Souriatna 171

Page 1

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫املعار�ضة تبعد �شبح احل�صار عن حلب‪ ،‬وحزم تتقدم يف حندرات‬ ‫حلب – عمر عرب‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫تمكن��ت حرك��ة ح��زم ي��وم الجمع��ة م��ن‬ ‫الس��يطرة على منطقة المعامل في حندرات‬ ‫عق��ب اش��تباكات عنيف��ة م��ع ق��وات النظام‬ ‫والميليشيات المساندة لها في المنطقة‪.‬‬ ‫وأعلن المكتب اإلعالمي للحركة أن المقاتلين‬ ‫أردوا ع��دداً م��ن عناص��ر ق��وات النظ��ام‬ ‫والميليشيات المس��اندة له خالل االشتباكات‪،‬‬ ‫ودمروا مدفعًا رشاش��اً عي��ار ‪ 23‬بصاروخ تاو‬ ‫المضاد للدروع‪.‬‬ ‫وكان��ت كتائ��ب المعارض��ة تمكن��ت في وقت‬ ‫س��ابق من الس��يطرة على س��ت كتل سكنية‬ ‫ش��مال منطق��ة المالح وقت��ل ‪ 15‬عنصراً من‬ ‫ق��وات النظ��ام‪ ،‬وق��ال القائد العس��كري في‬ ‫حرك��ة ن��ور الدين زنك��ي ابراهي��م كحيل لـ‬ ‫(س��وريتنا)‪ " :‬س��يطرنا عل��ى م��زارع الم�لاح‬ ‫والنق��اط الت��ي خس��رناها س��ابق ًا م��ع قوات‬ ‫النظام" موضحاً أن قوات النظام كانت تحاول‬ ‫التقدم في منطقة المالح والس��يطرة عليها‪،‬‬ ‫حيث حشدت عشرات العناصر من الميليشيات‬ ‫األجنبية مع عتاد ثقيل‪.‬‬

‫مقاتلي حركة حزم في مزارع المالح | تصوير عمر عرب‬

‫وأض��اف كحي��ل‪ :‬عثرنا بع��د الس��يطرة على‬ ‫منطق��ة الم��زارع على عمل��ة إيرانية ووثائق‬ ‫مكتوب��ة باللغ��ة الفارس��ية‪ ،‬إضاف��ة إل��ى‬ ‫حب��وب مخدرة في ح��وزة بع��ض القتلى من‬ ‫الميليشيات األجنبية المساندة للنظام‪.‬‬

‫وتش��هد منطقة المالح معارك ك��ر وفر‪ ،‬وتتعرض‬ ‫مناطق تمركز الجيش الحر لقصف يومي بالبراميل‬ ‫المتفجرة‪ ،‬وتحاول الكتائب المقاتلة حشد أكبر عدد‬ ‫من العناصر لمواجهة قوات النظام وميليشياته في‬ ‫تلك المنطقة درءاً لحصار متوقع يهدد المدينة‪.‬‬

‫املجل�س الوطني الكردي ال�سوري يرفع �صفة الع�ضوية عن ثالثة �أحزاب‬ ‫القامشلي ‪ -‬ميديا أبو زيد‬ ‫عق��ب اتف��اق المجل��س الوطن��ي الك��ردي‬ ‫وحركة المجتمع الديمقراطي على تشكيل‬ ‫مجل��س ليم ّث��ل المرجعية السياس��ية لكرد‬ ‫س��وريا‪( ،‬عل��ى أن يتأل��ف المجل��س م��ن‬ ‫ثالثي��ن عض��واً وأن يك��ون ل��كال الطرفين‬ ‫‪ 12‬عض��واً‪ ،‬وبقية األعضاء يت��م انتخابهم‬ ‫من المس��تقلين واألحزاب الت��ي هي خارج‬ ‫اإلطاري��ن المذكوري��ن)‪ ،‬ت��م اته��ام ثالثة‬ ‫أح��زاب في المجلس الوطن��ي الكردي أثناء‬ ‫عملية االنتخابات بالتصويت لصالح مرشحي‬ ‫حرك��ة المجتمع الديموقراط��ي‪ .‬مما أدّى إلى‬ ‫فوز الجه��ة المصوّت��ة لها‪ ،‬واتخ��ذ المجلس‬ ‫ق��راراً عقب اجتماع��ه ‪ 2014 / 12 / 24‬بإبعاد‬ ‫تلك األحزاب من المرجعية السياسية‪.‬‬ ‫ت��مّ تقدي��م أوراق التصوي��ت العائ��دة لكل‬ ‫من(نصر الدين إبراهيم الحزب الديمقراطي‬ ‫الك��ردي ‪ -‬البارتي‪ ،‬فوزي ش��نكالي عن حزب‬ ‫الوفاق الديمقراطي الكردي السوري ومحيي‬ ‫الدين شيخ آلي عن حزب الوحدة الديمقراطي‬ ‫الكردي ‪ -‬يكيتي) للجنة التحقيق التي ّ‬ ‫شكلها‬ ‫المجل��س للبح��ث في قضية التج��اوزات التي‬ ‫ج��رت ف��ي عملي��ة االنتخاب��ات‪ .‬بع��د ّ‬ ‫اط�لاع‬ ‫المجل��س عل��ى تقري��ر اللجن��ة الحقوقي��ة‬ ‫المش��رفة عل��ى االنتخاب��ات‪ ،‬والت��ي قام��ت‬ ‫بتدقي��ق أوراق االقت��راع‪ ،‬ق��رر المجل��س‬ ‫رف��ع صف��ة العضوي��ة ع��ن األح��زاب الثالثة‬ ‫المذكورة وسحب ممثليها من كافة مؤسسات‬ ‫المجلس ومن داخل االئتالف الس��وري أيضاً‪،‬‬ ‫واس��تبدالهم بثالث��ة مرش��حين مس��تقلين‬ ‫لمنصب المرجعية‪ ،‬وه��م (عنتر محمد– فؤاد‬ ‫إبراهيم– خليل حسام)‪.‬‬ ‫وم��ن جانب��ه وجّ��ه عض��و حرك��ة المجتم��ع‬ ‫الديمقراطي (آل��دار خليل) انتقادات للمجلس‬ ‫الوطن��ي الك��ردي بس��بب فص��ل األح��زاب‬ ‫الثالث م��ن المرجعية السياس��ية‪ّ ،‬‬ ‫وأكد أنه ال‬

‫يح��ق للمجلس تغيير أعض��اء المرجعية دون‬ ‫الرج��وع لحرك��ة المجتم��ع الديمقراطي‪ ،‬كما‬ ‫حمّل س��كرتير الح��زب الديمقراطي الكردي‬ ‫في س��وريا –البارتي‪ ،‬نصر الدي��ن إبراهيم‪،‬‬

‫رئي��س المجل��س الوطني الك��ردي (طاهر‬ ‫سفوك) مس��ؤولية اتّخاذ قرار فصل حزبه‬ ‫من عضوية المجل��س والمرجعية الكردية‬ ‫م��ع الحزبين اآلخرَي��ن (الوح��دة والوفاق)‪،‬‬ ‫ووصف القرار بالالمسؤول والباطل‪ ،‬وذلك‬ ‫أثناء مؤتمر صحفي مش��ترك لألحزاب التي‬ ‫رُفعت عنهم صفة العضوية في القامشلي‬ ‫‪.2014 / 12 / 25‬‬ ‫وتأتي خطوة تش��كيل المرجعية السياسية‬ ‫الكردية في س��وريا تنفي��ذاً التفاقية دهوك‬ ‫‪ 2014 / 10 / 22‬والت��ي كان��ت برعاية إقليم‬ ‫كردس��تان الع��راق‪ ،‬بع��د قراب��ة ‪ 40‬يوم من‬ ‫إعالن االتفاقية‪.‬‬

‫اجلبهة ال�شامية تخت�صر الرايات يف حلب‬ ‫أعلن��ت كب��رى الفصائ��ل العس��كرية بحلب‬ ‫يوم األربعاء االندماج تحت مس��مى "الجبهة‬ ‫الشامية" بقيادة عبد العزيز سالمة القيادي‬ ‫في الجبهة اإلسالمية‪.‬‬ ‫وتضم الجبهة الشامية في صفوفها الجبهة‬ ‫اإلس�لامية المؤلفة من لواء التوحيد وجيش‬ ‫اإلس�لام وحركة أحرار الش��ام اإلس�لامية‪،‬‬ ‫اضاف��ة ال��ى تجم��ع ألوي��ة فاس��تقم كم��ا‬ ‫أمرت‪ ،‬وحرك��ة نور الدي��ن الزنكي‪ ،‬وجيش‬ ‫المجاهدين‪ ،‬وجبهة االصالة والتنمية‪.‬‬ ‫واس��تثنت الجبه��ة الش��امية م��ن صفوفها‬ ‫حركة حزم وجبهة النصرة دون اإلعالن عن‬ ‫األس��باب عل��ى الرغم من الثقل العس��كري‬ ‫الذي يشكله الفصيلين السابقين في مدينة‬ ‫حلب وريفها‪.‬‬ ‫وتعه��دت الفصائل في بيان مصوّر بالدفاع‬

‫عن المدنيين والتصدي للنظام‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫الحف��اظ على وحدة س��وريا‪ ،‬وتحقيق رغبة‬ ‫الشعب في توحيد الفصائل العسكرية على‬ ‫األرض‪.‬‬ ‫وش��هدت محافظة حلب في اآلون��ة األخيرة‬ ‫ضغطاً ش��عبياً على فصائ��ل المعارضة من‬ ‫أجل التوحد والتصدي لقوات النظام وإفشال‬ ‫محاوالتها في حصار حلب‪.‬‬


‫ال�شبكة ال�سورية حلقوق الإن�سان حتمل النظام م�س�ؤولية معظم‬ ‫االنتهاكات بحق ال�صحفيني يف �سوريا‬

‫م�شفى الدكتور ع�سيى عجاج امليداين خارج اخلدمة حتى �إ�شعار �آخر‬ ‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬

‫قصي��رة اس��تهدف البن��اء بص��اروخ ج��راد وتم‬ ‫تدمي��ر إحدى غرفه تاله س��قوط برميل متفجر‬ ‫بالقرب من المش��فى واقتص��رت األضرار على‬ ‫األبني��ة المج��اورة‪ ،‬لقد نجح النظ��ام في إيقاف‬ ‫مس��يرة عمل المش��فى بواس��طة عمالئه عبر‬ ‫تفخيخ السيارة وتفجيرها فيما عجزت الطائرات‬ ‫والصواريخ عن ذلك"‪.‬‬ ‫تنق��ل المش��فى خ�لال مس��يرته العملي��ة منذ‬ ‫انط�لاق الث��ورة إل��ى خمس��ة أماك��ن‪ ":‬ف��ي‬ ‫مخي��م درعا وطريق الس��د حيث تم اس��تهدافه‬ ‫وتدميره إما باالقتحام��ات أو بالقصف المدفعي‬ ‫والصاروخ��ي والج��وي واستش��هد العدي��د م��ن‬ ‫ك��وادره كالطبي��ب المؤس��س الدكتور عيس��ى‬ ‫عجاج ونبي��ل المحامي��د وعدد م��ن الممرضين‬ ‫والعاملين فيه"‪.‬‬ ‫وعود كثي��رة تلقاها الكادر الطبي ‪ -‬الذي أصبح‬ ‫عاج��زاً ع��ن مواصلة عمل��ه اإلنس��اني ‪ -‬إلحياء‬ ‫المش��فى وعودت��ه إل��ى خدم��ة المواطنين من‬ ‫خالل إيجاد بناء جديد أكثر أمنا‪ ،‬زار مدير الصحة‬ ‫ف��ي المناط��ق المح��ررة الدكتور خال��د العميان‬

‫المش��فى ووعد بإيجاد بناء بديل وتجهيزه نظرا‬ ‫لألض��رار الكبيرة التي لحقت بالبن��اء‪ ،‬حيث أكد‬ ‫المهن��دس المخت��ص من لجن��ة إع��ادة األعمار‬ ‫استحالة ترميم البناء المستهدف‪.‬‬ ‫يقدم المشفى خدماته ألكثر من ‪ 30‬ألف نسمة‬ ‫م��ن مدينة درعا وريفها حي��ث يضم كادراً طبيًا‬ ‫يغطي معظم االختصاص��ات‪ ،‬كالجراحة العامة‬ ‫والصدرية واألذن والحنجرة والعظمية والسنية‬ ‫من خالل وج��ود طبيبين مختصين وطبيب عام‬ ‫بشكل دائم وأكثر من ‪ 16‬ممرضاً وفنيًا‪.‬‬ ‫دأب النظ��ام على االس��تهداف المباش��ر للكوادر‬ ‫الطبي��ة من��ذ انط�لاق الث��ورة الس��ورية‪ ،‬حيث‬ ‫ارتك��ب العدي��د م��ن الجرائ��م بح��ق العاملي��ن‬ ‫ف��ي الحق��ل الطبي من خ�لال اعتق��ال األطباء‬ ‫والممرضين والفنيين ومنهم من استشهد تحت‬ ‫التعذيب داخل س��جون النظام السوري وآخرين‬ ‫تمت تصفيتهم ميدانياً خالل االقتحامات لألحياء‬ ‫والمنازل أو بقنصهم بش��كل مباش��ر حيث بات‬ ‫العثور على كوادر طبية عملية بالغة الصعوبة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫في العش��رين م��ن ش��هر كان��ون األول الحالي‬ ‫توقف أش��هر المش��افي الميدانية في محافظة‬ ‫درعا " مش��فى الدكتور الش��هيد عسيى عجاج"‬ ‫ع��ن العم��ل ف��ي تقدي��م الع�لاج لألهالي في‬ ‫المنطقة الجنوبية‪.‬‬ ‫عند الساعة السابعة والنصف مسا ًء هز انفجار‬ ‫عني��ف المنطقة‪ ،‬ت�لاه تصاعد ألعم��دة الدخان‬ ‫واللهب إثر انفجار سيارة مفخخة تم ركنها أمام‬ ‫المش��فى الميداني الواقع في حي طريق الس��د‬ ‫بمدينة درعا‪.‬‬ ‫ألحق االنفج��ار العنيف دماراً هائ� ً‬ ‫لا في األبنية‬ ‫المجاورة‪ ،‬غير أن المشفى الميداني نال النصيب‬ ‫األكبر من الدمار‪ ،‬حيث التهمت النيران أقس��امه‬ ‫وتهاوت جدرانه وبات المشفى كومة من الركام‬ ‫والبقاي��ا الس��وداء الناجمة عن احت��راق األدوية‬ ‫والتجهيزات الطبية والمكتبية الخاصة به‪.‬‬ ‫تجسدت المعجزة بنجاة طاقم المشفى الميداني‬ ‫واألهالي القاطنين في الحي رغم شدة االنفجار‬ ‫والدم��ار الكبي��ر الناج��م عن��ه‪ ،‬ه��ذا م��ا يقوله‬ ‫الدكت��ور أحمد جمع��ة المدير العام للمش��فى‪":‬‬ ‫اقتص��رت اإلصابات على ج��روح وحروق خفيفة‬ ‫ومتوسطة وعميقة بعض الشيء لكن المشفى‬ ‫دُمِّ��ر وب��ات خ��ارج العم��ل حيث وصلت نس��بة‬ ‫األض��رار إلى أكث��ر من ‪ 80‬بالمئة حس��ب تقيم‬ ‫اللجنة المختصة"‪.‬‬ ‫وحده��ا غرف��ة العمليات البس��يطة م��ع الكادر‬ ‫نج��ت من االنفج��ار الهائل "دمر مخ��زن األدوية‬ ‫بش��كل كامل بما يحتويه من أدوية وسيرومات‬ ‫م��ع البرادات الت��ي تحفظها‪ ،‬وكذل��ك الصيدلية‬ ‫التابعة للمشفى والسكن الملحق به إضافة إلى‬ ‫التجهي��زات اإلدارية والتجهي��زات الطبية ومنها‬ ‫الم��واد واألجه��زة الخاصة باإلصاب��ات العظمية‬ ‫وأجهزة التخدير للعمليات الجراحية"‪.‬‬ ‫النظ��ام وح��ده يقف خلف اس��تهداف المش��فى‬ ‫ه��ذا م��ا يؤك��ده الدكت��ور جمع��ة‪ ":‬قب��ل فترة‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫وس��جل التقري��ر أكثر م��ن ‪ 43‬حال��ة تتراوح‬ ‫بين االعتقال والخط��ف‪ ،‬ثمانية منها على يد‬ ‫عناصر قوات النظام‪ ،‬حيث أفرج عن ستة وما‬ ‫يزال مصير اثنين مجهوال‪.‬‬ ‫وقد حمّل التقرير القوات الكردية مس��ؤولية‬ ‫ثمان��ي ح��االت خط��ف واعتقال‪ ،‬مش��يرا إلى‬ ‫أنه ق��د أُفرج عنهم الحقا‪ ،‬أم��ا تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية وتنظيمات مشابهة فاختطفت أكثر‬ ‫من عش��رين صحفي��ا‪ ،‬وال يزال مصير س��تة‬ ‫منه��م مجهوال‪ ،‬كما تم توثي��ق حالتي خطف‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬

‫نش��رت الش��بكة الس��ورية لحقوق اإلنس��ان‬ ‫يوم الجمع��ة تقريرا حملت فيه نظام األس��د‬ ‫مس��ؤولية معظم االنته��اكات المرتكبة بحق‬ ‫الصحفين في سوريا خالل عام ‪.2014‬‬ ‫واعتب��ر رئي��س الش��بكة فض��ل عب��د الغني‬ ‫ف��ي تصري��ح صحفي أن س��وريا بات��ت تخلو‬ ‫تقريبا من العمل الصحفي االحترافي بسبب‬ ‫التضيي��ق واالنتهاكات‪ ،‬وأكد التقرير أن قوات‬ ‫النظام ما زالت تس��تحوذ على النصيب األكبر‬ ‫من حيث عدد ونوع االنتهاكات المرتكبة بحق‬ ‫الصحفيي��ن‪ ،‬بالرغ��م من ت��ورط مجموعات‬ ‫مس��لحة ف��ي االنته��اكات منذ منتص��ف عام‬ ‫‪.2012‬‬ ‫وجاء في التقرير أن أكثر من ‪ 17‬صحفيا قتلوا‬ ‫خالل ع��ام ‪ 2014‬في س��وريا‪ ،‬عش��رة منهم‬ ‫على يد قوات النظام‪ ،‬وأربعة على يد تنظيم‬ ‫الدولة اإلس�لامية‪ ،‬كما قتل اثنان منهم على‬ ‫يد فصائل المعارضة المسلحة‪ ،‬في حين قتل‬ ‫صحفي على يد مجموعة مجهولة‪.‬‬

