء أو الحلي��ب والمعدات إلنقاذ عش��رات‬ ‫القرى التي تس��تغيث وترسل اإلشارات إلى‬ ‫الحكومة‪.‬‬ ‫اعتق��االت واس��عة ف��ي الس��عودية تط��ال‬ ‫المئ��ات‪ ،‬وظه��ور منش��ورات تن��دد بالحكم‬ ‫العائل��ي والعميل لألمريكان‪ ..‬جولة لرئيس‬ ‫المخابرات المركزية تش��مل سورية ومصر‬

‫والس��عودية لوضع اللمس��ات األخيرة لخطة‬ ‫غزو العراق‪ ،‬كما تتس��ع دائ��رة الصدام بين‬ ‫جبهة اإلنقاذ والحكومة الجزائرية‪.‬‬

‫‪1992 / 2 / 9‬‬

‫اعتقدت أن العاصفة تنتهي اليوم‪ ،‬ولكن بعد‬ ‫منتص��ف الليل تس��اقطت الثل��وج‪ ،‬وفوجئنا‬ ‫بع��دم فتح األب��واب‪ ،‬وأرجعنا الس��بب للبرد‬ ‫الشديد‪ .‬تفاقم الرشح وشخرت لي ً‬ ‫ال‪ .‬لم أعد‬ ‫كالكثيري��ن أهجس بإخالء الس��بيل‪ ،‬بل لم‬ ‫أعد أحي��ا أحالم يقظة م��ع زوجتي وأوالدي‪.‬‬ ‫كل ذلك بسبب الطقس العاصف‪.‬‬ ‫كن��ت أقرأ ما يرويه فتحي رضوان س��كرتير‬ ‫الح��زب الوطن��ي الجدي��د وهو ف��ي معتقل‬ ‫الهاكستب الصحراوي أثناء وقوع انقالب ‪23‬‬ ‫تموز وكان قد أمضى في المعتقل عدة أشهر‬ ‫كتب‪ « :‬حاولت اإلغفاءة‪ ،‬وهي تطيب لي بعد‬ ‫الظه��ر أيام تموز ف��ي الزنزانة المخصصة‪،‬‬ ‫ففقد الن��وم جفني لدقائ��ق‪ ،‬وفيما أنا على‬ ‫وش��ك أن أس��تغرق بالن��وم س��معت تدافع‬ ‫أق��دام عل��ى ب��اب الزنزان��ة‪ ،‬والب��اب يفتح‬ ‫بش��دة والنقيب‪ - :‬مصطف��ى كمال العياط‪،‬‬ ‫ضاب��ط معتقل‪ .‬صاحب النوب��ة‪ .‬تكاد تطفر‬ ‫من وجهه عالمات الس��رور ويعلن في صوت‬ ‫تتخلل��ه إم��ارات الف��رح‪ :‬أن المعتق��ل تلقى‬ ‫إش��ارة تلفونية من صاحب المقام الرفيع‪- :‬‬ ‫على ماهر باشا رئيس الوزراء يأمر باإلفراج‬ ‫عني ف��وراً‪ ،‬م��ع إخط��اري بأن رفعت��ه حدد‬ ‫موع��داً لمقابلتي غداً الس��بت في الس��اعة‬ ‫السادس��ة مساءاً‪ ،‬ولست أس��تطيع أن أصف‬ ‫ل��ك النبأ ووقعه في المعتق��ل النائي الواقع‬ ‫ف��ي قل��ب الصح��راء وراء حواج��ز وأس�لاك‬ ‫ش��ائكة‪ ،‬وحرس شاكي الس�لاح هذا القهر‪،‬‬ ‫وه��ذا الفرح إلخالء الس��بيل الس��جين الذي‬ ‫يق��ول أن��ه أمضى ع��دة ش��هور‪ ،‬فكيف من‬ ‫أمضى عش��ر سنوات‪ ،‬ويشير فتحي رضوان‬ ‫إلى المس��اجين الفرحين بإخالء س��بيله ألن‬

