Souriatna Issue 28

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 4 / 1 | )28‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪ . . .‬وتستمر الثورة‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫تن�سيقية حم�ص تنا�شد املنظمات الإن�سانية‬ ‫التدخل ل�سحب جثث القتلى من ال�شوارع‬

‫بينما يدعو النظام مؤيديه‬ ‫للمشاركة في مسيرة لدعم مواقفه‪،‬‬ ‫في ساحة السبع بحرات وسط العاصمة‬ ‫دمشق في مناسبة يوم األرض في‬ ‫محاولة لتوجيه األنظار إلى غزة‬ ‫والتضامن مع الشعب الفلسطيني‬ ‫المحاصر تحت االحتالل‪ ،‬تستمر قوات‬ ‫األمن والجيش النظامي وقطعان‬ ‫الشبيحة‪ ،‬في دك المناطق الساخنة في‬ ‫البالد بقذائف المدفعية‪ ،‬األمر الذي لم‬ ‫يمنع خروج المتظاهرين إلى الشارع‪ ،‬في‬ ‫جمعة «خذلنا العرب والمسلمون» للتعبير‬ ‫عن عدم رضا‪ ،‬وتوجيه رسالة عتب على‬ ‫الدول العربية واإلسالمية لعجزها عن‬ ‫«نصرة السوريين» ووضع حد للقتل‬ ‫الذي يستهدف المدنيين‪.‬‬ ‫وفي نداء إلى المنظمات اإلنسانية‪،‬‬ ‫طالبت تنسيقية حمص في «لجان‬

‫التنسيق المحلية» بسحب الجثث من‬ ‫الشوارع‪ ،‬على خلفية «استمرار جرائم‬ ‫النظام المثيرة لالشمئزاز وبشكل يثير‬ ‫الذهول‪ ،‬وخصوصا جريمة منع األهالي‬ ‫في حمص وغيرها من المدن السورية‬ ‫من سحب جثث أبنائهم»‪.‬‬ ‫وتوقفت التنسيقية في ندائها عند‬ ‫«ما حصل منذ ‪ 4‬أيام في شارع أبو العوف‬ ‫في حي باب هود‪ ،‬فقد أطلقت قوات‬ ‫األمن الرصاص على رجل وابنه الصغير‬ ‫وهما يعبران الشارع المذكور بسيارتهما‬ ‫الخاصة‪ ،‬فسقطا شهيدين‪ ،‬وعندما حاول‬ ‫أحد الشبان األحرار إنقاذهما سقط شهيدا‬ ‫برصاص قناص األمن المتمركز على مبنى‬ ‫المهندسين في نفس الشارع»‪ .‬وأوضحت‬ ‫أنه «منذ ذلك الوقت وحتى اللحظة يحبط‬ ‫قناصة قوات األمن أي محاولة لسحب جثث‬ ‫الشهداء الثالث المرمية في الشارع بإطالق‬

‫وا�شنطن بو�ست‪ :‬خطة كويف عنان لل�سالم‬ ‫�ستار للأ�سد ملوا�صلة القمع �ضد �شعبه‬

‫اعتبرت صحيفة (واشنطن بوست) األمريكية السبت أن خطة إعادة السالم‬ ‫لسوريا التي قدمها المبعوث المشترك لألمم المتحدة والجامعة العربية كوفي‬ ‫عنان‪ ،‬بمثابة ستار لعمليات األسد القمعية تجاه شعبه على الرغم من أن إدارة‬ ‫الرئيس األمريكي باراك أوباما ال تزال تراهن على هذه المبادرة‪ ،‬وترفض‬ ‫الخيارات األخرى كإنشاء منطقة آمنة في سوريا‪.‬‬ ‫وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من مرور ‪ 10‬أيام على طرح خطة إعادة‬ ‫السالم لسوريا والتي وصفها مبعوث أوباما بأنها "أفضل وسيلة لوضع حد ألعمال‬ ‫العنف تجاه الشعب السوري‪ ،‬وتسهيل مسألة تقديم المساعدة اإلنسانية ودفع‬ ‫عجلة التحول السياسي السوري"‪ ،‬إال أن تلك الفترة قد شهدت‪ ،‬وفقا لتقارير مركز‬ ‫االتصاالت والبحوث اإلستراتيجي بلندن‪ ،‬استمرار سقوط الضحايا والذين وصل‬ ‫عددهم إلى أكثر من ‪ 624‬شخصا‪.‬‬ ‫وقالت الصحيفة ‪ -‬في سياق تعليق أوردته على موقعها اإللكتروني ‪ -‬إنه‬ ‫بالرغم من موافقة الرئيس السوري بشار األسد على خطة أنان الداعية إلى‬ ‫انسحاب القوات السورية والدبابات والمدفعيات من المدن والبلدات السورية إال أنه‬ ‫بعد ثالثة أيام من إعالن قرار الموافقة هاجمت قوات األسد المتظاهرين ببلدة‬ ‫القورية وأطلقت النيران عليهم مما أسفر عن مقتل ‪ 8‬أشخاص‪.‬‬ ‫وأوضحت الصحيفة أن نتائج الخطة يمكن التنبؤ بها في الوقت الذي أعربت‬ ‫فيه إدارة أوباما عن دعمها للخطة‪ ..‬الفتة إلى ما قاله المتحدث باسم الخارجية‬ ‫األمريكية مارك تونر "نحن ندعم بشكل كبير جهود أنان وسنمنحه الوقت والحيز‬ ‫الدبلوماسي الكافي الستكمال هذا المهام"‪.‬‬

‫النار مباشرة على من يحاول ذلك‪ ،‬واألمر‬ ‫عينه ينطبق على جثث عدد كبير من‬ ‫الشهداء ما زالوا مرميين في شوارع المدينة‬

‫منذ أيام‪ ،‬دون أي إمكانية لسحبها وإكرامها‬ ‫بدفنها بما يليق بكرامة الميت التي يوليها‬ ‫مجتمعنا وأعرافه عناية وتقديرا خاصين»‪.‬‬

‫بــدء التح�ضــريات مل�ؤمتــر الوفــاق‬ ‫الوطنــي ال�ســوري‬

‫بدأت في دمشق االجتماعات والورشات التحضيرية لمؤتمر الوفاق الوطني‬ ‫تشارك فيها عدد من القوى السياسية والمدنية والشخصيات المستقلة السورية‬ ‫المعارضة‪ .‬وقد بدأت التحضيرات بعقد ورشة شبابية في ‪ ٢٨‬آذار لإلجابة على‬ ‫أسئلة مثل ماذا يريد الشباب من المؤتمر ومن المعارضة السياسية عموما‪.‬‬ ‫وعقد االجتماع التحضيري األول في ‪ ٢٩‬آذار وشارك فيه مستقلون وتيارات‬ ‫سياسية معارضة ومجموعات مدنية‪ .‬تناول االجتماع مناقشة عدة نقاط‬ ‫لطرحها في المؤتمر المُزمع عقده قريبًا تحت شعار "بإرادتنا نقرر مصيرنا‬ ‫وبأيدينا نبني مستقبلنا"‪.‬‬ ‫مشروع الوفاق هو أكثر من مؤتمر‪ ،‬فسوف يتم العمل عليه بشكل‬ ‫مرحلي‪ .‬ألن الوصول إلى وفاق وطني يقتضي العمل على بناء هذا التوافق‬ ‫بين المجموعات المختلفة عن طريق الحوار لتقريب وجهات النظر ومناقشة‬ ‫سبل الحل السلمية والسياسية‪.‬‬ ‫تتناول هذه االجتماعات وورشات العمل توصيف الواقع الراهن وتحديد‬ ‫واقع القوى الفاعلة في الساحة السياسية السورية‪ ،‬ودور المجتمع الدولي‬ ‫واإلقليمي والعربي في تعقيد أو حل األزمة السورية‪ .‬وكذلك يتم عرض‬ ‫جميع الوسائل واألدوات النضالية الممكنة‪ ،‬وأثر كل منها على مستقبل سوريا‪.‬‬ ‫كما يتم عرض جميع المخاطر المستجدة التي تتهدد وحدة البالد وسالمة‬ ‫المواطنين‪.‬‬

‫الأمريكيونيعرت�ضون�سفينة �أ�سلحةللمقاتلنيو�سفنرو�سيةحتا�صر�شواطئلبنانو�سوريا‬ ‫كشف بسام جعارة‪ ،‬المتحدث باسم‬ ‫الهيئة العامة للثورة السورية في أوروبا‪،‬‬ ‫في تصريح لـمحطة العربية‪ ،‬عن قيام‬ ‫السفن الروسية بمحاصرة الشواطئ‬ ‫اللبنانية والسورية‪.‬‬ ‫وأكد أن هذه المعلومات مع أسماء‬ ‫السفن ستنشر قريباً على كافة وكاالت‬ ‫األنباء في الساعات القادمة‪ ،‬نافيًا أن‬ ‫تكون مجرد شائعة‪ .‬كما أشار إلى قيام‬ ‫"األمريكيين" باعتراض سفينة محملة‬ ‫باألسلحة للمقاتلين‪.‬‬ ‫وأعرب عن تشاؤمه حيال مؤتمر‬ ‫أصدقاء سوريا الذي سيعقد غداً في‬ ‫إسطنبول‪ ،‬وأضاف أنه ال توجد أي آمال‬ ‫على اإلطالق بشأن الغد‪.‬‬ ‫وعزا المشكلة ليس فقط إلى موقف‬ ‫روسيا‪ ،‬التي تحاصر سفنها الشواطئ‬

‫اللبنانية والسورية مانعة تسليح‬ ‫المعارضين‪ ،‬وهي التي تدعم النظام‬ ‫بالسالح‪ ،‬بل إلى الموقف األمريكي‬ ‫المفضوح‪ ،‬وهنا تكمن المشكلة‪.‬‬ ‫ولفت إلى أن كلينتون ذهبت إلى‬ ‫السعودية لتحاول الضغط على المملكة‬ ‫السعودية وعلى قطر‪ ،‬من أجل القبول‬ ‫بتسوية مع النظام‪ ،‬ولمنع وصول السالح‬ ‫إلى الشعب السوري وتخفيف اللهجة في‬ ‫مؤتمر إسطنبول‪.‬‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬أبدى جعارة تقديره‬ ‫للموقف السعودي الرافض للضغوط‬ ‫وكذلك القطري‪ ،‬لكنه لفت إلى وجود‬ ‫إجراءات مشابهة لإلجراءات الروسية‬ ‫تتخذها أمريكا‪ ،‬لمنع وصول السالح إلى‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫وأكد وجود ضغوط أمريكية على‬

‫تركيا وعلى مختلف أصدقاء الشعب‬ ‫السوري لمنع توريد السالح إلى سوريا‪.‬‬ ‫كما كشف عن تهديد وجه ألحد أطراف ‪14‬‬ ‫آذار اللبنانية لمنع دعم الشعب السوري‪،‬‬ ‫وتم ذلك منذ عدة أيام‪.‬‬ ‫وقال إن الموقفين الروسي‬ ‫واألمريكي واحد‪ ،‬ويريدان تسوية على‬ ‫حساب الشعب السوري‪ .‬ولفت إلى أنه‬ ‫"يبشر" جماعة بشار األسد أن الكل في‬ ‫الغرف المغلقة يقول إن هذا النظام‬ ‫أصبح من الماضي‪ ،‬لكن الخالف معهم‬ ‫هو حول النظام األمني الذي يريدون‬ ‫بقاءه‪.‬‬ ‫وأضاف أن روسيا وخامنئي‬ ‫مستعدان للتخلي عن بشار مقابل تأمين‬ ‫مصالحهم األمنية‪.‬‬ ‫كما أكد أنه سيكون هناك حكومة‬

‫جديدة في سوريا في األيام المقبلة‪،‬‬ ‫لكنه شدد على أنها ستكون حكومة‬ ‫النظام‪ ،‬وستضم بعض من يسمون‬ ‫أنفسهم معارضون‪.‬‬ ‫أما عن "األوفر" حظًا‪ ،‬فقال إنه‬ ‫سيكون قدري جميل‪ ،‬باإلضافة إلى ‪3‬‬ ‫أسماء أخرى من لندن‪ ،‬ووزيرين كرديين‬ ‫يحاوالن رشوة األكراد‪.‬‬ ‫وختم بالقول إنه ال يوجد خالف‬ ‫مع األكراد‪ ،‬لكنه أضاف أن المعارضة‬ ‫ال تستطيع أن تمنح األكراد اليوم‬ ‫الالمركزية‪ ،‬بل تطلب منهم أن يكونوا‬ ‫سوريين‪ ،‬لكي يتمكنوا من إيصال‬ ‫أحدهم إلى رئاسة الجمهورية‪.‬‬ ‫وأضاف شارحًا أنه حين يتكلم‬ ‫األكراد عن قومية ثانية‪ ،‬فهم عندها ال‬ ‫يطالبون بالمساواة‪ ،‬بل بما هو أقل‪.‬‬


‫من��ذ س��نة يتاب��ع الس��وريون النضال من أج��ل انتص��ار ثورتهم على االس��تبداد‬ ‫األسدي‪ ،‬فيما يقوم النظام بالقتل وقصف المدن‪ ،‬والتدمير العمراني‪ ،‬بعد أن ثابر منذ‬ ‫نش��وئه‪ ،‬على تدميره سياس��يًا واجتماعياً وأخالقياً‪ .‬ونتيجة العنف المتواصل والقصف‬ ‫الوحش��ي والقتل واإلجرام لجأ الناس إلى حمل الس�لاح للدفاع عن أنفس��هم‪ ،‬وانشق‬ ‫مئات الضباط والجنود وش��كلوا "الجيش الس��وري الحر"‪ ،‬وصار هناك خطان متالزمان‬ ‫للثورة‪ ،‬يسيران جنباً إلى جنب‪ :‬خط عسكري وخط سلمي‪.‬‬ ‫وم��ع ازدياد حاالت العنف والقتل‪ ،‬تدفع النس��اء واألطفال‪ :‬ثمناً كبيراً‪ ،‬كما يحصل‬ ‫ع��ادة ف��ي الحروب‪ .‬ولدى متابع��ة مجريات التجرب��ة في تونس ومص��ر وليبيا‪ ،‬يصبح‬ ‫واضحاً أن النس��اء يتحملن عواقب فادحة مضاعفة‪ ،‬تتمث��ل في تهديد حرياتهن‪ ،‬وفي‬ ‫سلبهن مكتس��بات حصّلنها بنضال مرير‪ ،‬على عادة ما يحدث في المراحل االنتقالية‪،‬‬ ‫لس��قوط األنظمة االس��تبدادية‪ .‬ذل��ك يفرض أهمي��ة أن نبدأ العمل من��ذ اآلن‪ ،‬وقبل‬ ‫س��قوط النظام الس��وري‪ ،‬على إطالق منظمات مدنية تُعنى بالش��أن اإلنس��اني‪ ،‬في‬ ‫طليعته��ا إقامة منظمة تك��ون بمثابة النواة األولى لمؤسس��ات تتول��ى متابعة أحوال‬ ‫النساء على الصعيدين اإلنساني والحقوقي‪.‬‬ ‫تحمل المنظمة اس��م "س��وريات ديمقراطيات من أجل التنمية"‪ ،‬وتباش��ر أشغالها‬ ‫على مرحلتين‪:‬‬

‫املرحلة الأوىل‪� :‬إغاثية و�إ�سعافية‬

‫املرحلة الثانية‪ :‬بحثية حقوقية �إن�سانية‬

‫أسبوعية‬

‫س��تكون إحدى أب��رز مهام "س��وريات ديمقراطيات من أجل التنمي��ة" هي متابعة‬ ‫تطبيق قانون األحوال الش��خصية‪ ،‬وضمان الحفاظ على حقوق النس��اء‪ ،‬وذلك بالنظر‬ ‫إلى المخاوف التي تعتري الكثيرين من مرحلة ما بعد س��قوط النظام‪ ،‬واحتمال تغييب‬ ‫قضايا النس��اء وتهميش��هنّ‪ .‬وس��يتم العمل‪ ،‬مع فريق حقوقي‪ ،‬لصياغة قانون أحوال‬ ‫ش��خصية جديد‪ ،‬يتواف��ق والروح الثقافي��ة واالجتماعي��ة للمجتمع الس��وري‪ ،‬ويحفظ‬ ‫لإلنس��ان كرامته وحريته‪ ،‬ويتيح للنساء المش��اركة فعليًا في الحياة العامة ديمقراطيًا‬ ‫مثله��ا مثل الرجل‪ .‬وس��يتم عقد حلقات بحث مطوّلة حول ه��ذا األمر بين عدة أطراف‬ ‫س��ورية‪ ،‬م��ن االتجاه��ات الدينية والعلماني��ة والليبرالي��ة ً‬ ‫كافة‪ ،‬للوص��ول إلى صيغة‬ ‫توافقي��ة وضامنة لحقوق النس��اء إن في صوغ الدس��تور الجديد أو في ورش��ة تعديل‬ ‫القوانين في شتى المجاالت (العقوبات‪ ،‬االنتخابات‪ ،‬األحوال الشخصية‪ ،‬الخ)‪.‬‬ ‫أن تجمع "س��وريات ديمقراطيات من أجل التنمية" يتش��كل‬ ‫ويجدر التش��ديد على ّ‬ ‫في الخارج ألس��باب قاهرة ومؤقتة‪ ،‬ومن المحتّم أن ينتقل إلى س��ورية بعد س��قوط‬ ‫النظام‪ ،‬حيث س��يعمل عبر ش��بكة من المتطوع��ات والمتطوعين‪ ،‬ويغط��ي الجغرافيا‬ ‫الس��ورية وخاصة في المناطق والمواقع التي ش��هدت فعاليات أوسع خالل االنتفاضة‪،‬‬ ‫وبالتالي تعرّض أهلها ألذى أشدّ نتيجة حمالت الجيش واألمن والشبيحة‪.‬‬ ‫أن القسم الحقوقي في المنظمة سوف يتحوّل‬ ‫كذلك من الضروري التشديد على ّ‬ ‫إلى مركز أبحاث ودراس��ات‪ ،‬حول واقع النس��اء والحياة األس��رية إجما ًال‪ .‬كما أنه س��وف‬ ‫يبدأ‪ ،‬ويواصل العمل‪ ،‬كمؤسسة غير ربحية‪ ،‬وغير نفعية‪.‬‬ ‫إن العمل منذ اآلن على نزع المخاوف التي قد تقترن بمآالت سقوط النظام‪ ،‬والتي‬ ‫تفرضه��ا أيضاً خصائص الواقع السياس��ي واالجتماعي‪ ،‬وم��ا تراكم عبر عقود طويلة‬ ‫م��ن إلغاء دول��ة المواطنة والحق��وق المدنية‪ ،‬س��وف يكون كفي ً‬ ‫ال بتجنيب الس��وريين‬ ‫الكثي��ر م��ن المصاعب واآلالم‪ ،‬وس��يجعل الدرب إل��ى اآلمال المعلقة عل��ى الثورة ّ‬ ‫أقل‬ ‫وعورة‪ ،‬وأصدق وعداً‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كثي��راً ما فكرت بالكتابة قبل الث��ورة‪ ،‬ووصلت إلى نتائج بأن أفضل‬ ‫ما حصل في حياتي أنني كاتب‪ ،‬وأس��هبت في الحديث عن قدرة الكتابة‬ ‫على إدخال الرعب إلى قلوب الطغاة وهز عروشهم‪ .‬إال أنني اآلن تنتابني‬ ‫مش��اعر مختلفة تمامًا وأش��عر بأن الثورة قد هدمت كل يقيني‪ ،‬وألنني‬ ‫هن��ا كي ال أخفي عليكم مش��اعري الت��ي انتابتني في األش��هر األخيرة‬ ‫بخاصة في أسابيع قصف حمص فإنني أخبركم بأنني في لحظات كثيرة‬ ‫حلمت بأنني مصارع‪ ،‬مالكم‪ ،‬العب كاراتيه‪ ،‬تاجر سالح‪ ،‬قناص‪ ،‬أي شيء‬ ‫آخر يس��تطيع أن يحمي طف ً‬ ‫ال من موت محقق بقذيفة دبابة‪ .‬وألن هذه‬ ‫المشاعر انتابتني لحظات كثيرة فهي جديرة بالتفكير وإعادة طرح أسئلة‬ ‫الكتابة في زمن الثورات الس��يما أنني أدعي أنني شهدت بطوالت خارقة‬ ‫لشعب تقترب شجاعته من التراجيديا واألسطورة‪ .‬وفي الطرف المقابل‬ ‫قرأت نصوصًا تافهة ال قيمة لها‪ ،‬لن تصمد طوي ً‬ ‫ال كآالف النصوص التي‬ ‫ً‬ ‫بأن غالبا ما‬ ‫كتب��ت في لحظات عصيبة دفاع��اً عن قضايا عظيمة‪ ،‬وأفكر ّ‬ ‫بقي��ت قصص وحكايات هذه القضايا ورواياته��ا وأغانيها من دون رواة‪،‬‬ ‫بقيت القضايا وذهبت النصوص التافهة‪.‬‬ ‫سنوات طويلة وأنا أسخر من الكتاب الذين يخبرونني أنهم يقيمون‬ ‫ف��ي اللغ��ة وال تهزهم األحداث المباش��رة‪ ،‬ولكنني في الثورة الس��ورية‬ ‫حس��دتهم برغ��م احتقاري له��م لتجاهله��م دم ش��عبهم‪ ،‬وبقائهم في‬ ‫اللغة التي قام المتظاهرون بإعادة صياغتها أغاني حماس��ية أرددها عن‬ ‫طي��ب خاطر‪ ،‬كما أتخلى عن صفتي وأس��ير وراء ش��باب يتقنون الهتاف‬ ‫واله��روب من الرص��اص‪ ،‬تخليت ع��ن صفاتي وبقيت قريب��اً من هؤالء‬ ‫الجرح��ى متن��از ًال ع��ن طيبة خاط��ر عن امتي��ازات الكاتب لطبيب ش��اب‬ ‫يس��تطيع أن ينقذ شاباً جريحًا في مستشفى ميداني بارد‪ ،‬مرمي وسط‬ ‫حقول واس��عة‪ ،‬متناز ًال عن كل ما أملك لمغنّ بس��يط وفقير كإبراهيم‬ ‫القاشوش اس��تطاع بث الرعب في قلب النظام بأغانيه التي كان يؤلفها‬ ‫مع رفاقه في غرف فقيرة‪ ،‬ليهتف بها يوم الجمعة أكثر من نصف مليون‬ ‫متظاه��ر وتنتقل عبر األثير إلى كل أنحاء البالد‪ ،‬ببس��اطة قال للطاغية‬ ‫نحن نريدك أن ترحل‪ ،‬وترك للسوريين أغانيهم الخالدة‪.‬‬ ‫الث��ورة الس��ورية ل��م تقلب معادالت الش��رق األوس��ط السياس��ية‬ ‫وتبش��ر بتفكي��ك أحالف تاريخية‪ ،‬ب��ل خلخلت من أنانيت��ي وجعلت مني‬ ‫كائنًا يس��تجدي فع ً‬ ‫ال ال يمكن للثورة أن تس��تمر م��ن دونه‪ ،‬الركض في‬ ‫الش��وارع وراء ش��باب للحاق بتظاهرتهم والبحث عن أدوية يقوم شباب‬ ‫فدائي��ون بتوصيلها إلى حمص‪ ،‬والكثير م��ن األفعال التي من دونها لن‬ ‫تكتمل معاني الحرية كما لن تكتمل الرواية التي يحلم كل كتاب العالم‬ ‫بكتابتها وأقصد هنا رواية الثورة السورية‪.‬‬ ‫ال أخفيكم أنني مارست دوري ككاتب ونشرت قضية شعبي في كل‬ ‫مكان اس��تطعت الوصول إليه‪ ،‬ولكن هذه المرة بإحساس مختلف تماماً‪،‬‬ ‫إحساس من يقوم بدور أقل من أولئك األبطال المجهولين الطيبين الذين‬ ‫يرجوننا أن ال نعرض أنفسنا للخطر ويحموننا بأجسادهم‪ ،‬إحساس من‬ ‫يقف قرب جريح ويلقي قصيدة رائعة عن الثورة والحب والتضحية‪ .‬وألن‬ ‫الكتابة ليست كالمًا كما هي الثورة لذلك ترون نصي مفككًا ال يشبه أي‬ ‫نص آخر كتبته س��ابقًا ألنني ببساطة أعيش وسط ثورة تركتني عاريًا‬ ‫أمام اللغة وأعادت علي سؤا ًال مرعباً‪ :‬كيف ستكتب في ما بعد‪ ،‬سيرة كل‬ ‫هذه الروايات؟ أحتاج وقتًا كي أفكر بس��ؤالكم عن الكتابة والثورة ألنني‬ ‫يج��ب أن أفك��ر بمفهوم البطولة وأع��ود إلى تلك المنطق��ة الباردة التي‬ ‫ال يمك��ن كتابة عظيمة أن تُنتج خارجه��ا‪ ،‬كتابة ناقدة‪ ،‬متأملة‪ ،‬حقيقية‬ ‫ومنصف��ة‪ ،‬لكنها هذه الم��رة تتحدث عن ضعف الكتاب��ة أمام كل هؤالء‬ ‫الثائرين الش��جعان الذين يثبتون لي أنهم من لح��م ودم‪ ،‬أرى أفراحهم‬ ‫واحتفاله��م بخروج صديق من المعتقل‪ ،‬وبعد س��اعات أتلمس غضبهم‬ ‫ألن‬ ‫وهم يش��يّعون ش��هيداً‪ .‬أنا اآلن مثله��م مادة للكتابة ولس��ت كاتباً‪ّ ،‬‬ ‫ببساطة‪ ،‬يمكن تأجيل الكتابة ولكن ال يمكن تأجيل الثورة‪.‬‬ ‫* هذا النص ألقاه الروائي السوري خالد خليفة في ندوة عقدتها‬ ‫الجامعة األميركية – بيروت حول «الكتابة في الثورة» وشارك فيها‬ ‫كتاب عرب‪ :‬أهداف سويف‪ ،‬كمال الرياحي‪ ،‬ناديا الكوكباني‪ ،‬علي‬ ‫الجالوي وأدارها الروائي الياس خوري‪.‬‬ ‫الحياة اللندنية ‪2012 / 3 / 25‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫تتضمن متابعة أحوال النساء منذ بدء الثورة‪ ،‬في المستويات التالية‪:‬‬ ‫‪ 1‬توثيق حاالت االنتهاكات النفسية والجسدية‪ ،‬ومالحقة واعتقال وتعذيب وقدح‬‫وذم‪ ،‬ومتابع��ة ه��ذه الحاالت عبر القضاء بش��كل ممنه��ج‪ ،‬تمهي��داً لتحويلها إلى ملف‬ ‫جنائي شامل‪ ،‬يُقدّم للمحاكم الدولية المتخصصة‪.‬‬ ‫‪ 2‬متابع��ة أوض��اع النس��اء المغتصبات‪ ،‬وتقدي��م الدعم النفس��ي والمادي لهن‪،‬‬‫ومنحنهن الفرصة الختيار شريك المستقبل بعيداً عن نظرة الدونية والعطف واالحتواء‬ ‫و"الس��ترة" الس��ائدة‪ .‬وهذا س��وف يس��عى إلى تأمين ودعم اس��تقاللهن االقتصادي‪،‬‬ ‫كخطوة أولى نحو أن تقرر كل واحدة منهنّ مصيرها بنفسها‪.‬‬ ‫‪ 3‬التحالف م��ع منظمات تعمل على متابعة األوض��اع العائلية‪ ،‬وخاصة احتياجات‬‫األطف��ال‪ ،‬عن��د النس��اء اللواتي بقين ب�لا معيل‪ ،‬ووض��ع إمكانيات الجمعية البش��رية‬ ‫والمادية المتاحة في سبيل إنجاح مهمتها‪.‬‬

‫خالد خليفة‬

‫أوجاع وطن ‪. .‬‬

‫بيان �إطالق "�سوريات من‬ ‫�أجل التنمية الإن�سانية"‬

‫الثــــورة التي جعلتنــي وحيــد ًا‬ ‫�أمــــام لغتـــــي‬

‫‪3‬‬


‫العالقات العراقية ال�سورية‬ ‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫ونفط‪ ..‬وماء‪..‬‬ ‫دم‪ٍ ..‬‬ ‫قطرة ٍ‬

