Souriatna Issue 29

Page 1

‫ســـوريتنا‬

‫«عندما يقرر العبد أن ال يبقى‬ ‫عبدا فإن قيوده تسقط»‬ ‫غاندي‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪2012/ 4 / 8 | )29‬‬

‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/souriatna‬‬ ‫‪souriatna@gmail.com souriatna.wordpress.com‬‬

‫ ‬

‫أسبوعية‬

‫تصدر عن شباب س��وري حر‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪1‬‬ ‫عمل للفنانة روز عيسى بعنوان جدار‬


‫�أكدت االعرتاف الد�ستوري بالهوية القومية لل�شعب الكردي‬ ‫املجل�س الوطني ال�سوري ي�صدر وثيقة وطنية حلل الق�ضية الكردية‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪2‬‬

‫سعيا منه لوضع حد لكل "األقاويل‬ ‫والمغالطات" بشأن تعاطيه مع القضية‬ ‫الكردية‪ ،‬ولما حكي مؤخرا عن تعرضه‬ ‫لضغوط دولية لعدم إعطاء حيز واس��ع‬ ‫لهذه القضية‪ ،‬أعل��ن المجلس الوطني‬ ‫السوري عن إصدار وثيقة وطنية تحمل‬ ‫رؤيته والتزاماته لحل القضية الكردية‬ ‫ف��ي س��ورية عل��ى أس��اس االعت��راف‬ ‫الدس��توري بهوي��ة الش��عب الك��ردي‬ ‫القومية واعتبار القضية الكردية جزءا‬ ‫أساسيا من القضية الوطنية العامة‪.‬‬ ‫وفيم��ا دعا المجل��س خالل مؤتمر‬ ‫عق��ده ف��ي إس��طنبول لإلع�لان ع��ن‬ ‫الوثيقة القوى والشخصيات السياسية‬ ‫للتوقي��ع عليها‪ ،‬أكد ممث��ل األكراد في‬ ‫المؤتمر وداخ��ل المجلس الوطني عبد‬ ‫الباسط س��يدا أن "هذه الوثيقة تلبي ‪-‬‬ ‫وإلى حد بعيد ‪ -‬المطالب العامة للشعب‬ ‫الك��ردي‪ ،‬وتطمئن هواجس��ه لجهة أن‬ ‫المجلس الوطني الس��وري ينطلق في‬ ‫خطة عمله الحالي��ة وللمرحلة المقبلة‬ ‫من مشروع وطني"‪.‬‬ ‫وأوضح س��يدا أن "الوثيقة حصيلة‬ ‫حوار مع المجلس الوطني الكردي‪ ،‬كما‬ ‫ترتكز على الوثيقة الصادرة مؤخرا في‬ ‫تونس"‪ ،‬وأضاف‪" :‬ال ش��ك أن للمجلس‬ ‫الكردي بعض المالحظات على مسائل‬ ‫كان يج��ب أن تتضمنه��ا الوثيقة‪ ،‬على‬ ‫غرار المطالبة بالالمركزية السياس��ية‬ ‫واالعت��راف بالش��عب الك��ردي‪ ،‬إال أن‬ ‫المجل��س الوطن��ي الس��وري أوضح أن‬ ‫االعت��راف بالهوي��ة القومي��ة الكردي��ة‬ ‫يش��كل اعتراف��ا تلقائي��ا بالش��عب‬ ‫الكردي"‪.‬‬

‫وعما يحك��ى عن ضغ��وط تركية‬ ‫لتحجي��م القضي��ة الكردي��ة‪ ،‬لف��ت‬ ‫س��يدا إلى أن "إص��دار ه��ذه الوثيقة ‪-‬‬ ‫وبالتحدي��د م��ن إس��طنبول ‪ -‬يؤكد أن‬ ‫الق��رار بالنهاية قرار الس��وريين"‪ ،‬آمال‬ ‫أن "تك��ون الوثيق��ة فاتح��ة عهد جديد‬ ‫بين الس��وريين على أس��اس االحترام‬ ‫المتب��ادل فيما بينهم ليك��ون تنوعهم‬ ‫قوة"‪.‬‬ ‫ب��دوره‪ ،‬أوض��ح عض��و المجل��س‬ ‫الوطن��ي محم��د س��رميني أن "ه��ذه‬ ‫الوثيقة ج��اءت لتؤكد س��عي المجلس‬ ‫الوطني للحفاظ عل��ى حقوق وحريات‬ ‫كل مكون��ات الش��عب الس��وري دون‬ ‫اس��تثناء"‪ ،‬وق��ال‪" :‬ه��ذه الوثيقة تؤكد‬ ‫التزامن��ا بح��ل القضي��ة الكردي��ة من‬ ‫خالل اعترافنا الدستوري بهوية الشعب‬ ‫الكردي‪ ،‬واعتبار القضية جزءا أساس��يا‬ ‫من القضية الوطنية العامة"‪.‬‬ ‫وش��رح س��رميني أن الوثيق��ة‬ ‫"تضمن لألكراد كل حقوقهم؛ من حق‬ ‫اللغة لحق ممارسة عاداتهم وتقاليدهم‬ ‫ضمن إط��ار الوحدة الوطني��ة"‪ ،‬واصفا‬ ‫إياه��ا بـ"الوثيق��ة التاريخي��ة الت��ي‬ ‫س��تعطي للمجتمع الدولي نموذجا عن‬ ‫اللحمة الوطنية التي تؤس��س إلسقاط‬ ‫النظام وبن��اء دولة مدنية ديمقراطية‪،‬‬ ‫تضم��ن وتحت��رم حري��ات كل مكونات‬ ‫الش��عب الس��وري"‪ ،‬وقال‪" :‬لقد خرجنا‬ ‫ببن��ود الوثيق��ة بع��د سلس��لة لقاءات‬ ‫واجتماع��ات مع القي��ادات الكردية‪ ،‬كما‬ ‫س��يكون لن��ا سلس��لة ن��دوات لمحاولة‬ ‫االستفادة من نقاط التالقي التي تجمع‬ ‫مكونات الشعب السوري"‪.‬‬

‫لك�شف عن وفاة �شبلي العي�سمي ب�سجن‬ ‫املخابرات ال�سورية بعد مرور ‪ 12‬يوم ًا فقط‬ ‫على خطفه من لبنان ونقله �إىل منطقة املزة‬

‫كش��فت المؤسس��ة اللبناني��ة‬ ‫للديمقراطي��ة وحق��وق اإلنس��ان (اليف)‬ ‫عن وفاة نائب الرئيس الس��وري السابق‬ ‫ش��بلي العيّس��مي في س��جن المخابرات‬ ‫الجويّ��ة‪ ،‬بمنطق��ة المزّة بع��د مرور ‪12‬‬ ‫يومًا فقط على خطفه من لبنان‪.‬‬ ‫وأن أس��ماء المتورطين ف��ي عملية‬ ‫الخطف والحجز أصبحت في عهدة المكتب‬ ‫الخارجي المعني بالتوثيق الجنائي التابع‬ ‫لمجال��س اإلدارة المدني��ة الس��ورية‪.‬‬ ‫وقالت إنها س��توضع الق��وى األمنية بكل‬ ‫التفاصيل‪.‬‬ ‫يذك��ر أن العيس��مي كان ق��د خطف‬ ‫من أمام من��زل ابنته في عاليه‪ ،‬في جبل‬ ‫لبنان في ‪ 24‬مايو‪/‬أي��ار عام ‪ .2011‬و لم‬ ‫يكن قد مض��ى على وصوله إل��ى لبنان‪،‬‬ ‫قادم��ًا م��ن الوالي��ات المتح��دة أكث��ر من‬ ‫خمس��ة أيام‪ .‬وقد توجّه��ت بعض أصابع‬ ‫االته��ام اللبناني��ة ‪ -‬على رأس��ها الزعيم‬ ‫الدرزي وليد جنبالط ‪ -‬إلى سوريا‪.‬‬

‫نبذة عن حياته‪:‬‬

‫ولد ش��بلي العيس��مي ع��ام ‪.1925‬‬ ‫ينتمي إلى طائفة الموحدين الدروز‪ ،‬من‬ ‫منطق��ة الس��ويداء الس��ورية‪ .‬تخلى عام‬ ‫‪ 1992‬عن منصب األمين العام المس��اعد‬ ‫ف��ي ح��زب البع��ث العرب��ي ف��ي العراق‪،‬‬

‫بعدما شغله من العام ‪ .1966‬وكان أعلى‬ ‫رتبة من الرئيس الس��وري الراحل حافظ‬ ‫األس��د‪ ،‬إذ ش��غل منص��ب نائ��ب رئي��س‬ ‫الجمهورية في س��وريا حتى العام ‪،1966‬‬ ‫حين كان األسد األب وزيراً للدفاع‪.‬‬ ‫وفي النصف الثاني من نفس العام‪،‬‬ ‫ت��رك األراض��ي الس��ورية وانتق��ل إل��ى‬ ‫العراق‪ ،‬حيث تس�� ّلم مسؤوليته في حزب‬ ‫البعث العراق��ي وظل مقيما هناك إلى ما‬ ‫بعد س��قوط نظام الرئيس صدام حسين‬ ‫في العام ‪.2003‬‬ ‫اعتك��ف بي��ن عام��ي ‪ 1992‬و‪2003‬‬ ‫عن ممارس��ة أي نش��اط سياسي‪ .‬بعد أن‬ ‫بدأ العمل الحزبي في العام ‪ .1943‬شغل‬ ‫عضوية القيادة القطرية لحزب البعث من‬ ‫العام ‪ 1943‬إلى الع��ام ‪ ،1956‬حين صار‬ ‫نائبا لالمين العام ميش��ال عفلق‪ ،‬وتو ّلى‬ ‫ث�لاث وزارات من الع��ام ‪ 1963‬إلى العام‬ ‫‪.1966‬‬ ‫وعلى الرغم من ظهوره للمرة األولى‬ ‫إل��ى العلن ع��ام ‪ ،2005‬حي��ن وافق على‬ ‫اإلدالء بش��هادة تلفزيوني��ة عبر فضائية‬ ‫«العربي��ة» فإن الرجل لي��س عاديًا‪ .‬فقد‬ ‫ألف أكثر من ‪ 17‬كتابًا أهمها عن «عروبة‬ ‫اإلس�لام وعالميته» و»الوحدة العربية»‪.‬‬ ‫كما شارك في تأسيس حزب البعث‪.‬‬

‫وج��اء ف��ي بن��ود الوثيق��ة أن‬ ‫"المجل��س الوطني س��يعمل على إلغاء‬ ‫جميع السياسات والمراسيم واإلجراءات‬ ‫التمييزي��ة المطبقة بح��ق المواطنين‬ ‫الك��رد‪ ،‬ومعالج��ة آثاره��ا وتداعياته��ا‬ ‫وتعويض المتضررين"‪.‬‬ ‫ويؤك��د المجلس الوطني في هذه‬ ‫الوثيق��ة أنه س��يعمل أيضا م��ع القوى‬ ‫الموقع��ة عليها عل��ى "إقام��ة فعاليات‬ ‫وأنش��طة تس��اهم ف��ي التعريف على‬ ‫القضية الكردية في سورية‪ ،‬والمعاناة‬ ‫التي مر بها المواطنون الكرد على مدى‬ ‫عقود من الحرمان والتهميش"‪.‬‬ ‫ه��ذا ونص��ت الوثيق��ة عل��ى أن‬

‫"المرحل��ة المقبل��ة تس��توجب توحي��د‬ ‫جهود السوريين جميعا‪ ،‬وتركيزها في‬ ‫إط��ار واح��د لمواجهة النظ��ام الدموي‪،‬‬ ‫وحماية ش��عبنا م��ن بطش��ه وإرهابه‪،‬‬ ‫وإنق��اذ س��ورية م��ن الطغم��ة الت��ي‬ ‫اس��تمرأت القتل والتدمي��ر"‪ .‬وأضافت‪:‬‬ ‫"إن المجل��س الوطن��ي الس��وري وكل‬ ‫الق��وى الموقع��ة ملتزم��ة بالعمل معا‬ ‫لحماية شعبنا والدفاع عنه‪ ،‬وتأمين كل‬ ‫ما يؤمن إس��قاط النظام وبناء سورية‬ ‫الجديدة التي تحمي مواطنيها وتصون‬ ‫حقوقه��م‪ .‬وتعد ه��ذه الوثيقة تطبيقا‬ ‫لوثيق��ة العه��د الوطن��ي بي��ن أطي��اف‬ ‫المعارضة‪ ،‬وجزءا ال يتجزأ منها"‪.‬‬

‫نظام الأ�سد يزرع الألغام ملنع‬ ‫الالجئني من العبور �إىل لبنان‬ ‫قال��ت صحيف��ة "اإلندبندن��ت"‬ ‫البريطاني��ة إن الرئيس الس��وري بش��ار‬ ‫األسد متهم بشن حملة قمع وحشية على‬ ‫الحدود ب��زرع ألغام يمكن أن تجعل رحلة‬ ‫الالجئين إلى لبنان قاتلة‪.‬‬ ‫وتش��ير الصحيف��ة إل��ى أن رحل��ة‬ ‫الالجئي��ن الفارين من س��وريا المحفوفة‬ ‫بالمخاط��ر ق��د أصبح��ت مميت��ة بش��كل‬ ‫متزايد في األس��ابيع األخيرة مع محاوالت‬ ‫الرئي��س الس��وري بش��ار األس��د إح��كام‬ ‫الس��يطرة عل��ى الح��دود‪ ،‬الت��ي مزقته��ا‬ ‫الحرب بزرع ألغام جديدة‪ ،‬حس��بما يقول‬ ‫عمال إغاثة والجئين فارين‪.‬‬ ‫وم��ع ق��دوم الربي��ع‪،‬‬ ‫يقال إن الجيش الس��وري‬ ‫يض��ع ألغ��ام جدي��دة على‬ ‫ط��ول الح��دود م��ع لبن��ان‬ ‫الممت��دة عل��ى مس��افة‬ ‫‪ 330‬كيلومت��را لتحل محل‬ ‫تل��ك األلغام الت��ي جرفتها‬ ‫فيضانات الخريف أو أزالها‬ ‫النشطاء‪ ،‬ويأتي ذلك وسط‬ ‫مح��اوالت أكبر م��ن جانب‬ ‫النظ��ام الس��وري لتعطيل‬ ‫ش��بكات تهري��ب الن��اس‬ ‫واألس��لحة والمس��اعدات‬ ‫عبر الح��دود التي كان من‬

‫المعروف من قبل أنها سهلة االختراق‪.‬‬ ‫وتنقل الصحيفة عن حس��ن السبع‪،‬‬ ‫مدي��ر حملة اإلغاثة اإلس�لامية في لبنان‬ ‫قوله س��معنا أنه اآلن أصبح الجو مشمسا‬ ‫وأن الجي��ش يق��وم بإع��ادة زرع األلغام‪،‬‬ ‫والكثي��ر من الالجئي��ن اآلن محرمون من‬ ‫العب��ور عل��ى الجانب الس��وري من نقاط‬ ‫التفتي��ش الرس��مية‪ ،‬بم��ا يجبرهم على‬ ‫اللجوء إلى الطرق غير القانونية‪.‬‬ ‫وتأتى تلك الش��هادة بع��د يوم واحد‬ ‫من إعالن الحكومة الس��ورية تعاونها مع‬ ‫خطة وقف إطالق النار الذي قدمها األمين‬ ‫العام السابق لألمم المتحدة كوفي أنان‪.‬‬


‫املن�شقون يهم�سو يف ال�سلكي زمالئهم‪:‬‬

‫ان�ضـمــــوا لل�شـــعب‬

‫�أوجــاع وطــن‬ ‫أخبارنا ‪. .‬‬

‫ٌ‬ ‫�شهيد بني ال ّنارين‬ ‫ال ّنقيب �أجمد احلميد‬ ‫إبـراهـيـم األصـيـل‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫وسط دوي األسلحة اآللية وقذائف المورتر‬ ‫يوج��ه مقاتل��و المعارض��ة الس��ورية صراعه��م‬ ‫ضد الرئيس بش��ار األس��د إلى أجهزة الالس��لكي‬ ‫فيضبطونها على موج��ات الجيش ليحثوا الجنود‬ ‫الذين يقاتلونهم على االنشقاق‪.‬‬ ‫ويوجه جندي منش��ق ن��داءه لجنود الجيش‬ ‫الس��وري ويقول لهم إنهم إذا كان��وا يريدون أن‬ ‫يكون��وا صالحي��ن فعليه��م أن ينش��قوا عن هذا‬ ‫الجيش ويدعوهم إلى االنضمام إلى المعارضين‬ ‫وخدمة الشعب السوري وإال يهينوا كرامتهم بهذا‬ ‫الشكل‪.‬‬ ‫ويقول الجندي المنش��ق إنه لمس بنفس��ه‬ ‫قمع األس��د والح��زن والظل��م مع رج��ال الجيش‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫ويبث ه��ذا النداء في تس��جيل فيديو على‬ ‫موقع يوتيوب يظهر مقاتلين من الجيش السوري‬ ‫الحر المعارض وهم يحتم��ون بزقاق في مدينة‬ ‫حمص بوس��ط س��وريا ثم وه��م يحومون حول‬ ‫قائ��د يدير زر ضب��ط جهاز لالتصال الالس��لكي‪.‬‬ ‫يعقب ذلك فترة صمت وهم يجدون صعوبة في‬ ‫االستماع إلى الصوت بوضوح‪.‬‬ ‫ويق��ول ص��وت مقات��ل منش��ق إن رج��ال‬ ‫المعارضة يقاتلون حتى الموت باسم اهلل وإنهم‬ ‫يقاتل��ون من اج��ل معتقد وليس من اجل بش��ر‬ ‫مثلهم ليس أفضل منهم في ش��يء‪ .‬ويضيف إن‬ ‫بش��ار يقاتل ليحافظ على عرشه ويترك الجنود‬ ‫ليقتلوا بعضهم البعض‪.‬‬ ‫وال يمك��ن التحق��ق من معظم تس��جيالت‬ ‫الفيدي��و التي تنش��ر على موقع يوتيوب بش��كل‬ ‫قاطع‪.‬‬ ‫ومعظم تس��جيالت الفيدي��و التي يلتقطها‬ ‫ه��واة والتي أبق��ت الصراع الس��وري ف��ي أعين‬ ‫العال��م على م��دى أكثر من عام هي تس��جيالت‬ ‫صوتية ل��دوي إنفجارات ووميض ضوئي وس��ط‬ ‫تكبيرات المقاتلين‪.‬‬ ‫لك��ن بعضها يحت��وي على كالم مس��موع‬ ‫إذ يناش��د مقاتل��و المعارضة وكثي��ر منهم جنود‬ ‫منش��قون رف��اق الس�لاح الس��ابقين لينش��قوا‬ ‫وينضموا للقتال ضد حكم عائلة األسد المستمر‬ ‫منذ ‪ 40‬عاما‪.‬‬ ‫وق��ال معارض يعرف باالس��م الحركي أبو‬ ‫ثائر "أحيانا يح��اول مقاتلو المعارضة إثارة خوف‬ ‫الجي��ش وأحيانا يخدعون��ه أو يتنصتون عليه‪ .‬أو‬ ‫يدعون الجنود لالنضمام إليهم"‪.‬‬ ‫وأض��اف بالهات��ف من م��كان غي��ر معلوم‬ ‫"يبحث��ون دائما عل��ى أجهزة الالس��لكي الخاصة‬ ‫به��م‪ .‬م��ن الصع��ب التق��اط الت��ردد لك��ن حين‬ ‫نلتقطه نستغله أفضل استغالل"‪.‬‬ ‫وب��دأت االنتفاض��ة في س��وريا باحتجاجات‬ ‫س��لمية لكنه��ا تحول��ت إلى ح��رب م��دن بعد أن‬ ‫انشق الكثير من الجنود والضباط الستيائهم من‬ ‫األوامر بإطالق النيران على المتظاهرين العزل‪.‬‬ ‫وف��ي الش��هرين الماضيي��ن أح��رز الجيش‬ ‫السوري تقدما فيما يبدو فدفع مقاتلي المعارضة‬ ‫إلى االنس��حاب من معاقلهم في مناطق متفرقة‬

‫من س��وريا مثل حي بابا عم��رو في حمص الذي‬ ‫زاره األس��د األسبوع الماضي في إعالن لالنتصار‬ ‫فيما يبدو‪.‬‬ ‫ويعتم��د المقاتلون اآلن في معظم األحيان‬ ‫على أس��اليب الكر والفر‪ .‬وتق��ول القوى الغربية‬ ‫التي تريد أن يرحل األس��د إنها ال تعتزم تس��ليح‬ ‫خصوم��ه لكنه��ا تقدم مس��اعدات "غي��ر فتاكة"‬ ‫وتشمل أجهزة اتصاالت مثل األجهزة الالسلكية‪.‬‬ ‫وق��ال س��مير الك��ردي وه��و منش��ق على‬ ‫الجي��ش ف��ي حم��ص معق��ل المعارض��ة إن‬ ‫المعارضي��ن يحاولون باس��تمرار التواصل ألنهم‬ ‫مقتنعون ب��أن الكثير من جن��ود الجيش وقوامه‬ ‫‪ 300‬أل��ف ف��رد يري��دون االنضمام إل��ى قواتهم‬ ‫البالغ عددها نحو ‪ 15‬ألف فرد‪.‬‬ ‫وأض��اف أنه��م عادة ال يتلق��ون أي رد وقال‬ ‫"ال يقولون ش��يئا وال يحاول��ون الحديث إلينا عبر‬ ‫األجهزة الالس��لكية"‪ .‬ويقول مقاتلون معارضون‬ ‫إن عقوبة االنشقاق هي اإلعدام‪.‬‬ ‫وقتل��ت القوات الس��ورية أكثر من تس��عة‬ ‫آالف ش��خص ف��ي الحمل��ة عل��ى االضطراب��ات‬ ‫وفق��ا لما تقوله األمم المتح��دة‪ .‬وتقدر الحكومة‬ ‫التي تق��ول إنها تقاتل إرهابيي��ن مدعومين من‬ ‫الخ��ارج أن المقاتلي��ن قتلوا أكثر م��ن ثالثة آالف‬ ‫من رجالها‪.‬‬ ‫وقال الكردي "إذا اس��تطعنا خالل عملية ما‬ ‫أو بعدها س��نناديهم عبر مكبرات الصوت‪ .‬سنعد‬ ‫بحمايتهم"‪.‬‬ ‫وف��ي تس��جيل فيدي��و عل��ى يوتي��وب تم‬ ‫تصوي��ره خالل معركة أخرى في حمص نس��فت‬ ‫القوات المناهضة لألسد دبابتين واشتعلت فيهما‬ ‫النيران في الظالم‪ .‬وهلل المقاتلون‪ .‬وبدأ مقاتل‬ ‫يصي��ح باتجاه جنود غي��ر ظاهرين ف��ي الطرف‬ ‫اآلخر من الشارع‪.‬‬ ‫ويظهر ظل الجن��ود الرابضين في المباني‬ ‫القريبة‪.‬‬ ‫ويصي��ح متح��دث ف��ي الفيدي��و مناش��دا‬ ‫المجندين االنضمام إلى قوات المعارضة ويقول‬ ‫له��م إن��ه كان واح��دا منه��م وعض��وا بالفرق��ة‬ ‫الرابعة‪ .‬ويعدهم باألمان ويسألهم ما الخير الذي‬ ‫فعله لهم الرئيس األسد‪.‬‬ ‫وف��ي بع��ض األحي��ان يب��دو أن المقاتلين‬ ‫الذي��ن يتبادلون الحدي��ث عبر أجهزة الالس��لكي‬ ‫يعرفون بعضه��م البعض وهو ليس مس��تحيال‬ ‫في حرب قس��مت أحي��اء المدينة بل وش��وارعها‬ ‫على أسس سياسية وطائفية ودينية‪.‬‬ ‫ف��ي تس��جيل الفيدي��و ال��ذي التق��ط ف��ي‬ ‫حمص يدعو ص��وت مقاتل المعارضة على جهاز‬ ‫الالس��لكي قائدا بالجيش الس��وري باس��مه "أبو‬ ‫عدي"‪.‬‬ ‫ويوجه المقاتل حديثه إلى أبو عدي قائال له‬ ‫إن الحكومة تقول إن هذا قتال حتى الموت وهذا‬ ‫يعن��ي أنه س��يعثر على جثث زمالئه المنش��قين‬ ‫وقد مزقتها القنابل ويس��أله ماذا س��يفعل حيال‬ ‫ه��ذا في��رد الضابط الذي ال يظهر في التس��جيل‬ ‫قائال إن هذه المحادثة انتهت‪.‬‬

‫في ‪ 18‬آذار ‪ 2012‬استش��هد النّقيب أمج��د الحميد في كمين نُصب له‬ ‫من قب��ل مجموعة مجهولة‪ ،‬وفي ‪ 5‬نيس��ان ‪ 2012‬صرّح الناطق الرس��مي‬ ‫باس��م لوائه “رجال اهلل” بأنّهم يتّهمون لؤي الزعب��ي (أمين عام مجموعة‬ ‫“المؤمنون يش��اركون “السّ��لفية) بالوقوف خلف الجريمة‪ .‬طبعا هذا يبقى‬ ‫“اتّه��ام” بحاج��ة إلى دليل‪ ،‬ولكن م��ا يهمّنا ليس ّ‬ ‫حق��ا ان كان لؤي الزعبي‬ ‫ومجموعت��ه خلف قت��ل النقيب أمج��د الحميد أم ال‪ ،‬ما يهمّن��ا هو ارهاصات‬ ‫المواجاهات الداخلية المس ّلحة بين معارضة النّظام نفسها‪.‬‬ ‫قبل استش��هاده بيوم فقط كما يصرّح الناطق الرس��مي باسم اللواء‪،‬‬ ‫ألق��ى النّقي��ب الشّ��هيد خطابا في الرّس��تن‪ ،‬خطاب��ا يعني الكثي��ر لجميع‬ ‫األطراف‪ ،‬ففي خطابه يفضح ممارس��ات الخطف والتش��ليح التي تمارس��ها‬ ‫بع��ض العناصر المس�� ّلحة‪ ،‬ومهاجمته��م لمناطق معيّن��ة ويصفهم بجرأة‬ ‫“بال ّلص��وص” وبأنّه��م ع��بء على ال ّث��ورة‪ ،‬كما أنّ��ه كما يبدو م��ن كلماته‬ ‫بأن‬ ‫يرف��ض وصاي��ة العرعور على القت��ال أو “الجهاد” في س��وريّة‪ ،‬ويتابع ّ‬ ‫الرجولة الحقيقية ليست بخطف النّساء وإنّما بمواجهة قوّات األسد‪.‬‬ ‫النقي��ب ذي المهارة الخطابية كما ه��و واضح في خطابه‪ ،‬وبأفكاره ذات‬ ‫المب��ادئ األخالقيّة‪ ،‬وبتصميمه على مواجهة قوّات األس��د بمعنويات عالية‬ ‫وخارج “المناطق السّ��كنيّة” ك��ي ال يحمّلهم عبئا هم بغنى عنه‪ ،‬ويرفض‬ ‫مهاجم��ة مناطق معيّنة كمدينة “السّ��لميّة” وهي تعتب��ر عاصمة الطائفة‬ ‫االس��ماعيليّة وذات تنوّع طائفي كبير‪ ،‬النّقيب الشّهيد بكل ما سبق يؤكد‬ ‫على أنّه العس��كري ا ّلذي يم ّثل كابوس النّظام العسكري الحقيقي‪ ،‬وحُلم‬ ‫ال ّثورة السّورية بعسكري منشقّ يضع سوريّة أوّال‪ .‬وجود هذا العسكري أو‬ ‫هذا النموذج ليس من مصلحة الكثير من األطراف على السّ��احة‪ ،‬ليس من‬ ‫مصلحة النّظام بأن يوجد عسكري صاحب مبادئ وعقل‪ ،‬ليس من مصلحة‬ ‫المس�� ّلحين ا ّلذين وجدوا األحداث الجارية في حم��ص وادلب وحماة وغيرها‬ ‫تربة خصبه للثراء عن طريق الخطف والتشليح‪ ،‬ليس من مصلحة من يريد‬ ‫تأجي��ج الصّراع ّ‬ ‫الطائفي‪ ،‬ليس من مصلحة الكثي��ر من األطراف الخارجيّة‬ ‫التي تبحث عمّن يقاتلون ضمن أجندات تحدّدها لهم بش��كل مباشر أو غير‬ ‫مباش��ر‪ ،‬ليس من مصلحة أئمّة التطرّف أصحاب المشاريع الظالميّة‪ ،‬هذا‬ ‫النموذج يجب أن يُقتل فورا ال للتخ ّلص منه كش��خص فحس��ب‪ ،‬بل لجعله‬ ‫عبرة ودرس��ًا لمن ّ‬ ‫يفكر أن يخطب خطابه وأن يعتن��ق من األفكار والمبادئ‬ ‫ما اعتنق‪.‬‬ ‫ال أح��بّ تقديس األحياء‪ ،‬فمصيب اليوم ق��د يصبح مخطئ الغد‪ ،‬ولكن‬ ‫ح��ريٌ بم��ن قضى في س��بيل وطنه أن يُصن��ع منه مث ً‬ ‫ال‪ ،‬البح��ث عن قاتل‬ ‫ّ‬ ‫النّقيب ليس مهمّتنا فله رفاق دربه وسالحه‪ ،‬ومن مهام المجلس الوطنيّ‬ ‫ّ‬ ‫المنش��قة تنظيم هذه العمليّة وهيكلة الجيش الحُر والتبرّؤ من‬ ‫والقيادات‬ ‫المجرمين قبل أن نخس��ر أمثال النّقيب من المخلصين واحدا تلو اآلخر‪ .‬أمّا‬ ‫نح��نُ كأف��راد فمهمّتنا أن نس�� ّلط الضوء على قصّة النقي��ب أمجد الحميد‬ ‫لنصن��ع منه مث�لا واضحا‪ ،‬لن تص��ل تدويناتنا وال فيس ب��وك وتويتر لتلك‬ ‫المناط��ق الس��اخنة‪ ،‬ولكنّ حملة كه��ذه الحملة من الممك��ن أن تخلق وعيا‬ ‫عامّا عمّا ينتظر س��وريّة في المستقبل القريب والبعيد من حملة السّالح‬ ‫المختلفين‪ ،‬وعن النموذج الذي ننتظره أو نس��عى للمساهمة بصنعه‪ .‬أرجو‬ ‫أن تصنع حركات المقاومة المدنيّة من قصّة النقيب أمجد قصّة رمز‪ ،‬فهي‬ ‫كفيل��ة بايصال الكثير من األفكار التي نحاول ايصالها‪ ،‬وأرجو أن نس��تطيع‬ ‫أن نخصّص لهذا الفارس يوما يُطلق عليه “ش��هيد أخالق الثورة” أو “شهيد‬ ‫بين النّارين” أو اي تسمية توضّح المأساة التي دفع لها النقيب روحه‪.‬‬ ‫ال يهمّنا أن ننش��ر صور لجنود يص ّلون أو يتوض��ؤون‪ ،‬ال يهمّنا أن يبدأ‬ ‫العس��كري خطابه بآية معيّنة‪ ،‬ما يهمّنا هو أخالقه على األرض‪ ،‬أن يكون‬ ‫قتال��ه صال ًة ان اضطر إليه‪ ،‬أن ال يرفع س�لاحه إال للحق ودفاعا عنه‪ ،‬عدوّه‬ ‫ليس النّظام فحس��ب‪ ،‬عدوّه أخالق النّظام واس��تبداده وفس��اده‪ ،‬عسكري‬ ‫يلتزم بالرؤية السّياسيّة للثورة ويسعى لسوريّة حرّة‪.‬‬ ‫والرّحمة ألرواح الشّهداء جميعا…‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫العالقات ال�سورية اللبنانية‪..‬‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪4‬‬