‫م��ن قب��ل جبه��ة النص��رة‪ ،‬وما ي��زال مصير‬ ‫أحدهما مجهوال‪.‬‬ ‫وعل��ى صعيد اإلصابات‪ ،‬وث��ق التقرير إصابة‬ ‫‪ 15‬صحفي��ا‪ ،‬س��بعة منه��م عل��ى ي��د ق��وات‬ ‫النظام‪ ،‬وخمس��ة على يد فصائل المعارضة‪،‬‬ ‫وثالثة بنيران أطراف مجهولة‪.‬‬ ‫وأض��اف التقري��ر أن ‪ 11‬حال��ة اعت��داء عل��ى‬ ‫ممتل��كات الوس��ائل الصحفية ت��م توثيقها‪،‬‬ ‫حي��ث تس��ببت الق��وات النظامي��ة في خمس‬ ‫منها‪ ،‬بينما تُنس��ب ثالث إلى القوات الكردية‬ ‫واثنت��ان إلى تنظيم الدول��ة وحالة واحدة إلى‬ ‫مجموعات مجهولة‪.‬‬ ‫ول��م يتط��رق التقري��ر إل��ى الناش��طين‬ ‫اإلعالميين والمواطنين الصحفيين‪ ،‬الفتا إلى‬ ‫أن الش��بكة تناولت االنته��اكات المرتكبة في‬ ‫حقهم بدراس��ات وتقارير سابقة‪ ،‬كما أكد أن‬ ‫جميع اإلحصائيات المس��جلة ال تش��كل سوى‬ ‫الحد األدنى من االنتهاكات‪ ،‬حيث تبقى هناك‬ ‫حاالت أخرى يصعب توثيقها‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫الأ�سواق يف احل�سكة رهينة الطرق املغلقة‬ ‫الحسكة ‪ -‬جوان تتر‬ ‫قب��ل س��نواتٍ ليس��ت ببعي��دة كانت أس��عار‬ ‫البضائ��ع ف��ي محافظ��ة الحس��كة تمت��از‬ ‫بانخفاضها‪ ،‬كونها منطق��ة على مقربةٍ من‬ ‫أن الطرق‬ ‫الحدود التركيّ��ة والعراقيّة‪ ،‬كم��ا ّ‬ ‫كانت س��الكة بينه��ا وبين العاصمة دمش��ق‪،‬‬ ‫وبقي��ة المحافظ��ات‪ ،‬باإلضاف��ة إل��ى توفّ��ر‬ ‫مهرب��ي البضائ��ع الذي��ن أغرق��وا المنطق��ة‬ ‫بالم��واد المهرَّبة من تركي��ا والعراق ولبنان‪.‬‬ ‫م��واد غذائي��ة وإلكتروني��ات باإلضاف��ة إل��ى‬ ‫مختلف أنواع البضائع األخرى‪ ،‬التي كانت تباع‬ ‫بأس��عار رخيص��ة متفقة مع الدخ��ل الفردي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫المعتمد أساس�� ًا على الوظائف المؤسس��اتية‬ ‫وم��ا يجني��ه المواط��ن م��ن مواس��م الزراعة‬ ‫الوفي��رة‪ ،‬في حال كرم الس��ماء وتوفّر المواد‬ ‫الالزم��ة لزراع��ةٍ ناجحة‪ ،‬هذا م��ا كانت عليه‬ ‫الح��ال قبل ان��دالع الثورة في س��وريا‪ ،‬ولكن‬ ‫بع��د اندالعها وتب��دّل األوض��اع االقتصادية‬ ‫واألمني��ة‪ ،‬وإغ�لاق المعاب��ر الحدودي��ة التي‬ ‫كانت معابر شريانية لدخول المواد والبضائع‬ ‫المتعددة إل��ى داخل المحافظة‪ ،‬بدا المش��هد‬ ‫مختلفاً‪ ،‬ففي الصيف والش��تاء يبدو المش��هد‬ ‫ه��و ذات��ه أم��ام الدكاكين ف��ي القامش��لي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خجلة‬ ‫ش��احناتٌ صغيرة وهي تُنزل البضائع‬ ‫م��ن ال��رداءة المس��توردة‪ ،‬والباع��ة يعرفون‬ ‫حقّ المعرفة مستوى رداءة البضائع‪ ،‬لكن ما‬ ‫باليد حيل��ة في ّ‬ ‫ظل الح��رب الدائرة وانقطاع‬ ‫الط��رق المؤدية إلى العاصمة إلاّ جوّاً‬ ‫أوصال ّ‬ ‫وبتكالي��ف باهظة‪ ،‬األمر ال��ذي يدفع بالباعة‬ ‫مبيع الم��واد‪ ،‬وبالتالي التأثير‬ ‫إلى رفع أس��عار ِ‬ ‫على الحركة االقتصادي��ة في المدينة وباقي‬ ‫المدن األخرى سلب ًا‪.‬‬ ‫اَ‬ ‫المحلت سيكتش��ف‬ ‫في جولة بس��يطة على‬ ‫المرء أمراً في غاية األهميَّة والخطورة‪ ،‬وهي‬ ‫بائع وآخر!‬ ‫مس��ألة اختالف أس��عار المبيع بين ٍ‬ ‫عب��د الرحمن عيس��ى‪ 36 ،‬س��نة وهو صاحب‬ ‫مح��ل س��وبر ماركت‪ ،‬يق��ول عن ه��ذا األمر‪:‬‬ ‫"نع��م‪ ،‬نفعل ذلك ألن ال��ذي يمدّنا بالبضائع‬ ‫طريق آمن‪ ،‬ولكي‬ ‫يدفع ضرائب أكثر لش��راء‬ ‫ٍ‬

‫ال يتع��رّض لمضايق��اتٍ من الس��لطات التي‬ ‫تحكم المناط��ق الحدوديّ��ة‪ ،‬وبالتالي تصلنا‬ ‫ّ‬ ‫أضطر‬ ‫البضاع��ة دون أيّ تل��فٍ يذك��ر‪ ،‬ل��ذا‬ ‫ً‬ ‫أن تجّ��ار المواد‬ ‫إل��ى رفع األس��عار‪،‬‬ ‫وخاص��ة ّ‬ ‫التمويني��ة يتعاملون بال��دوالر وليس بالليرة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬وه��ذا ما يدفعنا إلى رفع األس��عار‬ ‫كي ّ‬ ‫نحقق النذر اليسير من الربح‪ ،‬الذي سوف‬ ‫يرفدنا برأس مال ّ‬ ‫يمكننا من ش��راء البضاعة‬ ‫لتس��تمر عمليّ��ة البيع‪ ،‬ونك��ون قادرين على‬ ‫إمداد المواطنين باالحتياجات الضروريّة"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ولك��ن ه��ذا االختالف ف��ي األس��عار عموما ال‬ ‫يؤ ّث��ر فقط إلاّ عل��ى المواطن الع��ادي‪ ،‬الذي‬ ‫فريسة لألس��عار المرتفعة والغالء‪ ،‬بدءاً‬ ‫ً‬ ‫بات‬ ‫م��ن المواد الغذائيّة وليس انتها ًء بالمالبس‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قصّة أش��دّ حزنًا‬ ‫ه��ذه األخي��رة التي تمل��ك‬ ‫فيما يتعل��ق بصعوبة الحص��ول عليها‪ ،‬حيث‬ ‫ً‬ ‫مقارن��ة مع األيّام‬ ‫تمتاز بأس��عارها الباهظة‬

‫الماضي��ة‪ ،‬قب��ل الث��ورة كان��ت تص��ل إل��ى‬ ‫أس��واق الحسكة من حلب المشهورة بصناعة‬ ‫المالب��س حيث كان اعتماد أس��واق المالبس‬ ‫في الحس��كة وباقي مدنه��ا على معامل حلب‬ ‫يصل إل��ى حوالي ال��ـ‪ 90‬في المائ��ة تقريباً‪،‬‬ ‫وبأرق��ام خياليّ��ة‪ ،‬وكان��ت تص��ل أطنان من‬ ‫المالبس بش��احنات كبيرة من محافظة حلب‪،‬‬ ‫لكن مع اندالع الفوضى والقصف المس��تمرّ‪،‬‬ ‫وتدمي��ر مختل��ف المعامل في حل��ب والطرق‬ ‫المغلق��ة تمام��ًا‪ ،‬بات م��ن الصعوب��ة بمكان‬ ‫العث��ور على طريقة آمنة لنق��ل البضائع من‬ ‫المحافظات الس��وريَّة األخرى‪ ،‬فلجأ المواطن‬ ‫في الحس��كة إلى أس��واق البالة‪ ،‬والتي تمتاز‬ ‫بأس��عارها المنخفض��ة‪ ،‬حي��ث يص��ل س��عر‬ ‫القطعة الواحدة تقريبًا إلى الخمس��مائة ليرة‬ ‫س��ورية‪ ،‬وأغلب قطع المالبس تكون مهرّبة‬ ‫م��ن تركي��ا أو من إقلي��م كردس��تان العراق‪،‬‬


‫هكذا يعي�ش الطالب يف املدينة اجلامعية يف "الهمك"‬ ‫دمشق ‪ -‬نوال المعصوم‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬

‫موقع‬ ‫يقع تجمّع الهمك في جامعة دمش��ق في‬ ‫ٍ‬ ‫استراتيجي‪ ،‬متوسطاً‬ ‫لتجمّع أمنيٍّ كبير وذلك‬ ‫ٍ‬ ‫في منطقة الطبالة على طريق المطار‪ ،‬تحيط‬ ‫ٌ‬ ‫س��اخنة ال تتوقف فيه��ا المعارك‪،‬‬ ‫ب��ه مناط��قُ‬ ‫كالدخاني��ة ومخيم اليرموك وحي جوبر الذي ال‬ ‫يه��دأ الصراع فيه‪ ،‬تبعاً له��ذا المكان الجغرافي‬ ‫فإن الطالب المقيمين ف��ي هذا التجمع يعانون‬ ‫من القل��ق والتوتر الدائمين‪ ،‬ويعزون تحمّلهم‬ ‫أس��باب منطقيةٍ‬ ‫له��ذا المكان الخطير إلى عدة‬ ‫ٍ‬ ‫تُفرضُ عليهم‪.‬‬ ‫علي طالبٌ يقطن في التجمع ويشبّه اإلقامة فيه‬ ‫باإلقامة في معس��كر الخدمة العس��كرية‪ ،‬يقول‬ ‫عل��ي‪« :‬نظراً لكث��رة الطالب المحتاجين للس��كن‬ ‫أمتار‬ ‫فإن الغرفة التي ال تتجاوز مس��احتها عشرة ٍ‬ ‫تمتلئ بخمس��ة ش��بانٍ عل��ى األقل! حين‬ ‫مربعة‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫مكدّسة فوق‬ ‫بشرية‬ ‫ننام نش��عرُ وكأننا أكياسٌ‬ ‫بعضه��ا‪ ،‬لكن ما حاجكَ إلى الم��رِّ إال األمرُّ منه‪،‬‬ ‫غ��ال جداً كما تعلم‪،‬‬ ‫فالمن��ازل في الخارج آجارها ٍ‬ ‫ودوامنا في الجامع��ة طويل حيث ال مجال للعمل‬ ‫ف��ي وظيف��ةٍ ما لتأمين ه��ذا المص��روف الكبير‪،‬‬ ‫له��ذا اضطررت أن أس��جل في الس��كن رغم كل‬ ‫وموق��ع خطير فقد‬ ‫مس��اوئه‪ ،‬م��ن نظام ص��ارم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫إضافة‬ ‫كثير من المرات‬ ‫تعرضن��ا لعدة قذائف في ٍ‬ ‫إل��ى بعض االش��تباكات بالرص��اص‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫صوت الطائرات الحربية كل يوم»‪.‬‬ ‫أم��ا عن الطالب��ات المقيمات ف��ي التجمع وحيث‬ ‫تمّ نقله��نّ حديث ًا إلى الوحدات الس��كنية ذات‬ ‫أم��ور‬ ‫التصمي��م الجدي��د‪ ،‬فه��نّ يعاني��ن م��ن‬ ‫ٍ‬ ‫أخرى‪ ،‬ريتا تحدث��ت عن وضعهنّ هناك‪« :‬هذه‬ ‫ٌ‬ ‫جميلة جداً من حيث تصميمها‬ ‫الوحدات الجديدة‬ ‫الخارج��ي‪ ،‬إال أن محتوياته��ا الداخلي��ة ليس��ت‬ ‫جي��دة! قي��ل إنه��م نقلون��ا إليها بس��رعة حيث‬ ‫تلقوا بعض التنبيه��ات العليا بأنهم تأخروا في‬ ‫فتحها رغم جهوزيتها منذ أربع س��نين‪ ،‬فأكملوا‬ ‫أثاثها من الـ «س��توك» فبعد أقل من ش��هر من‬ ‫إقامتنا فيها بدأت األشياء تتعطل‪ ،‬وعن انقطاع‬ ‫المياه‪ :‬فنحن فتي��ات ونتطلب وجود الماء كثيراً‬ ‫للتنظيف واالس��تحمام والطبخ وإلى ما هنالك‪،‬‬ ‫لك��ن ال يوجد س��وى خ��زان واحد صغي��ر لثالث‬ ‫ُ‬ ‫ث�لاث أيام‬ ‫وح��داتٍ س��كنية! تمرُّ علين��ا أحيان ًا‬ ‫ٍ‬ ‫دون مي��اهٍ ث��م تأتي ف��ي الراب��ع‪ ،‬أم��ا أكثر ما‬ ‫يغيظني هو التمييز والدعمُ والواس��طة لدينا!‬ ‫حيث فتي��ات االتح��اد الوطن��ي لطلبة س��ورية‬ ‫له��نّ أفضل الغ��رف وربما ُ‬ ‫يكنَّ ث�لاث فتياتٍ‬ ‫فق��ط ف��ي الغرف��ة أو حت��ى اثنتي��ن أم��ا نحن‬ ‫ٌ‬ ‫أربع��ة وخمس��ة! عدا عن‬ ‫ف��ي الغ��رف العادية‬ ‫كونهن «يتأمّ��رْن» على زميالته��نّ رغم أننا‬ ‫كلنا مهندس��اتٌ وس��واء! إال أن فك��رة اإلقامةِ‬ ‫ف��ي وح��داتٍ مؤمَّنةٍ ببعض الخدم��ات التي ال‬

‫قليل من الكهرب��اء التي يحتاجها‬ ‫بأس بها م��ع ٍ‬ ‫القاطن��ون خ��ارج المدين��ة الجامعي��ة‪ ،‬وبعض‬ ‫تجمّع‬ ‫األمان الذي يمكن أن نش��عر به ألننا في‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ومحاط بقوى عسكرية وأمنية‬ ‫ال يدخله الغرباء‬ ‫لحمايتنا‪ ،‬كل هذا يجعلنا نتحمّل قسوة اإلقامة‬ ‫ً‬ ‫مقارنة بالخارج»‪.‬‬ ‫هنا‬ ‫وق��د أجم��عَ ٌّ‬ ‫كل م��ن ريتا وعلي عل��ى موضوع‬ ‫الكهرب��اء حي��ث اتفق��ا عل��ى أن إدارة المدين��ة‬ ‫الجامعي��ة تبذل جهداً من أج��ل تأمين الكهرباء‬ ‫لقاطنيه��ا عن طريق ما يقارب الخمس مولدات‬ ‫كهربائي��ة‪ ،‬حي��ث يح��وي التجمع س��تَّ وحداتٍ‬ ‫ُ‬ ‫ثالثة وحداتٍ ذات تصميم حديث‪،‬‬ ‫س��كنية منها‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫إضافة‬ ‫مجهّ��ز ٌة بالكثير من اإلن��ارة في الغرف‪،‬‬ ‫إلى الش��تاء البارد جداً وال��ذي يدفع الطالب إلى‬ ‫تش��غيل س��خاناتهم كل الوقت‪ ،‬وأنه لوال هذه‬ ‫ً‬ ‫طاقة كبيرة تكفي لإلنارة‬ ‫المولدات التي تول��د‬ ‫ً‬ ‫بائسة كما في الخارج‪،‬‬ ‫والتدفئة لكانت حياتهم‬ ‫إال أن زي��ادة االس��تهالك والشّ��حّ ف��ي م��ادة‬ ‫الم��ازوت يخف��فُ أحيان ًا من تش��غيل المولدات‬ ‫خارج أيام االمتحانات‪.‬‬ ‫وعن الوضع األمني يتحدث أحمد‪« :‬تجمع الهمك‬ ‫مجاورٌ لفرعين أمنيين ولمدرسة أبناء الشهداء‬ ‫لحاجز عس��كري‪ ،‬إذن فهو آمنٌ‬ ‫كما أنه مجاورٌ‬ ‫ٍ‬ ‫خارجي��اً إل��ى ح��دٍّ ما مم��ا يس��تدعي بالمقابل‬ ‫تش��ديداً كبيراً على كل من يدخل إلى التجمع‪،‬‬ ‫قاطن‬ ‫شخص غير‬ ‫حيث يُمنع تقريبًا دخول أي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫في التجم��ع إال ف��ي الح��االت الضرورية وحيث‬ ‫تُحج��زُ هويت��ه الش��خصية عند ح��راس الباب‬ ‫الرئيس��ي إل��ى أن يخ��رج فيس��تردها‪ ،‬أما عن‬ ‫الداخل فق��د ازداد الح��رص األمني عن طريق‬ ‫وضع بعض الطالب على باب كل وحدةٍ سكنية‬ ‫يفتشون الداخل إلى الوحدة لكي يضمنوا عدم‬ ‫غريب عن وحدتهم بحدّ ذاتها‬ ‫شخص‬ ‫دخول أي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شغب فيها‪ ،‬بعض‬ ‫أو‬ ‫مش��اكل‬ ‫أيّة‬ ‫يثير‬ ‫حتى ال‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الط�لاب وجدوا في هذه الحركة أمراً ال داعي له‬ ‫حيث أن الناس توقفوا عن التفكير في فعل أي‬ ‫شي ٍء في هذه األوضاع وبأن الهمّ األكبر اليوم‬ ‫باتَ في نجاحهم ف��ي الجامعة على الرغم من‬ ‫أوضاع البلد القاسية»‪.‬‬ ‫رغم كل ظروف المعيشة القاسية التي يتحملها‬ ‫قاطن��و المدين��ة الجامعي��ة إال أنه��م يج��دون‬ ‫فيه��ا مالذاً يخف��فُ مصاريفه��م الكثيرة‪ ،‬حيث‬ ‫يدفعون رس��م التسجيل الرمزي جداً منذ بداية‬ ‫السنة الدراسية وحتى نهايتها‪ ،‬وال يدفعون أية‬ ‫فواتي��ر للم��اء أو الكهرباء‪ ،‬ويبق��ى مصروفهم‬ ‫الوحي��د ه��و األكل والش��رب‪ ،‬أم��ا ع��ن تحمّل‬ ‫الوض��ع األمن��ي والحرب��ي المحي��ط فالمعارك‬ ‫موجود ٌة في كل س��ورية مما جعلهم يتأقلمون‬ ‫مع هذا الوضع‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫يق��ول س��مير األحم��د‪ 35 ،‬س��نة‪ ،‬وهو‬ ‫بائ��ع مالبس مس��تعملة‪" :‬الق ّلة القليلة‬ ‫من أبناء محافظة الحس��كة يستطيعون‬ ‫ش��راء المالبس المستوردة من تركيا أو‬ ‫دول أخرى في العالم‪ ،‬أو حتّى تلك‬ ‫م��ن ٍ‬ ‫المالب��س اآلتي��ة من الداخل الس��وري‪،‬‬ ‫بينم��ا الغالبي��ة ال يمكنه��م ش��راء هذه‬ ‫القط��ع الت��ي تمت��از بالس��عر المرتفع‪،‬‬ ‫يصل سعر المعطف الشتوي المستورَد‬ ‫م��ن تركي��ا إل��ى حوال��ي المائ��ة دوالر‪،‬‬ ‫وه��ذا مبل��غ مرتف��ع ج��داً بالمقارنة مع‬ ‫أس��عار المالبس المس��تعم َلة التي تفي‬ ‫بالغرض في أحايين ع��دّة‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫أس��عارها الرخيصة المتوافقة مع دخل‬ ‫الفرد السوري الذي بدأ بالتناقص بحكم‬ ‫ق ّلة فرص العمل وارتفاع أس��عار صرف‬ ‫الدوالر مقابل الليرة الس��ورية واألزمات‬ ‫سؤال عن‬ ‫االقتصادية المتعدّدة"‪ ،‬وفي‬ ‫ٍ‬ ‫طريقة اس��تيراد ه��ذه األلبس��ة وحول‬ ‫آلية إدخ��ال ه��ذه القطع إل��ى محافظة‬ ‫الحس��كة‪ ،‬يق��ول األحم��د‪" :‬نتعامل مع‬ ‫مهربيّ��ن يقومون بإدخال ه��ذه القطع‬ ‫بتنسيق‬ ‫عن طريق البوّابات الحدوديّة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫غامض م��ع الجهات المختصّ��ة التابعة‬ ‫لإلدارة الذاتيّة الديمقراطيّة من الجهة‬ ‫الس��وريّة‪ ،‬كذلك مع الط��رف الحدودي‬ ‫التركيّ"‪.‬‬ ‫المواط��ن الس��وري ال يج��د مخرجاً من‬ ‫األزم��ة االقتصادي��ة‪ ،‬س��وى باالعتم��اد‬ ‫على بضائع مس��توردة‪ .‬أمّا فيما يتع ّلق‬ ‫بالم��واد الغذائيّة واس��تيرادها‪ ،‬يتحدث‬ ‫عزيز مراد‪ 40 ،‬س��نة‪ ،‬وه��و بائع جملة‪:‬‬ ‫"نعتم��د عل��ى المنتوج��ات الزراعي��ة‬ ‫الت��ي تت��م زراعته��ا ف��ي منطقتن��ا‪،‬‬ ‫أمّ��ا الحمضيّ��ات وبع��ض الخض��روات‬ ‫والفواكه فيتمّ الحصول عليها من خالل‬ ‫دفع مبالغ ماليّة ضخمة‪ ،‬بهدف إيصالها‬ ‫إلى الحس��كة م��ن مختل��ف المحافظات‬ ‫الس��ورية‪ ،‬وعل��ى األخ��صّ م��ن ناحية‬ ‫المناطق الس��احليّة‪ ،‬وهذه المبالغ التي‬ ‫ندفعها تكون لتس��هيل عمليّة إيصالها‬ ‫إلى منطقتنا‪ ،‬وفي النهاية يتمّ اقتطاع‬ ‫واس��ترجاع هذه المبالغ التي يتمّ دفعها‬ ‫من خالل زيادة أسعار المواد‪ ،‬طبعاً تلك‬ ‫األم��وال تذهب إلى جه��ات أمنيّة تابعة‬ ‫للنظ��ام الس��وري‪ ،‬وأيض�� ًا إل��ى تنظيم‬ ‫الدولة اإلس�لاميّة (داعش) وغيرها من‬ ‫الجه��ات‪ ،‬بهدف تس��هيل عملي��ة إدخال‬ ‫هذه المواد الغذائي��ة‪ ،‬كما ينطبق األمر‬ ‫ذات��ه عل��ى أغلب الم��واد الت��ي نحصل‬ ‫عليه��ا من محافظات س��وريّة مختلفة‪،‬‬ ‫مث��ل الالذقي��ة أو طرط��وس أو حت��ى‬ ‫دمشق"‪.‬‬ ‫ف��ي مدين��ة القامش��لي تح��اول اإلدارة‬ ‫الذاتية الديمقراطية بهيئاتها المختلفة‬ ‫اإلحاط��ة بأم��ور إدخ��ال البضائ��ع إل��ى‬ ‫المدين��ة من مختلف ّ‬ ‫الط��رق‪ ،‬من خالل‬ ‫هيئ��ة التموين إليجاد وس��ائل متعدّدة‬ ‫للتنس��يق م��ع التجّار والباع��ة‪ ،‬وفرض‬ ‫عقوب��ات عل��ى مس��ألة الغ�لاء بإصدار‬ ‫قواني��ن جزائيّ��ة ض��د المتالعبي��ن‬ ‫باألس��عار‪ ،‬لك��ن الطامَ��ة الكب��رى‬ ‫للقامش��لي وبقي��ة م��دن محافظ��ة‬ ‫الحس��كة تكمن في المم��رّات المغلقة‬ ‫التي تفرض تكاليف باهظة في مقابل‬ ‫رفد المنطقة بالبضائع الالزمة‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫«�أر�شيف املطبوعات ال�سورية»‬ ‫املطبوعات اجلديدة يف موقع واحد‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫أطلقت مؤسس��ة عنب بلدي األحد الماضي‪،‬‬ ‫موقعًا إلكترونيًا يقدم خدمة حفظ وأرشفة‬ ‫المطبوعات الجديدة التي صدرت في سوريا‬ ‫عقب انطالق الثورة‪ ،‬حمل اس��م «أرش��يف‬ ‫المطبوعات السورية»‪ ،‬وذلك خالل المؤتمر‬ ‫األول لرابطة الصحفيين الس��وريين‪ ،‬الذي‬ ‫عقد في مدينة غازي عنتاب التركية ما بين‬ ‫‪ 20‬و‪ 22‬من الشهر الجاري‪.‬‬ ‫وجاء في تعريف الموقع الذي قدمه مش��رف‬ ‫المش��روع ج��واد ش��ربجي‪ ،‬خالل الجلس��ة‬ ‫المخصص��ة لوس��ائل اإلع�لام الجديدة في‬ ‫المؤتم��ر‪ ،‬أن��ه موق��ع مس��تقل «ال يتبن��ى‬ ‫توجهًا سياسيًا أو حزبيًا أو دينيًا… يحاول‬ ‫تحس��ين الواق��ع التس��ويقي للمطبوع��ات‬ ‫السورية‪ ،‬التي تنتشر على عشرات المواقع‬ ‫اإللكترونية بش��كل غير منظ��م»‪ ،‬وقال إن‬ ‫«الموق��ع هو خط��وة أولى في المش��روع»‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تعريفا بكل‬ ‫وس��يتبعه إصدار كتيب يح��وي‬ ‫المطبوعات الس��ورية س��يطبع ويوزع على‬ ‫المؤسسات اإلعالمية أواخر شباط ‪.2015‬‬ ‫وأض��اف ش��ربجي أن أهمي��ة المطبوع��ات‬ ‫السورية تكمن في كونها «وثائق تاريخية»‬ ‫تضم في صفحاتها محت��وى متنوعًا يوثق‬ ‫للواق��ع الس��وري ب��كل مس��توياته‪ ،‬ويعبر‬ ‫ع��ن آراء وتطلع��ات الس��وريين بمختل��ف‬ ‫انتماءاتهم وتوجهاتهم‪ ،‬وسيكون مادة غنية‬ ‫ألي أبح��اث أو دراس��ات مس��تقبلية‪ ،‬وطالب‬ ‫رابطة الصحفيين الس��وريين بالمس��اهمة‬ ‫م��ن خالل خبرات أعضائه��ا بعملية «تقييم‬ ‫وتحليل محتوى مطبوعات الس��ورية» التي‬ ‫زاد عددها حتى اآلن عن ‪ 120‬مطبوعة‪.‬‬ ‫كما قدم مش��رف المش��روع ش��رحًا موجزًا‬ ‫ع��ن محرك البح��ث‪« ،‬الذي اس��تغرق الجهد‬ ‫األكب��ر ف��ي برمج��ة الموق��ع»‪ ،‬وق��ال إن��ه‬ ‫«س��يقدم خدم��ة هامة وعملي��ة» ألصحاب‬ ‫المطبوعات والصحفيين والقراء‪ ،‬إذ سيتيح‬ ‫إمكانية البح��ث في الصحف من خالل قدرة‬ ‫الموقع عل��ى تحليل محتوى ملفات الـ ‪PDF‬‬ ‫كملف��ات نصية والوصول إل��ى داخلها‪ ،‬كما‬ ‫يوفر إمكانية البحث عن المطبوعات بحسب‬ ‫أماك��ن صدوره��ا‪ ،‬أو ضم��ن نط��اق زمني‬ ‫محدد‪.‬‬ ‫وي��رى مدي��ر المش��روع التنفي��ذي محم��د‬ ‫خوالن��ي‪ ،‬أنه “البد م��ن تخزين المطبوعات‬ ‫الس��ورية واالحتف��اظ به��ا لالس��تثمار‬ ‫المس��تقبلي من قبل السياسيين والباحثين‬ ‫والمؤرخي��ن”‪ ،‬وناش��د جمي��ع الصح��ف‬ ‫والمج�لات الس��ورية غي��ر المؤرش��فة في‬ ‫الموق��ع‪ ،‬أن تب��دأ بإرس��ال مطبوعاتها إلى‬ ‫الموق��ع‪ ،‬مش��يرًا إلى أن ذلك “سيس��اعدها‬