‫ياسر مرزوق‬

‫َ‬ ‫لع��ل الحَ��زن ال��ذي يخي��م عل��ى‬ ‫وطنن��ا الي��وم والح��زن بفت��ح الح��اء‬ ‫وبحس��ب "الفي��روز أب��ادي" ه��و الهم‬ ‫الش��ديد واأللم بأقصى حاالته يدعونا‬ ‫للتطل��ع نح��و محيطنا العرب��ي باحثين‬ ‫عن حلول أو نص��رة من اإلخوة العرب‪،‬‬ ‫وفي ملفن��ا اليوم نبحث ف��ي العالقات‬ ‫الس��ورية م��ع الع��راق ال��ذي يقف من‬ ‫الث��ورة الس��ورية موقف��اً ال يرض��ي‬ ‫المعارض��ة وال يرض��ي النظ��ام‪ ،‬فبعد‬ ‫حرب��ي الخلي��ج األول��ى والثاني��ة‪ ،‬بدت‬ ‫أح�لام العروب��ة وعن��د الطي��ف األكبر‬ ‫من المثقفين أحالمًا تكس��رت أجنحتها‬ ‫وحطت على األرض‪ ،‬فال هي تقوم وال‬ ‫هي تنام‪ ،‬فالدول العربية القائمة قبل‬ ‫الربي��ع العرب��ي‪ ،‬مش��اريعٌ تحولت إلى‬ ‫نظم‪ ،‬ضاعت المش��اريع وبقيت النظم‬ ‫ب�لا ش��رعية تعطيه��ا معن��ى أو قيمة‪،‬‬ ‫وقبائ��ل تحولت إل��ى جيوش في نفس‬ ‫الوقت ال��ذي تتحول في��ه الجيوش إلى‬ ‫قبائل وتلح األس��ئلة عن جدوى اجتماع‬ ‫القم��ة العربي��ة في بغ��داد‪ ،‬قم ٌة تغيب‬ ‫عنها س��وريا‪ ،‬وس��وريا هي الغائب فال‬ ‫النظام س��يحضر لتجميد عضويته‪ ،‬وال‬ ‫المعارضة مدعوة للمش��اركة‪ ،‬كممثل‬ ‫لطيفٍ من الشارع السوري‪.‬‬ ‫أعادت األزمة الس��ورية إش��كالية‬ ‫الهوي��ة العربي��ة إل��ى المقدم��ة‪ ،‬بع��د‬ ‫غي��اب طويل‪ ،‬مع أنني ش��خصيًا أدعي‬ ‫ٍ‬ ‫االنتم��اء للتيار المعارض في س��وريا‪،‬‬ ‫ليس لي أن أسلم بوقوف اإلخوة العرب‬ ‫مع الثورة في س��وريا أو حرصهم على‬ ‫الديمقراطي��ة أو الحري��ة ف��ي وطنن��ا‬ ‫الجريح‪ .‬فعدم ش��رعية ال��دور اإليراني‬ ‫في الش��أن السوري ال يعني بالضرورة‬ ‫ش��رعية ال��دور الس��عودي أو القطري‪،‬‬ ‫فنحن أم��ام عالم عرب��ي تحكمه ثالث‬ ‫ٍ‬ ‫قط��رات‪ :‬قط��رة بت��رول‪ .‬وقط��رة دم‪.‬‬ ‫وقطرة م��اء والقطرات الثالث ال تمتزج‬ ‫عالمٌ عربي تحكمه مؤثرات تهب عليه‬ ‫من خارجه‪ ،‬وتدفع أشرعته إلى أي اتجاه‬ ‫تريد‪ .‬إن الخطر الحقيقي الذي تواجهه‬ ‫الثورة السورية هو أن تتحول "دمشق"‬ ‫إل��ى "جالديران" يث��أر الصفويون فيها‬ ‫لهزيمته��م أمام العثمانيين منذ س��تة‬ ‫ق��رون بكل م��ا للثأر والحال��ة هذه من‬ ‫أبع��ادٍ طائفي��ةٍ أو ديني��ة تضيع معها‬ ‫أحالم السوريين بالحرية والكرامة‪.‬‬ ‫يخبرن��ا صاح��ب قص��ة الحض��ارة‬ ‫عن حضارةٍ س��اميةٍ غامضة‪ ،‬س��بقت‬ ‫السومريين في جنوب العراق هي التي‬ ‫أطلقت على الداخل الس��وري تس��مية‬ ‫" س��يريون" أي الهضب��ة المرتفع��ة‪،‬‬ ‫فالعالق��ات الس��ورية العراقية س��بقت‬ ‫حت��ى المدني��ات المعروف��ة وتاريخي��ًا‬ ‫يبدو من المس��تحيل فهم الجدلية التي‬ ‫تحك��م عالقة اإلخ��وة األع��داء‪ ،‬فماري‬ ‫وإيبال حضاراتٌ سورية عراقية وآشور‬ ‫وبابل عاش��ت مجدها حين تمكنت من‬

‫الس��يطرة على الداخل الس��وري لتنتج‬ ‫تالقح��اً ثقافيًا وتش��ريعيًا كان له األثر‬ ‫األكبر على الحضارة اإلنسانية جمعاء‪،‬‬ ‫وسوريا المسيحية عاشت مجدها حين‬ ‫انتقلت المس��يحية إلى العراق ونش��أت‬ ‫الكنائ��س الكبرى وظهر آباء الكنيس��ة‬ ‫العظ��ام ف��ي البلدي��ن‪ ،‬وم��ع انقس��ام‬ ‫العال��م القديم إلى منطقتي نفوذ كان‬ ‫العراق من حصة الفرس وس��وريا من‬ ‫حص��ة بيزنط��ة‪ ،‬وبقي��ت الح��ال حتى‬ ‫ظه��ور اإلس�لام ودخ��ول البلدي��ن في‬ ‫اإلمبراطوري��ة اإلس�لامية العربي��ة‪،‬‬ ‫ولعله من مكر التاريخ أن يشهد البلدان‬ ‫االنش��قاق اإلس�لامي األول ف��ـ "عل��ي‬ ‫رض��ي اهلل عن��ه " اغتي��ل ف��ي الكوفة‬ ‫ومعاوي��ة بق��ي محصن��ًا ف��ي قص��ره‬ ‫بدمش��ق‪ ،‬و"صفين" المعركة الفاصلة‬ ‫ف��ي التاريخ اإلس�لامي ال تبع��د كثيراً‬ ‫عن حلب‪ ،‬فأضحت دمش��ق "األمويين"‬ ‫عاصم��ة العال��م اإلس�لامي حت��ى أتت‬ ‫الرايات الس��ود من الش��رق لتنقل لواء‬ ‫الزعام��ة إلى بغداد" العباس��يين"‪ .‬ولم‬ ‫تسلم الحاضرتان من الهجمة المغولية‬ ‫البربرية اآلتية من الش��رق‪ ،‬كما دخلتا‬ ‫تح��ت س��يطرة العثمانيين ف��ي الفترة‬ ‫عينها تقريب��ًا وتحررتا في الوقت عينه‬ ‫أيضًا‪.‬‬

‫الثورة العربية وفرتة مابني‬ ‫احلربني‬

‫م��ع اندالع الث��ورة العربية الكبرى‬ ‫كان مق��دراً للدولتي��ن الش��قيقتين أن‬ ‫تتوح��دا تح��ت حكم الش��ريف حس��ين‬ ‫وأبناءه‪ ،‬إال أن��ه وفي الوقت عينه كانت‬ ‫بريطانيا وفرنسا تقتس��مان المنطقة‬ ‫متجاهلتين وعودهما السابقة‪ ،‬وننقل‬ ‫ع��ن الس��ير " الك كي��ر كبراي��د" " أحد‬ ‫موظفي الحكومة البريطانية وقد عرف‬ ‫الهاش��ميين جي��داً آنئذ‪ ،‬واصف��اً ميثاق‬ ‫األس��رة بم��ا يل��ي‪ " :‬وافق "الحس��ين"‬ ‫وأبن��اؤه عل��ى أن يخل��ف "عل��ي" االبن‬ ‫األكب��ر أب��اه عل��ى الحج��از‪ ،‬وان يصبح‬ ‫"عب��د اهلل " االب��ن الثان��ي مل��كًا عل��ى‬ ‫الع��راق‪ ،‬وأن يصب��ح "فيص��ل " االب��ن‬ ‫الثالث ملكًا على سوريا‪ ،‬وعندما انتهى‬ ‫القتال عام ‪ 1918‬أعلن فيصل نفس��ه‬ ‫ملكاً عل��ى س��وريا بعد أش��هر وأصبح‬ ‫األب ملكًا على الحج��از‪ ،‬لكن الخطة ما‬ ‫لبث��ت أن تمزقت‪ ،‬ففيص��ل لم يتوصل‬ ‫إلى اتفاق مع فرنس��ا ذات المطامع في‬ ‫سوريا‪ ،‬فطرده جيشها من دمشق عام‬ ‫‪1920‬فل��م يذه��ب لموطن��ه مهزوم��ًا‬ ‫وإنم��ا توجه بدهاء إلى مؤتمر الس�لام‬ ‫المعق��ود في باريس‪ ،‬حي��ث بزغ نجمه‬ ‫مرش��حًا للعرش في العراق فتوج ملكًا‬ ‫في بغداد عام ‪." 1921‬‬ ‫وف��ي فت��رة م��ا بي��ن الحربي��ن‬ ‫راقبت س��وريا بعين الحس��د التطورات‬

‫الدس��تورية الت��ي أدخلته��ا بريطاني��ا‬ ‫في الع��راق‪ ،‬وكان��ت النخب الس��ورية‬ ‫تطم��ح لمعاهدة على نس��ق المعاهدة‬ ‫البريطاني��ة ـ العراقية عام ‪ 1930‬التي‬ ‫أنهت االنت��داب البريطاني للعراق وقد‬ ‫س��اعد العراق الس��وريين في نضالهم‬ ‫ضد الفرنس��يين عس��كريًا وسياس��ياً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ملج��أ للهاربين من‬ ‫وجع��ل من أرض��ه‬ ‫القم��ع الفرنس��ي وس��عى ع��ام ‪1936‬‬ ‫للضغ��ط عل��ى الحكوم��ة البريطاني��ة‬ ‫لدعم موقف الوفد الس��وري المفاوض‬ ‫في حينه‪.‬‬ ‫ع��ام ‪1941‬ا أراد ملك األردن "عبد‬ ‫اهلل" أن يوحد س��ورية الكبرى بمعونة‬ ‫بريطاني��ة فتدخلت مصر والس��عودية‬ ‫إلجهاض المحاولة‪ ،‬وبقيت أحالم الوحدة‬ ‫بين البلدين تتجدد بعد استقالل سوريا‬ ‫بل أضحت المحرك األساسي للسياسة‬ ‫الس��ورية فط��رح نوري الس��عيد فكرة‬ ‫االتحاد الفيدرالي بين س��ورية الكبرى‬ ‫والع��راق وت��م إجه��اض ه��ذه الفكرة‬ ‫بواس��طة الرئي��س "ش��كري القوتلي"‬ ‫ذو ال��والء البيّ��ن لمصر والس��عودية‪،‬‬ ‫وفي ع��ام ‪ 1949‬وبعد أن ق��ام انقالب‬ ‫حس��ني الزعيم في سورية زار حسني‬ ‫الزعي��م مصر‪ ،‬وبع��د أن عاد من مصر‬ ‫أوقف مس��اعي الوحدة مع العراق‪ ...‬ثم‬ ‫ق��ام انقالب س��امي الحناوي في نفس‬ ‫الع��ام وكان حزب الش��عب الحاكم في‬ ‫س��ورية حينه��ا يعت��زم إع�لان الوحدة‬ ‫مع الع��راق‪ ،‬ولك��ن مصر والس��عودية‬ ‫حرضتا أديب الشيشكلي على االنقالب‬ ‫وإفش��ال الوحدة مع الع��راق التي كانت‬ ‫ق��اب قوس��ين أو أدنى‪ ...‬ومن��ذ تاريخه‬ ‫ً‬ ‫ونتيجة للثورة‬ ‫تحول الشارع الس��وري‬ ‫المصري��ة وب��زوغ نج��م عب��د الناصر‬ ‫والمش��روع القوم��ي العرب��ي نح��و‬ ‫الوح��دة مع مصر‪ ،‬والذي ت��وّج بإعالن‬ ‫الوح��دة وقيام الجمهورية المتحدة عام‬ ‫‪ ،1958‬وفي العام نفس��ه قامت حركة‬

‫‪ 14‬تم��وز ف��ي الع��راق والت��ي قض��ت‬ ‫عل��ى النظ��ام الملك��ي وج��اءت بنظام‬ ‫حكم ميال لليس��ار‪ ،‬لعب��ت الجمهورية‬ ‫العربي��ة المتح��دة ‪ -‬والقطر الس��وري‬ ‫منها بال��ذات ‪ -‬دوراً فاع ً‬ ‫ال في محاوالت‬ ‫تقويض الحكومة العراقية التي قادها‬ ‫عبد الكريم قاس��م‪ ،‬بم��ا في ذلك دعم‬ ‫وتس��ليح العناص��ر المناوئة ل��ه والتي‬ ‫حاولت االنقالب عليه أكثر من مرة‪.‬‬

‫فرتة حكم البعث‬

‫بع��د نج��اح ح��زب البع��ث العراقي‬ ‫ف��ي القض��اء على نظ��ام عب��د الكريم‬ ‫قاس��م ف��ي ‪ 8‬ش��باط ‪ ،1963‬وانهي��ار‬ ‫دولة الوحدة وتس��لم البعثيين السلطة‬ ‫في دمش��ق بعد ش��هر واح��د بالضبط‪،‬‬ ‫ش��هدت العالق��ات بين س��وريا والعراق‬ ‫تحس��نا ملحوظ��ًا‪ .‬إال أن العالق��ات بي��ن‬ ‫البلدي��ن الجاري��ن بقي��ت وعل��ى م��دى‬ ‫العق��ود الخمس��ة الماضية منذ تس��لم‬ ‫حزب البعث زمام الس��لطة في دمش��ق‬ ‫ً‬ ‫محكومة بالعالقات‬ ‫وبغداد ع��ام ‪،1963‬‬ ‫بين أجنحة هذا الحزب الذي أسس��ه عام‬ ‫‪ 1947‬في دمشق كل من ميشيل عفلق‬ ‫وصالح الدين البيطار‪ .‬فحكم البعث في‬ ‫العراق س��رعان ما تص��دع نتيجة صراع‬ ‫داخلي بين جناحيه المدني والعسكري‪.‬‬ ‫وق��د اصطلح على تس��مية الجناح األول‬ ‫بـ"بعث اليس��ار أو "جماعة سوريا "بينما‬ ‫س��مي اآلخر بـ"بع��ث اليمي��ن " بلغ هذا‬ ‫الصراع أش��ده في شهر تش��رين الثاني‬ ‫نوفمب��ر ‪ ،1963‬وفي الثالث عش��ر منه‬ ‫عل��ى وج��ه التحديد‪ ،‬حيث حل��ت القيادة‬ ‫القومي��ة للح��زب "والت��ي كان مركزها‬ ‫دمشق" قيادة العراق وتولت حكم البالد‬ ‫حكما مباش��را‪ .‬إال أن هذا الحال لم يدم‬ ‫طوي ً‬ ‫�لا‪ ،‬حي��ث انقل��ب ضب��اط الجي��ش‬ ‫العراقي من القوميين على البعثيين في‬ ‫الثامن عشر من تشرين الثاني‪ ،‬وأقاموا‬ ‫ً‬ ‫حكومة برئاسة عبد السالم عارف "الذي‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫لك��ن العالق��ات أخ��ذت بالتحس��ن‬ ‫تدريجيًا مع العقوبات التي فرضت على‬ ‫الع��راق‪ ،‬وكأن م��ا أفس��دته السياس��ة‬ ‫يصلح��ه االقتصاد وحص��ل تقارب بين‬ ‫النظامين الحاكمين في بغداد ودمشق‬ ‫وق��د ظهرت نتائج التق��ارب عام ‪1997‬‬ ‫حي��ث تم��ت إعادة فت��ح مرك��ز "التنف"‬ ‫الح��دودي لرجال األعمال م��ن البلدين‬ ‫وتوقي��ع أول االتفاق��ات التجاري��ة بين‬ ‫دمش��ق و بغداد‪ .‬وقد تطورت العالقات‬ ‫وف��ق التسلس��ل الزمن��ي التال��ي‪،‬‬ ‫بالتزامن مع تغير السياسة االقتصادية‬ ‫في سوريا مطلع التس��عينات والفوائد‬ ‫التراكمية الت��ي كان يحققها االقتصاد‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫غزو الكويت وما بعده‬

‫في البلدين‪:‬‬ ‫ـ ع��ام ‪ 1997‬وفي األول من ش��هر‬ ‫آب‪ :‬األم��م المتح��دة تس��مح للع��راق‬ ‫باس��تيراد بضائ��ع عب��ر الح��دود م��ع‬ ‫س��ورية‪ ،‬ـ ‪ 1‬تش��رين الثاني‪ :‬س��ورية‬ ‫تشارك للمرة األولى في معرض بغداد‬ ‫الدول��ي للم��رة األولى من��ذ ‪ 17‬عاما‪ ،‬ـ‬ ‫‪ 21‬نوفمب��ر‪ :‬زيارة نائب رئيس الوزراء‬ ‫العراق��ي ط��ارق عزيز لدمش��ق للمرة‬ ‫األولى منذ عشرين عاما‪.‬‬ ‫ـ ع��ام ‪ 1998‬وف��ي ‪ 14‬نيس��ان‪:‬‬ ‫بطري��رك الس��ريان األرثوذك��س‬ ‫"أغناطي��وس زكا عي��واص" ي��زور‬ ‫العراق للمرة األول��ى منذ ‪ 16‬عاما‪20 ،‬‬ ‫آب‪ :‬ت��م توقيع مش��روع اتف��اق إلعادة‬ ‫تأهيل أنبوب النفط العراقي الس��وري‬ ‫المتوق��ف منذ ‪ 16‬عاما‪ .‬وفي ‪ 13‬أيلول‪:‬‬ ‫إع��ادة افتتاح المركز التجاري الس��وري‬ ‫في بغداد بعد إقفال استمر ‪ 18‬عاما‪.‬‬ ‫ـ ع��ام ‪ 2000‬وف��ي ‪ 22‬ش��باط‪:‬‬ ‫وزي��ر ال��ري العراق��ي محم��ود دي��اب‬ ‫األحم��د يطال��ب باتفاق ثالث��ي تركي ـ‬ ‫س��وري ـ عراق��ي لوضع تقاس��م عادل‬ ‫للثروات المائية المش��تركة بين الدول‬ ‫الثالث‪ ،‬وفي األول م��ن تموز‪ :‬الرئيس‬ ‫الس��وري "بش��ار األس��د" يلتق��ي ف��ي‬ ‫دمش��ق وزير الخارجية العراقي "محمد‬ ‫س��عيد الصح��اف" ويبح��ث مع��ه ف��ي‬ ‫القضاي��ا العربي��ة والعالق��ات الثنائية‪.‬‬ ‫ف��ي الخام��س م��ن آب‪ :‬تش��كيل لجنة‬ ‫مش��تركة للتع��اون االقتص��ادي للمرة‬ ‫األولى منذ قطع العالقات وإعادة افتتاح‬ ‫خط السكة الحديد بين الموصل وحلب‬ ‫المقفل منذ ‪.1981‬‬ ‫ـ ع��ام ‪ 2001‬وف��ي ‪ 31‬من ش��هر‬ ‫كان��ون الثان��ي‪ :‬اتف��اق عل��ى إنش��اء‬ ‫منطقة للتبادل الحر بين البلدين‪ .‬وفي‬ ‫‪ 19‬أيار‪ :‬سورية تفتح مكتبا لمصالحها‬ ‫في بغداد بعد س��نة من افتتاح ممثلية‬ ‫عراقي��ة عل��ى المس��توى نفس��ه ف��ي‬ ‫دمش��ق‪ .‬وتم الس��ماح بتنق��ل األفراد‬ ‫بين العراق وس��ورية للمرة األولى منذ‬ ‫عش��رين عام��ا‪ .‬وفي ‪ 11‬من ش��هر آب‬ ‫قام رئيس الوزراء السوري" مصطفى‬ ‫مي��رو" ب��أول زي��ارة لبغداد عل��ى هذا‬ ‫المستوى منذ أكثر من عشرين عامًا‪.‬‬ ‫ـ عام ‪ :2002‬تم عقد مؤتمر عربي‬ ‫ف��ي دمش��ق لدعم الع��راق ف��ي وجه‬ ‫التهدي��دات األميركي��ة‪ ،‬بحضور طارق‬

‫عزيز ونحو ‪ 800‬شخصية كما استقبل‬ ‫الرئي��س األس��د ف��ي دمش��ق الزعيم‬ ‫الكردي العراقي مسعود برزاني لبحث‬ ‫موضوع الحفاظ على وحدة العراق‪.‬‬ ‫ـ ع��ام ‪ 2003‬وبعد س��قوط صدام‬ ‫حس��ين‪ ،‬دعت دمش��ق المجتمع الدولي‬ ‫إلى إفساح المجال أمام الشعب العراقي‬ ‫الختي��ار قادته بحري��ة‪ ،‬وطالبت بإنهاء‬ ‫االحت�لال‪ .‬كم��ا أعل��ن وزي��ر الخارجية‬ ‫السوري استعداد بالده للتعاون مع اول‬ ‫حكومة عراقية تش��كل ف��ي مرحلة ما‬ ‫بعد صدام‪ .‬وخالل عامي ‪ 2004‬و‪2005‬‬ ‫تفج��رت األوض��اع األمنية ف��ي العراق‬ ‫واس��تقبلت دمش��ق أع��داداً هائلة من‬ ‫الالجئي��ن العراقيين انعكس توافدهم‬ ‫س��لبًا على الواقع المعاشي في سوريا‪،‬‬ ‫كم��ا تصاع��دت اتهام��ات الحكومتي��ن‬ ‫العراقي��ة واألمريكية للنظام الس��وري‬ ‫بدعم الجماع��ات اإلرهابي��ة المتدفقة‬ ‫نحو العراق‪ ،‬أو غض البصر عنها بالحد‬ ‫األدن��ى‪ .‬وفي ع��ام ‪ 2006‬أعل��ن وزير‬ ‫الخارجية السوري وليد المعلم يعلن ان‬ ‫دمش��ق جاهزة لبدء ح��وار مع الواليات‬ ‫المتح��دة حول اس��تقرار الع��راق‪ .‬وفي‬ ‫‪ 17‬من الشهر نفسه دعت لندن سوريا‬ ‫وإي��ران إل��ى المس��اهمة في مس��اعي‬ ‫التوص��ل إل��ى الس�لام ف��ي الش��رق‬ ‫األوسط‪ .‬وفي العام نفسه أعلن البلدان‬ ‫إعادة العالقات الدبلوماس��ية بمناس��بة‬ ‫زيارة وليد المعلم إلى بغداد‪.‬‬ ‫ول��م تش��هد األع��وام الالحقة أي‬ ‫جديد على صعيد العالقات بين البلدين‬ ‫فالعراق غارقٌ في مش��اكله ولم تفلح‬ ‫النخب السياس��ية العراقي��ة‪ ،‬في إنقاذ‬ ‫الع��راق من جحي��م الفس��اد واالقتتال‬ ‫والنهب المنظم للث��روات‪ ،‬فحازوا بحق‬ ‫لقب أسوء مدافعين عن أنزه قضية‪ ،‬ومع‬ ‫اندالع الثورة الس��ورية ع��ام ‪2011‬بدا‬ ‫الموقف العراقي مثيراً للدهشة‪ ،‬فعلى‬ ‫الصعيد االجتماعي انقس��م العراقيون‬ ‫بي��ن داعم للث��ورة ومع��ادٍ له��ا بدافع‬ ‫ٍ‬ ‫طائفي بحت‪ ،‬متجاهلين أن أول مطالب‬ ‫الث��ورة الس��ورية كان الدول��ة المدنية‬ ‫ً‬ ‫يقينية مفاده��ا أن الواقع‬ ‫ومتجاهلي��ن‬ ‫الطائفي في سوريا محصنٌ على نحو‬ ‫فريد عالميًا‪ ،‬وقد بدا موقفهم انعكاسًا‬ ‫واضح��ًا لحالة التش��رذم الطائفي التي‬ ‫وص��ل إليه��ا المجتم��ع العراق��ي‪ ،‬أم��ا‬ ‫الحكوم��ة العراقية فلم يك��ن موقفها‬ ‫بأحس��ن حا ًال فمع يقيننا بأن السياس��ة‬

‫لعب��ة مصال��ح‪ ،‬كان األم��ل معق��وداً‬ ‫وم��ن الطرفين في س��وريا معارضين‬ ‫وموالين ب��أن يكون الموق��ف العراقي‬ ‫بداف��ع مم��ا تق��دم عن‬ ‫أكث��ر وضوح��ًا‬ ‫ٍ‬ ‫عالق��ةٍ عضويةٍ بين البلدين منذ فجر‬ ‫التاريخ‪ ،‬فلم تستطع الحكومة العراقية‬ ‫مناص��رة النظ��ام بالمطل��ق خوفاً من‬ ‫إجم��اع دولي معارض ل��ه‪ ،‬وخوفًا على‬ ‫ٍ‬ ‫عالقاته��ا الغربي��ة والخليجية‪ ،‬ولكي ال‬ ‫ً‬ ‫صراحة‬ ‫تجد نفسها أمام نظام معادٍ لها‬ ‫ٍ‬ ‫ف��ي حال س��قط النظ��ام في س��وريا‪،‬‬ ‫ولم تس��تطع نص��رة الثورة الس��ورية‬ ‫بالمطلق خوفًا من حليف النظام القابع‬ ‫ش��رق البالد والممس��ك بزمام الوضع‬ ‫العراق��ي‪ ،‬وخوف��اً م��ن تلوي��ح النظام‬ ‫بورق��ة االقتصاد والالجئين‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫ش��بكة المصالح التي تربط الفاسدين‬ ‫في النظامين‪ .‬ل��ذا آثر النظام العراقي‬ ‫الترق��ب بانتظ��ار ترجي��ح كف��ة اح��د‬ ‫الطرفين‪.‬‬ ‫ليس ألحدٍ التنبؤ بمصير األحداث‬ ‫ف��ي س��وريا‪ ،‬لك��ن بق��اء األم��ور على‬ ‫حاله��ا من��افٍ لحركة التاري��خ‪ ،‬فال أحد‬ ‫يملك االدع��اء بمعرفة مصي��ر الثورة‪،‬‬ ‫لك��ن الجميع مدركون بأن س��وريا هي‬ ‫الباقية واألسماء واألنظمة زائل ٌة بحكم‬ ‫التاريخ وبحك��م قوانين الطبيعة‪ ،‬وكذا‬ ‫الح��ال بالنس��بة للع��راق‪ ،‬إن أي ق��ارئ‬ ‫لتاريخ البشرية عليه أن يدرك انعكاس‬ ‫الجغرافي��ا عل��ى التاريخ وعل��ى طبائع‬ ‫الش��عوب‪ ،‬وعلي��ه أن يدرك أيض��اً بأن‬ ‫ما طب��ع العالق��ات الس��ورية العراقية‬ ‫منذ اس��تقالل البلدين من توتر وتنافر‬ ‫مخال��فٌ لحقائ��ق التاري��خ والطبيعة‪،‬‬ ‫فموض��وع إنش��اء دولة واح��دة قوامها‬ ‫العراق وسوريا أمرٌ ال يحتاج إيضاحاتٍ‬ ‫خاص��ة‪ ،‬لكن م��ا يتطل��ب اإليضاح هو‪:‬‬ ‫لِ��مَ َل��مْ تظهر ه��ذه الدول��ة قط إلى‬ ‫حي��ز الوج��ود‪ ،‬ولس��ت هن��ا م��ن دعاة‬ ‫القومي��ة العربية التي أثبت��ت التجربة‬ ‫أن ما تحمله هذه القومية من مقومات‬ ‫ل��م يحص��ن تجرب��ة الوحدة الس��ورية‬ ‫المصري��ة م��ن الفش��ل‪ ،‬بل استش��هد‬ ‫هنا بتجربة األوروبيين وقدرتهم على‬ ‫كسر الجدران الحديدية نحو االنسجام‬ ‫والتوح��د‪ .‬إن الربي��ع العرب��ي يج��ب أن‬ ‫يس��تمر ربيعًا وحدوياً ق��د نختلف على‬ ‫صيغت��ه‪ ،‬لكنن��ا جميعاً متفق��ون على‬ ‫حاجتن��ا له لتتبوأ هذه الش��عوب مكانها‬ ‫تحت الشمس‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫قتل ف��ي ح��ادث طائ��رة ق��رب البصرة‬ ‫ع��ام ‪ ."1965‬وق��د كان ع��ارف وحدوي‬ ‫التوجه‪ ،‬وحاول إبان فترة حكمه التقرب‬ ‫م��ن س��وريا البعثية ومص��ر الناصرية‪،‬‬ ‫وفع ً‬ ‫�لا تم التوقيع عل��ى معاهدة للدفاع‬ ‫المشترك بين سوريا والعراق‬ ‫وفي شهر تموز ‪ ،1968‬نجح الجناح‬ ‫العس��كري اليمين��ي م��ن ح��زب البعث‬ ‫في ترتي��ب حركة في الع��راق أطاحت‬ ‫بحكومة عبدالرحمن ع��ارف "الذي جاء‬ ‫للحكم بعد مقتل شقيقه عبد السالم"‬ ‫وكان ه��ذا الجن��اح يمثل��ه عناصر مثل‬ ‫أحمد حس��ن البكر" الذي أصبح رئيس��ا‬ ‫للبالد" وصدام حسين "الذي سرعان ما‬ ‫أصبح نائبًا للبكر‪ ،‬والشخص القوي في‬ ‫الع��راق" حردان التكريتي" (الذي أصبح‬ ‫قائداً للجيش)‪.‬‬ ‫ب��دأت الخالف��ات بي��ن الجناحي��ن‬ ‫الس��وري "اليس��اري" والعراق��ي "بعث‬ ‫اليمين" بالظهور إلى الس��طح بش��كل‬ ‫جل��ي بعد ذلك بقلي��ل‪ ،‬وخصوصًا بعد‬ ‫تس��لم حاف��ظ األس��د مقالي��د األم��ور‬ ‫ف��ي دمش��ق ع��ام ‪ .1970‬فق��د اته��م‬ ‫العراق س��وريا بتجاهله عندما خططت‬ ‫دمش��ق والقاه��رة لش��ن ح��رب ‪1973‬‬ ‫ض��د إس��رائيل‪ ،‬إال أن ه��ذا ل��م يمنعه‬ ‫من المش��اركة إل��ى جانب الس��وريين‬ ‫فوصل��ت بالفع��ل تعزيزات عس��كرية‬ ‫عراقية إلى س��وريا‪ ،‬كم��ا اتهم العراق‬ ‫س��وريا بقطع مي��اه نهر الف��رات عنه‪،‬‬ ‫ه��ذا التوت��ر بالعالقات دعى بدمش��ق‬ ‫لمطالبة الع��راق بضع��ف المبالغ التي‬ ‫كانت تتقاضاها لقاء اس��تخدام العراق‬ ‫لخط األنابيب النفطية المارة بس��وريا‬ ‫(وال��ذي أدى ف��ي نهاي��ة المط��اف إلى‬ ‫لج��وء الع��راق إلى تصدي��ر نفطه عبر‬ ‫الموان��ئ التركية) وبعد تس��لم صدام‬ ‫حس��ين زمام األمور رسميًا في العراق‬ ‫ع��ام ‪ 1979‬وان��دالع الحرب م��ع إيران‬ ‫في الس��نة الت��ي تلتها اختارت س��وريا‬ ‫الوق��وف إلى جانب طه��ران في الحرب‬ ‫(ه��ذا القرار يع��د أجرأ مالمح سياس��ة‬ ‫حاف��ظ األس��د الخارجية) مم��ا أدى إلى‬ ‫قط��ع العالق��ات الدبلوماس��ية بي��ن‬ ‫البلدين ع��ام ‪ 1982‬وقد بلغ التوتر في‬ ‫العالقات أش��ده على أثر اتهام س��وريا‬ ‫للعراق بمس��اعدة اإلخوان المس��لمين‬ ‫السوريين عسكريًا وماليًا في صراعهم‬ ‫ض��د حكوم��ة دمش��ق‪ ،‬وه��و الص��راع‬ ‫ال��ذي بلغ أش��ده عندما هاج��م الجيش‬ ‫السوري مدينة حماه عام ‪1982‬وتتالت‬ ‫االتهامات بين البلدين بتشجيع األعمال‬ ‫اإلرهابية الموجه��ة ضد الطرف اآلخر‪،‬‬ ‫واس��تمرت العالقات بي��ن البلدين على‬ ‫هذا الح��ال‪ ،‬وزادت ح��دة التوتر بعد أن‬ ‫قررت الحكومة السورية المشاركة في‬ ‫الق��وات الدولي��ة التي أخرج��ت القوات‬ ‫العراقية من الكويت عام ‪.1991‬‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫�سوريا‪ ..‬الهوية وامل�صري‬ ‫هل ت�ش ّكل �سوريا وطن ًا واحد ًا؟‬

