Souriatna 173

Page 1

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫‪� 17‬سوري ًا ق�ضوا يف العا�صفة الثلجية واحل�صيلة قابلة لالرتفاع‬ ‫اندساسية ‪. .‬‬ ‫دندنات وتقارير ‪. .‬‬ ‫أخبار‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫ارتف��ع ع��دد الضحاي��ا الس��وريون بس��بب‬ ‫العاصف��ة الثلجية التي تجتاح منطقة ش��رق‬ ‫المتوس��ط إلى أكثر من ‪ 17‬شخص ًا بينهم ‪10‬‬ ‫أطفال‪ ،‬بحسب مركز دمشق اإلخباري‪ ،‬وسط‬ ‫تحذيرات من تفاقم األوضاع المعيشية داخل‬ ‫مخيم��ات لبنان الت��ي تضم مئ��ات اآلالف من‬ ‫الالجئين‪.‬‬ ‫وأصبح��ت مخيم��ات الالجئين الس��وريين في‬ ‫عرس��ال معزول��ة تمام ًا ع��ن العال��م‪ ،‬فالثلج‬ ‫يحاص��ر نح��و مائة أل��ف الجئ يعيش��ون في‬ ‫درج��ات ح��رارة منخفض��ة ل��م يألفوه��ا منذ‬ ‫لجوئهم إلى لبنان قبل أكثر من عامين وسط‬ ‫نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود‪.‬‬ ‫ويب��دو أن عمليات اإلغاثة ف��ي هذه المناطق‬ ‫تواجه صعوبة كبيرة بسبب تراكم الثلوج مع‬ ‫انخف��اض درجات الح��رارة إلى عش��ر درجات‬ ‫تحت الصفر‪ ،‬وصعوبة الوصول إلى الالجئين‬ ‫ف��ي بع��ض المناط��ق الت��ي تعتب��ر خ��ارج‬ ‫الح��دود اللبنانية وتقع تحت س��يطرة فصائل‬ ‫المعارضة السورية‪.‬‬ ‫وووثق مركز دمش��ق ف��ي الحصيلة المبدئية‬ ‫المفتوحة لديه ‪ 17‬اسماً هم‪:‬‬ ‫• الطفل عادل الشيش��كلي‪ ،‬ذكر‪ ،‬مدني‪ ،‬من‬ ‫ريف دمشق – دوما‪.‬‬ ‫• شهيد طفل حديث الوالدة‪ ،‬ذكر‪ ،‬مدني‪ ،‬من‬ ‫ريف دمشق – دوما‪.‬‬ ‫• الطفل عبد الرحمن بصل‪ ،‬ذكر‪ ،‬مدني‪ ،‬من‬ ‫ريف دمشق – دوما‪.‬‬ ‫• الطفلة فاطمة بصل‪ ،‬أنثى‪ ،‬مدني‪ ،‬من ريف‬ ‫دمشق – دوما‪.‬‬ ‫• فاطم��ة محمد المحم��د‪ ،‬أنث��ى‪ ،‬مدني‪ ،‬من‬

‫سكان عرسال في لبنان يوزعون الخبز على الالجئين | عدسة همام حكيم‬

‫حلب – سيف الدولة‪.‬‬ ‫• الطفل��ة مايا أحمد فحّام‪ ،‬أنثى‪ ،‬مدني‪ ،‬تبلغ‬ ‫من العمر ‪ 3‬أشهر‪ ،‬من حلب‪.‬‬ ‫• يوس��ف محمد المص��ري‪ ،‬ذك��ر‪ ،‬مدني‪52 ،‬‬ ‫عامًا‪ ،‬من حلب – الشعار‪.‬‬ ‫• ل��م يتم التعرف على اس��مه‪ ،‬ذك��ر‪ ،‬مدني‪،‬‬ ‫رجل مسن‪ 60 ،‬عاماً‪ ،‬من حلب – الشعار‪.‬‬ ‫• الطفل��ة هدى عبد العزي��ز‪ ،‬أنثى‪ ،‬مدني‪4 ،‬‬ ‫أعوام‪ ،‬من حمص‪.‬‬ ‫• الطفل ماجد البداوي‪ ،‬ذكر‪ ،‬مدني‪ 6 ،‬أعوام‪،‬‬ ‫من حمص‪.‬‬ ‫• ش��هيد لم يت��م التعرف علي��ه‪ ،‬ذكر‪ ،‬مدني‪،‬‬

‫دير �شبيغل‪ :‬الأ�سد يخطط لربنامج نووي‬ ‫كش��فت صحيف��ة دي��ر ش��بيغل األلماني��ة‬ ‫ف��ي تقري��ر له��ا عم��ا قال��ت أن��ه منش��أة‬ ‫نووية س��ورية س��رية في منطقة القصير‬ ‫الحدودية م��ع لبنان‪ ،‬والمش��روع عبارة عن‬ ‫محطة تخصيب اليورانيوم‪ ،‬وقالت إن اس��م‬ ‫المشروع "زمزم"‪.‬‬ ‫وذكرت الصحيفة أنه��ا حصلت على تقارير‬ ‫س��رية تؤكد أن األس��د يحاول تحقيق حلمه‬ ‫بامتالك قنبلة نووية‪ .‬وحسب خبراء غربيون‬ ‫"وال��كالم للصحيفة" فإن النظام الس��وري‬ ‫قام بنقل ‪ 8000‬من القضبان المشعة التي‬ ‫كانت في مفاعل دير الزور الذي تم قصفه‬ ‫من قبل إسرائيل في عام ‪. 2007‬‬ ‫وبحس��ب الصحيف��ة ف��إن خبراء م��ن إيران‬ ‫وكوري��ا الش��مالية يقوم��ون بتش��غيل‬ ‫المش��روع‪ ،‬أما حماي��ة المنش��أة فتقوم بها‬ ‫ميليش��يا حزب اهلل اللبناني التي تقاتل الى‬ ‫جانب األس��د‪ .‬وعرض��ت الصحيفة تفاصيل‬ ‫مهمة ع��ن صور األقم��ار الصناعي��ة وتتبع‬ ‫االس��تخبارات الغربي��ة اتص��االت الس��لكية‬ ‫من المنطقة‪ .‬وتش��ير الوثيقة السرية التي‬ ‫حصل��ت عليه��ا الـ"دير ش��بيغل" إلى أنه تم‬ ‫نق��ل المواد إل��ى موقع تح��ت األرض وهي‬ ‫مخبأة جيداً إلى الغ��رب من مدينة القصير‪،‬‬ ‫عل��ى بعد كيلومترين تقريباً من الحدود مع‬

‫لبنان‪ .‬وراقب الخبراء الموقع عن كثب خارج‬ ‫القصي��ر‪ ،‬وتحركات حزب اهلل في المنطقة‪،‬‬ ‫إلى أن أصبح واضح ًا لهم واكتش��فوا ما هو‬ ‫"مقلق للغاية"‪.‬‬ ‫وقال��ت الصحيفة أن التحدي اآلخر س��يكون‬ ‫إلس��رائيل الت��ي تحت��اج لعملي��ة أعقد من‬ ‫عملية "الكبر" الذي كان على سطح األرض‬ ‫بينما هذه المنشأة مبينة عميقاً تحت األرض‬ ‫ولذلك يتطلب قنبلة ‪ buster bombs‬والتي‬ ‫نتائجها قد تكون وخيمة على البيئة‪.‬‬ ‫وتنهي "دير ش��بيغل" بأن الدولة اإلسالمية‬ ‫دعت الوكالة الدولي��ة للطاقة الذرية لزيارة‬ ‫أي منطق��ة تح��ت س��لطتها‪ ،‬لك��ن الوكالة‬ ‫رفض��ت لكي ال تعطي المنظم��ة اإلرهابية‬ ‫أي نوع من الشرعية‪.‬‬

‫شاب‪ ،‬من حمص‪.‬‬ ‫• الطفل��ة هبة عبد الغن��ي‪ ،‬أنثى‪ ،‬مدني‪ ،‬من‬ ‫حمص‪.‬‬ ‫• موس��ى عب��د الملك‪ ،‬ذكر‪ ،‬مدن��ي‪ ،‬من ريف‬ ‫دمشق – دوما ‪.‬‬ ‫• عمار كمال‪ 35 ،‬عامًا‪ ،‬ذكر‪ ،‬مدني‪ ،‬من حلب‪.‬‬ ‫• س��مير حس��ين س��لفيتي‪ ،‬ذك��ر‪ ،‬مدني‪64 ،‬‬ ‫عام‪ ،‬دمشق ‪ -‬مخيم اليرموك‪.‬‬ ‫• الطفل��ة فاطم��ة زه��رة‪ ،‬أنث��ى‪ ،‬مدن��ي‪5 ،‬‬ ‫أعوام‪ ،‬من ريف دمشق – دير العصافير‪.‬‬ ‫• الطفلة ريماس الحس��ن‪ ،‬أنثى‪ ،‬مدني‪ ،‬عام‬ ‫واحد‪ ،‬من دمشق – الحجر األسود‪.‬‬

‫«مرا�سل �سوري»‬ ‫يغلق للمرة الثانية‬ ‫أغلق��ت مجموع��ة مراس��ل س��ورية اإلخباري��ة‬ ‫على موق��ع التواصل االجتماعي للم��رة الثانية‬ ‫خ�لال ش��هر واح��د‪ ،‬فيما اعتب��ر أح��د القائمين‬ ‫عل��ى المجموعة الت��ي تمتلك موقع��اً إلكترونيًا‬ ‫أن الس��بب هو "أن المجموع��ة تنقل كل األخبار‬ ‫الميداني��ة م��ن دون أي تحي��ز ألي ط��رف ف��ي‬ ‫الصراع الحالي في البالد وهو ماال يعجب الكثير‬ ‫من المتابعين"‪.‬‬ ‫وق��ال ذات المصدر لس��وريتنا إن حجم�� ًا كبيراً‬ ‫من التبليغات طال المجموعة وبعض حس��ابات‬ ‫القائمي��ن عليه��ا وكان أغلبه��ا عل��ى ص��ور تم‬ ‫نش��رها م��ا أدي ف��ي النهاي��ة إل��ى قي��ام إدارة‬ ‫الفيس��بوك بإغ�لاق المجموع��ة‪ ،‬فيم��ا كان��ت‬ ‫التبليغ��ات تأت��ي م��ن س��وريين م��ن مختل��ف‬ ‫االصطفافات السياسية في البالد‪.‬‬ ‫يذكر أن المجموعة أقلعت للمرة الثالثة عبر ذات‬ ‫الموقع‪ ،‬فيما تعتب��ر مصدراً موثوقًا للكثير من‬ ‫وسائل اإلعالم السورية والعربية‪.‬‬


‫خميمات النازحيني يف ريف الالذقية �أكرب املت�ضررين من العا�صفة‬ ‫الالذقية ‪ -‬ميس الحاج‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫أحد مخيمات قرية اليمضية بريف الالذقية‬

‫أم��ا عن حال المخيمات األساس��ية في الريف‪،‬‬ ‫فمخي��م التنس��يقة يعتب��ر أكبره��ا ويض��م‬ ‫حوال��ي ‪ 250‬عائل��ة نازح��ة ‪،‬خس��ر المخي��م‬ ‫مدرس��ته‪ ،‬مدرسة الش��هيد صديق تركماني‬ ‫التي هدمتها العاصف��ة ليعود أطفال المخيم‬ ‫بال مدرسة ‪.‬‬ ‫أما مخيم البش��يرية فيضم ستين عائلة ولم‬ ‫يس��جل ب��ه أي أضرار ول��م يتأث��ر بالعاصفة‬ ‫بفض��ل تجهيزه الجيد وأرضيته الطينية حاله‬ ‫كحال مخيم أوبين والذي يضم ثالثيين عائلة‪،‬‬ ‫حي��ث بين عبد الجبار خليل أحد اإلداريين فيه‬ ‫أنه��م كانوا مس��تعدين الس��تقبال العاصفة‬ ‫حيث تم تجهيز المخي��م وحفر أقنية وممرات‬ ‫للمي��اه وتمكي��ن الخي��م واس��تبدال الخي��م‬

‫القديمة وتوفير جميع احتياجات الس��كان من‬ ‫مياه الشرب والدواء والخبز‪.‬‬ ‫م��ن جهته��ا س��ارعت المؤسس��ات والهيئ��ات‬ ‫االغاثي��ة العامل��ة في ريف الالذقي��ة بتقديم‬ ‫المساعدات اإلنسانية للس��كان المتضرريين‬ ‫ومنه��ا هيئة ش��ام االس�لامية حس��ب ما بين‬ ‫االعالم��ي التابع له��ا لجريدة س��وريتنا‪ ،‬فقد‬ ‫قام��ت الهيئ��ة بتقدي��م مس��اعدات ل ‪200‬‬ ‫عائل��ة تضمنت مواد غذائية ووجبات س��ريعة‬ ‫وبطاني��ات ومعاطف كم��ا قام ل��واء العاديات‬ ‫التابع للجيش السوري الحر بتوزيع مئة خيمة‬ ‫على الس��كان الذين فق��دوا خيمهم في حين‬ ‫وزع االئتالف االغاثي البلجيكي ألبس��ة ومواد‬ ‫غذائية‪.‬‬

‫كتيبة "ا�ست�شهادية" للنظام يف النبي يون�س‬

‫فتم تفجير جميع الدبابات لقوات النظام على‬ ‫مح��اوره ونح��ن دائما مس��تعدين ﻷي هجوم‬ ‫منه ه��ذا الفيديو تحذير منه��م‪ ،‬ونحن أيضا‬ ‫نملك استشهاديين للرد عليهم"‪ ،‬مضيفاً "أن‬ ‫ه��ذا لن يغير من عزيمة الث��وار وال يمكن أن‬ ‫يحقق أي أهدافه في زرع الخوف في قلوبنا"‪.‬‬ ‫الفتاً إلى أن النظام بات مفلسًا من كل شيء‬ ‫لذلك بدأ يلجأ إلى ه��ذه الفقاعات اإلعالمية‪،‬‬ ‫ون��وه إلى أن عناصر النظام غير قادرين على‬ ‫تفجي��ر أنفس��هم‪ ،‬فحت��ى بعد تش��كيل هذه‬ ‫الكتيبة لم نشهد أي تأثير لها‪.‬‬ ‫يش��ار إلى أن قمة النبي يون��س تعتبر أعلى‬ ‫قمة في ريف الالذقية‪ ،‬يسيطر عليها النظام‬ ‫ويتخذه��ا مرك��زاً ل��ه ولدبابات��ه وراجم��ات‬ ‫الصواريخ التي يس��تخدمها لقصف قرى جبل‬ ‫اﻷكراد الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة‪،‬‬ ‫وتعتب��ر قمة اس��تراتيجية حيث حاول مقاتلي‬ ‫المعارض��ة الس��يطرة عليها ف��ي العديد من‬ ‫المرات لكنهم فشلوا في تحقيق ذلك‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫تناقلت صفحات مؤيدة للنظام السوري مؤخراً‬ ‫صوراً لعناصر تابعة له‪ ،‬مما يعرف بمليشيات‬ ‫الشبيحة وجيش الدفاع الوطني من على قمة‬ ‫النب��ي يونس في ريف الالذقي��ة‪ ،‬يظهر فيها‬ ‫العناصر‪ ،‬تغمرهم الثل��وج وهم عراة الصدر‬ ‫وتعرِّف به��م هذه الصفحات على أنهم حماة‬ ‫الوط��ن‪ ،‬رج��ال اﻷس��د الصام��دون‪ ،‬الرج��ال‬ ‫المقاومون رغم كل الظروف يحرسون حدود‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫نُقلت هذه الصورة ع��ن صفحة رجال القمة‬ ‫ كتيب��ة الجب��ل التابع��ة للدف��اع الوطن��ي‪،‬‬‫والتي كتب��ت تصف الصورة "إنه��ا بداية عام‬ ‫جدي��د لنمور القمة‪ ،‬الي��وم كان الفرح بقدوم‬ ‫الثل��ج وغ��داً س��يكون النص��ر أبي��ض مثله"‪.‬‬ ‫ص��ور اس��تعراضية لرف��ع معنوي��ات مؤيدي‬ ‫الرئيس األس��د مع بداية العام الجديد‪ ،‬هكذا‬ ‫رأى الناش��ط االعالم��ي مج��دي أب��و ري��ان‬ ‫الس��بب في عرض ه��ذه الصور وانتش��ارها‬ ‫بهذه الس��رعة والكثافة حيث قال لموقع الحل‬ ‫الس��وري " ت��م بثها لرف��ع معنوي��ات مؤيدي‬ ‫النظام الس��وري‪ ،‬فالخوف من أي تقدم للثوار‬ ‫على جبهة الس��احل وتحقيق أي انتصار لهم‬ ‫ب��ات اﻷم��ر اﻷكب��ر الذي يش��غل ب��ال أنصار‬ ‫اﻷس��د‪ ،‬جاءت هذه الصورة كحبة مهدئة لهم‬

‫لتطمينهم أن هناك رجال تحميهم رغم البرد‬ ‫ورغم فقدان الكثير من أبنائهم ويأس وملل‬ ‫معظمه��م من تحقي��ق النص��ر المنتظر منذ‬ ‫أربعة أعوام"‪.‬‬ ‫قبل انتشار هذه الصور بأيام‪ ،‬كانت قناة سما‬ ‫الفضائية المرتبطة بالنظام قد بثت ش��ريط‬ ‫فيديو يظهر به حوالي عش��رة رجال ملثمين‬ ‫يعلنون عن تش��كيل أول كتيبة استش��هادية‬ ‫في س��وريا تابعة للنظام بقمة النبي يونس‬ ‫وهم عناص��ر كتيبة مغاوير الجب��ل التابعين‬ ‫للدف��اع الوطني‪ ،‬حيث صرح ق��ارئ البيان أنه‬ ‫وم��ن معه م��ن عناصر كتيب��ة مغاوير الجبل‬ ‫"نعلن عن تش��كيل كتيبة استشهادية رداً منا‬ ‫على كل غريب ش��وه االسالم قبل أن يدنس‬ ‫أرض الوط��ن مضيفًا أن لغ��ة القتل لم تكن‬ ‫تدرَّس في س��وريا إنما هي لغ��ة الدفاع عن‬ ‫الوطن وسيد الوطن‪.‬‬ ‫وف��ي رد عل��ى ه��ذا التش��كيل ق��ال القائ��د‬ ‫الميدان��ي ف��ي ل��واء العاديات التاب��ع للجيش‬ ‫الس��وري الح��ر أبو حم��زة الالذقان��ي لجريدة‬ ‫س��وريتنا "إن الس��بب يع��ود إلى خ��وف قوات‬ ‫النظام خصوصا أننا غيرنا في موازيين القوى‬ ‫على جبهة الس��احل بفعل األسلحة النوعية‪،‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫خي��مٌ ممزقة وأخرى اقتلعتها الرياح وعائالت‬ ‫بال مأوى‪ ،‬هذا ماتركته العاصفة "زينة " التي‬ ‫ل��م يكن لها من اس��مها نصيب على مخيمات‬ ‫النازحين في ريف الالذقية المحرر إضافة إلى‬ ‫األم��راض التي ألمت ببع��ض أطفال المخيم‬ ‫نتيج��ة البرد‪ .‬تضم المخيم��ات عائالت نازحة‬ ‫من قرى وبلدات س��ورية مختلفة‪ ،‬هربت من‬ ‫قصف قوات النظام الس��وري لتحتمي بسقف‬ ‫خيمة استكثرتها عليهم العاصفة ‪.‬‬ ‫ت��روي أم عمر إحدى النازح��ات من ريف ادلب‬ ‫والتي تعيش في الخيم العشوائية المنتشرة‬ ‫ف��ي قرية اليمضية والمتفرقة بين األش��جار‬ ‫على الح��دود مع تركيا " لق��د فقدت خيمتي‪،‬‬ ‫لدي خمس��ة أطفال نحتاج إل��ى خيمة جديدة‬ ‫وال��ى مالب��س‪ ،‬أفض��ل الع��ودة إل��ى قريتي‬ ‫والم��وت تحت قصف ق��وات النظام فضال عن‬ ‫الموت بردا أنا وأطفالي"‪.‬‬ ‫أم��ا أبو محم��د من جب��ل اﻷكراد فق��د انتقل‬ ‫مؤخ��را للعيش في خيمة نصبها على الحدود‬ ‫م��ع تركيا قال لس��وريتنا "فضلت العيش هنا‬ ‫بد ً‬ ‫ال من الخروج إلى تركيا‪ ،‬فهنا أنا قريب من‬ ‫بلدي ومن أبنائي الذين يحاربون في صفوف‬ ‫الجي��ش الحر‪ ،‬حالي كباقي حال الس��كان في‬ ‫المخيمات أصبحنا مش��ردين دون مأوى‪ ،‬رياح‬ ‫العاصف��ة حمل��ت معه��ا خيمن��ا أيض�� ًا‪ ،‬أغلب‬ ‫الخيم هنا قديمة ال تق��اوم العاصفة والخيم‬ ‫الت��ي لم تحملها الرياح معه��ا غرقت بالماء أو‬ ‫الطين "‬

