Souriatna Issue 27

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 3 / 25 | )27‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬ ‫عمل للفنان ضيا حبوب ريحمل أسماء شهداء الثورة السورية‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫اجلي�ش ال�سوري يقتحم مدينة �سراقب يف‬ ‫حمافظة �إدلب بالدبابات‬ ‫اقتحم��ت القوات الس��ورية الس��بت‬ ‫مدينة س��راقب المحاصرة منذ أش��هر في‬ ‫محافظة إدلب بالدبابات‪ ،‬بحس��ب ما أفاد‬ ‫ناش��طون والمرص��د الس��وري لحق��وق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫وق��ال عض��و المكت��ب اإلعالم��ي‬ ‫لمجل��س قيادة الثورة في إدلب نور الدين‬ ‫العبدو إن "‪ 26‬دبابة دخلت مدينة سراقب‬ ‫من الطرف الغربي وتمركزت فيها بشكل‬ ‫قسم المدينة إلى قسمين"‪.‬‬ ‫وأضاف أن الجيش بدأ حملة تمشيط‬ ‫واعتق��االت"‪ ،‬مش��يرا إلى "س��ماع أصوات‬ ‫إنفج��ارات في المدينة‪ ،‬بينما ال يجرؤ احد‬ ‫على الخروج من منزله‪.‬‬ ‫وأوض��ح العب��دو أن المدينة مطوقة‬ ‫منذ العاش��ر من شهر حزيران ‪ ،‬وان قوات‬ ‫النظ��ام "اقتحمته��ا م��ن قبل م��رات عدة‬ ‫ثم انس��حبت منه��ا بعد حمالت تمش��يط‬ ‫واعتقاالت"‪.‬‬ ‫وق��ال ردا عل��ى س��ؤال إن الجي��ش‬ ‫الس��وري الح��ر "متواج��د بكثاف��ة ف��ي‬ ‫المدين��ة‪ ،‬إال ان��ه ينكف��ئ ل��دى اقتحامها‬ ‫وال يهاجم الق��وات النظامية تجنبا إليذاء‬ ‫المدنيي��ن والتس��بب بالدم��ار"‪ ،‬مش��يرا‬ ‫إل��ى انه ينف��ذ هجمات على الق��وات بعد‬ ‫انسحابها‪.‬‬

‫وأك��د المرص��د الس��وري لحق��وق‬ ‫اإلنس��ان م��ن جهت��ه اقتح��ام "الق��وات‬ ‫العس��كرية الس��ورية ألحياء ف��ي مدينة‬ ‫س��راقب ترافقها آليات عس��كرية ثقيلة"‬ ‫وحملة المداهمات واالعتقاالت‪.‬‬ ‫وأف��اد ف��ي بيان عن مقتل ش��خص‬ ‫"اث��ر إصابته بإطالق رص��اص" من هذه‬ ‫القوات‪.‬‬ ‫ومن جهة ثانية‪ ،‬ذكر العبدو أن قوات‬ ‫النظ��ام نفذت الي��وم أيض��ا "حملة دهم‬ ‫وتفتيش وإحراق للمنازل ونهب" في بلدة‬ ‫احسم في جبل الزاوية في إدلب‪ .‬وقال إن‬ ‫الجيش السوري "انس��حب عصر الجمعة‬ ‫من مدينة س��رمين‪ ،‬وترك حاج��زا كبيرا‬ ‫عند المدخل الشرقي للمدينة"‪.‬‬ ‫وأضاف أن القوات الس��ورية "خلفت‬ ‫وراءها دمارا هائ�لا" في المدينة الواقعة‬ ‫ف��ي المحافظ��ة نفس��ها والت��ي كان��ت‬ ‫اقتحمتها الخميس‪.‬‬ ‫ووزع المكت��ب اإلعالم��ي لمجل��س‬ ‫قي��ادة الث��ورة ص��وراً وأش��رطة فيدي��و‬ ‫التقطت الجمعة‪ ،‬وبمعظمها بعد انسحاب‬ ‫القوات الس��ورية من المدينة‪ ،‬تظهر آثار‬ ‫دمار كبير في مح�لات تجارية وفي أبنية‬ ‫"نتيجة القصف العشوائي"‪.‬‬ ‫كما ش��وهدت ن��ار تندلع م��ن قاعة‬

‫ذك��ر صوت يعل��ق عل��ى الش��ريط بأنها‬ ‫مكتبة جامع الفردوس في سرمين‪ ،‬الذي‬ ‫تم التقاط ص��ور له وقد لحقت به أضرار‬ ‫بالغة "نتيجة التخريب"‪.‬‬ ‫وظه��رت ف��ي أش��رطة أخ��رى جثث‬ ‫قتل��ى لم تعرف ظ��روف مقتله��م‪ ،‬وأفاد‬ ‫المكتب اإلعالمي أنهم قضوا في "مجزرة‬

‫ارتكبتها قوات بشار" األسد‪.‬‬ ‫وكان الجي��ش الس��وري ب��دا أيض��ا‬ ‫مس��اء الخميس قصف مدينة بنش‪ ،‬احد‬ ‫معاقل حركة االحتجاج شرق مدينة إدلب‬ ‫قرب الحدود التركية‪ .‬وأثار القصف الذعر‬ ‫ف��ي صف��وف الس��كان الذين ف��ر اآلالف‬ ‫منهم‪.‬‬

‫جلن��ة حتقي��ق ل�ل�أمم املتح��دة ت�ش�ير �إىل عقوبات �أوروبية �ضد والدة الأ�سد وزوجته و�شقيقته‬ ‫قررت دول االتحاد األوروبي منع زوجة الرئيس الس��وري بش��ار األسد ووالدته وشقيقته من‬ ‫تخدي��ر �شهود �سوريني خالل زيارة املراقبني‬ ‫السفر إلى أوروبا وذلك في إطار الضغط عليه إلنهاء الحملة التي تشنها حكومته على االنتفاضة‬ ‫أف��اد أعضاء ف��ي لجن��ة التحقيق التابع��ة لألمم المتح��دة الجمعة‬ ‫أن أطباء س��وريين تلقوا تعليم��ات بإعطاء المرضى مخ��درات لمنعهم‬ ‫من الش��هادة خالل زيارة بعث��ة المراقبة التابعة للجامع��ة العربية إلى‬ ‫مستشفيات سورية‪.‬‬ ‫وقال��ت ياكين ارتورك عضوة لجن��ة مجلس األمم المتحدة لحقوق‬ ‫اإلنس��ان إن "عددا من الش��هود أكدوا أن األطباء تلق��وا تعليمات بجعل‬ ‫المرض��ى غائبين عن الوعي خالل زيارات (مراقب��ي) الجامعة العربية"‬ ‫لمستشفيات في حلب (شمال سوريا)‪.‬‬ ‫وهؤالء المراقبون الذين علقت مهمتهم في كانون الثاني الماضي‬ ‫كان يرافقهم في زياراتهم ممثلون للحكومة السورية‪.‬‬ ‫وأضافت ارتورك أن "بعض األطباء تعرضوا هم أنفس��هم لس��وء‬ ‫معامل��ة وتعذي��ب بس��بب رفضهم الخض��وع لألوام��ر الت��ي امتثل لها‬ ‫البع��ض"‪ .‬لكنها أوضح��ت أنها "معلومات أولية" س��تقوم اللجنة ببحثها‬ ‫بتمعن‪.‬‬ ‫وه��ذه االتهامات جاءت في نحو ‪ 70‬ش��هادة جدي��دة جمعتها اللجنة‬ ‫وخاصة من الالجئين منذ نش��ر تقريرها الش��هر الماضي‪ .‬ولم يس��مح‬ ‫لهذه اللجنة بتقصي الحقائق ميدانيا في دمشق‪.‬‬ ‫كما أش��ارت ارتورك إلى زيادة عدد العس��كريين السوريين الكبار‬ ‫الذين انشقوا عن الجيش في األسابيع األخيرة ومن بينهم أربعة عمداء‬ ‫"في حين أن معظم االنش��قاقات السابقة كانت لمجندين مع عدد قليل‬ ‫من الرتب العليا في الجيش والشرطة"‪.‬‬ ‫واالتج��اه الجديد اآلخر كم��ا يقول رئيس اللجنة باول��و بينيرو هو‬ ‫"انخفاض عدد ضحايا القمع الوحش��ي للتظاه��رات وزيادة عدد القتلى‬ ‫والجرح��ى خ�لال العمليات العس��كرية" ض��د البلدات‪ .‬موضح��ا أن هذه‬ ‫العمليات تج��رى "لمالحقة المجموعات المس��لحة (المعارضة) أو توقيع‬ ‫عقاب جماعي على سكان بعض البلدات كلهم"‪.‬‬ ‫وق��د مدد مجل��س األمم المتح��دة لحقوق اإلنس��ان الجمعة مهمة‬ ‫لجن��ة التحقيق وطلب منها أن تقدم تقريرا ش��فهيا للوضع في س��وريا‬ ‫في حزيران المقبل وتقريرا مكتوبا في أيلول‪.‬‬ ‫وأدى قمع حركة االحتجاج في س��وريا إلى س��قوط أكثر من ‪9100‬‬ ‫قتيل وفقا للمرصد السوري لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الشعبية‪.‬‬ ‫وقال مس��ؤولون في االتحاد األوروبي إن وزراء الخارجية المجتمعين في بروكس��يل جمدوا‬ ‫أيضاً أصول ‪ 8‬سوريين آخرين وفرضوا عليهم حظراً للسفر إلى أوروبا كما حظروا على الشركات‬ ‫األوروبية الدخول في مش��روعات أعمال مع ش��ركتي نفط س��وريتين مرتبطتين بالنظام‪ .‬وتأتي‬ ‫الق��رارات الت��ي تدخل حي��ز التنفيذ الي��وم بعد ‪ 12‬جولة عقوبات س��ابقة تهدف إلى عزل األس��د‬ ‫وش��ملت حظراً لألس��لحة وحظر اس��تيراد االتحاد األوروبي للنفط الس��وري‪ .‬وقال وزير الخارجية‬ ‫الهولندي أوري روسنتال على هامش اجتماع وزراء االتحاد األوروبي في بروكسيل «بهذه القائمة‬ ‫الجديدة نضرب قلب عائلة األسد ونبعث برسالة عالية وواضحة للسيد األسد‪ ...‬يجب أن يتنحى»‪.‬‬ ‫وأس��ماء األس��د زوجة الرئيس السوري ولدت في لندن وكانت تعمل في بنك استثماري وبدت في‬ ‫يوم من األيام كامرأة تتبنى القيم الغربية‪.‬‬ ‫لك��ن من��ذ ب��دء االنتفاضة على حكم زوجها أصبحت أس��ماء ش��خصية مرفوض��ة من جانب‬ ‫كثيري��ن من الس��وريين بعد أن وقفت إلى جانبه خ�لال االنتفاضة التي اندلع��ت قبل عام‪ .‬وقال‬ ‫وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ «من المهم تش��ديد الطوق ديبلوماس��ياً واقتصاديًا» على‬ ‫النظام السوري‪.‬‬ ‫وأكد أن السلطات السورية ما زالت «تتصرف في شكل دموي ال يمكن قبوله على اإلطالق»‪.‬‬ ‫وأوض��ح وزي��ر الخارجية الس��ويدي كارل بيلت أن هذه العقوب��ات بمثابة «إش��ارة قوية جداً لكل‬ ‫أعض��اء النظام بضرورة وقف القتل والعنف فوراً»‪ .‬وأضاف «إنها الطريقة الوحيدة لمنع البلد من‬ ‫االنزالق إلى حرب أهلية طائفية عواقبها ستكون مدمرة»‪ .‬لكن قرار منع أسماء األسد من السفر‬ ‫إلى أوروبا قد ال يكون من السهل تطبيقه قانونياً نظراً ألنها تحمل أيضًا الجنسية البريطانية منذ‬ ‫مولدها في لندن عام ‪ .1975‬وقال ناطق باس��م الوكالة البريطانية إلدارة الحدود رداً على سؤال‬ ‫لفرانس برس إن «الرعايا البريطانيين الممنوعين من السفر إلى دول االتحاد األوروبي ال يمكن‬ ‫منعهم من الدخول إلى بريطانيا»‪.‬‬ ‫وأق��ر وزير الخارجية البريطاني بأن��ه «من البديهي أن الذين يملكون جواز س��فر بريطانياً‬ ‫لهم الحق في الذهاب إلى المملكة المتحدة»‪ ،‬مضيفاً‪« :‬نظراً لتجميد أرصدة كل هؤالء األشخاص‬ ‫ومنع باقي أفراد أس��رته من الس��فر إلى االتحاد األوروبي ال نتوقع أن تس��عى أس��ماء األس��د إلى‬ ‫الس��فر حاليًا إلى بريطانيا»‪ .‬وتس��تهدف العقوبات األس��د منذ أيار (مايو) العام الماضي لكنها لم‬ ‫تؤثر كثيراً على سياس��اته حتى اآلن‪ .‬ويسعى المجتمع الدولي إلى تبني توجه مشترك ربما يقود‬ ‫إلى عملية تحول سياس��ي في س��ورية بناء على خطة المبعوث األممي العربي للحل كوفي أنان‪.‬‬ ‫ومن المقرر إعالن قائمة بأس��ماء األشخاص الذين اس��تهدفتهم أحدث عقوبات االتحاد األوروبي‬ ‫اليوم في الجريدة الرس��مية لالتحاد األوروبي‪ .‬ونظام األس��د يخضع منذ أيار ‪ 2011‬لعقوبات من‬ ‫االتح��اد األوروبي كما فرض االتحاد األوروبي على نحو ‪ 150‬ش��خصاً ومنظمة بينهم أبرز أركان‬ ‫النظ��ام‪ ،‬حظراً على دخول أراضي دوله وتجميد أرص��دة‪ .‬واتخذ االتحاد األوروبي في اإلجمال ‪12‬‬ ‫سلسلة عقوبات تستهدف أيضاً البنك المركزي وتجارة المعادن الثمينة ورحالت الشحن‪.‬‬


‫الأمم املتحدة تتوقع نزوح‬ ‫‪� 100‬ألف من �سورية‬

‫الجئين سوريين باالنتظار على الحدود التركية‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫عندما يبدأ الطاخ والطيخ‪ ..‬تبتعد النساء إلى الخلف…‬ ‫الخلف ال يعني الال مكان‪ ،‬قد يعني المكان تمامًا ولكنه المكان المخفي‪ ،‬المكان األكثر أمناً‪،‬‬ ‫األكثر حمايةً‪ ،‬واألكثر عم ًال في أحيان كثيرة‪..‬‬ ‫هي المرأة السورية الرائعة‪.‬‬ ‫عندم��ا نزلن��ا ألول مرة في المظاهرات كانت تجمعات النس��اء قليلة‪ ،‬نراهن متجمعات على‬ ‫ذواته��ن‪ ،‬وفي أماكن كثي��رة يتم التعامل معهن بحماي��ة مطلقة‪ ،‬دائرة من األي��دي المتقاطعة‬ ‫والمتش��ابكة لش��باب غيورين‪ ،‬وبين أيديهم تتجمع النس��اء‪ ،‬عش��رات أو آحاد‪ ،‬يهتفن ويصرخن‪،‬‬ ‫ويعب��رن ع��ن رفضهن‪ .‬م��ن غير المس��موح لهن الخ��روج من دائرة األي��دي المتش��ابكة إال بعد‬ ‫مشاحنات…‪.‬‬ ‫دائمًا الحجة في ذلك تتعلق بالحماية‪ ،‬ولكن الحماية مما؟‬ ‫في البداية‪ ،‬كانت النساء يشاركن من بيوتهن‪ ،‬من الشرفات‪ ،‬من نواصي الشوارع‪ ،‬يتفرجن‬ ‫عل��ى الش��باب وهم يعب��رون عن رفضه��م‪ ،‬ولكن ال صوت للنس��اء‪ ..‬بعده��ا رويداً روي��داً بدأت‬ ‫المظاهرات تتلون بالوجوه النس��ائية‪ ،‬حتى في أكثر المناطق تش��دداً‪ ،‬ولكن دائمًا كنّ خاضعات‬ ‫للحماية التشابكية األيدي‪.‬‬ ‫هي المرأة السورية من جديد‪ ،‬وكما قلت الخلف ال يعني الالمكان فقد يكون المكان عينه‪.‬‬ ‫فهنَ من يتلقي��ن اإلهانات حتى بغيابهن‪،‬‬ ‫دائم��ًا ما دفعت النس��اء أثمانًا متراوحة للرفض‪ّ ،‬‬ ‫حيث ينصبّ عليهن الس��باب والش��تائم إن بشكل مباش��ر وجهًا لوجه‪ ،‬أو بشكل غير مباشر عن‬ ‫طريق كيل الشتائم للشباب‪..‬‬ ‫تتم إهانة الرجال من خالل إهانة نس��ائهم‪ ،‬وكأن المرأة يجب أن تدفع الثمن‪ ..‬وكأننا نعود‬ ‫لعصور العبودية والسبي‪ ..‬حيث كان يتم قتل الرجال وسبي النساء للمتعة والعمل‪ ..‬وحيث كانت‬ ‫ملكية الرجل تزداد أبهة بعدد ما يملكه من النساء‪.‬‬ ‫هي المرأة وكثيراً ما كانت جسد بدون روح‪ ..‬هكذا بنظر المقموع‪ ،‬كما بنظر القامع… هي‬ ‫المرأة التي يتم شتمها وضربها واغتصابها كي يثبت القامع سطوته على المقموع‪ ،‬كما انتصاره‬ ‫عليه… وكأنه ال يكفي مئات السنين من التبعية والتغييب‪.‬‬ ‫ولكن هل كانت المرأة مختلفة في ثورتنا؟‬ ‫ص��راع المرأة منذ بداية الثورة كان واضح المعالم‪ ،‬فهي تريد التغيير‪ ،‬وتريد الكرامة وتريد‬ ‫الحري��ة‪ .‬ولكن التعامل معها بقي كما ه��و‪ ،‬هي عنصر أضعف يجب أن يغيب عن الصورة العامة‬ ‫لص��راع الرجال بين بعضهم البع��ض…‪ .‬مالم يكن إدخالها من باب كس��ر العظم وإثبات الغلبة‬ ‫لطرف على آخر‪..‬‬ ‫حين وآخر‪ ،‬كما‬ ‫ف��ي أحيان كثي��رة تم النظر إليهن كلون مختلف للثورة يج��ب أن يظهر بين ٍ‬ ‫األطفال‪ ..‬لكن كثيرات من النس��اء رفضن أن يكن في خلفية المش��هد‪ ،‬فكانت لهن تظاهراتهن‪،‬‬ ‫ومش��اركاتهن… يشهد عليهن نسبة الش��هيدات الكبيرة‪ ،‬كما المظاهرات النسائية العديدة‪ ،‬كما‬ ‫أصواتهن الصادحة في الس��احات… الثورة بالنس��بة له��ن‪ ،‬كانت ثورة إلثبات ال��ذات‪ ،‬والفاعلية‬ ‫والمشاركة بكل األشكال‪..‬‬ ‫أس��اس في الس��لمية التي يتقننه��ا‪ ،‬على األرض كما‬ ‫وكنَ حجر‬ ‫قدمن المس��اعدات كذلك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫على النت…‬ ‫لديه��ن ش��بكات التواصل الخاصة بهن‪ ،‬كما ش��بكات التواصل بمش��اركة اآلخرين‪ ..‬لديهن‬ ‫جلسات نقاشهن‪ ،‬وفاعليتهن‪ ،‬وصوتهن الذي ال يمكن إنكاره…‬ ‫كنَ أمهات‬ ‫لم يتلقين الرصاص كما الرجال‪ ،‬ولكنهن قدمن حصتهن من الدماء كما الرجال‪ّ ،‬‬ ‫ثكالى‪ ،‬وأرامل متحمالت‪ ،‬وبنات صابرات لشهداء يتساقطون في كل لحظة‪..‬‬ ‫وم��ن جهته النظام لم يوفرهن أبداً‪ ،‬وإن تعامل معهن كنس��اء بكل ما تعنيه الكلمة‪ ..‬فتم‬ ‫اغتصابه��ن ف��ي بعض المناطق‪ ،‬كما تم اختطافهن والمس��اومة عليه��ن‪ ،‬وكذلك تهديد الرجال‬ ‫بهن‪..‬‬ ‫تعامل معهن النظام‪ ،‬كمعارضة درجة ثانية فهل تعاملت معهن المعارضة بالمنطق ذاته؟‬ ‫لألس��ف نعم‪ ،‬س��نالحظ هذا في نسب المش��اركة في التجمعات التي أسس��تها المعارضة‪،‬‬ ‫كانت نس��بة النس��اء المش��اركات محددة س��لفًا‪ ،‬وبش��كل ال يقبل النقاش في أحيان كثيرة‪ ،‬هي‬ ‫نسبة مشاركة للمرأة كمرأة وليس كمعارضة لها رأيها ووزنها ومشاركتها‪..‬‬ ‫هي المرأة تدفع الثمن مرات ومرات‪..‬‬ ‫ولكن هل ستكون هذه الثورة فع ًال ثورة على التمييز ضد المرأة؟‬ ‫هو ما ستثبته النساء‪ ،‬اآلن في الثورة‪ ،‬وفي المستقبل خالل بناء الدولة‪..‬‬ ‫ثمن كبير تدفعه نس��اءنا‪ ،‬وثمن أكبر س��يدفعنه تالياً‪ ،‬هن مستعدات لذلك‪ ،‬ومضحيات من‬ ‫أجل ذلك‪ ،‬يس��تطعن أن يغطين كل الحجج التي يقدمه��ا الرجال‪ ..‬وفي مناطق غابت عنها وجوه‬ ‫النس��اء لعقود‪ ،‬تعود اليوم بوضوح للمشاركة‪ ،‬ال يهم إن كان وجهها مغطى‪ ،‬أو محجب أو سافر‪..‬‬ ‫ال يهم فاللحظة تفرض نفسها عليها وعلى محيطها…‬ ‫بأدوار تبتدعها‪ ،‬وتؤس��س لثقافة من نوع مختلف‪ ،‬هي الم��رأة التي تهتم ببناء ذاتها‬ ‫تق��وم‬ ‫وفهم ما يحصل‪ٍ ،‬والتي تدخل إلى ش��جون البلد‪ ،‬وثقافة المختلف‪ ،‬التي تريد أن تفهم ما َ‬ ‫حصل‬ ‫خالل أربعين عامًا‪ ،‬كي تستطيع ولوج المستقبل من باب المعرفة‪..‬‬ ‫تقوم بأدوارها المتعددة‪ ،‬ويجب أن ال تقبل بدور الدرجة الثانية أبداً‪.‬‬ ‫والي��وم‪ ،‬عندم��ا بدأ يعلو ص��وت الرصاص‪ ،‬المرأة س��تكون صوت العقل‪ ،‬كما س��تكون كما‬ ‫المسيح تفتدي أبناءها بلحمها ورفضها وسلميتها…‬ ‫وعندما تزداد صرخات الثأر‪ ،‬س��تكون هي صوت الحكمة… هكذا كانت أبداً وهكذا س��تكون‬ ‫اليوم‪..‬‬ ‫هناك ما تغير‪ ،‬وماسوف لن يعود بنا للوراء‪ ،‬النساء جزء من هذا التغيير‪ ،‬كما الشباب الذين‬ ‫عرفوا اليوم طعم الحرية ال يمكن ان يعودوا لزمن الصمت والعبودية‪..‬‬ ‫ثورتنا ثورة على التابوات بكل أش��كالها‪ ،‬يكفي أن ت��زور دوما‪ ،‬وزملكا والمعضمية وقطنا‪،‬‬ ‫كما تزور القامشلي وحمص ويبرود والزبداني… سترى الفرق في عيون النساء‪.‬‬ ‫ما علينا المحافظة عليه هو مسار ثورتنا‪ ،‬لمزيد من النجاحات‪.‬‬ ‫هو عبء جديد على النساء تحمله‪.‬‬ ‫وحتى ننتصر وينتصرن وينتصروا… ما زال الكثير بحاجة إلعادة البناء‪..‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫أطلقت األمم المتحدة نداء لجمع مساعدات بقيمة ‪ 84‬مليون دوالر لالجئين‬ ‫السوريين في األردن ولبنان وتركيا والعراق‪.‬‬ ‫وأطلقت الخطة تحت اسم 'خطة الرد اإلقليمي السورية' لتأمين حاجيات الالجئين‬ ‫السوريين الذين فرّوا من بالدهم منذ آذار ‪ ،2011‬ولتقييم حاجيات الالجئين المقبلين‪،‬‬ ‫وهي إطار تقوده مفوضيّة األمم المتحدة لشؤون الالجئين ونتاج تنسيق للجهود بين‬ ‫‪ 7‬وكاالت تابعة لألمم المتحدة و‪ 27‬منظمة وطنيّة ودوليّة غير حكومية‪ ،‬وبعض‬ ‫الحكومات لتقديم المساعدات لالجئين السوريين‪.‬‬ ‫وقال الناطق باسم مفوضية األمم المتحدة لشؤون الالجئين‪ ،‬أدريان إدواردز‪،‬‬ ‫للصحافيين في جنيف إن 'الخطة تعتمد على أساس أن المساعدة خالل األشهر الستة‬ ‫المقبلة ستكون ضرورية لدعم قرابة ‪ 100‬ألف شخص'‪ ،‬من الالجئين من سورية‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن الخطة لن تشمل الحاجيات اإلنسانية داخل سورية‪' ،‬ولهذا فإن نداء‬ ‫منفص ًال متوقعًا في المستقبل القريب سيقوده مكتب تنسيق الشؤون اإلنسانية'‪.‬‬ ‫وللخطة ثالثة أهداف‪ ،‬األولى ضمان حصول السوريين والجئين آخرين على حماية‬ ‫الدول المجاورة وحماية دولية‪ ،‬أما الهدف الثاني فهو تأمين الحاجيات األساسية لهم‪،‬‬ ‫مع إيالء اهتمام خاص بمن هم أكثر تأثراً‪ ،‬والهدف الثالث هو ضمان اتخاذ اإلجراءات‬ ‫الطارئة عند التدفق الكبير لالجئين‪.‬‬ ‫ويزداد عدد الالجئين السوريين في األردن ولبنان وتركيا‪ ،‬بعد سنة من بدء‬ ‫االضطرابات في سورية‪.‬‬ ‫وقال إدواردز 'هناك حاجة واضحة لتعزيز الدعم الدولي'‪.‬‬ ‫وقد سجّل أكثر من ‪ 6‬آالف الجئ سوري في األردن لدى مفوضية األمم المتحدة‬ ‫لشؤون الالجئين منذ آذار (مارس) الماضي‪ ،‬وال يزال هناك ‪ 2500‬آخرين بانتظار‬ ‫التسجيل‪ .‬وتتوقع المفوضيّة بأن يزيد هذا العدد بشكل ملحوظ مع زيادة جهودها‬ ‫ومساعداتها للسوريين‪.‬‬ ‫وفي لبنان يتواصل تسجيل الالجئين‪ ،‬وتعمل مفوضية األمم المتحدة لشؤون‬ ‫الالجئين وشركاؤها مع الحكومة اللبنانية والسلطات المحلية لضمان تأمين حاجيات‬ ‫الالجئين السوريين‪ ،‬وقد سجل أكثر من ‪ 16‬ألف الجئ بينهم ‪ 8‬آالف في الشمال وهم‬ ‫يتلقون المساعدات‪.‬‬ ‫أما في تركيا‪ ،‬فقد سجّل قرابة ‪ 17‬آالف الجئ سوري‪ ،‬ونصبت الحكومة التركية‬ ‫‪ 8‬مخيمات لهم‪.‬‬ ‫وذكرت المفوضيّة أن عدداً متزايداً من الالجئين السوريين وصل مؤخراً إلى‬ ‫العراق‪ ،‬ويجري تقييم العدد المحدد حالياً‪ ،‬وقد بدأت المفوضية وشركاؤها التعاون‬ ‫الوثيق مع السلطات هناك‪.‬‬ ‫وأشارت المفوضية األممية إلى أنها تواصل مساعدة قرابة ‪ 111‬ألف الجئ مسجّل‬ ‫لديها في مناطق مختلفة من سورية‪.‬‬

‫خولة دنيا‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫وتطلق نداء جلمع ‪ 84‬مليون دوالر لالجئني ال�سوريني‬

‫الن�ســـاء والثـــورة‪..‬‬ ‫ثورة م�ضاعفة‬

‫‪3‬‬


‫حزب اهلل يف امليزان ‪. . .‬‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫ٌ‬ ‫بندقية املقاومة‪� ..‬آية اهلل‪ ..‬الأ�سد‬ ‫�أم بندقية بال هوية‪..‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫س��بق وأن اس��تعرضنا وف��ي أعدادٍ‬ ‫متفرق��ة األح��زاب والتي��ارات السياس��ية‬ ‫الفاعل��ة عل��ى الس��احة الس��ورية‪ ،‬ومن‬ ‫غي��ر المس��تغرب عرضن��ا الي��وم لح��زب‬ ‫اهلل اللبنان��ي‪ ،‬مع مرور ع��ام على الثورة‬ ‫ٍ‬ ‫كتيار‬ ‫الس��ورية برز دور ح��زب اهلل ليس ٍ‬ ‫فاع��ل على الس��احة الس��ورية‬ ‫أو ح��زب‬ ‫ٍ‬ ‫ب��ل كطرفٍ م��ن أطراف اللعب��ة‪ ،‬أو حتى‬ ‫أهمه��ا فتصريح��ات أمين��ه العام ليس��ت‬ ‫أق��ل من إعالن حرب يكرره على مس��امع‬ ‫العال��م وف��ي كل المناس��بات‪ ،‬حت��ى أنه‬ ‫تجاوز النظام الس��وري بكثير‪ ،‬فمع بداية‬ ‫الث��ورة دأب الخط��اب الرس��مي الس��وري‬ ‫عل��ى التميي��ز بي��ن مطال��ب مش��روعة‬ ‫لمتظاهرين مدنيين و عصاباتٍ مس��لحة‬ ‫افت��رض وجودها‪ ،‬أما األمي��ن العام ومنذ‬ ‫فجر الثورة رب��ط المتظاهرين بالمؤامرة‬ ‫الخارجية‪ ،‬ولم يرتضي للش��عب السوري‬ ‫حتى ش��عارات الحرية واإلص�لاح وتكافؤ‬ ‫الف��رص‪ ،‬قب��ل أن تغي��ب ه��ذه المطالب‬ ‫تحت ش��عار "إس��قاط النظ��ام" متجاه ًال‬ ‫تاريخ الش��يعة ف��ي لبنان وث��ورة الجياع‬ ‫وحرك��ة المحرومي��ن وتعالي��م اإلم��ام‬ ‫موس��ى الصدر‪ ،‬و الدكتور علي شريعتي‬ ‫عالمية التوجه والرؤى‪.‬‬

‫حزب اهلل والثورة ال�سورية‬ ‫وي��رى مراقب��ون أن ح��زب اهلل ل��ن‬ ‫يتوانى عن القي��ام بأي خطوة ومهما كان‬ ‫ثمنه��ا لمن��ع س��قوط النظام في س��وريا‬ ‫إلدراك��ه أن مصي��ر األس��د يح��دد أيضً��ا‬ ‫مصير حزب اهلل ومصي��ر نفوذ إيران في‬ ‫المنطقة‪ .‬وينطل��ق حزب اهلل من يقينيةٍ‬ ‫افترضه��ا وآم��ن به��ا مفادها أن��ه ما من‬ ‫رئيس لسوريا سيكون سندًا لـ”حزب اهلل”‬ ‫وخ��ط الممانعة كما هو األس��د‪ ،‬متجاه ًال‬ ‫أيضًا أن الش��عب الس��وري قومي عروبي‬ ‫بفطرت��ه وأن الدماء الس��ورية التي بذلت‬ ‫عل��ى أرض فلس��طين عمره��ا م��ن عمر‬ ‫الثورة الفلس��طينية وأنه حين قامت ثورة‬ ‫ع��ز الدين القس��ام " ابن جبل��ة" لم يكن‬ ‫التاريخ قد سجل مولد البعث أو حزب اهلل‪.‬‬ ‫إن ح��زب اهلل المؤيد والمهلل للربيع‬ ‫العرب��ي‪ ،‬ل��م ي��رق له أن تش��هد س��وريا‬ ‫ربيع��ًا‪ ،‬ولنا أن نتس��اءل عما إذا كان حزب‬ ‫اهلل سيس��قط على خلفية تأييده للنظام‬ ‫في س��وريا‪ ،‬ف��ي ظل جيل عرب��ي جديد‬ ‫ال يقب��ل المعايير المزدوج��ة عقب الربيع‬ ‫العربي الذي أط��اح بأنظمة الدكتاتورية‪.‬‬ ‫فح��زب اهلل ال��ذي تش��كل كمجموع��ة‬ ‫مسلحة لمقاومة إسرائيل‪ ،‬وغدا مناهضًا‬ ‫ألي قم��ع في المنطقة س��واء في "الدولة‬ ‫البوليس��ية ف��ي مص��ر بعه��د الرئي��س‬ ‫المخلوع حس��ني مب��ارك أو حكومة علي‬ ‫عبد اهلل صالح الفاس��دة باليمن"‪ .‬و حزب‬ ‫اهلل ال��ذي احتفل آذار الماض��ي بالثورات‬ ‫العربية ورف��ع أعالماً مصرية وتونس��ية‬