‫خالد كنفاني‬

‫لعل��ه س��ؤال مفاج��ئ ف��ي مقدم��ة‬ ‫مقال يتح��دث عن الث��ورة‪ ،‬ولكنه يأتي في‬ ‫سلسلة األس��ئلة الطويلة والمغيّبة لعقود‬ ‫طويل��ة داخ��ل مجتم��ع وبل��د لم يع��رف أو‬ ‫يمارس السياسة سوى في المقاهي وعلى‬ ‫أبواب المح��ال التجارية ومن خ�لال النكات‬ ‫السياسية التي كانت تنتشر بالهمس‪.‬‬ ‫وال أذي��ع س��راً إذا قلت أن م��ا أثار هذا‬ ‫الس��ؤال هو انس��حاب اثنتي عش��رة حركة‬ ‫معارض��ة كردي��ة م��ن مؤتم��ر كان هدفه‬ ‫توحي��د المعارضة‪ ،‬مثلما غاب��ت عنه جهات‬ ‫معارض��ة أخ��رى بعضه��ا يمث��ل التركمان‬ ‫وبعضه��ا يس��اري وقومي (هيئة التنس��يق‬ ‫نموذج��ًا) ناهيك ع��ن كل معارضي الداخل‬ ‫س��واء منهم من كان معارضة مس��تترة أو‬ ‫معلنة ولكنها متهم��ة باالنضواء تحت راية‬ ‫النظام (مث��ل الحركة الت��ي يقودها قدري‬ ‫جميل وغيرها)‪.‬‬ ‫وحتى ال يغيب التاريخ وتغيب السياسة‬ ‫خلف الحماسة الثورية الجارفة التي تعصف‬ ‫بس��وريا ف��ي مختل��ف مناطقها‪ ،‬ف��إن من‬ ‫الواجب التعمق بدراس��ة مكونات هذا البلد‬ ‫ال��ذي ّ‬ ‫يش��كل بالفع��ل لوحة فسيفس��ائية‬ ‫بألوان وتقاطيع متراكبة مع بعضها بشكل‬ ‫ال يخل��و أحيان��اً م��ن طرافة مثلم��ا ال يخلو‬ ‫كثيراً من كبت أو قبول على مضض‪.‬‬ ‫تتن��وع المكون��ات الثقافي��ة والعرقية‬ ‫والقومي��ة والدينية والطائفية في س��وريا‬ ‫بش��كل كبير جداً‪ ،‬ويعلم كل باحثي العلوم‬ ‫الجيوسياسية واألنثروبولوجية في سوريا (‬ ‫عل��ى ق ّلتهم) أن هذه األطي��اف تتوزع وفق‬ ‫ترتي��ب معي��ن م��وروث عل��ى األغل��ب من‬ ‫ظروف تاريخية معين��ة فرضت هذا التوزع‬ ‫أو من قرارات سياس��ية فرضت هذا الوجود‬ ‫أو ذاك في مناطق ومدن معينة‪.‬‬ ‫ق��د نتوق��ف هن��ا قلي ً‬ ‫�لا لنتح��دث عن‬ ‫الع��راق‪ ،‬ذلك البلد الذي عش��نا معه مراحل‬ ‫س��قوط نظام��ه وعواق��ب س��قوط ذل��ك‬ ‫النظ��ام‪ .‬ول��ن نهتم كثيراً ب��كل اآلراء التي‬ ‫تزع��م أن الحال��ة العراقي��ة مختلف��ة ع��ن‬ ‫الحالة الس��ورية‪ ،‬فكل من يدعو اليوم إلى‬ ‫التدخل العس��كري المباشر في سوريا فهو‬ ‫يرسم مصيراً مشابهًا جداً للحالة العراقية‪،‬‬ ‫مع فارق أكبر هو أن التنوع الس��وري يفوق‬ ‫نظيره العراقي بكثير‪ .‬إن ما حصل (وال يزال‬ ‫يحصل) من تهجير للعرب والمسيحيين من‬ ‫إقليم كردس��تان العراق بعد أن قام النظام‬ ‫الس��ابق بفرض وجود هؤالء ضمن اإلقليم‬ ‫وذلك بدعوى إحالل التوازن الديمغرافي في‬ ‫المنطقة‪ ،‬وهي مس��ألة ظه��ر فيما بعد أن‬ ‫فرضها وعلى مدى سنوات طويلة لم يغيّر‬ ‫ش��يئًا في نفسية الناس من الداخل وكذلك‬ ‫لم يؤدي بالفعل إلى التوازن المزعوم‪.‬‬ ‫لي��س اله��دف م��ن ه��ذا ال��كالم هو‬ ‫الدخ��ول ف��ي متاهات التش��كيك ف��ي نوايا‬ ‫البع��ض م��ن مكون��ات الش��عب الس��وري‪،‬‬ ‫ولكن ما ذكر ينطب��ق في كثير من ظروفه‬ ‫ومالبس��اته على ما ح��دث ويحدث في عدد‬ ‫من مناطق س��وريا‪ .‬ولعل م��ا جرى ويجري‬ ‫ف��ي حم��ص هو مث��ال ه��ام ج��داً‪ .‬وبقطع‬ ‫النظ��ر عن إقرارنا التام بمس��ؤولية النظام‬

‫التاريخي��ة واألخالقية ع��ن كل ما حدث في‬ ‫تل��ك المدين��ة العظيم��ة‪ ،‬فإن ال��كالم عن‬ ‫الواق��ع يجب أن ال يكون حالمًا ورومانس��يًا‪.‬‬ ‫كان��ت بع��ض المنش��ورات والرس��ائل‬ ‫واإلش��ارات على المنازل ولو من قلة معينة‬ ‫كافي��ة إلث��ارة مزي��ج م��ن الرع��ب والحقد‬ ‫والخ��وف واالنكفاء من حض��ن المدينة إلى‬ ‫حصن الطائفة أو الدين أو القبيلة‪.‬‬ ‫ال يمك��ن بكل حال أيضاً فهم مس��ألة‬ ‫رف��ع األعالم الكردية ف��ي مظاهرة مناوئة‬ ‫للنظ��ام الس��وري‪ ،‬وإذا كان اله��دف ه��و‬ ‫االعت��راف بالقومية الكردي��ة كطرف مميّز‬ ‫وفاع��ل في الوط��ن فلن يك��ون لرفع علم‬ ‫اإلقليم نفسه الذي يرفعه إقليم كردستان‬ ‫العراق أية رس��الة س��وى الكالم عن إقليم‬ ‫منفص��ل جديد ألننا نخش��ى أن ن��رى بعد‬ ‫قلي��ل أعالم��ًا من م��دن معين��ة أو طوائف‬ ‫معين��ة‪ ،‬وف��ي ه��ذا م��ن المخاوف الش��يء‬ ‫الكثير‪ .‬ولن نذهب بعي��داً لنذّكر بما حصل‬ ‫ف��ي مصر بس��بب مب��اراة كرة ق��دم دفعت‬ ‫بعض "المتحمس��ين" إلى رفع علم لمدينة‬ ‫بور س��عيد المصرية والمطالبة باستقاللها‬ ‫ع��ن مصر‪ ،‬وهو أم��ر لم يحدث ف��ي تاريخ‬ ‫مصر القديم والحديث‪.‬‬ ‫إن غي��اب الش��فافية وتحريم النقاش‬ ‫الوطن��ي الصري��ح والتكت��م عل��ى مس��ألة‬ ‫التنوع دفعت حت��ى الكثيرين من المثقفين‬ ‫إلى إهمال المس��ألة االجتماعية في سوريا‪،‬‬ ‫وهكذا بدأنا نس��مع أحيان��ًا الكثير من اآلراء‬ ‫والتحلي�لات عن الواقع الس��وري وهي أبعد‬ ‫م��ا تك��ون ع��ن الواقع فع ً‬ ‫�لا‪ ،‬وهو م��ا دفع‬ ‫كاتب هذه الس��طور إلى وصف الحالة بأنها‬ ‫تشبه الكالم عن شعب في المريخ‪ .‬إذ أنه ال‬ ‫يعقل بعد كل الكبت والظلم الذي عاش��ته‬ ‫س��وريا واألمة العربية بش��كل ع��ام لمئات‬ ‫من الس��نين أن ن��رى فجأة ش��عباً متحضراً‬ ‫متفهمًا متقب ًال لآلخر ومتس��امحاً ومتعايشًا‬ ‫بش��كل طوباوي ال يضاهيه في ذلك سوى‬ ‫شعب لوكسمبورغ!‬ ‫إن من أس��وء المظاه��ر التي قد تضر‬ ‫به��ذه الث��ورة ه��و ع��دم فه��م مكوناته��ا‬ ‫وأبعاده��ا االجتماعية والثقافي��ة والفكرية‬ ‫وه��ي المكون��ات األه��م وهي ما س��يبني‬ ‫السياس��ة واالقتصاد في المستقبل‪ ،‬ولهذا‬ ‫يجب أن ال ن��رى حرجًا في ال��كالم الصريح‬ ‫والشفاف عن مسائل الهوية واالنتماء وهي‬ ‫ذاتها المس��ائل التي ناقش��ها كتاب النهضة‬ ‫العربية ف��ي مطلع القرن العش��رين أمثال‬ ‫فرح أنطون ومحمد عبده ومصطفى كامل‬ ‫وميشيل عفلق وغيرهم‪ ،‬ولكن مما يؤسف‬ ‫ل��ه أن هذه النقاش��ات ت��م بتره��ا وكذلك‬ ‫تش��ويهها وتحويله��ا عن س��ياقها في وقت‬ ‫الحق‪.‬‬ ‫إن المتتب��ع ألح��داث الثورة الس��ورية‬ ‫من��ذ بداياته��ا البس��يطة وص��و ًال للي��وم‬ ‫وكذل��ك المتمعن ف��ي الرايات والش��عارات‬ ‫التي يرفعها المتظاه��رون يقرأ الكثير من‬ ‫ال��دالالت التي ال ينبغي إهمالها أو التغاضي‬ ‫عنه��ا‪ .‬لق��د حذرن��ا س��ابقاً م��ن اس��تخدام‬ ‫الش��عارات الدينية بش��كل مباش��ر وخاصة‬ ‫فيما يتعلق ببدايات الجيش الحر الذي كانت‬

‫كتائبه وال تزال تتسمى بأسماء ذات مدلول‬ ‫ديني واضح ومباش��ر‪ ،‬كما أن البيان األخير‬ ‫الصادر عن الجي��ش الحر والذي ابتدأ بآيات‬ ‫قرآني��ة تح��ض على قت��ال "الكف��ار" حمل‬ ‫من الدالالت التي ال تطمئ��ن جمهوراً كبيراً‬ ‫م��ن المواطنين الس��وريين ويثير تس��اؤ ًال‬ ‫مش��روعاً عن وح��دة مكونات هذا الش��عب‪.‬‬ ‫كم��ا أن عي��ن المراق��ب ال تغي��ب أب��داً عن‬ ‫التجيي��ش اإلعالمي الهائل المكرس للثورة‬ ‫الس��ورية في اإلعالم الخليجي وكذلك في‬ ‫منابر المساجد وخاصة في السعودية التي‬ ‫بات خطباؤها ومشايخها يدعون إلى "الجهاد‬ ‫في سوريا" علنًا بما ّ‬ ‫يذكرنا بما فعله هؤالء‬ ‫أنفس��هم ف��ي الثمانيني��ات للح��ض عل��ى‬ ‫الجهاد في أفغانستان بينما كانت فلسطين‬ ‫أقرب مس��افة م��ن ذلك بكثي��ر‪ .‬ولن نتبنى‬ ‫أبداً روايات النظ��ام وأبواقه اإلعالمية التي‬ ‫تتكلم بلهجة تحريضية أيضاً ولكن إضفاء‬ ‫الطابع الديني على الثورة السورية لن يخدم‬ ‫سوى مشاريع إقليمية خارجية حتى تتحول‬ ‫سوريا إلى ساحة صراع لقوى خارجية مثلما‬ ‫اس��تخدم لبنان في السابق لغرض مشابه‪.‬‬ ‫ال نريد إخف��اء تحفظنا هنا كذلك على رفع‬ ‫أعالم دول أخرى في المظاهرات مهما كانت‬ ‫مواقفن��ا م��ع أو ضد تلك ال��دول‪ ،‬ففي هذا‬ ‫من اإلضرار بالمس��تقبل الوطني الس��وري‬ ‫(كإحراق أعالم روس��يا والصي��ن وإيران) أو‬ ‫على العكس تحمل والءات ملتبس��ة (كرفع‬ ‫أعالم تركيا وقطر) ال يجب على من يطالب‬ ‫بدول��ة قوية مس��تقلة القرار والس��يادة أن‬ ‫يتبناها‪.‬‬ ‫مهم��ا يكن م��ا يقال عن "بي��ان العهد‬ ‫الوطن��ي" ال��ذي أص��دره م��ن تبق��ى ف��ي‬ ‫االجتم��اع األخي��ر ف��ي اس��طنبول‪ ،‬ورغ��م‬ ‫كل البط��والت التي نس��بها الكثي��رون من‬ ‫المعارضين ألنفس��هم ف��ي "التوفيق" بين‬ ‫األطياف‪ ،‬فإن ذلك البيان لم يزد على ألبوم‬ ‫القصائد والبالغات اإلنش��ائية التي صدرت‬ ‫سابقًا س��وى المزيد من الصفحات‪ ،‬وهو ما‬ ‫دفع أحد المعلقين السياسيين إلى القول أن‬ ‫ذلك البيان لم يختلف عن الدستور السوري‬

‫الجدي��د والذي أصدره النظام الس��وري منذ‬ ‫أس��ابيع س��وى ف��ي أش��ياء بس��يطة‪ ،‬وهو‬ ‫م��ا يدل على قص��ور سياس��ي وقصر نظر‬ ‫وانع��دام ف��ي األف��ق الوطن��ي‪ ،‬وم��ن غير‬ ‫المقب��ول أن يتم رف��ض الدس��تور الجديد‬ ‫مم��ن حتى لم يق��رؤوه ومن ث��م إصدار ما‬ ‫يش��ابهه إلى حد التطابق م��ن جهة أخرى‪.‬‬ ‫إن م��ا يتم تداوله خلف الكواليس اليوم هو‬ ‫أن النظام أعط��ى لألكراد العام الماضي ما‬ ‫ل��م تس��تطع المعارضة حتى الي��وم إقراره‬ ‫وفي هذا األمر مأس��اة وكارثة س��تجر على‬ ‫الثورة أسوء العواقب إذا لم يتدارك "حكماء"‬ ‫المعارضة الموقف وينقذوا ما يمكن إنقاذه‬ ‫قبل فوات األوان‪.‬‬ ‫قلن��ا ف��ي مق��ال س��ابق أن الطائفية‬ ‫والتن��وع العرق��ي والقومي في س��وريا قد‬ ‫يك��ون إما عامل قوة أو عامل ضعف‪ ،‬وحيث‬ ‫أنه ل��م يتصدى لهذه المس��ألة م��ن يفهم‬ ‫التاري��خ والجغرافي��ا الس��ورية بحقيقته��ا‬ ‫وأبعاده��ا الكاملة فإن هذا التنوع س��يكون‬ ‫قنبلة موقوتة يخشى من انفجارها ووصول‬ ‫ش��ظاياها إلى أعمق أغوار الجسد السوري‬ ‫الباحث عن هويته منذ قرون‪ ،‬فالسوري في‬ ‫حي��رة من أمره دائماً‪ :‬فهو تارة دمش��قي أو‬ ‫حمصي (المدينة) وتارة مس��لم أو مسيحي‬ ‫(الدي��ن) وتارة س��ني أو ش��يعي أو علوي أو‬ ‫غي��ره (الطائفة) وت��ارة عرب��ي أو كردي أو‬ ‫شركسي أو سرياني أو تركماني (القومية)‬ ‫وتارة العش��يرة وتارة القرية وت��ارة الريف‬ ‫وتارة المدينة وتارة الحارة وغيرها وغيرها‬ ‫وغيرها كثير جداً وهو أمر يعرفه ويعيش��ه‬ ‫كل الس��وريين ولم يعد من داع إلخفائه أو‬ ‫التغاض��ي عنه وخاصة مع الخالفات األخيرة‬ ‫ف��ي المعارضة عل��ى تركة نظ��ام لم يمت‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫آخ��ر ال��كالم‪( :‬ه��ذه الم��رة مقتب��س‬ ‫من إح��دى المظاه��رات وه��ي موجهة إلى‬ ‫المعارضة في الخارج)‬ ‫"المعركة الحقيقية في الخنادق ال في‬ ‫الفنادق"‬


‫ياسين الحاج صالح‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ف��ي ‪ ،1985‬وبمناس��بة «تجديد‬ ‫البيع��ة» الثالث��ة ل��ه‪ ،‬لم يل��ق حافظ‬ ‫األس��د خطابًا يق��ول فيه إن س��ورية‬ ‫مرت قبل س��نوات قليلة بأزمة وطنية‬ ‫قاسية‪ ،‬وقتل سوريون سوريين‪ ،‬وإن‬ ‫الدولة اضط��رت للتعامل بصرامة مع‬ ‫هذا الظ��رف األليم‪ ،‬ومن المحتمل أن‬ ‫تجاوزات قد حصلت أثن��اء ذلك‪ ،‬لكننا‬ ‫عاقدون العزم على طي هذه الصفحة‬ ‫وتجاوزها‪ ،‬وأنه بعد تفكير ومداوالت‬ ‫ف��ي األم��ر قررنا اإلف��راج عم��ن كنا‬ ‫اضطررن��ا العتقالهم‪ ،‬باس��تثناء من‬ ‫يثب��ت القض��اء أنهم مس��ؤولون عن‬ ‫قت��ل مواطنين آخرين‪ ،‬وس��ننظر في‬ ‫أية تجاوزات على الممتلكات واألرواح‬ ‫حصل��ت أثناء األزم��ة‪ ،‬ونعالجها بروح‬ ‫م��ن اإلنص��اف واألخ��وة الوطني��ة‪،‬‬ ‫ونؤمّ��ن جميع من غ��ادروا البلد على‬ ‫حياتهم وكرامتهم إن عادوا‪ ،‬وسنعمل‬ ‫على إص�لاح مؤسس��اتنا السياس��ية‬ ‫باتجاه يوفر تمثي ًال أوسع للسوريين‪.‬‬ ‫ف��ي ربي��ع ‪ ،1985‬كان��ت انقضت‬ ‫ث�لاث س��نوات على مذبحة حم��اة التي‬ ‫راح ضحيتها عش��رات ألوف السوريين‪،‬‬ ‫وكان��ت انقض��ت نح��و ‪ 6‬س��نوات على‬ ‫مذبحة مدرس��ة المدفعية التي س��قط‬ ‫فيه��ا عش��رات (ربم��ا ‪ )80‬م��ن ط�لاب‬ ‫الضب��اط العلويين عل��ى يد عنصر من‬ ‫«الطليعة المقاتلة» لإلخوان المسلمين‪،‬‬ ‫وأقل م��ن خمس س��نوات على مذبحة‬ ‫تدم��ر الت��ي وق��ع ضحيته��ا بي��ن ‪500‬‬ ‫و‪ 1000‬م��ن المعتقلي��ن اإلس�لاميين‪،‬‬ ‫وس��نوات عل��ى اعتق��ال يس��اريين‬ ‫ونقابيين‪ ،‬وسوريين متنوعين‪ .‬وكانت‬ ‫مضت أيضًا أقل من ثالث س��نوات على‬ ‫االحتالل اإلس��رائيلي لبي��روت‪ ،‬وخروج‬ ‫المقاتلي��ن الفلس��طينيين م��ن لبنان‪،‬‬ ‫ولم يكن هناك خطر داخلي أو خارجي‬ ‫على النظام حينها‪.‬‬ ‫لك��ن حاف��ظ األس��د ل��م يل��ق‬ ‫الخط��اب‪ .‬لو فع��ل لكان حق��ق نصراً‬ ‫كبيراً في صراع سياس��ي وعس��كري‬ ‫اس��تطاع فيه إلحاق الهزيمة بكل من‬ ‫عارض��وا نظامه ف��ي الداخل‪ .‬هزيمة‬ ‫الخصوم بوسائل عس��كرية أو أمنية‬ ‫ليس��ت بح��د ذاته��ا نص��راً‪ ،‬النص��ر‬ ‫سياس��ي‪ ،‬وحافظ األس��د ل��م ينتصر‬ ‫ألنه ل��م يعرف كيف يعيد بالسياس��ة‬ ‫اكتس��اب ما كان اكتسبه بالعنف‪ ،‬وقد‬ ‫كان عنف��ًا منفلتًا ومتج��اوزاً لكل حد‬ ‫وطني وإنس��اني‪ .‬كان من شأن إعادة‬ ‫االكتس��اب السياس��ية تل��ك أن تعود‬ ‫على نظامه بقدر من الشرعية‪ ،‬وعلى‬ ‫ش��خصه بتقدير أكبر‪ ،‬وعلى المجتمع‬ ‫الذي يحكمه بدرجة من التعافي‪.‬‬ ‫ب��د ًال من ذلك صعّ��د النظام من‬

‫عبادة الرئيس‪ ،‬وانتقل من نشر صوره‬ ‫ف��ي الفض��اء الع��ام إلى احت�لال هذا‬ ‫الفضاء بالتماثيل‪ ،‬ودش��ن التصويت‬ ‫للرئي��س الذي ينافس نفس��ه بالدم‪،‬‬ ‫وبرقي��ات ال��والء بالدم أيض��ًا‪ ،‬وإجبار‬ ‫تالم��ذة المدارس وجنود الجيش على‬ ‫الهتاف له ثالث��اً كل صباح‪ .‬هذا بينما‬ ‫كان ف��ي الس��جون عش��رات األلوف‪،‬‬ ‫وبينم��ا كانت س��ورية تع��رف العصر‬ ‫الذهبي للمخبرين والوش��اة وأس��افل‬ ‫الن��اس‪ ،‬وطبعًا أجهزة األمن المرعبة‪.‬‬ ‫ومض��ى بالتعام��ل االنتقامي الحقود‬ ‫مع عموم السوريين‪.‬‬ ‫والخط��اب الذي لم يلق��ه حافظ‬ ‫ع��ام ‪ ،1985‬ل��م يلق��ه ف��ي أي وقت‬ ‫الح��ق‪ .‬بقي��ت الق��وة‪ ،‬ال السياس��ة‬ ‫وال الح��ق‪ ،‬ه��ي الحك��م بين��ه وبي��ن‬ ‫محكوميه‪.‬‬ ‫هن��اك ش��يء صغير ف��ي الرجل‬ ‫ال��ذي كس��ب معرك��ة مس��لحة‪ ،‬لكنه‬ ‫ل��م يعرف كيف ينتص��ر‪ .‬كان ينقصه‬ ‫الش��يء الذي كان من شأنه أن يحول‬ ‫نجاحه العسكري واألمني على خصوم‬ ‫أضعف منه بال جدال إلى نصر سياسي‬ ‫عام‪ :‬قدر من النبل وقدر أقل من روح‬ ‫االنتق��ام‪ ،‬وش��خصية رج��ل الدول��ة‪،‬‬ ‫وشيء من بعد النظر التاريخي‪ .‬شيء‬ ‫من روح الحرية أيضًا‪.‬‬ ‫خ��اض الص��راع ب��روح الح��رب‬ ‫المطلق��ة الت��ي ت��ؤول إل��ى إب��ادة‬ ‫الخصوم‪ ،‬وليس إلى تسوية سياسية‬ ‫معه��م من موقع متفوق‪ .‬وعمل جديًا‬ ‫عل��ى إبادة كل خصوم��ه‪ ،‬إن لم يكن‬ ‫مادي��ًا‪ ،‬فسياس��ياً‪ ،‬بم��ن فيـــهم من‬ ‫انــحص��رت مخاصمــته��م لنــظام��ه‬ ‫بالسياس��ة والكالم‪ .‬أراد كل شيء له‬

‫وألس��رته ونظامه‪ ،‬فأبقى كل ش��يء‬ ‫منازعًا فيه‪.‬‬ ‫الج��راح الغائ��رة ف��ي الجس��د‬ ‫الس��وري بقيت دون ع�لاج‪ .‬والبلد لم‬ ‫يحق��ق تقدم��ًا عل��ى أي صعيد خالل‬ ‫‪ 30‬عام��اً م��ن تل��ك المحن��ة‪ ،‬ال على‬ ‫المس��توى العس��كري ف��ي مواجه��ة‬ ‫الع��دو الرس��مي‪ ،‬وال عل��ى مس��توى‬ ‫االقتص��اد والتط��ور التكنولوج��ي‪،‬‬ ‫وال عل��ى مس��توى التفاه��م الوطني‬ ‫والمعنويات العامة‪ ،‬وال على مس��توى‬ ‫التعلي��م والثقافة‪ ،‬وال على مس��توى‬ ‫كف��اءة اإلدارة‪ .‬فقط اس��تقرار أمني‪،‬‬ ‫أشبه باستقرار القبور‪ ،‬بعبارة صادق‬ ‫جالل العظ��م‪ ،‬أتاح للطاغي��ة الحقود‬ ‫توريث الحكم البنه‪.‬‬ ‫بعد موت حافظ وقع على ضحاياه‬ ‫السابقين أن يحملوا دعوة المصالحة‬ ‫الوطنية أيام «ربيع دمش��ق»‪ .‬صيغت‬ ‫الدع��وة ف��ي مب��ادرة سياس��ية وفي‬ ‫مق��االت ومحاضرات‪ ،‬ولك��ن ووجهت‬ ‫بالمراوغ��ة واالعتقال‪ ،‬فص��ح القول‬ ‫في الحكم األسدي إنه يرضى القتيل‬ ‫وليس يرضى القاتل!‬ ‫وبع��د ‪ 11‬عاماً عل��ى موت حافظ‬ ‫األسد سُمع في ساحات المدن السورية‬ ‫هتاف يحم��ل أصداء الس��نين‪ ،‬ويعلن‬ ‫أن الس��وريين لم ينسوا ش��يئًا‪ :‬يلعن‬ ‫روحك يا حافظ! كان ابن حافظ األسد‪،‬‬ ‫بش��ار‪ ،‬يواجه المحكومي��ن بنهج أبيه‬ ‫نفسه‪ ،‬نهج اإلبادة المادية والسياسة‪:‬‬ ‫ال تن��ازالت م��ن أي ن��وع للمحكومين‬ ‫الثائرين‪ ،‬ال وقف للعنف اإلرهابي ضد‬ ‫الس��كان المدنيي��ن‪ ،‬ال تفاوض مع أي‬ ‫معارض‪ .‬على الطريقة اإلس��رائيلية‪،‬‬ ‫يعتبر النظام أي اعتراض عليه خطراً‬