‫‪3‬‬


‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫عائلة نازحة من بلدة عقرب‬

‫عقرب قرية يحا�صرها النظام وتن�ساها املعار�ضة‬ ‫ريف حماة الجنوبي ‪ -‬عبود الحموي‬ ‫تق��ع بل��دة عق��رب المحاص��رة ف��ي الريف‬ ‫الجنوب��ي الغربي لمدينة حماه‪ ،‬وتبعد عنها‬ ‫‪ 35‬كيل��و مت��ر‪ ،‬بينم��ا تبع��د ‪ 30‬كيل��و متر‬ ‫ش��ما ً‬ ‫ال بالنس��بة لمدينة حم��ص‪ ،‬ويفصل‬ ‫بينه��ا وبي��ن مدين��ة الحول��ة المحاصرة ‪1‬‬ ‫كيل��و متر‪ ،‬البلدة محاط��ة من كافة الجهات‬ ‫بالقرى الموالية للنظام‪ ،‬حيث تتمركز فيها‬ ‫الحواجز التابعة ل��ه والتي تقصف "عقرب"‬ ‫بشكل يومي بكافة أنواع األسلحة الثقيلة‪،‬‬ ‫وتفرض ه��ذه القرى مع الحواجز المحيطة‬ ‫بالبل��دة حص��اراً خانق�� ًا عل��ى المدنيي��ن‬ ‫الموجودي��ن في بلدة عق��رب منذ أكثر من‬ ‫سنتين وتمنع عنهم أبسط متطلبات الحياة‬ ‫ف�لا يدخ��ل للبل��دة ال طحي��ن وال وقود وال‬ ‫كهرباء وال دواء وال أي ش��يء من متطلبات‬ ‫الحي��اة‪ ،‬وتعتم��د العوائ��ل المتواج��دة في‬ ‫البلدة عل��ى ما يتوفر من خش��اش األرض‬ ‫لتبقى على قيد الحياة‪.‬‬ ‫وإضافة لحصار البلدة من قبل قوات النظام‬ ‫فه��ي محاص��رة أيض��ا م��ن قب��ل االئتالف‬ ‫والحكومة الس��ورية المؤقتة‪ ،‬فالعديد من‬ ‫نداءات االس��تغاثة أطلقها المجلس المحلي‬ ‫للبل��دة وأعل��ن م��راراً أن هذه البل��دة بلدة‬ ‫منكوبة‪ ،‬ولكن دون جدوى‪..‬‬ ‫يقول الدكتور عاصم مدير النقطة الطبية‬ ‫ف��ي بلدة عقرب‪ :‬يعتبر القطاع الصحي من‬ ‫أكثر القطاع��ات الخدمية تض��رراً في بلدة‬ ‫عقرب نتيجة األحداث الجارية حيث تعرض‬ ‫لضرر بالغ وانتش��رت العديد من األمراض‬ ‫ٍ‬ ‫والحاالت المعدية‪.‬‬ ‫ال يوجد في عقرب مستشفى ميداني وإنما‬

‫مستوصف صغير قد استنفذ كل إمكانياته‬ ‫بس��بب أع��داد الجرح��ى الهائل��ة نتيج��ة‬ ‫القص��ف اليوم��ي عل��ى من��ازل المدنيي��ن‬ ‫المحاصرين‪ ،‬وفي أكثر الحاالت ال يستطيع‬ ‫كادر المس��توصف أن يق��دم المس��اعدة‬ ‫للمصاب بس��بب خطورة اإلصابة وصعوبة‬ ‫معالجتها‪ ،‬فيبقى المصاب ينزف حتى يصل‬ ‫إلى المستش��فى الميدان��ي في الحولة وقد‬ ‫يص��ل على قيد الحي��اة‪ ،‬أو ال يكتب له ذلك‬ ‫بس��بب النزي��ف‪ ،‬وقد تعرض مرك��ز البلدة‬ ‫الصحي لدمار ش��به كام��ل نتيجة القصف‪،‬‬ ‫كما تعرضت محتوياته للحرق‪ ،‬أما العيادات‬ ‫الخاصة فقد أغلقت بالكامل وكذلك معظم‬ ‫الصيدليات في البلدة‪.‬‬ ‫نقص ش��ديدٍ في‬ ‫تعان��ي البل��دة اآلن من‬ ‫ٍ‬

‫األطب��اء وعناص��ر التمري��ض خصوص ًا مع‬ ‫درجة الخطورة العالي��ة للحاالت الموجودة‪،‬‬ ‫والت��ي تتطلب كف��اءات طبي��ة للعناية بها‪،‬‬ ‫ويؤك��د الدكت��ور عاصم أن "هن��اك نقص‬ ‫ش��ديد باألدوية خصوصا األدوية األساسية‬ ‫والضروري��ة الت��ي يحتاجها الن��اس ‪-‬وهم‬ ‫بأم��س الحاجة له��ا‪ -‬مثل أدوي��ة االلتهاب‪،‬‬ ‫والحص��ول على األدوية صعب جداً بس��بب‬ ‫الحص��ار المف��روض عل��ى البل��دة‪ ،‬ويت��م‬ ‫إحضار كميات قليلة وبأسعار مضاعفة‪ ،‬كما‬ ‫أن هناك ش��به انعدام للش��اش المستخدم‬ ‫ف��ي تضميد الجروح للمصابين ونس��تخدم‬ ‫بد ً‬ ‫ال منه أكياس الطحين التي هي باألصل‬ ‫نادرة الوجود أيضا حيث يتم غسلها وغليها‬ ‫وتعقيمه��ا‪ ،‬وال يوج��د أي تجهي��زات طبي��ة‬ ‫ً‬ ‫مقارنة بالح��االت واإلصابات‬ ‫يمك��ن ذكرها‬

‫الدمار في بلدة عقرب‬


‫جوان تتر ‪ -‬القامشلي‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫ف��ي نهاي��ة المهج��ع كان��وا يضع��ون أحذيتهم‬ ‫يركنون أسلحتهم‬ ‫العسكريَّة الملوَّثة بالطين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الرديئة إلى جانب وس��اداتهم المتَّس��خة دونَما‬ ‫َ‬ ‫الريبة س��وى أصوات‬ ‫اكت��راث‪ ،‬ال ش��يء يجل��ب‬ ‫طلق��ات الرص��اص اآلتية من بعي��د‪ ،‬كانت ً‬ ‫ليلة‬ ‫متوتِّرة كأغلب تل��ك الليالي التي أعقبت اندالع‬ ‫الثورة في س��وريا‪ّ ،‬‬ ‫تلقينا تعليماتٍ من الضابط‬ ‫المن��اوب بضرورة توخّي الح��ذر من "الجماعات‬ ‫المس�� ّلحة" فبحس��ب معلوماتٍ واردة من غرفة‬ ‫فإن عدداً منهم تس��للوا إلى منطقةٍ‬ ‫العمليَّ��ات ّ‬ ‫قريبةٍ من الثكنة العسكريَّة المحاطة بأسيجةٍ‬ ‫بس��يطة‪ ،‬وال بدَّ م��ن المقاومة‪ ،‬ه��ذا ما يقوله‬ ‫الجن��ديّ الس��ابق (و‪ .‬م) المنش��قّ ع��ن ق��وات‬ ‫النظام السوريّ‪ ،‬ويردفُ متابعاً‪" :‬لم ُ‬ ‫أكن أع َلم‬ ‫كمّ الموت الذي ُ‬ ‫سأبصرهُ بعينيّ وأنا مقرفص‬ ‫أكياس الرم��ل التي تعمل عم��ل الواقي‬ ‫خل��فَ‬ ‫ِ‬ ‫من الرصاص‪ ،‬دما ٌء تس��يل لجثثٍ أعرفها‪ ،‬أشمُّ‬ ‫رائح��ة البلد منه��ا‪ ،‬يجب أن تعرف ش��يئًا‪ ،‬لدما ِء‬ ‫ٌ‬ ‫رائحة مميَّزة‪ ،‬أجل! ال تس��تغرب من‬ ‫الس��وريّ‬ ‫حديثي هذا‪ ،‬أيَّامٌ كثيرة كنَّا ننتظر الخروج من‬ ‫دوَّامة الدم هذه‪ ،‬إلى أن أتت اللحظة المناس��بة‬ ‫مب��رّر لمكوثي بينَ‬ ‫الت��ي م��ا عاد لي فيه��ا أيّ‬ ‫ٍ‬ ‫ه��ؤالء َ‬ ‫القتَ َلة‪ ،‬ومش��اركتهم في تنفي��ذ أوامر‬ ‫عس��كريَّة تح��ت بن��د خدم��ة العلم‪ ،‬ه��ذا الذي‬ ‫ل��م يم ّثلني ول��و للحظة طوال حيات��ي‪ ،‬قرَّرتُ‬ ‫الهرب وحيداً في ليلةٍ ب��اردة‪ ،‬لن أُطيل الحديث‬ ‫علي��ك‪ ،‬ها أن��ا اآلن بي��ن أحض��ان الحريَّة وفي‬ ‫بالدٍ ال أعرفها‪ ،‬وال أستطيع التأقلم معها بسبب‬ ‫كمتاع‬ ‫الذاكرة اللعينة التي بقيت معي وحملتها‬ ‫ٍ‬ ‫ش��خصيّ‪ ،‬ف��ي ذاكرت��ي مئ��ات الطلق��ات التي‬ ‫صوّبت نحو أبرياء ال َذنب لهم‪ ،‬مئاتُ الش��تائم‬ ‫َ‬ ‫طوال رحلة الهروب‬ ‫واالعتداءات‪ ،‬عشتُ وال أزال‬ ‫هذه‪ ،‬مشاهد القتل واالعتداءات على المدنيين‪،‬‬ ‫لم��اذا؟ فق��ط ألنَّه��م خرج��وا ف��ي مظاه��رات‬ ‫س��لميَّة‪ ،‬صورٌ ال تبارحُني وأنا أتأمَّل مشاهدَ‬ ‫الثورة الس��ورية التي بدأ الضباب يسيطر عليها‬ ‫والعتمة تُسدل ستارها بقسوة غير معقولة وال‬ ‫إنسانيَّة"‪.‬‬ ‫يتاب��ع (و‪ .‬م) حديثه بغصَّة "لس��تُ نادمًا ألنني‬ ‫ترك��ت ثكن��ات القت��ل واإلهانة‪ ،‬ولكنن��ي نادمٌ‬ ‫ألنني لم أس��أل عن رفاق��ي البقيَّة الذين كانوا‬ ‫رف��اقَ الوج��ع واإلهانة‪ ،‬وحزي��نٌ ألننّي غائبٌ‬ ‫عن بالدي اليتيمة‪" .‬‬ ‫يعمل (و‪ .‬م) حاليًا في سوبر ماركت ضمن مدينة‬ ‫أربيل‪ ،‬في إقليم كردس��تان العراق‪ ،‬بعد ّ‬ ‫تمكنه‬

‫م��ن اله��رب عبر الح��دود الس��ورية ‪ /‬العراقيَّة‪،‬‬ ‫خوفًا من اعتقاله من قبل قوات النظام السوري‬ ‫التي ال زالت تعمل في مدينة القامشلي‪.‬‬ ‫يق��ول الدكت��ور محمد خي��ر دللي‪ ،‬وه��و طبيب‬ ‫مخت��ص باألم��راض النفس��يَّة والعصبيَّ��ة‪:‬‬ ‫"إن ح��االت االعت��داء النفس��ي عل��ى العس��اكر‬ ‫ّ‬ ‫ف��ي صف��وف الجيش العرب��ي الس��وريّ يبقى‬ ‫أثره��ا لفترة طويل��ة لدى البعض من الش��بَّان‬ ‫الملتحقين بالخدمة‪ ،‬بس��بب المعاملة القاس��ية‬ ‫التي يتعرَّضون لها خالل فترة تأديتهم للخدمة‬ ‫اإللزاميَّ��ة‪ ،‬وحالة االغتراب الت��ي تحصل‪ ،‬غالبًا‬ ‫م��ا تؤدي في النهاي��ة إلى نوع م��ن النقمة لدى‬ ‫البع��ض‪ ،‬ممّ��ا يس��بِّب خل� ً‬ ‫لا ف��ي التعامل مع‬ ‫المحي��ط االجتماع��ي‪ ،‬وق��د اس��تقبلتُ ح��االت‬ ‫متقدِّم��ة ف��ي العي��ادة وأغلبه��ا كان��ت ح��االت‬ ‫لمنش��قين عن الجيش العربي الس��وريّ خالل‬ ‫فترة اندالع الثورة‪ ،‬بس��بب مش��اهد القتل التي‬ ‫كانت تحصل أمامهم‪ ،‬وأغلبها كانت حاالت هَلع‬ ‫ليل��يّ وانعدام الق��درة على الع��ودة الطبيعيَّة‬ ‫إلى الحياة االعتياديَّة‪ ،‬أو حالة الرضّ النفس��ي‬ ‫القويَّ��ة الت��ي تحص��ل بس��بب المعامل��ة التي‬ ‫يتعرَّض��ون له��ا‪ ،‬والخل��ل ال��ذي يحص��ل ف��ي‬ ‫األعصاب بس��بب الذكري��ات التي تبق��ى عالقة‬ ‫في األذهان‪ ،‬والنسيان الذي ال يتمّ اَّإل من خالل‬ ‫إدماج هؤالء األش��خاص م��ع المجتمع من جديد‬ ‫كي يعودوا إلى حياتهم الطبيعية‪ ،‬ولكن بس��بب‬ ‫األوضاع األمنيَّة الحاليَّة التي تُجبر العس��كري‬ ‫المنش��قّ على الهجرة وتعقي��دات الهجرة تبقى‬ ‫مس��ألة نس��يان ما عاناه خالل الفترات الماضية‬ ‫عصيَّة على التنفيذ نوعًا ما‪" .‬‬ ‫إن حاالت االنش��قاق عن قوات النظام الس��وري‬ ‫َّ‬ ‫من قب��ل أبناء مدينة القامش��لي بات��ت كثيرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنش��قين ليس بالض��رورة أن يلتحقوا‬ ‫وأغلب‬ ‫بتشكيالت عسكريَّة معارضة للنظام السوريّ‪،‬‬ ‫أو القتال إلى جانب قوات المعارضة‪ ،‬فمنهم من‬ ‫يما ِرس حياته الطبيعيَّ��ة داخل المدينة ومنهم‬ ‫م��ن توجّه نحو األراضي التركيَّ��ة‪ ،‬أو األراضي‬ ‫دون هدايةٍ من‬ ‫األخ��رى مث��ل ش��مال الع��راق‪َ ،‬‬ ‫أحد أو حتّى مس��اعدة من تش��كيالت المعارضة‬ ‫السياس��يَّة‪ ،‬طبع��ًا هذا الح��ال ينطبق على كل‬ ‫أبن��اء س��ورية‪ ،‬ولكنّ الس��ؤال الذي ي��دور في‬ ‫األذهان ويفرض نفس��ه في هذه األوقات‪ ،‬فهو‬ ‫كيف من الممكن إعادة هؤال ِء الجنود إلى الحياة‬ ‫الطبيعيّ��ة؟ أو بمعن��ى أخَ��ر كيف يمك��ن لنا أن‬ ‫نمارس مسؤوليتنا تجاه هؤالء إنسانيّاً؟‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫الش��ديدة الت��ي يتع��رض لها الن��اس‪ ،‬مثل‬ ‫الش��ظايا وإصابات الرأس والصدر وعمليات‬ ‫رد الكس��ور الت��ي تحتاج إلى غ��رف عمليات‬ ‫متخصصة"‪.‬‬ ‫وتع��دُّ اإلصاب��ات نتيج��ة س��قوط القذائف‬ ‫والش��ظايا الناتج��ة عنها من أكث��ر الحاالت‬ ‫انتش��اراً‪ ،‬وتت��راوح ش��دتها حس��ب م��كان‬ ‫اإلصابة وحجمها‪ ،‬ويتم عالج الممكن منها‪،‬‬ ‫وق��د حدثت العديد من ح��االت بتر األطراف‬ ‫نتيجة نقص التجهي��زات والكفاءات الطبية‬ ‫وبل��غ ع��دد م��ن بت��رت أح��د أطرافه��م ‪15‬‬ ‫شخص ًا‪.‬‬ ‫وهن��اك أمراض أخرى انتش��رت بين الناس‬ ‫بش��كل كبي��ر وخاص��ة األم��راض الجلدية‬ ‫(الجرب) نتيجة تل��وث المياه وغياب التوعية‬ ‫الصحي��ة‪ ،‬وق��د بل��غ ع��دد اإلصاب��ات ح��داً‬ ‫كبي��راً حي��ث ال يمك��ن تأمين ال��دواء لجميع‬ ‫المصابين‪ ،‬وانتشرت العديد من حاالت سوء‬ ‫التغذية خصوصاً بين األطفال دون العش��ر‬ ‫س��نوات وهناك مش��اكل أخرى كاألمراض‬ ‫المزمنة "ضغط وسكري وقلب" التي تحتاج‬ ‫عالج مستمر يصعب تأمينه‪.‬‬ ‫إلى‬ ‫ٍ‬ ‫أما األس��تاذ عالء الداوود البالغ من العمر‪27‬‬ ‫ع��ام مدي��ر مكت��ب التوثي��ق ف��ي المجلس‬ ‫المحلي لبلدة عقرب يقول "هذه البلدة يبلغ‬ ‫عدد سكانها األصلي ‪ 15000‬نسمة‪ ،‬لم يبق‬ ‫منهم إال‪ 5000‬نسمة‪ ،‬والباقي إما شهيد أو‬ ‫نازح خارج البلدة في القرى المجاورة التي ال‬ ‫تقصف أو في مخيمات اللجوء خارج سوريا‪،‬‬ ‫وبالنسبة لألبنية فأكثر من ‪ 90%‬منها مدمرٌ‬ ‫بنس��ب متفاوت��ة ما بي��ن ‪ 10%‬إل��ى ‪100%‬‬ ‫وحتى ش��بكة الصرف الصحي التي تقع في‬ ‫باطن األرض لم تس��لم من بطش النظام‬ ‫فق��د ت��م تدمير أكث��ر من ‪ 30%‬من ش��بكة‬ ‫الص��رف الصحي بس��بب هجم��ات الطيران‬ ‫الحربي والمروح��ي ببراميل الموت‪ ،‬فخالل‬ ‫سنتين تم توثيق أكثر من ‪ 127000‬قذيفة‬ ‫بمختل��ف أنواعه��ا و‪ 70‬غارة طي��ران حربي‬ ‫(ميغ وس��يخوي) و‪ 85‬برمي��ل متفجر رمتها‬ ‫مروحيات األسد على المدنيين المحاصرين‪،‬‬ ‫بينم��ا تم توثيق ‪ 110‬ش��هيد وأكثر من ‪68‬‬ ‫من المفقودي��ن و‪ 46‬من المعتقلين وأعداد‬ ‫هائل��ة م��ن اإلصاب��ات التي س��ببت إعاقات‬ ‫جس��دية ألصحابها‪ ،‬وأيضا سجلت أكثر من‬ ‫‪ 25‬حالة وفاة بسبب نقص التغذية وبسبب‬ ‫أكل األعشاب الضارة والسامة"‪.‬‬ ‫وأطف��ال هذه البل��دة يتمنون رغي��ف الخبز‬ ‫الذي إذا توفر ال يس��تطيعون شراءه بسبب‬ ‫غالء س��عره‪ ،‬حيث وصل س��عر ربطة الخبز‬ ‫التي ت��زن نصف كيلو غرام إل��ى ‪ 350‬ليرة‬ ‫سورية‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 2‬دوالر أميركي وذلك‬ ‫بس��بب الجهد ال��ذي يبذله البائ��ع للحصول‬ ‫على الطحين عالوة على الخطر على حياته‬ ‫حيث يقطع مسافة ‪ 16‬كيلو متر مشياً على‬ ‫األق��دام في طرق وعرة وه��و يحمل كيس‬ ‫الطحي��ن على ظهره‪ ،‬وق��د يتعرض في أي‬ ‫لحظةٍ لكمين من قبل عناصر النظام التي‬ ‫تعلم أن هذا الطريق هو الوحيد الذي يمكن‬ ‫أن يدخل من خالله الطحي��ن والدواء ولكن‬ ‫بكمي��ات قليلة جداً بس��بب صعوبة الطريق‬ ‫وخطورته وبعد المس��افة‪ ،‬فقد سقط على‬ ‫الطريق ‪ 23‬ش��هيد وهم يحمل��ون الطحين‬ ‫والدواء ألهلهم المحاصرين‪.‬‬