‫"�سوء تفاهم" عمره عمر البلدين التو�أمني‪..‬‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫عن شهيد الصحافة اللبنانية "سمير‬ ‫قصي��ر "ننق��ل‪" :‬إن الديمقراطي��ة ف��ي‬ ‫س��وريا هي الضم��ان الوحيد الس��تقالل‬ ‫لبن��ان " فالعالق��ة الت��ي ترب��ط البلدين‬ ‫التوأمي��ن متداخلة مرتبك��ة مختلطة في‬ ‫ألوانه��ا‪ ،‬وهي بحد ذاتها لغز عصيٌ على‬ ‫الفهم ألي قارئ للتاريخ والسياسة وعلم‬ ‫االجتماع‪ ،‬فالعالقات بين الهند وباكستان‬ ‫مب��رر ًة ديني��ًا وبي��ن إس��بانيا والبرتغ��ال‬ ‫يتكفل التاريخ وعلم االجتماع بتفسيرها‬ ‫كما تتكفل السياسة وانقسام العالم في‬ ‫فترةٍ س��ابقة إلى معسكرين متناقضين‬ ‫لتفس��ير العالقة بي��ن تاي��وان والصين‪،‬‬ ‫حت��ى الميثولوجيا الت��ي يعتمدها بعض‬ ‫المفكري��ن اللبنانيين الفتراض أن مابين‬ ‫البلدي��ن هو ما كان بين أثينا واس��بارطة‬ ‫تفشل في تفس��ير هذه العالقة فدمشق‬ ‫ل��م تك��ن يوم��اً اس��بارطة وبي��روت ل��م‬ ‫تك��ن أثين��ا فالعاصمت��ان تبادلت��ا األدوار‬ ‫عب��ر التاريخ وعل��ى الرغم م��ن الروابط‬ ‫الطبيعية والمصالح المشتركة‪ ،‬قلما كان‬ ‫البل��دان متفقين ومتفاهمين‪ ،‬كأن هناك‬ ‫م��ا هو أهم من هذه الروابط وأكثر عمقًا‬ ‫وأبلغ تأثيراً‪ ،‬يعطلها ويحكم ببطالنها‪.‬‬ ‫وغنيٌ عن القول أن مسألة العالقة‬ ‫بي��ن س��وريا ولبن��ان مس��ألة ذات طاب��ع‬ ‫مصيري‪ ،‬تؤكد ذلك األثمان الباهظة التي‬ ‫دفعها لبنان بسبب سوء هذه العالقة‪ ،‬وقد‬ ‫تكون س��وريا أيضًا دفعت أثمان��ًا مماثلة‬ ‫لك��ن قدرتها على الدف��ع كانت أكبر‪ .‬هذا‬ ‫وقد ش��هدت العالقات اللبنانية–السورية‬ ‫مراحل متباينة من التعاون والسالم تارة‬ ‫واألزمات ت��ارة أخ��رى‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬ ‫فهي عالق��ات ممي��زة‪ ،‬ألنها بي��ن بلدين‬ ‫يحكمهما قدر التاريخ والجغرافيا وتداخل‬ ‫العائالت‪ ،‬وأيض��اً االحتياجات االقتصادية‬

‫والمصال��ح المش��تركة‪ .‬وعب��ر التاريخ ال‬ ‫يمك��ن الفص��ل بي��ن البلدي��ن التوأمين‬ ‫ولي��س لنا أن نحدد كياناً لبنانيًا مس��تق ًال‬ ‫إال في منطقة الجب��ل درزي الصبغة في‬ ‫العه��د العثمان��ي‪ ،‬ولي��س المقصود من‬ ‫كالمن��ا هنا أن لبنان جزء من س��وريا بل‬ ‫جانب آخر بلغت‬ ‫البلدان جز ٌء من كل فمن ٍ‬ ‫ح��دود لبن��ان الكبير في عه��د فخر الدين‬ ‫المعني الثاني مدين��ة تدمر‪ ،‬وبعد الثورة‬ ‫العربي��ة الكب��رى كان��ت مملكة س��ورية‬ ‫التي أسس��ها الملك فيصل تضم سورية‬ ‫ولبن��ان واألردن وفلس��طين‪ ،‬وظلت بعد‬ ‫ذلك األحزاب واألفكار السياس��ية تتشكل‬ ‫على أس��اس الوح��دة العربي��ة أو الوحدة‬ ‫الس��ورية كم��ا نظر له��ا أنطون س��عادة‬ ‫مؤس��س الحزب السوري القومي‪ ،‬وجدير‬ ‫بالذك��ر أن الح��دود السياس��ية الفاصل��ة‬ ‫والواضحة بين س��وريا ولبن��ان لم توجد‬ ‫قبل عام ‪.1920‬‬ ‫ ع��ام ‪ 1933‬نش��أت "عصبة العمل‬‫القومي" في جبل لبنان ويمكن اعتبارها‬ ‫المحاولة األولى إلضفاء الطابع الوحدوي‬ ‫عل��ى الحرك��ة القومي��ة العربي��ة‪ ،‬وكان‬ ‫مؤسس��وها من اللبنانيين والس��وريين‪،‬‬ ‫وق��د تمي��ز ه��ذا التنظي��م بخطط��ه‬ ‫السياس��ية ونزعته القومية‪ .‬وقد تزامنت‬ ‫الحركة االس��تقاللية اللبنانية مع مثيلتها‬ ‫الس��ورية واتس��متا بالتعاون والتنس��يق‬ ‫في مواجهة االنتداب الفرنس��ي‪ .‬وامتدت‬ ‫الحرك��ة القومي��ة بجذورها ف��ي البلدين‬ ‫ع��ن طري��ق إنش��اء حزبي��ن أساس��يين‬ ‫متفرعي��ن منه��ا هما‪:‬البعث في دمش��ق‬ ‫والسوري القومي االجتماعي في بيروت‪،‬‬ ‫كم��ا نهض��ت الحرك��ة الش��يوعية بحزب‬ ‫موحد في سورية ولبنان لعقود وتحتفظ‬ ‫الكنائس الش��رقية ببُنيتها الموحّدة في‬

‫البلدين مما ّ‬ ‫يؤكد الروابط القديمة‪.‬‬ ‫عاش��ت سورية ولبنان تحت االنتداب‬ ‫الفرنسي بعد ترسيم حدود دول المنطقة‬ ‫ف��ي اتفاقية "س��ايكس بيك��و"‪ ،‬كبلدين‬ ‫منفصلي��ن بمؤسس��ات واح��دة كبن��ك‬ ‫س��ورية ولبن��ان‪ ،‬والذي ظ��ل يحمل هذا‬ ‫االس��م لفترة طويلة وحتى بعد استقالل‬ ‫البلدي��ن نهائيًا ع��ن االنتداب الفرنس��ي‬ ‫وقد خاض البلدان معًا معركة االستقالل‬ ‫والج�لاء وأجري��ا مفاوضات مش��تركة مع‬ ‫الس��لطة المنتدب��ة‪ .‬وقبي��ل االس��تقالل‬ ‫اللبنان��ي ع��ام ‪ 1943‬بأس��ابيع عقد أول‬ ‫اتفاق بين لبنان وس��ورية ‪-‬التي كانت ما‬ ‫تزال تحت االنتداب الفرنسي‪-‬وكان هدف‬ ‫هذا االتفاق هو إدارة المصالح المشتركة‬ ‫التي خلفه��ا االنتداب الفرنس��ي للبلدين‬ ‫تمهيداً القتس��امها بينهم��ا‪ ،‬وبعد حصول‬ ‫لبنان على االستقالل جاء ما سمي بإعالن‬ ‫الميث��اق الوطن��ي اللبنان��ي ع��ام ‪1943‬‬ ‫والذي تعهدت بموجبه السلطات اللبنانية‬ ‫أال تس��تخدم أراضيها مقرا أو ممرا ألعداء‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫ ف��ي ع��ام ‪ 1947‬أنش��أ زك��ي‬‫األرس��وزي‪ ،‬وميش��يل عفل��ق‪ ،‬وص�لاح‬ ‫البيطار حزب البع��ث العربي‪ ،‬وركز حزب‬ ‫البعث نش��اطه ف��ي لبنان عل��ى علمانية‬ ‫الدول��ة‪ ،‬وبش��ر بأيديولوجي��ة الوح��دة‬ ‫وظلت العالقات الس��ورية اللبنانية تسير‬ ‫وفق الميثاق الوطن��ي اللبناني حتى عام‬ ‫‪ 1958‬حي��ن انفج��ر الوض��ع الداخلي في‬ ‫لبن��ان عل��ى إث��ر محاولة الرئي��س كميل‬ ‫ش��معون الدخول ف��ي تحالف م��ع الغرب‬ ‫بعد فش��ل الع��دوان الثالث��ي على مصر‬ ‫ع��ام ‪1956‬واعتب��ر النائب فري��د الخازن‬ ‫أنه "م��ع بداية الخمس��ينات كانت الفجوة‬ ‫المتزاي��دة اتس��اعاً بين لبن��ان واألنظمة‬

‫العربية األخرى قد أخذت تتحول مشكلة‪،‬‬ ‫م��ا ح��دا بلبن��ان إل��ى أن يحول مس��لكه‬ ‫تدريجيًا عن سياس��ة األنظم��ة اإلقليمية‬ ‫الت��ي تمي��زت بالمقومات اآلتي��ة‪ :‬الحكم‬ ‫العس��كري‪ ،‬أنظمة الح��زب الواحد‪ ،‬حكم‬ ‫العائلة أيديولوجيا رسمية للدولة‪ ،‬ونظام‬ ‫اقتصادي تس��يطر عليه الدول��ة"‪ .‬ويتابع‬ ‫الخ��ازن‪" :‬لبن��ان كان ش��واذ القاعدة في‬ ‫المنطقة‪ ،‬والسيما بعد الخمسينات‪ .‬ففيما‬ ‫كان��ت األنظم��ة العربية ت��زداد حصرية‪،‬‬ ‫والمجتمعات العربية توغل في االنغالق‪،‬‬ ‫كان لبنان ي��زداد تعددية وانفتاحاً‪ ،‬وكلما‬ ‫انحرفت األنظم��ة العربية نح��و التطرف‬ ‫كان لبنان ينحو إلى االعتدال‪ ،‬وكلما مالت‬ ‫خيارات األنظم��ة العربية نحو السياس��ة‬ ‫اإليديولوجي��ة المتصلب��ة كان خيار لبنان‬ ‫البراغماتية"‪.‬‬ ‫وف��ي مذكرات��ه بعن��وان‪" :‬س��امي‬ ‫الصل��ح ـ��ـ العب��ث السياس��ي والمصي��ر‬ ‫المجه��ول" يقول‪" :‬إن العالق��ات اللبنانية‬ ‫ــ الس��ورية استمرت بالتدهور بين عامي‬ ‫‪ 1956‬و‪ ،1958‬ونت��ج م��ن ذل��ك بع��ض‬ ‫المش��اكل الحدودية الحادة عندما أقدمت‬ ‫الس��لطات الس��ورية عل��ى إنش��اء مخفر‬ ‫لل��درك‪ ،‬ومخف��ر آخ��ر للمجاهدي��ن ف��ي‬ ‫مزارع ش��بعا‪ ،‬كما أف��ادت المراجع األمنية‬ ‫اللبناني��ة‪ ،‬وقد أُنذر س��كان مزارع ش��بعا‬ ‫(أيل��ول (س��بتمبر) ‪ )1957‬من الس��لطات‬ ‫الس��ورية بوجوب تقديم بيان��ات عائلية‬ ‫تتضمن قبولهم الهوية السورية بد ًال من‬ ‫اللبنانية "‬ ‫بل��غ ت��ردي العالق��ة اللبناني��ة ـ��ـ‬ ‫الس��ورية أوج��ه م��ع قي��ام الجمهوري��ة‬ ‫العربي��ة المتح��دة (مصر ــ س��وريا) عام‬ ‫‪ 1958‬بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر‪،‬‬ ‫بس��بب اته��ام الرئي��س اللبنان��ي كميل‬ ‫شمعون بالسعي للدخول في حلف بغداد‪،‬‬ ‫واالستفادة من مشروع "ايزنهاور"‪ .‬وكان‬ ‫لوزي��ر الداخلي��ة الس��وري العقي��د عب��د‬ ‫الحميد الس��راج دور مميز ف��ي التدخالت‬ ‫ف��ي الش��ؤون السياس��ية اللبنانية‪ ،‬وفي‬ ‫اندالع ش��رارة حوادث ‪ 1958‬عندما اغتيل‬ ‫الصحافي اللبناني نس��يب المتني‪ .‬ولعب‬ ‫الرئيس فؤاد شهاب دوراً مهماً في تهدئة‬ ‫العالقات اللبنانية ــ الس��ورية‪ ،‬مس��تفيداً‬ ‫من صداقته وعالقته برئيس الجمهورية‬ ‫العربي��ة المتح��دة جم��ال عب��د الناص��ر‪.‬‬ ‫وكان لق��اء الخيمة الش��هير عل��ى الحدود‬ ‫اللبنانية الس��ورية خريف عام ‪ ،1959‬قد‬ ‫حدد أس��س ه��ذه العالقة التي اس��تمرت‬ ‫ف��ي أجوائها اإليجابية حتى انهيار الوحدة‬ ‫السورية المصرية وحدوث االنفصال في‬ ‫‪.1961/9/28‬‬ ‫وق��د تمي��زت العالق��ات اللبناني��ة ــ‬ ‫الس��ورية خالل فترة االنفص��ال (‪1961‬ــ‬ ‫‪ )1963‬بالح��ذر والب��رودة والريب��ة‬ ‫والمخ��اوف المتبادلة الت��ي رافقها إغالق‬ ‫ح��دود ومناوش��ات واتهام��ات متبادل��ة‪،‬‬ ‫وحوادث أمنية على الحدود مع سوريا بين‬ ‫المخاف��ر المتقابلة‪ .‬ومرد ت��ردي العالقة‬


‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫لبنان‪ .‬ونتيجة له��ذا الموقف عادت القوى‬ ‫الوطني��ة اللبناني��ة إل��ى التمس��ك ببقاء‬ ‫الق��وات الس��ورية من أجل دح��ر العدوان‬ ‫اإلسرائيلي‪ .‬وعلى الصعيد السياسي ظهر‬ ‫الدهاء السياس��ي المدهش الذي يمتلكه‬ ‫الرئي��س حافظ األس��د‪ ،‬فقد عمد األس��د‬ ‫إل��ى إضعاف التيارات اللبنانية بالتس��اوي‬ ‫فلم يس��مح لتيار اليس��ار بالتف��وق خوفًا‬ ‫م��ن أن تتح��ول بيروت إلى هان��وي‪ ،‬ولم‬ ‫يس��اند اليمين لكي ال ترتمي بيروت في‬ ‫أحضان تل أبيب هذا ولم يكن الدافع إذن‬ ‫للسيطرة السورية على لبنان‪ ،‬كما يعتقد‬ ‫ويردد الكثيرون من المراقبين اللبنانيين‬ ‫والغربيي��ن‪ ،‬رف��ض الس��وريين كش��عب‬ ‫االعت��راف باس��تقالل لبنان وس��يادته وال‬ ‫نزوع النظام الس��وري البعثي إلى توحيد‬ ‫س��ورية ولبن��ان س��واء أكان ذل��ك م��ن‬ ‫منطلق اإليديولوجية القومية العربية أو‬ ‫من منطل��ق أيديولوجية الهالل الخصيب‬ ‫وال يعب��ر ع��ن أي ش��عور س��لبني تج��اه‬ ‫لبنان واللبنانيين كم��ا يحلو للكثيرين أن‬ ‫يرددوا‪ .‬ولم يكن وراء هذه الس��يطرة وال‬ ‫يزال ليس وراءها أي تصور اس��تراتيجي‬ ‫أو عقائ��دي حقيقي ولكنه��ا تخضع فقط‬ ‫لحسابات إستراتيجية سياسية واقتصادية‬ ‫محض��ة معروف��ة‪ .‬إن م��ا يري��ده النظام‬ ‫البعثي الس��وري من لبنان هو استخدامه‬ ‫كما يس��تخدم س��ورية ذاتها كأداة للدفاع‬ ‫ع��ن الوضع القائ��م ال أكث��ر وال أبعد من‬ ‫ذلك وطالما بقي هذا االس��تخدام ممكنا‪.‬‬ ‫فسياس��ة س��ورية الراهنة من لبنان هي‬ ‫سياس��ة براغماتية محض��ة ونفعية بكل‬ ‫المعايير‪.‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1989‬وقع اتف��اق الطائف‬ ‫ليعي��د إحي��اء العالق��ات الرس��مية بي��ن‬ ‫لبنان وس��ورية‪ ،‬بعدما أق��ر االتفاق مبدأ‬ ‫"العالق��ات المميزة" بين البلدين بمباركة‬ ‫دولي��ة وعربية وترجم ه��ذا االتفاق عبر‬ ‫معاهدة "األخوة والتعاون والتنسيق" التي‬ ‫وقعت بي��ن البلدي��ن ع��ام ‪ ،1991‬والتي‬ ‫نص��ت على ما يل��ي‪ " :‬الرواب��ط األخوية‬ ‫الممي��زة الت��ي ترب��ط البلدي��ن والت��ي‬ ‫تس��تمد قوتها من جذور القربى والتاريخ‬ ‫واالنتم��اء الواح��د والمصي��ر المش��ترك‬ ‫والمصال��ح المش��تركة‪ .‬االتف��اق على أن‬ ‫يعمل البلدان عل��ى تحقيق أعلى درجات‬ ‫التع��اون والتنس��يق بينهم��ا ف��ي جمي��ع‬ ‫المجاالت السياسية واالقتصادية واألمنية‬ ‫والثقافي��ة والعلمية وغيره��ا‪ ،‬بما يحقق‬ ‫مصلح��ة البلدي��ن الش��قيقين ف��ي إطار‬ ‫س��يادة واس��تقالل كل منهم��ا‪ ،‬في مجال‬

‫السياس��ة الخارجي��ة‪ ،‬اتف��ق البلدان على‬ ‫مساندة كل منهما اآلخر في القضايا التي‬ ‫تتعلق بأمنه ومصالحه الوطنية‪ ،‬والعمل‬ ‫على تنسيق سياستهما العربية والدولية‪،‬‬ ‫وتنس��يق مواقفهما تجاه مختلف القضايا‬ ‫اإلقليمية والدولية‪ .‬وقد شكال لهذه الغاية‬ ‫مجموع��ة أجه��زة‪ ،‬في مقدمه��ا المجلس‬ ‫األعلى اللبناني السوري‪ ،‬الذي يتألف من‬ ‫رئي��س الجمهورية والبرلم��ان والحكومة‬ ‫في البلدين‪ ،‬وهيئة المتابعة والتنس��يق‪،‬‬ ‫ولجنة الش��ؤون الخارجية ولجنة الشؤون‬ ‫االقتصادية‪ ،‬ولجنة ش��ؤون الدفاع واألمن‬ ‫واألمانة العامة"‪.‬‬ ‫و بالرغ��م من أن المعاهدة ش��كلت‬ ‫نموذج��اً مثالي��ًا للعالق��ات بي��ن البلدين‪،‬‬ ‫لكن نصوصها كما االتفاقات التي انبثقت‬ ‫عنها لم تدخ��ل حيز التنفيذ في كثير من‬ ‫األحي��ان‪ ،‬فالمجل��س األعل��ى الذي تنص‬ ‫المعاه��دة عل��ى انعقاده دورياً كل س��نة‬ ‫لم يجتمع خالل الس��نوات ال‪ 14‬التي تلت‬ ‫المعاه��دة إال مرات ن��ادرة‪ .‬فمن��ذ توقيع‬ ‫معاهدة الطائف وقع لبنان وس��ورية نحو‬ ‫‪ 39‬اتفاقي��ة و‪ 80‬بروتوك��و ًال ومذك��رة‬ ‫وبرنامجا‪ ،‬كان آخرها في ‪ 31‬يناير (كانون‬ ‫الثان��ي) ‪ 2005‬ف��ي المج��االت المختلفة‪.‬‬ ‫كان��ت باك��ورة االتفاقات بينهم��ا اتفاقية‬ ‫أمني��ة‪ ،‬وقع��ت بعد نحو أربعة أش��هر من‬ ‫الطائ��ف حملت عن��وان "اتفاقي��ة الدفاع‬ ‫واألم��ن"‪ ،‬وق��د نص��ت على تألي��ف لجنة‬ ‫لش��ؤون الدفاع واألمن مهمتها التأكد من‬ ‫منع أي نش��اط أو عمل أو تنظيم في كل‬ ‫المجاالت العس��كرية واألمنية والسياسية‬ ‫واإلعالمي��ة م��ن ش��أنه إلح��اق األذى أو‬ ‫اإلس��اءة للبلد اآلخر‪ .‬كما شملت االتفاقات‬ ‫التي وقعت بين البلدين مجاالت االقتصاد‬ ‫والش��ؤون االجتماعي��ة والعم��ل والصحة‬ ‫والنق��ل والزراع��ة والثقاف��ة والتربي��ة‬ ‫والرياض��ة والش��باب والقض��اء والتعليم‬ ‫المهن��ي والفن��ي والتقن��ي والضرائ��ب‬ ‫واالس��تثمارات والصناع��ة والمالح��ة‬ ‫البحرية والطيران وغيرها‪.‬‬ ‫وف��ي جميع األحوال‪ ،‬ال يمكن تقييم‬ ‫الطرف األكثر استفادة من هذه االتفاقات‪،‬‬ ‫ألنها في غالبيتها ل��م تطبق بالكامل‪ ،‬أو‬ ‫ل��م تطبق أبداً‪ .‬ولم تنج��ح وثيقة الوفاق‬ ‫الوطني التي أقرت بالعالقات المميزة بين‬ ‫لبنان وس��وريا‪ ،‬وأعطت الشرعية للوجود‬ ‫السوري في لبنان‪ ،‬في إزالة أو تبديد هذه‬ ‫اإلش��كالية القائمة المتجلية في العالقات‬ ‫اللبنانية ــ السورية المتوترة‪.‬‬