‫وجودياً‪ ،‬فيواجهه بعنف ساحق‪ ،‬وبروح‬ ‫متعصبة حقود سبق أن خبرناها أيام‬ ‫األب أيضًا‪.‬‬ ‫ف��إذا كان تاري��خ س��ورية طوال‬ ‫الحقب��ة األس��دية حت��ى يومن��ا يبدو‬ ‫دوري��ًا‪ ،‬نع��ود فيه الي��وم إل��ى العام‬ ‫‪ 1980‬وم��ا بع��ده‪ ،‬فبالضب��ط ألن��ه‬ ‫«حك��م طبيع��ي»‪ ،‬ينضب��ط بمنطق‬ ‫المل��ك والعصبية والش��وكة‪ ،‬ويقاوم‬ ‫ب��كل عنف م��ا من ش��انه أن يكس��ر‬ ‫الـــ��دورة‪ ،‬الحــري��ة والســـياس��ة‬ ‫واالعــت��راف بالمحكومي��ن‪ .‬الحك��م‬ ‫الطبيعي يحك��م بالتذكر ال بالتطور‪،‬‬ ‫ولذلك يكرر تاريخه‪.‬‬ ‫لذلك أيضاً ف��إن عهد االبن الذي‬ ‫«تذك��ر» كي��ف يجيد قت��ل محكوميه‬ ‫وتعذيبه��م‪ ،‬س��يتذكر أيض��ًا أال يبادر‬ ‫ف��ي أي يوم إلى مصالحة الس��وريين‬ ‫الذي��ن يعاملون كأع��داء‪ ،‬إذا ما تمكن‬ ‫م��ن س��حق كفاحه��م الش��جاع‪ .‬هذا‬ ‫نظام للعبودية السياس��ية‪ ،‬ال يُصلِح‬ ‫وال ينصل��ح‪ .‬وه��و صريح ف��ي إعالن‬ ‫برنامج��ه السياس��ي ال��ذي ل��م يح��د‬ ‫عن��ه لحظة واح��دة‪ :‬األس��د أو ال أحد!‬ ‫أو بوض��وح أكب��ر‪ :‬األس��د أو نح��رق‬ ‫البلد! غير أن هذا تخيير بين ش��كلين‬ ‫م��ن خ��راب البلد‪ :‬ح��رب ب��اردة تبقي‬ ‫الس��وريين ب�لا حري��ة وال كرامة وال‬ ‫تق��دم عام على أي مس��توى‪ ،‬أو حرب‬ ‫س��اخنة‪ ،‬تقتله��م باأللوف وعش��رات‬ ‫األلوف وتدمر شروط حياتهم المادية‬ ‫والسياس��ية والمعنوي��ة‪ .‬ال يف��رض‬ ‫النظام على الس��وريين ش��ك ًال واحداً‬ ‫للخ��راب الوطن��ي‪ ،‬يوف��ر له��م حرية‬ ‫االختيار بين شكلين‪.‬‬ ‫الحياة اللندنية ‪2012 / 3 / 25‬‬

‫دندنات اندساسية ‪. .‬‬

‫احلكـــم بالتــذكر‪..‬‬ ‫من �أ�صول املحنة ال�سورية‬

‫‪7‬‬


‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫�ضــحايا حمـــ�ص وحمــاة‬ ‫هل يعيد التاريخ نف�سه فـي �سوريا؟‬

‫كيرستين هلبيرغ‬

‫بع��د م��رور ثالثي��ن عام��اً عل��ى‬ ‫المذبح��ة التي وقعت ف��ي مدينة حماة‬ ‫الس��ورية والت��ي راح ضحيته��ا أكث��ر‬ ‫من عش��رين ألف قتيل‪ ،‬تش��هد سوريا‬ ‫حالي��اً مذابح جديدة بحق ش��عبها‪ .‬وإذا‬ ‫كان��ت وحش��ية النظ��ام الس��وري هي‬ ‫ذاته��ا ل��م تتغي��ر عب��ر الس��نين‪ ،‬فإن‬ ‫االنتفاضة الي��وم تختلف عن انتفاضة‬ ‫األمس‪ ،‬مثلما ترى الصحافية والمحللة‬ ‫السياسية األلمانية كيرستين هلبيرغ‪.‬‬ ‫الجمعة‪ ،‬الثالث من شباط (فبراير)‬ ‫‪ .2012‬ق��رب الظهي��رة يخ��رج اآلالف‬ ‫للتظاهر في حمص ضد نظام األس��د‪.‬‬ ‫يهت��ف المتظاه��رون‪" :‬ع��ذراً حم��اة‪،‬‬ ‫س��امحينا"‪ ،‬مذكري��ن بالمذبح��ة التي‬ ‫وقع قب��ل ثالثين عامًا ف��ي حماة‪ ،‬دون‬ ‫أن يتوقعوا أنهم سيكونون هم ضحية‬ ‫مذبحة جديدة تقع بعد ساعات‪.‬‬ ‫في مساء الثالث من شباط (فبراير)‬ ‫ب��دأ الجي��ش الس��وري هجوم��ه عل��ى‬ ‫حمص‪ ،‬وراح يقصف األحياء الس��كنية‬ ‫في المدينة‪ .‬أكثر من ‪ 300‬شخص لقوا‬ ‫مصرعه��م حتى اآلن‪ ،‬ف��ي حين يعاني‬ ‫المئ��ات م��ن المصابين إصاب��ات بالغة‬ ‫وآالم فظيع��ة دون أن يج��دوا أدوي��ة أو‬ ‫معدات طبي��ة في العي��ادات الميدانيه‪،‬‬ ‫الت��ي أُقيم��ت على عجل‪ .‬الص��ور التي‬ ‫التقطت في حمص تفوق حد البشاعة‬ ‫بحي��ث أن شاش��ات التلفزيون��ات ف��ي‬ ‫الغرب ال تستطيع عرضها‪.‬‬ ‫اغتي��االت واعتق��االت بالجمل��ة‬ ‫وتعذي��ب‪ :‬وفق تقديرات األمم المتحدة‬ ‫لق��ي نحو ‪ 7500‬ش��خص عل��ى األقل‬ ‫مصرعه��م منذ ان��دالع االنتفاضة ضد‬ ‫نظام األسد‪ ،‬من بينهم مئات األطفال‪.‬‬ ‫على شبكة اإلنترنت يشاهد أَنَس أفالم‬ ‫الفيدي��و‪ ،‬التي تص��ور األطفال القتلى‬ ‫وأش�لاء الجثث‪ .‬بوج��ه متحجر المالمح‬ ‫يجلس السوري البالغ من العمر خمسة‬ ‫وأربعين عامًا أمام الكمبيوتر في إحدى‬ ‫المدن األلمانية الصغيرة‪ .‬تحيي الصور‬ ‫في ذكرياته ما حدث في حماة‪ ،‬مسقط‬ ‫رأسه‪ ،‬في ش��باط (فبراير) عام ‪.1982‬‬ ‫آن��ذاك اقتحم��ت قوات األمن الس��ورية‬ ‫المدينة وعاثت فيها فس��اداً لمدة ثالثة‬ ‫أس��ابيع – وعندما خرجت م��ن المدينة‬ ‫خ ّلفت وراءها عش��رين ألف قتيل وفقًا‬ ‫للتقدي��رات الح��ذرة لمنظم��ات حقوق‬ ‫اإلنس��ان‪ .‬مذبحة حماة تعتبر من أبشع‬ ‫الجرائم التي ش��هدها الشرق األوسط‬ ‫وإن لم يتم حتى‬ ‫في القرن العش��رين‪ْ ،‬‬ ‫اآلن الكشف عن كل أبعادها‪.‬‬ ‫أنس لي��س هو اس��مه الحقيقي‪.‬‬ ‫لكنه يريد أن يظل مجهو ًال حتى ال يمثل‬ ‫خطراً على عائلته‪ .‬فما زال أبوه يعيش‬ ‫حت��ى اليوم ف��ي حماة‪ ،‬أخ��وه و بعض‬ ‫أقاربه يعيش��ون في ضواحي دمش��ق‪.‬‬ ‫أكث��ر من نص��ف حيات��ه قضاه��ا هذا‬ ‫المواطن الس��وري – وه��و رجل رقيق‬ ‫البنية ذو نظارة معدنية تشي بثقافته‬

‫ ف��ي ألماني��ا حي��ث يعمل مدي��راً في‬‫قط��اع صناعة الس��يارات‪ .‬عندما يروى‬ ‫ل��ه أقاربه عبر برنامج "الس��كايب" عن‬ ‫دخول الدبابات واالعتق��االت الجماعيه‬ ‫والقناصة والجثث الملقاة في الشوارع‪،‬‬ ‫يتذك��ر أنس على الفور ما حدث آنذاك‪.‬‬ ‫ما ح��دث ف��ي ع��ام ‪ 1982‬كان مذبحة‬ ‫كبيرة‪ ،‬أم��ا ما يحدث الي��وم في أماكن‬ ‫مختلف��ة فه��و مذاب��ح صغي��رة‪ ،‬يقول‬ ‫أنس‪ .‬ولكن‪،‬هناك فارق مهم‪ ،‬أال وهو‬ ‫الظروف التي سبقت هذه المذبحة‪.‬‬

‫�صعود جنم العلويني‬

‫ش��بكة من الفس��اد والمحسوبية‪:‬‬ ‫حافظ األس��د وسط قيادات حزب البعث‬ ‫السوري‪ .‬كانت س��نوات السبعينات في‬ ‫س��وريا فترة توترات اجتماعية‪ .‬منذ أن‬ ‫تولى حزب البعث االش��تراكي السلطة‬ ‫في ع��ام ‪ 1963‬تض��اءل نف��وذ النخب‬ ‫المديني��ة‪ ،‬ف��ي حي��ن ب��دأت الحكومة‬ ‫تدعم بش��كل متعم��د س��كان األرياف‬ ‫الفقراء‪ .‬عندما قام حافظ األسد‪ ،‬وزير‬ ‫الدف��اع آنذاك‪ ،‬بانق�لاب غير دموي في‬ ‫عام ‪ 1970‬وتولى مقاليد الحكم‪ ،‬كانت‬ ‫هذه ه��ي الم��رة األولى الت��ي يترأس‬ ‫فيها الدول��ة أحد أبن��اء الطبقة األقليه‬ ‫المهمل��ه‪ ،‬فاألس��د ينتمي إل��ى األقلية‬ ‫العلوية الت��ي تعرضت عبر التاريخ إلى‬ ‫ظلم‪ ،‬مما دعاها لسلك الطريق الوحيد‬ ‫الذي كان يضمن له الصعود السياسي‪،‬‬ ‫أي االنخراط في الجيش‪.‬‬ ‫اس��تغل األس��د إيديولوجية حزب‬ ‫البع��ث – وه��ي عب��ارة ع��ن خليط من‬

‫االشتراكية والقومية العربية – ليصنع‬ ‫من س��وريا بل��دا معت��د بنفس��ه‪ .‬غير‬ ‫أنه ف��ي حقيق��ة األم��ر تخلى س��ريعًا‬ ‫عن مب��ادئ حزب البع��ث‪ ،‬وبفضل هذا‬ ‫نش��أت عبر س��نوات الس��بعينات شبكة‬ ‫من الفساد والمحسوبية‪ ،‬كوّن أعضاء‬ ‫الحكوم��ة من خاله��ا ثروات فاحش��ة‪.‬‬ ‫أدى ذلك إلى تزايد الس��خط في البالد‪،‬‬ ‫ال س��يما بي��ن الطبق��ات االجتماعي��ة‬ ‫الخاس��رة‪ ،‬كما ب��دأت البورجوازية في‬ ‫المدن تفقد نفوذها السياس��ي‪ ،‬ووجد‬ ‫التجار العريقون أنفس��هم في مواجهة‬ ‫األثري��اء الج��دد‪ ،‬أما الس��لطات الدينية‬ ‫ففق��دت مكانته��ا ف��ي خض��م المن��اخ‬ ‫العلماني السائد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ش��كل الترب��ة‬ ‫ه��ذا اإلحب��اط‬ ‫الخصب��ة للمعارض��ة اإلس�لامية‪ .‬عبّر‬ ‫ح��زب اإلخوان المس��لمين عن الس��نة‬ ‫المحافظي��ن ومنحه��م صوتًا‪ ،‬فكس��ب‬ ‫األتب��اع ال س��يما ف��ي حلب وحم��اة‪ .‬أما‬ ‫في دمش��ق فق��د نجح الرئيس األس��د‬ ‫ف��ي تقليص نفوذ اإلخوان المس��لمين‬ ‫وذل��ك عب��ر إقام��ة عالق��ات اقتصادية‬ ‫وثيقة مع فئات اجتماعية س��نية مهمة‪.‬‬ ‫ه��ذه العالق��ة الوثيق��ة التي م��ا زالت‬ ‫قائمة حت��ى اليوم – وله��ذا فإن طبقة‬ ‫كب��ار التجار ف��ي العاصمة ل��م يديروا‬ ‫ظهورهم للنظام بش��كل صريح خالل‬ ‫األزمة الحالية‪.‬‬ ‫عايش أنس صع��ود نجم اإلخوان‬ ‫المس��لمين ف��ي صب��اه‪ .‬والح��ظ أيضًا‬ ‫كي��ف أف��رزت التبعي��ة االقتصادية في‬ ‫حماة كراهية طائفية‪" .‬سكان المناطق‬

‫الريفي��ة المحيطة بحم��اة ينتمون إلى‬ ‫الطائفة العلوية‪ ،‬وهم كانوا من الذين‬ ‫يخدم��وا ل��دى س��كان المدن الس��نة"‪،‬‬ ‫يقول أن��س متذكراً‪ ،‬ث��م يضيف أنهم‬ ‫لم يغفروا لهم ذلك حتى اليوم‪.‬‬

‫ال�صراع مع الإخوان امل�سلمني‬

‫صدمة أصاب��ت أمة بأكملها‪ :‬كانت‬ ‫مدين��ة حم��اة الواقع��ة ش��مال غرب��ي‬ ‫س��وريا ف��ي ش��باط (فبراي��ر) ‪1982‬‬ ‫مسرحًا لمذبحة اس��تمرت عدة أسابيع‪،‬‬ ‫وف��ي نهايته��ا كان الخ��راب والدم��ار‬ ‫منتشراً في القسم األكبر من المدينة‪.‬‬ ‫عش��رات اآلالف قتلوا أو ت��م اعتقالهم‬ ‫أو مازال��وا مفقودي��ن حت��ى اليوم‪ .‬مع‬ ‫تولي األس��د مقاليد الس��لطة بدأ نجم‬ ‫العلويين في الصع��ود‪ .‬عديدون منهم‬ ‫غادروا المناطق الجبلية الواقعة بالقرب‬ ‫من س��احل البحر األبيض التي التجأوا‬ ‫إليه��ا قبل ق��رون باحثين ع��ن الحماية‬ ‫م��ن المالحقة‪ ،‬ونزل��وا إلى المدن حيث‬ ‫وج��دوا وظائف ف��ي اإلدارات الحكومية‬ ‫وفي أجه��زة المخابرات وف��ي الجيش‪.‬‬ ‫وحتى اليوم ما زال ع��دد العلويين في‬ ‫القوات المسلحة الس��ورية أكبر بكثير‬ ‫م��ن حجم طائفتهم قياس��ًا إل��ى بقية‬ ‫سكان سوريا‪.‬‬ ‫هيكل الس��لطة الجديدة جعل من‬ ‫الضحاي��ا جن��اة‪ .‬وب��دت عقدة الش��عور‬ ‫بالنقص لدى األقلية والرغبة في الثأر‬ ‫واالنتق��ام ه��ي الدافع ل��دى العلويين‬ ‫العاملي��ن في أجه��زة المخابرات عندما‬ ‫كانوا يلقون القبض على اإلس�لاميين‬


‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫كابو�س حماة‬

‫ال�صدمة التي �أ�صابت �أمة ب�أكملها‬

‫االبن ي�سري على درب الأب‬

‫غير أن األخوان المس��لمين لديهم‬ ‫هموم أخرى اآلن‪ ،‬ال سيما وأن البعض‬ ‫يحمله��م أيض��ًا مس��ؤولية العن��ف في‬ ‫األزم��ة الحالية‪ .‬الرئيس بش��ار األس��د‬ ‫يس��تخدم بعد ثالثين عام��ًا من مجزرة‬ ‫حماة نفس اللغة التي استخدمها والده‬ ‫مح��ذراً من "الخطر اإلس�لامي"‪ ،‬مردداً‬ ‫أن جماع��ات إرهابية يحركه��م الخارج‬ ‫يري��دون تدمي��ر س��وريا‪ .‬ولك��ن على‬ ‫عكس ما حدث آنذاك فإن ادعاءه اليوم‬ ‫تخالف الواقع تمامًا‪.‬‬ ‫مَن يتحدى نظام األس��د منذ نحو‬ ‫عام ليسوا إرهابيين مسلحين‪ ،‬بل هم‬ ‫متظاه��رون مس��المون‪ ،‬يدعمهم في‬ ‫ذلك الجنود الذين انشقوا عن الجيش‪.‬‬ ‫وف��ي حين كانت أقلية س��نية متطرفة‬ ‫آن��ذاك تري��د إقامة دولة إس�لامية فإن‬ ‫الس��وريين الي��وم من كاف��ة الطوائف‬ ‫واألديان والطبقات االجتماعية يطالبون‬ ‫بالحرية والديمقراطية‪ .‬باختصار‪ :‬قبل‬ ‫ثالثين عامًا كان حزب إسالمي يخوض‬

‫أسبوعية‬

‫صدمة أصاب��ت أمة بأكملها‪ :‬كانت‬ ‫مدينة حماة الواقعة شمال غربي سوريا‬ ‫ف��ي ش��باط (فبراي��ر) ‪ 1982‬مس��رحًا‬ ‫لمذبحة اس��تمرت ع��دة أس��ابيع‪ ،‬وفي‬ ‫نهايته��ا كان الخ��راب والدمار منتش��راً‬ ‫في القسم األكبر من المدينة‪ .‬عشرات‬ ‫اآلالف قتلوا أو ت��م اعتقالهم أو مازالوا‬ ‫مفقودي��ن حت��ى اليوم‪ .‬تحول��ت حماة‬ ‫إلى صدمة ش��عبية وإنس��انيه (تراوما)‬ ‫أصابت أمة بأكملها‪ ،‬كما أمسى ذكرها‬ ‫من المحرمات‪ .‬بسرعة فائقة تم إعادة‬ ‫إعم��ار المدين��ة وإزال��ة آث��ار المذبحة‪.‬‬ ‫وف��وق الندب��ات االجتماعي��ة الت��ي‬ ‫خلفتها أُلقي س��تار من الصمت‪ .‬صمت‬ ‫جماع��ي‪ .‬حت��ى الي��وم م��ا زال النظام‬ ‫يُحمّ��ل اإلخوان المس��لمين مس��ؤلية‬ ‫العن��ف‪ ،‬متخذاً م��ن ذلك ذريع��ة لمحو‬ ‫حزبه��م من الوج��ود محواً تام��ا‪ .‬فبات‬ ‫القتل هو مصير األعضاء الناش��طين‪،‬‬ ‫واالعتقال مصي��ر األتباع‪ ،‬أما من ينجو‬ ‫م��ن المالحق��ة فيه��رب خ��ارج الب�لاد‪.‬‬ ‫وهن��اك تتكون تي��ارات مختلفة متأثرة‬ ‫بالقيادات السياس��ية الت��ي تعيش في‬ ‫المناف��ي‪ .‬لم يكن اإلخوان المس��لمون‬ ‫كتل��ة متجانس��ة‪ ،‬ال آن��ذاك وال الي��وم‪.‬‬ ‫زعي��م الجماعة محمد رياض الش��قفة‬ ‫يعيش ف��ي تركي��ا حيث تتش��كل منذ‬ ‫ش��هور جبهة المعارضة الس��ورية في‬ ‫الخارج‪.‬‬ ‫داخل المجلس الوطني الس��وري‪،‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫ما عقب ذلك كان كابوس��ًا اس��تمر‬ ‫ثالث��ة أس��ابيع‪ .‬المنظم��ة الس��ورية‬ ‫لحق��وق اإلنس��ان‪ ،‬وه��ي منظمة غير‬ ‫حكومية ممنوعة رسمياً‪ ،‬قامت بتوثيق‬ ‫أحداث مذبحة حماة بمس��اعدة ش��هود‬ ‫العي��ان من كل ح��ي‪ .‬التقري��ر المفزع‬ ‫يض��م تفاصيل تف��وق في وحش��يتها‬ ‫قدرة الخيال البش��ري‪ .‬عائالت بأكلمها‬ ‫تم اغتيالها في منازلها‪ ،‬في حين راحت‬ ‫ف��رق اإلعدام تطل��ق الرص��اص على‬ ‫الرج��ال عل��ى قارعة الطريق‪ .‬النس��اء‬ ‫واألطف��ال الذين اختبئ��وا في المحالت‬ ‫أو في المساجد تم قتلهم‪ ،‬وتم تعذيب‬ ‫شيوخ المس��لمين وسحق أحياء سكنية‬ ‫بأكلمه��ا بالقناب��ل‪ .‬تتطاب��ق تقاري��ر‬ ‫ش��هود العي��ان مع ما س��معه أنس من‬ ‫أقارب��ه‪ .‬آنذاك‪ ،‬تمكن أن��س في بداية‬ ‫المذبح��ة من اله��رب من حم��اة‪ ،‬وكان‬ ‫بذلك الوحيد من رجال العائلة البالغين‬ ‫الذي استطاع مغادرة المدينة حيًا‪.‬‬ ‫بق��ي أبناء أعم��ام أن��س الصغار‬ ‫وعمات��ه وخاالت��ه ف��ي المدين��ة ونجوا‬ ‫م��ن المذبحة‪ ،‬غير أنه��م ظلوا يعانون‬ ‫لفت��رة طويل��ة م��ن الصدم��ة‪ ،‬يق��ول‬ ‫أن��س‪ ،‬ثم يضي��ف‪" :‬إح��دى بنات عمي‬ ‫اختب��أت مع أمها ونحو س��تين ش��خصًا‬ ‫آخري��ن في قبو أح��د البي��وت"‪ .‬اقتحم‬ ‫الجن��ود القبو وأطلق��وا الرصاص على‬ ‫الجمي��ع وقتلوه��م جميعًا ما ع��دا ابنة‬

‫عم��ه وطف��ل الج��ارة الرضي��ع‪ " .‬كان‬ ‫الجنود يطلق��ون النار مجدداً لدى أدنى‬ ‫حركة من أي ش��خص "‪ ،‬يق��ول أنس‪.‬‬ ‫"بعد ذلك قام الجنود بس��رقة الساعات‬ ‫والمجوه��رات ث��م فروا‪".‬لق��د نج��ت‬ ‫ابن��ة عمه من المذبح��ة فقط ألن أمها‬ ‫وقعت فوقها‪ .‬في نهاية شباط (فبراير)‬ ‫‪ 1982‬كان الخراب والدمار منتشراً في‬ ‫القس��م األكب��ر من حماة‪ ،‬كم��ا انمحت‬ ‫من الوج��ود المدينة التاريخية القديمة‬ ‫الت��ي صنفته��ا اليونس��كو ف��ي ع��داد‬ ‫التراث اإلنس��اني ال��ذي ينبغي الحفاظ‬ ‫عليه‪ .‬ت��م تدمير المس��اجد والكنائس‬ ‫على نحو همجي ‪ ،‬ولقي نحو عش��رين‬ ‫أل��ف ش��خص حتفه‪ ،‬في حي��ن اعتُقل‬ ‫عش��رات اآلالف أو اختفوا‪ ،‬وعديد منهم‬ ‫لم يعود َ‬ ‫قط‪.‬‬

‫وهو أه��م تجمع��ات المعارض��ة خارج‬ ‫س��وريا‪ ،‬يك��وّن اإلخ��وان المس��لمين‬ ‫الكتل��ة األكب��ر‪ .‬والبع��ض ي��رى أن‬ ‫نفوذهم أصبح س��ائدا‪ ،‬وه��و ما يدفع‬ ‫األقليات الس��ورية بص��ورة خاصة‪ ،‬أي‬ ‫المس��يحيون والعلويون وال��دروز‪ ،‬إلى‬ ‫الشعور بالخوف من األجندة اإلسالمية‬ ‫لألغلبي��ة الس��نية ف��ي ح��ال تغيي��ر‬ ‫النظ��ام‪ .‬ويح��اول الش��قفة‪ ،‬المرش��د‬ ‫العام لإلخوان المسلمين‪ ،‬أن يبدد تلك‬ ‫المخاوف‪ ،‬مردداً عبارات مثل‪" :‬ال يمكن‬ ‫فرض الشريعة اإلس�لامية على أحد"‪،‬‬ ‫أو أن اإلخ��وان المس��لمين ه��م الذين‬ ‫سيدافعون عن حقوق األقليات‪.‬‬ ‫يبقى أنس متش��ككاً عندما يسمع‬ ‫ذلك‪ .‬فهو يفتقد لدى اإلخوان المسلمين‬ ‫الصراح��ة النقدي��ة ومراجعة ماضيهم‬ ‫في س��وريا‪ .‬الش��قفة‪ ،‬زعي��م اإلخوان‬ ‫المسلمين الذي يعيش منذ السبعينات‬ ‫في الخ��ارج‪ ،‬ينفي مس��ؤولية اإلخوان‬ ‫المس��لمين عن اإلرهاب ال��ذي مورس‬ ‫آن��ذاك ويدّعي أن خاليا مس��تقلة هي‬ ‫التي نف��ذت الضربات‪ ،‬وأن هذه الخاليا‬ ‫ال تنتمي رس��مياً لإلخوان المس��لمين‪.‬‬ ‫بالنس��بة ألن��س ف��إن ذل��ك لي��س إال‬ ‫محاولة للتنصل من المسؤولية‪.‬‬