‫اجلنود املن�شقون‪ ،‬هل حق ًا ان�شقوا؟‬

‫‪5‬‬


‫كنيسة الكبوشية في ديرالزور قبل دمارها‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫البلد مل يعد بلدنا‪..‬‬ ‫ولكنه �أي�ض ًا مل يعد بلد امل�سلمني‬ ‫دير الزور ‪ -‬ليلى الظاهر‬

‫تض��ع أمام��ي مجموعة من الص��ور تتأملها وه��ي تتحدث عنها‪،‬‬ ‫تالمسها بلطفٍ وكأنها تعيد اكتشافها‪ ،‬وفاء سيدة في الستين‪،‬‬ ‫بوجه ممتل��ئ بالتجاعي��د وعينين دامعتين‪ ،‬تس��حبني من يدي‬ ‫بهدوء وتدخلني في ألبومها صور ًة بعد صورة‪ ،‬تغريها ابتسامتي‬ ‫فتوغ��ل أكثر ف��ي التفاصيل‪ ،‬لع��ل "مكان االلتق��اط ‪ -‬دير الزور"‬ ‫ووجود وفاء هو القاسم المشترك بين هذه الصور‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫"لم يكن لها أهمية تذكر يوم كانت مركونة في بيتي في ش��ارع‬ ‫سينما فؤاد‪ ،‬اآلن اختلف الحال‪ ،‬إنها تتطلب عناية كبيرة‪ ،‬انظري‪،‬‬ ‫إنها قابلة للتلف" هذا ما قالته وفاء وهي تشير إلى صورة قديمة‬ ‫باهتة‪ ،‬تعيدها إلى األلبوم‪ ،‬تغلقه وتفتح مجدداً باب الحكاية‪.‬‬ ‫"غادرت بيتي إلى الحس��كة بعد تمركز الجيش الحر في منطقتي‬ ‫الجبيل��ة والحميدية‪ ،‬منذ عامين تقريب��اً‪ ،‬لكني لم أيأس أبداً من‬ ‫فكرة الرجوع إلي��ه‪ ،‬هاجر ثالثة من أبنائي إلى الس��ويد‪ ،‬رفضت‬ ‫الهجرة ألنني ال أريد أن يكون قبري في مكان آخر غير دير الزور‪،‬‬ ‫كان ولدي يقول لي ‪ -‬بعد النزوح ‪ -‬إننا مس��يحيون وإن البلد لم‬ ‫يعد بلدنا‪ ،‬يوم تفجير كنيس��ة األرمن أدركت أن ولدي ربما كان‬ ‫على حق‪ ،‬البلد لم يعد بلدنا ولكنه أيضاً لم يعد بلد المسلمين‪.‬‬ ‫س��يمون الذي يضع يده على يد ش��قيقته وفاء‪ ،‬يبدو أصغر منها‬ ‫س��ناً‪ ،‬ولكنه يحمل من الحزن مقدار م��ا تحمله‪" ،‬كانت دير الزور‬ ‫المحط��ة األخيرة لقوافل التهجير القس��ري لمن بق��ي على قيد‬ ‫الحياة" يتحدث س��يمون "على ه��ذه األرض حط أجدادنا األرمن‬ ‫المنهكون رحالهم‪ ،‬لتحتويهم العشائر وتحميهم‪ ،‬لم نعرف وطناً‬ ‫آخر‪ ،‬ولم نشعر يوماً أن للمسلم في الدير أكثر مما لنا‪.‬‬

‫دير الزور هل تقرع فيها الكنائ�س بعد ‪2014‬‬ ‫دي��ر ال��زور المدينة الت��ي لم تت��رك بنيتها‬ ‫االجتماعية وتس��امحها أي شكل من أشكال‬ ‫التمايز بين المسيحي والمسلم إال أن أولهما‬ ‫يدخل الكنيسة ليصلي والثاني يؤدي صالته‬ ‫في المسجد‪ ،‬كان العام ‪ 2014‬عام ًا فارق ًا في‬ ‫تاريخها‪ ،‬توقفت فيه أجراس الكنائس‪ ،‬حيث‬ ‫تم القضاء نهائيا على الوجود المسيحي في‬ ‫المح��رر منها‪ ،‬وتغييب أهم صوت مس��يحي‬ ‫في مناط��ق النظام باعتق��ال صاحبه‪ ،‬فيما‬ ‫توسط ‪ 2014‬حادثة تفجير أهم كنيسة في‬ ‫دير الزور‪ ،‬من حيث رمزيتها التاريخية‪.‬‬ ‫قبل ظهور التيارات االسالمية المتشددة لم‬ ‫يتأثر الوجود المسيحي في المدينة إال بقدر‬ ‫تأث��ر الوج��ود المس��لم فيها‪ ،‬هذا م��ا يجمع‬ ‫علي��ه الناش��طون من أبناء دير ال��زور‪ ،‬خالد‬ ‫أحد أف��راد لواء المهاجري��ن إلى اهلل‪ ،‬صوته‬ ‫المتقطع عبر "الس��كايب" لم يمنع احساسه‬ ‫بالحرق��ة من العبور إلي‪ ،‬يس��تذكر أول مرة‬ ‫دخل فيها إلى الكنيس��ة م��ع عناصر الجيش‬ ‫الحر م��ن رفاقه كان ذل��ك بقصد تنظيفها‪،‬‬ ‫"ش��عرت يومه��ا بأنن��ي أؤدي واجب��ُا ديني�� ًا‬

‫واجتماعياً تجاه جيراني من المسيحيين‪ ،‬كان‬ ‫هناك اهتمام كبير من الناشطين بممتلكات‬ ‫المسحيين من أهل المدينة واعتبارها أمانة‬ ‫يج��ب حمايتها‪ ،‬وه��و الش��عور بالنخوة أمام‬ ‫الغريب الذي ال س��ند له‪ ،‬وال عشيرة تحميه‪،‬‬ ‫وبهذا بقيت كنائس المس��يحيين في مأمن‬ ‫ولم يفكر أحد بالتع��رض لها‪ ،‬كانت محمية‬ ‫م��ن قبل أبن��اء البل��د" يقولها خال��د قبل أن‬ ‫ينقطع االتصال ويغيب صوته‪.‬‬ ‫هذه الش��ريحة من أبناء البلد الذين يعنيهم‬ ‫خال��د ب��دأ ينخف��ض صوته��ا نس��بي ًا بع��د‬ ‫س��يطرة النصرة حيث بدأ الحديث ألول مرة‬ ‫ع��ن المس��يحيين عل��ى أنهم كف��رة مالهم‬ ‫ودمهم ح�لال‪ ،‬دون أن يعلن ذلك على المأل‬ ‫لكن��ه كان واضح�� ًا في س��لوك الجبهة تجاه‬ ‫ممتلكات ه��ؤالء‪ ،‬هذا ما يؤك��ده صالح أحد‬ ‫الناش��طين ف��ي مدين��ة دي��ر ال��زور‪ ،‬والذي‬ ‫يضي��ف" إن دخول داعش س��رّع من وتيرة‬ ‫ه��ذا التغي��ر بش��كل مرع��ب وب��دأ الحديث‬ ‫صراح��ة عنه��م عل��ى أنه��م كف��رة يتوجب‬ ‫تطهير الب�لاد منه��م‪ ،‬إال أن داعش لم تجد‬

‫ف��ي المحرر من المس��يحيين م��ن تكفره أو‬ ‫تطرده‪ ،‬فالمس��يحي األخي��ر والذي بقي في‬ ‫دير ال��زور طوال فترة الح��رب كان قد غادر‬ ‫المدين��ة قب��ل دخول داع��ش ‪ -‬لكنها وجدت‬ ‫أمامها كنائس��هم التي ش��اء القدر أن تكون‬ ‫ضمن المناطق التي تسيطر عليها‪.‬‬

‫حيث تباع �أجرا�س الكنائ�س خردة‪..‬‬ ‫�أنت يف رحاب داع�ش‬ ‫تفجير ضخم أفاق عليه سكان الرشدية في‬ ‫‪ ،2014 - 9 - 21‬ف��ي زم��ن الحرب‪ ،‬االنفجار‬ ‫ليس حدثاً اس��تثنائي ًا‪ ،‬لكن ه��ذه المرة كان‬ ‫كذلك‪ ،‬فجيران الكنيس��ة تركوها تنام آمنة‬ ‫مطمئنة‪ ،‬لكنهم في الصباح لم يجدوا منها‪،‬‬ ‫إال أجزاء من البرج الذي يحمل الصليب‪.‬‬ ‫تعتبر الكنيس��ة محجاً ألرمن الشتات‪ ،‬بسبب‬ ‫الرمزية الدينية لها‪ ،‬وبحسب صالح فقد تم‬ ‫وضع حجر األس��اس للكنيس��ة ف��ي أيار من‬ ‫ه��ام ‪ 1985‬بحضور قداس��ة الكاثوليكوس‬ ‫كاريكي��ن األول‪ ،‬لها مدخل رئيس��ي واجهته‬


‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫عل��ى حب��ل رفي��ع بي��ن جداري��ن مرتفعين‬ ‫يتأرجح حنظلة بكل رمزيه الثورية‪ ،‬يرفض‬ ‫أن يلتف��ت إلي��ك‪ ،‬يتجاهل��ك ويمع��ن ف��ي‬ ‫التجاه��ل‪ ،‬تنظ��ر إلى ج��اك العب��د اهلل وهو‬ ‫يح��اول أن يقنعه بالترجل ليس��تبدل صوره‬ ‫بص��ور أخ��رى‪ ،‬أو يرت��ب الجرائ��د والمجالت‬ ‫عل��ى الرصيف أمام مكتبته "الكواكبي" التي‬ ‫أغلقتها له المخابرات الس��ورية فاس��تبدلها‬ ‫بالرصيف‪ ،‬أمام نظر المخبر صاحب "بسطة"‬ ‫األحذي��ة القريب��ة من��ه والذي يع��د خطوات‬ ‫العابرين أمام المكتبة المغلقة‪.‬‬ ‫عرف أبو عبد اهلل بمعارضته للنظام السوري‬ ‫قب��ل وأثناء الثورة‪ ،‬وكان الصوت المس��يحي‬ ‫األكثر ارتفاعاً إن لم يكن الوحيد قبل الثورة‪،‬‬ ‫الذي جاه��ر بعدائه للنظام مما جعل ش��باب ًا‬ ‫كثر يلتفون حوله‪ ،‬بعد بداية العمل المسلح‬ ‫غادر العبداهلل أس��وة ب��اآلالف من أهالي دير‬ ‫ال��زور بيت��ه القريب م��ن دوار حم��ود العبد‬ ‫مرغم�� ًا‪ ،‬لكنه رفض مغ��ادرة المدينة فأقام‬ ‫ف��ي منطقة الج��ورة ذات الكثافة الس��كانية‬ ‫الهائل��ة ليخ��دم دير ال��زور وأهله��ا‪ ،‬إلى أن‬ ‫اعتقل في تش��رين األول من هذا العام من‬ ‫قبل المخابرات السورية‪.‬‬ ‫ل��م يك��ن ف��ي مناط��ق النظ��ام كنائ��س‬ ‫للمس��يحيين ليحميه��ا فهي أساس�� ًا ليس��ت‬ ‫مناطق تجمعهم‪ ،‬ولكن فيها جاك العبد اهلل‪،‬‬ ‫ال��ذي اعتقله دون مب��رر‪ ،‬ليختفي بذلك آخر‬ ‫صوت مسيحي في دير الزور بإخفاء صاحبه‬ ‫وراء القضب��ان‪ ،‬بينم��ا تعم��ل داع��ش ‪ -‬في‬ ‫المح��رر ‪ -‬أس��وة بالنظام على مح��و أي لون‬ ‫آخر غير األسود الذي تحتفي به‪.‬‬

‫ال تهمها س��واء كانت هدى أو زينة‪ ،‬فما تشعر‬ ‫ب��ه من برد قارص وس��ماع أصوات اصطكاك‬ ‫أس��نان أوالدها وزوجها المقعد كل ما يشغل‬ ‫بال أم محمد الس��يدة التي ل��م تتجاوز ال ‪40‬‬ ‫عام ًا‪.‬‬ ‫خليط م��ن المالبس غير صالحة إال لالحتراق‬ ‫وال��ورق المق��وى والمخلف��ات البالس��تيكية‬ ‫والقليل القليل من الخشب‪ ،‬كل ما أمنته تلك‬ ‫الس��يدة لمواجهة العاصفة الثلجية التي بدأت‬ ‫تطرق باب منزلها المخلوع ونوافذه المحطمة‬ ‫الت��ي أغلق��ت عل��ى عج��ل ببع��ض األكياس‬ ‫البالستيكية وقطع القماش‬ ‫حول��ت أم محم��د مدف��أة الم��ازوت بلمس��ات‬ ‫صغيرة إلى مدفئة تلتهم كل ما يدخل جوفها‪،‬‬ ‫س��واء كانت مالبس بالية أو أحذية مهترئة أو‬ ‫فوارغ من األوعية البالستيكية‪ ،‬ليس للتدفئة‬ ‫فق��ط بل للطهي وتس��خين مياه االغتس��ال‪،‬‬ ‫على الرغم من الغيمة الس��وداء التي تخلفها‬ ‫المدفئة داخل الغرفة حيث يرتفع س��عال من‬ ‫وج��د بداخله��ا إال أنهم يدركون جي��داً بأنه ال‬ ‫بدي��ل له��م إال احتم��ال األم��راض الصدرية‬ ‫الناجمة عن ذلك‪.‬‬ ‫أصي��ب زوجها ف��ي القص��ف المدفع��ي الذي‬ ‫اس��تهدف حيه��م في مخيم درع��ا وبات عاجز‬ ‫عن الحركة لبتر س��اقه اليمنى وإصابة ساقه‬ ‫األخ��رى التي ضم��رت رويداً روي��داً وأصبحت‬ ‫ج��راء ذلك عاج��زة ع��ن أداء عمله��ا‪ ،‬ونتيجة‬ ‫لذل��ك تح��ول ابنه��ا البكر الذي ترك دراس��ته‬ ‫إل��ى معيل لألس��رة من خالل عمل��ه المتنقل‬ ‫بين الورشات الصناعية أو الدكاكين والمحال‬ ‫التجارية والت��ي غالبا ما يتم فيها االس��تغناء‬ ‫عنه النخفاض مردوره��ا المالي‪ ،‬كما يصرح‬ ‫ب��ه صاحبه��ا لمحمد وعج��زه عن دف��ع راتبه‬ ‫بشكل كامل‪.‬‬ ‫أم محمد تس��عى من��ذ ليلة أم��س إلى تأمين‬ ‫ال��دفء ألس��رتها بش��تى الطرق منه��ا طهي‬ ‫األطعمة الس��اخنة كش��وربة الع��دس والتي‬

‫غالب�� ًا م��ا يك��ون غ��ذاء األس��رة لع��دة أي��ام‬ ‫بالرغ��م م��ن التملم��ل ال��ذي يبدي��ه الصغار‬ ‫م��ن تناوله بش��كل ش��به متواص��ل إال أنهم‬ ‫ف��ي النهاية يقتنع��ون مكرهين ب��أن حالهم‬ ‫أفضل م��ن أطف��ال آخرين ال يجدون كس��رة‬ ‫خب��ز ف��ي مناط��ق محاصرة كغوطة دمش��ق‬ ‫لذلك يلتهم��ون طعامهم كما أنه طهي للمرة‬ ‫األولى‪ ،‬أما الوس��يلة األخ��رى للتدفئة وخاصة‬ ‫لزوجه��ا المري��ض تق��وم على تعبئ��ة أوعية‬ ‫المش��روبات الغازية الفارغة بالمياه الساخنة‬ ‫ووضعها داخل فراشه مما يؤمن له دفئا يمتد‬ ‫لثالث س��اعات يتم تجديدها كلما بردت المياه‬ ‫كما أن أطفالها لهم عبوات صغيرة من المياه‬ ‫خصصت لهم والتي يحتضنوها كما تحتضن‬ ‫األم صغيره��ا الولي��د ال يفارقونه��ا إال لحظة‬ ‫فقدانه��ا للح��رارة لتعي��د أم محمد تس��خينها‬ ‫على مدفئتها من جديد‪.‬‬ ‫تق��وم أم محم��د بتوفي��ر بع��ض الخدم��ات‬ ‫المنزلية لألهالي كالطهي وغس��يل المالبس‬ ‫والمفض��ل لها خبز الفطائ��ر الحورانية وخبز‬ ‫القال��ب فهي تجي��د طهيها بش��كل يدفع من‬ ‫تذوقها إلى طلبها منه��ا مرة أخرى ولكن بعد‬ ‫فترة من الزمن نظرا للتكلفة المرتفعة لتلك‬ ‫الوجبة‪.‬‬ ‫ح��ال أس��رة أم محمد كح��ال غالبي��ة األهالي‬ ‫ف��ي المناطق المحررة من مدين��ة درعا حيث‬ ‫ارتفع��ت أس��عار المحروق��ات ارتفاع��اً كبيراً‪،‬‬ ‫فس��عر لتر مادة البنزين وصل إلى ‪ 500‬ليرة‬ ‫س��ورية في حي��ن وصل س��عر لت��ر المازوت‬ ‫‪ 450‬ليرة س��ورية وجرة الغاز إلى ‪ 6000‬ليرة‬ ‫س��ورية أما ط��ن الحطب فقد ت��راوح من ‪25‬‬ ‫أل��ف ليرة س��ورية إل��ى ‪ 30‬ألف لي��رة‪ ،‬وجراء‬ ‫ذلك عجزت أعداد كبيرة من األس��ر عن تأمين‬ ‫حاجته��ا لمواجه��ة العاصف��ة الثلجي��ة الت��ي‬ ‫تض��رب المنطق��ة لتعتم��د على مخلف��ات ما‬ ‫تجده في منازلها أو بين الحارات وفي حاويات‬ ‫القمامة أحيانا ولعل موسم الخير بات موسم‬ ‫القهر والتحسر لدى معظم األهالي‪.‬‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫جاك العبد اهلل‬

‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫مزخرف��ة بصلب��ان منحوت��ة‪ ،‬وإل��ى يمي��ن‬ ‫الس��احة جدار مزخرف بالنق��وش األرمينية‬ ‫والعربية ويحمل ينبوعين توقفا عن التدفق‬ ‫بعد التفجير‪.‬‬ ‫أما إلى يس��ار الس��احة فيوجد جدار تذكاري‬ ‫يحمل حج��ر الصليب بزخارف من المنمنمات‬ ‫األرميني��ة ويحكي مأس��اة الش��عب األرمني‪،‬‬ ‫وأقي��م مقاب��ل المدخ��ل الرئيس��ي نص��ب‬ ‫ت��ذكاري ضخم يخ ّل��د الش��هداء انتصب فيه‬ ‫خاتش��كار "حجر الصليب" جيء به من أرمينا‬ ‫تش��تعل أمامه بصفة دائمة ش��علة الخلود‪،‬‬ ‫وعلى جانبيه خمس��ة نماذج لنصب ش��هداء‬ ‫األرمن موجودة في أنحاء العالم‪ ،‬إلى يس��ار‬ ‫الساحة أنشئت الكنيس��ة‪ ،‬في أسفلها صالة‬ ‫يرتفع منها عمود يخترق منتصف الكنيس��ة‬ ‫ه��و عم��ود االنبعاث وق��د دفن في أساس��ه‬ ‫بقاي��ا م��ن عظ��ام الش��هداء‪ ،‬كم��ا تحت��وي‬ ‫الصال��ة –أو كانت تحت��وي ‪ -‬واجهات لعرض‬ ‫الكتب والمنش��ورات والصور الوثائقية التي‬ ‫تحكي معاناة الشعب األرمني أثناء المجازر‪،‬‬ ‫باإلضاف��ة إلى خريط��ة تبين مراك��ز اإلبادة‬ ‫ومس��ح كام��ل لط��رق النفي ال��ذي تعرض‬ ‫له الش��عب األرمني‪ ،‬طرق س��يعيد كثير من‬ ‫األرمن السير عليها عائدين إلى الشمال‪.‬‬ ‫وبحس��ب صال��ح كان تدمي��ر الكنيس��ة أمراً‬ ‫مفزع��اً‪ ،‬واألكث��ر فزع��اً كان التعام��ل م��ع‬ ‫تفاصيل مهمة بدرجة عالية من االس��تهزاء‪،‬‬ ‫وتجريدها م��ن تلك الهال��ة كاعتبار أجراس‬ ‫الكنيس��ة مجرد معدن يمك��ن أن يباع خردة‬ ‫في الشارع‪.‬‬