‫إال أن الح��دث الزل��زال ال��ذي تجل��ى‬ ‫ف��ي اغتيال الرئيس رفي��ق الحريري يوم‬ ‫‪ 14‬ش��باط ‪ ،2005‬أعاد ه��ذه العالقة إلى‬ ‫نقط��ة الصفر‪ .‬ومما زاد م��ن حدة األزمة‬ ‫الخطيئ��ة الت��ي ارتكبه��ا المعارض��ون‬ ‫للوج��ود الس��وري ف��ي لبن��ان إذ اعتبروا‬ ‫ت��ورط النظ��ام الس��وري ف��ي اغتي��ال‬ ‫الحري��ري يقين��ًا دون أن يفس��حوا مجا ًال‬ ‫للتحقيق والعدالة الدولية وش��نوا هجومًا‬ ‫إعالميًا اس��تهدف الش��عب الس��وري‪ ،‬كما‬ ‫ظهرت أعمال عنف ضد العمال السوريين‬ ‫في لبنان مما دعا بالس��وريين معارضين‬ ‫وموالي��ن لاللتفاف ح��ول قيادتهم‪ ،‬ومن‬ ‫نافل��ة القول اعتب��ار الس��لوك االرتجالي‬ ‫والغريزي الذي مارسته القيادات اللبنانية‬ ‫أضاع الفرصة الس��انحة لترميم العالقات‬ ‫بين البلدين والشعبين‪.‬‬ ‫مع اس��تفحال الش��رخ بي��ن البلدين‬ ‫تداعت النخب الس��ورية واللبنانية لتوقيع‬ ‫ما س��مي "إعالن دمش��ق ـ بيروت"‪ ،‬الذي‬ ‫وقعه ‪ 274‬مثقفاً وناشطًا وسياسيًا سوريًا‬ ‫ولبنانياً‪ ،‬دعا إلى تصحيح جذري للعالقات‬ ‫الس��ورية ـ��ـ اللبناني��ة‪" ،‬ب��دءاً باالعتراف‬ ‫السوري النهائي باس��تقالل لبنان‪ ،‬مروراً‬ ‫بترس��يم الح��دود والتبادل الدبلوماس��ي‬ ‫بين البلدين"‪ .‬وقد أش��ارت وثيقة "إعالن‬ ‫دمش��ق ــ بي��روت" إل��ى أن العالقات بين‬ ‫سوريا ولبنان محمّلة بعدد من المشكالت‬ ‫تراكم��ت مفاعيله��ا عبر عق��ود منذ قيام‬ ‫الكياني��ن السياس��يين ابت��داء م��ن العام‬ ‫‪ .1920‬والدع��وة إل��ى تصحي��ح العالقات‬ ‫اللبناني��ة ــ الس��ورية ترافقت مع أصوات‬ ‫دع��ت إل��ى إلغ��اء االتفاق��ات اللبناني��ة ــ‬ ‫السورية السابقة التي وقعت باعتبار أنها‬ ‫اتفاق��ات غير متكافئة‪ ،‬وإلغاء مؤسس��ات‬ ‫وهيئ��ات ومجال��س س��ورية ـ��ـ لبناني��ة‬ ‫مش��تركة انبثق��ت من اتفاق��ات في تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬باعتبار أنها لم تعد ذات جدوى‬ ‫وتبقى العالقات اللبنانية ــ السورية‬ ‫مرهون��ة بم��دى التغيي��ر المنتظ��ر ف��ي‬ ‫س��وريا نتيج��ة الث��ورة المش��تعلة من��ذ‬ ‫أواس��ط آذار (م��ارس) الماض��ي‪ ،‬فربم��ا‬ ‫يحق��ق ه��ذا التغيي��ر العالق��ات األخوية‬ ‫عل��ى قاعدةِ التاريخ المش��ترك والحاضر‬ ‫وتكون‬ ‫المشترك والمس��تقبل المشترك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عالقاتٍ بين شعبين شقيقين في دولتين‬ ‫مس��تقلتين كما ورد في رسالة المجلس‬ ‫الوطني الس��وري المع��ارض إلى احتفال‬ ‫‪ 14‬شباط في مجمّع "البيال"‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫يع��ود إل��ى الخوف الس��وري م��ن العالقة‬ ‫الوثيقة التي كانت بين لبنان ومصر عبد‬ ‫الناصر والدور الذي كانت تلعبه الس��فارة‬ ‫المصرية في بيروت برئاسة السفير عبد‬ ‫الحميد غالب‪ ،‬إضافة إلى الدور الذي لعبته‬ ‫الصحافة اللبنانية وعدد من السياس��يين‬ ‫من المؤيدين للناصرية في انتقاد الحكم‬ ‫الس��وري القائم وقتذاك‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫كان��ت في��ه س��لطة االنفصال الس��ورية‬ ‫تطالب الدولة اللبنانية بتسليمها عدداً من‬ ‫السياسيين المعارضين السوريين الذين‬ ‫فرّوا إل��ى لبنان بعد حص��ول االنفصال‪.‬‬ ‫هذه العالقة اللبنانية ــ المصرية الوثيقة‬ ‫أثارت المخاوف الس��ورية‪ ،‬وبالتالي دفعت‬ ‫برئيس الحكومة السورية "بشير العظمة‬ ‫"في آب ع��ام ‪ 1962‬إلى المطالبة بتمثيل‬ ‫دبلوماسي بين لبنان وسوريا في مواجهة‬ ‫التمثيل "الدبلوماس��ي الضخم بين مصر‬ ‫ولبن��ان"‪ ،‬إال أن الرئي��س رش��يد كرام��ي‬ ‫رف��ض ه��ذا المطل��ب خش��ية أن يصبح‬ ‫لبنان ساحة صراع بين سوريا ومصر‪.‬‬ ‫ومع وصول حزب البعث إلى السلطة‬ ‫في س��وريا بقيت العالقة بلبنان غامضة‬ ‫وملتبس��ة‪ ،‬ورغ��م الترحي��ب الرس��مي‬ ‫اللبنان��ي بالحك��م الس��وري الجديد‪ ،‬فقد‬ ‫اتهم��ت الحكوم��ة الس��ورية الس��لطات‬ ‫اللبناني��ة بإقام��ة معس��كرات تدري��ب‬ ‫للناصريي��ن وللمعارضي��ن الس��وريين‪.‬‬ ‫وتتضمن ملفات المكت��ب الثاني اللبناني‬ ‫تقارير متنوعة عن فترة الس��تينات التي‬ ‫تدفق فيها الفلس��طينيون إلى لبنان بعد‬ ‫ح��وادث األردن ‪ ،1969‬وقي��ام الس��لطات‬ ‫الس��ورية بدعم التنظيمات الفلسطينية‬ ‫في لبنان بالعتاد والس�لاح‪ ،‬ومس��اندتها‬ ‫عس��كرياً م��ن خ�لال تس��لل ف��رق م��ن‬ ‫الجيش الس��وري إلى لبن��ان بغطاء قوات‬ ‫"الصاعق��ة" واعتدائهم��ا عل��ى الق��وى‬ ‫األمنية والمخافر ومراكز الجيش اللبناني‬ ‫الحدودية‪.‬‬ ‫وف��ي رأي ع��دد كبي��ر م��ن الكت��اب‬ ‫والباحثي��ن أن العالق��ات اللبناني��ة ـ��ـ‬ ‫الس��ورية ش��هدت توتراً وتردي��ًا وانهياراً‬ ‫مع اندالع الح��رب اللبنانية في لبنان عام‬ ‫‪ ،1975‬إذ كانت س��وريا ف��ي موقع التأثير‬ ‫في مجرى الحوادث في الحرب اللبنانية‪....‬‬ ‫والسياس��ة الس��ورية في لبن��ان لم تكن‬ ‫حدودها مقتصرة على المشهد السياسي‬ ‫الداخلي‪ ،‬فهمها األساس��ي في مطلع عام‬ ‫‪ 1976‬كان يترك��ز ح��ول تعاظ��م الق��وة‬ ‫العس��كرية للمنظمات الفلسطينية‪ .‬بعد‬ ‫توقي��ع "الوثيقة الدس��تورية" دخل لبنان‬ ‫ل��واءان من جي��ش التحرير الفلس��طيني‬ ‫تسيطر عليهما سوريا‪ .‬كما دخلت القوات‬ ‫الس��ورية عقب تفجر األوض��اع إلى لبنان‬ ‫بدعم ومس��اندة عربية من خالل مؤتمر‬ ‫القم��ة العربي الذي عق��د في عام ‪1976‬‬ ‫وأص��در ق��رارا باإلجماع يقضي بإرس��ال‬ ‫ق��وات ردع عربية إلى لبن��ان بهدف إنهاء‬ ‫الح��رب األهلي��ة هن��اك‪ ،‬تش��كل القوات‬ ‫الس��ورية العم��اد الرئيس��ي لها‪ .‬ش��هدت‬ ‫الس��احة اللبناني��ة بع��د ذلك تط��وراً آخر‬ ‫دف��ع ف��ي اتجاه بق��اء الق��وات الس��ورية‬ ‫وس��ط دع��م عرب��ي كام��ل‪ ،‬فف��ي عام‬ ‫‪ 1978‬اجتاحت القوات اإلس��رائيلية جنوب‬ ‫لبن��ان وقام��ت باحتالله احتجاج��اً على ما‬ ‫وصفته اس��تغالل المقاومة الفلسطينية‬ ‫لهذه المنطقة في توجيه ضربات لشمال‬ ‫إس��رائيل‪ .‬وق��د ظل ه��ذا الوض��ع قائما‬ ‫حت��ى قامت إس��رائيل باجتي��اح كل لبنان‬ ‫من الناق��ورة جنوبا حتى العاصمة بيروت‬ ‫ش��ما ًال ع��ام ‪ ،1982‬ول��م تخ��رج منها إال‬ ‫بع��د تفاهم��ات دولي��ة خ��رج بمقتضاها‬ ‫في المقابل "ياس��ر عرف��ات" ورجاله من‬ ‫المقاومة الفلس��طينية بشكل كامل من‬

‫‪5‬‬


‫كلمة في الثورة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪6‬‬

‫خواطـــــر ثوريــــة‬ ‫"ه�����ذي ب��ل�اد ل���م ت��ع��د ك���ب�ل�ادي"‬ ‫أق���رأ ت��ل��ك ال��ق��ص��ي��دة للشاعر‬ ‫الكبير فاروق جويدة أواخر عام ‪2007‬‬ ‫ويعتصرني األلم‪...‬‬ ‫ال ندري ما العمل؟‬ ‫كان الكثيرون آنذاك في غفلة من‬ ‫عمرهم‪ ،‬وكأن الزمان استدار عليهم‬ ‫ول��م ي��ع��ودوا ي���رون س��وى ف��ض��اءات‬ ‫رمادية اللون ومتكررة بشكل ممل‬ ‫غير أن أيًا منهم لم يتذمر‪..‬‬ ‫ك���ان ال��ت��ذم��ر م��س��أل��ة رفاهية‬ ‫وبطراً كما رآها كثيرون‪" .‬عايشين"‬ ‫ك��ان ال��رد الدائم على أي س��ؤال من‬ ‫قبيل "كيفك" أو "شو أخبارك"‪ ،‬وكان‬ ‫المعنى الفيزيائي والطبي لهذا الجواب‬ ‫دقيقًا تماماً‪ .‬نعم‪ ،‬هي الحياة ولكن‬ ‫كثيرين كانوا يأتون إليها ويمضون‬ ‫منها كعابري سبيل أو ك��أرق��ام في‬ ‫سجالت األح��وال المدنية ومديريات‬ ‫اإلحصاء الوطني والتي كانت تتباهى‬ ‫ببعض األرقام على طريقة "تكاثروا"‪،‬‬ ‫وهكذا أضافت السلطة رصيداً كبيراً‬ ‫لدى غالبية الشعب المتدين بالفطرة‬ ‫وال��ع��ادة ي��ض��اف إل��ى رص��ي��ده��ا في‬ ‫"معاهد األسد لتعليم القرآن الكريم"‪،‬‬ ‫ال يهم إن ك��ان المعهد باسم األسد‬ ‫أو أي كائن آخ��ر‪ ،‬المهم هو الغاية‪،‬‬ ‫ورضي حاملو العمائم بهذه المكرمة‬ ‫وروجوا أن "ولي األمر" هو حامل لواء‬ ‫اإلسالم وحامي المسلمين‪ ،‬أما أولئك‬ ‫القابعون خلف القضبان وفي ظلمات‬ ‫األقبية الباردة العفنة فهم "مارقون"‬ ‫أو "مجتهدون مخطؤون" وهو ما يبرر‬ ‫تدميرهم والتنكيل بعائالتهم بل‬ ‫وترفيعهم إلى مرتبة غوانتنامو لدى‬ ‫الصديق "االمبريالي"‪.‬‬ ‫الش����يء ي��ب��دو ف��ي ال��س��م��اء أم��ام��ن��ا‬ ‫غ���ي���ر ال����ظ��ل�ام وص�������ورة ال���ج�ل�اد‬ ‫ه���و ال ي��غ��ي��ب ع���ن ال��ع��ي��ون ك��أن��ه‬

‫ق�����در ك���ي���وم ال���ب���ع���ث وال���م���ي�ل�اد‬ ‫ك��ان��ت ص���وره أم��ام��ن��ا ف��ي كل‬ ‫شيء‪ ،‬بل إن زبانيته اخترعوا طريقة‬ ‫شريط الصور الذي كان يلف المالعب‬ ‫وال��م��دارس والصاالت وحتى حاويات‬ ‫القمامة‪ ،‬المهم أن يبقى أمام ناظرينا‬ ‫وحولنا وفي أعماق أحالمنا‪ ،‬كنت غالبًا‬ ‫ما أستيقظ هلعًا في وسط الليل بعدما‬ ‫أرى قسماته الباردة المقيتة‪ ،‬غير أن‬ ‫أحد مفسري األحالم "العارفين" باهلل‬ ‫وكل اآللهة أكد لي أن "عشق المحبوب‬ ‫قد ينقلب إلى رهف المرعوب" وهو‬ ‫قول ال أزال أبحث في معناه إلى اليوم‪،‬‬ ‫ولم أفهم لماذا ال أستيقظ رعباً لدى‬ ‫رؤية إحدى ممثالت هوليوود الجميالت‬ ‫طالما االمر كذلك‪.‬‬ ‫"إلى األبد" كان من أخبث الشعارات‬ ‫التي تم حشوها في أف��واه وعقول‬ ‫وقلوب كل الناس‪ ،‬وم��رد سوئه هو‬ ‫اإلقرار بخلود القائد وهو بهذا يتساوى‬ ‫مع اهلل‪ ،‬والغريب أو لعله المفهوم أن‬ ‫حملة العمائم لم يروا كذلك ضيراً في‬ ‫األمر‪ ،‬فخلود القائد مختلف عن خلود‬ ‫اهلل‪ ،‬مثلما أن القائد نفسه مختلف‬ ‫بالتأكيد عن اهلل‪ ،‬الفارق بسيط‪ ،‬هذا‬ ‫نراه واآلخر ال نراه‪ ،‬وعليك أن تعبده‬ ‫كأنك تراه‪ ،‬وجه الشبه هنا أن أحداً لم‬ ‫يجرؤ يومًا على االدع��اء بأنه رأى أيًا‬ ‫منهما‪ ،‬وإن فعل فقد ح ّلت عليه بركات‬ ‫السماء وخيرات األرض‪.‬‬ ‫م���اع���اد ف��ي��ه��ا ض����وء ن��ج��م ش���ارد‬ ‫م���اع���اد ف��ي��ه��ا ص����وت ط��ي��ر ش���ادي‬ ‫ت��م��ض��ي ب��ن��ا األح�����زان س���اخ���رة بنا‬ ‫وت������زورن������ا دوم�������ا ب��ل�ا م��ي��ع��اد‬ ‫لم أكن أفهم عبارة كانت منتشرة‬ ‫بين الناس "دقيقة ببالدنا بتسوى ميت‬ ‫سنة في الغربة"‪ ،‬والسبب أن طوابير‬ ‫طالبي الهجرة والزاحفين على السفارات‬ ‫والحدود البرية والجوية والبحرية وحتى‬ ‫الفضائية كانت تسد األفق من كثرة‬

‫أعدادها‪ ،‬فإذا كان النعيم الذي نعيشه‬ ‫بفضل حكمة القائد التاريخي الملهم‬ ‫(سنعود لقضية اإللهام الحقًا)‪ ،‬أقول‬ ‫إذا كان هذا النعيم يرسم كل مالمح‬ ‫الوطن ومكوناته‪ ،‬فلماذا الترف إذاً؟‬ ‫وهل يقف هؤالء طلباً لتأشيرة ألنهم‬ ‫ناكرو الجميل؟ يبدو أنني كنت من‬ ‫القالئل الذين يسألون‪ ،‬فكلمة "طنش"‬ ‫كانت جوابًا شافياً ألي حيرة عقلية أو‬ ‫نفسية يتعرض لها السائل في حال‬ ‫كان تساؤله ضمن الحدود‪ ،‬أما تحت‬ ‫الحدود فالجواب لم يكن يأتي بالكالم‬ ‫إنما بوسائل أخرى وفي أماكن أخرى‪،‬‬ ‫أما تساؤالت فوق الحدود فقد تكفل بها‬ ‫"أهل الحل والعقد" على اعتبارها تدخ ًال‬ ‫في عمل ال��رب ونائبه على األرض‪.‬‬ ‫كانت األحزان تعبر في خاليانا ونضحك‬ ‫رغماً عنا متوهمين القدرة على الحياة‬ ‫تحدياً لـ‪ ...‬مه ًال‪ ،‬هل قلت تحديًا؟ هذه‬ ‫من قاموس الكالم المحرم‪ ،‬ومن "حام‬ ‫حول الحمى أوشك أن يقع فيه" فعليك‬ ‫التوبة ويمكننا النظر في الغفران فيما‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫ك��ان��ت ح��ش��ود ال��م��وت ت��م��رح حولنا‬ ‫وال��ع��م��ر ي��ب��ك��ي‪ ..‬وال��ح��ن��ي��ن ي��ن��ادي‬ ‫ع���م���ر‪ ..‬ف���ر م��ن��ي ه��ارب��ا‬ ‫م���ا ب��ي��ن‬ ‫ٍ‬ ‫وح���ك���اي���ة ي���زه���و ب���ه���ا أوالدي‬ ‫كان شعور األيام ثقي ً‬ ‫ال عليّ بشكل‬ ‫كبير‪ ،‬كانت أسئلتي المحرمة تصل‬ ‫مرحلة متقدمة باالستفسار عن مغزى‬ ‫الحياة أص� ً‬ ‫لا‪ ،‬هل تكبد ال��رب مشقة‬ ‫خلقنا وحل مشاكلنا وفض صراعاتنا‬ ‫كي ندور في فلك "القائد الملهم"؟ لم‬ ‫أستطع فهم أن يولد إنسان ويعيش‬ ‫ويموت كلمحة عابرة‪ ،‬بينما "أشباهه"‬ ‫من البشر في أماكن أخرى يخترعون‬ ‫ويبحثون ويمرحون ومن ثم بالطبع‬ ‫يموتون ولكن لماذا لسنا مثلهم؟ لعل‬ ‫من أكثر األقوال تأثيراً في وجداني هو‬ ‫"كل الناس يموتون‪ ،‬ولكن ليس كل‬

‫خالد كنفاني‬

‫الناس حقًا يحيون"‪ .‬وهو ما ينطبق‬ ‫على حالتنا آن���ذاك‪ .‬كانت أي��ة فكرة‬ ‫إبداعية تعني االعتقال أو التنكيل‪،‬‬ ‫فالتفكير هو من حق القائد الملهم‬ ‫"متى شاء"‪ ،‬وكل شيء خارج صالحيات‬ ‫الحياة الفيزيولوجية يعتبر "خروجاً"‬ ‫على ول��ي األم��ر وبالتالي ج��رأة في‬ ‫التفكير‪ .‬ما هذا التشابه بين اهلل ووليه‬ ‫على األرض‪ ،‬إن تجاوزت التفكير في‬ ‫حق األول قيل لك "استغفر اهلل" وإن‬ ‫تجاوزت التفكير في حق الثاني قيل‬ ‫لك "هذه ورقة انتسابك للحزب"‪.‬‬ ‫ق��د ك��ان آخ��ر م��ا لمحت على المدى‬ ‫و ال��ن��ب��ض ي��خ��ب��و ص�����ورة ال��ج�لاد‬ ‫ق��د ك���ان يضحك وال��ع��ص��اب��ة حوله‬ ‫وع��ل��ى ام��ت��داد النهر يبكي ال���وادي‬ ‫إن��ه ال ي���زال يضحك‪ .‬غالبًا ما‬ ‫أشعرتني ضحكته بالغثيان‪ ،‬فهي‬ ‫ضحكة بلهاء تلقائية تظهر دائمًا‬ ‫بمناسبة وبغيرها‪ ،‬ل��م أفهم كيف‬ ‫كان دائم الضحك ابتداء من توليته‬ ‫على رؤوسنا في لحظة خارج الزمان‬ ‫وال��م��ك��ان م��ن ع��ام ‪ ،2000‬وم���روراً‬ ‫ب��أح��داث أي��ل��ول ‪ 2001‬وبعدها غزو‬ ‫العراق ‪ 2003‬وغليان األك��راد ‪2004‬‬ ‫ومقتل الحريري ‪ 2005‬وح��رب تموز‬ ‫‪ 2006‬والقمة العربية الباهتة ‪2008‬‬ ‫ولم يكن آخرها الربيع العربي ‪.2011‬‬ ‫إن ك��ان للتاريخ أن يكتب عن هذه‬ ‫األح���داث فلن تكفي مجلدات لذكر‬ ‫أهوالها ومصاعبها‪ ،‬إال أنه كان –وال‬ ‫يزال‪ -‬دائم الضحك‪ ،‬هي ذات الضحكة‬ ‫التي انطلت على ماليين الناس بأن‬ ‫لديهم رئيسًا ضاحكًا وطويل القامة‬ ‫(كنت غالبًا ما أذك��ر الجملة الشامية‬ ‫الطريفة‪ :‬يعزّيني بقامته!) لم يكن‬ ‫أحد يقرأ في تلك الضحكة الكم الهائل‬ ‫من البالهة واالستخفاف بالناس‪ ،‬كان‬ ‫كثيرون يرون في ذلك ثقة بالنفس‪،‬‬ ‫المصيبة هي أنه ال يزال يضحك‪ ،‬وبعد‬ ‫شهر من ح��راك درع��ا وبينما الناس‬ ‫تنتظر "قائدها" ليروا ماذا خبأ لهم من‬ ‫حلول سحرية لهذه األزمة خرج علينا‬ ‫مستعص‬ ‫بذات الضحكة‪ ،‬إنه مرض‬ ‫ٍ‬ ‫إذاً أو آفة تحتاج إلى "عملية جراحية‬ ‫دقيقة" جداً (حقوق التعبيرات الخالبة‬ ‫للتلفزيون السوري)‪ ،‬كما أن المشكلة‬ ‫إنسانية أيضًا‪ ،‬فغالباً ما تصيبنا الكآبة‬ ‫حين نزور مكاناً فقيراً أو بائساً في بلد‬ ‫بعيد‪ ،‬أما هو فكان أيضًا يضحك عندما‬ ‫زار حي بابا عمرو "المحرر"‪ ،‬ولمَ ال؟‬ ‫ف��إذا كانوا هم يملكون الفضاء فهو‬ ‫يملك األرض! أحيانًا أحسده على برود‬ ‫أعصابه وعلى بالهته أيضاً وأذكر قول‬ ‫المتنبي‪ :‬ذو العقل يشقى في النعيم‬ ‫بعقله وأخ��و الجهالة في الشقاوة‬ ‫ينعم‬ ‫هذا الوطن عانى الكثير والكثير‪،‬‬ ‫وهذا أوان التغيير بكل تأكيد‪ ،‬وسيطول‬ ‫الزمن وستكتب التضحيات ولكن دقيقة‬ ‫حرية أبهى من دهر عبودية‪.‬‬ ‫آخر الكالم‪ :‬لشاعرنا أيضًا‪:‬‬ ‫وصرخت‪ ..‬والكلمات تهرب من فمي‬ ‫ه����ذي ب���ل��ادُ‪ ..‬ل���م ت��ع��د ك��ب�لادي‬


‫معرة النعمان‬

‫اعذرين م�سع��ود‪� ،‬أكنيّك بقوميتك‬ ‫رغ��م �أنك‪ ،‬بالن�سب��ة للجميع‪ ،‬ذلك‬ ‫الأ�سمر امل�ضحك‪ ،‬والعيون ال�ضخمة‬

‫مدن الثورة ‪. .‬‬

‫هند عيسى‬

‫دندنات اند�سا�سية‬

‫عبيد المجيد األشمر‬

‫مقتطفات من الثورة يف معرة‬ ‫النعمان الأبية‬

‫ق�صة �شهيد من معرة النعمان‬

‫�إح�صائيات‬

‫عدد شهداء معرة النعمان‪ 124 :‬شهيد‬ ‫أول شهيد سقط في معرة النعمان‪ :‬تامر‬ ‫ياسر القريز العلوش ‪2011/4/24‬‬

‫أسبوعية‬

‫حصل إطالق نار شرقي معرة النعمان‬ ‫عند سوق الغنم من قبل عصابات األسد التي‬ ‫تنصب الحواجز هناك عند الساعة الحادية‬ ‫عشر من مساء الخميس ‪ 2011\10\27‬وقد‬ ‫تبين أن سبب اطالق النار هو قيام أحد‬ ‫العساكر األحرار من معرة النعمان ويدعى‬ ‫مصطفى ابراهيم التيزري ويخدم على حاجز‬ ‫الطاهرية في حماه باالنشقاق والهروب من‬ ‫قطعته وقد ذهب باتجاه المعرة حيث كانت‬ ‫عصابات األسد على علم بذلك وعند سوق‬ ‫الغنم شرقي معرة النعمان قام بعض‬ ‫العناصر التابعة لعصابات األسد بمطاردة‬ ‫العسكري المنشق وإطالق النار عليه بكثافة‬ ‫مما أدى إلى استشهاده‪.‬‬ ‫دخلت الثورة عامها الثاني ولم تلن‬ ‫عزيمة أبطال معرة النعمان‪ ..‬ال تراجع ال‬ ‫استسالم حتى يسقط النظام‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫‪ 20‬أيار ‪2011‬‬ ‫ توافد آالف المتظاهرين إلى مدينة‬‫معرة النعمان‪.‬‬ ‫اقتحام قوات الجيش بالدبابات‬‫وحدوث إطالق نار كثيف مما أدى إلى مقتل‬ ‫المتظاهرين السلميين‪ ،‬حيث قالت المحامية‬ ‫الناشطة في الدفاع عن حقوق االنسان‬ ‫رزان زيتونة إن قوات سورية مدعومة‬ ‫بالدبابات داهمت بلدة معرة النعمان لتفريق‬ ‫المظاهرة‪.‬‬ ‫‪ 11‬حزيران ‪2011‬‬ ‫طائرات هليكوبتر أطلقت مدافع رشاشة‬ ‫لتفريق مظاهرة في معرة النعمان في أول‬ ‫تقريرعن استخدام القوة الجوية لقمع‬ ‫االحتجاجات في ثورتنا العظيمة‪.‬‬ ‫‪ 7‬آب ‪2011‬‬ ‫اقتحام مدينة معرة النعمان بالدبابات‬ ‫من قبل جيش األسد‪ ،‬حيث دخلت الدبابات‬ ‫معظم أحياء المدينة‪ ،‬وهذا بعد إطالق نار‬ ‫كثيف استمر عدة ساعات‪.‬‬ ‫‪ 9‬كانون األول ‪2011‬‬ ‫خرجت مظاهرة حاشدة بمدينة معرة‬ ‫النعمان تؤكد التزامها باإلضراب‪.‬‬

‫كان يا ما كان!!! أطفال من معرة‬ ‫النعمان‬ ‫ثالثة أصدقاء من معرة النعمان تتراوح‬ ‫أعمارهم بين ‪ 11‬و‪ 17‬سنة‬ ‫استشهد الثالث خالل تشيع الشهيد‬ ‫الثاني — واستشهد الثاني خالل تشيع‬ ‫الشهيد األول‪ ،‬وذلك في ثالثة أيام متتالية‪.‬‬ ‫شيّعوا من نفس الجامع األموي الكبير‪.‬‬ ‫استشهدوا في نفس المكان على أعتاب‬ ‫الجامع نفسه‪.‬‬ ‫والقاتل هو نفسه قوات األمن السوري‪.‬‬ ‫الشهيد األول‪ :‬محمد أمين عبدالرحمن‬ ‫الكردي – ‪2011\10\10‬‬ ‫الشهيد الثاني‪ :‬استشهد هشام نعوس‬ ‫– ‪2011\10\11‬‬ ‫الشهيد الثالث‪ :‬أيمن محمد نجيب منديل‬ ‫– ‪2011\10\12‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫معرة النعمان من المدن السورية‬ ‫المغرقة بالقدم‪ .‬شهدت أحداثًا كثيرة‬ ‫عبر تاريخها الطويل وحروبًا دامية من‬ ‫غزاة اآلشوريين واليونانيين والبيزنطيين‬ ‫والفرس والرومان‪،‬‬ ‫هي مهد الشاعر والفيلسوف أبي‬ ‫العالء المعري وغيره‪ ،‬وقد فبلغت شهرتها‬ ‫األمصار وازدهرت حضارتها فذكرها الرحالة‬ ‫والباحثون والعلماء والمؤرخون‬ ‫منذ بداية الثورة ومحافظة ادلب تفرز‬ ‫األبطال والثوار‪ ،‬ومعرة النعمان إحدى أهم‬ ‫المدن في المحافظة والتي قدّمت أبناءها‬ ‫فداء للثورة والوطن‪ .‬لم يتوانى أبناؤها عن‬ ‫المشاركة في ثورة الكرامة بكافة أشكالها‬ ‫من المظاهرات السلمية إلى إضراب الكرامة‬ ‫إلى االنشقاق واالنضمام إلى الجيش الحر‪.‬‬

‫بطوالت معرة النعمان‬

‫ها هي شهادة (نبراء) تعبر بأكثر‪ ،‬تكتب هذه المرأة من دوما‪،‬‬ ‫لحبيبها الكردي (آلن) ‪ ( :‬حبيبي الكردي‪ ،‬رسموا بين أجسامنا حدوداً‬ ‫ثقافية‪ ...‬حدودك حبيبي جسدي‪ ،‬والذكريات البعيدة في الماضي‪..‬‬ ‫أشعر لمستك أقدم من كردستان)‪.‬‬ ‫(لي��س للك��ردي إال الري��ح) ق��ال محم��ود دروي��ش‪ .‬وكذلك‪،‬‬ ‫للش��عوب ذلك الحق العظيم األوّحد؛ في تقري��ر مصيرها‪ ...‬لكن‬ ‫س��ورية‪ ،‬دامعة اليوّم‪ ،‬وربما نادمة‪ ،‬بكل ما للندم من حرقةٍ على‬ ‫الماض��ي‪( .‬األك��راد‪ ،‬أولئك الش��بان الموّلعون بالسياس��ة وأغاني‬ ‫الترحال‪ ،‬والحب المثالي كأس��طورة‪ ...‬كيف أودع هؤالء الشبان من‬ ‫وطني ؟؟؟"‪.‬‬ ‫ربم��ا كان األك��رد كالغجر‪ ،‬يصعدون إلى الس��ماء حين تنتهي‬ ‫ُ‬ ‫س��تمل دونك��م رتابة‬ ‫حكاياته��م‪ ،‬ولكنه��م يجهل��ون أن س��ورية‬ ‫العروب��ة واألديان‪ .‬أما ش��وارع دمش��ق س��تفتقد التن��وّع‪ .‬التنوّع‬ ‫الكلمة األساس لفهم الحرية‪.‬‬ ‫إن رحلت مسعود‪ ،‬شتخلو (الشعالن) من ألمع الصحفيين‪ ،‬ولن‬ ‫يتجرأ مثليو الجن��س على إظهار رغباتهم‪ ،‬وكذلك المرأة لن ترفع‬ ‫صوتها‪ .‬قومياتٌ أخرى س��تذوب في لخ��وف من األحادية‪ ،‬ذلك ألن‬ ‫األكراد رحلوّا‪ ،‬وفقدت س��ورية التنوع‪ ،‬وكرّس��ت التشابه‪ ،‬وحُرّم‬ ‫أن تكون مختلفًا‪ .‬ديقي مس��عود‪ ،‬ستشبه أقرانك األكراد وحدهم‪،‬‬ ‫وأُسجُن في تأثري بثقافة السوريين‪ ،‬فنشبه‪ ،‬أنا وأنت‪ ،‬من أجبرونا‬ ‫حال‪ ،‬سنعيش‪ ،‬لكن دون إبداع‪.‬‬ ‫على مشابهتهم‪ .‬على كل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫العروبة بجمود لغتها المونوتونية‪ ،‬فتخسر أنوثة " الواو‬ ‫وتبقى‬ ‫" الكردية‪ ،‬ومتعة تغيير األس��ماء ‪ :‬قامشلي‪ ،‬قامشلو‪ ...‬وسيرضى‬ ‫األع��راب النمطيوّن أن لوّحاتنا التش��كيلية س��تفقد ألوان طبيعة‬ ‫الكوبانية وعفرين‪ ،‬وس��يرضى الطغاة أن نساء العرب تحُرمُ في‬ ‫لباسها‪ ،‬من ألوان الجزيرة الفراتية‪.‬‬ ‫ل��ك صديقي مس��عود وحدك‪ ،‬أخش��ى أن أدفع رس��م الدخول‬ ‫ً‬ ‫رس��مية للقاءك‪ ،‬حي��ث يوقفني أحدٌ ما‪،‬‬ ‫لزيارتك‪ ،‬فتصبح س��فر ًّة‬ ‫بلباس عس��كري من قبل س��لطاتٍ لن تخترها ال أنت طبعاً‪،‬‬ ‫عُينَ‬ ‫ٍ‬ ‫وال أنا‪ .‬وسيس��ألني ‪( :‬هويتك‪ ،‬جنس��يتك)‪ ،‬وأخش��ى أنني سأجيب‬ ‫بإس��مي وأقول مجبراً ‪(:‬سوري‪ ،‬س��وري)‪ ،‬مخفيًا أن بداخلي تتكرر‬ ‫أغاني النيروز‪ ،‬وتمتزج ألوان الدبالن‪ ( : .‬س��وري‪ .‬س��وري) وكأنني‬ ‫أجه��ل أس��طورة الملك ( أزدهاك)‪ ،‬ولس��ت ق��ادراً عل االس��تمتاع‬ ‫بحكاية (ميموزين)‪ ،‬وحكمة (ميّد) و(األيوبيين)‪.‬‬ ‫كمغني��ة تتأل��م لخيان��ة حبيبه��ا‪ ،‬صديقي مس��عود‪ ،‬ومن ثم‬ ‫الك��ردي‪ ،‬حاول أن ال ترحل‪ ،‬وإن رحل��ت غنيّ معي ‪ " :‬آزادي " لكل‬ ‫األفراد‪ ،‬ولتس��قط الجماعات‪ ،‬الجموع التي احتلتنا س��ابقًا‪ ،‬عصبة‬ ‫األس��د‪ ،‬واالس��تعماريين الفرنس��يين‪ ،‬والعثمانيي��ن‪ ،‬وحتى أولئك‬ ‫القادم��ون منهم‪ ،‬الذين لم يبجرون الس��وريين في المدارس على‬ ‫تعلم لغة عشاقهم ‪ " :‬آزادي "‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫الصفحة القانونية‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪8‬‬