‫صراع��اً ضد نظ��ام علمان��ي‪ ،‬أما اليوم‬ ‫فإن طبقات الش��عب العريض��ة تتحرر‬ ‫من الديكتاتوري��ة‪ .‬عبر اإلنترنت تصل‬ ‫صور االحتجاج��ات والجنازات والهجمات‬ ‫بالصواري��خ إلى الرأي الع��ام في وقت‬ ‫حدوثه��ا تقريب��اً‪ .‬وفي حي��ن لم تصل‬ ‫إلى خارج س��وريا سوى أخبار قليلة عن‬ ‫مذبحة حماة في عام ‪ 1982‬فإن العالم‬ ‫الي��وم اصبح ش��اهدٌ عل��ى العنف في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫بالرغ��م من ذل��ك يب��دو المجتمع‬ ‫الدول��ي وكأنه يق��ف متفرج��ًا مكتوف‬ ‫اليدي��ن‪ :‬فق��د أخفق��ت جامع��ة الدول‬ ‫العربي��ة في س��وريا‪ ،‬ف��ي حين يعطل‬ ‫حلفاء األسد ‪ -‬روسيا والصين ‪ -‬صدور‬ ‫قرار بش��أن س��وريا في مجلس األمن‬ ‫الدول��ي‪ .‬وله��ذا يبح��ث األوروبي��ون‬ ‫واألمريكيون وش��ركاؤهم في منطقة‬ ‫الشرق األوس��ط عن طرق أخرى خارج‬ ‫األمم المتحدة إليقاف سفك الدماء في‬ ‫س��وريا – ولكن حتى اآلن بدون جدوى‪.‬‬ ‫ما زال كافة الشركاء يستبعدون تدخ ً‬ ‫ال‬ ‫عسكريًا مباشراً‪ ،‬لكن األصوات تتعالى‬ ‫من أجل تسليح معارضي األسد‪.‬‬ ‫كل الب��وادر ف��ي س��وريا تش��ير‬ ‫إذن إل��ى العن��ف‪ .‬وم��ا زال الس��وريون‬ ‫يواجهون الموق��ف وحدهم‪ .‬ولكن منذ‬ ‫الثاني والعش��رين من تموز (يوليو) لم‬ ‫يع��د أنس يش��ك في قدرة الس��وريين‬ ‫عل��ى إس��قاط نظ��ام األس��د بقوتهم‬ ‫الذاتي��ة‪ .‬فللم��رة الثاني��ة ف��ي تاريخها‬ ‫تنتف��ض مدين��ة حماة‪ ،‬مس��قط رأس‬ ‫أن��س – وه��ذه الم��رة عب��ر احتجاجات‬ ‫جماهيرية سلمية‪.‬‬ ‫حت��ى الي��وم ال يس��تطيع أنس أن‬ ‫يصدق عينيه‪" .‬كنت أعتقد أن الماضي‬ ‫جاثمٌ بكل ثقله على صدور الناس في‬ ‫حماة‪ ،‬ولذلك ل��ن يخرج أحد للتظاهر"‪،‬‬ ‫يق��ول أن��س‪ .‬غير أن مئ��ات اآلالف من‬ ‫المحتجي��ن تجمع��وا ف��ي ي��وم الثاني‬ ‫والعشرين من تموز (يوليو) ‪ 2011‬في‬ ‫ساحة العاصي‪ ،‬و هتفوا هناك "سوريا‬ ‫بده��ا حرية"‪ .‬أنس يعتب��ر ما حدث أول‬ ‫انتصار صغير‪.‬‬ ‫كيرستين هلبيرغ‬ ‫ترجمة‪ :‬صفية مسعود‬ ‫مراجعة‪ :‬هشام العدم‬ ‫موقع قنطرة ‪2012‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫الذي��ن كان معظمه��م م��ن المتعلمين‬ ‫تعليم��ًا جي��داً حس��ب رأي أن��س‪ ،‬الذي‬ ‫يق��ول إن بدن��ه م��ا زال حت��ى الي��وم‬ ‫يرتع��ش عندما يتذكر ظه��ر ابن عمه‬ ‫المش��وه وأظافره المخلوع��ة بعد إلقاء‬ ‫القب��ض عليه في عام ‪ .1979‬أكثر من‬ ‫ابن م��ن أبناء أعم��ام أن��س و أقربائه‬ ‫انضموا إلى "الطليعة المقاتلة" التابعة‬ ‫لإلخ��وان المس��لمين‪ .‬عب��ر االغتياالت‬ ‫ألعضاء مختارة من الحكومة والهجمات‬ ‫عل��ى مبان��ي الدوله ومنش��آت الجيش‬ ‫أعلن اإلسالميون المتطرفون تحديهم‬ ‫لنظام البعث العلماني‪.‬‬ ‫بوحش��ية رد الرئي��س حاف��ظ‬ ‫األس��د على ذلك‪ .‬فبعد محاولة اغتيال‬ ‫ف��ي حزي��ران (يوني��و) ‪ 1980‬نجا منها‬ ‫بإعجوبة أصدر األس��د قراراً بأن يعاقب‬ ‫باإلع��دام كل من ينتمي إل��ى اإلخوان‬ ‫المس��لمين‪ ،‬وهذا م��ا كان بمثابة منح‬ ‫رخصة مفتوحة للقت��ل‪ .‬هذه الرخصة‬ ‫التي ما زالت سارية الفعل حتى اليوم‪.‬‬ ‫عق��ب ذل��ك ش��هدت الس��جون مذاب��ح‬ ‫راح ضحيته��ا مئات م��ن المعتقلين من‬ ‫اإلخوان المس��لمين‪ ،‬وف��ي حلب وحماة‬ ‫ت��م جم��ع الرج��ال واألوالد ف��وق ‪14‬‬ ‫عامًا بشكل عش��وائي‪ ،‬وعقب ذلك تم‬ ‫إعدامهم رمياً بالرصاص‪.‬‬ ‫كل ه��ذه األح��داث كان��ت تمهيداً‬ ‫لح��رب مفتوح��ة‪ ،‬ب��دأت بالفع��ل ف��ي‬ ‫س��اعات الصب��اح الباك��ره م��ن الثاني‬ ‫من ش��باط (فبراير) ع��ام ‪ 1982‬عندما‬ ‫دخل��ت فرق��ة م��ن الجيش إل��ى مدينة‬ ‫حماة القديمة وهاجمت مخابئ اإلخوان‬ ‫المسلمين‪ .‬نجح مئات من المقاتلين في‬ ‫البداية في ط��رد الجنود عن مدينتهم‪،‬‬ ‫ثم اقتحموا المبان��ي الحكومية وقتلوا‬ ‫القي��ادات الحزبية وأعلن��وا تحرر حماة‬ ‫في ضحى الثاني من ش��باط (فبراير)‪.‬‬ ‫كانت تلك صدمة للنظام في دمش��ق‪،‬‬ ‫وهك��ذا ب��دأ النظ��ام يع��د للمعرك��ة‬ ‫الحاس��مة ض��د اإلس�لاميين‪ .‬ل��م يكن‬ ‫األس��د يريد مجرد االنتصار عليهم‪ ،‬بل‬ ‫كان يريد سحقهم‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫�أحكام املوطن يف القانون ال�سوري‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫املوطن العام �أو املوطن الأ�صلي‬

‫الموط��ن قانون��اً ه��و الم��كان‬ ‫ال��ذي يعتد به فيم��ا يتعلق بعالقات‬ ‫الش��خص القانوني��ة‪ ،‬ويعتبر المقر‬ ‫ال��ذي توج��ه غلي��ه المخاطب��ات‬ ‫القضائية والقانونية وفي هذا المقر‬ ‫يتحدد مكان الوفاء وااللتزام ويتحدد‬ ‫االختص��اص القضائي وغيره‪ ،‬ولقد‬ ‫ع��رف القان��ون المدني ف��ي المادة‬ ‫‪ /24/‬من��ه " الموط��ن ه��و الم��كان‬ ‫الذي يقيم فيه الشخص عادةً" وقد‬ ‫عرّف��ت محكم��ة النقض الس��ورية‬ ‫الموط��ن أيض��اً " هو الم��كان الذي‬ ‫يقيم فيه الشخص عادةً‪ ،‬وإن مجرد‬ ‫الوج��ود أو الس��كن في م��كانٍ ما ال‬ ‫يجعل منه موطنًا ما لم تكن اإلقامة‬ ‫فيه مستقرة "‪ ،‬وتبدو فائدة الموطن‬ ‫نواح عدة‪،‬‬ ‫من الوجهة القانونية في ٍ‬ ‫فعلى سبيل المثال ال الحصر نصت‬ ‫الم��ادة الثالثة من أصول المحاكمات‬ ‫الجزائية عل��ى ان دعوى الحق العام‬ ‫تق��ام عل��ى المدع��ى علي��ه أم��ام‬ ‫المرج��ع القضائي المخت��ص التابع‬ ‫له مكان وق��وع الجريمة في موطن‬ ‫المدعى عليه أو مكان إلقاء القبض‬ ‫علي��ه‪ ،‬وال مفاضلة بين المكانين إال‬ ‫باألسبقية في رفع الدعوى‪.‬‬ ‫كما اس��تقر االجته��اد القضائي‬ ‫عل��ى أنه ف��ي ح��ال تع��دد المدعى‬ ‫عليهم ف��ي الخصومة وكان موطن‬ ‫كل منه��م يق��ع في دائ��رة محكمة‬ ‫ٍ‬ ‫مس��تقلة‪ ،‬فللمدعي في هذه الحالة‬ ‫أن يرفع الدعوى أمام المحكمة التي‬ ‫يقع في دائرتها موطن أحدهم‪.‬‬ ‫كم��ا نص��ت الم��ادة ‪ /81/‬م��ن‬ ‫قان��ون أص��ول المحاكم��ات المدنية‬ ‫" مت��ى كان��ت المحاك��م الس��ورية‬ ‫مختص��ة وكان لي��س للمدعى عليه‬ ‫األجنب��ي مح��ل إقام��ة في س��وريا‬ ‫يكون االختص��اص لمحكمة موطن‬ ‫المدعي "‪.‬‬

‫املوطن القانوين �أو الإلزامي‬

‫فرض القانون المدني السوري‬ ‫على بعض األشخاص في المجتمع‬ ‫موطن��ًا قانوني��اً وق��د حص��ره ف��ي‬ ‫ثالث ح��االت‪ :‬الموظف��ون العامون‪،‬‬ ‫األش��خاص الحائ��زون عل��ى كام��ل‬ ‫األهلية الذين يش��تغلون عند الغير‬ ‫ويقيمون معه‪ ،‬القاصرون والمحجور‬ ‫عليهم والمفقودون والغائبون "‪.‬‬

‫املوطن التجاري �أو موطن الأعمال‬

‫نص��ت الفقرة األولى من المادة‬ ‫‪ /43/‬من القان��ون المدني على أنه‬ ‫" يعتب��ر الم��كان ال��ذي يباش��ر فيه‬ ‫الش��خص تج��ارة أو حرف��ة موطن��ًا‬ ‫بالنسبة إلى إدارة األعمال المتعلقة‬ ‫به��ذه التج��ارة أو الحرف��ة " وم��ن‬ ‫ذل��ك أن التج��ار وأصح��اب الح��رف‬ ‫له��م باإلضافة إل��ى موطنهم العام‬

‫موط��ن خ��اص مرتب��ط بأعماله��م‬ ‫ويجوز توجيه التبليغات والمخاطبات‬ ‫القانونية للموطن الخاص‪.‬‬

‫املوطن املختار‬ ‫ه��و الموط��ن ال��ذي يخت��اره‬ ‫الشخص ليباشر فيه بعض األعمال‬ ‫شخص‬ ‫الخاصة وذلك عند تعاقده مع‬ ‫ٍ‬ ‫آخ��ر‪ ،‬أي أن��ه موطن خ��اص يتعلق‬ ‫بعمل معين وهو بهذا الشأن يتشابه‬ ‫ٍ‬ ‫م��ع موطن األعم��ال إال أن��ه يختلف‬ ‫عنه ف��ي أن صاحبه غالب��ًا هو الذي‬ ‫يق��وم بتعيين��ه بإرادته ومش��يئته‪.‬‬ ‫فالموط��ن المخت��ار ال يتصل بمحل‬ ‫اإلقامة بل بالنش��اط القانوني الذي‬ ‫نشأ من أجله هذا الموطن الخاص‪،‬‬ ‫ومص��در الموطن المختار يكوم من‬ ‫خالل العق��د أو الن��ص القانوني أو‬ ‫التصرف القانوني بوجهٍ عام‪.‬‬ ‫نص��ت المادة ‪ /45 /‬من القانون‬ ‫المدن��ي " الموطن المخت��ار لتنفيذ‬ ‫عم��ل قانون��ي يكون ه��و الموطن‬ ‫بالنس��بة إل��ى كل م��ا يتعل��ق بهذا‬ ‫العم��ل بما في ذلك إجراءات التنفيذ‬ ‫الجبري إال إذا اش��ترط صراحة على‬ ‫قص��ر الموط��ن عل��ى أعم��ال دون‬ ‫أخرى "‪.‬‬ ‫واألص��ل أن الموط��ن المخت��ار‬ ‫يظل معتبراً في نظر القانون طيلة‬ ‫الم��دة الالزم��ة لتنفيذ العق��د الذي‬ ‫يتعلق به باعتبار أنه جزء من العقد‬ ‫وفرع من��ه يظ��ل منتج��اً لمفاعيله‬ ‫م��ادام العق��دُ قائم��اً ول��م ينقض‬ ‫بعد‪ ،‬أما إذا اس��توفى العقد أغراضه‬ ‫وانقضى فال يبقى للموطن المختار‬ ‫أي أث��ر وينقض��ي بانقض��اء العقد‪،‬‬

‫ويرج��ع الحكم إلى الموطن األصلي‬ ‫المقرر في القان��ون‪ .‬كما انه يمكن‬ ‫تبديل الموط��ن المختار بن��ا ًء على‬ ‫اتف��اق المتعاقدين أنفس��هم ما لم‬ ‫يكن اختياره قد ت��م أص ً‬ ‫ال لمصلحة‬ ‫أحد المتعاقدين‪ ،‬هذا وال يجوز إثبات‬ ‫الموطن المختار إال بالكتابة بحسب‬ ‫الم��ادة ‪ /45/‬م��ن القان��ون المدني‬ ‫السوري‪.‬‬

‫موطن ال�شخ�صية االعتبارية‬

‫الشخصية االعتبارية تنشأ من‬ ‫تكتل جماعات من الناس حول هدف‬ ‫معين كالجمعيات والش��ركات أو عن‬ ‫تخصي��ص مجموعات م��ن األموال‬ ‫لغ��رض مح��دد كالمؤسس��ات مث ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫هذا الشخص منحه القانون المدني‬ ‫وفقاً للمادة ‪ /55/‬كافة الحقوق التي‬ ‫يتمتع بها الش��خص الطبيعي إال ما‬ ‫كان منه��ا مالزم��ًا لصفة اإلنس��ان‬ ‫الطبيعي��ة كما نصت نف��س المادة‬ ‫عل��ى " يعتب��ر موط��ن الش��خص‬ ‫االعتب��اري الم��كان ال��ذي يوجد فيه‬ ‫مركز إرادته والش��ركات التي يكون‬ ‫مركزها الرئيس��ي ف��ي الخارج ولها‬ ‫نش��اط ف��ي س��وريا‪ ،‬يعتب��ر مركز‬ ‫إدارتها بالنس��بة للقان��ون الداخلي‬ ‫الم��كان ال��ذي توج��د في��ه اإلدارة‬ ‫المحلية "‪.‬‬

‫املوطن يف قانون الأحداث اجلانحني‬

‫تنص الم��ادة ‪ /36/‬م��ن قانون‬ ‫األح��داث الجانحي��ن على م��ا يلي‪" :‬‬ ‫يعين االختصاص المكاني لمحكمة‬ ‫األح��داث الجانحي��ن وفق��ًا للترتيب‬ ‫التال��ي‪ :‬محل وقوع الج��رم‪ ،‬موطن‬ ‫الح��دث أو موط��ن أبوي��ه أو ولي��ه‪،‬‬

‫معه��د اإلصالح أو مرك��ز المالحظة‬ ‫الذي وضع في��ه الحدث "‪ .‬كما نصت‬ ‫المادة ‪ /43 /‬من القانون " للمحكمة‬ ‫المح��ال إليها الح��دث أن تتخلى عن‬ ‫الدع��وى إذا كان��ت مصلح��ة الحدث‬ ‫تقتضي ذلك وتحيل��ه إلى المحكمة‬ ‫الواقع في منطقته��ا موطن الحدث‬ ‫أو ولي��ه أو معهد اإلص�لاح أو مركز‬ ‫المالحظة المنقول إليه الحدث على‬ ‫أن ال ينش ْا عن هذا التخلي ما يعرقل‬ ‫سير المحاكمة "‪.‬‬

‫املوطن االنتخابي‬

‫يمتاز الموطن االنتخابي بأهمية‬ ‫بالغ��ة بالنس��بة للش��خص عل��ى‬ ‫صعي��د ممارس��ته حقوق��ه اإلدارية‬ ‫والسياسية وبخاصة ممارسته لحقه‬ ‫ف��ي االنتخ��اب والترش��ح‪ ،‬وللناخب‬ ‫أن يم��ارس حق��ه االنتخاب��ي ف��ي‬ ‫االنتخاب��ات العامة ف��ي أحد األماكن‬ ‫التالية‪1 :‬ـ في محل قيده في السجل‬ ‫المدن��ي‪2 .‬ـ في مح��ل عمله إن كان‬ ‫من العاملين في الدولة وفي وجهات‬ ‫القطاعين العام والمش��ترك‪ ،‬وذلك‬ ‫باالستناد إلى وثيقة من الجهة التي‬ ‫يعم��ل فيه��ا‪3 ،‬ـ ف��ي مح��ل إقامته‬ ‫الفعلي‪ .‬أما ف��ي انتخابات المجالس‬ ‫المحلي��ة فعلى الناخبين التس��جيل‬ ‫في الجداول التابع��ة لمناطقهم وال‬ ‫يجوز التس��جيل في أكثر من جدول‬ ‫انتخابي واحد‪.‬‬ ‫تج��در اإلش��ارة إل��ى أن قانون‬ ‫األحوال المدنية قدم تعريفًا مخالفًا‬ ‫للقواني��ن األخرى معتب��راً الموطن‬ ‫ه��و المكان الذي في��ه قيد النفوس‬ ‫ويك��ون خاص��ًا لممارس��ة الحق��وق‬ ‫المدنية‪.‬‬


‫�سوريا ٌ‬ ‫ثورة ال ت�شبه �إال نف�سها‬

‫آخين والت‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫هذا الصباح ال يشبهنا‪ .‬إنه الجالء‪ .‬وإنه‬ ‫القيامة…‬ ‫سأقضي النهار كله في نفخ البالونات‪،‬‬ ‫وما من شي ٍء قط يربط هذه األغنية‬ ‫بالزعتر البريّ األخضر‪.‬‬ ‫ثمة مأتمٌ وأهلي حزينون‪ ،‬بينما ال أستطيع‬ ‫الكف عن التفكير بما قالته الذبابة‪،‬‬ ‫وهي تدخل أذن الميت‪.‬‬

‫***‬

‫قال المتيّم أنه‪ ،‬سينظر إليها بعدستين‬ ‫سوداوين‪ ،‬حتى ال يرى شعرها أحمراً‪،‬‬ ‫وال األزقّة في حمص وحماه وقامشلو‬ ‫ودير الزور‪.‬‬ ‫فقط لو ألمس شعرك األحمرَ‪ ،‬هذا‬ ‫الصباح!!!‬ ‫ألصبحت نبيًّا وأنا أشرب القهوة‪،‬‬ ‫في شرفة عفرين‪.‬‬

‫***‬

‫ال أتقن اإلنكليزية‪ .‬يقول السويدي‬ ‫الجالس خلفي تمامًا‪ ،‬للكندي الزائر‪،‬‬ ‫وهو يتحدث السويدية بطالقة‪.‬‬ ‫يتداعى حديثهما إليّ بينما أرتّب في‬ ‫ذهني آخر قصيدةٍ أكتبها بالكردية‪.‬‬ ‫أمي سويدية‪ .‬يقول الكندي الزائر‪ ،‬بينما‬ ‫يقطع الدبلوماسي المحنّك إشارة المرور‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫وهي ليست له‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تفاحة في يد الطاغية‪.‬‬ ‫هنا كان اهلل‬ ‫اشتهاها كل األطفال المؤنفلون‪ ،‬قبل أن‬ ‫يمأل التراب عيونهم‪.‬‬ ‫هنا أكل الطاغية اهلل‪.‬‬ ‫مثلي تمامًا؛ ناقماً على القلب إذ يرقّ لمن‬ ‫ال يستحق‪،‬‬ ‫تفسح المكان للهواء‪.‬‬ ‫سأقف هنا‪ .‬قرب الرصاصة في الجانب‬ ‫األيسر؛ وأنت هناك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المحطمة‪.‬‬ ‫نعم نعم فوق الركبة‬ ‫وأنت‪ :‬ضع رجلك اليمنى فوق الرأس‬ ‫المفتوح‪ ،‬ولتكن فوهة البارودة‬ ‫في فوهة الجرح…‬ ‫واحد اثنان ثالثة‪ :‬صورة تذكارية لثورةٍ‬ ‫ما؛ سوري ٌة وقائمة‬ ‫في الصوت الذي أخذ اللقطة؛‬ ‫والفالش‪ ،‬إذ يضيء الجثة وابتسامة الجنود‪.‬‬ ‫ـ ماما هل اهلل بنتٌ أم صبي؟ ماذا يعني أن‬ ‫تؤنفل طف ًال وتقتل رجا ًال ونساء؟ يسأل ميتان‪.‬‬ ‫ـ يعني أن تأكل التفاحة حبيبي‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫سأغطي عينيك بنظارةٍ‬ ‫داكنة؛‬ ‫كنت نويت الكتابة عنهما الليلة؛‬ ‫رجل آخر‪،‬‬ ‫لكني سأكتب عن عيني ٍ‬ ‫أخمد قانون الطوارىء بريقهما‬ ‫بالهروات الكهربائية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫تدور الناعورة بصمتٍ‬ ‫فاقع؛‬ ‫ٍ‬ ‫والزمن ّ‬ ‫يتلكأ‬ ‫في الحناجر‪.‬‬ ‫إنه العاصي؛‬ ‫يغسل ظهورنا من السياط‬ ‫ٍ‬ ‫كهربائي‪،‬‬ ‫ومن رجفات سلكٍ‬ ‫رفيع…‬

‫‪4‬‬

‫غداً‪ ،‬سأبدأ في وقتٍ‬ ‫تأخر كثيراً عن البارحة‬ ‫وأستعير حنجرة الثورات‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫سيارة إسعافٍ تمرّ ببطء‬ ‫ٌ‬ ‫وطفل في الشارع المقابل‪،‬‬ ‫يجرّ ثور ًة عتيقة‪:‬‬ ‫هي َ‬ ‫كل ما ورثه عن والديه‬ ‫الشهيدين‪.‬‬

‫مات أبي بسكتةٍ قلبية‪،‬‬ ‫وغياث مطر بكل أنواع القتل‪.‬‬ ‫أما إبراهيم القاشوش مغني الثورة و ابن‬ ‫النواعير الشاهقة‪،‬‬ ‫فقد التحقت حنجرته بالثوار‪،‬‬ ‫وغرق عشقًا‬ ‫في العاصي‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫تتقاسمين المدينة معي؛‬ ‫نزق الليل‪ .‬الشمس والقمر والهواء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كل الهتافاتِ…‬ ‫ورج ًال كان لي‪،‬‬ ‫ولغيري‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫يقلقني الصباح‬ ‫وأنا في الشرفة الخامسة‪،‬‬ ‫أقلب فنجاني لمنقار عصفور‪.‬‬ ‫لم يقل وهو يتسرّب إليّ‬ ‫أنه والموج‪:‬‬ ‫وجهان‪،‬‬ ‫من وجوهي السبعة‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫جسرٌ يرتفع لمرور السفن العالية‪،‬‬ ‫وينخفض للمراكب الصغيرة…‬ ‫مرّ موكبٌ كبير‪،‬‬ ‫وأنا في الطريق إليكَ‪،‬‬ ‫فنسي الجسر أن يرتفع‪،‬‬ ‫كما أنه لم ينخفض لسيارتي!!‬

‫‪11‬‬

‫الطبق فوق الطاولة‪،‬‬ ‫فنجان فارغ‬ ‫ٌ‬ ‫وحقيبتي السوداء‪.‬‬ ‫لم ينتصف الليل بعد؛‬

‫‪13‬‬

‫ً‬ ‫حافية‪،‬‬ ‫لم أنتبه أني أمشي‬ ‫إال حين رأيت عيون المارّة تتجه نحو‬ ‫قدميّ‪.‬‬ ‫بردٌ فوق األرصفة‪،‬‬ ‫يحضّ المراهقين على العناق أكثرَ‪،‬‬ ‫والق ْ‬ ‫ُ‬ ‫بَل‪.‬‬ ‫قدمان تضربان األرض بقوة‪ :‬قفزت‬ ‫وغطست وحدي‪.‬‬ ‫ـ قفزت وغطست وحدي‪.‬‬ ‫ماما أنا ال أخشى الغرق‪.‬‬ ‫يقول ميتان‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وطفل لم أر منه غير فردة حذا ٍء‪،‬‬ ‫مليئة بالدم…‬ ‫سأبتكر حبًا جديداَ أغمركما به‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫يركض الطفل هاتفًا‪ :‬لن نركع إال…‬ ‫يقتنص الكاتم صوته؛‬ ‫وبعينين مفتوحتين على الجرح‪،‬‬ ‫يحضن خوذة جندي رفض إطالق النار‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫رأس مرفوع‪:‬‬ ‫فتدحرجت إليه‪ ،‬مع ٍ‬ ‫حماة الديار عليكم سالم…‬

‫‪15‬‬

‫من أطلق باراباس‬ ‫في دمشق؟‬ ‫من سيعيش في األرض المقبلة‪،‬‬ ‫ومن سيقود الثورة غير سبارتاكوس؟‬ ‫يا لها من مثيرةٍ‪ ،‬فاتنةٍ‬ ‫وفائقة اإلغراء …‬ ‫كيف ال أغار منها وحبيبي يهجرني إليها‪،‬‬ ‫بكل هذه الرّقة الجارحة؟‬ ‫“شارلي ولوال” و “يوكو شوكو موكو‬ ‫توتو”… أفالم كرتون لألطفال‪* .‬‬ ‫صفحات ثقافية ‪2011 / 11 / 14‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫***‬

‫ديوكٌ تصيح بشدة‪،‬‬ ‫كلما عطست دجاجة‪.‬‬ ‫عال؛‬ ‫كعب ٍ‬ ‫ديوكٌ بأحذيةٍ ذات ٍ‬ ‫تحفر البالط‬ ‫مثل دم مجهول‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪7‬‬

‫في الطريق إلى الدانمرك‪،‬‬ ‫أقامر بالخسارات‪.‬‬ ‫ال يفتشون جيوبنا‬ ‫وال الحقائب على ظهورنا‪،‬‬ ‫وال تحت اللسان‪.‬‬ ‫ك ّلما لم يطيلوا التحديق في وجوهنا‪،‬‬ ‫ازددت خسارةً‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫***‬

‫‪1‬‬

‫بهاراتٌ ّ‬ ‫تغطي وجه خاروف‪.‬‬ ‫جراد البحر وسرطاناتٌ تفتح مقصّاتها‬ ‫كلما اقتربت منها‪ ،‬يدٌ أو عينان‪.‬‬ ‫رقائق الجبنة‪ .‬سمكٌ مدخّن‪ .‬سالمي…‬ ‫شرائح خيار وبندورة‪،‬‬ ‫بقدونس وعزاء‪،‬‬ ‫وهوا ٌء كثيرٌ تحت مقصلة‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫***‬

‫بمرح في‬ ‫السبعينيات السويديات يتحدّثن ٍ‬ ‫الساونا عن "شارلي ولوال" و"يوكو شوكو‬ ‫موكو توتو"…‬ ‫بينما أتخيّل دباباتٍ في الخارج تطوّق‬ ‫الصالة والمسبح‪.‬‬ ‫تحاصر المدينة وتقصف الغيوم؛ فأغرق‬ ‫مالح وحارق‪.‬‬ ‫في ٍ‬ ‫عَرَق ٍ‬ ‫في الساونا كل شي ٍء حارٌ جداً؛ مثل دم‬ ‫األطفال المراق في بالدي‪.‬‬

‫***‬

‫وجهي الملتصق بالزجاج؛ ّ‬ ‫كل من يمرّ في‬ ‫الخارج يراه أكثر إشراقًا‬ ‫وهو يراقب زهرة النار في ساحة‬ ‫األمويين‪.‬‬ ‫اآلن فقط أيقنت أن الشمس تشرق من‬ ‫الشرق‪.‬‬ ‫ال يمكن للطريق أن تنتهي ماما‪ ،‬إنّها‬ ‫ّ‬ ‫المحطات فقط‪:‬‬

‫‪6‬‬

‫وال أنتظر الصباح يحمله إليّ‪..‬‬

‫‪11‬‬


‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫قدا�سة مار �إغناطيو�س زكا الأول عيوا�ص‬ ‫بطريرك �أنطاكية و�سائر امل�شرق‬

‫الرئي�س الأعلى للكني�سة ال�سريانية الأرثوذك�سية يف العامل‬

‫ياسر مرزوق‬

‫هو سنحريب بن بشير عيواص‬ ‫وحسيبة عطو ولد في الموصل ـ العراق‬ ‫في الحادي والعشرين من شهر نيسان‬ ‫سنة ‪ 1933‬وهو سليل أسرة سريانية‬ ‫عراقية عريقة‪ ،‬تلقى دروسه االبتدائية‬ ‫في مدرستي التهذيب لألحداث ومار توما‬ ‫االبتدائية الخاصتين بالكنيسة السريانية‬ ‫األرثوذكسية في الموصل‪ .‬انتسب إلى‬ ‫المدرسة اإلكليريكية األفرامية في‬ ‫الموصل في العام الدراسي ‪ 1946‬ـ ‪.1947‬‬ ‫وسُمِّي زكا‪ .‬وتخرّج منها بتفوق وحصل‬ ‫على دبلوم في الالهوت وتاريخ الكنيسة‬ ‫وقوانينها واللغات السريانية والعربية‬ ‫واإلنكليزية عام ‪.1954‬‬ ‫بتاريخ ‪ 1954/6/6‬لبس الثوب‬ ‫الرهباني‪ ،‬ودرّس علوم الكتاب المقدس‬ ‫واللغتين السريانية والعربية في المدرسة‬ ‫اإلكليريكية ذاتها‪ .‬ثم التحق بديوان الكتابة‬ ‫في دار البطريركية بحمص كسكرتير‬ ‫ثان عام ‪ 1955‬في عهد البطريرك إفرام‬ ‫األول برصوم‪ .‬عندما جلس على الكرسي‬ ‫البطريركي البطريرك يعقوب الثالث‪ ،‬عيّنه‬ ‫سكرتيراً أو ًال للبطريركية ورسمه كاهنًا‬ ‫عام ‪ ،1957‬وق ّلده الصليب المقدس بتاريخ‬ ‫‪.1959/4/15‬‬ ‫انتمى إلى الكلية الالهوتية العامة‬ ‫للكنيسة األسقفية في نيويورك عام ‪1960‬‬ ‫ـ ‪ 1962‬وحصل بعدئذ منها على شهادة‬ ‫الدكتوراه الفخرية في الالهوت‪ .‬ثم عيّن‬ ‫مراقبًا رسميًا في مجمع الفاتيكان الثاني‬ ‫لدورتي ‪1962‬و‪ .1963‬وفي العام نفسه‬ ‫رسم مطراناً للموصل باسم مار سويريوس‬ ‫زكا عيواص مطران الموصل وتوابعها عام‬ ‫‪ .1963‬ورعى األبرشية في الفترة ما بين‬ ‫‪ 1963‬ـ ‪ .1969‬كماعُيِّن مطرانًا ألبرشية‬ ‫دير مار متى بالوكالة باإلضافة إلى مركزه‬ ‫كمطران الموصل في عام ‪.1966‬‬ ‫في العام ‪ 1980‬انتخبه المجمع‬ ‫األرثوذكسي‬ ‫السرياني‬ ‫األنطاكي‬ ‫المقدّس باإلجماع بطريركًا ألنطاكية‬ ‫وسائر المشرق ورئيسًا أعلى للكنيسة‬ ‫السريانية األرثوذكسية في العالم أجمع‬ ‫وتمّ تنصيبه في كاتدرائية مار جرجس‬ ‫بدمشق باسم "مار إغناطيوس زكا األول‬ ‫عيواص"‪ ،‬وانتخب رئيسًا (أحد الرؤساء‬ ‫األربعة) لمجلس كنائس الشرق األوسط‬ ‫بتاريخ ‪ .1990/1/22‬و رئيسًا (أحد الرؤساء‬ ‫السبعة) لمجلس الكنائس العالمي بتاريخ‬ ‫‪.1998/12/14‬‬ ‫يجب اإلضاءة على الشخصية العلمية‬ ‫استعراض‬ ‫لهذه القامة السورية‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫لدرجات التحصيل العلمي الديني والدنيوي‬ ‫التي حازها قداسة البطريرك‪ " .‬دبلوم‬ ‫المدرسة اإلكليريكية األفرامية بالموصل‪،‬‬ ‫دبلوم في الصحافة بالمراسلة من مصر‪،‬‬ ‫في عام ‪:1972‬عين نائباً لرئيس مجمع‬ ‫اللغة السريانية ببغداد‪ ،‬و في عام ‪:1979‬‬ ‫عضواً عام ًال في المجمع العلمي العراقي‪.‬‬ ‫ورئيسًا للهيئة السريانية‪ .‬وعضواً في‬ ‫ديوان رئاسة المجمع‪ .‬وعضواً مؤازراً في‬ ‫مجمع اللغة العربية في األردن‪.‬‬ ‫في عام ‪ 1981‬حصل على شهادة‬ ‫الزمالة في معهد الدراسات السريانية‬