‫على حفظ إنتاجها وتسويقه للجمهور”‪.‬‬ ‫ب��دوره اعتب��ر دياب س��رية‪ ،‬رئي��س تحرير‬ ‫جري��دة تم��دن وعض��و الش��بكة الس��ورية‬ ‫لإلع�لام المطب��وع‪ ،‬أن «الموقع ه��و األول‬ ‫م��ن نوعه عل��ى صعيد اإلعالم الس��وري»‪،‬‬ ‫وقال إن أرش��فة هذا الك��م من المطبوعات‬ ‫«بمثاب��ة عم��ل توثيقي لمرحل��ة هامة من‬ ‫تاري��خ س��وريا‪ ،‬يرص��د الحال��ة اإلبداعي��ة‬ ‫الس��ورية التي ول��دت مع انط�لاق الثورة»‪،‬‬ ‫مش��يرًا إلى أن «الش��بكة السورية لإلعالم‬ ‫المطبوع سوف تعتمد الموقع بشكل رسمي‬ ‫كمرج��ع في البحث عن اإلص��دارات الورقية‬ ‫في سوريا»‪.‬‬ ‫ب��دوره أكد الكات��ب والصحفي علي س��فر‪،‬‬ ‫على أهمية أرش��فة المطبوع��ات باعتبارها‬ ‫“ذاك��رة لس��وريا ولي��س فق��ط للصحافة‪،‬‬ ‫وكونها توثق وقائع الحياة اليومية السياسية‬ ‫والعسكرية واالجتماعية في البالد”‪.‬‬ ‫ونص��ح س��فر‪ ،‬القائمين على المش��روع أن‬ ‫يجعل��وا عملي��ة األرش��فة متاح��ة للجميع‪،‬‬ ‫“لي��س فقط من خالل الموق��ع‪ ،‬بل بربطها‬ ‫بمح��ركات البح��ث مث��ل غوغ��ل وياه��و‬ ‫وغيره��ا”‪ ،‬داعيً��ا إل��ى “رفع س��وية العمل‬ ‫الصحف��ي بعد الث��ورة‪ ،‬من إج��راء عمليات‬ ‫التقييم الدورية وإخض��اع المواد الصحفية‬ ‫للمعايير واألسس المهنية”‪.‬‬ ‫وكان العمل على المش��روع قد بدأ في آذار‬ ‫‪ 2013‬م��ن قبل فريق منبثق عن مؤسس��ة‬ ‫عنب بل��دي‪ ،‬على ش��كل نش��رة إلكترونية‬ ‫أس��بوعية تضم روابط أح��دث المطبوعات‬ ‫الصادرة في س��وريا‪ ،‬ضمن م��ا أطلق عليه‬ ‫اس��م “اإلع�لام الس��وري البدي��ل”‪ ،‬ويضم‬ ‫الموق��ع حاليً��ا أكثر من ‪ 3800‬ع��دد لـ ‪126‬‬ ‫ً‬ ‫تعريفا‬ ‫مطبوعة (ورقية والكترونية)‪ ،‬ويوفر‬ ‫ب��كل منها ومعلوم��ات التواص��ل واالتصال‬ ‫به��ا‪ ،‬باإلضاف��ة إل��ى مجموعة م��ن ميزات‬ ‫التصفح والتحميل والطباعة والمشاركة‪.‬‬ ‫يذك��ر أن الموقع أطلق رس��ميًا في الحادي‬ ‫والعش��رين من كانون األول ‪ 2014‬بنسخة‬ ‫تجريبي��ة جاه��زة لالس��تثمار‪ ،‬وذلك بدعم‬ ‫مالي م��ن منظم��ة ‪ NPA‬النرويجية‪ ،‬ودعم‬ ‫إعالم��ي م��ن الش��بكة الس��ورية لإلع�لام‬ ‫المطبوع ورابطة الصحفيين السوريين‪.‬‬

‫هيئة الإغاثة الإن�سانية‪:‬‬ ‫ب�إمكاننا م�ساعدة الالجئني‬ ‫ال�سوريني لـ ‪� 20‬سنة �أخرى‬

‫قال منسق هيئة اإلغاثة اإلنسانية التركية‬ ‫(‪ )IHH‬لوالي��ة كليس "إره��ان يميالك" إن‬ ‫الهيئ��ة أرس��لت ‪ 4500‬ش��احنة مس��اعدات‬ ‫إنس��انية إلى المحتاجين في س��وريا خالل‬ ‫السنوات األربع األخيرة‪.‬‬ ‫ولفت "يميالك" في تصريحات صحفية إلى‬ ‫اس��تعداد حكومة بالده إلرس��ال مساعدات‬ ‫للس��وريين لـ ‪ 20‬س��نة أخ��رى" موضح ًا أن‬ ‫تركيا قامت بما يجب عليها في هذا الصدد‪،‬‬ ‫إذ اس��تقبلت الحكوم��ة الضيوف في أفضل‬ ‫مناخ ممكن حسب تعبيره‪.‬‬ ‫وذك��ر "يمي�لاك" أنه��م يحاول��ون تقدي��م‬ ‫المس��اعدة للس��وريين المقيمي��ن ف��ي‬ ‫المخيم��ات داخ��ل تركي��ا وس��وريا‪ ،‬كم��ا‬ ‫يقوم��ون بإيصال المس��اعدات اإلنس��انية‬ ‫ً‬ ‫مضيفا‪" :‬أرس��لنا ‪4500‬‬ ‫إل��ى من يحتاجها‪،‬‬ ‫شاحنة مساعدات إغاثية إلى سوريا‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى تقديم طعام س��اخن لقراب��ة ‪ 30‬ألف‬ ‫شخص يوميًا في المخيمات داخل األراضي‬ ‫السورية"‪.‬‬ ‫وأش��ار "يميالك" إل��ى أن الهيئة أقامت أكبر‬ ‫مخيم في س��وريا‪ ،‬يضم نحو ألف مس��كن‬ ‫جاه��ز قائ�ًل�اً ‪" :‬إن بعضً��ا من الس��وريين‬ ‫الفارين من الحرب لجأ إلى تركيا‪ ،‬والبعض‬ ‫اآلخ��ر ن��زح إلى مخيم��ات قرب الح��دود مع‬ ‫تركيا في سوريا‪ ،‬كما أن حياة الخيم زرعت‬ ‫الي��أس ف��ي نفوس��هم ألن األح��داث ف��ي‬ ‫بالدهم قد طال��ت‪ ،‬لذلك فنحن نعمل على‬ ‫إقامة مساكن جاهزة لهم"‪.‬‬ ‫كما لفت "يميالك" إلى أن المنظمات الدولية‬ ‫ل��م ترس��ل مس��اعدات كافية إلى س��وريا‪،‬‬ ‫مبينًا أنهم بدأوا بخلق حلول دائمة لضحايا‬ ‫األزمة السورية‪.‬‬ ‫وتعتبر هيئة اإلغاثة اإلنس��انية (‪ )IHH‬من‬ ‫أكبر الجه��ات الداعمة لالجئين الس��وريين‬ ‫ف��ي تركي��ا‪ ،‬وف��ي المخيم��ات القريبة من‬ ‫الحدود السورية التركية‪.‬‬ ‫وتأسس��ت الهيئة في ع��ام ‪ 1992‬إثر حرب‬ ‫البوس��ة البوس��نة معتم��دة عل��ى تبرعات‬ ‫األت��راك وانتظم عملها ع��ام ‪ 1995‬ضمن‬ ‫مؤسس��ة هيئ��ة اإلغاث��ة والمس��اعدات‬ ‫اإلنسانية وتنش��ط في دول ومناطق عدة‬ ‫كدول البلقان وأوكرانيا وإندونيسيا وبعض‬ ‫دول إفريقيا والشرق األوسط‪.‬‬


‫ال َهتــك‪ ..‬مرمي‪�" ،‬شاهدة ملكة" يف حمكمة جنايات دولية (‪)1‬‬ ‫عامر محمد‬ ‫تنشر بالتزامن مع مجموعة من وسائل اإلعالم السورية‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫اقتي��دت مريم إلى فرع المخابرات الجوية في‬ ‫منطق��ة المزة‪ ،‬وب��دأ التحقي��ق معها بعرض‬ ‫ص��ور لرج��ال ونس��اء م��ن ذات الح��ي ال��ذي‬ ‫تس��كنه‪ ،‬وتقول إنها كانت تعرف البعض من‬ ‫تلك الوجوه‪ ،‬لكنها أنكرت تلك المعرفة‪ ،‬فبدأ‬ ‫تعذيبه��ا وضربها‪ ،‬تس��تمر جلس��ة التعذيب‪،‬‬ ‫م��ن نصف س��اعة حت��ى س��اعتين‪ ،‬تتعرض‬ ‫فيها المعتقلة لشتى أنواع الضرب والتعذيب‪،‬‬ ‫وقالت إنها كانت تقس��م بالمقدسات الدينية‬ ‫اإلس�لامية بأنها ال تمل��ك أي معلومات‪ ،‬لكن‬ ‫ذلك كان يجعل المحققين يعذبونها أكثر‪.‬‬ ‫تقول مريم إنها وصلت إلى مرحلة من اإلجهاد‬ ‫نتيجة التعذيب أصبحت فيها ترجو المحققين‬ ‫والعناصر ك��ي يتوقفوا عن تعذيبها وتش��ير‬ ‫"كنت أرجوهم باسم اهلل ونبيه‪ ،‬فكان ضربي‬ ‫يزداد إثر ذلك‪ ،‬ثم حاولت أن أرجوهم باس��م‬ ‫"اإلم��ام عل��ي" إال أن ذلك لم يوق��ف تعذيبي‬ ‫ب��ل زاد منه" إذ كانوا يظنون أنها تس��خر من‬ ‫معتقداتهم‪ ،‬رغم أن عدداً منهم ال ينتمي إلى‬ ‫الطائفة العلوية‪ ،‬وتق��ول إن بينهم لبنانيون‬ ‫عرفتهم من لهجاتهم‪.‬‬ ‫وبع��د أس��بوع م��ن التعذيب المتواص��ل الذي‬ ‫كان م��ن ضمنه الح��رق والتعري��ة واإلهانة‪،‬‬ ‫شتمت مريم بش��ار األسد "الرئيس السوري"‬ ‫أمام المحقق‪ ،‬راجية من ذلك التصرف الموت‬ ‫"دعوت اهلل أن يصيب بش��ار األس��د بالمرض‬ ‫والم��وت بوجه المحقق مباش��رة كي يقتلني‪،‬‬ ‫قلت (اهلل يش��لو ويزلو لبش��ار األس��د متل ما‬ ‫زلن��ا) كنت أعل��م أن جملة مماثل��ة لها جواب‬ ‫واحد بالنسبة لهم وهو قتلي‪ ،‬فاقتادوني إلى‬ ‫زنزانة منفردة‪ ،‬وجردت من مالبس��ي بشكل‬ ‫كامل‪ ،‬في درجة حرارة منخفضة جداً‪ ،‬ربطت‬ ‫قدم��اي وعلقت من الس��قف بش��كل مقلوب‬ ‫لح��رق بأعقاب‬ ‫وتعرض��ت خالل ه��ذه الفترة‬ ‫ٍ‬ ‫الس��جائر واعتداء جنس��ي‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن الضرب‬ ‫المتواص��ل" بقيت مريم ف��ي المنفردة لمدة‬ ‫ثمانية وأربعين س��اعة وتص��ف المكان الذي‬ ‫احتجزت فيه بالمخيف‪.‬‬ ‫ل��م يكن ما ترويه مريم في تفاصيله مفاجئ ًا‬ ‫جداً لـ أية مهنا المعالجة النفس��ية والمختصة‬

‫في عل��م النفس العيادي‪ ،‬والتي اطلعت على‬ ‫قضي��ة مري��م‪ ،‬مهنا قال��ت ف��ي إجابتها على‬ ‫سؤال س��وريتنا حول مدى تقاطع المعلومات‬ ‫الت��ي أدلت بها مري��م مع معلومات س��معتها‬ ‫م��ن معتقلين س��وريين أخري��ن‪ ،‬إن هناك ما‬ ‫يقارب م��ن ‪ ٪ 60‬من معلومات مريم يتقاطع‬ ‫تماماً م��ع ما أدلى به معتقلون س��ابقون في‬ ‫فروع أمنية س��ورية أخرى‪ ،‬فطريقة التعذيب‬ ‫وتفاصيل��ه ه��و أكب��ر قاس��م مش��ترك بين‬ ‫قصة مريم وقصص أخ��رى رواها معتقلون‬ ‫سابقون بينهم رجال‪.‬‬ ‫وتصفُ مريم آلية عمليات االغتصاب بالتالي‬ ‫" يتم النداء على اس��م المعتقل��ة وتُقاد إلى‬ ‫غرف��ة أخرى وتغتص��ب فيها‪ ،‬كان��ت عمليات‬ ‫االغتصاب مستمرة طوال فترة اعتقالي لمدة‬ ‫أربع��ة أش��هر‪ ،‬وتك��ون مترافقة م��ع إهانات‬ ‫وإذالل ش��ديدين‪ ،‬ه��دف المُغتصبي��ن ه��و‬ ‫إذالل المعتقلة وليس المتعة الجنسية" تقول‬ ‫الش��اهدة إنه��ا تعرض��ت لالغتص��اب بمعدل‬ ‫مرة واح��دة في اليوم‪ ،‬واس��تمر ذلك حتى ما‬ ‫قبل إطالق س��راحها‪ ،‬فيم��ا حملت بجنين في‬ ‫المعتق��ل وفقدت��ه نتيجة الضرب المس��تمر‪،‬‬ ‫وتذك��رُ أن أخريات حمل��ن بأجنة نتيجة ذلك‪،‬‬ ‫وأجهض��ن نتيج��ة الضرب أيض�� ًا على الصدر‬ ‫والظه��ر والبط��ن‪ ،‬فيما ال تس��تطيع أن تؤكد‬ ‫م��ا إذا كان المحقق��ون والعناص��ر يقصدون‬ ‫ضربهن بغرض إجهاض األجنة أم ال‪.‬‬ ‫تعرض��ت مري��م الغتص��اب خلف��ي وأمامي‪،‬‬ ‫وزاد من حدة وتك��رار اغتصابها الحادثة التي‬ ‫شتمت فيها بشار األسد‪ ،‬وتقول إنها شاهدت‬ ‫وجوه بعض عناصر الفرع المُغتصبين‪ ،‬فيما‬ ‫أخفى آخرون وجوههم‪ ،‬هؤالء كانوا يختارون‬ ‫المعتق�لات الغتصابه��ن وفق ج��دول عبثي‪،‬‬ ‫فيما س��جل االغتصاب بحق نساء وفتيات من‬ ‫عمر الس��ابعة عش��رة وحتى الخمسين عاماً‪،‬‬ ‫قام به ضباط وعناصر على حد سواء‪.‬‬ ‫يستعمل االغتصاب كس�لاح وبشكل ممنهج‬ ‫ف��ي المعتق�لات الس��ورية‪ ،‬كم��ا يؤك��د عبد‬ ‫الكري��م ريح��اوي رئي��س الرابطة الس��ورية‬ ‫لحق��وق اإلنس��ان‪ ،‬يق��ول إن م��ا تدل��ي ب��ه‬