‫حمــاية امللكيــــة الفكـــرية‬

‫ياسر مرزوق‬

‫حماي��ة الملكي��ة الفكري��ة ح��ق مصون‬ ‫تصون ح��ق المخت��رع وتحمي حقوق��ه اتجاه‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وهي تعبير نم��ا وتنامى على ضوء‬ ‫التطور وحاجات العالم وقد أصبحت تعني حاليًا‬ ‫"حماية االختراع – اإلبداع – النماذج الصناعية‬ ‫– العالمات التجارية األدوية البشرية – األدوية‬ ‫الزراعية والحيوانية – الطب الشعبي – البذور‬ ‫– األشجار – األزهار‪ 00‬إلــخ "‬ ‫بع��د قيام الث��ورة الصناعية ف��ي أوروبا‬ ‫وأثرها الواس��ع ف��ي دول العال��م‪ ،‬دفعت هذه‬ ‫الدول إلى التنادي لوضع االتفاقيات في سبيل‬ ‫حماية حق��وق الصناعيين والتجار والمبدعين‬ ‫لم��ا يملك��ون م��ن مخترع��ات او منتج��ات أو‬ ‫صناع��ات يتعاملون بها‪ ،‬وأخذت الدول األخرى‬ ‫تنض��م إل��ى ه��ذه االتفاقي��ات وااللت��زام بها‬ ‫وأخ��ذت تضع التش��ريعات القانوني��ة لمكاتب‬ ‫الحماية المنظمة فيها‪.‬‬ ‫ ففي ع��ام ‪ /1883/‬أبرمت في باريس‬‫اتفاقية من قبل اتحاد باريس لحماية الملكية‬ ‫الصناعية دعيت " اتفاقية باريس " وقد انضم‬ ‫إليها القطر العربي السوري في عام ‪/1924/‬‬ ‫‪0‬وفي عام ‪ /1891/‬أبرمت في مدريد بإسبانيا‬ ‫اتفاقي��ة لقم��ع بيانات تصدير الس��لع الزائفة‬ ‫والمضللة دعيت " اتفاقية مدريد " وقد انضم‬ ‫إليهـا القطر العربي السوري في عام ‪/1924/‬‬ ‫أيضًا وكذلك في عام ‪ /1942/‬انضمت سورية‬ ‫إلى االتفاق المعق��ود بتاريخ ‪ 1942/6/3‬بين‬ ‫فرنسا وسورية ولبنان القاضي بانتقال مكتب‬ ‫حماي��ة الملكية الصناعي��ة والتجارية والفنية‬ ‫إلى الحكومتين السورية واللبنانية ‪ - 0‬وعلى‬ ‫اثر ذلك صدر المرسوم التشريعي رقم ‪/20/‬‬ ‫تاريخ ‪ 1945/9/2‬في س��ورية يتضمن إحداث‬ ‫مكت��ب حماية الملكي��ة التجاري��ة والصناعية‬ ‫في س��ورية وقد أتبع هذا المكت��ب إلى وزارة‬ ‫االقتص��اد ف��ي حينـ��ه‪ ،‬كم��ا صدر المرس��وم‬ ‫التش��ريعي رق��م ‪ /47/‬تاري��خ ‪/1946/10/9‬‬ ‫الناظ��م ألعم��ال حماي��ة الملكي��ة التجاري��ة‬ ‫والصناعية إلى هذا الوقت‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 2001/ 2/19‬ص��در قانون حماية‬ ‫الملكي��ة الفكرية في س��وريا والذي خطا فيه‬ ‫المشرع الس��وري خطوات متقدمة ومن أهم‬ ‫بنوده‪:‬‬ ‫الم��ادة‪ /2/‬إن المصنف��ات الت��ي تتمت��ع‬ ‫بالحماية بموجب أحكام هذا القانون هي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬المصنف��ات الت��ي ينتجه��ا وينش��رها‬ ‫مواطن��و الجمهوري��ة العربية الس��ورية ومن‬ ‫في حكمهم داخل البالد أو خارجها‪.‬‬ ‫ب‪ -‬المصنف��ات الت��ي ينتجها وينش��رها‬ ‫ف��ي الجمهورية العربي��ة الس��ورية مؤلفون‬ ‫اتخذوا منها مكانا إلقامتهم‪.‬‬ ‫ج‪ -‬المصنف��ات الت��ي تش��ملها أح��كام‬ ‫االتفاقيات الثقافي��ة واالتفاقيات األخرى التي‬ ‫تلتزم بها الجمهورية العربية السورية‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /3 /‬تتمت��ع جمي��ع المصنف��ات‬ ‫بالحماي��ة وفق أح��كام هذا القانون وتش��مل‬ ‫الحماية بصفة خاصة ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬المصنفات المكتوبة الكتب والكتيبات‬ ‫والنش��رات والمخطوط��ات والمحاض��رات وما‬ ‫شابهها من المواد المكتوبة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬المصنف��ات الفني��ة المس��رحية‬ ‫والموسيقية سواء أكانت مرقمة منوطة أم ال‬ ‫مصحوبة بكلمات أم ال والسينمائية واإلذاعية‬ ‫والتلفزيونية والغنائية والتوزيع الموس��يقى‬ ‫وتصميم الرقصات والتمثيل اإليمائي‪.‬‬ ‫ج‪ -‬مصنف��ات الفن��ون التش��كيلية‬ ‫والتطبيقية والتصوير الفوتوغرافي‪.‬‬ ‫د‪ -‬مصنف��ات المص��ورات والخرائ��ط‬ ‫الجغرافي��ة والتصاميم والمخططات المتصلة‬ ‫بالطبوغرافيا أو بفن العمارة أو بالعلوم‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬مصنفات البرمجيات الحاسوبية بما‬

‫في ذلك وثائق تصميمها ومجموعات البيانات‬ ‫وتش��مل الحماية عنوان المصن��ف إال إذا كان‬ ‫العن��وان لفظ��ا جاري��ا للداللة عل��ى موضوع‬ ‫المصنف‪.‬‬ ‫المادة‪ /4/‬يستثنى من الحماية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬مجموعات الوثائق الرسمية كنصوص‬ ‫القوانين والمراس��يم واألنظم��ة واالتفاقيات‬ ‫الدولية واألحكام القضائي��ة وقرارات الهيئات‬ ‫اإلداري��ة وس��ائر الوثائ��ق الرس��مية وكذلك‬ ‫الترجمات الرسمية لها‪.‬‬ ‫ب‪ -‬األنباء اليومية المنشورة أو المذاعة‬ ‫أو المبلغة علنا‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /5/‬لمؤل��ف المصنف المش��مول‬ ‫بالحماي��ة وح��ده الح��ق ف��ي تقري��ر نش��ر‬ ‫مصنفه‪.‬‬ ‫مصنفات البرمجيات الحاس��وبية بما في‬ ‫ذلك وثائ��ق تصميمه��ا ومجموع��ات البيانات‬ ‫وتش��مل الحماية عنوان المصن��ف إال إذا كان‬ ‫العن��وان لفظ��ا جاري��ا للداللة عل��ى موضوع‬ ‫المصنف‪.‬‬ ‫المادة‪ /7/‬ينس��ب المصنف إل��ى مؤلفه‬ ‫بذك��ر اس��مه عن��د تنفي��ذ أي م��ن األعم��ال‬ ‫ال��وارد ذكرها في المادتي��ن‪ /5/‬و‪ /6/‬من هذا‬ ‫القانون ويس��تثنى من ذلك الحاالت التي يرد‬ ‫فيه��ا المصن��ف عرضا في ثنايا ب��ث إذاعي أو‬ ‫تلفزيوني ألحداث جارية‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /9/‬إن التحلي�لات واالقتباس��ات‬‫القصي��رة من المصن��ف بعد نش��ره ال تعتبر‬ ‫مس��ا بحق��وق المؤل��ف إذا قصد به��ا النقد أو‬ ‫المناقش��ة أو التثقيف أو األخبار مادامت تشير‬ ‫إلى المصنف واسم المؤلف إذا كان معروفًا‪.‬‬ ‫المادة‪ /13 /‬تتمت��ع هيئات البث اإلذاعي‬ ‫أو التلفزيون��ي بحق يخولها منع أي اس��تغالل‬ ‫لبرامجه��ا بغير ترخيص كتابي مس��بق منها‬ ‫ويع��د اس��تغال ًال محظ��وراً به��ذا المعن��ى أي‬ ‫نس��خ من هذه البرام��ج أو إعادة البث اإلذاعي‬ ‫أو التلفزيون��ي لها إل��ى الجمه��ور أو بيعها أو‬ ‫تأجيرها‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /16/‬ال يح��ق لم��ن أنتج صورة‬‫أن يع��رض أو ينش��ر أو ي��وزع اص��ل الصورة‬ ‫أو نس��خاً منها دون إذن األش��خاص الذين قام‬ ‫بتصويره��م وال يس��رى هذا الحك��م إذا كان‬ ‫نش��ر الصورة قد تم بمناس��بة حوادث وقعت‬ ‫علن��ًا أو كانت تتعلق بأش��خاص رس��ميين أو‬ ‫س��محت الوزارة بذلك خدمة للمصلحة العامة‬ ‫وللش��خص ال��ذي تمثل��ه الص��ورة أن ي��أذن‬ ‫بنش��رها ف��ي الكت��ب أو الصح��ف أو المجالت‬ ‫وغيره��ا من النش��رات المماثل��ة حتى ولو لم‬ ‫ي��أذن بذل��ك منت��ج الص��ورة كل ذل��ك ما لم‬ ‫يتفق على خالفه وتطب��ق هذه األحكام على‬ ‫الص��ورة المختلف��ة أي��ا كانت الطريق��ة التي‬ ‫أنتجت بها من تصوير فوتوغرافي أو رسم أو‬ ‫حفر أو نحت أو أية وسيلة أخرى‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /22/‬تتمت��ع بالحماي��ة حق��وق‬ ‫المؤل��ف ط��وال حيات��ه وحتى ‪ /50/‬س��نة من‬ ‫وفات��ه وإذا اش��ترك في تألي��ف المصنف أكثر‬ ‫من ش��خص فان الحماي��ة تش��مل المؤلفين‬ ‫كافة حتى غاية خمس��ين س��نة من وفاة آخر‬ ‫المشاركين في تأليف المصنف‪.‬‬ ‫المادة‪ /23/‬يتمتع بالحماية المصنف الذي‬ ‫ينشر دون اسم مؤلفه أو ينشر باسم مستعار‬ ‫مدة خمس��ين س��نة اعتبارا م��ن التاريخ الذي‬ ‫ينش��ر فيه هذا المصنف بطريقة مش��روعة‬ ‫ألول مرة وإذا عرفت ش��خصية المؤلف أو زال‬ ‫أي ش��ك بش��أن تحديده��ا قبل انقض��اء تلك‬ ‫الم��دة طبق��ت على حماي��ة المصن��ف أحكام‬ ‫المادة‪ /22 /‬من هذا القانون‪.‬‬ ‫المادة‪ /26/‬تؤول إلى الملك العام جميع‬ ‫المصنفات غي��ر المحمية أو التي انقضت مدة‬ ‫حمايتها وفق أحكام هذا القانون‪.‬‬

‫المادة‪ /27/‬يتمتع فنان��و األداء وخلفهم‬ ‫الع��ام بح��ق أدب��ي ال يقب��ل التن��ازل عنه أو‬ ‫التق��ادم يخولهم الحصول على نس��بة األداء‬ ‫إليهم وعدم المس بهذا األداء‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /28 /‬يتمت��ع فنان��و األداء بح��ق‬ ‫مال��ي اس��تئثاري يخوله��م منع أي اس��تغالل‬ ‫ألدائه��م بغير ترخيص كتابي مس��بق منهم‬ ‫ويع��د اس��تغال ًال محظ��وراً بهذا المعن��ى البث‬ ‫اإلذاع��ي والتلفزيوني لهذا األداء أو تس��جيله‬ ‫على دعامة أو عمل نسخ من دعامة وبيعها أو‬ ‫تأجيرها ومدة حماية هذا الحق هي خمس��ون‬ ‫سنة من تاريخ أول أداء علني‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /37 /‬تعتب��ر أوج��ه االس��تعمال‬ ‫التالي��ة للمصن��ف المتمت��ع بالحماي��ة بلغت��ه‬ ‫األصلية أو بنصه المترجم إليه مشروعة دون‬ ‫الحصول على موافقة المؤلف‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬ف��ي حال المصنف الذي تم نش��ره‬ ‫بطريقة مشروعة‪:‬‬ ‫أ‪ -‬ترجم��ة المصن��ف أو اقتباس��ه أو‬ ‫توزيعه موس��يقيًا أو تحويره إلى أي ش��كل أو‬ ‫استنس��اخه بغية الحصول على نسخة واحدة‬ ‫منه لالستعمال الشخصي‪.‬‬ ‫ب‪ -‬االستش��هاد بنصوص من المصنف‬ ‫بش��رط أن يك��ون ذل��ك متمش��ياً م��ع العرف‬ ‫السليم وان يكون لالستشهاد مسوغ وان يذكر‬ ‫عنوان المصنف واسم مؤلفه في العمل الذي‬ ‫يدرج فيه االستش��هاد بما في ذلك النصوص‬ ‫المنقول��ة من المقاالت الصحفي��ة والدوريات‬ ‫التي تظهر بشكل خالصات صحفية‪.‬‬ ‫ج‪ -‬اس��تخدام المصنف إيضاحًا للتعليم‬ ‫في مطبوعات أو برام��ج إذاعية أو تلفزيونية‬ ‫أو تس��جيالت صوتي��ة بصرية أو بث��ه لغايات‬ ‫مدرس��ية أو تربوي��ة أو جامعي��ة أو لغاي��ات‬ ‫التدري��ب المهن��ي بغ��رض التعليم وبش��رط‬ ‫أن يكون هذا االس��تخدام متمش��يا مع العرف‬ ‫الس��ليم وان يذك��ر عن��وان المصنف واس��م‬ ‫مؤلف��ه ف��ي كل م��ن وس��ائل االس��تخدام‬ ‫المذكورة‬ ‫ثاني��ا‪ :‬استنس��اخ مقال مذاع أو منش��ور‬ ‫في صحف أو دوريات وإبالغه للجمهور بشرط‬ ‫ذكر ه��ذا المصدر وال يكون هذا االستنس��اخ‬ ‫مشروعا إذا ورد صراحة منذ نشر ذلك المقال‬ ‫أو إذاعته أن ذلك محظور‪.‬‬ ‫ثالث��ا‪ :‬استنس��اخ أي مصن��ف يمك��ن‬ ‫مش��اهدته أو س��ماعه بمناس��بة ع��رض‬ ‫أح��داث جاري��ة وذل��ك ع��ن طري��ق التصوير‬ ‫الفوتوغرافي أو الس��ينمائي أو وسائل إعالم‬ ‫الجمه��ور أو جع��ل ذلك المصنف ف��ي متناول‬ ‫الجمه��ور ف��ي الح��دود التي يس��وغها الهدف‬ ‫اإلعالمي المنشود‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬استنس��اخ أعمال فنية تش��كيلية‬ ‫أو معماري��ة لعرضه��ا س��ينمائيا أو تلفزيونيا‬ ‫وإبالغه��ا للجمه��ور إذا كان��ت ه��ذه األعم��ال‬ ‫موج��ودة بصف��ة دائمة ف��ي مكان ع��ام أو ال‬

‫تحت��ل ف��ي البرنامج س��وى مكان��ة ثانوية أو‬ ‫عرضية بالنسبة إلى الموضوع الرئيس‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬استنس��اخ عمل أدبي أو فني أو‬ ‫علم��ي بالتصوي��ر الفوتوغراف��ي أو بطريقة‬ ‫مش��ابهة إذا كان قد س��بق وضعه في متناول‬ ‫الجمه��ور بص��ورة مش��روعة وذل��ك إذا جرى‬ ‫االستنس��اخ م��ن قب��ل مكتبة عام��ة أو مركز‬ ‫للتوثيق غير تجارى أو مؤسسة علمية أو معهد‬ ‫تعليمي بشرط أن يكون ذلك االستنساخ وعدد‬ ‫النسخ مقتصرا على احتياجات أنشطة الجهات‬ ‫المستنسخة وبشرط أال يضر ذلك باالستثمار‬ ‫المادي للمصنف أو يتسبب في ضرر ال مسوغ‬ ‫له لمصالح المؤلف المشروعة‪.‬‬ ‫سادس��ا‪ :‬االستنساخ بوس��اطة الصحف‬ ‫أو وس��ائل إعالم الجمهور ألي خطاب سياسي‬ ‫أو خط��اب ألق��ي في مرافع��ة قضائية أو آلية‬ ‫محاض��رة أو خطاب دين��ي أو غير ديني أو ألي‬ ‫عمل آخر مش��ابه ألقي علنا بش��رط أن يكون‬ ‫اله��دف الوحيد م��ن هذا االس��تخدام هو نقل‬ ‫خبر من األحداث الجارية‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /38/‬للهيئ��ة العام��ة لإلذاع��ة‬ ‫والتلفزي��ون الح��ق ف��ي أن تذي��ع أو تع��رض‬ ‫المصنف��ات التي تق��دم في المس��ارح أو في‬ ‫أي مكان ع��ام آخر وعلى مديري هذه األمكنة‬ ‫تمكين الهيئات المذكورة من ترتيب الوسائل‬ ‫الفنية الالزمة لذل��ك وعلى تلك الهيئات بيان‬ ‫اس��م المؤلف وعنوان المصنف ودفع تعويض‬ ‫عادل للمؤلف أو خلف��ه وذلك مع مراعاة عدم‬ ‫ج��واز عرض تلك المصنفات م��ن قبل الهيئة‬ ‫إال بعد انقضاء خمس سنوات على األقل على‬ ‫تاري��خ تس��جيلها من قب��ل الهيئ��ة أو بموجب‬ ‫اتفاق بين الطرفين‪.‬‬ ‫الم��ادة‪ /40 /‬يعاق��ب بالحبس من ثالثة‬ ‫اش��هر إلى س��نتين وبغرامة ال تقل عن مائة‬ ‫ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬كل م��ن اعت��دى عل��ى أي حق من‬ ‫الحقوق المشمولة بالحماية في المواد ‪/6 /5/‬‬ ‫‪ /7‬من هذا القانون‪.‬‬ ‫ثاني��ا‪ -‬كل م��ن نس��ب لنفس��ه مصنفا‬ ‫ليس من تأليفه‪.‬‬ ‫ثالث��ا‪ -‬كل من تصرف أو ح��از أو عرض‬ ‫للبيع أو أذاع على الجمهور بأية وس��يلة كانت‬ ‫أو ادخ��ل إل��ى أراض��ي الجمهوري��ة العربي��ة‬ ‫الس��ورية مصنف��ا‪ -‬مخالف��ا بذل��ك أح��كام‬ ‫الحماية المق��ررة بموجب هذا القانون بقصد‬ ‫االستغالل التجاري‪.‬‬ ‫رابع��ا‪ -‬كل م��ن أع��اد ف��ي الجمهوري��ة‬ ‫العربي��ة الس��ورية إنت��اج مصنف��ات محمي��ة‬ ‫مخالف��ا أحكام ه��ذا القان��ون وكذلك كل من‬ ‫باع هذه المصنفات أو أصدرها أو تولى نقلها‬ ‫أو نش��رها أو تأجيره��ا وهو يعل��م بالمخالفة‬ ‫وتتع��دد العقوبات بتع��دد المصنفات موضوع‬ ‫االعتداء‪.‬‬


‫ال�س َلم ّية‪:‬‬ ‫عن الث ّورة يف َ‬

‫محمد دحنون‬

‫عن البدايات‬

‫الث ّورة م�ستمرة!‬

‫ملحق شباب السفير ‪2012 / 4 / 3‬‬

‫أسبوعية‬

‫بع��د جمع��ة «أحف��اد خال��د»‪ ،‬ش��هدت‬ ‫السَ�� َلميّة حملة اعتقاالت كبي��رة‪ ،‬مما أدّى‬ ‫إل��ى ضعف التظاه��رات ف��ي المدينة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي تمّ التعويض عنّه بتظاهرات طيّارة‪،‬‬ ‫وأخ��رى خرج��ت من الم��دارس‪ ،‬فض� ً‬ ‫لا عن‬ ‫نشاطات احتجاجيّة متنوّعة‪.‬‬ ‫يق��ول عب��د اهلل‪« :‬في ش��هر حزيران‬ ‫الماض��ي ق��ام ط�لابٌ جامعيّ��ون‪ ،‬مُنع��وا‬ ‫م��ن الوص��ول إل��ى مدين��ة حم��اة لتقدي��م‬ ‫االمتحانات‪ ،‬بتظاهرة هتفوا خاللها بش��عار‬ ‫«الش��عب يريد فحص��اً جدي��د»‪ .‬ولكن األمر‬ ‫تصاع��د بعد أن ق��ام هؤالء بن��زع وتمزيق‬ ‫كاف��ة ص��ور الرئي��س ف��ي أنح��اء المدينة‪،‬‬ ‫وأهمّها بالطبع الصوّرة الكبيرة على واجهة‬ ‫الس��رايا»‪ .‬ويضيف‪« :‬هناك تظاهرات يقوم‬ ‫بها ط�لاب م��دارس «علي بن أب��ي طالب»‬ ‫و«الس��يدة زينب»‪ ،‬وغيره��ا إضافة إلى رفع‬ ‫عل��م االس��تقالل ف��ي مناط��ق مهمّ��ة من‬ ‫المدينة‪ ،‬مثل قلعة شميميس والمستشفى‬ ‫الوطن��ي‪ ،‬هذا عدا ع��ن توزيع المنش��ورات‬ ‫والكتابة على الجدران»‪.‬‬ ‫لك��ن ضع��ف التظاه��ر ع��اد بق��وّة‬ ‫خ�لال تش��ييع أح��د ش��هدائها م��ن الجنود‪.‬‬ ‫يق��ول خال��د‪« :‬ش��ارك حوالي عش��رة آالف‬ ‫ش��خص في تش��ييع الش��هيد مجد حمودي‪،‬‬ ‫وكانت الس��لطات ق��د قدّمت ث�لاث روايات‬ ‫الستش��هاده‪ .‬فه��و‪ ،‬في الم��رّة األولى‪ ،‬قُتل‬ ‫في معرك��ة ميدانيّة‪ ،‬وف��ي الثانيّة انتحر‪،‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫احتفل ش��باب م��ن المدينة بس��قوط‬ ‫طاغيّ��ة تونس الس��ابق زي��ن العابدين بن‬ ‫عل��ي‪ .‬كتبوا عل��ى بعض الجدران ش��عارات‬ ‫تن��ادي بالحريّة‪ .‬بحس��ب خالد‪ ،‬أحد ش��باب‬ ‫المدينة‪ ،‬كان يمكن اعتبار هذه «الخربشات»‬ ‫إرهاصاً بوصول الثوّرة إلى سوريا‪.‬‬ ‫رس��ميّاً‪ ،‬يقول عبد اهلل الشعار‪ ،‬كانت‬ ‫التظاه��رة األول��ى الت��ي ش��هدتها الس��احة‬ ‫العامّة في المدينة قد حدثت «في الخامس‬ ‫والعش��رين م��ن آذار‪ ،‬وق��د ح��اول بع��ض‬ ‫المؤيدي��ن من ش��عبة حزب البعث إفش��الها‬ ‫بالهتاف��ات المض��ادة‪ ،‬ث��مّ باالعت��داء على‬ ‫المشاركين فيها»‪.‬‬ ‫وين��وّه عب��د اهلل بمش��اركة ع��دد من‬ ‫ش��باب مدينة الس��لميّة باعتصام الداخليّة‬ ‫ال��ذي جرى في دمش��ق قبل ذل��ك بأقل من‬ ‫أسبوعيّن‪ ،‬و«قد اعتقل عدد منهم»‪.‬‬ ‫أمّا في السَ َلمية نفسها‪ ،‬وعلى عكس‬ ‫الس��ائد‪ ،‬فق��د كان للجيل الكبي��ر دور مهمّ‬ ‫في النش��اط االحتجاجي ّ‬ ‫المبكر فيها‪ ،‬يقول‬ ‫خالد‪« :‬في السَ�� َلميّة الشارع مسيّس‪ .‬وقد‬ ‫كان لبعض كبار المعارضة التقليديّة الدور‬ ‫األساسي في العمل‪ ،‬ال سيّما المنتسبين إلى‬ ‫األحزاب اليساريّة غير المنضويّة في إطار‬ ‫الجبه��ة الوطنيّة التقدميّ��ة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫شباب الحزب السوري القومي االجتماعي»‪.‬‬ ‫بعد تظاهرة الخامس والعش��رين من‬ ‫آذار‪ ،‬كرّت س��بحة التظاه��رات وارتفع عدد‬ ‫المشاركين فيها‪ .‬يقول عبد اهلل‪« :‬ابتداء من‬ ‫«جمعة الشهداء»‪ ،‬شهد الحراك في المدينة‬ ‫ازدي��اداً كبيراً‪ ،‬حيث وصل عدد المتظاهرين‬

‫في «الجمع��ة العظيمة» إلى حوالي س��بعة‬ ‫آالف شخص»‪ ،‬ساروا مس��افة يقدّرها عبد‬ ‫اهلل بأربع��ة كيلومت��رات‪ ،‬من س��احة «قبّة‬ ‫تامر» إلى االتوستراد‪ ،‬فالساحة مجدداً‪.‬‬ ‫أمّا أكبر التظاه��رات فكانت تلك التي‬ ‫حدث��ت ف��ي جمع��ة «أحف��اد خال��د»‪ .‬يقول‬ ‫عب��د اهلل‪« :‬تج��اوز الع��دد ‪ 17‬ألف مش��ارك‬ ‫بينهم نس��بة ال تقل عن ثالثي��ن في المئة‬ ‫من النس��اء»‪ .‬وردّاً على س��ؤال حول كيفية‬ ‫تحديد رقم المشاركين‪ ،‬يجيب ضاحكًا‪« :‬عن‬ ‫طري��ق أحد فروع األم��ن!»‪ .‬ويوّضح‪« :‬أثناء‬ ‫التحقي��ق مع أح��د المعتقلين ق��ال المحقق‬ ‫إنّ​ّهم‪ ،‬في الفرع‪ ،‬يعرفون المشاركين الـ‪17‬‬ ‫ألفًا باالسم‪ :‬واحد واحد»!‪.‬‬ ‫بحس��ب خالد‪ ،‬كان ردّ الق��وى األمنيّة‬ ‫على هذه التظاه��رات ال يتعدّى في البداية‬ ‫المساءلة والمراقبة واالحتجاز لمدة ساعات‪.‬‬ ‫لكن ه��ذا لم يطل‪ ،‬إذ «ش��نّت قوّات األمن‬ ‫أوّل حمل��ة اعتق��االت بعد حوالي ش��هر من‬ ‫اندالع الث��وّرة‪ ،‬وقد اس��تهدفت تلك الحملة‬ ‫قادة الحراك من الجيل اليساري القديم»‪.‬‬ ‫ل��م يكتف النظام بقمع االحتجاجات بل‬ ‫ح��اول‪ ،‬وفي أكثر من م��رّة‪ ،‬إثارة الفتنة في‬ ‫المدينة‪ ،‬بحس��ب عب��د اهلل‪« .‬كانت المحاولة‬ ‫األولى للنظام حين قام البعض بنشر شائعة‬ ‫ب��أن س��نّة المدين��ة يري��دون تمزيق‬ ‫تفي��د ّ‬ ‫ص��ورة اإلمام «اآلغا خان»‪ ،‬وردّ بعضٌ أبناء‬ ‫الطائفة اإلسماعيّليّة في المدينة على تلك‬ ‫الشائعة بالصالة في المسجد!»‪.‬‬ ‫أمّ��ا خ�لال ش��هر رمض��ان الماض��ي‪،‬‬ ‫فقد ش��هدت السَ�� َلميّة ذات المي��ل المدني‬ ‫والعلمان��ي‪ ،‬طقس��ًا خاصّ��ًا‪ ،‬ينقل��ه عب��د‬ ‫اهلل‪« :‬كان موع��د التظاه��رة قب��ل أذان‬