‫وبحريني��ة ويمني��ة للتضامن مع ش��عوب‬ ‫تل��ك الدول‪ .‬ل��م يظهر إال العداء الس��افر‬ ‫للث��ورة ف��ي س��وريا ورموزه��ا‪ .‬إن طيفًا‬ ‫واسعًا من الس��وريين بات يرى أن موقف‬ ‫حزب اهلل المؤيد لنظام األس��د يرقى إلى‬ ‫درجة الخيانة‪ ،‬حي��ث يقولون إنهم وفروا‬ ‫الحماية ألعض��اء الح��زب وعائالتهم في‬ ‫حروبه مع إسرائيل‪ .‬في حين يعيد الحزب‬ ‫الفارين عبر الحدود إلى سجون النظام‪.‬‬ ‫إن موقف حزب اهلل براغماتيًا كان أم‬ ‫عقائديًا س��يكون له األثر الس��لبي األكبر‬ ‫عل��ى المحي��ط العربي واإلس�لامي‪ ،‬فمع‬ ‫تأزم الموقف في سورية وانسداد الحلول‬ ‫الس��ريعة فيها ومع زيادة التوتر اإليراني‬ ‫ الغرب��ي ومضاعفات��ه عل��ى المنطق��ة‬‫الخليجي��ة نجد أنفس��نا أمام ن��زاع أهلي‬ ‫مذهبي‪ .‬فالتعارض بين الممانعة والربيع‬ ‫العرب��ي‪ ،‬أخ��ذ ش��ك ًال مذهبي��اً فطهران"‬ ‫الش��يعية" تقدم نفس��ها على أنها قائدة‬ ‫مح��ور الممانع��ة ال��ذي يضم ح��زب اهلل‬ ‫والنظ��ام الس��وري وش��يعة الع��راق‪ ،‬و‬ ‫تطاب��ق بي��ن ش��عارات الربي��ع العرب��ي‬ ‫ف��ي الحري��ة والديمقراطي��ة والتعددي��ة‬ ‫وبي��ن االنتم��اء إل��ى الهيمن��ة األميركية‬ ‫ومخططاته��ا‪ .‬خصوصاً في ظل حماس��ة‬ ‫تركيا (السنية) لدعم الربيع العربي‪ .‬الذي‬ ‫يرى أبناؤه (السنة في غالبيتهم) أن إيران‬ ‫وحلفاءها يقفون ف��ي مواجهة التطلعات‬ ‫الش��عبية نح��و التغيير ويمنع��ون اكتمال‬ ‫أهداف الربيع العربي‪.‬‬ ‫على الح��زب أن يعي هنا أن محيطه‬ ‫لبناني عربي بالدرجة األولى‪ ،‬وأن يرهن‬ ‫الحزب نفس��ه لنظام أو دولة لهو االنتحار‬ ‫بعينه‪ ،‬وعن "ش��ارلٍ ديغ��ول " ننقل‪" :‬إن‬ ‫م��ن يريد أن يتكل��م في السياس��ة عليه‬ ‫النظر قبلها إلى الخريطة"‪.‬‬

‫واقع ال�شيعة قبل الإمام ال�صدر‬ ‫إن ق��وة البنية الطائفية السياس��ية‬ ‫في لبنان تغلبت في األحوال العادية على‬ ‫قوة الدولة وذلك بصرف النظر عن النجاح‬ ‫النس��بي الذي حققته األحزاب العلمانية‪،‬‬ ‫وقد أتت الحرب األهلية لتكرس استمرارية‬ ‫الهوية الطائفية وثباتها وقد بقي الشيعة‬ ‫بعيدين ع��ن التنظيمات السياس��ية قبل‬ ‫الح��رب ف��ي غالبيته��م‪ ،‬وبق��ي الش��يعة‬ ‫وبحكم التهميش االقتصادي والسياس��ي‬ ‫الذي مارس��ته النخ��ب المارونية والدرزي‬ ‫والس��نية للطائف��ة الش��يعية يتعاط��ون‬ ‫بوصفه��م ش��يعة لبنانيي��ن ال مج��رد‬ ‫لبنانيين وهو أمر طبيعي في أدبيات علم‬ ‫االجتم��اع الت��ي تعرف جي��داً ظاهرة ثبات‬ ‫واستمرارية المشاعر البدائية‪.‬‬ ‫ومع بروز التيار الناصري في العالم‬ ‫العرب��ي‪ ،‬انخ��رط الش��يعة ف��ي معظ��م‬ ‫الح��ركات القومي��ة العربية م��ن ناصرية‬ ‫وبعثي��ة ك��ون الطاب��ع االش��تراكي لهذه‬

‫التنظيمات والهوي��ة العربية كانت تعبيراً‬ ‫عن طموح الش��يعة في مواجهة اإلقطاع‬ ‫السياس��ي وتيار االنعزال في لبنان‪ .‬ولم‬ ‫يقتص��ر انخراط الش��يعة عل��ى األحزاب‬ ‫العلماني��ة المناهض��ة للدول��ة اللبنانية‪،‬‬ ‫بل إن اآلالف من الش��باب الشيعي التحق‬ ‫بالمنظم��ات الفلس��طينية المختلفة في‬ ‫جنوب لبنان وبيروت‪.‬‬

‫الإمام مو�سى ال�صدر وحركة �أمل‬ ‫ظه��ر أول تنظيم ش��يعي في لبنان‬ ‫على يد الس��يد موس��ى الصدر‪ ،‬اإليراني‬ ‫األص��ل والذي كان ل��ه ال��دور األكبر في‬ ‫انفت��اح الطائف��ة ومس��اعدتها على نيل‬ ‫حقوقه��ا الحق��ًا معتم��دًا عل��ى ثقاف��ة‬ ‫واس��عة وس��عة أفق قل نظيره��ا‪ ،‬وصل‬ ‫لبنان عام ‪ 1963‬ومنح الجنسية اللبنانية‬ ‫في عه��د الرئيس ش��هاب‪ ،‬وبقول كريم‬ ‫بقرادون��ي بهذا الص��دد أن اإلم��ام حين‬ ‫وصل لبنان كان يتكلم العربية بصعوبة‬ ‫أما ف��ي عام ‪ 1975‬ف��كان يتكلم العربية‬ ‫بطالقة تنس��جم مع استعداده الشخصي‬ ‫ومؤهالت��ه‪ ،‬بدء اإلم��ام الصدر نش��اطه‬ ‫بتوجه وحدوي عروبي اجتماعي لمحاربة‬ ‫اإلقط��اع السياس��ي ف��ي لبن��ان‪ ،‬وأصبح‬ ‫الصدر متحدثًا بلسان الطبقات المحرومة‬ ‫ف��ي المجتم��ع اللبناني كله‪ .‬وق��د توجَّه‬ ‫الص��در مباش��رة إل��ى جنوب لبن��ان حيث‬ ‫الكثاف��ة الش��يعية‪ ،‬وب��دأ ف��ي العمل من‬ ‫المنطل��ق االجتماع��ي دون ب��روز ش��كل‬ ‫ديني واضح؛ فقام بتأس��يس المؤسسات‬ ‫الخدمية لمس��اعدة الفقراء والمحتاجين‪،‬‬ ‫وكذل��ك المدارس والعي��ادات الطبية‪ ،‬ثم‬ ‫يُظهر توجُّهه الش��يعي شيئًا فشيئًا‪،‬‬ ‫بدأ ِ‬ ‫فأنش��أ المحاك��م الجعفرية الت��ي تحكم‬ ‫بي��ن الش��يعة بمذهبهم االثني عش��ري‪،‬‬ ‫وكان الطاب��ع الطائفي للبنان يس��مح له‬ ‫بمس��احة من العمل‪ ،‬خاص��ة مع الضعف‬ ‫الشديد للحكومة اللبنانية وجيشها‪..‬‬ ‫وم��ن هنا توجه موس��ى الصدر إلى‬ ‫ش��ارل الحل��و الرئيس اللبنان��ي في ذلك‬ ‫الوق��ت الذي رأى فيه ً‬ ‫حليفا مناس��بًا ضد‬ ‫الشارع الس��ني‪ ،‬فقرَّبه وش��جَّعه‪ ،‬ومن‬ ‫َث��مَّ وافق ف��ي عام ‪1967‬م على إنش��اء‬ ‫المجل��س اإلس�لامي الش��يعي األعل��ى‬ ‫ليك��ون ممث� ً‬ ‫لا لش��يعة لبنان‪ ،‬ب��ل وافق‬ ‫ش��ارل الحلو على إصدار قانون رقم ‪/72‬‬ ‫‪ 76‬وه��و يقضي بأنه ال يمان��ع أن تكون‬ ‫مرجعية المجلس الش��يعي ف��ي فتاويها‬ ‫وأحكامه��ا وقوانينه��ا تعود إل��ى المراجع‬ ‫الش��يعية الكب��رى ف��ي العال��م (إي��ران‬ ‫والع��راق وغيرهم��ا)‪ ،‬ولي��س بالضرورة‬ ‫إل��ى األحكام ف��ي لبنان‪ ،‬وتم إنش��اء هذا‬ ‫المجل��س بالفع��ل س��نة ‪1969‬م‪ ،‬وكان‬ ‫موس��ى الص��در أول رئي��س ل��ه بالطبع‪،‬‬ ‫واعترف��ت الحكوم��ة به��ذا المجل��س في‬ ‫س��نة ‪1970‬م‪ .‬وفي العام نفسه تعرَّض‬

‫الفلس��طينيون المهجَّ��رون ف��ي األردن‬ ‫إل��ى مذبح��ة عُرفت ف��ي التاريخ باس��م‬ ‫أيل��ول األس��ود‪ ،‬ومِ��ن َث��مّ ت��م تهجي��ر‬ ‫الفلسطينيين بقيادة فتح إلى لبنان‪ ،‬وقد‬ ‫استفاد موس��ى الصدر في هذه المرحلة‬ ‫من فتح‪ ،‬وأقام معها عالقات ودِّيَّة بُغية‬ ‫أن تق��وم فتح بعد ذلك بتدريب الش��يعة‬ ‫عس��كريًّا؛ اس��تعدادًا لتكوين مليش��يات‬ ‫مس��لحة تؤثر في مس��يرة لبنان‪ ،‬وكانت‬ ‫فتح ‪ -‬في نفس الوقت ‪ -‬تبحث عن حليف‬ ‫إل��ى ج��وار الش��يوعيين‪ ،‬فقام��ت بينهما‬ ‫عالقة مصالح‪.‬‬ ‫وفي س��نة ‪1974‬م أس��س موس��ى‬ ‫الصدر حركة المحرومين‪ ،‬تنادي بحقوق‬ ‫أكبر للفق��راء‪ ،‬وانضم ف��ي البداية عددٌ‬ ‫كبير م��ن المس��يحيين في الجن��وب إلى‬ ‫ه��ذه الحرك��ة؛ ظنًّ��اً منه��م أنه��ا حركة‬ ‫قومية تهدف إلى إخ��راج فقراء لبنان من‬ ‫أزمتهم‪ ، ،‬ثم ما لبث الصدر أن عقد اتفاقًا‬ ‫مع ياس��ر عرفات قائد حركة فتح لتدريب‬ ‫حركة المحرومين عس��كريًّا‪ ،‬تحت س��مع‬ ‫وبصر الحكوم��ة اللبنانية الضعيفة وفي‬ ‫يولي��و ‪1975‬م أعلن الص��در عن تكوين‬ ‫جناح عس��كري لحركة المحرومين سمّاه‬ ‫"أفواج المقاوم��ة اللبنانية"‪ ،‬والتي تعرف‬ ‫اختصارًا بحركة "أمل"‪ ،‬وما لبث موس��ى‬ ‫الص��در أن َّ‬ ‫تنكر للفلس��طينيين‪ ،‬وطالب‬ ‫بق��وة برحيل الفلس��طينيين من الجنوب‬ ‫الشيعي‪.‬‬ ‫تدريجياً س��اءت العالقة بين الصدر‬ ‫وس��وريا الت��ي كانت تحت ضغط ش��ديد‬ ‫م��ن ال��دول المحيطة وأمري��كا بعد زيارة‬ ‫الس��ادات إلس��رائيل ف��ي س��نة ‪1977‬م‪،‬‬ ‫وأرادت س��وريا أن يقف معها لبنان بقوة‪،‬‬ ‫وأرادت أيضًا من الصدر أ ّال يتخذ له حلفاء‬ ‫غيره��ا لكن الصدر كان قد ش��عر بقوته‬ ‫وضع��ف موق��ف س��وريا‪ ،‬ف��أراد أن يزيد‬ ‫ً‬ ‫مخالفا‬ ‫من عالقات��ه مع ال��دول العربي��ة‬ ‫بذل��ك للتحذي��ر الس��وري‪ ،‬وم��ن هنا زار‬ ‫الكويت‪ ،‬ث��م أتبعها بالجزائ��ر‪ ،‬ثم أخيرًا‬ ‫توجَّ��ه إلى ليبيا في أغس��طس ‪1978‬م‪،‬‬ ‫لتحدث المفاجأة الكبرى حيث أعلنت ليبيا‬ ‫أن الص��در قد غادر أراضيه��ا في ‪ 25‬من‬ ‫أغس��طس ‪1978‬م‪ ،‬لكنه ل��م يظهر بعد‬ ‫ذلك في أي مكان في الدنيا!!‬ ‫وق��د أصبح اختف��اء موس��ى الصدر‬ ‫لغ��زًا محيِّ��رًا تناف��س السياس��يون في‬ ‫ِّ‬ ‫حل��ه‪ ،‬لكن ل��م يصل أحدهم إل��ى نتيجة‬ ‫مؤك��دة‪ ،‬والمهم أن موس��ى الصدر ترك‬ ‫الس��احة من خلفه مشتعلة‪ ،‬وترك حركة‬ ‫أم��ل المس��لحة الت��ي تحمل مش��روعه‪،‬‬ ‫وت��رك منصبً��ا ش��اغرًا ف��ي المجل��س‬ ‫الش��يعي األعل��ى‪ ،‬وق��د خلفه ف��ي قيادة‬ ‫حركة أمل الس��يد نبيه ب��ري والذي عقد‬ ‫أوط��د التحالفات مع س��وريا‪ ،‬يكاد تحالف‬ ‫بري ـ دمشق األكثر استقراراً في المشهد‬ ‫المتقلب للحرب اللبنانية‪.‬‬


‫االجتياح الإ�سرائيلي وت�شكل‬ ‫حزب اهلل‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫�إن ح��زب اهلل امل�ؤي��د واملهل��ل للربيع‬ ‫العربي‪ ،‬مل يرق له �أن ت�شهد �سوريا ربيع ًا‬

‫ح��زب اهلل وال��ذي كان ش��عاره ولغاية‬ ‫عام ‪1992‬م (حزب اهلل الثورة اإلسالمية في‬ ‫لبنان) هو جناح الثورة اإليرانية وأحد مواقعها‬ ‫المتقدم��ة‪ ،‬وقد تردد مثل هذا الكالم وألكثر‬ ‫من مرة على لسان‪ ،‬وقال الناطق باسم حزب‬ ‫اهلل ـ ذاك الوق��ت ـ إبراهي��م األمين‪( :‬نحن ال‬ ‫نقول‪ :‬إنن��ا جزء من إي��ران ؟ نحن إيران في‬ ‫لبنان‪ ،‬ولبنان في إيران)‪.‬‬ ‫ويقول حس��ن نص��ر اهلل‪( :‬إننا نرى‬ ‫في إي��ران الدولة التي تحكم باإلس�لام‪،‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬

‫حزب اهلل والعالقة مع �إيران‬

‫أسبوعية‬

‫ش��عار "ال غال��ب وال مغلوب " ب��دا واضحًا‬ ‫أن ح��زب اهلل والش��يعة في لبن��ان وعلى‬ ‫خ�لاف الش��عار هم الفئ��ة الغالب��ة والتي‬ ‫أخ��ذت تمثي ًال قريب��ًا من تمثيله��ا العددي‬ ‫وأخ��ذت تعم��ق مكتس��باتها ول��و بق��وة‬ ‫السالح‪ .‬والتزمت التزاماً عضوياً مع القرار‬ ‫السياس��ي في س��وريا س��واء في الداخل‬ ‫اللبناني أو في الصراع مع إسرائيل‪.‬‬ ‫وق��د تك��رّس الت��زام ح��زب اهلل‬ ‫بضواب��ط الص��راع م��ع إس��رائيل ف��ي‬ ‫تفاهم��ي يولي��و تم��وز ‪1993‬م‪ ،‬ابري��ل‬ ‫نيس��ان ‪1996‬م حيث تعه��د الحزب بعدم‬ ‫ضرب أهداف إس��رائيلية داخل فلسطين‬ ‫المحتل��ة بداي��ة‪ ،‬وه��و أم��ر كان الح��زب‬ ‫يؤك��د التزام��ه ب��ه معتب��راً أن إط�لاق‬ ‫صواريخ (الكاتيوش��ا) على المس��تعمرات‬ ‫اإلس��رائيلية ف��ي الجليل ليس س��وى رد‬ ‫فعل على االعت��داءات اإلس��رائيلية على‬ ‫المدنيين‪ .‬وقد أش��ار حسن نصر اهلل في‬ ‫الخط��اب الذي ألقاه في (بنت جبيل) عقب‬ ‫االنسحاب اإلسرائيلي عام ‪ 2000‬م والذي‬ ‫حض��ره ‪ 100‬ألف جنوبي‪ ،‬إل��ى أن الحزب‬ ‫لن يش��ارك ف��ي أي عمل عس��كري ضدّ‬ ‫إس��رائيل له��دف تحري��ر القدس(جريدة‬ ‫األنب��اء‪ ،‬عدد ‪ 2000/5/27 ،8630‬م‪ ،‬نق ًال‬ ‫عن‪ :‬حزب اهلل رؤية مغايرة ‪)214‬‬ ‫ولذلك يقول األمي��ن العام لمجلس‬ ‫األم��ن القوم��ي حس��ن روحان��ي‪ :‬إن��ه‬ ‫ف��ي حال انس��حاب إس��رائيل م��ن مزارع‬ ‫ش��بعا في جنوب لبنان‪ ،‬ل��ن يكون هناك‬ ‫مب��رّر لمواصل��ة "ح��زب اهلل" عملي��ات‬ ‫المقاوم��ة‪ .‬وعلل ذلك بقول��ه‪" :‬ألن حزب‬ ‫اهلل مقاوم��ة تقتص��ر عل��ى األراض��ي‬ ‫اللبنانية"(تصريح��ات أدل��ى به��ا حس��ن‬ ‫روحاني في مقابل��ة له في جريدة الحياة‬ ‫اللندنية‪ ،‬بتاريخ ‪.)2004/1/18‬‬ ‫وه��ذا يؤك��د عل��ى االتفاقي��ات‬ ‫الس��رية الت��ي وقع��ت بي��ن ح��زب اهلل‬ ‫اللبنان��ي وإس��رائيل كم��ا اعت��رف بذلك‬ ‫األمين العام الس��ابق لح��زب اهلل صبحي‬ ‫الطفيلي(صبح��ي الطفيل��ي كان األمين‬ ‫الع��ام الس��ابق لح��زب اهلل‪ ،‬وانفص��ل‬ ‫عنه��م بعدما رأى أن الح��زب انصرف من‬ ‫أهدافه المعلنة ف��ي المقاومة إلى خدمة‬ ‫المصالح السورية واإليرانية‪ ،‬بل وأصبح‬ ‫حاميًا وحارس��ًا لحدود إس��رائيل الشمالية‬ ‫ويمن��ع أي مجاه��د أو فدائي يريد الذهاب‬ ‫إلس��رائيل عبر تل��ك الحدود) فق��ال‪" :‬إن‬ ‫ح��زب اهلل ه��و ح��رس حدود إلس��رائيل"‬ ‫(انظر‪ :‬صحيفة الشرق األوسط في تاريخ‬

‫‪ 2003/9/25‬م العدد (‪.)9067‬‬ ‫هذا ويمكن القول أن الس��يد حس��ن‬ ‫نصر اهلل لعب دوراً اس��تثنائيًا في تعميق‬ ‫تحالف حزبه مع سورية في عهد الرئيس‬ ‫بشار األسد‪ ،‬مستفيداً من عالقة شخصية‬ ‫عميقة تربطهما‪ ،‬ومن قدرته على إقامة‬ ‫تآلف ش��به دائم بي��ن مقتضي��ات الوفاء‬ ‫للمناب��ع اإليراني��ة مس��تلزمات مراع��اة‬ ‫المصالح العميقة للمعبر الس��وري‪ .‬وهو‬ ‫ما جعل العالقة عميقة وحيوية ومصيرية‬ ‫تتقدم ل��دى الطرفين على كل ما عداها‪.‬‬ ‫وق��د أك��د األمي��ن الع��ام لـ «ح��زب اهلل»‬ ‫على ه��ذا التحالف عملياً وفي مناس��بات‬ ‫عديدة‪ ،‬فحين التهبت مش��اعر قسم كبير‬ ‫من اللبنانيي��ن بعد اغتيال رئيس الوزراء‬ ‫الس��ابق رفيق الحري��ري‪ّ ،‬‬ ‫نظم نصر اهلل‬ ‫ف��ي ‪ 8‬آذار (م��ارس) ‪ 2005‬حش��داً غي��ر‬ ‫مسبوق أطلق فيه عبارة «شكراً سورية»‪،‬‬ ‫مجازف��ًا برصيد المقاوم��ة داخل الطائفة‬ ‫السنّية في لبنان‪ .‬وكان ذلك الموقف بين‬ ‫أبرز أسباب والدة حركة ‪ 14‬آذار‪.‬‬ ‫ه��ذا وال يحت��اج عم��ق العالق��ة إلى‬ ‫تأكيد‪ .‬فمعظ��م الصواريخ الت��ي أطلقها‬ ‫«ح��زب اهلل» في حرب ‪ 2006‬مصنوع في‬ ‫س��ورية‪ .‬ولعب خط الصواري��خ المفتوح‬ ‫دوراً أساسياً في تلك الحرب‪ .‬في المقابل‬ ‫منع «ح��زب اهلل» قيام حكومة مس��تقرة‬ ‫ل��ـ ‪ 14‬آذار في لبنان‪ ،‬ليس فقط بس��بب‬ ‫المحكم��ة الدولية المعني��ة بالتحقيق في‬ ‫اغتي��ال الحريري‪ ،‬ب��ل أيضا لمن��ع إخراج‬ ‫لبن��ان م��ن موقع��ه كحلق��ة ف��ي مح��ور‬ ‫الممانع��ة الممتد من بيروت إلى دمش��ق‬ ‫وص��و ًال إلى طه��ران‪ .‬وكان غرض عملية‬ ‫‪ 7‬أي��ار (ماي��و) الت��ي نفذها «ح��زب اهلل»‬ ‫في ش��وارع بي��روت وبع��ض الجبل‪ ،‬قلب‬ ‫األكثري��ة النيابي��ة وإع��ادة رب��ط لبن��ان‬ ‫بمحور الممانعة‪.‬‬

‫والدول��ة التي تناصر المس��لمين والعرب‬ ‫! وعالقتن��ا بالنظ��ام عالقة تع��اون‪ ،‬ولنا‬ ‫صداق��ات مع أركان��ه ونتواصل معه‪ ،‬كما‬ ‫أن المرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء‬ ‫الديني والش��رعي لكفاحن��ا ونضالنا)‪ .‬قد‬ ‫عين مرشد الثورة اإليرانية على خامنئي‬ ‫الش��يخ محمد ي*** عض��وا ثوريا لحزب‬ ‫اهلل والم��درس بح��وزة اإلم��ام المنتظ��ر‬ ‫ببعلب��ك‪ ،‬وحس��ن نص��ر اهلل أمي��ن عام‬ ‫الحزب " وكيلين شرعيين " عنه في لبنان‬ ‫في األمور الحس��بية والوجوه الش��رعية‪،‬‬ ‫فيس��تلمان عنه الحق��وق ويصرفانها في‬ ‫مصالح المس��لمين ويجريان المصالحات‬ ‫الشرعية‪ ،‬ويعينان الوكالء من قبلهما‪.‬‬ ‫وح��زب اهلل نفس��ه يقرّر ف��ي كتبه‬ ‫«أن الول��ي الفقي��ه هو ال��ذي يملك قرار‬ ‫الحرب أو السلم»(كتاب‪ :‬حزب اهلل‪ ،‬لنعيم‬ ‫قاس��م ‪ -‬نائب األمي��ن العام لحزب اهلل ‪،-‬‬ ‫ص ‪.)72‬‬ ‫ً‬ ‫ف��ي النهاية يب��دو واضح��ا أن "حزب‬ ‫اهلل" يواج��ه اليوم خيارات صعبة يمكن أن‬ ‫يوجهها القوي المس��لح المتماس��ك عندما‬ ‫تتغير البيئة المواتية التي كان يسبح فيها‬ ‫لبنانيًا وسوريًا وإقليميًا‪ .‬ومن الطبيعي أن‬ ‫يكون الحزب قلقاً ومتوتراً في هذه األيام‪.‬‬ ‫س��ورية غارق��ة ف��ي ن��زاع مدم��ر‪ ،‬ومَنْ‬ ‫حَماه��ا حت��ى اآلن ه��و روس��يا ال إي��ران‪.‬‬ ‫وللمظلة الروسية أثمان وأخطار في موازاة‬ ‫الفوائد والعائدات‪ .‬ثم أن التوتر الس��نّي –‬ ‫الشيعي في المنطقة ينذر بتحويل النزاع‬ ‫في سورية حلقة من حرب أهلية إقليمية‪.‬‬ ‫إن المشهد السوري يدعو إلى االعتقاد بأن‬ ‫سورية نفسها قد تنكسر قبل انكسار أحد‬ ‫طرفي النزاع‪ .‬السؤال األول المطروح على‬ ‫"ح��زب اهلل" هو ع��ن كيفي��ة التعايش مع‬ ‫نزاع طويل وخطر في سورية من دون أن‬ ‫تشتعل خطوط التماس السنية – الشيعية‬ ‫في لبنان‪ .‬الس��ؤال الثان��ي هو‪ :‬ماذا يفعل‬ ‫"ح��زب اهلل" إذا الته��ب المل��ف اإليران��ي‬ ‫وس��ورية غارقة في القتل الجوّال داخلياً‪،‬‬ ‫وف��ي العزل��ة الصارم��ة إقليمي��ًا ودولي��ًا؟‬ ‫الس��ؤال الثالث هو‪ :‬ماذا يفعل "حزب اهلل"‬ ‫إذا اس��تيقظ على تغيير في سورية وفقد‬ ‫العمق الذي كان يوفر له الدعم السياس��ي‬ ‫مقرونًا بالصواريخ؟‬ ‫إن عل��ى قيادة حزب اهلل أن تعي بأن‬ ‫التاري��خ لن يرجع لل��وراء ولن يتمكن أحد‬ ‫من‪ ،‬إقناع السوريين بإيثار السالمة‪ ،‬وبأن‬ ‫التس��كع على األرصفة ف��ي التاريخ أكثر‬ ‫أمان��ًا من التزاحم وس��ط مج��راه الخطر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مجلبة‬ ‫فل��م يعد بينن��ا من يجد في ذل��ك‬ ‫لراح��ة القل��ب وهدوء األعص��اب‪ .‬والحبل‬ ‫الس��ري ال��ذي وفرت��ه دمش��ق تاريخي��ًا‬ ‫ليستمر الحزب على قيد الحياة قد تقطعه‬ ‫الجموع الهادرة في دمشق عينها‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ع��ام ‪ 1982‬ط��رح الس��يد "حس��ين‬ ‫الموس��وي" عضو مجلس قيادة حركة أمل‪،‬‬ ‫تس��اؤالت خطيرة حول األهداف السياس��ية‬ ‫لحركة أمل‪ ،‬وق��د اتهم حركة أمل بالتواطؤ‬ ‫مع إسرائيل وأمريكا ضدّ القضايا الوطنية‪،‬‬ ‫وأس��س ما س��مي "حركة أمل اإلس�لامية"‬ ‫بمس��اعدة الش��يخ "عل��ي أكب��ر محتش��مي‬ ‫ب��ور" أح��د أب��رز الراديكاليي��ن الذي��ن تبوأ‬ ‫مناص��ب مهمة ف��ي النظ��ام اإليراني‪ ،‬حيث‬ ‫قام بتأس��يس ح��زب اهلل يوم كان س��فيرًا‬ ‫لبالده في دمشق عام ‪1982‬م‪ ،‬حينها كانت‬ ‫السلطات السورية تخوض حربًا طاحنة مع‬ ‫جماعة اإلخوان المس��لمين‪ ،‬وكانت تتوجس‬ ‫من ظهور أية حركة إسالمية جديدة‪ ،‬فحينها‬ ‫لم تك��ن توجد عل��ى الس��احة اللبنانية أية‬ ‫حركة إسالمية‪ ،‬فجميع الحركات الفلسطينية‬ ‫واللبناني��ة كان��ت علماني��ة‪ ،‬وجميعه��ا كان‬ ‫مواليًا لس��وريا تقريبًا (ما ع��دا حركة فتح‬ ‫أبو عمار)‪ ،‬ولم يكن لس��وريا أية تجربة في‬ ‫التعامل مع الحركة اإلسالمية‪ ،‬حيث لم تكن‬ ‫ظهرت بعد حركة الجهاد أو حماس أو غيرها‬ ‫م��ن الحركات اإلس�لامية الت��ي أصبحت من‬ ‫حلفاء س��وريا‪ .‬ل��ذا فإن وجود حرك��ة دينية‬ ‫متطرف��ة ف��ي الس��احة اللبناني��ة كان أمرًا‬ ‫جديدًا ويثير التخوف لدى النظام الس��وري‪،‬‬ ‫خصوصًا وأن هذه الحركة قد جاءت والدتها‬ ‫على يد نظام غير عربي ولديه نزعة دينية‬ ‫راديكالية ومخطط توس��عي‪ ،‬فه��ذا النظام‬ ‫وإن كان ق��د أعلن تحالفه مع س��وريا إال أنه‬ ‫كان ف��ي بدايات حكمه ول��م تكن األمور قد‬ ‫استقرت في إيران بعد‪ ،‬حيث صراع األجنحة‬ ‫كان على أش��ده آنذاك‪ ،‬ولهذا حاولت سوريا‬ ‫في بداي��ة األمر منع تكوي��ن تنظيم موالي‬ ‫إليران في لبنان‪.‬‬ ‫وعق��ب اإلع�لان رس��ميًا ع��ن قيام‬ ‫ح��زب اهلل ج��رت احت��كاكات بي��ن القوات‬ ‫الس��ورية العاملة في لبنان والحزب‪ ،‬ردت‬ ‫عليه��ا القوات الس��ورية بفت��ح النار على‬ ‫عناص��ر من حزب اهلل كان��وا يصلون في‬ ‫مس��جد اإلمام الرض��ا في بئ��ر العبد في‬ ‫الضاحي��ة الجنوبي��ة في بي��روت‪ ،‬وقتلت‬ ‫أكث��ر من عش��رين منهم‪ .‬إال أن اش��تداد‬ ‫وطأة السياس��ة اإلس��رائيلية ف��ي جنوب‬ ‫لبنان يمكن اعتباره الحافز المولد لنشوء‬ ‫الح��زب‪ ،‬فتوحدت حركة أمل اإلس�لامية‪،‬‬ ‫وح��زب الدع��وة اإلس�لامية واللج��ان‬ ‫اإلسالمية تحت اسم " حزب اهلل" وللحلف‬ ‫مع سوريا الحقًا‪.‬‬ ‫أما بالنس��بة لهيكلة الحزب وقياداته‬ ‫فق��د اس��تمر الح��زب ف��ي كتم��ان هوية‬ ‫أعضائ��ه القياديي��ن لغاي��ة ع��ام ‪،1989‬‬ ‫حيث عقد الحزب أول مؤتمراته التنظيمية‬ ‫العامة‪ ،‬وكان أول أمين عام رسمي للحزب‬ ‫الشيخ " صبحي الطفيلي" حتى عام ‪1991‬‬ ‫ي��وم انتخ��اب الس��يد "عباس الموس��وي‬ ‫"أمين��ًا عام��ًا والذي اغتالته إس��رائيل عام‬ ‫‪ 1992‬وبعد يومين من اغتيال الموس��وي‬ ‫تم انتخاب السيد" حسن نصر اهلل" والذي‬ ‫م��ازال أمينًا عاماً للح��زب حتى يومنا هذا‪،‬‬ ‫وهو من مواليد ‪ 21‬أغسطس ‪ 1960‬عين‬ ‫مسؤوال عن حركة أمل في بلدة البازورية‬ ‫ف��ي قضاء صور‪ ،‬وس��افر إل��ى النجف في‬ ‫الع��راق ع��ام ‪1976‬م لتحصي��ل العل��م‬ ‫الديني اإلمامي‪ ،‬وعين مس��ؤو ًال سياس��يًا‬ ‫ف��ي حركة أمل عن إقلي��م البقاع وعضواً‬ ‫في المكتب السياسي عام ‪1982‬م‪ ،‬ثم ما‬ ‫لب��ث أن انفصل عن الحرك��ة وانضم إلى‬ ‫حزب اهلل‪ ،‬وعين مس��ؤو ًال عن بيروت عام‬ ‫‪ ،1985‬ثم عض��واً في القي��ادة المركزية‬ ‫وف��ي الهيئة التنفيذية للحزب عام ‪،1987‬‬ ‫في هذه األثناء حدد حزب اهلل موقفه في‬ ‫حل��ف تاريخي مع س��وريا كمعب��ر لحلفه‬ ‫الرئيس��ي م��ع إي��ران‪ .‬ومع نهاي��ة الحرب‬ ‫اللبنانية في اتفاق الطائف الذي أتى تحت‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫بقــــــايــا وطـــــن‬ ‫طوال الفترة األخيرة من عمر الثورة‬ ‫الس��ورية‪ ،‬كان الش��غل الش��اغل لبعض‬ ‫بقاي��ا المثقفين والمفكرين في س��وريا‬ ‫هو الس��ؤال المحير التالي‪ :‬م��ا هو العدد‬ ‫المطل��وب قتله في س��وريا حت��ى تتحول‬ ‫إشارة التدخل من حمراء إلى خضراء؟‬ ‫ولعل مردّ ذلك السؤال هو أن كل ما‬ ‫يحدث في س��وريا مكشوف للعالم لحظة‬ ‫بلحظ��ة عبر عش��رات اآلالف من الهواتف‬ ‫النقالة والحواسب المحمولة والصحفيين‬ ‫المتسللين والمراس��لين الجدد‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ف�لا يمك��ن االدعاء بأي حال م��ن األحوال‬ ‫بأن األمور غير واضحة أو غير مفهومة‪.‬‬ ‫ورغم ما يسوقه البعض من مخاوف‬ ‫بشأن الحرب األهلية أو تدخالت "القاعدة"‬ ‫أو غيره��ا م��ن التنظيم��ات "المرعب��ة"‪،‬‬ ‫فإنه ال يخف��ى أن عدداً من هذه المخاوف‬ ‫ق��د وقع فع� ً‬ ‫لا‪ ،‬ولم نكن بانتظ��ار تقرير‬ ‫منظم��ة ‪ Human Rights Watch‬األخير‬ ‫لنع��رف أن م��ا يح��دث لجن��ود الجي��ش‬ ‫النظامي في قبضة الجيش الحر أو غيره‬ ‫من المقاتلين لن يكون بالتأكيد إنس��انيًا‬ ‫وخاصة وأن الجرائم التي يرتكبها النظام‬ ‫فاق��ت كل التص��ورات مم��ا جع��ل من رد‬ ‫فع��ل الن��اس عنيف��اً تجاه مقت��ل ذويهم‬ ‫وأحبابهم وعائالته��م‪ ،‬ونحن هنا ال نبرر‬ ‫فعلة أحد س��واء من النظام أو من الثوار‪،‬‬ ‫فإذا كان العدو خسيس��ًا فال يعني ذلك أن‬ ‫نتخل��ى عن أخالقنا ومبادئن��ا التي ناضل‬ ‫وال يزال يناضل الس��وريون ألجلها ألكثر‬ ‫من ثالثة عش��ر ش��هراً متواصل��ة‪ ،‬وهي‬ ‫قيم الحرية ولكن العدالة أيضًا‪ .‬وال ندري‬ ‫إذا كان الجن��ود الذي��ن وقع��وا في قبضة‬ ‫عناصر الجيش الحر هم من المش��اركين‬ ‫ف��ي القتل أم أنه��م بعض تلك النس��بة‬ ‫المترددة والخائفة والتي ش��اءت أقدارها‬ ‫الس��يئة أن تؤدي الخدمة العس��كرية في‬ ‫زمن الثورة‪.‬‬ ‫إن الح��رب األهلي��ة أو الطائفية لها‬ ‫ج��ذور ضارب��ة ف��ي المخي��ال االجتماعي‬ ‫الس��وري‪ ،‬وال نري��د أن نضف��ي ثوبًا من‬ ‫الطوباوي��ة أو المثالي��ة عل��ى مجتم��ع‬ ‫تتنازع��ه التيارات العش��ائرية والطائفية‬ ‫والمذهبي��ة والطبقي��ة (الري��ف والمدينة‬ ‫نموذجاً)‪ ،‬واألحرى أن نتعمق في دراس��ة‬ ‫الظواه��ر االجتماعي��ة وتاريخيته��ا لفهم‬ ‫الحاض��ر والتخطيط للمس��تقبل بد ًال من‬ ‫تل��ك العب��ارات الطنان��ة والحالم��ة التي‬ ‫يتح��دث به��ا المعارض��ون ف��ي الخ��ارج‬ ‫أم��ام ديبلوماس��يين غربيي��ن يعلم��ون‬ ‫ع��ن مجتمعاتن��ا وتركيبته��ا أكث��ر مم��ا‬ ‫يعل��م بع��ض من يظن��ون أنه��م "دهاة"‬ ‫المعارض��ة‪ .‬وكان جواب وزي��رة الخارجية‬ ‫األمريكي��ة ألعض��اء المجل��س الوطن��ي‬ ‫واضحًا حول التقارير التي بحوزتها زالتي‬ ‫تتعارض تمام��اً مع ما يقوله المعارضون‬ ‫ع��ن تركيب��ة المجتمع الس��وري‪ ،‬وهو ما‬ ‫يكش��ف قصوراً تاريخي��اً ومعرفيًا يضاف‬ ‫للقص��ور السياس��ي ال��ذي تعان��ي من��ه‬ ‫المعارضة بشكل عام والمجلس الوطني‬ ‫ومعارضة الخارج بشكل خاص‪.‬‬ ‫ينفجر كل ش��يء في س��وريا اليوم‪.‬‬ ‫المعارض��ون والمؤي��دون والصامت��ون‬ ‫والمقاتل��ون والمتظاه��رون والخائفون‪.‬‬ ‫تنفج��ر الي��وم كل القيم واألخ�لاق وبدأ‬ ‫الن��اس باالنقس��ام إلى إم��ا انتهازيين أو‬ ‫مترقبين وكال الحالين تشد الوطن للخلف‬ ‫كم��ا لم يفعل من قبل‪ .‬وهناك جزء كبير‬ ‫يسعى ليل نهار للخروج من وطن ممزق‬