‫مري��م يتقاط��ع بش��كل كامل مع عش��رات‬ ‫الش��هادات األخرى‪ ،‬وإن اله��دف من عمليات‬ ‫االعتداء الجنس��ي ليس انتزاع معلومات من‬ ‫المعتقلين‪ ،‬بقدر م��ا هو محاوالت إلذاللهم‪،‬‬ ‫ويش��ير ريحاوي إلى أن مجل��س األمن أصدر‬ ‫قراراً بمالحقة جناة عمليات االعتداء الجنسي‬ ‫في المحاكم الدولية وحتى في محاكم سوريا‬ ‫القادمة‪ ،‬مش��يراً إلى أن الس��لطات الس��ورية‬ ‫تستخدم االغتصاب كسالح دائم‪.‬‬ ‫يبلغ عدد المعتقالت اللواتي كن مع مريم في‬ ‫المخاب��رات الجوي��ة في اعتقاله��ا األول‪ ،‬أكثر‬ ‫م��ن ‪ 150‬معتقلة تت��راوح أعمارهن بين ‪17‬‬ ‫عاماً حتى ‪ 60‬عام ًا وتذكر أنها شاهدت أطفا ً‬ ‫ال‬ ‫معتقلين منهم دون الثانية عش��رة‪ ،‬تعرضوا‬ ‫للض��رب كذل��ك من قب��ل المحققي��ن‪ ،‬لكنها‬ ‫تصف��ه بالع��ذاب األقل‪ ،‬وكانت ش��اهدة على‬ ‫حاالت قتلت فيها المعتقالت من شدة التعذيب‬ ‫واالغتصاب وال تعلم ماذا ُفعل بجثثهن‪.‬‬ ‫يئس��ت مري��م من إطالق س��راحها م��ن فرع‬ ‫الجوية‪ ،‬ووصلت لحالة سيئة نفسياً وجسدياً‪،‬‬ ‫وتصف فترة االعتقال األولى بأنها قربتها من‬ ‫الموت مراراً وكانت تنتظر حدوثه‪ ،‬فيما تصف‬ ‫اغتصابه��ا بأن��ه كان متك��رراً بش��كل يفوق‬ ‫اغتصاب أخريات‪.‬‬ ‫وجه المحققون لـ مريم تهمة قتل ضابط في‬ ‫الجيش السوري "أيمن جوابرة" خالل اشتباك‬ ‫مس��لح في حي جوبر‪ ،‬وتهمة تقديم الذخيرة‬ ‫والس�لاح للجي��ش الحر‪ ،‬ووقعت عل��ى التهم‬ ‫وأطلق س��راحها في حي العدوي بدمشق مع‬ ‫أربع��ة عش��رة معتقلة ف��ي وق��ت متأخر من‬ ‫الليل‪.‬‬ ‫بعد إطالق س��راحها من المخاب��رات الجوية‪،‬‬ ‫توجه��ت مريم إل��ى حي جوب��ر وبقيت هناك‬ ‫لفت��رة قصيرة‪ ،‬قبل أن يقض��ي معظم أفراد‬ ‫عائلته��ا نتيج��ة قص��فٍ ‪ -‬م��ن قب��ل القوات‬ ‫النظامية ‪ -‬ببرميل متفجر‪ ،‬البرميل دمر ستة‬ ‫أبنية بش��كل كامل‪ ،‬فنجت هي مع ش��قيقها‬ ‫من عملي��ة القصف الذي تم ف��ي وقت كانت‬ ‫في��ه خ��ارج المن��زل‪ ،‬فانتقل��ت إل��ى منطقة‬ ‫بين عربي��ن وجوبر‪ ،‬حيث عمل��ت في مهنتها‬ ‫الس��ابقة "التمري��ض" م��ع مصابي��ن مدنين‬ ‫وعسكريين من الجيش الحر‪ ،‬واعتقلت هناك‬ ‫للمرة الثانية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬

‫االعتقال الأول "من جوبر �إىل العدوي"‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫الخميس‪ ،‬الثاني عشر من كانون الثاني عام ‪ ،2012‬اعتقلت‬ ‫مريم "اسم مستعار" أثناء مرورها في سوق شعبي يدعى "سوق‬ ‫المناطي" في حي جوبر بدمشق‪ ،‬واقتيدت إلى فرع المخابرات‬ ‫الجوية في منطقة المزة حيث بقيت هناك ألربعة أشهر‪ ،‬عذبت‬ ‫واغتصبت‪ ،‬وحملت بجنين نتيجة االغتصاب وفقدته نتيجة‬ ‫التعذيب الوحشي‪ ،‬قبل أن يطلق سراحها بعد أن أجبرت على‬ ‫االعتراف بقتل ضابط‪ ،‬مرت أشهر بعد ذلك‪ ،‬لتعتقل مريم للمرة‬ ‫الثانية‪ ،‬وتمضي في االعتقال الثاني أكثر من عام وثمانية أشهر‪،‬‬ ‫من جديد عذبت وأوذيت واغتصبت‪ ،‬قبل أن يطلق سراحها‬ ‫وهي تحمل في أحشائها جنيناً ال تعرف من أباه وال ما تصنع‬ ‫به‪ ،‬وضعت مريم طفلها في مشفى ميداني في النبك بريف‬ ‫دمشق واسمته محمد‪ ،‬بعد حوالي العام على إطالق سراحها‪،‬‬ ‫تروي مريم لـ "سوريتنا" للمرة األولى تفاصيل أكثر من عامين‬ ‫أمضتها في المخابرات الجوية‪ ،‬ومريم ليست الوحيدة‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫عُ مان حتت املجهر‬ ‫بني تقا�سم اجلغرافيا وامل�ستقبل الغام�ض (‪)2‬‬ ‫وجهة نظر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫هاني سعد الدين‬ ‫الحدي��ث ع��ن أي ش��كل م��ن أش��كال اإلص�لاح‬ ‫االقتصادي فهو بال شك مرتبط ارتباطاً عضويًا‬ ‫بعملية إصالح سياس��ية تب��دو بعيدة عن عمان‬ ‫اليوم‪ ،‬التي تعاني من تمركز السلطات الشديد‬ ‫ف��ي يد الس��لطان قابوس الذي جم��ع بين يديه‬ ‫القس��م األعظم من السلطات‪ ،‬على غرار ملوك‬ ‫أوروبا في القرون الوس��طى مما جعل األس��رة‬ ‫ضعيف��ة‪ ،‬فض ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال ع��ن غياب‬ ‫مؤسس��ة‬ ‫الحاكم��ة‬ ‫تام ألي مؤسس��ة أو حزب أو كيان سياس��ي في‬ ‫السلطنة‪.‬‬ ‫قاب��وس بن س��عيد ليس فق��ط الس��لطان بل‬ ‫أيض��اً رئي��س ال��وزراء ووزي��ر المالي��ة ووزي��ر‬ ‫الخارجي��ة ورئي��س البن��ك المرك��زي‪ .‬بينم��ا‬ ‫يتقاس��م أبن��اء عمومت��ه مناص��ب ثانوي��ة في‬ ‫الب�لاد ك��وزارة الثقافة والبيئة والمراس��م‪ ،‬وقد‬ ‫نتج عن الش��خصنة الش��ديدة للس��لطة اعتماد‬ ‫النظام بكامله على الس��لطان وغياب أي كفاءة‬ ‫ً‬ ‫خالف��ا لنظرائهم الخليجيين‬ ‫إدارية لدى األمراء‬ ‫الذين تمرس��وا في وظائ��ف الدولة‪ ،‬على اعتبار‬ ‫أن الملكي��ات األخ��رى في الخليج هي مش��اريع‬ ‫عائلية‪.‬‬ ‫حتى أن السلطان قابوس لم يسمي ولياً للعهد‪،‬‬ ‫مخافة االنقالب عليه‪ ،‬فاألخير انقلب على والده‬ ‫عندما كان ولي��اً للعهد‪ ،‬بل وضع أس��لوبًا خاصاً‬ ‫الختي��ار خليفته‪ ،‬حيث قال حرفياً «عندما أموت‪،‬‬ ‫تجتم��ع عائلت��ي‪ ،‬وإذا ل��م يتفقوا على مرش��ح‪،‬‬ ‫يقرر مجلس الدفاع ولي العهد بناء على اسم أو‬ ‫أسماء حددها السلطان السابق‪ .‬وقد كتبت سلفًا‬ ‫اس��مين بترتيب تنازلي ووضعتهما في ظرفين‬ ‫مختومين في منطقتين مختلفتين»‪.‬‬ ‫عل��ى الرغم من الحديث ع��ن ديمقراطية وليدة‬ ‫في عمان واستنساخ مشوه للتجربة البريطانية‬ ‫ف��ي الحكم عن طري��ق وجود مجلس��ين عموم‬ ‫ينتخب من الشعب وشيوخ يعينه السلطان‪ ،‬فإن‬ ‫الواقع يثبت غير ذل��ك فالبرلمان المذكور ليس‬ ‫من صالحيت��ه معالجة القضايا األساس��ية مثل‬ ‫األم��ن القومي أو العالق��ات الخارجية أو النظام‬ ‫السياس��ي‪ .‬وال يس��مح له إال بمعالج��ة القضايا‬ ‫االقتصادي��ة واالجتماعية وتش��جيع االس��تثمار‬ ‫واإلص�لاح اإلداري‪ ،‬وحت��ى ف��ي ه��ذه المجاالت‬ ‫ال يب��ادر المجلس بتش��ريع ما ب��ل يمكنه فقط‬ ‫التعلي��ق عل��ى القواني��ن أو اقت��راح تعدي�لات‬ ‫عل��ى قوانين تقدم له من قبل وزارة الس��لطان‬ ‫للدراسة‪.‬‬ ‫يضاف إلى ذلك غياب أي شكل من أشكال حرية‬ ‫الرأي‪ ،‬ووفقًا لتصنيف قامت به اإليكونيميس��ت‬ ‫ع��ام ‪ ،2012‬س��جلت عم��ان نقط��ة واح��دة من‬ ‫س��لم تصنيف يحت��وي على درجات م��ن الواحد‬ ‫إلى العش��رة‪ ،‬وجاءت في ترتيبه��ا بعد المملكة‬ ‫العربية السعودية‪.‬‬ ‫لم تفلح العالقات الخارجية المتش��ابكة والستار‬ ‫الحدي��دي ال��ذي فرضه الس��لطان قابوس على‬ ‫الداخ��ل العمان��ي‪ ،‬ف��ي من��ع ري��اح التغيير من‬ ‫الوصول إلى الس��لطنة التي كان��ت على موعدٍ‬ ‫م��ع الربي��ع العماني ف��ي ش��باط ‪ ،2011‬والذي‬ ‫بدأ م��ن دوار والية صحار عق��ب تجمع عدد من‬ ‫موظف��ي ش��ركات القط��اع الخ��اص للمطالبة‬

‫بتحسين أجورهم‪ ،‬قبل أن يتمدد‪.‬‬ ‫ش��كل لتغيي��ر نظام‬ ‫ول��م يه��دف الح��راك بأي‬ ‫ٍ‬ ‫الحك��م وانحص��رت المطالبات باإلص�لاح تحت‬ ‫عن��وان "نحن ال نطالب بتنحي الس��لطان‪ ،‬لكننا‬ ‫نطال��ب بإصالح��ات حقيقي��ة تش��مل الرؤوس‬ ‫الناف��ذة ف��ي الدول��ة"‪ ،‬وق��د لخص��ت المطال��ب‬ ‫ف��ي عريضة مس��يرة "نداء الخي��ر" التي رُفعت‬ ‫للس��لطان في ش��باط ‪ ،2011‬وركزت في حينه‬ ‫على أهمي��ة مكافحة الفس��اد االداري والمالي‪،‬‬ ‫إص�لاح الحكوم��ة بإقالة ال��وزراء غي��ر األكفاء‬ ‫ومحاس��بتهم‪ ،‬تفعي��ل لج��ان مجلس الش��ورى‬ ‫وإعطائه��ا صالحية مراجعة سياس��ات الوزارات‬ ‫والتصويت عليها قبو ًال ورفض��ًا‪ .‬أما في الجانب‬ ‫االجتماعي‪ ،‬فشددت على أهمية إنشاء الجمعيات‬ ‫األهلية والخيرية والتعاونية والثقافية بشروط‬ ‫ميسرة‪ ،‬ورفع مس��توى المعيشة للفرد العماني‬ ‫م��ن خ�لال ايج��اد ف��رص عم��ل للعاطلين عن‬ ‫العم��ل‪ ،‬رفع رواتب أس��ر الضم��ان االجتماعي‪،‬‬ ‫ورفع مستوى الحد األدنى ألجور الموظفين في‬ ‫القطاعي��ن الع��ام والخاص‪ ،‬توفي��ر مخصصات‬ ‫ش��هرية للعاطلين عن العم��ل‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن إعفاء‬ ‫المواطني��ن من الدي��ون المصرفي��ة الحكومية‬ ‫والخاصة‪.‬‬ ‫وكان رد الحكوم��ة باتجاهي��ن نح��و إجه��اض‬ ‫الح��راك أولهم��ا م��ن خ�لال اللع��ب عل��ى الوتر‬ ‫المذهبي "إباضية‪ ،‬س��نة"‪ ،‬واإلباضية هم فرقة‬ ‫من فرق الخوارج وس��ميت على اس��م مؤسسها‬ ‫عب��د اهلل بن إباض‪ .‬وتعود ج��ذور هذا المذهب‬ ‫إل��ى الخ��وارج من مؤي��دي اإلمام عل��ي بن أبي‬ ‫طال��ب الذين انقلبوا او خرجوا عليه وفي مرحلة‬ ‫الحقة اعترفوا فقط بخالفة الخليفتين األوليين‬ ‫أب��و بكر الصدي��ق وعمر بن الخط��اب‪ ،‬ويختلف‬ ‫االباضيون عن الش��يعة أساس��اً بأنهم يؤمنون‬ ‫بض��رورة انتخ��اب الخليف��ة م��ن بي��ن عم��وم‬ ‫المسلمين‪ ،‬ويرون أن أي مسلم يمكن أن يكون‬ ‫إماماً إذا م��ا توفرت فيه الش��روط ويتم تعيينه‬ ‫من خالل مبايعته‪.‬‬ ‫وهم يش��كلون خمس��ين بالمئة على األقل من‬

‫أهال��ي عمان بم��ا فيهم األس��رة الحاكمة‪ ،‬ومن‬ ‫المعروف أن عمان حكمت تاريخياً من الداخل من‬ ‫قبل إمام اإلباضية وساحليًا من أجداد السلطان‬ ‫قاب��وس‪ ،‬إال أن اللع��ب عل��ى الوت��ر المذهبي ال‬ ‫يمكن للس��لطان أن يعول عليه كونه مرفوض‬ ‫ألس��باب لها‬ ‫م��ن اإلباضية وال يعتبر إمامًا عاد ًال‬ ‫ٍ‬ ‫عالق��ة بحياته وميوله الخاصة مما يفقده صفة‬ ‫اإلمامة‪.‬‬ ‫وإمعان��ًا في إجه��اض الحراك عم��دت الحكومة‬ ‫إل��ى إج��راءاتٍ تخديرية‪ ،‬حيث أصدر الس��لطان‬ ‫قاب��وس عدداً من المراس��يم ح��اول من خاللها‬ ‫امتصاص الغضب الشعبي‪ ،‬أهمها تعديل المادة‬ ‫السادسة من الدستور‪ ،‬والمتعلقة بكيفية اختيار‬ ‫ً‬ ‫خاصة وأن تأمين انتقال السلطة يعد‬ ‫السلطان‪،‬‬ ‫مث��ار جدل كبير في األوس��اط العمانية في ظل‬ ‫عدم وجود ولي عه��د‪ ،‬ما يجعل البعض يتخوف‬ ‫من المس��تقبل ووقوع البالد ف��ي الفراغ‪ ،‬وذلك‬ ‫لغياب ولي عهد شرعي كون السلطان لم يتزوج‬ ‫ولم ينجب أوالداً لخالفته‪.‬‬ ‫وق��د أت��ى التعدي��ل ليش��رك رئيس��ي مجل��س‬ ‫الش��ورى والدولة ورئيس المحكمة العليا وأقدم‬ ‫اثني��ن م��ن نوابه ف��ي مهمة تثبيت م��ن اختاره‬ ‫الس��لطان قب��ل وفات��ه‪ ،‬إل��ى جان��ب ذل��ك منح‬ ‫الس��لطان مجل��س الش��ورى صالحي��ات رقابية‬ ‫وتش��ريعية‪ ،‬فض� ً‬ ‫لا ع��ن أن رئي��س مجل��س‬ ‫الش��ورى أصبح يُختار من بين أعضاء المجلس‬ ‫م��ن خالل انتخابات داخلية‪ ،‬كما منح المواطنين‬ ‫حق اختيار مجالس��هم البلدية‪ ،‬للمرة األولى في‬ ‫تاريخ السلطنة‪.‬‬ ‫لكن الس��لطات اآلنفة الذكر الممنوحة لمجلس‬ ‫الش��ورى بقي��ت مح��دودة لع��دم قدرت��ه عل��ى‬ ‫اس��تجواب الوزراء‪ ،‬إذ أن هذا الحق يقتصر على‬ ‫ال��وزارات الخدماتي��ة ال الوزارات الس��يادية‪ .‬أما‬ ‫السبب‪ ،‬فيرتبط بكون السلطان قابوس يشغل‬ ‫جميع الوزارات السيادية في البالد‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مس��تقبل يلف��ه الغموض‪،‬‬ ‫ف��ي الخت��ام لعمان‬ ‫وطاقاتٌ شبابية عينها على التغيير‪ ،‬في محيطٍ‬ ‫ينام ويصحو على ضوء المعارك واالقتتال‪.‬‬


‫الدولة املدنية وحتدياتها بعد احلراك العربي (‪)2‬‬ ‫فضيل التهامي‬

‫بع��د أن تضاف��رت عوام��ل داخلي��ة وخارجية‬ ‫وأسقطت حكم اإلسالميين في العالم العربي‪،‬‬ ‫وبع��د أن زال خطره��م وفش��ل س��عيهم إلى‬ ‫تقوي��ض الدولة المدنية‪ ،‬وإحالل مش��روعهم‬ ‫السياس��ي بتبنيه��م تكتي��كات متنوعة‪ ،‬ظهر‬ ‫تحدي أخر ال يقل خطراً من حكم اإلس�لاميين‬ ‫عل��ى الدول��ة المدني��ة‪ ،‬ثمث��ل ف��ي "الجيوش‬ ‫العربي��ة واس��تراتجيتها التحكمي��ة"‪ .‬فف��ي‬ ‫مص��ر أق��دم الجي��ش المص��ري عل��ى تنفيذ‬ ‫انقالب عس��كري على حك��م اإلخوان‪ ،‬وفرض‬ ‫منط��ق م��ا يعرف ف��ي الدراس��ات العس��كرية‬ ‫ب "العس��كريتارية" عل��ى الوض��ع السياس��ي‬ ‫والمدن��ي‪ ،‬بع��د أن تولى المجلس العس��كري‬ ‫الحك��م‪ ،‬ونص��ب نفس��ه كبدي��ل للش��رعية‬ ‫الش��عبية‪ ،‬منطلق��ًا م��ن مس��لمة يؤم��ن به��ا‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬

‫ثانيا‪ :‬مرحلة ما بعد حكم الإ�سالميني‪:‬‬

‫مفاده��ا "أنه هو المؤس��س للدول��ة المصرية‬ ‫الحديث��ة"‪ .‬وقد س��اعده على ه��ذا تغلغله في‬ ‫البني��ة المجتمعي��ة لمص��ر‪ ،‬إضاف��ة إل��ى أنه‬ ‫يعتبر طرف قوي في االقتصاد‪ ،‬يملك منش��آت‬ ‫ومصان��ع ال تخض��ع للمراقب��ة‪ .‬فه��ذا التحكم‬ ‫للجيش‪ ،‬وفرض أجنداته السياس��ية‪ ،‬وقدرته‬ ‫على قل��ب الموازين ف��ي أي لحظة‪ ،‬هو ضرب‬ ‫في ح��د ذاته لمنطق تأس��يس الدولة المدنية‬ ‫المناقضة تماما للدولة العسكرية‪.‬‬ ‫قفي تونس لم يكن وقع الجيش على التطورات‬ ‫السياس��ية بنف��س درج��ة الحال��ة المصري��ة‪،‬‬ ‫بحيث ورغم لعب��ه دورا مركزياً في االنتفاضة‬ ‫التونس��ية‪ ،‬عاد إلى ثكناته العس��كرية‪ ،‬وبقي‬ ‫بعيداً عن ممارس��ة السياسية‪ ،‬مكتفيا بحماية‬ ‫األراضي التونسية‪ ،‬ومكافحة اإلرهاب‪ ..‬ليغيب‬ ‫بذل��ك أي مش��روع سياس��ي‪ ،‬آو اس��تراتيجيات‬ ‫عسكسياس��ية‪ ،‬يمكنها ضرب الدول��ة المدنية‬ ‫من هذا الجانب (العسكري)‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي المغرب فه��و يختلف أيض��ا في هذا‬ ‫الجانب ع��ن النموذجين التونس��ي والمصري‪،‬‬ ‫فمن��ذ االنقالبي��ن ال��ذي عرفهم��ا ه��ذا البل��د‬ ‫س��نوات الس��بعينات‪ ،‬ت��م إلغ��اء وزارة الدفاع‪،‬‬ ‫وتعويضها بما س��مي بـ إدارة الدفاع الوطني‪،‬‬ ‫لتصب��ح القيادة العس��كرية للجي��ش منذ تلك‬ ‫الفترة للعاهل المغرب��ي‪ ،‬ليكون بذلك قد تم‬ ‫إغ�لاق كل المنافذ التي كان م��ن المحتمل أن‬ ‫تؤدي إلى تحكم بعض الجنراالت في السلطة‪،‬‬ ‫وفرض منطق دولة العسكر‪.‬‬ ‫ختام��ا يمكن القول أن خ��وض تحديات الدولة‬ ‫المدني��ة‪ ،‬والس��ير قدم��اً نح��و وض��ع أرضي��ة‬ ‫لتأسيس��ها‪ ،‬رهي��ن بتواف��ق كل األط��راف‬ ‫المشكلة للنسق السياسي واالجتماعي للدول‬ ‫التي لم تعرف بعد فص ً‬ ‫ال للدين عن السياسية‪،‬‬ ‫عبر البح��ث عن نق��اط االلتقاء واس��تثمارها‪،‬‬ ‫ومحاولة تج��اوز نقاط االخت�لاف‪ ،‬عبر قراءات‬ ‫نقدية مسئولة‪.‬‬ ‫فضيل التهامي ‪ /‬باحث في علم االجتماع‬ ‫السياسي‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط المغرب‬ ‫‪www.facebook.com/fadil.touhami‬‬ ‫‪fadil.touhami@gmail.com‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫بعد وصول اإلس�لاميين إلى الس��لطة حاولوا‬ ‫مالءم��ة مش��روعهم السياس��ي بمرتك��زات‬ ‫الدولة المدنية‪ ،‬لتف��ادي االصطدام بالحركات‬ ‫االجتماعي��ة‪ ،‬خاص��ة النقاب��ات العمالي��ة التي‬ ‫تحم��ل المرجعي��ة العلماني��ة‪ .‬فف��ي الحال��ة‬ ‫التونس��ية أظه��رت حرك��ة النهض��ة توجهه��ا‬ ‫المعتدل‪ ،‬وذلك بموافقتها على عدم تنصيص‬ ‫الدس��تور عل��ى أن الش��ريعة اإلس�لامية هي‬ ‫مص��در التش��ريع‪ ،‬م��ع تحفظه��ا عل��ى تبن��ي‬ ‫الفلس��فة العلماني��ة بحذافيره��ا عل��ى دولة‬ ‫تون��س تحث مب��رر الخصوصي��ة‪ .‬وفي نفس‬ ‫الس��ياق أكد "الغنوش��ي" ف��ي المؤتم��ر الذي‬ ‫نظم��ه المرك��ز العرب��ي لألبح��اث ودراس��ة‬ ‫السياس��يات بالدوحة ف��ي ‪ ،2011‬تحث عنوان‬ ‫"اإلس�لاميون ونظ��ام الحك��م الديمقراطي"‪:‬‬ ‫"أن حرك��ة النهضة ال تس��عى إل��ى قيام دولة‬ ‫إس�لامية‪ ،‬وأن حزب��ه ال يش��كل خط��راً عل��ى‬ ‫الدولة المدني��ة‪" ..‬لكن هذا الخط��اب اعتبرته‬ ‫القوى العلمانية مجرد "تكتيكٍ سياس��ي" في‬ ‫أفق توفر الشروط لرس��م معالم دولة دينية‪،‬‬ ‫وتقويض مس��اعي الدولة المدنية‪ ،‬وقد زكت‬ ‫هذه القوى صحة فرضيتها ببعض المؤشرات‪:‬‬ ‫كتضم��ن مذك��رة حرك��ة النهض��ة بش��أن‬ ‫تصوراتها للدس��تور عبارة "المرأة هي مكمل‬ ‫للرجل" وليس��ت متس��اوية معه في الحقوق‪،‬‬ ‫لتكون بذلك ق��د ضربت بعرض الحائط جميع‬ ‫المكتس��بات التي حققتها الدولة التونسية في‬ ‫هذا المج��ال منذ الفت��رة "البورقيبية"‪ .‬إضافة‬ ‫إلى تضارب األنباء بشأن االجتماع السري الذي‬ ‫عقده "الغنوشي" وقادة السلفيين‪..‬‬ ‫ونفس الش��يء لوحظ أيضا ف��ي مصر‪ ،‬فبمجرد‬ ‫وصول اإلخوان إلى السلطة‪ ،‬استأثروا بها وأقصوا‬ ‫باق��ي الفاعلي��ن‪ ،‬وبدأ ظه��ور مؤش��رات تنم عن‬ ‫عودة مقولة "اإلس�لام هو الحل"‪ ،‬مما أثار مخاوف‬ ‫المكون��ات األخرى خاص��ة األقباط واالش��تراكين‬ ‫مس��اع لتقويض الدولة‬ ‫الذي��ن اعتب��روا أن هناك‬ ‫ٍ‬ ‫المدني��ة ف��ي مص��ر‪ .‬وق��د اتض��ح ه��ذا النه��ج‬ ‫"االخواني" خاصة بعد رفضهم لمضمون الوثيقة‬ ‫التي أصدرها ش��يخ األزهر بمعي��ة مكونات أخرى‬ ‫(ليبراليي��ن ‪ -‬اش��تراكين ‪ -‬أقب��اط‪ )..‬والمتعلق��ة‬ ‫بمستقبل نظام الحكم في مصر‪ ،‬والتي جاء فيها‪:‬‬ ‫"الحك��م في مص��ر نظ��ام دس��توري ديمقراطي‬ ‫تع��ددي‪ ،‬ودي��ن الدولة ه��و اإلس�لام‪ ..‬وان نظام‬

‫وجهة نظر ‪. .‬‬

‫�أوال‪ :‬مرحلة حكم الإ�سالميني‪:‬‬

‫الحك��م هو نظ��ام مدني"‪ ،‬ليكون مب��رر رفضهم‬ ‫(اإلخوان) إقحام عبارة "نظام مدني"‪.‬‬ ‫أما في النموذج المغربي‪ ،‬فيبدو الوضع مختلفاً‬ ‫تمام��اً‪ ،‬نظراً لطبيع��ة واس��تراتيجيات النظام‬ ‫السياس��ي المغربي‪ ،‬فدستوريًا يتحكم رئيس‬ ‫الدول��ة (المل��ك) ف��ي أغل��ب دواليب ممارس��ة‬ ‫الس��لطة في المملكة (الس��لطة التش��ريعية‪،‬‬ ‫التنفيذية‪ ،‬القضائية‪ .)..‬وحتى خارج الشرعية‬ ‫الدس��تورية‪ ،‬واإلط��ار القانوني بش��كل عام‪،‬‬ ‫يس��تفرد بالمرجعية الدينية م��ن خالل "إمارة‬ ‫المؤمنين"‪ ،‬هذه الش��رعية الدينية التاريخية‪،‬‬ ‫جعل��ت الس��لطة السياس��ية توق��ف ح��ركات‬ ‫اإلسالم السياسي المعارضة (العدل واإلحسان)‬ ‫التي يمكنه��ا ان تناور وتعب��ئ الجماهير تحت‬ ‫غط��اء الدين‪ ،‬ولتجعل بعضه��ا أيضا (التوحيد‬ ‫واإلص�لاح) مما يع��رف باعتدالها تس��تمر في‬ ‫ممارس��تها للعم��ل السياس��ي ‪ /‬الدع��وي في‬ ‫النس��ق الرس��مي‪ ،‬ودون الخ��روج ع��ن اإلطار‬ ‫المرس��وم‪ .،‬اضاف��ة إل��ى نهجها اس��تراتيجية‬ ‫"االحت��واء والض��م" للحركة الس��لفية‪ ،‬والتي‬ ‫لوح��ظ ‪H‬ن مجموع��ة م��ن قيادييه��ا التحقت‬ ‫بأح��زاب سياس��ية رس��مية كح��زب النهض��ة‬ ‫والفضيل��ة‪ .‬فه��ذا الوض��ع السياس��ي القائ��م‬ ‫المتجلي في تحكم أعلى سلطة في البالد في‬ ‫أغلب االس��تراتيجيات السياسية‪ ،‬جعل احتمال‬ ‫تقويض الدولة المدنية‪ ،‬ورسم معالم وأسس‬ ‫لدولة دينية مستبعداً جداً‪..‬‬

‫‪9‬‬


‫رائد الت�شكيلي ال�سوري املعا�صر‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫توفيق طارق (�سنقر) ‪1936 – 1875‬‬ ‫ولد توفيق اس��ماعيل س��نقر في دمشق عام‬ ‫‪ ،1875‬بينم��ا يذه��ب الدكت��ور عب��د العزي��ز‬ ‫عل��وان إل��ى أن والدت��ه كانت في اس��طنبول‬ ‫وال��ده اس��ماعيل باش��ا س��نقر ضاب��ط ف��ي‬ ‫الجيش العثماني وجده ابراهيم باش��ا ضابط‬ ‫في الجيش العثماني أيض ًا‪ ،‬ووالدته من أسرة‬ ‫معروفة من حي تل الس��مان الدمشقي‪ ،‬ولم‬ ‫يع��رف أصل لقب طارق الذي اش��تهر به فيما‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫تلق��ى علوم��ه األولية في اس��طنبول‪ ،‬انتقل‬ ‫بعده��ا إل��ى الثانوي��ة الش��اهانية‪ ،‬ليلتح��ق‬ ‫بعده��ا بالمدرس��ة الرش��يدية العس��كرية‬ ‫وخ�لال دراس��ته انتم��ى م��ع بع��ض زمالئه‬ ‫الضباط إلى حزب «تركي��ا الفتاة» المناهض‬ ‫للتي��ار العثمان��ي‪ ،‬فألقي القب��ض عليه عام‬ ‫‪ ،1892‬وتم إطالق س��راحه شرط إبعاده عن‬ ‫اس��طنبول‪ ،‬فأرسلته عائلته بعد تلك الحادثة‬ ‫إلى باري��س للدراس��ة عام ‪ 1895‬ف��ي كلية‬ ‫الفن��ون الجميل��ة‪ ،‬حي��ث درس الطبوغرافي��ا‬ ‫والرس��م‪ ،‬وبعد تخرجه في أوروبا عام ‪1901‬‬ ‫اختار دمش��ق إلقامت��ه‪ ،‬وتنقل بي��ن أحيائها‬ ‫القديم��ة ف��ي دارة الوالي عبد الرحمن باش��ا‬ ‫اليوسف ثم دارة الوجيه أنور زكريا‪ ،‬تزوج بعد‬ ‫ذلك من سيدة دمشقية وهي السيدة فاطمة‬ ‫سبانو وانتقل للس��كنى في بيتها الكائن في‬ ‫حي ساروجا وانجبت منه ولدين مديحة هانم‬ ‫وفؤاد إسماعيل‪.‬‬ ‫ف��ي دمش��ق عمل ف��ي دائ��رة والي دمش��ق‬ ‫كمعم��اري مخطط‪ ،‬حي��ث كلفه جمال باش��ا‬ ‫بتخطي��ط الش��ارع م��ا بين باب الف��رج وخط‬ ‫الحج��از‪ ،‬كما خطط ش��ارع النص��ر الذي كان‬ ‫اسمه شارع جمال باشا سابق ًا‪.‬‬ ‫أُرس��ل مع بداية الح��رب العالمية األولى إلى‬ ‫جبه��ة قن��اة الس��ويس م��ع فرقة الهندس��ة‬ ‫العس��كرية‪ ،‬وبعدما انه��زم الجيش العثماني‬ ‫ف��رّ إلى فلس��طين وعندها اعتقلت��ه القوات‬ ‫البريطانية‪ ،‬وخالل سجنه في المعتقل رسم‬ ‫عدداً م��ن اللوحات لضب��اط إنكليز ما جعلهم‬ ‫يمنحون��ه حري��ة الخ��روج من الس��جن لمدة‬ ‫محددة‪ ،‬وعندها هرب إلى دمشق‪.‬‬ ‫م��ع خ��روج العثمانيين م��ن دمش��ق ودخول‬ ‫الملك فيصل دمش��ق عين ط��ارق في وزارة‬ ‫األوقاف في دمش��ق وأصبح مهندس ًا معماري ًا‬ ‫فيه��ا‪ ،‬وخط��ط ورم��م حينها أهم المس��اجد‬ ‫كمس��جد «فض��ل اهلل البص��روي» اللصي��ق‬ ‫بقصر غازي مقابل وزارة الداخلية‪ ،‬كما رمم‬ ‫الفسيفساء في واجهة الجامع األموي‪.‬‬ ‫اشتهر طارق برس��م البورتريه‪ ،‬وكان يطلب‬ ‫لرس��م وجوه وعائالت بعض وجهاء دمش��ق‪،‬‬ ‫ولعل أجمل لوحاته تلك التي رسم فيها محدث‬ ‫دمش��ق األكبر الش��يخ ب��در الدين الحس��ني‬ ‫الت��ي يقول عنها األس��تاذ ري��اض المالح أنها‬ ‫أوضح صورة رآها للشيخ‪ ،‬وهي موجودة عند‬ ‫حفيده فخر الدين الحس��ني‪ ،‬وكان الش��يخ ال‬ ‫يح��ب أن تؤخذ ل��ه صورة ويك��ره ذلك‪ ،‬فكان‬ ‫توفيق طارق يجلس في درسه كل يوم أكثر‬ ‫من س��اعتين ويتأم��ل وجهه أو أح��د أعضائه‬

‫ليرسمها ثم ينصرف إلى داره ليرسم العضو‬ ‫ال��ذي ركز فكره لرس��مه‪ ،‬واس��تمر على ذلك‬ ‫أكثر م��ن ثالث س��نوات حتى خرجت للش��يخ‬ ‫صورة آية من الفن واإلبداع‪ ،‬ارتفاعها ارتفاع‬ ‫حائط وعرضها ما يق��ارب المترين ولها إطار‬ ‫علي��ه بل��ور ن��ادر الصنعة مزخ��رف بطريقة‬ ‫غريب��ة حيث أنك من أي م��كان أتيت للصورة‬ ‫تشعر كأن الشيخ يسير إليك‪..‬‬ ‫ومن أش��هر لوحات��ه أيضاً «معرك��ة حطين»‬ ‫الت��ي رممها الفنان «رش��اد قصيباتي» وهي‬ ‫من مقتنيات القصر الجمهوري كما قام بنسخ‬ ‫بع��ض اللوحات العالمية بأس��لوب مميز منها‬ ‫لوح��ة «أبو عبد اهلل الصغير» آخر الخلفاء في‬ ‫األندلس‪ ،‬ولوحة «مجلس الخليفة المأمون»‪،‬‬ ‫كما وث��ق تصويراً مراس��م الحج ف��ي رحلته‬ ‫مع «عبد الرحمن باش��ا اليوس��ف» أمير الحج‪،‬‬ ‫حيث رسم قبر النبي محمد «ص»‪ ،‬كما رسم‬ ‫مس��يرة الحج‪ ،‬إضافة إلى لوحة عن الس��عي‬ ‫بين الصفا والمروة‪.‬‬ ‫اجم��ع النق��اد عل��ى تس��مية الفن��ان توفي��ق‬ ‫طارق الرائد األول للفن التش��كيلي الس��وري‬ ‫المعاصر‪ ،‬ولم تقف عطاءاته عند الفن وحده‪،‬‬ ‫ف��كان أول من أس��س نادي للفن��ون الجميلة‬

‫ياسر مرزوق‬

‫في س��ورية في سوق س��اروجة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫مساهمته في تأسيس جمعية الفلك العلمية‬ ‫الس��ورية والجمعي��ة العربي��ة للفن��ون أقدم‬ ‫الجمعي��ات في دمش��ق‪ ،‬كم��ا كان عضواً في‬ ‫المجمع العلمي العربي بدمشق‪.‬‬ ‫كان توفيق طارق يتقن الفرنس��ية والتركية‬ ‫ول��م يكن يجيد العربية كثي��راً‪ ،.‬وقد عاد إلى‬ ‫دمش��ق متش��بع ًا بط��راز الحياة الباريس��ي‪،‬‬ ‫ف��كان يرت��دي القبع��ة الغربي��ة وينتمي في‬ ‫س��لوكه ألوروبا‪ ،‬متخ��ذاً مواق��ف عدائية من‬ ‫المجتمع الدمش��قي وطبقة الوجه��اء وعلماء‬ ‫الدي��ن‪ ،‬وف��ي ع��ام ‪ 1926‬ش��ارك ف��ي أول‬ ‫معرض للفنون التش��كيلية في س��ورية‪ ،‬في‬ ‫م��درج جامعة دمش��ق ش��اركه فيه ميش��يل‬ ‫كرش��ة‪ ،‬وفي هذا المعرض أدار الفرنس��يون‬ ‫ظهرهم لطارق حين اعتبروا ميش��يل كرشة‬ ‫رائد االنطباعية في س��ورية‪ ،‬ومنحوه وساماً‪،‬‬ ‫لكن طارق رفض الهزيمة وغادر سورية إلى‬ ‫لبنان‪ ،‬حيث أخذت أعماله تتجه نحو االس��لوب‬ ‫االنطباعي ومن أه��م أعماله في تلك الفترة‬ ‫«ساقية الماء»‪.‬‬ ‫توف��ي في بي��روت إثر مرض عض��ال أصيب‬ ‫في��ه ع��ام ‪ 1936‬عندم��ا كان ف��ي حيف��ا في‬ ‫فلس��طين‪ ،‬بعد وفات��ه بقي ف��ي منزله عدة‬ ‫أيام ألنه كان يعيش بمفرده إلى أن اكتش��ف‬ ‫الجي��ران وفاته وأخذوه إل��ى أقرب مقبرة‪ ،‬ثم‬ ‫جاءت ابنته مديحة س��نقر المرستاني برفقة‬ ‫نجليها طارق وعبد اهلل وأحضروا جثمانه من‬ ‫بيروت ثم دفنوه في مقبرة الباب الصغير‪.‬‏‬ ‫خل��ف توفيق ط��ارق أكثر م��ن ‪ 2000‬لوحة‪،‬‬ ‫‪ 39‬لوحة منه��ا كانت في أحد بيوت حيفا بيت‬ ‫توفي��ق ب��ن أب��و اله��دى الصيادي ف��ي الحي‬ ‫البحري‪ ،‬وق��د افتعلت العصاب��ات الصهيونية‬ ‫حريق ًا في المبنى وسرقت اللوحات وبيع منها‬ ‫لوحتان لشمعون بيريس عرضهما عام ‪1982‬‬ ‫في باريس وهما من اللوحات العظيمة‪.‬‏‬ ‫ولوحاته اليوم موزعة بين القصر الجمهوري‪،‬‬ ‫ومتحف دمش��ق‪ ،‬ومجمع اللغة العربية‪ ،‬وبين‬ ‫مجموع��اتٍ خاص��ة أكبرها موج��ود في بيت‬ ‫عبد الرحمن باش��ا اليوسف في شارع الثورة‪،‬‬ ‫ومجموعة رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف‬ ‫الكس��م‪ ،‬ومجموع��ة تلمي��ذه الفن��ان عاصم‬ ‫زكريا‪.‬‬

‫«معركة حطين» من مقتنيات القصر الجمهوري بدمشق‬


‫يف عبور "التيل"‪ ،‬منى و�أنا وثالثة �أطفال من فل�سطني‬ ‫قصي عمامة‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫ركض��ت "من��ى" م��ع أبنائه��ا الثالث��ة باتجاه‬ ‫"التي��ل" عبر األرض الزراعي��ة الوعرة بعد أن‬ ‫هبط الظالم‪ ٫‬فهذا أفضل وقت لتفادي حرس‬ ‫الحدود التركي‪ ،‬قال المه��رب الذي اصطحبنا‬ ‫م��ن عفرين ف��ي ش��مال حلب باتج��اه نقطة‬ ‫التجمع القريبة جداً من الشريط الحدودي‪ ،‬لم‬ ‫نعلم ولم نهتم بأن نعلم اس��م تلك النقطة‪،‬‬ ‫الجميع كان مش��غو ً‬ ‫ال بالوص��ول إلى الطريق‬ ‫اإلسفلتي الذي دلنا عليه المهرب‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال "ما إن‬ ‫وصلتم إليه فقد دخلتم تركيا آمنين"‪.‬‬ ‫"ب�لا حت��ى هم��س" ق��ال المهرب "س��ندخل‬ ‫تركيا اآلن"‪ ،‬وس��يدخل ه��و معنا على عكس‬ ‫العادة‪ ،‬فهو سيرافق "منى" حتى مرسين كما‬ ‫اتف��ق مع زوجها قبل أيام‪ ،‬وقضى اتفاق ثانٍ‬ ‫أبرمناه بين أش��جار التي��ن‪ ،‬على أن اصطحب‬ ‫مع��ي واحداً م��ن أطفال "من��ى" وكذلك فعل‬ ‫"ط��ارق"‪ ،‬فيما ظلت الصغيرة حال مع والدتها‪،‬‬ ‫الس��اعة قراب��ة الخامس��ة والش��مس ال تزال‬ ‫تنسحب‪ ،‬المهرب ش��ديد االنتباه والحذر أمرنا‬ ‫أن ننحن��ي خلف تلة فأطعنا‪ ،‬صع��د هو التلة‬ ‫يراقب الطريق ويتحدث عبر هاتفه بالكردية‪،‬‬ ‫عل��ى التلة آخ��رون م��ن األكراد يتهامس��ون‬ ‫ويراقبون الحدود‪ ،‬دقائق وأُمرنا بالمتابعة‪.‬‬ ‫حملت منى معها حقيبتين كبيرتين محشوتين‬ ‫ح��دّ التمزق‪ ،‬نصحه��ا المه��رب ‪ -‬وكررنا من‬ ‫بعده ‪ -‬أن تتخلى عن بعض متاعها فالطريق‬ ‫ليس بس��هل‪ ،‬كنا أربعة ش��بان وفتاة وحيدة‪،‬‬ ‫مع من��ى والثالث��ة الصغ��ار‪ ،‬جميعن��ا لنا من‬ ‫األس��باب ما يكفي كي نس��لك الحدود بطرق‬ ‫غير شرعية من سوريا إلى تركيا‪ ،‬طارق كان‬ ‫قد تبلغ رس��ميًا أن يلتحق بالجيش النظامي‪،‬‬ ‫وكذل��ك ح��ال غيث‪ ،‬فيم��ا كان زاهر يس��تبق‬ ‫التبلي��غ‪ ،‬الجمي��ع س��وريون ويملك��ون خياراً‬