‫المغرب بحوالي نصف س��اعة‪ ،‬يقوم بعدها‬ ‫المش��اركون بتن��اول اإلفطار‪ ،‬علم��ًا أنّه لم‬ ‫يكن الجميع صائمًا»‪.‬‬

‫وفي الثالثة‪ :‬قتله أحد رفاقه!»‪.‬‬ ‫يع��زو عب��د اهلل ضع��ف الح��راك ف��ي‬ ‫المدينة إلى س��ببين‪ ،‬هما «القبضة األمنيّة‬ ‫والوض��ع االقتص��ادي»‪ .‬ويضيف‪« :‬ش��هدت‬ ‫المدينة وصول تعزيزات أمنيّة على خلفيّة‬ ‫االحتف��ال بذك��رى س��نويّة الث��وّرة‪ ،‬فق��د‬ ‫انطلقت ‪ 12‬تظاهرة في أماكن متفرقة من‬ ‫المدينة‪ ،‬كان أبرزها في ساحة «قبّة تامر»‪،‬‬ ‫ومن أمام المؤسس��ة العس��كريّة‪ .‬وتمّثلت‬ ‫تلك التعزي��زات بتمركز دباب��ات قرب قلعة‬ ‫ش��ميميس وغيرها من المناطق‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى دعم المفارز األمنيّة بـ‪ 400‬عنصر‪.‬‬ ‫م��ن جهته‪ ،‬يتول��ى خال��د الحديث عن‬ ‫الوضع االقتص��ادي الخانق‪ .‬يقول‪« :‬لم تجد‬ ‫المدين��ة م��ن يدعمه��ا اقتصاديّ��ًا‪ ،‬بالرغم‬ ‫م��ن ن��زوح أكث��ر م��ن ‪ 25‬ألف ش��خص من‬ ‫مدين��ة حم��اه إليّه��ا‪ ،‬وتحديداً عق��ب جمعة‬ ‫«أطفال الحريّة»‪ ،‬يُض��اف إلى ذلك الوضع‬ ‫االقتصادي المترّدي في عموم البلد»‪.‬‬ ‫حافظ��ت السَ�� َلميّة عل��ى سِ��لميّة‬ ‫حراكه��ا‪ ،‬يقول خال��د‪« :‬لم تُس��تخدم فيها‬ ‫س��كين خالل الثوّرة»‪ ،‬وال يحبّذ نشطاؤها‬ ‫وثوّراها‪ ،‬أو أغلبيتهم على األقل‪ ،‬أي تواجد‬ ‫لعناص��ر الجي��ش الحرّ فيه��ا‪ ،‬برغم كل ما‬ ‫تش��هده المدينة من ح��وادث قتل واختطاف‬ ‫مريبة‪.‬‬ ‫خانت المدينة الصغير ابنها وش��اعرها‬ ‫الكبي��ر محم��د الماغ��وط؛ فسَ�� َلميّة الت��ي‬ ‫تتط ّلع اليوم‪ ،‬مع س��وريا ك ّله��ا‪ ،‬إلى الحريّة‬ ‫بدّلت موقعها‪ ،‬ولم تعد كما قال عنها يوما‪:‬‬ ‫«يحدّها من الش��مال الرعب‪ ..‬ومن الجنوب‬ ‫الحزن‪ ..‬ومن الشرق الغبار‪.»..‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫«و ع الحريّة يا بلعاس»‪ ،‬بهذه العبارة‬ ‫يخت��م أبن��اء المدين��ة الواقعة عل��ى تخوم‬ ‫الباديّ��ة الس��وريّة (‪ 30‬كيلومت��را ش��رقي‬ ‫حم��اة) أخب��ار نش��اطاتهم عل��ى صفح��ة‬ ‫تنسيقيّة مدينتهم‪ :‬السَ َلميّة‪.‬‬ ‫في دمش��ق‪ ،‬التي يقيم فيه��ا عدد من‬ ‫أبناء المدينة‪ ،‬يتطوّع األكبر س��نًّا ليشرح ما‬ ‫ال��ذي تعنيه العبارة‪« :‬بلعاس هو الجبل الذي‬ ‫يقع قرب المدينة‪ ،‬وهو‪ ،‬عدا عن كونه مصيف‬ ‫األهالي‪ ،‬فإنّه بالنسبة للسَ َلمية كما قاسيون‬ ‫بالنسبة إلى دمشق‪ .‬أكثر من ذلك‪ ،‬هو الجبل‬ ‫الذي كان يتخفى فيه «األمير تامر»‪ ،‬أحد أبرز‬ ‫مقاومي االحتالل الفرنسي»!‪.‬‬ ‫رغم صغرها وقلة عدد سكانها نسبيا‪،‬‬ ‫(‪ 120‬ألف نس��مة تقريب��ًا)‪ ،‬م ّث َ‬ ‫��ل االنخراط‬ ‫ّ‬ ‫المبك��ر للمدين��ة ف��ي الث��وّرة الس��وريّة‪،‬‬ ‫ومش��اركتها الواس��عة فيها‪ ،‬إضافة نوعيّة‬ ‫هامّ��ة‪ .‬فالسَ�� َلميّة‪ ،‬مع غيره��ا من المدن‬ ‫والقرى الس��وريّة الثائرة التي تتميّز بتعدد‬ ‫دين��ي وطائفي‪ ،‬كان��ت تمنح جس��داً وروحًا‬ ‫ألحد أبرز شعارات الثوّرة‪« :‬واحد واحد واحد‬ ‫الشعب السوريّ واحد»‪.‬‬ ‫عن حراك المدينة المستمر منذ اندالع‬ ‫الثوّرة قب��ل أكثر من عام‪ ،‬وبعض من أبرز‬ ‫محطاته ومالمحه‪ ،‬وعن القمع الذي مارسه‬ ‫النظام بحقّ ثوّارها‪ ،‬هنا حديث مع شابيّن‬ ‫من أبناء السَ َلميّة‪.‬‬

‫نبض الروح ‪. .‬‬

‫«و ع احلـــريّة يا بلعـــا�س»!‬

‫‪9‬‬


‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬

‫�شهادة ح ّية من قلب �سوريا‪..‬‬

‫لقد �شاهدت دبابات الأ�سد بينما كانت‬ ‫تتقدم لتدمر �إحدى البلدات الثائرة‬ ‫جون كانتلي ‪John Cantlie‬‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪10‬‬

‫بينما ناقش الرئيس األسد وقفًا‬ ‫إلطالق النار في اإلس��بوع الماضي‪،‬‬ ‫اس��تمرت دبابات��ه بتدمي��ر معاق��ل‬ ‫التمرد في الشمال‪.‬‬ ‫في ش��هادته من مدينة سراقب‬ ‫يصف جون كانتلي الهجوم المباشر‬ ‫على المدينة‪.‬‬ ‫كان م��ن الممك��ن الش��عور‬ ‫بجراف��ات (الكاتربل��ر) وه��ي تتقدم‬ ‫بق��در س��ماع أصواته��ا‪ ،‬فقرقعاتها‬ ‫العميق��ة كان��ت ترس��ل بالجلبة من‬ ‫خ�لال النوافذ وتبث رعش��ات الخوف‬ ‫في األحشاء‪.‬‬ ‫إلى أن رأيناه��م‪ ..‬كانت دبابات‬ ‫‪ T72‬ضخم��ة س��وفيتية الصن��ع تم‬ ‫تصفيحه��ا بصفائح معدينة إضافية‬ ‫لتف��ادي القذائ��ف الصاروخي��ة‪،‬‬ ‫مصحوب��ة بحام�لات الجن��د تتق��دم‬ ‫ببطء نح��و المدينة‪ .‬كانت الس��اعة‬ ‫قد تجاوزت التاسعة والنصف صباحًا‬ ‫وكانت الدبابات تتجه إلى سراقب‪.‬‬ ‫"اشعلوا اإلطارات!"‬ ‫كان مقاتل��و الجي��ش الس��وري‬ ‫الح��ر في س��راقب‪ ،‬البل��دة الزراعية‬ ‫الواقعة في شمال سوريا والتي يبلغ‬ ‫ع��دد س��كانها حوال��ي ‪ 30000‬أل��ف‬

‫نس��مة‪ ،‬أكثر تنظيماً من الكثير من‬ ‫المقاتلين في مناطق أخرى مجاورة‬ ‫ف��ي محافظ��ة إدل��ب‪ ،‬وق��د قام��وا‬ ‫بتنظي��م أنفس��هم ف��ي تش��كيالت‬ ‫حول س��وق المدين��ة المركزي‪ ،‬لقد‬ ‫كانوا يقومون بس��كب البنزين على‬ ‫إط��ارات الش��احنات ث��م يش��علونها‬ ‫لتنطل��ق منه��ا أعم��دة م��ن الدخان‬ ‫األس��ود الكثي��ف ف��ي اله��واء والذي‬ ‫كان يتس��بب بحجب الشمس‪ ،‬وعلى‬ ‫أمل‪ ،‬أن يتمكن من حجب الرؤية عن‬ ‫طاقم الدبابات‪.‬‬ ‫ولك��ن رغم ذل��ك فق��د وصلت‬ ‫الدبابات وتقدمت نحو البلدة الواحدة‬ ‫تلواألخرى كما قام��ت حامالت الجند‬ ‫بالتوقف إلنشاء بعض نقاط التمركز‬ ‫بينما قامت الدبابات بالتمركز بشكل‬ ‫ثنائي باتجاه مركز البلدة‪.‬‬ ‫تمكن��ت من التس��لل األس��بوع‬ ‫الماض��ي إل��ى س��راقب بمس��اعدة‬ ‫أحد تش��كيالت المقاتلي��ن المحليين‬ ‫والذي��ن يص��رون عل��ى أن يُظهروا‬ ‫للعال��م أن��ه ورغم تالعب��ه بالجهود‬ ‫الدولي��ة للوصول إل��ى وقف إلطالق‬ ‫الن��ار ف��إن الرئي��س األس��د كان‬ ‫مس��تمراً باس��تخدام أقص��ى قوت��ه‬

‫لس��حق معارضيه‪ .‬فبينما وافق في‬ ‫األس��بوع الماضي على خطة السالم‬ ‫ذات النقاط الس��ت‪ ،‬والتي تقدّم بها‬ ‫الدبلوماسي المخضرم كوفي عنان‪،‬‬ ‫فإن ما ش��اهدته بنفس��ي يظهر أن‬ ‫نيّة الرئيس السوري هي كل شيء‬ ‫ماعدا ذلك‪.‬‬ ‫بينم��ا انتش��ر قناص��ة الجيش‬ ‫الس��وري عل��ى المبان��ي العالية في‬ ‫س��راقب بغرض تأمين غطاء ناري‪،‬‬ ‫قام الث��وار من حولي بالتمركز حول‬ ‫زوايا الش��وارع واألرصفة‪ ،‬ثم بدأت‬ ‫س��يارات الش��حن الصغيرة بالتوقف‬ ‫فج��أة مصدرة أصواتًا ه��ادرة‪ ،‬وهي‬ ‫محمل��ة بالتعزي��زات م��ن قذائ��ف‬ ‫صاروخية وقناب��ل بدائية مصنوعة‬ ‫م��ن اس��طوانات الغ��از وأنابي��ب‬ ‫معدنية يت��م تثبيتها أم��ام الحواجز‬ ‫اإلس��منتية وإخفائه��ا بصناديق من‬ ‫ال��ورق المق��وى‪ ،‬ث��م ب��دأت أصوات‬ ‫التلقي��م تصدر م��ن مائت��ي بارودة‬ ‫كالش��ينكوف‪ ،‬مترافق��ة م��ع بعض‬ ‫الرشقات العشوائية التي تم إطالقها‬ ‫بشكل غاضب‪.‬‬ ‫س��اد هدوء لم��دة خمس دقائق‬ ‫وس��ط ج��و م��ن التوت��ر‪ ،‬ث��م بدأت‬

‫الدبابات بالتقدم نحو س��احة السوق‬ ‫وكان هدي��ر جنازيره��ا يت��ردد بين‬ ‫جنبات الش��وارع بينما ينبعث الدخان‬ ‫األبي��ض م��ن محركاته��ا‪ .‬لقد قمت‬ ‫بالمراقب��ة برفق��ة العش��رات م��ن‬ ‫الث��وار عل��ى بع��د ‪ 100‬ي��اردة م��ن‬ ‫أح��د الدبابات بينم��ا كان برج الرمي‬ ‫يتحرك يمينًا وشما ًال لمسح الشوارع‬ ‫واألزق��ة الجانبية تحس��بًا ألي تهديد‬ ‫وكان مدف��ع الدباب��ة من ن��وع ‪125‬‬ ‫ملم صامتًا حتى اللحظة‪.‬‬ ‫"اهلل أكبر!"‬ ‫م��ردداً صيحة "اهلل أكب��ر" التي‬ ‫يرددها الث��وار‪ ،‬قام أح��د المقاتلين‬ ‫بتوجيه ق��اذف األر بي جي المحمول‬ ‫عل��ى كتفه نح��و مدف��ع الدبابة ثم‬ ‫س��دد القذيفة وق��د أصابت القذيفة‬ ‫ب��رج الدبابة إل��ى اليس��ار قلي ً‬ ‫ال من‬ ‫كوة الس��ائق ث��م انطلق��ت صيحات‬ ‫البهج��ة بين الث��وار وه��م يقفزون‬ ‫من الفرح‪ ،‬ولكن يبدو أن أحداً منهم‬ ‫ل��م يلح��ظ أن الصاروخ ل��م ينفجر‪،‬‬ ‫وأن��ه تحطم إلى مئات من الش��ظايا‬ ‫المعدني��ة عديمة الفائ��دة وفي تلك‬ ‫اللحظة فتحت الدبابة النار‪.‬‬ ‫اس��تهدفت القذائ��ف األول��ى‬


‫من أعمدة الصحافة ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫المصدر‬ ‫‪Syria eyewitness dispatch: ‘I‬‬ ‫‪watched as Assad’s tanks rolled‬‬ ‫‪in to destroy a rebel town‬‬ ‫عن موقع المترجمون السوريون األحرار‬

‫أسبوعية‬

‫ممتلكاتهم في سيارات وخرجوا من‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫في غضون ذلك‪ ،‬كان المقاتلون‬ ‫ينفذون انس��حابهم الفوضوي وهم‬ ‫يقودون سياراتهم بسرعة ‪ 100‬كم‬ ‫بالس��اعة عبر طرق زراعي��ة باتجاه‬ ‫قرى خ��ارج مرم��ى القذائ��ف‪ ،‬بينما‬ ‫كان��ت حوام��ات الجي��ش تحلق فوق‬ ‫رؤوسهم‪.‬‬ ‫كان يمكن لهذه القيادة الرعناء‬ ‫للس��يارات أن تتكف��ل بموت من نجا‬ ‫من قذائف الجيش وتجهز عليهم‪.‬‬ ‫"م��اذا كان بإمكانن��ا أن نفع��ل‬ ‫ف��ي مواجهته��م؟" يتحسّ��ر عب��د‬ ‫الق��ادر وهو طال��ب تعي��ش عائلته‬ ‫في س��راقب‪" :‬نحن لسنا جنود‪ ،‬ولم‬ ‫نتلق أي تدريب��ات ومعنا القليل من‬ ‫السالح"‪.‬‬ ‫قت��ل س��بعة ف��ي المواجه��ات‬ ‫ذل��ك اليوم كم��ا أصي��ب ‪ 28‬آخرين‪.‬‬ ‫ف��ي صباح يوم األح��د التالي‪ ،‬انتهت‬ ‫محاول��ة الثوار بش��ن هج��وم مضاد‬ ‫باالنس��حاب وق��د تقطع��ت به��م‬ ‫الس��بل وعلق��وا بين مرم��ى خطين‬ ‫م��ن الدبابات في مس��احة ‪ 500‬متر‬ ‫مفتوحة وجس��ر للمش��اة تحت مرآى‬ ‫رشاشات الجيش‪.‬‬ ‫تتح��ول االنتفاضة في س��وريا‬ ‫إل��ى حرب ك��رّ وف��رّ‪ ،‬حي��ث يحاول‬ ‫الثوار عرقلة الق��وات الحكومية بأي‬ ‫طريقة ممكنة‪ .‬لكن وبدون التمويل‬ ‫أو التدري��ب أو مض��ادات الدباب��ات‪،‬‬ ‫يبق��ى لديه��م القلي��ل ال��ذي يمكن‬ ‫فعله‪ ،‬فإلى أن يق��وم رجال األعمال‬ ‫األغنياء في دمشق وحلب باالنضمام‬ ‫إلى القت��ال‪ ،‬تبقى الثورة الس��ورية‬ ‫ث��ورة الطبق��ة العامل��ة بإمكانياتها‬ ‫المحدودة‪.‬‬ ‫يبي��ع المزارع��ون والط�لاب‬ ‫الريفي��ون ممتلكاته��م لتأمين مبلغ‬ ‫األلف��ي دوالر المطلوب��ة للحص��ول‬ ‫على س�لاح الكالش��ينكوف المهربة‬ ‫من العراق‪ ،‬ولدفع مبلغ أربع دوالرات‬ ‫لكل عيار ناري‪ .‬لكن تأثير الرصاص‬ ‫كتأثير منجنيق الحروب القديمة ضد‬ ‫دبابات الـ ‪.T72‬‬

‫"إل��ى أن تق��دم الم��دن الكبيرة‬ ‫الع��ون لن��ا‪ ،‬س��نعمل جاهدين على‬ ‫إيج��اد الط��رق المتاح��ة للقتال في‬ ‫هذه الثورة"‪ ،‬قال حس��ين إبراهيم‪،‬‬ ‫وهو أحد ناشطي مدينة سراقب‪.‬‬ ‫"لكن رج��ال األعمال في حلب ال‬ ‫يريدون الت��ورط معنا‪ ،‬ال يمكن لهم‬ ‫أن يكونوا ضد األس��د ألنه قدم لهم‬ ‫كل شيء"‪.‬‬ ‫بالنس��بة ألولئ��ك عل��ى الطرف‬ ‫اآلخر‪ ،‬فإن األدخن��ة والفوضى التي‬ ‫عمت س��راقب ف��ي نهاية األس��بوع‬ ‫الماض��ي أخف��ت طبيع��ة العملي��ة‬ ‫عس��كرية النوعي��ة الت��ي ج��رى‬ ‫تنفيذها هناك‪ .‬لق��د تدربت القوات‬ ‫الس��ورية عل��ى تلك العملي��ات أثناء‬ ‫حصاره��ا للنقاط الس��اخنة األخرى‬ ‫للثوار‪ ،‬من حمص ودرعا إلى مدينة‬ ‫ادلب وغيرها م��ن البلدات في انحاء‬ ‫المحافظ��ة‪ .‬فالعملي��ة تق��وم عل��ى‬ ‫اقتحام الدبابات أو ًال‪ ،‬وتقوم بقصف‬ ‫مواقع الثوار لتجبرهم على الخروج‪.‬‬ ‫ف��ي الي��وم التال��ي‪ ،‬يك��ون هن��اك‬ ‫قصفاً عش��وائياً للتأك��د من تحقيق‬ ‫أهدافهم‪ .‬وبعد ذل��ك‪ ،‬تقوم القوات‬ ‫البري��ة بتنفيذ االقتح��ام بعد التأكد‬ ‫من مغادرة كل الصحافيين األجانب‬ ‫والثوار‪ .‬به��ذه الطريقة يبقى هناك‬ ‫عدد قليل من الشهود على ما يحدث‬ ‫بعد ذلك‪.‬‬ ‫م��ن المس��تحيل التحق��ق م��ن‬ ‫الفظاع��ات الت��ي ترتكبه��ا الق��وات‬ ‫البري��ة الس��ورية ل��دى اقتحامه��ا‬ ‫للمدن‪ ،‬لكن مما ال شك فيه أن أعداد‬ ‫الجرحى والمعتقلين مرتفعة جداً‪.‬‬ ‫يقوم ضباط مخاب��رات الجيش‬ ‫باس��تخدام المعلومات المخزنة على‬ ‫أجهزة الكمبيوتر المحمولة العتقال‬ ‫أش��خاص عل��ى اختالف مش��اربهم‪،‬‬ ‫حي��ث يت��م اعتق��ال كل م��ن يتكلم‬ ‫بسوء ضد النظام‪ ،‬ويتم اعتقال كل‬ ‫من يتم مش��اهدته في االحتجاجات‬ ‫ضد النظ��ام‪ ،‬ويتم اعتق��ال كل من‬ ‫لدي��ه اتص��ال باالنترن��ت‪ ،‬والقائمة‬ ‫تطول‪.‬‬ ‫"أت��ى الش��بيحة (الميليش��يا‬ ‫الموالية للحكومة) إلى بيتي وأخذوا‬

‫أوالدي"‬ ‫تقول فطوم حاج حسين‪ .‬وهي‬ ‫م��ن س��كان بل��دة س��رمين الواقعة‬ ‫على بعد خمس��ة أميال الى الشمال‬ ‫الغربي من س��راقب‪ ،‬والتي تعرضت‬ ‫للهجوم قبلها ببضعة أيام‪.‬‬ ‫"لق��د أخ��ذوا ثالثة م��ن أوالدي‪،‬‬ ‫وه��م ش��بان ف��ي الجي��ش ولكنهم‬ ‫انش��قوا ف��ي ش��هر كان��ون الثان��ي‬ ‫الماضي‪ .‬أطلق الشبيحة النارعليهم‬ ‫في ال��رأس وأحرق��وا جثثهم أمامي‬ ‫في فن��اء بيتن��ا‪ .‬أرجوك��م أعطوني‬ ‫بندقية كالش��نيكوف وسأقتل األسد‬ ‫بنفسي"‪.‬‬ ‫وكان اليزال الرماد الساخن أمام‬ ‫منزلها‪ -‬والكثير من األدلة الش��اهدة‬ ‫عل��ى عمليات التدمير التي قامت بها‬ ‫القوات البرية في مكان آخر في بلدة‬ ‫سرمين‪.‬‬ ‫لق��د ت��م ح��رق المستش��فى‬ ‫الميداني‪ ،‬وامتألت الجدران والمنازل‬ ‫بطلقات الكالشينكوف‪ ،‬وحطموا أحد‬ ‫المساجد بثالث قذائف‪.‬‬ ‫عندم��ا تغ��ادر الدباب��ات مراكز‬ ‫الم��دن‪ ،‬تدخل القوات البرية‪ ،‬هذا ما‬ ‫يح��دث – وال يمكن ألح��د من الخارج‬ ‫أن يراقب الوضع‪.‬‬ ‫ومع ذلك ومع مقتل كل شخص‬ ‫ترتفع عزيمة الثوار يوماً بعد يوم‪.‬‬ ‫"ال مج��ال للعودة"‪ .‬يقول فراس‬ ‫ملح��ن وهو طالب من س��راقب كان‬ ‫ق��د رآى كي��ف تم تدمي��ر منزله من‬ ‫قبل الدبابات‬ ‫"لم يعد هناك ش��يء يس��تحق‬ ‫الع��ودة م��ن أجل��ه‪ ،‬خيارن��ا اآلن هو‬ ‫النصر أو الموت في س��بيله وال خيار‬ ‫ثالث بينهما"‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫المبان��ي المج��اورة محدثت��ًا صوت��ًا‬ ‫رهيباً‪ ،‬وبحراً من الغبار الرمادي الذي‬ ‫اجتاح الشارع كموجة تسونامي‪ ،‬كما‬ ‫أصابت شظية معدنية ساخنة بحجم‬ ‫قبض��ة اليد أح��د المقاتلين فقطعت‬ ‫رأسه على الفور‪.‬‬ ‫ارتطمت بندقيته بالحائط بينما‬ ‫س��حب أصدقائ��ه جثت��ه مقطوع��ة‬ ‫ال��رأس م��ن تح��ت الن��ار‪ .‬لق��د كان‬ ‫الجس��د بدون دم��اء ومح��روق‪ .‬كما‬ ‫أصاب��ت الش��ظايا أح��د المقاتلي��ن‬ ‫في س��اقه محدثتًا نزيف��ًا عميقاً في‬ ‫فخذه‪ ،‬م��ا ترك أث��راً قرم��زي اللون‬ ‫على الطريق‪.‬‬ ‫"أربي جي‪ ..‬المزي��د من األربي‬ ‫جي إلى هنا!"‬ ‫ص��اح أح��د المقاتلي��ن ولك��ن‬ ‫ب��دون ج��دوى‪ ،‬حي��ث أن��ه وب��دون‬ ‫وجود تسلس��ل واضح للمسؤوليات‪،‬‬ ‫يس��تنزف المقاتلي��ن الكثي��ر م��ن‬ ‫جهودهم بالجدال فيما بينهم تمامًا‬ ‫كتلك الجهود التي يبذلوها في قتال‬ ‫العدو‪ .‬وبينما توالت تلك المشاحنات‬ ‫المذع��ورة‪ ،‬خرج��ت ام��راة ومعه��ا‬ ‫أطفاله��ا المذعورين إل��ى باب البيت‬ ‫وخاطبت المقاتلين‪:‬‬ ‫"رج��ا ًء ال تطلق��وا النار من هنا"‬ ‫توسلت المرأة إلى الثوار‪" ،‬أمي عجوز‬ ‫وال تس��تطيع أن تتحرك وإذا أطلقتم‬ ‫النار من هنا فسوف يقومون بتدمير‬ ‫منزلنا"‪.‬‬ ‫"س��وف نس��تخدم قنابلن��ا‬ ‫إليقافه��م‪ ،‬أعدٌك بذل��ك" أجاب أحد‬ ‫المقاتلين‪.‬‬ ‫ولكن القنابل المصنّعة منزلياً‬ ‫ال تفع��ل ش��يئًا يذك��ر ف��ي مواجهة‬ ‫دبابة قتالية‪.‬‬ ‫وعندما ب��دأت الدبابات بإطالق‬ ‫الن��ار عل��ى أس��فل المبان��ي بهدف‬ ‫التس��بب بانهياره��ا‪ ،‬رك��ض مختار‬ ‫نصار‪ ،‬وهو شاب يرتدي ثوب أبيض‪،‬‬ ‫ومعه أربي ج��ي‪ ،‬وهو أحد القاذفات‬ ‫القليل��ة الم��زودة ب��رأس صاروخي‬ ‫فعّال‪.‬‬ ‫وبينما بدا الرعب بش��كل واضح‬ ‫علي��ه وهو عل��ى بعد ‪ 50‬ي��اردة من‬ ‫الدباب��ة‪ ،‬لم يس��تطع أن يأخ��د وقتًا‬ ‫كافيُا لتس��ديد قذيفت��ه نحو الطرف‬ ‫األق��ل تحصين��ًا ف��ي الدباب��ة‪ ،‬حيث‬ ‫أسرع باالحتماء عندما فتحت الدبابة‬ ‫المواجهة لهدفه النار مر ًة أخرى‪.‬‬ ‫"غير موفقة‪ ..‬لم تكن موفقة"‬ ‫دمدم مختار وهو ينس��حب وقد‬ ‫إمت�لأ بالغب��ار‪ .‬أما ف��ي األعلى فقد‬ ‫اس��تهدفت رش��قات القناص��ة مآذن‬ ‫المس��اجد‪ .‬لق��د كان القتال وحش��يًا‬ ‫ومن طرف واحد‪ ،‬كاستعراض للقوة‬ ‫المطلقة‪.‬‬ ‫عند الس��اعة الثالثة بعد الظهر‪،‬‬ ‫أدرك الث��وار أن المعرك��ة قد انتهت‬ ‫فانس��حبوا لم��كان آم��ن ليدخن��وا‬ ‫الس��جائر وقد تركوا الدبابات تتجول‬ ‫وتقص��ف كم��ا تش��اء‪ .‬ف��ي غضون‬ ‫بض��ع س��اعات‪ ،‬ت��م إخض��اع مدينة‬ ‫س��راقب‪ ،‬ثم مضى كل واحد لينجوا‬ ‫بنفس��ه‪ .‬بقيت بع��ض العائالت في‬ ‫بيوته��ا‪ ،‬عل��ى أم��ل تحس��ن الوضع‬ ‫لألفضل‪ ،‬بينم��ا قام آخرون بتحميل‬