‫�أم حممد تواجه العا�صفة هدى مبا‬ ‫توفره لها احليلة‬

‫‪7‬‬


‫�سوريتنا حت�صل على معلومات من داخله‬ ‫معتقل �س ّري يف ال�سويداء‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫فؤاد األحمر‬ ‫تمكنت س��وريتنا من الحصول على اتصال‬ ‫هاتف��ي م��ع أح��د المعتقلين داخل س��جن‬ ‫السويداء المركزي‪ ،‬الذي تحول إلى معتقل‬ ‫سياس��ي ‪ ،‬الس��جين ال��ذي نغف��ل اس��مه‬ ‫حرص��اً عل��ى س�لامته‪ ،‬وص��ف لس��وريتنا‬ ‫تفاصيل تنشر للمرة األولى عما يحدث في‬ ‫المعتق�لات الس��رية هناك‪ ،‬من ممارس��ات‬ ‫تنته��ك حقوق اإلنس��ان فض ً‬ ‫ال عن ش��بكة‬ ‫فساد مالي تدار خلف جدرانه‪.‬‬ ‫يطالب الشاهد السجين‪ ،‬على لسان زمالئه‬ ‫جمي��ع المنظم��ات الدولية وهيئ��ات حقوق‬ ‫اإلنسان بإنقاذ معتقلي سجن السويداء من‬ ‫الموت الذي ِّ‬ ‫يولده البرد والجوع‪ ،‬ويطالبهم‬ ‫أيضا بالس��عي إليق��اف عملي��ات التعذيب‪،‬‬ ‫يقول الش��اهد "عندما كنت في معتقل أحد‬ ‫األفرع األمنية كنت أتخيل أن مرحلة العذاب‬ ‫سوف تنتهي عند تحويلي إلى سجن مدني‪،‬‬ ‫ولكن لم يختلف علي شيء"‪.‬‬ ‫وأض��اف الش��اهد أن بع��ض الس��جناء ل��م‬ ‫يتحملوا ش��دة البرد‪ ،‬س��جينان من مهجعه‬ ‫كان��ا على وش��ك أن يفارقا الحي��اة قبل أن‬ ‫يأت��ي الس��جانون ويأخذوهم��ا إل��ى مكانٍ‬ ‫مجه��ول‪ ،‬ول��م يعودا إل��ى المهج��ع‪ ،‬يقول‬ ‫الشاهد "كانت أخطر األمراض التي تفشت‬ ‫بيننا "االلتهاب الجدل��ي الغريب" الذي ظهر‬ ‫على أحد المساجين في الصيف المنصرم‪،‬‬ ‫وم��ازال بعض المس��اجين يعانون منه إلى‬ ‫اآلن‪ ،‬أم��ا أعراضه فكانت عب��ارة عن حبات‬ ‫صغيرة تظهر في أنحاء الجس��م المختلفة‪،‬‬ ‫تتط��ور بعد فترة لتتحول إلى ورم يصاحبه‬ ‫ألم ش��ديد يضطر معه الس��جين إلى ثقب‬ ‫ال��ورم ليخ��رج من��ه ش��يء يش��به ال��دودة‬ ‫اللحمية‪ ،‬ويتشكل بعدها مكان الورم ثقب‬ ‫كبي��ر في الجل��د يحتاج ألكثر من ش��هرين‬ ‫ليلتئم”‪.‬‬ ‫حلل لنا أحد األطباء المعتقلين هذا االلتهاب‬ ‫الجل��دي بأنه ينتج عن انع��دام النظافة في‬ ‫الس��جن‪ ،‬وعدم التعرض ألش��عة الشمس‬ ‫لفترات طويلة والفتقاد المس��اجين للغذاء‬ ‫الس��ليم‪ ،‬كم��ا أش��ار الش��اهد إل��ى معاناة‬ ‫المعتقلي��ن الذي��ن لديهم أم��راض مزمنة‬ ‫وتحتاج إلى عالج مس��تمر كمرضى السكر‬ ‫والرب��و‪ ،‬وأف��اد بأن��ه ل��م يرى ط��وال فترة‬ ‫سجنه أي مريض تلقى أي نوع من العالج‪.‬‬ ‫تق��ول معلوم��ات س��وريتنا إن أول دفع��ة‬ ‫م��ن المعتقلي��ن السياس��يين دخل��ت إل��ى‬ ‫سجن الس��ويداء في الشهر الثاني من عام‬ ‫‪ 2012‬آتية من س��جن صيدنايا العس��كري‪،‬‬ ‫وبدأت بعدها المحاكم العس��كرية بتحويل‬ ‫معتقليه��ا إل��ى س��جن الس��ويداء‪ ،‬وأغل��ب‬ ‫المعتقلين الموجودين في الس��جن تابعون‬ ‫إلى محكمة الميدان العسكري وإلى محكمة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وقسم ضئيل منهم تابع للمحكمة‬ ‫العسكرية والمحاكم المدنية‪.‬‬ ‫يفيد “محمود وهو” سجين مدني سابق في‬

‫سجن السويداء "أطلق سراحي منذ شهرين‬ ‫وعن��د خروجي كان عدد المس��اجين يقارب‬ ‫‪ 3000‬س��جين ولك��ن هذا الرق��م تقديري‪،‬‬ ‫فهناك مهاجع معزولة‪ ،‬منع مس��اجينها من‬ ‫االختالط مع بقية المساجين‪ ،‬فمن الصعب‬ ‫تحدي��د العدد الدقي��ق"‪ ،‬وعند س��ؤالنا عن‬ ‫ن��وع التهم الموجهة إلى المس��اجين‪ ،‬وعن‬ ‫مدد األحكام التي حكم��وا بها أجاب محمود‬ ‫"النسبة األكبر من مساجين سجن السويداء‬ ‫هم مدنيون‪ ،‬اعتقلوا بتهم عسكرية كحمل‬ ‫الس�لاح والقت��ال م��ع المعارض��ة وهن��اك‬ ‫بعض اإلعالميين الذي��ن كانوا يعملون مع‬ ‫المعارض��ة‪ ،‬وبع��ض المدنيي��ن المتهمين‬ ‫بتمويل ودعم الجيش الحر وفصائل أخرى‬ ‫معارضة‪ ،‬أما بالنسبة لألحكام فهناك قسم‬ ‫أنهى محاكمته‪ ،‬وقس��م آخر م��ازال يحاكم‬ ‫ولم يصدر بحقه أي حكم‪ ،‬وقس��م أخير لم‬ ‫ي��أت دوره في الذهاب إلى المحكمة‪ ،‬وأغلب‬ ‫المحكومين تتراوح أحكامهم بين ‪ 15‬و‪20‬‬ ‫سنة ومنهم من حكم بالسجن المؤبد"‪.‬‬ ‫الطابق األرضي من سجن السويداء شاهدٌ‬ ‫عل��ى التعذي��ب اليومي للمعتقلي��ن‪ ،‬يقول‬ ‫محم��ود "وض��ع لنا رئي��س الس��جن قائمة‬ ‫طويلة م��ن الممنوعات حي��ث منع التدخين‬ ‫والتكل��م ف��ي اللي��ل والس��هر والص�لاة‬ ‫الجماعي��ة واألحاديث السياس��ية وغير ذلك‬ ‫من األوامر التعجيزية‪ ،‬ويذكر محمود اس��م‬ ‫"المس��اعد نضال" المس��ؤول عن التعذيب‪،‬‬ ‫فيومي�� ًا يخت��ار المس��اعد أكثر من عش��رة‬ ‫مخالفي��ن م��ن كل مهجع ويك��ون االختيار‬ ‫بن��ا ًء على وش��ايات من الس��جانين وبعض‬ ‫رؤس��اء المهاج��ع‪ ،‬وتت��م عملي��ات التعذيب‬ ‫في الطابق األرضي وال��ذي يدعونه بجناح‬

‫الزنزان��ات حيث َّ‬ ‫يعذب الس��جين عن طريق‬ ‫تثبيته بالدوالب وضربه بالكبل"‬ ‫يلخ��ص لن��ا محم��ود معانات��ه في س��جن‬ ‫السويداء بقولة "السجين الذي يملك المال‬ ‫يعيش ملك ًا والفقير سوف يذل" ففي سجن‬ ‫الس��ويداء كل شيء له تس��عيرة‪ ،‬فالكرامة‬ ‫لها ثمن‪ ،‬وس��رير المنامة ل��ه ثمن‪ ،‬والثياب‬ ‫واالتصاالت والدخان ال يحصل عليها إال من‬ ‫يملك المال‪ ،‬ويروي لنا محمود "في مهجعنا‬ ‫يوجد عش��ر أس��رة ف��ي حي��ن أن هناك ‪48‬‬ ‫س��جيناً في المهجع‪ ،‬والمس��اعد نضال هو‬ ‫المس��ؤول عن توزيع األس��رة فمن يدفع له‬ ‫أكثر يحصل على س��رير‪ ،‬كما أن دفع المال‬ ‫للمس��اعد يعطي الس��جين ميزات إضافية‬ ‫حي��ث يتجن��ب اإلهانة م��ن قبل المس��اعد‬ ‫وال توجه له أي ش��تيمة أو كلم��ة نابية من‬ ‫قبل الس��جانين"‪ ،‬كما يضيف محمود "كان‬ ‫معي في الس��جن س��جين جنائي (س��جين‬ ‫مدن��ي‪ ،‬تهمت��ه جنائية) يدع��ى الخال‪ ،‬كان‬ ‫يمل��ك الم��ال ويتع��اون م��ع المس��اعدين‬ ‫ليعم��ل بالتجارة داخل الس��جن فيبيع ثيابه‬ ‫المس��تعملة للمس��اجين بأس��عار مرتفعة‪،‬‬ ‫كم��ا تمك��ن الخال من ش��راء هات��ف جوال‬ ‫صغي��ر الحجم ع��ن طريق المس��اعد حيث‬ ‫كلفه ‪ 250‬ألف ليرة سورية‪ ،‬وخصص هذا‬ ‫السجين هاتفه للمتاجرة سراً فيسمح لباقي‬ ‫المس��اجين باالتصال منه مقابل ‪ 100‬ليرة‬ ‫لكل دقيقة‪ ،‬وطور الخال والمس��اعد نضال‬ ‫عمله��م الس��ري ع��ن طريق إدخ��ال جوال‬ ‫حديث ومعه خط (سيرف) لكي يتاجروا عن‬ ‫طري��ق (الواتس أب) فيأخذ الخال ‪ 250‬ليرة‬ ‫من كل س��جين يريد أن يرس��ل صورة إلى‬ ‫أهله أو يستقبل صور ًة منهم"‬


‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫ألن القلم سيكون دائما أعلى من البرابرة‪..‬‬ ‫ألن الحرية هي حق كوني‪..‬‬ ‫ألنكم تدعموننا‪..‬‬ ‫نحن‪ ،‬شارلي‪..‬‬ ‫سنصدر لكم مجلتكم يوم االربعاء القادم‪..‬‬

‫‪9‬‬


‫‪…je suis‬‬ ‫هي حرية التعبير‪ ،‬بيت المشكالت السورية‬ ‫طوال خمسين عام ًا مضت على األقل‪ ،‬الحق‬ ‫الذي دفع السوريين من أجله أعلى ثمن‪ ،‬هو‬ ‫فقط وأو ً‬ ‫ال ما يجب أن يجعلنا نتضامن مع‬ ‫ضحايا ‪ Chalie Hebdo‬الصحفية الفرنسية‬ ‫التي تعرضت لهجوم مسلح أودى بحياة إحدى‬ ‫عشر شخصًا بينهم ‪ 8‬من فريق المجلة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫قد ال نتفق مع كثير من أفكار الصحيفة‪ ،‬وقد‬ ‫نشعر باإلهانة حين نشاهد بعض ما تنشره‬ ‫من رسوم ومواد‪ ،‬رغم هذا‪ ،‬سندافع عن‬ ‫حقها في االستمرار‪ ،‬وسنرسم ونكتب ضدها‬ ‫وربما نقاطعها كذلك‪ ،‬لكننا لن ننكر حقها في‬ ‫االستمرار والصدور‪ ،‬لن نستخدم العنف الذي‬ ‫خبرناه وعانينا منه ضدها أو ضد غيرها‪ ،‬فحق‬ ‫التعبير ال يجزأ وال يقسَّم وال يقبل أي قمع‪.‬‬ ‫العربي أو المسلم ليس إرهابي ًا‪ ،‬نحاول أن‬ ‫تقول ألنفسنا أو ً‬ ‫ال قبل أي أحد آخر‪ ،‬لنذكر ذلك‬ ‫اليوم‪ ،‬لعلنا ال ننساه غدا‪ً.‬‬ ‫‪ je suis‬الطفل السوري الذي قتله البرد‪.‬‬ ‫‪ je suis‬الشرطي العربي المسلم أحمد مرابط‬ ‫‪je suis Charlie‬‬ ‫‪ je suis‬الطامحين لحقنا في التعبير وإبداء‬ ‫الرأي‬ ‫أحد رس��وم مجلة ش��ارلي ايبدو | ‪ 100000‬قتيل مرو‪ ،‬بش��ار األسد ملك الجبل‬

‫سوريتنا‬


‫حادثة �شاريل �إيبدو‬ ‫رسام كاريكاتور وصحفي‪ ،‬رئيس تحرير شارلي‬ ‫ايب��دو من��ذ ‪ .2009‬اش��تهر برس��وماته المثيرة‬ ‫للج��دل وع��رف خ�لال رئاس��ته للتحري��ر بكونه‬ ‫مدافعاً عنيداً عن التوجه اليساري للمجلة‪.‬‬ ‫رس��وماته الكرتوني��ة والتي غالبًا م��ا تتناول‬ ‫ش��خصيتي موري��س وباتاب��ون ‪Maurice‬‬ ‫‪ ،et Patapon‬وهم��ا ق��ط وكل��ب مناهض��ان‬ ‫للرأس��مالية‪ ،‬توص��ف بكونها رس��وماً الذعة‬ ‫وغير وقورة‪.‬‬ ‫تعرض ش��ارب في الس��ابق لتهديدات بسبب‬ ‫أعمال��ه‪ .‬في عام ‪ 2011‬تع��رض مقر المجلة‬ ‫ف��ي باريس لحريق متعمد بعد نش��رها عدداً‬ ‫بعن��وان " ‪ "Sharia Hebdo‬مما جعله يعيش‬ ‫تحت حماية الشرطة‪.‬‬ ‫يقول شارب‪" :‬قد يكون في كالمي هذا بعض‬ ‫التباهي‪ ،‬لكنني أفضل أن أموت واقفاً على أن‬ ‫أعيش على ركبتي"‪.‬‬

‫جان كابو (‪)2015 - 1938‬‬

‫جورج واالن�سكي (‪)2015 - 1934‬‬

‫رس��ام كاريكاتور وعضو فريق عمل ش��ارلي‬ ‫ايبدو وش��ريك في ملكيتها‪ .‬درس كابو الفن‬ ‫ف��ي مدرس��ة ‪ .École Estienne‬خ��دم ف��ي‬ ‫الحرب الجزائرية وانتهي بعد س��نتين ليصبح‬ ‫مناهض��ًا للعس��كرة متبنيا قلي ً‬ ‫ال م��ن الرؤية‬ ‫األناركية للمجتمع‪ .‬اس��اس مجلة ‪Hara - Kiri‬‬ ‫قب��ل أن يعمل مع كل من ‪ Charlie Hebdo‬و‬ ‫‪.Le Canard enchaîné‬‬ ‫يعتبر كابو من أكثر فناني الكاريكاتير شعبية‬ ‫في فرنسا‪ .‬صمم شخصيات كرتونية شهيرة‬ ‫مثل ‪ Grand Duduche‬و‪ .Mon Beauf‬يقول‬ ‫كاب��و‪ " :‬من الممكن أحيان�� ًا للضحك أن يؤذي‬ ‫لك��ن الضحك‪ ،‬حس الدعابة والس��خرية هي‬ ‫اسلحتنا الوحيدة"‪.‬‬

‫رس��ام كاريكاتور وكوميكس‪ ،‬خريج هندسة‬ ‫معمارية‪ ،‬بدأ من الس��تينات برسم الكارتون‬ ‫السياس��ي وش��ارك خ�لال الث��ورة الطالبي��ة‬ ‫في الس��تينات في تأس��يس المجلة الساخرة‬ ‫‪ .L'Enragé‬رأس تحري��ر ش��ارلي ايب��دو‬ ‫من‪.1970 - 1961‬‬ ‫نش��ر واالنس��كي أعمال��ه ف��ي ‪ Libération‬و‬ ‫‪Paris - Match، L'Écho des savanes،‬‬ ‫‪Charlie Hebdo‬‬ ‫في الع��ام ‪ ،2005‬حصل على إج��ازة ‪Grand‬‬ ‫‪ Prix de la ville d'Angoulême‬في مهرجان‬ ‫انغوليم الدول��ي للكوميكس‪ .‬كما حصل في‬ ‫العام نفس��ه على وسام ‪Légion d'honneur‬‬ ‫من الحكومة الفرنسية‪.‬‬

‫برنار فريالك (تينو�س) (‪)2015 - 1975‬‬

‫رس��ام كاريكاتور وعضو فريق شارلي ايبدو‬ ‫منذ عام ‪ .1980‬يشارك أيضا بأعماله في كل‬ ‫م��ن ‪Marianne، Fluide Glacial Express،‬‬ ‫‪ ،VSD، Télérama‬و‪ .L'Humanité‬كم��ا‬ ‫عم��ل في تصمي��م األلعاب وه��و أيض ًا عضو‬ ‫ف��ي مجموع��ة كارتونين��غ من أجل الس�لام‬ ‫‪.Cartooning for Peace‬‬

‫فيليب �أونوريه (‪)2015 - 1941‬‬

‫رس��ام كاريكات��ور وعض��و فري��ق عم��ل‬ ‫ش��ارلي ايب��دو‪ .‬باإلضاف��ة لعمل��ه ف��ي‬ ‫المجل��ة نش��ر أونوري��ه أعمال��ه ف��ي ‪Sud -‬‬ ‫‪Ouest، Libération، Le Monde، Les‬‬ ‫‪Inrockuptibles، La Vie ouvrière، Charlie‬‬ ‫‪ Mensuel، Le Matin‬و‪.Expressen‬‬ ‫نش��ر أونوريه عمله األخير ف��ي الدقائق التي‬ ‫س��بقت الهجوم وهو يظه��ر الخليفة أبو بكر‬ ‫البغدادي وهو يرسل تمنياته بالعام الجديد‪.‬‬ ‫مصادر النص‪Wikipedia، BBC، France24 :‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫في الس��ابع م��ن كان��ون الثاني ع��ام ‪.2015‬‬ ‫تعرض ثمانية أشخاص من فريق عمل مجلة‬ ‫ش��ارلي إيبدو الساخرة إلطالق الرصاص في‬ ‫مق��ر المجلة ف��ي باريس أدى إل��ى مقتلهم‪.‬‬ ‫صرحت مصادر رس��مية فرنس��ية أن الحادثة‬ ‫نفذته��ا مجموع��ة م��ن المتطرفي��ن بس��بب‬ ‫تناول المجلة بكاريكاتوراتها لمواضيع تتعلق‬ ‫بالدين اإلسالمي‪.‬‬ ‫قتل في الحادثة رسامو الكاريكاتور الخمسة‬ ‫جان كابو‪ ،‬ش��ارب‪ ،‬جورج واالتسكي‪ ،‬تينوس‬ ‫وفيليب اونوريه‪ .‬كما قتل كل من االقتصادي‬ ‫برنار ماري��س‪ ،‬المحللة النفس��ية إلزا كايات‬ ‫والمصح��ح مصطفى أوراد وه��م جميع ًا من‬ ‫فريق عمل المجلة‪.‬‬ ‫أيضاً قتل في الحادثة ميشيل رونو‪ ،‬فريديرك‬ ‫بواسو والشرطي أحمد مرابط‪.‬‬ ‫فيما يلي لمحة عن حياة رس��امي الكاريكاتور‬ ‫الخمسة‪.‬‬

‫�ستيفان �شاربونييه (�شارب) (‪)2015 - 1967‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪11‬‬


‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪12‬‬


‫ربيع الفاتيكان (‪)1‬‬ ‫هاني سعد الدين‬

‫وحهة نظر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫يع��دو كونه قراءة لدور الكنيس��ة كمؤسس��ة‬ ‫في تكريس وجود س��لطة عليا فوق س��لطة‬ ‫ً‬ ‫مس��اهمة فاعلة في مفهوم‬ ‫الحاكم مما قدم‬ ‫الفلسفة السياس��ية للحكم‪ ،‬وبالتالي التهيئة‬ ‫الفكرية لمبادىء الثورة الفرنسية التي ثارت‬ ‫على الكنيس��ة أو ً‬ ‫ال‪ ،‬كما أسهم الفكر الكنسي‬ ‫مباشر ًة في ظهور نظريات كالهرم القانوني‬ ‫على يد الفقيه النمس��اوي كلس��ن ونظريات‬ ‫العدالة التي صاغها الفقيه الفرنس��ي شارل‬ ‫آيس��مان‪ ،‬ورغم دع��وات العلماني��ة بوصفها‬ ‫صن��واً للمواطن��ة والديمقراطي��ة‪ ،‬يبق��ى‬ ‫دور المؤسس��ة الديني��ة راس��خًا ف��ي رس��م‬ ‫منظوم��ة القيم التي تتحكم في حياة البش��ر‬ ‫وعالقاتهم‪ ،‬على أن ال تتدخل في الحكم وفي‬ ‫حريات المواطنين وحقوقهم‪.‬‬ ‫هن��ا نح��اول تس��ليط الض��وء عل��ى التغيير‬ ‫الحاصل في حاض��رة الكاثوليكية في العالم‪،‬‬ ‫الفاتي��كان تل��ك الدول��ة التي حكم��ت الغرب‬ ‫يوم ًا‪ ،‬وتناقص نفوذها تدريجي ًا‪ ،‬دون الزوال‪،‬‬ ‫لتبق��ي ثق ً‬ ‫ال سياس��ي ًا ومعنوي��اً ال دليل أقوى‬ ‫عليه م��ن دور البابا يوحن��ا بولس الثاني في‬ ‫انهيار المنظومة الشيوعية في العالم‪ ،‬والتي‬ ‫تشهد اليوم تغييراً من الداخل جاز لنا اعتباره‬ ‫ربيعاً ف��ي حاض��رة الكاثوليكية ف��ي العالم‪،‬‬ ‫صاحب��ة ال��دور الكبير ف��ي النظري��ة العامة‬ ‫للحقوق والحريات‪.‬‬ ‫م��ن المع��روف أن الفاتي��كان تق��دم الدول��ة‬ ‫نموذج�� ًا مثالي��اً عن النف��وذ والتأثي��ر الدولي‬ ‫بغض النظر عن المساحة واالقتصاد وتعداد‬ ‫الس��كان والفاتي��كان هي التس��مية األصلية‬ ‫للج��زء غي��ر المأه��ول م��ن روما وال��ذي كان‬ ‫مقدس ًا حتى قبل وصول المسيحية للمنطقة‬ ‫وه��ي أصغ��ر دول��ة من حي��ث المس��احة في‬ ‫العالم وتأخذ ش��كل ش��به إهليلجي في قلب‬ ‫مدين��ة روم��ا عاصم��ة إيطالي��ا الت��ي تحيط‬ ‫بها من جمي��ع الجهات ويفصلها عنها أس��وار‬ ‫خاصة؛ حيث تبلغ مساحتها ‪ 44‬هكتار ويقارب‬ ‫عدد سكانها ‪ 800‬نسمة فقط وتعتبر بالتالي‬ ‫أصغر دولة في العالم من حيث عدد الس��كان‬ ‫أيضً��ا‪ ،‬إال أنها تس��تمد قيمته��ا ونفوذها من‬ ‫واقع كونه��ا مركز القيادة الروحية للكنيس��ة‬ ‫الكاثوليكية في العالم‪.‬‬ ‫ول��م تظهر كدولة بش��كلها الحال��ي إال في عام‬ ‫‪ 1929‬بمعاه��دات الت��ران الثالث��ة‪ ،‬والت��ي ت��م‬

‫بموجبه��ا – تحت حكم موس��وليني‏‏ ‪ -‬االعتراف‬ ‫بالمدين��ة كدول��ة مس��تقلة ومن��ح منزل��ة‬ ‫الكاثوليكية الرومانية الخاصّة في إيطاليا‪ .‬وفي‬ ‫عام ‪ ،1984‬عدّلت اتفاقية‏جديدة بين الكرسي‬ ‫الباب��وي وإيطالي��ا بع��ض أح��كام المعاه��دة‬ ‫الس��ابقة‪ ،‬ومن ضمن ذلك أسبقية الكاثوليكية‬ ‫الرومانية‏كالدين الرسمي اإليطالي‪.‬‏‬ ‫كما ضمن��ت االتفاقيات أيضًا مبلغًا س��نويًا‬ ‫من الم��ال يدفع إلى الفاتي��كان تعويضًا عن‬ ‫الخس��ائر التي مني بها الكرسي الرسولي إثر‬ ‫قضاء مملكة إيطالي��ا على الواليات البابوية‪،‬‬ ‫التي كانت تمتد من الس��احل جنوب روما إلى‬ ‫حدود البندقية ش��ما ً‬ ‫ال قاس��مة بذل��ك إيطاليا‬ ‫إلى ثالث أقس��ام‪ ،‬كما تمت��د أمالك الفاتيكان‬ ‫أيضًا لتش��مل جميع الكنائ��س والكاتدرائيات‬ ‫واألدي��رة الواقع��ة ف��ي مدينة روم��ا‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى قلعة غاندولفو الواقع��ة إلى الجنوب من‬ ‫روم��ا قرب س��احل البحر األبيض المتوس��ط‬ ‫والت��ي تعتب��ر المق��ر الصيفي إلقام��ة البابا‪،‬‬ ‫ومقر المكتب��ة الفاتيكانية الفلكية والمرصد‬ ‫الفاتيكاني الفلك��ي؛ يضاف إلى هذه القائمة‬ ‫عدد م��ن األبنية الت��ي تمثل س��فارات الدول‬ ‫لدى الفاتيكان وعدد آخر من الشقق السكنية‬ ‫والمكات��ب الت��ي تع��ود ملكيته��ا للفاتي��كان‬ ‫ويش��غلها موظف��ون تابع��ون للكرس��ي‬ ‫الرسولي‪.‬‬ ‫والباب��ا هو الرئي��س االداري للفاتيكان ولديه‬ ‫ممثلين ف��ي العديد م��ن المنظم��ات الدولية‬ ‫كاألم��م المتحدة وعدد م��ن وكاالتها‪ ،‬منظمة‬ ‫األغذية العالمي��ة ومنظمة الصح��ة العالمية‬ ‫ومنظم��ة العمل الدولية إل��ى جانب منظمات‬ ‫أخرى غير رس��مية كالجمعية العالمية للعلوم‬ ‫التاريخي��ة والجمعية العالمي��ة للطب المحايد‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫وعلى خالف جميع الدول التي تعطي الجنسية‬ ‫لمواطنيها على أساس العرق‪ ،‬أو حسب مكان‬ ‫الوالدة‪ ،‬فإن الفاتيكان‪ ،‬تمنح الجنسية مع بدأ‬ ‫التعيين داخ��ل الدولة وتصبح الجنس��ية غير‬ ‫صالحة بمج��رد انتهاء خدم��ات الموظف‪ ،‬في‬ ‫ً‬ ‫موظفا في الفاتيكان‪ .‬وعندما يفقد‬ ‫حال كان‬ ‫الشخص الجنسية الفاتيكانية يتحول بشكل‬ ‫تلقائ��ي إل��ى الجنس��ية اإليطالي��ة‪ ،‬بموج��ب‬ ‫اتفاقي��ات الت��ران الثالثة‪ ،‬لتنظي��م العالقات‬ ‫بين إيطاليا والفاتيكان‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫عل��ى الرغ��م م��ن انتم��اء منظوم��ة حق��وق‬ ‫االنس��ان لمفردات العص��ر الحديث إال أن هذا‬ ‫ال يعن��ي أن الش��عوب عاش��ت ف��ي الماض��ي‬ ‫البعي��د بدون وجود ضوابط عليا تنظم حركة‬ ‫المجتمع وتحد من إمكانية االستبداد والتعدي‬ ‫عل��ى حق��وق االنس��ان‪ ،‬فاألص��ول التاريخية‬ ‫للمب��ادئ الديمقراطي��ة نجده��ا ف��ي الفك��ر‬ ‫اإلغريق��ي القديم م��ن خالل رقابة الش��عب‬ ‫عل��ى بعض أعم��ال ممثلي��ه‪ ،‬ثم الحق��ًا في‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة‪ ،‬إال‬ ‫الفك��ر الرومان��ي عند شيش��رون‬ ‫أن النقل��ة الحقيقية في تاريخ البش��رية نحو‬ ‫المفهوم الحقوقي والديمقراطي الحالي كان‬ ‫من خالل الفكر والتعاليم الكنسية‪.‬‬ ‫إال أن التركي��ز الكبي��ر على الجان��ب المظلم‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة‬ ‫م��ن تاري��خ الكنيس��ة الكاثوليكي��ة‪،‬‬ ‫عندم��ا س��يطرت األخي��رة عل��ى المجتمع��ات‬ ‫السياس��ية المس��يحية بحيث كانت الس��لطة‬ ‫السياسية تستمد شرعيتها من الكنيسة التي‬ ‫كان له��ا ح��ق الرقابة المطلقة عل��ى أعمالها‬ ‫التش��ريعية التي يجب أن تك��ون متوافقة مع‬ ‫قواعد ومبادىء القانون الكنسي‪ ،‬أي القواعد‬ ‫المتعلقة بحقوق اهلل وحقوق االنس��ان وفق ًا‬ ‫للنظري��ة المس��يحية لحقوق االنس��ان‪ ،‬أدى‬ ‫إلى ترس��يخ فكرة مظالم الكنيس��ة وتجاهل‬ ‫دور الفكر الكنس��ي في التطور الديمقراطي‬ ‫والحقوقي للبشرية جمعاء‪.‬‬ ‫فف��ي مرحل��ة متأخرة م��ن العصر الوس��يط‬ ‫وعلى الرغم من استمرار الكنيسة في التأكيد‬ ‫على أولوية القانون الكنس��ي عل��ى القانون‬ ‫الوضع��ي‪ ،‬وبالتالي س��مو س��لطة البابا على‬ ‫س��لطة الملوك م��ن خالل نظرية الس��يفين‪،‬‬ ‫التي يستمد فيها الحاكم سلطته من اهلل عبر‬ ‫الشعب الذي يمثل اإلرادة اإللهية‪ ،‬بينما تبقى‬ ‫الكنيس��ة الممثل المباش��ر للس��لطة اإللهية‪،‬‬ ‫وعندما ينتهك الحاكم حقوق اإلنسان اإللهية‬ ‫أو الدس��تور اإللهي فإن قوانينه تصبح باطلة‬ ‫وتصب��ح الثورة عليه واجب ًا على المس��يحيين‬ ‫ً‬ ‫عام��ة‪ ،‬إال أنه��ا اعتم��دت نظرية الس��لطتين‬ ‫الروحي��ة والزمني��ة واالخت�لاف بينهم��ا‪،‬‬ ‫واس��تطاعت الكنيس��ة ‪-‬بخ�لاف أي منظومة‬ ‫قانونية اسالمية‪ -‬كمؤسس��ة مرجعية دينية‬ ‫أن تف��رض ضوابطها على الس��لطة الحاكمة‬ ‫وقوانينه��ا‪ ،‬ولق��د ظل األمر معم��و ً‬ ‫ال به حتى‬ ‫أوائ��ل الق��رن العش��رين ف��ي غالبي��ة الدول‬ ‫األوروبي��ة الديمقراطي��ة‪ ،‬وم��ازال لموق��ف‬ ‫الكنيس��ة م��ن بع��ض القواني��ن الوضعي��ة‬ ‫كاإلجهاض اإلرادي وال��زواج المدني وحقوق‬ ‫المثليين وحرياتهم‪ ،‬تأثيراً فاع ً‬ ‫ال على مواقف‬ ‫المس��يحيين في بعض عواص��م الكثلكة في‬ ‫ً‬ ‫وخاص��ة في إيطاليا وبولندا والفلبين‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫وإلى حد ما إسبانيا وأمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫أم��ا في اإلس�لام فإن غياب الرقابة الش��رعية‬ ‫أي عدم مأسس��ة الش��ورى واالجتهاد أدى إلى‬ ‫انتهاك الحاك��م للتعاليم والقواعد الش��رعية‬ ‫لغياب الرقاب��ة على أعماله‪ ،‬رغ��م المحاوالت‬ ‫العدي��د م��ن الفقه��اء والعلم��اء عب��ر التاريخ‬ ‫اإلسالمي لتأسيس شكل من أشكال الضوابط‬ ‫التي تحكم السلطة وتحد من استبدادها‪.‬‬ ‫ق��د يب��دو الط��رح مس��تغرب ًا أو أن��ه مقارن��ة‬ ‫بين رس��التين كانت��ا تأسيس��اً وتنظيم ًا لخير‬ ‫البش��رية وتطوره��ا‪ ،‬إال أن ما ذكرت��ه آنفًا ال‬

‫‪13‬‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫"رائد ال�صحافة احلرة"‬ ‫حبيب كحالة ‪1965 – 1898‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫مجل��ة «المضح��ك المبك��ي» وه��ي عمله‬ ‫األنج��ح واألقوى أثراً‪ ،‬وقد حمل غالف العدد‬ ‫األول رسماً كاريكاتورياً لرئيس الجمهورية‬ ‫آنذاك الش��يخ ت��اج الدين الحس��ني‪ ،‬واختار‬ ‫كحال��ة الطري��ق األصع��ب‪ ،‬ف��ي العم��ل‬ ‫الصحف��ي‪ ،‬ف��إذا كانت الصحاف��ة ال تعيش‬ ‫وتزده��ر ف��ي من��اخ الحري��ة‪ ،‬فالصحاف��ة‬ ‫لق��در أكب��ر بكثي��ر من‬ ‫الس��اخرة بحاج��ةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحرية الت��ي يضيق بها صبر السياس��يين‬ ‫والحكام‪.‬‬ ‫أربع وعش��رين‬ ‫وق��د ص��درت المجلة ف��ي ٍ‬ ‫صفحة مزودة برسوم كاريكاتيرية ساخرة‪،‬‬ ‫ف��كان غالفه��ا األول واألخير دائم ًا رس��وم‬ ‫«كاريكاتيري��ة» هزلي��ة ملون��ة بأش��كال‬ ‫ومواقف ش��تى وتحتها التعليقات الساخرة‪،‬‬ ‫التي كانت حديث المجتمع الدمشقي‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1930‬وف��ي ش��هر تم��وز تحدي��داً‬ ‫أوقف��ت المجلة على خلفية نش��رها صوراً‬

‫العدد األول من المضحك المبكي ‪1929‬م‪ ،‬الغالف كاريكاتور‬ ‫لرئيس الجمهورية آنذاك الشيخ تاج الدين الحسني‬

‫حوار بين بريان رئيس الحكومة الفرنسية والشيخ تاج‬ ‫الدين الحسيني ينصحه بحكومة مؤقتة لتستمر أطول‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫عل��ى وقع جريم��ة باريس بح��ق الصحافة‬ ‫وحرية التعبير ال يس��عنا اليوم إال أن نتذكر‬ ‫رائ��داً من روادها في س��وريا‪ ،‬حبيب كحالة‬ ‫ال��ذي قال ف��ي العدد األول م��ن درة أعماله‬ ‫«المضح��ك المبك��ي» ح��ول خط��ة المجلة‬ ‫وسياس��تها‪« :‬أما خطتنا فإننا نعاهد القراء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صادقة ولو أغضبت‬ ‫صريحة‪،‬‬ ‫على أن تكون‬ ‫البع��ض‪ ،‬وال نجعل موقفن��ا موقف األحنف‬ ‫الذي كان يس��مع م��دح الش��عراء ليزيد بن‬ ‫معاوي��ة وهو س��اكت‪ .‬فلما س��أله معاوية‪:‬‬ ‫مالك س��اكت يا أبا بحر‪ ،‬قال إنني أخاف اهلل‬ ‫تعال��ى إذا كذبت وأخافك إذا صدقت‪ ،‬فنحن‬ ‫سنس��عى إلى أن نخاف اهلل ف��ي صراحتنا‪،‬‬ ‫وأم��ا عبي��د اهلل فإذا غضب��وا ‪-‬ونحن نقول‬ ‫الحقيقة‪ -‬فليشربوا البحر»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حبي��ب كحال��ة دف��ع ثمن��اً باهظ��ا لحري��ة‬ ‫التعبي��ر‪ ،‬فبحس��ب م��ا ورد ف��ي كت��اب‬ ‫«الصحاف��ة الس��ورية في مئة ع��ام»‪« :‬إن‬ ‫مجل��ة المضحك المبكي صدرت عام ‪1929‬‬ ‫وتوقفت نهائي ًا في ‪ 29‬أيار عام ‪ 1966‬بأمر‬ ‫ش��فوي من وزي��ر اإلعالم‪ ،‬بعد أن عاش��ت‬ ‫س��بع ًا وثالثين عام ًا‪ ،‬قضت أحد عش��ر عام ًا‬ ‫منه��ا في اإلغالق والتعطي��ل‪ ،‬أي ما يقارب‬ ‫ثلث عمرها»‪.‬‬ ‫ولد حبيب كحالة في دمشق عام ‪ .1898‬في‬ ‫محب للعلم واألدب‪ ،‬مما أثر كثيراً في‬ ‫بي��تٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ش��خصيته وميوله‪ ،‬تلقى علومه االبتدائية‬ ‫ف��ي دمش��ق‪ ،‬وتاب��ع تحصيل��ه العلمي في‬ ‫الجامع��ة األمريكية في بيروت وتخرج منها‬ ‫ف��ي نهاية الح��رب العالمية األول��ى‪ ،‬ليعود‬ ‫إلى دمش��ق بعد خروج األتراك‪ ،‬ويبدأ عمله‬ ‫الصحف��ي حي��ث أس��س جري��دة «س��ورية‬ ‫الجدي��دة» مع توفيق اليازجي‪ ،‬وصدر العدد‬ ‫األول منها في دمشق ‪.1918 / 12 / 27‬‬ ‫وف��ي الربع األول م��ن الع��ام ‪ 1929‬أصدر‬

‫‪14‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫كاريكاتورية لبعض الوزراء‪ ،‬وهم ينشدون‬ ‫النش��يد الوطن��ي الفرنس��ي‪ ،‬وق��د وض��ع‬ ‫كل منه��م طرط��وراً مضحكاً على رأس��ه‪،‬‬ ‫واستمر التعطيل ثالثة أشهر‪ ،‬أما التعطيل‬ ‫الثاني‪ ،‬فكان في نيسان عام ‪ 1932‬ولثالثة‬ ‫أشهر أيض ًا إال أن كحالة‪ ،‬أصدر المجلة رغم‬ ‫قرار المنع باس��م «ماش��ي الحال» وبنفس‬ ‫المضمون‪ ،‬وفي العام نفس��ه‪ ،‬انشأ كحالة‬ ‫مطبعة حديثة في دمش��ق لطباعة المجلة‪،‬‬ ‫وكانت تقع في شارع الملك فؤاد األول‪ ،‬كما‬ ‫تعطل��ت أيض ًا لع��دة مرات ف��ي األربعينات‬ ‫قبل االس��تقالل وبعده‪ ،‬حتى بات التعطيل‬ ‫ً‬ ‫س��مة للمجل��ة التي‬ ‫والمع��ارك القضائي��ة‬ ‫نش��رت في الع��دد الخاص بوف��اة صاحبها‬ ‫عام ‪ ،1966‬قائمة مفصلة بفترات تعطيلها‬ ‫وأسباب التعطيل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مجلة ثانية إلى جانب‬ ‫في عام ‪ 1936‬أصدر‬ ‫«المضحك المبكي» تحمل اسم «المصور»‬ ‫وقد صدرت لفترة محدودة لم تتجاوز العام‪،‬‬ ‫كما أصدر جريدة يومية باس��م «دمش��ق»‬ ‫عام ‪ ،1947‬خالل فترة االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫الت��ي جرت ذل��ك العام‪ ،‬وفاز فيه��ا بالنيابة‬ ‫عن مدينة دمشق‪.‬‬ ‫لنهج في الصحافة الس��اخرة‬ ‫أس��س كحالة ٍ‬ ‫ال مثيل له‪ ،‬فباإلضاف��ة لجرأته كان يمتلك‬ ‫ً‬ ‫لغة سلس��ة تجم��ع بين العام��ي والفصيح‬ ‫ينتقد فيها ويسخر‪ ،‬ويوجه سهامه للرؤساء‬ ‫والوزراء والحكام دون اس��تثناء‪ ،‬مما أعطاه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وش��عبية ل��دى القراء اس��تمرت‬ ‫مصداقي��ة‬ ‫حتى يومن��ا هذا‪ ،‬وعلى الرغ��م من أعبائه‬ ‫الصحفي��ة والسياس��ية‪ ،‬أض��اف للمكتب��ة‬ ‫العربي��ة ع��دداً م��ن المؤلف��ات نذك��ر منها‬ ‫«ذكريات نائب»‪« ،‬قصة خاطئة»‪« ،‬الناس»‬ ‫كما قام بجمع الط��رف والنوادر التي وردت‬ ‫في المجلة ونشرها في جزأين تحت عنوان‬ ‫«كشكول المضحك المبكي»‪.‬‬ ‫في الخمس��ينات‪ ،‬ومع انحدار هامش الحريات‬ ‫ف��ي العالم العرب��ي آثر كحالة إيق��اف مجلته‬ ‫ً‬ ‫طواعية في ع��ام ‪ ،1956‬فحين تغيب الحرية‬ ‫تغي��ب معها كلم��ة الح��ق‪ ،‬واس��تمر االيقاف‬ ‫ط��وال فت��رة الوح��دة مع مص��ر‪ ،‬حت��ى عام‬ ‫‪ 1962‬حي��ن تلم��س كحال��ة نس��ائم للحرية‬ ‫اس��تأنف إص��دار المجل��ة م��ن جدي��د‪ ،‬إال أن‬ ‫مناخ��اً عام��اً م��ن القمع وكب��ت الحري��ات بدأ‬ ‫يس��يطر على الوطن العربي بأسره‪ ،‬واختفت‬ ‫المج�لات الس��اخرة تدريجي�� ًا‪ ،‬فتوقفت مجلة‬ ‫«البعكوك��ة» في مص��ر منذ ع��ام ‪ 1953‬مع‬ ‫قانون تأميم الصحافة‪ ،‬بعد أن كانت متنفس ًا‬ ‫للش��عب المصري منذ ع��ام ‪ ،1937‬واحتجبت‬ ‫مجلة «القرندل» لصاحبها صادق اآلزدي في‬ ‫بغ��داد حيث ألغي امتياز إصدارها عام ‪،1958‬‬ ‫واحتجب��ت مجل��ة «الدب��ور» اللبناني��ة‪ ،‬وفي‬ ‫عام ‪ 1965‬رحل حبي��ب كحالة ليطوي العالم‬ ‫ً‬ ‫صفحة مضيئ��ة من تاريخه‪ ،‬يومذاك‬ ‫العربي‬ ‫تاب��ع ابنه األس��تاذ س��مير إص��دار (المضحك‬ ‫المبكي) حتى ‪.1966 / 5 / 29‬‬


‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫من مذكرات أحمد سويدان‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫موالي��د دمش��ق ‪ ،1965‬درس المرحل��ة‬ ‫االبتدائية في مدرس��ة عثمان ذي النورين‬ ‫‪ ،1977‬ودرس اإلعدادي��ة ف��ي مدرس��ة‬ ‫ج��ودت الهاش��مي ‪ 1980‬بدمش��ق‪ ،‬اعتقل‬ ‫خالل دراسته مرتين من قبل نظام حافظ‬ ‫األس��د‪ ،‬األول��ى س��نة ‪ 1980‬ودام��ت فترة‬ ‫اعتقاله أربعة أشهر‪ ،‬ثم اعتقل ثانية سنة‬ ‫‪ 1981‬مدة عام وثالثة أشهر‪.‬‬ ‫و بعد اإلفراج عنه س��افر إلى ليبيا‪ ،‬وأكمل‬ ‫هن��اك تعليم��ه الثان��وي س��نة ‪ ،1985‬ثم‬ ‫انتقل إلى جامعة اس��تنبول لدراسة العلوم‬ ‫السياس��ية مدة عامين‪ ،‬وبعدها انتقل إلى‬ ‫جامعة أزمير متخصصاً في دراس��ة الطب‪،‬‬ ‫وتخرج سنة ‪.1994‬‬ ‫أسس مستشفيين ومس��توصفين طبيين‬ ‫منذ عام ‪ 1995‬حتى عام ‪ ،2004‬كما يعمل‬ ‫مستشار اس��تثمار وتطوير وإدارة بالقطاع‬ ‫الطبي منذ عام ‪ 1994‬حتى اآلن‪.‬‬ ‫مع بداية الثورة الس��ورية منتصف مارس‪/‬‬ ‫آذار ‪ 2011‬ش��ارك خوج��ة ف��ي الح��راك‬ ‫الثوري‪ ،‬وأسس «منبر التضامن مع الشعب‬ ‫السوري»‪.‬‬ ‫وه��و رئي��س هيئ��ة اإلدارة ف��ي مجموعة‬ ‫األكاديمي��ة الطبي��ة ومستش��ار اس��تثمار‬ ‫وتطوي��ر وإدارة بالقطاع الطب��ي منذ عام‬ ‫‪ 1994‬حتى اآلن‪.‬‬ ‫وهو مؤسس ومسؤول لجنة إعالن دمشق‬ ‫ف��ي تركيا وعضو مؤس��س منبر التضامن‬ ‫مع الشعب السوري‪.‬‬ ‫يعد خوجة من مؤسس��ي المجلس الوطني‬ ‫الس��وري الذي أنشئ في ‪ 2‬أكتوبر‪/‬تشرين‬ ‫األول ‪ ،2011‬كم��ا س��اهم ف��ي تأس��يس‬ ‫االئت�لاف الوطن��ي الس��وري لق��وى الثورة‬ ‫والمعارض��ة ال��ذي أعلن عن تش��كيله في‬ ‫نوفمبر‪/‬تش��رين الثاني ‪ ،2012‬وهو ممثل‬ ‫االئت�لاف حالياً في تركيا‪ ،‬ويعدُّ ش��خصية‬ ‫قريبة من الحراك المدني والعسكري ومن‬ ‫مؤسس��ي مش��روع المجالس المحلية في‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫يش��ارك بش��كل دوري ف��ي ن��دوات علمية‬ ‫وسياس��ية تقيمها مراكز األبح��اث التركية‬ ‫والعالمية كمحلل سياس��ي وإس��تراتيجي‪،‬‬ ‫إضاف��ة للظه��ور اإلعالم��ي ف��ي القن��وات‬ ‫التركية والعربية والعالمية‪.‬‬ ‫متزوج وله أربعة أوالد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫اكتش��فت أن باس��ل‪ .‬ح من حزب العمل ليس‬ ‫عازب��ًا‪ ،‬كم��ا أنه لي��س متزوجاً‪ ،‬باس��ل عندما‬ ‫كان ي��درس ف��ي الجامعة انخ��رط في رابطة‬ ‫العم��ل الش��يوعي ‪ /‬ح��زب العمل فيم��ا بعد ‪/‬‬ ‫منذ عام ‪ 1975‬وتعرَّف على عائلة «الكردي»‬ ‫الفلس��طينية الت��ي تس��كن بع��د األزبكي��ة‪.‬‬ ‫عند مقب��رة الدحداح‪ ،‬وعمل م��ع ابنيهما علي‬ ‫وأحم��د‪ ،‬وتعرف عل��ى أختهما الت��ي انخرطت‬ ‫بدورها في العمل السياسي‪ ،‬والعمل الحزبي‪.‬‬ ‫وقبل أن يعتقل في عام ‪ .1982‬كان قد تزوج‬ ‫منها‪ ،‬وأنجبا ولداً لم يتجاوز األشهر‪.‬‬ ‫اعتقلت مع��ه‪ ،‬وبقي الولد عند أمها‪ ،‬بعد أكثر‬ ‫م��ن س��ت س��نوات خرج��ت األم من الس��جن‪،‬‬ ‫ويب��دو أن الس��جن ترك عليها أث��ره‪ ،‬فأصيبت‬ ‫بم��رض‪ ،‬وماتت فج��أة بعد عامي��ن من إخالء‬ ‫سبيلها‪ .‬وبقي الولد عند جدته‪.‬‬ ‫اآلن عم��ره يقارب العش��ر س��نوات‪ ،‬وهو في‬ ‫الصف الرابع‪ .‬والد باسل وهو غالب الحوراني‬ ‫ال��ذي كان رئيس مديري��ة االقتصاد في حماه‬ ‫توفي عام ‪ ،1983‬كان يس��كن في حي اسمه‬ ‫(البياض) وهو إلى الغرب من مدرسة األيتام‪.‬‬ ‫وبعد سوق الس��روجية والجليالتية‪ ،‬وكراجات‬ ‫قرى غربي حماه‪ ،‬وجسر الشغور عند المفرق‬ ‫الذي يصعد إلى مفرق محردة‪ .‬وهذا الوالد هو‬ ‫اب��ن عمة أكرم الحوراني مما يلفت النظر في‬ ‫هذا الحزب‪ ،‬حزب العمل ‪ -‬وهذا ما تكلمت عنه‬ ‫مرات‪ -‬أنه جدة نشأته‪ ،‬وإلى حد ما استقالليته‪،‬‬ ‫وانفراده‪ ،‬وعدم قبوله االسترشاد بأحد يتميّز‬ ‫باندفاع أفراده وبحماس إلى مواجهة النظام‪،‬‬ ‫عالني��ة‪ ،‬ودون ح��ذر‪ ،‬ب��ل بتص��د مكش��وف‪.‬‬ ‫م��ع ذل��ك كان��ت أدبيات��ه ال تنقطع‪ .‬ويرس��ل‬ ‫للسجون من عناصره الدفعة إثر الدفعة‪ ،‬ومن‬ ‫المتعاطفين معه‪ ،‬واألصدق��اء‪ .‬فهذا النموذج‬ ‫مث ً‬ ‫ال – باس��ل – قد س��جن من ع��ام ‪ – 78‬إلى‬ ‫ال��ـ ‪ – 80‬وخرج ليلتحق ف��وراً بالعمل‪ .‬وليضع‬ ‫نفسه تحت تصرف الحزب‪ .‬ومثل ذلك ينطبق‬ ‫على الكثيرين‪ ،‬والكثيرات‪.‬‬ ‫أمر آخر – عل��ى ذكر الكثيرات – يلفت النظر‪،‬‬ ‫هذا الرفد النس��ائي للح��زب ونزول المرأة إلى‬ ‫مس��توى الرجل في التصدي‪ .‬وفي المواجهة‪،‬‬ ‫واس��تقبال الس��جون‪ .‬هن��اك فتي��ات واجهنَ‬ ‫المحققي��ن بج��رأة ‪ ،‬وأمضي��ن الس��نوات في‬ ‫الس��جون‪ .‬مثل سحر ش��مة بنت حسين شمة‪،‬‬ ‫الموظ��ف اإلداري ف��ي جريدة الث��ورة‪ ،‬والذي‬ ‫توف��ي وابنت��ه خريج��ة األدب العرب��ي ف��ي‬ ‫الس��جن‪ ،‬وأخ��رى هي��ام المعمار أخ��ت محمد‬ ‫حس��ن المعمار ال��ذي ال يزال اآلن ف��ي تدمر‪.‬‬ ‫وأخ��رى‪ ،‬وأخ��رى‪ .‬هذه مي��زات يس��جلها هذا‬ ‫الح��زب على األح��زاب التقدمي��ة األخرى التي‬ ‫تص��دت للنظ��ام‪ ،‬وكان��ت تعم��ل س��راً ضده‪.‬‬ ‫مثل حزبن��ا «البعث الديمقراطي» أو «المكتب‬ ‫السياسي» أو «االتحاد االشتراكي» أو «العمال‬ ‫الثوري» فهذه األحزاب األربعة والتي تش��كل‬ ‫«التجمع الوطني الديمقراطي» مع «التقدمي‬ ‫االش��تراكي» دأبه��ا الح��ذر‪ .‬وقل��ة األدبي��ات‪،‬‬ ‫والغياب عن الساحة إلى درجة انعدام الوجود‪.‬‬ ‫ول��ذا ف��إن ما قدمه ح��زب العمل إلى الس��جن‬ ‫يفوق أضعاف��اً مضاعفة األع��داد التي قدمت‬ ‫هذه األحزاب مجتمع��ة‪ ..‬بل إن العمال الثوري‬ ‫واالتح��اد التقدم��ي‪ ،‬واالتحاد االش��تراكي لم‬

‫من ذاكرة العتمة ‪. .‬‬

‫‪1992 / 2 / 18‬‬

‫يقدموا إلى الس��جن ما يساوي أصابع اليدين‪.‬‬ ‫وال زال ه��ذا الح��زب الش��اب حت��ى اآلن يقلق‬ ‫الس��لطة‪ ،‬داخل وخارج الس��جن‪ ،‬فقد أش��رت‬ ‫من��ذ مدة إلى التوزيع ال��ذي أقدمت عليه إدارة‬ ‫السجن بأمر من قيادات المخابرات العسكرية‬ ‫لعناص��ر الحزب المجتمعين رداً على النش��اط‬ ‫الخارج��ي ال��ذي أمس��كوا بع��ض خيوطه من‬ ‫خالل حملة اعتقاالت نش��طة‪ ،‬دوهمت خاللها‬ ‫بي��وت‪ ،‬ودب الرع��ب أثناءها في أس��ر عديدة‬ ‫وأف��ادت المعلوم��ات ال��واردة أن الحملة طالت‬ ‫أكث��ر من ‪ 35‬ممن ي��دورون في فل��ك الحزب‬ ‫ال��ذي يرك��ز نش��اطه عل��ى مس��ألة حق��وق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬بالتنسيق مع التجمع ومع الخارجي‪.‬‬ ‫وقيل إنهم اعتقلوا أق��دم قياداته مخفياً وهو‬ ‫الطبي��ب عب��د العزي��ز الخي��ر الذي أف��رج عن‬ ‫زوجت��ه في اإلفراجات األخي��رة‪ ،‬والتي أمضت‬ ‫ف��ي ف��رع التحقي��ق‪ ،‬وخضعت ألقس��ى أنواع‬ ‫التعذي��ب ثالث س��نوات وأكثر‪ .‬ولك��ن ال يوجد‬ ‫تأكي��د ح��ول اعتقاله‪ ..‬كل ذلك ي��دل على أن‬ ‫الح��زب م��ا زال يواج��ه النظ��ام بأدبياته التي‬ ‫تصدر حت��ى اآلن‪ ،‬ولكن ليس بالنس��بة التي‬ ‫كانت أي��ام زم��ان‪ .‬وبمتخفيه الذين م��ا زالوا‬ ‫يعملون بنش��اط داخ��ل القطر وتحت األرض‪،‬‬ ‫ويفضح��ون أس��اليب النظ��ام الوحش��ية في‬ ‫معامل��ة المعتقلي��ن‪ .‬والدلي��ل الكبي��ر عل��ى‬ ‫حيويت��ه الدفع��ات المتتالية الت��ي يقدمها من‬ ‫المساجين‪.‬‬ ‫ويتحدث��ون ع��ن توزي��ع المنش��ورات‪ ،‬وقراءة‬ ‫األدبيات‪ ،‬وأنه��م اعتقلوا دون أن يثبت عليهم‬ ‫التنظيم‪ .‬وفي هذا الس��جن م��ن هذا الصنف‬ ‫أكث��ر من مئة‪ ،‬مثل إس��ماعيل عيش��ة مواليد‬ ‫‪ 1966‬من السلمية‪ .‬جاء في الـ ‪ 87‬والعشرات‬ ‫العش��رات من أمثال��ه‪ .‬يأتون إلى الس��جن مع‬ ‫خطيباتهم‪ .‬أو أخواتهم‪ ،‬أو زوجاتهم‪.‬‬ ‫هذه الحيوية‪ ،‬وهذا التصدي تفتقر إليه أحزاب‬ ‫التجم��ع‪ .‬فنح��ن اعتقلن��ا ع��ام ‪ 1982‬ولحقت‬ ‫بنا دفعة تكملة عام ‪ ،1983‬وس��كن الش��ارع‪.‬‬ ‫كذلك اإلتحاد االشتراكي اعتقل بعض أفراده‬ ‫ع��ام ‪ ،1980‬ثم ج��اءت دفعة ح��وران عن أمر‬ ‫س��ابق ف��ي ‪ ،86‬وعدده��م ثماني��ة وس��كن‬ ‫الش��ارع‪ .‬العمال الثوري‪ .‬لم أسمع أن أحداً منه‬ ‫كان موج��وداً وهنا لم أس��مع‪ ،‬وال ف��ي المزة‪.‬‬ ‫بع��ض أفراد من��ه احتفظ��وا بهم ف��ي فروع‬ ‫التحقي��ق‪ ،‬فق��ط المكتب السياس��ي اس��تمر‪.‬‬ ‫وبع��د دفعت��ه الكبيرة مع قيادت��ه عام ‪.1980‬‬ ‫جاءت دفعة ال بأس بها في ‪ .1987‬وبينهما ثم‬ ‫اعتقال الكثيري��ن‪ ،‬وبقوا في الفروع لكن كل‬ ‫ذلك ال يصل إلى مستوى حيوية حزب العمل‪،‬‬ ‫ونشاطه‪ ،‬واستمراره واقتحامه السجون‪ ..‬وإذا‬ ‫كان يحمل بعض الس��لبيات‪ ،‬فهذا من طبيعة‬ ‫العمل والتصدي والحيوية‪.‬‬

‫رئي�س االئتالف ال�سوري‬ ‫املعار�ض خالد خوجة‬

‫‪15‬‬


‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫نبالء‪� ،‬صامدون‪ ،‬هاربون‪ ،‬وانتهازيون‬ ‫فنانو �سوريا الت�شكيليون "‪"14‬‬ ‫دمشق – حمزة السيد‬

‫املطلوب للإنرتبول‬ ‫ف��ي مجتمعاتٍ تعتبر النحت أصنام ًا والرس��م‬ ‫تصوي��راً لم��ا خل��ق اهلل‪ ،‬ال يبق��ى للفنان إال‬ ‫أن يزخ��رف مقلداً النباتات حص��راً أو أن يتجه‬ ‫للتجريدية العبثية خالقاً تكوينات ال تش��به أو‬ ‫ال تتشبًّه ببشر أو روح‪ ،‬وربما يُسمح له على‬ ‫مض��ض أن يكس��ر القاعدة في ح��االت نادرة‬ ‫حين ترغب السلطة أن تحتفي برموز شعبية‬ ‫وتاريخية كالخيل والجمل‪ ،‬هذا تمام ًا ما يحدث‬ ‫ف��ي دول الخليج العربي التي اس��تقبلت عدداً‬ ‫من التش��كيلين السوريين الذين ذاع صيتهم‬ ‫هن��اك‪ ،‬فاإلم��ارات العربي��ة المتح��دة بات��ت‬ ‫لس��نواتٍ خلت‪ ،‬حل��م التش��كيلين لما تقدمه‬ ‫فرص ومال‪ ،‬ومع اس��تعصاء حلم باريس‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫أو روم��ا‪ ،‬ولىّ الفنانون ف��ي البالد وجوههم‬ ‫شطر الجنوب «دبي» لتكون محجهم القادم‪.‬‬ ‫حاط��وم‪ ،‬النح��ات المده��ش‪ ،‬واح��دٌ من قلة‬ ‫ممن تقل��دوا المناصب الرفيعة ف��ي المدينة‬ ‫الت��ي تس��عى ألن تك��ون عاصمة الم��ال في‬ ‫العالم‪ ،‬أكثر من عش��رين عامًا أمضاها هناك‬ ‫لم يكن فيها فنانا وحس��ب‪ ،‬بل صاحب شركة‬ ‫تق��دم الخدم��ات الفني��ة‪ ،‬نحات��ًا وتش��كيلياً‪،‬‬ ‫ثم مستش��اراً ف��ي أكبر ش��ركة مقاوالت في‬ ‫المنطق��ة وربم��ا العالم « إعم��ار» التي رعى‬ ‫وأدار الملتق��ى النحتي الخاص بها والذي كان‬ ‫وال يزال من أهم ملتقيات النحت في العالم‪.‬‬ ‫زار حاطوم دمش��ق ع��ام ‪ ،2008‬حينها كان ال‬ ‫يزال مقيمًا في دبي‪ ،‬نفذ في ملتقى العاصمة‬ ‫السورية عم ً‬ ‫ال يوجد اليوم في ساحة األمويين‬ ‫بدمش��ق‪ ،‬كتلة ذكية تلهو بالضوء وتكس��ره‪،‬‬ ‫جس��د طويل من الرخام ال��ذي نتأ عنه نصف‬ ‫قط��ر دائري لحق ب��ه نصف قط��ر غائر أخر‪،‬‬ ‫الظ��ل دائ��م التواجد ف��ي الكتلة مهم��ا تبدل‬ ‫موقع الضوء عليها‪ ،‬ببراعة وتأني أتم حاطوم‬ ‫الواثق جداً بنفسه العمل وقبل الموعد المحدد‬ ‫لنهاي��ة الملتق��ى‪ ،‬رغ��م دق��ة عمل��ه ومرارة‬ ‫تكوينه‪ ،‬فيما كان جميع المشاركين المحليين‬ ‫يطلب��ون وده‪ ،‬فه��و من يدعو الس��وريين إلى‬ ‫ملتقى إعمار بدوالرات��ه الثالثة أالف وفنادقه‬ ‫الفاخ��رة‪ ،‬كان حاطوم م��دركًا ألهمية التملق‬ ‫ال��ذي يحيط به‪ ،‬فلم يرفض��ه ولم يرحب به‪،‬‬ ‫بل تركه يتداعى كيفما اتفق‪.‬‬ ‫ال تش��به كتل حاط��وم بعضه��ا البعض‪ ،‬كل‬ ‫كتل��ه فري��دة وفيه��ا م��ن التح��دي التقني ما‬ ‫يجعلها تجربة مستقلة بذاتها‪ ،‬يكفي أن ترى‬ ‫الكتل��ة من بعيد لتدرك أنها تعود إليه‪ ،‬الثورة‬ ‫التي تعيشها دبي صناعياً وعمرانياً وهندسي ًا‬ ‫تلي��ق بأعمال حاطوم الذي يب��دو كمن يقدم‬ ‫منتج ًا مدروس�� ًا ال يقبل الرفض‪ ،‬كيف لك آن‬ ‫ترفض كتلة تسكنها الفيزياء؟ تشبه العمارة‬ ‫وتتح��دى بمقاييس��ها علوم الرياض��ة؟ تليق‬ ‫منتج��ات حاط��وم بدبي‪ ،‬ربما عدت��ه المدنية‬ ‫المنفتح��ة عل��ى العالم‪ ،‬وعلمت��ه كيف يوفق‬ ‫بين الحداثة والعراقة ففعل‪.‬‬ ‫وف��ي دب��ي بلغ حاط��وم مكان��ة جعلته ليس‬ ‫ثري�� ًا فقط ‪ -‬والث��راء في تلك الب�لاد مختلف‬