‫ذلك إيذان��اً بفتح أبوابه له��م جميعاً‪ .‬ولكن‬ ‫ه��ذه الناحية كانت خيالية‪ ،‬بل ال بد أن أذكر‬ ‫أن مس��ألة السجون كانت سهلة قبل انقالب‬ ‫يولي��و وانق�لاب ‪ 8‬آذار وانق�لاب العراق في‬ ‫تموز ‪ .1958‬كان الس��جين يدخل بش��روط‬ ‫قانونية ويخرج تبع ًا لهذه الشروط‪ ،‬أما فيما‬ ‫بعد ف��كان يدخل وال يخرج‪ .‬يدخل على ذمة‬ ‫الثورة والتي صادرت اإلنسان والرأي والحق‬ ‫والقانون‪.‬‬ ‫العاصف��ة اجتاحت أنحاء س��ورية هذا اليوم‬ ‫وأف��ادت األخبار أن المحافظات جميع ًا مهددة‬ ‫بالثل��وج وانقط��اع الط��رق‪ .‬فف��ي مدين��ة‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ارتف��ع الثلج خمس��ين س��نتيمتراً‪،‬‬ ‫وكذلك ف��ي محافظ��ة الس��ويداء‪ ،‬وهطلت‬ ‫الثل��وج في محافظ��ة درعا‪ ،‬كم��ا أن طريق‬ ‫الس��فر بين حمص ودمشق مقطوعة وإلى‬ ‫حماه كذلك‪ ،‬وكافة طرق السلمية ومصياف‬ ‫مقطوعة‪ .‬كذلك محافظات الس��احل وإدلب‪،‬‬ ‫واألمطار تجتاح الرقة‪.‬‬

‫‪1992 / 2 / 10‬‬

‫أمضين��ا ليل��ة قاس��ية‪ ،‬نخ��اف م��ن التجمد‪،‬‬ ‫أنه��ض كثي��راً للتب��ول‪ ،‬كأننا نس��كن كوخ ًا‬ ‫من الثلج في القطب الشمالي‪ .‬أخذ التشقق‬ ‫يصيب أصابعنا‪ ،‬هجم نشفان الريق‪ ،‬أطلب‬ ‫شرب السوائل كثيراً‪ ،‬ال زلت مصاباً بالرشح‪،‬‬ ‫شربت عصيراً من الليمون والبرتقال‪ .‬تقول‬ ‫األمث��ال الش��عبية‪ :‬الب��رد س��بب كل عل��ة‪،‬‬ ‫والبرد قاتول‪ .‬لقد كانت درجة الحرارة الليلة‬ ‫الماضي��ة ‪ 10‬تح��ت الصف��ر‪ ،‬وس��معت من‬ ‫إذاعة دمش��ق أن س��هل الغاب انغمر بالمياه‬ ‫وارتف��ع إلى نص��ف متر‪ ،‬وأن الس��دود تهدد‬ ‫بالفيض��ان وأن الطرق مقطوعة‪ ،‬وأن وزارة‬ ‫التربي��ة أعلنت عن عطلة حتى إش��عار آخر‪.‬‬ ‫أما الضحايا جراء العاصفة في تركيا ولبنان‬ ‫واألردن فبالمئ��ات واألض��رار ف��ي البي��وت‬ ‫والمزروعات؟‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫للمرا�سالت والتوا�صل مع هيئة التحرير ‪so uria tna @ gm ail. c om‬‬

‫متت طباعة وتوزيع هذا العدد من قبل مطبعة �سمارت �ضمن م�شروع دعم الإعالم ال�سوري احلر‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬

‫كان يا ما كان في إحدى الحقب واألزمان وفي أرض المهد والكبرياء‪ ،‬كان هناك نظام يفسد ويسفك الدماء فيها‪ ،‬ثم خرج الشعب عليه فسقط‬ ‫وكأنه لم يكن يوماً عليها‪.‬‬ ‫ريف حلب ‪ | 2014 -‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫‪15‬‬


‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 14 | )169‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫دم�شق‬ ‫ما فيها �شي‬ ‫‪ ..‬وال �شي‬ ‫دمشق ‪ -‬مهند دياب‬