‫‪11‬‬


‫ال�صــراع علـى الإ�ســالم‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪12‬‬

‫الأ�صولية والإ�صالح وال�سيا�سات الدولية‬

‫ياسر مرزوق‬

‫حوّل��ت " الح��رب عل��ى اإلره��اب " ذات‬ ‫األبعاد العس��كرية والثقافية واالس��تراتيجية‬ ‫اإلسالم والمسلمين إلى مشكلة عالمية ومن‬ ‫هنا يستعرض كاتبنا "رضوان السيد" المشهد‬ ‫الحالي والذي بدأت معالمه بالظهور في حرب‬ ‫الخليج الثانية ‪،1991‬ومن جانب المتش��ددين‬ ‫اإلس�لاميين باإلع�لان ع��ن "جبه��ة مجاهدة‬ ‫اليهود والصليبيين" أول عام ‪1998‬م وصو ًال‬ ‫الى الحرب األمريكية على اإلرهاب بعد أحداث‬ ‫أيلول ‪ 2001‬ومشروع الشرق األوسط الكبير‬ ‫للرئي��س" ب��وش"‪ ،‬ويق��دم الس��يد مراجعة‬ ‫نقدية‪ ،‬للخطاب األمريك��ي والعربي بعد ‪11‬‬ ‫أيل��ول محاو ًال اإلجابة على رس��الة المثقفين‬ ‫األمريكيي��ن‪ :‬ه��ل يصل��ح ش��عار "الح��رب‬ ‫العادلة" لتشكيل مجال مش��ترك للحوار‪،‬كما‬ ‫يقوم بتحليل رس��الة المثقفي��ن األمريكيين‬ ‫وحركات اإلس�لام السياس��ي والص��راع على‬ ‫اإلسالم‪ ،‬من االستشراق إلى األنثروبولوجيا‪،‬‬ ‫مس��ألة الحض��ارة والعالقات بي��ن الحضارات‬ ‫ل��دى المثقفين العرب في األزمن��ة الحديثة‪،‬‬ ‫اإلسالميون والعولمة‪ :‬العالم في مرآة الهوية‪،‬‬ ‫رؤي��ة العالم في الفكر اإلس�لامي المعاصر‪:‬‬ ‫الحتمي��ات المؤتلف��ة واإلمكاني��ات األخ��رى‪،‬‬ ‫الثقافة اإلس�لامية وثقافة الس�لام‪ ،‬اإلصالح‬ ‫اإلسالمي وصالح البرامج التعليمية‪.‬‬ ‫وككل أعمال��ه الج��ادة‪ ،‬يباش��ر رضوان‬ ‫الس��يد ف��ي كتاب��ه الجدي��د "الص��راع عل��ى‬ ‫اإلسالم" (دار الكتاب العربي‪ )2004 ،‬مقاربته‬ ‫التحليلي��ة‪ ،‬م��ن معاينة الواق��ع الملموس‪ ،‬أو‬ ‫"المشهد الراهن "وال يفوته أن يسدل الستار‬ ‫عل��ى "المش��هد"‪ ،‬بكش��فه عل��ى واق��ع آخر‪،‬‬ ‫وقد اغتنى بحش��د من المعطي��ات التاريخية‪،‬‬ ‫وش��حن بأس��ئلة الماضي ‪ -‬الراهنة‪ ،‬وألقيت‬ ‫بين جنباته وأمام ناظريه أس��ئلة "المشاهد"‬ ‫الضرورية والملحة‪.‬‬ ‫فالهجم��ة األميركية في أوجها‪ ،‬واندفاع‬ ‫الق��وة العالمي��ة "المنف��ردة" بل��غ ح��داً عاليًا‬ ‫في عدوانيت��ه‪ ،‬وجموح الهيمن��ة يقود خطى‬ ‫القط��ب األميرك��ي األوح��د بعد أن ف��از على‬ ‫خصمه الس��وفياتي الس��ابق‪ ،‬والع��رب أو ًال‪،‬‬ ‫عادوا مس��تهدفين بض��راوة‪ ،‬ف��ي عروبتهم‬ ‫وفي إس�لامهم‪ ،‬مما وسع س��احة المواجهة‪،‬‬ ‫لتنضم إليها أقطار إس�لامية اخرى في آسيا‪،‬‬ ‫وجاليات إسالمية مقيمة في الغرب األوروبي‬ ‫واألميركي‪ .‬مما أضاف الى الصراع العسكري‬ ‫واالقتصادي‪ ،‬بُعد الهوية بكل إشكالياته‪.‬‬ ‫كم��ا يط��رح الس��يد اتص��ال الراه��ن‬ ‫بماض له س��ياقه‪ ،‬عل��ى صعيد عالقة العرب‬ ‫ٍ‬ ‫والمس��لمين بالغرب‪ ،‬ول��ه منطقه التاريخي‪،‬‬ ‫عل��ى صعيد تط��ور الحركة اإلس�لامية‪ ،‬منذ‬ ‫مطالع القرن العشرين وحتى اللحظة الراهنة‪.‬‬ ‫وفي الحالين ثمة تصورات وبنى وقراءات‪ ،‬لها‬ ‫نماذج في االستش��راق وفي الس��يطرة وفي‬ ‫االس��تعمار وف��ي الهيمنة‪ ،‬ولها نم��اذج ردود‬ ‫ف��ي محاولة اإلص�لاح (العربي واإلس�لامي)‬ ‫وفي بن��اء النموذج الخاص‪ ،‬وف��ي التعبيرات‬ ‫"القطعي��ة" العنفية‪ ،‬التي كان الحادي عش��ر‬ ‫م��ن أيلول عام ‪ 2001‬تعبيراً عن عمق التأزم‬ ‫ال��ذي آل��ت إلي��ه‪ .‬ويضيء عل��ى اإلش��كالية‬ ‫الكب��رى المتمثل��ة بعجزن��ا ع��ن الدخول في‬ ‫العالم وبالحنين الى االنسحاب منه‪ ،‬في حين‬ ‫ان المش��اركة الفاعلة‪ ،‬والتس��وية المنفتحة‬ ‫نفس��ها‪ ،‬تعطي��ان "مش��روعنا الحض��اري"‬ ‫المدعى معناه الشامل‪.‬‬ ‫ف��ي تحلي��ل «الوضعي��ة» األميركي��ة‪،‬‬ ‫يطل��ق الدكتور رض��وان الس��يد حكمه على‬

‫الخط��اب السياس��ي‪ ،‬والثقافي الذي يس��وّغ‬ ‫ل�لإدارة األميركية الحالية مس��لكها‪ ،‬فيصفه‬ ‫بأنه خطاب متهافت‪ .‬في ش��رح ذلك‪ ،‬يخوض‬ ‫الكاتب‪ ،‬سجا ًال مع المثقفين األميركيين‪ ،‬ومع‬ ‫رسالتهم‪ ،‬التي دعتنا ألن نكون جزءاً من حزب‬ ‫أميركا العادلة‪ .‬يرفض السيد" مفهوم العدالة‬ ‫للحرب‪ ،‬كما يرفض ربط السياسة بالمبادئ‪،‬‬ ‫او إقامة التماهي بي��ن القيم وأميركا‪ ،‬بحيث‬ ‫تصير الواح��دة هي األخرى وتصي��ر المهمة‬ ‫"اإلرس��الية التبش��يرية" منوطة بتفس��يرات‬ ‫الق��وة‪ ،‬وبق��وة فرضه��ا عل��ى اآلخري��ن في‬ ‫الوقت عينه‪ ،‬أي بش��ن الح��رب التي اعتبرها‬ ‫الكاتب "عم ًال سياس��يًا ال عالقة له باألخالق"‪،‬‬ ‫وإذا كان ال مفر من "حرب ما"‪ ،‬ألن الضرورات‬ ‫الدفاعي��ة تمل��ي ذل��ك‪ ،‬فمن األج��دى إعطاء‬ ‫الح��رب صفة "الضرورية"‪ .‬ربما حاول الكاتب‬ ‫مالق��اة المثقفي��ن األميركيين ف��ي منتصف‬ ‫جادة الح��وار‪ ،‬إال أن مف��ردة الضرورية تظل‬ ‫عاجزة عن تسويغ الهجمة وتبريرها‪ ،‬بخاصة‬ ‫إذا ت��رك أمر تحديد الضرورات "ألولي أمرها"‬ ‫وبخاصة إذا أخذنا بالمثل القائل " الضرورات‬ ‫تبي��ح المحظ��ورات"‪ ...‬ومعل��وم أن الح��رب‬ ‫م��ا كان��ت إال لـض��رورات يعطيه��ا القادرون‬ ‫عل��ى الحرب "أخالقيتها" ويس��بغون عليها ما‬ ‫يش��اؤون من معان��ي التاريخ‪ ،‬ويس��تبيحون‬ ‫باس��مها كل المحظ��ورات‪ .‬ف��ي ه��ذا المجال‬ ‫يظ��ل الس��ؤال عالقًا ع��ن "قهر الض��رورات"‬ ‫الت��ي تتي��ح لآلخرين س��حق ش��عوب وبلدان‬ ‫بأكمله��ا‪ ،‬فهل يعقل أن يدفع العالم ما دفعه‬ ‫ف��ي الح��روب العالمي��ة المتنقلة‪ ،‬ثمن��ًا لمنع‬ ‫انهيار اقتصاد؟ أو ثمنًا للس��يطرة على سوق؟‬ ‫أو ثمنًا لتعظيم أرباح االحتكارات ودفعها إلى‬ ‫حدوده��ا القص��وى؟ ن��كاد نق��ول أن ال حرب‬ ‫ضرورية‪ ،‬سوى تلك التي يُرفع فيها السالح‪،‬‬ ‫رداً لغ��زو ومنعاً إلبادة‪ ،‬ورفضًا الس��تغالل أو‬ ‫نهب خي��رات وطنية‪ .‬إال أن الخطاب األميركي‬ ‫عل��ى "تهافت��ه" يلقي الض��وء عل��ى حقبات‬ ‫اس��تعمارية س��ابقة‪ ،‬وعلى الموق��ف العربي‬ ‫واإلس�لامي منه��ا‪ ،‬أو م��ن الغ��رب األوروبي‬ ‫واألميركي عمومًا‪.‬‬ ‫ي��كاد الدكتور رضوان الس��يد يقول إن‬ ‫حصيلة الخطاب العربي في مواجهة الخطاب‬ ‫الغرب��ي كان��ت متهافتة ه��ي األخرى‪.‬يرصد‬ ‫الكات��ب تطور الحركة اإلس�لامية‪ ،‬باالتصال‬ ‫بقضايا الواقع العربي واإلسالمي‪ ،‬ويعين لها‬ ‫تيارات ثالثة "تمايزت" طروحاتها طبقاً لتمايز‬ ‫حقبه��ا‪ ،‬وباالتص��ال م��ع التط��ورات المحلية‬ ‫والدولية التي واجهتها‪ .‬لقد تقدم تيار التقليد‬ ‫اإلس�لامي ف��ي النص��ف األول م��ن الق��رن‬ ‫العش��رين‪ ،‬وفي فت��رة الثالثين��ات منه على‬ ‫وجه التحديد‪ ،‬ثم تيار اإلصالح والتجديد‪ ،‬ثم‬ ‫تيار اإلحياء الطهوري الذي اتخذ لنفسه هدفًا‬ ‫قوام��ه "حفظ الهوي��ة وتطهيرها من خرافة‬ ‫التقلي��د ورجس الغرب"‪ .‬لق��د أضاف كل تيار‬ ‫الى الواقع الذي عايش��ه لون��ه‪ ،‬وانتقل األمر‬ ‫م��ع التيارات م��ن ه��دف التقدم‪ ،‬ال��ى هدف‬ ‫المواءم��ة والتجدي��د‪ ،‬ال��ى ه��دف النم��وذج‬ ‫المستقل‪ ،‬المقابل لنموذج "الحضارة الغربية‬ ‫والمتفوق عليه أيضًا"‪.‬‬ ‫يتاب��ع الكاتب تط��ور فك��ر ممثلي تلك‬ ‫التيارات‪ ،‬ويستعرض أهم مفاصل نظرياتها‬ ‫ويخلص في بع��ض المطارح إل��ى خالصات‬ ‫م��رة‪ ،‬تظه��ر "نكوصنا" ع��ن إم��كان االلتقاء‬ ‫كلما تقدم العالم باتجاه مساحات لقاء أرحب‪.‬‬ ‫يسوق الدكتور السيد مثا ًال على ذلك يستقيه‬ ‫م��ن المقارن��ة بي��ن س��جاالت محم��د عب��ده‬

‫وف��رح انطون‪ ،‬وبين س��جاالت رش��دي صالح‬ ‫ومحمد البهي‪ ،‬ليخ��رج من المقارنة بخالصة‬ ‫تقول‪« :‬إن س��جال األولي��ن ظل مفتوحًا على‬ ‫المش��ترك فيم��ا ظ��ل اآلخرون عل��ى طرفي‬ ‫نقيض‪ ،‬ف��إذا أضيف أب��و األعل��ى المودودي‬ ‫وس��يد قطب الى المقارنة‪ ،‬أمكن التمييز بين‬ ‫الس��ابقين الذين هدفوا إلى االنخراط‪ ،‬على‬ ‫وجه من الوجوه في العالم من خالل إقبالهم‬ ‫عل��ى التقدم والنض��ال من أجل االس��تقالل‬ ‫وعل��ى التغيير وبين الالحقين‪ ،‬الذين س��عوا‬ ‫"الى نظام ش��امل يقطع مع س��ائر التجارب"‬ ‫ويصطفي لخطابه عبارات ومفاهيم من نوع‬ ‫"الحاكمي��ة‪ ،‬واالس��تخالف" ويعط��ي لتطبيق‬ ‫الش��ريعة ولف��رض الجهاد‪ ،‬معان��ي تتوافق‬ ‫وأهدافه السياس��ية‪ ،‬التي تستظل باإلسالم‪،‬‬ ‫وتعلن أنها موجودة ألجل فرض تطبيقه‪.‬‬ ‫ال ينضم الكاتب الى القائلين بانحس��ار‬ ‫أث��ر الحرك��ة اإلس�لامية‪ ،‬لكنه يرجح فش��ل‬ ‫نس��خها العنيفة ويماثل بي��ن نهايتها ونهاية‬ ‫كل الح��ركات العنيف��ة الت��ي عرفها اليس��ار‬ ‫المحل��ي والعالمي‪ .‬بل أنه ينس��ب ش��يئاً من‬ ‫التأثي��ر اليس��اري عل��ى ه��ذه الح��ركات إلى‬ ‫جه��ة األس��لوب فدائيو المدن وحرب الش��عب‬ ‫الطويلة األمد كما ينس��ب تشابهاً بين البنية‬ ‫التنظيمي��ة للحـركتي��ن‪ ،‬بخاص��ة ف��ي مجال‬ ‫المركزي��ة المتش��ددة‪ ،‬وفي مج��ال الفاعلية‬ ‫القائمة عل��ى التضحية بالذات‪ ،‬واالس��تعداد‬ ‫العالي للعطاء‪ .‬في ترجيح "حكم االنحس��ار"‬ ‫أو في استش��رافه‪ ،‬يش��ير الس��يد إل��ى " أننا‬ ‫في ظل التي��ار اإلحيائي الس��ائد‪ ،‬صرنا عبئًا‬ ‫على أوطاننا‪ ،‬ومش��كلة للعالم وأنه ال بد من‬ ‫الخروج م��ن األصولي��ة العاج��زة والعدوانية‬ ‫والتصدي له��ا باإلصالح الدين��ي وبالنهوض‬ ‫الثقافي وبتغيير األوضاع والدخول في العالم‬ ‫والمشاركة فيه بقوة "‪...‬‬

‫الوجه اآلخر لالنحسار‪ ،‬يقرأه الكاتب في‬ ‫العوامل الت��ي وفّرت الق��وة والدفع الالزمين‬ ‫للحركات اإلسالمية‪ ،‬بخاصة في فترة الحرب‬ ‫الباردة‪ ،‬فقد ولى استخدام هذه الحركات في‬ ‫الص��راع الدائر بين القطبي��ن عالميًا‪ ،‬وجرى‬ ‫استخدامها في وجه قوى المعارضة اليسارية‬ ‫والقومي��ة محلي��اً‪ ،‬ه��ذا االس��تخدام كان له‬ ‫أساس��ه التاريخي‪ ،‬عندما انتقل اإلس�لاميون‬ ‫بعدائهم‪ ،‬م��ن الحضارة الغربي��ة التي كانت‬ ‫مصنف��ة كخطر أول‪ ،‬إلى محاربة الش��يوعية‬ ‫كعدو له" أولوي��ة المقاتلة"‪ .‬لقد تبدل العالم‬ ‫بعد الحرب الباردة‪ ،‬وتغير العالم وأميركا بعد‬ ‫انهي��ار االتحاد الس��وفياتي‪ ،‬وأصيب االنتقال‬ ‫الذي باش��ره اإلسالميون في عقد التسعينات‬ ‫من القرن الماضي‪ ،‬بضربة أساس��ية بس��بب‬ ‫هجم��ات الحادي عش��ر م��ن أيل��ول‪ ،‬وانفالت‬ ‫الهيمنة األميركية‪ ،‬واقتحام مفاهيم العولمة‬ ‫وآلياتها كل األقطار‪.‬‬ ‫لق��د ع��اد اإلس�لاميون للتوج��س بعد‬ ‫أن جرّب��وا "التعددي��ة‪ ،‬واالنتخاب��ات"‪ ،‬وبع��د‬ ‫أن س��اهموا ف��ي نق��اش حق��وق اإلنس��ان‬ ‫والمواطنة من منظور إسالمي‪ .‬عادوا من كل‬ ‫ذل��ك وبفعل الضغط الدول��ي إلى نظرية أن‬ ‫العولمة مؤامرة‪ ،‬وأن الغرب يكيل بمكيالين‪،‬‬ ‫وأن الح��رب ح��رب عل��ى العرب والمس��لمين‬ ‫واإلسالم‪ ،‬وأن الهوية باتت مهددة وال مناص‬ ‫من النهوض لحمايتها‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫تحم��ل بع��ض القضايا المث��ارة‪ ،‬صحة‬ ‫ال جدال فيه��ا‪ ،‬بخاصة لجه��ة االنفصام بين‬ ‫أق��وال الغ��رب وأفعال��ه‪ ،‬وبي��ن جمعه ش��تاء‬ ‫السياسة وصيفها فوق سطح واحد‪ ،‬وال يعدم‬ ‫القائ��ل باالنحي��از الغرب��ي‪ ،‬وباالستنس��ابية‬ ‫األميركية‪ ،‬وس��ائل إيضاح‪ .‬في هذا المضمار‬ ‫فلس��طين "المثل" الذي يخت��زل كل األمثلة‪،‬‬ ‫ومثله��ا الع��راق وأفغانس��تان‪ ،‬وفي الس��ياق‬


‫حممد كرد علي ‪1952 - 1876‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫تح��ول ذلك الديوان بجهد من رئيس��ه‬ ‫إل��ى "المجمع العلمي العربي"‪ ،‬أو ما اش��تهر‬ ‫بع��د ذل��ك باس��م "مجم��ع اللغ��ة العربي��ة"‬ ‫للنه��وض باللغة العربي��ة وآدابها‪ ،‬وهو أول‬ ‫المجام��ع اللغوية ظه��وراً‪ ،‬وقد ب��ذل محمد‬ ‫كرد علي جهداً كبيراً في تكوين هذا الصرح‬ ‫العلم��ي‪ ،‬ونج��ح ف��ي إبع��اده ع��ن التيارات‬ ‫السياس��ية والحزبية‪ ،‬وأنشأ له مجلة‪ ،‬صدر‬ ‫الع��دد األول منها ع��ام ‪ 1921‬كما فتح قاعة‬ ‫المجمع للجمهور لس��ماع المحاضرات العامة‬ ‫الت��ي كان يلقيه��ا رج��ال األدب والفك��ر‪،‬‬ ‫وكان م��ن نصيب محمد ك��رد علي منها ‪62‬‬ ‫محاضرة‪.‬‬ ‫وإل��ى جان��ب رئاس��ة المجم��ع العلمي‬ ‫العربي‪ ،‬اختير كرد علي لتولي وزارة المعارف‬ ‫عام ‪1920‬م بعد اس��تيالء القوات الفرنسية‬ ‫على الب�لاد‪ ،‬وأثناء وزارته بعث عش��رة من‬ ‫الط�لاب الس��تكمال دراس��تهم العالي��ة في‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬

‫الت��ي كان ق��د أصدره��ا بالقاه��رة؛ لتكون‬ ‫لس��ان حال الثقافة في دمشق‪ .‬وقد تعرض‬ ‫محمد ك��رد علي إلى مخاطر عديدة بس��بب‬ ‫ج��رأة المقتب��س‪ ،‬ورفعت ض��ده دعاوى في‬ ‫المحاك��م‪ ،‬ولم��ا اش��تدت علي��ه الضغ��وط‬ ‫إلقف��ال المقتب��س غادر دمش��ق س��را إلى‬ ‫فرنسا‪ ،‬وأقام بها فترة‪.‬‬ ‫وبعد رجوعه إلى دمشق سنة ‪1910‬م‬ ‫تك��ررت المضايقات‪ ،‬ورُفع��ت ضده دعاوى‬ ‫كثيرة‪ ،‬فاضطر لمغادرة دمش��ق إلى أوروبا‪،‬‬ ‫وكانت نفس��ه قد ضاقت بالعمل السياس��ي‬ ‫والصحف��ي ال��ذي اس��تغرق من عم��ره ‪20‬‬ ‫سنة‪ ،‬قضاها بين الكتب والتقييد والحرمان‬ ‫والخ��وف والقلق‪ ،‬وعزم على خوض ميادين‬ ‫البح��ث العلم��ي واألدب��ي‪ ،‬فط��اف بمكتبات‬ ‫أوروب��ا الش��هيرة ف��ي إيطالي��ا وسويس��را‬ ‫والمج��ر؛ طلب��ا لجم��ع م��ادة كتاب��ه "خطط‬ ‫الش��ام" ال��ذي ي��ؤرخ في��ه للش��ام وي��دون‬ ‫جغرافيتها وحضارتها‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1918‬ومع دخ��ول الملك فيصل‬ ‫س��وريا‪ ،‬تكون��ت إدارات مدنية في س��وريا‪،‬‬ ‫كان م��ن بينه��ا دي��وان المعارف ال��ذي كان‬ ‫يقوم بوض��ع المصطلح��ات اللغوية وإبدال‬ ‫المف��ردات العربي��ة باأللف��اظ التركي��ة‪،‬‬ ‫وتعري��ب لغ��ة الدواوي��ن الت��ي فش��ت فيها‬ ‫التركي��ة وتقرير الكتب الالزم��ة للمدارس‪،‬‬ ‫وعُهد برئاس��ة هذا الديوان إلى محمد كرد‬ ‫علي‪ ،‬يعاونه عدد من كبار علماء سوريا‪.‬‬

‫الجامع��ات الفرنس��ية‪ ،‬وط��اف بأوروب��ا في‬ ‫زي��ارة علمية اتصل خاللها بالمستش��رقين‬ ‫والعلماء‪ ،‬وس��جل هذه السياحة العلمية في‬ ‫مقاالت طريفة‪ ،‬جمعها مع غيرها في كتابه‬ ‫"غرائب الغ��رب"‪ ،‬ثم ترك الوزارة بعد خالف‬ ‫مع الحكوم��ة‪ ،‬واكتف��ى برئاس��ته للمجمع‪،‬‬ ‫وأُس��ند إلي��ه تدري��س اآلداب العربي��ة ف��ي‬ ‫معهد الحقوق بدمشق عام‪1924‬م وكان له‬ ‫الفضل األكبر في تعليم الخطابة واإلنش��اء‬ ‫بهذا المعهد‪.‬‬ ‫عاد كرد عل��ي إلى ال��وزارة مرة أخرى‬ ‫عام ‪1928‬م في حكومة" الش��يخ تاج الدين‬ ‫الحس��يني"‪ ،‬واغتنم فرصة وجوده في هذه‬ ‫الوزارة؛ فأنشأ مدرسة اآلداب العليا‪ ،‬وجعلها‬ ‫تابع��ة للجامع��ة الس��ورية‪ ،‬كما هي��أ جميع‬ ‫أس��باب افتت��اح كلي��ة اآلداب‪ ،‬وأضيف��ت إلى‬ ‫الجامع��ة‪ .‬ولما أُنش��ئ مجمع اللغ��ة العربية‬ ‫في القاهرة عام ‪ 1933‬كان محمد كرد علي‬ ‫واحدا من مؤسسيه ُ‬ ‫األوَل‪.‬‬ ‫وبعد خروجه من الوزارة ظل منصرفا‬ ‫إل��ى القراءة والكتابة‪ ،‬فكت��ب مذكراته وهو‬ ‫ف��ي الس��تين م��ن العم��ر وف��ي الثاني من‬ ‫نيس��ان عام ‪ 1952‬ودّعت "دمشق" عالمتها‬ ‫الكبير إلى مثواه األخير‪ ،‬مش��يّعًا باالحترام‬ ‫واإلج�لال وبدعوات الرحم��ة والغفران‪ .‬وقد‬ ‫ق��ال عن��ه األديب "مني��ر العجالن��ي" عندما‬ ‫وقف يرثيه على القب��ر يوم وفاته‪" :‬إن ثمة‬ ‫إمارتي��ن معقودتي��ن ف��ي العال��م العربي‪،‬‬ ‫إمارة الشعر‪ ،‬وكانت معقودة اللواء للمرحوم‬ ‫"أحمد شوقي"‪ ،‬وإمارة العلم وكانت معقودة‬ ‫اللواء للفقيد محمد كرد علي "‪.‬‬ ‫رحل "كرد علي" تاركًا لدمش��ق إحدى‬ ‫مفاخرها في العص��ر الحديث " مجمع اللغة‬ ‫العربية " ومخلفاً إرثاً هامًا للمكتبة العربية‬ ‫نذك��ر منه " أب��و الطي��ب المتنب��ي‪ ،‬غرائب‬ ‫الغرب‪ ،‬غاب��ر األندلس وحاضره��ا‪ ،‬القديم‬ ‫والحدي��ث‪ ،‬الحكوم��ة المصرية في الش��ام‪،‬‬ ‫خطط الش��ام (س��تة أج��زاء)‪ ،‬ثالث س��نوات‬ ‫من حكم س��ورية‪ ،‬اإلدارة اإلسالمية في عز‬ ‫العرب‪ ،‬اإلس�لام والحضارة العربية‪ ،‬س��يرة‬ ‫أحمد بن طولون‪ ،‬ترجمة ش��يخ اإلسالم ابن‬ ‫تيمية‪ ،‬أقوالنا وأفعالنا‪ ،‬المستجاد من فعالت‬ ‫األجواد‪ ،‬رس��ائل البلغاء‪ ،‬رسائل عبد الحميد‬ ‫بن يحيى الكاتب‪ ،‬كتاب األشربة البن قتيبة‪،‬‬ ‫المذك��رات (أربعة أج��زاء)‪ ،‬غوطة دمش��ق‪،‬‬ ‫دمشق مدينة السحر والش��عر‪ ،‬أمراء البيان‬ ‫(جزآن)‪ ،‬كنوز األجداد "‪.‬‬