‫يته��اوى وه��ذا الج��زء نوات��ه المثقفون‬ ‫والمتعلم��ون وأصح��اب العق��ول الذي��ن‬ ‫يتيه��ون في مثل هذه األج��واء فال يبقى‬ ‫س��بيل س��وى الهج��رة‪ ،‬كما أن ف��ي هذا‬ ‫الجزء أيضاً الهاربون بحياتهم وأطفالهم‬ ‫من جنون العس��كر وس��نابك الخيل التي‬ ‫ال تبقي وال تذر‪ .‬يتحدث الس��واد األعظم‬ ‫من الن��اس الي��وم عن مش��اعر مختلطة‬ ‫من اإلحباط والترقب والخوف وش��يء من‬ ‫األمل‪ ،‬غي��ر أن كل من ق��رأ التاريخ جيداً‬ ‫يعلم أن التغيير ال يمر بس�لام وخصوصًا‬ ‫ف��ي تغيي��ر ج��ذري كال��ذي يحص��ل أو‬ ‫س��يحصل ف��ي س��وريا‪ .‬فعندم��ا يهاج��ر‬ ‫عق��ل الوطن وتبقى أطراف��ه ينقلب إلى‬ ‫كتلة ثقيلة بال فاعلي��ة أو معنى‪ .‬وهجرة‬ ‫العقول مس��تمرة منذ أكثر من مائة عام‬ ‫فكيف ه��ي اليوم وقد اتج��ه الوطن نحو‬ ‫المجهول‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تحدثنا مرارا وتك��رارا عن أن كل ما‬ ‫ذكرناه ال يهدف إلى إش��اعة أية مش��اعر‬ ‫محبطة أو تراجعي��ة‪ ،‬ولكننا نرى أن جي ًال‬ ‫بأكمله س��يدفع الي��وم ثم��ن التغيير في‬ ‫س��وريا مثلما دفع س��ابقه ثمن السكوت‬ ‫عن التغيير‪ ،‬ومثلم��ا دفعت أجيال وأجيال‬ ‫أثمان قرارات أو أح��داث كان لبعضهم يد‬ ‫فيها ولم يكن لبعضهم اآلخر ش��أن فيها‪.‬‬ ‫وحيث أننا من جيل من دفعوا وسيدفعون‪،‬‬ ‫فإن علينا النظر إل��ى األمور بواقعية وأن‬ ‫ننظ��ر إل��ى مس��تقبلنا القري��ب كأف��راد‬ ‫مثلم��ا ننظر إلى مس��تقبلنا البعيد كأمة‪.‬‬ ‫فالمس��تقبل القري��ب ال يبدو أن��ه يحمل‬ ‫أية دالالت على اس��تقرار يب��دأ منه البناء‬ ‫أو باألح��رى إع��ادة البناء‪ ،‬أما المس��تقبل‬ ‫البعي��د وه��و ما نناض��ل من أجل��ه اليوم‬ ‫فهو األمل ألطفالنا وأحفادنا بوطن كبير‬ ‫يس��عهم جميع��ًا ال يميز بينه��م إال على‬ ‫أس��س الكف��اءة والخدم��ة الوطنية وهي‬ ‫أس��س طالم��ا افتقدناها حت��ى فقدناها‬ ‫وهك��ذا نش��أت أجي��ال بدونه��ا ورضعت‬ ‫الواس��طة والنفاق والمحسوبية والفساد‬ ‫حتى أصبحت هذه قيم المرحلة‪.‬‬ ‫إذا كن��ا نق��ول الي��وم أن��ه ال تج��وز‬ ‫مس��اواة الجالد بالضحية‪ ،‬كم��ا أننا نقول‬ ‫أن كل م��ا يقوم ب��ه الجيش الح��ر أو أية‬ ‫جماع��ة مس��لحة أخ��رى ه��و دف��اع ع��ن‬ ‫النف��س والمدنيين‪ ،‬فإن علين��ا القول أن‬ ‫كل ذلك يؤس��س بالنتيجة األبعد لمرحلة‬ ‫تعمه��ا فوض��ى الس�لاح واالنضب��اط‪،‬‬ ‫فتاري��خ الح��ركات المس��لحة ف��ي العالم‬ ‫أجمع معروف‪ ،‬وع��ادة ما يعتبر المقاتلون‬ ‫أنفس��هم أصح��اب ح��ق ف��ي الس��لطة‬ ‫والثروة‪ ،‬وس��أكون جريئاً بعض الش��يء‬ ‫إذا قلت بأنني أنظر بعين الريبة إلى ذلك‬ ‫"الحماس" المفرط م��ن قبل دول الخليج‬ ‫وبخاصة قطر والس��عودية لتس��ليح "كل‬ ‫الناس" في س��وريا للدفاع عن أنفسهم‪،‬‬ ‫وه��ذه الريبة مصدرها أم��ران‪ :‬األول أننا‬ ‫لم نر هذا الحماس لتسليح الفلسطينيين‬ ‫ف��ي فت��رات حالك��ة ش��ديدة وال تس��ليح‬ ‫المعارض��ة العراقي��ة لصدام حس��ين وال‬ ‫تس��ليح أهل البوس��نة في وج��ه المذابح‬ ‫الصربية وال تس��ليح الشيش��ان في وجه‬ ‫الروس رغم أن كل هؤالء مسلمون وهم‬ ‫من تدعي الس��عودية الي��وم رفع لوائهم‬ ‫والدف��اع عنه��م‪ ،‬بل كان التس��ليح يصب‬ ‫دومًا في صالح الدم��ار والفوضى وأمثلة‬ ‫أفغانستان وليبيا وغيرهما مثال واضح‪.‬‬ ‫ق��د ال يك��ون وق��ع ه��ذا ال��كالم‬ ‫مستس��اغًا لدى الكثيري��ن ولكن كل من‬

‫يتحدث عن الوحدة الوطنية اليوم عليه أن‬ ‫ال يؤيد طرفاً على طرف في نزاع هو أبعد‬ ‫ما يكون عن األخالقية أو ش��رف الحروب‪،‬‬ ‫والنظام السوري لديه سمعة "طيبة" في‬ ‫ه��ذا المجال كم��ا لديه تاريخ "مش��رّف"‬ ‫أيضًا‪ ،‬ليس في داخل س��وريا وحسب بل‬ ‫وخارجها أيضاً‪ .‬من الس��هل جداً اليوم بيع‬ ‫الس�لاح وتوريده إلى أي كان فهذه تجارة‬ ‫رابح��ة حكم��ًا وتجار الحروب يتعطش��ون‬ ‫دوم��ًا للبحث ع��ن أماكن الن��زاع والصراع‬ ‫في العالم‪ .‬غير أن الصعب سيكون إعادة‬ ‫جم��ع هذا الس�لاح في حال انته��اء النزاع‬ ‫أو س��قوط النظام‪ ،‬ال فرق‪ ،‬فالمس��لحون‬ ‫في كل مكان ينشؤون كياناتهم الخاصة‬ ‫به��م‪ ،‬وه��و م��ا يه��دد بخطر االنقس��ام‬ ‫الداخل��ي‪ ،‬ول��ن يوج��د يومها م��ن يدعم‬ ‫وح��دة س��وريا كما يت��م اليوم ف��ي ليبيا‪،‬‬ ‫فف��ي س��وريا ال يوجد بت��رول أو غ��از أو‬ ‫أية ث��روة معدنية من أي ن��وع ولهذا فلن‬ ‫ّ‬ ‫يشكل التقس��يم أية مشكلة سوى لدول‬ ‫جوار س��وريا والتي تملك كل منها أجندة‬ ‫إقليمية مختلفة ومتناقضة ولكنها تلتقي‬ ‫جميعًا في غير صالح سوريا‪ ،‬الوطن الذي‬ ‫حلمنا وال زلنا نحلم به‪.‬‬ ‫قد يتحسر كثير من السوريين على‬ ‫ما يصفون��ه باألمان الذي كانت تعيش��ه‬ ‫سوريا سابقاً‪ ،‬غير أنهم يعلمون في قرارة‬ ‫أنفس��هم أن ذل��ك األمان ل��م يكن يعني‬ ‫س��وى أمانًا ش��خصيًا بحتاً ولم يكن أمان‬ ‫حياة‪ ،‬فلم يك��ن الخريج يجد عم ًال في أي‬ ‫مجال‪ ،‬كما أن كل االستثمارات والشركات‬ ‫التي ظهرت فجأة في أرجاء س��وريا كانت‬ ‫على ما يبدو فقاعة لم يستفد منها سوى‬ ‫قل��ة قليلة من الس��وريين‪ .‬كان المواطن‬ ‫الس��وري ال يحص��ل على أبس��ط حقوق‬ ‫أي إنس��ان وهو السكن‪ ،‬وكان السوريون‬ ‫تندرون بأن العقارات في سوريا أغلى من‬ ‫بيفرلي هيلز ولكنها أسوء من الصومال‪.‬‬ ‫وال يخف��ى أن لألمن في أي بلد دوراً مهمًا‬ ‫في االس��تقرار والتنمية‪ ،‬غير أن س��وريا‬ ‫ل��م تحصل من األمن س��وى على األمن‪،‬‬ ‫وبقيت السفارات مكتظة بطالبي الهجرة‬ ‫والس��فر واللجوء‪ ،‬إن لم يكن لحاضرهم‬ ‫فلمستقبل أوالدهم‪.‬‬

‫خالد كنفاني‬

‫ف��ي الع��ام الماضي كنا نق��ول بأنه‬ ‫إذا طال أمد األزمة فس��يتجه البلد للدمار‬ ‫ويغ��رق ف��ي دوامة م��ن العن��ف والعنف‬ ‫المضاد‪ ،‬إال أنن��ا اليوم وبعد أن بدأنا نرى‬ ‫بأعينن��ا تلك اآلثار يتبي��ن حجم التخريب‬ ‫المتعم��د م��ن قب��ل النظ��ام إضاف��ة إلى‬ ‫اإلهم��ال المتعم��د م��ن الخ��ارج‪ .‬نحن ال‬ ‫نطل��ب عم� ً‬ ‫لا عس��كرياً هنا بق��در ما كنا‬ ‫نطل��ب توازن��ًا ف��ي التدخ��ل الخارج��ي‪،‬‬ ‫فالمش��كلة أن م��ا قامت ب��ه دول االتحاد‬ ‫األوروب��ي والجامع��ة العربية كان عقوبة‬ ‫للش��عب وتجييش��اً كبي��راً ل��م يرافقه أي‬ ‫فعل جدي إلس��قاط النظ��ام‪ ،‬وبهذا وجد‬ ‫الناس أنفس��هم بين مطرق��ة العقوبات‬ ‫وس��ندان النظام‪ ،‬واالثنتان انعكستا سلبًا‬ ‫عل��ى حياة الناس ومعيش��تهم ولكنها لم‬ ‫تغيّر شيئًا‪.‬‬ ‫عل��ى المعارضين في الخ��ارج أن ال‬ ‫يتوقع��وا أبداً ب��أن ندواته��م وتجمعاتهم‬ ‫ومؤتمراتهم وس��فرياتهم التي ال تنتهي‬ ‫والتي ال يع��رف أحد من ينف��ق عليها وال‬ ‫مداخالتهم التلفزيونية وال قصائد الشعر‬ ‫التي تتح��دث عن الوح��دة الوطنية وروح‬ ‫االنسجام واأللفة بين السوريين‪ -‬عليهم‬ ‫أن ال يتوقع��وا أبداً ان هذه األمور س��وف‬ ‫تغني أو تس��من من جوع‪ ،‬وال س��يما وقد‬ ‫بدأ الفصل األس��وء في عم��ل المعارضة‬ ‫أال وهو التس��ول باسم الش��عب السوري‬ ‫وبات��ت فضائ��ح طريق��ة ص��رف األموال‬ ‫منتش��رة في كل وس��ائل اإلع�لام‪ ،‬حتى‬ ‫أن بعضه��م لجأ إلى تصوير المس��اعدات‬ ‫مخزن��ة ف��ي مكان م��ا وبث الص��ور على‬ ‫أنه��ا لتل��ك المس��اعدات وق��د وصلت إلى‬ ‫أصحابها‪.‬‬ ‫ل��م يع��د الس��وريون يحتمل��ون من‬ ‫يتاج��ر بدمائه��م وكرامتهم‪ ،‬فق��د عانوا‬ ‫من ذلك الش��يء الكثير وجربوا من تاجر‬ ‫بالوطنية والقومية واالش��تراكية والدين‬ ‫عق��وداً طويلة وهم يريدون اليوم ش��يئًا‬ ‫واح��داً فق��ط‪ :‬اس��تعادة كرامته��م وبناء‬ ‫وطنه��م من جدي��د ولملمة أش�لائه التي‬ ‫بعثرها من ادعوا يوماً بأنهم "بناة الوطن‬ ‫وحماة الديار"‪.‬‬


‫فاروق يوسف‬

‫في مكان ما‪ ،‬إن اجتمعا سيقول‬ ‫القتيل للقاتل‪" :‬لمَ قتلتني؟"‪ .‬وألنه‬ ‫يملك حق الرد هناك فإن القاتل‬ ‫ربما سيسأل قتيله‪" :‬لمَ دفعتني إلى‬ ‫قتلك؟"‪ .‬يعرف االثنان أن تبادل األدوار‬ ‫بينهما كان في لحظة سابقة ممكنا‪.‬‬ ‫أي أن يكون القاتل قتي ًال ويكون‬ ‫القتيل قات ًال‪ .‬أما اآلن وقد التصقت‬ ‫كل صفة بحاملها‪ ،‬فإن العودة إلى‬ ‫الماضي لم تعد ممكنة‪ .‬هذا ال يعني‬ ‫أن المرء قبل أن يكون قات ًال‪ ،‬قد خرج‬ ‫من بيته ليمارس القتل‪ .‬كذلك الحال‬ ‫بالنسبة إلى الشخص قبل أن يكون‬ ‫قتي ًال وأصبح كذلك في ما بعد‪ ،‬الذي‬ ‫لم يخطط حين الخروج من البيت‬ ‫لكي يكون ميتاً بصفة قتيل‪.‬‬

‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫القاتل قتي ًال‪ ،‬القتيل قات ًال؟‬

‫هل حدث الأمر بامل�صادفة؟‬

‫�إىل القيامة‬

‫مع هذا التحول االستعراضي الذي‬ ‫ازده��ر انطالقاً من أوه��ام عقائدية‪،‬‬ ‫انمحى السؤال القديم‪ .‬لن يقول القتيل‬

‫أسبوعية‬

‫معادالت احلزام النا�سف‬

‫هل علينا أن نصدّق أن للقتيل‬ ‫حصة في صنع مشهد القتل الذي كان‬ ‫ضحيته؟ "بصدور عارية يواجه المدنيون‬ ‫الثوار رصاص السلطة"‪ .‬حتى هذه الجملة‬ ‫الدعائية‪ ،‬وهي جملة أدبية فيها الكثير‬ ‫من المجاز‪ ،‬ال تبرر القتل وال تفسره وال‬ ‫تمضي به إلى مستقر قانوني‪ .‬في حالة‬ ‫من هذا النوع‪ ،‬فإن الجريمة ال تشمل‬ ‫القتيل بل والقاتل أيضاً‪ ،‬كونها انتقلت‬ ‫به (القاتل) من إنسانية‪ ،‬كان من الممكن‬ ‫أن تكون محل نقاش إلى حيوانية نزعت‬ ‫عنه القدرة على أن يستعيد ثقته بامتالكه‬ ‫ش��روط وج���وده ال��ب��ش��ري‪ .‬ك��ان مشهد‬ ‫القذافي الهلع وهو يهدد المتمردين على‬ ‫سلطته وحشيًا‪ ،‬غير أن مشهد مقتله قد‬ ‫أكد أن ثقافة الوحوش هي التي انتصرت‬ ‫أخيراً‪ ،‬وال مجال هنا للحديث عن الحرية‬ ‫والديمقراطية والسعي لبناء مجتمعات‬ ‫متماسكة يسودها العدل‪ .‬لقد صار القتلة‬ ‫يمألون شاشات التلفزيون‪ .‬ثقافة القتل‬ ‫صارت ميزانًا بحيث صار لدينا معيار يميز‬ ‫قت ًال عن قتل آخر‪ .‬لوال ما رأيناه‪ ،‬لكنت‬ ‫قد تحدثت عن عالقة متوقعة بين قاتل‬ ‫وقتيل مجهو َلي الهوية‪ .‬لربما التقى‬ ‫االثنان في أوقات سابقة في الباص أو‬ ‫السوبر ماركت أو ملعب كرة القدم أو‬ ‫الحديقة العامة‪ .‬ولربما كان القاتل مهذبًا‬ ‫وسمح للقتيل بأن يتقدمه إلى شبّاك‬ ‫التذاكر في سينما الحي الوحيدة أو في‬ ‫محطة القطار‪ .‬ربما شاهدا الفيلم نفسه‬ ‫وأطلقا ضحكات متشابهة‪ .‬لكن سلوك‬ ‫الوحش وقد فلت من القفص‪ ،‬ال يسمح‬ ‫بأيّ خيال إنساني‪ .‬لقد صرنا وحوشًا‪.‬‬ ‫ملحق النهار | ‪2012 / 3 / 24‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في الحروب األهلية‪ ،‬حروب السلطة‬ ‫على الناس وحروب الناس على السلطة‬ ‫وحروب الناس على الناس‪ ،‬غالباً ما يقل‬ ‫االهتمام باالحتراف‪ ،‬ويكون القتلة غير‬ ‫المتوقعين من الهواة المجانيين‪ .‬ليس‬ ‫المقصود هنا هواية القتل بل بما يؤدي‬ ‫إلى نقيض االحتراف من معان‪ .‬وهذا ما‬ ‫يفضي بالقاتل إلى أن يسبق القتيل إلى‬ ‫الخوف‪ .‬يكون القاتل خائفًا ألنه يعرف‬ ‫أنه يقدم على القيام بفعل غير مسبوق‪،‬‬ ‫بسببه ستلتصق به صفة سوداء ترافقه‬ ‫إل��ى القيامة‪ .‬في الوقت نفسه يكون‬ ‫القتيل مطمئنًا‪ ،‬ذل��ك ألن��ه ال يعرف‬ ‫أنه سيحمل بعد لحظات صفة بيضاء‬ ‫سترافقه هو اآلخر إلى القيامة‪.‬‬ ‫اإلنسانية كلها تقع ف��ي لحظة‬ ‫الخطر تلك‪ .‬النقائض كلها‪ .‬اإليمان‬ ‫والكفر‪ ،‬الجمال والقبح‪ ،‬الكرامة والضعة‪.‬‬ ‫وهي اللحظة التي يمكنها لو مرّت حاملة‬ ‫أثقالها المزرية‪ ،‬أن تشكل بداية االنهيار‪،‬‬

‫�صرنا وحو�ش ًا‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬

‫ش��يء من ه��ذا القبيل يحدث في‬ ‫المدن السورية اليوم‪ .‬قبلها طبعاً حدث‬ ‫الشيء نفسه في الكثير من مدن العالم‪،‬‬ ‫ما يجعل تلك العالقة تطفو على السطح‬ ‫باعتبارها مؤشراً لتغير يضرب بعنفه‬ ‫جوهر الصفات اإلنسانية في لحظة ذروة‬ ‫غير مقصودة لذاتها‪ .‬في حالة من هذا‬ ‫النوع ال يمكننا أن نصف مشهد القتل قبل‬ ‫وقوعه‪ .‬فما من تخطيط مسبق له‪ .‬فال‬ ‫القاتل ّ‬ ‫خطط ألن يصبح قات ًال وال القتيل‬ ‫حضر إلى البقعة التي سيسقط عليها‬ ‫سقطته األخيرة لكي يم ّثل دور القتيل‪.‬‬ ‫كما لو أن هناك قوة ثالثة‪ .‬يداً خفية تضع‬ ‫االثنين في الحلبة‪ ،‬في حالة مواجهة‬ ‫مصيرية من غير أن تكون هناك أسباب‬ ‫مسبقة لتوتر العالقة الشخصية بينهما‪.‬‬ ‫ال ح��وار متشنجًا وال صخب وال تقاطع‬ ‫مصالح وال توتر نفسيًا وال حتى معرفة‬ ‫مسبقة‪ ،‬بل كان من الممكن أن ال يكون‬ ‫هناك طرفان وال تكون هناك مجابهة‪.‬‬ ‫غير أن ضربة إصبع على الطاولة‪ ،‬وقوع‬ ‫رأس عصا على الطبل‪ ،‬فرقعة أصبعين‬ ‫ُ‬ ‫تخلخل الهواء ويتحوّل‬ ‫في كفّ ثابتة‬ ‫صدى تلك الفرقعة المدوّي إلى ذريعة‬ ‫لالشتباك واالشتباه والريبة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫الخوف‪.‬‬

‫حيث يتشظى جسد القتيل‪ ،‬وفي المقابل‬ ‫تتشظى روح القاتل‪ .‬وبالقوة نفسها التي‬ ‫يصبح فيها القتيل قتي ًال إلى األبد‪ ،‬فإن‬ ‫القاتل هو اآلخر يصبح قات ًال إلى األبد‪.‬‬ ‫ما من إمكان للعودة إلى ما قبل تلك‬ ‫الواقعة من صفات‪ .‬هنا بالضبط ينتقل‬ ‫القتل من الهواية إلى الحرفة‪ .‬سيسمّي‬ ‫القتيل قاتله‪" :‬هو"‪ .‬ألنه ال يعرفه ولم‬ ‫تتح له فرصة مخاطبته‪ ،‬وهو ال يدري أن‬ ‫القاتل يطلق عليه ضمير الشخص الثالث‬ ‫المنفصل نفسه "هو"‪ .‬ما من "أنت" وال‬ ‫"أنا"‪ .‬ستختفي الضمائر الشخصية‪ ،‬فما‬ ‫من شيء شخصي‪" .‬مَن يخاطب مَن؟"‪.‬‬ ‫يصمت القتيل ألن الموتى ال يحتاجون إلى‬ ‫اللغة للتعبير عن مشاعرهم‪ ،‬أما القاتل‬ ‫فإن صمته يؤكد عزلة وظيفته عن كل‬ ‫لغة‪ ،‬في إمكانها أن تسعى إلى التمييز‬ ‫بين الخطأ والصواب‪ ،‬بين الحق والباطل‪،‬‬ ‫بين ال��س��رور واألل����م‪" .‬س���وري يقتل‬ ‫سوريًا"‪ ،‬يقال اآلن‪ .‬من قبل قيل "لبناني‬ ‫يقتل لبنانياً"‪ ،‬من بعدها قيل "عراقي‬ ‫يقتل عراقياً"‪ .‬وما من أحد يرغب في‬ ‫قياس المسافة الحرجة التي بسببها صار‬ ‫القتل ممكنًا‪ .‬كما لو أن القتل صار مهنة‪،‬‬ ‫يشير البعض إل��ى شركات المرتزقة‪،‬‬ ‫األميركية واألوروبية‪ ،‬باعتبارها شركات‬ ‫أعمال‪ ،‬يتسابق كثيرون من أجل عرض‬ ‫خدماتهم عليها والتوظيف فيها‪ .‬كان‬ ‫للفرنسيين سبقهم في هذا المجال‪،‬‬ ‫ف��ي م��ا شهدته ال��ق��ارة األفريقية من‬ ‫مجازر ّ‬ ‫تخطت حدود القصور والحقول‬ ‫الرئاسية إلى الغابات وصحارى القبائل‬ ‫المتنازعة‪ .‬بعد الفرنسيين التحق‬ ‫األميركيون بالدسيسة المبيتة‪ ،‬وكانت‬ ‫شركة "ب�لاك ووت��ر" واح��دة من أعظم‬ ‫مآثرهم في هذا المجال‪ ،‬حيث كان لتلك‬ ‫الشركة في العراق أهوال مفزعة‪ .‬غير‬ ‫أن تنظيم "القاعدة"‪ ،‬وقد اُختبر أميركيًا‬ ‫منذ الحرب األفغانية األول��ى‪ ،‬قد طرح‬ ‫مفهومًا آخر لهذه المهنة‪ :‬القاتل الذي هو‬ ‫قتيل في الوقت نفسه‪ .‬االنتحار بالنفس‬ ‫وباآلخرين‪" :‬لنذهب معاً إلى اآلخرة أيها‬ ‫األعزاء"‪.‬‬