‫جامعة شيكاغو‪ .‬في عام ‪ 1984‬حصل على‬ ‫شهادة الدكتوراه الفخرية من كلية الالهوت‬ ‫العامة األسقفية في نيويورك‪ .‬في عام‬ ‫‪ 1998‬عيّن عضواً فخريًا للمجمع العلمي‬ ‫العراقي‪ .‬في عام ‪ 2000‬انتخب عضواً‬ ‫مراس ًال لمجمع اللغة العربية بدمشق‪.‬‬ ‫وقد أثرى قداسته المكتبة العربية‬ ‫بعدد وافر من المؤلفات نذكر منها‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ "المرقاة في أعمال راعي الرعاة مار‬ ‫أغناطيوس يعقوب الثالث" وهو أول كتاب‬ ‫أصدره في عام ‪ ،1958‬ويشتمل على نبذة‬ ‫تاريخية عن بلدة برطلي‪ ،‬وترجمة حياه‬ ‫سلفه المثلث الرحمة البطريرك يعقوب‬ ‫الثالث‪ ،‬مع وصف الزيارات الرسولية التي‬ ‫قام بها إلى أميركا الجنوبية وقرى حمص‬ ‫وحلب‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ "حسن الشهادة واألداء في سرّي‬ ‫التجسد والفداء" أو "عقيدة التجسد اإللهي"‬ ‫وهو بحث مستفيض في موضوع سرّي‬ ‫التجسد والفداء من الناحية الالهوتية‬ ‫العقيدية والتاريخية صدر عام ‪.1959‬‬ ‫‪ 3‬ـ "المشكاة في زيارة راعي الرعاة‬ ‫مار أغناطيوس يعقوب الثالث" صدر عام‬ ‫‪ .1960‬وهو وصف الزيارات الرسولية‬ ‫لسلفه المثلث الرحمة البطريرك يعقوب‬ ‫الثالث إلى زحلة‪ ،‬ومصر واألردن‪ ،‬والواليات‬ ‫المتحدة وكندا‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ "سلسلة التهذيب المسيحية "أربعة‬ ‫أجزاء صدرت عام ‪ 5 .1967‬ـ "األسرار‬ ‫السبعة" بحث ديني الهوتي طقسي صدر‬ ‫عام ‪ 6 .1970‬ـ "سيرة مار إفرام السرياني"‬ ‫أصدره عام ‪.1974‬‬ ‫‪7‬ـ «الحمامة» وهو مختصر في‬ ‫ترويض النساك وسيرة المتوحّدين‬ ‫لمفريان المشرق ابن العبري‪ ،‬حقق‬ ‫مخطوطته السريانية القديمة التي كتبت‬ ‫بعد انتقال ابن العبري إلى الخدور العلوية‬ ‫بأربع سنوات على أقدم النسخ السريانية‬ ‫وعرّبه وكتب له مقدمة تناول فيها حياة ابن‬ ‫العبري ومؤلفاته كما اقتبس باختصار عن‬ ‫الترجمة اإلنكليزية التي كتبها المستشرق‬ ‫الهولندي (ونسنك) المتوفي عام ‪1939‬‬ ‫كمقدمة ثانية للكتاب‪.‬‬ ‫‪ 8‬ـ "كنيسة أنطاكية السريانية‬ ‫األرثوذكسية عبر العصور" أصدره عام‬ ‫‪ 1980‬وهو بحث تاريخي عام عن الكنيسة‪.‬‬ ‫‪ 9‬ـ "قصة أهل الكهف في المصادر‬ ‫السريانية "‪ :‬وهو بحث روحي تاريخي‪.‬‬ ‫‪ 10‬ـ "حصاد المواعظ" جزآن‪ ،‬وهما‬ ‫مجموعة مواعظ ارتجلها قداسته في‬ ‫كاتدرائية مار جرجس في دمشق بمناسبة‬ ‫عيدي الميالد والفصح ومناسبات دينية‬ ‫أخرى‪ ،‬ومناشير بطريركية وأحاديث روحية‪،‬‬ ‫وترجمة حياة بعض المشاهير‪ .‬صدر الجزء‬ ‫األول في عام ‪.1984‬‬ ‫‪ 11‬ـ "مصابيح على الطريق" وهو‬ ‫مجموعة أبحاث تجمع ما بين األدب الديني‪،‬‬ ‫والتاريخ الكنسي‪ ،‬والحياة االجتماعية‪ ،‬وسير‬ ‫القديسين‪ 12 .‬ـ "نجوم ساطعة في سماء‬ ‫الكنيسة "‪ 13 .‬ـ "رائحة المسيح الذكية"‬ ‫وهو سير بعض القديسين‪.‬‬ ‫‪ 14‬ـ مجموعة أبحاث في شؤون‬

‫مسكونية‪ 1 :‬ـ الكنيسة ومقومات المجمع‬ ‫المسكوني فيها‪ 2 ،‬ـ قبول المجامع‪ 3 ،‬ـ‬ ‫الشركة ما بين الكنائس المحلية والكنيسة‬ ‫السريانية والوحدة المسيحية‪ 4 ،‬ـ نظرات‬ ‫مراقب في مؤتمر "ال مبث"‪.‬‬ ‫‪ 15‬ـ بحوث دينية أدبية وتاريخية‬ ‫متنوعة‪ 1 :‬ـ صفحة مشرقة من تاريخ‬ ‫األدب السرياني‪ 2 .‬ـ القيم الدينية وتنظيم‬ ‫األسرة‪ 3 .‬ـ عقيدة طبيعة المسيح الواحدة‬ ‫في الطقس السرياني‪ .‬والقائمة تطول‬ ‫لتصل ألكثر من خمسين مؤلفًا‪.‬‬ ‫وعن قداسته ننقل‪:‬‬ ‫"نحن السريان نفتخر بأننا أحفاد‬ ‫أولئك الذين وهبوا العالم األبجدية وشقوا‬ ‫الطريق إلى الحضارات والعلوم فنحن‬ ‫وسورية نسيج واحد هي أخذت منا اسمها‬ ‫ونحن أخذنا منها اسمنا وهذه عالقة دائمة‬ ‫أزلية وأبدية فال نحن نتخلى عن وطننا‬ ‫سورية وال سورية تتخلى عنا‪ ،‬وإن السريان‬ ‫لم ينفصلوا عن سورية أبداً وأينما ذهبوا‬ ‫في العالم كانوا وال يزالون يحملون في‬ ‫قلوبهم وطنهم سورية وحضارته وكذلك‬ ‫لغتهم السريانية لغة سورية القديمة إلى‬ ‫جانب شقيقتها اللغة العربية إلى كل أطراف‬ ‫العالم"‪.‬‬ ‫وعن التعايش والتآخي بين المسيحيين‬ ‫والمسلمين في سورية قال البطريرك‬ ‫عيواص‪ " :‬نحن في سورية نفتخر بحياتنا‬ ‫الوطنية وتعايشنا األخوي ونضالنا المشترك‬ ‫وسنظل إلى جانب إخوتنا المسلمين في‬ ‫جبهة فعالة تدافع عن الوطن وتحافظ على‬ ‫تراث سورية الوطني وتقف صخرة في وجه‬ ‫تهديدات أعداء سورية والعرب وسداً منيعًا‬ ‫في وجه تهديدات وتحركات األعداء "‪.‬‬ ‫ولنا أن نذكر لقداسته إحدى الصلوات‬ ‫التي تنم عن طاقة روحية وإيمانية قل‬

‫نظيرها‪:‬‬ ‫"لقد أحببتَني يا إلهي حتى الموت‪،‬‬ ‫موت الصليب‪ ،‬فبادلتُكَ المحبة‪ .‬و نذرت‬ ‫ذاتي لكَ‪ ،‬و هي ملكك وقد وهبتني‬ ‫إياها كرماً‪ ،‬فكرّستُها لخدمتكَ مسروراً‪،‬‬ ‫و قدمتها قربانًا على مذبح محبتك منذ‬ ‫حملي صليبك المقدس و اقتفائي أثرك في‬ ‫طريق الجلجلة‪ ،‬حيث صَلبتُ ذاتي معك‬ ‫على الصليب ومتُّ عن العالم‪ ،‬ألحيا بكَ‪،‬‬ ‫بل أنتَ تحيا فيَّ‪ .‬ليتك ترضى بي هيك ًال‬ ‫يسكن فيه روحك القدوس‪ .‬إن كل لحظة‬ ‫من حياتي على هذه البسيطة هي ملك‬ ‫لكَ‪ ،‬فإذا ضَيَعتُها فيما ال يمجد اسمك‬ ‫القدوس أكون قد سلبتك إياها يا شمس‬ ‫البر اغمرني بأشعتك ليتحول ظالم قلبي‬ ‫إلى نور ينعكس على اآلخرين ليع ِرفوكَ‬ ‫أنت نور العالم الحقيقي‪ ،‬و الطريق الذي‬ ‫يؤدي إلى السعادة األبدية "‪.‬‬ ‫في الثاني من تموز عام ‪ 2011‬وعلى‬ ‫إثر تصاعد األحداث في سوريا وجه قداسته‬ ‫رسال ًة لرئيس الجمهورية ننقل منها‪:‬‬ ‫" لقد علمنا التاريخ الطويل بأن‬ ‫ثقافة المواطنة كلما تعمقت في فكرنا‪،‬‬ ‫كلما شعرنا بانتمائنا الحقيقي لتراب‬ ‫سوريا‪ ،‬لهذا فمن موقعنا كرأس للكنيسة‬ ‫السريانية األرثوذكسية في العالم‪ ،‬نرى أن‬ ‫زيادة التعاطي مع الحريات العامة‪ ،‬وتجذر‬ ‫الوعي بين أبناء الوطن الواحد‪ ،‬يسهم في‬ ‫إغناء تعددية ثقافاته وأطيافه‪ ،‬كي يبقى‬ ‫الجميع أوفياء للوطن الواحد الذي نريد أن‬ ‫يكون دائمًا‪ ،‬سيداً‪ ،‬مستقراً‪ ،‬كريمًا‪ ،‬وحراً‪،‬‬ ‫يستظل تحت سقفه كل السوريين‪ ،‬على‬ ‫أن تتوفر لهم التشاركية في الممارسة‬ ‫الديمقراطية لحرية المعتقد‪ ،‬والتعبير عن‬ ‫هواجسه ومكنوناته‪ ،‬التي تحقق المزيد من‬ ‫الكرامة والمواطنة المنشودة "‪.‬‬


‫�سوريا يف الفرتة ما بني ‪1920 – 1918‬‬

‫حنين اليوسف‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫دخول األمير فيصل ‪ 4‬تشرين األول ‪1918‬‬

‫الجنود البريطانيين في س��وريا وكيليكية‬ ‫أن تت��رك من اآلن المدن األربعة (دمش��ق‬ ‫– حم��ص – حم��اة – حلب) خ��ارج منطقة‬ ‫االحتالل العسكري الفعلي"‪ .‬اعترض كل‬ ‫من األمير فيصل وهاش��م األتاس��ي على‬ ‫هذا االتفاق‪.‬‬ ‫الحق��اً وبع��د انس��حاب الق��وات‬ ‫البريطاني��ة من س��وريا دون أن تنس��حب‬ ‫الوح��دات الفرنس��ية منه��ا‪ ،‬وإث��ر تعيين‬ ‫الجنرال غورو مفوضًا سامياً لفرنسا‪ ،‬تبين‬ ‫لألمير فيصل نية فرنسا باحتالل سوريا‪،‬‬ ‫فقرر الس��فر إلى باريس بغي��ة التفاهم‬ ‫م��ع حكومتها ح��ول وضع س��وريا‪ .‬التقى‬ ‫األمي��ر برئي��س وزراء فرنس��ا كليمنصو‬ ‫ووق��ع مع��ه اتفاق ع��رف باس��م (فيصل‬ ‫– كليمنص��و) بتاري��خ ‪ 7‬تش��رين الثان��ي‬ ‫‪ ،1919‬اعترفت فرنس��ا بموجبه للس��كان‬ ‫الناطقين بالعربية والمقيمين في سوريا‬ ‫من كاف��ة المذاه��ب بحقهم ب��أن يتحدوا‬ ‫ويحكموا أنفس��هم بشكل مس��تقل‪ .‬كما‬ ‫أكد األمير فيصل أن الس��وريين يحتاجون‬ ‫المس��اعدة من قبل أمة مشاركة ليتمكنوا‬ ‫م��ن تحقي��ق وحدته��م وقوته��م وذل��ك‬ ‫بس��بب ضعفهم في الفترة الراهنة‪ ،‬بعد‬ ‫اختالل نظامهم االجتماع��ي إثر اضطهاد‬ ‫األتراك لهم‪ .‬وطلب األمير فيصل تسجيل‬ ‫ه��ذه المش��اركة م��ن قبل جمعي��ة األمم‬ ‫بع��د تكوينه��ا فع ًال عل��ى أن تك��ون هذه‬ ‫المشاركة مَهمة فرنسا‪.‬‬ ‫م��ن الجدير بالذكر أن هذه االتفاقية‬ ‫كانت بالنسبة إلى فرنسا مجرد حبر على‬ ‫ورق ولم تحترمه��ا أو تلتزم بها بأي وقت‬ ‫بل على العكس اخترقتها بعد أس��بوعين‬ ‫بحجة الحفاظ على نظامها وأمنها‪.‬‬ ‫بع��د أن رج��ع األمي��ر فيص��ل إل��ى‬ ‫دمش��ق عمل على تهيئة األوضاع للقبول‬ ‫بمعاهدت��ه م��ع كليمنصو‪ ،‬ولك��ن بمجرد‬ ‫وصوله انتش��رت أخبار المعاهدة وقوبلت‬

‫بالرفض الش��ديد‪ ،‬واتهُ��م األمير فيصل‬ ‫بأنه تنازل للفرنسيين ورضخ لطلباتهم‪.‬‬ ‫وفي تاري��خ ‪ 7‬آذار ‪ 1920‬أص��در المؤتمر‬ ‫الس��وري‪ ،‬وبع��د عق��ده جلس��ة خاص��ة‬ ‫لدراس��ة المعاهدة‪ ،‬ق��راراً تاريخياً بإعالن‬ ‫اس��تقالل س��وريا واختيار األمي��ر فيصل‬ ‫بن الحس��ين ملكاً عليها‪ .‬في اليوم التالي‬ ‫أبل��غ المؤتمرُ األمير فيص��ل عن مبايعته‬ ‫مل��كًا للب�لاد‪ ،‬ودُعي إلى حف��ل التنصيب‬ ‫مندوبو بريطانيا وفرنسا وقناصل الدول‪،‬‬ ‫ورُفع العلم السوري فوق دار البلدية‪ ،‬كما‬ ‫أطلق��ت المدافع ‪ 21‬طلق��ة احتفا ًال بذلك‪،‬‬ ‫ونادى الجميع "يحيا الملك"‪.‬‬ ‫تألفت أول وزارة في عهد االستقالل‬ ‫بتاري��خ ‪ 25‬آذار ‪ 1920‬برئاس��ة الس��يد‬ ‫رض��ا باش��ا الركاب��ي‪ ،‬كما تش��كلت لجنة‬ ‫يرأسها السيد هاشم األتاسي وضعت أول‬ ‫دس��تور للبالد على أساس النظام الملكي‬ ‫الديمقراطي‪.‬‬ ‫في ه��ذه األثناء أعل��ن البريطانيون‬ ‫والفرنس��يون ع��دم موافقته��م لقرارات‬ ‫المؤتم��ر الس��وري واتفق��وا عل��ى دع��وة‬ ‫مجل��س الحلف��اء م��ن أج��ل بح��ث أخ��ر‬ ‫التطورات الس��ورية‪ ،‬فعق��د المجلس في‬ ‫‪ 25 – 18‬نيس��ان ‪ ،1920‬وتقرر فيه وضع‬ ‫الب�لاد العربي��ة م��ن الخلي��ج العربي إلى‬ ‫البحر المتوس��ط تح��ت س��لطة االنتداب‪،‬‬ ‫لتكون س��وريا ولبنان من نصيب فرنس��ا‪،‬‬ ‫وفلس��طين وش��رق األردن والع��راق من‬ ‫نصي��ب بريطاني��ا‪ ،‬م��ع االلت��زام بوع��د‬ ‫بلفور‪.‬‬ ‫ث��ار الش��عب الس��وري عن��د علم��ه‬ ‫بق��رارات مجلس الحلف��اء‪ ،‬واتهم حكومة‬ ‫رضا باشا الركابي بميله لقبول االنتداب‪،‬‬ ‫وطالب باس��تقالة ه��ذه الحكومة‪ ،‬فوافق‬ ‫المل��ك فيصل عل��ى هذا وأص��در بتاريخ‬ ‫‪ 3‬أيار ‪ 1920‬مرس��ومًا ملكي��ًا ينص على‬ ‫تعيين هاشم األتاسي رئيسًا للوزارة‪ ،‬كما‬ ‫أحدث وزارة للخارجية ألول مرة‪.‬‬ ‫قام��ت ه��ذه الحكومة بعق��د قرض‬ ‫وطني وبتوسيع نطاق التجنيد‪ ،‬كما حددت‬ ‫مهامه��ا بالحف��اظ عل��ى األم��ن الداخلي‪،‬‬ ‫وبالدفاع عن حقوق الوطن خارجيًا‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 19‬أي��ار ‪ 1920‬ص��در بيان عن‬ ‫الحكومة يرفض اتفاق فيصل – كليمنصو‬ ‫ويقرر الدف��اع عن اس��تقالل البالد‪ ،‬األمر‬ ‫ال��ذي عم��ق الخالف��ات ف��ي س��وريا بين‬ ‫الملك فيص��ل والحزب الوطني الس��وري‬ ‫م��ن جهة وبين أغلبية الوطنيين برئاس��ة‬ ‫هاشم األتاس��ي من جهة أخرى‪ ،‬مما أتاح‬ ‫للجن��رال غورو فرصة العب��ث بأمن البالد‬ ‫واستقرارها ومهد له السبيل لقطف ثمار‬ ‫عدوانه والبالد في حالة من الفوضى‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫كان ي��وم ‪ 30‬أيلول من ع��ام ‪1918‬‬ ‫يوم��ًا مميزاً في تاريخ س��وريا عندما رفع‬ ‫األمي��ر س��عيد الجزائ��ري العل��م العربي‬ ‫فوق دار البلدية في دمش��ق إثر انس��حاب‬ ‫الحامية التركية منها بعد احتالل دام مدة‬ ‫أربعة قرون‪.‬‬ ‫دخل األمير فيص��ل والجنرال اللنبي‬ ‫ف��ي ‪ 4‬تش��رين األول ‪ 1918‬إلى دمش��ق‬ ‫وس��ط احتفال كبي��ر واجتمعا ف��ي فندق‬ ‫فيكتوري��ا م��ن أج��ل وضع خط��ة لتحرير‬ ‫س��وريا‪ ،‬وأش��ار اللنب��ي إل��ى أن��ه تلق��ى‬ ‫تعليم��ات من حكومته بالس��ماح لفرنس��ا‬ ‫ب��إدارة المنطق��ة الس��احلية من س��وريا‬ ‫ولبن��ان‪ ،‬وأن فرنس��ا س��تكون حامي��ة‬ ‫للمنطق��ة الممتدة ما بين حلب ودمش��ق‪،‬‬ ‫وأنها ستس��اعد على قيام دولة عربية في‬ ‫س��وريا‪ .‬لكن األمي��ر فيصل ق��ام بإعالن‬ ‫تأس��يس الدولة العربية في سوريا وعين‬ ‫الل��واء علي رضا الركابي حاكماً عس��كريًا‬ ‫ف��ي دمش��ق وذل��ك بغي��ة محاول��ة قطع‬ ‫الطريق على الفرنسيين والبريطانيين‪.‬‬ ‫ق��رر اللنبي ف��ي ‪ 23‬تش��رين األول‬ ‫‪ 1918‬أن المنطق��ة الغربية التي تش��مل‬ ‫الس��احل الس��وري ولبنان س��تكون تحت‬ ‫إدارة قائد فرنسي‪ ،‬أما المنطقة الشرقية‬ ‫التي تضم س��وريا الداخلية وشرق األردن‬ ‫فسيتولى إدارتها اللواء علي رضا الركابي‬ ‫يعاونه ضابطا ارتباط فرنسي وانكليزي‪.‬‬ ‫في ‪ 11‬تش��رين الثان��ي ‪ 1918‬اتفق‬ ‫الحلف��اء عل��ى عق��د مؤتم��ر الصل��ح في‬ ‫باريس بتاري��خ ‪ 19‬كان��ون الثاني ‪1919‬‬ ‫وال��ذي ش��ارك في��ه األمير فيص��ل رغم‬ ‫معارضة فرنس��ا لذلك بادئ األمر‪ .‬ووصل‬ ‫األمير إلى مرسيليا في ‪ 26‬تشرين الثاني‬ ‫‪.1918‬‬ ‫قام األمي��ر فيصل بع��رض القضية‬ ‫السورية أمام المؤتمر في ‪ 6‬شباط ‪1919‬‬ ‫وطالب باعتراف الحلفاء باستقالل وسيادة‬ ‫الش��عوب العربية وبضم��ان عصبة األمم‪.‬‬ ‫وفي ‪ 20‬آذار ‪ 1919‬بحثت الواليات المتحدة‬ ‫وفرنس��ا وبريطاني��ا وإيطالي��ا موض��وع‬ ‫س��وريا‪ ،‬فأكدت فرنس��ا تمس��كها بسوريا‬ ‫كامل��ة‪ ،‬ولكن احتج��ت بريطانيا أن احتالل‬ ‫فرنس��ا لس��وريا الداخلية مخالف التفاقية‬ ‫س��ايكس بيكو‪ .‬تدخل الرئيس األمريكي‬ ‫ويلس��ون واقت��رح تش��كيل لجن��ة تحقيق‬ ‫رباعية تذهب إلى س��وريا الس��تطالع رأي‬ ‫ورغب��ات األهال��ي وتقديم تقري��ر حولها‬ ‫إلى مؤتم��ر الصلح عل��ى أن تتألف اللجنة‬ ‫من مندوبَين اثنين عن كل دولة من هذه‬ ‫الدول‪ .‬فاختار ويلسون كل من هنري كينغ‬ ‫وش��ارلس كراين‪ ،‬بينما اخت��ارت بريطانيا‬ ‫هوجارث ومكماه��ون لتمثيلها في اللجنة‪.‬‬ ‫ل��م تق��م فرنس��ا بتعيي��ن مندوبيه��ا أما‬ ‫إيطاليا فلم تهتم إطالقاً بموضوعها‪.‬‬

‫في ‪ 5‬أي��ار ‪ 1919‬رجع األمير فيصل‬ ‫إل��ى دمش��ق وعق��د اجتماع��اً م��ع أعيان‬ ‫الب�لاد ش��رح في��ه نتائ��ج مؤتم��ر الصلح‬ ‫وبين أهمي��ة اللجنة التي س��يتم إيفادها‬ ‫إل��ى س��وريا الس��تطالع رغب��ات األهالي‪.‬‬ ‫كما طالب األمير فيص��ل بإجراء انتخابات‬ ‫لتأس��يس مؤتمر سوري يمثل األمة‪ .‬عقد‬ ‫المؤتم��ر الس��وري أول��ى جلس��اته في ‪7‬‬ ‫حزي��ران ‪ 1919‬ف��ي مقر الن��ادي العربي‬ ‫بدمش��ق بحض��ور س��بع وس��تين عضواً‪،‬‬ ‫وانتُخب الس��يد هاشم األتاسي رئيسًا له‪.‬‬ ‫ت��م افتت��اح المؤتمر بكلم��ة ألقاها األمير‬ ‫فيصل حول ه��دف المؤتمر وبيّن أهمية‬ ‫اللجن��ة القادم��ة إل��ى س��وريا وأك��د على‬ ‫أن ه��ذا المؤتمر يهدف إل��ى تمثيل البالد‬ ‫أمام اللجنة وعرض رغبات األهالي عليها‬ ‫والعمل على سن الدستور لألمة‪.‬‬ ‫وصلت اللجنة في ‪ 10‬حزيران ‪1919‬‬ ‫وقضت في س��وريا ‪ 42‬ي��وم‪ ،‬زارت خاللها‬ ‫‪ 1520‬مدينة وقرية س��ورية‪ ،‬وضمت إلى‬ ‫ملفاته��ا ‪ 1863‬عريض��ة من المس��لمين‬ ‫والمس��يحين تطالب باس��تقالل س��وريا‪.‬‬ ‫كما قدم المؤتمر الس��وري باس��م الشعب‬ ‫قراره بالمطالبة باستقالل البالد استقال ًال‬ ‫سياسياً تامًا على أساس ملكي ديمقراطي‬ ‫دستوري مدني‪.‬‬ ‫ضم ملخص تقرير اللجنة عدة نقاط‬ ‫تم رفعها إلى مؤتمر الصلح في ش��هر آب‬ ‫‪ ،1919‬لكن لم يت��رك هذا التقرير أي أثر‬ ‫عل��ى نتائج هذا المؤتمر‪ .‬من أهم النقاط‬ ‫التي ذكرت في التقرير‪:‬‬ ‫‪ .1‬يج��ب أن تك��ون اإلدارة األجنبي��ة‬ ‫التي س��تأتي إلى س��وريا قادمة على أنها‬ ‫دول��ة وصي��ة غايته��ا مس��اعدة الش��عب‬ ‫السوري‪ ،‬ال دولة مستعمرة‪.‬‬ ‫‪ .2‬رفض الش��عب في سوريا الدعوة‬ ‫الفرنس��ية بوج��ود مصالح ذاتي��ة لها في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫‪ .3‬المحافظة على وحدة سوريا‪.‬‬ ‫‪ .4‬أكثر من نسبة ‪ 60%‬من العرائض‬ ‫السورية أكدت على رغبة الشعب السوري‬ ‫ب��أن تعه��د عصب��ة األم��م إل��ى الواليات‬ ‫المتحدة أمر الوصاية على سوريا‪ ،‬أما في‬ ‫ح��ال رفض الوالي��ات المتح��دة لذلك فإن‬ ‫الوصاية تكون لبريطانيا‪.‬‬ ‫بتاري��خ ‪ 15‬أيل��ول ‪ 1919‬وقّ��ع كل‬ ‫من لوي��د جورج وكليمنصو رئيس��ا وزراء‬ ‫بريطاني��ا وفرنس��ا على اتفاق عس��كري‬ ‫ينص عل��ى قبول فرنس��ا بج�لاء القوات‬ ‫البريطاني��ة ع��ن س��وريا وكيليكية على‬ ‫أن تح��ل محلها الق��وات الفرنس��ية غرب‬ ‫خط س��ايكس بيك��و وف��ي كيليكية‪ .‬في‬ ‫‪ 17‬أيل��ول نش��ر البالغ التال��ي‪" :‬تقرر في‬ ‫االتف��اق ال��ذي عقد بش��أن الحل��ول محل‬

‫‪13‬‬


‫حممود حممود‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫أتخي��ل أولئك الذين قض��وا تحت التعذيب ف��ي تلك األقبية‬ ‫المظلمة الرطبة وهم يصرخون في وجه جالدهم المسعور‬ ‫حين يسألهم‪ :‬بدكن حرية؟!! أتخيلهم يصرخون قائلين‪ :‬أي‬ ‫بدنا حرية‪ ،‬بدنا حرية إلنا ولوالدنا‪ ،‬بدنا حريّة إلك ولوالدك!!‬ ‫فيقضون تحت شدة خوف الجالد من حريّة أوالده‪.‬‬