‫أسبوعية‬

‫وُلِد محمد كرد علي في قرية جسرين‬ ‫في غوطة دمش��ق في عام ‪ 1876‬ونشأ في‬ ‫أس��رة كريم��ة‪ ،‬ألب ك��ردي وأم شركس��ية‪،‬‬ ‫وتلقى تعليمه االبتدائي في مدرسة "كافل‬ ‫سيباي" حيث تعلم القراءة والكتابة ومبادئ‬ ‫العلوم اإلسالمية والحساب والطبيعيات‪ ،‬ثم‬ ‫انتقل إل��ى المدرس��ة الرش��دية (الثانوية)‪،‬‬ ‫ودرس به��ا التركية والفرنس��ية‪ ،‬وفي هذه‬ ‫الفت��رة مالت نفس��ه إلى الق��راءة ومطالعة‬ ‫الصح��ف‪ ،‬ووج��د وال��ده عونا له في إش��باع‬ ‫هذه الرغبة‪ ،‬حيث كان يس��اعده على اقتناء‬ ‫الكت��ب‪ ،‬وإل��ى جانب همت��ه ف��ي المطالعة‬ ‫اتصل بعدد من علماء دمش��ق المعروفين‪،‬‬ ‫من أمثال الش��يخ "طاهر الجزائري والش��يخ‬ ‫س��ليم البخ��اري والش��يخ محم��د المبارك"‪،‬‬ ‫وقرأ على يدهم كتب األدب واللغة والبالغة‬ ‫والفقه والتفس��ير والفلس��فة‪ ،‬فوقف بذلك‬ ‫عل��ى الت��راث العرب��ي وتمثله خي��ر تمثيل‪،‬‬ ‫ول��م يغفل في أثناء ذلك ع��ن مطالعة خير‬ ‫ما كتب��ه أدباء فرنس��ا من أمث��ال‪ ":‬فولتير‪،‬‬ ‫وروس��و‪ ،‬ومونتس��كيو‪ ،‬وبنت��ام‪ ،‬وسبنس��ر‬ ‫وغيره��م"‪ ،‬فض�لا ع��ن ق��راءة م��ا تكتب��ه‬ ‫الدوريات الفرنسية التي تصل إلى دمشق‪.‬‬ ‫وبع��د االنتهاء م��ن الدراس��ة الثانوية‬ ‫دخل الوظيفة كاتبا في قلم األمور األجنبية‬ ‫عام ‪ 1892‬وهو في الس��ابعة عشرة‪ ،‬وكان‬ ‫يع��رف الفرنس��ية والتركية؛ وه��و ما أعانه‬ ‫عل��ى أن يظ��ل ف��ي ه��ذه الوظيف��ة س��ت‬ ‫س��نوات‪ ،‬كان خالله��ا يرس��ل بمقاالته إلى‬ ‫الصحف المحلية‪.‬‬ ‫واص��ل محم��د ك��رد عل��ي الكتابة في‬ ‫الصحف حتى بلغ الثانية والعشرين من عمره‪،‬‬ ‫وازدادت خبرات��ه‪ ،‬وتم��رس بالكتابة‪ ،‬وأصبح‬ ‫قادرا على التعبير المحكم والتحليل الدقيق‪،‬‬ ‫وعهد إليه بتحرير مجلة الش��ام األس��بوعية‪،‬‬ ‫وه��ي أول مجل��ة تظهر في دمش��ق‪ ،‬ومكث‬ ‫يعم��ل في هذه المجلة ثالث س��نوات‪ ،‬اتصل‬ ‫أثنائه��ا بمجل��ة المقتط��ف المصري��ة‪ ،‬وكان‬ ‫صاحبها قد ش��كا لـ"شكيب أرس�لان" انفراده‬ ‫بالتحري��ر‪ ،‬واحتياجه إلى كفاءة تعاونه؛ فدله‬ ‫عل��ى محمد ك��رد علي‪ ،‬وكان ذلك س��ببا في‬ ‫ش��هرته في العالم العربي‪ ،‬وخرج من نطاق‬ ‫ضيق بالش��ام إل��ى إقليم واس��ع كان موطن‬ ‫الصحافة والثقافة العريضة‪.‬‬ ‫رغ��ب محمد ك��رد علي في اس��تكمال‬ ‫ثقافته في فرنسا؛ فقصد مصر عام ‪1901‬‬ ‫لزيارته��ا ورؤية معالمه��ا ومقابل��ة أدبائها‬ ‫ومفكريه��ا والتواص��ل معهم قب��ل التوجه‬ ‫إل��ى فرنس��ا‪ ،‬غي��ر أن بعض صحب��ه أقنعه‬ ‫باالس��تقرار في مصر‪ ،‬وعرض عليه تحرير‬ ‫جريدة "الرائد المص��ري" فوافق على ذلك‪،‬‬ ‫وق��د أفاد الش��اب النابه م��ن مُقامه بمصر؛‬ ‫فاتصل بالكت��اب واألدباء‪ ،‬وتردد على حلقة‬ ‫الش��يخ "محم��د عب��ده "الت��ي كان يعقدها‬ ‫لتفس��ير القرآن مرتين كل أس��بوع بالرواق‬ ‫العباس��ي بالجامع األزهر‪ ،‬كم��ا تعرف على‬ ‫أعالم مصر واتصل بهم‪ ،‬غير أن فترة إقامته‬ ‫ل��م تطل بمص��ر أكثر م��ن ‪ 10‬أش��هر‪ ،‬عاد‬ ‫بعدها إلى دمش��ق ف��راراً من وباء الطاعون‬ ‫الذي انتش��ر ف��ي مصر بتلك الفت��رة‪ .‬وبعد‬ ‫أن قضى فترة في دمش��ق عاد إلى القاهرة‬ ‫مرة ثانية لالس��تقرار بها عام ‪ 1905‬وأصدر‬ ‫بها مجلة "المقتبس" الش��هرية‪ ،‬التي عنيت‬ ‫باألدب والش��عر القديم والحديث وتولى إلى‬ ‫جانب ذلك تحرير جريدة "الظاهر" اليومية‪،‬‬ ‫ولما أُغلقت دعاه الشيخ علي يوسف صاحب‬ ‫جري��دة "المؤيد وهي يومئ��ذ كبرى الجرائد‬ ‫ف��ي العال��م اإلس�لامي" إلى التحري��ر فيها؛‬ ‫فعم��ل بها حت��ى ع��ام ‪1908‬م حي��ث غادر‬ ‫القاهرة إلى دمش��ق مر ًة ثانية‪ .‬حيث أنش��أ‬ ‫مطبعة وجري��دة يومية باس��م "المقتبس"‬ ‫كما أعاد إصدار مجلة "المقتبس" الش��هرية‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫نفسه تندرج أكذوبة إصالح المناهج التربوية‬ ‫والديني��ة‪ ،‬حتى ال تظل المعاه��د والجامعات‬ ‫الديني��ة "بيئة تولي��د للمتطرفين" ‪ -‬لقد ثبت‬ ‫أن الواليات المتح��دة األميركية لم تهتم من‬ ‫المناه��ج إال بما له عالقة بإس��رائيل وبكفاح‬ ‫ش��عب فلس��طين‪ .‬وتأكد بالق��راءة المتابعة‬ ‫الت��ي أجراه��ا الس��يد أن اإلحيائي��ة الحديثة‬ ‫واألصولية المعاصرة لم تخرجا من الجامعات‬ ‫والم��دارس الدينية‪ ...‬وأن اإلحيائية أس��همت‬ ‫في ضرب التقلي��د وأضعفته‪ ،‬مثلما أضعفته‬ ‫حركات اإلصالح اإلسالمية‪...‬‬ ‫إال ان الحقيق��ة الت��ي يتضمنه��ا بعض‬ ‫التصني��ف‪ ،‬وبع��ض التوصي��ف‪ ،‬للسياس��ة‬ ‫الغربي��ة‪ ،‬لم تص��ل بأصحابها ال��ى الموقف‬ ‫الصحيح‪ ،‬وإلى الممارس��ة السليمة‪ ،‬في الرد‬ ‫على العالم الذي صرنا موضوعاً لسياس��اته‪،‬‬ ‫على حد تعبير السيد‪.‬‬ ‫يح��دد الكاتب مجاالت لل��رد والنهوض‪،‬‬ ‫يصنفه��ا كس��احات مواجه��ة ل��كل منه��ا‬ ‫تكتيكاته��ا السياس��ية‪ ،‬وأدوات معرفته��ا‬ ‫المختلف��ة‪ ،‬تأت��ي ف��ي المق��ام األول س��احة‬ ‫المختصين من المؤرخين واألنثروبولوجيين‪،‬‬ ‫وهذه تحتاج الى معرفة بالغرب وباإلسالم‪...‬‬ ‫وإل��ى منه��ج نق��دي ف��ي مجاله��ا‪ ،‬ال تتوقف‬ ‫مقاربت��ه عند حدود االستش��راق‪ ،‬المعروفة‪،‬‬ ‫وال عند دراسات نقد النص الماضية‪...‬‬ ‫ف��ي المرتب��ة الثاني��ة م��ن المواجه��ة‬ ‫تأتي س��احة الجمهور‪ ،‬وحاجت��ه للتعرف على‬ ‫اإلس�لام‪ ،‬ه��ذه المهم��ة تصي��ر ملح��ة أكثر‬ ‫عندم��ا نعاي��ن الضغ��وط التي يتع��رض لها‬ ‫اإلس�لام م��ن األصولي��ات األخ��رى‪ ،‬بخاصة‬ ‫البروتس��تانتية واليهودية والهندوس��ية‪ .‬أما‬ ‫المقعد الثالث فتحتله ساحة الدول واألنظمة‬ ‫السياسية حيث للمسلمين المقيمين في هذه‬ ‫الدول دور مهم وأس��اس‪ ،‬يقتضي القيام به‬ ‫المبادرة إلى المش��اركة الثقافية والسياسية‪،‬‬ ‫بعد أن ص��اروا واقعًا ديموغرافي��اً واجتماعيًا‬ ‫وم��ا ع��ادت النظ��رة إليه��م مقتص��رة ل��دى‬ ‫جيرانهم الغربيين‪ ،‬على مقولة التخلص من‬ ‫هؤالء المهاجرين المزعجين‪.‬‬ ‫في مواكبة التعرف على الساحات الثالث‬ ‫تلك‪ ،‬والتع��رف إلى مهماتها‪ ،‬يش��ير الدكتور‬ ‫الس��يد إلى ثالثة أمور متمم��ة‪ ،‬بات تجاهلها‬ ‫مس��تحي ًال‪ ،‬أولها‪ ،‬ضرورة التخلص من نظرة‬ ‫أن الغرب واحد وثانيها‪ ،‬أننا فشلنا في الدخول‬ ‫إلى العالم‪ ،‬وثالثها‪ ،‬أن المشهد العالمي معقد‬ ‫ومتحول م��ن حولنا‪ .‬ف��ي إزاء األمور الثالثة‪،‬‬ ‫يجد الكاتب أن ليس في الوس��ع الحديث حتى‬ ‫اآلن ع��ن موقع للع��رب أو للمس��لمين‪ ،‬يتيح‬ ‫إمكان��ات وخي��ارات‪ .‬أما الحدي��ث الممكن عن‬ ‫عرب في الساحة الدولية‪ ،‬فيأتي بعد اإلجماع‬ ‫على إخ��راج األميركيين م��ن ديارنا‪ ،‬وإصالح‬ ‫ش��أننا العام‪ ،‬وإقامة تكت��ل اقتصادي عربي‬ ‫يس��تطيع الدخ��ول ف��ي المنافس��ة الدائرة‪...‬‬ ‫ال يس��تبعد كل ذل��ك في رأي رضوان الس��يد‬ ‫ضرورة اإلصالح الديني‪ ،‬لكنه يرى أن التغيير‬ ‫في الش��أنين االقتصادي والسياسي‪ ،‬يخفف‬ ‫كثيراً من وطأة األصولية الضاغطة‪.‬‬ ‫تطل��ق مراجعة الدكتور رضوان الس��يد‬ ‫أس��ئلة االجتم��اع ومن��اط تماس��كه وأس��ئلة‬ ‫م��آل الص��راع عل��ى اإلس�لام بعد عق��ود من‬ ‫اس��تخدامه وتوظيفه محذراً من تدخل أهواء‬ ‫المفسّ��ر وتدخ��ل ثقافت��ه ف��ي النص��وص‪،‬‬ ‫ومنبهًا من الفقيه الذي يريد الس��لطة ليحكم‬ ‫باس��م الدي��ن‪ .‬ومذكراً بقناعة‪ ،‬ش��رحها متن‬ ‫الكت��اب ومطاردات��ه الفكري��ة‪ ،‬أن "ال إس�لام‬ ‫ديموقراطيًا أو ليبراليًا في التاريخ والنص‪ ،‬بل‬ ‫هناك مسلمون معاصرون يفكرون تحت راية‬ ‫اإلس�لام"‪ .‬تذكير‪ ،‬من معانيه‪ ،‬أن الخروج من‬ ‫األزمة "يكون بتغيير الواقع"‪ ...‬وأن السياس��ة‬ ‫تدبير فرعي في الدين وذلك في مواجهة من‬ ‫جعلوا من رؤيتهم السياسية دينًا‪.‬‬ ‫إن ق��راءة رضوان الس��يد ف��رض عين‬ ‫عل��ى كل قارئ‪ ،‬كيف ال وه��و ابن جبل لبنان‬ ‫الدارس ألصول الدين ف��ي األزهر والحاصل‬ ‫عل��ى ش��هادة الدكت��وراه ف��ي الفلس��فة من‬ ‫ألماني��ا‪ ،‬واألس��تاذ الزائ��ر لجامع��ات هارفرد‬ ‫وشيكاغو وسالسبورغ‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫ع�ساف الع�ساف‬ ‫منكم السيف‪ ..‬ومنا تفتناز واللطامنة‪...‬‬

‫حيطان فيس بوك ‪. .‬‬

‫�إياد حياتلة‬ ‫ل��م أزر تفتناز يومًا‪ ،‬وال م��ررت بمعظم قرى وبلدات‬ ‫ريفي حلب وإدلب‪ ،‬ولكنّني ال أحتاج كثير وقت ألحدّد‬ ‫موقعهم على الخارطة‪ ....‬إنّهم في قلبي‬

‫غ�سان �إبراهيم‬ ‫مائة شهيد بمذبحة جديدة في ريف حماة‪ ..‬هل نقول‬ ‫شكرا سيد عنان أم ارحمنا من دموية مبادرتك‬

‫عبد اهلل الأ�صيل‬ ‫ش��و رأيكن الجمع��ة الجاية يكون اس��مها جمعة "كل‬ ‫مين على دينو‪ ..‬اهلل بيعينو"!!!‬

‫�أحمد بقدون�س‬ ‫من أجم��ل الالفتات التي رأيتها‪ :‬إما أن نحول س��وريا‬ ‫إلى جنة أو نذهب على الجنة ‪..‬‬ ‫وأضيف عليها‪ :‬نار سوريا وال جنة الخارج‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪14‬‬

‫�شريين احلايك‬ ‫التلفزي��ون الس��وري عام��ل النظ��ام ه��و المس��يح‬ ‫الجديد‪ ..‬و ع��م يتغنى بالقيامة بعد اآلالم‪ ..‬و كوليت‬ ‫خوري المجدلية‪..‬‬

‫جالل عمران‬ ‫أتمنى على قيادة الجيش الحر أن تعلن وقف العمليات‬ ‫العس��كرية في يوم التاس��ع من أبريل وليس العاشر‬ ‫منه‪ .‬ستكون ضربة للنظام إعالميًا وإلبراز أن وسيلتنا‬ ‫وهدفنا األساسيين مدنيات سلميان وأن العسكرة ردة‬ ‫فعل ال أكثر‪ ،‬وللتحضير لتحرك سلمي مكثف الحق‪...‬‬ ‫وبالناقص يوم ويال عالسلمية ويسقط النظام‪.‬‬

‫حممود حممود‬ ‫لنعترف‪ ،‬ال يزال هذا النظام قادر على ملئ المعتقالت‬ ‫باألحرار‪ ،‬وقادر على ملئ الساحات بالعبيد‪.‬‬

‫ح�سام القطلبي‬ ‫احتفل اليوم بش��ار األس��د بعيد ميالد عصابة البعث‬ ‫العربي االشتراكي وأطفأ ‪ 121‬روحًا سورية‪...‬‬

‫�إياد عما�شة‬ ‫عندما أصبح رئيس جمهورية‪ ،‬سأهدي أعدائي كنزة‬ ‫«منحبك» األصلية‪..‬‬

‫خالد �أ�شرم‬ ‫المس��يح قام‪ ..‬حقا قام‪ ..‬لكنه حزين‪ ..‬حبيبته سوريا‬ ‫حزين��ة‪ ..‬ال يس��تطيع أبن��اء الرب أن يفرح��وا أن كان‬ ‫احده��م حزين‪ ..‬لكنه س��يصلي لكل أبناء س��ورية‪..‬‬ ‫ويطلب لهم الخالص والسالم‬

‫جورج قطان‬ ‫اليوم الشعب السوري علق على خشبة لمطالبته بحريته‪..‬‬

‫خالد حاج بكري‬ ‫عش��ر ُة آالف ش��هيد‪ ..‬في عين الكامي��را وبين أهداب‬ ‫الش��مس‪ ..‬الي��وم‪ ..‬يس��اوون األربعي��ن ألف��ًا الذين‬ ‫ذبحه��م أب��وك‪ ..‬بليل غادر أمس‪ ..‬إن��ك مصدرُ فخر‬ ‫عظيم له وهو راض عنك‪ ..‬فال يُقلقنّك األمر!‬

‫�آية الأتا�سي‬ ‫قديمًا كانوا يزرعون للميت ش��جرته المفضلة ليتكئ‬ ‫بظلها القبر‪ ....‬اليوم بعدما فاضت األرض بقتالها و‬ ‫امتألت باألجس��اد الصغيرة‪ .....‬صار األطفال يدفنون‬ ‫ف��ي الحديقة حيث كان��وا يلعبون‪ ...‬ال��روح الصغيرة‬ ‫تتمرج على األرجوحة حين تتسلق السماء!!!‬

‫غ�سان يا�سني‬ ‫هم‪ ..‬األسد أو نحرق البلد‬ ‫نحن‪ ..‬سنسقط األسد لنعمر البلد‬

‫هيا احلاج �أحمد‬ ‫يس��تكثرون علين��ا حريتن��ا ال يقبل��ون تقييده��م‬ ‫ويقبل��ون تقييدن��ا لديهم البش��رية درج��ات ترتبط‬ ‫بم��دى مصالحهم ومدى حرية س��يطرتهم ومع ذلك‬ ‫ينادون بحرية الش��عوب ويتناس��ون أن تلك الشعوب‬ ‫تعلم م��ا يحدث خل��ف الس��تائر‪ ..‬مس��رحيتهم باتت‬ ‫قديمة ولن يصفق لها احد بعد اآلن‪...‬‬

‫�سمر يزبك‬ ‫س��نة من حي��اة الس��وريين‪ ،‬ه��زت األرض‪ ،‬وزلزلت‬ ‫العالم‪ .‬وعجزت عن هزّ ضمير واحد ميت‪.‬‬

‫| النظ��ام واف��ق على خط��ة أنان‪ ،‬فه��ل يعكس ذل��ك رهانا‬ ‫حقيقيا على حل ما أو هي مناورة لكسب الوقت؟‬ ‫| | النظ��ام س��يناور‪ ،‬وبع��د زيارة كوف��ي أنان األولى‪ ،‬اش��ترط الحل‬ ‫السياس��ي بع��د القضاء على الجماعات المس��لحة‪ .‬اإلعالن الرئاس��ي في‬ ‫مجل��س األمن وحّ��د دوله للمرة األولى‪ .‬النظام أرس��ل ألن��ان ليقول إنه‬ ‫يواف��ق على النقاط الس��ت‪ ،‬وس��حب ش��رط القضاء أوال عل��ى الجماعات‬ ‫المسلحة‪ ..‬اس��تمرار توحيد الموقف الدولي‪ ،‬س��يمثل ضغطا شديدا على‬ ‫النظ��ام‪ ،‬وقد يؤدي‪ ،‬في حال توحيد موقف��ي المعارضة والعرب‪ ،‬إلى فتح‬ ‫باب الحل السياسي‪.‬‬ ‫| أال يخي��ف المثق��ف اليس��اري الس��وري مش��هد «الث��ورات»‬ ‫العربية في أحضان اإلس�لاميين‪ ،‬من تونس إلى مصر إلى ليبيا‪،‬‬ ‫وقد ال تكون سوريا استثناء؟‬ ‫| | «فلي��أت اإلس�لاميون وليجرب��وا‪ .‬إنهم س��يواجهون كل المآس��ي‬ ‫الت��ي تحي��ط بمجتمعاتن��ا‪ ،‬وال ش��ك لدي في أنه��م إن عجزوا ع��ن حلها‪،‬‬ ‫س��يقيمون نظام اس��تبداد معاديا للش��عب ومكروها‪ ،‬أو أنهم س��يقرون‬ ‫بعجزهم عن حل مش��اكلنا‪ ،‬وفي الحالتين‪ :‬س��ينفض الناس من حولهم‬ ‫وسيخس��رون‪ .‬ليأتوا إلى الس��لطة حتى تنكش��ف «الزعبرة» اإلس�لامية‪.‬‬ ‫إن صع��ود اإلس�لاميين ف��ي تونس ومصر أم��ر طبيعي ويج��ب أن نقبل‬ ‫ب��ه‪ ،‬أوال ألن��ه ليس هن��اك ـ ولن تكون هن��اك ـ عندنا وف��ي العالم‪ ،‬ثورة‬ ‫ديمقراطية صافية‪ .‬ل��ن تجد ذلك اليوم أو غدا‪ .‬حيث توجد طائفية تكون‬ ‫الديمقراطية أس��يرة لها‪ .‬وحيث يوجد التخلف‪ ،‬تجد الديمقراطية نفس��ها‬

‫ليلى العودات‬ ‫رئيسنا الدكتور الشاب المثقف غيّر الدستور بدقائق‬ ‫ف��ي ‪ ،٢٠٠٠‬زج بأعضاء مجلس ش��عب في الس��جن‬ ‫بدون إلغاء حصانته��م في ‪ ،٢٠٠١‬فصل ‪ ٨١‬قاضي‬ ‫بمرس��وم في ‪ ٢٠٠٥‬والي��وم يفلت كالب��ه ودباباته‬ ‫على الش��عب االعزل‪ .‬رئيس يرى أن السلطات الثالث‬ ‫ومعهم الش��عب وجدوا لحماية شخصه‪ ،‬بغض النظر‬ ‫ع��ن المنفى او الس��جن الذي س��ينتهي فيه‪ ،‬يجب أن‬ ‫نرس��ل له الكثير من الكتب‪ ،‬عن السياس��ة والقانون‬ ‫واألخالق‪ ...‬وتلفزيون كبير ليرى س��ورية تعمر‪ ،‬هذا‬ ‫أسوأ ما قد يحدث له‪.‬‬

‫يامن ح�سن‬ ‫مصياف يا مصياف‪ ...‬وكل ش��هيد عرس ومن الموت‬ ‫بتخلق حياة ويا مصياف حنا معاك للموت‬

‫نادر قا�سم‬ ‫لم نكن ننوي أن نخرج بمظاهرة كنا فقط مشغولين‬ ‫بجمع الياس��مين م��ن على ش��وارعك‪ ،‬هك��ذا تكاثر‬ ‫الناس بعدوى الش��غف‪ ،‬ياس��مينك أخرجنا لهذا األمر‬ ‫ال شيء آخر‪...‬‬

‫تانيا برغلي‬ ‫أب��و صبح��ي بائع البقدون��س في دوما‪ ،‬أنت س��وريا‬ ‫وس��وريا هي أن��ت‪ ،‬إنس��ان مهمش ومنس��ي‪ ،‬ولكن‬ ‫كان ف��ي داخله ثائ��ر وطاقة للحياة ل��م يتخيلها أحد‪.‬‬ ‫لقد قتل أبو صبحي على يد الشبيحة ألنه شارك في‬ ‫المظاهرات األولى وردد أش��عارا رائع��ة‪ ،‬وصار بط ًال‬ ‫وأيقون��ة م��ن أيقونات الث��ورة‪ ،‬بع��د أن كان يمر به‬ ‫الناس وهو يبيع البقدونس وال أحد يأبه له‪ ،‬ربما‪.‬‬

‫جمال �صبح‬ ‫يا ق��وم‪ :‬من أيّد الثورة الس��ورية م��ن أجل "صفحة‬ ‫الثورة السورية" فإن "الصفحة" قد ماتت‪ ......‬أما من‬ ‫أيّد الثورة الس��ورية من أجل ثوار س��وريا فإن الثوار‬ ‫أحياء ال يموتون‪!!! ..................‬‬

‫�آ�صم حم�شو‬ ‫بس لتخلص الثورة بدي انتقم من كل القنوات اللي‬ ‫ع��م بيبثو أخبار الثورة‪ ..‬ألنه��م من كل قلبهم كمان‬ ‫هدول م��و متمنايين تخلص الثورة ش��و عبالهم عم‬ ‫بيبثو ‪ ٢٤‬س��اعة عحس��اب ال��دم الس��وري وعندهم‬ ‫نس��بة مش��اهدين بالماليين بس��بب المواد اللي عم‬ ‫تتقدملهم بدون ما يتكلفو شي‬

‫أمام مش��كلة الفقر والتخلف‪ .‬وحيث يوجد االستبداد‪ ،‬تواجه الديمقراطية‬ ‫نتائ��ج االس��تبداد المجتمعية والسياس��ية وتحمل طابعه��ا‪ .‬ال توجد ثورة‬ ‫م��آس كثي��رة‪ :‬طائفي��ة وديني��ة‬ ‫ديمقراطي��ة صافي��ة‪ ،‬وف��ي مجتمعن��ا ٍ‬ ‫واجتماعية وثقافية وإنس��انية وألف مأساة أخرى‪ .‬وستكون الديمقراطية‬ ‫السورية المقبلة محملة بكل هذه المآسي‪ ،‬وسيستغرق حلها زمنا طويال‬ ‫ج��دا‪ .‬ال يعن��ي هذا أن ما نعيش��ه ليس ثورة‪ ،‬إنه ث��ورة وإن كان يتضمن‬ ‫أفعاال وأخطاء غير ثورية على اإلطالق‪.‬‬ ‫| ه��ل المعارضة معنية بتش��كيل جس��ر بين قاع��دة النظام‬ ‫والشارع الثائر؟‬ ‫| | كان رأي��ي منذ بداي��ة األحداث أنه ليس من مهم��ة المعارضة أن‬ ‫تقود الحراك الش��عبي‪ ،‬ورأيت أن للمعارضة أربع مهمات أساس��ية‪ :‬العمل‬ ‫على تحييد المش��كلة الطائفية‪ ،‬كي ال يعمل النظام على استثمارها من‬ ‫أجل ش��ق الحراك الش��عبي وتحويله من ثورة ديمقراطية هدفها الحرية‬ ‫إل��ى اقتتال داخل��ي‪ ،‬وهو ما يحدث في أيامنا بالفع��ل‪ .‬ثانيا‪ ،‬عليها العمل‬ ‫عل��ى حماي��ة الناس م��ن فلتان العس��كر واس��تبعاد الخي��ار األمني‪ ،‬عبر‬ ‫حل سياس��ي تقدمه يش��كل ضغطا حقيقيا على النظ��ام ويقدم ما يقنع‬ ‫الش��ارع‪ .‬ثالث��ا‪ ،‬عليها الحفاظ على وح��دة المجتمعي��ن المدني واألهلي‪،‬‬ ‫بحيث يسير األخير وراء األول‪ ،‬وال ينجح النظام في دفعه بالعنف المتزايد‬ ‫إلى األس��لمة والتطرف والتس��لح والعنف‪ .‬ورابع��ا‪ ،‬كان عليها تقديم حل‬ ‫سياسي ضارب‪ ،‬ورؤى وتصورات من شأنها أن تسهم في وقف العنف منذ‬ ‫مرحلته الرسمية المبكرة‪ .‬وقد كان بوسعها التصدي لهذه المهام جميعها‬

‫ألنن��ا ل��م نمتل��ك هوي��ة وطني��ة جامع��ة‬ ‫ط��وال أربعي��ن عام��اً‪ ..‬ه��رب ّ‬ ‫كل من��ا إلى‬ ‫هويت��ه الطائفية أو العش��ائرية أو العائلية‬ ‫أو األيديولوجي��ة‪ ..‬ال��خ وتقوق��ع داخله��ا‪،‬‬ ‫وم��ع الوقت لم نع��د نلحظ الف��راغ العاري‬ ‫ال��ذي ترك��ه النظام ف��ي هويتن��ا الوطنية‬ ‫السياسية‪..‬‬ ‫بع��د الثورة‪ ..‬البع��ض ظ��نّ أن التغيير وبناء‬ ‫وط��ن وامتالك هوي��ة ليس أكثر من س��حب‬ ‫هوياتن��ا الثقافي��ة والثانوية لنم�لأ بها فراغ‬ ‫الهوية السياسية الوطنية منذ أربعين عاماً !!‬ ‫من ي��رى الث��ورة والسياس��ة والتغيي��ر بهذه‬ ‫البساطة لن ينجز ثورة‪ ..‬بل إعادة محاصصة‬ ‫من يخل��ط بي��ن الهوي��ة الثقافي��ة والهوية‬ ‫الوطنية السياسية لن يبني دولة مدنية‪ ..‬دولة‬ ‫مؤسسات وقانون ومواطنة ودستور ومساواة‪..‬‬ ‫سيبقى ابن طائفة وعشيرة وعائلة‪..‬‬ ‫خلود زغير‬ ‫حينا قلنا من سنة إن الصمت واالتهام للثورة‬ ‫سيجعل الجميع يدفعون الثمن وعدم االعتراف‬ ‫بحج��م المقبرة واتس��اع الجرح س��يحوله إلى‬ ‫شرخ وفصدع‪ ..‬فانشراخ فتمزق‪..‬‬ ‫كان ه��واة النعي��ق يلتقط��ون أي تفصيلة‬ ‫ليبنوا عليها اتهام «الثورة»‪.‬‬ ‫الي��وم يريدون أن يقول��وا أرأيتم إنها ثورة‬ ‫طناجر ال حناجر‪..‬‬ ‫إنها ثورة العرعور ال ثورة الكرامة والحرية‪..‬‬ ‫إنها ثورة السلفية ال ثورة الشبيبة الوطنية‪..‬‬ ‫إنها ثورة الخارج ال ثورة الداخل‪..‬‬ ‫إننا نخاف هذا القادم ليحررنا أكثر مما نخاف‬ ‫من هذا الحيوان الذي يدعسنا ‪..‬‬ ‫اليوم‪ ..‬طز بكل مخاوفكم أنتم من أوصلها إلى‬ ‫هنا‪ ..‬وهي ستستمر حتى النهاية‪ ..‬وكل كوارث‬ ‫الثورات ال تعادل ليلة واحدة بكنف الديناصور‪.‬‬ ‫س��ئمت تحديداً م��ن الذي يكت��ب التفاهة‬ ‫بحبر النقاهة‪.‬‬ ‫فادي عزام‬