‫للقاتل‪ ،‬ال��ل��ذان هما الشخص نفسه‪:‬‬ ‫"لِمَ قتلتني؟"‪ .‬االثنان يتشظيان جسديًا‬ ‫وروحياً في اللحظة ذاتها‪ ،‬ومعها تتشظى‬ ‫أجساد طاهرة وأرواح بريئة‪ .‬دخول الحزام‬ ‫الناسف سالحاً ال يمكن الوقاية منه‪،‬‬ ‫غيّر الكثير من المعادالت‪ .‬صار المرء‬ ‫يذهب إلى القتل مسلحًا بعدة عقائدية‪،‬‬ ‫ال تتضمن تسويات دنيوية البتة‪ .‬ذلك‬ ‫ألن الذهاب إلى عالم غير متاح‪ ،‬سيكون‬ ‫ميسّراً من خالل نسف إمكان العيش‬ ‫في عالم متاح‪ .‬وهذا ما ال يفعله القتلة‬ ‫التقليديون الذين صاروا يحيطون بنا من‬ ‫كل جانب‪ .‬بعد كل هذه الحروب األهلية‬ ‫التي عشنا أهوالها‪ ،‬انتقلنا إلى مرحلة‬ ‫االعتراف بالعالم المتاح‪ ،‬كونه هبة من‬ ‫أولئك القتلة‪ .‬هل علينا أن نسمّيهم قتلة‬ ‫سابقين؟ القتل ال يسقط بالتقادم‪ ،‬لذلك‬ ‫فما من قاتل سيكون في إمكانه أن ينزع‬ ‫عنه الصفة التي سترافقه إلى القيامة‪.‬‬ ‫غير أن الواقع يقول شيئاً آخ��ر‪ .‬القتلة‬ ‫صاروا‪ ،‬بقوة ما ارتكبوه من جرائم‪ ،‬قادة‪،‬‬ ‫زعماء أحزاب‪ ،‬ممثلي طوائف ومشرعين‪.‬‬ ‫هم اآلن ومنذ زمن بعيد فكرة مجسدة‬ ‫عن القتل تمشي على قدمين‪ .‬صرنا‬ ‫نرى القتلة من خالل شاشات التلفزيون‬ ‫باعتبارهم أبطا ًال أفذاذاً‪ .‬ما من أحد يفكر‬ ‫في أن يوجه إلى واحد من أولئك القتلة‬ ‫أسئلة من نوع‪" :‬لِمَ قتلت؟ أو كيف ومتى‬ ‫أصبحت قاتال؟"‪.‬‬ ‫ت���رى لِ���مَ ال نشعر بالتناقض‬ ‫بين شعورنا بالعار بسبب القتل وبين‬ ‫حماستنا للتصفيق للقتلة واحتضانهم‬ ‫باعتبارهم منقذين‪ .‬كل حرب أهلية ال‬ ‫تنتج إال قتلة‪ .‬كما قلت فإن ماضي القتل‬ ‫ليس ماضيًا‪ ،‬شبحه ال يقيم في منطقة‬ ‫زمنية بعينها‪ ،‬لذلك من غير المسموح‬ ‫لنا بأن نقول إن ذلك الزعيم كان قات ًال‬ ‫في الماضي‪ ،‬ونسكت مطمئنين إلى‬ ‫المستقبل‪ .‬من قال إن القاتل (السابق!)‬ ‫لن يكون قات ًال في كل لحظة؟ من أين‬ ‫يصدر ذلك االطمئنان؟ كل الطغاة الذين‬ ‫أكسبوا الجزء األكبر من أعمارنا طابعًا‬ ‫حزينًا‪ ،‬كانوا قد قتلوا رفاق مسيرتهم‪،‬‬ ‫قبل أن يتحوّلوا ماكينة شمولية للقتل‬ ‫ال تفرّق بين أحد وآخر إال وفق معنى‬ ‫ضيق وغامض للوالء‪ .‬أعتقد أننا‪ ،‬وأقصد‬ ‫عرب الشرق‪ ،‬قد تماهينا كثيراً مع ثقافة‬ ‫القتل‪ .‬أتذكر من ثمانينات القرن الماضي‬

‫مشاهد حفالت اإلعدام التي كانت تقام‬ ‫في مختلف األماكن من العراق (المدن‪،‬‬ ‫القرى‪ ،‬جبهات القتال) للشباب المجندين‬ ‫الذين لم تكن لديهم رغبة في الدخول‬ ‫إلى مطحنة الحرب‪ .‬كان هناك بشر من‬ ‫مختلف األعمار‪ ،‬نساء ورج��ا ًال وأطفا ًال‬ ‫وشباباً‪ ،‬يقفون في حلقات في انتظار‬ ‫موت اآلخرين الضعفاء الذي يحضر من‬ ‫طريق القتل‪ .‬كل هذه القسوة‪ ،‬وهناك‬ ‫من ال يزال يتغنّى بعواء العاطفة‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫ال ّرقـــــة تنتفـــــ�ض‪..‬‬ ‫تعم اجلزي��رة ال�سوريّة‬ ‫الث�� ّورة ّ‬ ‫محمد دحنون‬

‫ح��اول النظ��ام الس��وريّ أن‬ ‫«يكافئ»‪ ،‬عل��ى طريقته‪ ،‬مدينة الرقة‬ ‫(‪ 200‬كم ش��رق حلب) عل��ى ما اعتقده‬ ‫مس��اندة المدين��ة ل��ه ف��ي مواجه��ة‬ ‫«المؤام��رة»‪ .‬حدث هذا في اليوم األوّل‬ ‫م��ن أيّام عي��د األضحى الع��ام الفائت‪،‬‬ ‫حي��ن ذه��ب رأس النظام إل��ى المدينة‬ ‫الواقع��ة على نهر الف��رات ليؤدي صالة‬ ‫العيد مع «جموع المواطنين»‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫كما العادة‪� ،‬أخط�أ النظام يف‬ ‫اعتقاده!‬ ‫في يوم الخامس عش��ر من ش��هر‬ ‫آذار الج��اري‪ ،‬ردّ أبن��اء المدين��ة عل��ى‬ ‫الزي��ارة‪ :‬عش��رات آالف المتظاهري��ن‬ ‫يجوب��ون ش��وارعها هاتفين بس��قوط‬ ‫ش��كل ه��ذا الي��وم موع��داً‬ ‫النظ��ام‪ّ .‬‬ ‫النخ��راط المدين��ة الكام��ل بالث��وّرة‪.‬‬ ‫حملت المحافظة الش��رقيّة راية المدن‬ ‫ّ‬ ‫لتش��كل مفاجأة‬ ‫الثائ��رة التي اجتيحت‪،‬‬ ‫سارّة للمنتفضين وصاعقة للنظام!‬ ‫عن الرقة وحراكها‪ ،‬والتحاقها التام‬ ‫بقطار الثوّرة وأفقه‪ ،‬هنا حديث مع أحد‬ ‫ناشطي المدينة‪..‬‬

‫ثالث مدينة منتف�ضة!‬ ‫ينفي الناشط أبو إبراهيم الرّقاوي‬ ‫«السّ��معة الشائعة» عن تأخّر المدينة‬ ‫ف��ي االلتح��اق برك��ب الث��وّرة‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫«الرق��ة كانت ثال��ث مدين��ة تحرّكت»‪.‬‬ ‫ولكنّ��ه يع ّل��ل تلك السّ��معة «بضعف‬ ‫التنس��يق وقلة الخب��رة اللذين أديّا إلى‬

‫ع��دم إيص��ال الص��ورة الصحيح��ة عن‬ ‫المدينة في الوقت المناس��ب‪ ،‬برغم أن‬ ‫الحراك كان مس��تمراً من دون انقطاع‪،‬‬ ‫ولكن بصورة ضعيفة»‪ .‬من جهة أخرى‪،‬‬ ‫يعتب��ر أبو إبراهي��م أن «طبيعة الناس‬ ‫في المدينة‪ ،‬وتركيب��ة المجتمع الراقي‬ ‫المنع��زل ضم��ن العش��يرة‪ ،‬باإلضاف��ة‬ ‫لقل��ة العاملي��ن بالمج��ال السياس��ي‪،‬‬ ‫والناش��طين‪ ،‬ع��دا التهمي��ش ال��ذي‬ ‫تعرّضت له المدينة على مدى عقود»‪،‬‬ ‫هي أسباب ساهمت في إضعاف انخراط‬ ‫الرّقة في الثوّرة‪.‬‬ ‫بحس��ب الناش��ط الرّق��اوي‪ ،‬كانت‬ ‫أوّل تظاه��رة ش��هدتها المدين��ة ف��ي‬ ‫الخامس والعشرين من شهر آذار العام‬ ‫الفائت‪ ،‬أي بعد عش��رة أي��ام من اندالع‬ ‫الثوّرة‪« .‬انطلقت م��ن جامع الفردوس‬ ‫بمش��اركة مئات األش��خاص‪ ،‬واس��تمر‬ ‫الحراك على هذا المن��وال طوال أربعة‬ ‫أشهر‪ ،‬إ ّال أنه انخفض بين شهري تموز‬ ‫وأيل��ول من العام الفائ��ت‪ ،‬وذلك لكثرة‬ ‫االعتق��االت بي��ن صف��وف الناش��طين‬ ‫وتش��ديد المراقب��ة األمني��ة عليه��م‪،‬‬ ‫وه��روب البعض خارج البلد»‪ .‬ويضيف‪:‬‬ ‫«كم��ا ش��هدت المدين��ة أوّل اعتص��ام‬ ‫أمام القصر العدلي ولمدة خمس��ة أيام‬ ‫متتالي��ة‪ ،‬وتميز بحضور نس��ائي الفت‪.‬‬ ‫لتش��تدّ‪ ،‬بعد ذل��ك‪ ،‬القبض��ة األمنية‪،‬‬ ‫ولتبدأ التظاهرات الطيارة بشكل يومي‬ ‫وب��كل مناطق المحافظ��ة‪ ،‬ع ّلها توقظ‬ ‫النائمين من سباتهم»‪.‬‬ ‫ف��ي الثان��ي م��ن ش��هر ش��باط‬ ‫الماضي «اس��تيقظ النائمون»‪ .‬شهدت‬ ‫المحافظ��ة‪ ،‬الت��ي يبل��غ ع��دد س��كانها‬

‫حوالي مليون نسمة‪ ،‬تظاهرات حاشدة‬ ‫قدّر ع��دد المش��اركين فيها بعش��رات‬ ‫اآلالف‪ .‬وبحس��ب الناش��ط «امت��دّت‬ ‫التظاه��رات ثالث��ة أي��ام‪ ،‬ق��ام خالله��ا‬ ‫المتظاه��رون بكس��ر س��يارات األم��ن‬ ‫وحرقه��ا وحرق ش��عبة حزبي��ة وبعض‬ ‫مفارز األم��ن الموزعة في الش��وارع»‪.‬‬ ‫وخ�لال ه��ذه التظاه��رات س��قط أوّل‬ ‫ش��هداء المحافظ��ة‪ ،‬حينما ق��ام بعض‬ ‫المتظاهرين في إحدى القرى «بالهرب‬ ‫من ق��وّات األمن عبر النهر‪ ،‬ما أدى إلى‬ ‫غ��رق أحدهم‪ ،‬وعث��ر على جثت��ه قبل‬ ‫أسبوعين فقط!»‪.‬‬

‫‪� 15‬آذار‪ :‬الث ّورة يف الرقة‬ ‫ف��ي الذك��رى الس��نويّة األول��ى‬ ‫للث��وّرة‪ ،‬وعل��ى امت��داد ثالث��ة أي��ام‪،‬‬ ‫أزهق��ت ق��وات األم��ن والجي��ش أرواح‬ ‫ثالثة عش��ر مواطنًا س��وريّاً دفاعًا عن‬ ‫تمثال لحافظ األسد حاول المتظاهرون‬ ‫الرّقاويون تحطيمه!‬ ‫ب��دأ األم��ر بتجمّ��ع س��بعة آالف‬ ‫متظاه��ر اس��تجابة لدع��وة تنس��يقية‬ ‫المدين��ة يوم الخمي��س الماضي‪ ،‬ردّت‬ ‫قوات األمن بحسب أبو إبراهيم «بإطالق‬ ‫النار بش��كل عرائسي في البداية‪ ،‬لكن‬ ‫المتظاهرين كانوا مصرّين على إكمال‬ ‫التظاه��رة‪ ،‬فأطلق عناص��ر األمن النار‬ ‫بشكل مباشر عليهم»‪ .‬كانت الحصيلة‬ ‫س��قوط الش��هيد علي البابنسي وعدد‬ ‫من الجرحى‪.‬‬ ‫يتاب��ع أب��و إبراهي��م‪« :‬نق��ل‬ ‫المتظاهرون جثمان الش��هيد لمنزله»‪،‬‬

‫وتحسبًا من خطف الجثة من قبل قوات‬ ‫األمن «بق��ي المتظاهرون يحرس��ونه‬ ‫حت��ى موعد التش��ييع في صب��اح اليوم‬ ‫التال��ي»‪ .‬ويضي��ف‪« :‬عمليًا‪ ،‬اس��تمرت‬ ‫التظاه��رة إلح��دى وعش��رين س��اعة‬ ‫متواصل��ة ّ‬ ‫محطم��ة بذلك أط��ول فترة‬ ‫تظاهر في سوريا‪ ،‬وكان عدد المشيّعين‬ ‫قد بلغ أكثر من ‪ 150‬ألف شخص ساروا‬ ‫أكثر من ‪ 9‬كيلومترات من جامع الفوّاز‬ ‫إلى مقبرة تل البيعة»‪.‬‬ ‫لم تكن المواجهة الكبرى مع قوات‬ ‫األمن قد حدثت بعد‪ .‬أصرّ المتظاهرون‬ ‫بعد انتهاء التش��ييع عل��ى الوصول إلى‬ ‫تمث��ال للرئيس الس��ابق حافظ األس��د‬ ‫إلزالت��ه‪ ،‬فاضط��رت ق��وات األم��ن إلى‬ ‫االس��تعانة بق��وات الفرق��ة الس��ابعة‬ ‫عشرة‪ ،‬التي قامت بتقسيم المدينة إلى‬ ‫قطاعات ووضعت الدبابات حول التمثال‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى أكث��ر م��ن ‪ 100‬جندي‬ ‫نظامي لحمايته‪ ..‬وبدأت المواجهة‪.‬‬ ‫يق��ول الرّق��اوي‪« :‬ب��دأوا بإطالق‬ ‫الني��ران مباش��رة‪ ،‬وس��قط أكث��ر م��ن‬ ‫س��تة ش��هداء وثالثين جريحًا‪ .‬استمرت‬ ‫المواجهة حتى الساعة السادسة مسا ًء‪،‬‬ ‫وق��ام بع��ض المتظاهري��ن بحماي��ة‬ ‫جثامي��ن الش��هداء لمن��ع األم��ن م��ن‬ ‫اختطافه��ا»‪ .‬ويضيف‪« :‬تكرر المش��هد‬ ‫م��رة أخرى يوم الس��بت بعد التش��ييع‪.‬‬ ‫فقد بدأ المش��يّعون بالتجمع محاولين‬ ‫الوص��ول إلى التمث��ال‪ ،‬وتكرر مش��هد‬ ‫القتل والقنص‪ ،‬فس��قط سبعة شهداء‬ ‫وأكثر من ثالثة وعشرين جريحًا»‪.‬‬ ‫انتهت المناوشات‪ ،‬بحسب الناشط‬ ‫الرّق��اوي‪ ،‬ف��ي مس��اء ي��وم الس��بت‪،‬‬ ‫وعاشت المدينة ما يشبه حظراً للتجول‬ ‫لتس��تأنف تظاهراتها صباح يوم األحد‪،‬‬ ‫«فق��د اس��تفاقت الرق��ة عل��ى خم��س‬ ‫تظاهرات قبل الساعة السابعة صباحاً‪،‬‬ ‫وامت�لأت الش��وارع الرئيس��ية بانتظار‬ ‫جن��ازات التش��ييع‪ ،‬ولك��ن ل��م يح��دث‬ ‫أي تش��ييع‪ ،‬فق��د أجب��رت ق��وّات األمن‬ ‫العائالت على دفن شهدائهم فجراً»‪.‬‬ ‫خالل أربعة أيام قدّمت المحافظة‬ ‫ثالثة عش��ر ش��هيداً‪ ،‬وعلى امتداد عام‬ ‫من الثوّرة اعتقل خمسمئة شخص من‬ ‫أبنائها‪ .‬برغم ذلك‪ ،‬يجيب أبو إبراهيم‪،‬‬ ‫بواقعيّ��ة‪ ،‬ع��ن س��ؤال ح��ول إمكانيّة‬ ‫اس��تمرار زخ��م الح��راك الث��وّري ف��ي‬ ‫محافظته‪ .‬يق��ول‪« :‬ال أظن بأن الحراك‬ ‫سيس��تمر بالزخم نفس��ه نظراَ لتهديد‬ ‫األم��ن ألهال��ي المعتقلي��ن بتصفيّ��ة‬ ‫أبنائه��م‪ ،‬واعتق��ال آباء وإخ��وة بعض‬ ‫الش��هداء‪ ،‬باإلضافة لالعتقاالت الكثيرة‬ ‫ف��ي صفوف الناش��طين»‪ .‬ويس��تدرك‪:‬‬ ‫«ولكن‪ ،‬وهذا على لس��ان الش��باب في‬ ‫المدينة‪ :‬لن ندع اسم الرقة يغيب لفترة‬ ‫طويلة عن شاشات اإلعالم»‪.‬‬ ‫ملحق شباب السفير | ‪2012 / 3 / 20‬‬


‫�أين املثقفون ال�سوريون من الثورة‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫سؤال ما فتئ يطرح طيلة شهور‬ ‫الثورة السورية يخصّ دور المثقفين‬ ‫فيه��ا! يطرح الس��ؤال أحيان��اً من باب‬ ‫االستفس��ار‪ ،‬وأحيان��اً أكث��ر م��ن باب‬ ‫االس��تهجان والتخوين‪ ،‬خصوصاً وأن‬ ‫التط��ورات المتعاقب��ة للث��ورة جعلت‬ ‫دور المثقفي��ن ينحس��ر أكثر مما كان‬ ‫ف��ي بداياتها ألس��باب كثي��رة يمكننا‬ ‫النقاش حولها‪ .‬ولئ��ن كانت األصوات‬ ‫التي تخصّ ذلك تدور في فلك اتهام‬ ‫المثقفين بق ّلة الش��جاعة واالنتهازية‬ ‫أو التماه��ي م��ع الديكتاتوري��ة‬ ‫واالنفصال عن الش��عب والسكن في‬ ‫األبراج العاجي��ة‪ ،‬فإن وضع المثقفين‬ ‫كلهم في سلة واحدة أمر خاطئ‪ ،‬كما‬ ‫ال يمكنن��ا النظر إلى أي ش��ريحة بهذا‬ ‫المنط��ق الجمعي! كم��ا أن األمر أبعد‬ ‫من ذلك غوراً‪.‬‬ ‫ففي مع��رض التذكر نالحظ أنه‬ ‫ومنذ ازدهار ح��ركات التحرر العالمية‬ ‫وم��دّ االنتم��اءات اإليديولوجي��ات‪،‬‬ ‫خصوصاً اليس��ارية منه��ا والقومية‪،‬‬ ‫والمثقف��ون والسياس��يون أق��رب م��ا‬ ‫يكون��ون إلى جبهة واح��دة‪ .‬فقد كان‬ ‫من الصعب أن ترى في الخمس��ينيات‬ ‫والستينيات مثقفاً سورياً غير مسيّس‬ ‫أو سياس��ياً غي��ر مهت��مّ بالثقاف��ة!‬ ‫بالتالي كوّنت الثقافة والسياسة شيئًا‬ ‫ب��دا أقرب إلى جبهة تتناوش��ها عالقة‬ ‫خفي��ة‪ /‬واضحة جعلت من السياس��ة‪،‬‬ ‫عموم��اً‪ ،‬محقونة بالفك��ر‪ ،‬كما جعلت‬ ‫من المثقف ملتصق��ًا بهموم مواطنه‬ ‫وسياسات عصره‪.‬‬ ‫بع��د مج��يء ح��زب البع��ث إل��ى‬ ‫السلطة في س��وريا كان ثمة إصرارٌ‬ ‫ممنه��ج على تش��ظية تل��ك الجبهة‪،‬‬ ‫فأت��ت أح��داث الثمانين��ات وتصاع��د‬ ‫خي��ار النظ��ام األمني الض��اري‪ ،‬الذي‬ ‫تب��دى في أح��د أوجهه بالح��رب على‬ ‫حم��اة وجس��ر الش��غور‪ ،‬كم��ا حمالت‬ ‫االعتقال الشاسعة التي طالت مروحة‬ ‫المعارض��ة ب��دءاً م��ن الش��يوعيين‬ ‫بتنوعاته��م الحزبية م��روراً باألحزاب‬ ‫القومي��ة فالتي��ارات الديني��ة‪ .‬ذل��ك‬ ‫العنف الشرس الذي تمّ تطبيقه على‬ ‫المعارضين‪ ،‬وتفريغ العمل السياسي‬ ‫والمدني من معناه وفاعليته‪ ،‬كل ذلك‬ ‫أدى إلى انقسام تلك الجبهة العتيدة‪:‬‬ ‫جبه��ة المثقفين والسياس��يين‪ .‬ولئن‬ ‫ب��دا أن جبهة المثقفي��ن انكفأت على‬ ‫نفسها‪ ،‬إال أنها في الحقيقة انقسمت‬ ‫إل��ى ش��قين‪ :‬ش��ق آث��ر االلتح��اق‬ ‫برك��ب الس��لطة والتح��وّل إل��ى جزء‬ ‫منه��ا‪ ،‬وبالتال��ي انخرط ف��ي أحزابها‬ ‫ومؤسس��اتها الثقافية وغير الثقافية‬ ‫الفاعل��ة‪ ،‬ملكي��اً أكث��ر م��ن المل��ك‪،‬‬ ‫متنعماً بخيرات السلطة مسخّراً قلمه‬ ‫لخدمته��ا وللطع��ن بالمثقفين الذين‬ ‫ل��م يرض��وا التدجي��ن‪ ،‬وأولئ��ك هم‬ ‫الش��قّ اآلخر الذي احتفظ بمعارضته‬ ‫وموقف��ه ض��د الديكتاتوري��ة ولك��ن‬

‫بصم��ت أو بموارب��ة‪ ،‬فالكلم��ة كانت‬ ‫س��تودي بقائله��ا إل��ى مصير يش��به‬ ‫مصي��ر رفاق��ه م��ن المعارض��ة ف��ي‬ ‫المنفى أو في السجن أو تحت التراب‪.‬‬ ‫وربما كان أول تحرك لهذا الش��ق من‬ ‫المثقفي��ن في بداي��ات التس��عينيات‬ ‫حينم��ا أص��در بعضهم بيان “التس��ع‬ ‫والتس��عين” ض��د مش��اركة النظ��ام‬ ‫السوري في حرب أميركا على العراق‪.‬‬ ‫وربما هذا ما يبرر شراس��ة السلطات‬ ‫وصدمته��ا آنذاك بص��دور البيان بعد‬ ‫طول صمت!‬ ‫ه��ذه البن��ى ظل��ت تتراك��م في‬ ‫دواخ��ل المثقفي��ن المعارضين على‬ ‫م��دى عقود‪ ،‬جزء كبي��ر منهم تصالح‬ ‫معها وظ��ل معارضًا بس��كون‪ ،‬وجزء‬ ‫منه��م دفع حيات��ه ثمناً لع��دم قدرته‬ ‫على التصالح مع الصمت‪ ،‬وجزء راحت‬ ‫آلي��ات النج��اة داخله تقنعه ب��أن ثمة‬ ‫إيجابيات في النظام القائم تجبره على‬ ‫التعايش مع��ه‪ ،‬ولكن ليس االنخراط‬ ‫فيه‪ .‬من هذه اإليجابيات (المفترضة)‬ ‫الجانب اإليديولوجي‪ /‬السياسي الذي‬ ‫جع��ل الكثير م��ن المثقفين يدافعون‬ ‫ع��ن نظ��ام يعتقدونه نظام��اً ممانعًا‬ ‫وعلماني��اً حداثوي��ًا‪ ،‬كذرائ��ع ت��كاد‬ ‫تلتقي م��ع خطاب الس��لطة‪ .‬ويمكننا‬ ‫أن نتذك��ر أن الكثي��ر م��ن المثقفين‬ ‫الس��وريين الذي��ن كان��وا ف��ي خان��ة‬ ‫المعارضة دافعوا بشراسة عن مقدم‬ ‫بش��ار األس��د إلى الحكم عام ‪،2000‬‬ ‫عل��ى الرغم م��ن أن بعضهم لم يكن‬ ‫وقوف��ه إلى جانب الس��لطة للقناعات‬ ‫اإليديولوجية الس��ابقة التي قلتها بل‬ ‫ألنها ببس��اطة وهبته مكاسب عديدة‬ ‫مادية أم معنوية في تعامل جديد مع‬ ‫المثقفي��ن يدخل في خان��ة‪“ :‬أالعيب‬ ‫الديكتاتوريات الحديثة”!!‪.‬‬ ‫لك��ن األعي��ب تل��ك جعل��ت م��ن‬

‫المثقفين‪ ،‬كما السياس��يين‪ ،‬شريحة‬ ‫ش��به منفصلة في تأثيرها وفاعليتها‬ ‫ع��ن بقي��ة ش��رائح المجتم��ع طيل��ة‬ ‫العق��ود الماضي��ة‪ ،‬لذل��ك ال يمكنن��ا‪،‬‬ ‫ف��ي مع��رض التفكي��ك ه��ذا‪ ،‬النظر‬ ‫إل��ى المثقفين البعيدين عن الش��ارع‬ ‫باعتباره��م في معظمهم انتهازيين‪،‬‬ ‫فبع��د أف��ول موج��ة األيديولوجي��ات‬ ‫التقدمي��ة الت��ي تك ّلمت ع��ن التصاق‬ ‫المثقف بش��عبه والتماهي مع طبقته‬ ‫والن��زول إل��ى رج��ل الش��ارع‪ ،‬راح‬ ‫المثقف يبحث ع��ن تفرّده وفردانيته‬ ‫والتي ه��ي (بنس��ختها األس��وأ) بعدٌ‬ ‫ت��ام عن الجم��وع والعيش في قفص‬ ‫التنظي��ر‪ ،‬كم��ا ترافق ه��ذا مع موجة‬ ‫عالمية بعد حداثوية ّ‬ ‫تنظر لالنس�لاخ‬ ‫ذاته‪ ،‬فارتبط وج��ود المثقف بثقافته‬ ‫وإبداعه فحسب وإلى حد بعيد‪.‬‬ ‫من كل ما سبق أعتقد أن المثقف‬ ‫الس��وري صُدم كم��ا غي��ره بالثورة‪،‬‬ ‫فهي ث��ورة مفاجئة مباغتة‪ ،‬خصوصًا‬ ‫بعد تلك العقود التي أظهرت الش��عب‬ ‫خانع��ًا مستس��لماً‪ .‬وهن��ا تج ّلت نتائج‬ ‫التاري��خ‪ ،‬فالثورة التي لم يكن للنخب‬ ‫الثقافية أو السياس��ية تأثيراً مباش��راً‬ ‫ف��ي اش��تعالها‪ ،‬رغم أنن��ا ال يمكن أن‬ ‫نتجاه��ل التأثي��ر التراكم��ي الخفي‪،‬‬ ‫ش��عرت بأنه��ا ث��ورة منفصل��ة عنها‪.‬‬ ‫ولئ��ن حاول��ت تل��ك النخ��ب االلتحاق‬ ‫بالث��ورة فق��د اعتقدت ب��أن االنصياع‬ ‫الكامل لرغبة الشارع واجبهم‪ ،‬وتخ ّلوا‬ ‫ع��ن دوره��م النق��دي والتوعوي في‬ ‫أكثر األوقات حاجة إليه! وإذا اس��تثنينا‬ ‫بعض المناطق‪ ،‬وفي بعض األوقات‪،‬‬ ‫الت��ي كان لمثقفيه��ا دور فاع��ل في‬ ‫ثورته��ا‪ ،‬وه��و دور اجتماعي بالدرجة‬ ‫األول��ى‪ ،‬ف��إن فاعلي��ة المثقفين‪ ،‬في‬ ‫عم��وم مناط��ق الث��ورة‪ ،‬كانت ش��به‬ ‫معدومة‪ ،‬وهذا ما جعل الثورة تنحرف‬

‫أحيان��اً ع��ن مس��ارها أو تجن��ح نح��و‬ ‫االنتقام والتطرف في بعض المناطق‬ ‫المشتعلة‪.‬‬ ‫لق��د انخ��رط البع��ض القلي��ل‬ ‫من مثقفي س��وريا في الث��ورة تمامًا‬ ‫وكتب عنها (مش��يحاً بنظره حتى عن‬ ‫أخطائه��ا)‪ ،‬البع��ض اآلخ��ر معها في‬ ‫العمق لكن��ه متخوّف من حرب أهلية‬ ‫أو مش��اكل طائفي��ة (خصوص��ًا م��ن‬ ‫ينتم��ي إلى أقلي��ات طائفية أو إثنية)‪،‬‬ ‫البعض منهم من العلمانيين مع إرادة‬ ‫الش��عوب حقًا ولكن المدّ اإلس�لامي‬ ‫(المزعوم) يجعلهم متخوفين في ظل‬ ‫تعتيم على الكثير م��ن الحقائق بين‬ ‫مدين��ة ومدينة وش��ريحة وش��ريحة‪.‬‬ ‫ولئ��ن خرج م��ن يق��ول‪“ :‬ل��م ال نرى‬ ‫أولئ��ك المثقفي��ن في الش��ارع؟” فأنا‬ ‫أعتق��د أن انفراج��ة أمني��ة بس��يطة‬ ‫س��تجعل الكثير منه��م يظهرون في‬ ‫الشوارع‪ ،‬كما س��يبقى البعض منهم‬ ‫أيض��ًا مصراً على موقفه‪ ،‬وس��تنقلب‬ ‫مواق��ف البع��ض اآلخ��ر بانتهازي��ة‪.‬‬ ‫فالمظاه��رات اليوم أش��به بمش��اريع‬ ‫للش��هادة ال يق��در الجمي��ع عل��ى‬ ‫ش��جاعتها‪ .‬ويمكنن��ا أن نذك��ر الكثير‬ ‫ممن اعتقل‪ ،‬في مظاهرات المثقفين‬ ‫أو نش��اطات أخرى‪ ،‬خصوصًا الش��باب‬ ‫الذي��ن يحاول��ون التخل��ص من عبء‬ ‫االرته��ان لإلبداع فحس��ب‪ ،‬األمر الذي‬ ‫اعتاد عليه بعض شيوخ المثقفين‪.‬‬ ‫نهاي��ة‪ ،‬أعتق��د أن مقارن��ة‬ ‫مثقفي س��وريا بمثقفي مصر الثورة‬ ‫أم��ر مجح��ف‪ ،‬فقص��ر عم��ر الث��ورة‬ ‫المصرية وإيج��اد مكان معتمد لنزول‬ ‫المتظاهري��ن ه��و مي��دان التحري��ر‬ ‫ووق��وف الجيش م��ع الش��عب ووجود‬ ‫وس��ائل اإلع�لام المتنوع��ة كل ذلك‬ ‫يجعل المقارنة بالوضع السوري أمراً‬ ‫صعبًا وظالماً للغاية‪.‬‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫روزا ياسين حسن‬

‫‪9‬‬ ‫عمل لـ أكرم الحلبي‬


‫الصفحة القانونية‪. .‬‬

‫اخلبــرة فـي القانــون ال�سـوري‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫عني��ت الش��رائع ف��ي مختل��ف‬ ‫العص��ور باإلثبات س��واء في القضايا‬ ‫المدني��ة و التجاري��ة أو الجزائي��ة‪،‬‬ ‫فاإلثب��ات أداة ضروري��ة يس��تند‬ ‫إليه��ا القاض��ي للتحقق م��ن الوقائع‬ ‫القانوني��ة‪ ،‬وه��و الوس��يلة العملي��ة‬ ‫التي يعتم��د عليها األفراد في صيانة‬ ‫حقوقهم المترتبة على تلك الوقائع‪،‬‬ ‫وتعتبر الخبرة من أهم طرق اإلثبات‬ ‫المباش��رة‪ ،‬إال أنه تجدر اإلش��ارة إلى‬ ‫أن الخب��رة تقتص��ر عل��ى المس��ائل‬ ‫الفنية والمادية وحدها دون المسائل‬ ‫القانوني��ة التي تظ��ل من اختصاص‬ ‫القاضي وحده‪.‬‬