‫عما نع��رف نحن ‪ -‬بل ذو عالقات واس��عة مع‬ ‫طبق��ة الم��ال واألعمال هناك‪ ،‬تج��اوز الرجل‬ ‫دور الفن��ان وتعداه لدور رج��ل األعمال‪ ،‬وكما‬ ‫يفعل أمير عربي يش��تري اليخوت واألراضي‬ ‫والش��قق والمصان��ع عل��ى الهات��ف‪ ،‬فع��ل‬ ‫حاطوم‪ ،‬فاشترى يخوت ًا وعقارات ودخل سوق‬ ‫المال‪ ،‬ليس في اإلمارات وحدها بل أيضًا في‬ ‫الالذقية مدينته على الساحل السوري‪ ،‬وحين‬ ‫افتُتح البرج األطول في العالم «برج خليفة»‬ ‫في دب��ي‪ ،‬لم يج��د حاطوم م��ن الالئق أن ال‬ ‫يش��تري ش��قة هناك بماليين من الدوالرات‪.‬‬ ‫كان العال��م ق��د ض��رب ع��ام ‪ 2008‬بأزم��ة‬ ‫مالي��ة تش��به تل��ك الت��ي عرفها ع��ام ‪1930‬‬ ‫وأدت فيم��ا بع��د لقيام ح��رب عالمي��ة ثانية‪،‬‬ ‫الضرب��ة الجديدة وجدت في دبي التي ربطت‬ ‫اقتصادها بش��كل ت��ام باالقتص��اد العالمي‪،‬‬ ‫مق��راً محوري�� ًا للفت��ك بأصح��اب الق��روض‬ ‫الكبي��رة والصغي��رة‪ ،‬حاط��وم كان من هؤالء‬ ‫الضحاي��ا‪ ،‬إال أن��ه يختلف عنهم بأنه يش��ارك‬ ‫األزمة المالية في جعله ضحية‪ ،‬فالرجل الذي‬ ‫س��كنه الطمع دفع الثمن الباهظ مالياً وجعله‬ ‫يقترب به من اإلفالس والس��جن في المدينة‬ ‫التي كان مقرب ًا من س��ادتها‪ ،‬السبب هو تلك‬ ‫الشقة التي أصر على شرائها في برج خليفة‪،‬‬ ‫حيث استمرت آثار األزمة المالية لسنوات بعد‬ ‫‪ 2008‬وحصدت حاطوم عام ‪.2010‬‬ ‫في مطار دبي ترك حاطوم س��يارته الفارهة‬ ‫وركب الطائرة باتجاه دمش��ق‪ ،‬عاد إلى البالد‬ ‫قبل أيام من ذكر اسمه على قوائم االنتربول‬ ‫الدول��ي‪ ،‬فه��و مطل��وب للمحاكمة ف��ي دبي‬ ‫بته��م فس��اد واخت�لاس مال��ي‪ ،‬فالتحقيقات‬ ‫األولى الخاصة بش��قة «خليف��ة» فتحت على‬ ‫الرج��ل س��جالت كان��ت مخب��أة لس��نوات في‬ ‫المدينة العالمي��ة دبي‪ ،‬ماليين من الدوالرات‬ ‫التي ضاعت الحقًا من يده‪ ،‬كانت وصلت إليها‬ ‫بطرق غير ش��رعية طوال س��نوات‪ ،‬رغم أنه‬ ‫ٍ‬ ‫لم يكن كم��ا هو حال جميع المختلس��ين في‬

‫العالم‪ ،‬بحاجة لمد اليد إلى مزيد من المال‪.‬‬ ‫في س��وريا بقي حاطوم‪ ،‬ال م��كان أخر خارج‬ ‫البالد من الممكن له أن يتوجه إليه‪ ،‬أي حركة‬ ‫خ��ارج المط��ارات س��تعني إيقافه وتس��ليمه‬ ‫إلى ش��رطة دبي‪ ،‬وفي دمش��ق أنج��ز الهارب‬ ‫ع��ام ‪ 2010‬عم� ً‬ ‫لا أخاذاً جديداً اس��ماه حصان‬ ‫ط��روادة‪ ،‬حص��ان حجري تس��كنه الهندس��ة‪،‬‬ ‫كتل نافرة تحاكي عض�لات حصان يعدو من‬ ‫الثبات‪ ،‬ووجه حاس��م يله��ث‪ ،‬ال يرتفع العمل‬ ‫كثي��راً ع��ن األرض لكن��ه يغرقك ف��ي قوته‬ ‫وحس��ن صياغت��ه‪ ،‬نق��ل الحقًا إل��ى المتحلق‬ ‫الجنوب��ي ف��ي العاصم��ة‪ ،‬وعاش م��ع معارك‬ ‫الطريق السريع فتركت فيه أثراً لن يمحى‪.‬‬ ‫ف��ي الالذقية يقم حاطوم من��ذ الهرب الكبير‬ ‫م��ن دبي‪ ،‬فيها يش��تغل على تج��ارب الزجاج‬ ‫المعش��ق‪ ،‬ويغادرها باتجاه دمشق كلما دعي‬ ‫لملتقى جدي��د تقيم��ه وزارة الثقافة لتقول‪:‬‬ ‫نحن صامدون‪ ،‬يبهرك حاطوم بتكوين جديد‪،‬‬ ‫لكن��ه يرميه لمن ال يس��تحقه‪ ،‬مكتفيًا بقليل‬ ‫من مال تعطيه الوزارة‪.‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫املواطنة وحرية التعبري‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫حكومية بش��رط أن ال يمث��ل طريقة عرض‬ ‫األف��كار واآلراء أو مضمونها ما يمكن اعتباره‬ ‫خرق��ا أو مخالف��ة لقواني��ن وأع��راف الدولة‬ ‫أو المجموع��ة الت��ي س��محت بحري��ة التعبير‬ ‫ويصاح��ب حرية ال��رأي والتعبير على األغلب‬ ‫بعض أنواع الحقوق والحدود مثل حق حرية‬ ‫العب��ادة وحرية الصحاف��ة وحرية التظاهرات‬ ‫السلمية‪.‬‬ ‫و الح��ق في حرية ال��رأي والتعبير عموم ًا هو‬ ‫الحق األساس��ي الذي يش��كل إحدى الدعائم‬ ‫الجوهري��ة للمجتم��ع الديمقراط��ي وهو هو‬ ‫حق مطلق ال يسمح تقييده في أي ظرف من‬ ‫الظروف كما يش��مل الحق ف��ي تغيير اآلراء‪.‬‬ ‫وال يس��مح بالتمييز ضد أي شخص أو تقييد‬ ‫أو انتق��اص أي م��ن الحقوق األخرى بس��بب‬ ‫آرائه‪ ،‬وهذا الجانب من الحق يش��مل الحماية‬ ‫لكل ضروب اآلراء‪ ،‬بما فيها اآلراء السياس��ية‬ ‫والدينية وغيرها التي قد تكون مخالفة لتلك‬ ‫التي تتبناها األغلبية في البالد أو التي تغاير‬ ‫أو تنق��د أو تناقض تلك الت��ي تتبناها أجهزة‬ ‫الدولة أو الحزب الحاكم‪.‬‬ ‫وتبدو العالقة بين حري��ة التعبير والمواطنة‬ ‫ً‬ ‫جدلي��ة مس��تمرة‪ ،‬فالحري��ة أول��ى ش��روط‬ ‫المواطن��ة الت��ي ترتب��ط ع��ادة بح��ق العمل‬ ‫واإلقامة والمشاركة السياسية في دولة ما أو‬ ‫االنتماء إلى مجتمع واحد يضمه بش��كل عام‬ ‫رابط اجتماعي وسياس��ي وثقافي موحد في‬ ‫دولة معينة‪ ،‬وحرية التعبير هي أعلى أشكال‬ ‫الحرية التي تعن��ي فيما تعني‪ ،‬التعددية في‬ ‫الفكر والرأي والسلوك القائمة على كل ذلك‪،‬‬ ‫وه��ذا يعن��ي اجتماعي ًا وسياس��ي ًا أن المجتمع‬ ‫بكل فئاته وطوائفه وطبقاته وغير ذلك من‬ ‫تصنيفات‪ ،‬س��وف يك��ون قادراً عل��ى التعبير‬ ‫عن نفس��ه وعن حقه في الس��لوك واالختيار‬ ‫وفق�� ًا لهذا االختيار‪ ،‬وهذا بدوره س��يعزز من‬ ‫مسألة االنتماء التي بدونها ال قيام ألي كيان‪،‬‬ ‫وبدون وجود أي كيان فإنه من العبث الحديث‬ ‫م��اض‪ ،‬ألن‬ ‫ع��ن مس��تقبل أو حاضر أو حتى‬ ‫ٍ‬

‫أي اعتبار للوق��ت يختفي ويصير بال قيمة أو‬ ‫تأثير باختفاء الكيان ذاته‪.‬‬ ‫والحرية الت��ي نتحدث عنها هنا‪ ،‬والتي تعتبر‬ ‫حري��ة التعبير أش��مل مظاهرها هي مفهوم‬ ‫ش��امل يعني االنتماء أيضاً‪ ،‬س��واء بالنس��بة‬ ‫للف��رد أو الجماع��ة‪ ،‬إذ أن االنتم��اء اللصي��ق‬ ‫بالمواطنة ف��ي جوهره عملي��ة اختيارية وال‬ ‫يمك��ن أن يك��ون مفروض��اً‪ ،‬وإن حصل مثل‬ ‫هذا الوضع‪ ،‬أي االنتماء المفروض‪ ،‬فالنتيجة‬ ‫سوف تكون من دون ريب كارثية‪ ،‬إذ يتناقض‬ ‫حينه��ا الش��كل م��ع المضمون أي ش��كل من‬ ‫االنتم��اء ومضم��ون من االغت��راب‪ ،‬والنتيجة‬ ‫ن��وع م��ن الضياع وع��دم معرفة ال��ذات‪ ،‬وإذا‬ ‫نظرت حول��ك في رقعتن��ا العربي��ة الممتدة‬ ‫لوج��دت أن هذه النتيجة تفرض نفس��ها في‬ ‫كل مكان ف��ي هذه الرقعة‪ .‬أم��ا االنتماء في‬ ‫ظل جو م��ن الحرية فهو االنتم��اء الحق ألنه‬ ‫يلغي ذلك التعارض بين الشكل والمضمون‬ ‫ف��ي ه��ذا المجال‪ ،‬وتك��ون ترجم��ة ذلك كله‬ ‫سلوكاً فعا ً‬ ‫ال إيجابي ًا صانعاً للمستقبل فع ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫إن حري��ة التعبي��ر ه��ي المفت��اح الرئيس��ي‬ ‫لتفكيك أي شكل من أش��كال العصبيات عن‬ ‫طري��ق الحوار‪ ،‬ويمك��ن معرفة درجة ش��دة‬ ‫العصبي��ة ف��ي جماعة م��ا‪ ،‬ويمكن اس��تقراء‬ ‫تماس��ك تل��ك الجماع��ة م��ن جه��ة‪ ،‬وم��دى‬ ‫اندماجه��ا ف��ي المجتم��ع الوطن��يّ األوس��ع‪،‬‬ ‫وبالتال��ي تماس��كه‪ ،‬م��ن جهة أخرى‪ ،‬وش��دة‬ ‫العصبية تتناس��ب عكس��أ مع انتع��اش دولة‬ ‫أن‬ ‫القان��ون والمواطن��ة المتس��اوية‪ ،‬ذل��ك ّ‬ ‫التعصّ��ب للجماع��ة األقليّة يزداد ويترس��خ‬ ‫اإلنتماء لها بنس��بة أكب��ر ك ّلما تراجعت قيمة‬ ‫المواطن��ة‪ ،‬بم��ا تنط��وي عليه م��ن الحقوق‬ ‫والواجبات وبالعكس‪.‬‬ ‫ف��ي الختام ليؤمن كل أحد بما ش��اء من رأي‬ ‫أو فكر‪ ،‬ولك��ن ليس ألحدٍ أن يفرض ما يراه‬ ‫عل��ى أحد‪ ،‬ف��إذا كان ق��د قي��ل أن الدين هلل‬ ‫والوط��ن للجميع‪ ،‬فإنه من الحق اليوم القول‬ ‫أن الرأي لصاحبه‪ ،‬ولكن الوطن للجميع‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫يقول الفيلسوف البريطاني «جون ستيوارت‬ ‫ميل» عن حرية التعبير‪« :‬إن البشر جميعًا لو‬ ‫اجتمع��وا على رأي‪ ،‬وخالفهم ف��ي هذا الرأي‬ ‫ف��رد واحد‪ ،‬لما كان لهم أن يس��كتوه‪ ،‬بنفس‬ ‫القدر الذي ال يجوز لهذا الفرد إسكاتهــم حتى‬ ‫لـ��و كانت لــه القوة والس��لطة‪ ،‬فإذا أس��كتنا‬ ‫صوت ًا فربما نكون قد أس��كتنا الحقيقة‪ ،‬وإن‬ ‫الرأي الخاط��ئ ربما يحمل في جوانحهِ بذور‬ ‫الحقيق��ة الكامنة‪ ،‬وإن ال��رأي المجمع عليه ال‬ ‫يمكن قبوله على أس��س عقلي��ة إال إذا دخل‬ ‫واقع التجربة والتمحي��ص‪ ،‬وإن هذا الرأي ما‬ ‫لم يواجه تحديًا من وقت آلخر فإنه س��يفقد‬ ‫أهميته وتأثيره»‪.‬‬ ‫وطلب�� ًا للح��ق ف��ي حري��ة التعبي��ر ث��ار‬ ‫البريطاني��ون على الملك جيمس الثاني عام‬ ‫‪ 1688‬ليص��در البرلم��ان البريطان��ي الحق�� ًا‬ ‫قان��ون «حرية ال��كالم في البرلم��ان»‪ .‬وبعد‬ ‫عق��ود م��ن الص��راع في فرنس��ا ت��م إعالن‬ ‫حق��وق اإلنس��ان والمواطن في فرنس��ا عام‬ ‫‪- 1789‬عقب الثورة الفرنس��ية‪ -‬والذي نص‬ ‫على أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من‬ ‫حق��وق المواطن‪ ،‬كما كرس��ت المادة ‪ 19‬في‬ ‫العهد الدول��ي للحقوق المدنية والسياس��ية‬ ‫اإلط��ار الدول��ي األساس��ي لهذا الح��ق والتي‬ ‫تنص على‪:‬‬ ‫‪ .1‬ل��كل إنس��ان ح��ق ف��ي اعتن��اق آراء دون‬ ‫مضايقة‪.‬‬ ‫‪ .2‬لكل إنسان حق في حرية التعبير‪ .‬ويشمل‬ ‫هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب‬ ‫المعلوم��ات واألف��كار وتلقيه��ا ونقله��ا إل��ى‬ ‫آخرين دونما اعتبار للحدود‪ ،‬سواء على شكل‬ ‫مكت��وب أو مطب��وع أو في قالب فن��ي أو بأية‬ ‫وسيلة أخرى يختارها‪.‬‬ ‫‪ .3‬تس��تتبع ممارس��ة الحق��وق المنص��وص‬ ‫عليها ف��ي الفقرة ‪ 2‬من ه��ذه المادة واجبات‬ ‫ومس��ؤوليات خاص��ة‪ .‬وعل��ى ذل��ك يج��وز‬ ‫إخضاعه��ا لبع��ض القي��ود ولك��ن ش��ريطة‬ ‫أن تك��ون مح��ددة بنص القان��ون وأن تكون‬ ‫ضرورية‪:‬‬ ‫ الحترام حقوق اآلخرين أو سمعتهم‪.‬‬‫ لحماي��ة األم��ن القومي أو النظ��ام العام أو‬‫الصحة العامة أو اآلداب العامة‪.‬‬ ‫كم��ا أعط��ى س�لامة موس��ى الفيلس��وف‬ ‫المص��ري من��ذ ما يق��ارب مئة ع��ام األولوية‬ ‫لحرية التعبير على حري��ة الفكر على اعتبار‬ ‫أن األف��كار مهم��ا بلغ��ت قيمته��ا إال أنه��ا لن‬ ‫تخ��رج لآلخرين دون الحق في حرية التعبير‪،‬‬ ‫كما يقول «ريتش��ارد مون»‪ :‬إن حرية التعبير‬ ‫تعتم��د عل��ى التفاع�لات االجتماعي��ة‪ .‬فذكر‬ ‫أن��ه ع��ن طري��ق التواص��ل يس��تطيع الفرد‬ ‫خل��ق عالق��ات وترابط م��ع اآلخري��ن العائلة‬ ‫واألصدق��اء وزم�لاء العم��ل وبالدخ��ول ف��ي‬ ‫مناقش��ات مع اآلخرين سوف يس��اهم الفرد‬ ‫في تطوير المعرفة في المجتمع»‪.‬‬ ‫وتعرف حرية التعبير بأنها الحرية في التعبير‬ ‫ع��ن األف��كار واآلراء ع��ن طري��ق ال��كالم أو‬ ‫الكتابة أو األعمال الفنية بدون رقابة أو قيود‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫‪17‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪18‬‬

‫نايچل ووربريتن‪:‬‬ ‫حرية التعبري‪ ،‬مقدمة ق�صرية ًّ‬ ‫جدا‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫يق��دم لن��ا لفيلس��وف والباحث ف��ي علوم‬ ‫الجماليَّ��ات واألخ�لاق التطبيقي��ة «نايچل‬ ‫لا موج��زاً‬ ‫ووربيرت��ن» دلي� ً‬ ‫لح��ق من أهم‬ ‫ٍ‬ ‫حق��وق اإلنس��ان وه��و الح��ق ف��ي حرية‬ ‫التعبير‪ ،‬مستعرضاً العديد من الموضوعات‬ ‫بش��أن ّ‬ ‫حقِن��ا ف��ي الحديث بحري��ة‪ ،‬ومن‬ ‫بينه��ا‪ :‬ه��ل ينبغ��ي لمجتم��ع متحضر أن‬ ‫يفرض قي��ودًا على حري��ة التعبير؟ كيف‬ ‫ن��وازن بي��ن حري��ة التعبير وما ق��د تثيره‬ ‫من حساس��ية لدى األقلي��ات والمجموعات‬ ‫الديني��ة؟ كيف غيَّرت التكنولوجيا الرقمية‬ ‫وش��بكة اإلنترن��ت طبيع��ة النق��اش الذي‬ ‫يدور بشأن حرية التعبير‪.‬‬ ‫ف��ي الفص��ل األول وتحت عن��وان «حرية‬ ‫الكالم» يقول المؤلف حرية الكالم جديرة‬ ‫باالس��تماتة في الدف��اع عنها‪ ،‬حتى عندما‬ ‫تك��ون على خ�لاف مع ما يُق��ال‪ ،‬يتضمن‬ ‫االلت��زام بحرية الكالم حماية الكالم الذي‬ ‫ال تود سماعه‪ ،‬تمامًا مثل حمايتك للكالم‬ ‫الذي تود س��ماعه‪ ،‬هذا المبدأ هو أس��اس‬ ‫الديمقراطي��ة‪ ،‬وحق أساس��ي من حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وحمايته رمز للمجتمع المتحضر‬ ‫والمتسامح‪.‬‬ ‫وبع��د اس��تعراض المؤل��ف للنص��وص‬ ‫القانونية التي تكرس حرية التعبير يؤكد‬ ‫أن��ه وعلى الرغ��م من مقارب��ة المواضيع‬ ‫القانوني��ة إال أن المواضيع المطروحة في‬ ‫الكتاب ذات بعد انس��اني «م��ا قيمة حرية‬ ‫ال��كالم»‪ ،‬وماه��ي الح��دود الت��ي ينبغ��ي‬ ‫تعيينها لحرية الكالم‪ ،‬إذ أن هناك اهتمام ًا‬ ‫لدى كل البشر بالسماح لهم بالتعبير عن‬ ‫أنفس��هم‪ ،‬والحصول عل��ى فرصة لرؤية‬ ‫التعبي��ر الح��ر لآلخري��ن واالس��تماع إليه‬ ‫وقراءت��ه‪ ،‬ولحري��ة الكالم أهمي��ة خاصة‬ ‫داخل المجتمعات الديمقراطية‪.‬‬ ‫واإليم��ان بأهمي��ة حري��ة التعبير ليس��ت‬ ‫عقي��دة موروث��ة م��ن «عص��ر التنوي��ر»‬ ‫بالرغم من تأكيد البعض على أنه كذلك‪،‬‬ ‫فق��د اعتق��د كارل مارك��س أن الحق��وق‬ ‫الليبرالي��ة تميل إلى الحفاظ على مصالح‬ ‫البرجوازي��ة الفردي��ة بدلاً م��ن المصالح‬ ‫الدائمة لإلنس��انية‪ ،‬بينم��ا يذهب المؤلف‬ ‫إل��ى أن الحق ف��ي حرية التعبير الش��املة‬ ‫لي��س مج��رد وس��يلة لحماي��ة حريات من‬ ‫يشغلون مواقع السلطة‪ ،‬اقتصادية كانت‬ ‫أو سياسية‪.‬‬ ‫في الفص��ل الثاني وتحت عنوان «س��وق‬ ‫ح��ر لألف��كار» يق��دم عرض��اً ألف��كار‬ ‫ومس��اهمات الفالس��فة في تكريس مبدأ‬ ‫حرية التعبير من خ�لال البحث في معنى‬ ‫مليا‬ ‫أن تصبح إنسانًا‪ ،‬وعن أهمية التفكر ٍّ‬ ‫في معتقداتنا حتى تنتمي إلينا‪ ،‬وال تكون‬ ‫مجرد إرث من اآلخرين‪ ،‬ال ينبغي أن تكون‬ ‫معتقداتن��ا تردي��دًا لمعتق��دات تقليدية‪،‬‬ ‫فالمعتق��د الذي يُعتنق بن��ا ًء على الرغبة‬ ‫بدلاً م��ن اعتناقه بعد إمع��ان التفكير في‬