‫وتحقيق ش��يء فيه��ا‪ ،‬لكنها لم تنفذ أي��ا منها ولم تفه��م أهميته‪ ،‬وإنما‬ ‫عملت بوهم أنها تستطيع ركوب ظهر الحراك الشعبي الذي ال تشبهه وال‬ ‫يشبهها في شيء‪ .‬تخطئ كثيرا إذا ما اعتقدت أن المعارضة الموجودة من‬ ‫مجلس وطني وهيئة تنسيق … الخ «بتمون ع الناس»‪.‬‬ ‫| هل تصف الوضع بـ«الت��وازن» بعد عام من الثورة‪ ،‬النظام‬ ‫غير ق��ادر على س��حق المعارض��ة والح��راك الش��عبي‪ ،‬والحراك‬ ‫غي��ر قادر م��ن جهته عل��ى قلب النظ��ام‪ .‬هل نحن ف��ي الطريق‬ ‫المسدود؟‬ ‫| | لس��نا في الطريق المسدود‪ ،‬ألن العالم كله يقف ضد النظام وإن‬ ‫ل��م يقف في صف الش��عب‪ .‬هذا العام��ل الخارجي قد‪ ،‬أق��ول قد‪ ،‬يقصم‬ ‫ظه��ر النظام في أي وقت‪ ،‬ألن العوامل الداخلية ضد التوازن الذي تتحدث‬ ‫عن��ه‪ ،‬بينما توجد رغبة ش��ديدة لدى قوى عربية كثي��رة بترحيل النظام‪،‬‬ ‫علم��ا بأنها قادرة على مد الس��وريين بالس�لاح والمال‪ .‬لس��نا في طريق‬ ‫مس��دود‪ ،‬ألن النظام اس��تخدم معظم قوته في المعركة‪ ،‬أما الشعب فلم‬ ‫يستعمل قوته حتى اآلن‪ ،‬وإذا ما سلح الشعب بمستوى يمكنه من التعبير‬ ‫عم��ا يعتمل في ص��دره من غضب‪ ،‬وم��ا تكبده من ع��ذاب وقتل وتدمير‬ ‫حت��ى لمقومات وج��وده المادي‪ ،‬فإن النظام س��يواجه مش��كلة ال قبل له‬ ‫بمواجهتها‪ ،‬وسيتكبد خس��ائر فادحة ال يحتملها‪ ،‬وسيجد نفسه في مأزق‬ ‫عس��كري ينتش��ر على امتداد األرض الس��ورية‪ ،‬التي انتشر جيشه عليها‬ ‫خالل األش��هر العش��رة الماضي��ة‪ .‬ال تنس أن معظم الش��عب مدرب على‬ ‫القتال‪.‬‬

‫السؤال والجواب‪ :‬من حوار مع الكاتب السوري ميشيل كيلو | حوار‪ :‬محمد بلوط | جريدة السفير اللبنانية ‪2012 / 4 / 1‬‬


‫حنين اليوسف‬

‫مظاهرات نسائية سلمية ضد االنتداب‬

‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬

‫السورية‪ .‬ومن أهم اإلضرابات وأعنفها‬ ‫كان اإلض��راب الخمس��يني ع��ام ‪1936‬‬ ‫والذي كان س��ببه نكول الفرنسيين عن‬ ‫وعودهم مع س��وريا م��ن أجل الحصول‬ ‫عل��ى اس��تقاللها وتوقي��ع المعاه��دة‬ ‫الت��ي اتفقوا عليها من أج��ل إعالن هذا‬ ‫االس��تقالل‪ .‬دام ه��ذا اإلض��راب م��دة‬ ‫خمس��ين يوم��ًا توقفت فيه��ا كل الحياة‬ ‫العام��ة لدرج��ة أن المكفوفي��ن الذي��ن‬ ‫كان��وا يق��رؤون الق��رآن عن��د القب��ور‬ ‫شاركوا فيه‪.‬‬ ‫كانت الس��لطات الفرنسية تسعى‬ ‫جاهدة من أجل مقاومة هذه المظاهرات‬ ‫واإلضرابات والمشاعر الشعبية العارمة‬ ‫فكانت تستخدم لذلك كل وسائل العنف‬ ‫الممكنة‪ ،‬حتى أنها استخدمت في بعض‬ ‫األحيان الق��وات المس��لحة ووحدات من‬ ‫القطعات الخاصة‪.‬‬ ‫وكما هي الح��ال اليوم‪ ،‬كان هناك‬ ‫البع��ض من عناص��ر الش��رطة واألمن‬ ‫ماي��زال لديهم ح��س الوطنية والحرية‪،‬‬ ‫فكانوا يتصل��ون بالوطنيين ليبلغوهم‬ ‫عم��ا كان��وا يعرف��ون ع��ن مخطط��ات‬ ‫الس��لطات‪ ،‬وينبهونه��م لهجماته��م‬ ‫وخططه��م ويس��اعدونهم للنج��اة من‬ ‫مكائده��م‪ .‬ولألس��ف كان هن��اك أيضًا‬ ‫بع��ض الجواس��يس و(العوايني��ة) بين‬ ‫صفوف الشعب والذين يعملون لحساب‬ ‫السلطات الفرنس��ية مقابل مبالغ مالية‬ ‫مخصصة له��م أوغيرها م��ن المصالح‬ ‫الشخصية‪ .‬ولكن كان هؤالء الجواسيس‬ ‫ينال��ون حس��ابًا عس��يراً عن��د انكش��اف‬ ‫أمرهم أمام الناس‪.‬‬ ‫كان الفرنس��يون ه��م مص��در‬ ‫الس��لطة وه��م م��ن يق��وم بتعيي��ن‬ ‫الحكوم��ات الوطني��ة وإقالته��ا‪ ،‬وكان‬ ‫ل��دى كل وزارة أو مديرية مستش��ارون‬ ‫فرنس��يون يتصلون مباش��رة بقادتهم‪.‬‬ ‫كانت الحكوم��ة الوطنية تصرّف األمور‬ ‫ف��ي كل ال��وزارات ضم��ن التش��ريعات‬ ‫التي يصدرها ويش��رف عليها المفوض‬ ‫السامي في بيروت وممثليه في دمشق‪،‬‬ ‫أو ضم��ن التش��ريعات الت��ي تضعه��ا‬ ‫الحكوم��ة ويواف��ق عليه��ا المف��وض‬ ‫السامي‪.‬‬ ‫لق��د ح��اول الفرنس��يون تقس��يم‬ ‫س��وريا إلى دوي�لات لكنهم فش��لوا في‬ ‫ذلك واكتفوا بتعيين محافظين في كل‬ ‫مدينة من مدن سوريا‪.‬‬

‫كان��ت اللغ��ة العربي��ة ه��ي اللغة‬ ‫الرس��مية في سوريا س��واء في الدوائر‬ ‫الرسمية أو في المدارس على أن تكون‬ ‫اللغة الفرنس��ية هي اللغ��ة الثانية إلى‬ ‫جانب العربية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إلى القضاء في سوريا‬ ‫ف��ي الثالثيني��ات م��ن الق��رن الماضي‪،‬‬ ‫فكان��ت المحاك��م الوطني��ة قائمة فيها‬ ‫وكانت إلى جانبه��ا محاكم أخرى تدعى‬ ‫بالمحاك��م المختلط��ة يرأس��ها قاض��ي‬ ‫فرنس��ي إل��ى جانب��ه قضاة س��وريون‬ ‫وفرنسيون كان مرجعهم شعبة قضائية‬ ‫ف��ي المفوضية في بيروت تابعة لوزارة‬ ‫الع��دل الفرنس��ية‪ ،‬وتح��ال إل��ى ه��ذه‬ ‫المحاكم القضايا الس��اخنة سواء أمنية‬ ‫أو غيره��ا‪ .‬واش��تُهر ف��ي تل��ك الفت��رة‬ ‫الكثي��ر من المحامين الس��وريين الذين‬ ‫عُ ِرفوا بكفاءتهم وجرأتهم العالية‪.‬‬ ‫كانت القيادات الوطنية تبذل كل ما‬ ‫تملك من أجل اس��تقاللها وحريتها‪ .‬لقد‬ ‫كان في سوريا رجاالت يمنحون أرواحهم‬ ‫وأموالهم ف��داء للقضي��ة الوطنية‪ .‬من‬ ‫هؤالء الرج��االت ش��كري القوتلي الذي‬ ‫أنف��ق كل م��ا كان يملك من م��ال وفير‬ ‫وإرث م��ن أبي��ه وأخيه وأمه في س��بيل‬ ‫القضي��ة‪ ،‬وتوفي دون أن يملك أي مال‪،‬‬ ‫حتى أن��ه بعد وفاته لم يك��ن يملك دار‬ ‫سكن يشيع جثمانه منها‪.‬‬ ‫وم��ن هؤالء الرج��االت أيضًا فخري‬ ‫الب��ارودي ال��ذي كان يملك ث��روة طائلة‬ ‫تركها له أبوه فصرفها من أجل الش��عب‬ ‫السوري‪ ،‬وتوفي وهو بأشد الحاجة لمن‬ ‫يساعده في آخر أيام مرضه‪.‬‬

‫تصدر عن شباب سوري حر‬

‫كان الوض��ع السياس��ي الش��امل‬ ‫في س��ورية بين عام��ي ‪1939 - 1930‬‬ ‫يتمث��ل بالمواجهات الدائم��ة بين قوات‬ ‫فرنس��ا المحتلة وبين الش��عب السوري‬ ‫الذي يشعل الثورات الواحدة تلو األخرى‬ ‫ويعط��ل مراف��ق الحي��اة العام��ة ع��ن‬ ‫طريق المظاه��رات الدائمة واإلضرابات‬ ‫المس��تمرة‪ ،‬منادي��ًا باالس��تقالل الت��ام‬ ‫والش��امل لكل ش��بر على أرض الوطن‬ ‫الحبيب‪.‬‬ ‫كان��ت الحي��اة السياس��ية ف��ي‬ ‫بداي��ة الثالثينيات بالنس��بة إلى معظم‬ ‫المواطني��ن وخصوص��ًا الش��باب تتمثل‬ ‫في اإلضراب��ات والمظاهرات التي كانت‬ ‫تدع��و إليها الجه��ات الش��عبية الوطنية‬ ‫كالكتل��ة الوطني��ة برئاس��ة هاش��م‬ ‫األتاس��ي‪ ،‬وكان��ت الدعوة نش��طة بين‬ ‫صف��وف الط�لاب خاص��ة لالنتم��اء إلى‬ ‫األح��زاب الوطني��ة المختلف��ة‪ ،‬حتى أن‬ ‫األمير س��عيد الجزائ��ري كان من أوائل‬ ‫الذين حاولوا استقطاب الطالب والشباب‬ ‫إلنش��اء حزب يدعو للملكية في س��وريا‬ ‫في أوائل الثالثينيات‪.‬‬ ‫لق��د كان زعم��اء الكتل��ة الوطنية‬ ‫ومنه��م ش��كري القوتل��ي وف��ارس‬ ‫الخ��وري وفخ��ري البارودي وس��عد اهلل‬ ‫الجابري وجميل مردم بك وغيرهم من‬ ‫رج��االت الوطن يتص��درون المظاهرات‬ ‫الش��عبية ويلهب��ون روح المتظاهري��ن‬ ‫بخطب تش��عل فيهم الحماسة مطالبين‬ ‫باالستقالل ورحيل المستعمر الفرنسي‬ ‫ع��ن أرض الوطن بعد أن احتله باس��م‬ ‫االنتداب‪.‬‬ ‫كان��ت المظاهرات تجوب الش��وارع‬ ‫الرئيس��ية ف��ي دمش��ق ث��م يذه��ب‬ ‫قس��م منه��ا بع��د ذل��ك إلى الم��دارس‬ ‫يدعوها للمش��اركة ف��ي المظاهرات أو‬ ‫اإلضرابات‪ ،‬وذلك بهدف تنفيذ مطالبهم‬ ‫الوطنية التي يعلنها قادتها أمام السراي‬ ‫مق��ر الحكومة الوطنية‪ .‬علمًا أن س��وق‬ ‫الحميدية وس��وق مدحت باش��ا كانا من‬ ‫األماكن الحيوية في دمش��ق التي كثيراً‬ ‫ما تشارك في المظاهرات واإلضرابات‪.‬‬ ‫في بعض األحيان كانت الس��لطات‬ ‫تس��مح له��ذه المظاه��رات الش��عبية‬ ‫بالوص��ول إلى الس��راي مق��ر الحكومة‬ ‫الوطني��ة‪ ،‬وعنده��ا كان المتظاه��رون‬ ‫يكتف��ون بتحطي��م الس��اعة الكبي��رة‬ ‫المنتصبة في س��احة المرج��ة والمطلة‬ ‫على نه��ر ب��ردى تعبيراً ع��ن غضبهم‪.‬‬ ‫أم��ا عندم��ا كان رج��ال األم��ن يحولون‬ ‫دون الس��ماح للمتظاهري��ن بالوص��ول‬ ‫إلى الس��راي‪ ،‬كان��ت المظاه��رة تنقلب‬ ‫إلى قتال بين الش��عب وبين الس��لطات‬ ‫تتب��ادل في��ه الجهت��ان رم��ي الحج��ارة‪،‬‬ ‫فتتحول المظاه��رة إلى مطالبة بتحرير‬ ‫المعتقلين وال تنتهي إال بتحريرهم‪.‬‬ ‫أما بالنس��بة إل��ى اإلضراب��ات في‬ ‫س��وريا‪ ،‬فكان��ت دمش��ق ه��ي المحرك‬ ‫األول لها م��ن بين المحافظ��ات والمدن‬ ‫الس��ورية األخرى‪ ،‬وكثيراً ما كانت هذه‬ ‫االضرابات تس��تمر على مدى عدة أيام‪،‬‬ ‫وكان التجار الدمشقيون يشاركون فيها‬ ‫دائم��ًا باإلضافة إلى بقية قوى الش��عب‬ ‫الت��ي كانت تقاطع مختلف مرافق الحياة‬

‫وكذل��ك كان لطف��ي الحف��ار الذي‬ ‫تبرع بماله وتجارت��ه واضطر في نهاية‬ ‫حياته إلى بيع بيته الذي ال يملكك سواه‬ ‫م��ن أجل أن يص��رف على نفس��ه حتى‬ ‫وفاته‪.‬‬ ‫هؤالء ه��م غيض م��ن فيض من‬ ‫رج��االت قدموا كل ما ملكوا في س��بيل‬ ‫سوريا الحرة المستقلة دون كلل أو ملل‪.‬‬ ‫لقد سُ��فكت الكثير من الدماء السورية‬ ‫الطاه��رة في س��بيل ه��ذا النضال ضد‬ ‫االحتالل الفرنس��ي في ساحات الشرف‬ ‫والجهاد في جميع المدن الس��ورية‪ ،‬من‬ ‫الساحل إلى جبل العرب عبر حلب وحماة‬ ‫وحمص ودمشق وحوران‪.‬‬ ‫كان هن��اك الكثي��ر م��ن األح��زاب‬ ‫السياس��ية في تلك الفت��رة‪ ،‬من أبرزها‬ ‫الكتل��ة الوطنية والتي كان��ت من أقوى‬ ‫التنظيمات الحزبية وأقربها إلى الشعب‪،‬‬ ‫وكذلك الحزب القومي السوري برئاسة‬ ‫أنط��ون س��عادة‪ ،‬وأيض��اً حزب الش��عب‬ ‫وحزب البعث الذي أسس��ه جالل الس��يد‬ ‫وميش��يل عفلق وصالح بيط��ار‪ ،‬والذي‬ ‫جن��ح إلى ش��هوة الحك��م بع��د أن اتحد‬ ‫بالحزب العربي االش��تراكي عام ‪.1952‬‬ ‫وإل��ى جانب ه��ذه األحزاب أيض��ًا توجد‬ ‫جماع��ة اإلخ��وان المس��لمين والح��زب‬ ‫الش��يوعي وعصب��ة العم��ل القوم��ي‬ ‫برئاسة صبري العسلي‪.‬‬ ‫ومن الجدي��ر بالذك��ر أن الصحافة‬ ‫كان له��ا دور مهم في ه��ذه الفترة في‬ ‫س��احة النضال ضد االحتالل‪ ،‬وكان من‬ ‫أهم روادها األس��اتذة نصوح بابيل في‬ ‫جريدة األي��ام‪ ،‬نجيب الريس في جريدة‬ ‫القبس‪ ،‬ويوسف العيسى في جريدة ألف‬ ‫باء‪ ،‬وسعيد التالوي في جريدة الفيحاء‪،‬‬ ‫وغيره��م الكثير م��ن الصحفيين الذين‬ ‫كتب��وا بأق�لام جريئة من أج��ل حصول‬ ‫الشعب على حقه‪.‬‬ ‫لقد كان النضال سجا ًال بين الشعب‬ ‫الس��وري والوجود الفرنسي في سوريا‪،‬‬ ‫وقد عاش الش��عب السوري أياماً طويلة‬ ‫وليالي حالكة من النضال بكل ش��جاعة‬ ‫وإق��دام وذكاء وأصال��ة ف��ي س��بيل عز‬ ‫وطنه ومن أجل أجيال��ه القادمة‪ .‬ونحن‬ ‫اليوم بدورنا نقدم أراوحنا وأموالنا وكل‬ ‫ما نملك م��ن أجل الحصول على حريتنا‬ ‫وكرامتن��ا‪ ،‬ف��إن استش��هدنا ول��م ننعم‬ ‫به��ا نحن‪ ،‬نعم به��ا أبناؤنا وأحفادنا في‬ ‫المستقبل القريب‪.‬‬

‫حبر ناشف‪. .‬‬

‫احلياة ال�سيا�سية يف �سوريا منذ ‪1930‬‬ ‫وحتى اندالع احلرب العاملية الثانية ‪1939‬‬

‫دار السرايا الحكومية ‪ -‬دمشق‬

‫‪15‬‬


‫رصيف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة األولى | العدد (‪ / 8 | )29‬نيسان ‪2012 /‬‬ ‫أسبوعية‬ ‫تصدر عن شباب سوري حر‬ ‫‪16‬‬

‫�سنة �أوىل ثورة‪ ،‬بتوقيت بابا عمرو‬

‫سعاد يوسف‬

‫تحت جنح الظالم‪ ،‬وبعد انس��حاب‬ ‫الجيش الحر من باب��ا عمرو‪ ،‬بدأ نزوح‬ ‫الس��كان بالمئ��ات م��ن الحي‪ .‬تس��للوا‬ ‫عبر البساتين ليتجنبوا المرور بحواجز‬ ‫التفتيش الرسمية‪ .‬أغلبهم من النساء‬ ‫واألطف��ال‪ .‬قال��وا أنه��م س��اروا ثالثة‬ ‫أيام متواصلة خوفًا م��ن جنود النظام‬ ‫وعناصر األمن‪ .‬فأي ش��خص يمر على‬ ‫حاجز تاب��ع للنظام قد يك��ون مصيره‬ ‫الم��وت‪ ،‬ربم��ا بطلقة من مس��دس أو‬ ‫بندقية أو ربما ذبحاً بسكين‪ ...‬عائالت‬ ‫بأكمله��ا ذبح��ت عل��ى الحواج��ز أثناء‬ ‫هروبها‪ ،‬رجال ونساء وأطفال‪ .‬عشرات‬ ‫الرج��ال المعتقلي��ن ت��م إعدامهم في‬ ‫الش��وارع بعد أن ربط��ت أيديهم خلف‬ ‫ظهورهم‪.‬‬ ‫والي��وم‪ ،‬باب��ا عمرو تب��دو خالية‪.‬‬ ‫معظم بيوتها س��وّيت باألرض‪ .‬بيوت‬ ‫ب�لا جدران‪ ،‬ب�لا س��قوف‪ ،‬والكثير من‬ ‫أهاليه��ا والذين نس��جوا حكاياتها منذ‬ ‫بدء الثورة وحتى اآلن‪ ،‬قُتلوا‪...‬‬ ‫ه��ل حق��ق النظام نصراً حاس��مًا‬ ‫بع��د كل ه��ذا القت��ل والدم��ار؟ ه��ل‬ ‫اس��تطاع وأد الث��ورة‪ ،‬وإقن��اع ماليي��ن‬ ‫الس��وريين بدف��ن حلمه��م بالحري��ة‬ ‫والكرام��ة‪ ،‬ودفن "س��وريا الحرة" التي‬ ‫يريدونها‪ ،‬والتي ث��اروا ألجلها وخرجوا‬ ‫في المظاهرات كل يوم لمدة عام كي‬

‫شهداء‬ ‫سورية‬

‫يطالبوا به��ا‪ ،‬دفنها م��ع موتاهم لي ًال‪،‬‬ ‫وبصمت؟‬ ‫يق��ول التلفزي��ون الرس��مي إن‬ ‫كاميرت��ه التقط��ت ص��وراً للدم��ار‬ ‫الهائ��ل ال��ذي خلفت��ه "المجموع��ات‬ ‫اإلرهابي��ة المس��لحة"‪ ،‬ويق��ول أن��ه‬ ‫رصد الجرائم المروع��ة التي ارتكبتها‬ ‫ه��ذه المجموع��ات بحق س��كان الحي‬ ‫اآلمني��ن‪ ...‬ف��ي وقت ع��ادت فيه منى‬ ‫لتزور حيها بعد أكثر من ش��هرين على‬ ‫نزوحها هي وعائلتها‪.‬‬ ‫تراق��ب منى ذل��ك "الدم��ار" الذي‬ ‫لح��ق بمنزله��ا‪" ...‬منزلن��ا ل��م يع��د‬ ‫موج��وداً‪ ...‬نحن ما زلن��ا أحياء لكن لم‬ ‫يع��د لدينا بي��ت‪ .‬ومع ذل��ك‪ ،‬بابا عمرو‬ ‫ال تستس��لم‪ .‬سننتصر وس��نبني بيوتًا‬ ‫أجمل‪ ،‬ووطنًا بدون جالدين‪" ...‬‬ ‫في ش��هر كان��ون األول من العام‬ ‫الماض��ي‪ ...‬قذيف��ة تس��قط ف��ي أول‬ ‫الش��ارع وأخ��رى ف��ي آخ��ره‪ ،‬وثالث��ة‬ ‫أمام المن��زل ورابع��ة وراءه‪ ...‬تخطط‬ ‫من��ى للقذيف��ة كيف وأين ستس��قط‪،‬‬ ‫وأي ج��دار م��ن منزلها تفض��ل لها أن‬ ‫تخترقه‪ .‬الغرفة األمامية أفضل؟ ربما‪،‬‬ ‫لكنها بذلك قد تصيب التلفاز وتخترق‬ ‫الحائط للغرفة األخ��رى‪ ...‬ال‪ ،‬فلتدخل‬ ‫القذيف��ة م��ن الحائ��ط الجانبي فذلك‬

‫جمموع ال�شهداء (‪)12706‬‬ ‫دمشق‪233 :‬‬ ‫ريف دمشق‪1099 :‬‬ ‫حمص‪5274 :‬‬ ‫حلب‪266 :‬‬ ‫حماه‪1292 :‬‬ ‫الالذقية‪242 :‬‬

‫أفض��ل لها‪ ،‬ولن��ا‪ .‬الكهرب��اء مقطوعة‬ ‫أغلب الوقت‪ .‬س��اعات النه��ار تنقضي‬ ‫كساعات الليل تحت أصوات الرصاص‪.‬‬ ‫المدينة تبدو كمدينة لألشباح‪ ،‬والشبان‬ ‫واألطف��ال يتحين��ون دقائ��ق الصم��ت‬ ‫ك��ي يخرجوا م��ن منازله��م قلي ًال قبل‬ ‫ب��دء جولة جديدة من المناوش��ات غير‬ ‫المتكافئة بين "كالشنكوفات" الجيش‬ ‫الح��ر و"دباب��ات" و"مدرع��ات" الجيش‬ ‫النظام��ي‪ ...‬من لديه فائض من الخبز‬ ‫أو الطعام يعطي��ه لجيرانه‪ ،‬ومن لديه‬ ‫فائض حب وحنان يعطيه ألطفال حيه‬ ‫الذي��ن ينتظرون آبائه��م كل يوم كي‬ ‫يعودوا‪ ...‬تراهم سيعودون؟‬ ‫في شهر تش��رين األول من العام‬ ‫الماض��ي كان حي باب��ا عمرو يتعرض‬ ‫لحملة كن��ا نظنها األعنف حينها‪ ...‬تمر‬ ‫أي��ام متتالية م��ن القص��ف‪ ،‬وانقطاع‬ ‫الكهرب��اء واالتص��االت‪ ...‬تل��زم من��ى‬ ‫وأخوته��ا المنزل‪ ،‬فمن الصعب الخروج‬ ‫والذه��اب إلى الجامع��ة‪ ،‬وحين تضطر‬ ‫للذهاب‪ ،‬على والدها أو أخيها مرافقتها‬ ‫ط��وال الطري��ق‪" ...‬فنحن نخ��اف من‬ ‫عملي��ات االختط��اف الت��ي باتت ش��به‬ ‫يومية"‪ ...‬الش��تاء على األب��واب‪ ،‬البرد‬ ‫يش��تد‪ ،‬التواصل مع العال��م الخارجي‬ ‫يصب��ح أصعب يومًا بع��د يوم‪ ،‬وأهالي‬ ‫باب��ا عمرو ينتظرون عون��ًا ال يعرفون‬ ‫طرطوس‪56 :‬‬ ‫درعا‪1347 :‬‬ ‫دير الزور‪448 :‬‬ ‫الحسكة‪44 :‬‬ ‫القنيطرة‪13 :‬‬ ‫الرقة‪57 :‬‬ ‫ادلب‪2330 :‬‬ ‫السويداء‪5 :‬‬

‫من أين له أن يأتيهم‪...‬‬ ‫ف��ي ش��هر ش��باط م��ن الع��ام‬ ‫الماض��ي‪ ،‬كان بابا عمرو حيًا من أحياء‬ ‫حم��ص‪ .‬رجال��ه يذهب��ون للعمل كل‬ ‫يوم صباحًا‪ ،‬نس��اؤه يعتنين بالمنازل‪،‬‬ ‫فتيات��ه وش��بانه يذهب��ون للم��دارس‬ ‫والجامعات‪ ...‬منهم من يحب الدراس��ة‬ ‫كثي��راً‪ ،‬يحل��م بمس��تقبله‪ ،‬يخط��ط‬ ‫للس��فر أو البقاء ف��ي المدينة‪ ،‬ومنهم‬ ‫م��ن ت��رك الدراس��ة منذ زم��ن طويل‬ ‫ويعم��ل في الح��ي أو في أح��د األحياء‬ ‫القريب��ة‪ .‬منه��م م��ن يفخ��ر بأنه من‬ ‫بابا عمرو‪ ،‬ذلك الحي البس��يط الذي ال‬ ‫يعرف ترف الحي��اة‪ ،‬ومنهم من يخجل‬ ‫من ذل��ك‪ ،‬وعندم��ا يس��أله رفاقه في‬ ‫الجامع��ة "من أية منطق��ة أنت؟" يدير‬ ‫وجهه ويقول بص��وت خافت‪" :‬من حي‬ ‫اإلنشاءات"‪...‬‬ ‫حال الحيين اليوم واحد!‬ ‫في شهر شباط من العام الماضي‬ ‫كان لبابا عمرو شوارع ومنازل وسكان‬ ‫وحكايا تش��به حكايا كل أحياء حمص‪،‬‬ ‫وسوريا‪ ،‬والعالم‪...‬‬ ‫واليوم‪ ،‬بابا عم��رو حي‪ ،‬كان فيه‬ ‫ش��وارع ومن��ازل وس��كان‪ ،‬وبقي��ت له‬ ‫حكاياه التي ال تشبه حكايا أي حي آخر‬ ‫في العالم‪...‬‬ ‫‪ 1091‬عدد العسكريين‬ ‫‪ 11615‬عدد المدنيين‬ ‫‪ 793‬عدد اإلناث‬ ‫‪ 202‬عدد األطفال اإلناث‬ ‫‪ 697‬عدد األطفال الذكور‬ ‫المصدر‪ :‬إحصائية قاعدة بيانات‬ ‫شهداء الثورة السورية ‪2012 / 4 / 6‬‬ ‫‪http://syrianshuhada.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.