‫تعريف اخلربة‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫ل��م يأت المش��رع الس��وري على‬ ‫تعري��ف محدد للخب��رة‪ ،‬لك��ن المادة‬ ‫‪ /138/‬م��ن قان��ون البينات الس��وري‬ ‫تبين أنه للمحكمة من تلقاء نفس��ها‬ ‫أو بن��ا ًء على طل��ب الخصوم أن تقرر‬ ‫إج��راء تحقيق فن��ي بواس��طة خبير‬ ‫واح��د أو ثالثة خب��راء إذا كان الفصل‬ ‫ف��ي الدع��وى موقوف��ًا عل��ى تحقيق‬ ‫أمور تستلزم معرفة فنية‪.‬‬ ‫كم��ا ج��اء ف��ي اجته��اد لمحكمة‬ ‫النق��ض الس��ورية " أن الخب��رة‬ ‫مش��ورة فنية تلجأ إليها المحكمة في‬ ‫األمور الفنية‪ ،‬ويع��ود إليها الحق في‬ ‫اعتماده��ا جزئي��اً أو كلي��ًا أو إهمالها‪،‬‬ ‫كم��ا أنه��ا ليس��ت ملزم��ة بمناقش��ة‬ ‫الخبرة أو إعادتها كلما طلب منها ذلك‬ ‫مادامت ق��د وجدت أن الخب��رة كافية‬ ‫وواضحة وال يوجد في أوراق الدعوى‬ ‫ما يخالفها‪.‬‬ ‫وكما أسلفنا فإن موضوع الخبرة‬ ‫ه��و دومًا م��ن المس��ائل الفنية التي‬ ‫تتعلق بموضوع النزاع‪ ،‬وال يس��تطيع‬ ‫القاض��ي التع��رف عل��ى حقيقتها أو‬ ‫القطع فيه��ا برأي ليبني عليه حكمه‪،‬‬ ‫ويشترط في موضوع الخبرة ما يلي‪:‬‬ ‫ـ أن يك��ون محل الخب��رة متعلقًا‬ ‫بالدعوى‪ ،‬فال تجوز الخبرة على أشياء‬ ‫تخرج عن موضوع الدعوى‪.‬‬ ‫ـ أن يك��ون محل الخب��رة منازعًا‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫ـ يجب أن يك��ون موضوع الخبرة‬ ‫منتج��ًا في اإلثب��ات‪ ،‬ال تج��وز الخبرة‬ ‫على ش��يء زالت آثاره كلي��اً‪ ،‬كإجراء‬ ‫الخب��رة على س��يارة أصيب��ت بحادث‬ ‫ص��دم بع��د إصالحه��ا لتقدي��ر مدى‬ ‫الضرر الذي لحق بها‪.‬‬ ‫ـ ال تج��وز الخب��رة عل��ى ش��يء‬ ‫ممن��وع قانون��ًا‪ ،‬أو مخال��ف للنظ��ام‬ ‫العام واآلداب أو يمس حرية المدعى‬ ‫علي��ه أو ش��خصه‪ ،‬ف�لا يج��وز إجراء‬ ‫الخبرة على مواد مخدرة لتقدير مدى‬ ‫جودته��ا خالفًا لش��روط العقد‪ ،‬ألنها‬ ‫محظورة قانونًا‪.‬‬ ‫ـ أن يك��ون مح��ل الن��زاع صالحًا‬ ‫إلجراء الخبرة علي��ه‪ ،‬فال يجوز إجراء‬ ‫الخب��رة عل��ى المواق��ع العس��كرية‬ ‫والعت��اد الحربي التابع للجيش إال في‬ ‫الحدود التي تس��مح به��ا طبيعة تلك‬

‫المواقع ومدى سريتها‪.‬‬ ‫ـ ال تجوز الخبرة على التصرفات‬ ‫القانوني��ة‪ ،‬إال أنها تج��وز على محل‬ ‫هذه التصرفات القانونية واآلثار التي‬ ‫ترتبت عليها كم��ا يجوز إجراء الخبرة‬ ‫عل��ى األوراق والمس��تندات الت��ي تم‬ ‫فيها تدوين هذه التصرفات‪.‬‬

‫�صالحية الق�ضاء يف اللجوء �إىل اخلربة‬ ‫يقض��ي مب��دأ الحي��اد أن عل��ى‬ ‫القاض��ي أن ال يبن��ي قناعت��ه ف��ي‬ ‫الدع��وى إال ف��ي ض��وء م��ا يقدم��ه‬ ‫الخص��وم م��ن أدل��ة‪ ،‬إال أن��ه أحيان��ًا‬ ‫عل��ى القاضي الخروج عن هذا المبدأ‬ ‫والبحث عن الحقيقة بمعزل عن أدلة‬ ‫الخص��وم‪ ،‬ويتجلى ه��ذا النظام في‬ ‫مؤسسة الخبرة‪.‬‬ ‫ـ صالحي��ة القاض��ي المدني في‬ ‫اللج��وء للخبرة‪ :‬أك��د قان��ون البينات‬ ‫عل��ى أن��ه للقاضي من تلقاء نفس��ه‬ ‫أو بن��ا ًء على طل��ب الخصوم أن يقرر‬ ‫إجراء الخب��رة‪ ،‬وعليه في حال رفضه‬ ‫طلب أحد الخص��وم بإجراء الخبرة أن‬ ‫يقدم مبررات قانونية لتعليل قراره‪،‬‬ ‫إال أن هذه الصالحية ليس��ت مطلقة‪،‬‬ ‫ألن��ه إن كان بإمكان��ه فصل الدعوى‬ ‫دون إجراء التحقيق الفني‪ ،‬فإن لجوئه‬ ‫إلى الخب��رة يكون غير جائ��ز قانوناً‪،‬‬ ‫كم��ا أنه من صالحي��ة المحكمة أن ال‬ ‫تتقيد بالق��رار الذي تص��دره بإجراء‬ ‫الخب��رة فيج��وز أن تع��دل عن��ه متى‬ ‫وجدت بعد ذلك في وثائق الدعوى ما‬ ‫يكفيها لتكوين عقيدتها في موضوع‬ ‫الدعوى‪ ،‬إال أن هن��اك بعض الحاالت‬ ‫يكزن القاضي فيها ملزمًا باللجوء إلى‬ ‫الخبرة بنص القانون واالجتهاد عليها‬ ‫ومنها " تقدي��ر قيمة الدعوى‪ ،‬تقييم‬ ‫األشياء النفيس��ة المحجوزة‪ ،‬التنفيذ‬

‫عل��ى العق��ارات المحج��وزة‪ ،‬تقدي��ر‬ ‫قيم��ة األش��ياء الجهازي��ة‪ ،‬األمراض‬ ‫العقلية‪ ،‬الوقائع المرضية‪ ،‬في قانون‬ ‫الجمارك إثبات الحمل‪ ،‬التزوير "‪.‬‬ ‫ـ صالحية القاض��ي الجزائي في‬ ‫اللجوء للخبرة‪ :‬اكتف��ى قانون أصول‬ ‫المحاكم��ات الجزائي��ة باإلش��ارة إلى‬ ‫الخب��رة عن��د البحث في حال��ة الجرم‬ ‫المش��هود حث جاء في الم��ادة ‪/ 39/‬‬ ‫من��ه " إذا توقف تميي��ز ماهية الجرم‬ ‫وأحوال��ه على معرف��ة بعض الفنون‬ ‫والصنائ��ع فعل��ى النائ��ب الع��ام أن‬ ‫يصطح��ب واح��داً أو أكثر م��ن أرباب‬ ‫الف��ن والصنع��ة "‪ .‬كما نص��ت المادة‬ ‫‪ /40/‬على أنه" إذا مات شخص قت ً‬ ‫ال أو‬ ‫بأس��باب مجهولة باعثة على الشبهة‬ ‫فيستعين النائب العام بطبيب أو أكثر‬ ‫لتنظيم تقرير بأسباب الوفاة وبحالة‬ ‫جثة الميت "‪.‬‬ ‫كم��ا أن هن��اك بع��ض أن��واع‬ ‫الدع��اوى الت��ي ال يج��وز للقاضي أن‬ ‫يرفض اللجوء إلى الخبرة فيها ومنها‬ ‫" جرم التزوير‪ ،‬جرم الحيازة واالتجار‬ ‫بالمخدرات‪ ،‬اإليذاء الجس��دي‪ ،‬تحليل‬ ‫السموم‪ ،‬رفع البصمات‪" ...‬‬ ‫ـ فئ��ات الخب��راء ف��ي س��وريا‪" :‬‬ ‫األطب��اء الش��رعيون‪ ،‬خب��راء األدل��ة‬ ‫القضائية‪ ،‬خبراء الجدول وهم الخبراء‬ ‫الفني��ون فيما خال الفئتين األخيرتين‬ ‫" ويش��ترط بالخبير أن يك��ون عربيًا‬ ‫سورياً متمتعًا بحقوقه المدنية‪ ،‬متمًا‬ ‫الخامسة والعشرين من العمر‪ ،‬سالمًا‬ ‫من األمراض السارية والعاهات التي‬ ‫تمنع��ه م��ن أداء عمله‪ ،‬غي��ر محكوم‬ ‫علي��ه بجناي��ة أو جنحة ش��ائنة‪ ،‬غير‬ ‫مط��رود أو مع��زول م��ن عم��ل ح��ر‬ ‫أوم��ن أي عم��ل في الدول��ة‪ ،‬من غير‬ ‫العاملي��ن ف��ي الدول��ة إال إذا وافق��ت‬

‫الجهة الت��ي يعمل لديه��ا‪ ،‬له موطن‬ ‫ثاب��ت ف��ي المحافظة التي س��يزاول‬ ‫عمل الخبرة فيها‪ ،‬حائزاً على ش��هادة‬ ‫سورية تتراوح بين الجامعية والمعهد‬ ‫المتوس��ط‪ ،‬والثانوية الفنية بحس��ب‬ ‫موض��وع الخب��رة‪ ،‬وأن يك��ون مارس‬ ‫عمله مدة خمس سنوات بعد حصوله‬ ‫على الشهادة المطلوبة "‪.‬‬ ‫كما يتم رد الخبي��ر إذا كان بينه‬ ‫وبين أحد الخص��وم عداوة أو صداقة‬ ‫أو ش��راكة ف��ي العم��ل‪ ،‬أو إذا أقيمت‬ ‫بين��ه أو بي��ن أح��د الخص��وم أو أحد‬ ‫أقارب��ه أو مصاهري��ه حت��ى الدرجة‬ ‫الرابعة دعوى مدنية أو جزائية خالل‬ ‫السنوات الخمس السابقة‬ ‫أم��ا عن ح��االت بط�لان الخبرة‪،‬‬ ‫فالخب��رة باطل��ة إذا ش��ابها عي��ب‬ ‫جوه��ري ومن ه��ذه العي��وب وليس‬ ‫على س��بيل الحصر‪ :‬تس��مية الخبراء‬ ‫م��ن خ��ارج الج��دول‪ ،‬اختي��ار الخبير‬ ‫من قب��ل المحكمة قب��ل التحقق من‬ ‫اتف��اق األط��راف علي��ه‪ ،‬ع��دم حلف‬ ‫اليمين‪ ،‬ص��دور الخبرة من خبير غير‬ ‫مختص‪ ،‬مباش��رة الخبير الخبرة دون‬ ‫دع��وة الخص��وم‪ ،‬اس��تبدال الخبي��ر‬ ‫قب��ل تبليغه‪ ،‬خلو تقري��ر الخبرة من‬ ‫أسبابه‪ ،‬عدم وضوح الخبرة‪.‬‬ ‫ومن المالح��ظ أن اللجوء للخبرة‬ ‫يزداد انتش��اراً من الناحي��ة العملية‪،‬‬ ‫مما ي��ؤدي إلى إطالة أم��د التقاضي‪،‬‬ ‫وزي��ادة النفق��ات لذلك يج��ب التأكيد‬ ‫عل��ى ضرورة عدم إس��اءة اس��تخدام‬ ‫الصالحي��ات الممنوح��ة للقض��اء‬ ‫باللجوء إلى الخبرة‪ ،‬وعدم استخدامها‬ ‫للض��رورة‪ ،‬ألنه��ا طري��ق اس��تثنائي‬ ‫مباش��ر أوج��ده المش��رع لض��رورات‬ ‫عملية لمواجهة بعض التقنيات التي‬ ‫يصعب على القاضي إدراكها‪.‬‬


‫�أنا حر �أكتب بلغة حرة دون تكلف �أعرب عن �أفكاري بدون قيود �أو معوقات لغتي ب�سيطة وهديف وا�ضح كلمة حق ت�صل مبا�شرة لكل من‬ ‫يعي�ش معاناتي ويحلم نف�س حلمي ‪� ..‬أنا مواطن �سوري حر‪ ..‬حرب حر‪ :‬م�ساحة ر�أي تن�شر بالتزامن على املواقع التالية‪:‬‬ ‫�سوريا فوق اجلميع | كربيت | املند�سة ال�سورية | �صفحة ال�شعب ال�سوري عارف طريقه | �صفحة حركة �شباب ‪ 17‬ني�سان | راديو واحد‬ ‫زائد واحد | جملة �سوريتنا | جملة �سوريا بدها حرية | �صبايا و�شباب املجتمع املدين‬

‫ّ‬ ‫ت�سلح ال�سلمية و�سلمية ال�سالح‪ ..‬الطريق الوحيد النت�صار الثورة ال�سورية‬ ‫حبر حر ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬

‫تجس��د الص��راع عل��ى عن��وان ه��ذه‬ ‫الجمعة بمحاولة استبسالية من شباب العمل‬ ‫المدني الس��لمي ألخذه إلى دولة مدنية…‪..‬‬ ‫و بمجموعة كبيرة تريد أي عنوان عس��كري‬

‫أسبوعية‬

‫ال�سلمية �أو احلربية؟‬

‫خال�صة‪:‬‬

‫م��ن هن��ا يمك��ن أن نج��د االرضي��ة‬ ‫المش��تركة للعمل‪ .‬فالث��ورة باتت تحتاج إلى‬ ‫رزان وم��ا تمثله ومالك وم��ا يمثله متحدين‬ ‫معا لتس��تطيع المضي إلى أهدافها‪ .‬ال يمكن‬ ‫أن نس��مح للتخندق و التمترس أن يصل إلى‬ ‫الثائرين ليفتت عضدهم و يشق صفوفهم‬ ‫أخيراً‪ ..‬ربما نس��تفيد م��ن عبر التاريخ‬ ‫ورجاله ونسوق هنا أربع مقوالت لختام هذه‬ ‫القراءة ونعتذر عن اإلطالة‪.‬‬ ‫إن الث��ورة ه��ي ص��راع بي��ن الماضي‬ ‫والمس��تقبل ‪ ،‬والطري��ق ال��ى انجازها ليس‬ ‫مفروشا بالورود‬ ‫• كاسترو‬ ‫ال يمك��ن القيام بالث��ورة للوصول إلى‬ ‫الديمقراطية عليك أن تتحلى بالديمقراطية‬ ‫لتحقيق الثورة‬ ‫• جيلبير تشرتيرتون‬ ‫لن يكون بامكانك القيام بثورتك وأنت‬ ‫ترتدي القفازات البيضاء‬ ‫• لينين‬ ‫كن��ا نعتقد أن الث��ورات هي المس��ببة‬ ‫للتغي��ر والحقيقة ه��ي عكس ذل��ك فان ما‬ ‫يمهد الطريق للثورات هو التغيير‪.‬‬ ‫• إيريك هوفر‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫النظ��ام و الث��ورة وص�لا إل��ى مرحل��ة‬ ‫الالعودة ولكن في ظل قيادة سياسية هشة‬ ‫للمعارض��ة والفش��ل “القري��ب م��ن الذريع”‬ ‫ألداءه��ا الراهن وصمت العال��م المتوقع ألن‬ ‫المجتم��ع الدولي على ما يب��دو حين يريد أن‬ ‫يصغي لسوريا يضع أذنه في تل أبيب‬ ‫م��ن هنا بات��ت الثورة تع��رف أنها يجب‬ ‫أن تحم��ي نفس��ها‪ .‬و م��ن ل��دن المؤسس��ة‬ ‫العس��كرية المحكم��ة اإلغالق خرج الس�لاح‬ ‫بعنوانين‪.‬‬ ‫األول الضباط األحرار و لس��بب غامض‬ ‫تم التعتيم عليه بسرعة بعد اختطاف قائده‬ ‫الهرموش مخدرا من تركيا‪.‬‬ ‫والثان��ي ج��اء الحق��ا و اس��مه الجيش‬ ‫الحر‪ .‬و بس��بب تعامل الس��وريين معه بحذر‬ ‫غريزي معهود مع األيام واالرتباكات األولى‪،‬‬ ‫والتخب��ط السياس��ي‪ ،‬وإعتماد إع�لام الثورة‬ ‫مبدأ االصطفاء واالنتق��اء “كالجزيرة مثال “‪.‬‬ ‫تأخ��ر التعرف على الجيش الحر…‪ .‬من هو ؟‬ ‫كيف يعمل ؟ ماذا يريد ؟‬ ‫وكان��ت الريبة مصاحبة له ولتس��ميات‬ ‫كتائب��ه والعبء الهائل على األهالي لحمايته‬ ‫في بداية االنش��قاقات…‪ .‬كل هذا جعل منه‬ ‫مجرد تس��مية غامض��ة في فضاء محتش��د‬ ‫بالتسميات‪.‬‬ ‫لكن الحراك الس��لمي أو ثوار الس��لمية‬ ‫أصيبوا باالحب��اط نظرا لكون بعضهم أغرار‬ ‫ف��ي العم��ل السياس��ي وبعضه��م اآلخر لم‬ ‫يع��ش بش��كل مباش��ر تحت ه��ول القصف‬ ‫والرعب الذي تعرض له ثوار التسليح‪.‬‬ ‫اس��تجمعوا ه��ؤالء قواه��م وانخرطوا‬ ‫بجدية أكبر في إضراب الكرامة وأيام الحرية‬ ‫و تج��اوب الش��ارع الثائر معهم ب��كل اقتناع‬ ‫على أمل أن تحصل معجزة ما‪ .‬كأن يعطس‬ ‫الجس��د الس��وري فج��أة مخرجا ه��ذا البلغم‬ ‫المقرف من خياشيمه‪.‬‬ ‫ولك��ن نظام��ا مث��ل النظ��ام الس��وري‬ ‫متج��ذرا بالصل��ف والعن��ف زاد م��ن القت��ل‬ ‫المنظ��م وحافظ بش��كل ممنه��ج على عداد‬ ‫الش��هداء اليوم��ي‪ .‬منتقال م��ن عمليات قتل‬ ‫و قم��ع إل��ى أخ��رى‪ ,‬مزي��دا ف��ي االحتقان و‬ ‫المرارة‪ ،‬و موجها حملة شعواء لقتل واعتقال‬ ‫ونفي القيادات الواعية في النشاط السلمي‪،‬‬ ‫و ممارس��ا أشد الوس��ائل خبثا وترويعا على‬ ‫كل الشخصيات العلمانية والمدنية و الدينية‬ ‫والقيادات الش��بابية من األقليات و الطوائف‬ ‫لتلبيس الثورة الث��وب القديم الموضوع في‬ ‫خزانة األس��د األول منذ الثمانينات‪ .‬يوم كان‬ ‫التخوي��ف م��ن األخ��وان المس��لمين وصفة‬ ‫ناجعة لردع وجود أي محيط حيوي للتغيير‪.‬‬ ‫إحس��اس المهان��ة ال��ذي كان و م��ازال‬ ‫النظام يشعر به حاول تعويضه رأس النظام‬ ‫بابتكار بطولة خلبية في إلقاء خطب تضاف‬ ‫إل��ى إرش��يفه الوض��اء بالتفاه��ة وهروب��ه‬ ‫الكركوزي بين أشجار مكتبة األسد‪.‬‬ ‫وانتق��ل بعدها إلى اس��تخدام ما يحب‬ ‫الطغ��اة اس��تعماله…‪ .‬العب��ارة الش��هيرة‬ ‫“س��نضرب بيد من حديد ” …‪ .‬وهنا نس��جل‬ ‫بش��رى تاريخي��ة تق��ول ‪ :‬إن ّ‬ ‫كل طاغي��ة‬ ‫اس��تخدم هذا المصطلح انته��ى إلى أعماق‬ ‫مزبل��ة التاري��خ مهزوم��ا أو هارب��ا مغم��ورا‬ ‫بالعقب الحديدية‪.‬‬

‫لدرء القتل اليومي‪.‬‬ ‫و لنكن موضوعيين‪ ..‬لقد فشل الحراك‬ ‫الس��لمي بتحري��ك دمش��ق وحل��ب و باق��ي‬ ‫الم��دن الكبيرة التي له��ا حضور معنوي مثل‬ ‫طرطوس‪ ،‬السويداء‪ ،‬الرقة والقامشلي كما‬ ‫ينبغي وفشل نوعا ما بزحزحة كتلة الطوائف‬ ‫الواقفة في الوس��ط الضيق‪ .‬ولكنه استطاع‬ ‫اجتراح معجزات تنظمية لش��باب كانت حتى‬ ‫االمس القريب عالقتهم بالسياسة ال تتعدى‬ ‫معرفة أسماء تيارات وأحزاب لبنان‪.‬‬ ‫أس��تطاع ه��ؤالء الش��باب ط��وال فترة‬ ‫الح��راك التصدي لرواي��ة النظ��ام الطائفية‬ ‫وتفتيته��ا وتفنيده��ا مما ش��جّع الكثير من‬ ‫األف��راد و الكثي��ر م��ن الطوائ��ف واالقلي��ات‬ ‫االنتماء للثورة قلبا وعمال ودعما ومساندة‪.‬‬ ‫لق��د تجل��ى االحب��اط إل��ى م��ا يش��به‬ ‫االنقس��ام الح��اد ف��ي ال��رأي بي��ن الثائرين‬ ‫ف��ي التس��مية األخي��رة للتصوي��ت ح��ول‬ ‫جمع��ة الدفاع ع��ن النفس أو جمع��ة الدولة‬ ‫المدني��ة…‪ .‬و عملت جرائم النظام المتتالية‬ ‫على إذكاء االنقسام هذا و زيادة حدة التوتر‬ ‫بين الجميع‬ ‫وهنا نسجل مالحظتين‪:‬‬ ‫األول��ى‪ :‬إن��ه ال اختالف جوه��ري على‬ ‫الهدف والتس��ميتين…‪ .‬ولك��ن الخالف على‬ ‫التوقيت…‪ .‬فش��باب الس��لمية أنجزوا خالل‬ ‫األس��ابيع الماضي��ة عم�لا رائع��ا يس��تحق‬ ‫التقدي��ر و دفعوا الث��ورة إلى مراحل لم تكن‬ ‫لتصلها دون جهودهم‬ ‫الثاني��ة‪ :‬ش��باب التس��ليح أق��رب إل��ى‬ ‫أرض األماك��ن الموجوعة…‪ .‬ه��م يعرفون‬ ‫م��ا يحش��ده النظ��ام وأن��ه في ط��ور فقدان‬ ‫الس��يطرة قد جهّز ورقت��ه األخيرة ” الضرب‬ ‫بيد من حديد ” وحشد قواته لعملية الحسم‪.‬‬ ‫وهؤالء ما يهمهم اليوم هو اللحظة الراهنة‬ ‫وم��ا يه��م ش��باب الس��لمية أكث��ر هو‬ ‫اللحظ��ة القادم��ة لما م��ا بعد النظ��ام و بناء‬ ‫الدول��ة العادلة و المجتم��ع األقوى و الحفاظ‬ ‫عل��ى بني��ان الدول��ة الس��ورية الواح��دة مع‬ ‫حقن دماء الس��وريين‪ .‬يعني االختالف حول‬ ‫األولويات وليس في الجوهر‪.‬‬ ‫ش��باب الس��لمية كان��ت رؤيته��م أن‬ ‫م��ا يح��دث ربما يض��ر مس��تقبل الح��راك و‬ ‫مس��تقبل الوط��ن و يعط��ي مب��ررا للنظام‬ ‫لكي يبطش أكثر بأبناء هذا الش��عب و يرفع‬ ‫فاتورة التغيير من شهداء هذا الوطن‬ ‫و بدا االنقس��ام حادا و ب��دأ التنابز بين‬ ‫الجمي��ع و لو كان��وا كلهم على قل��ب واحد و‬ ‫همّ واحد‬ ‫ونعتق��د أن ما حصل س��يكون له تاثير‬ ‫إيجاب��ي الحق��ا عل��ى الوط��ن ككل وإن كان‬ ‫اآلن يوحي ب��أن التص ّلب والتطرف بدأ يدخل‬ ‫إلى لغة الناش��طين‪ .‬وهي ع��وارض مؤقتة‬ ‫وصحي��ة بمرحلة ما قب��ل النضج االجتماعي‬ ‫الجمعي‪.‬‬ ‫لنختصر ونقول نحن اليوم أمام مشهد‬ ‫يقول التالي‪:‬‬ ‫النظ��ام لديه مقياس حرارة وضعه في‬ ‫مؤخرة ما يس��مى المجتم��ع الدولي و يعرف‬ ‫أن الح��رارة لم تصل بعد إلى درجة ان يقوم‬ ‫ه��ذا المجتمع الدولي برمي��ه و لفظه ‪ .‬لذلك‬ ‫يطمئن‪ ،‬وخالل الفت��رة الماضية نجح نتيجة‬ ‫العنف والقمع وآل��ة اإلعالم الجهنمية بخلق‬ ‫ما يريده نوعا ما دون أن يلتفت إلى أن اللعب‬ ‫بالنار و العنف الذي يستخدمه و يشجّع عليه‬ ‫البد و أن يرتد و يخرج عن قدراته للسيطرة‬ ‫عليه‬ ‫كان يتوق��ع مجموع��ات مح��ددة م��ن‬ ‫المنش��قين وبع��ض المدنيي��ن المس��لحين‬

‫ف��ي أماك��ن مح��ددة‪ ،‬وألن ه��ذا الن��وع من‬ ‫السحراألس��ود ينقل��ب دائم��ا على الس��احر‪.‬‬ ‫فكانت النتيحة أن أوجد له حقيقة مجموعات‬ ‫ليس��ت مسلحة فحس��ب‪ ،‬بل مصرة ومؤمنة‬ ‫وشغوفة لقتاله‪.‬‬ ‫وهن��ا عق��د المقارن��ة م��ع األخ��وان‬ ‫المس��لمين والطليعة المقاتل��ة التي حاربت‬ ‫بشراس��ة غي��ر موفق بالم��رة‪ .‬ألنه��ا كانت‬ ‫تحارب دون بوصلة ودون غطاء شعبي يتسع‬ ‫يوما بعد يوم كما يحدث اليوم‬ ‫الناس في األماكن المسحوقة تتعرض‬ ‫منذ أش��هر ألكبر عمليات وحمالت إذالل ووأد‬ ‫منظم…‪ .‬ه��ؤالء تحت وطأة غري��زة الحياة‬ ‫والم��وت اليومي…‪ .‬و االيمان الكامل بعدالة‬ ‫ما يس��عون إلي��ه و يطلبوه…‪ .‬فم��اذا نتوقع‬ ‫منهم؟ طبيعي أن يخرج الش��باب للدفاع عن‬ ‫النف��س‪ ،‬وايض��ا لتحقيق نوع م��ن االنتقام‬ ‫مواز‬ ‫رعب ٍ‬ ‫وخلق ٍ‬ ‫الن��اس المنتقض��ة تفه��م مس��ألتين‬ ‫(الس�لاح يحمي و يه��دد‪ ).‬وهذه المُس�� ّلمة‬ ‫الي��وم ل��م تبتكر من ف��راغ ب��ل وصلت ألي‬ ‫متظاهر ثائر سلمي كان أو نصف سلمي في‬ ‫المدن المكلومة بعد أن ذاق أهوال العنف‪.‬‬ ‫لذل��ك يصب��ح إس��داء النص��ح والطلب‬ ‫منه��م التخل��ي ع��ن هاتي��ن الوس��يلتين‬ ‫األخيرتين‪ .‬بمثابة انتحار ‪.‬‬ ‫نعم…‪ .‬إن طلب أن يبقى الثائر مسالما‬ ‫وهو يرج��م بكل أنواع العنف و القتل‪ .‬تمني‬ ‫ال يعادله سوى حلب النجوم‪.‬‬ ‫اليوم يس��بح الث��وار في بحر من الدم‪،‬‬ ‫عدته��م عب��وة أكس��جين ممتلئ��ة باألم��ل‬ ‫المنبث��ق م��ن االلم‪ ،‬وف��ي يده��م “كاميرا”‬ ‫لتوثيق الم��وت… وحَربة لرد األذى اس��مها‬ ‫الجيش السوري الحر‪.‬‬ ‫مطالبة ثوار السلمية هؤالء بنزع أي من‬ ‫هذه األدوات هو مثل محاولة إقناع الغوّاص‬ ‫بالذهاب لمعانقة التماسيح وأسماك القرش‬ ‫بأنه ذاهب لمداعبة الدالفين‪.‬‬ ‫فما هو المطلوب إذا؟‪:‬‬ ‫إسباغ الشرعية على الدفاع عن النفس‬ ‫ريثما يرتب الجيش الحر أموره‪.‬‬ ‫ف��كل المؤش��رات تؤك��د إن الن��اس‬ ‫الموجوعة وجدت بصيصا في هؤالء الشباب‬ ‫الذين تسلحوا أو أنش��قوا‪ .‬فهم عامل األمن‬ ‫واألمان واألمل الوحيد لهم‪.‬‬ ‫و ليكن إيماننا بأخالقيات هؤالء الشباب‬ ‫وضمائره��م الحي��ة ونش��اطهم ف��ي خدمة‬ ‫أهلهم وحماية الثورة ليس من القمع فحسب‬ ‫بل من ش��لل “الزعران” واللصوص المتوقع‬ ‫أن تجد بيئة لها وسط هذه الفوضى‪.‬‬ ‫ومطلوب من شباب التنسيقيات التعاون‬ ‫مع الجيش الحر و مس��اعدته لتقديم صورة‬ ‫نزيهة عن نفس��ه‪ ،‬وترتب حضوره اإلعالمي‬ ‫ودعم تس��ميات وطنية جامعة ف��ي كتائبه‪،‬‬ ‫و ع��زل اللصوص والمرتزق��ة ممن يحملون‬ ‫السالح مستغلين الفراغ األمني ومنعهم من‬ ‫استخدام اسمه‪.‬‬ ‫كم��ا يجب أن ينتب��ه الجميع من مخاطر‬ ‫حمل الس�لاح بش��كل ف��ردي فوض��وي غير‬ ‫منظم تح��ت قيادة صحيحة… فلهذا عواقبه‬ ‫المدم��رة للب�لاد و للث��ورة…‪ .‬و هن��ا تكمن‬ ‫المسؤولية المشتركة بين الشباب المتحمس‬ ‫و الجيش الحر‬ ‫إن الش��باب الس��لمي الثائر هو العمود‬ ‫الفق��ري له��ذا الحراك…‪ .‬و س��يبقى الخزان‬ ‫الث��وري األكب��ر…‪ .‬فهو من تص��دح حناجره‬ ‫ف��ي المظاهرات…‪ .‬و هو م��ن يقدم الدعم‬ ‫للث��ورة و االغاثة للمنكوبي��ن…‪ .‬و قد قدّم‬ ‫هؤالء الشباب الكثير الكثير من الشهداء…‪.‬‬