‫الحج��ج المؤي��دة والمض��ادة له يك��ون ذا‬ ‫قيمة ضئيلة‪ ،‬إذ يجب علينا متى أتيحت لنا‬ ‫الفرصة التحدث م��ع من يخالفوننا الرأي‪،‬‬ ‫ومناقش��تهم ومجادلته��م‪ ،‬واالس��تماع‬ ‫لوجه��ات نظرهم ف��ي الموض��وع‪ ،‬وفهم‬ ‫السبب وراء اعتناقهم آلرائهم‪.‬‬ ‫تحت عن��وان «توجي��ه اإلس��اءة وتلقيها»‬ ‫يأت��ي الفصل الثالث ليق��دم تحلي ً‬ ‫ال لمدى‬ ‫حري��ة التعبير في مقاربة مناس��بة تمامًا‬ ‫لما يعيش العالم اليوم قائ ً‬ ‫ال‪« :‬تكررت في‬ ‫السنوات األخيرة عبارة أن حرية التعبير ال‬ ‫تك��ون حقيقية إال إذا روعيت المس��ؤولية‬ ‫في اس��تخدامها‪ .‬يدَّعي بع��ض ُ‬ ‫الكتاب أن‬ ‫توجيه اإلس��اءة ال ينبغ��ي أن يحميه مبدأ‬ ‫حرية التعبير‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬عندما يُقدِم‬ ‫أحد األش��خاص عمداً « أو حتى دون قصد‬ ‫«على اإلس��اءة إلى فرد أو جماعة‪ ،‬فليس‬ ‫ل��ه أن يح��اول االختب��اء وراء س��تار حرية‬ ‫التعبي��ر‪ ،‬ب��ل ينبغ��ي أن يكون اإلنس��ان‬ ‫مهذبًا ويحترم مشاعر اآلخرين‪.‬‬ ‫ف��ي الفصل الراب��ع يقدم المؤل��ف عرضًا‬ ‫لموض��وع ش��ائك ف��ي إط��ار البح��ث في‬ ‫ٍ‬ ‫حرية التعبير‪ ،‬إذ تش��كل الم��واد اإلباحية‬ ‫تحديً��ا صعبًا ألي ش��خص يؤمن بحرية‬ ‫التعبير‪ ،‬فهل ينبغي تقبل المواد اإلباحية‬ ‫ب��كل مظاهرها‪ ،‬ش��ريطة أال يتعرض أي‬ ‫شخص لضرر مباش��ر في أثناء صناعتها‪،‬‬ ‫أم أن هن��اك قيمًا أخرى على المحك أكثر‬ ‫أهمية من الحرية‪.‬‬ ‫يخت��م ووربيرتن بحث��ه بتس��اؤل عما إذا‬ ‫كانت الحكومات أو غيرها تس��تطيع تقييد‬ ‫حري��ة التعبير على أرض الواقع في عصر‬ ‫اإلنترن��ت‪ ،‬لكن حتى وإن كان��ت الحكومة‬ ‫ال تس��تطيع إح��داث فارق واض��ح في هذا‬ ‫الش��أن‪ ،‬تظل القضية األخالقية مطروحة‬ ‫عم��ا إذا كان هذا الك��م الهائل من األفكار‬ ‫المعبَّر عنه��ا مفيدًا للبش��رية‪ ،‬وما مدى‬ ‫خطورتها على المتلقي‪.‬‬

‫قوارب مثل قلب طفل‬ ‫خوشمان قادو‬ ‫بالص��ور‪ ،‬كنّ��ا ق��د‬ ‫أجس��ادنا ق��واربٌ مليئ��ة‬ ‫ٍ‬ ‫التقطناه��ا ط��وال الفت��رة التي كان��ت للوطن‬ ‫ح��دودٌ تُفقأ مثل الدمامل‪ ،‬ال ندري من وضعها‬ ‫ولمَ��ا؟! هذه الحدودُ التي كنّا نخش��ى االقتراب‬ ‫منه��ا‪ ،‬ولعبنا بجواره��ا‪ ،‬صغاراً‪ ،‬لن��ا مع الحدود‬ ‫صداقة وع��داوة في آنٍ مع ًا‪ ،‬رغ��م كل الطيور‬ ‫المذبوحة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اآلن نعبرُ كل الحدود‪ ،‬لم نعد نخش��اها‪ .‬الوطن‬ ‫ال يُرسم بحدودٍ تَجرح كرامتنا‪ ،‬كذلك األطفال‬ ‫يعبرونه��ا وهم يحملون ألعاباً مخدوش��ة بلعنة‬ ‫األسالك الش��ائكة‪ ،‬ال نحبُّ عبورَ الحدود‪ ،‬لكنّ‬ ‫حُماته��ا آثروا ركلن��ا نحو الجحيم‪ ،‬ال الس��نابل‬ ‫وال أغص��ان الزيت��ون كانت قادر ًة على إس��دال‬ ‫السكينة في طراوة الدم‪.‬‬ ‫أجس��ادنا قبورٌ عميقة‪ ،‬أحيان��اً نهمسُ للتراب‬ ‫الجائ��ع‪ ،‬نورثها ما امتلكن��اه‪ّ ،‬‬ ‫كل التجاعيد التي‬ ‫ّ‬ ‫تطفل��ت على مالمحنا‪ ،‬تيبسُ ههنا‪ ،‬وتتقشّ��ر‬ ‫مثل حبة قمح‪ .‬قبورٌ محمولة نحملها معنا أنّى‬ ‫نشاء‪ ،‬ال نوقظ الموتى بتات ًا‪ ،‬هم أعشاشٌ نلجأ‬ ‫إليها كفراشاتٍ نديّة‪.‬‬ ‫أجس��ادنا كه��وفٌ خبأن��ا فيه��ا مراجي��ح األمل‬ ‫وحناج��ر طفولتن��ا المعتّقة‪ ،‬نرت��اح فيها قلي ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫نشدّ الغيوم بأسناننا الغضّة‪ ،‬ونشمتُ الخارجَ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫مس��احة‬ ‫ظ��ل‪ ،‬الكهوفُ‬ ‫ك ّلم��ا يحدّق بن��ا مثل‬ ‫تكفي وسائدنا الشاحبة‪ ،‬ال نملؤها ضجيجاً‪ ،‬كما‬ ‫نخجل من الرس��م على جدرانها‪ ،‬ال يزال الهدوء‬ ‫يطعم عصافير وحدتنا‪.‬‬ ‫بحارٌ تشتهي أجس��ادنا‪ ،‬بحارٌ باتت تنادينا كل‬ ‫ي��وم وتح��نّ إلى رفقتن��ا‪ ،‬األمواج هي نفس��ها‬ ‫الت��ي كان��ت تدف��ع بنا نح��و الري��اح المزدحمة‪،‬‬ ‫الق��وارب غير ق��ادرة على حمل��ك كوطن‪ ،‬اخلع‬ ‫الوطن وضعه حيثما تريد‪ ،‬والبس سترة النجاة‪،‬‬ ‫هذه السترة ال تُنجي وطنك‪ .‬األطفال ال يحبّون‬ ‫هذه اللعبة‪ ،‬علينا أال نُسكت صراخهم في بحر‪،‬‬ ‫هو اآلخر يحضنُ ّ‬ ‫كل شيء‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مكتظة بأل��وانٍ مجعّدة‪ ،‬قواربٌ يتيمة‬ ‫قواربٌ‬ ‫تتقاف��زُ عل��ى صم��ت الس��ماء‪ ،‬ههن��ا ال تنبتُ‬ ‫أيّ زناب��قَ‪ ،‬وال تمل��ك عص��ا موس��ى‪ ،‬لتفضّ‬ ‫به��ا ب��كارة الوط��اءة‪ ،‬ال تب��كِ عل��ى الخرائ��ط‬ ‫ولون األعالم على النش��يد الوطن��ي والزنازين‬ ‫المع ّلقة‪ ،‬ابتس��م في وجه الري��ح‪ ،‬وقبِّل البحر‬ ‫قبل أن تخلد إلى النوم‪.‬‬ ‫أجسادنا المنتفخة تستطيعُ أن تعبر ّ‬ ‫كل الحدود‬ ‫دون جواز س��فر أو تأش��يرة دخ��ول‪ّ ،‬‬ ‫الكل يفزع‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫يلتقط الصور‪ ،‬يش��اهدوننا على شاش��ة‬ ‫والكل‬ ‫التلف��از ويتحسّ��رون علين��ا‪ ،‬م��ع ذل��ك يحاول‬ ‫الجمي��عُ أن يجع��ل جس��ده منتفخ�� ًا‪ ،‬االنتف��اخُ‬ ‫ال يجع��ل من��كَ وطنيّ��اً‪ ،‬دعكَ من كل ش��يء‬ ‫عصافير‬ ‫وأنصِ��ت إل��ى الم��دن الجاثم��ة عل��ى‬ ‫ِ‬ ‫ذكرياتنا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ها الرصاص��اتُ تُزّين رقابن��ا العارية‪ ،‬أبدا لم‬ ‫نصنع من أحالمنا حش��و ًة لها‪ ،‬ال نبني وطن ًا من‬ ‫ف��وارغ الطلق��ات‪ ،‬يكفينا أن ننظ��رَ إلى بعضنا‬ ‫البعض ونبتسم‪ ،‬يكفينا أن يُعزّي أحدنا اآلخر‪،‬‬ ‫ك ّلنا مدانون أمام ما نسميه وطن‪.‬‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫للمرا�سالت والتوا�صل مع هيئة التحرير ‪so uria tna @ gm ail. c om‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫حتى في زمن الحرب‪ ،‬نعمل ألجل أن نبني‪.‬‬ ‫ريف حلب ‪ -‬اعزاز ‪ | 2014‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫‪19‬‬


‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 11 | )173‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪20‬‬

‫الغوطة الشرقية ‪ -‬ريف دمشق | عدسة شاب دمشقي‬

‫بعد اجللدة املئة لي�س مهم �أن تعد‬ ‫دمشق ‪ -‬توفيق الحمصاني‬ ‫يعاني س��كان العاصمة دمش��ق من صعوبة‬ ‫بالغة في التعبير ع��ن حقيقة آرائهم‪ ،‬وواقع‬ ‫ما يفك��رون به‪ ،‬أو نظرتهم تجاه الحكومة أو‬ ‫المعارضة‪ ،‬أقول سكان دمشق‪ ،‬كوني واحدٌ‬ ‫من أبناء هذه المدين��ة‪ ،‬وعلى احتكاكٍ دائم‬ ‫بالناس وبشكل يومي‪.‬‬ ‫أي رأي مُعل��ن‪ ،‬ومهما كان اتجاهه‪ ،‬هو بكل‬ ‫تأكيد يراع��ي العوامل الموضوعية المتعلقة‬ ‫بأجه��زة األم��ن والخش��ية م��ن االعتقال من‬ ‫ناحية‪ ،‬أو تلك المتعلقة بالتش��هير والخشية‬ ‫من االختطاف من الناحية األخرى‪.‬‬ ‫أم��ا م��ن الناحي��ة الذاتي��ة‪ ،‬ف��اآلراء بطبيعة‬ ‫الحال متأثرة بالعائلة التي ينتمي إليها الفرد‬ ‫(العائلة الشخصية أو عائلة األصدقاء أو عائلة‬ ‫العمل) إضاف��ة لما يتلقاه الفرد من وس��ائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬ناهيك عن تجاربه الشخصية‪.‬‬ ‫ش��خصي ًا‪ ،‬أفت��رض أن الصحفيي��ن ه��م‬ ‫المدون��ون والمؤرخ��ون الجدد‪ ،‬ولكن حس��ب‬ ‫مشاهداتي ما أجده أنهم يعدون للعشرة ألف‬ ‫مرة قب��ل كتابة أي كلمة‪ ،‬ويعودون ويقرأون‬ ‫ً‬ ‫ثاني��ة‪ ،‬ويراع��ي الجميع‬ ‫م��ا كتبوه أل��ف مرة‬ ‫المحظ��ورات التي ق��د تلقي به��م في إحدى‬ ‫الخان��ات‪ ،‬والتي بدورها ق��د تلقي بهم أيضا‬ ‫خارج حدود الحياة‪.‬‬ ‫حت��ى أولئك الذين يعيش��ون ف��ي “المناطق‬ ‫المحررة” لم يس��لموا من س��طوة االستبداد‪،‬‬ ‫ومنه��م م��ن اختف��ى‪ ،‬ومنهم م��ن اختطف‪،‬‬ ‫ومنهم من تم إعدامه مباشرة‪.‬‬ ‫أزمة تاري��خ وتوثيق حقيقة تم��ر بها البالد‪،‬‬ ‫الح��دث الطازج واب��ن يومه‪ ،‬تتع��دد رواياته‪،‬‬

‫فما بالك حين يمرُّ عليه ش��هر أو س��نة‪ ،‬وما‬ ‫بالك إذا لم يكن للحادثة صورة أو فيديو!‬ ‫ً‬ ‫ف��ي هذه الحرب‪ ،‬يمك��ن أن نو ّثق انفجارا‪ ،‬أو‬ ‫قذائف‪ ،‬أو ضحايا‪ ،‬لكن ماذا عن األلمّ‪.‬‬ ‫منذ أي��ام خلت‪ ،‬التقيتُ بأح��د المعارف‪ ،‬كان‬ ‫مخطوفا لمدة ‪ 3‬أش��هر‪ ،‬يحكي لي قلي ً‬ ‫ال من‬ ‫تفاصيل وجعه‪.‬‬ ‫استرس��ل في الحديث عن ألوان العذاب التي‬ ‫ق��د يلقاه��ا أي مخطوف‪ ،‬وبعيداً عن أس��باب‬ ‫الخطف والجه��ة الخاطفة‪ ،‬إال أنه حدثني عن‬ ‫تعذيب وحش��ي ال يمكن للجسد أن يستوعبه‬ ‫ويبقى على قيد اإلحساس‪.‬‬ ‫يخبرني أويس‪ ،‬أنه بعد الجلدة العاشرة‪ ،‬يبدأ‬ ‫الجل��د باالحم��رار‪ ،‬وبعد الضربة العش��رين‪،‬‬ ‫يتفسّ��خ وينس��اب ال��دم س��اخنا‪ ،‬ثم ب��اردا‪،‬‬ ‫ث��م يتجمّد ال��دم على الجروح بع��د الضربة‬ ‫الثالثي��ن‪ ،‬وبع��د الجل��دة الخمس��ين‪ ،‬يتورم‬ ‫الج��رح‪ ،‬ويع��ود ال��دم لينفجر‪ ،‬وبع��د الجلدة‬ ‫الس��تين‪ ،‬تصب��ح كل الجل��دات متس��اوية‪ ،‬ال‬ ‫فرق بين س��بعين جلدة‪ ،‬وبين مئة وسبعين‬ ‫جلدة‪..‬‬ ‫األل��م يبلغ عتب��ة الس��ماء‪ ،‬وال يمك��ن زيادة‬ ‫درجة الصراخ أكثر من ذلك‪..‬‬ ‫حنجرة واحدة تصرخ ملء كونه‪ ،‬ولو استطاع‬ ‫أن يصرخ من عيونه لفعل‪..‬‬ ‫يصل لذاك الخط الفاصل بين الحياة والموت‪،‬‬ ‫فتبل��غ ال��روح الحلق��وم‪ ..‬وينع��دم األل��م…‬ ‫ويلتص��ق الرب بعينيه في ح��ال كان المتألم‬ ‫مؤمنا‪ ،‬وربما تلتصق روح حبيبته بصدره في‬ ‫حال كان المتوجع غير مؤمن‪..‬‬

‫في اللحظات األخي��رة قبيل بلوغ عتبة األلم‪،‬‬ ‫تتنوع الصرخات‪.‬‬ ‫بي��ن ي��ا اهلل‪ ،‬ي��ا أم��ي‪ ،‬يا ليل��ى‪ ،‬يا أخ��ي‪ ،‬يا‬ ‫حبيبت��ي‪ ،‬و ”ياءات” أخ��رى ناتجة عن هذيان‬ ‫الوجع‪..‬‬ ‫يثمل األلم‪ ،‬فيتيه في تفاصيل جسد أويس‪،‬‬ ‫وال زال يجهل تهمته المباشرة…‬ ‫س��ألته‪ :‬هل كن��ت ترغب أن تم��وت في تلك‬ ‫اللحظة؟ لو تس��نّى لك أن تقتل نفسك‪ ،‬هل‬ ‫كنت ستفعل؟‬ ‫أخبرن��ي أن دماغ��ه كان مش��لو ً‬ ‫ال‪ ،‬واألل��م‬ ‫اس��تحوذ على قدرته ف��ي التفكي��ر‪ ،‬لكن لو‬ ‫ارتاح للحظة‪ ،‬كان س��يتمنى الال ش��يء‪ ..‬بعد‬ ‫أن مات الشغف في الموت حتى‪..‬‬ ‫يزيدن��ي أويس‪ :‬ال أظن أن الموت أكثر إيالم ًا‬ ‫م��ن ج�ّل�اّ دي‪ ..‬تح��دث ب��كل س��اديّة وعيناه‬ ‫تقطران شرّا‪..‬‬ ‫ً‬ ‫أكمل أويس حديثه‪ ،‬وتوقفت قليال عن عتبة‬ ‫األلم‪ ،‬أو حرارة الشغف‪..‬‬ ‫كنت أس��مع موس��يقى أويس‪ ،‬وال زالت أح ّلق‬ ‫في مكان آخر ل��م أعد أفهم ما تحدث به بعد‬ ‫هذه اللحظات‪..‬‬ ‫س��رحتُ في آخر جلس��ة تعذيب في “س��جن‬ ‫حبيبتي‪” ..‬‬ ‫هي ذات اللحظة السادية حين ينعدم الشغف‪،‬‬ ‫فتصبح كل القبالت متساوية‪ ،‬وكل العناقات‬ ‫مؤلمة إلى حد الصراخ بدون صوت‪..‬‬ ‫حين يموت الش��غف على ص��دري‪ ،‬وال يكون‬ ‫القاتل إال يداي‪..‬‬ ‫وحين يمسي الحب بدون شغف‪ ،‬يصبح بدون‬ ‫حياة‪..‬‬ ‫حينها‪ ،‬ربما يتس��اوى ألم الجلاّ د‪ ،‬وألم صمت‬ ‫الحبيب��ة‪ ،‬ال ب��ل تفوق س��اديّة العش��ق ألم‬ ‫العالمين‪ ..‬بسبع سماوات‪..‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.