‫رباب البوطي‬ ‫إلى‪ :‬المجل��س الوطني‪ ،‬هيئة التنس��يق‪ ،‬ضباط الجيش‬ ‫الحر‪ ،‬القائمون على لجان التنس��يق‪ ،‬تجمع نبض‪ ،‬تجمع‬ ‫شمس‪ ،‬تجمع معاً‪ ،‬حركة شباب ‪ 17‬نيسان‪ ،‬تجمع الشارع‬ ‫الس��وري‪ ،‬وصو ًال إلى منظمي المظاه��رات على األرض‬ ‫والعاملين األساسيين على اإلغاثة‪.‬‬ ‫أدعوك��م إلى االجتماع عل��ى طاولة واح��دة‪ ..‬لوضع خطة‬ ‫عمل أكيدة وسريعة وفورية شاملة لكال الخطين السياسي‬ ‫والميداني‪ .‬أو قوموا بنشر بيانات متفرقة على صفحاتكم‬ ‫(االفتراضية) تنعون فيها كامل الشعب السوري‬

‫هاال املفتي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫س��وريا ه��ذا الوطن الرائ��ع الذي ج��رد من تاريخ��ه وتقزم‬ ‫وجوده ليُختصر بشخص واحد فقط‪ ،‬فغدا لعشرات السنين‬ ‫مكب ًال باس��م العائلة الحاكمة‪ ،‬وعلى الجميع السمع والطاعة‬ ‫والس��جود له��ذا اإلل��ه الوضعي الذي ل��م تلد األرح��ام قبله‬ ‫وال بع��ده‪ ،‬ولكن‪ ،‬كيف‪ ،‬و بش��هادات كثيرة "لش��عب تس��ري‬ ‫ف��ي دمائه جينات الع��زة واإلباء والكرامة أن يس��تكين لهذا‬ ‫الواقع‪ ،‬فمهما طال الزمن عليه‪ ،‬ال بد ليوم ينفض عنه قهر‬ ‫الس��نين‪ ،‬ويثور لحريته المس��لوبة و وطنه المغتصب‪ ،‬وها‬ ‫هو اليوم قد أتى‪ ،‬ومن خ ِبر نسائم الحرية‪ ،‬محال أن يرضى‬ ‫عنه��ا بدي ًال‪ ،‬ولن يعود إلى بيت��ه إال و حريته في يده‪ ..‬مهما‬ ‫فعلوا و أخطأوا في حساباتهم حول هذا الشعب البطل‬

‫خلود زغري‬ ‫بعد س��نة م��ن الثورة‪ ..‬تلي��ق الحرية والكرامة بالش��عب‬ ‫السوري‪ ..‬ال تليق الديمقراطية بالمعارضة السورية‪..‬‬

‫ح�سام القطلبي‬ ‫يس��أل مذيع الدنيا بحماس أحمق ضيفًا تونس��يًا منتقى‬ ‫التص��ال عف��وي‪ :‬هل جعلكم م��ا حدث ف��ي تونس‪ ،‬مما‬ ‫يس��مى ثورة هو في الحقيقة فوضى‪ ،‬أبعد عن القضية‬ ‫الفلسطينية؟‬ ‫يجيب الضيف التونسي الممانع غير مدرك للمعنى السوري‬ ‫للس��ؤال‪ ،‬و بع��د إع�لان تضامن��ه ووقوفه ض��د المؤامرة‬ ‫الكوني��ة على س��وريا‪ ..‬إلى آخر الس��ردية‪ ،‬ث��م‪ :‬نحن اآلن‬ ‫أكثر حرية من قبل في التضامن مع الشعب الفلسطيني و‬ ‫نستطيع أن نقوم بكل ما نريده لمناصرة هذه القضية‪.‬‬ ‫امتقع وجه مذيع الدنيا العنًا اجتهاده الغبي‪ ..‬شكر بسرعة‬ ‫الضيف المنتقى التصال عفوي و أنهى المحادثة‪.‬‬

‫طارق مل�ص‬ ‫طلبت ستاتوس من صديقة‪ ،‬فكتبت‪..‬‬ ‫حتى في الصمت هناك موسيقا‬ ‫من ينصت يستطيع سماعها‪..‬‬ ‫فينا نعتبر الصامتين بسوريا سميعة مثال؟؟‬

‫�سونغا يونغا‬ ‫صدقوني إن شئتم‬ ‫هذا النظام عندما يثرثر كثيراً فهذا يعني ضعفه‬ ‫فهو عندما كان قويًا كان كاألخرس‬

‫م�صطفى اجلرف‬ ‫أق��رأ الجرائ��د العربي��ة و االنكليزي��ة‪ ،‬اس��مع تصريحات‬ ‫هيالري كلينتون و وليم هيغ و حس��ن نصر اهلل و رياض‬ ‫األسعد‪ ،‬أراقب س��لوك المعارضة‪ ،‬أشاهد قصف الدبابات‬ ‫و أش�لاء الش��هداء و العائ�لات المش��ردة بي��ن الس��ماء و‬ ‫األرض‪ ..‬يس��ود قلبي و أحس بإحباط كامل‪ ،‬ثم انتش��ي‬ ‫و انتف��ض فرحا و أصيح قائ�لا‪ :‬هل تريدون لنا أن نيأس‬ ‫؟!!‪ ..‬عجب��ا !!‪ ..‬و ماذا ينفعكم هذا ؟!‪ ..‬نحن ش��عب يقتات‬ ‫باليأس !!‪ ..‬أال تسمعوننا نهتف‪ :‬ما لنا غيرك يا اهلل ؟!!‪..‬‬

‫جنوى �شلبي‬ ‫في يـدينـا بقيـة من بـالدٍ فاستريحوا كي ال تضيــع البقية‪..‬‬

‫خولة احلديد‬ ‫بأن في‬ ‫كلينتون‪ ..‬كلينتون في الخليج‪ ..‬لتقنع الخليجيين ّ‬ ‫التريث حكمة بش��أن دعم الس��وريين‪ ..‬فيما يخص الدم‬ ‫السوري‪ ..‬الجميع أصبحا حكماء !!‪ ..‬يا للعهر‪ ..‬والعار الذي‬ ‫لن يبرح اإلنسانية عبر تاريخها القادم !!‬

‫�صالح احلاج �صالح‬ ‫عندما كنت صغيراً‪ ،‬كنت أجيب على سؤال‪ :‬ما هي أمنيتك‬ ‫بع��د حصول��ك عل��ى البكالوريا ؟ كن��ت أجي��ب‪ ،‬ضابط أو‬ ‫األحس��ن أصير طيار وأحارب إسرائيل‪ ..‬من هم في سني‬ ‫وانتسبوا إلى المؤسسة العسكرية " حماة الديار " أصبحوا‬ ‫اآلن في رتبة عميد أو أعلى ‪ -‬حس��ب الحال ‪ -‬وأفترض أنه‬ ‫كانت له��م نفس األمنية‪ ،‬فهل تحقق��ت أمنيتهم في بابا‬ ‫عمرو والخالدية والمعرة وسراقب والقورية والزبداني‪.‬‬

‫هيا احلاج حمد‬ ‫أصبحت سوريا مش��فى ميدانية تلملم جراحها بمفردها‬ ‫وتحبس ص��وت المها التع��ب من الن��داء ال يعلمون أنهم‬ ‫يجرح��ون ارض له��ا كرامة كون وما زال��ت تجرح وتقاوم‬ ‫تجرح وتنهض تجرح فتنتصر‪..‬‬

‫| أن��ت كمواطن س��وري‪ ،‬ترب��ى في س��وريا وتعلم في‬ ‫مدارس��ها قبل أن يهاجر‪ ،‬برأيك لماذا تحرك السوريون ضد‬ ‫نظام الحكم هناك؟‬ ‫| | م��ن يلت��زم الصمت اليوم ه��و مجرم‪ ،‬ب��ل ويرتكب جرائم‬ ‫ضد اإلنسانية‪ ،‬كما يرتكبها النظام األسدي المجرم‪ .‬لنتكلم كبشر‬ ‫عاديين وليس كفنانين أو مثقفين‪ .‬فأي إنس��ان يرى تعذيب وقتل‬ ‫طفل��ة صغي��رة كعف��اف أو هاجر وغيره��م أو ناش��طين مثل طل‬ ‫الملوح��ي الت��ي اعتقل��ت‪ ،‬أو إبراهيم القاش��وش‪ ،‬ال يمك��ن له أن‬ ‫يصمت‪ .‬فالصمت هنا غير مقبول ال أخالقيا وال دينيا وال إنسانيا‪.‬‬ ‫الش��ارع الس��وري انتفض اليوم ألن��ه بقي ألكثر م��ن أربعين‬ ‫س��نة مقه��ورا مظلوما ال يس��تطيع التفكي��ر‪ ،‬وهذا األم��ر ينطبق‬ ‫على الش��ارع العربي عموما‪ .‬هذا األمر أدى إلى انتشار الجهل‪ ،‬ألن‬ ‫مستوى اإلدراك أصبح دون مستوى المطروح‪ ،‬فمثال تعطي البعض‬ ‫قرآنا ليسمعه‪ ،‬ولكنه ال يسمعه‪ ،‬بل يذهب ويسجل صوته ليستمع‬ ‫لنفس��ه‪ ،‬أو تعطيه س��يمفونية‪ ،‬فيرفضها ويستمع ألغنية «أبوس‬ ‫الواوا»‪ ،‬فتم نش��ر االنحطاط الخلق��ي والتلوث البصري والصوتي‪.‬‬ ‫أما اليوم فقد اكتس��ب الشارع حريته بكل أبعادها وخاصة الفكرية‬ ‫واكتسب شجاعته وصار يفكر‪ .‬وهكذا عدنا لعراقتنا وحضارتنا‪.‬‬ ‫ونحن نتكلم دائما عن الماضي‪ ،‬ألن األنظمة الديكتاتورية أدت‬ ‫إلى تأخيرنا كثيرا في السلم الحضاري اإلنساني‪ .‬منطقتنا العربية‬

‫زين البا�شا‬ ‫ك ُلن��ا يرى النهاية الحتمية لهؤالء أصحاب الدم األزرق من‬ ‫القتلة والمجرمين هم وأسيادهم‪" ،‬رؤية العين"‪.‬‬ ‫لكن المفجع‪ :‬كم من دماء بريئة ستُس��كب لتغس��ل هذا‬ ‫الوطن‪!! .‬‬ ‫فأهلن��ا يتناقصون كل ليلة‪ ..‬فقد ذهب ابن العم و ومات‬ ‫اب��ن الخال��ة‪ ،‬وض��اع الجار‪ ،‬وهُجّ��ر األصدق��اء‪ ،‬واختفى‬ ‫الخ��ال‪ ،‬واعتقل ابن العم��ة‪ ..‬قلبي عليك ي��ا ابن العمة‪..‬‬ ‫اسأل اهلل لك "ميتة سريعة" دون عذاب هؤالء الوحوش‪.‬‬

‫�آية الأتا�سي‬ ‫يوم األرض السوري ال يشبه يوم األرض الفلسطيني‪..‬‬ ‫في س��ورية ال تملك ترف الم��وت على النقالة إثر إصابة‪،‬‬ ‫ب��ل تظل مرميًا حت��ى ينجح رفاقك باصطيادك بس��نارة‬ ‫الم��وت‪ ..‬و ال ترك��ض هارب��ًا من رص��اص مطاطي‪ ،‬بل‬ ‫يرديك الرصاص الحي صريعاً و تتكفل جحافل الشبيحة‬ ‫بالتنكيل بك ميتاً‪ ..‬و ال تجد مس��عف ليس��عفك‪ ،‬فدخول‬ ‫المش��افي بوابة موت��ك األكيد‪ ..‬و ال ش��يخ يصلي عليك‬ ‫صالة الجنازة‪ ،‬فالدفن تحت جنح الظالم و بالخفاء‪..‬‬ ‫آه على هيك زمن أصبحنا فيه نعتبر أبشع أنواع االحتالل‬ ‫ممث ًال باالحتالل اإلس��رائيلي ً‬ ‫نعيم��ا!!!! فقد وجد من هو‬ ‫أجرم و أعنف و أش��د س��ادية‪ ..‬و يستمر النضال ضد كل‬ ‫أنواع االحتالل‪..‬‬

‫يامن ح�سني‬ ‫تق��ول وه��ي تعبر ش��ارع الس��تين بحمص وترى س��يارات‬ ‫الش��بيحة الت��ي تنهب وتس��رق حتى بالط البي��وت في حي‬ ‫عش��يرة‪ ..‬لن يغس��ل هذا العار دمع‪ ..‬س��ندفع ثمناً ال يطاق‬ ‫ألفعال لم نرتكبها ولم نوافق عليها سندفع ثمن قلة الحيلة‬ ‫أم��ام هذا المارد المس��مى نظ��ام عصابة‪ ..‬تنهم��ر دموعها‬ ‫تحمل طفلها الوحيد وتس��تلقي بجوار النافذة بحي الزهراء‬ ‫ت��ودع بعينين دافئتين مالعب الطفول��ة تدرك تماما أن من‬ ‫رح ًلوا قسرا سيرح ّلون من رحلهم قسراً وال عزاء لألبرياء‬

‫�صخر احلاج ح�سني‬ ‫من المعروف أن قمر الربيع يغير كيمياء أجسادنا ويجعلنا‬ ‫تواقين للحب والجنس‪ .‬كيمياء هذا الربيع الذي عمره عام‬ ‫وني��ف غيّر إضافة إلى أجس��ادنا‪ ،‬كيمي��اء أرواحنا فباتت‬ ‫شبقة للحرية‪..‬‬

‫ح�سان عبا�س‬ ‫ف��ي ضاحي��ة آمنة من ضواحي دمش��ق‪ ،‬طردت الس��يد ُة‬ ‫صاحب��ة البي��ت العائل َة الحمصي��ة النازحة‪ .‬ام��رأة وثالث‬ ‫صبايا واألب خرجوا في أول الليل إلى المجهول‪ .‬الخمس��ة‬ ‫كان��وا يبكون‪ .‬لم يتطلع األب ال إل��ى الناس العابرين وال‬ ‫إلى الس��ماء‪ .‬كان مطأطأ الرأس‪ ،‬لكن كلماته وصلت إلى‬ ‫الجميع‪ :‬اهلل يذل من أذلنا‪.‬‬

‫ه��ي مهد الحضارات والديانات؛ ونحن من ابتكر األبجدية والس��لم‬ ‫الموس��يقي وغير ذلك‪ ،‬ألننا كنا أحرارا‪ .‬واليوم نشهد ثورة تاريخية‬ ‫فكري��ة تعيدن��ا إل��ى مرحلة ما قبل األس��د وما قبل ه��ذه األنظمة‬ ‫الديكتاتورية الفاس��دة‪ ،‬لنعود إلى جوهرنا وهويتنا الحقيقية التي‬ ‫زيفها هذا النظم الفاسد‪.‬‬ ‫| ولك��ن أليس��ت الع��ودة إل��ى مرحل��ة س��ابقة تراجعا‬ ‫وليست تقدما؟‬ ‫| | ال‪ ،‬أب��دا‪ .‬نحن في س��وريا‪ ،‬قبل مجيء البع��ث وقبل مجيء‬ ‫األس��د‪ ،‬كان لدين��ا نظام برلماني ديمقراط��ي‪ ،‬وكان لدينا تعددية‬ ‫حزبي��ة‪ ،‬ولدينا بن��وك خاصة‪ ،‬واحت��رام لحقوق اإلنس��ان‪ ،‬بصورة‬ ‫أفضل بكثير مماهي عليه اآلن في ظل النظام الحالي‪.‬‬ ‫| وهل تخشى من الطائفية في سوريا‪ ،‬ومن االضطهاد‬ ‫للطوائف األخرى؟‬ ‫| | ال‪ ،‬أبدا‪ .‬أنا كإنسان سوري خذني كمثال بسيط أمامك‪ .‬أنا إنسان‬ ‫مسلم أصلي الجمعة في المسجد وذهبت إلى الحج‪ ،‬وعملت لعشر سنوات‬ ‫كع��ازف بيانو ف��ي إحدى الكنائس‪ ،‬وس��كنت مع عائل��ة يهودية هنا في‬ ‫أميركا لس��نتين عندما كنت طالبا‪ .‬ونحن في س��وريا من استقبل األخوة‬ ‫األرم��ن لدينا‪ ،‬في ظ��ل الدولة العثمانية‪ ،‬ونحن من اس��تقبل العراقيين‬ ‫واللبنانيي��ن والفلس��طينيين‪ .‬يج��ب أن نفرق بين النظ��ام الديكتاتوري‬ ‫وبين الشعب السوري الحضاري‪ .‬نحن ليس لدينا أي نفس طائفي‪.‬‬

‫حاجة نظام إلى الدبابات للسيطرة على مدنه‬ ‫هي تعبير ع��ن هزيمته‪ .‬مر أكثر من عام على‬ ‫اندالع الثورة السورية‪ ،‬أطول الثورات العربية‪،‬‬ ‫وإغناه��ا ف��داء وتضحي��ة‪ ،‬وأغزره��ا ملحمية‪،‬‬ ‫وأتوقه��ا للحري��ة‪ .‬إنه��ا الثورة الت��ي حققت‬ ‫الحري��ة والكرام��ة لصانعيها قب��ل أن تنتصر‬ ‫وتحق��ق الحري��ة السياس��ية‪ .‬ويمكنن��ا اآلن‬ ‫اإلضاف��ة أن أعداءها كان��وا أكثر الناس ثرثرة‬ ‫وزعيق��ا ح��ول المؤام��رة والتدخ��ل الخارجي‪،‬‬ ‫ليتبي��ن أنها األقل تدخ�لا خارجيا حتى اليوم‪.‬‬ ‫وس��بق أن بينا في عدة مواقع أنه ال نية لدول‬ ‫الغرب أن تتدخل عس��كريا ألسباب شتى‪ ،‬وأن‬ ‫خالف��ات الق��وى الديمقراطية الس��ورية حول‬ ‫الموضوع هي خالف��ات نظرية‪ .‬وفي حينه لم‬ ‫يصغ كثيرون‪ .‬وخلطوا األماني بالتحليل‪.‬‬ ‫حت��ى التس��لح دفاعا عن النفس ال يس��مح به‬ ‫إال ن��ادرًا‪ .‬وال ش��ك أن من يذك��ر إطالق النار‬ ‫الكثي��ف في اله��واء في ليبيا بمناس��بة ومن‬ ‫دون مناسبة ال ش��ك قادر على المالحظة أنه‬ ‫ال يوجد في س��وريا من يطلق النار في الهواء‬ ‫لقل��ة الرصاص‪ .‬وهذا من س��يميائيات الثورة‬ ‫الس��ورية الدالة‪ .‬يجري تس��لح القوى الثورية‬ ‫المدنية الس��ورية‪ ،‬وليس تس��ليحها‪ ،‬بش��ق‬ ‫األنف��س‪ .‬ومن يعارض الدف��اع عن النفس ال‬ ‫يعرض على الناس بديال سوى القتل‪ .‬فالنظام‬ ‫يفشل اقتراحات أصحاب النوايا الحسنة كافة‪،‬‬ ‫ولم يبق على بدائل سلمية في جعبتهم‪.‬‬ ‫إذا اس��تمر الوضع القائم حاليا فس��وف يبتعد‬ ‫نموذج الحل السياس��ي السلمي الذي يشمل‬ ‫تفويض النائ��ب والتحول نح��و الديمقراطية‬ ‫بعملية دس��تورية وانتخابي��ة‪ ،‬أو تزهق روحه‬ ‫تحت جنازير الدبابات‪ .‬وس��وف يقترب لألسف‬ ‫النموذج الصربي‪ .‬والمفارقة أن روس��يا كانت‬ ‫ف��ي الحالتي��ن عائقا أم��ام الحل السياس��ي‪،‬‬ ‫ولكنه��ا ل��م تتمك��ن ف��ي صربيا م��ن حصر‬ ‫تداعيات فشل الحل السياسي الحقا‪ ،‬إذ فرض‬ ‫عليها وعلى ميولوسيفتش‪.‬‬ ‫ما هو أكيد أن السوريين لن يتوقفوا قبل تغيير‬ ‫واقعهم السياسي‪ ،‬والتوقف عن التظاهر حين‬ ‫تدخل الحي دبابة‪ ،‬لي��س انتصارا للدبابة وال‬ ‫هزيمة للمتظاهرين‪ .‬حاجة نظام إلى دبابات‬ ‫للسيطرة على مدنه هي إعالن هزيمته‪.‬‬

‫د‪ .‬عزمي بشارة‬

‫| هل ل��ك أن تخبرنا كيف يتفاع��ل المواطن األميركي‬ ‫العادي مع ما يراه في سوريا؟‬ ‫| | في آخر حفالتي أبرحت في البكاء وقلت للجمهور‪ :‬أنا أعزف‬ ‫أمامك��م اآلن وفي نفس اللحظة يمكن أن يكون طفل س��وري قد‬ ‫قتل‪ .‬وبالمناس��بة أنا أقدم حفالتي خيرية بالكامل‪ ،‬ويذهب ريعها‬ ‫بالكامل لدعم الثورة الس��ورية‪ .‬ولو أني اس��تطعت تقديم المزيد‬ ‫لقدمت‪.‬‬ ‫م��ا أود قول��ه ه��و أن العالم أجمع مش��دوه بش��جاعة الش��عب‬ ‫الس��وري‪ .‬هن��ا في أميركا لديهم ما يس��مى بـ «مقاتل��ي الحرية»‪.‬‬ ‫ومقاتلوا الحري��ة هم رمز كبير في أمي��ركا ألولئك األبطال الذين‬ ‫ضح��وا بحياتهم من أجل نيل حريته��م‪ .‬كثير من األميركيين قالوا‬ ‫لي بأن الش��عب الس��وري تخط��ى بمراحل بطول��ة مقاتلي الحرية‬ ‫هؤالء‪ .‬إن الحرية سلعة باهظة الثمن‪ ،‬ونحن ندفع اآلن في سوريا‬ ‫ثمنا باهظا لنيل حيرتنا‪.‬‬ ‫وبع��د أن يس��قط النظ��ام يجب أن نحتف��ي باختالفن��ا العرقي‬ ‫والدين��ي‪ ،‬ألن اإلس�لام وه��و دي��ن األغلبي��ة ف��ي س��وريا يحتفي‬ ‫بالتنوع‪ ،‬والحضارة اإلس�لامية ازدهرت عندم��ا أخذت من اآلخر‪ .‬إذ‬ ‫أخ��ذت من الحضارات الهندية واليوناني��ة والصينية وغيرها‪ .‬لذلك‬ ‫تشكلت سيمفونية إنسانية جميلة‪ .‬والقاعدة تقول‪ :‬ال قوميات في‬ ‫اإلسالم‪ .‬فكل القوميات لها الحق في المواطنة‪.‬‬

‫السؤال والجواب‪ :‬من حوار مع الموسيقار السوري مالك جندلي | حاوره‪ :‬فالح آل ياس ‪ -‬قنطرة ‪2012‬‬


‫هكذا تكلم ابن عربي‪ ..‬ن�صر حامد �أبو زيد‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫قضية "نش��أة الوجود ومراتب الموجودات"‪،‬‬ ‫مس��تخلِصًا أن هن��اك ثالث��ة عناص��ر في‬ ‫تفس��ير نش��أة الوج��ود‪ :‬األول ه��و مفهوم‬ ‫التج ِّل��ي األس��مائي؛ والثان��ي ه��و التج ِّل��ي‬ ‫ف��ي الن َ​َّف��س اإلله��ي؛ والثالث ه��و مفهوم‬ ‫الن��كاح‪ .‬ويعتبر أن الوج��ود ينبع من بعدين‬ ‫وأساس��ين‪ :‬الحب‪ ،‬من ناحية‪ ،‬والرحمة‪ ،‬من‬ ‫ناحي��ة ثاني��ة‪ .‬والن َ​َّفس اإللهي ه��و البرزخ‬ ‫والوس��يط الجامع الذي ينتظ��م الكون َّ‬ ‫كله‪.‬‬ ‫وبعرض��ه لمفه��وم َّ‬ ‫التجل��ي ي��رى أن هناك‬ ‫نمطين‪ :‬التج ِّلي الوجودي للظهور في أعيان‬ ‫ص��ور الممكنات‪ ،‬والتج ِّل��ي اإللهي المعرفي‬ ‫ُ‬ ‫وش��رط التج ِّلي نهوضُ‬ ‫على قل��وب العباد‪.‬‬ ‫العب��د بواجب��ه ف��ي الرحي��ل خ��ارج العالم‪،‬‬ ‫والولوج إل��ى حضرة الحق‪ ،‬وارتفاع الحُجُب‬ ‫عن صورة العارف‪ .‬وبرهانه هنا هو الحديث‬ ‫القدس��ي الذي يحتف��ي ب��ه المتصوفة‪" :‬ما‬ ‫وس��عني أرضي وال س��مائي ووس��عني قلب‬ ‫عبدي المؤمن‪" .‬‬ ‫أم��ا ف��ي نظ��رة اب��ن عرب��ي لتأوي��ل‬ ‫الق��رآن – كالم اهلل ف��ي الوج��ود – فيتماثل‬ ‫تص��وُّره للن��صِّ الدين��ي م��ع تصورات��ه‬ ‫الوجودية والمعرفي��ة‪ .‬فهو الوجود المتج ِّلي‬ ‫م��ن خالل اللغة‪ .‬فالق��رآن ِّ‬ ‫يمثل البرزخ بين‬ ‫الحقِّ واإلنس��ان؛ والمعنى هو برزخ الكلمة‬ ‫الجامعة‪.‬‬ ‫يناق��ش أب��و زيد ف��ي الفص��ل األخير‬ ‫من كتابه موضوع "تأويل الش��ريعة‪ :‬جدلية‬ ‫الظاه��ر والباط��ن"‪ .‬يؤسِّ��س اب��ن عرب��ي‬ ‫لباط��ن الش��ريعة بكون��ه انعكاسً��ا لباطن‬ ‫الوجود‪ .‬أم��ا الوقوف عن��د الظاهر فيفضي‬ ‫إل��ى التعصُّب المبن��ي على ادِّع��اء امتالك‬ ‫الحقيقة‪ .‬ليس في العالم مرضٌ يحتاج إلى‬ ‫عالج‪ ،‬بل فيه تعصُّ��ب يحتاج إلى التواضع‪،‬‬ ‫يقول الش��يخ األكبر‪ .‬والتعصُّب يفضي إلى‬ ‫اإلرهاب المعنوي والتاريخي‪ .‬ويستشهد أبو‬ ‫زيد‪ ،‬في تفسيره رأي ابن عربي في الظاهر‬ ‫والباط��ن‪ ،‬بالتاريخ الش��اهد عل��ى محاكمة‬ ‫الح�لاج والس��هروردي‪ ،‬كأن��ه يخاطبن��ا من‬ ‫القرن الثاني عش��ر والثالث عشر بال حجاب‪،‬‬