‫و لع��ل التذكير واجب بأن مهمة الجيش الحر‬ ‫األول��ى كان��ت حماي��ة المدنيي��ن و الثائرين‬ ‫السلميين…‪ .‬و لن ينتهي دور الثائر السلمي‬ ‫وال يمك��ن ألح��د أن يهمّ��ش دوره و يق��زّم‬ ‫نضاله و تضحياته‬ ‫الجي��ش الح��ر يج��ب ان يتماث��ل م��ع‬ ‫أخالقيات الثورة ويتماس��ك بسرعة‪ ،‬ويعمل‬ ‫عل��ى إثبات جدارته‪ .‬يمكن هن��ا ان نعتمد ما‬ ‫صرح به مالك األشتر قائد كتيبة األشتر في‬ ‫الجي��ش الحر للناش��طة الس��لمية الحقوقية‬ ‫رزان زيتوني��ة‪ .‬ونش��ر ف��ي جري��دة الحي��اة‬ ‫كنقط��ة إلتقاء بين فكري��ن كل واحدة منها‬ ‫تكمل األخرى “السلمية والتسليح”‬ ‫مال��ك األش��تر متظاه��ر س��لمي ل��م‬ ‫يغادر البلد ووجد نفس��ه م��ع أخوته وعائلته‬ ‫المكلوم��ة عل��ى قائمة المطلوبي��ن أحياء أو‬ ‫أموات فهنا الس�لاح لي��س موضوعا للنقاش‬ ‫بل الحل الوحي��د للكثيرين من أمثاله‪ .‬وبدل‬ ‫م��ن إقام��ة المأتم ح��ول “لبينة س��وريا ” أي‬ ‫تحوي��ل س��وريا إل��ى ليبيا” نجد م��ن يحمل‬ ‫الس�لاح من امثال األشتر يس��تحقون الدعم‬ ‫والحماية والتغطية‬ ‫أصرّ األش��تر ف��ي مقابلت��ه على وضع‬ ‫الخط��وط العريض��ة لمب��اديء الجيش الحر‬ ‫حين رد على سؤال رزان التالي‪:‬‬ ‫باعتبارك كنت في يوم ما متظاهراً ثم‬ ‫تحولت إلى مقاتل‪ ،‬ماذا تقول لدعاة السلمية‬ ‫وماذا تقول لدعاة العسكرة؟‬ ‫بأجابته التي ننقللها كاملة وحرفية‪:‬‬ ‫(أقول لدع��اة الس��لمية وللمتظاهرين‬ ‫اس��تمروا في س��لميتكم ما دام هن��اك أمل‬ ‫بالح��ل الس��لمي‪ ،‬ألن إراق��ة الدم��اء ليس��ت‬ ‫باألم��ر الس��هل‪ ،‬ول��و كان الح��ل باس��تمرار‬ ‫الس��لمية حتى ل��و ط��ال الوقت أكث��ر‪ ،‬فهذا‬ ‫أفضل بكثير‪ .‬وأقول لدعاة العس��كرة‪ ،‬إياكم‬ ‫والطائفية‪ ،‬ألن النظام يلعب على هذا الوتر‪،‬‬ ‫وأذكرهم ب��أال يظلموا أحداً أي��ًا كان دينه أو‬ ‫مذهبه‪ ،‬وأال يوجه س�لاحهم إلى أي شخص‬ ‫إال إذا دع��ت الحاجة لدف��ع الظلم عن الناس‪،‬‬ ‫وال فرق بين مسلم ومسيحي وعلوي وكردي‬ ‫نحن س��وريون‪ ،‬وقضيتنا واحدة‪ .‬وهذا ليس‬ ‫كالمًا للدعاية‪ ،‬هذا ما يجب أن يكون إذا أردنا‬ ‫الوصول فع ًال الى أهداف ثورتنا)‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫جاللة امللك في�صل الأول ‪1933 - 1883‬‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫في األعداد الثالثة الس��ابقة قمنا بعرض‬ ‫تراج��م ل��كل من " فوزي باش��ا العظ��م‪ ،‬وعبد‬ ‫الرحمن باش��ا اليوسف ويوس��ف العظمة " وقد‬ ‫كان وبحك��م المرحل��ة التاريخي��ة جاللة الملك‬ ‫فيص��ل األول القاس��م المش��ترك بي��ن ه��ذه‬ ‫التراج��م‪ ،‬ل��ذا س��نعرض الي��وم لس��يرة ملك‬ ‫س��وريا األوحد‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن الدعوات‬ ‫لملكية في س��وريا لم تق��ف عند حكم العرش‬ ‫الهاشمي‪ ،‬فمع االس��تقالل األول عن السلطنة‬ ‫العثمانية‪ ،‬وانتهاء العهد الفيصلي في س��وريا‪،‬‬ ‫ظه��رت عدة دع��وات لنظ��ام ملكي ف��ي البالد‬ ‫كان أبرزها دعوة األمير س��عيد الجزائري حفيد‬ ‫األمي��ر عبد القادر الجزائري ال��ذي كان الحاكم‬ ‫الفعل��ي للداخ��ل الس��وري خ�لال إقامت��ه في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬ودعوة الداماد "أحمد نامي بيك" زوج‬ ‫األميرة "عائش��ة" ابنة الس��لطان "عبد الحميد‬ ‫الثان��ي" والذي تولى رئاس��ة الدولة والحكومة‬ ‫ف��ي س��وريا ع��ام ‪ 1926‬لم��دة ش��هر تقريباً‪،‬‬ ‫ودعوات من آل المؤيد العظم الفرع الثاني آلل‬ ‫العظم حكام سوريا التقليديين‪ ،‬ومن الشريف‬ ‫س��عيد الجزائري ابن عم الش��ريف حسين بن‬ ‫علي لكن التنوع والمستوى الثقافي والسياسي‬ ‫الرفيع للنخب الس��ورية بدايات القرن الماضي‬ ‫قط��ع الطري��ق عل��ى ه��ذه الدع��وات‪ ،‬عل��ى‬ ‫الرغ��م من كون النظام الملك��ي النظام األعم‬ ‫عالمي��اً وف��ي محيط��ه في تل��ك الفت��رة‪ ،‬وإذا‬ ‫ج��از لنا اعتب��ار النظام الجمه��وري أكثر تطوراً‬ ‫م��ن النظ��م الملكي��ة التقليدية‪ ،‬تبي��ن لنا بأن‬ ‫الس��وريين كان��وا رواداً بالنس��بة لمحيطه��م‪،‬‬ ‫وبقي السوريون مخلصين لجمهوريتهم‪ ،‬ولم‬ ‫يسجل التاريخ الس��وري الحديث ملكًا باستثناء‬ ‫الملك فيصل‪.‬‬ ‫ول��د فيص��ل ب��ن الش��ريف حس��ين ب��ن‬ ‫الشريف علي الهاش��مي عام ‪ 1883‬في مدينة‬ ‫الطائ��ف التابع��ة إلم��ارة مك��ة إح��دى إمارات‬ ‫والية الحج��از التابعة للدول��ة العثمانية‪ ،‬وكان‬ ‫االب��ن الثال��ث لش��ريف مكة الش��ريف حس��ين‬ ‫بن الش��ريف علي بن الش��ريف محمد بن عبد‬ ‫المعين بن عون الهاش��مي‪ ،‬أتم دراسته األولى‬ ‫في قرية رحاب عند جده‪ ،‬ثم أكمل تعليمه في‬ ‫األس��تانة‪ ،‬عام ‪ 1913‬اختير ممث ًال عن جدة في‬ ‫البرلمان العثماني‪.‬‬ ‫عش��ية اإلعدام��ات الت��ي نفذه��ا جم��ال‬ ‫الس��فاح بأحرار س��وريا توجه فيصل للتوسط‬ ‫لدى جمال باش��ا ليوقف تنفيذ هذه األحكام إال‬ ‫أنه باء بالفشل وعاد إلى مكة مقتنعًا بضرورة‬ ‫التخلص من الحكم العثماني‪.‬‬ ‫كان��ت ثورة الش��ريف حس��ين ترمي إلى‬ ‫اس��تقالل العرب عن الدولة العثمانية استقال ًال‬ ‫تام��ًا‪ ،‬وإنش��اء مملك��ة عربية يكون الش��ريف‬ ‫حس��ين مل��كًا عليه��ا تض��م الحج��از والع��راق‬ ‫وسورية واألردن وتكون عاصمة هذه المملكة‬ ‫مك��ة المكرمة باس��تثناء فلس��طين‪ ،.‬أما هدف‬ ‫بريطانيا فكان تقويض أركان الدولة العثمانية‪،‬‬ ‫وإقامة الدولة اليهودية على أرض فلس��طين‪،‬‬ ‫ولتحقيق هذا الهدف اس��تغلت النزعة القومية‬ ‫فش��جعت على إنش��اء جمعية االتحاد والترقي‬ ‫في تركيا والتي تنادي بتفوق األتراك وفصلهم‬ ‫ع��ن العالم العرب��ي‪ .‬وأقام الزعي��م اإلنكليزي‬ ‫مكماه��ون مراس�لاته الش��هيرة مع الش��ريف‬ ‫حس��ين والت��ي انتهت ع��ام ‪ 1915‬باتفاقية مع‬ ‫الشريف حسين والتي كانت بتدبير من ضابط‬ ‫المخابرات اإلنكليزي لورانس بعد وعود كثيرة‬ ‫قدمها اإلنكليز بإنش��اء المملكة العربية ودعم‬ ‫ه��ذه المملكة سياس��ياً وعس��كريًا واقتصاديًا‪.‬‬ ‫وعلى إث��ر ذلك أعلن الش��ريف حس��ين ثورته‬ ‫وانضم��ت إلي��ه القبائل العربية كم��ا حاز على‬ ‫تأيي��د المش��رق العربي بكامله‪ ،‬بحكم نس��به‬ ‫النب��وي وضيق الع��رب من بط��ش العثمانيين‬ ‫وسياس��اتهم الرامي��ة إل��ى تتري��ك المنطق��ة‬ ‫وطمس الهوية العربية‪.‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1916‬كانت بريطانيا وفرنس��ا‬ ‫اتفقتا في معاهدة سرية هي معاهدة سايكس‬

‫بيكو على تقسيم أمالك الدولة العثمانية فيما‬ ‫بينهم��ا‪ ،‬وفي ع��ام ‪ 1917‬كان وعد بلفور وهو‬ ‫الوع��د البريطان��ي ببن��اء وطن قوم��ي لليهود‬ ‫في فلس��طين‪ ،‬وفي عام ‪ 1918‬بعد أن وضعت‬ ‫الحرب العالمية أوزارها‪ ،‬بدأت بريطانيا وفرنسا‬ ‫بتطبي��ق اتفاقي��ة س��ايكس بيكو‪ ،‬وتقاس��موا‬ ‫الب�لاد التي وعدوا بها الش��ريف حس��ين‪ ،‬فثار‬ ‫عليه��م فاعتقل��وه ونفوه إلى قب��رص وجعلوا‬ ‫من ابنه فيصل األول حاكما على سورية والتي‬ ‫كان ق��د دخلها مع القوات البريطانية في العام‬ ‫نفس��ه وسط ترحيب الس��وريين‪ ،‬وابنه الثاني‬ ‫عبد اهلل بن الحسين حاكماً على األردن‪.‬‬ ‫فد يسجل التاريخ بأن الملك فيصل عين‬ ‫حاكماً لسوريا من قبل االحتالل البريطاني‪ ،‬إال‬ ‫أن التاريخ يسجل لفيصل أيضًا أنه اتخذ الخيار‬ ‫الديمقراط��ي في حكم البالد‪ ،‬ون��ادى بملكيةٍ‬ ‫دس��تورية تش��به إلى حدٍ بعيد النظام الملكي‬ ‫في بريطانيا‪ ،‬وبذل من ماله الخاص لتأسيس‬ ‫ن��واة لالقتص��اد الس��وري‪ ،‬وليرفع ع��ن البالد‬ ‫األزم��ة االقتصادية التي وصلت ح��د المجاعة‪،‬‬ ‫تذخ��ر كتب التاري��خ بمآثر ملك س��وريا‪ ،‬إال أن‬ ‫عمق تأثير الملك فيصل على السوريين يظهر‬ ‫فيم��ا تناقلته العامة بحيث أضحى دخول الملك‬ ‫س��وريا جزءاً من الموروث الشعبي الدمشقي‪،‬‬ ‫ولن��ا أن نذكر كت��اب الباحثة "س��هام ترجمان"‬ ‫"يا مال الش��ام" وكتاب "األمثال الشامية "لنزار‬ ‫أباظ��ة" وكت��اب "حكاي��ا دمش��قية" للدكت��ور"‬ ‫كاظم الداغس��تاني" لنتلمس أث��ر الملك على‬ ‫السوريين‪.‬‬ ‫ب��دأ فيصل عه��ده في س��وريا باالجتماع‬ ‫م��ع الوجه��اء واألش��راف والزعام��ات الديني��ة‬ ‫والمحلي��ة عل��ى اختالف اتجاهاته��م‪ ،‬حتى من‬ ‫ناصبه العداء وحاربه زمن العثمانيين‪ .‬وعشية‬ ‫دخول الملك سوريا عقد اجتماع بمثابة مجلس‬ ‫شورى مصغر في مدينة دمشق برئاسة األمير‬ ‫عبد الق��ادر الجزائري "الحفيد "والش��يخ طاهر‬ ‫الجزائ��ري وبدي��ع المؤيد العظ��م وفارس بيك‬ ‫الخوري وآخرون وسموا األمير سعيد الجزائري‬ ‫رئيس��ًا للحكوم��ة ورفعوا علم الث��ورة العربية‬ ‫عل��ى دار البلدية‪ ،‬وم��ع دخول الملك تش��كلت‬ ‫حكومة برئاسة علي رضا الركابي‪.‬‬ ‫كان المل��ك فيص��ل يؤك��د ف��ي كل‬ ‫مناس��بة على أن العرب متساوون في الحقوق‬ ‫والواجبات حيث قال في إحدى خطبه في مدينة‬ ‫حل��ب بتاري��خ ‪ 11‬تش��رين الثاني ع��ام ‪:1918‬‬ ‫«إن الع��رب ه��م ع��رب قبل موس��ى وعيس��ى‬ ‫ومحمد»‪.‬‬ ‫وق��ال في مناس��بة أخ��رى‪« :‬بالرغم من‬ ‫أني م��ن أعرق األس��ر اإلس�لامية‪ ،‬فقد حملت‬ ‫الس�لاح ضد الخالفة‪ ،‬وإلى جان��ب الحلفاء من‬ ‫أجل تحقيق الوحدة»‪.‬‬ ‫هي��أ وج��ود يصل ف��ي س��وريا وانفتاحه‬ ‫عل��ى كافة التيارات لظهور األحزاب السياس��ية‬ ‫وكش��ف النقاب عن األحزاب الت��ي كانت تعمل‬ ‫بس��رية‪ .‬فكانت أولى التجمعات السياسية هي‬ ‫جمعي��ة العربي��ة الفتاة ث��م حزب االس��تقالل‬ ‫الذي انبثق عن الجمعي��ة‪ ،‬وبعد ذلك أُعلن عن‬ ‫تأسيس النادي العربي الذي كان رضا الركابي‬ ‫أحد مؤسس��يه‪ .‬وحزب العهد الذي تم تأسيسه‬ ‫قبل الحرب حيث انض��م أعضاؤه فيما بعد إلى‬ ‫قوات الثورة العربية الكبرى ثم أصبح فيما بعد‬ ‫محصوراً بالجي��ش تقريباً‪ .‬باإلضافة إلى حزب‬ ‫االتحاد الس��وري‪ ،‬الذي كان تأسيسه في مصر‬ ‫من قبل عدد من الس��وريين المقيمين هناك‪،‬‬ ‫ثم أسس فرعًا له بدمشق بقيادة عبد الرحمن‬ ‫الشهبندر‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1919‬توج��ه فيص��ل إل��ى باريس‬ ‫لشرح القضية العربية‪ ،‬لكن الدول االستعمارية‬ ‫كان��ت اتخ��ذت قراره��ا مس��بقًا ول��م يرجع إال‬ ‫بوعودٍ ضبابية‪.‬‬ ‫بتاري��خ ‪ 6‬آذار ‪ 1920‬عُق��دت في النادي‬ ‫العربي بـدمش��ق جلسة حضرها الملك فيصل‬ ‫وأركان حكومت��ه حيث ألقى هناك فيصل بيانًا‬

‫تفصيلي��اً للقضي��ة العربية‪ ،‬وتح��دث فيها عن‬ ‫حق العرب باالس��تقالل‪ ،‬وطلب من المؤتمرين‬ ‫تقرير شكل الدولة ووضع الدستور‪ .‬دام اجتماع‬ ‫ذل��ك المؤتم��ر يومي��ن كاملين بإدارة هاش��م‬ ‫األتاس��ي حيث اتخذ في النهاية ق��راراً‪ .‬جماعيًا‬ ‫يلخ��ص فيه آراء كافة األح��زاب الوطنية‪ .‬حيث‬ ‫ن��ص القرار على اس��تقالل س��ورية الطبيعية‬ ‫بما فيها فلس��طين ورفض االدعاء الصهيوني‬ ‫بالوط��ن القوم��ي‪ ،‬وإعط��اء ضمان��ات لنظ��ام‬ ‫خاص في لبنان‪.‬‬ ‫كما تقرر باإلجماع تقديم العرش لألمير‬ ‫فيصل على أن تُعلن البيعة يوم ‪ 8‬آذار في دار‬ ‫البلدي��ة‪ .‬ثم ج��رت احتفاالت المبايع��ة في دار‬ ‫البلدية وسط حماس كبير‪ .‬رافقته أصوات دوي‬ ‫المداف��ع أثناء رفع العلم الس��وري‪ .‬وكان العلم‬ ‫الس��وري هو العلم العربي نفس��ه مضافاً إليه‬ ‫نجمة بيضاء في المثلث األحمر‪ " .‬حتى تاريخه‬ ‫بتفويض من‬ ‫كان فيصل يعتبر حاكماً لسوريا‬ ‫ٍ‬ ‫الجيش البريطاني "‪.‬‬ ‫ف��ي الثامن م��ن آذار ي��وم البيع��ة تعهد‬ ‫المل��ك باحت��رام القواعد الس��بعة التي كانت "‬ ‫طاعة اهلل‪ ،‬احترام كافة األديان‪ ،‬الحكم شورى‪،‬‬ ‫المس��اواة في الحقوق‪ ،‬توطي��د األمن‪ ،‬تعميم‬ ‫المعارف (التربي��ة والتعليم)‪ ،‬إس��ناد المناصب‬ ‫والوظائف لألكفاء "‬ ‫وبعد ذلك تش��كلت لجنة لوضع الدستور‬ ‫برئاس��ة هاش��م األتاس��ي حي��ث ن��ص ذل��ك‬ ‫الدس��تور عل��ى أن س��ورية ملكي��ة دس��تورية‬ ‫وراثية في األس��رة الهاش��مية‪ ،‬عل��ى أن يكون‬ ‫الملك محترماً وغير مسؤول‪ ،‬وتُدار البالد على‬ ‫أس��اس الالمركزي��ة‪ ،‬ومع وج��ود مجلس نواب‬ ‫مُنتخ��ب باالقتراع الس��ري‪ .‬وقرار االس��تقالل‬ ‫هذا لم يتناسب مع طموحات بريطانيا وفرنسا‬ ‫باقتس��ام غنائم الحرب حسب االتفاق المعقود‬ ‫بينهم��ا‪ ،‬لذل��ك قام��ت الدولت��ان بالعدي��د من‬ ‫المح��اوالت إلثن��اء فيصل عن قرار االس��تقالل‬ ‫ث��م لوح��ت ل��ه بالتهديد العس��كري‪ " .‬يش��عر‬ ‫الس��وريون بالحني��ن لدس��تور المل��ك فيصل‬ ‫الذي نص في مادته األول��ى على أن الحكومة‬ ‫الس��ورية مدني��ة نيابي��ة "‪ ،‬بع��د ذل��ك عكفت‬ ‫حكومة الركاب��ي على إعداد الع��دة للمقاومة‪،‬‬ ‫فأدخل��ت التجني��د اإلجباري وباش��رت بإنش��اء‬

‫جيش نظامي‪.‬‬ ‫م��ع إع�لان االس��تقالل وإنش��اء المملكة‬ ‫الس��ورية ورفض المؤتمر الس��وري لإلمالءات‬ ‫الفرنسية وتأكيده على استقالل سوريا رافضًا‬ ‫كل أشكال الوصاية‪ ،‬وجه غورو إنذاره المشؤوم‬ ‫للس��وريين" راج��ع ترجم��ة الش��هيد يوس��ف‬ ‫العظمة في العدد الس��ابق" ودخل الفرنسيون‬ ‫س��وريا وخرج فيصل إلى درعا ومنها توجه إلى‬ ‫أوروب��ا طاويًا صفحة الملكية في س��وريا‪ ،‬البد‬ ‫من اإلشارة إلى شخصيةٍ تناستها كتب التاريخ‬ ‫وهي "جاللة الملكة حزيم��ة بنت ناصر" زوجة‬ ‫المل��ك فيصل والتي كانت تخ��رج للعمل العام‬ ‫حاس��رة الرأس متقدم�� ًة مل��كات محيطها في‬ ‫حين��ه " إيران‪ ،‬تركيا‪ ،‬مص��ر‪ ،‬المغرب العربي "‬ ‫ممهد ًة الطريق أمام السيدات األول في دمشق‬ ‫دور هام اجتماعيًا وسياسيًا‪.‬‬ ‫للعب ٍ‬ ‫لم تط��ل إقامة فيص��ل ف��ي أوروبا‪ ،‬بل‬ ‫اس��تفاد م��ن الدع��م البريطان��ي‪ ،‬ليع��ود إلى‬ ‫مملك��ة أبي��ه المفترض��ة‪ ،‬فبوي��ع مل��كًا على‬ ‫العراق ع��ام ‪ 1930‬وبعد مبايعته عقد معاهدة‬ ‫م��ع بريطاني��ا‪ ،‬س��ميت بمعاه��دة ‪ 1930‬أقرت‬ ‫بموجبها بريطانيا اس��تقالل الع��راق عن التاج‬ ‫البريطان��ي وإنه��اء حال��ة االنت��داب‪ ،‬وضمن��ت‬ ‫االتفاقي��ة أيضا بع��ض التس��هيالت لبريطانيا‬ ‫في مجال تسهيل مرور القوات البريطانية في‬ ‫أوقات العمليات الحربية‪ ،‬والتعاون في المجاالت‬ ‫االقتصادي��ة‪ ،‬وف��ي ع��ام ‪ 1930‬أيض��ا عق��د‬ ‫معاهدة تعاون مع المملك��ة المتوكلية اليمنية‬ ‫على عهد إمام اليمن اإلمام يحيى حميد الدين‪،‬‬ ‫اعترفت بموجبه المملكتان ببعضهما‪ ،‬وضمنت‬ ‫إقام��ة دورات تدريبية للجي��ش اليمني يقيمها‬ ‫الجيش العراقي‪.‬‬ ‫توف��ي فيص��ل األول في ‪ 8‬س��بتمبر من‬ ‫ع��ام ‪1933‬م‪ ،‬أث��ر أزمة قلبية ألم��ت به عندما‬ ‫كان موج��وداً ف��ي بيرن بسويس��را‪ ،‬وقيل بأن‬ ‫للممرضة التي كانت تشرف على عالجه عالقة‬ ‫بموته حيث ش��يع بأنها قد س��مته بدس السم‬ ‫في اإلبرة الت��ي أوصى الطبيب بها‪ .‬وتولى من‬ ‫بع��ده ولده األكبر غازي حك��م العراق وقد قال‬ ‫قب��ل وفاته (أن��ا مرتاح‪ .‬قم��ت بواجبي‪ .‬خدمت‬ ‫األم��ة بكل قواي ليس��ير الش��عب بع��دي بقوة‬ ‫واتحاد)‪.‬‬


‫�إنذار غورو ومعركة مي�سلون متوز ‪1920‬‬

‫حنين اليوسف‬

‫�إنذار غورو ‪ 14‬متوز ‪1920‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬

‫معركة مي�سلون ‪ 24‬متوز ‪1920‬‬

‫أسبوعية‬

‫كان عدد القوات الس��ورية ال يزيد‬ ‫ع��ن ثالث��ة آالف مجاه��د معظمهم بال‬ ‫س�لاح أو تدري��ب باإلضافة إل��ى رجال‬ ‫من الجيش الس��وري ومعه��م البنادق‬ ‫وبطاريتي مدفعية وبطارية رشاشات‪.‬‬ ‫ف��ي وق��ت كان فيه الجيش الفرنس��ي‬ ‫يتألف من تس��عة آالف جندي في كتيبة‬ ‫مش��اة ول��واء س��نغالي ورم��اة وخيالة‬ ‫ورشاش��ات ودباب��ات وكتيب��ة مدفعية‬ ‫ثقيل��ة وأربع��ة أس��راب م��ن الطائرات‬ ‫الحربية‪.‬‬

‫اس��تمرت المعركة بضع س��اعات‪،‬‬ ‫قصف��ت خالله��ا الطائرات الفرنس��ية‬ ‫المجاهدين الس��وريين بثالث��ة أطنان‬ ‫م��ن القناب��ل‪ ،‬وردت عليه��ا المدفعي��ة‬ ‫الس��ورية بقيادة وزي��ر الحربية البطل‬ ‫يوسف العظمة وأسقطت طائرة حربية‬ ‫فرنسية‪ .‬جرت معركة حامية استشهد‬ ‫خاللها أكثر من ثمانمائة ش��هيد دافعوا‬ ‫ع��ن أرضهم حتى الرم��ق األخير تلبية‬ ‫لنداء يوس��ف العظمة “يج��ب أن نموت‬ ‫ش��رفاء” والذي استش��هد معهم بوابل‬ ‫رش��اش فرنس��ي أرداه قتي� ً‬ ‫لا‪ .‬وعندما‬ ‫انتش��ر خبر استش��هاده ضعفت الروح‬ ‫المعنوية ل��دى المجاهدين مما س��هل‬ ‫تلغ��ب الفرنس��يين عليه��م‪ ،‬وتمكن��ت‬ ‫الق��وات الفرنس��ية م��ن الدخ��ول إلى‬ ‫دمش��ق فوق جثث الش��هداء بعد ظهر‬ ‫يوم ‪ 24‬تموز ‪.1920‬‬ ‫انسحب الملك فيصل إلى الكسوة‬ ‫وأصدر بتاريخ ‪ 26‬تموز ‪ 1920‬مرسومًا‬ ‫بتشكيل وزارة جديدة معظم أعضائها‬ ‫معروف��ون بمواالتهم لفرنس��ا‪ ،‬وذلك‬ ‫رغب��ة من��ه بإظهار حس��ن نيت��ه اتجاه‬ ‫الجنرال غورو‪ .‬تألفت هذه الوزارة من‪:‬‬ ‫ع�لاء الدي��ن الدروبي رئيس��اً للوزارة‪،‬‬ ‫عبد الرحمن اليوس��ف رئيس��اً لمجلس‬ ‫الشورى‪ ،‬عطا األيوبي وزيراً للداخلية‪،‬‬ ‫بدي��ع المؤي��د وزي��راً للمع��ارف‪ ،‬جميل‬ ‫األلش��ي وزيراً للدفاع‪ ،‬ف��ارس الخوري‬ ‫وزي��راً للمالية‪ ،‬يوس��ف الحكي��م وزيراً‬ ‫للزراع��ة‪ ،‬ج�لال الدي��ن زه��دي وزيراً‬ ‫للعدل‪ .‬رغم مبادرة الملك فيصل إال أن‬ ‫الفرنسيين لم يستجيبوا له بل أرسلوا‬ ‫كتابًا نص على‪:‬‬ ‫ إن الح��وادث الدموي��ة ال تس��مح‬‫ببق��اء المل��ك فيص��ل في س��وريا‪ ،‬أما‬ ‫الحكوم��ة الس��ورية تح��ت االنت��داب‬ ‫الفرنس��ي س��تجد من��ه المعون��ة‬ ‫واالحترام‪.‬‬ ‫ إعط��اء مائت��ي أل��ف دين��ار‬‫كتعوي��ض ل��كل عائلة س��ورية نُكبت‬ ‫بقتل أحد أفرادها أو تدمير بيتها‪.‬‬

‫ محاكمة الثوار‪.‬‬‫ منع التظاهرات ونزع السالح من‬‫األهالي‪.‬‬ ‫ ع��رض ق��رارات الحكوم��ة‬‫عل��ى القيادة بواس��طة رئي��س البعثة‬ ‫الفرنسية‪.‬‬ ‫غ��ادر بعده��ا المل��ك فيص��ل‬ ‫الكس��وة باتج��اه درع��ا حيث اس��تقبله‬ ‫س��كانها أحس��ن اس��تقبال مؤكدين له‬ ‫اس��تعدادهم للدفاع ع��ن أرضهم مهما‬ ‫كان الثم��ن‪ ،‬مم��ا أغ��اظ الفرنس��يين‬ ‫فأرس��لوا إل��ى الملك ليغ��ادر البالد إلى‬ ‫حيفا أو عمّان‪ ،‬كما بعثوا بالغاً ألهالي‬ ‫درع��ا ليطلب��وا م��ن ملكه��م مغ��ادرة‬ ‫مدينتهم خالل عش��ر س��اعات قبل أن‬ ‫يقوموا بمهاجمتهم‪.‬‬ ‫بدأت الطائرات الفرنسية بالتحليق‬ ‫فوق درعا اس��تعداداً لتنفي��ذ وعيدها‪،‬‬ ‫فقرر المل��ك فيصل المغادرة إلى حيفا‬ ‫ف��ي ‪ 1‬آب ‪ 1920‬وكان مع��ه الس��ادة‬ ‫إحس��ان الجابري ونوري سعيد وساطع‬ ‫الحص��ري وتحس��ين قدري‪ ،‬ث��م توجه‬ ‫الملك من هناك إلى أوروبا‪.‬‬ ‫وختامًا يج��در لفت النظ��ر إلى أن‬ ‫احتالل القوات الفرنس��ية لس��وريا وما‬ ‫رافقه من عمليات عس��كرية جرى قبل‬ ‫عامين من مصادقة مجلس األمم على‬ ‫قرار وضع س��وريا ولبنان تحت س��لطة‬ ‫االنتداب (أي ف��ي ‪ 24‬تموز ‪ 1922‬على‬ ‫أن يصب��ح معمو ًال به في أيلول ‪)1923‬‬ ‫مم��ا يعدّ عم� ً‬ ‫لا غير مش��روع في نظر‬ ‫القانون الدولي‪.‬‬ ‫كان ي��وم ‪ 24‬تم��وز ‪ 1920‬بح��ق‬ ‫ملحم��ة من مالح��م البطول��ة العربية‬ ‫في س��وريا ورمزاً لتضحية الس��وريين‬ ‫في س��بيل وطنهم‪ ،‬ورغم علمهم منذ‬ ‫البداي��ة بأن معركتهم مع الفرنس��يين‬ ‫غي��ر متكافئ��ة إال أنه��م ق��رروا أال‬ ‫يستسلموا أو يسمحوا ألعدائهم بدخول‬ ‫أرضهم إال ف��وق جثثهم الطاهرة التي‬ ‫قدموه��ا عربون وف��اء وف��داء للوطن‬ ‫الغالي‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫في ‪ 14‬تموز ‪ 1920‬أرسل الجنرال‬ ‫غ��ورو المن��دوب الس��امي الفرنس��ي‬ ‫ف��ي بيروت إل��ى الملك فيصل رس��الة‬ ‫تتضم��ن إن��ذاراً مدته أربعة أي��ام يبدأ‬ ‫م��ن منتص��ف ليل��ة ‪ 15‬تم��وز وينتهي‬ ‫ف��ي منتصف ليلة ‪ 19‬تموز‪ ،‬وكان نص‬ ‫اإلنذار يتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫ االعتراف باالنتداب الفرنسي بال‬‫قيد‪.‬‬ ‫ إلغاء التجنيد اإلجباري وتخفيض‬‫عدد أفراد الجيش السوري‪.‬‬ ‫ القب��ول بالنظ��ام النق��دي الذي‬‫فرضته فرنسا بدل العمالت الذهبية‪.‬‬ ‫ تس��ليم خط حدي��د رياق – حلب‬‫للقوات الفرنسية والسماح لها باحتالل‬ ‫حلب‪.‬‬ ‫ معاقب��ة األش��خاص المعادي��ن‬‫لفرنسا‪.‬‬ ‫بعد دراسة الملك فيصل إلمكانات‬ ‫س��وريا العس��كرية ومقارنته��ا بقوات‬ ‫فرنس��ا قرر قبول اإلنذار وبعث بتاريخ‬ ‫‪ 18‬تم��وز الكولونيل الفرنس��ي "توال"‬ ‫ومعه رسالة إلى الجنرال غورو تتضمن‬ ‫موافقته على هذا اإلنذار‪.‬‬ ‫ولم��ا عل��م الش��عب أن الحكوم��ة‬ ‫الس��ورية وافق��ت عل��ى اإلن��ذار قامت‬ ‫مظاهرات كبيرة وعم الهياج في البالد‬ ‫ودع��ا المؤتم��ر الس��وري لعقد جلس��ة‬ ‫طارئ��ة في ‪ 18‬تم��وز ‪ 1920‬أعلن فيها‬ ‫رفضه لإلنذار‪ .‬إال أن الملك فيصل سارع‬ ‫بتنفيذ اإلنذار فعطل المؤتمر السوري‬ ‫لمدة شهرين وس��رح الجيش‪ ،‬مما أدى‬ ‫إلى ازدياد الغض��ب واالضطراب‪ ،‬وقام‬ ‫المتظاه��رون بمهاجم��ة قلعة دمش��ق‬ ‫للحصول على األسلحة وإلطالق سراح‬ ‫الس��جناء وح��اول آخ��رون الوصول إلى‬ ‫البالط الملكي لكن الش��رطة فرقتهم‬ ‫وأغلقت دمشق‪.‬‬ ‫أرس��ل غورو إل��ى المل��ك فيصل‬ ‫إن��ذاراً ثاني��اً يطلب فيه إغ�لاق مراكز‬ ‫جدي��دة ليت��م احتالله��ا مباش��رة‪ ،‬كما‬ ‫طلب قبول بعثة فرنس��ية في دمش��ق‬ ‫لمراقب��ة تنفيذ ش��روط اإلن��ذار األول‬ ‫ولإلش��راف على الش��ؤون العس��كرية‬ ‫والمالي��ة واالقتصادية واإلدارية‪ .‬إال أن‬ ‫الملك فيصل لم يقبل بهذه الش��روط‬ ‫التعجيزية وأرس��ل برقية إلى الجنرال‬ ‫غ��ورو في ‪ 21‬تم��وز ‪ 1920‬تنص على‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫إن معركة ميس��لون الت��ي وقعت‬ ‫رداً على إنذار غورو وتجرؤ الفرنسيين‬ ‫دخول دمشق على أجساد شهداء سوريا‬ ‫األبط��ال كان��ت معرك��ة خال��دة امتزج‬ ‫فيه��ا تراب الوطن بدم الش��هداء الذين‬ ‫استبسلوا في الدفاع عن أرضهم‪.‬‬