‫بالدخول من باب الس�لامة أو ب��اب الهوى‪ ،‬إال‬ ‫من��ى مع أطفالها فهم فلس��طينيون‪ ،‬وهؤالء‬ ‫ال ط��رق له��م إال المحروس��ة بالرص��اص‪،‬‬ ‫للس��وريين‪ ،‬إش��ارة الجيش الح��ر على جواز‬ ‫الس��فر والتي س��تعني بطالن الدخول مجدداً‬ ‫إلى أرض الش��ام أو الحرمان من الوصول إلى‬ ‫أوربا‪ ،‬كان��ت أكثر رعب ًا من مواجهة رصاصات‬ ‫الجي��ش الترك��ي‪ ،‬كان ح��ال البع��ض منا أنه‬ ‫يتفادى جيشين بمواجهة جيش ثالث‪.‬‬ ‫تابعنا السير السريع في أرض رطبة وحديثة‬ ‫التقلي��ب‪ ،‬نح��ن خل��ف بعضنا في رت��ل واحد‬ ‫والمس��افة بيننا تحددها السرعة الشخصية‪،‬‬ ‫لا قلي ً‬ ‫وم��ا نحمل من متاع‪ ،‬قلي� ً‬ ‫ال لم أعد أرى‬ ‫من ه��م خلفي ومن هم في األم��ام‪ ،‬فيما ال‬ ‫أدري م��ن منا يضغط أكث��ر علي يد األخر‪ ،‬أنا‬ ‫أم الصبي "يزن"‪ ،‬األرض‪ ،‬يهجرها الفالحون‬ ‫بعد خمس دقائق من السير‪ ،‬فيصبح الجسم‬ ‫أس��رع ف��ي عبوره��ا‪ ،‬ليع��ودوا لحراثتها بعد‬ ‫الدقيقة الس��ابعة منه‪ ،‬وق��د بالغوا في طول‬ ‫الس��ن‪ ،‬فتب��دو كل خطوة كالخ��روج من بئر‪،‬‬ ‫ننزل في خندق‪ ،‬ونعبر من على لوح خش��بي‬ ‫ف��وق تهدم ف��ي األرض‪ ،‬أبحث ع��ن الطريق‬ ‫اإلس��فلتي المنش��ود ف�لا أراه‪ ،‬المه��رب ه��و‬ ‫م��ن أرى ومعه طارق والطفل الثاني‪ ،‬يش��ير‬ ‫إلي بأن أس��رع وحين أصل إليه يس��ألني عن‬ ‫"منى"‪ ،‬كنا في أعلى تلة فهبطت منها مع يزن‬ ‫وشقيقه وطارق‪ ،‬فيما عاد المهرب للبحث عن‬ ‫من��ى‪ ،‬لم يكن قد غاب ع��ن نظرنا بعد‪ ،‬حين‬ ‫سمعنا صوت الرصاص‪.‬‬ ‫أطلق الجنود األتراك علينا في تلك الليلة من‬ ‫الرصاص ما جعلنا نركض كغزالن تهرب من‬ ‫مفترس‪ ،‬أركض شاداً يزن الذي يبدو أني قد‬ ‫مزقت له ذراعه من الكتف‪ ،‬وأحمل حقيبة من‬

‫حقائب أمه التي قال��ت إن فيها كل ما جمعته‬ ‫خالل عمره��ا‪ ،‬وعمري أنا ف��ي حقيبتي التي‬ ‫أحملها على ظه��ري‪ ،‬بالتركية يصرخ المجند‬ ‫الترك��ي‪ ،‬وبالعربية يبكي يزن‪ ،‬وبال لغة يكاد‬ ‫قلبي يغادر حجرته ويشتد فيه الضرب‪ ،‬رميت‬ ‫عُمرَ منى المخبأ ف��ي الحقيبة الكبيرة لعلي‬ ‫أصبح أس��رع‪ ،‬فوقعت مع يزن الذي كان أسرع‬ ‫من��ي في الهب��وط والقي��ام‪ ،‬عدن��ا للركض‪،‬‬ ‫فخلقت أمامي أش��جار زيتون شديدة التجاور‪،‬‬ ‫بين اثنتين وقعت للمرة الثانية واألخيرة‪ ،‬إلى‬ ‫اليس��ار مني اس��تلقى يزن‪ ،‬وكي��ف باتت حال‬ ‫الصغيرة مس��تلقية إلى يميني‪ ،‬ال أدري حتى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫ال يرانا المجند التركي لكنه يطلق النار‪ ،‬بكلتا‬ ‫ذراع��ي أثب��تُ يزن وح�لا بال ح��راك‪ ،‬وأطلب‬ ‫ع��ال‪ ،‬يطل��ق‬ ‫منهم��ا أن ال يتنفس��ا بص��وت‬ ‫ٍ‬ ‫المجن��د الرص��اص علينا أو فوقن��ا أو بالقرب‬ ‫من��ا‪ ،‬س��نعلم إن أُصبنا إن كان يس��تهدفنا أم‬ ‫يزيد م��ن جن��ون عقولنا فق��ط‪ ،‬يصبح بكاء‬ ‫حال أوضح مع كل رصاصة وتنتفض‪ ،‬وتنظر‬ ‫إل��ي وكأني لس��ت بغريب لم تعرف��ه إال قبل‬ ‫نصف س��اعة‪ ،‬أش��عر بضربات قل��ب يزن من‬ ‫ظه��ره‪ ،‬وأش��عر بقلب��ي في كل ع��رق مني‪،‬‬ ‫يرفعني النبض ع��ن األرض "ياهلل‪ ..‬ياهلل‪"..‬‬ ‫قلت أناجيه في أصدق م��رة ربما في حياتي‪،‬‬ ‫فقدت اإلحساس بالوقت و ال أعلم كم مكثنا‪،‬‬ ‫حي��ن طلبتُ م��ن الطفلين أن يمش��يا باتجاه‬ ‫المجن��د الترك��ي وحدهم��ا‪ ،‬مُدعم��اً فكرتي‬ ‫ب��أن أمهما مع��ه‪ ،‬ومُدعم ًا هو قرب��ه بالمزيد‬ ‫من الرصاص‪ ،‬أدرك��ت حجم قبح طلبي حين‬ ‫رجتن��ي حال أن أبقى معه��ا‪ ،‬كنت أتنفس من‬ ‫فمي بتواتر عداء‪ ،‬تذوقت التراب بين أسناني‪،‬‬ ‫قلت للصغيرين‪ :‬سنس��لم أنفس��نا األن‪ ،‬فلم‬ ‫يعلقا‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬

‫العرب وظاهرة احلاكم امللتيميديا‬ ‫فرح سمّان‬

‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫‪1992 / 2 / 16‬‬

‫ج��اءت أرب��ع زي��ارات تخ��صُّ فصيلن��ا‪،‬‬ ‫وزيارت��ان لح��زب العمل‪ .‬وق��د أخبرت كل‬ ‫الزيارات حول األمط��ار الكثيفة‪ ،‬والثلوج‪،‬‬ ‫وانقط��اع الطرق��ات‪ .‬كما أنه��ا أخبرت أن‬ ‫الناس في الخارج تنتظر‪ ،‬وتأمل أن يحدث‬ ‫إفراج ش��به عام‪ ،‬ودفع��ة أخرى كبيرة في‬ ‫آذار‪ ،‬وبعد الثاني عشر منه‪.‬‬ ‫جلس��ت البارحة وقبله والي��وم في مهجع‬ ‫رق��م ‪ 8‬العائد إلى ح��زب العمل‪ ،‬وتعرفت‬ ‫على عناصره وهم‪:‬‬ ‫• ج�لال علي مس��عود‪ .‬مهن��دس زراعي‪.‬‬ ‫معتق��ل من��ذ ع��ام ‪ ،1986‬ومت��زوج ول��ه‬ ‫بنتان‪ ،‬ويسكن مع أهله في بلدة السلمية‪،‬‬ ‫ويداوم ف��ي المركز الزراع��ي المقام في‬ ‫«الكري��م» والتاب��ع ل��وزارة الزراعة‪ .‬وهو‬ ‫من مواليد ‪.1951‬‬ ‫• فيص��ل ذبي��ان‪ .‬طالب جامع��ي‪ .‬معتقل‬ ‫منذ عام ‪ .1986‬عازب‪ .‬وأهله يقيمون في‬ ‫السويداء وبعض من أقربائه في جرمانا‪،‬‬ ‫وهو من مواليد عام ‪.1966‬‬ ‫• عل��ي ب��رازي‪ .‬نجَّ��ار باط��ون وطال��ب‬ ‫جامع��ي‪ .‬ومعتق��ل منذ ع��ام ‪ ،1987‬وهو‬ ‫من قرية تل عدا ش��مال الس��لمية‪ ،‬وأهله‬ ‫أص ً‬ ‫ال م��ن حماه‪ ،‬وهو مت��زوج ومقيم في‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫• ظاف��ر المعمار مهن��دس زراعي معتقل‬ ‫منذ عام ‪ ،1987‬وه��و عازب‪ ،‬وكان خاطب ًا‬ ‫وقد تخل��ت خطيبته بعد عامي��ن أو ثالثة‬ ‫من س��جنه‪ .‬وهو من قرية عقارب التابعة‬ ‫للسلمية ومن مواليد ‪.1959‬‬ ‫• مالك أسعد موظف في الالذقية‪ .‬معتقل‬ ‫منذ ع��ام ‪ .1982‬األصل م��ن قرية تابعة‬ ‫للحفة‪ .‬متزوج‪ .‬ومن مواليد ‪.1956‬‬ ‫• بس��ام يوسف مدرس في وزارة التربية‪.‬‬ ‫ع ّلم ألش��هر ف��ي دير ال��زور‪ ،‬واعتقل من‬ ‫هناك عام ‪ ،1987‬ه��و من جبلة‪ ،‬وعازب‪،‬‬ ‫ومواليد ‪.1960‬‬ ‫• فض��ل الصق��ال‪ ،‬صحف��ي‪ ،‬ويعمل في‬ ‫جريدة تشرين‪ ،‬وهو من دمشق‪ ،‬ومتزوج‪،‬‬ ‫ومعتق��ل من��ذ ع��ام ‪ ،1987‬وم��ن مواليد‬ ‫‪ .1957‬أهله م��ن الميدان – زقاق البصل‪.‬‬ ‫جزماتية‪.‬‬ ‫• الباسل حوراني‪ .‬معتقل منذ عام ‪.1982‬‬ ‫ع��ازب‪ ،‬وم��ن حم��اه وكان طالب��ًا جامعي ًا‬ ‫عندم��ا اعتق��ل وهو م��ن موالي��د ‪.1956‬‬ ‫ويم��ت بصل��ة قرب��ى عصبي��ة للمناضل‬ ‫الوطني أكرم الحوراني‪.‬‬ ‫• رس��تم رس��تم‪ ،‬هو من جبلة‪ ،‬ومتزوج‪،‬‬ ‫ويعم��ل مراقباً زراعي�� ًا‪ ،‬وموالي��د ‪،1953‬‬ ‫وهو معتقل منذ عام ‪.1982‬‬ ‫• نظير الصيف��ي‪ .‬يعمل طالباً جامعي ًا من‬ ‫موالي��د ‪ .1960‬اعتق��ل ع��ام ‪ ،1986‬وهو‬ ‫عازب‪ ،‬ومن بلدة قطنا‪.‬‬ ‫• عل��ي الص��ارم‪ ،‬موالي��ده ‪ ،1956‬طبيب‬

‫أس��نان‪ ،‬متعاقد مع الجي��ش‪ ،‬وكان برتبة‬ ‫نقي��ب عندم��ا اعتق��ل ع��ام ‪ ،1984‬وهو‬ ‫م��ن دير مام��ا‪ ،‬وهي قرية بي��ن مصياف‪،‬‬ ‫والقدموس‪،‬‬ ‫• نبي��ل إبراهيم من موالي��د ‪ ،1953‬وهو‬ ‫مراقب زراع��ي‪ ،‬ومعتقل منذ عام ‪،1984‬‬ ‫ومتزوج وهو من ريف جبله‪ .‬ومقيم بها‪.‬‬ ‫• عل��ي الخطي��ب من موالي��د ‪ ،1942‬وهو‬ ‫م��درس فلس��فة ف��ي وزارة التربي��ة‪،‬‬ ‫ومعتقل من��ذ عام ‪ 1982‬وه��و من قرية‬ ‫جيب��ول التابعة لجبلة‪ ،‬ومن عائلة توارثت‬ ‫المشيخة‪ ،‬متزوج‪.‬‬ ‫• أس��عد ياغي من موالي��د ‪ .1952‬حاصل‬ ‫على إجازة في العلوم االقتصادية‪ .‬موظف‬ ‫في ش��ركة غزل ونس��يج حم��اه‪ ،‬متزوج‪،‬‬ ‫وهو من س��لمية‪ ،‬معتقل منذ عام ‪،1986‬‬ ‫ول��ه أخت متخفية ومطلوبة‪ ،‬وعازبة‪ ،‬إنها‬ ‫مالحقة سياسي ًا منذ عام ‪.1983‬‬ ‫المالحظ��ة أن هذه العينة من حزب العمل‬ ‫تش��مل م��ن ناحي��ة المهن��ة مهندس��ين‬ ‫زراعيين‪ ،‬ومراقبين زراعيين ومدرس��ين‪،‬‬ ‫وموظفين وأربعة طالب‪ ،‬وطبيب أس��نان‪،‬‬ ‫وصحف��ي وعام��ل‪ ،‬وم��ن ناحي��ة القطاع‬ ‫تشمل أربعة عشر مدنيًا‪ ،‬وعسكري ًا واحداً‬ ‫من صنف الضب��اط المهنيين‪ ،‬ومن ناحية‬ ‫الدي��ن‪ .‬تش��مل عل��ى مس��يحي‪ ،‬وأربعة‬ ‫عشر مسلمًا‪ ،‬ومن الناحية المذهبية فهي‬ ‫تتحدد بخمسة من السلمية اإلسماعيلية‪،‬‬ ‫وس��تة من جب��ال العلويي��ن ودرزي واحد‬ ‫واثنين من الس��نة‪ .‬ومستوى الجميع فوق‬ ‫البكالوريا‪.‬‬ ‫والمالحظ في تنظيم الحزب ارتفاع نسبة‬ ‫الش��باب‪ .‬فهناك أربعة من مواليد ‪ 60‬إلى‬ ‫‪ 66‬وهناك عش��رة م��ن مواليد ‪ 52‬إلى ‪59‬‬ ‫وهناك واحد من مواليد ‪.1942‬‬ ‫كم��ا أن حزب العم��ل يحوز بج��دارة على‬ ‫الرق��م ‪ 4‬ف��ي م��دة اإلقامة في الس��جن‪،‬‬ ‫والتم��رس ف��ي مواجه��ة النظ��ام‪ .‬األول‬ ‫البع��ث الديمقراطي‪ .‬عنده مس��اجين منذ‬ ‫ع��ام ‪ 70‬و‪ 71‬و‪ .76‬الثان��ي ح��زب البع��ث‬ ‫(القيادة القومية) لديه مس��اجين منذ عام‬ ‫‪ .76‬ودخلت عناصره السجن ‪ 68‬و‪ 69‬و‪.71‬‬ ‫الثال��ث المكتب السياس��ي دخلت عناصره‬ ‫الس��جن ف��ي الس��بعينات‪ .‬بل ف��ي أواخر‬ ‫الس��تينات وال تزال قيادته منذ أوائل عام‬ ‫‪1980‬تقبع في السجون‪.‬‬

‫"طري��ق الزعيم جم��ال عب��د الناصر ‪ -‬طري��ق الحرية‬ ‫سابقاً" عبارة تم تدوينها كاسم يشير إلى أحد الشوارع‬ ‫ف��ي مصر‪ ،‬أحالتن��ا إلى مفارق��ة مضحك��ة‪ ،‬وكأن هذا‬ ‫االس��تبدال في االس��م بلغ درج��ة من التكثي��ف بحيث‬ ‫ً‬ ‫حقيقة‪ .‬فما الضير‬ ‫يعبر وحده عن االس��تبدال الحاصل‬ ‫إن اس��تبدلت "مجتمع��ات تحي��ا بفضل��ة خي��ر الزعيم"‬ ‫المفاهي��م الكلي��ة الكب��رى "كالحرية مث ً‬ ‫ال" باس��م أحد‬ ‫الحكام العرب‪.‬‬ ‫لمَّا كان االختزال الذي تحقق��ه وصفة الحاكم العربي‬ ‫المتعدد االس��تعماالت للش��عوب العربي��ة اختزال فوق‬ ‫الع��ادة‪ ،‬كان الب��د م��ن ألق��اب تتناس��ب م��ع الحاك��م‬ ‫األس��طورة‪ ،‬فيكف��ي أن تضع ف��ي البحث ف��ي الصور‬ ‫ضم��ن محرك البحث غوغل كلمات مث��ل القائد الملهم‬ ‫ القائ��د الفذ ‪ -‬الزعيم الفذ ‪ -‬زعي��م األمة‪ ..‬الخ‪ ،‬حتى‬‫يت��وزع الزعم��اء العرب بين ه��ذه األلق��اب‪ ،‬وللمفارقة‬ ‫س��تتكرر صورة الرئي��س جمال عبد الناص��ر في أغلب‬ ‫عمليات البحث هذه‪ ،‬في إش��ارة ال تحتم��ل التأويل إلى‬ ‫ال��دور ال��ذي لعبه الرجل في تأس��يس ظاه��رة اختزال‬ ‫األمة بالزعيم في التاريخ العربي الحديث‪.‬‬ ‫كم��ا يظهر لدي��ك صور لبعض من رؤس��اء الدول التي‬ ‫تش��اطرنا الفرص��ة التاريخي��ة الت��ي نحظ��ى به��ا في‬ ‫أقطارنا العربية ككوريا الشمالية‪ ،‬كوبا‪ ،‬إيران واالتحاد‬ ‫الس��وفيتي الس��ابق‪ .‬وكأن للعم��ل االحصائ��ي ال��ذي‬ ‫يقوم به محرك البحث لس��ان ينطق‪ ،‬ويش��ير إلى حالة‬ ‫عالمية تتشارك فيها العديد من الدول التي تتشابه في‬ ‫خصائص تجعل من حكامها‬ ‫‪ .‬طالب مدرسة واحدة‪.‬‬ ‫كما تش��ير عبارة مثل "األب القائد" إلى رؤساء ينتمون‬ ‫بالدرج��ة األول��ى إلى ح��زب البعث العربي االش��تراكي‬ ‫"كما يسمى"‪ ،‬ليظهر فضل جديد لهؤالء الحكام يتعلق‬ ‫بالتبن��ي الوراثي للش��عوب‪ ،‬ولتكش��ف ه��ذه المخاتلة‬ ‫التي تخفيها التس��مية القدم الزمني للحاكم بالنس��بة‬ ‫للش��عب‪ ،‬ومن أراد فهم العلة من هذا "السبق الزمني"‬ ‫الذي تخفيه التس��مية‪ ،‬فليبحث فقط عن كلمة "جاللة"‬ ‫ليجد أن ش��روط البح��ث اختلفت بش��كل مخيف بحيث‬ ‫تخرج صور مكتوب عليها اس��م اهلل لف��ظ الجاللة‪ ،‬مع‬ ‫ص��ور عدد كبير م��ن الملوك الع��رب‪ ..‬فتنقلن��ا عملية‬ ‫البحث إلى تس��اؤالت ف��ي غاية الخط��ورة‪ ،‬هل تطاول‬ ‫االختزال لدرجة أن يصدَّر الحاكم كبديل للرب؟ ليظهر‬ ‫ذاك الخي��ط الخفي بي��ن األب القائد وصاح��ب الجاللة‬ ‫والرب‪.‬‬ ‫ولألمانة البحثية لم يقتصر التاريخ على الحكام العرب‬ ‫في هذه االختزاالت التي عرفت تحت مس��مى "السلطة‬ ‫البطريركي��ة أو س��لطة الحاك��م ‪ -‬األب ‪ -‬ال��رب" لك��ن‬ ‫المفارقة التي نعيش��ها هو هذه الوتيرة الكاريكاتورية‬ ‫الصارخة التي يصرّ كل نظام عربي فيها على تصدير‬ ‫رأس اله��رم لدي��ه عل��ى أن��ه الوصف��ة األمث��ل لألمة‬ ‫العربي��ة واإلس�لامية‪ ،‬وما اإلصرار الش��ديد من بعض‬ ‫هؤالء الرؤساء المسنين الذي يقضون أغلب وقتهم في‬ ‫المشافي وغرف اإلنعاش في مناصبهم إال محاولة وفاء‬ ‫من الرؤساء لشعوبهم إلكمال المسيرة‪.‬‬ ‫يذهب بنا االس��تطراد الس��ابق إلى تس��اؤل مهم حول‬ ‫الس��بب وراء تجاه��ل بع��ض الش��عوب العربي��ة لتلك‬ ‫الخصال لدى حكامها‪ ،‬هل هو الظلم الذي بلغ مداه لدى‬ ‫بع��ض أفرادها‪ ،‬أم أن التخلف التكنلوجي هو الذي حال‬ ‫دون إدراك أهمية الحاكم الملتيميديا‪.‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫املواطنة والقانون الدويل‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫رغ��م دع��وات التعص��ب والتط��رف القومي‬ ‫أو الدين��ي الت��ي ارتف��ع صوتها مؤخ��راً‪ ،‬إال‬ ‫أن االتج��اه الع��ام قانوني��اً ومعرفي�� ًا يس��ير‬ ‫بص��ورة س��ريعة نح��و تش��ريع وتقني��ن‬ ‫االندماج للوصول إلى الديمقراطية متعددة‬ ‫الثقاف��ات‪ ،‬التي تتطلب تنوع ًا في االنتماءات‬ ‫الثقافي��ة واألخالقي��ة والقيمي��ة على إقليم‬ ‫الدولة الواح��دة‪ ،‬وعملية بحث عن المواطنة‬ ‫التي يجب أن تكون متوافقة مع تعدد والءات‬ ‫األف��راد‪ ،‬فالمجتم��ع الديمقراطي المنش��ود‬ ‫ال يتطل��ب التطابق الحتم��ي بين المجموعة‬ ‫الثقافي��ة والمجموع��ة السياس��ية خالف ًا لما‬ ‫دعا إلي��ه الليبرالي��ون وأنص��ار المجموعات‬ ‫لبناء المواطنة في هذا اإلطار حيث اعتبرها‬ ‫الفريق األول مركزاً قانونياً تعود المشاركة‬ ‫فيه إل��ى الخيارات الش��خصية‪ ،‬أم��ا الفريق‬ ‫الثان��ي فقد اعتبره��ا ممارس��ة وتعهداً في‬ ‫المجال العام‪.‬‬ ‫فالمواطن��ة ه��ي الت��ي تظه��ر المواط��ن‬ ‫عل��ى اعتب��اره مش��اركاً فعا ً‬ ‫ال ف��ي المجتمع‬ ‫السياس��ي‪ ،‬مما يربطها عضوي ًا بالجنس��ية‪،‬‬ ‫وق��د ال تتطاب��ق الصفت��ان دائم�� ًا‪ ،‬وقد أقر‬ ‫القان��ون الدول��ي بذل��ك بحيث ل��م يعارض‬ ‫التفري��ق بي��ن المواطني��ن واألجان��ب ف��ي‬ ‫التش��ريعات الوطني��ة‪ ،‬ولم يعتب��ره تمييزاً‬ ‫غير مب��رر‪ ،‬إال أن التوس��ع ف��ي التمييز بين‬ ‫حائ��زي الجنس��ية وغيرهم م��ن المواطنين‬ ‫ف��ي ال��دول المتقدمة بال��ذات‪ ،‬دفع منظري‬ ‫القان��ون الدول��ي إل��ى االهتم��ام بموضوع‬ ‫منح الدولة لجنس��يتها حيث تح��دد الحقوق‬ ‫السياس��ية للمواطنين وإمكانية مشاركتهم‬ ‫في الش��ؤون العامة وترتب��ط بالتالي‬ ‫بالتنظيم الديمقراطي للدولة‪.‬‬ ‫فالمواطن��ة والجنس��ية كلتاهم��ا صلة‬ ‫قانوني��ة‪ ،‬بي��د أن صالبة ه��ذه الصلة‬ ‫متفاوتة‪ ،‬فالجنس��ية تتص��ل بارتباط‬ ‫الف��رد بالدول��ة كم��ا أك��دت محكم��ة‬ ‫الع��دل الدولي��ة‪ ،‬كم��ا أن وظيفته��ا‬ ‫إس��ناد مركز موضوع حي��ث تنجم عنه‬ ‫بالنس��بة للدول��ة س��لطات والتزام��ات‬ ‫ف��ي عالقاتها م��ع رعاياه��ا ونظرائها‬ ‫ورعايا هذه األخي��رة‪ ،‬ويعترف القانون‬ ‫الدولي بسلطة الدولة لتحديد القواعد‬ ‫المتعلق��ة بجنس��يتها بي��د أن الحد من‬ ‫هذا االختصاص قائم على قاعدة عدم‬ ‫حجية وسريان الجنسية غير النظامية‬ ‫دولي��اً‪ ،‬إن التط��ور الراه��ن للقان��ون‬ ‫الدول��ي يترك��ز بمصلح��ة المجموعة‬ ‫الدولية بشرط منح الجنسية في حدود‬ ‫حيث ت��ؤدي إلى مخاطر تح��د من عدد‬ ‫األف��راد الذي��ن يمكنهم من ممارس��ة‬ ‫الحقوق السياسية في الدولة‪.‬‬ ‫والقان��ون الدول��ي وبالحدي��ث ع��ن‬ ‫الجنس��ية والمواطن��ة‪ ،‬يتخ��ذ موقف�� ًا‬ ‫متشدداً من قوانين الجنسية التقييدية‬ ‫جداً‪ ،‬والتي ال تعترف بالنتيجة بالعالقة‬ ‫الفعال��ة بي��ن بعض األف��راد ودولتهم‬