‫بات من المس��تفزّ أن يتحدث دمشقي اليوم عن "السياسة" بعد‬ ‫أربع سنوات طاحنة من الحرب التي أنهكت البالد والعباد‪.‬‬ ‫ال يتح��دث أبن��اء العاصم��ة عن المعارض��ة وعن النظ��ام‪ ،‬وعن‬ ‫أمري��كا وإيران‪ ،‬ودول المنطقة وغيره��ا‪ ،‬بقدر ما يتحدثون عن‬ ‫ليتر المازوت‪ ،‬وجرّة الغاز‪ ،‬ومياه عين الفيجة‪ ،‬وتقنين الكهرباء‪،‬‬ ‫وتأجيل العسكرية‪ ..‬إلخ‬ ‫وفي األس��بوع األخير‪ ،‬ال يتحدث الدمش��قيون إال عن المياه التي‬ ‫انقطع نظيرها ووريدها‪ ،‬وفي الس��اعات األخيرة‪ ،‬ال يتكلم أبناء‬ ‫أق��دم عاصم��ة في التاري��خ إال ع��ن المحروقات المفق��ودة بعد‬ ‫انقطاع طريق دمشق حمص من جهة حرستا‪.‬‬ ‫وهك��ذا يعيش الناس أيامهم وس��اعاتهم يتحدث��ون عن آخر ما‬ ‫فقد من العاصمة‪ ،‬في وس��ط دمش��ق كازية األزبكية الشهيرة‪،‬‬ ‫على بعد أمتار من شارع بغداد تبات عائلة كاملة على الرصيف‪،‬‬ ‫فيما يبات بجوار محطة الوقود عش��رات الس��ائقين المنتظرين‬ ‫قدوم الفرج‪ ،‬وصهاريج المحروقات‬ ‫األمر الذي تكرر في عدة محطات أخرى بجرمانا ودمر والميدان‪،‬‬ ‫ما تس��بب بأزمة نق��ل حقيقية لمن لديه س��يارات‪ ،‬وأزمة عمل‬ ‫لمن يعمل كسائق شاحنة أو سيارة تكسي أو سرفيس‪.‬‬

‫ازدحام خانق غصّت به العاصمة طيلة األسبوع الماضي‪ ،‬إضافة‬ ‫لتفضيل العديد من القاطنين اتخاذ المش��ي كطريقة للوصول‬ ‫إلى مقصدهم‪.‬‬ ‫ل��م يع��د يكت��رث المتبق��ون هن��ا بأخب��ار العمليات العس��كرية‬ ‫المتواصلة في مدينة داريا منذ ‪ 21‬شهراً‪،‬‬ ‫وال تل��ك التي تدور في جوبر منذ عامين ونيّف‪ ،‬لم يعد يهمهم‬ ‫م��ن يتو ّلى المناصب الوزاري��ة أو مقاعد البرلمان‪ ،‬فاألمور باتت‬ ‫متشابهة لديهم‪ ،‬والكالم الحكومي معروف مسبقا‪.‬‬ ‫يعتب��رون في معظمهم أن األمور باتت ش��به منتهية لواقع حال‬ ‫س��يء‪ ،‬وبغض النظر عن كل الس��يناريوهات المرتقبة‪ ،‬إال أنه‬ ‫لن يمرّ س��وء على دمش��ق كذاك الذي مرّ في الس��نوات الثالث‬ ‫التي خلت‪.‬‬ ‫بقلي��ل من االستس�لام‪ ،‬وربما التس��ليم بالواق��ع‪ ،‬ال تزال آالف‬ ‫العائالت الدمش��قية والريفية تحلم بالدفء مجرّد حلم‪ ،‬بعد أن‬ ‫أصبحت ليترات المحروقات‪ ،‬مثل أعواد بائعة الكبريت‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬ال ش��يء في العاصمة‪ ،‬هي العبارة التي تقال على س��بيل‬ ‫النكت��ة المؤلمة "الش��ام ما فيها ش��ي‪ ..‬ما فيها كهرب��ا‪ ..‬ما فيها‬ ‫مي‪ ..‬ما فيها مازوت‪ ..‬الشام ما فيها شي"‪..‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.