‫م��ا يلي‪“ :‬عل��ى الرغم من المش��كالت‬ ‫الت��ي توقعتها مقدماً فق��د قبلت كتابة‬ ‫ورس��مياً كل ما طلبتموه في إنذاركم‪،‬‬ ‫وس��رحت الجي��ش طبق��ًا ألحكام��ه‪،‬‬ ‫وألغيت الخدمة العس��كرية‪ ،‬مما س��بب‬ ‫اس��تياء جان��ب م��ن أبن��اء ش��عبي كما‬ ‫يشهد بذلك قناصل الدول في دمشق‪،‬‬ ‫ولقد دهشت عندما علمت أن جيوشكم‬ ‫أخ��ذت تزحف إلى دمش��ق رغم قبولي‬ ‫جميع الش��روط الواردة ف��ي اإلنذار بال‬ ‫قيد وال ش��رط‪ ،‬مما يعد انتهاكاً للعهود‬ ‫المقطوع��ة وخرق��ًا للحق��وق الخاصة‬ ‫ول��روح األدب الع��ام‪ ،‬ف��كل تبعة تنجم‬ ‫ع��ن هذا العمل الغريب تقع على عاتق‬ ‫مسببها‪ .‬وأطلب منكم في الختام اتخاذ‬ ‫التدابير الالزمة إليقاف جيوش��كم عن‬ ‫الزحف بسرعة وسحب وحداتها وآلياتها‬ ‫من األماكن التي وصلت إليها”‪.‬‬ ‫كم��ا بعث الملك ببرقي��ة إلى دول‬ ‫الحلفاء عب��ر القنصل اإليطالي يحمّل‬ ‫الحكومة الفرنس��ية مسؤولية عدوانها‬ ‫على سوريا‪ ،‬لكنه لم يتلق أي رد جوابًا‬ ‫على برقيته‪.‬‬ ‫اجتم��ع المل��ك فيص��ل م��ع أعيان‬ ‫دمش��ق وأبلغه��م ق��راره بالدف��اع عن‬ ‫الوط��ن‪ ،‬فانطلق الخطب��اء إلى األحياء‬ ‫يحث��ون الش��عب للتط��وع والدفاع عن‬ ‫أرض الوط��ن‪ ،‬فتراكض أبناء س��وريا‬ ‫إلى ميس��لون ملبين نداء الواجب حتى‬ ‫الرمق األخير‪.‬‬ ‫قام الجنرال غورو الذي عقد العزم‬ ‫على احتالل س��وريا مهم��ا كلفه األمر‬ ‫بتوجيه جيوش��ه إلى س��وريا عبر ثالثة‬ ‫مح��اور‪ :‬األول ع��ن طريق س��كة حديد‬ ‫ري��اق – حمص وحم��اة والذي اصطدم‬ ‫بالث��وار الذي��ن اقتلع��وا س��كة الحديد‬ ‫فهوى القط��ار وانفجر بم��ا يحمله من‬ ‫رجال وس�لاح‪ ،‬واش��تبك الث��وار مع من‬ ‫تبقى من الفرنس��يين وتغلبوا عليهم‪.‬‬ ‫أم��ا المح��ور الثان��ي فجاء ع��ن طريق‬ ‫بيروت – دمش��ق ووصل إلى ميسلون‪.‬‬ ‫وتوجه المحور الثالث من جسر الشغور‬ ‫باتجاه حلب وتمكنوا من دخولها‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫الجيش العربي في معركة ميسلون‬

‫الجيش الفرنسي‬


‫في�صل قا�سم‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫ال أدري لم��اذا يحاول الطواغيت العرب أن يحكموا البش��ر‬ ‫إذا كانوا يريدونهم قطيعاً من األذالء‪ .‬أليس من األفضل‬ ‫لهم أن يحكموا الغنم فيرتاحون ويريحون ؟‬

‫فرج بريقدار‬ ‫أن��ا أحترم الحبّ الحر وأك��ره العهر بكل معاني��ه‪ .‬أقول ذلك‬ ‫وفي رأسي طنين فظيع من سياسة روسيا ووزير خارجيتها‪.‬‬

‫عبد احلميد برو‬ ‫سوريا كانت وعليها السالم‪........‬‬

‫ح�صة الع�ساف‬ ‫ال يم�لأ عيني (إال رجل) فيه م��ن الثقافة ما يحرك ثورة‪..‬‬ ‫وفيه من الحب ما يقود شعبا” وبالدا”‪!!! ..‬‬

‫خلود زغري‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫عندما دخلت فدوى س��ليمان ساحة الشاتيليه في باريس‬ ‫اليوم‪ ،‬هذه الس��احة التي نعتصم بها منذ تموز الماضي‪،‬‬ ‫وب��دأت تهتف‪ ..‬ش��عرت أن��ه كان عليه��ا أن تأت��ي لنعود‬ ‫نح��ن للث��ورة‪ ..‬نح��ن اللذين ش��وهتنا األخب��ار القادمة‬ ‫م��ن الفيس��بوك وص��ور المج��ازر وخطاب��ات المعارضة‬ ‫التجييش��ية وجعلتنا أش��د جهادية م��ن الجهاديين وأكثر‬ ‫اقصائي��ة من النظام فبدأت ش��عاراتنا في هذه الس��احة‬ ‫منذ فترة تتغير وتتجيش وكاد ش��عار واحد واحد الش��عب‬ ‫الس��وري واح��د ال يس��مع‪ ..‬الي��وم ف��دوى أعادت��ه وردده‬ ‫الجمي��ع‪ ..‬اليوم تكلمت عن الدولة المدنية والديمقراطية‬ ‫والتعددي��ة التي لم يعد هناك حض��ور لها في الهتافات‪..‬‬ ‫اليوم فدوى لم تهتف لمدينة دون أخرى‪ ..‬بل «يا سوريا‪..‬‬ ‫الس��وري معاك��ي للم��وت» ناش��دت الس��احل الس��وري‬ ‫وقالت لهم انزلوا للش��ارع وقولوا نحن مع بش��ار ونريده‬ ‫ه��ذا رأيكم‪ ..‬لك��ن قولوا أيضًا نحن ض��د القتل ألن «دم‬ ‫الس��وري على السوري حرام واللي بيقتل شعبو خاين»‪..‬‬ ‫مع فدوى اليوم عدنا بالثورة لشهورها األولى‪ ..‬بحماسها‬ ‫بحميميته��ا وأملها ونس��ينا الحقد والطائفي��ة وتعاهدنا‬ ‫معها على الوفاء لتراب سوريا فقط‪.‬‬ ‫ما أردت قوله أن من بالخارج أيضاً يحتاج لنشطاء كفدوى‬ ‫سليمان يعيدون لهم روح الثورة األولى وألفة ابن البلد‪..‬‬ ‫فقد يبّستنا قسوة الفاجعة‪ ..‬وأنا أكيدة أنها ستتمكن من‬ ‫ايصال صوتها كما كانت بالداخل بل أكثر‪ ..‬ففي س��وريا‬ ‫كانت متخفية بالفترة األخيرة لذلك يصبح وجودها علني‬ ‫بمكان آخر مسألة ضرورة وحاجة‪.‬‬

‫ندى كرامي‬ ‫الوطن أوال‪ .‬قضيتنا إنس��انية وطنية‪ ،‬من يعتبرها دينية‬ ‫هو ذراع و توأم للنظام شاء أم أبى‪.‬‬

‫خولة احلديد‬ ‫أنا لهأل ما قدرت أفهم ماهية هل العصابات المسلحة ؟؟ إنه‬ ‫لي��ش هل العصابات بتكره الكهرب��اء والمي واالتصاالت‪...‬‬ ‫هأل كل م��ا دخلت منطقة ه��ل العصابات بت��روع األهالي‬ ‫وبتقص��ف له��م بيوتهم وبتنهبه��م‪ ..‬طيب فهمن��ا ما هن‬ ‫عصابات عادي يعني ؟؟ بس إنه الكهرباء والمي واالتصاالت‬ ‫اللي ممس��وكة من الدولة ليش كمان هل العصابات الفذة‬ ‫ع��م تقطعه��ا !!!‪ .......‬وكأنه قال عندن��ا دولة‪ ..‬يحرق أخت‬ ‫هل العصابات‪ ..‬العمى ما تركوا ش��ي وما عملوا‪ ..‬تس��قط‬ ‫العصابات المسلحة تسقط تسقط تسقط‪..‬‬

‫ليلى العودات‬ ‫األقليات هي أقليات الحقوق وليس األعداد‪ ...‬وهذه الثورة هي‬ ‫ثورة األقليات‪ ،‬وإذا كان هدفهم أن يتحولوا إلى أكثرية ستخلق‬ ‫بنفس اللحظة أقليات جديدة سترفع رأسها وتطلب الحرية‪ .‬إذا‬ ‫لم تس��تطع هذه الثورة أن تحم��ي كل أبناء الوطن وان تطالب‬ ‫بحقوق الجميع بدون اس��تثناء‪ ،‬ستتحول إلى لعبة تبادل أقليات‬ ‫ال تش��به الحرية الت��ي طلبناها‪ .‬أخطأ النظام الس��وري عندما‬ ‫اعتقد أن الس��يادة هي حق له على الش��عب‪ ،‬الس��يادة الوطنية‬ ‫على أرض س��ورية ومواردها هي حق الش��عب وحده‪ ،‬والنظام‬ ‫مهمت��ه تمثيل الش��عب وإدارة مرافق��ه‪ ،‬مهم��ة تنفيذية بحتة‬ ‫مرهونة بحس��ن األداء وصفة تسقط بعدم الكفاءة… السيادة‬ ‫للش��عب الس��وري وليس عليه… أرجو أال تق��ع المعارضة في‬ ‫نفس االلتباس كي ال تنتهي نهاية النظام القريبة‪.‬‬

‫ر�شا عمران‬ ‫وعلى أس��اس (الس��نة) من وين جايين ؟ من المريخ يا سيد‬ ‫الفروف؟ يلي عم تسميهم (سنة) هدول سوريين واالقليات‬ ‫يلي حضرتك خايف عليهن كمان س��وريين‪ ،‬والحكم القادم‬ ‫لس��وريا رح يكون س��وري‪ ،‬بيكفي إهانات للشعب السوري‪،‬‬ ‫هاد ش��عب وأمة وحضارة‪ ،‬م��و مجموعات متناحرة مابتعرف‬ ‫تعيش مع بعضها‪ ،‬يا حيف على س�لالة األممية لما بتدعس‬ ‫على كل المبادئ االخالقية واالنسانية مشان مصالحها‪.‬‬

‫كندا علو�ش‬ ‫أي س��وري يستخدم خطاب طائفي ال يمثلني‪ ..‬لن تحمل أي‬ ‫طائفة في س��وريا وزر س��لوكيات فردي��ة أو جماعية (مهما‬ ‫كان��ت بش��اعتها أو عنفه��ا أو حياديته��ا‪ )..‬ما في ت��ار بايت‬ ‫للعلوي��ة ضد الس��نة‪ ..‬وال الس��نة ب��دن يلغوا المس��يحية أو‬ ‫العلوية أو أو أو‪ ..‬ش��اء من شاء وأبى‪ ..‬وأيا كان الطرف الذي‬ ‫زرع الفتنة الطائفية في البلد‪ ..‬وقد حصل‪ ..‬كي ال يأتي من‬ ‫يقول ش��عبنا واحد وال يوجد أي نزعات طائفية‪ ..‬شعبنا كان‬ ‫واحد ولألس��ف جاء من عبث بهذه الوحدة‪ ..‬ولن يستمر هذا‬ ‫الح��ال يجب أن نبقى مؤمني��ن بذلك‪ ..‬ويجب أن نحارب هذه‬ ‫الفتنة بكل ما أوتينا من طاقة ووعي ومحبة وإيمان‪...‬‬

‫يا�سني حاج �صالح‬ ‫‪”‎‬إذا كن��ت تعاملني ككلب‪ ،‬وتمنعني فوق ذلك من النباح‪،‬‬ ‫فينبغي أال تفاجأ بأن أعز أحالمي هو أن أعضك”‪.‬‬

‫| ه��ل هن��اك عوارض تع��ب على النظ��ام؟ ما ه��و تقديرك‬ ‫لدرجة تماس��ك النخبة الحاكمة (األس��رة األسدية‪ ،‬الجيش‪ ،‬رجال‬ ‫األعمال‪ ،‬إلخ)؟‬ ‫| | النظ��ام» الس��وري ه��و الرئيس وأس��رته‪ ،‬زائد األجه��زة األمنية‬ ‫اإلرهابي��ة الت��ي ه��ي جيش النظ��ام الض��ارب‪ ،‬زائد طبق��ة اإلقطاعيين‬ ‫الجدد الذين يدينون بثرواتهم إلى احتاللهم للسلطة العمومية ‪ +‬رؤساء‬ ‫األجهزة اإلعالمية والبعثات الدبلوماسية وبعض الوزراء األساسيين‪ .‬وهذا‬ ‫التكوين متماسك ألسباب ثالثة‪ .‬أولهما أن النظام يقتل من ينشق عنه أو‬ ‫يتآم��ر ضده من أركانه على نحو ما ج��رى لغازي كنعان في خريف ‪2005‬‬ ‫(قت��ل أخوه بصورة غامضة بعد أس��ابيع من مقتل��ه)‪ ،‬وعلى نحو ما جرى‬ ‫لعش��رات وربما مئات الضباط والجنود الذين رفضوا المش��اركة في قمع‬ ‫الثورة‪ .‬ولم يتجاسر عبد الحليم خدام على إعالن «انشقاقه» عن النظام‬ ‫إال بعد أن استكمل تسفير جميع أفراد عائلته خارج البلد‪ ،‬ألن النظام يأخذ‬ ‫البناء بجريرة اآلباء وبالعكس‪ .‬والس��بب الثاني هو التكوين المحاس��يبي‬ ‫والطغموي لنخب��ة النظام العليا‪ ،‬الرئيس واألس��رة واالمخابرات‪ ...‬هؤالء‬ ‫يش��كلون ش��بكة من تبادل المناف��ع واالمتيازات‪ ،‬وبالتالي المس��ؤوليات‪،‬‬ ‫م��ا يعني تراب��ط مصيرهم‪ .‬والثالث ه��و أنه ليس هناك أية مؤسس��ات‬ ‫سياس��ية أو عسكرية أو اجتماعية مس��تقلة في سورية‪ .‬ال الجيش جيش‬ ‫محترف مس��تقل عن النظام ومخابراته‪ ،‬وال النقابات حائزة على أدنى حد‬ ‫من االستقاللية‪ ،‬وال هناك برجوازية متماسكة ذاتية مستقلة في مصادر‬

‫�سعاد جرو�س‬ ‫كلما هربت من المالئكة والقديس��ين في الس��ماء حامت‬ ‫حولي قذيفة رعناء أعادتني إليهم استجدي النجاة ألهلنا‬ ‫على األرض‪ ..‬أرض البالد‪..‬‬

‫ميالد �صقر‬ ‫وكأن الجميع مستمتع بالدم السوري‪ ..‬ال احد يريد أن ينام‬ ‫دون س��ماع أخبار ش��هداء ومعتقلين ونازحين س��وريين‬ ‫ج��دد‪ ..‬العال��م م��ن أقصاه إل��ى أقصاه‪ ..‬اخترع كل ش��ي‬ ‫ووصل للقمر وبعد شوي رح يوصلوا للشمس‬ ‫وما عم يعرفوا يوصلوا للمظلومين بس��وريا‪ ،‬السياس��ة‬ ‫عج��زت الضغوطات فش��لت البت��رول صار م��ي والدوالر‬ ‫ص��ار ورق وأوروبا صارت عالك وأمري��كا ما عاد إلها وزن‬ ‫بهاالي��ام والخلي��ج صار مجرد قن��اة إعالمي��ة ولم يبقى‬ ‫ش��يء له تأثي��ره في ه��ذا النزاع‪ ...‬اقس��م أنه��ا مؤامرة‬ ‫كونية عليك حمزة‬

‫يامن ح�سن‬ ‫بل��د مصاب بالس��كري م��ن ح�لاوة أبنائه‪ ..‬بل��د تتوقف‬ ‫أعضائه الرئيسية عن العمل بسبب حالوة أبنائه‬ ‫هل ينبغي بتر القدم للحفاظ على حياته?‬ ‫طوبى للثائرين السائرين نحو سوريتهم‬

‫ن�صوح طيارة‬ ‫مع كل قذيفةٍ صاروخية تسقط في بابا عمرو يهتز زجاج‬ ‫النوافذ في بيتنا الواقع على بعد ‪ 2‬كيلومتر (كخط نظر)‪،‬‬ ‫و أخيان��اً أتلم��س النافذة بانتظ��ار الهزة‪ ،‬هكذا يتس��لل‬ ‫تواترها تدريجياً في أنحاء جس��دي ابتدا ًء بأطراف أصابع‬ ‫اليدي��ن حتى أعلى ال��رأس و أصابع القدمي��ن بالترتيب‪،‬‬ ‫تتضخ��م الهزة و تتحول في بع��ض األوقات لمخيفة تبعًا‬ ‫لن��وع القذيفة المضروبة على الحي هناك‪ ،‬و أش��عر أنها‬ ‫ستسقطني أرضاً‪ . .‬هذا حال بابا عمرو منذ عشرين يومًا‬ ‫و بشكل شبه مستمر‪ ،‬ليس ساعيًّا و إنما بالدقيقة‪ ،‬هذا‬ ‫حال بابا عمرو من على بُعد ‪ 2‬كيلومتر‪.‬‬

‫ح�سام القطلبي‬ ‫أكثر ما كان يثير غثياني ش��خصياً في الخطاب الرس��مي‬ ‫لنظام األسد وفي أدبيات وسائل إعالمه هي عبارات تأتي‬ ‫دائماً لقطع الطريق على أي مطلب حق‪ ،‬من مثل‪:‬‬ ‫ ف��ي ه��ذه اللحظ��ة الحرج��ة و الحساس��ة م��ن تاري��خ‬‫أمتنا‪....‬‬ ‫ في هذا المنعطف التاريخي من مسيرة األمة‪...‬‬‫ ف��ي وقت تخ��وض فيه األم��ة معركته��ا المصيرية مع‬‫االمبريالية و الصهيوينة و‪ ...‬إلخ‬ ‫شي من هالقبيل يعني‪..‬‬ ‫تعالوا نخلي هاي العبارات للنظام المقرف بس‪ ..‬بال ما نسحب‬ ‫هيك سيوف على بعض عند كل نقد‪ ..‬بليز يا حبابين‪.‬‬

‫إثرائه��ا عن النظام‪ ،‬وال هناك مراكز قوة مس��تقلة نس��بيا ضمن النظام‪.‬‬ ‫وفي المحصلة‪ ،‬فإن النظام الس��وري «شقفة واحدة»‪ ،‬صلبة ومتماسكة‪،‬‬ ‫ال تنقس��م من مركزها‪ ،‬لكنها ربما تتفتت من محيطه��ا‪ ،‬أو تنهار انهيارا‬ ‫كامال مفاجئا‪ .‬التفتت نراه في الجيش و»انش��قاقاته» الطرفية المتكررة‪.‬‬ ‫أم��ا االنهي��ار الكلي فأق��در أن نراه في وق��ت غير بعيد‪ ،‬بخاص��ة إذا جرى‬ ‫بصورة ما تقييد قدرة النظام على الحرب ضد الثورة‪.‬‬ ‫| كي��ف تقيم وض��ع المعارضة ف��ي الخارج؟ وه��ل تعتبر أن‬ ‫المجل��س الوطن��ي برئاس��ة برهان غلي��ون هي��كال تمثيليا؟ هل‬ ‫هناك هياكل أو أطر تنسيق عاملة في السر في سورية؟‬ ‫| | معارض��ة المنفي متنوعة‪ ،‬لكنها اليوم كتلة كبيرة من المعارضة‬ ‫السورية‪ .‬هذا ألن الثورة في الداخل نشطت كثيرين يعيشون خارج البلد‪،‬‬ ‫كان��وا مبعثرين أو خاملين‪ ،‬وكذل��ك ألن معارضين من الداخل خرجوا من‬ ‫س��ورية في الش��هور األخير ألس��باب أمني��ة‪ .‬وقد تكون الكتل��ة المنظمة‬ ‫األكب��ر بين معارض��ي المنفى هي اإلخوان المس��لمون‪ ،‬المضطرون منذ‬ ‫أكث��ر من ثالثة عقود للعيش في المنفى‪ ،‬لك��ن وزن علمانيين متنوعين‬ ‫كبير‪ ،‬وحاس��م‪ .‬ومن أبرز هؤالء برهان غليون الذي يحظى باحترام كبير‬ ‫كمثق��ف‪ ،‬والي��وم كسياس��ي‪ .‬إذا تكلمنا عل��ى التمثيل بمعنى تأسيس��ي‬ ‫وديناميك��ي فال ري��ب أن المجلس الوطني ذو صف��ة تمثيلية أكيدة‪ .‬وهو‬ ‫الجس��م السياس��ي األوثق ارتباط��ا بالث��ورة واألكثر تطابقا م��ع توجهها‬ ‫الج��ذري المتطل��ع إل��ى إس��قاط النظام‪ .‬لكن األمور س��ائلة في س��ورية‬

‫بيان شخصي قابل للنقد‪:‬‬ ‫ق��د كنت من الداعمين لجميع التحركات‬ ‫المؤيدة لثورتنا اليتيمة ابتداء من كلمة‬ ‫حرية على الفيس��بوك و انتهاء ب سالح‬ ‫ف��ردي أمام دباب��ات هذا الع��دو‪ ،‬و لكل‬ ‫أسبابه‪ ،‬و لكل مبرراته‪..‬‬ ‫و أوجه اآلن حديثي إل��ى جميع الثائرين‬ ‫و الممتعضي��ن عل��ى موق��ع التواص��ل‬ ‫االجتماع��ي‪ :‬ال يجب أن تش��عروا بالحزن‬ ‫حي��ن تج��دون الش��ارع ق��د ابتع��د عن‬ ‫تحقي��ق مطالبكم الت��ي «بنظركم» هي‬ ‫محقة‪ ..‬ف أنتم قد فرزتم أنفسكم بعيدا‬ ‫عن��ه و خلقتم ألنفس��كم ث��ورة بديلة‪ ،‬و‬ ‫أخصص بهذا ال��كالم أصدقائي اللذين‬ ‫يمتعض��ون من بعض تصرفات الش��ارع‬ ‫مثل‪ :‬مس��ميات الجمع‪ ،‬أس��ماء الكتائب‬ ‫ف��ي الجيش الحرّ‪ ،‬ثائرات ال حرائر‪ ،‬تاريخ‬ ‫بداية الثورة‪ ...‬و تطول القائمة‬ ‫و لكن صدقا ما يعانيه الش��ارع من أزمة‬ ‫تتج��اوز ه��ذه التفاصي��ل‪ ،‬الي��وم كانت‬ ‫الخالدي��ة تقصف بالصواري��خ من العيار‬ ‫الثقيل‪ ..‬و تطول قائمة األلم أيضا‪..‬‬ ‫أنت��م من ابتعدت��م عن ثورتن��ا‪ ..‬الثورة‬ ‫ط��ورت نفس��ها تلقائي��ا‪ ،‬و أنت��م ال‬ ‫تواكبونها‪..‬‬ ‫و ك��رأي ش��خصي‪ .1 :‬صفح��ة الث��ورة‬ ‫الس��ورية مستبدة و لكن أس��ماء الجمع‬ ‫التي تخرج للعالم في النهاية هي األقرب‬ ‫ل��ي‪ .2 .‬من يريد أن يرى كتيبة مدنية ال‬ ‫ترتبط بأي تفاصيل دينية ف ليعن عنها‬ ‫بنفس��ه فالش��ارع للجمي��ع و كفانا ادعاء‬ ‫فالكتائب تخرج من المناطق المنكوبة و‬ ‫التي هي باألساس مناطق لها مرجعيات‬ ‫ديني��ة‪ .3 .‬ال يوجد إهان��ة بكلمة حرائر‬ ‫فهي جم��ع لكلمة حرّة و اللقبان يعبران‬ ‫عن األنثى التي أحب‪ .4 .‬الثورة قد بدأت‪،‬‬ ‫ال تدعوها تنتهي‪.‬‬ ‫عمر كوكش‬

‫اليوم‪ ،‬وما يكس��به طرف سياس��ي خالل وقت قصير قد يخس��ره بسرعة‬ ‫أيضا‪ .‬العبرة في حسن السياسة وفي القدرة على وضع مبادرات سياسية‬ ‫فعال��ة‪ .‬هناك تكوينات متنوعة حديثة التش��كل تعم��ل في نطاق الثورة‪،‬‬ ‫وبعضها ممثل في المجلس الوطني‪ .‬وأظن أن الحياة السياسية السورية‬ ‫في الزمن ما بعد األس��دي س��تتكون من مجموعات وتيارات تتكون اآلن‪،‬‬ ‫وتشكل الثورة تجربتها المؤسسة‪.‬‬ ‫| هل تخش��ى تكس��ر البلد على غرار النم��وذج العراقي بعد‬ ‫تغير النظام هناك عام ‪2003‬؟‬ ‫| | م��ن حي��ث المب��دأ نعم‪ .‬س��ورية مصنوعة من الطين المش��رقي‬ ‫نفس��ه‪ .‬لكن ال ت��زال هناك فرصة لتجنب هذا الم��آل إذا قبل النظام بأنه‬ ‫ال يمكن أن يربح هذه المواجهة‪ ،‬وارتضى أال يتسبب بالخراب العام‪ .‬لكن‬ ‫ال يب��دو أنه على اس��تعداد للتعلم من أية س��وابق تاريخية‪ .‬ومما أالحظه‬ ‫بالمعاينة الش��خصية يبدو لي أن سوريين كثيرين واثقون أن بلدهم لن‬ ‫يشهد حربا أهلية واسعة النطاق مهما فعل النظام‪ .‬وقبل حين علمت من‬ ‫بعض أقربائي العلويين أنه بعد كل ما فعله النظام بحمص خالل ثمانية‬ ‫ش��هور‪ ،‬كان الناس «نتفوا بعضهم»‪ ،‬ل��وال أنهم يعرفون جيدا أن حمص‬ ‫لهم وأنهم لبعضهم‪ ،‬وأن النظام زائل‪ .‬وهم يشيرون إلى أن الجو األهلي‬ ‫«كوي��س» رغم كل ش��يء‪ ،‬وأن ما وقع من احت��كاكات طائفية وقع بعلم‬ ‫النظ��ام وبرعايت��ه‪ .‬وأن هناك مقاومات للتطييف يس��اهم فيها بنش��اط‬ ‫علويون‪ ،‬وبعضهم اعتقلوا بسبب ذلك مثل الطبيب الشاب علي ملحم‪.‬‬

‫السؤال والجواب‪ :‬من حوار مطول حول الشأن السوري مع ياسين الحاج صالح | أسئلة‪ :‬أسئلة لولوة الرشيد ومحمد علي األتاسي‬


‫برهان غليون‪ :‬فـي النخبة وال�شعب‬ ‫الدكتور"بره��ان غلي��ون" أس��تاذ‬ ‫ومدي��ر مركز دراس��ات الش��رق المعاصر‬ ‫ف��ي جامع��ة الس��وربون ف��ي باري��س‪،‬‬ ‫ق��د نختلف أو نتف��ق مع الدكت��ور غليون‬ ‫سياس��يًا إال أننا متفقون على كونه قامة‬ ‫أكاديمية وفكرية تقف في طليعة النخب‬ ‫لفكري��ة ف��ي س��وريا "النخبة والش��عب"‬ ‫كتاب في ش��كل حوار أجراه األس��تاذ لؤي‬ ‫حس��ين م��ع البروفس��ور بره��ان غليون‬ ‫ويأت��ي كتابنا اليوم اس��تكما ًال لسلس��لة‬ ‫من الح��وارات التي أصدره��ا الباحث لؤي‬ ‫حس��ين‪ ،‬ابتدا ًء من "حوارات في الوطنية‬ ‫الس��ورية" و"االختي��ار الديمقراط��ي في‬ ‫سوريا" وصو ًال إلى كتابنا اليوم‪.‬‬

‫ن�شوء النخب‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬

‫أن النخب العلمانية‪" :‬ال‬ ‫يرى غلي��ون َّ‬ ‫ت��رى في األكثري��ة االجتماعي��ة إال عامة‬ ‫م��ن الن��اس‪ ،‬ال ش��خصية له��ا وال قوام‪،‬‬ ‫وال وعيً��ا بالحري��ة وال مطال��ب أخالقي��ة‬ ‫ممكن��ة أو كامن��ة‪ ،‬الخ��وف م��ن تبن��ي‬ ‫خي��ار الديمقراطي��ة الحديث‪ ،‬لم��ا يمكن‬ ‫أن يتضمن��ه االعت��راف بحق��وق الن��اس‬ ‫المتس��اوية وحرياتهم‪ ،‬م��ن مخاطر على‬ ‫المدنية نفس��ها‪ .‬ف�لا يقب��ل العلمانيون‬

‫في معرض س��جاله‪ ،‬يس��أل األستاذ‬ ‫لؤي حسين محاوره األستاذ غليون‪:‬‬ ‫ه��ل ت��رى أن (الطائفي��ة ال تنطبق‬ ‫على اس��تخدام الدين‪ ،‬بل على استخدام‬ ‫كل أش��كال التضامن��ات الخاص��ة ما قبل‬ ‫السياس��ية الناجمة ع��ن تعبئة العصبيات‬ ‫القائمة على القرابة المادية‪ ،‬كالعش��يرة‬ ‫والعائل��ة واإلثني��ة أو المذه��ب) لك��ن أال‬ ‫تفت��رق الرابط��ة الطائفية‪-‬الديني��ة عن‬ ‫الرابط��ة القبلية والعش��ائرية من ناحية‬ ‫االنف��راط وال��زوال‪ .‬فروابط ال��دم تبقى‬ ‫أس��هل في التفكك من الرابطة الطائفية‬ ‫الت��ي تعتم��د الذاك��رة الديني��ة والن��ص‬ ‫الديني الذي يبشر أفرادها بحظوتهم في‬ ‫اآلخرة‪ .‬وهو ما يجعل منها راسخة عنيدة‬ ‫على التفكيك‪.‬‬ ‫يجي��ب غلي��ون‪" :‬أكب��ر دلي��ل عل��ى‬ ‫تفوق العصبية القبلية والعشائرية على‬ ‫مش��اعر ال��والء للجماع��ة الديني��ة‪ .‬فلم‬ ‫يمن��ع الحم��اس الديني في عه��د الدعوة‬ ‫نفس��ها من بروز القبلي��ة وتقدمها على‬ ‫الرابط��ة الديني��ة‪ .‬وقد فس��ر العديد من‬ ‫الباحثي��ن والمؤرخين‪ ،‬في مقدمتهم ابن‬ ‫خلدون‪ ،‬نجاح األمويين على الهاش��ميين‬ ‫بق��وة العصبي��ة األموية عل��ى العصبية‬ ‫الهاش��مية‪ .‬وكان خال��د اب��ن الوليد يوزع‬ ‫قواته في معارك الفتح اإلس�لامي حسب‬ ‫انتماءاته��م القبلي��ة"‪ .‬ويضي��ف "ال��والء‬ ‫للجماعة الدينية"‪" ،‬الحماس الديني"‪ ،‬هو‬