‫المقيمي��ن فيه��ا‪ ،‬وم��ن القوانين الواس��عة‬ ‫ج��داً التي على العك��س تخفف هذه العالقة‬ ‫وال تعت��رف به��ا كخي��ار من��ح الجنس��ية‪ ،‬إن‬ ‫النقطة المش��تركة بين هذي��ن النموذجين‬ ‫م��ن القوانين أنها ال تعتب��ر العالقة الفعالة‬ ‫والحقيق��ة بي��ن الفرد والدولة معي��اراً لمنح‬ ‫المواطنة‪.‬‬ ‫إال أن لجنة الخبراء عن الجنس��ية في االتحاد‬ ‫األوروب��ي حس��مت الن��زاع القانون��ي حيث‬ ‫أق��رت بأنه يبق��ى ضمن اختص��اص الدولة‬ ‫تحديد مواطنيها‪ ،‬وهذا االختصاص يجب أن‬ ‫يم��ارس وفق ًا لالتفاقي��ات الدولية والقانون‬ ‫الدول��ي العرف��ي ومبادئ القان��ون المعترف‬ ‫به��ا عامة في موض��وع الجنس��ية وتفرض‬ ‫كمب��دأ ع��ام ب��أن ل��كل ش��خص الح��ق في‬ ‫جنس��يته‪ ،‬وال يجوز تجريد أحد من جنسيته‬ ‫تعس��فاً وال يقبل أي تمييز‪ ،‬كما وضعت من‬ ‫جان��ب آخر بعض المبادئ المتعلقة بإس��ناد‬ ‫الجنس��ية‪ ،‬وبالمصادقة على هذه االتفاقية‬ ‫تتعهد الدولة بمنح الحق الكامل بالجنس��ية‬ ‫لكل طفل يكون أحد والديه من رعايا الدولة‬ ‫واألش��خاص الذين ول��دوا عل��ى أرضها واال‬ ‫أصبحوا عديمي الجنسية‪ ،‬كما تتعهد الدولة‬ ‫ب��أن تفت��ح إمكاني��ات التجنس لألش��خاص‬ ‫المقيمين فيه��ا وبصورة قانوني��ة واعتادوا‬ ‫على إقليمها وال يج��وز أن تزيد مدة اإلقامة‬ ‫المطلوبة على عشر سنوات‪.‬‬ ‫وم��ن الطبيع��ي أن يأت��ي الحل م��ن الدول‬ ‫األوروبي��ة الت��ي تمل��ك الس��جل األفض��ل‬ ‫في حق��وق اإلنس��ان‪ ،‬وتمتل��ك طوابير من‬ ‫الحالمي��ن بالحص��ول على جنس��ية البلدان‬

‫الت��ي تعت��رف بحق��وق اإلنس��ان‪ ،‬ومبادىء‬ ‫الديمقراطي��ة المتع��ددة الثقاف��ات عملي��اً‪،‬‬ ‫والبع��د األساس��ي ألنم��وذج الديمقراطي��ة‬ ‫المتعددة الثقافات هو في إدماج االختالفات‪،‬‬ ‫مم��ا يتعـــي��ن العمــ��ل عل��ى أن يك��ون أي‬ ‫دستور مكاناً للتعبير عن هذه الديمقراطية‬ ‫الجديدة‪ ،‬من هنا نبحث في تعريف المواطنة‬ ‫سنداً لنصوص القانون الدولي التي تسعى‬ ‫لتقني��ن عالم��ي موح��د لتعمي��م مب��ادىء‬ ‫ٍ‬ ‫المواطن��ة والديمقراطي��ة‪ ،‬وإذا كان ميث��اق‬ ‫االمم المتحدة الصادر في ‪ 26‬حزيران ‪1946‬‬ ‫لم يرد فيه نص تعريفي لمفهوم المواطنة‬ ‫إال أن اإلعالن العالمي لحقوق االنس��ان عام‬ ‫‪ 1948‬وف��ي مادت��ه الس��ابعة ق��دم تعريف ًا‬ ‫للمواطنة نصه‪« :‬كل الناس سواس��ية أمام‬ ‫القان��ون وله��م الح��ق ف��ي التمت��ع بحماية‬ ‫متكافئ��ة دون أي تفرقة كم��ا أن لهم جميع ًا‬ ‫الحق ف��ي ممارس��ة كافة الحق��وق دون أي‬ ‫تميز» كما نصت المادة الخامس��ة عشر أنه‪:‬‬ ‫«ل��كل فرد الح��ق في التمتع بجنس��يته‪ ،‬وال‬ ‫يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو‬ ‫إنكار حقه في تغييرها»‪.‬‬ ‫أما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‬ ‫فقد تناول هذا المفهوم وفقا للمواد التالية‪:‬‬ ‫الم��ادة ‪« 2‬تلت��زم كل دول��ة ط��رف في هذا‬ ‫العه��د أن تتخ��ذ التدابير التش��ريعية أو غير‬ ‫التشريعية والتدابير الدستورية التي تكفل‬ ‫احترام هذا الحق»‪.‬‬ ‫الم��ادة ‪« 3‬تلت��زم كل دول��ة ط��رف في هذا‬ ‫العه��د‪ ،‬بأن تكفل س��بل فعالة بالتظلم ألي‬ ‫ش��خص انتهكت حقوقه أو حرياته في‬ ‫هذا العهد حتى ل��و صدر هذا االنتهاك‬ ‫من عدة أشخاص يتصرفون بصفتهم‬ ‫الرسمية‪ ،‬كما تكفل لكل متظلم على‬ ‫هذا النحو أن تتثب��ت في الحقوق التي‬ ‫يدع��ي انتهاكها‪ ،‬وتكف��ل الدولة قيام‬ ‫الس��لطات المختص��ة بإنف��اذ األحكام‬ ‫الصادرة لصالح المتظلمين»‪.‬‬ ‫إال أنه وعلى الرغم من أن أكثر الدول قد‬ ‫صادقت على هذا العهد‪ ،‬وأكثر دساتير‬ ‫الدول وخاصة المنطقة العربية تعترف‬ ‫به��ذه الحقوق إال أنه��ا لم تضع اآلليات‬ ‫والقواني��ن الت��ي تضم��ن تطبيقه��ا‬ ‫بم��ا يت�لاءم والمعاه��دات واإلعالنات‬ ‫الموقعة عليها‪ .‬لذل��ك ولتحقيق هدف‬ ‫المواطن��ة ضرورة العم��ل على تفعيل‬ ‫القوانين الدس��تورية والتشريعية بما‬ ‫يتماش��ى والمعايير الدولي��ة والقواعد‬ ‫واالتفاقيات لحقوق االنس��ان‪ ،‬وإشاعة‬ ‫ثقاف��ة حق��وق االنس��ان والمواطن��ة‬ ‫المستندة إلى الهوية الوطنية ال الهوية‬ ‫المذهبي��ة أو العرقي��ة والفص��ل بين‬ ‫الدين والدولة وبين العمل السياسي‪..‬‬ ‫وااللت��زام بأح��كام تل��ك االتفاقي��ات‬ ‫باعتباره��ا أصبحت جزءاً م��ن القانون‬ ‫الوطني للدول‪.‬‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫‪13‬‬


‫عرب بال ق�ضية‪ :‬غازي العري�ضي‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫«نعم‪ ،‬ه��ذه هي دولن��ا‪ ،‬تُدَمّ��ر الواحدة تلو‬ ‫األخ��رى تح��ت عناوي��ن وش��عارات متنوع��ة‪،‬‬ ‫تتف��كك وحدتها‪ ،‬وربم��ا جغرافيته��ا‪ ،‬والثابت‬ ‫ه��و نفطها وخيراته��ا في ي��د اآلخرين وتحت‬ ‫إش��رافهم»‪ ،‬بهذه العبارة يخت��م الوزير غازي‬ ‫العريضي جولته في رحاب السياسة واالجتماع‬ ‫والوقائ��ع السياس��ية‪ ،‬عب��ر مجموع��ة م��ن‬ ‫المق��االت كتبها في أوق��اتٍ متباينة إال أن ثمة‬ ‫خيط��ًا يجمع بينه��ا في وحدة بنيان متماس��ك‬ ‫لتك��ون خالصة تنطلق بمضمونها من ش��عور‬ ‫بالهم والمسؤولية الوطنية والعربية واألمانة‬ ‫للتاري��خ ولمن س��عى وق��دّم دم��ًا وتضحيات‪،‬‬ ‫تس��جّل صفح��ات مجي��دة م��ن أج��ل كرام��ة‬ ‫اإلنس��ان العربي وحق��ه في الحري��ة والعدالة‬ ‫والتنمي��ة والتط��ور‪ .‬ينتظ��م ه��ذه المق��االت‬ ‫همّ مش��ترك للكاتب والقارئ وهو ما تشهده‬ ‫المنطق��ة العربي��ة من متغيرات بعد س��قوط‬ ‫رؤس��اء عرب وص��راع دائ��ر في أكث��ر من بلد‬ ‫عرب��ي وحربٌ عل��ى غزة ونتائجه��ا المرتبطة‬ ‫بميزان الق��وى الجديد والمعادالت السياس��ية‬ ‫الجدي��دة واإلفرازات التي ظهرت حتى اآلن من‬ ‫مشروع التغيير الذي نعيشه‪.‬‬ ‫غ��ازي العريض��ي الذي ق��ال في كتاب��ه األول‬ ‫«كلمات الزمن الصعب» عام ‪ ،1992‬ورداً على‬ ‫«وكأن‬ ‫مقولة بال��روح بالدم نفديك يا ف�لان‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أمهاتن��ا ال تل��د أبناءه��ا إ ّ‬ ‫ال لت��وزّع أرواحه��م‬ ‫ودماءه��م عل��ى مجموع��ة م��ن الن��اس ف��ي‬ ‫لبنان»‪ .‬يعود اليوم في كتابه التاس��ع وكعادته‬ ‫حام ً‬ ‫ال قضية المواطن العربي وهمومه‪.‬‬ ‫فمن تونس إلى ليبيا فاليمن ومصر والسودان‬ ‫والصومال واألردن ولبنان وسوريا وفلسطين‬ ‫والخلي��ج العربي يواجه الع��رب تحديات كبرى‬ ‫وقضايا متفجرة على س��احات عربية ستتحول‬ ‫ب��رأي الكات��ب إل��ى مواق��ع منص��ات إلط�لاق‬ ‫صواريخ قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى وإلى‬ ‫غاب��ات م��ن ال��دروع الصاروخية له��ذه الدولة‬ ‫أو تلك في س��ياق ص��راع األم��م وإلى مالعب‬ ‫لتصفي��ة الحس��ابات وتولي��د قضاي��ا تنس��ينا‬ ‫القضي��ة الفلس��طينية الت��ي كان��ت وال تزال‬ ‫القضية المركزية األم بالنسبة إلينا‪..‬‬ ‫يبدي العريضي تش��اؤمًا ما من مآل األمور في‬ ‫البل��دان العربي��ة‪ ،‬ولعله من البس��اطة بمكان‬ ‫االعتق��اد أن ث��ورات ش��عبية عربي��ة س��تأتي‬ ‫ف��ي يومه��ا الثاني ب��دول ديموقراطي��ة مثال‬ ‫دول عريق��ة ف��ي الديموقراطي��ة عل��ى غرار‬ ‫الديموقراطية البريطانية أو السويدية‪ ،‬وربطًا‬ ‫مع ص��راع مصال��ح قومي��ة خارجي��ة متغايرة‬ ‫ال تعرف فيها السياس��ة ف��ي أي دولة خطوطًا‬ ‫أفقية أو نظرات نمطية‪.‬‬ ‫يق��دم العريض��ي لكتاب��ه قائ� ً‬ ‫لا‪« :‬متغي��رات‬ ‫هائلة ش��هدتها المنطقة العربي��ة عام ‪2012‬‬ ‫بعد س��قوط الرؤس��اء زين العابدين بن علي‬ ‫وحسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبداهلل‬ ‫صال��ح والص��راع الكبي��ر الدائ��ر ف��ي س��وريا‬ ‫وعليه��ا‪ ،‬والحرب على غزة ونتائجها المرتبطة‬ ‫بميزان الق��وى الجديد والمعادالت السياس��ية‬ ‫الجدي��دة واإلفرازات التي ظهرت حتى اآلن من‬ ‫مشروع التغيير الذي نعيشه»‪.‬‬ ‫وبعد أن يستعرض الواقع الدامي الذي تعيشه‬ ‫األم��ة العربية يصل إلى س��وريا ليقول‪« :‬في‬ ‫س��وريا المش��كلة الكب��رى‪ .‬س��وريا الموق��ع‬ ‫العربي الجغرافي السياسي التراثي الحضاري‬ ‫االستراتيجي المهم‪ ،‬تدمّر‪ .‬ال النظام قادر على‬ ‫إنقاذ نفسه وإنقاذها كما يقول‪ ،‬وال المعارضة‬

‫ق��ادرة على التغيير المنش��ود ال��ذي أعلن في‬ ‫البداي��ة‪ .‬رغم مح��اوالت التوحي��د‪ .‬المعارضة‬ ‫معارض��ات‪ .‬ورغ��م حس��م مع��ارك مهمة في‬ ‫مناطق حساسة واستراتيجية في وجه النظام‬ ‫لي��س ثمة مرجعية ورؤيا ومش��روع وبرنامج‪،‬‬ ‫ب��ل ظهور لحاالت متطرفة ال تطمئن كثيرين‪،‬‬ ‫والنظ��ام ف��ي الوقت ذات��ه منذ إص��راره على‬ ‫الحل األمن��ي غرق فيه وأغرق البالد‪ ،‬س��وريا‬ ‫تدمّر بالكام��ل‪ ،‬تراثها السياس��ي والحضاري‬ ‫يدمّر‪ .‬صورة الجيش العربي السوري المقاتل‬ ‫ذو العقي��دة العربية تهتز‪ ،‬هو يقصف ش��عبه‪،‬‬ ‫ويدمّر قراه ومناطقه‪ ،‬وسياسة حرق األخضر‬ ‫واليابس هي المعتمدة»‪.‬‬ ‫ويضاف إلى كل ذلك البعد المذهبي والطائفي‬ ‫الظاه��ر عل��ى األرض وال��ذي يول��د مش��اعر‬ ‫وحاالت خطيرة على الوحدة الوطنية السورية‬ ‫والنسيج االجتماعي الداخلي والتماسك في ما‬ ‫بين السوريين‪ ،‬وكل المتصارعين يؤكدون أن‬ ‫الحرب في سوريا قد تفجّر المنطقة كلها‪.‬‬ ‫وبالتالي نحن أمام أزمة حرب مفتوحة وقضية‬ ‫كما س��مّاها بعض المسؤولين العرب تقدمت‬ ‫ف��ي اهتماماتهم على القضية الفلس��طينية‪،‬‬ ‫قب��ل الحرب عل��ى غزة‪ ،‬وعندم��ا كانت معركة‬ ‫الرئاس��ة األميركي��ة محتدمة‪ ،‬طال��ب كثيرون‬ ‫الرئاس��ة المتجددة في أميركا اإلسراع في حل‬ ‫القضية السورية‪ ،‬وقليلون أشاروا إلى القضية‬ ‫الفلس��طينية إلى أن فرضت نفسها مجدداً في‬ ‫الح��رب على غزة وقبل ذلك في تصميم قيادة‬ ‫السلطة الفلس��طينية على الذهاب إلى األمم‬ ‫المتحدة للحصول على مقعد لدولة فلس��طين‬ ‫فيه��ا والرف��ض األميرك��ي اإلس��رائيلي لهذه‬ ‫الخطوة‪.‬‬ ‫في الختام وبحس��ب العريضي أيضًا‪« :‬نعيش‬ ‫ف��ي مرحلة تح��ول خطير‪ ،‬وه��ذا الكتاب يعبر‬ ‫ع��ن كل م��ا يحي��ط بنا من ش��ؤون وش��جون‬ ‫ف��ي وطننا وفي محيطنا م��ن جهة أخرى‪ ،‬وقد‬ ‫أردت أن يص��در في هذا التوقي��ت بالذات بعد‬ ‫التط��ورات التي نعيش��ها في العال��م العربي‪،‬‬ ‫واختيار العنوان عرب بال قضية هو أيضًا ألننا‬ ‫نرى أن األمور تس��ير في االتج��اه الذي كتبت‪،‬‬ ‫لي��س اتجاه��ًا ايجابيًا لكننا نعك��س واقعاً وأنا‬ ‫ال أتعاط��ى ال بعاطف��ة وال بانفع��ال‪ ،‬بالتأكيد‬ ‫انطالق��ًا م��ن موق��ف المؤمن بقضي��ة والذي‬ ‫يحمل رسالة»‪.‬‬