‫مصيبًا الحقيقة‪.‬‬ ‫يس ِّلط أبو زيد أضواء حديثة على فكر‬ ‫ابن عربي في مفهوم الشريعة‪ ،‬ويجد أن له‬ ‫ثالثة أبعاد‪ ،‬ش��أن ِّ‬ ‫كل مف��ردات فكره‪ :‬البعد‬ ‫الوجودي والبعد المعرفي والبعد اإلنساني‪.‬‬ ‫وإظهارًا لوعي ابن عربي وموقفه المتقدم‬ ‫يتن��اول أب��و زي��د مس��ألة خالفي��ة‪ ،‬كجواز‬ ‫أن تك��ون الم��رأة إمامًا في الص�لاة‪ .‬ويرى‬ ‫ُ‬ ‫الرجال‬ ‫اب��ن عربي أنه م��ن الجائز أن ت��ؤمَّ‬ ‫والنسا ُء‪ ،‬معت ِبرًا أن ال نصَّ يمنع‪ ،‬والرسول‬ ‫شَ�� ِهدَ لبعض النس��اء في الكم��ال‪ .‬ولكنه‪،‬‬ ‫على مس��توى االعتب��ار‪ ،‬يوازي بي��ن الرجل‬ ‫والعق��ل وبي��ن الم��رأة والنفس م��وازا ًة قد‬ ‫تش��ي بأن الم��رأة أدنى من الرج��ل‪ .‬ورغم‬ ‫أهمي��ة موقف اب��ن عربي في المس��ألة‪ ،‬إال‬ ‫أن��ه ال يمكن توقُّع أن يخترق َّ‬ ‫كل المحرَّمات‬ ‫االجتماعية في عصره وتاريخه وثقافته؛ بيد‬ ‫أن��ه موقف يُبنى علي��ه‪ ،‬وخاصة أن تحقيق‬ ‫المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة ما برح‬ ‫أحد مش��كالت الثقافة اإلسالمية المعاصرة‪،‬‬ ‫وف��ي درج��ات متفاوت��ة بي��ن المجتمع��ات‬ ‫المتخلفة والمتقدمة‪.‬‬ ‫ف��ي كت��اب نصر حام��د أبو زي��د هكذا‬ ‫َّ‬ ‫تكلم ابن عربي عَصْرَنَة لفكر ابن عربي‬ ‫ٌ‬ ‫وتواصل مع الحاضر‪ ،‬من خالل رؤية الوجود‬ ‫كظاهر وباطن‪ ،‬والشريعة كظاهر وباطن‪،‬‬ ‫واإلنس��ان كذلك‪ .‬وحين يُعمَ��ل بهذا األمر‬ ‫تنكش��ف الحُجُب‪ ،‬وينبثق المعنى‪ ،‬وتنجلي‬ ‫الحقيقة‪ .‬وعبر ذل��ك‪ ،‬يظهر المعنى‪ ،‬معنى‬ ‫الوجود والحياة‪ ،‬المعنى اإلنساني الشمولي‬ ‫العام‪ ،‬معنى الدين الذي يشمل َّ‬ ‫كل البشر‪.‬‬ ‫َكتَ��بَ نصر حامد أب��و زيد هذا الكتاب‬ ‫بعقله وقلبه‪ ،‬مش��غوفًا بالدف��اع عن الفكر‬ ‫واإلنس��ان والمعن��ى والحري��ة – وأب��و زي��د‬ ‫كابد مث��ل هذه المعاناة – في وجه التعصب‬ ‫والعنصري��ة‪ .‬ويجع��ل من فكر اب��ن عربي‬ ‫مش��روعًا فكريًّا حيويًّا وحاضرًا‪ ،‬من خلف‬ ‫الحُجُب والس��نين‪ ،‬قادرًا على قول المعنى‬ ‫والباط��ن والجوه��ر‪ ،‬ف��ي ض��وء المفاهيم‬ ‫الفكرية الحديثة‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫مح��ي الدين بن عرب��ي القطب األكبر‬ ‫وش��يخ المتصوفة والفيلس��وف اإلس�لامي‬ ‫األول‪ .‬ليس للق��ارئ لنظرية ابن عربي في‬ ‫الخلق والحياة واأللوهة أن يقف على الحياد‪.‬‬ ‫فاب��ن عرب��ي عا َل��مٌ قائمٌ بح��د ذاته ليس‬ ‫للقارئ إال أن يدور ف��ي فلكه وأفضل بوابة‬ ‫لدخ��ول عالم اب��ن عربي هو كتابن��ا اليوم‪،‬‬ ‫وق��د اخترته لي��س لكون ق��راءات الصوفية‬ ‫ف��رضٌ الزم عل��ى كل مثقف‪ ،‬ب��ل لحاجتنا‬ ‫لنس��ق قيمي أخالقي‬ ‫وف��ي ظرفن��ا الراهن‬ ‫ٍ‬ ‫عماده المحبة والح��ب اإللهي ووحدة الوجود‬ ‫واحترام كل المخلوقات احترامًا لخالقها‪.‬‬ ‫وكتابن��ا اليوم للمفكر المصري " نصر‬ ‫حام��د أبو زي��د" الذي عكف عل��ى إنجازه إثر‬ ‫خروجه من القاهرة بعد المواجهة المشهورة‬ ‫في المحاكم بينه وبين اإلس�لاميين بتهمة‬ ‫ال��ردَّة‪ ،‬ومطالبته��م بالتفريق بين��ه وبين‬ ‫زوجت��ه‪ ،‬وانتقاله م��ن القاهرة إل��ى جامعة‬ ‫لي��دن في هولن��دا بعدما ضاق��ت في وجهه‬ ‫ُ‬ ‫سُبُل االجتهاد‪.‬‬ ‫يبح��ث أب��و زيد ف��ي فكر اب��ن عربي‪،‬‬ ‫وي��دور ف��ي فلك��ه‪ ،‬ويج��ري ف��ي مداراته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بس��طاً وعرضً��ا وتحلي ًال‪،‬‬ ‫ويطرح أف��كاره‪،‬‬ ‫ويط��وف بن��ا ف��ي فك��ره العمي��ق األصيل‬ ‫المنفت��ح‪ ،‬ليزيدنا وعيًا ومفاج��أة وتواص ًال‪،‬‬ ‫ويع��ود بنا إل��ى نقطة البداية ف��ي فكر ابن‬ ‫عربي الدائري المحيطي‪ ،‬ويكشف لنا بعضًا‬ ‫من جوانب التجربة وجوديًّا وعرفانيًًّا‪.‬‬ ‫انته��ى نص��ر حامد أبو زي��د من وضع‬ ‫ه��ذا الكت��اب ف��ي حزي��ران ‪ 2001‬بتكلي��ف‬ ‫م��ن دار "ه��ردر" األلمانية‪ ،‬ضمن سلس��لة‬ ‫عن أع�لام الروحاني��ة في الش��رق والغرب‬ ‫تُرج��مَ إلى األلمانية"‪.‬‬ ‫"كتبه بالعربية‪ ،‬ثم ِ‬ ‫ونش��رته دار" المركز الثقافي العربي" عام‬ ‫‪.2004‬‬ ‫من��ذ المقدم��ة يؤكد أبو زي��د صعوبة‬ ‫الفصل‪ ،‬ف��ي خبرته الدينية‪ ،‬بي��ن التجربة‬ ‫الروحية واألس��س العقالني��ة للوصول إلى‬ ‫المعرف��ة ف��ي قطب��ي الت��راث اإلس�لامي‪.‬‬ ‫ويط��رح المؤ ِّل��ف الس��ؤال الجوه��ري‪ :‬هل‬ ‫م��ازال اب��ن عرب��ي ق��ادرًا عل��ى مخاطب��ة‬ ‫قضاي��ا عصرن��ا؟ ويلقى إجابت��ه األولى في‬ ‫ما دع��ا إليه ابن عربي‪ ،‬أي دي��ن الحب الذي‬ ‫يتس��ع ِّ‬ ‫لكل العقائد‪ ،‬وهو أصل العالقة بين‬ ‫الحق والخلق‪ .‬ولكن إزاء الصِّدام الحضاري‬ ‫والعالقة الصعبة الي��وم بين العالم العربي‬ ‫والغرب‪ ،‬ما العمل؟‬ ‫يح��اول أب��و زيد في كتابه استكش��اف‬ ‫م��ا قاله ابن عربي عن الحضارات والثقافات‬ ‫واألدي��ان‪ ،‬بكون��ه – وهنا مكم��ن األهمية –‬ ‫بعضًا من ال��ردِّ على العولم��ة التي تطرح‬ ‫نفسها اليوم‪ ،‬سياس��يًّا وثقافيًّا وحضاريًّا‪،‬‬ ‫بوصفه��ا "الدي��ن الجدي��د للعالم"‪ ،‬بحس��ب‬ ‫المؤ ِّل��ف‪ .‬وثم��ة‪ ،‬بالطب��ع‪ ،‬فئ��ات واس��عة‬ ‫متضرِّرة م��ن قوانين ه��ذا "الدين الجديد"‬ ‫الذي يسعى العديد من البشر إلى مقاومته‪.‬‬ ‫كي��ف؟ لي��س باألس��لحة التقليدي��ة للدي��ن‬ ‫كنس��ق ونظام‪ ،‬بل بوصفه تجرب�� ًة روحي ًة‬ ‫ذاتية‪ ،‬هي أس��اس المعرفة الدينية‪ ،‬بحسب‬ ‫الصوفي��ة‪ .‬فم��ن خ�لال التجرب��ة يح��اول‬ ‫الصوفي التواصل م��ع مصدر المعرفة بد ًال‬ ‫م��ن نصوص الش��ريعة‪ .‬على ه��ذا المنوال‬ ‫ينس��ج أبو زي��د كتاب��ه؛ ومدخ ُله إل��ى عالم‬ ‫اليوم حض��ورُ فكر ابن عربي فيه‪ ،‬وتمثي ُله‬ ‫قمة نضج الفكر اإلسالمي‪ ،‬إلى كونه همزة‬ ‫الوص��ل والتواصل بي��ن التراثي��ن العالمي‬ ‫واإلسالمي‪ ،‬ومس��اهمتُه في إعادة تشكيل‬ ‫الت��راث اإلنس��اني‪ ،‬والتأثير في��ه‪ ،‬وقراءته‪،‬‬ ‫وبَ ْل��وَرَة كثير من المفاهي��م والتصورات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بلوغ��ا إلى تعاليمه الصوفية التي انتش��رت‬ ‫نظريًّا وعمليًّا‪.‬‬

‫ويش��دِّد أبو زي��د في طرح��ه على أن‬ ‫استحضار فكر ابن عربي اليوم هو‪:‬‬ ‫‪ .1‬مس��اهمة في ترس��يخ قي��م الحوار‬ ‫والتفاه��م واالحت��رام المتب��ادل؛ ‪ .2‬رص��دٌ‬ ‫لتح��رر العق��ل المس��لم المعاصر م��ن آثار‬ ‫المشكالت السياسية واالجتماعية والثقافية؛‬ ‫‪ .3‬إظهار صورة مختلفة‪ ،‬لغير المسلم‪ ،‬عن‬ ‫روحانية اإلسالم ومفهوم الجهاد وما أصابه‬ ‫من تشوُّه‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في إهداء ومقدمة وتمهيد‬ ‫وس��تة فص��ول‪ .‬ويع��رِّف أب��و زيد بالش��يخ‬ ‫األكب��ر م��ن خ�لال م��ا يتخيَّره من المس��ار‬ ‫الخاص بحياته كانق�لاب أو كتطور طبيعي‬ ‫في بناء الشخصية‪ .‬ويمشي أبو زيد في إثر‬ ‫الش��يخ م��ن الجاهلية إلى طري��ق العرفان‪،‬‬ ‫ومن مرحلة الخير بال علم إلى مرحلة الخير‬ ‫المؤسَّ��س على المعرفة‪ ،‬ومن اإليمان إلى‬ ‫العرفان‪ .‬ويذكر أيضًا إرهاصات ترحُّله بين‬ ‫المغرب واألندلس وأسبابه‪.‬‬ ‫وفي الفص��ل الثان��ي‪" ،‬قي��ود المكان‬ ‫وضغوط الزمان"‪ ،‬تأخذه التجربة وقواعدها‬ ‫إلى أن الطريق إل��ى الحقيقة تتعدَّد بتعدُّد‬ ‫الس��الكين‪ .‬هكذا تق��ول الصوفية؛ ويضيف‬ ‫ابن عربي أنها تتش��كل وتتل��وَّن مثل الماء‬ ‫واإلن��اء‪ .‬يحاول المؤ ِّلف اإلحاطة بتجربة ابن‬ ‫عربي الروحية من جانبين‪ :‬التاريخ والروح؛‬ ‫ومن خالل هذه الجدلي��ة يتم تطبيق نظرة‬ ‫ابن عربي إلى الوجود والمعرفة واإلنسان‪.‬‬ ‫وثم��ة ف��ي الكت��اب فص��ل مخصص‬ ‫للق��اء ابن رش��د واب��ن عربي؛ وفيه يس��أل‬ ‫أبو زيد‪ :‬هل كان ابن رش��د آخر خيط يربط‬ ‫ابن عربي باألندل��س؟ إذ لمَّا انقطع الخيط‬ ‫بوفاة ابن رش��د قرر اب��ن عربي الرحيل بال‬ ‫عودة‪ .‬ولكن الس��ؤال األصعب هو‪ :‬إذا كانت‬ ‫آم��ال ابن رش��د تحقق��ت في الغرب ش��مال‬ ‫المتوسط‪ ،‬فهل تحققت آمال ابن عربي في‬ ‫شرق العالم اإلسالمي؟ وإلى أيِّ حد؟ وكيف‬ ‫وصلنا إلى هذا الدرك ولم نس��تلهمه؟ يذكر‬ ‫الكاتب اللقاءات بينهم��ا وأبعادها ودالالتها‪،‬‬ ‫ويح ِّلله��ا تبعً��ا للم��كان والزمان واإلش��ارة‬ ‫والحُجُ��ب‪ .‬إال أنه يتوقف‪ ،‬ف��ي تحليله فكر‬ ‫اب��ن عرب��ي‪ ،‬عن��د نس��قه الفك��ري إلزال��ة‬ ‫التعارض��ات الثنائية من الوج��ود والمعرفة‬ ‫والفك��ر‪ ،‬عبر إقامة وس��ائط تجم��ع وتوحِّد‬ ‫بي��ن ِّ‬ ‫كل الثنائيات‪ .‬ويش��رح مفهوم الحجاب‬ ‫لدي��ه‪ ،‬الذي ِّ‬ ‫يمثل الوج��ود والظاهر‪ ،‬ويمثل‬ ‫حجابً��ا عل��ى الحقيقة‪ .‬ويفت��ح الحديث عن‬ ‫التجرب��ة الصوفي��ة بين الكش��ف والسَّ��تْر‬ ‫ف��ي جدليَّ��ة الوض��وح والغموض‪ .‬فمنش��أ‬ ‫الوضوح والغموض يجد تفسيرَه األساسي‬ ‫في طبيعة التجرب��ة الصوفية – وجوهرُها‬ ‫انفت��اح األنا عل��ى المعن��ى الباطني للوجود‬ ‫ك ِّل��ه‪ ،‬باعتب��ار التجرب��ة الصوفي��ة موازية‬ ‫لتجرب��ة الوحي‪ .‬وتما ُث��ل التجربتين يفضي‬ ‫إلى تما ُث��ل الخطاب الصوف��ي‪ ،‬لناحية بنية‬ ‫لغته التعبيرية‪ ،‬مع الخطاب القرآني‪ .‬ولذلك‬ ‫يميِّ��ز المتصوف��ة بي��ن اإلش��ارة والعبارة‪:‬‬ ‫اإلش��ارة مج��رَّد إيح��اء المعن��ى‪ ،‬م��ن دون‬ ‫تعيي��ن وتحدي��د؛ والعبارة تحدي��دٌ للمعنى‬ ‫يجعل��ه مغلقً��ا نهائيًّ��ا‪ .‬أما فك��ر ابن عربي‬ ‫في��راه أب��و زي��د صي��رورة تب��دأ وال تنتهي‪:‬‬ ‫"ومثل��ه في بنائ��ه الدائري الالنهائ��ي مَ َث ُل‬ ‫التج ِّليات اإللهية التي ال أول لها وال آخر" (ص‬ ‫‪ .)153‬ويحيل عل��ى خطبة كتابه الفتوحات‪،‬‬ ‫لما تتضمَّنه من بنى ومحتوى‪:‬‬ ‫‪ .1‬تلخيص أله��م المحاور الكبرى في‬ ‫فلس��فته‪ .2 ،‬رؤيا في التش��خيص الرمزي‪،‬‬ ‫وتجس��يد المج��رَّد‪ ،‬والجمع بي��ن الحقائق؛‬ ‫‪ .3‬تلخي��ص الكت��اب بلغ��ة رمزية كاش��فة‬ ‫وملغَّزة‪.‬‬ ‫يعال��ج أبو زي��د في الفص��ل الخامس‬

‫‪15‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 1 | )28‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫عبادة الفرد‬ ‫واالنتفا�ضة‬ ‫ومقارعة اختزال‬ ‫ال�سوريني‬ ‫عبد اهلل أمين الحالق‬ ‫في بداية فيلمه الرائد‪" ،‬الطوفان‬ ‫في دولة البعث"‪ ،‬يتحدث عمر أميراالي‬ ‫عن السدود التي انهارت في سوريا‬ ‫ومنها كارثة سد زيزون‪ ،‬وعن بحيرة‬ ‫األسد التي "يمتد حولها بلد‪ ،‬اسمه سوريا‬ ‫األسد"‪ ،‬بحسب أستاذ السينما الوثائقية‬ ‫والتسجيلية‪.‬‬ ‫يكمل أميراالي حديثه عن ذلك البلد‬ ‫الذي "يحكمه حزب البعث منذ أربعين‬ ‫عاماً‪ ،‬من دون منازع"‪ ،‬كما يقول‪ ،‬تاركًا‬ ‫للمشاهد أو الناقد خيارين يمكن أن‬ ‫تُنسب سوريا وشعبها إلى أحدهما‪ ،‬فهي‬ ‫إما أن تكون بلداً يحكمه حزب البعث‪ ،‬وبذا‬ ‫تكون اإليديولوجيا القومية البعثية هي‬ ‫التي تَقسر المجتمع السوري وتبقيه‬ ‫تحت نير االستبداد‪ ،‬وإما أن سوريا تلك‬ ‫مرهون ٌة بالعائلة التي توارثت البلد منذ‬ ‫عام ‪ 1970‬وفق الزمة "سوريا األسد"‪،‬‬ ‫التي ساقها المخرج تهكماً ضروريًا في‬ ‫مطلع الفيلم‪ .‬لم يكن ثمة خيار أو احتمال‬ ‫لدى السوريين قبل انتفاضتهم خارج‬ ‫هذين االحتمالين‪ ،‬علمًا أنهما متالزمان‬ ‫وفق المسار الذي ابتدأ يوم وصل حافظ‬ ‫األسد إلى السلطة‪.‬‬ ‫حزب البعث وصل إلى الحكم في‬ ‫سوريا في ‪ 8‬آذار ‪ 1963‬كما هو معروف‪،‬‬ ‫لكنه لم يعد قائداً أو حاكماً منذ وصول‬ ‫األسد األب الذي ابتدأت معه مسيرة‬ ‫حكم الفرد وعبادته‪ .‬ال يعني ذلك طبعًا‬ ‫أن سوريا كانت لتكون محظوظة بحكم‬ ‫الحزب الواحد لو بقي الحزب حاكمًا فعليًا‬ ‫لها‪ ،‬لكنّ االنعطاف الكبير في نمط‬ ‫الحكم وطبيعته كفيالن إثارة مقارنة‬ ‫على طريقة "المضحك المبكي"‪ ،‬فوصول‬ ‫الرئيس الراحل إلى الحكم رافقته وتلته‬ ‫طقوس صار لزامًا على السوريين‪،‬‬ ‫والبعثيين خصوصًا‪ ،‬أن يُحيوها في‬ ‫كل مؤتمر قطري للحزب أو مهرجان أو‬ ‫مناسبة وطنية‪ ،‬وهذا ما بدأته القيادة‬ ‫القطرية لحزب البعث عام ‪ 1970‬عبر‬ ‫تسمية حافظ األسد "قائداً للمسيرة"‪.‬‬ ‫آنئدٍ بدأ الحزب بالتنازل عن كونه‬ ‫حاكمًا لصالح الفرد الذي يستمر في‬ ‫حكمه عملياً حتى اليوم‪ ،‬أي حتى عهد‬ ‫الرئيس بشار األسد الذي لم تُنزع الزمة‬ ‫"سوريا األسد" في عهده حتى اليوم‪،‬‬ ‫برغم أن لالنتفاضة السورية اليوم رأيًا‬ ‫آخر وفع ًال شعبياً وسياسيًا خارج النسق‬ ‫السلطوي الرسمي في هذا المجال‪.‬‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫يدرك السوريون اليوم جيداً أن‬ ‫انتفاضة الحرية والكرامة التي يخوضونها‬ ‫هي انتفاضة في مواجهة نمط سلطوي‬ ‫بدأ بالشكل الذي ذكرناه آنفاً‪ ،‬قوامه‬ ‫اختزال المجتمع السوري في حزب‪ ،‬تاله‬ ‫تفصيل الحزب وقيادته على مقاس‬ ‫الفرد‪ ،‬أي بتعبير آخر‪ :‬تقزيم المجتمع‬ ‫السوري وتغييب تنوعاته وأطيافه ونخبه‬ ‫لصالح الحاكم الذي ال ينازعه على األمانة‬ ‫القطرية ورئاسة الجمهورية الوراثية أحد‪.‬‬ ‫من هنا يمكن أن نفهم سبب االستخفاف‬ ‫الشعبي بإلغاء المادة الثامنة من الدستور‬ ‫السابق‪ ،‬التي كانت تنص على أن "حزب‬ ‫البعث العربي االشتراكي هو القائد العام‬ ‫للدولة والمجتمع"‪ ،‬ذلك أن هذا اإللغاء‬ ‫يأتي في سياق ما قالت السلطة إنها‬ ‫"إصالحات سياسية"‪ ،‬كان من ضمن تلك‬ ‫اإلصالحات مث ًال رفع قانون الطوارئ الذي‬ ‫تضاعَف عدد المعتقلين بتهمة التظاهر‬ ‫بعد رفعه‪ .‬لم يقارب أحد في السلطة‬ ‫بمن فيهم الرئيس نفسه موضوع نسْب‬ ‫البالد إلى رئيسها السابق ووارثه الحالي‪،‬‬ ‫وطرح موضوع انتخاب رئاسي قريب‬ ‫يتنافس فيه أكثر من مرشح‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مقاربة هذا الموضوع‬ ‫أضف‪ ،‬أن‬ ‫َ‬ ‫سلطوياً‬ ‫ومالمسة هذا التابو الذي تربّى‬ ‫جيل من السوريين عليه‪ ،‬إنما يعني‬ ‫أن ثمة أصواتًا يمكن أن تعلو من داخل‬ ‫ً‬ ‫مطالبة بالتغيير‪ ،‬وهذا‬ ‫السلطة السورية‬ ‫حلم ما بعده حلم‪ .‬ذلك أن الواجهة‬ ‫السياسية لسوريا األسد هي حزب البعث‬ ‫ومجلس الشعب و"الجبهة الوطنية‬ ‫التقدمية"‪ ،‬وهذه األخيرة دُجّنت بما ال‬ ‫يسمح لها بمالمسة ذلك السقف‪ ،‬علمًا أن‬ ‫ذلك السقف أو الجدار المصمت الذي خيم‬ ‫على مملكة الصمت لعقود‪ ،‬قد انهار منذ‬ ‫بداية االنتفاضة وارتفاع هتافات الحرية‬ ‫وإسقاط النظام برموزه كافة‪.‬‬ ‫مع مجيء الرئيس بشار األسد إلى‬ ‫السلطة عام ‪ ،2000‬حُمّل السوريون‬ ‫والمعارضون التاريخيون أحالمًا وردية‬ ‫بالتغيير من داخل السلطة‪ ،‬برغم آلية‬ ‫التوريث على مستوى الرئاسة في بلدٍ‪،‬‬ ‫نظام الحكم فيه جمهوري‪ .‬سَوّقت آلة‬ ‫النظام كثيراً لذلك التغيير عبر تصوير‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)12112‬‬ ‫دمشق‪228 :‬‬ ‫ريف دمشق‪1071 :‬‬ ‫حمص‪5016 :‬‬ ‫حلب‪244 :‬‬ ‫حماه‪1244 :‬‬ ‫الالذقية‪242 :‬‬

‫الحاكم الوارث بصورة المصلِح لما‬ ‫فسد‪ ،‬والشائعات ببدء حملة رسمية لنزع‬ ‫الصور والتماثيل التي تغص بها المكاتب‬ ‫والوظائف الحكومية والساحات الرسمية‬ ‫في سوريا‪ ،‬إال أن الواقع كان مختلفًا‬ ‫تمامًا‪ ،‬فقد زادت طقوس عبادة الفرد‬ ‫واختزال بلد وشعب ومجتمع بأكمله في‬ ‫شخص ذلك الفرد وبشكل الفت‪ ،‬ولم‬ ‫ينته ذلك حتى مع بدء الحراك الشعبي‬ ‫واالنتفاضة السورية في ‪ 15‬آذار ‪.2011‬‬ ‫ال بل إن رجال األمن وشبّيحة النظام‬ ‫صاروا يتعمدون إهانة المتظاهرين‬ ‫وضربهم تحت شعار "اهلل‪ ،‬سوريا‪ ،‬بشار‬ ‫وبس"‪ ،‬وإجبارهم على السجود والركوع‬ ‫لصور الرئيس السوري في مناطق قال‬ ‫نظام األسد وإعالمه إنها في كردستان‬ ‫العراق‪ ،‬من دون أن ينتهي الموضوع طبعًا‬ ‫في مسيرات التأييد "العفوية" وهتافات‬ ‫المؤيدين العفويين "مطرح ما بتمشي‬ ‫وبتدوس‪ ...‬نحنا منركعلك منبوس"‪.‬‬ ‫بعض الفقهاء ورجال الدين واإلسالم‬ ‫السياسي لم يكونوا بعيدين عن تلك‬ ‫الظاهرة‪ ،‬فالسيد حسن نصر اهلل لم‬ ‫يكفّ منذ أكثر من عقد حتى اليوم عن‬ ‫توجيه التحية تلو األخرى لــ"سوريا األسد"‬ ‫من قلب الضاحية الجنوبية لبيروت‪ ،‬برغم‬ ‫الموت العميم الذي يحيق بالسوريين من‬ ‫جراء ممارسات النظام السوري‪ ،‬ولم‬ ‫ين الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي‬ ‫ِ‬ ‫بدوره عن مقاربة موضوع عبادة الفرد‬ ‫على طريقته الخاصة وهو يسهّل‬ ‫اعتقال المتظاهرين وضربهم في حرم‬ ‫الجامع األموي في وقت كانت ساحة‬ ‫المسجد تغص بحاملي الهراوات والعصي‬ ‫الكهربائية من "مص ّلين" يهتفون‪" :‬اهلل‪،‬‬ ‫سوريا‪ ،‬بشار وبس"‪ .‬وللبوطي موقف‬ ‫سابق من األسد األب مفاده أن هذا األخير‬ ‫هو "صاحب المواقف التي انبعثت عن‬ ‫إلهام رباني"‪.‬‬ ‫على مستوى الكتابة والنشر وحرية‬ ‫التعبير‪ ،‬بقيت مقاربة الرئيس السوري‬ ‫بمثابة تابو وخطًا أحمر ال يجرؤ على‬ ‫اجتيازه إال ق ّلة‪ ،‬برغم صدور قانون لحرية‬ ‫الصحافة والنشر في سوريا‪ ،‬حيث لم ُ‬ ‫تخل‬ ‫سجون النظام من الصحافيين والكتّاب‪،‬‬ ‫طرطوس‪56 :‬‬ ‫درعا‪1294 :‬‬ ‫دير الزور‪433 :‬‬ ‫الحسكة‪44 :‬‬ ‫القنيطرة‪13 :‬‬ ‫الرقة‪57 :‬‬ ‫ادلب‪2165 :‬‬ ‫السويداء‪5 :‬‬

‫وهذا دليل آخر على هزالة القوانين‬ ‫واإلصالحات الشكلية في ظل بقاء النظام‬ ‫على ما هو عليه ضمنيًا وواقعياً‪ .‬ال حرج‬ ‫في أن يعرف القارئ أن أصابع كاتب هذه‬ ‫المقال ترتجف أثناء كتابته خوفاً من ردود‬ ‫فعل "حزمة اإلصالحات" العتيدة عليه‪.‬‬ ‫مؤيدو النظام يعيشون هوساً اسمه‬ ‫األسد‪ ،‬يربطون مصيرهم به وبنظامه‪،‬‬ ‫تلك حالة تضافر على تكريسها عنف‬ ‫سلطوي وأجهزة بوليسية فتكت بالمجتمع‬ ‫والسوريين‪ ،‬وخطاب إعالمي بروباغندي‬ ‫اخترق رؤوس الكثيرين عبر التخويف من‬ ‫أخطار جمة قد تصيب‬ ‫البالد والعباد �إن م�س النظام �أو رئي�سه مكروه‬ ‫في شوارع المدن السورية‪ ،‬كثير ٌة‬ ‫هي الجدران التي تشهد عبارات مكتوبة‬ ‫بالخط العريض قوامها الوالء القطيعي‬ ‫للرئيس العتيد‪ ،‬كأن تقرأ مث ًال‪" :‬األسد‬ ‫أو ال أحد‪ .‬بالروح بالدم نفديك يا بشار‪.‬‬ ‫عاشت سوريا األسد وتسقط المعارضة"‬ ‫وهلم‪.‬‬ ‫غير أن جموع السوريين المنتفضة‬ ‫في مواجهة كل ذلك العسف المادي‬ ‫والمعنوي قالت كلمتها أخيراً‪ ،‬ولم تعد‬ ‫الشعارات الرنانة أو اإلعالم السوري‬ ‫الكاذب وال الصحافة الرسمية الصفراء‪،‬‬ ‫بقادرة على حجب ضوء الشمس‪ ،‬كما لم‬ ‫يعد القتل اليومي للمتظاهرين واعتقال‬ ‫األحرار حائ ًال بين سوريا وانبالج فجر‬ ‫حريتها‪.‬‬ ‫إنه أفق يرسمه السوريون بدمائهم‬ ‫وتضحياتهم‪ ،‬في مواجهة المجنزرات‬ ‫واآلليات وأجهزة األمن والجيش الذي‬ ‫يضم في صفوفه كثيرين داسوا على‬ ‫أجساد األحرار وأجبروهم على تقبيل‬ ‫صور الرئيس‪ ،‬في مشاهد مؤثرة كانت‬ ‫سوريا بحاجة إلى مخرج من طراز عمر‬ ‫أميراالي مث ًال ليوثقها إلى جانب ذلك‬ ‫"الطوفان" البشري الهادر بهتافات الحرية‬ ‫والتغيير‪ .‬عندها‪ ،‬ربما كنا سنسمع عمراً‬ ‫يقول‪" :‬حول بحيرة األسد‪ ،‬يمتد اليوم‬ ‫بلد‪ ،‬كان يسمى قبل عام‪ :‬سوريا األسد"‪.‬‬ ‫النهار اللبنانية ‪2012 / 3 / 31‬‬ ‫‪ 1080‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 11032‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 745‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 193‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 668‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬إحصائية قاعدة بيانات‬ ‫شهداء الثورة السورية ‪2012 / 3 / 30‬‬ ‫‪http://syrianshuhada.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.