‫أسبوعية‬

‫بني الدميقراطية والعلمانية‬

‫بني الطائفية والع�صبية القبلية‬

‫قبل أي شيء ال يعتبرها عصبية‪ ،‬وال يحب‬ ‫أن يراه��ا كذل��ك‪ ،‬لكن ممك��ن للعصبية‬ ‫العائلي��ة بي��ن األمويين والهاش��ميين أن‬ ‫تصب��ح قبلي��ة عن��ده‪ .‬علمً��ا أن معظ��م‬ ‫القبائ��ل انقس��مت عل��ى ذاته��ا‪ ،‬وهو ما‬ ‫يؤك��د حضور عصبية ديني��ة جديدة دون‬ ‫أن تلغي العصبية القديمة "‪.‬‬ ‫ث��م لم��اذا اإلص��رار عل��ى الفك��رة‬ ‫بالمطل��ق ح��ول أن القبلي��ة أق��وى م��ن‬ ‫الطائفية واالس��تدالل بذلك م��ن التاريخ‬ ‫والواق��ع الراهن‪ ،‬ولو أخذن��ا ذات المنحى‬ ‫ألكدن��ا ع��دم دق��ة االس��تنتاج وه��و م��ا‬ ‫يحيلنا إل��ى إبقاء االحتمالين‪ ،‬فالكثير من‬ ‫البن��ى االجتماعي��ة ف��ي عالمن��ا العربي‪،‬‬ ‫المتموضع��ة في المدن‪ ،‬تفككت روابطها‬ ‫القبلي��ة وحل��ت مكانه��ا الطائف��ة‪ ،‬وهذه‬ ‫صي��رورة المجتمع��ات‪ .‬ول��و نظرن��ا إل��ى‬ ‫جارنا األوروبي ألدركنا زوال القبائل أمام‬ ‫المذاه��ب الدينية‪ ،‬وهذه األخيرة ليس��ت‬ ‫معطى نهائيًا ولكنها طبيعة األش��ياء في‬ ‫تحولها الالمتناهي‪.‬‬ ‫في مداخلته األخيرة يتحدث األستاذ‬ ‫لؤي‪:‬‬ ‫حاول��ت ق��در اس��تطاعتي التقاط��ع‬ ‫معك على نقاط نتفق عليها في الموقف‬ ‫من االستبداد لكن تراءى لي أنك تشترط‬ ‫عدم المس��اس بالموضوع الديني‪ ،‬وكأنه‬ ‫أصبح خلفنا مع بقايا عصر األنوار‪.‬‬ ‫يجي��ب غلي��ون‪" :‬أنت��م العلمانيي��ن‬ ‫لسان حالكم يقول‪ :‬إمَّا أن تكون علمانيًا‬ ‫عل��ى الطريقة الت��ي أنظر إليه��ا [‪ ] ...‬أو‬ ‫أنك بالضرورة ديني أو إس�لامي يتخفى‬ ‫وراء علمانية شكلية ولفظية‪ .‬وأكاد أشعر‬ ‫أنك تضعني تمامًا في هذه الدائرة "‪.‬‬ ‫ف��ي بداي��ة عرض��ي لكتابن��ا اليوم‬ ‫عقدت اتفاقًا جبريًا مع القارئ على اعتبار‬ ‫ً‬ ‫قام��ة فكري��ة وثقافية‪،‬‬ ‫الدكت��ور غليون‬ ‫ولي��س ألحدٍ نكران ذلك إال أن رده األخير‬ ‫وبشكل انتفت معه‬ ‫محاس��باً على النوايا‬ ‫ٍ‬ ‫مساحة قبول اآلخر يدعونا إلى القول بأن‬ ‫ه��ذه الطريقة في الح��وار ال تليق بحجم‬ ‫مفك��ر كبره��ان غلي��ون‪ ،‬فالديمقراطية‬ ‫ف��ي أصلها حالة فكرية إن ل��م نؤمن بها‬ ‫ونتبناه��ا ضمنياً ل��ن يكون لن��ا الوصول‬ ‫إليها سياسيًا‪.‬‬ ‫الكتاب‪ :‬برهان غليون‪ :‬في‬ ‫النخبة والشعب‬ ‫حوار‪ :‬لؤي حسين‬ ‫دار بترا للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.2010‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يب��دأ غلي��ون ف��ي ش��رح مفهوم��ه‬ ‫لنش��وء النخ��ب معتب��راً أن��ه "ال يمك��ن‬ ‫لنخب��ة أن تنش��أ وتك��ون فاعل��ة وقادرة‬ ‫عل��ى إنش��اء جماعة سياس��ية م��ن دون‬ ‫تحقيق ش��رطين‪ :‬االستقالل عن أصحاب‬ ‫المشاريع واألعمال والمال من جهة – في‬ ‫إش��ارة إلى الحالة األمريكي��ة –‪ ،‬وتكوين‬ ‫وعي واضح بالمس��ؤولية تج��اه المجتمع‬ ‫وال��رأي العام من جهة ثانية‪ .‬وعلى درجة‬ ‫هذا االستقالل والشعور بالمسؤولية لدى‬ ‫النخ��ب تتوق��ف مقدرته��ا على تأس��يس‬ ‫جماعة سياس��ية مس��تقرة وفاعلة "وهنا‬ ‫يس��ن الدكتور غليون تش��ريعًا أو قانونًا‬ ‫مح��دداً لنش��وء النخب متجاه� ً‬ ‫لا وإن عن‬ ‫قصد للفروق الجوهرية بين المجتمعات‪.‬‬ ‫أمَّ��ا ما يج��ب أن تكون علي��ه النخب‬ ‫العربي��ة‪ ،‬فإن��ه يق��ول "نخ��ب مقطوعة‬ ‫نسبيًا عن الثقافة االجتماعية التقليدية‪،‬‬ ‫وه��ذا أه��م عنص��ر ق��وَّة فيه��ا ومبرِّر‬ ‫وجودها‪ .‬فمن دون هذه القطيعة الفكرية‬ ‫والنفس��ية والسياسية ال يمكن للنخبة أن‬ ‫تخ��رج من إط��ار التقاليد الس��ائدة وال أن‬ ‫تجسِّ��د أيَّ إضافة أو معرفة اس��تثنائية‪.‬‬ ‫وهي كذل��ك بالتعري��ف نخب��ة تغييرية‪،‬‬ ‫فاله��دف م��ن إنش��ائها أو نش��وئها ه��و‬ ‫الخ��روج من الجم��ود ومس��ايرة التبدالت‬ ‫والتحوالت العالمية"‪.‬‬ ‫ال يكتف��ي كاتبن��ا هن��ا بض��رورة‬ ‫القطيع��ة بي��ن النخب والش��عب كخطوة‬ ‫أول��ى لتظه��ر نخبة بعي��دة ع��ن التقاليد‬ ‫واألط��ر الموروث��ة ب��ل يؤكد عل��ى إلغاء‬ ‫هذه القطيعة حي��ن تصل النخب للتغيير‬ ‫المطل��وب "المطل��وب إعادة بن��اء العالقة‬ ‫الجدلية والتواصلية بين الشعب والنخب‪،‬‬ ‫أي نقد الثقافة التي تعيد إنتاج القطيعة‪،‬‬ ‫مهما كانت مصادرها "‪.‬‬ ‫وف��ي مكان آخ��ر يضي��ف "القطيعة‬ ‫النس��بية للثقافة التقليدي��ة‪ ،‬ربما تكون‬ ‫مدخ� ً‬ ‫لا للتغيي��ر ال يختلف علي��ه عاقالن‪،‬‬ ‫لك��ن م��ا تجدر اإلش��ارة إليه ه��و قطيعة‬ ‫تس��توجب إع��ادة النظ��ر في الت��راث من‬ ‫كافة جوانب��ه‪ ،‬ال أن نكتفي بالقول بأنها‬ ‫"أصبح��ت وراءن��ا"‪ ،‬معقبًا‪" :‬إن اس��تبداد‬ ‫الماض��ي ال يفس��ر اس��تبداد العص��ر‬ ‫الحديث"‪.‬‬ ‫ل��م ي��أت اس��تبداد العص��ر الحديث‬ ‫من ف��راغ‪ ،‬فالقطيع��ة الكلي��ة والنهائية‬ ‫لم تنج��ز‪ ،‬وإن حدثت على مس��توى األنا‬ ‫"القانونية والوطنية" فقد َّ‬ ‫ظلت ملتبس��ة‬ ‫حول نظرتها إلى اآلخر‪ ،‬كونها اس��تدعت‬ ‫حضور خيال جمعي‪ ،‬أعاد تشكيل هويات‬ ‫نكوصي��ة غير مؤنس��نة على المس��توى‬ ‫العالم��ي‪ ،‬األم��ر ال��ذي أبق��ى العصبي��ة‬

‫التاريخية حاضرة في كل صدام‪.‬‬ ‫حول العلمانية واالستبداد‪:‬‬ ‫يتس��اءل غلي��ون عن م��دى امكانية‬ ‫اعتب��ار األنظم��ة الش��مولية أو الالدينية‬ ‫علماني��ة‪ .‬فالعلماني��ة قامت عل��ى فكرة‬ ‫اإليم��ان بالتعددي��ة ونس��بية الحقيق��ة‪،‬‬ ‫واستمرارها مرهون ببقاء هذه التعددية‪.‬‬ ‫ف��إن افت��راض أن كل م��ن يرفع‬ ‫لذل��ك‪َّ ،‬‬ ‫ش��عار العلمانية هو بالض��رورة علماني‪،‬‬ ‫رأي يجاف��ي الص��واب‪ ،‬وم��ا ينطبق على‬ ‫العلماني��ة يمكن أن يقال عن أي فكر آخر‬ ‫كاالشتراكي والديمقراطي‪ .‬إن كثيرًا من‬ ‫األنظمة المستبدة تقدم نفسها على أنها‬ ‫اشتراكية أو ديمقراطية‪.‬‬ ‫إن النظ��رة النقدي��ة التي يس��وقها‬ ‫غليون عن العلمانيين العرب‪ ،‬والسوريين‬ ‫بشكل أخص – وإن من باب الحرص على‬ ‫العلماني��ة كم��ا يفت��رض – ال يعفيه من‬ ‫مهمة تفكيك الرأسمال الرمزي اإلسالمي‬ ‫كون��ه يش��كل مرجعي��ة متعالي��ة عل��ى‬ ‫الواقع‪ ،‬بما هو نسبي ومتغير‪ .‬فاألصولية‬ ‫اإلسالمية عبر التاريخ وحتى اآلن تنشط‬ ‫وتضع��ف نتيج��ة لمتغي��رات السياس��ة‬ ‫الس��لطوية‪ ،‬لكنها تبقى حاض��رة وبقوة‬ ‫في المج��ال الثقافي والسيسيوسياس��ي‬ ‫وهو ما يجعلها عام��ل كبح ونكوص عند‬ ‫كل منعطف تمر به هذه المجتمعات‪.‬‬ ‫يبدو أنن��ا بحاجة إل��ى مجهود كبير‪،‬‬ ‫إلعادة فهم التراث اإلس�لامي من منظور‬ ‫نقدي "معقول" تش��ارك فيه كافة النخب‬ ‫الفكرية ومن بينها اإلس�لامية‪ .‬كما فعل‬ ‫الغرب عند ول��وج حداثته‪ .‬أما إطالق النار‬ ‫عل��ى األنظم��ة ووض��ع العلمانيي��ن في‬ ‫نف��س الخان��ة‪ ،‬أم��ر ينطوي عل��ى خلط‬ ‫كبي��ر يصب ف��ي نفس الس��ياق والتوجه‬ ‫اإلس�لامي ال��ذي ال يخ��دم س��وى أنظمة‬ ‫األم��ر الواق��ع‪ ،‬وم��ن خلفه��ا التنظيم��ات‬ ‫اإلس�لامية‪ ،‬متجاه� ً‬ ‫لا الوض��ع الدقي��ق‬ ‫الذي يتحرك في��ه العلمانيون العرب‪ ،‬فال‬ ‫ي��رى أنهم بين مطرقة األنظمة س��ندان‬ ‫ألصولي��ات الديني��ة‪ .‬أم��ا اعتب��ار ظه��ور‬ ‫الح��ركات اإلس�لامية نتيج��ة لممارس��ات‬ ‫األنظم��ة االس��تبدادية‪ ،‬فه��و ج��زء م��ن‬ ‫معادل��ة منقوصة تنطوي على تبس��يط‬ ‫يخدم حتمية االستنتاجات التي سيقت‪.‬‬ ‫" ال يمك��ن خلخل��ة هي��اكل ه��ذه‬ ‫األنظم��ة إال بانفت��اح اإلس�لاميين عل��ى‬ ‫تاريخه��م ومجتمعاته��م‪ ،‬بعي��دًا ع��ن‬ ‫التقديس‪ ،‬وأن يقابلوا االستبداد بمنطق‬ ‫الحري��ة والتح��رر المس��ؤول‪ .‬البعيد عن‬ ‫الش��عارات الدوغمائية مثل "اإلسالم هو‬ ‫الح��ل" حي��ن تنتق��د األحزاب اإلس�لامية‬ ‫في العال��م العرب��ي ممارس��ات األنظمة‬ ‫القمعية‪ ،‬وهي محقة في نقدها‪ ،‬فذلك ال‬ ‫يجعل منها حامية الحرية و الديمقراطية‪،‬‬ ‫فهي مطالبة وقبل أي شيء آخر أن تقوم‬ ‫بنقد موروثها ومس��ارها‪ ،‬ك��ي تكون لها‬ ‫مصداقية فيما تدَّعي "‪.‬‬

‫أو من يس��مون أنفس��هم كذلك مثل هذا‬ ‫االعتراف إال إذا كان جز ًءا من سلة واحدة‪.‬‬ ‫أما اإلسالميون فالديمقراطية ال تعني في‬ ‫نظرهم التنازل عن حق العلماء والفقهاء‬ ‫في الوصاية عل��ى اإليمان وحقوق الدين‬ ‫وإنما أكثر من ذلك تقديم حقوق اإلنسان‬ ‫على حقوق اهلل ‪.‬‬ ‫كما يعتبر أن‪" :‬الديمقراطية ليس��ت‬ ‫إج��را ًء ش��كليًا يتحق��ق م��ع ف��رز حك��م‬ ‫األغلبي��ة‪ ،‬أي أغلبية عددي��ة‪ .‬إنها عملية‬ ‫تاريخي��ة طويلة يتم م��ن خاللها تحويل‬ ‫الجماعة إلى ش��عب [‪ ] ...‬الشعوب تتعلم‬ ‫بالتجرب��ة وعبر التاريخ وتتحول‪ ،‬وال تولد‬ ‫حديث��ة مرة واحدة‪ ،‬ولذلك أيضًا ال يمكن‬ ‫للحداثة أن تكون سلة واحدة "‪.‬‬ ‫م��ن هن��ا يمك��ن لن��ا فه��م طبيعة‬ ‫األنظمة واألحزاب الش��مولية في إنتاجها‬ ‫الس��تبداد يوائم بنيتها السوسيوثقافية‪،‬‬ ‫لتبقى الرعية منتجًا لالس��تبداد ومحفزًا‬ ‫ل��ه من خ�لال تماهيها م��ع دور الضحية‪،‬‬ ‫وس��تبقى الح��ال عل��ى ما ه��ي عليه إلى‬ ‫حين تبلور برجوازية وطنية‪ ،‬تكون قادرة‬ ‫على كسر االنقسامات العمودية المغذية‬ ‫للس��لطة ف��ي مجتمعاتن��ا وتحويلها إلى‬ ‫انقس��امات أفقية‪ ،‬تؤس��س لنم��و بيئات‬ ‫وتجمع��ات مجتمعي��ة خ��ارج جغرافي��ة‬ ‫القبائل والطوائف المنغلقة‪ ،‬ليسهل فتح‬ ‫ُّ‬ ‫وتشكل الشعب‪.‬‬ ‫الطريق أمام ظهور‬ ‫ال بد من اإلشارة هنا إلى أن محاولة‬ ‫غليون تحميل العلمانيين سبب القطيعة‬ ‫والنظ��رة المتخلفة إلى الش��عب‪ ،‬تنطوي‬ ‫عل��ى تحامل كبير ال يمك��ن تبريره‪ ،‬ومن‬ ‫ثم زجه��م في خان��ة األنظم��ة‪ ،‬وكأنهم‬ ‫ش��ريحة غير واعية وغي��ر مدركة للعمل‬ ‫الثقافي والسياسي‪ ،‬لغة تعكس الطبيعة‬ ‫الوصائي��ة والتعليمية في خطابه الموجه‬ ‫إل��ى النخب��ة‪ ،‬جاع ًال من خطاب��ه مرجعية‬ ‫متعالية على الجميع‪.‬‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪15‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 25 | )27‬آذار ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫عـام‬

‫عباس بيضون‬

‫عام وانتفاضة السوريين لم تهدأ‪،‬‬ ‫إنه��ا حرب بينهم وبين النظام‪ .‬كل يوم‬ ‫يم��ر هو أيض��ًا انتفاض��ة‪ .‬آالف في كل‬ ‫يوم تنزل في كل مكان لتهتف بسقوط‬ ‫النظ��ام‪ .‬ف��ي كل يوم ويوم��ا بعد يوم‬ ‫يكبر جبل القتلى ويقدم عش��رات‪ ،‬هنا‬ ‫أو هناك‪ .‬أنفس��هم قرابي��ن جديدة‪ .‬لم‬ ‫يكس��روا فقط حاجز الخوف‪ ،‬بل طردوا‬ ‫الخوف‪ ،‬وبعد ع��ام نكاد ال نصدق أنهم‬ ‫م��ا زالوا في الش��ارع‪ ،‬بعد ع��ام ال نكاد‬ ‫نصدق أنهم ما زالوا يشرعون صدورهم‬ ‫للرص��اص‪ .‬بع��د ع��ام ال ي��زال النظام‬ ‫يقت��ل بال جدوى‪ ،‬ال يزال يقتل وال تزال‬ ‫دبابات��ه وصواريخ��ه تقص��ف لكنه هو‬ ‫الذي يخ��رج من األحياء‪ ،‬هو الذي يغادر‬ ‫حيا بعد حي‪ ،‬هو ال��ذي يخاف‪ .‬بعد عام‬ ‫الشارع يصنع البطولة اليومية‪ ،‬الشارع‬ ‫ه��و الطاق��ة الت��ي ال تنفذ‪ ،‬ه��و القوة‬ ‫التي تتج��دد‪ ،‬هو الفيني��ق الذي ينبعث‬ ‫كل ي��وم من الرماد‪ .‬بعد عام نعرف انه‬ ‫مهما اشتد العسف‪ .‬مهما اتسعت حقول‬ ‫القتل‪ ،‬مهما زادت الخرائب ومهما تهدم‬ ‫وتدم��ر‪ ،‬عن��ف النظام الذي ال يحس��م‪.‬‬ ‫س��يتحول ش��يئًا فش��يئًا إل��ى تراج��ع‪.‬‬ ‫س��تكون المعادلة معكوسة هذه المرة‪.‬‬ ‫كل ق��وة للنظام ترتد علي��ه‪ ،‬كل عنف‬ ‫ينقلب على صاحبه‪ ،‬كل عس��ف يتحول‬ ‫إلى ق��وة للخصم‪ ،‬كل اس��تبداد ينقلب‬ ‫إل��ى ضع��ف‪ ،‬كل مجزرة تق��ع تفت في‬ ‫عض��د النظ��ام‪ ،‬كل تدمير ي��دور عليه‪.‬‬ ‫م��ا دام اس��تفرغ عنفه‪ ،‬ما دام عس��فه‬ ‫بلغ األوج‪ .‬ما دامت شراس��ته لم تجد‪ .‬ما‬ ‫دام كل ه��ذا لم يفعل ش��يئاً في حركة‬ ‫الش��ارع‪ .‬ما دام ل��م يؤثر ف��ي يوميات‬ ‫النضال وفي زخمه وفي مداه‪ .‬فإن عنف‬ ‫النظام سيغدو ميتاً‪ .‬قوة النظام ستغدو‬ ‫صف��راً‪ ،‬ضغط��ه س��يرتخي م��ن حاله‪.‬‬ ‫هنا سيفقد أس��لحته‪ .‬هنا ستغدو جبال‬ ‫القتل��ى بال أثر‪ .‬هنا س��يفقد الرصاص‬ ‫والصواريخ والقذائف فاعليتها‪ ،‬ستغدو‬ ‫جميعها هراء‪ .‬س��تغدو أي ش��يء إال أن‬ ‫تخيف‪ ،‬أي ش��يء إال أن تفعل‪ .‬س��تكون‬ ‫جدواها أقل من الهتاف‪ ،‬ستغدو قدرتها‬ ‫أقل م��ن الصدور الع��زالء‪ .‬لقد أحبطوا‬ ‫أس��لحته‪ ،‬لقد أحالوها هواء‪ ،‬لقد جعلوا‬ ‫الموت نفس��ه بال قوة‪ ،‬لق��د أحالوه إلى‬ ‫صفر‪ .‬الن��ار‪ ،‬الحرائق‪ ،‬الدم��ار‪ ،‬الجوع‪،‬‬ ‫كله��ا ال تخي��ف‪ .‬أنه��م يلتهم��ون الن��ار‬ ‫ويلتهم��ون الدمار والرصاص‪ .‬هنا يبدو‬ ‫الش��ارع مارداً‪ .‬هنا يبدو جباراً وعمالقًا‪.‬‬ ‫هنا يظهر كل يوم جبروته وقوته‪ .‬لقد‬ ‫تعطل كل س�لاح ف��ي وجهه ويوما بعد‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫يوم س��يصمد‪ ،‬يوم��ًا بعد يوم س��يقف‬ ‫مارداً‪ .‬يوما بعد يوم سيخاف النظام من‬ ‫نفس��ه‪ ،‬سيخاف من س�لاحه‪ .‬يوما بعد‬ ‫يوم سيتحرك الشارع من الخرائب ومن‬ ‫الحرائق ومن الدمار‪ .‬س��يتقدم كل يوم‬ ‫وفي النهاية سيترك اآلخرون أسلحتهم‬ ‫ويتراجعون عنها‪.‬‬ ‫إنه��ا معرك��ة إرادات‪ ،‬النظ��ام ل��ن‬ ‫يك��ون اإلرادة الوحي��دة‪ ،‬ثم��ة إرادة في‬ ‫وجهه‪ ،‬إرادة تكبر كل يوم وعناد مضاد‪.‬‬ ‫معرك��ة إرادات واإلرادة األقوى س��تلوى‬ ‫اإلرادة األخ��رى‪ .‬مهما يك��ن فإن النظام‬ ‫الذي عم��ر أربعين عاماً وأكثر لن يكون‬ ‫ارش��ق وال أق��وى إرادة‪ .‬هن��اك الئح��ة‬ ‫من اإلدانات في عنق��ه‪ ،‬هناك عمر من‬ ‫األخطاء‪ :‬الفس��اد والتس��لط واالنتهاك‪،‬‬ ‫عم��ر م��ن األخط��اء يثق��ل علي��ه وال‬ ‫يس��تطيع معه أن يكون سريع الحركة‪،‬‬ ‫عم��ر يثقله بعدد س��نينه وع��دد آفاته‪،‬‬ ‫عمر ينخر إرادته ويهدها‪ .‬الش��ارع بعد‬ ‫أن تج��اوز الخطوة األول��ى‪ ،‬بعد أن قفز‬ ‫فوق الرص��اص وف��وق الحرائق وفوق‬ ‫الدم��ار‪ ،‬العنف والقتل ص��ارا وراءه‪ .‬انه‬ ‫اآلن يصنع إرادته‪ ،‬يجبلها ويصنعها من‬ ‫آالم كل ي��وم ومن عن��اد كل يوم ومن‬ ‫تضحيات كل يوم‪ .‬انه دين هائل يحمله‬ ‫في عنق��ه‪ .‬إنها إرادة لن تكس��ر ما دام‬ ‫ثمنها كل هذا الدم وكل هذه الخسائر‪.‬‬ ‫إنها حرب إرادات‪ ،‬ما دام السالح لم يعد‬ ‫العم��دة‪ ،‬ما دام القتل ل��م يعد الرهان‪.‬‬ ‫اإلرادة األفت��ى‪ ،‬اإلرادة األج��د‪ ،‬اإلرادة‬ ‫األكث��ر عن��اداً‪ ،‬اإلرادة الت��ي تصقله��ا‬ ‫الخس��ائر وتش��حنها اآلالم وتقويه��ا‬ ‫العذابات‪ ،‬هذه اإلرادة ستنتصر‪.‬‬ ‫من الي��وم األول ربحت االنتفاضة‬ ‫التح��دي‪ .‬لق��د زلزل��ت األرض تح��ت‬ ‫النظام‪ .‬ليس مهما العدد‪ ،‬ليس��ت مهمة‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)11678‬‬ ‫دمشق‪220 :‬‬ ‫ريف دمشق‪1041 :‬‬ ‫حمص‪4825 :‬‬ ‫حلب‪224 :‬‬ ‫حماه‪1234 :‬‬ ‫الالذقية‪242 :‬‬

‫النس��بة‪ .‬م��ن الي��وم األول‪ ،‬وبالهت��اف‬ ‫وحده‪ ،‬بالحشد في الشارع‪ ،‬وبالمصابرة‬ ‫على القتل وعلى الجراح وعلى الحرائق‬ ‫وعلى الدمار‪ ،‬بالمصابرة على السجون‬ ‫وعل��ى التعذي��ب حت��ى الم��وت وعل��ى‬ ‫االنتهاكات الفظيعة‪ ،‬بذلك كله سقطت‬ ‫هيمنة النظ��ام‪ ،‬ظهرت برانيته‪ ،‬صارت‬ ‫شرعيته على األرض‪ .‬من األيام األولى‬ ‫لالنتفاض��ات‪ ،‬ل��م تع��د األري��اف ف��ي‬ ‫الس��لطة‪ ،‬لم تعد المدن في الس��لطة‪.‬‬ ‫صار النظام ه��و الدبابات التي تقصف‬ ‫واألس��لحة والش��بيحة‪ .‬الش��بيحة نعم‪،‬‬ ‫ف��رق الم��وت واإلع��دام عل��ى طريق��ة‬ ‫النظام السوري‪ .‬من األيام األولى صارت‬ ‫األحياء خارج السلطة‪ ،‬وخرجت السلطة‬ ‫من كل مكان‪ .‬م��اذا تجدي إذا المعركة‪،‬‬ ‫كيف تقدر الس��لطة على رب��ح معركة‬ ‫خسرتها مس��بقًا‪ .‬كيف يمكن لنظام أن‬ ‫يس��تعيد ش��رعية قامر هو نفسه بها‪.‬‬ ‫كيف يمكنه أن يس��ترد هيمنة انتهكها‬ ‫ه��و وتخل��ى عنها‪ .‬م��ن األي��ام األولى‪.‬‬ ‫صارت الس��لطة في خندق والشارع في‬ ‫خن��دق‪ .‬إن تك��ن ح��رب حرك��ة أو حرب‬ ‫مواقع وهي االثنان معًا‪ .‬إن يكن قس��م‬ ‫من الش��عب م��ا زال صامت��ا‪ ،‬مهما تكن‬ ‫نسبة هذا القسم فإن اعتراض الباقين‬ ‫ليس استفتاء‪ .‬اعتراض الباقين ال يقدر‬ ‫بنس��بة أو عدد‪ .‬اعت��راض الباقين حرب‬ ‫عل��ى النظ��ام‪ .‬النظام نفس��ه هو الذي‬ ‫حولها حرباً‪ .‬كان يمكن لوال عس��فه أن‬ ‫تبقى اس��تفتاء‪ .‬النظام هو الذي حولها‬ ‫إلى انتفاضة أو ث��ورة‪ .‬النظام هو الذي‬ ‫وضع الجميع أمام خيار أوحد إما الطاعة‬ ‫وإم��ا الخ��روج‪ ،‬إم��ا الطاع��ة وإم��ا نزع‬ ‫الش��رعية‪ .‬النظ��ام هو ال��ذي دفع ومن‬ ‫األيام األولى‪ ،‬األمور إلى هذا الحيز‪ .‬نزع‬ ‫الهيمنة وعدم االعتراف ليس االستفتاء‬ ‫طرطوس‪56 :‬‬ ‫درعا‪1257 :‬‬ ‫دير الزور‪418 :‬‬ ‫الحسكة‪43 :‬‬ ‫القنيطرة‪13 :‬‬ ‫الرقة‪55 :‬‬ ‫ادلب‪2078 :‬‬ ‫السويداء‪5 :‬‬

‫ومضح��ك أن يلجأ النظ��ام بعد أن فعل‬ ‫ما فعل إلى االس��تفتاء‪ .‬مضحك وأجوف‬ ‫جمع االس��تفتاء مع القتل والعنف‪ .‬حين‬ ‫تن��زع نس��بة من الش��عب الش��رعية أو‬ ‫الهيمن��ة ف��إن النظ��ام يغ��دو بدونهما‪،‬‬ ‫االس��تفتاء أس��لوب ديمقراط��ي وف��ي‬ ‫الديمقراطية ال تقتل المتظاهرين‪ .‬في‬ ‫الديمقراطية ال يس��تمر حاك��م إذا نزع‬ ‫قس��م كبير من الش��عب الشرعية عنه‪،‬‬ ‫لقد س��قط النظام سياس��ياً‪ .‬سقط إلى‬ ‫ال عودة‪ .‬شجاعة وصمود الشارع جعاله‬ ‫ب�لا أي مبرر‪ .‬ش��جاعة وصمود الش��ارع‬ ‫أسقطاه من األساس‪ .‬ما يحدث من ذلك‬ ‫الحي��ن اختبار هذا الس��قوط‪ .‬ما يحدث‬ ‫هو التأكيد اليومي المتكرر عليه‪.‬‬ ‫ف��ي بلد ديمقراطي يخير الش��عب‬ ‫بي��ن أمري��ن‪ ،‬لك��ن الخي��ار والرصاص‬ ‫والقذائف في الميدان ليس س��وى خيار‬ ‫وحيد‪ :‬العسف أو ًال وثانياً‪ ،‬االستبداد أو ًال‬ ‫وثاني��اً وثالث��اً وإلى األخي��ر‪ .‬ال خيار مع‬ ‫الرص��اص‪ ،‬مع ذلك حي��ن يخير النظام‬ ‫العالم بين االستبداد واإلرهاب األصولي‬ ‫ف��إن كل ش��يء بم��ا في ذل��ك اإلرهاب‬ ‫األصول��ي يقع على عات��ق النظام الذي‬ ‫لع��ب كل األلعاب الخطرة التي ترتد في‬ ‫النهاية عليه‪ .‬االستبداد يخلق كل شيء‬ ‫بم��ا في ذل��ك اإلرهاب األصول��ي‪ ،‬فهذا‬ ‫أم��ر ال يقع على عاتق الش��عب‪ ،‬والخيار‬ ‫األوحد يبقى على الدوام‪ :‬االس��تبداد أو‬ ‫الحرية‪ ،‬االستبداد أو الديمقراطية‪.‬‬ ‫أيها الش��عب الس��وري‪ .‬لق��د أعدت‬ ‫لن��ا اعتبارن��ا‪ ،‬أن ش��جاعتك مفخرتن��ا‬ ‫وعام م��ن انتفاضتك هو أيضًا عام من‬ ‫كرامتن��ا وحريتنا‪ ،‬ش��كراً لك‪ .‬س��يكون‬ ‫المستقبل بعلو آالمنا وجبل شهدائنا‪.‬‬ ‫ملحق السفير الثقافي ‪2012 / 3 / 24‬‬ ‫‪ 1056‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 10622‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 709‬عدد اإلناث‬ ‫‪184‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 649‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬إحصائية قاعدة بيانات‬ ‫شهداء الثورة السورية ‪2012 / 3 / 23‬‬ ‫‪http://syrianshuhada.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.