‫�سالح مل ي�صمت �أبد ًا‬ ‫املدن‬ ‫ُ‬ ‫�شتائم ٍ‬ ‫خوشمان قادو‬ ‫لن نرحل كما في ّ‬ ‫كل مرة‪ ،‬لن نترك وراءنا‬ ‫األل��م والذكري��ات واألحالم‪ ،‬كم��ا يقولها‬ ‫الكثيرون‪ .‬من ّ‬ ‫حقنا اليوم أن نشُمّ رائحة‬ ‫التراب الذي ّ‬ ‫عفرناه صغاراً‪ .‬كم كنّا نحبّ‬ ‫الش��وارع‪ ،‬الج��دران والب��راري! رغم كِبر‬ ‫الم��دن دائم�� ًا‪ ،‬كنّا نش��عرُ بع��دم قدرتها‬ ‫عل��ى احتواء مش��اغباتنا الطموحة‪ .‬فارقُ‬ ‫العم��ر لم يغيّ��ر من تلك المعادلة ش��يئاً‪،‬‬ ‫ال ت��زال المدن تُعاند هواج��س خطواتنا‪،‬‬ ‫وف��ي ّ‬ ‫كل مرة نخش��ى أن يتمرّد االغتراب‬ ‫التعس��في في ذواتنا‪ ،‬دون أن نبتسم في‬ ‫الوجوه المغبرّة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫دفعة‬ ‫المدن توائ��م أفعالن��ا اليومية‪ ،‬تل��دُ‬ ‫واحدة‪ ،‬وتغيبُ تدريجيًا‪ ،‬وجودنا فيها يؤرّق‬ ‫مكبوتاتن��ا المنهك��ة‪ ،‬ومغادرته��ا يس��جّل‬ ‫ً‬ ‫مس��افة‪ ،‬بُعداً‪ ،‬أرقامًا‪ ،‬وحنيناً ال يخلو بتاتًا‬ ‫من أحاسيس انتهازية تجعلنا أحياناً تماثيل‬ ‫عابسة‪ ،‬هذا إن كانت المدن ال تزال مدنًا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أطف��ال أمٍّ ل��م تحظ��ى بس��عادة‬ ‫الم��دن‬ ‫لي��ال طوال‪ ،‬لكنّها‬ ‫ورَبّت‬ ‫تَعبت‬ ‫أبنائه��ا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لم تس��تطع أن تربُت عل��ى أكتافهم قط‪،‬‬ ‫يدها كان��ت تالمِس الهواء ووجه األرض‪،‬‬ ‫التربي��ت ه��ذه الم��رة كان ب��أداةٍ قاس��ية‬ ‫ج��داً‪ ،‬ال أح��د هنا‪ ،‬ال وجود س��وى لالس��م‬ ‫أناس كان��وا نيام ًا أو‬ ‫والمس��احة‪ ،‬ومالمح ٍ‬ ‫يحضّرون العش��اء‪ ،‬أو ربما كانوا يالعبون‬ ‫أطفالهم‪ ،‬بعضهم اآلن تنساب أجسادهم‬ ‫في مدنٍ ال تستطيع أن ّ‬ ‫تؤطر كينونتهم‪،‬‬ ‫وطن صاخب‪.‬‬ ‫هذا إن كانت المدن وديعة‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫س�لاح لم يصمُ��ت أبداً‪ ،‬حتى‬ ‫صالفة‬ ‫المدن‬ ‫ٍ‬ ‫الوس��ائدُ عج��زت أم��ام ضجيجها الش��احب‪،‬‬ ‫بعي��ن مُترفة ّ‬ ‫ُ‬ ‫وتصبغ‬ ‫كل الط��رق‪،‬‬ ‫تُراق��ب‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫لون الغيوم وتملؤها برائحة البارود‪،‬‬ ‫الحقول َ‬ ‫العصافيرُ خج ً‬ ‫ال ترسمُ للمدن سما ًء جديدة‪،‬‬ ‫من يمتل��ك الرصاصات لي��سَ كمن يمتلك‬ ‫شراب حُلمنا‪.‬‬ ‫السّكاكر‪ ،‬المدن كؤوسُ‬ ‫ِ‬ ‫دفاتر‬ ‫بألوان‬ ‫والمضرجة‬ ‫الج��دران المالحة‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وأق�لام‪ ،‬ألع��ابٌ وثي��ابُ األطف��ال الذين‬ ‫ش��ارع‬ ‫ُقيّ��ض لهم رك��نٌ يابسٌ في كل‬ ‫ٍ‬ ‫من الم��دن الممت��دة ف��ي أعينه��م‪ ،‬غالبًا‬ ‫م��ا تُس��دل األجفان مث��ل دمع��ة‪ ،‬تغيبُ‬ ‫المدن ويبقى األطف��ال نيامًا تحت الركام‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ينقل‬ ‫ال��كل‬ ‫ال��كل يبكي‪،‬‬ ‫اليتيم األس��ود‪،‬‬ ‫فظاع��ة المش��هد‪ّ ،‬‬ ‫الكل يخش��ى تكرار ما‬ ‫يراه في قرارة نفس��ه‪ ،‬ال أحدَ يقدرُ على‬ ‫فصل األل��وان أو تمييزها‪ ،‬وينهالون على‬ ‫ضباع كهلة‪.‬‬ ‫مضاجعهم مثل‬ ‫ِ‬ ‫تتقاف��زُ الخناج��ر ف��ي حض��ن اله��واء‪،‬‬ ‫والخناف��س تثرثر أنّا ذهب��ت‪ ،‬في لحظةٍ‬ ‫ُ‬ ‫وتس��قط في فم الجلاّ د‬ ‫ما‪ ،‬المدن تتكوّر‬ ‫األعمى‪ ،‬من يدري‪ ،‬ربما يحمّصون المدن‬ ‫قِطع حتى‬ ‫مث��ل البنّ‪ ،‬أو يش��رّحوها إلى‬ ‫ٍ‬ ‫يتس��نى لهم تكويمها في جان��ب رغيفٍ‪،‬‬ ‫م��ن يركض نحو ذاكرته تغتاله الش��وارع‬ ‫الفس��يحة‪ ،‬ال أح��د يري��د أن ّ‬ ‫يتذكر‪ ،‬ال أحد‬ ‫يريد فتح نافذته أمام األدخنة المتثائبة‪.‬‬ ‫المدن‪ ،‬نع ّلقه��ا إلى رقابنا أو نحمّلها على‬ ‫مقاتل يرمّم خندقه‪ ،‬نخشى‬ ‫أكتافنا مثل‬ ‫ٍ‬ ‫األماكن الش��اهقة‪،‬‬ ‫الزحف‪ ،‬كذلك صعودَ‬ ‫ِ‬ ‫كل العيون تُفقأ حين نمضي إلى تجاعيد‬ ‫األرض‪ ،‬ونخلعُ عن وجوهنا الظنون وأثار‬ ‫ُ‬ ‫يقتل الخديعة في مفاتيح‬ ‫الوحل‪ ،‬الفرح ال‬ ‫مدننا‪.‬‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫للمرا�سالت والتوا�صل مع هيئة التحرير ‪so uria tna @ gm ail. c om‬‬

‫متت طباعة وتوزيع هذا العدد من قبل مطبعة �سمارت �ضمن م�شروع دعم الإعالم ال�سوري احلر‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬

‫أسأل نفسي مراراً وتكراراً‪ ،‬هل من نهاية لهذه المأساة؟‬ ‫ريف إدلب ‪ -‬كفرنبل ‪ | 2014‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫‪15‬‬


‫ٌ‬ ‫"كائن م� َّؤقت‪ ،‬يُ�سمى ع�سكري"‬ ‫بهزاد حمو‬

‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 28 | )171‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫أس��فل‬ ‫ظروفُ الحب��وب المهدِّئ��ة والمخدِّرة‬ ‫مخ��دَّة الجندي‪ ،‬كان��ت أكثرَ عدداً م��ن فوارغ‬ ‫الرَّصاص التي ش��اهدها مُذ أن َ‬ ‫دخل المعسكر‬ ‫ُ‬ ‫الهلوس��ة ذاكر ٌة هشَّ��ة ورقيقة‪ .‬ال‬ ‫قبل ع��ام‪..‬‬ ‫بدَّ من نبش��ها ب��األدوات الدقيق��ة ذاتها التي‬ ‫َ‬ ‫ينبش��ون به��ا عن بقاي��ا جمجمةِ إل��هٍ حجريٍّ‬ ‫مخص��يٍّ‪ ،‬يعود لما قبل عص��ر الحروب األهليَّة‬ ‫وحبوب الهلوسة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫البعثة األثريّة التي س��تنبشُ ذاكر َة العس��اكرَ‬ ‫الس��وريين‪ ،‬بعد ألفي ع��ام مث ً‬ ‫ال‪ ،‬س��تعثرُ على‬ ‫َ‬ ‫ألطف��ال مذبوحي��نَ بِإتقانٍ‬ ‫ظ�لال مرتع��دةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الس��كاكين تغ��زو‬ ‫أش��جارُ‬ ‫الصب��اح‪.‬‬ ‫كت ّفاح��ةِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يحصون المجازرَ والمراجيحْ‪..‬‬ ‫نوافذهم‪ ،‬وهُم‬ ‫ُ‬ ‫س��تعثرُ البعث��ة عل��ى جمجمةٍ م�لأى بعناكب‬ ‫متس��مّر عل��ى‬ ‫منده��ش‬ ‫صاخب��ة‪ ،‬لجن��ديٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يتن��اول فيه س��بعة أطفال‬ ‫مطب��خ طينيٍّ‪،‬‬ ‫باب‬ ‫ٍ‬ ‫مَهل‪..‬‬ ‫وعل��ى‬ ‫صمتٍ‬ ‫في‬ ‫عش��اءهم‬ ‫مذبوحين‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫وس��كر األمهات‬ ‫بينما الس��قفُ يدلفُ دم اآلباء‬ ‫الرَّخيص‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫البعثة‪ ،‬على صورةٍ بوجهين‪ ،‬إحداهما‬ ‫س��تعثرُ‬ ‫لش��خصيةٍ عس��كريّة بمئات النجوم واألوسمة‬ ‫(س��يتمتمُ خبير البعث��ة‪ :‬يبدو أنه��ا لديكتاتور‬

‫لرجل‬ ‫تلك الحقبة)‪ ،‬حقبتنا‪ .‬بينما األخرى‪ ،‬صورة‬ ‫ِ‬ ‫دين‪ ،‬تحتارُ في أمره البعثة (إلى أن تقول إحدى‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫خليفة ظهرَ أيضاً‬ ‫الفتيات المرافقات‪ :‬قرأتُ بأن‬ ‫على هذه األرض البائسة!)‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫س��يَّار ٌة محمَّل ٌة بعس��اكرَ مدهوشينَ وحليقي‬ ‫ال��رَّأس‪ ،‬يحدِّق��ون طوي ً‬ ‫ال وبعي��ونٍ حائرة في‬ ‫األبني��ة‪ ،‬والجّس��ور‪ ،‬أجس��اد طالبات السَّ��كن‬ ‫طول‬ ‫الجامعي‪ ،‬وفي سُ��حناتِ المذعورينَ على ِ‬ ‫األوتوس��تراد‪ .‬على البزَّة العس��كريَّة المهترئة‬ ‫لجن��ديٍّ قادم م��ن األعماق السَّ��حيقة ألقصى‬ ‫ٍ‬ ‫الشَّ��مال‪ ،‬بقعُ زيتٍ تتس��ع مع الوقتِ‪ ،‬وصورة‬ ‫ثالثيَّة الرُّعب للعائل��ةِ الحاكمة‪.‬ال أحد يدركُ‬

‫الش��يفرات التي نتبادلها س��وانا‪ ،‬نح��ن يتامى‬ ‫الشمال‪.‬‬ ‫ثمة إش��اراتٌ أخ��رى‪ ،‬غير تلك المتع��ارف عليها‬ ‫وغير اللغةِ‪ ،‬بها نُفصحُ عن هويّاتنا المضمرة؛‬ ‫جنديٌّ في مؤخّرة الزيل العسكري‪ِّ ،‬‬ ‫يعلق صور ًة‬ ‫ً‬ ‫مقلوبة للعائلة على ص��دره‪ ،‬بينما يرفع للمارةِ‬ ‫أصاب��عَ النص��ر! ال يمك��نُ إال أن يك��ون اب��ن‬ ‫الش��مال التعيس‪ ،‬ذاته ال��ذي قذفني على هذا‬ ‫زمن الحرب‪.‬‬ ‫األوتستراد في ِ‬ ‫ً‬ ‫صدفة‪،‬‬ ‫جن��ودٌ جياعٌ يمرّون بس��يخ الش��اورما‬ ‫ٌ‬ ‫أحادي��ث عن اإلج��ازاتِ‬ ‫ي��دور بينه��م همس��اً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والذخيرةِ المسروقةِ‪ ،‬وزوجاتِ الضباط‪.‬‬ ‫جنديٌّ منهكٌ حدَّ التفكير في االنتحا ِر أو الفرا ِر‪،‬‬ ‫يمرُّ بس��وق الحميديَّة وس��ط دمشق‪ ،‬مذهو ًال‬ ‫ومذع��وراً‪ .‬مث��ل ٍّ‬ ‫ق��ط داسَ ٌ‬ ‫طفل عل��ى ذيلهِ‪.‬‬ ‫حدّثتُه بالكرديّة واثقاً م��ن خيباته المترامية‬ ‫محل‬ ‫والظاهرة‪ ،‬بين حش��ود المنتظري��ن أمام ٍ‬ ‫للبوظ��ة‪ ،‬ردّ بال اكتراثٍ‪ :‬لس��تُ كردي! وكأنه‬ ‫س��معَ الصرخة أس��فل لس��اني‪ :‬لكنك تعيس!‪.‬‬ ‫أردفَ دون أن َّ‬ ‫أتكل��م ودون أن ُ‬ ‫ينظ��ر إل��ي‪ :‬أنا‬ ‫فلسطيني‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫أشيا ٌء مختلفة للغرض ذاته‪:‬‬ ‫مجل ُ‬ ‫َّ‬ ‫��ة الجي��ش‪ ،‬الواقي الذك��ري‪ ،‬تخيُّالتٌ عن‬ ‫عَجل من‬ ‫على‬ ‫ممزَّق��ة‬ ‫صورٌ‬ ‫الضابط‪،‬‬ ‫زوج��ةِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫مجل��ة إباحيَّة‪ ،‬ودفترٌ صغيرٌ بهِ أرقام "أصدقاء‬ ‫العس��كرية" من بلداتٍ س��وريَّةٍ مختلفةٍ‪ ،‬لم‬ ‫يكن قد سمعَ بها مِن قبل‪.‬‬

‫هذا "كوكب زمردة " مقابل كل �سبع �إناث‪ ،‬ذكر واحد يف �سوريا‬ ‫دمشق ‪ -‬مازن دياب‬ ‫يتن��در الس��وريون عل��ى مواق��ع التواص��ل‬ ‫االجتماعي مع كل قرار أو خبر جديد‪ ،‬بأن سوريا‬ ‫باتت تش��به كوكب زمردة‪ ،‬االسم الذي تطلقه‬ ‫قن��اة األطف��ال (‪ )space toon‬عل��ى الفت��رة‬ ‫المخصص��ة لبرامج الفتيات فقط في المحطة‪،‬‬ ‫التهكم الذي كان مبالغاً فيه لضرورة الفكاهة‬ ‫بات حقيقة بشكل أو بأخر‪ ،‬إذ تقول آخر األرقام‬ ‫الصادرة عن "الهيئة السورية لشؤون األسرة"‪،‬‬ ‫وه��ي منظمة تابعة للحكومة الس��ورية تعنى‬ ‫باألسرة بش��كل عام‪ ،‬إن نس��بة توزّع جديدة‬ ‫بين الرجال والنس��اء داخل سوريا‪ ،‬قد أظهرت‬ ‫تفوقاً للنس��اء على حس��اب الرجال في البالد‪،‬‬ ‫وذلك بعد أريع سنوات من حرب البالد‪.‬‬ ‫فبع��د أن كان��ت نس��بة النس��اء للرج��ال عام‬ ‫‪ 2011‬هي تقريبا ‪ 50%‬ل��كل جنس‪ ،‬مع تفوق‬ ‫بسيط للنساء على الرجال‪ ،‬يتضاعف اليوم هذا‬ ‫التفوق‪ ،‬ليغدو في عام ‪ ،2014‬لكل رجل حوالي‬ ‫‪ 7‬نس��اء‪( ،‬دون تحديد األعمار)‪ ،‬ولتغرق بذلك‬ ‫البالد بأعداد كبيرة من اإلناث‪.‬‬ ‫ربم��ا للوهل��ة األولى ق��د يبدو األم��ر صادماً‪،‬‬ ‫لكنه مع تحليل بس��يط لجيل قادم‪ ،‬يبدو األمر‬ ‫كارثيا حقاً‪ ،‬فقد س��لبت جبهات القتال على كل‬ ‫األطراف الشباب والرجال‪ ،‬وجرّتهم الحرب إلى‬ ‫خط��وط النار‪ ،‬فباتت الكثير من قرى الس��احل‬ ‫السوري يقتصر على النس��اء فقط‪ ،‬األمر الذي‬ ‫ينس��حب عل��ى العديد م��ن مناطق س��يطرة‬ ‫المعارضة‪ ،‬والتي تعد مناطق ساخنة‪.‬‬ ‫اس��تنزفت الحرب دم��اء الذكور‪ ،‬ال س��يّما أن‬ ‫التس��ريح متوقف من مطل��ع الحرب في جيش‬ ‫النظام‪ ،‬وفي مناط��ق المعارضة‪ ،‬من ال يقاتل‬ ‫ال يعي��ش‪ ،‬هذا إذا لم يته��م "بالردة" ويُحكم‬

‫بفصل الرأس عن الجسد‪.‬‬ ‫تم��دّ الحرب يده��ا في التفاصي��ل أكثر‪ ،‬فمن‬ ‫نجى م��ن "الس��وق" إلى حمل الس�لاح‪ ،‬حمل‬ ‫نفس��ه وغادر البالد "ناجيا بنفسه" أو ما تبقى‬ ‫منها‪.‬‬ ‫تق��ول مديري��ة الهج��رة والج��وازات التابع��ة‬ ‫للحكوم��ة الس��ورية أنها تص��در يوميا ‪1000‬‬ ‫جواز سفر!‬ ‫ألف جواز س��فر في اليوم‪ ،‬يعن��ي ‪ 26‬ألف جواز‬ ‫س��فر في الشهر‪ ،‬يعني ‪ 360‬ألف جواز سفر في‬ ‫العام‬ ‫الواح��د‪ ،‬مضروبا الرقم ب‪ 3‬ب��دل أربعة لنأخذ‬ ‫رقم��ا متوس��طاً‪ ،‬تك��ون المحصل��ة النهائي��ة‬ ‫مليون مسافر‪.‬‬ ‫وم��ا دمن��ا ف��ي لعب��ة األرق��ام‪ ،‬فتش��ير آخ��ر‬ ‫اإلحصائي��ات غير الرس��مية إلى م��ا يزيد عن‬ ‫ملي��ون ضحية من كل األط��راف‪ ،‬إضافة لرقم‬ ‫مشابه ينس��حب على المفقودين والمعتقلين‬ ‫والمخطوفين والمغيبين‪.‬‬ ‫وتخت��م دوام��ة األرق��ام برق��م مخي��ف ع��ن‬

‫النازحي��ن الذين تجاوزا الـ ‪ 7‬ماليين مع نهاية‬ ‫العام الرابع للحرب‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬من تبقى داخل البالد؟‬ ‫الفقي��ر‪ ،‬والكبي��ر‪ ،‬والطف��ل الصغي��ر‪ ،‬وبعض‬ ‫النساء‪ ،‬والقليل القليل من الرجال‪.‬‬ ‫عش��ية نهاية سنة ‪ ،2014‬قد يسمح لك الملل‬ ‫بالتج��ول في ش��وارع ب��اب توما‪ ،‬وق��د تلتقي‬ ‫بأحده��م أو إحداه��ن‪ ،‬تس��أله‪ ،‬وتس��ألها عن‬ ‫أمنياته‪ ،‬تبدأ اإلجابات بالصالة "للسالم داخل‬ ‫الب�لاد" وتتنوع اإلجاب��ة التالية بي��ن التمنّي‬ ‫برد مخط��وف‪ ،‬أو اإلفراج عن معتقل‪ ،‬أو معرفة‬ ‫مصير مفقود‪ ،‬أو طلب ورقة التس��ريح من اهلل‬ ‫مباشرة‪ ،‬وفي أحسن الحاالت وأكثرها انتشارا‪،‬‬ ‫هو دعوة تبدو أشبه بمهمة مستحيلة‪ ،‬وطلب‬ ‫من اهلل أن يجمع ش��مل العائل��ة التي تبعثرت‬ ‫بين السويد واألردن وتركيا وهولندا‪..‬‬ ‫‪ّ 2014‬‬ ‫ج��ل أمنيات الس��وريين باتت محصورة‬ ‫ً‬ ‫بم��ن فق��دوا‪ ،‬وكأننا بقين��ا ظال لم��ن رحلوا‪،‬‬ ‫نشكو عنهم أوجاعهم‪.‬‬ ‫‪ 2014‬سنة الفقد بجدارة‪..‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.